الفتاوى الهندية

مجموعة من المؤلفين

مقدمة الكتاب

[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْفَرِدِ بِوَضْعِ الشَّرَائِعِ وَالْأَحْكَامِ الْمُسْتَبِدِّ بِرَفْعِ مَعَالِمِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الَّذِي ذَلَّلَ لِجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ جُمُوحَ الدِّرَايَةِ وَشُمُوسَهَا فَأَنَارُوا أَقْمَارَ الرِّوَايَةِ مِنْ شُمُوسِهَا وِقَايَةً عَنْ الزَّلَلِ فِي عُمُومِ الْبَلْوَى وَهِدَايَةً إلَى الصَّوَابِ لَدَى الْفَتْوَى وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مُصَلَّى مِضْمَارِ الرِّسَالَةِ بِعْثَةً وَزَمَانًا، وَمُجَلِّي مَيْدَانِ الدَّلَالَةِ رُتْبَةً وَمَكَانًا، فَاتِحِ رِتَاجِ السُّبُلِ وَلَاقِحِ نِتَاجِ الرُّسُلِ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ حُجَّةً عَلَى الْجَاحِدِينَ وَخَتَمَ بِهِ بَابَ النُّبُوَّةِ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ الْكِرَامِ وَأَصْحَابِهِ الْعِظَامِ كُلِّهِمْ أَجْمَعِينَ. (وَبَعْدُ) فَإِنَّ الْفِقْهَ حَدٌّ حَاجِزٌ بَيْنَ الْهِدَايَةِ وَالضَّلَالِ وَقِسْطَاسٌ مُسْتَقِيمٌ لِمَعْرِفَةِ مَقَادِيرِ الْأَعْمَالِ وَعَيَالِمُهُ الزَّاخِرَةُ لَا يُوجَدُ لَهَا قَرَارٌ وَأَطْوَادُهُ الشَّامِخَةُ لَا يُدْرَكُ فُنُونُهَا بِالْأَبْصَارِ. إلَّا أَنَّ الْكُتُبَ الْمُصَنَّفَةَ الْمُتَدَاوَلَةَ وَالصُّحُفَ الْمُؤَلَّفَةَ الْمُتَنَاوَلَةَ فِي هَذَا الْفَنِّ لَا تَشْفِي الْعَلِيلَ وَلَا يُفْأَمُ مِنْهَا الْغَلِيلُ إذْ بَعْضُهَا طَارِحٌ لِشَطْرِ الْمَسَائِلِ وَأَكْثَرُهَا مُنْطَوٍ عَلَى الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمُتَعَارِضَةِ الدَّلَائِلِ فَيَشْجُرُ الْمُبْتَغِي لِلتَّمَسُّكِ بِالْأَلْيَقِ وَالْأَقْوَى كَمَنْ هَامَ فِي الْهَيْمَاءِ فِي اللَّيْلِ الْأَهْيَمِ وَيَضْجَرُ الْمُسْتَهْتِرُ بِأَخْذِ مَا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى كَفَاقِدٍ الْعَيْهَمَ فِي الْغَيْهَمِ حَتَّى عَشَا أَكْثَرُهُمْ عَنْ أَضْوَاءِ السُّنَّةِ إلَى نِيرَانِ الْأَهْوَاءِ وَرَكَنُوا إلَى طِرْمِسَاءِ الْبِدَعِ وَأَبَاطِيلِ الْآرَاءِ فَلَا يُمَيِّزُ الصَّدُوقَ عَنْ الطِّبْرِسِ وَلَا يَفْصِلُ الْمُحِقَّ وَالطِّمْرِسَ وَذَهَبُوا فِي وَادِ تِيهٍ بَعْدَ تِيهٍ. وَلَمْ يَجِدُوا دَلِيلًا عَلَى مَرَامِهِمْ إلَّا سَفِيهًا غِبَّ سَفِيهٍ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِاسْتِنَارَةِ صَدِيعِ سَلْطَنَةِ الْمَلِكِ السَّمَيْدَعِ الصِّلْهَامِ وَانْفِلَاقِ صُبْحِ دَوْلَةِ السُّلْطَانِ الْهَمَيْسَعِ الْقَمْقَامِ الْقَرْمِ الْمِقْرَمِ وَالْقَذْمِ الْقَلَهْذَمِ رِزْمِ آجَامِ الْوَغَى وَقُفْصُلِ غِيَاضِ الْمُزْدَحِمِ الْمُطَيَّمِ عَلَى الْعَدْلِ وَالشَّجَاعَةِ وَالنَّدَى وَالْمَفْطُورِ تِقْنُهُ مِنْ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ وَالتَّقْوَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَرَئِيسِ الْمُسْلِمِينَ إمَامِ الْغُزَاةِ وَرَأْسِ الْمُجَاهِدِينَ أَبُو الْمُظَفَّرِ مُحْيِي الدِّينِ مُحَمَّدٌ أورنك زيب بهادر عالم كيربادشاه غَازِي أَبَّدَ اللَّهُ تَعَالَى سُلْطَانَهُ

كتاب الطهارة وفيه سبعة أبواب

وَعَمَّ عَلَى الْبَرِيَّةِ كَافَّةُ إحْسَانِهِ وَجَعَلَهُ يَوْمَ يُحَاسَبُ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ إلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَأَبْعَدَهُ عَمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ مَذْمُومًا مَدْحُورًا. وَقَدْ أُلْهِمَ تَأْلِيفَ كِتَابٍ يَفْرُغُ مِنْ التَّهْذِيبِ الْأَنِيقِ فِي قَالَبِ الْكَمَالِ وَيَلْبَسُ مِنْ حُسْنِ التَّرْتِيبِ حُلَّةَ الْجَمَالِ عَارِيًّا عَنْ الْإِطْنَابِ وَالْإِمْلَالِ حَاوِيًا لِمُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ مُشْتَمِلًا عَلَى جُلِّ الدِّرَايَاتِ النَّجِيحَةِ، يُبَيِّنُ الْغَثَّ مِنْ السَّمِينِ وَيُمَيِّزُ الضَّعِيفَ مِنْ الْمَتِينِ لَا يُشْتَبَهُ فِيهِ اللُّجَيْنُ بِاللُّجَيْنِ وَالْهِجَانُ بِالْهَجِينِ غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْخَطْبَ الْعَظِيمَ وَالْأَمْرَ الْجَسِيمَ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا مَنْ عَرَفَ الْحَيَّ مِنْ اللَّيِّ وَتَبَيَّنَ عِنْدَهُ الرُّشْدُ مِنْ الْغَيِّ فَحَشَدَ الْحُذَّاقَ فِي هَذَا الْفَنِّ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْغَائِصِينَ عَلَى فَرَائِدِهِ وَكَلَدَ الْكُتُبَ الْمُدَوَّنَةَ الْجَامِعَةَ لِفَوَائِدِهِ فَأَوْعَزَ إلَيْهِمْ بِالْكَدْشِ فِي مَخَايِلِ هَذَا الْفَنِّ وَدَلَائِلِهِ وَاللَّمْشِ عَنْ تَفَاصِيلِهِ وَتَنْقِيرِ وُجُوهِ مَسَائِلِهِ. وَأَنْ يُؤَلِّفُوا كِتَابًا حَامِشًا لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا وَأَفْتَى بِهَا الْفُحُولُ وَيَجْمَعُوا فِيهِ مِنْ النَّوَادِر مَا تَلَقَّتْهَا الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ كَيْ لَا يَفُوتَ الِاحْتِيَاطُ فِي الْعَمَلِ وَالِاجْتِنَابُ عَنْ الْخَطَلِ وَالزَّلَلِ فَطَفِقُوا فِي اسْتِخْرَاجِ جَوَاهِرَ مِنْ مَعَادِنِهِ وَإِبْرَازِ لَطَائِفِهِ مِنْ مَكَامِنِهِ وَالْتِقَاطِ جُمَانِهِ وَفَرَائِدِهِ وَاقْتِنَاصِ شَوَارِدِهِ وَأَوَابِدِهِ، وَمَيَّزُوا ثَجِيرَهُ وَعَصِيرَهُ وَفَصَّلُوا قَبِيلَهُ وَدَبِيرَهُ وَنَظَمُوا تُوَمَهُ الْمَنْثُورَةَ وَرَتَّبُوا فَوَائِدَهُ الْمَأْثُورَةَ. وَاخْتَارُوا فِي تَرْتِيبِ كُتُبِهَا تَرْتِيبَ الْهِدَايَةِ وَسَلَكُوا فِي تَوْضِيحِهَا أَوْ تَنْقِيحِهَا أَقْصَى النِّهَايَةِ تَارِكِينَ لِمَا تَكَرَّرَ فِي الْكُتُبِ مِنْ الرِّوَايَاتِ وَالزَّوَائِدِ مُعْرِضِينَ عَنْ الدَّلَائِلِ وَالشَّوَاهِدِ إلَّا دَلِيلَ مَسْأَلَةٍ يُوَضِّحُهَا أَوْ يَتَضَمَّنُ مَسْأَلَةً أُخْرَى وَاقْتَصَرُوا فِي الْأَكْثَرِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَّا نَادِرًا إلَى النَّوَادِرِ وَالدِّرَايَاتِ وَذَلِكَ فِيمَا لَمْ يَجِدُوا جَوَابَ الْمَسْأَلَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ أَوْ وَجَدُوا جَوَابَ النَّوَادِرِ مَوْسُومًا بِعَلَامَةِ الْفَتْوَى وَنَقَلُوا كُلَّ رِوَايَةٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ بِعِبَارَتِهَا مَعَ انْتِمَاءِ الْحَوَالَةِ إلَيْهَا وَلَمْ يُغَيِّرُوا الْعِبَارَةَ إلَّا لِدَاعِي ضَرُورَةٍ عَنْ وَجْهِهَا وَلِإِشْعَارِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَشَارُوا إلَى الْأَوَّلِ بِكَذَا وَإِلَى الثَّانِي بِهَكَذَا وَإِذَا وَجَدُوا فِي الْمَسْأَلَةَ جَوَابَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا مَوْسُومٌ بِعَلَامَةِ الْفَتْوَى وَسِمَةِ الرُّجْحَانِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُعَلَّمًا بِمَا يُعْلَمُ بِهِ قُوَّةُ الدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ أَثْبَتُوهُمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُوَفِّقُ لِلسَّدَادِ وَالصَّوَابِ [كِتَابُ الطَّهَارَةِ وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْوُضُوءِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي فَرَائِضِ الْوُضُوءِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ سَيِّد الْمُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ. (كِتَابُ الطَّهَارَةِ) وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ: الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي الْوُضُوءِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي فَرَائِضِ الْوُضُوءِ) قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] (وَهِيَ أَرْبَعٌ) . الْأَوَّلُ: غَسْلُ الْوَجْهِ الْغُسْلُ: هُوَ الْإِسَالَةُ وَالْمَسْحُ هُوَ الْإِصَابَةُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ تَسْيِيلَ الْمَاءِ شَرْطٌ فِي الْوُضُوءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ مَا لَمْ يَتَقَاطَرْ الْمَاءُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ التَّقَاطُرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَفِي مَسْأَلَةِ الثَّلْجِ إذَا تَوَضَّأَ بِهِ إنْ قَطَرَ قَطْرَتَانِ فَصَاعِدًا يَجُوزُ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْ حَدَّ الْوَجْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي الْمُغْنِي الْوَجْهُ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ

إلَى مَا انْحَدَرَ مِنْ اللَّحْيَيْنِ وَالذَّقَنِ إلَى أُصُولِ الْأُذُنَيْنِ. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. إنْ زَالَ شَعْرُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ بِالصَّلَعِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ. كَذَا فِي فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَالْأَقْرَعُ الَّذِي يَنْزِلُ شَعْرُهُ إلَى الْوَجْهِ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ الشَّعْرِ الَّذِي يَنْزِلُ عَنْ الْحَدِّ الْغَالِبِ. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِيصَالُ الْمَاءِ إلَى دَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا يَتَكَلَّفُ فِي الْإِغْمَاضِ وَالْفَتْحُ حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إلَى الْأَشْفَارِ وَجَوَانِبِ الْعَيْنَيْنِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَعَنْ الْفَقِيهِ أَحْمَدَ بْنِ إبْرَاهِيمَ إنْ غَسَلَ وَجْهَهُ وَغَمَّضَ عَيْنَيْهِ تَغْمِيضًا شَدِيدًا لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْمَآقِي. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ رَمِدَتْ عَيْنُهُ فَرَمِصَتْ يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ تَحْتَ الرَّمَصِ إنْ بَقِيَ خَارِجًا بِتَغْمِيضِ الْعَيْنِ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَأَمَّا الشَّفَةُ فَمَا يَظْهَرُ مِنْهَا عِنْدَ الِانْضِمَامِ فَهُوَ مِنْ الْوَجْهِ وَمَا يَنْكَتِمُ عِنْدَ الِانْضِمَامِ فَهُوَ تَبَعُ الْفَمِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ الْعِذَارِ وَبَيْنَ شَحْمَتَيْ الْأُذُنِ يَجِبُ غَسْلُهُ عِنْدَ الْوُضُوءِ. هَكَذَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ قَالَ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيَغْسِلُ شَعْرَ الشَّارِبِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَمَا كَانَ مِنْ شَعْرِ اللِّحْيَةِ عَلَى أَصْلِ الذَّقَنِ وَلَا يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَنَابِتِ الشَّعْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّعْرُ قَلِيلًا تَبْدُو مِنْهُ الْمَنَابِتُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي النِّصَابِ وَإِذَا كَانَ شَارِبُ الْمُتَوَضِّئِ طَوِيلًا وَلَا يَصِلُ الْمَاءُ تَحْتَهُ عِنْدَ الْوُضُوءِ جَازَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بِخِلَافِ الْغُسْلِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. أَمَّا اللِّحْيَةُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَسْحُ رُبْعِهَا فَرْضٌ. كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجِبُ إمْرَارُ الْمَاءِ عَلَى ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ هُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَالشَّعْرُ الْمُسْتَرْسِلُ مِنْ الذَّقَنِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطَيْنِ. وَإِنْ أَمَرَّ الْمَاءَ عَلَى شَعْرِ الذَّقَنِ ثُمَّ حَلَقَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ الذَّقَنِ وَكَذَا لَوْ حَلَقَ الْحَاجِبَ وَالشَّارِبَ أَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ أَظَافِيرَهُ لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَالثَّانِي غَسْلُ الْيَدَيْنِ) وَالْمِرْفَقَانِ يَدْخُلَانِ فِي الْغَسْلِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجِبُ غَسْلُ كُلِّ مَا كَانَ مُرَكَّبًا عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مِنْ الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ وَالْكَفِّ الزَّائِدَةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ خُلِقَ لَهُ يَدَانِ عَلَى الْمَنْكِبِ فَالتَّامَّةُ هِيَ الْأَصْلِيَّةُ يَجِبُ غَسْلُهَا وَالْأُخْرَى زَائِدَةٌ فَمَا حَاذَى مِنْهَا مَحَلَّ الْفَرْضِ يَجِبُ غَسْلُهُ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَلْ يُنْدَبُ غَسْلُهُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فِي فَتَاوَى مَا وَرَاءَ النَّهْرِ إنْ بَقِيَ مِنْ مَوْضِعِ الْوُضُوءِ قَدْرُ رَأْسِ إبْرَةٍ أَوْ لَزِقَ بِأَصْلِ ظُفْرِهِ طِينٌ يَابِسٌ أَوْ رَطْبٌ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ تَلَطَّخَ يَدُهُ بِخَمِيرٍ أَوْ حِنَّاءٍ جَازَ وَسُئِلَ الدَّبُوسِيُّ عَمَّنْ عَجَنَ فَأَصَابَ يَدَهُ عَجِينٌ فَيَبِسَ وَتَوَضَّأَ قَالَ: يُجْزِيهِ إذَا كَانَ قَلِيلًا. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَمَا تَحْتَ الْأَظَافِيرِ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ حَتَّى لَوْ كَانَ فِيهِ عَجِينٌ يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَأَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ. ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو نَصْرٍ الصَّفَّارُ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الظُّفُرَ إذَا كَانَ طَوِيلًا بِحَيْثُ يَسْتُرُ رَأْسَ الْأُنْمُلَةِ يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا لَا يَجِبُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ طَالَتْ أَظْفَارُهُ حَتَّى خَرَجَتْ عَنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَجَبَ غَسْلُهَا قَوْلًا وَاحِدًا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ وَافِرِ الظُّفُرِ الَّذِي يَبْقَى فِي أَظْفَارِهِ الدَّرَنُ أَوْ الَّذِي يَعْمَلُ عَمَلَ الطِّينِ أَوْ الْمَرْأَةِ الَّتِي صَبَغَتْ أُصْبُعَهَا بِالْحِنَّاءِ، أَوْ الصَّرَّامِ، أَوْ الصَّبَّاغِ قَالَ كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ يُجْزِيهِمْ وُضُوءُهُمْ إذْ لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ إلَّا بِحَرَجٍ وَالْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْمَدَنِيِّ وَالْقَرَوِيِّ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَا الْخَبَّازُ إذَا كَانَ وَافِرَ الْأَظْفَارِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ نَاقِلًا عَنْ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ. وَالْخِضَابُ إذَا تَجَسَّدَ وَيَبِسَ يَمْنَعُ تَمَامَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْوَجِيزِ.

وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ تَحْرِيكُ الْخَاتَمِ سُنَّةٌ إنْ كَانَ وَاسِعًا وَفَرْضٌ إنْ كَانَ ضَيِّقًا بِحَيْثُ لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ تَحْتَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَالثَّالِثُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ) وَيَدْخُلُ الْكَعْبَانِ فِي الْغَسْلِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَالْكَعْبُ هُوَ الْعَظْمُ النَّاتِئُ فِي السَّاقِ الَّذِي يَكُونُ فَوْقَ الْقَدَمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْمِرْفَقِ وَالْكَعْبِ شَيْءٌ سَقَطَ الْغُسْلُ وَلَوْ بَقِيَ وَجَبَ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَا غَسْلُ مَوْضِعِ الْقَطْعِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ الْخُجَنْدِيُّ عَنْ رَجُلٍ زَمِنَ رِجْلُهُ بِحَيْثُ لَوْ قُطِعَ لَا يُعْرَفُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ؟ قَالَ: نَعَمْ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا دَهَنَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَأَمَرَّ الْمَاءَ عَلَى رِجْلَيْهِ فَلَمْ يَقْبَلْ الْمَاءَ لِمَكَانِ الدُّسُومَةِ جَازَ الْوُضُوءُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ إذَا كَانَ بِرِجْلِهِ شِقَاقٌ فَجَعَلَ فِيهِ الشَّحْمَ وَغَسَلَ الرِّجْلَيْنِ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ يَضُرُّهُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّهُ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ خَرَزَهُ جَازَ بِكُلِّ حَالٍ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ إذَا كَانَ فِي أَعْضَائِهِ شِقَاقٌ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ غَسْلِهِ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْغُسْلِ وَيَلْزَمُ إمْرَارُ الْمَاءِ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ مِنْ إمْرَارِ الْمَاءِ يَكْفِيهِ الْمَسْحُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْمَسْحِ سَقَطَ عَنْهُ الْمَسْحُ أَيْضًا فَيَغْسِلُ مَا حَوْلَهُ وَيَتْرُكُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ بِهِ قُرْحَةٌ فَارْتَفَعَ جِلْدُهَا وَأَطْرَافُ الْقُرْحَةِ مُتَّصِلَةٌ بِالْجِلْدِ إلَّا الطَّرَفَ الَّذِي كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ الْقَيْحُ فَغَسَلَ الْجِلْدَةَ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَ الْجِلْدَةِ جَازَ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّ مَا تَحْتَ الْجِلْدَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَلَا يُفْتَرَضُ غَسْلُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ عَلَى بَعْضِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ قُرْحَةٌ نَحْوُ الدُّمَّلِ وَشَبَهِهِ وَعَلَيْهِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ فَتَوَضَّأَ وَأَمَرَّ الْمَاءَ عَلَى الْجِلْدَةِ ثُمَّ نَزَعَ الْجِلْدَةَ هَلْ يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَا تَحْتَ الْجِلْدَةِ؟ قَالَ: إنْ نَزَعَ الْجِلْدَةَ بَعْدَ مَا بَرَأَ بِحَيْثُ لَمْ يَتَأَلَّمْ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَإِنْ نَزَعَ قَبْلَ الْبُرْءِ بِحَيْثُ يَتَأَلَّمُ بِذَلِكَ إنْ خَرَجَ مِنْهَا شَيْءٌ وَسَالَ نَقَضَ الْوُضُوءَ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْغَسْلُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَفِي فَوَائِدِ الْقَاضِي الْإِمَامِ رُكْنِ الْإِسْلَامِ عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ إذَا كَانَ عَلَى بَعْضِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ خُرْءُ ذُبَابٍ أَوْ بُرْغُوثٍ فَتَوَضَّأَ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهُ جَازَ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ جِلْدُ سَمَكٍ أَوْ خُبْزٌ مَمْضُوغٍ قَدْ جَفَّ فَتَوَضَّأَ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْهُ مُمْكِنٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَقِيَتْ عَلَى الْعُضْوِ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَصَرَفَ الْبَلَلَ الَّذِي عَلَى ذَلِكَ الْعُضْوِ إلَى اللُّمْعَةِ جَازَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا حَوَّلَ بَلَّةَ عُضْوٍ إلَى عُضْوٍ فِي الْوُضُوءِ لَا يَجُوزُ وَفِي الْغُسْلِ يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الْبَلَّةُ مُتَقَاطِرَةً. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ إذَا أَصَابَ الرَّجُلَ الْمَطَرُ أَوْ وَقَعَ فِي نَهْرٍ جَارٍ جَازَ وُضُوءُهُ وَغُسْلُهُ أَيْضًا إنْ أَصَابَ الْمَاءُ جَمِيعَ بَدَنِهِ وَعَلَيْهِ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. (وَالرُّبَاعُ مَسْحُ الرَّأْسِ) وَالْمَفْرُوضُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ مِقْدَارُ النَّاصِيَةِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُخْتَارُ فِي مِقْدَارِ النَّاصِيَةِ رُبْعُ الرَّأْسِ. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. الْوَاجِبُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِيهِ ثَلَاثَ أَصَابِعَ الْيَدِ عَلَى الْأَصَحِّ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ، فَلَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ مَسَحَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ مَفْتُوحَتَيْنِ فَيَضَعُهُمَا مَعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْكَفِّ عَلَى رَأْسِهِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا أُصْبُعَانِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْكَفِّ قَدْرُ أُصْبُعٍ فَيَصِيرُ ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا مَسَحَ رَأْسَهُ بِرُءُوسِ أَصَابِعِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُتَقَاطِرًا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَقَاطِرًا لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ شَعْرٌ طَوِيلٌ فَمَسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ إلَّا أَنَّ الْمَسْحَ وَقَعَ عَلَى شَعْرِهِ إنْ وَقَعَ عَلَى شَعْرٍ تَحْتَهُ رَأْسٌ يَجُوزُ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ وَإِنْ وَقَعَ عَلَى شَعْرٍ تَحْتَهُ جَبْهَةٌ أَوْ رَقَبَةٌ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ لَهُ ذُؤَابَتَانِ مَشْدُودَتَانِ حَوْلَ الرَّأْسِ كَمَا تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ

الفصل الثاني في سنن الوضوء

فَوَقَعَ مَسْحُهُ عَلَى رَأْسِ الذُّؤَابَةِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا بِالْجَوَازِ إذَا لَمْ يُرْسِلْهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَسَحَ عَلَى شَعْرٍ تَحْتَهُ الرَّأْسُ وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَرْسَلَهُمَا أَوْ لَمْ يُرْسِلْهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ لَا يَنُوبُ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ فِي كَفِّهِ بَلَلٌ فَمَسَحَ بِهِ أَجْزَأَهُ سَوَاءٌ كَانَ أَخَذَ الْمَاءَ مِنْ الْإِنَاءِ أَوْ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَبَقِيَ بَلَلٌ فِي كَفِّهِ هُوَ الصَّحِيحُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَسَحَ رَأْسَهُ أَوْ خُفَّهُ وَبَقِيَ عَلَى كَفِّهِ بَلَلٌ فَمَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ أَوْ خُفَّهُ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا أَخَذَ الْبَلَلَ مِنْ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ بِهِ مَغْسُولًا كَانَ ذَلِكَ الْعُضْوُ أَوْ مَمْسُوحًا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِالثَّلْجِ أَجْزَأَهُ مُطْلَقًا وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ بَلَلٍ قَاطِرٍ أَوْ غَيْرِ قَاطِرٍ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْبُرْهَانِيَّةِ. وَإِذَا غَسَلَ الرَّأْسَ مَعَ الْوَجْهِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْمَسْحِ وَلَكِنْ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا أُمِرَ بِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ بَعْضُ رَأْسِهِ مَحْلُوقًا فَمَسَحَ عَلَى غَيْرِ الْمَحْلُوقِ جَازَ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَفِي الْحُجَّةِ وَلَوْ لَمْ يَمْسَحْ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَلَكِنْ مَسَحَ مُؤَخَّرَهُ أَوْ يَمِينَهُ أَوْ يَسَارَهُ أَوْ وَسَطَهُ يَجُوزُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ وَالْعِمَامَةِ وَكَذَا لَوْ مَسَحَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الْخِمَارِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ مُتَقَاطِرًا بِحَيْثُ يَصِلُ إلَى الشَّعْرِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ ذَلِكَ عَنْ الشَّعْرِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَتَلَوَّنْ الْمَاءُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ تَمْسَحَ تَحْتَ الْخِمَارِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَ عَلَى رَأْسِهَا خِضَابٌ فَمَسَحَتْ عَلَى الْخِضَابِ إذَا اخْتَلَطَتْ الْبَلَّةُ بِالْخِضَابِ وَخَرَجَتْ عَنْ حُكْمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ) وَهِيَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمُتُونِ. (مِنْهَا التَّسْمِيَةُ) التَّسْمِيَةُ سُنَّةٌ مُطْلَقًا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالْمُسْتَيْقِظِ وَتُعْتَبَرُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ حَتَّى لَوْ نَسِيَهَا ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ غَسْلِ الْبَعْضِ وَسَمَّى لَا يَكُونُ مُقِيمًا لِلسُّنَّةِ بِخِلَافِ الْأَكْلِ وَنَحْوِهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. فَإِنْ نَسِيَهَا فِي أَوَّلِ الطَّهَارَةِ أَتَى بِهَا مَتَى ذَكَرَهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ حَتَّى لَا يَخْلُوَ الْوُضُوءُ عَنْهَا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُسَمِّي قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَبَعْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا يُسَمِّي فِي حَالِ الِانْكِشَافِ وَلَا فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ. هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَالْأُسْتَاذُ الْعَلَّامَةُ مَوْلَانَا فَخْرُ الدِّينِ الْمَايَمُرْغِيُّ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ فِي تَسْمِيَةِ الْوُضُوءِ بِاسْمِ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَالْحَمْدِ لِلَّهِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ وَفِي الْخَبَّازِيَّةِ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَلَوْ قَالَ فِي ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَوْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ صَارَ مُقِيمًا لِسُنَّةِ التَّسْمِيَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. (وَمِنْهَا) غَسْلُ الْيَدَيْنِ إلَى الرُّسْغَيْنِ ثَلَاثًا ابْتِدَاءً، وَقِيلَ: إنَّهُ فَرْضٌ وَتَقْدِيمُهُ سُنَّةٌ وَاخْتَارَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْمِعْرَاجِ وَالْخَبَّازِيَّةِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَكَيْفِيَّتُهُ، إنْ كَانَ الْإِنَاءُ صَغِيرًا أَنْ يَأْخُذَهُ بِشِمَالِهِ وَيَصُبَّ الْمَاءَ عَلَى يَمِينِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ يَأْخُذَهُ بِيَمِينِهِ وَيَصُبَّهُ عَلَى يَسَارِهِ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا كَالْحُبِّ إنْ كَانَ مَعَهُ إنَاءٌ صَغِيرٌ يَفْعَلُ مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدْخَلَ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُسْرَى مَضْمُومَةً فِي الْإِنَاءِ وَيَصُبُّ عَلَى كَفِّهِ الْيُمْنَى وَيُدَلِّكُ الْأَصَابِعَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ يُدْخِلَ الْيُمْنَى فِي الْإِنَاءِ وَيَغْسِلَ الْيُسْرَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى يَدِهِ نَجَاسَةٌ فَإِنْ كَانَتْ يَحْتَالُ بِحِيلَةٍ أُخْرَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَاخْتَلَفُوا أَنَّهُ يَغْسِلُ يَدَيْهِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَغْسِلُهُمَا مَرَّتَيْنِ مَرَّةً قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَمَرَّةً بَعْدَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ) وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ ثَلَاثًا أَوَّلًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ ثَلَاثًا وَيَأْخُذَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاءً جَدِيدًا فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَحَدُّ الْمَضْمَضَةِ اسْتِيعَابُ الْمَاءِ جَمِيعَ الْفَمِ وَحَدُّ الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَصِلَ الْمَاءُ إلَى الْمَارِنِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إنْ تَرَكَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ أَثِمَ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ سُنَنِ

الْهُدَى وَتَرْكُهَا يُوجِبُ الْإِسَاءَةَ بِخِلَافِ السُّنَنِ الزَّوَائِدِ فَإِنَّ تَرْكَهَا لَا يُوجِبُ الْإِسَاءَةَ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ أَخَذَ الْمَاءَ بِكَفِّهِ وَرَفَعَ مِنْهُ بِفِيهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَتَمَضْمَضَ يَجُوزُ وَلَوْ رَفَعَ الْمَاءَ مِنْ الْكَفِّ بِأَنْفِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَاسْتَنْشَقَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ لَا الْمَضْمَضَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَخَذَ الْمَاءَ بِكَفِّهِ فَتَمَضْمَضَ بِبَعْضِهِ وَاسْتَنْشَقَ بِالْبَاقِي جَازَ وَلَوْ كَانَ عَلَى عَكْسِهِ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَمِنْهَا السِّوَاكُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السِّوَاكُ مِنْ أَشْجَارٍ مُرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يُطَيِّبُ نَكْهَةَ الْفَمِ وَيَشُدُّ الْأَسْنَانَ وَيُقَوِّي الْمَعِدَةَ وَلْيَكُنْ رَطْبًا فِي غِلَظِ الْخِنْصَرِ وَطُولِ الشِّبْرِ وَلَا يَقُومُ الْأُصْبُعُ مَقَامَ الْخَشَبَةِ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْخَشَبَةُ فَحِينَئِذٍ يَقُومُ الْأُصْبُعُ مِنْ يَمِينِهِ مَقَامَ الْخَشَبَةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالظَّهِيرِيَّةِ. وَالْعِلْكُ يَقُومُ مَقَامَهُ لِلْمَرْأَةِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيُنْدَبُ إمْسَاكُهُ بِيَمِينِهِ بِأَنْ جَعَلَ الْخِنْصَرَ أَسْفَلَهُ وَالْإِبْهَامَ أَسْفَلَ رَأْسِهِ وَبَاقِيَ الْأَصَابِعِ فَوْقَهُ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. ثُمَّ وَقْتُ الِاسْتِيَاكِ هُوَ وَقْتُ الْمَضْمَضَةِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيَسْتَاكُ أَعَالِيَ الْأَسْنَانِ وَأَسَافِلَهَا وَيَسْتَاكُ عَرْضَ أَسْنَانِهِ وَيَبْتَدِئُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَمَنْ خَشِيَ مِنْ السِّوَاكِ تَحْرِيكَ الْقَيْءِ تَرَكَهُ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْتَاكَ مُضْطَجِعًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَمِنْهَا تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ) ذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تَخْلِيلَ اللِّحْيَةِ بَعْدَ التَّثْلِيثِ سُنَّةً فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ أَخَذَ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَفِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يُدْخِلَ أَصَابِعَهُ فِيهَا وَيُخَلِّلَ مِنْ الْجَانِبِ الْأَسْفَلِ إلَى فَوْقٍ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْكُرْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. (وَمِنْهَا تَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ) وَهُوَ إدْخَالُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ بِمَاءٍ مُتَقَاطِرٍ وَهَذَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ اتِّفَاقًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ هَذَا إذَا وَصَلَ الْمَاءُ إلَى أَثْنَائِهَا وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بِأَنْ كَانَتْ مُنْضَمَّةً فَوَاجِبٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُغْنِي عَنْهُ إدْخَالُهَا فِي الْمَاءِ وَلَوْ غَيْرَ جَارٍ وَالْأَوْلَى فِي الْيَدَيْنِ التَّشْبِيكُ وَفِي الرِّجْلَيْنِ أَنْ يُخَلِّلَ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى خِنْصَرَ رِجْلِهِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمَ بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَيُدْخِلَ الْأُصْبُعَ مِنْ أَسْفَلَ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. (وَمِنْهَا) تَكْرَارُ الْغَسْلِ ثَلَاثًا فِيمَا يُفْرَضُ غَسْلُهُ نَحْوُ الْيَدَيْنِ وَالْوَجْهِ وَالرِّجْلَيْنِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ السَّابِغَةُ فِي الْغَسْلِ فَرْضٌ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالثِّنْتَانِ سُنَّتَانِ مُؤَكَّدَتَانِ عَلَى الصَّحِيحِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَتَفْسِيرُ السُّبُوغِ أَنْ يَصِلَ الْمَاءُ إلَى الْعُضْوِ وَيَسِيلَ وَيَتَقَاطَرَ مِنْهُ قَطَرَاتٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَغْسِلَ الْأَعْضَاءَ كُلَّ مَرَّةٍ غَسْلًا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى جَمِيعِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ فَلَوْ غَسَلَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَبَقِيَ مَوْضِعٌ يَابِسٌ ثُمَّ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ يُصِيبُ الْمَاءُ بَعْضَهُ ثُمَّ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ يُصِيبُ مَوَاضِعَ فَهَذَا لَا يَكُونُ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً لِعِزَّةِ الْمَاءِ أَوْ لِلْبَرْدِ أَوْ لِحَاجَةٍ لَا يُكْرَهُ وَلَا يَأْثَمُ وَإِلَّا فَيَأْثَمُ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَلَوْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ لِطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ عِنْدَ الشَّكِّ أَوْ بِنِيَّةِ وُضُوءٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ بِهِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَمِنْهَا) مَسْحُ كُلِّ الرَّأْسِ مَرَّةً. كَذَا فِي الْمُتُونِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَضَعُ كَفَّيْهِ وَأَصَابِعَهُ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَيَمُدُّهُمَا إلَى قَفَاهُ عَلَى وَجْهٍ يَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ الرَّأْسِ ثُمَّ يَمْسَحُ أُذُنَيْهِ بِأُصْبُعَيْهِ وَلَا يَكُونُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِهَذَا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِ اسْتِيعَابِ الرَّأْسِ بِغَيْرِ عُذْرٍ يَأْثَمُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. (وَمِنْهَا مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ) يَمْسَحُ مُقَدَّمَهُمَا وَمُؤَخَّرَهُمَا بِالْمَاءِ الَّذِي يَمْسَحُ بِهِ رَأْسَهُ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ أَخَذَ مَاءً جَدِيدًا مِنْ غَيْرِ فَنَاءِ الْبَلَّةِ كَانَ حَسَنًا. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ مَسَحَ مُقَدَّمَهُمَا مَعَ الْوَجْهِ وَمُؤَخَّرَهُمَا مَعَ الرَّأْسِ جَازَ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ الْأَوَّلُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَيَمْسَحُ ظَاهِرَ الْأُذُنَيْنِ بِبَاطِنِ الْإِبْهَامَيْنِ وَبَاطِنِ الْأُذُنَيْنِ بِبَاطِنِ

الفصل الثالث في المستحبات

السَّبَّابَتَيْنِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَمِنْهَا النِّيَّةُ) وَالْمَذْهَبُ أَنْ يَنْوِيَ مَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِالطَّهَارَةِ مِنْ الْعِبَادَةِ أَوْ رَفْعِ الْحَدَثِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَكَيْفِيَّتُهَا أَنْ يَقُولَ: نَوَيْت أَنْ أَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ نَوَيْت الطَّهَارَةَ أَوْ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَأَمَّا وَقْتُهَا فَعِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَالتَّلَفُّظُ بِهَا مُسْتَحَبٌّ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. (وَمِنْهَا التَّرْتِيبُ) وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِذِكْرِهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ عَدَّ الْقُدُورِيُّ النِّيَّةَ وَالتَّرْتِيبَ وَالِاسْتِيعَابَ مِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ وَعَدَّهَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُحِيطِ وَالتُّحْفَةِ وَالْإِيضَاحِ وَالْوَافِي مِنْ السُّنَنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. (وَمِنْهَا الْمُوَالَاةُ) وَهِيَ التَّتَابُعُ وَحَدُّهُ أَنْ لَا يَخِفَّ الْمَاءُ عَلَى الْعُضْوِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ مَا بَعْدَهُ فِي زَمَانٍ مُعْتَدِلٍ وَلَا اعْتِبَارَ بِشِدَّةِ الْحَرِّ وَالرِّيَاحِ وَلَا شِدَّةِ الْبَرْدِ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا اسْتِوَاءُ حَالَةِ الْمُتَوَضِّئِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِنَّمَا يُكْرَهُ التَّفْرِيقُ فِي الْوُضُوءِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَمَّا إذَا كَانَ بِعُذْرٍ بِأَنْ فَرَغَ مَاءُ الْوُضُوءِ فَيَذْهَبُ لِطَلَبِ الْمَاءِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفْرِيقِ عَلَى الصَّحِيحِ وَهَكَذَا إذَا فَرَّقَ فِي الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُسْتَحَبَّاتِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُسْتَحَبَّاتِ) وَالْمَذْكُورُ مِنْهَا فِي الْمُتُونِ اثْنَانِ. (الْأَوَّلُ التَّيَامُنُ) وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِالْيَدِ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى وَبِالرِّجْلِ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى وَهُوَ فَضِيلَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ فِي أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ عُضْوَانِ لَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْأَيْمَنِ مِنْهُمَا عَلَى الْأَيْسَرِ إلَّا الْأُذُنَانِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا يَدٌ وَاحِدَةٌ أَوْ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عِلَّةٌ وَلَا يُمْكِنُهُ مَسْحُهُمَا مَعًا يَبْدَأُ بِالْأُذُنِ الْيُمْنَى ثُمَّ بِالْيُسْرَى كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. (وَالثَّانِي مَسْحُ الرَّقَبَةِ) وَهُوَ بِظَهْرِ الْيَدَيْنِ وَأَمَّا مَسْحُ الْحُلْقُومِ فَبِدْعَةٌ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَهَا هُنَا سُنَنٌ وَآدَابٌ ذَكَرَهَا الْمَشَايِخُ) وَالسُّنَّةُ عِنْدَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ الْإِنَاءَ بِيَمِينِهِ وَيَكُبَّهُ عَلَى مُقَدَّمِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى وَيُدَلِّكَهُ بِيَسَارِهِ فَيَغْسِلَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ يُفِيضَ الْمَاءَ عَلَى مُقَدَّمِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَيُدَلِّكَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمِنْ السُّنَنِ الْبُدَاءَةُ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْبُدَاءَةُ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ فِي الْمَسْحِ سُنَّةٌ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَالتَّرْتِيبُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ سُنَّةٌ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا سُنَّةٌ أَيْضًا. كَذَا فِي الْكَافِي وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَهِيَ فِي الْمَضْمَضَةِ بِالْغَرْغَرَةِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَضَعَ الْمَاءَ عَلَى مَنْخِرَيْهِ وَيَجْذِبَهُ حَتَّى يَصْعَدَ إلَى مَا اشْتَدَّ مِنْ أَنْفِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْأَصْلِ مِنْ الْأَدَبِ أَنْ لَا يُسْرِفَ فِي الْمَاءِ وَلَا يُقَتِّرَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَذَا إذَا كَانَ مَاءَ نَهْرٍ أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ فَإِنْ كَانَ مَاءً مَوْقُوفًا عَلَى مَنْ يَتَطَهَّرُ أَوْ يَتَوَضَّأُ حَرُمَتْ الزِّيَادَةُ وَالْإِسْرَافُ بِلَا خِلَافٍ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِيهِ بِكَلَامِ النَّاسِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ دَعَتْ إلَى الْكَلَامِ حَاجَةٌ يُخَافُ فَوْتُهَا بِتَرْكِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَرْكُ الْأَدَبِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَأَنْ يَقُومَ بِأَمْرِ الْوُضُوءِ بِنَفْسِهِ وَأَنْ تَقُولَ: بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمَدِك أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنْ لَا يَمْسَحَ سَائِرَ أَعْضَائِهِ بِالْخِرْقَةِ الَّتِي يَمْسَحُ بِهَا مَوْضِعَ الِاسْتِنْجَاءِ، وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ عِنْدَ الْوُضُوءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ، وَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ أَوْ فِي خِلَالِ الْوُضُوءِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ، وَأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ وَأَنْ يَمْلَأَ آنِيَتَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ لِصَلَاةٍ أُخْرَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَنْ يَشْرَبَ قَطْرَةً مِنْ فَضْلِ وَضُوئِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قَائِمًا وَيَتَوَضَّأُ بِآنِيَةِ

الفصل الرابع في المكروهات

الْخَزَفِ وَيَتَوَقَّى التَّقَاطُرَ عَلَى الثِّيَابِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَلَا يَنْفُضُ يَدَيْهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ بِالْيُمْنَى وَالِامْتِخَاطُ بِالْيُسْرَى. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ لِأَبِي اللَّيْثِ. وَعَنْ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ أَنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي لِلْمُتَوَضِّئِ فِي الشِّتَاءِ أَنْ يَبُلَّ أَعْضَاءَهُ بِالْمَاءِ شِبْهَ الدُّهْنِ ثُمَّ يُسِيلَ الْمَاءَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَتَجَافَى عَنْ الْأَعْضَاءِ فِي الشِّتَاءِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَمِنْ الْأَدَبِ دَلْكُ أَعْضَائِهِ، وَإِدْخَالُ خِنْصَرِهِ صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ وَتَقْدِيمُ الْوُضُوءِ عَلَى الْوَقْتِ، وَنَشْرُ الْمَاءِ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ غَيْرِ لَطْمٍ، وَالْجُلُوسُ فِي مَكَان مُرْتَفِعٍ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيَغْسِلُ عُرْوَةَ الْإِنَاءِ ثَلَاثًا وَيَغْسِلُ الْأَعْضَاءَ بِالرِّفْقِ وَلَا يَسْتَعْجِلُ فِي الْوُضُوءِ وَيَسْتَقْصِي فِي الْغَسْلِ وَالتَّخْلِيلِ وَالدَّلْكِ وَيُجَاوِزُ حَدَّ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِيَسْتَيْقِنَ بِغَسْلِ الْحُدُودِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَيَبْدَأُ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ مِنْ أَعْلَاهُ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَالتَّوَضُّؤُ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ؛ لِأَنَّ لِمَاءِ الْوُضُوءِ حُرْمَةً. هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْمُضْمَرَاتِ. وَجَعْلُ الْإِنَاءِ الصَّغِيرِ عَلَى يَسَارِهِ وَالْكَبِيرِ الَّذِي يَغْتَرِفُ مِنْهُ عَلَى يَمِينِهِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ نِيَّةِ الْقَلْبِ وَفِعْلِ اللِّسَانِ وَتَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ وَلْيَقُلْ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك، وَعِنْدَ الِاسْتِنْشَاقِ: اللَّهُمَّ أَرِحْنِي رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَلَا تُرِحْنِي رَائِحَةَ النَّارِ، وَعِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ: اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ وَعِنْدَ غَسْلِ يَدِهِ الْيُمْنَى اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَحَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا. وَعِنْدَ غَسْلِ الْيُسْرَى: اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِشِمَالِي وَلَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي، وَعِنْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ: اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِك يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّ عَرْشِك، وَعِنْدَ مَسْحِ أُذُنَيْهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، وَعِنْدَ مَسْحِ عُنُقِهِ: اللَّهُمَّ أَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنْ النَّارِ، وَعِنْدَ غَسْلِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى: اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَدَمِي عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ الْأَقْدَامُ، وَعِنْدَ غَسْلِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ذَنْبِي مَغْفُورًا وَسَعْيِي مَشْكُورًا وَتِجَارَتِي لَنْ تَبُورَ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ وَلَا يُنْقِصُ مَاءَ وُضُوئِهِ عَنْ مُدٍّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (الْوُضُوءُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ) فَرْضٌ وَهُوَ وُضُوءُ الْمُحْدِثِ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ، وَوَاجِبٌ وَهُوَ الْوُضُوءُ لِلطَّوَافِ إنْ طَافَ بِالْبَيْتِ بِدُونِهِ جَازَ وَيَكُونُ تَارِكًا لِلْوَاجِبِ، وَمَنْدُوبٌ وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْدُودٍ فَمِنْهَا الْوُضُوءُ لِلنَّوْمِ، وَمِنْهَا الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْوُضُوءِ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ كُلَّمَا أَحَدَثَ لِيَكُونَ عَلَى الْوُضُوءِ فِي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا، وَمِنْهَا الْوُضُوءُ بَعْدَ الْغَيْبَةِ وَبَعْدَ إنْشَادِ الشِّعْرِ وَمِنْهَا الْوُضُوءُ عَلَى الْوُضُوءِ وَمِنْهَا الْوُضُوءُ إذَا ضَحِكَ قَهْقَهَةً وَمِنْهَا الْوُضُوءُ لِغَسْلِ الْمَيِّتِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْمَكْرُوهَاتِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْمَكْرُوهَاتِ) فَمِنْهَا التَّعْنِيفُ فِي ضَرْبِ الْمَاءِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِالْيَسَارِ وَالِامْتِخَاطُ بِالْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ لِأَبِي اللَّيْثِ وَمِنْهَا تَثْلِيثُ الْمَسْحِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَلَا بَأْسَ بِالتَّمَسُّحِ بِالْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَخُصَّ لِنَفْسِهِ إنَاءً يَتَوَضَّأُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا يُكْرَهُ أَنْ يُعَيِّنَ لِنَفْسِهِ فِي الْمَسْجِدِ مَكَانًا. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. [الْفَصْلُ الْخَامِسِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ] (الْفَصْلُ الْخَامِسِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ) مِنْهَا مَا يَخْرُجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالرِّيحِ الْخَارِجَةِ مِنْ الدُّبُرِ وَالْوَدْيِ وَالْمَذْيِ وَالْمَنِيِّ وَالدُّودَةِ وَالْحَصَاةِ، الْغَائِطُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَكَذَلِكَ الْبَوْلُ وَالرِّيحُ الْخَارِجَةُ مِنْ الدُّبُرِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالرِّيحُ الْخَارِجَةُ مِنْ الذَّكَرِ وَفَرْجِ الْمَرْأَةِ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُفْضَاةً فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا الْوُضُوءُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. بِهِ جَائِفَةٌ فَخَرَجَ مِنْهَا رِيحٌ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَالْجُشَاءِ الْمُنْتِنِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ نَزَلَ الْبَوْلُ إلَى قَصَبَةِ الذَّكَرِ لَمْ يَنْقُضْ الْوُضُوءَ وَلَوْ خَرَجَ إلَى

الْقُلْفَةَ نَقَضَ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ خَرَجَ الْبَوْلُ مِنْ الْفَرْجِ الدَّاخِلِ مِنْ الْمَرْأَةِ دُونَ الْخَارِجِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَالْمَجْبُوبُ إذَا خَرَجَ مِنْهُ مَا يُشْبِهُ الْبَوْلَ فَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى إمْسَاكِهِ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَإِنْ شَاءَ أَرْسَلَهُ فَهُوَ بَوْلٌ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إمْسَاكِهِ لَا يَنْقُضْ مَا لَمْ يَسِلْ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفَتَاوَى إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْخُنْثَى رَجُلٌ فَالْفَرْجُ الْآخَرُ بِمَنْزِلَةِ الْجُرْحِ لَا يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْهُ حَتَّى يَسِيلَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالذَّخِيرَةِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَكْثَرُ الْمُعْتَبَرَاتِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى إيجَابِ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ هُوَ الْأَوَّلُ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ كَانَ لِذَكَرِ الرَّجُلِ جُرْحٌ لَهُ رَأْسَانِ أَحَدُهُمَا يَخْرُجُ مِنْهُ مَا يَسِيلُ فِي مَجْرَى الْبَوْلِ وَالثَّانِي يَخْرُجُ مِنْهُ مَا لَا يَسِيلُ فِي مَجْرَى الْبَوْلِ فَالْأَوَّلُ بِمَنْزِلَةِ الْإِحْلِيلِ إذَا ظَهَرَ الْبَوْلُ عَلَى رَأْسِهِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ وَلَا وُضُوءَ فِي الثَّانِي مَا لَمْ يَسِلْ إذَا خَافَ الرَّجُلُ خُرُوجَ الْبَوْلِ فَحَشَا إحْلِيلَهُ بِقُطْنَةٍ وَلَوْلَا الْقُطْنَةُ يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ حَتَّى يَظْهَرَ الْبَوْلُ عَلَى الْقُطْنَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا خَرَجَ دُبُرُهُ إنْ عَالَجَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِخِرْقَةٍ حَتَّى أَدْخَلَهُ تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْتَزِقُ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ بِنَفْسِ خُرُوجِ الدُّبُرِ يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْمَذْيُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَكَذَا الْوَدْيُ وَالْمَنِيُّ إذَا خَرَجَ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ بِأَنْ حَمَلَ شَيْئًا فَسَبَقَهُ الْمَنِيُّ أَوْ سَقَطَ مِنْ مَكَان مُرْتَفِعٍ يُوجِبُ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنِيُّ الرَّجُلِ خَاثِرٌ أَبْيَضُ رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الطَّلْعِ فِيهِ لُزُوجَةٌ يَنْكَسِرُ الذَّكَرُ عِنْدَ خُرُوجِهِ، وَمَنِيُّ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ وَالْمَذْيُ رَقِيقٌ يَضْرِبُ إلَى الْبَيَاضِ يَبْدُو خُرُوجُهُ عِنْدَ الْمُلَاعَبَةِ مَعَ أَهْلِهِ بِالشَّهْوَةِ وَيُقَابِلُهُ مِنْ الْمَرْأَةِ الْقَذْيُ، وَالْوَدْيُ بَوْلٌ غَلِيظٌ وَقِيلَ مَاءٌ يَخْرُجُ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ مِنْ الْجِمَاعِ وَبَعْدَ الْبَوْلِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الدُّودَةُ إذَا خَرَجَتْ مِنْ الدُّبُرِ فَهُوَ حَدَثٌ وَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ قُبُلِ الْمَرْأَةِ وَالذَّكَرِ فَكَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْحَصَاةُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا قَطَّرَ فِي إحْلِيلِهِ ثُمَّ خَرَجَ لَا يَنْقُضُ كَمَا فِي الصَّوْمِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ احْتَقَنَ بِالدُّهْنِ ثُمَّ سَالَ مِنْهُ يُعِيدُ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكُلُّ مَا وَصَلَ إلَى الدَّاخِلِ مِنْ الْأَسْفَلِ ثُمَّ عَادَ نَقَضَ لِعَدَمِ انْفِكَاكِهِ عَنْ بَلَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الدُّخُولُ بِأَنْ كَانَ طَرَفُهُ فِي يَدِهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. (وَمِنْهَا) مَا يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ وَيَسِيلُ إلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ الدَّمِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ وَالْمَاءِ لِعِلَّةٍ وَحَدُّ السَّيَلَانِ أَنْ يَعْلُوَ فَيَنْحَدِرَ عَنْ رَأْسِ الْجُرْحِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. الدَّمُ إذَا عَلَا عَلَى رَأْسِ الْجُرْحِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَإِنْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْجُرْحِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ وُضُوءُهُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الدَّمُ وَالْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ وَمَاءُ الْجُرْحِ وَالنَّفَطَةِ وَالسُّرَّةِ وَالثَّدْيِ وَالْعَيْنِ وَالْأُذُنِ لِعِلَّةٍ سَوَاءٌ، عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَوْ صَبَّ دُهْنًا فِي أُذُنِهِ فَمَكَثَ فِي دِمَاغِهِ ثُمَّ سَالَ مِنْ أُذُنِهِ أَوْ مِنْ أَنْفِهِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ خَرَجَ مِنْ فَمِهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْفَمِ إلَّا بَعْدَمَا وَصَلَ إلَى الْمَعِدَةِ وَهِيَ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ فَصَارَ لَهُ حُكْمُ الْقَيْءِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ اسْتَعَطَ فَخَرَجَ السَّعُوطُ مِنْ الْفَمِ وَكَانَ مِلْءَ الْفَمِ نَقَضَ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْأُذُنَيْنِ لَا يَنْقُضُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ دَخَلَ الْمَاءُ أُذُنَ رَجُلٍ فِي الِاغْتِسَالِ وَمَكَثَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ أَنْفِهِ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي النِّصَابِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَّا إذَا صَارَ قَيْحًا فَحِينَئِذٍ يَنْقُضُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِذَا خَرَجَ مِنْ أُذُنِهِ قَيْحٌ أَوْ صَدِيدٌ يَنْظُرُ إنْ خَرَجَ بِدُونِ الْوَجَعِ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ وَإِنْ خَرَجَ مَعَ الْوَجَعِ يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا

خَرَجَ مَعَ الْوَجَعِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْجُرْحِ. هَكَذَا حَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالتَّبْيِينِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا خَرَجَ مِنْ الْجُرْحِ دَمٌ قَلِيلٌ فَمَسَحَهُ ثُمَّ خَرَجَ أَيْضًا وَمَسَحَهُ فَإِنْ كَانَ الدَّمُ بِحَالٍ لَوْ تَرَكَ مَا قَدْ مَسَحَ مِنْهُ سَالَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَسِيلُ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ وَكَذَلِكَ إنْ أَلْقَى عَلَيْهِ رَمَادًا أَوْ تُرَابًا ثُمَّ ظَهَرَ ثَانِيًا وَتَرَّبَهُ ثُمَّ وَثُمَّ فَهُوَ كَذَلِكَ يُجْمَعُ كُلُّهُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ نَزَلَ الدَّمُ مِنْ الرَّأْسِ إلَى مَوْضِعٍ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ مِنْ الْأَنْفِ وَالْأُذُنَيْنِ نَقَضَ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ مِنْ الْأَنْفِ مَا لَانَ مِنْهُ. كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ نَفْسِ الْفَمِ تُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّيقِ فَإِنْ تَسَاوَيَا انْتَقَضَ الْوُضُوءُ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ اللَّوْنِ فَإِنْ كَانَ أَحْمَرَ انْتَقَضَ وَإِنْ كَانَ أَصْفَرَ لَا يَنْتَقِضُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْمُتَوَضِّئُ إذَا عَضَّ شَيْئًا فَوَجَدَ فِيهِ أَثَرَ الدَّمِ أَوْ اسْتَاكَ بِسِوَاكٍ فَوَجَدَ فِيهِ أَثَرَ الدَّمِ لَا يَنْتَقِضُ مَا لَمْ يَعْرِفْ السَّيَلَانَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا كَانَ فِي عَيْنِهِ قُرْحَةٌ وَوَصَلَ الدَّمُ مِنْهَا إلَى جَانِبٍ آخَرَ مِنْ عَيْنِهِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَى مَوْضِعٍ يَجِبُ غَسْلُهُ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. خَرَجَ دَمٌ مِنْ الْقُرْحَةِ بِالْعَصْرِ وَلَوْلَاهُ مَا خَرَجَ نَقَضَ فِي الْمُخْتَارِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَهُوَ الْأَوْجُهُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْحَلَبِيِّ. وَإِنْ قُشِرَتْ نُقْطَةٌ وَسَالَ مِنْهَا مَاءٌ أَوْ صَدِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ إنْ سَالَ عَنْ رَأْسِ الْجُرْحِ نَقَضَ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ لَا يَنْقُضُ هَذَا إذَا قَشَرَهَا فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ أَمَّا إذَا عَصَرَهَا فَخَرَجَ بِعَصْرِهِ لَا يَنْقُضُ؛ لِأَنَّهُ مُخْرَجٌ وَلَيْسَ بِخَارِجٍ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. الرَّجُلُ إذَا اسْتَنْثَرَ فَخَرَجَ مِنْ أَنْفِهِ عَلَقٌ قَدْرَ الْعَدَسَةِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْقُرَادُ إذَا مَصَّ عُضْوَ إنْسَانٍ فَامْتَلَأَ دَمًا إنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ كَمَا لَوْ مَصَّتْ الذُّبَابُ أَوْ الْبَعُوضُ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا يَنْقُضُ وَكَذَا الْعَلَقَةُ إذَا مَصَّتْ عُضْوَ إنْسَانٍ حَتَّى امْتَلَأَتْ مِنْ دَمِهِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْغَرْبُ فِي الْعَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْجُرْحِ فَمَا يَسِيلُ مِنْهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ فِي عَيْنَيْهِ رَمَدٌ أَوْ عَمَشٌ يَسِيلُ مِنْهُمَا الدُّمُوعُ قَالُوا يُؤْمَرُ بِالْوُضُوءِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ صَدِيدًا أَوْ قَيْحًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الدُّودَةُ الْخَارِجَةُ عَنْ رَأْسِ الْجُرْحِ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْعَرَقُ الْمَدَنِيُّ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (رشته) هُوَ بِمَنْزِلَةِ الدُّودَةِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَسِيلُ مِنْهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (وَمِنْهَا الْقَيْءُ) لَوْ قَلَسَ مِلْءَ فِيهِ مُرَّةً أَوْ طَعَامًا أَوْ مَاءً نَقَضَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْحَدُّ الصَّحِيحُ فِي مِلْءِ الْفَمِ أَنْ لَا يُمْكِنَهُ إمْسَاكُهُ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ شَرِبَ مَاءً ثُمَّ قَاءَ صَافِيًا انْتَقَضَ الْوُضُوءُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى. وَإِنْ قَاءَ مِلْءَ الْفَمِ بَلْغَمًا إنْ نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ لَمْ يَنْتَقِضْ وَإِنْ صَعِدَ مِنْ الْجَوْفِ لَمْ يَنْتَقِضْ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا قَاءَ بَلْغَمًا صِرْفًا فَإِنْ كَانَ مَخْلُوطًا بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مِلْءَ الْفَمِ يَكُونُ حَدَثًا وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ قَاءَ دَمًا إنْ كَانَ سَائِلًا نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ يَنْقُضُ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ عَلَقًا لَا يَنْقُضُ اتِّفَاقًا وَإِنْ صَعِدَ مِنْ الْجَوْفِ إنْ كَانَ عَلَقًا لَا يَنْقُضُ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يَمْلَأَ الْفَمَ وَإِنْ كَانَ سَائِلًا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَنْقُضُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْءَ الْفَمِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَصَحَّحَهُ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ قَاءَ قَلِيلًا لَوْ جُمِعَ يَبْلُغُ مِلْءَ الْفَمِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ اتَّحَدَ السَّبَبُ جُمِعَ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا أَصَحُّ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. إذَا قَاءَ ثَانِيًا قَبْلَ سُكُونِ نَفْسِهِ مِنْ الْهَيَجَانِ وَالْغَثَيَانِ كَانَ السَّبَبُ مُتَّحِدًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ كَانَ السَّبَبُ مُخْتَلِفًا. كَذَا فِي الْكَافِي. مَا يَخْرُجُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ حَدَثًا لَا يَكُونُ نَجَسًا كَالْقَيْءِ الْقَلِيلِ وَالدَّمِ

إذَا لَمْ يَسِلْ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْكَافِي. (وَمِنْهَا النَّوْمُ) يَنْقُضُهُ النَّوْمُ مُضْطَجِعًا فِي الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِهَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَكَذَا النَّوْمُ مُتَوَرِّكًا بِأَنْ نَامَ عَلَى أَحَدِ وَرِكَيْهِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَكَذَا النَّوْمُ مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ نَامَ قَاعِدًا وَاضِعًا أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ شِبْهَ الْمُنْكَبِّ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ نَامَ مُسْتَنِدًا إلَى مَا لَوْ أُزِيلَ عَنْهُ لَسَقَطَ إنْ كَانَتْ مَقْعَدَتُهُ زَائِلَةً عَنْ الْأَرْضِ نَقَضَ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ زَائِلَةٍ فَالصَّحِيحُ أَنْ لَا يَنْقُضَ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا يَنْقُضُ نَوْمُ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ وَلَوْ فِي السَّرْجِ أَوْ الْمَحْمِلِ وَلَا الرَّاكِعِ وَلَا السَّاجِدِ مُطْلَقًا إنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ خَارِجَهَا فَكَذَلِكَ إلَّا فِي السُّجُودِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَسْنُونَةِ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ رَافِعًا بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ مُجَافِيًا عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَإِنْ سَجَدَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْهَيْئَةِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ ثُمَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ غَلَبَتِهِ وَتَعَمُّدِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ النَّقْضُ فِي الثَّانِي وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرِيضِ إذَا كَانَ يُصَلِّي مُضْطَجِعًا فَنَامَ فَالصَّحِيحُ أَنَّ وُضُوءَهُ يَنْتَقِضُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالتَّبْيِينِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِنْ نَامَ جَالِسًا وَهُوَ يَتَمَايَلُ وَرُبَّمَا تَزُولُ مَقْعَدَتُهُ عَنْ الْأَرْضِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَدَثًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ نَامَ قَاعِدًا فَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ أَوْ جَنْبِهِ إنْ انْتَبَهَ قَبْلَ سُقُوطِهِ أَوْ حَالَةَ سُقُوطِهِ أَوْ سَقَطَ نَائِمًا وَانْتَبَهَ مِنْ سَاعَتِهِ لَا يَنْتَقِضُ وَإِنْ اسْتَقَرَّ نَائِمًا ثُمَّ انْتَبَهَ يَنْتَقِضُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ نَامَ مُتَرَبِّعًا لَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ وَكَذَا لَوْ نَامَ مُتَوَرِّكًا بِأَنْ يَبْسُطَ قَدَمَيْهِ مِنْ جَانِبٍ وَيُلْصِقَ أَلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا نَامَ رَاكِبًا عَلَى دَابَّةٍ وَالدَّابَّةُ عُرْيَانَةٌ فَإِنْ كَانَ فِي حَالَةِ الصُّعُودِ وَالِاسْتِوَاءِ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ أَمَّا حَالَةُ الْهُبُوطِ يَكُونُ حَدَثًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ نَامَ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ فِي إكَافٍ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ وَإِنْ نَامَ عَلَى رَأْسِ التَّنُّورِ وَهُوَ جَالِسٌ قَدْ أَدْلَى رِجْلَيْهِ كَانَ مُحْدِثًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَأَمَّا النُّعَاسُ فِي حَالَةِ الِاضْطِجَاعِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ثَقِيلًا أَوْ خَفِيفًا فَإِنْ كَانَ ثَقِيلًا فَهُوَ حَدَثٌ وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا لَا يَكُونُ حَدَثًا وَالْفَاصِلُ بَيْنَ الْخَفِيفِ وَالثَّقِيلِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَسْمَعُ مَا قِيلَ عِنْدَهُ فَهُوَ خَفِيفٌ وَإِنْ كَانَ يَخْفَى عَلَيْهِ عَامَّةُ مَا قِيلَ عِنْدَهُ فَهُوَ ثَقِيلٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا حَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَمِنْهَا الْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ وَالْغَشْيُ وَالسُّكْرُ) الْإِغْمَاءُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَكَذَا الْجُنُونُ وَالْغَشْيُ وَالسُّكْرُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ لَا يَعْرِفَ الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَالصَّحِيحُ مَا نُقِلَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ فِي بَعْضِ مِشْيَتِهِ تَحَرُّكٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَمِنْهَا الْقَهْقَهَةُ) وَحَدُّ الْقَهْقَهَةِ أَنْ يَكُونَ مَسْمُوعًا لَهُ وَلِجِيرَانِهِ وَالضَّحِكُ أَنْ يَكُونَ مَسْمُوعًا لَهُ وَلَا يَكُونُ مَسْمُوعًا لِجِيرَانِهِ وَالتَّبَسُّمُ أَنْ لَا يَكُونَ مَسْمُوعًا لَهُ وَلَا لِجِيرَانِهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ الْقَهْقَهَةُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ فِيهَا رُكُوعٌ وَسُجُودٌ تَنْقُضُ الصَّلَاةَ وَالْوُضُوءَ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا تَنْقُضُ الطَّهَارَةَ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَالضَّحِكُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَا يُبْطِلُ الطَّهَارَةَ وَالتَّبَسُّمُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَا الطَّهَارَةَ، وَلَوْ قَهْقَهَ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَوْ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ تُبْطِلُ مَا كَانَ فِيهَا وَلَا تَنْقُضُ الطَّهَارَةَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْقَهْقَهَةُ مِنْ الصَّبِيِّ فِي حَالِ الصَّلَاةِ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَهْقَهَ نَائِمًا فِي الصَّلَاةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُبْطِلُ الْوُضُوءَ وَلَا الصَّلَاةَ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ: فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَوُضُوءُهُ جَمِيعًا وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ احْتِيَاطًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَهْقَهَ فِي الصَّلَاةِ الْمَظْنُونَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ

الباب الثاني في الغسل وفيه ثلاثة فصول

يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَهْقَهَ فِيمَا يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ بِعُذْرٍ أَوْ رَاكِبًا يُومِئُ بِالنَّقْلِ أَوْ الْفَرْضِ بِعُذْرٍ انْتَقَضَ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْقَهْقَهَةُ تُبْطِلُ التَّيَمُّمَ كَمَا تُبْطِلُ الْوُضُوءَ وَلَا تُبْطِلُ طَهَارَةَ الِاغْتِسَالِ وَقَدْ قِيلَ تُبْطِلُ طَهَارَةَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ فَالْمُغْتَسِلُ فِي الصَّلَاةِ إذَا قَهْقَهَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ جَدِيدٍ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (وَمِنْهَا الْمُبَاشَرَةُ الْفَاحِشَةُ) إذَا بَاشَرَ امْرَأَتَهُ مُبَاشَرَةً فَاحِشَةً بِتَجَرُّدٍ وَانْتِشَارٍ وَمُلَاقَاةِ الْفَرْجِ بِالْفَرْجِ فَفِيهِ الْوُضُوءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِحْسَانًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي النِّصَابِ هُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْيَنَابِيعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْمُلَامَسَةِ الْفَاحِشَةِ لَا يُعْتَبَرُ انْتِشَارُ آلَةِ الرَّجُلِ فِي انْتِقَاضِ طَهَارَةِ الْمَرْأَةِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. مَسُّ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ وَالْمَرْأَةِ الرَّجُلَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَسُّ ذَكَرِهِ أَوْ ذَكَرِ غَيْرِهِ لَيْسَ بِحَدَثٍ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الزَّادِ. وَالْمُبَاشَرَةُ الْفَاحِشَةُ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَالْغُلَامِ الْأَمْرَدِ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ. هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَكَذَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ الشَّكِّ) فِي الْأَصْلِ مَنْ شَكَّ فِي بَعْضِ وُضُوئِهِ وَهُوَ أَوَّلُ مَا شَكَّ غَسَلَ الْمَوْضِعَ الَّذِي شَكَّ فِيهِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ كَثِيرًا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ الشَّكُّ فِي خِلَالِ الْوُضُوءِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى ذَلِكَ وَمَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ فَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ وَلَوْ كَانَ مُحْدِثًا فَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ فَهُوَ عَلَى حَدَثِهِ وَلَا يَعْمَلُ بِالتَّحَرِّي. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْغُسْلِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي فَرَائِضِ الْغُسْل] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْغُسْلِ) (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي فَرَائِضِهِ) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: الْمَضْمَضَةُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ، وَغَسْلُ جَمِيعِ الْبَدَنِ عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ. وَحَدُّ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ مِنْ الْخُلَاصَةِ. الْجُنُبُ إذَا شَرِبَ الْمَاءَ وَلَمْ يَمُجَّهُ لَمْ يَضُرَّهُ وَيُجْزِيهِ عَنْ الْمَضْمَضَةِ إذَا أَصَابَ جَمِيعَ فَمِهِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَ سِنُّهُ مُجَوَّفًا فَبَقِيَ فِيهِ أَوْ بَيْنَ أَسْنَانِهِ طَعَامٌ أَوْ دَرَنٌ رَطْبٌ فِي أَنْفِهِ ثُمَّ غَسَلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُخْرِجَ الطَّعَامَ عَنْ تَجْوِيفِهِ وَيُجْرِيَ الْمَاءَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالدَّرَنُ الْيَابِسُ فِي الْأَنْفِ يَمْنَعُ تَمَامَ الْغُسْلِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَالْعَجِينُ فِي الظُّفْرِ يَمْنَعُ تَمَامَ الِاغْتِسَالِ وَالْوَسَخُ وَالدَّرَنُ لَا يَمْنَعُ وَالْقَرَوِيُّ وَالْمَدَنِيُّ سَوَاءٌ وَالتُّرَابُ وَالطِّينُ فِي الظُّفْرِ لَا يَمْنَعُ وَالصَّرَّامُ وَالصَّبَّاغُ مَا فِي ظُفْرِهِمَا يَمْنَعُ تَمَامَ الِاغْتِسَالِ وَقِيلَ كُلُّ ذَلِكَ يُجْزِيهِمْ لِلْحَرَجِ وَالضَّرُورَةِ، وَمَوَاضِعُ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ عَلَى ظَاهِرِ بَدَنِهِ جِلْدُ سَمَكٍ أَوْ خُبْزٌ مَمْضُوغٌ قَدْ جَفَّ فَاغْتَسَلَ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ خُرْءُ ذُبَابٍ أَوْ بُرْغُوثٍ جَازَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ بِهِ جُدَرِيٌّ ارْتَفَعَ قِشْرُهَا وَجَوَانِبُهَا مُتَّصِلَةٌ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى دَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَنْقُضَ ضَفَائِرَهَا فِي الْغُسْلِ إذَا بَلَغَ الْمَاءُ أُصُولَ الشَّعْرِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا بَلُّ ذَوَائِبِهَا هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ كَانَ شَعْرُ الْمَرْأَةِ مَنْقُوضًا يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى أَثْنَائِهِ وَيَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى أَثْنَاءِ اللِّحْيَةِ كَمَا يَجِبُ إلَى أُصُولِهَا وَإِلَى أَثْنَاءِ شَعْرِهِ وَإِنْ كَانَ ضَفِيرًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَلْزَقَتْ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا بِطِيبٍ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى أُصُولِ الشَّعْرِ وَجَبَ عَلَيْهَا إزَالَتُهُ لِيَصِلَ الْمَاءُ إلَى أُصُولِهِ كَذَا

الفصل الثاني في سنن الغسل

فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَجَبَ تَحْرِيكُ الْقُرْطِ وَالْخَاتَمِ الضَّيِّقَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قُرْطٌ فَدَخَلَ الْمَاءُ الثَّقْبَ عِنْدَ مُرُورِهِ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا أَدْخَلَهُ وَلَا يَتَكَلَّفُ فِي إدْخَالِ شَيْءٍ سِوَى الْمَاءِ مِنْ خَشَبٍ وَنَحْوِهِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى دَاخِلِ السُّرَّةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُدْخِلَ أُصْبُعَهُ فِيهَا لِلْمُبَالَغَةِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْأَقْلَفُ إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ وَلَمْ يُدْخِلْ الْمَاءَ دَاخِلَ الْجِلْدَةِ جَازَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُدْخِلُ الْمَاءَ الْقُلْفَةَ اسْتِحْبَابًا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ غَسْلُ فَرْجِهَا الْخَارِجِ فِي الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَيُسَنُّ فِي الْوُضُوءِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ وَلَا تُدْخِلُ الْمَرْأَةُ أُصْبُعَهَا فِي فَرْجِهَا عِنْدَ الْغُسْلِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا دَهَنَ فَأَمَرَّ الْمَاءَ فَلَمْ يَصِلْ يُجْزِئُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي سُنَنِ الْغُسْلِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي سُنَنِ الْغُسْلِ) وَهِيَ أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ إلَى الرُّسْغِ ثَلَاثًا ثُمَّ فَرْجَهُ وَيُزِيلَ النَّجَاسَةَ إنْ كَانَتْ عَلَى بَدَنِهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ إلَّا رِجْلَيْهِ هَكَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَتَقْدِيمُ غَسْلِ الْفَرْجِ فِي الْغُسْلِ سُنَّةٌ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَمْ لَا كَتَقْدِيمِ الْوُضُوءِ عَلَى غَسْلِ بَاقِي الْبَدَنِ سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ حَدَثٌ أَوْ لَا. كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ. وَلَا يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمْسَحُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَسَائِرِ جَسَدِهِ ثَلَاثًا كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ الْأُولَى فَرْضٌ وَالثِّنْتَانِ سُنَّتَانِ عَلَى الصَّحِيحِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَيْفِيَّةُ الْإِفَاضَةِ أَنْ يُفِيضَ الْمَاءَ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ ثَلَاثًا ثُمَّ عَلَى رَأْسِهِ وَسَائِرِ جَسَدِهِ ثَلَاثًا. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ ثُمَّ يَتَنَحَّى عَنْ مُغْتَسَلِهِ فَيَغْسِلُ قَدَمَيْهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ هَذَا إذَا كَانَ فِي مُسْتَنْقَعِ الْمَاءِ فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى لَوْحٍ أَوْ حَجَرٍ لَا يُؤَخِّرُ غُسْلَهُمَا. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. (وَهَهُنَا سُنَنٌ وَآدَابٌ ذَكَرَهَا بَعْضُ الْمَشَايِخِ) يُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالنِّيَّةِ بِقَلْبِهِ وَيَقُولَ بِلِسَانِهِ نَوَيْت الْغُسْلَ لِرَفْعِ الْجَنَابَةِ أَوْ لِلْجَنَابَةِ ثُمَّ يُسَمِّيَ اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ ثُمَّ يَسْتَنْجِيَ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَأَنْ لَا يُسْرِفَ فِي الْمَاءِ وَلَا يُقَتِّرَ، وَأَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَقْتَ الْغُسْلِ وَأَنْ يَدْلُكَ كُلَّ أَعْضَائِهِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَأَنْ يَغْتَسِلَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ قَطُّ وَأَنْ يَمْسَحَ بِمِنْدِيلٍ بَعْدَ الْغُسْلِ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمَعَانِي الْمُوجِبَةِ لِلْغُسْلِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمَعَانِي الْمُوجِبَةِ لِلْغُسْلِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ) مِنْهَا الْجَنَابَةُ وَهِيَ تَثْبُتُ بِسَبَبَيْنِ أَحَدُهُمَا خُرُوجُ الْمَنِيِّ عَلَى وَجْهِ الدَّفْقِ وَالشَّهْوَةِ مِنْ غَيْرِ إيلَاجٍ بِاللَّمْسِ أَوْ النَّظَرِ أَوْ الِاحْتِلَامِ أَوْ الِاسْتِمْنَاءِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَتُعْتَبَرُ الشَّهْوَةُ عِنْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ مَكَانِهِ لَا عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ رَأْسِ الْإِحْلِيلِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا احْتَلَمَ أَوْ نَظَرَ إلَى امْرَأَةٍ فَزَالَ الْمَنِيُّ عَنْ مَكَانِهِ بِشَهْوَةٍ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ حَتَّى سَكَنَتْ شَهْوَتُهُ ثُمَّ سَالَ الْمَنِيُّ عَلَيْهِ الْغُسْلُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجِبُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ قَبْلَ أَنْ يَبُولَ أَوْ يَنَامَ وَصَلَّى ثُمَّ خَرَجَ بَقِيَّةُ الْمَنِيِّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْتَسِلَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنْ لَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَ مَا بَالَ أَوْ نَامَ أَوْ مَشَى لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ اتِّفَاقًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا احْتَلَمَ الرَّجُلُ وَانْفَصَلَ الْمَنِيُّ مِنْ مَوْضِعِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ عَلَى رَأْسِ الْإِحْلِيلِ لَا يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ بَالَ فَخَرَجَ مِنْ ذَكَرِهِ مَنِيٌّ إنْ كَانَ مُنْتَشِرًا عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَإِنْ كَانَ مُنْكَسِرًا عَلَيْهِ الْوُضُوءُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا اغْتَسَلَتْ بَعْدَ مَا جَامَعَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّ الزَّوْجِ فَعَلَيْهَا الْوُضُوءُ دُونَ الْغُسْلِ وَإِنْ اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ وَوَجَدَ عَلَى

فِرَاشِهِ أَوْ فَخِذِهِ بَلَلًا وَهُوَ يَتَذَكَّرُ احْتِلَامًا إنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَنِيٌّ أَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَذْيٌ أَوْ شَكَّ أَنَّهُ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ وَدْيٌ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَإِنْ رَأَى بَلَلًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَذَكَّرْ الِاحْتِلَامَ فَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ وَدْيٌ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَنِيٌّ يَجِبُ الْغُسْلُ وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَذْيٌ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَإِنْ شَكَّ أَنَّهُ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَجِبُ الْغُسْلُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ بِالِاحْتِلَامِ، وَقَالَا: يَجِبُ. هَكَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ: ذَكَرَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ الْبَلَلَ فِي إحْلِيلِهِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ حُلْمًا إنْ كَانَ ذَكَرُهُ مُنْتَشِرًا قَبْلَ النَّوْمِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَنِيٌّ وَإِنْ كَانَ ذَكَرُهُ سَاكِنًا قَبْلَ النَّوْمِ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يَكْثُرُ وُقُوعُهَا وَالنَّاسُ عَنْهَا غَافِلُونَ فَيَجِبُ أَنْ تُحْفَظَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَذَكَّرَ الِاحْتِلَامَ وَلَذَّةَ الْإِنْزَالِ وَلَمْ يَرَ بَلَلًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَالْمَرْأَةُ كَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ مَنِيِّهَا إلَى فَرْجِهَا الْخَارِجِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. إذَا نَامَ الرَّجُلُ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا أَوْ مَاشِيًا ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَوَجَدَ بَلَلًا فَهَذَا وَمَا لَوْ نَامَ مُضْطَجِعًا سَوَاءٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وُجِدَ فِي الْفِرَاشِ مَنِيٌّ وَيَقُولُ الزَّوْجُ: مِنْ الْمَرْأَةِ، وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ: مِنْ الزَّوْجِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الرَّجُلُ إذَا صَارَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ وَوَجَدَ مَذْيًا عَلَى فَخِذِهِ أَوْ ثَوْبِهِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ السَّكْرَانُ وَلَيْسَ هَذَا كَالنَّوْمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَتَذَكَّرُ الِاحْتِلَامَ وَلَمْ يَرَ بَلَلًا وَمَكَثَ سَاعَةً فَخَرَجَ مَذْيٌ لَا يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ، احْتَلَمَ لَيْلًا ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَلَمْ يَرَ بَلَلًا فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ ثُمَّ نَزَلَ الْمَنِيُّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَكَذَا لَوْ احْتَلَمَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يُنْزِلْ حَتَّى أَتَمَّهَا فَأَنْزَلَ لَا يُعِيدُهَا وَيَغْتَسِلُ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (السَّبَبُ الثَّانِي الْإِيلَاجُ) الْإِيلَاجُ فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ إذَا تَوَارَتْ الْحَشَفَةُ يُوجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ لِعُلَمَائِنَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ مَقْطُوعَ الْحَشَفَةِ يَجِبُ الْغُسْلُ بِإِيلَاجِ مِقْدَارِهَا مِنْ الذَّكَرِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالْإِيلَاجُ فِي الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةِ وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ بِدُونِ الْإِنْزَالِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ الْإِيلَاجُ فِي مَحِلِّ الْجِمَاعِ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَلَمْ يَفُضَّهَا فَهِيَ مِمَّنْ يُجَامَعُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا جُومِعَتْ الْمَرْأَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَوَصَلَ الْمَنِيُّ إلَى رَحِمِهَا وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا لِفَقْدِ السَّبَبِ وَهُوَ الْإِنْزَالُ أَوْ مُوَارَاةُ الْحَشَفَةِ حَتَّى لَوْ حَبِلَتْ كَانَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِوُجُودِ الْإِنْزَالِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا حَبِلَتْ فَإِنَّمَا عَلَيْهَا الْغُسْلُ مِنْ وَقْتِ الْمُجَامَعَةِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهَا إعَادَةُ الصَّلَاةِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ: مَعِي جِنِّيٌّ يَأْتِينِي وَأَجِدُ فِي نَفْسِي مَا أَجِدُ إذَا جَامَعَنِي زَوْجِي لَا غُسْلَ عَلَيْهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. غُلَامٌ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ جَامَعَ امْرَأَةً بَالِغَةً فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ وَلَا غُسْلَ عَلَى الْغُلَامِ إلَّا أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ تَخَلُّقًا وَاعْتِيَادًا كَمَا يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ تَخَلُّقًا وَاعْتِيَادًا وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ بَالِغًا وَالْمَرْأَةُ صَغِيرَةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَعَلَى الرَّجُلِ الْغُسْلُ وَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا وَجِمَاعُ الْخَصِيِّ يُوجِبُ الْغُسْلَ عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ لَفَّ عَلَى ذَكَرِهِ خِرْقَةً وَأَوْلَجَ وَلَمْ يُنْزِلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ الْغُسْلُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجِبُ. وَالْأَصَحُّ إنْ كَانَتْ الْخِرْقَةُ رَقِيقَةً بِحَيْثُ يَجِدُ حَرَارَةَ الْفَرْجِ وَاللَّذَّةِ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِلَّا فَلَا وَالْأَحْوَطُ وُجُوبُ الْغُسْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ أَوْلَجَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِ امْرَأَةٍ أَوْ دُبُرِهَا فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا وَكَذَا فِي فَرْجِ خُنْثَى مِثْلِهِ وَإِنْ أَوْلَجَ رَجُلٌ فِي فَرْجِ خُنْثَى مُشْكِلٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا

الباب الثالث في المياه وفيه فصلان

كَانَ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ وَجَبَ الْغُسْلُ بِالْإِنْزَالِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَمِنْهَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ) يَجِبُ الْغُسْلُ عِنْدَ خُرُوجِ دَمِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ وَوُصُولِهِ إلَى فَرْجِهَا الْخَارِجِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِخَارِجٍ وَلَا يَكُونُ حَيْضًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الْمَرْأَةُ إذَا وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ الدَّمَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (أَمَّا أَنْوَاعُ الْغُسْلِ فَتِسْعَةٌ) ثَلَاثَةٌ مِنْهَا فَرِيضَةٌ وَهِيَ الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَوَاحِدٌ وَاجِبٌ وَهُوَ غُسْلُ الْمَوْتَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْكَافِرُ إذَا أَجْنَبَ ثُمَّ أَسْلَمَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ انْقَطَعَ دَمُ الْكَافِرَةِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا. الصَّبِيَّةُ إذَا بَلَغَتْ بِالْحَيْضِ فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ وَفِي الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ الْأَصَحُّ وُجُوبُ الْغُسْلِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالْأَحْوَطُ وُجُوبُ الْغُسْلِ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَأَرْبَعَةٌ سُنَّةٌ وَهِيَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِ الْعِيدَيْنِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَعِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَوَاحِدٌ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ غُسْلُ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ وَلَمْ يَكُنْ جُنُبًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَغُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ حَتَّى لَوْ اغْتَسَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَصَلَّى الْجُمُعَةَ بِالْوُضُوءِ أَوْ اغْتَسَلَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ لَا يَكُونُ مُسْتَنًّا. وَلَوْ اتَّفَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُ الْعِيدِ وَجَامَعَ ثُمَّ اغْتَسَلَ يَنُوبُ عَنْ الْكُلِّ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. فِي الْكَافِي لَوْ اغْتَسَلَ قَبْلَ الصُّبْحِ وَصَلَّى بِهِ الْجُمُعَةَ نَالَ فَضْلَ الْغُسْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ لَا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَمِنْ الْمَنْدُوبِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - الِاغْتِسَالُ لِدُخُولِ مَكَّةَ وَالْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ وَدُخُولِ مَدِينَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمَجْنُونِ إذَا أَفَاقَ وَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ بِالسِّنِّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) الْجُنُبُ إذَا أَخَّرَ الِاغْتِسَالَ إلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ لَا يَأْثَمُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْهِنْدِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى الْمُحْدِثِ وَالْغُسْلُ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ قَبْلَ وُجُوبِ الصَّلَاةِ أَوْ إرَادَةِ مَا لَا يَحِلُّ إلَّا بِهِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ كَالصَّلَاةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَدْنَى مَا يَكْفِي مِنْ الْمَاءِ لِلِاغْتِسَالِ صَاعٌ لِلتَّوَضُّؤِ بِمُدٍّ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - كَفَاهُ صَاعٌ إذَا تَرَكَ الْوُضُوءَ، وَأَمَّا إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ مِنْ غَيْرِ الصَّاعِ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَقَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - الصَّاعُ كَافٍ لِلْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ جَمِيعًا وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ مَشَايِخُنَا: هَذَا بَيَانُ مِقْدَارِ أَدْنَى الْكِفَايَةِ وَلَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ بَلْ إنْ كَفَاهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ نَقَصَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ زَادَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا لَا إسْرَافَ وَلَا تَقْتِيرَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَلِكَ لَوْ تَوَضَّأَ بِدُونِ الْمُدِّ وَأَسْبَغَ وُضُوءَهُ جَازَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالتَّقْدِيرُ بِالْمُدِّ فِي الْوُضُوءِ إذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِنْجَاءِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ اسْتَنْجَى بِرَطْلٍ وَتَوَضَّأَ بِمُدٍّ. وَإِنْ كَانَ لَابِسًا لِلْخُفِّ وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِنْجَاءِ يَكْفِيهِ رِطْلٌ وَكُلُّ هَذَا غَيْرُ لَازِمٍ لِاخْتِلَافِ طِبَاعِ النَّاسِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَنَامَ وَيُعَاوِدَ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَإِنْ تَوَضَّأَ فَحَسَنٌ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَمَضْمَضَ وَيَغْسِلَ يَدَيْهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمِيَاهِ وَفِيهِ فَصْلَانِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَجُوزُ بِهِ التَّوَضُّؤُ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمِيَاهِ وَفِيهِ فَصْلَانِ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَجُوزُ بِهِ التَّوَضُّؤُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ) (الْأَوَّلُ الْمَاءُ الْجَارِي) وَهُوَ مَا يَذْهَبُ بِتِبْنِهِ. كَذَا فِي الْكَنْزِ وَالْخُلَاصَةِ وَهَذَا هُوَ الْحَدُّ الَّذِي لَيْسَ فِي دَرْكِهِ حَرَجٌ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ وَقِيلَ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ جَارِيًا

وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي النِّصَابِ وَالْفَتْوَى فِي الْمَاءِ الْجَارِي أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ مِنْ النَّجَاسَةِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِذَا أُلْقِيَ فِي الْمَاءِ الْجَارِي شَيْءٌ نَجَسٌ كَالْجِيفَةِ وَالْخَمْرِ لَا يَتَنَجَّسُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. وَإِذَا سَدَّ كَلْبٌ عَرْضَ النَّهْرِ وَيَجْرِي الْمَاءُ فَوْقَهُ إنْ كَانَ مَا يُلَاقِي الْكَلْبَ أَقَلَّ مِمَّا لَا يُلَاقِيهِ يَجُوزُ الْوُضُوءُ فِي الْأَسْفَلِ وَإِلَّا لَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عَلَى هَذَا أَدْرَكْتُ مَشَايِخِي، كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَدْ صَحَّحَهُ فِي التَّجْنِيسِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَحَدُ أَوْصَافِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَفِي النِّصَابِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِذَا كَانَتْ الْجِيفَةُ تُرَى مِنْ تَحْتِ الْمَاءِ لِقِلَّةِ الْمَاءِ لَا لِصَفَائِهِ كَانَ الَّذِي يُلَاقِيهَا أَكْثَرَ إذَا كَانَ سَدَّ عَرْضَ السَّاقِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُرَى أَوْ لَمْ تَأْخُذْ إلَّا الْأَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ لَمْ يَكُنْ الَّذِي يُلَاقِيهَا أَكْثَرَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ عَذِرَةٌ فَوَقَعَ عَلَيْهِ الْمَطَرُ فَسَالَ الْمِيزَابُ إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عِنْدَ الْمِيزَابِ وَكَانَ الْمَاءُ كُلُّهُ يُلَاقِي الْعَذِرَةَ أَوْ أَكَثْرُهُ أَوْ نِصْفُهُ فَهُوَ نَجَسٌ وَإِلَّا فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِنْ كَانَتْ الْعَذِرَةُ عَلَى السَّطْحِ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ وَلَمْ تَكُنْ عَلَى رَأْسِ الْمِيزَابِ لَا يَكُونُ نَجَسًا وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ الْجَارِي. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى قَالَ مَشَايِخُنَا: الْمَطَرُ مَا دَامَ يُمْطِرُ فَلَهُ حُكْمُ الْجَرَيَانِ حَتَّى لَوْ أَصَابَ الْعَذِرَاتِ عَلَى السَّطْحِ ثُمَّ أَصَابَ ثَوْبًا لَا يَتَنَجَّسُ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ. الْمَطَرُ إذَا أَصَابَ السَّقْفَ وَفِي السَّقْفِ نَجَاسَةٌ فَوَكَفَ وَأَصَابَ الْمَاءُ ثَوْبًا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَطَرُ لَمْ يَنْقَطِعْ بَعْدُ فَمَا سَالَ مِنْ السَّقْفِ طَاهِرٌ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَغَيِّرًا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَأَمَّا إذَا انْقَطَعَ الْمَطَرُ وَسَالَ مِنْ السَّقْفِ شَيْءٌ فَمَا سَالَ فَهُوَ نَجَسٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي النَّوَازِلِ قَالَ مَشَايِخُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ: هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. مَاءُ النَّهْرِ أَوْ الْقَنَاةِ إذَا احْتَمَلَ عَذِرَةً فَاغْتَرَفَ إنْسَانٌ بِقُرْبِ الْعَذِرَةِ جَازَ وَالْمَاءُ طَاهِرٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ. مَاءُ النَّهْرِ إذَا انْقَطَعَ مِنْ أَعْلَاهُ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ جَرَيَانِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمُسَافِرُ إذَا كَانَ مَعَهُ مِيزَابٌ وَاسِعٌ وَمَعَهُ إدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَهُوَ عَلَى طَمَعٍ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ وَلَكِنْ لَا يَتَيَقَّنُ بِذَلِكَ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ يَأْمُرُ أَحَدَ رُفَقَائِهِ حَتَّى يَصُبَّ الْمَاءَ فِي طَرَفٍ مِنْ الْمِيزَابِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فِي الْمِيزَابِ وَيَضَعَ عِنْدَ الطَّرَفِ الْآخَرِ مِنْ الْمِيزَابِ إنَاءً طَاهِرًا يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ فَإِنَّ الْمَاءَ الْمُجْتَمِعَ يَكُونُ طَاهِرًا وَطَهُورًا وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. حَوْضٌ صَغِيرٌ كَرَى مِنْهُ رَجُلٌ نَهْرًا وَأَجْرَى الْمَاءَ فِيهِ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ اجْتَمَعَ ذَلِكَ الْمَاءُ فِي مَكَانٍ آخَرَ فَكَرَى مِنْهُ رَجُلٌ آخَرَ نَهْرًا آخَرَ وَأَجْرَى فِيهِ الْمَاءُ وَتَوَضَّأَ جَازَ وُضُوءُ الْكُلِّ إذَا كَانَ بَيْنَ الْمَكَانَيْنِ مَسَافَةٌ وَإِنْ قَلَّتْ وَكَذَلِكَ حَفِيرَتَانِ يَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْ إحْدَاهُمَا وَيَدْخُلُ فِي الْأُخْرَى فَتَوَضَّأَ فِيمَا بَيْنَهُمَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا جَلَسَ النَّاسُ صُفُوفًا عَلَى شَطِّ نَهْرٍ يَتَوَضَّئُونَ جَازَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. وَإِذَا كَانَ الْحَوْضُ صَغِيرًا يَدْخُلُ فِيهِ الْمَاءُ مِنْ جَانِبٍ وَيَخْرُجُ مِنْ جَانِبٍ يَجُوزُ الْوُضُوءُ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَرْبَعًا فِي أَرْبَعٍ أَوْ أَقَلَّ فَيَجُوزُ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا يَجُوزُ كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَهَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. حَوْضٌ صَغِيرٌ تَنَجَّسَ مَاؤُهُ فَدَخَلَ الْمَاءُ الطَّاهِرُ فِيهِ مِنْ جَانِبٍ وَسَالَ مَاءُ الْحَوْضِ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ كَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: كَمَا سَالَ مَاءُ الْحَوْضِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الْحَوْضِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي النَّوَازِلِ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ دَخَلَ الْمَاءُ وَلَمْ يَخْرُجْ وَلَكِنَّ النَّاسَ يَغْتَرِفُونَ مِنْهُ اغْتِرَافًا مُتَدَارَكًا طَهُرَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَتَفْسِيرُ الْغَرْفِ الْمُتَدَارَكِ أَنْ لَا يَسْكُنَ وَجْهُ الْمَاءِ فِيمَا بَيْنَ الْغُرْفَتَيْنِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.

مَاءُ حَوْضِ الْحَمَّامِ طَاهِرٌ عِنْدَهُمْ مَا لَمْ يُعْلَمْ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ فَإِنْ أَدْخَلَ رَجُلٌ يَدَهُ فِي الْحَوْضِ وَعَلَيْهَا نَجَاسَةٌ إنْ كَانَ الْمَاءُ سَاكِنًا لَا يَدْخُلُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ أُنْبُوبَةٍ وَلَا يَغْتَرِفُ مِنْهُ إنْسَانٌ بِالْقَصْعَةِ يَتَنَجَّسُ وَإِنْ كَانَ النَّاسُ يَغْتَرِفُونَ مِنْ الْحَوْضِ بِقِصَاعِهِمْ وَلَا يَدْخُلُ مِنْ الْأُنْبُوبَةِ مَاءٌ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ وَإِنْ كَانَ النَّاسُ يَغْتَرِفُونَ مِنْ الْحَوْضِ بِقِصَاعِهِمْ وَيَدْخُلُ الْمَاءُ مِنْ الْأُنْبُوبَةِ فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمَاءُ الْجَارِي بَعْدَمَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ وَحُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ لَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ مَا لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ التَّغَيُّرُ بِأَنْ يَرِدَ عَلَيْهِ مَاءٌ طَاهِرٌ حَتَّى يُزِيلَ ذَلِكَ التَّغَيُّرَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (الثَّانِي الْمَاءُ الرَّاكِدُ) الْمَاءُ الرَّاكِدُ إذَا كَانَ كَثِيرًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجَارِي لَا يَتَنَجَّسُ جَمِيعُهُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِي طَرَفٍ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ وَعَلَى هَذَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهَلْ يَتَنَجَّسُ مَوْضِعُ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فَفِي الْمَرْئِيَّةِ؟ يَتَنَجَّسُ بِالْإِجْمَاعِ وَيُتْرَكُ مِنْ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ قَدْرُ الْحَوْضِ الصَّغِيرِ ثُمَّ يُتَوَضَّأُ، وَفِي غَيْرِ الْمَرْئِيَّةِ عِنْدَ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ كَذَلِكَ وَعِنْدَ مَشَايِخِ بُخَارَى يُتَوَضَّأُ مِنْ مَوْضِعِ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمِقْدَارُ الْحَوْضِ الصَّغِيرِ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ فِي أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ. هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْغَدِيرَ الْعَظِيمَ كَالْجَارِي لَا يَتَنَجَّسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْفَاصِلُ بَيْنَ الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ بِحَيْثُ يَخْلُصُ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ بِأَنْ تَصِلَ النَّجَاسَةُ مِنْ الْجُزْءِ الْمُسْتَعْمَلِ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَهُوَ قَلِيلٌ وَإِلَّا فَكَثِيرٌ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْجُوزَجَانِيُّ إنْ كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ فَهُوَ مِمَّا لَا يَخْلُصُ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمُعْتَبَرُ فِي عُمْقِهِ أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ لَا يَنْحَسِرُ بِالِاغْتِرَافِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُعْتَبَرُ ذِرَاعُ الْكِرْبَاسِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ ذِرَاعُ الْعَامَّةِ سِتُّ قَبَضَاتٍ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ كَانَ الْحَوْضُ مُدَوَّرًا يُعْتَبَرُ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ فِي الْحَوْضِ الْكَبِيرِ الْمُنْتِنِ إذَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفَتَاوَى غَدِيرٌ كَبِيرٌ لَا يَكُونُ فِيهِ الْمَاءُ فِي الصَّيْفِ وَتَرُوثُ فِيهِ الدَّوَابُّ وَالنَّاسُ ثُمَّ يُمْلَأُ فِي الشِّتَاءِ وَيُرْفَعُ مِنْهُ الْجَمْدُ إنْ كَانَ الْمَاءُ الَّذِي يَدْخُلُهُ يَدْخُلُ عَلَى مَكَان نَجَسٍ فَالْمَاءُ وَالْجَمْدُ نَجَسٌ وَإِنْ كَثُرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ دَخَلَ فِي مَكَان طَاهِرٍ وَاسْتَقَرَّ فِيهِ حَتَّى صَارَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ ثُمَّ انْتَهَى إلَى النَّجَاسَةِ فَالْمَاءُ وَالْجَمْدُ طَاهِرَانِ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ تَوَضَّأَ فِي أَجَمَةِ الْقَصَبِ أَوْ مِنْ أَرْضٍ فِيهَا زَرْعٌ مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إنْ كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ يَجُوزُ وَاتِّصَالُ الْقَصَبِ بِالْقَصَبِ لَا يَمْنَعُ اتِّصَالَ الْمَاءِ بِالْمَاءِ وَلَوْ تَوَضَّأَ فِي حَوْضٍ وَعَلَى وَجْهِ جَمِيعِ الْمَاءِ الطُّحْلُبُ الَّذِي يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ جغزباره إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ حُرِّكَ يَتَحَرَّكُ يَجُوزُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ تَوَضَّأَ فِي حَوْضٍ انْجَمَدَ مَاؤُهُ إلَّا أَنَّهُ رَقِيقٌ يَنْكَسِرُ بِتَحْرِيكِ الْمَاءِ جَازَ الْوُضُوءُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْجَمْدُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ قِطَعًا قِطَعًا إنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يَتَحَرَّك بِتَحْرِيكِ الْمَاءِ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا يَتَحَرَّك بِتَحْرِيكِ الْمَاءِ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ جَمَدَ حَوْضٌ كَبِيرٌ فَنَقَبَ فِيهِ إنْسَانٌ فَتَوَضَّأَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِبَاطِنِ النَّقْبِ لَا يَجُوزُ وَإِلَّا جَازَ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنْ خَرَجَ الْمَاءُ مِنْ النَّقْبِ وَانْبَسَطَ عَلَى وَجْهِ الْجَمْدِ بِقَدْرِ مَا لَوْ رَفَعَ الْمَاءَ بِكَفِّهِ لَا يَنْحَسِرُ مَا تَحْتَهُ مِنْ الْجَمْدِ جَازَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي النَّقْبِ كَالْمَاءِ فِي الطَّسْتِ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْوُضُوءُ إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْبُ عَشْرًا فِي عَشْرٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمَشْرَعَةُ كَالْحَوْضِ إذَا انْجَمَدَ مَاؤُهَا لَوْ كَانَ الْمَاءُ مُنْفَصِلًا عَنْ

أَلْوَاحِ الْمَشْرَعَةِ وَإِنْ قَلَّ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ مُتَّصِلًا لَا يَجُوزُ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ كَانَ أَعْلَى الْحَوْضِ أَقَلُّ مِنْ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ وَأَسْفَلَهُ عَشْرٌ فِي عَشْرٍ أَوْ أَكْثَرَ فَوَقَعَتْ نَجَاسَةٌ فِي أَعْلَى الْحَوْضِ وَحُكِمَ بِنَجَاسَةِ الْأَعْلَى ثُمَّ اُنْتُقِصَ الْمَاءُ وَانْتَهَى إلَى مَوْضِعٍ هُوَ عَشْرٌ فِي عَشْرٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ وَالِاغْتِسَالُ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْحَوْضُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ لَكِنَّهُ عَمِيقٌ فَوَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ ثُمَّ انْبَسَطَ وَصَارَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ فَهُوَ نَجِسٌ وَإِنْ وَقَعَتْ فِيهِ وَهُوَ عَشْرٌ فِي عَشْرٍ ثُمَّ اُنْتُقِصَ فَصَارَ أَقَلَّ فَهُوَ طَاهِرٌ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَنَّ الْغَدِيرَ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ ثُمَّ نَضَبَ مَاؤُهُ وَجَفَّ أَسْفَلُهُ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ وَإِنْ دَخَلَهُ مَاءٌ ثَانِيًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ نَجِسًا. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (الثَّالِثُ مَاءُ الْآبَارِ) مَا يُنْزَحُ مَاءُ الْبِئْرِ بِوُقُوعِهِ قِسْمَانِ (الْأَوَّلُ مَا يَجِبُ نَزْحُ الْمَاءِ بِوُقُوعِهِ) إذَا وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ نَجَاسَةٌ نُزِحَتْ وَكَانَ نَزْحُ مَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ طَهَارَةً لَهَا بِإِجْمَاعِ السَّلَفِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَبَعْرُ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ إذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ لَا يُفْسِدُ مَا لَمْ يَكْثُرْ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْكَثِيرَ مَا اسْتَكْثَرَ النَّاظِرُ وَالْقَلِيلَ مَا اسْتَقَلَّهُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْبَعْرُ الْكَثِيرُ مَا لَا يَخْلُو دَلْوٌ مِنْهُ وَالْقَلِيلُ بِخِلَافِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَالنِّهَايَةِ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْمُنْكَسِرِ وَالرَّطْبِ وَالْيَابِسِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّوْثِ وَالْخِثْيِ وَالْبَعْرِ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ آبَارٍ الْمِصْرِ وَالْفَلَوَاتِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ قَدْ تَقَعُ فِي الْجُمْلَةِ فِي الْمِصْرِ أَيْضًا كَمَا فِي الْحَمَّامَاتِ وَالرِّبَاطَاتِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ مَاتَ فِيهَا شَاةٌ أَوْ كَلْبٌ أَوْ آدَمِيٌّ أَوْ انْتَفَخَ حَيَوَانٌ أَوْ تَفَسَّخَ يُنْزَحُ جَمِيعُ مَا فِيهَا صَغُرَ الْحَيَوَانُ أَوْ كَبُرَ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَكَذَا إذَا تَمَعَّطَ شَعْرُهُ فَهُوَ كَالتَّفَسُّخِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ وَقَعَ نَحْوُ شَاةٍ وَأُخْرِجَ حَيًّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ نَجِسَ الْعَيْنِ وَلَا فِي بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يُدْخِلْ فَاهُ فِي الْمَاءِ يَتَنَجَّسُ وَإِنْ أَدْخَلَ فَاهُ فِيهِ فَمُعْتَبَرٌ بِسُؤْرِهِ فَإِنْ كَانَ سُؤْرُهُ طَاهِرًا فَالْمَاءُ طَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا فَنَجِسٌ فَيُنْزَحُ كُلُّهُ، وَإِنْ كَانَ مَشْكُوكًا فَمَشْكُوكٌ فَيُنْزَحُ جَمِيعُهُ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا فَمَكْرُوهٌ فَيُسْتَحَبُّ نَزْحُهَا، وَإِنْ كَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ كَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُ يَتَنَجَّسُ الْمَاءُ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ فَاهُ وَالصَّحِيحُ مِنْ سِبَاعِ الْوَحْشِ وَالطَّيْرِ لَا يَتَنَجَّسُ الْمَاءُ إذَا أُخْرِجَ حَيًّا وَلَمْ يُدْخِلْ فَاهُ فِي الصَّحِيحِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْكَافِرُ الْمَيِّتُ نَجَسٌ قَبْلَ الْغُسْلِ وَبَعْدَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْمَيِّتُ الْمُسْلِمُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْغُسْلِ أَفْسَدَهُ وَبَعْدَهُ لَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَالسَّقْطُ إذَا اسْتَهَلَّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْكَبِيرِ إنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ بَعْدَمَا غُسِّلَ لَا يُفْسِدُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ يُفْسِدُ الْمَاءَ وَإِنْ غُسِّلَ غَيْرَ مَرَّةٍ. وَلَوْ وَقَعَ الشَّهِيدُ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ لَا يُفْسِدُهُ إلَّا إذَا سَالَ مِنْهُ الدَّمُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا وَجَبَ نَزْحُ جَمِيعِ الْمَاءِ وَلَمْ يُمْكِنْ فَرَاغُهَا لِكَوْنِهَا مَعِينًا يُنْزَحُ مِائَتَا دَلْوٍ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَذَا أَيْسَرُ. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَالْأَصَحُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِقَوْلِ رَجُلَيْنِ لَهُمَا بَصَارَةٌ فِي أَمْرِ الْمَاءِ فَأَيُّ مِقْدَارٍ قَالَا: إنَّهُ فِي الْبِئْرِ يُنْزَحُ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالْفِقْهِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَشَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَالتَّبْيِينِ. إنْ مَاتَ فِيهَا الدَّجَاجَةُ وَالسِّنَّوْرُ وَالْحَمَامَةُ وَنَحْوُهَا وَلَمْ يَكُنْ مُنْتَفِخًا وَلَا مُتَفَسِّخًا يُنْزَحُ أَرْبَعُونَ أَوْ خَمْسُونَ دَلْوًا. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا مَاتَتْ فَأْرَةٌ أَوْ عُصْفُورٌ فِي بِئْرٍ فَأُخْرِجَتْ حِينَ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْتَفِخَ فَإِنَّهُ يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا إلَى ثَلَاثِينَ بَعْدَ إخْرَاجِ الْفَأْرَةِ وَالْعُصْفُورِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا عِبْرَةَ لِلنَّزَحِ قَبْلَ إخْرَاجِ الْفَأْرَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ

تَمُوتَ الْفَأْرَةُ فِي الْبِئْرِ أَوْ خَارِجَهَا وَتُلْقَى فِيهَا وَكَذَا سَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قُطِعَ ذَنَبُ الْفَأْرَةِ وَأُلْقِيَ فِي الْبِئْرِ نُزِحَ جَمِيعُ الْمَاءِ وَإِنْ جُعِلَ عَلَى مَوْضِعِ الْقَطْعِ شَمْعَةٌ لَمْ يَجِبْ إلَّا مَا فِي الْفَأْرَةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِنْ وَقَعَ فِيهَا حَلَمَةٌ وَمَاتَتْ فِيهَا يُنْزَحُ مِنْهَا فِي رِوَايَةٍ عِشْرُونَ أَوْ ثَلَاثُونَ دَلْوًا إذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ سَامُّ أَبْرَصَ وَمَاتَ يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالصَّعْوَةُ بِمَنْزِلَةِ الْفَأْرَةِ وَالْوَرَشَانُ بِمَنْزِلَةِ السِّنَّوْرِ يُنْزَحُ مِنْهَا أَرْبَعُونَ أَوْ خَمْسُونَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَمَا كَانَ بَيْنَ الْفَأْرَةِ وَالدَّجَاجَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْفَأْرَةِ وَمَا كَانَ بَيْنَ الدَّجَاجَةِ وَالشَّاةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّجَاجَةِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. كَذَا التَّتَارْخَانِيَّة وَهَكَذَا يَكُونُ أَبَدًا حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَصْغَرِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. ثُمَّ بِطَهَارَةِ الْبِئْرِ يَطْهُرُ الدَّلْوُ وَالرِّشَاءُ وَالْبَكَرَةُ وَنَوَاحِي الْبِئْرِ وَالْيَدِ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ خَشَبَةٌ نَجِسَةٌ أَوْ قِطْعَةُ ثَوْبٍ نَجِسٍ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهَا وَتَغَيَّبَتْ فِيهَا طَهُرَتْ الْخَشَبَةُ وَالثَّوْبُ تَبَعًا لِطَهَارَةِ الْبِئْرِ. كَذَا فِي فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِئْرٌ وَجَبَ فِيهَا نَزْحُ عِشْرِينَ دَلْوًا فَنُزِحَ الدَّلْوُ الْأَوَّلُ وَصُبَّ فِي بِئْرٍ طَاهِرَةٍ يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ تَطْهُرُ بِمَا تَطْهُرُ الْأُولَى حِينَ كَانَ الدَّلْوُ الْمَصْبُوبُ فِيهَا وَلَوْ صُبَّ الدَّلْوُ الثَّانِي يُنْزَحُ تِسْعَةَ عَشَرَ دَلْوًا وَلَوْ صُبَّ الدَّلْوُ الْعَاشِرُ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ يُنْزَحُ أَحَدَ عَشَرَ دَلْوًا وَهُوَ الْأَصَحّ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ أُخْرِجَتْ الْفَأْرَةُ وَأُلْقِيَتْ فِي الْبِئْرِ الْأُخْرَى وَصُبَّ فِيهَا أَيْضًا عِشْرُونَ دَلْوًا فَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُ الْفَأْرَةِ وَنَزْحُ عِشْرِينَ دَلْوًا مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِمْ فِي الْأُولَى. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. بِئْرَانِ وَجَبَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَزْحُ عِشْرِينَ فَنُزِحَ عِشْرُونَ مِنْ إحْدَاهُمَا وَصُبَّ فِي الْأُخْرَى يُنْزَحُ عِشْرُونَ وَلَوْ وَجَبَ مِنْ إحْدَاهُمَا نَزْحُ عِشْرِينَ وَمِنْ الْأُخْرَى نَزْحُ أَرْبَعِينَ فَنُزِحَ مَا وَجَبَ مِنْ إحْدَاهُمَا وَصُبَّ فِي الْأُخْرَى يُنْزَحُ أَرْبَعُونَ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا وَجَبَ النَّزَحُ مِنْهَا وَإِلَى مَا صُبَّ فِيهَا فَإِنْ كَانَا سَوَاءً تَدَاخَلَا وَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ أَكْثَرَ دَخَلَ الْقَلِيلُ فِي الْكَثِيرِ وَعَلَى هَذَا ثَلَاثُ آبَارٍ وَجَبَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ نَزْحُ عِشْرِينَ فَنُزِحَ الْوَاجِبُ مِنْ الْبِئْرَيْنِ وَصُبَّ فِي الثَّالِثَةِ يُنْزَحُ أَرْبَعُونَ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ صُبَّ فِيهَا مِنْ إحْدَى الْبِئْرَيْنِ عِشْرُونَ وَمَنْ الثَّانِيَةِ عَشَرَةٌ يُنْزَحُ مِنْهَا ثَلَاثُونَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ وَجَبَ مِنْ إحْدَاهُمَا نَزْحُ عِشْرِينَ وَمَنْ الْأُخْرَى نَزْحُ أَرْبَعِينَ فَصُبَّ الْوَاجِبَانِ فِي بِئْرٍ طَاهِرَةٍ يُنْزَحُ أَرْبَعُونَ لِمَا قُلْنَا مِنْ الْأَصْل وَلَوْ نُزِحَ دُنُوٌّ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَصُبَّ فِي الْعِشْرِينَ يُنْزَحُ أَرْبَعُونَ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَفِي النَّوَادِرِ فَأْرَةٌ مَاتَتْ فِي حُبِّ مَاءٍ فَأُرِيقَ الْمَاءُ فِي الْبِئْرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُنْزَحُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمَصْبُوبِ وَمَنْ عِشْرِينَ دَلْوًا وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي الْفَتَاوَى إذَا وَقَعَتْ قَطْرَةٌ مِنْ مَاءٍ ذَلِكَ الْحُبِّ فِي بِئْرٍ يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ تَفَسَّخَتْ فِي الْحُبِّ صُبَّ ثَمَّ قَطْرَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فِي الْبِئْرِ يُنْزَحُ جَمِيعُ الْمَاءِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. بِئْرُ الْمَاءِ إذَا كَانَتْ بِقُرْبِ الْبِئْرِ النَّجِسَةِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا يُقَدَّرُ هَذَا بِالذُّرْعَانِ حَتَّى إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ وَكَانَ يُوجَدُ فِي الْبِئْرِ أَثَرُ الْبَالُوعَةِ فَمَاءُ الْبِئْرِ نَجَسٌ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا ذِرَاعٌ وَاحِدٌ وَلَا يُوجَدُ أَثَرُ الْبَالُوعَةِ فَمَاءُ الْبِئْرِ طَاهِرٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا وُجِدَ فِي الْبِئْرِ فَأْرَةٌ أَوْ غَيْرُهَا وَلَا يُدْرَى مَتَى وَقَعَتْ وَلَمْ تَنْتَفِخْ أَعَادُوا صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إذَا كَانُوا تَوَضَّئُوا مِنْهَا وَغَسَلُوا كُلَّ شَيْءٍ أَصَابَهُ مَاؤُهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ انْتَفَخَتْ أَوْ تَفَسَّخَتْ أَعَادُوا صَلَاةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَا: لَيْسَ عَلَيْهِمْ إعَادَةُ شَيْءٍ حَتَّى يَتَحَقَّقُوا مَتَى وَقَعَتْ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ عُلِمَ وَقْتُ وُقُوعِهَا يُعِيدُونَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ وَمَا عُجِنَ مِنْ الْعَجِينِ

الفصل الثاني فيما لا يجوز به التوضؤ

بِذَلِكَ الْمَاءِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ إنْ كَانَتْ مُتَفَسِّخَةً لَا يُؤْكَلُ مَا عُجِنَ بِذَلِكَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَفَسِّخَةٍ لَا يُؤْكَلُ مُنْذُ يَوْمٍ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْمُحِيطِ (وَالثَّانِي مَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ نَزْحُ الْمَاءِ) إذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَأْرَةٌ يُسْتَحَبُّ نَزْحُ عِشْرِينَ دَلْوًا وَفِي السِّنَّوْرِ وَالدَّجَاجَةِ الْمُخَلَّاةِ نَزْحُ أَرْبَعِينَ؛ لِأَنَّ سُؤْرَ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ مَكْرُوهٌ وَالْغَالِبُ أَنَّ الْمَاءَ يُصِيبُ فَمَ الْوَاقِعِ حَتَّى لَوْ تَيَقَّنَّا أَنَّ الْمَاءَ لَمْ يُصِبْ فَمَ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ لَا يُنْزَحُ شَيْءٌ مِنْ الْمَاءِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّجَاجَةُ غَيْرَ مُخَلَّاةٍ لَا يُنْزَحُ مِنْهَا شَيْءٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلُّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ النَّزْحُ مُسْتَحَبًّا لَا يَنْقُصُ عَنْ عِشْرِينَ دَلْوًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ فِي النَّوَادِرِ بِرِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ عَنْهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُسْتَحَبُّ فِي الْمَاءِ الْمَكْرُوهِ نَزْحُ عَشْرِ دِلَاءٍ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالنِّهَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي الْبَدَائِعِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى وَلَوْ وَقَعَتْ الشَّاةُ وَخَرجَتْ حَيَّةً يُنْزَحُ عِشْرُونَ دَلْوًا لِتَسْكِينِ الْقَلْبِ لَا لِلتَّطْهِيرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَنْزَحْ وَتَوَضَّأَ جَازَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا لَا يَجُوزُ بِهِ التَّوَضُّؤُ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا لَا يَجُوزُ بِهِ التَّوَضُّؤُ) لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَاءِ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْقَثَدِ وَلَا بِمَاءِ الْوَرْدِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا مِنْ الْمَائِعَاتِ نَحْوِ الْخَلِّ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا بِمَاءِ الْمِلْحِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا بِمَاءِ الصَّابُونِ وَالْحَرَضِ إذَا ذَهَبَتْ رِقَّتُهُ وَصَارَ ثَخِينًا فَإِنْ بَقِيَتْ رِقَّتُهُ وَلَطَافَتُهُ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا بِمَاءٍ يَسِيلُ مِنْ الْكَرْمِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَالْمُحِيطِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَوْجُهُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالنَّهْرِ الْفَائِقِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ أَوْصَافُهُ الثَّلَاثَةُ بِوُقُوعِ أَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ فِيهِ وَقْتَ الْخَرِيفِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِهِ الْوُضُوءُ عِنْدَ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَالتَّوَضُّؤُ بِمَاءِ الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْدِ وَالْعُصْفُرِ يَجُوزُ إنْ كَانَ رَقِيقًا وَالْمَاءُ غَالِبٌ وَإِنْ غَلَبَتْ الْخُمْرَةُ وَصَارَ مُتَمَاسِكًا لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا طُرِحَ الزَّاجُ أَوْ الْعَفْصُ فِي الْمَاءِ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ إنْ كَانَ لَا يَنْقُشُ إذَا كُتِبَ فَإِذَا نَقَشَ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ التَّجْنِيسِ. وَلَوْ تَغَيَّرَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ بِالطِّينِ أَوْ بِالتُّرَابِ أَوْ بِالْجِصِّ أَوْ بِالنُّورَةِ أَوْ بِطُولِ الْمُكْثِ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ تَوَضَّأَ بِمَاءِ السَّيْلِ يَجُوزُ وَإِنْ خَالَطَهُ التُّرَابُ إذَا كَانَ الْمَاءُ غَالِبًا رَقِيقًا فُرَاتًا أَوْ أُجَاجًا وَإِنْ كَانَ ثَخِينًا كَالطِّينِ لَا يَجُوزُ بِهِ التَّوَضُّؤُ. وَكَذَا التَّوَضُّؤُ بِالْمَاءِ الَّذِي أُلْقِيَ فِيهِ الْحِمَّصُ أَوْ الْبَاقِلَاءُ لِيَبْتَلَّ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ وَلَكِنْ لَمْ تَذْهَبْ رِقَّتُهُ وَلَوْ طُبِخَ فِيهِ الْحِمَّصُ أَوْ الْبَاقِلَاءُ وَرِيحُ الْبَاقِلَاءِ يُوجَدُ فِيهِ لَا يَجُوزُ بِهِ التَّوَضُّؤُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ طَبَخَ بِالْمَاءِ مَا يَقْصِدُ بِهِ الْمُبَالَغَةَ فِي النَّظَافَةِ كَالْأُشْنَانِ وَالصَّابُونِ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا إذَا صَارَ ثَخِينًا فَلَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا بَلَّ الْخُبْزَ بِالْمَاءِ وَبَقِيَتْ رِقَّتُهُ جَازَ التَّوَضُّؤُ بِهِ وَإِنْ صَارَ ثَخِينًا لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمَاءُ الْمُطْلَقُ إذَا خَالَطَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَائِعَاتِ الطَّاهِرَةِ كَالْخَلِّ وَاللَّبَنِ وَنَقِيعِ الزَّبِيبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ زَالَ عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الَّذِي يُخَالِطُهُ مِمَّا يُخَالِفُ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَاءِ كَاللَّبَنِ وَمَاءِ الْعُصْفُرِ وَالزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ تُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ فِي اللَّوْنِ وَإِنْ كَانَ لَا يُخَالِفُهُ فِيهِ وَيُخَالِفُهُ فِي الطَّعْمِ كَعَصِيرِ الْعِنَبِ الْأَبْيَضِ وَخَلِّهِ تُعْتَبَرُ فِي الطَّعْمِ وَإِنْ كَانَ لَا يُخَالِفُهُ فِيهِمَا تُعْتَبَرُ فِي الْأَجْزَاءِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْأَجْزَاءِ لَمْ يُذْكَرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقَالُوا حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ الْمَغْلُوبِ احْتِيَاطًا. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَتَوَضَّأُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَلَا يَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ هَكَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ

وَهَكَذَا فِي أَكْثَرِ الْمُتُونِ وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ يَتَوَضَّأُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَإِنْ تَيَمَّمَ مَعَهُ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِالنَّبِيذِ بِحَالٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا أَيُّهُمَا تَرَكَ لَا يَجُوزُ وَأَيُّهُمَا قُدِّمَ وَأُخِّرَ جَازَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَرَوَى أَسَدُ بْنُ نَجْمٍ وَنُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَالْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْآخَرُ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْإِمَامِ قَاضِي خَانْ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ حُلْوًا أَوْ قَارِصًا أَمَّا إذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزُّبْدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْكِرًا هَذَا إذَا كَانَ نِيئًا. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنْ طَبَخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ حُلْوًا كَانَ أَوْ مُرًّا أَوْ مُسْكِرًا وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ نَاقِلًا عَنْ الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ. وَقَالَ أَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ فِي الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ الْمَاءُ الَّذِي أُلْقِيَ فِيهِ تُمَيْرَاتٌ فَصَارَ حُلْوًا وَلَمْ يَزُلْ عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ وَهُوَ رَقِيقٌ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ. وَلَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْأَنْبِذَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَكَذَا إذَا كَانَ النَّبِيذُ غَلِيظًا كَالدِّبْسِ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ. كَذَا فِي الْكَافِي. وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي الِاغْتِسَالِ بِالنَّبِيذِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَقَالَ فِي الْمُفِيدِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاغْتِسَالُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ أَغْلَظُ الْحَدَثَيْنِ وَالضَّرُورَةُ فِي الْجَنَابَةِ دُونَهَا فِي الْوُضُوءِ فَلَا يُقَاسَ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْحُسَامِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ مَعَ وُجُودِ مَاءٍ مُطْلَقٍ وَلَوْ تَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً مُطْلَقًا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ. وَلَوْ قَدَرَ عَلَى مَاءٍ مَكْرُوهٍ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى مَاءٍ مَشْكُوكٍ وَعَلَى النَّبِيذِ التَّمْرِ وَالصَّعِيدُ يَتَوَضَّأُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا غَيْرَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ الْمَشْكُوكِ وَيَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجْمَعُ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَلَوْ تَرَكَ وَاحِدًا لَا يَجُوزُ وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِيهِ سَوَاءٌ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ لَيْسَ بِطَهُورٍ حَتَّى لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي طَهَارَتِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هُوَ طَاهِرٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمَاءُ الَّذِي أُزِيلَ بِهِ حَدَثٌ أَوْ اسْتَعْمَلَ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَمَا زَايَلَ الْعُضْوَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَدَثُ أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ. هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ حَتَّى إذَا غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَغَسَلَهَا بِذَلِكَ الْمَاءِ لَا يَجُوزُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا أَدْخَلَ الْمُحْدِثُ أَوْ الْجُنُبُ أَوْ الْحَائِضُ الَّتِي طَهُرَتْ يَدَهُ فِي الْمَاءِ لِلِاغْتِرَافِ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا لِلضَّرُورَةِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا إذَا وَقَعَ الْكُوزُ فِي الْحُبِّ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ إلَى الْمِرْفَقِ لِإِخْرَاجِ الْكُوزِ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِخِلَافِ مَا إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ أَوْ رِجْلَهُ لِلتَّبَرُّدِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُشْتَرَطُ إدْخَالُ عُضْوٍ تَامٍّ لِصَيْرُورَةِ الْمَاءِ مُسْتَعْمَلًا فِي الرِّوَايَةِ الْمَعْرُوفَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَبِإِدْخَالِ الْأُصْبُعِ أَوْ الْأُصْبُعَيْنِ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا وَبِإِدْخَالِ الْكَفِّ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَالْجُنُبُ إذَا انْغَمَسَ فِي الْبِئْرِ لِطَلَبِ الدَّلْوِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الرَّجُلُ بِحَالِهِ وَالْمَاءُ بِحَالِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كِلَاهُمَا طَاهِرٌ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كِلَاهُمَا نَجِسٌ وَعَنْهُ أَنَّ الرَّجُلَ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُعْطَى لَهُ حُكْمَ الِاسْتِعْمَالِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ وَهُوَ أَوْفَقُ الرِّوَايَاتِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ انْغَمَسَ لِلِاغْتِسَالِ لِلصَّلَاةِ يُفْسَدُ الْمَاءُ بِالِاتِّفَاقِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ وَقَعَتْ الْحَائِضُ فِي الْبِئْرِ إنْ كَانَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَلَيْسَ عَلَى أَعْضَائِهَا نَجَاسَةٌ فَهِيَ كَالْجُنُبِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَهِيَ كَالرَّجُلِ الطَّاهِرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الْحَيْضِ بِهَذَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ غَسَلَ عُضْوًا سِوَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ كَمَا إذَا غَسَلَ فَخِذَهُ أَوْ جَنْبَهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِخِلَافِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا غَسَلَ رَأْسَهُ لِيَحْلِقَ شَعْرَهُ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ تَوَضَّأَ الطَّاهِرُ لِإِزَالَةِ الطِّينِ أَوْ الْعَجِينِ أَوْ الدَّرَنِ أَوْ اغْتَسَلَ الطَّاهِرُ لِلتَّبَرُّدِ لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمُحْدِثُ إذَا تَوَضَّأَ لِلتَّبَرُّدِ أَوْ لِلتَّعْلِيمِ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْحُسَامِيِّ صَبِيٌّ تَوَضَّأَ هَلْ يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ عَاقِلًا وَإِلَّا فَلَا. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. إذَا غَسَلَ يَدَهُ لِلطَّعَامِ أَوْ مِنْهُ صَارَ مُسْتَعْمَلًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْمَرْأَةُ إذَا وَصَلَتْ شَعْرَ غَيْرِهَا بِشَعْرِهَا ثُمَّ غَسَلَتْ الشَّعْرَ الَّذِي وَصَلَتْ لَمْ يَصِرْ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا وَإِنْ غَسَلَتْ شَعْرَهَا صَارَ مُسْتَعْمَلًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ غُسِلَ رَأْسُ إنْسَانٍ مَقْتُولٍ قَدْ بَانَ مِنْهُ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا. كَذَا فِي السَّرَخْسِيِّ. جُنُبٌ اغْتَسَلَ فَانْتَضَحَ مِنْ غُسْلِهِ شَيْءٌ فِي إنَائِهِ لَمْ يُفْسِدْ عَلَيْهِ الْمَاءَ. أَمَّا إذَا كَانَ يَسِيلُ مِنْهُ سَيَلَانًا أَفْسَدَهُ، وَكَذَا حَوْضُ الْحَمَّامِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُفْسِدُهُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ يَعْنِي لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الطَّهُورِيَّةِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. غُسَالَةُ الْمَيِّتِ نَجِسَةٌ أَطْلَقَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأَصْلِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّمَا أَطْلَقَ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَخْلُو عَنْ النَّجَاسَةِ غَالِبًا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ تَوَضَّأَ بِالْخَلِّ أَوْ بِمَاءِ الْوَرْدِ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا عِنْدَ الْكُلِّ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ إذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ لَا يُفْسِدُهُ إلَّا إذَا غَلَبَ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) عَرَقُ كُلِّ شَيْءٍ مُعْتَبَرٌ بِسُؤْرِهِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ عَرَقُ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ وَلُعَابُهُمَا إذَا وَقَعَا فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ أَفْسَدَاهُ وَإِنْ قَلَّا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ أَصَابَ الثَّوْبَ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَإِنْ فَحُشَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. سُؤْرُ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْكَافِرُ إلَّا سُؤْرَ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَنْ دُمِيَ فُوهُ إذَا شَرِبَ عَلَى فَوْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ نَجَسٌ وَإِنْ ابْتَلَعَ رِيقَهُ مِرَارًا طَهُرَ فَمُهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا كَانَ شَارِبُ شَارِبِ الْخَمْرِ طَوِيلًا يَتَنَجَّسُ الْمَاءُ وَإِنْ شَرِبَ بَعْدَ سَاعَةٍ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. وَكَرَاهَةُ سُؤْرِ الْمَرْأَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ كَسُؤْرِهِ لَهَا لَيْسَ لِعَدَمِ طَهَارَتِهِ بَلْ لِلِاسْتِلْذَاذِ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَسُؤْرُ الْفَرَسِ طَاهِرٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي الْأَصَحِّ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَكَذَا سُؤْرُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الدَّوَابِّ وَالطُّيُورِ طَاهِرٌ مَا خَلَا الدَّجَاجَةَ الْمُخْلَاةَ وَالْإِبِلَ وَالْبَقَرَ الْجَلَّالَةَ فَسُؤْرُهَا يُكْرَهُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الدَّجَاجَةُ مَحْبُوسَةً بِحَيْثُ لَا يَصِلُ مِنْقَارُهَا تَحْتَ قَدَمَيْهَا لَا يُكْرَهُ وَإِنْ وَصَلَ فَهِيَ بِمَعْنَى الْمُخَلَّاةِ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَسُؤْرُ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ مِمَّا يَعِيشُ

فِي الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ طَاهِرٌ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَسُؤْرُ حَشَرَاتِ الْبَيْتِ كَالْحَيَّةِ وَالْفَأْرَةِ وَالسِّنَّوْرِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ هُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُكْرَهُ أَنْ تَلْحَسَ الْهِرَّةُ فِي كَفِّ إنْسَانٍ ثُمَّ يُصَلِّي قَبْلَ غَسْلِهَا أَوْ يَأْكُلَ مِنْ بَقِيَّةِ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلَتْ مِنْهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْغَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى بَدَلِهِ أَمَّا فِي حَقِّ الْفَقِيرِ فَلَا يُكْرَهُ لِلضَّرُورَةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فَإِنْ أَكَلْت فَأْرَةٌ وَشَرِبَتْ الْمَاءَ مِنْ فَوْرِهَا يَتَنَجَّسُ وَإِنْ مَكَثَتْ سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ ثُمَّ شَرِبَتْ لَا يَتَنَجَّسُ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَسُؤْرُ سِبَاعِ الطَّيْرِ مَكْرُوهٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَحْبُوسَةً يَعْلَمُ صَاحِبُهَا أَنَّهُ لَا قَذَرَ عَلَى مِنْقَارِهَا لَا يُكْرَهُ وَاسْتَحْسَنَ الْمَشَايِخُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَكَذَا سُؤْرُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الطَّيْرِ طَاهِرٌ مَكْرُوهٌ اسْتِحْسَانًا. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. الْمَاءُ الْمَكْرُوهُ إذَا تَوَضَّأَ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ كَانَ مَكْرُوهًا وَعِنْدَ عَدَمِهِ لَا يَكُونُ مَكْرُوهًا. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَسُؤْرُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ نَجَسٌ. كَذَا فِي الْكَنْزِ. حُبُّ الْمَاءِ إذْ تَرَشَّحَ مِنْهُ الْمَاءُ فَجَاءَ كَلْبٌ فَلَحِسَ الْحُبَّ فَالْمَاءُ الَّذِي فِي الْحُبِّ طَاهِرٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ ثَلَاثًا. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَسُؤْرُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ مَشْكُوكٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي طَهُورِيَّتِهِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا تَوَضَّأَ بِهِمَا وَتَيَمَّمَ وَأَيَّهُمَا قَدِمَ جَازَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا يَجُوزُ الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِهِمَا. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ بِهِ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ اخْتَلَفُوا فِي النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَنْوِيَ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ وَقَعَ سُؤْرُ الْحِمَارِ فِي الْمَاءِ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. بَوْلُ الْخُفَّاشِ وَخُرْؤُهُ لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ وَالثَّوْبَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَوْتُ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فِي الْمَاءِ لَا يُنَجِّسُهُ كَالْبَقِّ وَالذُّبَابِ وَالزَّنَابِيرِ وَالْعَقَارِبِ وَنَحْوِهَا. وَمَوْتُ مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ فِيهِ لَا يُفْسِدُهُ كَالسَّمَكِ وَالضُّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ وَفِي غَيْرِ الْمَاءِ قِيلَ غَيْرُ السَّمَكِ يُفْسِدُهُ وَقِيلَ لَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالضُّفْدَعُ الْبَحْرِيُّ وَالْبَرِّيُّ سَوَاءٌ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ وَبِهِ نَأْخُذُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَا فَرْقَ فِي الصَّحِيحِ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ فِي الْمَاءِ أَوْ خَارِجَ الْمَاءِ ثُمَّ يُلْقَى فِيهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَسْتَوِي الْجَوَابُ بَيْنَ الْمُتَفَسِّخِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ شُرْبُ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ إجْزَائِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَأْكُولٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ مَا يَكُونُ تَوَالُدُهُ وَمَثْوَاهُ فِي الْمَاءِ وَمَائِيُّ الْمَعَاشِ دُونَ مَائِيِّ الْمَوْلِدِ يُفْسِدُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا عِبْرَةَ لِلْغُبَارِ النَّجِسِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ إنَّمَا الْعِبْرَةُ لِلتُّرَابِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. خَشَبَةٌ أَصَابَتْهَا نَجَاسَةٌ أَوْ سِرْقِينٌ فَاحْتَرَقَتْ فَصَارَتْ رَمَادًا فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ لَا يُفْسِدُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. شَعْرُ الْمَيْتَةِ وَعَظْمُهَا طَاهِرَانِ وَكَذَا الْعَصَبُ وَالْحَافِرُ وَالْخُفُّ وَالظِّلْفُ وَالْقَرْنُ وَالصُّوفُ وَالْوَبَرُ وَالرِّيشُ وَالسِّنُّ وَالْمِنْقَارُ وَالْمِخْلَبُ وَكَذَا شَعْرُ الْإِنْسَانِ وَعَظْمُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ هَذَا إذَا كَانَ الشَّعْرُ مَحْلُوقًا أَوْ مَجْزُوزًا أَمَّا إذَا كَانَ مَنْتُوفًا فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجَسًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْفَحَةُ الْمَيْتَةِ وَلَبَنُهَا فِي ضَرْعِهَا وَقِشْرُ الْبَيْضَةِ الْخَارِجَةِ وَالسَّخْلَةُ السَّاقِطَةُ مِنْ أُمِّهَا وَهِيَ مُبْتَلَّةٌ طَاهِرَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَنَافِجَةُ الْمِسْكِ إنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَوْ أَصَابَهَا الْمَاءُ لَمْ تَفْسُدْ فَهِيَ طَاهِرَةٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ بِكُلِّ حَالٍ وَمِنْ الذَّكِيَّةِ طَاهِرَةٌ بِالِاتِّفَاقِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. أَمَّا الْخِنْزِيرُ فَجَمِيعُ أَجْزَائِهِ نَجِسَةٌ. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. لَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ عَظْمُ الْمَيْتَةِ وَعَلَيْهِ لَحْمٌ أَوْ دَسَمٌ تَنَجَّسَ وَإِلَّا لَا. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. جِلْدُ الْإِنْسَانِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ أَوْ قِشْرُهُ

الباب الرابع في التيمم وفيه ثلاثة فصول

إنْ كَانَ قَلِيلًا مِثْلَ مَا يَتَنَاثَرُ مِنْ شُقُوقِ الرِّجْلِ وَنَحْوِهَا لَا يَفْسُدُ الْمَاءُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يَعْنِي قَدْرَ الظُّفْرِ يُفْسِدُهُ وَالظُّفْرُ لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ كُلُّ إهَابٍ دُبِغَ دِبَاغَةً حَقِيقِيَّةً بِالْأَدْوِيَةِ أَوْ حُكْمِيَّةً بِالتَّتْرِيبِ وَالتَّشْمِيسِ وَالْإِلْقَاءِ فِي الرِّيحِ فَقَدْ طَهُرَ وَجَازَتْ الصَّلَاةُ فِيهِ وَالْوُضُوءُ مِنْهُ إلَّا جِلْدُ الْآدَمِيِّ وَالْخِنْزِيرِ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَوْ أَصَابَهُ مَاءٌ بَعْدَ الدِّبَاغَةِ الْحَقِيقِيَّةِ لَا يَعُودُ نَجِسًا وَبَعْدَ الْحُكْمِيَّةِ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ نَجِسًا. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَمَا طَهُرَ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ طَهُرَ جِلْدُهُ بِالذَّكَاةِ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ تَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ إلَّا الدَّمَ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْكُوزُ الَّذِي يُوضَعُ فِي نَوَاحِي الْبَيْتِ لِيُغْتَرَفَ بِهِ مِنْ الْحُبِّ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ وَيَتَوَضَّأَ مِنْهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ بِهِ قَذَرًا. إذَا فَرَّتْ الْفَأْرَةُ مِنْ الْهِرَّةِ وَمَرَّتْ عَلَى قَصْعَةِ مَاءٍ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْهِرَّةَ إنْ جَرَّتْهَا تَنْجُسُ الْقَصْعَةُ وَإِلَّا لَا وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ تَنْجُسُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا تَبُولُ غَالِبًا مِنْ خَوْفِ الْهِرَّةِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ الْحَوْضِ الَّذِي يَخَافُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ قَذَرٌ وَلَا يَتَيَقَّنُ بِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ، وَلَا يَدَعُ التَّوَضُّؤَ مِنْهُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّ فِيهِ قَذَرًا لِلْأَثَرِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ظَنَّهُ نَجِسًا فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ طَاهِرٌ يَجُوزُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. سَبُعٌ مَرَّ بِالرَّكِيَّةِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ شُرْبُهُ مِنْهَا يَتَنَجَّسُ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْمُبْتَغَى. فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ وَجَدَ فِي الصَّحْرَاءِ مَاءً قَلِيلًا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ وَيَتَوَضَّأَ فَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ نَجِسَةً وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَغْتَرِفُ بِهِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُوقِعُ مِنْدِيلًا وَإِذَا سَالَ الْمَاءُ عَلَى يَدِهِ مِنْ الْمِنْدِيلِ طَهُرَتْ وَإِنْ وَجَدَ عَلَى شَطِّهِ عَلَامَةَ دُخُولِ الْكَلْبِ فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْمَاءِ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الشُّرْبِ مِنْهُ لَا يَتَوَضَّأُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ يَجُوزُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَنَّ الصِّبْيَانَ وَأَهْلَ الرُّسْتَاقِ يَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الدَّلْوِ وَالرِّشَاءِ فَالدَّلْوُ وَالرِّشَاءُ طَاهِرَانِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مَا لَمْ يُعْلَمْ تَيَقُّنًا بِالنَّجَاسَةِ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا أَدْخَلَ الصَّبِيُّ يَدَهُ فِي كُوزِ مَاءٍ أَوْ رِجْلَهُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ يَدَهُ طَاهِرَةٌ بِيَقِينٍ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ أَوْ نَجِسَةٌ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِغَيْرِهِ وَمَعَ هَذَا لَوْ تَوَضَّأَ أَجْزَأَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا خَاضَ الرَّجُلُ فِي الْمَاءِ الْمَصْبُوبِ عَلَى وَجْهِ الْحَمَّامِ بَعْدَ مَا غَسَلَ قَدَمَيْهِ وَخَرَجَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِي الْحَمَّامِ جُنُبًا أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ قَدَمَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِ جُنُبًا قَدْ اغْتَسَلَ فَعَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَغْسِلَ وَهُوَ الظَّاهِرُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا مَسَحَ أَعْضَاءَهُ بِالْمِنْدِيلِ وَابْتَلَّ حَتَّى صَارَ كَثِيرًا أَوْ تَقَاطَرَ الْمَاءُ مِنْ أَعْضَائِهِ عَلَى ثَوْبٍ مِقْدَارَ الْكَثِيرِ الْفَاحِشِ جَازَتْ الصَّلَاةُ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ طَاهِرٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَعِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ نَجِسًا لَكِنْ سَقَطَ اعْتِبَارُ نَجَاسَتِهِ هَهُنَا لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيُكْرَهُ شُرْبُ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ إذَا تَنَجَّسَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ إنْ تَغَيَّرَتْ أَوْصَافُهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالْبَوْلِ وَإِلَّا جَازَ سَقْيُ الدَّوَابِّ وَبَلُّ الطِّينِ وَلَا يُطَيَّنُ بِهِ الْمَسْجِدُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْبَوْلُ فِي الْمَاءِ الْجَارِي مَكْرُوهٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. حَوْضٌ فِيهِ عَصِيرٌ فَوَقَعَ الْبَوْلُ فِيهِ إنْ كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ لَا يُفْسِدُهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ أَفْسَدَهُ كَمَا فِي الْمَاءِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي التَّيَمُّمِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أُمُورٍ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي التَّيَمُّمِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي التَّيَمُّمِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أُمُورٍ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي التَّيَمُّمِ) . مِنْهَا النِّيَّةُ وَكَيْفِيَّتُهَا أَنْ يَنْوِيَ عِبَادَةً مَقْصُودَةً لَا تَصِحُّ

إلَّا بِالطَّهَارَةِ وَنِيَّةُ الطَّهَارَةِ أَوْ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ تَقُومُ مَقَامَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ وَلَا يَجِبُ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ يُرِيدُ بِهِ الْوُضُوءَ جَازَ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي النِّصَابِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَوْ تَيَمَّمَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَجْزَأَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْمَكْتُوبَةَ بِلَا خِلَافٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَيَمَّمَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ أَوْ عَنْ الْمُصْحَفِ أَوْ لِزِيَارَةِ الْقُبُورِ أَوْ لِدَفْنِ الْمَيِّتِ أَوْ لِلْأَذَانِ أَوْ لِلْإِقَامَةِ أَوْ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ أَوْ لِخُرُوجِهِ بِأَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ ثُمَّ أَحْدَثَ أَوْ لَمَسَ الْمُصْحَفَ وَصَلَّى بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ تَيَمَّمَ لِسَجْدَةِ قُرْبَةٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لَهُمَا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ تَيَمَّمَ لِلسَّلَامِ أَوْ لِرَدِّ السَّلَامِ لَا يَجُوزُ أَدَاءُ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ تَيَمَّمَ يُرِيدُ بِهِ تَعْلِيمَ الْغَيْرِ وَلَا يُرِيدُ بِهِ الصَّلَاةَ لَمْ يُجْزِئْهُ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْكَافِرُ إذَا تَيَمَّمَ لِلْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. مَرِيضٌ يُيَمِّمُهُ غَيْرُهُ فَالنِّيَّةُ عَلَى الْمَرِيضِ دُونَ الْمُيَمِّمِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. (وَمِنْهَا الضَّرْبَتَانِ) يَمْسَحُ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى يَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَمْسَحُ الْمِرْفَقَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْحِلْيَةِ يَمْسَحُ مِنْ وَجْهِهِ ظَاهِرَ الْبَشَرَةِ وَظَاهِرَ الشَّعْرِ عَلَى الصَّحِيحِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَهَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَسْحُ الْعِذَارِ شَرْطٌ عَلَى مَا حُكِيَ عَنْ أَصْحَابِنَا وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَهَلْ يَمْسَحُ الْكَفَّ؟ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ وَضَرْبُ الْكَفِّ يَكْفِي. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ مَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُجْزِيهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ مَسَحَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى إحْدَى يَدَيْهِ أَجْزَأَهُ فِي الْوَجْهِ وَالْيَدِ الْأُولَى وَيُعِيدُ الضَّرْبَ لِلْيَدِ الْأُخْرَى. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا أَرَادَ التَّيَمُّمَ فَتَمَعَّكَ فِي التُّرَابِ وَدَلَكَ بِهِ جَسَدَهُ كُلَّهُ إنْ كَانَ التُّرَابُ أَصَابَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُصِبْ لَمْ يَجُزْ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ مِنْ الرُّسْغِ يَمْسَحُ ذِرَاعَيْهِ وَمَقْطُوعُ الذِّرَاعَيْنِ يَمْسَحُ مَوْضِعَ الْقَطْعِ، وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ فَوْقَ الْمِرْفَقِ لَا يَجِبُ الْمَسْحُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ شُلَّتْ يَدَاهُ يَمْسَحُ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَوَجْهَهُ عَلَى الْحَائِطِ وَيُجْزِيهِ وَلَا يَدَعُ الصَّلَاةَ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ قُبَيْلَ فَصْلِ التَّيَمُّمِ. لَوْ ضَرَبَ يَدَيْهِ فَقَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ أَحْدَثَ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ بِتِلْكَ الضَّرْبَةِ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ فِي الْوُضُوءِ بَعْدَ غَسْلِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَبِهِ قَالَ السَّيِّدُ أَبُو شُجَاعٍ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِسْبِيجَابِيُّ يَجُوزُ كَمَنْ مَلَأَ كَفَّيْهِ مَاءً فَأَحْدَثَ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ التُّرَابَ. كَذَا اخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَمِنْهَا الِاسْتِيعَابُ) اسْتِيعَابُ الْعُضْوَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ وَاجِبٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَمْسَحْ تَحْتَ الْحَاجِبَيْنِ وَفَوْقَ الْعَيْنَيْنِ لَا يُجْزِيهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا بُدَّ مِنْ نَزْعِ الْخَاتَمِ وَالسِّوَارِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَمْسَحُ الْوَتَرَةَ الَّتِي بَيْنَ الْمِنْخَرَيْنِ وَيَجِبُ تَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بَيْنَهَا غُبَارٌ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَمِنْهَا الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ) يَتَيَمَّمُ بِطَاهِرٍ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ كُلُّ مَا يَحْتَرِقُ فَيَصِيرُ رَمَادًا كَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ وَنَحْوِهِمَا أَوْ مَا يَنْطَبِعُ وَيَلِينُ كَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَالزُّجَاجِ وَعَيْنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَنَحْوِهَا فَلَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَمَا كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ جِنْسِهَا. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ وَالرَّمْلِ وَالسَّبْخَةِ الْمُنْعَقِدَةِ مِنْ الْأَرْضِ دُونَ الْمَاءِ وَالْجِصِّ وَالنُّورَةِ وَالْكُحْلِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْمَغْرَةُ وَالْكِبْرِيتُ وَالْفَيْرُوزَجُ وَالْعَقِيقُ

وَالْبَلْخَشُ وَالزُّمُرُّدُ وَالزَّبَرْجَدُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَبِالْيَاقُوتِ وَالْمَرْجَانِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَبِالْآجُرِّ الْمَشْوِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَبِالْخَزَفِ إلَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ صَبْغٌ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَبِالْحَجَرِ عَلَيْهِ غُبَارٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ كَانَ مَغْسُولًا أَوْ أَمْلَسَ مَدْقُوقًا أَوْ غَيْرَ مَدْقُوقٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَبِالطِّينِ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ وَالْأَبْيَضِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْأَصْفَرِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْأَخْضَرِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَبِالْأَرْضِ النَّدِيَّةِ وَالطِّينِ الرَّطْبِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وبالمرداسنج الْمَعْدِنِيِّ دُونَ الْمُتَّخَذِ مِنْ شَيْءٍ آخَرَ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ أَمَّا الْمِلْحُ فَإِنْ كَانَ مَائِيًّا فَلَا يَجُوزُ بِهِ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ جَبَلِيًّا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَصُحِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَكِنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الْأَرْضُ إذَا احْتَرَقَتْ فَتَيَمَّمَ بِذَلِكَ التُّرَابِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ تَيَمَّمَ بِاللَّآلِئِ الْمَدْقُوقَةِ أَوْ غَيْرِ الْمَدْقُوقَةِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ تَيَمَّمَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنْ كَانَ مَسْبُوكًا لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْبُوكًا وَكَانَ مُخْتَلِطًا بِالتُّرَابِ وَالْغَلَبَةُ لِلتُّرَابِ جَازَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَجُوزُ بِالرَّمَادِ وَالْعَنْبَرِ وَالْكَافُورِ وَالْمِسْكِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا بِالْمَاءِ الْمُتَجَمِّدِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيَجُوزُ بِالْغُبَارِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّعِيدِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَصُورَةُ التَّيَمُّمِ بِالْغُبَارِ أَنْ يَضْرِبَ بِيَدَيْهِ ثَوْبًا أَوْ لِبَدًا أَوْ وِسَادَةً أَوْ مَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ الَّتِي عَلَيْهَا إغْبَارٌ فَإِذَا وَقَعَ الْغُبَارُ عَلَى يَدَيْهِ تَيَمَّمَ أَوْ يَنْفُضُ ثَوْبَهُ حَتَّى يَرْتَفِعَ غُبَارُهُ فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْغُبَارِ فِي الْهَوَاءِ فَإِذَا وَقَعَ الْغُبَارُ عَلَى يَدَيْهِ تَيَمَّمَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَصَابَ الْغُبَارُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ فَمَسَحَ بِهِ نَاوِيًا لِلتَّيَمُّمِ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحُبُوبِ فَلَصِقَ بِيَدَيْهِ غُبَارٌ فَإِنْ بَانَ أَثَرُهُ جَازَ بِهِ التَّيَمُّمُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ لَمْ يَبِنْ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا خَالَطَ التُّرَابُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ فَالْعِبْرَةُ لِلْغَلَبَةِ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ فِي طِينٍ وَرَدْغَةٍ لَا يَجِدُ مَاءً وَلَا صَعِيدًا وَلَيْسَ فِي ثَوْبِهِ وَسَرْجِهِ غُبَارٌ يُلَطِّخُ ثَوْبَهُ أَوْ بَعْضَ جَسَدِهِ بِالطِّينِ فَإِذَا جَفَّ تَيَمَّمَ بِهِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَيَمَّمَ مَا لَمْ يَخَفْ ذَهَابَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَلَطُّخُ الْوَجْهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَيَصِيرُ بِمَعْنَى الْمُثْلَةِ وَإِنْ تَيَمَّمَ بِهِ أَجْزَأَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِأَنَّ الطِّينَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَمَا فِيهِ مِنْ الْمَاءِ مُسْتَهْلَكٌ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ صَارَ الطِّينُ مَغْلُوبًا بِالْمَاءِ فَلَا يَجُوزُ بِهِ التَّيَمُّمُ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا تَيَمَّمَ بِغُبَارِ الثَّوْبِ النَّجِسِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا وَقَعَ التُّرَابُ بَعْدَمَا جَفَّ الثَّوْبُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. الْأَرْضُ إذَا أَصَابَتْهَا النَّجَاسَةُ فَيَبِسَتْ وَذَهَبَ أَثَرُهَا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا الْمَسْحُ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ) لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ كَمَسْحِ الرَّأْسِ وَالْخُفَّيْنِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَمِنْهَا عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ) يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِمَنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ الْمَاءِ مِيلًا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي الْمِقْدَارِ سَوَاءٌ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ أَوْ فِيهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَسَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مُقِيمًا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِعَدَمِ الْمَاءِ فِي الْمِصْرِ وَكَذَا الْقُرَى الَّتِي لَا يُفَارِقُهَا أَهْلُهَا أَوْ أَكْثَرُهُمْ نَهَارًا وَذُكِرَ عَنْ السُّلَمِيُّ جَوَازُ ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَالْخِلَافُ بَعْدَ الطَّلَبِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَجُوزُ إجْمَاعًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَأَقْرَبُ الْأَقْوَالِ أَنَّ الْمِيلَ وَهُوَ ثُلُثُ الْفَرْسَخِ أَرْبَعَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ طُولُ كُلِّ ذِرَاعٍ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا وَعَرْضُ كُلِّ أُصْبُعٍ سِتُّ حَبَّاتِ شَعِيرٍ مُلْصَقَةٌ ظَهْرَ الْبَطْنِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُعْتَبَرُ الْمَسَافَةُ دُونَ خَوْفِ الْوَقْتِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ سَبُعٍ أَوْ عَدُوٍّ سَوَاءٌ كَانَ خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ. هَكَذَا

فِي الْعِنَايَةِ أَوْ لِخَوْفِ حَيَّةٍ أَوْ نَارٍ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَ الْمَاءِ لِصٌّ أَوْ ظَالِمٌ يُؤْذِيهِ يَتَيَمَّمُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِي النُّتَفِ يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ ضَيَاعِ الْوَدِيعَةِ أَوْ قَصْدِ غَرِيمٍ لَا وَفَاءً بِدِينِهِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالْكِفَايَةِ. وَكَذَا إذَا خَافَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْسِهَا بِأَنْ كَانَ الْمَاءُ عِنْدَ فَاسِقٍ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالنَّهْرِ الْفَائِقِ. وَكَذَا إذَا خَافَ الْعَطَشَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ رَفِيقِهِ الْمُخَالِطِ لَهُ أَوْ آخَرَ مِنْ أَهْلِ الْقَافِلَةِ أَوْ دَابَّتِهِ أَوْ كِلَابِهِ لِمَاشِيَتِهِ أَوْ صَيْدِهِ فِي الْحَالِ أَوْ ثَانِي الْحَالِ وَكَذَا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لِلْعَجْنِ دُونَ اتِّخَاذِ الْمَرَقَةِ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ إذَا خَافَ الْجُنُبُ إذَا اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ أَنْ يَقْتُلَهُ الْبَرْدُ أَوْ يُمْرِضَهُ هَذَا إذَا كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ إجْمَاعًا فَإِنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ فَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَدْخُلْ بِهِ الْحَمَّامَ فَإِنْ وَجَدَ لَمْ يَجُزْ إجْمَاعًا وَفِيمَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَسْخِينِ الْمَاءِ فَإِنْ قَدَرَ لَمْ يَجُزْ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِذَا خَافَ الْمُحْدِثُ إنْ تَوَضَّأَ أَنْ يَقْتُلَهُ الْبَرْدُ أَوْ يُمْرِضَهُ يَتَيَمَّمُ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَاخْتَارَهُ فِي الْأَسْرَارِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ جَوَازِهِ إجْمَاعًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ يَجِدُ الْمَاءَ إلَّا أَنَّهُ مَرِيضٌ يَخَافُ إنْ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ اشْتَدَّ مَرَضُهُ أَوْ أَبْطَأَ بُرْؤُهُ يَتَيَمَّمُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَدَّ بِالتَّحَرُّكِ كَالْمُشْتَكِي مِنْ الْعَرَقِ الْمَدَنِيِّ وَالْمَبْطُونِ أَوْ بِالِاسْتِعْمَالِ كَالْجُدَرِيِّ وَنَحْوِهِ أَوْ كَانَ لَا يَجِدُ مَنْ يُوَضِّئُهُ وَلَا يَقْدِرُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ وَجَدَ خَادِمًا أَوْ مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ أَجِيرًا أَوْ عِنْدَهُ مَنْ لَوْ اسْتَعَانَ بِهِ أَعَانَهُ فَعَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ الْخَوْفُ إمَّا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ عَنْ أَمَارَةٍ أَوْ تَجْرِبَةٍ أَوْ إخْبَارِ طَبِيبٍ حَاذِقٍ مُسْلِمٍ غَيْرِ ظَاهِرِ الْفِسْقِ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ. وَإِنْ كَانَ بِهِ جُدَرِيٌّ أَوْ جِرَاحَاتٌ يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ مُحْدِثًا كَانَ أَوْ جُنُبًا فَفِي الْجَنَابَةِ يُعْتَبَرُ أَكْثَرُ الْبَدَنِ وَفِي الْحَدَثِ يُعْتَبَرُ أَكْثَرُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ صَحِيحًا وَالْأَقَلُّ جَرِيحًا يُغْسَلُ الصَّحِيحُ وَيُمْسَحُ عَلَى الْجَرِيحِ إنْ أَمْكَنَهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمَسْحُ يَمْسَحُ عَلَى الْجَبَائِرِ أَوْ فَوْقَ الْخِرْقَةِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ. وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْبَدَنِ صَحِيحًا وَالنِّصْفُ جَرِيحًا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي جَمْعِ الْعُلُومِ لَهُ التَّيَمُّمُ فِي كُلِّهِ لِخَوْفِ الْبَقِّ أَوْ مَطَرٍ أَوْ حَرٍّ شَدِيدٍ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالْكِفَايَةِ الْمُسَافِرُ إذَا انْتَهَى إلَى بِئْرٍ وَلَيْسَ مَعَهُ دَلْوٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَكَذَا إذَا كَانَ مَعَهُ دَلْوٌ وَلَيْسَ مَعَهُ رِشَاءٌ قَالُوا هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْدِيلٌ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مِنْدِيلٌ لَا يَتَيَمَّمُ وَلَوْ كَانَ مَعَ رَفِيقِهِ دَلْوٌ مَمْلُوكٌ لَهُ وَقَالَ لَهُ رَفِيقُهُ انْتَظِرْ حَتَّى أَسْتَقِيَ الْمَاءَ ثُمَّ أَدْفَعُهُ إلَيْك فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ وَإِنْ تَيَمَّمَ وَلَمْ يَنْتَظِرْ جَازَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَتَيَمَّمُ عِنْدَ وُجُودِ آلَةِ التَّقْوِيرِ فِي نَهْرٍ جَامِدٍ تَحْتَهُ مَاءٌ وَقِيلَ يَتَيَمَّمُ وَفِي جَمَدٍ أَوْ ثَلْجٍ وَمَعَهُ آلَةُ الذَّوْبِ لَا يَتَيَمَّمُ وَقِيلَ يَتَيَمَّمُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا كَمَا لَا يَخْفَى. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الْأَسِيرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا مَنَعَهُ الْكَافِرُ عَنْ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ ثُمَّ يُعِيدُ إذَا خَرَجَ، وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ تَوَضَّأْتَ حَبَسْتُك أَوْ قَتَلْتُك فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ يُعِيدُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمَحْبُوسُ فِي السِّجْنِ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ وَيُعِيدُ بِالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ إنَّمَا تَحَقَّقَ بِصُنْعِ الْعِبَادِ وَصُنْعُ الْعِبَادِ لَا يُؤَثِّرُ فِي إسْقَاطِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ حُبِسَ فِي السَّفَرِ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَلَا يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ انْضَمَّ عُذْرُ السَّفَرِ إلَى الْعَجْزِ الْحَقِيقِيِّ وَالْغَالِبُ فِي السَّفَرِ عَدَمُ الْمَاءِ فَتَحَقَّقَ الْعَدَمُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ لُحُوقِ ضَرَرٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ وَمَا

الفصل الثاني فيما ينقض التيمم

زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ ضَرَرٌ فَلَا يَلْزَمْهُ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَمِنْهَا الطَّلَبُ) مُسَافِرٌ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بِقُرْبِهِ مَاءً وَجَبَ الطَّلَبُ بِقَدْرِ غَلْوَةٍ وَلَا يَجِبُ الطَّلَبُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ غَلَبَةِ ظَنٍّ أَوْ إخْبَارٍ. كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا شَكَّ يُسْتَحَبُّ لَهُ الطَّلَبُ وَإِنْ لَمْ يَشُكَّ يَتَيَمَّمُ وَلَمْ يَكُنْ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْغَلْوَةُ أَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ بَعَثَ مَنْ يَطْلُبُهُ لَهُ كَفَاهُ عَنْ الطَّلَبِ بِنَفْسِهِ. وَلَوْ تَيَمَّمَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَصَلَّى ثُمَّ طَلَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَجِدْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَرُبَ مِنْ الْمَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ أَجْزَأَهُ التَّيَمُّمُ وَإِنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ فَلَمْ يَسْأَلْهُ حَتَّى تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ سَأَلَ فَأَخْبَرَهُ بِمَاءٍ قَرِيبٍ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ كَاَلَّذِي نَزَلَ بِالْعُمْرَانِ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَاءَ لَمْ يَجُزْ تَيَمُّمُهُ وَإِنْ سَأَلَهُ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَمْ يُخْبِرْهُ حَتَّى تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ أُخْبِرَ بِمَاءٍ قَرِيبٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ كَانَ مَعَ رَفِيقِهِ مَاءٌ فَظَنَّ أَنَّهُ إنْ سَأَلَهُ أَعْطَاهُ لَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يُعْطِيهِ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِعْطَاءِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى فَسَأَلَهُ وَأَعْطَاهُ يُعِيدُ. كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. وَإِنْ مَنَعَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ وَأَعْطَاهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ لَمْ يُعِدْ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ثَمَنُهُ تَيَمَّمَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَيَمَّمْ وَإِنْ لَمْ يَبِعْ إلَّا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَهُوَ ضِعْفُ الْقِيمَةِ (1) تَيَمَّمَ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمَاءِ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَعِزُّ فِيهِ الْمَاءُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمُتَيَمِّمُ الْمُصَلِّي رَأَى مَعَ رَفِيقِهِ مَاءً فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنْ يُعْطِيَهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ وَإِنْ كَانَ يَشُكُّ فِيهِ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ فَإِنْ أَتَمَّ يَسْأَلُهُ فَإِنْ أَعْطَاهُ تَوَضَّأَ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِنْ أَبَى تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَعْطَاهُ بَعْدَمَا أَبَى لَمْ يَنْتَقِضْ مَا مَضَى. كَذَا فِي السَّرَخْسِيِّ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَنْقُضُ التَّيَمُّمَ] يَنْقُضُ التَّيَمُّمَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَنْقُضُهُ الْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْكَافِي الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَتِهِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. جُنُبٌ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ لُمْعَةٌ وَفَنِيَ مَاؤُهُ يَتَيَمَّمُ لِبَقَاءِ الْجَنَابَةِ فَإِنْ أَحْدَثَ تَيَمَّمَ لِلْحَدَثِ فَإِنْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِيهِمَا صَرَفَهُ إلَيْهِمَا وَإِنْ كَفَى مُعَيَّنًا صَرَفَهُ إلَيْهِ وَالتَّيَمُّمُ لِلْآخَرِ بَاقٍ وَإِنْ كَفَى وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ صَرَفَهُ إلَى اللُّمْعَةِ وَأَعَادَ تَيَمُّمَهُ لِلْحَدَثِ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ (2) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُعِيدُ وَلَوْ صَرَفَهُ إلَى الْوُضُوءِ جَازَ وَتَيَمَّمَ لِجَنَابَتِهِ اتِّفَاقًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَيَمَّمَ لِلْحَدَثِ قَبْلَ وُجُودِ هَذَا الْمَاءِ فَتَيَمَّمَ قَبْلَ غَسْلِ اللُّمْعَةِ لِلْحَدَثِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَإِنْ لَمْ يَكْفِ وَاحِدًا بَقِيَ تَيَمُّمُهَا. جُنُبٌ عَلَى بَدَنِهِ لُمْعَةٌ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَتَيَمَّمَ تَيَمَّمَ لَهُمَا وَاحِدًا نَاوِيًا لَهُمَا فَإِنْ تَيَمَّمَ لَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ صَرَفَهُ إلَى اللَّمْعَةِ وَيُعِيدُ التَّيَمُّمَ لِلْحَدَثِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ كَفَى لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ غَسَلَهُ وَيَبْقَى التَّيَمُّمُ فِي حَقِّ الْآخَرِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ. وَلَوْ كَانَ عَلَى ظَهْرِهِ لُمْعَةٌ وَقَدْ نَسِيَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ وَالْمَاءُ يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا صَرَفَهُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ لَكِنَّ الصَّرْفَ إلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَحَبُّ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. مُسَافِرٌ مُحْدِثٌ نَجِسُ الثَّوْبِ مَعَهُ مَاءٌ يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا يَغْسِلُ بِهِ النَّجَاسَةَ وَيَتَيَمَّمُ لِلْحَدَثِ وَلَوْ تَيَمَّمَ أَوَّلًا ثُمَّ غَسَلَ النَّجَاسَةَ يُعِيدُ التَّيَمُّمَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ تَوَضَّأَ بِالْمَاءِ وَصَلَّى فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ جَازَ وَيَكُونُ مُسِيئًا فِيمَا فَعَلَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا زَالَ الْمَرَضُ الْمُبِيحُ يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُ الْمُسَافِرُ إذَا تَيَمَّمَ لِعَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا يُبِيحُ لَهُ لَوْ كَانَ مُقِيمًا لَمْ تَجُزْ لَهُ الصَّلَاةُ

الفصل الثالث في سنن التيمم

بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ أَسْبَابِ الرُّخْصَةِ يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ بِالرُّخْصَةِ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ وَتَصِيرُ الْأُولَى كَأَنْ لَمْ تَكُنْ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي أَحْكَامِ الْمَرْضَى فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ. وَلَوْ مَرَّ بِمَاءٍ وَهُوَ نَائِمٌ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ عِنْدَ الْكُلِّ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَإِنْ مَرَّ عَلَى الْمَاءِ وَهُوَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَسْتَطِيعُ النُّزُولَ إلَيْهِ لِخَوْفِ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ لَمْ يَنْتَقِضْ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَذَا إذَا أَتَى بِئْرًا وَلَيْسَ مَعَهُ دَلْوٌ وَرِشَاءٌ أَوْ وَجَدَ مَاءً وَهُوَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْعَطَشَ لَا يَنْتَقِضُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا مَنَعَ وُجُودُهُ التَّيَمُّمَ نَقَضَ وُجُودُهُ التَّيَمُّمَ وَمَا لَا فَلَا. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ مَرَّ بِالْمَاءِ وَهُوَ مُتَيَمِّمٌ لَكِنَّهُ نَسِيَ أَنَّهُ مُتَيَمِّمٌ يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. مُتَيَمِّمُونَ قَالَ لَهُمْ رَجُلٌ: هَذَا الْمَاءُ يَتَوَضَّأُ بِهِ أَيُّكُمْ شَاءَ وَهُوَ يَكْفِي لِوَاحِدٍ بَطَلَ تَيَمُّمُهُمْ، وَلَوْ قَالَ: هَذَا الْمَاءُ لَكُمْ وَقَبَضُوهُ لَا يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُمْ. كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ أَذِنُوا لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ فِي قَوْلِهِمَا وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا وَالصَّحِيحُ فَسَادُ التَّيَمُّمِ إجْمَاعًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْمُسَافِرُ إذَا مَرَّ فِي الْفَلَاةِ بِمَاءٍ مَوْضُوعٍ فِي حُبٍّ أَوْ نَحْوِهِ لَا يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ كَثِيرًا فَيُسْتَدَلُّ بِكَثْرَتِهِ عَلَى أَنَّهُ لِلشُّرْبِ وَالْوُضُوءِ جَمِيعًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمُتَيَمِّمُ فِي السَّفَرِ إذَا وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ قَدْرَ مَا يَكْفِي لِغَسْلِ أَعْضَاءِ الْفَرِيضَةِ مَرَّةً مَرَّةً وَلَوْ غَسَلَ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ لَا يَكْفِيهِ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَاعْتِرَاضُ الرِّدَّةِ عَلَى التَّيَمُّمِ لَا يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ وَصَلَّى بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ يَجُوزُ عِنْدَنَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي سُنَنُ التَّيَمُّمِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) سُنَنُ التَّيَمُّمِ سَبْعٌ: إقْبَالُ الْيَدَيْنِ بَعْدَ وَضْعِهِمَا عَلَى التُّرَابِ، وَإِدْبَارُهُمَا، وَنَفْضُهُمَا، وَتَفْرِيجُ الْأَصَابِعِ، وَالتَّسْمِيَةُ فِي أَوَّلِهِ، وَالتَّرْتِيبُ، وَالْمُوَالَاةُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالنَّهْرِ الْفَائِقِ. وَكَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ: أَنْ يَضْرِبَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ يُقْبِلُ بِهِمَا وَيُدْبِرُ ثُمَّ يَرْفَعُهُمَا وَيَنْفُضُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ بِقَدْرِ مَا يَتَنَاثَرُ التُّرَابُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ ثُمَّ يَضْرِبُ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَذَلِكَ وَيَمْسَحُ بِهِمَا ذِرَاعَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ مَشَايِخُنَا: وَيَمْسَحُ بِأَرْبَعِ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُسْرَى ظَاهِرَ يَدِهِ الْيُمْنَى مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِكَفِّهِ الْيُسْرَى بَاطِنَ يَدِهِ الْيُمْنَى إلَى الرُّسْغِ وَيُمِرُّ بَاطِنَ إبْهَامِهِ الْيُسْرَى عَلَى ظَاهِرِ إبْهَامِهِ الْيُمْنَى بِالْيَدِ الْيُسْرَى كَذَلِكَ وَهُوَ الْأَحْوَطُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ جَازَ عِنْدَنَا. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ الْوَاحِدِ مَا شَاءَ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَيُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ لِمَنْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَجِدُ الْمَاءَ فِي آخِرِهِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعٍ يَرْجُوهُ مِيلٌ. هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: يُؤَخِّرُ إلَى آخِرِ وَقْتِ الْجَوَازِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إلَى آخِرِ وَقْتِ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَمَعٍ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ لَا يُؤَخِّرُ وَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْكَافِي. ثَلَاثَةٌ فِي السَّفَرِ جُنُبٌ وَحَائِضٌ طَهُرَتْ وَمَيِّتٌ وَثَمَّةَ مَاءٌ مِقْدَارُ مَا يَكْفِي لِأَحَدِهِمْ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مِلْكًا لِأَحَدِهِمْ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ لَهُمْ جَمِيعًا لَا يُصْرَفُ إلَى أَحَدِهِمْ وَيُبَاحُ التَّيَمُّمُ لِلْكُلِّ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا كَانَ الْجُنُبُ أَوْلَى بِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْحَائِضِ مُحْدِثٌ يُصْرَفُ إلَى الْجُنُبِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ فَالْأَبُ أَوْلَى بِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ كَانَ مَعَ الْجُنُبِ مَا يَكْفِي لِلْوُضُوءِ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَجِبُ التَّوَضُّؤُ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ مَعَ الْجَنَابَةِ حَدَثٌ يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعَ الْمُحْدِثِ مَا يَكْفِي لِغَسْلِ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ مِنْ غَيْرِ غَسْلِهِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ.

تَيَمَّمَ وَفِي رَحْلِهِ مَاءٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ أَوْ نَسِيَهُ فَصَلَّى أَجْزَأَتْهُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا وَضَعَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَضَعَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ بِعِلْمِهِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ لَا يُعِيدُ اتِّفَاقًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالذِّكْرُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا ضَرَبَ خِبَاءَهُ عَلَى رَأْسِ بِئْرٍ قَدْ غُطِّيَ رَأْسُهَا وَفِيهَا مَاءٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَوْ كَانَ عَلَى شَطِّ النَّهْرِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى بِهِ جَازَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا شَكَّ أَوْ ظَنَّ أَنَّ مَاءَهُ قَدْ فَنِيَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ إجْمَاعًا وَلَوْ كَانَ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ مُعَلَّقًا فِي عُنُقِهِ أَوْ مَوْضُوعًا بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَسِيَهُ وَتَيَمَّمَ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ عَلَى الْإِكَافِ مُعَلَّقًا إنْ كَانَ رَاكِبًا وَالْمَاءُ فِي مُؤْخِرِ الرَّحْلِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ فِي مُقْدِمِهِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ سَائِقًا فَإِنْ كَانَ فِي مُؤْخِرِ الرَّحْلِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ فِي مُقْدِمِهِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ قَائِدًا جَازَ كَيْفَمَا كَانَ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ الْمَرِيضُ عَلَى الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يُوَضِّئُهُ وَيُيَمِّمُهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي عِنْدَهُمَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَأَيْت فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْكَرْخِيِّ أَنَّ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذَا كَانَ بِوَجْهِهِ جِرَاحَةٌ يُصَلِّي بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَلَا تَيَمُّمٍ وَلَا يُعِيدُ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ الْمَحْبُوسَ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا نَظِيفًا لَا يُصَلِّي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَنْقُرَ الْأَرْضَ أَوْ الْحَائِطَ بِشَيْءٍ فَإِنْ أَمْكَنَهُ يَسْتَخْرِجُ التُّرَابَ وَيَتَيَمَّمُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْإِيضَاحِ إذَا كَانَ لَوْ تَوَضَّأَ سَلُسَ بَوْلُهُ وَإِنْ تَيَمَّمَ لَا يَسْلُسُ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ فِي الْبَادِيَةِ مَعَهُ مَاءُ زَمْزَمَ فِي الْقُمْقُمَةِ وَقَدْ رَصَّصَ رَأْسَهَا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ إذَا حَضَرَتْهُ جِنَازَةٌ وَالْوَلِيُّ غَيْرُهُ فَخَافَ إنْ اشْتَغَلَ بِالطَّهَارَةِ أَنْ تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا لِمَنْ أَمَرَهُ الْوَلِيُّ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِلْوَلِيِّ إذَا كَانَ مَنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ حَاضِرًا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ الْفَوْتَ وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ إذَا أَذِنَ لِغَيْرِهِ بِالصَّلَاةِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ بِتَيَمُّمٍ ثُمَّ أُتِيَ بِأُخْرَى فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَالْأُولَى مِقْدَارُ مُدَّةٍ يَذْهَبُ وَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَأْتِي وَيُصَلِّي أَعَادَ التَّيَمُّمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِقْدَارُ مَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ صَلَّى بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. التَّيَمُّمُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ قَبْلَ الشُّرُوعِ بِهَا لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إذَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَإِلَّا يَجُوزُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا يَجُوزُ لِلْمُقْتَدِي إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الصَّلَاةِ لَوْ تَوَضَّأَ وَإِلَّا يَجُوزُ. وَلَوْ أَحْدَثَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا بِالتَّيَمُّمِ تَيَمَّمَ وَبَنَى بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ بَعْدَ الشُّرُوعِ بِالْوُضُوءِ إنْ خَافَ ذَهَابَ الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ ذَهَابَهُ فَإِنْ كَانَ يَرْجُو إدْرَاكَ الْإِمَامِ قَبْلَ الْفَرَاغِ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ إدْرَاكَهُ قَبْلَ الْفَرَاغِ تَيَمَّمَ وَبَنَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافًا لَهُمَا. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يَفُوتُ فِيهِ الْأَدَاءُ لَا إلَى خُلْفٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَمَا يَفُوتُ إلَى خُلْفٍ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ كَالْجُمُعَةِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ تَيَمَّمَ اثْنَانِ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ جَازَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا تَيَمَّمَ مِرَارًا مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ جَازَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِلْجُنُبِ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَصَلَاةِ الْعِيدِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمَنْ اسْتَيْقَنَ بِالتَّيَمُّمِ فَهُوَ عَلَى تَيَمُّمِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِالْحَدَثِ وَمَنْ اسْتَيْقَنَ بِالْحَدَثِ فَهُوَ عَلَى حَدَثِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِالتَّيَمُّمِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالتَّيَمُّمُ عَلَى التَّيَمُّمِ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلِلْمُسَافِرِ أَنْ يَطَأَ جَارِيَتَهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ الْمَاءَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْمُصَلِّي إذَا قَالَ لَهُ نَصْرَانِيٌّ: خُذْ الْمَاءَ فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا يَقْطَعُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ قَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِهْزَاءِ فَلَا يَقْطَعُ بِالشَّكِّ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ

الباب الخامس في المسح على الخفين ويشتمل على فصلين

الصَّلَاةِ سَأَلَهُ إنْ أَعْطَاهُ أَعَادَ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا فِي جَوَازِ الْمَسْحِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ) الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ رُخْصَةٌ وَلَوْ أَتَى بِالْعَزِيمَةِ بَعْدَمَا رَأَى جَوَازَ الْمَسْحِ كَانَ أَوْلَى. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَذَا الْبَابُ يَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ. (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا فِي جَوَازِ الْمَسْحِ) (مِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْخُفُّ مِمَّا يُمْكِنُ قَطْعُ السَّفَرِ بِهِ وَتَتَابُعُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ وَيَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ وَسَتْرُ مَا فَوْقَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ حَتَّى لَوْ لَبِسَ خُفًّا لَا سَاقَ لَهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ إنْ كَانَ الْكَعْبُ مَسْتُورًا. وَيُمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبِ الْمُجَلَّدِ وَهُوَ الَّذِي وُضِعَ الْجِلْدُ عَلَى أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَالْمُنَعَّلِ وَهُوَ الَّذِي وُضِعَ الْجِلْدُ عَلَى أَسْفَلِهِ كَالنَّعْلِ لِلْقَدَمِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالثَّخِينِ الَّذِي لَيْسَ مُجَلَّدًا وَلَا مُنَعَّلًا بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَمْسِكَ عَلَى السَّاقِ بِلَا رَبْطٍ وَلَا يُرَى مَا تَحْتَهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. إذَا لَبِسَ مُكَعَّبًا لَا يُرَى مِنْ كَعْبَيْهِ أَوْ قَدَمَيْهِ إلَّا مِقْدَارُ أُصْبُعٍ وَأُصْبُعَيْنِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخُفِّ الَّذِي لَا سَاقَ لَهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا لَبِسَ الْجُرْمُوقَيْنِ فَإِنْ لَبِسَهُمَا وَحْدَهُمَا فَإِنْ كَانَا مِنْ كِرْبَاسٍ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَا مِنْ أَدِيمٍ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ يَجُوزُ. وَإِنْ لَبِسَهُمَا فَوْقَ الْخُفَّيْنِ فَإِنْ كَانَا مِنْ كِرْبَاسَ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَا رَقِيقَيْنِ يَصِلُ الْبَلَلُ إلَى مَا تَحْتَهُمَا وَإِنْ كَانَا مِنْ أَدِيمٍ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ أَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا لَبِسَهُمَا بَعْدَمَا أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَوْ بَعْدَمَا أَحْدَثَ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَبِسَهُمَا قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا عِنْدَنَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ وَلَبِسَ أَحَدَ الْجُرْمُوقَيْنِ جَازَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفِّ الَّذِي لَا جُرْمُوقَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْجُرْمُوقِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُفُّ عَلَى الْخُفِّ كَالْجُرْمُوقِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ لَبِسَ خُفًّا ذَا طَاقَيْنِ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْخِفَافِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ اللُّبُودِ التُّرْكِيَّةِ؛ لِأَنَّ مُوَاظَبَةَ الْمَشْيِ فِيهَا سَفَرًا مُمْكِنٌ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. الْجَارُوقُ إنْ كَانَ يَسْتُرُ الْقَدَمَ وَلَا يُرَى مِنْ الْكَعْبِ وَلَا مِنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ إلَّا قَدْرُ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ جَازَ الْمَسْحُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكِنْ يَسْتُرُ الْقَدَمَ بِالْجِلْدِ إنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْجَارُوقِ بِالْخَرْزِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَإِنْ شَدَّهُ بِشَيْءٍ لَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْحَدِيدِ وَالزُّجَاجِ وَالْخَشَبِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَمْسُوحُ مِنْ ظَاهِرِ كُلِّ خُفٍّ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْيَدِ عَلَى الْأَصَحِّ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ أَصْغَرُهَا. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى بَاطِنِ الْخُفِّ أَوْ عَقِبِهِ أَوْ سَاقِهِ أَوْ جَوَانِبِهِ أَوْ كَعْبِهِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ مَسَحَ عَلَى رِجْلٍ قَدْرَ أُصْبُعَيْنِ وَعَلَى أُخْرَى قَدْرَ خَمْسَةٍ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا يُعْتَبَرُ الْمَسْحُ عَلَى مَوْضِعٍ خَالٍ عَنْ الْقَدَمِ فَلَوْ جَعَلَ رِجْلَهُ فِي الْخَالِي وَمَسَحَ جَازَ وَإِنْ أَزَالَ رِجْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَعَادَ الْمَسْحَ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ كَانَتْ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ جِرَاحَةٌ لَا يَقْدِرُ بِهَا عَلَى الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْأُخْرَى. وَكَذَا لَوْ قُطِعَتْ مِنْ فَوْقِ الْكَعْبِ وَإِنْ قُطِعَتْ مِنْ دُونِهَا وَبَقِيَ مِنْ مَوْضِعِ الْمَسْحِ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا وَإِلَّا لَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْجُرْمُوقُ وَاسِعًا فَأَدْخَلَ فِيهِ يَدَهُ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفِّ لَمْ يَجُزْ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَسْحُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْكَافِي. حَتَّى لَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ

مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذَ مَاءً جَدِيدًا لَا يَجُوزُ وَلَوْ مَسَحَ بِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ وَأَخَذَ لِكُلِّ مَرَّةٍ مَاءً جَدِيدًا جَازَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ مَسَحَ بِالْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ إنْ كَانَتَا مَفْتُوحَتَيْنِ جَازَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ مَسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ مَوْضُوعَةً غَيْرَ مُمَدَّدَةٍ يَجُوزُ وَيَكُونُ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. وَإِذَا مَسَحَ خُفَّهُ بِرُءُوسِ أَصَابِعِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُتَقَاطِرًا يَجُوزُ وَإِلَّا لَا. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَصَابَ مَوْضِعَ الْمَسْحِ مَاءٌ أَوْ مَطَرٌ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ أَوْ مَشَى فِي حَشِيشٍ مُبْتَلٍّ بِالْمَطَرِ يُجْزِيهِ وَالطَّلُّ كَالْمَطَرِ عَلَى الْأَصَحِّ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيَجُوزُ الْمَسْحُ بِبَلَلِ الْغُسْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَقَاطِرَةً أَوْ غَيْرَهَا وَلَا يَجُوزُ بِبِلَّةٍ بَقِيَتْ عَلَى كَفِّهِ بَعْدَ الْمَسْحِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَيْفِيَّةُ الْمَسْحِ أَنْ يَضَعَ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى مُقْدِمِ خُفِّهِ الْأَيْمَنِ وَيَضَعَ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى مُقْدِمِ خُفِّهِ الْأَيْسَرِ وَيَمُدَّهُمَا إلَى السَّاقِ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ وَيُفَرِّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. هَذَا بَيَانُ السُّنَّةِ حَتَّى لَوْ بَدَأَ مِنْ السَّاقِ إلَى الْأَصَابِعِ أَوْ مَسَحَ عَلَيْهِمَا عَرَضًا أَجْزَأَهُ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ وَضَعَ الْكَفَّ وَمَدَّهَا أَوْ وَضَعَ الْأَصَابِعَ وَمَدَّهَا كِلَاهُمَا حَسَنٌ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَمْسَحَ بِجَمِيعِ الْيَدِ وَلَوْ مَسَحَ بِظَاهِرِ كَفِّهِ جَازَ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْسَحَ بِبَاطِنِ كَفِّهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِظْهَارُ الْخُطْوَةِ فِي الْمَسْحِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَكِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ. هَكَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. وَلَا يُسَنُّ فِيهِ التَّكْرَارُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِلْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. فَلَوْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَنَوَى التَّعْلِيمَ دُونَ الطَّهَارَةِ يَصِحُّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْحَدَثُ بَعْدَ اللُّبْسِ طَارِئًا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ كَمُلَتْ قَبْلَ اللُّبْسِ أَوْ بَعْدَهُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَتَّى لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْهِ أَوْ غَسَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ الْخُفَّ عَلَيْهَا ثُمَّ غَسَلَ الرِّجْلَ الْأُخْرَى وَلَبِسَ الْخُفَّ عَلَيْهَا ثُمَّ أَكْمَلَ الطَّهَارَةَ قَبْلَ الْحَدَثِ جَازَ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ الْإِكْمَالِ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ. كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ لَبِسَ خُفَّيْهِ مُحْدِثًا وَخَاضَ الْمَاءَ حَتَّى دَخَلَ الْمَاءُ وَانْغَسَلَتْ رِجْلَاهُ وَأَتَمَّ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ ثُمَّ أَحْدَثَ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. تَوَضَّأَ بِسُؤْرِ حِمَارٍ وَتَيَمَّمَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَتَيَمَّمَ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ. وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ نَبِيذُ التَّمْرِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفِّ كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الْفَتَاوَى إذَا تَوَضَّأَ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ فَلَمْ يَتَيَمَّمْ حَتَّى أَحْدَثَ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَيَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ لِلْمُحْدِثِ الْمُتَيَمِّمِ. هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ لِمَنْ أَجْنَبَ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفِّ أَوْ قَبْلَهُ إلَّا إذَا تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ وَتَوَضَّأَ لِلْحَدَثِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْهِ فَإِنَّهُ كُلَّمَا تَوَضَّأَ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ فِي الْمُدَّةِ فَإِنْ عَادَ جُنُبًا بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ فَكَأَنَّهُ أَجْنَبَ الْآنَ. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. الْجُنُبُ إذَا اغْتَسَلَ وَبَقِيَ عَلَى جَسَدِهِ لُمْعَةٌ فَلَبِسَ الْخُفَّ ثُمَّ غَسَلَ اللُّمْعَةَ ثُمَّ أَحْدَثَ يَمْسَحُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ بَقِيَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَحْدَثَ قَبْلَ غَسْلِهَا لَا يَمْسَحُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ فِي الْمُدَّةِ وَهِيَ لِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ سَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ سَفَرَ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ يُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ بَعْدَ اللُّبْسِ حَتَّى إنْ تَوَضَّأَ فِي وَقْتِ الْفَجْرِ وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَقْتَ الْعَصْرِ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَمُدَّةُ الْمَسْحِ بَاقِيَةٌ إلَى السَّاعَةِ الَّتِي أَحْدَثَ فِيهَا مِنْ الْغَدِ إنْ كَانَ مُقِيمًا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مُقِيمٌ سَافَرَ فِي مُدَّةِ الْإِقَامَةِ يَسْتَكْمِلُ مُدَّةَ السَّفَرِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا اسْتَكْمَلَ

الفصل الثاني في نواقض المسح

مَسْحَ الْإِقَامَةِ ثُمَّ سَافَرَ يَنْزِعُ خُفَّيْهِ وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمُسَافِرُ إذَا أَقَامَ بَعْدَ مَا اسْتَكْمَلَ مُدَّةَ الْإِقَامَةِ يَنْزِعُ خُفَّيْهِ وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ وَإِنْ أَقَامَ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ يُتِمُّ مُدَّتَهَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ الْمَعْذُورُ إذَا كَانَ عُذْرُهُ غَيْرَ مَوْجُودٍ وَقْتَ الْوُضُوءِ وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ إلَى الْمُدَّةِ كَالْأَصِحَّاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ الْعُذْرُ مُقَارِنًا لِلْوُضُوءِ أَوْ لِلُّبْسِ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ الْمَسْحُ فِي الْوَقْتِ لَا خَارِجَهُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونَ الْخَرْقُ فِي الْخُفِّ كَبِيرًا وَهُوَ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الرِّجْلِ أَصْغَرِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَبْدُوَ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ بِكَمَالِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ سَوَاءٌ كَانَ الْخَرْقُ فِي بَاطِنِ الْخُفِّ أَوْ فِي ظَاهِرِهِ أَوْ فِي نَاحِيَةِ الْعَقِبِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْخَرْقُ فِي سَاقِ الْخُفِّ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْمَسْحِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْأَصْغَرُ إذَا انْكَشَفَ مَوْضِعٌ غَيْرُ مَوْضِعِ الْأَصَابِعِ، وَأَمَّا إذَا انْكَشَفَ الْأَصَابِعُ أَنْفُسُهَا فَالْمُعْتَبَرُ أَنْ تَنْكَشِفَ الثَّلَاثُ أَيَّتُهَا كَانَتْ حَتَّى لَوْ انْكَشَفَ الْإِبْهَامُ مَعَ جَارَتِهَا وَهُمَا قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مِنْ أَصْغَرِهَا يَجُوزُ الْمَسْحُ وَإِنْ كَانَ مَعَ جَارِيَتِهَا لَا يَجُوزُ وَفِي مَقْطُوعِ الْأَصَابِعِ يُعْتَبَرُ الْخَرْقُ بِأَصَابِعِ غَيْرِهِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالتَّبْيِينِ. وَيَجْمَعُ الْخُرُوقَ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ لَا فِي خُفَّيْنِ حَتَّى إذَا كَانَ فِي أَحَدِ الْخُفَّيْنِ خَرْقٌ قَدْرَ أُصْبُعٍ وَفِي الْآخَرِ قَدْرَ أُصْبُعَيْنِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا وَلَوْ كَانَ فِي الْخُفِّ وَاحِدٌ خَرْقٌ فِي مُقَدِّمِ الْخُفِّ قَدْرَ أُصْبُعٍ وَفِي الْعَقِبِ مِثْلُ ذَلِكَ وَفِي جَانِبِ الْخُفِّ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ الْخَرْقُ الَّذِي يُجْمَعُ أَقَلُّهُ مَا يُدْخِلُ فِيهِ الْمِسَلَّةَ وَمَا دُونَهُ لَا يُعْتَبَرُ إلْحَاقًا لَهُ بِمَوَاضِعِ الْخَرْزِ وَالْخَرْقُ الْمَانِعُ مِنْ الْمَسْحِ هُوَ الْمُنْفَرِجُ الَّذِي يَنْكَشِفُ مَا تَحْتَهُ أَوْ يَكُونُ مُنْضَمًّا لَكِنْ يَنْفَرِجُ عِنْدَ الْمَشْيِ وَيُظْهِرُ الْقَدَمَ. أَمَّا إذَا لَمْ يَنْكَشِفْ مَا تَحْتَهُ فَلَا يَمْنَعُ وَإِنْ كَانَ الْخَرْقُ طَوِيلًا. وَلَوْ انْكَشَفَتْ الظِّهَارَةُ وَفِي دَاخِلِهَا بِطَانَةٌ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ مَخْرُوزَةٍ بِالْخُفِّ لَا يَمْنَعُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْخُفُّ أَوْ الْجَوْرَبُ أَوْ الْجَارُوقُ الْمَشْقُوقُ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ وَلَهُ أَزْرَارٌ وَسُيُورٌ يَشُدُّهُ عَلَيْهِ فَيَسْتُرُهُ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَشْقُوقِ وَإِنْ ظَهَرَ مِنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ شَيْءٌ فَهُوَ كَخُرُوقِ الْخُفِّ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي نَوَاقِضِ الْمَسْحِ] يَنْقُضُهُ نَاقِضُ الْوُضُوءِ وَنَزْعُ الْخُفِّ وَكَذَا نَزْعُ أَحَدِهِمَا وَمُضِيُّ الْمُدَّةِ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ هَذَا إذَا وُجِدَ الْمَاءُ أَمَّا إذَا لَمْ يَجِدْهُ لَمْ يَنْتَقِضْ مَسْحُهُ بَلْ تَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ حَتَّى إذَا انْقَضَتْ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالزَّاهِدِي وَالْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا نَزَعَ الْخُفَّ وَهُوَ طَاهِرٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا غَسْلُ رِجْلَيْهِ وَكَذَا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ مَسْحِهِ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ خَافَ مِنْ نَزْعِ خُفَّيْهِ عَلَى ذَهَابِ قَدَمَيْهِ مِنْ الْبَرْدِ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ كَمَسْحِ الْجَبِيرَةِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَخُرُوجُ أَكْثَرِ الْقَدَمِ إلَى السَّاقِ نَزْعٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. لَوْ كَانَ الْخُفُّ وَاسِعًا إذَا رُفِعَ الْقَدَمُ يَخْرُجُ الْعَقِبُ وَإِذَا وُضِعَ عَادَ إلَى مَوْضِعِهِ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ أَعْرَجَ يَمْشِي عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَقَدْ ارْتَفَعَ الْعَقِبُ عَنْ مَوْضِعِ عَقِبِ الْخُفِّ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ مَا لَمْ يَخْرُجْ قَدَمُهُ إلَى السَّاقِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا مَسَحَ عَلَى خُفٍّ ذِي طَاقَيْنِ فَنَزَعَ أَحَدَ الطَّاقَيْنِ لَا يُعِيدُ الْمَسْحَ عَلَى الطَّاقِ الْآخَرِ وَكَذَا إذَا مَسَحَ عَلَى خُفٍّ مُشْعِرٍ ثُمَّ حَلَقَ الشَّعْرَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا إذَا مَسَحَ فَقَشَرَ جِلْدَ ظَاهِرِهِمَا. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ نَزَعَ الْجُرْمُوقَيْنِ بَعْدَ مَا مَسَحَهُمَا يُعِيدُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ نَزَعَ أَحَدَهُمَا مَسَحَ عَلَى الْخُفِّ الْبَادِي وَأَعَادَ الْمَسْحَ عَلَى الْجُرْمُوقِ الْبَاقِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ لَبِسَ

خُفَّيْهِ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ دَخَلَ الْمَاءُ فِي أَحَدِ خُفَّيْهِ إنْ بَلَغَ الْكَعْبَ حَتَّى صَارَ جَمِيعُ الرِّجْلِ مَغْسُولًا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ (1) الرِّجْلِ الْأُخْرَى. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا إذَا ابْتَلَّ أَكْثَرُ الْقَدَمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ تَوَضَّأَ وَرَبَطَ الْجَبِيرَةَ وَمَسَحَ عَلَيْهَا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ ثُمَّ أَحْدَثَ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ عَلَى الْجَبَائِرِ وَالْخُفَّيْنِ. وَإِنْ بَرِئَتْ الْجِرَاحَةُ قَبْلَ أَنْ تَنْتَقِضَ الطَّهَارَةُ الَّتِي لَبِسَ عَلَيْهَا الْخُفَّ فَإِنَّهُ يَغْسِلُ ذَلِكَ وَيَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَإِنْ بَرِئَتْ بَعْدَ أَنْ انْتَقَضَتْ تِلْكَ الطَّهَارَةُ فَعَلَيْهِ نَزْعُ الْخُفِّ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالظَّهِيرِيَّةِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ) وَهُوَ لَيْسَ بِفَرْضٍ بَلْ وَاجِبٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنَّمَا يَمْسَحُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى غَسْلِ مَا تَحْتَهَا وَمَسَحَهُ بِأَنْ تَضَرَّرَ بِإِصَابَةِ الْمَاءِ أَوْ حَلَّهَا. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ وَمِنْ ضَرَرِ الْحَلِّ أَنْ يَكُونَ فِي مَكَان لَا يَقْدِرُ عَلَى رَبْطِهَا بِنَفْسِهِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يَرْبِطُهَا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ كَانَ يَضُرُّهُ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ وَلَا يَضُرُّهُ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَهُوَ الظَّاهِرُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ جَازَ تَرْكُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا عِنْدَهُمَا وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمَا وَذُكِرَ فِي الْعُيُونِ وَالْحَقَائِقِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا احْتِيَاطًا. هَكَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ. وَإِذَا زَادَتْ الْجَبِيرَةُ عَلَى نَفْسِ الْجِرَاحَةِ فَإِنْ ضَرَّهَا الْحَلُّ وَالْمَسْحُ يُمْسَحُ عَلَى مَا يُوَارِي الْجِرَاحَةَ وَمَا يُوَازِي مَوْضِعًا صَحِيحًا وَإِنْ ضَرَّهَا الْمَسْحُ لَا الْحَلُّ يَمْسَحُ عَلَى الْخِرْقَةِ الَّتِي عَلَى رَأْسِهَا وَيَغْسِلُ مَا حَوْلَهَا وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ الْمَسْحُ وَلَا الْحَلُّ غَسَلَ مَا حَوْلَهَا وَمَسَحَهَا نَفْسَهَا وَسِوَى ذَلِكَ بَيْنَ الْجِرَاحَةِ وَغَيْرِهَا مِثْلُ الْكَيِّ وَالْكَسْرِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَكْتَفِي بِالْمَسْحِ عَلَى أَكْثَرِ الْجَبِيرَةِ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى النِّصْفِ فَمَا دُونَهُ إجْمَاعًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ مَسَحَ الْمُفْتَصِدُ عَلَى الْعِصَابَةِ دُونَ الْخِرْقَةِ أَجْزَأَهُ أَيْضًا وَعَلَى الِاعْتِمَادِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْمُضْمَرَاتِ أَنَّ الْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى هَذَا. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ. الْفُرْجَةُ الَّتِي تَبْقَى مِنْ الْيَدَيْنِ بَيْنَ عُقْدَتَيْ الْعِصَابَةِ يَكْفِيهَا الْمَسْحُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَفِي الصُّغْرَى وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا سَقَطَتْ الْجَبَائِرُ لَا عَنْ بُرْءٍ لَا يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ وَلَا يَبْطُلُ الْمَسْحُ وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْ بُرْءٍ بَطَلَ الْمَسْحُ وَيَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ خَاصَّةً. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَالْمُحِيطِ. إذَا تَوَضَّأَ وَأَمَرَّ الْمَاءَ عَلَى الدَّوَاءِ ثُمَّ سَقَطَ الدَّوَاءُ عَنْ بُرْءٍ يَلْزَمُ الْغَسْلُ وَإِلَّا لَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ انْكَسَرَ ظُفْرُهُ فَجَعَلَ عَلَيْهِ دَوَاءً أَوْ عِلْكًا فَإِنْ كَانَ يَضُرُّهُ نَزْعُهُ مَسَحَ عَلَيْهِ وَإِنْ ضَرَّهُ الْمَسْحُ تَرَكَهُ، وَشُقُوقُ أَعْضَائِهِ يُمِرُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا مَسَحَ عَلَيْهَا إنْ قَدَرَ وَإِلَّا تَرَكَهُ وَغَسَلَ مَا حَوْلَهَا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. مَسَحَ عَلَى الْعِصَابَةِ فَسَقَطَتْ فَبَدَّلَهَا بِأُخْرَى فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُعِيدَ الْمَسْحَ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ بِأُصْبُعِهِ قُرْحَةٌ فَأَدْخَلَ الْمَرَارَةَ فِي أُصْبُعِهِ أَوْ الْمَرْهَمَ فَجَاوَزَ مَوْضِعَ الْقُرْحَةِ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَيْهَا جَازَ إذَا اسْتَوْعَبَ الْمَسْحُ الْعِصَابَةَ وَكَذَا فِي حَقِّ الْمُفْتَصِدِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. رَجُلٌ عَلَى ذِرَاعَيْهِ جَبَائِرُ فَغَمَسَهَا فِي إنَاءٍ يُرِيدُ الْمَسْحَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ وَأَفْسَدَ الْمَاءَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى أَصَابِعِ الْيَدِ وَالْكَفِّ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ وَلَا يَفْسُدُ الْمَاءُ وَإِنْ أَرَادَ الْمَسْحَ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَخِرْقَةِ الْقُرْحَةِ كَالْغَسْلِ لِمَا تَحْتَهَا وَلَيْسَ بِبَدَلٍ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْجَبِيرَةُ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ مَسَحَ عَلَيْهَا وَغَسَلَ الْأُخْرَى

الباب السادس في الدماء المختصة بالنساء وفيه أربعة فصول

هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَتَوَقَّفُ هَذَا الْمَسْحُ بِوَقْتٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشُدَّهُ عَلَى الْوُضُوءِ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْوُضُوءِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ وَالْأَكْبَرُ وَلَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي مَسْحِهَا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيَكْتَفِي بِالْمَسْحِ مَرَّةً وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا زَالَتْ الْعِصَابَةُ الْفَوْقَانِيَّةُ لَا يَجِبُ إعَادَةُ الْمَسْحِ عَلَى التَّحْتَانِيَّةِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ غَسْلِ الْقَدَمِ وَمَسْحِ الْخُفِّ. كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ جِرَاحَةٌ وَعَلَيْهَا جَبِيرَةٌ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَغَسَلَ الْأُخْرَى ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّ عَلَى الصَّحِيحِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ وَلَوْ مَسَحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ بَثْرَةٌ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا وَصَلَّى صَلَوَاتٍ فَلَمَّا نَزَعَ الْخُفَّ وَجَدَ الْبَثْرَةَ قَدْ انْشَقَّتْ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ إنْ كَانَ رَأْسُ الْجُرْحِ قَدْ يَبِسَ وَكَانَ الرَّجُلُ لَبِسَ الْخُفَّ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَنَزَعَهُ بَعْدَ الْعِشَاءِ لَا يُعِيدُ الْفَجْرَ وَيُعِيدُ مَا بَعْدَهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْجُرْحِ مُبْتَلًّا بِالدَّمِ لَا يُعِيدُ شَيْئًا مِنْهَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَتْ جِرَاحَةٌ فَرَبَطَهَا فَابْتَلَّ ذَلِكَ الرِّبَاطُ إنْ نَفَذَ الْبَلَلُ إلَى الْخَارِجِ نُقِضَ الْوُضُوءُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ كَانَ الرِّبَاطُ ذَا طَاقَيْنِ فَنَفَذَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ. وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْقُفَّازَيْنِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَمَرَ إنْسَانًا أَنْ يَمْسَحَ خُفَّيْهِ جَازَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْمَرْأَةُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنَى الْمُجَوِّزِ لِلْمَسْحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الدِّمَاءِ الْمُخْتَصَّةِ بِالنِّسَاءِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْحَيْضِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الدِّمَاءِ الْمُخْتَصَّةِ بِالنِّسَاءِ) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: حَيْضٌ وَنِفَاسٌ وَاسْتِحَاضَةٌ (وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْحَيْضِ) وَهُوَ دَمٌ مِنْ الرَّحِمِ لَا لِوِلَادَةٍ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَإِنْ رَأَتْهُ مِنْ الدُّبُرِ لَا يَكُونُ حَيْضًا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَتَوَقَّفُ كَوْنُهُ حَيْضًا عَلَى أُمُورٍ: (مِنْهَا) الْوَقْتُ وَهُوَ مِنْ تِسْعِ سِنِينَ إلَى الْإِيَاسِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ الْإِيَاسُ مُقَدَّرٌ بِخَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فَمَا رَأَتْ بَعْدَهَا لَا يَكُونُ حَيْضًا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ مَا رَأَتْهُ إنْ كَانَ دَمًا قَوِيًّا كَانَ حَيْضًا. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَك (وَمِنْهَا) خُرُوجُ الدَّمِ إلَى الْفَرْجِ الْخَارِجِ وَلَوْ بِسُقُوطِ الْكُرْسُفِ فَمَا دَامَ بَعْضُ الْكُرْسُفِ حَائِلًا بَيْنَ الدَّمِ وَالْفَرْجِ الْخَارِجِ لَا يَكُونُ حَيْضًا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. طَاهِرَةٌ رَأَتْ عَلَى الْكُرْسُفِ أَثَرَ الدَّمِ يُحْكَمُ بِحَيْضِهَا مِنْ حِينِ الرَّفْعِ. وَالْحَائِضُ إذَا لَمْ تَجِدْ عَلَيْهِ أَثَرَ الدَّمِ حُكِمَ بِالِانْقِطَاعِ مِنْ حِينِ الْوَضْعِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ السَّيَلَانُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ عَلَى لَوْنٍ مِنْ الْأَلْوَانِ السِّتَّةِ: السَّوَادُ وَالْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ وَالْخُضْرَةُ وَالتُّرْبِيَةُ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ اللَّوْنُ عَلَى الْكُرْسُفِ حِينَ يُرْفَعُ وَهُوَ طَرِيٌّ لَا حِينَ يَجِفُّ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَلَوْ رَأَتْ بَيَاضًا خَالِصًا عَلَى الْخِرْقَةِ مَا دَامَ رَطْبًا فَإِذَا يَبِسَ اصْفَرَّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيَاضِ. وَكَذَا لَوْ رَأَتْ حُمْرَةً أَوْ صُفْرَةً فَإِذَا يَبِسَتْ ابْيَضَّتْ تُعْتَبَرُ حَالَةُ الرُّؤْيَةِ لَا حَالَةُ التَّغَيُّرِ. هَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ (وَمِنْهَا) النِّصَابُ أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَثَلَاثُ لَيَالٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِنْهَا) تَقَدُّمُ نِصَابِ الطُّهْرِ وَفَرَاغِ الرَّحِمِ عَنْ الْحَبَلِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَالدِّمَاءِ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ يَكُونُ حَيْضًا

الفصل الثاني في النفاس

وَلَوْ خَرَجَ أَحَدُ الدَّمَيْنِ عَنْ مُدَّةِ الْحَيْضِ بِأَنْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَتِسْعَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا مَثَلًا لَا يَكُونُ حَيْضًا؛ لِأَنَّ الدَّمَ الْأَخِيرَ لَمْ يُوجَدْ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ. وَلَا يَبْتَدِئُ الْحَيْضُ بِالطُّهْرِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَلَا يُخْتَمُ بِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَمْ يُفْصَلْ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَفْتَوْا بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهَا أَسْهَلُ عَلَى الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالْأَخْذُ بِهَذَا أَيْسَرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ رَأْيُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ فَالطُّهْرُ وَالدَّمُ كِلَاهُمَا حَيْضٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً أَوْ مُعْتَادَةً وَإِنْ جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَفِي الْمُبْتَدَأَةِ حَيْضُهَا عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَفِي الْمُعْتَادَةِ مَعْرُوفَتُهَا فِي الْحَيْضِ حَيْضٌ وَالطُّهْرُ طُهْرٌ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيَجُوزُ بُدَاءَةُ الْحَيْضِ بِالطُّهْرِ إذَا كَانَ قَبْلَهُ دَمٌ وَخَتَمَهُ بِهِ إذَا كَانَ بَعْدَهُ دَمٌ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا كَانَ الطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ يُعْتَبَرُ فَاصِلًا فَيُجْعَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّمَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِانْفِرَادِهِ حَيْضًا حَسْبَ مَا أَمْكَنَ مِنْ ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا غَايَةَ لِأَكْثَرِهِ إلَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَى نَصْبِ الْعَادَةِ كَمَا إذَا بَلَغَتْ مُسْتَمِرَّةَ الدَّمِ فَيُقَدَّرُ حَيْضُهَا بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَبَاقِيهِ طُهْرٌ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي النِّفَاسِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي النِّفَاسِ) وَهُوَ دَمٌ يَعْقُبُ الْوِلَادَةَ كَذَا فِي الْمُتُونِ وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا لَا يَجِبُ الْغُسْلُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي الْمُفِيدِ هُوَ الصَّحِيحُ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ بِخُرُوجِ النَّجَاسَةِ مَعَ الْوَلَدِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجِبُ الْغُسْلُ وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ أَخَذُوا بِقَوْلِهِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ وَبِهِ نَأْخُذُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَفِي الْفَتَاوَى هُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. لَوْ خَرَجَ أَكْثَرُ الْوَلَدِ تَكُونُ نُفَسَاءَ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا لَوْ انْقَطَعَ فِيهَا وَخَرَجَ أَكْثَرُهُ وَالسَّقْطُ إنْ ظَهَرَ بَعْضُ خَلْقِهِ مِنْ أُصْبُعٍ أَوْ ظُفْرٍ أَوْ شَعْرِ وَلَدٍ فَتَصِيرُ بِهِ نُفَسَاءَ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ فَلَا نِفَاسَ لَهَا فَإِنْ أَمْكَنَ جَعْلُ الْمَرْئِيِّ حَيْضًا يُجْعَلُ حَيْضًا وَإِلَّا فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ. وَإِنْ رَأَتْ دَمًا قَبْلَ إسْقَاطِهِ وَدَمًا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ فَمَا رَأَتْهُ قَبْلَهُ لَا يَكُونُ حَيْضًا وَهِيَ نُفَسَاءُ فِيمَا رَأَتْهُ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ فَمَا رَأَتْهُ قَبْلَ الْإِسْقَاطِ حَيْضٌ إنْ أَمْكَنَ جَعْلُهُ حَيْضًا هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ قِبَلِ سُرَّتِهَا بِأَنْ كَانَ بِبَطْنِهَا جُرْحٌ فَانْشَقَّتْ وَخَرَجَ الْوَلَدُ مِنْهَا تَكُونُ صَاحِبَةُ جُرْحٍ سَائِلٍ لَا نُفَسَاءَ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالتَّبْيِينِ إلَّا إذَا خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ دَمٌ عَقِيبَ خُرُوجِ الْوَلَدِ مِنْ السُّرَّةِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ نِفَاسًا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَنِفَاسُ التَّوْأَمَيْنِ مِنْ الْأَوَّلِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَشَرْطُ التَّوْأَمَيْنِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرُ فَهُمَا حَمْلَانِ وَنِفَاسَانِ. وَإِنْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةً بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَكَذَلِكَ بَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لَكِنْ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُجْعَلُ حَمْلًا وَاحِدًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. أَقَلُّ النِّفَاسِ مَا يُوجَدُ وَلَوْ سَاعَةً وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَكْثَرُهُ أَرْبَعُونَ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِنْ زَادَ الدَّمُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فَالْأَرْبَعُونَ فِي الْمُبْتَدَأَةِ وَالْمَعْرُوفَةُ فِي الْمُعْتَادَةِ نِفَاسٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. الطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ فِي الْأَرْبَعِينَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ نِفَاسٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَاعِدًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. ثُمَّ الْعَادَةُ فِي النِّفَاسِ تَنْتَقِلُ بِرُؤْيَةِ الْمُخَالِفِ مَرَّةً عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الِاسْتِحَاضَةِ] لَوْ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فِي أَقَلِّ مُدَّةِ الطُّهْرِ فَمَا رَأَتْ بَعْدَ

الفصل الرابع في أحكام الحيض والنفاس والاستحاضة

الْأَكْثَرِ إنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً وَبَعْدَ الْعَادَةِ إنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً اسْتِحَاضَةٌ وَكَذَا مَا نَقَصَ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ وَكَذَا مَا رَأَتْهُ الْكَبِيرَةُ جِدًّا وَالصَّغِيرَةُ جِدًّا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا مَا تَرَاهُ الْحَامِلُ ابْتِدَاءً أَوْ حَالَ وِلَادَتِهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْوَلَدِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ] لَا يَثْبُتُ حُكْمُ كُلٍّ مِنْهَا إلَّا بِخُرُوجِ الدَّمِ وَظُهُورِهِ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا وَعَلَيْهِ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. (الْأَحْكَامُ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ ثَمَانِيَةٌ) (مِنْهَا) أَنْ يَسْقُطَ عَنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقْضِي. هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ إذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ الدَّمَ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ قَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ النَّوَازِلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا حَاضَتْ فِي الْوَقْتِ أَوْ نُفِسَتْ سَقَطَ فَرْضُهُ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُ أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ أَوْ لَا. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ افْتَتَحَتْ الصَّلَاةَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ ثُمَّ حَاضَتْ لَا يَلْزَمُهَا قَضَاءُ هَذِهِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْحَائِضِ إذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ أَنْ تَتَوَضَّأَ وَتَجْلِسَ عِنْدَ مَسْجِدِ بَيْتِهَا تُسَبِّحُ وَتُهَلِّلُ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهَا أَدَاءَ الصَّلَاةِ لَوْ كَانَتْ طَاهِرَةً. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَفِي الصُّغْرَى الْحَائِضِ إذَا سَمِعَتْ آيَةَ السَّجْدَةِ لَا سَجْدَةَ عَلَيْهَا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (وَمِنْهَا) أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِمَا الصَّوْمُ فَتَقْضِيَانِهِ هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ إذَا شَرَعَتْ فِي صَوْمِ النَّفْلِ ثُمَّ حَاضَتْ يَلْزَمُهَا الْقَضَاءُ احْتِيَاطًا. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (وَمِنْهَا) أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى الْجُنُبِ الدُّخُولُ فِي الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ كَانَ لِلْجُلُوسِ أَوْ لِلْعُبُورِ. هَكَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَفِي التَّهْذِيبِ لَا تَدْخُلُ الْحَائِضُ مَسْجِدًا لِجَمَاعَةٍ وَفِي الْحُجَّةِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ مَاءٌ وَلَا تَجِدُ فِي غَيْرِهِ وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا خَافَ الْجُنُبُ أَوْ الْحَائِضُ سَبُعًا أَوْ لِصًّا أَوْ بَرْدًا فَلَا بَأْسَ بِالْمُقَامِ فِيهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَيَمَّمَ تَعْظِيمًا لِلْمَسْجِدِ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَسَطْحُ الْمَسْجِدِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ الْمُتَّخَذُ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْعِيدِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا بَأْسَ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. (وَمِنْهَا) حُرْمَةُ الطَّوَافِ لَهُمَا بِالْبَيْتِ وَإِنْ طَافَتَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ (1) . هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَكَذَا يَحْرُمُ الطَّوَافُ لِلْجُنُبِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَمِنْهَا) حُرْمَةُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَا تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْجُنُبُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ وَالْآيَةَ وَمَا دُونَهَا سَوَاءٌ فِي التَّحْرِيمِ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا أَنْ لَا يُقْصَدَ بِمَا دُونَ الْآيَةِ الْقِرَاءَةُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ يُرِيدُ الشُّكْرَ أَوْ بِسْمِ اللَّهِ عِنْدَ الْأَكْلِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَا تَحْرُمُ قِرَاءَةُ آيَةٍ قَصِيرَةٍ تَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ عِنْدَ الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] أَوْ {وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3] . هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إنْ غَسَلَ الْجُنُبُ فَمَهُ لِيَقْرَأَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُكْرَهُ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ قِرَاءَةُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا حَاضَتْ الْمُعَلِّمَةُ فَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُعَلِّمَ الصِّبْيَانَ كَلِمَةً كَلِمَةً وَتَقْطَعُ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ وَلَا يُكْرَهُ لَهَا التَّهَجِّي بِالْقُرْآنِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُنُوتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالظَّهِيرِيَّةِ. وَيَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ الدَّعَوَاتُ وَجَوَابُ الْأَذَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فِي السِّرَاجِيَّةِ. (وَمِنْهَا) حُرْمَةُ مَسِّ الْمُصْحَفِ لَا يَجُوزُ لَهُمَا وَلِلْجُنُبِ وَالْمُحْدِثِ مَسُّ

الْمُصْحَفِ إلَّا بِغِلَافٍ مُتَجَافٍ عَنْهُ كَالْخَرِيطَةِ وَالْجِلْدِ الْغَيْرِ الْمُشَرَّزِ لَا بِمَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ، هُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَالصَّحِيحُ مَنْعُ مَسِّ حَوَاشِي الْمُصْحَفِ وَالْبَيَاضِ الَّذِي لَا كِتَابَةَ عَلَيْهِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَاخْتَلَفُوا فِي مَسِّ الْمُصْحَفِ بِمَا عَدَا أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ وَبِمَا غُسِلَ مِنْ الْأَعْضَاءِ قَبْلَ إكْمَالِ الْوُضُوءِ وَالْمَنْعُ أَصَحُّ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِالثِّيَابِ الَّتِي هُمْ لَابِسُوهَا وَيُكْرَهُ لَهُمْ مَسُّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ وَالسُّنَنِ وَلَا بَأْسَ بِمَسِّهَا بِالْكُمِّ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا يَجُوزُ مَسُّ شَيْءٍ مَكْتُوبٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ فِي لَوْحٍ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إذَا كَانَ آيَةً تَامَّةً. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ كَانَ الْقُرْآنُ مَكْتُوبًا بِالْفَارِسِيَّةِ يُكْرَهُ لَهُمْ مَسُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَا عِنْدَهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَمَسُّ مَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى سِوَى الْقُرْآنِ قَدْ أَطْلَقَهُ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَا يُكْرَهُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَيُكْرَهُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ أَنْ يَكْتُبَا الْكِتَابَ الَّذِي فِي بَعْضِ سُطُورِهِ آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَإِنْ كَانَا لَا يَقْرَآنِ الْقُرْآنَ وَالْجُنُبُ لَا يَكْتُبُ الْقُرْآنَ وَإِنْ كَانَتْ الصَّحِيفَةُ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ مَا دُونَ الْآيَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَكْتُبَ وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُ بُخَارَى. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا بَأْسَ بِدَفْعِ الْمُصْحَفِ إلَى الصِّبْيَانِ وَإِنْ كَانُوا مُحْدِثِينَ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ (وَمِنْهَا) حُرْمَةُ الْجِمَاعِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ وَلَهُ أَنْ يُقَبِّلَهَا وَيُضَاجِعَهَا وَيَسْتَمْتِعَ بِجَمِيعِ بَدَنِهَا مَا خَلَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فَإِنْ جَامَعَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَمِنْهَا) وُجُوبُ الِاغْتِسَالِ عِنْدَ الِانْقِطَاعِ. هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ. إذَا مَضَى أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَيْضِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ يَحِلُّ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ مُعْتَادَةً وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَطَأَهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُ الْحَيْضِ لِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَجُزْ وَطْؤُهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ عَلَيْهَا آخِرُ وَقْتِ الصَّلَاةِ الَّذِي يَسَعُ الِاغْتِسَالَ وَالتَّحْرِيمَةَ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهَا إذَا وَجَدَتْ مِنْ آخِرِ الْوَقْتِ هَذَا الْقَدْرَ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَأَمَّا مُضِيُّ كَمَالِ الْوَقْتِ بِأَنْ يَنْقَطِعَ دَمُهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَيَدُومَ الِانْقِطَاعُ حَتَّى يَمْضِيَ الْوَقْتُ فَلَيْسَ بِمَشْرُوطٍ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. لَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا دُونَ عَادَتِهَا يُكْرَهُ قُرْبَانُهَا وَإِنْ اغْتَسَلَتْ حَتَّى تَمْضِيَ عَادَتُهَا وَعَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ وَتَصُومَ لِلِاحْتِيَاطِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ انْقَطَعَ لِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ تَجِدْ مَاءً فَتَيَمَّمَتْ لَمْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ حَتَّى تُصَلِّيَ فَإِنْ وَجَدَتْ الْمَاءَ بَعْدَهُ تَحْرُمُ الْقِرَاءَةُ لَا الْوَطْءُ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمَتَى طَهُرَتْ الْمُبْتَدَأَةُ دُونَ الْعَشَرَةِ أَوْ الْمُعْتَادَةُ دُونَ عَادَتِهَا أَخَّرَتْ الْوُضُوءَ وَالِاغْتِسَالَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ بِحَيْثُ لَا تَدْخُلُ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. (وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الْمُخْتَصَّةُ بِالْحَيْضِ) فَخَمْسَةٌ: انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ، وَالِاسْتِبْرَاءُ وَالْحُكْمُ بِبُلُوغِهَا، وَالْفَصْلُ بَيْنَ طَلَاقَيْ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَعَدَمُ قَطْعِ التَّتَابُعِ فِي الصَّوْمِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُضْمَرَاتِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ. (وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ) كَالرُّعَافِ الدَّائِمِ لَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ وَلَا الصَّوْمَ وَلَا الْوَطْءَ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. انْتِقَالُ الْعَادَةِ يَكُونُ بِمَرَّةٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ رَأَتْ بَيْنَ طُهْرَيْنِ تَامَّيْنِ دَمًا لَا عَلَى عَادَتِهَا بِالزِّيَادَةِ أَوْ النُّقْصَانِ أَوْ بِالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ أَوْ بِهِمَا مَعًا انْتَقَلَتْ الْعَادَةُ إلَى أَيَّامِ دَمِهَا حَقِيقِيًّا كَانَ الدَّمُ أَوْ حُكْمِيًّا هَذَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ فَإِنْ جَاوَزَهَا فَمَعْرُوفَتُهَا حَيْضٌ وَمَا رَأَتْ عَلَى

غَيْرِهَا اسْتِحَاضَةٌ فَلَا تَنْتَقِلُ الْعَادَةُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا النِّفَاسُ فَإِنْ رَأَتْ لَا عَلَى الْعَادَةِ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْأَرْبَعِينَ انْتَقَلَتْ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ وَلَهَا عَادَةٌ فِي النِّفَاسِ رُدَّتْ إلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا سَوَاءٌ كَانَ خُتِمَ مَعْرُوفَتُهَا بِالدَّمِ أَوْ بِالطُّهْرِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْمُعْتَادَةُ إذَا اسْتَمَرَّ دَمُهَا وَاشْتَبَهَ عَلَيْهَا كُلٌّ مِنْ عَدَدِ أَيَّامِ الْحَيْضِ وَالْمَكَانِ وَالدُّورِ تَتَحَرَّى وَمَضَتْ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ رَأْيُهَا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَأْيٌ لَا يُحْكَمُ بِشَيْءٍ مِنْ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ عَلَى التَّعْيِينِ بَلْ تَأْخُذُ بِالْأَحْوَطِ فَتَجْتَنِبُ أَبَدًا مَا تَجْتَنِبُهُ الْحَائِضُ وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. فَتُصَلِّي الْمَكْتُوبَاتِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ وَلَا تُصَلِّي تَطَوُّعًا وَتَقْرَأُ الْقَدْرَ الْمَفْرُوضَ وَالْوَاجِبَ عَلَى الصَّحِيحِ وَتَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ الْمَكْتُوبِ عَلَى الصَّحِيحِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهَا الْبَعْضُ فَإِنْ تَرَدَّدَتْ بَيْنَ الطُّهْرِ وَبَيْنَ دُخُولِ الْحَيْضِ صَلَّتْ بِالْوُضُوءِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ تَرَدَّدَتْ بَيْنَ الطُّهْرِ وَبَيْنَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَيْضِ اغْتَسَلَتْ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ اسْتِحْسَانًا وَقَالَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا تُفْطِرُ فِي شَيْءٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَعَلَيْهَا قَضَاءُ أَيَّامِ الْحَيْضِ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ فَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ يَبْتَدِئُ بِاللَّيْلِ فَعَلَيْهَا قَضَاءُ عِشْرِينَ وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا بِالنَّهَارِ فَقَضَاءُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ احْتِيَاطًا وَإِنْ لَمْ تَدْرِ أَنَّهُ بِاللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ فَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا يَقُولُ يَلْزَمُهَا قَضَاءُ عِشْرِينَ وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَقُولُ تَقْضِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ احْتِيَاطًا قَضَتْهَا مَوْصُولًا بِالشَّهْرِ أَوْ مَفْصُولًا عَنْهُ هَذَا إذَا عَلِمَتْ أَنَّ دَوْرَهَا كَانَ يَكُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ فَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ يَبْتَدِئُ بِاللَّيْلِ تَقْضِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ احْتِيَاطًا قَضَتْهَا مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ كَانَ بِالنَّهَارِ تَقْضِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ احْتِيَاطًا لَوْ قَضَتْهَا مَوْصُولًا وَإِنْ قَضَتْهَا مَفْصُولًا فَثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ وَإِنْ لَمْ تَدْرِ فَإِنْ قَضَتْ مَوْصُولًا فَعَلَيْهَا قَضَاءُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَإِنْ قَضَتْ مَفْصُولًا فَثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ هَذَا إذَا كَانَ رَمَضَانُ كَامِلًا وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَسَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. الْمُعْتَادَةُ إذَا رَأَتْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ دَمًا وَنَسِيَتْ عَادَتَهَا فَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ دَمُهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَطَهُرَتْ هِيَ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ طُهْرًا كَامِلًا لَمْ تُعِدْ شَيْئًا مِمَّا تَرَكَتْ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَإِنْ جَاوَزَ الدَّمُ الْأَرْبَعِينَ أَوْ لَمْ يُجَاوِزْ وَلَكِنْ طَهُرَتْ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَعَلَيْهَا أَنْ تَتَحَرَّى فَإِنْ اسْتَقَرَّ رَأْيُهَا عَلَى عَدَدٍ كَانَ عَادَةُ نِفَاسِهَا ذَلِكَ مَضَتْ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَأْيٌ فِي ذَلِكَ احْتَاطَتْ فَقَضَتْ صَلَاةَ الْأَرْبَعِينَ كُلَّهَا فَإِنْ كَانَ دَمُهَا مُسْتَمِرًّا لِلْحَالِ انْتَظَرَتْ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ قَضَتْ صَلَاةَ هَذِهِ الْأَرْبَعِينَ ثَانِيًا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَسْقَطَتْ فِي الْمَخْرَجِ مَا يُشَكُّ فِي أَنَّهُ مُسْتَبِينُ الْخَلْقِ أَوَّلًا وَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ إنْ أَسْقَطَتْ أَوَّلَ أَيَّامِهَا تَرَكَتْ الصَّلَاةَ قَدْرَ عَادَتِهَا بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهَا إمَّا حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي عَادَتَهَا فِي الطُّهْرِ بِالشَّكِّ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا نُفَسَاءَ أَوْ طَاهِرَةً ثُمَّ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ قَدْرَ عَادَتِهَا فِي الْحَيْضِ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهَا إمَّا نُفَسَاءُ أَوْ حَائِضٌ ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي عَادَتَهَا فِي الطُّهْرِ بِيَقِينٍ إنْ كَانَتْ اسْتَوْفَتْ أَرْبَعِينَ مِنْ وَقْتِ الْإِسْقَاطِ وَإِلَّا فَبِالشَّكِّ فِي الْقَدْرِ الدَّاخِلِ فِيهَا وَبِيَقِينٍ فِي الْبَاقِي تَسْتَمِرُّ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ أُسْقِطَتْ بَعْدَ أَيَّامِهَا فَإِنَّهَا تُصَلِّي مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ قَدْرَ عَادَتِهَا فِي الطُّهْرِ بِالشَّكِّ ثُمَّ تَتْرُكُ قَدْرَ عَادَتِهَا فِي الْحَيْضِ بِيَقِينٍ وَحَاصِلُ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِلشَّكِّ وَيَجِبُ الِاحْتِيَاطُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ أَحْكَامُ الْمَعْذُورِ) شَرْطُ ثُبُوتِ الْعُذْرِ ابْتِدَاءً أَنْ يَسْتَوْعِبَ اسْتِمْرَارُهُ وَقْتَ الصَّلَاةِ كَامِلًا وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَالِانْقِطَاعِ لَا يَثْبُتُ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبْ الْوَقْتَ كُلَّهُ حَتَّى لَوْ سَالَ دَمُهَا فِي بَعْضِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَتَوَضَّأَتْ

الباب السابع في النجاسة وأحكامها وفيه ثلاثة فصول

وَصَلَتْ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ وَدَخَلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى وَانْقَطَعَ دَمُهَا فِيهِ أَعَادَتْ تِلْكَ الصَّلَاةَ لِعَدَمِ الِاسْتِيعَابِ. وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى خَرَجَ لَا تُعِيدُهَا لِوُجُودِ اسْتِيعَابِ الْوَقْتِ. وَشَرْطُ بَقَائِهِ أَنْ لَا يَمْضِيَ عَلَيْهِ وَقْتُ فَرْضٍ إلَّا وَالْحَدَثُ الَّذِي اُبْتُلِيَ بِهِ يُوجَدُ فِيهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ الْمُسْتَحَاضَةُ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ أَوْ اسْتِطْلَاقِ الْبَطْنِ أَوْ انْفِلَاتِ الرِّيحِ أَوْ رُعَافٍ دَائِمٌ أَوْ جُرْحٍ لَا يُرْقَأُ يَتَوَضَّئُونَ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ وَيُصَلُّونَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ فِي الْوَقْتِ مَا شَاءُوا مِنْ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ تَوَضَّأَ عَلَى السَّيَلَانِ وَصَلَّى عَلَى الِانْقِطَاعِ وَتَمَّ الِانْقِطَاعُ بِاسْتِيعَابِ الْوَقْتِ الثَّانِي أَعَادَ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ وَكَذَا إذَا انْقَطَعَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ وَتَمَّ الِانْقِطَاعُ. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيَبْطُلُ الْوُضُوءُ عِنْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْمَفْرُوضَةِ بِالْحَدَثِ السَّابِقِ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ حَتَّى لَوْ تَوَضَّأَ الْمَعْذُورُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةِ الضُّحَى. وَلَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً لِلظُّهْرِ فِي وَقْتِهِ وَأُخْرَى فِيهِ لِلْعَصْرِ فَعِنْدَهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَصْرَ بِهِ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنَّمَا تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهَا إذَا تَوَضَّأَتْ وَالدَّمُ سَائِلٌ أَوْ سَالَ بَعْدَ الْوُضُوءِ فِي الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ تَوَضَّأَتْ وَالدَّمُ مُنْقَطِعٌ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهِيَ عَلَى وُضُوءٍ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَسِلْ أَوْ تُحْدِثْ حَدَثًا آخَرَ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إنْ تَوَضَّأَ فِي وَقْتِهِ بِلَا حَاجَةٍ فَسَالَ يَتَوَضَّأُ وَكَذَا إنْ تَوَضَّأَ لِحَدَثٍ آخَرَ غَيْرَ السَّيَلَانِ فَسَالَ كَذَا فِي الْكَافِي رَجُلٌ بِهِ جُدَرِيٌّ مِنْهُ مَا هُوَ سَائِلٌ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ سَالَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ سَائِلًا نَقَضَ وُضُوءَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَذَا إذَا سَالَ الدَّمُ مِنْ أَحَدِ مَنْخِرَيْهِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ سَالَ مِنْ الْمَنْخِرِ الْآخَرِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الْمُسْتَحَاضَةُ إذَا تَوَضَّأَتْ وَافْتَتَحَتْ الصَّلَاةَ النَّافِلَةَ فَلَمَّا صَلَّتْ مِنْهَا رَكْعَةً خَرَجَ الْوَقْتُ فَسَدَتْ الصَّلَاةُ وَلَزِمَهَا الْقَضَاءُ احْتِيَاطًا. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مَتَى قَدَرَ الْمَعْذُورُ عَلَى رَدِّ السَّيَلَانِ بِرِبَاطٍ أَوْ حَشْوٍ أَوْ كَانَ لَوْ جَلَسَ لَا يَسِيلُ وَلَوْ قَامَ سَالَ وَجَبَ رَدُّهُ وَيَخْرُجُ بِرَدِّهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ عُذْرٍ بِخِلَافِ الْحَائِضِ إذَا مَنَعَتْ الدُّرُورَ فَإِنَّهَا حَائِضٌ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. النُّفَسَاءُ أَوْ الْمُسْتَحَاضَةُ إذَا احْتَشَتْ لَا تَخْرُجُ مِنْ أَنْ تَكُونَ نُفَسَاءَ أَوْ مُسْتَحَاضَةً. كَذَا فِي التَّجْنِيسِ. وَلَوْ كَانَ فِي عَيْنِهِ رَمَدٌ أَوْ عَمَشٌ يَسِيلُ دَمْعُهَا يُؤْمَرُ بِالْوُضُوءِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ صَدِيدًا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا كَانَ بِهِ جُرْحٌ سَائِلٌ وَقَدْ شَدَّ عَلَيْهِ خِرْقَةً فَأَصَابَهَا الدَّمُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدَّمِ أَوْ أَصَابَ ثَوْبَهُ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ غَسَلَهُ يَتَنَجَّسُ ثَانِيًا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ جَازَ أَنْ لَا يَغْسِلَهُ وَصَلَّى قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهُ وَإِلَّا فَلَا هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. رَجُلٌ رَعَفَ أَوْ سَالَ عَنْ جُرْحِهِ الدَّمُ يَنْتَظِرُ آخِرَ الْوَقْتِ فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي النَّجَاسَةِ وَأَحْكَامِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَطْهِيرِ الْأَنْجَاسِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي النَّجَاسَةِ وَأَحْكَامِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَطْهِيرِ الْأَنْجَاسِ) مَا يَطْهُرُ بِهِ النَّجَسُ عَشْرَةٌ: (مِنْهَا) الْغُسْلُ يَجُوزُ تَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ وَبِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ يُمْكِنُ إزَالَتُهَا بِهِ كَالْخَلِّ وَمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا إذَا عُصِرَ انْعَصَرَ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَمَا لَا يَنْعَصِرُ كَالدُّهْنِ لَمْ يَجُزْ إزَالَتُهَا بِهِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا الدِّبْسُ وَاللَّبَنُ وَالْعَصِيرُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَمِنْ الْمَائِعَاتِ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَإِزَالَتُهَا إنْ كَانَتْ مَرْئِيَّةً بِإِزَالَةِ عَيْنِهَا وَأَثَرِهَا إنْ كَانَتْ شَيْئًا يَزُولُ أَثَرُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَدُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَلَوْ زَالَتْ عَيْنُهَا بِمَرَّةٍ اكْتَفَى بِهَا وَلَوْ لَمْ

تَزُلْ بِثَلَاثَةٍ تُغْسَلُ إلَى أَنْ تَزُولَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِنْ كَانَتْ شَيْئًا لَا يَزُولُ أَثَرُهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ بِأَنْ يُحْتَاجَ فِي إزَالَتِهِ إلَى شَيْءٍ آخَرَ سِوَى الْمَاءِ كَالصَّابُونِ لَا يُكَلَّفُ بِإِزَالَتِهِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا لَا يُكَلَّفُ بِالْمَاءِ الْمَغْلِيِّ بِالنَّارِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَعَلَى هَذَا قَالُوا لَوْ صَبَغَ ثَوْبَهُ أَوْ يَدَهُ بِصِبْغٍ أَوْ حِنَّاءَ نَجِسَيْنِ فَغَسَلَ إلَى أَنْ صَفَا الْمَاءُ يَطْهُرُ مَعَ قِيَامِ اللَّوْنِ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا غَمَسَ الرَّجُلُ يَدَهُ فِي السَّمْنِ النَّجِسِ أَوْ أَصَابَ ثَوْبَهُ ثُمَّ غَسَلَ الْيَدَ أَوْ الثَّوْبَ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ حِرْصٍ وَأَثَرُ السَّمْنِ بَاقٍ عَلَى يَدِهِ يَطْهُرُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَرْئِيَّةٍ يَغْسِلُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُشْتَرَطُ الْعَصْرُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فِيمَا يَنْعَصِرُ وَيُبَالِغُ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ حَتَّى لَوْ عَصَرَ بَعْدَهُ لَا يَسِيلُ مِنْهُ الْمَاءُ وَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ شَخْصٍ قُوَّتُهُ وَفِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ يَكْتَفِي بِالْعَصْرِ مَرَّةً وَهُوَ أَرْفَقُ. كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي النَّوَازِلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ عَصَرَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَقُوَّتُهُ أَكْثَرُ وَلَمْ يُبَالِغْ فِيهِ صِيَانَةً لِلثَّوْبِ لَا يَجُوزُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ غَسَلَ ثَلَاثًا فَعَصَرَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ ثُمَّ تَقَاطَرَتْ مِنْهُ قَطْرَةٌ فَأَصَابَتْ شَيْئًا إنْ عَصَرَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ وَبَالَغَ فِيهِ بِحَيْثُ لَوْ عَصَرَهُ لَا يَسِيلُ مِنْهُ الْمَاءُ فَالثَّوْبُ وَالْيَدُ وَمَا تَقَاطَرَ طَاهِرٌ وَإِلَّا فَالْكُلُّ نَجِسٌ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَا لَا يَنْعَصِرُ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالتَّجْفِيفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّ لِلتَّجْفِيفِ أَثَرًا فِي اسْتِخْرَاجِ النَّجَاسَةِ وَحَدُّ التَّجْفِيفِ أَنْ يُخَلِّيَهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ التَّقَاطُرُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْيُبْسُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ هَذَا إذَا تَشَرَّبَتْ النَّجَاسَةُ كَثِيرًا وَإِنْ لَمْ تَتَشَرَّبْ فِيهِ أَوْ تَشَرَّبَتْ قَلِيلًا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ ثَلَاثًا. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. امْرَأَةٌ طَبَخَتْ الْحِنْطَةَ أَوْ اللَّحْمَ فِي الْخَمْرِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُطْبَخُ بِالْمَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَطْهُرُ أَبَدًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ نَاقِلًا عَنْ النِّصَابِ وَالْكُبْرَى. إذَا تَنَجَّسَ مَا لَا يَنْعَصِرُ بِالْعَصْرِ كَمَا إذَا تَشَرَّبَتْ النَّجَاسَةُ فِي الْمُصَابِ بِأَنْ مَوَّهَ السِّكِّينَ بِمَاءٍ نَجِسٍ أَوْ كَانَ الْخَزَفُ وَالْآجُرُّ جَدِيدَيْنِ وَقَدْ وَقَعَتْ الْخَمْرُ فِيهِمَا أَوْ الْحِنْطَةُ إذَا أَصَابَتْهَا خَمْرٌ وَتَشَرَّبَتْ فِيهَا وَانْتَفَخَتْ مِنْ الْخَمْرِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُمَوِّهُ السِّكِّينَ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ ثَلَاثًا وَيَغْسِلُ الْآجُرَّ وَالْخَزَفَ بِالْمَاءِ ثَلَاثًا وَيُجَفِّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَيَطْهُرُ وَالْحِنْطَةُ تُنْقَعُ فِي الْمَاءِ حَتَّى تَشْرَبَ الْمَاءَ كَمَا تَشَرَّبَتْ الْخَمْرُ ثُمَّ تُخَفَّفُ يَفْعَلُ كَذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا وَإِنْ لَمْ تَنْتَفِخْ تَطْهُرْ بِالْغُسْلِ ثَلَاثًا وَالتَّجْفِيفِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُوجَدَ طَعْمُ الْخَمْرِ وَلَا رِيحُهَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ الْآجُرُّ قَدِيمًا يَكْفِيهِ الْغُسْلُ ثَلَاثًا بِدَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا تَنَجَّسَ الْعَسَلُ يُلْقَى فِي طَنْجِيرٍ وَيُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَيُغْلَى حَتَّى يَعُودَ إلَى مِقْدَارِهِ. هَكَذَا ثَلَاثًا فَيَطْهُرُ قَالُوا وَعَلَى هَذَا الدِّبْسُ. الدُّهْنُ النَّجِسُ يُغْسَلُ ثَلَاثًا بِأَنْ يُلْقَى فِي الْخَابِيَةِ ثُمَّ يُصَبَّ فِيهِ مِثْلُهُ مَاءٌ وَيُحَرَّكَ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَعْلُوَ الدُّهْنُ فَيُؤْخَذَ أَوْ يَثْقُبَ أَسْفَلَ الْخَابِيَةِ حَتَّى يَخْرُجَ الْمَاءُ. هَكَذَا ثَلَاثًا فَيَطْهُرَ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. ثَوْبٌ نَجِسٌ غُسِلَ فِي ثَلَاثِ جِفَانٍ أَوْ فِي وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا وَعُصِرَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ طَهُرَ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْغَسْلِ. هَكَذَا فَلَوْ لَمْ يَطْهُرْ لَضَاقَ عَلَى النَّاسِ. وَغَسْلُ عُضْوٍ فِي أَوَانِ وَغَسْلُ جُنُبٍ لَمْ يَسْتَنْجِ فِي آبَارٍ كَالثَّوْبِ وَيَتَنَجَّسُ الْمَاءُ وَالْأَوَانِي وَالْمَاءُ الرَّابِعُ مُطَهِّرٌ فِي الثَّوْبِ لَا الْعُضْوِ؛ لِأَنَّهُ أُقِيمَ بِهِ قُرْبَةٌ. كَذَا فِي الْكَافِي وَالْمِيَاهُ الثَّلَاثَةُ نَجِسَةٌ مُتَفَاوِتَةٌ فَالْأَوَّلُ إذَا أَصَابَ شَيْئًا يَطْهُرُ بِالثَّلَاثِ وَالثَّانِي بِالْمُثَنَّى وَالثَّالِثُ بِالْوَاحِدِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّنْوِيرِ وَيَكُونُ حُكْمُهُ فِي الثَّوْبِ الثَّانِي مِثْلُ حُكْمِهِ فِي الْأَوَّلِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَتَطْهُرُ الْإِجَّانَةُ الثَّالِثَةُ تَبَعًا لِلْمَغْسُولِ كَعُرْوَةِ الْقُمْقُمَةِ وَحُبِّ الْخَمْرِ الَّتِي تَخَلَّلَتْ فِيهِ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. خُفُّ بِطَانَةٍ

سَاقُهُ مِنْ كِرْبَاسَ فَدَخَلَ فِي خُرُوقِهِ مَاءٌ نَجِسٌ فَغَسَلَ الْخُفَّ وَدَلَكَهُ بِالْيَدِ ثُمَّ مَلَأَهُ الْمَاءَ ثَلَاثًا وَأَرَاقَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ عَصْرُ الْكِرْبَاسِ فَقَدْ طَهُرَ الْخُفُّ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي النَّوَازِلِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُتْرَكُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ حَتَّى يَنْقَطِعَ التَّقَاطُرُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْخُفُّ الْخُرَاسَانِيُّ الَّذِي صَرْمُهُ مُوَشًّى بِالْغَزْلِ بِحَيْثُ صَارَ ظَاهِرُهُ كُلُّهُ غَزْلًا فَأَصَابَتْ النَّجَاسَةُ تَحْتَهَا فَإِنَّهُ يُغْسَلُ ثَلَاثًا وَيُجَفَّفُ كُلَّ مَرَّةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُغْسَلُ مَرَّةً وَيُتْرَكُ حَتَّى يَنْقَطِعَ التَّقَاطُرُ ثُمَّ يُغْسَلَ ثَانِيًا وَثَالِثًا كَذَلِكَ وَهَذَا أَصَحُّ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْأَرْضُ أَوْ الشَّجَرُ إذَا أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ فَأَصَابَهُ الْمَطَرُ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ يَصِيرُ طَاهِرًا وَكَذَا الْخَشَبُ إذَا أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ فَأَصَابَهُ الْمَطَرُ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْغَسْلِ. الْأَرْضُ إذَا تَنَجَّسَتْ بِبَوْلٍ وَاحْتَاجَ النَّاسُ إلَى غَسْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ رَخْوَةً يُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهَا ثَلَاثًا فَتَطْهُرُ وَإِنْ كَانَتْ صُلْبَةً قَالُوا: يُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهَا وَتُدَلَّكُ ثُمَّ تُنَشَّفُ بِصُوفٍ أَوْ خِرْقَةٍ يُفْعَلُ كَذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَتَطْهُرُ وَإِنْ صُبَّ عَلَيْهَا مَاءٌ كَثِيرٌ حَتَّى تَفَرَّقَتْ النَّجَاسَةُ وَلَمْ يَبْقَ رِيحُهَا وَلَا لَوْنُهَا وَتُرِكَتْ حَتَّى جَفَّتْ تَطْهُرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَصِيرٌ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ فَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ يَابِسَةً لَا بُدَّ مِنْ الدَّلْكِ حَتَّى تَلِينَ وَإِنْ كَانَتْ رَطْبَةً إنْ كَانَ الْحَصِيرُ مِنْ قَصَبٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى شَيْءٍ آخَرَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَطْهُرُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَشِّفُ النَّجَاسَةَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَرْدِيٍّ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ يُغْسَلُ وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَيَطْهُرُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي شَرْحِهَا لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ الْبَرْدِيُّ إذَا أُلْقِيَ فِي الْمَاءِ النَّجِسِ فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْمَشَايِخُ يُغْسَلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُعْصَرُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَوْ يُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَيَطْهُرُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْحَمَّامِ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْبِسَاطُ النَّجِسُ إذَا جُعِلَ فِي نَهْرٍ وَتُرِكَ لَيْلَةً حَتَّى جَرَى الْمَاءُ عَلَيْهِ طَهُرَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ. الْكُوزُ إذَا كَانَ فِيهِ خَمْرٌ فَتَطْهِيرُهُ أَنْ يُجْعَلَ فِيهِ الْمَاءُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ مَرَّةٍ سَاعَةٌ إنْ كَانَ الْكُوزُ جَدِيدًا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. دَنُّ الْخَمْرِ إذَا غُسِلَ ثَلَاثًا وَكَانَ عَتِيقًا مُسْتَعْمَلًا يَطْهُرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ هَذَا إذَا لَمْ يَبْقَ رَائِحَةُ الْخَمْرِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْكُبْرَى. الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ إنْ كَانَ صُلْبًا لَا يُنَشِّفُ النَّجَاسَةَ لِصَلَابَتِهِ يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ فِي قَوْلِهِمْ وَإِنْ كَانَ يُنَشِّفُ النَّجَاسَةَ إنْ أَمْكَنَ عَصْرُهُ يُغْسَلُ ثَلَاثًا وَيُعْصَرُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَيَطْهُرُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ عَصْرُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُغْسَلُ ثَلَاثًا وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا تَنَجَّسَ طَرَفٌ مِنْ أَطْرَافِ الثَّوْبِ وَنَسِيَهُ فَغَسَلَ طَرَفًا مِنْ أَطْرَافِ الثَّوْبِ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ حُكِمَ بِطَهَارَةِ الثَّوْبِ هُوَ الْمُخْتَارُ فَلَوْ صَلَّى مَعَ هَذَا الثَّوْبِ صَلَوَاتٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ النَّجَاسَةَ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّى مَعَ هَذَا الثَّوْبِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَغْسِلَ جَمِيعَ الثَّوْبِ وَكَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ أَصَابَ الْكُمَّ وَلَا يَدْرِي أَيَّ الْكُمَّيْنِ غَسَلَهُمَا. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الثَّوْبُ إذَا تَنَجَّسَ وَوَجَبَ غُسْلُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَغُسِلَ يَوْمًا مَرَّتَيْنِ جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ فِيمَا يَقَعُ فِي الْبِئْرِ. (وَمِنْهَا الْمَسْحُ) إذَا وَقَعَ عَلَى الْحَدِيدِ الصَّقِيلِ الْغَيْرِ الْخَشِنِ كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَالْمِرْآةِ وَنَحْوِهَا نَجَاسَةٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُمَوَّهَ بِهَا فَكَمَا يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ يَطْهُرُ بِالْمَسْحِ بِخِرْقَةٍ طَاهِرَةٍ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ وَلَا بَيْنَ مَا لَهُ جِرْمٌ وَمَا لَا جِرْمَ لَهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى. كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَلَوْ كَانَ خَشِنًا أَوْ مَنْقُوشًا لَا يَطْهُرُ بِالْمَسْحِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا مَسَحَ مَوْضِعَ الْمُحْجِمَةِ بِثَلَاثِ خِرْقَاتٍ رِطَابٍ نِظَافٍ أَجْزَأَهُ عَنْ

الْغُسْلُ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَ الْغَسْلِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَمِنْهَا) الْفَرْكُ فِي الْمَنِيِّ الْمَنِيُّ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ فَإِنْ كَانَ رَطْبًا يَجِبُ غَسْلُهُ وَإِنْ جَفَّ عَلَى الثَّوْبِ أَجْزَأَ فِيهِ الْفَرْكُ اسْتِحْسَانًا. كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَبَقَاءُ أَثَرِ الْمَنِيِّ بَعْدَ الْفَرْكِ لَا يَضُرُّ كَبَقَائِهِ بَعْدَ الْغَسْلِ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَوْ كَانَ رَأْسُ ذَكَرِهِ نَجِسًا بِالْبَوْلِ لَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ أَصَابَ بَدَنَهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا فِي الْكَافِي نَاقِلًا عَنْ الْأَصْلِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ قَالَ مَشَايِخُنَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ؛ لِأَنَّ الْبَلْوَى فِيهِ أَشَدُّ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ نَفَذَ الْمَنِيُّ إلَى الْبِطَانَةِ يُكْتَفَى بِالْفَرْكِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَهَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. خُفٌّ أَصَابَهُ مَنِيٌّ إنْ كَانَ يَابِسًا يَجُوزُ فِيهِ الْفَرْكُ كَذَا فِي الْكَافِي. الْمَنِيُّ إذَا فُرِكَ عَنْ الثَّوْبِ وَذَهَبَ أَثَرُهُ فَأَصَابَهُ مَاءٌ فِيهِ رِوَايَتَانِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ نَجِسًا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِنْهَا) الْحَتُّ وَالدَّلْكُ الْخُفُّ إذَا أَصَابَهُ النَّجَاسَةُ إنْ كَانَتْ مُتَجَسِّدَةً كَالْعَذِرَةِ وَالرَّوْثِ وَالْمَنِيِّ يَطْهُرُ بِالْحَتِّ إذَا يَبِسَتْ وَإِنْ كَانَتْ رَطْبَةً فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغَسْلِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إذَا مَسَحَهُ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ يَطْهُرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِعُمُومِ الْبَلْوَى. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ مُتَجَسِّدَةً كَالْخَمْرِ وَالْبَوْلِ إذَا الْتَصَقَ بِهَا مِثْلُ التُّرَابِ أَوْ أُلْقِيَ عَلَيْهَا فَمَسَحَهَا يَطْهُرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِلضَّرُورَةِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَفِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ الْفَرْوُ إذَا أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ الْمُتَجَسِّدَةُ وَيَبِسَتْ يَطْهُرُ بِالدَّلْكِ كَمَا يَطْهُرُ الْخُفُّ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. (وَمِنْهَا) الْجَفَافُ وَزَوَالُ الْأَثَرِ الْأَرْضُ تَطْهُرُ بِالْيُبْسِ وَذَهَابِ الْأَثَرِ لِلصَّلَاةِ لَا لِلتَّيَمُّمِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَفَافِ بِالشَّمْسِ وَالنَّارِ وَالرِّيحِ وَالظِّلِّ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيُشَارِكُ الْأَرْضَ فِي حُكْمِهَا كُلُّ مَا كَانَ ثَابِتًا فِيهَا كَالْحِيطَانِ وَالْأَشْجَارِ وَالْكَلَأِ وَالْقَصَبِ مَا دَامَ قَائِمًا عَلَيْهَا فَإِذَا انْقَطَعَ الْحَشِيشُ وَالْخَشَبُ وَالْقَصَبُ وَأَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. الْآجُرَّةُ إذَا كَانَتْ مَفْرُوشَةً فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَرْضِ تَطْهُرُ بِالْجَفَافِ وَإِنْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً تُنْقَلُ وَتُحَوَّلُ لَا بُدَّ مِنْ الْغَسْلِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا الْحَجَرُ وَاللَّبِنَةُ. هَكَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي فَإِنْ قُلِعَ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَعُودُ نَجِسًا فِيهِ رِوَايَتَانِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْحَصَى حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَرْضِ إذَا كَانَ فِيهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَا يَطْهُرُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. وَإِذَا طَهُرَتْ الْأَرْضُ بِالْجَفَافِ ثُمَّ أَصَابَهَا الْمَاءُ الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَعُودُ نَجِسًا وَلَوْ رَشَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ وَجَلَسَ عَلَيْهَا لَا بَأْسَ بِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا) الْإِحْرَاقُ السِّرْقِينُ إذَا أُحْرِقَ حَتَّى صَارَ رَمَادًا فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا الْعَذِرَةُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا أُحْرِقَ رَأْسُ الشَّاةِ مُلَطَّخًا بِالدَّمِ وَزَالَ عَنْهُ الدَّمُ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ. الطِّينُ النَّجِسُ إذَا جُعِلَ مِنْهُ الْكُوزُ أَوْ الْقِدْرُ فَطُبِخَ يَكُونُ طَاهِرًا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا اللَّبِنُ إذَا لُبِّنَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ وَأُحْرِقَ. كَذَا فِي فَتَاوَى الْغَرَائِبِ. إذَا سَعَّرَتْ الْمَرْأَةُ التَّنُّورَ ثُمَّ مَسَحَتْهُ بِخِرْقَةٍ مُبْتَلَّةٍ نَجِسَةٍ ثُمَّ خَبَزَتْ فِيهِ فَإِنْ كَانَتْ حَرَارَةُ النَّارِ أَكَلَتْ بَلَّةَ الْمَاءِ قَبْلَ إلْصَاقِ الْخُبْزِ بِالتَّنُّورِ لَا يَتَنَجَّسُ الْخُبْزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُعِّرَ التَّنُّورُ بِالْأَخْثَاءِ وَالْأَرْوَاثِ يُكْرَهُ الْخُبْزُ فِيهِ وَلَوْ رَشَّهُ بِالْمَاءِ بَطَلَتْ الْكَرَاهَةُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. (وَمِنْهَا) الِاسْتِحَالَةُ تَخَلَّلَ الْخَمْرُ فِي خَابِيَةٍ جَدِيدَةٍ طَهُرَتْ بِالِاتِّفَاقِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْخُبْزُ الَّذِي عُجِنَ بِالْخَمْرِ لَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ وَلَوْ صُبَّ فِيهِ الْخَلُّ وَذَهَبَ أَثَرُهَا يَطْهُرُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الرَّغِيفُ إذَا أُلْقِيَ فِي الْخَمْرِ ثُمَّ صَارَ الْخَمْرُ خَلًّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ طَاهِرٌ إذَا لَمْ يَبْقَ رَائِحَةُ الْخَمْرِ وَكَذَا فِي الْبَصَلِ إذَا أُلْقِيَ فِي الْخَمْرِ ثُمَّ تَخَلَّلَ؛ لِأَنَّ

الفصل الثاني في الأعيان النجسة

مَا فِيهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْخَمْرِ صَارَ خَلًّا. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْخَمْرُ إذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ أَوْ الْمَاءُ فِي الْخَمْرِ ثُمَّ صَارَتْ خَلًّا طَهُرَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا صُبَّ الْخَمْرُ فِي الْمَرَقَةِ ثُمَّ الْخَلُّ إنْ صَارَتْ الْمَرَقَةُ كَالْخَلِّ فِي الْحُمُوضَةِ طَهُرَتْ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فَأْرَةٌ وَقَعَتْ فِي الْخَمْرِ ثُمَّ اُسْتُخْرِجَتْ قَبْلَ التَّفَتُّتِ ثُمَّ صَارَتْ خَلًّا لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَإِنْ تَفَسَّخَتْ فِي الْخَمْرِ ثُمَّ اُسْتُخْرِجْت ثُمَّ صَارَ الْخَمْرُ خَلًّا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ. وَكَذَا الْكَلْبُ إذَا وَلَغَ فِي عَصِيرٍ ثُمَّ تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ لُعَابَ الْكَلْبِ قَائِمٌ فِيهِ وَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ خَلًّا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا إذَا وَقَعَ الْبَوْلُ فِي الْخَمْرِ ثُمَّ تَخَلَّلَ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْخَلُّ النَّجِسُ إذَا صُبَّ فِي خَمْرٍ فَصَارَ خَلًّا يَكُونُ نَجِسًا؛ لِأَنَّ النَّجِسَ لَمْ يَتَغَيَّرْ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْحِمَارُ أَوْ الْخِنْزِيرُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَمْلَحَةِ فَصَارَ مِلْحًا أَوْ بِئْرِ الْبَالُوعَةِ إذَا صَارَ طِينًا يَطْهُرُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. دَنُّ الْعَصِيرِ إذَا غَلَا وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ وَسَكَنَ عَنْ الْغَلَيَانِ وَانْتَقَصَ ثُمَّ صَارَ خَلًّا إنْ تُرِكَ الْخَلُّ فِيهِ حَتَّى طَالَ مُكْثُهُ وَارْتَفَعَ بُخَارُ الْخَلِّ إلَى رَأْسِ الدَّنِّ يَصِيرُ طَاهِرًا وَكَذَا الثَّوْبُ الَّذِي أَصَابَهُ الْخَمْرُ إذَا غُسِلَ بِالْخَلِّ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. جُعِلَ الدُّهْنُ النَّجِسُ فِي الصَّابُونِ يُفْتَى بِطَهَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. (وَمِنْهَا) الدِّبَاغُ وَالذَّكَاةُ وَالنَّزْحُ وَقَدْ مَرَّ كُلٌّ مِنْهَا بِالتَّفْصِيلِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) إذَا أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ بَعْضَ أَعْضَائِهِ وَلَحِسَهَا بِلِسَانِهِ حَتَّى ذَهَبَ أَثَرُهَا يَطْهُرُ وَكَذَا السِّكِّينُ إذَا تَنَجَّسَ فَلَحِسَهُ بِلِسَانِهِ أَوْ مَسَحَهُ بِرِيقِهِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ لَحِسَ الثَّوْبَ بِلِسَانِهِ حَتَّى ذَهَبَ الْأَثَرُ فَقَدْ طَهُرَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَاءَ مِلْءَ الْفَمِ وَتَوَضَّأَ وَلَمْ يَغْسِلْ فَاهُ حَتَّى صَلَّى جَازَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَطْهُرُ بِالْبُزَاقِ. الصَّبِيُّ إذَا قَاءَ عَلَى ثَدْيِ الْأُمِّ ثُمَّ مَصَّ الثَّدْيَ مِرَارًا يَطْهُرُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمَحْلُوجُ النَّجِسُ إذَا نُدِفَ إنْ كَانَ الْكُلُّ أَوْ النِّصْفُ نَجِسًا لَا يَطْهُرُ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَذْهَبَ بِهَذَا الْفِعْلِ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ كَالْكُدْسِ إذَا تَنَجَّسَ فَقُسِّمَ بَيْنَ الدِّهْقَانِ وَالْعَامِلِ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْحِنْطَةُ تُدَاسُ بِالْحُمُرِ تَبُولُ وَتَرُوثُ وَيُصِيبُ بَعْضَ الْحِنْطَةِ وَيَخْتَلِطُ مَا أُصِيبَ مِنْهَا بِغَيْرِهِ قَالُوا: لَوْ عَزَلَ بَعْضَهَا وَغَسَلَ ثُمَّ خَلَطَ الْكُلَّ أُبِيحَ تَنَاوُلُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ عَزَلَ وَوَهَبَهُ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا أُذِيبَ الْقَلَعِيُّ النَّجِسُ طَهُرَ بِخِلَافِ الْمُومِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ الْفَأْرَةُ لَوْ مَاتَتْ فِي السَّمْنِ إنْ كَانَ جَامِدًا قُوِّرَ مَا حَوْلَهُ وَرُمِيَ بِهِ وَالْبَاقِي طَاهِرٌ يُؤْكَلُ وَإِنْ كَانَ مَائِعًا لَمْ يُؤْكَلْ وَيُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْأَكْلِ مِثْلُ الِاسْتِصْبَاحِ وَدَبْغِ الْجِلْدِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا دُبِغَ بِهِ يُؤْمَرُ بِالْغَسْلِ ثُمَّ إنْ كَانَ يَنْعَصِرُ يُغْسَلُ وَيُعْصَرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْعَصِرُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُغْسَلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَحَدُّ الْجَامِدِ أَنَّهُ إذَا أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا يَسْتَوِي مِنْ سَاعَتِهِ وَإِنْ كَانَ يَسْتَوِي فَهُوَ مَائِعٌ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى الْغَرَائِبِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ] وَهِيَ نَوْعَانِ (الْأَوَّلُ) الْمُغَلَّظَةُ وَعُفِيَ مِنْهَا قَدْرُ الدِّرْهَمِ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِالْوَزْنِ فِي النَّجَاسَةِ الْمُتَجَسِّدَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ قَدْرَ الدِّرْهَمِ الْكَبِيرِ الْمِثْقَالِ وَبِالْمِسَاحَةِ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ قَدْرُ عَرْضِ الْكَفِّ (2) . هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْكَافِي وَأَكْثَرُ الْفَتَاوَى وَالْمِثْقَالُ وَزْنُهُ عِشْرُونَ قِيرَاطًا وَعَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ زَمَانٍ بِدِرْهَمِهِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا

عَنْ الْإِيضَاحِ كُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ مِمَّا يُوجِبُ خُرُوجُهُ الْوُضُوءَ أَوْ الْغُسْلَ فَهُوَ مُغَلَّظٌ كَالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ وَالْقَيْءِ إذَا مَلَأَ الْفَمَ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَكَذَا دَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَلِكَ بَوْلُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ أَكَلَا أَوْ لَا. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَكَذَلِكَ الْخَمْرُ وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ وَلَحْمُ الْمَيْتَةِ وَبَوْلُ مَا لَا يُؤْكَلُ وَالرَّوْثُ وَأَخْثَاءُ الْبَقَرِ وَالْعَذِرَةِ وَنَجْوُ الْكَلْبِ وَخُرْءُ الدَّجَاجِ وَالْبَطِّ وَالْإِوَزِّ نَجِسٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا خُرْءُ السِّبَاعِ وَالسِّنَّوْرِ وَالْفَأْرَةِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ بَوْلُ الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُفْسِدُ إذَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ خُرْءُ الْحَيَّةِ وَبَوْلُهَا نَجِسٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً وَكَذَا خُرْءُ الْعَلَقِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَدَمُ الْحَلَمَةِ وَالْوَزَغَةِ نَجِسٌ إذَا كَانَ سَائِلًا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَإِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَالثَّانِي الْمُخَفَّفَةُ) وَعُفِيَ مِنْهَا مَا دُونَ رُبْعِ الثَّوْبِ. كَذَا فِي أَكْثَرِ الْمُتُونِ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ اعْتِبَارِ الرُّبْعِ قِيلَ الْمُعْتَبَرُ رُبْعُ طَرَفٍ أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ كَالذَّيْلِ وَالْكُمِّ وَالدِّخْرِيصِ إنْ كَانَ الْمُصَابُ ثَوْبًا وَرُبْعُ الْعُضْوِ الْمُصَابِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ إنْ كَانَ بَدَنًا وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ التُّحْفَةِ وَالْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ وَالْمُجْتَبَى وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي الْحَقَائِقِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَبَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَالْفَرَسُ وَخُرْءُ طَيْرٍ لَا يُؤْكَلُ مُخَفَّفٌ هَكَذَا فِي الْكَنْزِ. وَخِفَّةُ النَّجَاسَةِ تَظْهَرُ فِي الثَّوْبِ دُونَ الْمَاءِ. كَذَا فِي الْكَافِي. دَمُ الشَّهِيدِ مَا دَامَ عَلَيْهِ طَاهِرٌ وَإِذَا أُبِينَ مِنْهُ كَانَ نَجِسًا وَمَرَارَةُ كُلِّ شَيْءٍ كَبَوْلِهِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْبَوْلُ الْمُنْتَضِحُ قَدْرَ رُءُوسِ الْإِبَرِ مَعْفُوٌّ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ امْتَلَأَ الثَّوْبُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا قَدْرُ الْجَانِبِ الْآخَرِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ. هَذَا إذَا كَانَ الِانْتِضَاحُ عَلَى الثِّيَابِ وَالْأَبْدَانِ أَمَّا إذَا انْتَضَحَ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُهُ وَلَا يُعْفَى عَنْهُ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْمَاءِ آكَدُ مِنْ طَهَارَةِ الْأَبَدَانِ وَالثِّيَابِ وَالْمَكَانِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ كَانَ الْمُنْتَضَحُ مِثْلُ رَأْسِ الْمِسَلَّةِ مُنِعَ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) جِلْدُ الْحَيَّةِ نَجِسٌ وَإِنْ كَانَتْ مَذْبُوحَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الدِّبَاغَةَ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَمِيصُ الْحَيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ طَاهِرٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ لُعَابُ النَّائِمِ طَاهِرٌ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْفَمِ أَوْ مُنْبَعِثًا مِنْ الْجَوْفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَأَمَّا لُعَابُ الْمَيِّتِ فَقَدْ قِيلَ إنَّهُ نَجِسٌ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. مَاءُ دُودِ الْقَزِّ وَعَيْنُهُ وَخُرْؤُهُ طَاهِرٌ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَذَرْقُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الطَّيْرِ طَاهِرٌ عِنْدَنَا مِثْلُ الْحَمَامِ وَالْعَصَافِيرِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَبَنَ الْأَتَانِ طَاهِرٌ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَكَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُؤْكَلُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ. وَمَا يَبْقَى مِنْ الدَّمِ فِي عُرُوقِ الذَّكَاةِ بَعْدَ الذَّبْحِ لَا يُفْسِدُ الثَّوْبَ وَإِنْ فَحُشَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا الدَّمُ الَّذِي يَبْقَى فِي اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْفُوحٍ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَا لَزِقَ مِنْ الدَّمِ السَّائِلِ بِاللَّحْمِ فَهُوَ نَجِسٌ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. دَمُ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ لَيْسَ بِنَجِسٍ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَدَمُ الْبَقِّ وَالْبَرَاغِيثِ وَالْقَمْلِ وَالْكَتَّانِ (1) طَاهِرٌ وَإِنْ كَثُرَ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَدَمُ السَّمَكِ وَمَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ لَا يُفْسِدُ الثَّوْبَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. بَعْرَةُ الْفَأْرَةِ وَقَعَتْ فِي وَقْرِ الْحِنْطَةِ فَطُحِنَتْ وَالْبَعْرَةُ فِيهَا أَوْ وَقَعَتْ فِي وَقْرِ دُهْنٍ لَمْ يَفْسُدْ الدَّقِيقُ وَالدُّهْنُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُمَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ نَأْخُذُ وَفِي مَسَائِلِ أَبِي حَفْصٍ فِي بَعْرِ الْفَأْرَةِ إذَا وَقَعَ فِي الرُّبِّ أَوْ الْخَلِّ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ. هَكَذَا فِي

الْمُحِيطِ وَلَوْ أَصَابَ الثَّوْبَ دُهْنٌ نَجِسٌ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ ثُمَّ انْبَسَطَ فَصَارَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَبِهِ أَخَذَ الْأَكْثَرُونَ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَبِهِ يُؤْخَذُ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. إذَا لَفَّ الثَّوْبَ النَّجِسَ فِي الثَّوْبِ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسُ رَطْبٌ فَظَهَرَتْ نَدَاوَتُهُ فِي الثَّوْبِ الطَّاهِرِ لَكِنْ لَمْ يَصِرْ رَطْبًا بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ يَسِيلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا يَتَقَاطَرُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ نَجِسًا وَكَذَا لَوْ بَسَطَ الثَّوْبَ الطَّاهِرَ عَلَى الثَّوْبِ النَّجِسِ أَوْ عَلَى أَرْضٍ نَجِسَةٍ مُبْتَلَّةٍ وَأَثَّرَتْ تِلْكَ النَّجَاسَةُ فِي الثَّوْبِ لَكِنْ لَمْ يَصِرْ رَطْبًا بِحَالِ لَوْ عُصِرَ يَسِيلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَكِنْ يُعْرَفُ مَوْضِعُ النَّدْوَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ نَجِسًا. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ وَضَعَ رِجْلَهُ الْمَبْلُولَةَ عَلَى أَرْضٍ نَجِسَةٍ أَوْ بِسَاطٍ نَجِسٍ لَا يَتَنَجَّسُ وَإِنْ وَضَعَهَا جَافَّةً عَلَى بِسَاطٍ نَجِسٍ رَطْبٍ إنْ ابْتَلَّتْ تَنَجَّسَتْ وَلَا تُعْتَبَرُ النَّدَاوَةُ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى. وَإِذَا جَعَلَ السِّرْقِينَ فِي الطِّينِ فَطَيَّنَ بِهِ السَّقْفَ فَيَبِسَ فَوَضَعَ عَلَيْهِ مِنْدِيلٌ مَبْلُولٌ لَا يَتَنَجَّسُ. السِّرْقِينُ الْجَافُّ أَوْ التُّرَابُ النَّجِسُ إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ فَأَصَابَ ثَوْبًا لَا يَتَنَجَّسُ مَا لَمْ يَرَ فِيهِ أَثَرَ النَّجَاسَةِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا مَرَّتْ الرِّيحُ بِالْعَذِرَاتِ وَأَصَابَتْ الثَّوْبَ الْمَبْلُولَ يَتَنَجَّسُ إنْ وُجِدَتْ رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ مَا يُصِيبُ الثَّوْبَ مِنْ بُخَارَاتِ النَّجَاسَاتِ لَا يَتَنَجَّسُ بِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. دُخَانُ النَّجَاسَةِ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ أَوْ الْبَدَنَ الصَّحِيحُ إنَّهُ لَا يُنَجِّسُهُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي الْفَتَاوَى إذَا أُحْرِقَتْ الْعَذِرَةُ فِي بَيْتٍ فَعَلَا دُخَانُهُ وَبُخَارُهُ إلَى الطَّابَقِ وَانْعَقَدَ ثُمَّ ذَابَ أَوْ عَرِقَ الطَّابَقُ فَأَصَابَ مَاؤُهُ ثَوْبًا لَا يَفْسُدُ اسْتِحْسَانًا مَا لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ النَّجَاسَةِ وَبِهِ أَفْتَى الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ وَكَذَا الْإِصْطَبْلُ إذَا كَانَ حَارًّا وَعَلَى كُوَّتِهِ طَابَقٌ أَوْ بَيْتُ الْبَالُوعَةِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ طَابَقٌ فَعَرِقَ الطَّابَقُ وَتَقَاطَرَ وَكَذَا الْحَمَّامُ إذَا أُحْرِقَ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَعَرِقَ حِيطَانُهَا وَكَوَاهَا وَتَقَاطَرَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ وَلَمْ يَمْسَحْهُ بِالْمِنْدِيلِ حَتَّى فَسَا. عَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ مَا حَوْلَهُ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَسْتَنْجِ وَلَكِنْ ابْتَلَّ السَّرَاوِيلُ بِالْعَرَقِ أَوْ بِالْمَاءِ ثُمَّ فَسَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَا إذَا دَخَلَ الْمَرْبِطَ فِي الشِّتَاءِ وَبَدَنُهُ مُبْتَلٌّ أَوْ أُدْخِلَ فِيهِ شَيْءٌ مُبْتَلٌّ فَجَفَّ مِنْ حَرِّهِ لَا يَتَنَجَّسُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ أَثَرُهُ كَصُفْرَةٍ ظَهَرَتْ فِي السَّرَاوِيلِ الْمُبْتَلِّ أَوْ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ إذَا يَبِسَ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا نَامَ الرَّجُلُ عَلَى فِرَاشٍ فَأَصَابَهُ مَنِيٌّ وَيَبِسَ فَعَرِقَ الرَّجُلُ وَابْتَلَّ الْفِرَاشُ مِنْ عَرَقِهِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ الْبَلَلِ فِي بَدَنِهِ لَا يَتَنَجَّسُ وَإِنْ كَانَ الْعَرَقُ كَثِيرًا حَتَّى ابْتَلَّ الْفِرَاشُ ثُمَّ أَصَابَ بَلَلُ الْفِرَاشِ جَسَدَهُ فَظَهَرَ أَثَرُهُ فِي جَسَدِهِ يَتَنَجَّسُ بَدَنُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حِمَارٌ بَالَ فِي الْمَاءِ فَأَصَابَ مِنْ ذَلِكَ الرَّشَّاشِ ثَوْبَ إنْسَانٍ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَثُرَ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ أَنَّهُ بَوْلٌ وَكَذَا لَوْ رُمِيَتْ الْعَذِرَةُ فِي الْمَاءِ فَخَرَجَ مِنْهَا رَشَّاشٌ فَأَصَابَ ثَوْبًا إنْ ظَهَرَ أَثَرُهَا فِيهِ يَتَنَجَّسُ وَإِلَّا فَلَا هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا أَوْ رَاكِدًا. وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ إذَا كَانَ فِي رِجْلِ الْفَرَسِ نَجَاسَةٌ فَمَشَى فِي الْمَاءِ وَأَصَابَ مِنْهُ رَشَاشٌ ثَوْبَ الرَّاكِبِ صَارَ نَجِسًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ رَاكِدًا أَوْ جَارِيًا وَالْأَصَحُّ هُوَ الْأَوَّلُ لِلْقَاعِدَةِ الْمُطَّرِدَةِ أَنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ. هَكَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ. ذُبَابُ الْمُسْتَرَاحِ إذَا جَلَسَ عَلَى ثَوْبٍ لَا يُفْسِدُهُ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ وَيَكْثُرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَصَابَهُ طِينٌ أَوْ مَشَى فِيهِ وَلَمْ يَغْسِلْ قَدَمَيْهِ وَصَلَّى يُجْزِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ إلَّا أَنْ يَحْتَاطَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَرَاخَانِيٍّ نَاقِلًا عَنْ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. التُّرَابُ الطَّاهِرُ إذَا جُعِلَ طِينًا بِالْمَاءِ النَّجِسِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ الصَّحِيحُ أَنَّ الطِّينَ نَجِسٌ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. التِّبْنُ النَّجِسُ إذَا جُعِلَ فِي الطِّينِ إذَا كَانَ التِّبْنُ قَائِمًا يُرَى عَيْنُهُ كَانَ

الفصل الثالث في الاستنجاء

نَجِسًا إنْ كَانَ كَثِيرًا وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ يَبِسَ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْكَلْبُ إذَا أَخَذَ عُضْوَ إنْسَانٍ أَوْ ثَوْبَهُ لَا يَتَنَجَّسُ مَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ أَثَرُ الْبَلَلِ رَاضِيًا كَانَ أَوْ غَضْبَانَ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي قَالَ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي شَرْحِهَا لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ. إذَا نَامَ الْكَلْبُ عَلَى حَصِيرِ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ يَابِسًا لَا يَتَنَجَّسُ وَإِنْ كَانَ رَطْبًا وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ النَّجَاسَةِ فَكَذَلِكَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. عَظْمُ الْفِيلِ طَاهِرٌ هُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لُعَابُ الْفِيلِ نَجِسٌ كَلُعَابِ الْفَهْدِ وَالْأَسَدِ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ بِخُرْطُومِهِ يُنَجِّسُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ جَرَّةُ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُ سِرْقِينِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالشَّعِيرُ الَّذِي يُوجَدُ فِي بَعْرِ الْإِبِلِ وَالشَّاةِ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ بِخِلَافِ مَا يُوجَدُ فِي خِثْيِ الْبَقَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا صَلَابَةَ فِيهِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. خُبْزٌ وُجِدَ فِي خِلَالِهِ بَعْرُ الْفَأْرَةِ إنْ كَانَ الْبَعْرُ عَلَى صَلَابَتِهِ يُرْمَى الْبَعْرُ وَيُؤْكَلُ الْخُبْزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْبَعْرُ إذَا وَقَعَ فِي الْمِحْلَبِ عِنْدَ الْحَلْبِ فَرُمِيَ مِنْ سَاعَتِهِ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ تَفَتَّتَ الْبَعْرُ فِي اللَّبَنِ يَصِيرُ نَجِسًا لَا يَطْهُرُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا جُعِلَتْ التِّكَّةُ مِنْ شَعْرِ الْكَلْبِ لَا بَأْسَ بِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا أَصَابَ بَوْلُ الشَّاةِ وَبَوْلُ الْآدَمِيِّ تُجْعَلُ الْخَفِيفَةُ تَبَعًا لِلْغَلِيظَةِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ] يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِنَحْوِ حَجَرٍ مُنَقٍّ كَالْمَدَرِ وَالتُّرَابِ وَالْعُودِ وَالْخِرْقَةِ وَالْجِلْدِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مُعْتَادًا أَوْ غَيْرَ مُعْتَادٍ فِي الصَّحِيحِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ دَمٌ أَوْ قَيْحٌ يَطْهُرُ بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا. وَصِفَةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ أَنْ يَجْلِسَ مُعْتَمِدًا عَلَى يَسَارِهِ مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ وَالرِّيحِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَعَهُ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ يُدْبِرُ بِالْأَوَّلِ وَيُقْبِلُ بِالثَّانِي وَيُدْبِرُ بِالثَّالِثِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ هَذَا فِي الصَّيْفِ أَمَّا فِي الشِّتَاءِ فَيُقْبِلُ بِالْأَوَّلِ وَيُدْبِرُ بِالثَّانِي وَيُقْبِلُ بِالثَّالِثِ وَالْمَرْأَةُ تَفْعَلُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ الرَّجُلُ فِي الشِّتَاءِ ثُمَّ اتَّفَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى سُقُوطِ اعْتِبَارِ مَا بَقِيَ مِنْ النَّجَاسَةِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ فِي حَقِّ الْعَرَقِ حَتَّى إذَا أَصَابَهُ الْعَرَقُ مَنْ الْمَقْعَدَةِ لَا يَتَنَجَّسُ. وَلَوْ قَعَدَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ يَحْبِسُهُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَيْسَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ عَدَدٌ مَسْنُونٌ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ هُوَ الْإِنْقَاءُ حَتَّى لَوْ حَصَلَ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ يَصِيرُ مُقِيمًا لِلسُّنَّةِ وَلَمْ يَحْصُلْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا لِلسُّنَّةِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْأَحْجَارُ الطَّاهِرَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَضَعُ مَا اسْتَنْجَى بِهِ عَنْ يَسَارِهِ وَيَجْعَلُ وَجْهَ النَّجَسِ إلَى تَحْتٍ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ أَفْضَلُ إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ يَسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ وَلَا يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ قِيلَ هُوَ سُنَّةٌ فِي زَمَانِنَا وَقِيلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ثُمَّ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْأَحْجَارِ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا اقْتَصَرَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى مَوْضِعِ الْحَدَثِ فَأَمَّا إذَا تَعَدَّتْ مَوْضِعَهَا بِأَنْ جَاوَزَتْ الشَّرَجَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَا جَاوَزَ مَوْضِعَ الشَّرَجِ مِنْ النَّجَاسَةِ إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يُفْتَرَضُ غَسْلُهَا بِالْمَاءِ وَلَا يَكْفِيهَا الْإِزَالَةُ بِالْأَحْجَارِ وَكَذَلِكَ إذَا أَصَابَ طَرَفَ الْإِحْلِيلِ مِنْ الْبَوْلِ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يَجِبُ غَسْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَا جَاوَزَ مَوْضِعَ الشَّرَجِ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ أَوْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ضُمَّ إلَيْهِ مَوْضِعُ الشَّرَجِ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَأَزَالَهَا بِالْحَجَرِ وَلَمْ يَغْسِلْهَا بِالْمَاءِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الزَّادِ وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَاسْتَجْمَرَ وَلَمْ

كيفية الاستنجاء من البول

يَغْسِلْهَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا بَعْضُهُمْ قَالُوا إنْ مَسَحَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَنْقَاهُ جَازَتْ قَالَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا كَانَ عَلَى طَرَفِ إحْلِيلِهِ نَجَاسَةٌ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَعَلَى مَوْضِعٍ آخَرَ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَكِنْ لَوْ جُمِعَ الْكُلُّ يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ يُجْمَعُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا كَانَتْ مَقْعَدَتُهُ كَبِيرَةً وَكَانَ فِيهَا نَجَاسَةٌ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَلَمْ تُجَاوِزْ الْمَخْرَجَ عَنْ أَبِي شُجَاعٍ وَمِثْلُهُ عَنْ الطَّحَاوِيِّ يُجْزِيهِ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْأَحْجَارِ فَهَذَا أَشْبَهُ بِقَوْلِهِمَا وَبِهِ نَأْخُذُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. [كَيْفِيَّةُ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْبَوْلِ] ِ (وَكَيْفِيَّةُ) الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْبَوْلِ أَنْ يَأْخُذَ الذَّكَرَ بِشِمَالِهِ وَيُمِرَّهُ عَلَى جِدَارٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ نَاتِئٍ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يَأْخُذُ الْحَجَرَ بِيَمِينِهِ وَكَذَا لَا يَأْخُذُ الذَّكَرَ بِيَمِينِهِ وَالْحَجَرَ بِشِمَالِهِ وَإِنْ اُضْطُرَّ يُمْسِكُ مَدَرًا بَيْنَ عَقِبَيْهِ وَيُمِرُّ الذَّكَرَ بِشِمَالِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ أَمْسَكَ الْحَجَرَ بِيَمِينِهِ وَلَا يُحَرِّكْهُ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَالِاسْتِبْرَاءُ وَاجِبٌ حَتَّى يَسْتَقِرَّ قَلْبُهُ عَلَى انْقِطَاعِ الْعَوْدِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْتَنْجِي بَعْدَمَا يَخْطُو خُطُوَاتٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَرْكُضُ بِرِجْلِهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيَتَنَحْنَحُ وَيَلُفُّ رِجْلُهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَيَنْزِلُ مِنْ الصُّعُودِ إلَى الْهُبُوطِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ طِبَاعَ النَّاسِ مُخْتَلِفَةٌ فَمَتَى وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ تَمَّ اسْتِفْرَاغُ مَا فِي السَّبِيلِ يَسْتَنْجِي. هَكَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَالْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ كَثِيرًا لَا يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَيَنْضَحُ فَرْجَهُ بِمَاءٍ حَتَّى لَوْ رَأَى بَلَلًا حَمَلَهُ عَلَى بَلَّةِ الْمَاءِ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [صِفَةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ] (وَصِفَةُ الِاسْتِنْجَاءِ) بِالْمَاءِ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى بَعْدَمَا اسْتَرْخَى كُلَّ الِاسْتِرْخَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ صَائِمًا وَيُصْعِدُ أُصْبُعَهُ الْوُسْطَى عَلَى سَائِرِ الْأَصَابِعِ قَلِيلًا فِي ابْتِدَاءِ الِاسْتِنْجَاءِ وَيَغْسِلُ مَوْضِعَهَا ثُمَّ يُصْعِدُ بِنْصِرَه وَيَغْسِلُ مَوْضِعَهَا ثُمَّ يُصْعِدُ خِنْصَرَهُ ثُمَّ سَبَّابَتَهُ فَيَغْسِلُ حَتَّى يَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ أَنَّهُ قَدْ طَهُرَ بِيَقِينٍ أَوْ غَلَبَهُ ظَنٌّ وَيُبَالِغُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا وَلَا يُقَدَّرُ بِالْعَدَدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوَسْوِسًا فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ بِالثَّلَاثِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ إلَّا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ أَصَابِعَ وَيَسْتَنْجِي بِعَرْضِ الْأَصَابِعِ لَا بِرُءُوسِهَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَصُبُّ الْمَاءَ بِالرِّفْقِ وَلَا يَضْرِبُ بِالْعُنْفِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَيُدَلِّكُ بِرِفْقٍ وَقَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ يَكْفِيهِ الْغُسْلُ بِكَفِّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَ أُصْبُعَهُ وَقَالَ عَامَّتُهُمْ: تَجْلِسُ الْمَرْأَةُ مُنْفَرِجَةً وَتَغْسِلُ مَا ظَهَرَ بِكَفِّهَا وَلَا تُدْخِلُ أُصْبُعَهَا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ وَتَكُونُ أَفْرَجَ مِنْ الرَّجُلِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَفِي الْحُجَّةِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَغْسِلُ دُبُرَهُ أَوَّلًا ثُمَّ يَغْسِلُ قُبُلَهُ بَعْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَغْسِلُ قُبُلَهُ أَوَّلًا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَعَلَى قَوْلِهِمَا مَشَى الْغَزْنَوِيُّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَتَطْهُرُ الْيَدُ مَعَ طَهَارَةِ مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَيَغْسِلُ يَدَهُ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ كَمَا يَكُونُ يَغْسِلُهَا قَبْلَهُ لِيَكُونَ أَنْقَى وَأَنْظَفَ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «غَسَلَ يَدَهُ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ وَدَلَّكَ يَدَهُ عَلَى الْحَائِطِ» . كَذَا فِي التَّجْنِيسِ مَنْ اسْتَنْجَى فِي الصَّيْفِ يُبَالِغُ وَلَكِنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي الشِّتَاءِ أَهَمُّ وَأَبْلَغُ حَتَّى يَحْصُلَ النَّظَافَةُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَاءُ بَارِدًا وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَاءُ سَخِينًا كَانَ كَمَنْ اسْتَنْجَى فِي الصَّيْفِ وَلَكِنَّ ثَوَابَهُ دُونَ ثَوَابِ الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ الْبَارِدِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. الْمُسْتَحَاضَةُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الِاسْتِنْجَاءُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا بَوْلٌ أَوْ غَائِطٌ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. لَوْ شُلَّتْ يَدُهُ الْيُسْرَى وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِهَا إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَصُبُّ الْمَاءَ لَا يَسْتَنْجِي وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ الْجَارِي يَسْتَنْجِي بِيَمِينِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الرَّجُلُ الْمَرِيضُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَلَا أَمَةٌ وَلَهُ ابْنٌ أَوْ أَخٌ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يُوَضِّئُهُ ابْنُهُ أَوْ أَخُوهُ

الاستنجاء على خمسة أوجه

غَيْرَ الِاسْتِنْجَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَمَسُّ فَرْجَهُ وَسَقَطَ عَنْهُ الِاسْتِنْجَاءُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمَرْأَةُ الْمَرِيضَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَعَجَزَتْ عَنْ الْوُضُوءِ وَلَهَا ابْنَةٌ أَوْ أُخْتٌ تُوَضِّئُهَا وَيَسْقُطُ عَنْهَا الِاسْتِنْجَاءُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكُرِهَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا وَإِنْ غَفَلَ وَقَعَدَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَنْحَرِفَ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَخْتَلِفُ هَذَا عِنْدَنَا فِي الْبُنْيَانِ وَالصَّحْرَاءِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ. وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُمْسِكَ وَلَدَهَا لِلْبَوْلِ وَالتَّغَوُّطِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْعَظْمِ وَالرَّوْثِ وَالرَّجِيعِ وَالطَّعَامِ وَاللَّحْمِ وَالزُّجَاجِ وَالْخَزَفِ وَوَرَقِ الشَّجَرِ وَالشَّعْرِ وَكَذَا بِالْيَمِينِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا كَانَ بِالْيُسْرَى عُذْرٌ يَمْنَعُ الِاسْتِنْجَاءَ بِهَا جَازَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِيَمِينِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا يَسْتَنْجِي بِالْأَشْيَاءِ النَّجِسَةِ وَكَذَا لَا يَسْتَنْجِي بِحَجَرٍ اسْتَنْجَى بِهِ مَرَّةً هُوَ أَوْ غَيْرُهُ إلَّا إذَا كَانَ حَجَرًا لَهُ أَحْرُفَ لَهُ أَنْ يَسْتَنْجِيَ كُلَّ مَرَّةٍ بِطَرَفٍ لَمْ يَسْتَنْجِي بِهِ فَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَسْتَنْجِي بِكَاغَدٍ وَإِنْ كَانَتْ بَيْضَاءَ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْآجُرِّ وَالْفَحْمِ وَشَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ كَخِرْقَةِ الدِّيبَاجِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. [الِاسْتِنْجَاءُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ] (الِاسْتِنْجَاءُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ) وَاجِبَانِ أَحَدُهُمَا غَسْلُ نَجَاسَةِ الْمَخْرَجِ فِي الْغُسْلِ عَنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ كَيْ لَا تَشِيعَ فِي بَدَنِهِ. وَالثَّانِي إذَا تَجَاوَزَتْ مَخْرَجَهَا يَجِبُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَهُوَ الْأَحْوَطُ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ إذَا تَجَاوَزَ قَدْرَ الدِّرْهَمِ؛ لِأَنَّ مَا عَلَى الْمَخْرَجِ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ لِجَوَازِ الِاسْتِجْمَارِ فِيهِ فَيَبْقَى الْمُعْتَبَرُ مَا وَرَاءَهُ. وَالثَّالِثُ سُنَّةٌ وَهُوَ إذَا لَمْ تَتَجَاوَزْ النَّجَاسَةُ مَخْرَجَهَا. وَالرَّابِعُ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ إذَا بَالَ وَلَمْ يَتَغَوَّطْ يَغْسِلُ قُبُلَهُ. وَالْخَامِسُ بِدْعَةٌ وَهُوَ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ الرِّيحِ. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. إذَا أَرَادَ دُخُولَ الْخَلَاءِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِثَوْبٍ غَيْرِ ثَوْبِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ إنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَيَجْتَهِدُ فِي حِفْظِ ثَوْبِهِ عَنْ إصَابَةِ النَّجَاسَةِ وَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَيَدْخُلُ مَسْتُورَ الرَّأْسِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْخَلَاءِ وَمَعَهُ خَاتَمٌ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُسْتَحَبُّ لَهُ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي الْخَلَاءِ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَعِنْدَ الْخُرُوجِ يُقَدِّمُ الْيُمْنَى. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَكْشِفُ عَوْرَتَهُ وَهُوَ قَائِمٌ وَيُوَسِّعُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَيَمِيلُ عَلَى الْيُسْرَى وَلَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا يُشَمِّتُ عَاطِسًا وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ وَلَا يُجِيبُ الْمُؤَذِّنَ فَإِنْ عَطَسَ يَحْمَدْ اللَّهَ بِقَلْبِهِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَلَا يَنْظُرُ لِعَوْرَتِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ وَلَا يَنْظُرُ إلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا يَبْزُقُ وَلَا يَمْتَخِطُ وَلَا يَتَنَحْنَحُ وَلَا يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ وَلَا يَعْبَثُ بِبَدَنِهِ وَلَا يَرْفَعُ بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ وَلَا يُطِيلُ الْقُعُودَ عَلَى الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيَقُولُ إذَا خَرَجَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَ عَنِّي مَا يُؤْذِينِي وَأَبْقَى مَا يَنْفَعُنِي. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ فِي الْمَاءِ جَارِيًا كَانَ أَوْ رَاكِدًا وَيُكْرَهُ عَلَى طَرَفِ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ أَوْ فِي زَرْعٍ أَوْ فِي ظِلٍّ يُنْتَفَعُ بِالْجُلُوسِ فِيهِ. وَيُكْرَهُ بِجَنْبِ الْمَسَاجِدِ وَمُصَلَّى الْعِيدِ وَفِي الْمَقَابِرِ وَبَيْنَ الدَّوَابِّ وَفِي طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْعُدَ فِي أَسْفَلِ الْأَرْضِ وَيَبُولَ إلَى أَعْلَاهَا وَأَنْ يَبُولَ فِي جُحْرِ فَأْرَةٍ أَوْ حَيَّةٍ أَوْ نَمْلٍ أَوْ ثَقْبٍ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَبُولَ قَائِمًا أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ مُتَجَرِّدًا عَنْ ثَوْبِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ. فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبُولَ وَكَانَتْ الْأَرْضُ صُلْبَةً دَقَّهَا بِحَجَرٍ أَوْ حَفَرَ حَفِيرَةً حَتَّى لَا يَتَرَشْرَشَ عَلَيْهِ الْبَوْلُ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَبُولَ فِي مَوْضِعٍ وَيَتَوَضَّأَ فِيهِ أَوْ يَغْتَسِلَ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [كِتَابُ الصَّلَاةِ وَفِيهِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ بَابًا] (كِتَابُ الصَّلَاةِ) الصَّلَاةُ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ لَا يَسَعُ تَرْكُهَا وَيَكْفُرُ جَاحِدُهَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يُقْتَلُ تَارِكُ الصَّلَاةِ عَامِدًا غَيْرَ

الباب الأول في مواقيت الصلاة وما يتصل بها وفيه ثلاثة فصول

مُنْكِرٍ وُجُوبَهَا بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يُحْدِثَ تَوْبَةً. كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لِابْنِ الْمَلَكِ الْوُجُوبُ يَتَعَلَّقُ عِنْدَنَا بِآخِرِ الْوَقْتِ بِمِقْدَارِ التَّحْرِيمَةِ حَتَّى أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ وَالصَّبِيَّ إذَا بَلَغَ وَالْمَجْنُونَ إذَا أَفَاقَ وَالْحَائِضَ إذَا طَهُرَتْ إنْ بَقِيَ مِقْدَارُ التَّحْرِيمَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَإِذَا اعْتَرَضَتْ هَذِهِ الْعَوَارِضُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ سَقَطَ الْفَرْضُ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى الْقَابِلَةُ لَوْ اشْتَغَلَتْ بِالصَّلَاةِ تَخَافُ مَوْتَ الْوَلَدِ جَازَ لَهَا أَنْ تُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا، وَتُؤَخَّرُ بِسَبَبِ اللِّصِّ وَنَحْوِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْمَوَاقِيتِ (وَفِيهِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ بَابًا) . [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ] (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْمَوَاقِيتِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ) وَقْتُ الْفَجْرِ مِنْ الصُّبْحِ الصَّادِقِ وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُنْتَشِرُ فِي الْأُفُقِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْكَاذِبِ وَهُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَبْدُو طُولًا ثُمَّ يَعْقُبُهُ الظَّلَّامُ فَبِالْكَاذِبِ لَا يَدْخُلُ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَلَا يَحْرُمُ الْأَكْلُ عَلَى الصَّائِمِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي أَنَّ الْعِبْرَةَ لِأَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي أَوْ لِاسْتِطَارَتِهِ وَانْتِشَارِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالثَّانِي أَوْسَعُ وَإِلَيْهِ مَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ. هَكَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَالْأَحْوَطُ فِي الصَّوْمِ وَالْعِشَاءِ اعْتِبَارُ الْأَوَّلِ وَفِي الْفَجْرِ اعْتِبَارُ الثَّانِي. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ. وَوَقْتُ الظُّهْرِ مِنْ الزَّوَالِ إلَى بُلُوغِ الظِّلِّ مِثْلَيْهِ سِوَى الْفَيْءِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالزَّوَالُ ظُهُورُ زِيَادَةِ الظِّلِّ لِكُلِّ شَخْصٍ فِي جَانِبِ الْمَشْرِقِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ زَوَالِ الشَّمْسِ وَفَيْءِ الزَّوَالِ أَنْ تُغْرَزَ خَشَبَةٌ مُسْتَوِيَةٌ فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ فَمَا دَامَ الظِّلُّ فِي الِانْتِقَاصِ فَالشَّمْسُ فِي حَدِّ الِارْتِفَاعِ وَإِذَا أَخَذَ الظِّلُّ فِي الِازْدِيَادِ عُلِمَ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ زَالَتْ فَاجْعَلْ عَلَى رَأْسِ الظِّلِّ عَلَامَةً فَمِنْ مَوْضِعِ الْعَلَامَةِ إلَى الْخَشَبَةِ يَكُونُ فَيْءُ الزَّوَالِ فَإِذَا ازْدَادَ عَلَى ذَلِكَ وَصَارَتْ الزِّيَادَةُ مِثْلَيْ ظِلِّ أَصْلِ الْعُودِ سِوَى فَيْءِ الزَّوَالِ يَخْرُجُ وَقْتُ الظُّهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَذَا الطَّرِيقُ هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالُوا الِاحْتِيَاطُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ قَبْلَ صَيْرُورَةِ الظِّلِّ مِثْلَهُ وَيُصَلِّيَ الْعَصْرَ حِينَ يَصِيرُ مِثْلَيْهِ لِيَكُونَ الصَّلَاتَانِ فِي وَقْتَيْهِمَا بِيَقِينٍ. وَوَقْتُ الْعَصْرِ مِنْ صَيْرُورَةِ الظِّلِّ مِثْلَيْهِ غَيْرُ فَيْءِ الزَّوَالِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ. وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مِنْهُ إلَى غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ وَهُوَ الْحُمْرَةُ عِنْدَهُمَا وَبِهِ يُفْتَى. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الشَّفَقُ هُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَلِي الْحُمْرَةَ. هَكَذَا فِي الْقُدُورِيِّ وَقَوْلُهُمَا أَوْسَعُ لِلنَّاسِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَحْوَطُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي بَابِ الصَّلَاةِ أَنْ لَا يَثْبُتَ فِيهَا رُكْنٌ وَلَا شَرْطٌ إلَّا بِمَا فِيهِ يَقِينٌ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ نَاقِلًا عَنْ الْأَسْرَارِ وَمَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ. وَوَقْتُ الْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ مِنْ غُرُوبِ الشَّفَقِ إلَى الصُّبْحِ. كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يُقَدَّمُ الْوِتْرُ عَلَى الْعِشَاءِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ لَا لِأَنَّ وَقْتَ الْوِتْرِ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى لَوْ صَلَّى الْوِتْرَ قَبْلَ الْعِشَاءِ نَاسِيًا أَوْ صَلَّاهُمَا فَظَهَرَ فَسَادُ الْعِشَاءِ دُونَ الْوِتْرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْوِتْرُ وَيُعِيدُ الْعِشَاءَ وَحْدَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِمِثْلِ هَذَا الْعُذْرِ. وَمَنْ لَمْ يَجِدْ وَقْتَ الْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ بِأَنْ كَانَ فِي بَلَدٍ يَطْلُعُ الْفَجْرُ فِيهِ كَمَا يَغْرُبُ الشَّفَقُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ لَمْ يَجِبَا عَلَيْهِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ فَضِيلَةِ الْأَوْقَاتِ] يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْفَجْرِ وَلَا يُؤَخِّرُهَا بِحَيْثُ يَقَعُ الشَّكُّ فِي طُلُوعِ

الفصل الثالث في بيان الأوقات التي لا تجوز فيها الصلاة وتكره فيها

الشَّمْسِ بَلْ يُسْفِرُ بِهَا بِحَيْثُ لَوْ ظَهَرَ فَسَادُ صَلَاتِهِ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعِيدَهَا فِي الْوَقْتِ بِقِرَاءَةٍ مُسْتَحَبَّةٍ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَذَا فِي الْأَزْمِنَةِ كُلِّهَا إلَّا صَبِيحَةَ يَوْمِ النَّحْرِ لِلْعَاجِّ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَإِنَّ هُنَاكَ التَّغْلِيسُ أَفْضَلُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ فِي الصَّيْفِ وَتَعْجِيلُهُ فِي الشِّتَاءِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي سَوَاءٌ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَحْدَهُ أَوْ بِجَمَاعَةٍ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ. وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْعَصْرِ فِي كُلِّ زَمَانٍ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ الشَّمْسُ وَالْعِبْرَةُ لِتَغَيُّرِ الْقُرْصِ لَا لِتَغَيُّرِ الضَّوْءِ فَمَتَى صَارَ الْقُرْصُ بِحَيْثُ لَا تَحَارُ فِيهِ الْعَيْنُ فَقَدْ تَغَيَّرَتْ وَإِلَّا لَا كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ التَّغَيُّرِ فَمَدَّهُ إلَيْهِ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ. وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الْمَغْرِبِ فِي كُلِّ زَمَانٍ. كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَالْوِتْرِ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ لِمَنْ يَثِقُ بِالِانْتِبَاهِ وَمَنْ لَمْ يَثِقْ أَوْتَرَ قَبْلَ النَّوْمِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي يَوْمِ الْغَيْمِ يُنَوِّرُ الْفَجْرَ كَمَا فِي حَالِ الصَّحْوِ وَيُؤَخِّرُ الظُّهْرَ لِئَلَّا يَقَعَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَيُعَجِّلُ الْعَصْرَ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَقَعَ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَذَرًا عَنْ الْوُقُوعِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَيُعَجِّلُ الْعِشَاءَ كَيْ لَا يَمْنَعَ مَطَرٌ أَوْ ثَلْجٌ عَنْ الْجَمَاعَةِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. هَذَا فِي الْأَزْمِنَةِ كُلِّهَا وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا فِي السَّفَرِ وَلَا فِي الْحَضَرِ بِعُذْرٍ مَا عَدَا عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ وَتُكْرَهُ فِيهَا] ثَلَاثُ سَاعَاتٍ لَا تَجُوزُ فِيهَا الْمَكْتُوبَةُ وَلَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَلَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ وَعِنْدَ الِانْتِصَافِ إلَى أَنْ تَزُولَ وَعِنْدَ احْمِرَارِهَا إلَى أَنْ يَغِيبَ إلَّا عَصْرَ يَوْمِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَدَاؤُهُ عِنْدَ الْغُرُوبِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ مَا دَامَ الْإِنْسَانُ يَقْدِرُ عَلَى النَّظَرِ إلَى قُرْصِ الشَّمْسِ فَهِيَ فِي الطُّلُوعِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هَذَا إذَا وَجَبَتْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ فِي وَقْتٍ مُبَاحٍ وَأُخِّرَتَا إلَى هَذَا الْوَقْتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعًا أَمَّا لَوْ وَجَبَتَا فِي هَذَا الْوَقْتِ وَأُدِّيَتَا فِيهِ جَازَ؛ لِأَنَّهَا أُدِّيَتْ نَاقِصَةً كَمَا وَجَبَتْ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ تَأْخِيرُهَا وَفِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ التَّأْخِيرُ مَكْرُوهٌ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَجُوزُ فِيهَا قَضَاءُ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ الْفَائِتَةِ عَنْ أَوْقَاتِهَا كَالْوِتْرِ. هَكَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى وَالْكَافِي. وَالتَّطَوُّعُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ كَذَا فِي الْكَافِي وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ حَتَّى لَوْ شَرَعَ فِي التَّطَوُّعِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ غُرُوبِهَا ثُمَّ قَهْقَهَةَ كَانَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَوْ صَلَّى فَرِيضَةً سِوَى عَصْرِ يَوْمِهِ لَا تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ بِالْقَهْقَهَةِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَيَجِبُ قَطْعُهُ وَقَضَاؤُهُ فِي وَقْتٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ أَتَمَّهُ خَرَجَ عَنْ عُهْدَةِ مَا لَزِمَهُ بِذَلِكَ الشُّرُوعِ. هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ قَضَاهُ فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ جَازَ وَقَدْ أَسَاءَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ فَأَدَّى فِيهِ يَصِحُّ وَيَأْثَمُ وَيَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي غَيْرِهِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا نَذَرَ مُطْلَقًا أَوْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْأَدَاءُ فِيهَا وَهُوَ. هَكَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ. تِسْعَةُ أَوْقَاتِ يُكْرَهُ فِيهَا النَّوَافِلُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا لَا الْفَرَائِضِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ فَيَجُوزُ فِيهَا قَضَاءُ الْفَائِتَةِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مِنْهَا مَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ يُكْرَهُ فِيهِ التَّطَوُّعُ بِأَكْثَرَ مِنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ. وَمَنْ صَلَّى تَطَوُّعًا فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً طَلَعَ الْفَجْرُ كَانَ الْإِتْمَامُ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ فِي التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْفَجْرِ لَا عَنْ قَصْدٍ وَلَا تَنُوبَانِ عَنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ

الباب الثاني في الأذان وفيه فصلان

عَلَى الْأَصَحِّ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالتَّبْيِينِ. وَلَوْ شَرَعَ أَرْبَعًا فَالشَّفْعُ الَّذِي بَعْدَ الطُّلُوعِ يَنُوبُ عَنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَمِنْهَا مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ وَلَوْ أَفْسَدَ سُنَّةَ الْفَجْرِ ثُمَّ قَضَاهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لَمْ يُجْزِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمِنْهَا مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ التَّغَيُّرِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ لَوْ افْتَتَحَ صَلَاةَ النَّفْلِ فِي وَقْتٍ مُسْتَحَبٍّ ثُمَّ أَفْسَدَهَا فَقَضَاهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ لَا يُجْزِيهِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمِنْهَا مَا بَعْدَ الشَّمْسِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَعِنْدَ الْإِقَامَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعِنْدَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ. وَيُكْرَهُ التَّنَفُّلُ عِنْدَ خُطْبَةِ الْحَجِّ وَخُطْبَةِ النِّكَاحِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ. وَيُكْرَهُ التَّطَوُّعُ إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ لِلْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. إذَا شَرَعَ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ خَرَجَ الْإِمَامُ لِلْخُطْبَةِ يُتِمُّ أَرْبَعًا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِلَيْهِ مَالَ الْإِمَامُ الصَّدْرُ الْأَجَلُّ الشَّهِيدُ الْأُسْتَاذُ حُسَامُ الدِّينِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَيُكْرَهُ التَّنَفُّلُ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ إلَّا سُنَّةَ الْفَجْرِ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ، وَقَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مُطْلَقًا وَبَعْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ لَا فِي الْبَيْتِ وَبَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيُكْرَهُ جَمِيعُ الصَّلَوَاتِ سِوَى الْوَقْتِيَّةِ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الْمَكْتُوبَةِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ نَاقِلًا عَنْ الْحَاوِي. وَيُكْرَهُ الصَّلَاةُ وَقْتَ مُدَافَعَةِ الْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ وَوَقْتَ حُضُورِ الطَّعَامِ إذَا كَانَتْ النَّفْسُ تَائِقَةً إلَيْهِ وَالْوَقْتَ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ مَا يَشْغَلُ الْبَالَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَيُخِلُّ بِالْخُشُوعِ كَائِنًا مَا كَانَ الشَّاغِلُ، وَيُكْرَهُ أَدَاءُ الْعِشَاءِ مَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ وَفِيهِ فَصْلَانِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ الْأَذَانِ وَأَحْوَالِ الْمُؤَذِّنِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ وَفِيهِ فَصْلَانِ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي صِفَتِهِ وَأَحْوَالِ الْمُؤَذِّنِ) الْأَذَانُ سُنَّةٌ لِأَدَاءِ الْمَكْتُوبَاتِ بِالْجَمَاعَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَقِيلَ: إنَّهُ وَاجِبٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. كَذَا فِي الْكَافِي وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْإِقَامَةُ مِثْلُ الْأَذَانِ فِي كَوْنِهِ سُنَّةً لِلْفَرَائِضِ فَقَطْ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَيْسَ لِغَيْرِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ نَحْوِ السُّنَنِ وَالْوِتْرِ وَالتَّطَوُّعَاتِ وَالتَّرَاوِيحِ وَالْعِيدَيْنِ أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا لِلْمَنْذُورَةِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالضُّحَى وَالْإِفْزَاعِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا لِصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ فَإِنْ صَلَّيْنَ بِجَمَاعَةٍ يُصَلِّينَ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَإِنْ صَلَّيْنَ بِهِمَا جَازَتْ صَلَاتُهُنَّ مَعَ الْإِسَاءَةِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَنُدِبَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ لِلْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ عَلَى الْعَبِيدِ أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. تَقْدِيمُ الْأَذَانِ عَلَى الْوَقْتِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَكَذَا فِي الصُّبْحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ قُدِّمَ يُعَادُ فِي الْوَقْتِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرِ الرَّائِقِ لِابْنِ الْمَلَك وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْإِقَامَةَ قَبْلَ الْوَقْتِ لَا تَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ حَضَرَ الْإِمَامُ بَعْدَ إقَامَةِ الْمُؤَذِّنِ بِسَاعَةٍ أَوْ صَلَّى سُنَّةَ الْفَجْرِ بَعْدَهَا لَا يَجِبُ إعَادَتُهَا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَأَهْلِيَّةُ الْأَذَانِ تَعْتَمِدُ بِمَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ وَالْعِلْمِ بِمَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ رَجُلًا عَاقِلًا صَالِحًا تَقِيًّا عَالِمًا بِالسُّنَّةِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَهِيبًا وَيَتَفَقَّدَ أَحْوَالَ النَّاسِ وَيَزْجُرَ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ الْجَمَاعَاتِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَأَنْ يَكُونَ مُوَاظِبًا عَلَى الْأَذَانِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة وَأَنْ يَكُونَ

مُحْتَسِبًا فِي أَذَانِهِ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا فِي الصَّلَاةِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ هُوَ الْمُقِيمُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ أَذَّنَ رَجُلٌ وَأَقَامَ آخَرُ إنْ غَابَ الْأَوَّلُ جَازَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا وَيَلْحَقُهُ الْوَحْشَةُ بِإِقَامَةِ غَيْرِهِ يُكْرَهُ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَا يُكْرَهُ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَذَانُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ صَحِيحٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَكِنْ أَذَانُ الْبَالِغِ أَفْضَلُ وَأَذَانُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ لَا يَجُوزُ وَيُعَادُ وَكَذَا الْمَجْنُونُ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيُكْرَهُ أَذَانُ السَّكْرَانِ وَيُسْتَحَبُّ إعَادَتُهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَكُرِهَ أَذَانُ الْمَرْأَةِ فَيُعَادُ نَدْبًا. كَذَا فِي الْكَافِي. وَيُكْرَهُ أَذَانُ الْفَاسِقِ وَلَا يُعَادُ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكُرِهَ أَذَانُ الْجُنُبِ وَإِقَامَتُهُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُعَادَ الْأَذَانُ وَلَا تُعَادَ الْإِقَامَةُ وَلَا يُكْرَهُ أَذَانُ الْمُحْدِثِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَكُرِهَ إقَامَتُهُ وَلَا تُعَادُ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ الْأَذَانِ لَا يُعَادُ وَإِنْ أُعِيدَ فَهُوَ أَفْضَلُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا ارْتَدَّ فِي الْأَذَانِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَبْتَدِئَ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْتَدِئْ غَيْرُهُ وَأَتَمَّهُ جَازَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُكْرَهُ الْأَذَانُ قَاعِدًا وَإِنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ قَاعِدًا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالْمُسَافِرُ إذَا أَذَّنَ رَاكِبًا لَا يُكْرَهُ وَيَنْزِلُ لِلْإِقَامَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ وَأَقَامَ أَجْزَأَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَفْتَتِحَ الْأَذَانَ عَلَى الدَّابَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَفِي الْحَضَرِ يُكْرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ رَاكِبًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يُعَادُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَجُوزُ أَذَانُ الْعَبْدِ الْقَرَوِيِّ وَأَهْلِ الْمَفَازَةِ وَوَلَدِ الزِّنَا وَالْأَعْمَى وَمَنْ يُؤَذِّنُ فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ دُونَ بَعْضٍ بِأَنْ كَانَا فِي السُّوقِ نَهَارًا وَفِي السِّكَّةِ لَيْلًا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لَكِنْ غَيْرُ هَؤُلَاءِ أَوْلَى. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَتَى كَانَ مَعَ الْأَعْمَى مَنْ يَحْفَظُ عَلَيْهِ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ فَتَأْذِينُهُ وَتَأْذِينُ الْبَصِيرِ سَوَاءٌ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيُكْرَهُ أَدَاءُ الْمَكْتُوبَةِ بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهُمَا لِمَنْ يُصَلِّي فِي الْمِصْرِ إذَا وُجِدَ فِي الْمَحَلَّةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَإِذَا لَمْ يُؤَذِّنْ فِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ يُكْرَهُ لَهُ تَرْكُهُمَا وَلَوْ تَرَكَ الْأَذَانَ وَحْدَهُ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَرَكَ الْإِقَامَةَ يُكْرَهُ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَيُكْرَهُ لِلْمُسَافِرِ تَرْكُهُمَا وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ. هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ تَرَكَ الْإِقَامَةَ أَجْزَأَهُ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ فَهُوَ حَسَنٌ وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَ وَلَمْ يُؤَذِّنْ. هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ فِي قَرْيَةٍ إنْ كَانَ فِي الْقَرْيَةِ مَسْجِدٌ فِيهِ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ فِي الْمِصْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَسْجِدٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسَافِرِ. كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ شَرْحِ النُّقَايَةِ وَإِنْ كَانَ فِي كَرْمٍ أَوْ ضَيْعَةٍ يُكْتَفَى بِأَذَانِ الْقَرْيَةِ أَوْ الْبَلْدَةِ إنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِلَّا فَلَا وَحَدُّ الْقَرِيبِ أَنْ يَبْلُغَ الْأَذَانُ إلَيْهِ مِنْهَا. كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَإِنْ أَذَّنُوا كَانَ أَوْلَى. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ فِي الْمَفَازَةِ وَتَرَكُوا الْأَذَانَ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ تَرَكُوا الْإِقَامَةَ يُكْرَهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَهْلُ الْمَسْجِدِ إذَا صَلَّوْا بِأَذَانٍ وَجَمَاعَةٍ يُكْرَهُ تَكْرَارُ الْأَذَانِ وَالْجَمَاعَةِ فِيهِ وَلَوْ صَلَّى بَعْضُ أَهْلِ الْمَسْجِدِ بِإِقَامَةٍ وَجَمَاعَةٍ ثُمَّ دَخَلَ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ وَبَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ فَالْجَمَاعَةُ الْمُسْتَحَبَّةُ لَهُمْ وَالْكَرَاهَةُ لِلْأَوْلَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ صَلَّى فِيهِ غَيْرُ أَهْلِهِ بِالْجَمَاعَةِ فَلَا بَأْسَ لِأَهْلِهِ أَنْ يُصَلُّوا فِيهِ بِالْجَمَاعَةِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ أَذَّنُوا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى وَجْهِ الْمُخَافَتَةِ بِحَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ غَيْرُهُمْ ثُمَّ حَضَرَ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا صَنَعَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ فَأَذَّنُوا عَلَى وَجْهِ الْجَهْرِ ثُمَّ عَلِمُوا مَا صَنَعَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ فَلَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا بِالْجَمَاعَةِ عَلَى وَجْهِهَا وَلَا

الفصل الثاني في كلمات الأذان والإقامة وكيفيتهما

عِبْرَةَ لِلْجَمَاعَةِ الْأُولَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْأَذَانِ. مَسْجِدٌ لَيْسَ لَهُ مُؤَذِّنٌ وَإِمَامٌ مَعْلُومٌ يُصَلِّي فِيهِ النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا بِجَمَاعَةٍ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ كُلُّ فَرِيقٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ عَلَى حِدَةٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْمَسْجِدِ. قَوْمٌ ذَكَرُوا فَسَادَ صَلَاةٍ صَلَّوْهَا فِي الْمَسْجِدِ فِي الْوَقْتِ قَضَوْهَا بِجَمَاعَةٍ فِيهِ وَلَا يُعِيدُونَ الْأَذَانَ وَلَا الْإِقَامَةَ وَإِنْ قَضَوْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ قَضَوْهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فِي وَقْتِهَا فَقَضَاهَا أَذَّنَ لَهَا وَأَقَامَ وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ أَذَّنَ لِلْأُولَى وَأَقَامَ وَكَانَ مُخَيَّرًا فِي الْبَاقِي إنْ شَاءَ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِقَامَةِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَحَسَنٌ لِيَكُونَ الْقَضَاءُ عَلَى سُنَنِ الْأَدَاءِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَالتَّخْيِيرُ فِي الْبَوَاقِي إنَّمَا هُوَ إذَا قَضَاهَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَمَّا إذَا قَضَاهَا فِي مَجَالِسَ فَيُشْتَرَطُ كِلَاهُمَا. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالضَّابِطَةُ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ فَرْضٍ أَدَاءً كَانَ أَوْ قَضَاءً يُؤَذَّنُ لَهُ وَيُقَامُ سَوَاءٌ أَدَّاهُ مُنْفَرِدًا أَوْ بِجَمَاعَةٍ إلَّا الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمِصْرِ فَإِنَّ أَدَاءَهُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ مَكْرُوهٌ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِلْأُولَى وَيُقِيمُ لِلثَّانِيَةِ وَلَا يُؤَذِّنُ إذَا غُشِيَ عَلَى الْمُؤَذِّنِ فِي الْأَذَانِ أَوْ الْإِقَامَةِ يَسْتَقْبِلُ غَيْرُهُ وَكَذَا إذَا مَاتَ فِي أَحَدِهِمَا وَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي أَحَدِهِمَا فَذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ يَسْتَقْبِلُ غَيْرُهُ أَوْ هُوَ إذَا رَجَعَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - الْأَوْلَى أَنْ يُتِمَّ الْأَذَانَ إنْ أَحْدَثَ فِيهِ وَأَتَمَّ الْإِقَامَةَ إنْ أَحْدَثَ فِيهَا ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَتَوَضَّأُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا حَصِرَ الْمُؤَذِّنُ فِي خِلَالِ الْأَذَانِ أَوْ الْإِقَامَةِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُلَقِّنُهُ يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ وَكَذَا إذَا خَرِسَ فِي أَحَدِهِمَا وَعَجَزَ عَنْ الْإِتْمَامِ يَسْتَقْبِلُ غَيْرُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وَقَفَ فِي خِلَالِ الْأَذَانِ يُعِيدُهُ إذَا كَانَتْ الْوَقْفَةُ بِحَيْثُ تُعَدُّ فَاصِلَةً وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً مِثْلَ التَّنَحْنُحِ وَالسُّعَالِ لَا يُعِيدُ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. وَيُكْرَهُ التَّنَحْنُحُ فِي الْأَذَانِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُكْرَهُ رَدُّ السَّلَامِ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَلَا يَجِبُ الرَّدُّ بَعْدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الْأَذَانِ أَوْ فِي الْإِقَامَةِ أَوْ يَمْشِيَ فَإِنْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يَسِيرٍ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ وَإِذَا انْتَهَى الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ إلَى قَوْلِهِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَتَمَّهَا فِي مَكَانِهِ وَإِنْ شَاءَ مَشَى إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْمُحِيطِ [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي كَلِمَاتِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَكَيْفِيَّتِهِمَا] الْأَذَانُ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَآخِرُهُ عِنْدَنَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهِيَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ، أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَالْإِقَامَةُ سَبْعَ عَشَرَةَ كَلِمَةً خَمْسَ عَشَرَةَ مِنْهَا كَلِمَاتُ الْأَذَانِ وَكَلِمَتَانِ قَوْلُهُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَزِيدُ بَعْدَ فَلَاحِ أَذَانِ الْفَجْرِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ. كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يُؤَذِّنُ بِالْفَارِسِيَّةِ وَلَا بِلِسَانٍ آخَرَ غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ جَهْرًا رَافِعًا بِهِمَا صَوْتَهُ إلَّا أَنَّ الْإِقَامَةَ أَخْفَضُ مِنْهُ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْبَدَائِعِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى الْمِئْذَنَةِ أَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلَا يُؤَذِّنَ فِي الْمَسْجِدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالسُّنَّةُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي مَوْضِعٍ عَالٍ يَكُونُ أَسْمَعَ لِجِيرَانِهِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ وَلَا يُجْهِدُ نَفْسَهُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيُكْرَهُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَرْفَعَ

صَوْتَهُ فَوْقَ الطَّاقَةِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَيُقِيمُ عَلَى الْأَرْضِ. هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِي الْمَسْجِدِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا تَرْجِيعَ فِي الْأَذَانِ وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ مُخَافَتَةً ثُمَّ يَرْجِعُ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ خُفْيًا إلَى قَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَافِعًا صَوْتَهُ فَيُكَرِّرُ الشَّهَادَتَيْنِ فَيَقُولُ كُلًّا مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ مَرَّتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْفَاءِ وَمَرَّتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْجَهْرِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَيَتَرَسَّلُ فِي الْأَذَانِ وَيَحْدُرُ فِي الْإِقَامَةِ وَهَذَا بَيَانُ الِاسْتِحْبَابِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ حَتَّى لَوْ تَرَسَّلَ فِيهِمَا أَوْ حَدَرَ فِيهِمَا أَوْ تَرَسَّلَ فِي الْإِقَامَةِ وَحَدَرَ فِي الْأَذَانِ جَازَ. كَذَا فِي الْكَافِي وَقِيلَ: يُكْرَهُ وَهُوَ الْحَقُّ. هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالتَّرَسُّلُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَقِفَ ثُمَّ يَقُولَ مَرَّةً أُخْرَى مِثْلَهُ، وَكَذَلِكَ يَقِفُ بَيْنَ كُلِّ كَلِمَتَيْنِ إلَى آخِرِ الْأَذَانِ وَالْحَدَرُ وَالْوَصْلُ وَالسُّرْعَةُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَنَابِيعِ وَيُسَكِّنُ كَلِمَاتِهِمَا عَلَى الْوَقْفِ لَكِنْ فِي الْأَذَانِ حَقِيقَةً وَفِي الْإِقَامَةِ يَنْوِي الْوَقْفَ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمَدُّ فِي أَوَّلِ التَّكْبِيرِ كُفْرٌ وَفِي آخِرِهِ خَطَأٌ فَاحِشٌ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَيُرَتِّبُ بَيْنَ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ كَمَا شُرِعَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَدَّمَ فِي أَذَانِهِ أَوْ فِي إقَامَتِهِ بَعْضَ الْكَلِمَاتِ عَلَى بَعْضٍ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَبْلَ قَوْلِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَالْأَفْضَلُ فِي هَذَا أَنَّ مَا سَبَقَ عَلَى أَوَانِهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ حَتَّى يُعِيدَهُ فِي أَوَانِهِ وَمَوْضِعِهِ وَإِنْ مَضَى عَلَى ذَلِكَ جَازَتْ صَلَاتُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُوَالِي بَيْنَ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ حَتَّى لَوْ أَذَّنَ فَظَنَّ أَنَّهُ إقَامَةٌ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَمَا فَرَغَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُعِيدَ الْأَذَانَ وَيَسْتَقْبِلَ الْإِقَامَةَ مُرَاعَاةً لِلْمُوَالَاةِ وَكَذَا إذَا أَخَذَ فِي الْإِقَامَةِ فَظَنَّ أَنَّهُ أَذَانٌ ثُمَّ عَلِمَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالْإِقَامَةِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْغَايَةِ لِلسُّرُوجِيِّ وَيَسْتَقْبِلُ بِهِمَا الْقِبْلَةَ وَلَوْ تَرَكَ الِاسْتِقْبَالَ جَازَ وَيُكْرَهُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا انْتَهَى إلَى الصَّلَاةِ وَالْفَلَاحِ حَوَّلَ وَجْهَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَقَدَمَاهُ مَكَانَهُمَا سَوَاءٌ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ حَتَّى قَالُوا فِي الَّذِي يُؤَذِّنُ لِلْمَوْلُودِ يَنْبَغِي أَنْ يُحَوِّلَ وَجْهَهُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً عِنْدَ هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَكُونَ الصَّلَاةُ فِي الْيَمِينِ وَالْفَلَاحُ فِي الشِّمَالِ، وَقِيلَ: الصَّلَاةُ فِي الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ وَالْفَلَاحُ كَذَلِكَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ اسْتَدَارَ فِي صَوْمَعَتِهِ عِنْدَ اتِّسَاعِهَا فَحَسَنٌ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَيَسْتَدِيرُ الْمُؤَذِّنُ فِي الْمِئْذَنَةِ عِنْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ وَيُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنْ الْكُوَّةِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ مِنْ الْكُوَّةِ الْيُسْرَى وَيَقُولُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَتِمَّ الْإِعْلَامُ مَعَ بَقَاءِ الْمُؤَذِّنِ فِي مَقَامِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَأَمَّا إذَا تَمَّ بِتَحْوِيلِ الرَّأْسِ يَمِينًا وَشِمَالًا فَيَكْتَفِي بِذَلِكَ فَلَا يُزَالُ الْقَدَمَانِ عَنْ مَكَانَيْهِمَا. كَذَا فِي شَاهَانْ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَيُكْرَهُ التَّلْحِينُ وَهُوَ التَّغَنِّي بِحَيْثُ يُؤَدِّي إلَى تَغَيُّرِ كَلِمَاتِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَك، وَتَحْسِينُ الصَّوْتِ لِلْأَذَانِ حَسَنٌ مَا لَمْ يَكُنْ لَحْنًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ. وَيَجْعَلُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَحَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ أَصْلِيَّةٍ وَإِنَّمَا شَرْعٌ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِعْلَامِ وَإِنْ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ فَحَسَنٌ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَجَعْلُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ سُنَّةُ الْأَذَانِ لِيَرْفَعَ صَوْتَهُ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَالتَّثْوِيبُ حَسَنٌ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ إلَّا فِي الْمَغْرِبِ هَكَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَهُوَ رُجُوعُ الْمُؤَذِّنِ إلَى الْإِعْلَامِ بِالصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. وَتَثْوِيبُ كُلِّ بَلْدَةٍ عَلَى مَا تَعَارَفُوهُ إمَّا بِالتَّنَحْنُحِ أَوْ بِالصَّلَاةَ الصَّلَاةَ أَوْ قَامَتْ قَامَتْ؛ لِأَنَّهُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْإِعْلَامِ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِمَا تَعَارَفُوهُ. كَذَا فِي الْكَافِي. وَيُؤَذِّنُ لِلْفَجْرِ ثُمَّ يَقْعُدُ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ عِشْرِينَ آيَةً ثُمَّ يُثَوِّبُ ثُمَّ يَقْعُدُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُقِيمُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَفْصِلُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ

مِقْدَارَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ نَحْوًا مِنْ عَشْرِ آيَاتٍ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالْوَصْلُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مَكْرُوهٌ بِالِاتِّفَاقِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالْأَوْلَى لِلْمُؤَذِّنِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي قَبْلَهَا تَطَوُّعٌ مَسْنُونٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمَغْرِبِ فَالْمُسْتَحَبُّ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ يَسْكُتُ قَائِمًا مِقْدَارَ مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قِرَاءَةِ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْفَصْلَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهِ أَيْضًا. كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْفَصْلِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ يَسْكُتُ قَائِمًا سَاعَةً ثُمَّ يُقِيمُ، وَمِقْدَارُ السَّكْتَةِ عِنْدَهُ قَدْرُ مَا يُمْكِنُ فِيهِ مِنْ قِرَاءَةِ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ وَعِنْدَهُمَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجَلْسَةٍ خَفِيفَةٍ مِقْدَارَ الْجِلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ الْخِلَافَ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ حَتَّى إنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ جَلَسَ جَازَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَجْلِسَ وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْعَكْسِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيَنْتَظِرُ الْمُؤَذِّنُ النَّاسَ وَيُقِيمُ لِلضَّعِيفِ الْمُسْتَعْجِلِ وَلَا يَنْتَظِرُ رَئِيسَ الْمَحَلَّةِ وَكَبِيرَهَا. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. يَنْبَغِي أَنْ يُؤَذِّنَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَيُقِيمَ فِي وَسَطِهِ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُتَوَضِّئُ مِنْ وُضُوئِهِ وَالْمُصَلِّي مِنْ صَلَاتِهِ وَالْمُعْتَصِرُ مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ عِنْدَ الْإِقَامَةِ يُكْرَهُ لَهُ الِانْتِظَارُ قَائِمًا وَلَكِنْ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ إذَا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ قَوْلَهُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. إنْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ غَيْرَ الْإِمَامِ وَكَانَ الْقَوْمُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَقُومُ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَإِنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنْ قِبَلِ الصُّفُوفِ فَكُلَّمَا جَاوَزَ صَفًّا قَامَ ذَلِكَ الصَّفُّ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنْ قُدَّامِهِمْ يَقُومُونَ كَمَا رَأَى الْإِمَامَ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ وَاحِدٌ فَإِنْ أَقَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَالْقَوْمُ لَا يَقُومُونَ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْإِقَامَةِ وَإِنْ أَقَامَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَمَشَايِخُنَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَقُومُونَ مَا لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ الْمَسْجِدَ وَيُكَبِّرُ الْإِمَامُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ) يَجِبُ عَلَى السَّامِعِينَ عِنْدَ الْأَذَانِ الْإِجَابَةُ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ إلَّا فِي قَوْلِهِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ مَكَانَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَمَكَانَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ: مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي فَتَاوَى الْغَرَائِبِ وَكَذَا فِي قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ لَا يَقُولُ السَّامِعُ مِثْلَهُ وَلَكِنْ يَقُولُ: صَدَقْت وَبَرَرْت. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. سَمِعَ الْأَذَانَ وَهُوَ يَمْشِي فَالْأَوْلَى أَنْ يَقِفَ سَاعَةً وَيُجِيبَ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَإِجَابَةُ الْإِقَامَةِ مُسْتَحَبَّةٌ. هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا بَلَغَ قَوْلَهُ قَامَتْ الصَّلَاةُ يَقُولُ السَّامِعُ: أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا اللَّهُ مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَفِي سَائِرِ الْكَلِمَاتِ يُجِيبُ كَمَا يُجِيبُ فِي الْأَذَانِ. كَذَا فِي فَتَاوَى الْغَرَائِبِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَكَلَّمَ السَّامِعُ فِي خِلَالِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَلَا يَشْتَغِلُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْأَعْمَالِ سِوَى الْإِجَابَةِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْقِرَاءَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَ وَيَشْتَغِلَ بِالِاسْتِمَاعِ وَالْإِجَابَةِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَغِلَ بِالدُّعَاءِ عِنْدَ الْإِقَامَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَكْثَرُ مِنْ مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ أَذَّنُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَالْحُرْمَةُ لِلْأَوَّلِ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. .

الباب الثالث في شروط الصلاة وفيه فصول أربعة

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَفِيهِ فُصُولٌ أَرْبَعَةٌ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ] الْبَابُ الثَّالِثُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ) وَهِيَ عِنْدَنَا سَبْعَةٌ: الطَّهَارَةُ مِنْ الْأَحْدَاثِ، وَالطَّهَارَةُ مِنْ الْأَنْجَاسِ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتُ وَالنِّيَّةُ وَالتَّحْرِيمَةُ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَفِيهِ فُصُولٌ أَرْبَعَةٌ: (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ) تَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ مِنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي وَثَوْبِهِ وَالْمَكَانِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ وَاجِبٌ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ فِي بَابِ الْأَنْجَاسِ هَذَا إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ قَدْرًا مَانِعًا وَأَمْكَنَ إزَالَتُهَا مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ مَا هُوَ أَشَدُّ حَتَّى لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إزَالَتِهَا إلَّا بِإِبْدَاءِ عَوْرَتِهِ لِلنَّاسِ يُصَلِّي مَعَهَا وَلَوْ أَبْدَاهَا لِلْإِزَالَةِ فَسَقَ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيُعْتَبَرُ ظَاهِرُ الْبَدَنِ حَتَّى لَوْ اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ نَجِسٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ عَيْنِهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. النَّجَاسَةُ إنْ كَانَتْ غَلِيظَةً وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَغَسْلُهَا فَرِيضَةٌ وَالصَّلَاةُ بِهَا بَاطِلَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مِقْدَارَ دِرْهَمٍ فَغَسْلُهَا وَاجِبٌ وَالصَّلَاةُ مَعَهَا جَائِزَةٌ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الدِّرْهَمِ فَغَسْلُهَا سُنَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ حَتَّى تَفْحُشَ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. سَتْرُ الْعَوْرَةِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ إذَا قُدِرَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْعَوْرَةُ لِلرَّجُلِ مِنْ تَحْتِ السُّرَّةِ حَتَّى تُجَاوِزَ رُكْبَتَيْهِ فَسُرَّتُهُ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَرُكْبَتُهُ عَوْرَةٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا جَمِيعًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَدَنُ الْحُرَّةِ عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَقَدَمَيْهَا. كَذَا فِي الْمُتُونِ وَشَعْرُ الْمَرْأَةِ مَا عَلَى رَأْسِهَا عَوْرَةٌ وَأَمَّا الْمُسْتَرْسِلُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ عَوْرَةٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالْأَمَةُ كَالرَّجُلِ وَبَطْنُهَا وَظَهْرُهَا عَوْرَةٌ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْجَوَابِ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُسْتَسْعَاةُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ إذَا كَانَ رَقِيقًا فَعَوْرَتُهُ عَوْرَةُ الْأَمَةُ وَإِنْ كَانَ حُرًّا أَمَرْنَاهُ أَنْ يَسْتُرَ جَمِيعَ بَدَنِهِ فَإِنْ سَتَرَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتَيْهِ قَالَ بَعْضُهُمْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَلْزَمُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. مُرَاهِقَةٌ صَلَّتْ عُرْيَانَةً أَوْ بِغَيْرِ وُضُوءٍ تُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ وَإِنْ صَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَصَلَاتُهَا تَامَّةٌ اسْتِحْسَانًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْغَيْرِ فَرْضٌ بِالْإِجْمَاعِ وَمِنْ نَفْسِهِ غَيْرُ فَرْضٍ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي شَاهَانْ فَإِذَا صَلَّى فِي قَمِيصٍ بِغَيْرِ أَزْرَارٍ وَكَانَ لَوْ نَظَرَ رَأَى عَوْرَتَهُ مِنْ زِيقِهِ فَعِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَإِنْ صَلَّى فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ عُرْيَانًا وَلَهُ ثَوْبٌ طَاهِرٌ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالثَّوْبُ الرَّقِيقُ الَّذِي يَصِفُ مَا تَحْتَهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَكَانَ إذَا سَجَدَ لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتَهُ لَكِنْ لَوْ نَظَرَ إلَيْهِ إنْسَانٌ مِنْ تَحْتِهِ رَأَى عَوْرَتَهُ فَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ قَلِيلِ الِانْكِشَافِ عَفْوٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَلْوَى وَلَا بَلْوَى فِي الْكَبِيرِ فَلَا يُجْعَلُ عَفْوًا الرُّبْعُ وَمَا فَوْقَهُ كَثِيرٌ وَمَا دُونَ الرُّبْعِ قَلِيلٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّقْدِيرَ فِي الْعَوْرَةِ الْغَلِيظَةِ وَالْخَفِيفَةِ بِالرُّبْعِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. انْكِشَافُ مَا دُونَ الرُّبْعِ مَعْفُوٌّ إذَا كَانَ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ فِي عُضْوَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَجُمِعَ وَبَلَغَ رُبْعَ أَدْنَى عُضْوٍ مِنْهَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْجَمْعُ بِالْأَجْزَاءِ كَالْأَسْدَاسِ وَالْأَتْسَاعِ بَلْ بِالْقَدْرِ حَتَّى لَوْ انْكَشَفَ مِنْ الْأُذُنِ تُسْعُهَا وَمِنْ السَّاقِ تُسْعُهَا يُمْنَعُ؛ لِأَنَّ الْمَكْشُوفَ قَدْرُ رُبْعِ الْأُذُنِ. هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِنْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ فِي الصَّلَاةِ فَسَتَرَهَا بِلَا مُكْثٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ إجْمَاعًا وَإِنْ أَدَّى رُكْنًا مَعَ الِانْكِشَافِ فَسَدَتْ إجْمَاعًا وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهِ لَكِنْ مَكَثَ قَدْرَ مَا يُمْكِنُ الْأَدَاءُ تَفْسُدُ عِنْدَ

أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا نَصَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ أَمَةٌ صَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَأُعْتِقَتْ فِي صَلَاتِهَا فَإِنْ لَمْ تَسْتَتِرْ مِنْ سَاعَتِهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهَا وَإِنْ سَتَرَتْ مِنْ سَاعَتِهَا بِعَمَلٍ قَلِيلٍ جَازَتْ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْعَمَلُ الْقَلِيلُ أَنْ تَأْخُذَهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالذَّكَرُ يُعْتَبَرُ بِانْفِرَادِهِ وَكَذَا الْأُنْثَيَانِ هُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْأَلْيَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَوْرَةٌ عَلَى حِدَةٍ وَالدُّبُرُ ثَالِثُهُمَا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَهَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالرُّكْبَةُ إلَى آخِرِ الْفَخِذِ عُضْوٌ وَاحِدٌ حَتَّى لَوْ صَلَّى وَالرُّكْبَتَانِ مَكْشُوفَتَانِ وَالْفَخِذُ مُغَطًّى جَازَتْ صَلَاتُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَكَذَا كَعْبُ الْمَرْأَةِ مَعَ سَاقِهَا. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ. وَمَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَعَانَتِهِ عُضْوٌ عَلَى حِدَةٍ وَالْمُرَادُ مَا حَوْلَهُ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ فَإِذَا انْكَشَفَ رُبْعُهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالظَّهْرُ بِانْفِرَادِهِ عَوْرَةٌ وَالْبَطْنُ كَذَلِكَ وَكَذَا الصَّدْرُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ وَالْجَنْبُ تَبَعٌ لِلْبَطْنِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَثَدْيُ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً نَاهِدَةً فَهُوَ تَبَعٌ لِصَدْرِهَا وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً فَهُوَ عُضْوٌ عَلَى حِدَةٍ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُعْتَبَرُ كُلُّ وَاحِدٍ عَوْرَةً بِانْفِرَادِهِ وَكَذَا الْأُذُنَانِ حَتَّى لَوْ انْكَشَفَ رُبْعُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسَدَتْ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَمَنْ لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا صَلَّى قَاعِدًا يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ قَائِمًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ الْأَوَّلُ أَفْضَلُ. هَكَذَا فِي الْكَافِي لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا فِي بَيْتٍ أَوْ صَحْرَاءَ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُودِ الْقُدْرَةُ فَإِنْ أُبِيحَ لَهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ الْعَارِي إذَا كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ لَهُ كِسْوَةٌ فَإِنَّهُ يَسْأَلُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ صَلَّى عُرْيَانًا وَلَوْ وَجَدَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ ثَوْبًا اسْتَقْبَلَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ السِّرَاجِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ يَرْجُو وُجُودَ الثَّوْبِ يُؤَخِّرْ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْوَقْتِ كَطَهَارَةِ الْمَكَانِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُصَلِّي الْعُرَاةُ وُحْدَانًا مُتَبَاعِدِينَ وَإِنْ صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ يَتَوَسَّطُهُمْ الْإِمَامُ وَيُرْسِلُ كُلُّ وَاحِدٍ رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَضَعُ يَدَيْهِ بَيْنَ فَخِذَيْهِ يُومِئُ إيمَاءً وَإِنْ أَوْمَأَ الْقَائِمُ أَوْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ الْقَاعِدُ جَازَ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. فِي الْحُجَّةِ إذَا وَجَدَ الْعَارِي حَصِيرًا أَوْ بِسَاطًا صَلَّى فِيهِ وَلَا يُصَلِّي عُرْيَانًا وَكَذَا إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ بِالْحَشِيشِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. عُرْيَانٌ قَدَرَ عَلَى طِينٍ يُلَطِّخُ بِهِ عَوْرَتَهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَدَرَ أَنْ يَخْصِفَ عَلَيْهِ وَرَقَ الشَّجَرَةِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بِهِ بَعْضَ الْعَوْرَةِ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ وَيَسْتُرُ بِهِ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ بِالِاتِّفَاقِ. هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ بِهِ أَحَدَهُمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْتُرُ بِهِ الدُّبُرَ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْتُرُ بِهِ الْقُبُلَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ الْقِبْلَةَ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبِ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ وَتَصِحُّ لِلنِّسَاءِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ يُصَلِّي فِيهِ لَا عُرْيَانًا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً صَلَّتْ قَائِمَةً يَنْكَشِفُ مِنْ عَوْرَتِهَا مَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَلَوْ صَلَّتْ قَاعِدَة لَا يَنْكَشِفُ شَيْءٌ مِنْهَا فَإِنَّهَا تُصَلِّي قَاعِدَةً. كَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي الْعَتَّابِيَّةِ إذَا انْكَشَفَ رُبْعُ عَوْرَتِهَا عِنْدَ السُّجُودِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ: قَمِيصٍ، وَإِزَارٍ، وَعِمَامَةٍ. أَمَّا لَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ تَجُوزُ صَلَاتُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَإِنْ صَلَّى فِي إزَارٍ وَاحِدٍ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أَيْضًا قَمِيصٍ وَإِزَارٍ وَمِقْنَعَةٍ فَإِنْ صَلَّتْ فِي ثَوْبَيْنِ جَازَتْ صَلَاتُهَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ صَلَّتْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحَةً بِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا سَتَرَتْ بِهِ رَأْسَهَا وَجَمِيعَ جَسَدِهَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ صَلَّى رَجُلَانِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَاسْتَتَرَ كُلُّ وَاحِدٍ بِطَرَفٍ مِنْهُ أَجْزَأَهُ وَكَذَا لَوْ أَلْقَى أَحَدَ طَرَفَيْهِ عَلَى نَائِمٍ أَجْزَأَهُ

الفصل الثاني في طهارة ما يستر به العورة وغيره

كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ يُغَطِّي جَسَدَهَا وَرُبْعَ رَأْسِهَا فَتَرَكَتْ تَغْطِيَةَ الرَّأْسِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ يُغَطِّي أَقَلَّ مِنْ الرُّبْعِ لَا يَضُرُّهَا تَرْكُهُ وَالسَّتْرُ أَفْضَلُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. عُرْيَانُ وَجَدَ قِطْعَةً تَسْتُرُ رُبْعَ أَصْغَرِ الْعَوْرَاتِ فَلَمْ يَسْتُرْ فَسَدَتْ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِنْ صَلَّى فِي الْمَاءِ إنْ كَانَ كَدِرًا صَحَّتْ وَإِنْ كَانَ صَافِيًا يُمْكِنُ رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ لَا تَصِحُّ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي طَهَارَةِ مَا يَسْتُرُ بِهِ الْعَوْرَةَ وَغَيْرِهِ] وَجَدَ ثَوْبًا رُبْعُهُ طَاهِرٌ وَصَلَّى عَارِيًّا لَمْ يَجُزْ. وَإِنْ كَانَ أَقَلُّ مِنْ رُبْعِهِ طَاهِرًا أَوْ كُلُّهُ نَجِسًا خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ عَارِيًّا قَاعِدًا بِإِيمَاءٍ وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ قَائِمًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَهُوَ أَفْضَلُ. كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا جِلْدَ مَيْتَةٍ غَيْرَ مَدْبُوغٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتُرَ بِهِ عَوْرَتَهُ وَلَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ فِيهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ نَجَاسَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يَتَخَيَّرُ مَا لَمْ يَبْلُغْ أَحَدُهُمَا رُبْعَ الثَّوْبِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَنْعِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ فِي أَقَلِّهِمَا نَجَاسَةً. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ كَانَ دَمُ أَحَدِهِمَا مَا قَدْرَ الرُّبْعِ وَدَمُ الْآخَرِ أَقَلَّ يُصَلِّي فِي أَقَلِّهِمَا دَمًا وَلَا يَجُوزُ عَكْسُهُ وَلَوْ كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْرُ الرُّبْعِ أَوْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ لَكِنْ لَا يَبْلُغُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ وَفِي الْآخَرِ قَدْرُ الرُّبْعِ صَلَّى فِي أَيِّهِمَا شَاءَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَقَلِّهِمَا نَجَاسَةً، وَلَوْ كَانَ رُبْعُ أَحَدِهِمَا طَاهِرًا وَالْآخَرُ أَقَلَّ مِنْ الرُّبْعِ يُصَلِّي فِي الَّذِي رُبْعُهُ طَاهِرٌ وَلَا يَجُوزُ الْعَكْسُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ كَانَ الدَّمُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الثَّوْبِ وَالطَّاهِرُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَّزِرَ بِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ بِثَوْبٍ طَاهِرٍ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا تَحَرَّكَ الطَّرَفُ الْآخَرُ أَوْ لَمْ يَتَحَرَّكْ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ طَرَفُ أَحَدِهِمَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَّزِرَ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَّزِرُ بِهِ وَيُصَلِّي لَمْ يَجُزْ إلَّا ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ بِحَالٍ يَتَحَرَّكُ الطَّرَفُ الْآخَرُ أَوْ لَا يَتَحَرَّكُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ مَنْ اُبْتُلِيَ بِبَلِيَّتَيْنِ وَهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ يَأْخُذُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ اخْتَلَفَتَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَخْتَارَ أَهْوَنَهُمَا. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الثَّوْبُ الطَّاهِرُ مِنْ النَّجِسِ تَحَرَّى وَصَلَّى وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلثِّيَابِ النَّجِسَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى ثَوْبٍ وَصَلَّى فِيهِ الظُّهْرَ ثُمَّ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى ثَوْبٍ آخَرَ فَصَلَّى فِيهِ الْعَصْرَ فَالْعَصْرُ فَاسِدَةٌ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ لَا يَعْلَمُ فِيهِمَا نَجَاسَةً فَصَلَّى الظُّهْرَ فِي أَحَدِهِمَا ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ فِي الْآخَرِ ثُمَّ الْمَغْرِبَ فِي الْأَوَّلِ ثُمَّ الْعِشَاءَ فِي الثَّانِي ثُمَّ رَأَى فِي أَحَدِهِمَا نَجَاسَةً أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَلَا يَدْرِي أَيُّهُمَا الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي فَالظُّهْرُ وَالْمَغْرِبُ جَائِزَانِ وَالْعَصْرُ وَالْعِشَاءُ فَاسِدَانِ وَهَذَا وَمَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي الْأَوَّلِ بِالتَّحَرِّي وَالْعَصْرَ فِي الثَّانِي وَفِي الْأَوَّلِ الْمَغْرِبَ وَفِي الثَّانِي الْعِشَاءَ سَوَاءٌ، ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا صَلَّى وَهُوَ لَابِسٌ مِنْدِيلًا أَوْ مُلَاءَةً وَأَحَدُ طَرَفَيْهِ نَجِسٌ وَالطَّرَفُ الَّذِي فِيهِ النَّجَاسَةُ عَلَى الْأَرْضِ إنْ كَانَ النَّجَسُ يَتَحَرَّكُ بِتَحَرُّكِ الْمُصَلِّي لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَرَّكُ تَجُوزُ صَلَاتُهُ. وَإِذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَعِنْدَهُ أَنَّهُ نَجِسٌ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ طَاهِرٌ تَجُوزُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ مَعَ الْعُرْيَانِ ثَوْبُ دِيبَاجٍ وَثَوْبُ كِرْبَاسَ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يُصَلِّي فِي الدِّيبَاجِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ الْمُصَلِّي إذَا رَأَى عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةً هِيَ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَغْسِلَ الثَّوْبَ وَيَسْتَقْبِلَ الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانَ تَفُوتُهُ الصَّلَاةُ بِجَمَاعَةٍ وَيَجِدُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَكَذَلِكَ وَإِنْ خَافَ أَنْ لَا يَجِدَ الْجَمَاعَةَ أَوْ يَفُوتَهُ الْوَقْتُ مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ هَذَا إذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَكِنْ انْتَهَى إلَى الْقَوْمِ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يَخْشَى إنْ غَسَلَهُ تَفُوتُهُ الْجَمَاعَةُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَغْسِلَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إنْ وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً مُغَلَّظَةً أَكْثَرَ

مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَلَا يَدْرِي مَتَى أَصَابَتْهُ لَا يُعِيدُ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ رَأَى فِي ثَوْبِ إمَامِهِ نَجَاسَةً أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَإِنْ كَانَ مَذْهَبُ الْمُقْتَدِي أَنَّ النَّجَاسَةَ الْقَلِيلَةَ لَا تَمْنَعُ الصَّلَاةَ وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ أَنَّهَا تَمْنَعُ فَصَلَّى الْإِمَامُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ جَازَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي وَلَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُمَا عَلَى الْعَكْسِ فَحُكْمُهُمَا عَلَى الْعَكْسِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ النَّجَاسَاتِ قَالَ نُصَيْرٌ: وَبِهِ نَأْخُذُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ النَّجَاسَةُ لَوْ كَانَتْ عَلَى خُفَّيْنِ وَعَلَى الثَّوْبِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَكِنْ لَوْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا صَارَتَا أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يُجْمَعُ وَيُمْنَعُ جَوَازُ الصَّلَاةِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ فِي ثَوْبِ الْمُصَلِّي فِي مَوَاضِعَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ ذِي طَاقٍ وَاحِدٍ كَالْقَمِيصِ وَنَحْوِهِ وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ قَدْ نَفَذَتْ النَّجَاسَةُ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَلَوْ جُمِعَتَا تَكُونَانِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَا تَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِمْ وَلَيْسَتْ كَالنَّجَاسَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلَوْ صَلَّى فِي ثَوْبَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَجَاسَةٌ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَلَوْ جُمِعَتَا تَكُونَانِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَإِنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيُمْنَعُ جَوَازُ الصَّلَاةِ. وَلَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ ذِي طَاقَيْنِ فَأَصَابَتْ النَّجَاسَةُ أَحَدَ الطَّاقَيْنِ وَنَفَذَتْ إلَى الْآخَرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ كَثَوْبٍ وَاحِدٍ لَا تَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَمْنَعُ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْسَعُ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَحْوَطُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ صَلَّى وَمَعَهُ دِرْهَمٌ تَنَجَّسَ جَانِبَاهُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَ مَوْضِعُ أَنْفِهِ نَجِسًا وَمَوْضِعُ جَبْهَتِهِ طَاهِرًا تَجُوزُ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَوْضِعُ أَنْفِهِ طَاهِرًا وَمَوْضِعُ جَبْهَتِهِ نَجِسًا وَسَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ تَجُوزُ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ مَوْضِعُ أَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ نَجِسًا ذَكَرَ الزَّنْدَوَسْتِيُّ فِي نَظْمِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ دُونَ جَبْهَتِهِ وَتَجُوزُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِجَبْهَتِهِ عُذْرٌ وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ إلَّا إذَا كَانَ بِجَبْهَتِهِ عُذْرًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ سَجَدَ بِهِمَا لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ تَحْتَ قَدَمَيْ الْمُصَلِّي مُنِعَ الصَّلَاةَ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكُرْدِيِّ وَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَوْضِعِ الْقَدَمَيْنِ نَجِسًا وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْأَصَابِعِ نَجِسًا وَإِذَا كَانَ مَوْضِعُ إحْدَى الْقَدَمَيْنِ طَاهِرًا وَمَوْضِعُ الْأُخْرَى نَجِسًا فَوَضَعَ قَدَمَيْهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ فَإِنْ وَضَعَ إحْدَى الْقَدَمَيْنِ الَّتِي مَوْضِعُهَا طَاهِرٌ وَرَفَعَ الْقَدَمَ الْأُخْرَى الَّتِي مَوْضِعُهَا نَجِسٌ وَصَلَّى فَإِنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ تَحْتَ يَدَيْهِ أَوْ رُكْبَتَيْهِ فِي حَالَةِ السُّجُودِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَاخْتَارَ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّهَا تَفْسُدُ وَصَحَّحَهُ فِي الْعُيُونِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا صَلَّى عَلَى مَكَان طَاهِرٍ وَسَجَدَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا سَجَدَ تَقَعُ ثِيَابُهُ عَلَى أَرْضٍ نَجِسَةٍ يَابِسَةٍ أَوْ ثَوْبٍ نَجِسٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ تَحْتَ كُلِّ قَدَمٍ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَلَوْ جُمِعَتْ تَصِيرُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَإِنَّهَا تُجْمَعُ وَتَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ النَّجَاسَةِ الَّتِي تُصِيبُ الثَّوْبَ وَفِي الْمُضْمَرَاتِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَكَذَا يُجْمَعُ نَجَاسَةُ مَوْضِعِ السُّجُودِ وَمَوْضِعِ الْقَدَمِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا كَانَ فِي ثَوْبِ الْمُصَلِّي أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَتَحْتَ قَدَمَيْهِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَكِنْ لَوْ جُمِعَ يَبْلُغُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَا يُجْمَعُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا قَامَ الْمُصَلِّي عَلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ ثُمَّ تَحَوَّلَ إلَى مَكَانٍ نَجِسٍ ثُمَّ عَادَ إلَى الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَمْكُثْ عَلَى النَّجَاسَةِ مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ أَدَاءُ أَدْنَى رُكْنٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ النَّجَاسَةِ الَّتِي تُصِيبُ

الثَّوْبَ وَالْمَكَانَ. وَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ عَلَى مَكَانٍ نَجِسٍ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ وَعَلَى سَرْجِهَا نَجَاسَةٌ مِثْلُ الدَّمِ وَالْعَذِرَةِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُجْزِيهِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ وَفِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ نَجَاسَةٌ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ وَلَا فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ لَا تَمْنَعُ أَدَاءَ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَ الْبِسَاطُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا بِحَيْثُ لَوْ حَرَّكَ أَحَدَ طَرَفَيْهِ يَتَحَرَّكُ الطَّرَفُ الْآخَرُ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَكَذَا الثَّوْبُ وَالْحَصِيرُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي الْحُجَّةِ الْبِسَاطُ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَا يَدْرِي فِي أَيِّ مَوْضِعٍ هِيَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَحَرَّى فَيُصَلِّيَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَطْمَئِنُّ قَلْبُهُ أَنَّهُ طَاهِرٌ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى بِطَانَةِ مُصَلَّاهُ أَوْ فِي حَشْوِهَا جَازَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مَخِيطًا عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا مُضَرَّبًا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَخِيطَا عَلَى صَاحِبِهِ يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ بِالْخَيَّاطَةِ وَالتَّضْرِيبِ لَمْ يَصِرْ ثَوْبًا وَاحِدًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً فَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبًا وَصَلَّى إنْ كَانَ ثَوْبًا يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ مِنْ عَرْضِهِ ثَوْبًا كَالنَّهَالِيِّ يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ لَا يَجُوزُ إنْ كَانَتْ يَابِسَةً جَازَتْ إذَا كَانَ يَصْلُحُ سَاتِرًا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى إذَا ثَنَى ثَوْبَهُ وَالْأَعْلَى طَاهِرٌ دُونَ الْأَسْفَلِ يَجُوزُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ نَاقِلًا عَنْ الْمُبْتَغَى. وَلَوْ قَامَ عَلَى النَّجَاسَةِ وَفِي رِجْلَيْهِ نَعْلَانِ أَوْ جَوْرَبَانِ لَمْ تَجْزِ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ وَقَامَ عَلَيْهِمَا جَازَ سَوَاءٌ كَانَ مَا يَلِي الْأَرْضَ مِنْهُ نَجِسًا أَوْ طَاهِرًا إذَا كَانَ مَا يَلِي الْقَدَمَ طَاهِرًا وَالْآجُرُّ إذَا كَانَ أَحَدُ وَجْهَيْهِمَا نَجِسًا فَقَامَ عَلَى الْوَجْهِ الطَّاهِرِ وَصَلَّى جَازَ مَفْرُوشَةً كَانَتْ أَوْ مَوْضُوعَةً. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا صَلَّى عَلَى حَجَرِ الرَّحَى أَوْ عَلَى بَابٍ أَوْ بِسَاطٍ غَلِيظٍ أَوْ عَلَى مُكَعَّبٍ ظَاهِرُهُ طَاهِرٌ وَبَاطِنُهُ نَجِسٌ يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالتَّرْجِيحِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَكَذَا اللِّبْدُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا الْخَشَبُ إذَا كَانَ غِلَظُهُ بِحَيْثُ يَقْبَلُ الْقَطْعَ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْأَرْضِ عَلَيْهَا نَجَاسَةٌ فَكَبَسَهَا بِالتُّرَابِ يَنْظُرُ إنْ كَانَ التُّرَابُ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَوْ اسْتَشَمَّهُ يَجِدُ رَائِحَةَ النَّجَاسَةِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يَجِدُ الرَّائِحَةَ يَجُوزُ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا كَانَ عَلَى الثَّوْبِ الْمَبْسُوطِ نَجَاسَةٌ وَفَرَشَ عَلَيْهِ التُّرَابَ لَا يَجُوزُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ بَسَطَ كُمَّهُ عَلَى مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ وَسَجَدَ عَلَيْهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ صَلَّى فِي جُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ فَوَجَدَ فِي حَشْوِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ فَأْرَةً مَيِّتَةً يَابِسَةً إنْ كَانَ لِلْجُبَّةِ ثُقْبٌ أَوْ خَرْقٌ أَعَادَ صَلَاةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعَادَ جَمِيعَ مَا صَلَّى فِي تِلْكَ الْجُبَّةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) إذَا صَلَّى وَفِي كُمِّهِ بَيْضَةٌ مَذِرَةٌ قَدْ حَالَ مُحُّهَا دَمًا جَازَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَا الْبَيْضَةُ الَّتِي فِيهَا فَرْخٌ مَيِّتٌ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي النِّصَابِ رَجُلٌ صَلَّى وَفِي كُمِّهِ قَارُورَةٌ فِيهَا بَوْلٌ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ سَوَاءٌ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِي مَظَانِّهِ وَمَعْدِنِهِ بِخِلَافِ الْبَيْضَةِ الْمَذِرَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْدِنِهِ وَمَظَانِّهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ صَلَّى وَالشَّهِيدُ عَلَى عَاتِقِهِ وَعَلَى ثَوْبِهِ دَمٌ كَثِيرٌ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَلَوْ كَانَ ثَوْبُ الشَّهِيدِ عَلَى عَاتِقِهِ دُونَ الشَّهِيدِ لَا تَجُوزُ رَجُلٌ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَفِي كُمِّهِ فَرْخَةٌ حَيَّةٌ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ رَآهَا مَيِّتَةً فَإِنْ كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ أَنَّهَا مَاتَتْ فِي صَلَاتِهِ تَجِبُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبُ ظَنِّهِ ذَلِكَ كَانَ مُشَكَّكًا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ أَعَادَ سِنَّهُ

الفصل الثالث في استقبال القبلة

جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَائِنَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ سِنَّ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ صَلَّى وَفِي عُنُقِهِ قِلَادَةٌ فِيهَا سِنُّ كَلْبٍ أَوْ ذِئْبٍ تَجُوزُ صَلَاتُهُ إذَا صَلَّى وَمَعَهُ فَأْرَةٌ أَوْ هِرَّةٌ أَوْ حَيَّةٌ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَقَدْ أَسَاءَ وَكَذَا كُلُّ مَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِسُؤْرِهِ وَإِنْ كَانَ فِي كُمِّهِ ثَعْلَبٌ أَوْ جِرْوُ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ سُؤْرَهُ نَجِسٌ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وُضِعَ فِي حِجْرِ الْمُصَلِّي الصَّبِيُّ الْغَيْرُ الْمُسْتَمِكِ وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ مَانِعَةٌ إنْ لَمْ يَمْكُثْ قَدْرَ مَا أَمْكَنَهُ أَدَاءُ رُكْنٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ مَكَثَ تَفْسُدُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَمْسَكَ وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ وَكَذَا الْحَمَامَةُ الْمُتَنَجِّسَةُ إذَا جَلَسَتْ عَلَيْهِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ. وَكَذَا الْجُنُبُ وَالْمُحْدِثُ إذَا حَمَلَهُ الْمُصَلِّي جَازَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي تِسْعِ مَوَاطِنَ) فِي قَوَارِعِ الطَّرِيقِ وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَالْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالْمَخْرَجِ وَالْمُغْتَسَلِ وَالْحَمَّامِ وَالْمَقْبَرَةِ وَسَطْحِ الْكَعْبَةِ وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ وَالسُّجُودِ عَلَى الْحَشِيشِ وَالْحَصِيرِ وَالْبُسُطِ وَالْبَوَارِي. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ الْمُتَنَجِّسُ مُعَلَّقًا فَوْقَ رَأْسِهِ إذَا قَامَ الْمُصَلِّي يَصِيرُ عَلَى كَتِفِهِ فَصَلَّى رُكْنًا مَعَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَكَذَا لَوْ وُضِعَ عَلَيْهِ قَبَاءٌ نَجِسٌ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا رَأَى الرَّجُلُ فِي ثَوْبِ غَيْرِهِ نَجَاسَةً أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ إنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ يَغْسِلُ النَّجَاسَةَ فَإِنَّهُ يُخْبِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِهِ وَسِعَهُ أَنْ لَا يُخْبِرَهُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى هَذَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَاجِبٌ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ هَذَا التَّفْصِيلِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ] لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَدَاءُ فَرِيضَةٍ وَلَا نَافِلَةٍ وَلَا سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَلَا صَلَاةِ جِنَازَةٍ إلَّا مُتَوَجِّهًا إلَى الْقِبْلَةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْقِبْلَةَ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ عَيْنُ الْكَعْبَةِ فَيَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ إلَى عَيْنِهَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ مِنْ جِدَارٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. حَتَّى لَوْ صَلَّى مَكِّيٌّ فِي بَيْتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَتْ الْجُدْرَانُ يَقَعُ اسْتِقْبَالُهُ عَلَى شَطْرِ الْكَعْبَةِ. كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ صَلَّى مُسْتَقْبِلًا بِوَجْهِهِ إلَى الْحَطِيمِ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ كَانَ خَارِجًا عَنْ مَكَّةَ فَقِبْلَتُهُ جِهَةُ الْكَعْبَةِ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَجِهَةُ الْكَعْبَةِ تُعْرَفُ بِالدَّلِيلِ وَالدَّلِيلُ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى الْمَحَارِيبُ الَّتِي نَصَبَهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَعَلَيْنَا اتِّبَاعُهُمْ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَالسُّؤَالُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَأَمَّا فِي الْبِحَارِ وَالْمَفَاوِزِ فَدَلِيلُ الْقِبْلَةِ النُّجُومُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمُعْتَبَرُ التَّوَجُّهُ إلَى مَكَانِ الْبَيْتِ دُونَ الْبِنَاءِ وَفِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ الصَّلَاةُ فِي الْآبَارِ الْعَمِيقَةِ وَالْجِبَالِ وَالتِّلَالِ الشَّامِخَةِ وَعَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الْقِبْلَةَ مِنْ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ إلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بِحِذَاءِ الْكَعْبَةِ إلَى الْعَرْشِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ صَلَّى فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ أَوْ عَلَى سَطْحِهَا جَازَ إلَى أَيِّ جِهَةٍ تَوَجَّهَ وَلَوْ صَلَّى عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ فَإِنْ كَانَ وَجْهُهُ إلَى سَطْحِ الْكَعْبَةِ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَرِيضٌ صَاحِبُ فِرَاشٍ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُحَوِّلَ وَجْهَهُ وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ أَحَدٌ يُوَجِّهُهُ يُجْزِيهِ صَلَاتُهُ إلَى حَيْثُمَا شَاءَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا إذَا كَانَ يَجِدُ مَنْ يُحَوِّلُهُ وَلَكِنْ يَضُرُّهُ التَّحْوِيلُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمَنْ كَانَ خَائِفًا يُصَلِّي إلَى أَيِّ جِهَةٍ قَدِرَ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيَسْتَوِي فِيهِ الْخَوْفُ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبْعٍ أَوْ لِصٍّ وَكَذَا إذَا كَانَ عَلَى خَشَبَةٍ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ يَخَافُ الْغَرَقَ إذَا انْحَرَفَ إلَى الْقِبْلَةِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَلِكَ إذَا صَلَّى الْفَرِيضَةَ بِالْعُذْرِ عَلَى دَابَّةٍ وَالنَّافِلَةَ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى أَيِّ جِهَةٍ تَوَجَّهَ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي سَفِينَةٍ تَطَوُّعًا أَوْ فَرِيضَةً

فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُمَا كَانَ وَجْهُهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ حَتَّى لَوْ دَارَتْ السَّفِينَةُ وَهُوَ يُصَلِّي تَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ حَيْثُ دَارَتْ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَإِنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْهَا اجْتَهَدَ وَصَلَّى. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَخْطَأَ بَعْدَمَا صَلَّى لَا يُعِيدُهَا وَإِنْ عَلِمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ اسْتَدَارَ إلَى الْقِبْلَةِ وَبَنَى عَلَيْهَا. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَإِذَا كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْهَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَكَانِ عَالِمٌ بِالْقِبْلَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْهَا فَلَمْ يَسْأَلْهُ وَتَحَرَّى وَصَلَّى فَإِنْ أَصَابَ الْقِبْلَةَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَحَدُّ الْحَضْرَةِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ صَاحَ بِهِ سَمِعَهُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ اشْتَبَهَتْ الْقِبْلَةُ فِي الْمَفَازَةِ فَوَقَعَ اجْتِهَادُهُ إلَى جِهَةٍ فَأَخْبَرَهُ عَدْلَانِ أَنَّ الْقِبْلَةَ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَا مُسَافِرَيْنِ لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِهِمَا أَمَّا إذَا كَانَا مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِمَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ تَحَرَّى وَصَلَّى إلَى غَيْرِ جِهَةِ التَّحَرِّي يُعِيدُهَا وَإِنْ أَصَابَ الْقِبْلَةَ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. وَلَوْ صَلَّى إلَى جِهَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشُكَّ فِي أَمْرِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَعْلَمَ فَسَادَهُ بِيَقِينٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَإِنْ ظَهَرَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ أَخْطَأَ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَصَابَ الْقِبْلَةَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتِمُّ وَلَا يَسْتَقْبِلُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ شَكَّ وَلَمْ يَتَحَرَّ وَصَلَّى مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ فَإِنْ زَالَ الشَّكُّ فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ أَصَابَ وَأَخْطَأَ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ وَإِلَّا فَإِنْ ظَهَرَ الْخَطَأُ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ يُعِيدُ وَإِنْ ظَهَرَتْ الْإِصَابَةُ مَضَى الْأَمْرُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. تَحَرَّى فَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ قِيلَ يُؤَخِّرُ وَقِيلَ يُصَلِّي إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ وَقِيلَ يُخَيَّرُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْأَصْوَبُ الْأَدَاءُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فَإِنْ صَلَّى إلَى جِهَةٍ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَصَابَ الْقِبْلَةَ جَازَ وَكَذَا إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَخْطَأَ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ دَخَلَ بَلْدَةً وَعَايَنَ الْمَحَارِيبَ الْمَنْصُوبَةَ يُصَلِّي إلَيْهَا وَلَا يَتَحَرَّى وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الْمَفَازَةِ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَة وَلَهُ عِلْمٌ بِاسْتِدْلَالِ النُّجُومِ عَلَى الْقِبْلَةِ لَا يَتَحَرَّى. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ دَخَلَ مَسْجِدًا لَا مِحْرَابَ لَهُ وَقِبْلَتُهُ مُشْكِلَةٌ فَصَلَّى بِالتَّحَرِّي ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَخْطَأَ كَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى السُّؤَالِ مِنْ الْأَهْلِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَصَابَ جَازَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ سَأَلَهُمْ فَلَمْ يُخْبِرُوهُ وَتَحَرَّى وَصَلَّى جَازَ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ بِالتَّحَرِّي فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ جَازَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَعَ أَبْوَابَ النَّاسِ لِلسُّؤَالِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَةً بِالتَّحَرِّي ثُمَّ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ إلَى الْجِهَةِ الْأُولَى اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُتِمُّ صَلَاتَهُ إلَى الْجِهَةِ الْأُولَى وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ صَلَّى فِي مَفَازَةٍ بِالتَّحَرِّي فَاقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ إنْ أَصَابَ الْإِمَامُ الْقِبْلَةَ جَازَتْ صَلَاتُهُمَا وَإِنْ أَخْطَأَ جَازَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ دُونَ الْمُقْتَدِي. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ بِمَكَّةَ بِأَنْ كَانَ مَحْبُوسًا وَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ فَصَلَّى بِالتَّحَرِّي ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ أَقْيَسُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ فَصَلَّى رَكْعَةً بِالتَّحَرِّي فَتَحَوَّلَ رَأْيُهُ إلَى جِهَةٍ فَصَلَّى الثَّانِيَةَ إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ. هَكَذَا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَجُوزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ صَلَّى رَكْعَةً بِالتَّحَرِّي إلَى جِهَةٍ ثُمَّ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى اخْتَلَفَ

الفصل الرابع في النية

الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِالتَّحَرِّي وَاجْتِهَادُهُ كَانَ خَطَأً وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ ثُمَّ عَلِمَ فِي الصَّلَاةِ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إلَى الْقِبْلَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ قَدْ عَلِمَ بِحَالِهِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَ فِي صَلَاتِهِ فَصَلَاةُ الْأَوَّلِ جَائِزَةٌ وَصَلَاةُ الدَّاخِلِ فَاسِدَةٌ الْأَعْمَى إذَا صَلَّى رَكْعَةً إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَحَوَّلَهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَاقْتَدَى بِهِ إنْ كَانَ الْأَعْمَى حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَجَدَ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ فَلَمْ يَسْأَلْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْأَلُهُ جَازَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَفَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِمْ الْقِبْلَةُ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَهُمْ فِي بَيْتٍ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِمْ أَحَدٌ عَدْلٌ يَسْأَلُونَهُ وَلَيْسَ ثَمَّةَ عَلَامَةٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَوْ كَانُوا فِي الْمَفَازَةِ فَتَحَرَّوْا جَمِيعًا وَصَلَّوْا إنْ صَلَّوْا وُحْدَانًا جَازَتْ صَلَاتُهُمْ أَصَابُوا الْقِبْلَةَ أَوْ لَا وَلَوْ صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ يُجْزِيهِمْ أَيْضًا إلَّا صَلَاةَ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ أَوْ عَلِمَ بِمُخَالَفَةِ إمَامِهِ فِي الصَّلَاةِ وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ صَلَّى إلَى جَانِبٍ آخَرَ غَيْرَ مَا صَلَّى إمَامَهُ قَوْمٌ صَلَّوْا فِي مَفَازَةٍ بِالتَّحَرِّي وَفِيهِمْ مَسْبُوقٌ وَلَاحِقٌ فَلَمَّا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ قَامَا يَقْضِيَانِ فَظَهَرَ لَهُمَا الْقِبْلَةُ خِلَافَ مَا رَأَى الْإِمَامُ أَمْكَنَ لِلْمَسْبُوقِ إصْلَاحُ صَلَاتِهِ بِأَنْ يُحَوِّلَ إلَى الْقِبْلَةِ دُونَ اللَّاحِقِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَجُوزُ التَّحَرِّي لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ كَمَا يَجُوزُ لِلصَّلَاةِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي الْكَعْبَةِ) صَحَّ فَرْضُ الصَّلَاةِ وَنَفْلُهَا فِي الْكَعْبَةِ وَلَوْ صَلَّوْا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ بِجَمَاعَةٍ وَاسْتَدَارُوا حَوْلَ الْإِمَامِ فَمَنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى الْإِمَامِ أَوْ جَعَلَ وَجْهَهُ إلَى ظَهْرِهِ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَا إنْ جَعَلَ وَجْهَهُ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ وَمَنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى وَجْهِ الْإِمَامِ لَمْ يَجُزْ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَمَنْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ يَسَارِهِ جَازَ إذَا لَمْ يَكُنْ أَقْرَبَ إلَى الْجِدَارِ الَّذِي تَوَجَّهَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مِنْ الْأَمَامِ. كَذَا فِي الزَّادِ وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَتَحَلَّقَ النَّاسُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَصَلَّوْا صَلَاةَ الْإِمَامِ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ أَقْرَبَ إلَى الْكَعْبَةِ مِنْ الْإِمَامِ جَازَتْ صَلَاتُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي جَانِبِ الْإِمَامِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَامَ الْإِمَامُ فِي الْكَعْبَةِ وَتَحَلَّقَ الْمُقْتَدُونَ حَوْلَهَا جَازَ إذَا كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ وَقَفَتْ امْرَأَةٌ بِحِذَاءِ الْإِمَامِ وَنَوَى الْإِمَامُ إمَامَتَهَا فَإِنْ اسْتَقْبَلَتْ الْجِهَةَ الَّتِي اسْتَقْبَلَهَا الْإِمَامُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ اسْتَقْبَلَتْ الْجِهَةَ الْأُخْرَى لَا تَفْسُدُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مَنْ صَلَّى فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ رَكْعَةً إلَى جِهَةٍ وَرَكْعَةً إلَى جِهَةٍ وَرَكْعَةً أُخْرَى إلَى جِهَةٍ أُخْرَى لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَدْبِرًا عَنْ الْجِهَةِ الَّتِي صَارَتْ قِبْلَةً بِيَقِينٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي النِّيَّةِ] النِّيَّةُ إرَادَةُ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَالشَّرْطُ أَنْ يَعْلَمَ بِقَلْبِهِ أَيَّ صَلَاةٍ يُصَلِّي وَأَدْنَاهَا مَا لَوْ سُئِلَ لَأَمْكَنَهُ أَنْ يُجِيبَ عَلَى الْبَدِيهَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يُجِيبَ إلَّا بِتَأَمُّلٍ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ وَلَا عِبْرَةَ لِلذِّكْرِ بِاللِّسَانِ فَإِنْ فَعَلَهُ لِتَجْتَمِعَ عَزِيمَةُ قَلْبِهِ فَهُوَ حَسَنٌ كَذَا فِي الْكَافِي. وَمَنْ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِ الْقَلْبِ يَكْفِيهِ اللِّسَانُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَيَكْفِيهِ مُطْلَقُ النِّيَّةِ لِلنَّفْلِ وَالسُّنَّةِ وَالتَّرَاوِيحِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْجَوَابِ وَاخْتِيَارُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ. كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالِاحْتِيَاطُ فِي التَّرَاوِيحِ أَنْ يَنْوِيَ التَّرَاوِيحَ أَوْ سُنَّةَ الْوَقْتِ أَوْ قِيَامَ اللَّيْلِ كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَالِاحْتِيَاطُ فِي السُّنَنِ أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ مُتَابِعًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ الْوَاجِبَاتُ وَالْفَرَائِضُ لَا تَتَأَدَّى بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ إجْمَاعًا. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ فَيَقُولُ نَوَيْتُ ظُهْرَ الْيَوْمِ أَوْ عَصْرَ الْيَوْمِ أَوْ فَرْضَ الْوَقْتِ أَوْ ظُهْرَ الْوَقْتِ. كَذَا فِي شَرْحِ مُقَدِّمَةِ أَبِي اللَّيْثِ وَلَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ الْفَرْضِ وَإِذَا نَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ جَازَ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَلَوْ نَوَى الظُّهْرَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ قِيلَ

يَجُوزُ هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنَّمَا يُجْزِيهِ أَنْ يَنْوِيَ فَرْضَ الْوَقْتِ إذَا كَانَ يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ أَمَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ إذَا صَلَّى وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِخُرُوجِهِ فَنَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ نَوَى ظُهْرَ يَوْمِهِ يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ خَرَجَ وَهُوَ مَخْلَصٌ لِمَنْ يَشُكُّ فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ يَنْوِي الصَّلَاةَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ وَفِي الْعِيدَيْنِ يَنْوِي صَلَاةَ الْعِيدِ وَفِي الْوِتْرِ يَنْوِي صَلَاةَ الْوِتْرِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَفِي الْغَايَةِ أَنَّهُ لَا يَنْوِي فِيهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَكَذَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي الْمَنْذُورِ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَدُ الرَّكَعَاتِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ. حَتَّى لَوْ نَوَاهَا خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَقَعَدَ عَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ أَجْزَأَهُ وَتَلْغُو نِيَّةُ الْخَمْسِ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ. وَنِيَّةُ الْكَعْبَةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيُحْتَاجُ إلَى التَّعْيِينِ فِي الْقَضَاءِ أَيْضًا. هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ كَانَتْ الْفَوَائِتُ كَثِيرَةً فَاشْتَغَلَ بِالْقَضَاءِ يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَنَحْوِهِمَا وَيَنْوِي أَيْضًا ظُهْرَ يَوْمِ كَذَا وَعَصْرَ يَوْمِ كَذَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فَإِنْ أَرَادَ تَسْهِيلَ الْأَمْرِ يَنْوِي أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَهَكَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى. وَيُعَيِّنُ قَضَاءَ مَا شَرَعَ فِيهِ مِنْ النَّفْلِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي الْقَضَاءِ نَوَى أَنَّهَا سَبْتِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ أَحَدِيَّةٌ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَفِي الْوَقْتِ يَجُوزُ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. عَزَمَ عَلَى الظُّهْرِ وَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ الْعَصْرُ يُجْزِيهِ كَذَا فِي شَرْحِ مُقَدِّمَةِ أَبِي اللَّيْثِ وَهَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ افْتَتَحَ الْمَكْتُوبَةَ فَظَنَّ أَنَّهَا تَطَوُّعٌ فَصَلَّى عَلَى نِيَّةِ التَّطَوُّعِ حَتَّى فَرَغَ فَالصَّلَاةُ هِيَ الْمَكْتُوبَةُ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَالْجَوَابُ بِالْعَكْسِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ افْتَتَحَ الظُّهْرَ ثُمَّ نَوَى التَّطَوُّعَ أَوْ الْعَصْرَ أَوْ الْفَائِتَةَ أَوْ الْجِنَازَةَ وَكَبَّرَ يَخْرُجُ عَنْ الْأَوَّلِ وَيَشْرَعُ فِي الثَّانِي وَالنِّيَّةُ بِدُونِ التَّكْبِيرِ لَيْسَ بِمُخْرِجٍ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِذَا صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ ثُمَّ كَبَّرَ يَنْوِي الظُّهْرَ فَهِيَ هِيَ وَيَجْتَزِئُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ هَذَا إذَا نَوَى بِقَلْبِهِ أَمَّا إذَا نَوَى بِلِسَانِهِ وَقَالَ: نَوَيْتُ أَنْ أُصَلِّيَ الظُّهْرَ انْتَقَضَ ظُهْرُهُ وَلَا يَجْتَزِئُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ كَبَّرَ لِلتَّطَوُّعِ ثُمَّ كَبَّرَ يَنْوِي بِهِ الْفَرْضَ يَصِيرُ شَارِعًا فِي الْفَرِيضَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمُنْفَرِدُ يَحْتَاجُ إلَى ثَلَاثِ نِيَّاتٍ: الصَّلَاةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَتَعْيِينِ أَنَّهَا أَيَّةُ صَلَاةٍ وَيَنْوِي الْقِبْلَةَ حَتَّى يَكُونَ جَائِزًا عِنْدَ الْكُلِّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالْإِمَامُ يَنْوِي مَا يَنْوِي الْمُنْفَرِدُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْإِمَامَةِ حَتَّى لَوْ نَوَى أَنْ لَا يَؤُمَّ فُلَانًا فَجَاءَ فُلَانٌ وَاقْتَدَى بِهِ جَازَ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يَصِيرُ إمَامًا لِلنِّسَاءِ إلَّا بِالنِّيَّةِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ مُقْتَدِيًا يَنْوِي مَا يَنْوِي الْمُنْفَرِدُ وَيَنْوِي الِاقْتِدَاءَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ لَا يَجُوزُ بِدُونِ النِّيَّةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ نَوَى الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فِي صَلَاتِهِ يُجْزِيهِ وَكَذَا لَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ لَا غَيْرُ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَلَوْ نَوَى صَلَاةَ الْإِمَامِ أَوْ فَرْضَ الْإِمَامِ لَا يُجْزِيهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْوِيَ الِاقْتِدَاءَ بَعْدَمَا قَالَ الْإِمَامُ: اللَّهُ أَكْبَرُ حَتَّى يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِالْمُصَلِّي وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ حِينَ وَقَفَ الْإِمَامُ مَوْقِفَ الْإِمَامَةِ تَجُوزُ نِيَّتُهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ إسْمَاعِيلُ وَالْحَاكِمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْكَاتِبُ وَهُوَ أَجْوَدُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ نَوَى الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْإِمَامُ لَمْ يَشْرَعْ بَعْدُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ يَصِيرُ شَارِعًا فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ إذَا شَرَعَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ نَوَى الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ شَرَعَ وَهُوَ لَمْ يَشْرَعْ لَمْ يَجُزْ. كَذَا اخْتَارَهُ قَاضِي خَانْ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ. إذَا اقْتَدَى

بِالْإِمَامِ يَنْوِي صَلَاةَ الْإِمَامِ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ الْإِمَامَ فِي أَيَّةِ صَلَاةٍ فِي الظُّهْرِ أَوْ فِي الْجُمُعَةِ أَجْزَأَهُ أَيَّتُهَا كَانَتْ وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ وَلَكِنْ لَمْ يَنْوِ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا نَوَى الظُّهْرَ فَإِذَا هِيَ الْجُمُعَةُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا أَرَادَ الْمُقْتَدِي تَيْسِيرَ الْأَمْرِ عَلَى نَفْسِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَالِاقْتِدَاءَ بِهِ أَوْ يَنْوِيَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ مَا يُصَلِّي الْإِمَامُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَنَوَى الظُّهْرَ وَالْجُمُعَةَ جَمِيعًا بَعْضُهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ وَرَجَّحُوا نِيَّةَ الْجُمُعَةِ بِحُكْمِ الِاقْتِدَاءِ وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ أَنَّهُ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو أَوْ يَرَى أَنَّهُ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ الْمُقْتَدِي يَرَى شَخْصَ الْإِمَامِ فَقَالَ اقْتَدَيْتُ بِهَذَا إلَّا مَا الَّذِي هُوَ عَبْدُ اللَّهِ أَوْ لَا يَرَى شَخْصَ الْإِمَامِ فَقَالَ اقْتَدَيْت الْإِمَامَ الَّذِي هُوَ قَائِمٌ فِي الْمِحْرَابِ الَّذِي هُوَ عَبْدُ اللَّهِ فَإِذَا هُوَ جَعْفَرٌ جَازَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو لَمْ يَجُزْ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيَنْبَغِي لِلْمُقْتَدِي أَنْ لَا يُعَيِّنَ الْإِمَامَ عِنْدَ كَثْرَةِ الْقَوْمِ وَكَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَيِّنَ الْمَيِّتَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْمُصَلُّونَ سِتَّةٌ: مَنْ عَلِمَ الْفَرَائِضَ مِنْهَا وَالسُّنَنَ، وَعَلِمَ مَعْنَى الْفَرْضِ أَنَّهُ مَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ بِفِعْلِهِ وَالْعِقَابَ بِتَرْكِهِ وَالسُّنَّةُ مَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ بِفِعْلِهَا وَلَا يُعَاقَبُ بِتَرْكِهَا فَنَوَى الظُّهْرَ أَوْ الْفَجْرَ أَجْزَأَتْهُ وَأَغْنَتْ نِيَّةُ الظُّهْرِ عَنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ، وَالثَّانِي: مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَيَنْوِي الْفَرْضَ فَرْضًا وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ مَا فِيهِ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ يُجْزِيهِ، وَالثَّالِثُ: يَنْوِي الْفَرْضَ وَلَا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ لَا يُجْزِيهِ، وَالرَّابِعُ: عَلِمَ أَنَّ فِيمَا يُصَلِّيهَا النَّاسُ فَرَائِضُ وَنَوَافِلَ فَيُصَلِّي كَمَا يُصَلِّي النَّاسُ وَلَا يُمَيِّزُ الْفَرَائِضَ مِنْ النَّوَافِلِ لَا يُجْزِيهِ، وَالْخَامِسُ: اعْتَقَدَ أَنَّ الْكُلَّ فَرْضٌ جَازَتْ صَلَاتُهُ، وَالسَّادِسُ: لَا يَعْلَمُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَى عِبَادِهِ صَلَوَاتٍ مَفْرُوضَةً وَلَكِنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا لِأَوْقَاتِهَا لَمْ يُجْزِهِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ مَنْ لَا يَعْلَمُ الْفَرْضَ مِنْ النَّفْلِ وَيَنْوِي الْفَرْضَ فِي كُلِّ مَا يُصَلِّي يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي صَلَاةٍ لَيْسَ لَهَا سُنَّةٌ قَبْلَهَا مِثْلُهَا كَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَلَا يَصِحُّ فِي كُلِّ صَلَاةٍ قَبْلَهَا سُنَّةٌ مِثْلُهَا كَصَلَاةِ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلشُّرُوعِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالنِّيَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى التَّكْبِيرِ كَالْقَائِمَةِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْطَعُهُ وَهُوَ عَمَلٌ لَا يَلِيقُ بِالصَّلَاةِ. كَذَا فِي الْكَافِي. حَتَّى لَوْ نَوَى ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَشَى إلَى الْمَسْجِدِ فَكَبَّرَ وَلَمْ يَحْضُرْهُ النِّيَّةُ جَازَ وَلَا يُعْتَدُّ بِالنِّيَّةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ التَّكْبِيرِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الرِّيَاءُ لَا يَدْخُلُ فِي الْفَرَائِضِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ افْتَتَحَ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى ثُمَّ دَخَلَ فِي قَلْبِهِ الرِّيَاءُ فَهُوَ عَلَى مَا افْتَتَحَ وَالرِّيَاءُ أَنَّهُ لَوْ خَلَا عَنْ النَّاسِ لَا يُصَلِّي وَلَوْ كَانَ مَعَ النَّاسِ يُصَلِّي لِيُرَائِيَ النَّاسَ فَأَمَّا لَوْ صَلَّى مَعَ النَّاسِ يُحْسِنُهَا وَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ لَا يُحْسِنُهَا فَلَهُ ثَوَابُ أَصْلِ الصَّلَاةِ دُونَ الْإِحْسَانِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فِي بَاب النَّوَافِل نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ انْتَهَى إلَى الْمَسْجِدِ لِيُصَلِّيَ الظُّهْرَ فَوَجَدَ الْإِمَامَ فِي الْقَعْدَةِ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا الْقَعْدَةُ الْأُولَى أَوْ الْأَخِيرَةُ فَاقْتَدَى بِهِ وَنَوَى أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْأُولَى اقْتَدَيْت بِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَخِيرَةَ مَا اقْتَدَيْت لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ، وَكَذَا لَوْ نَوَى إنْ كَانَتْ الْأُولَى اقْتَدَيْت بِهِ فِي الْفَرِيضَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَخِيرَةَ اقْتَدَيْت بِهِ فِي التَّطَوُّعِ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ فِي الْفَرِيضَةِ وَلَوْ انْتَهَى إلَيْهِ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ فِي الْعِشَاءِ أَوْ فِي التَّرَاوِيحِ فَاقْتَدَى بِهِ وَنَوَى أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ اقْتَدَيْت بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّرَاوِيحِ مَا اقْتَدَيْت لَا يَصِحُّ وَلَوْ نَوَى أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ اقْتَدَيْت بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّرَاوِيحِ اقْتَدَيْت بِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ فِي التَّرَاوِيحِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ. كَذَا فِي التَّجْنِيسِ. لَوْ وَجَدَ الْإِمَامَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا الْفَرِيضَةُ أَوْ التَّرَاوِيحُ فَقَالَ: إنْ كَانَتْ الْعِشَاءَ اقْتَدَيْت بِهِ وَإِنْ كَانَتْ التَّرَاوِيحَ مَا اقْتَدَيْت بِهِ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْعِشَاءِ أَوْ فِي التَّرَاوِيحِ وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ فِي الْعِشَاءِ

الباب الرابع في صفة الصلاة وهذا الباب يشتمل على خمسة فصول

اقْتَدَيْت بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّرَاوِيحِ اقْتَدَيْت بِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ فِي التَّرَاوِيحِ أَوْ فِي الْعِشَاءِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَهَذَا الْبَابُ يَشْتَمِلُ عَلَى خَمْسَةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي فَرَائِضِ الصَّلَاةِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ هَذَا الْبَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَى خَمْسَةِ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي فَرَائِضِ الصَّلَاةِ) وَهِيَ سِتٌّ (مِنْهَا التَّحْرِيمَةُ) وَهِيَ شَرْطٌ عِنْدَنَا حَتَّى أَنَّ مَنْ يُحْرِمُ لِلْفَرَائِضِ كَانَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ التَّطَوُّعَ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ لِتَرْكِ التَّحَلُّلِ عَنْ الْفَرْضِ بِالْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَأَمَّا بِنَاءُ الْفَرْضِ عَلَى تَحْرِيمَةِ فَرْضٍ آخَرَ فَلَا يَجُوزُ إجْمَاعًا وَكَذَا بِنَاءُ الْفَرْضِ عَلَى تَحْرِيمَةِ النَّفْلِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ أَحْرَمَ حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ فَأَلْقَاهَا عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا أَوْ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ فَسَتَرَهَا عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّكْبِيرِ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ أَوْ شَرَعَ فِي التَّكْبِيرِ قَبْلَ ظُهُورِ الزَّوَالِ ثُمَّ ظَهَرَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا أَوْ مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ فَاسْتَقْبَلَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا جَازَ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ شَرَعَ بِالتَّسْبِيحِ أَوْ بِالتَّهْلِيلِ صَحَّ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَشْرَعَ بِالتَّكْبِيرِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَهَلْ يُكْرَهُ الشُّرُوعُ بِغَيْرِهِ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالُوا: يُكْرَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَالظَّهِيرِيَّةِ. ثُمَّ الْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ مَا تَجَرَّدَ لِلتَّعْظِيمِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى جَازَ الِافْتِتَاحُ بِهِ نَحْوُ اللَّهُ إلَهٌ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ غَيْرُهُ وَتَبَارَكَ اللَّهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا إذَا قَالَ: اللَّهُ أَجَلُّ أَوْ أَعْظَمُ، أَوْ الرَّحْمَنُ أَكْبَرُ أَجْزَأَهُ عِنْدَهُمَا أَمَّا إذَا قَالَ ابْتِدَاءً أَجَلُّ أَوْ أَعْظَمُ أَوْ أَكْبَرُ وَلَمْ يَقْرِنْ اسْمَ اللَّهِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا بِالْإِجْمَاعِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ، يَصِيرُ شَارِعًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْمُحِيطَيْنِ وَلَوْ ذَكَرَ الِاسْمَ دُونَ الصِّفَةِ بِأَنْ قَالَ اللَّهُ أَوْ الرَّحْمَنُ أَوْ الرَّبُّ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ يَصِيرُ شَارِعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ وَالْمَشَايِخُ أَنَّ الشُّرُوعَ عِنْدَهُ بِالْأَسْمَاءِ الْخَاصَّةِ أَوْ بِهَا وَبِالْمُشْتَرَكَةِ كَالرَّحِيمِ وَالْكَرِيمِ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِكُلِّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ. كَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْمَرْغِينَانِيُّ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَلَوْ افْتَتَحَ بِاللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْظِيمٍ خَالِصٍ بَلْ هُوَ مَشُوبٌ بِحَاجَةِ الْعَبْدِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أَوْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ أَوْ إنَّا لِلَّهِ أَوْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ لَا يَصِيرُ شَارِعًا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَبَّرَ مُتَعَجِّبًا وَلَمْ يُرِدْ بِهِ التَّعْظِيمَ أَوْ أَرَادَ بِهِ جَوَابَ الْمُؤَذِّنِ لَمْ يُجْزِئْهُ وَإِنْ نَوَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ مَعَ أَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا بِالِاتِّفَاقِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ بِالْكَافِ الْفَارِسِيَّةِ يَصِيرُ شَارِعًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَصِيرُ شَارِعًا بِالتَّكْبِيرِ إلَّا فِي حَالَةِ الْقِيَامِ أَوْ فِيمَا هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الرُّكُوعِ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ حَتَّى لَوْ كَبَّرَ قَاعِدًا ثُمَّ قَامَ لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ وَيَجُوزُ افْتِتَاحُ التَّطَوُّعِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُحْرِمُ مُقَارِنًا لِتَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا بَعْدَمَا أَحْرَمَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا هَكَذَا فِي الْمَعْدِنِ قِيلَ لَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُقَارَنَةُ عَلَى قَوْلِهِ كَمُقَارَنَةِ حَرَكَةِ الْخَاتَمِ وَالْأُصْبُعِ وَالْبُعْدِيَّةُ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنْ يُوصِلَ الْمُقْتَدِي هَمْزَةَ اللَّهِ بِرَاءِ أَكْبَرَ. كَذَا فِي الْمُصَفَّى فِي بَابِ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنْ قَالَ الْمُقْتَدِي اللَّهُ أَكْبَرُ وَوَقَعَ قَوْلُهُ اللَّهُ مَعَ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ أَكْبَرُ وَقَعَ قَبْلَ قَوْلِ الْإِمَامِ ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ

أَبُو جَعْفَرٍ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ شَارِعًا عِنْدَهُمْ. وَكَذَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: اللَّهُ كَانَ فِي قِيَامِهِ وَقَوْلَهُ: أَكْبَرُ وَقَعَ فِي رُكُوعِهِ لَا يَكُونُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُقْتَدِيَ لَوْ فَرَغَ مِنْ قَوْلِهِ اللَّهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَاتِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إنْ كَبَّرَ قَبْلَ إمَامِهِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ يَصِيرُ شَارِعًا فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَمَّا فَضِيلَةُ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ فَتَكَلَّمُوا فِي وَقْتِ إدْرَاكِهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى فَقَدْ أَدْرَكَ فَضِيلَةَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ. كَذَا فِي الْحَصْرِ فِي بَابِ أَبِي يُوسُفَ وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَكَبَّرَ قَائِمًا وَهُوَ يُرِيدُ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَلَغَتْ نِيَّتُهُ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَبَّرَ بِالْفَارِسِيَّةِ جَازَ. هَكَذَا فِي الْمُتُونِ سَوَاءٌ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ يُحْسِنُهَا يُكْرَهُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ جَمِيعُ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ مِنْ التَّشَهُّدِ وَالْقُنُوتِ وَالدُّعَاءِ وَتَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَكَذَا كُلُّ مَا لَيْسَ بِعَرَبِيَّةٍ كَالتُّرْكِيَّةِ وَالزِّنْجِيَّةِ وَالْحَبَشِيَّةِ وَالنَّبَطِيَّةِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْمَبْسُوطِ الْوَبَرِيُّ وَالْأَخْرَسُ وَالْأُمِّيُّ الَّذِي لَا يُحْسِنُ شَيْئًا يَصِيرُ شَارِعًا بِالنِّيَّةِ وَلَا يَلْزَمُهُ التَّحْرِيكُ بِاللِّسَانِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَمِنْهَا الْقِيَامُ) وَهُوَ فَرْضٌ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَالْوِتْرِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفَرْضُهُ يَتَأَدَّى بِأَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ. كَذَا فِي الْكَافِي فِي آخِرِ فَصْلِ الْقِرَاءَةِ وَحَدُّ الْقِيَامِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ إذَا مَدَّ يَدَيْهِ لَا يَنَالُ رُكْبَتَيْهِ. وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ عَلَى إحْدَى الْقَدَمَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ وَلِلْعُذْرِ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَمِنْهَا الْقِرَاءَةُ) وَفَرْضُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَتَأَدَّى بِآيَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَتْ قَصِيرَةً. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْمُكْتَفِي بِهَا مُسِيءٌ. كَذَا فِي الْوِقَايَةِ ثُمَّ عِنْدَهُ إذَا قَرَأَ آيَةً قَصِيرَةً هِيَ كَلِمَاتٌ أَوْ كَلِمَتَانِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} [المدثر: 20] {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمَشَايِخِ فَلَوْ قَرَأَ آيَةً هِيَ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ كَ {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] أَوْ آيَةً هِيَ حَرْفٌ كَصَادْ نُونْ قَافْ فِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمَشَايِخِ. كَذَا فِي الْمُصَفَّى وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا قَرَأَ آيَةً طَوِيلَةً فِي الرَّكْعَتَيْنِ نَحْوَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَآيَةِ الْمُدَايَنَةِ الْبَعْضَ فِي رَكْعَةٍ وَالْبَعْضَ فِي أُخْرَى عَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْكَافِي وَمُنْيَةِ الْمُصَلِّي. وَأَمَّا حَدُّ الْقِرَاءَةِ فَنَقُولُ تَصْحِيحُ الْحُرُوفِ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنْ صَحَّحَ الْحُرُوفَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ لَا يَجُوزُ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي النُّقَايَةِ وَعَلَى هَذَا نَحْوُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَالْبَيْعِ. وَأَمَّا مَحِلُّ الْقِرَاءَةِ فَفِي الْفَرَائِضِ الرَّكْعَتَانِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُنَائِيًّا كَانَ أَوْ ثُلَاثِيًّا أَوْ رُبَاعِيًّا وَسَوَاءٌ كَانَتَا أُولَيَيْنِ أَوْ أُخْرَيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَتَيْنِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُ أَوْ قَرَأَ فِي وَاحِدَةٍ فَقَطْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ شَرْحِ النُّقَايَةِ وَفِي الْوِتْرِ وَالنَّفَلِ الرَّكَعَاتُ كُلُّهَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَرَأَ فِي حَالَةِ النَّوْمِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِالْفَارِسِيَّةِ إلَّا بِعُذْرٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَبِهِ يُفْتَى. هَكَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَيَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالْفَارِسِيَّةِ وَبِأَيِّ لِسَانٍ كَانَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيُرْوَى رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِهِمَا وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْأَسْرَارِ هُوَ اخْتِيَارِي

وَفِي التَّحْقِيقِ هُوَ مُخْتَارُ عَامَّةِ الْمُحَقِّقِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. (وَمِنْهَا الرُّكُوعُ) وَقَدْرُ الْوَاجِبِ مِنْ الرُّكُوعِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَ حَدَّهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ إذَا مَدَّ يَدَيْهِ نَالَ رُكْبَتَيْهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا لَمْ يَرْكَعْ وَذَهَبَ مِنْ الْقِيَامِ إلَى السُّجُودِ بِغَيْرِ السُّنَّةِ بِأَنْ خَرَّ كَالْجَمَلِ فَذَلِكَ الِانْحِنَاءُ يُجْزِئُ عَنْ الرُّكُوعِ وَالْأَحْدَبُ إذَا بَلَغَتْ حُدُوبَتُهُ الرُّكُوعَ يُشِيرُ بِرَأْسِهِ لِلرُّكُوعِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالتَّجْنِيسِ وَأَمَّا وَقْتُهُ فَبَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا السُّجُودُ) السُّجُودُ الثَّانِي فَرْضٌ كَالْأَوَّلِ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَكَمَالُ السُّنَّةِ فِي السُّجُودِ وَضْعُ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ جَمِيعًا وَلَوْ وَضَعَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ إنْ كَانَ مِنْ عُذْرٍ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ دُونَ أَنْفِهِ جَازَ إجْمَاعًا وَيُكْرَهُ إنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَا: لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ وَضَعَ خَدَّهُ أَوْ ذَقَنَهُ لَا يَجُوزُ لَا فِي حَالَةِ الْعُذْرِ وَلَا فِي غَيْرِهَا إلَّا أَنَّهُ فِي حَالَةِ الْعُذْرِ بِهِمَا يُومِئُ إيمَاءً وَلَا يَسْجُدُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِنَّمَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَنْفِ إذَا سَجَدَ عَلَى مَا صَلُبَ مِنْهُ وَأَمَّا إذَا سَجَدَ عَلَى مَا لَانَ مِنْهُ وَهُوَ الْأَرْنَبَةُ فَلَا يَجُوزُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ سَجَدَ عَلَى الْحَشِيشِ أَوْ التِّبْنِ أَوْ عَلَى الْقُطْنِ أَوْ الطَّنْفَسَةِ أَوْ الثَّلْجِ إنْ اسْتَقَرَّتْ جَبْهَتُهُ وَأَنْفُهُ وَيَجِدُ حَجْمَهُ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَسْتَقِرَّ لَا وَلَوْ سَجَدَ عَلَى الْعِجْلَةِ إنْ كَانَتْ عَلَى الْبَقَرَةِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْأَرْضِ يَجُوزُ كَالسَّجْدَةِ عَلَى السَّرِيرِ وَلَوْ سَجَدَ عَلَى الْعِرْزَالِ (1) وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كَازَّهُ يَجُوزُ كَالسَّرِيرِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا سَجَدَ عَلَى الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ جَازَ وَإِنْ سَجَدَ عَلَى الذُّرَةِ أَوْ الْجَاوْرَسِ أَوْ الدُّخْنِ أَوْ الْأَرُزِّ لَا يَجُوزُ فَإِنْ كَانَ الْأَرُزُّ أَوْ الْجَاوْرَسُ أَوْ الذُّرَةُ أَوْ الدُّخْنُ أَوْ الْمَحْلُوجُ فِي الْجُوَالِقِ جَازَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ رَجُلٍ هُوَ فِي الصَّلَاةِ يَجُوزُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَيْسَ فِي صَلَاتِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ سَجَدَ عَلَى فَخِذِهِ إنْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ سَجَدَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ لَا يَجُوزُ بِعُذْرٍ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ سَجَدَ عَلَى كَفِّهِ وَهِيَ عَلَى الْأَرْضِ جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ الْمَيِّتِ وَعَلَيْهِ لِبَدٌ إنْ وَجَدَ حَجْمَ الْمَيِّتِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَجْمَهُ جَازَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَانَ مَوْضِعُ السُّجُودِ أَرْفَعُ مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمَيْنِ بِقَدْرِ لَبِنَةٍ أَوْ لَبِنْتَيْنِ مَنْصُوبَتَيْنِ جَازَ وَإِنْ زَادَ لَمْ يَجُزْ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَحَدُّ اللَّبِنَةِ رُبْعُ ذِرَاعٍ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فِي الْحُجَّةِ لَوْ كَانَ بِمَوْضِعِ سُجُودِهِ شَوْكٌ كَثِيرٌ أَوْ قُرَاضَاتُ زُجَاجَةٍ فَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ مَوْضِعِ السُّجُودِ وَوَضَعَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ جَازَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ سَجْدَةً أُخْرَى بَلْ الْكُلُّ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ تَرَكَ وَضْعَ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ جَازَتْ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ سَجَدَ وَلَمْ يَضَعْ قَدَمَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ وَضَعَ إحْدَاهُمَا جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَوَضْعُ الْقَدَمِ بِوَضْعِ أَصَابِعِهِ وَإِنْ وَضَعَ أُصْبُعًا وَاحِدَةً فَلَوْ وَضَعَ ظَهْرَ الْقَدَمِ دُونَ الْأَصَابِعِ بِأَنْ كَانَ الْمَكَانُ ضَيِّقًا إنْ وَضَعَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى تَجُوزُ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ قَامَ عَلَى قَدَمٍ وَاحِدَةٍ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ سَجَدَ وَهُوَ نَائِمٌ أَعَادَ السَّجْدَةَ وَلَوْ نَامَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ لَا يُعِيدُ شَيْئًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى حَجَرٍ صَغِيرٍ إنْ وَضَعَ أَكْثَرَ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا الْقُعُودُ الْأَخِيرُ) مِقْدَارُ التَّشَهُّدِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ

الفصل الثاني في واجبات الصلاة

هُوَ الصَّحِيحُ حَتَّى لَوْ فَرَغَ الْمُقْتَدِي قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَتَكَلَّمَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَالْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ فَرْضٌ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ حَتَّى لَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي آخِرِهِمَا وَقَامَ وَذَهَبَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَأَمَّا الْخُرُوجُ بِصُنْعِ الْمُصَلِّي فَلَيْسَ بِفَرْضٍ هُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَأَكْثَرِ الْكُتُبِ [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي وَاجِبَات الصَّلَاةِ] يَجِبُ تَعْيِينُ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الثُّلَاثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ الْمَكْتُوبَتَيْنِ لِلْقِرَاءَةِ الْمَفْرُوضَةِ حَتَّى لَوْ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ دُونَ الْأُولَيَيْنِ أَوْ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ سَاهِيًا وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَتَجِبُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَضَمُّ السُّورَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ فِي الْأُولَيَيْنِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَفِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ النَّفْلِ وَالْوِتْرِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْفَاتِحَةِ عَلَى السُّورَةِ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. إذَا نَسِيَ الْفَاتِحَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَقَرَأَ السُّورَةَ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثُمَّ يَقْرَأُ السُّورَةَ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَنْ قَرَأَ فِي الْعِشَاءِ فِي الْأُولَيَيْنِ السُّورَةَ وَلَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ لَمْ يُعِدْ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ. وَإِنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ يَجْهَرُ بِهِمَا هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا لَمْ يَقْرَأْ بِشَيْءٍ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ يَقْرَأُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ يَجْهَرُ بِهِمَا فِي قَوْلِهِمْ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ سُجُودِ السَّهْوِ وَيَجِبُ الِاقْتِصَارُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُمَا. هَكَذَا فِي الْمُنْيَةِ وَإِذَا قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا الْفَاتِحَةَ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْوَلَاءِ يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ. وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ السُّورَةَ ثُمَّ الْفَاتِحَةَ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَيَجِبُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فِي كُلِّ فِعْلٍ مُكَرَّرٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَالسُّجُودِ أَوْ جَمِيعِ الصَّلَاةِ كَعَدَدِ الرَّكَعَاتِ حَتَّى لَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَقَضَاهَا فِي آخِرِ الصَّلَاةِ جَازَ وَكَذَا مَا يَقْضِيهِ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ أَوَّلُ صَلَاتِهِ عِنْدَنَا وَلَوْ كَانَ التَّرْتِيبُ فَرْضًا كَانَ آخِرًا. أَمَّا مَا شُرِعَ غَيْرَ مُكَرَّرٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ أَوْ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ كَالْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ فَالتَّرْتِيبُ فِيهَا فَرْضٌ حَتَّى لَوْ رَكَعَ قَبْلَ الْقِيَامِ أَوْ سَجَدَ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا لَوْ قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةً أَوْ نَحْوَهَا بَطَلَ الْقُعُودُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الِاعْتِدَالَ فِي قَوْمَةِ الرُّكُوعِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَذَا الطُّمَأْنِينَةُ فِي الْجِلْسَةِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَأَمَّا الِاعْتِدَالُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَكُلِّ رُكْنٍ هُوَ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى قَوْلِهِمَا. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَتَعْدِيلُ الْأَرْكَانِ هُوَ تَسْكِينُ الْجَوَارِحِ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَأَدْنَاهُ قَدْرُ تَسْبِيحَةٍ. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَالنَّهْرِ الْفَائِقِ وَتَجِبُ الْقَعْدَةُ الْأُولَى قَدْرَ التَّشَهُّدِ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَالثَّلَاثِ هُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيَجِبُ التَّشَهُّدُ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَكَذَا فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالتَّشَهُّدُ أَنْ يَقُولَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَهَذَا تَشَهُّدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالْأَخْذُ بِهَذَا أَوْلَى مِنْ الْأَخْذِ بِتَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ

الفصل الثالث في سنن الصلاة وآدابها وكيفيتها

وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقْصِدَ بِأَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ مَعَانِيَهَا الَّتِي وُضِعَتْ لَهَا مِنْ عِنْدِهِ كَأَنَّهُ يُحَيِّي اللَّهَ وَيُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ وَعَلَى نَفْسِهِ وَأَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَيَجِبُ لَفْظُ السَّلَامِ. هَكَذَا فِي الْكَنْزِ. وَيَجِبُ قِرَاءَةُ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ هُوَ الصَّحِيحُ حَتَّى يَجِبَ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِهَا وَيَجِبُ الْجَهْرُ فِيمَا يُجْهَرُ وَالْمُخَافَتَةُ فِيمَا يُخَافَتُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إنْ كَانَ إمَامًا وَيُخْفِيهَا فِيمَا بَعْدَ الْأُولَيَيْنِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَيُخْفِيهَا الْإِمَامُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَإِنْ كَانَ بِعَرَفَةَ وَيَجْهَرُ بِالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَكَذَا يَجْهَرُ فِي التَّرَاوِيحِ وَالْوِتْرِ إنْ كَانَ إمَامًا وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا إنْ كَانَتْ صَلَاةً يُخَافَتُ فِيهَا يُخَافِتُ حَتْمًا هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةً يُجْهَرُ فِيهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَالْجَهْرُ أَفْضَلُ وَلَكِنْ لَا يُبَالِغْ مِثْلَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْمِعُ غَيْرَهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يُجْهِدُ الْإِمَامُ نَفْسَهُ بِالْجَهْرِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا جَهَرَ الْإِمَامُ فَوْقَ حَاجَةِ النَّاسِ فَقَدْ أَسَاءَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يَجْهَرُ لِإِسْمَاعِ الْقَوْمِ لِيَدَّبَّرُوا فِي قِرَاءَتِهِ لِيَحْصُلَ إحْضَارُ الْقَلْبِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالذِّكْرُ إنْ كَانَ وَجَبَ لِلصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُجْهَرُ بِهِ كَتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَمَا لَيْسَ بِفَرْضٍ فَمَا وُضِعَ لِلْعَلَامَةِ فَإِنَّهُ يُجْهَرُ بِهِ كَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالِ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ إذَا كَانَ إمَامًا وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ وَالْمُقْتَدِي فَلَا يَجْهَرَانِ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَخْتَصُّ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ كَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ جُهِرَ بِهِ وَكَذَا الْقُنُوتُ فِي مَذْهَبِ الْعِرَاقِيِّينَ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ الْإِخْفَاءَ وَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ فَلَا يُجْهَرُ بِهِ مِثْلُ التَّشَهُّدِ وَآمِينَ وَالتَّسْبِيحَاتِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا تَرَكَ صَلَاةَ اللَّيْلِ نَاسِيًا فَقَضَاهَا فِي النَّهَارِ وَأَمَّ فِيهَا وَخَافَتَ كَانَ عَلَيْهِ السَّهْوُ وَإِنْ أَمَّ لَيْلًا فِي صَلَاةِ النَّهَارِ يُخَافِتُ وَلَا يَجْهَرُ فَإِنْ جَهَرَ سَاهِيًا كَانَ عَلَيْهِ السَّهْوُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَالْمُنْفَرِدُ إذَا قَضَى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ فَفِي الْجَهْرِ فِيمَا يُجْهَرُ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْجَهْرَ أَفْضَلُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ قَاضِي خَانْ هُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْأَصْلِ رَجُلٌ يُصَلِّي وَحْدَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ وَاقْتَدَى بِهِ بَعْدَمَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ أَوْ بَعْضَهَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ ثَانِيًا وَيَجْهَرُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَمَّا نَوَافِلُ النَّهَارِ فَيُخْفِي فِيهَا حَتْمًا وَفِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ يَتَخَيَّرُ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَدْنَى الْجَهْرِ أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ وَأَدْنَى الْمُخَافَتَةِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَعَلَى هَذَا يُعْتَمَدُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ تُجَاوِزُ شَفَتَيْهِ حَتَّى لَوْ قَرَّبَ إنْسَانٌ صِمَاخَهُ مِنْ فَمِهِ يَدْخُلُ صَوْتُهُ فِي أُذُنِهِ وَفَهِمَ مَا يَقْرَأُ فَهَذِهِ مَجْمَجَةٌ (1) . كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ وَآدَابِهَا وَكَيْفِيَّتِهَا] (سُنَنُهَا) رَفْعُ الْيَدَيْنِ لِلتَّحْرِيمَةِ، وَنَشْرُ أَصَابِعِهِ، وَجَهْرُ الْإِمَامِ بِالتَّكْبِيرِ، وَالثَّنَاءُ، وَالتَّعَوُّذُ، وَالتَّسْمِيَةُ، وَالتَّأْمِينُ سِرًّا، وَوَضْعُ يَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ تَحْتَ سُرَّتِهِ، وَتَكْبِيرُ الرُّكُوعِ وَتَسْبِيحُهُ ثَلَاثًا، وَأَخْذُ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ، وَتَفْرِيجُ أَصَابِعِهِ، وَتَكْبِيرُ السُّجُودِ وَالرَّفْعِ، وَكَذَا الرَّفْعُ نَفْسُهُ، وَتَسْبِيحُهُ ثَلَاثًا، وَوَضْعُ يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَافْتِرَاشُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصْبُ الْيُمْنَى، وَالْقَوْمَةُ، وَالْجِلْسَةُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَا الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِمَا قَدْرَ تَسْبِيحَةٍ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءُ. (وَآدَابُهَا) نَظَرُهُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ حَالَ الْقِيَامِ وَإِلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ حَالَةَ الرُّكُوعِ وَإِلَى أَرْنَبَتِهِ حَالَةَ

السُّجُودِ وَإِلَى حِجْرِهِ حَالَةَ الْقُعُودِ وَعِنْدَ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى إلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَعِنْدَ الثَّانِيَةِ إلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ وَكَظْمُ فَمِهِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ وَإِخْرَاجُ كَفَّيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ وَدَفْعُ السُّعَالِ مَا اسْتَطَاعَ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَكَيْفِيَّتُهَا) إذَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِإِبْهَامَيْهِ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ وَبِرُءُوسِ الْأَصَابِعِ فُرُوعَ أُذُنَيْهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ عِنْدَ التَّكْبِيرِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَسْتَقْبِلُ بِبُطُونِ كَفَّيْهِ الْقِبْلَةَ وَيَنْشُرُ أَصَابِعَهُ وَيَرْفَعُهُمَا فَإِذَا اسْتَقَرَّتَا فِي مَوْضِعِ مُحَاذَاةِ الْإِبْهَامَيْنِ شَحْمَتَيْ الْأُذُنَيْنِ يُكَبِّرُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ عَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالرَّفْعُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ هُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَكَذَا تَكْبِيرَاتُ الْقُنُوتِ وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَلَا يَرْفَعُهُمَا فِي تَكْبِيرَةٍ سِوَاهَا. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ فَلَوْ رَفَعَ عِنْدَنَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْمَرْأَةُ تَرْفَعُ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهَا هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَإِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ لَا يَضُمُّ أَصَابِعَهُ كُلَّ الضَّمِّ وَلَا يُفَرِّجُ كُلَّ التَّفْرِيجِ بَلْ يَتْرُكُهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَيْنَ الضَّمِّ وَالتَّفْرِيجِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَبَّرَ وَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ التَّكْبِيرِ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي أَثْنَاءِ التَّكْبِيرِ يَرْفَعُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَسْنُونِ رَفَعَهُمَا قَدْرَ مَا يُمْكِنُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى رَفَعَهَا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّفْعُ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى الْمَسْنُونِ رَفَعَهُمَا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ مَدَّ أَلِفَ اللَّهِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا وَخِيفَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ إنْ كَانَ قَاصِدًا وَكَذَا لَوْ مَدَّ أَلِفَ أَكْبَرَ أَوْ بَاءَهُ لَا يَصِيرُ شَارِعًا وَلَوْ مَدَّ هَاءَ اللَّهِ فَهُوَ خَطَأُ لُغَةٍ وَكَذَا لَوْ مَدَّ رَاءَهُ وَمَدُّ لَامِ اللَّهِ صَوَابٌ وَجَزْمُ الْهَاءِ خَطَأٌ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ بِمَدِّ هَمْزَةِ اللَّهِ أَوْ هَمْزَةِ أَكْبَرَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِمَكَانِ الشَّكِّ وَإِذَا وَسَّطَ الْأَلِفَ بَيْنَ الْبَاءِ وَالرَّاءِ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَفْسُدُ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. (وَوَضْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى تَحْتَ السُّرَّةِ) كَمَا فَرَغَ مِنْ التَّكْبِيرِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ نَاقِلًا عَنْ الْإِمَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمَرْأَةُ تَضَعُهُمَا عَلَى ثَدْيَيْهَا. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ كُلُّ قِيَامٍ فِيهِ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ فَالسُّنَّةُ فِيهِ الِاعْتِمَادُ كَمَا فِي حَالَةِ الثَّنَاءِ وَالْقُنُوتِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَكُلُّ قِيَامٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ كَمَا فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ فَالسُّنَّةُ فِيهِ الْإِرْسَالُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَالصَّدْرُ الْكَبِيرُ بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُرْسِلُ اتِّفَاقًا فِي قَوْمَةِ الرُّكُوعِ إذْ الذِّكْرُ سُنَّةُ الِانْتِقَالِ لَا الْقَوْمَةِ. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ اسْتَحْسَنَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالْوَضْعِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْمُصَفَّى هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَضَعَ بَاطِنَ كَفِّهِ الْيُمْنَى عَلَى ظَاهِرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَيَأْخُذَ الرُّسْغَ بِالْخِنْصَرِ وَالْإِبْهَامِ وَيُرْسِلَ الْبَاقِيَ عَلَى الذِّرَاعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ فِي قِيَامِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ إمَامًا كَانَ أَوْ مُقْتَدِيًا أَوْ مُنْفَرِدًا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْأَصْلِ وَلَا فِي النَّوَادِرِ وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَلَا يَأْتِي بِهِ فِي الْفَرَائِضِ. وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُوَجَّهُ بَعْدَ التَّحْرِيمَةِ وَلَا بَعْدَ الثَّنَاءِ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَأْتِيَ بِالتَّوَجُّهِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ لِتَتَّصِلَ النِّيَّةُ بِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. (ثُمَّ يَتَعَوَّذُ) وَصُورَتُهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَبِهِ يُفْتَى. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالسُّنَّةُ فِيهِ الْإِخْفَاءُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ ثُمَّ التَّعَوُّذُ تَبَعٌ لِلْقِرَاءَةِ دُونَ الثَّنَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

تَعَالَى حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ الْمَسْبُوقُ إذَا قَامَ إلَى الْقَضَاءِ دُونَ الْمُقْتَدِي، وَيُؤَخَّرُ عَنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَكْثَرِ الْمُتُونِ وَالتَّعَوُّذُ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ لَا غَيْرُ فَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَنَسِيَ التَّعَوُّذَ حَتَّى قَرَأَ الْفَاتِحَةَ لَا يَتَعَوَّذُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (ثُمَّ يَأْتِي بِالتَّسْمِيَةِ) وَيُخْفِيهَا وَهِيَ مِنْ الْقُرْآنِ آيَةٌ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّوَرِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِيمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَتَأَدَّى بِهَا فَرْضُ الْقِرَاءَةِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَيَأْتِي بِهَا فِي أَوَّلِ كُلِّ رَكْعَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْحُجَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا يُسَمِّي بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ. هَكَذَا فِي الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. (ثُمَّ يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ) . كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إذَا فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ قَالَ آمِينَ وَالسُّنَّةُ فِيهِ الْإِخْفَاءُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْمُنْفَرِدُ وَالْإِمَامُ سَوَاءٌ وَكَذَا الْمَأْمُومُ إذَا سَمِعَ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَفِي آمِينَ لُغَتَانِ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ وَمَعْنَاهُ اسْتَجِبْ وَالتَّشْدِيدُ خَطَأٌ فَاحِشٌ. وَلَوْ قَالَ: آمِينَ، بِالْمَدِّ وَالتَّشْدِيدِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ لَوْ سَمِعَ الْمُقْتَدِي مِنْ الْإِمَامِ {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فِي صَلَاةٍ لَا يُجْهَرُ فِيهَا مِثْلِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَا يُؤَمِّنُ وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ يُؤَمِّنُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ إذَا سَمِعَ الْمُقْتَدِي مِنْ الْمُقْتَدِينَ التَّأْمِينَ قَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ يُؤَمِّنُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى. (ثُمَّ يَضُمُّ إلَى الْفَاتِحَةِ سُورَةً أَوْ ثَلَاثَ آيَاتٍ) . هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَالْآيَةُ الطَّوِيلَةُ تَقُومُ مَقَامَهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَيَرْكَعُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ مُنْتَصِبٌ) هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَيُكَبِّرُ مَعَ الِانْحِطَاطِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فَيَكُونُ ابْتِدَاءُ تَكْبِيرِهِ عِنْدَ أَوَّلِ الْخُرُورِ وَالْفَرَاغُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ لِلرُّكُوعِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَجْزِمُ الرَّاءَ مِنْ التَّكْبِيرِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيَعْتَمِدُ بِيَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيُفَرِّجُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَلَا يُنْدَبُ إلَى التَّفْرِيجِ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَا إلَى الضَّمِّ إلَّا فِي حَالَةِ السُّجُودِ وَفِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ يُتْرَكُ عَلَى الْعَادَةِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَبْسُطُ ظَهْرَهُ حَتَّى لَوْ وُضِعَ عَلَى ظَهْرِهِ قَدَحٌ مِنْ مَاءٍ لَاسْتَقَرَّ وَلَا يُنَكِّسُ رَأْسَهُ وَلَا يَرْفَعُ يَعْنِي يُسَوِّي رَأْسَهُ بِعَجُزِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَحْنِيَ رُكْبَتَيْهِ شِبْهَ الْقَوْسِ وَالْمَرْأَةُ تَنْحَنِي فِي الرُّكُوعِ يَسِيرًا وَلَا تَعْتَمِدُ وَلَا تُفَرِّجُ أَصَابِعَهَا وَلَكِنْ تَضُمُّ يَدَيْهَا وَتَضَعُ عَلَى رُكْبَتَيْهَا وَضْعًا وَتَحْنِي رُكْبَتَيْهَا وَلَا تُجَافِي عَضُدَيْهَا. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَيَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلَاثًا وَذَلِكَ أَدْنَاهُ فَلَوْ تَرَكَ التَّسْبِيحَ أَصْلًا أَوْ أَتَى بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً يَجُوزُ وَيُكْرَهُ فَإِذَا اطْمَأَنَّ رَاكِعًا (رَفَعَ رَأْسَهُ) فَإِنْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ تَجُوزُ صَلَاتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ كَانَ إمَامًا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ مُقْتَدِيًا يَأْتِي بِالتَّحْمِيدِ وَلَا يَأْتِي بِالتَّسْمِيعِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِمَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَجْمَعُ يَأْتِي بِالتَّسْمِيعِ حَالَ الِارْتِفَاعِ وَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا قَالَ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ سُئِلَ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَمَّنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ الرَّفْعِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ لَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَمَا اسْتَوَى قَائِمًا وَكَذَا كُلُّ ذِكْرٍ يُؤْتَى بِهِ فِي حَالِ الِانْتِقَالِ لَا يُؤْتَى بِهِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ كَالتَّكْبِيرِ الَّذِي يُؤْتَى بِهِ عِنْدَ الِانْحِطَاطِ مِنْ الْقِيَامِ إلَى الرُّكُوعِ أَوْ مِنْ الرُّكُوعِ إلَى السُّجُودِ وَكَذَا لَا يَأْتِي بِبَقِيَّةِ تَسْبِيحَةِ

السُّجُودِ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ بَلْ الْوَاجِبُ أَنْ يُرَاعَى كُلُّ شَيْءٍ فِي مَحَلِّهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهْ يَقُولُ الْهَاءَ بِالْجَزْمِ وَلَا يُبَيِّنُ الْحَرَكَةَ فِي الْهَاءِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. (ثُمَّ إذَا اسْتَوَى قَائِمًا كَبَّرَ وَسَجَدَ) . كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيُكَبِّرُ فِي حَالَةِ الْخُرُورِ وَيَقُولُ فِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَذَلِكَ أَدْنَاهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثَّلَاثِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بَعْدَ أَنْ يَخْتِمَ بِالْوِتْرِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَالْأَدْنَى فِيهِمَا ثَلَاثُ مَرَّاتٍ وَالْأَوْسَطُ خَمْسُ مَرَّاتٍ وَإِلَّا كَمَّلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. كَذَا فِي الزَّادِ وَإِنْ كَانَ إمَامًا لَا يَزِيدُ عَلَى وَجْهٍ يُمِلُّ الْقَوْمَ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالُوا إذَا أَرَادَ السُّجُودَ يَضَعُ أَوَّلًا مَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ أَنْفَهُ ثُمَّ جَبْهَتَهُ. وَإِذَا أَرَادَ الرَّفْعَ يَرْفَعُ أَوَّلًا جَبْهَتَهُ ثُمَّ أَنْفَهُ ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ حَافِيًا أَمَّا إذَا كَانَ مُتَخَفِّفًا فَلَا يُمْكِنُهُ وَضْعُ الرُّكْبَتَيْنِ أَوَّلًا فَيَضَعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ وَيُقَدِّمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَضَعُ يَدَيْهِ فِي السُّجُودِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ وَيُوَجِّهُ أَصَابِعَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَكَذَا أَصَابِعُ رِجْلَيْهِ وَيَعْتَمِدُ عَلَى رَاحَتَيْهِ وَيُبْدِي ضَبْعَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُجَافِي بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَرْأَةُ لَا تُجَافِي فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَتَقْعُدُ عَلَى رِجْلَيْهَا وَفِي السَّجْدَةِ تَفْتَرِشُ بَطْنَهَا عَلَى فَخِذَيْهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ إلَّا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَهِيَ كَالرَّجُلِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُكَبِّرُ) وَالسُّنَّةُ فِيهِ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا وَلَيْسَ فِي هَذَا الْجُلُوسِ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ عِنْدَنَا. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَوِ جَالِسًا وَسَجَدَ أُخْرَى أَجْزَأَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ رَفْعُ الرَّأْسِ مِنْ السَّجْدَةِ لَيْسَ بِرُكْنٍ وَإِنَّمَا الرُّكْنُ هُوَ الِانْتِقَالُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَدَاءُ الثَّانِيَةِ إلَّا بِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِقَالُ إلَى الثَّانِيَةِ إلَّا بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ فَلَزِمَهُ رَفْعُهُ حَتَّى لَوْ أَمْكَنَهُ الِانْتِقَالُ مِنْ غَيْرِ رَفْعِ الرَّأْسِ بِأَنْ سَجَدَ عَلَى وِسَادَةٍ وَأُزِيلَتْ الْوِسَادَةُ حَتَّى وَقَعَتْ جَبْهَتُهُ عَلَى الْأَرْضِ أَجْزَأَهُ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الرَّفْعِ فَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ إنْ كَانَ إلَى الْأَرْضِ أَقْرَبَ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْهُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِقْدَارَ مَا يُسَمَّى رَافِعًا جَازَ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَنْحَطُّ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ) وَيُسَبِّحُ فِيهَا مِثْلَ مَا سَبَّحَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (ثُمَّ إذَا فَرَغَ مِنْ السَّجْدَةِ يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ) وَلَا يَقْعُدُ وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ عِنْدَ قِيَامِهِ وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتَرْكُ الِاعْتِمَادِ مُسْتَحَبٌّ لِمَنْ لَيْسَ بِهِ عُذْرٌ عِنْدَنَا عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ قَعَدَ وَاعْتَمَدَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَفْتِحُ وَلَا يَتَعَوَّذُ. كَذَا فِي الْقُدُورِيِّ. (وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ افْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى) وَجَلَسَ عَلَيْهَا وَنَصَبَ الْيُمْنَى نَصْبًا وَوَجَّهَ أَصَابِعَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَبَسَطَ أَصَابِعَهُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَأْخُذُ الرُّكْبَةَ هُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ جَلَسَتْ عَلَى أَلْيَتِهَا الْيُسْرَى وَأَخْرَجَتْ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. (وَيَقْرَأُ تَشَهُّدَ ابْنِ مَسْعُودٍ) . كَذَا فِي الْكَافِي وَلَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا انْتَهَى إلَى قَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يُشِيرُ بِالْمُسَبِّحَةِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُشِيرُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ نَاقِلًا عَنْ الْكُبْرَى

وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ لَا يَرَوْنَ الْإِشَارَةَ وَكَرِهَهَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ قَامَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ) وَفِي الْجَلَّابِيِّ وَالْقِيَامُ مِنْ الْقَعْدَةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ كَالْقِيَامِ مِنْ السَّجْدَةِ وَقَالَ الطَّحْطَاوِيُّ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْتَمِدَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَإِذَا قَامَ يَفْعَلُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي مَا فَعَلَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ مِنْ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فَقَطْ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَإِنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ وَالتَّسْبِيحَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرَجٌ وَلَا سَجْدَتَا السَّهْوِ إنْ كَانَ سَاهِيًا لَكِنَّ الْقِرَاءَةَ أَفْضَلُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَاتِ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالسُّكُوتُ مَكْرُوهٌ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَيَجْلِسُ فِي الْأَخِيرَةِ) كَمَا جَلَسَ فِي الْأُولَى. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَتَشَهَّدُ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَسُئِلَ مُحَمَّدٌ عَنْ كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَقُولُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكَتْ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ مُحَمَّدًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَغْفِرُ لِنَفْسِهِ وَلِأَبَوَيْهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ وَهُوَ سُنَّةٌ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ يَقُولُ: رَبَّنَا آتِنَا إلَى آخِرِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يَدْعُو بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ وَمَا لَا يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْعِبَادِ كَقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ يُشْبِهُ كَلَامَهُمْ، وَمَا يَسْتَحِيلُ كَقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَقَوْلُهُ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَلَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِهَذَا اللَّفْظِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي مَالًا عَظِيمًا تَفْسُدُ، وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي الْعِلْمَ وَالْحَجَّ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ فِي الصَّلَاةِ بِدُعَاءٍ مَحْفُوظٍ؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى لِسَانِهِ مَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ يُفْسِدُ إنَّمَا يُفْسِدُ إذَا لَمْ يَقْعُدْ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا إذَا قَعَدَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَمِنْ الْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ مَا رُوِيَ «عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي فَقَالَ: قُلْ اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتَ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَدْعُو بِكَلِمَاتٍ مِنْهُنَّ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ الْمُصَلِّي بَعْدَ ذِكْرِ الصَّلَاةِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ: رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقْبَلْ دُعَاءِ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. (ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ) تَسْلِيمَةً عَنْ يَمِينِهِ وَتَسْلِيمَةً عَنْ يَسَارِهِ وَيُحَوِّلُ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَجْهَهُ عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ وَفِي التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْسَرِ وَفِي الْقُنْيَةِ هُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْمُخْتَارُ أَنْ يَكُونَ السَّلَامُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَكَذَلِكَ فِي التَّشَهُّدِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا يَقُولُ فِي هَذَا السَّلَامِ فِي آخِرِهِ وَبَرَكَاتُهُ عِنْدَنَا وَالسُّنَّةُ فِي السَّلَامِ أَنْ تَكُونَ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ أَخْفَضُ مِنْ الْأُولَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ. كَذَا فِي

الفصل الرابع في القراءة

التَّبْيِينِ وَإِنْ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ فَقَامَ فَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ يَقْعُدُ وَيُسَلِّمُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ لَا يَأْتِي بِهَا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَوْ سَلَّمَ أَوَّلًا عَنْ يَسَارِهِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَا يُعِيدُ السَّلَامَ عَنْ يَسَارِهِ. وَلَوْ سَلَّمَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ يُسَلِّمُ عَنْ يَسَارِهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. اخْتَلَفُوا فِي تَسْلِيمِ الْمُقْتَدِي قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُخْتَارُ أَنْ يَنْتَظِرَ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ عَنْ يَمِينِهِ يُسَلِّمُ الْمُقْتَدِي عَنْ يَمِينِهِ وَإِذَا فَرَغَ عَنْ يَسَارِهِ يُسَلِّمُ الْمُقْتَدِي عَنْ يَسَارِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَنْوِي مَنْ عِنْدَهُ مِنْ الْحَفَظَةِ وَالْمُسْلِمِينَ فِي جَانِبَيْهِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَلَا يَنْوِي النِّسَاءَ فِي زَمَانِنَا وَلَا مَنْ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِي صَلَاتِهِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُقْتَدِي يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْإِمَامِ مَعَ نِيَّةِ مَنْ ذَكَرْنَا فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ نَوَاهُ فِيهِمْ وَإِنْ كَانَ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ نَوَاهُ فِيهِمْ وَإِنْ كَانَ بِحِذَائِهِ نَوَاهُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَنْوِيهِ فِيهِمَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الْفَتَاوَى هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْمُنْفَرِدُ يَنْوِي الْحَفَظَةَ لَا غَيْرُ وَلَا يَنْوِي فِي الْمَلَائِكَةِ عَدَدًا مَحْصُورًا. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ كُرِهَ لَهُ الْمُكْثُ قَاعِدًا لَكِنَّهُ يَقُومُ إلَى التَّطَوُّعِ وَلَا يَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِ الْفَرِيضَةِ وَلَكِنْ يَنْحَرِفُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً أَوْ يَتَأَخَّرُ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ إلَى بَيْتِهِ يَتَطَوَّعُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُقْتَدِيًا أَوْ يُصَلِّي وَحْدَهُ إنْ لَبِثَ فِي مُصَلَّاهُ يَدْعُو جَازَ وَكَذَلِكَ إنْ قَامَ إلَى التَّطَوُّعِ فِي مَكَانِهِ أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ انْحَرَفَ يَمْنَةً وَيَسْرَةً جَازَ وَالْكُلُّ سَوَاءٌ وَفِي صَلَاةٍ لَا تَطَوُّعَ بَعْدَهَا كَالْفَجْرِ وَالْعَصْرِ يُكْرَهُ الْمُكْثُ قَاعِدًا فِي مَكَانِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سَمَّى هَذَا بِدْعَةً ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ذَهَبَ وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ فِي مِحْرَابِهِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهُوَ أَفْضَلُ وَيَسْتَقْبِلُ الْقَوْمَ بِوَجْهِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِحِذَائِهِ مَسْبُوقٌ فَإِنْ كَانَ يَنْحَرِفُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً وَالصَّيْفُ وَالشِّتَاءُ سَوَاءٌ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْحُجَّةِ الْإِمَامُ إذَا فَرَغَ مِنْ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يَشْرَعُ فِي السُّنَّةِ وَلَا يَشْتَغِلُ بِأَدْعِيَةٍ طَوِيلَةٍ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْقِرَاءَةِ] سُنَّتُهَا حَالَةَ الِاضْطِرَارِ فِي السَّفَرِ وَهُوَ أَنْ يَدْخُلَهُ خَوْفٌ أَوْ عَجَلَةٌ فِي سَيْرِهِ أَنْ يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَيِّ سُورَةٍ شَاءَ وَحَالَةَ الِاضْطِرَارِ فِي الْحَضَرِ وَهُوَ ضِيقُ الْوَقْتِ أَوْ الْخَوْفُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَنْ يَقْرَأَ قَدْرَ مَا لَا يَفُوتُهُ الْوَقْتُ أَوْ الْأَمْنُ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَسُنَّتُهَا حَالَةَ الِاخْتِيَارِ فِي السَّفَرِ بِأَنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ وَهُوَ فِي أَمْنَةٍ وَقَرَارٍ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْفَجْرِ سُورَةَ الْبُرُوجِ أَوْ مِثْلَهَا لِيَحْصُلَ الْجَمْعُ بَيْنَ مُرَاعَاةِ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ وَتَخْفِيفِهَا الْمُرَخَّصِ فِي السَّفَرِ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَفِي الظُّهْرِ مِثْلُهُ وَفِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ دُونَهُ وَفِي الْمَغْرِبِ بِالْقِصَارِ جِدًّا هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَسُنَّتُهَا فِي الْحَضَرِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْفَجْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِأَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسِينَ آيَةً سِوَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَفِي الظُّهْرِ ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِثْلُ الْفَجْرِ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَوْ دُونَهُ وَفِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ عِشْرِينَ آيَةً سِوَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَفِي الْمَغْرِبِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سُورَةً قَصِيرَةً. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاسْتَحْسَنُوا فِي الْحَضَرِ طِوَالَ الْمُفَصَّلِ فِي الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ وَأَوْسَاطَهُ فِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَقِصَارَهُ فِي الْمَغْرِبِ. كَذَا فِي الْوِقَايَةِ. وَطِوَالُ الْمُفَصَّلِ مِنْ الْحُجُرَاتِ إلَى الْبُرُوجِ وَالْأَوْسَاطُ مِنْ سُورَةِ الْبُرُوجِ إلَى لَمْ يَكُنْ وَالْقِصَارُ مِنْ سُورَةِ لَمْ يَكُنْ إلَى الْآخِرِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْوِقَايَةِ وَمُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَفِي الْيَتِيمَةِ إذَا كَانَ يُؤَدِّي الْعَصْرَ فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَسْتَوْفِي الْقِرَاءَةَ الْمَسْنُونَةَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَمْ يَتَوَقَّفْ فِي الْوِتْرِ شَيْءٌ سِوَى الْفَاتِحَةِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فَمَا قَرَأَ فِيهِ فَهُوَ حَسَنٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ

لَكِنْ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَوْتَرَ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» فَيَقْرَأُ أَحْيَانًا هَذَا لِلتَّبَرُّكِ وَأَحْيَانًا غَيْرَ ذَلِكَ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ هِجْرَانِ بَاقِي الْقُرْآنِ. كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَا يَزِيدُ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَلَا يُثْقِلُ عَلَى الْقَوْمِ وَلَكِنْ يُخَفِّفُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّمَامِ وَالِاسْتِحْبَابِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ نَاقِلًا عَنْ الطَّحَاوِيِّ. وَإِطَالَةُ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْ الْفَجْرِ مَسْنُونَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُطَوِّلَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَفِي الْحُجَّةِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ لِلْفَتْوَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدَانِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَبَعْدَ هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، الثُّلُثَانِ فِي الْأُولَى وَالثُّلُثُ فِي الثَّانِيَةِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى بِثَلَاثِينَ آيَةً وَفِي الثَّانِيَةِ بِقَدْرِ عَشْرِ آيَاتٍ أَوْ عِشْرِينَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ هَذَا لِبَيَانِ الْأَوْلَى وَأَمَّا لِبَيَانِ الْحُكْمِ فَالتَّفَاوُتُ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا بِأَنْ قَرَأَ فِي الْأُولَى سُورَةً طَوِيلَةً وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثَ آيَاتٍ لَا بَأْسَ بِهِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي بَعْضِ شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا خِلَافَ أَنَّ إطَالَةَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى مَكْرُوهَةٌ إنْ كَانَتْ بِثَلَاثِ آيَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ وَإِنْ كَانَتْ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ التَّطْوِيلُ يُعْتَبَرُ بِالْآيِ إنْ كَانَتْ مُتَقَارِبَةً وَإِنْ كَانَتْ الْآيَاتُ مُتَفَاوِتَةً مِنْ حَيْثُ الطُّولِ وَالْقِصَرِ يُعْتَبَرُ بِالْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُوَقِّتَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ لِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ وَالْإِسْبِيجَابِيّ هَذَا إذَا رَآهُ حَتْمًا وَاجِبًا بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ أَوْ رَأَى قِرَاءَةَ غَيْرِهِ مَكْرُوهَةً وَأَمَّا إذَا قَرَأَ لِأَجْلِ الْيُسْرِ عَلَيْهِ أَوْ تَبَرُّكًا بِقِرَاءَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا كَرَاهِيَةَ فِي ذَلِكَ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقْرَأَ غَيْرُهُ أَحْيَانًا لِئَلَّا يَظُنَّ الْجَاهِلُ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يَجُوزُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. الْأَفْضَلُ أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً كَامِلَةً فِي الْمَكْتُوبَةِ فَإِنْ عَجَزَ الْآنَ يَقْرَأُ السُّورَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَرَأَ بَعْضَ السُّورَةِ فِي رَكْعَةٍ وَالْبَعْضَ فِي رَكْعَةٍ قِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ وَلَوْ فَعَلَ لَا بَأْسَ بِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ مِنْ وَسَطِ سُورَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ سُورَةٍ وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِنْ وَسَطِ سُورَةٍ أُخْرَى أَوْ مِنْ آخِرِ سُورَةٍ أُخْرَى لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَلَكِنْ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْحُجَّةِ لَوْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى آخِرَ سُورَةٍ وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سُورَةً قَصِيرَةً كَمَا لَوْ قَرَأَ {آمَنَ الرَّسُولُ} [البقرة: 285] فِي رَكْعَةٍ وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فِي رَكْعَةٍ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة قِرَاءَةُ آخِرِ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ بِتَمَامِهَا إنْ كَانَ آخِرُهَا أَكْثَرَ آيَةً مِنْ السُّورَةِ وَإِنْ كَانَتْ السُّورَةُ أَكْثَرَ آيَةً فَقِرَاءَتُهَا أَفْضَلُ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً طَوِيلَةً مِثْلَ آيَةِ الْمُدَايَنَةِ أَوْ ثَلَاثَ آيَاتٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ قِرَاءَةَ ثَلَاثِ آيَاتٍ أَوْلَى إذَا بَلَغَتْ الْآيَاتُ مِقْدَارَ أَقْصَرِ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ سُورَتَيْنِ بَيْنَهُمَا سُوَرٌ أَوْ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ يُكْرَهُ وَأَمَّا فِي رَكْعَتَيْنِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سُوَرٌ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَتْ السُّورَةُ طَوِيلَةً لَا يُكْرَهُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ كَمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سُورَتَانِ قَصِيرَتَانِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُكْرَهُ أَصْلًا وَإِذَا قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ سُورَةً وَفِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى أَوْ فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ سُورَةً فَوْقَ تِلْكَ السُّورَةِ يُكْرَهُ وَكَذَا إذَا قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ آيَةً ثُمَّ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى أَوْ فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ آيَةً أُخْرَى فَوْقَ تِلْكَ الْآيَةِ وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ آيَتَيْنِ بَيْنَهُمَا آيَاتٌ أَوْ آيَةٌ وَاحِدَةٌ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي رَكْعَتَيْنِ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي السُّوَرِ

الفصل الخامس في زلة القارئ

كَذَا فِي الْمُحِيطِ. هَذَا كُلُّهُ فِي الْفَرَائِضِ وَأَمَّا فِي السُّنَنِ فَلَا يُكْرَهُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ سُورَةً وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى سُورَةً أُخْرَى بَيْنَهُمَا سُورَةٌ أَوْ قَرَأَ سُورَةً فَوْقَ تِلْكَ السُّورَةِ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَمْضِي فِي قِرَاءَتِهَا وَلَا يَتْرُكُ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ افْتَتَحَ سُورَةً وَقَصَدَ سُورَةً أُخْرَى فَلَمَّا قَرَأَ آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَ السُّورَةَ وَيَفْتَتِحَ الَّتِي أَرَادَهَا يُكْرَهُ وَكَذَا لَوْ قَرَأَ أَقَلَّ مِنْ آيَةٍ وَإِنْ كَانَ حَرْفًا وَلَوْ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْقِرَاءَةِ لَا بَأْسَ مَا لَمْ يَرْكَعْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَحْدَهَا فِي الصَّلَاةِ أَوْ الْفَاتِحَةَ وَمَعَهَا آيَةٌ أَوْ آيَتَيْنِ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ مَنْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي الصَّلَاةِ إذَا فَرَغَ مِنْ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ يَرْكَعُ ثُمَّ إذَا قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَشَيْءٍ مِنْ الْبَقَرَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْحُجَّةِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالْقِرَاءَاتِ السَّبْعَةِ وَالرِّوَايَاتِ كُلِّهَا جَائِزَةٌ وَلَكِنِّي أَرَى الصَّوَابَ أَنْ لَا يَقْرَأَ الْقِرَاءَةَ الْعَجِيبَةَ بِالْإِمَالَاتِ وَالرِّوَايَاتِ الْغَرِيبَةِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. صَلَّى التَّطَوُّعَ قَاعِدًا فَإِذَا أَرَادَ الرُّكُوعَ قَامَ وَرَكَعَ فَالْأَفْضَلُ حِينَ قَامَ أَنْ يَقْرَأَ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ وَاسْتَوَى قَائِمًا وَرَكَعَ جَازَ أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَوِ قَائِمًا وَرَكَعَ لَمْ يَجُزْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي زَلَّةِ الْقَارِئِ] (مِنْهَا) وَصْلُ حَرْفٍ مِنْ كَلِمَةٍ بِحَرْفٍ مِنْ كَلِمَةٍ أُخْرَى إنْ وَصَلَ حَرْفًا مِنْ كَلِمَةٍ بِحَرْفٍ مِنْ كَلِمَةٍ أُخْرَى نَحْوَ إنْ قَرَأَ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَوَصَلَ الْكَافَ بِالنُّونِ أَوْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَوَصَلَ الْبَاءَ بِالْعَيْنِ أَوْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَوَصَلَ الْهَاءَ مِنْ اللَّهِ بِاللَّامِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِنْهَا) ذِكْرُ حَرْفٍ مَكَانَ حَرْفٍ إنْ ذَكَرَ حَرْفًا مَكَانَ حَرْفٍ وَلَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى بِأَنْ قَرَأَ إنْ الْمُسْلِمُونَ إنْ الظَّالِمُونَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى فَإِنْ أَمْكَنَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْحَرْفَيْنِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ كَالطَّاءِ مَعَ الصَّادِ فَقَرَأَ الطَّالِحَاتِ مَكَانَ الصَّالِحَاتِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْحَرْفَيْنِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ كَالظَّاءِ مَعَ الضَّادِ وَالصَّادِ مَعَ السِّينِ وَالطَّاءِ مَعَ التَّاءِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ أَفْتَوْا بِهِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ وَالْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَاصِمٍ: إنْ تَعَمَّدَ فَسَدَتْ وَإِنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ أَوْ كَانَ لَا يَعْرِفُ التَّمَيُّزَ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقَاوِيلِ وَالْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ بَعْضَ الْحُرُوفِ يَنْبَغِي أَنْ يَجْهَدَ وَلَا يُعْذَرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَا يَنْطِقُ لِسَانُهُ فِي بَعْضِ الْحُرُوفِ إنْ لَمْ يَجِدْ آيَةً لَيْسَ فِيهَا تِلْكَ الْحُرُوفُ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَلَا يَؤُمُّ غَيْرَهُ وَإِنْ وَجَدَ آيَةً لَيْسَ فِيهَا تِلْكَ الْحُرُوفِ فَقَرَأَهَا جَازَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ قَرَأَ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا تِلْكَ الْحُرُوفُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ صَلَاتُهُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا) حَذْفُ حَرْفٍ إنْ كَانَ الْحَذْفُ عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَازِ وَالتَّرْخِيمِ فَإِنْ وَجَدَ شَرَائِطَهُ نَحْوَ أَنْ قَرَأَ وَنَادَوْا يَا مَالُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْإِيجَازِ وَالتَّرْخِيمِ فَإِنْ كَانَ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ بِتَرْكِ التَّاءِ مِنْ جَاءَتْ وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ فَمَا لَهُمْ يُؤْمِنُونَ فِي لَا يُؤْمِنُونَ بِتَرْكِ لَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ هُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَنَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ فَرَأَيْت فَحَذَفَ الْأَلِفَ مِنْ أَفَرَأَيْت وَوَصَلَ نُونَ يُظْلَمُونَ بِفَاءِ أَفَرَأَيْت، وَأَنْ يَقْرَأَ {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104] فَحَذَفَ الْأَلِفَ مِنْ أَنَّهُمْ وَوَصَلَ النُّونَ بِالنُّونِ لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلٍ فِي حَذْفِ مَا هُوَ مُظْهَرٌ وَفِي إظْهَارِ مَا هُوَ مَحْذُوفٌ. (وَمِنْهَا) زِيَادَةُ حَرْفٍ إنْ زَادَ حَرْفًا فَإِنْ كَانَ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ وَانْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ بِزِيَادَةِ الْيَاءِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ هُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا

فَيَجْزِمُ الْمِيمَ مِنْ هُمْ وَيُظْهِرُ الْأَلِفَ مِنْ الَّذِينَ وَكَانَتْ الْأَلِفُ مَحْذُوفَةً فَلَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ وَكَذَا نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فَأَظْهَرَ الْأَلِفَ وَكَانَتْ مَحْذُوفَةً وَأَظْهَرَ اللَّامَ وَكَانَتْ مُدْغَمَةً فِي الذَّالِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ وَزَرَابِيبُ مَبْثُوثَةٌ مَكَانَ وَزَرَابِيُّ أَوْ مَثَانِينَ مَكَانَ مَثَانِيَ أَوْ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَإِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، وَإِنَّك بِزِيَادَةِ الْوَاوِ تَفْسُدُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِنْهَا) ذِكْرُ كَلِمَةٍ مَكَانَ كَلِمَةٍ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ إنْ كَانَتْ الْكَلِمَةُ الَّتِي قَرَأَهَا مَكَانَ كَلِمَةٍ يَقْرُبُ مَعْنَاهَا وَهِيَ فِي الْقُرْآنِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ نَحْوُ إنْ قَرَأَ مَكَانَ الْعَلِيمِ الْحَكِيمَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ فِي الْقُرْآنِ لَكِنْ يَقْرُبُ مَعْنَاهَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَفْسُدُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْسُدُ نَحْوُ إنْ قَرَأَ التَّيَّابِينَ مَكَانَ التَّوَّابِينَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ فِي الْقُرْآنِ وَلَا تَتَقَارَبَانِ فِي الْمَعْنَى تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ إذَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ تَسْبِيحًا وَلَا تَحْمِيدًا وَلَا ذِكْرًا وَإِنْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ وَلَكِنْ لَا تَتَقَارَبَانِ فِي الْمَعْنَى نَحْوُ إنْ قَرَأَ وَعْدًا عَلَيْنَا إنَّا كُنَّا غَافِلِينَ مَكَان فَاعِلِينَ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَوْ اعْتَقَدَهُ يَكْفُرُ تَفْسُدُ عِنْدَ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ نَسَبَ إلَى غَيْرِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ مَرْيَمَ ابْنَةَ غَيْلَانَ تَفْسُدُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ مَرْيَمَ ابْنَةَ لُقْمَانَ وَمُوسَى بْنِ عِيسَى لَا تَفْسُدُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَلَوْ قَرَأَ عِيسَى بْنَ لُقْمَانَ تَفْسُدُ وَلَوْ قَرَأَ مُوسَى بْنَ لُقْمَانَ لَا؛ لِأَنَّ عِيسَى لَا أَبَ لَهُ وَمُوسَى لَهُ أَبٌ إلَّا أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي الِاسْمِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. (وَمِنْهَا) زِيَادَةُ كَلِمَةٍ لَا عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ الْكَلِمَةُ الزَّائِدَةُ إنْ غَيَّرَتْ الْمَعْنَى وَوُجِدَتْ فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَكَفَرُوا بِاَللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} [آل عمران: 178] وَإِجْمَالًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْ الْمَعْنَى فَإِنْ كَانَتْ فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ إنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا لَا تَفْسُدُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَتُفَّاحٌ وَرُمَّانٌ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ (وَمِنْهَا) تَكْرَارُ الْحَرْفِ أَوْ الْكَلِمَةِ إنْ كَرَّرَ حَرْفًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ إظْهَارُ تَضْعِيفٍ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ وَمَنْ يَرْتَدَّ وَإِنْ كَانَ زِيَادَةً نَحْوَ أَنْ يَقْرَأَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِثَلَاثِ لَامَاتٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَرَّرَ الْكَلِمَةَ فَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَعْنَى لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَغَيَّرَ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ رَبِّ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَوْ مَالِكِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَفْسُدُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (وَمِنْهَا) الْخَطَأُ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ إنْ قَدَّمَ كَلِمَةً عَلَى كَلِمَةٍ أَوْ أَخَّرَ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَعْنَى لَا تَفْسُدُ نَحْوُ إنْ قَرَأَ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَعْنَى نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ إنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي جَحِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي نَعِيمٍ فَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهَا تَفْسُدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ قَدَّمَ كَلِمَتَيْنِ عَلَى كَلِمَتَيْنِ فَفِي مَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْمَعْنَى تَفْسُدُ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ إنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَخَافُوهُمْ وَلَا تَخَافُونِ، وَفِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ لَا تَفْسُدُ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ يَوْمَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ وَتَبْيَضُّ وُجُوهٌ، وَلَوْ قَدَّمَ حَرْفًا عَلَى حَرْفٍ إنْ تَغَيَّرَ الْمَعْنَى تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَعَفْصٍ مَكَانَ عَصْفٍ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَا تَفْسُدُ كَمَا إذَا قَرَأَ غُثَاءً أَوْحَى مَكَان أَحْوَى هُوَ الْمُخْتَارُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِنْهَا ذِكْرُ آيَةٍ مَكَانَ آيَةٍ) لَوْ ذَكَرَ آيَةً مَكَانَ آيَةٍ إنْ وَقَفَ وَقْفًا تَامًّا ثُمَّ ابْتَدَأَ بِآيَةٍ أُخْرَى أَوْ بِبَعْضِ آيَةٍ لَا تَفْسُدُ كَمَا لَوْ قَرَأَ {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الإِنْسَانَ} [العصر: 1 - 2] ثُمَّ قَالَ {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار: 13] ، أَوْ قَرَأَ {وَالتِّينِ} [التين: 1] إلَى قَوْلِهِ {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ} [التين: 3] وَوَقَفَ ثُمَّ قَرَأَ {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4] أَوْ قَرَأَ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البينة: 7] وَوَقَفَ ثُمَّ قَالَ {أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6] لَا تَفْسُدُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَقِفْ وَوَصَلَ - إنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى - نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الكهف: 107] فَلَهُمْ جَزَاءً

الْحُسْنَى مَكَانَ قَوْلِهِ {كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا} [الكهف: 107] لَا تَفْسُدُ. أَمَّا إذَا غَيَّرَ الْمَعْنَى بِأَنْ قَرَأَ " إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ " إلَى قَوْلِهِ " خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ " تَفْسُدُ عِنْدَ عَامَّةِ عُلَمَائِنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِنْهَا الْوَقْفُ وَالْوَصْلُ وَالِابْتِدَاءُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا) إذَا وَقَفَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْوَقْفِ أَوْ ابْتَدَأَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الِابْتِدَاءِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ الْمَعْنَى تَغَيُّرًا فَاحِشًا نَحْوَ أَنْ يَقْرَأَ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البينة: 7] وَوَقَفَ ثُمَّ ابْتَدَأَ بِقَوْلِهِ {أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7] لَا تَفْسُدُ بِالْإِجْمَاعِ بَيْنَ عُلَمَائِنَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا إنْ وَصَلَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْوَصْلِ كَمَا لَوْ لَمْ يَقِفْ عِنْدَ قَوْلِهِ أَصْحَابِ النَّارِ بَلْ وَصَلَ بِقَوْلِهِ {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ} [غافر: 7] لَا تَفْسُدُ لَكِنَّهُ قَبِيحٌ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ تَغَيَّرَ بِهِ الْمَعْنَى تَغَيُّرًا فَاحِشًا نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ} [آل عمران: 18] وَوَقَفَ ثُمَّ قَالَ: {إِلا هُوَ} [آل عمران: 18] لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ عَامَّةِ عُلَمَائِنَا وَعِنْدَ الْبَعْضِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَالْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ بِكُلِّ حَالٍ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ السَّعِيدُ النَّجِيبُ أَبُو بَكْرٍ إذَا فَرَغْت مِنْ الْقِرَاءَةِ وَتُرِيدُ أَنْ تُكَبِّرَ لِلرُّكُوعِ، إنْ كَانَ الْخَتْمُ بِالثَّنَاءِ فَالْوَصْلُ بِاَللَّهِ أَكْبَر أَوْلَى، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِالثَّنَاءِ فَالْفَصْلُ أَوْلَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} [الكوثر: 3] . هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (وَمِنْهَا اللَّحْنُ فِي الْإِعْرَابِ) إذَا لَحَنَ فِي الْإِعْرَابِ لَحْنًا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى بِأَنْ قَرَأَ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتُكُمْ بِرَفْعِ التَّاءِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى تَغْيِيرًا فَاحِشًا بِأَنْ قَرَأَ وَعَصَى آدَمَ رَبُّهُ بِنَصْبِ الْمِيمِ وَرَفْعِ الرَّبِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ تَعَمَّدَ بِهِ يَكْفُرُ. إذَا قَرَأَ خَطَأً فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلْخِيّ وَالْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. وَمَا قَالَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ أَحْوَطُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ يَكُونُ كُفْرًا وَمَا يَكُونُ كُفْرًا لَا يَكُونُ مِنْ الْقُرْآنِ وَمَا قَالَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ أَوْسَعُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ إعْرَابٍ وَإِعْرَابٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَشْبَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (وَمِنْهَا تَرْكُ التَّشْدِيدِ وَالْمَدِّ فِي مَوْضِعِهِمَا) لَوْ تَرَكَ التَّشْدِيدَ فِي قَوْلِهِ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أَوْ قَرَأَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَسْقَطَ التَّشْدِيدَ عَلَى الْبَاءِ. الْمُخْتَارُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ وَكَذَا فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ أَنَّهَا تَفْسُدُ وَأَمَّا تَرْكُ الْمَدِّ إنْ كَانَ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى بِأَنْ قَرَأَ أُولَئِكَ بِلَا مَدٍّ وَإِنَّا أَعْطَيْنَاك بِدُونِ الْمَدِّ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ يُغَيِّرُ بِأَنْ قَرَأَ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ الْمَدِّ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ دُعَاءً وَنِدَاءً الْمُخْتَارُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ كَمَا فِي تَرْكِ التَّشْدِيدِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ شَدَّدَ فِي {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ} [الزمر: 32] قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَفْسُدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. (وَمِنْهَا تَرْكُ الْإِدْغَامِ وَالْإِتْيَانُ بِهِ) إذَا أَتَى بِالْإِدْغَامِ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يُدْغِمْهُ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ وَيُقَبِّحُ الْعِبَارَةَ وَيُخْرِجُهَا عَنْ مَعْرِفَةِ مَعْنَى الْكَلِمَةِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ} [آل عمران: 12] بِإِدْغَامِ الْغَيْنِ فِي اللَّامِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَتَى بِالْإِدْغَامِ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يُدْغِمْهُ أَحَدٌ إلَّا أَنَّ الْمَعْنَى لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ وَيُفْهِمُ مَا يُفْهَمُ مَعَ الْإِظْهَارِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {قُلْ سِيرُوا} [الأنعام: 11] بِإِدْغَامِ اللَّامِ فِي السِّينِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِذَا تَرَكَ الْإِدْغَامَ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] بِفَكِّ الْإِدْغَامِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ فَحُشَ مِنْ حَيْثُ الْعِبَارَةُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا الْإِمَالَةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا) إذَا قَرَأَ {بِسْمِ اللَّهِ} [الفاتحة: 1] بِالْإِمَالَةِ أَوْ قَرَأَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] بِالْإِمَالَةِ وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ مَا فِي الْمُصْحَفِ الَّذِي جَمَعَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ بِغَيْرِ مَا فِي الْمُصْحَفِ الْمَعْرُوفِ مَا لَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالِاتِّفَاقِ إذَا لَمْ يَكُنْ دُعَاءً وَلَا ثَنَاءً فِي نَفْسِهِ وَإِنْ قَرَأَ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ فَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا تَفْسُدُ

الباب الخامس في الإمامة وفيه سبعة فصول

وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْسُدُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ فِي هَذَا أَنَّهُ إذَا قَرَأَ بِمَا فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ أَمَّا صَلَاتُهُ فَلَا تَفْسُدُ حَتَّى لَوْ قَرَأَ مَعَ ذَلِكَ شَيْئًا مِمَّا فِي مُصْحَفِ الْعَامَّةِ مِقْدَارَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ تَجُوزُ صَلَاتُهُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ (وَمِنْهَا ذِكْرُ بَعْضِ الْحُرُوفِ مِنْ الْكَلِمَةِ) إذَا ذَكَرَ بَعْضَ الْكَلِمَةِ وَمَا أَتَمَّهَا إمَّا لِانْقِطَاعِ النَّفَسِ أَوْ لِأَنَّهُ نَسِيَ الْبَاقِيَ ثُمَّ تَذَكَّرَ الْبَاقِي نَحْوُ إنْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَلَمَّا قَالَ أَلْ انْقَطَعَ نَفَسُهُ أَوْ نَسِيَ الْبَاقِيَ ثُمَّ تَذَكَّرَ وَقَالَ حَمْدُ لِلَّهِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَاقِي نَحْوُ إنْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَالسُّورَةَ ثُمَّ نَسِيَ قِرَاءَتَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ فَلَمَّا قَالَ أَلْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ قَرَأَ فَتَرَكَ ذَلِكَ وَرَكَعَ أَوْ ذَكَرَ بَعْضَ الْكَلِمَةِ وَتَرَكَ تِلْكَ الْكَلِمَةَ وَذَكَرَ كَلِمَةً أُخْرَى فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا أَوْ مَا شَاكَلَهَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ إنْ ذَكَرَ شَطْرَ كَلِمَةٍ لَوْ ذَكَرَ كُلَّهَا يُوجِبُ ذَلِكَ فَسَادَ الصَّلَاةِ فَذِكْرُ شَطْرِهَا يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ وَإِنْ ذَكَرَ شَطْرَ كَلِمَةٍ لَوْ ذَكَرَ كُلَّهَا لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ فَذِكْرُ شَطْرِهَا لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَلِلشَّطْرِ حُكْمُ الْكُلِّ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنْ كَانَ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الشَّطْرِ وَجْهٌ صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ وَلَا يَكُونُ لَغْوًا وَلَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْمَعْنَى يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوجِبَ فَسَادَ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ الشَّطْرُ الْمَقْرُوءُ لَا مَعْنَى لَهُ وَيَكُونُ لَغْوًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَغْوًا وَلَكِنْ يَكُونُ مُغَيِّرًا لِلْمَعْنَى يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَصَارَ كَالتَّنَحْنُحِ الْمَدْفُوعِ فِي الصَّلَاةِ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ إذَا خَفَضَ بَعْضَ حُرُوفِ الْكَلِمَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَلْوَى الْعَامَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي الصَّلَاةِ بِالْأَلْحَانِ إنْ غَيَّرَ الْكَلِمَةَ تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي حُرُوفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ لَا تَفْسُدُ إلَّا إذَا فَحُشَ وَإِنْ قَرَأَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ وَعَامَّتُهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَكَرِهُوا الِاسْتِمَاعَ أَيْضًا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الصَّلَاةَ إذَا جَازَتْ مِنْ وُجُوهٍ فَسَدَتْ مِنْ وَجْهٍ يَحْكُمُ بِالْفَسَادِ احْتِيَاطًا إلَّا فِي بَابِ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ لِلنَّاسِ عُمُومَ الْبَلْوَى. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (وَمِنْهَا إدْخَالُ التَّأْنِيثِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى) إذَا قَرَأَ فِي صَلَاتِهِ {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210] بِالتَّاءِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَدِيبُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ التَّأْنِيثَ لَا يَجُوزُ إدْخَالُهُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] وَقَوْلِهِ {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3] وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ وَحَكَى عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّهَا لَا تُفْسِدُ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ هَا هُنَا فِعْلُ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا صَحَّحُوا مَا ذَكَرَهُ الْفَضْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ ذَكَرَ فِي الْفَوَائِدِ لَوْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ بِخَطَأٍ فَاحِشٍ ثُمَّ رَجَعَ وَقَرَأَ صَحِيحًا قَالَ عِنْدِي صَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ الْإِعْرَابُ وَلَوْ قَرَأَ النَّصْبَ مَكَانَ الرَّفْعِ وَالرَّفْعَ مَكَانَ النَّصْبِ أَوْ الْخَفْضَ مَكَانَ الرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. . [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْإِمَامَةِ وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجَمَاعَةِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْإِمَامَةِ) وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجَمَاعَةِ) الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. كَذَا فِي الْمُتُونِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحِيطِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي الْغَايَةِ قَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا: إنَّهَا وَاجِبَةٌ وَفِي الْمُفِيدِ وَتَسْمِيَتُهَا سُنَّةً لِوُجُوبِهَا بِالسُّنَّةِ وَفِي الْبَدَائِعِ تَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ الْعُقَلَاءِ الْبَالِغِينَ الْأَحْرَارِ الْقَادِرِينَ عَلَى الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ، وَإِذَا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ لَا يَجِبُ

الفصل الثاني في بيان من هو أحق بالإمامة

عَلَيْهِ الطَّلَبُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا لَكِنْ إنْ أَتَى مَسْجِدًا آخَرَ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَحَسَنٌ وَإِنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ فَحَسَنٌ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ يَجْمَعُ فِي أَهْلِهِ وَيُصَلِّي بِهِمْ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأَوْلَى فِي زَمَانِنَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ مَسْجِدَ حَيِّهِ أَنْ يَتْبَعَ الْجَمَاعَاتِ وَإِنْ دَخَلَهُ صَلَّى فِيهِ. وَتَسْقُطُ الْجَمَاعَةُ بِالْأَعْذَارِ حَتَّى لَا تَجِبَ عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمُقْعَدِ وَالزَّمِنِ وَمَقْطُوعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ وَمَقْطُوعِ الرِّجْلِ وَالْمَفْلُوجِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ الْعَاجِزِ وَالْأَعْمَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِالْمَطَرِ وَالطِّينِ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدِ وَالظُّلْمَةِ الشَّدِيدَةِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَتَسْقُطُ بِالرِّيحِ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ وَأَمَّا بِالنَّهَارِ فَلَيْسَتْ الرِّيحُ عُذْرًا وَكَذَا إذَا كَانَ يُدَافِعُ الْأَخْبَثَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ كَانَ إذَا خَرَجَ يَخَافُ أَنْ يَحْبِسَهُ غَرِيمَهُ فِي الدَّيْنِ أَوْ يُرِيدُ سَفَرًا وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَيَخْشَى أَنْ تَفُوتَهُ الْقَافِلَةُ أَوْ كَانَ قَيِّمًا لِمَرِيضٍ أَوْ يَخَافُ ضَيَاعَ مَالِهِ وَكَذَا إذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ صَلَاتُهُ وَنَفْسُهُ تَتُوقُ إلَيْهِ، وَكَذَا إذَا حَضَرَ الطَّعَامُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَنَفْسُهُ تَتُوقُ إلَيْهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْمَسْجِدُ إذَا كَانَ لَهُ إمَامٌ مَعْلُومٌ وَجَمَاعَةٌ مَعْلُومَةٌ فِي مَحِلِّهِ فَصَلَّى أَهْلُهُ فِيهِ بِالْجَمَاعَةِ لَا يُبَاحُ تَكْرَارُهَا فِيهِ بِأَذَانٍ ثَانٍ أَمَّا إذَا صَلَّوْا بِغَيْرِ أَذَانٍ يُبَاحُ إجْمَاعًا وَكَذَا فِي مَسْجِدِ قَارِعَةِ الطَّرِيقِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ إذَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَهُوَ جَمَاعَةٌ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ صَبِيٌّ عَاقِلٌ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ التَّطَوُّعُ بِالْجَمَاعَةِ إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي يُكْرَهُ وَفِي الْأَصْلِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ أَمَّا إذَا صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ لَا يُكْرَهُ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: إنْ كَانَ سِوَى الْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ لَا يُكْرَهُ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْأَرْبَعِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُكْرَهُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ) الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ أَعْلَمُهُمْ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ هَذَا إذَا عَلِمَ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَدْرَ مَا تَقُومُ بِهِ سُنَّةُ الْقِرَاءَةِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَمْ يُطْعَنْ فِي دِينِهِ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيَجْتَنِبُ الْفَوَاحِشَ الظَّاهِرَةَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَوْرَعَ مِنْهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَإِنْ كَانَ مُتَبَحِّرًا فِي عِلْمِ الصَّلَاةِ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَظٌّ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ فَهُوَ أَوْلَى. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ تَسَاوَوْا فَأَقْرَؤُهُمْ أَيْ أَعْلَمُهُمْ بِعِلْمِ الْقِرَاءَةِ يَقِفُ فِي مَوْضِعِ الْوَقْفِ وَيَصِلُ فِي مَوْضِعِ الْوَصْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ التَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ وَغَيْرِهِمَا. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. فَإِنْ تَسَاوَوْا فَأَوْرَعُهُمْ فَإِنْ تَسَاوَوْا فَأَسَنُّهُمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فِي السِّنِّ فَأَحْسَنُهُمْ خُلُقًا فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فَأَحْسَبُهُمْ فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فَأَصْبَحُهُمْ وَجْهًا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَيْ أَكْثَرُهُمْ صَلَاةً بِاللَّيْلِ. كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْحُسْنِ فَأَشْرَفُهُمْ نَسَبًا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَكْمَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ كَثْرَةُ الْجَمَاعَةِ وَرَغْبَةُ النَّاسِ فِيهِ أَكْثَرَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِنْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ فِي رَجُلَيْنِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا أَوْ الْخِيَارُ إلَى الْقَوْمِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. جَمَاعَةٌ فِي دَارِ أَضْيَافٍ فَصَاحِبُ الدَّارِ أَوْلَى بِأَنْ يَتَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ ذُو سُلْطَانٍ أَوْ قَاضٍ فَإِنْ قَدَّمَ الْمَالِكُ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَكَبَّرَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ وَإِنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمْ جَازَ دَارٌ فِيهَا مُسْتَأْجِرُهَا وَمَالِكُهَا وَضَيْفٌ فَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ بِالْإِذْنِ وَالِاسْتِئْذَانُ مِنْهُ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَكَذَا الْمُسْتَعِيرُ أَوْلَى مِنْ الْمُعِيرِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. دَخَلَ الْمَسْجِدَ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ إمَامِ الْمَحَلَّةِ فَإِمَامُ الْمَحَلَّةِ أَوْلَى. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَالْأَخْرَسُ إذَا أَمَّ قَوْمًا خُرْسًا فَصَلَاةُ الْكُلِّ جَائِزَةٌ وَإِذَا أَمَّ أُمِّيًّا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْأَخْرَسَ مَعَ الْأُمِّيِّ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ كَانَ الْأُمِّيُّ أَوْلَى

الفصل الثالث في بيان من يصلح إماما لغيره

بِالْإِمَامَةِ وَالْأُمِّيُّ إذَا أَمَّ الْأَخْرَسَ فَصَلَاتُهُمَا جَائِزَةٌ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي الْمُتَيَمِّمُ مِنْ الْجَنَابَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُتَيَمِّمِ مِنْ الْحَدَثِ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. قَوْمٌ جُلُوسٌ فِي الْمَسْجِدِ الدَّاخِلِ وَقَوْمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْخَارِجِ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ إمَامٌ مِنْ أَهْلِ الْخَارِجِ فَأَمَّهُمْ وَقَامَ إمَامٌ مِنْ أَهْلِ الدَّاخِلِ فَأَمَّهُمْ مَنْ يَسْبِقُ بِالشُّرُوعِ فَهُوَ وَالْمُقْتَدُونَ بِهِ لَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهِمْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلَانِ فِي الْفِقْهِ وَالصَّلَاحِ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَقْرَأُ فَقَدَّمَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ غَيْرَ الْأَقْرَإِ فَقَدْ أَسَاءُوا وَإِنْ اخْتَارَ بَعْضُهُمْ الْأَقْرَأَ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ غَيْرَهُ فَالْعِبْرَةُ لِلْأَكْثَرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَيْسَ فِي الْمَحَلَّةِ إلَّا وَاحِدٌ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ لَا تَلْزَمُهُ وَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَنْ يَصْلُحُ إمَامًا لِغَيْرِهِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَنْ يَصْلُحُ إمَامًا لِغَيْرِهِ) قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَ صَاحِبِ هَوًى وَبِدْعَةٍ وَلَا تَجُوزُ خَلْفَ الرَّافِضِيِّ وَالْجَهْمِيِّ وَالْقَدَرِيِّ وَالْمُشَبِّهَةِ وَمَنْ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَحَاصِلُهُ إنْ كَانَ هَوًى لَا يَكْفُرُ بِهِ صَاحِبُهُ تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَإِلَّا فَلَا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَمَنْ أَنْكَرَ الْمِعْرَاجَ يُنْظَرُ إنْ أَنْكَرَ الْإِسْرَاءَ مِنْ مَكَّةَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَهُوَ كَافِرٌ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمِعْرَاجَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا يَكْفُرُ وَلَوْ صَلَّى خَلْفَ مُبْتَدِعٍ أَوْ فَاسِقٍ فَهُوَ مُحْرِزٌ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ لَكِنْ لَا يَنَالُ مِثْلَ مَا يَنَالُ خَلْفَ تَقِيٍّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالِاقْتِدَاءُ بِشَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ الْإِمَامُ يَتَحَامَى مَوَاضِعَ الْخِلَافِ بِأَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ الْخَارِجِ النَّجِسِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ كَالْفَصْدِ وَأَنْ لَا يَنْحَرِفَ عَنْ الْقِبْلَةِ انْحِرَافًا فَاحِشًا. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ فِي بَابِ الْوِتْرِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا جَاوَزَ الْمَغَارِبَ كَانَ فَاحِشًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يَكُونُ مُتَعَصِّبًا وَلَا شَاكًّا فِي أَيْمَانِهِ وَأَنْ لَا يَتَوَضَّأَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ الْقَلِيلِ وَأَنْ يَغْسِلَ ثَوْبَهُ مِنْ الْمَنِيِّ وَيَفْرُكَ الْيَابِسَ مِنْهُ وَأَنْ لَا يَقْطَعَ الْوِتْرَ وَأَنْ يُرَاعِيَ التَّرْتِيبَ فِي الْفَوَائِتِ وَأَنْ يَمْسَحَ رُبْعَ رَأْسِهِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ فِي بَابِ الْوِتْرِ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ الْقَلِيلِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفِ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَعْلَمْ مِنْهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِيَقِينٍ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَيُكْرَهُ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَالنِّهَايَةِ. وَلَوْ عَلِمَ الْمُقْتَدِي مِنْ الْإِمَامِ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ عَلَى زَعْمِ الْإِمَامِ كَمَسِّ الْمَرْأَةِ أَوْ الذَّكَرِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْإِمَامُ لَا يَدْرِي بِذَلِكَ تَجُوزُ صَلَاتُهُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَجُوزُ وَجْهُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَرَى جَوَازَ صَلَاةِ إمَامِهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ رَأْيُ نَفْسِهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهَا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. قَالَ الْفَضْلِيُّ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْحَنَفِيِّ فِي الْوِتْرِ بِمَنْ يَرَى مَذْهَبَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ الْمُتَيَمِّمُ الْمُتَوَضِّئِينَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا الْخِلَافَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْمُتَوَضِّئِينَ مَاءٌ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَإِنَّهُ لَا يَؤُمُّ الْمُتَوَضِّئِينَ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَأَمَّا اقْتِدَاءُ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَجَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمَعْذُورِ بِالْمَعْذُورِ إنْ اتَّحَدَ عُذْرُهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَ فَلَا يَجُوزُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّي مَنْ بِهِ انْفِلَاتُ رِيحٍ خَلْفَ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَا لَا يُصَلِّي مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ خَلْفَ مَنْ بِهِ انْفِلَاتُ رِيحٍ وَجُرْحٌ لَا يُرْقَأُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ صَاحِبُ عُذْرَيْنِ وَالْمَأْمُومُ صَاحِبُ عُذْرٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَا يُصَلِّي الطَّاهِرُ خَلْفَ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ وَلَا الطَّاهِرَاتُ خَلْفَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَهَذَا إذَا قَارَنَ الْوُضُوءُ الْحَدَثَ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْغَاسِلِ بِمَاسِحِ الْخُفِّ وَبِالْمَاسِحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَكَذَا إمَامَةُ الْمُفْتَصِدِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَصِحَّاءِ إذَا كَانَ يَأْمَنُ خُرُوجَ الدَّمِ وَالرَّاكِبُ عَلَى الدَّابَّةِ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ

عَلَى دَابَّةٍ وَالْمُومِئُ لِمِثْلِهِ وَالْعَارِي لِلْعُرَاةِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعُرَاةُ وُحْدَانًا قُعُودًا بِالْإِيمَاءِ وَيَتَبَاعَدُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فَإِنْ صَلَّوْا جَمَاعَةً وَقَفَ الْإِمَامُ وَسَطَهُمْ كَالنِّسَاءِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ الَّذِي يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ لَا اقْتِدَاءُ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ بِالْمُومِئِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَؤُمُّ الْأَحْدَبُ الْقَائِمَ كَمَا يَؤُمُّ الْقَاعِدَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي النَّظْمِ إنْ ظَهَرَ قِيَامُهُ مِنْ رُكُوعِهِ جَازَ بِالِاتِّفَاقِ وَإِلَّا فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ كَانَ لِقَدَمِ الْإِمَامِ عِوَجٌ وَقَامَ عَلَى بَعْضِهَا يَجُوزُ وَغَيْرُهُ أَوْلَى. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُصَلِّي الْمُتَنَفِّلُ خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَمْعِ الْجَوَامِعِ. وَإِنْ اقْتَدَى مُتَنَفِّلٌ بِمُفْتَرِضٍ فَأَفْسَدَهُ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ فِي ذَلِكَ الْفَرْضِ وَنَوَى قَضَاءَ مَا لَزِمَهُ بِالْإِفْسَادِ جَازَ عِنْدَنَا قَضَاءً. هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ وَلَا بِالسَّكْرَانِ فَإِنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي زَمَانِ الْإِفَاقَةِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ الْفَقِيهُ وَفِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِإِفَاقَتِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ فِي زَمَانِ الْإِفَاقَةِ وَبِهِ نَأْخُذُ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ فِي الْوَقْتِ وَخَارِجَ الْوَقْتِ وَكَذَا اقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ فِي الْوَقْتِ لَا خَارِجَ الْوَقْتِ الْمُقِيمُ إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْعَصْرِ فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَجَاءَ مُسَافِرٌ وَاقْتَدَى بِهِ هَذَا الْعَصْرَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ. وَمُصَلِّي رَكْعَتِي الظُّهْرِ إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يُصَلِّي الْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ يَجُوزُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَتَجُوزُ إمَامَةُ الْأَعْرَابِيِّ وَالْأَعْمَى وَالْعَبْدِ، وَوَلَدِ الزِّنَا وَالْفَاسِقِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا أَنَّهَا تُكْرَهُ. هَكَذَا فِي الْمُتُونِ. إمَامَةُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ جَائِزَةٌ إذَا نَوَى الْإِمَامُ إمَامَتَهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْخَلْوَةِ أَمَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الْخَلْوَةِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَهُنَّ أَوْ لِبَعْضِهِنَّ مُحْرِمًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ نَاقِلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمَرْأَةِ بِالرَّجُلِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إمَامَتَهَا وَكَذَا فِي الْعِيدَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيُكْرَهُ إمَامَةُ الْمَرْأَةِ لِلنِّسَاءِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا مِنْ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ إلَّا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ فَإِنْ فَعَلْنَ وَقَفَتْ الْإِمَامُ وَسَطَهُنَّ وَبِقِيَامِهَا وَسَطَهُنَّ لَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِنَّ إمَامُهُنَّ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُنَّ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَصَلَاتُهُنَّ فُرَادَى أَفْضَلُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِمَامَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ لِلنِّسَاءِ جَائِزَةٌ إنْ تَقَدَّمَهُنَّ وَإِنْ قَامَ وَسَطَهُنَّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِوُجُودِ الْمُحَاذَاةِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ رَجُلًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلِلرِّجَالِ وَلِخُنْثَى مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ. وَإِمَامَةُ الصَّبِيِّ الْمُرَاهِقِ لَصِبْيَانٍ مِثْلِهِ يَجُوزُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَى قَوْلِ أَئِمَّةِ بَلْخٍ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالصِّبْيَانِ فِي التَّرَاوِيحِ وَالسُّنَنِ الْمُطْلَقَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَتَجُوزُ صَلَاةُ الْأَخْرَسِ إذَا صَلَّى مُنْفَرِدًا وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِالْقَارِئِ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِمَامَةُ الْأُمِّيِّ قَوْمًا أُمِّيِّينَ جَائِزَةٌ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا أَمَّ أُمِّيٌّ أُمِّيًّا وَقَارِئًا فَصَلَاةُ الْجَمِيعِ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا صَلَاةُ الْقَارِئِ وَحْدَهُ، وَأَمَّا إذَا صَلَّوْا وُحْدَانًا فَقِيلَ: إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ: يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لِلْمُصَنَّفِ لَوْ افْتَتَحَ الْأُمِّيُّ ثُمَّ حَضَرَ الْقَارِئُ قِيلَ تَفْسُدُ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ لَا وَلَوْ حَضَرَ الْأُمِّيُّ عَلَى قَارِئٍ يُصَلِّي فَلَمْ يَقْتَدِ بِهِ وَصَلَّى اخْتَلَفُوا فِيهِ الْأَصَحُّ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ. الْقَارِئُ إذَا كَانَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ

أَوْ بِجِوَارِ الْمَسْجِدِ وَالْأُمِّيُّ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي وَحْدَهُ فَصَلَاةُ الْأُمِّيِّ جَائِزَةٌ بِلَا خِلَافٍ إذَا كَانَ الْقَارِئُ فِي صَلَاةٍ غَيْرِ صَلَاةِ الْأُمِّيِّ جَازَ لِلْأُمِّيِّ أَنْ يُصَلِّيَ وَحْدَهُ وَلَا يَنْتَظِرَ فَرَاغَ الْقَارِئِ بِالِاتِّفَاقِ ذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيِّ يَجِبُ أَنْ لَا يَتْرُكَ الْأُمِّيُّ اجْتِهَادَهُ فِي آنَاءِ لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ حَتَّى يَتَعَلَّمَ مِقْدَارَ مَا يَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَإِنْ قَصَّرَ لَمْ يُعْذَرْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ وَبِالْأَخْرَسِ وَكَذَا لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْأُمِّيِّ بِالْأَخْرَسِ وَالْكَاسِي بِالْعَارِي وَالْمَسْبُوقِ فِي قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِمِثْلِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا اقْتِدَاءُ اللَّاحِقِ بِاللَّاحِقِ وَالنَّازِلِ بِالرَّاكِبِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مُصَلِّي الظُّهْرِ بِمُصَلِّي الْعَصْرِ وَمُصَلِّي ظُهْرِ يَوْمِهِ بِمُصَلِّي ظُهْرِ أَمْسِهِ وَبِمُصَلِّي الْجُمُعَةِ وَكَذَا عَكْسُهُ وَلَا اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَالنَّاذِرِ بِالنَّاذِرِ إلَّا إذَا أَنْذَرَ أَحَدُهُمَا صَلَاةَ صَاحِبِهِ فَاقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَلَا اقْتِدَاءُ مَنْ أَفْسَدَ تَطَوُّعَهُ بِمَنْ أَفْسَدَ تَطَوُّعَهُ إلَّا إذَا اشْتَرَكَا فِي نَافِلَةٍ وَأَفْسَدَهَا ثُمَّ اقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْحَالِفِ بِالْحَالِفِ وَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ النَّاذِرِ بِالْحَالِفِ وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْحَالِفِ بِالنَّاذِرِ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْعَارِي إذَا أَمَّ الْعُرَاةَ وَاللَّابِسِينَ تَجُوزُ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْعَارِينَ وَلَا تَجُوزُ صَلَاةُ اللَّابِسِينَ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الصَّحِيحِ الَّذِي ثَوْبُهُ نَجِسٌ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ بِالْمُبْتَلَى بِالْحَدَثِ الدَّائِمِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يَجُوزُ إمَامَةُ الْأَلْثَغِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّكَلُّمِ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ إلَّا لِمِثْلِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى التَّكَلُّمِ بِتِلْكَ الْحُرُوفِ فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْقَوْمِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى التَّكَلُّمِ بِهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ وَمَنْ يَقِفُ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهِ وَلَا يَقِفُ فِي مَوَاضِعِهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَؤُمَّ وَكَذَا مَنْ يَتَنَحْنَحُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ كَثِيرًا، وَمَنْ كَانَ بِهِ تَمْتَمَةٌ وَهُوَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالتَّاءِ مِرَارًا أَوْ فَأْفَأَةٌ وَهُوَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْفَاءِ مِرَارًا، وَأَمَّا الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِ الْحُرُوفِ إلَّا بِالْجَهْدِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ فَإِذَا أَخْرَجَ الْحُرُوفَ أَخْرَجَهَا عَلَى الصِّحَّةِ لَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي زَلَّةِ الْقَارِئِ. الْقَارِئُ إذَا اقْتَدَى بِالْأُمِّيِّ لَا يَصِيرُ شَارِعًا حَتَّى لَوْ كَانَ فِي التَّطَوُّعِ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ هُوَ الصَّحِيحُ وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْتَهُ فِي الْقَارِئِ إذَا اقْتَدَى بِالْأُمِّيِّ ثُمَّ أَفْسَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي رَجُلٍ يَقْتَدِي بِالْمَرْأَةِ أَوْ الصَّبِيِّ أَوْ الْمُحْدِثِ أَوْ الْجُنُبِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ حَالَ الْإِمَامِ إنْ كَانَ مِثْلَ حَالِ الْمُقْتَدِي أَوْ فَوْقَهُ جَازَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ دُونَ حَالِ الْمُقْتَدِي صَحَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ أُمِّيًّا وَالْمُقْتَدِي قَارِئًا أَوْ كَانَ أَخْرَسَ وَالْمُقْتَدِي أُمِّيًّا فَلَا يَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ أَيْضًا. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ إنَّمَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْأُمِّيِّ وَالْأَخْرَسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا عَلِمَ أَنَّ خَلْفَهُ قَارِئًا أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ قَالَا وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا فَصْلَ بَيْنَ حَالَةِ الْعِلْمِ وَحَالَةِ الْجَهْلِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. رَجُلَانِ افْتَتَحَا الصَّلَاةَ مَعًا وَنَوَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لِصَاحِبِهِ فَصَلَاتُهُمَا تَامَّةٌ وَإِنْ نَوَى كُلٌّ أَنْ يَأْتَمَّ بِصَاحِبِهِ فَصَلَاتُهُمَا فَاسِدَةٌ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَا بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ وَعَلَى بَدَنِهِ تَصَاوِيرُ؛ لِأَنَّهَا مَسْتُورَةٌ بِالثِّيَابِ وَكَذَا لَوْ صَلَّى وَفِي أُصْبُعِهِ خَاتَمٌ فِيهِ صُورَةٌ صَغِيرَةٌ أَوْ صَلَّى وَمَعَهُ دَرَاهِمُ عَلَيْهَا تَمَاثِيلُ؛ لِأَنَّهَا صَغِيرَةٌ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ وَلَا يَؤُمُّ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ وَيَؤُمُّ أَهْلَ مَحَلَّةٍ أُخْرَى فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ إلَى تِلْكَ الْمَحَلَّةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَلَوْ ذَهَبَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْفَاسِقُ إذَا كَانَ يَؤُمُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعَجَزَ الْقَوْمُ عَنْ مَنْعِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يُقْتَدَى بِهِ فِي الْجُمُعَةِ وَلَا تُتْرَكُ الْجُمُعَةُ بِإِمَامَتِهِ وَفِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ يَجُوزُ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَلَا يَأْتَمَّ بِهِ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ

الفصل الرابع في بيان ما يمنع صحة الاقتداء وما لا يمنع

أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ إنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِفَسَادٍ فِيهِ أَوْ لِأَنَّهُمْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ لَا يُكْرَهُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكُرِهَ تَطْوِيلُ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يُطَوِّلَ بِهِمْ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْقَدْرِ الْمَسْنُونِ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُرَاعِيَ حَالَ الْجَمَاعَةِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا شَهْرًا ثُمَّ قَالَ: كُنْت مَجُوسِيًّا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ وَيُضْرَبُ ضَرْبًا شَدِيدًا وَكَذَا لَوْ قَالَ: صَلَّيْت بِكُمْ الْمُدَّةَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَهُوَ مَاجِنٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَاحْتُمِلَ أَنَّهُ قَالَ عَلَى وَجْهِ التَّوَرُّعِ وَالِاحْتِيَاطِ أَعَادُوا صَلَاتَهُمْ وَكَذَا إذَا قَالَ كَانَ فِي ثَوْبِي قَذَرٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا إذَا بَانَ أَنَّ الْإِمَامَ كَافِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ خُنْثَى أَوْ أُمِّيٌّ أَوْ صَلَّى بِغَيْرِ إحْرَامٍ أَوْ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ وَمَا لَا يَمْنَعُ] الْمَانِعُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ. (مِنْهَا) طَرِيقٌ عَامٌ يَمُرُّ فِيهِ الْعَجَلَةُ وَالْأَوْقَارُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إذَا كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ الْمُقْتَدِي طَرِيقٌ إنْ كَانَ ضَيِّقًا لَا يَمُرُّ فِيهِ الْعَجَلَةُ وَالْأَوْقَارُ لَا يَمْنَعُ وَإِنْ كَانَ وَاسِعًا يَمُرُّ فِيهِ الْعَجَلَةُ وَالْأَوْقَارُ يَمْنَعُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً عَلَى الطَّرِيقِ أَمَّا إذَا اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ وَلَوْ كَانَ عَلَى الطَّرِيقِ وَاحِدٌ لَا يَثْبُتُ بِهِ الِاتِّصَالُ بِالثَّلَاثِ يَثْبُتُ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْمَثْنَى خِلَافٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَامَ الْإِمَامُ فِي الطَّرِيقِ وَاصْطَفَّ النَّاسُ خَلْفَهُ فِي الطَّرِيقِ عَلَى طُولِ الطَّرِيقِ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ مَنْ خَلْفَهُ فِي الطَّرِيقِ مِقْدَارُ مَا يَمُرُّ فِيهِ الْعَجَلَةُ جَازَتْ صَلَاتُهُمْ وَكَذَا فِيمَا بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمَانِعُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ فِي الْفَلَوَاتِ قَدْرُ مَا يَسَعُ فِيهِ صَفَّيْنِ وَفِي مُصَلَّى الْعِيدِ الْفَاصِلُ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ وَإِنْ كَانَ يَسَعُ فِيهِ الصَّفَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَفِي الْمُتَّخَذِ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَفِي النَّوَازِلِ جَعَلَهُ كَالْمَسْجِدِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِنْهَا نَهْرٌ عَظِيمٌ) لَا يُمْكِنُ الْعُبُورُ عَنْهُ إلَّا بِالْعِلَاجِ كَالْقَنْطَرَةِ وَغَيْرِهَا. هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ نَهْرٌ كَبِيرٌ يَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ وَالزَّوَارِقُ يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا تَجْرِي فِيهِ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ هُوَ الْمُخْتَارُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَ عَلَى النَّهْرِ جِسْرٌ وَعَلَيْهِ صُفُوفٌ مُتَّصِلَةٌ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ لِمَنْ كَانَ خَلْفَ النَّهْرِ وَلِلثَّلَاثَةِ حُكْمُ الصَّفِّ بِالْإِجْمَاعِ وَلَيْسَ لِلْوَاحِدِ حُكْمُ الصَّفِّ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْمَثْنَى اخْتِلَافٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي الطَّرِيقِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا بِرْكَةٌ أَوْ حَوْضٌ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي جَانِبٍ يَتَنَجَّسُ الْجَانِبُ الْآخَرُ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَنَجَّسُ يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ (وَمِنْهَا صَفٌّ تَامٌّ مِنْ النِّسَاءِ) . هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إذَا كَانَ صَفٌّ تَامٌّ مِنْ النِّسَاءِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَوَرَاءَهُنَّ صُفُوفٌ مِنْ الرِّجَالِ فَسَدَتْ صَلَاةُ تِلْكَ الصُّفُوفِ كُلِّهَا اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَوْمٌ صَلَّوْا عَلَى ظَهْرِ ظُلَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَتَحْتَهُمْ قُدَّامَهُمْ نِسَاءٌ أَوْ طَرِيقٌ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُمْ فَإِنْ كُنَّ ثَلَاثًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَفْسُدُ صَلَاةُ ثَلَاثَةٍ مِنْ الرِّجَالِ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ وَتَجُوزُ صَلَاةُ الْبَاقِينَ وَإِنْ كُنَّ صَفًّا وَاحِدًا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ الَّذِينَ فَوْقَ الظُّلَّةِ بِحِذَائِهِمْ مِنْ تَحْتِهِمْ نِسَاءٌ جَازَتْ صَلَاةُ مَنْ كَانَ عَلَى الظُّلَّةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَسَائِلِ الشَّكِّ. وَفِي فَوَائِدِ الشَّيْخِ الزَّاهِدِ أَبِي الْحَسَنِ الرُّسْتُفْغَنِيِّ إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ رَفٌّ وَعَلَى الرَّفِّ صَفٌّ مِنْ النِّسَاءِ اقْتَدَيْنَ بِالْإِمَامِ وَتَحْتَ الرَّفِّ صُفُوفٌ مِنْ الرِّجَالِ هَلْ تَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ وَقَفَ خَلْفَ النِّسَاءِ قَالَ لَا تَفْسُدُ. إمَامٌ يُصَلِّي بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَصَفُّ النِّسَاءِ بِحِذَاءِ صَفِّ الرِّجَالِ تَفْسُدُ صَلَاةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ الَّذِي بَيْنَ

الفصل الخامس في بيان مقام الإمام والمأموم

الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَصَارَ ذَلِكَ كَسُتْرَةٍ أَوْ حَائِطٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُنَّ أَلَا يُرَى لَوْ كَانَ بَيْنَ صَفِّ النِّسَاءِ وَصَفِّ الرِّجَالِ سُتْرَةٌ قَدْرَ مُؤَخَّرِ الرِّجْلِ كَانَ ذَلِكَ سُتْرَةً لِلرِّجَالِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمْ حَائِطٌ قَدْرَ الذِّرَاعِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ سُتْرَةً فَإِنْ كَانَتْ النِّسَاءُ مِنْ فَوْقِ ذَلِكَ الْحَائِطِ الَّذِي هُوَ قَدْرُ الذِّرَاعِ فَلَيْسَ بِسُتْرَةٍ وَإِنْ كَانَ قَدْرَ قَامَةٍ فَهُوَ سُتْرَةٌ لِمَنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الرِّجَالِ وَلَا يَكُونُ سُتْرَةً لِمَنْ كَانَ عَلَى الْحَائِطِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ إنْ كَانَ كَبِيرًا يَمْنَعُ الْمُقْتَدِي الْوُصُولَ إلَى الْإِمَامِ لَوْ قَصَدَ الْوُصُولَ إلَيْهِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ أَوْ لَمْ يَشْتَبِهْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَيَصِحُّ إنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَمْنَعُ أَوْ كَبِيرًا وَلَهُ ثُقْبٌ لَا يَمْنَعُ الْوُصُولَ وَكَذَا إذَا كَانَ الثُّقْبُ صَغِيرًا يَمْنَعُ الْوُصُولَ إلَيْهِ لَكِنْ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ سَمَاعًا أَوْ رُؤْيَةً هُوَ الصَّحِيحُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْحَائِطُ صَغِيرًا يَمْنَعُ وَلَكِنْ لَا يُخْفِي حَالَ الْإِمَامِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ بَابٌ مَسْدُودٌ قِيلَ: لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ الْوُصُولِ وَقِيلَ: يَصِحُّ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْبَابِ لِلْوُصُولِ فَيَكُونُ الْمَسْدُودُ كَالْمَفْتُوحِ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمَسْجِدُ وَإِنْ كَبُرَ لَا يَمْنَعُ الْفَاصِلُ فِيهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي أَقْصَى الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ فِي الْمِحْرَابِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنْ قَامَ عَلَى سَطْحِ دَارِهِ الْمُتَّصِلِ بِالْمَسْجِدِ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى رَأْسِ حَائِطِ الْمَسْجِدِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ قَامَ عَلَى الْجِدَارِ الَّذِي بَيْنَ دَارِهِ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ وَلَا يَشْتَبِهُ حَالُ الْإِمَامِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ وَلَوْ قَامَ عَلَى دُكَّانٍ خَارِجَ الْمَسْجِدِ مُتَّصِلٍ بِالْمَسْجِدِ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ لَكِنْ بِشَرْطِ اتِّصَالِ الصُّفُوفِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ جَارِ الْمَسْجِدِ بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ طَرِيقٌ عَامٌّ وَإِنْ كَانَ طَرِيقٌ عَامٌّ وَلَكِنْ سَدَّتْهُ الصُّفُوفُ جَازَ الِاقْتِدَاءُ لِمَنْ فِي بَيْتِهِ بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. وَلَوْ قَامَ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَاقْتَدَى بِإِمَامٍ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ لِلسَّطْحِ بَابٌ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ لَا يَصِحُّ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَابٌ فِي الْمَسْجِدِ لَكِنْ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ أَيْضًا وَكَذَا لَوْ قَامَ فِي الْمِئْذَنَةِ مُقْتَدِيًا بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ مَقَامِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ] (الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ مَقَامِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ) إذَا كَانَ مَعَ الْإِمَامِ رَجُلٌ وَاحِدٌ أَوْ صَبِيٌّ يَعْقِلُ الصَّلَاةَ قَامَ عَنْ يَمِينِهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْإِمَامِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى يَسَارِهِ جَازَ وَقَدْ أَسَاءَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ وَقَفَ خَلْفَهُ جَازَ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ الْكَرَاهِيَةَ نَصًّا وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ هُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا كَانَ مَعَهُ اثْنَانِ قَامَا خَلْفَهُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا وَإِنْ كَانَ مَعَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ أَقَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ وَإِنْ كَانَ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ أَقَامَ الرَّجُلَيْنِ خَلْفَهُ وَالْمَرْأَةُ وَرَاءَهُمَا وَإِنْ كَانَ مَعَهُ رَجُلَانِ وَقَامَ الْإِمَامُ وَسَطَهُمَا فَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ. رَجُلَانِ صَلَّيَا فِي الصَّحْرَاءِ وَائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَقَامَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ فَجَاءَ ثَالِثٌ وَجَذَبَ الْمُؤْتَمَّ إلَى نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ لِلِافْتِتَاحِ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ طَرْخَالَ أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمُؤْتَمِّ جَذَبَهُ الثَّالِثُ إلَى نَفْسِهِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ أَوْ بَعْدَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلَانِ أَمَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَجَاءَ ثَالِثٌ وَدَخَلَ فِي صَلَاتِهِمَا فَتَقَدَّمَ حَتَّى جَاوَزَ مَوْضِعُ سُجُودِهِ مِقْدَارَ مَا يَكُونُ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ الْإِمَامِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ جَاوَزَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اجْتَمَعَ

الرِّجَالُ وَالصِّبْيَانُ وَالْخَنَاثَى وَالْإِنَاثُ وَالصَّبِيَّاتُ الْمُرَاهِقَاتُ يَقُومُ الرِّجَالُ أَقْصَى مَا يَلِي الْإِمَامَ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْخَنَاثَى ثُمَّ الْإِنَاثُ ثُمَّ الصَّبِيَّاتُ الْمُرَاهِقَاتُ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَكُرِهَ لَهُنَّ حُضُورُ الْجَمَاعَةِ إلَّا لِلْعَجُوزِ فِي الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالْفَتْوَى الْيَوْمُ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ لِظُهُورِ الْفَسَادِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيَنْبَغِي لِلْقَوْمِ إذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ أَنْ يَتَرَاصُّوا وَيَسُدُّوا الْخَلَلَ وَيُسَوُّوا بَيْنَ مَنَاكِبِهِمْ فِي الصُّفُوفِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْإِمَامُ بِذَلِكَ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ بِإِزَاءِ الْوَسَطِ فَإِنْ وَقَفَ فِي مَيْمَنَةِ الْوَسَطِ أَوْ فِي مَيْسَرَتِهِ فَقَدْ أَسَاءَ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِحِذَاءِ الْإِمَامِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْقِيَامُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِنْ الثَّانِي وَفِي الثَّانِي أَفْضَلُ مِنْ الثَّالِثِ وَإِنْ وَجَدَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فُرْجَةً دُونَ الصَّفِّ الثَّانِي يَخْرِقُ الصَّفَّ الثَّانِيَ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَأَفْضَلُ مَكَانِ الْمَأْمُومِ حَيْثُ يَكُونُ أَقْرَبَ إلَى الْإِمَامِ فَإِنْ تَسَاوَتْ الْمَوَاضِعُ فَفِي يَمِينِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُحَاذَاةُ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ مُفْسِدَةٌ لِصَلَاتِهِ وَلَهَا شَرَائِطُ: (مِنْهَا) أَنْ تَكُونَ الْمُحَاذِيَةُ مُشْتَهَاةً تَصْلُحُ لِلْجِمَاعِ وَلَا عِبْرَةَ لِلسِّنِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ صَبِيَّةً لَا تُشْتَهَى وَهِيَ تَعْقِلُ الصَّلَاةَ فَحَاذَتْ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْكَافِي. (وَمِنْهَا) أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ مُطْلَقَةً وَهِيَ الَّتِي لَهَا رُكُوعٌ وَسُجُودٌ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّيَانِ بِالْإِيمَاءِ. (وَمِنْهَا) أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ مُشْتَرَكَةً تَحْرِيمَةً وَأَدَاءً وَنَعْنِي بِالشَّرِكَةِ تَحْرِيمَةً أَنْ يَكُونَا بَانِيَيْنِ تَحْرِيمَتَهُمَا عَلَى تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ حَقِيقَةً وَنَعْنِي بِالشَّرِكَةِ أَدَاءً أَنْ يَكُونَ لَهُمَا إمَامٌ فِيمَا يُؤَدِّيَانِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا فَالْمُدْرِكُ بَانٍ تَحْرِيمَتَهُ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ وَبَانٍ أَدَاءَهُ عَلَى أَدَائِهِ حَقِيقَةً وَاللَّاحِقُ بَانٍ تَحْرِيمَتَهُ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ حَقِيقَةً وَبَانٍ أَدَاءَهُ فِيمَا يَقْضِيهِ عَلَى أَدَاءِ الْإِمَامِ تَقْدِيرًا وَالْمَسْبُوقُ بَانٍ فِي حَقِّ التَّحْرِيمَةِ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِيهِ فَلَوْ حَاذَتْ الرَّجُلَ الْمَرْأَةُ فِيمَا يَقْضِيَانِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَا فِي مَكَان وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الرَّجُلُ عَلَى الدُّكَّانِ وَالْمَرْأَةُ عَلَى الْأَرْضِ وَالدُّكَّانُ مِثْلُ قَامَةِ الرَّجُلِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَا بِلَا حَائِلٍ حَتَّى لَوْ كَانَا فِي مَكَان مُتَّحِدٍ بِأَنْ كَانَا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى الدُّكَّانِ إلَّا أَنَّ بَيْنَهُمَا أُسْطُوَانَةً لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَأَدْنَى الْحَائِلِ قَدْرُ مُؤَخَّرِ الرَّحْلِ وَغِلَظُهُ غِلَظُ الْأُصْبُعِ وَالْفُرْجَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْحَائِلِ وَأَدْنَاهُ قَدْرُ مَا يَقُومُ فِيهِ الرَّجُلُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَمِنْهَا) أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ تَصِحُّ مِنْهَا الصَّلَاةُ حَتَّى أَنَّ الْمَجْنُونَةَ إذَا حَاذَتْهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَذَا فِي الْكَافِي. (وَمِنْهَا) أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامُ إمَامَتَهَا أَوْ إمَامَةَ النِّسَاءِ وَقْتَ الشُّرُوعِ لَا بَعْدَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ النِّسَاءِ لِصِحَّةِ نِيَّتِهِنَّ. (وَمِنْهَا) أَنْ تَكُونَ الْمُحَاذَاةُ فِي رُكْنٍ كَامِلٍ حَتَّى لَوْ كَبَّرَتْ فِي صَفٍّ وَرَكَعَتْ فِي آخَرَ وَسَجَدَتْ فِي ثَالِثٍ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ عَنْ يَمِينِهَا وَيَسَارِهَا وَخَلْفَهَا مِنْ كُلِّ صَفٍّ. (وَمِنْهَا) أَنْ تَكُونَ جِهَتُهُمَا مُتَّحِدَةً حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَتْ لَا تَفْسُدُ وَلَا يُصَوَّرُ اخْتِلَافُ الْجِهَةِ إلَّا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ أَوْ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَصَلَّى كُلٌّ بِالتَّحَرِّي إلَى جِهَةٍ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُحَاذَاةِ السَّاقُ وَالْكَعْبُ عَلَى الصَّحِيحِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمَرْأَةُ تَتَنَاوَلُ الْأَجْنَبِيَّةَ وَالْمُحَرَّمَةَ وَالْحَلِيلَةَ وَالصَّغِيرَةَ وَالْمُشْتَهَاةَ وَالْكَبِيرَةَ الَّتِي يَنْفِرُ عَنْهَا الرِّجَالُ. هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ ثُمَّ الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ تُفْسِدُ صَلَاةَ ثَلَاثَةٍ وَاحِدٍ عَنْ يَمِينِهَا وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهَا وَآخَرَ خَلْفَهَا وَلَا تُفْسِدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْمَرْأَتَانِ صَلَاةَ أَرْبَعَةٍ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِهِمَا وَآخَرُ عَنْ يَسَارِهِمَا وَاثْنَانِ خَلْفَهُمَا بِحِذَائِهِمَا وَإِنْ كُنَّ ثَلَاثًا أَفْسَدَتْ صَلَاةَ وَاحِدٍ عَنْ يَمِينِهِنَّ وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهِنَّ وَثَلَاثَةً خَلْفَهُنَّ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ وَهَذَا جَوَابُ الظَّاهِرِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ

الفصل السادس فيما يتابع الإمام وفيما لا يتابعه

وَمُحَاذَاةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ لَا تُفْسِدُ صَلَاتَهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي فَصْلِ بَيَانِ مَقَامِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ. [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِيمَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ وَفِيمَا لَا يُتَابِعُهُ] (الْفَصْلُ السَّادِسُ فِيمَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ وَفِيمَا لَا يُتَابِعُهُ) إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ وَقَامَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمُقْتَدِي أَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمُقْتَدِي التَّشَهُّدَ فَالْمُخْتَارُ أَنْ يُتِمَّ التَّشَهُّدَ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ أَجْزَأَهُ. وَلَوْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْمُقْتَدِي مِنْ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ التَّشَهُّدَ كَمَا لَوْ سَلَّمَ. وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ عَمْدًا قَبْلَ فَرَاغِ الْمُقْتَدِي مِنْ التَّشَهُّدِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ الْإِمَامُ إذَا تَشَهَّدَ وَقَامَ مِنْ الْقَعْدَةِ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ فَنَسِيَ بَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ التَّشَهُّدَ حَتَّى قَامُوا جَمِيعًا فَعَلَى مَنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ أَنْ يَعُودَ وَيَتَشَهَّدَ ثُمَّ يَتْبَعَ إمَامَهُ وَإِنْ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْمُقْتَدِي مِنْ الدُّعَاءِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ. وَلَوْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يُسَبِّحَ الْمُقْتَدِي ثَلَاثًا الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتَابِعُ الْإِمَامَ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا رَفَعَ الْمُقْتَدِي رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ قَبْلَ الْإِمَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ وَلَا يَصِيرُ رُكُوعَيْنِ وَسُجُودَيْنِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَطَالَ الْإِمَامُ السُّجُودَ فَرَفَعَ الْمُقْتَدِي رَأْسَهُ بِظَنِّ أَنَّهُ سَجَدَ ثَانِيًا فَسَجَدَ مَعَهُ إنْ نَوَى الْأُولَى أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ تَكُونُ عَنْ الْأُولَى وَكَذَا إنْ نَوَى الثَّانِيَةَ وَالْمُتَابَعَةَ وَإِنْ نَوَى الثَّانِيَةَ لَا غَيْرُ كَانَتْ عَنْ الثَّانِيَةِ فَإِنْ شَارَكَهُ الْإِمَامُ فِيهَا جَازَ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ رَفَعَ الْمُقْتَدِي رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَضَعَ الْإِمَامُ جَبْهَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ وَكَانَ عَلَيْهِ إعَادَةُ تِلْكَ السَّجْدَةِ وَلَوْ لَمْ يُعِدْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَطَالَ الْمُؤْتَمُّ السُّجُودَ فَسَجَدَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ فَرَفَعَ الْمُؤْتَمُّ رَأْسَهُ وَظَنَّ أَنَّ الْإِمَامَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى فَسَجَدَ ثَانِيًا يَكُونُ عَنْ الثَّانِيَةِ وَإِنْ نَوَى الْأُولَى لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تُصَادِفْ مَحِلَّهَا لَا بِاعْتِبَارِ فِعْلِهِ وَلَا بِاعْتِبَارِ فِعْلِ الْإِمَامِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (خَمْسَةُ أَشْيَاءَ إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ تَرَكَ الْمُقْتَدِي أَيْضًا وَتَابَعَ) تَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ، وَالْقَعْدَةُ الْأُولَى، وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ، وَالسَّهْوُ، وَالْقُنُوتُ إذَا خَافَ فَوْتَ الرُّكُوعِ. هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ يَقْنُتُ ثُمَّ يَرْكَعُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَأَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ إذَا تَعَمَّدَ الْإِمَامُ لَا يُتَابِعُهُ الْمُقْتَدِي) زَادَ فِي صَلَاتِهِ سَجْدَةً عَمْدًا، أَوْ زَادَ عَلَى أَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، أَوْ كَبَّرَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خَمْسًا، أَوْ قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ سَاهِيًا. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ وَعَادَ وَسَلَّمَ سَلَّمَ الْمُقْتَدِي مَعَهُ وَإِنْ قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ سَلَّمَ الْمُقْتَدِي وَلَوْ لَمْ يَقْعُدْ الْإِمَامُ عَلَى الرَّابِعَةِ وَقَامَ إلَى الْخَامِسَةِ سَاهِيًا وَتَشَهَّدَ الْمُقْتَدِي وَسَلَّمَ ثُمَّ قَيَّدَ الْإِمَامُ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَتِسْعَةُ أَشْيَاءَ إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ أَتَى بِهَا الْمُؤْتَمُّ) تَرْكُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّحْرِيمَةِ، أَوْ الثَّنَاءِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْفَاتِحَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السُّورَةِ لَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلثَّانِي وَتَرْكِ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ التَّسْبِيحِ فِيهِمَا أَوْ التَّسْمِيعِ أَوْ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ أَوْ تَرْكِ السَّلَامِ أَوْ تَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ أَتَى بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَبْلَ الْإِمَامِ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا قَضَى رَكْعَةً بِلَا قِرَاءَةٍ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا سَجَدَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَأَدْرَكَهُ الْإِمَامُ فِيهَا جَازَ وَلَكِنْ يُكْرَهُ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ. [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْمَسْبُوقِ وَاللَّاحِقِ] (الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْمَسْبُوقِ وَاللَّاحِقِ) الْمَسْبُوقُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ وَلَهُ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (مِنْهَا) أَنَّهُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا لَا يَأْتِي بِالثَّنَاءِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا

أَوْ لَا يَسْمَعُ لِصَمَمِهِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِذَا قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ يَأْتِي بِالثَّنَاءِ وَيَتَعَوَّذُ لِلْقِرَاءَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ يَأْتِي بِهِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَسْكُتُ الْمُؤْتَمُّ عَنْ الثَّنَاءِ إذَا جَهَرَ الْإِمَامُ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي فَصْلِ مَا يَفْعَلُهُ الْمُصَلِّي فِي صَلَاتِهِ. وَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ يَتَحَرَّى إنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ أَدْرَكَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ يَأْتِي بِهِ قَائِمًا وَأَلَّا يُتَابِعَ الْإِمَامَ وَلَا يَأْتِي بِهِ وَإِذَا لَمْ يُدْرِكْ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ لَا يَأْتِي بِهِمَا وَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقَعْدَةِ لَا يَأْتِي بِالثَّنَاءِ بَلْ يُكَبِّرُ لِلِافْتِتَاحِ ثُمَّ لِلِانْحِطَاطِ ثُمَّ يَقْعُدُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ. (وَمِنْهَا) أَنَّهُ يُصَلِّي أَوَّلًا مَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يَقْضِي مَا سَبَقَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا بَدَأَ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ قِيلَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَالْأَظْهَرُ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَمِنْهَا) أَنَّهُ يَقُومُ قَبْلَ السَّلَامِ بَعْدَ قَدْرِ التَّشَهُّدِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ إذَا خَافَ الْمَسْبُوقُ الْمَاسِحُ زَوَالَ مُدَّتِهِ أَوْ صَاحِبُ الْعُذْرِ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ أَوْ خَافَ الْمَسْبُوقُ فِي الْجُمُعَةِ دُخُولَ وَقْتِ الْعَصْرِ أَوْ دُخُولَ وَقْتِ الظُّهْرِ فِي الْعِيدَيْنِ أَوْ فِي الْفَجْرِ طُلُوعَ الشَّمْسِ أَوْ خَافَ أَنْ يَسْبِقَهُ الْحَدَثُ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ فَرَاغَ الْإِمَامِ وَلَا سُجُودَ السَّهْوِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ يُتَابِعُ وَكَذَا إذَا خَافَ الْمَسْبُوقُ أَنْ يَمُرَّ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَوْ انْتَظَرَ سَلَامَ الْإِمَامِ قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ قَبْلَ فَرَاغِهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ قَامَ فِي غَيْرِهَا بَعْدَ قَدْرِ التَّشَهُّدِ صَحَّ وَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنْ قَامَ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لَمْ يَجُزْ. وَلَوْ فَرَغَ الْمَسْبُوقُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَتَابَعَ الْإِمَامَ فِي السَّلَامِ قِيلَ: تَفْسُدُ، وَقِيلَ: لَا تَفْسُدُ وَبِهِ يُفْتَى. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَمِنْهَا) أَنَّهُ لَا يَقُومُ إلَى الْقَضَاءِ بَعْدَ التَّسْلِيمَتَيْنِ بَلْ يَنْتَظِرُ فَرَاغَ الْإِمَامِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيَمْكُثُ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ إلَى تَطَوُّعِهِ إنْ كَانَ صَلَاةٌ بَعْدَهَا تَطَوَّعَ أَوْ يَسْتَدْبِرُ الْمِحْرَابَ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ يَنْتَقِلُ عَنْ مَوْضِعِهِ أَوْ يَمْضِي مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ سَهْوٌ لَسَجَدَ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ. (وَمِنْهَا) أَنَّ الْمَسْبُوقَ بِبَعْضِ الرَّكَعَاتِ يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَإِذَا أَتَمَّ التَّشَهُّدَ لَا يَشْتَغِلُ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ الدَّعَوَاتِ ثُمَّ مَاذَا يَفْعَلُ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَعَنْ ابْنِ شُجَاعٍ أَنَّهُ يُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ أَيْ قَوْلَهُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَتَرَسَّلُ فِي التَّشَهُّدِ حَتَّى يَفْرُغَ عِنْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَمِنْهَا) أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ سَاهِيًا أَوْ قَبْلَهُ لَا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَهُ لَزِمَهُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَإِنْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى ظَنِّ أَنَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ مَعَ الْإِمَامِ فَهُوَ عَمْدٌ فَتَفْسُدُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ نَاسِيًا فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ مُفْسِدٌ فَكَبَّرَ وَنَوَى الِاسْتِقْبَالَ يَصِيرُ خَارِجًا بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ إذَا شَكَّ فَكَبَّرَ يَنْوِي الِاسْتِقْبَالَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا) أَنَّهُ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ وَآخِرَهَا فِي حَقِّ التَّشَهُّدِ حَتَّى لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ قَضَى رَكْعَتَيْنِ وَفَصَلَ بِقَعْدَةٍ فَيَكُونُ بِثَلَاثِ قَعَدَاتٍ وَقَرَأَ فِي كُلٍّ فَاتِحَةً وَسُورَةً وَلَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي إحْدَاهُمَا تَفْسُدُ. وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ رَكْعَةً يَقْرَأُ فِيهَا الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ وَيَتَشَهَّدُ وَيَقْضِي رَكْعَةً أُخْرَى كَذَلِكَ وَلَا يَتَشَهَّدُ وَفِي الثَّالِثَةِ بِالْخِيَارِ وَالْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ قَضَى رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ وَلَوْ تَرَكَ فِي إحْدَاهُمَا فَسَدَتْ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَقْضِي قِرَاءَةً تَرَكَهَا فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي فَأَدْرَكَهُ فِيهِ وَاقْتَدَى بِهِ يَأْتِي بِالْقِرَاءَةِ فِيمَا

يَقْضِي حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا فِيهِ تَفْسُدُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. (وَمِنْهَا) أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِي (إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ) : (إحْدَاهَا) أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقْتِدَاؤُهُ وَلَا الِاقْتِدَاءُ بِهِ فَلَوْ اقْتَدَى مَسْبُوقٌ بِمَسْبُوقٍ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي قَرَأَ أَوْ لَمْ يَقْرَأْ دُونَ الْإِمَامِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ نَسِيَ أَحَدُ الْمَسْبُوقَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ كَمِّيَّةَ مَا عَلَيْهِ فَقَضَى مُلَاحِظًا لِلْآخَرِ بِلَا اقْتِدَاءٍ بِهِ صَحَّ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ ظَنَّ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سَهْوًا فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ فَتَابَعَهُ الْمَسْبُوقُ فِيهِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَهْوٌ فَأَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ صَلَاةَ الْمَسْبُوقِ تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ اقْتَدَى فِي مَوْضِعِ الِانْفِرَادِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: فِي زَمَانِنَا لَا تَفْسُدُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِهِمْ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ هُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ يُفْتِي أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى الْخَامِسَةِ فَتَابَعَهُ الْمَسْبُوقُ إنْ قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ لَمْ تَفْسُدْ حَتَّى يُقَيِّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ فَإِذَا قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (ثَانِيهَا) أَنَّهُ لَوْ كَبَّرَ نَاوِيًا لِلِاسْتِئْنَافِ يَصِيرُ مُسْتَأْنِفًا قَاطِعًا لِلْأُولَى بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ. (ثَالِثُهَا) أَنَّهُ لَوْ قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِهِ وَعَلَى الْإِمَامِ سَجْدَتَا سَهْوٍ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ فَيَسْجُدَ مَعَهُ مَا لَمْ يُقَيِّدْ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَةٍ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ حَتَّى سَجَدَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ لَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ لِسَهْوِ غَيْرِهِ. (رَابِعُهَا) أَنَّهُ يَأْتِي بِتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَمِنْهَا) أَنَّهُ يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي السَّهْوِ وَلَا يُتَابِعُهُ فِي التَّسْلِيمِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّلْبِيَةِ فَإِنْ تَابَعَهُ فِي التَّسْلِيمِ وَالتَّلْبِيَةِ فَسَدَتْ وَإِنْ تَابَعَهُ فِي التَّكْبِيرِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَسْبُوقٌ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْمُرَادُ مِنْ التَّكْبِيرِ تَكْبِيرُ التَّشْرِيقِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَمِنْهَا) أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ تَذَكَّرَ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ وَعَادَ إلَى قَضَائِهَا إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْمَسْبُوقُ رَكْعَتَهُ بِسَجْدَةٍ يُرْفَضُ ذَلِكَ وَيُتَابِعُ فِيهَا وَيَسْجُدُ مَعَهُ لِلسَّهْوِ ثُمَّ يَقُومُ إلَى الْقَضَاءِ وَلَوْ لَمْ يُعِدْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ تَابَعَهُ بَعْدَ تَقْيِيدِهَا بِالسَّجْدَةِ فِيهَا فَسَدَتْ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ فَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْأَصْلِ تَفْسُدُ أَيْضًا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الطَّحَاوِيِّ وَالْمُضْمَرَاتِ وَشَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَعُدْ إلَى سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فَصَلَاةُ الْمَسْبُوقِ تَامَّةٌ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً وَعَادَ إلَيْهَا يُتَابِعُهُ وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ فَسَدَتْ وَإِنْ قَيَّدَ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ تَفْسُدُ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا عَادَ أَوْ لَمْ يَعُدْ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا اقْتَدَى فِي مَوْضِعِ الِانْفِرَادِ أَوْ انْفَرَدَ فِي مَوْضِعِ الِاقْتِدَاءِ تَفْسُدُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ اللَّاحِقُ وَهُوَ الَّذِي أَدْرَكَ أَوَّلَهَا وَفَاتَهُ الْبَاقِي لِنَوْمٍ أَوْ حَدَثٍ أَوْ بَقِيَ قَائِمًا لِلزِّحَامِ أَوْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ لَا يَقْرَأُ وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ لِلسَّهْوِ لَا يُتَابِعُهُ اللَّاحِقُ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اللَّاحِقُ إذَا عَادَ بَعْدَ الْوُضُوءِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ أَوَّلًا بِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ يَقُومُ مِقْدَارَ قِيَامِ الْإِمَامِ وَرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَلَوْ زَادَ أَوْ نَقَصَ فَلَا يَضُرُّهُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِذَا كَبَّرَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ نَامَ حَتَّى صَلَّى الْإِمَامُ رَكْعَةً ثُمَّ انْتَبَهَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَلَكِنْ يُتَابِعُ الْإِمَامَ أَوَّلًا ثُمَّ قَضَى مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْإِمَامِ جَازَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا. هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. الْمُسَافِرُ اللَّاحِقُ إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ فِي حَالِ أَدَاءِ مَا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ أَحْدَثَ فَدَخَلَ مِصْرَهُ يُتِمُّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِينَ خِلَافًا لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

الباب السادس في الحدث في الصلاة

هَذَا إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَفْرُغْ بَعْدُ يُصَلِّي أَرْبَعًا بِالِاتِّفَاقِ. كَذَا فِي الْمُصَفَّى. وَالْإِمَامُ إذَا تَرَكَ الْقَعْدَةَ الْأُولَى فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ نَاسِيًا وَخَلَفَهُ لَاحِقٌ بِأَنْ نَامَ فَانْتَبَهَ أَوْ سَبَقَهُ حَدَثٌ فَذَهَبَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ وَقَدْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِرَكَعَاتٍ لَا يَقْعُدُ فِي مَوْضِعِ الْقُعُودِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ. هَكَذَا فِي الْحَصْرِ (الْمَسْبُوقُ يُخَالِفُ اللَّاحِقَ فِي الْقَضَاءِ فِي سِتَّةِ أَشْيَاءَ) فِي مُحَاذَاةِ الْمَرْأَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالسَّهْوِ وَالْقَعْدَةِ الْأُولَى إذَا تَرَكَهَا الْإِمَامُ وَفِي ضَحِكِ الْإِمَامِ فِي مَوْضِعِ السَّلَامِ وَفِي نِيَّةِ الْإِمَامِ الْإِقَامَةَ إذَا قَيَّدَ الْمَسْبُوقُ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ سُبِقَ بِرَكْعَةٍ فِي صَلَاةٍ هِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَنَامَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ ثُمَّ انْتَبَهَ يَأْتِي بِمَا عَلَيْهِ فِي حَالِ نَوْمِهِ وَلَا يَقْرَأُ فِيهَا ثُمَّ يَقْعُدُ مُتَابَعَةً لِلْإِمَامِ ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي رَكْعَةً بِقِرَاءَةٍ وَيَقْعُدُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ. وَلَوْ نَامَ فِي رَكْعَتَيْنِ وَشَكَّ فِي رَكْعَةٍ هَلْ أَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ يَأْتِي بِالرَّكْعَةِ الَّتِي هُوَ شَاكٌّ فِيهَا فِي آخِرِ الصَّلَاةِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ أَوْ بَيْنَ الْقَوْمِ) لَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ فَقَالَ الْقَوْمُ: صَلَّيْت ثَلَاثًا وَقَالَ الْإِمَامُ: صَلَّيْت أَرْبَعًا إنْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَى الْيَقِينِ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ بِقَوْلِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى يَقِينٍ يُعِيدُ الصَّلَاةَ بِقَوْلِهِمْ. وَلَوْ اخْتَلَفَ الْقَوْمُ قَالَ بَعْضُهُمْ: صَلَّى ثَلَاثًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صَلَّى أَرْبَعًا وَالْإِمَامُ مَعَ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَاحِدٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْإِمَامِ وَاحِدٌ وَأَعَادَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ وَأَعَادَ الْقَوْمُ مَعَهُ مُقْتَدِينَ بِهِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُمْ بِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اسْتَيْقَنَ وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْمِ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا وَاسْتَيْقَنَ وَاحِدٌ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا وَالْإِمَامُ وَالْقَوْمُ فِي شَكٍّ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ شَيْءٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ الْإِعَادَةُ وَعَلَى الْمُتَيَقِّنِ بِالنُّقْصَانِ الْإِعَادَةُ. وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا وَوَاحِدٌ اسْتَيْقَنَ بِالتَّمَامِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ بِالْقَوْمِ وَلَا إعَادَةَ عَلَى الَّذِي تَيَقَّنَ بِالتَّمَامِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَيْقَنَ وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْمِ بِالنُّقْصَانِ وَشَكَّ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ أَعَادُوهَا احْتِيَاطًا وَإِنْ لَمْ يُعِيدُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ إلَّا إذَا اسْتَيْقَنَ عَدْلَانِ بِالنُّقْصَانِ وَأَخْبَرَا بِذَلِكَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إمَامٌ صَلَّى بِقَوْمٍ وَذَهَبَ قَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الظُّهْرُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الْعَصْرُ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فَهِيَ الظُّهْرُ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ فَهِيَ الْعَصْرُ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا جَازَ لِلْفَرِيقَيْنِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ) مَنْ سَبَقَهُ حَدَثٌ تَوَضَّأَ وَبَنَى. كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي حَقِّ حُكْمِ الْبِنَاءِ سَوَاءٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يُعْتَدُّ بِاَلَّتِي أَحْدَثَ فِيهَا وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالِاسْتِئْنَافُ أَفْضَلُ. كَذَا فِي الْمُتُونِ وَهَذَا فِي حَقِّ الْكُلِّ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَقِيلَ هَذَا فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ قَطْعًا وَأَمَّا الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ إنْ كَانَا يَجِدَانِ جَمَاعَةً فَالِاسْتِئْنَافُ أَفْضَلُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَا لَا يَجِدَانِ فَالْبِنَاءُ أَفْضَلُ صِيَانَةً لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَصُحِّحَ هَذَا فِي الْفَتَاوَى كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ (ثُمَّ لِجَوَازِ الْبِنَاءِ شُرُوطٌ) : (مِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْحَدَثُ مُوجِبًا لِلْوُضُوءِ وَلَا يَنْدُرُ وُجُودُهُ وَأَنْ يَكُونَ سَمَاوِيًّا لَا اخْتِيَارَ لِلْعَبْدِ فِيهِ وَلَا فِي سَبَبِهِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فَإِذَا أَحْدَثَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ رُعَافٍ مُتَعَمِّدًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَا يَبْنِي وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ فَإِنْ كَانَ الْحَدَثُ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِلْوُضُوءِ فَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ الْآدَمِيِّ فَكَذَلِكَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ مِلْءَ الْفَمِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَفِي التَّقَيُّؤِ لَا يَبْنِي. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَلَوْ أَصَابَ الْمُصَلِّي حَدَثٌ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَمَا لَوْ أَصَابَتْهُ بُنْدُقَةٌ أَوْ رَمَاهُ إنْسَانٌ بِحَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ فَشَجَّ رَأْسَهُ أَوْ مَسَّ أَحَدٌ قُرْحَهُ فَأَدْمَاهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ سَقَطَ مِنْ السَّطْحِ مَدَرٌ أَوْ لَوْحٌ فَشَجَّ رَأْسَهُ إنْ كَانَ بِمُرُورِ الْمَارِّ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ كَانَ لَا بِمُرُورِ الْمَارِّ فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ يَبْنِي بِلَا خِلَافٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَسَقَطَتْ مِنْهَا ثَمَرَةٌ فَجَرَحَتْهُ وَلَوْ دَخَلَ الشَّوْكُ فِي رِجْلِ الْمُصَلِّي أَوْ سَجَدَ فَدَخَلَ الشَّوْكُ فِي جَبْهَتِهِ فَسَالَ مِنْهُ الدَّمُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِهِ لَا يَبْنِي وَكَذَلِكَ لَوْ عَضَّهُ زُنْبُورٌ فَسَالَ مِنْهُ الدَّمُ وَلَوْ عَطَسَ فَسَبَقَهُ الْحَدَثُ مِنْ عُطَاسِهِ أَوْ تَنَحْنَحَ فَخَرَجَ بِقُوَّتِهِ رِيحٌ قِيلَ لَا يَبْنِي وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ سَقَطَ مِنْ الْمَرْأَةِ الْكُرْسُفُ بِغَيْرِ صُنْعِهَا مَبْلُولًا بَنَتْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَبِتَحْرِيكِهَا تَبْنِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا تَبْنِي. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ سَالَ مِنْ دُمَّلٍ بِهِ دَمٌ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ وَبَنَى وَلَوْ عَصَرَ الدُّمَّلَ حَتَّى سَالَ أَوْ كَانَ فِي مَوْضِعِ رُكْبَتَيْهِ دُمَّلٌ فَانْفَتَحَ مِنْ اعْتِمَادِهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فِي سُجُودِهِ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْحَدَثِ الْعَمْدِ فَلَا يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أُغْمِيَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ جُنَّ أَوْ قَهْقَهَ يَتَوَضَّأُ وَيَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ وَكَذَلِكَ إذَا نَامَ فِي صَلَاتِهِ وَاحْتَلَمَ يَسْتَقْبِلُ وَلَا يَبْنِي اسْتِحْسَانًا وَإِذَا نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ فَأَنْزَلَ لَا يَبْنِي أَوْ انْتَضَحَ الْبَوْلُ عَلَى ثَوْبِ الْمُصَلِّي أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَانْصَرَفَ فَغَسَلَهَا لَا يَبْنِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ سَاعَتِهِ حَتَّى لَوْ أَدَّى رُكْنًا مَعَ الْحَدَثِ أَوْ مَكَثَ مَكَانَهُ قَدْرَ مَا يُؤَدِّي رُكْنًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ قَرَأَ ذَاهِبًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَآيِبًا لَا وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَالصَّحِيحُ الْفَسَادُ فِيهِمَا وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ فِي الْأَصَحِّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ أَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ، وَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ مُرِيدًا بِهِ أَدَاءُ رُكْنٍ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَدَاءَ الرُّكْنِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. هَكَذَا فِي الْكَافِي. إمَامٌ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي السُّجُودِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا فَسَدَتْ وَإِنْ رَفَعَ بِلَا تَكْبِيرٍ لَا تَفْسُدُ فَيَسْتَخْلِفُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ أَحْدَثَ نَائِمًا ثُمَّ انْتَبَهَ بَعْدَ سَاعَةٍ يَبْنِي وَإِنْ مَكَثَ يَقْظَانَ سَاعَةً تَفْسُدُ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَفْعَلَ بَعْدَ الْحَدَثِ فِعْلًا مُنَافِيًا لِلصَّلَاةِ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَحْدَثَ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ كَانَ مِنْ ضَرُورَاتِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ مِنْ تَوَابِعِهِ وَتَتِمَّاتِهِ حَتَّى إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا أَوْ قَهْقَهَ أَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ وَكَذَا إذَا جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ أَجْنَبَ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ فَأَمْنَى. هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ اسْتَقَى مِنْ الْإِنَاءِ أَوْ الْبِئْرِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فَتَوَضَّأَ جَازَ لَهُ الْبِنَاءُ وَلَوْ اسْتَنْجَى فَإِنْ كَانَ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ بَطَلَ الْبِنَاءُ وَإِنْ اسْتَنْجَى تَحْتَ ثِيَابِهِ بِحَيْثُ لَا تَنْكَشِفُ عَوْرَتُهُ جَازَ لَهُ الْبِنَاءُ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. الْمُصَلِّي إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ فِي الْوُضُوءِ أَوْ كَشَفَهَا هُوَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ إنْ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا كَشَفَتْ الْمَرْأَةُ ذِرَاعَيْهَا لِلْوُضُوءِ بَطَلَتْ صَلَاتُهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَإِذَا تَوَضَّأَ يَتَوَضَّأُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَيَسْتَوْعِبُ رَأْسَهُ بِالْمَسْحِ وَيَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ وَيَأْتِي بِسَائِرِ السُّنَنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ أَمَّا لَوْ غَسَلَ أَرْبَعًا أَرْبَعًا يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إنْ أَحْدَثَ وَالْمَاءُ بَعِيدٌ وَالْبِئْرُ قَرِيبٌ اخْتَارَ أَقَلَّ مُؤْنَةٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الذَّهَابِ وَالنَّزْحِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا نَزَحَ اسْتَأْنَفَ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. أَحْدَثَ وَفِي مَنْزِلِهِ مَاءٌ فَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَقَصَدَ الْحَوْضَ وَالْبَيْتُ أَقْرَبُ مِنْ الْحَوْضِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَلِيلٌ مِنْ قَدْرِ صَفَّيْنِ لَمْ تَفْسُدْ

فصل في الاستخلاف

صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ تَفْسُدُ وَلَوْ كَانَ فِي بَيْتِهِ مَاءٌ إنْ كَانَ عَادَتُهُ التَّوَضُّؤَ مِنْ الْحَوْضِ فَنَسِيَ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْبَيْتِ وَذَهَبَ إلَى حَوْضٍ وَتَوَضَّأَ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ وَجَدَ فِي الْحَوْضِ مَوْضِعًا لِلتَّوَضُّؤِ فَتَجَاوَزَ إلَى مَوْضِعٍ إنْ كَانَ بِعُذْرٍ كَضِيقِ الْمَكَانِ الْأَوَّلِ يَبْنِي وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ تَوَضَّأَ وَتَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْ بِرَأْسِهِ فَذَهَبَ وَمَسَحَ جَازَ لَهُ الْبِنَاءُ وَلَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ حَتَّى قَامَ إلَى الصَّلَاةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ اسْتَقْبَلَ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ نَسِيَ ثَوْبَهُ فَرَجَعَ وَرَفَعَ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَفِي الْمَسْجِدِ مَاءٌ فِي إنَاءٍ فَتَوَضَّأَ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَحَمَلَ الْإِنَاءَ إلَى مَوْضِعِ صَلَاتِهِ جَازَ لَهُ الْبِنَاءُ إنْ كَانَ حَمْلُ الْإِنَاءِ عَلَى يَدٍ وَاحِدَةٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَبَابُهُ مُغْلَقٌ فَفَتَحَهُ وَتَوَضَّأَ فَإِذَا خَرَجَ يُغْلَقُ إنْ خَافَ السَّارِقَ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ مَلَأَ الْإِنَاءَ وَحَمَلَهُ بِيَدَيْنِ لَا يَبْنِي وَإِنْ حَمَلَهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ جَازَ لَهُ الْبِنَاءُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِنْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ فَغَسَلَهَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ سَبْقِ الْحَدَثِ مِنْهُ بَنَى وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خَارِجٍ لَا يَبْنِي خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ كَانَتْ مِنْ خَارِجٍ وَمِنْ سَبْقِ الْحَدَثِ لَا يَبْنِي وَإِنْ كَانَتَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ أَصَابَتْ ثَوْبَهُ نَجَاسَةٌ إنْ أَمْكَنَهُ النَّزْعُ بِأَنْ وَجَدَ ثَوْبًا آخَرَ فَنَزَعَ مِنْ سَاعَتِهِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ النَّزْعُ مِنْ سَاعَتِهِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا آخَرَ فَإِنْ أَدَّى جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ ذَلِكَ الثَّوْبِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ وَلَكِنْ مَكَثَ كَذَلِكَ لَمْ تَفْسُدْ، وَإِنْ طَالَ وَإِنْ أَمْكَنَهُ النَّزْعُ مِنْ سَاعَتِهِ بِأَنْ كَانَ يَجِدُ ثَوْبًا آخَرَ فَلَمْ يَنْزِعْ وَلَمْ يُؤَدِّ جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي الصَّلَاةِ فَانْصَرَفَ لِيَتَوَضَّأَ فَأَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا لَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَظْهَرَ حَدَثُهُ السَّابِقُ بَعْدَ الْحَدَثِ السَّمَاوِيِّ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فَالْمَاسِحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لَوْ أَحْدَثَ وَذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ فَذَهَبَ وَقْتُ مَسْحِهِ فِي خِلَالِ وُضُوئِهِ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ الْمُتَيَمِّمُ فِي الصَّلَاةِ فَذَهَبَ فَوَجَدَ الْمَاءَ لَمْ يَبْنِ وَكَذَا الْمُسْتَحَاضَةُ إذَا أَحْدَثَتْ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ ذَهَبَتْ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا مَاسِحُ الْجَبِيرَةِ إذَا بَرِئَتْ جِرَاحَتُهُ أَوْ صَاحِبُ الْجُرْحِ السَّائِلِ إذَا خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (وَمِنْهَا) إذَا كَانَ مُقْتَدِيًا أَنْ يَعُودَ إلَى الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَرَغَ الْإِمَامُ وَكَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ يَمْنَعُ جَوَازَ الِاقْتِدَاءِ وَلَوْ فَرَغَ إمَامُهُ لَا يَعُودُ وَلَوْ عَادَ اخْتَلَفُوا فِي فَسَادِ صَلَاتِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَانِعٌ فَلَهُ الِاقْتِدَاءُ مِنْ مَكَانِهِ مِنْ غَيْرِ عَوْدٍ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْمُنْفَرِدُ بَعْدَ مَا تَوَضَّأَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ إتْمَامِ الصَّلَاةِ فِي بَيْتِهِ وَالرُّجُوعِ إلَى مُصَلَّاهُ وَالرُّجُوعُ أَفْضَلُ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَالْإِمَامُ كَالْمُنْفَرِدِ إنْ فَرَغَ إمَامُهُ وَإِلَّا عَادَ وَيُتِمُّ خَلْفَ خَلِيفَتِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَتَذَكَّرَ فَائِتَةً عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَدَثِ السَّمَاوِيِّ وَهُوَ صَاحِبُ تَرْتِيبٍ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَمِنْهَا) إذَا كَانَ إمَامًا أَنْ لَا يَسْتَخْلِفَ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ فَلَوْ اسْتَخْلَفَ امْرَأَةً اسْتَقْبَلَ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. [فَصْلٌ فِي الِاسْتِخْلَافِ] (فَصْلٌ فِي الِاسْتِخْلَافِ) فِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ لَهُ الْبِنَاءُ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ وَمَا لَا يَصِحُّ لَهُ مَعَهُ الْبِنَاءُ فَلَا اسْتِخْلَافَ فِيهِ وَكُلُّ مَنْ يَصْلُحُ إمَامًا لِلْإِمَامِ الَّذِي سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي الِابْتِدَاءِ يَصْلُحُ خَلِيفَةً لَهُ وَمَنْ لَا يَصْلُحُ إمَامًا لَهُ فِي الِابْتِدَاءِ لَا يَصْلُحُ خَلِيفَةً لَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَصُورَةُ الِاسْتِخْلَافِ أَنْ يَتَأَخَّرَ مُحْدَوْدِبًا وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ يُوهِمُ أَنَّهُ قَدْ رَعَفَ وَيُقَدِّمُ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ وَلَا يَسْتَخْلِفُ بِالْكَلَامِ بَلْ بِالْإِشَارَةِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الصُّفُوفَ فِي الصَّحْرَاءِ وَفِي الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا أَحْدَثَ وَاسْتَخْلَفَ رَجُلًا مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ

وَالصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ بِصُفُوفِ الْمَسْجِدِ لَمْ يَصِحَّ اسْتِخْلَافُهُ وَتَفْسُدُ صَلَاةُ الْقَوْمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَفِي فَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ هُوَ الْفَسَادُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَوْلَى لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يَسْتَخْلِفَ الْمَسْبُوقَ وَإِنْ اسْتَخْلَفَهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ وَإِنْ قَبِلَ جَازَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ تَقَدَّمَ يَبْتَدِئُ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى إلَيْهِ الْإِمَامُ وَإِذَا انْتَهَى إلَى السَّلَامِ يُقَدِّمُ مُدْرِكًا يُسَلِّمُ بِهِمْ فَلَوْ أَنَّهُ حِينَ أَتَمَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ قَهْقَهَ أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ تَامَّةٌ وَالْإِمَامُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ فَرَغَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ تَفْسُدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ تَرَكَ رُكُوعًا يُشِيرُ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى رُكْبَتِهِ أَوْ سُجُودًا يُشِيرُ بِوَضْعِهَا عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ قِرَاءَةً يُشِيرُ بِوَضْعِهَا عَلَى فَمِهِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ يُشِيرُ بِأُصْبُعٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ اثْنَتَيْنِ فَبِأُصْبُعَيْنِ وَلِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ يَضَعُ أُصْبُعَهُ عَلَى الْجَبْهَةِ وَاللِّسَانِ وَلِلسَّهْوِ عَلَى قَلْبِهِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْخَلِيفَةُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا حَاجَةَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة رَجُلٌ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ وَقَدَّمَ هَذَا الرَّجُلَ وَالْمُقْتَدِي لَا يَدْرِي أَنَّهُ كَمْ صَلَّى الْإِمَامُ وَكَمْ بَقِيَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُقْتَدِيَ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَقَعَدَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ احْتِيَاطًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْمَسْبُوقِ. وَلَوْ اسْتَخْلَفَ لَاحِقًا فَلِلْخَلِيفَةِ أَنْ يُشِيرَ لِقَوْمٍ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ يُتِمَّ بِهِمْ الصَّلَاةَ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَمَضَى عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ وَأَخَّرَ مَا عَلَيْهِ حَتَّى انْتَهَى إلَى مَوْضِعِ السَّلَامِ وَاسْتَخْلَفَ مَنْ سَلَّمَ بِهِمْ جَازَ عِنْدَنَا. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَالْإِمَامُ الْمُحْدِثُ عَلَى إمَامَتِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ يَسْتَخْلِفْ رَجُلًا وَيَقُومُ الْخَلِيفَةُ فِي مَقَامِهِ يَنْوِي أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ أَوْ يَسْتَخْلِفَ الْقَوْمُ غَيْرَهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَتَوَضَّأَ مِنْ جَانِبِ الْمَسْجِدِ وَالْقَوْمُ يَنْتَظِرُونَهُ وَرَجَعَ إلَى مَكَانِهِ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ بِهِمْ أَجْزَأَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ الْإِمَامُ وَلَا الْقَوْمُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ وَيَتَوَضَّأُ الْإِمَامُ وَيَبْنِي؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَالْمُنْفَرِدِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ تَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمِ أَحَدٍ وَقَامَ مَقَامَ الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ جَازَ وَلَوْ خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ هَذَا الرَّجُلُ إلَى الْمِحْرَابِ وَيَقُومَ مَقَامَهُ فَسَدَتْ صَلَاةُ الرَّجُلِ وَالْقَوْمُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْأَوَّلِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ شَخْصٌ وَاحِدٌ وَأَحْدَثَ الْإِمَامُ تَعَيَّنَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ لِلْإِمَامَةِ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ بِالنِّيَّةِ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ. وَلَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ رَجُلًا وَالْقَوْمُ رَجُلًا فَالْإِمَامُ مَنْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْقَوْمُ أَنْ يَأْتَمُّوا بِالْأَخِيرِ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ وَلَوْ قَدَّمَ كُلُّ طَائِفَةٍ رَجُلًا فَالْعِبْرَةُ لِلْأَكْثَرِ وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْكُلِّ وَإِنْ تَقَدَّمَ رَجُلًا فَالسَّابِقُ إلَى مَكَانِ الْإِمَامِ تَعَيَّنَ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي التَّقْدِيمِ وَاقْتَدَى بَعْضُهُمْ بِهَذَا وَبَعْضُهُمْ بِهَذَا فَصَلَاةُ الَّذِي يَأْتَمُّ بِهِ الْأَكْثَرُ صَحِيحَةٌ وَصَلَاةُ الْأَقَلِّ فَاسِدَةٌ وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ لَا يُمْكِنُ التَّرْجِيحُ فَتَفْسُدُ صَلَاةُ الطَّائِفَتَيْنِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مِنْ آخِرِ الصُّفُوفِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ إنْ نَوَى الْخَلِيفَةُ الْإِمَامَةَ مِنْ سَاعَتِهِ صَارَ إمَامًا فَتَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ كَانَ يَتَقَدَّمُهُ دُونَ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَمَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فِي صَفِّهِ وَمَنْ خَلْفَهُ وَإِنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ إمَامًا إذَا قَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَخَرَجَ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْخَلِيفَةُ إلَى مَكَانِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ. وَشَرْطُ جَوَازِ صَلَاةِ الْخَلِيفَةِ وَالْقَوْمِ أَنْ يَصِلَ الْخَلِيفَةُ إلَى الْمِحْرَابِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ اسْتَخْلَفَ فَاسْتَخْلَفَ الْخَلِيفَةُ غَيْرَهُ وَقَالَ الْفَضْلِيُّ إنْ لَمْ يَخْرُجْ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَأْخُذْ الْخَلِيفَةُ مَكَانَهُ حَتَّى اسْتَخْلَفَ جَازَ وَيَصِيرُ كَأَنَّ الثَّانِيَ تَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ أَوْ قَدَّمَهُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ أَحْدَثَ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى جَاءَ مَنْ أَتَمَّ بِهِ ثُمَّ خَرَجَ كَانَ

الثَّانِي خَلِيفَةَ الْأَوَّلِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا حُصِرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقْرَأْ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ أَوْ اعْتَرَاهُ خَجَلٌ أَوْ خَوْفٌ فَحُصِرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ أَمَّا إذَا قَرَأَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَلَا يَسْتَخْلِفُ بَلْ يَرْكَعُ وَيَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ فَلَوْ اسْتَخْلَفَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِذَا نَسِيَ الْقِرَاءَةَ أَصْلًا لَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ مُسَافِرٌ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فَاسْتَخْلَفَ مُقِيمًا لَمْ يَلْزَمْ الْمُسَافِرَ الْإِتْمَامُ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مُسَافِرًا فَنَوَى الْخَلِيفَةُ الْإِقَامَةَ لَمْ يَلْزَمْ الْقَوْمَ الْإِتْمَامُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي فَصْلِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ أَحْدَثَ فَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ يُصَلِّي مَا بَقِيَ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ افْتَتَحَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ كَانَ مَاسِحًا عَلَى الْخُفَّيْنِ وَظَنَّ أَنَّ مُدَّةَ مَسْحِهِ قَدْ انْقَضَتْ أَوْ كَانَ مُتَيَمِّمًا فَرَأَى سَرَابًا فَظَنَّهُ مَاءً أَوْ كَانَ فِي الظُّهْرِ فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ أَوْ رَأَى حُمْرَةً فِي ثَوْبِهِ فَظَنَّهَا نَجَاسَةً فَانْصَرَفَ حَيْثُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَالدَّارُ وَالْجَبَّانَةُ وَمُصَلَّى الْجِنَازَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ وَمَكَانِ الصُّفُوفِ فِي الصَّحْرَاءِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ وَلَوْ تَقَدَّمَ قُدَّامَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سُتْرَةٌ يَعْتَبِرُ قَدْرَ الصُّفُوفِ خَلْفَهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ فَالْحَدُّ السُّتْرَةُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي وَحْدَهُ فَمَوْضِعُ سُجُودِهِ كَكَوْنِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَذَلِكَ يَمِينُهُ وَشِمَالُهُ وَخَلْفَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْمَرْأَةُ إنْ نَزَلَتْ عَنْ مُصَلَّاهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَلِهَذَا تَعْتَكِفُ فِيهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ خَافَ الْمُصَلِّي سَبْقَ الْحَدَثِ فَانْصَرَفَ ثُمَّ سَبَقَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ فِي مَسَائِلَ) إذَا طَلَعَ الشَّمْسُ فِي الْفَجْرِ أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ عَنْ بُرْءٍ أَوْ زَالَ عُذْرُ الْمَعْذُورِ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا أَوْ قَدَرَ مُومِئٌ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ كَانَ مَاسِحًا عَلَى الْخُفَّيْنِ فَتَمَّتْ مُدَّةُ مَسْحِهِ وَكَانَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا لَهُ لَا تَبْطُلُ وَقِيلَ تَبْطُلُ أَوْ نَزَعَ خُفَّيْهِ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ بِأَنْ كَانَا وَاسِعَيْنِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِمَا إلَى الْمُعَالَجَةِ فِي النَّزْعِ وَأَمَّا إذَا كَانَ النَّزْعُ بِفِعْلٍ عَنِيفٍ تَمَّتْ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ أَوْ تَعَلَّمَ أُمِّيٌّ سُورَةً بِأَنْ تَذَكَّرَهَا أَوْ حَفِظَهَا بِالسَّمَاعِ مِمَّنْ يَقْرَأُ مِنْ غَيْرِ اشْتِغَالٍ بِالتَّعَلُّمِ أَمَّا لَوْ تَعَلَّمَ حَقِيقَةً تَمَّتْ صَلَاتُهُ هَذَا إذَا كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إمَامًا حَيْثُ تَجُوزُ إمَامَتُهُ أَمَّا إذَا كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ قَارِئٍ فَعِنْدَ عَامَّتِهِمْ أَنَّهَا تَفْسُدُ وَاخْتَارَ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَوْ وَجَدَ عَارٍ ثَوْبًا تَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَجَاسَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ كَانَتْ فِيهِ وَعِنْدَهُ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ أَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ وَلَكِنَّ رُبْعَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ طَاهِرٌ وَهُوَ سَاتِرٌ لِلْعَوْرَةِ أَوْ كَانَ الْمُصَلِّي مُتَيَمِّمًا فَقَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ أَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْقُطْ التَّرْتِيبُ بَعْدُ فَلَوْ كَانَ مُتَوَضِّئًا يُصَلِّي خَلْفَ مُتَيَمِّمٍ فَرَأَى الْمُؤْتَمُّ الْمَاءَ أَوْ مُؤْتَمًّا وَعَلَى الْإِمَامِ فَائِتَةٌ فَتَذَكَّرَ الْمُؤْتَمُّ الْفَائِتَةَ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُؤْتَمِّ وَحْدَهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ إذَا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ وَهُوَ مَا إذَا تَذَكَّرَ فَائِتَةً أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ وَقَدْ زِيدَ عَلَيْهَا مَسَائِلُ: (مِنْهَا) إذَا كَانَ يُصَلِّي بِالثَّوْبِ النَّجِسِ فَوَجَدَ مَا يَغْسِلُ بِهِ (وَمِنْهَا) إذَا كَانَ يُصَلِّي الْقَضَاءَ فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ الْأَوْقَاتُ الْمَكْرُوهَةُ مِنْ الزَّوَالِ وَتَغَيُّرِ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ أَوْ طُلُوعِهَا (وَمِنْهَا) إذَا صَلَّتْ الْأَمَةُ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَأُعْتِقَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَمْ تَسْتُرْ عَوْرَتَهَا مِنْ سَاعَتِهَا فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ كُلُّهَا إذَا عَرَضَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَوْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ كَانَ خَلْفَهُ لَوْ كَانَ إمَامًا وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ فَعَرَضَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا

الباب السابع فيما يفسد الصلاة وما يكره فيها وفيه فصلان

فَإِنْ سَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ سَلَّمَ الْقَوْمُ قَبْلَ الْإِمَامِ بَعْدَ مَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ دُونَ الْقَوْمِ وَكَذَا إذَا سَجَدَ هُوَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يَسْجُدْ الْقَوْمُ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ [الْبَابُ السَّابِعُ فِيمَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا وَفِيهِ فَصْلَانِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يُفْسِدُهَا] (الْبَابُ السَّابِعُ فِيمَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا وَفِيهِ فَصْلَانِ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يُفْسِدُهَا) الْمُفْسِدُ لِلصَّلَاةِ نَوْعَانِ: قَوْلٌ وَفِعْلٌ. (النَّوْعُ الْأَوَّلُ فِي الْأَقْوَالِ) إذَا تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا خَاطِئًا أَوْ قَاصِدًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا تَكَلَّمَ لِإِصْلَاحِ صَلَاتِهِ بِأَنْ قَامَ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعِ الْقُعُودِ فَقَالَ لَهُ الْمُقْتَدِي اُقْعُدْ أَوْ قَعَدَ فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ فَقَالَ لَهُ قُمْ أَوْ لَا لِإِصْلَاحِ صَلَاتِهِ وَيَكُونُ الْكَلَامُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ هَذَا إذَا تَكَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَذَا إذَا تَكَلَّمَ عَلَى وَجْهٍ يُسْمَعُ مِنْهُ فَأَمَّا إذَا تَكَلَّمَ عَلَى وَجْهٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ وَصَحَّحَ الْحُرُوفَ لَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَفِي النَّوَازِلِ إذَا تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ فِي النَّوْمِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. يُفْسِدُهَا السَّلَامُ لِلصَّلَاةِ عَمْدًا وَأَمَّا غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الصَّلَاةَ تَامَّةٌ فَغَيْرُ مُفْسِدٍ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا لِلصَّلَاةِ فَمُفْسِدٌ وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ تَفْسُدُ مُطْلَقًا. كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ. الْمَسْبُوقَ إذَا سَلَّمَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ مَعَ الْإِمَامِ فَهُوَ سَلَامٌ عَمْدٌ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي مِمَّا يَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الِاقْتِدَاءِ مَسَائِلُ الْمَسْبُوقِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ فِيمَنْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ. وَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْقَضَاءِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْقَضَاءِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَامُ السَّاهِي فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ. رَجُلٌ صَلَّى الْعِشَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَرْوِيحَةٌ أَوْ سَلَّمَ فِي الظُّهْرِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا جُمُعَةٌ أَوْ الْمُقِيمُ سَلَّمَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُسَافِرٌ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ. وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا رَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالضَّابِطُ أَنَّ السَّهْوَ عَنْ السَّلَامِ إنْ وَقَعَ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ يُوجِبُ فَسَادَهَا وَإِنْ وَقَعَ فِي وَصْفِ الصَّلَاةِ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعَ عَشَرَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ. وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى إنْسَانٍ سَاهِيًا فَلَمَّا قَالَ: السَّلَامُ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَسَكَتَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ صَافَحَ بِنِيَّةِ السَّلَامِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ مَعْنًى وَلَا يَرُدُّ بِالْإِشَارَةِ وَلَوْ أَشَارَ يُرِيدُ بِهِ رَدَّ السَّلَامِ أَوْ طَلَبَ مِنْ الْمُصَلِّي شَيْئًا فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ بِنَعَمْ أَوْ بِلَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُكْرَهُ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ. رَجُلٌ عَطَسَ فَقَالَ الْمُصَلِّي: يَرْحَمُك اللَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطَيْنِ وَلَوْ قَالَ الْعَاطِسُ يَرْحَمُك اللَّهُ وَخَاطَبَ نَفْسَهُ لَا يَضُرُّهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ عَطَسَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: آخَرُ يَرْحَمُك اللَّهُ فَقَالَ الْمُصَلِّي: آمِينَ تَفْسُدُ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ عَطَسَ فَقَالَ لَهُ الْمُصَلِّي الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجَوَابٍ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ جَوَابَهُ أَوْ اسْتِفْهَامَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَفْسُدُ هَكَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَلَوْ قَالَ الْعَاطِسُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي نَفْسِهِ وَالْأَحْسَنُ هُوَ السُّكُوتُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ لَمْ يَحْمَدْ فَهَلْ يَحْمَدُ إذَا فَرَغَ؟ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَحْمَدُ فَإِنْ كَانَ مُقْتَدِيًا لَا يَحْمَدُ سِرًّا وَلَا عَلَنًا فِي قَوْلِهِمْ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. رَجُلَانِ يُصَلِّيَانِ فَعَطَسَ أَحَدُهُمَا فَقَالَ رَجُلٌ خَارِجَ الصَّلَاةِ: يَرْحَمُك اللَّهُ فَقَالَا جَمِيعًا: آمِينَ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْعَاطِسِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْآخَرِ

لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُ لَهُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي الْفَتَاوَى، وَلَوْ قَالَ لَهُ: يَرْحَمُك اللَّهُ وَقَالَ الْآخَرُ: آمِينَ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ قَالَ لَهُ آمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُ لَهُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى يُرِيدُ خِطَابَ إنْسَانٍ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ أَوْ نَهَاهُ عَنْ شَيْءٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فَإِنْ أَرَادَ تَنْبِيهَ مَنْ يَشْغَلُهُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ لَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَوْ عَرَضَ لِلْإِمَامِ شَيْءٌ فَسَبَّحَ الْمَأْمُومُ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ إصْلَاحُ الصَّلَاةِ وَلَا يُسَبِّحُ لِلْإِمَامِ إذَا قَامَ إلَى الْأُخْرَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ إذَا كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ فَلَمْ يَكُنْ التَّسْبِيحُ مُفِيدًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْبَدَائِعِ. وَلَوْ فَتَحَ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ تَفْسُدُ إلَّا إذَا عَنَى بِهِ التِّلَاوَةَ دُونَ التَّعْلِيمِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْفَتْحِ مَرَّةً وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْرَارُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ فَتَحَ غَيْرُ الْمُصَلِّي فَأَخَذَ بِفَتْحِهِ تَفْسُدُ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَإِنْ فَتَحَ عَلَى إمَامِهِ لَمْ تَفْسُدْ ثُمَّ قِيلَ: يَنْوِي الْفَاتِحُ بِالْفَتْحِ عَلَى إمَامِهِ التِّلَاوَةَ وَالصَّحِيحُ أَنْ يَنْوِيَ الْفَتْحَ عَلَى إمَامِهِ دُونَ الْقِرَاءَةِ قَالُوا هَذَا إذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ أَوْ بَعْدَمَا قَرَأَ وَلَمْ يَتَحَوَّلْ إلَى آيَةٍ أُخْرَى وَأَمَّا إذَا قَرَأَ أَوْ تَحَوَّلَ فَفَتَحَ عَلَيْهِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْفَاتِحِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْفَاتِحِ بِكُلِّ حَالٍ وَلَا صَلَاةُ الْإِمَامِ لَوْ أَخَذَ مِنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَيُكْرَهُ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَفْتَحَ عَلَى إمَامِهِ مِنْ سَاعَتِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَتَذَكَّرَ مِنْ سَاعَتِهِ فَيَصِيرَ قَارِئًا خَلْفَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُلْجِئَهُمْ إلَى الْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ يُلْجِئُهُمْ إلَى الْقِرَاءَةِ خَلْفَهُ وَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ بَلْ يَرْكَعُ إنْ قَرَأَ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ وَإِلَّا يَنْتَقِلُ إلَى آيَةٍ أُخْرَى. كَذَا فِي الْكَافِي وَتَفْسِيرُ الْإِلْجَاءِ أَنْ يُرَدِّدَ الْآيَةَ أَوْ يَقِفَ سَاكِتًا. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. أُرْتِجَ عَلَى الْإِمَامِ فَفَتَحَ عَلَيْهِ مَنْ لَيْسَ فِي صَلَاتِهِ وَتَذَكَّرَ فَإِنْ أَخَذَ فِي التِّلَاوَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْفَتْحِ لَمْ تَفْسُدْ وَإِلَّا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّ تَذَكُّرَهُ مُضَافٌ إلَى الْفَتْحِ وَفَتْحُ الْمُرَاهِقِ كَالْبَالِغِ وَلَوْ سَمِعَهُ الْمُؤْتَمُّ مِمَّنْ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ فَفَتَحَهُ عَلَى إمَامِهِ يَجِبُ أَنْ يَبْطُلَ صَلَاةُ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ التَّلْقِينَ مِنْ خَارِجٍ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْقُنْيَةِ. أُخْبِرَ بِمَا يَسُوءُهُ فَاسْتَرْجَعَ أَوْ بِمَا يَسُرُّهُ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَرَادَ بِهِ جَوَابَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ جَوَابَهُ أَوْ أَرَادَ بِهِ إعْلَامَهُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَفْسُدْ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا أُخْبِرَ بِمَا يُعْجِبُهُ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْجَوَابَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْجَوَابَ فَسَدَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقِيلَ: لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ وَفِي النِّصَابِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ: رَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ عَوَّذَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ لِلْحُمَّى وَنَحْوِهَا تَفْسُدُ عِنْدَهُمْ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مَرِيضٌ صَلَّى فَقَالَ عِنْدَ قِيَامِهِ أَوْ عِنْدَ انْحِطَاطِهِ: بِسْمِ اللَّهِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَالْوَجَعِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَفِي قَوْلِهِ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ إذَا أَرَادَ الْجَوَابَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، أَوْ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْجَوَابَ أَمَّا إذَا أَرَادَ الْجَوَابَ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْكُلِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا لِغَيْرِهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ سَمِعَ اسْمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ جَوَابًا لَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَلَوْ قَرَأَ رَجُلٌ {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] وَصَلَّى عَلَيْهِ رَجُلٌ فِي الصَّلَاةِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَكَذَا لَوْ قَرَأَ ذِكْرَ الشَّيْطَانَ فَقَالَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَعَنَهُ اللَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ

وَلَوْ نَادَى رَجُلٌ فَقَالَ: اقْرَءُوا الْفَاتِحَةَ لِأَجْلِ الْمُهِمَّاتِ فَقَرَأَ الْمَسْبُوقُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَبِهِ يُفْتَى. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَنْشَدَ شِعْرًا يُوجَدُ عَيْنُهُ فِي الْقُرْآنِ مِثْلَ قَوْلِ الشَّاعِرِ أَرَأَيْت الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّي ... نِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) ، وَقَوْلِهِ: وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ ... وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَأَرَادَ بِهِ إنْشَادَ الشِّعْرِ تَفْسُدُ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ أَنْشَأَ شِعْرًا أَوْ خُطْبَةً وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِلِسَانِهِ لَا تَفْسُدُ وَقَدْ أَسَاءَ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. فِي الْفَتَاوَى وَلَوْ تَفَكَّرَ فِي صَلَاتِهِ فَتَذَكَّرَ حَدِيثًا أَوْ شِعْرًا أَوْ خُطْبَةً أَوْ مَسْأَلَةً يُكْرَهُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ نَعَمْ فَإِنْ كَانَ يَعْتَادُ أَنْ يَجْرِيَ فِي كَلَامِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ مِنْ الْقُرْآنِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: آرى فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ تَفْسُدُ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ دَعَا بِمَا يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْعِبَادِ مِثْلَ الْعَافِيَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرِّزْقِ بِأَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي الْحَجَّ أَوْ اغْفِرْ لِي لَا تَفْسُدُ، وَلَوْ دَعَا بِمَا لَا يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْعِبَادِ مِثْلِ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ أَطْعِمْنِي أَوْ اقْضِ دَيْنِي أَوْ زَوِّجْنِي فَإِنَّهُ يَفْسُدُ، وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي فُلَانَةَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَفْسُدُ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ أَيْضًا مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ، وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ، وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَخِي ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَضْلِ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ يُفْسِدُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ قَالَ: اغْفِرْ لِأُمِّي أَوْ لِعَمِّي أَوْ لِخَالِي أَوْ لِزَيْدٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ التَّرْغِيبِ أَوْ التَّرْهِيبِ فَقَالَ الْمُقْتَدِي: صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَتْ رُسُلُهُ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْمُصَلِّي كُلَّمَا يَقْرَأُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران: 102] رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: لَبَّيْكَ سَيِّدِي فَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يَفْعَلَ وَلَوْ فَعَلَ قِيلَ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. وَلَوْ لَبَّى الْحَاجُّ فِي صَلَاتِهِ تَفْسُدُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَذَّنَ فِي الصَّلَاةِ وَأَرَادَ بِهِ الْأَذَانَ فَسَدَتْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ فَقَالَ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ إنْ أَرَادَ بِهِ جَوَابَهُ تَفْسُدُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ تَفْسُدُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَسْوَسَهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. إذَا نَسِيَ التَّشَهُّدَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ فَسَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ وَاشْتَغَلَ بِقِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ فَلَمَّا قَرَأَ الْبَعْضَ سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِ التَّشَهُّدِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ قُعُودَهُ الْأَوَّلَ ارْتَفَضَ بِالْعَوْدِ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ فَإِذَا سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِ التَّشَهُّدِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ قُعُودَهُ الْأَوَّلَ لَا يَرْتَفِضُ كُلُّهُ بِالْعَوْدِ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ وَإِنَّمَا ارْتَفَضَ بِقَدْرِ مَا قَرَأَ أَوْ لَمْ يَرْتَفِضْ أَصْلًا؛ لِأَنَّ مَحِلَّ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ الْقَعْدَةُ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى رَفْضِهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَعَنْ هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي مَسْأَلَةٍ لَا رِوَايَةَ لَهَا إذَا نَسِيَ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ حَتَّى رَكَعَ فَتَذَكَّرَ فِي رُكُوعِهِ فَانْتَصَبَ قَائِمًا لِلْقِرَاءَةِ، ثُمَّ نَدِمَ فَسَجَدَ وَلَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْتَصَبَ قَائِمًا لِلْقِرَاءَةِ ارْتَفَضَ رُكُوعُهُ فَإِذَا لَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَرْتَفِضُ كُلُّ الرُّكُوعِ أَوْ لَمْ يَرْتَفِضْ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الرَّفْضَ كَانَ لِأَجْلِ الْقِرَاءَةِ فَإِذَا لَمْ يَقْرَأْ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ فِي صَلَاتِهِ أَوْ تَأَوَّهَ أَوْ بَكَى فَارْتَفَعَ بُكَاؤُهُ فَحَصَلَ لَهُ حُرُوفٌ فَإِنْ كَانَ مِنْ

ذِكْرِ الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ وَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ تَأَوَّهَ لِكَثْرَةِ الذُّنُوبِ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَلَوْ بَكَى فِي صَلَاتِهِ، فَإِنْ سَالَ دَمْعُهُ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَتَفْسِيرُ الْأَنِينِ أَنْ يَقُولَ: آهْ آهْ وَتَفْسِيرُ التَّأَوُّهِ أَنْ يَقُولَ: أَوَّهْ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَلَوْ قَالَ: آخْ آخْ تَفْسُدُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْمُوعًا لَا تَفْسُدُ وَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكَلَامٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ نَفَخَ فِي التُّرَابِ مِنْ مَوْضِعِ سُجُودِهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَسْمُوعٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَالتَّنَفُّسِ لَكِنْ إنْ تَعَمَّدَ يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ مَسْمُوعًا بِأَنْ يَكُونَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ وَيَقْطَعُ الصَّلَاةَ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا سَاقَ الدَّابَّةَ بِقَوْلِهِ هِرْ أَوْ سَاقَ الْكَلْبَ بِقَوْلِهِ جِرْ يَقْطَعُ وَإِنْ سَاقَهَا بِمَا لَيْسَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَكَذَا إذَا دَعَا الْهِرَّةَ بِمَا لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَإِذَا دَعَاهَا بِمَا لَيْسَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَكَذَا إذَا نَفَّرَهَا بِمَا لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ قَطَعَ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيُفْسِدُ الصَّلَاةَ التَّنَحْنُحُ بِلَا عُذْرٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ وَحَصَلَ مِنْهُ حُرُوفٌ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ حُرُوفٌ فَإِنَّهُ لَا يُفْسِدُ اتِّفَاقًا لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ بِأَنْ كَانَ مَدْفُوعًا إلَيْهِ لَا تَفْسُدُ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَكَذَا الْأَنِينُ وَالتَّأَوُّهُ إذَا كَانَ بِعُذْرٍ بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَصَارَ كَالْعُطَاسِ وَالْجُشَاءِ وَلَوْ عَطَسَ أَوْ تَجَشَّأَ فَحَصَلَ مِنْهُ كَلَامٌ لَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ تَنَحْنَحَ لِإِصْلَاحِ صَوْتِهِ وَتَحْسِينِهِ لَا تَفْسُدُ عَلَى الصَّحِيحِ وَكَذَا لَوْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ فَتَنَحْنَحَ الْمُقْتَدِي لِيَهْتَدِيَ الْإِمَامُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَذُكِرَ فِي الْغَايَةِ أَنَّ التَّنَحْنُحَ لِإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُفْسِدُهَا قِرَاءَتُهُ مِنْ مُصْحَفٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: لَا يُفْسِدُ لَهُ إنَّ حَمْلَ الْمُصْحَفِ وَتَقْلِيبَ الْأَوْرَاقِ وَالنَّظَرَ فِيهِ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَلِلصَّلَاةِ عَنْهُ بُدٌّ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ مَوْضُوعًا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى رَحْلٍ وَهُوَ لَا يَحْمِلُ وَلَا يُقَلِّبُ أَوْ قَرَأَ الْمَكْتُوبَ فِي الْمِحْرَابِ لَا تَفْسُدُ، وَلِأَنَّ التَّلَقُّنَ مِنْ الْمُصْحَفِ تَعَلُّمٌ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ وَهَذَا يُوجِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمَحْمُولِ وَغَيْرِهِ فَتَفْسُدُ بِكُلِّ حَالٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَقَرَأَهُ مِنْ مَكْتُوبٍ مِنْ غَيْرِ حَمْلِ الْمُصْحَفِ قَالُوا: لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ الْأَمْرَيْنِ وَلَمْ يَفْصِلْ فِي الْمُخْتَصَرِ وَلَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَيْنَ مَا إذَا قَرَأَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا مِنْ الْمُصْحَفِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إنْ قَرَأَ مِقْدَارَ آيَةٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ قَرَأَ مِقْدَارَ الْفَاتِحَةِ تَفْسُدُ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ نَظَرَ إلَى مَكْتُوبٍ هُوَ قُرْآنٌ وَفَهِمَهُ لَا خِلَافَ لِأَحَدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْحُسَامِيّ لَوْ نَظَرَ فِي كِتَابٍ مِنْ الْفِقْهِ فِي صَلَاتِهِ وَفَهِمَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا كَانَ الْمَكْتُوبُ عَلَى الْمِحْرَابِ غَيْرَ الْقُرْآنِ فَنَظَرَ الْمُصَلِّي إلَى ذَلِكَ وَتَأَمَّلَ وَفَهِمَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَفْسُدُ وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُنَا وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْسُدُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَفْهِمِ وَغَيْرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ قَرَأَ مِنْ الْإِنْجِيلِ أَوْ التَّوْرَاةِ أَوْ الزَّبُورِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْقُرْآنَ أَوْ لَا يُحْسِنُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ (1) . كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (النَّوْعُ الثَّانِي فِي الْأَفْعَالِ الْمُفْسِدَةِ لِلصَّلَاةِ) الْعَمَلُ الْكَثِيرُ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَالْقَلِيلُ لَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ (الْأَوَّلُ) أَنَّ

مَا يُقَامُ بِالْيَدَيْنِ عَادَةً كَثِيرٌ وَإِنْ فَعَلَهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ كَالتَّعَمُّمِ وَلُبْسِ الْقَمِيصِ وَشَدِّ السَّرَاوِيلِ وَالرَّمْيِ عَنْ الْقَوْسِ وَمَا يُقَامُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ قَلِيلٌ وَإِنْ فُعِلَ بِيَدَيْنِ كَنَزْعِ الْقَمِيصِ وَحَلِّ السَّرَاوِيلِ وَلُبْسِ الْقَلَنْسُوَةِ وَنَزْعِهَا وَنَزْعِ اللِّجَامِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكُلُّ مَا يُقَامُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ يَسِيرٌ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَالثَّانِي) أَنْ يُفَوَّضَ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى بِهِ وَهُوَ الْمُصَلِّي فَإِنْ اسْتَكْثَرَهُ كَانَ كَثِيرًا وَإِنْ اسْتَقَلَّهُ كَانَ قَلِيلًا وَهَذَا أَقْرَبُ الْأَقْوَالِ إلَى رَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ إلَيْهِ نَاظِرٌ مِنْ بَعِيدٍ إنْ كَانَ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَهُوَ كَثِيرٌ مُفْسِدٌ وَإِنْ شَكَّ فَلَيْسَ بِمُفْسِدٍ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ أَحْسَنُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْعَامَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ إنْ تَقَلَّدَ سَيْفًا أَوْ نَزَعَهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَكَذَا إذَا تَرَدَّى بِرِدَاءٍ أَوْ حَمَلَ شَيْئًا خَفِيفًا يُحْمَلُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ حَمَلَ صَبِيًّا (2) أَوْ ثَوْبًا عَلَى عَاتِقِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ حَمَلَ شَيْئًا بِحَيْثُ يَتَكَلَّفُ بِحَمْلِهِ وَلَهُ مُؤْنَةٌ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ فَابْتَلَعَهُ إنْ كَانَ قَلِيلًا دُونَ الْحِمَّصَةِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ مِقْدَارَ الْحِمَّصَةِ فَسَدَتْ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى وَهَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْبَدَائِعِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ذَكَرَ الْبَقَّالِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ وَلَوْ ابْتَلَعَ دَمًا بَيْنَ أَسْنَانِهِ لَمْ تَفْسُدْ إذَا كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلرِّيقِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فِي النِّصَابِ رَجُلٌ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَبَقِيَ فِي فَمِهِ فَضْلُ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ مَا بَقِيَ فِيهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَا لَوْ كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ شَيْءٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَابْتَلَعَهُ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ مِقْدَارَ الْحِمَّصَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ ابْتَلَعَ دَمًا خَرَجَ مِنْ أَسْنَانِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِلْءَ الْفَمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحِيطِ. وَلَوْ أَخَذَ سِمْسِمَةً مِنْ خَارِجٍ وَابْتَلَعَهَا فَسَدَتْ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ أَكَلَ شَيْئًا مِنْ الْحَلَاوَةِ وَابْتَلَعَ عَيْنَهَا فَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَدَ حَلَاوَتَهَا فِي فِيهِ فَابْتَلَعَهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَدْخَلَ الْفَانِيذَ أَوْ السُّكَّرَ فِي فَمِهِ وَلَمْ يَمْضُغْهُ لَكِنْ يُصَلِّي وَالْحَلَاوَةُ تَصِلُ إلَى جَوْفِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ مَضَغَ الْعِلْكَ كَثِيرًا فَسَدَتْ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا لَاكَ الفوفلة فَلَمْ يَنْفَصِلْ مِنْهَا شَيْءٌ إنْ كَثُرَ ذَلِكَ فَسَدَتْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهَا شَيْءٌ وَدَخَلَ حَلْقَهُ فَسَدَتْ وَلَوْ قَلَّ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَلُكْهَا وَدَخَلَ رِيقَهُ لَمْ تَفْسُدْ وَلَوْ وَقَعَ فِي فَمِهِ بَرَدَةٌ أَوْ قَطْرَةٌ أَوْ ثَلْجٌ فَابْتَلَعَهُ فَسَدَتْ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ رَفَعَ الْمُصَلِّي الْفَتِيلَةَ فِي الْمِسْرَجَةِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ وَضَعَ الْفَتِيلَةَ فِي السِّرَاجِ وَهُوَ يُصَلِّي لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى. إذَا قَاءَ مِلْءَ الْفَمِ تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَاءَ مِلْءَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ لَا تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَاءَ مِلْءَ الْفَمِ وَابْتَلَعَهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَمْنَعَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْءَ الْفَمِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَفْسُدُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَحْوَطُ قَوْلُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ تَقَيَّأَ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ مِلْءَ الْفَمِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمَشْيُ فِي الصَّلَاةِ إذَا كَانَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ لَا يُفْسِدُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَلَاحِقًا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَفِي الْفَضَاءِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الصُّفُوفِ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ وَإِذَا

اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ فَسَدَتْ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ مَشَى فِي صَلَاتِهِ مِقْدَارَ صَفٍّ وَاحِدٍ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَلَوْ كَانَ مِقْدَارَ صَفَّيْنِ إنْ مَشَى دَفْعَةً وَاحِدَةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ مَشَى إلَى صَفٍّ وَوَقَفَ ثُمَّ إلَى صَفٍّ لَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَفْعُ الْيَدَيْنِ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ أَمَّا سَوْقُ الْحِمَارِ بِمَدِّ الرِّجْلَيْنِ يُفْسِدُ وَبِرِجْلٍ وَاحِدَةٍ لَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ حَرَّكَ رِجْلًا وَاحِدَةً لَا عَلَى الدَّوَامِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ حَرَّكَ رِجْلَيْهِ تَفْسُدُ وَاعْتَبَرَ هَذَا الْقَائِلُ الْعَمَلَ بِالرِّجْلَيْنِ بِالْعَمَلِ بِالْيَدَيْنِ وَالْعَمَلَ بِرِجْلٍ وَاحِدَةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ حَرَّكَ رِجْلَيْهِ قَلِيلًا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ حَوَّلَ الْقَادِرُ صَدْرَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ حَوَّلَ وَجْهَهُ دُونَ صَدْرِهِ لَا تَفْسُدُ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ هَذَا إذَا اسْتَقْبَلَ مِنْ سَاعَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِيَدَيْنِ وَإِنْ نَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ لَمْ تَفْسُدْ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ رَفَعَ الْمُصَلِّي مِنْ مَكَانِهِ ثُمَّ وَضَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحَوِّلَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ وَضَعَهُ عَلَى الدَّابَّةِ تَفْسُدُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ فِي الصَّحْرَاءِ رَجُلٌ يُصَلِّي فَتَأَخَّرَ عَنْ مَوْضِعِ قِيَامِهِ مِقْدَارَ سُجُودِهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَيُعْتَبَرُ مِقْدَارُ سُجُودِهِ مِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَيُعْطَى هَذَا الْقَدْرُ حُكْمَ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي وَجْهِ الْقِبْلَةِ فَمَا لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ الْمَسْجِدِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْخَطُّ فِي هَذَا الْبَابِ حَتَّى لَوْ خَطَّ حَوْلَهُ خَطًّا وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْخَطِّ وَلَكِنْ تَأَخَّرَ عَمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي بَيَانِ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ وَمَا لَا يَمْنَعُ. وَلَوْ كَانَ فِي الصَّفِّ فُرْجَةٌ فَدَخَلَ رَجُلٌ فِي تِلْكَ الْفُرْجَةِ فَتَقَدَّمَ الْمُصَلِّي حَتَّى وَسَّعَ عَلَيْهِ الْمَكَانُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَهَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي مَنْزِلِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَاقْتَدَى بِهِ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ تَطَوُّعًا فَقَامَ الْإِمَامُ إلَى الرَّابِعَةِ نَاسِيًا وَلَمْ يَقْعُدْ عَلَى الثَّالِثَةِ وَتَابَعَهُ الْمُقْتَدِي قَالُوا: فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَنْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ. قَتْلُ الْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ سَوَاءٌ حَصَلَ بِضَرْبَةٍ أَوْ بِضَرَبَاتٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ فَإِنْ وَقَعَ هَذَا لِلْمُقْتَدِي فَأَخَذَ النَّعْلَ بِيَدِهِ وَمَشَى إلَيْهِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ صَارَ قُدَّامَ الْإِمَامِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَسْتَوِي فِيهِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْحَيَّاتِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنَّمَا يُبَاحُ قَتْلُ الْحَيَّةِ أَوْ الْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ إذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَخَافَ أَنْ يُؤْذِيَهُ فَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَخَافُ الْأَذَى فَيُكْرَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ رَمَى ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ عَلَى الْوَلَاءِ أَوْ قَتَلَ الْقَمَلَاتِ عَلَى الْوَلَاءِ أَوْ نَتَفَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ عَلَى الْوَلَاءِ أَوْ اكْتَحَلَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْحُجَّةِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إذَا رَمَى حَجَرًا وَبَسَطَ ذِرَاعَهُ وَمَدَّهَا بِطَاقَتِهِ وَرَمَى نَحْوَ الْهَوَاءِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَعَنْ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُصَلِّي عَلَى الدَّابَّةِ إذَا ضَرَبَهَا لِاسْتِخْرَاجِ السَّيْرِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: إنْ ضَرَبَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ ضَرَبَهَا ثَلَاثًا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ يُرِيدُ إذَا ضَرَبَهَا عَلَى الْوَلَاءِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ ضَرَبَ إنْسَانًا بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِسَوْطٍ تَفْسُدُ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَلَوْ رَمَى طَائِرًا بِحَجَرٍ لَمْ تَفْسُدْ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ خَلَعَ الْخُفَّ وَهُوَ وَاسِعٌ لَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ لَبِسَ الْخُفَّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَلْجَمَ دَابَّتَهُ أَوْ أَسْرَجَهَا أَوْ نَزَعَ السَّرْجَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَتَبَ قَدْرَ ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ فِي صَلَاتِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَا وَفِي الْفَتَاوَى تَقْدِيرُ ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ كَتَبَ عَلَى الْهَوَاءِ أَوْ عَلَى بَدَنِهِ شَيْئًا لَا يَسْتَبِينُ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَثُرَ. كَذَا

فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ فَتَحَ الْبَابَ الْمُغْلَقَ تَفْسُدُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. صَبِيٌّ مَصَّ ثَدْيَ امْرَأَةٍ مُصَلِّيَةٍ إنْ خَرَجَ اللَّبَنُ فَسَدَتْ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ مَتَى خَرَجَ اللَّبَنُ يَكُونُ إرْضَاعًا وَبِدُونِهِ لَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ مَصَّ ثَلَاثَ مَصَّاتٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهَا وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ اللَّبَنُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ. وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الصَّلَاةِ فَجَامَعَهَا زَوْجُهَا بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهَا وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ مِنْهَا بَلَّةٌ وَكَذَا لَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ أَمَّا لَوْ قَبَّلَتْ الْمَرْأَةُ الْمُصَلِّي وَلَمْ يَشْتَهِهَا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَلَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا عَنْ شَهْوَةٍ يَصِيرُ مُرَاجِعًا وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فِي رِوَايَةٍ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ دَهَنَ رَأْسَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ أَوْ جَعَلَ مَاءٍ الْوَرْدِ عَلَى رَأْسِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ قِيلَ: هَذَا إذَا تَنَاوَلَ الْقَارُورَةَ فَصَبَّ الدُّهْنَ عَلَى رَأْسِهِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ أَوْ بِلِحْيَتِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ سَرَّحَ لِحْيَتَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا حَكَّ ثَلَاثًا فِي رُكْنٍ وَاحِدٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ هَذَا إذَا رَفَعَ يَدَهُ فِي كُلٍّ مَرَّةٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَرْفَعْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَلَا تَفْسُدُ وَلَوْ كَانَ الْحَكُّ مَرَّةً وَاحِدَةً يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ مَرَّ مَارٌّ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ أَثِمَ وَتَكَلَّمُوا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُكْرَهُ الْمُرُورُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَوْضِعُ صَلَاتِهِ مِنْ قَدَمِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. قَالَ مَشَايِخُنَا: إذَا صَلَّى رَامِيًا بَصَرَهُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ فَلَمْ يَقَعْ بَصَرُهُ عَلَيْهِ لَمْ يُكْرَهْ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ إلَى الصَّوَابِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ هَذَا حُكْمُ الصَّحْرَاءِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَإِنْسَانٍ أَوْ أُسْطُوَانَةٍ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ وَالْمَسْجِدُ صَغِيرٌ كُرِهَ فِي أَيِّ مَكَان كَانَ وَالْمَسْجِدُ الْكَبِيرُ كَالصَّحْرَاءِ. كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي الدُّكَّانِ فَإِنْ كَانَتْ أَعْضَاءُ الْمَارِّ تُحَاذِي أَعْضَاءَ الْمُصَلِّي يُكْرَهُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ مَرَّ رَجُلَانِ مُتَحَاذِيَانِ فَالْكَرَاهَةُ تَلْحَقُ الَّذِي يَلِي الْمُصَلِّيَ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالُوا: حِيلَةُ الرَّاكِبِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَمُرَّ أَنْ يَصِيرَ وَرَاءَ الدَّابَّةِ وَيَمُرَّ فَتَصِيرَ الدَّابَّةُ سُتْرَةً وَلَا يَأْثَمُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَلَوْ مَرَّ اثْنَانِ يَقُومُ أَحَدُهُمَا أَمَامَهُ وَيَمُرُّ الْآخَرُ وَيَفْعَلُ الْآخَرُ. هَكَذَا وَيَمُرَّانِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيَنْبَغِي لِمَنْ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ أَنْ يَتَّخِذَ أَمَامَهُ سُتْرَةً طُولُهَا ذِرَاعٌ وَغِلَظُهَا غِلَظُ الْأُصْبُعِ وَيَقْرُبَ مِنْ السُّتْرَةِ وَيَجْعَلَهَا عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ وَالْأَيْمَنُ أَفْضَلُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ تَعَذَّرَ غَرَزَ الْعُودَ لَا يُلْقِي. كَذَا فِي الْكَافِي وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَفِي الْخُلَاصَةِ هُوَ الْأَصَحُّ وَفِي الْقُنْيَةِ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ. فَإِنْ وَضَعَهَا وَضَعَهَا طُولًا لَا عَرْضًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ خَشَبَةٌ أَوْ شَيْءٌ يُغْرَزُ أَوْ شَيْءٌ يُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ هَلْ يَخُطُّ خَطًّا؟ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخُطُّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يَخُطُّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَيْضًا وَاَلَّذِينَ قَالُوا بِالْخَطِّ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْخَطِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَخُطُّ طُولًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَخُطُّ كَالْمِحْرَابِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ السُّتْرَةِ إذَا أَمِنَ الْمُرُورَ وَلَمْ يُوَاجِهْ الطَّرِيقَ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَسُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِلْقَوْمِ وَيَدْرَأُ الْمَارَّ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ أَوْ مَرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ بِالْإِشَارَةِ أَوْ بِالتَّسْبِيحِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالُوا هَذَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ أَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّهُنَّ يُصَفِّقْنَ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يُضْرَبَ بِظُهُورِ الْأَصَابِعِ الْيُمْنَى عَلَى صَفْحَةِ الْكَفِّ مِنْ الْيُسْرَى. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ. وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْإِشَارَةِ وَالتَّسْبِيحِ يُكْرَهُ وَالْإِشَارَةُ بِالرَّأْسِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا زَادَ فِي صَلَاتِهِ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ وَكَذَلِكَ إذَا زَادَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَكَذَلِكَ الرُّكُوعَانِ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ زَادَ فِيهَا رَكْعَةً تَامَّةً قَبْلَ إتْمَامِ صَلَاتِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ

الفصل الثاني فيما يكره في الصلاة وما لا يكره

وَسَجَدَ سَجْدَةً وَرَفَعَ رَأْسَهُ عَنْهَا فَجَاءَ رَجُلٌ وَدَخَلَ مَعَهُ وَرَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فَإِنَّهَا تُفْسِدُ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ زِيَادَةً رَكْعَةً وَهُوَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَإِنَّهَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ مَثَلًا فَافْتَتَحَ الْعَصْرَ أَوْ التَّطَوُّعَ بِتَكْبِيرَةٍ جَدِيدَةٍ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ شُرُوعُهُ فِي غَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ وَهُوَ التَّطَوُّعُ فِيمَا إذَا نَوَاهُ أَوْ نَوَى الْعَصْرَ وَكَانَ صَاحِبَ تَرْتِيبٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ أَوْ بِضِيقِ الْوَقْتِ فَيَخْرُجُ عَمَّا هُوَ فِيهِ ضَرُورَةٌ وَكَذَا لَوْ كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ فَافْتَتَحَ الْفَرْضَ أَوْ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ فَافْتَتَحَ الظُّهْرَ أَوْ بِالْعَكْسِ يَخْرُجُ عَمَّا هُوَ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ فَكَبَّرَ يَنْوِي الِاسْتِئْنَافَ لِلظُّهْرِ بِعَيْنِهِ فَلَا يَفْسُدُ مَا أَدَّاهُ فَيَحْسِبُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْعُدْ فِيمَا بَقِيَ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ بِاعْتِبَارِهَا فَسَدَتْ الصَّلَاةُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ هَذَا إذَا نَوَى بِقَلْبِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ: نَوَيْت أَنْ أُصَلِّيَ الظُّهْرَ بَطَلَ الظُّهْرُ وَلَا يَحْسِبُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ افْتَتَحَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ فَافْتَتَحَ ثَانِيًا لِأَجْلِهِ فَهُوَ عَلَى الِافْتِتَاحِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّاخِلُ امْرَأَةً. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ افْتَتَحَ الظُّهْرَ ثُمَّ كَبَّرَ يَنْوِي الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ فِيهَا بَطَلَ الْأَوَّلُ وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ صَلَّاهَا بِجَمَاعَةٍ لَمْ يَبْطُلْ الْمُؤَدَّى. كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا فَلَمَّا سَلَّمَ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْهَا سَاهِيًا ثُمَّ قَامَ وَاسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ وَصَلَّى أَرْبَعًا وَسَلَّمَ فَسَدَ ظُهْرُهُ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ دُخُولِهِ فِي الظُّهْرِ ثَانِيًا وَقَعَ لَغْوًا فَإِذَا صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً فَقَدْ خَلَطَ الْمَكْتُوبَةَ بِالنَّافِلَةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَمَنْ صَلَّى مِنْ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَزَعَمَ أَنَّهُ أَتَمَّهَا فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ فَكَبَّرَ وَنَوَى الدُّخُولَ فِي سُنَّةِ الْمَغْرِبِ وَقَدْ سَجَدَ لِلسُّنَّةِ أَوَّلًا فَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُنْتَقِلًا مِنْ الْفَرْضِ إلَى النَّفْلِ قَبْلَ فَرَاغِهَا أَمَّا إذَا سَلَّمَ وَتَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ فَحَسِبَ أَنَّ صَلَاتَهَا فَسَدَتْ فَقَامَ وَكَبَّرَ لِلْمَغْرِبِ ثَانِيًا وَصَلَّى ثَلَاثًا إنْ صَلَّى رَكْعَةً وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَجْزَأَهُ الْمَغْرِبُ وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ افْتَتَحَ الْمَغْرِبَ وَصَلَّى رَكْعَةً فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُكَبِّرْ لِلِافْتِتَاحِ فَافْتَتَحَهَا وَصَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَفْتَتِحْ فَافْتَتَحَهَا وَصَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَفِي كِتَابِ رَزِينٍ هَذَا إذَا لَمْ يَقْعُدْ بَعْدَ رَكْعَةٍ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ وَانْتَقَلَ إلَى النَّفْلِ قَبْلَ تَمَامِ الْفَرْضِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَمَا لَا يُكْرَهُ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَمَا لَا يُكْرَهُ) يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَعْبَثَ بِثَوْبِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ أَوْ جَسَدِهِ وَأَنْ يَكُفَّ ثَوْبَهُ بِأَنْ يَرْفَعَ ثَوْبَهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ أَوْ مِنْ خَلْفِهِ إذَا أَرَادَ السُّجُودَ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْفُضَ ثَوْبَهُ كَيْ لَا يَلْتَفَّ بِجَسَدِهِ فِي الرُّكُوعِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمْسَحَ جَبْهَتَهُ مِنْ التُّرَابِ وَالْحَشِيشِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ وَقَبْلَهُ إذَا كَانَ يَضُرُّهُ ذَلِكَ وَيَشْغَلُهُ عَنْ الصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ يُكْرَهُ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ وَلَا يُكْرَهُ قَبْلَ التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالتَّرْكُ أَفْضَلُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمْسَحَ الْعَرَقَ عَنْ جَبْهَتِهِ فِي الصَّلَاةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ كُلُّ عَمَلٍ هُوَ مُفِيدٌ لَا بَأْسَ بِهِ لِلْمُصَلِّي وَقَدْ صَحَّ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سَلَتَ الْعَرَقَ عَنْ جَبْهَتِهِ وَكَانَ إذَا قَامَ مِنْ سُجُودِهِ نَفَضَ ثَوْبَهُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً» وَمَا لَيْسَ بِمُفْسِدٍ يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. ظَهَرَ مِنْ أَنْفِهِ ذَنِينٌ (1) فِي الصَّلَاةِ فَمَسْحُهُ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَقْطُرَ مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُكْرَهُ عَدُّ الْآيِ وَالتَّسْبِيحُ بِالْيَدِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِذَلِكَ ثُمَّ قِيلَ الْخِلَافُ فِي الْفَرَائِضِ وَيَجُوزُ فِي النَّوَافِلِ بِالْإِجْمَاعِ وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي النَّوَافِلِ

وَلَا يَجُوزُ فِي الْفَرَائِضِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِلَّا ظَهَرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُلِّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. قَالَ مَشَايِخُنَا: وَإِنْ احْتَاجَ الْمَرْءُ إلَى الْعَدِّ عَدَّهُ إشَارَةً لَا إنْصَاصًا وَيَعْمَلُ الْمُضْطَرُّ بِقَوْلِهِمَا. كَذَا فِي النِّهَايَةِ قَالُوا إنْ غَمَزَ بِرُءُوسِ الْأَصَابِعِ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدِّ التَّسْبِيحِ خَارِجَ الصَّلَاةِ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى لَا يُكْرَهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي الصَّحِيحِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُكْرَهُ عَدُّ السُّوَرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَكُرِهَ تَقْلِيبُ الْحَصَى إلَّا أَنْ لَا يُمَكِّنَهُ مِنْ السُّجُودِ فَيُسَوِّيَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُسَوِّيهِ مَرَّةً. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُشَبِّكَ أَصَابِعَهُ وَأَنْ يُفَرْقِعَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْفَرْقَعَةُ خَارِجَ الصَّلَاةِ كَرِهَهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَيُكْرَهُ عَقْصُ شَعْرِهِ وَهُوَ جَمْعُ الشَّعْرِ عَلَى الرَّأْسِ وَشَدُّهُ بِشَيْءٍ حَتَّى لَا يَنْحَلَّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ فَقِيلَ أَنْ يَجْمَعَهُ وَسَطَ رَأْسِهِ ثُمَّ يَشُدَّهُ وَقِيلَ أَنْ يَلُفَّ ذَوَائِبَهُ حَوْلَ رَأْسِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ وَقِيلَ أَنْ يَجْمَعَهُ مِنْ قِبَلِ الْقَفَا وَيُمْسِكَهُ بِخَيْطٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَكُلُّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيُكْرَهُ التَّخَصُّرُ أَيْضًا خَارِجَ الصَّلَاةِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَلْتَفِتَ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً بِأَنْ يُحَوِّلَ بَعْضَ وَجْهِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ فَأَمَّا أَنْ يَنْظُرَ بِمُؤْقِ عَيْنِهِ وَلَا يُحَوِّلَ وَجْهَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَرْفَعَ بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُقْعِيَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْإِقْعَاءُ أَنْ يَضَعَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيَنْصِبَ رُكْبَتَيْهِ نَصْبًا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَالنِّهَايَةِ نَاقِلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ وَالْإِقْعَاءُ أَنْ يَقْعُدَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقِيلَ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَقِيلَ أَنْ يَجْمَعَ رُكْبَتَيْهِ إلَى صَدْرِهِ وَقِيلَ هَذَا وَيَعْتَمِدُ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِإِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَيُكْرَهُ رَدُّ السَّلَامِ بِيَدِهِ وَالتَّرَبُّعُ بِلَا عُذْرٍ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَفْتَرِشَ ذِرَاعَيْهِ وَأَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ وَأَنْ يُسْدِلَ ثَوْبَهُ كَذَا فِي الْمُنْيَةِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ كَتِفَيْهِ فَيُرْسِلَ جَوَانِبَهُ وَمِنْ السَّدْلِ أَنْ يَجْعَلَ الْقَبَاءَ عَلَى كَتِفَيْهِ وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ سَوَاءٌ كَانَ تَحْتَهُ قَمِيصٌ أَوْ لَا. كَذَا فِي النِّهَايَةِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالنِّصَابِ الْمُصَلِّي إذَا كَانَ لَابِسَ شُقَّةٍ أَوْ فَرْجِي وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي الْكُمَّيْنِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ قَالُوا: وَمَنْ صَلَّى فِي قَبَاءٍ يَنْبَغِي أَنْ يُدْخِلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ وَيَشُدَّهُ بِالْمِنْطَقَةِ مَخَافَةَ السَّدْلِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي كَرَاهَةِ السَّدْلِ خَارِجَ الصَّلَاةِ كَمَا فِي الدِّرَايَةِ وَصَحَّحَ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْكَرَاهَةِ إنَّهُ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ حَاسِرًا رَأْسَهُ إذَا كَانَ يَجِدُ الْعِمَامَةَ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ تَكَاسُلًا أَوْ تَهَاوُنًا بِالصَّلَاةِ وَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا فَعَلَهُ تَذَلُّلًا وَخُشُوعًا بَلْ هُوَ حَسَنٌ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ صَلَّى مَعَ السَّرَاوِيلِ وَالْقَمِيصُ عِنْدَهُ يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْبُرْنُسِ وَلَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ فِي الْحَرْبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ صَلَّى رَافِعًا كُمَّيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ كُرِهَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتُكْرَهُ الصَّمَّاءُ وَهُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ بِثَوْبِهِ فَيُجَلِّلَ بِهِ جَسَدَهُ كُلَّهُ مِنْ رَأْسِهِ إلَى قَدَمِهِ وَلَا يَرْفَعُ جَانِبًا يُخْرِجُ يَدَهُ مِنْهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَتُكْرَهُ لِبْسَةُ الصَّمَّاءِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الثَّوْبَ تَحْتَ الْإِبِطِ الْأَيْمَنِ وَيَطْرَحَ جَانِبَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُكْرَهُ الِاعْتِجَارُ وَهُوَ أَنْ يُكَوِّرَ عِمَامَتَهُ وَيَتْرُكَ وَسَطَ رَأْسِهِ مَكْشُوفًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ الْإِمَامُ الْوَلْوَالِجِيُّ وَهُوَ يُكْرَهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْضًا. هَكَذَا

فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَيُكْرَهُ التَّلَثُّمُ وَهُوَ تَغْطِيَةُ الْأَنْفِ وَالْفَمِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّثَاؤُبُ فَإِنْ غَلَبَهُ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ غَلَبَهُ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ كُمَّهُ عَلَى فَمِهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُكْرَهُ تَرْكُ تَغْطِيَةِ الْفَمِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ. هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ ثُمَّ إذَا وَضَعَ يَدَهُ يَضَعُ ظَهْرَ يَدِهِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ. وَيُغَطِّي فَاهُ بِيَمِينِهِ فِي الْقِيَامِ وَفِي غَيْرِهِ بِالْيَسَارِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَيُكْرَهُ التَّمَطِّي وَتَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ وَأَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يُدَافِعُ الْأَخْبَثَيْنِ وَإِنْ شَغَلَهُ قَطَعَهَا وَكَذَا الرِّيحُ وَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا أَجْزَأَهُ وَقَدْ أَسَاءَ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ يَفُوتُهُ يُصَلِّي؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْلَى مِنْ الْقَضَاءِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُرَوِّحَ عَلَى نَفْسِهِ بِمِرْوَحَةٍ أَوْ بِكُمِّهِ وَلَا تَفْسُدُ بِهِ الصَّلَاةُ مَا لَمْ يَكْثُرْ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُكْرَهُ السُّعَالُ وَالتَّنَحْنُحُ قَصْدًا وَإِنْ كَانَ مَدْفُوعًا إلَيْهِ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَبْزُقَ فِي الصَّلَاةِ. وَكَذَا تَرْكُ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ أَنْ لَا يُقِيمَ صُلْبَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا فِي الْقَوْمَةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا وَفِي الْجِلْسَةِ الَّتِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَيُكْرَهُ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يَقُومَ فِي خِلَالِ صُفُوفِ الْجَمَاعَةِ فَيُخَالِفَهُمْ فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَكَذَا لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَقُومَ خَلْفَ الصُّفُوفِ وَحْدَهُ إذَا وَجَدَ فُرْجَةً فِي الصُّفُوفِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً فِي الصُّفُوفِ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ وَحُسْنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فَإِنْ جَرَّ أَحَدًا مِنْ الصَّفِّ إلَى نَفْسِهِ وَقَامَ مَعَهُ فَذَلِكَ أَوْلَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَالِمًا حَتَّى لَا تَفْسُدَ الصَّلَاةُ عَلَى نَفْسِهِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَفِي الْحَاوِي وَإِنْ كَانَتْ الْقُبُورُ مَا وَرَاءَ الْمُصَلِّي لَا يُكْرَهُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَبْرِ مِقْدَارَ مَا لَوْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَيَمُرُّ إنْسَانٌ لَا يُكْرَهُ فَهَهُنَا أَيْضًا لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فَوْقَ رَأْسِهِ أَوْ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ عَلَى يَسَارِهِ أَوْ فِي ثَوْبِهِ تَصَاوِيرُ وَفِي الْبِسَاطِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ عَلَى الْبِسَاطِ إذَا لَمْ يَسْجُدْ عَلَى التَّصَاوِيرِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الصُّورَةُ كَبِيرَةً تَبْدُو لِلنَّاظِرِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا تَبْدُو لِلنَّاظِرِ إلَّا بِتَأَمُّلٍ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ قَطَعَ الرَّأْسَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَقَطْعُ الرَّأْسِ أَنْ يَمْحِيَ رَأْسَهَا بِخَيْطٍ يُخَاطُ عَلَيْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ لِلرَّأْسِ أَثَرٌ أَصْلًا وَلَوْ خَيَّطَ بَيْنَ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ مِنْ الطُّيُورِ مَا هُوَ مُطَوَّقٌ وَأَشَدُّهَا كَرَاهَةً أَنْ تَكُونَ أَمَامَ الْمُصَلِّي ثُمَّ فَوْقَ رَأْسِهِ ثُمَّ يَمِينَهُ ثُمَّ يَسَارَهُ ثُمَّ خَلْفَهُ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَفِي التَّهْذِيبِ وَلَوْ كَانَتْ عَلَى وِسَادَةٍ مَنْصُوبَةٍ بَيْنَ يَدَيْهِ يُكْرَهُ وَلَوْ كَانَتْ مُلْقَاةً عَلَى الْأَرْضِ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا يُكْرَهُ تِمْثَالُ غَيْرِ ذِي الرُّوحِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيُكْرَهُ تَكْرَارُ السُّورَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْفَرَائِضِ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي التَّطَوُّعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا كَرَّرَ آيَةً وَاحِدَةً مِرَارًا فَإِنْ كَانَ فِي التَّطَوُّعِ الَّذِي يُصَلِّي وَحْدَهُ فَذَلِكَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْعُذْرِ وَالنِّسْيَانِ فَلَا بَأْسَ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَكَذَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ يُخَافَتُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ فِي السَّهْوِ. وَيُكْرَهُ وَضْعُ الْيَدِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ إذَا سَجَدَ وَرَفْعُهُمَا قَبْلَهُمَا إذَا قَامَ إلَّا مِنْ عُذْرٍ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ. وَيُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَسْبِقَ الْإِمَامَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَأَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ فِيهِمَا قَبْلَ الْإِمَامِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُكْرَهُ الْجَهْرُ بِالتَّسْمِيَةِ وَالتَّأْمِينِ، وَإِتْمَامُ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ، وَالْأَذْكَارُ بَعْدَ تَمَامِ الِانْتِقَالِ، وَالِاتِّكَاءُ عَلَى الْعَصَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فِي الْفَرَائِضِ دُونَ التَّطَوُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. صَلَّى وَهُوَ حَامِلٌ صَبِيًّا جَازَتْ صَلَاتُهُ وَيُكْرَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَحْفَظُهُ وَيَتَعَهَّدُهُ وَهُوَ يَبْكِي فَلَا يُكْرَهُ هَكَذَا

فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُكْرَهُ نَزْعُ الْقَمِيصِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَلُبْسُهُمَا وَخَلْعُ الْخُفِّ فِي الصَّلَاةِ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ رَفَعَ الْعِمَامَةَ مِنْ رَأْسِهِ وَوَضَعَهَا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ رَفَعَهَا مِنْ الْأَرْضِ وَوَضَعَهَا عَلَى رَأْسِهِ لَا يُفْسِدُ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إنَّمَا يُكْرَهُ إذَا لَمْ يَمْنَعْ وِجْدَانَ حَجْمِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَوْ مَنَعَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَصْلًا. كَذَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ. إذَا بَسَطَ كُمَّهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ إنْ بَسَطَ لِيَقِيَ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ كُرِهَ وَإِنْ بَسَطَ لِيَقِيَ التُّرَابَ عَنْ عِمَامَتِهِ وَثِيَابِهِ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. رَجُلٌ يُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ وَيَسْجُدُ عَلَى خِرْقَةٍ وَضَعُوهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَقِيَ بِهَا الْحَرَّ لَا بَأْسَ بِهِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ سَتَرَ قَدَمَيْهِ فِي السَّجْدَةِ يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا بَأْسَ لِلْمُتَطَوِّعِ الْمُنْفَرِدِ أَنْ يَتَعَوَّذَ مِنْ النَّارِ وَيَسْأَلَ الرَّحْمَةَ عِنْدَ آيَةِ الرَّحْمَةِ أَوْ يَسْتَغْفِرَ وَإِنْ كَانَ فِي الْفَرْضِ يُكْرَهُ وَأَمَّا الْإِمَامُ الْمُقْتَدَى فَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْفَرْضِ وَلَا فِي النَّفْلِ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ. وَيُكْرَهُ التَّمَايُلُ عَلَى يُمْنَاهُ مَرَّةً وَعَلَى يُسْرَاهُ أُخْرَى. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيُكْرَهُ التَّرَاوُحُ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِعُذْرٍ وَكَذَا الْقِيَامُ بِإِحْدَى الْقَدَمَيْنِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَيُكْرَهُ تَقْدِيمُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ عِنْدَ النُّهُوضِ وَيُسْتَحَبُّ الْهُبُوطُ بِالْيَمِينِ وَالنُّهُوضُ بِالشِّمَالِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَشُمَّ طِيبًا أَوْ رَيْحَانًا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَحْرِفَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ عَنْ الْقِبْلَةِ فِي السُّجُودِ وَغَيْرِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُكْرَهُ قِيَامُ الْإِمَامِ وَحْدَهُ فِي الطَّاقِ وَهُوَ الْمِحْرَابُ وَلَا يُكْرَهُ سُجُودُهُ فِيهِ إذَا كَانَ قَائِمًا خَارِجَ الْمِحْرَابِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ بِمَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقُومَ فِي الطَّاقِ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْبُرْهَانِيَّةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ عَلَى الدُّكَّانِ وَكَذَا الْقَلْبُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ مَعَهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ثُمَّ قَدْرُ الِارْتِفَاعِ قَامَةٌ وَلَا بَأْسَ بِمَا دُونَهَا ذَكَرَهُ الطَّحْطَاوِيُّ وَقِيلَ: إنَّهُ مُقَدَّرٌ بِمَا يَقَعُ بِهِ الِامْتِيَازُ، وَقِيلَ: بِمِقْدَارِ الذِّرَاعِ اعْتِبَارًا بِالسُّتْرَةِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى سَطْحِ الْكَعْبَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ التَّعْظِيمِ وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَخُصَّ لِنَفْسِهِ مَكَانًا فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي فِيهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ صَلَّى إلَى وَجْهِ إنْسَانٍ يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْمَعْدِنِ وَلَوْ صَلَّى إلَى وَجْهِ إنْسَانٍ وَبَيْنَهُمَا ثَالِثٌ ظَهْرُهُ إلَى وَجْهِ الْمُصَلِّي لَمْ يُكْرَهْ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. الِاسْتِقْبَالُ إلَى الْمُصَلِّي مَكْرُوهٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَلِّي فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ فِي الصَّفِّ الْأَخِيرِ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ. وَلَوْ صَلَّى إلَى ظَهْرِ رَجُلٍ يَتَحَدَّثُ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ إلَّا إذَا رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِحَيْثُ يَخَافُ الْمُصَلِّي أَنْ يَزِلَّ فِي الْقِرَاءَةِ فَحِينَئِذٍ يُكْرَهُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ نِيَامٌ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ تَوَجَّهَ فِي صَلَاتِهِ إلَى تَنُّورٍ فِيهِ نَارٌ تَتَوَقَّدُ أَوْ كَانُونٍ فِيهِ نَارٌ يُكْرَهُ وَلَوْ تَوَجَّهَ إلَى قِنْدِيلٍ أَوْ إلَى سِرَاجٍ لَمْ يُكْرَهْ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فَوْقَ رَأْسِهِ مُصْحَفٌ أَوْ سَيْفٌ مُعَلَّقٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا سَمِعَ الْإِمَامُ حِسَّ جَاءٍ وَهُوَ فِي الرُّكُوعِ فَطَوَّلَ لِيُدْرِكَ الْجَائِي فَإِنْ عَرَفَ الَّذِي يَجِيءُ يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ مِقْدَارَ تَسْبِيحَةٍ أَوْ تَسْبِيحَتَيْنِ. كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَقِيَامُ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ مُحَاذَاةِ الصَّفِّ مَكْرُوهٌ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَفِي فِيهِ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْنَعُهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَيُكْرَهُ لَوْ صَلَّى وَفِي يَدِهِ مَالٌ يُمْسِكُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَقُدَّامَهُ عَذِرَةٌ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَخْطُوَ خُطُوَاتٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَوَقَفَ بَعْدَ كُلِّ خُطْوَةٍ وَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُكَبِّرَ خَلْفَ الصَّفِّ ثُمَّ يَلْحَقَ بِهِ. كَذَا

فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُكْرَهُ أَنْ لَا يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فِي الرُّكُوعِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ فِي السُّجُودِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيُكْرَهُ تَنْكِيسُ الرَّأْسِ وَرَفْعُهُ، وَمُجَاوَزَةُ الْيَدَيْنِ عَنْ الْأُذُنَيْنِ، وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ تَحْتَ الْمَنْكِبَيْنِ، وَإِلْصَاقُ الْبَطْنِ بِالْفَخِذَيْنِ، وَقِيَامُ الْقَوْمِ إلَى الصَّفِّ عِنْدَ الْإِقَامَةِ وَالْإِمَامُ غَائِبٌ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُعَجِّلَهُمْ عَنْ إكْمَالِ السُّنَّةِ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ فِي الْحُجَّةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَذُبَّ بِيَدِهِ الذُّبَابَ وَالْبَعُوضَ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ بِعَمَلٍ قَلِيلٍ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَكُلُّ عَمَلٍ قَلِيلٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَقَلِّدًا لِلْقَوْسِ وَالْجَعْبَةِ إلَّا أَنْ يَتَحَرَّكَا عَلَيْهِ حَرَكَةً تَشْغَلُهُ فَحِينَئِذٍ مَكْرُوهٌ وَيُجْزِيهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الصَّلَاةُ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ جَائِزَةٌ وَلَكِنْ يُعَاقَبُ بِظُلْمِهِ فَمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى يُثَابُ وَمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِبَادِ يُعَاقَبُ. كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى الصَّلَاةُ جَائِزَةٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَتُعَادُ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ وَهُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْكَرَاهَةُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ تَجِبُ الْإِعَادَةُ أَوْ تَنْزِيهٍ تُسْتَحَبُّ فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ التَّحْرِيمِيَّةَ فِي رُتْبَةِ الْوَاجِبِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) الْمُصَلِّي إذَا دَعَاهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ لَا يُجِيبُ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ صَلَاتِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَغِيثَ بِهِ لِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ إذَا خَافَ أَنْ يَسْقُطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ تُحْرِقَهُ النَّارُ أَوْ يَغْرَقَ فِي الْمَاءِ وَاسْتَغَاثَ بِالْمُصَلِّي وَجَبَ عَلَيْهِ قَطْعُ الصَّلَاةِ. رَجُلٌ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ فَسُرِقَ مِنْهُ شَيْءٌ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ وَيَطْلُبَ السَّارِقَ سَوَاءٌ كَانَتْ فَرِيضَةً أَوْ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ مَالٌ. امْرَأَةٌ تُصَلِّي فَفَارَ قِدْرُهَا جَازَ لَهَا قَطْعُ الصَّلَاةِ لِإِصْلَاحِهَا وَكَذَا الْمُسَافِرُ إذَا نَدَّتْ دَابَّتُهُ أَوْ خَافَ الرَّاعِي عَلَى غَنَمِهِ الذِّئْبَ وَلَوْ رَأَى أَعْمَى عِنْدَ الْبِئْرِ فَخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَقَعَ فِيهَا قَطَعَ الصَّلَاةَ لِأَجْلِهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ جَاءَ ذِمِّيٌّ فَقَالَ لِلْمُصَلِّي: اعْرِضْ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ يَقْطَعُ وَإِنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَ انْشِقَاقِ الْفَجْرِ إلَّا بِذِكْرِ الْخَيْرِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الصَّلَاةُ بِنِيَّةِ الْخُصُومَةِ لَا تُفْعَلُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (فَصْلٌ) كُرِهَ غَلْقُ بَابِ الْمَسْجِدِ: وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِغَلْقِ الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ أَوَانِ الصَّلَاةِ صِيَانَةً لِمَتَاعِ الْمَسْجِدِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَكُرِهَ الْوَطْءُ فَوْقَ الْمَسْجِدِ وَالْبَوْلُ وَالتَّخَلِّي لَا فَوْقَ بَيْتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ وَاخْتَلَفُوا فِي مُصَلَّى الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ فِي حَقِّ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ كَالْمَسْجِدِ لِكَوْنِهِ مَكَانًا وَاحِدًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِنَاءُ الْمَسْجِدِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ حَتَّى لَوْ قَامَ فِي فِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَاقْتَدَى بِالْإِمَامِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً وَلَا الْمَسْجِدُ مَلْآنَ، إلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَابِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ فِي الطَّاقَاتِ وَالسُّدَدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً وَلَا يَصِحُّ فِي دَارِ الصَّيَارِفَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِمَنْ قَامَ عَلَى الدَّكَاكِينِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ فِنَاءِ الْمَسْجِدِ مُتَّصِلَةً بِالْمَسْجِدِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يُكْرَهُ نَقْش الْمَسْجِدِ بِالْجِصِّ وَمَاءِ الذَّهَبِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَذَا إذَا فَعَلَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَمَّا الْمُتَوَلِّي يَفْعَلُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ مَا يَرْجِعُ إلَى أَحْكَامِ الْبِنَاءِ دُونَ مَا يَرْجِعُ إلَى النَّقْشِ حَتَّى لَوْ فَعَلَ يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ اجْتَمَعَتْ أَمْوَالُ الْمَسْجِدِ وَخَافَ الضَّيَاعَ بِطَمَعِ الظَّلَمَةِ لَا بَأْسَ بِهِ حِينَئِذٍ. كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَيْسَ بِمُسْتَحْسَنٍ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْمَحَارِيبِ وَالْجُدَرَانِ لِمَا يُخَافُ مِنْ سُقُوطِ الْكِتَابَةِ وَأَنْ تُوطَأَ وَفِي جَمْعِ النَّسَفِيِّ مُصَلَّى أَوْ بِسَاطٌ فِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى يُكْرَهُ بَسْطُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ فِي شَيْءٍ وَكَذَا يُكْرَهُ إخْرَاجُهُ

الباب الثامن في صلاة الوتر

عَنْ مِلْكِهِ إذَا لَمْ يَأْمَنْ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْغَيْرِ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُوضَعَ فِي أَعْلَى مَوْضِعٍ لَا يُوضَعُ فَوْقَهُ شَيْءٌ، وَكَذَا يُكْرَهُ كِتَابَةُ الرِّقَاعِ وَإِلْصَاقُهَا بِالْأَبْوَابِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِهَانَةِ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَتُكْرَهُ الْمَضْمَضَةُ وَالْوُضُوءُ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّةَ مَوْضِعٌ أُعِدَّ لِذَلِكَ وَلَا يُصَلِّي فِيهِ وَلَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فِي إنَاءٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَبْزُقُ عَلَى حِيطَانِ الْمَسْجِدِ وَلَا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْحَصَى وَلَا فَوْقَ الْبَوَارِي وَلَا تَحْتَهَا، وَكَذَا الْمُخَاطُ وَلَكِنْ يَأْخُذُ بِثَوْبِهِ وَإِنْ كَانَ فَعَلَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ كَانَ الْإِلْقَاءُ فَوْقَ الْحَصِيرِ أَهْوَنَ مِنْ الْإِلْقَاءِ تَحْتَهُ؛ لِأَنَّ الْبَوَارِيَ لَيْسَتْ بِمَسْجِدٍ حَقِيقَةً وَمَا تَحْتَهَا مَسْجِدٌ حَقِيقَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ الْبَوَارِي يَدْفِنْهُ فِي التُّرَابِ وَلَا يَتْرُكْهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ مَشَى فِي الطِّينِ كُرِهَ أَنْ يَمْسَحَهُ بِحَائِطِ الْمَسْجِدِ أَوْ بِأُسْطُوَانَتِهِ وَإِنْ مَسَحَ بِحَصِيرِ الْمَسْجِدِ لَا بَأْسَ بِهِ وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ وَإِنْ مَسَحَ بِتُرَابٍ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَ التُّرَابُ مَجْمُوعًا لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مُنْبَسِطًا يُكْرَهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ مَسَحَ بِخَشَبَةٍ مَوْضُوعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يُحْفَرُ فِي الْمَسْجِدِ بِئْرُ مَاءٍ وَلَوْ كَانَتْ الْبِئْرُ قَدِيمَةً تُتْرَكُ كَبِئْرِ زَمْزَمَ. وَيُكْرَهُ غَرْسُ الشَّجَرِ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالْبِيعَةِ وَتَشْغَلُ مَكَانَ الصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمَسْجِدِ بِأَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ نَزَّةً لَا تَسْتَقِرُّ أَسَاطِينُهَا فَيُغْرَسُ فِيهِ الشَّجَرُ لِيَقِلَّ النَّزُّ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَّخِذَ فِي الْمَسْجِدِ بَيْتًا تُوضَعُ فِيهِ الْبَوَارِي. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. مَسْجِدٌ بُنِيَ عَلَى سُورِ الْمَدِينَةِ قَالُوا لَا يُصَلَّى فِيهِ؛ لِأَنَّ السُّوَرَ حَقُّ الْعَامَّةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَبَنَى مَسْجِدٌ بِإِذْنِ الْإِمَامِ جَازَتْ الصَّلَاةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ الطَّرِيقَ مَسْجِدًا فَهَذَا أَوْلَى. رَجُلٌ يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ وَيَتَّخِذُ طَرِيقًا إنْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ وَبِعُذْرٍ يَجُوزُ ثُمَّ إذَا جَازَ يُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً لَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ. الْخَيَّاطُ إذَا كَانَ يَخِيطُ فِي الْمَسْجِدِ يُكْرَهُ إلَّا إذَا جَلَسَ لِدَفْعِ الصِّبْيَانِ وَصِيَانَةِ الْمَسْجِدِ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَا الْكَاتِبُ إذَا كَانَ يَكْتُبُ بِأَجْرٍ يُكْرَهُ وَبِغَيْرِ أَجْرٍ لَا، وَأَمَّا الْمُعَلِّمُ الَّذِي يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ بِأَجْرٍ إذَا جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ لِضَرُورَةِ الْحَرِّ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُكْرَهُ وَفِي نُسْخَةِ الْقَاضِي الْإِمَامِ وَفِي إقْرَارِ الْعُيُونِ جَعَلَ مَسْأَلَةَ الْمُعَلِّمِ كَمَسْأَلَةِ الْكَاتِبِ وَالْخَيَّاطِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. دَارٌ فِيهَا مَسْجِدٌ إنْ كَانَتْ الدَّارُ إذَا أُغْلِقَتْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ كَانَ فِي الدَّارِ فَهُوَ مَسْجِدُ جَمَاعَةٍ تَثْبُتُ فِيهَا أَحْكَامُ الْمَسْجِدِ مِنْ حُرْمَةِ الدُّخُولِ لِلْجُنُبِ إذَا كَانُوا لَا يَمْنَعُونَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ إذَا أُغْلِقَتْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَمَاعَةٌ وَإِذَا فُتِحَ بَابُهَا كَانَ لَهَا جَمَاعَةٌ فَلَيْسَ هَذَا مَسْجِدًا وَإِنْ كَانُوا لَا يَمْنَعُونَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَحْمِلُ الرَّجُلُ سِرَاجَ الْمَسْجِدِ إلَى بَيْتِهِ وَيَحْمِلُ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الْمَسْجِدِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتْرُكَ سِرَاجَ الْمَسْجِدِ فِي الْمَسْجِدِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَلَا يَتْرُكُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ أَوْ كَانَ ذَلِكَ مُعْتَادًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا تَعَلَّقَ بِثِيَابِهِ بَعْضُ مَا يُلْقَى فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الْبَوَارِي فَأَخْرَجَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ الرَّدُّ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ بَنَى مَسْجِدًا وَجَعَلَهُ لِلَّهِ تَعَالَى فَهُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِمَرَمَّتِهِ وَعِمَارَتِهِ وَبَسْطِ الْبَوَارِي وَالْحُصُرِ وَالْقَنَادِيلِ، وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْإِمَامَةِ إنْ كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالرَّأْيُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ لَكِنْ لَوْ تَلِفَ بِهِ شَيْءٌ يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ) عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْوِتْرِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ فِي رِوَايَةٍ فَرِيضَةٌ، وَفِي رِوَايَةٍ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَفِي

رِوَايَةٍ وَاجِبٌ وَهِيَ آخِرُ أَقْوَالِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَانَ سُنَّةً تَبَعًا لِلْعِشَاءِ لَكُرِهَ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ كَمَا يُكْرَهُ تَأْخِيرُ سُنَّتِهَا تَبَعًا لَهَا هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوتِرَ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَعَلَى رَاحِلَتِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِتَرْكِهِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَلَا يَجُوزُ بِدُونِ نِيَّةِ الْوِتْرِ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَمَتَى قُضِيَ الْوِتْرُ قُضِيَ بِالْقُنُوتِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ وَلَا يُكْرَهُ كَمَا يُكْرَهُ تَأْخِيرُ سُنَّةِ الْعِشَاءِ تَبَعًا لَهَا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْوِتْرُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لَا يُفْصَلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْقُنُوتُ وَاجِبٌ عَلَى الصَّحِيحِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ إذَا فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ، وَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ، وَمِقْدَارُ الْقِيَامِ فِي الْقُنُوتِ قَدْرُ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] . هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاخْتَلَفُوا أَنَّهُ يُرْسِلُ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ أَمْ يَعْتَمِدُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَعْتَمِدُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْمُخْتَارُ فِي الْقُنُوتِ الْإِخْفَاءُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيُخَافِتُهُ الْمُنْفَرِدُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لِابْنِ مَلَكٍ. وَلَيْسَ فِي الْقُنُوتِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقْرَأَ " اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك " وَيَقْرَأُ بَعْدَهُ " اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْت " وَمَنْ لَمْ يُحْسِنْ الْقُنُوتَ يَقُولُ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] . كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَوْ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَيُكَرِّرُ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي اللَّيْثِ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ نَسِيَ الْقُنُوتَ فَتَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقْنُتُ فِي الرُّكُوعِ وَلَا يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَإِنْ عَادَ إلَى الْقِيَامِ وَقَنَتَ وَلَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ أَمَّا إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى قِرَاءَةِ مَا نَسِيَ بِالِاتِّفَاقِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَتَرَكَ السُّورَةَ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَقْرَأُ السُّورَةَ وَيُعِيدُ الْقُنُوتَ وَالرُّكُوعَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَكَذَا إذَا قَرَأَ السُّورَةَ وَتَرَكَ الْفَاتِحَةَ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَيُعِيدُ السُّورَةَ وَالْقُنُوتَ وَيُعِيدُ الرُّكُوعَ وَلَوْ أَنَّهُ لَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ أَجْزَأَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْإِمَامُ إذَا تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ فِي الْوِتْرِ أَنَّهُ لَمْ يَقْنُتْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ إلَى الْقِيَامِ وَمَعَ هَذَا إنْ عَادَ وَقَنَتَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَ الرُّكُوعَ وَمَعَ هَذَا إنْ أَعَادَ الرُّكُوعَ وَالْقَوْمُ مَا تَابَعُوهُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا تَابَعُوهُ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي أَوْ عَلَى الْقَلْبِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقُنُوتِ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِنَا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْمُقْتَدِي يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ فَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْمُقْتَدِي مِنْ الْقُنُوتِ فَإِنَّهُ يُتَابِعُ الْإِمَامَ. وَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَقْرَأْ الْقُنُوتَ وَلَمْ يَقْرَأْ الْمُقْتَدِي مِنْ الْقُنُوتِ شَيْئًا إنْ خَافَ فَوْتَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ يَقْنُتُ ثُمَّ يَرْكَعُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي أَجْنَاسِهِ لَوْ شَكَّ أَنَّهُ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِقَعْدَتَيْنِ وَيَقْنُتُ فِيهِمَا احْتِيَاطًا، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لَا يَقْنُتُ فِي الْكُلِّ أَصْلًا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْقُنُوتَ وَاجِبٌ وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْبِدْعَةِ يَأْتِي بِهِ احْتِيَاطًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْمَسْبُوقُ يَقْنُتُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَقْنُتُ بَعْدَهُ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ فَإِذَا قَنَتَ مَعَ الْإِمَامِ لَا يَقْنُتُ ثَانِيًا فِيمَا يَقْضِي. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِذَا أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ فِي الرُّكُوعِ وَلَمْ يَقْنُتْ مَعَهُ لَمْ يَقْنُتْ فِيمَا يَقْضِي. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَقْنُتُ فِي غَيْرِ الْوِتْرِ. كَذَا فِي الْمُتُونِ. وَلَوْ صَلَّى الْوِتْرَ بِمَنْ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي الْقَوْمَةِ وَالْمُقْتَدِي لَا يَرَى ذَلِكَ تَابَعَهُ فِيهِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ قَنَتَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَسْكُتُ مَنْ خَلْفُهُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ

الباب التاسع في النوافل

وَيَقِفُ قَائِمًا وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي النَّوَافِلِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي النَّوَافِلِ) سُنَّ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ رَكْعَتَانِ وَقَبْلَ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا أَرْبَعٌ. كَذَا فِي الْمُتُونِ وَالْأَرْبَعُ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ صَلَّاهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ عَنْ السُّنَّةِ. أَقْوَى السُّنَنِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ ثُمَّ سُنَّةُ الْمَغْرِبِ ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ مَشَايِخُنَا: الْعَالِمُ إذَا صَارَ مَرْجِعًا فِي الْفَتْوَى يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ سَائِرِ السُّنَنِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى فَتْوَاهُ إلَّا سُنَّةَ الْفَجْرِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ اللَّيْلَ بَاقٍ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ كَانَ طَلَعَ ذَكَرَ الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ مَحْمُودٍ النَّسَفِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَلَفَاتِ أَنَّهُ لَا رِوَايَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ: يُجْزِيهِ عَنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّلَاةِ ظَاهِرُ الْجَوَابِ أَنَّهُ يَجْزِيهِ عَنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ حَصَلَ فِي الْوَقْتِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَهَا قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَلِهَذَا قِيلَ: إنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنْ الْوَاجِبِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ النَّافِعِ وَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهَا رَاكِبًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. السُّنَّةُ لِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ وَأَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَفِي بَيْتِهِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهُمَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَوْ وَافَقَ شُرُوعُهُ فِيهِمَا طُلُوعَ الْفَجْرِ يَجُوزُ وَلَوْ شَكَّ فِي الطُّلُوعِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ الطُّلُوعِ فَالسُّنَّةُ آخِرُهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمَكْتُوبَةِ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا صَلَاةٌ، وَالسُّنَّةُ مَا تُؤَدِّي مُتَّصِلًا بِالْمَكْتُوبَةِ وَالسُّنَنُ إذَا فَاتَتْ عَنْ وَقْتِهَا لَمْ يَقْضِهَا إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إذَا فَاتَتَا مَعَ الْفَرْضِ يَقْضِيهِمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى وَقْتِ الزَّوَالِ ثُمَّ يَسْقُطُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَحْر الرَّائِقِ وَإِذَا فَاتَتَا بِدُونِ الْفَرْضِ لَا يُقْضَى عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ إذَا فَاتَتْهُ وَحْدَهَا بِأَنْ شَرَعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِالْأَرْبَعِ فَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَقْضِيهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الظُّهْرِ مَادَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْحَقَائِقِ يُقَدِّمُ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَدِّمُ الْأَرْبَعَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ثُمَّ قِيلَ: لَا بَأْسَ بِتَرْكِ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ تَرْكُهُمَا بِكُلِّ حَالٍ وَهَذَا أَحْوَطُ رَجُلٌ تَرَكَ سُنَنَ الصَّلَاةِ إنْ لَمْ يَرَ السُّنَنَ حَقًّا فَقَدْ كَفَرَ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَهَا اسْتِخْفَافًا وَإِنْ رَآهَا حَقًّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ الْوَعِيدُ بِالتَّرْكِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ صَلَّى الْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَلَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ جَازَ اسْتِحْسَانًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَنُدِبَ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَبَعْدَهَا وَالسِّتُّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ. كَذَا فِي الْكَنْزِ وَخَيَّرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ الْأَرْبَعِ وَالرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْعِشَاءِ وَالْأَفْضَلُ الْأَرْبَعُ فِي كِلَيْهِمَا. هَكَذَا فِي الْكَافِي. [مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ صَلَاةُ الضُّحَى] (وَمِنْ الْمَنْدُوبَاتِ صَلَاةُ الضُّحَى) وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرُهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً وَوَقْتُهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى زَوَالِهَا. (وَمِنْهَا) تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَهِيَ رَكْعَتَانِ. (وَمِنْهَا) رَكْعَتَانِ عَقِيبَ الْوُضُوءِ. (وَمِنْهَا) صَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ وَهِيَ رَكْعَتَانِ. (وَمِنْهَا) صَلَاةُ الْحَاجَةِ وَهِيَ رَكْعَتَانِ. (وَمِنْهَا) صَلَاةُ اللَّيْلِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَمُنْتَهَى تَهَجُّدِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَأَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَاقِلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ وَأَمَّا صَلَاةُ التَّسْبِيحِ فَذِكْرُهَا فِي الْمُلْتَقَطِ يُكَبِّرُ وَيَقْرَأُ الثَّنَاءَ ثُمَّ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ

أَكْبَرُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً ثُمَّ يَتَعَوَّذُ وَيَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً ثُمَّ يَقْرَأُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ عَشْرًا وَفِي الرُّكُوعِ عَشْرًا وَفِي الْقِيَامِ عَشْرًا وَفِي كُلِّ سَجْدَةٍ عَشْرًا وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ عَشْرًا وَيُتِمُّهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ هَلْ تَعْلَمُ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ السُّورَةَ قَالَ نَعَمْ أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ وَالْعَصْرُ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قَالَ الْمُعَلَّى وَيُصَلِّيهَا قَبْلَ الظُّهْرِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ التَّطَوُّعُ الْمُطْلَقُ يُسْتَحَبُّ أَدَاؤُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكُرِهَ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ فِي نَوَافِلِ النَّهَارِ وَعَلَى ثَمَانٍ لَيْلًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا رُبَاعُ؛ لِأَنَّهُ أَدْوَمُ تَحْرِيمَةً فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَشَقَّةً وَأَزْيَدَ فَضِيلَةً وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَعَلَى الْقَلْبِ يَخْرُجُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الْأَفْضَلُ فِي السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ الْمَنْزِلُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْمَنْزِلِ أَفْضَلُ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» ثُمَّ بَابُ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْخَارِجُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الدَّاخِلِ وَالدَّاخِلُ إنْ كَانَ فِي الْخَارِجِ وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ وَاحِدٌ فَخَلْفَ أُسْطُوَانَةٍ وَكُرِهَ خَلْفَ الصُّفُوفِ بِلَا حَائِلٍ، وَأَشَدُّهَا كَرَاهَةً أَنْ يُصَلِّيَ فِي الصَّفِّ مُخَالِطًا لِلْقَوْمِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ أَمَّا قَبْلَ الشُّرُوعِ فَيَأْتِي بِهَا فِي الْمَسْجِدِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ فَأَمَّا السُّنَنُ الَّتِي بَعْدَ الْفَرَائِضِ فَيَأْتِي بِهَا فِي الْمَسْجِدِ فِي مَكَان صَلَّى فِيهِ فَرْضَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَخَطَّى خُطْوَةً وَالْإِمَامُ يَتَأَخَّرُ عَنْ مَكَان صَلَّى فِيهِ فَرْضَهُ لَا مَحَالَةَ. كَذَا فِي الْكَافِي وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ الْأَفْضَلُ أَنْ يُؤَدِّيَ كُلَّهُ فِي الْبَيْتِ إلَّا التَّرَاوِيحَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَجْعَلُ ذَلِكَ أَحْيَانًا فِي الْبَيْتِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ سَوَاءٌ فَلَا تَخْتَصُّ الْفَضِيلَةُ بِوَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ مَا يَكُونُ أَبْعَدَ مِنْ الرِّيَاءِ وَأَجْمَعَ لِلْإِخْلَاصِ وَالْخُشُوعِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَفِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا لَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَلَا يَسْتَفْتِحُ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ بِخِلَافِ سَائِرِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ مِنْ النَّوَافِلِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَاشْتَغَلَ بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ السُّنَّةَ أَمَّا بِأَكْلِ لُقْمَةٍ وَشَرْبَةٍ لَا تَبْطُلُ السُّنَّةُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ هَلْ تَسْقُطُ السُّنَّةُ؟ قِيلَ: تَسْقُطُ، وَقِيلَ: لَا وَلَكِنَّ ثَوَابَهُ أَنْقَصُ مِنْ ثَوَابِهِ قَبْلَ التَّكَلُّمِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ التَّطَوُّعِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ فَلَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَسَدَ ذَلِكَ الشَّفْعُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ شَرَعَ فِي النَّافِلَةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا عَلَيْهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِ فَأَفْسَدَهَا لَمْ يَقْضِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إنَّ الشُّرُوعَ فِي التَّطَوُّعِ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَالِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا نَوَى الْأَرْبَعَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. نَوَى أَنْ يَتَطَوَّعَ أَرْبَعًا وَشَرَعَ فَهُوَ شَارِعٌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَطَوُّعًا وَلَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ عَامِدًا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَفِي الْقِيَاسِ تَفْسُدُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ صَلَّى التَّطَوُّعَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَلَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَوْ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ أَوْ ثَمَانِي رَكَعَاتٍ بِقَعْدَةٍ وَاحِدَةٍ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الصَّفَّارُ فِي نُسْخَتِهِ مِنْ الْأَصْلِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْعُدْ حَتَّى قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعُودُ وَيَقْعُدُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعُودُ وَيَلْزَمُهُ السَّهْوُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هَذَا إذَا نَوَى أَرْبَعًا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ أَرْبَعًا وَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ يَعُودُ إجْمَاعًا وَتَفْسُدُ إنْ لَمْ يَعُدْ كَذَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ. وَالْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ حُكْمُهَا حُكْمُ التَّطَوُّعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَفِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَالْوِتْرُ حُكْمُهُ حُكْمُ التَّطَوُّعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَفِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَفْسُدُ وَفِي الْقِيَاسِ يَفْسُدُ عِنْدَهُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي صَلَاتِهِ فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ شُرُوعُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَتَنَفَّلَ الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ قَاعِدًا بِلَا كَرَاهَةٍ فِي الْأَصَحِّ. كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لِابْنِ الْمَلِكِ. وَإِذَا افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ قَائِمًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَقْعُدَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اسْتِحْسَانًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا تَطَوَّعَ قَائِمًا فَأَعْيَا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَوَكَّأَ عَلَى عَصًا أَوْ حَائِطٍ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْحُسَامِيِّ. وَلَوْ صَلَّى التَّطَوُّعَ بِالْإِيمَاءِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ. وَلَوْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ إنْ خَرَجَ بِهِ مِنْ التَّحْرِيمَةِ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ أَوْ تَكَلَّمَ لَا يَصِحُّ بِنَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ يَصِحُّ بِنَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ عَلَيْهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا فِي التَّطَوُّعِ أَوْ الْفَرِيضَةِ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ فَإِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ جَلَسَ مُحْتَبِيًا فِي حَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ مُتَرَبِّعًا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَقْعُدُ كَمَا يَقْعُدُ فِي حَالَةِ التَّشَهُّدِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ وَأَدَّى الْبَعْضَ قَاعِدًا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَقُومَ فَقَامَ وَصَلَّى الْبَعْضَ قَائِمًا أَجْزَأَهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَنْ صَلَّى التَّطَوُّعَ قَاعِدًا فَإِذَا أَرَادَ الرُّكُوعَ قَامَ وَرَكَعَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقْرَأَ شَيْئًا إذَا قَامَ فَإِنْ قَامَ مُسْتَوِيًا وَلَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا وَرَكَعَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوِ قَائِمًا وَرَكَعَ لَا يُجْزِيهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَقَضَى رَكْعَتَيْنِ لَوْ نَوَى أَرْبَعًا وَأَفْسَدَهُ بَعْدَ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ أَوْ قَبْلَهُ. كَذَا فِي الْكَنْزِ وَعَلَى هَذَا سُنَّةُ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهَا نَافِلَةٌ وَقِيلَ يَقْضِي أَرْبَعًا احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَنَصَّ صَاحِبُ النِّصَابِ عَلَى أَنَّهُ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَامَ الْمُتَطَوِّعُ إلَى الثَّالِثَةِ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَقْعُدْ يَعُودُ وَإِنْ كَانَتْ سُنَّةَ الظُّهْرِ وَعَنْ عَلِيٍّ الْبَزْدَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَعُودُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ أَرْبَعًا وَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ يَعُودُ إجْمَاعًا وَتَفْسُدُ إنْ لَمْ يَعُدْ. كَذَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ وَلَوْ قَعَدَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ وَسَلَّمَ أَوْ تَكَلَّمَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ، وَلَوْ نَوَى أَرْبَعًا وَلَمْ يَقْرَأْ فِيهِنَّ شَيْئًا أَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَقَطْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْأُولَيَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقْضِي أَرْبَعًا، وَلَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ أَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ لَا غَيْرُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقْضِي أَرْبَعًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْضِي الْأُولَيَيْنِ. وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ لَا غَيْرُ أَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ. وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا غَيْرُ، أَوْ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُولَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ وَالْأَصْلُ فِيهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ تَرْكَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ فِي إحْدَاهُمَا يُبْطِلُ التَّحْرِيمَةَ إذَا قَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ فَلَا يَصِحُّ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَرْكُ الْقِرَاءَةِ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ التَّحْرِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ زَائِدٌ بِدَلِيلِ وُجُودِ الصَّلَاةِ بِدُونِهَا فِي الْجُمْلَةِ كَصَلَاةِ الْأُمِّيِّ وَالْأَخْرَسِ وَالْمُقْتَدِي لَكِنْ يُوجِبُ فَسَادَ الْأَدَاءِ وَهُوَ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهِ فَلَا يُبْطِلُ التَّحْرِيمَةَ فَيَصِحُّ شُرُوعُهُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَرْكُ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ يُوجِبُ بُطْلَانَ التَّحْرِيمَةِ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى وُجُوبِهَا فَلَا يَصِحُّ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَفِي إحْدَاهُمَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَحُكْمُنَا بِبُطْلَانِهَا فِي حَقِّ لُزُومِ الْقَضَاءِ وَبِبَقَائِهَا فِي حَقِّ لُزُومِ الشَّفْعِ الثَّانِي احْتِيَاطًا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ الدَّاخِلُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ التَّطَوُّعِ إذَا تَكَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ إمَامُهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْأُولَيَانِ عِنْدَهُمَا وَلَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَمَا قَامَ الْإِمَامُ إلَى الْأُخْرَيَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْأَرْبَعِ

فصل في التراويح

يَقْضِي أَرْبَعًا وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَصَلَّاهُمَا مَعَ الْإِمَامِ قَضَى الْأُولَيَيْنِ. اقْتَدَى الْمُتَطَوِّعُ بِمُصَلِّي الظُّهْرِ فِي أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ ثُمَّ تَكَلَّمَ قَضَى أَرْبَعًا اقْتَدَى الْمُتَطَوِّعُ بِمُصَلِّي الظُّهْرِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ قَطَعَهَا وَاسْتَأْنَفَ التَّكْبِيرَ لِلظُّهْرِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. رَجُلٌ يُصَلِّي الظُّهْرَ فَقَالَ آخَرُ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ خَلْفَ هَذَا الرَّجُلِ هَذِهِ الصَّلَاةَ تَطَوُّعًا ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ فَدَخَلَ مَعَهُ يَنْوِي الظُّهْرَ أَجْزَأَتْهُ عَنْ الظُّهْرِ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ شَيْءٍ. رَجُلٌ صَلَّى أَرْبَعًا تَطَوُّعًا فَاقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ فِي الْخَامِسَةِ ثُمَّ أَفْسَدَهَا يَقْضِي الْمُقْتَدِي سِتًّا، وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ مَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَرَعَفَ الْمُقْتَدِي فَانْطَلَقَ يَتَوَضَّأُ فَصَلَّى إمَامُهُ ثَلَاثًا ثُمَّ تَكَلَّمَ الْمُقْتَدِي ثُمَّ أَتَمَّ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ سِتًّا يَقْضِي الْمُقْتَدِي أَرْبَعًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) لَوْ نَذَرَ السُّنَنَ وَأَتَى بِالْمَنْذُورِ بِهِ فَهُوَ السُّنَّةُ، وَقَالَ تَاجُ الدِّينِ أَبُو صَاحِبِ الْمُحِيطِ لَا يَكُونُ آتِيًا بِالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا الْتَزَمَهَا صَارَتْ أُخْرَى فَلَا تَنُوبُ مَنَابَ السُّنَّةِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ يَوْمًا فَعَلَيْهِ رَكْعَتَانِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَلَوْ نَذَرَ صَلَوَاتِ شَهْرٍ فَعَلَيْهِ صَلَوَاتُ شَهْرٍ كَالْمَفْرُوضَاتِ مَعَ الْوِتْرِ دُونَ السُّنَّةِ لَكِنَّهُ يُصَلِّي الْوِتْرَ وَالْمَغْرِبَ أَرْبَعًا. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. رَجُلٌ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ تَلْزَمُهُ صَلَاةٌ بِقِرَاءَةٍ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ نِصْفَ رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَةً يَلْزَمُهُ رَكْعَتَانِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ يَلْزَمُهُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ الظُّهْرَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الظُّهْرُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فَصَلَّاهُمَا قَاعِدًا جَازَ وَعَلَى الدَّابَّةِ لَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا يَلْزَمُهُ قَائِمًا وَيُكْرَهُ الِاعْتِمَادُ عَلَى شَيْءٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ الْيَوْمَ فَلَمْ يُصَلِّهِمَا قَضَاهُمَا، وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ لَأُصَلِّيَنَّ الْيَوْمَ رَكْعَتَيْنِ فَلَمْ يُصَلِّهِمَا كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. إذَا نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَصَلَّاهَا فِي مَكَانٍ دُونَهُ جَازَ خِلَافًا لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. [فَصْلٌ فِي التَّرَاوِيحِ] (فَصْلٌ فِي التَّرَاوِيحِ) وَهِيَ خَمْسُ تَرْوِيحَاتٍ كُلُّ تَرْوِيحَةٍ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَتَيْنِ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَلَوْ زَادَ عَلَى خَمْسِ تَرْوِيحَاتٍ بِالْجَمَاعَةِ يُكْرَهُ عِنْدَنَا. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ وَقْتَهَا مَا بَعْدَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعِشَاءَ صَلَّاهَا بِلَا طَهَارَةٍ دُونَ التَّرَاوِيحِ وَالْوِتْرِ أَعَادَ التَّرَاوِيحَ مَعَ الْعِشَاءِ دُونَ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْعِشَاءِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ تَابِعٍ لِلْعِشَاءِ فِي الْوَقْتِ عِنْدَهُ، وَالتَّقْدِيمُ إنَّمَا وَجَبَ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ وَذَلِكَ يَسْقُطُ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ فَيَصِحُّ إذَا أَدَّى قَبْلَ الْعِشَاءِ بِالنِّسْيَانِ بِخِلَافِ التَّرَاوِيحِ فَإِنَّ وَقْتَهَا بَعْدَ أَدَاءِ الْعِشَاءِ فَلَا يُعْتَدُّ بِمَا أُدِّيَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَعِنْدَهُمَا الْوِتْرُ سُنَّةُ الْعِشَاءِ كَالتَّرَاوِيحِ فَابْتِدَاءُ وَقْتِهِ بَعْدَ أَدَاءِ الْعِشَاءِ فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ إذَا أُدِّيَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَإِنْ كَانَ بِالنِّسْيَانِ عِنْدَهُمَا كَالتَّرَاوِيحِ وَبِالْجُمْلَةِ إعَادَةُ الْوِتْرِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَأَمَّا إعَادَةُ التَّرَاوِيحِ وَسَائِرِ سُنَنِ الْعِشَاءِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهَا إذَا كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُسْتَحَبُّ الْجُلُوسُ بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ قَدْرَ تَرْوِيحَةٍ وَكَذَا بَيْنَ الْخَامِسَةِ وَالْوِتْرِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَ الْخَامِسَةِ وَالْوِتْرِ يَثْقُلُ عَلَى الْقَوْمِ لَا يَجْلِسُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ ثُمَّ هُمْ مُخَيَّرُونَ فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ إنْ شَاءُوا سَبَّحُوا وَإِنْ شَاءُوا قَعَدُوا سَاكِتِينَ، وَأَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ أُسْبُوعًا وَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يُصَلُّونَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فُرَادَى. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالِاسْتِرَاحَةُ عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ تُكْرَهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْخُلَاصَة وَالْمُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ

وَاخْتَلَفُوا فِي أَدَائِهَا بَعْدَ النِّصْفِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. وَهِيَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ: هِيَ سُنَّةُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَهِيَ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَنَفْسُ التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ عَلَى الْأَعْيَانِ عِنْدَنَا كَمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ: تُسْتَحَبُّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ أَدَّى التَّرَاوِيحَ بِغَيْرِ جَمَاعَةٍ أَوْ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ يَكُونُ تَرَاوِيحَ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَلَوْ تَرَكَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ كُلُّهُمْ الْجَمَاعَةَ فَقَدْ أَسَاءُوا وَأَثِمُوا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ تَخَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْ النَّاسِ وَصَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ فَقَدْ تَرَكَ الْفَضِيلَةَ وَلَا يَكُونُ مُسِيئًا وَلَا تَارِكًا لِلسُّنَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَتَكْثُرُ الْجَمَاعَةُ بِحُضُورِهِ وَتَقِلُّ عِنْدَ غَيْبَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ صَلَّى بِجَمَاعَةٍ فِي الْبَيْتِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ فَضِيلَةً وَلِلْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَضِيلَةً أُخْرَى فَإِذَا صَلَّى فِي الْبَيْتِ بِجَمَاعَةٍ فَقَدْ حَازَ فَضِيلَةَ أَدَائِهَا بِالْجَمَاعَةِ وَتَرَكَ الْفَضِيلَةَ الْأُخْرَى، هَكَذَا قَالَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ أَدَاءَهَا بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ وَكَذَلِكَ فِي الْمَكْتُوبَاتِ وَلَوْ كَانَ الْفَقِيهُ قَارِئًا فَالْأَفْضَلُ وَالْأَحْسَنُ يُصَلِّي بِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ وَلَا يَقْتَدِي بِغَيْرِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ الْإِمَامُ: إذَا كَانَ إمَامُهُ لَحَّانًا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتْرُكَ مَسْجِدَهُ وَيَطُوفَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ غَيْرُهُ أَخَفَّ قِرَاءَةً وَأَحْسَنَ صَوْتًا وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَخْتِمُ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ مَسْجِدَ حَيِّهِ وَيَطُوفَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَا يَنْبَغِي لِلْقَوْمِ أَنْ يُقَدِّمُوا فِي التَّرَاوِيحِ الخوشخوان (1) وَلَكِنْ يُقَدِّمُوا الدرشخوان فَإِنَّ الْإِمَامَ إذَا قَرَأَ بِصَوْتٍ حَسَنٍ يَشْغَلُهُ عَنْ الْخُشُوعِ وَالتَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُوتِرُ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ الْوِتْرُ فِي رَمَضَانَ بِالْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ أَدَائِهَا فِي مَنْزِلِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَفْضَلُ أَنْ يُوتِرَ فِي مَنْزِلِهِ مُنْفَرِدًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ أَنْ يَسْتَأْجِرُوا رَجُلًا يَؤُمُّهُمْ فِي بَيْتِهِمْ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الْإِمَامِ فَاسِدٌ. (2) وَلَوْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ مَرَّتَيْنِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ يُكْرَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إمَامٌ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ فِي مَسْجِدَيْنِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ عَلَى الْكَمَالِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْفَتْوَى عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَالْمُقْتَدِي إذَا صَلَّاهَا فِي مَسْجِدَيْنِ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُوتِرَ فِي الْمَسْجِدِ الثَّانِي وَلَوْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا ثَانِيًا فُرَادَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالتَّرَاوِيحَ وَالْوِتْرَ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا آخَرِينَ فِي التَّرَاوِيحِ وَنَوَى الْإِمَامَةَ كُرِهَ وَلَا يُكْرَهُ لِلْقَوْمِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ أَوَّلًا وَشَرَعَ فِي الرُّكُوعِ وَاقْتَدَى بِهِ النَّاسُ فِي التَّرَاوِيحِ لَمْ يُكْرَهْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ صَلَّوْهَا بِإِمَامَيْنِ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ انْصِرَافُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى كَمَالِ التَّرْوِيحَةِ فَإِنْ انْصَرَفَ عَلَى تَسْلِيمَةٍ لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ وَإِذَا جَازَتْ التَّرَاوِيحُ بِإِمَامَيْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرِيضَةَ أَحَدُهُمَا وَيُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ الْآخَرُ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَؤُمُّهُمْ فِي الْفَرِيضَةِ وَالْوِتْرِ وَكَانَ أُبَيٌّ يَؤُمُّهُمْ فِي التَّرَاوِيحِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِمَامَةُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي

التَّرَاوِيحِ وَالنَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ تَجُوزُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَلَا تَجُوزُ عِنْدَ عَامَّتِهِمْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا فَاتَتْ التَّرَاوِيحُ لَا تُقْضَى بِجَمَاعَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا تَذَكَّرُوا أَنَّهُ فَسَدَ عَلَيْهِمْ شَفْعٌ مِنْ اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ فَأَرَادُوا الْقَضَاءَ بِنِيَّةِ التَّرَاوِيحِ يُكْرَهُ وَلَوْ تَذَكَّرُوا تَسْلِيمَةً بَعْدَ أَنْ صَلَّوْا الْوِتْرَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: لَا يُصَلُّونَهَا بِجَمَاعَةٍ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلُّوهَا بِجَمَاعَةٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فِي تَرْوِيحَةٍ فَقَالَ: بَعْضُ الْقَوْمِ صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَأْخُذُ الْإِمَامُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ عَلَى يَقِينٍ يَأْخُذُ بِقَوْلِ مَنْ كَانَ صَادِقًا عِنْدَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا شَكُّوا فِي عَدَدِ التَّسْلِيمَاتِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْإِعَادَةِ وَعَدَمِهَا بِجَمَاعَةٍ أَوْ فُرَادَى، وَالصَّحِيحُ أَنْ يُعِيدُوا فُرَادَى، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. صَلَّى الْعِشَاءَ وَحْدَهُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَوْ تَرَكُوا الْجَمَاعَةَ فِي الْفَرْضِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا التَّرَاوِيحَ بِجَمَاعَةٍ وَإِذَا صَلَّى مَعَهُ شَيْئًا مِنْ التَّرَاوِيحِ أَوْ لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا مِنْهَا أَوْ صَلَّاهَا مَعَ غَيْرِهِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ مَعَهُ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا فَاتَتْهُ تَرْوِيحَةٌ أَوْ تَرْوِيحَتَانِ فَلَوْ اشْتَغَلَ بِهَا يَفُوتُهُ الْوِتْرُ بِالْجَمَاعَةِ يَشْتَغِلُ بِالْوِتْرِ ثُمَّ يُصَلِّي مَا فَاتَ مِنْ التَّرَاوِيحِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ. لَوْ وَجَدَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا الْفَرِيضَةُ أَوْ التَّرَاوِيحُ فَقَالَ: إنْ كَانَتْ الْعِشَاءَ اقْتَدَيْتُ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ التَّرَاوِيحَ مَا اقْتَدَيْتُ بِهِ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْعِشَاءِ أَوْ فِي التَّرَاوِيحِ وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ فِي الْعِشَاءِ اقْتَدَيْتُ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّرَاوِيحِ اقْتَدَيْتُ بِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ فِي التَّرَاوِيحِ أَوْ فِي الْعِشَاءِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ مُقْتَدِيًا بِمَنْ يُصَلِّي مَكْتُوبَةً أَوْ وِتْرًا أَوْ نَافِلَةً الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ مُخَالِفٌ لِعَمَلِ السَّلَفِ وَلَوْ اقْتَدَى مَنْ يُصَلِّي التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى بِمَنْ يُصَلِّي التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ كَمَا لَوْ اقْتَدَى فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ بِمَنْ يُصَلِّي الْأَرْبَعَ قَبْلَهُ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ اقْتَدَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ السُّنَّةَ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِمَنْ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ وَنَوَى سُنَّةَ الْعِشَاءِ جَازَ. وَهَلْ يَحْتَاجُ لِكُلِّ شَفْعٍ مِنْ التَّرَاوِيحِ أَنْ يَنْوِيَ التَّرَاوِيحَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ (2) ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِذَا صَلَّى التَّرَاوِيحَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يُجَدِّدْ لِكُلِّ شَفْعٍ نِيَّةً جَازَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا لَمْ يُسَلِّمْ فِي الْعِشَاءِ حَتَّى بَنَى عَلَيْهِ التَّرَاوِيحَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَإِذَا بَنَى التَّرَاوِيحَ عَلَى سُنَّةِ الْعِشَاءِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. السُّنَّةُ فِي التَّرَاوِيحِ إنَّمَا هُوَ الْخَتْمُ مَرَّةً فَلَا يُتْرَكُ لِكَسَلِ الْقَوْمِ، كَذَا فِي الْكَافِي. بِخِلَافِ مَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ مِنْ الدَّعَوَاتِ فَإِنَّهُ يَتْرُكُهَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُثْقِلُ عَلَى الْقَوْمِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْخَتْمُ مَرَّتَيْنِ فَضِيلَةٌ وَالْخَتْمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَفْضَلُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْأَفْضَلُ تَعْدِيلُ الْقِرَاءَةِ بَيْنَ التَّسْلِيمَاتِ فَإِنْ خَالَفَ لَا بَأْسَ بِهِ أَمَّا فِي التَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ فَلَا يُسْتَحَبُّ تَطْوِيلُ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا لَا يُسْتَحَبُّ فِي سَائِرِ الصَّلَاةِ وَلَوْ طَوَّلَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ فِي الْقِرَاءَةِ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَتُسْتَحَبُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُطَوِّلُ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ وَنَحْوَهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُكْرَهُ الْإِسْرَاعُ فِي الْقِرَاءَةِ

وَفِي أَدَاءِ الْأَرْكَانِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَكُلَّمَا رَتَّلَ فَهُوَ حَسَنٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْأَفْضَلُ فِي زَمَانِنَا أَنْ يَقْرَأَ بِمَا لَا يُؤَدِّي إلَى تَنْفِيرِ الْقَوْمِ عَنْ الْجَمَاعَةِ لِكَسَلِهِمْ؛ لِأَنَّ تَكْثِيرَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْمُتَأَخِّرُونَ كَانُوا يُفْتُونَ فِي زَمَانِنَا بِثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ حَتَّى لَا يَمَلَّ الْقَوْمُ وَلَا يَلْزَمُ تَعْطِيلُ الْمَسَاجِدِ وَهَذَا أَحْسَنُ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا أَرَادَ الْخَتْمَ أَنْ يَخْتِمَ فِي لَيْلَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ يُكْرَهُ أَنْ يُعَجِّلَ خَتْمَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ قَبْلَهَا وَحُكِيَ أَنَّ الْمَشَايِخَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - جَعَلُوا الْقُرْآنَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ رُكُوعًا وَأَعْلَمُوا ذَلِكَ فِي الْمَصَاحِفِ حَتَّى يَحْصُلَ الْخَتْمُ فِي لَيْلَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ وَفِي غَيْرِ هَذَا الْبَلَدِ كَانَتْ الْمَصَاحِفُ مُعْمَلَةً بِعَشْرٍ مِنْ الْآيَاتِ وَجَعَلُوا ذَلِكَ رُكُوعًا لِيَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ التَّرَاوِيحِ الْقَدْرَ الْمَسْنُونَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ حَصَلَ الْخَتْمُ لَيْلَةَ التَّاسِعَ عَشَرَ أَوْ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ لَا تُتْرَكُ التَّرَاوِيحُ فِي بَقِيَّةِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ التَّرْكُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا غَلِطَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي التَّرَاوِيحِ فَتَرَكَ سُورَةً أَوْ آيَةً وَقَرَأَ مَا بَعْدَهَا فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْمَتْرُوكَةَ ثُمَّ الْمَقْرُوءَةَ لِيَكُونَ عَلَى التَّرْتِيبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا فَسَدَ الشَّفْعُ وَقَدْ قَرَأَ فِيهِ لَا يَعْتَدُّ بِمَا قَرَأَ فِيهِ وَيُعِيدُ الْقِرَاءَةَ لِيَحْصُلَ لَهُ الْخَتْمُ فِي الصَّلَاةِ الْجَائِزَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْتَدُّ بِهَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَالنَّاسُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ تَرَكُوا الْخَتْمَ لِتَوَانِيهِمْ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ ثُمَّ بَعْضُهُمْ اخْتَارَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَبَعْضُهُمْ اخْتَارَ قِرَاءَةَ سُورَةِ الْفِيلِ إلَى آخِرِ الْقُرْآنِ وَهَذَا أَحْسَنُ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ عَدَدُ الرَّكَعَاتِ وَلَا يَشْتَغِلُ قَلْبُهُ بِحِفْظِهَا، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ. اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَدَاءَ التَّرَاوِيحِ قَاعِدًا لَا يُسْتَحَبُّ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَوَازِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ إلَّا أَنَّ ثَوَابَهُ يَكُونُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ فَإِنْ صَلَّى الْإِمَامُ التَّرَاوِيحَ قَاعِدًا بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَاقْتَدَى بِهِ قَوْمٌ قِيَامٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ عِنْدَ الْكُلِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاءُ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْقَوْمِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْعُدُوا احْتِرَازًا عَنْ صُورَةِ الْمُخَالَفَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ أَدَاءِ التَّرَاوِيحِ قَاعِدًا. فِي الْفَتَاوَى وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّانِيَةِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا لَمْ تَفْسُدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ تَنُوبُ الْأَرْبَعُ عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ فِي التَّرَاوِيحِ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ: إنْ تَذَكَّرَ فِي الْقِيَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ وَيَقْعُدَ وَيُسَلِّمَ وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَمَا سَجَدَ لِلثَّالِثَةِ فَإِنْ أَضَافَ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْبَعُ عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ قَعَدَ فِي الثَّانِيَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَعَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ يَجُوزُ عَنْ تَسْلِيمَتَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا صَلَّى التَّرَاوِيحَ عَشْرَ تَسْلِيمَاتٍ، كُلُّ تَسْلِيمَةٍ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ عَلَى رَأْسِ الثَّانِيَةِ فِي الْقِيَاسِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ قَضَاءُ التَّرَاوِيحِ لَا غَيْرُ. وَأَمَّا فِي الِاسْتِحْسَانِ فَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَنْ التَّرَاوِيحِ عَلَيْهِ قَضَاءُ التَّرَاوِيحِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ لِلثَّالِثَةِ شَيْءٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَلْزَمُهُ سَاهِيًا كَانَ أَوْ عَامِدًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ سَاهِيًا فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا فَعَلَيْهِ مَعَ التَّرَاوِيحِ عِشْرُونَ رَكْعَةً أُخْرَى لِكُلِّ ثَالِثَةٍ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: يَجُوزُ عَنْ التَّرَاوِيحِ فِي قَوْلِهِمَا هَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ شَيْءٍ آخَرَ إنْ كَانَ

الباب العاشر في إدراك الفريضة

سَاهِيًا لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا فَعَلَيْهِ قَضَاءُ عِشْرِينَ رَكْعَةً، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ أَوْ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ أَوْ عَشْرَ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَعَدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَعَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ يَجُوزُ كُلُّ رَكْعَتَيْنِ عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ كُلَّهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ إنْ قَعَدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ يَجُوزُ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَقَعَدَ فِي آخِرِهَا فَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ يُجْزِيهِ عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُكْرَهُ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَقْعُدَ فِي التَّرَاوِيحِ فَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَرْكَعَ يَقُومُ وَكَذَا إذَا غَلَبَهُ النَّوْمُ يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ بَلْ يَنْصَرِفَ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ؛ لِأَنَّ فِي الصَّلَاةِ مَعَ النَّوْمِ تَهَاوُنًا وَغَفْلَةً وَتَرْكَ التَّدَبُّرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ شَرَعَ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ مَعَ الْإِمَامِ فَلَمَّا قَعَدَ الْإِمَامُ نَامَ هُوَ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ فَأَتَى بِالشَّفْعِ الْآخِرِ وَقَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ فَانْتَبَهَ الرَّجُلُ إنْ عَلِمَ ذَلِكَ يُسَلِّمُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ وَيُوَافِقُهُ فِي التَّشَهُّدِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ يَقُومُ وَيَأْتِي بِالرَّكْعَتَيْنِ سَرِيعًا وَيُسَلِّمُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الشَّفْعِ الثَّالِثِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ) إنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الْفَجْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ فَأُقِيمَ يَقْطَعُ وَيَقْتَدِي وَكَذَا يَقْطَعُ الثَّانِيَةَ مَا لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ وَإِذَا قَيَّدَهَا بِهَا لَمْ يَقْطَعْهَا وَإِذَا أَتَمَّهَا لَمْ يَشْرَعْ مَعَ الْإِمَامِ لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْوِتْرِ فِي النَّفْلِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ أَوْ مُخَالَفَةِ إمَامِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكُلُّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ فَإِنْ شَرَعَ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ مُوَافَقَةَ السُّنَّةِ أَحَقُّ مِنْ مُوَافَقَةِ الْإِمَامِ، هَكَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ مُسِيءٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فَيَقْضِي أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهَا لَزِمَتْهُ بِالِاقْتِدَاءِ، كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ، وَلَوْ اقْتَدَى هَذَا الْمُتَنَفِّلُ بِمَنْ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَلَمْ يَقْرَأْ فِي الثَّالِثَةِ إنْ قَرَأَ الْمُقْتَدِي تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ فَكَذَلِكَ بِتَبَعِيَّةِ الْإِمَامِ، كَذَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْأُسْتَاذِ خَانِي. وَلَوْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى الرَّابِعَةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا الثَّالِثَةُ فَتَابَعَهُ الْمُقْتَدِي فِي الرَّابِعَةِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى رَأْسِ الثَّالِثَةِ أَوْ لَمْ يَقْعُدْ هُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ صَارَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ نَفْلًا عِنْدَهُمَا لَكِنْ كَانَتْ فَرْضًا ثُمَّ صَارَ مُتَنَقِّلًا مِنْ الْفَرْضِ إلَى النَّفْلِ فَصَارَ كَأَنَّهُ صَلَّى صَلَاتَيْنِ بِتَحْرِيمَتَيْنِ فَيَصِيرُ الْمُقْتَدِي مُصَلِّيًا صَلَاةً وَاحِدَةً بِإِمَامَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرِ الْحَدَثِ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُهَا قَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ أَوْ لَمْ يُقَيِّدْ وَكَذَا لَوْ شَرَعَ فِي الْمَنْذُورَةِ أَوْ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ وَفِيمَا يَفْعَلُ الْمُقْتَدِي. وَمَنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ ثُمَّ أُقِيمَتْ يُصَلِّي رَكْعَةً ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ يَقْطَعُ وَيَشْرَعُ مَعَ الْإِمَامِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ أَرَادَ بِالْإِقَامَةِ شُرُوعَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ لَا إقَامَةَ الْمُؤَذِّنِ فَإِنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ وَالرَّجُلُ لَمْ يُقَيِّدْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ بِالرَّكْعَتَيْنِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ أُقِيمَتْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنْ كَانَ يُصَلِّي فِي الْبَيْتِ مَثَلًا فَأُقِيمَتْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدٍ فَأُقِيمَتْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا وَلَوْ صَلَّى ثَلَاثًا مِنْ الظُّهْرِ يُتِمُّ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ بَعْدُ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ حَيْثُ يَقْطَعُهَا وَيَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ عَادَ إلَى الْقُعُودِ لِيُسَلِّمَ وَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ قَائِمًا يَنْوِي الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُسَلِّمْ قَائِمًا، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالتَّخْيِيرُ هُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَقِيلَ: يَقْطَعُ قَائِمًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْقَعْدَةَ مَشْرُوطَةٌ لِلتَّحَلُّلِ وَهَذَا قَطْعٌ وَلَيْسَ بِتَحَلُّلٍ فَإِنَّ

التَّحَلُّلَ عَنْ الظُّهْرِ لَا يَكُونُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَيَكْفِيهِ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَلِكَ فِي الْعِشَاءِ وَالْعَصْرِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ تَطَوُّعًا فِي الْعَصْرِ بَعْدَ الْفَرَاغِ إذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ بِجَمَاعَةٍ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَيَكُونُ مُدْرِكًا فَضْلَ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ أَدْرَكَ ثَلَاثًا مَعَ الْإِمَامِ كَانَ مُصَلِّيًا مَعَ الْإِمَامِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ شَرَعَ فِي التَّطَوُّعِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الْمَكْتُوبَةُ أَتَمَّ الشَّفْعَ الَّذِي فِيهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ فِي السُّنَّةِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ فَأُقِيمَ أَوْ خَطَبَ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ قِيلَ: يُتِمُّهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمَنْ انْتَهَى إلَى الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إنْ خَشِيَ أَنْ يَفُوتَهُ رَكْعَةٌ وَيُدْرِكُ الْأُخْرَى يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَدْخُلُ وَإِنْ خَشِيَ فَوْتَهُمَا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَرْجُو إدْرَاكَ الْقَعْدَةِ كَيْفَ يَفْعَلُ فَظَاهِرُ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إنْ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ إدْرَاكَ التَّشَهُّدِ عِنْدَهُمَا كَإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ السُّنَنِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ أَتَى بِهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَةٍ شَرَعَ مَعَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي يَتْرُكُ السُّنَّةَ وَيُتَابِعُ الْإِمَامَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. دَخَلَ مَسْجِدًا قَدْ أُذِّنَ فِيهِ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ حَتَّى يُصَلِّيَ فَإِنْ كَانَ رَجُلًا مُؤَذِّنًا أَوْ إمَامَ مَسْجِدٍ وَتَتَفَرَّقُ الْجَمَاعَةُ بِسَبَبِ غَيْبَتِهِ لَا بَأْسَ بِالْخُرُوجِ هَذَا إذَا لَمْ يُصَلِّ فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى مَرَّةً فَفِي الْعِشَاءِ وَالظُّهْرِ لَا بَأْسَ بِالْخُرُوجِ مَا لَمْ يَأْخُذْ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ فَإِنْ أَخَذَ فِي الْإِقَامَةِ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى قَضَاهُمَا تَطَوُّعًا وَفِي الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ يَخْرُجُ فَإِنْ مَكَثَ وَلَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ يُكْرَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَنْ انْتَهَى إلَى الْإِمَامِ فِي رُكُوعِهِ فَكَبَّرَ وَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَا يَصِيرُ مُدْرِكًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ سَوَاءٌ تَمَكَّنَ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَكَذَا لَوْ انْحَطَّ وَلَمْ يَقِفْ لَكِنْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ قَالَ الْمَحْبُوبِيُّ: دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يَنْبَغِي أَنْ يُكَبِّرَ وَيَرْكَعَ ثُمَّ يَمْشِيَ حَتَّى يَلْتَحِقَ بِالصَّفِّ كَيْ لَا يَفُوتَهُ الرُّكُوعُ وَعِنْدَنَا لَوْ مَشَى ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ تَبْطُلُ وَإِلَّا يُكْرَهُ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ لِكَيْ لَا يَحْتَاجَ إلَى الْمَشْيِ فِي الصَّلَاةِ ذَكَرَ الْجَلَّابِيُّ فِي صَلَاتِهِ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَكَبَّرَ قَائِمًا ثُمَّ شَرَعَ فِي الِانْحِطَاطِ وَشَرَعَ الْإِمَامُ فِي الرَّفْعِ الْأَصَحُّ أَنْ يُعْتَدَّ بِهَا إذَا وُجِدَتْ الْمُشَارَكَةُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِيمَ قَائِمًا وَإِنْ قَلَّ، هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ انْتَهَى إلَى الْإِمَامِ وَهُوَ قَائِمٌ فَكَبَّرَ وَلَمْ يَرْكَعْ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ ثُمَّ رَكَعَ أَنَّهُ يَصِيرُ مُدْرِكًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي قَوْمَةِ الرُّكُوعِ لَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ أَدْرَكَ إمَامَهُ رَاكِعًا يُحْرِمُ قَائِمًا وَكَبَّرَ وَيَأْتِي بِالثَّنَاءِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ قَائِمًا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَإِنْ خَشِيَ أَنْ يَفُوتَهُ الرُّكُوعُ يَرْكَعُ وَلَا يَأْتِي بِالتَّكْبِيرَاتِ وَكَبَّرَ فِي رُكُوعِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ. وَمُدْرِكُ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَكْبِيرَتَيْنِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَلَوْ نَوَى بِتِلْكَ التَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ الرُّكُوعَ لَا الِافْتِتَاحَ جَازَ وَلَغَتْ نِيَّتَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. الْمُقْتَدِي إذَا أَتَى بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَبْلَ الْإِمَامِ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً وَاحِدَةً بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَيُتِمَّ

الباب الحادي عشر في قضاء الفوائت

صَلَاتَهُ وَإِنْ رَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ رَكَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَسَجَدَ مَعَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَإِنْ رَكَعَ بَعْدَ الْإِمَامِ وَسَجَدَ بَعْدَهُ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي آخِرِهِمَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ أَتَى مَسْجِدًا قَدْ صَلَّى فِيهِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَطَوَّعَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ مَا بَدَا لَهُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضِيقٌ يَتْرُكُهُ قِيلَ: هَذَا فِي غَيْرِ سُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْفَجْرِ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَصَاحِبِ الْمُحِيطِ وَقَاضِي خَانْ والتمرتاشي وَالْمَحْبُوبِيِّ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ، وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقِيلَ: هَذَا فِي الْجَمِيعِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ صَدْرِ الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَتْرُكَهَا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ سَوَاءٌ صَلَّى الْفَرْضَ بِجَمَاعَةٍ أَوْ لَا إلَّا إذَا خَافَ فَوْتَ فَرْضِ الْوَقْتِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ) كُلُّ صَلَاةٍ فَاتَتْ عَنْ الْوَقْتِ بَعْدَ وُجُوبِهَا فِيهِ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا سَوَاءٌ تَرَكَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ بِسَبَبِ نَوْمٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْفَوَائِتُ كَثِيرَةً أَوْ قَلِيلَةً فَلَا قَضَاءَ عَلَى مَجْنُونٍ حَالَةَ جُنُونِهِ لِمَا فَاتَهُ فِي حَالَةِ عَقْلِهِ كَمَا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ عَقْلِهِ لِمَا فَاتَهُ حَالَةَ جُنُونِهِ وَلَا عَلَى مُرْتَدٍّ مَا فَاتَهُ زَمَنَ رِدَّتِهِ وَلَا عَلَى مُسْلِمٍ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُصَلِّ مُدَّةً لِجَهْلِهِ بِوُجُوبِهَا وَلَا عَلَى مُغْمًى عَلَيْهِ وَمَرِيضٍ عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ مَا فَاتَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَزَادَتْ الْفَوَائِتُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَنْ حُكْمُهُ أَنَّ الْفَائِتَةَ تَقْضِي عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي فَاتَتْ عَنْهُ لِعُذْرٍ وَضَرُورَةٍ فَيَقْضِي مُسَافِرٌ فِي السَّفَرِ مَا فَاتَهُ فِي الْحَضَرِ مِنْ الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ أَرْبَعًا وَالْمُقِيمُ فِي الْإِقَامَةِ مَا فَاتَهُ فِي السَّفَرِ مِنْهَا رَكْعَتَيْنِ وَالْقَضَاءُ فَرْضٌ فِي الْفَرْضِ وَوَاجِبٌ فِي الْوَاجِبِ سُنَّةٌ فِي السُّنَّةِ ثُمَّ لَيْسَ لِلْقَضَاءِ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ بَلْ جَمِيعُ أَوْقَاتِ الْعُمُرِ وَقْتٌ لَهُ إلَّا ثَلَاثَةً، وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتَ الزَّوَالِ، وَوَقْتَ الْغُرُوبِ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. رَجُلٌ صَلَّى فَارْتَدَّ فَأَسْلَمَ فِي الْوَقْتِ يُعِيدُ، كَذَا فِي الْكَافِي. صَبِيٌّ صَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ نَامَ وَاحْتَلَمَ وَانْتَبَهَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَقْضِي الْعِشَاءَ بِخِلَافِ الصَّبِيَّةِ إذَا بَلَغَتْ بِالْحَيْضِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَا يَلْزَمُهَا قَضَاءُ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ لَوْ طَرَأَ عَلَى الْوُجُوبِ أَسْقَطَ الْوُجُوبَ فَإِذَا قَارَنَهُ أَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ وَإِنْ بَلَغَتْ بِالسِّنِّ تَلْزَمُهَا الْعِشَاءُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ قِيلَ: يَقْضِي الْعِشَاءَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوُجُوبُ مِنْ الْوَقْتِ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَتَى قَضَى الْفَوَائِتَ إنْ قَضَاهَا بِجَمَاعَةٍ فَإِنْ كَانَتْ صَلَاةً يُجْهَرُ فِيهَا يَجْهَرُ فِيهَا الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ وَإِنْ قَضَاهَا وَحْدَهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ وَالْجَهْرُ أَفْضَلُ كَمَا فِي الْوَقْتِ وَيُخَافِتُ فِيمَا يُخَافَتُ فِيهِ حَتْمًا وَكَذَا الْإِمَامُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْفَائِتَةِ وَالْوَقْتِيَّةِ وَبَيْنَ الْفَوَائِتِ مُسْتَحَقٌّ، كَذَا فِي الْكَافِي حَتَّى لَا يَجُوزَ أَدَاءُ الْوَقْتِيَّةِ قَبْلَ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا بَيْنَ الْفُرُوضِ وَالْوِتْرِ، هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ. وَلَوْ صَلَّى الْفَجْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُوتِرْ فَهِيَ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً فِي تَطَوُّعِهِ لَمْ يَفْسُدْ تَطَوُّعُهُ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ عُرِفَ وَاجِبًا فِي الْفَرْضِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ وَصَلَّى صَلَاةً فِي وَقْتِهَا يَصِيرُ صَاحِبَ تَرْتِيبٍ كَالْمَرْأَةِ إذَا بَلَغَتْ وَرَأَتْ دَمًا صَحِيحًا تَصِيرُ صَاحِبَةَ عَادَةٍ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَأَمَّا التَّرْتِيبُ فِي بَعْضِ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ فَلَيْسَ بِفَرْضٍ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ حَتَّى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَنَامَ خَلْفَهُ أَوْ سَبَقَهُ

الْحَدَثُ فَسَبَقَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ انْتَبَهَ أَوْ تَوَضَّأَ وَعَادَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ أَوَّلًا مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ يُتَابِعَ إمَامَهُ إذَا أَدْرَكَهُ فَلَوْ تَابَعَ الْإِمَامَ أَوَّلًا ثُمَّ قَضَى بَعْدَ تَسْلِيمِ الْإِمَامِ جَازَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَكَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إذَا زَاحَمَهُ النَّاسُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَدَاءِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ وَبَقِيَ قَائِمًا وَأَمْكَنَهُ أَدَاءَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَأَدَّى أَوَّلًا الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْأُولَى ثُمَّ قَضَى الْأُولَى بَعْدَ تَسْلِيمِ الْإِمَامِ جَازَ عِنْدَنَا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي فَصْلِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ. ثُمَّ التَّرْتِيبُ يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ وَبِمَا هُوَ فِي مَعْنَى النِّسْيَانِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ تَذَكَّرَ صَلَاةً قَدْ نَسِيَهَا بَعْدَ مَا أَدَّى وَقْتَيْهِ جَازَتْ الْوَقْتِيَّةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ يُعِيدُ الظُّهْرَ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّاسِي فِي حَقِّ الظُّهْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ بِوُضُوءٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ يُعِيدُهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَصْرَ ثَمَّةَ تَبَعٌ لِلظُّهْرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا صَلَّى الظُّهْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ فَسَدَ ظُهْرُهُ ثُمَّ قَضَى الْفَجْرَ وَصَلَّى الْعَصْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ يَجُوزُ الْعَصْرُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ حَالَ أَدَاءِ الْعَصْرِ وَهُوَ ظَنٌّ مُعْتَبَرٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَوْ شَكَّ فِي الظُّهْرِ أَنَّهُ هَلْ صَلَّى الْفَجْرَ أَمْ لَا فَلَمَّا فَرَغَ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ يُعِيدُ الْفَجْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَنْ تَذَكَّرَ صَلَوَاتٍ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَذْهَبَ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ قَالَ: وَلَكِنْ لَا تَفْسُدُ حِينَ ذَكَرَهَا بَلْ يُتِمُّهَا رَكْعَتَيْنِ وَيَعُدُّهُمَا تَطَوُّعًا سَوَاءٌ كَانَ قَدِيمًا أَوْ حَدِيثًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ مُصَلِّيَ الْجُمُعَةِ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَجْرَ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ قَطَعَهَا وَاشْتَغَلَ بِالْفَجْرِ تَفُوتُهُ الْجُمُعَةُ وَلَا يَفُوتُهُ الْوَقْتُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقْطَعُ الْجُمُعَةَ وَيُصَلِّي الْفَجْرَ ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُتِمُّ الْجُمُعَةَ وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا قَضَى الْفَجْرَ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَشْتَغِلُ بِالْفَجْرِ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ إذَا قَطَعَ الْجُمُعَةَ وَاشْتَغَلَ بِالْفَجْرِ يَفُوتُهُ الْوَقْتُ أَتَمَّ الْجُمُعَةَ إجْمَاعًا ثُمَّ يُصَلِّي الْفَجْرَ بَعْدَهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَدَّمَ الْفَائِتَةَ جَازَ وَأَتَمَّ، هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ ثُمَّ تَفْسِيرُ ضِيقِ الْوَقْتِ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْهُ مَا لَا يَسَعُ فِيهِ الْوَقْتِيَّةَ وَالْفَائِتَةَ جَمِيعًا حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْعِشَاءِ مَثَلًا وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِقَضَائِهِ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ صَلَّى الْفَجْرَ فِي الْوَقْتِ وَقَضَى الْعِشَاءَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُرَاعَى التَّرْتِيبُ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤَدِّي الْوَقْتِيَّةَ عَلَى وَجْهِ الْأَفْضَلِ كَمَا لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوَقْتِيَّةَ إلَّا مَعَ تَخْفِيفِهَا وَقَصْرِ الْقِرَاءَةِ وَالْأَفْعَالِ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَى أَقَلِّ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيّ ثُمَّ ضِيقُ الْوَقْتِ يُعْتَبَرُ عِنْدَ الشُّرُوعِ حَتَّى لَوْ شَرَعَ فِي الْوَقْتِيَّةِ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ وَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ حَتَّى ضَاقَ الْوَقْتُ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَقْطَعَهَا وَيَشْرَعَ فِيهَا وَلَوْ شَرَعَ نَاسِيًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ثُمَّ تَذَكَّرَهَا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُعْتَبَرُ ضِيقُ الْوَقْتِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِحَسَبِ ظَنِّهِ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، حَتَّى لَوْ ظَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْعِشَاءُ أَنَّ وَقْتَ الْفَجْرِ قَدْ ضَاقَ فَصَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ بَطَلَ الْفَجْرُ فَإِذَا بَطَلَ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ يَسَعُهَا صَلَّاهُمَا وَإِلَّا أَعَادَ الْفَجْرَ وَهَكَذَا يَفْعَلُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْعِشَاءِ وَلَمْ يُعِدْ الْفَجْرَ فَطَلَعَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي الْعِشَاءِ صَحَّ فَجْرُهُ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَكَذَا إذَا ذَكَرَ الْفَجْرَ فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَوَقَعَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْوَقْتَ لَا يَحْتَمِلُ الصَّلَاتَيْنِ فَافْتَتَحَ الظُّهْرَ فَصَلَّاهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ بَعْضُهُ نَظَرَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مَا بَقِيَ مِنْ

وَقْتِ الظُّهْرِ مَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ الْفَجْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ لَمْ تُجْزِئْهُ الَّتِي صَلَّى وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ الْفَجْرَ ثُمَّ يُعِيدَ الظُّهْرَ وَكَذَلِكَ إنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يُصَلِّي الْفَجْرَ وَيُصَلِّي مِنْ الظُّهْرِ رَكْعَةً، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. وَإِنْ كَانَتْ الْمَتْرُوكَةُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَالْوَقْتُ يَسَعُ فِيهِ بَعْضَهَا مَعَ الْوَقْتِيَّةِ لَا تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ مَا لَمْ يَقْضِ ذَلِكَ الْبَعْضَ حَتَّى لَوْ تَذَكَّرَ فِي وَقْتِ الْفَجْرِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْعِشَاءَ وَالْوِتْرَ وَبَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُ فِيهِ إلَّا خَمْسَ رَكَعَاتٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْضِي الْوِتْرَ ثُمَّ يُصَلِّي الْفَجْرَ ثُمَّ يَقْضِي الْعِشَاءَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَكَذَا لَوْ تَذَكَّرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ إلَّا مَا يَسَعُ فِيهِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فَإِنَّهُ يَقْضِي الظُّهْرَ ثُمَّ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَإِنْ كَانَ لَا يَسَعُ فِيهِ إلَّا سِتَّ رَكَعَاتٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْفَجْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الْفَائِتَةَ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْعِبْرَةُ فِي الْعَصْرِ لِآخِرِ الْوَقْتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَبْسُوطِ إنْ أَمْكَنَهُ أَدَاءُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ أَدَاءُ الصَّلَاتَيْنِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ الْعَصْرِ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَدَاءُ الظُّهْرِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ وَتَقَعُ الْعَصْرَ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا بَعْدَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ إلَّا عَلَى قَوْلِ حَسَنِ بْنِ زِيَادٍ فَإِنَّ عِنْدَهُ مَا بَعْدَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ لَيْسَ بِوَقْتِ الْعَصْرِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ كَانَ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ قَدْرُ مَا لَا يَسَعُ فِيهِ الظُّهْرَ سَقَطَ التَّرْتِيبُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ افْتَتَحَ الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهِ الظُّهْرَ وَأَطَالَهَا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ الظُّهْرَ فَلَهُ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى صَلَاتِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ لِضِيقِ الْوَقْتِ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ لَا يَعُودُ عَلَى الْأَصَحِّ حَتَّى لَوْ خَرَجَ فِي خِلَالِ الْوَقْتِيَّةِ لَا تَفْسُدُ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ مُؤَدٍّ عَلَى الْأَصَحِّ لَا قَاضٍ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَا يَظْهَرُ حُكْمُ التَّرْتِيبِ عِنْدَ النِّسْيَانِ مَا دَامَ نَاسِيًا وَإِذَا تَذَكَّرَ يَلْزَمُهُ، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْخُلَاصَةِ. وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ عِنْدَ كَثْرَةِ الْفَوَائِتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَحَدُّ الْكَثْرَةِ أَنْ تَصِيرَ الْفَوَائِتُ سِتًّا بِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ السَّادِسَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ اعْتَبَرَ دُخُولَ وَقْتِ السَّادِسَةِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ تَبْلُغَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلِّلَةُ مُذْ فَاتَتْهُ سِتَّةً وَإِنْ أَدَّى مَا بَعْدَهَا فِي أَوْقَاتِهَا وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ الْفَوَائِتُ سِتًّا وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا تَرَكَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مَثَلًا الظُّهْرُ مِنْ يَوْمٍ وَالْعَصْرُ مِنْ يَوْمٍ وَالْمَغْرِبُ مِنْ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيَّتَهَا أَوْلَى فَعَلَى الْأَوَّلِ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ؛ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّلَةَ بَيْنَ الْفَوَائِتِ كَثِيرَةٌ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْفَوَائِتَ بِنَفْسِهَا يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ سِتًّا فَيُصَلِّي سَبْعَ صَلَوَاتٍ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَهُوَ أَوْسَعُ وَبِالثَّانِي قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَهُوَ أَحْوَطُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَثْرَةُ الْفَوَائِتِ كَمَا تُسْقِطُ التَّرْتِيبَ فِي الْأَدَاءِ تُسْقِطُ فِي الْقَضَاءِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ صَلَاةَ شَهْرٍ ثُمَّ قَضَى ثَلَاثِينَ فَجْرًا ثُمَّ ثَلَاثِينَ ظُهْرًا ثُمَّ هَكَذَا صَحَّ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. التَّرْتِيبُ إذَا سَقَطَ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ ثُمَّ قَضَى بَعْضَ الْفَوَائِتِ وَبَقِيَتْ الْفَوَائِتُ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَعُودُ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَتَّى لَوْ تَرَكَ صَلَاةَ شَهْرٍ فَقَضَاهَا إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً ثُمَّ صَلَّى الْوَقْتِيَّةَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهَا جَازَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَالْفَوَائِتُ نَوْعَانِ قَدِيمَةٌ وَحَدِيثَةٌ) . فَالْحَدِيثَةُ تُسْقِطُ التَّرْتِيبَ اتِّفَاقًا وَفِي الْقَدِيمَةِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَذَلِكَ كَمَنْ تَرَكَ صَلَوَاتِ شَهْرٍ ثُمَّ صَلَّى مُدَّةً وَلَمْ يَقْضِ تِلْكَ الصَّلَوَاتِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ صَلَاةً ثُمَّ صَلَّى أُخْرَى ذَاكِرًا لِلْفَائِتَةِ الْحَدِيثَةِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ الْبَعْضِ وَقِيلَ: يَجُوزُ

وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا أَخَّرَ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ عَنْ وَقْتِ التَّذَكُّرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقَضَاءِ هَلْ يُكْرَهُ فَالْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ التَّذَكُّرِ إنَّمَا هُوَ وَقْتُ الْفَائِتَةِ وَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا مَكْرُوهٌ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْأَصْلِ رَجُلٌ صَلَّى الْعَصْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ فَهُوَ فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ لَكِنْ إذَا فَسَدَتْ الْفَرِيضَةُ لَا يَبْطُلُ أَصْلُ الصَّلَاةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَبْطُلُ وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَرْضِيَّةُ الْعَصْرِ تَفْسُدُ فَسَادًا مَوْقُوفًا حَتَّى لَوْ صَلَّى سِتَّ صَلَوَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يُعِدْ الظُّهْرَ عَادَ الْعَصْرَ جَائِزًا لَا يَجِبُ إعَادَتُهُ وَعِنْدَهُمَا تَفْسُدُ فَسَادًا بَاتًّا لَا جَوَازَ لَهَا بِحَالٍ فَالْأَصْلُ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْفَائِتَةِ وَالْوَقْتِيَّةِ كَمَا تَسْقُطُ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ تَسْقُطُ بِكَثْرَةِ الْمُؤَدَّى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ نَسِيَ صَلَاةً وَلَا يَدْرِيهَا وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يُعِيدُ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، قَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَنَابِيعِ. وَكَذَا لَوْ نَسِيَ صَلَاتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَيَّ صَلَاتَيْنِ أَعَادَ صَلَاةَ يَوْمَيْنِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لَوْ نَسِيَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ تَرَكَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ مِنْ يَوْمَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهُمَا تَرَكَ أَوَّلًا تَحَرَّى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ يُعِيدُ مَا أَدَّى أَوَّلًا مَرَّةً أُخْرَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذْ يُمْكِنُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ بِطَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ وَالِاحْتِيَاطُ وَاجِبٌ فِي الْعِبَادَاتِ وَقَالُوا لَا نَأْمُرَهُ إلَّا بِالتَّحَرِّي وَيَسْقُطُ عَنْهُ التَّرْتِيبُ لِعَجْزِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ مَرَّتَيْنِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ بَدَأَ بِالظُّهْرِ ثُمَّ بِالْعَصْرِ ثُمَّ بِالظُّهْرِ كَانَ أَفْضَلَ وَإِنْ بَدَأَ بِالْعَصْرِ ثُمَّ بِالظُّهْرِ ثُمَّ بِالْعَصْرِ يَجُوزُ أَيْضًا مُصَلِّي الْعَصْرِ إذَا تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً وَاحِدَةً وَلَا يَدْرِي أَنَّهَا مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يُتِمُّ الْعَصْرَ وَيَسْجُدُ سَجْدَةً وَاحِدَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَهَا مِنْ الْعَصْرِ ثُمَّ يُعِيدُ الظُّهْرَ احْتِيَاطًا ثُمَّ يُعِيدُ الْعَصْرَ وَإِنْ لَمْ يُعِدْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ) فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ شَرَعَ فِي الْعَصْرِ ثُمَّ غَرَبَتْ الشَّمْسُ خِلَالَهُ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ فِي هَذَا الْعَصْرِ هَلْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ فَقَالَ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ مُقِيمًا وَالْمُقْتَدِي مُسَافِرًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ إذَا صَارَ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ وَقَدْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ فِي وَقْتِ كَانَ شَافِعِيًّا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَارَ حَنَفِيًّا يَقْضِي عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ يَرَى التَّيَمُّمَ إلَى الرُّسْغِ وَالْوِتْرَ رَكْعَةً ثُمَّ رَأَى التَّيَمُّمَ إلَى الْمِرْفَقِ وَالْوِتْرَ ثَلَاثًا لَا يُعِيدُ مَا صَلَّى وَإِنْ صَلَّى كَذَلِكَ عَنْ جَهْلٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا ثُمَّ سَأَلَ وَأُمِرَ بِالثَّلَاثِ يُعِيدُ مَا صَلَّى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ امْرَأَةٌ تَرَكَتْ صَلَاةً فَحَاضَتْ وَطَهُرَتْ فَصَلَّتْ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ قَالَ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. حَرْبِيٌّ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالشَّرَائِعِ مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهِمَا ثُمَّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ أَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالشَّرَائِعِ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي آخِرِ بَابِ مَا يَكُونُ إسْلَامًا مِنْ الْكَافِرِ وَمَا لَا يَكُونُ. فَإِنْ بَلَّغَهُ رَجُلٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَلْزَمُهُ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا لَمْ يُخْبِرْهُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَا يَلْزَمُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْعَتَّابِيَّةِ عَنْ أَبِي نَصْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ يَقْضِي صَلَوَاتِ عُمُرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ الِاحْتِيَاطَ فَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ النُّقْصَانِ وَالْكَرَاهَةِ فَحَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ لَا يَفْعَلُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ لِشُبْهَةِ الْفَسَادِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَيَقْرَأُ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا الْفَاتِحَةَ مَعَ السُّورَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ يَقْضِي

الباب الثاني عشر في سجود السهو

الْفَوَائِتَ فَإِنَّهُ يَقْضِي الْوِتْرَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَيْقِنْ أَنَّهُ هَلْ بَقِيَ عَلَيْهِ وِتْرٌ أَوْ لَمْ يَبْقَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَيَقْنُتُ ثُمَّ يَقْعُدُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى فَإِنْ كَانَ وِتْرًا فَقَدْ أَدَّاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقَدْ صَلَّى التَّطَوُّعَ أَرْبَعًا وَلَا يَضُرُّهُ الْقُنُوتُ فِي التَّطَوُّعِ. وَفِي الْحُجَّةِ الِاشْتِغَالُ بِالْفَوَائِتِ أَوْلَى وَأَهَمُّ مِنْ النَّوَافِلِ إلَّا السُّنَنَ الْمَعْرُوفَةَ وَصَلَاةَ الضُّحَى وَصَلَاةَ التَّسْبِيحِ وَالصَّلَوَاتِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي الْأَخْبَارِ فِيهَا سُوَرٌ مَعْدُودَةٌ وَأَذْكَارٌ مَعْهُودَةٌ فَتِلْكَ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَغَيْرُهَا بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَا يَقْضِي الْفَوَائِتَ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا يَقْضِيهَا فِي بَيْتِهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. فِي الْمُلْتَقِطِ وَلَوْ أَمَرَ الْأَبُ ابْنَهُ أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ صَلَوَاتٍ وَصِيَامَ أَيَّامٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ صَلَوَاتٌ فَائِتَةٌ فَأَوْصَى بِأَنْ تُعْطَى كَفَّارَةُ صَلَوَاتِهِ يُعْطَى لِكُلِّ صَلَاةٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَلِلْوِتْرِ نِصْفَ صَاعٍ وَلِصَوْمِ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا يَسْتَقْرِضُ وَرَثَتُهُ نِصْفَ صَاعٍ وَيُدْفَعُ إلَى مِسْكِينٍ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ الْمِسْكِينُ عَلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى يُتِمَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ مَا ذَكَرْنَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ لِوَرَثَتِهِ وَتَبَرَّعَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يَجُوزُ وَيُدْفَعُ عَنْ كُلِّ صَلَاةٍ نِصْفُ صَاعِ حِنْطَةٍ مَنَوَيْنِ، وَلَوْ دُفِعَ جُمْلَةً إلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ، جَازَ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَكَفَّارَةِ الْإِفْطَارِ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَلَوْ دُفِعَ عَنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ تِسْعُ أَمْنَانٍ لِفَقِيرٍ وَاحِدٍ وَمَنًّا لِفَقِيرٍ وَاحِدٍ اخْتَارَ الْفَقِيهُ أَنَّهُ يَجُوزُ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ وَلَا يَجُوزُ عَنْ الصَّلَاةِ الْخَامِسَةِ. وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ الْفِدْيَةِ عَنْ الصَّلَوَاتِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ هَلْ يَجُوزُ فَقَالَ: لَا، وَسُئِلَ حِمْيَرُ الْوَبَرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ الشَّيْخِ الْفَانِي هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ عَنْ الصَّلَوَاتِ كَمَا تَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ الصَّوْمِ وَهُوَ حَيٌّ فَقَالَ: لَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ رَجُلٌ صَلَّى خَمْسَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ إحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَلَا يَعْلَمُ تِلْكَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْفَجْرَ وَالْمَغْرِبَ احْتِيَاطًا وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يَدْرِي مِنْ أَيَّةِ صَلَاةٍ تَرَكَهَا قَالُوا يُعِيدُ صَلَاةَ الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَتَيْنِ يُعِيدُ صَلَاةَ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْوِتْرِ وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ يُعِيدُ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَلَا يُعِيدُ الْوِتْرَ وَالْفَجْرَ وَالْمَغْرِبَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. تَارِكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا لَا يُقْتَلُ، كَذَا فِي الْكَافِي فِي بَابِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ. [الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ] (الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ) وَهُوَ وَاجِبٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْوُجُوبُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْوَقْتُ صَالِحًا حَتَّى إنَّ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إذَا لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ بَعْدَ السَّلَامِ الْأَوَّلِ سَقَطَ عَنْهُ السُّجُودُ وَكَذَا إذَا سَهَا فِي قَضَاءِ الْفَائِتَةِ فَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى احْمَرَّتْ وَكُلُّ مَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ إذَا وُجِدَ بَعْدَ السَّلَامِ يُسْقِطُ السَّهْوَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ بَنَى النَّفَلَ عَلَى فَرْضٍ سَهَا فِيهِ لَمْ يَسْجُدْ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَمَحِلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ. وَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ أَجْزَأَهُ عِنْدَنَا هَكَذَا رِوَايَةُ الْأُصُولِ وَيَأْتِي بِتَسْلِيمَتَيْنِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالصَّوَابُ أَنْ يُسَلِّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْأَصْلِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَيُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يُكَبِّرَ بَعْدَ سَلَامِهِ الْأَوَّلِ وَيَخِرَّ سَاجِدًا وَيُسَبِّحَ فِي سُجُودِهِ ثُمَّ يَفْعَلَ ثَانِيًا كَذَلِكَ ثُمَّ يَتَشَهَّدَ ثَانِيًا ثُمَّ يُسَلِّمَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَأْتِي بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءِ فِي قَعْدَةِ السَّهْوِ هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ: يَأْتِي بِهِمَا فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُصَلِّيَ

فِي الْقَعْدَتَيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَحُكْمُ السَّهْوِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، قَالَ فِي الْفَتَاوَى: الْقَعْدَةُ بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لَيْسَتْ بِرُكْنٍ وَإِنَّمَا أُمِرَ بِهَا بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لِيَقَعَ خَتْمُ الصَّلَاةِ بِهَا حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا فَقَامَ وَذَهَبَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، كَذَا قَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّة الْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الْمَتْرُوكَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ فَرْضٌ وَسُنَّةٌ وَوَاجِبٌ فَفِي الْأَوَّلِ أَمْكَنَهُ التَّدَارُكُ بِالْقَضَاءِ يَقْضِي وَإِلَّا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَفِي الثَّانِي لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّ قِيَامَهَا بِأَرْكَانِهَا وَقَدْ وُجِدَتْ وَلَا يُجْبَرُ بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَفِي الثَّالِثِ إنْ تَرَكَ سَاهِيًا يُجْبَرُ بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَإِنْ تَرَكَ عَامِدًا لَا، كَذَا التَّتَارْخَانِيَّة. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجَمِّ الْغَفِيرِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ السُّجُودُ فِي الْعَمْدِ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ جَبْرًا لِنُقْصَانِهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا يَجِبُ السُّجُودُ إلَّا بِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ تَأْخِيرِهِ أَوْ تَأْخِيرِ رُكْنٍ أَوْ تَقْدِيمِهِ أَوْ تَكْرَارِهِ أَوْ تَغْيِيرِ وَاجِبٍ بِأَنْ يَجْهَرَ فِيمَا يُخَافَتُ وَفِي الْحَقِيقَةِ وُجُوبُهُ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ تَرْكُ الْوَاجِبِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يَجِبُ بِتَرْكِ التَّعَوُّذِ وَالْبَسْمَلَةِ فِي الْأُولَى وَالثَّنَاءِ وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ إلَّا فِي تَكْبِيرَةِ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلَا يَجِبُ بِتَرْكِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْعِيدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ سَلَّمَ عَنْ الشِّمَالِ أَوَّلًا سَاهِيًا وَلَوْ تَرَكَ الْقَوْمَةَ سَاهِيًا بِأَنْ انْحَطَّ مِنْ الرُّكُوعِ سَاجِدًا فَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَنَّ عَلَيْهِ السُّجُودَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (ثُمَّ وَاجِبَاتُ الصَّلَاةِ أَنْوَاعٌ) (مِنْهَا) قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ السَّهْوُ وَإِنْ قَرَأَ أَكْثَرَ الْفَاتِحَةِ وَنَسِيَ الْبَاقِيَ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَإِنْ بَقِيَ الْأَكْثَرُ كَانَ عَلَيْهِ السَّهْوُ إمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ تَرَكَهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا يَجِبُ إنْ كَانَ فِي الْفَرْضِ وَإِنْ كَانَ فِي النَّفْلِ أَوْ الْوِتْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَوْ كَرَّرَهَا فِي الْأُولَيَيْنِ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعَادَهَا بَعْدَ السُّورَةِ أَوْ كَرَّرَهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ إلَّا حَرْفًا أَوْ قَرَأَ أَكْثَرَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا سَاهِيًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَحْدَهَا وَتَرَكَ السُّورَةَ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَكَذَا لَوْ قَرَأَ مَعَ الْفَاتِحَةِ آيَةً قَصِيرَةً، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَآيَتَيْنِ فَخَرَّ رَاكِعًا سَاهِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ عَادَ وَأَتَمَّ ثَلَاثَ آيَاتٍ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَخَّرَ الْفَاتِحَةَ عَنْ السُّورَةِ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ لَا يَلْزَمُهُ السَّهْوُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ قَرَأَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ أَوْ تَشَهُّدِهِ يَلْزَمُهُ وَهَذَا إذَا بَدَأَ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ بِالتَّشَهُّدِ وَإِنْ بَدَأَ بِالتَّشَهُّدِ ثُمَّ بِالْقِرَاءَةِ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي لَا سَهْوَ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى، وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي وَلَمْ يُسَبِّحْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ أَسَاءَ وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا كَانَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - أَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي السَّهْوِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ سَهَا عَنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الْأُولَى أَوْ فِي الثَّانِيَةِ وَتَذَكَّرَ بَعْدَ مَا قَرَأَ بَعْضَ السُّورَةِ يَعُودُ فَيَقْرَأُ بِالْفَاتِحَةِ ثُمَّ بِالسُّورَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَإِنْ كَانَ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ السُّورَةِ وَكَذَلِكَ إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ السُّورَةِ أَوْ فِي الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْفَاتِحَةِ ثُمَّ يُعِيدُ السُّورَةَ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا رَكَعَ وَلَمْ يَقْرَأْ السُّورَةَ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَرَأَ السُّورَةَ وَأَعَادَ الرُّكُوعَ وَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةً وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سُورَةً قَبْلَهَا فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ الْمُصَلِّي إذَا تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ وَنَسِيَ أَنْ

يَسْجُدَ لَهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا وَسَجَدَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لِلْوَصْلِ وَهُوَ وَاجِبٌ وَقِيلَ: لَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ فِي صَلَاتِهِ سُورَةً فَأَخْطَأَ فَقَرَأَ سُورَةً أُخْرَى لَا سَهْوَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا) تَعْيِينُ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ (وَمِنْهَا) رِعَايَةُ التَّرْتِيبِ فِي فِعْلٍ مُكَرَّرٍ فَلَوْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ فَتَذَكَّرَهَا فِي آخِرِ الصَّلَاةِ سَجَدَهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ لِتَرْكِ التَّرْتِيبِ فِيهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا قَبْلَهَا وَلَوْ قَدَّمَ الرُّكُوعَ عَلَى الْقِرَاءَةِ لَزِمَهُ السُّجُودُ لَكِنْ لَا يَعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ فَيَفْرِضُ إعَادَتَهُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَمِنْهَا) تَعْدِيلُ الْأَرْكَانِ وَهُوَ الطُّمَأْنِينَةُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ السُّجُودِ بِتَرْكِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ أَوْ سُنَّةٌ وَالْمَذْهَبُ الْوُجُوبُ وَلُزُومُ السُّجُودِ بِتَرْكِهِ سَاهِيًا وَصَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَمِنْهَا) الْقَعْدَةُ الْأُولَى حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّهْوُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَمِنْهَا) التَّشَهُّدُ فَإِذَا تَرَكَهُ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى أَوْ الْأَخِيرَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَكَذَا إذَا تَرَكَ بَعْضَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَرَأَ التَّشَهُّدَ فِي الْقِيَامِ إنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ تَشَهَّدَ فِي قِيَامِهِ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَبَعْدَهَا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ مَحِلُّ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فَإِذَا تَشَهَّدَ فِيهِ فَقَدْ أَخَّرَ الْوَاجِبَ وَقَبْلَهَا مَحِلُّ الثَّنَاءِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ تَشَهَّدَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ السَّهْوُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَإِذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ مَكَانَ التَّشَهُّدِ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَكَذَلِكَ إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ التَّشَهُّدَ كَانَ عَلَيْهِ السَّهْوُ، كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْوَاقِعَاتِ النَّاطِفِيَّةِ وَذُكِرَ هُنَاكَ إذَا بَدَأَ فِي مَوْضِعِ التَّشَهُّدِ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ تَشَهَّدَ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَلَوْ بَدَأَ بِالتَّشَهُّدِ ثُمَّ بِالْقِرَاءَةِ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَرَأَ التَّشَهُّدَ قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا لَا سَهْوَ عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَرَّرَ التَّشَهُّدَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى فَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَكَذَا لَوْ زَادَ عَلَى التَّشَهُّدِ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ بِقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُولَ: وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَوْ كَرَّرَهُ فِي الْقَعْدَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا نَسِيَ قِرَاءَةَ التَّشَهُّدِ حَتَّى سَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ عَادَ وَتَشَهَّدَ وَعَلَيْهِ السَّهْوُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَجِبُ إذَا قَعَدَ فِيمَا يُقَامُ أَوْ قَامَ فِيمَا يُجْلَسُ فِيهِ وَهُوَ إمَامٌ أَوْ مُنْفَرِدٌ أَرَادَ بِالْقِيَامِ إذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا أَوْ كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى الْقَعْدَةِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ عَادَ إلَى الْقُعُودِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَقْعُدُ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ، وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِالنِّصْفِ الْأَسْفَلِ مِنْ الْإِنْسَانِ إنْ كَانَ النِّصْفُ الْأَسْفَلُ مُسْتَوِيًا كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ وَإِلَّا لَا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي رِوَايَةٍ إذَا قَامَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ لِيَنْهَضَ يَقْعُدُ وَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْقَعْدَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَإِنْ رَفَعَ أَلْيَتَيْهِ وَرُكْبَتَاهُ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَرْفَعْهُمَا لَا سَهْوَ عَلَيْهِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا إذَا سَجَدَ فِي مَوْضِعِ الرُّكُوعِ أَوْ رَكَعَ فِي مَوْضِعِ السُّجُودِ أَوْ كَرَّرَ رُكْنًا أَوْ قَدَّمَ الرُّكْنَ أَوْ أَخَّرَهُ فَفِي هَذِهِ الْفُصُولِ كُلِّهَا يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ وَفِي الْقُدُورِيِّ وَمَنْ تَرَكَ مِنْ صَلَاتِهِ فِعْلًا وُضِعَ فِيهِ ذِكْرٌ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ إذَا وُضِعَ فِيهِ ذِكْرٌ فَذَلِكَ أَمَارَةُ كَوْنِهِ مَقْصُودًا

فصل سهو الإمام يوجب عليه وعلى من خلفه السجود

فِي نَفْسِهِ فَتَمَكَّنَ بِتَرْكِهِ النَّقْصَ فِي صَلَاتِهِ فَيَجِبُ جَبْرُهُ بِسَجْدَةِ السَّهْوِ وَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَمْ يُوضَعْ فِيهِ ذِكْرٌ فَلَيْسَ فِيهِ سُجُودُ السَّهْوِ كَوَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ وَالْقَوْمَةِ الَّتِي بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَإِذَا قَعَدَ الْمُصَلِّي فِي صَلَاتِهِ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ شَكَّ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا حَتَّى شَغَلَهُ ذَلِكَ عَنْ التَّسْلِيمِ ثُمَّ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ فَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ بَعْدَمَا سَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَإِذَا أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ وَذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ فَوَقَعَ لَهُ هَذَا الشَّكُّ حَتَّى شَغَلَهُ عَنْ الْوُضُوءِ سَاعَةً فَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا الْقُنُوتُ) فَإِذَا تَرَكَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّهْوُ، وَتَرْكُهُ يَتَحَقَّقُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَةَ الَّتِي بَعْدَ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ الْقُنُوتِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ؛ وَلِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَمِنْهَا تَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: إذَا تَرَكَهَا أَوْ نَقَصَ مِنْهَا أَوْ زَادَ عَلَيْهَا أَوْ أَتَى بِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيَسْتَوِي فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا سَهَا الْإِمَامُ عَنْ تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَذَكَرَ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا سَهَا عَنْ التَّكْبِيرَاتِ حَتَّى رَكَعَ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ فِي الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالتَّكْبِيرَاتِ فِي الرُّكُوعِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ الثَّانِي فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّهْوُ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ تَبَعًا لِتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ بِخِلَافِ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُلْحَقَةً بِهَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ السَّهْوُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْمَكْتُوبَةِ وَالتَّطَوُّعِ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ مَشَايِخَنَا قَالُوا لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ؛ لِئَلَّا يَقَعَ النَّاسُ فِي فِتْنَةٍ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ نَاقِلًا عَنْ الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا الْجَهْرُ وَالْإِخْفَاءُ) . حَتَّى لَوْ جَهَرَ فِيمَا يُخَافَتُ أَوْ خَافَتَ فِيمَا يُجْهَرُ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا يَجِبُ بِهِ السَّهْوُ مِنْهُمَا قِيلَ: يُعْتَبَرُ فِي الْفَصْلَيْنِ بِقَدْرِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْمُنْفَرِدُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّهْوُ بِالْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ خَصَائِصِ الْجَمَاعَةِ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ جَهَرَ بِالتَّعَوُّذِ أَوْ بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ بِالتَّأْمِينِ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [فَصْلٌ سَهْوُ الْإِمَامِ يُوجِبُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ السُّجُودَ] (فَصْلٌ) سَهْوُ الْإِمَامِ يُوجِبُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ السُّجُودَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِهِ وَقْتَ السَّهْوِ حَتَّى لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ مَا سَهَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ مَعَ الْإِمَامِ تَبَعًا لَهُ وَلَوْ دَخَلَ مَعَهُ بَعْدَمَا سَجَدَ سَجْدَةَ السَّهْوِ يُتَابِعُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يَقْتَضِي الْأَوَّلُ وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ بَعْدَمَا سَجَدَهُمَا لَا يَقْضِيهِمَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. سَهْوُ الْمُؤْتَمِّ لَا يُوجِبُ السَّجْدَةَ وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ سُجُودَ السَّهْوِ فَلَا سَهْوَ عَلَى الْمَأْمُومِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْمَسْبُوقُ يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ ثُمَّ يَقُومُ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِهِ وَلَا يُعِيدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ. وَاللَّاحِقُ إذَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ مَعَ الْإِمَامِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَيَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ وَيَنْبَغِي لِلْمَسْبُوقِ أَنْ يَمْكُثَ سَاعَةً بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ لَمْ يُتَابِعْ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَقَامَ إلَى الْقَضَاءِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَيَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ. وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فَقَامَ الْمَسْبُوقُ ثُمَّ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سَهْوًا فَسَجَدَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الْمَسْبُوقُ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفُضَ ذَلِكَ وَيَعُودَ إلَى مُتَابَعَتِهِ ثُمَّ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ إلَى الْقَضَاءِ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَلَوْ لَمْ يَعُدْ إلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَمَضَى عَلَى قَضَائِهِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ فَرَاغِهِ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ بَعْدَمَا قَيَّدَ هَذَا الْمَسْبُوقُ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ فَإِنْ عَادَ إلَى مُتَابَعَتِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ سَهَا الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ تَابَعَهُ فِيهِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَإِنَّمَا يَسْجُدُونَ بَعْدَ

الْفَرَاغِ مِنْ الْإِتْمَامِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَاللَّاحِقُ لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ فِيمَا يَقْضِي وَالْمَسْبُوقُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ فِيمَا يَقْضِي وَلَوْ سَهَا إمَامُهُ وَلَمْ يَسْجُدْ الْمَسْبُوقُ مَعَهُ وَسَهَا هُوَ فِيمَا يَقْضِي يَكْفِيهِ سَجْدَتَانِ وَالْمُقِيمُ خَلْفَ الْمُسَافِرِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْبُوقِ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ. الْإِمَامُ إذَا سَهَا ثُمَّ أَحْدَثَ فَقَدَّمَ مَسْبُوقًا أَتَمَّهَا إلَّا السَّلَامَ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ رَجُلًا أَدْرَكَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ فَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَيَسْجُدُ مَعَهُ الْمَسْبُوقُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ أَدْرَكَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ قَامَ كُلُّ وَاحِدٍ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِهِ وَيَسْجُدُ كُلُّ وَاحِدٍ لِسَهْوِهِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَقَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ إنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ أَنَّهَا الْخَامِسَةُ عَادَ إلَى الْقَعْدَةِ وَسَلَّمَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَمَا قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ أَنَّهَا الْخَامِسَةُ لَا يَعُودُ إلَى الْقَعْدَةِ وَلَا يُسَلِّمُ بَلْ يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى حَتَّى يَصِيرَ شَفْعًا وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالرَّكْعَتَانِ نَافِلَةٌ وَلَا تَنُوبَانِ عَنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ عَلَى الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ قَالُوا فِي الْعَصْرِ لَا يَضُمُّ إلَيْهَا سَادِسَةً وَقِيلَ: يَضُمُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ؛ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ إنَّمَا يُكْرَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ إذَا كَانَ عَنْ اخْتِيَارٍ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ اخْتِيَارٍ فَلَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفَجْرِ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ بَعْدَ مَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَقَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ لَا يَضُمُّ إلَيْهَا رَابِعَةً، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَصَرَّحَ فِي التَّجْنِيسِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى رِوَايَةِ هِشَامٍ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ الضَّمِّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا لَمْ يَقْعُدْ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي الْفَجْرِ بَطَلَ فَرْضُهُ بِتَرْكِ الْقُعُودِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ، وَالتَّنَفُّلُ قَبْلَ الْفَجْرِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مَكْرُوهٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ فِي الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ فِي الرَّابِعَةِ وَقَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ حَيْثُ يَضُمُّ إلَيْهَا سَادِسَةً؛ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ قَبْلَ الْعَصْرِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ حَتَّى قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ إنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ عَادَ إلَى الْقَعْدَةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَإِنْ قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ فَسَدَ ظُهْرُهُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَتَحَوَّلَتْ صَلَاتُهُ نَفْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَضُمُّ إلَيْهَا رَكْعَةً سَادِسَةً وَلَوْ لَمْ يَضُمَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَقْتِ الْفَسَادِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا وَضَعَ رَأْسَهُ لِلسُّجُودِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ حَتَّى يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ فَفَرْضُ السُّجُودِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَأَدَّى بِوَضْعِ الرَّأْسِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْوَضْعِ وَالرَّفْعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا أَحْدَثَ فِي هَذِهِ السَّجْدَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُمْكِنُهُ إصْلَاحُهَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُمْكِنُ فَيَذْهَبُ وَيَتَوَضَّأُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَيَقْعُدُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِنْ سَلَّمَ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّهْوُ فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ إنْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَإِلَّا لَا عِنْدَهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ فَبَعْدَ السَّلَامِ إنْ اقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ صَحَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُطْلَقًا وَعِنْدَهُمَا صَحَّ إنْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَإِنْ قَهْقَهَ انْتَقَضَ الْوُضُوءُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ إجْمَاعًا وَسَقَطَ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ انْقَلَبَ فَرْضُهُ أَرْبَعًا عِنْدَهُ وَيَسْجُدُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ

مسائل الشك والاختلاف الواقع بين الإمام والمأموم في مقدار المؤدى

وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْقَلِبُ أَرْبَعًا وَسَقَطَ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ؛ إذْ إيجَابُهُ يُوجِبُ إبْطَالَهُ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ. وَمَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا فَسَهَا فِيهِمَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ أُخْرَيَيْنِ لَمْ يَبْنِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ بَنَى صَحَّ لِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ وَيُعِيدُ سُجُودَ السَّهْوِ فِي الْمُخْتَارِ وَكَذَا الْمُسَافِرُ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ مَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ يَلْزَمُهُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَيُعِيدُ سُجُودَ السَّهْوِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلٌ صَلَّى الْعِشَاءَ فَسَهَا فِيهَا وَقَرَأَ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ فَلَمْ يَسْجُدْهَا وَتَرَكَ سَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ ثُمَّ سَلَّمَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إنْ كَانَ نَاسِيًا لِلْكُلِّ أَوْ عَامِدًا لِلْكُلِّ أَوْ نَاسِيًا لِلتِّلَاوَةِ وَعَامِدًا لِلصُّلْبِيَّةِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ هَذَا سَلَامُ السَّهْوِ وَسَلَامُ السَّهْوِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ سَلَامَ الْعَمْدِ يُخْرِجُهُ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَفِي الْوَجْهِ الرَّابِعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. السَّهْوُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ لَا يُوجِبُ السَّهْوَ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاهَى، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَلَوْ سَهَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ عَمِلَ بِالتَّحَرِّي وَلَوْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ مِرَارًا يَكْفِيهِ سَجْدَتَانِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَمَّ فِي التَّطَوُّعِ فِي اللَّيْلِ فَخَافَتَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ أَسَاءُوا إنْ كَانَ سَاهِيًا فَعَلَيْهِ السَّهْوُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْيَتِيمَةِ إذَا تَرَكَ الْجَهْرَ فِي الْوِتْرِ وَفِي التَّرَاوِيحِ يَلْزَمُهُ السَّهْوُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ وَقَدْ سَهَا فَاسْتَخْلَفَ رَجُلًا يَسْجُدُ خَلِيفَتُهُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ سَهَا خَلِيفَتُهُ فِيمَا يُتِمُّ أَيْضًا كَفَاهُ سَجْدَتَانِ لِسَهْوِهِ وَلِسَهْوِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ سَهَا الْأَوَّلُ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ سَهَا وَإِنَّمَا سَهَا الْخَلِيفَةُ لَزِمَ الْأَوَّلَ سُجُودُ السَّهْوِ لِسَهْوِ خَلِيفَتِهِ وَلَوْ سَهَا الْأَوَّلُ بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ لَا يُوجِبُ سَهْوُهُ شَيْئًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْأَصْلِ إذَا سَلَّمَ فِي الرَّابِعَةِ سَاهِيًا بَعْدَ قُعُودِهِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ وَلَمْ يَقْرَأْ التَّشَهُّدَ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ ثُمَّ يُسَلِّمَ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ يَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [مَسَائِلُ الشَّكِّ وَالِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي مِقْدَارِ الْمُؤَدَّى] (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ الشَّكِّ وَالِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي مِقْدَارِ الْمُؤَدَّى) مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا عَرَضَ لَهُ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ثُمَّ الِاسْتِقْبَالُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِالْخُرُوجِ عَنْ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ بِالسَّلَامِ أَوْ الْكَلَامِ أَوْ عَمَلٍ آخَرَ مِمَّا يُنَافِي الصَّلَاةَ، وَالسَّلَامُ قَاعِدًا أَوْلَى وَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ يَلْغُو وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ أَوَّلَ مَا عَرَضَ لَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ السَّهْوَ لَيْسَ بِعَادَةٍ لَهُ لَا أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ فِي عُمُرِهِ قَطُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَوَّلُ سَهْوٍ وَقَعَ لَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ كَثُرَ شَكُّهُ تَحَرَّى وَأَخَذَ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ شَيْءٌ بَعْدَ الطَّلَبِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ فَيَجْعَلُهَا وَاحِدَةً فِيمَا لَوْ شَكَّ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَثَانِيَةً لَوْ شَكَّ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ وَثَالِثَةً لَوْ شَكَّ أَنَّهَا رَابِعَةٌ وَعِنْدَ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَقَلِّ يَقْعُدُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَحِلُّ قُعُودٍ فَرْضًا كَانَ الْقُعُودُ أَوْ وَاجِبًا كَيْ لَا يَصِيرَ تَارِكًا فَرْضَ الْقَعْدَةِ أَوْ وَاجِبَهَا. فَإِنْ وَقَعَ فِي رُبَاعِيٍّ أَنَّهَا الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ يَجْعَلُهَا الْأُولَى ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى وَيَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى وَيَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً فَيَأْتِي بِأَرْبَعِ قَعَدَاتٍ قَعْدَتَانِ مَفْرُوضَتَانِ وَهِيَ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَقَعْدَتَانِ وَاجِبَتَانِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ أَوْ قَبْلَ السَّلَامِ لَكِنْ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ يُحْكَمُ بِالْجَوَازِ وَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الشَّكُّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ شَكَّ فِي صَلَاةٍ أَنَّهُ صَلَّاهَا أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ ثُمَّ شَكَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ فِي الْقِيَامِ أَنَّهَا الثَّالِثَةُ أَوْ الْأُولَى لَا يُتِمُّ رَكْعَةً بَلْ يَقْعُدُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَيَرْفُضُ الْقِيَامَ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً ثُمَّ يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ.

وَإِنْ شَكَّ وَهُوَ سَاجِدٌ فَإِنْ شَكَّ فِي أَنَّهَا الرَّكْعَةُ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ فَإِنَّهُ يَمْضِي فِيهَا سَوَاءٌ شَكَّ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ الْأُولَى لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةَ يَلْزَمُهُ تَكْمِيلُهَا وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ يَقْعُدُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً. وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي سُجُودِهِ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إنْ كَانَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى أَمْكَنَهُ إصْلَاحُ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ إتْمَامُ هَذِهِ الرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّهَا ثَانِيَةٌ فَيَجُوزُ وَلَوْ كَانَتْ ثَالِثَةً مِنْ وَجْهٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لِأَنَّهُ لَمَّا تَذَكَّرَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى ارْتَفَعَتْ تِلْكَ السَّجْدَةُ وَصَارَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَمَا لَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْخَامِسَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ (زه) وَإِنْ كَانَ هَذَا الشَّكُّ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ شَكَّ فِي الْفَجْرِ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ أَمْ ثَالِثَةٌ فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا يَقْعُدُ فِي الْحَالِ ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي رَكْعَةً وَيَقْعُدُ وَإِنْ كَانَ قَاعِدًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَتَحَرَّى وَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ وَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ تَحَرَّى فِي الْقَعَدَاتِ إنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ أَيْضًا وَكَذَا فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ إذَا شَكَّ أَنَّهَا الرَّابِعَةُ أَوْ الْخَامِسَةُ وَلَوْ شَكَّ أَنَّهَا خَامِسَةٌ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْفَجْرِ فَيَعُودُ إلَى الْقَعْدَةِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى وَيَقْعُدُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَلَوْ شَكَّ فِي الْوِتْرِ وَهُوَ قَائِمٌ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ يُتِمُّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَيَقْنُتُ فِيهَا وَيَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى وَيَقْنُتُ فِيهَا أَيْضًا هُوَ الْمُخْتَارُ إلَى هُنَا عِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ. وَمِمَّا لَا يَنْبَغِي إغْفَالُهُ أَنَّهُ يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الشَّكِّ سَوَاءٌ عَمِلَ بِالتَّحَرِّي أَوْ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا وَتَفَكَّرَ فِي ذَلِكَ كَثِيرًا ثُمَّ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَفَكُّرُهُ شَغَلَ عَنْ أَدَاءِ رُكْنٍ بِأَنْ يُصَلِّيَ وَيَتَفَكَّرَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَإِنْ طَالَ تَفَكُّرُهُ حَتَّى شَغَلَهُ عَنْ رَكْعَةٍ أَوْ سَجْدَةٍ أَوْ يَكُونُ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فَيَطُولُ تَفَكُّرُهُ فِي ذَلِكَ وَتَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ بِالتَّفَكُّرِ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ اسْتِحْسَانًا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ أَحْدَثَ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْ تَيَقَّنَ بِذَلِكَ لَا شَكَّ لَهُ فِيهِ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ أَوْ أَنَّهُ قَدْ مَسَحَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنْ كَانَ أَدَّى رُكْنًا حَالَ التَّيَقُّنِ بِالْحَدَثِ أَوْ بِعَدَمِ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ وَإِلَّا يَمْضِي فِيهَا، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ أَدَّى رُكْنًا وَشَكَّ أَنَّهُ كَبَّرَ لِلِافْتِتَاحِ أَوَّلًا أَوْ هَلْ أَحْدَثَ أَوَّلًا أَوْ هَلْ أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ ثَوْبَهُ أَوَّلًا أَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ أَمْ لَا اسْتَقْبَلَ إنْ كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَّا مَضَى وَلَا يَلْزَمُ الْوُضُوءُ وَلَا غَسْلُ ثَوْبِهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ لَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَوْ مُقِيمٌ يُصَلِّي أَرْبَعًا وَيَقْعُدُ عَلَى الثَّانِيَةِ احْتِيَاطًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ صَلَّى بِقَوْمٍ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَسَجَدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ شَكَّ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ شَكَّ فِي الرَّابِعَةِ وَالثَّالِثَةِ فَلَحَظَ إلَى مَنْ خَلْفَهُ لِيَعْلَمَ بِهِمْ إنْ قَامُوا قَامَ هُوَ مَعَهُمْ وَإِنْ قَعَدُوا قَعَدَ يَعْتَمِدُ بِذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا شَكَّ الْإِمَامُ فَأَخْبَرَهُ عَدْلَانِ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِمَا رَجُلٌ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ صَلَّى بِقَوْمٍ فَلَمَّا سَلَّمَ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ عَدْلٌ إنَّكَ صَلَّيْتَ الظُّهْرَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ قَالُوا إنْ كَانَ عِنْدَ الْمُصَلِّي أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِ الْمُخْبِرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا أَنَا فَأُعِيدُ بِقَوْلِ وَاحِدٍ عَدْلٍ بِكُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ شَكَّ الْمُصَلِّي فِي الْمُخْبِرِ أَنَّهُ صَادِقٌ أَوْ كَاذِبٌ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا وَإِنْ شَكَّ فِي قَوْلِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ أَعَادَ صَلَاتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ عَدْلًا لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ. إمَامٌ صَلَّى بِقَوْمٍ وَذَهَبَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ:

الباب الثالث عشر في سجود التلاوة

هِيَ الظُّهْرُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الْعَصْرُ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فَهِيَ الظُّهْرُ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ فَهِيَ الْعَصْرُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لِمَنْ يَدَّعِي مَا يُوَافِقُهُ الْوَقْتُ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا جَازَ لِلْفَرِيقَيْنِ فِي الْقِيَاسِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ) سُجُودُ التِّلَاوَةِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فِي آخِرِ الْأَعْرَافِ عِنْدَ قَوْلِهِ (1) {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 206] . وَالرَّعْدِ عِنْدَ قَوْلِهِ: (2) {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الرعد: 15] (3) وَالنَّحْلِ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [النحل: 49] (4) وَبَنِي إسْرَائِيلَ عِنْدَ قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا} [الإسراء: 107] {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا} [الإسراء: 108] (5) وَمَرْيَمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58] (6) وَالْأُولَى فِي الْحَجِّ عِنْدَ قَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] (7) وَالْفُرْقَانِ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان: 60] . (8) وَالنَّمْلِ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} [النمل: 25] (9) وَ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] عِنْدَ قَوْلِهِ: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15] (10) وَ (ص) عِنْدَ قَوْلِهِ: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24] (11) وَحُمَّ السَّجْدَةُ عِنْدَ قَوْلِهِ: {لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] (12) وَالنَّجْمِ عِنْدَ قَوْلِهِ {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62] (13) وَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] عِنْدَ قَوْلِهِ: {فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق: 20] {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] (14) وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ. وَالسَّجْدَةُ وَاجِبَةٌ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ عَلَى التَّالِي وَالسَّامِعِ سَوَاءٌ قَصَدَ سَمَاعَ الْقُرْآنِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ لَا يَلْزَمُهُ السَّجْدَةُ بِتَحْرِيكِ الشَّفَتَيْنِ وَإِنَّمَا تَجِبُ إذَا صَحَّحَ الْحُرُوفَ وَحَصَلَ بِهِ صَوْتٌ سَمِعَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ إذَا قَرَّبَ أُذُنَهُ إلَى فَمِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ إلَّا الْحَرْفَ الَّذِي فِي آخِرِهَا لَا يَسْجُدُ وَلَوْ قَرَأَ الْحَرْفَ الَّذِي يَسْجُدُ فِيهِ وَحْدَهُ لَا يَسْجُدُ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ أَكْثَرَ آيَةِ السَّجْدَةِ بِحَرْفِ السَّجْدَةِ، وَفِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ لَوْ قَرَأَ وَاسْجُدْ وَسَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ وَاقْتَرِبْ يَلْزَمُهُ السُّجُودُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلٌ سَمِعَ آيَةَ السَّجْدَةِ مِنْ قَوْمٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَرْفًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهَا مِنْ تَالٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ السَّجْدَةِ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ إمَّا أَدَاءً أَوْ قَضَاءً كَانَ أَهْلًا لِوُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَمَنْ لَا فَلَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ التَّالِي كَافِرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ عَقِيبَ الطُّهْرِ دُونَ الْعَشَرَةِ وَالْأَرْبَعِينَ لَمْ يَلْزَمْهُمْ وَكَذَا السَّامِعُ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَلَوْ سَمِعَ مِنْهُمْ مُسْلِمٌ عَاقِلٌ بَالِغٌ تَجِبُ عَلَيْهِ لِسَمَاعِهِ وَلَوْ قَرَأَ الْمُحْدِثُ أَوْ الْجُنُبُ أَوْ سَمِعَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا وَكَذَا الْمَرِيضُ. وَلَا تَجِبُ إذَا سَمِعَهَا مِنْ طَيْرٍ هُوَ الْمُخْتَارُ وَمِنْ النَّائِمِ الصَّحِيحُ أَنَّهَا تَجِبُ وَإِنْ سَمِعَهَا مِنْ الصَّدَى لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. النَّائِمُ إذَا أُخْبِرَ أَنَّهُ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي حَالِ النَّوْمِ تَجِبُ عَلَيْهِ وَفِي النِّصَابِ هُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَرَأَهَا سَكْرَانُ تَجِبُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَمِعَهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْمَرْأَةُ إذَا قَرَأَتْ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي صَلَاتِهَا وَلَمْ تَسْجُدْ لَهَا حَتَّى حَاضَتْ سَقَطَتْ عَنْهَا السَّجْدَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُصَلِّي التَّطَوُّعِ إذَا قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ وَسَجَدَ لَهَا ثُمَّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ تِلْكَ السَّجْدَةِ

وَكَذَا الْمُسْلِمُ إذَا قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ ثُمَّ ارْتَدَّ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ تِلْكَ السَّجْدَةُ. وَلَا تَجِبُ السَّجْدَةُ بِكِتَابَةِ الْقُرْآنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَمِعَهَا السَّجْدَةُ فَهَمَّ السَّامِعُ أَوَّلًا إذَا أَخْبَرَ السَّامِعُ أَنَّهُ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ السَّامِعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ يَلْزَمُهُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَقِيلَ: تَجِبُ بِالْإِجْمَاعِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَرَأَ بِالْعَرَبِيَّةِ يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا لَكِنْ يُعْذَرُ بِالتَّأْخِيرِ مَا لَمْ يَعْلَمْ. وَإِنْ تَلَاهَا وَهُوَ أَصَمُّ فَلَمْ يَسْمَعْ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّجْدَةُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ بِالْهِجَاءِ لَمْ تَجِبْ السَّجْدَةُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِذَا تَلَا الْإِمَامُ آيَةَ السَّجْدَةِ سَجَدَهَا وَسَجَدَ الْمَأْمُومُ مَعَهُ سَوَاءٌ سَمِعَهَا مِنْهُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ أَوْ الْمُخَافَتَةِ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقْرَأَهَا فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ وَلَوْ سَمِعَهَا مِنْ الْإِمَامِ أَجْنَبِيٌّ لَيْسَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ لَزِمَهُ السُّجُودُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. سَمِعَ مِنْ إمَامٍ فَدَخَلَ مَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ سَجَدَ مَعَهُ وَإِنْ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ بَعْدَمَا سَجَدَهَا الْإِمَامُ لَا يَسْجُدُهَا وَهَذَا إذَا أَدْرَكَهُ فِي آخِرِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ أَمَّا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى يَسْجُدُهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِنْ تَلَا الْمَأْمُومُ لَمْ يَلْزَمْ الْإِمَامَ وَلَا الْمُؤْتَمَّ السُّجُودُ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ سَمِعَ الْمُصَلِّي مِنْ أَجْنَبِيٍّ يَسْجُدُ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَلَوْ سَجَدَ فِي الصَّلَاةِ لَا يُجْزِيهِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. هَذَا إذَا لَمْ يَقْرَأْ الْمُصَلِّي السَّامِعُ غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ فَإِنْ قَرَأَهَا أَوَّلًا ثُمَّ سَمِعَهَا فَسَجَدَهَا لَمْ يُعِدْهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ سَمِعَهَا أَوَّلًا ثُمَّ تَلَاهَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَجَزَمَ فِي السِّرَاجِ بِأَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِنْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَتْ فِي وَسَطِ السُّورَةِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَسْجُدَ ثُمَّ يَقُومَ وَيَخْتِمَ السُّورَةَ وَيَرْكَعَ وَلَوْ لَمْ يَسْجُدْ وَرَكَعَ وَنَوَى السَّجْدَةَ يُجْزِيهِ قِيَاسًا وَبِهِ نَأْخُذُ وَلَوْ لَمْ يَرْكَعْ وَلَمْ يَسْجُدْ وَأَتَمَّ السُّورَةَ ثُمَّ رَكَعَ وَنَوَى السَّجْدَةَ لَا يُجْزِيهِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالرُّكُوعِ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا بِالسُّجُودِ مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ بَعْدَ آيَةِ السَّجْدَةِ ثَلَاثَ آيَاتٍ يَنْقَطِعُ الْفَوْرُ وَلَا يَنُوبُ الرُّكُوعُ عَنْ السَّجْدَةِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا يَنْقَطِعُ مَا لَمْ يَقْرَأْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَتْ بِخَتْمِ السُّورَةِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَرْكَعَ بِهَا وَلَوْ سَجَدَ وَلَمْ يَرْكَعْ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقْرَأَ شَيْئًا مِنْ السُّورَةِ الْأُخْرَى بَعْدَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ وَلَوْ رَفَعَ وَلَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا وَرَكَعَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَرْكَعْ وَلَمْ يَسْجُدْ وَتَجَاوَزَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَعَ بِهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ كَانَتْ السَّجْدَةُ فِي آخِرِ السُّورَةِ وَبَعْدَهَا آيَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَكَعَ بِهَا وَإِنْ شَاءَ سَجَدَ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ بِهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَخْتِمَ السُّورَةَ وَيَرْكَعَ وَلَوْ سَجَدَ بِهَا ثُمَّ قَامَ يَخْتِمُ السُّورَةَ وَيَرْكَعُ فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا شَيْئًا آخَرَ مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى فَهُوَ أَفْضَلُ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِذَا سَجَدَ وَرَكَعَ لَهَا عَلَى حِدَةٍ عَلَى الْفَوْرِ يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُعْقِبَهُ بِالرُّكُوعِ بَلْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ آيَاتٍ ثُمَّ يَرْكَعُ، كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ. وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ فَأَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ بِهَا يُحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ عِنْدَ الرُّكُوعِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ النِّيَّةُ عِنْدَ الرُّكُوعِ لَا يُجْزِيهِ عَنْ السَّجْدَةِ. وَلَوْ نَوَى فِي رُكُوعِهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُجْزِيهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُجْزِيهِ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ، وَفِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ نَوَى بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ لَا يُجْزِيهِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ نَوَاهَا فِي الرُّكُوعِ عَقِيبَ التِّلَاوَةِ وَلَمْ يَنْوِهَا الْمُقْتَدِي

لَا يَنُوبُ عَنْهُ وَيَسْجُدُ إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ وَيُعِيدُ الْقَعْدَةَ وَلَوْ تَرَكَهَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ تَتَأَدَّى بِسَجْدَةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لِلتِّلَاوَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْمُصَلِّي إذَا نَسِيَ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ فِي مَوْضِعِهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ فِي الْقُعُودِ فَإِنَّهُ يَخِرُّ لَهَا سَاجِدًا ثُمَّ يَعُودُ إلَى مَا كَانَ فِيهِ وَيُعِيدُهُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يُعِدْ جَازَتْ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي فَصْلِ السَّهْوِ. إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ السَّجْدَةِ وَبَعْضُ الْقَوْمِ فِي الرَّحْبَةِ فَكَبَّرَ الْإِمَامُ لِلسَّجْدَةِ وَحَسِبَ مَنْ كَانَ فِي الرَّحْبَةِ أَنَّهُ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَرَكَعُوا ثُمَّ قَامَ الْإِمَامُ مِنْ السَّجْدَةِ فَكَبَّرَ فَظَنَّ الْقَوْمُ أَنَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَكَبَّرُوا وَرَفَعُوا رُءُوسَهُمْ إنْ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُمْ. الْمُصَلِّي إذَا سَمِعَ آيَةَ السَّجْدَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَسَجَدَ مَعَ التَّالِي إنْ قَصَدَ بِهِ اتِّبَاعَ التَّالِي تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَالْمُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَنْ يَسْجُدَ السَّامِعُ مَعَ التَّالِي وَلَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَمِنْ الْمُسْتَحَبِّ أَنْ يَتَقَدَّمَ التَّالِي وَيُصَفُّ الْقَوْمُ خَلْفَهُ فَيَسْجُدُونَ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْلُحُ إمَامًا لِلرَّجُلِ فِيهَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَمِنْ حُكْمِ هَذِهِ السَّجْدَةِ التَّدَاخُلُ حَتَّى يَكْتَفِيَ فِي حَقِّ التَّالِي بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ اجْتَمَعَ فِي حَقِّهِ التِّلَاوَةُ وَالسَّمَاعُ وَشَرْطُ التَّدَاخُلِ اتِّحَادُ الْآيَةِ وَاتِّحَادُ الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ وَاتَّحَدَتْ الْآيَةُ أَوْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ وَاخْتَلَفَتْ الْآيَةُ لَا تَتَدَاخَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَبَدَّلَ مَجْلِسُ السَّامِعِ دُونَ التَّالِي يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ وَلَوْ تَبَدَّلَ مَجْلِسُ التَّالِي دُونَ السَّامِعِ يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ لَا عَلَى السَّامِعِ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَالْمَجْلِسُ وَاحِدٌ وَإِنْ طَالَ أَوْ أَكَلَ لُقْمَةً أَوْ شَرِبَ شَرْبَةً أَوْ قَامَ أَوْ مَشَى خُطْوَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ أَوْ انْتَقَلَ مِنْ زَاوِيَةِ الْبَيْتِ أَوْ الْمَسْجِدِ إلَى زَاوِيَةٍ إلَّا إذَا كَانَتْ الدَّارُ كَبِيرَةً كَدَارِ السُّلْطَانِ وَإِنْ انْتَقَلَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مِنْ زَاوِيَةٍ إلَى زَاوِيَةٍ لَا يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ وَإِنْ انْتَقَلَ فِيهِ مِنْ دَارٍ إلَى دَارٍ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ يُجْعَلُ كَمَكَانٍ وَاحِدٍ وَسَيْرُ السَّفِينَةِ لَا يَقْطَعُ الْمَجْلِسَ بِخِلَافِ سَيْرِ الدَّابَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ رَاكِبُهَا فِي الصَّلَاةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ اشْتَغَلَ بِالتَّسْبِيحِ أَوْ التَّهْلِيلِ أَوْ الْقِرَاءَةِ لَا يَنْقَطِعُ حُكْمُ الْمَجْلِسِ وَلَوْ قَرَأَهَا ثُمَّ رَكِبَ عَلَى الدَّابَّةِ ثُمَّ نَزَلَ قَبْلَ السَّيْرِ لَمْ يَنْقَطِعْ أَيْضًا وَلَوْ قَرَأَهَا فَسَجَدَ ثُمَّ قَرَأَ الْقُرْآنَ بَعْدَ ذَلِكَ طَوِيلًا ثُمَّ أَعَادَ تِلْكَ السَّجْدَةِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ أُخْرَى وَلَوْ قَرَأَهَا فِي مَكَان ثُمَّ قَامَ فَرَكِبَ الدَّابَّةَ ثُمَّ قَرَأَهَا مَرَّةً أُخْرَى قَبْلَ أَنْ تَسِيرَ فَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ يَسْجُدُهَا عَلَى الْأَرْضِ وَلَوْ سَارَتْ ثُمَّ تَلَاهَا يَلْزَمُهُ سَجْدَتَانِ وَكَذَا إذَا قَرَأَهَا رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ قَبْلَ أَنْ تَسِيرَ فَقَرَأَهَا فَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ يَسْجُدُهَا عَلَى الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَاعْتُبِرَ تَبَدُّلُ الْمَجْلِسِ دُونَ الْإِعْرَاضِ حَتَّى لَوْ قَالَ: لَا أَقْرَأُ ثَانِيًا ثُمَّ قَرَأَ فِي مَجْلِسِهِ كَفَتْهُ سَجْدَةٌ وَيَتَكَرَّرُ فِي تَسْدِيَةِ الثَّوْبِ وَالدِّيَاسَةِ وَكَرْبِ الْأَرْضِ، هَكَذَا فِي الْكَافِي، وَفِي الِانْتِقَالِ مِنْ غُصْنٍ إلَى غُصْنٍ فِي أَصَحِّ الْأَقْوَالِ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ قَرَأَهَا وَهُوَ مَاشٍ يَلْزَمُهُ بِكُلِّ قِرَاءَةٍ سَجْدَةٌ وَكَذَا إنْ كَانَ يُسَبِّحُ فِي الْمَاءِ فِي بَحْرٍ أَوْ نَهْرٍ عَظِيمٍ أَمَّا إذَا كَانَ يُسَبِّحُ فِي حَوْضٍ أَوْ غَدِيرٍ لَهُ حَدٌّ مَعْلُومٌ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ وَكَذَا لَوْ قَرَأَهَا حَوْلَ الرَّحَى فِي الطَّاحُونَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ عَمِلَ عَمَلًا كَثِيرًا بِأَنْ أَكَلَ كَثِيرًا أَوْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ بَاعَ أَوْ نَحْوَهُ تَجِبُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ تَبَدَّلَ بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ اسْمًا فَصَارَ مُضَافًا إلَيْهَا عُرْفًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالسَّجْدَةُ الَّتِي وَجَبَتْ فِي الصَّلَاةِ لَا تُؤَدَّى خَارِجَ الصَّلَاةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي، وَيَكُونُ آثِمًا بِتَرْكِهَا، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ هَذَا إذَا لَمْ يُفْسِدْهَا قَبْلَ السُّجُودِ فَإِنْ أَفْسَدَهَا قَضَاهَا خَارِجَهَا وَلَوْ بَعْدَمَا سَجَدَهَا لَا يُعِيدُهَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ لَا يَلْزَمُهُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَعِنْدِي أَنَّهَا تَجِبُ

مسائل سجدة الشكر

وَلَكِنْ تَتَأَدَّى فِيهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَرَأَهَا فَسَجَدَ ثُمَّ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ مَكَانَهُ ثُمَّ قَرَأَهَا ثَانِيًا فَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ أُخْرَى وَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْجُدْ لِلْأُولَى عَلَيْهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ حَتَّى لَوْ لَمْ يُؤَدِّهَا تَسْقُطُ وَلَوْ تَلَاهَا فِي رَكْعَةٍ فَسَجَدَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ لَا تَجِبُ ثَانِيًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْمُصَلِّي إذَا قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الْأُولَى ثُمَّ أَعَادَهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَسَجَدَ لِلْأُولَى لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ وَسَجَدَ ثُمَّ قَرَأَهَا بَعْدَ السَّلَامِ فِي مَكَانِهِ مَرَّةً أُخْرَى يَسْجُدُ سَجْدَةً أُخْرَى فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قِيلَ: هَذَا إذَا سَلَّمَ وَتَكَلَّمَ ثُمَّ قَرَأَ وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى سَلَّمَ فَقَرَأَهَا مَرَّةً أُخْرَى سَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْأُولَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي رَكْعَةٍ ثُمَّ أَحْدَثَ فَانْصَرَفَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ عَادَ وَسَمِعَهَا مِنْ غَيْرِهِ عَلَيْهِ سَجْدَتَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ سَمِعَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَسَجَدَ لَهَا ثُمَّ أَحْدَثَ فَتَوَضَّأَ وَبَنَى ثُمَّ سَمِعَهَا مِنْهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ سَجْدَةٌ أُخْرَى وَيَسْجُدُ إذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَتَوَضَّأَ وَبَنَى ثُمَّ تَلَا تِلْكَ الْآيَةَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ سَجْدَةٌ أُخْرَى، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ تَلَاهَا فِي وَقْتٍ مُبَاحٍ فَسَجَدَهَا فِي أَوْقَاتٍ مَكْرُوهَةٍ لَمْ تَجُزْ وَلَوْ تَلَاهَا فِي أَوْقَاتٍ مَكْرُوهَةٍ فَسَجَدَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ جَازَ وَلَوْ قَرَأَهَا نَازِلًا ثُمَّ أَصَابَهُ خَوْفٌ فَرَكِبَ فَسَجَدَ أَجْزَأَهُ فِي حَالَةِ الْخَوْفِ وَلَا يُجْزِيهِ فِي حَالَةِ الْأَمْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَشَرَائِطُ هَذِهِ السَّجْدَةِ شَرَائِطُ الصَّلَاةِ إلَّا التَّحْرِيمَةَ وَرُكْنُهَا وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ الْإِيمَاءِ لِلْمَرَضِ أَوْ الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ وَمَا وَجَبَ مِنْ السَّجْدَةِ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ وَمَا وَجَبَ عَلَى الدَّابَّةِ يَجُوزُ عَلَى الْأَرْضِ وَيُفْسِدُهَا مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ مِنْ الْحَدَثِ الْعَمْدِ وَالْكَلَامِ وَالْقَهْقَهَةِ وَعَلَيْهِ إعَادَتُهَا كَمَا لَوْ وُجِدَتْ فِي سَجْدَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ فِي الْقَهْقَهَةِ وَكَذَا مُحَاذَاةُ الْمَرْأَةِ لَا تُفْسِدُهَا وَلَوْ نَامَ فِيهَا لَا تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَسُنَّتُهَا التَّكْبِيرُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ هُوَ الظَّاهِرُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِذَا أَرَادَ السُّجُودَ كَبَّرَ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَسَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ رَأْسَهُ وَلَا تَشَهُّدَ عَلَيْهِ وَلَا سَلَامَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَيَقُولُ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَلَا يَنْقُصُ عَنْ الثَّلَاثِ كَمَا فِي الْمَكْتُوبَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا شَيْئًا يُجْزِيهِ كَمَا فِي الْمَكْتُوبَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ يَقُومُ ثُمَّ يَقْعُدُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ إذَا أَرَادَ السُّجُودَ يَنْوِيهَا بِقَلْبِهِ وَيَقُولُ بِلِسَانِهِ: أَسْجُدُ لِلَّهِ تَعَالَى سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ وَأَدَاؤُهَا لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ حَتَّى لَوْ أَدَّاهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ، يَكُونُ مُؤَدِّيًا لَا قَاضِيًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة هَذَا فِي غَيْرِ الصَّلَاتِيَّةِ أَمَّا الصَّلَاتِيَّةُ إذَا أَخَّرَهَا حَتَّى طَالَتْ الْقِرَاءَةُ تَصِيرُ قَضَاءً وَيَأْثَمُ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الْقَارِئُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ قَوْمٌ إنْ كَانُوا مُتَأَهِّبِينَ لِلسُّجُودِ وَيَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَدَاءُ السَّجْدَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ جَهْرًا وَإِنْ كَانُوا مُحْدِثِينَ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ وَلَا يَسْجُدُونَ أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَدَاءُ السَّجْدَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي نَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ السُّورَةَ وَيَدَعَ آيَةَ السَّجْدَةِ وَإِنْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ وَحْدَهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَا يُكْرَهُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ مَعَهَا آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ مَعَهَا شَيْئًا لَمْ يَضُرَّهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ [مَسَائِلُ سَجْدَةِ الشُّكْرِ] (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ سَجْدَةِ الشُّكْرِ) وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا عِبْرَةَ لَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا وَتَرْكُهَا أَوْلَى. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ

الباب الرابع عشر في صلاة المريض

وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هِيَ قُرْبَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا وَصُورَتُهَا عِنْدَهُمَا أَنَّ مَنْ تَجَدَّدَتْ عِنْدَهُ نِعْمَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَدًا أَوْ مَالًا أَوْ وَجَدَ ضَالَّةً أَوْ انْدَفَعَتْ عَنْهُ نِقْمَةٌ أَوْ شُفِيَ مَرِيضٌ لَهُ أَوْ قَدِمَ لَهُ غَائِبٌ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَحْمَدُ اللَّهَ فِيهَا وَيُسَبِّحُهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ أُخْرَى فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ كَمَا فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَالَ فِي الْحُجَّةِ: وَلَا يُمْنَعُ الْعِبَادُ مِنْ سَجْدَةِ الشُّكْرِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخُضُوعِ وَالتَّعَبُّدِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْجُدَ شُكْرًا بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكْرَهُ فِيهِ النَّفَلُ وَلَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَأَمَّا إذَا سَجَدَ بِغَيْرِ سَبَبٍ فَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَلَا مَكْرُوهٍ وَمَا يَفْعَلُ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الْجُهَّالُ يَعْتَقِدُونَهَا سُنَّةً أَوْ وَاجِبَةً وَكُلُّ مُبَاحٍ يُؤَدِّي إلَيْهِ فَمَكْرُوهٌ، هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. [الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ] (الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ) إذَا عَجَزَ الْمَرِيضُ عَنْ الْقِيَامِ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ فِي تَفْسِيرِ الْعَجْزِ أَنْ يَلْحَقَهُ بِالْقِيَامِ ضَرَرٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا خَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ أَوْ إبْطَاءَ الْبُرْءِ بِالْقِيَامِ أَوْ دَوَرَانِ الرَّأْسِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ أَوْ يَجِدُ وَجَعًا لِذَلِكَ فَإِنْ لَحِقَهُ نَوْعُ مَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ تَرْكُ ذَلِكَ الْقِيَامِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ دُونَ تَمَامِهِ يُؤْمَرُ بِأَنْ يَقُومَ قَدْرَ مَا يَقْدِرُ حَتَّى إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ لِلْقِرَاءَةِ أَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ لِبَعْضِ الْقِرَاءَةِ دُونَ تَمَامِهَا يُؤْمَرُ بِأَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا وَيَقْرَأَ قَدْرَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدَ إذَا عَجَزَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ وَلَوْ تَرَكَ هَذَا خِفْتُ أَنْ لَا تَجُوزَ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مُتَّكِئًا الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا مُتَّكِئًا وَلَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ لَوْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى عَصًا أَوْ عَلَى خَادِمٍ لَهُ فَإِنَّهُ يَقُومُ وَيَتَّكِئُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الْمَرِيضُ إذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ وَإِذَا خَرَجَ لَا يَسْتَطِيعُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ قَائِمًا وَبِهِ يُفْتَى، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. ثُمَّ إذَا صَلَّى الْمَرِيضُ قَاعِدًا كَيْفَ يَقْعُدُ الْأَصَحُّ أَنْ يَقْعُدَ كَيْفَ يَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقُعُودِ مُسْتَوِيًا وَقَدَرَ مُتَّكِئًا أَوْ مُسْتَنِدًا إلَى حَائِطٍ أَوْ إنْسَانٍ يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَّكِئًا أَوْ مُسْتَنِدًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُضْطَجِعًا عَلَى الْمُخْتَارِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ يُصَلِّي قَاعِدًا بِإِيمَاءٍ وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ حَتَّى لَوْ سَوَّى لَمْ يَصِحَّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَكَذَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا بِإِيمَاءٍ وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا بِإِيمَاءٍ جَازَ عِنْدَنَا، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمُومِئُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بِالْإِيمَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُكْرَهُ لِلْمُومِئِ أَنْ يَرْفَعَ إلَيْهِ عُودًا أَوْ وِسَادَةً لِيَسْجُدَ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَنْظُرُ إنْ كَانَ يُخْفِضُ رَأْسَهُ لِلرُّكُوعِ ثُمَّ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ جَازَتْ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَكُونُ مُسِيئًا هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ كَانَ لَا يُخْفِضُ رَأْسَهُ لَكِنْ يُوضَعُ الْعُودُ عَلَى جَبْهَتِهِ لَمْ يَجُزْ هُوَ الْأَصَحُّ فَإِنْ كَانَتْ الْوِسَادَةُ مَوْضُوعَةً عَلَى الْأَرْضِ وَكَانَ يَسْجُدُ عَلَيْهَا جَازَتْ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ كَانَ بِجَبْهَتِهِ جُرْحٌ لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِئْهُ الْإِيمَاءُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى أَنْفِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ عَلَى أَنْفِهِ وَأَوْمَأَ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ تَعَذَّرَ الْقُعُودُ أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ وَجَعَلَ رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ تَحْتَ

رَأْسِهِ وِسَادَةٌ حَتَّى يَكُونَ شَبِيهَ الْقَاعِدِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِنْ اضْطَجَعَ عَلَى جَنْبِهِ وَوَجْهِهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَأَوْمَأَ جَازَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ فَعَلَى الْأَيْسَرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ شَرَعَ صَحِيحٌ فِي الصَّلَاةِ قَائِمًا فَحَدَثَ بِهِ مَرَضٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِيَامِ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُومِئًا قَاعِدًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُضْطَجِعًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ثُمَّ صَحَّ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ قَائِمًا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. وَإِنْ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ بِالْإِيمَاءِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ اسْتَأْنَفَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ هَذَا إذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَمَا رَكَعَ وَسَجَدَ مَا إذَا قَدَرَ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ قَبْلَ الْأَدَاءِ صَحَّ لَهُ الْبِنَاءُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِذَا عَجَزَ الْمَرِيضُ عَنْ الْإِيمَاءِ بِالرَّأْسِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الصَّلَاةِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْإِيمَاءُ بِالْعَيْنَيْنِ وَالْحَاجِبَيْنِ ثُمَّ إذَا خَفَّ مَرَضُهُ هَلْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ زَادَ عَجْزُهُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ كَمَا فِي الْإِغْمَاءِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ جَالِسًا فَلَمَّا قَعَدَ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ مِنْهَا قَرَأَ وَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَتَشَهَّدَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقِيَامِ وَيَمْضِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْحَاوِي وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ كَانَ حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ نَوَى الْقِيَامَ وَلَمْ يَقْرَأْ ثُمَّ عَلِمَ يَعُودُ وَيَتَشَهَّدُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَرِيضٌ صَلَّى جَالِسًا فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ ظَنَّ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ بِالْإِيمَاءِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ كَانَ فِي الثَّالِثَةِ وَظَنَّ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ فَأَخَذَ فِي الْقِرَاءَةِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ لَا يَعُودُ إلَى التَّشَهُّدِ بَلْ يَمْضِي فِي قِرَاءَتِهِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي التَّجْرِيدِ وَيَفْعَلُ الْمَرِيضُ فِي صَلَاتِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّشَهُّدِ مَا يَفْعَلُهُ الصَّحِيحُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ تَرَكَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. مُفَارَقَةُ الْمَرِيضِ لِلصَّحِيحِ فِيمَا هُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ فَأَمَّا فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ الْقِبْلَةَ وَلَكِنْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُحَوِّلُهُ إلَى الْقِبْلَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُصَلِّي كَذَلِكَ وَلَا يُعِيدُ فَإِنْ وَجَدَ أَحَدًا يُحَوِّلُهُ إلَى الْقِبْلَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُ حَتَّى يُحَوِّلَهُ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ وَصَلَّى عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَى فِرَاشٍ نَجِسٍ إنْ كَانَ لَا يَجِدُ فِرَاشًا طَاهِرًا أَوْ يَجِدُهُ لَكِنْ لَا يَجِدُ أَحَدًا يُحَوِّلُهُ إلَى فِرَاشٍ طَاهِرٍ يُصَلِّي عَلَى الْفِرَاشِ النَّجِسِ وَإِنْ كَانَ يَجِدُ أَحَدًا يُحَوِّلُهُ إلَى فِرَاشٍ طَاهِرٍ يَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُ حَتَّى يُحَوِّلَهُ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ وَصَلَّى عَلَى الْفِرَاشِ النَّجِسِ لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَرِيضٌ تَحْتَهُ ثِيَابٌ نَجِسَةٌ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُبْسَطُ شَيْءٌ إلَّا وَيَتَنَجَّسُ مِنْ سَاعَتِهِ يُصَلِّي عَلَى حَالِهِ وَكَذَا إذَا لَمْ يَتَنَجَّسْ الثَّانِي لَكِنْ يَلْحَقُهُ زِيَادَةُ مَشَقَّةٍ بِالتَّحْوِيلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ قَضَى وَلَوْ أَكْثَرَ لَا يَقْضِي وَالْجُنُونُ كَالْإِغْمَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ثُمَّ الْكَثْرَةُ تُعْتَبَرُ مِنْ حَيْثُ الْأَوْقَاتُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَصَحُّ هَذَا إذَا دَامَ الْإِغْمَاءُ وَلَمْ يُفِقْ فِي الْمُدَّةِ أَمَّا إذَا كَانَ يُفِيقُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ لِإِفَاقَتِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ مِثْلُ أَنْ يَخِفَّ عَنْهُ الْمَرَضُ عِنْدَ الصُّبْحِ مَثَلًا فَيُفِيقَ قَلِيلًا ثُمَّ يُعَاوِدَهُ فَيُغْمَى عَلَيْهِ تُعْتَبَرُ هَذِهِ الْإِفَاقَةُ فَيَبْطُلُ مَا قَبْلَهَا مِنْ حُكْمِ الْإِغْمَاءِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِإِفَاقَتِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ لَكِنَّهُ يُفِيقُ بَغْتَةً فَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ الْأَصِحَّاءِ ثُمَّ يُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا عِبْرَةَ بِهَذِهِ الْإِفَاقَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بِفَزَعٍ مِنْ سَبُعٍ أَوْ آدَمِيٍّ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ حَتَّى ذَهَبَ عَقْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَسْقُطُ

الباب الخامس عشر في صلاة المسافر

وَلَوْ شَرِبَ الْبَنْجَ أَوْ الدَّوَاءَ حَتَّى ذَهَبَ عَقْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَسْقُطُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ نَامَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ يَقْضِي رَجُلٌ إنْ صَامَ فِي رَمَضَانَ صَلَّى قَاعِدًا وَإِنْ أَفْطَرَ يُصَلِّي قَائِمًا يَصُومُ وَيُصَلِّي قَاعِدًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ صَلَّى الْمَرِيضُ قَبْلَ الْوَقْتِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً مَخَافَةَ أَنْ يَشْغَلَهُ الْمَرَضُ عَنْ الصَّلَاةِ لَمْ يُجْزِئْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّى بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ أَوْ بِغَيْرِ وُضُوءٍ لَمْ يُجْزِئْهُ أَيْضًا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِرَاءَةِ يُومِئُ إيمَاءً بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ. رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ مَرِيضٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوُضُوءِ فَعَلَى الْمَوْلَى أَنْ يُوَضِّئَهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ مَرِيضَةٌ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُوَضِّئَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. كُلُّ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ رُكْنٍ إلَّا بِحَدَثٍ يَسْقُطُ عَنْهُ ذَلِكَ الرُّكْنُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ حَتَّى لَوْ كَانَ بِهِ جِرَاحَةٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْجُدَ إلَّا وَتَسِيلُ جِرَاحَتُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ يُصَلِّي قَاعِدًا وَيُومِئُ إيمَاءً وَلَوْ صَلَّى بِالرُّكُوعِ وَقَعَدَ وَأَوْمَأَ بِالسُّجُودِ أَجْزَأَهُ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا إنْ صَلَّى قَائِمًا سَلُسَ بَوْلُهُ أَوْ سَالَ جُرْحُهُ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ يُصَلِّي قَاعِدًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَمَنْ خَافَ الْعَدُوَّ إنْ صَلَّى قَائِمًا أَوْ كَانَ فِي خِبَاءٍ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ فِيهِ وَإِنْ خَرَجَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ مِنْ الطِّينِ وَالْمَطَرِ يُصَلِّي قَاعِدًا. الْمَرِيضُ إذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ فَقَضَاهَا فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ فَعَلَ كَمَا يَفْعَلُ الْأَصِحَّاءُ وَلَوْ قَضَاهَا كَمَا فَاتَتْ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ قَضَى فِي الْمَرَضِ فَوَائِتَ الصِّحَّةِ قَضَاهَا كَمَا قَدَرَ قَاعِدًا أَوْ مُومِئًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. مُصَلٍّ أَقْعَدَ عِنْدَ نَفْسِهِ إنْسَانًا فَيُخْبِرُهُ إذَا سَهَا عَنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ يُجْزِيهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا بِهَذَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ إلَى أَنْ يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يُؤَخِّرْ يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. [الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ] (الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ) أَقَلُّ مَسَافَةٍ تَتَغَيَّرُ فِيهَا الْأَحْكَامُ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ الْأَحْكَامُ الَّتِي تَتَغَيَّرُ بِالسَّفَرِ هِيَ قَصْرُ الصَّلَاةِ وَابَاحَةُ الْفِطْرِ وَامْتِدَادُهُ مُدَّةَ الْمَسْحِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَسُقُوطُ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَحُرْمَةُ الْخُرُوجِ عَلَى الْحُرَّةِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَالْمُعْتَبَرُ السَّيْرُ الْوَسَطُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَهُوَ سَيْرُ الْإِبِلِ وَمَشْيُ الْأَقْدَامِ فِي أَقْصَرِ أَيَّامِ السَّنَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ سَيْرُ كُلِّ يَوْمٍ إلَى اللَّيْلِ اخْتَلَفُوا فِيهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حَتَّى لَوْ بَكَّرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَمَشَى إلَى الزَّوَالِ وَبَلَغَ الْمَرْحَلَةَ وَنَزَلَ وَبَاتَ فِيهَا ثُمَّ بَكَّرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، كَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَذَلِكَ يَصِيرُ مُسَافِرًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْفَرَاسِخِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا يُعْتَبَرُ السَّيْرُ فِي الْبَرِّ بِالسَّيْرِ فِي الْبَحْرِ وَلَا السَّيْرُ فِي الْبَحْرِ بِالسَّيْرِ فِي الْبَرِّ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْهُمَا مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَتُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ أَخَذَ فِيهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فَإِذَا قَصَدَ بَلْدَةً وَإِلَى مَقْصِدِهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا وَالْآخَرُ دُونَهَا فَسَلَكَ الطَّرِيقَ الْأَبْعَدَ كَانَ مُسَافِرًا عِنْدَنَا، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ سَلَكَ الْأَقْصَرَ يُتِمُّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَهُ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا فِي الْمَاءِ وَهُوَ يُقْطَعُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالثَّانِي فِي الْبَرِّ وَهُوَ يُقْطَعُ فِي يَوْمَيْنِ فَإِنَّهُ إذَا ذَهَبَ فِي طَرِيقِ الْمَاءِ يَقْصُرُ وَفِي الْبَرِّ لَا يَقْصُرُ وَلَوْ كَانَ إذَا سَارَ فِي الْبَرِّ وَصَلَ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِذَا سَارَ فِي الْبَحْرِ وَصَلَ فِي يَوْمَيْنِ قَصَرَ فِي الْبَرِّ وَلَا يَقْصُرُ فِي الْبَحْرِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْبَحْرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي رِيحٍ

مُسْتَوِيَةٍ غَيْرِ غَالِبَةٍ وَلَا سَاكِنَةٍ كَمَا فِي الْجَبَلِ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَيْضًا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَإِنْ كَانَ فِي السَّهْلِ تُقْطَعُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا وَلَوْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ ثَلَاثًا بِالسَّيْرِ الْمُعْتَادِ فَسَارَ إلَيْهَا عَلَى الْفَرَسِ جَرْيًا حَثِيثًا فَوَصَلَ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ أَقَلَّ قَصَرَ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَفَرْضُ الْمُسَافِرِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ رَكْعَتَانِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْقَصْرُ وَاجِبٌ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا وَقَعَدَ فِي الثَّانِيَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَجْزَأَتْهُ وَالْأُخْرَيَانِ نَافِلَةٌ وَيَصِيرُ مُسِيئًا لِتَأْخِيرِ السَّلَامِ وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّانِيَةِ قَدْرَهَا بَطَلَتْ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَكَذَا إذَا تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ فِي رَكْعَةٍ مِنْهُمَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة الْقَصْرُ ثَابِتٌ فِي حَقِّ كُلِّ مُسَافِرٍ، سَفَرُ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَكَذَا الرَّاكِبُ وَالْمَاشِي، هَكَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَا قَصْرَ فِي السُّنَنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَبَعْضُهُمْ جَوَّزُوا لِلْمُسَافِرِ تَرْكَ السُّنَنِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهَا فِي حَالِ الْخَوْفِ وَيَأْتِي بِهَا فِي حَالِ الْقَرَارِ وَالْأَمْنِ، هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْصُرُ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ مِصْرِهِ وَيُخَلِّفُ دُورَ الْمِصْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة الصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ عُمْرَانِ الْمِصْرِ لَا غَيْرُ إلَّا إذَا كَانَ ثَمَّةَ قَرْيَةٌ أَوْ قُرًى مُتَّصِلَةٌ بِرَبَضِ الْمِصْرِ فَحِينَئِذٍ تُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْقُرَى بِخِلَافِ الْقَرْيَةِ الَّتِي تَكُونُ مُتَّصِلَةً بِفِنَاءِ الْمِصْرِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ تِلْكَ الْقَرْيَةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا إذَا عَادَ مِنْ سَفَرِهِ إلَى مِصْرِهِ لَمْ يُتِمَّ حَتَّى يَدْخُلَ الْعُمْرَانَ وَلَا يَصِيرُ مُسَافِرًا بِالنِّيَّةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَيَصِيرُ مُقِيمًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ثُمَّ الْمُعْتَبَرَةُ الْمُجَاوَزَةُ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى لَوْ جَاوَزَ عُمْرَانَ الْمِصْرِ قَصَرَ وَإِنْ كَانَ بِحِذَائِهِ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ أَبْنِيَةٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْجَانِبِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَحَلَّةٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْمِصْرِ وَفِي الْقَدِيمِ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْمِصْرِ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُجَاوِزَ تِلْكَ الْمَحَلَّةَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا بُدَّ لِلْمُسَافِرِ مِنْ قَصْدِ مَسَافَةٍ مُقَدَّرَةٍ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ حَتَّى يَتَرَخَّصَ بِرُخْصَةِ الْمُسَافِرِينَ وَإِلَّا لَا يَتَرَخَّصُ أَبَدًا وَلَوْ طَافَ الدُّنْيَا جَمِيعَهَا بِأَنْ كَانَ طَالِبَ آبِقٍ أَوْ غَرِيمٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ الْقَصْدِ غَلَبَةُ الظَّنِّ يَعْنِي إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُسَافِرُ قَصَرَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّيَقُّنُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ حَتَّى أَنَّ صَبِيًّا وَنَصْرَانِيًّا إذَا خَرَجَا إلَى السَّفَرِ وَسَارَا يَوْمَيْنِ ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ فَالصَّبِيُّ يُتِمُّ وَالْمُسْلِمُ يَقْصُرُ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَا يَزَالُ عَلَى حُكْمِ السَّفَرِ حَتَّى يَنْوِيَ الْإِقَامَةَ فِي بَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. هَذَا إذَا سَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَسِرْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَعَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ يَصِيرُ مُقِيمًا وَإِنْ كَانَ فِي الْمَفَازَةِ وَنِيَّةُ الْإِقَامَةِ إنَّمَا تُؤْثَرُ بِخَمْسِ شَرَائِطَ: تَرْكُ السَّيْرِ حَتَّى لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ وَهُوَ يَسِيرُ لَمْ يَصِحَّ، وَصَلَاحِيَّةُ الْمَوْضِعِ حَتَّى لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ أَوْ جَزِيرَةٍ لَمْ يَصِحَّ، وَاتِّحَادُ الْمَوْضِعِ وَالْمُدَّةُ، وَالِاسْتِقْلَالُ بِالرَّأْيِ، هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: عَسْكَرُ الْمُسْلِمِينَ إذَا قَصَدُوا مَوْضِعًا وَمَعَهُمْ أَخْبِيَتُهُمْ وَخِيَامُهُمْ وَفَسَاطِيطُهُمْ فَنَزَلُوا مَفَازَةً فِي الطَّرِيقِ وَنَصَبُوا الْأَخْبِيَةَ وَالْفَسَاطِيطَ وَعَزَمُوا فِيهَا عَلَى إقَامَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَمْ يَصِيرُوا مُقِيمِينَ؛ لِأَنَّهَا حُمُولَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَسَاكِنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي الَّذِينَ يَسْكُنُونَ فِي الْخِيَامِ وَالْأَخْبِيَةِ فِي الْمَفَازَاتِ مِنْ الْأَعْرَابِ وَالتَّرَاكِمَةِ هَلْ صَارُوا مُقِيمِينَ بِالنِّيَّةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي إحْدَاهُمَا لَا وَفِي الْأُخْرَى قَالَ: يَصِيرُونَ مُقِيمِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَصَرَ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ بَقِيَ فِي الْمِصْرِ سِنِينَ عَلَى عَزْمِ أَنَّهُ إذَا قَضَى حَاجَتَهُ يَخْرُجُ وَلَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَصَرَ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. الْحُجَّاجُ إذَا وَصَلَّوْا بَغْدَادَ وَلَمْ يَنْوُوا الْإِقَامَةَ وَعَزَمُوا أَنْ

لَا يَخْرُجُوا إلَّا مَعَ الْقَافِلَةِ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ بَيْنَ هَذَا الْوَقْتِ وَبَيْنَ خُرُوجِ الْقَافِلَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَاعِدًا يُتِمُّونَ أَرْبَعًا. وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِي مَوْضِعَيْنِ فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَصْلًا بِنَفْسِهِ نَحْوَ مَكَّةَ وَمِنًى وَالْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ حَتَّى تَجِبَ الْجُمُعَةُ عَلَى سُكَّانِهِ يَصِيرُ مُقِيمًا. وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِقَرْيَتَيْنِ النَّهَارُ فِي إحْدَاهُمَا وَاللَّيْلُ فِي الْأُخْرَى يَصِيرُ مُقِيمًا إذَا دَخَلَ الَّتِي نَوَى الْبَيْتُوتَةَ فِيهَا، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَا يَصِيرُ مُقِيمًا بِدُخُولِهِ أَوَّلًا فِي الْقَرْيَةِ الْأُخْرَى، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ أَنَّ الْحَاجَّ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ وَنَوَى الْإِقَامَةَ نِصْفَ شَهْرٍ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَاتٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ تَفَقُّهِ عِيسَى بْنِ أَبَانَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا بِطَلَبِ الْحَدِيثِ قَالَ: فَدَخَلْتُ مَكَّةَ فِي أَوَّلِ الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ مَعَ صَاحِبٍ لِي وَعَزَمْتُ عَلَى الْإِقَامَةِ شَهْرًا فَجَعَلْتُ أُتِمُّ الصَّلَاةَ فَلَقِيَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: أَخْطَأْتَ فَإِنَّكَ تَخْرُجُ إلَى مِنًى وَعَرَفَاتٍ فَلَمَّا رَجَعْتُ مِنْ مِنًى بَدَا لِصَاحِبِي أَنْ يَخْرُجَ وَعَزَمْتُ عَلَى أَنْ أُصَاحِبَهُ وَجَعَلْتُ أَقْصُرُ الصَّلَاةَ فَقَالَ لِي صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَخْطَأْتَ فَإِنَّكَ مُقِيمٌ بِمَكَّةَ فَمَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْهَا لَا تَصِيرُ مُسَافِرًا فَقُلْتُ أَخْطَأْتُ فِي مَسْأَلَةٍ فِي مَوْضِعَيْنِ فَرَحَلْتُ إلَى مَجْلِسِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاشْتَغَلْتُ بِالْفِقْهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. حَاصَرَ قَوْمٌ مَدِينَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ أَهْلُ الْبَغْيِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِي غَيْرِ مِصْرٍ وَنَوَوْا الْإِقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَصَرُوا؛ لِأَنَّ حَالَهُمْ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ قَرَارٍ وَفِرَارٍ فَلَا تَصِحُّ نِيَّتُهُمْ وَإِنْ نَزَلُوا فِي بُيُوتِهِمْ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَاجِرٍ دَخَلَ مَدِينَةً لِحَاجَةٍ نَوَى أَنْ يُقِيمَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِقَضَاءِ تِلْكَ الْحَاجَةِ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا؛ لِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَقْضِيَ حَاجَتَهُ فَيَرْجِعَ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَقْضِيَ فَيُقِيمَ فَلَا تَكُونُ نِيَّتُهُ مُسْتَقِرَّةً وَهَذَا الْفَصْلُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ يَقُولُ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ إلَى مَكَان وَيُرِيدُ أَنْ يَتَرَخَّصَ بِرُخَصِ السَّفَرِ يَنْوِي مَكَانًا أَبْعَدَ مِنْهُ وَهَذَا غَلَطٌ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ وَنَوَى الْإِقَامَةَ فِي مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي دَارِهِمْ فَعَلِمُوا بِإِسْلَامِهِ وَطَلَبُوهُ لِيَقْتُلُوهُ فَخَرَجَ هَارِبًا يُرِيدُ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَهُوَ مُسَافِرٌ وَإِنْ أَقَامَ فِي مَوْضِعٍ مُخْتَفِيًا شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُحَارِبًا لَهُمْ وَكَذَا الْمُسْتَأْمَنُ إذَا غَدَرَ وَطَلَبُوهُ لِيَقْتُلُوهُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ مُقِيمًا بِمَدِينَةٍ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فَلَمَّا طَلَبُوهُ لِيَقْتُلُوهُ اخْتَفَى فِيهَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُقِيمًا بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ فَلَا يَصِيرُ مُسَافِرًا مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَهْلُ مَدِينَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَسْلَمُوا فَقَاتَلَهُمْ أَهْلُ الْحَرْبِ وَهُمْ مُقِيمُونَ فِي مَدِينَتِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ وَكَذَلِكَ إنْ غَلَبَهُمْ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى مَدِينَتِهِمْ فَخَرَجُوا مِنْهَا يُرِيدُونَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ فَإِنَّهُمْ يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ وَإِنْ خَرَجُوا يُرِيدُونَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَصَرُوا الصَّلَاةَ فَإِنْ عَادُوا إلَى مَدِينَتِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ الْمُشْرِكُونَ عَرَضُوا لِمَدِينَتِهِمْ أَتَمُّوا فِيهَا الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ غَلَبُوا عَلَى مَدِينَتِهِمْ وَأَقَامُوا فِيهَا ثُمَّ إنَّ الْمُسْلِمِينَ رَجَعُوا إلَيْهَا وَخَلَّى الْمُشْرِكُونَ عَنْهَا فَإِنْ كَانُوا اتَّخَذُوهَا دَارًا أَوْ مَنْزِلًا لَا يَبْرَحُونَهَا فَصَارَتْ دَارَ سَلَامٍ يُتِمُّونَ فِيهَا الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانُوا لَا يُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوهَا دَارًا وَلَكِنْ يُقِيمُونَ فِيهَا شَهْرًا ثُمَّ يَخْرُجُونَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ فِيهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْأَسِيرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا انْفَلَتَ مِنْهُمْ وَوَطَنَ عَلَى الْإِقَامَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِي غَارٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَصِرْ مُقِيمًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي التَّجْنِيسِ عَسْكَرُ الْمُسْلِمِينَ إذَا دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ وَغَلَبُوا فِي مَدِينَةٍ إنْ اتَّخَذُوهَا دَارًا يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذُوهَا دَارًا وَلَكِنْ أَرَادُوا الْإِقَامَةَ بِهَا شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُمْ يَقْصُرُونَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

وَكُلُّ مَنْ كَانَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ يَلْزَمُهُ طَاعَتُهُ يَصِيرُ مُقِيمًا بِإِقَامَتِهِ وَمُسَافِرًا بِنِيَّتِهِ وَخُرُوجِهِ إلَى السَّفَرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَيَصِيرُ الْجُنْدِيُّ مُقِيمًا فِي الْفَيَافِي بِنِيَّةِ إقَامَةِ الْأَمِيرِ فِي الْمِصْرِ، كَذَا فِي الْكَافِي فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ الْأَصْلُ أَنَّ مَنْ يُمْكِنُهُ الْإِقَامَةُ بِاخْتِيَارِهِ يَصِيرُ مُقِيمًا بِنِيَّةِ نَفْسِهِ وَمَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْإِقَامَةُ بِاخْتِيَارِهِ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا بِنِيَّةِ نَفْسِهِ حَتَّى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مَعَ زَوْجِهَا فِي السَّفَرِ وَالرَّقِيقَ مَعَ مَوْلَاهُ وَالتِّلْمِيذَ مَعَ أُسْتَاذِهِ وَالْأَجِيرَ مَعَ مُسْتَأْجِرِهِ وَالْجُنْدِيَّ مَعَ أَمِيرِهِ فَهَؤُلَاءِ لَا يَصِيرُونَ مُقِيمِينَ بِنِيَّةِ أَنْفُسِهِمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ الْمَرْأَةُ إنَّمَا تَكُونُ تَبَعًا لِلزَّوْجِ إذَا أَوْفَاهَا مَهْرَهَا الْمُعَجَّلَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوفِهَا فَلَا تَكُونُ تَبَعًا لَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْجُنْدِيُّ إنَّمَا يَكُونُ تَبَعًا لِلْأَمِيرِ إذَا كَانَ يُرْزَقُ مِنْ الْأَمِيرِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ أَرْزَاقُهُمْ مِنْ أَمْوَالِ أَنْفُسِهِمْ فَالْعِبْرَةُ لِنِيَّتِهِمْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْمَحْبُوسُ بِالدَّيْنِ وَالْمُلَازَمُ بِهِ يُعْتَبَرُ فِيهِ نِيَّةُ صَاحِبِ الدَّيْنِ إنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ مُعْسِرًا أَوْ إنْ كَانَ مُوسِرًا يُعْتَبَرُ فِيهِ نِيَّةُ الْمَطْلُوبِ حَتَّى لَوْ عَزَمَ أَنْ لَا يَقْضِيَ دَيْنَهُ فَهُوَ كَالْمُعْسِرِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. الْعَبْدُ إذَا كَانَ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ فِي السَّفَرِ فَنَوَى أَحَدُهُمَا الْإِقَامَةَ دُونَ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَا تَهَايَآهُ فِي خِدْمَتِهِ فَالْعَبْدُ يُتِمُّ يَوْمَ خِدْمَتِهِ وَيَوْمَ خِدْمَةِ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا تَهَايَآهُ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا اعْتِبَارًا لِلْأَصْلِ وَيَقْعُدَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ لَا مَحَالَةَ احْتِيَاطًا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. إنْ لَمْ يَعْلَمْ التَّبَعُ بِإِقَامَةِ الْأَصْلِ قِيلَ: يَصِيرُ مُقِيمًا. وَقِيلَ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ فِي لُزُومِ الْحُكْمِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ حَرَجًا وَضَرَرًا وَهُوَ مَدْفُوعٌ شَرْعًا. الْعَبْدُ إذَا خَرَجَ مَوْلَاهُ سَأَلَهُ فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ أَتَمَّ صَلَاتَهُ وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا أَيَّامًا وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ أَخْبَرَهُ مَوْلَاهُ أَنَّهُ قَصَدَ مَسِيرَةَ سَفَرٍ حِينَ خَرَجَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا لِمَا بَيَّنَّا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا أَمَّ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسَافِرِينَ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً وَنَوَى الْمَوْلَى الْإِقَامَةَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ فِي حَقِّهِ وَفِي حَقِّ الْعَبْدِ وَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْقَوْمِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيُصَلِّي الْعَبْدُ رَكْعَتَيْنِ وَيُقَدِّمُ وَاحِدًا مِنْ الْمُسَافِرِينَ لِيُسَلِّمَ بِالْقَوْمِ ثُمَّ يَقُومُ الْمَوْلَى وَالْعَبْدُ وَيُتِمُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَلَاتَهُ أَرْبَعًا ثُمَّ بِمَاذَا يَعْلَمُ الْعَبْدُ أَنَّ الْمَوْلَى نَوَى الْإِقَامَةَ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَقُومُ الْمَوْلَى بِإِزَاءِ الْعَبْدِ فَيَنْصِبُ أُصْبُعَيْهِ أَوَّلًا وَيُشِيرُ بِأُصْبُعَيْهِ ثُمَّ يَنْصِبُ أَرْبَعَ أَصَابِعَ وَيُشِيرُ بِأَصَابِعِهِ الْأَرْبَعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ أَتَمَّهَا مُنْفَرِدًا كَانَ أَوْ مُقْتَدِيًا مَسْبُوقًا كَانَ أَوْ مُدْرِكًا فَإِنْ كَانَ لَاحِقًا فَنَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ فَرَاغِ إمَامِهِ لَمْ يُتِمَّهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَإِنْ تَكَلَّمَ اللَّاحِقُ بَعْدَمَا نَوَى الْإِقَامَةَ صَلَّى أَرْبَعًا إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَنَوَى الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَوَّلُ فَرْضُهُ إلَى الْأَرْبَعِ فِي حَقِّ تِلْكَ الصَّلَاةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْمُسَافِرُ إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ مَا سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَهْوٌ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ الْخُرُوجِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ تَصِحُّ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ وَيَنْقَلِبُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا وَتَصِيرُ السَّجْدَةُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ فَيَبْطُلُ وَإِنْ سَجَدَ لِسَهْوِهِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَتَصِيرُ صَلَاتُهُ أَرْبَعًا سَوَاءٌ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ سَجْدَةً وَاحِدَةً أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي السَّجْدَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَجَدَ لِلسَّهْوِ عَادَتْ حُرْمَةُ الصَّلَاةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِيهَا وَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إنْ صَلَّى صَلَاةَ السَّفَرِ ثُمَّ أَقَامَ فِي الْوَقْتِ لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى أَقَامَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ يَنْقَلِبُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ إلَّا قَدْرُ مَا يَسَعُ فِيهِ بَعْضَ الصَّلَاةِ وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ الْوَقْتِ يَقْضِي صَلَاةَ السَّفَرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ سَافَرَ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ تَرَكَ

التطوع على الدابة والسفينة

السَّفَرَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ يُصَلِّي الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ أَرْبَعًا وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِغَيْرِ وُضُوءٍ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مُسَافِرٌ أَمَّ قَوْمًا مُسَافِرِينَ فَأَحْدَثَ وَاسْتَخْلَفَ مُسَافِرًا فَنَوَى الثَّانِي الْإِقَامَةَ لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُ مَنْ خَلْفَهُ وَإِنْ نَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ بَعْدَمَا أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ يَصِيرُ فَرْضُهُ وَفَرْضُ الْقَوْمِ أَرْبَعًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مُسَافِرٌ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فَاسْتَخْلَفَ مُقِيمًا لَمْ يَلْزَمْ الْمُسَافِرَ الْإِتْمَامُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ اقْتَدَى مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ أَتَمَّ أَرْبَعًا وَإِنْ أَفْسَدَهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ ثُمَّ أَفْسَدَ حَيْثُ يَلْزَمُ الْأَرْبَعُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ صَلَّى الْمُسَافِرُ بِالْمُقِيمِينَ رَكْعَتَيْنِ سَلَّمَ وَأَتَمَّ الْمُقِيمُونَ صَلَاتَهُمْ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَصَارُوا مُنْفَرِدِينَ كَالْمَسْبُوقِ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ فِي الْأَصَحِّ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ: أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمُ سَفْرٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. الْخَلِيفَةُ إذَا سَافَرَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْمُسَافِرِينَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَا يُكْرَهُ الْخُرُوجُ لِلسَّفَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِصْرِهِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْهَدَ الْجُمُعَةَ وَيُكْرَهُ لَهُ الْخُرُوجُ قَبْلَ أَدَائِهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَا فَوْقَهَا وَالصَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ وَكَذَا الْمَعْتُوهُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي يَعْقِلُ مَحْرَمٌ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ وَالْكَرَاهَةِ. وَإِذَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ مِصْرَهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ فِيهِ سَوَاءٌ دَخَلَهُ بِنِيَّةِ الِاخْتِيَارِ أَوْ دَخَلَهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. عِبَارَةُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ أَنَّ الْأَوْطَانَ ثَلَاثَةٌ: وَطَنٌ أَصْلِيٌّ وَهُوَ مَوْلِدُ الرَّجُلِ أَوْ الْبَلَدُ الَّذِي تَأَهَّلَ بِهِ، وَوَطَنُ سَفَرٍ وَقَدْ سُمِّيَ وَطَنَ إقَامَةٍ وَهُوَ الْبَلَدُ الَّذِي يَنْوِي الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ، وَوَطَنُ سُكْنَى وَهُوَ الْبَلَدُ الَّذِي يَنْوِي الْإِقَامَةَ فِيهِ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَعِبَارَةُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْوَطَنَ وَطَنَانِ وَطَنٌ أَصْلِيٌّ وَوَطَنُ إقَامَةٍ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا وَطَنَ السُّكْنَى وَطَنًا وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَيَبْطُلُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ بِالْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ إذَا انْتَقَلَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَهْلِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْتَقِلْ بِأَهْلِهِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْدَثَ أَهْلًا بِبَلْدَةٍ أُخْرَى فَلَا يَبْطُلُ وَطَنُهُ الْأَوَّلُ وَيُتِمُّ فِيهِمَا وَلَا يَبْطُلُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ بِإِنْشَاءِ السَّفَرِ وَبِوَطَنِ الْإِقَامَةِ وَوَطَنُ الْإِقَامَةِ يَبْطُلُ بِوَطَنِ الْإِقَامَةِ وَبِإِنْشَاءِ السَّفَرِ وَبِالْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ انْتَقَلَ بِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ إلَى بَلَدٍ وَبَقِيَ لَهُ دُورٌ وَعَقَارٌ فِي الْأَوَّلِ قِيلَ: بَقِيَ الْأَوَّلُ وَطَنًا لَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ ثُمَّ تَقَدُّمُ السَّفَر لَيْسَ بِشَرْطٍ لِثُبُوتِ الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهَلْ مِنْ شَرْطِ وَطَنِ الْإِقَامَةِ تَقَدُّمُ السَّفَرِ عَلَيْهِ، فِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ السَّفَرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالثَّانِيَةُ يَكُونُ وَطَنًا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ سَفَرٌ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَشَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ. الْمُسَافِرُ إذَا خَافَ اللُّصُوصَ أَوْ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ وَلَا يَنْتَظِرُ الرُّفْقَةَ جَازَ لَهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ بِعُذْرٍ مِنْهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى الْغَرَائِبِ. [التَّطَوُّعُ عَلَى الدَّابَّةِ وَالسَّفِينَةِ] (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى الدَّابَّةِ وَالسَّفِينَةِ) يَجُوزُ التَّطَوُّعُ عَلَى الدَّابَّةِ خَارِجَ الْمِصْرِ وَيُومِئُ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ الدَّابَّةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ صَلَّى إلَى غَيْرِ مَا تَوَجَّهَتْ الدَّابَّةُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْمِصْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُسَافِرَ وَغَيْرَ الْمُسَافِرِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ خَارِجَ الْمِصْرِ حَتَّى أَنَّ مَنْ خَرَجَ إلَى ضِيَاعِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ التَّطَوُّعَ عَلَى الدَّابَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، تَكَلَّمُوا فِي حَدِّ خَارِجِ الْمِصْرِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ

مُقَدَّرٌ بِمَا يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ فِيهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْإِيمَاءِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِي الْحُجَّةِ يُصَلِّي قَاعِدًا عَلَى السَّرْجِ أَوْ الْإِكَافِ وَيَقْرَأُ وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى شَيْءٍ سَائِرَةً دَابَّتُهُ أَوْ وَاقِفَةً، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ وُضِعَ عِنْدَهُ أَوْ عَلَى سَرْجِهِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُومِئَ عَلَى أَيِّ الدَّوَابِّ شَاءَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيَسْتَوِي الْجَوَابُ عِنْدَنَا بَيْنَ أَنْ يَفْتَتِحَ الصَّلَاةَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْتَتِحَهَا مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْحُجَّةِ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُصَلُّونَ فُرَادَى فَإِنْ صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ تَامَّةٌ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ فَاسِدَةٌ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ خَارِجَ الْمِصْرِ هَلْ لَهُ أَنْ يَسُوقَ الدَّابَّةَ؟ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ السِّيَرِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تَنْسَاقُ بِنَفْسِهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسُوقَهَا فَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَنْسَاقُ بِنَفْسِهَا فَسَاقَهَا هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ قَالَ: إنْ كَانَ مَعَهُ سَوْطٌ فَهَيَّبَهَا وَنَخَسَهَا بِهِ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ قَلِيلٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالسُّنَنُ الرَّوَاتِبُ نَوَافِلُ حَتَّى تَجُوزَ عَلَى الدَّابَّةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ عَلَى الدَّابَّةِ خَارِجَ الْمِصْرِ ثُمَّ دَخَلَهُ قَبْلَ الْفَرَاغِ أَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَنْزِلُ وَيُتِمُّهَا نَازِلًا وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ عَلَى الْأَرْضِ فَأَتَمَّهَا رَاكِبًا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ افْتَتَحَهَا رَاكِبًا فَأَتَمَّهَا نَازِلًا جَازَ، كَذَا فِي الْمُتُونِ. رَجُلَانِ فِي مَحْمَلٍ اقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فِي التَّطَوُّعِ أَجْزَأَهُمَا وَكَذَلِكَ فِي الْفَرْضِ حَالَةَ الضَّرُورَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَا فِي شِقٍّ أَوْ شِقَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ، فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى دَابَّةٍ لَمْ تَجُزْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي؛ لِأَنَّ بَيْنَ الدَّابَّتَيْنِ طَرِيقًا مُسْتَطْرَقًا وَأَنَّهُ مَانِعٌ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا تَجُوزُ الْمَكْتُوبَةُ عَلَى الدَّابَّةِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَكَذَا الْوَاجِبَاتُ مِثْلُ الْوِتْرِ وَالْمَنْذُورِ وَالْمَشْرُوعِ الَّذِي أَفْسَدَهُ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ الَّتِي تُلِيَتْ عَلَى الْأَرْضِ، هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَمِنْ الْأَعْذَارِ أَنْ يَخَافَ لَوْ نَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى ثِيَابِهِ أَوْ دَابَّتِهِ لِصًّا أَوْ سَبُعًا أَوْ عَدُوًّا أَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ جَمُوحًا لَوْ نَزَلَ عَنْهَا لَا يُمْكِنُهُ الرُّكُوبُ إلَّا بِمُعِينٍ أَوْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْكَبَ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُرْكِبُهُ أَوْ كَانَ فِي طِينٍ وَرَدْغَةٍ لَا يَجِدُ عَلَى الْأَرْضِ مَكَانًا يَابِسًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. هَذَا إذَا كَانَ الطِّينُ بِحَالٍ يَغِيبُ وَجْهُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ لَكِنَّ الْأَرْضَ نَدِيَّةٌ مُبْتَلَّةٌ صَلَّى هُنَاكَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ إذَا اسْتَطَاعَ النُّزُولَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْمَعْذُورُ إنْ أَمْكَنَهُ إيقَافُ الدَّابَّةِ يُوقِفُ وَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَلَوْ لَمْ يُوقِفْهَا لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْعَجَلَةِ فَإِنْ كَانَ طَرَفُهَا عَلَى الدَّابَّةِ وَهِيَ تَسِيرُ أَوْ لَا تَسِيرُ فَهِيَ صَلَاةٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السَّرِيرِ وَكَذَا لَوْ رَكَزَ تَحْتَ الْمَحْمَلِ خَشَبَةً حَتَّى بَقِيَ قَرَارُهُ عَلَى الْأَرْضِ لَا عَلَى الدَّابَّةِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا تَضُرُّ النَّجَاسَةُ عَلَى الدَّابَّةِ وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ عَلَى السِّرَاجِ أَوْ الرِّكَابَيْنِ تَمْنَعُ وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ عَلَى الرِّكَابَيْنِ لَا تَمْنَعُ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. أَمَّا الصَّلَاةُ فِي السَّفِينَةِ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ السَّفِينَةِ لِلْفَرِيضَةِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فِي السَّفِينَةِ وَهِيَ تَجْرِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ تَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ وَلَوْ كَانَتْ السَّفِينَةُ مَشْدُودَةً لَا تَجْرِي لَا تَجُوزُ إجْمَاعًا، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَوْ صَلَّى فِيهَا فَإِنْ كَانَتْ مَشْدُودَةً عَلَى الْجَدِّ (1) مُسْتَقِرَّةً عَلَى الْأَرْضِ فَصَلَّى قَائِمًا أَجْزَأَهُ

الباب السادس عشر في صلاة الجمعة

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَقِرَّةً وَيُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ عَنْهَا لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ فِيهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَتْ مُوَثَّقَةً فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ وَهِيَ تَضْطَرِبُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الرِّيحُ تُحَرِّكُهَا تَحْرِيكًا شَدِيدًا فَهِيَ كَالسَّائِرَةِ وَإِنْ حَرَّكَتْهَا قَلِيلًا فَهِيَ كَالْوَاقِفَةِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِحَالٍ يَدُورُ رَأْسُهُ لَوْ قَامَ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا قَاعِدًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَيَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ إلَى الْقِبْلَةِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، كَذَا فِي الْكَافِي فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ. وَكُلَّمَا دَارَتْ السَّفِينَةُ يُحَوِّلُ وَجْهَهُ إلَيْهَا وَلَوْ تَرَكَ تَحْوِيلَ وَجْهِهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ لَا يُجْزِيهِ وَلَوْ صَلَّى فِيهَا بِالْإِيمَاءِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَا يُجْزِيهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ. وَلَا يَصِيرُ مُقِيمًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِيهَا وَكَذَلِكَ صَاحِبُ السَّفِينَةِ وَالْمَلَّاحُ إلَّا أَنْ تَكُونَ السَّفِينَةُ بِقُرْبٍ مِنْ بَلْدَتِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُقِيمًا بِإِقَامَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فِي السَّفِينَةِ حَالَةَ إقَامَتِهِ فِي طَرَفِ الْبَحْرِ فَنَقَلَتْهَا الرِّيحُ وَهُوَ فِي السَّفِينَةِ فَنَوَى السَّفَرَ يُتِمُّ صَلَاةَ الْمُقِيمِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْحُجَّةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - احْتِيَاطًا. وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا وَشَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَجَرَتْ السَّفِينَةُ حَتَّى دَخَلَ الْمِصْرَ يُتِمُّ أَرْبَعًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْتَمَّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّفِينَةِ بِإِمَامٍ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ السَّفِينَتَانِ مَقْرُونَتَيْنِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِي النَّوَازِلِ إذَا كَانَ بِحَالٍ يَقْدِرُ أَنْ يَثِبَ مِنْ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ فَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَقْرُونَتَيْنِ وَتَجُوزُ صَلَاةُ الطَّائِفَتَيْنِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَمَنْ اقْتَدَى عَلَى الْجَدِّ بِإِمَامٍ فِي السَّفِينَةِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ طَائِفَةٌ مِنْ النَّهْرِ لَمْ يَجُزْ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ يَجُوزُ. وَإِذَا وَقَفَ عَلَى الْأَطْلَالِ يَقْتَدِي بِالْإِمَامِ فِي السَّفِينَةِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمَامَ الْإِمَامِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اسْتَوْثَقَ السَّفِينَةَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ اسْتَقْبَلَهَا؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ [الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ] (الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ) وَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ (ثُمَّ لِوُجُوبِهَا شَرَائِطُ فِي الْمُصَلِّي) وَهِيَ الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ وَالْإِقَامَةُ وَالصِّحَّةُ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْمَشْيِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَالْبَصَرُ، هَكَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ، حَتَّى لَا تَجِبَ الْجُمُعَةُ عَلَى الْعَبِيدِ وَالنِّسْوَانِ وَالْمُسَافِرِينَ وَالْمَرْضَى، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا عَلَى الْمُقْعَدِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَحْمِلُهُ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَلَا عَلَى الْأَعْمَى وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي ضَعُفَ مُلْحَقٌ بِالْمَرِيضِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَالْمَطَرُ الشَّدِيدُ وَالِاخْتِفَاءُ مِنْ السُّلْطَانِ الظَّالِمِ مُسْقِطٌ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ عَبْدَهُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ وَالْعِيدِ. وَعَلَى الْمُكَاتَبِ الْجُمُعَةُ وَكَذَلِكَ مُعْتَقُ الْبَعْضِ إذَا كَانَ يَسْعَى وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ الَّذِي يُؤَدِّي الضَّرِيبَةَ جُمُعَةٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْعَبْدِ الَّذِي حَضَرَ بَابَ الْجَامِعِ مَعَ مَوْلَاهُ لِحِفْظِ الدَّابَّةِ خِلَافٌ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُصَلِّي إذَا لَمْ يُخِلَّ بِحِفْظِ دَابَّتِهِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْنَعَ الْأَجِيرَ عَنْ حُضُورِ الْجُمُعَةِ وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ فِي الْمِصْرِ وَلَكِنْ يُسْقِطُ عَنْهُ الْأَجْرَ بِقَدْرِ اشْتِغَالِهِ بِذَلِكَ إنْ كَانَ بَعِيدًا وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا لَا يُحَطُّ عَنْهُ شَيْءٌ وَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ أَنْ يُطَالِبَ مِنْ الْمَحْطُوطِ بِمِقْدَارِ اشْتِغَالِهِ بِالصَّلَاةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَظَاهِرُ الْمُتُونِ يَشْهَدُ لِلدَّقَّاقِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ إنْ

أَدَّاهَا جَازَ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ، كَذَا فِي الْكَنْزِ. (وَلِأَدَائِهَا شَرَائِطُ فِي غَيْرِ الْمُصَلِّي) . مِنْهَا الْمِصْرُ هَكَذَا فِي الْكَافِي، وَالْمِصْرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مُفْتٍ وَقَاضٍ يُقِيمُ الْحُدُودَ وَيُنَفِّذُ الْأَحْكَامَ وَبَلَغَتْ أَبْنِيَتُهُ أَبْنِيَةَ مِنًى، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَمَعْنَى إقَامَةِ الْحُدُودِ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا، هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَكَمَا يَجُوزُ أَدَاءُ الْجُمُعَةِ فِي الْمِصْرِ يَجُوزُ أَدَاؤُهَا فِي فِنَاءِ الْمِصْرِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُعَدُّ لِمَصَالِحِ الْمِصْرِ مُتَّصِلًا بِالْمِصْرِ وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَوْضِعٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِصْرِ فُرْجَةٌ مِنْ الْمَزَارِعِ وَالْمَرَاعِي نَحْوُ الْقَلَعِ بِبُخَارَى لَا جُمُعَةَ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِنْ كَانَ النِّدَاءُ يَبْلُغُهُمْ وَالْغَلْوَةُ وَالْمِيلُ وَالْأَمْيَالُ لَيْسَ بِشَيْءٍ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. هَكَذَا رَوَى الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْقَرَوِيُّ إذَا دَخَلَ الْمِصْرَ وَنَوَى أَنْ يَمْكُثَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ فِي حَقِّ هَذَا الْيَوْمِ وَإِنْ نَوَى أَنْ يَخْرُجَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ صَلَّى مَعَ ذَلِكَ كَانَ مَأْجُورًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالتَّجْنِيسِ وَالْمُحِيطِ. وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى وَالْبَوَادِي لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ بِجَمَاعَةٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَالْمُسَافِرُونَ إذَا حَضَرُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي مِصْرٍ يُصَلُّونَ فُرَادَى وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْمِصْرِ إذَا فَاتَتْهُمْ الْجُمُعَةُ وَأَهْلُ السِّجْنِ وَالْمَرَضِ وَيُكْرَهُ لَهُمْ الْجَمَاعَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَجَازَتْ بِمِنًى فِي الْمَوْسِمِ لِلْخَلِيفَةِ أَوْ لِأَمِيرِ الْحِجَازِ لَا لِأَمِيرِ الْمَوْسِمِ، كَذَا فِي الْوِقَايَةِ. سَوَاءٌ كَانَ أَمِيرُ الْمَوْسِمِ مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا إلَّا إذَا كَانَ مَأْذُونًا مِنْ جِهَةِ أَمِيرِ الْعِرَاقِ أَوْ أَمِيرِ مَكَّةَ وَقِيلَ: إنْ كَانَ مُقِيمًا تَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا لَا تَجُوزُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَا تَجُوزُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَيَّامِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا جُمُعَةَ بِعَرَفَاتٍ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَتُؤَدَّى الْجُمُعَةُ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَصَحُّ وَذَكَرَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا أَصَابَ النَّاسَ مَطَرٌ شَدِيدٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهُمْ فِي سَعَةٍ مِنْ التَّخَلُّفِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَقَعَ الشَّكُّ فِي جَوَازِ الْجُمُعَةِ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي الْمِصْرِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَقَامَ أَهْلُهُ الْجُمُعَةَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلُّوا بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَيَنْوُوا بِهَا الظُّهْرَ حَتَّى لَوْ لَمْ تَقَعْ الْجُمُعَةُ مَوْقِعَهَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ فَرْضِ الْوَقْتِ بِيَقِينٍ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي نِيَّتِهَا قِيلَ: يَنْوِي آخِرَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَقُولَ: نَوَيْتُ آخِرَ ظُهْرٍ أَدْرَكْتُ وَقْتَهُ وَلَمْ أُصَلِّهِ بَعْدُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي فَتَاوَى (آهُو) يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ فِي الْأَرْبَعِ الَّتِي يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَفِي دِيَارِنَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (وَمِنْهَا السُّلْطَانُ) عَادِلًا كَانَ أَوْ جَائِرًا، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ النِّصَابِ أَوْ مَنْ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ وَهُوَ الْأَمِيرُ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْخُطَبَاءُ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ حَتَّى لَا تَجُوزَ إقَامَتُهَا بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ وَأَمْرِ نَائِبِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَالْإِمَامُ حَاضِرٌ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَرِضَ الْأَمِيرُ فَصَلَّى الشُّرْطِيُّ لَمْ تَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْجَوَامِعِ. الْعَبْدُ إذَا قُلِّدَ عَمَلَ نَاحِيَةٍ فَصَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ جَازَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. صَلَاةُ الْجُمُعَةِ خَلْفَ الْمُتَغَلِّبِ الَّذِي لَا مَنْشُورَ لَهُ مِنْ الْخَلِيفَةِ تَجُوزُ إنْ كَانَتْ سِيرَتُهُ سِيرَةَ الْأُمَرَاءِ يَحْكُمُ فِيمَا بَيْنَ رَعِيَّتِهِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ. الْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ سُلْطَانَةً يَجُوزُ أَمْرُهَا بِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ لَا إقَامَتُهَا، هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. الصَّحِيحُ فِي زَمَانِنَا أَنَّ صَاحِبَ الشُّرَطِ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى شِحْنَةً وَالْوَالِي وَالْقَاضِي لَا يُقِيمُونَ

الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُوَلَّوْنَ ذَلِكَ إلَّا إذَا جُعِلَ ذَلِكَ فِي عَهْدِهِمْ وَكُتِبَ فِي مَنْشُورِهِمْ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ، وَالِي مِصْرٍ مَاتَ فَصَلَّى بِهِمْ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ أَوْ صَاحِبُ الشُّرَطِ أَوْ الْقَاضِي جَازَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ فَصَلَّى بِهِمْ جَازَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ تَعَذَّرَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ الْإِمَامِ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ يُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ جَازَ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَوْ مَاتَ الْخَلِيفَةُ وَلَهُ وُلَاةٌ وَأُمَرَاءُ عَلَى أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ فَهُمْ عَلَى وِلَايَتِهِمْ يُقِيمُونَ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ يُعْزَلُوا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذْنُ الْأَمِيرِ فِي الْخُطْبَةِ إذْنٌ فِي الْجُمُعَةِ وَإِذْنُهُ فِي الْجُمُعَةِ إذْنٌ فِي الْخُطْبَةِ وَلَوْ قَالَ: اُخْطُبْ لَهُمْ وَلَا تُصَلِّ أَجْزَأَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَوْ اُسْتُعْمِلَ صَبِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ عَلَى مِصْرٍ فَأَسْلَمَ هَذَا أَوْ بَلَغَ ذَلِكَ لَا يُقِيمَانِ الْجُمُعَةَ إلَّا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ إلَّا إذَا قَالَ لَهُمَا الْخَلِيفَةُ: إذَا أَسْلَمْتَ فَصَلِّ وَإِذَا بَلَغْتَ فَصَلِّ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. الْخَلِيفَةُ إذَا سَافَرَ وَهُوَ فِي الْقُرَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بِالنَّاسِ وَلَوْ مَرَّ بِمِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ وِلَايَتِهِ فَجَمَعَ بِهَا وَهُوَ مُسَافِرٌ جَازَ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ أَوْلَى وَلَوْ أَنَّ إمَامًا مَصَّرَ مِصْرًا ثُمَّ نَفَرَ النَّاسُ عَنْهُ لِخَوْفِ عَدُوٍّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ عَادُوا إلَيْهِ فَإِنَّهُمْ لَا يَجْمَعُونَ إلَّا بِإِذْنٍ مُسْتَأْنَفٍ مِنْ الْإِمَامِ. الْإِمَامُ إذَا مَنَعَ أَهْلَ الْمِصْرِ أَنْ يَجْمَعُوا لَمْ يَجْمَعُوا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا نَهَاهُمْ مُجْتَهِدًا بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِصْرًا فَأَمَّا إذَا نَهَاهُمْ مُتَعَنِّتًا أَوْ ضِرَارًا بِهِمْ فَلَهُمْ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى رَجُلٍ يُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْإِمَامُ إذَا عُزِلَ كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ بِالنَّاسِ إلَى أَنْ يَأْتِيَهُ الْكِتَابُ بِعَزْلِهِ أَوْ يَقْدُمَ عَلَيْهِ الْأَمِيرُ الثَّانِي فَإِذَا جَاءَ الْكِتَابُ بِعَزْلِهِ أَوْ عَلِمَ بِقُدُومِ الْأَمِيرِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ افْتَتَحَ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ ثُمَّ حَضَرُوا لِآخَرَ فَإِنَّهُ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. بِلَادٌ عَلَيْهَا وُلَاةٌ كُفَّارٌ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ وَيَصِيرُ الْقَاضِي قَاضِيًا بِتَرَاضِي الْمُسْلِمِينَ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَلْتَمِسُوا وَالِيًا مُسْلِمًا، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. (وَمِنْهَا وَقْتُ الظُّهْرِ) حَتَّى لَوْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ تَفْسُدُ الْجُمُعَةُ وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ الظُّهْرَ عَلَيْهَا لِاخْتِلَافِ الصَّلَاتَيْنِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الْمُقْتَدِي إذَا نَامَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَنْتَبِهْ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ انْتَبَهَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَالْوَقْتُ دَائِمٌ أَتَمَّهَا جُمُعَةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا الْخُطْبَةُ قَبْلَهَا) حَتَّى لَوْ صَلَّوْا بِلَا خُطْبَةٍ أَوْ خَطَبَ قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي الْكَافِي. الْخُطْبَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى فَرْضٍ وَسُنَّةٍ فَالْفَرْضُ شَيْئَانِ الْوَقْتُ وَهُوَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ خَطَبَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَالثَّانِي ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَفَتْ تَحْمِيدَةٌ أَوْ تَهْلِيلَةٌ أَوْ تَسْبِيحَةٌ، كَذَا فِي الْمُتُونِ. هَذَا إذَا كَانَ عَلَى قَصْدِ الْخُطْبَةِ أَمَّا إذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ أَوْ سَبَّحَ أَوْ هَلَّلَ مُتَعَجِّبًا مِنْ شَيْءٍ لَا يَنُوبُ عَنْ الْخُطْبَةِ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. خَطَبَ وَحْدَهُ أَوْ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَلَوْ حَضَرَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ وَخَطَبَ وَصَلَّى بِالثَّلَاثَةِ جَازَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ خَطَبَ وَالْقَوْمُ نِيَامٌ أَوْ صُمٌّ جَازَتْ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. (وَأَمَّا سُنَنُهَا فَخَمْسَةَ عَشَرَ) أَحَدُهَا الطَّهَارَةُ حَتَّى كُرِهَتْ لِلْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ (وَثَانِيهَا) الْقِيَامُ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَوْ خَطَبَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا جَازَ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَثَالِثُهَا) اسْتِقْبَالُ الْقَوْمِ بِوَجْهِهِ (وَرَابِعُهَا) التَّعَوُّذُ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ (وَخَامِسُهَا) أَنْ يُسْمِعَ الْقَوْمَ الْخُطْبَةَ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ أَجْزَأَهُ (وَسَادِسُهَا) الْبُدَاءَةُ بِحَمْدِ اللَّهِ (وَسَابِعُهَا) الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ (وَثَامِنُهَا) الشَّهَادَتَانِ (وَتَاسِعُهَا) الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

وَعَاشِرُهَا) الْعِظَةُ وَالتَّذْكِيرُ (وَالْحَادِيَ عَشَرَ) قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَتَارِكُهَا مُسِيءٌ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَمِقْدَارُ مَا يَقْرَأُ فِيهَا مِنْ الْقُرْآنِ ثَلَاثُ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٌ طَوِيلَةٌ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ (وَالثَّانِي عَشَرَ) إعَادَةُ التَّحْمِيدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ (وَالثَّالِثَ عَشَرَ) زِيَادَةُ الدُّعَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ (وَالرَّابِعَ عَشَرَ) تَخْفِيفُ الْخُطْبَتَيْنِ بِقَدْرِ سُورَةٍ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَيُكْرَهُ التَّطْوِيلُ (وَالْخَامِسَ عَشَرَ) الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَمِقْدَارُ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا مِقْدَارُ ثَلَاثِ آيَاتٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي تَقْدِيرِ الْجَلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ: إنَّهُ إذَا تَمَكَّنَ فِي مَوْضِعِ جُلُوسِهِ وَاسْتَقَرَّ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ فِي مَوْضِعِهِ قَامَ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ وَلُبْثٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَالْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكُونُ مُسِيئًا بِتَرْكِ الْجَلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَالْقُعُودُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ سُنَّةٌ، هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ، وَأَمَّا الْخَطِيبُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَتَأَهَّلَ لِلْإِمَامَةِ فِي الْجُمُعَةِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَكُونَ الْخَطِيبُ عَلَى مِنْبَرٍ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَمِنْ الْمُسْتَحَبِّ أَنْ يَرْفَعَ الْخَطِيبُ صَوْتَهُ وَأَنْ يَكُونَ الْجَهْرُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ. . . إلَخْ " وَذِكْرُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالْعَمَّيْنِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - مُسْتَحْسَنٌ، بِذَلِكَ جَرَى التَّوَارُثُ، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَيُكْرَهُ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ غَيْرُ الْخَطِيبِ، كَذَا فِي الْكَافِي إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ فَاسْتَخْلَفَ رَجُلًا إنْ شَهِدَ الْخَلِيفَةُ الْخُطْبَةَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ جَازَ كَيْفَمَا كَانَ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ فَلَا صَلَاةَ وَلَا كَلَامَ وَقَالَا: لَا بَأْسَ إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ وَإِذَا فَرَغَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالصَّلَاةِ كَذَا فِي الْكَافِي سَوَاءٌ كَانَ كَلَامُ النَّاسِ أَوْ التَّسْبِيحُ أَوْ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ أَوْ رَدُّ السَّلَامِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَأَمَّا دِرَاسَةُ الْفِقْهِ وَالنَّظَرُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَكِتَابَتُهُ فَمِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ وَإِذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِلِسَانِهِ وَلَكِنَّهُ أَشَارَ بِيَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ نَحْوُ أَنْ رَأَى مُنْكَرًا مِنْ إنْسَانٍ فَنَهَاهُ بِيَدِهِ أَوْ أَخْبَرَ بِخَبَرٍ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَالنَّائِي عَنْ الْإِمَامِ فِي اسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ كَالْقَرِيبِ وَالْإِنْصَاتُ فِي حَقِّهِ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَهُوَ الْأَحْوَطُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَقِيلَ: يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَقِيلَ: يَسْكُتُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَحْرُمُ فِي الْخُطْبَةِ مَا يَحْرُمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى لَا يَنْبَغِيَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ وَالْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْخَطِيبَ بِوَجْهِهِ هَذَا إذَا كَانَ أَمَامَ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ قَرِيبًا مِنْ الْإِمَامِ يَنْحَرِفُ إلَى الْإِمَامِ مُسْتَعِدًّا لِلسَّمَاعِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا أَنَّ عَلَى الْقَوْمِ أَنْ يَسْمَعُوا الْخُطْبَةَ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَالدُّنُوُّ مِنْ الْإِمَامِ أَفْضَلُ مِنْ التَّبَاعُدِ عَنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ لِلدُّنُوِّ مِنْ الْإِمَامِ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّخَطِّي مَا لَمْ يَأْخُذْ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ وَيُكْرَهُ إذَا أَخَذَ؛ لِأَنَّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَقَدَّمَ وَيَدْنُوَ مِنْ الْمِحْرَابِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ لِيَتَّسِعَ الْمَكَانُ عَلَى مَنْ يَجِيءُ بَعْدَهُ وَيَنَالَ فَضْلَ الْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ الْأَوَّلُ فَقَدْ

ضَيَّعَ ذَلِكَ الْمَكَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَكَانَ لِلَّذِي جَاءَ بَعْدَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْمَكَانَ وَأَمَّا مَنْ جَاءَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقِرَّ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ مَشْيَهُ وَتَقَدُّمَهُ عَمَلٌ فِي حَالَةِ الْخُطْبَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَأَمَّا تَخَطِّي السُّؤَالِ فَمَكْرُوهٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ الْمُخْتَارُ أَنَّ السَّائِلَ إذَا كَانَ لَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَلَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ إلْحَافًا وَيَسْأَلُ لِأَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ لَا بَأْسَ بِالسُّؤَالِ وَالْإِعْطَاءِ وَلَا يَحِلُّ إعْطَاءُ سُؤَالِ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَكُونُوا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا شَهِدَ الرَّجُلُ عِنْدَ الْخُطْبَةِ إنْ شَاءَ جَلَسَ مُحْتَبِيًا أَوْ مُتَرَبِّعًا أَوْ كَمَا تَيَسَّرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَلَاةٍ عَمَلًا وَحَقِيقَةً، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْعُدَ فِيهَا كَمَا يَقْعُدُ فِي الصَّلَاةِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. إنْ كَانَ فِي النَّفْلِ ثُمَّ شَرَعَ الْخَطِيبُ فِي الْخُطْبَةِ يَقْطَعُ قَبْلَ السَّجْدَةِ وَبَعْدَهَا عِنْدَ الرَّكْعَتَيْنِ، هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ ذَكَرَ فِي الْجُمُعَةِ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَجْرَ فَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ فَوْتَ الْجُمُعَةِ يَقْطَعُهَا وَيَبْدَأُ بِالْفَجْرِ وَلَوْ فَاتَ الْوَقْتُ يُتِمُّ الْجُمُعَةَ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِضِيقِ الْوَقْتِ أَمَّا لَوْ خَافَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ لَا الْوَقْتِ فَعِنْدَهُمَا يَبْدَأُ بِالْفَجْرِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُتِمُّ الْجُمُعَةَ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَخْطُبَ مُتَّكِئًا عَلَى قَوْسٍ أَوْ عَصًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَيَتَقَلَّدُ الْخَطِيبُ السَّيْفَ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ فُتِحَتْ بِالسَّيْفِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. (وَمِنْهَا الْجَمَاعَةُ) وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ سِوَى الْإِمَامِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ مِمَّنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ خَطَبَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَنَفَرَ النَّاسُ وَجَاءَ آخَرُونَ وَصَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ أَجْزَأَهُمْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالشَّرْطُ فِيهِمْ أَنْ يَكُونُوا صَالِحِينَ لِلْإِمَامَةِ أَمَّا إذَا كَانُوا لَا يَصْلُحُونَ لَهَا كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَتَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِائْتِمَامِ الْعَبِيدِ وَالْمُسَافِرِينَ وَالْمَرْضَى وَكَذَا بِالْأُمِّيِّينَ وَالْخُرْسِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ لِلْجُمُعَةِ وَالْقَوْمُ حُضُورٌ وَلَمْ يَشْرَعُوا مَعَهُ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُمْ إذَا كَبَّرُوا قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا اسْتَقْبَلَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ كَبَّرُوا مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ نَفَرُوا وَخَرَجُوا مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ جَاءُوا وَكَبَّرُوا قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ أَجْزَأَتْهُمْ الْجُمُعَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ وَمَعَهُ قَوْمٌ مُتَوَضِّئُونَ فَلَمْ يُكَبِّرُوا مَعَهُ حَتَّى أَحْدَثُوا ثُمَّ جَاءَ آخَرُونَ وَذَهَبَ الْأَوَّلُونَ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ كَانُوا مُحْدِثِينَ فَكَبَّرَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُونَ اسْتَقْبَلَ التَّكْبِيرَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إنْ نَفَرُوا بَعْدَ الِافْتِتَاحِ قَبْلَ التَّقْيِيدِ بِالسَّجْدَةِ لَمْ يَجْمَعْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَإِنْ نَفَرُوا بَعْدَ مَا قَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ صَلَّى الْجُمُعَةَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. (وَمِنْهَا الْإِذْنُ الْعَامُّ) وَهُوَ أَنْ تُفْتَحَ أَبْوَابُ الْجَامِعِ فَيُؤْذَنَ لِلنَّاسِ كَافَّةً حَتَّى أَنَّ جَمَاعَةً لَوْ اجْتَمَعُوا فِي الْجَامِعِ وَأَغْلَقُوا أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَجَمَعُوا لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ السُّلْطَانُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بِحَشَمِهِ فِي دَارِهِ فَإِنْ فَتَحَ بَابَ الدَّارِ وَأَذِنَ إذْنًا عَامًّا جَازَتْ صَلَاتُهُ شَهِدَهَا الْعَامَّةُ أَوْ لَمْ يَشْهَدُوهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُكْرَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ لَمْ يَفْتَحْ بَابَ الدَّارِ وَأَجْلَسَ الْبَوَّابِينَ عَلَيْهَا لَمْ تَجُزْ لَهُمْ الْجُمُعَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرِيضِ أَنْ يَؤُمُّوا فِي الْجُمُعَةِ، كَذَا فِي الْقُدُورِيِّ. وَمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَهَا كُرِهَ، كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَأَهْلِ السِّجْنِ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ إلَى فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يُؤَخَّرْ يُكْرَهُ فِي الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إنْ أَدَّى الظُّهْرَ ثُمَّ سَعَى إلَى الْجُمُعَةِ فَأَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ بَطَلَ ظُهْرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَعْذُورًا كَالْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ وَالْعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا فَإِنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ وَالْإِمَامُ فَرَغَ مِنْهَا لَا يَبْطُلُ إجْمَاعًا وَإِنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ وَالْإِمَامُ فِيهَا فَقَبْلَ

الباب السابع عشر في صلاة العيدين

أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ فَرَغَ مِنْهَا بَطَلَ ظُهْرُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا وَإِنْ خَرَجَ لَا يُرِيدُ الْجُمُعَةَ لَا يَبْطُلُ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ سَعَى إلَى الْجُمُعَةِ وَكَانَ سَعْيُهُ مُقَارِنًا لِفَرَاغِهِ لَا يَبْطُلُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ تَوَجَّهَ إلَيْهَا وَلَمْ يُؤَدِّهَا الْإِمَامُ بَعْدُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْجُو إدْرَاكَهَا لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ بَطَلَ ظُهْرُهُ فِي قَوْلِ الْبَلْخِيِّينَ وَهُوَ الصَّحِيحُ. فَإِنْ كَانَ تَوَجَّهَ إلَيْهَا وَلَمْ يُصَلِّ الْإِمَامُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ اخْتَلَفُوا فِي بُطْلَانِ ظُهْرِهِ. الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا تَوَجَّهَ إلَيْهَا وَالنَّاسُ فِيهَا إلَّا أَنَّهُمْ خَرَجُوا قَبْلَ إتْمَامِهَا لِنَائِبِهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْطُلُ ظُهْرُهُ، هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي السَّعْيِ الِانْفِصَالُ عَنْ دَارِهِ فَلَا يَبْطُلُ قَبْلَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ كَانَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ مَا صَلَّى الظُّهْرَ لَا يَبْطُلُ حَتَّى يَشْرَعَ مَعَ الْإِمَامِ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالْمَرِيضُ إذَا وَجَدَ خِفَّةً بَعْدَ مَا صَلَّى الظُّهْرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ رَاحَ إلَى الْجُمُعَةِ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ انْتَقَضَ ظُهْرُهُ وَانْقَلَبَ نَفْلًا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَمَنْ أَدْرَكَهَا فِي التَّشَهُّدِ أَوْ فِي السُّجُودِ أَتَمَّ جُمُعَةً عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكُرِهَ فِي الْمِصْرِ ظُهْرُ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ كَالْمَسْجُونِ وَالْمُسَافِرِ جَمَاعَةً قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَبَعْدَهُ وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ الظُّهْرَ لِأَهْلِ الْمِصْرِ إذَا لَمْ يَجْمَعُوا الْمَانِعَ وَأَمَّا أَهْلُ الْقُرَى فَلَهُمْ ذَلِكَ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ، هَكَذَا فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْوِقَايَةِ لِأَبِي الْمَكَارِمِ. وَيَجِبُ السَّعْيُ وَتَرْكُ الْبَيْعِ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: يَجِبُ السَّعْيُ وَيُكْرَهُ الْبَيْعُ عِنْدَ أَذَانِ الْمِنْبَرِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْأَذَانُ عَلَى الْمَنَارَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلَّ أَذَانٍ يَكُونُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَالْمُعْتَبَرُ أَوَّلُ الْأَذَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوْ عَلَى الزَّوْرَاءِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَسُرْعَةُ الْمَشْيِ وَالْعَدْوُ إلَى الْمَسْجِدِ لَا تَجِبُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي اسْتِحْبَابِهِ وَالْأَصَحُّ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أُذِّنَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأُقِيمَ بَعْدَ تَمَامِ الْخُطْبَةِ بِذَلِكَ جَرَى التَّوَارُثُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَيِّ سُورَةٍ شَاءَ وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَبَّرَ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ لِلزِّحَامِ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ حَتَّى يَقُومَ النَّاسُ فَإِنْ وَجَدَ فُرْجَةً سَجَدَ وَإِنْ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ رَجُلٍ آخَرَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ وَجَدَ فُرْجَةً وَمَعَ هَذَا سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ رَجُلٍ آخَرَ لَمْ يُجْزِئْهُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَوْ زَحَمَهُ النَّاسُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ السُّجُودَ فَوَقَفَ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَهُوَ لَاحِقٌ حَتَّى يَمْضِيَ فِي صَلَاتِهِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. لَوْ سُبِقَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ قَامَ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ كَانَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ جَهَرَ وَإِنْ شَاءَ خَافَتَ كَالْمُنْفَرِدِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ حَضَرَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ أَنْ يَدْهُنَ وَيَمَسَّ طِيبًا إنْ وَجَدَهُ وَيَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ إنْ كَانَ وَتُسْتَحَبُّ الثِّيَابُ الْبِيضُ وَيَجْلِسَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. [الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ] (الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ) وَهِيَ وَاجِبَةٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَيُسْتَحَبُّ يَوْمَ الْفِطْرِ لِلرَّجُلِ الِاغْتِسَالُ وَالسِّوَاكُ وَلُبْسُ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ جَدِيدًا كَانَ أَوْ غَسِيلًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُسْتَحَبُّ التَّخَتُّمُ وَالتَّطَيُّبُ وَالتَّبْكِيرُ وَهُوَ سُرْعَةُ الِانْتِبَاهِ وَالِابْتِكَارُ وَهُوَ الْمُسَارَعَةُ إلَى الْمُصَلَّى وَأَدَاءُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَصَلَاةُ الْغَدَاةِ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ وَالْخُرُوجُ إلَى الْمُصَلَّى مَاشِيًا وَالرُّجُوعُ فِي طَرِيقٍ آخَرَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا بَأْسَ بِالرُّكُوبِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْمَشْيُ أَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَاسْتُحِبَّ فِي عِيدِ الْفِطْرِ

أَنْ يَأْكُلَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى تُمَيْرَاتٍ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا وَإِلَّا مَا شَاءَ مِنْ أَيِّ حُلْوٍ كَانَ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا يَأْثَمُ وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ بَعْدَهَا إلَى الْعِشَاءِ رُبَّمَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ وَالْأَضْحَى كَالْفِطْرِ فِيهَا إلَّا أَنَّهُ يَتْرُكُ الْأَكْلَ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِيدَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي الْكُبْرَى الْأَكْلُ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْأَضْحَى هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ تَنَاوُلِهِمْ مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ الَّتِي هِيَ ضِيَافَةُ اللَّهِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. الْخُرُوجُ إلَى الْجَبَّانَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ سُنَّةٌ وَإِنْ كَانَ يَسَعُهُمْ الْمَسْجِدُ الْجَامِعُ، عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَتَجُوزُ إقَامَةُ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَأَمَّا إقَامَتُهَا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يُخْرَجُ الْمِنْبَرُ إلَى الْجَبَّانَةِ يَوْمَ الْعِيدِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي بِنَاءِ الْمِنْبَرِ فِي الْجَبَّانَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُكْرَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ مَاشِيًا إلَى الْمُصَلَّى عَلَى السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ عَمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبْصِرَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيُكَبِّرُ فِي الطَّرِيقِ فِي الْأَضْحَى جَهْرًا يَقْطَعُهُ إذَا انْتَهَى إلَى الْمُصَلَّى وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ وَفِي الْفِطْرِ الْمُخْتَارُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ أَمَّا سِرًّا فَمُسْتَحَبٌّ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. تَجِبُ صَلَاةُ الْعِيدِ عَلَى كُلِّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَيُشْتَرَطُ لِلْعِيدِ مَا يُشْتَرَطُ لِلْجُمُعَةِ إلَّا الْخُطْبَةَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، فَإِنَّهَا سُنَّةٌ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا وَإِنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ جَازَ وَيُكْرَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَا تُعَادُ الْخُطْبَةُ بَعْدَ الصَّلَاةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بَعْدَ الرُّجُوعِ إلَى مَنْزِلِهِ، كَذَا فِي الزَّادِ. إذَا قَضَى صَلَاةَ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ صَلَاةَ الْفَجْرِ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَكَذَا يَجُوزُ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ الْقَدِيمَةِ قَبْلَهَا لَكِنْ لَوْ قَضَاهَا بَعْدَهَا فَهُوَ أَحَبُّ وَأَوْلَى، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مِنْ حِينِ تَبْيَضُّ الشَّمْسُ إلَى أَنْ تَزُولَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَكَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُعَجَّلَ الْأَضْحَى وَيُؤَخَّرَ الْفِطْرُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُصَلِّي الْإِمَامُ رَكْعَتَيْنِ فَيُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقْرَأُ جَهْرًا ثُمَّ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ فَإِذَا قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ قَرَأَ ثُمَّ كَبَّرَ ثَلَاثًا وَرَكَعَ بِالرَّابِعَةِ فَتَكُونُ التَّكْبِيرَاتُ الزَّوَائِدُ سِتًّا ثَلَاثًا فِي الْأُولَى وَثَلَاثًا فِي الْأُخْرَى، وَثَلَاثٌ أَصْلِيَّاتٌ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرَتَانِ لِلرُّكُوعِ فَيُكَبِّرُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَيُوَالِي بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ بِهَا أَخَذَ أَصْحَابُنَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الزَّوَائِدِ وَيَسْكُتُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ مِقْدَارَ ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَبِهِ أَفْتَى مَشَايِخُنَا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَيُرْسِلُ الْيَدَيْنِ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ وَلَا يَضَعُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُطْبَتَيْنِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا جَلْسَةً خَفِيفَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ لَا يَجْلِسُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَيَخْطُبُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْتَتِحَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ تَتْرَى وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ، وَيُعَلِّمَ النَّاسَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَأَحْكَامَهَا وَهِيَ خَمْسَةٌ: عَلَى مَنْ تَجِبُ؟ وَلِمَنْ تَجِبُ؟ وَمَتَى تَجِبُ؟ وَكَمْ تَجِبُ؟ وَمِمَّ تَجِبُ؟ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَفِي عِيدِ النَّحْرِ يُكَبِّرُ الْخَطِيبُ وَيُسَبِّحُ وَيَعِظُ النَّاسَ وَيُعَلِّمُهُمْ أَحْكَامَ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ وَالْقُرْبَانِ، كَذَا فِي

التَّتَارْخَانِيَّة وَيُعَلِّمُ تَكْبِيرَ التَّشْرِيقِ، كَذَا فِي الزَّادِ. وَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ بِالْخُطْبَةِ يُكَبِّرُ الْقَوْمُ مَعَهُ وَإِذَا صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي النَّاسُ فِي أَنْفُسِهِمْ (1) امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ وَسُنَّةِ الْإِنْصَاتِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. إذَا اقْتَدَى بِمَنْ لَا يَرَى رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُخَالَفَةٌ يَسِيرَةٌ فَلَا تَخْلُ بِالْمُتَابَعَةِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَهَذَا الرَّجُلُ يَرَى تَكْبِيرَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَكَبَّرَ الْإِمَامُ غَيْرَ ذَلِكَ اتَّبَعَ الْإِمَامَ إلَّا إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ تَكْبِيرًا لَمْ يُكَبِّرْهُ أَحَدٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَحِينَئِذٍ لَا يُتَابِعُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَكِنْ هَذَا إذَا كَانَ بِقُرْبِ الْإِمَامِ يَسْمَعُ التَّكْبِيرَاتِ مِنْهُ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِبُعْدٍ مِنْهُ يَسْمَعُ مِنْ الْمُكَبِّرِينَ يَأْتِي بِجَمِيعِ مَا يَسْمَعُ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ أَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ لِجَوَازِ أَنَّ الْغَلَطَ مِنْ الْمُكَبِّرِينَ فَلَوْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا رُبَّمَا كَانَ الْمَتْرُوكُ مَا أَتَى بِهِ الْإِمَامُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكَبِيرِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَعْدَمَا كَبَّرَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - سِتَّ تَكْبِيرَاتٍ فَدَخَلَ مَعَهُ وَهُوَ فِي الْقِرَاءَةِ وَالرَّجُلُ يَرَى تَكْبِيرَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ بِرَأْيِ نَفْسِهِ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ حَالَ مَا يَقْرَأُ الْإِمَامُ وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ يَتْبَعُ رَأْيَ الْإِمَامِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ انْتَهَى رَجُلٌ إلَى الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ فِي الْعِيدَيْنِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ لِلِافْتِتَاحِ قَائِمًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّكْبِيرَاتِ وَيُدْرِكَ الرُّكُوعَ فَعَلَ وَيُكَبِّرُ عَلَى رَأْيِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَكَعَ وَاشْتَغَلَ بِالتَّكْبِيرَاتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا أَتَى بِتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ فِي الرُّكُوعِ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ بَعْدَمَا أَدَّى بَعْضَ التَّكْبِيرَاتِ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُتَابِعُ الْإِمَامَ وَتَسْقُطُ عَنْهُ التَّكْبِيرَاتُ الْبَاقِيَةُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَدْرَكَهُ فِي الْقَوْمَةِ لَا يَقْضِي فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَ التَّكْبِيرَاتِ وَاللَّاحِقُ يُكَبِّرُ بِرَأْيِ إمَامِهِ كَمَنْ شَرَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَنَامَ فَانْتَبَهَ يُكَبِّرُ بِرَأْيِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ، كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ بَعْدَ مَا تَشَهَّدَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ أَوْ بَعْدَمَا سَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ أَوْ بَعْدَمَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَقُومُ وَيَقْضِي صَلَاةَ الْعِيدِ. وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ الْمَذْكُورُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِيرُ مُدْرِكًا كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذَا بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي الْأَنْفَعِ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ (2) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، وَتَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ وَاجِبَةٌ وَفِي النَّافِعِ وَكَذَا تَجِبُ رِعَايَةُ لَفْظِ التَّكْبِيرِ فِي الِافْتِتَاحِ حَتَّى يَجِبَ سُجُودُ السَّهْوِ إذَا قَالَ: اللَّهُ أَجَلُّ أَوْ أَعْظَمُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ دُونَ غَيْرِهَا (3) وَإِذَا نَسِيَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ حَتَّى قَرَأَ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ أَوْ فِي الرُّكُوعِ مَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَتُؤَخَّرُ صَلَاةُ عِيدِ الْفِطْرِ إلَى الْغَدِ إذَا مَنَعَهُمْ مِنْ إقَامَتِهَا عُذْرٌ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ الْهِلَالُ وَشُهِدَ عِنْدَ الْإِمَامِ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ قَبْلَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ جَمْعُ النَّاسِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ صَلَّاهَا فِي يَوْمِ غَيْمٍ فَظَهَرَ أَنَّهَا وَقَعَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَا تُؤَخَّرُ إلَى بَعْدِ الْغَدِ وَالْإِمَامُ لَوْ صَلَّاهَا مَعَ

تكبيرات أيام التشريق

الْجَمَاعَةِ وَفَاتَتْ بَعْضَ النَّاسِ لَا يَقْضِيهَا مَنْ فَاتَتْهُ خَرَجَ الْوَقْتُ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا حَدَثَ عُذْرٌ يَمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى صَلَّاهَا مِنْ الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ وَلَا يُصَلِّيهَا بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ ثُمَّ الْعُذْرُ هَهُنَا لِنَفْيِ الْكَرَاهَةِ حَتَّى لَوْ أَخَّرُوهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ جَازَتْ الصَّلَاةُ وَقَدْ أَسَاءُوا وَفِي الْفِطْرِ لِلْجَوَازِ حَتَّى لَوْ أَخَّرُوهَا إلَى الْغَدِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَوَقْتُهَا مِنْ الْغَدِ كَوَقْتِهَا مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إمَامٌ صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِيدِ يَوْمَ الْفِطْرِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَعَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ الزَّوَالِ خَرَجَ مِنْ الْغَدِ وَصَلَّى فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْغَدِ لَمْ يَخْرُجْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي عِيدِ الْأَضْحَى فَعَلِمَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدْ ذَبَحَ النَّاسُ جَازَ ذَبْحُ مَنْ ذَبَحَ وَيَخْرُجُ مِنْ الْغَدِ وَيُصَلِّي وَكَذَا إنْ عَلِمَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي صَلَّى بِالنَّاسِ مَا لَمْ تَزُلْ الشَّمْسُ فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَمَا زَالَتْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يُصَلِّي بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ نَادَى فِي النَّاسِ بِالصَّلَاةِ وَجَازَ ذَبْحُ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْعِلْمِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الْعِلْمِ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتُقَدَّمُ صَلَاةُ الْعِيدِ عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذَا اجْتَمَعَتَا وَتُقَدَّمُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَلَى الْخُطْبَةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَالتَّعْرِيفُ وَهُوَ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ تَشَبُّهًا بِالْوَاقِفِينَ بِعَرَفَةَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. [تَكْبِيرَاتُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ] (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ تَكْبِيرَاتُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) (الْكَلَامُ فِي تَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ فِي مَوَاضِعَ) الْأَوَّلُ فِي صِفَتِهِ وَالثَّانِي فِي عَدَدِهِ وَمَاهِيَّتِهِ وَالثَّالِثُ فِي شُرُوطِهِ وَالرَّابِعُ فِي وَقْتِهِ، أَمَّا صِفَتُهُ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ. وَأَمَّا عَدَدُهُ وَمَاهِيَّتُهُ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ مَرَّةً وَاحِدَةً: اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَأَمَّا شُرُوطُهُ فَإِقَامَةٌ وَمِصْرٌ وَمَكْتُوبَةٌ وَجَمَاعَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا تُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ وَالسُّلْطَانُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى الْأَصَحِّ، هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَأَمَّا وَقْتُهُ فَأَوَّلُهُ عَقِيبَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَآخِرُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَقِيبَ صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَالْفَتْوَى وَالْعَمَلُ فِي عَامَّةِ الْأَمْصَارِ وَكَافَّةِ الْأَعْصَارِ عَلَى قَوْلِهِمَا، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُكَبِّرَ مُتَّصِلًا بِالسَّلَامِ حَتَّى لَوْ تَكَلَّمَ أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا سَقَطَ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَلَا يُكَبِّرُ عَقِيبَ الْوِتْرِ وَعَقِيبَ صَلَاةِ الْعِيدِ. وَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَذَكَرَهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ قَضَاهَا وَكَبَّرَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا فَاتَتْهُ صَلَاةٌ قَبْلَ هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَضَاهَا فِيهَا لَا يُكَبِّرُ وَكَذَا لَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَضَاهَا فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ قَضَاهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنْ قَابِلٍ لَا يُكَبِّرُ عَقِيبَهَا وَبِالِاقْتِدَاءِ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ، وَالْمَرْأَةُ تُخَافِتُ بِالتَّكْبِيرِ وَكَذَا يَجِبُ عَلَى الْمَسْبُوقِ وَيُكَبِّرُ بَعْدَمَا مَضَى مَا فَاتَهُ وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ التَّكْبِيرَ يُكَبِّرُ الْمُقْتَدِي وَيَنْتَظِرُ الْمُقْتَدِي الْإِمَامَ حَتَّى يَأْتِيَ بِشَيْءٍ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ وَهِيَ الْأَشْيَاءُ الَّتِي تَقْطَعُ الْبِنَاءَ كَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالْحَدَثِ الْعَمْدِ وَالْكَلَامِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُكَبِّرُ وَلَا يَخْرُجُ لِلطَّهَارَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

الصلاة في خسوف القمر

وَهِيَ سُنَّةٌ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهَا تُؤَدَّى بِجَمَاعَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ أَدَائِهَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كُلُّ رَكْعَةٍ بِرُكُوعٍ وَسَجْدَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ يَقْرَأُ فِيهِمَا مَا أَحَبَّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُطَوِّلَ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا، كَذَا فِي الْكَافِي وَيَدْعُو بَعْدَ الصَّلَاةِ حَتَّى تَنْجَلِيَ الشَّمْسُ كَمَالَ الِانْجِلَاءِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيَجُوزُ تَطْوِيلُ الْقِرَاءَةِ وَتَخْفِيفُ الدُّعَاءِ وَتَطْوِيلُ الدُّعَاءِ وَتَخْفِيفُ الْقِرَاءَةِ فَإِذَا خَفَّفَ أَحَدَهُمَا طَوَّلَ الْآخَرَ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَا يُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ بِجَمَاعَةٍ إلَّا الْإِمَامُ الَّذِي يُصَلِّي الْجُمُعَةَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: فَإِنْ عَدِمَ الْإِمَامُ الَّذِي يُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ وُحْدَانًا فِي مَسَاجِدِهِمْ إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ الَّذِي يُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ يُصَلُّوا بِجَمَاعَةٍ يَؤُمُّهُمْ فِيهَا إمَامُ حَيِّهِمْ فِي مَسْجِدِهِمْ وَلَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ خُطْبَةٌ وَهَذَا مَذْهَبُنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الْجَبَّانَةُ أَوْ الْمَسْجِدُ الْجَامِعُ وَلَوْ صَلَّوْا فِي مَنْزِلٍ آخَرَ جَازَ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ وَلَوْ صَلَّوْا وُحْدَانًا فِي مَنَازِلِهِمْ جَازَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا وَدَعَوْا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصَلُّوا أَجْزَأَهُمْ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا يَصْعَدُ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ لِلدُّعَاءِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة ثُمَّ الْإِمَامُ فِي هَذَا الدُّعَاءِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ جَلَسَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَدَعَا وَإِنْ شَاءَ قَامَ وَدَعَا وَإِنْ شَاءَ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَدَعَا وَيُؤَمِّنُ الْقَوْمُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ وَلَوْ قَامَ وَاعْتَمَدَ عَلَى عَصًا لَهُ أَوْ عَلَى قَوْسٍ لَهُ وَدَعَا ذَلِكَ حَسَنًا أَيْضًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى انْجَلَتْ لَمْ يُصَلِّ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ انْجَلَى بَعْضُهَا جَازَ أَنْ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ فَإِنْ سَتَرَهَا سَحَابٌ أَوْ حَائِلٌ وَهِيَ كَاسِفَةٌ صَلَّى وَإِنْ غَرَبَتْ كَاسِفَةً أَمْسَكَ عَنْ الدُّعَاءِ وَاشْتَغَلَ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَإِنْ اجْتَمَعَ الْكُسُوفُ وَالْجِنَازَةُ بَدَأَ بِالْجِنَازَةِ وَإِنْ كَسَفَتْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُنْهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا لَمْ يُصَلِّ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. [الصَّلَاةُ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ] (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ) يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ وُحْدَانًا، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَدَّتْ الْأَهْوَالُ وَالْأَفْزَاعُ كَالرِّيحِ إذَا اشْتَدَّتْ وَالسَّمَاءُ إذَا دَامَتْ مَطَرًا أَوْ ثَلْجًا أَوْ احْمَرَّتْ وَالنَّهَارُ إذَا أَظْلَمَ وَكَذَا إذَا عَمَّ الْمَرَضُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَكَذَا فِي الزَّلَازِلِ وَالصَّوَاعِقِ وَانْتِثَارِ (1) الْكَوَاكِبِ وَالضَّوْءِ الْهَائِلِ بِاللَّيْلِ وَالْخَوْفِ الْغَالِبِ مِنْ الْعَدُوِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ فِي مَنَازِلِهِمْ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. [الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ] (الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ صَلَاةٌ مَسْنُونَةٌ فِي جَمَاعَةٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَا خُطْبَةَ فِيهِ وَلَكِنَّهُ دُعَاءٌ وَاسْتِغْفَارٌ وَإِنْ صَلَّوْا وُحْدَانًا فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَيْسَ فِيهِ قَلْبُ رِدَاءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَقَالَا: يَخْرُجُ الْإِمَامُ وَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَيَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَيَسْتَقْبِلُ النَّاسَ بِوَجْهِهِ قَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ لَا عَلَى الْمِنْبَرِ وَيَفْصِلُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِجَلْسَةٍ وَإِنْ شَاءَ خَطَبَ خُطْبَةً وَاحِدَةً وَيَدْعُو اللَّهَ وَيُسَبِّحُهُ وَيَسْتَغْفِرُ

الباب العشرون في صلاة الخوف

لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ قَوْسًا فَإِذَا مَضَى صَدْرٌ مِنْ خُطْبَتِهِ قَلَبَ رِدَاءَهُ (1) ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَصِفَةُ تَقْلِيبِ الرِّدَاءِ إنْ كَانَ مُرَبَّعًا جَعَلَ أَسْفَلَهُ أَعْلَاهُ وَأَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَإِنْ كَانَ مُدَوَّرًا جَعَلَ الْجَانِبَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَالْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ وَلَكِنَّ الْقَوْمَ لَا يَقْلِبُونَ أَرْدِيَتَهُمْ، هَكَذَا فِي الْكَافِي وَالْمُحِيطِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي التُّحْفَةِ وَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الْخُطْبَةِ يَجْعَلُ ظَهْرَهُ إلَى النَّاسِ وَوَجْهَهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَقْلِبُ رِدَاءَهُ ثُمَّ يَشْتَغِلُ بِدُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ قَائِمًا وَالنَّاسُ قُعُودٌ مُسْتَقْبِلُونَ وَوُجُوهُهُمْ إلَى الْقِبْلَةِ فِي الْخُطْبَةِ وَالدُّعَاءِ فَيَدْعُوَا اللَّهَ تَعَالَى وَيَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيُجَدِّدُونَ التَّوْبَةَ وَيَسْتَغْفِرُونَ ثُمَّ عِنْدَ الدُّعَاءِ إنْ رَفَعَ يَدَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ فَحَسَنٌ وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ فَحَسَنٌ وَكَذَا النَّاسُ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الدُّعَاءِ بَسْطُ الْيَدَيْنِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيُنْصِتُ الْقَوْمُ لِخُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ بِالنَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ، كَذَا فِي الزَّادِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُخْرَجُ فِيهِ الْمِنْبَرُ وَيَخْرُجُونَ مُشَاةً فِي ثِيَابٍ خَلِقَةٍ أَوْ غَسِيلَةٍ أَوْ مُرَقَّعَةٍ مُتَذَلِّلِينَ خَاشِعِينَ مُتَوَاضِعِينَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَاكِسِي رُءُوسِهِمْ ثُمَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ يُقَدِّمُونَ الصَّدَقَةَ قَبْلَ الْخُرُوجِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي التَّجْرِيدِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْإِمَامُ أَمَرَ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ وَإِنْ خَرَجُوا بِغَيْرِ إذْنِهِ جَازَ. وَلَا يَخْرُجُ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي ذَلِكَ مَعَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَإِنْ خَرَجُوا مَعَ أَنْفُسِهِمْ إلَى بِيَعِهِمْ أَوْ إلَى كَنَائِسِهِمْ أَوْ إلَى الصَّحْرَاءِ لَمْ يُمْنَعُوا عَنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِنَّمَا يَكُونُ الِاسْتِسْقَاءُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ لَهُمْ أَوْدِيَةٌ وَلَا أَنْهَارٌ وَآبَارٌ يَشْرَبُونَ مِنْهَا وَيَسْقُونَ مَوَاشِيَهُمْ أَوْ زُرُوعَهُمْ أَوْ يَكُونُ لَهُمْ وَلَا يَكْفِيهِمْ ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَهُمْ أَوْدِيَةٌ وَآبَارٌ وَأَنْهَارٌ فَإِنَّ النَّاسَ لَا يَخْرُجُونَ إلَى الِاسْتِسْقَاءِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ شِدَّةِ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ] (الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ) لَا خِلَافَ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ كَانَتْ مَشْرُوعَةً فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا بَعْدَهُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بَقِيَتْ مَشْرُوعَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي الزَّادِ وَإِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ جَعَلَ الْإِمَامُ النَّاسَ طَائِفَتَيْنِ طَائِفَةً إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَطَائِفَةً خَلْفَهُ، كَذَا فِي الْقُدُورِيِّ. وَصُورَةُ اشْتِدَادِ الْخَوْفِ أَنْ يَحْضُرَ الْعَدُوُّ بِحَيْثُ يَرَوْنَهُ فَخَافُوا إنْ اشْتَغَلُوا جَمِيعًا بِالصَّلَاةِ يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ، هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ فَلَوْ رَأَوْا سَوَادًا وَظَنُّوهُ عَدُوًّا وَصَلَّوْهَا فَإِنْ تَبَيَّنَ كَمَا ظَنُّوا جَازَتْ وَإِنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا ظَهَرَ بَعْدَ مَا انْصَرَفَتْ الطَّائِفَةُ مِنْ نَوْبَتِهَا فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ تَتَجَاوَزَ الصُّفُوفَ فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَبْنُوا اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْقَوْمِ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ بِكُلِّ حَالٍ لِعَدَمِ الْمُفْسِدِ فِي حَقِّهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَكَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ مُسَافِرِينَ فَإِنْ لَمْ يَتَنَازَعْ الْقَوْمُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَهُ فَالْأَفْضَلُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ الْقَوْمَ طَائِفَتَيْنِ فَيَأْمُرَ طَائِفَةً لِيَقُومُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَيُصَلِّيَ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ تَمَامَ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَأْمُرَ رَجُلًا مِنْ الطَّائِفَةِ الَّتِي بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ تَمَامَ صَلَاتِهِمْ أَيْضًا وَإِنْ تَنَازَعَ كُلُّ طَائِفَةٍ فَقَالُوا إنَّا نُصَلِّي مَعَكَ يَجْعَلُ الْقَوْمَ طَائِفَتَيْنِ يَقِفُ إحْدَاهُمَا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَيُصَلِّي مَعَ الطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ تَذْهَبُ هَذِهِ الطَّائِفَةُ إلَى الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَالْإِمَامُ قَاعِدٌ يَنْتَظِرُهُمْ فَيُصَلِّي بِهِمْ الرَّكْعَةَ الْأُخْرَى ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ

وَلَا يُسَلِّمُ مَعَهُ مَنْ خَلْفَهُ وَلَكِنْ يَذْهَبُونَ إلَى الْعَدُوِّ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى مَكَانَ صَلَاتِهِمْ فَيَقْضُونَ رَكْعَةً بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَإِذَا صَلَّوْا رَكْعَةً قَعَدُوا قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَيُسَلِّمُونَ وَيَذْهَبُونَ إلَى الْعَدُوِّ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مَكَانَ صَلَاتِهِمْ فَيَقْضُونَ رَكْعَةً بِقِرَاءَةٍ. وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ مُقِيمِينَ وَالصَّلَاةُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ تَقُومُ طَائِفَةٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَيَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَيَقْعُدُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ تَذْهَبُ هَذِهِ الطَّائِفَةُ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَالْإِمَامُ قَاعِدٌ يَنْتَظِرُ مَجِيئَهُمْ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَلَا يُسَلِّمُ مَعَهُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ بَلْ يَذْهَبُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَيُسَلِّمُونَ وَيَقِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُقِيمًا وَالْقَوْمُ مُسَافِرِينَ أَوْ مُقِيمِينَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ الْكُلُّ مُقِيمِينَ. وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا وَالْقَوْمُ مُقِيمِينَ صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ رَكْعَةً وَسَلَّمَ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَيُصَلُّونَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ مُدْرِكُونَ فَإِذَا أَتَمَّتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى صَلَاتَهُمْ انْصَرَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ إلَى مَكَانِ صَلَاتِهِمْ فَيُصَلُّونَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ مَسْبُوقُونَ فِيهَا وَالْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا وَالْقَوْمُ مُقِيمِينَ وَمُسَافِرِينَ صَلَّى الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً فَمَنْ كَانَ مُسَافِرًا خَلْفَ الْإِمَامِ بَقِيَ إلَى تَمَامِ صَلَاتِهِ رَكْعَةً وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا بَقِيَ إلَى تَمَامِ صَلَاتِهِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَتَرْجِعُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى إلَى مَكَانِ الْإِمَامِ فَمَنْ كَانَ مُسَافِرًا يُصَلِّي رَكْعَةً بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُدْرِكٌ أَوَّلَ الصَّلَاةِ وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا يُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِذَا أَتَمَّتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى صَلَاتَهُمْ يَنْصَرِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ إلَى مَكَانِ صَلَاتِهِمْ فَمَنْ كَانَ مُسَافِرًا يُصَلِّي رَكْعَةً بِقِرَاءَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا يُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَسْبُوقًا فِيهَا وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ أَوْ مُسْتَدْبِرَهَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالْأُولَى رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا فَصَلَاةُ الْكُلِّ فَاسِدَةٌ وَأَصْلُهُ أَنَّ الِانْحِرَافَ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ مُفْسِدٌ وَتَرْكَهُ فِي أَوَانِهِ غَيْرُ مُفْسِدٍ. فَعَلَى هَذَا لَوْ جَعَلَهُمْ أَرْبَعَ طَوَائِفَ فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً فَصَلَاةُ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فَاسِدَةٌ وَصَلَاةُ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ صَحِيحَةٌ. وَإِنْ عَادَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ صَلَّوْا الرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ وَالرَّابِعَةَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ ثُمَّ يَقْضُونَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِقِرَاءَةٍ ثُمَّ تَرْجِعُ الطَّائِفَةُ الرَّابِعَةُ فَتُصَلِّي ثَلَاثًا بِقِرَاءَةٍ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَيَقْعُدُونَ ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ أُخْرَى بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَلَا يَقْعُدُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ رَكْعَةً ثَالِثَةً بِالْفَاتِحَةِ لَا غَيْرُ وَيَقْعُدُونَ وَيُسَلِّمُونَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمَنْ دَخَلَ فِي قِسْمِ غَيْرِهِ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمُ ذَلِكَ الْغَيْرِ إلَّا إذَا دَخَلَ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ قِسْمِ نَفْسِهِ فَإِنْ صَلَّى الظُّهْرَ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَانْصَرَفُوا إلَّا رَجُلًا بَقِيَ حَتَّى صَلَّى الثَّلَاثَةَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ دَخَلَ فِي قِسْمِ الثَّانِيَةِ لَكِنْ لَمْ يَصِرْ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ فَرَغَ مِنْ قِسْمِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْمَغْرِبِ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً وَلَوْ أَخْطَأَ وَصَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ جَمِيعًا وَلَوْ صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالْأُولَى الثَّالِثَةَ فَصَلَاةُ الْأُولَى فَاسِدَةٌ وَصَلَاةُ الثَّانِيَةِ جَائِزَةٌ وَيَقْضُونَ رَكْعَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَالثَّانِيَةَ

بِقِرَاءَةٍ وَلَوْ جَعَلَهُمْ فِي الْمَغْرِبِ ثَلَاثَ طَوَائِفَ فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً فَصَلَاةُ الْأُولَى فَاسِدَةٌ وَصَلَاةُ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ جَائِزَةٌ وَتَقْضِي الثَّانِيَةُ رَكْعَتَيْنِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَالطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ تَقْضِي رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. ثُمَّ الْخَوْفُ مِنْ عَدُوٍّ وَمِنْ سَبُعٍ سَوَاءٌ وَالْخَوْفُ لَا يُوجِبُ قَصْرَ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْمَشْيُ فِي الصَّلَاةِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَا يُقَاتِلُونَ فِي حَالِ الصَّلَاةِ فَإِنْ قَاتَلُوا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ؛ لِأَنَّ الْقِتَالَ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ وَكَذَا مَنْ رَكِبَ حَالَ انْصِرَافِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. سَوَاءٌ كَانَ انْصِرَافُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ إلَى الْعَدُوِّ أَوْ مِنْ الْعَدُوِّ إلَى الْقِبْلَةِ. وَلَا يُصَلِّي سَابِحًا فِي الْبَحْرِ وَلَا مَاشِيًا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَإِنْ كَانَ مَاشِيًا هَارِبًا مِنْ الْعَدُوِّ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْوُقُوفُ لِيُصَلِّيَ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي مَاشِيًا عِنْدَنَا بَلْ يُؤَخِّرُ وَإِذَا سَهَا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَجَبَ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا رُكْبَانًا فُرَادَى يُومِئُونَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءُوا إذَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى التَّوَجُّهِ إلَى الْقِبْلَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَاشْتِدَادُ الْخَوْفِ هُنَا أَنْ لَا يَدَعَهُمْ الْعَدُوُّ بِأَنْ يُصَلُّوا نَازِلِينَ بَلْ يَهْجُمُوهُمْ بِالْمُحَارَبَةِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَا يُصَلُّونَ بِجَمَاعَةٍ رُكْبَانًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ وَالْمُقْتَدِي عَلَى دَابَّةٍ فَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُقْتَدِي بِهِ وَإِذَا صَلَّى بِالْإِيمَاءِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ فِي الْوَقْتِ وَخَارِجِ الْوَقْتِ وَالرَّاجِلُ يُومِئُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّاكِبُ إذَا كَانَ طَالِبًا لَا يُصَلِّي عَلَى الدَّابَّةِ وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا لَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الدَّابَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ كُلُّ مَنْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْزِلَ فَصَلَّى رَاكِبًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ حَصَلَ الْأَمْنُ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ بِأَنْ ذَهَبَ الْعَدُوُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتِمُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ وَلَكِنْ يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْأَمْنِ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ وَمَنْ حَوَّلَ مِنْهُمْ وَجْهَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ بَعْدَمَا انْصَرَفَ الْعَدُوُّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَمَنْ حَوَّلَ مِنْهُمْ وَجْهَهُ قَبْلَ انْصِرَافِ الْعَدُوِّ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ ثُمَّ ذَهَبَ الْعَدُوُّ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الزِّيَادَاتِ: إمَامٌ صَلَّى الظُّهْرَ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَهُمْ مُقِيمُونَ فَلَمَّا صَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ انْحَرَفُوا إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَلَكِنْ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ فَعَلِمَ أَنَّهُ أَسَاءَ فِيمَا صَنَعَ وَانْحَرَفَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوْ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَكَذَلِكَ لَوْ انْحَرَفَ بَعْدَمَا قَعَدَ مَعَ الْإِمَامِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ. فَإِنْ افْتَتَحَ الْإِمَامُ بِهِمْ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَهُمْ مُسَافِرُونَ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً أَقْبَلَ الْعَدُوُّ وَانْحَرَفَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُصَلِّينَ وَوَقَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَبَقِيَتْ طَائِفَةٌ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى أَتَمُّوا فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ أَمَّا صَلَاةُ مَنْ بَقِيَ مَعَ الْإِمَامِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا صَلَاةُ مَنْ انْحَرَفَ؛ فَلِأَنَّ هَذَا الِانْحِرَافَ فِي أَوَانِهِ وَالضَّرُورَةَ مُتَحَقِّقَةٌ. وَلَوْ افْتَتَحَ الْإِمَامُ بِهِمْ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَهُمْ مُقِيمُونَ فَأَقْبَلَ الْعَدُوُّ وَانْحَرَفَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُصَلِّينَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ انْحَرَفُوا بَعْدَمَا صَلَّوْا رَكْعَةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ وَلَوْ حَضَرَ الْعَدُوُّ بَعْدَ مَا صَلَّى الظُّهْرَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَانْصَرَفَتْ طَائِفَةٌ لِيَقِفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ لَا ذِكْرَ لِهَذَا الْفَصْلِ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ؛ لِأَنَّ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّطْرِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ الْإِمَامُ أَوَانُ الِانْحِرَافِ لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. صَلَاةُ الْخَوْفِ تَجُوزُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. فَإِذَا قَابَلَ الْإِمَامُ الْعَدُوَّ يَوْمَ الْعِيدِ فِي الْمِصْرِ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخَوْفِ يَجْعَلُ النَّاسَ طَائِفَتَيْنِ وَيُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى مَذْهَبَ ابْنِ مَسْعُودٍ تَابَعَتْهُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ رَأْيُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ خِلَافَ رَأْيِ الْإِمَامِ إلَّا إذَا تُيُقِّنَ بِخَطَأِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ

الباب الحادي والعشرون في الجنائز وفيه سبعة فصول

مِنْ صَلَاتِهِ وَانْحَرَفَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَجَاءَتْ الْأُولَى يَقْضُونَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَيَقِفُونَ قَدْرَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ يُكَبِّرُونَ الزَّوَائِدَ وَيَرْكَعُونَ بِالرَّكْعَةِ كَمَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ إذَا أَتَمُّوا انْحَرَفُوا وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَيَقْضُونَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِقِرَاءَةٍ وَيَبْدَءُونَ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ بِالتَّكْبِيرِ فِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ وَالْجَامِعِ وَالسِّيَرِ الْكَبِيرِ وَإِحْدَى رِوَايَتَيْ النَّوَادِرِ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْجَنَائِزِ وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُحْتَضَرِ] (الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْجَنَائِزِ وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ) ، (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُحْتَضَرِ) إذَا اُحْتُضِرَ الرَّجُلُ وُجِّهَ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَهُوَ السُّنَّةُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَشُقَّ تُرِكَ عَلَى حَالِهِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَعَلَامَاتُ الِاحْتِضَارِ أَنْ تَسْتَرْخِيَ قَدَمَاهُ فَلَا تَنْتَصِبَانِ وَيَتَعَوَّجَ أَنْفُهُ وَيَنْخَسِفَ صُدْغَاهُ وَتَمْتَدَّ جِلْدَةُ الْخُصْيَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَتَمْتَدُّ جِلْدَةُ وَجْهِهِ فَلَا يُرَى فِيهَا تَعَطُّفٌ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلُقِّنَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَصُورَةُ التَّلْقِينِ أَنْ يُقَالَ عِنْدَهُ فِي حَالَةِ النَّزْعِ قَبْلَ الْغَرْغَرَةِ جَهْرًا وَهُوَ يَسْمَعُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَلَا يُقَالُ لَهُ قُلْ وَلَا يُلَحُّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهَا مَخَافَةَ أَنْ يَضْجَرَ فَإِذَا قَالَهَا مَرَّةً لَا يُعِيدُهَا عَلَيْهِ الْمُلَقِّنُ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ غَيْرِهَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَهَذَا التَّلْقِينُ مُسْتَحَبٌّ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا التَّلْقِينُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يُلَقَّنُ عِنْدَنَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَنَحْنُ نَعْمَلُ بِهِمَا عِنْدَ الْمَوْتِ وَعِنْدَ الدَّفْنِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُلَقِّنُ غَيْرَ مُتَّهَمٍ بِالْمَسَرَّةِ بِمَوْتِهِ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُعْتَقَدُ فِيهِ الْخَيْرُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَالُوا وَإِذَا ظَهَرَتْ مِنْ الْمُحْتَضَرِ كَلِمَاتٌ تُوجِبُ الْكُفْرَ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ وَيُعَامَلُ مُعَامَلَةَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَحُضُورُ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ مَرْغُوبٌ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَةِ يس عِنْدَهُ، كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرٍ الْحَاجِّ، وَيُحْضَرُ عِنْدَهُ مِنْ الطِّيبِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ، وَلَا بَأْسَ بِجُلُوسِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ عِنْدَهُ وَقْتَ الْمَوْتِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِذَا مَاتَ شَدُّوا لَحْيَيْهِ وَغَمَّضُوا عَيْنَيْهِ وَيَتَوَلَّى أَرْفَقُ أَهْلِهِ بِهِ إغْمَاضَهُ بِأَسْهَلَ مِمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيُشَدُّ لَحْيَاهُ بِعِصَابَةٍ عَرِيضَةٍ يَشُدُّهَا فِي لَحْيِهِ الْأَسْفَلِ وَيَرْبِطُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَيَقُولُ مُغَمِّضُهُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ يَسِّرْ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَسَهِّلْ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَأَسْعِدْهُ بِلِقَائِكَ وَاجْعَلْ مَا خَرَجَ إلَيْهِ خَيْرًا مِمَّا خَرَجَ عَنْهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ وَيَرُدُّ ذِرَاعَيْهِ إلَى عَضُدَيْهِ ثُمَّ يَمُدُّهُمَا وَيَرُدُّ أَصَابِعَ يَدَيْهِ إلَى كَفَّيْهِ ثُمَّ يَمُدُّهَا وَيَرُدُّ فَخِذَيْهِ إلَى بَطْنِهِ وَسَاقَيْهِ إلَى فَخِذَيْهِ ثُمَّ يَمُدُّهَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْزِعَ عَنْهُ ثِيَابَهُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَيُسَجَّى جَمِيعُ بَدَنِهِ بِثَوْبٍ وَيُتْرَكُ عَلَى شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ مِنْ لَوْحٍ أَوْ سَرِيرٍ؛ لِئَلَّا يُصِيبَهُ نَدَاوَةُ الْأَرْضِ فَيَتَغَيَّرُ رِيحُهُ وَيُجْعَلُ عَلَى بَطْنِهِ حَدِيدَةٌ أَوْ طِينٌ رَطْبٌ؛ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْلَمَ جِيرَانُهُ وَأَصْدِقَاؤُهُ حَتَّى يُؤَدُّوا حَقَّهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ النِّدَاءَ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ يُسَارَعَ إلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ وَإِبْرَائِهٍ مِنْهُ وَيُبَادَرُ إلَى تَجْهِيزِهِ وَلَا يُؤَخَّرُ فَإِنْ مَاتَ فَجْأَةً تُرِكَ حَتَّى يُتَيَقَّنَ بِمَوْتِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَيُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَهُ حَتَّى يُغَسَّلَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. امْرَأَةٌ مَاتَتْ وَالْوَلَدُ يَضْطَرِبُ فِي بَطْنِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُشَقُّ بَطْنُهَا وَيُخْرَجُ الْوَلَدُ لَا يَسَعُ إلَّا ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الفصل الثاني في غسل الميت

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ] الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْغُسْلِ) غُسْلُ الْمَيِّتِ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى الْأَحْيَاءِ بِالسُّنَّةِ وَاجِمَاعِ الْأُمَّةِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَلَكِنْ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَالْوَاجِبُ هُوَ الْغُسْلُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالتَّكْرَارُ سُنَّةٌ حَتَّى لَوْ اكْتَفَى بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ غَمْسَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَاءٍ جَارٍ جَازَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَيُجَرَّدُ الْمَيِّتُ إذَا أُرِيدُ غُسْلُهُ وَهَذَا مَذْهَبُنَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَيُوضَعُ عَلَى سَرِيرٍ مُجْمَرٍ وِتْرًا قَبْلَ وَضْعِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ تُدَارَ الْمِجْمَرَةُ حَوَالَيْ السَّرِيرِ إمَّا مَرَّةً أَوْ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْعَيْنِيِّ شَرْح الْكَنْزِ. وَكَيْفِيَّةُ الْوَضْعِ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا الْوَضْعُ طُولًا كَمَا فِي حَالَةِ الْمَرَضِ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ بِإِيمَاءٍ وَمِنْهُمْ مَنْ اخْتَارَ الْوَضْعَ كَمَا يُوضَعُ فِي الْقَبْرِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوضَعُ كَمَا تَيَسَّرَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْتَرَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ الْمَيِّتُ فَلَا يَرَاهُ إلَّا غَاسِلُهُ أَوْ مَنْ يُعِينُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَتُسْتَرُ عَوْرَتُهُ بِخِرْقَةٍ مِنْ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنْ يُسْتَرَ عَوْرَتُهُ الْغَلِيظَةُ دُونَ الْفَخِذَيْنِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَيُسْتَنْجَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَصُورَةُ اسْتِنْجَائِهِ أَنْ يَلُفَّ الْغَاسِلُ عَلَى يَدَيْهِ خِرْقَةً وَيَغْسِلَ السَّوْأَةَ؛ لِأَنَّ مَسَّ الْعَوْرَةِ حَرَامٌ كَالنَّظَرِ إلَيْهَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى فَخِذِ الرَّجُلِ عِنْدَ الْغُسْلِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ لَا تَنْظُرُ إلَى فَخِذِ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. ثُمَّ يُوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ إلَّا إذَا كَانَ صَغِيرًا لَا يُصَلِّي فَلَا يُوَضَّأُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَيَبْدَأُ بِغَسْلِ وَجْهِهِ لَا بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَبْدَأُ بِالْمَيَامِنِ اعْتِبَارًا بِمَا لَوْ اغْتَسَلَ فِي حَيَاتِهِ وَلَا يُمَضْمِضُ وَلَا يَسْتَنْشِقُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ يَجْعَلُ الْغَاسِلُ عَلَى أُصْبُعِهِ خِرْقَةً رَقِيقَةً وَيُدْخِلُ الْأُصْبُعَ فِي فَمِهِ وَيَمْسَحُ بِهَا أَسْنَانَهُ وَشَفَتَيْهِ وَلَهَاتَهُ وَلِثَتَهُ وَيُنَقِّيهَا وَيُدْخِلُ فِي مَنْخِرَيْهِ أَيْضًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَسْحِ رَأْسِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَلَا يُؤَخِّرُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْغُسْلُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ أَفْضَلُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَيُغْلَى الْمَاءُ بِالسِّدْرِ أَوْ بِالْحُرْضِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْمَاءُ الْقَرَاحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيُغَسِّلُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبِالصَّابُونِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَهُ هَذَا إذَا كَانَ فِي رَأْسِهِ شَعْرٌ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْحَيَاةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَيَكْفِيهِ الْمَاءُ الْقَرَاحُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. ثُمَّ يُضْجَعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيُغَسِّلُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ حَتَّى يَرَى أَنَّ الْمَاءَ قَدْ وَصَلَ إلَى مَا يَلِي التَّخْتَ مِنْهُ ثُمَّ يُضْجَعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَيُغَسِّلُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ حَتَّى يَرَى أَنَّ الْمَاءَ قَدْ وَصَلَ إلَى مَا يَلِي التَّخْتَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ هِيَ الْبُدَاءَةُ بِالْمَيَامِنِ ثُمَّ يُجْلِسُهُ وَيَسْنُدُهُ إلَيْهِ وَيَمْسَحُ بَطْنَهُ مَسْحًا رَفِيقًا تَحَرُّزًا عَنْ تَلْوِيثِ الْكَفَنِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ غَسَلَهُ وَلَا يُعِيدُ غَسْلَهُ وَلَا وُضُوءَهُ ثُمَّ يُنَشِّفُهُ بِثَوْبٍ كَيْ لَا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ. وَلَا يُسَرَّحُ شَعْرُ الْمَيِّتِ وَلَا لِحْيَتُهُ وَلَا يُقَصُّ ظُفْرُهُ وَلَا شَعْرُهُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُقَصُّ شَارِبُهُ وَلَا يُنْتَفُ إبِطُهُ وَلَا يُحْلَقُ شَعْرُ عَانَتِهِ وَيُدْفَنُ بِجَمِيعِ مَا كَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ كَانَ ظُفْرُهُ مُنْكَسِرًا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَجْعَلَ الْقُطْنَ عَلَى وَجْهِهِ وَأَنْ يُحَشِّيَ بِهِ مَخَارِقَهُ كَالدُّبُرِ وَالْقُبُلِ وَالْأُذُنَيْنِ وَالْفَمِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الْمَيِّتُ إذَا وُجِدَ فِي الْمَاءِ لَا بُدَّ مِنْ غُسْلِهِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِالْغُسْلِ تَوَجَّهَ عَلَى بَنِي آدَمَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ بَنِي آدَمَ فِعْلٌ إلَّا أَنْ يُحَرِّكَهُ فِي الْمَاءِ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَهَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مُتَفَسِّخًا يَتَعَذَّرُ مَسْحُهُ كَفَى صَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ وَحُكْمُ الْمَرْأَةِ فِي الْغُسْلِ كَحُكْمِ الرَّجُلِ وَلَا يُرْسَلُ شَعْرُهَا عَلَى ظَهْرِهَا

كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَمَنْ اسْتَهَلَّ بَعْدَ الْوِلَادَةِ سُمِّيَ وَغُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ أُدْرِجَ فِي خِرْقَةٍ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَيُغَسَّلُ فِي غَيْرِ الظَّاهِرِ مِنْ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالِاسْتِهْلَالُ مَا يُعْرَفُ بِهِ حَيَاةُ الْوَلَدِ مِنْ صَوْتٍ أَوْ حَرَكَةٍ وَلَوْ شَهِدَتْ الْقَابِلَةُ أَوْ الْأُمُّ عَلَى اسْتِهْلَالِ الْوَلَدِ فَإِنَّ قَوْلَهُمَا مَقْبُولٌ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. السِّقْطُ الَّذِي لَمْ تَتِمَّ أَعْضَاؤُهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَالْمُخْتَارُ أَنْ يُغَسَّلَ وَيُدْفَنَ مَلْفُوفًا فِي خِرْقَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وُجِدَ أَكْثَرُ الْبَدَنِ أَوْ نِصْفُهُ مَعَ الرَّأْسِ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَإِذَا صُلِّيَ عَلَى الْأَكْثَرِ لَمْ يُصَلَّ عَلَى الْبَاقِي إذَا وُجِدَ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَإِنْ وُجِدَ نِصْفُهُ مِنْ غَيْرِ الرَّأْسِ أَوْ وُجِدَ نِصْفُهُ مَشْقُوقًا طُولًا فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ وَيُدْفَنُ فِيهَا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَمَنْ لَا يُدْرَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سِيمَا الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي بِقَاعِ دَارِ الْإِسْلَامِ يُغَسَّلُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ إذَا اخْتَلَطُوا بِمَوْتَى الْكُفَّارِ أَوْ قَتْلَى الْمُسْلِمِينَ بِقَتْلَى الْكُفَّارِ إنْ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَامَةٌ يُعْرَفُونَ بِهَا يُمَيَّزُ بَيْنَهُمْ وَعَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ الْخِتَانُ وَالْخِضَابُ وَلُبْسُ السُّودِ فَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَامَةٌ إنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْمُسْلِمِينَ يُصَلَّى عَلَى الْكُلِّ وَيُنْوَى بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ وَيُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى الْكُلِّ وَلَكِنْ يُغَسَّلُونَ وَيُكَفَّنُونَ وَلَكِنْ عَلَى وَجْهِ غُسْلِ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ وَتَكْفِينِهِمْ وَيُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ وَإِنْ كَانَا سَوَاءً فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي دَفْنِهِمْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُتَّخَذُ لَهُمْ مَقْبَرَةٌ عَلَى حِدَةٍ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ سُبِيَ صَبِيٌّ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ مَاتَ لَا يُغَسَّلُ حَتَّى يُقِرَّ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ يَعْقِلُ أَوْ يُسْلِمَ أَحَدُهُمَا وَفِي الْأَجْدَادِ اخْتِلَافٌ وَإِنْ سُبِيَ وَحْدَهُ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَوْ مَاتَ الرَّجُلُ فِي السَّفِينَةِ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُثَقَّلُ وَيُرْمَى فِي الْبَحْرِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَمَنْ قُتِلَ لِبَغْيٍ وَقَطْعِ طَرِيقٍ لَا يُغَسَّلَانِ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمَا وَقِيلَ: هَذَا إذَا قُتِلَا فِي حَالَةِ الْمُحَارَبَةِ قَبْلَ أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا أَمَّا إذَا قُتِلَا بَعْدَ ثُبُوتِ يَدِ الْإِمَامِ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُمَا يُغَسَّلَانِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمَا، وَهَذَا حَسَنٌ أَخَذَ بِهِ الْكِبَارُ مِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَمَنْ يَقْتُلُ النَّاسَ خَنْقًا لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَمَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - جَعَلُوا حُكْمَ الْمَقْتُولِينَ بِالْعَصَبِيَّةِ حُكْمَ أَهْلِ الْبَغْي عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَالْمُكَابِرُونَ فِي الْمِصْرِ بِالسِّلَاحِ بِاللَّيْلِ بِمَنْزِلَةِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ غَاسِلُ الْمَيِّتِ عَلَى الطَّهَارَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَوْ كَانَ الْغَاسِلُ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا أَوْ كَافِرًا جَازَ وَيُكْرَهُ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَلَوْ كَانَ مُحْدِثًا لَا يُكْرَهُ اتِّفَاقًا هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْغَاسِلِ أَنْ يَكُونَ أَقْرَبَ النَّاسِ إلَى الْمَيِّتِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْغُسْلَ فَأَهْلُ الْأَمَانَةِ وَالْوَرَعِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ ثِقَةً يَسْتَوْفِي الْغُسْلَ وَيَكْتُمُ مَا يَرَى مِنْ قَبِيحٍ وَيُظْهِرُ مَا يَرَى مِنْ جَمِيلٍ فَإِنْ رَأَى مَا يُعْجِبُهُ مِنْ تَهَلُّلِ وَجْهِهِ وَطِيبِ رَائِحَتِهِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ النَّاسَ وَإِنْ رَأَى مَا يُكْرَهُ مِنْ سَوَادِ وَجْهِهِ وَنَتْنِ رَائِحَتِهِ وَانْقِلَابِ صُورَتِهِ وَتَغَيُّرِ أَعْضَائِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ أَحَدًا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُبْتَدِعًا مُظْهِرًا لِبِدْعَتِهِ وَرَأَى الْغَاسِلُ مِنْهُ مَا يُكْرَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُحَدِّثَ بِهِ النَّاسَ لِيَكُونَ زَجْرًا لَهُمْ عَنْ الْبِدْعَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ الْغَاسِلِ مِجْمَرَةٌ فِيهَا بَخُورٌ؛ لِئَلَّا يَظْهَرَ مِنْ الْمَيِّتِ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ فَتَضْعُفُ نَفْسُ الْغَاسِلِ وَمَنْ يُعِينُهُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُغَسَّلَ الْمَيِّتُ مَجَّانًا وَإِنْ ابْتَغَى الْغَاسِلُ

الفصل الثالث في التكفين

الْأَجْرَ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ غَيْرُهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْأَجْرِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَيُغَسِّلُ الرِّجَالَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ النِّسَاءَ وَلَا يُغَسِّلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا لَا يُشْتَهَى جَازَ أَنْ يُغَسِّلَهُ النِّسَاءُ وَكَذَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى جَازَ لِلرِّجَالِ غُسْلُهَا وَالْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ فِي ذَلِكَ كَالْفَحْلِ وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُغَسِّلَ زَوْجَهَا إذَا لَمْ يَحْدُثْ بَعْدَ مَوْتِهِ مَا يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ مِنْ تَقْبِيلِ ابْنِ زَوْجِهَا أَوْ أَبِيهِ وَإِنْ حَدَثَ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَجُزْ لَهَا غُسْلُهُ وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُغَسِّلُهَا عِنْدَنَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ تُغَسِّلُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ مَاتَ فِي آخِرِ عِدَّتِهَا قَبْلَ الِانْقِضَاءِ ثُمَّ انْقَضَتْ بَعْدَ الْوَفَاةِ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُغَسِّلَهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لَوْ كَانَ حَيًّا بِالنِّكَاحِ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ، وَالْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ كَالْمُسْلِمَةِ فِي غُسْلِ زَوْجِهَا لَكِنَّهُ أَقْبَحُ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. إذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ مَحْرَمٌ يُيَمِّمُهَا بِالْيَدِ وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَبِخِرْقَةٍ عَلَى يَدِهِ وَيَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْ ذِرَاعَيْهَا وَكَذَا الرَّجُلُ فِي امْرَأَتِهِ إلَّا فِي غَضِّ الْبَصَرِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ مَاتَتْ أُمُّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرَتُهُ أَوْ مُكَاتَبَتُهُ أَوْ جَارِيَتُهُ لَا يُغَسِّلُهَا الْمَوْلَى وَكَذَا عَلَى الْعَكْسِ. وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ بَيْنَ النِّسَاءِ تُيَمِّمُهُ ذَاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ أَوْ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ بِغَيْرِ ثَوْبٍ وَغَيْرُهَا بِثَوْبٍ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَلَوْ مَاتَ الرَّجُلُ فِي السَّفَرِ وَمَعَهُ نِسَاءٌ وَرَجُلٌ كَافِرٌ فَإِنَّهُنَّ يُعَلِّمْنَهُ الْغُسْلَ وَيُخْلِينَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يُغَسِّلَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ رَجُلٌ وَكَانَتْ صَبِيَّةٌ صَغِيرَةٌ لَا تَشْتَهِي وَأَطَاقَتْ أَنْ تُغَسِّلَهُ عَلَّمْنَهَا الْغُسْلَ وَيُخْلِينَ بَيْنَهُمَا حَتَّى تُغَسِّلَهُ وَإِنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فِي السَّفَرِ وَمَعَهَا امْرَأَةٌ كَافِرَةٌ أَوْ صَبِيٌّ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ بِهَا كَمَا ذَكَرْنَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ الْمُرَاهِقُ لَا يُغَسِّلُ رَجُلًا وَلَا امْرَأَةً وَلَمْ يُغَسِّلْهَا رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ وَيُيَمِّمُ وَرَاءَ ثَوْبٍ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَإِنْ مَاتَ الْكَافِرُ وَلَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ يُغَسِّلُهُ وَيُكَفِّنُهُ وَيَدْفِنُهُ وَلَكِنْ يُغَسِّلُ غُسْلَ الثَّوْبِ النَّجِسِ وَيَلُفُّ فِي خِرْقَةٍ وَيَحْفِرُ حَفِيرَةً مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ سُنَّةِ التَّكْفِينِ وَاللَّحْدِ وَلَا يُوضَعُ فِيهِ بَلْ يُلْقَى، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ الْأَبُ الْكَافِرُ مِنْ الْقِيَامِ بِغُسْلِ ابْنِهِ الْمُسْلِمِ إذَا مَاتَ بَلْ يَفْعَلُهُ الْمُسْلِمُونَ، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ فِي فَصْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فِي السَّفَرِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَاءٌ طَاهِرٌ يُيَمَّمُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ مَاتَ وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً فَيَمَّمُوهُ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدُوا مَاءً غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ثَانِيًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي التَّكْفِينِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي التَّكْفِينِ) وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ كَفَنُ الرَّجُلِ سُنَّةً إزَارٌ وَقَمِيصٌ وَلِفَافَةٌ وَكِفَايَةً إزَارٌ وَلِفَافَةٌ وَضَرُورَةً مَا وُجِدَ، هَكَذَا فِي الْكَنْزِ. وَالْإِزَارُ مِنْ الْقَرْنِ إلَى الْقَدَمِ وَاللِّفَافَةُ كَذَلِكَ وَالْقَمِيصُ مِنْ أَصْلِ الْعُنُقِ إلَى الْقَدَمِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ بِلَا جَيْبٍ وَدِخْرِيصٍ وَكُمَّيْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَيْسَ فِي الْكَفَنِ عِمَامَةٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي الْفَتَاوَى اسْتَحْسَنَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ لِمَنْ كَانَ عَالِمًا وَيُجْعَلُ ذَنَبُهَا عَلَى وَجْهِهِ بِخِلَافِ حَالِ الْحَيَاةِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَكَفَنُ الْمَرْأَةِ سُنَّةً دِرْعٌ وَإِزَارٌ وَخِمَارٌ وَلِفَافَةٌ وَخِرْقَةٌ يُرْبَطُ بِهَا ثَدْيَاهَا وَكِفَايَةً إزَارٌ وَلِفَافَةٌ وَخِمَارٌ، هَكَذَا فِي الْكَنْزِ، وَعَرْضُ الْخِرْقَةِ مَا بَيْنَ الثَّدْيِ إلَى السُّرَّةِ، هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَالتَّبْيِينِ. وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْخِرْقَةُ مِنْ الثَّدْيَيْنِ إلَى الْفَخِذِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَوْبَيْنِ لَهَا وَكَذَا لِلرَّجُلِ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ إلَّا لِلضَّرُورَةِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَالصَّبِيُّ الْمُرَاهِقُ فِي التَّكْفِينِ كَالْبَالِغِ وَالْمُرَاهِقَةُ كَالْبَالِغَةِ وَأَدْنَى مَا يُكَفَّنُ بِهِ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَالصَّبِيَّةُ ثَوْبَانِ

كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْخُنْثَى يُكَفَّنُ كَمَا تُكَفَّنُ الْمَرْأَةُ احْتِيَاطًا وَيُجَنَّبُ الْحَرِيرُ وَالْمُعَصْفَرُ وَالْمُزَعْفَرُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَيُكَفَّنُ بِكَفَنٍ مِثْلِهِ وَهُوَ أَنْ يُنْظَرَ إلَى مِثْلِ ثِيَابِهِ فِي الْحَيَاةِ لِخُرُوجِ الْعِيدَيْنِ وَفِي الْمَرْأَةِ يُنْظَرُ إلَى مَا تَلْبَسُ إذَا خَرَجَتْ إلَى زِيَارَةِ أَبَوَيْهَا، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ، وَلَا بَأْسَ بِالْبُرُودِ وَالْكَتَّانِ وَالْقَصَبِ (1) وَفِي حَقِّ النِّسَاءِ بِالْحَرِيرِ وَالْإِبْرَيْسَمِ وَالْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ وَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ ذَلِكَ وَأَحَبُّ الْأَكْفَانِ الثِّيَابُ الْبِيضُ، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْخَلِقُ وَالْجَدِيدُ فِي التَّكْفِينِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَكُلُّ مَا يُبَاحُ لِلرِّجَالِ لُبْسُهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ يُبَاحُ تَكْفِينُهُ بَعْدَ الْوَفَاةِ وَمَا لَا يُبَاحُ لَهُ لُبْسُهُ حَالَ الْحَيَاةِ لَا يُبَاحُ تَكْفِينُهُ بَعْدَ الْوَفَاةِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَإِنْ كَانَ بِالْمَالِ كَثْرَةٌ وَبِالْوَرَثَةِ قِلَّةٌ فَكَفَنُ السُّنَّةِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَكَفَنُ الْكِفَايَةِ أَوْلَى، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْوَرَثَةُ فِي التَّكْفِينِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُكَفَّنُ فِي ثَوْبَيْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي ثَلَاثَةٍ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّهُ الْمَسْنُونُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَكَيْفِيَّةُ التَّكْفِينِ أَنْ يُبْسَطَ لِلرَّجُلِ اللِّفَافَةُ ثُمَّ يُبْسَطَ عَلَيْهَا إزَارٌ ثُمَّ يُوضَعَ الْمَيِّتُ عَلَى الْإِزَارِ وَيُقَمَّصَ وَيُوضَعَ الْحَنُوطُ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَسَائِرِ جَسَدِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَا بَأْسَ بِسَائِرِ الطِّيبِ غَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَيُوضَعُ الْكَافُورُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ وَيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَقَدَمَيْهِ ثُمَّ يُعْطَفُ الْإِزَارُ عَلَيْهِ قِبَلَ الْيَسَارِ ثُمَّ مِنْ قِبَلِ الْيَمِينِ ثُمَّ اللِّفَافَةُ كَذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ خِيفَ انْتِشَارُ الْكَفَنِ يُعْقَدُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَتُبْسَطُ لَهَا اللِّفَافَةُ وَالْإِزَارُ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا لِلرَّجُلِ ثُمَّ تُوضَعُ عَلَى الْإِزَارِ تُلْبَسُ الدِّرْعَ وَيُجْعَلُ شَعْرُهَا ضَفِيرَتَيْنِ عَلَى صَدْرِهَا فَوْقَ الدِّرْعِ ثُمَّ يُجْعَلُ الْخِمَارُ فَوْقَ ذَلِكَ ثُمَّ يُعْطَفُ الْإِزَارُ وَاللِّفَافَةُ كَمَا بَيَّنَّا فِي الرَّجُلِ ثُمَّ الْخِرْقَةُ بَعْدَ ذَلِكَ تُرْبَطُ فَوْقَ الْأَكْفَانِ فَوْقَ الثَّدْيَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَتُجْمَرُ الْأَكْفَانُ قَبْلَ أَنْ يُدْرَجَ الْمَيِّتُ فِيهَا وِتْرًا وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا وَلَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَجَمِيعُ مَا يُجْمَرُ فِيهِ الْمَيِّتُ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ لِإِزَالَةِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَعِنْدَ غُسْلِهِ وَعِنْدَ تَكْفِينِهِ وَلَا يُجْمَرُ خَلْفَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْمُحْرِمُ وَغَيْرُ الْمُحْرِمِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ يُطَيَّبُ وَيُغَطَّى وَجْهُهُ وَرَأْسُهُ وَتُجْمَرُ الْأَمَةُ كَمَا تُجْمَرُ الْحُرَّةُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْكَفَنُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَيُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِرْثِ إلَى قَدْرِ السُّنَّةِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِ مَالِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَالرَّهْنِ وَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَالْكَفَنُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ إلَّا الزَّوْجَ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ الْكَفَنُ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ تَرَكَتْ مَالًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا وَلَهُ امْرَأَةٌ مُوسِرَةٌ فَلَيْسَ عَلَيْهَا كَفَنُهُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فَكَفَنُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ تَكْفِينُهُ فَإِنْ عَجَزُوا سَأَلُوا النَّاسَ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ غُسِّلَ وَجُعِلَ عَلَيْهِ الْإِذْخِرُ وَدُفِنَ وَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ مَاتَ فِي مَسْجِدِ قَوْمٍ فَقَامَ أَحَدُهُمْ وَجَمَعَ الدَّرَاهِمَ فَفَضَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إنْ عَرَفَ صَاحِبَ الْفَضْلِ رَدَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ كَفَّنَ بِهِ مُحْتَاجًا آخَرَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى صَرْفِهِ إلَى الْكَفَنِ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ سُرِقَ كَفَنُهُ وَهُوَ طَرِيٌّ كُفِّنَ كَفَنًا ثَانِيًا مِنْ مَالِهِ فَإِنْ قُسِمَ فَعَلَى الْوَرَثَةِ دُونَ الْغُرَمَاءِ وَأَصْحَابِ الْوَصَايَا وَلَوْ لَمْ تَفْضُلْ التَّرِكَةُ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْغُرَمَاءُ دُيُونَهُمْ بُدِئَ بِالْكَفَنِ وَإِنْ قَبَضُوا لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُمْ شَيْءٌ وَإِنْ تَفَسَّخَ كَفَاهُ

الفصل الرابع في حمل الجنازة

ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَإِنْ أَكَلَهُ السَّبُعُ وَبَقِيَ الْكَفَنُ عَادَ إلَى التَّرِكَةِ وَلَوْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ قَرِيبُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَعُودُ إلَى الْمُكَفِّنِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ) سُنَّ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ أَرْبَعَةٌ مِنْ الرِّجَالِ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ إذَا حَمَلُوهُ عَلَى سَرِيرٍ أَخَذُوهُ بِقَوَائِمِهِ الْأَرْبَعِ، بِهِ وَرَدَتْ السُّنَّةُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. ثُمَّ إنَّ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ شَيْئَيْنِ نَفْسَ السُّنَّةِ وَكَمَالَهَا أَمَّا نَفْسُ السُّنَّةِ أَنْ تَأْخُذَ بِقَوَائِمِهَا الْأَرْبَعِ عَلَى طَرِيقِ التَّعَاقُبِ بِأَنْ تَحْمِلَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ عَشْرَ خُطُوَاتٍ وَهَذَا يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ الْجَمْعِ وَأَمَّا كَمَالُ السُّنَّةِ فَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا فِي وَاحِدٍ وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ الْحَامِلُ بِحَمْلِ يَمِينِ مُقَدَّمِ الْجِنَازَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فَيَحْمِلُهُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْمُؤَخَّرُ الْأَيْمَنُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْمُقَدَّمُ الْأَيْسَرُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ الْمُؤَخَّرُ الْأَيْسَرُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُكْرَهُ حَمْلُهَا بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ بِأَنْ يَحْمِلَهَا رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا مُقَدَّمُهَا وَالْآخَرُ مُؤَخَّرُهَا إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ مِثْلُ ضِيقِ الْمَكَانِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَ السَّرِيرَ بِيَدِهِ أَوْ يَضَعَ عَلَى الْمَنْكِبِ وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَضَعَ نِصْفَهُ عَلَى الْمَنْكِبِ وَنِصْفَهُ عَلَى أَصْلِ الْعُنُقِ، هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّ الصَّبِيَّ الرَّضِيعَ أَوْ الْفَطِيمَ أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا إذَا مَاتَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَهُ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَلَى يَدَيْهِ وَيَتَدَاوَلَهُ النَّاسُ بِالْحَمْلِ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى يَدَيْهِ وَهُوَ رَاكِبٌ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا يُحْمَلُ عَلَى الْجِنَازَةِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيُسْرَعُ بِالْمَيِّتِ وَقْتَ الْمَشْيِ بِلَا خَبَبٍ وَحَدُّهُ أَنْ يُسْرَعَ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَضْطَرِبُ الْمَيِّتُ عَلَى الْجِنَازَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الْأَفْضَلُ لِلْمُشَيِّعِ لِلْجِنَازَةِ الْمَشْيُ خَلْفَهَا وَيَجُوزُ أَمَامَهَا إلَّا أَنْ يَتَبَاعَدَ عَنْهَا أَوْ يَتَقَدَّمَ الْكُلُّ فَيُكْرَهُ وَلَا يَمْشِي عَنْ يَمِينِهَا وَلَا عَنْ شِمَالِهَا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي حَالَةِ الْمَشْيِ بِالْجِنَازَةِ يُقَدَّمُ الرَّأْسُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ أَفْضَلُ مِنْ النَّوَافِلِ إذَا كَانَ لِجِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ صَلَاحٍ مَشْهُورٍ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا بَأْسَ بِالرُّكُوبِ فِي الْجِنَازَةِ وَالْمَشْيُ أَفْضَلُ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْجِنَازَةَ رَاكِبًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُكْرَهُ النَّوْحُ وَالصِّيَاحُ وَشَقُّ الْجُيُوبِ فِي الْجِنَازَةِ وَمَنْزِلِ الْمَيِّتِ فَأَمَّا الْبُكَاءُ مِنْ غَيْرِ رَفْعِ الصَّوْتِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالصَّبْرُ أَفْضَلُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يُتْبَعُ بِنَارٍ فِي مِجْمَرَةٍ وَلَا شَمْعٍ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا يَنْبَغِي لِلنِّسَاءِ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْجِنَازَةِ وَإِذَا كَانَ مَعَ الْجِنَازَةِ نَائِحَةٌ أَوْ صَائِحَةٌ زُجِرَتْ فَإِنْ لَمْ تَنْزَجِرْ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمْشِيَ مَعَهَا؛ لِأَنَّ اتِّبَاعَ الْجِنَازَةِ سُنَّةٌ فَلَا يَتْرُكُهُ لِبِدْعَةٍ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَقُومُ لِلْجِنَازَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَشْهَدَهَا، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَكَذَا إذَا كَانَ الْقَوْمُ فِي الْمُصَلَّى وَجِيءَ بِجِنَازَةٍ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَقُومُونَ إذَا رَأَوْهَا قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ عَنْ الْأَعْنَاقِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَعَلَى مُتَّبِعِي الْجِنَازَةِ الصَّمْتُ وَيُكْرَهُ لَهُمْ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ يَذْكُرُهُ فِي نَفْسِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ عَلَى الْأَرْضِ عِنْدَ الْقَبْرِ فَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ عَنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَجْلِسَ مَا لَمْ يُسَوُّوا عَلَيْهِ التُّرَابَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا نَزَلُوا بِهِ لِلصَّلَاةِ يُوضَعُ عَرْضًا لِلْقِبْلَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى حَمْلِ الْجِنَازَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ] (الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ) الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ وَإِذَا تَرَكَ الْكُلُّ أَثِمُوا، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ تَتَأَدَّى بِأَدَاءِ الْإِمَامِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَشَرْطُهَا إسْلَامُ

الْمَيِّتِ وَطَهَارَتُهُ مَا دَامَ الْغُسْلُ مُمْكِنًا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ دُفِنَ قَبْلَ الْغُسْلِ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ إلَّا بِالنَّبْشِ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى قَبْرِهِ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ الْغُسْلِ ثُمَّ دُفِنَ تُعَادُ الصَّلَاةُ لِفَسَادِ الْأُولَى، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَطَهَارَةُ مَكَانِ الْمَيِّتِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيُصَلَّى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مَاتَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا إلَّا الْبُغَاةَ وَقُطَّاعَ الطَّرِيقِ وَمَنْ بِمِثْلِ حَالِهِمْ وَإِنْ مَاتَ حَالَ وِلَادَتِهِ فَإِنْ كَانَ خَرَجَ أَكْثَرُهُ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَقَلُّهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَإِنْ خَرَجَ نِصْفُهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى نِصْفِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالصَّبِيُّ إذَا وَقَعَ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْجُنْدِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَحْدَهُ وَمَاتَ هُنَاكَ صُلِّيَ عَلَيْهِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْيَدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَنْ يَقْتُلُ عَلَى مَتَاعٍ يَأْخُذُهُ، هَكَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَمَنْ قَتَلَ أَحَدَ أَبَوَيْهِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إهَانَةً لَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ خَطَأً بِأَنْ نَاوَلَ رَجُلًا مِنْ الْعَدُوِّ لِيَضْرِبَهُ بِالسَّيْفِ فَأَخْطَأَ وَأَصَابَ نَفْسَهُ وَمَاتَ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ عَمْدًا يُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَنْ قُتِلَ بِحَقٍّ بِسِلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْقَوَدِ وَالرَّجْمِ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُصْنَعُ بِهِ مَا يُصْنَعُ بِالْمَوْتَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَلَّذِي صَلَبَهُ الْإِمَامُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ رَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَوْلَى النَّاسِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ إنْ حَضَرَ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَالْقَاضِي ثُمَّ إمَامُ الْحَيِّ ثُمَّ الْوَالِي، هَكَذَا فِي أَكْثَرِ الْمُتُونِ. ذَكَرَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَهُوَ الْخَلِيفَةُ أَوْلَى إنْ حَضَرَ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَإِمَامُ الْمِصْرِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَالْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَصَاحِبُ الشُّرَطِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَإِمَامُ الْحَيِّ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَالْأَقْرَبُ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالْعِنَايَةِ. وَالْأَوْلِيَاءُ عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَّا الْأَبَ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الِابْنِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ قِيلَ: هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا الِابْنُ أَوْلَى، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قَوْلُ الْكُلِّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَهَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا حَقَّ لِلنِّسَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا لِلصِّغَارِ وَلِلْأَقْرَبِ أَنْ يُقَدِّمَ عَلَى الْأَبْعَدِ مَنْ شَاءَ فَإِنْ غَابَ الْأَقْرَبُ فِي مَكَان تَفُوتُ الصَّلَاةُ بِحُضُورِهِ فَالْأَبْعَدُ أَوْلَى فَإِنْ قَدَّمَ الْغَائِبُ غَيْرَهُ بِكِتَابٍ كَانَ لِلْأَبْعَدِ أَنْ يَمْنَعَهُ، وَالْمَرِيضُ فِي الْمِصْرِ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ يُقَدِّمُ مَنْ شَاءَ وَلَيْسَ لِلْأَبْعَدِ أَنْ يَمْنَعَهُ فَإِنْ تَسَاوَى وَلِيَّانِ فِي دَرَجَةٍ فَأَكْبَرُهُمْ سِنًّا أَوْلَى وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُقَدِّمَ غَيْرَ شَرِيكِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنْ قَدَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلًا كَانَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْأَكْبَرُ أَوْلَى، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَفِي الْكُبْرَى الْمَيِّتُ إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فُلَانٌ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. عَبْدٌ مَاتَ وَاخْتَصَمَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ الْمَوْلَى وَأَبُو الْعَبْدِ أَوْ ابْنُهُ وَهُمَا حُرَّانِ فَالْمَوْلَى أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَا وِلَايَةَ لِلزَّوْجِ عِنْدَنَا لِانْقِطَاعِ الْوَصْلَةِ بِالْمَوْتِ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلِيٌّ فَالزَّوْجُ أَوْلَى ثُمَّ الْجِيرَانُ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَلَهَا زَوْجٌ وَابْنٌ عَاقِلٌ بَالِغٌ مِنْهُ فَالْوِلَايَةُ لِلِابْنِ دُونَ الزَّوْجِ لَكِنْ يُكْرَهُ لِلِابْنِ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَاهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَهُ فَإِنْ كَانَ لَهَا ابْنُ زَوْجٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَتَعْظِيمُ زَوْجِ أُمِّهِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَيِّتٍ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَالتَّنَفُّلُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ، وَلَا يُعِيدُ الْوَلِيُّ إنْ صَلَّى الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَوْ السُّلْطَانُ أَوْ الْوَالِي أَوْ الْقَاضِي أَوْ إمَامُ الْحَيِّ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ

أَوْلَى مِنْهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ لَهُ أَنْ يُعِيدَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْوَلِيُّ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ وَلَوْ أَرَادَ السُّلْطَانُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهِ الْوَلِيُّ وَلِلْمَيِّتِ أَوْلِيَاءُ أُخَرُ بِمَنْزِلَتِهِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُعِيدُوا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، فَإِنْ صَلَّى غَيْرُ الْوَلِيِّ أَوْ السُّلْطَانِ أَعَادَ الْوَلِيُّ إنْ شَاءَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ صَلَّى صَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَالْوَلِيُّ خَلْفَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ إنْ تَابَعَهُ فَصَلَّى مَعَهُ جَازَ وَلَا يُعِيدُ الْوَلِيُّ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَى غَيْرِ الطَّهَارَةِ وَتُعَادُ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَى طَهَارَةٍ وَالْقَوْمُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ صَحَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا صَلَّى الْمَرِيضُ عَلَى جِنَازَةٍ قَاعِدًا وَهُوَ وَلِيُّهَا وَالْقَوْمُ خَلْفَهُ قِيَامٌ جَازَ رَجُلٌ مَاتَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ ثُمَّ جَاءَ أَهْلُهُ فَحَمَلُوهُ إلَى مَنْزِلِهِ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ أَوْ الْقَاضِي لَا تُعَادُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَضَرَتْ وَقْتَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ جِنَازَةٌ تُقَدَّمُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَلَى سُنَّةِ الْمَغْرِبِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ رَاكِبًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكُلُّ مَا يُعْتَبَرُ شَرْطًا لِصِحَّةِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ مِنْ الطَّهَارَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَالْحُكْمِيَّةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالنِّيَّةِ يُعْتَبَرُ شَرْطًا لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَالْإِمَامُ وَالْقَوْمُ يَنْوُونَ وَيَقُولُونَ نَوَيْتُ أَدَاءَ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ عِبَادَةً لِلَّهِ تَعَالَى مُتَوَجِّهًا إلَى الْكَعْبَةِ مُقْتَدِيًا بِالْإِمَامِ وَلَوْ تَفَكَّرَ الْإِمَامُ بِالْقَلْبِ أَنَّهُ يُؤَدِّي صَلَاةَ الْجِنَازَةِ يَصِحُّ وَلَوْ قَالَ الْمُقْتَدِي: اقْتَدَيْتُ بِالْإِمَامِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَمِنْ الشُّرُوطِ حُضُورُ الْمَيِّتِ وَوَضْعُهُ وَكَوْنُهُ أَمَامَ الْمُصَلِّي فَلَا تَصِحُّ عَلَى غَائِبٍ وَلَا عَلَى مَحْمُولٍ عَلَى دَابَّةٍ وَلَا عَلَى مَوْضُوعٍ خَلْفَهُ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَتَفْسُدُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ بِمَا تَفْسُدُ بِهِ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ إلَّا مُحَاذَاةَ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. إذَا كَانَ الْقَوْمُ سَبْعَةً قَامُوا ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ يَتَقَدَّمُ وَاحِدٌ وَثَلَاثَةٌ بَعْدَهُ وَاثْنَانِ بَعْدَهُمْ وَوَاحِدٌ بَعْدَهُمَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. يَقُومُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِحِذَاءِ الصَّدْرِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَوَاقِفَ الْإِمَامِ مِنْ الْمَيِّتِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَإِنْ وَقَفَ فِي غَيْرِهِ جَازَ. وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ وَلَوْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْهَا لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ، هَكَذَا فِي الْكَافِي. فَيُكَبِّرُ لِلِافْتِتَاحِ وَيَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ إلَخْ، ثُمَّ يُكَبِّرُ أُخْرَى وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُكَبِّرُ أُخْرَى وَيَدْعُو لِلْمَيِّتِ وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ فِيهَا دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ» فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا ذُخْرًا وَأَجْرًا اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا شَافِعًا وَمُشَفِّعًا هَذَا إذَا كَانَ يُحْسِنُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ يَأْتِي بِأَيِّ دُعَاءٍ شَاءَ ثُمَّ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ وَلَيْسَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ قَبْلَ السَّلَامِ دُعَاءٌ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، هَكَذَا فِي الْكَافِي وَيُخَافِتُ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي التَّكْبِيرَاتِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنَ وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ قَرَأَهَا بِنِيَّةِ الْقِرَاءَةِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الدُّعَاءِ دُونَ الْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَّا فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ، وَالْإِمَامُ وَالْقَوْمُ فِيهِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يَنْوِي الْمَيِّتَ فِي التَّسْلِيمَتَيْنِ بَلْ يَنْوِي بِالْأُولَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَبِالثَّانِيَةِ مَنْ عَنْ شِمَالِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا فَالْمُقْتَدِي لَا يُتَابِعُ ثُمَّ مَاذَا يَصْنَعُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَمْكُثُ حَتَّى يُسَلِّمَ مَعَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا جَاءَ رَجُلٌ وَقَدْ كَبَّرَ الْإِمَامُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى وَلَمْ يَكُنْ حَاضِرًا انْتَظَرَهُ حَتَّى يُكَبِّرَ الثَّانِيَةَ وَيُكَبِّرَ مَعَهُ فَإِذَا

الفصل السادس في القبر والدفن والنقل من مكان إلى آخر

فَرَغَ الْإِمَامُ كَبَّرَ الْمَسْبُوقُ التَّكْبِيرَةَ الَّتِي فَاتَتْهُ قَبْلَ أَنْ تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا إنْ جَاءَ وَقَدْ كَبَّرَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ وَقَدْ كَبَّرَ الْإِمَامُ أَرْبَعًا وَلَمْ يُسَلِّمْ لَا يَدْخُلُ مَعَهُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ مُتَتَابِعًا لِادِّعَاءٍ فِيهَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ رُفِعَتْ بِالْأَيْدِي وَلَمْ تُوضَعْ عَلَى الْأَكْتَافِ ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ فَتَغَافَلَ وَلَمْ يُكَبِّرْ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ كَانَ فِي النِّيَّةِ بَعْدُ فَأَخَّرَ التَّكْبِيرَ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ وَلَا يَنْتَظِرُ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ الثَّانِيَةَ فِي قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُسْتَعِدًّا جُعِلَ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَارِكِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَبَّرَ مَعَ الْإِمَامِ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى وَلَمْ يُكَبِّرْ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ يُكَبِّرُهُمَا ثُمَّ يُكَبِّرُ مَعَ الْإِمَامِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ نَاسِيًا كَبَّرَ الرَّابِعَةَ وَيُسَلِّمُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الْجَنَائِزُ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ إنْ شَاءَ صَلَّى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ وَإِنْ شَاءَ صَلَّى عَلَى الْكُلِّ دُفْعَةً بِالنِّيَّةِ عَلَى الْجَمِيعِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَهُوَ فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِهِمْ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ وَضَعَهُمْ بِالطُّولِ سَطْرًا وَاحِدًا وَيَقِفُ عِنْدَ أَفْضَلِهِمْ وَإِنْ شَاءَ وَضَعَهُمْ وَاحِدًا وَرَاءَ وَاحِدٍ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَتَرْتِيبُهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِمَامِ كَتَرْتِيبِهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَلْفَهُ حَالَةَ الْحَيَاةِ فَيُقَرَّبُ مِنْهُ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ فَيُصَفُّ الرِّجَالُ إلَى جِهَةِ الْإِمَامِ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْخَنَاثَى ثُمَّ النِّسَاءُ ثُمَّ الْمُرَاهِقَاتُ وَلَوْ كَانَ الْكُلُّ رِجَالًا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُوضَعُ أَفْضَلُهُمْ وَأَسَنُّهُمْ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَلَوْ اجْتَمَعَ حُرٌّ وَعَبْدٌ فَالْمَشْهُورُ تَقْدِيمُ الْحُرِّ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ عَلَى جِنَازَةٍ فَجِيءَ بِأُخْرَى مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ عَلَى الْأُولَى فَإِذَا فَرَغَ اسْتَأْنَفَ عَلَى الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ لَمَّا وَضَعُوا كَبَّرَ التَّكْبِيرَةَ الْأُخْرَى يَنْوِيهِمَا فَهِيَ لِلْأُولَى أَيْضًا وَلَا تَكُونُ لِلثَّانِيَةِ وَإِنْ كَبَّرَ الثَّانِيَةَ يَنْوِي الثَّانِيَةَ وَحْدَهَا فَهِيَ لِلثَّانِيَةِ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ الْأُولَى فَإِذَا فَرَغَ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى الْأُولَى، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَقَدَّمَ غَيْرَهُ جَازَ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ دُفِنَ الْمَيِّتُ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ بَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تَمَزَّقَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْجَبَّانَةِ وَالْأَمْكِنَةِ وَالدُّورِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مَكْرُوهَةٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ وَالْقَوْمُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالْقَوْمُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ الْإِمَامُ مَعَ بَعْضِ الْقَوْمِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالْقَوْمُ الْبَاقِي فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَيِّتُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ وَالْقَوْمُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا تُكْرَهُ بِعُذْرِ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ، هَكَذَا فِي الْكَافِي تُكْرَهُ فِي الشَّارِعِ وَأَرَاضِي النَّاسِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ أَمَّا الْمَسْجِدُ الَّذِي بُنِيَ لِأَجْلِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَلَا تُكْرَهُ فِيهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ مِنْ جِنَازَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَبَعْدَمَا صَلَّى لَا يَرْجِعُ إلَّا بِإِذْنِ أَهْلِ الْجِنَازَةِ قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَ الدَّفْنِ يَسَعُهُ الرُّجُوعُ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْقَبْرِ وَالدَّفْنِ وَالنَّقْلِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ] (الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْقَبْرِ وَالدَّفْنِ وَالنَّقْلِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ) دَفْنُ الْمَيِّتِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالسُّنَّةُ هُوَ اللَّحْدُ دُونَ الشَّقِّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَصِفَةُ اللَّحْدِ أَنْ يُحْفَرَ الْقَبْرُ بِتَمَامِهِ ثُمَّ يُحْفَرَ فِي جَانِبِ الْقِبْلَةِ مِنْهُ حَفِيرَةٌ فَيُوضَعَ فِيهِ الْمَيِّتُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَيُجْعَلُ ذَلِكَ كَالْبَيْتِ الْمُسَقَّفِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً فَلَا بَأْسَ بِالشَّقِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَصِفَةُ الشَّقِّ أَنْ

تُحْفَرَ حَفِيرَةٌ كَالنَّهْرِ وَسَطَ الْقَبْرِ وَيُبْنَى جَانِبَاهُ بِاللَّبِنِ أَوْ غَيْرِهِ وَيُوضَعَ الْمَيِّتُ فِيهِ وَيُسَقَّفَ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ عُمْقِ الْقَبْرِ إلَى صَدْرِ رَجُلٍ وَسَطِ الْقَامَةِ وَكُلَّمَا زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - طُولُ الْقَبْرِ عَلَى قَدْرِ طُولِ الْإِنْسَانِ وَعَرْضُهُ قَدْرَ نِصْفِ قَامَتِهِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ جَوَّزَ اتِّخَاذَ التَّابُوتِ فِي بِلَادِنَا لِرَخَاوَةِ الْأَرْضِ قَالَ: وَلَوْ اُتُّخِذَ تَابُوتٌ مِنْ حَدِيدٍ لَا بَأْسَ بِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُفْرَشَ فِيهِ التُّرَابُ وَيُطَيَّنَ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِمَّا يَلِي الْمَيِّتَ وَيُجْعَلُ اللَّبِنُ الْخَفِيفُ عَلَى يَمِينِ الْمَيِّتِ وَعَلَى يَسَارِهِ لِيَصِيرَ بِمَنْزِلَةِ اللَّحْدِ وَيُكْرَهُ الْآجُرُّ فِي اللَّحْدِ إذَا كَانَ يَلِي الْمَيِّتَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيُكْرَهُ الدَّفْنُ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي تُسَمَّى فَسَاقَى، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالشَّفْعُ كَالْوِتْرِ فِيمَنْ دَخَلَ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونُوا أَقْوِيَاءَ أُمَنَاءَ وَصُلَحَاءَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَذُو الرَّحِمِ الْمُحَرَّمُ أَوْلَى بِإِدْخَالِ الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَكَذَا ذُو الرَّحِمِ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا بَأْسَ لِلْأَجَانِبِ وَضْعُهَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ النِّسَاءِ الْقَبْرَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُدْخَلُ الْمَيِّتُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَذَلِكَ أَنْ يُوضَعَ فِي جَانِبِ الْقِبْلَةِ مِنْ الْقَبْرِ وَيُحْمَلُ الْمَيِّتُ مِنْهُ وَيُوضَعَ فِي اللَّحْدِ، فَيَكُونُ الْآخِذُ لَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَالَةَ الْأَخْذِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَيَقُولُ وَاضِعُهُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، كَذَا فِي الْمُتُونِ. وَيُوضَعُ فِي الْقَبْرِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَتُحَلُّ الْعُقْدَةُ وَيُسَوَّى اللَّبِنُ وَالْقَصَبُ لَا الْآجُرُّ وَالْخَشَبُ وَيُسَجَّى قَبْرُهَا لَا قَبْرُهُ وَيُهَالُ التُّرَابُ، كَذَا فِي الْمُتُونِ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُهِيلُوا بِأَيْدِيهِمْ أَوْ بِالْمَسَاحِي وَبِكُلِّ مَا أَمْكَنَ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُزَادَ عَلَى التُّرَابِ الَّذِي أُخْرِجَ مِنْ الْقَبْرِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ شَهِدَ دَفْنَ الْمَيِّتِ أَنْ يَحْثُوَ فِي قَبْرِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ التُّرَابِ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا وَيَكُونُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِ الْمَيِّتِ وَيَقُولُ فِي الْحَثْيَةِ الْأُولَى: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِي الثَّانِيَةِ: وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَفِي الثَّالِثَةِ: وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَا بَأْسَ بِالدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَلَكِنَّهُ بِالنَّهَارِ أَمْكَنُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُسْنَمُ الْقَبْرُ قَدْرَ الشِّبْرِ وَلَا يُرَبَّعُ وَلَا يُجَصَّصُ وَلَا بَأْسَ بِرَشِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ أَوْ يُقْعَدَ أَوْ يُنَامَ عَلَيْهِ أَوْ يُوطَأَ عَلَيْهِ أَوْ تُقْضَى حَاجَةُ الْإِنْسَانِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ يُعَلَّمَ بِعَلَامَةٍ مِنْ كِتَابَةٍ وَنَحْوِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا خَرِبَتْ الْقُبُورُ فَلَا بَأْسَ بِتَطْيِينِهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَمَنْ حَفَرَ قَبْرًا لِنَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَيُؤْجَرُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة رَجُلٌ حَفَرَ قَبْرًا فَأَرَادُوا دَفْنَ مَيِّتٍ آخَرَ فِيهِ إنْ كَانَتْ الْمَقْبَرَةُ وَاسِعَةً يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَتْ ضَيِّقَةً جَازَ وَلَكِنْ يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ صَاحِبُهُ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَالْأَفْضَلُ الدَّفْنُ فِي الْمَقْبَرَةِ الَّتِي فِيهَا قُبُورُ الصَّالِحِينَ وَيُسْتَحَبُّ إذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ أَنْ يَجْلِسُوا سَاعَةً عِنْدَ الْقَبْرِ بَعْدَ الْفَرَاغِ بِقَدْرِ مَا يُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقَسَّمُ لَحْمُهَا يَتْلُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ لِلْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْقُبُورِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُكْرَهُ وَمَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذُوا بِقَوْلِهِ وَهَلْ يَنْتَفِعُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَنْتَفِعُ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ مَسْجِدٌ أَوْ غَيْرُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَيُكْرَهُ عِنْدَ الْقَبْرِ مَا لَمْ يُعْهَدْ مِنْ السُّنَّةِ وَالْمَعْهُودُ مِنْهَا لَيْسَ إلَّا زِيَارَتُهُ وَالدُّعَاءُ عِنْدَهُ قَائِمًا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ فَيُوضَعُ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ ثُمَّ خَلْفَهُ الْغُلَامُ ثُمَّ خَلْفَهُ الْخُنْثَى ثُمَّ خَلْفَهُ الْمَرْأَةُ وَيُجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ مَيِّتَيْنِ حَاجِزٌ مِنْ التُّرَابِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ كَانَا رَجُلَيْنِ يُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ أَفْضَلُهُمَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ

مسائل في التعزية

وَكَذَا إذَا كَانَتَا امْرَأَتَيْنِ، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ بَلَى الْمَيِّتُ وَصَارَ تُرَابًا جَازَ دَفْنُ غَيْرِهِ فِي قَبْرِهِ وَزَرْعُهُ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُسْتَحَبُّ فِي الْقَتِيلِ وَالْمَيِّتِ دَفْنُهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي مَاتَ فِي مَقَابِرِ أُولَئِكَ الْقَوْمِ وَإِنْ نُقِلَ قَبْلَ الدَّفْنِ إلَى قَدْرِ مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَا لَوْ مَاتَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ فَإِنْ نُقِلَ إلَى مِصْرٍ آخَرَ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا يَنْبَغِي إخْرَاجُ الْمَيِّتِ مِنْ الْقَبْرِ بَعْدَ مَا دُفِنَ إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مَغْصُوبَةً أَوْ أُخِذَتْ بِشُفْعَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ الْمَيِّتِ وَإِنْ شَاءَ سَوَّى الْأَرْضَ وَزَرَعَ فِيهَا، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ. وَلَوْ وُضِعَ الْمَيِّتُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ أَوْ جُعِلَ رَأْسُهُ مَوْضِعَ رِجْلَيْهِ وَأُهِيلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ لَمْ يُنْبَشْ وَلَوْ سُوِّيَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ وَلَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابُ نُزِعَ اللَّبِنُ وَرُوعِيَ السُّنَّةُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْقَبْرِ مَتَاعٌ فَعُلِمَ بِذَلِكَ بَعْدَ مَا أَهَالُوا عَلَيْهِ التُّرَابَ يُنْبَشُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، قَالُوا وَلَوْ كَانَ الْمَالُ دِرْهَمًا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيُكْرَهُ قَطْعُ الْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ مِنْ الْمَقْبَرَةِ فَإِنْ كَانَ يَابِسًا لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمَشْيُ فِي الْمَقَابِرِ بِنَعْلَيْنِ لَا يُكْرَهُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [مَسَائِلُ فِي التَّعْزِيَةُ] (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) التَّعْزِيَةُ لِصَاحِبِ الْمُصِيبَةِ حَسَنٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ إذَا عَزَّى أَهْلَ الْمَيِّتِ مَرَّةً فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَزِّيَهُ مَرَّةً أُخْرَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَوَقْتُهَا مِنْ حِينِ يَمُوتُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَيُكْرَهُ بَعْدَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعَزِّي أَوْ الْمُعَزَّى إلَيْهِ غَائِبًا فَلَا بَأْسَ بِهَا وَهِيَ بَعْدَ الدَّفْنِ أَوْلَى مِنْهَا قَبْلَهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يُرَ مِنْهُمْ جَزَعٌ شَدِيدٌ فَإِنْ رُئِيَ ذَلِكَ قُدِّمَتْ التَّعْزِيَةُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعُمَّ بِالتَّعْزِيَةِ جَمِيعَ أَقَارِبِ الْمَيِّتِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ وَالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً شَابَّةً فَلَا يُعَزِّيهَا إلَّا مَحَارِمُهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ لِصَاحِبِ التَّعْزِيَةِ: غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَيِّتِكَ وَتَجَاوَزَ عَنْهُ وَتَغَمَّدَهُ بِرَحْمَتِهِ وَرَزَقَكَ الصَّبْرَ عَلَى مُصِيبَتِهِ وَآجَرَكَ عَلَى مَوْتِهِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. وَأَحْسَنُ ذَلِكَ تَعْزِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى» وَيُقَالُ فِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ وَفِي تَعْزِيَةِ الْكَافِرِ بِالْمُسْلِمِ أَحْسَنَ اللَّهُ عَزَاءَكَ وَغَفَرَ لِمَيِّتِكَ وَلَا يُقَالُ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ وَفِي تَعْزِيَةِ الْكَافِرِ بِالْكَافِرِ أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَلَا نَقَصَ عَدَدَكَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا بَأْسَ لِأَهْلِ الْمُصِيبَةِ أَنْ يَجْلِسُوا فِي الْبَيْتِ أَوْ فِي مَسْجِدٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالنَّاسُ يَأْتُونَهُمْ وَيُعَزُّونَهُمْ وَيُكْرَهُ الْجُلُوس عَلَى بَابِ الدَّارِ وَمَا يُصْنَعُ فِي بِلَادِ الْعَجَمِ مِنْ فَرْشِ الْبُسُطِ وَالْقِيَامِ عَلَى قَوَارِعِ الطُّرُقِ مِنْ أَقْبَحِ الْقَبَائِحِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَالْجُلُوسُ لِلْمُصِيبَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ رُخْصَةٌ وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَأَمَّا النَّوْحُ الْعَالِي فَلَا يَجُوزُ وَالْبُكَاءُ مَعَ رِقَّةِ الْقَلْبِ لَا بَأْسَ بِهِ وَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ تَسْوِيدُ الثِّيَابِ وَتَمْزِيقُهَا لِلتَّعْزِيَةِ وَلَا بَأْسَ بِالتَّسْوِيدِ لِلنِّسَاءِ وَأَمَّا تَسْوِيدُ الْخُدُودِ وَالْأَيْدِي وَشَقُّ الْجُيُوبِ وَخَدْشُ الْوُجُوهِ وَنَشْرُ الشُّعُورِ وَنَثْرُ التُّرَابِ عَلَى الرُّءُوسِ وَالضَّرْبُ عَلَى الْفَخِذِ وَالصَّدْرِ وَإِيقَادُ النَّارِ عَلَى الْقُبُورِ فَمِنْ رُسُومِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْبَاطِلِ وَالْغُرُورِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُتَّخَذَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَا يُبَاحُ اتِّخَاذُ الضِّيَافَةِ عِنْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الشَّهِيدِ] وَهُوَ فِي الشَّرْعِ مَنْ قَتَلَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ وَالْبَغْيِ وَقُطَّاعُ الطَّرِيقِ أَوْ وُجِدَ فِي مَعْرَكَةٍ وَبِهِ جُرْحٌ أَوْ يَخْرُجُ الدَّمُ مِنْ عَيْنَيْهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ جَوْفِهِ أَوْ بِهِ أَثَرُ الْحَرْقِ أَوْ وَطِئَتْهُ دَابَّةُ الْعَدُوِّ وَهُوَ رَاكِبُهَا أَوْ سَائِقُهَا أَوْ كَدَمَتْهُ أَوْ صَدَمَتْهُ بِيَدِهَا أَوْ بِرِجْلِهَا أَوْ نَفَرُوا دَابَّتَهُ بِضَرْبٍ أَوْ زَجْرٍ فَقَتَلَتْهُ أَوْ طَعَنُوهُ فَأَلْقَوْهُ فِي مَاءٍ

أَوْ نَارٍ أَوْ رَمَوْهُ مِنْ سُوَرٍ أَوْ أَسْقَطُوا عَلَيْهِ حَائِطًا أَوْ رَمَوْا نَارًا فِينَا أَوْ هَبَّتْ بِهَا رِيحٌ إلَيْنَا أَوْ جَعَلُوهَا فِي طَرَفِ خَشَبٍ رَأْسُهَا عِنْدَنَا أَوْ أَرْسَلُوا إلَيْنَا مَاءً فَاحْتَرَقَ أَوْ غَرِقَ مُسْلِمٌ أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ ظُلْمًا وَلَمْ تَجِبْ بِهِ دِيَةٌ كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا إنْ قَتَلَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَوْ الْمُسْتَأْمَنُونَ هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ بِصُلْحٍ أَوْ بِقَتْلِ الْأَبِ ابْنَهُ لَا تَسْقُطُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقِصَاصُ لَكِنَّهُ سَقَطَ بِالصُّلْحِ أَوْ الشُّبْهَةِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَمَنْ قُتِلَ مُدَافِعًا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِأَيِّ آلَةٍ قُتِلَ بِحَدِيدٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ خَشَبٍ فَهُوَ شَهِيدٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي سَفِينَةٍ فَرَمَاهُمْ الْعَدُوُّ بِالنَّارِ فَاحْتَرَقُوا مِنْ ذَلِكَ وَتَعَدَّى إلَى سَفِينَةٍ أُخْرَى فِيهَا الْمُسْلِمُونَ فَاحْتَرَقُوا كُلُّهُمْ شُهَدَاءُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَحُكْمُهُ أَنْ لَا يُغَسَّلَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيُدْفَنُ بِدَمِهِ وَثِيَابِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ كَانَ فِي ثَوْبِ الشَّهِيدِ نَجَاسَةٌ تُغْسَلُ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَيُنْزَعُ عَنْهُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْكَفَنِ نَحْوُ السِّلَاحِ وَالْجُلُودِ وَالْفَرْوِ وَالْحَشْوِ وَالْخُفِّ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالسَّرَاوِيلِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - السَّرَاوِيلَ إلَّا فِي السَّيْرِ وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ يَقُولُ الْأَشْبَهُ: أَنْ لَا يُنْزَعَ السَّرَاوِيلُ وَوَافَقَهُ فِي ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُزَادُ حَتَّى يَتِمَّ الْكَفَنُ وَيُنْقَصُ إنْ كَانَ زِيَادَةً عَلَى سُنَّةِ الْكَفَنِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَيُجْعَلُ الْحَنُوطُ لِلشَّهِيدِ كَمَا فِي الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيُغَسَّلُ إنْ قُتِلَ جُنُبًا أَوْ صَبِيًّا مَجْنُونًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا تُغَسَّلُ إنْ قُتِلَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ إنْ طَهُرَتَا وَتَمَّ الِانْقِطَاعُ فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ تُغَسَّلُ إنْ صَلُحَ الْمَرْئِيُّ حَيْضًا فِي الْأَصَحِّ، هَكَذَا فِي الْكَافِي. أَمَّا لَوْ رَأَتْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ قُتِلَتْ لَا تُغَسَّلُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَيُغَسَّلُ مَنْ اُرْتُثَّ وَهُوَ مَنْ صَارَ خَلْقًا فِي حُكْمِ الشَّهَادَةِ لِنَيْلِ مَرَافِقِ الْحَيَاةِ وَهُوَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ يَنَامَ أَوْ يُدَاوَى أَوْ يُنْقَلَ مِنْ الْمَعْرَكَةِ حَيًّا إلَّا إذَا حُمِلَ مِنْ مَصْرَعِهِ كَيْ لَا تَطَأَهُ الْخُيُولُ وَلَوْ آوَاهُ فُسْطَاطٌ أَوْ خَيْمَةٌ أَوْ بَقِيَ حَيًّا حَتَّى مَضَى وَقْتُ الصَّلَاةِ وَهُوَ يَعْقِلُ فَهُوَ مُرْتَثٌّ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَمِنْ الِارْتِثَاثِ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وُجِدَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَأَمَّا قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَلَا يَكُونُ مُرْتَثًّا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُغَسَّلُ إنْ أَوْصَى بِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ أَوْ قُتِلَ فِي الْمِصْرِ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ قُتِلَ بِحَدِيدَةٍ ظُلْمًا، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ، وَكَذَا لَوْ قَامَ مِنْ مَكَانِهِ أَوْ تَحَوَّلَ إلَى مَكَان آخَرَ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ انْفَلَتَتْ دَابَّةُ مُشْرِكٍ وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَوَطِئَتْ مُسْلِمًا أَوْ رَمَى مُسْلِمٌ إلَى الْمُشْرِكِينَ فَأَصَابَ مُسْلِمًا أَوْ نَفَرَتْ دَابَّةُ مُشْرِكٍ فَرَمَتْهُ أَوْ هَرَبَ الْمُسْلِمُونَ فَأَلْجَأَهُمْ الْكُفَّارُ إلَى نَارٍ أَوْ خَنْدَقٍ أَوْ جَعَلَ الْمُسْلِمُونَ الْحَسَكَ حَوْلَهُمْ فَمَشَوْا عَلَيْهَا وَمَاتُوا يُغَسَّلُونَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ عَثَرَتْ دَابَّةُ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْقِتَالِ فَرَمَتْ بِهِ فَقَتَلَتْهُ غُسِّلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ رَأَتْ دَوَابُّ الْمُسْلِمِينَ رَايَاتِ الْمُشْرِكِينَ فَنَفَرَتْ مِنْ ذَلِكَ دَابَّةٌ مِنْ غَيْرِ تَنْفِيرِ الْمُشْرِكِينَ وَرَمَتْ صَاحِبَهَا وَقَتَلَتْهُ غُسِّلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا لَوْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ تَحَصَّنُوا فِي مَدِينَةٍ فَصَعِدَ الْمُسْلِمُونَ بِسُوَرِهَا فَمَالَتْ رِجْلُ إنْسَانٍ مِنْهُمْ فَوَقَعَ وَمَاتَ غُسِّلَ عِنْدَهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ فَوَطِئَتْ دَابَّةُ مُسْلِمٍ مُسْلِمًا وَصَاحِبُهَا عَلَيْهَا أَوْ سَائِقٌ أَوْ قَائِدٌ غُسِّلَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ نَقَبُوا الْحَائِطَ فَوَقَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ نَقْبِهِمْ غُسِّلُوا لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ إذَا حَمَلَ عَلَى الْعَدُوِّ فَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ تَرَاءَى الْفَرِيقَانِ وَلَمْ يَتَقَاتَلَا غُسِّلَ مَنْ وُجِدَ مَيِّتًا حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ قُتِلَ بِحَدِيدَةٍ ظُلْمًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ وُجِدَ

الباب الثاني والعشرون في السجدات

فِي الْمَعْرَكَةِ وَلَمْ يَكُنْ بِهِ أَثَرُ الْقَتْلِ مِنْ جِرَاحَةٍ أَوْ خَنْقٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ خُرُوجِ دَمٍ لَمْ يَكُنْ شَهِيدًا وَكَذَا لَوْ خَرَجَ الدَّمُ مِنْ مَوْضِعٍ يَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ آفَةٍ فِي الْبَاطِنِ كَالْأَنْفِ وَالذَّكَرِ وَالدُّبُرِ وَكَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْ فَمِهِ نَازِلًا مِنْ رَأْسِهِ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ صَارَ مَقْتُولًا فِي قِتَالِ ثَلَاثٍ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ الْبُغَاةِ أَوْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ بِمَعْنَى مُضَافِ الْعَدُوِّ وَسَوَاءٌ كَانَ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ التَّسْبِيبِ كَانَ شَهِيدًا وَكُلُّ مَنْ صَارَ مَقْتُولًا بِمَعْنًى غَيْرِ مُضَافٍ إلَى الْعَدُوِّ لَا يَكُونُ شَهِيدًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي السَّجَدَاتِ] ِ مَسَائِلُهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أُصُولٍ (مِنْهَا) السَّجْدَةُ مَتَى أُدِّيَتْ فِي مَحِلِّهَا تَصِحُّ بِغَيْرِ النِّيَّةِ وَمَتَى فَاتَتْ عَنْ مَحِلِّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ ثُمَّ إنَّمَا تَصِيرُ فَائِتَةً عَنْ مَحِلِّهَا إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَحِلِّهَا رَكْعَةٌ تَامَّةٌ. (وَمِنْهَا) مَتَى وَقَعَ الشَّكُّ فِي تَرْكِ الرَّكْعَةِ أَوْ السَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهَا لِيَخْرُجَ عَمَّا عَلَيْهِ بِيَقِينٍ وَيُقَدِّمَ السَّجْدَةَ عَلَى الرَّكْعَةِ، وَلَوْ قَدَّمَ الرَّكْعَةَ عَلَيْهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. (وَمِنْهَا) أَنَّ مَا تَرَدَّدَ بِهِ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْبِدْعَةِ يَأْتِي بِهِ احْتِيَاطًا، وَمَا تَرَدَّدَ بِهِ بَيْنَ الْبِدْعَةِ وَالسُّنَّةِ يَتْرُكُ. (وَمِنْهَا) أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى الْمَتْرُوكَةِ مِنْ السَّجَدَاتِ وَإِلَى الْمُؤَدَّاةِ فَأَيُّهَا أَقَلُّ فَالْعِبْرَةُ لَهُ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْأَقَلِّ أَسْهَلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ فَتَذَكَّرَ فِي آخِرِهَا قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْهَا سَجْدَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهَا ثُمَّ يَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَغَالِبُ رَأْيِهِ ذَلِكَ يَنْوِي الْقَضَاءَ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مِنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ الثَّانِيَةِ لَا يَنْوِي الْقَضَاءَ، وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْهَا سَجْدَتَيْنِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَهُمَا مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهُمَا وَيَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ ثُمَّ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَهُمَا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَيْفَ تَرَكَهُمَا يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ يَنْوِي الْقَضَاءَ مِنْ الْأُولَى ثُمَّ يُصَلِّيَ رَكْعَةً، وَمَنْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّ السَّجْدَتَيْنِ تُضَمَّانِ إلَى الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ هَذَا فِي رِوَايَةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ تُضَمَّانِ إلَى الرُّكُوعِ الثَّانِي فَيَصِيرُ مُدْرِكًا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ مِنْ أَيِّهِمَا تَرَكَ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ أَوَّلًا وَيَتَشَهَّدُ، وَلَا يُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي رَكْعَةً وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْهَا ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَةً وَيُصَلِّي رَكْعَةً ثُمَّ يَتَشَهَّدُ، وَلَا يَنْوِي الْقَضَاءَ فِي السَّجْدَةِ، وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْهَا أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَيَضُمُّ إلَى الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ إلَى الرُّكُوعِ الثَّانِي وَيُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا صَلَّى صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَتَرَكَ مِنْهَا سَجْدَةً يَأْتِي بِالسَّجْدَةِ وَحْدَهَا وَيَنْوِي مَا عَلَيْهِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، وَإِنْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْهَا يُؤْمَرُ بِالْعَمَلِ بِالتَّحَرِّي إنْ لَمْ يَدْرِ أَنَّهُمَا مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يَأْخُذُ بِالِاحْتِيَاطِ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ يَنْوِي بِهِمَا جَمِيعًا مَا عَلَيْهِ أَوْ الْقَضَاءَ وَيَتَشَهَّدُ بَعْدَهُمَا ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، وَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ يُؤْمَرُ بِالتَّحَرِّي عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يَسْجُدُ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ وَيَجْلِسُ بَعْدَهَا جُلُوسًا مُسْتَحَقًّا لَوْ تَرَكَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ. وَإِنْ تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَلَمْ يَدْرِ كَيْفَ تَرَكَهُنَّ مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَيَجْلِسُ جِلْسَةً مُسْتَحَقَّةً ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّيَ رَكْعَةً وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُصَلَّى رَكْعَةً أُخْرَى وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، وَإِنْ تَرَكَ خَمْسَ

كتاب الزكاة وفيه ثمانية أبواب

سَجَدَاتٍ فَالْمُؤَدَّى سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ فَيُضِيفُ إلَيْهَا أُخْرَى فَتَمَّ لَهُ رَكْعَةٌ ثُمَّ يُصَلَّى رَكْعَةً وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُصَلَّى الثَّالِثَةَ وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ هَذَا إذَا نَوَى بِهَا عَنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ الْوَاحِدَةِ حَتَّى لَا تُلْتَحَقَ بِرُكُوعٍ آخَرَ بَعْدَ تِلْكَ الرَّكْعَةِ أَمَّا إذَا سَجَدَ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَنْوِ يَجِبُ أَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ وَحُكْمُ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ كَحُكْمِ ذَوَاتِ الِاثْنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ، وَلَوْ تَرَكَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَلَا يَدْرِي كَيْفَ تَرَكَ يَسْجُدُ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ وَيَجْلِسُ جِلْسَةً مُسْتَحَقَّةً، وَلَوْ تَرَكَهَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً وَيَقْعُدُ وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي أُخْرَى وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، وَإِنْ تَرَكَ خَمْسَ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ ثَلَاثًا، وَلَا يَقْعُدُ بَعْدَهَا وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَقْعُدُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ احْتِيَاطًا. وَإِنْ تَرَكَ سِتًّا سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ لَا يَقْعُدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقْعُدُ يُصَلِّي رَكْعَةً. وَإِنْ تَرَكَ سَبْعًا سَجَدَ سَجْدَةً وَصَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ قَالُوا: هَذَا إذَا نَوَى بِالسَّجْدَةِ الرَّكْعَةَ الَّتِي قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ، وَإِنْ سَجَدَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ سَاهِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ يَأْتِي بِسَجْدَتَيْنِ وَيَنْوِي بِإِحْدَاهُمَا مَا عَلَيْهِ حَتَّى تُلْتَحَقَ إحْدَاهُمَا بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَصَارَ مُصَلِّيًا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ إذَا صَلَّى ثَلَاثًا وَتَشَهَّدَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الثَّلَاثِ ثُمَّ صَلَّى الرَّابِعَةَ جَازَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ تَرَكَ ثَمَانِ سَجَدَاتٍ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَيُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ. وَلَوْ صَلَّى الْفَجْرَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ قَعَدَ وَتَرَكَ سَجْدَةً، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ تَرَكَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. وَلَوْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَفْسُدُ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ، وَلَوْ تَرَكَ أَرْبَعًا لَا تَفْسُدُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً. وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَتَرَكَ سَجْدَةً فَسَدَتْ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ فِي الْأَصَحِّ أَوْ تَرَكَ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا، وَلَوْ تَرَكَ سِتًّا لَمْ تَفْسُدْ وَهُوَ كَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَتَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ تَرَكَ سَبْعًا لَمْ تَفْسُدْ وَيَسْجُدُ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ تَرَكَ ثَمَانِ سَجَدَاتٍ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَيُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ تَرَكَ تِسْعَ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ سَجْدَةً ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً ثُمَّ يَقْعُدُ وَهَذِهِ الْقَعْدَةُ سُنَّةٌ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَقْعُدُ مُسْتَحَقًّا. وَإِنْ تَرَكَ مِنْهَا عَشْرَ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. . وَلَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَرْبَعًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَلَوْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ فِيهِ قَوْلَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا، وَلَوْ تَرَكَ خَمْسًا لَا تَفْسُدُ وَيَسْجُدُ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ وَيُصَلِّي رَكْعَةً، وَلَوْ تَرَكَ سِتًّا سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَمَا لَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [كِتَابُ الزَّكَاةِ وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الزَّكَاةِ وَصِفَتِهَا وَشَرَائِطِهَا] (كِتَابُ الزَّكَاةِ) (وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَصِفَتِهَا وَشَرَائِطِهَا) أَمَّا تَفْسِيرُهَا فَهِيَ تَمْلِيكُ الْمَالِ مِنْ فَقِيرٍ مُسْلِمٍ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ، وَلَا مَوْلَاهُ بِشَرْطِ قَطْعِ الْمَنْفَعَةِ عَنْ الْمُمَلِّكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِلَّهِ - تَعَالَى - هَذَا فِي الشَّرْعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَأَمَّا صِفَتُهَا فَهِيَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ يَكْفُرُ جَاحِدُهَا وَيُقْتَلُ مَانِعُهَا هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَتَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ حَتَّى يَأْثَمَ بِتَأْخِيرِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَفِي رِوَايَةِ الرَّازِيّ عَلَى التَّرَاخِي حَتَّى يَأْثَمَ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَأَمَّا شَرْطُ أَدَائِهَا فَنِيَّةٌ مُقَارِنَةٌ لِلْأَدَاءِ أَوْ لِعَزْلِ مَا وَجَبَ هَكَذَا فِي الْكَنْزِ فَإِذَا نَوَى أَنْ يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ، وَلَمْ يَعْزِلْ شَيْئًا فَجَعَلَ يَتَصَدَّقُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى آخِرِ السَّنَةِ، وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ لَمْ يُجْزِ عَنْ الزَّكَاةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ إذَا كَانَ فِي وَقْتِ التَّصَدُّقِ بِحَالٍ لَوْ سُئِلَ عَمَّا إذَا تُؤُدِّيَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُجِيبَ مِنْ غَيْرِ فِكْرَةٍ فَذَلِكَ يَكُونُ نِيَّةً مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ

مَا تَصَدَّقْت إلَى آخِرِ السَّنَةِ فَقَدْ نَوَيْت عَنْ الزَّكَاةِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا وَكَّلَ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ أَجْزَأَتْهُ النِّيَّةُ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ التَّوْكِيلِ وَنَوَى عِنْدَ دَفْعِ الْوَكِيلِ جَازَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ فِي الزَّكَاةِ دُونَ الْوَكِيلِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فَلَوْ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْفُقَرَاءِ فَدَفَعَ، وَلَمْ يَنْوِ عِنْدَ الدَّفْعِ جَازَ. وَلَوْ دَفَعَهَا إلَى الذِّمِّيِّ لِيَدْفَعَهَا إلَى الْفُقَرَاءِ جَازَ لِوُجُودِ النِّيَّةِ مِنْ الْآمِرِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ تَجَدَّدَ لِلْمُوَكِّلِ نِيَّةٌ أُخْرَى بَعْدَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ قَبْلَ دَفْعِ الْوَكِيلِ إلَى الْفَقِيرِ كَانَ عَمَّا نَوَى أَخِيرًا حَتَّى لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ فَلَمْ يَدْفَعْ الْمَأْمُورُ حَتَّى نَوَى الْآمِرُ أَنْ يَكُونَ عَنْ نَذْرِهِ وَقَعَتْ عَنْ ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ فَدَخَلَ وَهُوَ يَنْوِي عِنْدَ الدُّخُولِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ الزَّكَاةِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الزَّكَاةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدَ الْمُودَعِ فَدَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى صَاحِبِهَا وَهُوَ فَقِيرٌ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ يُرِيدُ بِهِ الزَّكَاةَ لَا يُجْزِيهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ. وَإِذَا دَفَعَ إلَى الْفَقِيرِ بِلَا نِيَّةٍ ثُمَّ نَوَاهُ عَنْ الزَّكَاةِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا فِي يَدِ الْفَقِيرِ أَجْزَأَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالزَّاهِدِيِّ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْعَيْنِيِّ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ أَدَّى زَكَاةَ غَيْرِهِ عَنْ مَالِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَأَجَازَهُ الْمَالِكُ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا فِي يَدِ الْفَقِيرِ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَمَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ نِصَابِهِ وَلَا يَنْوِي الزَّكَاةَ سَقَطَ فَرْضُهَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ النَّفَلَ أَوْ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ. وَلَوْ دَفَعَ جَمِيعَ النِّصَابِ إلَى الْفَقِيرِ يَنْوِي بِهِ عَنْ النَّذْرِ أَوْ وَاجِبٍ آخَرَ يَقَعُ عَمَّا نَوَى وَيَضْمَنُ قَدْرَ الْوَاجِبِ. وَلَوْ وَهَبَ بَعْضَ النِّصَابِ مِنْ الْفَقِيرِ يَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةُ الْمُؤَدِّي عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِثْلُهُ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى فَقِيرٍ فَأَبْرَأَهُ عَنْهُ سَقَطَ عَنْهُ زَكَاتُهُ نَوَى بِهِ عَنْ الزَّكَاةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ كَالْهَلَاكِ، وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَعْضِ سَقَطَ زَكَاةُ ذَلِكَ الْبَعْضِ لِمَا قُلْنَا وَزَكَاةُ الْبَاقِي لَا تَسْقُطُ، وَلَوْ نَوَى بِهِ إلَّا الْأَدَاءَ عَنْ الْبَاقِي كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ غَنِيًّا فَوَهَبَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ يَضْمَنُ قَدْرَ الزَّكَاةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَمَرَ فَقِيرًا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى آخَرَ وَنَوَاهُ عَنْ زَكَاةِ عَيْنٍ عِنْدَهُ جَازَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَوْ وَهَبَ دَيْنَهُ مِنْ فَقِيرٍ وَنَوَى زَكَاةَ دَيْنٍ آخَرَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَوْ نَوَى زَكَاةَ عَيْنٍ لَهُ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْكَافِي. وَأَدَاءُ الْعَيْنِ عَنْ الْعَيْنِ وَعَنْ الدَّيْنِ جَائِزٌ، وَأَدَاءُ الدَّيْنِ عَنْ الْعَيْنِ وَعَنْ دَيْنٍ يُقْبَضُ لَا يَجُوزُ، وَأَدَاءُ الدَّيْنَ عَنْ دَيْنٍ لَا يُقْبَضُ يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَدَاءَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ قَالُوا الْأَفْضَلُ الْإِعْلَانُ وَالْإِظْهَارُ، وَفِي التَّطَوُّعَاتِ الْأَفْضَلُ هُوَ الْإِخْفَاءُ وَالْإِسْرَارُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ أَعْطَى مِسْكِينًا دَرَاهِمَ وَسَمَّاهَا هِبَةً أَوْ قَرْضًا وَنَوَى الزَّكَاةَ فَإِنَّهَا تُجْزِيهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْمُبْتَغَى وَالْقُنْيَةِ (وَأَمَّا شُرُوطُ وُجُوبِهَا فَمِنْهَا) الْحُرِّيَّةُ حَتَّى لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ، وَكَذَا الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبُ، وَأَمَّا الْمُسْتَسْعَى فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَمِنْهَا الْإِسْلَامُ حَتَّى لَا تَجِبَ عَلَى الْكَافِرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ ثُمَّ الْإِسْلَامُ كَمَا هُوَ شَرْطُ الْوُجُوبِ شَرْطٌ لِبَقَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ وُجُوبِهَا سَقَطَتْ كَمَا فِي الْمَوْتِ فَلَوْ بَقِيَ عَلَى ارْتِدَادِهِ سِنِينَ فَبَعْدَ إسْلَامِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِتِلْكَ السِّنِينَ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قَالَ الصَّيْرَفِيُّ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَأَقَامَ سِنِينَ هُنَاكَ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ الْأَخْذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَتِهِ، وَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ حَتَّى يُفْتَى

بِالدَّفْعِ إنْ كَانَ عَلِمَ بِالْوُجُوبِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَيُفْتَى بِالدَّفْعِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَا يُفْتَى بِالدَّفْعِ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَ فِي دَارِنَا فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَمِنْهَا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ) فَلَيْسَ الزَّكَاةُ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ إذَا وُجِدَ مِنْهُ الْجُنُونُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ فَلَوْ أَفَاقَ فِي جُزْءٍ مِنْ السَّنَةِ بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ فِي أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ يَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ هَذَا فِي الْجُنُونِ الْعَارِضِيِّ بِأَنْ جُنَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَمَّا فِي الْأَصْلِيِّ بِأَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ الْإِفَاقَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَا الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ بُلُوغِهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَتَجِبُ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَوْعَبَ الْإِغْمَاءُ حَوْلًا كَامِلًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ (وَمِنْهَا كَوْنُ الْمَالِ نِصَابًا) فَلَا تَجِبُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ رَجُلٌ أَدَّى خَمْسَةً مِنْ الْمِائَتَيْنِ بَعْدَ الْحَوْلِ إلَى الْفَقِيرِ، أَوْ إلَى الْوَكِيلِ لِأَجْلِ الزَّكَاةِ ثُمَّ ظَهَرَ فِيهَا دِرْهَمٌ سَتُّوقَةٌ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْخَمْسَةُ زَكَاةً لِنُقْصَانِ النِّصَابِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْخَمْسَةَ مِنْ الْفَقِيرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْوَكِيلِ إنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهَا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمِنْهَا الْمِلْكُ التَّامُّ وَهُوَ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْمِلْكُ وَالْيَدُ وَأَمَّا إذَا وُجِدَ الْمِلْكُ دُونَ الْيَدِ كَالصَّدَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ وُجِدَ الْيَدُ دُونَ الْمِلْكِ كَمِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَالْمَدْيُونِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَأَمَّا الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقِيلَ لَا يَكُونُ نِصَابًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ نِصَابًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِي عَبْدِهِ الْمُعَدِّ لِلتِّجَارَةِ إذَا أَبَقَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ. وَلَا عَلَى الزَّوْجِ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَلْفٍ، وَلَمْ يُقْبِضْهَا سِنِينَ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَا عَلَى الرَّاهِنِ إذَا كَانَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِكَسْبِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَكَسْبُهُ لِمَوْلَاهُ وَعَلَى الْمَوْلَى زَكَاتُهُ إذَا تَمَّ الْحَوْلُ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْأَخْذِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْأَخْذِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَعَلَى ابْنِ السَّبِيلِ زَكَاةُ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَائِبِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَالِ التِّجَارَةِ. (وَمِنْهَا فَرَاغُ الْمَالِ) عَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَيْسَ فِي دُورِ السُّكْنَى وَثِيَابِ الْبَدَنِ وَأَثَاثِ الْمَنَازِلِ وَدَوَابِّ الرُّكُوبِ وَعَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَسِلَاحِ الِاسْتِعْمَالِ زَكَاةٌ، وَكَذَا طَعَامُ أَهْلِهِ وَمَا يَتَجَمَّلُ بِهِ مِنْ الْأَوَانِي إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَكَذَا الْجَوْهَرُ وَاللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ والبلخش وَالزُّمُرُّدُ وَنَحْوُهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى فُلُوسًا لِلنَّفَقَةِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَكَذَا كُتُبُ الْعِلْمِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَآلَاتُ الْمُحْتَرِفِينَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ هَذَا فِي الْآلَاتِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِنَفْسِهَا، وَلَا يَبْقَى أَثَرُهَا فِي الْمَعْمُولِ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَبْقَى أَثَرُهَا فِي الْمَعْمُولِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى الصَّبَّاغُ عُصْفُرًا أَوْ زَعْفَرَانًا لِيَصْنَعَ ثِيَابَ النَّاسِ بِأَجْرٍ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا، وَكَذَا كُلُّ مَنْ ابْتَاعَ عَيْنًا لِيَعْمَلَ بِهِ وَيَبْقَى أَثَرُهُ فِي الْمَعْمُولِ كَالْعَفْصِ وَالدُّهْنِ لِدَبْغِ الْجِلْدِ فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِذَلِكَ الْعَيْنِ أَثَرٌ فِي الْمَعْمُولِ كَالصَّابُونِ وَالْحُرْضِ لَا زَكَاةَ فِيهِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. (وَمِنْهَا الْفَرَاغُ عَنْ الدَّيْنِ) قَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: كُلُّ دَيْنٍ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ لِلْعِبَادِ كَالْقَرْضِ وَثَمَنِ الْبَيْعِ وَضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَأَرْشِ الْجِرَاحَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ النُّقُودِ أَوْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ أَوْ الثِّيَابِ أَوْ الْحَيَوَانِ وَجَبَ بِخُلْعٍ أَوْ صُلْحٍ عَنْ دَمِ عَمْدٍ، وَهُوَ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ أَوْ لِلَّهِ - تَعَالَى - كَدَيْنِ الزَّكَاةِ فَإِنْ كَانَ

زَكَاةَ سَائِمَةٍ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْعَيْنِ بِأَنْ كَانَ الْعَيْنُ قَائِمًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ بِاسْتِهْلَاكِ النِّصَابِ، وَإِنْ كَانَ زَكَاةَ الْأَثْمَانِ وَزَكَاةَ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَفِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي السَّوَائِمُ. وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ خَرَاجَ أَرْضٍ يُمْنَعُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِقَدْرِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ خَرَاجًا يُؤْخَذُ بِحَقٍّ، وَكَانَ تَمَامَ الْحَوْلِ بَعْدَ إدْرَاكِ الْغَلَّةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ إدْرَاكِهَا فَلَا، وَمَا يُؤْخَذُ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ مَا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ إذَا أَخْرَجَتْ طَعَامًا وَاسْتَهْلَكَهُ وَضَمِنَ مِثْلَهُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ عَلَى الدَّرَاهِمِ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ عَلَى الدَّرَاهِمِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَكَذَلِكَ الْمَهْرُ يَمْنَعَ مُؤَجَّلًا كَانَ أَوْ مُعَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الْبَزْدَوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ مَهْرٌ مُؤَجَّلٌ لِامْرَأَتِهِ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ: لَا يُجْعَلُ مَانِعًا مِنْ الزَّكَاةِ لِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ فِي الْعَادَةِ، وَأَنَّهُ حَسَنٌ أَيْضًا هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَأَمَّا نَفَقَاتُ الزَّوْجَاتِ فَمَا لَمْ تَصِرْ دَيْنًا إمَّا بِفَرْضِ الْقَاضِي أَوْ بِالتَّرَاضِي لَا تَمْنَعُ وَتَسْقُطُ إذَا لَمْ يُوجَدْ قَضَاءُ الْقَاضِي أَوْ التَّرَاضِي، وَكَذَا نَفَقَةُ الْمَحَارِمِ إذَا فَرَضَهَا الْقَاضِي فِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ نَحْوَ مَا دُونَ الشَّهْرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا بَلْ تَسْقُطُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ أَمَّا إذَا لَحِقَهُ الدَّيْنُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَلَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَأَمَّا الدَّيْنُ الْمُعْتَرِضُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ فَذَكَرَ فِي الْعُيُونِ أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَمْنَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ لِلتِّجَارَةِ وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْعَبْدِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ، وَكَفَلَ بِهَا رَجُلٌ بِأَمْرِ الْمَدْيُونِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِهِمَا لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَلَوْ اغْتَصَبَ رَجُلٌ أَلْفًا مِنْ رَجُلٍ فَجَاءَ آخَرُ وَاغْتَصَبَ الْأَلْفَ مِنْ الْغَاصِبِ وَاسْتَهْلَكَهَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِ الْغَاصِبَيْنِ كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ زَكَاةُ أَلْفِهِ، وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلَهُ دَارٌ وَخَادِمٌ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَصْرُوفٌ إلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهِ مُعَدٌّ لِلتَّقَلُّبِ وَالتَّصَرُّفِ فَكَانَ الدَّيْنُ مَصْرُوفًا إلَيْهِ، فَأَمَّا الدَّارُ وَالْخَادِمُ فَمَشْغُولَتَانِ بِحَاجَتِهِ فَلَا يَصْرِفُ الدَّيْنَ إلَيْهِ، وَمَالِكُ الدَّارِ وَالْخَادِمِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزِيلُ حَاجَتَهُ بَلْ يَزِيدُ فِيهَا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: إنَّ الصَّدَقَةَ كَانَتْ تَحِلُّ لِلرَّجُلِ، وَهُوَ صَاحِبُ عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ قِيلَ، وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ يَكُونُ لَهُ الدَّارُ وَالْخَادِمُ وَالسِّلَاحُ، وَكَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ ذَلِكَ وَعَنْ هَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ الْفَقِيهَ إذَا كَانَ يَمْلِكُ مِنْ الْكُتُبِ مَا يُسَاوِي مَالًا عَظِيمًا، وَلَكِنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ إلَّا أَنْ يَمْلِكَ فَضْلًا عَنْ حَاجَتِهِ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْفَاضِلُ عَنْ حَاجَتِهِ مِنْ كُلِّ تَصْنِيفٍ نُسْخَتَانِ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا سَقَطَ الدَّيْنُ كَأَنْ أَبْرَأَ الدَّائِنُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ اُعْتُبِرَ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ حِينِ سُقُوطِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهَكَذَا فِي الْكَافِي. وَكُلُّ دَيْنٍ لَا مُطَالِبَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ كَدُيُونِ اللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ النُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَوُجُوبِ الْحَجِّ لَا يَمْنَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَضَمَانُ

اللُّقَطَةِ لَا يَمْنَعُ، وَكَذَا ضَمَانُ الدَّرْكِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَمْنَعُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَقَالُوا فِيمَنْ ضَمِنَ الدَّرْكَ فَاسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْحَوْلِ يَمْنَعُ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ الْحَوْلِ لَا يَمْنَعُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ كَانَ لَهُ نُصُبٌ كَمَا إذَا كَانَ لَهُ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ وَسَوَائِمُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ صُرِفَ الدَّيْنُ إلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوَّلًا فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُمَا صُرِفَ إلَى الْعُرُوضِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْهَا فَإِلَى السَّوَائِمِ فَإِنْ كَانَتْ السَّوَائِمُ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً صُرِفَ إلَى أَقَلِّهَا زَكَاةً، وَإِنْ اسْتَوَتْ فِيهَا صُرِفَ إلَى أَيِّمَا شَاءَ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَهَذَا إذَا حَضَرَ الْمُصَدِّقُ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ فَالْخِيَارُ لِرَبِّ الْمَالِ إنْ شَاءَ صَرَفَ الدَّيْنَ إلَى السَّائِمَةِ، وَأَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ السَّائِمَةِ؛ لِأَنَّ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْمَالِ هُمَا سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي حَقِّ الْمُصَدِّقِ فَإِنَّ لَهُ وِلَايَةَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ السَّائِمَةِ دُونَ الدَّرَاهِمِ فَلِهَذَا صَرَفَ الدَّيْنَ إلَى الدَّرَاهِمِ، وَأَخَذَ الزَّكَاةَ مِنْ السَّائِمَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. لَهُ مِائَتَانِ وَوَصِيفٌ وَتَزَوَّجَ عَلَى مِثْلِهِ وَاسْتَقْرَضَ بُرًّا لِحَاجَةٍ وَبَقِيَ لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ صُرِفَ إلَى النُّقُودِ وَالْمَالِ الْفَارِغِ، وَقَالَ زُفَرُ يَجِبُ صَرْفُ الدَّيْنِ إلَى الْجِنْسِ كَذَا فِي الْكَافِي. (وَمِنْهَا كَوْنُ النِّصَابِ نَامِيًا) حَقِيقَةً بِالتَّوَالُدِ وَالتَّنَاسُلِ وَالتِّجَارَةِ أَوْ تَقْدِيرًا بِأَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ بِكَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ نَائِبِهِ وَيَنْقَسِمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى قِسْمَيْنِ خِلْقِيٌّ، وَفِعْلِيٌّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ فَالْخِلْقِيُّ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَصْلُحَانِ لِلِانْتِفَاعِ بِأَعْيَانِهِمَا فِي دَفْعِ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِمَا نَوَى التِّجَارَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ أَصْلًا أَوْ نَوَى النَّفَقَةَ وَالْفِعْلِيُّ مَا سِوَاهُمَا وَيَكُونُ الِاسْتِنْمَاءُ فِيهِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ أَوْ الْإِسَامَةِ، وَنِيَّةُ التِّجَارَةِ وَالْإِسَامَةِ لَا تُعْتَبَرُ مَا لَمْ تَتَّصِلْ بِفِعْلِ التِّجَارَةِ أَوْ الْإِسَامَةِ ثُمَّ نِيَّةُ التِّجَارَةِ قَدْ تَكُونُ صَرِيحًا وَقَدْ تَكُونُ دَلَالَةً فَالصَّرِيحُ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ عَقْدِ التِّجَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَمْلُوكُ لِلتِّجَارَةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَقْدُ شِرَاءً أَوْ إجَارَةً وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ مِنْ النُّقُودِ أَوْ الْعُرُوضِ. وَأَمَّا الدَّلَالَةُ فَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ عَيْنًا مِنْ الْأَعْيَانِ بِعُرُوضِ التِّجَارَةِ أَوْ يُؤَاجِرَ دَارِهِ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ بِعَرْضٍ مِنْ الْعُرُوضِ فَتَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ التِّجَارَةَ صَرِيحًا لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ الِاخْتِلَافَ فِي بَدَلِ مَنَافِعِ عَيْنٍ مُعَدَّةٍ لِلتِّجَارَةِ فَفِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ الْأَصْلِ أَنَّهُ لِلتِّجَارَةِ بِلَا نِيَّةٍ، وَفِي الْجَامِعِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّوَقُّفِ عَلَى النِّيَّةِ فَكَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَمَشَايِخُ بَلْخٍ كَانُوا يُصَحِّحُونَ رِوَايَةَ الْجَامِعِ وَمَا مَلَكَهُ بِعَقْدٍ لَيْسَ فِيهِ مُبَادَلَةٌ أَصْلًا كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ أَوْ مَلَكَهُ بِعَقْدٍ هُوَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَبَدَلِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَوْ وَرِثَهُ فَنَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ لَا يَكُونُ لَهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي السَّائِمَةِ، وَمَالِ التِّجَارَةِ إنْ نَوَى الْوَرَثَةُ الْإِسَامَةَ أَوْ التِّجَارَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ تَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوُوا قِيلَ تَجِبُ وَقِيلَ لَا تَجِبُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً لِلتِّجَارَةِ وَنَوَاهَا لِلْخِدْمَةِ بَطَلَتْ عَنْهَا الزَّكَاةُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ بِكَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ نَائِبِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مِثْلُ مَالُ الضِّمَارِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ كُلُّ مَا بَقِيَ أَصْلُهُ فِي مِلْكِهِ وَلَكِنْ زَالَ عَنْ يَدِهِ زَوَالًا لَا يُرْجَى عَوْدُهُ فِي الْغَالِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَمِنْ مَالِ الضِّمَارِ الدَّيْنُ الْمَجْحُودُ وَالْمَغْصُوبُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِمَا بَيِّنَةٌ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ إلَّا فِي غَصْبِ السَّائِمَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا، وَمِنْهُ الْمَفْقُودُ وَالْآبِقُ وَالْمَأْخُوذُ مُصَادَرَةً وَالسَّاقِطُ فِي الْبَحْرِ وَالْمَدْفُونُ فِي الصَّحْرَاءِ الْمَنْسِيُّ مَكَانُهُ، وَأَمَّا الْمَدْفُونُ فِي حِرْزٍ، وَلَوْ دَارَ غَيْرِهِ إذَا نَسِيَهُ فَلَيْسَ مِنْهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ كَانَ مَدْفُونًا فِي أَرْضِهِ أَوْ كَرْمِهِ قِيلَ تَجِبُ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ حَفْرَ جَمِيعِ الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ مُمْكِنٌ وَقِيلَ لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ حَفْرَ جَمِيعِهَا مُتَعَسِّرٌ بِخِلَافِ الْبَيْتِ وَالدَّارِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الدَّارُ عَظِيمَةً

لَا يَنْعَقِدُ نِصَابًا، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى جَاحِدٍ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ غَيْرُ عَادِلَةٍ قِيلَ لَا تَجِبُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَجِبُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَالدَّيْنُ الْمَجْحُودُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ثُمَّ صَارَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بَعْدَ سِنِينَ بِأَنْ أَقَرَّ عِنْدَ النَّاسِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا بِالدَّيْنِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ مَا مَضَى، وَفِي مُقِرٍّ بِهِ تَجِبُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَلِيًّا أَوْ مُعْسِرًا أَوْ مُفْلِسًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مُفْلِسٍ فَلَّسَهُ الْقَاضِي فَوَصَلَ إلَيْهِ بَعْدَ سِنِينَ كَانَ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَا مَضَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ يُقِرُّ فِي السِّرِّ وَيَجْحَدُ فِي الْعَلَانِيَةِ لَمْ يَكُنْ نِصَابًا، وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا فَلَمَّا قَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي جَحَدَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَمَضَى زَمَانٌ فِي تَعْدِيلِ الشُّهُودِ ثُمَّ عُدِّلُوا سَقَطَتْ عَنْهُ الزَّكَاةُ مِنْ يَوْمِ جَحَدَ عِنْدَ الْقَاضِي إلَى أَنْ عُدِّلَ الشُّهُودُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ هَرَبَ غَرِيمُهُ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى طَلَبِهِ أَوْ التَّوْكِيلِ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا سَائِرُ الدُّيُونِ الْمُقِرِّ بِهَا فَهِيَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ضَعِيفٌ، وَهُوَ كُلُّ دَيْنٍ مَلَكَهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَا بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ نَحْوُ الْمِيرَاثِ أَوْ بِفِعْلِهِ لَا بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ كَالْوَصِيَّةِ أَوْ بِفِعْلِهِ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ وَبَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا زَكَاةَ فِيهِ عِنْدَهُ حَتَّى يَقْبِضَ نِصَابًا وَيَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. وَوَسَطٌ، وَهُوَ مَا يَجِبُ بَدَلًا عَنْ مَالٍ لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ كَعَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَثِيَابِ الْبِذْلَةِ إذَا قَبَضَ مِائَتَيْنِ زَكَّى لِمَا مَضَى فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَقَوِيٌّ، وَهُوَ مَا يَجِبُ بَدَلًا عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ إذَا قَبَضَ أَرْبَعِينَ زَكَّى لِمَا مَضَى كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. (وَمِنْهَا حَوَلَانُ الْحَوْلِ عَلَى الْمَالِ) الْعِبْرَةُ فِي الزَّكَاةِ لِلْحَوْلِ الْقَمَرِيِّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَإِذَا كَانَ النِّصَابُ كَامِلًا فِي طَرَفَيْ الْحَوْلِ فَنُقْصَانُهُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اسْتَبْدَلَ مَالَ التِّجَارَةِ أَوْ النَّقْدَيْنِ بِجِنْسِهَا أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا لَا يَنْقَطِعُ حُكْمُ الْحَوْلِ، وَلَوْ اسْتَبْدَلَ السَّائِمَةَ بِجِنْسِهَا أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا يَنْقَطِعُ حُكْمُ الْحَوْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَنْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ فَاسْتَفَادَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ مَالًا مِنْ جِنْسِهِ ضَمَّهُ إلَى مَالِهِ وَزَكَّاهُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ نَمَائِهِ أَوَّلًا وَبِأَيِّ وَجْهٍ اسْتَفَادَ ضَمَّهُ سَوَاءٌ كَانَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالْغَنَمِ مَعَ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ لَا يَضُمُّ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. فَإِنْ اسْتَفَادَ بَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ لَا يَضُمُّ وَيَسْتَأْنِفُ لَهُ حَوْلٌ آخَرُ بِالِاتِّفَاقِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. ثُمَّ إنَّمَا يُضَمُّ الْمُسْتَفَادُ عِنْدَنَا إلَى أَصْلِ الْمَالِ إذَا كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا فَأَمَّا إذَا كَانَ أَقَلَّ فَإِنَّهُ لَا يُضَمُّ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَتَكَامَلُ بِهِ النِّصَابُ وَيَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَيْهِمَا حَالَ وُجُودِ النِّصَابِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ كَانَ مَعَهُ نِصَابٌ مِنْ السَّائِمَةِ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَزَكَّاهَا ثُمَّ بَاعَهَا بِدَرَاهِمَ، وَمَعَهُ نِصَابٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَدْ مَضَى عَلَيْهِ نِصْفُ الْحَوْلِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضُمُّ إلَيْهِ ثَمَنَ السَّائِمَةِ بَلْ يَسْتَأْنِفُ حَوْلًا جَدِيدًا وَعِنْدَهُمَا يَضُمُّهُ وَيُزْكِيهِمَا جَمِيعًا، وَهَذَا إذَا كَانَ ثَمَنُ السَّائِمَةِ يَبْلُغُ نِصَابًا بِانْفِرَادِهِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَبْلُغُ نِصَابًا ضَمَّهُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَأَمَّا ثَمَنُ الطَّعَامِ الْمَعْشُورِ، وَثَمَنُ الْعَبْدِ الَّذِي أَدَّى صَدَقَةَ فِطْرِهِ فَإِنَّهُ يُضَمُّ إجْمَاعًا، وَلَوْ بَاعَ الْمَاشِيَةَ قَبْلَ الْحَوْلِ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِمَاشِيَةٍ ضَمَّ الثَّمَنَ إلَى جِنْسِهِ بِالْإِجْمَاعِ بِأَنْ يَضُمَّ الدَّرَاهِمَ إلَى الدَّرَاهِمِ، وَالْمَاشِيَةَ إلَى الْمَاشِيَةِ، وَإِنْ جَعَلَ الْمَاشِيَةَ بَعْدَ مَا زَكَّاهَا عَلُوفَةً ثُمَّ بَاعَهَا ضَمَّ ثَمَنَهَا إجْمَاعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ فَأَدَّى خَرَاجَهَا ثُمَّ بَاعَهَا ضَمَّ ثَمَنَهَا إلَى أَصْلِ النِّصَابِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَدَّى زَكَاةَ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا سَائِمَةً وَعِنْدَهُ مِنْ جِنْسِهَا سَائِمَةٌ لَمْ يَضُمَّهَا إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ مَالٍ أُدِّيَتْ الزَّكَاةُ عَنْهُ، وَلَوْ وُهِبَ لَهُ أَلْفٌ ثُمَّ أَفَادَ أَلْفًا قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي

الباب الثاني في صدقة السوائم وفيه خمسة فصول

الْهِبَةِ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الْأَلْفِ الْفَائِدَةِ حَتَّى يَمْضِي حَوْلٌ مُنْذُ مَلَكَهَا؛ لِأَنَّهُ بَطَلَ حَوْلُ الْأَصْلِ، وَهُوَ الْمَوْهُوبُ فَيَبْطُلُ فِي حَقِّ التَّبَعِ. رَجُلٌ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَحَالَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إلَّا يَوْمًا ثُمَّ أَفَادَ خَمْسَةً يُزَكِّي لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ خَمْسَةً لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَصَ النِّصَابُ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ بِدَيْنِ الزَّكَاةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. . رَجُلٌ لَهُ غَنَمٌ لِلتِّجَارَةِ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَمَاتَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ فَسَلَخَهَا وَدَبَغَ جِلْدَهَا حَتَّى بَلَغَ جِلْدُهَا نِصَابًا فَتَمَّ الْحَوْلُ كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَصِيرٌ لِلتِّجَارَةِ فَتَخَمَّرَ قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ صَارَ خَلًّا يُسَاوِي نِصَابًا فَتَمَّ الْحَوْلُ لَا زَكَاةَ فِيهِ قَالُوا: لِأَنَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الصُّوفُ الَّذِي بَقِيَ عَلَى ظَهْرِ الشَّاةِ مُتَقَوِّمٌ فَيَبْقَى الْحَوْلُ بِبَقَائِهِ، وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي هَلَكَ كُلُّ الْمَالِ فَبَطَلَ حُكْمُ الْحَوْلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنَّمَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الْحَوْلُ مُنْعَقِدًا عَلَيْهِ وَقْتَ التَّعْجِيلِ. وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ الَّذِي أَدَّى عَنْهُ كَامِلًا فِي آخِرِ الْحَوْلِ. وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يَفُوتَ أَصْلُهُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ لَهُ النِّصَابُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ أَقَلَّ مِنْ الْمِائَتَيْنِ فَعَجَّلَ الزَّكَاةَ ثُمَّ كَمَّلَ النِّصَابَ أَوْ كَانَتْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ عُرُوضٌ لِلتِّجَارَةِ قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ بِالْخَمْسَةِ عَنْ الزَّكَاةِ وَانْتَقَصَ النِّصَابُ حَتَّى حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ نَاقِصٌ أَوْ كَانَ النِّصَابُ كَامِلًا وَقْتَ التَّعْجِيلِ ثُمَّ هَلَكَ جَمِيعُ الْمَالِ صَارَ مَا عَجَّلَ بِهِ تَطَوُّعًا هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَكَمَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ بَعْدَ مِلْكِ نِصَابٍ وَاحِدٍ عَنْ نِصَابٍ وَاحِدٍ يَجُوزُ عَنْ نُصُبٍ كَثِيرَةٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَعَجَّلَ زَكَاةَ أَلْفٍ فَإِنْ اسْتَفَادَ مَالًا أَوْ رَبِحَ صَارَ أَلْفًا ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ وَعِنْدَهُ أَلْفٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّعْجِيلُ وَسَقَطَ عَنْهُ زَكَاةُ الْأَلْفِ، وَإِنْ تَمَّ الْحَوْلُ، وَلَمْ يَسْتَفِدْ شَيْئًا ثُمَّ اسْتَفَادَ فَالْمُعَجَّلُ لَا يُجْزِئُ عَنْ زَكَاتِهَا فَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ مِنْ حِينِ الِاسْتِفَادَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يُزَكِّيَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيَجُوزُ التَّعْجِيلُ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لِوُجُودِ السَّبَبِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ أَلْفَيْنِ، وَلَهُ أَلْفٌ فَقَالَ إنْ أَصَبْت أَلْفًا أُخْرَى قَبْلَ الْحَوْلِ فَهِيَ عَنْهُمَا، وَإِلَّا فَهِيَ عَنْ هَذِهِ الْأَلْفِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَجْزَأَهُ رَجُلٌ لَهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَظَنَّ أَنَّ عِنْدَهُ خَمْسَمِائَةٍ فَأَدَّى زَكَاةَ خَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ عَلِمَ فَلَهُ أَنْ يَحْسِبَ الزِّيَادَةَ لِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ لَهُ نِصَابَا ذَهَبٍ، وَفِضَّةٍ عَجَّلَ عَنْ أَحَدِهِمَا يَقَعُ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ لَغْوٌ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ بِدَلِيلِ الضَّمِّ، وَإِنْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ مَلَكَ نُصُبًا مِنْ حَيَوَانَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَعَجَّلَ زَكَاةَ الْبَعْضِ فَهَلَكَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ لَا يَقَعُ عَنْ الْبَاقِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ عَجَّلَ أَدَاءَ الزَّكَاةِ إلَى فَقِيرٍ ثُمَّ أَيْسَرَ قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ مَاتَ أَوْ ارْتَدَّ جَازَ مَا دَفَعَهُ عَنْ الزَّكَاةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. . قَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ بِمَوْتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي صَدَقَةِ السَّوَائِمِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُقَدِّمَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي صَدَقَةِ السَّوَائِمِ) وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ. (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُقَدِّمَةِ) تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي ذُكُورِهَا، وَإِنَاثِهَا، وَمُخْتَلَطِهِمَا وَالسَّائِمَةُ هِيَ الَّتِي تُسَامُ فِي الْبَرَارِي لِقَصْدِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَالزِّيَادَةِ فِي السِّمَنِ وَالثَّمَنِ حَتَّى لَوْ أُسِيمَتْ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ لَا لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا لَوْ أُسِيمَتْ لِلَّحْمِ، وَلَوْ أُسِيمَتْ لِلتِّجَارَةِ فَفِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ دُونَ السَّائِمَةِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَإِنْ كَانَتْ تُسَامُ فِي بَعْضِ السَّنَةِ وَتُعْلَفُ فِي الْبَعْضِ فَإِنْ أُسِيمَتْ فِي أَكْثَرِهَا فَهِيَ سَائِمَةٌ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ حَتَّى لَوْ عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ لَا تَكُونُ سَائِمَةً، وَلَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ كَذَا فِي

الفصل الثاني في زكاة الإبل

التَّبْيِينِ. وَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَرَعَاهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَكُنْ سَائِمَةً إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يَجْعَلَهَا سَائِمَةً بِمَنْزِلَةِ عَبْدِ التِّجَارَةِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْدُمَهُ سِنِينَ فَيَسْتَخْدِمُهُ فَهُوَ لِلتِّجَارَةِ عَلَى حَالِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ التِّجَارَةِ وَيَجْعَلَهُ لِلْخِدْمَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ السَّائِمَةِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا أَوْ يَعْلِفَهَا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ كَانَ فِيهَا زَكَاةُ السَّائِمَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ جَعَلَهَا سَائِمَةً يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ مِنْ وَقْتِ الْجَعْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ] لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَجِبُ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَالشَّاةُ مِنْ الْغَنَمِ مَا لَهَا سَنَةٌ وَطَعَنَتْ فِي الثَّانِيَةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّانِيَةِ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ، وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الرَّابِعَةِ إلَى سِتِّينَ فَإِذَا كَانَتْ إحْدَى وَسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ، وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الْخَامِسَةِ إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ إلَى تِسْعِينَ فَإِذَا كَانَتْ إحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ثُمَّ تَجِبُ فِي كُلِّ خَمْسٍ يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ شَاةٌ إلَى مِائَةٍ وَخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَبِنْتُ مَخَاضٍ، وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ ثُمَّ تَجِبُ فِي كُلِّ خَمْسٍ يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ شَاةٌ إلَى مِائَةٍ وَخَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ مَخَاضٍ، وَفِي مِائَةٍ وَسِتٍّ وَثَمَانِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَسِتٍّ وَتِسْعِينَ أَرْبَعُ حِقَاقٍ إلَى مِائَتَيْنِ هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. إنْ شَاءَ أَدَّى عَنْ الْمِائَتَيْنِ أَرْبَعَ حِقَاقٍ عَنْ كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةً، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ عَنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتَ لَبُونٍ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ثُمَّ تُسْتَأْنَفُ الْفَرِيضَةُ أَبَدًا كَمَا تُسْتَأْنَفُ فِي الْخَمْسِينَ الَّتِي بَعْدَ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ، وَهَذَا عِنْدَنَا وَالْبُخْتُ وَالْعِرَابُ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَأَدْنَى السِّنِّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْإِبِلِ السَّائِمَةِ بِنْتُ مَخَاضٍ فَصَاعِدًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَيُحْسَبُ الصَّغِيرُ وَالْأَعْمَى فِي الْعَدَدِ، وَلَا يُؤْخَذَانِ فِي الزَّكَاةِ، وَلَا يَأْخُذُ الرُّبَّى وَهِيَ الْمُرَبِّيَةُ وَلَدَهَا وَالْأَكُولَةُ الَّتِي تُسَمَّنُ لِلْأَكْلِ وَالْحَامِلُ وَالْفَحْلُ وَخِيَارُ السَّائِمَةِ يُؤْخَذُ مِنْ أَوْسَاطِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَجَبَ مُسِنٌّ، وَلَمْ يُوجَدْ دَفَعَ أَعْلَى مِنْهَا، وَأَخَذَ الْفَضْلَ أَوْ دُونَهَا وَرَدَّ الْفَضْلَ أَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ إلَّا أَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لِلْمُصَدِّقِ أَنْ لَا يَأْخُذَ وَيَطْلُبَ عَيْنَ الْوَاجِبِ أَوْ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ، وَلَا جَبْرَ عَلَى الشِّرَاءِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يُجْبَرُ حَتَّى يُجْعَلَ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبِيعُ بَلْ هُوَ دَفْعٌ بِالْقِيمَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ) لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ صَدَقَةٌ فَإِذَا كَانَتْ ثَلَاثِينَ سَائِمَةً فَفِيهَا تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ، وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّانِيَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ثُمَّ لَيْسَ فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنٌّ أَوْ مُسِنَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ. فَإِذَا زَادَتْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَجَبَتْ فِي الزِّيَادَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ إلَى سِتِّينَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَفِي الْوَاحِدَةِ الزَّائِدَةِ رُبُعُ عُشْرِ مُسِنَّةٍ، وَفِي الِاثْنَتَيْنِ نِصْفُ عُشْرِ مُسِنَّةٍ، وَهَذَا رِوَايَةُ الْأَصْلِ ثُمَّ فِي السِّتِّينَ تَبِيعَانِ أَوْ تَبِيعَتَانِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَبَعْدَ السِّتِّينَ يُعْتَبَرُ الْأَرْبَعِينَاتُ وَالثَّلَاثِينَاتُ فَيَجِبُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنٌّ أَوْ مُسِنَّةٌ، وَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ فَفِي سَبْعِينَ مُسِنٌّ وَتَبِيعٌ، وَفِي ثَمَانِينَ مُسِنَّتَانِ، وَفِي تِسْعِينَ ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ، وَفِي مِائَةٍ مُسِنَّةٌ وَتَبِيعَتَانِ هَكَذَا فِي

الفصل الرابع في زكاة الغنم

شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِنْ احْتَمَلَ تَقْدِيرَ الْمُسِنَّةِ وَالتَّبِيعَةِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مَثَلًا إنْ شَاءَ أَدَّى ثَلَاثَ مُسِنَّاتٍ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى أَرْبَعَةَ أَتْبِعَةٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْجَامُوسُ كَالْبَقَرِ وَعِنْدَ الِاخْتِلَاطِ يَجِبُ ضَمُّ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ ثُمَّ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ أَغْلِبْهَا إنْ كَانَ بَعْضُهَا أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُؤْخَذُ أَعْلَى الْأَدْنَى، وَأَدْنَى الْأَعْلَى كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَفِي النَّافِعِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي هَذَا الْبَابِ سَوَاءٌ، وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ الْأَفْضَلُ فِي الْبَقَرِ أَنْ يُؤَدَّى مِنْ الذَّكَرِ التَّبِيعُ، وَمِنْ الْأُنْثَى التَّبِيعَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَأَدْنَى السِّنِّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْبَقَرِ تَبِيعٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي زَكَاةِ الْغَنَمِ] لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ السَّائِمَةِ صَدَقَةٌ فَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ سَائِمَةً وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا شَاةٌ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ. فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا شَاتَانِ إلَى مِائَتَيْنِ فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَمِائَةٍ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ هَكَذَا وَرَدَ الْبَيَانُ فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعَلَيْهِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ، وَأَدْنَى السِّنِّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْغَنَمِ هُوَ الثَّنِيُّ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الْغَنَمِ وَالظِّبَاءِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأُمُّ فَإِنْ كَانَتْ غَنَمًا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَيُكَمَّلُ بِهِ النِّصَابُ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الْبَقَرِ الْأَهْلِيِّ وَالْوَحْشِيِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِيمَا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ] لَا شَيْءَ فِي الْخَيْلِ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْعُرُوضِ يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهَا نِصَابًا سَوَاءٌ كَانَتْ سَائِمَةً أَوْ عَلُوفَةً كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَالْحَمِيرُ وَالْبِغَالُ وَالْفَهْدُ وَالْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ إنَّمَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ لَيْسَ فِي الْحِمْلَانِ وَالْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ صَدَقَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ آخِرُ أَقْوَالِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا كَانَتْ فِيهَا وَاحِدٌ مِنْ الْمَسَانِّ جُعِلَ الْكُلُّ تَبَعًا لَهُ فِي انْعِقَادِهَا نِصَابًا دُونَ تَأْدِيَةِ الزَّكَاةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ حَمَلًا إلَّا وَاحِدَةً مُسِنَّةً تَجِبُ شَاةٌ وَسَطٌ فَإِنْ كَانَتْ الْمُسِنَّةُ وَسَطًا أَوْ دُونَهُ أَخَذَ، وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمَا. وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ خَمْسُونَ فَصِيلًا إلَّا حِقَّةً وَسَطًا تَجِبُ هِيَ فَإِنْ هَلَكَ نِصْفُ الْفُصْلَانِ سَقَطَ نِصْفُ الْحِقَّةِ، وَبَقِيَ نِصْفُهَا كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَا يُجْزِيهِ أَخْذُ وَاحِدَةٍ مِنْ الصِّغَارِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، وَلَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ وَالْحَوَامِلِ وَالْعَلُوفَةِ صَدَقَةٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْعُرُوضِ وَفِيهِ فَصْلَانِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْعُرُوضِ) ، وَفِيهِ فَصْلَانِ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) تَجِبُ فِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَفِي كُلِّ عِشْرِينَ مِثْقَالِ ذَهَبٍ نِصْفُ مِثْقَالٍ مَضْرُوبًا كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَصُوغًا أَوْ غَيْرَ مَصُوغٍ حُلِيًّا كَانَ لِلرِّجَالِ أَوْ لِلنِّسَاءِ تِبْرًا كَانَ أَوْ سَبِيكَةً كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُعْتَبَرُ فِيهِمَا أَنْ يَكُونَ الْمُؤَدَّى قَدْرَ الْوَاجِبِ وَزْنًا، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَوْ أَدَّى عَنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ جِيَادٍ خَمْسَةً زُيُوفًا قِيمَتُهَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ جِيَادٍ جَازَ عِنْدَهُمَا وَيُكْرَهُ، وَلَوْ أَدَّى أَرْبَعَةً جِيَادًا قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ رَدِيئَةٌ عَنْ خَمْسَةٍ رَدِيئَةٍ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ إبْرِيقُ فِضَّةٍ وَزْنُهُ مِائَتَانِ وَقِيمَتُهُ لِصِيَاغَتِهِ ثَلَثَمِائَةٍ إنْ أَدَّى مِنْ الْعَيْنِ يُؤَدِّي رُبُعَ عُشْرِهِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ قِيمَتُهَا سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ

الفصل الثاني في العروض

وَإِنْ أَدَّى خَمْسَةً قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ جَازَ، وَلَوْ أَدَّى مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ يُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَكَذَا فِي حَقِّ الْوُجُوبِ يُعْتَبَرُ أَنْ يَبْلُغَ وَزْنُهُمَا نِصَابًا، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ إبْرِيقُ فِضَّةٍ، وَزْنُهَا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَقِيمَتُهَا مِائَتَانِ لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَفِي الْيَنَابِيعِ إنْ كَمُلَتْ الْمِائَتَانِ فِي الْعَدَدِ وَنَقَصَتْ فِي الْوَزْنِ لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ قَلَّ النُّقْصَانُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُعْتَبَرُ فِي الذَّهَبِ وَزْنُ الْمَثَاقِيلِ، وَفِي الدَّرَاهِمِ وَزْنُ سَبْعَةٍ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ تَزِنَ كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا سَبْعَ مَثَاقِيلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمِثْقَالُ هُوَ الدِّينَارُ عِشْرُونَ قِيرَاطًا وَالدِّرْهَمُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَالْقِيرَاطُ خَمْسُ شَعِيرَاتٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الدَّرَاهِمُ إذَا كَانَتْ مَغْشُوشَةً فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْفِضَّةَ فَهِيَ كَالدَّرَاهِمِ الْخَالِصَةِ. وَإِنْ غَلَبَ الْغِشُّ فَلَيْسَ كَالْفِضَّةِ كَالسَّتُّوقَةِ فَيَنْظُرُ إنْ كَانَتْ رَائِجَةً أَوْ نَوَى التِّجَارَةَ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهَا فَإِنْ بَلَغَتْ نِصَابًا مِنْ أَدْنَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَهِيَ الَّتِي غَلَبَتْ فِضَّتُهَا وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَثْمَانًا رَائِجَةً، وَلَا مَنْوِيَّةً لِلتِّجَارَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا فِيهَا مِنْ الْفِضَّةِ يَبْلُغُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِأَنْ كَانَتْ كَثِيرَةً وَتَتَخَلَّصُ مِنْ الْغِشِّ فَإِنْ كَانَ مَا فِيهَا لَا يَتَخَلَّصُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَحُكْمُ الذَّهَبِ الْمَغْشُوشِ كَالْفِضَّةِ الْمَغْشُوشَةِ، وَلَوْ اسْتَوَيَا فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَاخْتَارَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةُ الْوُجُوبَ احْتِيَاطًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالذَّهَبُ الْمَخْلُوطُ بِالْفِضَّةِ إنْ بَلَغَ الذَّهَبُ نِصَابَ الذَّهَبِ وَجَبَتْ فِيهِ زَكَاةُ الذَّهَبِ، وَإِنْ بَلَغَتْ الْفِضَّةُ نِصَابَ الْفِضَّةِ وَجَبَتْ فِيهِ زَكَاةُ الْفِضَّةِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ غَالِبَةً، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مَغْلُوبَةً فَهُوَ كُلُّهُ ذَهَبٌ؛ لِأَنَّهُ أَعَزُّ، وَأَعْلَى قِيمَةً كَذَا فِي التَّبْيِينِ. . وَأَمَّا الْفُلُوسُ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إذَا لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَإِنْ بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَيْسَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ مِثْقَالًا زَكَاةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا لَمْ تَبْلُغْ الزِّيَادَةُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ثُمَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعَةِ مَثَاقِيلَ قِيرَاطَانِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَتُضَمُّ قِيمَةَ الْعُرُوضِ إلَى الثَّمَنَيْنِ وَالذَّهَبُ إلَى الْفِضَّةِ قِيمَةً كَذَا فِي الْكَنْزِ. حَتَّى لَوْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ أَوْ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةَ دَنَانِيرَ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا أَوْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا تُضَمُّ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشْرُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تَجِبُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ فَضَلَ مِنْ النِّصَابَيْنِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ مَثَاقِيلَ، وَأَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَإِنَّهُ تُضَمُّ إحْدَى الزِّيَادَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى حَتَّى يُتِمَّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ ذَهَبًا كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ ضَمَّ أَحَدَ النِّصَابَيْنِ إلَى الْأُخْرَى حَتَّى يُؤَدِّيَ كُلَّهُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ مِنْ الْفِضَّةِ لَا بَأْسَ بِهِ لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّقْوِيمُ بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ قَدْرًا وَرَوَاجًا ، وَإِلَّا فَيُؤَدِّي مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعَ عُشْرِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْعُرُوض] الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ كَائِنَةً مَا كَانَتْ إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا مِنْ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيُقَوَّمُ بِالْمَضْرُوبَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ عِنْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا فِي ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْغَالِبِ عَلَيْهَا الْفِضَّةُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ ثُمَّ فِي تَقْوِيمِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ التَّخْيِيرُ يَقُومُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ إلَّا إذَا كَانَتْ لَا تَبْلُغُ بِأَحَدِهِمَا نِصَابًا فَحِينَئِذٍ تَعَيَّنَ التَّقْوِيمُ بِمَا يَبْلُغُ نِصَابًا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا كَانَ لَهُ مِائَتَا قَفِيزٍ حِنْطَةً لِلتِّجَارَةِ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَتَمَّ

مسائل شتى في الزكاة

الْحَوْلُ ثُمَّ زَادَ السِّعْرُ أَوْ انْتَقَصَ فَإِنْ أَدَّى مِنْ عَيْنِهَا أَدَّى خَمْسَةَ أَقْفِزَةٍ، وَإِنْ أَدَّى الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُهُمَا وَلِهَذَا يُجْبَرُ الْمُصَدِّقُ عَلَى قَبُولِهِ وَعِنْدَهُمَا يَوْمَ الْأَدَاءِ. وَكَذَا كُلُّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الذَّاتِ بِأَنْ ذَهَبَتْ رُطُوبَتُهُ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوُجُوبِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ بَعْدَ الْحَوْلِ لَا يُضَمُّ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ ذَاتًا بِأَنْ ابْتَلَّتْ يُعْتَبَرُ يَوْمُ الْأَدَاءِ عِنْدَهُمْ كَذَا فِي الْكَافِي وَيُقَوِّمُهَا الْمَالِكُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ حَتَّى لَوْ بَعَثَ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَحَالَ الْحَوْلُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَلَوْ كَانَ فِي مَفَازَةٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي أَقْرَبِ الْأَمْصَارِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى. وَيُضَمُّ بَعْضُ الْعُرُوضِ إلَى بَعْضٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَ أَجْنَاسُهَا. وَأَمَّا الْيَوَاقِيتُ وَاللَّآلِئُ وَالْجَوَاهِرُ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ حُلِيًّا إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى قُدُورًا مِنْ صُفْرٍ يُمْسِكُهَا وَيُؤَاجِرُهَا لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ كَمَا لَا تَجِبُ فِي بُيُوتِ الْغَلَّةِ، وَلَوْ دَخَلَ مِنْ أَرْضِهِ حِنْطَةٌ تَبْلُغُ قِيمَتُهَا قِيمَةَ نِصَابٍ وَنَوَى أَنْ يُمْسِكَهَا أَوْ يَبِيعَهَا فَأَمْسَكَهَا حَوْلًا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ نَخَّاسًا يَشْتَرِي دَوَابَّ أَوْ يَبِيعُهَا فَاشْتَرَى جَلَاجِلَ أَوْ مَقَاوِدَ أَوْ بَرَاقِعَ فَإِنْ كَانَ بَيْعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَعَ الدَّوَابِّ فَفِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ لِحِفْظِ الدَّوَابِّ بِهَا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَلِكَ الْعَطَّارُ لَوْ اشْتَرَى الْقَوَارِيرَ، وَلَوْ اشْتَرَى جُوَالِقَ لِيُؤَاجِرَهَا مِنْ النَّاسِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْغَلَّةِ لَا لِلْمُبَايَعَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْخَبَّازُ إذَا اشْتَرَى حَطَبًا أَوْ مِلْحًا لِأَجْلِ الْخُبْزِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَإِذَا اشْتَرَى سِمْسِمًا يُجْعَلُ عَلَى وَجْهِ الْخُبْزِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. مُضَارِبٌ ابْتَاعَ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا لَهُ وَحُمُولَةً زَكَّى الْكُلَّ بِخِلَافِ رَبِّ الْمَالِ حَيْثُ لَا يُزَكِّي الثَّوْبَ وَالْحُمُولَةَ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ طَعَامًا لِنَفَقَةِ عَبِيدِ التِّجَارَةِ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَالْمَالِكُ لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا لِنَفَقَةِ عَبِيدِ التِّجَارَةِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ الْمَالُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَدَّى زَكَاتَهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ أَدَّى قَدْرَ قِيمَةِ الْوَاجِبِ إجْمَاعًا، وَكَذَا إذَا أَدَّى زَكَاتَهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَانَ مِمَّا لَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا، وَأَمَّا إذَا أَدَّى مِنْ جِنْسِهِ، وَكَانَ رِبَوِيًّا فَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتَبِرَانِ الْقَدْرَ لَا الْقِيمَةَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. [مَسَائِلُ شَتَّى فِي الزَّكَاةِ] (مَسَائِلُ شَتَّى) وَلَوْ شَكَّ رَجُلٌ فِي الزَّكَاةِ فَلَمْ يَدْرِ أَزَكَّى أَوْ لَمْ يُزَكِّ فَإِنَّهُ يُعِيدُهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالسِّرَاجِيَّةِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْوَاقِعَاتِ. الزَّكَاةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي النِّصَابِ دُونَ الْعَفْوِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَفْوُ، وَبَقِيَ النِّصَابُ بَقِيَ كُلُّ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ تَبَعٌ لِلنِّصَابِ، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُصْرَفُ الْهَلَاكُ بَعْدَ الْعَفْوِ إلَى النِّصَابِ الْأَخِيرِ ثُمَّ إلَى الَّذِي يَلِيهِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ، وَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ، وَفِي هَلَاكِ الْبَعْضِ يَسْقُطُ بِقَدْرِهِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اُسْتُهْلِكَ النِّصَابُ لَا يَسْقُطُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَاسْتِبْدَالُ مَالِ التِّجَارَةِ بِمَالِ التِّجَارَةِ لَيْسَ اسْتِهْلَاكًا بِلَا خِلَافٍ سَوَاءٌ اسْتَبْدَلَهَا بِجِنْسِهَا أَوْ بِخِلَافِ جِنْسِهَا إلَّا أَنَّهُ إذَا حَابَى فِيهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ زَكَاةَ قَدْرِ الْمُحَابَاةِ. وَإِقْرَاضُ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ لَيْسَ بِاسْتِهْلَاكٍ، وَإِنْ تَوَى الْمَالَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ حَبَسَ السَّائِمَةَ عَنْ الْعَلَفِ وَالْمَاءِ حَتَّى هَلَكَتْ فَقِيلَ هُوَ اسْتِهْلَاكٌ فَيَضْمَنُ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ أَزَالَ مِلْكَ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْهِبَةِ أَوْ بِعِوَضٍ لَيْسَ بِمَالٍ كَالْأَمْهَارِ أَوْ لَيْسَ بِمَالِ الزَّكَاةِ كَعَبِيدِ الْخِدْمَةِ صَارَ مُسْتَهْلِكًا ضَامِنًا قَدْرَ الزَّكَاةِ بَقِيَ الْعِوَضُ فِي يَدِهِ أَوْ لَمْ يَبْقَ، وَلَوْ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ بِقَضَاءٍ وَقَبْضٍ زَالَ الضَّمَانُ، وَكَذَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ سَائِمَةِ بَنِي تَغْلِبَ ضَعْفُ

مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ فُقَرَائِهِمْ، وَلَا مِنْ مَوَالِيهِمْ إلَّا الْجِزْيَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَيْسَ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ فِي سَائِمَتِهِ شَيْءٌ وَعَلَى الْمَرْأَةِ مَا عَلَى الرَّجُلِ مِنْهُمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. قَالَ فِي الْكِتَابِ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ثَمَانُونَ شَاةً تَجِبُ فِيهَا شَاةٌ، وَلَا يُفَرَّقُ كَأَنَّهَا لِرَجُلَيْنِ فَيُؤْخَذُ شَاتَانِ، وَإِنْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ وَجَبَتْ شَاتَانِ، وَلَا يُجْمَعُ كَأَنَّهَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَيُؤْخَذُ شَاةٌ وَاحِدَةٌ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْخَلِيطَانِ فِي الْمَوَاشِي كَغَيْرِ الْخَلِيطَيْنِ فَإِنْ كَانَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَبْلُغُ نِصَابًا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ، وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ كَانَتْ شَرِكَتُهُمَا عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً أَوْ شَرِكَةُ مِلْكٍ بِالْإِرْثِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي مَرْعًى وَاحِدٍ أَوْ فِي مَرَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنْ كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا يَبْلُغُ نِصَابًا وَنَصِيبُ الْآخَرِ لَا يَبْلُغُ نِصَابًا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَى الَّذِي يَبْلُغُ نُصِيبُهُ نِصَابًا دُونَ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ إذَا بَلَغَ نَصِيبُهُ نِصَابًا، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَمَانِينَ رَجُلًا ثَمَانُونَ شَاةً كُلُّ شَاةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ عَلَى حِدَةٍ فَصَارَ لَهُ مِنْ كُلِّ شَاةٍ نِصْفُهَا حَتَّى صَارَ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَكَذَا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سِتِّينَ رَجُلًا سِتُّونَ بَقَرَةً كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَمَا كَانَ بَيْنَ الْخَلِيطَيْنِ يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ إحْدَى وَسِتُّونَ مِنْ الْإِبِلِ لِأَحَدِهِمَا سِتٌّ وَثَلَاثُونَ وَلِلْآخَرِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ فَأَخَذَ الْمُصَدِّقُ مِنْهُمَا بِنْتَ مَخَاضٍ وَبِنْتَ لَبُونٍ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّةِ مَا أَخَذَ السَّاعِي مِنْ مِلْكِهِ زَكَاةَ شَرِيكِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الرَّجُلُ إذَا كَانَ لَهُ سَوَائِمُ فَجَاءَهُ الْمُصَدِّقُ يُرِيدُ أَخْذَ الصَّدَقَةِ فَقَالَ لَيْسَتْ هِيَ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ طَلَبَ الْإِمَامُ الزَّكَاةَ فَمَنَعَهُ حَتَّى هَلَكَ الْمَالُ لَا يَضْمَنُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ عَامَّتُهُمْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا أَخَذَ الْخَوَارِجُ الْخَرَاجَ وَصَدَقَةَ السَّوَائِمِ لَا يُثْنَى عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي التُّحْفَةِ الْوَاجِبُ فِي الْإِبِلِ الْأُنُوثَةُ حَتَّى لَا يَجُوزَ سِوَى الْإِنَاثِ، وَلَا يَجُوزُ الذُّكُورُ إلَّا بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيُؤْخَذُ مِنْ زَكَاةِ الْغَنَمِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الشَّاةِ يَنْتَظِمُهُمَا بِخِلَافِ الْإِبِلِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ خَاصٌّ، وَهُوَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيَجُوزُ دَفْعُ الْقِيَمَ فِي الزَّكَاةِ عِنْدَنَا، وَكَذَا فِي الْكَفَّارَاتِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْعُشْرِ وَالنَّذْرِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَلَوْ أَدَّى ثَلَاثَ شِيَاهٍ سِمَانٍ عَنْ أَرْبَعٍ وَسَطٍ أَوْ بَعْضِ بِنْتِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ جَازَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ مِائَتَا قَفِيزٍ حِنْطَةً قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَدَّى زَكَاتَهَا مِنْ الْعَيْنِ، وَهِيَ خَمْسَةُ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةً، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى زَكَاتَهَا مِنْ الْقِيمَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. إذَا بَاعَ السَّائِمَةَ فَإِنْ كَانَ الْمُصَدِّقُ حَاضِرًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الْوَاجِبِ مِنْ الْبَائِعِ وَتَمَّ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْوَاجِبَ مِنْ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَاةِ وَبَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْقَدْرِ الْمَأْخُوذِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَضَرَ وَقْتَ الْبَيْعِ وَحَضَرَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ عَنْ الْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ قِيمَةَ الْوَاجِبِ مِنْ الْبَائِعِ. وَلَوْ بَاعَ طَعَامًا وَجَبَ فِيهِ الْعُشْرُ فَالْمُصَدِّقُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ حَضَرَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. رَجُلٌ آجَرَ أَرْضَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ كُلُّ سَنَةٍ ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَحِينَ مَضَى ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ مَلَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَيَنْعَقِدُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَإِذَا مَضَى حَوْلٌ بَعْدَ ذَلِكَ يُزَكِّي ثَمَانِمِائَةٍ إلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ زَكَاةِ خَمْسِمِائَةٍ. رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا اسْتَأْجَرَ بِهَا دَارًا عَشْرَ سِنِينَ لِكُلِّ سَنَةٍ مِائَةٌ فَدَفَعَ الْأَلْفَ، وَلَمْ يَسْكُنْهَا حَتَّى مَضَتْ السُّنُونَ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْآخَرِ يُزَكِّي الْآجِرُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى عَنْ تِسْعِمِائَةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَنْ ثَمَانِمِائَةٍ

إلَّا زَكَاةَ السَّنَةِ الْأُولَى ثُمَّ سَقَطَ لِكُلِّ سَنَةٍ زَكَاةُ مِائَةٍ أُخْرَى، وَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ، وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ بِنُقْصَانِ نِصَابِهِ فِي الْأُولَى وَعَدَمِ تَمَامِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَيُزَكِّي فِي الثَّالِثَةِ ثَلَثَمِائَةٍ ثُمَّ يُزَكِّي لِكُلِّ سَنَةٍ مِائَةً أُخْرَى، وَمَا اسْتَفَادَ قَبْلَهَا إلَّا أَنَّهُ يُرْفَعُ عَنْهُ زَكَاةُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ. وَلَوْ كَانَ آجَرَ الدَّارَ بِجَارِيَةٍ لِلتِّجَارَةِ قِيمَتُهَا أَلْفٌ - وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا - فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْآجِرِ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْجَارِيَةِ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً وَالِاسْتِحْقَاقُ بِمَنْزِلَةِ الْهَلَاكِ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ زَكَاةٌ كَمَا وَصَفْنَا، وَلَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجَارِيَةِ، وَلَوْ سَلَّمَ الدَّارَ، وَلَمْ يَقْبِضْ الْأُجْرَةَ يَنْقَلِبُ فَيَصِيرُ حُكْمُ الْمُسْتَأْجِرِ كَحُكْمِ الْمُؤَجِّرِ وَحُكْمُ الْمُؤَجِّرِ حُكْمُ الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِمِائَتَيْنِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ، وَلَمْ يَقْبِضْ الْعَبْدَ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ فَمَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ عَلَى الْبَائِعِ زَكَاةُ الْمِائَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةٌ كَانَ عَلَى الْبَائِعِ زَكَاةُ الْمِائَتَيْنِ، وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. بَاعَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ بِأَلْفٍ فَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى الثَّمَنِ فَرُدَّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا زَكَّى الثَّمَنَ، وَلَوْ بَاعَ بِعَرَضٍ لِلتِّجَارَةِ فَرُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَ حَوْلٍ بِقَضَاءٍ لَمْ يُزَكِّ الْبَائِعُ الْعَرْضَ وَالْعَبْدَ، وَلَمْ يُزَكِّ الْمُشْتَرِي الْعَرْضَ وَزَكَّى الْبَائِعُ الْعَرْضَ إنْ رُدَّ بِلَا قَضَاءٍ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَيْعِ الْجَدِيدِ، وَإِنْ نَوَى الْخِدْمَةَ ضَمِنَ زَكَاةَ الْعَرْضِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَخَّرَ زَكَاةَ الْمَالِ حَتَّى مَرِضَ يُؤَدَّى سِرًّا مِنْ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ، وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ لِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَإِنْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ إذَا اسْتَقْرَضَ، وَأَدَّى الزَّكَاةَ وَاجْتَهَدَ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ كَانَ الْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ فَإِنْ اسْتَقْرَضَ، وَأَدَّى، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ حَتَّى مَاتَ يُرْجَى أَنْ يَقْضِيَ اللَّهُ - تَعَالَى - دَيْنَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ إذَا اسْتَقْرَضَ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ كَانَ الْأَفْضَلُ لَهُ أَلَّا يَسْتَقْرِضَ؛ لِأَنَّ خُصُومَةَ صَاحِبِ الدَّيْنِ كَانَ أَشَدَّ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفٍ وَدَفَعَ إلَيْهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا أَمَةٌ فَحَالَ الْحَوْلُ عِنْدَهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَرُدَّ الْأَلْفُ عَلَى الزَّوْجِ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ حَلَقَ لِحْيَةَ إنْسَانٍ فَقَضَى عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ وَدَفَعَ الدِّيَةَ فَحَالَ الْحَوْلُ ثُمَّ نَبَتَتْ لِحْيَتُهُ وَرُدَّتْ الدِّيَةُ لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِدَيْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَ الْأَلْفَ إلَيْهِ ثُمَّ تَصَادَقَا بَعْدَ الْحَوْلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ، وَهَبَ لِرَجُلٍ أَلْفًا وَدَفَعَ الْأَلْفَ إلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَاسْتُرِدَّتْ الْأَلْفُ لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمِائَتَيْنِ فَأَفْرَزَ خَمْسَةً مِنْ مَالِهِ ثُمَّ ضَاعَتْ مِنْهُ تِلْكَ الْخَمْسَةُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ، وَلَوْ مَاتَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَمَا أَفْرَزَ كَانَتْ الْخَمْسَةُ مِيرَاثًا عَنْهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَرْبَعِينَ شَاةً سَائِمَةً وَقُبِضَتْ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ عَلَيْهِ زَكَاةُ النِّصْفِ الْبَاقِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَالِ التِّجَارَةِ. وَإِذَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَى رَجُلٍ، وَهُوَ لَا يُؤَدِّيهَا لَا يَحِلُّ لِلْفَقِيرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، وَإِنْ أَخَذَ كَانَ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَسْتَرِدَّ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا يَضْمَنُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. السُّلْطَانُ إذَا أَخَذَ الْجِبَايَاتِ أَوْ مَالًا بِطَرِيقِ الْمُصَادَرَةِ وَنَوَى صَاحِبُ الْمَالِ عِنْدَ الدَّفْعِ الزَّكَاةَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تَسْقُطُ كَذَا قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلِلْبَدَلِ حُكْمُ الْمُبْدَلِ حَتَّى لَوْ تَقَايَضَا عَبْدًا بِعَبْدٍ، وَلَمْ يَنْوِيَا شَيْئًا فَإِنْ كَانَا لِلتِّجَارَةِ فَهُمَا لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ كَانَا لِلْخِدْمَةِ فَهُمَا لِلْخِدْمَةِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلتِّجَارَةِ وَالْآخَرُ لِلْخِدْمَةِ

الباب الرابع فيمن يمر على العاشر

فَبَدَلُ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ لِلتِّجَارَةِ وَبَدَلُ مَا كَانَ لِلْخِدْمَةِ لِلْخِدْمَةِ. تَقَايَضَا عَبْدًا بِعَبْدٍ فِي نِصْفِ الْحَوْلِ، وَهُمَا لِلتِّجَارَةِ وَقِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَلْفٌ وَقِيمَةُ الْآخَرِ مِائَتَانِ وَتَمَّ حَوْلُهُمَا وَظَهَرَ بِالْأَوْكَسِ عَيْبٌ يُنْقِصُهُ مِائَةً لَمْ يُزَكِّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ فِي طَرَفَيْ الْحَوْلِ فَإِنْ تَمَّ الْحَوْلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ زَكَّى سَيِّدُ الْأَرْفَعِ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ فِي يَدِهِ أَلْفٌ حَوْلًا، وَلَمْ يُزَكِّ الْآخَرُ لِعَدَمِ النِّصَابِ فَإِنْ رُدَّ الْمَعِيبُ بِلَا قَضَاءٍ لَمْ يُزَكِّ الرَّادُّ، وَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَزَكَّى الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ أَلْفًا؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فَصَارَ مُسْتَهْلَكًا، وَإِنْ رُدَّ بِقَضَاءٍ زَكَّى الْمَرْدُودُ، وَلَوْ ظَهَرَ عَيْبٌ بِالْأَرْفَعِ يُنْقِصُ مِائَتَيْنِ بَعْدَ نِصْفِ حَوْلٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ، وَلَا عَيْبَ بِالْآخَرِ فَرُدَّ بِقَضَاءٍ أَوْ بِرِضًا زَكَّى الرَّادُّ الْمَرْدُودَ وَزَكَّى الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ الْمَأْخُوذَ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلَانِ دَفَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا زَكَاةَ مَالِهِ إلَى رَجُلٍ لِيُؤَدِّيَ عَنْهُ فَخَلَطَ مَالَهُمَا ثُمَّ تَصَدَّقَ ضَمِنَ الْوَكِيلُ مَالَ الدَّافِعَيْنِ، وَكَانَتْ الصَّدَقَةُ عَنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَضَعَ الزَّكَاةَ عَلَى كَفِّهِ فَانْتَهَبَهَا الْفُقَرَاءُ جَازَ، وَلَوْ سَقَطَ مَالُهُ مِنْ يَدِهِ فَرَفَعَهُ فَقِيرٌ فَرَضِيَ بِهِ جَازَ إنْ كَانَ يَعْرِفُهُ وَالْمَالُ قَائِمٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَنْ يَمُرُّ عَلَى الْعَاشِرِ] وَهُوَ مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ عَلَى الطَّرِيقِ لِيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ وَيَأْمَنَ التُّجَّارُ بِهِ مِنْ اللُّصُوصِ، وَكَمَا يَأْخُذُ الْعَاشِرُ صَدَقَاتِ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ يَأْخُذُ صَدَقَاتِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ الَّتِي تَكُونُ مَعَ التَّاجِرِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيُشْتَرَطُ فِي الْعَامِلِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْغَايَةِ. وَإِذَا مَرَّ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُ بِمَالِ التِّجَارَةِ أَخَذَ مِنْهُ رُبُعَ الْعُشْرِ عَلَى شَرَائِطِ الزَّكَاةِ مِنْ النِّصَابِ وَالْحَوْلِ يَضَعُهُ مَوْضِعَ الزَّكَاةِ، وَإِنْ مَرَّ عَلَيْهِ الذِّمِّيُّ يَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ الْعُشْرِ وَيَضَعُهُ مَوْضِعَ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ، وَلَا يُسْقِطُ عَنْهُ جِزْيَةَ رَأْسِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ فِي الْحَوْلِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمَنْ مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ بِأَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا آخَرَ فِي مَنْزِلِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ بِمَالٍ فَقَالَ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مَالٌ آخَرُ مِنْ جِنْسِ هَذَا الْمَالِ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ أَوْ قَالَ عَلَيَّ دَيْنٌ مُطَالَبٌ مِنْ الْعِبَادِ أَوْ أَدَّيْتهَا أَنَا إلَى الْفُقَرَاءِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ إلَى السَّفَرِ أَوْ أَدَّيْت إلَى عَاشِرٍ آخَرَ، وَكَانَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عَاشِرًا آخَرَ وَحَلَفَ صُدِّقَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إخْرَاجَ الْبَرَاءَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مُصَدِّقٌ آخَرُ لَا يُصَدَّقُ، وَكَذَا إذَا ادَّعَى الْأَدَاءَ إلَى الْفُقَرَاءِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ إلَى السَّفَرِ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا أَتَى بِالْبَرَاءَةِ عَلَى خِلَافِ اسْمِ ذَلِكَ الْمُصَدِّقِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى جَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ أَدَّى إلَى سَاعٍ آخَرَ فَظَهَرَ كَذِبُهُ بَعْدَ سِنِينَ يُؤْخَذُ مِنْهُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْجَوَامِعِ. وَكُلُّ شَيْءٍ صُدِّقَ فِيهِ الْمُسْلِمُ صُدِّقَ فِيهِ الذِّمِّيُّ كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَلَا يُمْكِنُ إجْرَاؤُهُ عَلَى عُمُومِهِ فَإِنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الذِّمِّيِّ جِزْيَةٌ، وَفِي الْجِزْيَةِ لَا يُصَدَّقُ إذَا قَالَ أَدَّيْتهَا أَنَا؛ لِأَنَّ فُقَرَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَيْسُوا بِمَصَارِفَ لِهَذَا الْحَقِّ، وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الصَّرْفِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَهُوَ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ قَالَ فِي السَّوَائِمِ أَدَّيْت أَنَا إلَى الْفُقَرَاءِ فِي الْمِصْرِ لَا يُصَدَّقُ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيًا، وَإِنْ عَلِمَ الْإِمَامُ بِأَدَائِهِ. وَالزَّكَاةُ هُوَ الثَّانِي، وَالْأَوَّلُ يَنْقَلِبُ نَفْلًا هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي جَامِعِ أَبِي الْيُسْرِ لَوْ أَجَازَ الْإِمَامُ إعْطَاءَهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يُعْطِيَ الْفُقَرَاءَ بِنَفْسِهِ جَازَ فَكَذَا إذَا أَجَازَ بَعْدَ الْإِعْطَاءِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. مَرَّ بِسَوَائِمَ أَوْ نُقُودٍ فَقَالَ لَيْسَتْ هِيَ لِي صُدِّقَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ بِعُرُوضٍ

الباب الخامس في المعادن والركاز

فَقَالَ لَيْسَتْ هِيَ لِلتِّجَارَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ مَرَّ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِضَاعَةً لَمْ يَعْشُرْهَا، وَكَذَا الْمُضَارَبَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ يَبْلُغُ نَصِيبُهُ نِصَابًا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَكَذَا لَوْ مَرَّ عَبْدٌ مَأْذُونٌ بِمَالٍ فَإِنْ كَانَ مَالُ الْمَوْلَى لَا يَأْخُذُ، وَإِنْ كَانَ كَسْبُهُ فَكَذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ مَعَهُ يَأْخُذُ مِنْهُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ مَرَّ الذِّمِّيُّ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ، وَهُمَا يُسَاوَيَانِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا عَشَّرَ الْخَمْرَ مِنْ قِيمَتِهَا، وَلَمْ يَعْشُرْ الْخَنَازِيرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حُكْمَ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إذَا مَرَّ بِهَا الذِّمِّيُّ عَلَى الْعَاشِرِ قَالُوا وَيَنْبَغِي لِعَاشِرٍ أَنْ يَعْشِرَهَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَأْخُذُ مِنْ الْحَرْبِيِّ الْعُشْرَ إلَّا أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ تُجَّارِنَا أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذُوا مِنَّا شَيْئًا لَمْ نَأْخُذْ مِنْهُمْ شَيْئًا مُجَازَاةً لَهُمْ عَلَى صَنِيعِهِمْ، وَإِنْ أَخَذُوا مِنَّا جَمِيعَ الْمَالِ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ جَمِيعُ الْمَالِ إلَّا قَدْرَ مَا يُبَلِّغْهُ إلَى مَأْمَنِهِ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مُكَاتَبِي الْحَرْبِيِّينَ وَصِبْيَانِهِمْ إلَّا إذَا أَخَذُوا مِنْ صِبْيَانِنَا، وَمُكَاتَبِينَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يُصَدَّقُ الْحَرْبِيُّ فِي شَيْءٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِي فِي الْجَوَارِي أَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ، وَفِي الْغِلْمَانِ أَنَّهُمْ أَوْلَادُهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالنَّسَبِ وَأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ صَحِيحٌ فَانْعَدَمَتْ صِفَةُ الْمَالِيَّةِ فَإِنْ قَالَ هُمْ مُدَبَّرُونَ لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ فَإِنْ مَرَّ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونُوا يَأْخُذُونَ مِنْ تُجَّارِنَا مِنْ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ هَلْ يَعْشِرُونَنَا أَمْ لَا أَوْ نَعْلَمُ، وَلَكِنْ لَا نَعْلَمُ قَدْرَ مَا يَأْخُذُونَ مِنَّا أَخَذْنَا مِنْهُمْ الْعُشْرَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ مَرَّ الْحَرْبِيُّ عَلَى الْعَاشِرِ فَعَشَرَهُ ثُمَّ مَرَّ مَرَّةً أُخْرَى لَمْ يَعْشُرْهُ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ، وَإِنْ عَشَرَهُ فَرَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ عَشَرَهُ أَيْضًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ مَرَّ حَرْبِيٌّ بِعَاشِرٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْعَاشِرُ حَتَّى خَرَجَ وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ لَمْ يَعْشُرْهُ لِمَا مَضَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ مَرَّ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ عَلَى الْعَاشِرِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمَا ثُمَّ عَلِمَ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي يَأْخُذُ مِنْهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ مَرَّ عَلَيْهِ بِأَرْبَعِينَ شَاةً وَقَدْ حَالَ عَلَيْهَا حَوْلَانِ أَخَذَ مِنْهُ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ نِصْفُ الْعُشْرِ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ عِوَضٌ عَنْ الْجِزْيَةِ، وَلَوْ مَرَّ صَبِيٌّ أَوْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ بِمَالٍ فَلَيْسَ عَلَى الصَّبِيِّ شَيْءٌ وَعَلَى الْمَرْأَةِ مَا عَلَى الرَّجُلِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمَنْ مَرَّ بِعَاشِرِ الْخَوَارِجِ وَعَشَرُوهُ ثُمَّ مَرَّ عَلَى عَاشِرِ أَهْلِ الْعَدْلِ عَشَرَهُ ثَانِيًا بِخِلَافِ مَا إذَا غَلَبَ الْخَوَارِجُ عَلَى بَلَدٍ، وَأَخَذُوا زَكَاةَ سَوَائِمِهِمْ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي. مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ بِمَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَالْفَوَاكِهِ وَالرِّطَابِ وَالْبُقُولِ وَاللَّبَنِ وَقِيمَتُهُ نِصَابٌ لَمْ يَعْشُرْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَعْشُرُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْكَافِي. وَلَوْ مَرَّ بِمَوَاشٍ سَائِمَةٍ دُونَ النِّصَابِ، وَفِي بَيْتِهِ مَا يُكْمِلُهُ نِصَابًا أُخِذَ مِنْهُ الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ دَاخِلٌ تَحْتَ الْحِمَايَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ] مَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَعَادِنِ ثَلَاثَةٌ مُنْطَبِعٌ بِالنَّارِ، وَمَائِعٌ، وَمَا لَيْسَ بِمُنْطَبِعٍ، وَلَا مَائِعٍ أَمَّا الْمُنْطَبِعُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالصُّفْرِ فَفِيهِ الْخُمُسُ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ سَوَاءٌ أَخْرَجَهُ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ امْرَأَةٌ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأَخْذِ وَالْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إذَا عَمِلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَإِنْ عَمِلَ بِإِذْنِهِ فَلَهُ مَا شَرَطَ وَسَوَاءٌ وُجِدَ فِي أَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ أَوْ خَرَاجِيَّةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا عَمِلَ رَجُلَانِ فِي طَلَبِ

الباب السادس في زكاة الزرع والثمار

الرِّكَازِ فَأَصَابَهُ أَحَدُهُمَا كَانَ لِلْوَاجِدِ، وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ لِلْعَمَلِ فِي الْمَعْدِنِ فَالْمُصَابُ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَأَمَّا الْمَائِعُ كَالْقِيرِ وَالنَّفْطِ وَالْمِلْحِ، وَمَا لَيْسَ بِمُنْطَبِعٍ، وَلَا مَائِعٍ كَالنُّورَةِ وَالْجِصِّ وَالْجَوَاهِرِ وَالْيَوَاقِيتِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَيَجِبُ الْخُمُسُ فِي الزِّئْبَقِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَا يَجِبُ فِيمَا وُجِدَ فِي دَارِهِ، وَأَرْضِهِ مِنْ الْمَعْدِنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَجِبُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَنْ وَجَدَ كَنْزًا فِي دَارٍ الْإِسْلَامِ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ كَالْفَلَاةِ فَإِنْ كَانَ عَلَى ضَرْبِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ كَالْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى ضَرْبِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كَالدَّرَاهِمِ الْمَنْقُوشِ عَلَيْهَا الصَّلِيبُ وَالصَّنَمُ فَفِيهِ الْخُمُسُ، وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْوَاجِدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ اشْتَبَهَ الضَّرْبُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْعَلَامَاتِ يُجْعَلُ جَاهِلِيًّا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ الْوَاجِدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، وَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا لَا يُعْطَى لَهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَرْبِيُّ عَمِلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَشَرْطِهِ، وَمُقَاطَعَتِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ بِالشَّرْطِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ وُجِدَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ اتَّفَقُوا جَمِيعًا عَلَى وُجُوبِ الْخُمُسِ فِيهِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هِيَ لِصَاحِبِ الْخُطَّةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ إذَا كَانَ صَاحِبُ الْخُطَّةِ ذِمِّيًّا فَلَا شَيْءَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الْمُخْتَطُّ لَهُ، وَلَا وَرَثَتُهُ يُصْرَفُ إلَى أَقْصَى مَالِكٍ فِي الْإِسْلَامِ يُعْرَفُ لَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَوْ لِوَرَثَتِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْبَدَائِعِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِلَّا يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ وَجَدَ مُسْلِمٌ رِكَازًا أَوْ مَعْدِنًا فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ فَهُوَ لِلْوَاجِدِ، وَلَا خُمُسَ فِيهِ، وَلَوْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِ بَعْضِهِمْ فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ بِأَمَانٍ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَرُدَّ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ يَكُونُ مِلْكًا لَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ، وَلَوْ بَاعَهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَكِنْ لَا يَطِيبُ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَسَبِيلُهُ التَّصَدُّقُ بِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ دَخَلَ بِغَيْرِ أَمَانٍ يَكُونُ لَهُ مِنْ غَيْرِ خُمُسٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمَتَاعُ مِنْ السِّلَاحِ وَالْآلَاتِ، وَأَثَاثِ الْمَنَازِلِ وَالْفُصُوصِ وَالْقُمَاشِ فِي هَذَا كَالْكَنْزِ حَتَّى يُخَمَّسَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا شَيْءَ فِيمَا يُسْتَخْرَجُ مِنْ الْبَحْرِ كَالْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالسَّمَكِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ، وَلَوْ أَخْرَجَ النَّقْدَيْنِ مِنْ الْبَحْرِ لَا شَيْءَ فِيهِمَا كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَيْسَ فِي الْفَيْرُوزَجِ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْجِبَالِ خُمُسٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي زَكَاةِ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ] وَهُوَ فَرْضٌ وَسَبَبُهُ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ بِالْخَارِجِ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْخَرَاجِ فَإِنَّ سَبَبَهُ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا بِالتَّمَكُّنِ فَلَوْ تَمَكَّنَ، وَلَمْ يَزْرَعْ وَجَبَ الْخَرَاجُ دُونَ الْعُشْرِ، وَلَوْ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ لَمْ يَجِبْ وَرُكْنُهُ التَّمْلِيكُ وَشَرْطُ أَدَائِهِ مَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ وَشَرْطُ وُجُوبِهِ نَوْعَانِ الْأَوَّلُ شَرْطُ الْأَهْلِيَّةِ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ فَإِنَّهُ شَرْطُ ابْتِدَاءٍ، فَلَا يُبْتَدَأُ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ بِلَا خِلَافٍ وَالْعِلْمُ بِالْفَرْضِيَّةِ، وَأَمَّا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ فَلَيْسَا مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ حَتَّى يَجِبَ الْعُشْرُ فِي أَرْضِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ وَلِهَذَا جَازَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ جَبْرًا، وَيَسْقُطَ عَنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ إلَّا أَنَّهُ لَا ثَوَابَ لَهُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ الْعُشْرُ وَالطَّعَامُ قَائِمٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، وَكَذَا مِلْكُ الْأَرْضِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلْوُجُوبِ؛ لِوُجُوبِهِ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ، وَيَجِبُ فِي أَرْضِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ. وَالنَّوْعُ الثَّانِي شَرْطُ الْمَحَلِّيَّةِ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ عُشْرِيَّةٍ فَلَا عُشْرَ فِي الْخَارِجِ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ، وَوُجُودُ الْخَارِجِ، وَأَنْ

يَكُونَ الْخَارِجُ مِنْهَا مِمَّا يُقْصَدُ بِزِرَاعَتِهِ نَمَاءُ الْأَرْضِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فَلَا عُشْرَ فِي الْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ وَالْقَصَبِ وَالطَّرْفَاءِ وَالسَّعَفِ؛ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ لَا تَسْتَنِمِي بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَلْ تُفْسِدُهَا حَتَّى لَوْ اسْتَنْمَتْ بِقَوَائِمِ الْخِلَافِ وَالْحَشِيشِ وَالْقَصَبِ وَغُصُونِ النَّخْلِ أَوْ فِيهَا دُلْبٌ أَوْ صَنَوْبَرٌ وَنَحْوُهَا، وَكَانَ يَقْطَعُهُ وَيَبِيعُهُ يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَجِبُ الْعُشْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كُلِّ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالدُّخْنِ وَالْأَرْزِ، وَأَصْنَافِ الْحُبُوبِ وَالْبُقُولِ وَالرَّيَاحِينِ وَالْأَوْرَادِ وَالرِّطَابِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَالذَّرِيرَةِ وَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْعُصْفُرِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ ثَمَرَةٌ بَاقِيَةٌ أَوْ غَيْرُ بَاقِيَةٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ سَوَاءٌ يُسْقَى بِمَاءِ السَّمَاءِ أَوْ سَيْحًا يَقَعُ فِي الْوَسْقِ أَوْ لَا يَقَعُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَيَجِبُ فِي الْكَتَّانِ وَبَذْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ. وَيَجِبُ فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْكَمُّونِ وَالْكُزْبَرَةِ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْعَسَلِ إذَا كَانَ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ، وَكَذَا لِمَنْ إذَا أُسْقِطَ عَلَى الشَّوْكِ الْأَخْضَرِ فِي أَرْضِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَمَا يُجْمَعُ مِنْ ثِمَارِ الْأَشْجَارِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَمْلُوكَةٍ كَأَشْجَارِ الْجِبَالِ يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا عُشْرَ فِيمَا هُوَ تَابِعٌ لِلْأَرْضِ كَالنَّخْلِ وَالْأَشْجَارِ وَكُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الشَّجَرِ كَالصَّمْغِ وَالْقَطِرَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الِاسْتِغْلَالُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا يَجِبُ فِي الْبُذُورِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ إلَّا لِلزِّرَاعَةِ وَالتَّدَاوِي كَبَذْرِ الْبِطِّيخِ والنانخواه وَالشُّونِيزِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَلَا يَجِبُ فِي الْقُنَّبِ وَالصَّنَوْبَرِ وَشَجَرِ الْقُطْنِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْكُنْدُرِ وَالْمَوْزِ وَالتِّينِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَلَوْ كَانَ فِي دَارٍ رَجُلٍ شَجَرَةٌ مُثْمِرَةٌ لَا عُشْرَ فِيهَا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ. وَمَا سُقِيَ بِالدُّولَابِ وَالدَّالِيَةِ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَإِنْ سُقِيَ سَيْحًا وَبِدَالِيَةٍ يُعْتَبَرُ أَكْثَرُ السَّنَةِ فَإِنْ اسْتَوَيَا يَجِبُ نِصْفُ الْعُشْرِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. . وَوَقْتُهُ وَقْتُ خُرُوجِ الزَّرْعِ وَظُهُورِ الثَّمَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فَلَوْ عَجَّلَ عُشْرَ أَرْضِهِ قَبْلَ الزَّرْعِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ عَجَّلَ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ بَعْدَ النَّبَاتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ عَجَّلَ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ قَبْلَ النَّبَاتِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ عَجَّلَ عُشْرَ الثِّمَارِ إنْ كَانَ بَعْدَ طُلُوعِهَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِهَا لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَيَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَبِهَلَاكِ الْبَعْضِ يَسْقُطُ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ غَيْرُ الْمَالِكِ أَخَذَ الضَّمَانَ مِنْهُ، وَأَدَّى عُشْرَهُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْمَالِكُ ضَمِنَ عُشْرَهُ وَصَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَيَسْقُطُ بِالرِّدَّةِ وَبِمَوْتِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ إذَا كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. تَغْلِبِيٌّ لَهُ أَرْضٌ عُشْرِيَّةٌ عَلَيْهِ الْعُشْرُ مُضَاعَفًا، وَإِنْ اشْتَرَاهَا ذِمِّيٌّ مِنْ تَغْلِبِيٍّ فَهِيَ عَلَى حَالِهَا عِنْدَهُمْ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَاهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ أَوْ أَسْلَمَ التَّغْلِبِيُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ كَانَ التَّضْعِيفُ أَصْلِيًّا أَوْ حَادِثًا، وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِمُسْلِمٍ بَاعَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ غَيْرِ تَغْلِبِيٍّ وَقَبَضَهَا فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ بِالشُّفْعَةِ أَوْ رُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ فَهِيَ عُشْرِيَّةٍ كَمَا كَانَتْ، وَفِي أَرْضٍ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ التَّغْلَبِيَّيْنِ مَا فِي أَرْضِ الرَّجُلِ، وَلَيْسَ عَلَى الْمَجُوسِيِّ فِي دَارِهِ شَيْءٌ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ جَعَلَ مُسْلِمٌ دَارِهِ بُسْتَانًا فَمُؤْنَتُهُ تَدُورُ مَعَ مَائِهِ فَإِنْ سَقَاهُ بِمَاءِ الْعُشْرِ فَهُوَ عُشْرِيٌّ، وَإِنْ سَقَاهُ بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَهُوَ خَرَاجِيٌّ بِخِلَافِ مَا إذَا جَعَلَ الذِّمِّيُّ دَارِهِ بُسْتَانًا حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ كَيْفَمَا كَانَ وَدَارُهُ حُرَّةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَكَذَا الْمَقَابِرُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ أَنَّ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ سَقَاهُ مَرَّةً بِمَاءِ الْعُشْرِ، وَمَرَّةً بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَالْمُسْلِمُ أَحَقُّ بِالْعَشْرِ، وَالذِّمِّيُّ بِالْخَرَاجِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ ثُمَّ مَاءُ الْعُشْرِ مَاءُ الْبِئْرِ حُفِرَتْ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ، وَمَاءُ الْعَيْنِ الَّتِي تَظْهَرُ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ، وَكَذَلِكَ مَاءُ السَّمَاءِ، وَمَاءُ الْبِحَارِ الْعِظَامِ

الباب السابع في المصارف

عُشْرِيٌّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَاءُ أَنْهَارٍ شَقَّهَا عَجَمٌ، وَمَاءُ بِئْرٍ حُفِرَتْ فِي أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ خَرَاجِيٌّ، وَأَمَّا مَاءُ سَيَحُونَ وَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ فَخَرَاجِيٌّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ آجَرَ أَرْضًا عُشْرِيَّةً كَانَ الْعُشْرُ عَلَى الْآجِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ هَلَكَ الْخَارِجُ قَبْلَ الْحَصَادِ لَا يَجِبُ الْعُشْرُ عَلَى الْآجِرِ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَصَادِ لَا يَسْقُطُ عَنْ الْآجِرِ، وَعِنْدَهُ لَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْحَصَادِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَهْلَكُ بِمَا فِيهِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ أَعَارَهَا مِنْ مُسْلِمٍ فَزَرَعَهَا فَالْعُشْرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَلَوْ أَعَارَهَا مِنْ كَافِرٍ فَالْعُشْرُ عَلَى الْمُعِيرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْكَافِرِ، وَلَكِنْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عُشْرٌ وَاحِدٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عُشْرَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَفِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى قَوْلِهِمَا الْعُشْرُ عَلَيْهَا بِالْحِصَّةِ وَعَلَى قَوْلِهِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ لَكِنْ يَجِبُ فِي حِصَّتِهِ فِي عَيْنِهِ، وَفِي حِصَّةِ الْمَزَارِعِ يَكُونُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ هَلَكَ الْخَارِجُ سَقَطَ الْعُشْرُ عَنْهُمَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَبْلَ الْحَصَادِ كَذَلِكَ وَبَعْدَهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ عُشْرُ حِصَّةِ الْمَزَارِعِ، وَيَسْقُطُ فِي حِصَّتِهِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ رَجُلٌ بَعْدَ الِاسْتِقْصَاءِ قَبْلَ الْحَصَادِ أَوْ سَرَقَهُ فَلَا عُشْرَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْمُسْتَهْلِكُ الضَّمَانَ فَيَجِبُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ عُشْرُ الْبَدَلِ وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا عُشْرِيَّةً فَزَرَعَهَا إنْ لَمْ تُنْقِصْهَا الزِّرَاعَةُ فَلَا عُشْرَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ نَقَصَتْهَا الزِّرَاعَةُ كَانَ الْعُشْرُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا بَاعَ الْأَرْضَ الْعُشْرِيَّةَ، وَفِيهَا زَرْعٌ قَدْ أُدْرِكَ مَعَ زَرْعِهَا أَوْ بَاعَ الزَّرْعَ خَاصَّةً فَعُشْرُهُ عَلَى الْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ بَاعَهَا وَالزَّرْعُ بَقْلٌ إنْ فَصَلَهُ الْمُشْتَرِي فِي الْحَالِ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ تَرَكَهُ حَتَّى أُدْرِكَ فَعُشْرُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا بَاعَ الطَّعَامَ الْمَعْشُورَ فَلِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ عُشْرَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ تَفَرَّقَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَلَوْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي فَلِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ عُشْرَ الطَّعَامِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ عُشْرَ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَابَى فِيهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَلَيْسَ لِلْمُصَدِّقِ إلَّا أَخْذُ عُشْرِ الطَّعَامِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ أَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ عُشْرَ طَعَامِ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ مِقْدَارَ قِيمَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اسْتَهْلَكَهُ فَالْمُصَدِّقُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ مِثْلَ عُشْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتْلِفٌ حَقَّهُ، وَلَوْ بَاعَ الْعِنَبَ أَخَذَ الْعُشْرَ مِنْ ثَمَنِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اتَّخَذَهُ عَصِيرًا ثُمَّ بَاعَهُ فَعَلَيْهِ عُشْرُ ثَمَنِ الْعَصِيرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا تُحْسَبُ أُجْرَةُ الْعُمَّالِ وَنَفَقَةُ الْبَقَرِ، وَكَرْيُ الْأَنْهَارِ، وَأُجْرَةُ الْحَافِظِ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَيَجِبُ إخْرَاجُ الْوَاجِبِ مِنْ جَمِيعِ مَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ عُشْرًا أَوْ نِصْفًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.، وَلَا يَأْكُلُ شَيْئًا مِنْ طَعَامِ الْعُشْرِ حَتَّى يُؤَدِّيَ عُشْرَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ أَفْرَزَ الْعُشْرَ يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ الْبَاقِي وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا أَكَلَ مِنْ الثَّمَرَةِ أَوْ أَطْعَمَ غَيْرَهُ ضَمِنَ عُشْرَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ مَا يُحْتَسَبُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمَصَارِفِ] (مِنْهَا الْفَقِيرُ) وَهُوَ مَنْ لَهُ أَدْنَى شَيْءٍ وَهُوَ مَا دُونَ النِّصَابِ أَوْ قَدْرُ نِصَابٍ غَيْرُ نَامٍ وَهُوَ مُسْتَغْرَقٌ فِي الْحَاجَةِ فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْفَقِيرِ مِلْكُ نُصُبٍ كَثِيرَةٍ غَيْرِ نَامِيَةٍ إذَا كَانَتْ مُسْتَغْرَقَةً بِالْحَاجَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. التَّصَدُّقُ عَلَى الْفَقِيرِ الْعَالِمِ أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ عَلَى الْجَاهِلِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. (وَمِنْهَا الْمِسْكِينُ) وَهُوَ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ

فَيَحْتَاجُ إلَى الْمَسْأَلَةِ لِقُوَّتِهِ أَوْ مَا يُوَارِي بَدَنَهُ وَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ لَهُ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمَنْ يَمْلِكُ قُوتَ يَوْمِهِ بَعْدَ سُتْرَةِ بَدَنِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَمِنْهَا الْعَامِلُ) وَهُوَ مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ لِاسْتِيفَاءِ الصَّدَقَاتِ وَالْعُشُورِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيُعْطِيهِ مَا يَكْفِيهِ، وَأَعْوَانَهُ بِالْوَسَطِ مُدَّةَ ذَهَابِهِمْ، وَأَيَّابِهِمْ مَا دَامَ الْمَالُ بَاقِيًا إلَّا إذَا اسْتَغْرَقَتْ كِفَايَتَهُ الزَّكَاةُ فَلَا يُزَادُ عَلَى النِّصْفِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ حَمَلَ رَجُلٌ زَكَاةَ مَالِهِ بِنَفْسِهِ إلَى الْإِمَامِ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ، وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَحِلُّ لِلْعَامِلِ الْهَاشِمِيِّ تَنْزِيهًا لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شُبْهَةِ الْوَسَخِ وَتَحِلُّ لِلْغَنِيِّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِنْ عَمِلَ الْهَاشِمِيُّ عَلَيْهَا وَرُزِقَ مِنْ غَيْرِهَا لَا بَأْسَ بِهِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْعَامِلِ أَوْ ضَاعَ سَقَطَ حَقُّهُ، وَأَجْزَأَهُ عَنْ الزَّكَاةِ عَنْ الْمُؤَدِّينَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الْمُصَدِّقُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُعَجِّلَ حَقَّ عِمَالَتِهِ قَبْلَ الْوُجُوبِ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَأْخُذَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِنْهَا الرِّقَابُ) هُمْ الْمُكَاتَبُونَ وَيَعَاوَنُونَ فِي فَكِّ رِقَابِهِمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى مُكَاتَبٍ غَنِيٍّ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَجُوزُ لِمُكَاتَبٍ هَاشِمِيٍّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ لِلْمَوْلَى مِنْ وَجْهٍ وَالشُّبْهَةُ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَمِنْهَا الْغَارِمُ) ، وَهُوَ مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ، وَلَا يَمْلِكُ نِصَابًا فَاضِلًا عَنْ دَيْنِهِ أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ عَلَى النَّاسِ لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالدَّفْعُ إلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَوْلَى مِنْ الدَّفْعِ إلَى الْفَقِيرِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. (وَمِنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ، وَهُمْ مُنْقَطِعُو الْغُزَاةِ الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُنْقَطِعُو الْحَاجِّ الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. (وَمِنْهَا ابْنُ السَّبِيلِ) ، وَهُوَ الْغَرِيبُ الْمُنْقَطِعُ عَنْ مَالِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. جَازَ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ قَدْرَ حَاجَتِهِ، وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ وَأُلْحِقَ بِهِ كُلُّ مَنْ هُوَ غَائِبٌ عَنْ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ ثُمَّ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا فَضَلَ فِي يَدِهِ عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَالِهِ كَالْفَقِيرِ إذَا اسْتَغْنَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالِاسْتِقْرَاضُ لِابْنِ السَّبِيلِ خَيْرٌ مِنْ قَبُولِ الصَّدَقَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فَهَذِهِ جِهَاتُ الزَّكَاةِ وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ، وَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالدَّفْعُ إلَى الْوَاحِدِ أَفْضَلُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَدْفُوعُ نِصَابًا كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى رَجُلٍ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا، وَإِنْ دَفَعَهُ جَازَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْفَقِيرُ مَدْيُونًا فَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا فَدَفَعَ إلَيْهِ مِقْدَارَ مَا لَوْ قَضَى بِهِ دَيْنَهُ لَا يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ أَوْ يَبْقَى دُونَ الْمِائَتَيْنِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مُعِيلًا جَازَ أَنْ يُعْطَى لَهُ مِقْدَارُ مَا لَوْ وُزِّعَ عَلَى عِيَالِهِ يُصِيبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دُونَ الْمِائَتَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَنُدِبَ الْإِغْنَاءُ عَنْ السُّؤَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَأَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ بِالِاتِّفَاقِ وَيَجُوزُ صَرْفُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ إلَيْهِمْ بِالِاتِّفَاقِ، وَاخْتَلَفُوا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالنُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ إلَّا أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ أَحَبُّ إلَيْنَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ فَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ إلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ وَيَجُوزُ صَرْفُ التَّطَوُّعِ إلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْنِيَ بِالزَّكَاةِ الْمَسْجِدَ، وَكَذَا الْقَنَاطِرُ وَالسِّقَايَاتُ، وَإِصْلَاحُ الطَّرَقَاتِ، وَكَرْيُ الْأَنْهَارِ وَالْحَجُّ وَالْجِهَادُ وَكُلُّ مَا لَا تَمْلِيكَ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَفَّنَ بِهَا مَيِّتٌ، وَلَا يُقْضَى بِهَا دَيْنُ الْمَيِّتِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَا يُشْتَرَى بِهَا عَبْدٌ يُعْتَقُ، وَلَا يَدْفَعُ إلَى أَصْلِهِ، وَإِنْ عَلَا، وَفَرْعِهِ، وَإِنْ سَفَلَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يُعْطَى لِلْوَلَدِ الْمَنْفِيِّ

وَلَا الْمَخْلُوقِ مِنْ مَائِهِ بِالزِّنَا كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَلَا يَدْفَعُ إلَى امْرَأَتِهِ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْمَنَافِعِ عَادَةً، وَلَا تَدْفَعُ الْمَرْأَةُ إلَى زَوْجِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى عَبْدِهِ، وَمُكَاتَبِهِ، وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ، وَلَا إلَى مُعْتَقِ الْبَعْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصُورَتُهُ أَنْ يَعْتِقَ مَالِكُ الْكُلِّ جُزْءًا شَائِعًا مِنْهُ أَوْ يُعْتِقَهُ شَرِيكُهُ فَيَسْتَسْعِيهِ السَّاكِتُ فَيَكُونُ مُكَاتَبًا لَهُ أَمَّا إذَا اخْتَارَ التَّضْمِينَ أَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْعَبْدِ جَازَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الزَّكَاةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَمُكَاتَبِ الْغَيْرِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى مَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا أَيَّ مَالٍ كَانَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ سَوَائِمَ أَوْ عُرُوضًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَهِيَ مَسْكَنُهُ، وَأَثَاثُ مَسْكَنِهِ وَثِيَابُهُ وَخَادِمُهُ، وَمَرْكَبُهُ وَسِلَاحُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ النَّمَاءُ إذْ هُوَ شَرْطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ لَا الْحِرْمَانِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى مَنْ يَمْلِكُ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مُكْتَسَبًا كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَا يَدْفَعُ إلَى مَمْلُوكٍ غَنِيٍّ غَيْرِ مُكَاتَبِهِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى وَلَدِ الْغَنِيِّ الصَّغِيرِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا فَقِيرًا جَازَ، وَيَدْفَعُ إلَى امْرَأَةِ غَنِيٍّ إذَا كَانَتْ فَقِيرَةً، وَكَذَا إلَى الْبِنْتِ الْكَبِيرَةِ إذَا كَانَ أَبُوهَا غَنِيًّا؛ لِأَنَّ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَا يُغْنِيهَا وَبِغِنَى الْأَبِ وَالزَّوْجِ لَا تُعَدُّ غَنِيَّةً كَذَا فِي الْكَافِي. وَيَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى الْأَبِ الْمُعْسِرِ، وَإِنْ كَانَ ابْنُهُ مُوسِرًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَيَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ السُّؤَالُ إذَا لَمْ يَمْلِكْ نِصَابًا، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ كُتُبٌ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ إلَّا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِلتَّدْرِيسِ أَوْ التَّحَفُّظِ أَوْ التَّصْحِيحِ يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سَوَاءٌ كَانَتْ فِقْهًا أَوْ حَدِيثًا أَوْ أَدَبًا هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَصَاحِفِ، وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَا يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ حَوَانِيتُ أَوْ دَارُ غَلَّةٍ تُسَاوِي ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَغَلَّتُهَا لَا تَكْفِي لِقُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ كَانَ لَهُ ضَيْعَةٌ تُسَاوِي ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَلَا تُخْرِجُ مَا يَكْفِي لَهُ وَلِعِيَالِهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ فِيهَا بُسْتَانٌ، وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ قَالُوا: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبُسْتَانِ مَا فِيهِ مَرَافِقُ الدَّارِ مِنْ الْمَطْبَخِ وَالْمُغْتَسَلِ وَغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَهُ مَتَاعٌ وَجَوَاهِرُ وَاَلَّذِي لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى إنْسَانٍ إذَا احْتَاجَ إلَى النَّفَقَةِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الزَّكَاةَ قَدْرَ كِفَايَتِهِ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ فَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُعْسِرًا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ فِي أَصَحِّ الْأَقَاوِيلِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ مُوسِرًا مُعْتَرِفًا لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ، وَكَذَا إذَا كَانَ جَاحِدًا، وَلَهُ عَلَى الدَّيْنِ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا مَا لَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيُحَلِّفُهُ فَإِذَا حَلَّفَهُ وَحَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا يَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ الْكُلَّ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَا يُدْفَعُ إلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَهُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَبَّاسٍ وَآلُ جَعْفَرِ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ الْحَارِثِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى مَنْ عَدَاهُمْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ كَذُرِّيَّةِ أَبِي لَهَبٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُنَاصِرُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. هَذَا فِي الْوَاجِبَاتِ كَالزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ وَالْعُشْرِ وَالْكَفَّارَةِ فَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَيَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي، وَكَذَا لَا يُدْفَعُ إلَى مَوَالِيهِمْ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَيَجُوزُ صَرْفُ خُمُسِ الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ إلَى فُقَرَاءِ بَنِي هَاشِمٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَالْوَكِيلُ إذَا أَعْطَى وَلَدَهُ الْكَبِيرَ أَوْ الصَّغِيرَ أَوْ امْرَأَتَهُ، وَهُمْ مَحَاوِيجُ جَازَ، وَلَا يُمْسِكُ شَيْئًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إذَا شَكَّ وَتَحَرَّى

فصل ما يوضع في بيت المال من الزكاة

فَوَقَعَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ مَحَلُّ الصَّدَقَةِ فَدَفَعَ إلَيْهِ أَوْ سَأَلَ مِنْهُ فَدَفَعَ أَوْ رَآهُ فِي صَفِّ الْفُقَرَاءِ فَدَفَعَ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مَحَلُّ الصَّدَقَةِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَظْهَرْ حَالُهُ عِنْدَهُ، وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ غَنِيٌّ أَوْ هَاشِمِيٌّ أَوْ كَافِرٌ أَوْ مَوْلَى الْهَاشِمِيِّ أَوْ الْوَالِدَانِ أَوْ الْمَوْلُودُونَ أَوْ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَتَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ مُدَبَّرُهُ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ أَوْ مُكَاتَبُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا الْمُسْتَسْعَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا دَفَعَهَا، وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ أَنَّهُ مَصْرِفٌ أَمْ لَا فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مَصْرِفٍ، وَإِذَا دَفَعَهَا إلَيْهِ، وَهُوَ شَاكٌّ، وَلَمْ يَتَحَرَّ أَوْ تَحَرَّى، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَنَّهُ مَصْرِفٌ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَصْرِفٍ فَهُوَ عَلَى الْفَسَادِ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَصْرِفٌ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُكْرَهُ نَقْلُ الزَّكَاةِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ إلَّا أَنْ يَنْقُلَهَا الْإِنْسَانُ إلَى قَرَابَتِهِ أَوْ إلَى قَوْمٍ هُمْ أَحْوَجُ إلَيْهَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ، وَلَوْ نَقَلَ إلَى غَيْرِهِمْ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ نَقْلُ الزَّكَاةِ إذَا كَانَ الْإِخْرَاجُ فِي حِينِهَا بِأَنْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ أَمَّا إذَا كَانَ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ حِينِهَا فَلَا بَأْسَ بِالنَّقْلِ وَالْأَفْضَلُ فِي الزَّكَاةِ وَالْفِطْرِ وَالنَّذْرِ الصَّرْفُ أَوَّلًا إلَى الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ إلَى الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ إلَى الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ ثُمَّ إلَى الْجِيرَانِ ثُمَّ إلَى أَهْلِ حِرْفَتِهِ ثُمَّ إلَى أَهْلِ مِصْرِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي الزَّكَاةِ مَكَانُ الْمَالِ حَتَّى لَوْ كَانَ هُوَ فِي بَلَدٍ، وَمَالُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ يُفَرَّقُ فِي مَوْضِعِ الْمَالِ، وَفِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ يُعْتَبَرُ مَكَانُهُ لَا مَكَانُ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَعَبِيدِهِ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَأَمَّا أَخْذُ ظَلَمَةِ زَمَانِنَا مِنْ الصَّدَقَاتِ وَالْعُشُورِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِبَايَاتِ وَالْمُصَادَرَاتِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْقُطُ جَمِيعُ ذَلِكَ عَنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ إذَا نَوَوْا عِنْدَ الدَّفْعِ التَّصَدُّقَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ الزَّكَاةِ. وَلَوْ قَضَى دَيْنَ الْفَقِيرِ بِزَكَاةِ مَالِهِ إنْ كَانَ بِأَمْرِهِ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَجُوزُ وَسَقَطَ الدَّيْنُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَارًا لِيَسْكُنَهَا عَنْ الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. نَوَى الزَّكَاةَ بِمَا يَدْفَعُ لِصِبْيَانِ أَقْرِبَائِهِ أَوْ لِمَنْ يَأْتِيهِ بِالْبِشَارَةِ أَوْ يَأْتِي بِالْبَاكُورَةِ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ نَوَى الزَّكَاةَ بِمَا يَدْفَعُ الْمُعَلِّمُ إلَى الْخَلِيفَةِ، وَلَمْ يَسْتَأْجِرْهُ إنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ بِحَالٍ لَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ أَيْضًا أَجْزَأَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا مَا يَدْفَعُهُ إلَى الْخَدَمِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْأَعْيَادِ وَغَيْرِهَا بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ إذَا دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى الْفَقِيرِ لَا يَتِمُّ الدَّفْعُ مَا لَمْ يَقْبِضْهَا أَوْ يُقْبِضُهَا لِلْفَقِيرِ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِ نَحْوَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ يَقْبِضَانِ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. أَوْ مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ الْأَجَانِبِ الَّذِينَ يَعُولُونَهُ وَالْمُلْتَقِطُ يَقْبِضُ لِلَّقِيطِ. وَلَوْ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى مَجْنُونٍ أَوْ صَغِيرٍ لَا يَعْقِلُ فَدَفَعَ إلَى أَبَوَيْهِ أَوْ وَصِيِّهِ قَالُوا لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ وَضَعَ عَلَى دُكَّانٍ ثُمَّ قَبَضَهَا فَقِيرٌ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ قَبَضَ الصَّغِيرُ، وَهُوَ مُرَاهِقٌ جَازَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ يَعْقِلُ الْقَبْضَ بِأَنْ كَانَ لَا يَرْمِي، وَلَا يُخْدَعُ عَنْهُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى فَقِيرٍ مَعْتُوهٍ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [فَصْلٌ مَا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ الزَّكَاة] (فَصْلٌ مَا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ) . (الْأَوَّلُ) زَكَاةُ السَّوَائِمِ وَالْعُشُورِ، وَمَا أَخَذَهُ الْعَاشِرُ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَصَارِفِ. (وَالثَّانِي) خُمُسُ الْغَنَائِمِ وَالْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ وَيُصْرَفُ الْيَوْمَ إلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ. (وَالثَّالِثُ) الْخَرَاجُ وَالْجِزْيَةُ، وَمَا صُولِحَ عَلَيْهِ بَنُو نَجْرَانَ مِنْ الْحُلَلِ وَبَنُو تَغْلِبَ مِنْ الصَّدَقَةِ الْمُضَاعَفَةِ، وَمَا أَخَذَهُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِينَ وَتُجَّارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَتُصْرَفُ تِلْكَ إلَى عَطَايَا الْمُقَاتِلَةِ وَسَدِّ الثُّغُورِ وَبِنَاءِ الْحُصُونِ ثَمَّةَ، وَإِلَى مَرَاصِدِ الطَّرِيقِ

الباب الثامن في صدقة الفطر

فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حَتَّى يَقَعَ الْأَمْنُ عَنْ قَطْعِ اللُّصُوصِ الطُّرُقَ، وَإِلَى إصْلَاحِ الْقَنَاطِرِ وَالْجُسُورِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِلَى كَرْيِ الْأَنْهَارِ الْعِظَامِ الَّتِي لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ فِيهَا كَالْجَيْحُونِ وَالْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِلَى بِنَاءِ الرِّبَاطَاتِ وَالْمَسَاجِدِ وَسَدِّ الْبَثْقِ (1) وَتَحْصِينِ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْبَثْقُ، وَإِلَى أَرْزَاقِ الْوُلَاةِ، وَأَعْوَانِهِمْ وَالْقُضَاةِ وَالْمُفْتِينَ وَالْمُحْتَسِبِينَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمُعَلِّمِينَ وَالْمُتَعَلِّمِينَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُصْرَفُ إلَى كُلِّ مَنْ تَقَلَّدَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِلَى مَا فِيهِ صَلَاحُ الْمُؤْمِنِينَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَالرَّابِعُ) اللُّقَطَاتُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَا أُخِذَ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الَّذِي مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا أَوْ تَرَكَ زَوْجًا وَزَوْجَةً، وَهَذَا النَّوْعُ يُصْرَفُ إلَى نَفَقَةِ الْمَرْضَى، وَأَدْوِيَتِهِمْ، وَهُمْ فُقَرَاءُ، وَإِلَى كَفَنِ الْمَوْتَى الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ، وَإِلَى اللَّقِيطِ وَعَقْلِ جِنَايَتِهِ، وَإِلَى نَفَقَةِ مَنْ هُوَ عَاجِزٌ عَنْ الْكَسْبِ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ بَيْتَ الْمَالِ أَرْبَعَةً لِكُلِّ نَوْعٍ بَيْتًا؛ لِأَنَّ لِكُلِّ نَوْعٍ حُكْمًا يَخْتَصُّ بِهِ لَا يُشَارِكُهُ مَالٌ آخَرُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَعْضِهَا شَيْءٌ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَقْرِضَ عَلَيْهِ مِمَّا فِيهِ مَالٌ فَإِنْ اسْتَقْرَضَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْخَرَاجِ فَإِذَا أَخَذَ الْخَرَاجَ يَقْضِي الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْخَرَاجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقَاتِلَةُ فُقَرَاءَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَظًّا فِيهَا فَلَا يَصِيرُ قَرْضًا، وَإِنْ اسْتَقْرَضَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الصَّدَقَاتِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْخَرَاجِ وَصَرَفَهُ إلَى الْفُقَرَاءِ لَا يَصِيرُ قَرْضًا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ لَهُ حُكْمُ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَلِلْفُقَرَاءِ حَظٌّ فِيهَا، وَإِنَّمَا لَا يُعْطَى لَهُمْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ بِالصَّدَقَاتِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْوَاجِبُ عَلَى الْأَئِمَّةِ أَنْ يُوصِلُوا الْحُقُوقَ إلَى أَرْبَابِهَا، وَلَا يَحْبِسُونَهَا عَنْهُمْ، وَلَا يَحِلُّ لِلْإِمَامِ، وَأَعْوَانِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ إلَّا مَا يَكْفِيهِمْ وَعَائِلَتَهُمْ، وَلَا يَجْعَلُونَهَا كُنُوزًا، وَمَا فَضَلَ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ قُسِّمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ قَصَّرَ الْأَئِمَّةُ فِي ذَلِكَ فَوَبَالُهُ عَلَيْهِمْ وَالْأَفْضَلُ لِلْإِمَامِ وَالْمُصَدِّقِ أَنْ لَا يَتَعَجَّلَ رِزْقَهُ لِشَهْرٍ ثَانٍ بَلْ يَأْخُذُ رِزْقَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ يَدْخُلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا شَيْءَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَرَى الْإِمَامُ ذِمِّيًّا يَهْلِكُ جُوعًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَكَانَ عَلَيْهِ إحْيَاؤُهُ، وَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَمَنْ لَهُ حَظٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ ظَفَرَ بِمَا هُوَ وَجْهٌ لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ دِيَانَةً وَلِلْإِمَامِ الْخِيَارُ فِي الْمَنْعِ وَالْإِعْطَاءُ فِي الْحُكْمِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ] ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْمَالِكِ لِمِقْدَارِ النِّصَابِ فَاضِلًا عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَصْفُ النَّمَاءِ وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا النِّصَابِ وُجُوبُ الْأُضْحِيَّةِ، وَوُجُوبُ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنَّمَا تَجِبُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَهِيَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ، وَدَقِيقُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَسَوِيقُهُمَا مِثْلُهُمَا وَالْخُبْزُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَأَمَّا الزَّبِيبُ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ نِصْفَ صَاعٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَاعٌ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا ثُمَّ قِيلَ يَجُوزُ أَدَاؤُهُ بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُرَاعَى فِيهِ الْقِيمَةُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ثُمَّ الدَّقِيقُ أَوْلَى مِنْ

الْبُرِّ، وَالدَّرَاهِمُ أَوْلَى مِنْ الدَّقِيقِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ، وَمَا سِوَاهُ مِنْ الْحُبُوبِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْقِيمَةِ وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ أَدَاءَ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْ عَيْنِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ أَدَّى رُبُعَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ يَبْلُغُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ نِصْفِ صَاعٍ مِنْهَا أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ جَيِّدٍ مَكَانَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ لَا يَجُوزُ عَنْ الْكُلِّ بَلْ يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ تَكْمِيلُ الْبَاقِي، وَكَذَا لَا يَجُوزُ رُبُعُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ عَنْ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنَّ أَدَّى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ وَنِصْفَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَمَنًا وَاحِدًا مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ نِصْفَ صَاعِ شَعِيرٍ وَرُبُعَ صَاعِ حِنْطَةٍ جَازَ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالصَّاعُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالْبَغْدَادِيِّ وَالرِّطْلُ الْبَغْدَادِيُّ عِشْرُونَ أَسْتَارًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْأَسْتَارُ أَرْبَعَةُ مَثَاقِيلَ وَنِصْفُ مِثْقَالٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ. ثُمَّ يُعْتَبَرُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ غَيْرِهِ بِالْوَزْنِ فِيمَا رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي الصَّاعِ بِأَنَّهُ كَمْ رِطْلًا، وَهُوَ إجْمَاعٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِالْوَزْنِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَوَقْتُ الْوُجُوبِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ فَمَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَمَنْ وُلِدَ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَهُ وَجَبَتْ وَمَنْ وُلِدَ أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ لَمْ تَجِبْ، وَكَذَا الْفَقِيرُ إذَا أَيْسَرَ قَبْلَهُ تَجِبُ، وَلَوْ افْتَقَرَ الْغَنِيُّ قَبْلَهُ لَمْ تَجِبْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا افْتَقَرَ بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِنْ قَدَّمُوهَا عَلَى يَوْمِ الْفِطْرِ جَازَ، وَلَا تَفْضِيلَ بَيْنَ مُدَّةٍ، وَمُدَّةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ أَخَّرُوهَا عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ لَمْ تَسْقُطْ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ عَجَّلَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ قَبْلَ النِّصَابِ ثُمَّ مَلَكَهُ صَحَّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَفِي تَجْنِيسِ الْمُلْتَقِطِ مَنْ سَقَطَ عَنْهُ صَوْمُ الشَّهْرِ لِكِبَرٍ أَوْ لِمَرَضٍ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَالْمُسْتَحَبُّ لِلنَّاسِ أَنْ يُخْرِجُوا الْفِطْرَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَأَمَّا وَقْتُ أَدَائِهَا فَجَمِيعُ الْعُمُرِ عِنْدَ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَتَجِبُ عَنْ نَفْسِهِ وَطِفْلِهِ الْفَقِيرِ كَذَا فِي الْكَافِي وَالْمَعْتُوهُ وَالْمَجْنُونُ بِمَنْزِلَةِ الصَّغِيرِ سَوَاءٌ كَانَ الْجُنُونُ أَصْلِيًّا أَوْ عَارِضِيًّا، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ مَالٌ فَإِنَّ الْأَبَ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ جَدُّهُمَا أَوْ وَصِيُّهُ يُخْرِجُ صَدَقَةَ فِطْرِ أَنْفُسِهِمَا وَرَقِيقِهِمَا مِنْ مَالِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُؤَدِّي عَنْ الْجَنِينِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ حَيَاتَهُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَيْسَ عَلَى الْأَبِ أَنْ يُؤَدِّيَ الصَّدَقَةَ عَنْ مَمَالِيكِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَكَذَا الْمَعْتُوهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَيْسَ عَلَى الْجَدِّ أَنْ يُؤَدِّيَ الصَّدَقَةَ عَنْ أَوْلَادِ ابْنِهِ الْمُعْسِرِ إذَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْوَلَدُ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَقَةٌ تَامَّةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا أَوْ مَيِّتًا فَعَلَى الْآخَرِ صَدَقَةٌ تَامَّةٌ، وَلَا صَدَقَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَجْلِ أُمِّ هَذَا الْوَلَدِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ جَاءَ يَوْمَ الْفِطْرِ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيُؤَدِّي عَنْ مَمْلُوكِهِ لِلْخِدْمَةِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا وَيَجِبُ عَنْ مُدَبَّرِيهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ عِنْدَنَا وَتَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ عَبْدِهِ الْمُسْتَأْجَرِ وَعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ دَيْنٌ مُسْتَغْرَقٌ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُوصًى بِخِدْمَتِهِ كَانَ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ، وَكَذَا عَبْدُ الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ إنَّمَا يَزُولُ بِالدَّفْعِ إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَقْصُورًا عَلَى الْحَالِ لَا قَبْلَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَعَنْ الْمَرْهُونِ تَجِبُ فِي الْمَشْهُورِ إنْ فَضَلَ بَعْدَ الدَّيْنِ قَدْرُ النِّصَابِ

وَكَذَا بِسَبَبِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا تَجِبُ عَنْ عَبِيدِهِ لِلتِّجَارَةِ عِنْدَنَا، وَلَا عَنْ عَبِيدِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يُخْرِجُ عَنْ مُكَاتَبِهِ لِقُصُورِ الْمِلْكِ فِيهِ، وَلَا يُخْرِجُ الْمُكَاتَبُ أَيْضًا عَنْ نَفْسِهِ لِفَقْرِهِ، وَلَا يُخْرِجُ الْمَوْلَى عَنْ رَقِيقِ مُكَاتَبِهِ، وَلَا يُخْرِجُ الْمُكَاتَبُ أَيْضًا عَنْهُ، وَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ كَالْمُكَاتَبِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ وَعِنْدَهُمَا كَحُرٍّ مَدْيُونٍ فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ، وَرُدَّ فِي الرِّقِّ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى زَكَاةُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ، وَلَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ إذَا كَانَ لِلْخِدْمَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا تَجِبُ عَنْ عَبْدِهِ أَوْ عَبِيدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ آبِقٌ أَوْ مَأْسُورٌ أَوْ مَغْصُوبٌ مَجْحُودٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا عَنْ نَفْسِهِ بِسَبَبِهِمْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. فَإِنْ عَادَ الْآبِقُ عَنْ الْإِبَاقِ أَوْ رُدَّ الْمَغْصُوبُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا مَضَى يَوْمُ الْفِطْرِ كَانَ عَلَيْهِ صَدَقَةُ مَا مَضَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ فَمَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مَوْقُوفَةٌ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ تَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ فُسِخَ فَعَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ إنْ رَدَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ تَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ رَدَّهُ بَعْدَ الْقَبْضِ تَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعَقْدٍ بَاتٍّ فَمَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي إنْ قَبَضَ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَبِيعًا بَيْعًا فَاسِدًا فَمَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي، وَأَعْتَقَهُ فَالصَّدَقَةُ عَلَى الْبَائِعِ، وَكَذَا إذَا مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ، وَهُوَ مَقْبُوضٌ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ الْبَائِعُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ الْبَائِعُ، وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَصَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتَجِبُ عَنْ عَبْدِهِ الْمَنْذُورِ بِالتَّصَدُّقِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَالْعَبْدُ الْمَجْعُولُ مَهْرًا إنْ كَانَ بِعَيْنِهِ تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ قَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثُمَّ مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا فَلَا صَدَقَةَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَلَا صَدَقَةَ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا جَاءَ يَوْمُ الْفِطْرِ فَأَنْت حُرٌّ فَجَاءَ يَوْمُ الْفِطْرِ عَتَقَ الْعَبْدُ وَتَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ قَبْلَ الْعِتْقِ بِلَا فَصْلٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يُؤَدِّي عَنْ زَوْجَتِهِ، وَلَا عَنْ أَوْلَادِهِ الْكِبَارِ، وَإِنْ كَانُوا فِي عِيَالِهِ، وَلَوْ أَدَّى عَنْهُمْ أَوْ عَنْ زَوْجَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ أَجْزَأَهُمْ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ عَنْ غَيْرِ عِيَالِهِ إلَّا بِأَمْرِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.، وَلَا يُؤَدِّي عَنْ أَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ وَنَوَافِلِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ الْفِطْرَةُ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَإِنْ كَانَا فِي عِيَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا كَالْأَوْلَادِ الْكِبَارِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَا يَجِبُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ أَخَوَاتِهِ الصِّغَارِ، وَلَا عَنْ قَرَابَتِهِ، وَإِنْ كَانُوا فِي عِيَالِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْأَصْلُ أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ وِلَايَتُهُ، وَمُؤْنَتُهُ وَنَفَقَتُهُ فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَيَجِبُ دَفْعُ صَدَقَةِ فِطْرِ كُلِّ شَخْصٍ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ فَرَّقَهُ عَلَى مِسْكِينَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ وَيَجُوزُ دَفْعُ مَا يَجِبُ عَلَى جَمَاعَةٍ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ أَوْ فِطْرَةٌ أَوْ كَفَّارَةٌ أَوْ نَذْرٌ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ تَرِكَتِهِ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ وَرَثَتُهُ بِذَلِكَ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فَإِنْ امْتَنَعُوا لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ يَجُوزُ وَيَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. الْمَرْأَةُ إذَا أَمَرَهَا زَوْجُهَا بِأَدَاءِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَخَلَطَتْ حِنْطَتَهُ بِحِنْطَتِهَا بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ

كتاب الصوم وفيه سبعة أبواب

فَدَفَعَتْ إلَى الْفَقِيرِ جَازَ عَنْهَا لَا عَنْ الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ لَهُ أَوْلَادٌ وَامْرَأَةٌ فَكَالَ الْحِنْطَةَ لِأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَتَّى يُعْطِيَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ ثُمَّ جَمَعَ وَدَفَعَ إلَى الْفَقِيرِ بِنِيَّتِهِمْ يَجُوزُ عَنْهُمْ، وَمَصْرِفُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ مَا هُوَ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [كِتَابُ الصَّوْمِ وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِهِ وَتَقْسِيمِهِ وَسَبَبِهِ وَوَقْتِهِ وَشَرْطِهِ] (كِتَابُ الصَّوْمِ) (وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِهِ وَتَقْسِيمِهِ وَسَبَبِهِ وَوَقْتِهِ وَشَرْطِهِ) . أَمَّا تَفْسِيرُهُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ مِنْ الصُّبْحِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ بِنِيَّةِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَأَنْوَاعُهُ فَرْضٌ وَوَاجِبٌ وَنَفْلٌ. وَالْفَرْضُ نَوْعَانِ: مُعَيَّنٌ كَرَمَضَانَ، وَغَيْرُ مُعَيَّنٍ كَالْكَفَّارَاتِ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ، وَالْوَاجِبُ نَوْعَانِ: مُعَيَّنٌ كَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَغَيْرُ مُعَيَّنٍ كَالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ، وَالنَّفَلُ كُلُّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَسَبَبُهُ مُخْتَلِفٌ فَفِي الْمَنْذُورِ النَّذْرُ، وَفِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ أَسْبَابُهَا مِنْ الْحِنْثِ وَالْقَتْلِ وَسَبَبُ الْقَضَاءِ هُوَ سَبَبُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَأَمَّا سَبَبُ صَوْمِ رَمَضَانَ فَذَهَبَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَصَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ إلَى أَنَّهُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ كَذَا فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَهُوَ الْحَقُّ عِنْدِي وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ الْهِنْدِيُّ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. فَإِذَا أَفَاقَ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى ثُمَّ أَصْبَحَ مَجْنُونًا وَاسْتَوْعَبَ الشَّهْرَ كُلَّهُ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَعَلَى هَذَا إذَا أَفَاقَ فِي لَيْلَةٍ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ ثُمَّ أَصْبَحَ مَجْنُونًا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَالْإِفَاقَةُ بِزَوَالِ جَمِيعِ مَا بِهِ مِنْ الْجُنُونِ فَأَمَّا إذَا أَصَابَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ فَلَا كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَوَقْتُهُ مِنْ حِينِ يَطْلُعُ الْفَجْرُ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُسْتَطِيرُ الْمُنْتَشِرُ فِي الْأُفُقِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي أَنَّ الْعِبْرَةَ لِأَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي أَوْ لِاسْتِطَارَتِهِ وَانْتِشَارِهِ فِيهِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحْوَطُ وَالثَّانِي أَوْسَعُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِلَيْهِ مَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ. تَسَحَّرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ، وَهُوَ طَالِعٌ أَوْ أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ، وَلَمْ تَغْرُبْ قَضَاهُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَا تَعَمَّدَ الْإِفْطَارَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا شَكَّ فِي الْفَجْرِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَدَعَ الْأَكْلَ، وَلَوْ أَكَلَ فَصَوْمُهُ تَامٌّ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّهُ أَكَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَيَقْضِي حِينَئِذٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ تَسَحَّرَ وَالْفَجْرُ طَالِعٌ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ عَمَلًا بِغَالِبِ الرَّأْيِ، وَفِيهِ الِاحْتِيَاطُ وَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. هَذَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ، وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَكَلَ، وَالْفَجْرُ طَالِعٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَشَهِدَ اثْنَانِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطْلُعْ فَأَفْطَرَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ قَدْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ، وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِثْبَاتِ، وَلَا يُعَارِضُهَا الشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ كَمَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ لَمْ يَطْلُعْ فَأَكَلَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ طَلَعَ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ عَلَى الطُّلُوعِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ يَتَسَحَّرُ فَقَالُوا الْفَجْرُ طَالِعٌ فَقَالَ الرَّجُلُ إذَنْ لَمْ أَصِرْ صَائِمًا وَصِرْت مُفْطِرًا فَأَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ أَكْلَهُ الْأَوَّلَ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَكْلَهُ الثَّانِيَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانُوا جَمَاعَةً وَصَدَّقَهُمْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ

لِأَنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ لَا تُقْبَلُ فِي مِثْلِ هَذَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ اُنْظُرِي أَنَّ الْفَجْرَ طَالِعٌ أَوْ لَا فَنَظَرَتْ وَرَجَعَتْ وَقَالَتْ لَمْ يَطْلُعْ فَجَامَعَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْفَجْرَ كَانَ طَالِعًا قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ صَدَّقَهَا، وَهِيَ ثِقَةٌ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْكَفَّارَةُ إنْ أَفْطَرَتْ مَعَ الْعِلْمِ بِالطُّلُوعِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ. وَلَوْ شَكَّ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ لَا يَحِلُّ لَهُ الْفِطْرُ كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ أَكَلَ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمُخْتَارُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لُزُومُ الْكَفَّارَةِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَكَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ أَفْطَرَ، وَأَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ النَّهَارَ كَانَ ثَابِتًا وَقَدْ انْضَمَّ إلَيْهِ أَكْبَرُ رَأْيِهِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سَوَاءٌ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَكَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ الشَّمْسَ غَابَتْ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهَا لَمْ تَغِبْ فَأَفْطَرَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا لَمْ تَغِبْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَسَحَّرَ بِالتَّحَرِّي فَلَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ مُطَالَعَةُ الْفَجْرِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ مَنْ تَسَحَّرَ بِأَكْبَرِ الرَّأْيِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَسَبِيلُهُ أَنْ يَدَعَ الْأَكْلَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَسَحَّرَ بِصَوْتِ الطَّبْلِ السَّحَرِيِّ فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ الصَّوْتُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَفِي جَمِيعِ أَطْرَافِ الْبَلْدَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْمَعُ صَوْتًا وَاحِدًا فَإِنْ عَلِمَ عَدَالَتَهُ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ يَحْتَطْ، وَلَا يَأْكُلْ. وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَمِدَ بِصِيَاحِ الدِّيكِ فَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ قَدْ جَرَّبَهُ مِرَارًا وَظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ يُصِيبُ الْوَقْتَ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِفْطَارُ بِالتَّحَرِّي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (أَمَّا شُرُوطُهُ) فَثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ. (شَرْطُ) وُجُوبِهِ الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ. (وَشَرْطُ) وُجُوبِ الْأَدَاءِ الصِّحَّةُ وَالْإِقَامَةُ. (وَشَرْطُ) صِحَّةِ الْأَدَاءِ النِّيَّةُ وَالطَّهَارَةُ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ كَذَا فِي الْكَافِي وَالنِّهَايَةِ. وَالنِّيَّةُ مَعْرِفَتُهُ بِقَلْبِهِ أَنْ يَصُومَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهَا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. ثُمَّ عِنْدَنَا لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ لِكُلِّ يَوْمٍ فِي رَمَضَانَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالتَّسَحُّرُ فِي رَمَضَانَ نِيَّةٌ ذَكَرَهُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ، وَكَذَا إذَا تَسَحَّرَ لِصَوْمٍ آخَرَ، وَإِنْ تَسَحَّرَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصْبِحُ صَائِمًا لَا يَكُونُ نِيَّةً، وَلَوْ نَوَى مِنْ اللَّيْلِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ نِيَّتِهِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ صَحَّ رُجُوعُهُ فِي الصِّيَامَاتِ كُلِّهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ قَالَ نَوَيْت أَنْ أَصُومَ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - صَحَّتْ نِيَّتُهُ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ نَوَى أَنْ يُفْطِرَ غَدًا إنْ دُعِيَ إلَى دَعْوَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُدْعَ يَصُمْ لَا يَصِيرُ صَائِمًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ فَإِنْ أَصْبَحَ فِي رَمَضَانَ لَا يَنْوِي صَوْمًا، وَلَا فِطْرًا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ عَنْ رَمَضَانَ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي صَيْرُورَتِهِ صَائِمًا رِوَايَتَيْنِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ صَائِمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا نَوَى الصَّائِمُ الْفِطْرَ، وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا غَيْرَ النِّيَّةِ فَصَوْمُهُ تَامٌّ كَذَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ. وَوَقْتُ النِّيَّةِ كُلُّ يَوْمٍ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ نَوَى قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ أَنْ يَكُونَ صَائِمًا غَدًا ثُمَّ نَامَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ غَفَلَ حَتَّى زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْغَدِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ نَوَى بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ جَازَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. جَازَ صَوْمُ رَمَضَانَ، وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ، وَالنَّفَلُ بِنِيَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ بِنِيَّةِ مُطْلَقِ الصَّوْمِ أَوْ بِنِيَّةِ النَّفْلِ مِنْ اللَّيْلِ إلَى مَا قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوَالِ

وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ وَالصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنَّمَا تَجُوزُ النِّيَّةُ قَبْلَ الزَّوَالِ إذَا لَمْ يُوجَدْ قَبْلَ ذَلِكَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا يُنَافِي الصَّوْمَ، وَإِذَا وُجِدَ قَبْلَهُ مَا يُنَافِيهِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا فَلَا تَجُوزُ النِّيَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا نَوَى مِنْ النَّهَارِ يَنْوِي أَنَّهُ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِهِ حَتَّى لَوْ نَوَى أَنَّهُ صَائِمٌ مِنْ حِينِ نَوَى لَا يَصِيرُ صَائِمًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ فِي يَوْمٍ مِنْهُ فَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَنَوَى الصَّوْمَ أَجْزَأَهُ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا إذَا ارْتَدَّ رَجُلٌ عَنْ الْإِسْلَامِ أَوَّلَ الْيَوْمِ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ فَنَوَى الصَّوْمَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَهُوَ صَائِمٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُبَيِّتَ النِّيَّةَ فِي مَوْضِعٍ تَجُوزُ نِيَّتُهُ مِنْ النَّهَارِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَأَنْ يُعَيِّنَ النِّيَّةَ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَإِذَا نَوَى وَاجِبًا آخَرَ فِي يَوْمِ رَمَضَانَ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا صَامَ الْمُسَافِرُ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ يَقَعُ عَنْهُ، وَلَوْ نَوَى النَّفَلَ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَالصَّحِيحُ أَنَّ صَوْمَهُ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ مُطْلَقًا يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ إذَا صَامَهُ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَالْكَفَّارَةِ كَانَ عَنْ الْوَاجِبِ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ مَا نَذَرَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَشَرْطُ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَاتِ أَنْ يُبَيِّتَ وَيُعَيِّنَ كَذَا فِي النُّقَايَةِ. وَكَذَا النَّذْرُ الْمُطْلَقُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَى الْمَأْسُورِ شَهْرُ رَمَضَانَ فَصَامَ مُتَحَرِّيًا جَازَ إنْ كَانَ بَعْدَهُ وَنَوَى مِنْ اللَّيْلِ سِوَى يَوْمِ الْعِيدِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ صَوْمِ رَمَضَانَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَإِذَا وَافَقَ صَوْمُهُ شَوَّالًا فَإِنْ كَانَا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ، وَإِنْ كَانَ رَمَضَانُ كَامِلًا، وَشَوَّالٌ نَاقِصًا فَعَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ، وَإِنْ كَانَ رَمَضَانُ نَاقِصًا، وَشَوَّالٌ كَامِلًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَلَوْ وَافَقَ صَوْمُهُ ذَا الْحِجَّةِ فَإِنْ كَانَا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا وَذُو الْحِجَّةِ كَامِلًا فَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ كَامِلًا وَذُو الْحِجَّةِ نَاقِصًا فَخَمْسَةُ أَيَّامٍ، وَإِنْ وَافَقَ صَوْمُهُ ذَا الْقِعْدَةِ أَوْ شَهْرًا آخَرَ فَإِنْ كَانَا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ أَوْ الشَّهْرُ الْآخَرُ كَامِلًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ كَامِلًا وَالْآخَرُ نَاقِصًا فَيَوْمٌ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ صَامَ رَمَضَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ سِنِينَ لَا يَجُوزُ صَوْمُ السَّنَةِ الْأُولَى بِالِاتِّفَاقِ، وَهَلْ يَجُوزُ صَوْمُ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ قَضَاءً عَنْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ قَضَاءً عَنْ الثَّانِيَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرِ إنْ نَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ مُبْهَمًا يَجُوزُ، وَإِنْ نَوَى عَنْ الثَّانِيَةِ مُفَسِّرًا لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ أَوَّلَ يَوْمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ مِنْ هَذَا الرَّمَضَانِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْأَوَّلَ يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَيْنِ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَلَوْ نَوَى الْقَضَاءَ لَا غَيْرُ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا أَفْطَرَ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا، وَهُوَ فَقِيرٌ فَصَامَ أَحَدًا وَسِتِّينَ يَوْمًا لِلْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ لِلْقَضَاءِ جَازَ كَذَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَتَى نَوَى شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْوَكَادَةِ وَالْفَرِيضَةِ، وَلَا رُجْحَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بَطَلَا، وَمَتَى تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ثَبَتَ الرَّاجِحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِذَا نَوَى عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ وَالنَّذْرِ كَانَ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ نَوَى النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ وَالتَّطَوُّعَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ نَوَى النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ، وَكَفَّارَةً مِنْ اللَّيْلِ يَقَعُ عَنْ النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ بِالْإِجْمَاعِ

الباب الثاني في رؤية الهلال

كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَكَفَّارَةَ الظِّهَارِ كَانَ عَنْ الْقَضَاءِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا نَوَى قَضَاءَ بَعْضِ رَمَضَانَ، وَالتَّطَوُّعُ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ نَوَى الصَّوْمَ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ أَوْ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ وَعَنْ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ يَقَعُ عَنْ الْقَتْلِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ نَوَى عَنْ كَفَّارَةِ تَطَوُّعٍ جَازَ عَنْ الْوَاجِبِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ نَوَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْحَيْضِ ثُمَّ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ صَحَّ صَوْمُهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ نَوَى صَوْمَ الْقَضَاءِ، وَكَفَّارَةَ الْيَمِينِ لَمْ يَكُنْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلتَّعَارُضِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِمَكَانِ التَّنَافِي، وَلَكِنْ يَصِيرُ تَطَوُّعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا نَوَى الصَّوْمَ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى لَا تَصِحَّ نِيَّتُهُ عَنْ الْقَضَاءِ يَصِيرُ شَارِعًا فِي التَّطَوُّعِ فَإِنْ أَفْطَرَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ) . يَجِبُ أَنْ يَلْتَمِسَ النَّاسُ الْهِلَالَ فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَقْتَ الْغُرُوبِ فَإِنْ رَأَوْهُ صَامُوهُ، وَإِنْ غُمَّ أَكْمَلُوهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْتَمِسُوا هِلَالَ شَعْبَانَ أَيْضًا فِي حَقِّ إتْمَامِ الْعَدَدِ، وَهَلْ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْعُدُولِ مِمَّنْ يَعْرِفُ عِلْمَ النُّجُومِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُنَجِّمِ أَنْ يَعْمَلَ بِحِسَابِ نَفْسِهِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَتُكْرَهُ الْإِشَارَةُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. . وَإِذَا رَأَوْا الْهِلَالَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ لَا يُصَامُ بِهِ، وَلَا يُفْطَرُ، وَهُوَ مِنْ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إنْ كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ فَشَهَادَةُ الْوَاحِدِ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ مَقْبُولَةٌ إذَا كَانَ عَدْلًا مُسْلِمًا عَاقِلًا بَالِغًا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَكَذَا شَهَادَةُ الْوَاحِدِ عَلَى شَهَادَةِ الْوَاحِدِ وَشَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ بَعْدَ التَّوْبَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَأَمَّا مَسْتُورُ الْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَبِهِ أَخَذَ الْحَلْوَانِيُّ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ عَبْدٍ عَلَى شَهَادَةِ عَبْدٍ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرَاهِقِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، وَلَا الدَّعْوَى، وَلَا حُكْمُ الْحَاكِمِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَسَمِعَ رَجُلٌ شَهَادَتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ وَجَبَ عَلَى السَّامِعِ أَنْ يَصُومَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَهَلْ يَسْتَفْسِرهُ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ: إنَّمَا تُقْبَلُ إذَا فَسَّرَ بِأَنْ قَالَ رَأَيْته خَارِجَ الْمِصْرِ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ فِي الْبَلَدِ بَيْنَ خَلَلِ السَّحَابِ. وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ تُقْبَلُ بِدُونِ هَذَا، وَإِذَا رَأَى الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ يَشْهَدُ عِنْدَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ بِالصَّوْمِ بِخِلَافِ هِلَالِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إذَا رَأَى الْوَاحِدُ الْعَدْلُ هِلَالَ رَمَضَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُشْهِدَ بِهَا فِي لَيْلَتِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، حَتَّى الْجَارِيَةُ الْمُخَدَّرَةُ تَخْرُجُ وَتَشْهَدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا، وَالْفَاسِقُ إذَا رَآهُ وَحْدَهُ يَشْهَدُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ رُبَّمَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ لَكِنَّ الْقَاضِيَ يَرُدُّهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. هَذَا فِي الْمِصْرِ، وَأَمَّا فِي السَّوَادِ إذَا رَأَى أَحَدُهُمْ هِلَالَ رَمَضَانَ يَشْهَدُ فِي مَسْجِدِ قَرْيَتِهِ، وَعَلَى النَّاسِ أَنْ يَصُومُوا بِقَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَاكِمٌ يَشْهَدُ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ رَأَى هِلَالَ

رَمَضَانَ وَحْدَهُ فَشَهِدَ، وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ، وَإِنْ أَفْطَرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ أَفْطَرَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ شَهِدَ فَاسِقٌ وَقَبِلَهَا الْإِمَامُ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصَّوْمِ فَأَفْطَرَ هُوَ وَوَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ: تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَكْمَلَ هَذَا الرَّجُلُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَمْ يُفْطِرْ إلَّا مَعَ الْإِمَامِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا شَهَادَةُ جَمْعٍ كَثِيرٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ، وَهُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ رَمَضَانُ وَشَوَّالُ وَذُو الْحِجَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ إذَا جَاءَ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ، وَكَذَا إذَا كَانَ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَعَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ اعْتَمَدَ الْإِمَامُ الْمَرْغِينَانِيُّ وَصَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى لَكِنْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ خَارِجِ الْمِصْرِ وَالْمِصْرِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَيُلْتَمَسُ هِلَالُ شَوَّالٍ فِي تَاسِعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ فَمَنْ رَآهُ وَحْدَهُ لَا يُفْطِرُ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَةِ فَإِنْ أَفْطَرَ قَضَاهُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. رَجُلٌ رَأَى هِلَالَ الْفِطْرِ وَشَهِدَ، وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ فَإِنْ أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ شَهِدَ هَذَا الرَّجُلُ عِنْدَ صَدِيقٍ لَهُ فَأَكَلَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إنْ صَدَّقَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ وَحْدَهُ أَوْ الْقَاضِي وَحْدَهُ هِلَالَ شَوَّالٍ لَا يَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى، وَلَا يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ، وَلَا يُفْطِرُ لَا سِرًّا، وَلَا جَهْرًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ لَا تُقْبَلُ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ، وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا أَخْبَرَ رَجُلَانِ فِي هِلَالِ شَوَّالٍ فِي السَّوَادِ وَالسَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةٌ، وَلَيْسَ فِيهِ وَالٍ، وَلَا قَاضٍ فَلَا بَأْسَ لِلنَّاسِ أَنْ يُفْطِرُوا كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَتُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ هَكَذَا فِي النُّقَايَةِ. وَلَا تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ، وَإِنْ تَابَ، وَإِنْ كَانَتْ مُصْحِيَةً لَا يُقْبَلُ إلَّا قَوْلُ الْجَمَاعَةِ كَمَا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَهَكَذَا فِي الْكَافِي. وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ شَهَادَةَ الِاثْنَيْنِ تُقْبَلُ أَيْضًا إذَا جَاءَا مِنْ مَكَان آخَرَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْأَضْحَى كَالْفِطْرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَهِلَّةِ لَا تُقْبَلُ فِيهِ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عُدُولٍ أَحْرَارٍ غَيْرِ مَحْدُودِينَ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا صَامُوا بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ، وَأَكْمَلُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَلَمْ يَرَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ لَا يُفْطِرُونَ فِيمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لِلِاحْتِيَاطِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمْ يُفْطِرُونَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَصَحُّ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَرَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُتَغَيِّمَةً فَإِنَّهُمْ يُفْطِرُونَ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَهُوَ الْأَشْبَهُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا شَهِدَ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ شَاهِدَانِ، وَالسَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةٌ، وَقَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا وَصَامُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَلَمْ يَرَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ إنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةً يُفْطِرُونَ مِنْ الْغَدِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ مُصْحِيَةً يُفْطِرُونَ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ قَبْلَ صَوْمِكُمْ بِيَوْمٍ إنْ كَانُوا فِي هَذَا الْمِصْرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا الْحِسْبَةَ، وَإِنْ جَاءُوا مِنْ مَكَان بَعِيدٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا عِبْرَةَ لِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَعَلَيْهِ فَتْوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ قَالَ لَوْ رَأَى

الباب الثالث فيما يكره للصائم وما لا يكره

أَهْلُ مَغْرِبٍ هِلَالَ رَمَضَانَ يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى أَهْلِ مَشْرِقٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ثُمَّ إنَّمَا يَلْزَمُ الصَّوْمُ عَلَى مُتَأَخِّرِي الرُّؤْيَةِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ رُؤْيَةُ أُولَئِكَ بِطَرِيقٍ مُوجِبٍ حَتَّى لَوْ شَهِدَ جَمَاعَةٌ أَنَّ أَهْلَ بَلْدَةٍ قَدْ رَأَوْا هِلَالَ رَمَضَانَ قَبْلَكُمْ بِيَوْمٍ فَصَامُوا، وَهَذَا الْيَوْمُ ثَلَاثُونَ بِحِسَابِهِمْ، وَلَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْهِلَالَ لَا يُبَاحُ فِطْرُ غَدٍ، وَلَا يُتْرَكُ التَّرَاوِيحُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا بِالرُّؤْيَةِ، وَلَا عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا حَكَوْا رُؤْيَةَ غَيْرِهِمْ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ قَاضِيَ بَلْدَةِ كَذَا شَهِدَ عِنْدَهُ اثْنَانِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِي لَيْلَةِ كَذَا وَقَضَى بِشَهَادَتِهِمَا جَازَ لِهَذَا الْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي حُجَّةٌ وَقَدْ شَهِدُوا بِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا صَامَ أَهْلُ مِصْرٍ شَهْرَ رَمَضَانَ عَلَى غَيْرِ رُؤْيَةٍ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ إنْ عَدُّوا شَعْبَانَ بِرُؤْيَتِهِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَلَمْ يَرَوْا هِلَالَ رَمَضَانَ قَضَوْا يَوْمًا وَاحِدًا، وَإِنْ صَامُوا تِسْعًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ عَدُّوا هِلَالَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ هِلَالِ شَعْبَانَ ثُمَّ صَامُوا رَمَضَانَ قَضَوْا يَوْمَيْنِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا صَامَ أَهْلُ الْمِصْرِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا لِلرُّؤْيَةِ، وَفِيهِمْ مَرِيضٌ لَمْ يَصُمْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَذَا الرَّجُلُ مَا صَنَعَ أَهْلُ الْمِصْرِ صَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ وَمَا لَا يُكْرَهُ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ، وَمَا لَا يُكْرَهُ) . يُكْرَهُ مَضْغُ الْعِلْكِ لِلصَّائِمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَكَذَا فِي الْمُتُونِ. قَالَ مَشَايِخُنَا: الْمَسْأَلَةُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْعِلْكُ مُلْتَئِمًا مُصْلَحًا فَطَّرَهُ، وَإِنْ كَانَ مُصْلَحًا مُلْتَئِمًا فَإِنْ كَانَ أَسْوَدَ فَطَّرَهُ، وَإِنْ كَانَ أَبْيَضَ لَمْ يُفَطِّرْهُ إلَّا أَنَّ فِي الْكِتَابِ لَمْ يُفَصِّلْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكُرِهَ ذَوْقُ شَيْءٍ، وَمَضْغُهُ بِلَا عُذْرٍ كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَمِنْ الْعُذْرِ فِي الْأَوَّلِ مَا لَوْ كَانَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ وَسَيِّدُهَا سَيِّئَ الْخُلُقِ فَذَاقَتْ الْمَرَقَةَ، وَمِنْ الْعُذْرِ فِي الثَّانِي أَنْ لَا تَجِدَ مَنْ يَمْضُغُ الطَّعَامَ لِصَبِيِّهَا مِنْ حَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَا يَصُومُ، وَلَمْ تَجِدْ طَبِيخًا، وَلَا لَبَنًا حَلِيبًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَذَكَرَ فِي التَّجْنِيسِ أَنَّ كَرَاهَةَ الذَّوْقِ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا بَأْسَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيُكْرَهُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَذُوقَ الْعَسَلَ أَوْ الدُّهْنَ لِيَعْرِفَ الْجَيِّدَ مِنْ الرَّدِيءِ عِنْدَ الشِّرَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ شِرَائِهِ أَوْ يَخَافُ الْغَبْنَ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَتَكْرَهُ لَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَذَا الْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يُكْثِرَ إمْسَاكَ الْمَاءِ فِي فَمِهِ وَيَمْلَأَ لَا أَنْ يُغَرْغِرَ (1) كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ فَسَا الصَّائِمُ أَوْ ضَرَطَ فِي الْمَاءِ لَا يَفْسُدُ الصَّوْمُ وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَكُرِهَ الِاغْتِسَالُ وَصَبُّ الْمَاءِ عَلَى الرَّأْسِ وَالِاسْتِنْقَاعُ فِي الْمَاءِ وَالتَّلَفُّفُ بِالثَّوْبِ الْمَبْلُولِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُكْرَهُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَجْمَعَ رِيقَهُ فِي فَمِهِ ثُمَّ يَبْتَلِعَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ فِي الْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ عِنْدَنَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُكْرَهُ الْمَبْلُولُ بِالْمَاءِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا الرَّطْبُ الْأَخْضَرُ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَا يُكْرَهُ كُحْلٌ، وَلَا دَهْنُ شَارِبٍ كَذَا فِي الْكَنْزِ. هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الزِّينَةَ فَإِنْ قَصَدَهَا كُرِهَ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُفْطِرًا أَوْ صَائِمًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا بَأْسَ بِالْحِجَامَةِ إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ

الضَّعْفَ أَمَّا إذَا خَافَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إلَى وَقْتِ الْغُرُوبِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ شَرْطَ الْكَرَاهَةِ ضَعْفٌ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْفِطْرِ، وَالْفَصْدُ نَظِيرُ الْحِجَامَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ بِالْقُبْلَةِ إذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْجِمَاعِ وَالْإِنْزَالِ وَيُكْرَهُ إنْ لَمْ يَأْمَنْ وَالْمَسُّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَالْقُبْلَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَأَمَّا الْقُبْلَةُ الْفَاحِشَةُ، وَهِيَ أَنْ يَمُصَّ شَفَتَيْهَا فَتُكْرَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَالْجِمَاعُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَالْمُبَاشَرَةُ كَالْقُبْلَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. قِيلَ إنَّ الْمُبَاشَرَةَ الْفَاحِشَةَ تُكْرَهُ، وَإِنْ أَمِنَ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالْمُبَاشَرَةُ الْفَاحِشَةُ أَنْ يَتَعَانَقَا، وَهُمَا مُتَجَرِّدَانِ وَيَمَسَّ فَرْجُهُ فَرْجَهَا، وَهُوَ مَكْرُوهٌ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ بِالْمُعَانَقَةِ إذَا لَمْ يَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَوْ احْتَلَمَ فِي النَّهَارِ لَمْ يَضُرَّهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. التَّسَحُّرُ مُسْتَحَبٌّ، وَوَقْتُهُ آخِرُ اللَّيْلِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ، وَهُوَ السُّدُسُ الْأَخِيرُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ثُمَّ تَأْخِيرُ السُّحُورِ مُسْتَحَبٌّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُ السُّحُورِ إلَى وَقْتٍ يَقَعُ فِيهِ الشَّكُّ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَتَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ أَفْضَلُ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْطِرَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَبِك آمَنْت وَعَلَيْك تَوَكَّلْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت وَصَوْمُ الْغَدِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ نَوَيْت فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت، وَمَا أَخَّرْت كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَصَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ شَعْبَانَ إنْ نَوَاهُ عَنْ رَمَضَانَ أَوْ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ كُرِهَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فِي الْكَرَاهَةِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ثُمَّ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ عَنْهُ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ تَطَوُّعًا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ أَفْطَرَ لَا قَضَاءَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَصِحُّ عَمَّا نَوَى، وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ أَوْ مِنْ رَمَضَانَ لَا يَقَعُ عَمَّا نَوَى بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ نَوَى التَّطَوُّعَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ كَانَ صَائِمًا عَنْهُ، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ مُتَطَوِّعًا فَإِنْ أَفْطَرَ كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ مُلْتَزِمًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ جَازَ عَنْ رَمَضَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ ضَجَعَ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ أَنْ يَصُومَ غَدًا إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ، وَلَا يَصُومُ إنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِيرُ صَائِمًا، وَإِنْ ضَجَعَ فِي وَصْفِ النِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ إنْ كَانَ الْغَدُ مِنْ رَمَضَانَ يَصُومُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ فَعَنْ وَاجِبٍ آخَرَ أَوْ يَنْوِيَ أَنْ يَصُومَ رَمَضَانَ إنْ كَانَ الْغَدُ مِنْهُ وَعَنْ التَّطَوُّعِ إنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ أَيْضًا ثُمَّ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ يَقَعُ عَنْهُ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ لَا يَسْقُطُ الْوَاجِبُ فِي الْأَوَّلِ وَصَارَ تَطَوُّعًا غَيْرَ مَضْمُونٍ فِيهِمَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. أَمَّا يَوْمُ الشَّكِّ فَهُوَ إذَا لَمْ يَرَ عَلَامَةَ لَيْلَةِ الثَّلَاثِينَ، وَالسَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. أَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ أَوْ شَاهِدَانِ فَاسِقَانِ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا فَأَمَّا إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً، وَلَمْ يَرَ الْهِلَالَ أَحَدٌ فَلَيْسَ بِيَوْمِ الشَّكِّ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي يَوْمِ الشَّكِّ هَلْ صَوْمُهُ أَفْضَلُ أَوْ الْفِطْرُ قَالُوا: إنْ كَانَ صَامَ شَعْبَانَ أَوْ وَافَقَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ فَصَوْمُهُ أَفْضَلُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ، وَكَذَا إنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَوْ لَمْ يُوَافِقْ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْمُخْتَارُ أَنْ يُفْتَى بِالتَّطَوُّعِ فِي حَقِّ الْخَوَاصِّ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَيُفْتَى الْعَوَامُّ بِالتَّلَوُّمِ إلَى مَا قَبْلَ الزَّوَالِ لِاحْتِمَالِ ثُبُوتِ الشَّهْرِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا صَوْمَ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْفَاصِلُ بَيْنَ الْخَاصَّةِ

وَالْعَامَّةِ هُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْلَمُ نِيَّةَ الصَّوْمِ يَوْمَ الشَّكِّ فَهُوَ مِنْ الْخَوَاصِّ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْعَوَامّ، وَالنِّيَّةُ أَنْ يَنْوِيَ التَّطَوُّعَ مَنْ لَا يَعْتَادُ بِصَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلَا يَخْطِرُ بِبَالِهِ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ فَمِنْ رَمَضَانَ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. رَجُلٌ أَصْبَحَ يَوْمَ الشَّكِّ مُتَلَوِّمًا ثُمَّ أَكَلَ نَاسِيًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَنَوَى الصَّوْمَ ذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ بَابِ النِّيَّةِ. وَيُكْرَهُ صَوْمُ يَوْمِ الْعِيدَيْنِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَإِنْ صَامَ فِيهَا كَانَ صَائِمًا عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إنْ شَرَعَ فِيهَا ثُمَّ أَفْطَرَ كَذَا فِي الْكَنْزِ هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ الثَّلَاثَةِ وَعَنْ الشَّيْخَيْنِ وُجُوبُهُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَيُكْرَهُ صَوْمُ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُتَفَرِّقًا كَانَ أَوْ مُتَتَابِعًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ كَرَاهَتُهُ مُتَتَابِعًا لَا مُتَفَرِّقًا لَكِنْ عَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَتُسْتَحَبُّ السِّتَّةُ مُتَفَرِّقَةً كُلَّ أُسْبُوعٍ يَوْمَانِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي فَصْلِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي يُكْرَهُ فِيهَا الصَّوْمُ وَيُسْتَحَبُّ. وَيُكْرَهُ صَوْمُ الْوِصَالِ، وَهُوَ أَنْ يَصُومَ السَّنَةَ كُلَّهَا، وَلَا يُفْطِرَ فِي الْأَيَّامِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَإِذَا أَفْطَرَ فِي الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَصُومَ أَيَّامًا لَا يُفْطِرُ فِيهِنَّ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا هَكَذَا فِي السِّرَاجِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا وَيُفْطِرَ يَوْمًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ السَّبْتِ وَيَوْمِ الْأَحَدِ فَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ لَا يَعْتَقِدُ تَعْظِيمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيُكْرَهُ صَوْمُ يَوْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ إذَا تَعَمَّدَ، وَلَمْ يُوَافِقْ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَمَّا الْكَلَامُ فِي أَفْضَلِيَّةِ الصَّوْمِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَإِنْ كَانَ يَصُومُ قَبْلَهُ تَطَوُّعًا فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَصُومَ، وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَصُومَ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ تَعْظِيمَ هَذَا الْيَوْمِ، وَأَنَّهُ حَرَامٌ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُكْرَهُ صَوْمُ الصَّمْتِ، وَهُوَ أَنْ يَصُومَ، وَلَا يَتَكَلَّمَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُكْرَهُ أَنْ تَصُومَ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا أَوْ صَائِمًا أَوْ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وَالْأَمَةِ أَنْ يَصُومَا تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى كَيْفَمَا كَانَ، وَكَذَا الْمُدَبَّرُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فَإِنْ صَامَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ لِلزَّوْجِ أَنْ يُفْطِرَ الْمَرْأَةَ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يُفْطِرَ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ وَتَقْضِي الْمَرْأَةُ إذَا أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا أَوْ بَانَتْ وَيَقْضِي الْعَبْدُ إذَا أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى أَوْ أُعْتِقَ فَأَمَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَرِيضًا أَوْ صَائِمًا أَوْ مُحْرِمًا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُ الزَّوْجَةِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَهَا أَنْ تَصُومَ، وَإِنْ نَهَاهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ فَإِنَّ لِلْمَوْلَى مَنْعَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَكُلُّ صَوْمٍ وَجَبَ عَلَى الْمَمْلُوكِ بِسَبَبٍ بَاشَرَهُ كَالتَّطَوُّعِ إلَّا صَوْمَ الظِّهَارِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يَصُومُ الْأَجِيرُ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَ صَوْمُهُ يَضُرُّ بِهِ فِي الْخِدْمَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّهُ فَلَهُ أَنْ يَصُومَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَمَّا بِنْتُ الرَّجُلِ وَأُمُّهُ وَأُخْتُهُ فَيَتَطَوَّعْنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُكْرَهُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَصُومَ إذَا أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَالصَّوْمُ أَفْضَلُ إذَا لَمْ يَكُنْ رُفَقَاؤُهُ أَوْ عَامَّتُهُمْ مُفْطِرِينَ، فَإِنْ كَانَ رُفَقَاؤُهُ أَوْ عَامَّتُهُمْ مُفْطِرِينَ وَالنَّفَقَةُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمْ فَالْإِفْطَارُ أَفْضَلُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا أَصْبَحَ الْمُسَافِرُ صَائِمًا فَدَخَلَ مِصْرَهُ أَوْ مِصْرًا آخَرَ فَنَوَى الْإِقَامَةَ كُرِهَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يُكْرَهُ صَوْمُ التَّطَوُّعِ لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ أَيَّامِ الْبِيضِ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَصَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِانْفِرَادِهِ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْعَامَّةِ كَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ حَرَامٍ، وَالْأَشْهُرُ الْحُرُمُ أَرْبَعَةٌ ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ، وَوَاحِدٌ فَرْدٌ. وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ تِسْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُكْرَهُ

الباب الرابع فيما يفسد وما لا يفسد

صَوْمُ عَرَفَةَ لِلْحَاجِّ إنْ أَضْعَفَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَكَذَا صَوْمُ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ؛ لِأَنَّهُ يُعْجِزُهُ عَنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ. (الْمَرْغُوبَاتُ مِنْ الصِّيَامِ أَنْوَاعٌ) أَوَّلُهَا صَوْمُ الْمُحَرَّمِ وَالثَّانِي صَوْمُ رَجَبٍ وَالثَّالِثُ صَوْمُ شَعْبَانَ وَصَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَهُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَالصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ الْمَسْنُونُ أَنْ يَصُومَ عَاشُورَاءَ مَعَ التَّاسِعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَيُكْرَهُ صَوْمُ عَاشُورَاءَ مُفْرَدًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَصَوْمُ أَيَّامِ الصَّيْفِ لِطُولِهَا وَحَرِّهَا أَدَبٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يُفْسِدُ وَمَا لَا يُفْسِدُ] [النَّوْعُ الْأَوَّلُ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ دُونَ الْكَفَّارَةِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يُفْسِدُ، وَمَا لَا يُفْسِدُ) . وَالْمُفْسِدُ عَلَى نَوْعَيْنِ (النَّوْعُ الْأَوَّلُ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ دُونَ الْكَفَّارَةِ) . إذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قِيلَ لِرَجُلٍ يَأْكُلُ إنَّك صَائِمٌ، وَهُوَ لَا يَتَذَكَّرُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ نَظَرَ إلَى صَائِمٍ يَأْكُلُ نَاسِيًا إنْ رَأَى فِيهِ قُوَّةً يُمْكِنُهُ أَنْ يُتِمَّ الصَّوْمَ إلَى اللَّيْلِ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ لَا يُذَكِّرَهُ، وَإِنْ كَانَ يَضْعُفُ فِي الصَّوْمِ بِأَنْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا يَسَعُهُ أَنْ لَا يُخْبِرَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي فَصْلِ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ. لَوْ أَكَلَ مُكْرَهًا أَوْ مُخْطِئًا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمُخْطِئُ هُوَ الذَّاكِرُ لِلصَّوْمِ غَيْرُ الْقَاصِدِ لِلْفِطْرِ إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَالنَّاسِي عَكْسُهُ، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ تَمَضْمَضَ أَوْ اسْتَنْشَقَ فَدَخَلَ الْمَاءُ جَوْفَهُ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. وَلَوْ رَمَى رَجُلٌ إلَى صَائِمٍ شَيْئًا فَدَخَلَ حَلْقَهُ فَسَدَ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُخْطِئِ، وَكَذَا إذَا اغْتَسَلَ فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. النَّائِمُ إذَا شَرِبَ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَلَيْسَ هُوَ كَالنَّاسِي؛ لِأَنَّ النَّائِمَ أَوْ ذَاهِبَ الْعَقْلِ إذَا ذَبَحَ لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ مَنْ نَسِيَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا ابْتَلَعَ مَا لَا يُتَغَذَّى بِهِ، وَلَا يُتَدَاوَى بِهِ عَادَةً كَالْحَجَرِ وَالتُّرَابِ لَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَوْ ابْتَلَعَ حَصَاةٌ أَوْ نَوَاةً أَوْ حَجَرًا أَوْ مَدَرًا أَوْ قُطْنًا أَوْ حَشِيشًا أَوْ كَاغِدَةً فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَلَا كَفَّارَةَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا كَفَّارَةَ فِي السَّفَرْجَلِ إذَا لَمْ يُدْرِكْ وَلَمْ يَكُنْ مَطْبُوخًا، وَلَا ابْتِلَاعِ الْجَوْزَةِ الرَّطْبَةِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ ابْتَلَعَ جَوْزَةً يَابِسَةً أَوْ لَوْزَةً يَابِسَةً لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَوْ ابْتَلَعَ بَيْضَةً بِقِشْرِهَا أَوْ رُمَّانَةً بِقِشْرِهَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْفُسْتُقُ إنْ كَانَ رَطْبًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجَوْزِ، وَإِنْ كَانَ يَابِسًا إنْ مَضَغَهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا كَانَ فِيهِ لُبٌّ، وَإِنْ ابْتَلَعَهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ مَشْقُوقَ الرَّأْسِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْعَامَّةِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَكَلَ قِشْرَ الْبِطِّيخِ إنْ كَانَ يَابِسًا أَوْ كَانَ بِحَالٍ يُتَقَذَّرُ مِنْهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ طَرِيًّا بِحَالٍ لَا يُتَقَذَّرُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ أَكَلَ الْأَرُزَّ وَالْجَاوَرْسَ لَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا كَفَّارَةَ بِأَكْلِ الْعَدَسِ وَالْمَاشِ هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَوْ أَكَلَ الطِّينَ الَّذِي يَغْسِلُ بِهِ الرَّأْسَ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَإِنْ كَانَ يَعْتَادُ أَكْلَ هَذَا الطِّينِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ أَكَلَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ لَمْ يُفْسِدْ إنْ كَانَ قَلِيلًا وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يُفْسِدُ، وَالْحِمَّصَةُ وَمَا فَوْقَهَا كَثِيرٌ، وَمَا دُونَهَا قَلِيلٌ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ، وَأَخَذَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ أَكَلَ يَنْبَغِيَ أَنْ يُفْسِدَ كَذَا فِي الْكَافِي، وَفِي الْكَفَّارَةِ أَقَاوِيلُ قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا

ابْتَلَعَ سِمْسِمَةً بَيْنَ أَسْنَانِهِ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ، وَإِنْ ابْتَلَعَ مِنْ الْخَارِجِ يَفْسُدُ وَتَكَلَّمُوا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا تَجِبُ إذَا ابْتَلَعَهَا، وَلَمْ يَمْضُغْهَا كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ مَضَغَهَا لَا يَفْسُدُ إلَّا أَنْ يَجِدَ طَعْمَهَا فِي حَلْقِهِ، وَهَذَا حَسَنٌ جِدًّا فَلْيَكُنْ الْأَصْلَ فِي كُلِّ قَلِيلٍ مَضَغَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ مَضَغَ حَبَّةَ حِنْطَةٍ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهَا تَتَلَاشَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا كَفَّارَةَ فِي الظَّاهِرِ فِي ابْتِلَاعِ اللُّقْمَةِ الْمَمْضُوغَةِ لِغَيْرِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا بَقِيَتْ لُقْمَةُ السُّحُورِ فِي فِيهِ فَطَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ ابْتَلَعَهَا أَوْ أَخَذَ كِسْرَةَ خُبْزٍ لِيَأْكُلَهَا، وَهُوَ نَاسٍ فَلَمَّا مَضَغَهَا ذَكَرَ أَنَّهُ صَائِمٌ فَابْتَلَعَهَا مَعَ ذِكْرِ الصَّوْمِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ ابْتَلَعَهَا قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهَا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ ابْتَلَعَ بُزَاقَ غَيْرِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ بِغَيْرِ كَفَّارَةٍ إلَّا إذَا كَانَ بُزَاقَ صَدِيقِهِ فَحِينَئِذٍ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ ابْتَلَعَ بُزَاقَ نَفْسِهِ مِنْ يَدِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ تَرَطَّبَتْ شَفَتَيْهِ بِبُزَاقِهِ عِنْدَ الْكَلَامِ أَوْ غَيْرِهِ فَابْتَلَعَهُ لَا يَفْسُدُ لِلضَّرُورَةِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَوْ سَالَ لُعَابُهُ مِنْ فِيهِ إلَى ذَقَنِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقَطِعَ مِنْ دَاخِلِ فَمِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى فِيهِ وَابْتَلَعَهُ لَا يُفْطِرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ الْخُرُوجُ بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَطَعَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُقَطَّعَاتِ. فِي الْحُجَّةِ رَجُلٌ لَهُ عِلَّةٌ يَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْ فَمِهِ ثُمَّ يَدْخُلُ وَيَذْهَبُ فِي الْحَلْقِ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ بَقِيَ بَلَلٌ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ فَابْتَلَعَهُ مَعَ الْبُزَاقِ لَمْ يُفْطِرْهُ، وَلَوْ دَخَلَ الْمُخَاطُ أَنْفَهُ مِنْ رَأْسِهِ ثُمَّ اسْتَشَمَّهُ فَأَدْخَلَ حَلْقَهُ عَمْدًا لَمْ يُفْطِرْهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رِيقِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَكَلَ دَمًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَسْتَقْذِرُهُ الطَّبْعُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الدَّمُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْأَسْنَانِ وَدَخَلَ حَلْقَهُ إنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْبُزَاقِ لَا يَضُرُّهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلدَّمِ يَفْسُدُ صَوْمُهُ، وَإِنْ كَانَا سَوَاءً أَفْسَدَ أَيْضًا اسْتِحْسَانًا. صَائِمٌ عَمِلَ عَمَلَ الْإِبْرَيْسَمِ فَأَدْخَلَ الْإِبْرَيْسَمِ فِي فِيهِ وَخَرَجَتْ مِنْهُ خُضْرَةُ الصِّبْغِ أَوْ صُفْرَتُهُ أَوْ حُمْرَتُهُ وَاخْتَلَطَ بِالرِّيقِ فَصَارَ الرِّيقُ أَخْضَرَ أَوْ أَصْفَرَ أَوْ أَحْمَرَ فَابْتَلَعَهُ، وَهُوَ ذَاكِرٌ صَوْمَهُ فَسَدَ صَوْمُهُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ مَصَّ الْهَلِيلِجَ فَدَخَلَ الْبُزَاقُ حَلْقَهُ لَمْ يُفْسِدْ مَا لَمْ يَدْخُلْ عَيْنَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ مَصَّ سُكَّرًا حَتَّى وَصَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ بِالْأَكْلِ، وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَالذُّبَابِ إذَا وَصَلَ إلَى جَوْفِ الصَّائِمِ لَمْ يُفْطِرْهُ كَذَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ وَلَوْ أَخَذَ الذُّبَابَ، وَأَكَلَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ تَثَاءَبَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَوَقَعَ فِي حَلْقِهِ قَطْرَةُ مَاءٍ انْصَبَّ مِنْ مِيزَابٍ فَسَدَ صَوْمُهُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالْمَطَرُ وَالثَّلْجُ إذَا دَخَلَ حَلْقَهُ يُفْسِدُ صَوْمَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ دَخَلَ حَلْقَهُ غُبَارُ الطَّاحُونَةِ أَوْ طَعْمُ الْأَدْوِيَةِ أَوْ غُبَارُ الْهَرْسِ، وَأَشْبَاهُهُ أَوْ الدُّخَانُ أَوْ مَا سَطَعَ مِنْ غُبَارِ التُّرَابِ بِالرِّيحِ أَوْ بِحَوَافِرِ الدَّوَابِّ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ لَمْ يُفْطِرْهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الدُّمُوعُ إذَا دَخَلَتْ فَمَ الصَّائِمِ إنْ كَانَ قَلِيلًا كَالْقَطْرَةِ وَالْقَطْرَتَيْنِ أَوْ نَحْوِهَا لَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا حَتَّى وَجَدَ مُلُوحَتَهُ فِي جَمِيعِ فَمِهِ، وَاجْتَمَعَ شَيْءٌ كَثِيرٌ فَابْتَلَعَهُ يُفْسِدُ صَوْمَهُ، وَكَذَا عَرَقُ الْوَجْهِ إذَا دَخَلَ فَمَ الصَّائِمِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَمَا يَدْخُلُ مِنْ مَسَامِّ الْبَدَنِ مِنْ الدُّهْنِ لَا يُفْطِرُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ. وَمَنْ اغْتَسَلَ فِي مَاءٍ وَجَدَ بَرْدَهُ فِي بَاطِنِهِ لَا يُفْطِرُ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ أَقْطَرَ شَيْئًا مِنْ الدَّوَاءِ فِي عَيْنِهِ لَا يُفْطِرُ صَوْمَهُ عِنْدَنَا، وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ، وَإِذَا بَزَقَ فَرَأَى أَثَرَ الْكُحْلِ، وَلَوْنَهُ فِي بُزَاقِهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا قَاءَ

أَوْ اسْتِقَاءَ مِلْءَ الْفَمِ أَوْ دُونَهُ عَادَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَعَادَ أَوْ خَرَجَ فَلَا فِطْرَ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا فِي الْإِعَادَةِ وَالِاسْتِقَاءِ بِشَرْطِ مِلْءِ الْفَمِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْقَيْءُ طَعَامًا أَوْ مَاءً أَوْ مُرَّةً فَإِنْ كَانَ بَلْغَمًا فَغَيْرُ مُفْسِدٍ لِلصَّوْمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا مَلَأَ الْفَمَ وَقَوْلُهُ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِمَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَمَنْ احْتَقَنَ أَوْ اسْتَعَطَ أَوْ أَقْطَرَ فِي أُذُنِهِ دُهْنًا أَفْطَرَ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَوْ دَخَلَ الدُّهْنُ بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَطَّرَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَقْطَرَ فِي أُذُنِهِ الْمَاءَ لَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَقْطَرَ فِي إحْلِيلِهِ لَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سَوَاءٌ أَقْطَرَ فِيهِ الْمَاءَ أَوْ الدُّهْنَ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا وَصَلَ الْمَثَانَةَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصِلْ بِأَنْ كَانَ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ بَعْدُ لَا يُفْطِرُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي الْإِقْطَارِ فِي أَقْبَالِ النِّسَاءِ يُفْسِدُ بِلَا خِلَافٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي دَوَاءِ الْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْوُصُولِ إلَى الْجَوْفِ وَالدِّمَاغِ لَا لِكَوْنِهِ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا حَتَّى إذَا عَلِمَ أَنَّ الْيَابِسَ وَصَلَ يُفْسِدُ صَوْمَهُ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الرَّطْبَ لَمْ يَصِلْ لَمْ يُفْسِدْ هَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَحَدَهُمَا، وَكَانَ الدَّوَاءُ رَطْبًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْطِرُ لِلْوُصُولِ عَادَةٍ وَقَالَا لَا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا يُفْطِرُ بِالشَّكِّ، وَإِنْ كَانَ يَابِسًا فَلَا فِطْرَ اتِّفَاقًا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ طُعِنَ بِرُمْحٍ أَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ وَبَقِيَ فِي جَوْفِهِ فَسَدَ، وَإِنْ بَقِيَ طَرَفُهُ خَارِجًا لَا يُفْسِدُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَنْ ابْتَلَعَ لَحْمًا مَرْبُوطًا عَلَى خَيْطٍ ثُمَّ انْتَزَعَهُ مِنْ سَاعَتِهِ لَا يَفْسُدُ، وَإِنْ تَرَكَهُ فَسَدَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ ابْتَلَعَ خَشَبَةً وَطَرَفُهَا فِي يَدِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ، وَلَوْ ابْتَلَعَ كُلَّهَا فَسَدَ صَوْمُهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي اسْتِهِ أَوْ الْمَرْأَةُ فِي فَرْجِهَا لَا يَفْسُدُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ إلَّا إذَا كَانَتْ مُبْتَلَّةً بِالْمَاءِ أَوْ الدُّهْنِ فَحِينَئِذٍ يَفْسُدُ لِوُصُولِ الْمَاءِ أَوْ الدُّهْنِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. هَذَا إذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلصَّوْمِ، وَهَذَا تَنْبِيهٌ حَسَنٌ يَجِبُ أَنْ يُحْفَظَ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ إنَّمَا يَفْسُدُ فِي جَمِيعِ الْفُصُولِ إذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلصَّوْمِ، وَإِلَّا فَلَا، هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَإِذَا خَرَجَ دُبُرُهُ، وَهُوَ صَائِمٌ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ مَقَامِهِ حَتَّى يُنَشِّفَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِخِرْقَةٍ كَيْ لَا يَدْخُلَ الْمَاءُ جَوْفَهُ فَيُفْسِدَ صَوْمَهُ وَلِهَذَا قَالُوا لَا يَتَنَفَّسُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ إذَا كَانَ صَائِمًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الِاسْتِجْمَارِ. وَالصَّائِمُ إذَا اسْتَقْصَى فِي الِاسْتِنْجَاءِ حَتَّى بَلَغَ الْمَاءُ مَبْلَغَ الْحُقْنَةِ يُفْسِدُ صَوْمَهُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا جَامَعَ مُكْرَهًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَكَذَا لَوْ أَكْرَهَتْهُ الْمَرْأَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا أَوْلَجَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَمَّا خَشِيَ الصُّبْحَ أَخْرَجَ، وَأَمْنَى بَعْدَ الصُّبْحِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ بَدَأَ بِالْجِمَاعِ نَاسِيًا أَوْ أَوْلَجَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ النَّاسِي تَذَكَّرَ إنْ نَزَعَ نَفْسَهُ فِي فَوْرِهِ لَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ بَقِيَ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا نَظَرَ إلَى امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ فِي وَجْهِهَا أَوْ فَرْجِهَا كَرَّرَ النَّظَرَ أَوَّلًا لَا يُفْطِرُ إذَا أَنْزَلَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَكَذَا لَا يُفْطِرُ بِالْفِكْرِ إذَا أَمْنَى هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا قَبَّلَ امْرَأَتَهُ، وَأَنْزَلَ فَسَدَ صَوْمُهُ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا فِي تَقْبِيلِ الْأَمَةِ وَالْغُلَامِ وَتَقْبِيلِهَا زَوْجَهَا إذَا رَأَتْ بَلَلًا، وَإِنْ وَجَدَتْ لَذَّةً، وَلَمْ تَرَ بَلَلًا فَسَدَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَوْ قَبَّلَ بَهِيمَةً فَأَنْزَلَ لَا يَفْسُدُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمَسُّ وَالْمُبَاشَرَةُ وَالْمُصَافَحَةُ وَالْمُعَانَقَةُ كَالْقُبْلَةِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ مَسَّ الْمَرْأَةَ وَرَأَى ثِيَابَهَا فَأَمْنَى فَإِنْ وَجَدَ حَرَارَةَ جِلْدِهَا فَسَدَ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي

النوع الثاني ما يوجب القضاء والكفارة

مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَلَوْ مَسَّتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا حَتَّى أَنْزَلَ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ، وَلَوْ كَانَ يُكَلَّفُ بِذَلِكَ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ مَسَّ فَرْجَ بَهِيمَةٍ فَأَنْزَلَ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا جَامَعَ بَهِيمَةً أَوْ مَيِّتَةً أَوْ جَامَعَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَلَمْ يُنْزِلْ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ، وَإِنْ أَنْزَلَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الصَّائِمُ إذَا عَالَجَ ذَكَرَهُ حَتَّى أَمْنَى فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا عَالَجَ ذَكَرَهُ بِيَدِ امْرَأَتِهِ فَأَنْزَلَ فَسَدَ صَوْمُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ جُومِعَتْ النَّائِمَةُ أَوْ الْمَجْنُونَةُ جُنُونًا عَارِضِيًّا بَعْدَ نِيَّتِهَا حَالَةَ الْإِفَاقَةِ يَفْسُدُ صَوْمُهَا عِنْدَ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَإِنْ عَمِلَتْ امْرَأَتَانِ بِالسِّحَاقِ إنْ أَنْزَلَتَا أَفْطَرَتَا، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَا كَفَّارَةَ مَعَ الْإِنْزَالِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. [النَّوْعُ الثَّانِي مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ] (النَّوْعُ الثَّانِي مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ) . مَنْ جَامَعَ عَمْدًا فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِنْزَالُ فِي الْمَحَلَّيْنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَعَلَى الْمَرْأَةِ مِثْلُ مَا عَلَى الرَّجُلِ إنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً، وَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً فَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ مُكْرَهَةً فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ طَاوَعَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ مَكَّنَتْ نَفْسَهَا مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ فَزَنَى بِهَا فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. إذَا أَكَلَ مُتَعَمِّدًا مَا يُتَغَذَّى بِهِ أَوْ يُتَدَاوَى بِهِ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، وَهَذَا إذَا كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ لِلْغِذَاءِ أَوْ لِلدَّوَاءِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ لَهُمَا فَلَا كَفَّارَةَ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ فَالصَّائِمُ إذَا أَكَلَ الْخُبْزَ أَوْ الْأَطْعِمَةَ أَوْ الْأَشْرِبَةَ أَوْ الْأَدْهَانَ أَوْ الْأَلْبَانَ أَوْ أَكَلَ إهْلِيلِجَةً أَوْ مِسْكًا أَوْ زَعْفَرَانًا أَوْ كَافُورًا أَوْ غَالِيَةً عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ عِنْدَنَا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَكَذَا إذَا أَكَلَ الْخَلَّ وَالْمُرَّى، وَمَاءَ الْعُصْفُرِ، وَمَاءَ الزَّعْفَرَانِ، وَمَاءَ الْبَاقِلَاءِ وَالْبِطِّيخِ، وَمَاءَ الْقِثَّاءِ وَالْقَنْدِ، وَمَاءَ الزَّرْجُونِ (1) وَالْمَطَرِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ. وَكَذَا إذَا أَكَلَ طِينًا يُؤْكَلُ لِلدَّوَاءِ كَالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ أَوْ الطِّينِ الَّذِي يُقْلَى فَيُؤْكَلُ أَوْ دَقِيقَ الذُّرَةِ إذَا لَتَّهُ بِسَمْنٍ أَوْ ابْتَلَعَ بِطِّيخَةً صَغِيرَةً، وَكَذَا إذَا أَكَلَ لَحْمًا غَيْرَ مَطْبُوخٍ أَوْ شَحْمًا غَيْرَ مَطْبُوخٍ عَلَى الْمُخْتَارِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ ابْتَلَعَ شَعِيرًا إنْ كَانَ مَقْلِيًّا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْلِيٍّ لَا تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْلِيَّ يُؤْكَلُ عَادَةً، وَغَيْرَ مَقْلِيٍّ لَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي دَقِيقِ الذُّرَةِ إذَا لَتَّهُ بِالسَّمْنِ أَوْ الدِّبْسِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ، وَكَذَا لَوْ أَكَلَ الْحِنْطَةَ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ أَكَلَ قَوَائِمَ الذُّرَةِ قَالَ الزَّنْدَوِيسِيُّ أَرَى أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ؛ لِأَنَّ فِيهَا حَلَاوَةً وَيُلْتَذُّ بِهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ أَكَلَ وَرَقَ الشَّجَرِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ كَوَرِقِ الْكَرْمِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ كَوَرَقِ الْكَرْمِ إذَا عَظُمَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ النَّبَاتَاتُ كُلُّهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ أَكَلَ حَبَّةَ عِنَبٍ إنْ مَضَغَهَا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ ابْتَلَعَهَا كَمَا هِيَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ثُفْرُوقُهَا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا ثُفْرُوقُهَا قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَقَالَ أَبُو سُهَيْلٍ لَا كَفَّارَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ ابْتَلَعَ لَوْزَةً رَطْبَةً تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ مَضَغَ لَوْزَةً أَوْ جَوْزَةً رَطْبَةً أَوْ يَابِسَةً وَابْتَلَعَهَا كَفَّرَ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَفِي الْمِلْحِ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ إلَّا إذَا اعْتَادَ أَكْلَهُ وَحْدَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ أَكَلَ الْمِلْحَ تَجِبُ

الباب الخامس في الأعذار التي تبيح الإفطار

الْكَفَّارَةُ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) لَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ فَطَّرَهُ فَأَكَلَ مُتَعَمِّدًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ صَوْمَهُ لَا يَفْسُدُ بِالنِّسْيَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَلْزَمُهُ هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَظَنَّ أَنَّهُ يُفَطِّرُهُ فَأَفْطَرَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُفَطِّرُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا احْتَلَمَ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَفْطَرَهُ فَأَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ عَلِمَ حُكْمَ الِاحْتِلَامِ كَفَّرَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ احْتَجَمَ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُفَطِّرُهُ ثُمَّ أَكَلَ مُتَعَمِّدًا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ إلَّا إذَا أَفْتَاهُ فَقِيهٌ بِالْفَسَادِ، وَلَوْ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ وَاعْتَمَدَهُ فَكَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافُ ذَلِكَ، وَإِنْ عَرَفَ تَأْوِيلَهُ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا اكْتَحَلَ أَوْ دَهَنَ نَفْسَهُ أَوْ شَارِبَهُ ثُمَّ أَكَلَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إلَّا إذَا كَانَ جَاهِلًا فَأُفْتِيَ لَهُ بِالْفِطْرِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ مِصْرَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ شَيْئًا وَنَوَى الصَّوْمَ ثُمَّ جَامَعَ مُتَعَمِّدًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا أَفَاقَ الْمَجْنُونُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَنَوَى الصَّوْمَ ثُمَّ جَامَعَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا أَصْبَحَ غَيْرَ نَاوٍ لِلصَّوْمِ ثُمَّ نَوَى قَبْلَ الزَّوَالِ ثُمَّ أَكَلَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ. وَالصَّحِيحُ إذَا أَفْطَرَ ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ الصَّوْمَ تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فَالْأَصْلُ عِنْدَنَا أَنَّهُ إذَا صَارَ فِي آخِرِ النَّهَارِ عَلَى صِفَةٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اسْتَاكَ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَفْطَرَهُ فَأَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ اغْتَابَ إنْسَانًا فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُفْطِرُهُ ثُمَّ أَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ اسْتَفْتَى فَقِيهًا أَوْ تَأَوَّلَ حَدِيثًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَفْطَرَتْ الْمَرْأَةُ مُتَعَمِّدَةً ثُمَّ حَاضَتْ أَوْ مَرِضَتْ يَوْمَهَا ذَلِكَ قَضَتْ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا، وَكَذَا لَوْ أَفْطَرَ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ جَرَحَ نَفْسَهُ حَتَّى صَارَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ قِيلَ لَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ جَامَعَ بَهِيمَةً أَوْ مَيِّتَةً فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَفْطَرَهُ فَأَكَلَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إنْ كَانَ عَالِمًا، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي دُبُرِهِ أَوْ سِلْكَةٍ قَدْ ابْتَلَعَهَا، وَلَمْ يُغَيِّبْهَا مِنْ يَدِهِ ثُمَّ أَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا. وَلَوْ نَظَرَ إلَى مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ فَطَّرَهُ فَأَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كَالْقَيْءِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ أَكَلَ مَيْتَةً قَدْ تَدَوَّدَتْ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَلَا كَفَّارَةَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَدَوَّدَتْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قُدِّمَ لِيُقْتَلَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَاسْتَسْقَى رَجُلًا فَسَقَاهُ فَشَرَّبَهُ ثُمَّ عَفَا عَنْهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. إذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ طَوْعًا نَهَارًا مُتَعَمِّدًا ثُمَّ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ عَلَى السَّفَرِ فِي ظَاهِرِ الْأُصُولِ لَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْأَعْذَارِ الَّتِي تُبِيحُ الْإِفْطَارَ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْأَعْذَارِ الَّتِي تُبِيحُ الْإِفْطَارَ) . (مِنْهَا السَّفَرُ) الَّذِي يُبِيحُ الْفِطْرَ وَهُوَ لَيْسَ بِعُذْرٍ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَنْشَأَ السَّفَرَ فِيهِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. فَلَوْ سَافَرَ نَهَارًا لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَإِنْ أَفْطَرَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْطَرَ ثُمَّ سَافَرَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ أَكَلَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مُتَعَمِّدًا ثُمَّ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ عَلَى السَّفَرِ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَلَوْ

سَافَرَ بِاخْتِيَارِهِ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ سَافَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ لِيَحْمِلَ شَيْئًا نَسِيَهُ فَأَكَلَ بِمَنْزِلِهِ ثُمَّ خَرَجَ الْقِيَاسُ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ رَفَضَ سَفَرَهُ قَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. (وَمِنْهَا الْمَرَضُ) الْمَرِيضُ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ أَوْ ذَهَابَ عُضْوٍ يُفْطِرُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ خَافَ زِيَادَةَ الْعِلَّةِ وَامْتِدَادَهَا فَكَذَلِكَ عِنْدَنَا، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا أَفْطَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِ الْمَرِيضِ وَالِاجْتِهَادُ غَيْرُ مُجَرَّدِ الْوَهْمِ بَلْ هُوَ غَلَبَةُ ظَنٍّ عَنْ أَمَارَةٍ أَوْ تَجْرِبَةٍ أَوْ بِإِخْبَارِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ غَيْرِ ظَاهِرِ الْفِسْقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَخْشَى أَنْ يَمْرَضَ بِالصَّوْمِ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ كَانَ لَهُ نَوْبَةُ الْحُمَّى فَأَكَلَ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ الْحُمَّى لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَمَنْ كَانَ لَهُ حُمَّى غَبٌّ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الْمُعْتَادُ أَفْطَرَ عَلَى تَوَهُّمِ أَنَّ الْحُمَّى تُعَاوِدُهُ وَتُضْعِفُهُ فَأَخْلَفَتْ الْحُمَّى تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (وَمِنْهَا حَبَلُ الْمَرْأَةِ، وَإِرْضَاعُهَا) الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ، وَلَدِهِمَا أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِنْهَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ) ، وَإِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ وَنَفِسَتْ أَفْطَرَتْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ الْمَرْأَةُ إذَا أَفْطَرَتْ عَلَى أَنَّهُ يَوْمُ الْحَيْضِ ثُمَّ إنَّهَا لَمْ تَحِضْ فِي يَوْمِهَا ذَلِكَ الْأَظْهَرُ أَنَّ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ طَهُرَتْ لَيْلًا صَامَتْ الْغَدَ إنْ كَانَتْ أَيَّامُ حَيْضِهَا عَشَرَةً، وَإِنْ كَانَتْ دُونَهَا فَإِنْ أَدْرَكَتْ مِنْ اللَّيْلِ مِقْدَارَ الْغُسْلِ وَزِيَادَةَ سَاعَةٍ لَطِيفَةٍ تَصُومُ وَإِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ مَعَ فَرَاغِهَا مِنْ الْغُسْلِ لَا تَصُومُ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الِاغْتِسَالِ مِنْ جُمْلَةِ الْحَيْضِ فِيمَنْ كَانَتْ أَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَمِنْهَا الْعَطَشُ وَالْجُوعُ كَذَلِكَ) إذَا خِيفَ مِنْهُمَا الْهَلَاكُ أَوْ نُقْصَانُ الْعَقْلِ كَالْأَمَةِ إذَا ضَعُفَتْ عَنْ الْعَمَلِ وَخَشِيَتْ الْهَلَاكَ بِالصَّوْمِ، وَكَذَا الَّذِي ذَهَبَ بِهِ مُوَكَّلُ السُّلْطَانِ إلَى الْعِمَارَةِ فِي الْأَيَّامِ الْحَارَّةِ إذَا خَشَى الْهَلَاكَ أَوْ نُقْصَانَ الْعَقْلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (وَمِنْهَا: كِبَرُ السِّنِّ) فَالشَّيْخُ الْفَانِي الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا كَمَا يُطْعِمُ فِي الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْعَجُوزُ مِثْلُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَهُوَ الَّذِي كُلُّ يَوْمٍ فِي نَقْصٍ إلَى أَنْ يَمُوتَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. ثُمَّ إنْ شَاءَ أَعْطَى الْفِدْيَةَ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ بِمَرَّةٍ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا إلَى آخِرِهِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الصِّيَامِ بَعْدَ مَا فَدَى بَطَلَ حُكْمُ الْفِدَاءِ الَّذِي فَدَاهُ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ كَانَ صَوْمُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَوْ صَوْمُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ فَعَجَزَ عَنْهُ وَصَارَ شَيْخًا فَانِيًا فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ صَوْمٍ إذَا كَانَ أَصْلًا بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ بَدَلًا عَنْ غَيْرِهِ جَازَ الْإِطْعَامُ بَدَلًا عَنْهُ إذَا وَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ الصَّوْمِ، وَكُلَّ صَوْمٍ كَانَ بَدَلًا عَنْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَصْلًا بِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ الْإِطْعَامُ عَنْهُ، وَإِنْ وَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ صَوْمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ غَيْرِهِ فَلَا يُجْزِئُ الْإِطْعَامُ عَنْهُ، وَأَمَّا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَكَفَّارَةِ الْإِفْطَارِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ لِفَقْرِهِ وَعَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ لِكِبَرِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؛ لِأَنَّ هَذَا صَارَ بَدَلًا عَنْ الصِّيَامِ بِالنَّصِّ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ فَاتَ صَوْمُ رَمَضَانَ بِعُذْرِ الْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ وَاسْتَدَامَ الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ حَتَّى مَاتَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ إنْ أَوْصَى بِأَنْ يُطْعَمَ عَنْهُ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَيُطْعَمُ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَإِنْ بَرِئَ الْمَرِيضُ أَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ، وَأَدْرَكَ مِنْ الْوَقْتِ بِقَدْرِ مَا فَاتَهُ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ جَمِيعِ مَا أَدْرَكَ فَإِنْ لَمْ يَصُمْ حَتَّى أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِالْفِدْيَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيُطْعِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فَإِنْ لَمْ يُوصِ وَتَبَرَّعَ عَنْهُ الْوَرَثَةُ جَازَ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ غَيْرِ إيصَاءٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَصُومُ عَنْهُ الْوَلِيُّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. فَإِنْ صَحَّ الْمَرِيضُ أَوْ أَقَامَ الْمُسَافِرُ ثُمَّ مَاتَا

الباب السادس في النذر

لَزِمَهُمَا الْقَضَاءُ بِقَدْرِ الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ، وَهَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ جَاءَ الرَّمَضَانُ الثَّانِي، وَلَمْ يَقْضِ الْأَوَّلَ قُدِّمَ الْأَدَاءُ عَلَى الْقَضَاءِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. ذَكَرَ الرَّازِيّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْإِفْطَارَ بِغَيْرِ عُذْرٍ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ لَا يَحِلُّ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَالضِّيَافَةُ فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عُذْرٌ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ هَكَذَا فِي الْكَافِي. قَالُوا وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ مِمَّنْ يَرْضَى بِمُجَرَّدِ حُضُورِهِ، وَلَا يَتَأَذَّى بِتَرْكِ الْإِفْطَارِ لَا يُفْطِرُ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَأَذَّى بِتَرْكِ الْإِفْطَارِ يُفْطِرُ وَيَقْضِي وَقَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ بِالْقَضَاءِ يُفْطِرُ دَفْعًا لِلْأَذَى عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ بِالْقَضَاءِ لَا يُفْطِرُ، وَإِنْ كَانَ تَرْكُ الْإِفْطَارِ أَذَى الْمُسْلِمِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْإِفْطَارُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يُفْطِرُ إلَّا إذَا كَانَ فِي تَرْكِ الْإِفْطَارِ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّ الْمُضِيفِ وَالضَّيْفِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ الضِّيَافَةُ لَيْسَتْ بِعُذْرٍ فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. الْمَجْنُونُ إذَا أَفَاقَ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا مَضَى، وَإِنْ اسْتَوْعَبَ جُنُونُهُ كُلَّ الشَّهْرِ لَمْ يَقْضِهِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْجُنُونِ الطَّارِئِ عَلَى الْبُلُوغِ وَالْمُقَارِنِ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَفَاقَ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَالنِّهَايَةِ. وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ رَمَضَانَ كُلَّهُ قَضَاهُ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَبَقِيَ كَذَلِكَ أَيَّامًا لَمْ يَقْضِ يَوْمَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ نَوَى الصَّوْمَ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَظَاهِرُ حَالِهِ النِّيَّةُ وَالْعَمَلُ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَاجِبٌ حَتَّى لَوْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مُتَهَتِّكًا يَعْتَادُ الْفِطْرَ فِي رَمَضَانَ قَضَاهُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ لَمْ يَدُلَّ عَلَى النِّيَّةِ، وَلَمْ يَنْوِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. الْغَازِي إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُقَاتِلُ الْعَدُوَّ فِي رَمَضَانَ، وَهُوَ يَخَافُ الضَّعْفَ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ الْقِتَالُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي الْقِتَالِ يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيمِ الْإِفْطَارِ لِيَتَقَوَّى، وَلَا كَذَلِكَ الْمَرَضُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُقَطَّعَاتِ. الْمُحْتَرِفُ الْمُحْتَاجُ إلَى نَفَقَتِهِ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِحِرْفَتِهِ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ مُبِيحٌ لِلْفِطْرِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ قَبْلَ أَنْ يَمْرَضَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي النَّذْرِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي النَّذْرِ) . الْأَصْلُ أَنَّ النَّذْرَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِشُرُوطٍ (أَحَدُهَا) أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ مِنْ جِنْسِهِ شَرْعًا فَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ النَّذْرُ بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ. (وَالثَّانِي) أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا لَا وَسِيلَةً فَلَمْ يَصِحَّ النَّذْرُ بِالْوُضُوءِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ. (وَالثَّالِثُ) أَنْ لَا يَكُونَ وَاجِبًا فِي الْحَالِ، وَفِي ثَانِي الْحَالِ فَلَمْ يَصِحَّ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَفْرُوضَاتِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ (وَالرَّابِعُ) أَنْ لَا يَكُونَ الْمَنْذُورُ مَعْصِيَةً بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فَإِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ أَفْطَرَ وَقَضَى، وَهَذَا النَّذْرُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ بِنَفْسِهِ مَنْهِيٌّ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ تَرْكُ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ - تَعَالَى -، وَإِنْ صَامَ فِيهِ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَحِيلَ الْكَوْنِ فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ أَمْسِ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ فَقَدِمَ فُلَانٌ بَعْدَمَا أَكَلَ أَوْ بَعْدَمَا حَاضَتْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ الزَّوَالِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ غَيْرِهِ

كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ فَقَدِمَ لَيْلًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَلَوْ قَدِمَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلَمْ يَأْكُلْ صَامَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ أَبَدًا فَقَدِمَ فُلَانٌ فِي يَوْمٍ قَدْ أَكَلَ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَيَلْزَمُهُ صَوْمُ كُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ، وَجَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يُعَافَى فِيهِ فُلَانٌ أَبَدًا فَعُوفِيَ فُلَانٌ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ فُلَانٌ فَعَلَيْهِ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَحْدَهُ أَبَدًا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ صَوْمُ يَوْمٍ وَتَعْيِينُ الْأَدَاءِ إلَيْهِ، وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي بِالْإِجْمَاعِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ نِصْفِ يَوْمٍ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ عَشَرَةً لَزِمَهُ ذَلِكَ وَيُعَيِّنُ وَقْتًا يُؤَدِّي فِيهِ فَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ، وَإِنْ شَاءَ تَابَعَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّتَابُعَ عِنْدَ النَّذْرِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ مُتَتَابِعًا فَإِنْ نَوَى فِيهِ التَّتَابُعَ، وَأَفْطَرَ يَوْمًا فِيهِ أَوْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِي مُدَّةِ الصَّوْمِ اسْتَأْنَفَ وَاسْتَأْنَفَتْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مُتَفَرِّقًا فَصَامَ مُتَتَابِعًا أَجْزَأَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ فَصَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَأَفْطَرَ يَوْمًا لَا يَدْرِي أَنَّ يَوْمَ الْإِفْطَارِ مِنْ الْخَمْسَةِ أَوْ مِنْ الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ يَصُومُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ أُخَرَ مُتَتَابِعَاتٍ فَيُؤْخَذُ عَشَرَةٌ مُتَتَابِعَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمًا وَيَوْمًا فَعَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِذَلِكَ الْأَبَدَ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ لَزِمَهُ صَوْمُ يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ قَالَ صَوْمُ أَيَّامٍ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْأَكْثَرَ، وَلَوْ قَالَ صَوْمُ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَعَلَيْهِ صَوْمُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْأَيَّامِ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَعَلَيْهِ صِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَعِنْدَهُمَا سَبْعَةِ أَيَّامٍ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ كَذَا كَذَا يَوْمًا يَلْزَمُهُ صَوْمُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَوْ قَالَ كَذَا، وَكَذَا يَلْزَمُهُ صَوْمُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ جُمُعَةٍ لَزِمَهُ سَبْعَةُ أَيَّامٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ صَوْمُ الْجُمَعِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا عَلَى عَشَرَةِ جُمَعٍ، وَعِنْدَهُمَا عَلَى جَمِيعِ جُمَعِ الْعُمُرِ، وَلَوْ قَالَ جُمَعِ هَذَا الشَّهْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ يَمُرُّ فِي هَذَا الشَّهْرِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُقَطَّعَاتِ. إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِ خَمِيسٍ إلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ صَوْمُهُ وَحْدَهُ، وَلَا يَجِبُ كُلُّ خَمِيسٍ يَأْتِي إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَ السَّبْتِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ سَبَّتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لَزِمَهُ سَبْعَةُ سُبُوتٍ؛ لِأَنَّ السَّبْتَ فِي سَبْعَةِ أَيَّامٍ لَا يَتَكَرَّرُ فَحُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الْعَدَدِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا نَذَرَ أَنْ يَصُومَ كُلَّ خَمِيسٍ يَأْتِي عَلَيْهِ فَأَفْطَرَ خَمِيسًا وَاحِدًا فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ حَتَّى صَارَ شَيْخًا فَانِيًا أَوْ كَانَ النَّذْرُ بِصِيَامِ الْأَبَدِ فَعَجَزَ لِذَلِكَ أَوْ بِاشْتِغَالِهِ بِالْمَعِيشَةِ لِكَوْنِ صِنَاعَتِهِ شَاقَّةً فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَيُطْعِمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ لِعُسْرَتِهِ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ لِشِدَّةِ الزَّمَانِ كَالْحَرِّ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَيَنْتَظِرَ الشِّتَاءَ فَيَقْضِي كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ نَذَرَهُ بِالْأَبَدِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ صَوْمُ شَهْرٍ لَزِمَهُ صَوْمُ شَهْرٍ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ يَسْتَوِي فِيهِ الْقَصْدُ وَغَيْرُهُ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ لَزِمَهُ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَتَعْيِينُ الشَّهْرِ إلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ عَقِيبَ النَّذْرِ حَتَّى لَا يَأْثَمَ بِالتَّأْخِيرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ

الباب السابع في الاعتكاف

عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الشَّهْرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَإِذَا نَوَى شَهْرًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا لَزِمَهُ التَّتَابُعُ، وَإِنْ أَطْلَقَ يُخَيَّرُ، وَإِنْ عَيَّنَ الشَّهْرَ فَأَفْطَرَ يَوْمًا قَضَاهُ، وَلَا يَسْتَقْبِلُ، وَإِنْ أَفْطَرَ كُلَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْقَضَاءِ بَيْنَ التَّفَرُّقِ وَالتَّتَابُعِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَوَّالٍ وَذِي الْقِعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ فَصَامَهُنَّ بِالْأَهِلَّةِ، وَكَانَ ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ ثَلَاثِينَ ثَلَاثِينَ وَشَوَّالٌ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ عَلَيْهِ صَوْمُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَعَيَّنَ لِلصَّوْمِ شَوَّالًا وَذَا الْقِعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ، وَكَانَ ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ ثَلَاثِينَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَشَوَّالٌ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ سِتَّةِ أَيَّامٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا مِثْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ إنْ نَوَى الْمُمَاثَلَةَ فِي التَّتَابُعِ يَلْزَمُهُ صَوْمُ شَهْرٍ مُتَتَابِعٍ، وَإِنْ نَوَى الْمُمَاثَلَةَ فِي الْعَدَدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا إنْ شَاءَ صَامَ مُتَفَرِّقًا، وَإِنْ شَاءَ مُتَتَابِعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي النَّوَازِلِ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ مِثْلَهُ فِي الْوُجُوبِ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ السَّنَةِ أَفْطَرَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَقَضَاهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ هَذَا إذَا قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَإِنْ قَالَهُ فِي شَوَّالٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْعِيدَيْنِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَاقِلًا عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ، وَلَمْ يُعَيِّنْ يَصُومُ سَنَةً بِالْأَهِلَّةِ وَيَقْضِي خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ يَوْمًا ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِرَمَضَانَ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ قَضَاءً عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ مُتَتَابِعَةٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ السَّنَةِ بِعَيْنِهَا لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ الْمُتَتَابِعَةَ لَا تَخْلُو عَنْ شَهْرِ رَمَضَانَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا أَوْجَبَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْسِهَا صَوْمَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا قَضَتْ أَيَّامَ حَيْضِهَا؛ لِأَنَّ تِلْكَ السَّنَةِ قَدْ تَخْلُو عَنْ أَيَّامِ الْحَيْضِ فَصَحَّ الْإِيجَابُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ دَهْرًا فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ الدَّهْرَ فَعَلَى الْعُمُرِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا عَلَّقَ النَّذْرَ بِالصَّوْمِ بِشَرْطٍ، وَأَدَّاهُ قَبْلَ وُجُودِهِ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا، وَإِذَا كَانَ مُضَافًا إلَى وَقْتٍ، وَأَدَّاهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ رَجَبًا فَصَامَ رَبِيعًا الْأَوَّلَ مَكَانَهُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ عُوفِيتُ صُمْتُ كَذَا لَمْ يَجِبْ حَتَّى يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ، وَهَذَا قِيَاسٌ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيَاسًا، وَلَا اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ صَوْمَ شَهْرٍ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ شَهْرٌ يَلْزَمُهُ صَوْمُ شَهْرٍ حَتَّى يَلْزَمَهُ أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ فَيُطْعِمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ الْحِنْطَةِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّهْرُ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ. الْمَرِيضُ لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِحَّ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَلَوْ صَحَّ يَوْمًا لَزِمَهُ أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِ الشَّهْرِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَلْزَمُهُ الْإِيصَاءُ بِقَدْرِ مَا صَحَّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَآخِرِهِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ الْخَامِسَ عَشَرَ وَالسَّادِسَ عَشَرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ رَجَبًا ثُمَّ صَامَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَحَدُهُمَا رَجَبٌ أَجْزَأَهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَجَبٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُقَطَّعَاتِ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي الِاعْتِكَافِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي الِاعْتِكَافِ) لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ تَفْسِيرِهِ وَتَقْسِيمِهِ وَرُكْنِهِ وَشُرُوطِهِ وَآدَابِهِ، وَمَحَاسِنِهِ، وَمُفْسِدَاتِهِ، وَمَحْظُورَاتِهِ. (أَمَّا تَفْسِيرُهُ)

فَهُوَ اللَّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ نِيَّةِ الِاعْتِكَافِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيَنْقَسِمُ إلَى وَاجِبٍ، وَهُوَ الْمَنْذُورُ تَنْجِيزًا أَوْ تَعْلِيقًا، وَإِلَى سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ، وَهُوَ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَإِلَى مُسْتَحَبٍّ، وَهُوَ مَا سِوَاهُمَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَأَمَّا شُرُوطُهُ) فَمِنْهَا النِّيَّةُ حَتَّى لَوْ اعْتَكَفَ بِلَا نِيَّةٍ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَمِنْهَا مَسْجِدُ الْجَمَاعَةِ فَيَصِحُّ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ لَهُ أَذَانٌ، وَإِقَامَةٌ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَأَفْضَلُ الِاعْتِكَافِ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ثُمَّ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثُمَّ فِي بَيْتِ الْمُقَدَّسِ ثُمَّ فِي الْجَامِعِ ثُمَّ فِيمَا كَانَ أَهْلُهُ أَكْثَرَ، وَأَوْفَرَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْمَرْأَةُ تَعْتَكِفُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا إذَا اعْتَكَفَتْ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا فَتِلْكَ الْبُقْعَةُ فِي حَقِّهَا كَمَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ لَا تَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اعْتَكَفَتْ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ جَازَ وَيُكْرَهُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ، وَمَسْجِدُ حَيِّهَا أَفْضَلُ لَهَا مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ، وَلَهَا أَنْ تَعْتَكِفَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ صَلَاتِهَا مِنْ بَيْتِهَا إذَا اعْتَكَفَتْ فِيهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهَا مَسْجِدٌ تَجْعَلُ مَوْضِعًا مِنْهُ مَسْجِدًا فَتَعْتَكِفُ فِيهِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَمِنْهَا الصَّوْمُ، وَهُوَ شَرْطُ الْوَاجِبِ مِنْهُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُهُمَا: إنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي التَّطَوُّعِ، وَلَيْسَ لِأَقَلِّهِ تَقْدِيرٌ عَلَى الظَّاهِرِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَنَوَى الِاعْتِكَافَ إلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ صَحَّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ أَوْ يَوْمٍ قَدْ أَكَلَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا بِغَيْرِ صَوْمٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْتَكِفَ وَيَصُومَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَيُشْتَرَطُ وُجُودُ ذَاتِ الصَّوْمِ لَا الصَّوْمُ بِجِهَةِ الِاعْتِكَافِ حَتَّى إنَّ مَنْ نَذَرَ بِاعْتِكَافِ رَمَضَانَ صَحَّ نَذْرُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يَعْتَكِفْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ آخَرَ مُتَتَابِعًا وَيَصُومَ فِيهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ لَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ فَاعْتَكَفَ فِيهِ لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لَمَّا فَاتَ عَنْ وَقْتِهِ وَصَارَ مَقْصُودًا بِنَفْسِهِ وَالْمَقْصُودُ لَا يَتَأَدَّى بِغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ ثُمَّ اعْتَكَفَ رَمَضَانَ لَا يُجْزِيهِ، وَلَوْ أَفْطَرَ وَقَضَى صَوْمَ الشَّهْرِ مَعَ الِاعْتِكَافِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مِثْلُ الْأَدَاءِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْخُلَاصَةِ. إذَا أَصْبَحَ الرَّجُل صَائِمًا مُتَطَوِّعًا ثُمَّ قَالَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ اعْتَكَفَ هَذَا الْيَوْمَ فَلَا اعْتِكَافَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ الْوَاجِبَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَالصَّوْمُ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ انْعَقَدَ تَطَوُّعًا فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ وَاجِبًا بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالطَّهَارَةُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَالْمَجْنُونَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ وَالْجُنُبَ وَالْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ مَمْنُوعُونَ عَنْ الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فَيَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ، وَلَا تُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ فَيَصِحُّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَالزَّوْجِ إنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَإِنْ أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ بِالِاعْتِكَافِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ مَنَعَهَا لَا يَصِحُّ مَنْعُهُ وَالْمَوْلَى إذَا مَنَعَ الْمَمْلُوكَ بَعْدَ الْإِذْنِ صَحَّ مَنْعُهُ وَيَكُونُ مُسِيئًا فِي ذَلِكَ وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَكِفَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ نَذَرَتْ الْمَرْأَةُ بِالِاعْتِكَافِ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ إذَا نَذَرَا بِهِ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِذَا أَعْتَقَ فَعَلَيْهِ، وَإِنْ بَانَتْ قَضَتْ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى: وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِاعْتِكَافِ شَهْرًا فَأَرَادَتْ أَنْ تَعْتَكِفَ مُتَتَابِعًا فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَأْمُرَهَا بِالتَّفْرِيقِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي اعْتِكَافِ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَاعْتَكَفَتْ فِيهِ مُتَتَابِعًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَأَمَّا آدَابُهُ)

فَأَنْ لَا يَتَكَلَّمَ إلَّا بِخَيْرٍ، وَأَنْ يُلَازِمَ بِالِاعْتِكَافِ عَشَرًا مِنْ رَمَضَانَ، وَأَنْ يَخْتَارَ أَفْضَلَ الْمَسَاجِدِ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُلَازِمَ التِّلَاوَةَ وَالْحَدِيثَ وَالْعِلْمَ وَتَدْرِيسَهُ وَسِيَرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، وَأَخْبَارَ الصَّالِحِينَ وَكِتَابَةَ أُمُورِ الدِّينِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِمَا لَا إثْمَ فِيهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. (وَأَمَّا مَحَاسِنُهُ فَظَاهِرَةٌ) فَإِنَّ فِيهِ تَسْلِيمَ الْمُعْتَكِفِ كُلِّيَّتَهُ إلَى عِبَادَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي طَلَبِ الزُّلْفَى وَتَبْعِيدِ النَّفْسِ مِنْ شُغْلِ الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ مَانِعَةٌ عَمَّا يَسْتَوْجِبُ الْعَبْدُ مِنْ الْقُرْبَى، وَاسْتِغْرَاقِ الْمُعْتَكِفِ أَوْقَاتَهُ فِي الصَّلَاةِ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ الْأَصْلِيَّ مِنْ شَرْعِيَّتِهِ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَاتِ، وَتَشْبِيهُ الْمُعْتَكِفِ نَفْسَهُ بِمَنْ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ وَبِاَلَّذِينَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ وَمِنْهَا اشْتِرَاطُ الصَّوْمِ فِي حَقِّهِ وَالصَّائِمُ ضَيْفُ اللَّهِ - تَعَالَى - هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. (وَأَمَّا مُفْسِدَاتُهُ) فَمِنْهَا الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلَا يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا إلَّا بِعُذْرٍ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ سَاعَةً فَسَدَ اعْتِكَافُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سَوَاءٌ كَانَ الْخُرُوجُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ مِنْ مَسْجِدِ بَيْتِهَا إلَى الْمَنْزِلِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُعْتَكِفَةً فِي الْمَسْجِدِ فَطَلُقَتْ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ إلَى بَيْتِهَا وَتَبْنِي عَلَى اعْتِكَافِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَمِنْ الْأَعْذَارِ الْخُرُوجُ لِلْغَائِطِ وَالْبَوْلِ، وَأَدَاءِ الْجُمُعَةِ) فَإِذَا خَرَجَ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ وَيَرْجِعَ إلَى الْمَسْجِدِ كَمَا فَرَغَ مِنْ الْوُضُوءِ، وَلَوْ مَكَثَ فِي بَيْتِهِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ، وَإِنْ كَانَ سَاعَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ بَيْتُ صَدِيقٍ لَهُ لَمْ يَلْزَمْ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيْتَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْضِيَ إلَى الْبَعِيدِ فَإِنْ مَضَى بَطَلَ اعْتِكَافُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ كَانَ خَرَجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ لَهُ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى التُّؤَدَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَهَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَأَمَّا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالنَّوْمُ فَيَكُونُ فِي مُعْتَكَفِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قَضَاءُ هَذِهِ الْحَاجَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا ضَرُورَةَ فِي الْخُرُوجِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيَخْرُجُ لِلْجُمُعَةِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ إنْ كَانَ مُعْتَكَفُهُ قَرِيبًا مِنْ الْجَامِعِ بِحَيْثُ لَوْ انْتَظَرَ زَوَالَ الشَّمْسِ لَا تَفُوتُهُ الْخُطْبَةُ وَالْجُمُعَةُ، وَإِذَا كَانَ بِحَيْثُ تَفُوتُهُ لَمْ يَنْتَظِرْ زَوَالَ الشَّمْسِ لَكِنَّهُ يَخْرُجُ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ الْجَامِعَ فَيُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْأَذَانِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ يَمْكُثُ بِقَدْرِ مَا يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَوْ سِتًّا عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي سُنَّةِ الْجُمُعَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ مَكَثَ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ أَتَمَّ اعْتِكَافَهُ لَا يُفْسِدُهُ، وَيُكْرَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بِعُذْرٍ بِأَنْ انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ أَوْ أُخْرِجَ مُكْرَهًا فَدَخَلَ مَسْجِدًا آخَرَ مِنْ سَاعَتِهِ لَمْ يَفْسُدْ اعْتِكَافُهُ اسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَكَذَا لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَخَرَجَ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ خَرَجَ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ فَحَبَسَهُ الْغَرِيمُ سَاعَةً فَسَدَ اعْتِكَافُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا لَا يَفْسُدُ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ قَوْلُهُمَا أَيْسَرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يَخْرُجُ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ خَرَجَ لِجِنَازَةٍ يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ، وَكَذَا لِصَلَاتِهَا، وَلَوْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ أَوْ لِإِنْجَاءِ الْغَرِيقِ أَوْ الْحَرِيقِ أَوْ الْجِهَادِ إذَا كَانَ النَّفِيرُ عَامًّا أَوْ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَكَذَا إذَا خَرَجَ سَاعَةً بِعُذْرِ الْمَرَضِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ شَرَطَ وَقْتَ النَّذْرِ الِالْتِزَامَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَحُضُورِ مَجْلِسِ الْعِلْمِ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. وَلَوْ صَعِدَ الْمِئْذَنَةَ لَمْ يَفْسُدْ اعْتِكَافُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ بَابُ الْمِئْذَنَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْمُؤَذِّنُ وَغَيْرُهُ

مسائل في الاعتكاف

فِيهِ سَوَاءٌ هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُخْرِجَ رَأْسَهُ إلَى بَعْضِ أَهْلِهِ لِيَغْسِلَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة هَذَا كُلُّهُ فِي الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ أَمَّا فِي النَّفْلِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ بِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَفِي التُّحْفَةِ لَا بَأْسَ فِيهِ بِأَنْ يَعُودَ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدَ الْجِنَازَةَ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ. (وَمِنْهَا الْجِمَاعُ وَدَوَاعِيهِ) فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ الْجِمَاعُ وَدَوَاعِيهِ نَحْوَ الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّقْبِيلِ وَاللَّمْسِ وَالْمُعَانَقَةِ وَالْجِمَاعِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَالْجِمَاعُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا يُفْسِدُ الِاعْتِكَافَ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ، وَمَا سِوَاهُ يُفْسِدُ إذَا أَنْزَلَ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ لَا يُفْسِدُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَمْنَى بِالتَّفَكُّرِ وَالنَّظَرِ لَا يُفْسِدُ اعْتِكَافَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا لَوْ احْتَلَمَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ إنْ أَمْكَنَهُ الِاغْتِسَالُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَلَوَّثَ الْمَسْجِدُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِلَّا فَيَخْرُجُ وَيَغْتَسِلُ وَيَعُودُ إلَى الْمَسْجِدِ، وَلَوْ تَوَضَّأَ فِي الْمَسْجِدِ فِي إنَاءٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا الْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ) نَفْسُ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونُ لَا تَفْسُدُ بِلَا خِلَافٍ حَتَّى لَا يَنْقَطِعَ التَّتَابُعُ، وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَيَّامًا أَوْ أَصَابَهُ لَمْ يُفْسِدْ اعْتِكَافَهُ وَعَلَيْهِ إذَا بَرِئَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ فَإِنْ تَطَاوَلَ الْجُنُونُ وَبَقِيَ سِنِينَ ثُمَّ أَفَاقَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ صَارَ مَعْتُوهًا ثُمَّ أَفَاقَ بَعْدَ سِنِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَأَمَّا مَحْظُورَاتُهُ) فَمِنْهَا الصَّمْتُ الَّذِي يَعْتَقِدُهُ عِبَادَةً فَإِنَّهُ يُكْرَهُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْهُ قُرْبَةً فَلَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَمَّا الصَّمْتُ عَنْ مَعَاصِي اللِّسَانِ فَمِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَا يُفْسِدُ الِاعْتِكَافَ سِبَابٌ، وَلَا جِدَالٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا أَكَلَ الْمُعْتَكِفُ نَهَارًا نَاسِيًا لَا يَضُرُّهُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْأَكْلِ لِأَجْلِ الصَّوْمِ لَا لِأَجْلِ الِاعْتِكَافِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الِاعْتِكَافِ، وَهُوَ مَا مُنِعَ عَنْهُ لِأَجْلِهِ لَا لِأَجْلِ الصَّوْمِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعَمْدُ وَالسَّهْوُ وَالنَّهَارُ وَاللَّيْلُ كَالْجِمَاعِ وَالْخُرُوجِ، وَمَا كَانَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الصَّوْمِ، وَهُوَ مَا مُنِعَ عَنْهُ لِأَجْلِ الصَّوْمِ يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعَمْدُ وَالسَّهْوُ وَالنَّهَارُ وَاللَّيْلُ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَا بَأْسَ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ الطَّعَامَ، وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ مَتْجَرًا فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالذَّخِيرَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيُرَاجِعَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَيَلْبَسُ الْمُعْتَكِفُ وَيَتَطَيَّبُ وَيَدْهُنُ رَأْسَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا سَكِرَ الْمُعْتَكِفُ لَيْلًا لَمْ يُفْسِدْ اعْتِكَافَهُ؛ لِأَنَّهُ تَنَاوَلَ مَحْظُورَ الدِّينِ لَا مَحْظُورَ الِاعْتِكَافِ كَمَا لَوْ أَكَلَ مَالَ الْغَيْرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا فَسَدَ الِاعْتِكَافُ الْوَاجِبُ وَجَبَ قَضَاؤُهُ فَإِنْ كَانَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ إذَا أَفْطَرَ يَوْمًا يَقْضِي ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَإِنْ كَانَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ سَوَاءٌ أَفْسَدَهُ بِصُنْعِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَالْخُرُوجِ وَالْجِمَاعِ وَالْأَكْلِ فِي النَّهَارِ أَوْ بِعُذْرٍ كَمَا إذَا مَرَضَ فَاحْتَاجَ إلَى الْخُرُوجِ أَوْ بِغَيْرِ صُنْعِهِ كَالْحَيْضِ وَالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ الطَّوِيلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ [مَسَائِلُ فِي الِاعْتِكَافُ] (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) . إذَا أَرَادَ إيجَابَ الِاعْتِكَافِ عَلَى نَفْسِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ بِلِسَانِهِ، وَلَا يَكْفِي لِإِيجَابِهِ النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَهَا هُنَا أَصْلَانِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ الْأَيَّامَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ أَوْ التَّثْنِيَةِ يَتَنَاوَلُ مَا بِإِزَائِهَا مِنْ اللَّيَالِي، وَكَذَا اللَّيَالِي يَتَنَاوَلُ مَا بِإِزَائِهَا مِنْ الْأَيَّامِ كَذَا فِي الْكَافِي فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ وَيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ لَيَالٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ لَيْلَتَيْنِ لَزِمَهُ الْأَيَّامُ بِلَيَالِيِهَا وَاللَّيَالِي بِأَيَّامِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ نَوَى بِالْأَيَّامِ الْأَيَّامَ خَاصَّةً وَبِاللَّيَالِيِ اللَّيَالِيَ خَاصَّةً صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَيَلْزَمُهُ فِي الْأَيَّامِ اعْتِكَافُ الْأَيَّامِ دُونَ اللَّيَالِي، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي اللَّيَالِي هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ

وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَمْ يَدْخُلْ اللَّيْلُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَثَانِيهِمَا) أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَدْخُلْ فِي وُجُوبِ اعْتِكَافِهِ اللَّيْلُ جَازَ لَهُ التَّفْرِيقُ، وَمَتَى دَخَلَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مُتَتَابِعًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَزِمَهُ مُتَتَابِعًا وَمَتَى شَاءَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الشَّهْرَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمَتَى دَخَلَ فِي اعْتِكَافِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ لَيْلَةٍ تَتْبَعُ الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَهَا كَذَا فِي الْكَافِي فَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ اعْتَكَفَ يَوْمَيْنِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيَمْكُثُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَيَوْمَهَا وَاللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ وَيَوْمَهَا وَيَخْرُجُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَكَذَا فِي الْأَيَّامِ الْكَثِيرَةِ يَدْخُلُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ الْعِيدِ قَضَاهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ، وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إنْ نَوَى الْيَمِينَ فَلَوْ اعْتَكَفَ فِيهِ أَجْزَأَهُ، وَأَسَاءَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ اعْتَكَفَ الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجِبَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ فَاعْتَكَفَ قَبْلَهُ أَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَاعْتَكَفَ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ مَضَى لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي بَابِ النَّذْرِ بِالصَّوْمِ. وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ فَمَاتَ أَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ إنْ أَوْصَى كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ، وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ جَازَ ذَلِكَ. وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ، وَهُوَ مَرِيضٌ فَلَمْ يَبْرَأْ حَتَّى مَاتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ صَحَّ يَوْمًا ثُمَّ مَاتَ أَطْعَمَ عَنْهُ عَنْ جَمِيعِ الشَّهْرِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. (الْمُتَفَرِّقَاتُ) . رَجُلٌ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ فَصَامَ شَهْرًا يَنْوِي الْقَضَاءَ عَنْ الشَّهْرِ الَّذِي عَلَيْهِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ رَمَضَانُ سَنَةَ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجْزِيهِ، وَإِنْ صَامَ شَهْرًا يَنْوِي الْقَضَاءَ عَنْ رَمَضَانَ سَنَة إحْدَى وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ أَفْطَرَ ذَلِكَ قَالَ: لَا يُجْزِيهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي بَابِ النِّيَّةِ، وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَعَلِمَ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ بَعْدَ رَمَضَانَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ عَلِمَ فِي خِلَالِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَالْمَجْنُونُ فِيهِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ مَا مَضَى عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَلَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلَمْ يَأْكُلْ فَصَامَ تَطَوُّعًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَالصَّوْمُ لَا يَتَجَزَّأُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ مَنْ يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ. وَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْأَكْلِ وَنَوَى التَّطَوُّعَ كَانَ مُتَطَوِّعًا عَلَى الصَّحِيحِ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالَ الرَّازِيّ يُؤْمَرُ الصَّبِيُّ إذَا أَطَاقَهُ وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ اخْتِلَافَ مَشَايِخِ بَلْخٍ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُؤْمَرُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَضُرَّ الصَّوْمُ بِبَدَنِهِ فَإِنْ أَضَرَّ لَا يُؤْمَرُ بِهِ، وَإِذَا أُمِرَ فَلَمْ يَصُمْ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَسَأَلَ أَبُو حَفْصٍ أَيُضْرَبُ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ عَلَى الصَّوْمِ قَالَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. كُلُّ مَنْ كَانَ لَهُ نَذْرٌ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ أَوْ مُبِيحٌ لِلْفِطْرِ ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ وَصَارَ بِحَالٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ كَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ، وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ، وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَطَهُرَتْ الْحَائِضُ وَقَدِمَ الْمُسَافِرُ مَعَ قِيَامِ الْأَهْلِيَّةِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ، وَكَذَا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ لِوُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَالْأَهْلِيَّةِ ثُمَّ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهِ بِأَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا أَوْ أَصْبَحَ يَوْمَ الشَّكِّ مُفْطِرًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ تَسَحَّرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ طَالِعٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ

تَشَبُّهًا بِالصَّائِمِينَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي فَصْلِ حُكْمِ الصَّوْمِ الْمُؤَقَّتِ. وَكَذَا الَّذِي أَكَلَ، وَهُوَ يَرَى أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَابَتْ فَظَهَرَ أَنَّهَا لَمْ تَغِبْ، وَكَذَا مَنْ أَفْطَرَ خَطَأً أَوْ مُكْرَهًا هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقِيلَ الْإِمْسَاكُ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَالصَّحِيحُ الْوُجُوبُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّشَبُّهُ بِالصَّائِمِ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَلْ تَأْكُلُ الْحَائِضُ سِرًّا أَوْ جَهْرًا قِيلَ سِرًّا وَقِيلَ جَهْرًا وَلِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ الْأَكْلُ جَهْرًا رِوَايَةً وَاحِدَةً كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمَنْ دَخَلَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَضَاهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ سَوَاءٌ حَصَلَ الْفَسَادُ بِصُنْعِهِ أَوْ بِغَيْرِ صُنْعِهِ حَتَّى إذَا حَاضَتْ الصَّائِمَةُ الْمُتَطَوِّعَةُ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي الصَّوْمِ الْمَظْنُونِ إذَا أَفْسَدَهُ بِأَنْ شَرَعَ فِي صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فَأَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا قَالَ أَصْحَابُنَا الثَّلَاثَةُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَكِنْ الْأَفْضَلُ أَنْ يَمْضِيَ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا شَرَعَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ ثُمَّ أَيْسَرَ فِي خِلَالِهِ فَأَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا نَوَى صَوْمَ الْقَضَاءِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ الْقَضَاءِ هَلْ يَصِحُّ عَنْ التَّطَوُّعِ قَالَ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ إنَّهُ يَصِحُّ، وَإِنْ أَفْطَرَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَمَنْ لَمْ يَنْوِ رَمَضَانَ كُلَّهُ صَوْمًا، وَلَا فِطْرًا فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا كَفَّارَةَ بِإِفْسَادِ صَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ كَذَا فِي الْكَنْزِ. كَفَّارَةُ الْفِطْرِ، وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَاحِدَةٌ (1) ، وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ أَوْ كَافِرَةٍ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْعِتْقِ فَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ حَالُ الْمُكَفِّرِ فِي جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ وَقْتَ الْأَدَاءِ لَا وَقْتَ وُجُوبِهَا فَإِنْ كَانَ وَقْتَ الْأَدَاءِ مُعْسِرًا يُجْزِيهِ الصِّيَامُ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَقْتَ الْوُجُوبِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ جَامَعَ مِرَارًا فِي أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُكَفِّرْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ جَامَعَ، وَكَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ أَفْطَرَ فِي يَوْمٍ فَأَعْتَقَ ثُمَّ أَفْطَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَأَعْتَقَ ثُمَّ أَفْطَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَأَعْتَقَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الرَّقَبَةُ الْأُولَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ اُسْتُحِقَّتْ الثَّانِيَةُ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الثَّالِثَةُ فَعَلَيْهِ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَا يُجْزِئُ عَمَّا تَأَخَّرَ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الثَّانِيَةُ أَيْضًا فَعَلَيْهِ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الْأُولَى أَيْضًا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ أَعْتَقَ رَقَبَةً وَاحِدَةً لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ. وَلَوْ جَامَعَ فِي رَمَضَانَيْنِ، وَلَمْ يُكَفِّرْ لِلْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ جِمَاعٍ كَفَّارَةٌ فِي الظَّاهِرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا لَزِمَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى السُّلْطَانِ، وَهُوَ مُوسِرٌ بِمَالِهِ الْحَلَالِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَبِعَةٌ لِأَحَدٍ يُفْتَى بِإِعْتَاقِ الرَّقَبَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. شَهْرُ رَمَضَانَ إذَا جَاءَ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَيَوْمُ عَرَفَةَ جَاءَ يَوْمُ الْخَمِيسِ أَيْضًا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ عَرَفَةَ لَا يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى لَا تَجُوزَ التَّضْحِيَةُ فِي هَذَا الْيَوْمِ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَوْمُ نَحْرِكُمْ يَوْمُ صَوْمِكُمْ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ ذَلِكَ الْعَامَ دُونَ الْأَبَدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ. (2) اعْلَمْ أَنَّ الصِّيَامَاتِ اللَّازِمَةِ فَرْضًا ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَبْعَةٌ مِنْهَا يَجِبُ فِيهَا التَّتَابُعُ، وَهِيَ رَمَضَانُ وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ، وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ، وَكَفَّارَةُ الْإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ، وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ، وَصَوْمُ الْيَمِينِ الْمُعَيَّنِ. وَسِتَّةٌ لَا يَجِبُ فِيهَا التَّتَابُعُ، وَهِيَ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَصَوْمُ الْمُتْعَةِ وَصَوْمُ كَفَّارَةِ الْحَلْقِ، وَصَوْمُ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَصَوْمُ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ، وَصَوْمُ الْيَمِينِ بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَصُومَنَّ شَهْرًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ ثُمَّ إذَا كَانَ مُخَيَّرًا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ فَالْمُتَابَعَةُ مُسْتَحَقَّةٌ مُسَارِعَةٌ إلَى

كتاب المناسك وفيه سبعة عشر بابا

إسْقَاطِهِ عَنْ ذِمَّتِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. اعْلَمْ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ يُسْتَحَبُّ طَلَبُهَا، وَهِيَ أَفْضَلُ لَيَالِي السَّنَةِ هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ، وَلَا تُدْرَى أَيَّةَ لَيْلَةٍ هِيَ وَقَدْ تَتَقَدَّمُ وَتَتَأَخَّرُ، وَعِنْدَهُمَا كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهَا مُتَعَيِّنَةٌ لَا تَتَقَدَّمُ، وَلَا تَتَأَخَّرُ هَكَذَا نُقِلَ عَنْهُمْ فِي الْمَنْظُومَةِ وَشُرُوحِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ. حَتَّى لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَإِنْ قَالَ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ عَتَقَ إذَا انْسَلَخَ الشَّهْرُ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ مُضِيِّ لَيْلَةٍ مِنْهُ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَنْسَلِخَ رَمَضَانُ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ عِنْدَهُ لِجَوَازِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى، وَفِي الشَّهْرِ الْآتِي فِي اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ، وَعِنْدَهُمَا إذَا مَضَى لَيْلَةٌ مِنْهُ عَتَقَ كَذَا فِي الْكَافِي، وَفِي مُلْتَقَى الْبِحَارِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَاجِحٌ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالنَّذْرُ الَّذِي يَقَعُ مِنْ أَكْثَرِ الْعَوَامّ بِأَنْ يَأْتِيَ إلَى قَبْرِ بَعْضِ الصُّلَحَاءِ وَيَرْفَعَ سِتْرَهُ قَائِلًا يَا سَيِّدِي فُلَانٌ إنْ قَضَيْت حَاجَتِي فَلَكَ مِنِّي مِنْ الذَّهَبِ مَثَلًا كَذَا بَاطِلٌ إجْمَاعًا نَعَمْ لَوْ قَالَ يَا اللَّهُ إنِّي نَذَرَتْ لَك إنْ شَفَيْتَ مَرِيضِي أَوْ نَحْوَهُ أَنْ أُطْعِمَ الْفُقَرَاءَ الَّذِينَ بِبَابِ السَّيِّدَةِ نَفِيسَةَ أَوْ نَحْوَهَا أَوْ أَشْتَرِيَ حَصِيرًا لِمَسْجِدِهَا أَوْ زَيْتًا لِوَقُودِهَا أَوْ دَرَاهِمَ لِمَنْ يَقُومُ بِشَعَائِرِهَا مِمَّا يَكُونُ فِيهِ نَفْعُ الْفُقَرَاءِ، وَالنَّذْرُ لِلَّهِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ إنَّمَا هُوَ مَحَلٌّ لِصَرْفِ النَّذْرِ لِمُسْتَحِقِّيهِ يَجُوزُ لَكِنْ لَا يَحِلُّ صَرْفُهُ إلَّا إلَى الْفُقَرَاءِ لَا إلَى ذِي عِلْمٍ لِعِلْمِهِ، وَلَا لِحَاضِرِي الشَّيْخِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاضِرُ وَاحِدًا مِنْ الْفُقَرَاءِ، وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا وَيُنْقَلُ إلَى ضَرَائِحِ الْأَوْلِيَاءِ تَقَرُّبًا إلَيْهِمْ فَحَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِصَرْفِهَا الْفُقَرَاءَ الْأَحْيَاءَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَقَدْ اُبْتُلِيَ النَّاسُ بِذَلِكَ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَكَرِهَ مُجَاهِدٌ أَنْ يُقَالُ جَاءَ رَمَضَانُ وَذَهَبَ وَقَالَ لَا أَدْرِي لَعَلَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى -، وَلَكِنَّهُ يُقَالُ جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَقَدْ قِيلَ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ فَإِنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَرُدَّ عَلَى مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [كِتَابُ الْمَنَاسِكِ وَفِيهِ سَبْعَةَ عَشَرَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْحَجِّ وَفَرْضِيَّتِهِ وَوَقْتِهِ وَشَرَائِطِهِ وَأَرْكَانِهِ] (كِتَابُ الْمَنَاسِكِ) (وَفِيهِ سَبْعَةَ عَشَرَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْحَجِّ، وَفَرْضِيَّتِهِ وَوَقْتِهِ وَشَرَائِطِهِ، وَأَرْكَانِهِ وَوَاجِبَاتِهِ وَسُنَنِهِ وَآدَابِهِ، وَمَحْظُورَاتِهِ) (أَمَّا تَفْسِيرُهُ) فَهُوَ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَفْعَالِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ فِي وَقْتِهِ مُحْرِمًا بِنِيَّةِ الْحَجِّ سَابِقًا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَأَمَّا فَرْضِيَّتُهُ) فَالْحَجُّ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ ثَبَتَتْ فَرْضِيَّتُهَا بِدَلَائِلَ مَقْطُوعَةٍ حَتَّى يَكْفُرَ جَاحِدُهَا، وَأَنْ لَا يَجِبَ فِي الْعُمُرِ إلَّا مَرَّةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا يُبَاحُ لَهُ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الْإِمْكَانِ إلَى الْعَامِ الثَّانِي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فَإِذَا أَخَّرَهُ، وَأَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ وَقَعَ أَدَاءً كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ عَلَى التَّرَاخِي وَالتَّعْجِيلُ أَفْضَلُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ السَّلَامَةَ أَمَّا إذَا كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ الْمَوْتَ أَمَّا بِسَبَبِ الْهَرَمِ أَوْ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمَأْثَمِ حَتَّى يَفْسُقَ وَتُرَدَّ شَهَادَتُهُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَوْ حَجَّ فِي آخِرِ عُمُرِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْإِثْمُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ مَاتَ، وَلَمْ يَحُجَّ أَثِمَ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَأَمَّا وَقْتُهُ فَأَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) وَالْأَشْهُرُ الْمَعْلُومَاتُ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، وَإِذَا عَمِلَ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ مِنْ طَوَافٍ وَسَعْيٍ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ، وَإِذَا عَمِلَ فِيهَا يَجُوزُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (وَأَمَّا شَرَائِطُ وُجُوبِهِ) فَمِنْهَا الْإِسْلَامُ حَتَّى لَوْ مَلَكَ مَا بِهِ الِاسْتِطَاعَةُ حَالَ كُفْرِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ مَا افْتَقَرَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِتِلْكَ

الِاسْتِطَاعَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَهُ مُسْلِمًا فَلَمْ يَحُجَّ حَتَّى افْتَقَرَ حَيْثُ يَتَقَرَّرُ الْحَجُّ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ حَجَّ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ لَزِمَهُ أُخْرَى إذَا اسْتَطَاعَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. (وَمِنْهَا الْعَقْلُ) فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَجْنُونِ، وَفِي الْمَعْتُوهِ خِلَافٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَمِنْهَا الْبُلُوغُ) فَلَا يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَنَّ الصَّبِيَّ حَجَّ إذًا قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَيَكُونُ تَطَوُّعًا، وَلَوْ أَحْرَمَ ثُمَّ بَلَغَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إنْ مَضَى عَلَى إحْرَامِهِ يَكُونُ تَطَوُّعًا، وَإِنْ جَدَّدَ التَّلْبِيَةَ أَوْ اسْتَأْنَفَ الْإِحْرَامَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ ثُمَّ وَقَفَ بِعَرَفَةَ يَكُونُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ إذَا أَفَاقَ، وَالْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَجَدَّدَ الْإِحْرَامَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ثُمَّ احْتَلَمَ بِمَكَّةَ، وَأَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا الْحُرِّيَّةُ) فَلَا حَجَّ عَلَى عَبْدٍ، وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ مُكَاتَبًا أَوْ مُبَعَّضًا أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْحَجِّ، وَلَوْ كَانَ بِمَكَّةَ لِعَدَمِ مِلْكِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَوْ حَجَّ قَبْلَ الْعِتْقِ مَعَ الْمَوْلَى لَا يُجْزِيهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ إذَا أُعْتِقَ، وَلَوْ أُعْتِقَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَأَحْرَمَ وَحَجَّ أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْعِتْقِ ثُمَّ جَدَّدَ الْإِحْرَامَ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا يُجْزِيهِ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا الْقُدْرَةُ عَلَى الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ) بِطَرِيقِ الْمِلْكِ أَوْ الْإِجَارَةِ دُونَ الْإِعَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِبَاحَةُ مِنْ جِهَةِ مَنْ لَا مِنَّةَ لَهُ عَلَيْهِ كَالْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ كَالْأَجَانِبِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ وُهِبَ لَهُ مَالٌ لِيَحُجَّ بِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَاهِبُ مِمَّنْ تُعْتَبَرُ مِنَّتُهُ كَالْأَجَانِبِ أَوْ لَا تُعْتَبَرُ كَالْأَبَوَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَتَفْسِيرُ مِلْكِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهِ، وَهُوَ مَا سِوَى مَسْكَنِهِ وَلِبْسِهِ وَخَدَمِهِ، وَأَثَاثِ بَيْتِهِ قَدْرَ مَا يُبَلِّغُهُ إلَى مَكَّةَ ذَاهِبًا وَجَائِيًا رَاكِبًا لَا مَاشِيًا وَسِوَى مَا يَقْضِي بِهِ دُيُونَهُ وَيَمْسِكُ لِنَفَقَةِ عِيَالِهِ، وَمَرَمَّةِ مَسْكَنِهِ وَنَحْوِهِ إلَى وَقْتِ انْصِرَافِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيُعْتَبَرُ فِي نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ الْوَسَطُ مِنْ غَيْرِ تَبْذِيرٍ، وَلَا تَقْتِيرٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْعِيَالُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَا يَتْرُكُ نَفَقَةً لِمَا بَعْدَ إيَابِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالرَّاحِلَةُ تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ كُلِّ إنْسَانٍ مَا يُبَلِّغُهُ فَمَنْ قَدَرَ عَلَى رَأْسٍ زَامِلَةٍ، وَأَمْكَنَهُ السَّفَرُ عَلَيْهِ وَجَبَ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ مُتَرَفِّهًا فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شِقِّ مَحْمَلٍ، وَلَا تَثْبُتُ الِاسْتِطَاعَةُ بِعَقَبَةِ الْأَجِيرِ، وَهُوَ أَنْ يَكْتَرِيَ رَجُلَانِ بَعِيرًا وَاحِدًا يَتَعَاقَبَانِ فِي الرُّكُوبِ يَرْكَبُ أَحَدُهُمَا مَرْحَلَةً أَوْ فَرْسَخًا ثُمَّ يَرْكَبُهُ الْآخَرُ، وَكَذَا لَوْ وَجَدَ مَا يَكْتَرِي بِهِ مَرْحَلَةً وَيَمْشِي مَرْحَلَةً لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْيَنَابِيعِ يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَمَنْ حَوْلَهُمَا مِمَّنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إذَا كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى الْمَشْيِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مِنْ الطَّعَامِ مِقْدَارُ مَا يَكْفِيهِمْ وَعِيَالَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ إلَى عَوْدِهِمْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْفَقِيرُ إذَا حَجَّ مَاشِيًا ثُمَّ أَيْسَرَ لَا حَجَّ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وَجَدَ مَا يَحُجُّ بِهِ وَقَدْ قَصَدَ التَّزَوُّجَ يَحُجُّ بِهِ، وَلَا يَتَزَوَّجُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فَرِيضَةٌ أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى عَبْدِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا كَانَ لَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا وَعَبْدٌ يَسْتَخْدِمُهُ وَثِيَابٌ يَلْبَسُهَا، وَمَتَاعٌ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَا تَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِطَاعَةُ، وَفِي التَّجْرِيدِ إنْ كَانَ لَهُ دَارٌ لَا يَسْكُنُهَا وَعَبْدٌ لَا يَسْتَخْدِمُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ وَيَحُجَّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ دَرَاهِمُ يَبْلُغُ بِهَا الْحَجَّ أَوْ يَبْلُغُ ثَمَنَ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَطَعَامٍ وَقُوتٍ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ فَإِنْ جَعَلَهَا فِي غَيْرِ الْحَجِّ أَثِمَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَا مَنْ كَانَ لَهُ ثِيَابٌ لَا يَمْتَهِنُهَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ وَيَحُجَّ بِثَمَنِهَا إنْ كَانَ بِثَمَنِهَا، وَفَاءٌ بِالْحَجِّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَنْزِلٌ

يَكْفِيهِ بَعْضُهُ لَا يَلْزَمُهُ بَيْعُ الْفَاضِلِ لِأَجْلِ الْحَجِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا كَانَ لَهُ مَنْزِلٌ يَسْكُنُهُ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ مَنْزِلًا أَدْوَنَ مِنْهُ وَيَحُجَّ بِالْفَضْلِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ أَخَذَ بِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ وَلَا يَجِبُ بَيْعُ مَسْكَنِهِ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى السُّكْنَى بِالْإِجَارَةِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. قَالُوا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إذَا كَانَتْ لِفَقِيهٍ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى اسْتِعْمَالِهَا لَا تَثْبُتُ بِهَا الِاسْتِطَاعَةُ، وَإِنْ كَانَتْ لِجَاهِلٍ تَثْبُتُ بِهَا الِاسْتِطَاعَةُ، وَإِنْ كَانَتْ كُتُبُ الطِّبِّ وَالنُّجُومِ تَثْبُتُ الِاسْتِطَاعَةُ سَوَاءٌ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِعْمَالِهَا وَالنَّظَرِ فِيهَا أَوْ لَا يَحْتَاجُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنْ كَانَ الرَّجُلُ تَاجِرًا يَعِيشُ بِالتِّجَارَةِ فَمَلَكَ مَالًا مِقْدَارَ مَا لَوْ رَفَعَ مِنْهُ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ لِذَهَابِهِ، وَإِيَابِهِ وَنَفَقَةِ أَوْلَادِهِ وَعِيَالِهِ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِهِ إلَى وَقْتِ رُجُوعِهِ وَيَبْقَى لَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ رَأْسُ مَالِ التِّجَارَةِ الَّتِي كَانَ يَتَّجِرُ بِهَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ مُحْتَرِفًا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ أَنْ يَمْلِكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ ذَهَابًا، وَإِيَابًا وَنَفَقَةَ عِيَالِهِ، وَأَوْلَادِهِ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِهِ إلَى رُجُوعِهِ وَيَبْقَى لَهُ آلَاتُ حِرْفَتِهِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ ضَيْعَةٍ إنْ كَانَ لَهُ مِنْ الضَّيَاعِ مَا لَوْ بَاعَ مِقْدَارَ مَا يَكْفِي الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَنَفَقَةَ عِيَالِهِ، وَأَوْلَادِهِ وَيَبْقَى لَهُ مِنْ الضَّيْعَةِ قَدْرُ مَا يَعِيشُ بَغْلَةِ الْبَاقِي يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ حَرَّاثًا أَكَّارًا فَمَلَكَ مَا لَا يَكْفِي الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَنَفَقَةَ عِيَالِهِ، وَأَوْلَادِهِ مِنْ خُرُوجِهِ إلَى رُجُوعِهِ وَيَبْقَى لَهُ آلَاتُ الْحَرَّاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا الْعِلْمُ بِكَوْنِ الْحَجِّ فَرْضًا) وَالْعِلْمُ الْمَذْكُورُ يَثْبُتُ لِمَنْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِمُجَرَّدِ الْوُجُودِ فِيهَا سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْفَرْضِيَّةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَشَأَ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ لَا فَيَكُونُ عِلْمًا حُكْمِيًّا، وَلِمَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَوْ مَسْتُورِينَ أَوْ وَاحِدٌ عَدْلٌ وَعِنْدَهُمَا لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ فِيهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَمِنْهَا سَلَامَةُ الْبَدَنِ) حَتَّى إنَّ الْمُقْعَدَ وَالزَّمِنَ وَالْمَفْلُوحَ، وَمَقْطُوعَ الرِّجْلَيْنِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِمْ الْإِحْجَاجُ إنْ مَلَكُوا الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ، وَلَا الْإِيصَاءَ فِي الْمَرَضِ، وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ الَّذِي لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُمَا وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ أَحَجُّوا أَجْزَأَهُمْ مَا دَامَ الْعَجْزُ مُسْتَمِرًّا بِهِمْ فَإِنْ زَالَ فَعَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ بِأَنْفُسِهِمْ وَظَاهِرُ مَا فِي التُّحْفَةِ اخْتِيَارُهُ فَإِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْإِسْبِيجَابِيُّ وَقَوَّاهُ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأُلْحِقَ بِهِمْ الْمَحْبُوسُ وَالْخَائِفُ مِنْ السُّلْطَانِ الَّذِي يَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْحَجِّ، وَكَذَا لَا يَجِبُ الْإِحْجَاجُ عَنْهُمْ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَالْأَعْمَى إذَا مَلَكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ إنْ لَمْ يَجِدْ قَائِدًا لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ فِي قَوْلِهِمْ، وَهَلْ يَجِبُ الْإِحْجَاجُ بِالْمَالِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجِبُ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ، وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجِبُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبَيْهِ فِيهِ رِوَايَتَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ مَلَكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ، وَهُوَ صَحِيحُ الْبَدَنِ، وَلَمْ يَحُجَّ حَتَّى صَارَ زَمِنًا أَوْ مَفْلُوجًا لَزِمَهُ الْإِحْجَاجُ بِالْمَالِ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَكَلَّفَ هَؤُلَاءِ الْحَجَّ بِأَنْفُسِهِمْ سَقَطَ عَنْهُمْ حَتَّى لَوْ صَحُّوا بَعْد ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْأَدَاءُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَمِنْهَا أَمْنُ الطَّرِيقِ) قَالَ أَبُو اللَّيْثِ إنْ كَانَ الْغَالِبُ فِي الطَّرِيقِ السَّلَامَةَ يَجِبُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ إنْ كَانَ الْغَالِبُ فِي طَرِيقِ الْبَحْرِ السَّلَامَةَ مِنْ مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرُكُوبِهِ يَجِبُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَسَيْحُونُ وَجَيْحُونَ وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ أَنْهَارٌ لَا بِحَارٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَذَا دِجْلَةُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا الْمَحْرَمُ لِلْمَرْأَةِ) شَابَّةً كَانَتْ أَوْ عَجُوزًا

إذَا كَانَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ حَجَّتْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْمَحْرَمُ الزَّوْجُ، وَمَنْ لَا يَجُوزُ مُنَاكَحَتُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا عَاقِلًا بَالِغًا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا كَافِرًا كَانَ أَوْ مُسْلِمًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْمَجُوسِيُّ إذَا كَانَ يَعْتَقِدُ إبَاحَةَ مُنَاكَحَتِهَا لَا يُسَافِرُ مَعَهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ وَعَبْدُ الْمَرْأَةِ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ لَهَا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَا عِبْرَةَ لِلصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَحْتَلِمُ وَالْمَجْنُونِ الَّذِي لَا يُفِيقُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَتَجِبُ عَلَيْهَا النَّفَقَةُ وَالرَّاحِلَةُ فِي مَالِهَا لِلْمَحْرَمِ لِيَحُجَّ بِهَا، وَعِنْدَ وُجُودِ الْمَحْرَمِ كَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا زَوْجُهَا، وَفِي النَّافِلَةِ لَا تَخْرُجُ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَحْرَمٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ لِلْحَجِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ثُمَّ تَكَلَّمُوا أَنَّ أَمْنَ الطَّرِيقِ وَسَلَامَةَ الْبَدَنِ - عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَوُجُودَ الْمَحْرَمِ لِلْمَرْأَةِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْحَجِّ أَمْ لِأَدَائِهِ، بَعْضُهُمْ جَعَلُوهَا شَرْطًا لِلْوُجُوبِ وَبَعْضُهُمْ شَرْطًا لِلْأَدَاءِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ فَعَلَى قَوْلِ الْأَوَّلِينَ لَا تَلْزَمُهُ الْوَصِيَّةُ وَعَلَى قَوْلِ الْآخِرِينَ تَلْزَمُهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. (وَمِنْهَا عَدَمُ قِيَامِ الْعِدَّةِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ) عِدَّةَ وَفَاةٍ كَانَتْ أَوْ عِدَّةَ طَلَاقٍ، وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَلَا تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ إلَى الْحَجِّ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ، وَكَذَا لَوْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ فِي الطَّرِيقِ فِي مِصْرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسِيرَةُ سَفَرٍ لَا تَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ الْمِصْرِ مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ بَعْدَ الْخُرُوجِ إلَى الْحَجِّ، وَهِيَ مُسَافِرَةٌ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لَمْ تُفَارِقْ زَوْجَهَا وَالْأَفْضَلُ لِزَوْجِهَا أَنْ يُرَاجِعَهَا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الشَّرَائِطِ لِوُجُوبِ الْحَجِّ مِنْ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا وَقْتَ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ إلَى مَكَّةَ حَتَّى لَوْ مَلَكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ أَهْلُ بَلَدِهِ إلَى مَكَّةَ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ صَرْفِ ذَلِكَ إلَى حَيْثُ أَحَبَّ، وَإِذَا صَرَفَ مَالَهُ ثُمَّ خَرَجَ أَهْلُ بَلَدِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَأَمَّا إذَا جَاءَ وَقْتُ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ فَيَلْزَمُهُ التَّأَهُّبُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِنْ صَرَفَهُ إلَى غَيْرِ الْحَجِّ أَثِمَ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَأَمَّا شَرَائِطُ صِحَّةِ أَدَائِهِ فَثَلَاثَةٌ) الْإِحْرَامُ وَالْمَكَانُ وَالزَّمَانُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَأَمَّا رُكْنُهُ فَشَيْئَانِ) الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ لَكِنَّ الْوُقُوفَ أَقْوَى مِنْ الطَّوَافِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ حَتَّى يَفْسُدَ الْحَجُّ بِالْجِمَاعِ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَلَا يَفْسُدُ بِالْجِمَاعِ قَبْلَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. (وَأَمَّا وَاجِبَاتُهُ فَخَمْسَةٌ) السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْوُقُوفُ بِمُزْدَلِفَةَ وَرَمْيُ الْجِمَارِ وَالْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ، وَطَوَافُ الصَّدْرِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. (وَأَمَّا سُنَنُهُ) فَطَوَافُ الْقُدُومِ وَالرَّمَلُ فِيهِ أَوْ فِي الطَّوَافِ الْفَرْضِ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ، وَالْبَيْتُوتَةُ بِمِنًى فِي لَيَالِي أَيَّامِ النَّحْرِ، وَالدَّفْعُ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَمِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنًى قَبْلَهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالْبَيْتُوتَةُ بِمُزْدَلِفَةَ سُنَّةٌ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ سُنَّةٌ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَأَمَّا آدَابُهُ) فَإِنَّهُ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ دُيُونَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيُشَاوِرَ ذَا رَأْيٍ فِي سَفَرِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا فِي نَفْسِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ خَيْرٌ، وَكَذَا يَسْتَخِيرُ اللَّهَ - تَعَالَى - فِي ذَلِكَ، وَسُنَّتُهَا أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بِسُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَيَدْعُوَ بِالدُّعَاءِ الْمَعْرُوفِ لِلِاسْتِخَارَةِ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ثُمَّ يَبْدَأُ بِالتَّوْبَةِ، وَإِخْلَاصِ النِّيَّةِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ وَالِاسْتِحْلَالِ مِنْ خُصُومِهِ، وَمِنْ كُلِّ مَنْ عَامَلَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَضَاءِ مَا قَصَّرَ فِي فِعْلِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَالنَّدَمِ عَلَى تَفْرِيطِهِ فِي ذَلِكَ، وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيَتَجَرَّدُ عَنْ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَالْفَخْرِ وَلِذَا كَرِهَ

بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الرُّكُوبَ فِي الْمَحْمِلِ، وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ إذَا تَجَرَّدَ عَنْ قَصْدِ ذَلِكَ وَيَجْتَهِدُ فِي تَحْصِيلِ نَفَقَةٍ حَلَالٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ الْحَجُّ بِالنَّفَقَةِ الْحَرَامِ مَعَ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْفَرْضُ مَعَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ بِمَالٍ حَلَالٍ فِيهِ شُبْهَةٌ فَإِنَّهُ يَسْتَدِينُ لِلْحَجِّ وَيَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي الْمُقَطَّعَاتِ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ رَفِيقٍ صَالِحٍ يُذَكِّرُهُ إذَا نَسِيَ وَيُصَبِّرُهُ إذَا جَزِعَ وَيُعِينُهُ إذَا عَجَزَ، وَكَوْنُهُ مِنْ الْأَجَانِبِ أَوْلَى مِنْ الْأَقَارِبِ تَبَعُّدًا عَنْ سَاحَةِ الْقَطِيعَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْيَنَابِيعِ وَيَتْرُكُ نَفَقَةَ عِيَالِهِ وَيَخْرُجُ بِنَفْسٍ طَيِّبَةٍ وَيَتَّقِي اللَّهَ فِي طَرِيقِهِ وَيُكْثِرُ ذِكْرَ اللَّهِ وَيَجْتَنِبُ الْغَضَبَ، وَيُكْثِرُ الِاحْتِمَالَ عَنْ النَّاسِ وَيَسْتَعْمِلُ السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ بِتَرْكِ مَا لَا يَعْنِيهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي تَعْلِيمِ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَيَرَى الْمُكَارِي مَا يَحْمِلُهُ، وَلَا يَحْمِلُ أَكْثَرَ مِنْهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَحْتَرِزُ مِنْ تَحْمِيلِهَا فَوْقَ مَا تُطِيقُهُ، وَمِنْ تَقْلِيلِ عَلَفِهَا الْمُعْتَادِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَلَوْ مَمْلُوكَةً لَهُ وَتَجْرِيدُ السَّفَرِ مِنْ التِّجَارَةِ أَحْسَنُ، وَلَوْ اتَّجَرَ لَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَا يُمَاكِسُ فِي شِرَاءِ الْأَدَوَاتِ، وَلَا يُشَارِكُ فِي الزَّادِ، وَاجْتِمَاعُ الرُّفْقَةِ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى طَعَامِ أَحَدِهِمْ أَحَلُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَ خُرُوجَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ اقْتِدَاءً بِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَإِلَّا فَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَالشَّهْرِ وَيُوَدِّعُ أَهْلَهُ، وَأَخَوَاتِهِ وَيَسْتَحِلُّهُمْ وَيَطْلُبُ دُعَاءَهُمْ وَيَأْتِيهِمْ لِذَلِكَ وَهُمْ يَأْتُونَهُ إذَا قَدِمَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَيَخْرُجُ خُرُوجَ الْخَارِجِ مِنْ الدُّنْيَا وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ، وَكَذَا بَعْدَ الرُّجُوعِ إلَى بَيْتِهِ وَيَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ حِينَ يَخْرُجُ اللَّهُمَّ بِكَ انْتَشَرْتُ، وَإِلَيْك تَوَجَّهْتُ وَبِكَ اعْتَصَمْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ اللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي، وَأَنْتَ رَجَائِي اللَّهُمَّ اكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي، وَمَا لَا أَهْتَمُّ بِهِ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي عَزَّ جَارُكَ، وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ اللَّهُمَّ زَوِّدْنِي التَّقْوَى وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَوَجِّهْنِي إلَى الْخَيْرِ أَيْنَمَا تَوَجَّهْت اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ، وَإِذَا خَرَجَ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ، وَلَا حَوْلَ، وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ اللَّهُمَّ وَفِّقْنِي لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى وَاحْفَظْنِي مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَيَقْرَأُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَسُورَةَ الْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ مَرَّةً، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْحَجُّ رَاكِبًا أَفْضَلُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ، وَفِي النَّوَازِلِ وَالْمُخْتَارَاتِ الطَّرِيقُ إنْ كَانَ قَرِيبًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَحُجَّ رَاكِبًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَيُكْرَهُ الْحَجُّ عَلَى الْحِمَارِ، وَالْجَمَلُ أَفْضَلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ وَإِذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَعَلَّمَنَا الْقُرْآنَ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي فِي خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْأَحْسَنُ لِلْحَاجِّ أَنْ يَبْدَأَ بِنُسُكِهِ فَإِذَا قَضَى نُسُكَهُ أَتَى إلَى الْمَدِينَةِ فِي الْكُبْرَى لَوْ كَانَ غَيْرَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ يَبْدَأُ بِأَيِّمَا شَاءَ، وَإِنْ بَدَأَ بِالْمَدِينَةِ مَعَ هَذَا فِي الْأَوَّلِ جَازَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْحَجِّ. ثُمَّ الرُّكْنُ لَا يُجْزِئُ عَنْهُ الْبَدَلُ، وَلَا يُتَخَلَّصُ عَنْهُ بِالدَّمِ إلَّا بِإِتْيَانِ عَيْنِهِ، وَالْوَاجِبُ يُجْزِئُ عَنْهُ الْبَدَلُ إذَا تَرَكَهُ، وَلَوْ تَرَكَ السُّنَنَ وَالْآدَابَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ أَسَاءَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. (وَأَمَّا مَحْظُورَاتُهُ فَنَوْعَانِ) أَحَدُهُمَا مَا يَفْعَلُهُ فِي نَفْسِهِ وَذَلِكَ سِتَّةٌ الْجِمَاعُ وَالْحَلْقُ وَقَلْمُ الْأَظْفَارِ وَالتَّطَيُّبُ وَتَغْطِيَةُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَلُبْسُ الْمَخِيطِ وَالثَّانِي مَا يَفْعَلُهُ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ التَّعَرُّضُ لِلصَّيْدِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَقَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَالتُّحْفَةِ وَغَيْرِهِمَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) . وَيُكْرَهُ الْخُرُوجُ إلَى الْحَجِّ إذَا كَرِهَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ إنْ كَانَ الْوَالِدُ مُحْتَاجًا إلَى خِدْمَةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنْ خِدْمَتِهِ فَلَا بَأْسَ وَالْأَجْدَادُ

الباب الثاني في مواقيت الإحرام

وَالْجَدَّاتُ عِنْدَ عُدْمِ الْأَبَوَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْأَبَوَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي الْمُقَطَّعَاتِ. ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إذَا كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ فَلَا بَأْسَ بِالْخُرُوجِ، وَكَذَا إنْ كَرِهَتْ خُرُوجَهُ زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ أَوْ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَهُوَ لَا يَخَافُ الضَّيْعَةَ عَلَيْهِمْ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ، وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَلَا بَأْسَ بِالْخُرُوجِ مَعَ كَرَاهَتِهِ، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ الضَّيْعَةَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذَكَرَ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الْوَلَدُ أَمْرَدَ صَبِيحَ الْوَجْهِ فَلِلْأَبِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ حَتَّى يَلْتَحِيَ. فِي الْمُلْتَقَطِ: حَجُّ الْفَرْضِ أَوْلَى مِنْ طَاعَةِ الْوَالِدَيْنِ وَطَاعَتُهُمَا أَوْلَى مِنْ حَجِّ النَّفْلِ، وَفِي الْكُبْرَى لَوْ كَانَ السَّفَرُ مَخُوفًا مِثْلَ الْبَحْرِ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذَنْ الْوَالِدَيْنِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيُكْرَهُ الْخُرُوجُ إلَى الْغَزْوِ وَالْحَجِّ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ مَا لَمْ يَقْضِ دَيْنَهُ إلَّا بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ كَانَ بِالدَّيْنِ كَفِيلٌ إنْ كَفَلَ بِإِذْنِ الْغَرِيمِ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا، وَإِنْ كَفَلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَرِيمِ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِ الطَّالِبِ وَحْدَهُ وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِ الْكَفِيلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي الْمُقَطَّعَاتِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي مَوَاقِيتِ الْإِحْرَامِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَوَاقِيتِ) الْمَوَاقِيتُ الَّتِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُجَاوِزَهَا الْإِنْسَانُ إلَّا مُحْرِمًا خَمْسَةٌ: لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتُ عِرْقٍ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ جُحْفَةُ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنٌ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ، وَفَائِدَةُ التَّأْقِيتِ الْمَنْعُ عَنْ تَأْخِيرِ الْإِحْرَامِ عَنْهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فَإِنْ قُدِّمَ الْإِحْرَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ جَازَ وَهُوَ الْأَفْضَلُ إذَا أُمِنَ مُوَاقَعَةُ الْمَحْظُورَاتِ وَإِلَّا فَالتَّأْخِيرُ إلَى الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ وَقْتٌ لِأَهْلِهَا وَلِمَنْ مَرَّ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَنْ جَاوَزَ مِيقَاتَهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ ثُمَّ أَتَى مِيقَاتًا آخَرَ فَأَحْرَمَ مِنْهُ أَجْزَأَهُ إلَّا أَنَّ إحْرَامَهُ مِنْ مِيقَاتِهِ أَفْضَلُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِأَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَخَصُّ بِوَقْتِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكُلُّ مَنْ قَصَدَ مَكَّةَ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكٍ أَحْرَمَ إذَا حَاذَى مِيقَاتًا مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَنْ حَجَّ فِي الْبَحْرِ فَوَقْتُهُ إذَا حَاذَى مَوْضِعًا مِنْ الْبَرِّ لَا يَتَجَاوَزُهُ إلَّا مُحْرِمًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَإِنْ سَلَكَ بَيْنَ الْمِيقَاتَيْنِ فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبَرِّ اجْتَهَدَ وَأَحْرَمَ إذَا حَاذَى مِيقَاتًا مِنْهُمَا وَأَبْعَدُهُمَا أَوْلَى بِالْإِحْرَامِ مِنْهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَيْثُ يُحَاذِي فَعَلَى مَرْحَلَتَيْنِ إلَى مَكَّةَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَمَنْ كَانَ أَهْلُهُ فِي الْمِيقَاتِ أَوْ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ إلَى الْحَرَمِ فَمِيقَاتُهُمْ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الْحِلُّ الَّذِي بَيْنَ الْمَوَاقِيتِ وَالْحَرَمِ وَلَوْ أَخَّرَ الْإِحْرَامَ إلَى الْحَرَمِ جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَوَقْتُ الْمَكِّيِّ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ الْحَرَمُ، وَلِلْعُمْرَةِ الْحِلُّ كَذَا فِي الْكَافِي، فَيَخْرُجُ الَّذِي يُرِيدُ الْعُمْرَةَ إلَى الْحِلِّ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ شَاءَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالتَّنْعِيمُ أَفْضَلُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا يَجُوزُ لِلْآفَاقِيِّ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ نَوَى النُّسُكَ أَوْ لَا وَلَوْ دَخَلَهَا فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ. وَمَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ كَالْبُسْتَانِيِّ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ لِحَاجَةٍ بِلَا إحْرَامٍ إلَّا إذَا أَرَادَ النُّسُكَ فَالنُّسُكُ لَا يَتَأَدَّى إلَّا بِالْإِحْرَامِ، وَلَا حَرَجَ فِيهِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَكَذَلِكَ الْمَكِّيُّ إذَا خَرَجَ إلَى الْحِلِّ لِلِاحْتِطَابِ أَوْ الِاحْتِشَاشِ ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ يُبَاحُ لَهُ الدُّخُولُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، وَكَذَلِكَ الْآفَاقِيُّ إذَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الْبُسْتَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِحْرَامِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِحْرَامِ) وَلَهُ رُكْنٌ وَشَرْطٌ (فَالرُّكْنُ) أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ فِعْلٌ مِنْ خَصَائِصِ الْحَجِّ وَهُوَ نَوْعَانِ (أَحَدُهُمَا قَوْلٌ) بِأَنْ يَقُولَ

لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ. . . إلَخْ، وَهِيَ مَرَّةٌ شَرْطٌ وَالزِّيَادَةُ سُنَّةٌ وَتَلْزَمُهُ بِتَرْكِهَا الْإِسَاءَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ التَّلْبِيَةِ تَسْبِيحٌ أَوْ تَحْمِيدٌ أَوْ تَهْلِيلٌ أَوْ تَمْجِيدٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَوَى بِهِ الْإِحْرَامَ صَارَ مُحْرِمًا سَوَاءٌ كَانَ يُحْسِنُ التَّلْبِيَةَ أَوْ لَا يُحْسِنُهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا إذَا أَتَى بِلِسَانٍ آخَرَ أَجْزَأَهُ سَوَاءٌ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ لَا يُحْسِنُهَا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَالْعَرَبِيَّةُ أَفْضَلُ وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ، فَمَنْ قَالَ يَصِيرُ بِهِ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ يَقُولُ يَصِيرُ مُحْرِمًا وَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَا يَصِيرُ بِهِ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَالثَّانِي فِعْلٌ) وَهُوَ أَنْ يُقَلِّدَ بَدَنَةً وَإِنْ سَاقَهَا وَتَوَجَّهَ مَعَهَا يُرِيدُ الْحَجَّ يَصِيرُ مُحْرِمًا وَإِنْ لَمْ يُلَبِّ سَوَاءٌ قَلَّدَ بَدَنَةً تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ أَوْ نَحْوَهُ، وَإِنْ بَعَثَ بِهَا عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَلَمْ يَتَوَجَّهْ مَعَهَا ثُمَّ تَوَجَّهَ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا حَتَّى يَلْحَقَهَا إلَّا هَدْيَ مُتْعَةٍ أَوْ قِرَانٍ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُحْرِمًا حِينَ تَوَجَّهَ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، فَإِذَا أَدْرَكَهَا وَسَاقَهَا أَوْ أَدْرَكَهَا فَقَدْ اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهُ بِعَمَلٍ هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْإِحْرَامِ فَيَصِيرُ مُحْرِمًا كَمَا لَوْ سَاقَهَا فِي الِابْتِدَاءِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اشْتَرَكَ قَوْمٌ فِي بَدَنَةٍ وَهُمْ يَؤُمُّونَ الْبَيْتَ فَقَلَّدَ أَحَدُهُمْ بِأَمْرِهِمْ فَقَدْ أَحْرَمُوا وَبِغَيْرِ أَمْرِهِمْ صَارَ هُوَ مُحْرِمًا دُونَهُمْ وَصِفَةُ التَّقْلِيدِ أَنْ يَرْبِطَ عَلَى عُنُقِ بَدَنَتِهِ قِطْعَةَ نَعْلٍ أَوْ عُرْوَةَ مَزَادَةٍ أَوْ لِحَاءَ شَجَرٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ جَلَّلَ بَدَنَةً أَوْ قَلَّدَ شَاةً وَنَوَى بِهِمَا الْإِحْرَامَ فَتَوَجَّهَ مَعَهَا لَمْ يَصِرْ مُحْرِمًا، وَكَذَلِكَ إذَا أَشْعَرَ بَدَنَةً وَنَوَى بِهِ الْإِحْرَامَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَيُسْتَحَبُّ التَّجْلِيلُ وَالتَّصَدُّقُ بِالْجُلِّ، وَالتَّقْلِيدُ أَحَبُّ مِنْ التَّجْلِيلِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالْبُدْنُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْإِشْعَارُ أَنْ يُطْعَنَ فِي سَنَامِهَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ حَتَّى يَسِيلَ مِنْهُ الدَّمُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا هُوَ حَسَنٌ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَالتَّجْلِيلُ أَنْ يُلْبِسَ بَدَنَتَهُ الْجُلَّ، هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. (وَأَمَّا شَرْطُهُ فَالنِّيَّةُ) حَتَّى لَا يَصِيرَ مُحْرِمًا بِالتَّلْبِيَةِ بِدُونِ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَا يَصِيرُ شَارِعًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ مَا لَمْ يَأْتِ بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ الذِّكْرِ أَوْ سَوْقِ الْهَدْيِ أَوْ تَقْلِيدِ الْبَدَنَةِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ اغْتَسَلَ أَوْ تَوَضَّأَ وَالْغُسْلُ أَفْضَلُ إلَّا أَنَّ هَذَا الْغُسْلَ لِلتَّنْظِيفِ حَتَّى تُؤْمَرَ بِهِ الْحَائِضُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيُسْتَحَبُّ فِي حَقِّ النُّفَسَاءِ وَالصَّبِيِّ وَيُسْتَحَبُّ كَمَالُ التَّنْظِيفِ مِنْ قَصِّ الْأَظْفَارِ وَالشَّارِبِ وَحَلْقِ الْإِبْطَيْنِ وَالْعَانَةِ وَالرَّأْسِ لِمَنْ اعْتَادَهُ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ أَرَادَهُ وَإِلَّا فَتَسْرِيحُهُ وَإِزَالَةُ الشَّعَثِ وَالْوَسَخِ عَنْهُ، وَعَنْ بَدَنِهِ بِغَسْلِهِ بِالْخِطْمِيِّ وَالْأُشْنَانِ وَنَحْوِهِمَا، وَمِنْ الْمُسْتَحَبِّ عِنْدَ إرَادَةِ الْإِحْرَامِ جِمَاعُ زَوْجَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ إنْ كَانَتْ مَعَهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ الْجِمَاعِ فَإِنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيَنْزِعُ الْمِخْيَطَ وَالْخُفَّ وَيَلْبَسُ ثَوْبَيْنِ إزَارًا وَرِدَاءً جَدِيدَيْنِ أَوْ غَسِيلَيْنِ، وَالْجَدِيدُ أَفْضَلُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ لَبِسَ ثَوْبًا وَاحِدًا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ، جَازَ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ، وَالْإِزَارُ مِنْ السُّرَّةِ إلَى مَا تَحْتَ الرُّكْبَةِ وَالرِّدَاءُ عَلَى الظَّهْرِ وَالْكَتِفَيْنِ، وَالصَّدْرِ وَيَشُدُّهُ فَوْقَ السُّرَّةَ وَإِنْ غَرَزَ طَرَفَيْهِ فِي إزَارِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ خَلَّلَهُ بِخِلَالٍ أَوْ مِسَلَّةٍ أَوْ شَدَّهُ عَلَى نَفْسِهِ بِحَبْلٍ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيُدْخِلُ الرِّدَاءَ تَحْتَ يَمِينِهِ وَيُلْقِيهِ عَلَى كَتِفِهِ الْيُسْرَى، وَيُبْقِي كَتِفَهُ الْأَيْمَنَ مَكْشُوفًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَيَدَّهِنُ بِأَيِّ دُهْنٍ شَاءَ مُطَيِّبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُطَيِّبٍ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّطَيُّبُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِمَا لَا يَبْقَى عَيْنُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَإِنْ بَقِيَتْ رَائِحَتُهُ، وَكَذَا التَّطَيُّبُ بِمَا يَبْقَى عَيْنُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ كَالْمِسْكِ، وَالْغَالِيَةُ عِنْدَنَا لَا يُكْرَهُ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَجُوزُ التَّطَيُّبُ فِي الثَّوْبِ بِمَا يَبْقَى عَيْنُهُ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ عَلَى

مسائل في الإحرام

إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا قَالُوا: وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَقْرَأُ فِيهِمَا بِمَا شَاءَ، وَإِنْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] وَفِي الثَّانِيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] تَبَرُّكًا بِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ أَفْضَلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَكَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا يَقْرَءُونَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ سُورَةِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا} [آل عمران: 8] الْآيَةَ، وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10] كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَلَا يُصَلِّيهِمَا فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ وَتُجْزِئُهُ الْمَكْتُوبَةُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، ثُمَّ إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ يَطْلُبُ مِنْ اللَّهِ التَّيْسِيرَ وَيَدْعُو: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، ثُمَّ يُلَبِّي فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَمَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَالتَّلْبِيَةُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَصِفَةُ التَّلْبِيَةِ أَنْ يَقُولَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَقَوْلُهُ: إنَّ النِّعْمَةَ لَكَ يُرْوَى بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَبِكَسْرِهَا وَبِالْكَسْرِ أَصَحُّ، قَالَ الْكَرْخِيُّ يَأْتِي بِهَا وَلَا يُنْقِصُ مِنْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَهُوَ حَسَنٌ بِأَنْ يَقُولَ: لَبَّيْكَ إلَهَ الْخَلْقِ لَبَّيْكَ غَفَّارَ الذُّنُوبِ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إلَيْكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا النَّقْصُ فَمَكْرُوهٌ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، ثُمَّ إذَا لَبَّى صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ الْمُعَلِّمِ لِلْخَيْرَاتِ وَدَعَا بِمَا شَاءَ إلَّا أَنَّهُ يَخْفِضُ صَوْتَهُ إذَا صَلَّى عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَيُكْثِرُ التَّلْبِيَةَ مَا اسْتَطَاعَ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَقَالَ الطَّحْطَاوِيُّ فِي أَدْبَارِ الْمَكْتُوبَاتِ دُونَ الْفَائِتَاتِ، وَالنَّافِلَاتِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَكَذَا كُلَّمَا لَقِيَ رَكْبًا أَوْ عَلَا شَرَفًا أَوْ هَبَطَ وَادِيًا بِالْأَسْحَارِ وَحِينَ اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، أَوْ اسْتَعْطَفَ رَاحِلَتَهُ وَعِنْدَ كُلِّ رُكُوبٍ، وَنُزُولٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَيُسْتَحَبُّ فِي التَّلْبِيَةِ كُلِّهَا رَفْعُ الصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْلُغَ الْجَهْدَ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. [مَسَائِلُ فِي الْإِحْرَام] (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) وَإِذَا لَبَّى وَهُوَ يُرِيدُ الْقِرَانَ أَوْ الْإِفْرَادَ فَهُوَ كَمَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِمَا فِي إحْرَامِهِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا خَرَجَ الرَّجُلُ إلَى السَّفَرِ يُرِيدُ الْحَجَّ فَأَحْرَمَ وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ قَالَ: هُوَ حَجٌّ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ خَرَجَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ وَأَحْرَمَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ مَا شَاءَ مَا لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، فَإِذَا طَافَ شَوْطًا وَاحِدًا كَانَ إحْرَامُهُ إحْرَامَ عُمْرَةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَطُفْ حَتَّى جَامَعَ أَوْ أُحْصِرَ كَانَتْ عُمْرَةً؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ قَدْ وَجَبَ فَأَوْجَبْنَا مَا هُوَ الْأَقَلُّ وَالْمُتَيَقَّنُ وَهُوَ الْعُمْرَةُ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَإِذَا أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ، وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَنْوِ فَرْضًا وَلَا تَطَوُّعًا فَهِيَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ تَتَأَدَّى بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ عِنْدَ الْمِيقَاتِ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ لَزِمَتَاهُ جَمِيعًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَتَيْنِ عِنْدَ الْمِيقَاتِ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ لَزِمَتَاهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَحَرَمَ وَلَمْ يَنْوِ حَجَّةً وَلَا عُمْرَةً ثُمَّ أَحَرَمَ بِحَجَّةٍ فَالْأُولَى عُمْرَةٌ، وَإِنْ أَحَرَمَ بِعُمْرَةٍ فَالْأُولَى حَجَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِالْأَحْرَامِ الثَّانِي شَيْئًا فَهُوَ قَارِنٌ وَلَوْ لَبَّى بِالْحَجِّ وَهُوَ يَنْوِي الْعُمْرَةَ أَوْ لَبَّى بِالْعُمْرَةِ، وَهُوَ يَنْوِي الْحَجَّ فَهُوَ كَمَا نَوَى، وَلَوْ لَبَّى بِحَجَّةٍ وَهُوَ يَنْوِي الْعُمْرَةَ وَالْحَجَّةَ كَانَ قَارِنًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا أَحْرَمَ الرَّجُلُ بِشَيْءٍ وَنَسِيَهُ تَلْزَمُهُ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِشَيْئَيْنِ وَنَسِيَهُمَا فِي الِاسْتِحْسَانِ تَلْزَمُهُ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَيَحْمِلُ أَمْرَهُ عَلَى الْقِرَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ يَنْصَرِفُ إلَى حَجَّةِ هَذِهِ السَّنَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَحْرَمَ نَذْرًا وَنَفْلًا كَانَ نَفْلًا أَوْ نَوَى فَرْضًا وَتَطَوُّعًا كَانَ تَطَوُّعًا عِنْدَهُ وَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصَحِّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

الباب الرابع فيما يفعله المحرم بعد الإحرام

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَفْعَلُهُ الْمُحْرِمُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَفْعَلُهُ الْمُحْرِمُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ) ، وَإِذَا أَحْرَمَ يَتَّقِي مَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ الرَّفَثِ وَالْفُسُوقِ وَالْجِدَالِ، وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ وَالْفُسُوقُ هِيَ الْمَعَاصِي وَالْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْجِدَالُ هِيَ الْمُخَاصَمَةُ مَعَ رُفَقَائِهِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَقْتُلُ صَيْدًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَتَّقِي تَعَرُّضَ الصَّيْدِ بِأَخْذٍ أَوْ إشَارَةٍ أَوْ دَلَالَةٍ أَوْ إعَانَةٍ وَلَا يَلْبَسُ مَخِيطًا قَمِيصًا أَوْ قَبَاءً أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ عِمَامَةً أَوْ قَلَنْسُوَةً أَوْ خُفًّا إلَّا أَنْ يَقْطَعَ الْخُفَّ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْكَعْبُ هُنَا الْمَفْصِلُ الَّذِي فِي وَسْطِ الْقَدَمِ عِنْدَ مَعْقِدِ الشِّرَاكِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَتَّقِي سَتْرَ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَلَا يُغَطِّي فَاهُ وَلَا ذَقَنَهُ وَلَا عَارِضَهُ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا يَلْبَسُ الْجَوْرَبَيْنِ كَمَا لَا يَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْحَرَامُ مِنْ لُبْسِ الْمَخِيطِ هُوَ اللُّبْسُ الْمُعْتَادُ حَتَّى لَوْ اتَّزَرَ بِالْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ أَوْ وَضَعَ الْقَبَاءَ عَلَى كَتِفِهِ وَأَدْخَلَ مَنْكِبَيْهِ وَلَا يُدْخِلُ يَدَيْهِ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا بَأْسَ بِشَدِّ الْهِمْيَانِ أَوْ الْمِنْطَقَةِ لِلْمُحْرِمِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْهِمْيَانِ نَفَقَتُهُ أَوْ نَفَقَةُ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ شَدُّ الْمِنْطَقَةِ بِالْإِبْرَيْسَمِ أَوْ بِالسُّيُورِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا يَشُدُّ طَيْلَسَانِهِ بِالزِّرِّ أَوْ بِالْخِلَالِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَخِيطَ وَلَا يُكْرَهُ لُبْسُ الْخَزِّ وَالْقَصْبِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَخِيطًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِعُصْفُرٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَسِيلًا بِحَيْثُ لَا يَنْفُضُ فَلَا بَأْسَ بِهِ قِيلَ فِي النَّفْضِ أَنْ لَا يَتَنَاثَرَ صَبْغُهُ عَلَى الْبَدَنِ، وَقِيلَ لَا تَفُوحُ رَائِحَتُهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَلَا شَعْرِ بَدَنِهِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْحَلْقُ بِالْمُوسَى وَالنُّورَةِ، وَالْقَلْعُ بِالْأَسْنَانِ، وَغَيْرُهُ وَلَا يَقُصُّ مِنْ لِحْيَتِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ ظُفُرِهِ شَيْئًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَمَسُّ طِيبًا بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْصِدُ بِهِ التَّطَيُّبَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يَدَّهِنُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَضِبَ بِالْحِنَّاءِ لِأَنَّهُ طِيبٌ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَكْتَحِلَ بِكُحْلٍ لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ وَلَا يُقَبِّلُ الْمُحْرِمُ امْرَأَتَهُ، وَلَا يَمَسُّهَا بِشَهْوَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَلَا لِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ وَلَا يَحُكُّ رَأْسَهُ، وَإِذَا حَكَّ فَلْيُرْفِقْ بِحَكِّهِ خَوْفًا مِنْ تَنَاثُرِ الشَّعْرِ وَقَتْلِ الْقُمَّلِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى رَأْسِهِ شَعْرٌ أَوْ أَذًى فَلَا بَأْسَ بِالْحَكِّ الشَّدِيدِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَظِلَّ بِالْبَيْتِ وَالْمَحْمَلِ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَظِلَّ بِالْفُسْطَاطِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا لَوْ دَخَلَ تَحْتَ سِتْرِ الْكَعْبَةِ حَتَّى غَطَّاهُ وَالسِّتْرُ لَا يُصِيبُ رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنْ كَانَ يُصِيبُ رَأْسَهُ أَوْ وَجْهَهُ كُرِهَ ذَلِكَ لِمَكَانِ التَّغْطِيَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَحْتَجِمَ أَوْ يَفْتَصِدَ أَوْ يَجْبُرَ الْكَسْرَ أَوْ يَخْتَتِنَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يَقْطَعُ شَجَرَ الْحَرَمِ غَيْرَ الْإِذْخِرِ وَكَذَلِكَ الْحَلَالُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي كَيْفِيَّةِ أَدَاءِ الْحَجِّ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي كَيْفِيَّةِ أَدَاءِ الْحَجِّ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ لِدُخُولِ مَكَّةَ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَيَدْخُلُ مَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَهِيَ ثَنِيَّةُ كَدَاءٍ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ عَلَى دَرْبِ الْمُعَلَّى وَلَا يَضُرُّهُ لَيْلًا دَخَلَهَا أَوْ نَهَارًا فِي حَجَّتِهِ، وَكَذَا فِي عُمْرَتِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَهَا نَهَارًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ ابْتَدَأَ بِالْمَسْجِدِ بَعْدَمَا حَطَّ أَثْقَالَهُ.

كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مُلَبِّيًا فِي دُخُولِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بَابَ بَنِي شَيْبَةَ فَيَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مِنْهُ مُتَوَاضِعًا خَاشِعًا مُلَبِّيًا مُلَاحِظًا جَلَالَةَ الْبُقْعَةِ مَعَ التَّلَطُّفِ بِالْمُزَاحِمِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ حَافِيًا إلَّا أَنْ يَتَضَرَّرَ بِهِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى فِي دُخُولِهِ وَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك وَأَدْخِلْنِي فِيهَا اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك فِي مَقَامِي هَذَا أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك وَأَنْ تَرْحَمَنِي وَتَقْبَلَ عَثْرَتِي وَتَغْفِرَ ذُنُوبِي وَتَضَعَ عَنِّي وِزْرِي كَذَا فِي التَّبْيِينِ. فَإِذَا عَايَنَ الْبَيْتَ كَبَّرَ وَهَلَّلَ وَيَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، وَإِلَيْك يَرْجِعُ السَّلَامُ حَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ اللَّهُمَّ زِدْ بَيْتَك هَذَا تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَمَهَابَةً وَزِدْ مِنْ تَعْظِيمِهِ وَتَشْرِيفِهِ مَنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَمَهَابَةً، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيَدْعُو بِمَا بَدَا لَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. ثُمَّ يَبْدَأُ بِالْحَجَرِ وَلَا يَبْدَأُ بِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْمُ فِي الصَّلَاةِ فَيَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيَسْتَقْبِلُهُ وَيُكَبِّرُ رَافِعًا يَدَيْهِ كَمَا يُكَبِّرُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُرْسِلُهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَرْفَعُ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَيَسْتَلِمُهُ، وَصِفَةُ الِاسْتِلَامِ أَنْ يَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى الْحَجَرِ وَيُقَبِّلَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْذِيَ أَحَدًا وَيَقُولُ عِنْدَ الِاسْتِلَامِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَطَهِّرْ لِي قَلْبِي وَاشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِلَّا مَسَّ الْحَجَرَ بِيَدِهِ وَقَبَّلَ يَدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ذَلِكَ أَمَسَّ الْحَجَرَ شَيْئًا فِي يَدِهِ مِنْ عُرْجُونٍ وَغَيْرِهِ ثُمَّ قَبَّلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يَسْتَقْبِلُهُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلًا بِبَاطِنِهِمَا إيَّاهُ وَيُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ وَيَحْمَدُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَذَا الِاسْتِقْبَالُ مُسْتَحَبٌّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا يَجْعَلُ بَاطِنَ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ كَمَا يَفْعَلُ فِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِنَبِيِّك وَسُنَّةِ نَبِيِّك أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ آمَنْت بِاَللَّهِ وَكَفَرْت بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ أَخَذَ بِمَا عَنْ يَمِينِهِ مِمَّا يَلِي بَابَ الْكَعْبَةِ فَيَطُوفُ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، وَقَدْ اضْطَبَعَ قَبْلَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ بِالطَّوَافِ مِنْ جَانِبِ الْحَجَرِ الَّذِي يَلِي الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ فَيَكُونُ مَارًّا عَلَى جَمِيعِ الْحَجَرِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَيَخْرُجُ مِنْ خِلَافِ مَنْ يَشْتَرِطُ الْمُرُورَ كَذَلِكَ عَلَيْهِ. وَشَرْحُهُ أَنْ يَقِفَ مُسْتَقْبِلًا عَلَى جَانِبِ الْحَجَرِ بِحَيْثُ يَصِيرُ جَمِيعُ الْحَجَرِ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يَمْشِيَ كَذَلِكَ مُسْتَقْبِلًا حَتَّى يُجَاوِزَ الْحَجَرَ فَإِذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ وَجَعَلَ يَسَارَهُ إلَى الْبَيْتِ وَهَذَا فِي الِافْتِتَاحِ خَاصَّةً، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي فُرُوعٍ تَتَعَلَّقُ بِالطَّوَافِ وَلَوْ أَخَذَ عَنْ يَسَارِهِ فَهُوَ جَائِزٌ مَعَ الْإِسَاءَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالِاضْطِبَاعُ هُوَ أَنْ يُلْقِيَ طَرَفَ رِدَائِهِ عَلَى كَتِفِهِ الْيُسْرَى وَيُخْرِجَهُ تَحْتَ إبْطِهِ الْأَيْمَنِ وَيُلْقِيَ طَرَفَهُ الْآخَرَ عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ وَتَكُونُ كَتِفُهُ الْأَيْمَنُ مَكْشُوفَةً وَالْيُسْرَى مُغَطَّاةً بِطَرَفَيْ الرِّدَاءِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ الشَّوْطُ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ كَذَا فِي الْكَافِي وَافْتِتَاحُ الطَّوَافِ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ سُنَّةٌ عِنْدَ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا حَتَّى لَوْ افْتَتَحَ الطَّوَافَ مِنْ غَيْرِ الْحَجَرِ جَازَ وَيُكْرَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَجْعَلُ طَوَافَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحَطِيمِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ الْفُرْجَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَيُعِيدُ الطَّوَافَ فَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى الْحَطِيمِ وَحْدَهُ أَجْزَأَهُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَكُلَّمَا مَرَّ بِالْحَجَرِ فِي الطَّوَافِ يَسْتَلِمُهُ إنْ اسْتَطَاعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْذِيَ أَحَدًا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ يَسْتَقْبِلُ الْحَجَرَ وَيُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَخْتِمُ الطَّوَافَ بِالِاسْتِلَامِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ افْتَتَحَ

الطَّوَافَ بِاسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَخَتَمَ بِهِ وَتَرَكَ الِاسْتِلَامَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ، وَإِذَا تَرَكَ رَأْسًا فَقَدْ أَسَاءَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَهُوَ حَسَنٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَإِنْ تَرَكَهُ لَا يَضُرُّهُ، وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْعِرَاقِيَّ وَلَا الشَّامِيَّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَرْمُلُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْ الْأَشْوَاطِ وَيَمْشِي فِي الْبَاقِي عَلَى هِينَتِهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا فِي كُلِّ طَوَافٍ بَعْدَهُ سَعْيٌ فَإِنَّهُ يَرْمُلُ فِيهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَتَفْسِيرُ الرَّمَلِ أَنْ يُسْرِعَ فِي الْمَشْيِ وَيَهُزَّ كَتِفَيْهِ شِبْهَ الْمُبَارِزِ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَيَكُونُ الرَّمَلُ مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ زَاحَمَهُ النَّاسُ فِي الرَّمَلِ قَامَ فَإِذَا وَجَدَ مَسْلَكًا رَمَلَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الشَّوْطِ الْأَوَّلِ لَا يَرْمُلُ إلَّا فِي الشَّوْطَيْنِ بَعْدَهُ وَبِنِسْيَانِهِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ لَا يَرْمُلُ فِي الْبَاقِي، وَلَوْ رَمَلَ فِي الْكُلِّ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ إنْ أَخَّرَ السَّعْيَ إلَى طَوَافِ الزِّيَارَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَذَا الطَّوَافُ يُسَمَّى طَوَافَ الْقُدُومِ وَالتَّحِيَّةِ وَاللِّقَاءِ وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ طَوَافُ الْقُدُومِ كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الْمُحْرِمُ مَكَّةَ وَتَوَجَّهَ إلَى عَرَفَاتٍ وَوَقَفَ بِهَا سَقَطَ عَنْهُ طَوَافُ الْقُدُومِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الطَّوَافِ يَأْتِي مَقَامَ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْمَقَامِ بِسَبَبِ الْمُزَاحَمَةِ يُصَلِّي حَيْثُ لَا يَعْسُرُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ صَلَّى فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ وَاجِبَتَانِ عِنْدَنَا يَقْرَأُ فِي الْأُولَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] وَفِي الثَّانِيَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وَلَا تُجْزِئُهُ الْمَكْتُوبَةُ عَنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ بَعْدَ صَلَاتِهِ خَلْفَ الْمَقَامِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فِي وَقْتٍ يُبَاحُ لَهُ أَدَاءُ التَّطَوُّعِ فِيهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ زَمْزَمَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الصَّفَا فَيَشْرَبَ مِنْهَا وَيَتَضَلَّعَ وَيُفْرِغَ الْبَاقِيَ فِي الْبِئْرِ وَيَقُولَ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك رِزْقًا وَاسِعًا وَعِلْمًا نَافِعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ ثُمَّ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الصَّفَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. ثُمَّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَادَ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَاسْتَلَمَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ إنْ اسْتَطَاعَ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ يَسْتَقْبِلُ الْحَجَرَ وَيُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ فَإِنْ كَانَ لَا يُرِيدُ بَعْدَ هَذَا الطَّوَافِ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لَا يَعُودُ إلَى الْحَجَرِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْأَصْلُ فِي كُلِّ طَوَافٍ بَعْدَهُ سَعْيٌ الْعَوْدُ إلَى اسْتِلَامِ الْحَجَرِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ أَمَّا كُلُّ طَوَافٍ لَيْسَ بَعْدَهُ سَعْيٌ فَلَا عَوْدَ فِيهِ إلَى اسْتِلَامِ الْحَجَرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الصَّفَا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ الصَّفَا وَهُوَ بَابُ بَنِي مَخْزُومٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ سُنَّةً عِنْدَنَا وَلَوْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِهِ جَازَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى فِي الْخُرُوجِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. فَيَبْدَأُ بِالصَّفَا فَيَصْعَدُ عَلَيْهَا. وَالصُّعُودُ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سُنَّةٌ حَتَّى يُكْرَهَ أَنْ لَا يَصْعَدَ عَلَيْهِمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنَّمَا يَصْعَدُ بِقَدْرِ مَا يَصِيرُ الْبَيْتُ بِمَرْأًى مِنْهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَسْتَقْبِلُ الْبَيْتَ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيُكَبِّرُ ثَلَاثًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيُهَلِّلُ وَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدْعُو اللَّهَ بِحَاجَتِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الدُّعَاءِ نَحْوَ السَّمَاءِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ثُمَّ يَهْبِطُ مِنْهَا نَحْوَ الْمَرْوَةِ وَيَمْشِي عَلَى هِينَتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بَطْنَ الْوَادِي فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْمِيلِ الْأَخْضَرِ يَسْعَى فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعْيًا حَتَّى يُجَاوِزَ الْمِيلَ الْأَخْضَرَ فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ يَمْشِي عَلَى هِينَتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَرْوَةَ فَيَصْعَدَ عَلَيْهَا وَيَقُومَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَحْمَدَ اللَّهَ وَيُكَبِّرَ وَيُهَلِّلَ وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَفْعَلَ مَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا وَيَطُوفَ بِهِمَا هَكَذَا سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ يَبْدَأُ بِالصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ وَيَسْعَى فِي بَطْنِ الْوَادِي فِي كُلِّ شَوْطٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَالسَّعْيُ مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ شَوْطٌ وَمِنْ الْمَرْوَةِ إلَى الصَّفَا شَوْطٌ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. إذَا سَعَى مَعْكُوسًا بِأَنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يُعْتَدُّ بِهِ وَلَكِنْ يُكْرَهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِالشَّوْطِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَشَرْطُ السَّعْيِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الطَّوَافِ حَتَّى لَوْ سَعَى ثُمَّ طَافَ أَعَادَ السَّعْيَ إنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَلَوْ سَعَى بَعْدَ الْإِحْلَالِ فَبِالْإِجْمَاعِ يَجُوزُ وَكَذَا بَعْدَ الْأَشْهُرِ، وَالْحَيْضُ وَالْجَنَابَةُ لَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ السَّعْيَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ تُؤَدَّى لَا فِي الْمَسْجِدِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَنَاسِكِ فَالطَّهَارَةُ لَيْسَتْ مِنْ شَرْطِهَا كَالسَّعْيِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ وَنَحْوِهَا، وَكُلُّ عِبَادَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَالطَّهَارَةُ مِنْ شَرْطِهَا، وَالطَّوَافُ يُؤَدَّى فِي الْمَسْجِدِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. الْمُفْرِدُ بِالْحَجِّ إذَا أَتَى بِطَوَافِ الْقُدُومِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَسْعَى بَعْدَهُ وَلَكِنْ يَسْعَى بَعْدَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ طَافَ وَسَعَى قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ مِنًى فَهُوَ أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَهَلَّ بَعْدَ الزَّوَالِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَالرَّجُلُ يَطُوفُ أَوْ يَسْعَى يَتْرُكُ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَيُصَلِّي ثُمَّ يَبْنِي بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَإِذَا أُقِيمَتْ الْجِنَازَةُ خَرَجَ مِنْ سَعْيِهِ إلَيْهَا فَإِذَا فَرَغَ وَعَادَ يَبْنِي عَلَى مَا كَانَ، هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَيُكْرَهُ الْحَدِيثُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا فَرَغَ مِنْ السَّعْيِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُقِيمُ بِمَكَّةَ حَرَامًا إلَى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ فَمَا دَامَ بِمَكَّةَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ مَا بَدَا لَهُ كُلُّ طَوَافٍ سَبْعَةُ أَشْوَاطٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لَكِنَّهُ لَا يَسْعَى عَقِيبَ هَذِهِ الْأَطْوِفَةِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُصَلِّي لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُبَاحُ فِيهِ التَّطَوُّعُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَيُكْرَهُ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُسْبُوعَيْنِ بِغَيْرِ صَلَاةٍ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ انْصَرَفَ عَنْ شَفْعٍ أَوْ وَتْرٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَطَوَافُ التَّطَوُّعِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ لِلْغُرَبَاءِ وَلِأَهْلِ مَكَّةَ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ وَعِنْدَ الطَّوَافِ الذِّكْرُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِذَا كَانَ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ خَطَبَ الْإِمَامُ خُطْبَةً يُعْلِمُ فِيهَا النَّاسَ الْخُرُوجَ إلَى مِنًى وَالصَّلَاةَ بِعَرَفَاتٍ وَالْوُقُوفَ وَالْإِفَاضَةَ وَفِي الْحَجِّ ثَلَاثُ خُطَبٍ أَوَّلُهَا مَا ذَكَرْنَا وَالثَّانِيَةُ بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالثَّالِثَةُ بِمِنًى فِي الْيَوْمِ الْحَادِيَ عَشَرَ فَيَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ خُطْبَتَيْنِ بِيَوْمٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ كُلُّهَا خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا يَجْلِسُ فِي وَسْطِهَا إلَّا خُطْبَةَ يَوْمِ عَرَفَةَ فَإِنَّهَا خُطْبَتَانِ فَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا وَكُلُّهَا تُخْطَبُ بَعْدَ الزَّوَالِ بَعْدَمَا صَلَّى الظُّهْرَ إلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ فَإِنَّهَا بَعْدَ الزَّوَالِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ يَرُوحُ مَعَ النَّاسِ إلَى مِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ ذَهَبَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ جَازَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ ثُمَّ لَا يَتْرُكُ التَّلْبِيَةَ فِي أَحْوَالِهِ كُلِّهَا فِي مَكَّةَ وَفِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَغَيْرِهِ وَيُلَبِّي عِنْدِ الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ وَيُهَلِّلُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَبِيتُ بِمِنًى وَيُصَلِّي ثَمَّةَ صَلَاةَ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ بِغَلَسٍ (1) ثُمَّ يَتَوَجَّهُ إلَى عَرَفَاتٍ وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِمَكَّةَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَبَاتَ بِمِنًى لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاتَ بِمَكَّةَ وَصَلَّى بِهَا الْفَجْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ ثُمَّ تَوَجَّهَ إلَى عَرَفَاتٍ وَمَرَّ بِمِنًى أَجْزَأَهُ وَلَكِنْ أَسَاءَ بِتَرْكِ الِاقْتِدَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلَوْ وَافَقَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مِنًى قَبْلَ الزَّوَالِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ لَا يَخْرُجُ مَا لَمْ يُصَلِّهَا لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِذَا

انْتَهَى إلَى عَرَفَاتٍ يَنْزِلُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَقُرْبَ الْجَبَلِ أَفْضَلُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَنْزِلُ عَلَى الطَّرِيقِ كَيْ لَا يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ اغْتَسَلَ إنْ أَحَبَّ وَيَصْعَدُ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ وَهُوَ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ الْأَذَانِ خُطْبَتَيْنِ قَائِمًا وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ خَطَبَ قَاعِدًا أَجْزَأَهُ وَلَكِنَّ الْقِيَامَ أَفْضَلُ، وَإِنْ تَرَكَ أَوْ خَطَبَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَجْزَأَهُ وَقَدْ أَسَاءَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَيُعْلِمُ النَّاسَ فِي الْخُطْبَةِ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَالْإِفَاضَةَ وَرَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَالنَّحْرَ وَالْحَلْقَ وَطَوَافَ الزِّيَارَةِ وَجَمِيعَ الْمَنَاسِكِ إلَى الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ هَكَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّي الْإِمَامُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَا يَجْهَرُ فِيهِمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَتَطَوَّعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ غَيْرَ سُنَّةِ الظُّهْرِ فَلَوْ تَطَوَّعَ بَيْنَهُمَا كُرِهَ وَأَعَادَ أَذَانَ الْعَصْرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا إذَا اشْتَغَلَ بَيْنَهُمَا بِعَمَلٍ آخَرَ مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ثُمَّ لِجَوَازِ الْجَمْعِ أَعْنِي تَقْدِيمَ الْعَصْرِ عَلَى وَقْتِهَا وَأَدَائِهَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ شَرَائِطُ (مِنْهَا) أَنْ تَكُونَ مُرَتَّبَةً عَلَى ظُهْرٍ جَائِزٍ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الشَّمْسَ زَالَتْ وَالْعَصْرَ بَعْدَهُ أَعَادَ الْخُطْبَةَ وَالصَّلَاتَيْنِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ (وَمِنْهَا الْوَقْتُ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ عَرَفَةَ (وَالْمَكَانُ) وَهُوَ عَرَفَاتُ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. (وَمِنْهَا إحْرَامُ الْحَجِّ) قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ عِنْدَ أَدَاءِ الصَّلَاتَيْنِ حَتَّى لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ عِنْدَ أَدَاءِ الظُّهْرِ وَمُحْرِمًا بِالْحَجِّ عِنْدَ أَدَاءِ الْعَصْرِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ الزَّوَالِ فِي رِوَايَةٍ تَقْدِيمًا لِلْإِحْرَامِ عَلَى وَقْتِ الْجَمْعِ وَفِي أُخْرَى يَكْتَفِي بِالتَّقْدِيمِ عَلَى الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الصَّلَاةُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَمِنْهَا الْجَمَاعَةُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَحْدَهُ فِي رَحْلِهِ صَلَّى الْعَصْرَ فِي وَقْتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا الْمُنْفَرِدُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الزَّادِ وَلَوْ فَاتَتَاهُ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ فَاتَتْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا صَلَّى الْعَصْرَ لِوَقْتِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَقْدِيمُ الْعَصْرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِمَامُ لِجَمِيعِ أَدَاءِ الظُّهْرِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فَإِذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَاحِدَةً مِنْ الصَّلَاتَيْنِ أَوْ شَيْئًا مِنْ الصَّلَاتَيْنِ جَازَ الْجَمْعُ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ نَفَرَ النَّاسُ عَنْ الْإِمَامِ فَصَلَّى وَحْدَهُ الصَّلَاتَيْنِ جَازَ ذِكْرُهُ مُطْلَقًا لَكِنْ إنْ كَانَ بَعْدَ الشُّرُوعِ يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ وَقِيلَ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي الظُّهْرِ فَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ يَجْمَعُ الْمُسْتَخْلَفُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ جَاءَ الْإِمَامُ بَعْدَمَا خَرَجَ الْخَلِيفَةُ مِنْ الْعَصْرِ صَلَّى الْعَصْرَ فِي وَقْتِهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ مَا خَطَبَ وَأَمَرَ رَجُلًا بِالصَّلَاةِ وَالْمَأْمُورُ لَمْ يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ الصَّلَاتَيْنِ جَمِيعًا وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا لَكِنْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ مِنْ النَّاسِ وَصَلَّى بِهِمْ جَمِيعًا لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَهُ أَنَّ الْإِمَامَ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْجَمْعِ وَلَوْ كَانَ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ ذِي سُلْطَانٍ كَالْقَاضِي وَصَاحِبِ الشُّرَطَةِ وَغَيْرِهِمَا أَجْزَأَهُمْ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ هُوَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَوْ نَائِبُهُ وَهُوَ شَرْطٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.

فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ بِجَمَاعَةٍ لَا مَعَ الْإِمَامِ وَالْعَصْرَ مَعَ الْإِمَامِ لَمْ يَجُزْ الْعَصْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ مَاتَ الْإِمَامُ وَهُوَ الْخَلِيفَةُ جَمَعَ نَائِبُهُ أَوْ صَاحِبُ شُرَطَتِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَائِبٌ وَلَا صَاحِبُ شُرَطَةٍ صَلَّوْا كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الْعَصْرِ رَاحَ إلَى الْمَوْقِفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَرَفَاتٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ كَذَا فِي الْكَنْزِ وَيَقِفُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَالْوُقُوفُ شَرْطُهُ شَيْئَانِ) أَحَدُهُمَا كَوْنُهُ فِي أَرْضِ عَرَفَاتٍ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتِهِ وَلَيْسَ الْقِيَامُ مِنْ شُرُوطِهِ وَلَا مِنْ وَاجِبَاتِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ جَالِسًا جَازَ وَكَذَا النِّيَّةُ لَيْسَتْ مِنْ شُرُوطِهِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقِفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ (وَوَاجِبُهُ) الِامْتِدَادُ إلَى الْغُرُوبِ (وَأَمَّا سُنَنُهُ) فَالِاغْتِسَالُ وَالْخُطْبَتَانِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَتَعْجِيلُ الْوُقُوفِ عَقِبَيْهِمَا وَأَنْ يَكُونَ مُفْطِرًا وَأَنْ يَكُونَ مُتَوَضِّئًا وَأَنْ يَقِفَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَنْ يَكُونَ وَرَاءَ الْإِمَامِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ وَأَنْ يَكُونَ حَاضِرَ الْقَلْبِ فَارِغًا عَنْ الْأُمُورِ الشَّاغِلَةِ عَنْ الدُّعَاءِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْتَنِبَ فِي مَوْقِفِهِ طَرِيقَ الْقَوَافِلِ وَغَيْرِهِمْ لِئَلَّا يَنْزَعِجَ بِهِمْ وَأَنْ يَقِفَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ السُّودِ مَوْقِفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنْ تَعَذَّرَ يَقْرُبُ مِنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَوُقُوفُ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاتَيْنِ يُجْزِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَرْفَعُ الْأَيْدِيَ بَسْطًا وَيَسْتَقْبِلُ كَمَا يَسْتَقْبِلُ الدَّاعِي بِيَدِهِ وَوَجْهِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَدْعُو بَعْدَ الْحَمْدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُعَلِّمُ النَّاسَ الْمَنَاسِكَ وَيَجْتَهِدُ فِي الدُّعَاءِ وَيُلَبِّي فِي مَوْقِفِهِ سَاعَةً فَسَاعَةً كَذَا فِي الْكَافِي وَيُكْثِرُ الِاسْتِغْفَارَ لِنَفْسِهِ وَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا يَزَالُونَ فِي التَّلْبِيَةِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْخُشُوعِ وَالتَّذَلُّلِ وَالْإِخْلَاصِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءِ بِحَوَائِجِهِمْ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَيْسَ عَنْ أَصْحَابِنَا فِيهِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَدْعُو بِمَا شَاءَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلِيَكُنْ عَامَّةُ دُعَائِهِ بِعَرَفَاتٍ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ وَلَا نَعْرِفُ رَبًّا سِوَاهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي اللَّهُمَّ هَذَا مَقَامُ الْمُسْتَجِيرِ الْعَائِذِ مِنْ النَّارِ أَجِرْنِي مِنْ النَّارِ بِعَفْوِك وَأُدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ إذْ هَدَيْتنِي لِلْإِسْلَامِ فَلَا تَنْزِعْهُ عَنِّي وَلَا تَنْزِعْنِي عَنْهُ حَتَّى تَقْبِضَنِي وَأَنَا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يُخْفِيَ صَوْتَهُ بِالدُّعَاءِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. ثُمَّ وَقْتُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ أَوَّلِ النَّحْرِ فَمَنْ حَصَّلَ فِي هَذَا الْوَقْتِ فِيهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِهَا أَوْ جَاهِلٌ أَوْ نَائِمٌ أَوْ يَقْظَانُ مُفِيقًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ فَوَقَفَ بِهَا أَوْ مَرَّ مَارٌّ وَلَمْ يَقِفْ صَارَ مُدْرِكًا لِلْحَجِّ وَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ الْفَسَادُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِنْ وَقَفَ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا إلَّا إذَا اشْتَبَهَ عَلَى النَّاسِ هِلَالُ ذِي الْحَجَّةِ وَأَكْمَلُوا ذَا الْقِعْدَةِ ثَلَاثِينَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ يَوْمَهُمْ كَانَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَاتَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَسَقَطَ عَنْهُ أَفْعَالُ الْحَجِّ وَيَتَحَوَّلُ إحْرَامُهُ إلَى الْعُمْرَةِ فَيَأْتِي بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ وَيَحِلُّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَجِّ مِنْ قَابِلٍ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَاللَّيَالِي كُلُّهَا تَابِعَةٌ لِلْأَيَّامِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لَا لِلْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ إلَّا فِي الْحَجِّ فَإِنَّهَا فِي حُكْمِ أَيَّامٍ مَاضِيَةٍ لَا فِي حُكْمِ أَيَّامٍ مُسْتَقْبَلَةٍ لَيْلَةُ عَرَفَةَ تَابِعَةٌ لِيَوْمِ التَّرْوِيَةِ حَتَّى لَا يَجُوزُ لِلْحَاجِّ الْوُقُوفُ فِيهَا كَمَا لَا يَجُوزُ فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَلَيْلَةُ النَّحْرِ تَابِعَةٌ لِيَوْمِ عَرَفَةَ.

حَتَّى يَجُوزَ الْوُقُوفُ فِيهَا كَمَا يَجُوزُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَكَذَا لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ فِيهَا كَمَا لَا تَجُوزُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا غَرُبَتْ الشَّمْسُ أَفَاضَ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ مَعَهُ عَلَى هِينَتِهِمْ حَتَّى يَأْتُوا بِمُزْدَلِفَةَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى هِينَتِهِ فَإِذَا وَجَدَ فُرْجَةً أَسْرَعَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا تَأَخَّرَ الْإِمَامُ عَنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَيَدْفَعُ النَّاسُ قَبْلَهُ لِدُخُولِ الْوَقْتِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَيُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ وَيَحْمَدُ وَيُلَبِّي سَاعَةً فَسَاعَةً وَيُكْثِرُ الِاسْتِغْفَارَ فِي طَرِيقِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ خَافَ الزِّحَامَ فَتَعَجَّلَ فِي الذَّهَابِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ حُدُودِ عَرَفَةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقِفَ فِي مَكَانِهِ كَيْ لَا يَكُونَ آخِذًا فِي الْأَدَاءِ وَهُوَ الْإِفَاضَةُ قَبْلَ أَوَانِهِ وَكَيْلَا يَكُونَ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ مَكَثَ قَلِيلًا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَإِفَاضَةِ الْإِمَامِ لِخَوْفِ الزِّحَامِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُزْدَلِفَةَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا إذَا أَتَى بِمُزْدَلِفَةَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي الطَّرِيقِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَلَوْ صَلَّى الْفَجْرَ قَبْل أَنْ يُعِيدَهُمَا بِمُزْدَلِفَةَ عَادَتَا إلَى الْجَوَازِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ خَشِيَ طُلُوعَ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّاهُمَا فِي الطَّرِيقِ جَازَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَدَّمَ الْعِشَاءَ بِمُزْدَلِفَةَ عَلَى الْمَغْرِبِ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ ثُمَّ يُعِيدُ الْعِشَاءَ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْعِشَاءَ حَتَّى انْفَجَرَ الصُّبْحُ عَادَ الْعِشَاءُ إلَى الْجَوَازِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ الْمُزْدَلِفَةَ مَاشِيًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِذَا أَتَوْا الْمُزْدَلِفَةَ نَزَلُوا حَيْثُ شَاءُوا وَلَا يَنْزِلُونَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالنُّزُولُ بِقُرْبِ الْجَبَلِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ قَزَحٌ أَفْضَلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الْعِشَاءِ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ فَيُصَلِّي الْإِمَامُ بِهِمْ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثُمَّ يُصَلِّي بِهِمْ صَلَاةَ الْعِشَاءِ بِأَذَانٍ، وَإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَا يَتَطَوَّعُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ تَطَوَّعَ بَيْنَهُمَا أَوْ اشْتَغَلَ بِشَيْءٍ أَعَادَ الْإِقَامَةَ وَلَا تُشْتَرَطُ الْجَمَاعَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَمَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَوْ الْعِشَاءَ وَحْدَهُ أَجْزَأَهُ بِخِلَافِ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ بِالْجَمَاعَةِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي جَمْعِ الْمُزْدَلِفَةِ الْخُطْبَةُ وَالسُّلْطَانُ وَالْجَمَاعَةُ وَالْإِحْرَامُ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْعِشَاءِ يَبِيتُ ثَمَّةَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْيِيَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. فَإِنْ مَرَّ بِهَا مَارٌّ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبِيتَ بِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ مُسِيئًا بِتَرْكِهِ السُّنَّةَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ الْفَجْرَ بِغَلَسٍ ثُمَّ وَقَفَ وَوَقَفَ النَّاسُ مَعَهُ كَذَا فِي الْقُدُورِيِّ وَيَقِفُ النَّاسُ وَرَاءَ الْإِمَامِ أَوْ حَيْثُ شَاءُوا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ وُقُوفُهُمْ خَلْفَ الْإِمَامِ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي يُقَال لَهُ قَزَحٌ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيُهَلِّلُ وَيُكَبِّرُ وَيُلَبِّي وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا فِي الزَّادِ وَيَدْعُو اللَّهَ بِحَاجَتِهِ رَافِعًا يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إلَّا بَطْنَ مُحَسِّرٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا بَلَغَ بَطْنَ مُحَسِّرٍ أَسْرَعَ إنْ كَانَ مَاشِيًا وَحَرَّكَ دَابَّتَهُ إنْ كَانَ رَاكِبًا قَدْرَ رَمْيَةٍ ذَكَرَهُ الْكَرْمَانِيُّ وَهُوَ إجْمَاعٌ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ ثُمَّ وَقْتُ الْوُقُوفِ فِيهَا مِنْ حِينِ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ يُسْفِرَ جِدًّا فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ خَرَجَ وَقْتُهُ وَلَوْ وَقَفَ فِيهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ أَوْ مَرَّ بِهَا جَازَ كَمَا فِي فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَقَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي

التَّبْيِينِ. وَلَوْ جَاوَزَ حَدَّ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ الْوُقُوفِ بِهَا إلَّا إذَا كَانَتْ بِهِ عِلَّةٌ أَوْ مَرَضٌ أَوْ ضَعْفٌ فَخَافَ الزِّحَامَ فَدَفَعَ مِنْهَا لَيْلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فَإِذَا أَسْفَرَ جِدًّا دَفَعَ مِنْهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَالنَّاسُ مَعَهُ حَتَّى يَأْتُوا مِنًى كَذَا فِي الزَّادِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ حَدَّ الْأَسْفَارِ فَقَالَ إذَا أَسْفَرَ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَّا مِقْدَارُ مَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يَذْهَبُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ دَفَعَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ النَّاسُ الْفَجْرَ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. ثُمَّ يَأْتِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فِي بَطْنِ الْوَادِي مِنْ أَسْفَلَ إلَى أَعْلَى مِثْلَ حَصَاةِ الْخَذْفِ وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَلَا يَرْمِي يَوْمَئِذٍ مِنْ الْجِمَارِ غَيْرَهَا وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ جَعَلَ بَدَلَ التَّكْبِيرِ تَسْبِيحًا أَوْ تَهْلِيلًا جَازَ وَلَا يَكُونُ مُسِيئًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ يَرْمِيهَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُفْرِدِ وَالْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْمُعْتَمِرُ يَقْطَعُ إذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَفَائِتُ الْحَجِّ إذَا تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حِينَ يَأْخُذُ فِي الطَّوَافِ فَإِنْ كَانَ قَارِنًا يَقْطَعُ حِينَ يَأْخُذُ فِي الطَّوَافِ الثَّانِي وَيَقْطَعُ الْمُحْصِرُ إذَا ذَبَحَ هَدْيَهُ. وَلَوْ حَلَقَ الْحَاجُّ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ، وَإِنْ زَارَ الْبَيْتَ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَالذَّبْحِ قَطَعَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى مِنًى فَإِنْ كَانَ مَعَهُ نُسُكٌ ذَبَحَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا يَضُرُّهُ لِأَنَّهُ مُفْرِدٌ بِالْحَجِّ وَلَوْ كَانَ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الذَّبْحِ ثُمَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُحْصِرِ فَأَمَّا الْمُحْصِرُ فَلَا حَلْقَ عَلَيْهِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. ثُمَّ التَّخَيُّرُ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ فَلَوْ تَعَذَّرَ الْحَلْقُ لِعَارِضٍ تَعَيَّنَ التَّقْصِيرُ أَوْ التَّقْصِيرُ تَعَيَّنَ الْحَلْقُ كَأَنْ لَبَّدَهُ بِصَمْغٍ فَلَا يَعْمَلُ فِيهِ الْقِرَاضُ وَمَتَى نَفَضَ تَنَاثَرَ بَعْضُ شَعْرِهِ لَا بِالْحَلْقِ وَلَا بِالتَّقْصِيرِ وَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ إزَالَةُ شَعْرِهِ بِغَيْرِهِمَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالتَّقْصِيرُ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِنْ رُءُوسِ الشَّعْرِ رُبْعَ الرَّأْسِ مِقْدَارَ الْأُنْمُلَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي الْبَدَائِعِ قَالُوا يَجِبُ أَنْ يَزِيدَ فِي التَّقْصِيرِ عَلَى قَدْرِ الْأُنْمُلَةِ إذْ أَطْرَافُ الشَّعْرِ غَيْرُ مُتَسَاوِيَةٍ عَادَةً فَوَجَبَ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَدْرِ الْأُنْمُلَةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ فِي التَّقْصِيرِ يَقِينًا، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَحَلْقُ الْكُلِّ أَفْضَلُ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا فِي الْكَافِي ثُمَّ الْحَلْقُ مُوَقَّتٌ بِأَيَّامِ النَّحْرِ هُوَ الصَّحِيحُ وَأَفْضَلُ هَذِهِ الْأَيَّامِ أَوَّلُهَا كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الْحَلْقِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى رَأْسِهِ شَعْرٌ بِأَنْ حُلِقَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يُجْرِي الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ شَعْرٌ كَانَ الْمَأْخُوذُ عَلَيْهِ إجْرَاءُ الْمُوسَى، وَإِزَالَةُ الشَّعْرِ فَمَا عَجَزَ عَنْهُ سَقَطَ وَمَا لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ يَلْزَمُهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي إجْرَاءِ الْمُوسَى أَنَّهُ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ وَاجِبٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ كَانَ بِرَأْسِهِ قُرُوحٌ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا أَنْ يُمِرَّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ وَلَا يَصِلُ إلَى تَقْصِيرِهِ فَقَدْ حَلَّ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ فَسَقَطَ عَنْهُ وَالْأَحْسَنُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْإِحْلَالَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَخِّرْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ قُرُوحٌ وَلَكِنَّهُ خَرَجَ إلَى بَعْضِ الْبَوَادِي وَلَا يَجِدُ مُوسَى أَوْ مَنْ يَحْلِقُهُ فَلَا يُجْزِيهِ إلَّا الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ وَلَيْسَ هَذَا بِعُذْرٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ حَلَقَ بِالنُّورَةِ أَجْزَأَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيُعْتَبَرُ فِي سُنَّةِ الْحَلْقِ الِابْتِدَاءُ بِيَمِينِ الْحَالِقِ لَا الْمَحْلُوقِ وَيَبْدَأُ بِشِقِّهِ الْأَيْسَرِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَيُسْتَحَبُّ دَفْنُ شَعْرِهِ وَالدُّعَاءُ عِنْدَ الْحَلْقِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مَعَ التَّكْبِيرِ، وَإِنْ رَمَى الشَّعْرَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَكُرِهَ إلْقَاؤُهُ فِي الْكَنِيفِ.

وَالْمُغْتَسَلِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيُسْتَحَبُّ قَصُّ أَظْفَارِهِ وَشَارِبِهِ وَاسْتِحْدَادُهُ بَعْدَ حَلْقِ رَأْسِهِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ شَيْئًا وَلَوْ فَعَلَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. ثُمَّ إذَا حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَرُمَ عَلَيْهِ بِالْإِحْرَامِ إلَّا النِّسَاءَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا تَوَابِعُ الْوَطْءِ كَاللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ لَا تَحِلُّ لَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا يَحِلُّ الْجِمَاعُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ لَمْ يَحْلِقْ حَتَّى طَافَ بِالْبَيْتِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ شَيْءٌ حَتَّى يَحْلِقَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ إنْ اسْتَطَاعَ أَوْ مِنْ الْغَدِ أَوْ بَعْدَ الْغَدِ وَلَا يُؤَخِّرُ عَنْ ذَلِكَ وَيَطُوفُ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ وَرَاءَ الْحَطِيمِ وَيُصَلِّي بَعْدَ الطَّوَافِ رَكْعَتَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَتَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ بِالْحَلْقِ السَّابِقِ لَا بِالطَّوَافِ، وَإِذَا طَافَ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ حَلَّتْ لَهُ النِّسَاءُ لِأَنَّهَا هِيَ الرُّكْنُ وَمَا زَادَ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ لَمْ يَطُفْ أَصْلًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ، وَإِنْ طَالَ وَمَضَتْ سُنُونَ وَهَذَا بِإِجْمَاعٍ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا خَرَجَ عَنْ إحْرَامِهِ وَتَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ حَتَّى لَوْ جَامَعَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَفْسُدُ حَجُّهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ مَنْكُوسًا بِأَنْ أَخَذَ عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ وَطَافَ كَذَلِكَ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ يُعْتَدُّ بِطَوَافِهِ فِي حَقِّ التَّحَلُّلِ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ. وَلَوْ طَافَ مُنْكَشِفَ الْعَوْرَةِ قَدْرَ مَا لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ مَعَهُ أَجْزَأَهُ، وَإِذَا طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ فِي ثَوْبٍ كُلُّهُ نَجَسٌ فَهَذَا وَمَا لَوْ طَافَ عُرْيَانًا سَوَاءٌ فَإِذَا كَانَ مِنْ الثَّوْبِ قَدْرَ مَا يُوَارِي عَوْرَتَهُ طَاهِرًا وَالْبَاقِي نَجِسًا جَازَ طَوَافُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ طَوَافَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحَطِيمِ بَلْ طَافَ فِي وَسْطِهِ فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ فَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ أَعَادَ الطَّوَافَ جَمِيعَهُ لِيَأْتِيَ بِهِ عَلَى تَرْتِيبِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَأَعَادَهُ عَلَى الْحَطِيمِ أَجْزَأَهُ عِنْدَنَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَهَذَا الطَّوَافُ يُسَمَّى طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَطَوَافَ الرُّكْنِ وَطَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْحُجَّةِ وَيُقَالُ لَهُ طَوَافُ الْوَاجِبِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَإِنْ كَانَ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَقِيبَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَلَمْ يَرْمُلْ فِي هَذَا الطَّوَافِ وَلَمْ يَسْعَ، وَإِلَّا رَمَلَ وَسَعَى كَذَا فِي الْكَافِي وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُهُمَا لِطَوَافِ الرُّكْنِ لِيَصِيرَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ دُونَ السُّنَّةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. ثُمَّ يَعُودُ إلَى مِنًى فَيُقِيمُ بِهَا لِرَمْيِ الْجِمَارِ فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ وَلَا يَبِيتُ بِمَكَّةَ وَلَا فِي الطَّرِيقِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَبِيتَ فِي غَيْرِ مِنًى فِي أَيَّامِ مِنًى كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَإِنْ بَاتَ فِي غَيْرِهَا مُتَعَمِّدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ السِّقَايَةِ أَوْ غَيْرَهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَعِنْدَنَا لَا خُطْبَةَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ فَيَبْدَأُ بِاَلَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ثُمَّ بِمَا يَلِيهَا وَهُوَ الْجَمْرَةُ الْوُسْطَى فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ كَذَلِكَ ثُمَّ يَأْتِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا وَيَقِفُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَالْوُسْطَى فِي الْمَقَامِ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ النَّاسُ كَذَا فِي الْكَافِي وَالْمَقَامُ الَّذِي يَقُومُ فِيهِ النَّاسُ أَعْلَى الْوَادِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ كُلُّ رَمْيٍ بَعْدَهُ رَمْيٌ فَإِنَّهُ يَقِفُ بَعْدَهُ وَكُلُّ رَمْيٍ لَيْسَ بَعْدَهُ رَمْيٌ فَإِنَّهُ لَا يَقِفُ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ قَدْ انْتَهَتْ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَيُطِيلُ الْقِيَامَ وَيَتَضَرَّعُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيُهَلِّلُ وَيُكَبِّرُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدْعُو بِحَاجَتِهِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ وَيَجْعَلُ بَاطِنَ كَفَّيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ كَمَا هُوَ السُّنَّةُ فِي الْأَدْعِيَةِ وَيَنْبَغِي لِلْحَاجِّ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي دُعَائِهِ فِي هَذِهِ الْمَوَاقِفِ كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِذَا كَانَ مِنْ

مواضع رمي الجمار

الْغَدِ وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ يَرْمِي الْجِمَارَ الثَّلَاثَ كَذَلِكَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ ثُمَّ يَنْفِرُ إنْ أَحَبَّ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الرَّمْيُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْكُثَ هُنَاكَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَمَكَثَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ لَا يُمْكِنهُ أَنْ يَنْفِرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ حَتَّى يَرْمِيَ بَعْدَ الزَّوَالِ كَذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [مَوَاضِعُ رَمْيِ الْجِمَارِ] (وَالْكَلَامُ فِي الرَّمْيِ فِي مَوَاضِعَ) (الْأَوَّلُ) فِي أَوْقَاتِ الرَّمْيِ وَلَهُ أَوْقَاتٌ ثَلَاثَةٌ يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوَّلُهَا يَوْمُ النَّحْرِ وَوَقْتُ الرَّمْيِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مَكْرُوهٌ وَمَسْنُونٌ وَمُبَاحٌ فَمَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى وَقْتِ الطُّلُوعِ مَكْرُوهٌ وَمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى زَوَالِهَا وَقْتٌ مَسْنُونٌ وَمَا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقْتٌ مُبَاحٌ وَاللَّيْلُ وَقْتٌ مَكْرُوهٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ رَمَى قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَمْ يَصِحَّ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَمَّا وَقْتُ الرَّمْيِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَهُوَ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ الْغَدِ حَتَّى لَا يَجُوزَ الرَّمْيُ فِيهِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ إلَّا أَنَّ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقْتٌ مَسْنُونٌ وَمَا بَعْدَ الْغُرُوبِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقْتٌ مَكْرُوهٌ هَكَذَا رُوِيَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَأَمَّا وَقْتُهُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَّا أَنَّ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَقْتٌ مَكْرُوهٌ وَمَا بَعْدَهُ مَسْنُونٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (الثَّانِي) أَنَّهُ يَجُوزُ الرَّمْيُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ بِشَرْطِ وُجُودِ الِاسْتِهَانَةِ حَتَّى لَا يَجُوزُ بِالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَيَجُوزُ بِالْحَجَرِ وَالْمَدَرِ وَالطِّينِ وَالْمَغَرَةِ وَالنُّورَةِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْمِلْحِ الْجَبَلِيِّ وَالْكُحْلِ وَقَبْضَةٍ مِنْ تُرَابٍ بِخِلَافِ الْخَشَبِ وَالْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، هَكَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ (الثَّالِثُ) فِي مِقْدَارِ مَا يَرْمِي بِهِ بِالصِّغَارِ مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهَا وَالْمُخْتَارُ قَدْرُ الْبَاقِلَاءِ وَلَوْ رَمَى بِحَجَرٍ أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ جَازَ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَلَيْسَ بِمُسْتَحَبٍّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (الرَّابِعُ) فِي صِفَةِ الْمَرْمِيِّ بِهِ فَنَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَغْسُولَةً كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ رَمَى بِمُتَنَجِّسَةٍ بِيَقِينٍ كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ حَصَى الْجِمَارِ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ أَوْ مِنْ الطَّرِيقِ وَلَا يَرْمِي بِحَصَاةٍ أَخَذَهَا مِنْ عِنْدِ الْجَمْرَةِ فَإِنْ رَمَى بِهَا جَازَ وَقَدْ أَسَاءَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَلْتَقِطَ حَجَرًا وَاحِدًا فَيَكْسِرَهُ سَبْعِينَ حَجَرًا صَغِيرًا كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الْيَوْمَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (الْخَامِسُ) فِي كَيْفِيَّةِ الرَّمْيِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَأْخُذُ الْحَصَى بِطَرَفَيْ إبْهَامِهِ وَسَبَّابَتِهِ كَأَنَّهُ عَاقِدٌ ثَلَاثِينَ وَيَرْمِيهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالُوا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُقُوعِ الْحَصَى خَمْسَةُ أَذْرُعٍ فَصَاعِدًا وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ لَوْ قَامَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ وَوَضَعَ الْحَصَى عِنْدَهَا وَضْعًا لَا يُجْزِيهِ وَلَوْ طَرَحَهَا أَجْزَأَهُ لَكِنَّهُ مُسِيءٌ لِمُخَالَفَتِهِ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا فِي الْمُحِيطِ (السَّادِسُ) فِي صِفَةِ الرَّامِي كُلُّ رَمْيٍ بَعْدَهُ رَمْيٌ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ مَاشِيًا، وَإِلَّا فَرَاكِبًا هَكَذَا فِي الْمُتُونِ. (السَّابِعُ) فِي مَحَلِّ الرَّمْيِ فَنَقُولُ مَحَلُّ رَمْيِ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ أُولَاهَا الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ وَالْوُسْطَى الَّتِي تَلِيهَا وَالْأَخِيرَةُ هِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (الثَّامِنُ) أَنَّهُ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ يَرْمِي فَنَقُولُ يَرْمِي مِنْ بَطْنِ الْوَادِي يَعْنِي مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى أَعْلَاهُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيَقْذِفُ جَانِبَهُ الْأَيْمَنَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ رَمَاهَا مِنْ أَعْلَاهُ جَازَ وَالْأَوَّلُ السُّنَّةُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَيَسْتَقْبِلُ فِي الرَّمْيِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَجْعَلُ مِنًى عَنْ يَمِينِهِ وَالْكَعْبَةَ عَنْ يَسَارِهِ وَيَقُومُ حَيْثُ يَرَى مَوْقِعَ حَصَيَاتِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (التَّاسِعُ) فِي مَوْضِعِ وُقُوعِ الْحَصَى فَنَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ

تَقَعَ الْحَصَاةُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا حَتَّى لَوْ وَقَعَتْ بَعِيدًا مِنْهَا لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وَقَعَتْ الْحَصَاةُ عَلَى ظَهْرِ رَجُلٍ أَوْ عَلَى مَحْمَلٍ وَثَبَتَتْ عَلَيْهِ أَعَادَهَا، وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْ الْمَحْمَلِ أَوْ عَنْ ظَهْرِ الرَّجُلِ فِي سُنَنِهَا ذَلِكَ أَجْزَأَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (الْعَاشِرُ) فِي عَدَدِ الْحَصَاةِ فَنَقُولُ يَرْمِي كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَفِي الْيَنَابِيعِ يَرْمِيهَا بِيَمِينِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ رَمَى إحْدَى الْجِمَارِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ رَمْيَةً وَاحِدَةً فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ حَصَاةٍ وَاحِدَةٍ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْمِيَ سِتَّةً أُخْرَى كُلَّ وَاحِدَةٍ بِرَمْيَةٍ عَلَى حِدَةٍ وَمَنْ زَادَ عَلَى السَّبْعِ لَمْ يَضُرَّهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ (الْحَادِيَ عَشَرَ) أَنَّهُ يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ حَصَاةٍ فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ رَغْمًا لِلشَّيْطَانِ وَحِزْبِهِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْ حَجِّي مَبْرُورًا وَسَعْيِي مَشْكُورًا وَذَنْبِي مَغْفُورًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (الثَّانِي عَشَرَ) أَنَّهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ لَا غَيْرُ، وَفِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ يَرْمِيهَا يَبْدَأُ بِالْأُولَى ثُمَّ بِالْوُسْطَى ثُمَّ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ بَدَأَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَرَمَاهَا ثُمَّ بِالْوُسْطَى ثُمَّ بِاَلَّتِي تَلِي الْمَسْجِدَ إنْ أَعَادَ الْوُسْطَى وَالْعَقَبَةَ فَحَسَنٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ رَجُلٌ رَمَى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي الْجَمْرَةَ الْوُسْطَى وَالثَّالِثَةَ وَلَمْ يَرْمِ الْأُولَى فَإِنْ رَمَى الْأُولَى ثُمَّ أَعَادَ عَلَى الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَحَسَنٌ مُرَاعَاةً لِلتَّرْتِيبِ، وَإِنْ رَمَى الْأُولَى وَحْدَهَا أَجْزَأَهُ عِنْدَنَا هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فَإِنْ رَمَى كُلَّ جَمْرَةٍ بِثَلَاثٍ أَتَمَّ الْأُولَى بِأَرْبَعٍ ثُمَّ أَعَادَ الْوُسْطَى بِسَبْعٍ ثُمَّ الْعَقَبَةَ بِسَبْعٍ، وَإِنْ رَمَى كُلَّ وَاحِدَةٍ بِأَرْبَعٍ أَتَمَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِثَلَاثٍ، وَإِنْ اسْتَقْبَلَ رَمْيَهَا فَهُوَ أَفْضَلُ وَفِي مَنَاسِكِ الْحَسَنِ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الْأُولَى بِحَصَاةٍ ثُمَّ رَمَى الْجَمْرَةَ الْوُسْطَى بِحَصَاةٍ ثُمَّ رَمَى الْجَمْرَةَ الْأَخِيرَةَ بِحَصَاةٍ ثُمَّ رَجَعَ فَرَمَاهُنَّ بِحَصَاةٍ حَصَاةٍ حَتَّى رَمَى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِسَبْعٍ عَلَى مَا وَصَفْت لَك فَقَدْ تَمَّ رَمْيُهُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَرَمَى أَرْبَعَ حَصَيَاتٍ عَلَى الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّهَا بِرَمْيِ ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ وَرَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِحَصَاةٍ فَيُتِمُّهَا بِرَمْيِ سِتٍّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ فَإِذَا فِي يَدِهِ أَرْبَعُ حَصَيَاتٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيَّتِهِنَّ هِيَ يَرْمِيهِنَّ عَنْ الْأُولَى وَيَسْتَقْبِلُ الْجَمْرَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ ثَلَاثًا أَعَادَهَا عَلَى كُلِّ جَمْرَةٍ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ حَصَاةً أَوْ حَصَاتَيْنِ أَعَادَ كُلَّ حَصَاةٍ وَيُجْزِيهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَدِّمَ الرَّجُلُ ثِقَلَهُ إلَى مَكَّةَ وَيُقِيمَ حَتَّى يَرْمِيَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُحَصَّبَ وَهُوَ الْأَبْطُحُ فَيَنْزِلُ فِيهِ سَاعَةً وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا أَنَّهُ سُنَّةٌ فَيَصِيرُ مُسِيئًا بِتَرْكِهِ يَدْخُلُ مَكَّةَ وَيَطُوفُ لِلصَّدْرِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ وَلَا رَمَلَ فِيهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَيُسَمَّى هَذَا طَوَافَ الصَّدْرِ وَطَوَافَ الْوَدَاعِ وَطَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَطَوَافَ آخِرِ عَهْدٍ بِالْبَيْتِ وَطَوَافَ الْوَاجِبِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَهُ وَقْتَانِ وَقْتُ الْجَوَازِ وَوَقْتُ الِاسْتِحْبَابِ (فَالْأَوَّلُ) أَوَّلُهُ بَعْدَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ إذَا كَانَ عَلَى عَزْمِ السَّفَرِ حَتَّى لَوْ طَافَ لِذَلِكَ ثُمَّ أَطَالَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ وَلَوْ سَنَةً وَلَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ بِهَا وَلَمْ يَتَّخِذْهَا دَارًا جَازَ طَوَافُهُ وَأَمَّا آخِرَهُ فَلَيْسَ بِمُؤَقَّتٍ مَا دَامَ مُقِيمًا حَتَّى لَوْ قَامَ عَامًا لَا يَنْوِي الْإِقَامَةَ فَلَهُ أَنْ يَطُوفَ وَيَقَعَ أَدَاءً (وَالثَّانِي) أَنْ يُوقِعَهُ عِنْدَ إرَادَةِ السَّفَرِ حَتَّى رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَوْ طَافَ ثُمَّ أَقَامَ إلَى الْعِشَاءِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَطُوفَ طَوَافًا آخَرَ لِيَكُونَ تَوْدِيعُ الْبَيْتِ آخِرَ عَهْدِهِ عَنْ مَوْرِدِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ أَيَّامِ النَّحْرِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَطَوَافُ الصَّدْرِ وَاجِبٌ عَلَى الْحَاجِّ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ فَلَيْسَ عَلَى الْمُعْتَمِرِ طَوَافُ الصَّدْرِ وَلَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَأَهْلِ الْمَوَاقِيتِ وَمَنْ دُونَهُمْ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَلَا عَلَى فَائِتِ الْحَجِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ كُوفِيٌّ فَرَغَ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَاِتَّخَذَ مَكَّةَ دَارًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ طَوَافُ الصَّدْرِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ يَصْدُرُ لَا عَلَى مَنْ يَسْكُنُ هَذَا إذَا عَزَمَ عَلَى السُّكْنَى قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ النَّفْرُ الْأَوَّلُ وَالنَّفْرُ الْأَوَّلُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ بِيَوْمَيْنِ أَمَّا إذَا عَزَمَ بَعْدَهُ فَقَدْ لَزِمَهُ طَوَافُ

الصَّدْرِ لَا يَبْطُلُ بِاخْتِيَارِهِ السُّكْنَى وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ. كُوفِيٌّ حَجَّ وَاِتَّخَذَ مَكَّةَ دَارًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ طَوَافُ الصَّدْرِ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَوْطَنَهَا صَارَ مِنْ أَهْلِهَا فَيَلْحَقُ بِالْمَكِّيِّ، وَالْمَكِّيُّ إذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَوَافُ الصَّدْرِ فَكَذَا هَذَا. حَائِضٌ طَهُرَتْ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ يَلْزَمُهَا طَوَافُ الصَّدْرِ، وَإِنْ جَاوَزَتْ بُيُوتَ مَكَّةَ مَسِيرَةَ سَفَرٍ وَطَهُرَتْ فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَعُودَ وَكَذَا لَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا فَلَمْ تَغْتَسِلْ وَلَمْ يَذْهَبْ وَقْتُ الصَّلَاةِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَلْزَمْهَا الْعَوْدُ، وَإِنْ خَرَجَتْ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ اغْتَسَلَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ تُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ فَعَلَيْهَا الطَّوَافُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَمَنْ نَفَرَ وَلَمْ يَطُفْ لِلصَّدْرِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ لَمْ يَرْجِعْ فَإِنْ رَجَعَ رَجَعَ بِعُمْرَةٍ، وَإِنْ عَادَ بِعُمْرَةٍ ابْتَدَأَ بِطَوَافِهَا فَإِذَا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ طَافَ لِلصَّدْرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْكَرْخِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِ الصَّدْرِ أَتَى الْمَقَامَ وَصَلَّى عِنْدَهُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ فَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَأْتِيَ زَمْزَمَ فَيَسْتَقِيَ بِنَفْسِهِ الْمَاءَ فَيَشْرَبَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَتَضَلَّعُ مِنْهُ وَيَتَنَفَّسُ فِيهِ مَرَّاتٍ وَيَرْفَعُ بَصَرَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَيَنْظُرُ إلَى الْبَيْتِ وَيَمْسَحُ بِهِ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ وَجَسَدَهُ وَيَصُبُّ عَلَيْهِ إنْ تَيَسَّرَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ الْبَيْتَ الْأَوَّلَ وَيُقَبِّلَ الْعَتَبَةَ وَيَدْخُلَ الْبَيْتَ حَافِيًا ثُمَّ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ إلَى الْبَابِ فَيَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ عَلَيْهِ وَيَرْفَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى إلَى عَتَبَةِ الْبَابِ وَيَقُولَ السَّائِلُ بِبَابِك يَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك وَمَغْفِرَتَك وَيَرْجُو رَحْمَتَك كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَيَلْتَزِمَهُ سَاعَةً يَبْكِي كَذَا فِي الْكَافِي وَيَتَشَبَّثَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ إنْ كَانَتْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ يَنَالُهَا، وَإِلَّا وَضَعَ يَدَيْهِ فَوْقَ رَأْسِهِ مَبْسُوطَتَيْنِ عَلَى الْجِدَارِ قَائِمَتَيْنِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيُلْصِقَ خَدَّهُ بِالْجِدَارِ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي وَيُكَبِّرَ وَيُهَلِّلَ وَيَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدْعُوَ بِحَاجَتِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ثُمَّ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ وَيُكَبِّرَ اللَّهَ تَعَالَى فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ فَحَسَنٌ (2) ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ أَجْزَأَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ثُمَّ يَنْصَرِفَ وَهُوَ يَمْشِي وَرَاءَهُ وَوَجْهُهُ إلَى الْبَيْتِ مُتَبَاكِيًا مُتَحَسِّرًا عَلَى فِرَاقِ الْبَيْتِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَإِذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يَخْرُجُ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالْمَرْأَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَالرَّجُلِ غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَكْشِفُ رَأْسَهَا وَتَكْشِفُ وَجْهَهَا وَلَوْ سَدَلَتْ عَلَى وَجْهِهَا شَيْئًا وَجَافَتْهُ عَنْهُ جَازَ وَلَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالتَّلْبِيَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ بَلْ تُسْمِعُ نَفْسَهَا لَا غَيْرُ؛ لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا تَرْمُلُ وَلَا تَسْعَى بَيْنَ الْمِيلَيْنِ وَلَا تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَلَكِنْ تُقَصِّرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَتَلْبَسُ مِنْ الْمَخِيطِ مَا بَدَا لَهَا مِنْ الدِّرْعِ وَالْقَمِيصِ وَالْخِمَارِ وَالْخُفِّ وَالْقُفَّازَيْنِ وَلَكِنْ لَا تَلْبَسُ الْمَصْبُوغَ بِوَرَسٍ وَلَا زَعْفَرَانَ وَلَا عُصْفُرٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ غُسِلَ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَلَا بَأْسَ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ أَنْ تَلْبَسَ الْمَخِيطَ مِنْ حَرِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَتَلْبَسَ الْحُلِيَّ وَلَا تَسْتَلِمُ الْحَجَرَ إذَا كَانَ هُنَاكَ جَمْعٌ إلَّا أَنْ تَجِدَ الْمَوْضِعَ خَالِيًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْحَجَّةِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَصْعَدَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ إلَّا إذَا وَجَدَتْ خَلْوَةً كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ كَالْمَرْأَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا احْتِيَاطًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) وَمَنْ أُغْمِيَ فَأَهَلَّ عَنْهُ رُفَقَاؤُهُ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَا يَجُوزُ وَلَوْ أَمَرَ إنْسَانًا بِأَنْ يُحْرِمَ عَنْهُ إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ نَامَ فَأَحْرَمَ الْمَأْمُورُ عَنْهُ صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى لَوْ أَفَاقَ أَوْ اسْتَيْقَظَ.

وَأَتَى بِأَفْعَالِ الْحَجِّ جَازَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَلْزَمُ النَّائِبَ التَّجَرُّدُ عَنْ الْمَخِيطِ حَالَ إحْرَامِهِ عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ اخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ اسْتَمَرَّ مُغْمًى عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ أَدَاءِ الْأَفْعَالِ هَلْ يَجِبُ أَنْ يَشْهَدُوا بِهِ الْمَشَاهِدَ فَيُطَافُ بِهِ وَيَسْعَى وَيُوقَفُ أَوْ لَا بَلْ مُبَاشَرَةُ الرُّفْقَةِ لِذَلِكَ عَنْهُ تُجْزِئُهُ فَاخْتَارَ طَائِفَةٌ الْأَوَّلَ وَاخْتَارَ آخَرُونَ الثَّانِيَ وَجَعَلَهُ فِي الْمَبْسُوطِ الْأَصَحَّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْهُ أَوْ طَافَ بِهِ أَوْ رَمَى عَنْهُ مَنْ لَيْسَ مِنْ رُفْقَتِهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ لَا يُجْزِيهِ عِنْدَهُ وَقِيلَ يُجْزِيهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي الْمُنْتَقَى عِيسَى بْنُ أَبَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ أَصَابَهُ عَتَهٌ فَقَضَى بِهِ أَصْحَابُهُ الْمَنَاسِكَ وَوَقَفُوا بِهِ فَلَبِثَ كَذَلِكَ سِنِينَ ثُمَّ أَفَاقَ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَالَ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إذَا قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ صَحِيحٌ أَوْ مَرِيضٌ إلَّا أَنَّهُ يَعْقِلُ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَمَلَهُ أَصْحَابُهُ وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ وَطَافُوا بِهِ فَلَمَّا قَضَوْا الطَّوَافَ أَوْ بَعْضَهُ أَفَاقَ وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَلَمْ يُتِمَّ ذَلِكَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ طَوَافِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَمَنْ طِيفَ بِهِ مَحْمُولًا أَجْزَأَ ذَلِكَ الطَّوَافُ عَنْ الْحَامِلِ وَالْمَحْمُولِ جَمِيعًا سَوَاءٌ نَوَى الْحَامِلُ الطَّوَافَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ الْمَحْمُولِ أَوْ لَمْ يَنْوِ أَوْ كَانَ لِلْحَامِلِ طَوَافُ الْعُمْرَةِ وَلِلْمَحْمُولِ طَوَافُ الْحَجِّ أَوْ بِالْعَكْسِ وَلَوْ كَانَ الْحَامِلُ لَيْسَ بِمُحْرِمٍ فَلِلْمَحْمُولِ عَمَّا أَوْجَبَهُ إحْرَامَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مَرِيضٌ لَا يَسْتَطِيعُ الطَّوَافَ فَطَافَ بِهِ أَصْحَابُهُ وَهُوَ نَائِمٌ إنْ كَانَ لَمْ يَأْمُرْهُمْ لَا يُجْزِيهِ وَإِنْ كَانَ أَمَرَهُمْ ثُمَّ نَامَ أَجْزَأَهُ وَكَذَلِكَ إذَا دَخَلُوا بِهِ الطَّوَافَ أَوْ وَجَّهُوهُ نَحْوَهُ فَنَامَ فَطَافُوا بِهِ أَجْزَأَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَرِيضٌ لَا يَسْتَطِيعُ الرَّمْيَ فَوَضَعَ الْحَصَاةَ فِي كَفِّهِ لِيَرْمِيَ بِهِ أَوْ يَرْمِيَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي صِفَةِ الرَّامِي وَلَوْ قَالَ لِبَعْضِ مَنْ عِنْدَهُ اسْتَأْجِرْ لِي مَنْ يَحْمِلُنِي فَيَطُوفَ بِي ثُمَّ غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ وَنَامَ وَلَمْ يَمْضِ الَّذِي أَمَرَهُ بِذَلِكَ مِنْ فَوْرِهِ بَلْ تَشَاغَلَ بِغَيْرِهِ طَوِيلًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا فَأَتَوْهُ فَحَمَلُوهُ وَهُوَ نَائِمٌ فَطَافُوا بِهِ قَالَ اُسْتُحْسِنَ إذَا كَانَ فِي فَوْرِهِ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ فَأَمَّا إذَا طَالَ ذَلِكَ وَنَامَ فَأَتَوْهُ وَاحْتَمَلُوهُ وَهُوَ نَائِمٌ لَا يُجْزِيهِ عَنْ الطَّوَافِ وَلَكِنَّ الْأَجْرَ لَازِمٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَأْجَرُوا رِجَالًا فَحَمَلُوا امْرَأَةً فَطَافُوا بِهَا وَنَوَوْا الطَّوَافَ أَجْزَأَهُمْ وَلَهُمْ الْأُجْرَةُ وَأَجْزَأَ الْمَرْأَةَ. وَإِنْ نَوَى الْحَامِلُونَ طَلَبَ غَرِيمٍ لَهُمْ وَالْمَحْمُولُ يَعْقِلُ وَقَدْ نَوَى الطَّوَافَ أَجْزَأَ الْمَحْمُولَ دُونَ الْحَامِلِينَ، وَإِنْ كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِئْهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. كُلُّ طَوَافٍ وَجَدَ فِي وَقْتِهِ يَكُونُ عَنْهُ، وَإِنْ نَوَاهُ تَطَوُّعًا أَوْ عَنْ غَيْرِهِ فَالْمُحْرِمُ بِحَجَّةٍ إذَا قَدِمَ مَكَّةَ وَطَافَ بِهَا تَطَوُّعًا كَانَ لِلْقُدُومِ، وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ فَطَوَافُهُ يَكُونُ لِلْعُمْرَةِ وَإِنْ كَانَ قَارِنًا فَطَوَافُهُ أَوَّلًا لِلْعُمْرَةِ ثُمَّ لِلْحَجِّ وَكَذَا لَوْ طَافَ وَقْتَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ كَانَ لِلزِّيَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الطَّوَافَ لِذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ وَلَا تُعْتَبَرُ الْجِهَةُ حَتَّى لَوْ طَافَ بِالْبَيْتِ طَالِبًا لِلْغَرِيمِ أَوْ هَارِبًا مِنْ الْعَدُوِّ لَا يُعْتَبَرُ طَوَافُهُ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَاقِفًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ كَيْفِيَّةِ أَدَاءِ الْحَجِّ الصَّبِيُّ لَوْ أَحْرَمَ بِنَفْسِهِ أَوْ أُحْرِمَ عَنْهُ صَارَ مُحْرِمًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي الْأَصْلِ الصَّبِيُّ الَّذِي يَحُجُّ بِهِ أَبُوهُ يَقْضِي الْمَنَاسِكَ وَيَرْمِي الْجِمَارَ إذَا كَانَ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ الْأَدَاءَ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَرَكَ الْجِمَارَ وَالْوُقُوفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ الْأَدَاءَ بِنَفْسِهِ يَقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ الْبَالِغُ وَلَوْ تَرَكَ بَعْضَ أَعْمَالِ الْحَجِّ نَحْوَ الرَّمْيِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ. ثُمَّ الْأَبُ إذَا أَحْرَمَ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَارْتَكَبَ بَعْضَ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ. وَيَنْبَغِي لِمَنْ أَحْرَمَ عَنْ الصِّبْيَانِ أَنْ يُجَرِّدَهُ وَيُلْبِسَهُ ثَوْبَيْنِ إزَارًا وَرِدَاءً وَيُجَنِّبَهُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ فِي إحْرَامِهِ فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى وَلِيِّهِ لِأَجَلِهِ وَلَوْ أَفْسَدَهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ.

الباب السادس في العمرة

إذَا أَصَابَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا حَجَّ الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ قَالُوا يُحْرِمُ عَنْ الصَّغِيرِ مَنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَيْهِ حَتَّى لَوْ اجْتَمَعَ وَالِدٌ وَأَخٌ يُحْرِمُ عَنْهُ الْوَالِدُ دُونَ الْأَخِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي كَيْفِيَّةِ أَدَاءِ الْحَجِّ [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْعُمْرَةِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْعُمْرَةِ) وَهِيَ فِي الشَّرْعِ زِيَارَةُ الْبَيْتِ وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ أَنْ تَكُونَ مَعَ الْإِحْرَامِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ الْعُمْرَةُ عِنْدَنَا سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَيَجُوزُ تَكْرَارُهَا فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ. (وَوَقْتُهَا) جَمِيعُ السَّنَةِ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ تُكْرَهُ فِيهَا الْعُمْرَةُ لِغَيْرِ الْقَارِنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهِيَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْمَذْهَبِ مَا ذَكَرْنَا وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَوْ أَدَّاهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ صَحَّ وَيَبْقَى مُحْرِمًا بِهَا فِيهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فِي الْمُنْتَقَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَمَالِي رَجُلٌ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فِي أَوَّلِ الْعَشَرَةِ ثُمَّ قَدِمَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُؤَخِّرَ الطَّوَافَ حَتَّى تَمْضِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ثُمَّ يَطُوفُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفُضَ إحْرَامَهُ وَلَوْ طَافَ لَهَا فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِأَنْ يَرْفُضَهَا، وَإِنْ لَمْ يَرْفُضْ وَلَمْ يَطُفْ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ثُمَّ طَافَ لَهَا أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَأَمَّا رُكْنُهَا) فَالطَّوَافُ. (وَأَمَّا وَاجِبَاتُهَا) فَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَأَمَّا شَرَائِطُهَا) فَشَرَائِطُ الْحَجِّ إلَّا الْوَقْتَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَأَمَّا سُنَنُهَا وَآدَابُهَا) فَمَا هُوَ سُنَنُ الْحَجِّ وَآدَابُهُ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ السَّعْيِ. (وَأَمَّا مُفْسِدُهَا) فَالْجِمَاعُ قَبْلَ طَوَافِ الْأَكْثَرِ مِنْ السَّبْعَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي بَابِ فَوَاتِ الْحَجِّ نَاقِلًا عَنْ الْبَدَائِعِ الْمُفْرِدُ بِالْعُمْرَةِ يُحْرِمُ لِلْعُمْرَةِ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَذْكُرُ الْعُمْرَةَ بِلِسَانِهِ عِنْدَ التَّلْبِيَةِ مَعَ قَصْدِ الْقَلْبِ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ بِالْعُمْرَةِ أَوْ يَقْصِدُ بِقَلْبِهِ وَلَا يَذْكُرُ بِلِسَانِهِ وَالذِّكْرُ بِاللِّسَانِ أَفْضَلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ مَا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ وَيَفْعَلُ فِي إحْرَامِهِ وَطَوَافِهِ وَسَعْيِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَا يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ. فَإِذَا طَافَ وَسَعَى وَحَلَقَ يَخْرُجُ عَنْ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ كُلَّمَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ) الْقَارِنُ هُوَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ إحْرَامَيْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ قَبْلَهَا هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا أَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجَّةِ وَأَضَافَ إلَيْهَا الْعُمْرَةَ أَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَضَافَ إلَيْهَا الْحَجَّةَ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجَّةِ وَأَضَافَ إلَيْهَا الْعُمْرَةَ فَقَدْ أَسَاءَ فِيمَا صَنَعَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ الْقِرَانَ يَتَأَهَّبُ لِلْإِحْرَامِ كَمَا يَتَأَهَّبُ الْمُفْرِدُ يَتَوَضَّأُ أَوْ يَغْتَسِلُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَقُولُ بَعْدَ السَّلَامِ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْعُمْرَةَ وَالْحَجَّ ثُمَّ يُلَبِّي فَيَقُولُ لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ مَعًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَذْكُرُهُمَا بِلِسَانِهِ عِنْدَ التَّلْبِيَةِ مَعَ الْقَصْدِ بِالْقَلْبِ أَوْ يَقْصِدُهُمَا بِالْقَلْبِ وَلَا يَذْكُرُهُمَا بِاللِّسَانِ وَالذِّكْرُ بِاللِّسَانِ أَفْضَلُ فَإِذَا لَبَّى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَصِيرُ مُحْرِمًا بِإِحْرَامَيْنِ فَيَعْتَمِرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ قَبْلَهَا وَيَحُجُّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي تَعْلِيمِ أَعْمَالِ الْحَجِّ. وَيَأْتِي الْقَارِنُ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ ثُمَّ يَأْتِي بِأَفْعَالِ الْحَجِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَيَطُوفُ طَوَافَ الْقُدُومِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ.

وَيَسْعَى كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ طَافَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ طَوَافَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْعَى بَيْنَهُمَا ثُمَّ سَعَى سَعْيَيْنِ جَازَ وَأَسَاءَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا طَافَ الْقَارِنُ لِعُمْرَتِهِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَسَعَى لَهَا ثُمَّ طَافَ لِحَجَّتِهِ كَذَلِكَ ثُمَّ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَمَا طَافَ لِلْحَجَّةِ مَحْسُوبٌ مِنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَيَقْضِي شَوْطًا وَاحِدًا وَأَتَمَّ طَوَافَ الْعُمْرَةِ وَيُعِيدُ السَّعْيَ لَهُمَا لِلْحَجَّةِ وُجُوبًا وَلِلْعُمْرَةِ اسْتِحْبَابًا وَهُوَ قَارِنٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ طَافَ الْقَارِنُ وَسَعَى أَوَّلًا لِلْحَجِّ ثُمَّ طَافَ وَسَعَى لِلْعُمْرَةِ فَالْأَوَّلُ لِلْعُمْرَةِ وَالثَّانِي لِلْحَجِّ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ قَارِنٌ طَافَ لِعُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ وَسَعَى يَنْوِي أَنْ يَكُونَ لِحَجَّتِهِ كَانَ سَعْيُهُ عَنْ الْعُمْرَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَحْلِقُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ يَذْبَحُ دَمَ الْقِرَانِ وَهَذَا الدَّمُ نُسُكٌ مِنْ الْمَنَاسِكِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَتَحَلَّلُ بِالْحَلْقِ عِنْدَنَا لَا بِالذَّبْحِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ كَانَ الْقَارِنُ سَاقَ الْهَدْيَ مَعَ نَفْسِهِ كَانَ أَفْضَلَ ثُمَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْمُتَمَتِّعُ مَنْ يَأْتِي بِأَعْمَالِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ يَطُوفُ أَكْثَرَ طَوَافِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ وَيَحُجُّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُلِمَّ بِأَهْلِهِ بَيْنَهُمَا إلْمَامًا صَحِيحًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ سَوَاءٌ حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ أَوْ لَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ التَّمَتُّعِ وُجُودُ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بَلْ أَدَاؤُهَا فِيهَا أَوْ أَدَاءُ أَكْثَرِ طَوَافِهَا فَلَوْ طَافَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ دَخَلَ شَوَّالٌ فَطَافَ الْأَرْبَعَةَ الْبَاقِيَةَ ثُمَّ حَجَّ فِي عَامِهِ كَانَ مُتَمَتِّعًا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. فَلَوْ طَافَ الْمُتَمَتِّعُ أَكْثَرَ طَوَافِ عُمْرَتِهِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا وَيَكُونُ مُفْرِدًا بِعُمْرَةٍ وَمُفْرِدًا بِحَجَّةٍ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَامِ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ بَلْ مِنْ عَامِ فِعْلِهَا حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ فِي رَمَضَانَ وَأَقَامَ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى شَوَّالٍ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ ثُمَّ طَافَ لِعُمْرَتِهِ مِنْ الْقَابِلِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ كَانَ مُتَمَتِّعًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالْإِلْمَامُ الصَّحِيحُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى أَهْلِهِ وَلَا يَكُونُ الْعَوْدُ إلَى مَكَّةَ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَالْإِلْمَامُ الصَّحِيحُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي لَا يَسُوقُ الْهَدْيَ أَمَّا إذَا سَاقَ الْهَدْيَ فَإِلْمَامُهُ فَاسِدٌ وَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّمَتُّعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَلَّ مِنْهَا وَرَجَعَ إلَى أَهْلِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا، وَإِذَا اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَطَافَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَحَلَّ وَرَجَعَ إلَى أَهْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَكَّةَ وَقَضَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ عُمْرَتِهِ وَحَلَّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَلَوْ كَانَ طَافَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ رَجَعَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ عَادَ إلَى أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ مِنْهَا وَأَلَمَّ بِأَهْلِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ ثُمَّ عَادَ بِذَلِكَ الْإِحْرَامِ فَأَتَمَّ عُمْرَتَهُ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ مَا إذَا طَافَ لِعُمْرَتِهِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ عَادَ إلَى أَهْلِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَلَوْ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ بَعْدَمَا طَافَ أَكْثَرَ الطَّوَافِ لِعُمْرَتِهِ أَوْ كُلَّهُ فَلَمْ يَحِلَّ وَأَلَمَّ بِأَهْلِهِ مُحْرِمًا ثُمَّ عَادَ وَأَتَمَّ بَقِيَّةَ عُمْرَتِهِ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْمُتَمَتِّعُ عَلَى وَجْهَيْنِ مُتَمَتِّعٌ يَسُوقُ الْهَدْيَ وَمُتَمَتِّعٌ لَا يَسُوقُ الْهَدْيَ وَصِفَةُ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي لَا يَسُوقُ الْهَدْيَ أَنْ يَبْتَدِئَ مِنْ الْمِيقَاتِ فَيُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ وَيَدْخُلُ مَكَّةَ وَيَطُوفَ لَهَا وَيَسْعَى وَيَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ وَقَدْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلْعُمْرَةِ وَلَا لِلتَّمَتُّعِ حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ دُوَيْرَةٍ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهَا جَازَ وَصَارَ مُتَمَتِّعًا وَكَذَا الْحَلْقُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا لَيْسَ بِحَتْمٍ بَلْ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ تَحَلَّلَ، وَإِنْ شَاءَ بَقِيَ مُحْرِمًا حَتَّى يُحْرِمَ بِالْحَجِّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إذَا ابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَذَلِكَ عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ثُمَّ يُقِيمُ بِمَكَّةَ حَلَالًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَيْسَتْ الْإِقَامَةُ بِمَكَّةَ.

شَرْطًا بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ لِلْحَجِّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَلْيَقُمْ حَلَالًا إلَى وَقْتِ إحْرَامِ الْحَجِّ وَلَوْ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَرَامًا جَازَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالشَّرْطُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْحَرَمِ أَمَّا الْمَسْجِدُ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَسْجِدُ أَفْضَلُ وَمَكَّةُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَرَمِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَذَا الْوَقْتُ لَيْسَ بِلَازِمٍ حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ يَوْمَ عَرَفَةَ جَازَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ جَازَ وَهُوَ أَفْضَلُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكُلَّمَا عَجَّلَ فَهُوَ أَفْضَلُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَيَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ الْمُفْرِدُ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَطُوفُ طَوَافَ التَّحِيَّةِ وَيَرْمُلُ فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَيَسْعَى بَعْدَهُ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمُتَمَتِّعُ بَعْدَ مَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ طَافَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَسَعَى لَمْ يَرْمُلْ فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ سَوَاءٌ رَمَلَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ لَمْ يَرْمُلْ وَلَا يَسْعَى بَعْدَهُ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَجِبُ الدَّمُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ شُكْرًا لِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِتَيْسِيرِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعِبَادَتَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ حَتَّى يَذْبَحَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا يَجِدُ ثَمَنَ الْهَدْيِ فَإِنَّهُ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ إلَى يَوْمِ عَرَفَةَ وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَ هَذِهِ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمًا قَبْلَهَا حَتَّى يَكُونَ آخِرُهَا يَوْمَ عَرَفَةَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ صَوْمُهَا إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ كَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الصَّوْمِ إنْ شَاءَ تَابَعَهُ، وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَهُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ جَاءَ يَوْمُ الْحَلْقِ حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ ثُمَّ يَصُومُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ مَا مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ صَامَهَا بِمَكَّةَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجِّ جَازَ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْقُدُورِيِّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَنْ لَمْ يَصُمْ الثَّلَاثَةَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ صَوْمُ السَّبْعَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ بَعْدَ مَا كَمَّلَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يَحِلَّ وَهُوَ فِي أَيَّامِ الذَّبْحِ بَطَلَ صَوْمُهُ وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْهَدْيِ. وَلَوْ وَجَدَ الْهَدْيَ بَعْدَ مَا حَلَقَ وَحَلَّ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ صَحَّ صَوْمُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُ الْهَدْيِ وَلَوْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ الذَّبْحِ ثُمَّ وَجَدَ الْهَدْيَ فَصَوْمُهُ مَاضٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَكَذَا رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ لَمْ يَصُمْ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ لَمْ يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُجْزِيهِ إلَّا الدَّمُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَحَلَّ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِلْمُتْعَةِ وَدَمٌ لِإِحْلَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الصَّوْمِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ أَوْ مَاتَ وَأَوْصَى لَمْ تُجْزِئْهُ الْفِدْيَةُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ عَنْهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ صَامَ مَعَ وُجُودِ الْهَدْيِ يَنْظُرُ فَإِنْ بَقِيَ الْهَدْيُ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ الذَّبْحِ جَازَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَحُكْمُ الْقَارِنِ كَحُكْمِ الْمُتَمَتِّعِ فِي وُجُوبِ الْهَدْيِ إنْ وَجَدَهُ وَالصِّيَامُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فَإِذَا أَرَادَ الْمُتَمَتِّعُ أَنْ يَسُوقَ الْهَدْيَ أَحْرَمَ وَسَاقَ هَدْيَهُ كَذَا فِي الْقُدُورِيِّ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَوَّلِ الَّذِي لَمْ يَسُقْ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ وَمِنْ نِيَّتِهِ التَّمَتُّعُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْعُمْرَةِ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَتَمَتَّعَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَيَفْعَلُ بِهَدْيِهِ مَا شَاءَ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ الْقِرَانُ فِي حَقِّ الْآفَاقِيِّ أَفْضَلُ مِنْ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادُ وَالتَّمَتُّعُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَيْسَ لِأَهْلِ مَكَّةَ تَمَتُّعٌ وَلَا قِرَانٌ، وَإِنَّمَا لَهُمْ الْإِفْرَادُ خَاصَّةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْمَوَاقِيتِ وَمَنْ دُونَهَا إلَى مَكَّةَ فِي حُكْمِ أَهْلِ مَكَّةَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا خَرَجَ الْمَكِّيُّ إلَى الْكُوفَةِ وَقَرَنَ صَحَّ قِرَانُهُ وَلَوْ خَرَجَ إلَى الْكُوفَةِ وَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ وَاعْتَمَرَ ثُمَّ حَجَّ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا وَلَوْ أَنَّ الْمَكِّيَّ خَرَجَ إلَى الْكُوفَةِ وَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَسَاقَ الْهَدْيَ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا وَصَحَّ إلْمَامُهُ مَعَ سُوقِ الْهَدْيِ بِخِلَافِ الْكُوفِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَحْرَمَ لِعُمْرَةٍ قَبْلَ أَشْهُرِ

الباب الثامن في الجنايات وفيه خمسة فصول

الْحَجِّ فَقَضَاهَا وَتَحَلَّلَ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا فَإِنْ كَانَ حِينَ فَرَغَ مِنْ الْأُولَى خَرَجَ فَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَأَهَلَّ مِنْهُ لِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، وَإِنْ كَانَ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا إلَّا إذَا خَرَجَ إلَى أَهْلِهِ ثُمَّ اعْتَمَرَ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا هُوَ مُتَمَتِّعٌ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ بَعْدَهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اعْتَمَرَ كُوفِيٌّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ أَوْ بِبَصْرَةَ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ صَارَ مُتَمَتِّعًا هَكَذَا فِي الْمُتُونِ. وَلَوْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَفْسَدَهَا وَأَتَمَّهَا عَلَى الْفَسَادِ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا. وَلَوْ قَضَى الْعُمْرَةَ الْفَاسِدَةَ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ إنْ قَضَاهَا قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمِيقَاتِ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ قَضَى الْفَاسِدَةَ بَعْدَ مَا رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا. وَلَوْ لَمْ يَقْضِ الْفَاسِدَةَ حَتَّى رَجَعَ إلَى مَوْضِعٍ لِأَهْلِهِ الْمُتْعَةُ وَالْقِرَانُ ثُمَّ عَادَ وَقَضَى الْعُمْرَةَ الْفَاسِدَةَ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا إلَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَى أَهْلِهِ ثُمَّ يَعُودَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ هَذَا إذَا اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَفْسَدَهَا. وَلَوْ أَنَّهُ اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَفْسَدَهَا ثُمَّ أَتَمَّهَا عَلَى الْفَسَادِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمِيقَاتِ حَتَّى دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ وَقَضَى عُمْرَتَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِالْإِجْمَاعِ. وَلَوْ عَادَ إلَى غَيْرِ أَهْلِهِ وَلَحِقَ بِمَوْضِعٍ لِأَهْلِهِ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ ثُمَّ عَادَ وَقَضَى عُمْرَتَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ خَارِجَ الْمِيقَاتِ وَلَحِقَتْهُ أَشْهُرُ الْحَجِّ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّمَتُّعِ ثُمَّ عَادَ وَقَضَى عُمْرَتَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، وَإِنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ وَلَحِقَتْهُ أَشْهُرُ الْحَجِّ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّمَتُّعِ وَتَوَجَّهَ إلَيْهِ النَّهْيُ عَنْ التَّمَتُّعِ فَلَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ النَّهْيُ حَتَّى يَلْحَقَ بِأَهْلِهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ مُتَمَتِّعًا فِي الْوَجْهَيْنِ، هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَمَنْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَأَيُّهُمَا أَفْسَدَ مَضَى وَسَقَطَ دَمُ الْمُتْعَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ تَمَتَّعَ وَضَحَّى لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الْمُتْعَةِ كَذَا فِي الْكَنْزِ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْجِنَايَاتِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَجِبُ بِالتَّطَيُّبِ وَالتَّدَهُّنِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْجِنَايَاتِ) وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ. (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَجِبُ بِالتَّطَيُّبِ وَالتَّدَهُّنِ) الطِّيبُ كُلُّ شَيْءٍ لَهُ رَائِحَةٌ مُسْتَلَذَّةٌ وَيَعُدُّهُ الْعُقَلَاءُ طِيبًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالَ أَصْحَابُنَا الْأَشْيَاءُ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي الْبَدَنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ نَوْعٌ هُوَ طِيبٌ مَحْضٌ مُعَدٌّ لِلتَّطَيُّبِ بِهِ كَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ وَالْعَنْبَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ تَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ اُسْتُعْمِلَ حَتَّى قَالُوا الْوَادِي عَيَّنَهُ بِطِيبٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَنَوْعٌ لَيْسَ بِطَيِّبٍ بِنَفْسِهِ وَلَا فِيهِ مَعْنَى الطِّيبِ وَلَا يَصِيرُ طِيبًا بِوَجْهٍ مَا كَالشَّحْمِ فَسَوَاءٌ أُكِلَ أَوْ دُهِنَ أَوْ جُعِلَ فِي شِقَاقِ الرَّجُلِ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَنَوْعٌ لَيْسَ بِطِيبٍ بِنَفْسِهِ وَلَكِنَّهُ أَصْلٌ لِلطِّيبِ يُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهِ التَّطَيُّبِ وَيُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهِ الدَّوَاءِ كَالزَّيْتِ وَالشَّيْرَجِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الِاسْتِعْمَالُ فَإِنْ اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْأَدْهَانِ فِي الْبَدَنِ يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الطِّيبِ، وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِي مَأْكُولٍ أَوْ شِقَاقِ رَجُلٍ لَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الطِّيبِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَا فَرْقَ فِي الْمَنْعِ بَيْنَ بَدَنِهِ، وَإِزَارِهِ وَفِرَاشِهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَإِذَا اسْتَعْمَلَ الطِّيبَ فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَاحِشًا فَفِيهِ الدَّمُ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَفِيهِ الصَّدَقَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَبَعْضُ مَشَايِخِنَا اعْتَبِرُوا الْكَثْرَةَ بِالْعُضْوِ الْكَبِيرِ نَحْوَ الْفَخِذِ وَالسَّاقِ وَبَعْضُهُمْ اعْتَبَرُوا الْكَثْرَةَ بِرُبْعِ الْعُضْوِ الْكَبِيرِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ اعْتَبَرَ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ فِي نَفْسِ

الطِّيبِ إنْ كَانَ الطِّيبُ فِي نَفْسِهِ بِحَيْثُ يَسْتَكْثِرُهُ النَّاسُ كَكَفَّيْنِ مِنْ مَاءِ الْوَرْدِ وَكَفٍّ مِنْ الْغَالِيَةِ وَالْمِسْكِ بِقَدْرِ مَا اسْتَكْثَرَهُ النَّاسُ فَهُوَ كَثِيرٌ وَمَا لَا فَلَا وَالصَّحِيحُ أَنْ يُوَفَّقَ وَيُقَالُ إنْ كَانَ الطَّيِّبُ قَلِيلًا فَالْعِبْرَةُ لِلْعُضْوِ لَا لِلطِّيبِ حَتَّى لَوْ طَيَّبَ بِهِ عُضْوًا كَامِلًا يَكُونُ كَثِيرًا يَلْزَمُهُ دَمٌ وَفِيمَا دُونَهُ صَدَقَةٌ، وَإِنْ كَانَ الطِّيبُ كَثِيرًا فَالْعِبْرَةُ لِلطِّيبِ لَا لِلْعُضْوِ حَتَّى لَوْ طَيَّبَ بِهِ رُبْعَ عُضْوٍ يَلْزَمُهُ دَمٌ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالتَّبْيِينِ هَذَا فِي الْبَدَنِ وَأَمَّا الثَّوْبُ وَالْفِرَاشُ إذَا الْتَزَقَ بِهِ طِيبٌ اُعْتُبِرَتْ فِيهِ الْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَكَانَ الْفَارِقُ هُوَ الْعُرْفُ، وَإِلَّا فَمَا يَقَعُ عِنْدَ الْمُبْتَلَى كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَيَسْتَوِي فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ بِالتَّطَيُّبِ الذِّكْرُ وَالنِّسْيَانُ وَالطَّوْعُ وَالْكُرْهُ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ طَيَّبَ جَمِيعَ أَعْضَائِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ طَيَّبَ كُلَّ عُضْوٍ فِي مَجْلِسٍ عَلَى حِدَةٍ فَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ لِكُلِّ عُضْوٍ كَفَّارَةٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَفَّرَ لِلْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ دَمٌ آخَرُ لِلثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ لِلْأَوَّلِ كَفَاهُ دَمٌ وَاحِدٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ خَضَّبَ رَأْسَهُ بِحِنَّاءٍ يَجِبُ الدَّمُ وَهَذَا إذَا كَانَ مَائِعًا، وَإِنْ كَانَ مُلَبَّدًا فَعَلَيْهِ دَمَانِ دَمٌ لِلتَّطَيُّبِ وَدَمٌ لِتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ (1) كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ خَضَّبَ رَأْسَهُ بِالْوَسْمَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا خَضَّبَ رَأْسَهُ بِالْوَسْمَةِ لِأَجْلِ الْمُعَالَجَةِ مِنْ الصُّدَاعِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُغَلِّفُ رَأْسَهُ وَهَذَا صَحِيحٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ فَإِنْ غَسَلَ فَعَلَيْهِ دَمٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ غَسَلَ الْمُحْرِمُ بِأُشْنَانٍ فِيهِ طِيبٌ فَإِنْ كَانَ مَنْ رَآهُ سَمَّاهُ أُشْنَانًا كَانَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَإِنْ كَانَ سَمَّاهُ طِيبًا كَانَ عَلَيْهِ الدَّمُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَا يَجِبُ بِلُبْسِ الْمَخِيطِ. وَلَوْ مَسَّ طِيبًا فَلَزِقَ بِهِ مِقْدَارَ عُضْوٍ كَامِلٍ وَجَبَ الدَّمُ سَوَاءٌ قَصَدَ التَّطَيُّبَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَصَدَقَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَقْ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ مُطَيَّبٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِرَارًا كَثِيرَةً فَعَلَيْهِ دَمٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ كَانَ الطِّيبُ فِي أَعْضَائِهِ مُتَفَرِّقَةً يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنْ بَلَغَ عُضْوًا كَامِلًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ. وَلَوْ دَاوَى قُرْحَةً بِدَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ ثُمَّ خَرَجَتْ قُرْحَةٌ أُخْرَى فَدَاوَاهَا مَعَ الْأُولَى فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ تَبْرَأْ الْأُولَى (2) كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ كَانَ الطِّيبُ فِي طَعَامٍ طُبِخَ وَتَغَيَّرَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي أَكْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ تُوجَدُ رَائِحَتُهُ أَوْ لَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ خَلَطَهُ بِمَا يُؤْكَلُ بِلَا طَبْخٍ فَإِنْ كَانَ مَغْلُوبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ وُجِدَتْ مَعَهُ الرَّائِحَةُ كُرِهَ، وَإِنْ كَانَ غَالِبًا وَجَبَ الْجَزَاءُ وَلَوْ خَلَطَهُ بِمَا يُشْرَبُ فَإِنْ كَانَ غَالِبًا فَدَمٌ، وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَشْرَبَ مِرَارًا فَيَجِبُ دَمٌ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِنْ أَكَلَ عَيْنَ الطِّيبِ غَيْرَ مَخْلُوطٍ بِالطَّعَامِ فَعَلَيْهِ الدَّمُ إذَا كَانَ كَثِيرًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ دَخَلَ بَيْتًا قَدْ أُجْمِرَ فَعَلِقَ بِثَوْبِهِ رَائِحَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَفِعٍ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَجْمَرَ ثَوْبَهُ فَعَلِقَ بِثَوْبِهِ فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ لِأَنَّهُ مُنْتَفِعٌ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَدْهَنَ بِدُهْنٍ فَإِنْ كَانَ الدُّهْنُ مُطَيَّبًا كَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ وَسَائِرِ الْأَدْهَانِ الَّتِي فِيهَا الطِّيبُ فَعَلَيْهِ دَمٌ إذَا بَلَغَ عُضْوًا كَامِلًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُطَيَّبٍ بِأَنْ أُدْهِنَ بِزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ

الفصل الثاني في اللبس

وَإِذَا وَجَبَ الْجَزَاءُ بِالتَّطَيُّبِ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ فَلَوْ لَمْ يُزِلْهُ بَعْدَمَا كَفَّرَ لَهُ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ دَمٍ آخَرَ لِبَقَائِهِ وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ الْوُجُوبُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِشَمِّ الرَّيْحَانِ وَالطِّيبِ وَالثِّمَارِ الطَّيِّبَةِ مَعَ كَرَاهَةِ شَمِّهِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ رَبَطَ مِسْكًا أَوْ كَافُورًا أَوْ عَنْبَرًا فِي طَرَفِ إزَارِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ رَبَطَ الْعُودَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ يَجِدُ رَائِحَتَهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْعُدَ فِي دُكَّانِ عَطَّارٍ أَوْ مَوْضِعٍ يَتَبَخَّرُ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ إذَا كَانَ جُلُوسُهُ هُنَاكَ لِاسْتِشْمَامِ الرَّائِحَةِ وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْخَبِيصِ لِلْمُحْرِمِ وَهُوَ الْحَلْوَاءُ الْمُزَعْفَرُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ تَطَيَّبَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ انْتَقَلَ بَعْدَهُ مِنْ مَكَانٍ إلَى آخَرَ مِنْ بَدَنِهِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي اللُّبْسِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي اللُّبْسِ) إذَا لَبِسَ الْمُحْرِمُ الْمَخِيطَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَصَدَقَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ سَوَاءٌ لَبِسَهُ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا مُخْتَارًا أَوْ مُكْرَهًا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا أَدْخَلَ مَنْكِبَيْهِ الْقَبَاءَ دُونَ أَنْ يُدْخِلَ يَدَيْهِ فِي الْكُمَّيْنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا لَبِسَ الطَّيْلَسَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزِرَّهُ، وَإِنْ زَرَّ الْقَبَاءَ أَوْ الطَّيْلَسَانَ يَوْمًا لَزِمَهُ دَمٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَقَدَ الرِّدَاءَ أَوْ شَدَّ الْإِزَارَ بِحَبْلٍ يَوْمًا كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ لَبِسَ الْمُحْرِمُ الْمَخِيطَ أَيَّامًا فَإِنْ لَمْ يَنْزِعْهُ لَيْلًا وَنَهَارًا يَكْفِيهِ دَمٌ وَاحِدٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ ذَبَحَ الْهَدْيَ وَدَامَ عَلَى لُبْسِهِ يَوْمًا كَامِلًا فَعَلَيْهِ دَمٌ آخَرُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الدَّوَامَ عَلَيْهِ لُبْسٌ مُبْتَدَأٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْمَخِيطِ دَامَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ يَوْمًا كَامِلًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَوْ نَزَعَهُ وَعَزَمَ عَلَى تَرْكِهِ ثُمَّ لَبِسَ إنْ كَفَّرَ لِلْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ يَلْبَسُهُ بِالنَّهَارِ وَيَنْزِعُهُ بِاللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى تَرْكِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا دَمٌ وَاحِدٌ بِالْإِجْمَاعِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ لَبِسَ قَمِيصًا بَعْضَ يَوْمِهِ ثُمَّ لَبِسَ فِي يَوْمِهِ سَرَاوِيل ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْنِ وَقَلَنْسُوَةً فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ غَطَّى الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ أَوْ وَجْهَهُ يَوْمًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا إذَا غَطَّاهُ لَيْلَةً كَامِلَةً سَوَاءٌ غَطَّاهُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ نَائِمًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا غَطَّى رُبْعَ رَأْسِهِ فَصَاعِدًا يَوْمًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْمَشْهُورِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ لَا يَجِبُ الدَّمُ حَتَّى يُغَطِّيَ الْأَكْثَرَ مِنْ الرَّأْسِ وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَشْهُورِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَعْصِبَ رَأْسَهُ أَوْ وَجْهَهُ بِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَوْمًا كَامِلًا فَعَلَيْهِ الصَّدَقَةُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ عَصَبَ مَوْضِعًا آخَرَ مِنْ جَسَدِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَثُرَ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ حَمَلَ الْمُحْرِمُ شَيْئًا عَلَى رَأْسِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ كَالطَّسْتِ وَالْأَجَانَةِ وَعَدْلِ بَرٍّ وَنَحْوِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ مِنْ الثِّيَابِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَلْبَسَ الْمُحْرِمُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا مَخِيطًا أَوْ مُطَيَّبًا بِطِيبٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اُضْطُرَّ الْمُحْرِمُ إلَى لُبْسِ ثَوْبٍ فَلَبِسَ ثَوْبَيْنِ فَإِنْ لَبِسَهُمَا عَلَى مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ كَفَّارَةُ الضَّرُورَةِ بِأَنْ اُضْطُرَّ إلَى قَمِيصٍ وَاحِدٍ فَلَبِسَ قَمِيصَيْنِ أَوْ قَمِيصًا وَجُبَّةً أَوْ اُضْطُرَّ إلَى الْقَلَنْسُوَةِ فَلَبِسَ قَلَنْسُوَةً وَعِمَامَةً، وَإِنْ لَبِسَهُمَا عَلَى مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ وَغَيْرِهِ كَمَا إذَا اُضْطُرَّ إلَى لُبْسِ الْعِمَامَةِ أَوْ الْقَلَنْسُوَةِ فَلَبِسَهُمَا مَعَ الْقَمِيصِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ كَفَّارَةُ الضَّرُورَةِ وَكَفَّارَةُ الِاخْتِيَارِ وَلَوْ لَبِسَ ثَوْبًا لِلضَّرُورَةِ ثُمَّ زَالَتْ الضَّرُورَةُ فَدَاوَمَ عَلَى ذَلِكَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَمَا دَامَ فِي شَكٍّ مِنْ زَوَالِ الضَّرُورَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ.

الفصل الثالث في حلق الشعر وقلم الأظفار في الحج

إلَّا كَفَّارَةُ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ تَيَقَّنَ بِزَوَالِ الضَّرُورَةِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ كَفَّارَةُ ضَرُورَةٍ وَكَفَّارَةُ اخْتِيَارٍ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنْ الزِّيَادَةَ فِي مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ لَا تُعْتَبَرُ جِنَايَةً مُبْتَدَأَةً بَلْ يُجْعَلُ الْكُلُّ لِلضَّرُورَةِ وَالزِّيَادَةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ تُعْتَبَرُ جِنَايَةً مُبْتَدَأَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. وَالْمُحْرِمُ إذَا مَرِضَ أَوْ أَصَابَتْهُ الْحُمَّى وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى لُبْسِ الثَّوْبِ فِي وَقْتٍ وَيَسْتَغْنِي عَنْهُ فِي وَقْتٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ تَزُلْ عَنْهُ تِلْكَ الْعِلَّةُ، وَإِنْ زَالَتْ عَنْهُ تِلْكَ الْحُمَّى وَأَصَابَتْهُ حُمَّى أُخْرَى أَوْ زَالَ عَنْهُ ذَلِكَ الْمَرَضُ وَجَاءَ مَرَضٌ آخَرُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ حَضَرَ عَدُوٌّ فَاحْتَاجَ إلَى لُبْسِ الثِّيَابِ فَلَبِسَ ثُمَّ ذَهَبَ فَنَزَعَ ثُمَّ عَادَ أَوْ كَانَ الْعَدُوُّ لَمْ يَبْرَحْ مَكَانَهُ فَكَانَ يَلْبَسُ السِّلَاحَ فَيُقَاتِلُ بِالنَّهَارِ وَيَبْرَحُ بِاللَّيْلِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَذْهَبْ هَذَا الْعَدُوُّ وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى اتِّحَادِ الْجِهَةِ وَاخْتِلَافِهَا لَا إلَى صُورَةِ اللُّبْسُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حَلْقِ الشَّعْرِ وَقَلْمِ الْأَظْفَارِ فِي الْحَجِّ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حَلْقِ الشَّعْرِ وَقَلْمِ الْأَظْفَارِ) إنْ حَلَقَ رَأْسَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ سَوَاءٌ حَلَقَ فِي الْحَرَمِ أَوْ غَيْرِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي غَيْرِ الْحَرَمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَلِكَ إذَا حَلَقَ رُبْعَ رَأْسِهِ أَوْ ثُلُثَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ وَلَوْ حَلَقَ دُونَ الرُّبْعِ فَعَلَيْهِ الصَّدَقَةُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا حَلَقَ رُبْعَ لِحْيَتِهِ فَصَاعِدًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الرُّبْعِ فَصَدَقَةٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ حَلَقَ الرَّقَبَةَ كُلَّهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ حَلَقَ عَانَتَهُ أَوْ إبْطَيْهِ أَوْ نَتَفَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فَعَلَيْهِ دَمٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ حَلَقَ مِنْ إحْدَى الْإِبْطَيْنِ أَكْثَرَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ حَلَقَ مَوْضِعَ الْحِجَامَةِ كَانَ عَلَيْهِ الدَّمُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ يُنْظَرُ إنْ هَذَا الْمَأْخُوذُ كَمْ يَكُونُ مِنْ رُبْعِ اللِّحْيَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ بِحَسَبِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ مَثَلًا مِثْلَ رُبْعِ الرُّبْعِ يَلْزَمُهُ رُبْعُ قِيمَةِ الشَّاةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا حَلَقَ عُضْوًا كَامِلًا فَعَلَيْهِ الدَّمُ، وَإِنْ حَلَقَ بَعْضَهُ فَعَلَيْهِ الصَّدَقَةُ أَرَادَ بِهِ الْفَخِذَ وَالسَّاقَ وَالْإِبْطَ دُونَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ نَتَفَ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ مِنْ أَنْفِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ شَعَرَاتٍ فَفِي كُلِّ شَعْرَةٍ كَفٌّ مِنْ الطَّعَامِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَصْلَعُ وَشَعْرُهُ أَقَلُّ مِنْ الرُّبْعِ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ فِي حَلْقِهِ، وَإِنْ بَلَغَ الرُّبْعَ فَعَلَيْهِ دَمٌ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِذَا خَبَزَ الْمُحْرِمُ فَاحْتَرَقَ بَعْضُ شَعْرِهِ تَصَدَّقَ لَهُ، وَإِذَا حَكَّ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ فَانْتَثَرَ مِنْهَا شَعْرٌ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا حَلَقَ رَأْسَهُ وَأَخَذَ لِحْيَتَهُ، وَإِبْطَيْهِ وَكُلَّ بَدَنِهِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ فَعَلَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي مَقَامٍ فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دَمٌ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ حَلَقَ رَأْسَهُ فَأَرَاقَ لِذَلِكَ دَمًا وَهُوَ بَعْدُ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ ثُمَّ حَلَقَ لِحْيَتَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ آخَرُ. وَلَوْ حَلَقَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ رُبْعَ رَأْسِهِ وَفِي مَجْلِسٍ آخَرَ رُبْعَهُ ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى حَلَقَ كُلَّهُ فِي أَرْبَعَةِ مَجَالِسَ يَلْزَمُهُ دَمٌ وَاحِدٌ اتِّفَاقًا مَا لَمْ يُكَفِّرْ لِلْأَوَّلِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. حَلَقَ رَأْسَ مُحْرِمٍ أَوْ حَلَالٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ طَائِعًا كَانَ الْمَحْلُوقُ رَأْسُهُ أَوْ مُكْرَهًا كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ حَلَقَ الْحَلَالُ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْحَالِقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَعَلَى الْحَالِقِ الْحَلَالِ صَدَقَةٌ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ شَارِبِ حَلَالٍ أَوْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ أَطْعَمَ مَا شَاءَ. كَذَا

الفصل الرابع في الجماع في الحج والعمرة

فِي الْهِدَايَةِ مَنْ أَخَّرَ الْحَلْقَ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَكَذَا الْقَارِنُ أَوْ الْمُتَمَتِّعُ إذَا أَخَّرَ الذَّبْحَ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَارِنٌ حَلَقَ قَبْلَ الذَّبْحِ فَعَلَيْهِ دَمَانِ: دَمٌ لِلْحَلْقِ قَبْلَ الذَّبْحِ وَدَمٌ لِلْقِرَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ فَإِذَا قَصَّ أَظَافِيرَ يَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ عَنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَلَّمَ أَظَافِيرَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ يَكْفِيهِ دَمٌ وَاحِدٌ. وَلَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَظَافِيرَ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ وَلِكُلِّ ظُفْرٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ دَمًا فَيَنْقُصُ مَا شَاءَ وَلَوْ قَلَّمَ خَمْسَةَ أَظَافِيرَ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يُكَفِّرْ ثُمَّ قَلَّمَ أَظَافِيرَ يَدِهِ الْأُخْرَى إنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسَيْنِ فَيَلْزَمُهُ دَمَانِ. وَلَوْ قَلَّمَ خَمْسَةَ أَظَافِيرَ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَحَلَقَ رُبْعَ الرَّأْسِ وَطَيَّبَ عُضْوًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ مَجَالِسَ مُخْتَلِفَةٍ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ جِنْسٍ دَمٌ عَلَى حِدَةٍ. وَلَوْ قَلَّمَ خَمْسَةَ أَظَافِيرَ مِنْ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ تَجِبُ الصَّدَقَةُ لِكُلِّ ظُفْرٍ نِصْفُ صَاعٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. وَكَذَلِكَ لَوْ قَلَّمَ مِنْ كُلِّ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعَةَ أَظَافِيرَ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَإِنْ كَانَ جُمْلَتُهَا سِتَّةَ عَشَرَ فِي كُلِّ ظُفْرٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ إلَّا إذَا بَلَغَتْ قِيمَةُ الطَّعَامِ دَمًا فَيَنْقُصُ مِنْهُ مَا شَاءَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ انْكَسَرَ ظُفْرُ الْمُحْرِمِ وَتَعَلَّقَ فَأَخَذَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَحُكْمُ النَّتْفِ وَالْقَصِّ وَالِاطِّلَاءِ بِالنُّورَةِ وَالْقَلْعِ بِالْأَسْنَانِ حُكْمُ الْحَلْقِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْفُصُولِ السَّابِقَةِ) فِي كُلِّ مَوْضِعٍ إذَا فَعَلَ مُخْتَارًا يَلْزَمُهُ الدَّمُ كَاللُّبْسِ وَالْحَلْقِ وَالتَّطَيُّبِ وَالْقَلْمِ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِعِلَّةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ فَعَلَيْهِ أَيُّ الْكَفَّارَاتِ شَاءَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَذَلِكَ إمَّا النُّسُكُ أَوْ الصَّدَقَةُ أَوْ الصَّوْمُ فَإِنْ اخْتَارَ النُّسُكَ ذَبَحَ فِي الْحَرَمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ ذَبَحَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ لَا يَجُوزُ عَنْ الذَّبْحِ إلَّا إذَا تَصَدَّقَ بِلَحْمِهِ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قِيمَةُ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ الْحِنْطَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِنْ اخْتَارَ الصَّوْمَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إنْ شَاءَ تَابَعَ، وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنْ اخْتَارَ الصَّدَقَةَ تَصَدَّقَ بِثَلَاثِ أَصْوُعٍ حِنْطَةً عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى فُقَرَاءِ مَكَّةَ وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَى غَيْرِ فُقَرَاءِ مَكَّةَ جَازَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجُوزُ فِيهِ التَّمْلِيكُ وَطَعَامُ الْإِبَاحَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ فِيهِ إلَّا التَّمْلِيكُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْجِمَاعِ) الْجِمَاعُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَاللَّمْسُ وَالْقُبْلَةُ بِشَهْوَةٍ لَا تُفْسِدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ، وَعَلَيْهِ دَمٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا لَوْ عَانَقَهَا بِشَهْوَةٍ. وَلَوْ أَتَى بَهِيمَةً فَأَوْلَجَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَنْزَلَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ وَلَا تَفْسُدُ حِجَّتُهُ وَلَا عُمْرَتُهُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي بَابِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَإِنْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ فَأَمْنَى لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ تَفَكَّرَ فَأَمْنَى كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَكَذَا إنْ أَطَالَ النَّظَرَ أَوْ كَرَّرَ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَكَذَا الِاحْتِلَامُ لَا يُوجِبُ شَيْئًا سِوَى الْغُسْلِ، وَإِنْ اسْتَمْنَى بِكَفِّهِ فَأَنْزَلَ فَعَلَيْهِ دَمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إذَا كَانَ مُفْرِدًا بِحِجَّةٍ وَجَامَعَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ وَهُمَا مُحْرِمَانِ فَسَدَتْ حِجَّتُهُمَا إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَغَابَتْ الْحَشَفَةُ وَعَلَيْهِمَا الْمُضِيُّ وَالْإِتْمَامُ عَلَى الْفَسَادِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الدَّمُ وَتُجْزِئُ الشَّاةُ فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِمَا قَضَاءُ الْحِجَّةِ مِنْ قَابِلٍ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا الْعُمْرَةُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَيَسْتَوِي فِيهِ الْوَطْءُ عَنْ نِسْيَانٍ وَعَمْدٍ، وَإِكْرَاهٍ وَنَوْمٍ وَمِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، كَذَا

الفصل الخامس في الطواف والسعي والرمل ورمي الجمار

فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَبِيًّا يُجَامِعُ مِثْلُهُ فَسَدَ حَجُّهَا دُونَهُ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ صَبِيَّةً أَوْ مَجْنُونَةً انْعَكَسَ الْحُكْمُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ جَامَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ ثُمَّ جَامَعَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَا يَجِبُ إلَّا دَمٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَمَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. وَلَوْ جَامَعَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى عَلَى وَجْهِ الرَّفْضِ وَالْإِحْلَالِ فَلَا يَلْزَمُهُ لِذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ مَجَالِسَ مُتَعَدِّدَةٍ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لَا يَفْسُدُ حَجُّهُ جَامَعَ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَنَةٌ وَلَوْ جَامَعَهَا مَرَّةً أُخْرَى إنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بَدَنَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسَيْنِ تَجِبُ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ لِلْأَوَّلِ وَشَاةٌ لِلثَّانِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْجِمَاعُ الثَّانِي عَلَى وَجْهِ الرَّفْضِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِلثَّانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ الْحَلْقِ فَعَلَيْهِ شَاةٌ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ جَامَعَ بَعْدَ مَا طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَوْ طَافَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ تَجِبُ بَدَنَةٌ وَحِجَّتُهُ تَامَّةٌ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ لَمْ يَحْلِقْ حَتَّى طَافَ لِلزِّيَارَةِ ثُمَّ جَامَعَ قَبْلَ الْحَلْقِ فَعَلَيْهِ شَاةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ جَامَعَ فِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فَسَدَتْ عُمْرَتُهُ فَيَمْضِي فِيهَا وَيَقْضِيهَا وَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَمَا طَافَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ أَوْ أَكْثَرَ فَعَلَيْهِ شَاةٌ وَلَا تَفْسُدُ عُمْرَتُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا جَامَعَ الْمُعْتَمِرُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فِي مَجْلِسَيْنِ فَعَلَيْهِ بِالثَّانِي شَاةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَامَعَ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ السَّعْيِ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. هَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْحَلْقِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحَلْقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنْ كَانَ قَارِنًا وَجَامَعَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ لِعُمْرَتِهِ فَسَدَتْ عُمْرَتُهُ وَحِجَّتُهُ وَيَمْضِي فِيهِمَا وَعَلَيْهِ حِجَّةٌ وَعُمْرَةٌ مِنْ قَابِلٍ وَسَقَطَ دَمُ الْقِرَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ شَاتَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ مَا طَافَ لِعُمْرَتِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَسَدَتْ حَجَّتُهُ وَلَمْ تَفْسُدْ عُمْرَتُهُ وَعَلَيْهِ دَمَانِ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَجِّ مِنْ قَابِلٍ وَسَقَطَ عَنْهُ دَمُ الْقِرَانِ وَكَذَلِكَ إذَا جَامَعَ بَعْدَ مَا طَافَ لِعُمْرَتِهِ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ مَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَا تَفْسُدُ عُمْرَتُهُ وَلَا حَجَّتُهُ وَعَلَيْهِ جَزُورٌ لِحَجَّتِهِ وَشَاةٌ لِعُمْرَتِهِ وَلَزِمَ دَمُ الْقِرَان كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ جَامَعَهَا بَعْدَمَا طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ أَوْ أَكْثَرَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ قَبْلَ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ تَجِبُ عَلَيْهِ شَاتَانِ لِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ لَهُمَا جَمِيعًا وَلَوْ جَامَعَ مَرَّةً أُخْرَى فَإِنْ كَانَ فِي الْمَجْلِسِ الْأَوَّلِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَعَلَيْهِ دَمَانِ وَتُجْزِئُهُ شَاتَانِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا فَإِنْ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ مَعَ نَفْسِهِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْمُفْرِدِ بِالْحَجِّ وَالْمُفْرِدِ بِالْعُمْرَةِ، وَإِنْ سَاقَ الْهَدْيَ مَعَ نَفْسِهِ فَهُوَ وَالْقَارِنُ سَوَاءٌ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ: وَهُوَ سُقُوطُ دَمِ الْمُتْعَةِ مَتَى جَامَعَ قَبْلَ الطَّوَافِ لِعُمْرَتِهِ أَوْ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَلُزُومُ الدَّمَيْنِ مَتَى جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَكَذَا إذَا جُومِعَتْ نَائِمَةً أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ جَامَعَهَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالرَّمَلِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ] (الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالرَّمَلِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ) وَلَوْ طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ وَكَذَا لَوْ طَافَ أَكْثَرَهُ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُعِيدَ الطَّوَافَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ وَلَا ذَبْحَ عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ أَنْ يُعِيدَ فِي الْحَدَثِ نَدْبًا وَفِي الْجَنَابَةِ وُجُوبًا ثُمَّ إنْ أَعَادَهُ وَقَدْ طَافَ مُحْدِثًا لَا دَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَعَادَهُ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ، وَإِنْ أَعَادَهُ وَقَدْ طَافَ جُنُبًا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَعَادَهُ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ يَجِبُ الدَّمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالتَّأْخِيرِ كَذَا فِي الْكَافِي وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْبَدَنَةُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ رَجَعَ

إلَى أَهْلِهِ وَقَدْ طَافَ جُنُبًا يَجِبُ أَنْ يَعُودَ، وَيَعُودُ بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ وَبَعَثَ بَدَنَةً أَجْزَأَهُ إلَّا أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْأَفْضَلُ وَلَوْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَقَدْ طَافَ مُحْدِثًا إنْ عَادَ وَطَافَ جَازَ، وَإِنْ بَعَثَ بِالشَّاةِ فَهُوَ أَفْضَلُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَمَنْ تَرَكَ مِنْ طَوَافِ الزِّيَارَةِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ فَمَا دُونَهَا فَعَلَيْهِ شَاةٌ فَلَوْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ أَجْزَأَهُ أَنْ لَا يَعُودَ وَيَبْعَثَ بِشَاةٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ طَافَ الْأَقَلَّ مِنْ طَوَافِ الزِّيَارَةِ مُحْدِثًا إنْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ لِكُلِّ شَوْطٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ إلَّا إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا دَمًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْهَا مَا شَاءَ وَلَوْ طَافَ أَقَلَّهُ جُنُبًا وَرَجَعَ إلَى أَهْلِهِ يَجِبُ الدَّمُ وَتُجْزِئُهُ الشَّاةُ، وَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَأَعَادَهُ طَاهِرًا سَقَطَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ أَعَادَهُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ سَقَطَ، وَإِنْ أَعَادَهُ بَعْدَهَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ لِكُلِّ شَوْطٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ، هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي بَابِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَلَوْ طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَفِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ أَجْزَأَهُ وَلَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ طَافَ طَوَافَ الصَّدْرِ مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ طَافَ أَقَلَّهُ مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَتَسْقُطُ بِالْإِعَادَةِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ طَافَ طَوَافَ الصَّدْرِ كُلَّهُ جُنُبًا أَوْ أَكْثَرَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ وَتُجْزِئُهُ الشَّاةُ إنْ كَانَ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ، وَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَأَعَادَهُ سَقَطَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِلتَّأْخِيرِ شَيْءٌ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ طَافَ أَقَلَّهُ جُنُبًا إنْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ لِكُلِّ شَوْطٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ الْحِنْطَةِ، وَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَأَعَادَهُ سَقَطَ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي بَابِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَلَوْ تَرَكَ طَوَافَ الصَّدْرِ أَوْ أَكْثَرَهُ تَجِبُ عَلَيْهِ شَاةٌ. وَلَوْ تَرَكَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ مِنْ طَوَافِ الصَّدْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَ ثَلَاثَةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا طَافَ لِلزِّيَارَةِ جُنُبًا وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فَإِنْ طَافَ لِلصَّدْرِ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَقَعَ طَوَافُ الصَّدْرِ عَنْ طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَصَارَ تَارِكًا طَوَافَ الصَّدْرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ، وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ آخَرُ لِتَأْخِيرِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ مُحْدِثًا وَطَوَافَ الصَّدْرِ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ طَاهِرًا فَعَلَيْهِ دَمٌ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَطَافَ طَوَافَ الصَّدْرِ جُنُبًا فَعَلَيْهِ دَمَانِ فِي قَوْلِهِمْ دَمٌ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَدَمٌ لِطَوَافِ الصَّدْرِ، وَإِنْ تَرَكَ كِلَا الطَّوَافَيْنِ فَهُوَ حَرَامٌ عَلَى النِّسَاءِ أَبَدًا وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ وَيَطُوفَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَطَوَافَ الصَّدْرِ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَأْخِيرِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَأْخِيرِ طَوَافِ الصَّدْرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ وَإِذَا تَرَكَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ خَاصَّةً وَطَافَ طَوَافَ الصَّدْرِ فَطَوَافُ الصَّدْرِ يَكُونُ لِلزِّيَارَةِ وَعَلَيْهِ لِتَرْكِهِ طَوَافَ الصَّدْرِ دَمٌ، وَإِنْ تَرَكَ مِنْ طَوَافِ الزِّيَارَةِ أَكْثَرَهُ بِأَنْ طَافَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَطَافَ طَوَافَ الصَّدْرِ كَانَتْ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ مِنْ طَوَافِ الصَّدْرِ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِلتَّأْخِيرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَدَمٌ لِتَرْكِ أَرْبَعَةِ أَشْوَاطٍ مِنْ طَوَافِ الصَّدْرِ فِي قَوْلِهِمْ. فَإِنْ تَرَكَ مِنْ طَوَافِ الزِّيَارَةِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ لِلتَّأْخِيرِ وَصَدَقَةٌ لِتَرْكِ الثَّلَاثَةِ مِنْ طَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَإِنْ تَرَكَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ صَارَ الْكُلُّ لِلزِّيَارَةِ وَهِيَ سِتَّةُ أَشْوَاطٍ وَعَلَيْهِ لِتَرْكِ الْبَاقِي مِنْ طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَلِتَرْكِ طَوَافِ الصَّدْرِ دَمٌ، وَإِنْ طَافَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فَإِنَّ نُقْصَانَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ يُجْبَرُ بِطَوَافِ الصَّدْرِ وَعَلَيْهِ لِتَأْخِيرِهِ صَدَقَةٌ وَلِنُقْصَانِ طَوَافِ الصَّدْرِ صَدَقَةٌ وَإِنْ طَافَ لِلزِّيَارَةِ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ وَلَمْ يَطُفْ لِلصَّدْرِ يَجُوزُ حَجُّهُ عِنْدَنَا، وَعَلَيْهِ شَاتَانِ: شَاةٌ لِنُقْصَانِ تَمَكُّنٍ فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَشَاةٌ لِتَرْكِ طَوَافِ الصَّدْرِ يَبْعَثُ بِهِمَا فَيُذْبَحَانِ فِي الْعَامِ الثَّانِي بِمِنًى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ طَافَ.

الباب التاسع في الصيد

طَوَافَ الْقُدُومِ مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَذُكِرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إنْ طَافَ مُحْدِثًا وَسَعَى وَرَمَلَ عَقِيبَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُعِيدَهُمَا عَقِيبَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَإِنْ طَافَ لَهُ جُنُبًا وَسَعَى وَرَمَلَ عَقِيبَهُ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ عَقِيبَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَيَرْمُلُ فِيهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا طَافَ لِلْعُمْرَةِ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا فَمَا دَامَ بِمَكَّةَ يُعِيدُ الطَّوَافَ فَإِنْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَلَمْ يُعِدْ فَفِي الْمُحْدِثِ تَلْزَمُهُ الشَّاةُ وَفِي الْجُنُبِ تَكْفِيهِ الشَّاةُ اسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ طَافَ لِعُمْرَتِهِ وَسَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَمَا دَامَ بِمَكَّةَ يُعِيدُهُمَا فَإِذَا أَعَادَهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُعِيدَ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ الطَّهَارَةِ فِيهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ لِوُقُوعِ التَّحَلُّلِ بِأَدَاءِ الرُّكْنِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي السَّعْيِ شَيْءٌ وَكَذَا إذَا أَعَادَ الطَّوَافَ وَلَمْ يُعِدْ السَّعْيَ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ طَافَ لِلزِّيَارَةِ وَعَوْرَتُهُ مَكْشُوفَةٌ أَعَادَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَعَلَيْهِ دَمٌ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَمَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَحَجُّهُ تَامٌّ كَذَا فِي الْقُدُورِيِّ. وَإِنْ سَعَى جُنُبًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ فَسَعْيُهُ صَحِيحٌ وَكَذَا لَوْ سَعَى بَعْدَمَا حَلَّ وَجَامَعَ وَكَذَا بَعْدَ الْأَشْهُرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا أَوْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عُذْرٍ يَجُوزُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَمَا دَامَ بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ، وَإِذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فَإِنَّهُ يُرِيقُ لِذَلِكَ دَمًا عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ قَبْلَ الْإِمَامِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ فَعَلَيْهِ دَمٌ أَمَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ عَادَ قَبْلَ الْغُرُوبِ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ عَادَ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَا يَسْقُطُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُفِيضَ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ نَدَّ بِهِ بَعِيرُهُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَمَنْ تَرَكَ الْوُقُوفَ بِمُزْدَلِفَةَ فَعَلَيْهِ دَمٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ تَرَكَ الْجِمَارَ كُلَّهَا أَوْ رَمَى وَاحِدَةً أَوْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَإِنْ تَرَكَ أَقَلَّهَا تَصَدَّقَ لِكُلِّ حَصَاةٍ نِصْفَ صَاعٍ إلَّا أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهُ شَاةً فَيَنْقُصُ مَا شَاءَ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَتَجِبُ شَاةُ بِتَأْخِيرِ النُّسُكِ عَنْ مَكَانِهِ كَمَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ وَحَلَقَ رَأْسَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْحَلْقُ لِلْحَجِّ أَوْ لِلْعُمْرَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَيَجِبُ دَمَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِتَقْدِيمِ الْقَارِنِ وَالْمُتَمَتِّعِ الْحَلْقَ عَلَى الذَّبْحِ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ دَمٌ وَاحِدٌ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الصَّيْدِ] الصَّيْدُ هُوَ الْحَيَوَانُ الْمُمْتَنِعُ الْمُتَوَحِّشُ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ وَهُوَ نَوْعَانِ: بَرِّيٌّ وَهُوَ مَا يَكُونُ تَوَالُدُهُ وَتَنَاسُلُهُ فِي الْبَرِّ، وَبَحْرِيٌّ وَهُوَ مَا يَكُونُ تَوَالُدُهُ فِي الْمَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلِدَ هُوَ الْأَصْلُ، وَالتَّعَيُّشُ بَعْدَ ذَلِكَ عَارِضٌ؛ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِهِ، وَيَحْرُمُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُحْرِمِ دُونَ الثَّانِي، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إنْ قَتَلَ مُحْرِمٌ صَيْدًا فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ، كَذَا فِي الْمُتُونِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْعَامِدُ وَالنَّاسِي وَالْخَاطِئُ وَالْمُبْتَدِئُ بِقَتْلِ الصَّيْدِ وَالْعَائِدُ إلَى قَتْلِ صَيْدٍ آخَرَ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْمُبْتَدِئُ فِي الْحَجِّ وَالْعَائِدُ فِيهِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمَمْلُوكُ وَالْمُبَاحُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْجَزَاءُ قِيمَةُ الصَّيْدِ بِأَنْ يُقَوِّمَهُ عَدْلَانِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي قَتَلَهُ فِيهِ فِي زَمَانِ الْقَتْلِ لِاخْتِلَافِ الْقِيَمِ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَالْأَزْمِنَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَرِّيَّةٍ لَا يُبَاعُ فِيهَا الصَّيْدُ يُعْتَبَرُ أَقْرَبُ الْمَوَاضِعِ مِنْهُ مِمَّا يُبَاعُ فِيهِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ هُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْقِيمَةِ: إنْ شَاءَ اشْتَرَى بِهَا هَدْيًا وَذَبَحَهُ إنْ بَلَغَتْ الْقِيمَةُ هَدْيًا، وَإِنْ شَاءَ اشْتَرَى طَعَامًا وَتَصَدَّقَ عَلَى كُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ وَإِنْ شَاءَ صَامَ، كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ اخْتَارَ الصَّوْمَ؛ قَوَّمَ

الْمَقْتُولَ طَعَامًا وَصَامَ عَنْ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا وَإِنْ فَضَلَ مِنْ الطَّعَامِ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ تَخَيَّرَ: إنْ شَاءَ صَامَ عَنْهُ يَوْمًا وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ طَعَامًا، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ دُونَ طَعَامِ مِسْكِينٍ فَإِمَّا أَنْ يُطْعِمَ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ أَوْ يَصُومَ يَوْمًا كَامِلًا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ اخْتَارَ الذَّبْحَ فَعَلَيْهِ الذَّبْحُ فِي الْحَرَمِ وَالتَّصَدُّقُ بِلَحْمِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَيَجُوزُ الْإِطْعَامُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ وَكَذَا الصَّوْمُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ ذَبَحَهُ فِي الْحِلِّ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الْهَدْيِ وَأَجْزَأَهُ عَنْ الطَّعَامِ إذَا تَصَدَّقَ بِلَحْمِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، عَلَى كُلِّ فَقِيرٍ قَدْرَ قِيمَةِ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ إذَا بَلَغَ قِيمَتَهُ، وَإِلَّا فَيُكْمِلُ، وَإِذَا سُرِقَ لَحْمُهُ بَعْدَ الذَّبْحِ وَقَدْ كَانَ الذَّبْحُ فِي الْحَرَمِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ، وَإِنْ كَانَ الذَّبْحُ خَارِجَ الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ اخْتَارَ الْهَدْيَ وَفَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَبْلُغُ الْهَدْيَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي الْفَضْلِ إنْ شَاءَ صَامَ عَنْ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ يَوْمًا، وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهِ وَآتَى كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِالْبَعْضِ وَيَصُومُ بِالْبَعْضِ وَعَلَى هَذَا لَوْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ هَدْيَيْنِ؛ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ذَبَحَهُمَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِمَا أَوْ صَامَ عَنْهُمَا أَوْ ذَبَحَ أَحَدَهُمَا وَأَدَّى بِالْآخَرِ أَيَّ الْكَفَّارَاتِ شَاءَ أَوْ جَمَعَ بَيْنَ الثَّلَاثِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُحْرِمِ الَّذِي كَانَ خَارِجَ الْحَرَمِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَجْلِ الْحَرَمِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. الْحَلَالُ إذَا قَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ فَحُكْمُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ، إلَّا أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَجُوزُ فِيهِ وَالْقَارِنُ إذَا قَتَلَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ جَزَاءَانِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَمَنْ قَتَلَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الصَّيْدِ كَالسِّبَاعِ وَنَحْوِهَا؛ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَلَا يَتَجَاوَزُ بِقِيمَتِهِ شَاةً، وَإِنْ صَالَ السَّبُعُ عَلَى مُحْرِمٍ فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا صَالَ الصَّيْدُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الْمُحْرِمُ إذَا قَتَلَ بَازِيًا مُعَلَّمًا فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ بَازِيًا مُعَلَّمًا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ لِصَاحِبِهِ وَتَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ غَيْرَ مُعَلَّمٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا فِي كُلِّ صَيْدٍ مَمْلُوكٍ قَدْ أُلِّفَ وَعُلِّمَ فَقَتَلَهُ تَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ مُعَلَّمًا لِصَاحِبِهِ وَغَيْرَ مُعَلَّمٍ لِلَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ حَلَالٌ صَيْدًا مَمْلُوكًا فِي الْحَرَمِ مُعَلَّمًا هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ قَتْلِ الصَّيْدِ مُحْرِمٌ جَرَحَ صَيْدًا فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ بَرِئَ مِنْهُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ؛ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ بَقِيَ لَهُ أَثَرٌ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَاتَ أَوْ بَرِئَ، فِي الِاسْتِحْسَانِ: يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْقِيمَةِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي قَتْلِ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ فَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْجَرْحِ مَيِّتًا وَعُلِمَ أَنَّ مَوْتَهُ كَانَ بِسَبَبٍ آخَرَ ضَمِنَ الْجُرْحَ فَقَطْ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَوْ جَرَحَ صَيْدًا أَوْ نَتَفَ شَعْرَهُ أَوْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْهُ ضَمِنَ مَا نَقَصَهُ وَلَوْ نَتَفَ رِيشَ طَائِرٍ أَوْ قَطَعَ قَوَائِمَ صَيْدٍ فَخَرَجَ مِنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَامِلَةً، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ مُحْرِمٌ كَسَرَ بَيْضَةً مِنْ بَيْضِ الصَّيْدِ فَإِنْ كَانَتْ مَذِرَةً؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً؛ ضَمِنَ قِيمَتَهَا عِنْدَنَا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا إذَا شَوَى بَيْضَ صَيْدٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ جَرَحَ صَيْدًا فَكَفَّرَ ثُمَّ قَتَلَهُ كَفَّرَ أُخْرَى وَلَوْ لَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى قَتَلَهُ؛ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ بِالْقَتْلِ وَنُقْصَانٌ بِالْجِرَاحَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ قَتَلَ الصَّيْدَ بَعْدَ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ جَزَاءٌ آخَرُ؟ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْجَزَاءَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ حَلَالٌ جَرَحَ صَيْدَ الْحَرَمِ ثُمَّ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ بِشَعْرٍ أَوْ بَدَنٍ فَمَاتَ مِنْ الْجِرَاحَةِ ضَمِنَ نُقْصَانَ الْجِرَاحَةِ وَقِيمَتَهُ يَوْمَ مَاتَ، وَإِنْ انْتَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِشَعْرٍ ثُمَّ مَاتَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ جُرِحَ، وَلَوْ أَدَّى الْجَزَاءَ ثُمَّ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ فِي الْحَرَمِ بِشَعْرٍ أَوْ بَدَنٍ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْجُرْحِ ضَمِنَ الزِّيَادَةَ كَمَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ مُحْرِمٌ جَرَحَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ ثُمَّ حَلَّ مِنْ الْإِحْرَامِ فَزَادَ شَعْرًا أَوْ بَدَنًا ضَمِنَ النُّقْصَانَ وَقِيمَتَهُ كَامِلَةً يَوْمَ مَاتَ وَإِنْ فَدَى قَبْلَ الزِّيَادَةِ لَا يَضْمَنُهَا فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بَعْدُ؛ ضَمِنَ الزِّيَادَةَ بَعْدَ الْفِدَاءِ، وَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ فِي يَدِهِ فَفَدَى ثُمَّ مَاتَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ مُسْتَقْبَلَةً يَوْمَ مَاتَ حَلَالٌ

جَرَحَ صَيْدَ الْحَرَمِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ الصَّيْدِيَّةِ وَجَرَحَ حَلَالٌ آخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ وَمَاتَ مِنْهُمَا؛ فَعَلَى الْأَوَّلِ مَا نَقَصَهُ جُرْحُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَعَلَى الثَّانِي مَا نَقَصَهُ جُرْحُهُ وَهُوَ جَرِيحٌ وَمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ فَعَلَيْهِمَا نِصْفَانِ فَإِنْ قَطَعَ الْأَوَّلُ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الصَّيْدِيَّةِ ثُمَّ قَطَعَ الْآخَرُ يَدَاهُ أَوْ رِجْلَهُ؛ ضَمِنَ الْأَوَّلُ قِيمَتَهُ كَامِلَةً مَاتَ أَوْ لَا، وَضَمِنَ الثَّانِي مَا نَقَصَهُ بِقَطْعِهِ، فَإِنْ مَاتَ ضَمِنَ الثَّانِي نِصْفَ قِيمَتِهِ وَبِهِ الْجِنَايَتَانِ وَلَوْ زَادَ بَيْنَهُمَا؛ ضَمِنَ الْأَوَّلُ مَا نَقَصَتْهُ جِنَايَتُهُ غَيْرَ زَائِدَةٍ وَقِيمَتَهُ زَائِدَةً يَوْمَ مَاتَ وَبِهِ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ، وَضَمِنَ الثَّانِي مَا نَقَصَتْهُ جِنَايَتُهُ زَائِدَةً وَنِصْفَ قِيمَتِهِ يَوْمَ مَاتَ وَبِهِ الْجِنَايَتَانِ، وَلَوْ قَتَلَهُ الثَّانِي أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهِ وَبِهِ الْجِنَايَةُ الْأُولَى وَلَوْ جَرَحَهُ الْأَوَّلُ غَيْرَ مُسْتَهْلِكٍ وَالثَّانِي قَطَعَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ وَمَاتَ مِنْهُمَا ضَمِنَ الْأَوَّلُ مَا نَقَصَتْهُ جِنَايَتُهُ صَحِيحًا وَنِصْفَ قِيمَتِهِ وَبِهِ الْجِنَايَتَانِ وَضَمِنَ الثَّانِي قِيمَتَهُ وَبِهِ جُرْحُ الْأَوَّلِ مَاتَ أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ كَانَا مُحْرِمَيْنِ إلَّا فِي تَنْصِيفِ الْقِيمَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي. الْمُحْرِمَانِ إذَا قَتَلَا صَيْدًا فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَكَ عَشَرَةٌ مِنْ الْمُحْرِمِينَ فِي قَتْلِ صَيْدٍ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءٌ كَامِلٌ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ كَانَ شَرِيكُ الْمُحْرِمِ صَبِيًّا أَوْ كَافِرًا لَا شَيْءَ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ وَعَلَى الْمُحْرِمِ جَزَاءٌ كَامِلٌ حَلَالَانِ قَتَلَا صَيْدًا فِي الْحَرَمِ بِضَرْبَةٍ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ قِيمَتِهِ وَكَذَا لَوْ قَتَلَهُ جَمَاعَةٌ يُقْسَمُ الْغُرْمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَإِنْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ ضَرَبَهُ الْآخَرُ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا نَقَصَهُ ضَرْبُهُ ثُمَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا بِضَرْبَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ شَرِيكُ الْحَلَالِ مُحْرِمًا كَانَ عَلَى الْمُحْرِمِ جَمِيعُ الْقِيمَةِ وَعَلَى الْحَلَالِ نِصْفُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا بِضَرْبَتَيْنِ. حَلَالٌ اصْطَادَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فِي يَدِهِ حَلَالٌ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ كَامِلٌ وَيَرْجِعُ الْآخِذُ عَلَى الْقَاتِلِ بِمَا غَرِمَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَنَّ حَلَالًا وَقَارِنًا قَتَلَا صَيْدًا فِي الْحَرَمِ فَعَلَى الْحَلَالِ نِصْفُ الْجَزَاءِ وَعَلَى الْقَارِنِ جَزَاءَانِ، وَلَوْ أَنَّ حَلَالًا وَمُفْرِدًا وَقَارِنًا اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِ صَيْدِ الْحَرَمِ فَعَلَى الْحَلَالِ ثُلُثُ جَزَاءٍ وَعَلَى الْمُفْرِدِ جَزَاءٌ كَامِلٌ وَعَلَى الْقَارِنِ جَزَاءَانِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ تَجْرِي هَذِهِ الْمَسَائِلُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ بَدَأَ الْحَلَالُ وَثَنَّى الْمُفْرِدُ وَثَلَّثَ الْقَارِنُ وَمَاتَ فَعَلَى الْحَلَالِ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ صَحِيحًا مِنْ قِيمَتِهِ وَثُلُثُ قِيمَتِهِ وَبِهِ الْجِرَاحَاتُ الثَّلَاثُ وَعَلَى الْمُفْرِدِ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ وَبِهِ الْجُرْحُ الْأَوَّلُ وَقِيمَتُهُ وَبِهِ الْجِرَاحَاتُ الثَّلَاثُ وَعَلَى الْقَارِنِ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ وَبِهِ الْأُولَيَانِ وَقِيمَتَانِ وَبِهِ الْجِرَاحَاتُ وَلَوْ كَانَتْ الْأُولَى قَطْعَ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ كَسْرَ جَنَاحٍ وَالثَّانِيَةُ فَقْءَ الْعَيْنَيْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ قِيمَتُهُ صَحِيحًا وَعَلَى الثَّانِي قِيمَتُهُ وَبِهِ الْجُرْحُ الْأَوَّلُ، وَعَلَى الْقَارِنِ قِيمَتَانِ وَبِهِ الْجِنَايَتَانِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ جَرَحَ صَيْدًا جُرْحًا لَا يَسْتَهْلِكُهُ ثُمَّ أَضَافَ إلَيْهَا حَجَّةً ثُمَّ جَرَحَهُ أَيْضًا فَمَاتَ مِنْ الْكُلِّ فَعَلَيْهِ لِلْعُمْرَةِ قِيمَتُهُ صَحِيحًا وَقِيمَتُهُ لِلْحَجِّ وَبِهِ الْجُرْحُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ حَلَّ مِنْ الْعُمْرَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجَّةِ ثُمَّ جَرَحَهُ الثَّانِيَةَ ضَمِنَ لِلْعُمْرَةِ قِيمَتَهُ وَبِهِ الْجُرْحُ الثَّانِي وَلِلْحَجِّ قِيمَتَهُ وَبِهِ الْجُرْحُ الْأَوَّلُ وَلَوْ كَانَ حِينَ حَلَّ مِنْ الْعُمْرَةِ قَرَنَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ثُمَّ جَرَحَ الصَّيْدَ فَمَاتَ ضَمِنَ لِلْعُمْرَةِ الْقِيمَةَ وَبِهِ الْجُرْحُ الثَّانِي وَضَمِنَ لِلْقِرَانِ قِيمَتَيْنِ وَبِهِ الْجُرْحُ الْأَوَّلُ فَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ الْأَوَّلُ اسْتِهْلَاكًا بِأَنْ قَطَعَ يَدَهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا غَرِمَ لِلْأَوَّلِ قِيمَتَهُ صَحِيحًا وَغَرِمَ لِلْقِرَانِ قِيمَتَيْنِ وَبِهِ الْجُرْحُ الْأَوَّلُ وَلَوْ كَانَ الثَّانِي أَيْضًا قَطَعَ يَدَهُ فَهَذَا وَالْجُرْحُ الْأَوَّلُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مُفْرِدٌ بِعُمْرَةٍ جَرَحَ صَيْدًا وَجَرَحَهُ حَلَالٌ أَيْضًا ثُمَّ أَضَافَ الْمُفْرِدُ إلَى الْعُمْرَةِ حَجَّةً فَجَرَحَهُ أَيْضًا فَمَاتَ الصَّيْدُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ضَمِنَ لِلْعُمْرَةِ قِيمَتَهُ وَبِهِ جُرْحُ الْحَلَالِ وَقِيمَتَهُ لِلْحَجِّ وَبِهِ الْجُرْحَانِ وَضَمِنَ الْحَلَالُ مَا نَقَصَهُ جُرْحُهُ وَبِهِ الْجُرْحُ الْأَوَّلُ وَنِصْفَ قِيمَتِهِ وَبِهِ الْجِرَاحَاتُ الثَّلَاثُ، وَلَوْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ بَعْدَ مَا جَرَحَهُ ثُمَّ جَرَحَهُ الْحَلَالُ ثُمَّ قَرَنَ ثُمَّ

جَرَحَهُ فَمَاتَ ضَمِنَ لِلْعُمْرَةِ قِيمَتَهُ وَبِهِ الْجِنَايَتَانِ الْأُخْرَيَانِ وَلِلْقِرَانِ قِيمَتَيْنِ وَبِهِ الْجِنَايَتَانِ الْأُولَيَانِ، وَحُكْمُ الْحَلَالِ لَا يَخْتَلِفُ وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَاتُ مُسْتَهْلِكَاتٍ كَقَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ وَفَقْءِ الْعَيْنَيْنِ؛ فَعَلَيْهِ لِلْعُمْرَةِ قِيمَتُهُ صَحِيحًا وَلِلْقِرَانِ قِيمَتَانِ وَبِهِ الْجِنَايَتَانِ الْأُولَيَانِ وَعَلَى الْحَلَالِ مَا نَقَصَهُ جُرْحُهُ مَجْرُوحًا بِالْأَوَّلِ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ وَبِهِ الْجِرَاحَاتُ الثَّلَاثُ، كَذَا فِي الْكَافِي ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْجَزَاءَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَقْتُولِ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ التَّحَلُّلَ وَرَفَضَ إحْرَامَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَصْلِ صَادَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا كَثِيرًا عَلَى قَصْدِ الْإِحْلَالِ وَالرَّفْضِ لِإِحْرَامِهِ فَعَلَيْهِ لِذَلِكَ كُلِّهِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ قَاصِدٌ إلَى تَحْلِيلٍ لَا إلَى جِنَايَةٍ عَلَى الْإِحْرَامِ وَتَعْجِيلُ الْإِحْلَالِ يُوجِبُ دَمًا وَاحِدًا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ إذَا قَتَلَ الصَّيْدَ تَسْبِيبًا فَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي التَّسْبِيبِ؛ يَضْمَنُ، وَإِلَّا فَلَا فَإِذَا نَصَبَ شَبَكَةً فَتَعَلَّقَ بِهَا صَيْدٌ فَمَاتَ أَوْ حَفَرَ حُفْرَةً لِلْمَاءِ فَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ وَمَاتَ؛ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَعَانَ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ قَتْلُ الصَّيْدِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الدَّلَالَةُ عَلَى الصَّيْدِ وَيَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْجَزَاءِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَتْلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَصِفَةُ الدَّلَالَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْجَزَاءِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَدْلُولُ عَالِمًا بِالصَّيْدِ وَأَنْ يُصَدِّقَهُ فِي الدَّلَالَةِ حَتَّى لَوْ كَذَّبَهُ وَصَدَّقَ غَيْرَهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكَذَّبِ وَأَنْ يَبْقَى الدَّالُّ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ الْمَدْلُولُ أَمَّا لَوْ تَحَلَّلَ فَقَتَلَهُ الْمَدْلُولُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَأْثَمُ وَأَنْ يَأْخُذَ الْمَدْلُولُ الصَّيْدَ قَبْلَ أَنْ يَنْفَلِتَ عَنْ مَكَانِهِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ انْفَلَتَ عَنْ مَكَانِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ لَا شَيْءَ عَلَى الدَّالِّ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. مُحْرِمٌ دَلَّ مُحْرِمًا عَلَى صَيْدٍ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ. مُحْرِمٌ دَلَّ حَلَالًا فَقَتَلَهُ الْمَدْلُولُ؛ فَعَلَى الدَّالِّ قِيمَتُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَلَالِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ حَلَالٌ دَلَّ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا عَلَى صَيْدِ الْحَرَمِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الدَّالِّ وَعَلَى الْقَاتِلِ الْجَزَاءُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ أَشَارَ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْمُشَارُ يَرَى الصَّيْدَ أَوْ يَعْلَمُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إشَارَتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشِيرِ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ أَمَرَ الْمُحْرِمُ مُحْرِمًا بِقَتْلِ الصَّيْدِ وَدَلَّهُ عَلَيْهِ فَأَمَرَ الثَّانِي ثَالِثًا بِقَتْلِهِ فَقَتَلَهُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءٌ كَامِلٌ، وَلَوْ أَخْبَرَ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا بِصَيْدٍ فَلَمْ يَرَهُ حَتَّى أَخْبَرَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ فَلَمْ يُصَدِّقْ الْأَوَّلَ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ ثُمَّ طَلَبَ الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ الْجَزَاءُ. وَلَوْ أَرْسَلَ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا إلَى مُحْرِمٍ فَقَالَ: قُلْ لَهُ إنَّ فُلَانًا يَقُولُ لَكَ: فِي هَذَا الْمَوْضِعِ صَيْدٌ فَذَهَبَ فَقَتَلَهُ فَعَلَى الرَّسُولِ وَالْمُرْسِلِ وَالْقَاتِلِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ قِيمَةُ الصَّيْدِ وَإِنْ كَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ يَرَاهُ وَيَعْلَمُ بِهِ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدٍ إلَّا الْقَاتِلَ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ، وَلَوْ أَنَّ مُحْرِمًا مَا أَشَارَ إلَى صَيْدٍ فَقَالَ لِرَجُلٍ: خُذْ ذَلِكَ الصَّيْدَ مِنْ وَكْرِهِ وَالْمُشِيرُ يَرَى صَيْدًا وَاحِدًا فَانْطَلَقَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَأَخَذَ ذَلِكَ الصَّيْدَ وَصَيْدًا آخَرَ كَانَ فِي الْوَكْرِ فَإِنَّ عَلَى الْآمِرِ الْجَزَاءَ فِي الَّذِي أَمَرَ فِيهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْآخَرِ وَلَوْ رَأَى مُحْرِمٌ صَيْدًا فِي مَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا أَنْ يَرْمِيَهُ فَدَلَّهُ مُحْرِمٌ عَلَى قَوْسٍ وَنُشَّابٍ وَدَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ فَرَمَاهُ وَقَتَلَهُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْجَزَاءُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُحْرِمٍ سِكِّينًا فَقَتَلَ بِهَا صَيْدًا فَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ هَذَا إذَا قَدَرَ عَلَى ذَبْحِهِ بِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَبْحِهِ بِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مُحْرِمُونَ نَزَلُوا بِمَكَّةَ بَيْتًا وَفِيهِ نَوَاهِضُ وَحَمَامٌ فَأَمَرَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ رَابِعَهُمْ بِإِغْلَاقِ الْبَابِ فَأَغْلَقَهُ وَخَرَجُوا إلَى مِنًى فَلَمَّا رَجَعُوا وَجَدُوا طُيُورًا قَدْ مَاتَتْ عِطَاشًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْجَزَاءُ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ الْمُحْرِمُ إذَا أَخَذَ الصَّيْدَ يَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي قَفَصٍ مَعَهُ أَوْ فِي بَيْتِهِ فَإِنْ أَرْسَلَهُ مُحْرِمٌ مِنْ يَدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُرْسِلِ؛ لِأَنَّ الصَّائِدَ مَا مَلَكَ الصَّيْدَ وَإِنْ قَتَلَهُ؛ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ وَلِلْآخِذِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْقَاتِلِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ أَصَابَ الْحَلَالُ صَيْدًا ثُمَّ أَحْرَمَ مُمْسِكًا إيَّاهُ بِيَدِهِ فَعَلَيْهِ إرْسَالُهُ فَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ حَتَّى

هَلَكَ فِي يَدِهِ؛ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ بِالْإِرْسَالِ حَتَّى لَوْ أَرْسَلَهُ وَأَخَذَهُ إنْسَانٌ يَسْتَرِدُّهُ إذَا تَحَلَّلَ مِنْ إحْرَامِهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَإِنْ أَرْسَلَهُ إنْسَانٌ مِنْ يَدِهِ يَضْمَنُ لَهُ قِيمَتَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ فِي قَفَصٍ مَعَهُ أَوْ فِي بَيْتِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ بِصَيْدٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ فِيهِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً حَتَّى إذَا كَانَ فِي رَحْلِهِ أَوْ قَفَصِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِرْسَالُ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ أَحْرَمَ وَفِي يَدِهِ صَيْدٌ فِي قَفَصٍ أَوْ أَحْرَمَ وَفِي قَفَصِهِ صَيْدٌ وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِي الْحَرَمِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ أَدْخَلَ الْحَرَمَ مَعَهُ بَازِيًا فَأَرْسَلَهُ فَقَتَلَ حَمَامَ الْحَرَمِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ قَتْلِ الصَّيْدِ حَلَالٌ غَصَبَ مِنْ حَلَالٍ صَيْدًا ثُمَّ أَحْرَمَ الْغَاصِبُ وَالصَّيْدُ فِي يَدِهِ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ، وَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ؛ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَقَدْ أَسَاءَ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي فَصْلِ إزَالَةِ الْأَمْنِ عَنْ الصَّيْدِ. إذَا بَاعَ الصَّيْدَ بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ يَجِبُ رَدُّ بَيْعِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ فَائِتًا؛ تَجِبُ قِيمَتُهُ كَبَيْعِ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ بَعْدَمَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ فَبَاعَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ وَلَوْ تَبَايَعَ الْحَلَالَانِ وَهُمَا فِي الْحَرَمِ وَالصَّيْدُ فِي الْحِلِّ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ وَكَذَا إنْ ذَبَحَ الْحَلَالُ صَيْدَ الْحَرَمِ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ وَلَا يُجْزِئُهُ صَوْمٌ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الذَّبْحِ عَنْهُ فَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُجْزِئُهُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ الْحَلَالُ إذَا ذَبَحَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ لَمْ يُؤْكَلْ الْمُحْرِمُ إذَا ذَبَحَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ يَصِيرُ مَيْتَةً وَعَلَى الْمُحْرِمِ الْجَزَاءُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ الْمُحْرِمُ إذَا رَمَى صَيْدًا فَقَتَلَهُ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازِيَهُ الْمُعَلَّمَ فَقَتَلَهُ؛ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَلَوْ أَكَلَ مِنْ صَيْدٍ ذَبَحَ بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ جَزَاءَهُ؛ دَخَلَ ضَمَانُ مَا أَكَلَ فِي الْجَزَاءِ وَعَلَيْهِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ أَكَلَ بَعْدَمَا أَدَّى الْجَزَاءَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَكَلَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الِاسْتِغْفَارُ وَالتَّوْبَةُ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ حَلَالٌ أَوْ مُحْرِمٌ آخَرُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الِاسْتِغْفَارُ وَالتَّوْبَةُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْكُلَ الْمُحْرِمُ لَحْمَ صَيْدٍ اصْطَادَهُ حَلَالٌ وَذَبَحَهُ إذَا لَمْ يَدُلَّ الْمُحْرِمُ عَلَيْهِ وَلَا أَمَرَهُ بِذَبْحِهِ وَلَا صَيْدِهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ كَسَرَ الْمُحْرِمُ بَيْضَ صَيْدٍ فَأَدَّى جَزَاءَهُ ثُمَّ شَوَاهُ فَأَكَلَهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ رَمَى صَيْدًا بَعْضَهُ فِي الْحِلِّ وَبَعْضَهُ فِي الْحَرَمِ فَالْعِبْرَةُ لِقَوَائِمِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ كَانَتْ قَوَائِمُهُ فِي الْحَرَمِ وَرَأْسُهُ فِي الْحِلِّ فَهُوَ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْحِلِّ وَرَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ فَهُوَ مِنْ صَيْدِ الْحِلِّ وَلَوْ كَانَ بَعْضُ قَوَائِمِهِ فِي الْحَرَمِ وَبَعْضُهَا فِي الْحِلِّ فَهُوَ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ احْتِيَاطًا وَهَذَا إذَا كَانَ قَائِمًا أَمَّا إذَا كَانَ مُضْطَجِعًا عَلَى الْأَرْضِ فَالْعِبْرَةُ لِرَأْسِهِ لَا لِقَوَائِمِهِ حَتَّى إذَا كَانَ رَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ وَقَوَائِمُهُ فِي الْحِلِّ فَهُوَ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ وَلَوْ كَانَ رَأْسُهُ فِي الْحِلِّ وَقَوَائِمُهُ فِي الْحَرَمِ فَهُوَ مِنْ صَيْدِ الْحِلِّ، وَلَوْ كَانَ عَلَى شَجَرَةٍ أَصْلُهَا فِي الْحَرَمِ وَأَغْصَانُهَا فِي الْحِلِّ وَهُوَ عَلَى الْأَغْصَانِ فَالْعِبْرَةُ لِمَكَانِ الصَّيْدِ لَا لِلشَّجَرَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ حَصَلَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فِي الْحَرَمِ إمَّا الرَّامِي وَإِمَّا الْمَرْمِيُّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَلَوْ خَلَا الطَّرَفَانِ عَنْ الْحَرَمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْرِيَ السَّهْمُ فِي الْحَرَمِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَتَلَهُ وَهُوَ حَلَالٌ وَكَذَلِكَ الْبَازِي وَالْكَلْبُ إذَا أَرْسَلَهُمَا وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ: وَلَوْ رَمَاهُ وَهُمَا فِي الْحِلِّ فَدَخَلَ الصَّيْدُ الْحَرَمَ بَعْدَ مَا جَرَحَهُ فَمَاتَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَزَاءٌ وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا أَرْسَلَ الْحَلَالُ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَاتَّبَعَهُ الْكَلْبُ وَأَخَذَهُ فِي الْحَرَمِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُرْسِلِ شَيْءٌ وَلَكِنْ لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ

قطع شجر الحرم

وَلَوْ رَمَى الْحَلَالُ إلَى الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ فَدَخَلَ الصَّيْدُ الْحَرَمَ وَأَصَابَهُ السَّهْمُ فِي الْحَرَمِ لَا يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا أَعْلَمُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ أَرْسَلَ فِي الْحَرَمِ كَلْبًا عَلَى ذِئْبٍ وَأَصَابَ صَيْدًا أَوْ نَصَبَ شَبَكَةً لِلذِّئْبِ وَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ؛ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ نَفَرَ بِتَنْفِيرِهِ فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ أَوْ صُدِمَ عَلَى شَيْءٍ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَكَذَا لَوْ كَانَ رَاكِبًا أَوْ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا فَأَتْلَفَتْ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ فَمِهَا صَيْدًا فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَمَنْ أَخْرَجَ ظَبْيَةً مِنْ الْحَرَمِ فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا فَمَاتَتْ هِيَ وَأَوْلَادُهَا؛ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُنَّ. حَلَالٌ أَخْرَجَ ظَبْيَةً مِنْ الْحَرَمِ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهَا وَتَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ إلَى أَنْ تَصِلَ إلَى الْحَرَمِ فَإِنْ وَلَدَتْ أَوْ زَادَتْ فِي بَدَنِهَا أَوْ شَعْرِهَا قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى الْحَرَمِ فَمَاتَتْ قَبْلَ التَّكْفِيرِ ضَمِنَ الْكُلَّ وَبَعْدَ التَّكْفِيرِ يَضْمَنُ الْأَصْلَ دُونَ الزِّيَادَةِ، وَلَوْ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ ازْدَادَتْ فِي بَدَنِهَا أَوْ شَعْرِهَا ثُمَّ مَاتَ الْكُلُّ إنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ أَدَّى جَزَاءَهَا؛ ضَمِنَ الْكُلَّ وَإِنْ كَانَ أَدَّى جَزَاءَهَا ثُمَّ حَدَثَ الْوَلَدُ وَالزِّيَادَةُ؛ ضَمِنَ الْأَصْلَ دُونَ الْوَلَدِ وَالزِّيَادَةِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَمَنْ قَتَلَ قَمْلَةً تَصَدَّقَ بِمَا شَاءَ مِثْلِ كَفٍّ مِنْ طَعَامٍ وَهَذَا إذَا أَخَذَ الْقَمْلَةَ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ رَأْسِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَمَّا إذَا أَخَذَهَا مِنْ الْأَرْضِ فَقَتَلَهَا فَلَا شَيْءَ فِيهِ سَوَاءٌ قَتَلَ الْقَمْلَةَ أَوْ أَلْقَاهَا عَلَى الْأَرْضِ، وَإِنْ قَتَلَ قَمْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا تَصَدَّقَ بِكَفٍّ مِنْ طَعَامٍ وَفِي الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ وَكَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتُلَ الْقَمْلَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ لِيَقْتُلَهُ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ ضَمِنَ وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشِيرَ إلَى الْقَمْلِ وَلَا أَنْ يُلْقِيَ ثِيَابَهُ فِي الشَّمْسِ لِيَمُوتَ الْقَمْلُ وَلَا أَنْ يَغْسِلَ ثِيَابَهُ لِيَمُوتَ الْقَمْلُ فَإِنْ أَلْقَى ثِيَابَهُ فِي الشَّمْسِ فَمَاتَ مِنْهُ الْقَمْلُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ صَاعٍ إذَا كَانَ كَثِيرًا فَإِنْ أَلْقَى ثِيَابَهُ فِي الشَّمْسِ لِلتَّجْفِيفِ فَمَاتَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى حَلَالٍ لِيَقْتُلَ قَمْلَهُ فَقَتَلَهُ فَعَلَى الْآمِرِ الْجَزَاءُ وَلَوْ أَشَارَ إلَى قَمْلَةٍ فَقَتَلَهَا الْمَدْلُولُ كَانَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهَا وَلَا شَيْءَ فِي قَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالذِّئْبِ وَالْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ الْأَبْقَعِ وَهُوَ مَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ أَمَّا مَا تَأْكُلُ الزَّرْعَ فَهُوَ صَيْدٌ، وَلَا شَيْءَ فِي الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ وَالزُّنْبُورِ وَالنَّمْلِ وَالسَّرَطَانِ وَالذُّبَابِ وَالْبَقِّ وَالْبَعُوضِ وَالْبُرْغُوثِ وَالْقُرَادِ وَالسُّلَحْفَاةِ وَلَا شَيْءَ فِي هَوَامِّ الْأَرْضِ كَالْقُنْفُذِ وَالْخُنْفُسَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا الْحَلَمُ وَالْوَازِعُ وَصَيَّاحُ اللَّيْلِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ الَّذِي لَا يَبْتَدِئُ بِالْأَذَى غَالِبًا فَلَهُ قَتْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ الْمُحْرِمُ مَمْنُوعٌ مِنْ قَتْلِ صَيْدِ الْبَرِّ إلَّا الْفَوَاسِقَ وَهِيَ الَّتِي تَبْتَدِئُ بِالْأَذَى، كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَلِلْمُحْرِمِ ذَبْحُ شَاةٍ وَبَقَرَةٍ وَبَعِيرٍ وَدَجَاجَةٍ وَبَطٍّ أَهْلِيٍّ، كَذَا فِي الْكَنْزِ [قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ] (وَاعْلَمْ أَنَّ شَجَرَ الْحَرَمِ أَنْوَاعٌ أَرْبَعَةٌ) ثَلَاثَةٌ مِنْهَا يَحِلُّ قَطْعُهَا وَالِانْتِفَاعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ جَزَاءٍ وَهِيَ كُلُّ شَجَرٍ أَنْبَتَهُ النَّاسُ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ مَا يُنْبِتُهُ النَّاسُ وَكُلُّ شَجَرٍ أَنْبَتَهُ النَّاسُ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا يُنْبِتُهُ النَّاسُ وَكُلُّ شَجَرٍ يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ مَا يُنْبِتُهُ النَّاسُ وَوَاحِدٌ مِنْهَا لَا يَحِلُّ قَطْعُهُ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ فَإِذَا قَطَعَهُ رَجُلٌ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَهُوَ كُلُّ شَجَرٍ نَبَتَ بِنَفْسِهِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا يُنْبِتُهُ النَّاسُ وَيَسْتَوِي فِي هَذَا الْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِإِنْسَانٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ حَتَّى قَالُوا فِي رَجُلٍ نَبَتَ فِي مِلْكِهِ أُمُّ غَيْلَانَ فَقَطَعَهَا إنْسَانٌ: فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِمَالِكِهَا وَعَلَيْهِ قِيمَةٌ أُخْرَى لِحَقِّ الشَّرْعِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا قُطِعَ شَجَرُ الْحَرَمِ وَهُوَ رَطْبٌ فِي حَدِّ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فَإِذَا كَانَ الْقَاطِعُ مُخَاطَبًا بِالشَّرَائِعِ إنْ اشْتَرَى بِقِيمَتِهِ طَعَامًا تَصَدَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ عَلَى كُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ وَإِنْ شَاءَ اشْتَرَى بِهَا هَدْيًا

الباب العاشر في مجاوزة الميقات بغير إحرام

وَيَذْبَحُ فِي الْحَرَمِ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ الصَّوْمُ سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا أَوْ قَارِنًا، فَإِذَا أَدَّى قِيمَتَهُ يُكْرَهُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَقْلُوعِ وَلَوْ بَاعَ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ وَمَا كَانَ يَبِسَ مِنْ أَشْجَارِ الْحَرَمِ وَخَرَجَ مِنْ حَدِّ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ؛ فَلَا بَأْسَ بِقَطْعِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ قَطَعَ الشَّجَرَةَ فَالْمُعْتَبَرُ أَصْلُهَا دُونَ أَغْصَانِهَا فَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا فِي الْحَرَمِ وَأَغْصَانُهَا فِي الْحِلِّ فَهِيَ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَصْلِ فِي الْحَرَمِ وَبَعْضُهُ فِي الْحِلِّ؛ فَهِيَ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ احْتِيَاطًا وَيَجُوزُ أَخْذُ الْوَرَقِ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالشَّجَرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَلَعَ شَجَرَةً فِي الْحَرَمِ فَغَرِمَ قِيمَتَهَا ثُمَّ غَرَسَهَا مَكَانَهَا ثُمَّ نَبَتَتْ ثُمَّ قَلَعَهَا ثَانِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ اشْتَرَكَ فِي قَطْعِ شَجَرَةِ الْحَرَمِ مُحْرِمَانِ أَوْ حَلَالَانِ أَوْ مُحْرِمٌ وَحَلَالٌ؛ فَعَلَيْهِمَا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَإِنْ احْتَشَّ حَشِيشَ الْحَرَمِ وَهُوَ رَطْبٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أَخْذِ الْيَابِسِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَا يُرْعَى حَشِيشُ الْحَرَمِ وَلَا يُقْطَعُ إلَّا الْإِذْخِرُ وَلَا بَأْسَ بِأَخْذِ الْكَمْأَةِ فِي الْحَرَمِ، كَذَا فِي الْكَافِي [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ) إذَا دَخَلَ الْآفَاقِيُّ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَعَلَيْهِ لِدُخُولِ مَكَّةَ إمَّا حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمِيقَاتِ؛ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ حَقِّ الْمِيقَاتِ وَإِنْ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ وَأَحْرَمَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ فَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ عَمَّا لَزِمَهُ خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ عُمْرَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي عَامِهِ أَجْزَأَهُ عَمَّا لَزِمَهُ لِدُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا إذَا حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ حَجَّةً نَذَرَهَا هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَإِنْ تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَمْ؛ يُجْزِئْهُ عَمَّا لَزِمَهُ لِدُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي بَيَانِ مَوَاقِيتِ الْإِحْرَامِ وَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ أَوْ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ ثُمَّ أَحْرَمَ فَإِنْ أَحْرَمَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ يُنْظَرُ إنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ مَتَى عَادَ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ وَيَمْضِي فِي إحْرَامِهِ وَلَزِمَهُ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ فَوَاتَ الْحَجِّ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَى الْوَقْتِ وَإِذَا عَادَ إلَى الْوَقْتِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ حَلَالًا أَوْ مُحْرِمًا فَإِنْ عَادَ حَلَالًا ثُمَّ أَحْرَمَ؛ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَإِنْ عَادَ إلَى الْوَقْتِ مُحْرِمًا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ لَبَّى سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَإِنْ لَمْ يُلَبِّ لَا يَسْقُطُ وَعِنْدَهُمَا يَسْقُطُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَمَنْ جَاوَزَ وَقْتَهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ ثُمَّ أَتَى وَقْتًا آخَرَ أَقْرَبَ مِنْهُ وَأَحْرَمَ؛ جَازَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَيُرِيدُ بُسْتَانَ بَنِي عَامِرٍ دُونَ مَكَّةَ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كُوفِيٌّ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ فَهَذَا عَلَى أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالْحَجَّةِ، أَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجَّةِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْحَرَمِ، أَوْ قَرَنَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ بِالْحَجَّةِ أَوْ قَرَنَ بَيْنَهُمَا؛ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ أَحْرَمَ أَوَّلًا بِالْحَجَّةِ ثُمَّ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْحَرَمِ؛ فَعَلَيْهِ دَمَانِ أَحَدُهُمَا لِتَرْكِ إحْرَامِ الْحَجَّةِ مِنْ الْوَقْتِ وَالثَّانِي لِتَرْكِ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ مِنْ الْحِلِّ رَجُلٌ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ فَأَحْرَمَ بِحَجَّةٍ فَأَفْسَدَهَا أَوْ فَاتَتْهُ الْحَجَّةُ فَقَضَاهَا سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ الَّذِي وَجَبَ لِلْوَقْتِ، وَإِذَا جَاوَزَ الْعَبْدُ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ أَنْ يُحْرِمَ فَأَحْرَمَ لَزِمَهُ دَمُ الْوَقْتِ إذَا أَعْتَقَ وَأَمَّا الْكَافِرُ يَدْخُلُ مَكَّةَ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ يُحْرِمُ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْغُلَامُ يُجَاوِزُ ثُمَّ يَحْتَلِمُ وَيُحْرِمُ بِمَنْزِلَةِ الْكَافِرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ قَاصِدًا مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ مِرَارًا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ لِكُلِّ مَرَّةٍ إمَّا حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ إلَى الْمِيقَاتِ فَأَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ

الباب الحادي عشر في إضافة الإحرام إلى الإحرام

أَوْ غَيْرِهَا؛ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْمُجَاوَزَةِ الْأَخِيرَةِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْمُجَاوَزَةِ قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ قَبْلَ الْأَخِيرَةِ صَارَ دَيْنًا؛ فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِتَعْيِينِ النِّيَّةِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي بَابِ ذِكْرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَكِّيٌّ خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ يُرِيدُ الْحَجَّ وَأَحْرَمَ وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْحَرَمِ حَتَّى وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَعَلَيْهِ شَاةٌ وَإِنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِأَعْمَالِ الْحَجِّ حَتَّى عَادَ إلَى الْحَرَمِ إنْ عَادَ مُلَبِّيًا سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ عَادَ غَيْرَ مُلَبٍّ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ خَرَجَ الْمَكِّيُّ إلَى الْحِلِّ لِحَاجَةٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْحِلِّ وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْمُتَمَتِّعُ إذَا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْحِلِّ وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ؛ فَعَلَيْهِ دَمٌ فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْحَرَمِ مُحْرِمًا عِنْدَهُمَا وَمُحْرِمًا مُلَبِّيًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْحَرَمِ وَأَهَلَّ مِنْهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي إضَافَةِ الْإِحْرَامِ إلَى الْإِحْرَامِ] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي إضَافَةِ الْإِحْرَامِ إلَى الْإِحْرَامِ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ إحْرَامَيْ الْحَجِّ أَوْ إحْرَامَيْ الْعُمْرَةِ بِدْعَةٌ وَلَكِنْ إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا لَزِمَتَاهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَلْزَمُهُ إحْدَاهُمَا إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَفْضِ إحْدَاهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْأُولَى فِي فَصْلِ الْحَجِّ يَقْضِي الثَّانِيَةَ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَفِي فَصْلِ الْعُمْرَةِ يَقْضِي الثَّانِيَةَ فِي ذَلِكَ الْعَامِ؛ لِأَنَّ تَكْرَارَ الْعُمْرَةِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ جَائِزٌ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَكَذَلِكَ بِنَاءُ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى أَعْمَالِ الْحَجِّ بِدْعَةٌ وَأَمَّا بِنَاءُ إحْرَامِ الْحَجِّ عَلَى إحْرَامِ الْعُمْرَةِ فَلَيْسَ بِبِدْعَةٍ حَتَّى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ وَطَافَ لَهَا شَوْطًا ثُمَّ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ رَفَضَ الْعُمْرَةَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَزِمَهُ دَمُ الرَّفْضِ وَقَضَاءُ الْعُمْرَةِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ لِلْحَجَّةِ شَوْطًا فَإِنَّهُ لَا يَرْفُضُ الْعُمْرَةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ بِعُمْرَةٍ وَطَافَ لَهَا شَوْطًا ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَإِنَّهُ يَرْفُضُ الْحَجَّ، وَعَلَيْهِ لِرَفْضِهِ دَمٌ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ بِالْحَجِّ وَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ يَرْفُضُ الْعُمْرَةَ اتِّفَاقًا هَكَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ طَافَ لِعُمْرَتِهِ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ رَفَضَ الْحَجَّ بِلَا خِلَافٍ وَعَلَيْهِ دَمُ الرَّفْضِ أَيَّهُمَا رَفَضَهُ إلَّا أَنَّ فِي رَفْضِ الْعُمْرَةِ قَضَاءَهَا وَفِي رَفْضِ الْحَجِّ قَضَاءَهُ وَعُمْرَةً، وَإِنْ مَضَى عَلَيْهِمَا أَجْزَأَهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. كُوفِيٌّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ لَزِمَتَاهُ وَيَصِيرُ بِذَلِكَ قَارِنًا لَكِنَّهُ أَسَاءَ فَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ وَلَمْ يَأْتِ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ فَهُوَ رَافِضٌ لِعُمْرَتِهِ فَإِنْ تَوَجَّهَ إلَيْهَا لَمْ تُرْتَفَضْ حَتَّى يَقِفَ، فَإِنْ طَافَ لِلْحَجِّ لِلتَّحِيَّةِ ثُمَّ أَحْرَمَ لِعُمْرَةٍ لَزِمَتَاهُ لَوْ مَضَى عَلَيْهِمَا؛ جَازَ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ دَمُ كَفَّارَةٍ لَا نُسُكٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْفُضَ عُمْرَتَهُ، كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَفَرَغَ مِنْهُ ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجٍّ آخَرَ يَوْمَ النَّحْرِ، لَزِمَهُ الثَّانِي ثُمَّ إنْ كَانَ حَلَقَ فِي الْحَجِّ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِالثَّانِي؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَحْلِقْ بَيْنَهُمَا فَعَلَيْهِ دَمٌ سَوَاءٌ حَلَقَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ الثَّانِي أَوْ لَمْ يَحْلِقْ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَمَنْ فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ إلَّا التَّقْصِيرَ فَأَحْرَمَ بِأُخْرَى فَعَلَيْهِ دَمٌ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَهُوَ دَمُ جَبْرٍ وَكَفَّارَةٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ الْحَاجُّ إذَا أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَزِمَتْهُ وَيَلْزَمُهُ رَفْضُهَا فَإِنْ رَفَضَهَا يَجِبُ دَمٌ لِرَفْضِهَا وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا، وَإِنْ مَضَى عَلَيْهِ جَازَ وَعَلَيْهِ دَمُ كَفَّارَةٍ وَإِذَا حَلَقَ ثُمَّ أَحْرَمَ لَا يَرْفُضُهَا، كَذَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ وَقَالَ مَشَايِخُنَا يَرْفُضُهَا وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ رَفَضَهَا وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ رَفَضَهُ أَيْضًا

الباب الثاني عشر في الإحصار

وَإِذَا رَفَضَ لَزِمَهُ الدَّمُ وَعَلَيْهِ فِي الْعُمْرَةِ قَضَاؤُهَا وَفِي الْحَجَّةِ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. . [الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الْإِحْصَارِ] (الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الْإِحْصَارِ) الْمُحْصَرُ مَنْ أَحْرَمَ ثُمَّ مُنِعَ عَنْ مُضِيٍّ فِي مُوجَبِ الْإِحْرَامِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْعُ مِنْ الْعَدُوِّ أَوْ الْمَرَضِ أَوْ الْحَبْسِ أَوْ الْكَسْرِ أَوْ الْقَرْحِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْمَوَانِعِ مِنْ إتْمَامِ مَا أَحْرَمَ بِهِ حَقِيقَةً أَوْ شَرْعًا وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَحَدُّ الْمَرَضِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْإِحْصَارُ عِنْدَنَا أَنْ يُقْعِدَهُ عَنْ الذَّهَابِ وَالرُّكُوبِ إلَّا لِزِيَادَةِ مَرَضٍ، وَالْعَدُوُّ يَنْتَظِمُ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ وَالسَّبُعَ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَوْ سُرِقَتْ نَفَقَتُهُ أَوْ هَلَكَتْ رَاحِلَتُهُ فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ فَهُوَ مُحْصَرٌ، وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ فَلَيْسَ بِمُحْصَرٍ، وَإِذَا أَحْرَمَتْ وَلَا زَوْجَ لَهَا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَمَاتَ مَحْرَمُهَا أَوْ أَحْرَمَتْ وَلَا مَحْرَمَ مَعَهَا وَلَكِنْ مَعَهَا زَوْجُهَا فَمَاتَ زَوْجُهَا فَإِنَّهَا مُحْصَرَةٌ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا مَاتَ مَحْرَمُ الْمَرْأَةِ فِي الطَّرِيقِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحْصَرِ، وَكَذَا إذَا حَجَّتْ تَطَوُّعًا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا فَمَنَعَهَا مِنْ الذَّهَابِ؛ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحْصَرِ، وَكَذَا الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ إذَا أَحْرَمَا جَازَ لِمَوْلَاهُمَا أَنْ يُحَلِّلَهُمَا وَيَكُونَانِ مُحْصَرَيْنِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَا مَحْرَمَ لَهَا وَلَا زَوْجَ فَهِيَ مُحْصَرَةٌ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَحْرَمٌ وَزَوْجٌ وَلَهَا اسْتِطَاعَةٌ عِنْدَ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهَا فَلَيْسَتْ بِمُحْصَرَةٍ، وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَلَا مَحْرَمَ مَعَهَا فَمَنَعَهَا الزَّوْجُ فَهِيَ مُحْصَرَةٌ وَهَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يُحَلِّلَهَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا، ثُمَّ الْإِحْصَارُ كَمَا يَكُونُ عَنْ الْحَجِّ يَكُونُ عَنْ الْعُمْرَةِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. (وَأَمَّا حُكْمُ الْإِحْصَارِ) فَهُوَ أَنْ يَبْعَثَ بِالْهَدْيِ أَوْ بِثَمَنِهِ لِيَشْتَرِيَ بِهِ هَدْيًا وَيَذْبَحَ عَنْهُ وَمَا لَمْ يَذْبَحْ؛ لَا يَحِلُّ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ سَوَاءٌ شَرَطَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ الْإِهْلَالَ بِغَيْرِ ذَبْحٍ عِنْدَ الْإِحْصَارِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ، وَيَجِبُ أَنْ يُوَاعِدَ يَوْمًا مَعْلُومًا يَذْبَحُ عَنْهُ فَيَحِلُّ بَعْدَ الذَّبْحِ وَلَا يَحِلُّ قَبْلَهُ حَتَّى لَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ ذَبْحِ الْهَدْيِ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْصَرًا، وَأَمَّا الْحَلْقُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِلتَّحَلُّلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ حَلَقَ فَحَسَنٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. الْمُحْصَرُ إذَا كَانَ لَا يَجِدُ الْهَدْيَ وَلَا ثَمَنَهُ لَا يَحِلُّ بِالصَّوْمِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إنْ حَلَّ فِي يَوْمِ وَعْدِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ ذَبَحَ هَدْيَهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَذْبَحْهُ كَانَ مُحْرِمًا وَعَلَيْهِ دَمٌ لِإِحْلَالِهِ قَبْلَ وَقْتِهِ وَلَوْ ذَبَحَ الْهَدْيَ قَبْلَ يَوْمِ الْوَعْدِ جَازَ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ ثُمَّ إذَا تَحَلَّلَ الْمُحْصَرُ بِالْهَدْيِ وَكَانَ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ؛ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ مِنْ قَابِلٍ، وَإِنْ كَانَ مُفْرِدًا بِالْعُمْرَةِ؛ فَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ مَكَانَهَا وَإِنْ كَانَ قَارِنًا فَإِنَّمَا يَتَحَلَّلُ بِذَبْحِ هَدْيَيْنِ وَعَلَيْهِ عُمْرَتَانِ وَحَجَّةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ بَعَثَ هَدْيَيْنِ وَهُوَ مُفْرِدٌ فَإِنَّهُ يَحِلُّ مِنْ إحْرَامِهِ بِذَبْحِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَيَكُونُ الْآخَرُ تَطَوُّعًا وَإِنْ كَانَ قَارِنًا لَا يَحِلُّ إلَّا بِذَبْحِهِمَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ بَعَثَ بِهَدْيٍ وَاحِدٍ لِيَتَحَلَّلَ عَنْ الْحَجِّ وَيَبْقَى فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ لَمْ يَتَحَلَّلْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ بَعَثَ بِهَدْيَيْنِ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدَهُمَا لِلْحَجِّ أَوْ لِلْعُمْرَةِ؛ لَمْ يَضُرَّهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ دَخَلَ قَارِنًا فَطَافَ لِعُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ فَخَرَجَ فَأُحْصِرَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ فَإِنَّهُ يَبْعَثُ الْهَدْيَ وَيَحِلُّ بِهِ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ مَكَانَ حَجَّةٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ مَكَانَ عُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَقْصِيرِهِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُحْصَرُ إذَا قَضَى حَجَّتَهُ فِي عَامِهِ؛ فَلَا عُمْرَةَ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَلَوْ أَحْرَمَ بِشَيْءٍ لَا يَنْوِي حَجَّةً وَلَا عُمْرَةً ثُمَّ أُحْصِرَ؛ يَحِلُّ بِهَدْيٍ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ أَحْرَمَ

الباب الثالث عشر في فوات الحج

بِشَيْءٍ وَسَمَّاهُ فَنَسِيَهُ وَأُحْصِرَ يَحِلُّ بِهَدْيٍ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ ثُمَّ أُحْصِرَ يَتَحَلَّلُ بِدَمَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا بِهَدْيٍ وَاحِدٍ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَتَيْنِ وَسَارَ إلَى مَكَّةَ لِيُؤَدِّيَهُمَا فَإِنْ أُحْصِرَ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ وَاحِدٌ مِنْ عُمْرَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ لَمْ يَسِرْ حَتَّى أُحْصِرَ؛ لَزِمَهُ هَدْيَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ عُمْرَتَانِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُحْصَرٌ بَعَثَ بِالْهَدْيِ ثُمَّ زَالَ الْإِحْصَارُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْهَدْيَ وَالْحَجَّ؛ لَزِمَهُ الذَّهَابُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُمَا؛ لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ أَحَدَهُمَا فَإِنْ كَانَ يُدْرِكُ الْهَدْيَ دُونَ الْحَجِّ لَا يَلْزَمُهُ الذَّهَابُ وَإِنْ كَانَ يُدْرِكُ الْحَجَّ دُونَ الْهَدْيِ يَلْزَمُهُ الذَّهَابُ قِيَاسًا وَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا أَدْرَكَ هَدْيَهُ صَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْمُفْرِدُ بِالْحَجِّ إذَا تَحَلَّلَ ثُمَّ زَالَ الْإِحْصَارُ عَنْهُ فَأَحْرَمَ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْقَضَاءِ وَلَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ رَجُلٌ أُحْصِرَ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ فَبَعَثَ بِهَدْيِ الْإِحْصَارِ ثُمَّ زَالَ الْإِحْصَارُ وَحَدَثَ إحْصَارٌ آخَرُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْهَدْيَ وَنَوَى أَنْ يَكُونَ لِلْإِحْصَارِ الثَّانِي؛ جَازَ وَحَلَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ حَتَّى نَحَرَ؛ لَمْ يُجْزِئْهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ ثُمَّ أُحْصِرَ لَا يَكُونُ مُحْصَرًا وَمَنْ أُحْصِرَ بِمَكَّةَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ عَنْ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ فَهُوَ مُحْصَرٌ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ الْجَصَّاصُ: هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَيْسَ بِمُحْصَرٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْوُقُوفِ أَمِنَ مِنْ الْفَوَاتِ وَأَمَّا إذَا قَدَرَ عَلَى الطَّوَافِ؛ فَلِأَنَّ فَائِتَ الْحَجِّ يَتَحَلَّلُ بِهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَمَنْ أُحْصِرَ بَعْدَ الْوُقُوفِ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَعَلَيْهِ لِتَرْكِ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ دَمٌ وَلِتَرْكِ الرَّمْيِ دَمٌ وَيَطُوفُ طَوَافَ الزِّيَادَةِ وَعَلَيْهِ لِتَأْخِيرِهِ دَمٌ وَلِتَأْخِيرِ الْحَلْقِ دَمٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ لِتَأْخِيرِ الْحَلْقِ وَالطَّوَافِ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ . هَدْيُ الْإِحْصَارِ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ إلَّا فِي الْحَرَمِ عِنْدَنَا وَيَجُوزُ ذَبْحُهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَبَعْدَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ وَأَجْمَعُوا أَنَّ هَدْيَ الْإِحْصَارِ عَنْ الْعُمْرَةِ يَجُوزُ ذَبْحُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ بَعْدَ أَنْ كَانَ فِي الْحَرَمِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ [الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي فَوَاتِ الْحَجِّ] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي فَوَاتِ الْحَجِّ) مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَرْضًا كَانَ أَوْ مَنْذُورًا أَوْ تَطَوُّعًا صَحِيحًا كَانَ أَوْ فَاسِدًا سَوَاءٌ طَرَأَ فَسَادُهُ أَوْ انْعَقَدَ فَاسِدًا كَمَا إذَا أَحْرَمَ مُجَامِعًا وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَعَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى وَيَتَحَلَّلَ وَيَقْضِيَ مِنْ قَابِلٍ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ فَائِتُ الْحَجِّ قَارِنًا فَإِنَّهُ يَطُوفُ لِلْعُمْرَةِ وَيَسْعَى لَهَا ثُمَّ يَطُوفُ طَوَافًا آخَرَ لِفَوَاتِ الْحَجِّ وَيَسْعَى لَهُ وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَقَدْ بَطَلَ عَنْهُ دَمُ الْقِرَانِ وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إذَا أَخَذَ فِي الطَّوَافِ الَّذِي يَتَحَلَّلُ بِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ كَانَ فَائِتُ الْحَجِّ مُتَمَتِّعًا قَدْ سَاقَ الْهَدْيَ بَطَلَ تَمَتُّعُهُ وَيَصْنَعُ بِهَدْيِهِ مَا شَاءَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا يَتَحَلَّلُ بِهِ فَائِتُ الْحَجِّ مِنْ الطَّوَافِ أَنَّهُ يَلْزَمُ ذَلِكَ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ أَوْ بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى بِإِحْرَامِ الْحَجِّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَيَنْقَلِبُ إحْرَامُهُ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفَائِدَةُ هَذَا الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ أُخْرَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْفُضُهَا حَتَّى لَا يَصِيرَ مُحْرِمًا بِحَجَّتَيْنِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرْفُضُهَا بَلْ يَمْضِي فِيهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَيْسَ عَلَى فَائِتِ الْحَجِّ طَوَافُ الصَّدْرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ

الباب الرابع عشر في الحج عن الغير

[الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ] ِ) الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ لِغَيْرِهِ صَلَاةً كَانَ أَوْ صَوْمًا أَوْ صَدَقَةً أَوْ غَيْرَهَا كَالْحَجِّ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْأَذْكَارِ وَزِيَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالشُّهَدَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَتَكْفِينِ الْمَوْتَى وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْبِرِّ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ (الْعِبَادَاتُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ) : مَالِيَّةٌ مَحْضَةٌ كَالزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَبَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَمُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا كَالْحَجِّ. وَالْإِنَابَةُ تَجْرِي فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ فِي حَالَتَيْ الِاخْتِيَارِ وَالِاضْطِرَارِ وَلَا تَجْرِي فِي النَّوْعِ الثَّانِي وَتَجْرِي فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ عِنْدَ الْعَجْزِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَلِجَوَازِ النِّيَابَةِ فِي الْحَجِّ شَرَائِطُ. (مِنْهَا) : أَنْ يَكُونَ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ عَاجِزًا عَنْ الْأَدَاءِ بِنَفْسِهِ وَلَهُ مَالٌ، فَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْأَدَاءِ بِنَفْسِهِ بِأَنْ كَانَ صَحِيحَ الْبَدَنِ وَلَهُ مَالٌ أَوْ كَانَ فَقِيرًا صَحِيحَ الْبَدَنِ لَا يَجُوزُ حَجُّ غَيْرِهِ عَنْهُ. (وَمِنْهَا) اسْتِدَامَةُ الْعَجْزِ مِنْ وَقْتِ الْإِحْجَاجِ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ حَتَّى لَوْ أَحَجَّ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ يَكُونُ مُرَاعَى فَإِنْ مَاتَ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ تَعَافَى بَطَلَ وَكَذَا لَوْ أَحَجَّ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ مَحْبُوسٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِنْ أَحَجَّ الرَّجُلُ الصَّحِيحُ عَنْ نَفْسِهِ رَجُلًا ثُمَّ عَجَزَ لَمْ تُجْزِئْهُ الْحَجَّةُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنَّمَا شَرَطَ عَجْزَ الْمَنُوبِ لِلْحَجِّ الْفَرْضِ لَا لِلنَّفْلِ، كَذَا فِي الْكَنْزِ فَفِي الْحَجِّ النَّفْلِ تَجُوزُ النِّيَابَةُ حَالَةَ الْقُدْرَةِ؛ لِأَنَّ بَابَ النَّفْلِ أَوْسَعُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ (وَمِنْهَا) الْأَمْرُ بِالْحَجِّ فَلَا يَجُوزُ حَجُّ الْغَيْرِ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إلَّا الْوَارِثُ يَحُجُّ عَنْ مُوَرِّثِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ (وَمِنْهَا) نِيَّةُ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ بِلِسَانِهِ: لَبَّيْكَ عَنْ فُلَانٍ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ حَجُّ الْمَأْمُورِ بِمَالِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ فَإِنْ تَطَوَّعَ الْحَاجُّ عَنْهُ بِمَالِ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ عَنْهُ حَتَّى يَحُجَّ بِمَالِهِ وَكَذَا إذَا أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ بِمَالِهِ وَمَاتَ فَتَطَوَّعَ عَنْهُ وَارِثُهُ بِمَالِ نَفْسِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا لِلْحَجِّ عَنْ مَيِّتٍ فَأَنْفَقَ الْمَأْمُورُ شَيْئًا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ فِي مَالِهِ وَفَاءٌ بِالنَّفَقَةِ؛ لَا يَصِيرُ مُخَالِفًا وَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ اسْتِحْسَانًا وَلَا يَرْجِعُ قِيَاسًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَفَاءٌ بِالنَّفَقَةِ فَأَنْفَقَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ؛ يُنْظَرُ إنْ كَانَ أَكْثَرُ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ؛ جَازَ وَوَقَعَ الْحَجُّ عَنْ الْمَيِّتِ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَحُجَّ رَاكِبًا حَتَّى لَوْ أَمَرَهُ بِالْحَجِّ فَحَجَّ مَاشِيًا يَضْمَنُ النَّفَقَةَ وَيَحُجُّ عَنْهُ رَاكِبًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ ثُمَّ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّ أَصْلَ الْحَجِّ يَقَعُ عَنْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ عَنْ الْمَأْمُورِ وَهُوَ الْحَاجُّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْأَفْضَلُ لِلْإِنْسَانِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُحِجَّ رَجُلًا عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يُحِجَّ رَجُلًا قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ، وَمَعَ هَذَا لَوْ أَحَجَّ رَجُلًا لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ يَجُوزُ عِنْدَنَا وَسَقَطَ الْحَجُّ عَنْ الْآمِرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْكَرْمَانِيِّ الْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِطَرِيقِ الْحَجِّ وَأَفْعَالِهِ، وَيَكُونَ حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَلَوْ أَحَجَّ عَنْهُ امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا أَوْ أَمَةً بِإِذْنِ السَّيِّدِ جَازَ وَيُكْرَهُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا أَمَرَهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ حَجَّةً فَأَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَاحِدَةٍ عَنْهُمَا جَمِيعًا فَهَذِهِ الْحَجَّةُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَقَعُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَضْمَنُ النَّفَقَةَ وَلَا يُمْكِنُهُ بَعْدَ ذَلِكَ جَعْلُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا حَجَّ عَنْ أَبَوَيْهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِذَا أَبْهَمَ الْإِحْرَامَ فَجَعَلَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُعَيِّنْ فَإِنْ مَضَى عَلَى ذَلِكَ الْإِبْهَامِ صَارَ مُخَالِفًا وَإِنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْمُضِيِّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ مُخَالِفٌ وَيَقَعُ الْحَجُّ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقَعُ عَمَّنْ عَيَّنَهُ وَهَذَا

الباب الخامس عشر في الوصية بالحج

بِخِلَافِ مَا إذَا أَبْهَمَ الْإِحْرَامَ فَلَمْ يُعَيِّنْ حَجَّةً أَوْ عُمْرَةً فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَا شَاءَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ وَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ مُعَيَّنًا وَمُبْهَمًا قَالَ فِي الْكَافِي: لَا نَصَّ فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ التَّعْيِينُ هُنَا إجْمَاعًا لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا أَمَرَ غَيْرَهُ بِالْإِفْرَادِ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ فَقَرَنَ فَهُوَ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: يُجْزِئُ عَنْ الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَرَنَ عَنْ الْآمِرِ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ شَخْصٍ آخَرَ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ؛ فَهُوَ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْحَجِّ فَاعْتَمَرَ ثُمَّ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ فَهُوَ مُخَالِفٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْعُمْرَةِ فَاعْتَمَرَ أَوَّلًا ثُمَّ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ؛ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا وَإِنْ كَانَ حَجَّ أَوَّلًا ثُمَّ اعْتَمَرَ فَهُوَ مُخَالِفٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَمَرَهُ أَحَدُهُمَا بِالْحَجِّ وَالْآخَرُ بِالْعُمْرَةِ وَلَمْ يَأْمُرَاهُ بِالْجَمْعِ فَجَمَعَ يَرُدُّ مَا لَهُمَا وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْجَمْعِ جَازَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ يُنْفِقُ مِنْ مَالِ الْآمِرِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَلَوْ أَحَجَّ رَجُلًا يُؤَدِّي الْحَجَّ وَيُقِيمُ بِمَكَّةَ جَازَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَحُجَّ وَيَرْجِعَ وَإِذَا فَرَغَ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ مِنْ الْحَجِّ وَنَوَى الْإِقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَاعِدًا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ يَضْمَنُ فَإِنْ أَقَامَ بِهَا أَيَّامًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّهُ إنْ أَقَامَ إقَامَةً مُعْتَادَةً مِقْدَارَ مَا يُقِيمُ النَّاسُ بِهَا عَادَةً؛ فَالنَّفَقَةُ فِي مَالِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ، وَإِنْ أَقَامَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَالنَّفَقَةُ فِي مَالِهِ وَهَذَا كَانَ فِي زَمَانِهِمْ فَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يُمْكِنُ الْخُرُوجُ لِلْأَفْرَادِ وَالْآحَادِ وَلَا لِجَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ مِنْ مَكَّةَ إلَّا مَعَ الْقَافِلَةِ فَمَا دَامَ مُنْتَظِرًا خُرُوجَ الْقَافِلَةِ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ وَكَذَا فِي إقَامَتِهِ بِبَغْدَادَ وَالتَّعْوِيلِ فِي الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ عَلَى ذَهَابِ الْقَافِلَةِ وَإِيَابِهِمْ فَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَاعِدًا حَتَّى سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِ الْآمِرِ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ تَعُودُ نَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْآمِرِ؟ . ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَعُودُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَعُودُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ اتَّخَذَ مَكَّةَ دَارًا، وَإِنْ اتَّخَذَ مَكَّةَ دَارًا ثُمَّ عَادَ لَا تَعُودُ النَّفَقَةُ فِي مَالِ الْآمِرِ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ خَرَجَ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَيَّامِ الْحَجِّ يَنْبَغِي أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ إلَى بَغْدَادَ أَوْ إلَى الْكُوفَةِ ثُمَّ يُقِيمَ بِهَا وَيُنْفِقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَتَّى جَاءَ أَوَانُ الْحَجِّ ثُمَّ يَرْتَحِلَ وَيُنْفِقَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ السَّبَبُ وَهُوَ الْإِنْفَاقُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ أَنَّ الْحَاجَّ عَنْ الْغَيْرِ تَشَاغَلَ بِحَوَائِجِ نَفْسِهِ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ؛ ضَمِنَ الْمَالَ فَإِنَّ حَجَّ بِمَالِ نَفْسِهِ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ الْبَعِيرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَضْمَنُ النَّفَقَةَ الْمَاضِيَةَ وَنَفَقَتُهُ فِي رُجُوعِهِ فِي مَالِهِ خَاصَّةً، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ إذَا أَخَذَ طَرِيقًا آخَرَ أَبْعَدَ وَأَكْثَرَ نَفَقَةً فَإِنْ كَانَ الْحَاجُّ يَسْلُكُهُ فَلَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ] (الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ) مَنْ عَلَيْهِ الْحَجُّ إذَا مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهِ فَإِنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ يَأْثَمُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ أَحَبَّ الْوَارِثُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ حَجّ وَأَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا ذَكَرَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ مَاتَ عَنْ وَصِيَّةٍ لَا يَسْقُطُ الْحَجُّ عَنْهُ وَإِذَا حَجَّ عَنْهُ يَجُوزُ عِنْدَنَا بِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الْجَوَازِ وَهِيَ نِيَّةُ الْحَجِّ وَأَنْ يَكُونَ الْحَجُّ بِمَالِ الْمُوصِي أَوْ بِأَكْثَرِهِ لَا تَطَوُّعًا وَأَنْ يَكُونَ رَاكِبًا لَا مَاشِيًا وَيَحُجُّ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ سَوَاءٌ قَيَّدَ الْوَصِيَّةَ بِالثُّلُثِ بِأَنْ أَوْصَى أَنْ

يَحُجَّ عَنْهُ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ أَطْلَقَ بِأَنْ أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَكَانًا يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ وَطَنِهِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا، وَهَذَا إذَا كَانَ ثُلُثُ مَالِهِ يَكْفِي لِلْحَجِّ مِنْ وَطَنِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَكْفِي لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ يُمْكِنُ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ بِثُلُثِ مَالِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَطَنٌ فَإِنَّهُ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِذَا كَانَ لَهُ أَوْطَانٌ شَتَّى؛ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ أَقْرَبِ أَوْطَانِهِ إلَى مَكَّةَ بِلَا خِلَافٍ لَا مِنْ أَبْعَدِ أَوْطَانِهِ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مِنْ مَوْضِعِ، كَذَا مِنْ غَيْرِ بَلَدِهِ؛ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي بَيَّنَ، قَرُبَ مِنْ مَكَّةَ أَوْ بَعُدَ عَنْهَا وَمَا فَضَلَ فِي يَدِ الْحَاجِّ عَنْ الْمَيِّتِ بَعْدَ النَّفَقَةِ فِي ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَى الْوَرَثَةِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِمَّا فَضَلَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ أَحَجَّ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَطَنِهِ مَعَ إمْكَانِ الْإِحْجَاجِ مِنْ وَطَنِهِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَكُونُ ضَامِنًا وَيَكُونُ الْحَجُّ لَهُ وَيَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ ثَانِيًا إلَّا إذَا كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي أَحَجَّ مِنْهُ قَرِيبًا إلَى وَطَنِهِ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ إلَيْهِ وَيَرْجِعُ إلَى وَطَنِهِ قَبْلَ اللَّيْلِ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَلَوْ أَحَجَّ عَنْهُ مِنْ مَوْضِعٍ وَفَضَلَ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ يَبْلُغُ أَبْعَدَ مِنْهُ؛ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَكُونُ ضَامِنًا وَيَحُجُّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ إلَّا إذَا كَانَ الْفَضْلُ يَسِيرًا مِنْ زَادٍ وَكِسْوَةٍ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا وَيَرُدُّ الْفَضْلَ عَلَى الْوَرَثَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فَإِنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ إلَى بَلَدٍ أَقْرَبَ مِنْ مَكَّةَ فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ الْحَجِّ حَجَّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ خَرَجَ لِلْحَجِّ فَمَاتَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ وَأَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَحُجُّ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الزَّادِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَإِذَا خَرَجَ لِلْحَجِّ وَأَقَامَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ حَتَّى تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ فَمَاتَ بِهِ وَأَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَإِذَا أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَمَاتَ الْحَاجُّ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ مَنْزِلِهِ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي التَّبْيِينِ هَذَا إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَكْفِي لِلْحَجِّ مِنْ مَنْزِلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكْفِ حَجَّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ أَوْصَى بِحَجٍّ فَأَحَجَّ الْوَصِيُّ عَنْهُ رَجُلًا وَهَلَكَتْ النَّفَقَةُ أَوْ سُرِقَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي يَدِ الْوَصِيِّ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحُجُّ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَهَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ أَوْصَى بِحِجَجٍ وَمَالُهُ يَكْفِي لِحَجَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يَكْفِي لِلثَّانِيَةِ؛ يَحُجُّ عَنْهُ وَاحِدَةً وَتُرَدُّ الزِّيَادَةُ إلَى الْوَرَثَةِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. إذَا أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَثُلُثُهُ يَبْلُغُ حِجَجًا فَإِنْ قَالَ: أَحِجُّوا عَنِّي بِثُلُثِ مَالِي حَجَّةً وَاحِدَةً أَوْ قَالَ: حَجَّةً، وَلَمْ يَقُلْ وَاحِدَةً يَحُجُّ عَنْهُ حَجَّةً وَاحِدَةً، وَإِنْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي بِثُلُثِ مَالِي لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا؛ يَحُجُّ عَنْهُ حِجَجًا إلَى أَنْ لَا يَبْقَى مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ شَيْءٌ وَالْوَصِيُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَحَجَّ عَنْهُ حِجَجًا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ شَاءَ أَحَجَّ رَجُلًا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ، فَإِنْ أَحَجَّ الْوَصِيُّ بِالثُّلُثِ حِجَجًا وَبَقِيَ شَيْءٌ قَلِيلٌ لَا يَفِي لِلْحَجِّ مِنْ وَطَنِهِ وَيَفِي لِلْحَجِّ مِنْ أَقْرَبِ الْمَوَاقِيتِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يَأْتِي بِذَلِكَ وَلَا يَرُدُّ الْبَاقِيَ عَلَى الْوَرَثَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِثُلُثِ مَالِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ حَجَّةً لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْأَصْلِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَالثَّانِي هَكَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَلَوْ قَالَ الْمَيِّتُ لِلْوَصِيِّ: ادْفَعْ الْمَالَ إلَى مَنْ يَحُجُّ عَنِّي؛ لَمْ يَكُنْ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَلَمْ يَزِدْ كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ وَارِثَ الْمَيِّتِ أَوْ دَفَعَ الْمَالَ إلَى وَارِثِ الْمَيِّتِ لِيَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ وَهُمْ كِبَارٌ؛ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا؛ لَا يَجُوزُ وَإِذَا أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِمَالِهِ فَتَبَرَّعَ عَنْهُ

الْوَارِثُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ لَا يَجُوزُ. وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَإِنْ أَحَجَّ الْوَارِثُ رَجُلًا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ فِي مَالِ الْمَيِّتِ جَازَ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَكَذَا الزَّكَاةُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ؛ لَا يَجُوزُ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَأَحَجَّ الْوَارِثُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ؛ جَازَ لِلْمَيِّتِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ لِلْحَاجِّ بِمَا فَضَلَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الرُّجُوعِ تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ لَهُ وَيَحِلُّ لَهُ الْفَضْلُ بِالْوَصِيَّةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ وَلَوْ كَانَتْ الْمِائَةُ لَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَحُجُّ عَنْهُ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَالِهِ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ وَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِهَذِهِ الْمِائَةِ بِعَيْنِهَا وَقَدْ هَلَكَ مِنْهَا دِرْهَمٌ أَوْ أَكْثَرُ فَإِنَّهُ يَحُجُّ عَنْهُ بِالْبَاقِي وَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ وَأَوْصَى بِأَلْفٍ لِلْمَسَاكِينِ وَأَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَثُلُثُهُ يَبْلُغُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ يُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى حِصَّةِ الْمَسَاكِينِ فَيُضَافُ إلَى حَجَّتِهِ حَتَّى يَكْمُلَ فَمَا فَضَلَ فَهُوَ لِلْمَسَاكِينِ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَذَلِكَ النَّقْدُ لَا يَرُوجُ فِي الْحَجِّ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَرُوجُ فِي الْحَجِّ وَإِنْ شَاءَ يَدْفَعُ الدَّنَانِيرَ بِقِيمَتِهَا لَوْ أَمَرَ الْوَصِيُّ رَجُلًا أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَأَعْطَاهُ النَّفَقَةَ فَلَمْ يَحُجَّ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ وَحَجَّ مِنْ قَابِلٍ جَازَ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا يَضْمَنُ النَّفَقَةَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ الْحَاجُّ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا مَاتَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَهُ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ وَرَجَعَ قَبْلَ طَوَافِ الزِّيَادَةِ فَهُوَ حَرَامٌ عَنْ النِّسَاءِ فَيَرْجِعُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ بِنَفَقَتِهِ وَيَقْضِي مَا بَقِيَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ الْمَأْمُورِ بِالْحَجِّ وَإِنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ بِجِمَاعٍ قَبْلَ الْوُقُوفِ؛ رَدَّ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ وَضَمِنَ مَا أَنْفَقَ فِي الطَّرِيقِ وَيَقْضِي الْحَاجُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَجَّةً وَعُمْرَةً، وَأَمَّا إذَا جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ لَا، يَفْسُدُ حَجُّهُ وَلَا يَضْمَنُ النَّفَقَةَ وَعَلَيْهِ الدَّمُ فِي مَالِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فُلَانٌ فَمَاتَ فُلَانٌ فَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحُجُّ عَنْهُ غَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ: لَا يَحُجُّ إلَّا فُلَانٌ أَوْ لَا يَحُجُّ غَيْرُهُ وَلَوْ مَرِضَ الْمَأْمُورُ فِي الطَّرِيقِ فَدَفَعَ النَّفَقَةَ إلَى غَيْرِهِ لِيَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي أَنْ يَحُجَّ غَيْرُهُ إذَا مَرِضَ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فِي فَصْلِ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ الْحَاجُّ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا مَرِضَ وَأَنْفَقَ الْمَالَ كُلَّهُ فَلَيْسَ عَلَى الْوَصِيِّ أَنْ يَبْعَثَ بِالنَّفَقَةِ إلَيْهِ لِيَرْجِعَ إذَا قَالَ الْوَصِيُّ لِلْحَاجِّ: إنْ فَنِيَ الْمَالُ فَاسْتَقْرِضْ وَعَلَيَّ قَضَاءُ الدَّيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ دُونَهُ فَضَاعَ الْمَالُ فَأَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَتَّى قَضَى الْمَنَاسِكَ وَرَجَعَ إلَى أَهْلِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْوَصِيِّ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي فِي نَفَقَتِهِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَلَوْ ضَاعَ مَالُ النَّفَقَةِ بِمَكَّةَ أَوْ بِقُرْبٍ مِنْهَا أَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ مَالِ النَّفَقَةِ فَأَنْفَقَ الْمَأْمُورُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ خَادِمًا لِيَخْدُمَهُ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَخْدُمُ نَفْسَهُ؛ فَهُوَ فِي مَالِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَخْدُمُ نَفْسَهُ؛ فَهُوَ فِي مَالِ الْمَيِّتِ. وَلِلْمَأْمُورِ بِالْحَجِّ أَنْ يَدْخُلَ الْحَمَّامَ وَيُعْطِيَ أَجْرَ الْحَارِسِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ. الْوَصِيُّ إذَا دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ لِيَحُجَّ بِهَا عَنْ الْمَيِّتِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَالَ مِنْهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُحْرِمْ فَإِذَا اسْتَرَدَّ وَطَلَبَ الْمَأْمُورُ نَفَقَةَ الرُّجُوعِ إلَى بَلَدِهِ يُنْظَرُ إنْ اسْتَرَدَّ الْمَالَ لِخِيَانَةٍ ظَهَرَتْ مِنْهُ؛ فَالنَّفَقَةُ فِي مَالِهِ خَاصَّةً، وَإِنْ اسْتَرَدَّ لِضَعْفِ رَأْيِهِ أَوْ لِجَهْلِهِ بِأُمُورِ الْمَنَاسِكِ؛ فَالنَّفَقَةُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ اسْتَرَدَّ لَا لِخِيَانَةٍ، وَلَا تُهْمَةٍ؛ فَالنَّفَقَةُ فِي مَالِ الْوَصِيِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ حَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ ثُمَّ اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ لَا يَضْمَنُ النَّفَقَةَ وَمَا دَامَ مَشْغُولًا بِالْعُمْرَةِ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ نَفْسِهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.

الباب السادس عشر في الهدي

[الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْهَدْيِ] ِ) وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أُمُورٍ: (الْأَوَّلُ) مَعْرِفَةُ الْهَدْيِ وَهُوَ مَا يُهْدَى مِنْ النَّعَمِ إلَى الْحَرَمِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَكُونُ هَدْيًا بِجَعْلِهِ هَدْيًا صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً وَهِيَ إمَّا بِالنِّيَّةِ أَوْ بِسَوْقِ بَدَنَةٍ إلَى مَكَّةَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَهُوَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَعِنْدَنَا الْأَفْضَلُ الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الْغَنَمُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالْبُدْنُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ خَاصَّةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ (وَالثَّانِي) مَا يَجُوزُ فِيهِ وَمَا لَا يَجُوزُ. لَا يَجُوزُ فِي الْهَدَايَا إلَّا مَا جَازَ فِي الضَّحَايَا وَالشَّاةُ جَائِزَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ: مَنْ طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ جُنُبًا وَمَنْ جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ (وَالثَّالِثُ) مَا يُسَنُّ وَمَا يُكْرَهُ تَقْلِيدُ الْهَدْيِ مَسْنُونٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ يُقَلِّدُ هَدْيَ التَّطَوُّعِ وَالْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ وَكَذَا الْهَدْيُ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالنَّذْرِ وَلَا يُقَلِّدُ دَمَ الْإِحْصَارِ وَلَا دَمَ الْجِنَايَاتِ فَلَوْ قَلَّدَ دَمَ الْإِحْصَارِ وَدَمَ الْجِنَايَاتِ؛ جَازَ وَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا يُسَنُّ تَقْلِيدُ الشَّاةِ عِنْدَنَا هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ (وَالرَّابِعُ) مَا يُفْعَلُ بِالْهَدْيِ وَمَا لَا يُفْعَلُ وَلَا يُرْكَبُ الْهَدْيُ إلَّا فِي حَالِ ضَرُورَةٍ وَكَذَا الْحَمْلُ؛ لِأَنَّ تَعْظِيمَ الْهَدْيِ وَاجِبٌ، وَفِي الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ اسْتِذْلَالُهُ وَابْتِذَالُهُ فَيُنَافِي التَّعْظِيمَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ رَكِبَهَا أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا فَنَقَصَتْ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا نَقَصَ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ لَمْ يَحْلِبْهَا، وَيَنْضَحُ ضَرْعَهَا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ حَتَّى يَنْقَطِعَ لَبَنُهَا إنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ وَقْتِ الذَّبْحِ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْهُ وَيَضُرُّ ذَلِكَ بِالْبَدَنَةِ يَحْلُبُهَا وَيَتَصَدَّقُ بِلَبَنِهَا وَإِنْ صَرَفَهُ إلَى حَاجَتِهِ تَصَدَّقَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا إذَا صَرَفَهُ إلَى غَنِيٍّ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ إنْ وَلَدَتْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ ذَبَحَهُ مَعَهَا وَإِنْ بَاعَهُ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْوَلَدَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَإِنْ اشْتَرَى بِهَا هَدْيًا فَحَسَنٌ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَمَنْ سَاقَ هَدْيًا فَعَطِبَ فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا؛ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا؛ أَقَامَ غَيْرَهُ مَقَامَهُ وَإِنْ أَصَابَهُ عَيْبٌ كَثِيرٌ يُقِيمُ غَيْرَهُ مَقَامَهُ وَصَنَعَ بِالْمَعِيبِ مَا شَاءَ، كَذَا فِي الْكَافِي. هَذَا إذَا كَانَ مُوسِرًا أَمَّا إذَا كَانَ مُعْسِرًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ الْمَعِيبُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِذَا عَطِبَتْ الْبَدَنَةُ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا؛ نَحَرَهَا وَصَبَغَ نَعْلَهَا بِدَمِهَا وَضَرَبَ صَفْحَةَ سَنَامِهَا وَلَمْ يَأْكُلْ هُوَ مِنْهَا شَيْئًا وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ. بَلْ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يُتْرَكَ جَزْرًا لِلسِّبَاعِ، وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً أَقَامَ غَيْرَهَا مَقَامَهَا وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ، كَذَا فِي الْكَافِي إذَا بَلَغَ هَدْيُ التَّطَوُّعِ الْحَرَمَ وَعَطِبَ فِيهِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَإِنْ كَانَ قَدْ تَمَكَّنَ فِيهَا نُقْصَانٌ يَمْنَعُ أَدَاءَ الْوَاجِبِ؛ ذَبَحَهُ وَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهِ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ الْمُتَمَكِّنُ يَسِيرًا بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُ أَدَاءَ الْوَاجِبِ ذَبَحَهُ وَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهِ وَأَكَلَ وَهَذَا بِخِلَافِ هَدْيِ الْمُتْعَةِ، أَنَّهُ لَوْ عَطِبَ فِي الْحَرَمِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَذَبَحَهُ لَا يُجْزِئُهُ، وَإِذَا سَرَقَ هَدْيَ رَجُلٍ فَاشْتَرَى مَكَانَهُ أُخْرَى فَقَلَّدَهَا وَوَجَّهَهَا ثُمَّ وَجَدَ الْأَوَّلَ فَإِنْ نَحَرَهُمَا فَهُوَ أَفْضَلُ وَإِنْ نَحَرَ الْأَوَّلَ وَبَاعَ الْآخَرَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ نَحَرَ الْآخَرَ وَبَاعَ الْأَوَّلَ فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْآخَرِ مِثْلَ قِيمَةِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ يَتَصَدَّقُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَجُوزُ ذَبْحُ دَمِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فِي الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَذَبْحُهُ يَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَجُوزُ ذَبْحُ هَدْيِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ إلَّا فِي يَوْمِ النَّحْرِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ حَتَّى لَوْ ذَبَحَ قَبْلَهُ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا وَبَعْدَهُ كَانَ تَارِكًا لِلْوَاجِبِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَيَلْزَمُهُ دَمٌ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيَجُوزُ ذَبْحُ بَقِيَّةِ الْهَدَايَا فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَلَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْهَدَايَا إلَّا فِي الْحَرَمِ، كَذَا فِي

الباب السابع عشر في النذر بالحج

الْهِدَايَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَغَيْرِهِمْ إلَّا أَنَّ مَسَاكِينَ الْحَرَمِ أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُمْ أَحْوَجَ مِنْهُمْ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. كُلُّ دَمٍ يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهِ بَعْدَ الذَّبْحِ بَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ وَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهِ فَلَوْ هَلَكَ بَعْدَ الذَّبْحِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْكُلِّ وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ بَعْدَ الذَّبْحِ إنْ كَانَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ بِهِ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ بِهِ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ أَكْلُهُ أَوْ لَا يَجُوزُ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَتُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيُسْتَحَبُّ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ إذَا بَلَغَ الْحَرَمَ وَمِنْ هَدْيِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ الْغَنِيَّ وَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ بَقِيَّةِ الْهَدَايَا كَدِمَاءِ الْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ وَهَدْيِ الْإِحْصَارِ وَالتَّطَوُّعِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ مَحِلَّهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا يَجِبُ تَعْرِيفُ الْهَدْيِ وَهُوَ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إلَى عَرَفَاتٍ وَلَوْ عَرَّفَ بِهَدْيِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ فَحَسَنٌ وَالْأَفْضَلُ فِي الْجَزُورِ النَّحْرُ وَفِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ الذَّبْحُ، وَيَنْحَرُ الْإِبِلَ قِيَامًا وَلَهُ أَنْ يُضْجِعَهَا وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ وَلَا يَذْبَحُ الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ قَائِمَيْنِ وَيُضْجِعُهُمَا، وَاسْتَحَبَّ الْجُمْهُورُ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَوَلَّى ذَبْحَهَا بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ يُحْسِنُ ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَتَصَدَّقُ بِجِلَالِهَا وَخِطَامِهَا، وَلَمْ يُعْطِ أُجْرَةَ الْجَزَّارِ مِنْهُ، كَذَا فِي الْكَنْزِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الْجَزَّارِ مِنْهَا سِوَى أُجْرَتِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَإِنْ أَعْطَاهُ شَيْئًا مِنْهَا لِجِزَارَتِهِ ضَمِنَهُ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ. (وَالْخَامِسُ) النَّذْرُ بِالْهَدْيِ إنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا يَنْصَرِفُ إلَى الشَّاةِ عِنْدَنَا وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ بَدَنَةٌ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا مِنْ النَّوْعَيْنِ؛ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَيَّ النَّوْعَيْنِ شَاءَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْبَدَنَةُ إذَا أَوْجَبَهَا بِالنَّذْرِ فَإِنَّهُ يَنْحَرُهَا حَيْثُ شَاءَ إلَّا إذَا نَوَى أَنْ يَنْحَرَ بِمَكَّةَ فَلَا يَجُوزُ نَحْرُهَا إلَّا بِمَكَّةَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَرَى أَنْ يَنْحَرَ الْبُدْنَ بِمَكَّةَ، وَلَوْ أَوْجَبَ جَزُورًا؛ فَهُوَ مِنْ الْإِبِلِ خَاصَّةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ نَذَرَ هَدْيًا يَخْتَصُّ ذَبْحُهُ بِالْحَرَمِ اتِّفَاقًا وَلَوْ نَذَرَ جَزُورًا يَجُوزُ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ شَاةً فَأَهْدَى جَزُورًا جَازَ، وَإِذَا أَدَّى مِثْلَ مَا عَيَّنَهُ فِي نَذْرِهِ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ أَوْ أَهْدَى قِيمَتَهُ أَجْزَأَهُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ [الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي النَّذْرِ بِالْحَجِّ] (الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي النَّذْرِ بِالْحَجِّ) الْحَجُّ كَمَا هُوَ وَاجِبٌ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى ابْتِدَاءً عَلَى مَنْ اسْتَجْمَعَ شَرَائِطَ الْوُجُوبِ وَهُوَ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَقَدْ يَجِبُ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ سَبَبِ الْوُجُوبِ مِنْ الْعَبْدِ وَهُوَ بِأَنْ يَقُولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ حَجَّةٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ حَجَّةٌ سَوَاءٌ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ، بِأَنْ قَالَ إنْ فَعَلْت، كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَحُجَّ حَتَّى يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَلَا يَخْرُجُ بِالْكَفَّارَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا عَلَّقَ الْحَجَّ بِشَرْطٍ ثُمَّ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ آخَرَ وَوُجِدَ الشَّرْطَانِ؛ يَكْفِيهِ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ إذَا قَالَ فِي الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ: فَعَلَيَّ ذَلِكَ الْحَجُّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ إحْرَامٌ أَوْ قَالَ: عَلَيَّ إحْرَامُ حَجٍّ؛ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ، وَكَذَا إذَا قَالَ لَفْظًا يَدُلُّ عَلَى الْتِزَامِ الْإِحْرَامِ بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَإِلَى الْكَعْبَةِ أَوْ إلَى مَكَّةَ جَازَ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ عَيَّنَ حَجَّةً أَوْ عُمْرَةً كَانَ عَلَيْهِ أَنْ

يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ مَاشِيًا ثُمَّ إذَا حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ مَاشِيًا مَتَى يَبْدَأُ بِالْمَشْيِ وَمَتَى يَتْرُكُ الْمَشْيَ؟ . فَفِي الْحَجِّ يَتْرُكُ الْمَشْيَ مَتَى طَافَ لِلزِّيَارَةِ وَفِي الْعُمْرَةِ مَتَى طَافَ وَسَعَى وَفِي الْبُدَاءَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالُوا يَمْشِي مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَمْشِي حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَلَوْ رَكِبَ أَرَاقَ دَمًا وَكَذَا إذَا رَكِبَ فِي أَكْثَرِهِ وَإِنْ رَكِبَ الْأَقَلَّ يَجِبُ عَلَيْهِ بِحِسَابِهِ مِنْ الدَّمِ وَفِي الْأَصْلِ خَيَّرَهُ بَيْنَ الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ قَالُوا: وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْحَرَمِ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ لَمْ يَصِحَّ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ وَتَلْزَمُهُ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ، وَلَوْ قَالَ: إلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لَا يَصِحُّ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ الذَّهَابُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ الْخُرُوجُ أَوْ السَّفَرُ أَوْ الْإِتْيَانُ لَا يَصِحُّ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الشَّاةُ هَدْيٌ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ أَوْ إلَى الْحَرَمِ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ إلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي قَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إلَى كَذَا وَكَذَا عَلَى الِاتِّفَاقِ وَالِاخْتِلَافِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ لِلَّهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ مَرَّتَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ حَجَّتَانِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّتَانِ وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ عَشْرُ حِجَجٍ فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ عَلَيْهِ عَشْرُ حِجَجٍ فِي عَشْرِ سِنِينَ وَكَذَا لَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مِائَةَ حَجَّةٍ لَزِمَتْهُ، وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ نِصْفُ حَجَّةٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَلْزَمُهُ حَجَّةٌ كَامِلَةٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ لَا أَطُوفُ فِيهَا طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَلَا أَقِفُ فِيهَا بِعَرَفَةَ تَلْزَمُهُ حَجَّةٌ كَامِلَةٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ حَجَّةً فَأَحَجَّ ثَلَاثِينَ نَفْسًا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ وَقْتُ الْحَجِّ؛ جَازَ الْكُلُّ، وَإِنْ جَاءَ وَقْتُ الْحَجِّ وَهُوَ حَيٌّ قَادِرٌ عَلَى الْحَجِّ؛ بَطَلَتْ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ وَعَلَى هَذَا كُلُّ سَنَةٍ تَجِيءُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ الْمَرِيضُ: إنْ عَافَانِي اللَّهُ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَعَلَيَّ حَجَّةٌ فَبَرَأَ لَزِمَتْهُ حَجَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ حَجَّةٌ لِلَّهِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِلَّهِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ بَرَأْتُ فَعَلَيَّ حَجَّةٌ فَبَرَأَ وَحَجَّ جَازَ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ نَوَى غَيْرَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (مَسَائِلُ شَتَّى) أَهْلُ عَرَفَةَ وَقَفُوا فِي يَوْمٍ وَشَهِدَ قَوْمٌ أَنَّهُمْ وَقَفُوا قَبْلَ يَوْمِ الْوُقُوفِ بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّهُمْ وَقَفُوا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؛ تُقْبَلُ، وَعَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ وَلَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُمْ وَقَفُوا بَعْدَ يَوْمِ الْوُقُوفِ بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّهُمْ وَقَفُوا يَوْمَ النَّحْرِ؛ لَا تُقْبَلُ وَتُجْزِئُهُمْ حَجَّتُهُمْ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَإِنْ شَهِدُوا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ فَإِنْ أَمْكَنَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ مَعَ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ نَهَارًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يَقِفُوا عَشِيَّةَ فَاتَهُمْ الْحَجُّ فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقِفَ مَعَهُمْ لَيْلًا لَا نَهَارًا فَكَذَلِكَ اسْتِحْسَانًا حَتَّى إذَا لَمْ يَقِفُوا فَاتَهُمْ الْحَجُّ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقِفَ لَيْلًا مَعَ أَكْثَرِهِمْ؛ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَقِفُوا مِنْ الْغَدِ اسْتِحْسَانًا وَالشُّهُودُ فِي هَذَا كَوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ حَتَّى لَوْ وَقَفُوا بِمَا رَأَوْا وَلَمْ يَقِفُوا مَعَ النَّاسِ؛ فَاتَهُمْ الْحَجُّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَحِلُّوا بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِمْ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ. الشُّهُودُ إذَا شَهِدُوا فِي زَمَانٍ يُمْكِنُهُمْ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ نَهَارًا تُقْبَلُ شَهَادَةُ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ وَإِذَا شَهِدُوا فِي زَمَانٍ لَا يُمْكِنُهُمْ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ نَهَارًا وَيَحْتَاجُونَ إلَى الْوُقُوفِ بِهَا لَيْلًا؛ لَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ يَتَحَوَّلُ بِشَهَادَتِهِمْ حَتَّى يُوقَفَ بِاللَّيْلِ مَكَانَ النَّهَارِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا الْأَمْرُ الظَّاهِرُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ لَفَاتَ الْحَجُّ عَلَى الْكُلِّ؛ لَا يَقْبَلُ الْإِمَامُ الشَّهَادَةَ وَإِنْ كَثُرَ الشُّهُودُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ لَفَاتَ الْحَجُّ عَلَى الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ إذَا أَحْرَمَتْ بِغَيْرِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَكَانَ مَعَهَا مَحْرَمٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ فَإِنَّهَا تَمْضِي عَلَى ذَلِكَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي بَابِ الْفِدْيَةِ وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَأَذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ فَأَحْرَمَتْ

بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ؛ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا وَإِنْ أَحْرَمَتْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي بِلَادٍ بَعِيدَةٍ وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَأَحْرَمَتْ فِي وَقْتِ خُرُوجِ أَهْلِ بِلَادِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا، وَإِنْ أَحْرَمَتْ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ يَسِيرَةٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلِزَوْجِهَا أَنْ يَمْنَعَهَا وَيُحَلِّلَهَا بِغَيْرِ هَدْيٍ وَلَا يَثْبُتُ التَّحْلِيلُ بِقَوْلِ الزَّوْجِ: حَلَّلْتُكِ، بَلْ يَفْعَلُ بِهَا أَدْنَى مَا هُوَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ مِنْ قَصِّ ظُفْرٍ أَوْ تَقْصِيرِ شَعْرٍ أَوْ تَطْبِيبِهَا بِطِيبٍ أَوْ تَقْبِيلِهَا أَوْ تَعَانُقِهَا فَتَحِلُّ بِذَلِكَ وَعَلَيْهَا هَدْيُ الْإِحْصَارِ وَقَضَاءُ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، فَإِذَا أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا بِالْإِحْرَامِ فِي عَامِهَا ذَلِكَ فَأَحْرَمَتْ وَنَوَتْ الْقَضَاءَ أَوْ لَمْ تَنْوِ يَكُونُ قَضَاءً وَسَقَطَتْ عَنْهَا تِلْكَ الْحَجَّةُ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا عُمْرَةٌ وَيَجِبُ عَلَيْهَا دَمٌ لِرَفْضِ الْأَوَّلِ وَإِنْ تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ فَلَا إلَّا بِنِيَّةٍ وَعَلَيْهَا حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَدَمٌ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي بَابِ الْفِدْيَةِ. وَلَوْ أَحْرَمَتْ بِحَجِّ نَفْلٍ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يُحَلِّلَهَا عِنْدَنَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَتْ بِالْفَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا إنْ كَانَ لَهَا مَحْرَمٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا فَإِنَّ لَهُ مَنْعَهَا،، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ جَامَعَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ الْمُحْرِمَةَ وَلَا يَعْلَمُ بِإِحْرَامِهَا لَمْ يَكُنْ تَحْلِيلًا وَفَسَدَ حَجُّهَا وَإِنْ عَلِمَهُ كَانَ تَحْلِيلًا وَلَوْ حَلَّلَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَأَنَّ لَهَا بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ كَانَ عَلَيْهَا عُمْرَةٌ مَعَ الْحَجِّ، وَلَوْ حَلَّلَهَا فَأَحْرَمَتْ فَحَلَّلَهَا فَأَحْرَمَتْ هَكَذَا مِرَارًا ثُمَّ حَجَّتْ مِنْ عَامِهَا؛ أَجْزَأَهَا عَنْ كُلِّ التَّحْلِيلَاتِ تِلْكَ الْحَجَّةُ الْوَاحِدَةُ وَلَوْ لَمْ تَحُجَّ بَعْدَ التَّحْلِيلَاتِ إلَّا مِنْ قَابِلٍ كَانَ عَلَيْهَا لِكُلِّ تَحْلِيلٍ عُمْرَةٌ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ إذَا أَحْرَمَا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُمَا وَيُحَلِّلَهُمَا بِغَيْرِ هَدْيٍ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَدْيُ الْإِحْصَارِ وَقَضَاءُ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَوْ أُحْصِرَ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ بَعْدَ مَا أَذِنَ السَّيِّدُ لَهُمَا كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَبْعَثَ عَنْهُ هَدْيًا فَيُذْبَحَ عَنْهُ فِي الْحَرَمِ فَيَحِلُّ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي بَابِ الْفِدْيَةِ وَلَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهُمَا مَعَ الْكَرَاهَةِ وَإِذَا أَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يُحِلَّ عَبْدَهُ صَنَعَ بِهِ أَدْنَى مَا يَحْظُرُهُ الْإِحْرَامُ مِنْ قَصِّ الظُّفْرِ أَوْ تَقْصِيرِ شَعْرٍ أَوْ تَطْيِيبِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ مُحَلِّلًا لَهُ بِالنَّهْيِ فَقَطْ وَلَا بِقَوْلِهِ: حَلَّلْتُكِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ ثُمَّ بَاعَهُمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْنَعَهُمَا وَيُحَلِّلَهُمَا عِنْدَنَا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي بَابِ الْفِدْيَةِ ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْحَجِّ وَلَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي، وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْحَجِّ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْأُجْرَةَ فَحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِقْدَارُ نَفَقَةِ الطَّرِيقِ فِي الذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ وَمَرْكُوبِهِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ نَفَقَةُ وَسَطٍ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ، فَمَا فَضَلَ فِي يَدِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ يَرُدُّ عَلَى الْوَرَثَةِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْفَضْلَ لِنَفْسِهِ إلَّا إذَا تَبَرَّعَ الْوَرَثَةُ بِتَرْكِ الْفَضْلِ لِلْحَاجِّ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ؛ حَلَّ لَهُ بِتَمْلِيكِ الْوَرَثَةِ إيَّاهُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجِّ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا رَجَعَ مِنْ الطَّرِيقِ وَقَالَ: مُنِعْتُ وَقَدْ أَنْفَقْتُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فِي الرُّجُوعِ لَمْ يُصَدَّقْ وَهُوَ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ النَّفَقَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرًا ظَاهِرًا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ مَقَالَتِهِ. الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ إذَا قَالَ: حَجَجْتُ عَنْ الْمَيِّتِ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ أَوْ الْوَصِيُّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ عَلَى الْمَأْمُورِ دَيْنٌ فَقَالَ: حِجَّ عَنِّي بِهَذَا الْمَالِ حَجَّةً فَحَجَّ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ حَجَّ بِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ حِجَارَةِ الْحَرَمِ وَتُرَابِهِ إلَى الْحِلِّ عِنْدَنَا وَكَذَا إدْخَالُ تُرَابِ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ وَأَجْمَعُوا عَلَى إبَاحَةِ إخْرَاجِ مَاءٍ زَمْزَمَ وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَمَا سَقَطَ مِنْهَا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُمْ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْمَسَاوِيكِ مِنْ أَرَاكِ الْحَرَمِ وَسَائِرِ شَجَرِهِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ طِيبِ الْكَعْبَةِ لَا لِلتَّبَرُّكِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَمَنْ أَخَذَ شَيْئًا

خاتمة في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

مِنْهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ إلَيْهَا فَإِنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ أَتَى بِطِيبٍ مِنْ عِنْدِهِ فَمَسَحَهُ بِهَا ثُمَّ أَخَذَهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ [خَاتِمَةٌ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (خَاتِمَةٌ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: إنَّهَا أَفْضَلُ الْمَنْدُوبَاتِ وَفِي مَنَاسِكِ الْفَارِسِيِّ وَشَرْحِ الْمُخْتَارِ أَنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنْ الْوُجُوبِ لِمَنْ لَهُ سَعَةٌ، وَالْحَجُّ إنْ كَانَ فَرْضًا فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ ثُمَّ يُثَنِّيَ بِالزِّيَارَةِ وَإِنْ كَانَ نَفْلًا كَانَ بِالْخِيَارِ، فَإِذَا نَوَى زِيَارَةَ الْقَبْرِ فَلْيَنْوِ مَعَهُ زِيَارَةَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ أَحَدُ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تُشَدُّ إلَيْهَا الرِّحَالُ وَفِي الْحَدِيثِ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا لِثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» إذَا تَوَجَّهَ إلَى الزِّيَارَةِ يُكْثِرُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُدَّةَ الطَّرِيقِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُصَلِّي فِي طَرِيقِهِ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَهِيَ عِشْرُونَ مَسْجِدًا ذَكَرَ ذَلِكَ الْكَرْمَانِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ فَإِذَا وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى أَشْجَارِ الْمَدِينَةِ زَادَ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ. كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَإِذَا عَايَنَ حِيطَانَ الْمَدِينَةِ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذَا حَرَمُ نَبِيِّكَ فَاجْعَلْهُ وِقَايَةً لِي مِنْ النَّارِ وَأَمَانًا مِنْ الْعَذَابِ وَسُوءِ الْحِسَابِ وَيَغْتَسِلُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ أَمْكَنَهُ وَيَتَطَيَّبُ وَيَلْبَسُ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَيَدْخُلُهَا مُتَوَاضِعًا عَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ النُّزُولِ بِقُرْبٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَالْمَشْيِ إلَى أَنْ يَدْخُلَهَا حَسَنٌ وَكُلُّ مَا كَانَ أَدْخَلَ فِي الْأَدَبِ وَالْإِجْلَالِ؛ كَانَ حَسَنًا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا دَخَلَ الْمَدِينَةَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَمَا أَظْلَلْنَ وَرَبَّ الْأَرَضِينَ وَمَا أَقْلَلْنَ وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا اللَّهُمَّ هَذَا حَرَمُ رَسُولِكَ فَاجْعَلْ دُخُولِي فِيهِ وِقَايَةً لِي مِنْ النَّارِ وَأَمَانًا مِنْ الْعَذَابِ وَسُوءِ الْحِسَابِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَعَلَ مَا هُوَ السُّنَّةُ فِي دُخُولِ الْمَسَاجِدِ مِنْ تَقْدِيمِ الْيُمْنَى، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي الْيَوْمَ مِنْ أَوْجَهِ مَنْ تَوَجَّهَ إلَيْكَ وَأَقْرَبِ مَنْ تَقَرَّبَ إلَيْكَ وَأَنْجَحِ مَنْ دَعَاكَ وَابْتَغَى مَرْضَاتِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَكُونُ دُخُولُهُ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ جِبْرِيلَ أَوْ غَيْرِهِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَيُصَلِّي عِنْدَ مِنْبَرِهِ رَكْعَتَيْنِ يَقِفُ بِحَيْثُ يَكُونُ عَمُودُ الْمِنْبَرِ بِحِذَاءِ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَهُوَ مَوْقِفُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهُوَ بَيْنَ قَبْرِهِ وَمِنْبَرِهِ ثُمَّ يَسْجُدُ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا وَفَّقَهُ وَيَدْعُو بِمَا يُحِبُّ ثُمَّ يَنْهَضُ فَيَتَوَجَّهُ إلَى قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَقِفُ عِنْدَ رَأْسِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ يَدْنُو مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ أَوْ أَرْبَعَةً وَلَا يَدْنُو مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَضَعُ يَدَهُ عَلَى جِدَارِ التُّرْبَةِ فَهُوَ أَهْيَبُ وَأَعْظَمُ لِلْحُرْمَةِ وَيَقِفُ كَمَا يَقِفُ فِي الصَّلَاةِ وَيُمَثِّلُ صُورَتَهُ الْكَرِيمَةَ الْبَهِيَّةَ كَأَنَّهُ نَائِمٌ فِي لَحْدِهِ عَالِمٌ بِهِ يَسْمَعُ كَلَامَهُ. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ ثُمَّ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ أَشْهَدُ أَنَّك رَسُولُ اللَّهِ قَدْ بَلَّغْتَ الرِّسَالَةَ وَأَدَّيْتَ الْأَمَانَةَ وَنَصَحْتَ الْأُمَّةَ وَجَاهَدْتَ فِي أَمْرِ اللَّهِ حَتَّى قَبَضَ رُوحَكَ حَمِيدًا مَحْمُودًا فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ صَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا خَيْرَ الْجَزَاءِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ وَأَزْكَاهَا وَأَتَمَّ التَّحِيَّةِ وَأَنْمَاهَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ نَبِيَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَقْرَبَ النَّبِيِّينَ وَاسْقِنَا مِنْ كَأْسِهِ وَارْزُقْنَا مِنْ شَفَاعَتِهِ وَاجْعَلْنَا مِنْ رُفَقَائِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ هَذَا آخِرَ الْعَهْدِ بِقَبْرِ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَارْزُقْنَا الْعَوْدَ إلَيْهِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي آخِرِ فَصْلِ تَعْلِيمِ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ وَلَا يَقْتَصِدُ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَيُبَلِّغُهُ سَلَامَ مَنْ

أَوْصَاهُ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ يَسْتَشْفِعُ بِكَ إلَى رَبِّكَ فَاشْفَعْ لَهُ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ يَقِفُ عِنْدَ وَجْهِهِ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ مَا شَاءَ وَيَتَحَوَّلُ قَدْرَ ذِرَاعٍ حَتَّى يُحَاذِيَ رَأْسَ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْغَارِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَفِيقَهُ فِي الْأَسْفَارِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَهُ عَلَى الْأَسْرَارِ جَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَزَى إمَامًا عَنْ أُمَّةِ نَبِيِّهِ وَلَقَدْ خَلَفْتَهُ بِأَحْسَنِ خَلَفٍ وَسَلَكْتَ طَرِيقَهُ وَمِنْهَاجَهُ خَيْرَ مَسْلَكٍ وَقَاتَلْتَ أَهْلَ الرِّدَّةِ وَالْبِدَعِ وَمَهَّدْتَ الْإِسْلَامَ وَوَصَلْتَ الْأَرْحَامَ وَلَمْ تَزَلْ قَائِلًا لِلْحَقِّ نَاصِرًا لِأَهْلِهِ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ وَالسَّلَامُ عَلَيْك وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. اللَّهُمَّ أَمِتْنَا عَلَى حُبِّهِ وَلَا تُخَيِّبْ سَعْيَنَا فِي زِيَارَتِهِ بِرَحْمَتِكَ يَا كَرِيمُ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ حَتَّى يُحَاذِيَ قَبْرَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُظْهِرَ الْإِسْلَامِ السَّلَامُ عَلَيْك يَا مُكَسِّرَ الْأَصْنَامِ جَزَاك اللَّهُ عَنَّا أَفْضَلَ الْجَزَاءِ وَرَضِيَ اللَّهُ عَمَّنْ اسْتَخْلَفَكَ فَقَدْ نَصَرْتَ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ حَيًّا وَمَيِّتًا فَكَفَلْتَ الْأَيْتَامَ وَوَصَلْتَ الْأَرْحَامَ وَقَوِيَ بِكَ الْإِسْلَامُ وَكُنْتَ لِلْمُسْلِمِينَ إمَامًا مَرْضِيًّا وَهَادِيًا مَهْدِيًّا جَمَعْتَ شَمْلَهُمْ وَأَغْنَيْتَ فَقِيرَهُمْ وَجَبَرْتَ كَسِيرَهُمْ فَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ قَدْرَ نِصْفِ ذِرَاعٍ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمَا يَا ضَجِيعَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَفِيقَيْهِ وَوَزِيرَيْهِ وَمُشِيرَيْهِ وَالْمُعَاوِنَيْنِ لَهُ عَلَى الْقِيَامِ فِي الدِّينِ وَالْقَائِمَيْنِ بَعْدَهُ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ جَزَاكُمَا اللَّهُ أَحْسَنَ جَزَاءٍ جِئْنَاكُمَا نَتَوَسَّلُ بِكُمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ لِيَشْفَعَ لَنَا وَيَسْأَلَ رَبَّنَا أَنْ يَتَقَبَّلَ سَعْيَنَا وَيُحْيِيَنَا عَلَى مِلَّتِهِ وَيُمِيتَنَا عَلَيْهَا وَيَحْشُرَنَا فِي زُمْرَتِهِ ثُمَّ يَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلِوَالِدِيهِ وَلِمَنْ أَوْصَاهُ بِالدُّعَاءِ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ يَقِفُ عِنْدَ رَأْسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالْأَوَّلِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ} [النساء: 64] الْآيَةُ. وَقَدْ جِئْنَاكَ سَامِعِينَ قَوْلَكَ طَائِعِينَ أَمْرَك مُسْتَشْفِعِينَ بِنَبِيِّكَ إلَيْكَ {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر: 10] الْآيَةُ {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً} [البقرة: 201] الْآيَةُ {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 180] إلَى آخِرِ السُّورَةِ وَيَزِيدُ فِي ذَلِكَ مَا شَاءَ وَيَنْقُصُ إنْ شَاءَ وَيَدْعُو بِمَا يَحْضُرُهُ مِنْ الدُّعَاءِ وَيُوَفَّقُ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ يَأْتِي أُسْطُوَانَةَ أَبِي لُبَابَةَ الَّتِي رَبَطَ نَفْسَهُ فِيهَا حَتَّى تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَهِيَ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَتُوبُ إلَى اللَّهِ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ ثُمَّ يَأْتِي الرَّوْضَةَ وَهِيَ كَالْحَوْضِ الْمُرَبَّعِ وَفِيهَا يُصَلِّي أَمَامَ الْمَوْضِعِ الْيَوْمَ فَيُصَلِّي فِيهَا مَا تَيَسَّرَ لَهُ وَيَدْعُو وَيُكْثِرُ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِغْفَارِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمِنْبَرَ فَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى الرُّمَّانَةِ الَّتِي كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيْهَا إذَا خَطَبَ لِتَنَالَهُ بَرَكَةُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَيَسْأَلُ اللَّهَ مَا شَاءَ وَيَتَعَوَّذُ بِرَحْمَتِهِ مِنْ سَخَطِهِ وَغَضَبِهِ ثُمَّ يَأْتِي الْأُسْطُوَانَةَ الْحَنَّانَةَ وَهِيَ الَّتِي فِيهَا بَقِيَّةُ الْجِذْعِ الَّذِي حَنَّ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تَرَكَهُ وَخَطَبَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ وَيَجْتَهِدُ أَنْ يُحْيِيَ لَيْلَهُ مُدَّةَ مُقَامِهِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللَّهِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَالْقَبْرِ وَبَيْنَهُمَا سِرًّا وَجَهْرًا، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَيُكْثِرُ الصَّلَاةَ بِالْمَدِينَةِ مَا دَامَ فِيهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي آخِرِ فَصْلِ تَعْلِيمِ أَعْمَالِ الْحَجِّ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ بَعْدَ زِيَارَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَى الْبَقِيعِ فَيَأْتِيَ الْمَشَاهِدَ وَالْمَزَارَاتِ خُصُوصًا قَبْرَ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيَزُورَ فِي الْبَقِيعِ قُبَّةَ الْعَبَّاسِ وَفِيهَا مَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَزَيْنُ الْعَابِدِينَ وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ وَابْنُهُ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ وَقُبَّةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ وَقُبَّةَ إبْرَاهِيمَ ابْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَمَاعَةً مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَمَّتِهِ صَفِيَّةُ وَكَثِيرًا مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَيُصَلِّي فِي مَسْجِدِ فَاطِمَةَ

كتاب النكاح وفيه أحد عشر بابا

- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - بِالْبَقِيعِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزُورَ شُهَدَاءَ أُحُدٍ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَيَقُولَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ وَيَقْرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَسُورَةَ الْإِخْلَاصِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ مَسْجِدَ قُبَاءَ يَوْمَ السَّبْتِ، كَذَا وَرَدَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَيَدْعُوَ: يَا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ وَيَا غَيَّاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ يَا مُفَرِّجَ كَرْبَ الْمَكْرُوبِينَ يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاكْشِفْ كَرْبِي وَحُزْنِي كَمَا كَشَفْتَ عَنْ رَسُولِكَ كَرْبَهُ وَحُزْنَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ يَا كَثِيرَ الْمَعْرُوفِ وَيَا دَائِمَ الْإِحْسَانِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ قَالُوا لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَوَاقِفِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ فَبِأَيِّ دُعَاءٍ دَعَا؛ جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ مُدَّةَ مُقَامِهِ بِالْمَدِينَةٍ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا بِمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى بَلَدِهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُوَدِّعَ الْمَسْجِدَ بِرَكْعَتَيْنِ وَيَدْعُوَ بِمَا أَحَبَّ وَيَأْتِيَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُعِيدَ السَّلَامَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [كِتَابُ النِّكَاحِ وَفِيهِ أَحَدَ عَشَرَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ النِّكَاحِ شَرْعًا وَصِفَتِهِ وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (كِتَابُ النِّكَاحِ) (وَفِيهِ أَحَدَ عَشَرَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ شَرْعًا وَصِفَتِهِ وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ) (أَمَّا تَفْسِيرُهُ) فَهُوَ عَقْدٌ يَرِدُ عَلَى مِلْكِ الْمُتْعَةِ قَصْدًا، كَذَا فِي الْكَنْزِ (وَأَمَّا صِفَتُهُ) فَهُوَ أَنَّهُ فِي حَالَةِ الِاعْتِدَالِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَحَالَةِ التَّوَقَانِ وَاجِبٌ وَحَالَةِ خَوْفِ الْجَوْرِ مَكْرُوهٌ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ (وَأَمَّا رُكْنُهُ) فَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، كَذَا فِي الْكَافِي وَالْإِيجَابُ مَا يُتَلَفَّظُ بِهِ أَوَّلًا مِنْ أَيِّ جَانِبٍ كَانَ وَالْقَبُولُ جَوَابُهُ هَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ (وَأَمَّا شُرُوطُهُ) فَمِنْهَا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ فِي الْعَاقِدِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ فَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْأَخِيرَانِ شَرْطَا النَّفَاذِ؛ فَإِنَّ نِكَاحَ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ يَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ (وَمِنْهَا) الْمَحَلُّ الْقَابِلُ وَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَحَلَّهَا الشَّرْعُ بِالنِّكَاحِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ (وَمِنْهَا) سَمَاعُ كُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ كَلَامَ صَاحِبِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ عَقَدَا النِّكَاحَ بِلَفْظٍ لَا يَفْهَمَانِ كَوْنَهُ نِكَاحًا يَنْعَقِدُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى (وَمِنْهَا) الشَّهَادَةُ قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ: إنَّهَا شَرْطُ جَوَازِ النِّكَاحِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَشُرِطَ فِي الشَّاهِدِ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ: الْحُرِّيَّةُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْإِسْلَامُ. فَلَا يَنْعَقِدُ بِحَضْرَةِ الْعَبِيدِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقِنِّ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَلَا بِحَضْرَةِ الْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَانِ وَلَا بِحَضْرَةِ الْكُفَّارِ فِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَالْمَرْأَةُ ذِمِّيَّةً فَالنِّكَاحُ يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ الذِّمِّيَّيْنِ سَوَاءٌ كَانَا مُوَافِقَيْنِ لَهَا فِي الْمِلَّةِ أَوْ مُخَالِفَيْنِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِسْلَامُ الشَّاهِدَيْنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي نِكَاحِ الْكَافِرَيْنِ فَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ بِشَهَادَةِ الْكَافِرَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا مُوَافِقَيْنِ لَهُمَا فِي الْمِلَّةِ أَوْ مُخَالِفَيْنِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَصِحُّ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقَيْنِ وَالْأَعْمَيَيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا بِشَهَادَةِ الْمَحْدُودَيْنِ فِي الْقَذْفِ وَإِنْ لَمْ يَتُوبَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَا يَصِحُّ بِشَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي الزِّنَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَيَنْعَقِدُ بِحُضُورِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ أَصْلًا كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِشَهَادَةِ ابْنَيْهِ مِنْهَا وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ ابْنَيْهِ لَا مِنْهَا أَوْ ابْنَيْهَا لَا مِنْهُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا فِي النِّكَاحِ بِوِلَايَةِ نَفْسِهِ صَلُحَ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا، وَمَنْ لَا فَلَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَا يُشْتَرَطُ وَصْفُ الذُّكُورَةِ حَتَّى يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ

بِغَيْرِ رَجُلٍ وَكَذَا الْخُنْثَيَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا رَجُلٌ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا) سَمَاعُ الشَّاهِدَيْنِ كَلَامَهُمَا مَعًا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ نَائِمَيْنِ إذَا لَمْ يَسْمَعَا كَلَامَ الْعَاقِدَيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَتَكَلَّمُوا فِي الْأَصَمَّيْنِ اللَّذَيْنِ لَا يَسْمَعَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِشَهَادَةِ الْمُعْتَقَلِ وَالْأَخْرَسِ إنْ كَانَ يَسْمَعُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ سَمِعَا كَلَامَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ سَمِعَ أَحَدُهُمَا كَلَامَ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ كَلَامَ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ الرَّجُلَيْنِ وَأَحَدُهُمَا أَصَمُّ فَسَمِعَ السَّمِيعُ دُونَ الْأَصَمِّ فَصَاحَ السَّمِيعُ أَوْ رَجُلٌ آخَرُ فِي أُذُنِ الْأَصَمِّ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ سَمَاعُهُمَا مَعًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي نَظْمِ الزَّنْدَوَسْتِيِّ إذَا سَمِعَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ كَلَامَ الْمَرْأَةِ وَسَمِعَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ كَلَامَ الزَّوْجِ ثُمَّ أَعَادَا الْعَقْدَ فَاَلَّذِي سَمِعَ كَلَامَ الزَّوْجِ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ سَمِعَ كَلَامَ الْمَرْأَةِ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي لَا غَيْرُ، وَاَلَّذِي سَمِعَ كَلَامَ الْمَرْأَةِ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ سَمِعَ كَلَامَ الزَّوْجِ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي لَا غَيْرُ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدَانِ فِي مَجْلِسَيْنِ مُخْتَلِفِينَ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ: لَا يَنْعَقِدُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ مِثْلُ أَبِي سَهْلٍ: يَنْعَقِدُ وَقَالَ الزَّنْدَوَسْتِيُّ: لَا نَأْخُذُ بِقَوْلِ أَبِي سَهْلٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ سَمِعَا كَلَامَ الْعَاقِدَيْنِ وَلَمْ يَعْرِفَا تَفْسِيرَهُ قِيلَ بِأَنَّهُ يَصِحُّ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِحَضْرَةِ تُرْكِيَّيْنِ أَوْ هِنْدِيَّيْنِ؛ قَالَ: إنْ أَمْكَنَهُمَا أَنْ يُعَبِّرَا مَا سَمِعَا؛ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فَهْمُ الشَّاهِدَيْنِ الْعَقْدَ ذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ السَّمَاعُ دُونَ الْفَهْمِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ الْأَعْجَمِيَّيْنِ جَازَ قَالَ الظَّهِيرُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْفَهْمُ أَيْضًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِحَضْرَةِ السُّكَارَى وَهُمْ عَرَفُوا أَمْرَ النِّكَاحِ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَذْكُرُونَهُ بَعْدَ مَا صَحَوْا انْعَقَدَ النِّكَاحُ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ رَجُلٌ قَالَ لِقَوْمٍ: اشْهَدُوا أَنِّي تَزَوَّجْتُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ الَّتِي فِي هَذَا الْبَيْتِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: قَبِلْتُ فَسَمِعَ الشُّهُودُ مَقَالَتَهَا وَلَمْ يَرَوْا شَخْصَهَا فَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَيْتِ وَحْدَهَا جَازَ النِّكَاحُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَيْتِ مَعَهَا أُخْرَى لَا يَجُوزُ. رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ فِي بَيْتٍ وَقَوْمٌ فِي بَيْتٍ آخَرَ يَسْمَعُونَ وَلَمْ يُشْهِدْهُمْ إنْ كَانَ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ إلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ كُوَّةٌ رَأَوْا الْأَبَ مِنْهَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَرَوْا الْأَبَ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ بَعَثَ أَقْوَامًا لِخِطْبَةِ امْرَأَةٍ إلَى وَالِدِهَا فَقَالَ الْأَبُ: زَوَّجْتُ وَقَبِلَ عَنْ الزَّوْجِ وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْمِ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ وَقِيلَ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالتَّجْنِيسِ وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِشَهَادَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. امْرَأَةٌ وَكَّلَتْ رَجُلًا لِيُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ: تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ وَلَمْ يَعْرِفْ الشُّهُودُ فُلَانَةَ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ مَا لَمْ يَذْكُرْ اسْمَهَا وَاسْمَ أَبِيهَا وَجَدِّهَا؛ لِأَنَّهَا غَائِبَةٌ وَالْغَائِبَةُ تُعْرَفُ بِالتَّسْمِيَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ فِي الِابْتِدَاءِ لَمْ يَشْتَرِطْ ذِكْرَ الْجَدِّ ثُمَّ رَجَعَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَكَانَ يَشْتَرِطُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً مُتَنَقِّبَةً وَلَا يَعْرِفُهَا الشُّهُودُ؛ جَازَ النِّكَاحُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ أَرَادَ الِاحْتِيَاطَ يَكْشِفُ وَجْهَهَا حَتَّى يَرَاهَا الشُّهُودُ أَوْ يَذْكُرَ اسْمَهَا وَاسْمَ أَبِيهَا وَجَدِّهَا وَلَوْ كَانَ الشُّهُودُ يَعْرِفُونَهَا وَهِيَ غَائِبَةٌ فَذَكَرَ الزَّوْجُ اسْمَهَا لَا غَيْرُ وَعَرَفَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْمَرْأَةَ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا جَازَ النِّكَاحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَ صَغِيرَتَهُ فَزَوَّجَهَا عِنْدَ رَجُلٍ وَالْأَبُ حَاضِرٌ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْكَنْزِ قَالُوا إذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ بِأَمْرِهَا وَبِحَضْرَتِهَا وَمَعَ الْأَبِ شَاهِدٌ آخَرُ صَحَّ

النِّكَاحُ وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَ عَبْدَهُ فَزَوَّجَ الْوَكِيلُ الْعَبْدَ امْرَأَةً بِشَهَادَةِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ وَالْعَبْدُ حَاضِرٌ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ فَتَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِحَضْرَةِ الْمَوْلَى بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ سِوَى الْمَوْلَى الصَّوَابُ أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَلَوْ زَوَّجَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْبَالِغَ امْرَأَةً بِحَضْرَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَالْعَبْدُ حَاضِرٌ صَحَّ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا لَمْ يَجُزْ وَعَلَى هَذَا الْأَمَةُ وَقَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ: لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَسْأَلَةٌ ذُكِرَتْ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: امْرَأَةٌ وَكَّلَتْ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلًا فَزَوَّجَهَا بِحَضْرَةِ امْرَأَتَيْنِ وَالْمُوَكِّلَةُ حَاضِرَةٌ قَالَ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ يَجُوزُ النِّكَاحُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَوَقْتُ حُضُورِ الشُّهُودِ وَقْتُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَا وَقْتُ الْإِجَازَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعَقْدُ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ وَلَمْ يَحْضُرَا عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ (وَمِنْهَا) رِضَا الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ بَالِغَةً بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا فَلَا يَمْلِكُ الْوَلِيُّ إجْبَارَهَا عَلَى النِّكَاحِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ بِأَنْ كَانَا حَاضِرَيْنِ فَأَوْجَبَ أَحَدُهُمَا فَقَامَ الْآخَرُ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمَجْلِسِ لَا يَنْعَقِدُ وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا لَمْ يَنْعَقِدْ حَتَّى لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ غَائِبٌ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَقَالَ: قَبِلْتُ، أَوْ قَالَ رَجُلٌ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ: تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ وَهِيَ غَائِبَةٌ فَبَلَغَهَا الْخَبَرُ فَقَالَتْ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْهُ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ الْقَبُولُ بِحَضْرَةِ ذَيْنِكَ الشَّاهِدَيْنِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ أَرْسَلَ إلَيْهَا رَسُولًا أَوْ كَتَبَ إلَيْهَا بِذَلِكَ كِتَابًا فَقَبِلَتْ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ سَمِعَا كَلَامَ الرَّسُولِ وَقِرَاءَةَ الْكِتَابِ؛ جَازَ لِاتِّحَادِ الْمَجْلِسِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَسْمَعَا كَلَامَ الرَّسُولِ وَقِرَاءَةَ الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِذَا بَلَغَهَا الْكِتَابُ وَقَرَأَتْهُ وَلَمْ تُزَوِّجْ نَفْسَهَا مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَإِنَّمَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ وَقَدْ سَمِعَ الشُّهُودُ كَلَامَهُمَا وَمَا فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ النِّكَاحُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَتْ: إنَّ فُلَانًا كَتَبَ إلَيَّ يَخْطُبُنِي فَاشْهَدُوا أَنِّي قَدْ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْهُ صَحَّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ سَمِعُوا كَلَامَهُمَا بِإِيجَابِ الْعَقْدِ وَسَمِعُوا كَلَامَ الْخَاطِبِ بِإِسْمَاعِهَا إيَّاهُمْ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ كُتِبَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَا يَنْعَقِدُ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْعَدْلُ وَالْفَاسِقُ فِي الرِّسَالَةِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهَا تَبْلِيغُ عِبَارَةِ الْمُرْسِلِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ عَقَدَا وَهُمَا يَمْشِيَانِ أَوْ يَسِيرَانِ عَلَى الدَّابَّةِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَا فِي سَفِينَةٍ سَائِرَةٍ جَازَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْفَوْرُ فِي الْقَبُولِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يُخَالِفَ الْقَبُولُ الْإِيجَابَ فَإِذَا قَالَ لِآخَرَ: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الزَّوْجُ: قَبِلْتُ النِّكَاحَ وَلَا أَقْبَلُ الْمَهْرَ؛ كَانَ بَاطِلًا وَلَوْ قَبِلَ النِّكَاحَ وَسَكَتَ عَنْ الْمَهْرِ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ عَبْدٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى رَقَبَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَقَالَ السَّيِّدُ: أَجَزْتُ النِّكَاحَ، وَلَا أُجِيرُ عَلَى رَقَبَتِهِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمَنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ يُبَاعُ فِيهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِأَلْفٍ فَقَبِلَهَا بِأَلْفَيْنِ أَوْ بِخَمْسِمِائَةٍ؛ صَحَّ وَتَوَقَّفَ لُزُومُ الزِّيَادَةِ عَلَى قَبُولِهَا فِي الْمَجْلِسِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ (وَمِنْهَا) أَنْ يُضِيفَ النِّكَاحَ إلَى كُلِّهَا أَوْ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ كَالرَّأْسِ وَالرَّقَبَةِ بِخِلَافِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَلَوْ أَضَافَ النِّكَاحَ إلَى ظَهْرِهَا أَوْ بَطْنِهَا ذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ قَالَ مَشَايِخُنَا: الْأَشْبَهُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَنْعَقِدُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ أَضَافَ النِّكَاحَ إلَى نِصْفِ الْمَرْأَةِ

الباب الثاني فيما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد به

فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَفِي التَّفَارِيقِ تَزَوَّجَ نِصْفَهَا فَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ مَعْلُومَيْنِ فَلَوْ زَوَّجَ بِنْتَهُ وَلَهُ بِنْتَانِ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُتَزَوِّجَةً فَيَنْصَرِفُ إلَى الْفَارِغَةِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ جَارِيَةٌ سُمِّيَتْ فِي صِغَرِهَا بِاسْمٍ فَلَمَّا كَبِرَتْ سُمِّيَتْ بِاسْمٍ آخَرَ قَالَ: تُزَوَّجُ بِاسْمِهَا الْآخَرِ إذَا صَارَتْ مَعْرُوفَةً بِاسْمِهَا الْآخَرِ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ لَهُ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ اسْمُهَا فَاطِمَةُ قَالَ لِرَجُلٍ: زَوَّجْتُ مِنْكَ ابْنَتِي عَائِشَةَ وَلَمْ تَقَعْ الْإِشَارَةُ إلَى شَخْصِهَا ذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ. وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُ ابْنَتِي مِنْكَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَلَهُ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ؛ جَازَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ بِنْتَانِ كُبْرَى اسْمُهَا عَائِشَةُ وَصُغْرَى اسْمُهَا فَاطِمَةُ وَأَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ الْكُبْرَى وَعَقَدَ بِاسْمِ فَاطِمَةَ يَنْعَقِدُ عَلَى الصُّغْرَى، وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُ ابْنَتِي الْكُبْرَى فَاطِمَةَ لَا يَنْعَقِدُ عَلَى إحْدَاهُمَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. أَبُو الصَّغِيرَةِ إذَا قَالَ: زَوَّجْتُ بِنْتِي فُلَانَةَ مِنْ ابْنِ فُلَانٍ وَقَالَ فُلَانٌ: قَبِلْتُ لِابْنِي وَلَمْ يُسَمِّ الِابْنَ إنْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ يَصِحُّ وَلَوْ ذَكَرَ أَبُو الْبِنْتِ اسْمَ الِابْنِ فَقَالَ: زَوَّجْتُ بِنْتِي مِنْ ابْنِكَ فُلَانٍ فَقَالَ أَبُو الِابْنِ: قَبِلْتُ صَحَّ. خُنْثَيَانِ صَغِيرَانِ قَالَ أَبُو أَحَدِهِمَا لِأَبِي الْآخَرِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ: زَوَّجْتُ ابْنَتِي هَذِهِ مِنْ ابْنِكَ هَذَا وَقَبِلَ الْآخَرُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْجَارِيَةَ كَانَتْ غُلَامًا وَالْغُلَامَ كَانَ جَارِيَةً؛ كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ أَبُو الصَّغِيرَةِ لِأَبِي الصَّغِيرِ: زَوَّجْتُ ابْنَتِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ شَيْئًا وَقَالَ أَبُو الصَّغِير: قَبِلْتُ يَقَعُ النِّكَاحُ لِلْأَبِ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (وَأَمَّا أَحْكَامُهُ) فَحِلُّ اسْتِمْتَاعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ شَرْعًا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِلْكُ الْحَبْسِ وَهُوَ صَيْرُورَتُهَا مَمْنُوعَةً عَنْ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ وَوُجُوبُ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ عَلَيْهِ وَحُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَالْإِرْثُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَوُجُوبُ الْعَدْلِ بَيْنَ النِّسَاءِ وَحُقُوقِهِنَّ وَوُجُوبُ إطَاعَتِهِ عَلَيْهَا إذَا دَعَاهَا إلَى الْفِرَاشِ وَوِلَايَةُ تَأْدِيبِهَا إذَا لَمْ تُطِعْهُ بِأَنْ نَشَزَتْ وَاسْتِحْبَابُ مُعَاشَرَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَتَحْرِيمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ وَمَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ وَمَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ) يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وُضِعَا لِلْمُضِيِّ أَوْ وُضِعَ أَحَدُهُمَا لِلْمُضِيِّ وَالْآخَرُ لِغَيْرِهِ مُسْتَقْبَلًا كَانَ كَالْأَمْرِ أَوْ حَالًّا كَالْمُضَارِعِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ فَإِذَا قَالَ لَهَا أَتَزَوَّجُكِ بِكَذَا فَقَالَتْ قَدْ قَبِلْتُ يَتِمُّ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الزَّوْجُ قَبِلْتُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَالَ: تُزَوِّجِينِي نَفْسَكِ فَقَبِلَتْ؛ انْعَقَدَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الِاسْتِقْبَالَ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَكَمَا يَنْعَقِدُ بِالْعِبَارَةِ يَنْعَقِدُ بِالْإِشَارَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ إنْ كَانَتْ إشَارَتُهُ مَعْلُومَةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَا يَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي، كَذَا فِي النِّهَايَة وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ مِنْ الْحَاضِرَيْنِ فَلَوْ كَتَبَ تَزَوَّجْتُكِ فَكَتَبَتْ قَبِلْتُ؛ لَمْ يَنْعَقِدْ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. (وَمَا يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ فَهُوَ نَوْعَانِ) صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ فَالصَّرِيحُ لَفْظُ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ، وَمَا عَدَاهُمَا وَهُوَ مَا يُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ فِي الْحَالِ كِنَايَةٌ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ فَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ قَالَتْ: وَهَبْتُ نَفْسِي مِنْكَ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَخَذْتُ قَالُوا: لَا يَكُونُ نِكَاحًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ بِنْتِي لِخِدْمَتِكَ وَقَبِلَ الْآخَرُ؛ لَا يَكُونُ نِكَاحًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا طَلَبَ

الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَةٍ زِنًا فَقَالَتْ: وَهَبْتُ نَفْسِي مِنْكَ؛ فَقَالَ الرَّجُلُ: قَبِلْتُ لَا يَكُونُ نِكَاحًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ وَالصَّدَقَةِ وَبِلَفْظِ الْبَيْعِ هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَكَذَا بِلَفْظِ الشِّرَاءِ فِي الصَّحِيحِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا بِلَفْظِ الْجَعْلِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَالتَّبْيِينِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: كُنْتِ لِي أَوْ صِرْتِ لِي فَقَالَتْ: نَعَمْ، أَوْ صِرْتُ لَكَ؛ كَانَ نِكَاحًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَا لَوْ قَالَ كُونِي امْرَأَتِي بِمِائَةٍ فَقَبِلَتْ أَوْ أَعْطَيْتُكِ مِائَةً عَلَى أَنْ تَكُونِي امْرَأَتِي فَقَبِلَتْ؛ كَانَ نِكَاحًا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكُرْدِيِّ. إذَا قَالَ: ثَبَتَ حَقِّي فِي مَنَافِعِ بُضْعِكِ بِأَلْفٍ فَقَالَتْ: قَبِلْتُ؛ صَحَّ النِّكَاحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ: عَرَّسْتُكَ نَفْسِي فَقَالَ: قَبِلْتُ يَكُونُ نِكَاحًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَتْ الْمُبَانَةُ: رَدَدْتُ نَفْسِي إلَيْكَ فَقَالَ الزَّوْجُ: قَبِلْتُ بِحَضْرَةِ الشَّاهِدَيْنِ يَكُونُ نِكَاحًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا ثُمَّ قَالَ لَهَا: رَاجَعْتُكِ عَلَى كَذَا وَرَضِيَتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ وَكَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ كَانَ نِكَاحًا صَحِيحًا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَالَ فَإِنْ أَجْمَعَا عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ أَرَادَ بِهِ النِّكَاحَ كَانَ نِكَاحًا وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا نِكَاحٌ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: رَضِيتُ؛ لَا يَكُونُ نِكَاحًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَةٍ مراباشيدي فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ باشيدم لَا يَنْعَقِدُ إلَّا إذَا قَالَ لَهَا باشيدي بزنى فَقَالَتْ باشيدم يَكُونُ نِكَاحًا وَقِيلَ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ وَهُوَ الظَّاهِرُ بِحُكْمِ الْعُرْفِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ دختر خويش مُرَاده فَقَالَ دادم يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْخَاطِبُ بذير فتم وَلَوْ قَالَ مرادادي فَقَالَ دادم لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ مَا لَمْ يَقُلْ الْخَاطِبُ بذير فتم إلَّا إذَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ دادي التَّحْقِيقَ دُونَ السَّوْمِ فَحِينَئِذٍ يَنْعَقِدُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْخَاطِبُ بذير فتم. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ إنَّ فِي قَوْلِهِ دختر خويش مُرَاده لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ بزنى وَيَقُولَ الْآخَرُ بزنى دادم فَأَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ عِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِنَا وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَنْعَقِدُ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لِتَصِيرَ الْمَسْأَلَةُ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قِيلَ لِامْرَأَةٍ خويشتن رابفلان بزنى دادي فَقَالَتْ داد وَقِيلَ لِلزَّوْجِ بذير فَتِي فَقَالَ بذير فُتّ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ الْمَرْأَةُ دادم وَالزَّوْجُ بزير فتم. قِيلَ لِامْرَأَةٍ خويشتن رازن مِنْ كَرِدِّي فَقَالَتْ كردم يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ خويشتن رازن مِنْ كردانيدي فَقَالَتْ كردانيدم هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قِيلَ لِامْرَأَةٍ: هَلْ زَوَّجْتِ نَفْسَكِ مِنْ فُلَانٍ؟ . فَقَالَتْ: لَا ثُمَّ قَالَتْ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ مِنْ ويرا خواستم وَقَالَ الرَّجُلُ: قَبِلْتُ؛ صَحَّ النِّكَاحُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ خويشتن رابهز اردرم كابين بِمِنْ بزني دَادِي فَقَالَتْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ قَالَ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ وَلَوْ قَالَتْ سياس دارم لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إجَابَةٌ

وَالثَّانِيَ وَعْدٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِرَجُلٍ: زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْكَ فَقَالَ الرَّجُلُ بخداوند كَارِي بذير فُتُّمْ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الرَّجُلُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ قَالَ لَهَا شاباش إنْ لَمْ يَقُلْ بِطَرِيقِ الطَّنْز يَصِحُّ النِّكَاحُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فِي الصَّحِيحِ وَالْإِعَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْإِجَازَةِ وَالرِّضَا وَنَحْوِهَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ وَالْبَرَاءَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ وَالْكِتَابَةِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا بِلَفْظِ الْإِعْتَاقِ وَالْوَلَاءِ وَالْإِيدَاعِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَا بِلَفْظِ الْفِدَاءِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُ الْمِلْكَ مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِبُضْعِ أَمَتِي لِلْحَالِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبِلَ الْآخَرُ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: زَوِّجْ بِنْتَكَ فُلَانَةَ مِنِّي بِكَذَا فَقَالَ أَبُو الصَّغِيرِ: ارْفَعْهَا وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ؛ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِرَجُلٍ: زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْكَ، وَأَرَادَتْ أَنْ تَقُولَ: بِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَبِلَ إنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: بِمِائَةِ دِينَارٍ؛ قَالَ الزَّوْجُ: قَبِلْتُ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ بَعَثَ جَمَاعَةً إلَى رَجُلٍ لِيَخْطِبُوا ابْنَتَهُ فَقَالُوا دختر خويشتن فُلَانَةَ رابما دادي فَقَالَ دادم وَقَالُوا بذير فَتُيَمّ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُضِيفُوا إلَى الْخَاطِبِ. رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ أَقَرَّا بِالنِّكَاحِ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ وَقَالَا بِالْفَارِسِيَّةِ مازن وشوئيم لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ إين زن مِنْ است بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ إين شوي مِنْ است وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا نِكَاحٌ سَابِقٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ نِكَاحًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي شَرْحِ الْجَصَّاصِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ إذَا قَضَى بِالنِّكَاحِ أَوْ قَالَ الشُّهُودُ لَهُمَا جَعَلْتُمَا هَذَا نِكَاحًا فَقَالَا نَعَمْ يَنْعَقِدُ هَكَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ عَنْ رَجُلٍ سَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ فَقَالَ: سَلَامٌ عَلَيْكِ يَا زَوْجَتِي فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا زَوْجِي وَسَمِعَ ذَلِكَ الشَّاهِدَانِ قَالَ لَا يَنْعَقِدُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قِيلَ لِرَجُلٍ دختر خويشتن رابه بسر مِنْ أرزاني داشتي فَقَالَ داشتم لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا قَالَ أَبُو الصَّغِيرَةِ اشْهَدُوا أَنِّي زَوَّجْتُ بِنْتَ فُلَانٍ الصَّغِيرَةَ ابْنِي فُلَانًا بِمَهْرٍ كَذَا فَقِيلَ لِأَبِي الصَّغِيرَةِ أَلَيْسَ هَكَذَا فَقَالَ أَبُو الصَّغِيرَةِ هَكَذَا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجَدِّدَ النِّكَاحَ وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ جَازَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ خويشتن رابزني دادم بتو بهز اردرم فَقَالَتْ بذير فتم لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ بزني بِالْفَارِسِيَّةِ لَا تَقَعُ عَلَى الرَّجُلِ، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَإِذَا قَالَ لِأَبِي الْبِنْتِ: زَوَّجْتَنِي ابْنَتَكَ وَقَالَ أَبُو الْبِنْتِ: زَوَّجْتُ أَوْ قَالَ: نَعَمْ لَا يَكُونُ نِكَاحًا إلَّا أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ: قَبِلْت؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ زَوَّجْتَنِي اسْتِخْبَارٌ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي لَفْظِ الْقَرْضِ وَالرَّهْنِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقِيلَ بِلَفْظِ الْقَرْضِ يَنْعَقِدُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْقَرْضِ تَمْلِيكٌ عِنْدَهُمَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَبِلَفْظِ السَّلَمِ قِيلَ يَنْعَقِدُ وَقِيلَ لَا وَكَذَا الصَّرْفُ فِيهِ قَوْلَانِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. النِّكَاحُ الْمُضَافُ كَقَوْلِهِ زَوَّجْتُكَهَا غَدًا غَيْرُ صَحِيحٍ أَمَّا

خيار الرؤية والعيب والشرط في النكاح

الْمُعَلَّقُ فَإِنْ كَانَ عَلَى أَمْرٍ مَضَى صَحَّ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْحَالِ فَلَوْ خُطِبَتْ بِنْتُهُ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ زَوَّجَهَا مِنْ فُلَانٍ قَبْلَ هَذَا فَكَذَّبَهُ فَقَالَ: إنْ لَمْ أَكُنْ زَوَّجْتُهَا مِنْهُ فَقَدْ زَوَّجْتُهَا مِنْ ابْنِكَ وَقَبِلَ أَبُو الِابْنِ عِنْدَ الشُّهُودِ فَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ زَوَّجَهَا مِنْ أَحَدٍ؛ صَحَّ النِّكَاحُ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ بِحَضْرَةِ الشَّاهِدَيْنِ: تَزَوَّجْتُكِ عَلَى كَذَا إنْ أَجَازَ أَبِي أَوْ رَضِيَ فَقَالَتْ قَبِلْتُ لَا يَصِحُّ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا طَالِقٌ أَوْ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا فِي الطَّلَاقِ بِيَدِهَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ يَجُوزُ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ بَاطِلٌ وَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا إذَا بَدَأَ الزَّوْجُ فَقَالَ: تَزَوَّجْتُكِ عَلَى أَنَّكِ طَالِقٌ وَإِنْ ابْتَدَأَتْ الْمَرْأَةُ فَقَالَتْ: زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْكَ عَلَى أَنِّي طَالِقٌ أَوْ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِيَدِي أُطَلِّقُ نَفْسِي كُلَّمَا شِئْتُ فَقَالَ الزَّوْجُ: قَبِلْتُ؛ جَازَ النِّكَاحُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَيَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَكَذَا الْمَوْلَى إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ إنْ بَدَأَ الْعَبْدُ فَقَالَ: زَوِّجْنِي أَمَتَكَ هَذِهِ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِكَ تُطَلِّقُهَا كُلَّمَا شِئْت فَزَوَّجَهَا مِنْهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِ الْمَوْلَى وَلَوْ ابْتَدَأَ الْمَوْلَى فَقَالَ: زَوَّجْتُكَ أَمَتِي عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِي أُطَلِّقُهَا كُلَّمَا أُرِيدُ فَقَالَ الْعَبْدُ: قَبِلْتُ؛ جَازَ النِّكَاحُ وَيَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِ الْمَوْلَى وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِمَوْلَاهُ: إذَا تَزَوَّجْتَهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِكَ أَبَدًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِ الْمَوْلَى وَلَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ أَبَدًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفٍ إلَى الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي أَنَّهُ يَنْعَقِدُ وَيَثْبُتُ هَذَا الْأَجَلُ فِي الْمَهْرِ، كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. [خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ وَالشَّرْطِ فِي النِّكَاحِ] وَلَا يَثْبُتُ فِي النِّكَاحِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ وَالشَّرْطِ سَوَاءٌ جَعَلَ الْخِيَارَ لِلزَّوْجِ أَوْ الْمَرْأَةِ أَوْ لَهُمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ حَتَّى أَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ إلَّا إذَا كَانَ الْعَيْبُ هُوَ الْجَبُّ وَالْخِصَاءُ وَالْعُنَّةُ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ بِالْخِيَارِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. فَإِذَا شَرَطَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ السَّلَامَةَ عَنْ الْعَمَى وَالشَّلَلِ وَالزَّمَانَةِ أَوْ شَرَطَ صِفَةَ الْجَمَالِ أَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا صِفَةَ الْبَكَارَةِ فَوَجَدَ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهُ مَدَنِيٌّ فَإِذَا هُوَ قَرَوِيٌّ يَجُوزُ النِّكَاحُ إنْ كَانَ كُفْئًا وَلَا خِيَارَ لَهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّ أَبَاهُ بِالْخِيَارِ صَحَّ النِّكَاحُ وَلَا خِيَارَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْمُحَرَّمَاتِ وَهِيَ تِسْعَةُ أَقْسَامٍ] [الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالنَّسَبِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْمُحَرَّمَاتِ) وَهِيَ تِسْعَةُ أَقْسَامٍ (الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالنَّسَبِ) . وَهُنَّ الْأُمَّهَاتُ وَالْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ فَهُنَّ مُحَرَّمَاتٌ نِكَاحًا وَوَطْئًا وَدَوَاعِيَهُ عَلَى التَّأْبِيدِ فَالْأُمَّهَاتُ: أُمُّ الرَّجُلِ وَجَدَّاتُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَإِنْ عَلَوْنَ وَأَمَّا الْبَنَاتُ فَبِنْتُهُ الصُّلْبِيَّةُ وَبَنَاتُ ابْنِهِ وَبِنْتُهُ وَإِنْ سَفَلْنَ وَأَمَّا الْأَخَوَاتُ فَالْأُخْتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَالْأُخْتُ لِأُمٍّ وَكَذَا بَنَاتُ الْأَخِ وَالْأُخْتِ وَإِنْ سَفَلْنَ، وَأَمَّا الْعَمَّاتُ فَثَلَاثٌ عَمَّةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَعَمَّةٌ لِأَبٍ وَعَمَّةٌ لِأُمٍّ وَكَذَا عَمَّاتُ أَبِيهِ وَعَمَّاتُ أَجْدَادِهِ وَعَمَّاتُ أُمِّهِ وَعَمَّاتُ جَدَّاتِهِ وَإِنْ عَلَوْنَ وَأَمَّا عَمَّةُ الْعَمَّةِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْعَمَّةُ الْقُرْبَى عَمَّةً لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ فَعَمَّةُ الْعَمَّةِ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَتْ الْقُرْبَى عَمَّةً لِأُمٍّ فَعَمَّةُ الْعَمَّةِ لَا تَحْرُمُ وَأَمَّا الْخَالَاتُ فَخَالَتُهُ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخَالَتُهُ لِأَبٍ وَخَالَتُهُ لِأُمٍّ وَخَالَاتُ آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ وَأَمَّا خَالَةُ الْخَالَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْخَالَةُ الْقُرْبَى خَالَةً لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأُمٍّ فَخَالَتُهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ الْقُرْبَى خَالَةً لِأَبٍ فَخَالَتُهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ

القسم الثاني المحرمات بالصهرية

هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْقِسْمُ الثَّانِي الْمُحَرَّمَاتُ بِالصِّهْرِيَّةِ] (الْقِسْمُ الثَّانِي الْمُحَرَّمَاتُ بِالصِّهْرِيَّةِ) . وَهِيَ أَرْبَعُ فِرَقٍ: (الْأُولَى) أُمَّهَاتُ الزَّوْجَاتِ وَجَدَّاتُهُنَّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَإِنْ عَلَوْنَ (وَالثَّانِيَةُ) بَنَاتُ الزَّوْجَةِ وَبَنَاتُ أَوْلَادِهَا وَإِنْ سَفَلْنَ بِشَرْطِ الدُّخُولِ بِالْأُمِّ، كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ سَوَاءٌ كَانَتْ الِابْنَةُ فِي حِجْرِهِ أَوْ لَمْ تَكُنْ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَأَصْحَابُنَا مَا أَقَامُوا الْخَلْوَةَ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي حُرْمَةِ الْبَنَاتِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي نَوْعِ مَا يُسْتَحَقُّ بِهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ. (وَالثَّالِثَةُ) حَلِيلَةُ الِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ وَابْنِ الْبِنْتِ وَإِنْ سَفَلُوا دَخَلَ بِهَا الِابْنُ أَمْ لَا. وَلَا تَحْرُمُ حَلِيلَةُ الِابْنِ الْمُتَبَنَّى عَلَى الْأَبِ الْمُتَبَنِّي هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَالرَّابِعَةُ) نِسَاءُ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَوْا فَهَؤُلَاءِ مُحَرَّمَاتٌ عَلَى التَّأْبِيدِ نِكَاحًا وَوَطْئًا، كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. وَتَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَلَوْ تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بَلْ بِالْوَطْءِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَتَثْبُتُ بِالْوَطْءِ حَلَالًا كَانَ أَوْ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَإِنْ عَلَتْ وَابْنَتُهَا وَإِنْ سَفْلَتَ، وَكَذَا تَحْرُمُ الْمَزْنِيُّ بِهَا عَلَى آبَاءِ الزَّانِي وَأَجْدَادِهِ وَإِنْ عَلَوْا وَأَبْنَائِهِ وَإِنْ سَفَلُوا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ وَطِئَهَا فَأَفْضَاهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِ كَوْنِهِ فِي الْفَرْجِ إلَّا إذَا حَبِلَتْ وَعُلِمَ كَوْنُهُ مِنْهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَمَا تَثْبُتُ هَذِهِ الْحُرْمَةُ بِالْوَطْءِ تَثْبُتُ بِالْمَسِّ وَالتَّقْبِيلِ وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سَوَاءٌ كَانَ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ فُجُورٍ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: الرَّبِيبَةُ وَغَيْرُهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالْمُبَاشَرَةُ عَنْ شَهْوَةٍ بِمَنْزِلَةِ الْقُبْلَةِ وَكَذَا الْمُعَانَقَةُ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا لَوْ عَضَّهَا بِشَهْوَةٍ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ نَظَرَتْ الْمَرْأَةُ إلَى ذَكَرِ الرَّجُلِ أَوْ لَمَسْته بِشَهْوَةٍ أَوْ قَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ تَعَلَّقَتْ بِهِ حَرُمَتْ الْمُصَاهَرَةُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَا تَثْبُتُ بِالنَّظَرِ إلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ إلَّا بِشَهْوَةٍ وَلَا بِمَسِّ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ لَا عَنْ شَهْوَةٍ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالْمُعْتَبَرُ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ الدَّاخِلِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَجَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. قَالُوا: لَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ لَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ النَّظَرُ فِي الدَّاخِلِ إذَا كَانَتْ قَاعِدَةً مُتَّكِئَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ وَرَاءَ سِتْرٍ رَقِيقٍ أَوْ زُجَاجٍ يَسْتَبِينُ فَرْجَهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَلَوْ نَظَرَ فِي مِرْآةٍ وَرَأَى فِيهَا فَرْجَ امْرَأَةٍ فَنَظَرَ عَنْ شَهْوَةٍ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ فَرْجَهَا وَإِنَّمَا رَأَى عَكْسَ فَرْجِهَا وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى شَطِّ حَوْضٍ أَوْ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَنَظَرَ الرَّجُلُ فِي الْمَاءِ فَرَأَى فَرْجَهَا فَنَظَرَ عَنْ شَهْوَةٍ لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْمَاءِ فَرَأَى الرَّجُلُ فَرْجَهَا وَنَظَرَ عَنْ شَهْوَةٍ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا نَظَرَ الرَّجُلُ فَرْجَ ابْنَتِهِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ جَارِيَةٌ مِثْلُهَا فَوَقَعَتْ مِنْهُ شَهْوَةٌ مَعَ وُقُوعِ بَصَرِهِ قَالُوا إنْ كَانَتْ الشَّهْوَةُ وَقَعَتْ عَلَى ابْنَتِهِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهْوَةُ وَقَعَتْ عَلَى الَّتِي تَمَنَّاهَا لَا تَحْرُمُ؛ لِأَنَّ نَظَرَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَى فَرْجِ ابْنَتِهِ لَمْ يَكُنْ عَنْ شَهْوَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالذَّخِيرَةِ. ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بِالْمَسِّ بَيْنَ كَوْنِهِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُخْطِئًا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. أَوْ نَائِمًا هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. فَلَوْ أَيْقَظَ زَوْجَتَهُ لِيُجَامِعَهَا فَوَصَلَتْ يَدُهُ إلَى بِنْتِهِ مِنْهَا فَقَرَصَهَا بِشَهْوَةٍ وَهِيَ مِمَّنْ تُشْتَهَى يَظُنُّ أَنَّهَا أُمُّهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأُمُّ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ مَسَّ شَعْرَهَا بِشَهْوَةٍ إنْ مَسَّ مَا اتَّصَلَ بِرَأْسِهَا تَثْبُتُ وَإِنْ مَسَّ مَا اسْتَرْسَلَ لَا يَثْبُتُ وَأَطْلَقَ

النَّاطِفِيُّ إطْلَاقًا مِنْ غَيْرِ هَذَا التَّفْصِيلِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَهَكَذَا فِي وَجِيزِ الْكَرْدَرِيِّ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ مَسَّ ظُفْرَهَا بِشَهْوَةٍ تَثْبُتُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ثُمَّ الْمَسُّ إنَّمَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ، أَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ فَإِنْ كَانَ صَفِيقًا لَا يَجِدُ الْمَاسُّ حَرَارَةَ الْمَمْسُوسِ لَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَإِنْ انْتَشَرَتْ آلَتُهُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا بِحَيْثُ تَصِلُ حَرَارَةُ الْمَمْسُوسِ إلَى يَدِهِ تَثْبُتُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَا لَوْ مَسَّ أَسْفَلَ الْخُفِّ إلَّا إذَا كَانَ مُنْعَلًا لَا يَجِدُ لِينَ الْقَدَمِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا قَبَّلَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَبَيْنَهُمَا ثَوْبٌ فَإِنْ كَانَ يَجِدُ بَرْدَ الثَّنَايَا أَوْ بَرْدَ الشَّفَةِ فَهُوَ تَقْبِيلٌ وَلَمْسٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالدَّوَامُ عَلَى الْمَسِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ حَتَّى قِيلَ إذَا مَدَّ يَدَهُ إلَى امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ فَوَقَعَتْ عَلَى أَنْفِ ابْنَتِهَا فَازْدَادَتْ شَهْوَتُهُ حَرُمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَإِنْ نَزَعَ يَدَهُ مِنْ سَاعَتِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُشْتَهَاةً، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ بِنْتَ تِسْعٍ مَحَلُّ الشَّهْوَةِ لَا مَا دُونَهَا، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ مَا دُونَ التِّسْعِ سِنِينَ لَا تَكُونُ مُشْتَهَاةً وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يَنْبَغِي لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ فِي السَّبْعِ وَالثَّمَانِ أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ إلَّا إنْ بَالَغَ السَّائِلُ أَنَّهَا عَبْلَةٌ ضَخْمَةٌ جَسِيمَةٌ فَحِينَئِذٍ يُفْتِي بِالْحُرْمَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُضْمَرَاتِ فَلَوْ جَامَعَ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ كَبِرَتْ الْمَرْأَةُ حَتَّى خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الْمُشْتَهَاةِ يُوجِبُ الْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ تَحْتَ الْحُرْمَةِ فَلَمْ تَخْرُجْ بِالْكِبَرِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا تُشْتَرَطُ الشَّهْوَةُ فِي الذَّكَرِ حَتَّى لَوْ جَامَعَ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ زَوْجَةَ أَبِيهِ لَا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَوَطْءُ الصَّبِيِّ الَّذِي يُجَامِعُ مِثْلُهُ بِمَنْزِلَةِ وَطْءِ الْبَالِغِ فِي ذَلِكَ، قَالُوا: وَالصَّبِيُّ الَّذِي يُجَامِعُ مِثْلُهُ أَنْ يُجَامِعَ وَيَشْتَهِيَ وَتَسْتَحْيِيَ النِّسَاءُ مِنْ مِثْلِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالشَّهْوَةُ تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ حَتَّى لَوْ وُجِدَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ ثُمَّ اشْتَهَى بَعْدَ التَّرْكِ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُرْمَةُ وَحَدُّ الشَّهْوَةِ فِي الرَّجُلِ أَنْ تَنْتَشِرَ آلَتُهُ أَوْ تَزْدَادَ انْتِشَارًا إنْ كَانَتْ مُنْتَشِرَةً، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَمَنْ انْتَشَرَتْ آلَتُهُ فَطَلَبَ امْرَأَتَهُ وَأَوْلَجَهَا بَيْنَ فَخِذَيْ ابْنَتِهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا مَا لَمْ تَزْدَدْ انْتِشَارًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. هَذَا الْحَدُّ إذَا كَانَ شَابًّا قَادِرًا عَلَى الْجِمَاعِ فَإِنْ كَانَ شَيْخًا أَوْ عِنِّينًا فَحَدُّ الشَّهْوَةِ أَنْ يَتَحَرَّكَ قَلْبُهُ بِالِاشْتِهَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَحَرِّكًا قَبْلَ ذَلِكَ وَيَزْدَادُ الِاشْتِهَاءُ إنْ كَانَ مُتَحَرِّكًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَحَدُّ الشَّهْوَةِ فِي النِّسَاءِ وَالْمَجْبُوبِ هُوَ الِاشْتِهَاءُ بِالْقَلْبِ وَالتَّلَذُّذِ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ كَانَ فَازْدِيَادُهُ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ. وَوُجُودُ الشَّهْوَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا يَكْفِي وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يُنْزِلَ حَتَّى لَوْ أَنْزَلَ عِنْدَ الْمَسِّ أَوْ النَّظَرِ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ شَرْحِ النُّقَايَةِ. وَلَوْ مَسَّ فَأَنْزَلَ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالْإِنْزَالِ أَنَّهُ غَيْرُ دَاعٍ إلَى الْوَطْءِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ نَظَرَ إلَى دُبُرِ الْمَرْأَةِ لَا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا لَوْ وَطِئَ فِي دُبُرِهَا لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَإِذَا جَامَعَ مَيِّتَةً لَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) : لَوْ أَقَرَّ بِحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ يُؤَاخَذُ بِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ إذَا أَضَافَ ذَلِكَ إلَى مَا قَبْلَ النِّكَاحِ بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُنْتُ جَامَعْتُ أُمَّكِ قَبْلَ نِكَاحِكِ يُؤَاخَذُ بِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ الْمَهْرِ حَتَّى يَجِبَ الْمُسَمَّى دُونَ الْعَقْدِ، وَالْإِصْرَارُ عَلَى هَذَا الْإِقْرَارِ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: كَذَبْتُ فَالْقَاضِي

لَا يُصَدِّقُهُ وَلَكِنْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ كَاذِبًا فِيمَا أَقَرَّ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَةٍ: هَذِهِ أُمِّي مِنْ الرَّضَاعَةِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: أَخْطَأْتُ فِي ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا اسْتِحْسَانًا. وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ هَاهُنَا أَخْبَرَ عَنْ فِعْلِهِ وَالْخَطَأُ فِيمَا هُوَ فِعْلُهُ نَادِرٌ فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ وَأَمَّا فِي الرَّضَاعِ فَمَا أَخْبَرَ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فِي زَمَانٍ يَتَذَكَّرُهُ وَهُوَ إنَّمَا سَمِعَ مِنْ غَيْرِهِ وَالْخَطَأُ فِيهِ لَيْسَ بِنَادِرٍ، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. وَإِذَا قَبَّلَهَا ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ عَنْ شَهْوَةٍ أَوْ لَمَسَهَا أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ بِشَهْوَةٍ فَقَدْ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي التَّقْبِيلِ يُفْتَى بِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ قَبَّلَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَفِي الْمَسِّ وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ لَا يُفْتَى بِالْحُرْمَةِ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ فَعَلَ بِشَهْوَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي التَّقْبِيلِ الشَّهْوَةُ بِخِلَافِ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. هَذَا إذَا كَانَ الْمَسُّ عَلَى غَيْرِ الْفَرْجِ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْفَرْجِ فَلَا يُصَدَّقُ أَيْضًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يُفْتِي بِالْحُرْمَةِ فِي الْقُبْلَةِ فِي الْفَمِ وَالْخَدِّ وَالرَّأْسِ وَإِنْ كَانَ عَلَى مِقْنَعَةٍ وَكَانَ يَقُولُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِشَهْوَةٍ. وَفِي الْبَقَّالِيِّ وَيُصَدَّقُ إذَا أَنْكَرَ الشَّهْوَةَ فِي الْمَسِّ إلَّا أَنْ تَقُومَ آلَتُهُ مُنْتَشِرَةً فَيُعَانِقَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَخَذَ ثَدْيَهَا وَقَالَ: مَا كَانَ عَنْ شَهْوَةٍ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ خِلَافُهُ وَكَذَا لَوْ رَكِبَ مَعَهَا عَلَى دَابَّةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا رَكِبَ عَلَى ظَهْرِهَا وَعَبَرَ بِهَا الْمَاءَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْمَسِّ وَالتَّقْبِيلِ بِشَهْوَةٍ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَهَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى نَفْسِ اللَّمْسِ وَالتَّقْبِيلِ بِشَهْوَةٍ؟ . الْمُخْتَارُ أَنَّهُ تُقْبَلُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نِكَاحِ الْجَامِعِ؛ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ مِمَّا يُوقَفُ عَلَيْهَا فِي الْجُمْلَةِ إمَّا بِتَحَرُّكِ الْعُضْوِ مِنْ الَّذِي يَتَحَرَّكُ عُضْوُهُ أَوْ بِآثَارٍ أُخَرَ مِمَّنْ لَا يَتَحَرَّكُ عُضْوُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَهُوَ الْمَعْمُولُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ سُئِلَ الْقَاضِي عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ عَنْ سَكْرَانَ بَاشَرَ ابْنَتَهُ وَقَبَّلَهَا وَقَصَدَ أَنْ يُجَامِعَهَا فَقَالَتْ الِابْنَةُ: أَنَا ابْنَتُكَ فَتَرَكَهَا هَلْ تَحْرُمُ أُمُّهَا؟ . قَالَ: نَعَمْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة قِيلَ لِرَجُلٍ: مَا فَعَلْتَ بِأُمِّ امْرَأَتِكَ؟ . قَالَ: جَامَعْتُهَا قَالَ: تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ؟ . قِيلَ: إنْ كَانَ السَّائِلُ وَالْمَسْئُولُ هَازِلَيْنِ قَالَ: لَا يَتَفَاوَتُ وَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ كَذِبَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ لَهُ جَارِيَةٌ فَقَالَ: قَدْ وَطِئْتُهَا؛ لَا تَحِلُّ لِابْنِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَقَالَ: قَدْ وَطِئْتُهَا؛ لِابْنِهِ أَنْ يُكَذِّبَهُ وَيَطَأَهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لَهُ وَلَوْ تَسَرَّى جَارِيَةً مِيرَاثَ أَبِيهِ يَسَعُهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْأَبَ وَطِئَهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا عَذْرَاءُ فَلَمَّا أَرَادَ وِقَاعَهَا وَجَدَهَا قَدْ اُفْتُضَّتْ فَقَالَ لَهَا: مَنْ افْتَضَّكِ؟ . فَقَالَتْ: أَبُوكَ إنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ؛ بَانَتْ مِنْهُ وَلَا مَهْرَ لَهَا وَإِنْ كَذَّبَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ مَسَّ ابْنِ الزَّوْجِ إيَّاهَا كَانَ عَنْ شَهْوَةٍ لَمْ تُصَدَّقْ وَالْقَوْلُ قَوْلُ ابْنِ الزَّوْجِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ قَبَّلَ امْرَأَةَ أَبِيهِ بِشَهْوَةٍ أَوْ قَبَّلَ الْأَبُ امْرَأَةَ ابْنِهِ بِشَهْوَةٍ وَهِيَ مُكْرَهَةٌ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ أَنْ يَكُونَ بِشَهْوَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَيَجِبُ الْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الَّذِي فَعَلَ إنْ تَعَمَّدَ الْفَاعِلُ الْفَسَادَ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ؛ لَا يَرْجِعُ وَفِي الْوَطْءِ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ تَعَمَّدَ بِالْوَطْءِ الْفَسَادَ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ الْحَدُّ وَالْمَالُ مَعَ الْحَدِّ لَا يَجْتَمِعُ تَزَوَّجَ بِأَمَةِ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْأَمَةَ قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا قَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا لِإِقْرَارِ الزَّوْجِ أَنَّهَا قَبَّلَتْ بِشَهْوَةٍ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الْمَهْرِ بِتَكْذِيبِ الْمَوْلَى إيَّاهُ أَنَّهَا قَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَمَةِ فِي ذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: قَبَّلْتُهُ بِشَهْوَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَخَذَتْ ذَكَرَ الْخَتْنِ فِي الْخُصُومَةِ وَقَالَتْ كَانَ عَنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ صُدِّقَتْ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. ذَكَرَ

القسم الثالث المحرمات بالرضاع

مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نِكَاحِ الْأَصْلِ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَرْتَفِعُ بِحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ وَالرَّضَاعِ بَلْ يَفْسُدُ حَتَّى لَوْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ التَّفْرِيقِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَمْ لَمْ يَشْتَبِهْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا فَجَرَ بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَابَ يَكُونُ مَحْرَمًا لِابْنَتِهَا؛ لِأَنَّهُ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ ابْنَتِهَا عَلَى التَّأْبِيدِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ تَثْبُتُ بِالْوَطْءِ الْحَرَامِ وَبِمَا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً وَيَتَزَوَّجَ ابْنُهُ ابْنَتَهَا أَوْ أُمَّهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا لَفَّ ذَكَرَهُ فِي خِرْقَةٍ وَجَامَعَهَا كَذَلِكَ إنْ كَانَتْ خِرْقَةً لَا تَمْنَعُ وُصُولَ الْحَرَارَةِ إلَى ذَكَرِهِ تَحِلُّ الْمَرْأَةُ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَتْ تَمْنَعُ كَالْمِنْدِيلِ؛ فَلَا تَحِلُّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْقِسْمُ الثَّالِثُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالرَّضَاعِ] (الْقِسْمُ الثَّالِثُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالرَّضَاعِ) . كُلُّ مَنْ تَحْرُمُ بِالْقَرَابَةِ وَالصِّهْرِيَّةِ تَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ [الْقِسْمُ الرَّابِعُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالْجَمْعِ] (الْقِسْمُ الرَّابِعُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالْجَمْعِ) وَهُوَ نَوْعَانِ: الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّاتِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ. (أَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّاتِ) فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْنِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَابْنُ أُمِّ الْوَلَدِ فِي هَذَا كَالْعَبْدِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَيَجُوزُ لِلْحُرِّ أَنْ يَتَسَرَّى مِنْ الْإِمَاءِ مَا شَاءَ مِنْ الْعَدَدِ وَإِنْ كَثُرْنَ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى وَإِنْ أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ فِيهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا مِنْ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ حُرَّتَيْنِ كَانَتَا أَوْ أَمَتَيْنِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ . وَإِذَا تَزَوَّجَ الْحُرُّ خَمْسًا عَلَى التَّعَاقُبِ؛ جَازَ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْخَامِسَةِ وَإِنْ تَزَوَّجَ خَمْسًا فِي عُقْدَةٍ فَسَدَ نِكَاحُ الْكُلِّ، وَكَذَا الْعَبْدُ إذَا تَزَوَّجَ ثَلَاثًا، وَلَوْ تَزَوَّجَ الْحَرْبِيُّ خَمْسًا ثُمَّ أَسْلَمْنَ إنْ تَزَوَّجَهُنَّ عَلَى التَّعَاقُبِ؛ جَازَ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَامِسَةِ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ تَزَوَّجَهُنَّ جُمْلَةً فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُلِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِذَا تَزَوَّجَ وَاحِدَةً ثُمَّ أَرْبَعًا جَازَ نِكَاحُ الْوَاحِدَةِ لَا غَيْرُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عُقْدَةٍ وَثِنْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَثَلَاثًا فِي عُقْدَةٍ وَلَا يَعْلَمُ أَمَّا الْأُولَى فَصَحَّ نِكَاحُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَهَا الْمُسَمَّى وَأَمَّا الْفَرِيقَانِ فَالْبَيَانُ إلَى الزَّوْجِ حَالَ حَيَاتِهِمَا أَوْ مَوْتِهِمَا فِعْلًا أَوْ قَوْلًا فَمَنْ ظَهَرَ فَسَادُهَا لَا مَهْرَ لَهَا وَلَا مِيرَاثَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ تَزَوَّجَتْ امْرَأَةٌ زَوْجَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ؛ جَازَ نِكَاحُ الْآخَرِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ (وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ) فَإِنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ أُخْتَيْنِ بِنِكَاحٍ وَلَا بِوَطْءٍ بِمِلْكِ يَمِينٍ سَوَاءٌ كَانَتَا أُخْتَيْنِ مِنْ النَّسَبِ أَوْ مِنْ الرَّضَاعِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ لَوْ صَوَّرْنَا إحْدَاهُمَا مِنْ أَيِّ جَانِبٍ ذَكَرًا؛ لَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا بِرَضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ لَمْ يَجُزْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا، وَخَالَتُهَا كَذَلِكَ وَنَحْوُهَا وَيَجُوزُ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَبِنْتِ زَوْجِهَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ فُرِضَتْ ذَكَرًا حَلَّتْ لَهُ تِلْكَ الْبِنْتُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَكَذَا يَجُوزُ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَجَارِيَتِهَا إذْ عَدَمُ حِلِّ النِّكَاحِ عَلَى ذَلِكَ الْفَرْضِ لَيْسَ لِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ. فَإِنْ تَزَوَّجَ الْأُخْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ؛ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِنْ الْمُسَمَّى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عُقْدَتَيْنِ فَنِكَاحُ الْأَخِيرَةِ فَاسِدٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَهَا وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ فَارَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ وَإِنْ

فَارَقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمَهْرُ وَيَجِبُ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَعْتَزِلُ عَنْ امْرَأَتِهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ أُخْتِهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عُقْدَتَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهُمَا أَسْبَقُ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ الزَّوْجُ بِالْبَيَانِ فَإِنْ بَيَّنَ فَعَلَى مَا بَيَّنَ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَهُمَا نِصْفُ الْمَهْرِ إذَا كَانَ مَهْرَاهُمَا مُتَسَاوِيَيْنِ وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ وَكَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ يَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِرُبْعِ مَهْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى فِي الْعَقْدِ تَجِبُ مُتْعَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمَا بَدَلَ نِصْفِ الْمَهْرِ وَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ الْمَهْرُ كَامِلًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إذَا ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ الْأَوَّلِيَّةَ وَلَا حُجَّةَ لَهُمَا فَيَقْضِي بِنِصْفِ الْمَهْرِ لَهُمَا أَمَّا إذَا قَالَتَا لَا نَدْرِي أَيَّ الْعَقْدَيْنِ أَوَّلُ فَلَا يَقْضِي بِشَيْءٍ حَتَّى يَصْطَلِحَا، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَصُورَةُ الِاصْطِلَاحِ هِيَ أَنْ يَقُولَا عِنْدَ الْقَاضِي: لَنَا عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَهَذَا الْحَقُّ لَا يَعْدُونَا فَنَصْطَلِحُ عَلَى أَخْذِ نِصْفِ الْمَهْرِ فَيَقْضِي الْقَاضِي، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا بَرْهَنَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَى السَّبْقِ؛ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ بَيْنَهُمَا بِالِاتِّفَاقِ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ النِّكَاحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ثَابِتَةٌ بَيْنَ كُلِّ مَنْ لَا يَجُوزُ جَمْعُهُ مِنْ الْمَحَارِمِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ؛ فَلَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ التَّفْرِيقُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُمَا، وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّةُ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمُعْتَدَّةَ دُونَ الْأُخْرَى مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا دُونَ الْأُخْرَى مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا، وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا؛ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ اسْتِمْتَاعًا كَمَا لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا نِكَاحًا وَإِذَا مَلَكَ أُخْتَيْنِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ فَإِذَا اسْتَمْتَعَ بِإِحْدَاهُمَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِالْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا ثُمَّ اشْتَرَى أُخْتَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَطَأَ الْأُولَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَ الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يُحَرِّمْ الْأُولَى عَلَى نَفْسِهِ، وَتَحْرِيمُهُ إيَّاهَا إمَّا بِالتَّزْوِيجِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ بِالْإِخْرَاجِ عَنْ مِلْكِهِ إمَّا بِإِعْتَاقٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِعْتَاقُ الْبَعْضِ كَإِعْتَاقِ الْكُلِّ وَكَذَا تَمْلِيكُ الْبَعْضِ كَتَمْلِيكِ الْكُلِّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ لَا تَحِلُّ لَهُ الْأُخْرَى كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَإِنْ وَطِئَهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ فَرْجَ الْأُخْرَى بِمَا قُلْنَا، وَإِنْ بَاعَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَوْ زَوَّجَ أَوْ وَهَبَ ثُمَّ رُدَّتْ إلَيْهِ الْمَبِيعَةُ بِعَيْبٍ أَوْ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ أَوْ طَلَّقَ الْمَنْكُوحَةَ زَوْجُهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا؛ لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى عَلَى نَفْسِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ تَزَوَّجَ جَارِيَةً فَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى اشْتَرَى أُخْتَهَا؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِالْمُشْتَرَاةِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ يَثْبُتُ لَهَا بِنَفْسِ النِّكَاحِ فَلَوْ وَطِئَ الَّتِي اشْتَرَاهَا؛ كَانَ جَامِعًا بَيْنَهُمَا فِي الْفِرَاشِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. فَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَ أَمَةٍ لَهُ قَدْ وَطِئَهَا صَحَّ النِّكَاحُ وَإِذَا جَازَ لَا يَطَأُ الْأَمَةَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَطَأْ الْمَنْكُوحَةَ وَلَا يَطَأُ الْمَنْكُوحَةَ إلَّا إذَا حَرَّمَ الْمَوْطُوءَةَ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَحِينَئِذٍ يَطَأُ الْمَنْكُوحَةَ وَيَطَأُ الْمَنْكُوحَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَ الْمَمْلُوكَةَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَ أَمَتِهِ نِكَاحًا فَاسِدًا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ أَمَتُهُ الْمَوْطُوءَةُ إلَّا إذَا دَخَلَ بِالْمَنْكُوحَةِ فَحِينَئِذٍ تَحْرُمُ الْمَوْطُوءَةُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ أُخْتَانِ قَالَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ: قَدْ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْكَ بِكَذَا وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مِنْهُمَا مَعًا فَقَبِلَ الزَّوْجُ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ بَدَأَ الزَّوْجُ فَقَالَ: قَدْ زُوِّجْتُكُمَا كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ: إحْدَاهُمَا رَضِيتُ وَأَبَتْ

القسم الخامس الإماء المنكوحة على الحرة أو معها

الْأُخْرَى أَنْ تَرْضَى؛ فَنِكَاحُهُمَا بَاطِلٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً وَوَكَّلَ رَجُلًا آخَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَزَوَّجَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا امْرَأَةً بِغَيْرِ أَمْرِهَا وَهُمَا أُخْتَانِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مَعًا؛ فَهُمَا بَاطِلَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدُ النِّكَاحَيْنِ بِرِضَا الْمَرْأَةِ وَكَانَ كَلَامُهُمَا بِرِضَاهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلَانِ لَمْ يُوَكَّلَا بِنِكَاحٍ وَكَانَا فُضُولِيَّيْنِ زَوَّجَا رَجُلًا أُخْتَيْنِ فِي عُقْدَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ بِرِضَا الْأُخْتَيْنِ وَخَاطَبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا خَاطِبٌ وَوَقَعَ الْعَقْدَانِ مَعًا فَبَلَغَ ذَلِكَ الزَّوْجَ وَأَجَازَ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا؛ جَازَ وَلَوْ أَنَّهُمَا زَوَّجَاهُ فِي عُقْدَةٍ بِأَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: زَوَّجْتُ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ وَخَاطَبَ عَنْهُمَا رَجُلَانِ؛ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ وَإِحْدَاهُمَا مُعْتَدَّةُ الْغَيْرِ أَوْ مَنْكُوحَتُهُ يَصِحُّ نِكَاحُ الْفَارِغَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ مُعْتَدَّتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْعِدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ عَنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ عَنْ شُبْهَةٍ وَكَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا فِي عِدَّتِهَا فَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ الَّتِي لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا عِنْدَهُ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ؛ لَمْ يَحِلَّ لَهُ تَزَوُّجُ أُخْتِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَيَحِلَّ أَرْبَعٌ سِوَاهَا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا تَحِلُّ الْأُخْتُ أَيْضًا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: أَخْبَرَتْنِي أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ لَا تَنْقَضِي فِي مِثْلِهَا الْعِدَّةُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا قَوْلُهَا إنْ أَخْبَرَتْ إلَّا أَنْ تُفَسِّرَهُ بِمَا هُوَ مُحْتَمَلٌ مِنْ إسْقَاطِ سَقْطٍ مُسْتَبِينِ الْخَلْقِ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِي مِثْلِهَا الْعِدَّةُ إنْ صَدَّقَتْهُ أَوْ كَانَتْ سَاكِتَةً أَوْ غَائِبَةً؛ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْرَى أَوْ أُخْتَهَا إنْ شَاءَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إنْ كَذَّبَتْهُ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَيَجُوزُ لِزَوْجِ الْمُرْتَدَّةِ إذَا لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ تَزَوُّجُ أُخْتِهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كَمَا إذَا مَاتَتْ فَإِنْ عَادَتْ مُسْلِمَةً فَإِمَّا بَعْدَ تَزَوُّجِ الْأُخْتِ أَوْ قَبْلَهُ: فَفِي الْأَوَّلِ لَا يَفْسُدُ نِكَاحُ الْأُخْتِ لِعَدَمِ عَوْدِ الْعِدَّةِ، وَفِي الثَّانِي كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ بَعْدَ سُقُوطِهَا لَا تَعُودُ بِلَا سَبَبٍ جَدِيدٍ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ لَهُ تَزَوُّجُ الْأُخْتِ وَعَوْدُهَا مُسْلِمَةً يُصَيِّرُ شَرْعًا لَحَاقَهَا كَالْغَيْبَةِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ يُعَادُ إلَيْهَا مَالُهَا وَتَعُودُ مُعْتَدَّةً، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَمَّةٌ لِلْأُخْرَى وَلَا بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا خَالَةٌ لِلْأُخْرَى، وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْ رَجُلَيْنِ أُمَّ الْآخَرِ وَيُوَلِّدَهَا بِنْتًا فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبِنْتَيْنِ عَمَّةَ لِلْأُخْرَى وَلَوْ تَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْ رَجُلَيْنِ بِنْتَ الْآخَرِ وَأَوْلَدَهَا كَانَتْ بِنْتُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَالَةً لِلْأُخْرَى، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَحَلَّ تَزَوُّجُ الْمَضْمُومَةِ إلَى مُحَرَّمَةٍ وَصُورَتُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ إحْدَاهُمَا لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا بِأَنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً لَهُ أَوْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ وَثَنِيَّةً وَالْأُخْرَى يَحِلُّ نِكَاحُهَا؛ صَحَّ نِكَاحُ مَنْ تَحِلُّ وَبَطَلَ نِكَاحُ الْأُخْرَى وَالْمُسَمَّى كُلُّهُ لِلَّتِي جَازَ نِكَاحُهَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ دَخَلَ بِاَلَّتِي لَا تَحِلُّ فَالْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ أَنَّ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَالْمُسَمَّى كُلُّهُ لِلْمُحَلَّلَةِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْقَدِيرِ. [الْقِسْمُ الْخَامِسُ الْإِمَاءُ الْمَنْكُوحَةُ عَلَى الْحُرَّةِ أَوْ مَعَهَا] (الْقِسْمُ الْخَامِسُ الْإِمَاءُ الْمَنْكُوحَةُ عَلَى الْحُرَّةِ أَوْ مَعَهَا) لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَلَا مَعَهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ؛ صَحَّ نِكَاحُ الْحُرَّةِ وَبَطَلَ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَهَذَا إذَا كَانَ يَصِحُّ نِكَاحُ الْحُرَّةِ وَحْدَهَا فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَضَمُّهَا إلَى الْأَمَةِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ نِكَاحِ الْأَمَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ نَكَحَ الْأَمَةَ ثُمَّ الْحُرَّةَ صَحَّ نِكَاحُهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِنْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

القسم السادس المحرمات التي يتعلق بها حق الغير

وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ؛ لَمْ يَجُزْ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً وَحُرَّةً وَالْحُرَّةُ فِي عِدَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ عَنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ ذَكَرَ الْحَسَنُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا وَغَيْرُهُ قَالَ: يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ هَاهُنَا بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ حُرَّةً فِي عِدَّةِ أَمَةٍ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ ثُمَّ رَاجَعَ الْأَمَةَ فَجَازَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. عَبْدٌ تَزَوَّجَ حُرَّةً وَدَخَلَ بِهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ أَمَةً بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَأَجَازَ الْمَوْلَى نِكَاحَهُمَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ دُونَ الْأَمَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي فَصْلِ نِكَاحِ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ حُرَّةً ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى لَمْ يَجُزْ وَلَوْ تَزَوَّجَ ابْنَتَهَا وَهِيَ حُرَّةٌ قَبْلَ الْإِجَازَةِ جَازَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ لَهُ بِنْتٌ كَبِيرَةٌ وَأَمَةٌ كَبِيرَةٌ فَقَالَ لِرَجُلٍ قَدْ زَوَّجْتُكَهُمَا كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِكَذَا فَقَبِلَ الزَّوْجُ نِكَاحَ الْأَمَةِ؛ كَانَ بَاطِلًا فَإِنْ قَبِلَ بَعْدَ ذَلِكَ نِكَاحَ الْحُرَّةِ؛ جَازَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجُوزُ تَزَوُّجُ الْأَمَةِ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى حُرَّةٍ، كَذَا فِي الْكَافِي وَيُكْرَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ مَعَ طَوْلِ الْحُرَّةِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا مِنْ الْإِمَاءِ وَخَمْسًا مِنْ الْحَرَائِرِ فِي عَقْدٍ صَحَّ نِكَاحُ الْإِمَاءِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ [الْقِسْمُ السَّادِسُ الْمُحَرَّمَاتُ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ] . (الْقِسْمُ السَّادِسُ الْمُحَرَّمَاتُ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ) . لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ زَوْجَةَ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الْمُعْتَدَّةُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. سَوَاءٌ كَانَتْ الْعِدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ أَوْ دُخُولٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ بِمَنْكُوحَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا مَنْكُوحَةُ الْغَيْرِ فَوَطِئَهَا؛ تَجِبُ الْعِدَّةُ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مَنْكُوحَةُ الْغَيْرِ لَا تَجِبُ حَتَّى لَا يَحْرُمَ عَلَى الزَّوْجِ وَطْؤُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَانِعٌ آخَرُ سِوَى الْعِدَّةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً حَامِلًا مِنْ الزِّنَا وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَضَعَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَصِحُّ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَمَا لَا يُبَاحُ وَطْؤُهَا لَا تُبَاحُ دَوَاعِيهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً قَدْ زَنَى هُوَ بِهَا وَظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ عِنْدَ الْكُلِّ وَلَهُ أَنْ يَطَأَهَا عِنْدَ الْكُلِّ وَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عِنْدَ الْكُلِّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَجَاءَتْ بِسَقْطٍ قَدْ اسْتَبَانَ خَلْقُهُ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ جَازَ النِّكَاحُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ؛ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ خَلْقَهُ لَا يَسْتَبِينُ إلَّا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَحُبْلَى ثَابِتِ النَّسَبِ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا إجْمَاعًا، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ حَرْبِيٍّ كَالْمُهَاجِرَةِ وَالْمَسْبِيَّةِ؛ يَجُوزُ نِكَاحُهَا وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا رَوَاهَا أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ وَاعْتَمَدَهَا الطَّحْطَاوِيُّ وَالْمَنْعُ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاعْتَمَدَهَا الْكَرْخِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلٌ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا صَحَّ نِكَاحُهَا، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ زَوَّجَهَا جَازَ النِّكَاحُ إلَّا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا صِيَانَةً لِمَائِهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَهَذَا الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْمَوْلَى بِطَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْحَتْمِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِذَا جَازَ النِّكَاحُ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَطَأَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا زَوَّجَهَا الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا فَلَوْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ أَنْ يُزَوِّجَهَا جَازَ وَطْءُ الزَّوْجِ بِلَا

القسم السابع المحرمات بالشرك

اسْتِبْرَاءٍ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا رَأَى امْرَأَةً تَزْنِي فَتَزَوَّجَهَا حَلَّ وَطْؤُهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا مَا لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ . الْأَبُ إذَا تَزَوَّجَ بِجَارِيَةِ ابْنِهِ يَجُوزُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْمَسْبِيَّةِ لِغَيْرِ السَّابِي إذَا سُبِيَتْ وَحْدَهَا دُونَ زَوْجِهَا وَأُخْرِجَتْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ الْمُهَاجِرَةُ يَجُوزُ نِكَاحُهَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. [الْقِسْمُ السَّابِعُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالشِّرْكِ] (الْقِسْمُ السَّابِعُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالشِّرْكِ) . لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمَجُوسِيَّاتِ وَلَا الْوَثَنِيَّاتِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحَرَائِرُ مِنْهُنَّ وَالْإِمَاءُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيَدْخُلُ فِي عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ عَبَدَةُ الشَّمْسِ وَالنُّجُومِ وَالصُّوَرِ الَّتِي اسْتَحْسَنُوهَا وَالْمُعَطِّلَةُ وَالزَّنَادِقَةُ وَالْبَاطِنِيَّةُ وَالْإِبَاحِيَّةُ وَكُلُّ مَذْهَبٍ يُكَفَّرُ بِهِ مُعْتَقِدُهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا يَطَأُ الْمُشْرِكَةَ وَالْمَجُوسِيَّةَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ الْحَرْبِيَّةِ وَالذِّمِّيَّةِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُمْ إلَّا لِضَرُورَةٍ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ إذَا تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ الْكِتَابِيَّةَ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْبَيْعَةِ وَالْكَنِيسَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمِنْ اتِّخَاذِ الْخَمْرِ فِي مَنْزِلِهِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَا يُجْبِرُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ كِتَابِيَّةً فِي دَارِ الْحَرْبِ جَازَ وَيُكْرَهُ فَإِنْ خَرَجَ بِهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بَقِيَا عَلَى النِّكَاحِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ خَرَجَ وَتَرَكَهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْمُبَيِّضُ إذَا تَزَوَّجَ مُبَيِّضَةً بِشُهُودٍ وَوَلِيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَا جَمِيعًا وَتَرَكَا مَا كَانَ يَعْتَقِدَانِهِ مِنْ النِّفَاقِ فِي بَاطِنِهِمَا وَكَانَ الزَّوْجُ خَلَا بِهَا وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ بَعْدَ إسْلَامِهَا قَبْلَ أَنْ تَقَعَ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَا يُظْهِرَانِ الْإِسْلَامَ وَيَعْتَقِدَانِ الْكُفْرَ؛ كَانَ نِكَاحُهُمَا جَائِزٌ وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ الزَّوْجَ الثَّانِيَ، وَإِنْ كَانَا يُظْهِرَانِ الْكُفْرَ أَوْ أَحَدُهُمَا؛ كَانَا بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهُمَا وَيَصِحُّ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ الثَّانِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكُلُّ مَنْ يَعْتَقِدُ دِينًا سَمَاوِيًّا وَلَهُ كِتَابٌ مُنَزَّلٌ كَصُحُفِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَشِيثٍ وَزَبُورِ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَتَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُمْ وَأَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَأَمَّا الصَّابِئِيَّاتُ فَتَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتُكْرَهُ وَلَا تَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَكَذَلِكَ ذَبَائِحُهُمْ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمْ قَوْمٌ مِنْ النَّصَارَى يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ وَيُعَظِّمُونَ بَعْضَ الْكَوَاكِبِ كَتَعْظِيمِنَا الْقِبْلَةَ وَهُمَا جَعَلَا تَعْظِيمَهُمْ لِبَعْضِ الْكَوَاكِبِ عِبَادَةً مِنْهُمْ لَهَا فَكَانُوا كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي أَكْثَرِ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ. وَمَنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ أَهْلِ الْكِتَابِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ كِتَابِيَّةً فَتَمَجَّسَتْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ وَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا، وَإِنْ تَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً فَتَنَصَّرَتْ أَوْ نَصْرَانِيَّةً فَتَهَوَّدَتْ؛ لَا يَفْسُدُ نِكَاحُهَا وَلَوْ تَصَابَأَتْ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَفْسُدُ وَعِنْدَهُمَا يَفْسُدُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. قَالَ الْخُجَنْدِيُّ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ

القسم الثامن المحرمات بالملك

أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا صَارَ إلَى حَالٍ لَوْ اسْتَأْنَفَ الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ فَالْجَائِزُ يَبْطُلُ ثُمَّ إذَا فَسَدَ النِّكَاحُ بِالتَّمَجُّسِ إنْ كَانَ مِنْ قِبَلِهَا فَإِنَّهُ يَحْصُلُ التَّفْرِيقُ وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ وَلَا مُتْعَةَ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، وَإِنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ إنْ كَانَ مُسَمًّى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى فَتَجِبُ الْمُتْعَةُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ يَجِبُ جَمِيعُ الْمَهْرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَدِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ مُرْتَدَّةً وَلَا مُسْلِمَةً وَلَا كَافِرَةً أَصْلِيَّةً وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُرْتَدَّةِ مَعَ أَحَدٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا يَجُوزُ تَزَوُّجُ الْمُسْلِمَةِ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَا كِتَابِيٍّ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَتَحِلُّ الْوَثَنِيَّةُ وَالْمَجُوسِيَّةُ لِكُلِّ كَافِرٍ إلَّا لِلْمُرْتَدِّ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَجُوزُ نِكَاحُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ شَرَائِعُهُمْ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ عَلَى الْمُسْلِمَةِ وَالْمُسْلِمَةِ عَلَى الْكِتَابِيَّةِ وَهُمَا فِي الْقَسْمِ سَوَاءٌ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي مَحَلِّيَّةِ النِّكَاحِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ [الْقِسْمُ الثَّامِنُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالْمِلْكِ] (الْقِسْمُ الثَّامِنُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالْمِلْكِ) . لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ عَبْدَهَا وَلَا الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا وَإِذَا اعْتَرَضَ مِلْكُ الْيَمِينِ عَلَى النِّكَاحِ يَبْطُلُ النِّكَاحُ بِأَنْ مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ أَوْ شِقْصًا مِنْهُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ أَوْ مُكَاتَبَتَهُ أَوْ مُدَبَّرَتَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ أَمَةً يَمْلِكُ بَعْضَهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نِكَاحًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ بِجَارِيَةٍ لَهُ فِيهَا حَقُّ مِلْكٍ كَجَارِيَةٍ مِنْ أَكْسَابِ مُكَاتَبِهِ أَوْ أَكْسَابِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ وَالْمَدْيُونِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالُوا: فِي هَذَا الزَّمَانِ الْأَوْلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ جَارِيَةَ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ حُرَّةً كَانَ الْوَطْءُ حَلَالًا بِحُكْمِ النِّكَاحِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ الْمَأْذُونُ وَالْمُدَبَّرُ إذَا اشْتَرَيَا مَنْكُوحَتَهُمَا لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى مَنْكُوحَتَهُ لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَمَةً فَتَزَوَّجَهَا لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ فِي حُكْمِ الْمُكَاتَبِ فَإِذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ لَا يَفْسُدُ نِكَاحُهَا وَعَلَى قَوْلِهِمَا هُوَ حُرٌّ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيَفْسُدُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ اشْتَرَى الْحُرُّ امْرَأَتَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَا يَبْطُلُ نِكَاحُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُكَاتَبُ إذَا تَزَوَّجَ مَوْلَاتَهُ لَا يَصِحُّ فَإِنْ وَطِئَهَا كَانَ عَلَيْهِ الْعُقْرُ، وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا نَكَحَ مُكَاتَبَتَهُ لَا يَصِحُّ فَإِنْ وَطِئَهَا كَانَ عَلَيْهِ الْعُقْرُ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ مَوْلَاتَهُ؛ لَا يَنْقَلِبُ النِّكَاحُ جَائِزًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْعَبْدُ بِنْتَ مَوْلَاهُ بِإِذْنِهِ جَازَ النِّكَاحُ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى فَسَدَ نِكَاحُ الْعَبْدِ، فَأَمَّا نِكَاحُ الْمُكَاتَبُ فَلَا يَفْسُدُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ أُعْتِقَ الْمُكَاتَبُ يَتَقَرَّرُ النِّكَاحُ، وَإِنْ عَجَزَ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ يَبْطُلُ نِكَاحُ الْبِنْتِ وَيَسْقُطُ كُلُّ الْمَهْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَبِقَدْرِ حِصَّتِهَا مِنْ رَقَبَةِ الزَّوْجِ يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَتَبْقَى حِصَّةُ غَيْرِهَا مِنْ الْوَرَثَةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ ابْنَةَ الْمَوْلَى بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى لَا يَنْعَقِدُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْقِسْمُ التَّاسِعُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالطَّلْقَاتِ] (الْقِسْمُ التَّاسِعُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالطَّلْقَاتِ) . لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ حُرَّةً طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ إصَابَةِ الزَّوْجِ الثَّانِي وَلَا أَمَةً طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ وَكَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَأَعْتَقَهَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا حَتَّى تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ وَيَطَأَهَا وَيُطَلِّقَهَا وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) . نِكَاحُ الْمُتْعَةِ بَاطِلٌ لَا يُفِيدُ الْحِلَّ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ وَلَا إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ وَلَا يَرِثُ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي أَلْفَاظِ

الباب الرابع في الأولياء في النكاح

النِّكَاحِ. وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَةٍ خَالِيَةٍ مِنْ الْمَوَانِعِ: أَتَمَتَّعُ بِكِ، كَذَا مُدَّةَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا أَوْ يَقُولَ أَيَّامًا أَوْ مَتِّعِينِي نَفْسَكِ أَيَّامًا أَوْ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ أَيَّامًا بِكَذَا مِنْ الْمَالِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالنِّكَاحُ الْمُؤَقَّتُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ طُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا بَيْنَ الْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ وَالْمَجْهُولَةِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا قَالُوا: إذَا سَمَّيَا مَا يُعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُمَا لَا يَعِيشَانِ إلَيْهِ كَأَلْفِ سَنَةٍ يَنْعَقِدُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ أَوْ خُرُوجِ الدَّجَّالِ أَوْ نُزُولِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهَكَذَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا مُطْلَقًا وَفِي نِيَّتِهِ أَنْ يَقْعُدَ مَعَهَا مُدَّةً نَوَاهَا فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ بَعْدَ شَهْرٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا بَأْسَ بِتَزَوُّجِ النَّهَارِيَّاتِ وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَقْعُدَ مَعَهَا نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَا فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَكَذَا تَزْوِيجُ الْوَلِيِّ الْمُحْرِمِ مُوَلِّيَتَهُ وَمَنْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ نِكَاحَهَا وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً فَجَعَلَهَا الْقَاضِي امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَكُنْ تَزَوَّجَهَا وَسِعَهَا الْمُقَامُ مَعَهُ، وَأَنْ تَدَعَهُ يُجَامِعُهَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسَعُهُ أَنْ يَطَأَهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ثُمَّ يَجْعَلُ قَضَاءَ الْقَاضِي إنْشَاءً وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مَحَلًّا لِلْإِنْشَاءِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ أَوْ مُطَلَّقَةً مِنْهُ ثَلَاثًا لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَيُشْتَرَطُ حُضُورُ الشُّهُودِ عِنْدَ الْقَضَاءِ فِي قَوْلِ الْعَامَّةِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا النِّكَاحَ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَضَى بِالطَّلَاقِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ مَعَ عِلْمِهَا؛ حَلَّ لَهَا التَّزَوُّجُ بِآخَرَ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَحَلَّ لِلشَّاهِدِ تَزَوُّجُهَا وَحَرُمَتْ عَلَى الْأَوَّلِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ وَلَا لِلثَّانِي وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الثَّانِي فَإِذَا دَخَلَ بِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا فَجَحَدَتْ فَصَالَحَهَا عَلَى مِائَةٍ عَلَى أَنْ تُقِرَّ بِذَلِكَ فَأَقَرَّتْ فَهَذَا الْمَالُ لَازِمٌ وَهَذَا الْإِقْرَارُ بِمَنْزِلَةِ إنْشَاءِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ؛ صَحَّ النِّكَاحُ وَوَسِعَهَا الْمُقَامُ مَعَ زَوْجِهَا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا وَإِلَّا لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ وَلَا يَسَعُهَا الْمُقَامُ مَعَ زَوْجِهَا هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْأَوْلِيَاءِ فِي النِّكَاح] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْأَوْلِيَاءِ) تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ بِأَسْبَابٍ أَرْبَعَةٍ بِالْقَرَابَةِ وَالْوَلَاءِ وَالْإِمَامَةِ وَالْمِلْكِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَأَقْرَبُ الْأَوْلِيَاءِ إلَى الْمَرْأَةِ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ، وَإِنْ عَلَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِذَا كَانَ لِلْمَجْنُونَةِ أَبٌ وَابْنٌ أَوْ جَدٌّ وَابْنٌ؛ فَالْوِلَايَةُ لِلِابْنِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْأَبِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَأْمُرَ الْأَبُ الِابْنَ بِالنِّكَاحِ حَتَّى يَجُوزَ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. ثُمَّ الْأَخُ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ الْأَخُ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِأَبٍ، وَإِنْ سَفَلُوا ثُمَّ الْعَمُّ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ الْعَمُّ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ الْعَمِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ ابْنُ الْعَمِّ لِأَبٍ، وَإِنْ سَفَلُوا ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ ثُمَّ رَجُلٌ هُوَ أَبْعَدُ الْعَصَبَاتِ إلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ ابْنُ عَمٍّ بَعِيدٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَكُلُّ هَؤُلَاءِ لَهُمْ وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ عَلَى الْبِنْتِ وَالذَّكَرِ فِي حَالِ صِغَرِهِمَا وَحَالِ كِبَرِهِمَا إذَا جُنَّا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. ثُمَّ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى ثُمَّ عَصَبَةُ الْمَوْلَى، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَعِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ كُلُّ قَرِيبٍ

يَرِثُ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَمْلِكُ تَزْوِيجَهُمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا وِلَايَةَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ وَالْأَقْرَبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأُمُّ ثُمَّ الْبِنْتُ ثُمَّ بِنْتُ الِابْنِ ثُمَّ بِنْتُ الْبِنْتِ ثُمَّ بِنْتُ ابْنِ الِابْنِ ثُمَّ بِنْتُ بِنْتِ الْبِنْتِ ثُمَّ الْأُخْتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ الْأُخْتُ لِأَبٍ ثُمَّ الْأَخُ وَالْأُخْتُ لِأُمٍّ ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَبَعْدَ أَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ الْعَمَّاتُ ثُمَّ الْأَخْوَالُ ثُمَّ الْخَالَاتُ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَعْمَامِ ثُمَّ بَنَاتُ الْعَمَّاتِ وَالْجَدُّ الْفَاسِدُ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. ثُمَّ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ ثُمَّ السُّلْطَانُ ثُمَّ الْقَاضِي وَمَنْ نَصَبَهُ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْقَاضِي إنَّمَا يَمْلِكُ إنْكَاحَ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى الْوَلِيِّ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي عَهْدِهِ وَمَنْشُورِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي عَهْدِهِ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا فَإِنْ زَوَّجَهَا الْقَاضِي وَلَمْ يَأْذَنْ السُّلْطَانُ لَهُ بِذَلِكَ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ فَأَجَازَ الْقَاضِي ذَلِكَ النِّكَاحَ؛ جَازَ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْقَاضِي إذَا زَوَّجَ صَغِيرَةً مِنْ نَفْسِهِ فَهُوَ نِكَاحٌ بِغَيْرِ وَلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ رَعِيَّةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا الْحَقُّ لِلَّذِي هُوَ فَوْقَهُ وَهُوَ الْوَالِي وَهُوَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَيْضًا رَعِيَّةٌ وَكَذَلِكَ الْخَلِيفَةُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ رَعِيَّةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجُوزُ لِابْنِ الْعَمِّ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَةَ عَمِّهِ مِنْ نَفْسِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَالْقَاضِي إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَةَ مِنْ ابْنِهِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. الْوَصِيُّ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي إنْكَاحِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ سَوَاءٌ أَوْصَى إلَيْهِ الْأَبُ أَوْ لَمْ يُوصِ إلَّا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ وَلِيَّهُمَا فَحِينَئِذٍ يَمْلِكُ الْإِنْكَاحَ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ لَا بِحُكْمِ الْوِصَايَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الصَّغِيرُ وَالصَّغِيرَةُ فِي حِجْرِ رَجُلٍ يَعُولُهُمَا كَالْمُلْتَقِطِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا وِلَايَةَ لِلْمَمْلُوكِ عَلَى أَحَدٍ وَلَا لِلْمُكَاتَبِ عَلَى وَلَدِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا وِلَايَةَ لِصَغِيرٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَا لِمُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ وَكَافِرَةٍ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ سَيِّدَ أَمَةٍ كَافِرَةٍ أَوْ سُلْطَانًا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلِلْكَافِرِ وِلَايَةٌ عَلَى مِثْلِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا وِلَايَةَ لِلْمُرْتَدِّ عَلَى أَحَدٍ لَا عَلَى مُسْلِمٍ وَلَا عَلَى كَافِرٍ وَلَا عَلَى مُرْتَدٍّ مِثْلِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالْفِسْقُ لَا يَمْنَعُ الْوِلَايَةَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا جُنَّ الْوَلِيُّ جُنُونًا مُطْبِقًا تَزُولُ وِلَايَتُهُ، وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ؛ لَا تَزُولُ وِلَايَتُهُ وَتَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ فِي حَالَةِ الْإِفَاقَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَقَدَّرَ الْإِمَامُ الْإِطْبَاقَ فِي رِوَايَةٍ بِشَهْرٍ وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَهَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا بَلَغَ الِابْنُ مَعْتُوهًا أَوْ مَجْنُونًا تَبْقَى وِلَايَةُ الْأَبِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَنَفْسِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَهُ الْكَبِيرَ امْرَأَةً فَلَمْ يُجِزْ حَتَّى جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا فَأَجَازَ الْأَبُ ذَلِكَ النِّكَاحَ؛ يَجُوزُ. وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ خِلَافًا فَقَالَ: الِابْنُ إذَا بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ عُتِهَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ قِيَاسًا حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ أَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً لَا يَجُوزُ بَلْ تَعُودُ الْوِلَايَةُ إلَى الْقَاضِي وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوِلَايَةُ إلَى الْأَبِ اسْتِحْسَانًا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْمَيْدَانِيُّ: تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْأَبُ إذَا جُنَّ أَوْ عُتِهَ؛ لَا تَثْبُتُ لِلِابْنِ الْوِلَايَةُ فِي مَالِهِ وَفِي حَقِّ التَّزْوِيجِ تَثْبُتُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَإِذَا اجْتَمَعَ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ وَلِيَّانِ مُسْتَوِيَانِ كَالْأَخَوَيْنِ وَالْعَمَّيْنِ فَأَيُّهُمَا زَوَّجَ جَازَ عِنْدَنَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سَوَاءٌ أَجَازَ الْآخَرُ أَوْ فَسَخَ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْآخَرِ قَالَ فِي الْفَتَاوَى: وَالْجَارِيَةُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ حَتَّى ثَبَتَ

النَّسَبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّزْوِيجِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. زَوَّجَاهَا عَلَى التَّعَاقُبِ جَازَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي، وَإِنْ زَوَّجَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ فَوَقَعَا مَعًا أَوْ لَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا أَوَّلُ؛ بَطَلَ الْعَقْدَانِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ زَوَّجَ الصَّغِيرَ أَوْ الصَّغِيرَةَ أَبْعَدُ الْأَوْلِيَاءِ فَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ حَاضِرًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ تَوَقَّفَ نِكَاحُ الْأَبْعَدِ عَلَى إجَازَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ بِأَنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَانَ كَبِيرًا مَجْنُونًا جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ غَائِبًا غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً؛ جَازَ نِكَاحُ الْأَبْعَدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْأَمَةُ إذَا غَابَ مَوْلَاهَا لَيْسَ لِلْأَقَارِبِ التَّزْوِيجُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ثُمَّ قَدَّرَ الْغَيْبَةَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِفَوَاتِ الْكُفْءِ الْحَاضِرِ الْخَاطِبِ إلَى اسْتِطْلَاعِ رَأْيِهِ وَهَذَا أَحْسَنُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. حَتَّى لَوْ كَانَ مُخْتَفِيًا فِي الْبَلْدَةِ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ يَكُونُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً، كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. فَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ جَوَّالًا لَا يُوقَفُ عَلَى أَثَرِهِ أَوْ كَانَ مَفْقُودًا لَا يُعْرَفُ مَكَانُهُ أَوْ مُخْتَفِيًا فِي الْبَلَدِ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ: يَكُونُ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْغَائِبِ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً فَإِنْ كَانَ زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مُخْتَفِيًا فِي الْمِصْرِ جَازَ نِكَاحُ الْأَبْعَدِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ حَلَّ قِيَامُ الْأَقْرَبِ حَتَّى تُوقَفَ عَلَى إجَازَةِ الْأَقْرَبِ ثُمَّ غَابَ الْأَقْرَبُ وَتَحَوَّلَتْ الْوِلَايَةُ إلَى الْأَبْعَدِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ النِّكَاحُ الَّذِي بَاشَرَهُ الْأَبْعَدُ إلَّا بِإِجَازَةٍ مِنْهُ بَعْدَ تَحَوُّلِ الْوِلَايَةِ إلَيْهِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي وِلَايَةِ الْأَقْرَبِ أَنَّهَا تَزُولُ بِالْغَيْبَةِ أَمْ بَقِيَتْ؟ . قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا بَاقِيَةٌ إلَّا أَنَّهُ حَدَثَ لِلْأَبْعَدِ وِلَايَةٌ بِغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ فَتَصِيرُ كَأَنَّ لَهَا وَلِيَّيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ كَالْأَخَوَيْنِ وَالْعَمَّيْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَزُولُ وِلَايَتُهُ وَتَنْتَقِلُ إلَى الْأَبْعَدِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَلَوْ زَوَّجَهَا حَيْثُ هُوَ لَا رِوَايَةَ فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِانْقِطَاعِ وِلَايَتِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ زَوَّجَهَا الْأَقْرَبُ حَيْثُ هُوَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْجَوَازُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ فَإِنْ وَقَعَ عَقْدُ الْأَقْرَبِ وَالْأَبْعَدِ مَعًا فَلَا يَجُوزُ كِلَاهُمَا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَا يُدْرَى السَّابِقُ مِنْ اللَّاحِقِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَتَبْطُلُ وِلَايَةُ الْأَبْعَدِ بِمَجِيءِ الْأَقْرَبِ لَا مَا عَقَدَهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِوِلَايَةٍ تَامَّةٍ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْأَقْرَبَ إذَا عَضَلَ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى الْأَبْعَدِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. غَابَ الْوَلِيُّ أَوْ عَضَلَ أَوْ كَانَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ فَاسِقًا فَلِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ كُفْءٍ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ أَنْ يُنْكِحَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِذَلِكَ، كَذَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ. سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. الْمَعْتُوهُ وَالْمَعْتُوهَةُ وَالْمَجْنُونُ وَالْمَجْنُونَةُ كَالصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ فَلِلْوَلِيِّ إنْكَاحُهُمَا إذَا كَانَ الْجُنُونُ مُطْبِقًا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِذَا زَوَّجَ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ الصَّغِيرَةَ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُعْقَدَ مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً بِمَهْرٍ مُسَمًّى وَمَرَّةً بِغَيْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى؛ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي التَّسْمِيَةِ نُقْصَانٌ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ الْأَوَّلُ وَيَصِحُّ الثَّانِي بِمَهْرِ الْمِثْلِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا بِلَفْظِ أَنْ أَتَزَوَّجَ أَوْ بِلَفْظَةِ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا يَنْعَقِدُ الثَّانِي بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَتَحِلُّ، وَإِنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْوَجْهِ الثَّانِي، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. فَإِنْ زَوَّجَهُمَا الْأَبُ وَالْجَدُّ فَلَا خِيَارَ لَهُمَا بَعْدَ بُلُوغِهِمَا، وَإِنْ زَوَّجَهُمَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ إنْ شَاءَ أَقَامَ عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ خِيَارِ الْعِتْقِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فَإِنْ اخْتَارَ الصَّغِيرُ أَوْ الصَّغِيرَةُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَمْ يُفَرِّقْ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا تَوَارَثَا وَيَحِلُّ لِلزَّوْجِ أَنْ

يَطَأَهَا مَا لَمْ يُفَرِّقْ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ زَوَّجَ الْقَاضِي أَوْ الْإِمَامُ؛ يَثْبُتُ الْخِيَارُ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْكَافِي سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ عَنْ صَغِيرَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ وَلَا وَلِيَّ لَهَا وَلَا قَاضِيَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَالَ: يَنْعَقِدُ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا زَوَّجَتْ الصَّغِيرَةُ نَفْسَهَا فَأَجَازَ الْأَخُ الْوَلِيُّ جَازَ وَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَبْطُلُ هَذَا الْخِيَارُ فِي جَانِبِهَا بِالسُّكُوتِ إذَا كَانَتْ بِكْرًا وَلَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ سَكَتَتْ كَمَا بَلَغَتْ وَهِيَ بِكْرٌ بَطَلَ الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فِي الْأَصْلِ أَوْ كَانَتْ بِكْرًا إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ قَدْ بَنَى بِهَا ثُمَّ بَلَغَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا بِالسُّكُوتِ وَلَا بِقِيَامِهَا عَنْ الْمَجْلِسِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا إذَا رَضِيَتْ بِالنِّكَاحِ صَرِيحًا أَوْ يُوجَدُ مِنْهَا فِعْلٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الرِّضَا كَالتَّمْكِينِ مِنْ الْجِمَاعِ أَوْ طَلَبِ النَّفَقَةِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَمَّا لَوْ أَكَلَتْ طَعَامَهُ أَوْ خَدَمَتْهُ كَمَا كَانَتْ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَإِذَا عَلِمَتْ بِالْعَقْدِ سَاعَةَ مَا بَلَغَتْ لَكِنْ جَهِلَتْ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ فَسَكَتَتْ بَطَلَ خِيَارُهَا أَمَّا إذَا لَمْ تَعْلَمْ بِالْعَقْدِ سَاعَةَ مَا بَلَغَتْ؛ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ إذَا عَلِمَتْ، وَإِذَا بَلَغَتْ وَسَأَلَتْ عَنْ اسْمِ الزَّوْجِ أَوْ عَنْ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى أَوْ سَلَّمَتْ عَلَى الشُّهُودِ بَطَلَ خِيَارُ الْبُلُوغِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اجْتَمَعَ لَهَا حَقَّانِ: الشُّفْعَةُ وَخِيَارُ الْبُلُوغِ تَقُولُ: أَطْلُبُ الْحَقَّيْنِ ثُمَّ تَبْدَأُ فِي التَّفْسِيرِ بِاخْتِيَارِ النَّفْسِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَقُلْ: رَضِيتُ أَوْ يَجِئْ مِنْهُ مَا يُعْلِمُ أَنَّهُ رَضِيَ وَلَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ فِي حَقِّ الْغُلَامِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بِالرِّضَا هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا أَدْرَكَتْ بِالْحَيْضِ لَا بَأْسَ بِأَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا مَعَ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ فِي اللَّيْلِ تَقُولُ: فَسَخْتُ النِّكَاحَ وَتَشْهَدُ إذَا أَصْبَحَتْ وَتَقُولُ: إنَّمَا رَأَيْتُ الدَّمَ الْآنَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ أَنْ تَقُولَ: رَأَيْتُ الدَّمَ فِي اللَّيْلِ وَفَسَخْتُ، ذَكَرَهُ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ. قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَإِنْ كَانَ هَذَا كَذِبًا لَكِنَّ الْكَذِبَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مُبَاحٌ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الصَّغِيرَةِ الَّتِي زَوَّجَهَا عَمُّهَا إذَا حَاضَتْ فَقَالَتْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَدْ اخْتَرْتُ؛ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا، فَإِنْ بَعَثَتْ خَادِمَهَا حِينَ حَاضَتْ تَدْعُو الشُّهُودَ لِتُشْهِدَهُمْ فَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى الشُّهُودِ وَهِيَ فِي مَوْضِعٍ مُنْقَطِعٍ عَنْ النَّاسِ فَمَكَثَتْ أَيَّامًا لَا تَقْدِرُ عَلَى الشُّهُودِ قَالَ: أُلْزِمُهَا النِّكَاحَ وَلَمْ يَجْعَلْ هَذَا عُذْرًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَأَشْهَدَتْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ تَتَقَدَّمْ إلَى الْقَاضِي شَهْرَيْنِ؛ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا مَا لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي خِيَارِ الْبُلُوغِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: اخْتَرْتُ نَفْسِي، وَرَدَدْتُ النِّكَاحَ كَمَا بَلَغْتُ، وَقَالَ الزَّوْجُ: لَا، بَلْ سَكَتِّ وَسَقَطَ خِيَارُكِ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ الصَّغِيرُ وَالصَّغِيرَةُ الْمَرْقُوقَانِ إذَا زَوَّجَهُمَا الْمَوْلَى ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا ثُمَّ بَلَغَا فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُمَا خِيَارُ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ يُغْنِي عَنْهُ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوَّلًا ثُمَّ زَوَّجَهُمَا ثُمَّ بَلَغَتْ فَإِنَّ لَهَا خِيَارَ الْبُلُوغِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ ارْتَدَّ مُسْلِمٌ وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَخَلَّفَ امْرَأَتَهُ وَابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَزَوَّجَ الْعَمُّ الْجَارِيَةَ مُسْلِمًا فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ حَتَّى لَحِقَتْ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ وَالزَّوْجُ مُرْتَدِّينَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ فَإِنْ سُبِيَ الْكُلُّ وَأَسْلَمُوا فَإِنَّ الْجَارِيَةَ وَالْأُمَّ مَمْلُوكَتَانِ وَالزَّوْجَ وَالْأَبَ حُرَّانِ فَإِنْ بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ لَا خِيَارَ لَهَا، وَلَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ إذَا أُعْتِقَتْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ثُمَّ الْفُرْقَةُ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ لَيْسَتْ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ يَشْتَرِكُ فِي سَبَبِهَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَكَذَا الْفُرْقَةُ بِخِيَارِ الْعِتْقِ لَيْسَتْ بِطَلَاقٍ وَبِخِلَافِ الْمُخَيَّرَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَالضَّابِطَةُ) أَنَّ كُلَّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ لَا بِسَبَبِ الزَّوْجِ فَهِيَ فَسْخٌ كَخِيَارِ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ، وَكُلَّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ فَهِيَ طَلَاقٌ كَالْإِيلَاءِ وَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ، كَذَا فِي

وقت الدخول بالصغيرة

النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ إنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِاخْتِيَارِ الزَّوْجِ أَوْ بِاخْتِيَارِ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِاخْتِيَارِ الزَّوْجِ أَوْ بِاخْتِيَارِ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ مَعْتُوهَةٌ زَوَّجَهَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ ثُمَّ عُلِّقَتْ فَلَهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا أَوْ جَدُّهَا ثُمَّ عُلِّقَتْ؛ فَلَا خِيَارَ لَهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ زَوَّجَهَا الِابْنُ فَهُوَ كَالْأَبِ بَلْ أَوْلَى، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ [وَقْتُ الدُّخُولِ بِالصَّغِيرَةِ] وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الدُّخُولِ بِالصَّغِيرَةِ فَقِيلَ لَا يَدْخُلُ بِهَا مَا لَمْ تَبْلُغْ وَقِيلَ يَدْخُلُ بِهَا إذَا بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلسِّنِّ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ لِلطَّاقَةِ إنْ كَانَتْ ضَخْمَةً سَمِينَةً تُطِيقُ الرِّجَالَ وَلَا يُخَافُ عَلَيْهَا الْمَرَضُ مِنْ ذَلِكَ؛ كَانَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ، وَإِنْ كَانَتْ نَحِيفَةً مَهْزُولَةً لَا تُطِيقُ الْجِمَاعَ وَيُخَافُ عَلَيْهَا الْمَرَضُ لَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، وَإِنْ كَبُرَ سِنُّهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِذَا نَقَدَ الزَّوْجُ الْمَهْرَ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ أَبَا الْمَرْأَةِ بِتَسْلِيمِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ أَبُوهَا: إنَّهَا صَغِيرَةٌ لَا تَصْلُحُ لِلرِّجَالِ وَلَا تُطِيقُ الْجِمَاعَ وَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ هِيَ تَصْلُحُ وَتُطِيقُ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَخْرُجُ أَخْرَجَهَا وَأَحْضَرَهَا وَيُنْظَرُ إلَيْهَا فَإِنْ صَلَحَتْ لِلرِّجَالِ أَمَرَ بِدَفْعِهَا إلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ لَمْ يَأْمُرْهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَخْرُجُ أَمَرَ مَنْ يَثِقُ بِهِنَّ مِنْ النِّسَاءِ أَنْ يَنْظُرْنَ إلَيْهَا فَإِنْ قُلْنَ: إنَّهَا تُطِيقُ الْجِمَاعَ وَتَحْتَمِلُ الرِّجَالَ أَمَرَ الْأَبَ بِدَفْعِهَا إلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ قُلْنَ: لَا تَحْتَمِلُ الرِّجَالَ لَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا إلَى الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. نَفَذَ نِكَاحُ حُرَّةٍ مُكَلَّفَةٍ بِلَا وَلِيٍّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَطَاءُ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ امْرَأَةٍ شَافِعِيَّةٍ بِكْرٍ بَالِغَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ حَنَفِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ أَبِيهَا وَالْأَبُ لَا يَرْضَى وَرَدَّهُ هَلْ يَصِحُّ هَذَا النِّكَاحُ؟ . قَالَ: نَعَمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ شَافِعِيٍّ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ أَحَدٍ عَلَى بَالِغَةٍ صَحِيحَةِ الْعَقْلِ مِنْ أَبٍ أَوْ سُلْطَانٍ بِغَيْرِ إذْنِهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنِّكَاحُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَتِهَا فَإِنْ أَجَازَتْهُ؛ جَازَ، وَإِنْ رَدَّتْهُ بَطَلَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ ضَحِكَتْ الْبِكْرُ عِنْدَ الِاسْتِئْمَارِ أَوْ بَعْدَمَا بَلَغَهَا الْخَبَرُ فَهُوَ رِضًا هَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي. وَقَالُوا إنْ ضَحِكَتْ كَالْمُسْتَهْزِئَةِ لَمَّا سَمِعَتْ لَا يَكُونُ رِضًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَالْكَافِي. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ تَبَسَّمَتْ فَهُوَ رِضًا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ بَكَتْ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْبُكَاءَ إذَا كَانَ بِخُرُوجِ الدَّمْعِ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ يَكُونُ رِضًا، وَإِنْ كَانَ مَعَ الصَّوْتِ وَالصِّيَاحِ لَا يَكُونُ رِضًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ اسْتَأْذَنَ الْوَلِيُّ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ فَسَكَتَتْ فَذَلِكَ إذْنٌ مِنْهَا وَكَذَا إذَا مَكَّنَتْ الزَّوْجَ مِنْ نَفْسِهَا بَعْدَمَا زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ فَهُوَ رِضًا وَكَذَا لَوْ طَالَبَتْ بِصَدَاقِهَا بَعْدَ الْعِلْمِ فَهُوَ رِضًا هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا قَالَ لَهَا الْوَلِيُّ: أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَكِ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ فَسَكَتَتْ ثُمَّ زَوَّجَهَا فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى أَوْ زَوَّجَهَا ثُمَّ بَلَغَهَا الْخَبَرُ فَسَكَتَتْ فَالسُّكُوتُ مِنْهَا رِضًا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إذَا كَانَ الْمُزَوِّجُ هُوَ الْوَلِيَّ، وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ أَقْرَبُ مِنْ الْمُزَوِّجِ؛ لَا يَكُونُ السُّكُوتُ مِنْهَا رِضًا وَلَهَا الْخِيَارُ: إنْ شَاءَتْ رَضِيَتْ، وَإِنْ شَاءَتْ رَدَّتْ، وَإِنْ بَلَغَهَا الْخَبَرُ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ رَسُولَ الْوَلِيِّ؛ يَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا، سَوَاءٌ كَانَ الرَّسُولُ عَدْلًا أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ فُضُولِيًّا شُرِطَ فِيهِ الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا

رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ أَجْنَبِيًّا لَيْسَ بِوَلِيٍّ أَوْ رَسُولٍ عَنْهُ إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ رَجُلًا وَاحِدًا غَيْرَ عَدْلٍ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فِي ذَلِكَ ثَبَتَ النِّكَاحُ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ لَا يَثْبُتُ، وَإِنْ ظَهَرَ صِدْقُ الْمُخْبِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ إذَا ظَهَرَ صِدْقُ الْمُخْبِرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ بَلَغَهَا الْخَبَرُ فَتَكَلَّمَتْ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ؛ فَهُوَ سُكُوتٌ هَاهُنَا فَيَكُونُ إجَازَةً هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ بِكْرٌ بَلَغَهَا خَبَرُ النِّكَاحِ فَأَخَذَهَا الْعُطَاسُ أَوْ السُّعَالُ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهَا قَالَتْ: لَا أَرْضَى جَازَ الرَّدُّ إذَا قَالَتْ مُتَّصِلًا بِهِ وَكَذَلِكَ إذَا أَخَذَ فَمَهَا ثُمَّ تَرَكَ فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى جَازَ الرَّدُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَيْضًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَتُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِئْمَارِ تَسْمِيَةُ الزَّوْجِ عَلَى وَجْهٍ تَقَعُ بِهِ الْمَعْرِفَةُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. حَتَّى لَوْ قَالَ لَهَا: أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَكَ مِنْ رَجُلٍ فَسَكَتَتْ لَا يَكُونُ رِضًا وَلَوْ قَالَ لَهَا: أُزَوِّجُكِ مِنْ فُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةً فَسَكَتَتْ فَهُوَ رِضًا يُزَوِّجُهَا الْوَلِيُّ مِنْ أَيِّهِمْ شَاءَ فَإِنْ قَالَ: مِنْ جِيرَانِي أَوْ بَنِي عَمِّي إنْ كَانُوا جَمَاعَةً يُحْصَوْنَ؛ فَهُوَ رِضًا وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تُفَوِّضْ الْأَمْرَ إلَيْهِ أَمَّا إذَا قَالَتْ: أَنَا رَاضِيَةٌ بِمَا تَفْعَلُهُ أَنْتَ بَعْدَ قَوْلِهِ: إنَّ أَقْوَامًا يَخْطُبُونَكِ أَوْ: زَوِّجْنِي مِمَّنْ تَخْتَارُهُ وَنَحْوُهُ فَهُوَ اسْتِئْذَانٌ صَحِيحٌ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْمَهْرِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فَإِنْ اسْتَأْمَرَهَا الْأَبُ قَبْلَ النِّكَاحِ فَقَالَ: أُزَوِّجُكِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَهْرَ وَلَا الزَّوْجَ فَسَكَتَتْ لَا يَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا وَلَهَا أَنْ تَرُدَّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ ذَكَرَ الزَّوْجَ وَالْمَهْرَ فِي الِاسْتِئْمَارِ فَسَكَتَتْ كَانَ سُكُوتُهَا رِضًا، وَإِنْ ذَكَرَ الزَّوْجَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَهْرَ فَسَكَتَتْ قَالُوا: إنْ وَهَبَهَا مِنْ رَجُلٍ نَفَذَ نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِنِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ وَالظَّاهِرُ هُوَ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالنِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ، وَإِنْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِمَهْرٍ مُسَمًّى لَا يَنْفُذُ نِكَاحُ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهَا مَا رَضِيَتْ بِتَسْمِيَةِ الْوَلِيِّ فَلَا يَنْفُذُ نِكَاحُ الْوَلِيِّ إلَّا بِإِجَازَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ. وَإِنْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِغَيْرِ اسْتِئْمَارٍ ثُمَّ أَخْبَرَهَا بَعْدَ النِّكَاحِ فَسَكَتَتْ إنْ أَخْبَرَهَا بِالنِّكَاحِ وَلَمْ يَذْكُرْ الزَّوْجَ وَالْمَهْرَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ رِضًا، وَإِنْ ذَكَرَ الزَّوْجَ وَالْمَهْرَ فَسَكَتَتْ كَانَ رِضًا، وَإِنْ ذَكَرَ الزَّوْجَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَهْرَ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِئْمَارِ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَإِنْ ذَكَرَ الْمَهْرَ وَلَمْ يَذْكُرْ الزَّوْجَ فَسَكَتَتْ لَمْ يَكُنْ السُّكُوتُ رِضًا اسْتَأْمَرَهَا قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ أَخْبَرَهَا بَعْدَ النِّكَاحِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى ثُمَّ رَضِيَتْ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ فَرَدَّتْ ثُمَّ قَالَ لَهَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ إنَّ أَقْوَامًا مَا يَخْطُبُونَكِ فَقَالَتْ: أَنَا رَاضِيَةٌ بِمَا تَفْعَلُ فَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ مِنْ الْأَوَّلِ فَأَبَتْ أَنْ تُجِيزَ نِكَاحَهُ كَانَ لَهَا ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْفَقِيهُ أَبُو نَصْرٍ عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ وَلِيَّتَهُ فَلَمَّا بَلَغَهَا الْخَبَرُ قَالَتْ: هُوَ دَمِيمٌ لَا أَرْضَى بِهِ أَوْ قَالَتْ: هُوَ دَبَّاغٌ لَا أَرْضَى بِهِ قَالَ: هَذَا كَلَامٌ وَاحِدٌ فَلَا يَضُرُّهَا مَا قَدَّمَتْ وَبَطَلَ النِّكَاحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا اسْتَأْمَرَهَا الْوَلِيُّ فِي نِكَاحِ رَجُلٍ فَأَبَتْ ثُمَّ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ مِنْهُ فَسَكَتَتْ كَانَ رِضًا، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَلَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِحَضْرَتِهَا فَسَكَتَتْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ رِضًا وَلَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ مُتَسَاوِيَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ رَجُلٍ فَأَجَازَتْهُمَا مَعًا بَطَلَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَإِنْ سَكَتَتْ بَقِيَا مَوْقُوفَيْنِ حَتَّى تُجِيزَ أَحَدَهُمَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْجَوَابِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا اسْتَأْمَرَ الْبِكْرَ الْوَلِيُّ فِي التَّزْوِيجِ مِنْ رَجُلٍ فَقَالَتْ: غَيْرُهُ أَوْلَى لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إذْنًا وَلَوْ أَخْبَرَهَا بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَقَالَتْ: ذَلِكَ كَانَ إجَازَةً، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ بَالِغَةٌ زَوَّجَهَا أَبُوهَا فَبَلَغَهَا الْخَبَرُ فَقَالَتْ: لَا أُرِيدُ أَوْ قَالَتْ: لَا أُرِيدُ فُلَانًا فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَكُونُ رَدًّا فِي الْوَجْهَيْنِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا وَلِيُّهَا: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَكِ مِنْ فُلَانٍ فَقَالَتْ: يَصْلُحُ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ: لَا أَرْضَى وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ بِقَوْلِهَا حَتَّى

زَوَّجَهَا مِنْ فُلَانٍ صَحَّ، وَلَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ فَقَالَتْ: نِعْمَ مَا صَنَعَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إجَازَةٌ وَلَوْ قَالَتْ: أَحْسَنْتَ أَوْ أَصَبْتَ أَوْ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْ لَنَا أَوْ قَبِلَتْ التَّهْنِئَةَ فَهُوَ رِضًا وَقَالَ ابْنُ سَلَّامٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا قَالَ لَهَا الْوَلِيُّ: أُزَوِّجُكِ مِنْ فُلَانٍ فَقَالَتْ: بَاكِي نيست؛ أَنَّهُ يَكُونُ رِضًا وَلَوْ قَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي إلَى النِّكَاحِ أَوْ كُنْتُ قُلْتُ لَكَ: لَا أُرِيدُ فَهُوَ رَدٌّ لِلنِّكَاحِ الْمُبَاشِرِ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: لَا أَرْضَى أَوْ لَا أَصْبِرُ أَوْ أَنَا كَارِهَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ رَدٌّ وَأَمَّا قَوْلُهَا لَا يُعْجِبُنِي أَوْ لَا أُرِيدُ الِازْدِوَاجَ؛ فَلَا يَكُونُ رَدًّا حَتَّى لَوْ رَضِيَتْ بَعْدَ ذَلِكَ يَصِحُّ، وَلَوْ قَالَتْ: لَا أُرِيدُ فُلَانًا فَهُوَ رَدٌّ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَتْ: أَنْتَ أَعْلَمُ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ تَوْبَة داني لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رِضًا وَلَوْ قَالَتْ: ذَلِكَ إلَيْكَ فَهُوَ رِضًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ . بِكْرٌ زَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا مِنْ نَفْسِهِ وَهِيَ بَالِغَةٌ فَبَلَغَهَا الْخَبَرُ فَسَكَتَتْ ثُمَّ قَالَتْ: لَا أَرْضَى كَانَ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْعَمِّ كَانَ أَصِيلًا فِي نَفْسِهِ فُضُولِيًّا فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ فَلَمْ يَتِمَّ الْعَقْدُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَعْمَلُ الرِّضَا وَلَوْ اسْتَأْمَرَهَا فِي التَّزْوِيجِ مِنْ نَفْسِهِ فَسَكَتَتْ ثُمَّ زَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ جَازَ إجْمَاعًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ الْأَبُ لِلْبِكْرِ الْبَالِغَةِ إنَّ فُلَانًا يُذَكِّرُكِ بِمَهْرِ كَذَا فَوَثَبَتْ مِنْ مَكَانِهَا مَرَّتَيْنِ وَهِيَ سَاكِنَةٌ فَزَوَّجَهَا جَازَ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَلَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِغَيْرِ اسْتِئْمَارٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ: بَلَغَكِ النِّكَاحُ فَسَكَتَتْ وَقَالَتْ: لَا بَلْ رَدَدْتُ؛ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. فَإِنْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى سُكُوتِهَا حِينَ بَلَغَهَا الْخَبَرُ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهَا الْيَمِينُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ فَإِذَا نَكَلَتْ يَقْضِي عَلَيْهَا بِالنُّكُولِ، وَإِنْ أَقَامَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً عَلَى سُكُوتِهَا حِينَ بَلَغَهَا الْخَبَرُ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى الرَّدِّ فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ الشُّهُودُ: كُنَّا عِنْدَهَا وَلَمْ نَسْمَعْهَا تَتَكَلَّمُ ثَبَتَ سُكُوتُهَا بِذَلِكَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَجَازَتْ الْعَقْدَ حِينَ أَخْبَرَتْ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا رَدَّتْ حِينَ أَخْبَرَتْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الزَّوْجِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ كَانَتْ الْبِكْرُ قَدْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا ثُمَّ قَالَتْ: لَمْ أَرْضَ لَمْ تُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ تَمْكِينُهَا إيَّاهُ مِنْ الدُّخُولِ بِهَا رِضًا إلَّا إذَا دَخَلَ بِهَا وَهِيَ مُكْرَهَةٌ فَحِينَئِذٍ لَا يَثْبُتُ الرِّضَا فَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى الرَّدِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَقِيلَ: الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالرِّضَا وَلَوْ أَقَرَّتْ بِالرِّضَا ثُمَّ ادَّعَتْ الرَّدَّ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهَا وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا فَكَذَا هَذَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يُقْبَلُ عَلَيْهَا قَوْلُ وَلِيِّهَا بِالرِّضَا؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَيْهَا بِثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلزَّوْجِ وَإِقْرَارُهُ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ بَعْدَ بُلُوغِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الْبَالِغَةَ وَلَمْ يَعْلَمْ الرِّضَا وَالرَّدَّ حَتَّى مَاتَ زَوْجُهَا فَقَالَ وَرَثَةُ الزَّوْجِ: إنَّهَا زُوِّجَتْ بِغَيْرِ أَمْرِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ وَلَمْ تَرْضَ فَلَا مِيرَاثَ وَقَالَتْ: زَوَّجَنِي أَبِي بِأَمْرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَإِنْ قَالَتْ: زَوَّجَنِي أَبِي بِغَيْرِ أَمْرِي فَبَلَغَنِي الْخَبَرُ فَرَضِيتُ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا مِيرَاثَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ اسْتَأْذَنَ الثَّيِّبَ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا بِالْقَوْلِ وَكَذَا إذَا بَلَغَهَا الْخَبَرُ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَكَمَا يَتَحَقَّقُ رِضَاهَا بِالْقَوْلِ كَقَوْلِهَا: رَضِيتُ وَقَبِلْتُ وَأَحْسَنْتَ وَأَصَبْتَ وَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْ لَنَا وَنَحْوِهِ يَتَحَقَّقُ بِالدَّلَالَةِ كَطَلَبِ مَهْرِهَا وَنَفَقَتِهَا وَتَمْكِينِهَا مِنْ الْوَطْءِ وَقَبُولِ التَّهْنِئَةِ وَالضَّحِكِ بِالسُّرُورِ مِنْ غَيْرِ اسْتِهْزَاءٍ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالثَّيِّبُ

الباب الخامس في الأكفاء في النكاح

إذَا زُوِّجَتْ فَقَبِلَتْ الْهَدِيَّةَ بَعْدَ التَّزْوِيجِ فَذَلِكَ لَيْسَ بِرِضًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَكَلَتْ مِنْ طَعَامِهِ أَوْ خَدَمَتْهُ كَمَا كَانَتْ تَخْدُمُهُ قَبْلَ ذَلِكَ. وَلَوْ خَلَا بِهَا بِرِضَاهَا هَلْ يَكُونُ إجَازَةً لَا رِوَايَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ هَذِهِ إجَازَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِوَثْبَةٍ أَوْ حَيْضَةٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ تَعْنِيسٍ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْأَبْكَارِ، وَإِنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِزِنًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا فَإِنْ أُخْرِجَتْ وَأُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا وَكَذَا إنْ صَارَ الزِّنَا عَادَةً لَهَا، كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا مَاتَ زَوْجُ الْبِكْرِ بَعْدَ مَا خَلَا بِهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا تُزَوَّجُ كَمَا تُزَوَّجُ الْأَبْكَارُ وَكَذَا لَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الْعِنِّينِ وَامْرَأَتِهِ وَكَذَا لَوْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِخَزَفِ الِاسْتِنْجَاءِ. وَلَوْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ جُومِعَتْ بِشُبْهَةٍ تُزَوَّجُ كَمَا تُزَوَّجُ الثَّيِّبُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْأَكْفَاء فِي النِّكَاحِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْأَكْفَاءِ) الْكَفَاءَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ لِلُزُومِ النِّكَاحِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا تُعْتَبَرُ فِي جَانِبِ النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا خَيْرًا مِنْهَا؛ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْوَلِيَّ لَا يَتَعَيَّرُ بِأَنْ يَكُونَ تَحْتَ الرَّجُلِ مَنْ لَا يُكَافِئُوهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. الْكَفَاءَةُ تُعْتَبَرُ فِي أَشْيَاءَ (مِنْهَا النَّسَبُ) فَقُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ كَيْفَ كَانُوا حَتَّى أَنَّ الْقُرَشِيَّ الَّذِي لَيْسَ بِهَاشِمِيٍّ يَكُونُ كُفْئًا لِلْهَاشِمِيِّ وَغَيْرُ الْقُرَشِيِّ مِنْ الْعَرَبِ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِلْقُرَشِيِّ وَالْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ الْأَنْصَارِيُّ وَالْمُهَاجِرِيُّ فِيهِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَبَنُو بَاهِلَةَ لَيْسُوا بِأَكْفَاءٍ لِعَامَّةِ الْعَرَبِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعَرَبَ كُلَّهُمْ أَكْفَاءٌ كَذَا ذَكَرَهُ أَبُو الْيُسْرِ فِي مَبْسُوطِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَالْمَوَالِي وَهُمْ غَيْرُ الْعَرَبِ لَا يَكُونُونَ أَكْفَاءً لِلْعَرَبِ وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ قَالُوا: الْحَسِيبُ كُفْءٌ لِلنَّسِيبِ حَتَّى أَنَّ الْفَقِيهَ يَكُونُ كُفْئًا لِلْعَلَوِيَّةِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَالْعَتَّابِيُّ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَفِي الْيَنَابِيعِ وَالْعَالِمُ كُفْءٌ لِلْعَرَبِيَّةِ وَالْعَلَوِيَّةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِلْعَلَوِيَّةِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ (وَمِنْهَا إسْلَامُ الْآبَاءِ) مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَبٌ فِي الْإِسْلَامِ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ لَهُ أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَمَنْ لَهُ أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ؛ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فَصَاعِدًا فِي الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَلَّذِي أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِلَّتِي لَهَا أَبَوَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فِي الْإِسْلَامِ وَيَكُونُ كُفْئًا لِمِثْلِهِ هَذَا إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ قَدْ تَبَاعَدَ عَهْدُ الْإِسْلَامِ وَطَالَ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَهْدُ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يُعَيَّرُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَيْبًا فَإِنَّهُ يَكُونُ كُفْئًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ كَانَ كُفْئًا لِامْرَأَةٍ لَهَا ثَلَاثَةُ آبَاءٍ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ أَكْثَرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ كُفْءٌ لِمَنْ لَمْ تَجْرِ عَلَيْهِ رِدَّةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. . (وَمِنْهَا الْحُرِّيَّةُ) فَالْمَمْلُوكُ كَيْفَ كَانَ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِلْحُرَّةِ وَكَذَا الْمُعْتَقُ أَبُوهُ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِلْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْمُعْتَقُ يَكُونُ كُفْئًا لِمِثْلِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَالْمُعْتَقُ أَبُوهُ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِلْمَرْأَةِ الَّتِي لَهَا أَبَوَانِ فِي الْحُرِّيَّةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَاَلَّذِي هُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ فِي الْأَصْلِ بِأَبِيهِ وَجَدِّهِ بِأَنْ وُلِدَ جَدُّهُ حُرًّا مُسْلِمًا كُفْءٌ لِمَنْ لَهَا آبَاءٌ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ وَلَوْ كَانَ جَدُّهُ مُعْتَقًا أَوْ كَافِرًا أَسْلَمَ لَا يَكُونُ كُفْئًا لَهَا وَالْمُعْتَقُ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِامْرَأَةٍ أُمُّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ وَأَبُوهَا مُعْتَقٌ وَقِيلَ لَا رِوَايَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَمَوْلَاةُ أَشْرَفِ الْقَوْمِ لَا تَكُونُ كُفْئًا لِمَوْلَى الْوَضِيعِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ حَتَّى أَنَّ مَوْلَاةَ

بَنِي هَاشِمٍ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ مَوْلَى الْعَرَبِ كَانَ لِمُعْتِقِهَا حَقُّ التَّعَرُّضِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَمَوْلَاةُ الْهَاشِمِيِّ لَا تُكَافِئُ مَوْلَى الْقُرَشِيِّ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَمُعْتَقَةُ أَشْرَفِ الْقَوْمِ تَكُونُ كُفْئًا لِلْمَوْلَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَتُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فِي حَقِّ الْعَجَمِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْتَخِرُونَ بِهِمَا دُونَ النَّسَبِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. أَمَّا فِي حَقِّ الْعَرَبِ فَإِسْلَامُ. الْأَبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَلَوْ تَزَوَّجَ عَرَبِيٌّ لَهُ أَبٌ كَافِرٌ بِعَرَبِيَّةٍ لَهَا آبَاءٌ فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ كُفْءٌ وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَهِيَ لَازِمَةٌ لِلْعَرَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ (وَمِنْهَا الْكَفَاءَةُ فِي الْمَالِ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ حَتَّى أَنَّ مَنْ لَا يَمْلِكُهُمَا أَوْ لَا يَمْلِكُ أَحَدَهُمَا لَا يَكُونُ كُفْئًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ مُوسِرَةً كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ مُعْسِرَةً هَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ وَلَا تُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَنَّ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ كَانَ كُفْئًا لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ صَاحِبَةَ أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى نَفَقَتِهَا بِالْكَسْبِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَهْرِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ عَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ كُفْئًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمُرَادُ بِالْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ وَهُوَ مَا تَعَارَفُوا تَعْجِيلَهُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْبَاقِي وَلَوْ كَانَ حَالًّا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. قَالَ أَبُو نَصْرٍ يُعْتَبَرُ فِي النَّفَقَةِ قُوتُ سَنَةٍ وَكَانَ نُصَيْرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: يُعْتَبَرُ قُوتُ شَهْرٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْمَهْرِ وَيَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا كَانَ كُفْئًا وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُحْتَرِفِينَ مَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ثُمَّ إنَّمَا تُعْتَبَرُ الْقُدْرَةُ عَلَى النَّفَقَةِ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً تَصْلُحُ لِلْجِمَاعِ أَمَّا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تَصْلُحُ لِلْجِمَاعِ فَلَا تُعْتَبَرُ الْقُدْرَةُ عَلَى النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَيُكْتَفَى بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْمَهْرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ فَقِيرٌ فَتَرَكَتْ لَهُ الْمَهْرَ لَا يَكُونُ كُفْئًا إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ حَالَةَ الْعَقْدِ، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. رَجُلٌ زَوَّجَ أُخْتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ صَبِيٍّ لَهُ طَاقَةُ النَّفَقَةِ وَلَيْسَ لَهُ طَاقَةُ الْمَهْرِ فَقَبِلَ الْأَبُ النِّكَاحَ وَهُوَ غَنِيٌّ جَازَ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ غَنِيًّا بِغِنَى الْأَبِ فِي حَقِّ الْمَهْرِ دُونَ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُمْ يَتَحَمَّلُونَ مُهُورَ الْأَبْنَاءِ الصِّغَارِ دُونَ النَّفَقَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ الْمَهْرِ كَانَ كُفْئًا؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ أَيَّ الدِّينَيْنِ شَاءَ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ (وَمِنْهَا الدَّيَّانَةُ) تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ فِي الدَّيَّانَةِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَلَا يَكُونُ الْفَاسِقُ كُفْئًا لِلصَّالِحَةِ، كَذَا فِي الْمَجْمَعِ سَوَاءٌ كَانَ مُعْلَنَ الْفِسْقِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْكَفَاءَةَ مِنْ حَيْثُ الصَّلَاحِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ رَجُلٍ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ صَالِحٌ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ فَوَجَدَهُ الْأَبُ شِرِّيبًا مُدْمِنًا وَكَبُرَتْ الِابْنَةُ فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى بِالنِّكَاحِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ أَبُوهَا بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَغَلَبَةُ أَهْلِ بَيْتِهِ الصَّالِحُونَ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ أَيْ يَبْطُلُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصَاحِبَيْهِ فِيمَا إذَا زَوَّجَهَا مِنْ رَجُلٍ عَرَفَهُ غَيْرَ كُفْءٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْأَبَ كَامِلُ الشَّفَقَةِ وَافِرُ الرَّأْيِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَأَمَّلَ غَايَةَ التَّأَمُّلِ وَوَجَدَ غَيْرَ الْكُفْءِ أَصْلَحَ مِنْ الْكُفْءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ الْكَفَاءَةُ تُعْتَبَرُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَلَا يُعْتَبَرُ اسْتِمْرَارُهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ كُفْءٌ ثُمَّ صَارَ فَاجِرًا دَاعِرًا لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ (وَمِنْهَا الْحِرْفَةُ)

فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُعْتَبَرُ الْحِرْفَةُ وَيَكُونُ الْبَيْطَارُ كُفْئًا لِلْعَطَّارِ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَاحِبُ الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ كَالْبَيْطَارِ وَالْحَجَّامِ وَالْحَائِكِ وَالْكَنَّاسِ وَالدَّبَّاغِ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِلْعَطَّارِ وَالْبَزَّازِ وَالصَّرَّافِ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا الْحَلَّاقُ لَا يَكُونُ كُفْئًا لَهُمْ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْحِرَفَ مَتَى تَقَارَبَتْ لَا يُعْتَبَرُ التَّفَاوُتُ وَتَثْبُتُ الْكَفَاءَةُ فَالْحَائِكُ يَكُونُ كُفْئًا لِلْحَجَّامِ وَالدَّبَّاغُ يَكُونُ كُفْئًا لِلْكَنَّاسِ وَالصَّفَّارُ يَكُونُ كُفْئًا لِلْحَدَّادِ وَالْعَطَّارُ يَكُونُ كُفْئًا لِلْبَزَّازِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْجَمَالُ لَا يُعَدُّ فِي الْكَفَاءَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ صَاحِبُ الْكِتَابِ النَّصِيحَةُ أَنْ يُرَاعِيَ الْأَوْلِيَاءُ الْمُجَانَسَةَ فِي الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَقْلِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُعْتَبَرُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ثُمَّ الْمَرْأَةُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ صَحَّ النِّكَاحُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا أَيْضًا حَتَّى أَنَّ قَبْلَ التَّفْرِيقِ يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالتَّوَارُثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَكِنْ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْعَقِدُ وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْمُخْتَارُ فِي زَمَانِنَا لِلْفَتْوَى رِوَايَةُ الْحَسَنِ وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ رِوَايَةُ الْحَسَنِ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ شَرَائِطِ النِّكَاحِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَرَ بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْفَتْوَى فِي جَوَازِ النِّكَاحِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَهَذَا إذَا كَانَ لَهَا وَلِيٌّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحَّ النِّكَاحُ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَا يَكُونُ التَّفْرِيقُ بِذَلِكَ إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا بِدُونِ فَسْخِ الْقَاضِي فَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَتَكُونُ هَذِهِ فُرْقَةً بِغَيْرِ طَلَاقٍ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً يَلْزَمُهُ كُلُّ الْمُسَمَّى وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَاَلَّذِي يَلِي الْمُرَافَعَةَ إلَى الْقَاضِي الْمَحَارِمُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ الْمَحَارِمُ وَغَيْرُ الْمَحَارِمِ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ حَتَّى تَثْبُتَ وِلَايَةُ الْمُرَافَعَةِ لِابْنِ الْعَمِّ وَمَنْ أَشْبَهَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا تَثْبُتُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ لِلْعَصَبَاتِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي جِنْسِ خِيَارِ الْبُلُوغِ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ غَيْرَ كُفْءٍ وَدَخَلَ بِهَا وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِخُصُومَةِ الْوَلِيِّ وَأَلْزَمَهُ الْمَهْرَ وَأَلْزَمَهَا الْعِدَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ لَهَا عَلَيْهِ الْمَهْرُ الثَّانِي كَامِلًا وَعَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُف رَحِمَهُمَا اللَّهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ بِغَيْرِ رِضَا الْوَلِيِّ فَقَبَضَ الْوَلِيُّ مَهْرَهَا وَجَهَّزَهَا فَهَذَا مِنْهُ رِضًا وَتَسْلِيمٌ وَلَوْ قَبَضَهُ وَلَمْ يُجَهِّزْهَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ رِضًا وَتَسْلِيمًا لِلْعَقْدِ وَإِذَا لَمْ يَقْبِضْ مَهْرَهَا وَلَكِنْ خَاصَمَ زَوْجَهَا فِي نَفَقَتِهَا وَتَقْدِيرِ مَهْرِهَا عَلَيْهِ بِوَكَالَةٍ مِنْهَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ رِضًا وَتَسْلِيمًا لِلْعَقْدِ اسْتِحْسَانًا وَهَذَا إذَا كَانَ عَدَمُ الْكَفَاءَةِ ثَابِتًا عِنْدَ الْقَاضِي قَبْلَ مُخَاصِمَةِ الْوَلِيِّ إيَّاهُ فِي الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَدَمُ الْكَفَاءَةِ ثَابِتًا قَبْلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ رِضًا بِالنِّكَاحِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَسُكُوتُ الْوَلِيِّ عَنْ الْمُطَالَبَةِ بِالتَّفْرِيقِ لَا يُبْطِلُ حَقَّهُ فِي الْفَسْخِ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ

حَتَّى تَلِدَ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ أَمَّا إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ؛ فَلَيْسَ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الْفَسْخِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَإِذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَعَلِمَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ فَسَكَتَ حَتَّى وَلَدَتْ أَوْلَادًا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ فِي ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَإِذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَرَضِيَ بِهِ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْوَلِيِّ وَلَا لِمَنْ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ فِي الْوِلَايَةِ حَقُّ الْفَسْخِ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِمَنْ فَوْقَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا إذَا زَوَّجَهَا أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ بِرِضَاهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِالطَّلَاقِ ثُمَّ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا هَذَا الزَّوْجَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ كَانَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَفْسَخَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَرَاجَعَهَا بِغَيْرِ رِضَا الْوَلِيِّ لَا يَكُونُ حَقُّ التَّفْرِيقِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - امْرَأَةٌ تَحْتَ رَجُلٍ هُوَ لَيْسَ بِكُفْءٍ لَهَا خَاصَمَ أَخُوهَا فِي ذَلِكَ وَأَبُوهَا غَائِبٌ عَنْهَا غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً أَوْ خَاصَمَهُ وَلِيٌّ آخَرُ وَغَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ وَهُوَ غَائِبٌ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ الْوَلِيَّ الْأَوْلَى زَوَّجَهُ؛ يُؤْمَرُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَأُخِذَ بِهِ عَلَى الْوَلِيِّ الْأَوْلَى وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْمُنْتَقَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ زَوَّجَ أَمَةً لَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا ابْنَتُهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالنِّكَاحُ عَلَى حَالِهِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ كُفْئًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُفْئًا فَهُوَ فِي الْقِيَاسِ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي زَوَّجَ وَهُوَ وَلِيٌّ وَلَوْ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهَا بِنْتُهُ فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الزَّوْجُ كُفْئًا، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ فَالْقِيَاسُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ زَوَّجَهَا وَلِيٌّ مَالِكٌ وَفِي نِكَاحِ الْأَصْلِ عَبْدٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِإِذْنِ مَوْلَاهُ وَلَمْ يُخْبِرْ وَقْتَ الْعَقْدِ أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ وَلَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ أَيْضًا وَلَا أَوْلِيَاؤُهَا أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ عَبْدٌ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي بَاشَرَتْ عَقْدَ النِّكَاحِ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَلَكِنْ لِلْأَوْلِيَاءِ الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ هُمْ الَّذِينَ بَاشَرُوا عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا؛ فَلَا خِيَارَ لِلْمَرْأَةِ وَلَا لِلْأَوْلِيَاءِ وَبِمِثْلِهِ لَوْ أَخْبَرَ الزَّوْجُ أَنَّهُ حُرٌّ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَارُ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ تَشْتَرِطْ الْكَفَاءَةَ وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ كُفْءٌ أَوْ غَيْرُ كُفْءٍ ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ لَا خِيَارَ لَهَا وَلَكِنْ لِلْأَوْلِيَاءِ الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ هُمْ الَّذِينَ بَاشَرُوا عَقْدَ النِّكَاحِ بِرِضَاهَا وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ كُفْءٌ أَوْ غَيْرُ كُفْءٍ فَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَمَّا إذَا شَرَطَ الْكَفَاءَةَ أَوْ أَخْبَرَهُمْ بِالْكَفَاءَةِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ كَانَ لَهُمْ الْخِيَارُ وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ مَجْهُولِ النَّسَبِ هَلْ هُوَ كُفْءٌ لِامْرَأَةٍ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ؟ قَالَ: لَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ انْتَسَبَ الزَّوْجُ لَهَا نَسَبًا غَيْرَ نَسَبِهِ فَإِنْ ظَهَرَ دُونَهُ وَهُوَ لَيْسَ بِكُفْءٍ فَحَقُّ الْفَسْخِ ثَابِتٌ لِلْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ كُفْئًا فَحَقُّ الْفَسْخِ لَهَا دُونَ الْأَوْلِيَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَا ظَهَرَ فَوْقَ مَا أَخْبَرَ فَلَا فَسْخَ لِأَحَدٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي غَرَّتْ الزَّوْجَ وَانْتَسَبَتْ إلَى غَيْرِ نَسَبِهَا لَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ وَهِيَ امْرَأَتُهُ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَإِذَا هُوَ أَخُوهُ لِأَبِيهِ أَوْ عَمُّهُ لِأَبِيهِ كَانَ لَهَا حَقُّ الْفَسْخِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ النَّسَبِ ثُمَّ أَعَادَهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي قُرَيْشٍ وَأَثْبَتَ الْقَاضِي نَسَبَهَا مِنْهُ وَجَعَلَهَا بِنْتًا لَهُ وَزَوَّجَهَا حَجَّامٌ فَلِهَذَا الْأَبِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكِنْ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لِمَوْلَاهَا أَنْ يُبْطِلَ النِّكَاحَ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ الْمَرْأَةُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ هَلْ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا حَتَّى يَرْضَى الْأَوْلِيَاءُ؟ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا أَفْتَوْا بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ وَنَقَصَتْ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا

الباب السادس في الوكالة بالنكاح وغيرها

فَلِلْوَلِيِّ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا حَتَّى يُتِمَّ لَهَا مَهْرَهَا أَوْ يُفَارِقَهَا وَإِذَا فَارَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ فَارَقَهَا بَعْدَهُ فَلَهَا الْمُسَمَّى وَكَذَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّفْرِيقِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: لَيْسَ لَهُ الِاعْتِرَاضُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْفُرْقَةُ إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي وَمَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا فَحُكْمُ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالْمِيرَاثِ بَاقٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ السُّلْطَانُ إذَا أَكْرَهَ رَجُلًا لِيُزَوِّجَ مُوَلِّيَتَهُ مِنْ كُفْءٍ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَرَضِيَتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ ثُمَّ زَالَ الْإِكْرَاهُ فَلِلْوَلِيِّ حَقُّ الْخُصُومَةِ مَعَ الزَّوْجِ حَتَّى يَبْلُغَ مَهْرَ مِثْلِهَا أَوْ يُفَرِّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا حَقَّ لِلْوَلِيِّ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُكْرَهَةً ثُمَّ زَالَ الْإِكْرَاهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَقُّ الْخُصُومَةِ لِلْمَرْأَةِ مَعَ الْوَلِيِّ وَعَلَى قَوْلِهِمَا حَقُّ الْخُصُومَةِ لِلْمَرْأَةِ لَا غَيْرُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِيمَا يَتَّصِلُ بِفَصْلِ مَعْرِفَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَإِذَا أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ زَالَ الْإِكْرَاهُ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَأَمَّا إذَا أُكْرِهَتْ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ زَالَ الْإِكْرَاهُ فَلَهَا الْخِيَارُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى النِّكَاحِ فَفَعَلَتْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْعَقْدُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِحَالٍ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الزَّوْجُ كُفْئًا وَالْمُسَمَّى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ مِثْلَهُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَطَلَبَتْ التَّبْلِيغَ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا يُقَالُ لَهُ إمَّا أَنْ تَبْلُغَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَارِقْهَا فَإِنْ بَلَغَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَإِنْ فَارَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَهِيَ مُكْرَهَةٌ فَهَذَا رِضًا مِنْهُ لِلتَّبْلِيغِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا طَائِعَةً فَهَذَا رِضًا مِنْهَا بِالْمُسَمَّى إلَّا أَنَّ لِلْأَوْلِيَاءِ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ هَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ كُفْئًا أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ كُفْءٍ فَلِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا إنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَحَقُّ الِاعْتِرَاضِ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ بَاقٍ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا طَائِعَةً يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ هَذَا رِضًا مِنْهَا بِالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ تَمْكِينَهَا مِنْ نَفْسِهَا إجَازَةٌ لِلْعَقْدِ كَقَوْلِهَا رَضِيتُ وَيَسْقُطُ الْخِيَارَانِ الثَّابِتَانِ لَهَا: التَّفْرِيقُ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَإِتْمَامُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَبَقِيَ الْخِيَارُ لِلْأَوْلِيَاءِ فِي التَّفْرِيقِ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَلِنُقْصَانِ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَهُمَا الْخِيَارُ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ لَا غَيْرُ وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ وَلَوْ زَوَّجَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ بِأَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ أَمَةً أَوْ ابْنَتَهُ عَبْدًا أَوْ زَوَّجَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِأَنْ زَوَّجَ الْبِنْتَ وَنَقَصَ مِنْ مَهْرِهَا أَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ وَزَادَ عَلَى مَهْرِ امْرَأَتِهِ؛ جَازَ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالْحَطُّ إلَّا بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: فَأَمَّا أَصْلُ النِّكَاحِ فَصَحِيحٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّ النِّكَاحَ بَاطِلٌ عِنْدَهُمَا هَكَذَا فِي الْكَافِي وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَا مِنْ الْقَاضِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ سُوءُ اخْتِيَارِ الْأَبِ مَجَانَةً أَوْ فِسْقًا أَمَّا إذَا عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ إجْمَاعًا وَكَذَا إذَا كَانَ سَكْرَانَ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ لَهَا إجْمَاعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَلَّذِي يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ مَا دُونَ نِصْفِ الْمَهْرِ وَقِيلَ مَا دُونَ الْعُشْرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْوَكَالَةِ بِالنِّكَاحِ وَغَيْرِهَا] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْوَكَالَةِ بِالنِّكَاحِ وَغَيْرِهَا) يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِالنِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ الشُّهُودُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ خُوَاهَرْ زَادَهْ امْرَأَةٌ قَالَتْ

لِرَجُلٍ: زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْتَ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ رَجُلٌ وَكَّلَ امْرَأَةً أَنْ تُزَوِّجَهُ فَزَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا بِبَدَلٍ سَمَّاهُ فَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ الْبَدَلِ جَازَ النِّكَاحُ لِلْوَكِيلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَّلَتْ رَجُلًا بِأَنْ يَتَصَرَّفَ فِي أُمُورِهَا فَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: أَرَدْتُ الْبُيُوعَ وَالْأَشْرِيَةَ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَتْهُ بِتَزْوِيجِهَا لَا يَمْلِكُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ فَهَذَا أَوْلَى، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ امْرَأَةٌ وَكَّلَتْ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ فَقَالَ: زَوَّجْتُ فُلَانَةَ مِنْ نَفْسِي يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ تَقُلْ: قَبِلْتُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوْ بِنْتَ أَخِيهِ الصَّغِيرَةِ وَهُوَ وَلِيُّهَا لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ يَلِي أَمْرَهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا وَلَوْ زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ الْكَبِيرَةَ بِرِضَاهَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِهَا الزَّوْجُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَجُوزُ وَلَوْ زَوَّجَهُ أُخْتَهُ الْكَبِيرَةَ بِرِضَاهَا جَازَ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْوَكِيلُ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ إذَا زَوَّجَهَا مِنْ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ إذَا زَوَّجَهَا مِمَّنْ لَيْسَ بِكُفْءٍ لَهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَ كُفْئًا إلَّا أَنَّهُ أَعْمَى أَوْ مُقْعَدٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَعْتُوهٌ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَا إذَا كَانَ خَصِيًّا أَوْ عِنِّينًا وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ امْرَأَةً عَمْيَاءَ أَوْ شَلَّاءَ أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً تُجَامَعُ أَوْ لَا تُجَامَعُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً لَيْسَتْ بِكُفْءٍ لَهُ مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ زَوَّجَهُ الْوَكِيلُ أَمَةَ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ زَوَّجَهُ شَوْهَاءَ أَوْ فَوْهَاءَ لَهَا لُعَابٌ سَائِلٌ وَعَقْلٌ زَائِلٌ وَشِقٌّ مَائِلٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا زَوَّجَهُ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ أَوْ مَفْلُوجَةً هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ أَمَرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ بَيْضَاءَ فَزَوَّجَهُ سَوْدَاءَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ عَمْيَاءَ فَزَوَّجَهُ بَصِيرَةً يَصِحُّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ أَمَرَهُ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ أَمَةً فَزَوَّجَهُ حُرَّةً لَا يَجُوزُ، وَإِنْ زَوَّجَهُ مُكَاتَبَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ؛ جَازَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ إذَا زَوَّجَهُ نِكَاحًا جَائِزًا لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ الْوَكِيلُ امْرَأَةً جَعَلَهَا الزَّوْجُ طَالِقًا إنْ تَزَوَّجَهَا فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ امْرَأَةً قَدْ أَبَانَهَا الْمُوَكِّلُ قَبْلَ التَّوْكِيلِ جَازَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ شَكَا إلَيْهِ مِنْ سُوءِ خُلُقِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَوْ زَوَّجَهُ الْوَكِيلُ امْرَأَةً فَارَقَهَا الْمُوَكِّلُ بَعْدَ التَّوْكِيلِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ: زَوِّجْنِي امْرَأَةً فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَزَوَّجَهُ الْوَكِيلُ امْرَأَةً وَلَمْ يَشْتَرِطْ لَهَا ذَلِكَ كَانَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَلَوْ قَالَ: زَوِّجْنِي امْرَأَةً وَاشْتَرِطْ لَهَا عَلَيَّ أَنِّي إذَا تَزَوَّجْتُهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَزَوَّجَهُ امْرَأَةً لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ بِيَدِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَكِيلُ وَلَوْ وَكَّلَتْ رَجُلًا بِالنِّكَاحِ فَشَرَطَ الْوَكِيلُ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا مِنْهُ؛ جَازَ النِّكَاحُ وَيَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا حِينَ زَوَّجَهَا. زَوَّجَهُ امْرَأَةً كَانَ الْمُوَكِّلُ آلَى مِنْهَا أَوْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ الْمُوَكِّلِ جَازَ نِكَاحُ الْوَكِيلِ وَلَوْ زَوَّجَهُ الْوَكِيلُ امْرَأَةً هِيَ فِي نِكَاحِ الْغَيْرِ أَوْ فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَدَخَلَ الْمُوَكِّلُ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِذَلِكَ عَلَى الْوَكِيلِ وَكَذَا لَوْ زَوَّجَهُ أُمَّ امْرَأَتِهِ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ فُلَانَةَ أَوْ فُلَانَةَ فَأَيَّتَهُمَا زَوَّجَهُ جَازَ وَلَا يَبْطُلُ التَّوْكِيلُ بِهَذِهِ الْجَهَالَةِ، وَإِنْ زَوَّجَهُمَا جَمِيعًا فِي عُقْدَةٍ لَمْ تَجُزْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ لَا يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ فَإِنْ أَجَازَ نِكَاحَهُمَا أَوْ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا نَفَذَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ زَوَّجَهُ فِي عُقْدَتَيْنِ؛ لَزِمَهُ الْأُولَى وَنِكَاحُ الثَّانِيَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا فَزَوَّجَهُ تِلْكَ وَأُخْرَى مَعَهَا لَزِمَتْهُ تِلْكَ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ فَزَوَّجَهُ وَاحِدَةً؛ جَازَ وَكَذَا إذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ هَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ فَزَوَّجَهُ إحْدَاهُمَا وَتَفْرِيقُ الْعُقْدَةِ لَيْسَ بِخِلَافٍ وَلَوْ قَالَ: لَا تُزَوِّجْنِي إلَّا اثْنَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَزَوَّجَهُ امْرَأَةً لَمْ يَلْزَمْهُ وَكَذَلِكَ فِي الْعَيْنَيْنِ إذَا أَلْحَقَ بِآخِرِ كَلَامِهِ: وَلَا تُزَوِّجْنِي وَاحِدَةً مِنْهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَزَوَّجَهُ إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ زَوِّجْنِي هَاتَيْنِ الْأُخْتَيْنِ تَجُوزُ إحْدَاهُمَا إلَّا أَنْ يَقُولَ فِي عُقْدَةٍ وَلَوْ قَالَ: هَاتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَهُمَا أُخْتَانِ جَازَ التَّفْرِيقُ إلَّا أَنْ يَنْهَاهُ عَنْ التَّفْرِيقِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ فُلَانَةَ فَإِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَمَاتَ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا الْوَكِيلُ إيَّاهُ جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ مِنْ قَبِيلَتِهِ فَزَوَّجَهُ مِنْ قَبِيلَةٍ أُخْرَى لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَّلَ رَجُلًا لِيُزَوِّجَهُ فُلَانَةَ فَتَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ صَحَّ نِكَاحُ الْوَكِيلِ فَلَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ أَقَامَ مَعَ الْمَرْأَةِ شَهْرًا وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَزَوَّجَهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ جَازَ تَزْوِيجُهَا إيَّاهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا الْوَكِيلُ لَكِنْ تَزَوَّجَهَا الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ أَبَانَهَا فَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ إيَّاهُ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا فَزَوَّجَهَا إيَّاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ. وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَزَوَّجَهُ بِالزِّيَادَةِ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مَجْهُولَةً يُنْظَرُ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ جَازَ النِّكَاحُ وَيَجِبُ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُجِزْهُ الزَّوْجُ، وَإِنْ زَادَ شَيْئًا مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُجِزْ الزَّوْجُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَهُ فُلَانَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَزَوَّجَهَا إيَّاهُ بِأَلْفَيْنِ إنْ أَجَازَ الزَّوْجُ جَازَ، وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ بِهَا فَالْخِيَارُ بَاقٍ إنْ أَجَازَ كَانَ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى لَا غَيْرُ، وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ النِّكَاحُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَإِلَّا يَجِبُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِالزِّيَادَةِ فَقَالَ الْوَكِيلُ: أَنَا أَغْرَمُ الزِّيَادَةَ وَأُلْزِمُكُمَا النِّكَاحَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ ضَمِنَ لَهَا مُسَمًّى فَأَخْبَرَهَا بِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ ثُمَّ أَنْكَرَ الزَّوْجُ الْأَمْرَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَلْفِ فَإِنْكَارُ الْأَمْرِ بِالزِّيَادَةِ إنْكَارٌ لِلْأَمْرِ بِالنِّكَاحِ وَلَا مَهْرَ عَلَى الزَّوْجِ وَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ الْمَأْمُورَ بِالْمَهْرِ وَبَعْدَ هَذَا نَقُولُ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ النِّكَاحِ وَبَعْضِ رِوَايَاتِ الْوَكَالَةِ: إنَّ الْمَرْأَةَ تُطَالِبُ الْمَأْمُورَ بِنِصْفِ الْمَهْرِ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ تُطَالِبُهُ بِجَمِيعِ الْمَهْرِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنَّمَا اخْتَلَفَ الْجَوَابُ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ فَمَوْضُوعُ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّ الْقَاضِيَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِطَلَبِهَا ذَلِكَ حَتَّى لَا تَبْقَى مُعَلَّقَةً فَسَقَطَ نِصْفُ الْمَهْرِ عَنْ الْأَصْلِ بِزَعْمِهَا لِكَوْنِ الْفُرْقَةِ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَوْضُوعُ مَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّهَا لَمْ تَطْلُبْ التَّفْرِيقَ لَكِنْ قَالَتْ: اصْبِرْ حَتَّى يُقِرَّ زَوْجِي بِالنِّكَاحِ أَوْ أَجِدَ بَيِّنَةً عَلَى الْأَمْرِ بِالنِّكَاحِ فَبَقِيَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ بِزَعْمِهَا عَلَى الْأَصِيلِ فَكَذَا عَلَى الْكَفِيلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَ امْرَأَةً بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّ الْمُعَجَّلَ عِشْرُونَ وَالْمُؤَجَّلَ ثَمَانُونَ فَجَعَلَ الْوَكِيلُ الْمُعَجَّلَ ثَلَاثِينَ؛ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِنْ أَقْدَمَ الزَّوْجُ عَلَى الْوَطْءِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا صَنَعَ الْوَكِيلُ لَا يَنْعَقِدُ

الْعَقْدُ، وَإِنْ أَقْدَمَ مَعَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ يَكُونُ إجَازَةً أَمَرَتْ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهَا عَلَى أَلْفَيْنِ فَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ فَدَخَلَ بِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ فَلَهَا أَنْ تَرُدَّ النِّكَاحَ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَبَتْ الْمَرْأَةُ حَتَّى زَادَهَا الْوَكِيلُ ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِ نَفْسِهِ فَالنِّكَاحُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَهُ وَفِي هَذَا الْخِلَافِ مَضَرَّةٌ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ هَذَا الثَّوْبَ تَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَى الزَّوْجِ لَا عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مُتَبَرِّعٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ زَادَ فِي الْمَهْرِ حَتَّى دَخَلَ بِهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَلَا يَكُونُ الدُّخُولُ بِهَا رِضًا بِمَا خَالَفَ بِهِ الْوَكِيلُ إنْ شَاءَ أَقَامَ مَعَهَا، وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا فَإِذَا فَارَقَهَا فَلَهَا الْأَقَلُّ مِمَّا سَمَّى لَهَا الْوَكِيلُ وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ هَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ الْوَكِيلُ امْرَأَةً عَلَى عَبْدٍ لِلْوَكِيلِ أَوْ عَرْضٍ لَهُ؛ صَحَّ التَّزْوِيجُ وَنَفَذَ وَلَزِمَ الْوَكِيلَ تَسْلِيمُهُ وَإِذَا سَلَّمَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ الْمَرْأَةُ الْعَبْدَ الْمَمْهُورَ حَتَّى هَلَكَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ وَتَرْجِعُ الْمَرْأَةُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى الزَّوْجِ وَلَوْ زَوَّجَهُ الْوَكِيلُ امْرَأَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ بِأَنْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِي أَوْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ بِأَلْفِي هَذِهِ؛ جَازَ النِّكَاحُ وَالْمَالُ عَلَى الزَّوْجِ وَلَا يُطَالِبُ الْوَكِيلَ بِالْأَلْفِ الْمُشَارِ إلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ زَوَّجَهُ عَلَى عَبْدٍ لِلزَّوْجِ جَازَ وَعَلَى الزَّوْجِ قِيمَةُ عَبْدِهِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْعَبْدُ لَا يَصِيرُ مَهْرًا مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ الزَّوْجُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهَا إيَّاهُ وَضَمِنَ لَهَا عَنْهُ الْمَهْرَ؛ جَازَ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ الْوَكِيلُ عَلَى الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ أَبَتْ فَمَا بَيْنَ الْأَلْفِ إلَى أَلْفَيْنِ فَأَبَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا فَزَوَّجَهَا بِأَلْفَيْنِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَازِمٌ لِلزَّوْجِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَّلَتْ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ رَجُلٍ بِمَهْرِ أَرْبَعمِائَةِ دِرْهَمٍ فَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ وَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ الزَّوْجِ سَنَةً ثُمَّ زَعَمَ الزَّوْجُ أَنَّ الْوَكِيلَ زَوَّجَهَا مِنْهُ بِدِينَارٍ وَصَدَّقَهُ الْوَكِيلُ يُنْظَرُ إنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تُوَكِّلْهُ بِدِينَارٍ فَالْمَرْأَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ اخْتَارَتْ النِّكَاحَ وَلَيْسَ لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَتْ رَدَّتْ وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ هَذَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ مَذْكُورًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِأَنْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا آخَرَ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ امْرَأَةً بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَوْ وَكَّلَتْ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ رَجُلٍ فَزَوَّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ؛ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَّلَهُ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَزَوَّجَهُ امْرَأَةً بِخَمْسِينَ دِينَارًا بِإِذْنِهَا أَوْ لَا بِإِذْنِهَا ثُمَّ جَدَّدَهُ بِأَلْفٍ بِإِذْنِهَا أَوْ لَا بِإِذْنِهَا بَطَلَ الْأَوَّلُ بِالثَّانِي وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بِأَلْفٍ بِلَا إذْنِهَا وَالثَّانِي بِخَمْسِينَ دِينَارٍ بِلَا أَمْرِهَا لَا يَنْتَقِضُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي بِأَمْرِهَا بَطَلَ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي الْكَافِي وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ غَدًا بَعْدَ الظُّهْرِ فَزَوَّجَهُ قَبْلَ الظُّهْرِ أَوْ بَعْدَ الْغَدِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ وَكَّلَتْهُ بِالتَّزْوِيجِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ حَظًّا فَزَوَّجَ وَلَمْ يَأْخُذْ حَظَّ الْمَهْرِ صَحَّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ زَوِّجْ ابْنَتِي هَذِهِ رَجُلًا يَرْجِعُ إلَى عِلْمٍ وَدِينٍ بِمَشُورَةِ فُلَانٍ فَزَوَّجَهَا رَجُلًا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ مِنْ غَيْرِ مَشُورَةِ فُلَانٍ جَازَ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْ الْمَشُورَةِ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ مِمَّنْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَإِذَا حَصَلَ الْغَرَضُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْمَشُورَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ أَرْسَلَ رَجُلًا لِيَخْطُبَ لَهُ فُلَانَةَ فَزَوَّجَهَا لَهُ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ بِمَهْرِ مِثْلٍ أَوْ غَبْنٍ فَاحِشٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَخْطُبَ لَهُ ابْنَةَ فُلَانٍ فَجَاءَ الْوَكِيلُ إلَى أَبِي الْمَرْأَةِ وَقَالَ: هَبْ ابْنَتَكَ مِنِّي فَقَالَ الْأَبُ: وَهَبْتُ ثُمَّ ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنِّي أَرَدْتُ النِّكَاحَ لِمُوَكِّلِي إنْ كَانَ الْقَوْلُ مِنْ الْخَاطِبِ وَهُوَ الْوَكِيلُ عَلَى وَجْهِ الْخِطْبَةِ

وَمِنْ الْأَبِ عَلَى وَجْهِ الْإِجَابَةِ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَقْدِ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا أَصْلًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَقْدِ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ لِلْوَكِيلِ لَا لِلْمُوَكِّلِ وَكَذَا إذَا قَالَ الْوَكِيلُ: قَبِلْتُ لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا قَالَ: هَبْ ابْنَتَكَ مِنِّي وَقَالَ الْأَبُ وَهَبْتُ تَمَّ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا إذَا قَالَ الْوَكِيلُ: هَبْ ابْنَتَكَ مِنْ فُلَانٍ فَقَالَ الْأَبُ: وَهَبْتُ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ مَا لَمْ يَقُلْ الْوَكِيلُ: قَبِلْتُ فَإِذَا قَالَ قَبِلْتُ لِفُلَانٍ أَوْ قَالَ قَبِلْتُ مُطْلَقًا فَفِي الْوَجْهَيْنِ يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ لِلْمُوَكِّلِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ قَالَ أَبُو الْبِنْتِ بَعْدَمَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ مُقَدِّمَاتِ النِّكَاحِ لِلْمُوَكِّلِ زَوَّجْتُ ابْنَتِي عَلَى صَدَاقِ، كَذَا وَلَمْ يَقُلْ مِنْ الْخَاطِبِ أَوْ مِنْ مُوَكِّلِهِ فَقَالَ الْخَاطِبُ قَبِلْتُ يَصِحُّ النِّكَاحُ لِلْخَاطِبِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة الْوَكِيلُ بِالتَّزْوِيجِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فَإِنْ فَعَلَ فَزَوَّجَ الثَّانِيَ بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ إذَا وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَقَالَتْ: مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ جَازَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِتَزْوِيجِهَا فَحَضَرَ الْوَكِيلَ الْمَوْتُ وَأَوْصَى بِالْوَكَالَةِ إلَى رَجُلَيْنِ بِالتَّزْوِيجِ فَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ الثَّانِي بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ الرَّجُلُ رَجُلَيْنِ بِالتَّزْوِيجِ فَفَعَلَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا وَوَكَّلَ آخَرَ أَيْضًا وَوَكَّلَتْ امْرَأَةٌ وَكِيلَيْنِ كَذَلِكَ فَالْتَقَى وَكِيلَيْ الزَّوْجِ وَوَكِيلَا الْمَرْأَةِ فَزَوَّجَ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ بِأَلْفٍ وَقَبِلَ وَكِيلٌ مِنْ جَانِبِهَا وَزَوَّجَ آخَرُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَبِلَ الْآخَرُ مِنْ جِهَتِهَا وَوَقَعَ الْعَقْدَانِ مَعًا أَوْ جَهِلَا وَاخْتُلِفَ فِي السَّابِقِ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا لِيُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ امْرَأَةً ثُمَّ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْوَكِيلُ فَقَالَ الزَّوْجُ: زَوَّجْتَنِي هَذِهِ وَقَالَ الْوَكِيلُ: بَلْ زَوَّجْتُكَ هَذِهِ الْأُخْرَى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ إذَا صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى النِّكَاحِ فَثَبَتَ النِّكَاحُ بِتَصَادُقِهِمَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ بِالتَّصَادُقِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَكَّلَتْهُ بِالتَّزْوِيجِ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةُ تَزَوَّجَتْ بِنَفْسِهَا خَرَجَ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ، عَلِمَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ أَخْرَجَتْهُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَإِذَا زَوَّجَهَا جَازَ النِّكَاحُ، وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا مِنْ جَانِبِ الرَّجُلِ بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ بِعَيْنِهَا ثُمَّ إنْ الزَّوْجُ تَزَوَّجَ أُمَّهَا أَوْ ابْنَتَهَا خَرَجَ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ امْرَأَةٌ وَكَّلَتْ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ إنْسَانٍ فَزَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ قَبْلَ نِكَاحِ الْوَكِيلِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِ بُخَارَى: يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ بُرْهَانِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ وَبِهِ يُفْتِي الْقَاضِي بُرْهَانُ الدِّينِ وَفَتْوَى بَعْضِ مَشَايِخِ بُخَارَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ فَتَاوَى آهُو وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا فَارْتَدَّتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَتْ وَأَسْلَمَتْ فَزَوَّجَهَا إيَّاهُ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. مَرِيضٌ كَلَّ لِسَانُهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَكُونُ لَكَ وَكِيلًا فِي تَزْوِيجِ ابْنَتِكَ فُلَانَةَ فَقَالَ الْمَرِيضُ بِالْفَارِسِيَّةِ آرِيّ آرِيّ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَزَوَّجَهَا لَمْ يَصِحَّ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ وَلِابْنِهِ ابْنَةٌ فَأَكْرَهَ الْأَبُ ابْنَهُ عَلَى أَنْ يُوَكِّلَهُ بِتَزْوِيجِ ابْنَتِهِ فَقَالَ لَهُ الِابْنُ مِنْ ازتووا زُفَر زندىء تَوّ بيزارم هرجه خواهي بِكِنِّ فَذَهَبَ الْأَبُ وَزَوَّجَ ابْنَةَ الِابْنِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَصِحُّ هَذَا النِّكَاحُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً وَتَحْتَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ انْصَرَفَتْ الْوَكَالَةُ إلَى حَالَةِ يَمْلِكُ

الزَّوْجُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ تَبِينَ وَاحِدَةٌ مِنْ نِسَائِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْوَاحِدَ يَصْلُحُ وَكِيلًا فِي النِّكَاحِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَوَلِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَوَلِيًّا مِنْ جَانِبٍ أَصِيلًا مِنْ جَانِبٍ وَوَكِيلًا مِنْ جَانِبٍ أَصِيلًا مِنْ جَانِبٍ وَوَلِيًّا مِنْ جَانِبٍ وَكِيلًا مِنْ جَانِبٍ أَمَّا الْوَاحِدُ فَهَلْ يَصْلُحُ فُضُولِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ وَلِيًّا مِنْ جَانِبٍ فُضُولِيًّا مِنْ جَانِبٍ أَوْ أَصِيلًا مِنْ جَانِبٍ فُضُولِيًّا مِنْ جَانِبٍ أَوْ وَكِيلًا مِنْ جَانِبٍ فُضُولِيًّا مِنْ جَانِبٍ حَتَّى يَتَوَقَّفَ الْعَقْدُ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصْلُحُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ كُلُّ عَقْدٍ صَدَرَ مِنْ الْفُضُولِيِّ وَلَهُ قَابِلٌ يُقْبَلُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْقَابِلُ فُضُولِيًّا آخَرَ أَوْ وَكِيلًا أَوْ أَصِيلًا انْعَقَدَ مَوْقُوفًا هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَشَطْرُ الْعَقْدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ رَجُلٌ قَالَ اشْهَدُوا أَنِّي تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ فَبَلَغَهَا الْخَبَرُ فَأَجَازَتْ فَهُوَ بَاطِلٌ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ اشْهَدُوا أَنِّي زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَأَجَازَ لَا يَجُوزُ وَلَوْ قِبَلَ فُضُولِيٌّ عَنْ الْغَائِبِ فِي الْفَصْلَيْنِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْغَائِبِ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَتَثْبُتُ الْإِجَازَةُ لِنِكَاحِ الْفُضُولِيِّ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ رَجُلٌ زَوَّجَ رَجُلًا امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِهِ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَقَالَ: نِعْمَ مَا صَنَعْتَ، أَوْ بَارَكَ اللَّهُ لَنَا فِيهَا، أَوْ قَالَ: أَحْسَنْتَ، أَوْ أَصَبْتَ؛ كَانَ إجَازَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْمُخْتَارُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو اللَّيْثِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الِاسْتِهْزَاءَ بِسَوْقِ الْكَلَامِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِهْزَاءِ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ إجَازَةً وَلَوْ هَنَّأَهُ الْقَوْمُ فَقَبِلَ التَّهْنِئَةَ كَانَ إجَازَةً هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْحُجَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ: وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة زَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِهَا فَقَالَتْ: لَمْ يُعْجِبْنِي مَا فَعَلَ أَوْ قَالَتْ: مراخوش نيا مُدَايَن كَارِ لَا يَكُونُ رَدًّا حَتَّى لَوْ رَضِيَتْ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْفُذُ النِّكَاحُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ قَبُولُ الْمَهْرِ إجَازَةٌ وَقَبُولُ الْهَدِيَّةِ لَيْسَ بِإِجَازَةٍ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ لِلْفُضُولِيِّ بِئْسَ مَا صَنَعْت يَكُونُ إجَازَةً فِي النِّكَاحِ، كَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَكُونُ رَدًّا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْإِجَازَةُ بِالْفِعْلِ سَوْقُ الْمَهْرِ إلَيْهَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ وُصُولُ الْمَهْرِ إلَيْهَا قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ يُشْتَرَطُ وَقَالَ مَوْلَانَا وَالْقَاضِي الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ لَا يُشْتَرَطُ وَلَوْ خَلَا بِهَا هَلْ يَكُونُ إجَازَةً قَالَ مَوْلَانَا: يَكُونُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَفْسُ الْخَلْوَةِ لَا تَكُونُ إجَازَةً هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ رَجُلٌ زَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَبَلَغَهَا الْخَبَرُ فَقَالَتْ: بَاكٍ نيست فَهَذَا إجَازَةٌ هَكَذَا ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتَى بِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ زَوَّجَهُ الْفُضُولِيُّ أَرْبَعًا فِي عُقْدَةٍ وَثَلَاثًا فِي عُقْدَةٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ فَرِيقٍ كَانَ إجَازَةً لِنِكَاحِ ذَلِكَ الْفَرِيقِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فُضُولِيٌّ زَوَّجَ رَجُلًا عَشْرًا فِي عُقُودٍ وَبَلَغَهُنَّ فَأَجَزْنَ جَازَ نِكَاحُ التَّاسِعَةِ وَالْعَاشِرَةِ وَعَلَى هَذَا عَشَرَةُ رِجَالٍ زَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ وَهُنَّ مُدْرِكَاتٌ فَاخْتَرْنَ جَمِيعًا جَازَ نِكَاحُ التَّاسِعَةِ وَالْعَاشِرَةِ، وَإِنْ كَانُوا أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا فَنِكَاحُ الثَّلَاثِ الْأَخِيرَةَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ فَنِكَاحُ الْأَرْبَعِ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَنِكَاحُ الْأَخِيرَةِ وَحْدَهَا جَائِزٌ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ فُضُولِيٌّ زَوَّجَ رَجُلًا خَمْسَ نِسْوَةٍ فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ وَيُفَارِقَ الْأُخْرَى، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ أَرْبَعًا بِغَيْرِ إذْنِهِنَّ ثُمَّ أَرْبَعًا ثُمَّ ثِنْتَيْنِ تُوقَفُ ثِنْتَانِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ زَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَاطَبَ عَنْ الرَّجُلِ رَجُلٌ آخَرُ

بِغَيْرِ إذْنِهِ فَكَانَا فُضُولِيَّيْنِ ثُمَّ أَنَّهُمَا جَدَّدَا النِّكَاحَ بِخَمْسِينَ دِينَارًا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا حَتَّى تَوَقَّفَ النِّكَاحَانِ عَلَى إجَازَتِهِمَا ثُمَّ إنْ الْمَرْأَةُ أَجَازَتْ أَحَدَ النِّكَاحَيْنِ وَأَجَازَ الزَّوْجُ أَحَدَهُمَا أَيْضًا فَإِنْ أَجَازَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ الَّذِي أَجَازَتْهُ الْمَرْأَةُ بِأَنْ أَجَازَتْ النِّكَاحَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَجَازَ الزَّوْجُ ذَلِكَ أَيْضًا جَازَ النِّكَاحُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَإِنْ أَجَازَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ الْآخَرَ بِأَنْ أَجَازَ النِّكَاحَ بِخَمْسِينَ دِينَارًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فَإِنْ أَجْمَعَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى إجَازَةِ الثَّانِي لَا يَجُوزُ، وَإِنْ أَجْمَعَا عَلَى إجَازَةِ الْأَوَّلِ كَانَ جَائِزًا. وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمَرْأَةَ بَدَأَتْ وَأَجَازَتْ النِّكَاحَ الثَّانِيَ كَانَ ذَلِكَ فَسْخًا مِنْهَا لِلْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ أَجْمَعَا عَلَى الثَّانِي يَجُوزُ وَلَوْ أَجْمَعَا عَلَى الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَدَأَ الزَّوْجُ بِالْإِجَازَةِ وَأَجَازَ أَحَدَ النِّكَاحَيْنِ بَطَلَ الْآخَرُ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا عُلِمَ الْمُجَازُ أَوَّلًا مِنْ الْمُجَازِ آخِرًا أَمَّا إذَا نَسِيَا الْمُجَازَ الْأَوَّلَ ثُمَّ أَجْمَعَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ النِّكَاحَيْنِ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ قَالَا تَذَكَّرْنَا أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُجَازَ أَوَّلًا جَازَ هَذَا النِّكَاحُ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرَا الْمُجَازَ أَوَّلًا وَأَجْمَعَا عَلَى أَحَدِ النِّكَاحَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَذَكُّرِ الْمُجَازِ أَوَّلًا لَمْ يَجُزْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَبَدًا. وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ ابْتِدَاءً أَجَزْتُ النِّكَاحَيْنِ كَانَ لِلزَّوْجِ أَنْ يُجِيزَ أَيَّهُمَا شَاءَ إمَّا النِّكَاحُ بِأَلْفٍ وَإِمَّا النِّكَاحُ بِخَمْسِينَ وَيَجُوزُ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ الْمُسَمَّى فِيهِ وَلَوْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا النِّكَاحَ بِالدَّرَاهِمِ وَالْآخَرَ بِالدَّنَانِيرِ وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مِنْهُمَا مَعًا فَإِنَّهُ يَنْتَقِضُ النِّكَاحَانِ جَمِيعًا، وَإِنْ أَجَازَ كُلُّ وَاحِدٍ النِّكَاحَيْنِ جَمِيعًا وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مِنْهُمَا مَعًا فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا أَجَازَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّكَاحَيْنِ وَلَمْ يَخْرُجْ الْكَلَامَانِ مَعًا بَلْ عَلَى التَّعَاقُبِ فَيَنْفُذُ أَحَدُ النِّكَاحَيْنِ لَا مَحَالَةَ. وَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا نِكَاحًا لَا بِعَيْنِهِ بِأَنْ قَالَ الزَّوْجُ مَثَلًا أَجَزْتُ أَحَدَ النِّكَاحَيْنِ أَوْ قَالَ أَجَزْتُ هَذَا أَوْ هَذَا فَإِجَازَةُ الْمَرْأَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَمَّا إنْ قَالَتْ: أَجَزْتُ مَا أَجَازَهُ الزَّوْجُ وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مَعًا فَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَجُوزُ أَحَدُ النِّكَاحَيْنِ وَأَمَّا إنْ قَالَتْ: أَجَزْتُ غَيْرَ مَا أَجَازَهُ الزَّوْجُ وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مَعًا انْتَقَضَ النِّكَاحَانِ جَمِيعًا وَأَمَّا إنْ قَالَتْ: أَجَزْتُ النِّكَاحَيْنِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا قَالَتْ: أَجَزْتُ مَا أَجَازَ الزَّوْجُ يَجُوزُ أَحَدُ النِّكَاحَيْنِ وَأَمَّا إنْ قَالَتْ: أَجَزْتُ أَحَدَهُمَا أَوْ قَالَتْ: أَجَزْتُ هَذَا وَهَذَا مِثْلُ مَا قَالَهُ الزَّوْجُ وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مَعًا ذُكِرَ أَنَّهُمَا لَمْ يُجِيزَا نِكَاحًا بَعْدُ وَلَهُمَا أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى أَحَدِ النِّكَاحَيْنِ أَيَّهُمَا شَاءَا، وَإِنْ شَاءَا فَسَخَا كِلَا الْعَقْدَيْنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَالَ: أَجَزْتُ أَحَدَهُمَا وَقَالَ الْآخَرُ بَعْدَهُ: أَجَزْتُ أَحَدَهُمَا جَازَ النِّكَاحُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فُضُولِيٌّ زَوَّجَ عَبْدًا امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ ثُمَّ زَوَّجَهُ امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَذَا بِرِضَا النِّسْوَةِ فَعَتَقَ، لَهُ أَنْ يُجِيزَ نِكَاحَ ثِنْتَيْنِ أَمَّا الْأُولَيَيْنِ أَوْ الْأُخْرَيَيْنِ أَوْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ، وَلَوْ أَجَازَ نِكَاحَ الثَّلَاثِ بَطَلَ وَلَوْ أَجَازَ نِكَاحَ الرَّابِعَةِ جَازَ وَلَوْ كَانَتْ الْأَنْكِحَةُ وَقَعَتْ فِي عُقْدَةٍ لَمْ تَلْحَقْهَا الْإِجَازَةُ أَبَدًا، كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ ثَلَاثًا بِعُقُودٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَأَجَازَ الْمَوْلَى الْكُلَّ صَحَّتْ الثَّالِثَةُ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْإِجَازَةَ بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدِ فِي حَقِّ الْمَحَلِّ فَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ بِحَالٍ لَا يَصِحُّ اجْتِمَاعُهُ فِي إنْشَاءِ الْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اجْتِمَاعُهُ فِي الْإِمْضَاءِ وَالْإِجَازَةِ، وَإِنْ صَحَّ اجْتِمَاعُهُ فِي الْإِنْشَاءِ يَصِحُّ فِي الْإِجَازَة رَجُلٌ زَوَّجَ رَجُلًا بِغَيْرِ إذْنِهِ صَغِيرَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ أَبَوَيْهِمَا وَخَاطَبَ عَنْهُمَا خَاطِبٌ فَأَرْضَعَتْهُمَا امْرَأَةٌ ثُمَّ بَلَغَ الزَّوْجَ فَأَجَازَ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا وَأَجَازَ أَبُوهَا لَا يَجُوزُ وَلَوْ أَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا وَمَاتَتْ ثُمَّ أَرْضَعَتْ الْأُخْرَى فَأَجَازَ نِكَاحَهُمَا فَأَجَازَ أَبُوهَا جَازَ وَلَوْ كَانَ نِكَاحُ الصَّغِيرَتَيْنِ مِنْ وَلِيَّيْنِ فِي عُقْدَتَيْنِ ثُمَّ صَارَتَا أُخْتَيْنِ وَأَجَازَ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا جَازَ صَغِيرَتَانِ بِنْتَا عَمٍّ

زَوَّجَهُمَا عَمُّهُمَا فِي عُقْدَتَيْنِ مِنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ فَأَجَازَ الزَّوْجُ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَمٌّ هُوَ وَلِيُّهَا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَأَجَازَ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا جَازَ وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ بِرِضَاهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَأَعْتَقَ الْمَوْلَى إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا فَبَلَغَ الْمَوْلَى النِّكَاحُ فَأَجَازَ نِكَاحَ الْأَمَةِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَوْ زَوَّجَ رَجُلٌ رَجُلًا أَمَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ بِإِذْنِهِمَا وَإِذْنِ مَوْلَاهُمَا فَأَعْتَقَ الْمَوْلَى إحْدَاهُمَا ثُمَّ بَلَغَ الزَّوْجُ فَأَجَازَ نِكَاحَ الْأَمَةِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ أَجَازَ نِكَاحَ الْحُرَّةِ جَازَ وَلَوْ أَنَّ الْمَوْلَى أَعْتَقَهُمَا مَعًا فَأَجَازَ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا جَازَ، وَلَوْ قَالَ فُلَانَةُ حُرَّةٌ وَفُلَانَةُ حُرَّةٌ أَوْ أَعْتَقَ إحْدَاهُمَا وَسَكَتَ ثُمَّ أَعْتَقَ الْأُخْرَى ثُمَّ بَلَغَ الزَّوْجَ فَأَجَازَ نِكَاحَهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا صَحَّ نِكَاحُ الْمُعْتَقَةِ الْأُولَى دُونَ الْأُخْرَى وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ فِي عُقْدَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتَا لِمَوْلَيَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا إحْدَاهُمَا لَهُ إجَازَةُ نِكَاحِ أَيَّتِهِمَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَتَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ يَجُوزُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ دُونَ الْأَمَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ حُرَّةٌ وَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ أَمَةً فَمَاتَتْ الْحُرَّةُ أَوْ زَوَّجَهُ أُخْت امْرَأَتِهِ فَمَاتَتْ امْرَأَتُهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ وَكَذَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَزَوَّجَهُ خَامِسَةً ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ فِي الْخَامِسَةِ وَلَوْ زَوَّجَهُ خَمْسًا دَفْعَةً وَاحِدَةً لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ فِي بَعْضِهِنَّ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ حُرٌّ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ زَوَّجَهُ رَجُلٌ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَأَجَازَ نِكَاحَ بَعْضِهِنَّ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ زَوَّجَهُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَأَجَازَ نِكَاحَ بَعْضِهِنَّ جَازَ فَإِنْ أَجَازَ نِكَاحَهُنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لَمْ يَجُزْ وَبَطَلَ نِكَاحُ الْكُلِّ حَتَّى لَوْ أَجَازَ بَعْدَ ذَلِكَ نِكَاحَ بَعْضِهِنَّ لَا يَجُوزُ وَلَوْ مَاتَتْ امْرَأَتُهُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فِي الْعَقْدِ الْوَاحِدِ أَوْ فِي الْعُقُودِ الْمُتَفَرِّقَةِ ثُمَّ أَجَازَ نِكَاحَ الْكُلِّ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ الْبَالِغَةَ مِنْ رَجُلٍ غَائِبٍ وَقَبِلَ عَنْ الزَّوْجِ فُضُولِيٌّ فَمَاتَ أَبُو الْمَرْأَةِ قَبْلَ إجَازَةِ الْغَائِبِ لَا يَبْطُلُ نِكَاحُ الْأَبِ بِمَوْتِهِ رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَهُ الْبَالِغَ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِهِ فَجُنَّ الْأَبُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ قَالُوا: يَنْبَغِي لِلْأَبِ أَنْ يَقُولَ: أَجَزْتُ النِّكَاحَ عَلَى ابْنِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا زَوَّجَ رَجُلٌ بِنْتَ أَخِيهِ مِنْ ابْنِهِ وَهُمَا صَغِيرَانِ وَلِابْنَةِ أَخِيهِ أَبٌ ثُمَّ مَاتَ أَبُوهَا قَبْلَ إجَازَةِ النِّكَاحِ فَأَجَازَ الْعَمُّ هَذَا النِّكَاحَ قَبْلَ بُلُوغِهِمَا صَحَّتْ الْإِجَازَةُ وَنَفَذَ النِّكَاحُ وَكَذَلِكَ إذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَهُ الْبَالِغَ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِ الِابْنِ فَلَمْ يَبْلُغْ حَتَّى صَارَ مَعْتُوهًا فَأَجَازَ الْأَبُ ذَلِكَ النِّكَاحَ جَازَ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَأَجَازَ الثَّانِي النِّكَاحَ صَحَّتْ إجَازَتُهُ وَنَفَذَ الْعَقْدُ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَخَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِالْبَيْعِ أَوْ بِالْهِبَةِ أَوْ بِالْإِرْثِ فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فَرْجُهَا لِلْمَالِكِ الثَّانِي بِأَنْ وَرِثَهَا جَمَاعَةٌ أَوْ وَرِثَهَا ابْنُهُ وَكَانَ الْمَيِّتُ وَطِئَهَا أَوْ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا مِنْ جَمَاعَةٍ أَوْ مِنْ ابْنِهِ وَكَانَ الْأَبُ وَطِئَهَا فَلِلْوَارِثِ الْإِجَازَةُ وَإِذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ تَحِلُّ لِلثَّانِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنْ وَهَبَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بَاعَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ ابْنِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْأَبُ وَطِئَهَا أَوْ وَرِثَهَا ابْنُهُ وَلَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ وَطِئَهَا فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ مِنْ الثَّانِي وَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِإِجَازَةِ الثَّانِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ الْفَسْخِ) الْعَاقِدُونَ فِي الْفَسْخِ أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ) عَاقِدٌ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ لَا بِالْقَوْلِ وَلَا بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْفُضُولِيُّ فَإِذَا زَوَّجَ رَجُلًا امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ قَالَ فَسَخْتُ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ وَكَذَا لَوْ زَوَّجَهُ أُخْتَ تِلْكَ الْمَرْأَةِ يَتَوَقَّفُ النِّكَاحُ الثَّانِي وَلَا يَكُونُ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ (الثَّانِي) عَاقِدٌ يَفْسَخُ بِالْقَوْلِ وَلَا يَفْسَخُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْوَكِيلُ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا لِيُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا فَزَوَّجَهُ تِلْكَ الْمَرْأَةَ وَخَاطَبَ عَنْهَا فُضُولِيٌّ فَإِنَّ هَذَا الْوَكِيلَ يَمْلِكُ الْفَسْخَ بِالْقَوْلِ وَلَوْ زَوَّجَهُ أُخْتَ تِلْكَ الْمَرْأَةِ

الباب السابع في المهر وفيه سبعة عشر فصلا

لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ أَنْكَحَهَا الْوَكِيلُ بِعَيْنِهَا نِكَاحًا آخَرَ يَنْتَقِضُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ (الثَّالِثُ) عَاقِدٌ يَمْلِكُ الْفَسْخَ بِالْفِعْلِ وَلَا يَمْلِكُ بِالْقَوْلِ وَصُورَتُهُ رَجُلٌ زَوَّجَ رَجُلًا امْرَأَةً بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ وَكَّلَهُ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَزَوَّجَهُ أُخْتَ تِلْكَ الْمَرْأَةِ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأُولَى وَلَوْ فَسَخَ ذَلِكَ الْعَقْدَ بِالْقَوْلِ لَا يَصِحُّ فَسْخُهُ (الرَّابِعُ) عَاقِدٌ يَمْلِكُ الْفَسْخَ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ جَمِيعًا وَصُورَتُهُ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا لِيُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَزَوَّجَهُ امْرَأَةً خَاطَبَ عَنْهَا فُضُولِيٌّ فَإِنْ فَسَخَ الْوَكِيلُ هَذَا الْعَقْدَ صَحَّ فَسْخُهُ وَلَوْ زَوَّجَهُ أُخْتَ تِلْكَ الْمَرْأَةِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَالْفُضُولِيُّ فِي بَابِ النِّكَاحِ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَالْوَكِيلُ فِي بَابِ النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ قَوْلًا وَفِعْلًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ زَوَّجَ لَهُ فُضُولِيٌّ امْرَأَةً ثُمَّ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَ لَهُ امْرَأَةً فَأَجَازَ ذَلِكَ ثُمَّ نَقَضَهُ لَمْ يَصِحَّ نَقْضُهُ عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ وَلَوْ زَوَّجَهُ أُخْتَهَا بِأَمْرِهَا بَطَلَ نِكَاحُ الْأُولَى، أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ بِالنِّكَاحِ الْمُطْلَقِ لَا يَمْلِكُ نَقْضَ مَا بَاشَرَهُ الْوَكِيلُ الْآخَرُ مَوْقُوفًا قَصْدًا وَيَمْلِكُ نَقْضَهُ بِنِكَاحِ أُخْتِهَا أَوْ بِتَجْدِيدِ الْأَوَّلِ بِمَهْرٍ آخَرَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِهَا ثُمَّ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَنَقَضَ بِلِسَانِهِ مَا فَعَلَ الزَّوْجُ لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ زَوَّجَهُ أُخْتَهَا يَنْتَقِضُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ زَوَّجَهُ الْوَكِيلُ امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ إحْدَاهُمَا أُخْتُ الْأُولَى أَوْ أَرْبَعًا فِي عُقْدَةٍ لَمْ يَنْتَقِضْ نِكَاحُ الْأُولَى، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمَهْرِ وَفِيهِ سَبْعَةَ عَشَرَ فَصْلًا] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مِقْدَارِ الْمَهْرِ وَمَا يَصْلُحُ مَهْرًا وَمَا لَا يَصْلُحُ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمَهْرِ) وَفِيهِ سَبْعَةَ عَشَرَ فَصْلًا (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَدْنَى مِقْدَارِ الْمَهْرِ وَبَيَانِ مَا يَصْلُحُ مَهْرًا وَمَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا) أَقَلُّ الْمَهْرِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةً أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ حَتَّى يَجُوزَ وَزْنُ عَشَرَةٍ تِبْرًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرُ الدَّرَاهِمِ يَقُومُ مَقَامَهَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ أَوْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْعَقْدِ عَشَرَةٌ فَصَارَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ لَيْسَ لَهَا الرَّدُّ وَفِي الْعَكْسِ لَهَا مَا نَقَصَ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَوْ انْتَقَضَ الثَّوْبُ لِفَوَاتِ جُزْءٍ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْهُ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ الْمَهْرُ إنَّمَا يَصِحُّ بِكُلِّ مَا هُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَالْمَنَافِعُ تَصْلُحُ مَهْرًا غَيْرَ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ حُرًّا وَقَدْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خِدْمَتِهِ إيَّاهَا؛ جَازَ النِّكَاحُ وَيَقْضِي لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خِدْمَةِ حُرٍّ آخَرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِهِ وَلَمْ يُجِزْهُ؛ وَجَبَ قِيمَتُهَا، وَإِنْ كَانَ بِأَمْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ خِدْمَةً مُعَيَّنَةً تَسْتَدْعِي مُخَالَطَةً لَا يُؤْمَنُ مَعَهَا الِانْكِشَافُ وَالْفِتْنَةُ وَجَبَ أَنْ تَمْنَعَ وَتُعْطِيَ هِيَ قِيمَتَهَا أَوْ لَا تَسْتَدْعِي ذَلِكَ وَجَبَ تَسْلِيمُهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ بَلْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنَافِعِ ذَلِكَ الْحُرِّ مَتَى تَصِيرُ أَحَقَّ بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَجِيرُ وَحْدٍ، فَإِنْ صَرَفَتْهُ فِي الْأَوَّلِ فَكَالْأَوَّلِ وَفِي الثَّانِي فَكَالثَّانِي، هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ صَحَّ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا فَلَهَا خِدْمَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا الْقُرْآنَ كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَرْعَى غَنَمَهَا أَوْ يَزْرَعَ أَرْضَهَا فِي رِوَايَةٍ لَا يَجُوزُ وَفِي رِوَايَةٍ جَازَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْأَوَّلُ رِوَايَةُ الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَالصَّوَابُ أَنْ يُسَلِّمَ لَهَا إجْمَاعًا اسْتِدْلَالًا بِقِصَّةِ مُوسَى وَشُعَيْبٍ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَشَرِيعَةُ مَنْ قَبْلَنَا تَلْزَمُنَا إذَا قَصَّ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ رَسُولُهُ بِلَا إنْكَارٍ، كَذَا فِي الْكَافِي

الفصل الثاني فيما يتأكد به المهر والمتعة

وَإِذَا تَزَوَّجَ عَلَى تَعْلِيمِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مِنْ الْأَحْكَامِ أَوْ عَلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الطَّاعَاتِ؛ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ عِنْدَنَا. (ثُمَّ الْأَصْلُ) فِي التَّسْمِيَةِ أَنَّهَا إنْ صَحَّتْ وَتَقَرَّرَتْ يَجِبُ الْمُسَمَّى ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى عَشَرَةً فَصَاعِدًا؛ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ دُونَ الْعَشَرَةِ يُكْمِلُ عَشَرَةً عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ وَإِذَا فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ أَوْ تَزَلْزَلَتْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ فَإِنَّ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِمَالٍ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَةَ عَلَى مَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنَافِعِ سَائِرِ الْأَعْيَانِ مِنْ سُكْنَى دَارِهِ وَرُكُوبِ دَابَّتِهِ وَالْحَمْلِ عَلَيْهَا وَزِرَاعَةِ أَرْضِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ مُدَّةً مَعْلُومَةً صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ عَلَى رَقَبَتِهِ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ أَمَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ جَازَ وَلَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا حُرَّةً أَوْ مُكَاتَبَةً لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفُذُ بِقِيمَتِهِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى طَلَاقِ امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى أَوْ عَلَى دَمٍ عَمْدٍ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهَا؛ كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ لَهُ عَلَى امْرَأَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنَ مَبِيعٍ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى إنْ أَخَّرَ ذَلِكَ عَنْهَا كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَالتَّأْخِيرُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ عَلَى الْأَلْفِ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ جَازَ النِّكَاحُ وَلَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الزَّوْجَ بِأَلْفٍ، وَإِنْ شَاءَتْ اتَّبَعَتْ الْمَدْيُونَ وَتَأْخُذُ الزَّوْجَ حَتَّى يُوَكِّلَهَا بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى الْأَلْفِ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ إلَى سَنَةٍ فَرَضِيَتْ بِذَلِكَ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الزَّوْجَ بِالْمَالِ، وَإِنْ شَاءَتْ اتَّبَعَتْ الْمَدْيُونَ فَإِنْ اخْتَارَتْ أَخْذَ الزَّوْجِ أَخَذَتْهُ بِالْمَالِ إلَى سَنَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَهُوَ مِلْكُ الْغَيْرِ أَوْ عَلَى هَذِهِ الدَّارِ وَهِيَ مِلْكُ الْغَيْرِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَالتَّسْمِيَةُ صَحِيحَةٌ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ أَجَازَ صَاحِبُ الدَّارِ وَصَاحِبُ الْعَبْدِ ذَلِكَ فَلَهَا عَيْنُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ وَلَا التَّسْمِيَةُ حَتَّى لَا يَجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنَّمَا تَجِبُ قِيمَةُ الْمُسَمَّى كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَيْبِ عَبْدٍ اشْتَرَاهُ مِنْهَا جَازَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَيْبِ عَشَرَةً فَلَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ وَجَبَ تَكْمِيلُ الْعَشَرَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَدْ قَالُوا إنَّ نِكَاحَ الشِّغَارِ مُنْعَقِدٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الزَّوْجُ أُخْتَهُ أَوْ أُمَّهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بُضْعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقُ الْأُخْرَى، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَإِذَا سَمَّى فِي الْعَقْدِ مَا هُوَ مَعْدُومٌ فِي الْحَالِ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا يُثْمِرُ نَخِيلُهُ الْعَامَ أَوْ عَلَى مَا تُخْرِجُ أَرْضُهُ الْعَامَ أَوْ عَلَى مَا يَكْتَسِبُ غُلَامُهُ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ وَكَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَكَذَا إذَا سَمَّى مَا لَيْسَ بِمَالٍ لِلْحَالِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا فِي بُطُونِ غَنَمِهِ أَوْ عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ وَكَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهَا أَوْ حُكْمِهِ أَوْ حُكْمِ أَجْنَبِيٍّ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ فَاسِدَةً ثُمَّ إنْ كَانَ التَّزَوُّجُ عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِ يُنْظَرُ إنْ حَكَمَ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ فَلَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ حَكَمَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إلَّا أَنْ تَرْضَى بِالْأَقَلِّ، وَإِنْ كَانَ التَّزَوُّجُ عَلَى حُكْمِهَا فَإِنْ حَكَمَتْ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ فَلَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ حَكَمَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ إلَّا إذَا رَضِيَ الزَّوْجُ بِالزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَ التَّزَوُّجُ عَلَى حُكْمِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ حَكَمَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ جَازَ، وَإِنْ حَكَمَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا الزَّوْجِ، وَإِنْ حَكَمَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ [الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَتَأَكَّدُ بِهِ الْمَهْرُ وَالْمُتْعَةُ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَتَأَكَّدُ بِهِ الْمَهْرُ وَالْمُتْعَةُ) وَالْمَهْرُ يَتَأَكَّدُ بِأَحَدِ مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ: الدُّخُولُ، وَالْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ، وَمَوْتُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ مُسَمًّى أَوْ مَهْرَ الْمِثْلِ حَتَّى لَا يَسْقُطَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِبْرَاءِ

مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا، وَكَذَا إذَا مَاتَتْ هِيَ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ فَلَهَا الْمُتْعَةُ وَلَوْ فَرَضَ الْقَاضِي لَهَا مَهْرًا أَوْ فَرَضَ الزَّوْجُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَفِي حَالِ التَّأْكِيدِ يَتَأَكَّدُ كَمَا يَتَأَكَّدُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ تَجِبُ الْمُتْعَةُ وَلَا يَتَنَصَّفُ الْمَفْرُوضُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا تَجِبُ الْمُتْعَةُ إلَّا إذَا حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهِ كَالطَّلَاقِ وَالْفُرْقَةِ بِالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ وَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَرِدَّتِهِ وَإِبَائِهِ الْإِسْلَامَ وَتَقْبِيلِهِ أُمَّهَا وَابْنَتَهَا بِشَهْوَةٍ، وَإِنْ جَاءَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا فَلَا تَجِبُ كَرِدَّتِهَا وَإِبَائِهَا الْإِسْلَامَ وَتَقْبِيلِهَا ابْنَ الزَّوْجِ بِشَهْوَةٍ وَالرَّضَاعِ وَخِيَارِ الْبُلُوغِ وَخِيَارِ الْعِتْقِ وَعَدَمِ الْكَفَاءَةِ. وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ اشْتَرَاهَا وَكِيلُهُ مِنْهُ وَلَوْ بَاعَهَا الْمَوْلَى مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ مِنْهُ تَجِبُ الْمُتْعَةُ وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا تَجِبُ الْمُتْعَةُ فِيهِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ لَا يَجِبُ نِصْفُ الْمُسَمَّى عِنْدَ وُجُودِهَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي كُلِّ مَحَلٍّ أَوْجَبَ الْعَقْدَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَفِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ تَجِبُ الْمُتْعَةُ فَحَسْبُ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ (الْمُتْعَةُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ) قَمِيصٍ وَمِلْحَفَةٍ وَمُقَنَّعَةِ وَسَطٍ لَا جَيِّدٍ غَايَةَ الْجُودَةِ وَلَا رَدِيءٍ غَايَةَ الرَّدَاءَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ. وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَيُعْتَبَرُ عُرْفُنَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَعْطَاهَا قِيمَةَ الْأَثْوَابِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ تُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ ثُمَّ لَا تُزَادُ عَلَى نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَا تُنْقَصُ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، كَذَا فِي الْكَافِي وَيُعْتَبَرُ فِيهَا حَالُهَا لِقِيَامِهَا مَقَامَ مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ السَّفَلَةِ يُمَتِّعُهَا مِنْ الْكِرْبَاسِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْوُسْطَى يُمَتِّعُهَا مِنْ الْقَزِّ، وَإِنْ كَانَتْ مُرْتَفِعَةَ الْحَالِ يُمَتِّعُهَا مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَالُهُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَقِيلَ يُعْتَبَرُ بِحَالِهِمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِالْفِقْهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَا مُتْعَةَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا سَمَّى لَهَا مَهْرًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَكَذَلِكَ كُلُّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَرَّقَ الْقَاضِي فِيهِ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَقَبْلَ الْخَلْوَةِ أَوْ بَعْدَ الْخَلْوَةِ وَالزَّوْجُ مُنْكِرٌ لِلدُّخُولِ فَلَا مُتْعَةَ فِيهَا وَالْعَبْدُ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي وُجُوبِ الْمُتْعَةِ إذَا كَانَ النِّكَاحُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (الْمُتْعَةُ عِنْدَنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ) مُتْعَةٌ (وَاجِبَةٌ) وَهِيَ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا (وَمُسْتَحَبَّةٌ) وَهِيَ لِلْمُطَلَّقَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ (وَلَا وَاجِبَةٌ وَلَا مُسْتَحَبَّةٌ) وَهِيَ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ يَجْتَمِعَا فِي مَكَان لَيْسَ هُنَاكَ مَانِعٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْوَطْءِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا أَوْ طَبْعًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخَلْوَةُ الْفَاسِدَةُ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنْ الْوَطْءِ حَقِيقَةً كَالْمَرِيضِ الْمُدْنِفِ الَّذِي لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْوَطْءِ وَمَرَضُهَا وَمَرَضُهُ سَوَاءٌ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ أَمَّا الْمَرَضُ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ أَوْ يُلْحِقُ بِهِ ضَرَرٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَرَضَهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَكَسُّرٍ وَفُتُورٍ فَكَانَ مَانِعًا سَوَاءٌ لَحِقَهُ ضَرَرٌ أَمْ لَا، هَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَرَضِهَا. كَذَا فِي الْكَافِي إذَا خَلَا بِامْرَأَتِهِ وَأَحَدُهُمَا مُحْرِمٌ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ فِي صَوْمِ فَرْضٍ أَوْ صَلَاةِ فَرْضٍ لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ وَفِي صَوْمِ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْخَلْوَةَ وَصَوْمُ التَّطَوُّعِ لَا يَمْنَعُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَصَلَاةُ التَّطَوُّعِ لَا تَمْنَعُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ يَمْنَعَانِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا نَائِمٌ أَوْ أَعْمَى لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا صَغِيرٌ لَا يَعْقِلُ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُ الْخَلْوَةَ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا صَغِيرٌ يَعْقِلُ بِأَنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَعْبُرَ مَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا أَوْ كَانَ مَعَهُمَا أَصَمُّ أَوْ أَخْرَسُ لَا

تَصِحُّ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ كَالصَّبِيِّ فَإِنْ كَانَا يَعْقِلَانِ؛ فَلَيْسَتْ بِخَلْوَةٍ، وَإِنْ كَانَا لَا يَعْقِلَانِ فَهِيَ خَلْوَةٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا جَارِيَةٌ لِلْمَرْأَةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا تَصِحُّ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَجَارِيَةُ الرَّجُلِ لَا تَمْنَعُ الْخَلْوَةَ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَكَانَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا يَقُولُ: لَوْ كَانَ ثَمَّةَ أَمَتُهُ تَصِحُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ثَمَّةَ أَمَتُهَا ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: لَا تَصِحُّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا زَوْجَتُهُ الْأُخْرَى تَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا كَلْبٌ عَقُورٌ يَمْنَعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَقُورًا فَإِنْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ صَحَّتْ الْخَلْوَةُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ دَخَلَتْ عَلَى زَوْجِهَا وَهُوَ نَائِمٌ وَحْدَهُ صَحَّتْ الْخَلْوَةُ عَلِمَ بِدُخُولِهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَهَذَا الْجَوَابُ مَحْمُولٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ لِلنَّائِمِ حُكْمَ الْيَقْظَانِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ الْمَرْأَةُ إذَا دَخَلَتْ عَلَى الزَّوْجِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ وَلَمْ يَعْرِفْهَا الزَّوْجُ فَمَكَثَتْ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَتْ أَوْ الزَّوْجُ دَخَلَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَعْرِفْهَا لَا يَكُونُ هَذَا خَلْوَةً مَا لَمْ يَعْرِفْهَا هَكَذَا اخْتَارَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْحُجَّةِ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ عَرَفَهَا هُوَ وَلَمْ تَعْرِفْهُ هِيَ تَصِحُّ الْخَلْوَةُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا تَصِحُّ خَلْوَةُ الْغُلَامِ الَّذِي لَا يُجَامَعُ مِثْلُهُ وَلَا الْخَلْوَةُ بِصَغِيرَةٍ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَالْكَافِرُ إذَا خَلَا بِامْرَأَتِهِ بَعْدَ مَا أَسْلَمَتْ صَحَّتْ الْخَلْوَةُ لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَامْرَأَتُهُ مُشْرِكَةٌ فَخَلَا بِهَا لَا تَصِحُّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَمِنْ الْمَوَانِعِ لِصِحَّةِ الْخَلْوَةِ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ عَفْلَاءَ أَوْ شَعْرَاءَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ خَلَا بِهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ لَمْ تَصِحَّ لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنْ خَلَا بِهَا وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَصِحُّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَخَلْوَةُ الْمَجْبُوبِ خَلْوَةٌ صَحِيحَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَخَلْوَةُ الْعِنِّينِ وَالْخَصِيِّ خَلْوَةٌ صَحِيحَةٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمَكَانُ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ الْخَلْوَةُ أَنْ يَكُونَا آمَنَيْنِ مِنْ اطِّلَاعِ الْغَيْرِ عَلَيْهِمَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا كَالدَّارِ وَالْبَيْتِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَلَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ فِي الصَّحْرَاءِ لَيْسَ بِقُرْبِهِمَا أَحَدٌ إذَا لَمْ يَأْمَنَا مُرُورَ إنْسَانٍ وَكَذَا لَوْ خَلَا عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ عَلَى جَوَانِبِهِ سِتْرٌ أَوْ كَانَ السِّتْرُ رَقِيقًا أَوْ قَصِيرًا بِحَيْثُ لَوْ قَامَ إنْسَانٌ يَقَعُ بَصَرُهُ عَلَيْهِمَا لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ إذَا خَافَا هُجُومَ الْغَيْرِ فَإِنْ أَمِنَا صَحَّتْ الْخَلْوَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ خَلَا بِهَا فِي الطَّرِيقِ إنْ كَانَتْ جَادَّةً لَا تَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَحَّتْ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْحَمَّامِ فَإِنْ حَمَلَهَا إلَى الرُّسْتَاقِ إلَى فَرْسَخٍ أَوْ فَرْسَخَيْنِ وَعَدَلَ بِهَا عَنْ الطَّرِيقِ كَانَ خَلْوَةً فِي الظَّاهِرِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ خَلَا بِهَا فِي خَيْمَةٍ فِي مَفَازَةٍ صَحَّتْ الْخَلْوَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ حَجَّ بِهَا فَنَزَلَ فِي مَفَازَةٍ مِنْ غَيْرِ خَيْمَةٍ؛ فَلَيْسَتْ خَلْوَةً صَحِيحَةً وَكَذَا فِي الْجَبَلِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي بُسْتَانٍ لَا بَابَ لَهُ يُغْلَقُ لَيْسَتْ بِخَلْوَةٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ بَابٌ وَغُلِقَ فَهُوَ خَلْوَةٌ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ خَلَا بِهَا فِي مَحْمَلٍ عَلَيْهِ قُبَّةٌ مَضْرُوبَةٌ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا إنْ أَمْكَنَهُ الْوَطْءُ صَحَّتْ الْخَلْوَةُ وَلَوْ خَلَا بِهَا فِي بَيْتٍ غَيْرِ مُسْقَفٍ أَوْ فِي كَرْمٍ صَحَّتْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِلْكَرْمِ حِيطَانٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ خَلَا بِهَا فِي حَجْلَةٍ أَوْ قُبَّةٍ فَأَرْخَى السِّتْرَ عَلَيْهِ فَهُوَ خَلْوَةٌ صَحِيحَةٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ كَانَ سِتْرٌ فِي الْبَيْتِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ فِي الْبَيْتِ مِنْ النِّسَاءِ يَكُونُ خَلْوَةً وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ كَانَ السِّتْرُ مِنْ ثَوْبٍ رَقِيقٍ يُرَى مِنْهُ أَوْ كَانَ قَصِيرًا بِحَيْثُ لَوْ قَامَ إنْسَانٌ يَرَاهُمَا لَا يَكُونُ خَلْوَةً هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْبُيُوتَاتِ الثَّلَاثَةِ أَوْ الْأَرْبَعَةِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ إذَا خَلَا بِامْرَأَتِهِ فِي الْبَيْتِ الْقُصْوَى إنْ

كَانَتْ الْأَبْوَابُ مَفْتُوحَةً مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ وَكَذَا لَوْ خَلَا بِهَا فِي بَيْتٍ مِنْ دَارٍ وَلِلْبَيْتِ بَابٌ مَفْتُوحٌ فِي الدَّارِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِمَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْمَحَارِمِ أَوْ الْأَجَانِبِ يَدْخُلُ؛ لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَدْخَلَتْهَا أُمُّهَا عَلَيْهِ وَخَرَجَتْ وَرَدَّتْ الْبَابَ إلَّا أَنَّهَا لَمْ تُغْلِقْهُ وَالْبَيْتُ فِي خَانٍ يَسْكُنُهَا أُنَاسٌ كَثِيرَةٌ وَلِهَذَا الْبَيْتِ طَوَابِقُ مَفْتُوحَةٌ وَالنَّاسُ قُعُودٌ فِي سَاحَةِ الْخَانِ يَنْظُرُونَ مِنْ بَعِيدٍ هَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْخَلْوَةُ؟ . قَالَ: إنْ كَانُوا يَنْظُرُونَ فِي الطَّوَابِقِ يَتَرَصَّدُونَ لَهُمَا وَهُمَا يَعْلَمَانِ بِذَلِكَ لَا تَصِحُّ وَأَمَّا النَّظَرُ مِنْ بَعِيدٍ وَالْقُعُودُ فِي السَّاحَةِ فَغَيْرُ مَانِعٍ مِنْ صِحَّةِ الْخَلْوَةِ فَإِنَّهُمَا يَقْدِرَانِ أَنْ يَنْتَقِلَا فِي الْبَيْتِ إلَى زَاوِيَةٍ لَا تَقَعُ أَبْصَارُهُمْ عَلَيْهِمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ تَجِبُ الْعِدَّةُ فِي الْخَلْوَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْخَلْوَةُ صَحِيحَةً أَمْ فَاسِدَةً اسْتِحْسَانًا لِتَوَهُّمِ الشُّغْلِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ الْمَانِعَ إنْ كَانَ شَرْعِيًّا تَجِبُ، وَإِنْ كَانَ حَقِيقِيًّا كَالْمَرَضِ وَالصِّغَرِ لَا تَجِبُ وَأَصْحَابُنَا أَقَامُوا الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ دُونَ الْبَعْضِ فَأَقَامُوهَا مَقَامَهُ فِي حَقِّ تَأَكُّدِ الْمَهْرِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ وَحُرْمَةِ نِكَاحِ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا وَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمُرَاعَاةِ وَقْتِ الطَّلَاقِ فِي حَقِّهَا وَلَمْ يُقِيمُوهَا مَقَامَ الْوَطْءِ فِي حَقِّ الْإِحْصَانِ وَحُرْمَةُ الْبَنَاتِ وَحِلُّهَا لِلْأَوَّلِ وَالرَّجْعَةُ وَالْمِيرَاثُ وَأَمَّا فِي حَقِّ وُقُوعِ طَلَاقٍ آخَرَ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يَقَعَ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا تُقَامُ الْخَلْوَةُ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي حَقِّ زَوَالِ الْبَكَارَةِ حَتَّى لَوْ خَلَا بِبِكْرٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا تَزَوَّجَ كَالْأَبْكَارِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَإِذَا تَأَكَّدَ الْمَهْرُ لَمْ يَسْقُطْ، وَإِنْ جَاءَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهَا بِأَنْ ارْتَدَّتْ أَوْ طَاوَعَتْ ابْنَ زَوْجِهَا بَعْدَمَا دَخَلَ بِهَا أَوْ خَلَا بِهَا وَقَبِلَ ذَلِكَ يَسْقُطُ جَمِيعُ الْمَهْرِ لِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ فِيهِ تَسْمِيَةٌ أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ الْمُسَمَّى سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً. وَكَذَا إذَا قُتِلَ أَحَدُهُمَا سَوَاءٌ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَوْ قَتَلَ الزَّوْجُ نَفْسَهُ فَأَمَّا إذَا قَتَلَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً لَا يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ بَلْ يَتَأَكَّدُ الْكُلُّ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَقَتَلَتْ نَفْسَهَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَسْقُطُ مَهْرُهَا وَرَوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا، وَإِنْ قَتَلَهَا مَوْلَاهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَسْقُطُ مَهْرُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْقُطُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَوْلَى بَالِغًا عَاقِلًا أَمَّا إذَا كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَا يَسْقُطُ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَإِذَا قَتَلَ السَّيِّدُ زَوْجَهَا لَا يَسْقُطُ إجْمَاعًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي نِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَتَأَكَّدُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَمَهْرُ مِثْلِهَا يُعْتَبَرُ بِقَوْمِ أَبِيهَا إذَا اسْتَوَيَا سِنًّا وَجَمَالًا وَبَلَدًا وَعَصْرًا وَعَقْلًا وَدِينًا وَبَكَارَةً وَكَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَسْتَوِيَا فِي الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَكَمَالِ الْخُلُقِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُمَا وَلَدٌ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ حَالُهَا فِي السِّنِّ وَالْجَمَالِ حَالَةَ التَّزَوُّجِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَالُوا يُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ أَيْضًا بِأَنْ يَكُونَ زَوْجُ هَذِهِ كَأَزْوَاجِ أَمْثَالِهَا مِنْ نِسَائِهَا فِي الْمَالِ وَالْحَسَبِ وَعَدَمِهِمَا وَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَوْمُ أَبِيهَا أَخَوَاتُهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا أَوْ لِأَبِيهَا وَعَمَّاتُهَا وَبَنَاتُ عَمِّهَا وَلَا يُعْتَبَرُ مَهْرُهَا بِمَهْرِ أُمِّهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ أُمُّهَا مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا بِأَنْ كَانَتْ بِنْتَ عَمِّ أَبِيهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَمِنْ الْأَجَانِبِ مِنْ قَبِيلَةٍ هِيَ مِثْلُ قَبِيلَةِ أَبِيهَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي الْمُنْتَقَى وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ وَيُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عَلَى ذَلِكَ شُهُودٌ عُدُولٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا

الفصل الثالث فيما سمى مالا وضم إليه ما ليس بمال

فِي الْخُلَاصَةِ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِمَهْرِ أُمِّهَا جَازَ وَفِي الذَّخِيرَةِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا سَمَّى مَالًا وَضَمَّ إلَيْهِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا سَمَّى مَالًا وَضَمَّ إلَيْهِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ) إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَى طَلَاقِ فُلَانَةَ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى فُلَانَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلِلْمَرْأَةِ الْمُسَمَّى فَقَطْ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَعَلَى أَنْ يُطَلِّقَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَا لَمْ يُطَلِّقْ ثُمَّ إذَا شُرِطَ التَّطْلِيقُ وَلَمْ يُطَلِّقْ فُلَانَةَ كَانَ لَهَا تَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَرَامَتِهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَى أَنْ يُهْدِيَ لَهَا هَدِيَّةً فَلَمْ يَفِ بِالشَّرْطِ وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ شَرْطٍ لَهَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ إذَا لَمْ يَفِ الزَّوْجُ بِالْمَشْرُوطِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ هَذَا إذَا كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى وَلَوْ كَانَ الْمُسَمَّى مِثْلَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَمْ يُوَفِّ بِمَا وَعَدَ؛ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُسَمَّى فَإِنْ وَفَّى بِمَا شَرَطَ لَهَا فَلَهَا الْمُسَمَّى وَلَوْ شَرَطَ مَعَ الْمُسَمَّى مَنْفَعَةً لِلْأَجْنَبِيِّ وَلَمْ يُوَفِّ؛ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُسَمَّى هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ مُسْلِمَةً وَسَمَّى لَهَا فِي عُقْدَةِ النِّكَاحِ مَا يَحِلُّ وَمَا لَا يَحِلُّ مِثْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ صَحِيحٍ وَأَرْطَالٍ مِنْ خَمْرٍ؛ فَالْمَهْرُ مَا سَمَّى لَهَا إذَا كَانَ عَشَرَةً فَصَاعِدًا وَيَبْطُلُ الْحَرَامُ وَلَيْسَ لَهَا إتْمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا لِلْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَى طَلَاقِ ضَرَّتِهَا فُلَانَةَ عَلَى إنْ رَدَّتْ عَلَيْهِ عَبْدًا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَانْقَسَمَ الْأَلْفُ وَالطَّلَاقُ عَلَى بَعْضِهِمَا وَعَلَى الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَقِيمَةُ الْبُضْعِ سَوَاءً؛ كَانَ نِصْفُ الْأَلْفِ وَنِصْفُ الطَّلَاقِ عِوَضًا عَنْ الْعَبْدِ ثَمَنًا، وَنِصْفُ الْأَلْفِ وَنِصْفُ الطَّلَاقِ عِوَضًا عَنْ الْبُضْعِ صَدَاقًا لَهَا وَانْقَسَمَ الْبُضْعُ وَالْعَبْدُ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْأَلْفُ أَيْضًا وَصَارَ بِمُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ نِصْفَ الْعَبْدِ وَنِصْفَ الْبُضْعِ وَبِمُقَابَلَةِ الْأَلْفِ نِصْفَ الْعَبْدِ وَنِصْفَ الْبُضْعِ وَيَكُونُ طَلَاقُ فُلَانَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَائِنًا فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ أَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ رَجَعَ بِخَمْسِمِائَةٍ حِصَّةِ الْعَبْدِ وَرَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَعَلَى أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا فُلَانَةَ عَلَى إنْ رَدَّتْ عَلَيْهِ عَبْدًا فَهَاهُنَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الضَّرَّةِ مَا لَمْ يُطَلِّقْهَا وَصَارَ نِصْفُ الْأَلْفِ صَدَاقًا لَهَا وَالنِّصْفُ ثَمَنُ الْعَبْدِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبُضْعِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى السَّوَاءِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ وَفَّى لَهَا بِالشَّرْطِ بِأَنْ طَلَّقَ فُلَانَةَ فَلَهَا الْخَمْسُمِائَةِ لَا غَيْرُ. وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ ضَرَّتَهَا فَلَهُ تَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَأَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا عَلَى أَنْ تَرُدَّ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ عَبْدًا ثُمَّ طَلَّقَهَا اعْلَمْ بِأَنَّ هَذِهِ عُقُودٌ ثَلَاثَةٌ نِكَاحٌ وَبَيْعٌ وَطَلَاقٌ بِجُعَلٍ فَانْقَسَمَ مَا فِي جَانِبِهِ وَهُوَ الْأَلْفُ وَطَلَاقُ الضَّرَّةِ عَلَى مَا فِي جَانِبِهَا وَهُوَ الْبُضْعُ وَالْعَبْدُ فَصَارَ نِصْفُ الْأَلْفِ بِإِزَاءِ الْعَبْدِ فَيَكُونُ ثَمَنًا وَنِصْفُهَا بِإِزَاءِ الْبُضْعِ فَيَكُونُ مَهْرًا وَطَلَاقُ الضَّرَّةِ نِصْفُهُ بِإِزَاءِ الْعَبْدِ فَيَكُونُ خُلْعًا وَنِصْفُهُ بِإِزَاءِ الْبُضْعِ فَلَا يَصِيرُ مَهْرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ. وَلَكِنْ يُعْتَبَرُ حَقًّا لِلْمَرْأَةِ فَإِذَا طَلَّقَهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَكُلُّ وَجْهٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُطَلِّقَ الزَّوْجُ الضَّرَّةَ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْ فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُطَلِّقْ الضَّرَّةَ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ سَوَاءٌ تَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَلَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ، وَإِنْ طَلَّقَ الضَّرَّةَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلِلزَّوْجِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَكُلُّ الْعَبْدِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَطَلَّقَ الضَّرَّةَ فَالْأَلْفُ لَهَا وَالْعَبْدُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ الضَّرَّةَ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ وَقَدْ طَلَّقَ الزَّوْجُ الضَّرَّةَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِخَمْسِمِائَةٍ حِصَّةِ الْعَبْدِ مِنْ الْأَلْفِ وَبِنِصْفِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ وَلَمْ يُطَلِّقْ الضَّرَّةَ يَرْجِعُ بِالْخَمْسِمِائَةِ الَّتِي كَانَتْ ثَمَنَ الْعَبْدِ وَلَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الشُّرُوطِ فِي الْمَهْرِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الشُّرُوطِ فِي الْمَهْرِ) لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَشَرَطَ عَلَيْهَا ثَوْبًا بِعَيْنِهِ قَسَمَ الْأَلْفَ عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ وَعَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَحِصَّةُ الثَّوْبِ ثَمَنُهُ وَحِصَّةُ الْبُضْعِ مَهْرُهَا، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفٍ

إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ بَلَدِهَا وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ أَخْرَجَهَا مِنْهَا وَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَتْ مَوْلَاةً وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ أَنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ وَأَمَّا الْمَهْرُ فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ فَإِنْ وَقَعَ الْوَفَاءُ بِهِ فَلَهَا مَا سَمَّى عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الْوَفَاءُ بِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ أَوْ فَعَلَ خِلَافَ مَا شَرَطَ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ الْأَقَلِّ وَلَا يُزَادُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: الشَّرْطَانِ جَائِزَانِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ جَمِيلَةً وَعَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَتْ قَبِيحَةً صَحَّ وَالشَّرْطَانِ جَائِزَانِ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِأَزْيَدَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَإِذَا هِيَ ثَيِّبٌ لَا تَجِبُ الزِّيَادَةُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَدَخَلَ بِهَا فَوَجَدَهَا غَيْرَ بِكْرٍ فَالْمَهْرُ وَاجِبٌ بِكَمَالِهِ، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ حَالَّةٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ لَهَا أَلْفٌ حَالَّةٌ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ لَهَا الْأَلْفُ إلَى سَنَةٍ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ حَالَّةٍ أَوْ عَلَى أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ؛ فَلَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ أَلْفًا حَالَّةً، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ فَالْخِيَارُ لَهُ يُعْطِيهَا أَيَّ الْمَالَيْنِ شَاءَ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَأَقَلَّ مِنْ أَلْفَيْنِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ يَجِبُ نِصْفُ الْأَقَلِّ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ: أَتَزَوَّجُكِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجِينِي فُلَانَةَ بِمَهْرٍ مِنْ عِنْدِكِ تُعْطِينَهُ إيَّاهَا فَتَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ كَانَ النِّكَاحُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الْأَلْفِ إذَا قُسِمَ عَلَى مَهْرِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُزَوِّجَ فُلَانَةَ وَلَوْ قَالَ: أَتَزَوَّجُكِ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجِينِي فُلَانَةَ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ ذَلِكَ وَتَزَوَّجَتْ فَهَذِهِ امْرَأَةٌ قَدْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِ نِسَائِهَا كَرَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَوْ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي شَرَطَ نِكَاحَهَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِخَمْسِمِائَةٍ جَازَ وَنِكَاحُ الْأُولَى عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ بِغَيْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنْ يَهَبَ لِأَبِيهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَهَذَا الْأَلْفُ لَا يَكُونُ مَهْرًا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَهَبَ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَإِنْ سَلَّمَ الْأَلْفَ فَهُوَ لِلْوَاهِبِ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا إنْ شَاءَ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ أَهَبَ لَهُ عَنْكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالْأَلْفُ مَهْرٌ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ وَقَعَتْ الْهِبَةُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ ذَلِكَ وَهِيَ الْوَاهِبَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى جَارِيَةٍ عَلَى أَنَّ لَهُ خِدْمَتَهَا مَا عَاشَ أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا لَهُ كَانَتْ الْجَارِيَةُ وَخِدْمَتُهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا لِلْمَرْأَةِ إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ قِيمَةِ الْخَادِمِ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْخَادِمِ كَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ الزَّوْجُ الْخَادِمَ إلَيْهَا بِاخْتِيَارِهِ بِغَيْرِ خِدْمَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا فَلَهَا الْجَارِيَةُ وَمَا فِي بَطْنِهَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى غَنَمٍ بِعَيْنِهَا عَلَى أَنَّ أَصْوَافَهَا لِي كَانَ لَهُ الصُّوفُ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتُكِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي هَذَا الثَّوْبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُهَا الثَّوْبُ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفَيْنِ عَلَى أَنَّ أَلْفًا لِلَّهِ أَوْ لِلرَّحِمِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ قَالَتْ: تَرَكْتُ أَلْفًا لِلَّهِ أَوْ لِلرَّحِمِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ لِلْجُلَسَاءِ فَالْمَهْرُ أَلْفٌ اسْتِحْسَانًا سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ الْمَرْأَةِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ أَلْفًا مِنْهُمَا لِأَبِيهَا أَوْ لِفُلَانٍ بِعَيْنِهِ؛ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ فِيهِ هِبَةً بَاطِلَةً وَعَلَيْهِ تَمَامُ مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ

الفصل الخامس في المهر تدخله الجهالة

تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفَيْنِ أَلْفٍ لَهَا وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا أَوْ قَالَتْ: الْمَرْأَةُ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْكَ عَلَى أَلْفَيْنِ أَلْفٍ لِي وَأَلْفٍ لِأَبِي فَذَلِكَ جَائِزٌ وَالْأَلْفَانِ لَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: أَتَزَوَّجُكِ عَلَى أَنْ أَهَبَ لَكِ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ عَلَى أَنْ أَهَبَ لَكِ عَبْدِي فَتَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ دَفَعَ إلَيْهَا مَا سَمَّى فَهُوَ مَهْرُهَا، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَدْفَعَ لَا يُجْبَرُ وَكَانَ عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يُزَادُ عَلَى الْأَلْفِ وَلَا عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ إذَا قَالُوا لِلَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا: زَوَّجْنَاكَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ مِائَةً مِنْهَا لَكَ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْمَهْرُ تِسْعُمِائَةٍ وَلَوْ قَالُوا: زَوَّجْنَاكَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ لَنَا خَمْسِينَ دِينَارٍ فَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ كُلُّهَا لِلْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا بِكُلِّ مِائَةٍ خَادِمًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يُزَادُ عَلَى أَرْبَعمِائَةِ دِينَارٍ وَلَا يَنْقُصُ عَنْ أَرْبَعَةِ خُدَّامٍ وَسَطٍ وَلَوْ كَانَ الْخَدَمُ بِأَعْيَانِهَا فَالشَّرْطُ جَائِزٌ وَلَهَا أَرْبَعَةُ خُدَّامٍ وَسَطٍ كَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَسُوقَ بِذَلِكَ إلَيْهَا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ الْأَوْسَاطِ فَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - امْرَأَةٌ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُبْرِئَ فُلَانًا مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ بَرِئَ فُلَانٌ مِنْهُ وَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَمَالِي إذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ أَوْ زَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا عَلَى أَنْ يُبْرِئَهَا مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهَا وَهُوَ كَذَا فَالْبَرَاءَةُ جَائِزَةٌ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَمَهْرُ مِثْلِهَا مِائَةٌ كَانَ لَهَا الْأَلْفُ وَالنَّفَقَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُكِ عَنْ أَنْ تَتَزَوَّجِينِي وَيَكُونُ الْعِتْقُ صَدَاقَكِ فَقَبِلَتْ عَتَقَتْ ثُمَّ إنْ وَفَّتْ بِالشَّرْطِ وَزَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِلَّا يَجِبْ عَلَيْهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا. وَلَوْ قَالَتْ لِعَبْدِهَا: أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَنِي بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا فَقَبِلَ عَتَقَ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ قَسَمَ الْأَلْفَ عَلَى قِيمَةِ نَفْسِهِ وَعَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَمَا أَصَابَ الرَّقَبَةَ فَثَمَنُهُ وَمَا أَصَابَ الْمَهْرَ فَمَهْرُهَا يَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْمَهْرِ تَدْخُلُهُ الْجَهَالَةُ] (الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْمَهْرِ تَدْخُلُهُ الْجَهَالَةُ) الْمَهْرُ الْمُسَمَّى أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ (نَوْعٌ) هُوَ مَجْهُولُ الْجِنْسِ وَالْوَصْفِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ دَارٍ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ أَوْ غَنَمِهِ أَوْ عَلَى مَا يُثْمِرُ نَخِيلُهُ الْعَامَ (وَنَوْعٌ) هُوَ مَعْلُومُ الْجِنْسِ مَجْهُولُ الْوَصْفِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ ثَوْبٍ هَرَوِيٌّ يَجِبُ الْوَسَطُ إنْ شَاءَ أَدَّى عَيْنَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى قِيمَتَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَذَا إذَا ذَكَرَ الْعَبْدَ أَوْ الثَّوْبَ مُطْلَقًا غَيْرَ مُضَافٍ إلَى نَفْسِهِ فَأَمَّا إذَا ذَكَرَهُ مُضَافًا إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ: تَزَوَّجْتُكِ عَلَى عَبْدِي أَوْ ثَوْبِي؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ مِنْ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ كَالْإِشَارَةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَسَطِ بِقَدْرِ غَلَاءِ السِّعْرِ وَالرُّخْصِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْكَافِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَلَوْ صَالَحَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ عَبْدٍ وَسَطٍ لَا يَجُوزُ وَبِأَقَلَّ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ (وَنَوْعٌ) هُوَ مَعْلُومُ الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ مُطْلَقَةٍ وَلَمْ يَصِفْهُ فَإِنْ شَاءَ أَعْطَى كُرًّا وَسَطًا، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى قِيمَتَهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْجَوَابُ فِي سَائِرِ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ نَظِيرَ الْجَوَابِ فِي الْحِنْطَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى هَذَا الْأَلْفِ حُكْمُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ

أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَأَحَدُهُمَا أَوْكَسُ حُكْمُ مَهْرِ مِثْلِهَا فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَرْفَعَهُمَا أَوْ أَكْثَرَ؛ فَلَهَا الْأَرْفَعُ لِرِضَاهَا بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ أَوْكَسِهِمَا أَوْ أَقَلَّ؛ فَلَهَا الْأَوْكَسُ لِرِضَاهَا بِهِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: لَهَا الْأَوْكَسُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ أَوْ أَلْفَيْنِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَهَا نِصْفُ الْأَوْكَسِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْأَوْكَسِ أَقَلَّ مِنْ الْمُتْعَةِ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ لَهَا الْمُتْعَةُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ تَزَوَّجَ عَلَى بَيْتٍ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الرَّجُلُ بَدْوِيًّا فَلَهَا بَيْتُ شَعْرٍ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ بَلَدِيًّا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا بَيْتُ وَسَطٍ أَرَادَ بِهِ أَثَاثَ الْبَيْتِ إلَّا أَنَّهُ كَنَّى عَنْ الْأَثَاثِ بِالْبَيْتِ لِاتِّصَالٍ بَيْنَهُمَا قَالُوا وَهَذَا فِي عُرْفِهِمْ فَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الْمَتَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ الْمَتَاعُ فِي عُرْفِنَا وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْبَيْتُ الْمَبْنِيُّ مِنْ الْمَدَرِ وَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ مَهْرًا إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى دَارٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى بَيْتٍ بِعَيْنِهِ فَلَهَا هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ فِي هَذِهِ الدَّارِ قَالَ: أَفْرِضُ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ لَا أُجَاوِزُ بِهِ قِيمَةَ الدَّارِ وَفِي قَوْلِنَا لَهَا مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْحَقِّ فِي الدَّارِ لَا غَيْرُ وَقَالَ: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لَا غَيْرُ إذَا بَلَغَ ذَلِكَ عَشَرَةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَزَوَّجَ عَلَى نَصِيبِهِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ النَّصِيبَ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ مَهْرَ مِثْلِهَا لَا يُزَادُ عَلَى قِيمَةِ الدَّارِ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ وَعَلَى قَوْلِ صَاحِبَيْهِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا النَّصِيبُ مِنْ الدَّارِ إنْ كَانَ النَّصِيبُ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ مُطْلَقٍ يَنْصَرِفُ إلَى مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَفِي الْبَلْدَةِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ يَنْصَرِفُ إلَى الْغَالِبِ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَنْظُرُ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِلَى تِلْكَ النُّقُودِ فَأَيُّ ذَلِكَ وَافَقَ مَهْرَ مِثْلِهَا يُحْكَمُ لَهَا بِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي نِكَاحِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَكَسَدَتْ الدَّرَاهِمُ وَصَارَ النَّقْدُ غَيْرَهَا تَجِبُ قِيمَةُ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ يَوْمَ كَسَدَتْ هُوَ الْمُخْتَارُ ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالِانْقِطَاعُ كَالْكَسَادِ وَالْكَاسِدَةُ أَنْ لَا تَرُوجَ فِي جَمِيعِ الْبُلْدَانِ أَمَّا إذَا كَانَتْ تَرُوجُ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ فَلَا تَكُونُ كَاسِدَةً فِي الْعُيُونِ فَلَوْ لَمْ تَكْسُدْ وَلَمْ تَنْقَطِعْ وَلَكِنْ رَخُصَتْ أَوْ غَلَتْ لَا يُعْتَبَرُ هَذَا إذَا كَانَتْ رَائِجَةً وَقْتَ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَتْ كَاسِدَةً تَجِبُ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ إذَا سَاوَتْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِكَذَا مِنْ الْعَدْلِيَّاتِ وَهِيَ كَاسِدَةٌ قَالُوا يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ كَاسِدَةً كَانَتْ سِلْعَةً وَزْنِيَّةً وَهِيَ إنَّمَا تُعْرَفُ بِالْإِشَارَةِ أَوْ بِذِكْرِ الْوَزْنِ وَهُوَ مَا ذَكَرَ الْوَزْنَ إنَّمَا ذَكَرَ الْعَدَدَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى مِثْلِ هَذَا الزِّنْبِيلِ حِنْطَةً أَوْ بِوَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ ذَهَبًا أَوْ عَلَى قَدْرِ مَهْرِ فُلَانَةَ أَوْ قِيمَةِ هَذَا الْعَبْدِ أَوْ قِيمَةِ عَبْدٍ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي مِقْدَارِ الْمُسَمَّى عِنْدَ فَوْتِ مَا ذَكَرَ وَلَوْ ذَكَرَ دَرَاهِمَ أَوْ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ هَذِهِ الْإِبِلِ وَلَا يُزَادُ أَوْ عَلَى ثَوْبٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ أَوْ قَالَ: بِجَمِيعِ مَا أَمْلِكُ وَبِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ عَلَى سُكْنَى دَارٍ مَوْقُوفَةٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَرُدَّ آبِقَهَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ هَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ رِطْلِ خَلٍّ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ خَلَّ التَّمْرِ فَهُوَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ خَلَّ الْخَمْرِ فَهُوَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى كَذَا رِطْلِ لَبَنٍ فَهُوَ الْغَالِبُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهَا غَالِبًا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى دِينَارٍ وَشَيْءٍ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا يُزَادُ عَلَى دِينَارٍ إنْ سَاوَى عَشَرَةَ الدَّرَاهِمِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَثَوْبٍ وَلَمْ يَصِفْ

الفصل السادس في المهر الذي يوجد على خلاف المسمى

الثَّوْبَ كَانَ لَهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ لَهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُتْعَتُهَا أَكْثَرَ فَيَكُونُ لَهَا ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْخَمْسَةُ وَلَوْ قَالَ عَلَى مَا فِي يَدِي وَفِيهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْهَا، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ مَهْرَ الْمِثْلِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ عَلَى أَلْفٍ قُسِمَتْ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهِمَا فَإِنْ طَلَّقَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ لَهُمَا نِصْفُ الْأَلْفِ عَلَى قَدْرِ مَهْرَيْهِمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ قَبِلَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى جَازَ النِّكَاحُ فِي الَّتِي قَبِلَتْ وَيُقْسَمُ الْأَلْفُ عَلَى قَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهِمَا فَمَا أَصَابَ حِصَّةَ الَّتِي قَبِلَتْ فَلَهَا ذَلِكَ الْقَدْرُ وَالْبَاقِي يَعُودُ إلَى الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُ إحْدَاهُمَا فَكُلُّ الْأَلْفِ لِلْأُخْرَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ دَخَلَ بِاَلَّتِي لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ أَنَّ أَخًا وَأُخْتًا وَرِثَا دَارًا مِنْ أَبِيهِمَا فَتَزَوَّجَ الْأَخُ امْرَأَةً بِبَيْتٍ بِعَيْنِهِ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ ثُمَّ مَاتَ الْأَخُ وَلَمْ تَرْضَ الْأُخْتُ بِذَلِكَ قَالُوا: تُقْسَمُ الدَّارُ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الْأَخِ كَانَ الْبَيْتُ لِلْمَرْأَةِ بِمَهْرِهَا، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْأُخْتِ فَلِلْمَرْأَةِ قِيمَةُ الْبَيْتِ فِي تَرِكَةِ الزَّوْجِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ أَوْ قَمِيصٍ مِنْ قُمْصَانِهِ أَوْ عِمَامَةٍ مِنْ عَمَائِمِهِ يَصِحُّ وَيَجِبُ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ الْقُرْعَةُ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى جِهَازِ بِنْتٍ فَلَهَا وَسَطُ مَا يُجَهَّزُ بِهِ النِّسَاءُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْمَهْرِ الَّذِي يُوجَدُ عَلَى خِلَافِ الْمُسَمَّى] (الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْمَهْرِ الَّذِي يُوجَدُ عَلَى خِلَافِ الْمُسَمَّى) إنْ تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ امْرَأَةً عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَمْرِ فَإِذَا هُوَ خَلٌّ أَوْ عَلَى هَذَا الْحُرِّ فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ أَوْ هَذِهِ الْمَيْتَةِ فَإِذَا هِيَ ذَكِيَّةٌ فَلَهَا الْمُشَارُ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ عَلَى هَذَا الْحُرِّ فَإِذَا هُوَ عَبْدُ غَيْرِهِ تَجِبُ قِيمَتُهُ وَلَوْ كَانَ عَبْدَهَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَإِذَا هِيَ جَارِيَةٌ أَوْ عَلَى ثَوْبٍ مَرْوِيٍّ بِعَيْنِهِ فَإِذَا هُوَ هَرَوِيٌّ فَإِنَّ عَلَيْهِ عَبْدًا يَعْدِلُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ وَثَوْبًا مَرْوِيًّا بِقِيمَةِ الْهَرَوِيِّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَظَهَرَ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ عَلَى هَذِهِ الْأَمَةِ فَظَهَرَتْ أُمَّ وَلَدٍ تَجِبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَعْلَمُ بِحَالِ الْعَبْدِ أَمْ لَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَسَمَّى لَهَا شَيْئًا وَأَشَارَ إلَى شَيْءٍ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَا حَلَالَيْنِ فَلَهَا مِثْلُ الَّذِي سَمَّى، وَإِنْ كَانَا حَرَامَيْنِ أَوْ كَانَ الْمُشَارُ إلَيْهِ حَرَامًا كَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ كَانَ ذَلِكَ مُشْكِلًا وَقْتَ الْعَقْدِ لَا يَدْرِي كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ طِلَاءٌ فَلَهَا مِثْلُ الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا خَمْرٌ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى حَرَامًا وَالْمُشَارُ إلَيْهِ حَلَالًا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ أَنَّهُ إذَا أَشَارَ إلَى حَلَالٍ كَانَ لَهَا الْمُشَارُ إلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ تَزَوَّجَ عَلَى هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ أَوْ عَلَى هَذَيْنِ الدَّنَّيْنِ مِنْ خَلٍّ فَإِذَا أَحَدُهُمَا حُرٌّ أَوْ خَمْرٌ فَلَهَا الْعَبْدُ وَالْخَلُّ الْبَاقِي لَا غَيْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الزِّقِّ مِنْ السَّمْنِ فَإِذَا لَا شَيْءَ فِيهِ؛ كَانَ لَهَا ذَلِكَ الزِّقُّ سَمْنًا إنْ كَانَ يُسَاوِي

الفصل السابع في الزيادة في المهر والحط عنه فيما يزيد وينقص

عَشَرَةً، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا فِي الزِّقِّ مِنْ السَّمْنِ فَإِذَا لَا شَيْءَ فِيهِ كَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الزِّقِّ شَيْءٌ آخَرُ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَرْضٍ وَحَدَّدَهَا عَلَى أَنَّ فِيهَا عَشَرَةَ أَجْرِبَةٍ فَقَبَضَتْهَا الْمَرْأَةُ فَإِذَا هِيَ سِتَّةُ أَجْرِبَةٍ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَزْرَعَهَا فَلَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْأَرْضَ وَلَا شَيْءَ لَهَا غَيْرَهَا، وَإِنْ شَاءَتْ رَدَّتْ الْأَرْضَ وَأَخَذَتْ قِيمَتَهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَوْ كَانَتْ عَشَرَةَ أَجْرِبَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَدْ بَاعَتْ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ وَهَبَتْهَا وَسَلَّمَتْهَا ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهَا سِتَّةُ أَجْرِبَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا غَيْرُ الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ اللُّؤْلُؤَةُ إذَا انْتَقَصَتْ مِنْ وَزْنِهَا وَالثِّيَابُ إذَا انْتَقَصَتْ مِنْ ذَرْعِهَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ بَاعَتْهَا وَلَا وَهَبَتْهَا وَلَكِنْ غَلَبَ عَلَيْهَا دِجْلَةُ أَوْ نَحْوُهَا مِنْ الْأَنْهَارِ فَجَرَى فِيهَا وَصَارَتْ مُسْتَهْلَكَةً ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهَا سِتَّةُ أَجْرِبَةٍ رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ بِتَمَامِ قِيمَةِ الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى عَشَرَةِ أَثْوَابٍ هَرَوِيِّةٍ بِأَعْيَانِهَا عَلَى أَنَّ كُلَّ ثَوْبٍ مِنْهَا عُشَارِيٌّ فَوُجِدَتْ كُلُّهَا سُبَاعِيًّا فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْهَا، وَإِنْ شَاءَتْ رَدَّتْهَا وَأَخَذَتْ قِيمَتَهَا لَوْ كَانَتْ عُشَارِيَّةً عَلَى مِثْلِ حَالِهَا الَّتِي هِيَ عَلَيْهِ فَإِنْ وُجِدَتْ كُلُّهَا عُشَارِيَّةً إلَّا وَاحِدَةً مِنْهَا فَإِنَّهَا سُبَاعِيَّةٌ فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الثِّيَابَ وَلَا شَيْءَ لَهَا غَيْرَهَا، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الثِّيَابَ الْعُشَارِيَّةَ وَرَدَّتْ الثَّوْبَ الَّذِي وَجَدَتْهُ سُبَاعِيًّا وَأَخَذَتْ قِيمَتَهُ لَوْ كَانَ عُشَارِيًّا عَلَى مِثْلِ رُقْعَتِهِ وَجَوْدَتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَصِيرٍ بِعَيْنِهِ فَتَخَمَّرَ قَبْلَ الْقَبْضِ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا عَصِيرُ مِثْلِهِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَجَزَ فَقِيمَتُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى هَذِهِ الْأَثْوَابِ الْعَشَرَةِ فَإِذَا هِيَ تِسْعَةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا التِّسْعَةُ وَتَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ التِّسْعَةِ وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا التِّسْعَةُ لَا غَيْرُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ التِّسْعَةِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَلَوْ كَانَتْ الثِّيَابُ أَحَدَ عَشَرَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْطِيهَا عَشَرَةً مِنْهَا أَيَّ عَشَرَةٍ شَاءَ وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ الْعَشَرَةِ إذَا عَزَلَ أَخَسَّهَا يُعْزَلُ الْأَخَسُّ وَلَهَا الْبَاقِي وَلَيْسَ لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ الْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ إذَا عَزَلَ الْأَجْوَدَ يُعْزَلُ الْأَجْوَدُ وَلَهَا الْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ لَا غَيْرُ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَثْوَابِ إذَا عَزَلَ الْأَجْوَدَ وَأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْأَثْوَابِ إذَا عَزَلَ الْأَخَسَّ كَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ . وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذِهِ الْأَثْوَابِ الْعَشَرَةِ الْهَرَوِيَّةِ فَإِذَا هِيَ تِسْعَةٌ فَلَهَا تِسْعَةٌ وَثَوْبٌ آخَرُ هَرَوِيٌّ وَسَطٌ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى حِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَكْرَارٍ فَإِذَا هِيَ تِسْعَةُ أَكْرَارٍ كَانَ لَهَا التِّسْعَةُ وَكُرٌّ آخَرُ مِثْلُ التِّسْعَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَرْضٍ عَلَى أَنَّ فِيهَا أَلْفَ نَخْلَةٍ وَحَدَّدَهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى دَارٍ وَحَدَّدَهَا عَلَى أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ بِالْآجُرِّ وَالْجِصِّ وَالسَّاجِ فَإِذَا الْأَرْضُ لَا نَخْلَ فِيهَا وَإِذَا الدَّارُ لَا بِنَاءَ فِيهَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الدَّارَ وَالْأَرْضَ وَلَا شَيْءَ لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ مَهْرَ مِثْلِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا نِصْفُ الْأَرْضِ وَنِصْفُ الدَّارِ عَلَى مَا وَجَدَتْهَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُتْعَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونَ الْخِيَارُ لِلْمَرْأَةِ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ نِصْفَ الْأَرْضِ أَوْ نِصْفَ الدَّارِ وَلَا شَيْءَ لَهَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْمُتْعَةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الزِّيَادَةِ فِي الْمَهْرِ وَالْحَطِّ عَنْهُ فِيمَا يَزِيدُ وَيَنْقُصُ] (الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الزِّيَادَةِ فِي الْمَهْرِ وَالْحَطِّ عَنْهُ فِيمَا يَزِيدُ وَيَنْقُصُ) الزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ صَحِيحَةٌ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِذَا زَادَهَا فِي الْمَهْرِ بَعْدَ الْعَقْدِ لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. هَذَا إذَا قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ الزِّيَادَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ أَوْ لَا مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ وَلِيٍّ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ

وَالزِّيَادَةُ إنَّمَا تَتَأَكَّدُ بِأَحَدِ مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ: إمَّا بِالدُّخُولِ، وَإِمَّا بِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ، وَإِمَّا بِمَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَإِنْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَتَنَصَّفَ الْأَصْلُ وَلَا تَتَنَصَّفُ الزِّيَادَةُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ هِبَةِ الْمَهْرِ صَحِيحَةٌ وَفِي إكْرَاهِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمَهْرِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ بَاطِلَةٌ وَهَكَذَا رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصُورَةُ مَا رَوَى بِشْرٌ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ زَادَهَا فِي الْمَهْرِ لَمْ تَصِحَّ وَكَذَلِكَ إذَا انْتَقَضَتْ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ زَادَهَا فِي الْمَهْرِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ وَفِي الْقُدُورِيِّ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمَهْرِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَرْأَةِ جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ إذَا قَالَ لَهَا زَوْجُهَا: زِدْتُ فِي مَهْرِكِ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَلَوْ قَالَ لَهَا: رَاجَعْتُكِ بِمَهْرِ أَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ قَبِلَتْ جَازَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْمَهْرِ فَتَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ قَبُولُ الزِّيَادَةِ فِي الْمَجْلِسِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ امْرَأَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ إنْ الزَّوْجُ أَشْهَدَ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ، كَذَا مِنْ مَهْرِهَا؛ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ إذَا قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا يَصِحَّ وَلَا يُجْعَلَ زِيَادَةً بِلَا قَصْدِ الزِّيَادَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ جَدَّدَ النِّكَاحَ بِأَلْفَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا تَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ وَمَهْرُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ الْخِلَافَ عَلَى عَكْسِ هَذَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفَتْوَى الْقَاضِي الْإِمَامِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ الثَّانِي شَيْءٌ إلَّا إذَا عَنَى بِالزِّيَادَةِ فِي الْمَهْرِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ الْمَهْرُ الثَّانِي، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقِيلَ لَوْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا ثُمَّ جَدَّدَ الْمَهْرَ لَا يَجِبُ الثَّانِي بِالِاتِّفَاقِ وَقِيلَ عَلَى الِاخْتِلَافِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَإِنْ جَدَّدَ النِّكَاحَ لِلِاحْتِيَاطِ لَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ بِلَا نِزَاعٍ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ رَجُلٍ عَلَى مَهْرٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ أَعْتَقَهَا ثُمَّ زَادَهَا الزَّوْجُ فِي الْمَهْرِ شَيْئًا مَعْلُومًا فَالزِّيَادَةُ لِلْمَوْلَى وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الزِّيَادَةَ لَهَا وَلَا أُجْبِرُ الزَّوْجَ عَلَى دَفْعِ الزِّيَادَةِ إلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ بَاعَهَا فَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا أُجْبِرُ الزَّوْجَ عَلَى دَفْعِ الزِّيَادَةِ إلَى الْمَوْلَى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ حُرٌّ تَزَوَّجَ أَمَةً بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الزَّوْجُ لِلْمَوْلَى أَجِزْ النِّكَاحَ فَقَالَ الْمَوْلَى أَجَزْتُهُ عَلَى أَنْ تَزِيدَ فِي الصَّدَاقِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ صَحَّ وَتَثْبُتُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ لَمْ تَثْبُتْ الْإِجَازَةُ وَفِيهِ أَيْضًا أَمَةٌ مَنْكُوحَةٌ أُعْتِقَتْ حَتَّى يَثْبُتَ لَهَا الْخِيَارُ وَقَالَ لَهَا زَوْجُهَا: زِدْتُكِ فِي صَدَاقِكِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ تَخْتَارِينِي فَفَعَلَتْ صَحَّ الِاخْتِيَارُ وَتَثْبُتُ الزِّيَادَةُ وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لِلْمَوْلَى وَبِمِثْلِهِ لَوْ قَالَ لَهَا: لَكِ عَلَيَّ خَمْسُونَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ تَخْتَارِينِي فَفَعَلَتْ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَبَطَلَ خِيَارُهَا وَفِي نِكَاحِ الْمُنْتَقَى ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهِيَ تَجْحَدُ ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ مَعَ الْمَرْأَةِ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ أَعْطَاهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ إنْ أَجَازَتْ لَهُ النِّكَاحَ الَّذِي ادَّعَى فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا: أَزِيدُكِ مِائَةً عَلَى أَنْ تُقِرِّي بِالنِّكَاحِ فَفَعَلَتْ فَإِنْ وُجِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَصْلِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْمِائَةِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ زِيَادَةٍ فِي الْمَهْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ حَطَّتْ عَنْ مَهْرِهَا صَحَّ الْحَطُّ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ حَطِّهَا مِنْ الرِّضَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً لَمْ يَصِحَّ وَمِنْ أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً مَرَضَ الْمَوْتِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً عَلَى عَبْدٍ أَوْ جَارِيَةٍ أَوْ عَلَى عَيْنٍ مِنْ الْأَعْيَانِ فَزَادَ الْمَهْرُ ثُمَّ وَرَدَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَانَتْ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالسِّمَنِ وَالْكِبَرِ وَالْحُسْنِ وَالْجَمَالِ أَوْ كَانَتْ بَيْضَاءَ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ فَانْجَلَى الْبَيَاضُ أَوْ كَانَ أَخْرَسَ فَتَكَلَّمَ أَوْ أَصَمَّ فَاسْتَمَعَ أَوْ كَانَتْ نَخِيلًا فَأَثْمَرَتْ أَوْ أَرْضًا فَزُرِعَ فِيهَا أَوْ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالْوَلَدِ وَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ وَالْوَبَرِ إذَا جُزَّ وَالصُّوفِ وَالشَّعْرِ إذَا أُزِيلَا وَالتَّمْرِ إذَا جُزَّ وَالزَّرْعِ إذَا حُصِدَ فَإِنَّ الْأَصْلَ وَالزِّيَادَةَ يَتَنَصَّفَانِ بِالْإِجْمَاعِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. . وَلَوْ قَبَضَتْ الْمَرْأَةُ الْأَصْلَ مَعَ الزِّيَادَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا يَتَنَصَّفُ الْأَصْلُ وَالزِّيَادَةُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَمَا إذَا صُبِغَ الثَّوْبُ أَوْ بَنَى فِي الدَّارِ بِنَاءً صَارَتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ قَابِضَةً فَلَا يَتَنَصَّفُ وَيَجِبُ عَلَيْهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ حُكِمَ بِالْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْهُ كَالْهِبَةِ وَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ فَإِنَّ الْأَصْلَ يَتَنَصَّفُ وَالزِّيَادَةُ كُلُّهَا لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا الْأَصْلُ وَالزِّيَادَةُ كِلَاهُمَا يَتَنَصَّفَانِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ آجَرَهُ فَالْأُجْرَةُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَكَانَتْ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ التَّنْصِيفَ وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ سَلَّمَهُ إلَيْهَا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَمْنَعُ التَّنْصِيفَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ التَّنْصِيفَ وَعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْأَصْلِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ تَمْنَعُ التَّنْصِيفَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ فَالزِّيَادَةُ لِلْمَرْأَةِ وَالْأَصْلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ هَذَا كُلُّهُ إذَا حَدَثَتْ الزِّيَادَةُ ثُمَّ وَرَدَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَأَمَّا إذَا وَرَدَ الطَّلَاقُ أَوَّلًا ثُمَّ ظَهَرَتْ الزِّيَادَةُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالنِّصْفِ لِلزَّوْجِ أَوْ قَبْلَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَالزِّيَادَةُ وَالْأَصْلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وُجِدَ الْقَضَاءُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَكَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالنِّصْفِ لِلزَّوْجِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِالنِّصْفِ لِلزَّوْجِ فَالْمَهْرُ فِي يَدِهَا كَالْمَقْبُوضِ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ ارْتَدَّتْ أَوْ قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا بَعْدَ مَا حَدَثَتْ الزِّيَادَةُ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ فَذَلِكَ كُلُّهُ لَهَا وَعَلَيْهَا رَدُّ قِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْمَ قَبَضَتْ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا انْتَقَصَ الْمَهْرُ فِي يَدِ الزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَهَذَا عَلَى وُجُوهٍ: (أَحَدُهَا) أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا كَانَ لَهَا نِصْفُ الْخَادِمِ مَعِيبًا مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ النُّقْصَانِ لَيْسَ لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا فَلَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ تَرَكَتْ الْمَهْرَ عَلَى الزَّوْجِ وَضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ نِصْفَ الْخَادِمِ مَعِيبًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضْمَنَ الزَّوْجُ ضَمَانَ النُّقْصَانِ. (الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الزَّوْجِ وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا إنْ كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا فَإِنَّهَا تَأْخُذُ نِصْفَ الْخَادِمِ وَيَضْمَنُ الزَّوْجُ نِصْفَ قِيمَةِ النُّقْصَانِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتْرُكَ الْخَادِمَ عَلَى الزَّوْجِ وَتُضَمِّنَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْخَادِمِ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ نِصْفَ قِيمَةِ الْخَادِمِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَتَرَكَتْ الْخَادِمَ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ نِصْفَ الْخَادِمِ وَضَمَّنَتْ الزَّوْجَ نِصْفَ قِيمَةِ النُّقْصَانِ. (الْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْمَرْأَةِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَهَا نِصْفُ الْخَادِمِ لَا شَيْءَ لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ وَلَا خِيَارَ لَهَا سَوَاءٌ كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا أَوْ فَاحِشًا. (الْوَجْهُ الرَّابِعُ) أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الصَّدَاقِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَذَا كَالنُّقْصَانِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ. (الْوَجْهُ الْخَامِسُ) أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ يَسِيرًا فَإِنَّهَا تَأْخُذُ نِصْفَ الْخَادِمِ وَتُضَمِّنُ الْأَجْنَبِيَّ

الفصل الثامن في السمعة

نِصْفَ قِيمَةِ النُّقْصَانِ لَيْسَ لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ نِصْفَ الْخَادِمِ وَاتَّبَعَتْ الْأَجْنَبِيَّ بِنِصْفِ قِيمَةِ النُّقْصَانِ، وَإِنْ شَاءَتْ تَرَكَتْ الْخَادِمَ عَلَى الزَّوْجِ وَأَخَذَتْ مِنْ الزَّوْجِ نِصْفَ قِيمَةِ الْخَادِمِ يَوْمَ الْعَقْدِ ثُمَّ الزَّوْجُ يَتْبَعُ الْجَانِيَ بِجُمْلَةِ النُّقْصَانِ هَذَا إذَا حَصَلَ النُّقْصَانُ فِي يَدِ الزَّوْجِ. وَإِنْ حَصَلَ النُّقْصَانُ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَالنُّقْصَانُ يَسِيرًا أَخَذَ الزَّوْجُ نِصْفَ الْمَهْرِ مَعِيبًا لَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا إنْ شَاءَ أَخَذَ النِّصْفَ كَذَلِكَ مَعِيبًا مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ النُّقْصَانِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ذَلِكَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَضَمَّنَهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا يَوْمَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا النُّقْصَانُ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَأْخُذُ نِصْفَهَا مَعَ نِصْفِ النُّقْصَانِ وَهَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِفِعْلِ الْمَرْأَةِ فَهَذِهِ وَمَا لَوْ كَانَ النُّقْصَانُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْمَهْرِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ يَنْقَطِعُ حَقُّ الزَّوْجِ عَنْ الْمَهْرِ وَعَلَيْهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلزَّوْجِ يَوْمَ قَبَضَتْهُ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ قَدْ ضَمِنَ الْأَرْشَ فَتَصِيرُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً إلَّا أَنْ تَكُونَ هِيَ أَبْرَأَتْ الْجَانِيَ عَنْ الْجِنَايَةِ أَوْ هَلَكَ الْأَرْشُ فِي يَدِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ فَحِينَئِذٍ يَتَنَصَّفُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا النُّقْصَانُ بَعْدَ الطَّلَاقِ ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ أَنَّ هَذَا وَمَا لَوْ حَصَلَ النُّقْصَانُ قَبْلَ الطَّلَاقِ سَوَاءٌ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الزَّوْجَ يَأْخُذُ نِصْفَ الْأَصْلِ وَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي الْأَرْشِ إنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْجَانِيَ وَأَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ الْأَرْشِ. وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِفِعْلِ الزَّوْجِ فَهَذَا وَمَا لَوْ كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ سَوَاءٌ، وَإِنْ هَلَكَ الصَّدَاقُ فِي يَدِ الزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْعَقْدِ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهُ عَلَى الْمَرْأَةِ نِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْمَهْرِ وَلَا تَرُدُّهُ إلَّا بِعَيْبٍ فَاحِشٍ وَإِنَّمَا لَا يَرُدُّ الْمَهْرُ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَمَّا إذَا كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَيُرَدُّ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَمَةٍ بِعَيْنِهَا فَمَاتَتْ فِي يَدِهَا ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهَا عَمْيَاءُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ الْعَمَى كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَمَةُ مُعَيَّنَةً فَالْمَرْأَةُ تَضْمَنُ قِيمَتَهَا عَمْيَاءَ وَيَضْمَنُ الزَّوْجُ قِيمَةَ خَادِمٍ وَسَطٍ فَيَتَقَاصَّانِ وَيَرُدُّ عَلَيْهَا فَضْلُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا عَمْيَاءَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ خَادِمٍ وَسَطٍ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ [الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي السُّمْعَةِ] (الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي السُّمْعَةِ) إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى صَدَاقٍ فِي السِّرِّ وَسَمِعَ فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ. (الْأَوَّلُ) أَنْ يَتَوَاضَعَا فِي السِّرِّ عَلَى مَهْرٍ ثُمَّ تَعَاقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ مَا تَعَاقَدَا عَلَيْهِ فِي الْعَلَانِيَةِ مِنْ جِنْسِ مَا تَوَاضَعَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ إلَّا أَنَّهُ أَكْثَرُ مِمَّا تَوَاضَعَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُوَاضَعَةِ أَوْ أَشْهَدَ الرَّجُلُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى وَلِيِّهَا أَنَّ الْمَهْرَ هُوَ الْمُسَمَّى فِي السِّرِّ وَالزِّيَادَةُ سُمْعَةٌ فَالْمَهْرُ مَا تَوَاضَعَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَادَّعَى الزَّوْجُ الْمُوَاضَعَةَ فِي السِّرِّ عَلَى أَلْفٍ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ الْمُوَاضَعَةَ عَلَى ذَلِكَ فَالْمَهْرُ هُوَ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْأَةِ إلَّا أَنْ يَقُومَ لِلزَّوْجِ بَيِّنَةٌ. وَإِنْ كَانَ مَا تَعَاقَدَا عَلَيْهِ فِي الْعَلَانِيَةِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ مَا تَوَاضَعَا عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْمُوَاضَعَةِ فَالْمَهْرُ هُوَ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُوَاضَعَةِ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِذَا تَوَاضَعَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي السِّرِّ أَنَّ الْمَهْرَ دَنَانِيرُ وَيَتَزَوَّجُهَا فِي الْعَلَانِيَةِ عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا كَانَ مَهْرُهَا الدَّنَانِيرَ الَّتِي تَوَاضَعَا عَلَيْهَا فِي السِّرِّ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعَلَانِيَةِ عَلَى أَنْ لَا تَكُونَ الدَّنَانِيرُ مَهْرًا لَهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَسَكَتَ عَنْ الْمَهْرِ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا. (الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنْ يَتَعَاقَدَا

الفصل التاسع في هلاك المهر واستحقاقه

فِي السِّرِّ عَلَى مَهْرٍ ثُمَّ أَقَرَّا فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى مَا تَوَاضَعَا فِي السِّرِّ وَأَشْهَدَا أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْعَلَانِيَةِ سُمْعَةٌ فَالْمَهْرُ هُوَ الْمَذْكُورُ عِنْدَ الْعَقْدِ فِي السِّرِّ فَأَمَّا إذَا لَمْ يُشْهِدَا أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْعَلَانِيَةِ سُمْعَةٌ فَفِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْمَهْرَ هُوَ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ وَيَكُونُ هَذَا زِيَادَةً عَلَى الْمَهْرِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ خِلَافَ جِنْسِهِ فَجَمِيعُهُ يَكُونُ زِيَادَةً عَلَى الْمَهْرِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ فَبِقَدْرِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَهْرِ الْأَوَّلِ يَكُونُ زِيَادَةً وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمَا إذَا تَعَاقَدَا فِي السِّرِّ بِأَلْفٍ وَأَظْهَرَ فِي الْعَلَانِيَةِ خِلَافَ ذَلِكَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ مَا أَقْرَرْت بِهِ فِي الْعَلَانِيَةِ هَزْلٌ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا بَلْ جِدٌّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَالْمَهْرُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْعَلَانِيَةِ إلَّا أَنْ يَقُومَ لِلزَّوْجِ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَى هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ [الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي هَلَاكِ الْمَهْرِ وَاسْتِحْقَاقِهِ] (الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي هَلَاكِ الْمَهْرِ وَاسْتِحْقَاقِهِ) لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَهَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ اُسْتُحِقَّ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ بِالْمِثْلِ وَإِلَّا فَبِالْقِيمَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَتْ الْعَيْنَ الْمَمْهُورَةَ لِلزَّوْجِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الدَّارِ الْمَمْهُورَةِ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْبَاقِيَ وَنِصْفَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ كُلَّ الْقِيمَةِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا؛ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا النِّصْفُ الْبَاقِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَبِيهَا عَتَقَ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْأَبُ ثُمَّ مَلَكَهُ الزَّوْجُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ لَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا الْأَبُ وَلَوْ مَلَكَهُ الزَّوْجُ بِالْقِيمَةِ لَهَا؛ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ الْأَبَ وَإِذَا مَلَكَهُ الزَّوْجُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ لَا تَمْلِكُهُ الْمَرْأَةُ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ بِتَسْلِيمِ الزَّوْجِ إلَيْهَا وَيَجُوزُ تَصَرُّفُ الزَّوْجِ فِيهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ لِلْمَرْأَةِ وَالتَّسْلِيمِ إلَيْهَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدِ الْغَيْرِ أَوْ عَلَى عَبْدِ نَفْسِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ تَجِبُ قِيمَةُ الْعَبْدِ إنْ لَمْ يَجُزْ الْمُسْتَحَقُّ وَلَوْ وَصَلَ الْعَبْدُ إلَيْهِ بِسَبَبٍ قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ عَيْنِهِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. [الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِي هِبَةِ الْمَهْرِ] . (الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِي هِبَةِ الْمَهْرِ) لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ مَالَهَا لِزَوْجِهَا مِنْ صَدَاقٍ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِهَا أَبٌ وَلَا غَيْرُهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَهَبَ مَهْرَ ابْنَتِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَهَبَ صَدَاقَ أَمَتِهِ مِنْ زَوْجِهَا وَكَذَلِكَ مُدَبَّرَتُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَالْمَهْرُ لَهَا وَهِبَةُ الْمَوْلَى لَا تَصِحُّ وَلَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ بِدَفْعِهِ إلَى الْمَوْلَى، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. امْرَأَةُ الْمَيِّتِ إذَا وَهَبَتْ الْمَهْرَ مِنْ الْمَيِّتِ جَازَ وَلَوْ وَهَبَتْ حَالَةَ الطَّلْقِ ثُمَّ مَاتَتْ لَا تَصِحُّ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ وَهَبَتْ مِنْ وَرَثَتِهِ يَجُوزُ وَلَوْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا بِشَرْطٍ فَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ يَعُودُ الْمَهْرُ كَمَا كَانَ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ فَقَبَضَتْهَا وَوَهَبَتْهَا لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِخَمْسِمِائَةٍ وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا آخَرَ فِي الذِّمَّةِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا فَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ الْأَلْفَ حَتَّى وَهَبَتْهَا لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ قَبَضَتْ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَتْ الْأَلْفَ كُلَّهَا الْمَقْبُوضَ وَغَيْرَهُ أَوْ وَهَبَتْ الْبَاقِيَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ عَلَى صَاحِبِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَتْ وَهَبَتْ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ وَقَبَضَتْ الْبَاقِيَ فَعِنْدَهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا إلَى تَمَامِ النِّصْفِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ دَفَعَ الْأَلْفَ كُلَّهَا إلَيْهَا ثُمَّ اخْتَلَعَتْ فِيهِ بِأَلْفٍ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا رَجَعَ عَلَيْهَا فِي الْقِيَاسِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالْعُرُوضِ فَوَهَبَتْ لَهُ نِصْفَهُ أَوْ كُلَّهُ قَبَضَتْ أَوْ لَمْ تَقْبِضْ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ

الفصل الحادي عشر في منع المرأة نفسها بمهرها والتأجيل في المهر

يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ فِي الذِّمَّةِ فَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْكَافِي. سَوَاءٌ قَبَضَتْ أَوْ لَمْ تَقْبِضْ هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَإِذَا وَهَبَتْ الصَّدَاقَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَسَلَّطَتْهُ عَلَى الْقَبْضِ فَقَبَضَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ وَلَوْ قَبَضَتْ الصَّدَاقَ وَوَهَبَتْهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِالنِّصْفِ، الدَّيْنُ وَالْعَيْنُ فِيهِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا بَاعَتْهُ الْمَرْأَةُ أَوْ وَهَبَتْهُ عَلَى عِوَضٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِمِثْلِ نِصْفِهَا فِيمَا لَهُ مِثْلٌ أَوْ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ ثُمَّ إنْ كَانَتْ بَاعَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَعَلَيْهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْ ثُمَّ بَاعَتْ فَعَلَيْهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ رَجُلٌ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ لَا أَتَزَوَّجُكِ مَا لَمْ تَهَبِينِي مَا لَكِ عَلَيَّ مِنْ الْمَهْرِ فَوَهَبَتْ مَهْرَهَا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ أَبَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَالْمَهْرُ بَاقٍ عَلَى الزَّوْجِ تَزَوَّجَ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. سُئِلَ عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَبْرِئِينِي مِنْ مَهْرِكِ حَتَّى أَهَبَ لَكِ كَذَا؛ فَقَالَتْ: أَبْرَأْتُك ثُمَّ أَبَى الزَّوْجُ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا فَالْمَهْرُ بِحَالِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي امْرَأَةٌ أَقَرَّتْ بِأَنَّهَا مُدْرِكَةٌ وَوَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا قَالُوا: يُنْظَرُ إلَى قَدِّهَا فَإِنْ كَانَ قَدُّهَا قَدَّ الْمُدْرِكَاتِ صَحَّ إقْرَارُهَا حَتَّى لَوْ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا كُنْتُ مُدْرِكَةً لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدُّهَا قَدَّ الْمُدْرِكَاتِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهَا قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَحْتَاطَ فِي ذَلِكَ وَيَسْأَلَهَا عَنْ سِنِّهَا وَيَقُولَ لَهَا: بِمَاذَا عَرَفْتِ ذَلِكَ؟ كَمَا قَالُوا فِي غُلَامٍ أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ: إنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُهُ عَنْ وَجْهِهِ وَيَحْتَاطَ فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ اخْتَلَفَا فِي هِبَةِ الْمَهْرِ فَقَالَتْ: وَهَبْتُهُ لَكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا تُطَلِّقَنِي؛ فَقَالَ: بِغَيْرِ شَرْطٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ [الْفَصْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي مَنْعِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا بِمَهْرِهَا وَالتَّأْجِيلِ فِي الْمَهْرِ] (الْفَصْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ: فِي مَنْعِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا بِمَهْرِهَا وَالتَّأْجِيلِ فِي الْمَهْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا) فِي كُلِّ مَوْضِعٍ دَخَلَ بِهَا أَوْ صَحَّتْ الْخَلْوَةُ وَتَأَكَّدَ كُلُّ الْمَهْرِ لَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا لِاسْتِيفَاءِ الْمُعَجَّلِ لَهَا ذَلِكَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَكَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ الْخُرُوجِ وَالسَّفَرِ وَالْحَجِّ التَّطَوُّعِ عِنْدَهُ إلَّا إذَا خَرَجَتْ خُرُوجًا فَاحِشًا وَقَبْلَ تَسْلِيمِ النَّفْسِ لَهَا ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا إذَا دَخَلَ بِهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَوْ مُكْرَهَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ فَلِلْأَبِ حَبْسُهَا حَتَّى يُوَفِّيَ لَهَا الْمُعَجَّلَ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا أَوْ خَلَا بِهَا بِرِضَاهَا فَلَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا عَنْ السَّفَرِ بِهَا حَتَّى تَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ الْمَهْرِ عَلَى جَوَابِ الْكِتَابِ وَالْمُعَجَّلُ فِي عُرْفِ دِيَارِنَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتِي فِي السَّفَرِ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي مَنْعِ النَّفْسِ بِقَوْلِهِمَا وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى اخْتِيَارَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَوْفَاهَا مَهْرَهَا نَقَلَهَا إلَى حَيْثُ شَاءَ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا فِي زَمَانِنَا، وَإِنْ أَوْفَاهَا الْمَهْرَ وَلَكِنْ يَنْقُلُهَا إلَى الْقُرَى أَيْنَ أَحَبَّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَهُ أَنْ يَنْقُلَهَا مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ وَمِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْقَرْيَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي زَوَّجَ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ فَأَرَادَ أَبُوهَا التَّحَوُّلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ بِعِيَالِهِ فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَهَا مَعَهُ، وَإِنْ كَرِهَ الزَّوْجُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ؛ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ إلَّا دِرْهَمًا وَاحِدًا فَلَهَا أَنْ تَمْنَعَهُ عَنْ نَفْسِهَا وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْجَاعُ مَا قَبَضَتْ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ صَغِيرَةٌ زُوِّجَتْ فَذَهَبَتْ إلَى زَوْجِهَا قَبْلَ قَبْضِ الصَّدَاقِ كَانَ لِمَنْ لَهُ حَقُّ إمْسَاكِهَا قَبْلَ النِّكَاحِ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى مَنْزِلِهِ وَيَمْنَعَهَا مِنْ الزَّوْجِ حَتَّى يَدْفَعَ الزَّوْجُ مَهْرَهَا إلَى مَنْ لَهُ حَقُّ الْقَبْضِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا زَوَّجَ الْعَمُّ بِنْتَ أَخِيهِ وَهِيَ صَغِيرَةٌ بِصَدَاقٍ مُسَمًّى وَسَلَّمَهَا إلَى الزَّوْجِ قَبْلَ قَبْضِ جَمِيعِ الصَّدَاقِ فَالتَّسْلِيمُ فَاسِدٌ وَتُرَدُّ إلَى بَيْتِهَا، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ وَلَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُ الْمَرْأَةِ لِاسْتِيفَاءِ الْأَبِ مَهْرَ ابْنَتِهِ وَلَوْ طَالَبَ الزَّوْجُ الْأَبَ بِتَسْلِيمِ الْمَرْأَةِ

فَإِنْ كَانَتْ فِي مَنْزِلِهِ فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا؛ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مَنْزِلِهِ وَلَكِنْ اتَّهَمَهُ الزَّوْجُ فِي تَسْلِيمِهَا فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الْأَبَ بِأَنْ يُعْطِيَهُ كَفِيلًا بِالْمَهْرِ وَيَأْمُرَ الزَّوْجَ بِدَفْعِ الْمَهْرِ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ الْخُصُومَةُ فِي الْمَهْرِ بِالْكُوفَةِ وَالْبِنْتُ بِالْبَصْرَةِ لَا يُكَلَّفُ الْأَبُ بِنَقْلِ الْبِنْتِ إلَى الْكُوفَةِ وَلَكِنْ يُقَالُ لِلزَّوْجِ ادْفَعْ الْمَهْرَ إلَى الْأَبِ وَاخْرُجْ مَعَهُ إلَى الْبَصْرَةِ وَتَأْخُذُ الْمَرْأَةَ هُنَاكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ بَيَّنُوا قَدْرَ الْمُعَجَّلِ يُعَجَّلُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا شَيْئًا يُنْظَرُ إلَى الْمَرْأَةِ وَإِلَى الْمَهْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْعَقْدِ أَنَّهُ كَمْ يَكُونُ الْمُعَجَّلُ لِمِثْلِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ مِنْ مِثْلِ هَذَا الْمَهْرِ فَيَجْعَلُ ذَلِكَ مُعَجَّلًا وَلَا يُقَدَّرُ بِالرُّبُعِ وَلَا بِالْخُمُسِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى الْمُتَعَارَفِ، وَإِنْ شَرَطُوا فِي الْعَقْدِ تَعْجِيلَ كُلِّ الْمَهْرِ يُجْعَلُ الْكُلُّ مُعَجَّلًا وَيُتْرَكُ الْعُرْفُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَهَا بِالْمَهْرِ مَتَاعًا فَلَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ حَتَّى تَقْبِضَ الْمَتَاعَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا قَبَضَتْ الْمَهْرَ فَإِذَا هُوَ زُيُوفٌ أَوْ دَرَاهِمُ لَا تُنْفَقُ فَلَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ حَتَّى يُبَدِّلَهَا وَلَوْ كَانَ دَخَلَ بِهَا بِرِضَاهَا ثُمَّ وَجَدَتْ الْمَهْرَ الْمَقْبُوضَ زُيُوفًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْ كَانَ مَتَاعًا اشْتَرَتْ مِنْهُ وَقَبَضَتْهُ فَاسْتُحِقَّ بَعْدَمَا دَخَلَ بِهَا؛ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا كَانَ الْمَهْرُ حَالًّا فَأَحَالَتْ عَلَيْهِ غَرِيمًا لَهَا بِالْمَهْرِ فَلَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ حَتَّى يَأْخُذَ غَرِيمُهَا الْمَهْرَ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ أَحَالَهَا بِالْمُعَجَّلِ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ عَلَى إنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ الْمَهْرِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى تَأْخُذَ الْمَهْرَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا كَانَ الْمَهْرُ مُؤَجَّلًا أَجَلًا مَعْلُومًا فَحَلَّ الْأَجَلُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا لِتَسْتَوْفِي الْمَهْرَ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ . تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ فَأَرَادَ الزَّوْجُ الدُّخُولَ بِهَا قَبْلَ السَّنَةِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا فَإِنْ شَرَطَ الزَّوْجُ الدُّخُولَ بِهَا فِي الْعَقْدِ قَبْلَ السَّنَةِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهَا الْمَنْعُ عَنْهُ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ ذَلِكَ كَالْبَيْعِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا قَبْلَ إيفَاءِ الْمُعَجَّلِ صَحَّ الشَّرْطُ وَلَوْ كَانَ الْمَهْرُ مُؤَجَّلًا ثُمَّ عَجَّلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا أَنْ تَمْنَعَ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ عَاجِلًا وَبَعْضُهُ آجِلًا فَاسْتَوْفَتْ الْعَاجِلَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَّلَتْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ مُدَّةً مَعْلُومَةً لَيْسَ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا إلَى اسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ عِنْدَ الْأَجَلِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ نِصْفُهُ مُعَجَّلٌ وَنِصْفُهُ مُؤَجَّلٌ كَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي دِيَارِنَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَقْتَ لِلْمُؤَجَّلِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ الْأَجَلُ وَيَجِبُ حَالًّا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ وَيَقَعُ ذَلِكَ عَلَى وَقْتِ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِالْمَوْتِ أَوْ بِالطَّلَاقِ وَرَوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا يُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ لَا خِلَافَ لِأَحَدٍ أَنَّ تَأْجِيلَ الْمَهْرِ إلَى غَايَةٍ مَعْلُومَةٍ نَحْوَ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ لَا إلَى غَايَةٍ مَعْلُومَةٍ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ مَعْلُومَةٌ فِي نَفْسِهَا وَهُوَ الطَّلَاقُ أَوْ الْمَوْتُ أَلَا يَرَى أَنَّ تَأْجِيلَ الْبَعْضِ صَحِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّا عَلَى غَايَةٍ مَعْلُومَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَبِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ يَتَعَجَّلُ الْمُؤَجَّلُ وَلَوْ رَاجَعَهَا لَا يَتَأَجَّلُ، كَذَا أَفْتَى الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ ارْتَدَّتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَأُجْبِرَتْ عَلَى النِّكَاحِ هَلْ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِبَقِيَّةِ الْمَهْرِ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُنْتَقَى وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ غَصَبَتْ مِنْ الزَّوْجِ ثَوْبًا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ فَهُوَ قِصَاصٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى ثِيَابٍ مَعْلُومَةٍ مَوْصُوفَةِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالرُّقْعَةِ مُؤَجَّلَةٍ فَأَعْطَاهَا قِيمَةَ

الفصل الثاني عشر في اختلاف الزوجين في المهر

الثِّيَابِ كَانَ لَهَا أَنْ لَا تَقْبَلَ الْقِيمَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَجَلٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُمْنَعَ عَنْ أَخْذِ الْقِيمَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يَنْقُدَهَا مَا تَيَسَّرَ لَهُ وَالْبَقِيَّةُ إلَى سَنَةٍ كَانَ الْأَلْفُ كُلُّهُ إلَى سَنَةٍ إلَّا أَنْ تُقِيمَ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَيَسَّرَ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ أَوْ كُلُّهُ فَتَأْخُذُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ امْرَأَةٌ زَوَّجَتْ بِنْتَهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ وَقَبَضَتْ صَدَاقَهَا ثُمَّ أَدْرَكَتْ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ وَصِيَّتَهَا؛ فَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ أُمَّهَا بِالصَّدَاقِ دُونَ زَوْجِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ وَصِيَّتَهَا؛ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ زَوْجَهَا وَالزَّوْجُ يَرْجِعُ عَلَى الْأُمِّ وَكَذَا فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ رَجُلٌ قَبَضَ مَهْرَ ابْنَتِهِ مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ الرَّدَّ ثَانِيًا إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِكْرًا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا صُدِّقَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ إنْكَاحِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ، وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْقَاضِي قَبْضُ صَدَاقِ الْبِكْرِ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً إلَّا إذَا نَهَتْ وَهِيَ بَالِغَةٌ صَحَّ النَّهْيُ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ ذَلِكَ وَالْوَصِيُّ يَمْلِكُ ذَلِكَ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَفِي الْبِنْتِ الْبَالِغَةِ حَقُّ الْقَبْضِ لَهَا دُونَ غَيْرِهَا وَلَوْ أَقَرَّ الْأَبُ أَنَّهُ قَبَضَ صَدَاقَهَا فِي صِغَرِهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ وَقْتَ الْإِقْرَارِ يُصَدَّقُ، وَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً حِينَ أَقَرَّ لَا يُصَدَّقُ وَلَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ لِلزَّوْجِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ بِشَرْطٍ أَنْ تَبْرَأَ بِنْتُهُ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فِيمَنْ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا بِالْمَحْرَمِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كِتَابِ النِّكَاح رَجُلٌ تَزَوَّجَ بَالِغَةً وَدَفَعَ إلَى أَبِيهَا بِمَهْرِهَا ضَيْعَةً فَلَمَّا بَلَغَهَا الْخَبَرُ قَالَتْ: لَا أَرْضَى بِمَا فَعَلَ الْأَبُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ لَمْ يَجْرِ التَّعَارُفُ بِدَفْعِ الضَّيْعَةِ بِالْمَهْرِ أَوْ فِي بَلَدٍ جَرَى التَّعَارُفُ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي جَازَ هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ بَالِغَةً، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً فَأَخَذَ الْأَبُ مَكَانَ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى ضَيْعَةً لَا تُسَاوِي الْمَهْرَ فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَمْ يَجْرِ التَّعَارُفُ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الضَّيْعَةَ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهَا؛ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ جَرَى التَّعَارُفُ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الضَّيْعَةَ بِالْمَهْرِ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهَا جَازَ صَغِيرَةٌ لَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا زَوْجُهَا فَلِلْأَبِ أَنْ يُطَالِبَ الزَّوْجَ بِمَهْرِهَا، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي عَشَرَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَهْرِ] (الْفَصْلُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَهْرِ) إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ شَهِدَ لِأَحَدِهِمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى دَعْوَى الْآخَرِ فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: الْمَهْرُ أَلْفٌ وَقَالَتْ هِيَ أَلْفَانِ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ أَوْ أَقَلُّ؛ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ الْيَمِينِ؛ بِاَللَّهِ مَا تَزَوَّجَهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَإِنْ نَكَلَ تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا تَثْبُتُ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُضِيَ لَهُ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا يُقْضَى بِبَيِّنَتِهَا. وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ الْيَمِينِ؛ بِاَللَّهِ مَا تَزَوَّجْتُ بِأَلْفٍ فَإِنْ نَكَلَتْ يَثْبُتُ الْأَلْفُ، وَإِنْ حَلَفَتْ فَلَهَا أَلْفَانِ أَلْفٌ بِالتَّسْمِيَةِ لَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ فِيهَا وَأَلْفٌ بِحُكْمِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَهُ الْخِيَارُ فِيهَا إنْ شَاءَ أَدَّى مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ شَاءَ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ تَحَالَفَا فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ لَزِمَهُ أَلْفَانِ بِطَرِيقِ التَّسْمِيَةِ، وَإِنْ نَكَلَتْ هِيَ يُقْضَى بِأَلْفٍ، وَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا يُقْضَى بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ أَلْفٌ بِطَرِيقِ التَّسْمِيَةِ وَخَمْسُمِائَةٍ بِحُكْمِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ فِي الْخَمْسمِائَةِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا يُقْضَى بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ أَلْفٌ بِطَرِيقِ التَّسْمِيَةِ وَخَمْسُمِائَةٍ بِطَرِيقِ مَهْرِ الْمِثْلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ التَّحَالُفَ فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَهْرُ الْمِثْلِ شَاهِدًا لِأَحَدِهِمَا أَمَّا إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ شَاهِدًا لِأَحَدِهِمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ شَهِدَ لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ أَوَّلًا فَإِذَا حَلَفَا يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا

اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ دَيْنًا مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَكِيلٍ مَوْصُوفٍ أَوْ مَوْزُونٍ مَوْصُوفٍ أَوْ مَذْرُوعٍ مَوْصُوفٍ فَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالذَّرْعِ فَهُوَ كَالِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي جِنْسِ الْمُسَمَّى بِأَنْ قَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُك عَلَى عَبْدٍ وَقَالَتْ: عَلَى جَارِيَةٍ أَوْ قَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُك عَلَى كُرِّ شَعِيرٍ وَقَالَتْ: عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ أَوْ عَلَى ثِيَابٍ هَرَوِيِّةٍ أَوْ قَالَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَتْ: عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ أَوْ فِي نَوْعِهِ كَالتُّرْكِيِّ مَعَ الرُّومِيِّ وَالدَّنَانِيرِ الصُّورِيَّةِ مَعَ الْمِصْرِيَّةِ أَوْ فِي صِفَتِهِ كَالْجَوْدَةِ مَعَ الرَّدَاءَةِ فَالِاخْتِلَافُ فِيهِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الْعَيْنَيْنِ إلَّا الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِمَا كَالِاخْتِلَافِ فِي الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْجِنْسَيْنِ وَالنَّوْعَيْنِ وَالْمَوْصُوفَيْنِ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالتَّرَاضِي بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَإِنَّهُمَا وَإِنْ كَانَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَكِنَّهُمَا فِي بَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ جُعِلَا كَجِنْسٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ يُقْضَى مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَجَازَ أَنْ يَسْتَحِقَّ مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ غَيْرِ تَرَاضٍ هَذَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ دَيْنًا فَأَمَّا إذَا كَانَ عَيْنًا فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِقَدْرِهِ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى طَعَامٍ بِعَيْنِهِ فَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَقَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُك عَلَى هَذَا الطَّعَامِ بِشَرْطِ أَنَّهُ كُرٌّ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ تَزَوَّجْتَنِي عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنَّهُ كُرَّانِ فَهُوَ مِثْلُ الِاخْتِلَافِ فِي الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِقَدْرِهِ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْهُ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَاخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُك عَلَى هَذَا الثَّوْبِ بِشَرْطِ أَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَذْرُعٍ فَقَالَتْ: إنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ لَا يَتَحَالَفَانِ وَلَا يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِالْإِجْمَاعِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ وَعَيْنِهِ كَالْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ بِأَنْ قَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى هَذِهِ الْجَارِيَةِ فَهُوَ مِثْلُ الِاخْتِلَافِ فِي الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ إلَّا فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهَا قِيمَةُ الْجَارِيَةِ لَا عَيْنُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَقَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُك عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهَا مِائَةُ دِينَارٍ كَمَا مَرَّ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. . وَلَوْ أَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى الْمَهْرِ وَهُوَ عَيْنٌ كَالْعَبْدِ وَالْعُرُوضِ وَنَحْوِهِمَا فَهَلَكَ عِنْدَ الزَّوْجِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ قَالَ تَزَوَّجْتُك عَلَى عَبْدِي الْأَسْوَدِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَقَدْ مَاتَ فِي يَدِي وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا بَلْ تَزَوَّجْتنِي عَلَى عَبْدِك الْأَبْيَضِ وَقِيمَتُهُ أَلْفَا دِرْهَمٍ وَقَدْ مَاتَ فِي يَدِك فَإِنَّهُ يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَتَحَالَفَانِ إنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ بَيْنَ الدَّعْوَيَيْنِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى كُرٍّ بِعَيْنِهِ فَهَلَكَ فَاخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ أَوْ نُقْرَةِ فِضَّةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ إبْرِيقِ فِضَّةٍ بِعَيْنِهِ فَهَلَكَ وَاخْتَلَفَا فِي الذَّرِعَيْنِ أَوْ الْوَصْفِ أَوْ الْوَزْنِ فَفِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ قَبْلَ الْهَلَاكِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ أَيْضًا بَعْدَ الْهَلَاكِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْوَصْفِ وَالْقَدْرِ جَمِيعًا فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ فِي الْوَصْفِ وَالْقَوْلُ لِلْمَرْأَةِ فِي الْقَدْرِ إلَى تَمَامِ مَهْرِ مِثْلِهَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ تَزَوَّجْتَنِي عَلَى عَبْدِك هَذَا وَقَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُك عَلَى أَمَتِي هَذِهِ وَهِيَ أُمُّ الْمَرْأَةِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ وَتُعْتَقُ الْأَمَةُ عَلَى الزَّوْجِ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَأَقَامَ أَبُو الْمَرْأَةِ وَهُوَ عَبْدُ الزَّوْجِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى رَقَبَتِهِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْأَبِ فَإِنْ أَقَامَتْ أُمُّهَا وَهِيَ أَمَةُ الزَّوْجِ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَتَهَا عَلَى رَقَبَتِهَا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَنِصْفُهُمَا جَمِيعًا مَهْرٌ لَهَا وَيَسْعَى الْوَالِدَانِ لِلزَّوْجِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَكِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَأَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَضَى بِبَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ

بِمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ إنَّ أَبَا الْمَرْأَةِ وَهُوَ عَبْدُ الزَّوْجِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ عَلَى رَقَبَتِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُ الْقَضَاءَ الْأَوَّلَ وَيَقْضِي بِأَنَّ الْأَبَ هُوَ الْمَهْرُ. وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ يَدَّعِي أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَبِيهَا وَصَدَّقَهُ الْأَبُ فِي ذَلِكَ فَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَلَمْ تُقِمْ الْبَيِّنَةَ فَقَضَى الْقَاضِي بِبَيِّنَةِ الْأَبِ وَالزَّوْجِ وَجَعَلَ الْأَبَ صَدَاقًا وَأَعْتَقَهُ مِنْ مَالِهَا وَجَعَلَ وَلَاءَهُ لَهَا ثُمَّ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الْمَرْأَةِ وَيَقْضِي الْقَاضِي لَهَا عَلَى الزَّوْجِ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَيَجْعَلُ أَبَاهَا حُرًّا مِنْ مَالِ الزَّوْجِ وَأَبْطَلَ الْوَلَاءَ الَّذِي كَانَ قَضَى بِهِ لِلْمَرْأَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ . وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الطَّلَاقِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَقَبْلَ الْخَلْوَةِ فَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ دَيْنًا فَاخْتَلَفَا فِي الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَيَتَنَصَّفُ مَا يَقُولُ الزَّوْجُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ وَحَكَى الْإِجْمَاعَ وَقَالَ: نِصْفُ الْأَلْفِ فِي قَوْلِهِمْ. وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْأَةِ إلَى مُتْعَةِ مِثْلِهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى قِيَاسِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ وَقِيلَ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ لِاخْتِلَافِ وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ فَوَضْعُ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ فَلَا وَجْهَ لِتَحْكِيمِ الْمُتْعَةِ وَوَضَعَهَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي الْعَشَرَةِ وَالْمِائَةِ بِأَنْ قَالَ الزَّوْجُ: تَزَوَّجْتُكِ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: تَزَوَّجْتَنِي عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَمُتْعَةُ مِثْلِهَا عِشْرُونَ، وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ عَيْنًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ فَلَهَا الْمُتْعَةُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْجَارِيَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. . وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي أَصْلِ الْمُسَمَّى بِأَنْ نَفَاهُ أَحَدُهُمَا وَادَّعَاهُ الْآخَرُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا يُزَادُ عَلَى مَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ لِلتَّسْمِيَةِ وَلَا يَنْقُصُ عَمَّا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ لَوْ كَانَ هُوَ الْمُدَّعِيَ لَهَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ تَجِبُ الْمُتْعَةُ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي حَيَاتِهِمَا حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ فِي الْأَصْلِ أَوْ فِي الْمِقْدَارِ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ شَرْحِ الْكَنْزِ وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجَانِ وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي مِقْدَارِ الْمُسَمَّى فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ وَلَا يُسْتَثْنَى الْمُسْتَنْكِرُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلِلْمُسْتَنْكِرِ تَفْسِيرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَالثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِمَا لَا يَتَزَوَّجُ مِثْلَ تِلْكَ الْمَرْأَةِ بِمِثْلِ الْمَهْرِ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ وَرَثَتِهِمَا فِي أَصْلِ التَّسْمِيَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُنْكِرِ التَّسْمِيَةِ وَلَا يُقْضَى لَهَا بِشَيْءٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يُقْضَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ قَالُوا وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَقَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تُسَلِّمْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَإِنْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ الْمَمَاتِ فَإِنَّهُ لَا يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُسَلِّمُ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْتَعْجِلَ شَيْئًا مِنْ مَهْرِهَا عَادَةً فَيُقَالُ: لَا بُدَّ أَنْ تُقِرِّي بِمَا اسْتَعْجَلْتِ وَإِلَّا قَضَيْنَا عَلَيْكِ بِالْمُتَعَارَفِ ثُمَّ يَعْمَلُ فِي الْبَاقِي كَمَا ذَكَرْنَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِتَصَادُقِ الْوَرَثَةِ فَلِوَرَثَتِهَا أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ مِنْ مِيرَاثِ الزَّوْجِ هَذَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الزَّوْجَ مَاتَ أَوَّلًا أَوْ عُلِمَ أَنَّهُمَا مَاتَا مَعًا أَوْ لَمْ تُعْلَمْ الْأَوَّلِيَّةُ، وَأَمَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهَا مَاتَتْ أَوَّلًا فَيَسْقُطُ مِنْهُ نَصِيبُ الزَّوْجِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ اتَّفَقَتْ الْوَرَثَةُ عَلَى عَدَمِ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ فِي الْعَقْدِ يُقْضَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى قَوْلِ صَاحِبَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَلَوْ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا

مِنْ مَهْرِهَا أَوْ وَهَبَتْهُ إيَّاهُ ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ مُدَّةٍ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ أَبْرَأَتْهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَهْرِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا إلَى تَمَامِ مَهْرِ مِثْلِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ هِشَامٌ سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ تَزَوَّجَهَا بِالْكُوفَةِ مُنْذُ سَنَةٍ عَلَى أَلْفَيْنِ وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِالْبَصْرَةِ مُنْذُ سَنَتَيْنِ عَلَى أَلْفٍ قَالَ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ قُلْت، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ قَالَ، وَإِنْ كَانَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ الزَّوْجُ إذَا أَبَى أَنْ يَكْتُبَ خَطَّ الْمَهْرِ لَا يُجْبَرُ وَلَوْ كَانَ فِي خَطِّ الْمَهْرِ دَنَانِيرُ وَالْعَقْدُ بِالدَّرَاهِمِ تَجِبُ الدَّرَاهِمُ وَلَا تَجِبُ الدَّنَانِيرُ بِالْخَطِّ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، تَأْوِيلُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَمَّا الْقَاضِي فَيَجْبُرُهُ عَلَى الدَّنَانِيرِ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْعَقْدَ بِالدَّرَاهِمِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَمَنْ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ شَيْئًا فَقَالَتْ: هُوَ هَدِيَّةٌ وَقَالَ هُوَ مِنْ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمُهَيَّأِ لِلْأَكْلِ كَالشِّوَاءِ وَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ وَالْفَوَاكِهِ الَّتِي لَا تَبْقَى فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِيهِ اسْتِحْسَانًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُهَيَّأً لِلْأَكْلِ كَالْعَسَلِ وَالسَّمْنِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ الْمُخْتَارُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي مَتَاعٍ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَى الزَّوْجِ كَالْخُفِّ وَالْمُلَاءَةِ وَنَحْوِهِ وَفِي مَتَاعٍ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ كَالْخِمَارِ وَالدِّرْعِ وَمَتَاعِ اللَّيْلِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْتَسِبَ مِنْ الْمَهْرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ثُمَّ إذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ تَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَتَاعَ إنْ كَانَ قَائِمًا وَتَرْجِعُ بِمَهْرِهَا؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِالْمَهْرِ وَلَا يَتَغَرَّرُ بِهِ الزَّوْجُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا تَرْجِعُ وَلَوْ قَالَتْ: هِيَ مِنْ الْمَهْرِ وَقَالَ هُوَ وَدِيعَةٌ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ أَعْطَاهَا مَالًا وَقَالَ مِنْ الْمَهْرِ وَقَالَتْ: مِنْ النَّفَقَةِ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ إلَّا أَنْ تُقِيمَ هِيَ الْبَيِّنَةَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ رَجُلٌ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ مَتَاعًا وَبَعَثَ أَبُو الْمَرْأَةِ إلَى الزَّوْجِ مَتَاعًا أَيْضًا ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ الَّذِي بَعَثَتْهُ كَانَ صَدَاقًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ إنْ كَانَ الْمَتَاعُ قَائِمًا كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَرُدَّ الْمَتَاعَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِكَوْنِهِ مَهْرًا وَتَرْجِعْ عَلَى الزَّوْجِ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ الْمَتَاعُ هَالِكًا إنْ كَانَ شَيْئًا مِثْلِيًّا رُدَّتْ عَلَى الزَّوْجِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا لَا تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَهْرِ وَأَمَّا الَّذِي بَعَثَ أَبُو الْمَرْأَةِ إنْ كَانَ هَالِكًا فَلَا تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا وَكَانَ الْأَبُ بَعَثَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَسْتَرِدُّ مِنْ الزَّوْجِ، وَإِنْ بَعَثَ الْأَبُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الِابْنَةِ الْبَالِغَةِ بِرِضَاهَا فَلَا رُجُوعَ فِيهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ أَرْسَلَ إلَى أَهْلِ خَطِيبَتِهِ دَنَانِيرَ ثُمَّ اتَّخَذُوا لَهُ ثِيَابًا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ هُوَ نَقَدْتهَا مِنْ الْمَهْرِ هَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَقَالَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَاعِثِ قِيلَ لَهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِمْ دَنَانِيرَ فَقَالَ أَنْفِقُوا الْبَعْضَ إلَى أُجْرَةِ الْحَائِكِ وَالْبَعْضَ إلَى ثَمَنِ الشَّاةِ لِلشِّرَاءِ وَالْبَعْضُ إلَى الْجَوْزَقَةِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ ثُمَّ فَعَلُوا ذَلِكَ فَزُفَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَدَّعِي أَنِّي بَعَثْت الدَّنَانِيرَ لِأَجَلِ الْمَهْرِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَالَ إذَا صَرَّحَ بِالْقَوْلِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي التَّعْيِينِ. وَسُئِلَ أَبُو حَامِدٍ عَنْ رَجُلٍ خَطَبَ لِابْنِهِ خَطِيبَةً وَبَعَثَ إلَيْهَا دَرَاهِمَ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَطَلَبَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ الْمِيرَاثَ مِنْ هَذَا الْمَالِ الْمَبْعُوثِ فَقَالَ إنْ تَمَّتْ الْوَصْلَةُ بَيْنَهُمَا فَهُوَ مِلْكٌ لِابْنِهِ، وَإِنْ لَمْ تَتِمَّ فَهُوَ مِيرَاثٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا يَرْجِعُ إلَى بَيَانِهِ، وَسُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ بَعَثَ إلَى الْخَطِيبَةِ سُكَّرًا وَجَوْزًا وَلَوْزًا وَتَمْرًا وَغَيْرَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُمْ فَتَرَكُوا الْمُعَاقَدَةَ هَلْ لِهَذَا الْخَاطِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِمْ بِاسْتِرْدَادِ مَا دَفَعَ فَقَالَ إنْ فَرَّقَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ بِإِذْنِ الدَّافِعِ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

الفصل الثالث عشر في تكرار المهر

تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبَعَثَ إلَيْهَا هَدَايَا وَعَوَّضَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ عِوَضًا ثُمَّ زُفَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ فَارَقَهَا وَقَالَ: إنَّمَا بَعَثْتُ إلَيْكِ عَارِيَّةً وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ وَأَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَسْتَرِدَّ الْعِوَضَ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي الْحُكْمِ وَإِذَا اسْتَرَدَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَرْأَةِ؛ كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَرِدَّ مِنْهُ مَا عَوَّضَتْهُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ صَرَّحَتْ حِينَ بَعَثَتْ أَنَّهَا عِوَضٌ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِذَلِكَ لَكِنَّهَا حَسَبَتْ وَنَوَتْ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا كَانَ ذَلِكَ هِبَةً مِنْهَا وَبَطَلَتْ نِيَّتُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي الْحُجَّةِ وَلَوْ أَرْسَلَ إلَى الْمَرْأَةِ نَافِجَةَ مِسْكٍ أَوْ طِيبًا ثُمَّ قَالَ: كَانَ مِنْ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَفِي الْحَاوِي فَإِنْ وَجَّهَتْ هِيَ إلَيْهِ عِوَضًا لِذَلِكَ الطِّيبِ وَحَسِبَتْ أَنَّ زَوْجَهَا وَجَّهَ الطِّيبَ إلَيْهَا هَدِيَّةً فَلَمَّا ظَهَرَ الْخِلَافُ أَرَادَتْ الرُّجُوعَ فِي الْعِوَضِ هَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ . قَالَ: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الطِّيبُ قَائِمًا يَسْتَرِدُّهُ الزَّوْجُ إذَا لَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ مَهْرًا، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا وَلَهُ مِثْلٌ يَسْتَرِدُّ الْمِثْلَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ قِيمَتُهُ قِصَاصًا بِمَهْرِهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة امْرَأَةٌ مَاتَتْ فَاِتَّخَذَتْ أُمُّهَا مَأْتَمًا وَبَعَثَ إلَى أُمِّ الْمَرْأَةِ بَقَرَةً فَذَبَحَتْ الْبَقَرَةَ وَأَنْفَقَتْهَا فِي أَيَّامِ الْمَأْتَمِ ثُمَّ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْبَقَرَةِ قَالُوا: إنْ اتَّفَقَا أَنَّهُ بَعَثَ إلَيْهَا لِتَذْبَحَ وَتُطْعِمَ مَنْ اجْتَمَعَ عِنْدَهَا فِي الْمَأْتَمِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقِيمَةَ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ اتَّفَقَا أَنَّهُ بَعَثَ إلَيْهَا وَذَكَرَ الْقِيمَةَ؛ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْقِيمَةِ؛ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ أُمِّ الْمَرْأَةِ مَعَ يَمِينِهَا. قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ أَيَّامَ الْعِيدِ دَرَاهِمَ فَقَالَ عَيِّدِي أَوْ قَالَ سيم شُكْر ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ لَا يُصَدَّقُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ [الْفَصْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي تَكْرَارِ الْمَهْرِ] . (الْفَصْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي تَكْرَارِ الْمَهْرِ) رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَةٍ: كُلَّمَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَدَخَلَ بِهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقَانِ وَيَلْزَمُهُ مَهْرَانِ وَنِصْفُ مَهْرٍ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَزَوَّجَهَا أَوَّلًا وَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقٌ وَاحِدٌ وَلَزِمَهُ نِصْفُ مَهْرٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِذَا دَخَلَ بِهَا فَهَذَا دُخُولٌ عَنْ شُبْهَةٍ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالتَّزَوُّجِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ آخَرُ وَهُوَ طَلَاقٌ يَعْقُبُ الرَّجْعَةَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ عِنْدَهُمَا إذَا تَزَوَّجَ الْمُعْتَدَّةَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَعْدَ الدُّخُولِ حُكْمًا. وَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالدُّخُولِ عَنْ شُبْهَةٍ وَالطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ يَعْقُبُ الرَّجْعَةَ وَيُوجِبُ كَمَالَ الْمَهْرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى فِي النِّكَاحِ الثَّانِي فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ مَهْرَانِ وَنِصْفٌ وَلَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ الثَّالِثُ؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَلَا يُعْتَبَرُ النِّكَاحُ الثَّالِثُ فَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ الثَّالِثُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِالدُّخُولِ بَعْدَ النِّكَاحِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ الْمَنْكُوحَةَ، وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ بَائِنٌ فَتَزَوَّجَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَدَخَلَ بِهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاثٍ وَعَلَيْهِ خَمْسَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - نِصْفُ مَهْرٍ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَمَهْرُ مِثْلٍ بِالدُّخُولِ الْأَوَّلِ وَمَهْرٌ بِالنِّكَاحِ الثَّانِي وَمَهْرُ مِثْلٍ بِالدُّخُولِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا عَنْ شُبْهَةٍ وَمَهْرُ مِثْلٍ بِالنِّكَاحِ الثَّالِثِ وَمَهْرٌ بِالدُّخُولِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ عَنْ شُبْهَةٍ فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ خَمْسَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٌ. وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي؛ كَانَ عَلَيْهِ مَهْرُ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَمَهْرٌ كَامِلٌ بِالنِّكَاحِ الثَّانِي فِي قَوْلِ

أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهَا اسْتِقْبَالُ الْعِدَّةِ عِنْدَهُمَا وَلَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي حَتَّى بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِفِعْلٍ مِنْ قِبَلِهَا كَالرِّدَّةِ وَمُطَاوَعَةِ ابْنِ الزَّوْجِ عِنْدَهُمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرٌ كَامِلٌ وَإِذَا كَانَتْ أَمَةً فَأُعْتِقَتْ بَعْدَ النِّكَاحِ الثَّانِي وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ عِنْدَهُمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرٌ كَامِلٌ لِلنِّكَاحِ الثَّانِي وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَدَخَلَ بِهَا فَرَفَعَ الْوَلِيُّ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَوَجَبَ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا هَذَا الرَّجُلُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي يَجِبُ لَهَا مَهْرٌ كَامِلٌ وَيَلْزَمُهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ تَزَوَّجَ صَغِيرَةً زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ بَلَغَتْ وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا عِنْدَهُمَا عَلَيْهِ مَهْرٌ كَامِلٌ وَعَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ رَجُلٌ تَزَوَّجَ صَغِيرَةً وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ فَبَلَغَتْ وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا كَانَ عَلَيْهِ مَهْرٌ كَامِلٌ وَعَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ وَعَلَى هَذَا رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ ارْتَدَّتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَتَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَعَلَى هَذَا رَجُلٌ تَزَوَّجَ أَمَةً وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ أُعْتِقَتْ وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَعَلَى هَذَا رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا وَدَخَلَ بِهَا فَفُرِّقَ بَيْنهمَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ نِكَاحًا جَائِزًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ عَلَيْهِ مَهْرٌ كَامِلٌ وَعَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ جَارِيَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ وَطِئَ امْرَأَةً فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ مِرَارًا فَعَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ الْأَصْلُ أَنَّ الْوَطْءَ مَتَى حَصَلَ عَقِيبَ شُبْهَةِ الْمِلْكِ مِرَارًا لَمْ يَجِبْ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ الثَّانِيَ صَادَفَ مِلْكَهُ. وَمَتَى حَصَلَ الْوَطْءُ عَقِيبَ شُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ مِرَارًا يَجِبُ لِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ عَلَى حِدَةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَطْءٍ صَادَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ وَلَوْ وَطِئَ الِابْنُ جَارِيَةَ الْأَبِ مِرَارًا وَقَدْ ادَّعَى الشُّبْهَةَ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ وَكَذَا لَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ وَلَوْ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ مِرَارًا فَعَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ وَلَوْ وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ مِرَارًا فَعَلَيْهِ بِكُلِّ وَطْءٍ نِصْفُ مَهْرٍ وَلَوْ وَطِئَ مُكَاتَبَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِرَارًا فَعَلَيْهِ فِي نِصْفِهِ نِصْفُ مَهْرٍ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ فِي نِصْفِ شَرِيكِهِ بِكُلِّ وَطْءٍ نِصْفُ الْمَهْرِ وَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُكَاتَبَةِ رَجُلٌ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ عَلَى بَطْنِهَا فَعَلَيْهِ مَهْرَانِ مَهْرُ مِثْلٍ بِالزِّنَا وَمَهْرٌ آخَرُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالنِّكَاحِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ حِينَ أَخْلُو بِكِ أَوْ قَالَ إذَا خَلَوْتُ بِكِ فَخَلَا بِهَا وَجَامَعَهَا فَعَلَيْهِ مَهْرٌ وَنِصْفُ مَهْرٍ، مَهْرٌ بِالدُّخُولِ وَنِصْفُ مَهْرٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَا أَثَرَ لِلْخَلْوَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ إنَّمَا يَتَأَكَّدُ بِالْخَلْوَةِ إذَا كَانَ فِيهَا مُدَّةٌ يُمْكِنُهُ الدُّخُولُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَامَعَهَا بَعْدَ الْخَلْوَةِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَإِذَا قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إذَا تَزَوَّجْتُكِ وَخَلَوْتُ بِكِ سَاعَةً فَأَنْت طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا وَخَلَا بِهَا وَدَخَلَ بِهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَلَهَا مَهْرَانِ مَهْرٌ بِالْخَلْوَةِ وَمَهْرٌ بِالدُّخُولِ إذَا كَانَ الدُّخُولُ بَعْدَ الْخَلْوَةِ بِسَاعَةٍ، وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ مَعَ الْخَلْوَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وَطِئَ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ وَادَّعَى الشُّبْهَةَ قِيلَ إنْ كَانَتْ الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ جُمْلَةً فَظَنَّ أَنَّهَا لَمْ تَقَعْ فَهَذَا ظَنٌّ فِي مَوْضِعِهِ فَيَلْزَمُهُ مَهْرٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّ الطَّلْقَاتِ وَاقِعَةٌ لَكِنْ ظَنَّ أَنَّ وَطْأَهَا حَلَالٌ فَهَذَا الظَّنُّ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَيَلْزَمُهُ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً وَوَطِئَهَا مِرَارًا ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ كَانَ عَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ نِصْفَهَا كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ لِلْمُسْتَحِقِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَطِئَ مَنْكُوحَتَهُ مِرَارًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا

يَلْزَمُهُ مَهْرٌ وَاحِدٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ غُلَامٌ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً جَامَعَ امْرَأَةً وَهِيَ نَائِمَةٌ لَا تَدْرِي، إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَيْسَ عَلَيْهِ حَدٌّ وَلَا عُقْرٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَافْتَضَّهَا يَلْزَمُهُ مَهْرُ مِثْلِهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَافْتَضَّهَا عَلَيْهِ مَهْرُهَا وَكَذَا الْمَجْنُونُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الصَّبِيُّ إذَا زَنَى بِصَبِيَّةٍ فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَإِذَا زَنَى الصَّبِيُّ بِامْرَأَةٍ حُرَّةٍ بَالِغَةٍ فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا إنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً ضَمِنَ الصَّبِيُّ الْمَهْرَ، وَإِنْ كَانَتْ طَائِعَةً دَعَتْهُ إلَى نَفْسِهَا فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَالصَّبِيَّةُ إذَا دَعَتْ صَبِيًّا إلَى نَفْسِهَا وَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ أَمْرَهَا لَمْ يَصِحَّ فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا بِخِلَافِ الْبَالِغَةِ، وَالْأَمَةُ إذَا دَعَتْ صَبِيًّا فَزَنَى بِهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ أَمْرَهَا لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّ الْمَوْلَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَهْرِ الْعُقْرُ، وَتَفْسِيرُ الْعُقْرِ: الْوَاجِبُ بِالْوَطْءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَتَقْدِيرُهُ: قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ سَأَلْت الْقَاضِيَ الْإِمَامَ الْإِسْبِيجَابِيَّ عَنْ ذَلِكَ بِالْفَتْوَى فَكَتَبَ هُوَ: الْعُقْرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ بِكَمْ تُسْتَأْجَرُ لِلزِّنَا لَوْ كَانَ حَلَالًا يَجِبُ ذَلِكَ الْقَدْرُ، كَذَا نُقِلَ عَنْ مَشَايِخِنَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْحُجَّةِ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: تَفْسِيرُ الْعُقْرِ هُوَ مَا يُتَزَوَّجُ بِهِ مِثْلُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة رَجُلٌ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَلَمَّا خَالَطَهَا طَلَّقَهَا وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ثُمَّ أَتَمَّ جِمَاعَهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَقَضَى حَاجَتَهُ وَتَنَحَّى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ عَلَيْهِ حَدٌّ وَلَا مَهْرٌ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ فِعْلٌ وَاحِدٌ فَإِذَا كَانَ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ حَلَالًا لَا يَجِبُ الْحَدُّ وَلَا الْمَهْرُ إلَّا إذَا أَخْرَجَ ثُمَّ أَدْخَلَ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَمَّا إذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ عَالَجَ بَعْدَ الطَّلَاقِ حَتَّى أَنْزَلَ فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِيرُ مُرَاجِعًا وَإِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ بَعْدَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ: أَنْتِ حُرَّةٌ ثُمَّ أَتَمَّ الْجِمَاعَ لَا عُقْرَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا إذَا أَخْرَجَ بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ أَدْخَلَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ ابْنُهُ بِنْتَهَا فَزُفَّتْ امْرَأَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ فَوَطِئَا عَلَى التَّعَاقُبِ فَعَلَى الْوَاطِئِ الْأَوَّلِ جَمِيعُ مَهْرِ الْمَوْطُوءَةِ وَنِصْفُ مَهْرِ امْرَأَتِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَاطِئَ الْأَخِيرَ مَهْرُ امْرَأَتِهِ فَإِنْ وَطِئَا مَعًا فَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِامْرَأَتِهِ رَجُلٌ وَابْنُهُ تَزَوَّجَا أَجْنَبِيَّتَيْنِ وَزُفَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَى زَوْجِ صَاحِبَتِهَا فَوَطِئَا؛ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عُقْرُ الَّتِي وَطِئَهَا وَلَيْسَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَهْرُ امْرَأَتِهِ. أَخَوَانِ تَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا امْرَأَةً وَالْآخَرُ أُمَّهَا فَزُفَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَى غَيْرِ زَوْجِهَا فَوَطِئَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: بَانَتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا امْرَأَتُهُ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِامْرَأَتِهِ نِصْفُ مَهْرِهَا وَعَلَيْهِ لِلَّتِي وَطِئَهَا عُقْرُهَا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِزَوْجِ الْأُمِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْبِنْتَ الَّتِي وَطِئَهَا وَلَيْسَ لِزَوْجِ الْبِنْتِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُمَّ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ قَرَابَةٌ فَالْحُكْمُ لَا يَخْتَلِفُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ زُفَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ فَوَطِئَهَا لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّافِّ فَإِنْ كَانَتْ أُمَّ امْرَأَتِهِ حَرُمَتْ الْمَرْأَةُ وَلِلْمَرْأَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ زُفَّتْ امْرَأَةُ الْأَبِ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَى الِابْنِ وَدَخَلَ بِهَا لَمْ يَرْجِعْ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَى الِابْنِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ لِعَمْدِهِ الْفَسَادَ؛ رَجَعَ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَهْرَ عَلَى الِابْنِ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَرِيضٌ وَهَبَ مِنْ مَرِيضٍ جَارِيَتَهُ وَوَطِئَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَعُقْرُهَا مِائَةٌ وَقِيمَتُهَا ثَلَثُمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الْوَاهِبِ ثُمَّ مَاتَا مِنْ مَرَضِهِمَا فَلَا عُقْرَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَرِيضٍ وَهَبَ جَارِيَتَهُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ وَطِئَهَا عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ: لَا عُقْرَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَطَعَ الْوَاهِبُ

الفصل الرابع عشر في ضمان المهر

يَدَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، خِلَافَ الصَّحِيحِ إذَا وَطِئَهَا ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَرِيضٌ وَهَبَ جَارِيَتَهُ لِإِنْسَانٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَطِئَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ وَنَقَضَتْ الْهِبَةُ لِمَكَانِ الدَّيْنِ؛ يَضْمَنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ عُقْرَ الْجَارِيَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي نَوَادِرِ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ غَصَبَ امْرَأَةً وَجَامَعَهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا؛ فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة [الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي ضَمَانِ الْمَهْرِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي ضَمَانِ الْمَهْرِ) زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوْ الْكَبِيرَةَ وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ رَجُلًا وَضَمِنَ عَنْهُ مَهْرَهَا صَحَّ ضَمَانُهُ ثُمَّ هِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ طَالَبَتْ زَوْجَهَا أَوْ وَلِيَّهَا إنْ كَانَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ وَيَرْجِعُ الْوَلِيُّ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الزَّوْجِ إنْ ضَمِنَ بِأَمْرِهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ زَوَّجَ فُلَانَةَ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي وَعَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَبِلَ الزَّوْجُ فَالْمَهْرُ كُلُّهُ عَلَى الزَّوْجِ وَالْأَبُ ضَامِنٌ عَنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنْ أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ مِنْ أَبِيهَا أَوْ مِنْ مِيرَاثِهِ كَانَ لِلْأَبِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ امْرَأَةً وَضَمِنَ عَنْهُ الْمَهْرَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ؛ جَازَ إذَا قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ الضَّمَانَ وَإِذَا أَدَّى الْأَبُ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْأَدَاءُ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ بِمَا أَدَّى اسْتِحْسَانًا إلَّا إذَا كَانَ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَالِبَ الْوَلِيَّ بِالْمَهْرِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ الزَّوْجَ مَا لَمْ يَبْلُغْ فَإِذَا بَلَغَ تُطَالِبُ أَيَّهُمَا شَاءَتْ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا ضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ بِأَمْرِ الْأَبِ يَرْجِعُ وَكَذَا الْوَصِيُّ لَوْ أَدَّى مَهْرَهُ يَرْجِعُ فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ فَالْمَرْأَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ مِنْ الِابْنِ، وَإِنْ شَاءَتْ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الِابْنِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ وَالْأَدَاءُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَجِبُ ذَلِكَ مِنْ مِيرَاثِ الِابْنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْبَقَّالِيِّ إذَا قَالَ الْأَبُ: اشْهَدُوا بِأَنِّي قَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي فُلَانَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ فَيَكُونُ صِلَةً عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ . وَلَوْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا وَضَمِنَ الْأَبُ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَأَخَذَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ تَرْجِعْ وَرَثَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَالْمَجَانِينُ كَالصِّبْيَانِ فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. هَذَا كُلُّهُ إذَا حَصَلَ الضَّمَانُ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ وَإِذَا حَصَلَ الضَّمَانُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهَذَا الضَّمَانِ إيصَالَ النَّفْعِ إلَى الْوَارِثِ وَالْمَرِيضُ مَحْجُورٌ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا خَطَبَهَا وَضَمِنَ لَهَا الْمَهْرَ وَقَالَ: أَمَرَنِي الزَّوْجُ بِذَلِكَ فَزَوَّجَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ حَضَرَ الزَّوْجُ وَصَدَّقَ الرَّسُولَ فِي الرِّسَالَةِ وَالْأَمْرِ بِالضَّمَانِ صَحَّ النِّكَاحُ وَصَحَّ الضَّمَانُ إذَا كَانَ الرَّسُولُ مِنْ أَهْلِ الضَّمَانِ وَإِذَا أَدَّى الضَّمَانَ رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي الْأَمْرِ بِالضَّمَانِ وَصَدَّقَهُ فِي الرِّسَالَةِ صَحَّ النِّكَاحُ وَصَحَّ الضَّمَانُ فِيمَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّسُولِ لَا فِي حَقِّ الْمُرْسِلِ حَتَّى كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَرْجِعَ عَلَى الرَّسُولِ بِالصَّدَاقِ وَلَا يَرْجِعُ الرَّسُولُ عَلَى الزَّوْجِ بِمَا أَدَّى، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَالْأَمْرِ بِالضَّمَانِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَلَا مَهْرَ عَلَى الزَّوْجِ وَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ الرَّسُولَ بِالْمَهْرِ وَبَعْدَ هَذَا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ. ذَكَرَ فِي نِكَاحِ الْأَصْلِ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُطَالِبُ الرَّسُولَ بِبَعْضِ الصَّدَاقِ وَذَكَرَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّهَا تُطَالِبُ الرَّسُولَ بِجَمِيعِ الْمَهْرِ فَقِيلَ: فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ: اخْتِلَافُ الْجَوَابِ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي فَصْلِ الْوَكَالَةِ

الفصل الخامس عشر في مهر الذمي والحربي

كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ يَأْمُرُنِي الزَّوْجُ بِشَيْءٍ لَكِنِّي أُزَوِّجُكِ مِنْهُ وَأَضْمَنُ الْمَهْرَ وَلَعَلَّهُ يُجِيزُ فَفَعَلَتْ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الرِّسَالَةَ بَطَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ فِي فَصْلِ مَنْ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ بِالْمَحْرَمِيَّةِ وَالْوَكِيلُ بِالتَّزْوِيجِ إذَا ضَمِنَ لَهَا الْمَهْرَ وَأَدَّى إنْ كَانَ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي فَصْلِ الْوَكَالَةِ بِالنِّكَاحِ [الْفَصْلُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي مَهْرِ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ] (الْفَصْلُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي مَهْرِ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ) مَا صَلُحَ مَهْرًا فِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ مَهْرًا فِي نِكَاحِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا فِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَصْلُحُ مَهْرًا فِي نِكَاحِهِمْ أَيْضًا إلَّا الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ أَوْ نَكَحَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ إمَّا نَفَيَاهُ أَوْ سَكَتَا عَنْهُ وَذَلِكَ الْعَقْدُ جَائِزٌ عِنْدَهُمْ فَوُطِئَتْ أَوْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ مَاتَ الذِّمِّيُّ عَنْهَا؛ لَا مَهْرَ لَهَا فِي الصُّورَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحُ الْكَنْزِ. سَوَاءٌ أَسْلَمَا أَوْ رَفَعَ أَحَدُهُمَا الْأَمْرَ إلَيْنَا أَوْ تَرَافَعَا وَهَذَا إذَا لَمْ يَدِينُوا بِمَهْرِ الْمِثْلِ بِالنَّفْيِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَكَذَا الْحَرْبِيَّانِ إنْ تَعَاقَدَا عَلَى مَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ أَوْ عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا مَهْرَ لَهَا بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. سَوَاءٌ أَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. فَإِنْ تَزَوَّجَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَإِنْ كَانَ الْخَمْرُ أَوْ الْخِنْزِيرُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ تَقْبِضْ؛ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُعَيَّنُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِأَنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَلَهَا فِي الْخَمْرِ الْقِيمَةُ وَفِي الْخِنْزِيرِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهَا الْقِيمَةُ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْخَمْرَ أَوْ الْخِنْزِيرَ إذَا كَانَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا فَلَا شَيْءَ لِلْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَفِي الْمُعَيَّنِ لَهَا نِصْفُ الْمُعَيَّنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فِي الْخَمْرِ لَهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ أَوْ فِي الْخِنْزِيرِ لَهَا الْمُتْعَةُ، كَذَا فِي الْكَافِي [الْفَصْلُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي جِهَازِ الْبِنْتِ] (الْفَصْلُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي جِهَازِ الْبِنْتِ) لَوْ جَهَّزَ ابْنَتَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهَا لَيْسَ لَهُ فِي الِاسْتِحْسَانِ اسْتِرْدَادٌ مِنْهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ أَخَذَ أَهْلُ الْمَرْأَةِ شَيْئًا عِنْدَ التَّسْلِيمِ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ؛ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا بَعَثَ الزَّوْجُ إلَى أَهْلِ زَوْجَتِهِ أَشْيَاءَ عِنْدَ زِفَافِهَا مِنْهَا دِيبَاجٌ فَلَمَّا زُفَّتْ إلَيْهِ أَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْمَرْأَةِ الدِّيبَاجَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذَا بَعَثَ إلَيْهَا عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. جَهَّزَ بِنْتَهُ وَزَوَّجَهَا ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهَا مَالُهُ وَكَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ عِنْدَهَا وَقَالَتْ: هُوَ مِلْكِي جَهَّزْتَنِي بِهِ أَوْ قَالَ الزَّوْجُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا دُونَ الْأَبِ وَحَكَى عَنْ عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَبِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ السَّرَخْسِيُّ وَأَخَذَ بِهِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَقَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ إنْ كَانَ الْعُرْفُ ظَاهِرًا بِمِثْلِهِ فِي الْجِهَازِ كَمَا فِي دِيَارِنَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ وَأَقَامَ الْأَبُ بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَالْبَيِّنَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمَرْأَةِ أَنِّي إنَّمَا سَلَّمْتُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ أَوْ يَكْتُبَ نُسْخَةً مَعْلُومَةً وَتَشْهَدَ الِابْنَةُ عَلَى إقْرَارِهَا أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ مِلْكُ وَالِدِي عَارِيَّةٌ فِي يَدِي مِنْهُ لَكِنَّ هَذَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ لَا لِلِاحْتِيَاطِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الْبَالِغَةَ وَجَهَّزَهَا بِأَمْتِعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهَا ثُمَّ فُسِخَ الْعَقْدُ وَزَوَّجَهَا مِنْ آخَرَ؛ فَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ الْأَبِ بِذَلِكَ الْجِهَازِ وَلَوْ كَانَ لَهَا عَلَى أَبِيهَا دَيْنٌ فَجَهَّزَ لَهَا أَبُوهَا ثُمَّ قَالَ جَهَّزْتُهَا بِدَيْنِهَا عَلَيَّ وَقَالَتْ: بِمَالِكَ فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ وَلَوْ دَفَعَ إلَى أُمِّ وَلَدِهِ شَيْئًا لِتَتَّخِذَهُ جِهَازًا لِبِنْتٍ فَفَعَلَتْهُ وَسَلَّمَتْهُ إلَيْهَا لَا يَصِحُّ تَسْلِيمُهَا إلَيْهَا مَا لَمْ يُسَلِّمْهَا

أَبُوهَا. صَغِيرَةٌ نَسَجَتْ جِهَازًا بِمَالِ أُمِّهَا وَأَبِيهَا وَسَعْيِهَا حَالَ صِغَرِهَا وَكِبَرِهَا فَمَاتَتْ أُمُّهَا فَسَلَّمَ أَبُوهَا جَمِيعَ الْجِهَازِ إلَيْهَا؛ فَلَيْسَ لِإِخْوَتِهَا دَعْوَى نَصِيبِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، امْرَأَةٌ نَسَجَتْ فِي بَيْتِ أَبِيهَا أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ إبْرَيْسَمٍ كَانَ يَشْتَرِيهِ أَبُوهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَهَا بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ وَلَوْ دَفَعَتْ الْأُمُّ فِي تَجْهِيزِهَا لِبِنْتِهَا أَشْيَاءَ مِنْ أَمْتِعَةِ الْأَبِ بِحَضْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَكَانَ سَاكِتًا وَزُفَّتْ إلَى الزَّوْجِ؛ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ مِنْ بِنْتِهِ وَكَذَا لَوْ أَنْفَقَتْ الْأُمُّ فِي جِهَازِهَا مَا هُوَ مُعْتَادٌ وَالْأَبُ سَاكِتٌ لَا تَضْمَنُ هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ تَزَوَّجَهَا وَأَعْطَاهَا ثَلَاثَةَ آلَافِ دِينَارٍ بدست بيمان وَهِيَ بِنْتُ مُوسِرٍ وَلَمْ يُعْطِهَا الْأَبُ جِهَازًا أَفْتَى الْإِمَامُ جَمَالُ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ بِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ مُطَالَبَةِ الْجِهَازِ مِنْ الْأَبِ عَلَى قَدْرِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَإِنْ لَمْ يُجَهِّزْ لَهُ طَلَبَ دست بيمان قَالَ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْأَئِمَّةِ غَرَّ رَجُلًا وَقَالَ أُزَوِّجُ بِنْتِي مِنْكَ بِجِهَازٍ عَظِيمٍ وَأَرُدُّ عَلَيْكَ دَسَّتْ بيمان، كَذَا دِينَارًا فَأَخَذَ دَسَّتْ بيمان وَأَعْطَاهُ بِلَا جِهَازٍ لَا رِوَايَةَ فِيهِ إلَّا أَنَّ صَدْرَ الْإِسْلَامِ بُرْهَانَ الْأَئِمَّةِ وَمَشَايِخَ بُخَارَى أَجَابُوا بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُجَهِّزْهَا يَسْتَرِدُّ مَا زَادَ عَلَى دست بيمان مِثْلِهَا، وَقَدَّرَ الْجِهَازَ بدست بيمان صَدْرُ الْإِسْلَامِ وَعِمَادُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ لِكُلِّ دِينَارٍ مِنْ دست بيمان ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ مِنْ الْجِهَازِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا الْقَدْرَ اسْتَرَدَّ مِنْهُ دست بيمان وَقَالَ الْإِمَامُ الْمَرْغِينَانِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَبِي الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمَالَ فِي النِّكَاحِ غَيْرُ مَقْصُودٍ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ رَجُلٌ جَهَّزَ لِابْنَةٍ لَهُ فَمَاتَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَيْهَا وَطَلَبَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ نَصِيبَهُمْ مِنْ الْجِهَازِ فَإِنْ كَانَتْ الِابْنَةُ بَالِغَةً وَقْتَ التَّجْهِيزِ فَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ نَصِيبُهُمْ هَكَذَا ذَكَرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ بَالِغَةً وَلَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهَا لَا يَصِحُّ الْقَبْضُ وَالْمِلْكُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً حَيْثُ لَا نَصِيبَ لِلْبَاقِينَ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً كَانَ الْأَبُ قَابِضًا لَهَا، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى امْرَأَةٌ دَفَعَتْ مَتَاعًا لَهَا إلَى الزَّوْجِ وَقَالَتْ: أَيْنَ رافروش وَدَرِّ كتخدائي خَرَجَ كُنَّ فَفَعَلَ هَلْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَهَا؟ . نَعَمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى الْخُجَنْدِيِّ رَجُلٌ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ عَلَى طَمَعِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ إنْ شَرَطَ فِي الْإِنْفَاقِ التَّزَوُّجَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا أَمْ لَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَكِنْ أَنْفَقَ عَلَى هَذَا الطَّمَعِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ، كَذَا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ أَوْ لَمْ تُزَوِّجْ؛ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ وَهَكَذَا اخْتَارَهُ فِي الْمُحِيطِ. وَهَذَا إذَا دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَيْهَا لِتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا أَمَّا إذَا كَانَتْ مَعَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَلَوْ عَمِلَ فِي كَرْمِ رَجُلٍ عَلَى طَمَعِ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ مِنْهُ فَلَمْ يُزَوِّجْ يَرْجِعُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ شَرَطَ التَّزَوُّجَ أَمْ لَا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يَعْمَلُ لِهَذَا الْغَرَضِ قَالَ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ خَالِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَرْجِعُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ خَطَبَ ابْنَةَ رَجُلٍ فَقَالَ أَبُو الْبِنْتِ: بَلَى إنْ كُنْتَ تَنْقُدُ الْمَهْرَ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ إلَى سَنَةٍ أُزَوِّجُهَا مِنْكَ ثُمَّ إنَّ الرَّجُلَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعَثَ بِهَدَايَا إلَى بَيْتِ الْأَبِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ الْمَهْرَ فَلَمْ يُزَوِّجْ ابْنَتَهُ مِنْهُ هَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا بَعَثَ لِلْمَهْرِ؟ . قَالُوا: مَا بَعَثَ لِلْمَهْرِ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ هَالِكٌ يُسْتَرَدُّ وَكَذَا كُلُّ مَا بَعَثَ هَدِيَّةً وَهُوَ قَائِمٌ فَأَمَّا الْهَالِكُ وَالْمُسْتَهْلَكُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ امْرَأَةٌ لَهَا مَمَالِيكُ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: أَنْفِقْ عَلَيْهِمْ مِنْ مَهْرِي فَفَعَلَ فَقَالَتْ: لَا أَحْسِبُ مِنْ مَهْرِي؛ لِأَنَّكَ اسْتَخْدَمْتَهُمْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: مَا أَنْفَقَ

الفصل السابع عشر في اختلاف الزوجين في متاع البيت

عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرُوفِ يَكُونُ مَهْرًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ [الْفَصْلُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ] (الْفَصْلُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعٍ مَوْضُوعٍ فِي الْبَيْتِ الَّذِي كَانَا يَسْكُنَانِ فِيهِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَ مَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِفِعْلٍ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ الْمَرْأَةِ فَمَا يَكُونُ لِلنِّسَاءِ عَادَةً كَالدِّرْعِ وَالْخِمَارِ وَالْمَغَازِلِ وَالصُّنْدُوقِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَمَا يَكُونُ لِلرِّجَالِ كَالسِّلَاحِ وَالْقَبَاءِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْمِنْطَقَةِ وَالْقَوْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهُوَ لِلرَّجُلِ إلَّا أَنْ تُقِيمَ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَمَا يَكُونُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَالْعَبْدِ وَالْخَادِمِ وَالْفُرُشِ وَالشَّاةِ وَالثَّوْرِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ إلَّا أَنْ تُقِيمَ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْبَاقِي وَوَرَثَةِ الْمَيِّتِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا وَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ عَلَى هَذَا وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ لِلرَّجُلِ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمُشْكِلُ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا وَمَا كَانَ مِنْ مَتَاعِ التِّجَارَةِ وَالرَّجُلُ مَعْرُوفٌ بِتِلْكَ فَهُوَ لِلرَّجُلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ مَمْلُوكًا مَحْجُورًا كَانَ أَوْ مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا كَانَ الْمَتَاعُ كُلُّهُ لِلْحُرِّ مِنْهُمَا أَيَّهُمَا كَانَ وَقَالَا إنْ كَانَ الْمَمْلُوكُ مَحْجُورًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْحُرَّيْنِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ كَافِرًا فَهَذَا وَمَا لَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ سَوَاءٌ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَغِيرًا وَالْآخَرُ كَبِيرًا أَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ ذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ كَانَا مَمْلُوكَيْنِ أَوْ مُكَاتَبَيْنِ فَالْقَوْلُ فِي الْمَتَاعِ عَلَى مَا وَصَفَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْبَيْتُ الَّذِي يَسْكُنَانِ فِيهِ مِلْكَ الزَّوْجِ أَوْ مِلْكَ الْمَرْأَةِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُ الزَّوْجَةِ فِي عِيَالِ أَحَدٍ بِأَنْ كَانَ الِابْنُ فِي عِيَالِ الْأَبِ أَوْ الْأَبُ فِي عِيَالِ الْوَلَدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ الْمَتَاعُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ لِلَّذِي يَعُولُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ نِسْوَةٌ وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ فِي الْمَتَاعِ فَإِنْ كُنَّ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَمَتَاعُ النِّسْوَةِ بَيْنَهُنَّ عَلَى السَّوَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ فِي بَيْتٍ عَلَى حِدَةٍ فَمَا كَانَ فِي بَيْتِ كُلِّ امْرَأَةٍ فَهُوَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا عَلَى مَا وَصَفْتُ وَلَا يُشَارِكُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِمَتَاعٍ أَنَّهَا اشْتَرَتْهُ مِنْ زَوْجِهَا كَانَ الْمَتَاعُ لِلزَّوْجِ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَسْكُنَانِ فِيهِ يَدَّعِي كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ لَهُ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ فَإِنْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ أَقَامَا يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ فَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ لَهَا وَأَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا وَأَقَامَ الرَّجُلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ لَهُ وَالْمَرْأَةَ امْرَأَتُهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ دَفَعَ إلَيْهَا وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً أَنَّهُ حُرٌّ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالدَّارِ وَالرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ وَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يُقْضَى بِحُرِّيَّةِ الرَّجُلِ وَبِنِكَاحِ الْمَرْأَةِ وَيُقْضَى بِالدَّارِ لِلْمَرْأَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مَتَاعٍ مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِهِ لِلزَّوْجِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا غَزَلَتْ الْمَرْأَةُ قُطْنَ زَوْجِهَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْغَزْلِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنْ أَذِنَ لَهَا بِالْغَزْلِ بِأَنْ قَالَ: اغْزِلِيهِ لِي كَانَ الْغَزْلُ لِلزَّوْجِ وَلَا أَجْرَ لَهَا عَلَيْهِ فَإِنْ ذَكَرَ لَهَا أَجْرًا مَعْلُومًا كَانَ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ ذَكَرَ أَجْرًا مَجْهُولًا أَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْغَزْلُ وَالْكِرْبَاسُ لَهُمَا؛ كَانَ الْغَزْلُ لِلزَّوْجِ وَلَهَا أَجْرُ مِثْلِهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجْرِ فَقَالَتْ: غَزَلْتُ بِأَجْرٍ، وَقَالَ: بِغَيْرِ أَجْرٍ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ قَالَ: اغْزِلِيهِ لِنَفْسِكِ؛ كَانَ الْغَزْلُ لَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ: أَذِنْتُ لَكِ لِتَغْزِلِيهِ لِي وَقَالَتْ: لَا بَلْ قُلْتَ اغْزِلِيهِ لِنَفْسِكِ؛ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ وَلَوْ قَالَ: اغْزِلِيهِ

الباب الثامن في النكاح الفاسد وأحكامه

لِيَكُونَ الْغَزْلُ لَنَا فَالْغَزْلُ لَهُ وَلَهَا أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ قَالَ: اغْزِلِيهِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فَالْغَزْلُ لَهُ، وَإِنْ نَهَاهَا عَنْ الْغَزْلِ فَغَزَلَتْ كَانَ الْغَزْلُ لَهَا وَعَلَيْهَا مِثْلُ ذَلِكَ الْقُطْنِ لِزَوْجِهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ صَاحِبُ الْقُطْنِ: غَزَلْتِ بِإِذْنِي وَقَالَتْ: غَزَلْتُ بِغَيْرِ إذْنِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ حَمَلَ قُطْنًا إلَى بَيْتِهِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَغَزَلَتْهُ إنْ كَانَ الزَّوْجُ بَيَّاعَ الْقُطْنِ كَانَ الْغَزْلُ لَهَا وَعَلَيْهَا مِثْلُ ذَلِكَ الْقُطْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُبَاعُ الْقُطْنُ إنْ كَانَ الزَّوْجُ يَدَّعِي الْإِذْنَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَمَا لَوْ طَبَخَتْ طَعَامًا مِنْ اللَّحْمِ الَّذِي جَاءَ بِهِ فَإِنَّ الطَّعَامَ يَكُونُ لِلزَّوْجِ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْكِرْبَاسِ فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: دَفَعْتِ إلَى الْحَائِكِ لِيَنْسِجَهُ بِإِذْنِي وَقَالَتْ: دَفَعْتُ بِغَيْرِ إذْنِكَ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي نِكَاحِ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ امْرَأَةٌ غَزَلَتْ قُطْنَ زَوْجِهَا بِإِذْنِهِ وَكَانَا يَبِيعَانِ مِنْ ذَلِكَ الْكِرْبَاسِ وَيَشْتَرِيَانِ بِالثَّمَنِ أَمْتِعَةً لِحَاجَةِ بَيْتِهِمَا وَاِتَّخَذَا بِبَعْضِ الْكِرْبَاسِ ثِيَابَ الْبَيْتِ فَجَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ الْكِرْبَاسِ وَمَا اشْتَرَى بِهِ لِلرَّجُلِ إلَّا الْأَشْيَاءَ الَّتِي اشْتَرَى الزَّوْجُ لَهَا أَوْ عُلِمَ عَادَةً أَنَّهُ اشْتَرَى لَهَا فَلِلْمَرْأَةِ ذَلِكَ وَفِي بُيُوعِ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ رَجُلٌ كَانَ يَدْفَعُ إلَى امْرَأَتِهِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ وَكَانَ يَدْفَعُ إلَيْهَا أَحْيَانًا دَرَاهِمَ وَيَقُولُ: اشْتَرِي بِهَا قُطْنًا وَاغْزِلِي فَكَانَتْ تَشْتَرِي وَتَغْزِلُ ثُمَّ تَبِيعُ وَتَشْتَرِي بِثَمَنِهَا أَمْتِعَةَ الْبَيْتِ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ لَهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ غَزَلَتْ الْقُطْنَ بِاسْمِ الزَّوْجِ لِتَجْعَلَ لَهُ مِنْدِيلًا فَمَاتَتْ قَبْلَ النَّسْجِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْقُطْنِ رَجُلٌ قَوَّامٌ عَلَى امْرَأَتِهِ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَيَشْتَرِي لَهَا مِنْ الْجَوْزَقَةِ فَهِيَ تَغْزِلُهَا وَيَدْفَعُ الرَّجُلُ غَزْلَهَا إلَى الْحَائِكِ فَيَنْسِجُهُ أَثْوَابًا ثُمَّ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ فَإِنْ كَانَ نَسَجَهَا لِيُبَاعَ أَوْ يَتَّخِذَ الثِّيَابَ لَهُ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَهَا فَهِيَ لَهَا، كَذَا فِي القنية. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَأَحْكَامِهِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَأَحْكَامِهِ) إذَا وَقَعَ النِّكَاحُ فَاسِدًا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا عِدَّةَ وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْأَقَلُّ مِمَّا سَمَّى لَهَا وَمِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ ثَمَّةُ مُسَمًّى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةُ مُسَمًّى فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَتَجِبُ الْعِدَّةُ وَيُعْتَبَرُ الْجِمَاعُ فِي الْقُبُلِ حَتَّى يَصِيرَ مُسْتَوْفِيًا لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَتُعْتَبَرُ الْعِدَّةُ مِنْ حِينِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ الطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ يَكُونُ مُتَارَكَةً وَلَا يَنْتَقِصُ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالْمُتَارَكَةُ فِي الْفَاسِدِ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْقَوْلِ كَخَلَّيْت سَبِيلَك أَوْ تَرَكْتُك وَمُجَرَّدُ إنْكَارِ النِّكَاحِ لَا يَكُونُ مُتَارَكَةً أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ وَقَالَ أَيْضًا: اذْهَبِي وَتَزَوَّجِي. كَانَ مُتَارَكَةً لَكِنْ لَا يَنْتَقِصُ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ وَبِعَدَمِ مَجِيءِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا تَحْصُلُ الْمُتَارَكَةُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: وَقَبْلَ الدُّخُولِ أَيْضًا لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْقَوْلِ وَلِكُلٍّ فَسْخُهُ بِغَيْرِ مَحْضَرِ صَاحِبِهِ وَبَعْدَهُ لَا إلَّا بِمَحْضَرِ صَاحِبِهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَعِلْمُ غَيْرِ الْمُتَارِكِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْمُتَارَكَةِ هُوَ الصَّحِيحُ حَتَّى لَوْ لَمْ يُعْلِمْهَا لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ عِلْمَهَا بِالْمُتَارَكَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِي الطَّلَاقِ. وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ لَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَلَا نَفَقَةٌ وَإِنْ صَالَحَ عَلَى النَّفَقَةِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَتُعْتَبَرُ مُدَّةُ النَّسَبِ مِنْ وَقْتِ الدُّخُولِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى قَالَهُ أَبُو اللَّيْثِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ لَا حُكْمَ لَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا بِأَنْ مَسَّ أُمَّهَا بِشَهْوَةٍ ثُمَّ تَرَكَهَا لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُمَّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ الْحُرُّ إذَا اشْتَرَى امْرَأَتَهُ يَفْسُدُ النِّكَاحُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إذَا اشْتَرَى امْرَأَتَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَبِالدُّخُولِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يَصِيرُ

غاب عن زوجته فتزوجت بغيره

مُحْصَنًا وَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ يُحَدُّ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا وَخَلَا بِهَا وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الدُّخُولَ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ قَالَ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ وَلَا الْعِدَّةُ وَإِنْ لَمْ يَخْلُ بِهَا لَا يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ [غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ] غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ الْبِكْرِ سِنِينَ فَتَزَوَّجَتْ وَجَاءَتْ بِأَوْلَادٍ أَوْ سُبِيَتْ امْرَأَةٌ فَتَزَوَّجَهَا حَرْبِيٌّ وَأَتَتْ بِأَوْلَادٍ أَوْ ادَّعَتْ الطَّلَاقَ وَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ وَوَلَدَتْ أَوْ نُعِيَ إلَيْهَا زَوْجُهَا فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ فَوَلَدَتْ فَالْوَلَدُ عِنْدَ الْإِمَامِ لِلْأَوَّلِ نَفَاهُ الْأَوَّلُ أَوْ ادَّعَاهُ أَوْ ادَّعَاهُ الثَّانِي أَوْ نَفَاهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَلِلزَّوْجِ الثَّانِي أَنْ يَدْفَعَ الزَّكَاةَ إلَيْهِمْ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَرَوَى عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجُرْجَانِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْأَوْلَادَ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَرَجَعَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّجْنِيسِ. وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالسِّرَاجِيَّةِ وَبِهِ أَفْتَى الصَّدْرُ الشَّهِيدُ. وَقَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ بِالنَّصِّ وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ حَاضِرًا أَوْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَسْقَطَتْ سِقْطًا قَدْ اسْتَبَانَ خَلْقُهُ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ جَازَ وَلَوْ كَانَ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا لَا يَجُوزُ الْمُطَلَّقَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَالَتْ: كُنْت مُعْتَدَّةً. يُنْظَرُ إنْ كَانَ بَيْنَ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ تَزَوُّجِ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ شَهْرَيْنِ صُدِّقَتْ وَفَسَدَ النِّكَاحُ وَإِنْ كَانَ شَهْرَانِ فَصَاعِدًا لَا تُصَدَّقُ وَصَحَّ النِّكَاحُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ) نِكَاحُ الْقِنِّ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ بِلَا إذْنِ السَّيِّدِ مَوْقُوفٌ إنْ أَجَازَ نَفَذَ وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ فَإِنْ نَكَحُوا بِالْإِذْنِ فَالْمَهْرُ عَلَيْهِمْ وَبَيْعُ الْقِنِّ فِيهِ لَا الْآخَرَانِ بَلْ يَسْعَيَانِ كَذَا فِي الْوِقَايَةِ. وَكَذَا وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ لَا يُبَاعَانِ فِيهِ بَلْ يَسْعَيَانِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ لَا تَمْلِكُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا بِدُونِ إذْنِ الْمَوْلَى وَكَذَا الْمَأْذُونُ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالنِّكَاحُ لَيْسَ مِنْهَا وَكَذَا الْمُدَبَّرَةُ لَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ثُمَّ إذَا بِيعَ الْعَبْدُ مَرَّةً وَلَمْ يَفِ الثَّمَنُ بِالْمَهْرِ لَا يُبَاعُ ثَانِيًا بَلْ يُطَالَبُ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ بِيعَ بِجَمِيعِ الْمَهْرِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ حَيْثُ يُبَاعُ لَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ سَقَطَ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى مِنْ الْمَهْرِ يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ بَاعَ عَبْدَهُ بَعْد مَا زَوَّجَهُ امْرَأَةً فَالْمَهْرُ فِي رَقَبَةِ الْغُلَامِ يَدُورُ مَعَهُ أَيْنَمَا دَارَ هُوَ الصَّحِيحُ كَدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ زَوَّجَ عَبْدَهُ حُرَّةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ تُخَيَّرُ فِي تَضْمِينِ الْمَوْلَى أَوْ الْعَبْدِ يُضَمَّنُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ مَهْرِهَا زَوَّجَ مُدَبَّرَهُ امْرَأَةً ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَالْمَهْرُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ يُؤَاخَذُ إذَا أُعْتِقَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ رَجُلٌ زَوَّجَ عَبْدَهُ امْرَأَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهَا بِتِسْعِمِائَةِ دِرْهَمٍ بَعْدَ مَا دَخَلَ الْعَبْدُ بِهَا فَإِنَّهَا تَأْخُذُ التِّسْعَمِائَةِ بِمَهْرِهَا وَيَبْطُلُ النِّكَاحُ وَلَا تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ بِالْمِائَةِ الْبَاقِيَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنْ عَتَقَ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ لِرَجُلٍ آخَرَ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَجَازَ الْغَرِيمُ بَيْعَ الْعَبْدِ مِنْ الْمَرْأَةِ كَانَتْ التِّسْعُمِائَةِ بَيْنَ الْغَرِيمِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ يُضْرَبُ فِيهَا الْغَرِيمُ بِأَلْفٍ وَالْمَرْأَةُ بِأَلْفٍ وَلَا تَتْبَعُهُ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ وَيَتْبَعُهُ الْغَرِيمُ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ إذَا عَتَقَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَمْلِكُ الْمَوْلَى إجْبَارَ جَمِيعِ مَمَالِيكِهِ إلَّا الْمُكَاتَبَ وَالْمُكَاتَبَةَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. فَهُمَا لَا يُجْبَرَانِ عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ وَهَذَا مِنْ أَغْرَبِ الْمَسَائِلِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ رَأْيُ الصَّغِيرِ

وَالصَّغِيرَةِ فِي تَزْوِيجِهِمَا حَتَّى قَالُوا زَوَّجَهُمَا الْمَوْلَى بِغَيْرِ إذْنِهِمَا تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِمَا فَإِنْ أَدَّيَا الْمَالَ وَعَتَقَا لَا يُعْتَبَرُ رَأْيُهُمَا مَا دَامَا صَغِيرَيْنِ بَلْ يَتَفَرَّدُ بِهِ الْمَوْلَى أَوْ الْوَلِيُّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ رَضِيَتْ الْمُكَاتَبَةُ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ الْأَدَاءِ ثُمَّ عَتَقَتْ لَا خِيَارَ لَهَا لِلْحَالِ لِأَنَّهَا صَغِيرَةٌ وَلَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ إذَا بَلَغَتْ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَنَّ هَذِهِ الْمُكَاتَبَةَ لَمْ تَرْضَ بِالنِّكَاحِ وَلَمْ تَنْقُضْهُ حَتَّى عَجَزَتْ وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ بَطَلَ النِّكَاحُ حَتَّى لَوْ أَجَازَهُ لَمْ تَعْمَلْ إجَازَتُهُ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْمُكَاتَبَةِ مُكَاتَبٌ صَغِيرٌ وَقَدْ زَوَّجَهُ الْمَوْلَى امْرَأَةً بِغَيْرِ رِضَاهُ ثُمَّ عَجَزَ وَرُدَّ رَقِيقًا لَمْ يَبْطُلْ نِكَاحُهُ بَلْ يَبْقَى مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى فِي الْمُحِيطِ وَالْإِذْنُ بِالنِّكَاحِ يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الصَّحِيحَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْرَى نِكَاحًا صَحِيحًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْإِذْنَ انْتَهَى بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ مُطْلَقًا فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا وَدَخَلَ بِهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ فِي الْحَالِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَذِنَ لَهُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ نَصًّا وَدَخَلَ بِهَا يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ فِي الْحَالِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ مُطْلَقًا فَتَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ لَمْ يَجُزْ تَزَوُّجُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَّا إذَا اقْتَرَنَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْمِيمِ بِأَنْ قَالَ: تَزَوَّجْ مَا شِئْت مِنْ النِّسَاءِ. أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَحِينَئِذٍ يَعُمُّ وَيَتَزَوَّجُ ثِنْتَيْنِ فَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى: عَنَيْت بِهِ امْرَأَتَيْنِ. جَازَ نِكَاحُهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ أَجَازَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ يَجِبُ مَهْرٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْمُسَمَّى وَإِنْ طَلَّقَهَا الْعَبْدُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ بَطَلَ التَّوَقُّفُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ كُلُّ مَا وَجَبَ مِنْ مَهْرِ الْأَمَةِ فَهُوَ لِلْمَوْلَى سَوَاءٌ وَجَبَ بِالْعَقْدِ أَوْ بِالدُّخُولِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَهْرُ مُسَمًّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَمَةُ قِنَّةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ إلَّا الْمُكَاتَبَةَ وَالْمُعْتَقَ بَعْضُهَا فَإِنَّ الْمَهْرَ لَهُمَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ زَوَّجَ أَمَتَهُ أَوْ تَزَوَّجَتْ بِإِذْنِهِ ثُمَّ عَتَقَتْ فَلَهَا الْخِيَارُ وَالْمَهْرُ لِلْمَوْلَى كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا ثُمَّ زَادَ الزَّوْجُ فِي مَهْرِهَا فَالزِّيَادَةُ لِلْمَوْلَى رَوَاهُ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الزِّيَادَةَ لَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهَا ثُمَّ زَادَهُ فَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَقَالَ لَهُ الْمَوْلَى طَلِّقْهَا رَجْعِيَّةً يَكُونُ إجَازَةً كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمَوْلَى: طَلِّقْهَا أَوْ قَالَ لَهُ فَارِقْهَا لَمْ يَكُنْ إجَازَةً كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. ثُمَّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ إذْنَ السَّيِّدِ يَثْبُتُ بِالتَّصْرِيحِ كَقَوْلِهِ أَجَزْت أَوْ رَضِيت بِهِ أَوْ أَذِنْت فِيهِ وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِالدَّلَالَةِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ سَمَاعِهِ هَذَا حَسَنٌ أَوْ صَوَابٌ أَوْ نِعْمَ مَا صَنَعْت أَوْ بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا أَوْ لَا بَأْسَ بِهَا أَوْ يَسُوقَ إلَيْهَا مَهْرَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْهُ بِخِلَافِ الْهَدِيَّةِ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ إجَازَةً الْأَوَّلُ اخْتِيَارُ أَبِي اللَّيْثِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ إلَّا إذَا أَعْلَمَ أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِهْزَاءِ. وَالْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ لَا يَكُونُ إجَازَةً فَإِنْ أَجَازَ الْعَبْدُ مَا صَنَعَ جَازَ اسْتِحْسَانًا كَالْعَبْدِ إذَا زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ فَأَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ فِي التَّزْوِيجِ فَأَجَازَ مَا صَنَعَهُ الْفُضُولِيُّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ نُكِحَتْ أَمَةً بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمَوْلَى لِلزَّوْجِ أَجَزْتُ عَلَى أَنْ تَزِيدَ لِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَأَبَى الزَّوْجُ ذَلِكَ فَلَيْسَ هَذَا بِإِجَازَةٍ وَرُدَّ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يُجِيزَ وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا أُجِيزُ حَتَّى تَزِيدَ لِي خَمْسِينَ أَوْ إلَّا بِزِيَادَةِ خَمْسِينَ. وَإِنْ قَبِلَ صَارَتْ الزِّيَادَةُ مَعَ الْأَصْلِ مَهْرًا وَلَوْ قَالَ: لَا أُجِيزُهُ وَلَكِنْ زِدْ لِي خَمْسِينَ أَوْ قَالَ لَا أُجِيزُ النِّكَاحَ وَأُجِيزُهُ إنْ زِدْتَنِي عَشْرَةً فَهُوَ رَدٌّ وَبَطَلَ النِّكَاحُ الْأَوَّلُ وَلَوْ قَالَ: أَجَزْت بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَرَضِيَ الزَّوْجُ صَحَّ النِّكَاحُ بِخَمْسِينَ دِينَارًا كَذَا فِي الْكَافِي قَالَ الزَّوْجُ لِلْمُعْتَقَةِ: لَكِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ تَخْتَارِينِي. لَزِمَ الْعَقْدُ وَلَا شَيْءَ لَهَا وَلَوْ قَالَ اخْتَارِينِي وَلَك خَمْسُونَ زِيَادَةً عَلَى

صَدَاقِكِ صَحَّتْ وَتَجِبُ الزِّيَادَةُ لِلْمَوْلَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ شُهُودٍ حَتَّى أَجَازَ الْمَوْلَى بِحَضْرَتِهِمْ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْكَافِي الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْوَصِيُّ وَالْقَاضِي وَالْمُكَاتِبُ وَالشَّرِيكُ الْمُفَاوِضُ يَمْلِكُونَ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ وَلَا يَمْلِكُونَ تَزْوِيجَ الْعَبْدِ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ وَالْمُضَارِبُ وَالشَّرِيكُ شَرِكَةِ عِنَانٍ لَا يَمْلِكُونَ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ زَوَّجَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ أَمَةَ الصَّبِيِّ مِنْ عَبْدِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهِ إنْ ابْتَدَأَ الْمَوْلَى فَقَالَ زَوَّجْتهَا مِنْك عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدَيَّ أُطَلِّقُهَا كُلَّمَا أُرِيدُ وَقَبِلَ الْعَبْدُ صَحَّ وَصَارَ الْأَمْرُ بِيَدِهِ وَإِنْ ابْتَدَأَ الْعَبْدُ وَقَالَ زَوِّجْنِي أَمَتَك عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِك تُطَلِّقُهَا كُلَّمَا تُرِيدُ فَزَوَّجَهَا لَمْ يَصِرْ الْأَمْرُ بِيَدِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ زَوَّجَ الْأَبُ جَارِيَةَ ابْنِهِ مِنْ عَبْدِ ابْنِهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ ضَرَرٌ فَيَمْلِكُ الْأَبُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ أَوْ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْمُدَبَّرُ أَوْ ابْنُ أُمِّ الْوَلَدِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ إجَازَةِ الْمَوْلَى فَهَذَا الطَّلَاقُ مُتَارَكَةُ النِّكَاحِ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ حَتَّى لَا يُنْقِصَ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ وَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ يَلْزَمُهُ الْحَدُّ فَإِنْ أَجَازَ الْمَوْلَى هَذَا النِّكَاحَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَعْمَلُ إجَازَتُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ هَذَا الطَّلَاقِ كَرِهْتُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَمْ أُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا إنْ فَعَلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ زَوَّجَ أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ أَمَتَهُ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فَلِلْآخَرِ النَّقْضُ فَإِنْ نَقَضَ فَلَهُ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَلْمُزَوِّجِ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمِنْ الْمُسَمَّى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لِأَبِي الزَّوْجِ وَقَالَ الزَّوْجُ: هِيَ حُرَّةُ الْأَصْلِ. ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ أَمَةٌ تَزَوَّجَتْ بِلَا إذْنِ الْمَوْلَى فَبَاعَهَا فَأَجَازَ الْمُشْتَرِي النِّكَاحَ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْحِلَّ الْبَاتَّ إذَا طَرَأَ عَلَى الْمَوْقِفِ أَبْطَلَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا يَجُوزُ مُطْلَقًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَمَاتَ الْمَوْلَى فَأَجَازَ الْوَارِثُ نِكَاحَهَا صَحَّتْ إجَازَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْمُكَاتَبِ بِإِذْنِ الْوَارِثِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ إذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَى رَقَبَتِهِ فَتَزَوَّجَ عَلَى رَقَبَتِهِ أَمَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ بِإِذْنِ مَوْلَاهُنَّ جَازَ النِّكَاحُ وَصَارَ الْعَبْدُ لِمَوْلَاهُنَّ وَإِنْ تَزَوَّجَ حُرَّةً عَلَى رَقَبَتِهِ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَ مُكَاتَبَةً عَلَى رَقَبَتِهِ كَانَ النِّكَاحُ بَاطِلًا هَذَا إذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَى رَقَبَتِهِ امْرَأَةً أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَقُلْ عَلَى رَقَبَتِك فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً حُرَّةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ عَلَى رَقَبَتِهِ جَازَ النِّكَاحُ بِقِيمَتِهِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. هَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا يُتَغَابَنُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ حَتَّى إذَا دَخَلَ بِهَا فِي ذَلِكَ لَمْ يُتْبَعْ فِي الْمَهْرِ حَتَّى يَعْتِقَ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا أَمَرَ مُكَاتَبَهُ أَوْ مُدَبَّرَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَى رَقَبَتِهِ فَتَزَوَّجَ عَلَى رَقَبَتِهِ أَمَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ جَازَ وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَ حُرَّةً أَوْ مُكَاتَبَةً وَإِذَا صَحَّ النِّكَاحُ يَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ قِيمَتُهُمَا يَسْعَيَانِ فِي ذَلِكَ. عَبْدٌ تَزَوَّجَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُدَبَّرَةً عَلَى رَقَبَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَبَلَغَ الْمَوْلَى ذَلِكَ فَأَجَازَهُ فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَ أَمَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ عَمِلَتْ إجَازَتُهُ وَصَحَّ وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَ حُرَّةً أَوْ مُكَاتَبَةً لَا تَعْمَلُ إجَازَتُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَ عَلَى رَقَبَتِهِ حُرَّةً وَقَدْ دَخَلَ بِهَا لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ دَخَلَ بِهَا بَعْدَمَا أَجَازَ الْمَوْلَى النِّكَاحَ يَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا فِي

رَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى وَإِنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ إجَازَةِ الْمَوْلَى النِّكَاحَ يُؤَاخَذُ بِمَا لَزِمَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَ عَلَى رَقَبَتِهِ أَمَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا إنْ دَخَلَ بِهَا بَعْدَ إجَازَةِ الْمَوْلَى النِّكَاحَ لَا يَجِبُ إلَّا الْمُسَمَّى وَهُوَ رَقَبَةُ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُنَّ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ إجَازَةِ الْمَوْلَى النِّكَاحَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ لَا يَجِبُ إلَّا الْمُسَمَّى وَهُوَ رَقَبَةُ الْعَبْدِ لِلْمَوْلَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا مَا ذَكَرَ جَوَابَ الِاسْتِحْسَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدٌ تَزَوَّجَ أَمَةً بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ تَزَوَّجَ حُرَّةً فَأَجَازَ الْمَوْلَى نِكَاحَهُمَا جَازَ نِكَاحُ الْحُرَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ حُرَّةً ثُمَّ أَمَةً وَأَجَازَ نِكَاحَهُمَا جَازَ نِكَاحُ الْحُرَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ عَبْدٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ امْرَأَةً ثُمَّ امْرَأَةً فَبَلَغَ الْمَوْلَى فَأَجَازَ الْكُلَّ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ جَازَ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ وَإِنْ دَخَلَ بِهِنَّ فَسَدَ نِكَاحُهُنَّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَمَةً ثُمَّ حُرَّةً ثُمَّ أَمَةً أَجَازَ السَّيِّدُ نِكَاحَهُنَّ تَجُوزُ الْأَمَةُ الْأَخِيرَةُ وَلَوْ تَزَوَّجَ حُرَّتَيْنِ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أَمَةً فَأَجَازَ الْمَوْلَى كُلَّهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجُوزُ نِكَاحُ الْحُرَّتَيْنِ وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا ثُمَّ تَزَوَّجَ حُرَّتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى نِكَاحَ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ لَمْ يَجُزْ نِكَاحُ شَيْءٍ مِنْهُنَّ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. عَبْدٌ تَزَوَّجَ حُرَّةً وَأَمَةً ثُمَّ حُرَّةً وَأَمَةً فَأَجَازَ الْمَوْلَى الْكُلَّ جَازَ نِكَاحُ الْحُرَّتَيْنِ وَإِنْ دَخَلَ بِهِنَّ فَنِكَاحُهُنَّ فَاسِدٌ عَبْدٌ تَزَوَّجَ حُرَّةً فَقَالَ الْعَبْدُ: لَمْ يَأْذَنْ لِي الْمَوْلَى وَقَدْ نَقَضَ النِّكَاحَ هُوَ. وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: قَدْ أَذِنَ. يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِإِقْرَارِهِ أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ وَيَلْزَمُهُ كَمَالُ الْمَهْرِ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَنِصْفُ الْمَهْرِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَكَذَا إذَا قَالَتْ لَا أَدْرِي أَذِنَ أَمْ لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْجَوَامِعِ وَمَنْ زَوَّجَ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ مَدْيُونًا امْرَأَةً جَازَ وَالْمَرْأَةُ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ إنْ كَانَ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ فَلَوْ زَوَّجَهُ مِنْهَا بِأَكْثَرَ طُولِبَ بِالزِّيَادَةِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْغُرَمَاءِ كَدَيْنِ الصِّحَّةِ مَعَ دَيْنِ الْمَرَضِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ بَاعَهَا الْمَوْلَى مِنْ الزَّوْجِ سَقَطَ الْمَهْرُ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى قَبْلَ الدُّخُولِ كَالْحُرَّةِ تَرْتَدُّ أَوْ تَقْبَلُ ابْنَ زَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَكَذَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ لَوْ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَاخْتَارَتْ الْفُرْقَةَ وَلَوْ بَاعَهَا وَذَهَبَ بِهَا الْمُشْتَرِي مِنْ الْمِصْرِ أَوْ غَيَّبَهَا بِمَوْضِعٍ لَا يَصِلُ إلَيْهِ الزَّوْجُ تَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ بِالْمَهْرِ حَتَّى لَوْ أَحْضَرَهَا بَعْدَهُ فَلَهُ الْمَهْرُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ فَعَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الْمَهْرِ لِلْمَوْلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا فَوَطِئَهَا الْمَوْلَى فَقَدْ انْفَسَخَ وَكَذَا لَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً ثُمَّ زَوَّجَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا وَإِنْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ بَطَلَ النِّكَاحُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَحَقُّ الْمِلْكِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ وَلَا يَمْنَعُ الْبَقَاءَ كَحَقِّ الِاسْتِرْدَادِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَمْنَعُ الْبَائِعَ مِنْ النِّكَاحِ وَلَوْ زَوَّجَهَا ابْنَهُ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ حَتَّى ثَبَتَ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ لِلِابْنِ لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ حَتَّى يَسْتَرِدَّهَا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا الِابْنُ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ لَا يَصِحُّ وَكَذَا إذَا تَقَايَضَا عَبْدًا بِأَمَةٍ فَقَبَضَهَا بَائِعُ الْغُلَامِ وَزَوَّجَهَا مِنْ بَائِعِهَا ثُمَّ هَلَكَ الْغُلَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ وَلَوْ تَزَوَّجَ ابْتِدَاءً بَعْدَ هَلَاكِ الْغُلَامِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَتَهُ أَوْ زَوْجَةَ الْمَوْلَى لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْأَبُ وَبِنْتُهُ تَحْتَ مُكَاتِبِهِ أَوْ عَبْدِهِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَكَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَمْ يَفْسُدْ نِكَاحُ الْبِنْتِ وَكَذَا الْوَصِيَّةُ بِعِتْقِ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُعَيِّنٍ تَمْنَعُ فَسَادَ نِكَاحِ

فصول في خيار العتق

الْبِنْتِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ الَّذِي تَحْتَهُ وَلَوْ كَانَتْ تَحْتَهَا بِنْتَانِ لَا رِوَايَةَ لِهَذَا وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِزَوْجَتِهِ لَمْ يَفْسُدْ حَتَّى يَقْبَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لِلْبِنْتِ أَوْ لِغَيْرِهَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ لِأَنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَمَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَبْوِئَتُهَا فَتَخْدُمُهُ وَيَطَؤُهَا الزَّوْجُ إنْ ظَفَرَ بِهَا وَكَذَا إنْ اشْتَرَطَ التَّبْوِئَةَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فَإِنْ بَوَّأَهَا مَعَهُ مَنْزِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَلَوْ بَدَا لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا بَعْدَ التَّبْوِئَةِ فَلَهُ ذَلِكَ فَلَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا بَعْدَ التَّبْوِئَةِ تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَقَبْلَهَا وَبَعْدَ الِاسْتِرْدَادِ لَا تَجِبُ وَالْمُكَاتَبَةُ فِي هَذَا كَالْحُرَّةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ مُدَبَّرَتَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ وَبَوَّأَهَا بَيْتًا مَعَ زَوْجِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا وَيَرُدَّهَا إلَى مَنْزِلِهِ فَلَهُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ شَرَطَ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلًا لَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنْ اسْتِخْدَامِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَدْ قَالُوا فِي الْأَمَةِ إذَا بَوَّأَهَا فَكَانَتْ تَخْدُمُ مَوْلَاهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا وَكَذَا الْمُدَبِّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ زَوَّجَ أَمَتَهُ رَجُلًا فَالْإِذْنُ فِي الْعَزْلِ إلَى الْمَوْلَى كَذَا فِي الْكَافِي الْعَزْلُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ بِرِضَا امْرَأَتِهِ الْحُرَّةِ أَوْ بِرِضَا مَوْلَى امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ وَفِي الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا. قَالُوا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ يَسَعُهَا أَنْ تُعَالَجَ لِإِسْقَاطِ الْحَبَلِ مَا لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ وَذَلِكَ مَا لَمْ يَتِمَّ لَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا ثُمَّ إذَا عَزَلَ وَظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ هَلْ يَجُوزُ نَفْيُهُ؟ قَالُوا إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى وَطْئِهَا أَوْ عَادَ بَعْدَ الْبَوْلِ وَلَمْ يُنْزِلْ جَازَ لَهُ نَفْيُهُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ لَوْ أُعْتِقَتْ أَمَةٌ أَوْ مُكَاتَبَةٌ خُيِّرَتْ وَلَوْ زَوْجُهَا حُرٌّ كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ بِرِضَاهَا أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. [فُصُول فِي خِيَارِ الْعِتْقِ] ثُمَّ الْكَلَامُ فِي خِيَارِ الْعِتْقِ فِي فُصُولٍ (أَحَدُهَا) أَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ يَثْبُتُ لِلْأُنْثَى دُونَ الذَّكَرِ (وَالثَّانِي) أَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ لَا يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ وَيَبْطُلُ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِهَا النِّكَاحَ (وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ (وَالرَّابِعُ) أَنَّ الْجَهْلَ بِخِيَارِ الْعِتْقِ عُذْرٌ حَتَّى لَوْ عَلِمَتْ بِالْعِتْقِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِالْخِيَارِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا وَإِنْ قَامَتْ عَنْ الْمَجْلِسِ عَلَى مَا عَلَيْهِ إشَارَاتُ الْجَامِعِ وَهُوَ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ (وَالْخَامِسُ) أَنَّ الْفُرْقَةَ بِخِيَارِ الْعِتْقِ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْعَبْدُ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ ثُمَّ أُعْتِقَ صَحَّ نِكَاحُهُ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ فَأَجَازَ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَازَ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِذَا زَوَّجَتْ الْأَمَةُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَأَجَازَ فَالْمَهْرُ لِلْمَوْلَى أَعْتَقَهَا بَعْد ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُعْتِقْهَا وَالدُّخُولُ حَصَلَ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ أَوْ قَبْلَهُ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ حَتَّى أَعْتَقَهَا جَازَ الْعَقْدُ وَلَا خِيَارَ لَهَا إلَّا أَنَّهُ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فَالْمَهْرُ لَهَا وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْعِتْقِ فَالْمَهْرُ لِلْمَوْلَى هَذَا إذَا كَانَتْ كَبِيرَةً وَأَمَّا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً فَأَعْتَقَهَا فَإِنَّهُ عِنْدَنَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَصَبَةٌ سِوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ لَهَا عُصْبَةٌ غَيْرُ الْمَوْلَى فَإِذَا أَجَازَ الْعَقْدَ جَازَ وَإِذَا أَدْرَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهَا خِيَارُ الْإِدْرَاكِ إلَّا إذَا كَانَ مُجِيزُ الْعَقْدِ أَبَاهَا أَوْ جَدَّهَا فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. فَإِنْ كَانَتْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ عَلَى أَلْفٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا مِائَةٌ فَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا فَالْمَهْرُ لِلْمَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَالْمَهْرُ لَهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ مُدَبَّرَةٌ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى وَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ جَازَ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ لَمْ يَجُزْ حَتَّى تُؤَدَّى السِّعَايَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ أُمُّ وَلَدٍ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْعِتْقِ لَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا جَازَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ طَرَأَ الرِّقُّ عَلَى النِّكَاحِ فَهُوَ كَالْمُقَارِنِ فِي حَقِّ ثُبُوتِ خِيَارِ الْعِتْقِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَلِكَ نَحْوُ

الْحَرْبِيَّةِ إذَا تَزَوَّجَتْ ثُمَّ سُبِيَتْ فَأُعْتِقَتْ وَالْمُسْلِمَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ ثُمَّ ارْتَدَّتْ مَعَ زَوْجِهَا وَلَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَا ثُمَّ أُعْتِقَتْ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ قَالَ الْقُدُورِيُّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ خِيَارُ الْعِتْقِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى نَحْوُ أَنْ تُعْتَقَ فَتَخْتَارَ زَوْجَهَا ثُمَّ تَرْتَدَّ مَعَ الزَّوْجِ ثُمَّ تُسْبَى فَتُعْتَقَ فَتَخْتَارَ نَفْسَهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَثْبُتُ خِيَارٌ وَاحِدٌ وَإِذَا اخْتَارَتْ الْمُعْتَقَةُ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا أَصْلًا وَإِنْ اخْتَارَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا وَجَبَ الْمُسَمَّى لِسَيِّدِهَا وَلَوْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا كَانَ الْمُسَمَّى لِسَيِّدِهَا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَعْتَقَهَا فُضُولِيٌّ ثُمَّ زَوَّجَهَا وَدَفَعَتْ الْمَهْرَ لِلْمَوْلَى ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى الْعِتْقَ نَفَذَ الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ وَلَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ الْمَهْرَ مِنْ الْمَوْلَى وَلَوْ بَاعَهَا الْفُضُولِيُّ ثُمَّ زَوَّجَهَا ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى الْبَيْعَ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُجِيزَ النِّكَاحَ أَوْ يَفْسَخَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. فِي الْمُنْتَفَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَبْدٌ تَزَوَّجَ حُرَّةً بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ بِأَمَةٍ لَمْ يَكُنْ تَزَوُّجُهُ الْأَمَةَ فِي عِدَّةِ الْحُرَّةِ رَدًّا لِنِكَاحِ الْحُرَّةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ رَدٌّ وَلَوْ تَزَوَّجَ حُرَّةً فَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رَدًّا لِنِكَاحِ الْأُولَى وَفِي نَوَادِرِ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَبْدٌ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ أَمَةَ رَجُلٍ بِإِذْنِهِ ثُمَّ قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِي نِكَاحِهَا. فَهَذَا رَدٌّ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْضَ مَنْ لَا يَصِحُّ لَهُ نِكَاحُهَا فِي عِدَّتِهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نَقْضًا لِلنِّكَاحِ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ حُرَّةً بِإِذْنِ الْمَوْلَى عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ ثُمَّ جَعَلَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ لِامْرَأَتِهِ بِمَهْرِهَا وَقَبِلَتْ ذَلِكَ انْتَقَضَ النِّكَاحُ وَعَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ الْعَبْدَ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: رَجُلٌ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِرِضَاهَا مِنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجُ بَالِغٌ عَاقِلٌ خَاطِبٌ عَنْهُ أَبُوهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ أَمْرِهِ حَتَّى تَوَقَّفَ النِّكَاحُ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ فَأَعْتَقَ الْمَوْلَى الْأَمَةَ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ بَقِيَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ وَأَيٌّ مِنْ الْأَمَةِ أَوْ الزَّوْجِ شَاءَ نَقْضَ هَذَا النِّكَاحِ ثُمَّ نَقَضَهَا صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الزَّوْجُ وَلَوْ أَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يَنْقُضَ هَذَا الْعَقْدَ بَعْدَ الْعِتْقِ قَبْلَ إجَازَةِ الزَّوْجِ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا الْفَصْلُ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَجَازَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ بَعْدَمَا عَتَقَتْ حَتَّى نَفَذَ النِّكَاحُ لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ وَيَكُونُ الْمَهْرُ لِلْمُعْتَقَةِ فَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى زَوَّجَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا ثُمَّ إنَّ الْأَمَةَ بَعْدَمَا عَتَقَتْ نَقَضَتْ النِّكَاحَ قَبْلَ إجَازَةِ الزَّوْجِ أَوْ بَعْدَ إجَازَةِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ نَقْضُهَا فِي الْحَالَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ زُوِّجَتْ الْأَمَةُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ وَمِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فُضُولِيٌّ فَنَقَضَتْ قَبْلَ إجَازَةِ الزَّوْجِ بَعْدَ الْعِتْقِ أَوْ قَبْلَهُ لَمْ يَصِحَّ نَقْضُهَا وَإِذَا عَتَقَتْ وَأَجَازَ الزَّوْجُ لَا يَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَتِهَا لِأَنَّ الْإِجَازَةَ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْشَاءِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ هَذِهِ وَهُوَ يَجْحَدُ فَقَضَى الْقَاضِي بِالْعِتْقِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا الْجَارِيَةَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ عَلَيْهِمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَعْدَ الْقَضَاءِ جَازَ نِكَاحُهُ مُسْلِمٌ أَذِنَ لِعَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ فِي التَّزَوُّجِ فَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ شُهُودًا مِنْ النَّصَارَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا تُقْبَلُ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَالْمَوْلَى نَصْرَانِيًّا لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ تَزَوَّجَ أَمَةَ ابْنِهِ فَوَلَدَتْ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَعِتْقُ الْوَلَدِ عَلَى أَخِيهِ بِالْقَرَابَةِ تَزَوَّجَ أَمَةَ أَبِيهِ فَوَلَدَتْ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَعِتْقُ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَإِذَا اسْتَوْلَدَ الْأَبُ أَمَةَ ابْنِهِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ فَعِنْدَنَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

الباب العاشر في نكاح الكفار

حُرَّةٌ تَحْتَ عَبْدٍ قَالَتْ لِسَيِّدِهِ اعْتِقْهُ عَنِّي بِأَلْفٍ فَفَعَلَ عَتَقَ الْعَبْدُ وَفَسَدَ النِّكَاحُ وَسَقَطَ الْمَهْرُ وَعَلَيْهَا لِلْمَوْلَى أَلْفٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ لِمَوْلَاهَا: اعْتِقْهَا عَنِّي بِأَلْفٍ فَفَعَلَ عَتَقَتْ الْأَمَةُ وَفَسَدَ النِّكَاحُ وَلِلْمَوْلَى عَلَى الزَّوْجِ أَلْفٌ وَلَوْ قَالَتْ: اعْتِقْهُ عَنِّي. وَلَمْ تُسَمِّ مَالًا فَأَعْتَقَهُ لَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي نِكَاحِ الْكُفَّارِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي نِكَاحِ الْكُفَّارِ) كُلُّ نِكَاحٍ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ جَائِزٌ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ أَنْوَاعٌ (مِنْهَا النِّكَاحُ بِغَيْرِ شُهُودٍ) إذَا تَزَوَّجَ الذِّمِّيُّ ذِمِّيَّةً بِغَيْرِ شُهُودٍ وَهُمْ يَدِينُونَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَا يُقَرَّانِ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُسْلِمَا وَلَكِنْ طَلَبَا مِنْ الْقَاضِي حُكْمَ الْإِسْلَامِ أَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ فَالْقَاضِي لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا (وَمِنْهَا نِكَاحُ مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ) إذَا تَزَوَّجَ الذِّمِّيُّ بِامْرَأَةٍ هِيَ مُعْتَدَّةُ الْغَيْرِ إنْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ مِنْ مُسْلِمٍ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا بِالْإِجْمَاعِ وَيُتَعَرَّضُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانُوا يَدِينُونَ جَوَازَ النِّكَاحِ فِي حَالَةِ الْعِدَّةِ وَإِنْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ مِنْ كَافِرٍ وَهُمْ يَدِينُونَ جَوَازَ النِّكَاحِ فِي حَالَةِ الْعِدَّةِ فَمَا دَامُوا عَلَى الْكُفْرِ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا تَزَوَّجَ الْكَافِرُ فِي عِدَّةِ كَافِرٍ وَهَذَا فِي دِينِهِمْ جَائِزٌ ثُمَّ أَسْلَمَا أُقِرَّا عَلَيْهِ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَا يُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا تَرَافَعَا أَوْ رَافَعَ أَحَدُهُمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَهُمْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمُرَافَعَةُ أَوْ الْإِسْلَامُ وَالْعِدَّةُ قَائِمَةٌ أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَلَا يُفَرَّقُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَمِنْهَا نِكَاحُ الْمَحَارِمِ) لَوْ كَانَتْ مَنْكُوحَةُ الْكَافِرِ مَحْرَمًا لَهُ بِأَنْ كَانَتْ أُمَّهُ أَوْ أُخْتَهُ هَلْ لِهَذِهِ الْأَنْكِحَةِ حُكْمُ الصِّحَّةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هِيَ صَحِيحَةٌ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا وُجُوبُ النَّفَقَةِ وَلَا يَسْقُطُ إحْصَانُهُ بِالدُّخُولِ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقِيلَ عِنْدَهُ هِيَ فَاسِدَةٌ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْمَحَارِمِ أَوْ الْخَمْسِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا يَتَوَارَثَانِ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُسْلِمَا وَلَكِنْ رَفَعَا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ رَفَعَ أَحَدُهُمَا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَطَلَبَ حُكْمَ الْإِسْلَامِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ الْآخَرُ يَأْبَى ذَلِكَ وَعِنْدَهُمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَمَا دَامُوا عَلَى الْكُفْرِ وَلَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ بِالِاتِّفَاقِ إذَا كَانُوا يَدِينُونَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ فَارَقَ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَنَّ الْبَاقِيَةَ نِكَاحُهَا عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى يَقِرَّا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. إذَا طَلَّقَ الذِّمِّيُّ امْرَأَتَهُ الذِّمِّيَّةَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَقَامَ عَلَيْهَا كَقِيَامِهِ عَلَيْهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا آخَرُ وَقَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا أَوْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ أَقَامَ عَلَيْهَا قَبْلَ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعَا إلَى الْقَاضِي وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ جَدَّدَ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بِزَوْجٍ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ذِمِّيٌّ تَزَوَّجَ مُسْلِمَةً يُفَرَّقُ وَإِنْ أَسْلَمَ وَقَالَتْ تَزَوَّجْتَنِي وَأَنَا مُسْلِمَةٌ وَقَالَ: بَلْ مَجُوسِيَّةٌ. فَالْقَوْلُ لَهَا وَيُفَرَّقُ لِدَعْوَاهَا التَّحْرِيمَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا زُوِّجَتْ صَبِيَّةٌ مِنْ صَبِيٍّ وَهُمَا

مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَأَدْرَكَا فَإِنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ أَبًا فَلَا خِيَارَ لَهُمَا وَإِنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَلَهُمَا الْخِيَارُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عُرِضَ الْإِسْلَامُ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَإِنْ سَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَالْقَاضِي يَعْرِضُ الْإِسْلَامَ عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يُتِمَّ الثَّلَاثَ احْتِيَاطًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُصِرُّ صَبِيًّا مُمَيِّزًا أَوْ بَالِغًا حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِإِبَائِهِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَغِيرًا غَيْرَ مُمَيِّزٍ يُنْتَظَرُ عَقْلُهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. فَإِذَا عَقَلَ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا يُفَرَّقْ وَلَا يُنْتَظَرْ بُلُوغُهُ، وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا يُعْرَضُ عَلَى أَبَوَيْهِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَأَبَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ تَكُنْ الْفُرْقَةُ طَلَاقًا وَإِنْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَأَبَى الزَّوْجُ وَفُرِّقَ تَكُونُ الْفُرْقَةُ طَلَاقًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ثُمَّ إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِالْإِبَاءِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمَهْرُ كُلُّهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَ بِإِبَائِهِ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَإِنْ كَانَ بِإِبَائِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ بَقِيَ نِكَاحُهُمَا كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَوْ كَانَا وَالْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي أَسْلَمَتْ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ انْقِطَاعُ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا عَلَى مُضِيِّ ثَلَاثِ حِيَضٍ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ قَبْلَ ذَلِكَ فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَلَوْ كَانَا مُسْتَأْمَنَيْنِ فَالْبَيْنُونَةُ إمَّا بِعَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْآخَرِ أَوْ بِانْقِضَاءِ ثَلَاثِ حِيَضٍ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَهَذِهِ الْحِيَضُ لَا تَكُونُ عِدَّةً وَلِهَذَا يَسْتَوِي فِيهَا الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا ثُمَّ إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِذَلِكَ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْمَرْأَةُ حَرْبِيَّةٌ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَتْ لَا تَحِيضَ لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ لَا تَبِينُ إلَّا بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَخَرَجَ الزَّوْجُ مُسْتَأْمَنًا لَا تَبِينُ إلَّا بِمُضِيِّ ثَلَاثِ حِيَضٍ وَكَذَلِكَ لَوْ صَارَ ذِمِّيًّا بَعْدَمَا خَرَجَ مُسْتَأْمَنًا حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ يُعْرَضُ الْإِسْلَامُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا. وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ ثُمَّ خَرَجَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً لَمْ تَبِنْ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَإِذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ حِيَضٍ ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهَا فُرْقَةٌ بِطَلَاقٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَتَبَايُنُ الدَّارَيْنِ سَبَبُ الْفُرْقَةِ لَا السَّبْيُ حَتَّى لَوْ خَرَجَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ حَرْبِيٌّ خَرَجَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ ثُمَّ قَبِلَ الذِّمَّةَ بَانَتْ امْرَأَتُهُ وَإِنْ سُبِيَ أَحَدُهُمَا وَقَعَتْ الْبَيْنُونَةُ بَيْنَهُمَا لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ وَإِنْ سُبِيَا مَعًا لَمْ تَقَعْ الْبَيْنُونَةُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ خَرَجَ الْحَرْبِيُّ مُسْتَأْمَنًا أَوْ دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ مُسْتَأْمَنًا لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَا الْخُرُوجُ مِنْ مَنَعَةِ أَهْلِ الْبَغْيِ إلَى مَنَعَةِ أَهْلِ الْعَدْلِ أَوْ بِالْعَكْسِ لَا تَقَعُ بِهِ الْفُرْقَةُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ مُسْلِمٌ تَزَوَّجَ حَرْبِيَّةً كِتَابِيَّةً فِي دَارِ الْحَرْبِ فَخَرَجَ عَنْهَا الزَّوْجُ وَحْدَهُ بَانَتْ عِنْدَنَا وَلَوْ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الزَّوْجِ لَمْ تَبِنْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَتُنْكَحُ الْمُهَاجِرَةُ الْحَائِلَةُ بِلَا عِدَّةٍ خَرَجَتْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً وَكَذَا أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ صَارَتْ ذِمِّيَّةً وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا تَجِبُ الْعِدَّةُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ سُبِيَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ أَوْ أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ فَسُبِينَ مَعَهُ بَطَلَ نِكَاحُ الْكُلِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ كَانَ بِعُقُودٍ أَوْ بِعُقْدَةٍ وَلَوْ كَانَ تَحْتَ كَافِرٍ أُخْتَانِ أَوْ خَمْسٌ فَأَسْلَمْنَ مَعًا فَإِنْ كَانَ بِعُقُودٍ صَحَّ نِكَاحُ الْأُخْتِ الْأُولَى

وَالْأَرْبَعُ الْأُوَلُ وَبَطَلَ الْبَاقِي فَإِنْ تَزَوَّجَهُنَّ بِعُقْدَةٍ فَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَطَلَ الْكُلُّ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَنَا إلَّا إذَا مَاتَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ بَانَتْ قَبْلَ إسْلَامِهِ صَحَّ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ الْبَاقِيَةِ وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِنْ سُبِيَتْ مَعَهُ ثِنْتَانِ لَمْ يَفْسُدْ نِكَاحُهُمَا وَفَسَدَ نِكَاحُ اللَّتَيْنِ بَقِيَتَا فِي دَارِ الْحَرْبِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ الْحَرْبِيُّ تَزَوَّجَ أُمًّا وَبِنْتًا ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهُمَا فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَنِكَاحُهُمَا بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهُمَا مُتَفَرِّقًا فَنِكَاحُ الْأُولَى جَائِزٌ وَنِكَاحُ الْأُخْرَى بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَوْ أَنَّهُ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا جَمِيعًا فَنِكَاحُهُمَا جَمِيعًا بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْأُولَى ثُمَّ تَزَوَّجَ الثَّانِيَةَ فَنِكَاحُ الْأُولَى جَائِزٌ وَنِكَاحُ الثَّانِيَةِ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْأُولَى وَلَكِنْ دَخَلَ بِالثَّانِيَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى بِنْتًا وَالثَّانِيَةُ أُمًّا فَنِكَاحُهُمَا بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ تَزَوَّجَ الْأُمَّ أَوَّلًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ الْبِنْتَ وَدَخَلَ بِهَا فَنِكَاحُهُمَا بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْبِنْتَ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُمَّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فِي الْحَالِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُرْتَدُّ فَلَهَا كُلُّ الْمَهْرِ إنْ دَخَلَ بِهَا وَنِصْفُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةُ فَلَهَا كُلُّ الْمَهْرِ إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا وَإِنْ ارْتَدَّا مَعًا ثُمَّ أَسْلَمَا مَعًا فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا اسْتِحْسَانًا وَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ارْتِدَادِهِمَا مَعًا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ سَبْقُ أَحَدِهِمَا فِي الِارْتِدَادِ يُجْعَلْ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُمَا وُجِدَا مَعًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَجْرَتْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ عَلَى لِسَانِهَا مُغَايَظَةً لِزَوْجِهَا أَوْ إخْرَاجًا لِنَفْسِهَا عَنْ حِبَالَتِهِ أَوْ لِاسْتِيجَابِ الْمَهْرِ عَلَيْهِ بِنِكَاحٍ مُسْتَأْنَفٍ تُحَرَّمُ عَلَى زَوْجِهَا فَتُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلِكُلِّ قَاضٍ أَنْ يُجَدِّدَ النِّكَاحَ بِأَدْنَى شَيْءٍ وَلَوْ بِدِينَارٍ سَخِطَتْ أَوْ رَضِيَتْ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ إلَّا بِزَوْجِهَا قَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ: آخُذُ بِهَذَا. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ فَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَتَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ ثُمَّ ارْتَدَّ بَانَتْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا كَذَا فِي الْكَنْزِ. هَذَا إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ الدَّارُ بِأَنْ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمَ الْوَالِدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ حُكْمًا وَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَلَدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالْوَالِدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ فَلَا يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ وَلَا يَكُونُ مُسْلِمًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْمَجُوسِيُّ شَرٌّ مِنْ الْكِتَابِيِّ كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا فَالْوَلَدُ كِتَابِيٌّ تَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ مُنَاكَحَتُهُ وَتَحِلُّ لَهُ ذَبِيحَتُهُ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ مُسْلِمٌ تَزَوَّجَ نَصْرَانِيَّةً ثُمَّ تَمَجَّسَا مَعًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَقَعُ الْفُرْقَةُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَقَعُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ تَحْتَ مُسْلِمٍ نَصْرَانِيَّةٌ فَتَهَوَّدَا جَمِيعًا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ سَبَبَ الْفُرْقَةِ جَاءَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ خَاصَّةً كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ صَبِيَّةً لَهَا أَبَوَانِ مُسْلِمَانِ فَارْتَدَّا لَمْ تَبِنْ الصَّغِيرَةُ مِنْ زَوْجِهَا وَإِنْ لَحِقَا بِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ بَانَتْ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ فِي دَارِنَا مُسْلِمًا أَوْ مُرْتَدًّا ثُمَّ ارْتَدَّ الْآخَرُ وَلَحِقَ بِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ تَبِنْ مِنْ زَوْجِهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. صَبِيَّةٌ نَصْرَانِيَّةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ تَمَجَّسَ أَبُوهَا وَقَدْ مَاتَتْ الْأُمُّ نَصْرَانِيَّةً لَمْ تَبِنْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ مُسْلِمٌ تَزَوَّجَ صَبِيَّةً نَصْرَانِيَّةً زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَأَبَوَاهَا نَصْرَانِيَّانِ ثُمَّ تَمَجَّسَ أَحَدُ أَبَوَيْهَا وَبَقِيَ الْآخَرُ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ فَالِابْنَةُ لَا تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا وَلَوْ كَانَ الْأَبَوَانِ تَمَجَّسَا وَالْجَارِيَةُ صَبِيَّةٌ عَلَى حَالِهَا بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا وَإِنْ لَمْ يُدْخِلَاهَا دَارَ الْحَرْبِ وَلَيْسَ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ قَلِيلٌ

الباب الحادي عشر في القسم

وَلَا كَثِيرٌ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا بَلَغَتْ مَعْتُوهَةً لِأَنَّهَا إذَا بَلَغَتْ مَعْتُوهَةً بَقِيَتْ تَابِعَةً لِلْأَبَوَيْنِ وَالدَّارِ فِي الدِّينِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَعْتُوهَةِ إسْلَامُ نَفْسِهَا حَقِيقَةً فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الصَّغِيرَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ امْرَأَةٌ بَالِغَةٌ مُسْلِمَةٌ صَارَتْ مَعْتُوهَةً وَلَهَا أَبَوَانِ مُسْلِمَانِ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ مَعْتُوهَةٌ حَتَّى جَازَ النِّكَاحُ ثُمَّ ارْتَدَّا الْأَبَوَانِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَحِقَا بِهَا بِدَارٍ الْحَرْبِ لَمْ تَبِنْ مِنْ زَوْجِهَا وَالصَّغِيرَةُ إذَا عَقَلَتْ الْإِسْلَامَ وَوَصَفَتْهُ ثُمَّ صَارَتْ مَعْتُوهَةً كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ هَذِهِ مُسْلِمٌ تَزَوَّجَ نَصْرَانِيَّةً صَغِيرَةً وَلَهَا أَبَوَانِ نَصْرَانِيَّانِ فَكَبِرَتْ وَهِيَ لَا تَعْقِلُ دِينًا مِنْ الْأَدْيَانِ وَلَا تَصِفُهُ وَهِيَ مَعْتُوهَةٌ فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا وَكَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ الْمُسْلِمَةُ إذَا بَلَغَتْ عَاقِلَةً وَهِيَ لَا تَعْقِلُ الْإِسْلَامَ وَلَا تَصِفُهُ وَهِيَ غَيْرُ مَعْتُوهَةٍ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا مَهْرَ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ يَجِبُ الْمُسَمَّى وَيَجِبُ أَنْ يُذْكَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ عِنْدَهَا وَيُقَالُ لَهَا أَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ قَالَتْ نَعَمْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهَا فَإِنْ قَالَتْ أَعْرِفُهُ وَأَقْدِرُ عَلَى وَصْفِهِ وَلَا أَصِفُهُ بَانَتْ وَلَوْ قَالَتْ لَا أَقْدِرُ عَلَى وَصْفِهِ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ عَقَلَتْ الْإِسْلَامَ وَلَمْ تَصِفْهُ لَمْ تَبِنْ وَإِنْ وَصَفَتْ الْمَجُوسِيَّةُ بَانَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهِيَ مَسْأَلَةُ ارْتِدَادِ الصَّبِيِّ كَذَا فِي الْكَافِي رَجُلٌ ارْتَدَّ مِرَارًا وَجَدَّدَ الْإِسْلَامَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَجَدَّدَ النِّكَاحَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَحِلُّ لَهُ امْرَأَتُهُ مِنْ غَيْرِ إصَابَةِ الزَّوْجِ الثَّانِي وَلِزَوْجِ الْمُرْتَدَّةِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَرْبَعٍ سِوَاهَا إذَا لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَغَابَ عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَأَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ أَنَّهَا قَدْ ارْتَدَّتْ وَالْمُخْبِرُ حُرٌّ أَوْ مَمْلُوكٌ أَوْ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ وَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَهُ وَسِعَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُ وَيَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا وَكَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ وَأَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ وَإِنْ أُخْبِرَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا قَدْ ارْتَدَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِي رِوَايَةِ الِاسْتِحْسَانِ وَفِي رِوَايَةِ السِّيَرِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الْأَصَحُّ رِوَايَةُ الِاسْتِحْسَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الرِّدَّةِ إنْ ارْتَدَّ السَّكْرَانُ الذَّاهِبُ الْعَقْلِ لَمْ تَبِنْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ فِي الِاسْتِحْسَانِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فِي فَصْلِ الرِّدَّةِ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْقَسْمِ] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْقَسْمِ) وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الْأَزْوَاجِ لِلنِّسَاءِ الْعَدْلُ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِيمَا يَمْلِكُهُ وَالْبَيْتُوتَةُ عِنْدَهَا لِلصُّحْبَةِ وَالْمُؤَانَسَةِ لَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَهُوَ الْحُبُّ وَالْجِمَاعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْعَبْدُ كَالْحُرِّ فِي هَذَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَيُسَوِّي بَيْنَ الْجَدِيدَةِ وَالْقَدِيمَةِ وَالْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وَالصَّحِيحَةِ وَالْمَرِيضَةِ وَالرَّتْقَاءِ وَالْمَجْنُونَةِ الَّتِي لَا يُخَافُ مِنْهَا وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْحَامِلِ وَالْحَائِلِ وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي يُمْكِنُ وَطْؤُهَا وَالْمُحْرِمَةِ وَالْمَوْلَى مِنْهَا وَالْمُظَاهِرِ مِنْهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَكَذَا بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالزَّوْجُ الصَّحِيحُ وَالْمَرِيضُ وَالْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ وَالْعِنِّينُ وَالْبَالِغُ وَالْمُرَاهِقُ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فِي الْقَسْمِ سَوَاءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا حُرَّةً مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً وَالْأُخْرَى أَمَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ لِلْحُرَّةِ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ وَلِلْأَمَةِ يَوْمًا وَلَيْلَةً كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْأَمَةِ يَوْمًا فَأُعْتِقَتْ يُقِيمُ عِنْدَ الْحُرَّةِ يَوْمًا وَكَذَا لَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْحُرَّةِ ثُمَّ أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ يَنْتَقِلُ إلَى الْعَتِيقَةِ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى قَدْ زَالَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا قَسْمَ لِلْمَمْلُوكَاتِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَعِمَادُ الْقَسْمِ اللَّيْلُ وَلَا يُجَامِعُ الْمَرْأَةَ فِي غَيْرِ يَوْمِهَا وَلَا يَدْخُلُ بِاللَّيْلِ عَلَى الَّتِي لَا قَسْمَ لَهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا بِالنَّهَارِ لِحَاجَةٍ وَيَعُودَهَا فِي مَرَضِهَا فِي لَيْلَةِ غَيْرِهَا فَإِنْ ثَقُلَ مَرَضُهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا حَتَّى تُشْفَى أَوْ تَمُوتَ

مسائل في القسم بين الزوجات

كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالِاخْتِيَارُ فِي مِقْدَارِ الدَّوْرِ إلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ التَّسْوِيَةُ دُونَ طَرِيقَتِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِالْقَسْمِ وَالتَّسْوِيَةِ فَخَانَ فَرَافَعَتْهُ إلَى الْقَاضِي أَوْجَعَهُ الْقَاضِي عُقُوبَةً لِارْتِكَابِهِ الْمَحْظُورَ وَيَأْمُرُهُ بِالْعَدْلِ وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ شَهْرًا قَبْلَ الْخُصُومَةِ أَوْ بَعْدَهَا ثُمَّ خَاصَمَتْهُ الْأُخْرَى فِي ذَلِكَ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَمَا مَضَى كَانَ هَدَرًا لَيْسَ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا مِثْلَ ذَلِكَ وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ زِيَادَةً بِإِذْنِ الْأُخْرَى جَازَ وَكَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ الْإِذْنُ لَازِمًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ وَهَبَتْ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ الْقَسْمَ لِصَاحِبَتِهَا جَازَ وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ مَتَى شَاءَتْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ رَضِيَتْ إحْدَى الزَّوْجَاتِ بِتَرْكِ قَسْمِهَا لِصَاحِبَتِهَا جَازَ وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ عَلَى أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ أَوْ أَعْطَتْ لِزَوْجِهَا مَالًا أَوْ جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا جُعْلًا عَلَى أَنْ يَزِيدَ قَسْمَهَا أَوْ حَطَّتْ مِنْ الْمَهْرِ لِكَيْ يَزِيدَ قَسْمَهَا فَالشَّرْطُ وَالْجُعْلُ بَاطِلٌ وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِي مَا لَهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَذْلَ الزَّوْجُ لِلْوَاحِدَةِ مَالًا عَلَى أَنْ تَبْذُلَ نَوْبَتَهَا لِصَاحِبَتِهَا أَوْ بَذَلَتْ هِيَ الْمَالَ لِصَاحِبَتِهَا لِتَتْرُكَ نَوْبَتَهَا لَا يَجُوزُ وَالْمَالُ يُسْتَرَدُّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ يَقُومُ بِاللَّيْلِ وَيَصُومُ بِالنَّهَارِ أَوْ يَشْتَغِلُ بِصُحْبَةِ الْإِمَاءِ فَتَظَلَّمَتْ الْمَرْأَةُ إلَى الْقَاضِي أَمَرَهُ الْقَاضِي أَنْ يَبِيتَ مَعَهَا أَيَّامًا وَيُفْطِرَ لَهَا أَحْيَانَا وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا لَا يَجْعَلُ لَهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يُؤْمَرُ الزَّوْجُ أَنْ يُرَاعِيَهَا فَيُؤْنِسُهَا بِصُحْبَتِهِ أَيَّامًا وَأَحْيَانًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَفِي الْمُنْتَقَى وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَتَانِ وَلَهُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ وَسَرَارِيُّ أَقَامَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يَوْمًا وَلَيْلَةً وَيُقِيمُ فِي يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْ السَّرَارِيِّ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَقَامَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ السَّرَارِيِّ إلَّا وَقْفَةٌ شَبِيهَةُ الْمَارِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِبَعْضِ نِسَائِهِ دُونَ الْبَعْضِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِنَّ وَإِذَا قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ لَيْسَ لِلْأُخْرَى أَنْ تَطْلُبَ مِنْ الزَّوْجِ أَنْ يَسْكُنَ عِنْدَهَا مِثْلَ مَا كَانَ عِنْدَ الَّتِي سَافَرَ بِهَا وَإِذَا كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أُخْرَى وَخَافَ أَنْ لَا يَعْدِلَ بَيْنَهُمَا لَا يَسْعَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ وَسِعَهُ ذَلِكَ وَالِامْتِنَاعُ أَوْلَى وَيُؤْجَرُ بِتَرْكِ إدْخَالِ الْغَمِّ عَلَيْهَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ فِي جَمِيعِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ مِنْ الْوَطْءِ وَالْقُبْلَةِ وَكَذَا بَيْنَ الْجَوَارِي وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. [مَسَائِلُ فِي الْقَسْمِ بَيْن الزَّوْجَات] (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ ضَرَّتَيْنِ أَوْ الضَّرَائِرِ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ إلَّا بِرِضَاهُنَّ لِلُزُومِ الْوَحْشَةِ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الضَّرَائِرُ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِالرِّضَا يُكْرَهُ أَنْ يَطَأَ إحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى حَتَّى لَوْ طَلَبَ وَطْأَهَا لَمْ تَلْزَمْهَا الْإِجَابَةُ وَلَا تَصِيرُ فِي الِامْتِنَاعِ نَاشِزَةً وَلَا خِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَلَهُ أَنْ يَجْبُرَهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ذِمِّيَّةً وَلَهُ جَبْرُهَا عَلَى التَّطْيِيبِ وَالِاسْتِحْدَادِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ أَكْلِ مَا يَتَأَذَّى مِنْ رَائِحَتِهِ وَمِنْ الْغَزْلِ وَعَلَى هَذَا لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ التَّزْيِينِ بِمَا يَتَأَذَّى بِرِيحِهِ كَأَنْ يَتَأَذَّى بِرَائِحَةِ الْحِنَّاءِ الْأَخْضَرِ وَنَحْوِهِ وَلَهُ ضَرْبُهَا بِتَرْكِ الزِّينَةِ إذَا كَانَ يُرِيدُهَا وَتَرْكِ الْإِجَابَةِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ وَالصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ لَا تُصَلِّي لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إيفَاءِ مَهْرِهَا فَإِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ إلَى مَجْلِسِ الْعِلْمِ بِلَا إذْنِهِ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ فَإِنْ وَقَعَتْ لَهَا نَازِلَةٌ وَزَوْجُهَا عَالِمٌ بِهَا أَوْ جَاهِلٌ لَكِنَّهُ يَسْأَلُ عَالِمًا لَا تَخْرُجُ وَإِلَّا فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ، وَإِنْ كَانَ لَهَا أَبٌ زَمِنٌ وَلَيْسَ لَهُ مَنْ

كتاب الرضاع

يَقُومُ عَلَيْهِ وَزَوْجُهَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهِ لَهَا أَنْ تَعْصِيَ زَوْجَهَا وَتُطِيعَ الْوَالِدَ مُؤْمِنًا كَانَ أَوْ كَافِرًا. رَجُلٌ لَهُ أُمٌّ شَابَّةٌ تَخْرُجُ إلَى الْوَلِيمَةِ وَالْمُصِيبَةِ وَلَيْسَ لَهَا زَوْجٌ لَا يَمْنَعُهَا ابْنُهَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عِنْدَهُ أَنَّهَا تَخْرُجُ لِفَسَادٍ فَحِينَئِذٍ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَإِذَا أَمَرَهُ الْقَاضِي بِالْمَنْعِ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا لِقِيَامِهِ مُقَامَهُ كَذَا فِي الْكَافِي تَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ بِالْكُوفَةِ ثُمَّ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ بِغَيْرِ عَيْنِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ مَكِّيَّةً ثُمَّ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَ بِالطَّائِفِ أُخْرَى ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَلِلطَّائِفَيَّةِ مَهْرٌ كَامِلٌ وَلِلْمَكِّيَّةِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الْمَهْرِ وَلِلْكُوفِيَّاتِ ثَلَاثَةُ أَصْدِقَةٍ وَثُمُنُ صَدَاقٍ بَيْنَهُنَّ سَوَاءٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عُقْدَةٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَثَلَاثًا فِي عُقْدَةٍ وَلَمْ يُعْلَمْ أَيَّتُهُنَّ أُولَى فَنِكَاحُ الْوَاحِدَةِ صَحِيحٌ بِيَقِينٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي الثَّلَاثِ وَالثِّنْتَيْنِ؛ أَيَّتُهُنَّ الْأُولَى وَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ مَاتَ وَالزَّوْجُ حَيٌّ فَقَالَ هِيَ الْأُولَى وَرِثَهُنَّ وَأُعْطِيَ مُهُورَهُنَّ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَاخِرِ وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهِنَّ كُلِّهِنَّ ثُمَّ قَالَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ عِنْدَ مَوْتِهِ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ هُوَ الْأَوَّلُ فَهُوَ الْأَوَّلُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَاخِرِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِمَّا سَمَّى لَهَا وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ لَا أَدْرِي أَيَّتَهُنَّ الْأُولَى حُجِبَ عَنْهُنَّ إلَّا عَنْ الْوَاحِدَةِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ فَلِلْوَاحِدَةِ مَا سَمَّى لَهَا مِنْ الْمَهْرِ بِكَمَالِهِ وَلِلثَّلَاثِ مَهْرٌ وَنِصْفٌ بَيْنَهُنَّ وَلِلثِّنْتَيْنِ مَهْرٌ وَاحِدٌ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَابْنَتَيْهَا فِي ثَلَاثَةِ عُقُودٍ وَلَا تَدْرِي الْأُولَى مِنْهُنَّ وَمَاتَ قَبْلَ الْوَطْءِ وَالْبَيَانِ فَلَهُنَّ مَهْرٌ وَاحِدٌ وَكَمَالُ مِيرَاثِ النِّسَاءِ هَذَا بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْأُمِّ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمَهْرِ وَالْمِيرَاثِ وَقَالَا يُقَسَّمُ بَيْنَهُنَّ أَثْلَاثًا وَلَوْ تَزَوَّجَ الْأُمَّ فِي عُقْدَةٍ وَالْبِنْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ كَانَ الْكُلُّ لِلْأُمِّ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأُمَّهَا وَابْنَتَهَا أَوْ امْرَأَةً وَأُمَّهَا وَأُخْتَ أُمِّهَا كَانَ الْمَهْرُ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُنَّ أَثْلَاثًا بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ تَزَوَّجَ ثَلَاثًا فِي عُقْدَةٍ وَوَاحِدَةً فِي عُقْدَةٍ وَوَاحِدَةً فِي عُقْدَةٍ وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهنَّ أُولَى فَلِلثَّلَاثِ مَهْرٌ وَنِصْفٌ وَلِلْمُنْفَرِدَتَيْنِ مَهْرٌ وَنِصْفٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِذَا تَزَوَّجَ وَاحِدَةً فِي عُقْدَةٍ وَثِنْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَثَلَاثًا فِي عُقْدَةٍ وَأَرْبَعًا فِي عُقْدَةٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَا يُعْرَفُ أَيَّتَهنَّ أَوْلَى فَلَهُنَّ ثَلَاثَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٌ فَأَمَّا النِّصْفُ فَلِلْأَرْبَعِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَلِلثَّلَاثِ رُبُعُهُ وَأَمَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ فَلِلْأَرْبَعِ مِنْهُ سُدُسَانِ وَنِصْفٌ وَلِلثَّلَاثِ سُدُسَانِ وَنِصْفٌ وَلِلثِّنْتَيْنِ سُدُسٌ وَأَمَّا الْمَهْرَانِ فَاسْتَوَتْ فِي ذَلِكَ مُنَازَعَةُ الْفِرَقِ الثَّلَاثِ فَكَانَ بَيْنَهُنَّ أَثْلَاثًا لِكُلِّ فَرِيقٍ ثُلُثَا مَهْرٍ فَمَا أَصَابَ الْأَرْبَعَ فَبَيْنَهُنَّ سَوَاءٌ وَلَا مُزَاحَمَةَ لِلْوَاحِدَةِ مَعَهُنَّ وَلَكِنْ تَأْخُذُ مِنْ الثَّلَاثِ ثَمَنَ مَا أَصَابَهُنَّ وَالْبَاقِي بَيْنَهُنَّ سَوَاءٌ وَمِنْ الثِّنْتَيْنِ سُدُسُ مَا أَصَابَهُمَا وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْأَرْبَعِ مَهْرٌ وَثُلُثُ مَهْرٍ وَلِلثِّنْتَيْنِ ثُلُثَا مَهْرٍ وَلِلْوَاحِدَةِ نِصْفُ مَهْرٍ وَإِذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ فِي عُقْدَةٍ وَثَلَاثًا فِي عُقْدَةٍ ثُمَّ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ فَلَهُنَّ ثَلَاثَةُ مُهُورٍ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. [كِتَابُ الرَّضَاعِ] (كِتَابُ الرَّضَاعِ) قَلِيلُ الرَّضَاعِ وَكَثِيرُهُ إذَا حَصَلَ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ. وَالْقَلِيلُ مُفَسَّرٌ بِمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَوَقْتُ الرَّضَاعِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُقَدَّرٌ بِثَلَاثِينَ شَهْرًا وَقَالَا مُقَدَّرٌ بِحَوْلَيْنِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لَوْ فُطِمَ الرَّضِيعُ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ ثُمَّ سُقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمُدَّةِ فَهُوَ رَضَاعٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الرَّضَاعَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِوُجُودِ الْإِرْضَاعِ فِي الْمُدَّةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ

مِنْ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْيَنَابِيعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ الرَّضَاعِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالرَّضَاعِ تَحْرِيمٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مُدَّةَ الرَّضَاعِ فِي اسْتِحْقَاقِ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ مُقَدَّرٌ بِحَوْلَيْنِ حَتَّى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ إذَا طَالَبَتْهُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِأُجْرَةِ الرَّضَاعِ فَأَبَى الْأَبُ أَنْ يُعْطِيَ لَا يُجْبَرُ وَيُجْبَرُ فِي الْحَوْلَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَذِهِ الْحُرْمَةُ كَمَا تَثْبُتُ فِي جَانِبِ الْأُمِّ تَثْبُتُ فِي جَانِبِ الْأَبِ وَهُوَ الْفَحْلُ الَّذِي نَزَلَ اللَّبَنُ بِوَطْئِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ يُحَرَّمُ عَلَى الرَّضِيعِ أَبَوَاهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَأُصُولُهُمَا وَفُرُوعُهُمَا مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ جَمِيعًا حَتَّى أَنَّ الْمُرْضِعَةَ لَوْ وَلَدَتْ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ هَذَا الْإِرْضَاعِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ أَرْضَعَتْ رَضِيعًا أَوْ وُلِدَ لِهَذَا الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ هَذَا الْإِرْضَاعِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ لَبَنِهِ رَضِيعًا فَالْكُلُّ إخْوَةُ الرَّضِيعِ وَأَخَوَاتُهُ وَأَوْلَادُهُمْ أَوْلَادُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ وَأَخُو الرَّجُلِ عَمُّهُ وَأُخْتُهُ عَمَّتُهُ وَأَخُو الْمُرْضِعَةِ خَالُهُ وَأُخْتُهَا خَالَتُهُ وَكَذَا فِي الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَتَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ فِي الرَّضَاعِ حَتَّى أَنَّ امْرَأَةَ الرَّجُلِ حَرَامٌ عَلَى الرَّضِيعِ وَامْرَأَةَ الرَّضِيعِ حَرَامٌ عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ إلَّا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. إحْدَاهُمَا أَنْ لَا يَجُوزَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ ابْنِهِ مِنْ النَّسَبِ وَيَجُوزُ فِي الرَّضَاعِ لِأَنَّ أُخْتَ ابْنِهِ مِنْ النَّسَبِ إنْ كَانَتْ مِنْهُ فَهِيَ ابْنَتُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهُ فَهِيَ رَبِيبَتُهُ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَأَتَّى فِي الرَّضَاعِ حَتَّى أَنَّ فِي النَّسَبِ لَوْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ بِأَنْ كَانَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ حَتَّى ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنْتٌ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى جَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْلَيَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِابْنَةِ شَرِيكِهِ وَإِنْ حَصَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْلَيَيْنِ مُتَزَوِّجًا بِأُخْتِ ابْنِهِ مِنْ النَّسَبِ. وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ أُخْتِهِ مِنْ النَّسَبِ وَيَجُوزُ فِي الرَّضَاعِ لِأَنَّ فِي النَّسَبِ إنْ كَانَا أَخَوَيْنِ لِأُمٍّ فَأُمُّ الْأَخِ أُمُّهُ وَإِنْ كَانَا أَخَوَيْنِ لِأَبٍ فَأُمُّ الْأَخِ امْرَأَةُ أَبِيهِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ فِي الرَّضَاعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتَحِلُّ أُخْتُ أَخِيهِ رَضَاعًا كَمَا تَحِلُّ نَسَبًا مِثْلُ الْأَخِ لِأَبٍ إذَا كَانَتْ لَهُ أُخْتٌ مِنْ أُمِّهِ يَحِلُّ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَذَا فِي الْكَافِي وَتَحِلُّ أُمُّ أَخِيهِ وَأُمُّ عَمِّهِ وَعَمَّتِهِ وَأُمُّ خَالِهِ وَخَالَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ حَفَدَتِهِ وَبِجَدَّةِ وَلَدِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِعَمَّةِ وَلَدِهِ مِنْ الرَّضَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَذَا أُمُّ أُخْتِ ابْنِهِ وَبِنْتُ أُخْتِ وَلَدِهِ وَبِنْتُ عَمَّةِ وَلَدِهِ وَبِنْتُ عَمَّةِ وَلَدِهِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِأَبِي أُخْتِهَا وَبِأَخِي ابْنِهَا وَبِأَبِي حَفَدَتِهَا وَبِجَدِّ وَلَدِهَا وَبِخَالِ وَلَدِهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ النَّسَبِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَلَهَا لَبَنٌ فَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ بَعْدَ مَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَوَطِئَهَا الثَّانِي أَجْمَعُوا أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ مِنْ الثَّانِي فَاللَّبَنُ مِنْ الثَّانِي وَيَنْقَطِعُ مِنْ الْأَوَّلِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا إذَا لَمْ تَحْبَلْ مِنْ الثَّانِي فَاللَّبَنُ مِنْ الْأَوَّلِ وَإِذَا حَبِلَتْ مِنْ الثَّانِي وَلَكِنْ لَمْ تَلِدْ مِنْهُ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: اللَّبَنُ يَكُونُ مِنْ الْأَوَّلِ حَتَّى تَلِدَ مِنْ الثَّانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُ قَطُّ ثُمَّ نَزَلَ لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا كَانَ الرَّضَاعُ مِنْ الْمَرْأَةِ دُونَ زَوْجِهَا حَتَّى لَا يَحْرُمَ عَلَى الصَّبِيِّ أَوْلَادُ هَذَا الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ رَجُلٌ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَأَرْضَعَتْ بِهَذَا اللَّبَنِ صَغِيرَةً، لَا يَجُوزُ لِهَذَا الزَّانِي وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ آبَائِهِ وَأَوْلَادِهِ نِكَاحُ هَذِهِ الصَّبِيَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلِعَمِّ الزَّانِي وَخَالِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَذَا الْوَلَدِ كَالْمَوْلُودِ مِنْ الزِّنَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ وَطِئَ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ فَحَبِلَتْ مِنْهُ فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَهُوَ ابْنُ الْوَاطِئِ مِنْ الرَّضَاعِ وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْوَاطِئِ ثَبَتَ مِنْهُ الرَّضَاعُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ ثَبَتَ الرَّضَاعُ مِنْ الْأُمِّ كَذَا فِي

الْمُضْمَرَاتِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا فَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا ثُمَّ يَبِسَ لَبَنُهَا ثُمَّ دَرَّ لَهَا لَبَنٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا كَانَ لِهَذَا الصَّبِيِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَوْلَادَ هَذَا الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ الْمُرْضِعَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ بِكْرٌ لَمْ تَتَزَوَّجْ لَوْ نَزَلَ لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا صَارَتْ أُمًّا لِلصَّبِيِّ وَتَثْبُتُ جَمِيعُ أَحْكَامِ الرَّضَاعِ بَيْنَهُمَا حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَتْ الْبِكْرُ رَجُلًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لِهَذَا الزَّوْجِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الصَّبِيَّةَ وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ أَنَّ صَبِيَّةً لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ نَزَلَ لَهَا اللَّبَنُ فَأَرْضَعَتْ بِهِ صَبِيًّا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ تَحْرِيمٌ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ التَّحْرِيمُ بِهِ إذَا حَصَلَ مِنْ بِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ فَصَاعِدًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَكَذَا لَوْ نَزَلَ لِلْبِكْرِ مَاءٌ أَصْفَرُ لَا يَثْبُتُ مِنْ إرْضَاعِهِ تَحْرِيمٌ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْمَرْأَةُ إذَا جَعَلَتْ ثَدْيَهَا فِي فَمِ الصَّبِيِّ وَلَا تَعْرِفُ أَمَصَّ اللَّبَنَ أَمْ لَا فَفِي الْقَضَاءِ لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِالشَّكِّ وَفِي الِاحْتِيَاطِ تَثْبُتُ دَخَلَ فِي فَمِ الصَّبِيِّ مِنْ الثَّدْيِ مَائِعٌ لَوْنُهُ أَصْفَرُ تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ لِأَنَّهُ لَبَنٌ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ إذَا نَزَلَ لِلرَّجُلِ لَبَنٌ فَأَرْضَعَ بِهِ صَبِيًّا لَا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا نَزَلَ لِلْخُنْثَى لَبَنٌ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ امْرَأَةٌ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ رَجُلٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ التَّحْرِيمُ وَإِنْ أَشْكَلَ؛ إنْ قَالَتْ النِّسَاءُ: إنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى غَزَارَتِهِ إلَّا لِلْمَرْأَةِ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ احْتِيَاطًا وَإِنْ لَمْ يَقُلْنَ ذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمٌ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَبَنُ الْحَيَّةِ وَالْمَيِّتَةِ سَوَاءٌ فِي التَّحْرِيمِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا ارْتَضَعَ الصِّبْيَانُ مِنْ لَبَنِ بَهِيمَةٍ لَا يَثْبُتُ بِهِ الرَّضَاعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالرَّضَاعُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَدَارِ الْحَرْبِ سَوَاءٌ حَتَّى إذَا رَضَعَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَسْلَمُوا أَوْ خَرَجُوا إلَى دَارِنَا تَثْبُتُ أَحْكَامُ الرَّضَاعِ فِيمَا بَيْنَهُمْ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَكَمَا يَحْصُلُ الرَّضَاعُ بِالْمَصِّ مِنْ الثَّدْيِ يَحْصُلُ بِالصَّبِّ وَالسَّعُوطِ وَالْوَجُورِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَثْبُتُ بِالْإِقْطَارِ فِي الْأُذُنِ وَالْحُقْنَةِ وَالْإِحْلِيلِ وَالدُّبُرِ وَالْآمَّةِ وَالْجَائِفَةِ وَإِنْ وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ وَالدِّمَاغِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ بِالْحُقْنَةِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا اخْتَلَطَ اللَّبَنُ بِالطَّعَامِ فَإِنْ كَانَتْ النَّارُ قَدْ مَسَّتْ اللَّبَنَ وَأَنْضَجَتْ الطَّعَامَ حَتَّى تَغَيَّرَ فَلَا يَحْرُمُ سَوَاءٌ كَانَ اللَّبَنُ غَالِبًا أَوْ مَغْلُوبًا وَإِنْ كَانَتْ النَّارُ لَمْ تَمَسَّهُ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ غَالِبًا لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ بِهِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ غَالِبًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ إذَا خُلِطَ الْمَائِعُ بِالْجَامِدِ صَارَ الْمَائِعُ تَبَعًا فَخَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوبًا حَتَّى قَالُوا لَوْ كَانَ الطَّعَامُ قَلِيلًا وَبَقِيَ اللَّبَنُ مَشْرُوبًا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ لَا يَتَقَاطَرُ اللَّبَنُ مِنْ الطَّعَامِ عِنْدَ حَمْلِ اللُّقْمَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَتَقَاطَرُ مِنْهُ اللَّبَنُ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ عِنْدَهُ لِأَنَّ الْقَطْرَةَ مِنْ اللَّبَنِ إذَا دَخَلَتْ حَلْقَ الصَّبِيِّ تَكْفِي لِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ التَّغَذِّيَ بِالطَّعَامِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ خُلِطَ لَبَنُ الْآدَمِيِّ بِلَبَنِ الشَّاةِ وَلَبَنُ الْآدَمِيِّ غَالِبٌ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ وَكَذَا لَوْ ثَرَدَتْ خُبْزًا فِي لَبَنِهَا وَتَشَرَّبَ الْخُبْزُ اللَّبَنَ أَوْ لَتَّتْ سَوِيقًا بِلَبَنِهَا إنْ كَانَ يُوجَدُ مِنْهُ طَعْمُ اللَّبَنِ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ هَذَا إذَا أَكَلَ الطَّعَامَ لُقْمَةً لُقْمَةً فَإِنْ حَسَا حَسْوًا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ خُلِطَ لَبَنُ الْمَرْأَةِ بِالْمَاءِ أَوْ بِالدَّوَاءِ أَوْ بِلَبَنِ الْبَهِيمَةِ فَالْعِبْرَةُ لِلْغَالِبِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَكَذَا بِكُلِّ مَائِعٍ أَوْ جَامِدٍ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَتَفْسِيرُ الْغَلَبَةِ أَنْ يُرَى مِنْهُ طَعْمُهُ وَلَوْنُهُ وَرِيحُهُ أَوْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَقِيلَ الْغَلَبَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَغَيُّرُ اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إخْرَاجُهُ مِنْ اللَّبَنِيَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ اسْتَوَيَا وَجَبَ ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَغْلُوبٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا اخْتَلَطَ لَبَنُ امْرَأَتَيْنِ تَعَلَّقَ التَّحْرِيمُ بِأَغْلَبِهِمَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَعَلَّقَ بِهِمَا كَيْفَمَا كَانَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ

أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ أَظْهَرُ وَأَحْوَطُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. قِيلَ الْأَصَحُّ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لِابْنِ الْمَلَكِ. وَلَوْ اسْتَوَيَا تَعَلَّقَ التَّحْرِيمُ بِهِمَا إجْمَاعًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ جُعِلَ اللَّبَنُ مَخِيضًا أَوْ رَائِبًا أَوْ شِيرَازًا أَوْ أَقِطًا أَوْ مَصْلًا فَتَنَاوَلَهُ الصَّبِيُّ لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ لِأَنَّ اسْمَ الرَّضَاعِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فِي مُلْتَقَطِ الْمُلَخَّصِ صَبِيَّةٌ أَرْضَعَهَا بَعْضُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لَا يُدْرَى مَنْ أَرْضَعَتْهَا مِنْهُنَّ فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ الْمُقَامِ مَعَهَا فِي الْحُكْمِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ تَنَزَّهُوا عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ أَفْضَلُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ وَالْوَاجِبُ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ لَا يُرْضِعْنَ كُلَّ صَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَلْيَحْفَظْنَ أَوْ يَكْتُبْنَ، كَذَا سَمِعْت مِنْ مَشَايِخِي رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَا فَرْقَ فِي التَّحْرِيمِ بَيْنَ الرَّضَاعِ الطَّارِئِ وَالْمُتَقَدِّمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ صَغِيرَةً فَجَاءَتْ أُمُّ الزَّوْجِ مِنْ النَّسَبِ أَوْ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ بِنْتُهُ فَأَرْضَعَتْ الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ وَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُرْضِعَةِ إنْ تَعَمَّدَتْ الْفَسَادَ وَإِنْ لَمْ تَتَعَمَّدْ لَمْ يَرْجِعْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِذَا أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّتَانِ لَهُمَا لَبَنٌ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ صَغِيرَتَيْنِ تَحْتَ رَجُلٍ حُرِّمَتَا عَلَى زَوْجِهِمَا وَلَمْ تَغْرَمَا شَيْئًا وَإِنْ تَعَمَّدَتْ الْفَسَادَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ صَغِيرَتَيْنِ رَضِيعَتَيْنِ فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ فَأَرْضَعَتْهُمَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ حُرِّمَتَا عَلَيْهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا أَيَّتَهُمَا شَاءَ فَإِنْ كُنَّ ثَلَاثًا فَأَرْضَعَتْهُنَّ جَمِيعًا حُرِّمْنَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ؛ أَيَّتَهُنَّ شَاءَ وَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ عَلَى التَّعَاقُبِ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْأُولَيَانِ وَكَانَتْ الثَّالِثَةُ امْرَأَتَهُ وَكَذَا إذَا أَرْضَعَتْ الثِّنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ الثَّالِثَةَ حُرِّمَتَا وَالثَّالِثَةُ امْرَأَتَهُ وَلَوْ أَرْضَعَتْ الْأُولَى ثُمَّ الثِّنْتَيْنِ مَعًا حُرِّمْنَ جَمِيعًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. يَجِبُ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُرْضِعَةِ إنْ كَانَتْ تَعَمَّدَتْ الْفَسَادَ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فَإِنْ كُنَّ أَرْبَعَ صَبَايَا فَأَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا أَوْ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى فَسَدَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَذَا لَوْ أَرْضَعَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً ثُمَّ الثَّلَاثَ مَعًا حُرِّمْنَ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ أَرْضَعَتْ الثَّلَاثَ مِنْهُنَّ مَعًا ثُمَّ أَرْضَعَتْ الرَّابِعَةَ لَا تُحَرَّمُ الرَّابِعَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ صَغِيرَةً وَكَبِيرَةً فَأَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتَا عَلَى الزَّوْجِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَرْجِعُ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى الْكَبِيرَةِ إنْ كَانَتْ تَعَمَّدَتْ الْفَسَادَ وَإِنْ لَمْ تَتَعَمَّدْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ الصَّغِيرَةَ امْرَأَتُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَتَعَمُّدُهُ بِأَنْ تَعْلَمَ قِيَامَ النِّكَاحِ وَأَنَّ الرَّضَاعَ مِنْهَا مُفْسِدٌ وَتَتَعَمَّدُهُ لِدَفْعِ الْجُوعِ أَوْ الْهَلَاكِ عِنْدَ خَوْفِ ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ النِّكَاحَ أَوْ عَلِمَتْهُ وَلَمْ تَعْلَمْهُ مُفْسِدًا أَوْ عَلِمَتْهُ مُفْسِدًا وَلَكِنْ خَافَتْ الْهَلَاكَ أَوْ قَصَدَتْ دَفْعَ الْجُوعِ لَا يَرْجِعُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَبِيرَةِ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهَا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْوَجْهَيْنِ مَا إذَا قَصَدَتْ الْفَسَادَ وَمَا إذَا لَمْ تَقْصِدْهُ وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ كَانَتْ مَجْنُونَةً لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا وَلِلْمَجْنُونَةِ نِصْفُ الصَّدَاقِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا الْمَعْتُوهَةُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا الْمُكْرَهَةُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إذَا جَاءَتْ إلَى الْكَبِيرَةِ وَهِيَ نَائِمَةٌ فَأَخَذَتْ ثَدْيَهَا وَارْتَضَعَتْ مِنْهَا بَانَتَا مِنْهُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ثُمَّ الْكَبِيرَةُ حُرْمَتُهَا مُؤَبَّدَةٌ وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَ دَخَلَ بِالْأُمِّ أَوْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا ثَانِيًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْ أُمُّ الْكَبِيرَةِ الصَّغِيرَةَ بَانَتَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَرْضَعَتْهَا أُخْتُ الْكَبِيرَةِ وَلَوْ أَرْضَعَتْهَا عَمَّةُ الْكَبِيرَةِ أَوْ خَالَتُهَا لَمْ تَبِنْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَخَذَ رَجُلٌ لَبَنَ

الْكَبِيرَةِ فَأَوْجَرَ صَبِيَّتَيْنِ يَغْرَمُ الزَّوْجُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ ثُمَّ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الرَّجُلِ بِذَلِكَ إذَا تَعَمَّدَ الْفَسَادَ وَهُوَ الصَّحِيحُ. رَجُلٌ وَطِئَ امْرَأَةً بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ صَبِيَّةً فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ بَانَتْ الصَّبِيَّةُ رَجُلٌ تَزَوَّجَ صَبِيَّةً ثُمَّ عَمَّتَهَا لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْعَمَّةِ فَإِنْ أَرْضَعَتْ أُمُّ الْعَمَّةِ الصَّبِيَّةَ لَا تُحَرَّمُ الصَّبِيَّةُ عَلَى زَوْجِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ تَزَوَّجَ كَبِيرَةً وَصَغِيرَتَيْنِ فَأَرْضَعَتْهُمَا الْكَبِيرَةُ فَإِنْ أَرْضَعَتْهُمَا مَعًا حُرِّمْنَ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْكَبِيرَةَ أَبَدًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّغِيرَتَيْنِ نِكَاحًا أَبَدًا وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِإِحْدَاهُمَا إنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا لَا يَجُوزُ كَمَا فِي النَّسَبِ وَإِنْ أَرْضَعَتْهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى فَقَدْ حُرِّمَتْ الْكَبِيرَةُ مَعَ الصَّغِيرَةِ الْأُولَى وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ الثَّانِيَةُ فَإِنَّهَا أَرْضَعَتْهَا بَعْدَمَا بَانَتْ الْكَبِيرَةُ فَلَمْ يَصِرْ جَامِعَهَا لَكِنَّهَا رَبِيبَتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِأُمِّهَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْكَبِيرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّغِيرَتَيْنِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ كَبِيرَةً وَثَلَاثَ صَبِيَّاتٍ فَأَرْضَعَتْهُنَّ عَلَى التَّعَاقُبِ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى حُرِّمْنَ جَمِيعًا لِأَنَّهَا لَمَّا أَرْضَعَتْ الْأُولَى صَارَتْ بِنْتًا لَهَا فَحَصَلَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ فَحُرِّمَتَا عَلَيْهِ فَلَمَّا أَرْضَعَتْ الثَّانِيَةَ فَقَدْ أَرْضَعَتْهَا وَالْكَبِيرَةُ وَالصَّغِيرَةُ مُبَانَتَانِ فَلَا تُحَرَّمُ بِسَبَبِ الْجَمْعِ لِعَدَمِ الْجَمْعِ وَلَكِنْ يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ لِلْحَالِ لِأَنَّهَا رَبِيبَتُهُ وَقَدْ دَخَلَ بِأُمِّهَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ لِلْحَالِ حَتَّى تُرْضِعَ الثَّالِثَةَ فَإِذَا أَرْضَعَتْ الثَّالِثَةَ حُرِّمَتَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ، وَالْحُكْمُ فِي تَزَوُّجِ الْكَبِيرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّغِيرَتَيْنِ وَتَزَوُّجِ الصَّغَائِرِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا تَزَوَّجَ كَبِيرَةً وَثَلَاثَ رَضِيعَاتٍ وَأَرْضَعَتْ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا حُرِّمْنَ جَمِيعًا وَإِنْ أَرْضَعَتْ ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ الثَّالِثَةَ حُرِّمَتْ الْكَبِيرَةُ وَالْأُولَيَانِ وَلَا تُحَرَّمُ الثَّالِثَةُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ تَزَوَّجَ كَبِيرَتَيْنِ وَصَغِيرَتَيْنِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَتَيْنِ بَعْدُ حَتَّى عَمَدَتْ الْكَبِيرَتَانِ إلَى إحْدَى الصَّغِيرَتَيْنِ وَهِيَ زَيْنَبُ فَأَرْضَعَتَاهَا إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى ثُمَّ أَرْضَعَتَا الصَّغِيرَةَ الثَّانِيَةَ وَهِيَ عَمْرَةُ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى بَانَتْ الْكَبِيرَتَانِ وَالصَّغِيرَةُ الْأُولَى وَهِيَ زَيْنَبُ وَالصَّغِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ عَمْرَةُ امْرَأَتُهُ وَلَوْ أَنَّ إحْدَى الْكَبِيرَتَيْنِ أَرْضَعَتْ الصَّغِيرَتَيْنِ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى ثُمَّ أَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الْأُخْرَى الصَّغِيرَتَيْنِ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ بَدَأَتْ بِاَلَّتِي بَدَأَتْ بِهَا الْكَبِيرَةُ الْأُولَى وَهِيَ زَيْنَبُ بَانَتْ الْكَبِيرَتَانِ وَالصَّغِيرَةُ الْأُولَى وَهِيَ زَيْنَبُ وَالصَّغِيرَةُ الْأُخْرَى وَهِيَ عَمْرَةُ امْرَأَتُهُ وَلَوْ بَدَأَتْ الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ بِالصَّغِيرَةِ الْأُخْرَى حُرِّمْنَ عَلَيْهِ جُمْلَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ وَلِابْنِهِ امْرَأَتَانِ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْ امْرَأَةُ الْأَبِ امْرَأَةَ الِابْنِ، وَامْرَأَةُ الِابْنِ امْرَأَةَ الْأَبِ وَاللَّبَنُ مِنْهُمَا فَقَدْ بَانَتْ الصَّغِيرَتَانِ وَنِكَاحُ الْكَبِيرَتَيْنِ ثَابِتٌ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَهُمَا أَخَوَانِ وَلَوْ كَانَ رَجُلٌ وَعَمُّهُ فَنِكَاحُ امْرَأَةِ الِابْنِ ثَابِتٌ وَتَبِينُ امْرَأَةُ الْعَمِّ الصَّغِيرَةِ مِنْهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ تَزَوَّجَ صَغِيرَةً فَطَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ كَبِيرَةً فَأَرْضَعَتْ هَذِهِ الْكَبِيرَةُ تِلْكَ الصَّغِيرَةَ بِلَبَنِهِ أَوْ بِلَبَنِ غَيْرِهِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا أُمُّ امْرَأَتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ أَرْضَعَتْ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا امْرَأَةً لَهُ صَغِيرَةً بَانَتْ الصَّغِيرَةُ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتًا لَهَا فَحَصَلَ الْجَمْعُ فِي حَالَةِ الْعِدَّةِ وَالْجَمْعُ فِي حَالِ قِيَامِ الْعِدَّةِ كَالْجَمْعِ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ إنَّ أُخْتَ الْمُعْتَدَّةِ أَرْضَعَتْ امْرَأَةً لَهُ صَغِيرَةً قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ بَانَتْ الصَّغِيرَةُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ زَوَّجَ رَجُلٌ أُمَّ وَلَدِهِ مَمْلُوكًا لَهُ صَغِيرًا فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ السَّيِّدِ حُرِّمَتْ عَلَى زَوْجِهَا وَعَلَى مَوْلَاهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ رَجُلٌ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ فَزَوَّجَهَا مِنْ صَبِيٍّ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ فَوَلَدَتْ فَجَاءَتْ إلَى الصَّبِيِّ فَأَرْضَعَتْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا لِأَنَّهَا

صَارَتْ امْرَأَةَ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة الرَّضَاعُ يَظْهَرُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا الْإِقْرَارُ وَالثَّانِي الْبَيِّنَةُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَا يُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عُدُولٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ إلَّا بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَدْلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا يَجِبُ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَدْلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بَعْدَ النِّكَاحِ عِنْدَهَا لَا يَسَعُهَا الْمُقَامُ مَعَ الزَّوْجِ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ لَوْ قَامَتْ عِنْدَ الْقَاضِي يَثْبُتُ الرَّضَاعُ فَكَذَا إذَا قَامَتْ عِنْدَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ وَاحِدًا وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَتَنَزَّهَ وَيَأْخُذَ بِالثِّقَةِ وُجِدَ الْإِخْبَارُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقَالَتْ امْرَأَةٌ أَرْضَعْتُكُمَا فَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إنْ صَدَّقَاهَا فَسَدَ النِّكَاحُ وَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِنْ كَذَّبَاهَا فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ لَكِنْ إذَا كَانَتْ عَدْلًا فَالتَّنَزُّهُ أَنْ يُفَارِقَهَا كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَإِذَا فَارَقَهَا فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْأَفْضَلُ لَهَا أَنْ لَا تَأْخُذَ شَيْئًا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَالْأَفْضَلُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُعْطِيَهَا كَمَالَ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَالْأَفْضَلُ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ الْأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِنْ الْمُسَمَّى وَلَا تَأْخُذُ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ الْمُقَامِ مَعَهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَتْ امْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ أَوْ رَجُلَانِ غَيْرُ عَدْلَيْنِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ غَيْرُ عُدُولٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ صَدَّقَهَا الرَّجُلُ وَكَذَّبَتْهَا الْمَرْأَةُ فَسَدَ النِّكَاحُ وَالْمَهْرُ بِحَالِهِ وَإِنْ صَدَّقَتْهَا وَكَذَّبَهَا الرَّجُلُ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ وَلَكِنْ لَهَا أَنْ تُحَلِّفَهُ وَيُفَرَّقَ إذَا نَكَلَ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ قَالَ بَعْدَ النِّكَاحِ هِيَ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ ثُمَّ قَالَ أَوْهَمْت لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا اسْتِحْسَانًا وَلَوْ ثَبَتَ عَلَى هَذَا الْمَنْطِقِ وَقَالَ هُوَ حَقٌّ كَمَا قُلْت فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ جَحَدَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُ جُحُودُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَدَّقَتْهُ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى إنْ كَذَّبَتْهُ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِهَذَا قَبْلَ النِّكَاحِ فَقَالَ هَذِهِ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُمِّي مِنْ الرَّضَاعِ ثُمَّ قَالَ أَوْهَمْت أَوْ أَخْطَأْت جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَوْ قَالَ هُوَ حَقٌّ كَمَا قُلْت لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَوْ تَزَوَّجَهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ جَحَدَ الْإِقْرَارَ فَشَهِدَ اثْنَانِ عَلَى الْإِقْرَارِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِذَا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ هَذَا أَبِي مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ ابْنُ أَخِي وَأَنْكَرَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَكَذَبَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا وَقَالَتْ أَخْطَأْت فَتَزَوَّجَهَا فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ تُكَذِّبَ نَفْسَهَا وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ النِّكَاحِ قَدْ كُنْت أَقْرَرْت قَبْلَ النِّكَاحِ أَنَّك أَخِي وَقَدْ قُلْت إنَّ مَا أَقْرَرْت بِهِ حَقٌّ حِينَ أَقْرَرْت بِذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ النِّكَاحُ فَاسِدًا فَإِنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ الزَّوْجِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ أَقَرَّا بِذَلِكَ جَمِيعًا ثُمَّ أَكْذَبَا أَنْفُسَهُمَا وَقَالَا أَخْطَأْنَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا قَالَتْ هَذَا ابْنِي رَضَاعًا وَأَصَرَّتْ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ إلَيْهَا قَالُوا وَبِهِ يُفْتَى فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالنَّسَبِ فَقَالَ هَذِهِ أُخْتِي مِنْ النَّسَبِ أَوْ أُمِّي أَوْ ابْنَتِي وَلَيْسَ لَهَا نَسَبٌ مَعْرُوفٌ وَتَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ أُمًّا لَهُ أَوْ بِنْتًا لَهُ فَإِنَّهُ يُسْأَلُ مَرَّةً أُخْرَى فَإِنْ قَالَ أَوْهَمْت أَوْ أَخْطَأْت أَوْ غَلِطْت فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ فِي الِاسْتِحْسَانِ وَإِنْ قَالَ هُوَ كَمَا قُلْت فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا كَذَا

كتاب الطلاق وفيه خمسة عشر بابا

فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا كَانَ مِثْلُهَا لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ هَذِهِ ابْنَتِي مِنْ نَسَبٍ وَثَبَتَ عَلَيْهِ وَلَهَا نَسَبٌ مَعْرُوفٌ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا وَكَذَا لَوْ قَالَ هَذِهِ أُمِّي وَلَهُ أُمٌّ مَعْرُوفَةٌ وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [كِتَابُ الطَّلَاقِ وَفِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الطَّلَاقِ وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ وَوَصْفِهِ وَتَقْسِيمِهِ] (كِتَابُ الطَّلَاقِ) (وَفِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ وَوَصْفِهِ وَتَقْسِيمِهِ وَفِيمَنْ يَقَعُ طَلَاقُهُ وَفِيمَنْ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ) (أَمَّا تَفْسِيرُهُ) شَرْعًا فَهُوَ رَفْعُ قَيْدِ النِّكَاحِ حَالًا أَوْ مَآلًا بِلَفْظٍ مَخْصُوصٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ (وَأَمَّا رُكْنُهُ) فَقَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ. وَنَحْوُهُ كَذَا فِي الْكَافِي (وَأَمَّا شَرْطُهُ) عَلَى الْخُصُوصِ فَشَيْئَانِ (أَحَدُهُمَا) قِيَامُ الْقَيْدِ فِي الْمَرْأَةِ نِكَاحٍ أَوْ عِدَّةٍ (وَالثَّانِي) قِيَامٌ حَلَّ مَحِلَّ النِّكَاحِ حَتَّى لَوْ حُرِّمَتْ بِالْمُصَاهَرَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا حَتَّى وَجَبَتْ الْعِدَّةُ فَطَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَقَعْ لِزَوَالِ الْحِلِّ وَإِذَا طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا يَبْقَى الطَّلَاقُ وَإِنْ كَانَ لَا يُزِيلُ الْحِلَّ وَالْقَيْدَ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ يُزِيلُهُمَا فِي الْمَآلِ حَتَّى انْضَمَّ إلَيْهِ ثِنْتَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ (وَأَمَّا حُكْمُهُ) فَوُقُوعُ الْفُرْقَةِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِي الرَّجْعِيِّ وَبِدُونِهِ فِي الْبَائِنِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَزَوَالُ حِلِّ الْمُنَاكَحَةِ مَتَى تَمَّ ثَلَاثًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَأَمَّا وَصْفُهُ) فَهُوَ أَنَّهُ مَحْظُورٌ نَظَرًا إلَى الْأَصْلِ وَمُبَاحٌ نَظَرًا إلَى الْحَاجَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. (وَأَمَّا تَقْسِيمُهُ) فَإِنَّهُ نَوْعَانِ سُنِّيٌّ وَبِدْعِيٌّ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَوْعَانِ نَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى الْعَدَدِ وَنَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى الْوَقْتِ. [الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ] (أَمَّا) الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ فِي الْعَدَدِ وَالْوَقْتِ فَنَوْعَانِ حَسَنٌ وَأَحْسَنُ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ ثُمَّ يَتْرُكُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا أَوْ كَانَتْ حَامِلًا قَدْ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا وَالْحَسَنُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ ثُمَّ فِي طُهْرٍ آخَرَ أُخْرَى ثُمَّ فِي طُهْرٍ آخَرَ أُخْرَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ (وَالسُّنَّةُ) فِي الْعَدَدِ يَسْتَوِي فِيهَا الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْوَقْتِ تَثْبُتُ فِي حَقِّ الْمَدْخُولِ بِهَا خَاصَّةً وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا يُطَلِّقُهَا فِي حَالَةِ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَرْأَةُ الَّتِي خَلَا بِهَا زَوْجُهَا فِي حَقِّ مُرَاعَاةِ وَقْتِ الطَّلَاقِ بِمَنْزِلَةِ الْمَدْخُولَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْمُسْلِمَةُ وَالْكِتَابِيَّةُ وَالْأَمَةُ فِي وَقْتِ طَلَاقِ السُّنَّةِ سَوَاءٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قِيلَ يُؤَخِّرُ الطَّلْقَةَ الْأُولَى إلَى آخَرِ الطُّهْرِ كَيْ لَا تَتَضَرَّرَ بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَقِيلَ يُطَلِّقُهَا عَقِيبَ الطُّهْرِ كَيْ لَا يُبْتَلَى بِالْإِيقَاعِ عَقِيبَ الْوِقَاعِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ الطُّهْرُ الَّذِي لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ إنَّمَا يَكُونُ وَقْتًا لِلطَّلَاقِ السُّنِّيِّ إذَا لَمْ يُجَامِعْهَا وَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي الْحَيْضَةِ الَّتِي سَبَقَتْ عَلَى هَذَا الطُّهْرِ فَإِنَّ الْجِمَاعَ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ وَالطَّلَاقَ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ يُخْرِجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الطُّهْرَ الَّذِي عَقِيبَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحِلًّا لِلطَّلَاقِ السُّنِّيِّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَاتِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُرَاجِعْهَا مِنْ طَلَاقِهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ فَأَمَّا إذَا رَاجَعَهَا فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهَا إذَا طَهُرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ طَلَّقَهَا إنْ شَاءَ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ بِالْمُرَاجَعَةِ لَا يَعُودُ الطُّهْرُ الَّذِي عَقِيبَ الْحَيْضِ مَحِلًّا لِلطَّلَاقِ السُّنِّيِّ. وَذَكَرَ الطَّحْطَاوِيُّ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَةَ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَعُودُ مَحِلًّا لِلطَّلَاقِ السُّنِّيِّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا ذَكَرَهُ الطَّحْطَاوِيُّ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُهُمَا وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي هَذِهِ الْحَيْضَةَ فَهَذَا الطَّلَاقُ يَكُونُ سُنِّيًّا بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ

الطلاق البدعي

أَبَانَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ وَاحِدَةً ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ بِالْقَوْلِ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَانِيًا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ وَكَانَ سُنِّيًّا عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ سُنِّيًّا وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَلِكَ الِاخْتِلَافُ إذَا رَاجَعَهَا بِاللَّمْسِ أَوْ بِالْقُبْلَةِ أَوْ بِالنَّظَرِ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فَإِذَا كَانَ آخِذًا بِيَدِ امْرَأَتِهِ عَنْ شَهْوَةٍ فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ يَقَعُ عَلَيْهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ فِي الْحَالِ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا لِأَنَّ كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْهِ تَطْلِيقَةٌ صَارَ مُرَاجِعًا لَهَا فَتَقَعُ أُخْرَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ رَاجَعَهَا بِالْجِمَاعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. هَذَا إذَا رَاجَعَهَا بِالْجِمَاعِ فَلَمْ تَحْبَلْ مِنْهُ فَإِنْ حَبِلَتْ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. [الطَّلَاقُ الْبِدْعِيُّ] (وَأَمَّا الْبِدْعِيُّ) فَنَوْعَانِ بِدْعِيٌّ لِمَعْنًى يَعُودُ إلَى الْعَدَدِ وَبِدْعِيٌّ لِمَعْنًى يَعُودُ إلَى الْوَقْتِ (فَاَلَّذِي) يَعُودُ إلَى الْعَدَدِ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ أَوْ بِكَلِمَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَوْ يَجْمَعُ بَيْنَ التَّطْلِيقَتَيْنِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِكَلِمَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَكَانَ عَاصِيًا. (وَالْبِدْعِيُّ) مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ أَنْ يُطَلِّقَ الْمَدْخُولَ بِهَا وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ أَوْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ وَكَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ الرَّجْعَةَ وَاجِبَةٌ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَالطَّلَاقُ الْبَائِنُ لَيْسَ بِسُنِّيٍّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْخُلْعُ سُنِّيٌّ كَانَ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ أَوْ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْحَيْضِ وَفِي الْمُنْتَقَى وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُخَيِّرَ امْرَأَتَهُ فِي الْحَيْضِ وَلَا بَأْسَ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا فِي الْحَيْضِ وَفِيهِ أَيْضًا إذَا أَدْرَكَتْ وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَلَا بَأْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْأَمَةُ إذَا أُعْتِقَتْ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا وَهِيَ حَائِضٌ وَكَذَلِكَ إذَا مَضَى أَجَلُ الْعِنِّينِ وَهِيَ حَائِضٌ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. الْمَدْخُولَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَا تَحِيضُ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ لَا لَهُمَا بِأَنْ بَلَغَتْ بِالسِّنِّ وَلَمْ تَرَ دَمًا أَصْلًا فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِلسُّنَّةِ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ طَلَّقَهَا أُخْرَى فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ طَلَّقَهَا أُخْرَى ثُمَّ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ وَقَعَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَهُوَ أَنْ يَقَعَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ رُئِيَ فِيهَا الْهِلَالُ تُعْتَبَرُ الشُّهُورُ بِالْأَهِلَّةِ اتِّفَاقًا فِي التَّفْرِيقِ وَالْعِدَّةِ وَإِنْ كَانَ وَقَعَ فِي وَسَطِهِ فَبِالْأَيَّامِ فِي تَفْرِيقِ الطَّلَاقِ بِالِاتِّفَاقِ فَلَا يُطَلِّقُهَا الثَّانِيَةَ فِي الْيَوْمِ الْمُوفِي ثَلَاثِينَ مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ بَلْ فِي الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ فَمَا بَعْدَهُ وَفِي حَقِّ الْعِدَّةِ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ بِالْإِيَامِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إلَّا بِمُضِيِّ تِسْعِينَ يَوْمًا وَيَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَ الَّتِي لَا تَحِيضُ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ وَلَا يَفْصِلُ بَيْنَ وَطْئِهَا وَطَلَاقِهَا بِزَمَانٍ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ شَيْخُنَا يَقُولُ هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً لَا يُرْجَى مِنْهَا الْحَيْضُ وَالْحَبَلُ وَأَمَّا فِيمَنْ يُرْجَى فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ وَطْئِهَا وَطَلَاقِهَا بِشَهْرٍ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَطَلَاقُ الْحَامِلِ يَجُوزُ عَقِيبَ الْجِمَاعِ وَيُطَلِّقُهَا لِلسُّنَّةِ ثَلَاثًا يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ تَطْلِيقَتَيْنِ بِشَهْرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْمَدْخُولَةِ وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَقَعَ تَطْلِيقَةٌ لِلْحَالِ إنْ كَانَتْ طَاهِرَةً مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَمْ يَقَعْ

لِلْحَالِ شَيْءٌ حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتُ السُّنَّةِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْمَدْخُولَةِ وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ إنْ نَوَى أَنْ يَقَعَ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهِيَ طَالِقٌ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً وَإِنْ نَوَى أَنْ يَقَعَ الثَّلَاثُ جُمْلَةً لِلْحَالِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ لِأَنَّ وُقُوعَ الثَّلَاثِ جُمْلَةً عُرِفَ بِالسُّنَّةِ وَإِنْ نَوَى أَنْ يَقَعَ عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ تَطْلِيقَةٌ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَلَوْ كَانَتْ آيِسَةً أَوْ صَغِيرَةً مَدْخُولَةً فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَقَعَتْ فِي الْحَالِ وَاحِدَةٌ وَطِئَهَا لِلْحَالِ أَوْ لَمْ يَطَأْهَا وَيَقَعُ بَعْدَ شَهْرٍ أُخْرَى وَبَعْدَ شَهْرٍ أُخْرَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ نَوَى أَنْ يَقَعَ الثَّلَاثُ السَّاعَةَ جُمْلَةً كَانَ كَمَا نَوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ نَوَى كَذَلِكَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ سَاعَةَ تَكَلُّمِهِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا وَقَعَتْ أُخْرَى سَاعَةَ تَزَوُّجِهَا وَكَذَا الثَّالِثَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ حَتَّى وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ سَاعَةَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ وَوَقَعَتْ الْأُخْرَى لَوْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ وَتَزَوَّجَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَلَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ تَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ إذَا صَادَفَ الْوَقْتَ وَوَقْتُهُ طُهْرٌ لَا جِمَاعَ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يُصَادِفْ الْوَقْتَ لَا يَقَعُ إلَى أَنْ يُصَادِفَ الْوَقْتَ فَإِذَا صَادَفَ الْوَقْتَ نَفَذَ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا تَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ حَالَ مَا تَلَفَّظَ بِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ نَوَى ثَلَاثًا جُمْلَةً أَوْ مُتَفَرِّقًا عَلَى الْأَطْهَارِ صَحَّ هَكَذَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبُ الْإِسْرَارِ. وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ نِيَّةُ الْجُمْلَةِ فِيهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. حَتَّى لَا يَقَعَ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ. فَأَرَادَ بِهِ وَاحِدَةً بَائِنَةً لَمْ تَكُنْ بَائِنَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَرَادَ ثِنْتَيْنِ لَمْ تَكُنْ ثِنْتَيْنِ وَلَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بِقَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ أُخْرَى لَمْ يَقَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ كُلُّ شَهْرٍ لِلسُّنَّةِ فَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَيِسَتْ مِنْ الْحَيْضِ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا عِنْدَ كُلِّ شَهْرٍ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَتْ تَعْتَدُّ بِالْحَيْضِ فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ثَلَاثًا عِنْدَ كُلِّ شَهْرٍ وَاحِدَةٌ فَيَكُونُ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ لَهَا وَهِيَ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ أَنْتِ طَالِقٌ لِلشُّهُورِ فَهِيَ طَالِقٌ عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لِلْحَيْضِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ وَقَعَتْ عِنْدَ كُلِّ حَيْضٍ تَطْلِيقَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ لِلسُّنَّةِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ إنْ كَانَتْ طَاهِرَةً مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ ثُمَّ عِنْدَ كُلِّ شَهْرٍ وَعِنْدَ كُلِّ حَيْضٍ إذَا طَهُرَتْ فِي قَوْلِهِ لِلْحَيْضِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ لِلسُّنَّةِ وَقَعَ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ تَطْلِيقَةٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ ذَكَرَ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَتَيْنِ أُولَاهُمَا لِلسُّنَّةِ فَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَةً مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَقَعَتْ عَلَيْهَا الَّتِي هِيَ لِلسُّنَّةِ أَوَّلًا ثُمَّ تَتْبَعُهَا الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا تَأَخَّرَتْ التَّطْلِيقَتَانِ جَمِيعًا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَقَعَانِ الَّتِي لِلسُّنَّةِ قَبْلَ الْأُخْرَى وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إحْدَاهُمَا لِلسُّنَّةِ وَالْأُخْرَى لِلْبِدْعَةِ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً لِلسُّنَّةِ وَالْأُخْرَى لِلْبِدْعَةِ فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ السُّنَّةِ تَقَعَانِ جَمِيعًا تَقَعُ السُّنَّةُ أَوَّلًا وَتَتْبَعُهَا الْبِدْعَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَقْتُ وَقْتَ السُّنَّةِ تَقَعُ الْبِدْعَةُ وَتَتَأَخَّرُ السُّنَّةُ وَإِنْ بَدَأَ بِالْبِدْعَةِ وَالْوَقْتُ لَيْسَ وَقْتَ السُّنَّةِ تَقَعُ الْبِدْعَةُ وَتَتَأَخَّرُ السُّنَّةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ لِلسُّنَّةِ إحْدَاهُمَا بَائِنٌ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْبَائِنَ أَيَّتَهمَا شَاءَ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى حَاضَتْ وَطَهُرَتْ بَانَتْ بِتَطْلِيقَتَيْنِ كَذَا

فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ السُّنَّةِ يَقَعُ بَعْدَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ مِنْ بَطْنٍ وَاحِدٍ لَا يَقَعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ عِنْدَهُمَا النِّفَاسَ مِنْ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ النِّفَاسِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ ثُمَّ فِي كُلِّ طُهْرٍ أُخْرَى وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةٌ لِلسُّنَّةِ يَقَعُ الثَّلَاثُ بِصِفَةِ السُّنَّةِ وَلَوْ قَالَ لِلْبِدْعَةِ يَقَعُ الثَّلَاثُ لِلْحَالِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا لِلسُّنَّةِ وَهِيَ مِمَّنْ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُ السُّنَّةِ فِي الْغَدِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ إلَّا فِي وَقْتِ السُّنَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ مِنْ الزَّوْجِ لَكِنْ وَطِئَهَا غَيْرُهُ زِنًا وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي هَذَا الطُّهْرِ وَإِنْ كَانَ بِشُبْهَةٍ لَمْ يَقَعْ فِي هَذَا الطُّهْرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقَ السُّنَّةِ فِي وَقْتِهِ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ الظِّهَارِ وَقَعَ وَلَمْ تَمْنَعْ حُرْمَةُ الظِّهَارِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَ بِأُخْتِ امْرَأَتِهِ وَدَخَلَ بِهَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ لِلسُّنَّةِ فِي عِدَّةِ الْأُخْتِ وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ لِلسُّنَّةِ وَهِيَ حُبْلَى مِنْ فُجُورٍ. امْرَأَةٌ نُعِيَ إلَيْهَا زَوْجُهَا فَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَدَخَلَ بِهَا هَذَا الزَّوْجُ ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ الثَّانِي حَتَّى وَجَبَتْ الْعِدَّةُ مِنْ الثَّانِي فَطَلَّقَهَا الْأَوَّلُ لِلسُّنَّةِ فِي عِدَّتِهَا مِنْ الثَّانِي لَمْ يَقَعْ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَقَعُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِالثَّانِي فَحَاضَتْ وَطَهُرَتْ فَلَزِمَهَا تَطْلِيقَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ الثَّانِيَ وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ مَا دَامَتْ تَعْتَدُّ مِنْ الثَّانِي فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَالَ: لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ شِئْت أَوْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الطَّلَاقِ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ فَالْمَشِيئَةُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَكُونُ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ الْحَيْضِ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى فَتَطْهُرُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ ثُمَّ حَاضَتْ وَطَهُرَتْ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ ثُمَّ أَيِسَتْ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى حِينَ تَيْأَسُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي نَوَادِرِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَقَدْ أَيِسَتْ مِنْ الْحَيْضِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ ثُمَّ إذَا حَاضَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَطَهُرَتْ بَطَلَتْ تِلْكَ التَّطْلِيقَةُ الْأُولَى وَلَزِمَهَا تَطْلِيقَةٌ عِنْدَ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ جَامَعَهَا بَعْدَ الْإِيَاسِ قَبْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ فَإِنْ أَيِسَتْ بَعْدَ هَذِهِ الْحَيْضَةِ وَاسْتَبَانَ أَيَّامَهَا وَقَعَتْ التَّطْلِيقَتَانِ الْبَاقِيَتَانِ بِالشُّهُورِ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَقَالَتْ أَنَا طَاهِرَةٌ وَقَالَ الزَّوْجُ وَقَعَتْ عَلَيْك فِي الْحَيْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَلَوْ قَالَتْ: أَنَا حَامِلٌ وَقَالَ هُوَ لَسْت بِحَامِلٍ لَنْ تُصَدَّقَ الْمَرْأَةُ فِي ادِّعَاءِ الْحَمْلِ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً لِلسُّنَّةِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ قَدْ كُنْت حِضْت وَطَهُرْت قَبْلَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَتَكَلَّمَ بِهَذَا الْكَلَامِ وَتَكَلَّمْت بِهِ وَأَنَا طَاهِرَةٌ وَلَمْ تَقْرَبْنِي وَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ كُنْت قَرِبْتُك بَعْدَ الطُّهْرِ قَبْلَ هَذَا الْكَلَامِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ. وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ قَدْ كُنْت قَرِبْتُك فِي الْحَيْضِ وَكَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ لَمْ تَكُنْ دَخَلْت بِي قَطُّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا قَالَ الْقُدُورِيُّ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَهِيَ السَّاعَةَ مِمَّنْ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُ السُّنَّةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا ثُمَّ جَاءَ وَقْتُ السُّنَّةِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ فَإِنْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ جَاءَ وَقْتُ السُّنَّةِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ فَإِنْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ جَاءَ وَقْتُ السُّنَّةِ يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا وَالْمَرْأَةُ حُرَّةً

ألفاظ طلاق السنة

فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ ثُمَّ اشْتَرَتْهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ إذَا جَاءَ وَقْتُ السُّنَّةِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقَعُ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا كَذَا مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ بِطُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا مَكَانَهُ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِحَيْضَتَيْنِ فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ الْأُولَى وَقَعَ بِهَا تَطْلِيقَةٌ وَتَبِينُ بِالْحَيْضَةِ الْأُخْرَى فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ آخَرُ وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا حِينَمَا قَالَ لَهَا هَذِهِ الْمَقَالَةَ ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَأَعْتَقَهَا فِي تِلْكَ الْحَيْضَةِ ثُمَّ طَهُرَتْ مِنْ تِلْكَ الْحَيْضَةِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِفَسَادِ النِّكَاحِ وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ السُّنَّةِ بَعْدَ فُرْقَةٍ كَانَتْ بَيْنَ الزَّوْجِ وَامْرَأَتِهِ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ بَعْدَ حَيْضَةٍ وَكَذَا الْمُعْتَقَةُ إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ وَقَدْ كَانَ الزَّوْجُ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ إذَا طَهُرَتْ مِنْ هَذِهِ الْحَيْضَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ لَوْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِلسُّنَّةِ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا فَقَالَ لَهَا الْوَكِيلُ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ قَالَ إذَا حِضْت وَطَهُرْت فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ وَطَهُرَتْ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ حَتَّى لَوْ حَاضَتْ وَطَهُرَتْ ثُمَّ قَالَ لَهَا الْوَكِيلُ أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ وَلَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْ امْرَأَتِي ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ لِلْحَالِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى فِي طُهْرٍ آخَرَ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا أُخْرَى فِي طُهْرٍ آخَرَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا وَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِلسُّنَّةِ وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَكْتُبُ إلَيْهَا إذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا ثُمَّ حِضْت وَطَهُرَتْ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ يَكْتُبُ إلَيْهَا إذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا ثُمَّ حِضْت وَطَهُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ إذَا حِضْت وَطَهُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ إذَا حِضْت وَطَهُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَفِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ شَاءَ أَوْجَزَ فَكَتَبَ إذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ فَيَقَعُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ كَتَبَ إذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا ثُمَّ أَهَلَّ شَهْرٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ [أَلْفَاظُ طَلَاقِ السُّنَّةِ] (أَلْفَاظُ طَلَاقِ السُّنَّةِ) عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلسُّنَّةِ وَفِي السُّنَّةِ وَعَلَى السُّنَّةِ وَطَلَاقُ سُنَّةٍ وَالْعِدَّةُ وَطَلَاقُ عِدَّةٍ وَطَلَاقُ الْعَدْلِ وَطَلَاقًا عَدْلًا وَطَلَاقُ الدِّينِ أَوْ الْإِسْلَامِ وَأَحْسَنُ الطَّلَاقِ وَأَجْمَلُهُ وَطَلَاقُ الْحَقِّ أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ الْكِتَابِ كُلُّ هَذِهِ تُحْمَلُ عَلَى أَوْقَاتِ السُّنَّةِ بِلَا نِيَّةٍ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ بِكِتَابِ اللَّهِ أَوْ مَعَهُ فَإِنْ نَوَى طَلَاقَ السُّنَّةِ وَقَعَ فِي أَوْقَاتِهَا وَالْأَوْقَعُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْكِتَابَ يَدُلُّ عَلَى الْوُقُوعِ لِلسُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَلَوْ قَالَ عَلَى الْكِتَابِ أَوْ بِهِ أَوْ عَلَى قَوْلِ الْقُضَاةِ أَوْ الْفُقَهَاءِ أَوْ طَلَاقِ الْقُضَاةِ أَوْ الْفُقَهَاءِ فَإِنْ نَوَى السُّنَّةَ دِينٌ وَفِي الْقَضَاءِ يَقَعُ فِي الْحَالِ وَلَوْ قَالَ عَدْلِيَّةٌ أَوْ سُنِّيَّةٌ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلسُّنَّةِ وَلَوْ قَالَ حَسَنَةٌ أَوْ جَمِيلَةٌ يَقَعُ فِي الْحَالِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ يَقَعُ فِي الْحَالِ فِي كِلَيْهِمَا وَلَوْ قَالَ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ طَلَاقَ الْبِدْعَةِ وَنَوَى الثَّلَاثَ فِي الْحَالِ يَقَعُ وَكَذَا الْوَاحِدَةُ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ الَّذِي فِيهِ جِمَاعٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ فِيهِ جِمَاعٌ أَوْ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ سَاعَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ لَا يَقَعُ لِلْحَالِ حَتَّى تَحِيضَ أَوْ يُجَامِعَهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً حَقًّا طَلُقَتْ السَّاعَةَ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً بِالسُّنَّةِ أَوْ مَعَ السُّنَّةِ أَوْ بَعْدَ السُّنَّةِ كَانَ لِلسُّنَّةِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ [أَلْفَاظُ طَلَاقِ الْبِدْعَةِ] (وَأَلْفَاظُ طَلَاقِ الْبِدْعَةِ) نَحْوُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ

فصل فيمن يقع طلاقه وفيمن لا يقع طلاقه

أَوْ طَلَاقَ الْبِدْعَةِ أَوْ طَلَاقَ الْجُورِ أَوْ طَلَاقَ الْمَعْصِيَةِ أَوْ طَلَاقَ الشَّيْطَانِ فَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاثٌ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ [فَصْلٌ فِيمَنْ يَقَعُ طَلَاقُهُ وَفِيمَنْ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ] (فَصْلٌ فِيمَنْ يَقَعُ طَلَاقُهُ وَفِيمَنْ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ) يَقَعُ طَلَاقُ كُلِّ زَوْجٍ إذَا كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَطَلَاقُ اللَّاعِبِ وَالْهَازِلِ بِهِ وَاقِعٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ فَسَبَقَ لِسَانُهُ بِالطَّلَاقِ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ سُئِلَ رَاشِدٌ عَمَّنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: زَيْنَبُ طَالِقٌ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ عَمْرَةُ فَفِي الْقَضَاءِ تَطْلُقُ الَّتِي سَمَّى وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَا يَعْلَمُ مَعْنَى قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ طَلَاقٌ طَلُقَتْ فِي الْقَضَاءِ وَلَا تَطْلُقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ وَالْمَجْنُونُ وَالنَّائِمِ وَالْمُبَرْسَمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَدْهُوشُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ أَيْضًا وَهَذَا إذَا كَانَ فِي حَالَةِ الْعَتَهِ أَمَّا فِي حَالَةِ الْإِفَاقَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ وَاقِعٌ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. طَلَّقَ النَّائِمُ فَلَمَّا انْتَبَهَ قَالَ لَهَا طَلَّقْتُك فِي النَّوْمِ لَا يَقَعُ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَجَزْت ذَلِكَ الطَّلَاقَ وَلَوْ قَالَ أَوْقَعْت ذَلِكَ يَقَعُ وَلَوْ قَالَ أَوْقَعْت الَّذِي تَلَفَّظْته فِي النَّوْمِ لَا يَقَعُ طَلَّقَ الْمُبَرْسَمُ فَلَمَّا صَحَا قَالَ قَدْ طَلَّقْت امْرَأَتِي ثُمَّ قَالَ إنَّمَا قُلْته لِأَنِّي تَوَهَّمْت وُقُوعَ الطَّلَاقِ الَّذِي تَكَلَّمْت بِهِ فِي الْبِرْسَامِ إنْ كَانَ فِي ذِكْرِهِ وَحِكَايَتِهِ صُدِّقَ وَإِلَّا لَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ طَلَّقَ الصَّبِيُّ ثُمَّ بَلَغَ فَقَالَ أَجَزْت ذَلِكَ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ أَوْقَعْته وَقَعَ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ الْإِيقَاعِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَةَ الصَّبِيِّ فَقَالَ الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْقَعْت الطَّلَاقَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فُلَانٌ يَقَعُ وَلَوْ قَالَ أَجَزْت ذَلِكَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ وَكِيلًا بِالتَّطْلِيقِ مِنْ قِبَلِ رَجُلٍ فَطَلَّقَ الصَّبِيُّ صَحَّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة حَكَى يَمِينَ رَجُلٍ فَلَمَّا بَلَغَ إلَى ذِكْرِ الطَّلَاقِ خَطَرَ بِبَالِهِ امْرَأَتُهُ إنْ نَوَى عِنْدَ ذِكْرِ الطَّلَاقِ عَدَمَ الْحِكَايَةِ وَاسْتِئْنَافِ الطَّلَاقِ وَكَانَ مَوْصُولًا بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْإِيقَاعِ عَلَى امْرَأَتِهِ يَقَعُ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحِكَايَةِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَطَلَاقُ السَّكْرَانِ وَاقِعٌ إذَا سَكِرَ مِنْ الْخَمْرِ أَوْ النَّبِيذِ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ لِضَرُورَةٍ وَسَكِرَ وَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْحَدُّ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ سَكِرَ مِنْ الْبَنْجِ أَوْ لَبَنِ الرِّمَاكِ وَنَحْوِهِ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَمَنْ سَكِرَ مِنْ الْبَنْجِ يَقَعُ طَلَاقُهُ وَيُحَدُّ لِفَشْوِ هَذَا الْفِعْلِ بَيْنَ النَّاسِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَإِنْ شَرِبَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْفَوَاكِهِ وَالْعَسَلِ إذَا طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الصَّحِيحُ أَنَّهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْحَدُّ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَمَنْ شَرِبَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْعَسَلِ فَسَكِرَ وَطَلَّقَ لَا يَقَعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُفْتَى بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا شَرِبَ النَّبِيذَ وَلَمْ يُوَافِقْهُ فَارْتَفَعَ وَصُدِّعَ فَزَالَ عَقْلُهُ بِالصُّدَاعِ لَا بِالشُّرْبِ فَطَلَّقَ لَا يَقَعُ وَلَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِالضَّرْبِ أَوْ ضَرَبَ هُوَ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى زَالَ عَقْلُهُ وَطَلَّقَ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالطَّلَاقِ لَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ كَذَا فِي

الباب الثاني في إيقاع الطلاق وفيه سبعة فصول

شَرْح الطَّحَاوِيِّ رَجُلٌ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ لِيُوَكِّلَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَقَالَ لِمَخَافَةِ الضَّرْبِ وَالْحَبْسِ أَنْتَ وَكِيلِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فَطَلَّقَ الْوَكِيلُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَالَ الْمُوَكِّلُ لَمْ أُوَكِّلْهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِي قَالُوا لَا يُسْمَعُ مِنْهُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا لِيُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ فَشَرِبَ الْوَكِيلُ الْخَمْرَ فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ لَا يَقَعُ وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَقَعُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيَقَعُ طَلَاقُ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَةِ يُرِيدُ بِالْأَخْرَسِ الَّذِي وُلِدَ وَهُوَ أَخْرَسُ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَدَامَ حَتَّى صَارَتْ إشَارَتُهُ مَفْهُومَةً كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ أَمْ لَا كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إشَارَةٌ مَعْرُوفَةٌ يُعْرَفُ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ يُشَكُّ فِيهِ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْخَرَسُ وَلَمْ يَدُمْ لَمْ تُعْتَبَرْ إشَارَتُهُ وَطَلَاقُهُ الْمَفْهُومُ بِالْإِشَارَةِ إذَا كَانَ دُونَ الثَّلَاثِ فَهُوَ رَجْعِيٌّ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَفِي آخِرِ النِّهَايَةِ عَنْ التُّمُرْتَاشِيِّ تَقْدِيرُهُ بِسَنَةٍ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَدُومَ إلَى الْمَوْتِ قَالُوا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِذَا كَانَ الْأَخْرَسُ يَكْتُبُ كِتَابًا يَجُوزُ بِهِ طَلَاقُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى. سُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ سَكْرَانَ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَيْ سرخ لبك بَمَّاهُ مَا ندرويت كَدْبًا. نَوَى مِنْ طَلَاق داده شَوَيْت قَالَ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ ثَيِّبًا وَكَانَ قَبْلَ هَذَا لَهَا زَوْجٌ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا هَذَا فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَذَا اللَّفْظِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةُ الطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قَبْلَ هَذَا زَوْجٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِذَا ارْتَدَّ الزَّوْجُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمَرْأَةِ طَلَاقُهُ فَإِنْ عَادَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَلَوْ ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا فَإِنْ عَادَتْ قَبْلَ الْحَيْضِ لَا يَقَعُ طَلَاقُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقَعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ وَطَلَّقَهَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَكَذَا إذَا مَلَكَتْهُ أَوْ شِقْصًا مِنْهُ لَا يَقَعُ وَلَوْ اشْتَرَتْ زَوْجَهَا ثُمَّ أَعْتَقَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَعَ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا وَعَلَى هَذَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَعَ طَلَاقُهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ امْرَأَةً يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ مَوْلَاهُ عَلَى امْرَأَتِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَاعْتِبَارُ الطَّلَاقِ بِالنِّسَاءِ عِنْدَنَا حَتَّى يَكُونَ طَلَاقُ الْأَمَةِ ثِنْتَيْنِ حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا وَطَلَاقِ الْحُرَّةِ ثَلَاثًا حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا كَذَا فِي الْكَافِي. [الْبَابُ الثَّانِي فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الطَّلَاقِ الصَّرِيحِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ) . (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الطَّلَاقِ الصَّرِيحِ) . وَهُوَ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقَةٌ وَطَلَّقْتُك وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَإِنْ نَوَى الْأَكْثَرَ أَوْ الْإِبَانَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ عَنْ وَثَاقٍ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً وَيَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْمَرْأَةُ كَالْقَاضِي لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ إذَا سَمِعَتْ مِنْهُ ذَلِكَ أَوْ شَهِدَ بِهِ شَاهِدٌ عَدْلٌ عِنْدَهَا وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ عِنْدَ وَثَاقٍ لَمْ يَقَعْ فِي الْقَضَاءِ شَيْءٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ وَلَوْ نَوَى بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ مِنْ الْعَمَلِ لَمْ يُصَدَّقْ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ عَمَلِ كَذَا أَوْ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ دُيِّنَ دِيَانَةً وَلَا يُدَيِّنُ قَضَاءً كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ غُلٍّ أَوْ مِنْ قَيْدٍ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُنْتَقَى فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَأَجَابَ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْقَضَاءِ وَأَجَابَ فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْقَضَاءِ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ

هَذَا الْقَيْدِ أَوْ مِنْ هَذَا الْغُلِّ طَلُقَتْ وَلَمْ يَدِنْ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مِنْ هَذَا الْعَمَلِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا مُطَلَّقَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ قَبْلُ أَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ لَكِنْ مَاتَ ذَلِكَ الزَّوْجُ وَلَمْ يُطَلِّقْ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ قَبْلَهُ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا ذَلِكَ الزَّوْجُ إنْ لَمْ يَنْوِ بِكَلَامِهِ الْإِخْبَارَ طَلُقَتْ وَإِنْ قَالَ عَنَيْت بِهِ الْإِخْبَارَ دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَلْ يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُدَيَّنُ وَلَوْ قَالَ نَوَيْت بِهِ الشَّتْمَ دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَطْلَقْتُك إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ يَقَعُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ مُطْلَقَةٌ أَوْ يَا مُطْلَقَةُ بِتَسْكِينِ الطَّاءِ وَالتَّخْفِيفِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا إلَّا بِالنِّيَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ الطَّلَاقُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهِ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى النِّيَّةِ وَيَكُونُ رَجْعِيًّا وَتَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ وَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ فِيهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. هَذَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً أَمَّا إذَا كَانَتْ أَمَةً فَتَقَعُ ثِنْتَانِ أَوْ يَكُونُ قَدْ تَقَدَّمَ عَلَى الْحُرَّةِ وَاحِدَةٌ فَتَقَعُ ثِنْتَانِ إذَا نَوَاهُمَا مَعَ الْأُولَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ وَقَالَ عَنَيْت بِقَوْلِي طَالِقٌ وَاحِدَةً وَبِقَوْلِي الطَّلَاقَ أُخْرَى يُصَدَّقُ فَتَقَعُ رَجْعِيَّتَانِ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا لَغَا الْكَلَامُ الثَّانِي كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ لَك الطَّلَاقُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَهِيَ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ بِيَدِهَا وَلَوْ قَالَ عَلَيْك الطَّلَاقُ فَهِيَ طَالِقٌ إذَا نَوَى وَلَوْ قَالَ لَهَا طَلَاقِي عَلَيْك وَاجِبٌ وَقَعَ وَكَذَا إذَا قَالَ لَهَا الطَّلَاقُ عَلَيْك وَاجِبٌ ذَكَرَهُ الْبَقَّالِيُّ فِي فَتَاوَاهُ وَلَوْ قَالَ طَلَاقُك عَلَيَّ لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ طَلَاقُك عَلَيَّ وَاجِبٌ أَوْ لَازِمٌ أَوْ فَرْضٌ أَوْ ثَابِتٌ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوَاهُ خِلَافًا بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ تَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَقَعُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَاجِبٌ يَقَعُ بِدُونِ النِّيَّةِ وَفِي قَوْلِهِ لَازِمٌ لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى وَالْفَارِقُ الْعُرْفُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ لَهَا إنْ فَعَلْت كَذَا فَطَلَاقُك عَلَيَّ وَاجِبٌ أَوْ قَالَ لَازِمٌ أَوْ قَالَ ثَابِتٌ فَفَعَلَتْ وَاخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ الْوُقُوعُ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ ظَهِيرُ الدِّينِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَرْغِينَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتِي بِعَدَمِ الْوُقُوعِ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى لِلْخَصِيِّ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَقَعُ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ كُونِي طَالِقًا أَوْ اُطْلُقِي قَالَ أَرَاهُ وَاقِعًا وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ قَدْ طَلَّقْتُك قَدْ طَلَّقْتُك أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ طَلَّقْتُك تَقَعُ ثِنْتَانِ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا وَلَوْ قَالَ عَنَيْت بِالثَّانِي الْإِخْبَارَ عَنْ الْأَوَّلِ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ وَيُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا قُلْت فَقَالَ طَلَّقْتهَا أَوْ قَالَ قُلْت هِيَ طَالِقٌ فَهِيَ وَاحِدَةٌ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ بِالشَّرْطِ إنْ كَانَتْ مَدْخُولَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولَةٍ طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَكَذَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ فَطَالِقٌ أَوْ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ أَوْ طَالِقٌ طَالِقٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ

فَقَالَ عَنَيْت بِالْأُولَى الطَّلَاقَ وَبِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ إفْهَامَهَا صُدِّقَ دِيَانَةً وَفِي الْقَضَاءِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مَتَى كَرَّرَ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِحَرْفِ الْوَاوِ أَوْ بِغَيْرِ حَرْفِ الْوَاوِ يَتَعَدَّدُ الطَّلَاقُ وَإِنْ عَنَى بِالثَّانِي الْأَوَّلَ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ كَقَوْلِهِ يَا مُطَلَّقَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك أَنْتِ طَالِقٌ وَلَوْ ذَكَرَ الثَّانِيَ بِحَرْفِ التَّفْسِيرِ وَهُوَ حَرْفُ الْفَاءِ لَا تَقَعُ أُخْرَى إلَّا بِالنِّيَّةِ كَقَوْلِهِ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاعْتَدِّي أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ اعْتَدِّي أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فَاعْتَدِّي فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ تَقَعُ ثِنْتَانِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَاعْتَدِّي تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ قَالَ اعْتَدِّي أَوْ وَاعْتَدِّي تَقَعُ ثِنْتَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا طَلَاقٌ دادمت تَقَعُ أُخْرَى وَلَوْ قَالَ طَلَاقٌ داده است لَا تَقَعُ أُخْرَى وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةٌ وَاحِدَةٌ تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتَ تَقَعُ ثِنْتَانِ وَفِي الْفَتَاوَى وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا يَا مُطَلَّقَةٌ لَا تَقَعُ أُخْرَى رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ لَهُ امْرَأَتَانِ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَقَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ امْرَأَتِي طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً مِنْهُمَا لَا أُصَدِّقُهُ وَأُبِينُهُمَا مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَوْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَلَهُ أَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَيْنِ عَلَى إحْدَاهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي وَطَلِّقْنِي وَطَلِّقْنِي فَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ طَلَّقْتُك طَلُقَتْ ثَلَاثًا نَوَى الزَّوْجُ الثَّلَاثَ أَوْ لَمْ يَنْوِ وَلَوْ قَالَتْ بِغَيْرِ حَرْفِ الْوَاوِ طَلِّقْنِي طَلِّقْنِي طَلِّقْنِي فَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ طَلَّقْتُك فَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ طَلَّقْتُك غَيْرَ مَرَّةٍ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ كَذَا كَذَا تَقَعُ ثَلَاثٌ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَحَدَ عَشْرَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي فَقَالَ لَهَا لَسْت لِي بِامْرَأَةٍ قَالُوا هَذَا جَوَابٌ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي فَقَالَ لَهَا أَنْتِ وَاحِدَةٌ طَلُقَتْ وَاحِدَةً رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ أُمُّ امْرَأَتِهِ فَقَالَتْ طَلَّقْتهَا وَلَمْ تَحْفَظْ حَقَّ أَبِيهَا وَعَاتَبَتْهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الزَّوْجُ هَذِهِ ثَانِيَةٌ أَوْ قَالَ الزَّوْجُ هَذِهِ ثَالِثَةٌ تَقَعُ أُخْرَى وَلَوْ عَاتَبَتْهُ وَلَمْ تَذْكُرْ الطَّلَاقَ فَقَالَ الزَّوْجُ هَذِهِ الْمَقَالَةُ لَا تَقَعُ الزِّيَادَةُ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْمُنْتَقَى امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي فَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ فَعَلْت طَلُقَتْ فَإِنْ قَالَتْ زِدْنِي فَقَالَ فَعَلْت طَلُقَتْ أَيْضًا رَوَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيلَ لِرَجُلٍ أَطَلَّقْت امْرَأَتَك ثَلَاثًا قَالَ نَعَمْ وَاحِدَةً قَالَ الْقِيَاسُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ وَنَجْعَلُهَا وَاحِدَةً وَفِيهِ إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا فَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ أَبَنْتُك فَهَذَا جَوَابٌ وَهِيَ ثَلَاثٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ قَدْ طَلَّقْتُك فَهِيَ ثَلَاثٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ قَالَتْ أَنَا طَالِقٌ فَقَالَ نَعَمْ طَلُقَتْ وَلَوْ قَالَهُ فِي جَوَابِ طَلِّقْنِي لَا تَطْلُقُ وَإِنْ نَوَى قِيلَ لِرَجُلٍ أَلَسْت طَلَّقْت امْرَأَتَك فَقَالَ بَلَى تَطْلُقُ كَأَنَّهُ قَالَ طَلَّقْت لِأَنَّهُ جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ بِالْإِثْبَاتِ وَلَوْ قَالَ نَعَمْ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ بِالنَّفْيِ كَأَنَّهُ قَالَ مَا طَلَّقْت كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ حَذَفَ الْقَافَ مِنْ طَالِقٍ فَقَالَ أَنْتِ

طَالِ فَإِنْ كَسَرَ اللَّامَ وَقَعَ بِلَا نِيَّةٍ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ أَوْ الْغَضَبِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ وَإِنْ حَذَفَ اللَّامَ فَقَطْ فَقَالَ أَنْتِ طَاق لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى وَإِنْ حَذَفَ اللَّامَ وَالْقَافَ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَا وَسَكَتَ أَوْ أَخَذَ إنْسَان فَمه لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ترا تَلَاقَ. هَاهُنَا خَمْسَةُ أَلْفَاظٍ. تَلَاقٌ وَتُلَاغَ وطلاغ وَطَلَاك وَتَلَاك عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَقَعُ وَإِنْ تَعَمَّدَ وَقَصَدَ أَنْ لَا يَقَعَ وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً إلَّا إذَا أَشْهَدَ قَبْلَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ وَقَالَ إنَّ امْرَأَتِي تَطْلُبُ مِنِّي الطَّلَاقَ وَلَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أُطَلِّقَهَا فَأَتَلَفَّظُ بِهَا قَطْعًا لِقِيلِهَا وَتَلَفَّظَ بِهَا وَشَهِدُوا بِذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَا يُحْكَمُ بِالطَّلَاقِ بَيْنَهُمَا وَكَانَ فِي الِابْتِدَاءِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ كَمَا هُوَ جَوَابُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا قُلْنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا اسْتَفْتَيْت فِي تُرْكِيٍّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ترا تَلَاك بِالتَّاءِ وَالْكَافِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ بِالتُّرْكِيِّ الطِّحَالُ فَقَالَ أَرَدْت بِهِ الطِّحَالَ وَمَا أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ وَأَفْتَيْت أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ أَطَلَّقْت امْرَأَتَك فَقَالَ نَعَمْ بِالْهِجَاءِ أَوْ قَالَ بَلَى بِالْهِجَاءِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ قَالَ لَهَا ابْتِدَاءً أَنْتِ ط ال قِ يَعْنِي طَالِقٌ يَقَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ نِسَاءُ أَهْلِ الدُّنْيَا أَوْ الرَّيّ طَوَالِقُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ إلَّا إنْ نَوَاهَا رَوَاهُ هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذِكْرِ لَفْظِ جَمِيعِ وَعَدَمِهِ فِي الْأَصَحِّ وَفِي نِسَاءِ أَهْلِ السِّكَّةِ أَوْ الدَّارِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا وَنِسَاءِ هَذَا الْبَيْتِ وَهِيَ فِيهِ تَطْلُقُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ نِسَاءُ هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَوْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ طَوَالِقُ وَفِيهَا امْرَأَتُهُ طَلُقَتْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ بِثَلَاثٍ وَقَعَتْ ثَلَاثٌ إنْ نَوَى وَلَوْ قَالَ لَمْ أَنْوِ لَا يُصَدَّقُ إذَا كَانَ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ وَالْإِصْدَاقِ وَمِثْلُهُ بِالْفَارِسِيَّةِ تُوبِسهُ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ أَطْلَقُ مِنْ فُلَانَةَ. وَفُلَانَةُ مُطَلَّقَةٌ أَوْ غَيْرُ مُطَلَّقَةٍ فَإِنْ عَنَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَتْ لَهُ مَثَلًا فُلَانٌ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقَعُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ مِنِّي ثَلَاثًا إنْ نَوَى الطَّلَاقَ طَلُقَتْ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَنْوِ الطَّلَاقَ لَمْ يُصَدَّقْ إنْ كَانَ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي فَأَشَارَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَأَرَادَ بِذَلِكَ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ لَا يَقَعُ مَا لَمْ يَقُلْ بِلِسَانِهِ هَكَذَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الرَّجُلُ زَيْنَبُ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَخَاصَمَتْهُ زَيْنَبُ إلَى الْقَاضِي فِي الطَّلَاقِ فَقَالَ لِي امْرَأَةٌ أُخْرَى بِبَلْدَةِ كَذَا اسْمُهَا زَيْنَبُ فَإِيَّاهَا عَنَيْت وَلَمْ يُقِمْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُطَلِّقُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَيُبِينُهَا مِنْهُ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَإِنْ أُحْضِرَتْ تِلْكَ وَاسْمُهَا زَيْنَبُ وَعَرَّفَهَا الْقَاضِي بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُوقِعُ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا وَيَرُدُّ إلَيْهِ الْأُولَى وَيَبْطُلُ طَلَاقَهَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَقَالَ لِي امْرَأَةٌ أُخْرَى وَجَاءَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَى وَادَّعَتْ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إيَّاهَا عَنَيْتُ أَوْ قَالَ اخْتَرْت أَنْ أُوقِعَ الطَّلَاقَ عَلَى هَذِهِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى التَّزَوُّجِ بِالْمَجْهُولَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ صُرِفَ الطَّلَاقُ عَنْ الْمَعْرُوفَةِ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ لَهُ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَقَضَى بِطَلَاقِ الْمَعْرُوفَةِ ثُمَّ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزَوُّجِ بِالْمَجْهُولَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَقَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِطَلَاقِ الْمَعْرُوفَةِ وَقَالَ الزَّوْجُ عَنَيْت بِالطَّلَاقِ الْمَجْهُولَةَ

فَالْقَاضِي يُبْطِلُ مَا قَضَى بِهِ مِنْ طَلَاقِ الْمَعْرُوفَةِ وَيَرُدُّهَا إلَيْهِ وَيُوقِعُ الطَّلَاقَ عَلَى الْمَجْهُولَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْمَعْرُوفَةُ قَدْ تَزَوَّجَتْ وَفِيهِ أَيْضًا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ إحْدَاهُمَا نِكَاحًا صَحِيحًا وَالْأُخْرَى نِكَاحًا فَاسِدًا وَاسْمُهُمَا وَاحِدٌ فَقَالَ فُلَانَةُ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ عَنَيْت الَّتِي نِكَاحُهَا فَاسِدٌ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ إحْدَى امْرَأَتَيَّ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ عَنَيْتُ الَّتِي نِكَاحُهَا فَاسِدٌ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي عَشْرَ وَلَوْ قَالَ فُلَانَةُ طَالِقٌ وَلَمْ يَنْسِبْهَا أَوْ أَنْسَبَهَا إلَى أَبِيهَا أَوْ أُمِّهَا أَوْ أُخْتِهَا أَوْ وَلَدِهَا، وَامْرَأَتُهُ بِذَلِكَ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ فَقَالَ عَنَيْت أُخْرَى أَجْنَبِيَّةً لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي عَنَيْت امْرَأَتِي وَصَدَّقَتْهُ فِي ذَلِكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُصَدَّقْ فِي إبْطَال الطَّلَاقِ عَنْ الْمَعْرُوفَةِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى نِكَاحِهَا قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِمَا بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ تُصَدِّقُهُ الْمَرْأَةُ الْمَعْرُوفَةُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ رَجُلٌ قَالَ طَلَّقْت امْرَأَةً أَوْ قَالَ امْرَأَةٌ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَعْنِ امْرَأَتِي يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ عُمْرَةُ طَالِقٌ وَامْرَأَتُهُ عُمْرَةُ وَقَالَ لَمْ أَعْنِ امْرَأَتِي لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ كِلْتَاهُمَا مَعْرُوفَتَانِ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الطَّلَاقَ إلَى أَيَّتِهِمَا شَاءَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَلَوْ قَالَ كُنْت طَلَّقْت امْرَأَةً كَانَتْ لِي أَوْ قَالَ كُنْت طَلَّقْت امْرَأَةً تَزَوَّجْتهَا أَوْ قَالَ كَانَتْ لِي امْرَأَةٌ فَطَلَّقْتهَا وَادَّعَتْ الْمَعْرُوفَةُ أَنَّهَا هِيَ وَقَالَ الزَّوْجُ كَانَتْ لِي امْرَأَةٌ أُخْرَى غَيْرَ الْمَعْرُوفَةِ وَإِيَّاهَا طَلَّقْت فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُقِرَّ بِالْإِيقَاعِ فِي الْحَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَتَّى تَتَعَيَّنَ الْمَعْرُوفَةُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَالَ كَانَتْ لِي امْرَأَةٌ فَاشْهَدُوا أَنَّهَا طَالِقٌ فَادَّعَتْ الْمَعْرُوفَةُ أَنَّهَا هِيَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَعْرُوفَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَاشْهَدُوا إشْهَادٌ لِلْحَالِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ أَنَّهَا طَالِقٌ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ لِلْحَالِ فَلَوْ قَالَ طَلَّقْت امْرَأَتِي أَوْ قَالَ امْرَأَةٌ لِي طَالِقٌ أَوْ قَالَ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِي طَالِقٌ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الْمَعْرُوفَةِ فِي الْحُكْمِ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إيقَاعٌ لِلْحَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ اسْمُ إحْدَاهُمَا زَيْنَبُ وَاسْمُ الْأُخْرَى عُمْرَةٌ فَقَالَ لِعُمْرَةِ أَنْتِ زَيْنَبُ فَقَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَنْ لَا تَطْلُقُ فِي الْأَصْلِ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ زَيْنَبُ وَعُمْرَةٌ فَقَالَ يَا زَيْنَبُ فَأَجَابَتْهُ عُمْرَةُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا طَلُقَتْ الْمُجِيبَةُ وَلَوْ قَالَ نَوَيْت زَيْنَبَ طَلُقَتَا هَذِهِ بِالْإِشَارَةِ وَتِلْكَ بِالِاعْتِرَافِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ يَا زَيْنَبُ أَنْتِ طَالِقٌ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ طَلُقَتْ زَيْنَبُ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَنْظُرُ إلَيْهَا وَيُشِيرُ إلَيْهَا يَا زَيْنَبُ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا هِيَ امْرَأَةٌ لَهُ أُخْرَى اسْمُهَا عُمْرَةُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى عُمْرَةَ تُعْتَبَرُ الْإِشَارَةُ وَتَبْطُلُ التَّسْمِيَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ يَا زَيْنَبُ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يُشِرْ إلَى شَيْءٍ غَيْرَ أَنَّهُ رَأَى شَخْصًا ظَنَّهُ زَيْنَبَ وَهِيَ غَيْرُهَا طَلُقَتْ زَيْنَبُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ امْرَأَتُهُ عَمْرَةُ بِنْتُ صُبَيْحٍ طَالِقٌ وَامْرَأَتُهُ عَمْرَةُ بِنْتُ حَفْصٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ فَإِنْ كَانَ صُبَيْحُ زَوْجَ أُمِّ امْرَأَتِهِ وَكَانَتْ تُنْسَبُ إلَيْهِ وَهِيَ فِي حِجْرِهِ فَقَالَ ذَلِكَ وَهُوَ يَعْلَمُ نَسَبَ امْرَأَتِهِ أَوْ لَا يَعْلَمُ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَقَعُ إنْ كَانَ يَعْرِفُ نَسَبَهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ يَقَعُ أَيْضًا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ نَوَى امْرَأَتَهُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ الْحَبَشِيَّةُ طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي طَلَاقِ امْرَأَتِهِ وَامْرَأَتُهُ لَيْسَتْ بِحَبَشِيَّةٍ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا وَعَلَى هَذَا إذَا سَمَّى بِغَيْرِ اسْمِهَا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي طَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَإِنْ نَوَى طَلَاقَ امْرَأَتِهِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ بَصِيرَةٌ فَقَالَ امْرَأَتُهُ هَذِهِ الْعَمْيَاءُ طَالِقٌ وَأَشَارَ إلَى الْبَصِيرَةِ تَطْلُقُ الْبَصِيرَةُ وَلَا تُعْتَبَرُ

التَّسْمِيَةُ وَالصِّفَةُ مَعَ الْإِشَارَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ قَالَ فَاطِمَةٌ الْهَمْدَانِيَّةُ أَوْ الْعَوْرَاءُ طَالِقٌ وَامْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ وَلَيْسَتْ بِهَمَدَانِيَّةٍ وَلَا عَوْرَاءَ لَمْ تَطْلُقْ وَلَوْ ذَكَرَ نَسَبَهَا طَلُقَتْ وَإِنْ وَصَفَهَا بِصِفَةٍ لَيْسَتْ فِيهَا لِأَنَّ الْغَائِبَ يُعْرَفُ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ لَوْ قَالَ يَا حِجَازِيَّةُ أَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ يُشِيرُ إلَيْهَا طَلُقَتْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إنْ سَمَّى امْرَأَتَهُ بِاسْمِهَا وَبِاسْمِ أَبِيهَا بِأَنْ قَالَ امْرَأَتِي عَمْرَةُ بِنْتُ صُبَيْحِ بْنِ فُلَانٍ أَوْ قَالَ أُمُّ هَذَا الرَّجُلِ الَّتِي فِي وَجْهِهَا الْخَالُ طَالِقٌ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي وَجْهِهَا الْخَالُ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ امْرَأَتِي بِنْتُ صُبَيْحٍ أَوْ بِنْتُ فُلَانٍ الَّتِي فِي وَجْهِهَا خَالٍ طَالِقٌ وَلَمْ يَكُنْ بِهَا خَالٍ طَلُقَتْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ امْرَأَتِي عَمْرَةُ أُمُّ وَلَدِي هَذِهِ الْجَالِسَةُ طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ وَالْجَالِسَةُ غَيْرُهَا وَلَيْسَتْ بِامْرَأَتِهِ لَمْ تَطْلُقْ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِرَجُلٍ اسْمِي فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّةُ فَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّةَ وَكَانَتْ غَيْرَهَا طَلُقَتْ فِي الْقَضَاءِ لَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَقْرَضْتُكِ طَلَاقَك لَا يَقَعُ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ رَهَنْتُكِ طَلَاقَك وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: خُذِي طَلَاقَكِ فَقَالَتْ أَخَذْتُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَفِي الْعُيُونِ شَرَطَ النِّيَّةَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ طَلَّقَكِ اللَّهُ تَعَالَى تَطْلُقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ قَدْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى طَلَاقَكِ أَوْ قَضَى اللَّهُ تَعَالَى طَلَاقَكِ أَوْ قَدْ شِئْت طَلَاقَك لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ وَلَوْ قَالَ هَوَيْتُ طَلَاقَكِ أَوْ أَحْبَبْت طَلَاقَك أَوْ رَضِيتُ طَلَاقَك أَوْ أَرَدْت طَلَاقَك لَا تَطْلُقُ وَإِنْ نَوَى هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ بَرِئْتِ مِنْ طَلَاقِك اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ طَلَاقِك أَوْ بَرِئْت مِنْ طَلَاقِك فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ بَرِئْت مِنْ طَلَاقِك اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِيهِ إذَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَا يَقَعُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهَبْتُ لَكِ تَطْلِيقَك يَكُونُ تَفْوِيضًا إنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فِي الْمَجْلِسِ يَقَعُ وَإِلَّا فَلَا رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ، رَجُلٌ سَمَّى امْرَأَتَهُ مُطَلَّقَةً فَقَالَ سَمَّيْتُك مُطَلَّقَةً لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا لَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ وَهَبْت لَك طَلَاقَكِ فَهَذَا صَرِيحٌ حَتَّى يَقَعَ الطَّلَاقُ قَضَاءً وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ وَإِذَا قَالَ نَوَيْتُ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ فِي يَدِهَا لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَقَالَتْ هَبْ لِي طَلَاقِي أَيْ أَعْرِضْ عَنْهُ فَقَالَ وَهَبْتُ لَك طَلَاقَك صُدِّقَ فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ قَالَ أَعْرَضْت عَنْ طَلَاقِك يَنْوِي الطَّلَاقَ لَمْ تَطْلُقْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ تَرَكْتُ طَلَاقَك يُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ مَا نَوَيْت بِهِ الطَّلَاقَ صُدِّقَ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ خَلَّيْت سَبِيلَ طَلَاقِك يَنْوِي الطَّلَاقَ يَقَعُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا إنْ كَانَ السُّكُوتُ لِانْقِطَاعِ النَّفَسِ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَإِنْ كَانَ لَا لِانْقِطَاعِ النَّفَسِ لَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ مَا سَكَتَ كَمْ قَالَ ثَلَاثًا يَقَعُ الثَّلَاثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. سُئِلَ كَمْ طَلَّقَهَا فَقَالَ ثَلَاثًا ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ كَاذِبًا لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ ثَلَاثًا فَقَبْلَ أَنْ يَقُولَ ثَلَاثًا أَمْسَكَ غَيْرُهُ فَمَه أَوْ مَاتَ تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ التَّشْكِيكِ وَالتَّخْيِيرِ. وَلَوْ أَخَذَ إنْسَانٌ فَمَه ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَهُوَ

مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَالَ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ رَفْعِ الْيَدِ مِنْ فَمِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي ثَلَاثًا فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَأَخَذَ إنْسَانٌ فَمَه بِيَدِهِ فَلَمَّا رَفْعَ يَدَهُ قَالَ دادم فَإِنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا هَكَذَا حَكَى فَتَوَى شَمْسِ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى جُمْلَتِهَا أَوْ إلَى مَا يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ يَقُولَ رَقَبَتُكِ طَالِقٌ أَوْ عُنُقُك طَالِقٌ أَوْ رُوحُك طَالِقٌ أَوْ بَدَنُك أَوْ جَسَدُك أَوْ فَرْجُك أَوْ رَأْسُك أَوْ وَجْهُك كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَكَذَا إذَا قَالَ نَفْسُك كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَضَافَ إلَى جُزْءٍ لَا يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ كَمَا لَوْ قَالَ يَدُك أَوْ رِجْلُك أَوْ أُصْبُعُك طَالِقٌ لَا يَقَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ يَدُكِ طَالِقٌ وَأَرَادَ بِهِ الْعِبَارَةَ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ طَلُقَتْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَذَا إذَا قَالَ سُرَّتُك طَالِقٌ وَكَذَا اللِّسَانُ وَالْأَنْفُ وَالْأُذُنُ وَالسَّاقُ وَالْفَخِذُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْبُضْعِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ أَضَافَ إلَى جُزْءٍ شَائِعٍ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ نِصْفُك طَالِقٌ أَوْ ثُلُثُك طَالِقٌ أَوْ رُبُعُك طَالِقٌ أَوْ جُزْءٌ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ مِنْكِ يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَالَ دَمُكِ طَالِقٌ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحَةُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَقَعُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالْمُخْتَارُ فِي الدَّمِ أَنْ لَا يَقَعَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ شَعْرُك طَالِقٌ أَوْ ظُفْرُك أَوْ رِيقُك لَمْ تَطْلُقْ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَذَا السِّنُّ وَالْعِرْقُ وَالْحَمْلُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ الرَّأْسُ مِنْك طَالِقٌ أَوْ الْوَجْهُ أَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الرَّأْسِ أَوْ الْعُنُقِ وَقَالَ هَذَا الْعُضْوُ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ فِي الْأَصَحِّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ هَذَا الرَّأْسُ طَالِقٌ وَأَشَارَ إلَى رَأْسِ امْرَأَتِهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقَعُ كَمَا لَوْ قَالَ رَأْسُك هَذَا طَالِقٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ دُبُرُكِ طَالِقٌ لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ اسْتُك طَالِقٌ يَقَعُ قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ لَوْ قَالَ قُبُلُك طَالِقٌ لَا رِوَايَةَ فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ قَالَ نِصْفُك الْأَعْلَى طَالِقٌ وَاحِدَةً وَنِصْفُك الْأَسْفَلُ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَلَا رِوَايَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَعَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ صَارَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاقِعَةً بِبُخَارَى فَأَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِوُقُوعِ الْوَاحِدَةِ بِالْإِضَافَةِ إلَى النِّصْفِ الْأَعْلَى لِأَنَّ الرَّأْسَ فِي النِّصْفِ الْأَعْلَى فَيَصِيرُ مُضِيفًا الطَّلَاقَ إلَى رَأْسِهَا وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ بِالْإِضَافَتَيْنِ لِأَنَّ الرَّأْسَ فِي النِّصْفِ الْأَعْلَى وَالْفَرْجَ فِي النِّصْفِ الْأَسْفَلِ فَيَصِيرُ مُضِيفًا الطَّلَاقَ إلَى رَأْسِهَا بِالْإِضَافَةِ إلَى النِّصْفِ الْأَعْلَى وَإِلَى فَرْجِهَا بِالْإِضَافَةِ إلَى النِّصْفِ الْأَسْفَلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَامِلَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَيْ تَطْلِيقَةٍ فَهِيَ كَوَاحِدَةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ تَطْلِيقَةٍ يَقَعُ ثِنْتَانِ هُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَا أَرْبَعَةُ أَنْصَافِ تَطْلِيقَةٍ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَتَيْنِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ نِصْفَيْ تَطْلِيقَتَيْنِ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَلَوْ قَالَ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ تَطْلِيقَتَيْنِ فَهِيَ ثَلَاثٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَ تَطْلِيقَةٍ وَسُدُسَ تَطْلِيقَةٍ يَقَعُ ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إلَى تَطْلِيقَةٍ مُنَكَّرَةٍ وَالنَّكِرَةُ إذَا كُرِّرَتْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ غَيْرَ الْأُولَى وَلَوْ قَالَ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَهَا وَسُدُسَهَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ فَإِنْ جَاوَزَ مَجْمُوعَ الْإِجْزَاءِ تَطْلِيقَةً بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَهَا وَرُبُعَهَا قِيلَ تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَقِيلَ تَقَعُ ثِنْتَانِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ تَقَعُ طَلْقَتَانِ وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَيْ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَنِصْفًا أَوْ قَالَ وَاحِدَةً وَرُبُعًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ تَقَعُ ثِنْتَانِ وَلَوْ قَالَ وَاحِدَةً وَنِصْفَهَا أَوْ قَالَ وَاحِدَةً وَرُبُعَهَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ طَلْقَةٍ أَوْ أَرْبَعَةَ أَرْبَاعٍ تَقَعُ وَاحِدَةٌ فِي الْمُعَرَّفِ وَثَلَاثٌ فِي الْمُنَكَّرِ وَلَوْ قَالَ خَمْسَةَ أَرْبَاعٍ يَقَعُ ثِنْتَانِ فِي الْمُعَرَّفِ وَثَلَاثٌ فِي الْمُنَكَّرِ وَعَلَى هَذَا فِي كُلِّ جُزْءٍ سَمَّاهُ كَالْأَخْمَاسِ وَالْأَعْشَارِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك فِي طَلَاقِهَا طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ لِلثَّالِثَةِ قَدْ أَشْرَكْتُك فِي طَلَاقِهِمَا طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ وَلَوْ قَالَ لِلرَّابِعَةِ أَشْرَكْتُكِ فِي طَلَاقِهِنَّ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى الْأُولَى بِمَالٍ مُسَمًّى ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ قَدْ أَشْرَكْتُكِ فِي طَلَاقَهَا طَلُقَتْ وَلَمْ يَلْزَمْهَا الْمَالُ وَلَوْ قَالَ قَدْ أَشْرَكْتُكِ فِي طَلَاقِهَا عَلَى كَذَا مِنْ الْمَالِ فَإِنْ قَبِلَتْ لَزِمَهَا الطَّلَاقُ وَالْمَالُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ فُلَانَةُ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَفُلَانَةُ مَعَهَا أَوْ قَالَ أَشْرَكْتُ فُلَانَةَ مَعَهَا فِي الطَّلَاقِ طَلُقَتَا ثَلَاثًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثِ نِسْوَةٍ لَهُ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ ثَلَاثًا أَوْ طَلَّقْتُكُنَّ ثَلَاثًا يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ وَلَا يَنْقَسِمُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ ثَلَاثًا فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ بَيْنَهُنَّ فَتَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَشْرَكْتُكُنَّ فِي تَطْلِيقَةٍ فَهَذَا وَمَا لَوْ قَالَ بَيْنَكُنَّ تَطْلِيقَةٌ سَوَاءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَنْتُنَّ طَالِقَاتٌ ثَلَاثًا يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسَ تَطْلِيقَاتٍ فَقَالَتْ: ثَلَاثٌ تَكْفِينِي فَقَالَ ثَلَاثٌ لَك وَالْبَاقِي عَلَى صَوَاحِبِك وَقَعَ الثَّلَاثُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ عَلَى غَيْرِهَا لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الثَّلَاثِ صَارَ لَغْوًا فَقَدْ صَرَفَ اللَّغْوَ إلَى صَوَاحِبِهَا فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ ثَلَاثًا يَنْوِي أَنَّ الثَّلَاثَ بَيْنَهُنَّ فَهُوَ مَدِينٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَتَطْلُقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةً كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَقَالَ بَيْنَكُمَا تَطْلِيقَتَانِ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً وَكَذَا إذَا قَالَ أَشْرَكْت بَيْنَكُمَا فِي طَلْقَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى قَدْ أَشْرَكْتُكِ فِي طَلَاقِهَا فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَتَانِ أَيْضًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ وَاحِدَةً وَالْأُخْرَى ثِنْتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لِلثَّالِثَةِ أَشْرَكْتُكِ مَعَهُمَا يَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَيْهَا مَدْخُولَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَدْخُولَةٍ وَلَوْ طَلَّقَهُنَّ عَلَى التَّفَاوُتِ ثُمَّ أَشْرَكَ غَيْرَهُنَّ مَعَ إحْدَاهُنَّ غَيْرَ عَيْنٍ يُخَيَّرُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَفِي الْبَقَّالِي إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى جَعَلْت لَكِ فِي هَذَا الطَّلَاقِ نَصِيبًا فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً وَإِنْ نَوَى نَصِيبًا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ فَثَلَاثٌ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَةٍ أُخْرَى لَهُ قَدْ أَشْرَكْتُكِ فِي طَلَاقِ فُلَانَةَ طَلُقَتْ وَلَوْ قَالَ أَشْرَكْتُكِ فِي طَلَاقِ فُلَانَةَ وَلَمْ يَكُنْ طَلَّقَهَا أَوْ كَانَتْ فُلَانَةُ تَحْت زَوْجٍ آخَرَ قَدْ طَلَّقَهَا أَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَفِي امْرَأَةِ الْغَيْرِ لَا يَلْزَمُ امْرَأَتَهُ طَلَاقٌ إنْ كَانَ طَلَّقَهَا أَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا نَوَى الزَّوْجُ طَلَاقًا أَوْ لَمْ يَنْوِ وَفِي امْرَأَةٍ يَمْلِكُهَا لَا تَطْلُقُ الثَّانِيَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ طَلَّقَ تِلْكَ وَلَا يَكُونُ هَذَا إقْرَارٌ بِطَلَاقِ تِلْكَ رَوَاهُ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُطَلِّقًا وَزَادَ فِي الْبَقَّالِي وَلَا يَكُونُ هَذَا إقْرَارًا بِطَلَاقِ تِلْكَ لَا أَنْ يَقُولَ أَشْرَكْتُكِ فِي طَلَاقِ فُلَانَةَ الَّتِي طَلَّقْتهَا. وَفِي الْبِقَالِيِّ أَيْضًا لَوْ أَشْرَكَهَا فِي طَلَاقِ امْرَأَةِ الْغَيْرِ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَنَا أُوقِعُ طَلَاقَهُ الَّذِي أَوْقَعَ عَلَيْهَا عَلَى امْرَأَتِي وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَمَةٍ أُعْتِقَتْ وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَقَالَ زَوْجُهَا لِامْرَأَةٍ أُخْرَى لَهُ قَدْ كُنْت أَشْرَكْتُك فِي طَلَاقِ هَذِهِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَكَذَلِكَ كُلُّ فُرْقَةٍ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَوْ قَالَ قَدْ أَشْرَكْتُكِ فِي فُرْقَةِ هَذِهِ أَوْ قَالَ قَدْ أَشْرَكْتُك فِي بَيْنُونَةِ مَا بَيْنِي

وَبَيْنَهَا لَزِمَهَا تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَنْوِ الطَّلَاقَ لَمْ يَدِنْ فِي الْقَضَاءِ وَيَدِينُ فِيهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ بَيْنَكُنَّ تَطْلِيقَةٌ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةً وَكَذَا إذَا قَالَ بَيْنَكُنَّ تَطْلِيقَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ إلَّا إذَا نَوَى أَنَّ كُلَّ تَطْلِيقَةٍ بَيْنَهُنَّ جَمِيعًا فَيَقَعُ فِي التَّطْلِيقَتَيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا تَطْلِيقَتَانِ وَفِي الثَّلَاثِ ثَلَاثٌ وَلَوْ قَالَ بَيْنَكُنَّ خَمْسُ تَطْلِيقَاتٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ طَلُقَتْ كُلٌّ تَطْلِيقَتَيْنِ وَكَذَا مَا زَادَ إلَى ثَمَانٍ فَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّمَانِ فَقَالَ تِسْعٌ طَلُقَتْ كُلٌّ ثَلَاثًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتَ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَفِي الْفَتَاوَى وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ وَأَنْتِ لِامْرَأَةٍ أُخْرَى يَقَعُ عَلَيْهَا وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتُمَا لِلْأُولَى وَالثَّانِيَةِ يَقَعُ عَلَى الْأُولَى ثِنْتَانِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا بَلْ أَنْتِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ ثَانِيًا أَنْتِ لِلْأُخْرَى لَا يَقَعُ بِدُونِ النِّيَّةِ فَأَمَّا وَأَنْتِ فَيَقَعُ كَقَوْلِهِ هَذِهِ طَالِقٌ وَهَذِهِ يَقَعُ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ قَالَ هَذِهِ طَالِقٌ هَذِهِ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْأُخْرَى بِدُونِ النِّيَّةِ، وَلَوْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ طَالِقٌ طَلُقَتَا وَلَوْ قَالَ هَذِهِ هَذِهِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ الْأُولَى إلَّا أَنْ يَقُولَ طَالِقَانِ وَلَوْ قَالَ لَهُنَّ أَنْتِ ثُمَّ أَنْتِ ثُمَّ أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ الْأَخِيرَةُ وَكَذَا بِحَرْفِ الْوَاوِ وَلَوْ قَالَ طَوَالِقُ طُلِّقْنَ وَلَوْ قَدَّمَ الطَّلَاقَ طُلِّقْنَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَهَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لِوَاحِدَةٍ أَنْتِ ثُمَّ أَنْتِ لِلْمَرْأَةِ الْأُخْرَى ثُمَّ أَنْتِ لِلْمَرْأَةِ الْأُخْرَى ثُمَّ أَنْتِ طَالِقٌ لِلرَّابِعَةِ طَلُقَتْ الرَّابِعَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتَ وَأَنْتِ لَا طَلُقَتْ الْأُولَيَانِ فَقَطْ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَهَذِهِ مَعَك أَوْ مِثْلُك أَوْ قَالَ وَهَذِهِ الْأُخْرَى مَعَك وَعَنَى بِهِ جَالِسَةً مَعَكِ لَمْ يُصَدَّقْ وَطَلُقَتَا ثَلَاثًا فَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ طَلَّقْتُكِ فَهَذِهِ مِثْلُك أَوْ مَعَكِ فَطَلَّقَ الْأُولَى ثَلَاثًا فَيَقَعُ عَلَى الْأُخْرَى وَاحِدَةٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ طَلَّقْتُكِ يَتَنَاوَلُ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ ابْتِدَاءً هَذِهِ طَالِقٌ مَعَك لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمُخَاطَبَةِ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ فِيمَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ قَالَ هَذِهِ طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتْ الثَّالِثَةُ فِي الْحَالِ وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ هَذِهِ طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتْ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْأُولَيَيْنِ وَلَوْ قَالَ هَذِهِ طَالِقٌ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتْ الْأُولَى وَالرَّابِعَةُ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ لَا بَلْ هَذِهِ طَلُقَتْ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةُ وَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَلَوْ قَالَ عَمْرَةُ طَالِقٌ أَوْ زَيْنَبُ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَدَخَلَهَا خُيِّرَ فِي إيقَاعِهِ عَلَى أَيَّتِهِمَا شَاءَ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ فُلَانَةُ عَلَيَّ حَرَامٌ وَعَنَى بِهِ الْيَمِينَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْبَيَانِ حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ وَلَمْ يُقِرَّ بِهَا يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُوقِعَ طَلَاقَ الْإِيلَاءِ أَوْ طَلَاقَ التَّصْرِيحِ وَلَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَوْ عَبْدُهُ حُرٌّ فَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَتَقَ الْعَبْدُ وَسَعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَبَطَلَ الطَّلَاقُ وَلِلْمَرْأَةِ نِصْفُ الْمِيرَاثِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولَةٍ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ السِّعَايَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ طَالِقٌ فَهِيَ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً لَا بَلْ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً لَا بَلْ طَالِقٌ وَاحِدَةً. وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أَنْتِ فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ وَلَا يَلْزَمُهُ بِالْكَلَامِ الثَّانِي شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أَنْتُمَا لَزِمَ الْأُولَى تَطْلِيقَتَانِ وَالْأُخْرَى وَاحِدَةٌ وَفِي الْأَصْلِ لَوْ قَالَ لَهَا كُنْت طَلَّقْتُك أَمَسَّ وَاحِدَةً لَا بَلْ ثِنْتَيْنِ وَقَعَتْ ثِنْتَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِلْمَدْخُولَةِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً لَا بَلْ ثِنْتَيْنِ يَقَعُ

الثَّلَاثُ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولَةِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ لَا بَلْ هَذِهِ طَلُقَتْ الْأَخِيرَةُ وَاحِدَةً وَالْأُولَى ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثِ نِسْوَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتَ لَا بَلْ أَنْتِ طُلِّقْنَ جَمِيعًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَهَا وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا هَذِهِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً لَا بَلْ هَذِهِ الْأُخْرَى فَالْأُخْرَى تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَالْأُولَى وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولَةً فَثَلَاثٌ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ فِي فَصْلِ الْكِنَايَاتِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً لَا بَلْ غَدًا طَلُقَتْ لِلْحَالِ وَاحِدَةً فَإِذَا انْشَقَّ الْفَجْرُ مِنْ الْغَدِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ تَقَعُ أُخْرَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ رَجْعِيٌّ وَالْأُخْرَى بَائِنٌ لَا بَلْ هَذِهِ فَعَلَى الْأُولَى ثِنْتَانِ وَعَلَى الْأُخْرَى وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لَا بَلْ هَذِهِ طَلُقَتَا ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ لَا بَلْ هَذِهِ طَالِقٌ طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ وَاحِدَةً كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ فِي فَصْلِ الْكِنَايَاتِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا أَوْ لَا شَيْءَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا أَوْ لَا شَيْءَ أَوْ غَيْرُ طَالِقٍ لَا يَقَعُ شَيْءٌ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا أَوْ لَا قِيلَ عَلَى الْخِلَافِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ فِي فَصْلِ الْكِنَايَاتِ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا شَكَّ فِي أَنَّهُ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ أَوْ يَكُونَ أَكْبَرُ ظَنِّهِ عَلَى خِلَافِهِ فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: عَزَمْت عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثٌ أَوْ هِيَ عِنْدِي عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثٌ. أَضَعُ الْأَمْرَ عَلَى أَشَدِّهِ فَأَخْبَرَهُ عُدُولٌ حَضَرُوا ذَلِكَ الْمَجْلِسَ وَقَالُوا كَانَتْ وَاحِدَةً قَالَ إذَا كَانُوا عُدُولًا أُصَدِّقُهُمْ وَآخُذُ بِقَوْلِهِمْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْحَادِيَ عَشَرَ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَالْبَيَانُ إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولَةِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَلَا يُخَيَّرُ الزَّوْجُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ إذَا ضَمَّ إلَى امْرَأَتِهِ مَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مِثْلُ الْحَجَرِ وَالْبَهِيمَةِ وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ قَالَ هَذِهِ طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَنْكُوحَتِهِ وَبَيْنَ رَجُلٍ وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ قَالَ هَذِهِ طَالِقٌ أَوْ هَذَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَى مَنْكُوحَتِهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ ضَمَّ إلَى امْرَأَتِهِ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ قَالَ هَذِهِ طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ مَحَلٌّ لِذَلِكَ خَبَرًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَحَلًّا لَهُ إنْشَاءً وَهَذِهِ الصِّيغَةُ بِحَقِيقَتِهَا إخْبَارٌ. وَلَوْ قَالَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ طَلَّقْت إحْدَاكُمَا طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ ذَكَرَهُ فِي طَلَاقِ الْأَصْلِ. ذَكَرَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَلِأَجْنَبِيَّةٍ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَاحِدَةً وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا وَقَعَتْ الْوَاحِدَةُ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ رَضِيعَتَانِ فَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثَلَاثًا طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا وَالْبَيَانُ إلَيْهِ فَلَوْ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ الطَّلَاقَ فِي إحْدَاهُمَا حَتَّى جَاءَتْ امْرَأَةٌ فَأَرْضَعَتْهُمَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ بَانَتَا جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْهِ الْحَيَّةِ وَالْمَيِّتَةِ وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِق لَا تَطْلُقُ الْحَيَّةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ وَقَدْ دَخَلَ بِهِمَا فَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ ثُمَّ بَيَّنَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ فِي الْمُعْتَقَةِ قَالَ تُحَرَّمُ حُرْمَةً غَلِيظَةً وَلَوْ كَانَتَا أَمَتَيْنِ فَقَالَ الزَّوْجُ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ مَرِضَ وَبَيَّنَ الطَّلَاقَ فِي إحْدَاهُمَا فَإِنَّهَا تُحَرَّمُ حُرْمَةً غَلِيظَةً وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الْبَيَانَ فِي حَقِّ الْمِيرَاثِ كَالْمَعْدُومِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ تَحْتَهُ أَمَتَانِ لِرَجُلٍ فَقَالَ الْمَوْلَى إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ الَّتِي أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ أُمِرَ الْمَوْلَى بِالْبَيَانِ دُونَ الزَّوْجِ فَإِذَا بَيَّنَ الْعِتْقَ فِي إحْدَاهُمَا طَلُقَتْ هِيَ ثِنْتَيْنِ وَلَا تُحَرَّمُ حُرْمَةً غَلِيظَةً وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ وَإِنْ مَاتَ

الْمَوْلَى قَبْلَ الْبَيَانِ شَاعَ الْعِتْقُ فِيهِمَا فَالزَّوْجُ الْآنَ يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ فَإِنْ بَيَّنَ الزَّوْجُ فِي إحْدَاهُمَا تُحَرَّمُ حُرْمَةً غَلِيظَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهَا مُسْتَسْعَاةٌ وَطَلَاقُهَا ثِنْتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْمَوْلَى وَلَكِنَّهُ غَابَ لَا يُؤْمَرُ الزَّوْجُ بِالْبَيَانِ فَإِنْ بَدَأَ الزَّوْجُ وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ قَالَ الْمَوْلَى الَّتِي طَلَّقَهَا الزَّوْجُ فَهِيَ حُرَّةٌ يُؤْمَرُ الزَّوْجُ هُنَا بِالْبَيَانِ فَإِذَا بَيَّنَ الزَّوْجُ فِي إحْدَاهُمَا الطَّلَاقَ طَلُقَتْ وَعَتَقَتْ عَقِيبَ الطَّلَاقِ فَتُحَرَّمُ حُرْمَةً غَلِيظَةً وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِحَيْضَتَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ امْرَأَتَانِ وَقَدْ دَخَلَ بِهِمَا فَقَالَ لَهُمَا أَنْتُمَا طَالِقَانِ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى قَالَ لَهُمَا إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثَلَاثًا كَانَ لَهُ الْبَيَانُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّةُ إحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ الْبَاقِيَةُ لِلثَّلَاثِ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا مَعًا لَمْ تَقَعْ الثَّلَاثُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. قَالُوا أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا تَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا إمَّا يَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَا بِعَيْنِهَا ثُمَّ قَالَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا قَالُوا أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا مَقْصُودًا بِالْبَيَانِ إمَّا لَهُ ذَلِكَ حُكْمًا لِلنِّكَاحِ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا. ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهُمَا مَعًا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ تَزَوَّجَ بِإِحْدَاهُمَا جَازَ وَتَتَعَيَّنُ الْأُخْرَى لِلطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ وَلَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى تَزَوَّجَتْ إحْدَاهُمَا زَوْجًا آخَرَ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ فَارَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ نَكَحَهُمَا الْأَوَّلُ جَمِيعًا جَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا فَتَزَوَّجَ الثَّانِيَةَ جَازَ نِكَاحُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي الْمَيِّتَةِ مَا يُوجِبُ تَعْيِينَهَا بِالْوَاحِدَةِ حَتَّى تَتَعَيَّنَ الْحَيَّةُ بِالثَّلَاثِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتَا حَيَّتَيْنِ وَتَزَوَّجَ بِإِحْدَاهُمَا لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمُطَلَّقَةِ بِوَاحِدَةٍ فَتَعَيَّنَتْ الْمُتَزَوِّجَةُ لِلْوَاحِدَةِ. قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ تَحْتَهُ أَمَتَانِ لِرَجُلٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا فَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى إحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ كَمَا لَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا، وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا مَعًا يَبْقَى الطَّلَاقُ بَيْنَهُمَا مُجْمَلًا وَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ الْبَيَانَ فِي إحْدَاهُمَا وَلَوْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ لِأَنَّ حَمْلَ أَمْرِهِ عَلَى الصَّلَاحِ وَاجِبٌ وَذَلِكَ بِحَمْلِ وَطْئِهَا عَلَى الْحَلَالِ وَذَلِكَ بِانْتِفَاءِ الطَّلَاقِ عَنْهَا لِأَنَّ الْأَمَةَ الْمُطَلَّقَةَ بِتَطْلِيقَتَيْنِ. كَمَا لَا تَحِلُّ بِمِلْكٍ لِلنِّكَاحِ لَا تَحِلُّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ وَقَدْ دَخَلَ بِهِمَا إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَاحِدَةً وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَلَهُ أَنْ يُوقِعَ الثَّلَاثَ عَلَى أَيَّتِهِمَا شَاءَ مَا دَامَتَا فِي الْعِدَّةِ وَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوقِعَ الثَّلَاثَ عَلَى إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّةُ إحْدَاهُمَا بَانَتْ هِيَ بِوَاحِدَةٍ وَالْأُخْرَى طَالِقٌ ثَلَاثًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهِمَا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوقِعَ الثَّلَاثَ عَلَى إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا فَإِنْ تَزَوَّجَ بِإِحْدَاهُمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ جَازَ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُخْرَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ الْأَرْبَعِ ثَلَاثًا ثُمَّ اشْتَبَهَتْ وَأَنْكَرَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُطَلَّقَةَ لَا يَقْرَبُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ إحْدَاهُنَّ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كُلَّ وَاحِدَةٍ وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كُلُّ مَا لَا يُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي فِيهِ وَالْفُرُوجُ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَلِهَذَا قَالُوا إذَا اخْتَلَطَتْ الْمَيْتَةُ بِالْمَذْبُوحَةِ أَنَّهُ يَتَحَرَّى لِأَنَّ الْمَيْتَةَ تُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَإِنْ اسْتَعْدَيْنَ عَلَيْهِ إلَى الْحَاكِمِ فِي النَّفَقَةِ وَالْجِمَاعِ أَعْدَى عَلَيْهِ وَحَبَسَهُ حَتَّى يُبَيِّنَ الَّتِي طَلَّقَهَا مِنْهُنَّ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُنَّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُطَلِّقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً فَإِذَا تَزَوَّجْنَ بِغَيْرِهِ جَازَ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهِنَّ وَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْنَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ بِوَاحِدَةٍ. وَلَوْ تَزَوَّجَ بِالثَّلَاثِ صَحَّ نِكَاحُهُنَّ وَتَعَيَّنَتْ الرَّابِعَةُ لِلطَّلَاقِ وَكَذَا قَالُوا فِي الْوَطْءِ لَا يَقْرَبُهُنَّ احْتِيَاطًا فَإِنْ قَرِبَ

الثَّلَاثَ تَعَيَّنَتْ الرَّابِعَةُ لِلطَّلَاقِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْكُلِّ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجْنَ بِزَوْجٍ آخَرَ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ بِزَوْجٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ الْكُلَّ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْكُلِّ وَلَوْ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا يَحْلِفُ الزَّوْجُ فَإِنْ نَكَلَ وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ الثَّلَاثُ وَإِنْ حَلَفَ لَهُنَّ فَالْحُكْمُ كَمَا قُلْنَا قَبْلَ الْيَمِينِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَكَذَا إذَا كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَتَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ هَذَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا فَإِنْ كَانَ بَائِنًا يَنْكِحُهُنَّ جَمِيعًا نِكَاحًا جَدِيدًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا يُرَاجِعُهُنَّ جَمِيعًا وَإِذَا كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا فَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ قَبْلَ الْبَيَانِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يَطَأَ الْبَاقِيَاتِ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ الْمُطَلَّقَةِ وَإِنْ وَطِئَهُنَّ قَبْلَ الْبَيَانِ جَازَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى مَاتَتْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتْ الْبَاقِيَةُ وَكَذَا لَوْ لَمْ تَمُتْ وَلَكِنْ جَامَعَ إحْدَاهُمَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ وَلَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا فَقَالَ عَنَيْت إيَّاهَا لَمْ يَرِثْهَا وَطَلُقَتْ الْبَاقِيَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي جِنْسِ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ. وَلَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِهَذَا الطَّلَاقِ التَّعْيِينَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى اثْنَتَيْنِ أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ فَهِيَ ثِنْتَانِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً فِي قَوْلِهِ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ يَدِينُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ قَالَ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى عَشْرٍ يَقَعُ ثِنْتَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى أُخْرَى وَمِنْ وَاحِدَةٍ إلَى وَاحِدَةٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَوَى هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ وَثَلَاثٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ ثِنْتَانِ إلَى ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى اللَّيْلِ أَوْ قَالَ إلَى شَهْرٍ أَوْ قَالَ إلَى سَنَةٍ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَنْوِيَ الْوُقُوعَ لِلْحَالِ وَيَجْعَلَ الْوَقْتَ لِلِامْتِدَادِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِلْحَالِ وَإِمَّا أَنْ يَنْوِيَ الْوُقُوعَ بَعْدَ الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ عِنْدَنَا وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إلَى الصَّيْفِ أَوْ قَالَ لَهَا إلَى الشِّتَاءِ فَهَذَا وَمَا لَوْ قَالَ إلَى اللَّيْلِ أَوْ إلَى الشَّهْرِ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ إلَى الرَّبِيعِ أَوْ قَالَ إلَى الْخَرِيفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى حِينٍ أَوْ إلَى زَمَانٍ فَإِنْ نَوَى وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى قَرِيبٍ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ عَلَى شَهْرٍ إلَّا يَوْمًا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ هُنَا إلَى الشَّامِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فِي ثِنْتَيْنِ فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا وَقَعَتْ ثَلَاثٌ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَإِنْ نَوَى مَعْنَى مَعَ وَقَعَتْ ثَلَاثٌ مَدْخُولَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَدْخُولَةٍ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ نَوَى الظَّرْفَ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَصْلُحُ ظَرْفًا فَيَلْغُو ذِكْرُ الثَّانِي كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَاحِدَةٌ فِي ثَلَاثٍ وَنَوَى وَاحِدَةً وَثَلَاثًا أَوْ نَوَى وَاحِدَةً مَعَ ثَلَاثٍ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فِي ثِنْتَيْنِ وَنَوَى ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ مَعَ ثِنْتَيْنِ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ نَوَى الضَّرْبَ وَالْحِسَابَ فَفِي قَوْلِهِ وَاحِدَةٌ فِي ثِنْتَيْنِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لَا غَيْرُ وَفِي قَوْلِهِ وَاحِدَةٌ فِي ثَلَاثٍ كَذَلِكَ وَفِي قَوْلِهِ ثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثِنْتَانِ لَا غَيْرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ

الفصل الثاني في إضافة الطلاق إلى الزمان وما يتصل بذلك

بِمَكَّةَ أَوْ فِي مَكَّةَ فَهِيَ طَالِقٌ فِي الْحَالِ فِي كُلِّ الْبِلَادِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الدَّارِ وَإِنْ عَنَى بِهِ إذَا أَتَيْت مَكَّةَ يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا دَخَلْت مَكَّةَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَ مَكَّةَ وَلَوْ قَالَ فِي دُخُولِك الدَّارَ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الشَّمْسِ وَهِيَ فِي الظِّلِّ كَانَتْ طَالِقًا مَكَانَهَا وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي صَلَاتِك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَرْكَعَ وَتَسْجُدَ سَجْدَةً وَإِنْ قَالَ فِي صَوْمِك كَانَتْ طَالِقًا حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ فِي مَرَضِك أَوْ وَجَعِك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَمْرَضَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً فِيهَا دُخُولُك الدَّارَ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي الْحَالِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي حَيْضِك أَوْ مَعَ حَيْضِك فَحِينَ رَأَتْ الدَّمَ تَطْلُقُ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَمِرَّ بِهَا الدَّمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي حَيْضَتِك أَوْ مَعَ حَيْضَتِك فَمَا لَمْ تَحِضْ وَتَطْهُرْ لَا تَطْلُقُ وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا فِي هَذِهِ الْفُصُولِ كُلِّهَا لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ تَطْهُرْ مِنْ هَذِهِ الْحَيْضَةِ وَتَحِيضُ مَرَّةً أُخْرَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِدُخُولِك الدَّارَ أَوْ بِحَيْضَتِك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَ أَوْ تَحِيضَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي ثَوْبِ كَذَا وَعَلَيْهَا غَيْرُهُ طَلُقَتْ لِلْحَالِ وَكَذَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ مَرِيضَةٌ وَإِنْ قَالَ عَنَيْت إذَا لَبِسَتْ وَإِذَا مَرِضَتْ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي ذَهَابِكِ إلَى مَكَّةَ أَوْ فِي لُبْسِكِ ثَوْبَ كَذَا لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَفْعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي عِلْمِي أَوْ حِسَابِي أَوْ رَأْيِي يَقَعُ الطَّلَاقُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِيمَا أَعْلَمُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) . لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْغَدِ أَوْ قَالَ غَدًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ مِنْ الْغَدِ وَإِنْ قَالَ نَوَيْت بِهِ الْوُقُوعَ فِي آخِرِ الْغَدِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْفَصْلَيْنِ وَهَلْ يُصَدَّقُ قَضَاءً أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ غَدًا وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ فِي الْغَدِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُصَدَّقُ وَقَالَا لَا يُصَدَّقُ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ رَمَضَانَ أَوْ فِي رَمَضَانَ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ شَهْرًا أَوْ فِي شَهْرٍ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي رَمَضَانَ فَهُوَ عَلَى أَوَّلِ رَمَضَانَ يَأْتِي وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ فَهُوَ عَلَى أَوَّلِ خَمِيسٍ يَأْتِي وَلَوْ قَالَ عَنَيْتُ رَمَضَانَ الثَّانِيَ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ وَيُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثَ عَشْرَ. وَلَوْ قَالَ لَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ فَهُوَ عَلَى يَوْمِ الْخَمِيسِ الْقَائِمِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَكُونُ عَلَى الْجُمُعَةِ الْآتِيَةِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ فِي شَعْبَانَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي رَمَضَانَ تَطْلُقُ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الصَّيْفِ أَوْ فِي الشِّتَاءِ أَوْ فِي الرَّبِيعِ أَوْ فِي الْخَرِيفِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ حَلَفَ وَقَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَا لَمْ يَمْضِ رَمَضَانُ مِنْ السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا إذَا مَضَى النِّصْفُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ الثَّانِي يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ. وَالْحَالِفُ لَوْ كَانَ مِنْ الْعَوَامّ يَحْنَثُ فِي لَيْلَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ لِكَثْرَةِ عُرْفِهِمْ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ سِتَّةٍ تَطْلُقُ بَعْدَمَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ السَّابِعِ بِعُرِفَ النَّاسِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا أَوْ غَدًا الْيَوْمَ يُؤْخَذُ بِأَوَّلِ الْوَقْتَيْنِ الَّذِي تَفَوَّهَ بِهِ فَيَقَعُ

فِي الْأَوَّلِ فِي الْيَوْمِ وَفِي الثَّانِي فِي الْغَدِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَاحِدَةً وَلَا تَطْلُقُ غَيْرَهَا وَإِنْ قَالَ غَدًا وَالْيَوْمَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ الْيَوْمَ وَاحِدَةً وَغَدًا أُخْرَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَإِذَا جَاءَ غَدٌ تَقَعُ لِلْحَالِ وَاحِدَةٌ وَإِذَا جَاءَ غَدٌ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ تَقَعُ أُخْرَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَهِيَ طَالِقٌ غَدًا حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا قَالَ لَهَا فِي اللَّيْلِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي لَيْلِك وَنَهَارِك يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ سَاعَةَ مَا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ ثُمَّ لَا يَقَعُ فِي النَّهَارِ شَيْءٌ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَإِنْ نَوَى أَنْ يَقَعَ لِكُلِّ وَقْتٍ تَطْلِيقَةٌ كَانَ كَمَا نَوَى وَإِذَا قَالَ لَهَا فِي اللَّيْلِ أَنْتِ طَالِقٌ نَهَارَكِ وَلَيْلَكِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ سَاعَةَ مَا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَتَقَعُ أُخْرَى إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَلَوْ قَالَ لَهَا لَيْلًا أَنْتِ طَالِقٌ فِي لَيْلِكِ وَفِي نَهَارِكِ أَوْ قَالَ لَهَا نَهَارًا أَنْتِ طَالِقٌ فِي نَهَارِك وَفِي لَيْلِك طَلُقَتْ فِي كُلِّ وَقْتٍ تَطْلِيقَةً وَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي أَكْلِك وَشُرْبِك أَوْ فِي قِيَامِك وَقُعُودِك لَمْ يَقَعْ مَا لَمْ يُوجَدْ أَوْ لَوْ قَالَ فِي أَكْلِك وَفِي شُرْبِك أَوْ فِي قِيَامِك وَفِي قُعُودِك فَأَيُّهُمَا وُجِدَ يَقَعُ فَإِنْ نَوَى طَلْقَةً وَاحِدَةً فِي قَوْلِهِ فِي لَيْلِك وَفِي نَهَارِك دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِالنَّهَارِ وَاللَّيْلِ إنْ قَالَ ذَلِكَ نَهَارًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لَيْلًا طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي وَسَطِ النَّهَارِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلَ هَذَا الْيَوْمِ وَآخِرَهُ فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ آخِرَ هَذَا الْيَوْمِ وَأَوَّلَهُ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْوَاقِعَ فِي أَوَّلَ الْيَوْمِ يَكُونُ وَاقِعًا فِي آخِرِهِ فَلَا تَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ أَمَّا إذَا بَدَأَ بِآخِرِ الْيَوْمِ وَالطَّلَاقُ آخِرَ الْيَوْمِ لَا يَكُونُ وَاقِعًا فِي أَوَّلِهِ فَيَقَعُ طَلَاقَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْكِنَايَاتِ. وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ غَدًا يَقَعُ عَلَيْهَا فِي الْحَالِ وَإِنْ قَالَ عَنَيْتُ بِهَذِهِ السَّاعَةِ السَّاعَةَ مِنْ الْغَدِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ وَيَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا وَبَعْدَ غَدٍ يَقَعُ فِي الْغَدِ فَقَطْ وَلَوْ قَالَ أَمْسِ وَالْيَوْمَ فَوَاحِدَةٌ فَأَمَّا الْيَوْمَ وَأَمْسِ فَثِنْتَانِ وَلَوْ ذَكَرَ مَعَهُ وَأَوَّلَ مِنْ أَمْسِ فَثَلَاثٌ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فِيمَا يَكُونُ شَرْطًا مَعْنًى وَفِي الْإِضَافَاتِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ يَقَعُ بَعْدَ غَدٍ لِأَنَّهُ جَعَلَ أَحَدَ الْوَقْتَيْنِ ظَرْفًا وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ يَقَعُ بِآخِرِهِمَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَةً عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقَعْنَ كَذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً تَقَعُ عَلَيْكِ غَدًا تَطْلُقُ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ وَلَوْ قَالَ تَطْلِيقَةً لَا تَقَعُ إلَّا غَدًا طَلُقَتْ لِلْحَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ كُلِّ شَهْرٍ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا فِي رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ وَاحِدَةً. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ شَهْرٍ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ جُمُعَةٍ فَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ عَلَى كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ فَهِيَ طَالِقٌ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ حَتَّى تَبِينَ بِثَلَاثٍ وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ عَلَى كُلِّ جُمُعَة تَمُرُّ بِأَيَّامِهَا عَلَى الدَّهْرِ فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ طَلُقَتْ وَاحِدَةً كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ أَبَدًا أَوْ طَالِقٌ الْأَيَّامَ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ. لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَرَأْسَ الشَّهْرِ وَلَوْ نَوَى فِي كُلِّ يَوْمٍ يَقَعُ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَطْلِيقَةً تَقَعُ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلِيقَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ عِنْدَ كُلِّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّمَا مَضَى يَوْمٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِي كُلِّ يَوْمٍ تَطْلِيقَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ أَيَّامٍ فَإِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْهُ إذَا قَالَ لَهَا إذَا كَانَ ذُو الْقِعْدَةِ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَدْ مَضَى بَعْضُهُ قَالَ هِيَ طَالِقٌ سَاعَةَ مَا تَكَلَّمَ وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَجِيءِ يَوْمٍ إنْ قَالَ ذَلِكَ لَيْلًا طَلُقَتْ كَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ الْيَوْمِ الْجَائِي وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فِي ضَحْوَةٍ مِنْ النَّهَارِ طَلُقَتْ إذَا جَاءَتْ السَّاعَةُ الَّتِي حَلَفَ فِيهَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مُضِيِّ يَوْمٍ إنْ قَالَ ذَلِكَ لَيْلًا طَلُقَتْ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْغَدِ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فِي ضَحْوَةٍ مِنْ النَّهَارِ طَلُقَتْ إذَا جَاءَتْ السَّاعَةُ الَّتِي حَلَفَ فِيهَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَجِيءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ قَالَ ذَلِكَ لَيْلًا طَلُقَتْ كَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فِي ضَحْوَةٍ مِنْ النَّهَارِ طَلُقَتْ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لَيْلًا طَلُقَتْ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ إذْ بِهِ يَتِمُّ الشَّرْطُ هَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْجَامِعِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِهَا لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَجِيءَ مِثْلُ تِلْكَ السَّاعَةِ الَّتِي حَلَفَ فِيهَا مِنْ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ وَهَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا الْيَوْمَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا أَوَّلَ مِنْ أَمْسِ وَقَعَ السَّاعَةَ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا تَزَوَّجْتُكِ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ إذَا تَزَوَّجْتُكِ أَوْ إذَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ قِبَل أَنْ أَتَزَوَّجَك فَفِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ يَقَعُ عِنْدَ التَّزَوُّجِ اتِّفَاقًا وَفِي الثَّالِثَةِ لَا يَقَعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ دُخُولِك الدَّارَ بِشَهْرٍ أَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ فَدَخَلَتْ الدَّارَ أَوْ قَدِمَ فُلَانٌ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ لَا تَطْلُقُ وَلَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ أَوْ قَدِمَ فُلَانٌ لِتَمَامِ الشَّهْرِ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ هَذَا الشَّهْرِ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ ثُمَّ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَقَعُ الطَّلَاقُ مُقَارِنًا لِلدُّخُولِ وَيُقْتَصَرُ الْوُقُوعُ عَلَى وَقْتِ الدُّخُولِ وَالْقُدُومِ حَتَّى لَوْ خَالَعَهَا فِي وَسَطِ الشَّهْرِ ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ أَوْ قَدِمَ فُلَانٌ لِتَمَامِ الشَّهْرِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا يَظْهَرُ بُطْلَانُ الْخَلْعِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ لِتَمَامِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ مُسْتَنِدًا إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا تَطْلُقُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ لَا تَطْلُقُ إجْمَاعًا وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ بِشَهْرٍ يَقَعُ فِي أَوَّلِ شَعْبَانَ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ ثُمَّ خَالَعَهَا فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ لِتَمَامِ الشَّهْرِ إنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ يَقَعُ الثَّلَاثُ مُسْتَنِدًا أَوْ يَبْطُلُ الْخُلْعُ وَيَرُدُّ الزَّوْجُ بَدَلَ الْخُلْعِ إلَى الْمَرْأَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَا يَبْطُلُ الْخُلْعُ وَيَصِيرُ مَعَ الْخُلْعِ ثَلَاثًا وَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ بَعْدَ الْعِدَّةِ بِأَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا وَلَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا وَلَمْ تَجِبُ الْعِدَّةُ لَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَا يَبْطُلُ الْخُلْعُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَوْ قَبْلَ مَوْتِك ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ الْمَرْأَةُ عِنْدَهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْمَوْتِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ مُسْتَنِدًا وَعِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِشَهْرٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ لَمْ تَطْلُقْ بِهَذِهِ الْيَمِينِ أَبَدًا وَإِنْ مَضَى شَهْرٌ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا طَلُقَتْ وَلَا يُنْتَظَرُ مَوْتُ الْآخَرِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِشَهْرٍ فَقَدِمَ أَحَدُهُمَا لِتَمَامِ الشَّهْرِ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ ثُمَّ قَدِمَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ طَلُقَتْ لِأَنَّ وُجُودَ الْقَدُومَيْنِ مُمْتَنِعٌ عَادَةً فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ يَوْمِ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ بِشَهْرٍ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ إذَا أَهَلَّ هِلَالُ رَمَضَانَ لِأَنَّ الْفِطْرَ مَعَ الْأَضْحَى لَا يُوجَدَانِ مَعًا فَتَعَلَّقَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِصِفَةِ التَّقَدُّمِ

وَاعْتُبِرَ اتِّصَالُ الشَّهْرِ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ يَوْمِ الْأَضْحَى يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً قَبْلَهَا يَوْمَ الْأَضْحَى يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ تَحِيضِي بِشَهْرٍ فَمَكَثَتْ شَهْرًا ثُمَّ رَأَتْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ دَمًا لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَرَاهُ ثَلَاثًا فَإِذَا اسْتَمَرَّ ثَلَاثًا قِيلَ هِيَ طَالِقٌ قَبْلَ ذَلِكَ بِشَهْرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَطْلُقُ لِلْحَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قُبَيْلَ غَدٍ أَوْ قُبَيْلَ قُدُومِ فُلَانٍ فَهُوَ قُبَيْلَ ذَلِكَ طُرْفَةَ عَيْنٍ قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْجَوَابُ فِي قَوْلِهِ قُبَيْلَ قُدُومِ فُلَانٍ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى تَطْلُقُ حِينَ يَمْضِي اللَّيْلُ وَلَوْ قَالَ بَعْدَهَا يَوْمَ الْأَضْحَى طَلُقَتْ لِلْحَالِ وَلَوْ قَالَ مَعَ يَوْمِ الْأَضْحَى طَلُقَتْ حِينَ يَطْلُعُ فَجْرُهُ وَلَوْ قَالَ مَعَهَا يَوْمَ الْأَضْحَى طَلُقَتْ لِلْحَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ مَوْتِي أَوْ مَعَ مَوْتِك لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ يَوْمٍ قَبْلَهُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَوْ قَالَ بَعْدَ يَوْمٍ بَعْدَهُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِشَهْرٍ غَيْرِ هَذَا الْيَوْمِ أَوْ سِوَى هَذَا الْيَوْمِ كَانَ كَمَا قَالَ وَكَانَتْ طَالِقًا بَعْد مُضِيِّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا قَوْلَهُ إلَّا هَذَا الْيَوْمَ فَإِنَّ هُنَاكَ تَطْلُقُ حِينَ تَكَلَّمُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْأَصْلُ إذَا عُلِّقَ بِفِعْلَيْنِ يَقَعُ عِنْدَ آخِرِهِمَا لِأَنَّهُ إنْ وَقَعَ عِنْدَ أَوَّلِهِمَا صَارَ مُتَعَلِّقًا بِأَحَدِهِمَا وَإِنْ عُلِّقَ بِأَحَدِ الْفِعْلَيْنِ يَقَعُ عِنْدَ أَوَّلِهِمَا وَإِنْ عُلِّقَ بِالْفِعْلِ وَالْوَقْتِ يَقَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ تَطْلِيقَةٌ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِوَقْتٍ أَوْ بِفِعْلٍ فَإِنْ سَبَقَ الْفِعْلُ وَقَعَ وَلَمْ يُنْتَظَرْ الْوَقْتُ وَإِنْ سَبَقَ الْوَقْتُ لَمْ يَقَعْ حَتَّى يُوجَدَ الْفِعْلُ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا وَقْتَانِ أُضِيفَ الطَّلَاقُ إلَى أَحَدِهِمَا وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَ فُلَانٌ وَإِذَا جَاءَ فُلَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَقَعُ إلَّا بَعْدَ مَجِيئِهِمَا جَمِيعًا وَلَوْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ فُلَانٌ وَإِذَا جَاءَ فُلَانٌ فَأَيُّهُمَا جَاءَ طَلُقَتْ وَكَذَلِكَ لَوْ تَوَسَّطَ الْجَزَاءُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يَقَعُ بِالثَّانِي شَيْءٌ إلَّا إذَا نَوَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ غَدٌ وَبَعْدَ غَدٍ يَقَعُ فِي آخِرِهِ وَلَوْ قَالَ وَهِيَ مُضْطَجِعَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ فِي قِيَامِك وَقُعُودِك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَفْعَلَهُمَا فَإِنْ كَانَتْ قَاعِدَةً فَدَامَتْ ثُمَّ قَامَتْ أَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَدَامَتْ ثُمَّ قَعَدَتْ طَلُقَتْ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي قِيَامِك وَفِي قُعُودِك طَلُقَتْ بِأَيِّهِمَا وُجِدَ وَلَوْ وُجِدَا لَمْ يَقَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ فُلَانٌ أَوْ إذَا جَاءَ فُلَانٌ فَأَيُّهُمَا وُجِدَ طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَيُّهُمَا وُجِدَ وَقَعَ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَوْ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ إنْ وُجِدَ الْقُدُومُ أَوَّلًا يَقَعُ وَإِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوَّلًا لَا يَقَعُ حَتَّى يَقْدُمَ فُلَانٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ وَإِذَا قَدِمَ فُلَانٌ تَعَلَّقَ بِكُلِّ وَاحِدٍ طَلَاقٌ فَيَقَعُ فِي الْوَقْتِ الْمَوْصُوفِ وَاحِدَةٌ وَعِنْدَ الشَّرْطِ أُخْرَى كَذَا فِي الْكَافِي فِي آخِرِ فَصْلِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْأَمَةِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَقَالَ لَهَا الْمَوْلَى إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْت حُرَّةٌ فِي الْغَدِ لَمْ تَحِلَّ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَإِذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ وَلَمْ يُطَلِّقْ حَتَّى مَاتَ وَقَعَ تَطْلِيقَتَانِ وَلَوْ قَالَ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ وَإِذَا طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَ وَقَعَ تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ أَوْ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ مَتَى مَا لَمْ أُطَلِّقْك وَسَكَتَ طَلُقَتْ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ فَلَوْ قَالَ مَوْصُولًا أَنْتِ طَالِقٌ بَرَّ حَتَّى لَوْ قَالَ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ وَصَلَ قَوْلَهُ أَنْتِ

الفصل الثالث في تشبيه الطلاق ووصفه

طَالِقٌ قَالَ أَصْحَابُنَا بَرَّ، وَوَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ حِينَ لَمْ أُطَلِّقْك، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهِيَ طَالِقٌ حِينَ سَكَتَ وَكَذَا زَمَانَ لَمْ أُطَلِّقْك وَحَيْثُ لَمْ أُطَلِّقْك وَيَوْمَ لَمْ أُطَلِّقْك وَإِنْ قَالَ زَمَانَ لَا أُطَلِّقُك أَوْ حِينَ لَا أُطَلِّقُك لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَمْضِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ يَوْمَ لَا أُطَلِّقُك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمْضِيَ يَوْمٌ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فِيمَا يَكُونُ شَرْطًا مَعْنًى. وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَأَنْت طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا لَيْلًا طَلُقَتْ وَلَوْ قَالَ عَنَيْت بِهِ بَيَاضَ النَّهَارِ خَاصَّةً دِينَ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا قَالَ لَيْلَةَ أَتَزَوَّجُك فَأَنْت طَالِقٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا تَزَوَّجَهَا لَيْلًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَأَنْت طَالِقٌ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَتَزَوَّجَهَا يَقَعُ الثَّلَاثُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ وَسَكَتَ يَقَعُ الثَّلَاثُ مُتَتَابِعًا وَلَا يَقَعُ جُمْلَةً حَتَّى لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَقَعَتْ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ لَا غَيْرُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ إذَا مَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى نِيَّتِهِ فَإِنْ قَالَ نَوَيْت بِهِ الْإِيقَاعَ فِي الْحَالِ طَلُقَتْ مِنْ سَاعَتِهِ وَإِنْ قَالَ نَوَيْت بِهِ فِي آخِرِ الْعُمْرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا وَقَالَا طَلُقَتْ حِينَ مَا سَكَتَ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا لَمْ أُطَلِّقْكِ أَوْ إذَا مَا لَمْ أُطَلِّقْك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا إنْ عَنَى بِهِ الشَّرْطَ وَإِنْ عَنَى بِهِ مَتَى وَقَعَ الطَّلَاقُ كَمَا سَكَتَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا وَعِنْدَهُمَا كَمَا سَكَتَ يَقَعُ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ قَالَ كُلَّمَا قَعَدْتُ عِنْدَكَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَقَعَدَ عِنْدَهُ سَاعَةَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا ضَرَبْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَضَرَبَهَا بِيَدَيْهِ جَمِيعًا طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ وَإِنْ ضَرَبَهَا بِكَفٍّ وَاحِدٍ لَا تَطْلُقُ إلَّا وَاحِدَةً وَإِنْ وَقَعَتْ الْأَصَابِعُ مُتَفَرِّقَةً، رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً يَقَعُ طَلَاقَانِ طَلَاقٌ بِالتَّطْلِيقِ وَطَلَاقٌ بِقَوْلِهِ كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي تَشْبِيهِ الطَّلَاقِ وَوَصْفِهِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي تَشْبِيهِ الطَّلَاقِ وَوَصْفِهِ) . إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِثْلَ عَدَدِ كَذَا لِشَيْءٍ لَا عَدَدَ لَهُ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا قَالَ عَدَدَ مَا فِي يَدَيَّ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ تَقَعُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَا إذَا قَالَ عَدَدَ مَا فِي الْحَوْضِ مِنْ السَّمَكِ وَلَيْسَ فِي الْحَوْضِ سَمَكٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى عَدَدٍ مَعْلُومِ النَّفْيِ كَعَدَدِ شَعْرِ بَطْنِ كَفَّيَّ أَوْ مَجْهُولِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ كَعَدَدِ شَعْرِ إبْلِيسَ وَنَحْوِهِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ أَوْ مِنْ شَأْنِهِ الثُّبُوتُ لَكِنَّهُ زَائِلٌ وَقْتَ الْحَلِفِ بِعَارِضٍ كَعَدَدِ شَعْرِ سَاقِي أَوْ سَاقِكِ وَقَدْ تَنَوَّرَ لَا يَقَعُ لِعَدَمِ الشَّرْطِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ بِعَدَدِ الشَّعْرِ الَّذِي عَلَى فَرْجِك وَقَدْ كَانَتْ طَلَتْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَعْرٌ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقَعُ كَمَا لَوْ قَالَ بِعَدَدِ الشَّعْرِ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ كَفِّي وَقَدْ طُلِيَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ شَعْرِ رَأْسِي وَقَدْ طُلِيَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ مَا فِي هَذِهِ الْقَصْعَةِ مِنْ الثَّرِيدِ إنْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ صَبِّ الْمَرَقَةِ عَلَيْهِ فَهُوَ ثَلَاثٌ وَإِنْ قَالَ بَعْدَ صَبِّ الْمَرَقَةِ فَوَاحِدَةٌ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كَأَلْفٍ أَوْ مِثْلُ أَلْفٍ فَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَهُوَ ثَلَاثٌ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً كَأَلْفٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ كَعَدَدِ الْأَلْفِ أَوْ كَعَدَدِ ثَلَاثٍ أَوْ مِثْلُ عَدَدِ ثَلَاثٍ فَهِيَ ثَلَاثٌ فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ نَوَى غَيْرَ ذَلِكَ فَنِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ

قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كَثَلَاثٍ فَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ كَالنُّجُومِ فَوَاحِدَةٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْعَدَدَ فَثَلَاثٌ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كَعَدَدِ النُّجُومِ يَقَعُ ثَلَاثٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ النُّجُومِ أَوْ عَدَدَ التُّرَابِ أَوْ عَدَدَ الْبِحَارِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً مِثْلُ الثَّلَاثِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِثْلُ الْأَسَاطِينِ أَوْ مِثْلُ الْجِبَالِ أَوْ مِثْلُ الْبِحَارِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ كَعِظَمِ الْجَبَلِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْكِنَايَاتِ. وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ الرَّمَلِ فَهِيَ ثَلَاثٌ إجْمَاعًا هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ الْبَيْتِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ الدَّارِ أَوْ مِلْءَ الْجُبِّ فَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهِيَ بَائِنَةٌ وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً مِثْلَ الدَّارِ أَوْ قَالَ بِمِلْءِ الدَّارِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِثْلُ عِظَمِ السِّمْسِمِ أَوْ عِظَمِ حَبَّةٍ أَوْ عِظَمِ خَرْدَلَةٍ كَانَ بَائِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا عِنْدَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ثُمَّ الْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ مَتَى شَبَّهَ الطَّلَاقَ بِشَيْءٍ يَقَعُ بَائِنًا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا سَوَاءٌ ذَكَرَ الْعِظَمَ أَمْ لَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ ذَكَرَ الْعِظَمَ يَكُونُ بَائِنًا وَإِلَّا يَكُونُ رَجْعِيًّا سَوَاءٌ كَانَ الْمُشَبَّهُ بِهِ صَغِيرًا أَمْ كَبِيرًا وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيلَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ مَعَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَيَانُ ذَلِكَ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِثْلُ عِظَمِ رَأْسِ الْإِبْرَةِ كَانَ بَائِنًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَالَ مِثْلُ رَأْسِ الْإِبْرَةِ أَوْ مِثْلُ حَبَّةِ الْخَرْدَلَةِ فَهُوَ بَائِنٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَجْعِيٌّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ قَالَ مِثْلُ الْجَبَلِ كَانَ بَائِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ رَجْعِيًّا وَلَوْ قَالَ مِثْلُ عِظَمِ الْجَبَلِ كَانَ بَائِنًا إجْمَاعًا وَإِنْ نَوَى بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ كُلِّهَا ثَلَاثًا كَانَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كَالثَّلْجِ فَهُوَ بَائِنٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا إنْ أَرَادَ بِهِ الْبَيَاضَ فَهُوَ رَجْعِيٌّ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْبَرَدَ فَهُوَ بَائِنٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِثْلَ سَنْجَةِ دَانَقٍ فَوَاحِدَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ دِرْهَمٍ أَوْ مِثْلُ سَنْجَةِ نِصْفِ دِرْهَمٍ أَوْ مِثْلُ سَنْجَةِ دِرْهَمٍ أَوْ مِثْلُ سَنْجَةِ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مِثْلُ خَمْسَةِ دَوَانِقَ تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَيَكُونُ بَائِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَالَ مِثْلُ سَنْجَةِ دَانَقٍ وَنِصْفٍ أَوْ مِثْلُ سَنْجَةِ دَانَقَيْنِ فَثِنْتَانِ وَكَذَا مِثْلُ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لِأَنَّ لَهُ سَنْجَتَيْنِ وَلَوْ قَالَ مِثْلُ سَنْجَةِ دَانِقَيْنِ وَنِصْفٍ أَوْ مِثْلُ سَنْجَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ دِرْهَمٍ تَقَعُ الثَّلَاثُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ مِثْلَ سَنْجَةِ ثُلُثَيْ دِرْهَمٍ يَقَعُ ثِنْتَانِ لِأَنَّ لَهُ سَنْجَتَيْنِ وَلَوْ قَالَ مِثْلَ سَنْجَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْوِيلَ عَلَى عَدَدِ السَّنَجَاتِ الْمُتَعَارَفَةِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا وَأَشَارَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَإِنْ أَشَارَ بِأُصْبُعَيْنِ فَهِيَ ثِنْتَانِ وَإِنْ أَشَارَ بِثَلَاثٍ فَثَلَاثٌ وَيُعْتَبَرُ فِي الْأَصَابِعِ الْمَنْشُورَةِ دُونَ الْمَضْمُونَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ. وَإِنْ قَالَ عَنَيْتُ الْكَفَّ أَوْ الْمَضْمُومَةَ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِثْلَ هَذَا وَأَشَارَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَنَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ كَذَا فِي

فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِثْلَ هَذَا وَهَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ فَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَكَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ أَوْ أَلْبَتَّةَ أَوْ أَفْحَشَ الطَّلَاقِ أَوْ طَلَاقَ الشَّيْطَانِ أَوْ الْبِدْعَةِ أَوْ أَشَدَّ الطَّلَاقِ أَوْ كَالْجَبَلِ أَوْ تَطْلِيقَةً شَدِيدَةً أَوْ عَرِيضَةً أَوْ طَوِيلَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ ثَلَاثًا وَلَوْ نَوَى بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَبِقَوْلِهِ بَائِنٌ وَنَحْوُهُ أُخْرَى تَقَعُ ثِنْتَانِ وَيَكُونُ بَائِنًا. الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى وَصَفّ الطَّلَاقَ إنْ كَانَ وَصْفًا لَا يُوصَفُ بِهِ الطَّلَاقُ يَلْغُو الْوَصْفُ وَيَقَعُ رَجْعِيًّا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا لَمْ يَقَعْ عَلَيْك أَوْ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ وَمَتَى وَصَفَهُ بِصِفَةٍ يُوصَفُ بِهَا الطَّلَاقُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ لَا تُنْبِئَ عَنْ زِيَادَةٍ كَقَوْلِهِ أَحْسَنُ الطَّلَاقِ أَوْ أَفْضَلُهُ أَوْ أَسَنُّهُ أَوْ أَجْمَلُهُ أَوْ أَعْدَلُهُ أَوْ خَيْرُهُ أَوْ تُنْبِئَ عَنْ زِيَادَةٍ كَقَوْلِهِ أَشَدُّ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ فَالْأَوَّلُ رَجْعِيٌّ وَالثَّانِي بَائِنٌ عَلَى أُصُولِهِمْ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَقْبَحَ الطَّلَاقِ أَوْ أَفْحَشَهُ أَوْ أَخْبَثَهُ أَوْ أَسْوَأَهُ أَوْ أَغْلَظَهُ أَوْ أَشَرَّهُ أَوْ أَطْوَلَهُ أَوْ أَكْبَرَهُ أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ أَعْظَمَهُ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَوْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فِي غَيْرِ الْأَمَةِ كَانَتْ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طُولَهُ وَعَرْضَهُ كَذَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ لَا يَقَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَامَّةَ الطَّلَاقِ أَوْ جُلَّ الطَّلَاقِ يَقَعُ طَلَاقَانِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ وَلَوْ قَالَ أَقَلَّ الطَّلَاقِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ التَّطْلِيقَةِ طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ تَطْلِيقَةٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ كُلِّ تَطْلِيقَةٍ أَوْ مَعَ كُلِّ تَطْلِيقَةٍ أَوْ قَالَ أَنْتِ مَعَ كُلِّ تَطْلِيقَةٍ طَالِقٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ تَقَعُ الثَّلَاثُ هُوَ الْمُخْتَارُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقَعُ ثِنْتَانِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَلَوْ قَالَ لَا كَثِيرًا وَلَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ كُلَّ الطَّلَاقِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ كَثِيرَ الطَّلَاقِ فَهِيَ ثِنْتَانِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ كُلَّهُ فَهِيَ ثَلَاثٌ وَلَوْ قَالَ عَدَدًا مِنْ الطَّلَاقِ فَهِيَ ثِنْتَانِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ عَدَدَ الطَّلَاقِ وَلَوْ قَالَ عِدَّةَ الطَّلَاقِ فَهِيَ ثَلَاثٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأُخْرَى فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَأُخْرَى فَهِيَ ثِنْتَانِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَيْرَ وَاحِدَةٍ فَهِيَ ثِنْتَانِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَيْرَ ثِنْتَيْنِ فَهِيَ ثَلَاثٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً تَكُونُ ثَلَاثًا أَوْ تَصِيرُ ثَلَاثًا أَوْ تَعُودُ ثَلَاثًا أَوْ تَتِمُّ ثَلَاثًا أَوْ تَسْتَكْمِلُ ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاثٌ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ تَمَامَ ثَلَاثٍ أَوْ ثَالِثَ ثَلَاثٍ فَهِيَ ثَلَاثٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُكِ آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَأَقَلَّ مِنْ ثِنْتَيْنِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقِيَاسُ أَنْ يَقَعَ ثِنْتَانِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً حَسَنَةً أَوْ جَمِيلَةً كَانَتْ طَالِقًا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا حَائِضًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ حَائِضٍ وَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ التَّطْلِيقَةُ لِلسُّنَّةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْكِ مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ مَا لَا يَقَعُ أَوْ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَبَطَلَ الْخِيَارُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً تَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك يَلْغُو وَيَمْلِكُ الرَّجْعَةَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْنَيْنِ مِنْ الطَّلَاقِ فَهِيَ ثِنْتَانِ وَلَوْ قَالَ أَلْوَانًا مِنْ الطَّلَاقِ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَإِنْ قَالَ نَوَيْت أَلْوَانَ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ فَإِنَّهُ يَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَنْوَاعًا أَوْ ضُرُوبًا أَوْ وُجُوهًا

الفصل الرابع في الطلاق قبل الدخول

فَهِيَ ثَلَاثٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَطْلَقَ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بِدُونِ النِّيَّةِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ فِي فَصْلِ الْكِنَايَاتِ. رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ جَعَلْت تِلْكَ التَّطْلِيقَةَ بَائِنَةٌ أَوْ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَصِيرُ بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَصِيرُ بَائِنًا وَلَا ثَلَاثًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ جَعْلُهَا بَائِنًا وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا ثَلَاثًا وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ فِي الْعِدَّةِ أَلْزَمْتُ امْرَأَتِي ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ أَوْ قَالَ أَلْزَمْتهَا تَطْلِيقَتَيْنِ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ فَهُوَ عَلَى مَا قَالَ وَلَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ قَالَ جَعَلْت تِلْكَ التَّطْلِيقَةَ بَائِنَةً لَا تَصِيرُ بَائِنَةً وَلَوْ قَالَ لَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ إذَا طَلَّقْتُك وَاحِدَةً فَهِيَ بَائِنٌ أَوْ هِيَ ثَلَاثٌ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَلَا يَكُونُ بَائِنًا وَلَا ثَلَاثًا لِأَنَّهُ قَدَّمَ الْقَوْلَ قَبْلَ نُزُولِ الطَّلَاقِ وَلَوْ قَالَ إذَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ جَعَلْت هَذِهِ التَّطْلِيقَةَ بَائِنَةً أَوْ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ لَا تَلْزَمُهُ هَذِهِ الْمَقَالَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ) إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَقَعْنَ عَلَيْهَا فَإِنْ فَرَّقَ الطَّلَاقَ بَانَتْ بِالْأُولَى وَلَمْ تَقَعْ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ وَكَذَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْمَلْفُوظَ بِهِ أَوَّلًا إنْ كَانَ مُوقَعًا أَوَّلًا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَإِذَا كَانَ الْمَلْفُوظُ بِهِ أَوَّلًا مُوقَعًا آخِرًا وَقَعَتْ ثِنْتَانِ فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً قَبْلَ وَاحِدَةٍ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَكَذَا إذَا قَالَ وَاحِدَةً بَعْدَهَا وَاحِدَةٌ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَإِنْ قَالَ وَاحِدَةً قَبْلَهَا وَاحِدَةٌ وَقَعَتْ ثِنْتَانِ وَإِنْ قَالَ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَكَذَا إذَا قَالَ وَاحِدَةً مَعَ وَاحِدَةٍ أَوْ مَعَهَا وَاحِدَةٌ وَفِي الْمَدْخُولِ بِهَا يَقَعُ ثِنْتَانِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ وَاحِدَةً تَقَدَّمَهَا ثِنْتَانِ فَثَلَاثٌ كَقَوْلِهِ وَاحِدَةً مَعَ ثِنْتَيْنِ أَوْ مَعَهَا ثِنْتَانِ وَكَذَا وَاحِدَةً قَبْلَهَا ثِنْتَانِ أَوْ وَاحِدَةً بَعْدَ ثِنْتَيْنِ فَثَلَاثٌ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ مَعَ طَلَاقِي إيَّاكِ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَبَعْدَهُ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ تَقَعَانِ بِالدُّخُولِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ إحْدَى وَعِشْرِينَ تَقَعُ الثَّلَاثُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَلَوْ قَالَ أَحَدَ عَشْرَ تَقَعُ الثَّلَاثُ فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ قَالَ وَاحِدَةً وَعَشْرًا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ وَاحِدَةً وَمِائَةً أَوْ وَاحِدَةً وَأَلْفًا كَانَتْ وَاحِدَةً فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَقَعُ الثَّلَاثُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثِنْتَيْنِ ثُمَّ قَالَ كُنْت طَلَّقْتُهَا وَاحِدَةً قَبْلَ الثِّنْتَيْنِ فَإِنِّي لَا أُبْطِلُ عَنْهَا الثِّنْتَيْنِ وَأُلْزِمُهَا الَّتِي أَقَرَّ بِهَا وَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ قَالَ وَاحِدَةً وَنِصْفًا وَقَعَ ثِنْتَانِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ قَالَ نِصْفًا وَوَاحِدَةً وَقَعَ ثِنْتَانِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاحِدَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَأُخْرَى يَقَعُ ثِنْتَانِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ نَحْوَهُ مِنْ الْعَدَدِ فَمَاتَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قَوْلِهِ ثَلَاثًا وَنَحْوِهِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ أَوْ طَالِقٌ بَائِنٌ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ أَلْبَتَّةَ أَوْ بَائِنٌ لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ اشْهَدُوا ثَلَاثًا فَوَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ فَاشْهَدُوا فَثَلَاثٌ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً فَدَخَلَتْ الدَّارَ وَقَعَ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا ثِنْتَانِ وَأَمَّا إذَا خَرَجَ يَقَعُ ثِنْتَانِ إجْمَاعًا كَذَا فِي

الفصل الخامس في الكنايات في الطلاق

الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالشَّرْطِ إنْ كَانَ الشَّرْطُ مُقَدَّمًا فَقَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولَةٍ بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَغَا الْبَاقِي وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولَةً بَانَتْ بِثَلَاثٍ إجْمَاعًا إلَّا أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي الْوُقُوعِ وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ الثَّلَاثُ جُمْلَةً وَاحِدَةً. وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مُؤَخَّرًا فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَوْ ذَكَرَهُ بِالْفَاءِ فَدَخَلَتْ الدَّارَ بَانَتْ بِثَلَاثٍ إجْمَاعًا سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولَةً أَوْ غَيْرَ مَدْخُولَةٍ هَذَا كُلُّهُ إذَا ذَكَرَهُ بِحَرْفِ الْعَطْفِ فَإِنْ ذَكَرَهُ بِغَيْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ إنْ كَانَ الشَّرْطُ مُقَدَّمًا فَقَالَ إنْ دَخَلْتِ الدَّار فَأَنْت طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولَةٍ. فَالْأَوَّلُ بِالشَّرْطِ وَالثَّانِي يَقَعُ لِلْحَالِ وَالثَّالِثُ لَغْوٌ ثُمَّ إذَا تَزَوَّجَهَا وَدَخَلَتْ الدَّارَ يَنْزِلُ الْمُعَلَّقُ وَإِنْ دَخَلَتْ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ قَبْلَ التَّزَوُّجِ حَنِثَ وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولَةً فَالْأَوَّلُ مُعَلَّقٌ بِالشَّرْطِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ يَقَعَانِ فِي الْحَالِ وَإِنْ أَخَّرَ الشَّرْطَ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولَةٍ. فَالْأَوَّلُ يَنْزِلُ لِلْحَالِ وَلَغَا الْبَاقِي وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولَةً يَنْزِلُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي لِلْحَالِ وَيَتَعَلَّقُ الثَّالِثُ بِالشَّرْطِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ عَرَّفَ بِحَرْفِ الْفَاءِ فَقَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَطَالِقٌ فَطَالِقٌ فَدَخَلَتْ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا ذَكَرَ الْكَرْخِيِّ فَعِنْدَهُ تَبِينُ بِوَاحِدَةٍ وَيَسْقُطُ مَا بَعْدَهَا وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ الثَّلَاثُ. وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ عَطَفَ بِثُمَّ وَأَخَّرَ بِالشَّرْطِ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا فَعِنْدَهُ يَقَعُ فِي الْحَالِ ثِنْتَانِ وَتَتَعَلَّقُ الثَّالِثَةُ بِالشَّرْطِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ وَتَلْغُو الثَّانِيَةُ وَإِنْ قَدَّمَ الشَّرْطَ فَقَالَ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا تَعَلَّقَتْ الْأُولَى وَوَقَعَتْ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا تَعَلَّقَتْ الْأُولَى وَوَقَعَتْ الثَّانِيَةُ وَلَغَتْ الثَّالِثَةُ وَعِنْدَهُمَا تَعَلَّقَ الْكُلُّ بِالشَّرْطِ قَدَّمَهُ أَوْ أَخَّرَهُ إلَّا أَنَّ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ يَقَعُ الثَّلَاثُ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً قَدَّمَهُ أَوْ أَخَّرَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَمَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْتِ لَمْ تَطْلُقْ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ عِنْدَ الْأَوَّلِ أَوْ فِي الثَّانِي لَا يَقَعُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ بَانَتْ بِالْأُولَى وَلَمْ تَتَعَلَّقْ الثَّانِيَةُ بِالدُّخُولِ وَفِي الْمَدْخُولَةِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ وَتَتَعَلَّقُ الثَّانِيَةُ بِالدُّخُولِ إنْ دَخَلَتْ فِي الْعِدَّةِ وَقَعَتْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَعْدَهَا وَاحِدَةٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَانَتْ بِالْأُولَى وَلَمْ يَلْزَمْهَا الْيَمِينُ لِأَنَّ هَذَا مُنْقَطِعٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً قَبْلَ وَاحِدَةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَ فَإِذَا دَخَلَتْ طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً قَبْلَهَا وَاحِدَةٌ أَوْ مَعَ وَاحِدَةٍ أَوْ مَعَهَا وَاحِدَةٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَ وَإِذَا دَخَلَتْ وَقَعَ عَلَيْهَا ثِنْتَانِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَبَعْدَهَا وَاحِدَةٌ أُخْرَى إنْ دَخَلْت الدَّارَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَ وَإِذَا دَخَلَتْ وَقَعَ عَلَيْهَا ثِنْتَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْكِنَايَاتِ فِي الطَّلَاقُ] (الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْكِنَايَاتِ) لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ إلَّا بِالنِّيَّةِ أَوْ بِدَلَالَةِ حَالٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. ثُمَّ الْكِنَايَاتُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ (مَا يَصْلُحُ جَوَابًا لَا غَيْرُ) أَمْرُك بِيَدِك، اخْتَارِي، اعْتَدِّي (وَمَا يَصْلُحُ جَوَابًا وَرَدَّا لَا غَيْرُ) اُخْرُجِي اذْهَبِي اُعْزُبِي قُومِي تَقَنَّعِي اسْتَتِرِي تَخَمَّرِي (وَمَا يَصْلُحُ جَوَابًا وَشَتْمًا) خَلِيَّةٌ بَرِيَّةٌ بَتَّةٌ بَتْلَةٌ بَائِنٌ حَرَامٌ

وَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ (حَالَةُ) الرِّضَا (وَحَالَةُ) مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ بِأَنْ تَسْأَلَ هِيَ طَلَاقَهَا أَوْ غَيْرُهَا يَسْأَلُ طَلَاقَهَا (وَحَالَةُ) الْغَضَبِ فَفِي حَالَةِ الرِّضَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْأَلْفَاظِ كُلِّهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي تَرْكِ النِّيَّةِ مَعَ الْيَمِينِ وَفِي حَالَةِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي سَائِرِ الْأَقْسَامِ قَضَاءً إلَّا فِيمَا يَصْلُحُ جَوَابًا وَرَدَّا فَإِنَّهُ لَا يُجْعَلُ طَلَاقًا كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي حَالَةِ الْغَضَبِ يُصَدَّقُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ الرَّدِّ وَالسَّبِّ إلَّا فِيمَا يَصْلُحُ لِلطَّلَاقِ وَلَا يَصْلُحُ لِلرَّدِّ وَالشَّتْمِ كَقَوْلِهِ اعْتَدِّي وَاخْتَارِي وَأَمْرُك بِيَدِك فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِيهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَأَلْحَقَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخَلِيَّةٍ وَبَرِيَّةٍ وَبَتَّةٍ وَبَائِنٍ وَحَرَامٍ أَرْبَعَةً أُخْرَى ذَكَرَهَا السَّرَخْسِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ وَقَاضِي خَانْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَآخَرُونَ وَهِيَ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك خَلَّيْت سَبِيلَك فَارَقْتُك وَلَا رِوَايَةَ فِي خَرَجْت مِنْ مِلْكِي قَالُوا هُوَ بِمَنْزِلَةِ خَلَّيْت سَبِيلَك وَفِي الْيَنَابِيعِ أَلْحَقَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْخَمْسَةِ سِتَّةً أُخْرَى وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَزَادَ خَالَعْتكِ وَالْحَقِي بِأَهْلِك هَكَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَفِي قَوْلِهِ حَبْلُك عَلَى غَارِبِك لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَانْتَقِلِي وَانْطَلِقِي كَالْحَقِي وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْحَقِي بِرُفْقَتِك يَقَعُ إذَا نَوَى كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. تَطْلُقُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً فِي اعْتَدِّي وَاسْتَبْرِئِي رَحِمَك وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ فَلَا يَقَعُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إلَّا وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَلَوْ نَوَى ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ وَفِي غَيْرِهَا بَائِنَةٌ وَإِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ وَتَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ وَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ فِي قَوْلِهِ اخْتَارِي كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَبِابْتَغِي الْأَزْوَاجَ تَقَعُ وَاحِدَةً بَائِنَةٌ إنْ نَوَاهَا أَوْ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثٌ إنْ نَوَاهَا هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ. وَكَذَا صَحَّتْ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ فِي الْأَمَةِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ طَلَّقَ مَنْكُوحَتَهُ الْحُرَّةَ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ وَنَوَى ثِنْتَيْنِ كَانَتْ وَاحِدَةً حَتَّى لَوْ نَوَى الثَّلَاثَ تَقَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ فَسَخْت النِّكَاحَ وَنَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ لَسْت لِي بِامْرَأَةٍ أَوْ قَالَ لَهَا مَا أَنَا بِزَوْجِك أَوْ سُئِلَ فَقِيلَ لَهُ هَلْ لَك امْرَأَةٌ فَقَالَ لَا فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِهِ الْكَذِبَ يُصَدَّقُ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ جَمِيعًا وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنْ قَالَ نَوَيْت الطَّلَاقَ يَقَعُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ قَالَ لَمْ أَتَزَوَّجْك وَنَوَى الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ مَا لِي امْرَأَةٌ لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ حَجَّةٌ إنْ كَانَتْ لِي امْرَأَةٌ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي نُسْخَتِهِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الشَّافِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَدْ اتَّفَقُوا جَمِيعًا أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ مَا أَنْتِ لِي بِامْرَأَةٍ أَوْ لَسْت وَاَللَّهِ لِي بِامْرَأَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى وَلَوْ قَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيك يَنْوِي الطَّلَاقَ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَوْ قَالَ افْلَحِي يَنْوِي الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا قَالَ لَا أُرِيدُك أَوْ لَا أُحِبُّك أَوْ لَا أَشْتَهِيك أَوْ لَا رَغْبَةَ لِي فِيك فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ مَا أَنْتِ لِي بِامْرَأَةٍ أَوْ لَسْت لَك بِزَوْجٍ وَنَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك بَائِنٌ أَوْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ وَلَوْ قَالَ أَنَا بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ وَلَمْ يَقُلْ مِنْك أَوْ عَلَيْك لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ بَايَنْتُك أَوْ أَبَنْتُك أَوْ أَبَنْت مِنْك أَوْ لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك أَوْ سَرَّحْتُك أَوْ وَهَبْتُك لِنَفْسِك أَوْ خَلَّيْت سَبِيلَك أَوْ أَنْتِ سَائِبَةٌ أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ أَنْتِ أَعْلَمُ بِشَأْنِك. فَقَالَتْ: اخْتَرْت نَفْسِي. يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَنْوِ الطَّلَاقَ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَلَوْ قَالَ لَهَا لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك أَوْ قَالَ لَمْ يَبْقَ بَيْنِي وَبَيْنَك نِكَاحٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا نَوَى وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا لَسْت لِي بِزَوْجٍ فَقَالَ الزَّوْجُ صَدَقْت وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ يَقَعُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا قَالَ وَهَبْتُك لِأَهْلِك أَوْ لِأَبِيك أَوْ لِأُمِّك أَوْ لِلْأَزْوَاجِ فَهُوَ طَلَاقٌ إذَا نَوَى وَإِنْ قَالَ وَهَبْتُك لِأَخِيك أَوْ لِخَالِك أَوْ لِعَمِّك أَوْ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا وَهَبْت نَفْسَك مِنْك فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْكِنَايَاتِ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ يَقَعُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ لَهَا أَبَحْتك لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ صِرْت غَيْرَ امْرَأَتِي فِي رِضًا أَوْ سَخَطٍ تَطْلُقُ إذَا نَوَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لَمْ يَبْقَ بَيْنِي وَبَيْنَك شَيْءٌ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ وَفِي الْفَتَاوَى لَمْ يَبْقَ بَيْنِي وَبَيْنَك عَمَلٌ وَنَوَى يَقَعُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ نِكَاحِك يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا نَوَى وَلَوْ قَالَ اُبْعُدِي عَنِّي وَنَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمِنْ الْكِنَايَاتِ تَنَحَّيْ عَنِّي وَنَجَوْت مِنِّي كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَرْبَعَةُ طُرُقٍ عَلَيْك مَفْتُوحَةٌ لَا يَقَعُ بِهَذَا شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى إلَّا إذَا قَالَ خُذِي أَيَّ طَرِيقٍ شِئْت وَقَالَ نَوَيْت الطَّلَاقَ وَلَوْ قَالَ مَا نَوَيْت صُدِّقَ وَلَوْ قَالَ لَهَا اذْهَبِي أَيَّ طَرِيقٍ شِئْت لَا يَقَعُ بِدُونِ النِّيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَالَ لَهَا اذْهَبِي أَلْفَ مَرَّةٍ وَنَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَوْ قَالَ لَهَا اذْهَبِي إلَى جَهَنَّمَ وَنَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتُك طَلُقَتْ بِالنِّيَّةِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَكُونِي حُرَّةً أَوْ اعْتَقِي مِثْلُ أَنْتِ حُرَّةٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ بِعْت طَلَاقَك فَقَالَتْ اشْتَرَيْت فَهُوَ رَجْعِيٌّ وَلَوْ قَالَ بِمَهْرِك فَهُوَ بَائِنٌ وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ بِعْت نَفْسَك امْرَأَةً قَالَ لَهَا زَوْجُهَا أَنَا أَسْتَنْكِفُ عَنْك فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ كَالْبُزَاقِ فِي الْفَمِ فَإِنْ كُنْت تَسْتَنْكِفُ عَنْهَا فَارْمِ بِهَا فَقَالَ الزَّوْجُ تَفِّ تَفِّ وَرَمَى بِالْبُزَاقِ وَقَالَ رَمَيْت وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ظَنَّ الزَّوْجُ أَنَّ نِكَاحَ امْرَأَتِهِ وَقَعَ فَاسِدًا فَقَالَ تَرَكْت هَذَا النِّكَاحَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَ امْرَأَتِي فَظَهَرَ أَنَّ نِكَاحَهَا كَانَ صَحِيحًا لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتِك قَالَ بَعْضُهُمْ يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا نَوَى وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَإِنْ نَوَى وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ السِّرَاجُ فَهُوَ كَمَا قَالَ لَهَا أَنْتِ خَلِيَّةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَالَ لَهَا أَبْرَأْتُك عَنْ الزَّوْجِيَّةِ يَقَعُ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ وَغَيْرِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنَا بَرِيئَةٌ مِنْك فَقَالَ الزَّوْجُ أَنَا بَرِيءٌ مِنْك أَيْضًا فَقَالَتْ اُنْظُرْ مَاذَا تَقُولُ فَقَالَ مَا نَوَيْت الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ صَفَحْت عَنْ طَلَاقِك وَنَوَى الطَّلَاقَ لَمْ تَطْلُقْ وَكَذَا كُلُّ لَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَى مِثْلَ قَوْلِهِ بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْك أَوْ قَالَ لَهَا أَطْعِمِينِي أَوْ اسْقِينِي وَنَحْوَ ذَلِكَ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَا يَصْلُحُ لِلطَّلَاقِ وَبَيْنَ مَا لَا يَصْلُحُ لَهُ بِأَنْ قَالَ اذْهَبِي وَكُلِي أَوْ قَالَ اذْهَبِي وَبِيعِي الثَّوْبَ وَنَوَى الطَّلَاقَ بِقَوْلِهِ اذْهَبِي ذَكَرَ فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ أَنَّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَفِي قَوْلِ زُفَرَ يَكُونُ طَلَاقًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا اذْهَبِي فَتَزَوَّجِي تَقَعُ وَاحِدَةٌ إذَا نَوَى فَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ تَقَعُ الثَّلَاثُ وَفِي الْفَتَاوَى لَوْ قَالَ اذْهَبِي فَبِيعِي الثَّوْبَ أَوْ اذْهَبِي فَتَقَنَّعِي أَوْ قُومِي فَكُلِي وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ اذْهَبِي الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ تَزَوَّجِي زَوْجًا لِيُحِلَّك لِي فَهُوَ إقْرَارٌ بِالثَّلَاثِ وَلَوْ قَالَ تَزَوَّجِي وَنَوَى الطَّلَاقَ أَوْ الثَّلَاثَ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَمْ يَقَعْ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ إنْ كُنْت تَضْرِبُنِي لِأَجْلِ فُلَانَةَ الَّتِي تَزَوَّجْتهَا فَإِنِّي تَرَكْتهَا فَخُذْهَا وَنَوَى الطَّلَاقَ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ اعْتَدِّي اعْتَدِّي اعْتَدِّي فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَحْتَمِلُ وُجُوهًا أَنْ يَنْوِيَ بِكُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ طَلَاقًا أَوْ بِالْأُولَى طَلَاقًا لَا غَيْرُ أَوْ بِالْأُولَى حَيْضًا لَا غَيْرُ أَوْ بِالْأُولَيَيْنِ طَلَاقًا لَا غَيْرُ

أَوْ بِالْأُولَى وَالثَّالِثَةِ طَلَاقًا لَا غَيْرُ أَوْ بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ طَلَاقًا وَبِالْأُولَى حَيْضًا فَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ السِّتَّةِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ يَنْوِيَ بِالثَّانِيَةِ طَلَاقًا لَا غَيْرُ أَوْ بِالْأُولَى طَلَاقًا وَبِالثَّانِيَةِ حَيْضًا لَا غَيْرُ أَوْ بِالْأُولَى طَلَاقًا وَبِالثَّالِثَةِ حَيْضًا لَا غَيْرُ أَوْ بِالْأُخْرَيَيْنِ طَلَاقًا لَا غَيْرُ أَوْ بِالْأُولَيَيْنِ حَيْضًا لَا غَيْرُ أَوْ بِالْأُولَى وَالثَّالِثَةِ حَيْضًا لَا غَيْرُ أَوْ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ طَلَاقًا وَبِالثَّالِثَةِ حَيْضًا أَوْ بِالْأُولَى وَالثَّالِثَةِ طَلَاقًا وَبِالثَّانِيَةِ حَيْضًا أَوْ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ حَيْضًا وَبِالثَّالِثَةِ طَلَاقًا أَوْ بِالْأُولَى وَالثَّالِثَةِ حَيْضًا وَالثَّانِيَةِ طَلَاقًا أَوْ بِالثَّانِيَةِ حَيْضًا لَا غَيْرُ فَفِي هَذِهِ الْأَحَدَ عَشْرَ وَجْهًا تَطْلُقُ ثِنْتَيْنِ أَوْ يَنْوِيَ بِكُلٍّ مِنْهَا حَيْضًا أَوْ بِالثَّالِثَةِ طَلَاقًا لَا غَيْرُ أَوْ بِالثَّالِثَةِ حَيْضًا لَا غَيْرُ أَوْ بِالثَّانِيَةِ طَلَاقًا وَبِالثَّالِثَةِ حَيْضًا لَا غَيْرُ أَوْ بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ حَيْضًا وَبِالْأُولَى طَلَاقًا أَوْ بِالْأُخْرَيَيْنِ حَيْضًا لَا غَيْرُ فَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ السِّتَّةِ تَطْلُقُ وَاحِدَةً. أَوْ لَمْ يَنْوِ بِكُلٍّ مِنْهَا شَيْئًا فَلَا يَقَعُ فِي هَذَا الْوَجْهِ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ اعْتَدِّي اعْتَدِّي اعْتَدِّي وَقَالَ نَوَيْت بِالْكُلِّ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْقَضَاءِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ اعْتَدِّي ثَلَاثًا وَقَالَ نَوَيْت بِ " اعْتَدِّي " طَلَاقًا وَنَوَيْت بِثَلَاثٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَهُوَ كَمَا قَالَ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ لَهَا اعْتَدِّي فَاعْتَدِّي أَوْ اعْتَدِّي وَاعْتَدِّي أَوْ قَالَ اعْتَدِّي وَاعْتَدِّي وَنَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ ثِنْتَانِ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. فِي الْمُنْتَفَى إذَا قَالَ لَهَا اعْتَدِّي يَا مُطَلَّقَةُ وَعَنَى بِقَوْلِهِ اعْتَدِّي الطَّلَاقَ فَهِيَ طَالِقٌ تَطْلِيقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِقَوْلِهِ اعْتَدِّي وَالثَّانِيَةُ بِقَوْلِهِ يَا مُطَلَّقَةُ وَإِنْ قَالَ نَوَيْت أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ بِمَا لَزِمَهَا مِنْ الطَّلَاقِ ب " اعْتَدِّي " يَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ قَالَ لَهَا بِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهِيَ وَاحِدَةٌ إذَا لَمْ يَنْوِ بِقَوْلِهِ بِينِي طَلَاقًا وَلَوْ قَالَ حَرَّمْت نَفْسِي عَلَيْك فَاسْتَتِرِي وَنَوَى بِهِمَا طَلَاقًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى بَائِنٍ بَائِنٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ نَوَيْت بِقَوْلِي حَرَّمْت نَفْسِي وَاحِدَةً وَبِقَوْلِي اسْتَتِرِي ثَلَاثًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ لَمْ أَنْوِ بِقَوْلِي حَرَّمْت نَفْسِي شَيْئًا وَأَرَدْت بِقَوْلِي فَاسْتَتِرِي وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا فَهُوَ كَمَا نَوَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي فَقَالَ اعْتَدِّي ثُمَّ قَالَ لَمْ أَنْوِ الطَّلَاقَ لَمْ يُصَدَّقْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الطَّلَاقُ الصَّرِيحُ يَلْحَقُ الطَّلَاقَ الصَّرِيحَ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ ثُمَّ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ تَقَعُ أُخْرَى وَيَلْحَقُ الْبَائِنُ أَيْضًا بِأَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَتْ عِنْدَنَا وَالطَّلَاقُ الْبَائِنُ يَلْحَقُ الطَّلَاقَ الصَّرِيحَ بِأَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ تَقَعُ طَلْقَةٌ أُخْرَى وَلَا يَلْحَقُ الْبَائِنُ الْبَائِنَ بِأَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ لَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ جَعْلُهُ خَبَرًا عَنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ صَادِقٌ فِيهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِهِ إنْشَاءً لِأَنَّهُ اقْتِضَاءٌ ضَرُورِيٌّ حَتَّى لَوْ قَالَ عَنَيْت بِهِ الْبَيْنُونَةَ الْغَلِيظَةَ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ وَتَثْبُتَ بِهِ الْحُرْمَةُ الْغَلِيظَةُ إلَّا إذَا كَانَ الْبَائِنُ مُعَلَّقًا بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّار فَأَنْت بَائِنٌ ثُمَّ قَالَ أَنْتِ بَائِنٌ ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ تَطْلُقُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ خَالَعَهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت بَائِنٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ فَدَخَلَتْ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ثُمَّ قَالَ لَهَا قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَنْتِ بَائِنٌ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ أَوْ خَالَعَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ ثُمَّ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يُقِرَّ بِهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ أَيْضًا وَلَوْ خَالَعَهَا أَوَّلًا ثُمَّ قَالَهَا أَنْتِ بَائِنٌ لَا يَقَعُ شَيْءٌ كُلُّ حُكْمٍ عَرَفْته فِي الطَّلَاقِ الصَّرِيحِ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ وَاحِدَةٌ وَاعْتَدِّي وَاسْتَبْرِئِي رَحِمَك كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فَلَوْ أَبَانَهَا أَوْ خَالَعَهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ اعْتَدِّي نَاوِيًا وَقَعَ الثَّانِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى جُعْلٍ بَعْدَ الْخُلْعِ فِي الْعِدَّةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَمْ يَجِبْ الْمَالُ أَمَّا

الفصل السادس في الطلاق بالكتابة

وُقُوعُ الطَّلَاقِ فَلِأَنَّهُ صَرِيحٌ فَيَلْحَقُ وَلَوْ طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ أَوْ خَالَعَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ يَصِحُّ وَلَوْ طَلَّقَهَا بِمَالٍ ثُمَّ خَالَعَهَا فِي الْعِدَّةِ لَا يَصِحُّ. وَلَوْ قَالَ لَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ خَالَعْتكِ يَنْوِي الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْجِنْسِ السَّادِسِ فِي بَدَلِ الْخُلْعِ. إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ غَدًا وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ ثُمَّ أَبَانَهَا الْيَوْمَ ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ تَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ بِالشَّرْطِ عِنْدَنَا قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت بَائِنٌ يَنْوِي بِهِ الطَّلَاقَ ثُمَّ قَالَ لَهَا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْت بَائِنٌ يَنْوِي بِهِ الطَّلَاقَ ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ وَقَعَ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ كَلَّمَتْ فُلَانًا بَعْدَ ذَلِكَ تَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ لِلْمُبَانَةِ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهَا وَلَوْ قَالَ أَنْتِ بَائِنٌ لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَبَنْتُك بِتَطْلِيقَةٍ لَا يَقَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي جِنْسِ فِيمَنْ يَكُونُ مَحِلًّا لِلطَّلَاقِ. كُلُّ فُرْقَةٍ تُوجِبُ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً كَحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ وَالرَّضَاعِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَلْحَقُهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ بَعْدَمَا دَخَلَ بِهَا لَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُعْتَدَّةٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الطَّلَاقِ بِالْكِتَابَةِ] (الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الطَّلَاقِ بِالْكِتَابَةِ) الْكِتَابَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ مَرْسُومَةٌ وَغَيْرُ مَرْسُومَةٍ وَنَعْنِي بِالْمَرْسُومَةِ أَنْ يَكُونَ مُصَدَّرًا وَمُعَنْوَنًا مِثْلُ مَا يُكْتَبُ إلَى الْغَائِبِ وَغَيْرُ مَوْسُومَةٍ أَنْ لَا يَكُونَ مُصَدَّرًا وَمُعَنْوَنًا وَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ مُسْتَبِينَةٌ وَغَيْرُ مُسْتَبِينَةٍ فَالْمُسْتَبِينَةُ مَا يُكْتَبُ عَلَى الصَّحِيفَةِ وَالْحَائِطِ وَالْأَرْضِ عَلَى وَجْهٍ يُمْكِنُ فَهْمُهُ وَقِرَاءَتُهُ وَغَيْرُ الْمُسْتَبِينَةِ مَا يُكْتَبُ عَلَى الْهَوَاءِ وَالْمَاءِ وَشَيْءٍ لَا يُمْكِنُ فَهْمُهُ وَقِرَاءَتُهُ فَفِي غَيْرِ الْمُسْتَبِينَةِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَى وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَبِينَةً لَكِنَّهَا غَيْرُ مَرْسُومَةٍ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَتْ مَرْسُومَةً يَقَعُ الطَّلَاقُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ ثُمَّ الْمَرْسُومَةُ لَا تَخْلُو أَمَّا إنْ أَرْسَلَ الطَّلَاقَ بِأَنْ كَتَبَ أَمَّا بَعْدُ فَأَنْت طَالِقٌ فَكُلَّمَا كَتَبَ هَذَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَتَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ الْكِتَابَةِ. وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمَجِيءِ الْكِتَابِ بِأَنْ كَتَبَ إذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا فَأَنْت طَالِقٌ فَمَا لَمْ يَجِئْ إلَيْهَا الْكِتَابُ لَا يَقَعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَتَبَ إذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَتَبَ بَعْدَ ذَلِكَ حَوَائِجَ فَجَاءَهَا الْكِتَابُ فَقَرَأَتْ الْكِتَابَ أَوْ لَمْ تَقْرَأْ يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ كَتَبَ إلَى امْرَأَتِهِ بِحَوَائِجَ وَكَتَبَ فِي آخِرِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا فَأَنْت طَالِقٌ فَبَدَا لَهُ فَمَحَا كِتَابَةَ الطَّلَاقِ فَجَاءَ الْكِتَابُ تَطْلُقُ وَلَوْ مَحَا كِتَابَةَ الْحَوَائِجِ وَتَرْك كِتَابَةَ الطَّلَاقِ ثُمَّ بَعَثَ بِهِ إلَيْهَا لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ إذَا مَحَا الْحَوَائِجَ بَطَلَ الْكِتَابُ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الشَّرْطُ وَإِنْ كَتَبَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَمَّا بَعْدُ فَإِذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ كَتَبَ الْحَوَائِجَ فِي آخِرِهِ ثُمَّ مَحَا الطَّلَاقَ وَبَقِيَ مَا بَعْدَهُ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ مَحَا مَا بَعْدَهُ وَتَرَكَ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ كَتَبَ الطَّلَاقَ فِي وَسَطِ الْكِتَابِ وَكَتَبَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ حَوَائِجَ ثُمَّ مَحَا الطَّلَاقَ وَبَعَثَ بِالْكِتَابِ إلَيْهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ كَانَ الَّذِي قَبْلَ الطَّلَاقِ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَتَبَ إلَيْهَا أَمَّا بَعْدُ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَوْصُولًا بِكِتَابَتِهِ لَا تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَ مَفْصُولًا تَطْلُقُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ كَتَبَ إلَى امْرَأَتِهِ إذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا فَأَنْت طَالِقٌ وَوَصَلَ الْكِتَابُ إلَى أَبِيهَا فَأَخَذَ الْأَبُ وَمَزَّقَ الْكِتَابَ وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهَا إنْ كَانَ الْأَبُ مُتَصَرِّفًا فِي جَمِيعِ أُمُورِهَا فَوَصَلَ الْكِتَابُ إلَى أَبِيهَا فِي بَلَدِهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا وَإِنْ أَخْبَرَهَا الْأَبُ بِوُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ فَإِنْ دَفَعَ الْأَبُ الْكِتَابَ إلَيْهَا وَهُوَ مُمَزَّقٌ إنْ كَانَ يُمْكِنُ فَهْمُهُ وَقِرَاءَتُهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَتَبَ الطَّلَاقَ وَاسْتَثْنَى بِلِسَانِهِ أَوْ طَلَّقَ بِلِسَانِهِ وَاسْتَثْنَى بِالْكِتَابَةِ هَلْ يَصِحُّ لَا رِوَايَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ

الفصل السابع في الطلاق بالألفاظ الفارسية

وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ أُكْرِهَ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ فَكَتَبَ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ اُكْتُبْ إلَى امْرَأَتِي كِتَابًا إنْ خَرَجْت مِنْ مَنْزِلِك فَأَنْت طَالِقٌ فَكَتَبَ فَخَرَجَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَمَا كَتَبَ قَبْلَ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ وَبَعَثَ بِهِ إلَى الْمَرْأَةِ لَمْ تَطْلُقْ بِالْخُرُوجِ الْأَوَّلِ وَكَذَا لَوْ كَتَبَ الْكِتَابَ عَلَى هَذَا فَلَمَّا قَرَأَهُ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ لِلْكَاتِبِ قَدْ شَرَطْت إنْ خَرَجَتْ إلَى شَهْرٍ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ كَانَ إلْحَاقُ هَذَا الشَّرْطِ جَائِزًا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَتَبَ إلَى امْرَأَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك وَغَيْرَ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ مَحَا اسْمَ الْأَخِيرَةِ ثُمَّ بَعَثَ الْكِتَابَ لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي الْمُنْتَقَى لَوْ كَتَبَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ وَكَانَ فِيهِ إذَا أَتَاك كِتَابِي هَذَا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ نَسَخَهُ فِي كِتَابٍ آخَرَ أَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَكْتُبَ نُسْخَةً وَلَمْ يُمْلِلْ هُوَ فَأَتَاهَا الْكِتَابَانِ طَلُقَتْ تَطْلِيقَتَيْنِ فِي الْقَضَاءِ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُمَا كِتَابَاهُ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَيَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ بِأَيِّهِمَا أَتَاهَا وَيَبْطُلُ الْآخَرُ لِأَنَّهُمَا نُسْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ اسْتَكْتَبَ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ إلَى امْرَأَتِهِ كِتَابًا بِطَلَاقِهَا وَقَرَأَهُ عَلَى الزَّوْجِ فَأَخَذَهُ وَطَوَاهُ وَخَتَمَ وَكَتَبَ فِي عُنْوَانِهِ وَبَعَثَ بِهِ إلَى امْرَأَتِهِ فَأَتَاهَا الْكِتَابُ وَأَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّهُ كِتَابُهُ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ ابْعَثْ بِهَذَا الْكِتَابِ إلَيْهَا أَوْ قَالَ لَهُ اُكْتُبْ نُسْخَةً وَابْعَثْ بِهَا إلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَلَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ كِتَابُهُ لَكِنَّهُ وَصَفَ الْأَمْرَ عَلَى وَجْهِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ كُلُّ كِتَابٍ لَمْ يَكْتُبْهُ بِخَطِّهِ وَلَمْ يُمِلَّهُ بِنَفْسِهِ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ إذَا لَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ كِتَابُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ بِالْأَلْفَاظِ الْفَارِسِيَّةِ] (الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ بِالْأَلْفَاظِ الْفَارِسِيَّةِ) وَالْأَصْلُ الَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا هَذَا فِي الطَّلَاقِ بِالْفَارِسِيَّةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهَا لَفْظٌ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الطَّلَاقِ فَذَلِكَ اللَّفْظُ صَرِيحٌ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ إذَا أُضَيِّفَ إلَى الْمَرْأَةِ وَمَا كَانَ بِالْفَارِسِيَّةِ مِنْ الْأَلْفَاظِ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الطَّلَاقِ وَفِي غَيْرِهِ فَهُوَ مِنْ كِنَايَاتِ الْفَارِسِيَّةِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمُ كِنَايَاتِ الْعَرَبِيَّةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: بهشتم ترا اززني فَاعْلَمْ بِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ اسْتَعْمَلَهَا أَهْلُ خُرَاسَانَ وَأَهْلُ عِرَاقٍ فِي الطَّلَاقِ وَأَنَّهَا صَرِيحَةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى كَانَ الْوَاقِعُ بِهَا رَجْعِيًّا وَيَقَعُ بِدُونِ النِّيَّةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَفِي التَّفْرِيدِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا قَالَ: بهشتم ترا وَلَمْ يَقُلْ: اززني فَإِنْ كَانَ فِي حَالَةِ غَضَبٍ وَمُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ فَوَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَإِنْ نَوَى بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا فَهُوَ كَمَا نَوَى وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: ترا جِنّك بَازٍ داشتم أَوْ بهشتم أَوْ يَلِهِ كردم ترا أَوْ باي كَشَادِّهِ كردم ترا فَهَذَا كُلُّهُ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ طَلَّقْتُك عُرْفًا حَتَّى يَكُونَ رَجْعِيًّا وَيَقَعُ بِدُونِ النِّيَّةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتِي فِي قَوْلِهِ بَهَشْتُمْ بِالْوُقُوعِ بِلَا نِيَّةٍ وَيَكُونُ الْوَاقِعُ رَجْعِيًّا وَيُفْتِي فِيمَا سِوَاهَا بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ وَيَكُونُ الْوَاقِعُ بَائِنًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ " بُيَّك طَلَاق دَسَّتْ بَازٍ داشتمت " يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَوْ قَالَ " بيك

طَلَاق دست باز داشتم " يَقَعُ رَجْعِيٌّ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: " مَرَّا طَلَاق ده " فَقَالَ الزَّوْجُ: " داده كيرو كَرِدِّهِ كِير " أَوْ قَالَ " داده بَادٍ وكرده بَادَانِ نَوَى " يَقَعُ وَيَكُونُ رَجْعِيًّا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ: داده است أَوْ كَرِدِّهِ است يَقَعُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي تَرْكِ النِّيَّةِ قَضَاءً وَلَوْ قَالَ: داده إنْكَار أَوْ كَرِدِّهِ إنْكَار لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى وَلَوْ قَالَ لَهَا بَعْدَمَا طَلَبَتْ الطَّلَاقَ: داده كِير وَبِرّ. وَلَا تَقَعُ أُخْرَى إلَّا إذَا نَوَى اثْنَتَيْنِ وَلَوْ قَالَتْ لَا اكْتَفَى بِالْوَاحِدَةِ فَقَالَ: دَوٍ كِيرَانِ نَوَى بِهِ الِاثْنَتَيْنِ مِنْ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ لَهَا بَعْدَمَا طَلَبَتْ مِنْهُ الطَّلَاقَ: كَفَتْهُ كِير لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَتْ: دَسَّتْ از مِنْ بازدار فَقَالَ " بَازٍ داشته كِير يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا نَوَى وَيَكُونُ بَائِنًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَتْ: " مَرَّا مَدَارّ " فَقَالَ الزَّوْجُ " ناداشته كِير " يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا نَوَى وَيَكُونُ بَائِنًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَتْ: " مَرَّا طَلَاق ده " فَقَالَ لَا أَفْعَلُ فَقَالَتْ " اكربدهي بِرُومِ شوى كنم كَفَتْ بِكُنْ خواهي يكي خواهي ده " لَا يَقَعُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ: " مَرَّا سه طَلَاق ده " فَقَالَ الزَّوْجُ " دايم " بِالْيَاءِ فَإِنْ كَانَ هَذَا لُغَةَ أَهْلِ بَلْدَةٍ مِنْ الْبُلْدَانِ وَلَمْ يَكُنْ لُغَةَ أَهْلِ بَلْدَةِ الزَّوْجِ لَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ الْجَوَابَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لُغَةَ أَهْلِ بَلْدَةٍ مِنْ الْبُلْدَانِ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ ترايك طَلَاق وَأَيْنَ طَلَاق أَوَّلِينَ وَآخَرِينَ است تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا تَوّ سَهِّ دَهٍ وَنَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ دَسَّتْ ازْمَنْ بازدار فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ بَازٍ داشتم بَسّه طَلَاق فَقَالَ الزَّوْجُ مِنْ نيزاز تَوّ بَازٍ داشتم إنْ نَوَى الْوَاحِدَةَ فَوَاحِدَةٌ وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا يَقَعُ شَيْءٌ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ مَرَّا بِكَارِّ نيستي وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقُ لَا يَقَعُ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ هَزَار طَلَاق ترا وَقَعَ الثَّلَاثُ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ هَزَار طَلَاق بدامنت دركردم طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ مَا نَوَيْت بِهِ إيقَاعَ الطَّلَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ تَوّ سَهِّ طَلَاق بَاشّ إنْ نَوَى إيقَاعَ الثَّلَاثِ يَقَعُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي فَقَالَ سَهِّ طَلَاق بَدَا مِنْ تَوّ دُرّ نهادم بَرْو يَقَع الثَّلَاثُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ تَوّ طَلَاقِي يَقَعُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا تَوّ طَالِقِي وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا تَوّ طَلَاق بَاشّ اوسه طَلَاق بَاشّ اوسه طَلَاقه بَاشّ اوسه طَلَاقه شَوِّ تَطْلُقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ خَالِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي بَابِ السُّنَنِ لَا تَطْلُقُ مِنْ غَيْرِ

نِيَّةٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ شَاجَرَ مَعَ امْرَأَتِهِ فَقَالَ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ هَزَار طَلَاق ترا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى وَقَعَ هَذَا عَلَيْهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ امْرَأَةٌ قَالَ لَهَا زَوْجُهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ هَزَار فَقَالَ الزَّوْجُ هَزَار فَهَذِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَنْوِيَ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَنْوِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ هُوَ عَلَى مَا نَوَى وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يَقَعُ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا كَيْفَ لَا تُطَلِّقُنِي فَقَالَ الزَّوْجُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ تَوّ از سِرّ تَابَا طَلَاق كَرَدِّهِ يُسْأَلُ الزَّوْجُ عَنْ مُرَادِهِ امْرَأَةٌ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فَقَالَ الزَّوْجُ بِالْفَارِسِيَّةِ يَكُ طَلَاق دادمت وَدَوٍ طَلَاق دادمت تَطْلُقُ ثَلَاثًا رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ترا بِسَيَّارِ طَلَاق وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَقَعُ تَطْلِيقَتَانِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ تَزَوَّجْت امْرَأَةً أُخْرَى فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ لِمَ طَلَّقْت الْمَرْأَةَ الْأُولَى فَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ ازبراي ترا وَلَمْ يَكُنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى وَلَمْ يُطَلِّقْ الْأُولَى وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ لَا تَطْلُقُ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ مِنْ طَلَاقِ ترا دادم فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ نَوَى الْإِيقَاعَ أَوْ التَّفْوِيضَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَفِي الْوَجْه الْأَوَّلِ يَقَعُ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يَقَعُ وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ يَقَعُ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. وَلَوْ قَالَ دَسْتُ بَازٍ داشتم بِيَكُنْ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الشَّيْخَيْنِ لَكِنْ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ بَهَشْتُمْ فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ إذَا قَالَتْ دَسَّتْ بازداشتى مَرَّا فَقَالَ داشتم فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ دَسَّتْ بَازٍ داشتم وَإِذَا قَالَتْ مَرَّا دُرّ كَارِ خَدَّايَ كُنَّ فَقَالَ الزَّوْجُ ترادر بِهَذَيَانَاتِ سَقَطْ كَتَخْدَائِيَّتِه أَوْ قَالَتْ مَرَّا بخداي بِخَشٍ فَقَالَ الزَّوْجُ بخشيدم إنْ نَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَا يَقَعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَتْ لَهُ: طَلِّقْنِي فَقَالَ ترا كِدَامٍ طَلَاق مانده است يَا كِدَامٍ نِكَاح فَهُوَ إقْرَارٌ بِالثَّلَاثِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَمَّنْ قَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ طَلِّقْنِي فَقَالَ لَهَا: " نُهْ ترا طَلَاق مانده است نُهْ نِكَاح برخيز وَرَه كِير " قَالَ هَذَا إقْرَارٌ أَنَّهُ قَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ دَسَّتْ بَازٍ داشتمت بُيَّك طَلَاق فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ بازكوبي تاكواهان بشنوند فَقَالَ الزَّوْجُ دَسَّتْ بَازٍ داشتمت بُيَّك طَلَاق فَلَمَّا افْتَرَقَا قَالَتْ لَهُ أَجْنَبِيَّةٌ زَنِّ رادست بازداشتي فَقَالَ دَسَّتْ بَازٍ داشتمش بُيَّك طَلَاق قَالُوا لَوْ قَالَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ دَسَّتْ بَازٍ داشتم يَكُونُ إنْشَاءً فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا إذَا قَالَ عَنَيْت بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الْإِخْبَارَ وَلَوْ قَالَ دست باز داشته أَمْ يَكُونُ إخْبَارًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ جِهَار رَاهَ بِرّ تَوّ كَشَادِّهِ است لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَى مَا لَمْ يَقُلْ خُذِي أَيَّمَا شِئْت عِنْدَ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ وَإِنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا قَالَ لَهَا جِهَار رَاهَ بِرّ تَوّ كشادم يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَقُلْ خُذِي أَيَّمَا شِئْت وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَوْ قَالَتْ دَسَّتْ ازْمَنْ بِدَارٍ فَقَالَ لَهَا اذْهَبِي إلَى جَهَنَّمَ يَقَعُ الطَّلَاقُ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ

دادمت طَلَاق سِرّ خويش كِير وروزيء خويش طَلَب كُنَّ قَالَ الطَّلَاقُ الْأَوَّلُ رَجْعِيٌّ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِقَوْلِهِ سرخويش كِير طَلَاقًا آخَرَ بَقِيَ الْأَوَّلُ رَجْعِيًّا وَلَا يَقَعُ بِهَذَا الْقَوْلِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا بَائِنًا وَيَصِيرُ الْأَوَّلُ مَعَ الثَّانِي بَائِنًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَتْ كَرَانِّ بِخَرِيدِي بِعَيْبِ بازده فَقَالَ بِعَيْبٍ بازدادمت وَنَوَى يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَالَ بِعَيْبِ بازدادم بِغَيْرِ التَّاءِ لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ أَبُو الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا كَرَانِّ خَرِيدَة ازْمَنْ بِمِنْ بازده فَقَالَ بِتَوِّ بازدادم يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا نَوَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَتْ سوكندخور بِطَلَاقِ مِنْ كه فُلَان كارنكنم فَقَالَ خَوْر دَهٍ كِير حُكِيَ فَتْوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا لَا تُطَلِّقُ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا مِنْ بيكسوى تَوّ بيكسوى فَقَالَ الزَّوْجُ همجنين كير لَا تَطْلُقُ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: تَوّ بِرّ مِنْ جَرًّا آمُدّه كه مِنْ زَنِّ تَوّ نُهْ أَمْ فَقَالَ: ني كِير لَا تَطْلُقُ. رَجُلٌ دَعَا امْرَأَتَهُ إلَى الْفِرَاشِ فَأَبَتْ فَقَالَ لَهَا اُخْرُجِي مِنْ عِنْدِي فَقَالَتْ طَلِّقْنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَقَالَ الزَّوْجُ اكرا رزوي تَوّ جَنِين است جَنِين كِير فَلَمْ تَقُلْ شَيْئًا وَقَامَتْ لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقِيلَ لَهُ: جَرًّا كَرِدِّي فَقَالَ: كَرِدِّهِ ناكرده كيراونا كَرِدِّهِ تَرَى كِير يَقَعُ إذَا نَوَى وَقِيلَ لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى وَبِهِ يُفْتِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ أَكَلَ خُبْزًا أَوْ شَرِبَ خَمْرًا فَقَالَ نان خورديم وَنَبِيذ زِنَانِ مابسه ثُمَّ قَالَ لَهُ رَجُلٌ بَعْدَ مَا سَكَتَ بَسّه طَلَاق فَقَالَ الرَّجُلُ بَسّه طَلَاق لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اُكْرُ تَوّ زَنِّ مِنِّي سَهِّ طَلَاق مَعَ حَذْفِ الْيَاءِ لَا يَقَعُ إذَا قَالَ لَمْ أَنْوِ الطَّلَاقَ لِأَنَّهُ لَمَّا حَذَفَ لَمْ يَكُنْ مُضِيفًا إلَيْهَا امْرَأَةٌ طَلَبَتْ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا فَقَالَ لَهَا سَهِّ طَلَاق بِرّ دَارُو رَفَّتِي لَا يَقَعُ وَيَكُونُ هَذَا تَفْوِيضُ الطَّلَاقِ إلَيْهَا وَإِنْ نَوَى يَقَعُ وَلَوْ قَالَ لَهَا سَهِّ طَلَاق خَوْد بِرّ دَارُو رِقَّتِي يَقَعُ بِدُونِ النِّيَّةِ وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي فَضَرَبَهَا وَقَالَ لَهَا اينك طَلَاق لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ اينكت طَلَاق يَقَعُ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَمَّنْ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ دَار طَلَاق قَالَ لَا تَطْلُقُ وَسُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْقَلَانِسِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ وَكَزَ امْرَأَتَهُ وَقَالَ: اينك يَكُ طَلَاق ثُمَّ وَكَزَهَا ثَانِيًا وَقَالَ اينك دَوٍ طَلَاق وَكَذَا الثَّالِثُ قَالَ تَطْلُقُ ثَلَاثًا فَشَيْخُ الْإِسْلَامِ يَقُولُ سَمَّى الضَّرْبَ طَلَاقًا فَيَبْطُلُ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ يَقُولُ سَمَّى الطَّلَاقَ فَيَقَعُ. سَكْرَانُ هَرَبَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ فَتَبِعَهَا وَلَمْ يَظْفَرْ بِهَا فَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ بَسّه طَلَاق إنْ قَالَ عَنَيْت امْرَأَتِي يَقَعُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا لَا يَقَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا دَار طَلَاق لَا يَقَعُ فِي جِنْسِ الْإِضَافَةِ إذَا لَمْ يَنْوِ لِعَدَمِ الْإِضَافَةِ إلَيْهَا وَقِيلَ يَقَعُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَهُوَ الْأَشْبَهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ دَار فِي الْعَادَةِ وَقَوْلُهُ خُذْ سَوَاءٌ

وَلَوْ قَالَ لَهَا خُذِي طَلَاقَك يَقَعُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ كَذَا هَهُنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ امْرَأَةٍ قَالَتْ لِزَوْجِهَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بِيَدِي لَطَلَّقْت نَفْسِي أَلْفَ تَطْلِيقَةٍ فَقَالَ الزَّوْجُ مِنْ نيزهزاردادم وَلَمْ يَقُلْ دادم ترا قَالَ يَقَعُ الطَّلَاقُ، امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي ثَلَاثًا فَقَالَ الزَّوْجُ اينك هَزَار لَا تَطْلُقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ دادمش هزارديكر تَطْلُقُ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا مِنْ بِرّ تَوّ سَهِّ طَلَاقه أَمْ فَقَالَ الزَّوْجُ بيشي أَوْ قَالَ سَهِّ طَلَاقه بيشي أَوْ قَالَ سَهِّ مكوجه صدكو فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ عَنْهُ بِالثَّلَاثِ فَيَقَعُ عَلَيْهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ هَزَار طَلَاق تَوّ يَكِي كَرَدْمِ قَالَ يَقَعُ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ هَزَار طَلَاق ترايكي كَنَمِّ وَنَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ ثَلَاثًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ نُجَدِّدُ النِّكَاحَ بَيْنَنَا احْتِيَاطًا فَقَالَتْ بَيِّنْ وَجْهَ الْحُرْمَةِ وَنَازَعَتْهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ سزاي أَيْنَ زنكان أَيْنَ است كه هجمين حَرَام ميداري قَالَ يَكُونُ إقْرَارًا بِالْحُرْمَةِ وَلَوْ قَالَ سزاي أَيْنَ زنكان آنَسَتْ كه حَرَام دَارِي وَلَمْ يَقُلْ هجمين لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِحُرْمَةِ هَذِهِ لِعَدَمِ الْإِضَافَةِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَيْنَ زنكان وهجمين تَحْقِيقُ الْحُرْمَةِ مِنْهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي جِنْسِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْفَقِيهُ أَبُو نَصْرٍ عَنْ سَكْرَانَ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَتُرِيدِينَ أَنْ أُطَلِّقَك قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ اُكْرُ تَوّ زَنِّ مِنِّي يَكُ طَلَاقُ دَوٍ طَلَاق سَهِّ طَلَاق قُومِي وَاخْرُجِي مِنْ عِنْدِي وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ سَكْرَانَ قَالَ لِامْرَأَتِهِ بيزارم بيزارم بيزارم تُؤْمَرُ أَجِيزِي نَبَّاشِي فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ إلَى مَتَى تَقُولُ فَإِنِّي أَخَافُ لَمْ يَبْقَ بَيْنِي وَبَيْنَك شَيْءٌ فَقَالَ الزَّوْجُ جَنِين خَوَاهُمْ فَلَمَّا صَحَا قَالَ لَمْ أَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَرْجُو أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَهِيَ امْرَأَتُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ رَجُلٌ قَالَ آن زَنِّ كه مَرَّا بخَانَه است بَسّه طَلَاق وَلَيْسَتْ امْرَأَتُهُ فِي بَيْتِهِ وَقْتَ الطَّلَاقِ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ وَلَوْ قَالَ أَيْنَ زَنِّ كه مَرَّا باينخانه اندراست بَسّه طَلَاق وَلَيْسَتْ هِيَ فِي هَذَا الْبَيْتِ وَقْتَ الطَّلَاقِ لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحِيطِ. فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا ترايك طَلَاق ترايك طَلَاق فَهُمَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَتْ مَرَّا طَلَاق دَهٍ وَمَرَّا طَلَاق دَهٍ وَمَرَّا طَلَاق دَهٍ فَقَالَ دادم تَقَعُ ثَلَاثٌ وَلَوْ قَالَتْ مَرَّا طَلَاق دَهٍ مَرَّا طَلَاق دَهٍ مَرَّا طَلَاق فَقَالَ دادم تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَتْ مَرَّا طَلَاق كُنَّ

مَرَّا طَلَاق كُنَّ مَرَّا طَلَاق كُنَّ فَقَالَ كَرَدْمِ كَرَدْمِ كَرَدْمِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا مَرَّا طَلَاق دَهٍ فَقَالَ أَيْنَ نيزداده وَآن يَقَعُ إذَا نَوَى وَلَا يَقَعُ بِدُونِ النِّيَّةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ فِي الْخُلْعِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا مِنْ وَكِيلِ تَوّ هُسْتُمْ فَقَالَ هِسَتِي فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا فَقَالَ الزَّوْجُ تَوّ بِرّ مِنْ حَرَام كَشَتِّي مَا رَاجِدًا بايد بِوُدِّ إنْ نَوَى بِالتَّوْكِيلِ الطَّلَاقَ دُونَ الْعَدَدِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَإِنْ نَوَى الْمُفَارِقَةَ دُونَ الْعَدَدِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ كَالْوَكِيلِ بِالْوَاحِدَةِ إذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَالَ لَهَا فِي عِدَّتِهَا دادمت سَهِّ طَلَاق وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ قَالَ إنْ نَوَى ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَإِلَّا فَلَا زَنِّ راكفت ترا طَلَاق دادم مُرَدَّمَانِ ملامت مردند كَفَتْ ديكر دادم نَكْفِت ويرا وَنَكْفِت طَلَاق قَالَ يَقَعُ إذَا كَانَ فِي الْعِدَّةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ. رَجُلٌ قِيلَ لَهُ أَيْنَ فُلَانَةَ زَنِّ نوهست فَقَالَ هُسَّتْ ثُمَّ قِيلَ لَهُ أَيْنَ زَنِّ تَوّ سَهِّ طَلَاقه هُسَّتْ فَقَالَ هُسَّتْ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلَهُ سَهِّ طَلَاقه وَإِنَّمَا سَمِعَ أَيْنَ زَنِّ تَوّ هُسَّتْ قَالُوا لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَهَذَا إذَا قَالَ زِنْ تَوّ سَهِّ طَلَاقه هُسَّتْ بِصَوْتٍ جَهِيرٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ صُدِّقَ قَضَاءً رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ زَنِّ از تَوّ سَهِّ طَلَاق كه أَيْنَ كارنكرده فَقَالَ هَزَار طَلَاقه يَكُونُ جَوَابًا حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الشَّخْصُ فَعَلَ ذَلِكَ الْأَمْرَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَتْ لِزَوْجِهَا مِنْ بَاتُّو نميباشم فَقَالَ الزَّوْجُ مباش فَقَالَتْ طَلَاق بِدُسَتِ تَوّ است مَرَّا طَلَاق كُنَّ فَقَالَ الزَّوْجُ طَلَاق ميكنم طَلَاق ميكنم وَكَرَّرَ ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ كَنَمِّ لِأَنَّهُ اسْتِقْبَالٌ فَلَمْ يَكُنْ تَحْقِيقًا بِالتَّشْكِيكِ. فِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ بِالْعَرَبِيَّةِ أُطَلِّقُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا إلَّا إذَا غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ لِلْحَالِ فَيَكُونُ طَلَاقًا وَفِي إيمَانِ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَنْ امْرَأَةٍ قَالَتْ لِزَوْجِهَا مِنْ بِرّ تَوّ سَهِّ طَلَاقه أَمْ فَقَالَ الزَّوْجُ هَلَّا هَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا قَالَ لَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا حَلَال خَدًّا بِرّ توحرام فَقَالَ آرِيّ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِتَطْلِيقَةٍ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ اذْهَبِي إلَى بَيْتِ أُمِّك فَقَالَتْ طَلَاق دَهٍ تابروم فَقَالَ تَوّ بَرْو مِنْ طَلَاقِ دُمَادِم فَرُسْتُمُ قَالَ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ وَعْدٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا ترا طَلَاق أَوْ طَلَاق ترا فَهِيَ طَلَاقٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ قَالَ

لِامْرَأَتِهِ وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ سَهِّ طَلَاق آن ديكر ترا دادم تواين سَهِّ طَلَاق بوى دَهٍ زَنِّ كَفَتْ أَيْنَ سَهِّ طَلَاق بوى دادم وميدانم كه أَيْنَ زَنِّ سَهِّ طَلَاق شَدِّدْ يكركه خِطَاب باوي كَرَدِّ طَلَاق شوديانه فَقَالَ نُهْ أَيْنَ طَلَاقُ شودونه آن رَجُلٌ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَقُولَ إذَا رَأَى صَبِيًّا أَيْ مَا دُرْت شش طَلَاقه فَسَكِرَ مِنْ الْخَمْرِ فَأَتَاهُ ابْنُهُ فَظَنَّهُ صَبِيًّا أَجْنَبِيًّا فَقَالَ رواى مَا دُرْت شش طَلَاقه وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ ابْنُهُ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ ثَلَاثًا رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثِنْتَيْنِ فَقِيلَ لَهُ بَيَاتًا آشَتَّى كنمت فَقَالَ مَيَّان مَادَ يوا رآهنى ميبايد لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ ثَلَاثًا وَلَا يَكُونُ هَذَا إقْرَارٌ بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا مَنْ بِرّ تَوّ سَهِّ طَلَاقه أَمْ فَقَالَ تَوَجَّهَ سَهِّ طَلَاقه وَجْه هَزَار طَلَاقه لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَرَّا بِرّك بَاتُّو باشيدن نِيسَتْ مَرَّا طَلَاق دَهٍ فَقَالَتْ الزَّوْجُ جَوْن توروي طَلَاق داده شَدَّ وَقَالَ لَمْ أَنْوِ الطَّلَاقَ هَلْ يُصَدَّقُ قَالَ نَعَمْ وَوَافَقَهُ فِي هَذَا الْجَوَابِ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اتَّهَمَ امْرَأَتَهُ بِرَجُلٍ ثُمَّ رَأَى ذَلِكَ الرَّجُلَ فِي بَيْتِهِ فَغَضِبَ وَقَالَ زَنِّ غَرَّرَا طَلَاق دادم قِيلَ يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا نَوَى وَقِيلَ بِالْوُقُوعِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. رَجُلٌ جَمَعَ الْأَصْدِقَاءَ وَأَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَتَّخِذَ لَهُمْ طَعَامًا فَلَمْ تَفْعَلْ وَذَهَبَتْ عَنْ بَيْتِ الزَّوْجِ فَقَالَ الزَّوْجُ: زنيكه دوست ودشمن مَرَّا نبوذا زَمَن بَسّه طَلَاق ذَكَرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ أَنَّهُ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ رَجُلٌ قَالَ لِخَدَمِهِ وَهُمْ يَذْكُرُونَ امْرَأَتَهُ بِسُوءِ جندان كِرْدِيد كه بَسّه طَلَاق كرديدش أَوْ جندان كِرْدِيد كه سه طَلَاقه كرديدش يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا دادمت يَكُ طَلَاق وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ وَدَوٍ طَلَاق وَسَهِّ طَلَاق تَقَع الثَّلَاثُ وَلَوْ قَالَ ترايك طَلَاق وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ: وَدَوٍ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَوْ قَالَ دَوٍ بِغَيْرِ الْوَاوِ إنْ نَوَى الْعَطْفَ تَقَعُ الثَّلَاثُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ ترا طَلَاق دادم خَرِيدِي كَفَتْ خريدم وخويش رَاسّه طَلَاق دادم شَوَى كَفَتْ رستى إنْ عَنَى بِقَوْلِهِ رستى الْإِجَازَةَ وَقَعَ الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا ازتو بَيْزَار شدم لَا يَقَعُ بِدُونِ النِّيَّةِ وَلَوْ قَالَتْ بَيْزَار شوازمن وَدَسَّتْ بَازٍ دَارًا زَمَن فَقَالَ بيزارشدم تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ وَبِقَوْلِهَا هَذَا لَا يَصِيرُ حَالَ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ وَلَوْ قَالَ لَهَا مَرَّا بَاتُّو كَارِّي نِيسَتْ وِتْرًا با مِنْ ني أَعْطِينِي مَا كَانَ لِي عِنْدَك وَاذْهَبِي حَيْثُ شِئْت لَا يَقَعُ بِدُونِ النِّيَّةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ

برخيز وَبِخَانِهِ مَادِر رووسه مَاه عِدَّة مِنْ بِدَارٍ ثُمَّ قَالَ دادمت يَكِي طَلَاقٌ ثُمَّ قَالَ أَيْنَ سُخْنَ آخَرِينَ بُدَّانِ كَفَتُّمْ كه نبايد كه مَعْنَى سُخْنَ أَوَّل ندانسته بَاشِّي هَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ لَا وَقَدْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا نُوَازِ مِنْ جِنَانِ دُورِي جنامكه مَكّه ازمدينه لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِدُونِ النِّيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ زَنِّ تَوّ بِرَتْوِ هَزَار طَلَاقه است فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ زَنِّ توبر تونيز هَزَار طَلَاقه است أَفْتَى الشَّيْخُ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ أَنَّهُ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنَّ هَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ تَوّ مَرَّ انشايي تاقيامت أَوْهَمَهُ عُمَرُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِدُونِ النِّيَّةِ وَلَوْ قَالَ ويراشوى حَلَال مي بايد صَارَتْ مُطَلَّقَةَ الثَّلَاثِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا توحيله خوبشتن كُنَّ لَا يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ بِالثَّلَاثِ وَلَوْ قَالَ: حِيلَةٌ زِنَانِ كُنَّ يَكُونُ إقْرَارًا بِالثَّلَاثِ إذَا نَوَى وَلَوْ قَالَ: مَيَّان مَا رَاهَ نِيسَتْ إنْ نَوَى الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ وَلَوْ قَالَ أَيْنَ سَاعَتْ مَيَّان مَا رَاهَ نِيسَتْ لَيْسَ بِشَيْءٍ بِلَا نِيَّةٍ لَوْ قَالَ مَيَّان مَادّ يُوَارِ آهَنِين مي بايد لَا يَقَعُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَالَتْ مَرَّا طَلَاق دَهٍ هَرَسَهُ ثُمَّ قَالَتْ دَادِي فَقَالَ دادم نُهْ إنْ قَالَ مُثَقَّلًا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرَّدِّ لَا يَقَعُ وَإِنْ قَالَ مُخَفَّفًا يَقَعُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ دادم وَلَمْ يَقُلْ نه كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحَجَّةِ. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَخْرَزَن توام فَقَالَ الزَّوْجُ نُهْ توونه زَنَى تَوّ لَا يَقَعُ بِهَذَا شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ تُوزَن مِنْ نِيِّي لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. سُئِلَ الدَّبُوسِيُّ عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ هَشَّتْهُ هَشَّتْهُ حَرَامِيّ حَرَامِيّ قَالَ لَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ وَطَلُقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْحَاوِي. فِي النَّسَفِيَّةِ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ قَالَتْ لِزَوْجِهَا باتونمي باشم قَالَ ناباشيده كِير فَقَالَتْ أَيْنَ جه سُخْنَ بودآن كُنَّ كه خَدًّا يَتَعَالَى وَرَسُول خَدًّا فرمود نيكوبكو طَلَاق تابروم فَقَالَ طَلَاق كَرَدِّهِ كِير بَرْو هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ إنْ نَوَى الْإِيقَاعَ تَقَعُ وَاحِدَةٌ قِيلَ أَلَيْسَ قَوْلُهُ طَلَاق كَرَدِّهِ كِير وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ بَرْو وَاحِدَةً فَقَالَ يُرَادُ بِهِمَا الْوَاحِدَةُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ثِنْتَيْنِ فَتَصِحُّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَطَاءُ بْنُ حَمْزَةَ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَتَيْنِ وَلَا يَدْرِي مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا فَقِيلَ لَهُ لِمَ لَا تَتَزَوَّجُهَا فَقَالَ وي مَرَّا نشايد تَارّ وي ديكري نُهْ بيند ثُمَّ يَقُولُ عَنَيْت بِهِ وَجْهَ أَبِيهَا وَأُمِّهَا وَلَمْ أُطَلِّقْ ثَلَاثًا قَالَ: أَيْنَ إقْرَار بودبسه طَلَاقه شدكي آن زِنْ بِحُكْمِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي

الباب الثالث في تفويض الطلاق وفيه ثلاثة فصول

فَتَاوَى النَّسَفِيِّ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ بَعْدَ مَا قَالَتْ لَهُ فِي خُصُومَةٍ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا: مِنْ با تَوّ نميباشم اُكْرُ نَبَّاشِي بُسَّ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ وَثَلَاثًا فَقَالَتْ ميباشم يَقَعُ الثَّلَاثُ وَعَلَى هَذَا رَجُلٌ لَامَهُ أَبُوهُ لِأَجْلِ امْرَأَتِهِ فَقَالَ الِابْنُ: " اكر ترا خوش نيست بُسَّ دادمش سه طَلَاق " فَقَالَ الْأَبُ: مَرَّا خوش است وَهُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الشَّتْمِ وَالْمُجَازَاةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقُلْ بُسَّ يَكُونُ تَعْلِيقًا وَالْمَسْأَلَتَانِ لَا تُشْبِهَانِ قَوْلَهُ لَهَا: " اكر مرا نخواهي ترا طَلَاق " فَقَالَتْ: " ميخواهم لَا تَطْلُقُ " لِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ بِالْإِرَادَةِ وَأَنَّهَا أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَيَتَعَلَّقُ بِالِاخْتِيَارِ وَأَمَّا قَوْلُهُ " بس دادمش " فَتَحْقِيقٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: " دُور بَاشّ از مِنْ " يَقَعُ إذَا نَوَى وَلَوْ قَالَ " بيزارم اززن وخواسته آن " إنْ نَوَى طَلَاقًا يَكُونُ طَلَاقًا وَإِلَّا فَلَا هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الِاخْتِيَارِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ) وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ. (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الِاخْتِيَارِ) إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ اخْتَارِي يَنْوِي بِذَلِكَ الطَّلَاقَ أَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا ذَلِكَ وَإِنْ تَطَاوَلَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ تَقُمْ مِنْهُ أَوْ تَأْخُذَ فِي عَمَلٍ آخَرَ وَكَذَا إذَا قَامَ هُوَ مِنْ الْمَجْلِسِ فَالْأَمْرُ فِي يَدِهَا مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَنْهَاهَا عَمَّا جَعَلَ إلَيْهَا وَلَا يَفْسَخُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. إذَا قَامَتْ عَنْ مَجْلِسِهَا قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا وَكَذَا إذَا اشْتَغَلَتْ بِعَمَلٍ آخَرَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ قَاطِعًا لِمَا قَبْلَهُ كَمَا إذَا دَعَتْ بِطَعَامٍ لِتَأْكُلَهُ أَوْ نَامَتْ أَوْ نَشِطَتْ أَوْ اغْتَسَلَتْ أَوْ اخْتَضَبَتْ أَوْ جَامَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ خَاطَبَتْ رَجُلًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَهَذَا كُلُّهُ يُبْطِلُ خِيَارَهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ شَرِبَتْ مَاءً لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا لِأَنَّهَا تَشْرَبُ لِتَتَمَكَّنَّ مِنْ الْخُصُومَةِ وَكَذَلِكَ إذَا أَكَلَتْ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَدْعُوَ بِطَعَامٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ إنْ نَامَتْ قَاعِدَةً أَوْ لَبِسَتْ ثِيَابًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَقُومَ أَوْ فَعَلَتْ فِعْلًا قَلِيلًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِعْرَاضٍ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا وَلَوْ قَالَتْ اُدْعُوا لِي شُهُودًا أُشْهِدُهُمْ عَلَى اخْتِيَارِي أَوْ اُدْعُوا لِي أَبِي لِأَسْتَشِيرَهُ أَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَاتَّكَأَتْ أَوْ قَعَدَتْ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَكَذَا إذَا كَانَتْ قَاعِدَةً فَاتَّكَأَتْ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ اضْطَجَعَتْ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا وَبِهِ قَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالثَّانِيَةُ لَا يَبْطُلُ. وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَرَكِبَتْ بَطَلَ خِيَارُهَا وَكَذَا إذَا كَانَتْ عَلَى دَابَّةٍ فَرَكِبَتْ عَلَى دَابَّةٍ أُخْرَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ كَانَتْ مُتَّكِئَةً فَاسْتَوَتْ قَاعِدَةً لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ رَاكِبَةً فَنَزَلَتْ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ بَطَلَ خِيَارُهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ كَانَتْ تَسِيرُ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ فِي مَحْمَلٍ فَوَقَفَتْ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَإِنْ سَارَتْ بَطَلَ خِيَارُهَا إلَّا أَنْ تَخْتَارَ مَعَ سُكُوتِ الزَّوْجِ لِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ وَوُقُوفَهَا مُضَافَانِ إلَيْهَا فَإِذَا سَارَتْ كَانَ كَمَجْلِسٍ آخَرَ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ كَانَتْ عَلَى دَابَّةٍ وَاقِفَةٍ فَسَارَتْ بَطَلَ خِيَارُهَا وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً فَأَجَابَتْ ثُمَّ سَارَتْ أَوْ كَانَتْ سَائِرَةً فَأَجَابَتْ كَمَا سَمِعَتْ فِي خُطْوَتِهَا تِلْكَ

بَانَتْ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إنْ كَانَتْ مَاشِيَةً وَإِنْ سَبَقَتْ خُطْوَتُهَا جَوَابَهَا لَمْ تَبِنْ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ سَائِرَةً فَوَقَّفَتْهَا بَقِيَ خِيَارُهَا وَلَوْ كَانَتْ فِي بَيْتٍ فَمَشَتْ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ بَقِيَ خِيَارُهَا وَالسَّفِينَةُ كَالْبَيْتِ لَا كَالدَّابَّةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الدَّابَّتَيْنِ أَوْ عَلَى دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ كَانَتْ هِيَ عَلَى دَابَّةٍ وَهُوَ يَمْشِي أَوْ كَانَا فِي سَفِينَتَيْنِ أَوْ فِي سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي مَحْمِلَيْنِ أَوْ فِي مَحْمَلٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ كَانَا عَلَى عَاتِقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي خُطْوَتِهَا تِلْكَ بَانَتْ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ. وَفِي الْمَحْمَلِ يَقُودُهُ الْجَمَلُ وَهُمَا فِيهِ لَا يَبْطُلُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِنْ كَانَتْ مُحْتَبِيَةً فَتَرَبَّعَتْ أَوْ كَانَتْ مُتَرَبِّعَةً فَاحْتَبَتْ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ خَيَّرَ امْرَأَتَهُ فَقَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا أَخَذَ الزَّوْجُ بِيَدِهَا فَأَقَامَهَا أَوْ جَامَعَهَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَفِي الْأَصْلِ مِنْ نُسْخَةِ الْإِمَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ مُخَيَّرَةً إذَا قَامَتْ لِتَدْعُوَ الشُّهُودَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا أَحَدٌ يَدْعُو الشُّهُودَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَتَحَوَّلَ عَنْ مَوْضِعِهَا أَوْ لَمْ تَتَحَوَّلْ فَإِنْ لَمْ تَتَحَوَّلْ لَا يَبْطُلُ الْخِيَارُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ تَحَوَّلَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا اخْتَلَفَتْ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي بُطْلَانِ الْخِيَارِ إعْرَاضُهَا أَوْ تَبَدُّلُ الْمَجْلِسِ عِنْدَ الْبَعْضِ أَيُّهُمَا وُجِدَ وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْإِعْرَاضُ وَهَذَا أَصَحُّ حَتَّى لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ خويشتن خريدم فَقَامَ الزَّوْجُ وَجَاءَ إلَيْهَا وَمَشَى خُطْوَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ وَقَالَ فروختم صَحَّ الْخَلْعُ وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ الْبَعْضِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ ابْتَدَأَتْ الصَّلَاةَ بَطَلَ خِيَارُهَا فَرْضًا كَانَتْ الصَّلَاةُ وَاجِبَةً أَوْ نَفْلًا فَإِنْ خَيَّرَهَا وَهِيَ فِي الصَّلَاةِ فَأَتَمَّتْهَا فَإِنْ كَانَتْ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ أَوْ الْوَاجِبِ كَالْوِتْرِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَتْ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فَإِنْ سَلَّمَتْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بَطَلَ خِيَارُهَا وَلَوْ خُيِّرَتْ وَهِيَ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ فَأَتَمَّتْ وَلَمْ تُسَلِّمْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَبْطُلُ خِيَارُهَا كَمَا فِي التَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَبْطُلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ سَبَّحَتْ أَوْ قَرَأَتْ شَيْئًا يَسِيرًا لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا وَإِنْ طَالَ بَطَلَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ قَالَتْ اعْطِنِي كَذَا إنْ كُنْت تُطَلِّقنِي بَطَلَ حَتَّى لَوْ طَلُقَتْ لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَتْ لِمَ لَا تُطَلِّقنِي بِلِسَانِك ثُمَّ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا يَقَعُ ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى. وَإِذَا خَيَّرَهَا وَأُخْبِرَتْ بِالشُّفْعَةِ يَنْبَغِي أَنْ تَقُولَ اخْتَرْتهمَا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ خَيَّرَهَا فَلَمْ تَسْمَعْ أَوْ كَانَتْ غَائِبَةً فَلَهَا الْخِيَارُ فِي مَجْلِسِ عِلْمِهَا وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ عَلِمَتْ فِي مَجْلِسِ الْقَوْلِ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ فَالْقَوْلُ لَهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِي قَوْلِهِ اخْتَارِي فَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي قَوْلِهِ اخْتَارِي كَانَتْ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَلَا تَكُونُ ثَلَاثًا وَإِنْ نَوَى الزَّوْجُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فَإِذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَأَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ أَمَّا إذَا خَيَّرَهَا بَعْدَ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ قَالَ لَمْ أَنْوِ الطَّلَاقَ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ وَكَذَا إذَا كَانَا فِي غَضَبٍ وَإِذَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ لَا يَسَعُ الْمَرْأَةَ أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ إلَّا بِنِكَاحٍ مُسْتَقْبَلٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي الْمُحِيطِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النَّفْسِ أَوْ التَّطْلِيقَةِ أَوْ الِاخْتِيَارِ فِي أَحَدِ الْكَلَامَيْنِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِأَنْ قَالَ الزَّوْجُ اخْتَارِي نَفْسَك أَوْ اخْتَارِي تَطْلِيقَةً أَوْ اخْتَارِي اخْتِيَارَةً أَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ اخْتَرْت نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت تَطْلِيقَةً أَوْ اخْتِيَارَةً وَقَعَ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ. أَمَّا لَوْ قَالَ اخْتَارِي فَقَالَتْ اخْتَرْت فَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ فَعَلْت فَكَذَا

وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ اخْتَارِي نَفْسَك فَقَالَتْ فَعَلْت حَيْثُ يَقَعُ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ النَّفْسِ مُتَّصِلًا وَإِنْ انْفَصَلَ فَإِنْ كَانَ الْمَجْلِسُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَتَكْرَارُ قَوْلِهِ اخْتَارِي يَقُومُ مَقَامَ ذِكْرِ النَّفْسِ وَكَذَا قَوْلُهَا أَخْتَارُ أَبِي أَوْ أُمِّي أَوْ أَهْلِي أَوْ الْأَزْوَاجَ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ النَّفْسِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. بِخِلَافِ قَوْلِهَا اخْتَرْت قَوْمِي أَوْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَا يَقَعُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهَا أَبٌ أَوْ أُمٌّ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَهَا أَخٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ وَلَوْ قَالَ اخْتَارِي فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي لَا بَلْ زَوْجِي يَقَعُ وَلَوْ قَدَّمَتْ زَوْجِي لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي أَوْ زَوْجِي لَمْ يَقَعْ وَلَوْ عَطَفَتْ بِالْوَاوِ فَالِاعْتِبَارُ لِلْمُقَدَّمِ وَيَلْغُو مَا بَعْدَهُ وَلَوْ خَيَّرَهَا ثُمَّ جَعَلَ لَهَا أَلْفًا عَلَى أَنْ تَخْتَارَهُ فَاخْتَارَتْهُ لَا يَقَعُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ اخْتَرْت ثُمَّ قَالَتْ عَنَيْت نَفْسِي إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ طَلُقَتْ وَصُدِّقَتْ وَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ الْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ لَا تَطْلُقُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الطَّلَاقِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ مِنْ الْمَرْأَةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ أَنَا أَخْتَارُ نَفْسِي فَهِيَ طَالِقٌ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ أَبَنْت نَفْسِي أَوْ حَرَّمْت نَفْسِي أَوْ طَلَّقْت نَفْسِي كَانَ جَوَابًا وَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ بَائِنًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ كَانَ التَّفْوِيضُ مَقْرُونًا بِذِكْرِ الطَّلَاقِ بِأَنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي الطَّلَاقَ فَقَالَتْ اخْتَرْت الطَّلَاقَ فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ. وَإِنْ ذَكَرَ الثَّلَاثَ فِي التَّخْيِيرِ بِأَنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي ثَلَاثًا فَقَالَتْ اخْتَرْت يَقَعُ الثَّلَاثُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي اخْتَارِي اخْتَارِي فَقَالَتْ اخْتَرْت الْأُولَى أَوْ الْوُسْطَى أَوْ الْأَخِيرَةَ أَوْ اخْتِيَارَةً وَقَعَ الثَّلَاثُ بِلَا نِيَّةٍ وَكَذَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى ذِكْرِ النَّفْسِ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ وَفِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ وَإِنْ كَرَّرَ قَوْلَهُ اخْتَارِي. ثُمَّ وُقُوعُ الثَّلَاثِ بِقَوْلِهَا اخْتَرْت الْأُولَى أَوْ الْوُسْطَى أَوْ الْأَخِيرَةَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً. وَلَوْ قَالَتْ اخْتَرْت اخْتِيَارَةً أَوْ الِاخْتِيَارَ أَوْ مَرَّةً أَوْ بِمَرَّةٍ أَوْ دُفْعَةً أَوْ بِدُفْعَةٍ أَوْ بِوَاحِدَةٍ أَوْ اخْتِيَارَةً وَاحِدَةً تَقَعُ ثَلَاثٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ الْآخَرِينَ بِوَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ قَالَتْ أَنَا طَالِقٌ فَهُوَ جَوَابٌ لِلْكُلِّ وَتَطْلُقُ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَتْ اخْتَرْت التَّطْلِيقَةَ أَوْ اخْتَرْت التَّطْلِيقَةَ الْأُولَى تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي اخْتَارِي اخْتَارِي أَوْ ذَكَرَ التَّخْيِيرَيْنِ بِحَرْفِ الْفَاءِ فَقَالَتْ قَدْ طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي تَطْلِيقَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي قَبْلَ تَكْرَارِ الزَّوْجِ بَطَلَ مَا بَعْدَهُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِذَا قَالَ لَهَا اخْتَارِي اخْتَارِي اخْتَارِي فَقَالَتْ قَدْ أَبْطَلْت وَاحِدَةً بَطَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي اخْتَارِي اخْتَارِي فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ نَوَيْت بِالْأَوَّلِ الطَّلَاقَ وَأَرَدْت بِالْأَخِيرِينَ أَنْ أُفْهِمَهَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ وَيَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ اخْتَارِي اخْتَارِي اخْتَارِي بِأَلْفٍ فَقَالَتْ اخْتَرْت جَمِيعَ ذَلِكَ وَقَعَتْ الْأُولَيَانِ بِلَا شَيْءٍ وَالثَّالِثَةُ بِأَلْفٍ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي اخْتِيَارَةً أَوْ وَاحِدَةً أَوْ بِوَاحِدَةٍ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي بِالْأُولَى أَوْ الْوُسْطَى أَوْ الْأَخِيرَةِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا إنْ اخْتَارَتْ بِالْأُولَى وَالْوُسْطَى تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِلَا شَيْءٍ وَإِنْ اخْتَارَتْ بِالثَّالِثَةِ تَقَعُ بِأَلْفٍ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي بِوَاحِدَةٍ أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ فَبَعْدَ ذَلِكَ تُسْأَلُ الْمَرْأَةُ عَنْ ذَلِكَ

الفصل الثاني في الأمر باليد

فَإِنْ قَالَتْ عَنَيْت الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ وَقَعَتَا بِلَا شَيْءٍ أَوْ الثَّالِثَةَ بَانَتْ بِأَلْفٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ قَالَ اخْتَارِي وَاخْتَارِي وَاخْتَارِي بِأَلْفٍ فَقَالَتْ اخْتَرْت أَوْ اخْتَرْت وَاحِدَةً أَوْ بِوَاحِدَةٍ يَقَعُ الثَّلَاثُ بِأَلْفٍ إجْمَاعًا وَإِنْ قَالَتْ بِالْأُولَى أَوْ الْوُسْطَى أَوْ الْأَخِيرَةِ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ اخْتَارِي وَاخْتَارِي بِأَلْفٍ فَقَالَتْ اخْتَرْت تَطْلِيقَةً أَوْ طَلَّقْت نَفْسِي لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ إجْمَاعًا هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقْت وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ عِنْدَهُمْ وَلَوْ ذَكَرَ لِكُلِّ تَخْيِيرٍ مَالًا عَلَى حِدَةٍ اخْتَارَتْ مَا شَاءَتْ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي مِنْ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ مَا شِئْت فَلَهَا اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ أَوْ ثِنْتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا غَيْرُ وَعِنْدَهُمَا تَمْلِكُ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ لَا أَخْتَارُك أَوْ قَالَتْ لَا أُرِيدُك أَوْ قَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي فِيك فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَتْ لَا أَخْتَارُ الطَّلَاقَ فَهَذَا رَدُّ الْأَمْرِ وَإِنْ قَالَتْ هَوَيْت زَوْجِي أَوْ أَحْبَبْته فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَإِنْ قَالَتْ كَرِهْت فِرَاقَ زَوْجِي فَقَدْ اخْتَارَتْهُ وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت أَنْ لَا أَكُونَ امْرَأَتَك فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ اخْتَارِي تَطْلِيقَةً فَقَالَتْ اخْتَرْتهَا تَقَعُ رَجْعِيَّةً وَلَوْ قَالَ اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ فَاخْتَارَتْ وَاحِدَةً تَقَعُ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ خَيِّرْ امْرَأَتِي فَمَا لَمْ يُخَيِّرْهَا لَمْ يَكُنْ الْخِيَارُ لَهَا وَلَوْ قَالَ أَخْبِرْهَا بِالْخِيَارِ فَقَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهَا سَمِعَتْ الْخَبَرَ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَقَعَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَالَ لَهَا اخْتَارِي نَفْسَك الْيَوْمَ أَوْ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا سَوَاءٌ أَعْرَضَتْ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ اشْتَغَلَتْ بِعَمَلٍ آخَرَ أَوْ لَمْ تُعْرِضْ فَهُوَ سَوَاءٌ وَيَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الْمُوَقَّتِ وَلَوْ قَالَ اخْتَارِي الْيَوْمَ أَوْ هَذَا الشَّهْرَ فَلَهَا الْخِيَارُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْيَوْمِ أَوْ الشَّهْرِ لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ يَوْمًا فَهُوَ مِنْ سَاعَةِ تَكَلَّمَ إلَى مِثْلِهَا مِنْ الْغَدِ وَلَوْ قَالَ شَهْرًا فَهُوَ مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي تَكَلَّمَ فِيهَا إلَى أَنْ يَسْتَكْمِلَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَالْخِيَارُ إذَا كَانَ مُوَقَّتًا يَبْطُلُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ سَوَاءٌ عَلِمَتْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُوَقَّتٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ اخْتَارِي الْيَوْمَ وَاخْتَارِي غَدًا فَرَدَّتْ فِي الْيَوْمِ لَا يَبْطُلُ فِي الْغَدِ وَلَوْ قَالَ اخْتَارِي فِي الْيَوْمِ وَغَدًا فَرَدَّتْ فِي الْيَوْمِ يَبْطُلُ أَصْلًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ) الْأَمْرُ بِالْيَدِ كَالتَّخْيِيرِ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِهِ مِنْ اشْتِرَاطِ ذِكْرِ النَّفْسِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَمِنْ عَدَمِ مِلْكِ الزَّوْجِ الرُّجُوعَ وَغَيْرِ ذَلِكَ سِوَى نِيَّةِ الثَّلَاثِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ هَهُنَا لَا فِي التَّخْيِيرِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُك بِيَدِك يَنْوِي الطَّلَاقَ فَإِنْ كَانَتْ تَسْمَعُ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا وَإِنْ لَمْ تَسْمَعْ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا إذَا عَلِمَتْ أَوْ بَلَغَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَطْلَقَ الْكَلَامَ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي يَبْلُغُهَا فِيهِ وَأَمَّا إذَا جَعَلَ الْأَمْرَ إلَيْهَا مُوَقَّتًا بِوَقْتٍ فَإِنْ بَلَغَهَا مَعَ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ الْوَقْتِ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي بَقِيَّةِ الْوَقْتِ وَإِنْ مَضَى الْوَقْتُ قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَ ثُمَّ عَلِمَتْ فَلَا خِيَارَ لَهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك يَنْوِي ثَلَاثًا فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي بِوَاحِدَةٍ فَهِيَ ثَلَاثٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك وَنَوَى الثَّلَاثَ وَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا كَانَ ثَلَاثًا وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَكَذَا إذَا قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي وَاخْتَرْت نَفْسِي وَلَمْ تَذْكُرْ الثَّلَاثَ فَهِيَ ثَلَاثٌ وَكَذَا إذَا قَالَتْ أَبَنْت نَفْسِي أَوْ حَرَّمْت نَفْسِي وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَصْلُحُ جَوَابًا وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي مَجْلِسِ عِلْمِهَا بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ أَرَادَ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي الْعَدَدِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي

الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ أَمْرُك بِيَدِك فِي تَطْلِيقَةٍ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ أَمْرُك بِيَدِك فِي ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَطَلَّقْت نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَهِيَ رَجْعِيَّةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتِك بِيَدِك فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لِمَ لَا تُطَلِّقُنِي بِلِسَانِك لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رَدًّا وَكَانَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَقَالَتْ قَبِلْت نَفْسِي طَلُقَتْ وَكَذَا إذَا جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَقَالَتْ قَبِلْتهَا طَلُقَتْ كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَمْرُك فِي يَدِك أَوْ فِي كَفِّك أَوْ فِي يَمِينِك أَوْ فِي شِمَالِك أَوْ جَعَلْت الْأَمْرَ بِيَدِك أَوْ فَوَّضْت الْأَمْرَ بِيَدِك أَوْ فَوَّضْت الْأَمْرَ كُلَّهُ فِي يَدِك وَنَوَى الطَّلَاقَ صَحَّ وَلَوْ قَالَ فِي عَيْنِك أَوْ رِجْلِك أَوْ رَأْسِك أَوْ نَحْوِهَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَوْ نَوَى بِالْأَمْرِ بِالْيَدِ وَاحِدَةً ثُمَّ نَوَى ثَلَاثًا لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا لَا يَصِحُّ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ إلَّا فِي الْأَمَةِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ أَمْرُك فِي فَمِك أَوْ لِسَانِك فَهَذَا كَقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك الْمُخْتَارُ أَنَّ هَذَا كَقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ لَمْ يُرِدْ الزَّوْجُ بِالْأَمْرِ بِالْيَدِ طَلَاقًا فَلَيْسَ الْأَمْرُ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ أَوْ فِي حَالَةِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ وَلَا يَدِينُ فِي الْحُكْمِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ فِي الْحَالَتَيْنِ وَإِنْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ نِيَّةَ الطَّلَاقِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ فِي غَضَبٍ أَوْ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ فِي إثْبَاتِ حَالَةِ الْغَضَبِ وَمُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا فِي نِيَّةِ الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ بِذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا وَطَلَّقْت نَفْسَهَا وَقَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا طَلَّقْت نَفْسَك بَعْدَ اشْتِغَالِك بِكَلَامٍ أَوْ بِعَمَلٍ وَقَالَتْ بَلْ طَلَّقْت نَفْسِي فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَشْتَغِلَ بِكَلَامٍ آخَرَ وَبِشَيْءٍ آخَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَوَقَعَ الطَّلَاقُ كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. دَعْوَى الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا لَا تُسْمَعُ أَمَّا لَوْ طَلَّقْت الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِحُكْمِ الْأَمْرِ ثُمَّ ادَّعَتْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَوُجُوبَ الْمَهْرِ بِنَاءً عَلَى الْأَمْرِ فَإِنَّهُ يُسْمَعُ وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُجْبَرَ الزَّوْجُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ قَامَ فَقَامَ وَطَلَّقْت نَفْسَهَا فَادَّعَى أَنَّهَا لَمْ تُطَلِّقْ نَفْسَهَا فِي مَجْلِسِ عِلْمِهَا وَادَّعَتْ الْإِيقَاعَ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ فَالْقَوْلُ لَهَا وَذَكَرَ الْحَاكِمُ قَالَ جَعَلْت أَمْرَك بِيَدِك أَمْسِ فَلَمْ تُطَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت فَالْقَوْلُ لَهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. سُئِلَ جَدِّي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا: اكر قمار كَنِدِّ ثُمَّ قَامَرَ فَطَلَّقَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا ثُمَّ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّكَ قَدْ عَلِمْت مُذْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ تُطَلِّقِي فِي مَجْلِسِ عِلْمِك وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا بَلْ عَلِمْت الْآنَ فَطَلَّقْت نَفْسِي عَلَى الْفَوْرِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ أَجَابَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمَرْأَةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ. رَجُلٌ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا فَقَالَتْ لِلزَّوْجِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْتِ مِنِّي بَائِنٌ أَوْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ أَوْ أَنَا مِنْك بَائِنٌ فَهَذَا كُلُّهُ طَلَاقٌ وَلَوْ قَالَتْ أَنْتَ حَرَامٌ وَلَمْ تَقُلْ عَلَيَّ أَوْ قَالَتْ أَنْتَ بَائِنٌ وَلَمْ تَقُلْ مِنِّي فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَتْ أَنَا حَرَامٌ وَلَمْ تَقُلْ عَلَيْك أَوْ قَالَتْ أَنَا بَائِنٌ وَلَمْ تَقُلْ مِنْك فَهَذَا كُلُّهُ طَلَاقٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا فِي الطَّلَاقِ فَقَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلَّقْتُك كَانَ بَاطِلًا كَمَا لَوْ أَضَافَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ إلَى نَفْسِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَبَعْدَ الْغَدِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ اللَّيْلُ حَتَّى لَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي اللَّيْلِ لَا يَقَعُ وَإِنْ رَدَّتْ الْأَمْرَ فِي يَوْمِهَا بَطَلَ أَمْرُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ لَهَا الْأَمْرُ بَعْدَ الْغَدِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَا لَوْ قَالَتْ فِي الْيَوْمِ أَبْطَلْت كُلَّ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك

الْيَوْمَ وَغَدًا دَخَلَتْ اللَّيْلَةُ تَحْت الْأَمْرِ وَإِنْ رَدَّتْ الْأَمْرَ فِي يَوْمِهَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْأَمْرُ فِي الْغَدِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ فَرَدَّتْ فِي الْيَوْمِ بَطَلَ كُلُّهُ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِمْلَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَأَمْرُك بِيَدِك غَدًا فَهُمَا أَمْرَانِ حَتَّى إذَا اخْتَارَتْ زَوْجَهَا الْيَوْمَ ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ صَارَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا الْيَوْمَ فَطَلُقَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ فَأَرَادَتْ أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا فَلَهَا ذَلِكَ وَتَطْلُقُ أُخْرَى إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَهُوَ عَلَى الْيَوْمِ دُونَ اللَّيْلِ وَلَوْ قَدِمَ فُلَانٌ وَلَمْ تَعْلَمْ بِقُدُومِهِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ غَدًا فَرَدَّتْ فِي الْيَوْمِ بَطَلَ الْأَمْرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً أَوْ قَالَ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ السَّنَةَ أَوْ قَالَ هَذَا الْيَوْمَ أَوْ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ هَذِهِ السَّنَةَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ وَلَهَا الْأَمْرُ فِي الْوَقْتِ كُلِّهِ تَخْتَارُ نَفْسَهَا فِيمَا شَاءَتْ مِنْهُ وَلَوْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا أَوْ تَشَاغَلَتْ بِغَيْرِ الْجَوَابِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْوَقْتِ بِلَا خِلَافٍ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ ذَكَرَ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ السَّنَةَ مُنَكَّرًا فَلَهَا الْأَمْرُ مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي تَكَلَّمَ فِيهَا إلَى مِثْلِهَا مِنْ الْغَدِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ وَيَكُونُ الشَّهْرُ هَهُنَا بِالْأَيَّامِ وَإِنْ ذُكِرَ مُعَرَّفًا فَلَهَا الْخِيَارُ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ وَفِي بَقِيَّةِ الشَّهْرِ وَفِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ وَيُعْتَبَرُ الشَّهْرُ هَهُنَا بِالْهِلَالِ. وَلَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي الْوَقْتِ مَرَّةً لَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا مَرَّةً أُخْرَى وَلَوْ قَالَتْ اخْتَرْت زَوْجِي أَوْ لَا أَخْتَارُ الطَّلَاقَ ذَكَرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ حَتَّى لَا تَمْلِكُ أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ بَقِيَ الْوَقْتُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك فِي هَذَا الشَّهْرِ فَاخْتَارَتْ زَوْجَهَا خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْطُلُ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ ذُكِرَ الْخِلَافُ عَلَى عَكْسِ هَذَا وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِ فُلَانٍ شَهْرًا فَهُوَ عَلَى الشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ وَيَبْطُلُ بِمُضِيِّهِ بِلَا عِلْمٍ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك أَبَدًا فَرَدَّتْهُ مَرَّةً يَبْطُلُ ذِكْرُ بَكْرٍ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ أَوْ شَهْرًا فَرَدَّتْهُ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك رَأْسَ الشَّهْرِ كَانَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا اللَّيْلَةَ الَّتِي يُهِلُّ فِيهَا الْهِلَالُ وَمِنْ الْغَدِ إلَى اللَّيْلِ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك فِي رَأْسِ الشَّهْرِ كَانَ لَهَا مَجْلِسُهَا حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ قَالَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك غَدًا كَانَ لَهَا الْغَدُ كُلُّهُ وَلَوْ قَالَ فِي غَدٍ كَانَ عَلَى الْمَجْلِسِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ مِنْ الْغَدِ وَذَكَرَ إبْرَاهِيمُ مَا يُخَالِفُ هَذَا فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ إذَا قَالَ أَمْرُك بِيَدِك رَمَضَانَ أَوْ قَالَ فِي رَمَضَانَ فَهُمَا سَوَاءٌ وَالْأَمْرُ فِي يَدِهَا رَمَضَانَ كُلَّهُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَمْرُك بِيَدِك غَدًا أَوْ فِي غَدٍ فَهُمَا سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ فَهُوَ عَلَى الْيَوْمِ كُلِّهِ وَلَوْ قَالَ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَهُوَ عَلَى مَجْلِسِهَا وَهُوَ صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْغَدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَمْرُهَا فِي يَدِهَا مِنْ هَذَا الْوَقْتِ إلَى مُضِيِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَيُحْفَظُ انْقِضَاءُ الْعَشَرَةِ بِالسَّاعَاتِ وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا بَعْدَ مُضِيِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَدِنْ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ

قَالَ لِآخَرَ أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِك إلَى سَنَةٍ صَارَ الْأَمْرُ بِيَدِهِ إلَى سَنَةٍ حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ لَا يَمْلِكُ وَإِذَا تَمَّتْ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهِ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. وَفِي فَتَاوَى الصُّغْرَى لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِك يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَلَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ إنْ كَانَ يَسْمَعُ فَالْأَمْرُ بِيَدِهِ مَا دَامَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَوْ كَانَ غَائِبًا فَإِنَّمَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهِ إذَا عَلِمَ أَوْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ وَيَكُونُ الْأَمْرُ فِي يَدِهِ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ وَالْقَبُولُ فِي الْمَجْلِسِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَلَكِنْ إذَا رَدَّ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ ذَلِكَ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ قُلْ لِامْرَأَتِي أَمْرُك بِيَدِك لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا مَا لَمْ يَقُلْ الْمَأْمُورُ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ بِالتَّفْوِيضِ وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ قُلْ لِامْرَأَتِي إنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا قَبْلَ الْإِخْبَارِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ طَلِّقْ امْرَأَتِي فَقَدْ جَعَلْت ذَلِكَ إلَيْكَ فَهُوَ تَفْوِيضٌ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ وَإِذَا طَلَّقَهَا فِي الْمَجْلِسِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ جَعَلْت إلَيْك طَلَاقَهَا فَطَلَّقَهَا يَقْتَصِرُ وَيَكُونُ رَجْعِيًّا وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ طَلِّقْ امْرَأَتِي وَقَدْ جَعَلْت أَمْرَهَا بِيَدِك أَوْ قَالَ جَعَلْت أَمْرَهَا بِيَدِك وَطَلَّقَهَا كَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْعَطْفِ فَأَمَّا حَرْفُ الْفَاءِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَيَكُونُ لِبَيَانِ السَّبَبِ فَلَا يَمْلِكُ إلَّا وَاحِدَةً وَإِذَا ذَكَرَ بِحَرْفِ الْوَاوِ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ فِي الْمَجْلِسِ تَبِينُ بِتَطْلِيقَتَيْنِ لِأَنَّ الْوَاقِعَ بِحُكْمِ الْأَمْرِ يَكُونُ بَائِنًا فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا بَائِنًا كَانَ الْآخَرُ بَائِنًا ضَرُورَةً أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَإِنْ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنْ الْمَجْلِسِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَمْرُهَا بِيَدِك فَطَلَّقَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْجَامِعِ إذَا قَالَ لِرَجُلٍ أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِك فَطَلِّقْهَا فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ عَنْ الْمَجْلِسِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الزَّوْجُ ثَلَاثًا فَيَكُونُ ثَلَاثًا وَلَوْ قَامَ الرَّجُلُ عَنْ مَجْلِسِهِ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَطَلَ الْأَمْرُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ طَلِّقْهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِك كَانَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَوْ قَالَ لِلصَّكَّاكِ اُكْتُبْ لَهَا خَطَّ الْأَمْرِ عَلَى أَنِّي مَتَى سَافَرْت بِغَيْرِ إذْنِهَا فَهِيَ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا وَاحِدَةً كُلَّمَا شَاءَتْ فَقَالَتْ لَا أُرِيدُ الْوَاحِدَةَ وَطَلَبَتْ الثَّلَاثَ وَأَبَى الزَّوْجُ وَلَمْ يَتَّفِقَا وَخَرَجَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا فِي تَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ. وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ جُنَّ الزَّوْجُ جُنُونًا مُطْبِقًا لَا يَبْطُلُ الْأَمْرُ بِالْيَدِ وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ فَهُوَ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ كَمَا لَوْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَى الْمَرْأَةِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَمْرُك بِيَدِك يَنْوِي الطَّلَاقَ فَطَلَّقْت نَفْسَهَا صَحَّ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ مَعْتُوهٍ صَحَّ وَيُقْتَصَرُ عَلَى الْمَجْلِسِ إلَّا أَنْ يَقُولَ طَلِّقْهَا مَتَى شَاءَتْ أَوْ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا مَتَى شَاءَتْ وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِ رَجُلَيْنِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ قَالَا كُنَّا طَلَّقْنَا فِي الْمَجْلِسِ فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ حَلَفَ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَلَوْ نَوَى الثَّلَاثَ فَطَلَّقَهَا أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِي وَبِيَدِك أَوْ قَالَ جَعَلْت أَمْرَهَا بِيَدِي وَبِيَدِك فَطَلَّقَهَا الْمُخَاطَبُ لَمْ يَجُزْ طَلَاقُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الزَّوْجُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِ اللَّهِ وَيَدِك أَوْ قَالَ جَعَلْت أَمْرَهَا بِيَدِ اللَّهِ وَيَدِك يُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا الْمُخَاطَبُ يَقَعُ كَذَا فِي الْكَافِي. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ أَمَرَ امْرَأَتَهُ بِيَدِ أَبِيهَا فَقَالَ أَبُوهَا قَدْ قَبِلْتهَا طَلُقَتْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذَكَرَ فِي أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَقَالَا نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَمَرَنَا أَنْ نُبَلِّغَ امْرَأَتَهُ أَنَّهُ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا وَبَلَّغْنَاهَا وَقَدْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ ذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَلَوْ قَالَا نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا قَالَ لَنَا اجْعَلَا أَمْرَ امْرَأَتِي

بِيَدِهَا فَجَعَلْنَا أَمْرَهَا بِيَدِهَا لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَقَالَ أَمْرُكُمَا بِأَيْدِيكُمَا لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُك بِيَدِك وَأَمْرُ امْرَأَتِي هَذِهِ بِيَدِك فَطَلَّقَتْ فُلَانَةَ ثُمَّ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُ نِسَائِي بِيَدِك أَوْ طَلِّقِي أَيَّ نِسَائِي شِئْت فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَمْرُ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِي فِي يَدِك يَنْوِي الطَّلَاقَ فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً فَقَالَ الزَّوْجُ عَنَيْت أُخْرَى لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك أَوْ أَمْرُ هَذِهِ بِيَدِهَا فَإِنْ طَلَّقَتْ فِي الْمَجْلِسِ بَطَلَتْ الْأُخْرَى وَلَوْ طَلَّقَتَا مَعًا طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا وَالْبَيَانُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. فُضُولِيٌّ قَالَ لِامْرَأَةِ الْغَيْرِ جَعَلْت أَمْرَك بِيَدِك فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي فَبَلَغَ الزَّوْجَ ذَلِكَ فَأَجَازَ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِاخْتِيَارِهَا لَكِنْ يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا فِي مَجْلِسِ عِلْمِهَا بِإِجَازَةِ الزَّوْجِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ بِنَفْسِهَا قَدْ جَعَلْت أَمْرِي بِيَدِي وَاخْتَرْت نَفْسِي فَأَجَازَ الزَّوْجُ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَكِنْ يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَلَوْ قَالَتْ جَعَلْت أَمْرِي بِيَدِي وَطَلَّقْت نَفْسِي فَأَجَازَ الزَّوْجُ ذَلِكَ تَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ لِلْحَالِ وَيَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا حَتَّى لَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى بَائِنَةٌ وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ اخْتَرْت نَفْسِي وَقَالَ الزَّوْجُ أَجَزْت لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَلَوْ قَالَتْ أَبَنْت نَفْسِي وَقَالَ الزَّوْجُ أَجَزْت يَقَعُ إذَا نَوَى وَلَوْ قَالَتْ حَرَّمَتْ نَفْسِي عَلَيْك فَقَالَ الزَّوْجُ أَجَزْت يَصِيرُ الزَّوْجُ مُوَلِّيًا لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ إيلَاءٌ لَكِنْ فِي عُرْفِنَا صَارَ طَلَاقًا فَتَطْلُقُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا قَدْ طَلَّقْت نَفْسِي فَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ أَجَزْت ذَلِكَ فَهَذَا جَائِزٌ وَتَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الطَّلَاقِ مِنْ الزَّوْجِ عِنْدَ قَوْلِهِ أَجَزْت لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَلَوْ نَوَى الزَّوْجُ الثَّلَاثَ عِنْدَ قَوْلِهِ أَجَزْت لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ جَعَلْت أَمْرِي بِيَدِي فَقَالَ الزَّوْجُ أَجَزْت ذَلِكَ وَهُوَ يُرِيدُ الطَّلَاقَ صَارَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا وَلَوْ قَالَتْ جَعَلْت الْخِيَارَ إلَيَّ فَقَالَ الزَّوْجُ أَجَزْت ذَلِكَ وَهُوَ يُرِيدُ الطَّلَاقَ صَارَ الْخِيَارُ إلَيْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ فِي الطَّلَاقِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ. أُخْبِرَ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَك فَقَالَ نِعْمَ مَا صَنَعَ أَوْ بِئْسَ مَا صَنَعَ قِيلَ فِي الْأَوَّلِ يَقَعُ وَفِي الْآخَرِ لَا يَقَعُ هُوَ الظَّاهِرُ وَالْمَأْخُوذُ بِهِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ قَالَتْ كُنْت جَعَلْت أَمْسِ أَمْرِي بِيَدِي فَاخْتَرْت نَفْسِي وَقَالَ الزَّوْجُ صَدَقْت وَأَجَزْت ذَلِكَ صَارَ بِيَدِهَا الْآنَ وَاخْتِيَارُهَا قَبْلَ ذَلِكَ بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَتْ قُلْت أَمْسِ أَمْرِي بِيَدِي الْيَوْمَ فَقَالَ أَجَزْت لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْيَوْمَ قَدْ مَضَى كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ فَقَالَ زَيْدٌ أَجَزْت أَوْ رَضِيت أَوْ أَلْزَمْته نَفْسِي لَزِمَهُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا بِعْت مِنْك أَمْرَك بِيَدِك بِأَلْفٍ دِرْهَمٍ إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي الْمَجْلِسِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَزِمَهَا الْمَالُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك وَأَمْرُك بِيَدِك أَوْ قَالَ جَعَلْت أَمْرَك بِيَدِك كَانَا تَفْوِيضَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك فَأَمْرُك بِيَدِك وَلَوْ قَالَ جَعَلْت أَمْرَك بِيَدِك فَأَمْرُك بِيَدِك فَهُوَ تَفْوِيضٌ وَاحِدٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا جَمَعَ الزَّوْجُ بَيْنَ أَلْفَاظِ التَّفْوِيضِ وَهِيَ قَوْلُهُ أَمْرُك بِيَدِك اخْتَارِي طَلِّقِي فَإِنْ ذَكَرَهَا بِغَيْرِ حَرْفِ صِلَةٍ يُجْعَلُ كُلُّ وَاحِدٍ كَلَامًا مُبْتَدَأً وَلَوْ ذَكَرَهَا بِحَرْفِ الْفَاءِ فَالْمَذْكُورُ بِحَرْفِ الْفَاءِ يُجْعَلُ تَفْسِيرًا إنْ صَلُحَ تَفْسِيرًا وَلَفْظَةُ الِاخْتِيَارِ تَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلْأَمْرِ بِالْيَدِ وَالْأَمْرُ بِالْيَدِ لَا يَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلِاخْتِيَارِ وَالطَّلَاقُ يَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلْأَمْرِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْأَمْرُ لَا يَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلْأَمْرِ وَكَذَلِكَ الِاخْتِيَارُ لَا يَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلِاخْتِيَارِ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِنَفْسِهِ وَإِذَا لَمْ يَصْلُحْ تَفْسِيرًا يُجْعَلُ عِلَّةً لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ تَعَذَّرَ جَعْلُهُ عِلَّةً يُحْمَلُ عَلَى الْعَطْفِ وَلَوْ ذَكَرَهَا

بِحَرْفِ الْوَاوِ فَهُوَ لِلْعَطْفِ وَالْمَعْطُوفُ لَا يَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَإِذَا عَطَفَ الْبَعْضَ عَلَى الْبَعْضِ فَالتَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ فِي آخِرِهِ يُجْعَلُ تَفْسِيرًا لِلْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَرَّرَ الْخِيَارَ وَالْأَمْر بِالْيَدِ بِغَيْرِ وَاوٍ وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ تَفْسِيرًا كَانَ ذَلِكَ تَفْسِيرًا لِمَا يَلِيهِ دُونَ مَا قَبْلَهُ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَإِذَا قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك طَلِّقِي نَفْسَك أَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي فَقَالَ الزَّوْجُ لَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ كَانَ مُصَدَّقًا وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك فَاخْتَارِي فَطَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي وَقَالَ الزَّوْجُ لَمْ أُرِدْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ وَتَقَعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ بِقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك مَعَ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ مَا أَرَادَ بِهِ الثَّلَاثَ وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَأَمْرُك بِيَدِك فَطَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي أَوْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي فَهِيَ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً بِقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ أَمْرُك بِيَدِك فَطَلِّقِي نَفْسَك أَوْ قَالَ اخْتَارِي فَطَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ. وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك وَطَلِّقِي نَفْسَك أَوْ قَالَ اخْتَارِي وَطَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي لَا يَقَعُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يَنْوِ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ. وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي تَقَعُ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ بِالصَّرِيحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَوَى الثَّلَاثَ بِقَوْلِهِ وَطَلِّقِي نَفْسَك وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك وَاخْتَارِي وَطَلِّقِي نَفْسَك فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ كَذَا لَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك وَاخْتَارِي فَاخْتَارِي أَوْ قَالَ اخْتَارِي وَأَمْرُك بِيَدِك فَأَمْرُك بِيَدِك وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك وَاخْتَارِي فَطَلِّقِي نَفْسَك فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الثَّلَاثَ بِالْأَمْرِ وَكَذَا لَوْ قَالَ اخْتَارِي وَاخْتَارِي فَطَلِّقِي نَفْسَك أَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك أَمْرُك بِيَدِك فَطَلِّقِي نَفْسَك كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَإِذَا قَالَ قَدْ جَعَلْت أَمْرَك بِيَدِك فَأَمْرُك بِيَدِك فَطَلِّقِي نَفْسَك فَالْأَمْرُ وَاحِدٌ وَالثَّالِثُ صَارَ تَفْسِيرًا لِلْأَمْرِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِنْ قَالَ اخْتَارِي فَاخْتَارِي فَطَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي تَقَعُ بَائِنَتَانِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك فَأَمْرُك بِيَدِك فَطَلِّقِي نَفْسَك وَإِنْ قَالَ اخْتَارِي فَطَلِّقِي نَفْسَك وَأَمْرُك بِيَدِك فَقَالَتْ اخْتَرْت تَقَعُ بَائِنَتَانِ وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك فَاخْتَارِي فَطَلِّقِي نَفْسَك فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا أَوْ قَالَ اخْتَارِي فَطَلِّقِي نَفْسَك فَأَمْرُك بِيَدِك فَاخْتَارَتْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ اخْتَارِي فَأَمْرُك بِيَدِك وَطَلِّقِي نَفْسَك فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَإِنْ طَلَّقَتْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك فَاخْتَارِي وَاخْتَارِي وَطَلِّقِي نَفْسَك أَوْ فَطَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَلَا يُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي تَرْكِ النِّيَّةِ وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك فَأَمْرُك بِيَدِك أَوْ جَعَلْت الْخِيَارَ بِيَدِك فَطَلِّقِي نَفْسَك أَوْ طَلِّقِي نَفْسَك فَقَدْ جَعَلْت الْخِيَارَ بِيَدِك فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك فَاخْتَارِي فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي تَقَعُ بَائِنَتَانِ وَإِنْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك اخْتَارِي اخْتَارِي اخْتَارِي فَطَلِّقِي نَفْسَك وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ طَلِّقِي نَفْسك مَا يَحْبِسُك أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك وَلَمْ يَنْوِ بِالْأَمْرِ شَيْئًا فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي لَا يَقَعُ حَتَّى لَوْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي تَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ. وَإِنْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك فَاخْتَارِي وَاخْتَارِي أَوْ قَالَ اخْتَارِي فَأَمْرُك بِيَدِك وَأَمْرُك بِيَدِك أَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك اخْتَارِي فَاخْتَارِي أَوْ قَالَ اخْتَارِي أَمْرُك بِيَدِك فَأَمْرُك بِيَدِك أَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك اخْتَارِي وَاخْتَارِي وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا يَقَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَلَوْ قَالَ جَعَلْت أَمْرَك بِيَدِك فَأَمْرُك بِيَدِك فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِالْقَرِينَةِ بِأَنْ يَكُونَ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ يَكُونُ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ جَعَلْت أَمْرَك بِيَدِك وَأَمْرُك بِيَدِك

فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا تَقَعُ بَائِنَتَانِ وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك طَلَاقًا أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَقَدْ جَعَلْت أَمْرَك بِيَدِك فِي ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ بَوَائِنَ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا أَوْ طَلَّقَتْ يَقَعُ الثَّلَاثُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَاخْتَارِي فَاخْتَارَتْ تَقَعُ بَائِنَةٌ وَإِنْ طَلَّقَتْ يَقَعُ ثِنْتَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُك بِيَدِك لِكَيْ تُطَلِّقِي نَفْسَك أَوْ حَتَّى تُطَلِّقِي نَفْسَك فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَهُوَ بَائِنٌ كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَمْرُك بِيَدِك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَخْتَارَ نَفْسَهَا فِي مَجْلِسِهَا فَحِينَئِذٍ يُخَيَّرُ الزَّوْجُ إنْ شَاءَ أَوْقَعَ بِتَطْلِيقِهِ وَإِنْ شَاءَ أَوْقَعَ بِاخْتِيَارِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك فَاخْتَارِي أَوْ قَالَ اخْتَارِي فَأَمْرُك فَالْحُكْمُ لِلْأَمْرِ بِالْيَدِ حَتَّى لَوْ نَوَى الثَّلَاثَ يَصِحُّ وَإِنْ أَنْكَرَهَا وَأَقَرَّ بِوَاحِدَةٍ يَحْلِفُ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُك بِيَدِك فَطَلِّقِي نَفْسَك غَدًا فَقَوْلُهُ طَلِّقِي نَفْسَك غَدًا مَشُورَةً فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فِي الْحَالِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ إنْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك فَطَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ أَوْ قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فِي مَجْلِسِهَا وَالسُّنَّةُ أَوْ الشَّرْطُ لَغْوٌ مِنْهُ وَإِنْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ أَوْ إذَا جَاءَ غَدٌ وَلَمْ يَنْوِ بِالْأَمْرِ شَيْئًا لَغَا الْأَمْرُ وَصَحَّ غَيْرُهُ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ أَوْ إذَا جَاءَ غَدٌ كَذَا فِي الْكَافِي. التَّفْوِيضُ الْمُعَلَّقُ بِشَرْطٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا عَنْ الْوَقْتِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُوَقَّتًا فَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَمْرُك بِيَدِك فَقَدِمَ فُلَانٌ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا إذَا عَلِمَتْ فِي مَجْلِسِهَا الَّذِي قَدِمَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُوَقَّتًا بِأَنْ قَالَ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَمْرُك بِيَدِك يَوْمًا أَوْ قَالَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فَإِذَا قَدِمَ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كُلِّهِ إذَا عَلِمَتْ بِالْقُدُومِ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ الْيَوْمَ مُنَكَّرًا يَقَعُ عَلَى يَوْمٍ تَامٍّ وَإِنْ عَرَّفَهُ يَقَعُ عَلَى بَقِيَّةِ الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ وَلَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا فِي الْوَقْتِ كُلِّهِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِقُدُومِهِ حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ ثُمَّ عَلِمَتْ فَلَا خِيَارَ لَهَا بِهَذَا التَّفْوِيضِ أَبَدًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِ فُلَانٍ شَهْرًا فَهُوَ عَلَى الشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ وَيَبْطُلُ بِمُضِيِّهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فُلَانٌ وَلَوْ قَالَ إذَا مَضَى هَذَا الشَّهْرُ فَأَمْرُهَا بِيَدِ فُلَانٍ فَمَضَى الشَّهْرُ فَأَمْرُهَا بِيَدِهِ فِي مَجْلِسِ عِلْمِهِ وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ مُعَلَّقٌ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ وَالْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ يَصِيرُ مُرْسَلًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَلَوْ أَرْسَلَ التَّفْوِيضَ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ يُقْتَصَرُ عَلَى مَجْلِسِ عِلْمِهِ فَكَذَا هَذَا وَلَوْ قَالَ أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ إذَا مَضَى شَهْرٌ ثُمَّ مَضَى شَهْرٌ ثُمَّ عَلِمَ أَحَدُهُمَا فَقَامَ قَبْلَ الطَّلَاقِ بَطَلَ الْأَمْرُ فَإِنْ طَلَّقَ فَهُوَ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَعْلَمَ الْآخَرُ فَإِنْ طَلَّقَ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ يَقَعُ وَإِلَّا بَطَلَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ لِمَدْيُونِهِ إنْ لَمْ تَقْضِ حَقِّي إلَى شَهْرٍ فَأَمْرُ امْرَأَتِك يَكُونُ بِيَدِي فَقَالَ الْمَدْيُونُ وَلْيَكُنْ كَذَلِكَ وَوُجِدَ الشَّرْطُ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَ شَهْرُ كَذَا فَأَمْرُك بِيَدِك يَوْمًا مِنْهُ أَوْ قَالَ مِنْ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالسَّاعَةَ فِي الْمَجْلِسِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لَهَا إذَا أَهَلَّ الْهِلَالُ فَأَمْرُك بِيَدِك فَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ الْهِلَالَ قَدْ أَهَلَّ وَلَمْ تَخْتَرْ نَفْسَهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا وَإِنْ جَاءَتْ بَعْدَ الْهِلَالِ بِأَيَّامٍ وَقَالَتْ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ فَإِنْ جَاءَتْ بِأَمْرٍ أَرَى أَنَّهَا فِيهِ صَادِقَةٌ حَلَّفْتهَا عَلَى ذَلِكَ وَقَبِلْت قَوْلَهَا وَالْأَمْرُ بِيَدِهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِأَمْرٍ أَرَى أَنَّهَا كَاذِبَةٌ فِيهِ لَمْ أَقْبَلْ قَوْلَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا تَزَوَّجْت عَلَيْك امْرَأَةً فَأَمْرُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ بِيَدِك ثُمَّ خَالَعَهَا أَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى لَا يَصِيرُ أَمْرُهَا بِيَدِهَا وَإِذَا قَالَ لَهَا إذَا تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَأَمْرُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ بِيَدِك وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْك ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا أَوْ خَالَعَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى يَصِيرُ

الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَإِذَا قَالَ لَهَا إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فِي هَذَا النِّكَاحِ فَأَمْرُك بِيَدِك أَوْ قَالَ فَأَمْرُهَا بِيَدِك ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك مَا دُمْت فِي نِكَاحِي أَوْ مَا كُنْت فِي نِكَاحِي فَأَمْرُك بِيَدِك ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ خَالَعَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَفِي قَوْلِهِ مَا دُمْت فِي نِكَاحِي لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَفِي قَوْلِهِ مَا كُنْت فِي نِكَاحِي كَذَلِكَ عَلَى رِوَايَةِ أَيْمَانٍ مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ مَا دُمْت أَوْ مَا كُنْت سَوَاءٌ وَفَرَّقَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ بَيْنَ قَوْلِهِ مَا كُنْت وَبَيْنَ قَوْلِهِ مَا دُمْت وَأَشَارَ إلَى أَنَّ فِي قَوْلِهِ مَا كُنْت يَصِيرُ أَمْرُهَا بِيَدِهَا لَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا بَعْدَمَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْخَلْعِ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ كَوْنٌ بَعْدَ كَوْنٍ وَلَا تَثْبُتُ دَيْمُومَةٌ بَعْدَ دَيْمُومَةٍ كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا امْرَأَةً ثُمَّ إنَّهَا ادَّعَتْ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّك تَزَوَّجْت عَلَيَّ فُلَانَةَ وَفُلَانَةُ حَاضِرَةٌ تَقُولُ زَوَّجْت نَفْسِي مِنْهُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى النِّكَاحِ يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَلَوْ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ الْمَجْلِسِ وَأَقَامَتْ هَذِهِ بَيِّنَةَ أَنَّك تَزَوَّجْتَ عَلَيَّ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ وَصَارَ أَمْرِي بِيَدِي هَلْ تُسْمَعُ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِخَصَمٍ فِي إثْبَاتِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَمْرُك بِيَدِك ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ بَائِنَتَيْنِ لَا يَبْطُلُ الْأَمْرُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ صَارَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا سَوَاءٌ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَمَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مَدْخُولَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَدْخُولَةٍ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا يَقَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ فَأَمْرُك بِيَدِك فَدَخَلَتْ دَارَ فُلَانٍ ثُمَّ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا إنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ أَنْ تُزَايِلَ الْمَكَانَ الَّذِي فِيهِ سُمِّيَتْ دَاخِلَةً طَلُقَتْ وَإِنْ مَشَتْ خُطْوَتَيْنِ ثُمَّ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ غِبْت عَنْك فَمَكَثْت فِي غَيْبَتِي يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَأَمْرُك بِيَدِك قَالَ إذَا مَكَثَ يَوْمًا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا وَهَذَا عَلَى أَوَّلِ الْأَمْرَيْنِ رَجُلٌ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا عَلَى أَنَّهُ إنْ غَابَ عَنْهَا كَذَا مُدَّةً تُطَلِّقُ نَفْسَهَا مَتَى شَاءَتْ فَغَابَ عَنْهَا إلَى آخِرِ الْمُدَّةِ ثُمَّ حَضَرَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَإِذَا هِيَ غَيَّبَتْ نَفْسَهَا حَتَّى تَمَّتْ الْمُدَّةُ أَفْتَى الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ يَبْقَى الْأَمْرُ فِي يَدِهَا وَأَفْتَى الْقَاضِي الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِهَا لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا قَالَ وَهَذَا إذَا كَانَتْ مَدْخُولَةً فَأَمَّا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا لَوْ غَابَ عَنْهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ فَلَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَلَوْ كَانَتْ مَدْخُولَةً فَغَابَ عَنْهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ لَكِنَّهُ فِي الْمِصْرِ لَا يَجِيءُ إلَى بَيْتِهَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا قَالَ هَكَذَا أَفْتَى الشَّيْخُ الْقَاضِي الْإِمَامُ وَلَوْ قَالَ إنْ غِبْت عَنْ كُورَةِ بُخَارَى فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَإِذَا خَرَجَ عَنْ الْكُورَةِ إلَى الرُّسْتَاقِ يَصِيرُ الْأَمْرُ فِي يَدِهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْإِمَامِ الْأُسْتَاذِ ظَهِيرِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا عَلَى أَنَّهُ مَتَى غَابَ عَنْهَا عَنْ بُخَارَى مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي يَسْكُنَانِ فِيهِ شَهْرَيْنِ فَهِيَ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا مَتَى شَاءَتْ فَغَابَ عَنْ بُخَارَى شَهْرَيْنِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَطَلَّقَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا قَبْلَ بِنَائِهَا لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ لَمْ يَغِبْ عَنْهَا مِنْ مَكَان يَسْكُنَانِ فِيهِ إذْ يُرَادُ بِالْمَكَانِ الَّذِي يَسْكُنَانِ فِيهِ مَكَانَ السُّكْنَى وَالِازْدِوَاجِ كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُشَنِيِّ. وَلَوْ قَالَ إنْ غِبْت عَنْ بُخَارَى فَاسْمُ بُخَارَى يَنْطَلِقُ عَلَى الْقَصَبَةِ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ بِاسْمِ بُخَارَى مِنْ كَرْمِينَةَ إلَى فِرَبْرَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا مَتَى شَاءَتْ فِي الطَّلَاقِ إنْ خَرَجَ مِنْ بَلْدَةِ بُخَارَى بِلَا إذْنِهَا فَخَرَجَ إلَى كوك سَرَاي وَمَكَثَ فِيهَا يَوْمَيْنِ لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَمَّنْ قَالَ لِغَيْرِهِ إنْ غِبْت مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَمَضَى عَلَى غَيْبَتِي سِتَّةٌ أَشْهُرٍ فَأَمْرُ امْرَأَتِي

بِيَدِك حَتَّى تَخْلَعَهَا بِبَقِيَّةِ مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا فَغَابَ وَلَمْ يَحْضُرْ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ قَالَ هُوَ تَوْكِيلٌ مُطْلَقٌ حَتَّى لَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَغَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ وَبُخَارَى أَفْتَوْا بِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ حَتَّى يَبْطُلَ بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِهَا كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا فَهِيَ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا مَتَى شَاءَتْ فَمَضَى ذَلِكَ الْوَقْتُ وَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ أَعْطَيْتهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ حَتَّى لَا يُحْكَمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْمُنْتَقَى وَصُورَتُهَا رَجُلٌ قَالَ لِأَبِي امْرَأَتِهِ إنْ لَمْ آتِك إلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَأَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِك فَإِذَا مَضَى أَرْبَعُونَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي تَكَلَّمَ فِيهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهِ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ أَتَيْتُك وَقَالَ أَبُو الْمَرْأَةِ لَمْ تَأْتِنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا عَلَى أَنَّهُ إنْ غَابَ عَنْهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَلَمْ تَصِلْ نَفَقَتُهُ إلَيْهَا فَهِيَ تُطَلِّقُ مَتَى شَاءَتْ نَفْسَهَا فَبَعَثَ إلَيْهَا خَمْسِينَ دِرْهَمًا قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا قَدْرَ نَفَقَتِهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ صَارَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا وَلَوْ كَانَتْ النَّفَقَةُ مَفْرُوضَةً فَوَهَبَتْ النَّفَقَةَ مِنْ زَوْجِهَا فَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ تَصِلْ إلَيْهَا النَّفَقَةُ لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَتَرْتَفِعُ الْيَمِينُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَلَوْ لَمْ تَهَبْ النَّفَقَةَ وَلَكِنَّ الزَّوْجَ قَالَ: بَعَثْت النَّفَقَةَ إلَيْهَا وَوَصَلَتْ إلَيْهَا وَأَنْكَرَتْ هِيَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْت مِنْ الْقَاضِي الْإِمَامِ الْأُسْتَاذِ فَخْرِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ مُدَّةٍ وَقَالَ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُدَّعَى إيفَاءُ حَقٍّ. وَفِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ وَأَحَالَهُ إلَى الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ أُرْسِلْ إلَيْك هَذَا الشَّهْرَ بِنَفَقَتِك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ إنْ لَمْ أُرْسِلْ إلَيْك بِنَفَقَةِ هَذَا الشَّهْرِ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَرْسَلَ عَلَى يَدَيْ إنْسَانٍ فَضَاعَتْ مِنْ يَدِ الرَّسُولِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ قَدْ أَرْسَلَ كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا مَتَى شَاءَتْ بِطَلَاقٍ إنْ لَمْ يُرْسِلْ إلَيْهَا النَّفَقَةَ إلَى أَنْ يَمْضِيَ الشَّهْرُ هَذَا فَأَرْسَلَهَا إلَيْهَا بِيَدِ رَجُلٍ وَلَمْ يَجِدْ الرَّسُولُ مَنْزِلَهَا وَأَعْطَاهَا بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ أَجَابَ الْقَاضِي الْأُسْرُوشَنِيُّ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ الْإِيقَاعَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّفَقَةَ إذَا ضَاعَتْ فِي يَدِ الرَّسُولِ لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا لِأَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الْإِرْسَالِ وَقَدْ أَرْسَلَهَا إلَيْهَا قَالَ لَهَا إنْ لَمْ أُرْسِلْ إلَيْك خَمْسَةَ دَنَانِيرَ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَمْرُك بِيَدِك فِي الطَّلَاقِ مَتَى شِئْت فَمَضَتْ الْأَيَّامُ وَلَمْ يُرْسِلْ إلَيْهَا النَّفَقَةَ إنْ كَانَ الزَّوْجُ أَرَادَ لَهُ الْفَوْرَ لَهَا الْإِيقَاعُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْفَوْرَ لَا تَمْلِكُ الْإِيقَاعَ حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَغِيبَ عَنْ امْرَأَتِهِ مِنْ سَمَرْقَنْدَ فَطَالَبَتْهُ بِالنَّفَقَةِ فَقَالَ إنْ لَمْ أَبْعَثْ بِنَفَقَتِك مِنْ كش إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَمْرُك بِيَدِك لِتُطَلِّقِي نَفْسَك مَتَى شِئْت فَبَعَثَ إلَيْهَا نَفَقَتَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لَكِنْ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ هَلْ يَصِيرُ أَمْرُهَا بِيَدِهَا فِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَبْعَثْ نَفَقَتَك مِنْ كَرْمِينَةَ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبَعَثَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إنْ لَمْ تَصِلْ إلَيْك نَفَقَةُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَمْرُك بِيَدِك فَنَشَزَتْ بِأَنْ ذَهَبَتْ إلَى أَبِيهَا بِلَا إذْنِهِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ وَلَمْ تَصِلْ إلَيْهَا النَّفَقَةُ لَا يَقَعُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إنْ غِبْت عَنْك فَأَمْرُك بِيَدِك فَأَسَرَهُ الظَّالِمُ لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَقَالَ الشَّيْخُ إنْ أَجْبَرَهُ عَلَى الذَّهَابِ فَذَهَبَ بِنَفْسِهِ صَارَ بِيَدِهَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا أَنَّهُ مَتَى ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَهِيَ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا فَضَرَبَهَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ ضَرَبَتْهَا

بِجِنَايَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا عَلَى أَنَّهُ مَتَى ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَهِيَ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا مَتَى شَاءَتْ فَخَرَجَتْ مِنْ الْبَيْتِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فَضَرَبَهَا هَلْ يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا فَقَدْ قِيلَ لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا إنْ أَوْفَى صَدَاقَهَا الْمُعَجَّلَ وَإِنْ لَمْ يُوَفِّهَا ذَلِكَ فَلَهَا أَنْ تَذْهَبَ إلَى بَيْتِ أَبِيهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ وَتَمْنَعُ نَفْسَهَا لِاسْتِيفَاءِ الْمُعَجَّلِ فَلَا يَكُونُ الْخُرُوجُ جِنَايَةً وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتِي بِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَصِيرُ فِي يَدِهَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَكَانَ يَقُولُ خُرُوجُهَا مِنْ الْبَيْتِ جِنَايَةٌ مُطْلَقًا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ لَهَا إنْ لَمْ أُعْطِك دِينَارَيْنِ إلَى شَهْرِ فَأَمْرُك بِيَدِك فَاسْتَدَانَتْ وَأَحَالَتْ عَلَى زَوْجِهَا إنْ أَدَّى الزَّوْجُ الْمَالَ إلَى الْمُحْتَالِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَيْسَ لَهَا إيقَاعُ الطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ مَلَكَتْ الْإِيقَاعَ أَمْرُك بِيَدِك إنْ خَرَجْت مِنْ الْبَلْدَةِ إلَّا بِإِذْنِك فَخَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ وَخَرَجَتْ فِي مُشَايَعَتِهِ لَا يَكُونُ إذْنًا وَلَوْ اسْتَأْذَنَهَا فَأَشَارَتْ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. سُئِلَ جَدِّي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا اُكْرُ قِمَار كَنِدِّ ثُمَّ قَامَرَ فَطَلَّقَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا ثُمَّ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّكَ قَدْ عَلِمْت مُذْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ تُطَلِّقِي فِي مَجْلِسِ عِلْمِك وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا بَلْ عَلِمْت الْآنَ فَطَلَّقْت نَفْسِي عَلَى الْفَوْرِ لِمَنْ يَكُونُ أَجَابَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمَرْأَةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ أَوْ غَابَ عَنْهَا فَوُجِدَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ وَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ وُجِدَ الْآخَرُ لَا يَكُونُ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَرَّةً أُخْرَى وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا عَلَى أَنَّهُ مَتَى ضَرَبَهَا أَوْ غَابَ عَنْهَا فَإِنْ شَاءَتْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً وَإِنْ شَاءَتْ ثِنْتَيْنِ وَإِنْ شَاءَتْ ثَلَاثًا فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ هَلْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ قَالَ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. إنْ غِبْت عَنْك سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَلَمْ تَصِلْ بِك نَفْسِي وَنَفَقَتِي فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَأَمْرُ طَلَاقِك بِيَدِك ثُمَّ غَابَ عَنْهَا وَلَمْ تَصِلْ إلَيْهَا نَفْسُهُ وَوَصَلَتْ نَفَقَتُهُ كَانَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ هَهُنَا مُعَلَّقٌ بِعَدَمِ الْفِعْلَيْنِ فِي الْمُدَّةِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَيَحْنَثُ أَمَّا إذَا عَلَّقَهُ بِوُجُودِ الْفِعْلَيْنِ فَلَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُوجَدْ كِلَاهُمَا حَتَّى لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَدْخُلَن هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ أَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَدَّمَ الطَّلَاقَ أَوْ أَخَّرَ لَا تَطْلُقُ إلَّا بِدُخُولِ الدَّارَيْنِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَتَى غَابَ عَنْهَا سَنَةً تُطَلِّقُ نَفْسَهَا بِلَا خَسْرَانَ يَلْحَقُ الزَّوْجَ فَوُجِدَ الشَّرْطُ فَأَبْرَأَتْهُ عَنْ الْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ وَأَوْقَعَتْ طَلَاقَهَا يَقَعُ الرَّجْعِيُّ وَلَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا عَلَى أَنَّهُ مَتَى ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا فَطَلَبَتْ النَّفَقَةَ وَأَلَحَّتْ وَلَازَمَتْهُ فَهَذَا لَيْسَ بِجِنَايَةٍ أَمَّا إذَا شَتَمَتْهُ أَوْ مَزَّقَتْ ثِيَابَهُ أَوْ أَخَذَتْ لِحْيَتَهُ فَهَذِهِ جِنَايَةٌ وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا يَا حِمَارُ أَوْ أَبْلَهُ أَوْ خدايت مَرَّك دهاد فَهَذِهِ جِنَايَةٌ مِنْهَا وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا عَلَى أَنَّهُ مَتَى ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَهِيَ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا فَكَشَفَتْ وَجْهَهَا عَنْ غَيْرِ مَحْرَمٍ أَفْتَى الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَكُونُ جِنَايَةً وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ جِنَايَةً قَالَ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَ الْقُدُورِيُّ إنَّ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا إنْ كَشَفَتْ وَجْهَهَا عِنْدَ مَنْ يُتَّهَمُ بِهَا فَهُوَ جِنَايَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَسْمَعَتْ صَوْتَهَا أَجْنَبِيًّا يَكُونُ جِنَايَةً بِأَنْ كَلَّمَتْ أَجْنَبِيًّا أَوْ تَكَلَّمَتْ عَامِدَةً لِيَسْمَعَ أَجْنَبِيٌّ أَوْ شَاغَبَتْ مَعَ الزَّوْجِ فَسَمِعَ صَوْتَهَا أَجْنَبِيٌّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ

وَلَوْ شَتَمَتْ أَجْنَبِيًّا كَانَ جِنَايَةً كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَجَنَتْ جِنَايَةً شَرْعِيَّةً حَتَّى اسْتَحَقَّتْ الضَّرْبَ فَلَمْ يَضْرِبْهَا ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ جَنَتْ جِنَايَةً غَيْرَ شَرْعِيَّةٍ فَضَرَبَهَا وَطَلَّقَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِحُكْمِ الْأَمْرِ فَقَالَ الزَّوْجُ إنِّي ضَرَبْتُك لِأَجْلِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَلَيْسَ لَك أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك وَقَالَتْ بَلْ ضَرَبَتْنِي لِأَجْلِ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ وَلِي أَنْ أُطَلِّقَ نَفْسِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ هَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا عَلَى أَنَّهُ مَتَى ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَهِيَ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا فَلَعَنَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ لَعَنَتْهُ الْمَرْأَةُ فَضَرْبُهَا تَكَلَّمُوا فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا هَذَا لَيْسَ بِجِنَايَةٍ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ جِنَايَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَلِكَ إذَا قَذَفَ الزَّوْجُ أُمَّ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَذَفَتْ الْمَرْأَةُ أُمَّ زَوْجِهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ جَعَلَ الْأَمْرَ بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَقَالَتْ لَهُ وَقْتَ الْخُصُومَةِ يَا ابْنَ الْأَجِيرِ أَوْ يَا ابْنَ الْأَعْرَابِيِّ فَضَرَبَهَا وَإِنَّهُ كَمَا قَالَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَلَوْ قَالَتْ لَهُ يَا ابْنَ النَّسَّاجِ إنْ كَانَ كَمَا قَالَتْ فَلَا مُعْتَبَرَ بِهَذَا وَلَا يَكُونُ جِنَايَةً كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَيْ بَلِيدُ فَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ يَكُونُ جِنَايَةً وَهَذَا إذَا صَرَّحَتْ بِمَا قَالَ الزَّوْجُ وَإِنْ قَالَتْ تُؤْتَى فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ جِنَايَةٌ وَصَارَ كَأَنَّهَا قَالَتْ الْإِقْلِيدِسِ خَوْد بليدي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا عَلَى أَنَّهُ مَتَى ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ مِنْهَا فَهِيَ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا مَتَى شَاءَتْ فَخَاصَمَتْ الْمَرْأَةُ إلَى الْقَاضِي وَقَالَتْ إنَّهُ ضَرَبَنِي بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَطَلَّقْت نَفْسِي وَطَلَبَتْهُ بَقِيَّةَ الْمَهْرِ فَسَأَلَ الْقَاضِي الزَّوْجَ لِمَاذَا ضَرَبْتهَا فَقَالَ الزَّوْجُ بِقَصْدِ نزدم فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلْقَاضِي إنَّهُ أَقَرَّ بِالضَّرْبِ وَأَقَرَّ بِشَرْطِ صِحَّةِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ فَمُرْهُ بِتَسْلِيمِ بَقِيَّةِ الْمَهْرِ إلَيَّ فَجَاءَ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي وَادَّعَى أَنَّهُ ضَرَبَهَا بِجِنَايَةٍ كَانَتْ مِنْهَا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَاسْتَفْتَوْا عَنْ صِحَّةِ دَعْوَاهُ فَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ عَلَى فَسَادِهِ لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ جَعَلَ الْأَمْرَ بِيَدِ زَوْجَتِهِ بِتَطْلِيقَةٍ لَوْ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَصَعِدَتْ السَّطْحَ مِنْ غَيْرِ مُلَاءَةٍ تَكُونُ هَذِهِ جِنَايَةً إذَا صَعِدَتْ لِلنِّظَارَةِ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ جَعَلَ الْأَمْرَ بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَعْطِينِي الْبِطِّيخَ فَأَلْقَتْهُ إلَيْهِ عَلَى هَيْئَةِ الْإِهَانَةِ فَضَرَبَهَا يَكُونُ جِنَايَةً وَإِنْ لَمْ تُلْقِهِ عَلَى طَرِيقِ الْإِهَانَةِ لَا يَكُونُ جِنَايَةً وَلَوْ جَعَلَتْ فِي أَمْرٍ هُوَ مَعْصِيَةٌ فَقَالَ لَهَا لَا تَفْعَلِي هَذَا فَقَالَتْ مُجِيبَةً لَهُ طَابَتْ نَفْسِي بِهِ ثُمَّ ضَرَبَهَا كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهَا جِنَايَةً وَإِنْ جَعَلَتْ فِي أَمْرٍ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ لَا يَكُونُ جِنَايَةً كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهَا هَلْ يَصِيرُ أَمْرُهَا بِيَدِهَا؟ فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَضْرِبَ امْرَأَتَهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهَا فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَحْنَثُ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَضْرِبُ عَبْدَهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهُ يَحْنَثُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ أَوْجَعَهَا وَقَرَصَهَا أَوْ مَدَّ شَعْرَهَا أَوْ عَضَّهَا أَوْ خَنَقَهَا فَآلَمَهَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي حَالَةِ الْمِزَاحِ أَمَّا فِي حَالَةِ الْمِزَاحِ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ مُمَازَحَةً فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَإِنْ أَوْجَعَهَا وَكَذَا إذَا أَصَابَ رَأْسُهُ أَنْفَهَا فِي حَالَةِ الْمِزَاحِ فَأَدْمَاهَا لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. وَإِعْطَاؤُهَا شَيْئًا مِنْ بَيْتِهِ بِلَا إذْنِهِ حَيْثُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ جِنَايَةٌ وَكَذَا دُعَاؤُهَا عَلَيْهِ وَكَذَا قَوْلُهَا أَزْوَاجُ النِّسَاءِ رِجَالٌ وَزَوْجِي لَا. وَلَوْ دَعَاهَا إلَى أَكْلِ الْخُبْزِ الْمُجَرَّدِ فَغَضِبَتْ لَا يَكُونُ جِنَايَةً كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَذِنْتُك أَنْ تَذْهَبِي فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ إلَى بَيْتِ أَبَوَيْك فَمَضَتْ عَشَرَةُ أَيَّامٍ أَوْ أَزْيَدُ وَلَمْ تَذْهَبْ إلَيْهِمَا فَزَارَهَا أَبُوهَا ثُمَّ

ذَهَبَتْ بِلَا إذْنِهِ فَضَرَبَهَا صَارَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا جَاءَتْ أُمُّ الْمَرْأَةِ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ فَقَالَ جَاءَتْ أُمُّك الْكَلْبَةُ فَقَالَتْ الْكَلْبَةُ أُمُّك وَأُخْتُك فَضَرَبَهَا لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ جَاءَ ضَيْفٌ فَأَمَرَ الزَّوْجُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَبْسُطَ لِلضَّيْفِ الطَّنْفَسَةَ لِأَجْلِ أَنْ يَنَامَ فَلَمْ تَفْعَلْ فَضَرَبَهَا صَارَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا وَلَوْ ضَرَبَهَا لِتَرْكِ غَسْلِ الثِّيَابِ أَوْ تَرْكِ الطَّبْخِ فَهَذَا ضَرْبٌ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا عَلَى أَنَّهُ مَتَى شَتَمَهَا فَهِيَ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا فَقَالَ لَا تُمَزِّقِي حِرَّك أَوْ لَا تَأْكُلِي الْعَذِرَةَ أَوْ كُلِي أَوْ اضْرِبِي رَأْسَك عَلَى الْجِدَارِ لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا عَلَى أَنَّهُ مَتَى ضَرَبَهَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا خُصُومَةُ الْأَزْوَاجِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ يَجِبُ الْمَهْرُ وَلَوْ قَالَ بِغَيْرِ خُسْرَانٍ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُك بِيَدِك كُلَّمَا شِئْت فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا كُلَّمَا شَاءَتْ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ حَتَّى تَبِينَ بِثَلَاثٍ إلَّا أَنَّهَا لَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَلَوْ شَاءَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَلَوْ شَاءَتْ أُخْرَى وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ تَقَعُ أُخْرَى وَكَذَا لَوْ شَاءَتْ الثَّالِثَةَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَلَكِنْ إذَا وَقَعَ الثَّلَاثُ وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَعَادَتْ إلَيْهِ وَشَاءَتْ لَمْ يَقَعْ عِنْدَنَا شَيْءٌ وَقَدْ بَطَلَتْ الْيَمِينُ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ وَلَوْ شَاءَتْ وَاحِدَةً حَتَّى وَقَعَتْ عَلَيْهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَعَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ عَادَتْ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَلَوْ شَاءَتْ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَعَ عَلَيْهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ وَاحِدَةٌ بَعْدَ أُخْرَى كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ فِي الْفَصْلِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ. وَلَوْ شَاءَتْ مَرَّة وَاحِدَة فَطَلَّقَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْد الْعِدَّةِ كَانَ لَهَا الْمَشِيئَةُ فِيمَا بِي مِنْ الثَّلَاثِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك إذَا شِئْت أَوْ مَتَى شِئْت فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ فِي أَيْ وَقْتٍ شَاءَتْ وَلَوْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك إذَا مَا شِئْت أَوْ مَتَى شِئْت كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. وَلَوْ رَدَّتْ الْأَمْرَ لَمْ يَكُنْ رَدًّا وَلَوْ قَامَتْ عَنْ مَجْلِسِهَا أَوْ أَخَذَتْ فِي عَمَلٍ آخَرَ أَوْ كَلَامٍ آخَرَ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا إلَّا أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا إلَّا وَاحِدَةً كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك كَيْفَ شِئْت تَقْتَصِرُ مَشِيئَتُهَا عَلَى الْمَجْلِسِ وَكَذَا فِي قَوْله إنَّ شِئْت أَوْ مَا شِئْت أَوْ كَمْ شِئْت أَوْ أَيْنَ شِئْت أَوْ أَيْنَمَا شِئْت وَكَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُك بِيَدِك حَيْثُ شِئْت يَقْتَصِر عَلَى الْمَجْلِسِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي إذَا شِئْت أَوْ أَمْرُك بِيَدِك إذَا شِئْت ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَطْلُقُ ثَانِيًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَطْلُقُ ثَانِيًا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ قَوْلُهُ ضَعِيفٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُ فُلَانَةَ بِيَدِك لِتُطَلِّقِيهَا مَتَى شِئْت فَهَذَا مَشُورَةٌ وَالْأَمْرُ بِيَدِهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً بَقِيَ الْأَمْرُ عَلَى حَالِهِ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ الْأَمْرُ مُنَجَّزًا أَمَّا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا بِأَنْ قَالَ: اُكْرُ ترا بِزَنْمِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَأَمْرُك بِيَدِك ثُمَّ إنَّهُ خَالَعَهَا أَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا لَمْ يَبْطُلْ الْأَمْرُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ ضَرَبَهَا صَارَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا سَوَاءٌ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَمَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك مَا دُمْت امْرَأَتِي فَهَذَا عَلَى النِّكَاحِ وَيَبْطُلُ بِإِبَانَتِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَّقَهَا

الفصل الثالث في المشيئة

رَجْعِيًّا وَبِخِلَافِ مَا إذَا جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا مُطْلَقًا وَلَمْ يَقُلْ مَا دُمْت امْرَأَتِي ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا حَيْثُ يَكُونُ الْأَمْرُ بِحَالِهِ فِي أَظْهَرْ الرِّوَايَتَيْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلٌ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ كَلَامٌ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ اللَّهُمَّ نَجِّنِي مِنْهُ فَقَالَ الزَّوْجُ إنْ كُنْت تُرِيدِينَ النَّجَاةَ مِنِّي فَأَمْرُك بِيَدِك وَعَنَى الطَّلَاقَ وَلَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا فَقَالَ الزَّوْجُ نَجَوْت لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا تُرِيدُ أَنْ أُطَلِّقَ نَفْسِي فَقَالَ الزَّوْجُ نَعَمْ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ طَلَّقْت إنْ كَانَ الزَّوْجُ نَوَى تَفْوِيضَ الطَّلَاقِ إلَيْهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً وَإِنْ عَنَى بِذَلِكَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ اسْتَطَعْت لَا تَطْلُقُ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ أَتُرِيدُ أَنْ أُطَلِّقَ امْرَأَتَك ثَلَاثًا فَقَالَ الزَّوْجُ نَعَمْ فَقَالَ الرَّجُلُ طَلَّقْت امْرَأَتَك ثَلَاثًا قَالُوا تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ إنَّمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ تَفْوِيضَ الطَّلَاقِ إلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ لِامْرِئٍ زَوِّجْنِي ابْنَتَك عَلَى أَنَّ أَمْرَ امْرَأَتِي بِيَدِك إنْ شِئْت طَلِّقْهَا وَإِنْ شِئْت لَمْ تُطَلِّقْهَا فَزَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ ثُمَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَالَ إنْ طَلَّقَهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ طَلُقَتْ وَإِنْ قَامَ لَمْ تَطْلُقْ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ بِيَدِك إنْ أَبْرَأْتنِي عَنْ مَهْرِك فَقَالَتْ وَكِّلْنِي حَتَّى أُطَلِّقَ نَفْسِي فَقَالَ أَنْتِ وَكِيلِي لِتُطَلِّقِي نَفْسَك فَإِذَا أَبْرَأْته عَنْ الْمَهْرِ أَوَّلًا ثُمَّ طَلَّقَتْ فِي الْمَجْلِسِ يَقَعُ وَإِنْ لَمْ تُبْرِئْهُ لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا تَرَكْت مَهْرِي عَلَيْك عَلَى أَنْ جَعَلْت أَمْرِي بِيَدِي فَفَعَلَ ذَلِكَ فَمَهْرُهَا قَائِمٌ مَا لَمْ تُطَلِّقْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ أُكْرِهَ أَنْ يَجْعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ فِي يَدِهَا فَفَعَلَ صَحَّ وَعَنْ أَبِي نَصْرٍ لَوْ أُكْرِهَ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى الْقِرْطَاسِ امْرَأَتَهُ طَالِقٌ أَوْ أَمْرُهَا بِيَدِهَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا إذَا نَوَى كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. عَبْدٌ قَالَ لِمَوْلَاهُ زَوِّجْنِي أَمَتَك هَذِهِ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِك فَزَوَّجَهَا لَمْ يَصِرْ الْأَمْرُ بِيَدِهِ وَإِنْ بَدَأَ الْمَوْلَى فَقَالَ زَوَّجْتهَا مِنْك عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِي فَقَبِلَ الْعَبْدُ صَارَ الْأَمْرُ بِيَدِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمَشِيئَةِ] ِ إذَا قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ سَوَاءٌ قَالَ لَهَا: إنْ شِئْتِ أَوْ لَا فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ خَاصَّةً وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهَا. وَكَذَا إذَا قَالَ لِرَجُلٍ: طَلِّقْ امْرَأَتِي وَقَرَنَهُ بِالْمَشِيئَةِ فَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقْرِنْهُ بِالْمَشِيئَةِ كَانَ تَوْكِيلًا وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْمَجْلِسِ وَيَمْلِكُ الْعَزْلَ عَنْهُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَكِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ وَلَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي ضَرَّتَكِ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ هَكَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَكِ وَنَوَى الثَّلَاثَ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا مُجْتَمِعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا أَوْ قَالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي فَثَلَاثٌ وَلَوْ طَلَّقَتْ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَقَعَتْ وَلَوْ طَلَّقَتْ وَاحِدَةً وَسَكَتَتْ ثُمَّ ثِنْتَيْنِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَإِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ إلَّا إذَا كَانَتْ أَمَةً كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ بِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَلَوْ طَلَّقَتْ وَاحِدَةً وَلَا نِيَّةَ لِلزَّوْجِ أَوْ نَوَى وَاحِدَةً فَهِيَ رَجْعِيَّةٌ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: أَبَنْتُ نَفْسِي أَوْ أَنَا حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ أَوْ بَتَّةٌ أَوْ بَرِيئَةٌ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَلَوْ قَالَتْ: اخْتَرْت نَفْسِي لَمْ تَطْلُقْ وَخَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إنْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا لَا يَقَعُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا عِنْدَهُمَا يَقَعُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً فَقَالَتْ طَلَّقْتُ نَفْسِي وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَاحِدَةً تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَتَلْغُو الزِّيَادَةُ وَلَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً فَطَلَّقَتْ بَائِنَةً أَوْ قَالَ لَهَا

طَلِّقِي نَفْسَك تَطْلِيقَةً بَائِنَةً فَطَلَّقَتْ رَجْعِيَّةً يَقَعُ مَا أَمَرَ بِهِ الزَّوْجُ لَا مَا أَتَتْ بِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا ثَلَاثًا وَقَدْ دَخَلَ بِهِمَا فَطَلَّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا عَلَى التَّعَاقُبِ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَلَاثًا بِتَطْلِيقِ الْأُولَى لَا بِتَطْلِيقِ الْأُخْرَى لِأَنَّ تَطْلِيقَ الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا بَاطِلٌ وَلَوْ بَدَأَتْ الْأُولَى فَطَلَّقَتْ صَاحِبَتَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا طَلَقَتْ صَاحِبَتُهَا دُونَ نَفْسِهَا لِأَنَّهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا مَالِكَةٌ وَالتَّمْلِيكُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ فَإِذَا بَدَأَتْ بِطَلَاقِ صَاحِبَتِهَا خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا وَبِتَطْلِيقِهَا نَفْسَهَا لَا يَبْطُلُ تَطْلِيقُهَا الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا فِي حَقِّ الْأُخْرَى وَكِيلَةٌ وَالْوَكَالَةُ لَا تَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: لَا تُطَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَا دَامَتْ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ صَاحِبَتَهَا بَعْدَ النَّهْيِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ بِالْمَشِيئَةِ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ: طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا ثَلَاثًا إنْ شِئْتُمَا فَطَلَّقَتْ إحْدَاهُمَا نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا ثَلَاثًا فِي الْمَجْلِسِ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَإِنْ طَلَّقَتْ الْأُخْرَى نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثًا قَبْلَ الْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ طَلُقَتَا ثَلَاثًا وَلَوْ طَلَّقَتْ إحْدَاهُمَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَامَتَا عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ طَلَّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا ثَلَاثًا لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَكِ ثَلَاثًا إنْ شِئْتِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ قَالَتْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: شِئْتُ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً فَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا مُتَّصِلًا بِبَعْضٍ طَلَقَتْ ثَلَاثًا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ وَاحِدَةً إنْ شِئْتِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ مَتَى شِئْتِ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ وَلَهَا الْمَشِيئَةُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَكَذَا قَوْلُهُ: مَتَى مَا شِئْتِ وَإِذَا مَا شِئْتِ وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا شِئْتِ كَانَ ذَلِكَ لَهَا أَبَدًا حَتَّى يَقَعَ ثَلَاثًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَكِ كَيْفَ شِئْتِ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ كَمَا شَاءَتْ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَيَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَكِ إنْ شِئْتِ وَطَلِّقِي فُلَانَةَ امْرَأَةً لَهُ أُخْرَى إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: فُلَانَةُ طَالِقٌ وَأَنَا طَالِقٌ أَوْ قَالَتْ: أَنَا طَالِقٌ وَفُلَانَةُ طَالِقٌ طَلُقَتَا جَمِيعًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ ثَلَاثًا إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: أَنَا طَالِقٌ لَا يَقَعُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ تَقُولَ: أَنَا طَالِقٌ ثَلَاثًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: قَدْ شِئْتُ أَنْ أُطَلِّقَ نَفْسِي كَانَ بَاطِلًا. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَكِ إذَا شِئْتِ ثُمَّ جُنَّ الرَّجُلُ جُنُونًا مُطْبِقًا ثُمَّ طَلَّقَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: كُلُّ شَيْءٍ يَمْلِكُ الزَّوْجُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ كَلَامِهِ يَبْطُلُ بِالْجُنُونِ وَكُلُّ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ كَلَامِهِ لَا يَبْطُلُ بِالْجُنُونِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ وَاحِدَةً بَائِنَةً مَتَى شِئْتِ ثُمَّ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ وَاحِدَةً أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ مَتَى شِئْتِ فَقَالَتْ بَعْدَ أَيَّامٍ: أَنَا طَالِقٌ فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَيَصِيرُ قَوْلُهَا جَوَابًا لِلْكَلَامِ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَكِ عَشْرًا إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي ثَلَاثًا لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: شِئْتُ لَا يَقَعُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فِي الزِّيَادَاتِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَطَلِّقِي نَفْسَكِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ لَا يُعْمَلُ رُجُوعُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَالَتْ إذَا جَاءَ غَدٌ فَطَلِّقْنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ رَجَعَتْ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ يُعْمَلُ رُجُوعُهَا

كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: شِئْتُ يَقَعُ وَيَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَرَدْتِ أَوْ رَضِيَتْ أَوْ هَوَيْتِ أَوْ أَحْبَبْتِ، فَقَالَتْ: شِئْتُ أَوْ أَرَدْتُ فِي الْمَجْلِسِ يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَعْجَبَكِ أَوْ وَافَقَكِ فَقَالَتْ: شِئْتُ وَقَعَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: أَحْبَبْتُ لَا يَقَعُ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: شَائِي الطَّلَاقَ وَنَوَاهُ فَقَالَتْ: قَدْ شِئْتُ يَقَعُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ: شَائِي طَلَاقَكِ يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ وَلَوْ قَالَ: إنْ شِئْتِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ: نَعَمْ أَوْ قَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قَبِلْتِ فَقَالَتْ: شِئْتُ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: شِئْتُ إنْ شِئْتَ فَقَالَ الزَّوْجُ: شِئْتُ يَنْوِي الطَّلَاقَ بَطَلَ الْأَمْرُ حَتَّى لَوْ قَالَ: شِئْتُ طَلَاقَكِ يَقَعُ إذَا نَوَى كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: شِئْتُ إنْ كَانَ كَذَا فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ عَلَّقَتْ مَشِيئَتَهَا بِشَيْءٍ مَاضٍ قَدْ وُجِدَ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَأَمَّا إنْ عَلَّقَتْ مَشِيئَتَهَا بِشَيْءٍ لَمْ يُوجَدْ بَعْدُ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَيَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا وَعَنْ هَذَا قُلْنَا: إذَا قَالَتْ شِئْتُ إنْ شَاءَ أَبِي كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا وَإِنْ قَالَ الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ: شِئْتُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: أَنَا طَالِقٌ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ قَالَتْ: أَنَا طَالِقٌ ثَلَاثًا فَهُوَ ثَلَاثٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: شِئْتُ ثَلَاثًا لَا يَقَعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شِئْتِ فَشَاءَتْ وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ وَلَوْ شَاءَتْ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً طَلَقَتْ ثَلَاثًا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا وَلَوْ شَاءَتْ وَاحِدَةً وَسَكَتَتْ فَقَدْ أَعْرَضَتْ حَتَّى لَوْ شَاءَتْ بَعْدَهَا لَمْ يَقَعْ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ وَشِئْتِ وَشِئْتِ، فَقَالَتْ: شِئْتُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ حَتَّى تَقُولَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: شِئْتُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: قَدْ شِئْتُ نِصْفَ وَاحِدَةٍ لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. دَاوُد بْنُ رَشِيدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ شِئْتِ أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: قَدْ شِئْتُ وَاحِدَةً قَدْ شِئْتُ اثْنَتَيْنِ قَالَ: إذَا وَصَلَتْ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ وَاحِدَةً وَإِنْ شِئْتِ اثْنَتَيْنِ فَقَالَتْ: قَدْ شِئْتُ طَلَقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ فَتَزَوَّجَهَا فَلَهَا الْمَشِيئَةُ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ يَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسِ عِلْمِ فُلَانٍ فَإِذَا شَاءَ فِي مَجْلِسِ عِلْمِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ غَائِبًا فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ يُقْتَصَرُ عَلَى مَجْلِسِ عِلْمِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَقَالَ زَيْدٌ: قَدْ شِئْتُ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: شِئْتِ أَرْبَعًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ شِئْتِ وَإِنْ لَمْ تَشَائِي فَأَنْت طَالِقٌ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: (مِنْهَا) إذَا قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ فَقَالَ: إنْ شِئْتِ وَإِنْ لَمْ تَشَائِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، (أَوْ قَدَّمَ) الطَّلَاقَ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ وَإِنْ لَمْ تَشَائِي، (أَوْ وَسَّطَ) الطَّلَاقَ فَقَالَ إنْ شِئْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ تَشَائِي وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) إذَا أَعَادَ كَلِمَةَ الشَّرْطِ فَقَالَ: إنْ شِئْتِ وَإِنْ لَمْ تَشَائِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، (أَوْ لَمْ يُعِدْ) وَذَكَرَ حَرْفَ الْعَطْفِ فَقَالَ: إنْ شِئْتِ وَلَمْ تَشَائِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، (وَالْأَلْفَاظُ ثَلَاثَةٌ) : الْمَشِيئَةُ وَالْإِبَاءُ وَالْكَرَاهَةُ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ كَلِمَةَ الشَّرْطِ وَعَطَفَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ قَدَّمَ الطَّلَاقَ عَلَى الْمَشِيئَةِ أَوْ أَخَّرَ أَوْ وَسَّطَ وَإِنْ أَعَادَ كَلِمَةَ الشَّرْطِ إنْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ

فَقَالَ: إنْ شِئْتِ وَإِنْ لَمْ تَشَائِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ أَبَدًا وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ شِئْتِ وَإِنْ أَبَيْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ ذَكَرَ الْكَرَاهَةَ مَكَانَ الْإِبَاءِ وَإِنْ قَدَّمَ الطَّلَاقَ عَلَى الْمَشِيئَةِ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ وَإِنْ لَمْ تَشَائِي فَقَالَتْ فِي مَجْلِسِهَا: شِئْتُ طَلَقَتْ وَكَذَا لَوْ قَامَتْ عَنْ مَجْلِسِهَا قَبْلَ أَنْ تَقُولَ شَيْئًا طَلَقَتْ لِعَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَإِنْ وَسَّطَ الطَّلَاقَ فَقَالَ: إنْ شِئْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ تَشَائِي فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَدَّمَ الطَّلَاقَ عَلَى الشَّرْطَيْنِ وَإِنْ ذَكَرَ الْإِبَاءَ وَقَدَّمَ الطَّلَاقَ عَلَى الشَّرْطِ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ وَإِنْ أَبَيْتِ وَقَالَتْ: شِئْتُ أَوْ قَالَتْ أَبَيْتُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنْ قَامَتْ عَنْ مَجْلِسِهَا قَبْلَ أَنْ تَقُولَ شَيْئًا لَا يَقَعُ وَالْكَرَاهَةُ بِمَنْزِلَةِ الْإِبَاءِ وَإِنْ وَسَّطَ الطَّلَاقَ فَقَالَ: إنْ شِئْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ أَبَيْتِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَدَّمَ الطَّلَاقَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ نَوَى وُقُوعَ الطَّلَاقِ دُونَ التَّعْلِيقِ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا قَدَّمَ الطَّلَاقَ عَلَى الشَّرْطِ أَوْ أَخَّرَ أَوْ وَسَّطَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ أَوْ لَمْ تَشَائِي إنْ شَاءَتْ فِي الْمَجْلِسِ طَلَقَتْ بِحُكْمِ الْمَشِيئَةِ وَإِنْ قَامَتْ عَنْ مَجْلِسِهَا طَلَقَتْ أَيْضًا وَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ أَوْ أَبَيْتِ فَهُوَ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فِي مَجْلِسِهَا إنْ شَاءَتْ فِي الْمَجْلِسِ طَلَقَتْ وَإِنْ قَالَتْ فِي الْمَجْلِسِ: أَبَيْتُ طَلَقَتْ أَيْضًا وَإِنْ قَامَتْ قَبْلَ أَنْ تَشَاءَ أَوْ تَأْبَى لَا تَطْلُقُ وَلَا يَكُونُ الْإِبَاءُ إلَّا بِكَلَامِهَا هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لِلزَّوْجِ نِيَّةٌ فَإِنْ نَوَى إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا لَا مَحَالَةَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ شِئْتِ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ تَشَائِي فَأَنْت طَالِقٌ طَلَقَتْ لِلْحَالِ وَلَوْ قَالَ: إنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ الطَّلَاقَ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ كُنْتِ تَبْغَضِينَ فَأَنْت طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَبَيْتٍ أَوْ كَرِهْتِ طَلَاقَكِ فَقَالَتْ: أَبَيْتُ تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَشَائِي طَلَاقَكِ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَتْ: لَا أَشَاءَ لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ قَالَ لَهَا: إنْ كُنْتِ تُحِبِّينِي أَوْ تُبْغِضِينِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ: أَنَا أُحِبُّكَ أَوْ أَبْغَضُكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ كَانَ فِي قَلْبِهَا خِلَافُ مَا أَظْهَرَتْ وَهَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ كُنْتِ تُحِبِّينِي بِقَلْبِكِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ: أَنَا أُحِبُّكَ وَهِيَ كَاذِبَةٌ طَلَقَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - تَعَالَى - هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فَإِنْ كَرِهْتِ فَثِنْتَانِ فَإِنْ كَرِهَتْ يَقَعُ الثَّلَاثُ إحْدَاهَا بِالْأَوَّلِ وَثِنْتَانِ بِالتَّعْلِيقِ فَإِنْ سَكَتَتْ فَوَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ تَشَائِي وَاحِدَةً فَقَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا قَبْلَ أَنْ تَشَاءَ شَيْئًا طَلَقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ شَاءَتْ وَاحِدَةً قَبْلَ أَنْ تَقُومَ لَزِمَتْهَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ تُرِيد وَاحِدَةً أَوْ إلَّا أَنْ تَهْوِي وَاحِدَةً أَوْ إلَّا أَنْ تُحِبِّي وَاحِدَةً وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ وَاحِدَةً أَوْ إلَّا أَنْ يَهْوَى فُلَانٌ وَاحِدَةً أَوْ إلَّا أَنْ يُحِبَّ فُلَانٌ وَاحِدَةً أَوْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ وَاحِدَةً فَهُوَ مِثْلُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فُلَانٌ حَاضِرًا فَلَهُ ذَلِكَ إذَا عَلِمَ بِهِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي يُعْلَمُ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَرَى فُلَانٌ غَيْرَ ذَلِكَ فَهَذَا عَلَى الْمَجْلِسِ فَإِنْ قَامَ فُلَانٌ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ أَنْ يَرَى غَيْرَ ذَلِكَ طَلَقَتْ الْمَرْأَةُ ثَلَاثًا وَهَذَا وَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ يَرَ فُلَانٌ غَيْرَ ذَلِكَ سَوَاءً وَذَلِكَ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ فَهَذَا لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ قَالَ بَعْدَمَا قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ: رَأَيْتُ غَيْرَ ذَلِكَ لَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إلَّا أَنْ أَشَاءَ أَنَا غَيْرَ ذَلِكَ فَهَذَا لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ وَإِنْ أَحَبَّ أَوْ إنْ رَضِيَ أَوْ إنْ هَوَى أَوْ إنْ أَرَادَ فَبَلَغَ فُلَانًا فَلَهُ مَجْلِسُ عِلْمِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: إنْ شِئْتُ أَنَا أَوْ أَحْبَبْتُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَإِذَا لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْمَجْلِسِ فِي حَقِّ الزَّوْجِ إذَا

قَالَ: إنْ شِئْتُ أَنَا فَالزَّوْجُ كَيْفَ يَقُولُ حَتَّى يَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: شِئْتُ الَّذِي جَعَلْتُهُ إلَيَّ وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الطَّلَاقِ عِنْدَ قَوْلِهِ شِئْتُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ: شِئْتُ طَلَاقَكِ وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَشَأْ فُلَانٌ فَقَالَ فُلَانٌ فِي الْمَجْلِسِ: لَا أَشَاءُ طَلَقَتْ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ: لَا أَشَاءُ لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَمُوتَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إنْ شِئْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَشَاءَتْ إحْدَاهُمَا لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: إنْ شِئْتُمَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَشَاءَ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ ثِنْتَيْنِ لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ شِئْتِ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى طَلَاقُكِ مَعَ طَلَاقِ هَذِهِ يَقَعُ عَلَيْهِمَا بِمَشِيئَتِهِ الْأُولَى إنْ أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ يُصَدَّقُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ إنْ شِئْتِ وَشَاءَ فُلَانٌ تَعَلَّقَ بِمَشِيئَتِهِمَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا شِئْتِ وَشَاءَ فُلَانٌ فَقَالَتْ: قَدْ شِئْتُ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَقَالَ فُلَان: شِئْتُ لَا يَقَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إنْ شِئْتِ فَلَهَا الْمَشِيئَةُ فِي الْغَدِ وَلَوْ قَالَ: إنْ شِئْتِ فَأَنْت طَالِقٌ غَدًا فَلَهَا الْمَشِيئَةُ فِي الْحَالِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَسْأَلَة خِلَافًا قَالُوا: وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لَهَا الْمَشِيئَةَ فِي الْغَدِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لَهَا: اخْتَارِي غَدًا إنْ شِئْتِ اخْتَارِي إنْ شِئْتِ غَدًا أَمْرُكِ بِيَدِكِ غَدًا إنْ شِئْتِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ إنْ شِئْتِ غَدًا فَالْمَشِيئَةُ فِي الْغَدِ فِي الْحَالَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ غَدًا إنْ شِئْتِ طَلِّقِي نَفْسَكِ إنْ شِئْتِ غَدًا إنْ شِئْتِ فَطَلِّقِي نَفْسَكِ غَدًا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا حَتَّى يَجِيءَ غَدٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فِي الْحَالِ فَتَقُولُ طَلَّقْتُ نَفْسِي غَدًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: شِئْتُ السَّاعَةَ لَا يَقَعُ فَإِنْ شَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْغَدِ يَقَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ شِئْتِ السَّاعَةَ فَأَنْت طَالِقٌ غَدًا أَوْ نَوَى ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ السَّاعَةَ فَقَالَتْ: شِئْتُ أَنْ أَكُونَ غَدًا طَالِقًا وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْغَدِ وَلَوْ قَالَتْ: شِئْتُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْيَوْمِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْيَوْمَ وَيَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ إنْ شِئْتِ فَلَهَا الْمَشِيئَةُ فِي الْحَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ إنْ شِئْتِ كَانَتْ الْمَشِيئَةُ لَهَا رَأْسَ الشَّهْرِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَشَأْ فُلَانٌ طَلَاقَكِ الْيَوْمَ فَقَالَ فُلَانٌ: لَا أَشَاءَ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَشَاءَ فِي الْيَوْمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْتِ كَانَ لَهَا الْمَشِيئَةُ فِي الْغَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا شِئْتِ إنْ شِئْتِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ إذَا شِئْتِ فَهُمَا سَوَاءٌ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا مَتَى شَاءَتْ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَخَّرَ قَوْلَهُ إنْ شِئْتِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ قَدَّمَهُ تُعْتَبَرُ الْمَشِيئَةُ فِي الْحَالِ فَإِنْ شَاءَتْ فِي الْمَجْلِسِ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا بَعْدَ ذَلِكَ إذَا شَاءَتْ وَلَوْ قَامَتْ مِنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ أَنْ تَقُولَ شَيْئًا بَطَلَ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي إنْ شِئْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ: إذَا شِئْتِ هُنَا مَشِيئَتَانِ: الْأُولَى عَلَى الْمَجْلِسِ وَالْأُخْرَى مُعَلَّقَةٌ بِالْمُؤَقَّتَةِ فَمَتَى شَاءَتْ بَعْدَ هَذَا طَلَّقَتْ قَالَ: وَإِنْ لَمْ تَقُلْ: شِئْتُ حَتَّى قَامَتْ عَنْ الْمَجْلِسِ فَلَا مَشِيئَةَ لَهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ: إنْ شِئْتِ السَّاعَةَ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ السَّاعَةَ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ مَتَى شِئْتِ أَوْ مَتَى مَا شِئْتِ أَوْ إذَا شِئْتِ أَوْ إذَا مَا شِئْتِ فَلَهَا أَنْ تَشَاءَ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَ الْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَلَوْ رَدَّتْ لَمْ يَكُنْ رَدًّا وَلَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا إلَّا وَاحِدَةً كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ زَمَانَ شِئْتِ أَوْ حِينَ شِئْتِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إذَا شِئْتِ فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ

وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا شِئْتِ فَلَهَا ذَلِكَ أَبَدًا كُلَّمَا شَاءَتْ فِي الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ حَتَّى تُطَلِّقَ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا جُمْلَةً لَا يَقَعُ شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَلَا يُرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا شِئْتِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ وَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا لَا يَقَعُ وَلَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ يَمْلِكُ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ عِنْدَهُمَا وَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَى أَنْ تُوقِعَ الثَّلَاثَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: كُلَّمَا شِئْتِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَشَاءَتْ وَاحِدَةً فَذَلِكَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ شِئْتِ أَوْ أَيْنَ شِئْتِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَشَاءَ وَإِنْ قَامَتْ عَنْ مَجْلِسِهَا فَلَا مَشِيئَةَ لَهَا وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ كَيْفَ شِئْتِ طَلَقَتْ تَطْلِيقَةً يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ فَإِنْ قَالَتْ: شِئْتُ وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ ثَلَاثًا وَقَالَ الزَّوْجُ: نَوَيْتُ ذَلِكَ فَهُوَ كَمَا قَالَ أَمَّا إذَا أَرَادَتْ ثَلَاثًا وَالزَّوْجُ وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ عَلَى الْقَلْبِ فَيَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَإِنْ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ تُعْتَبَرُ مَشِيئَتُهَا فِيمَا قَالُوا جَرْيًا عَلَى مُوجِبِ التَّخْيِيرِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ شَيْءٌ مَا لَمْ تَشَأْ فَإِنْ شَاءَتْ أَوْقَعَتْ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنَةً أَوْ ثَلَاثًا بِشَرْطِ مُطَابَقَةِ إرَادَتِهِ وَمَا قَالَهُ أَوْلَى وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي مَوْضِعَيْنِ: فِيمَا إذَا قَامَتْ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ، وَفِيمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ تَقَعُ عِنْدَهُ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَعِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَالرَّدُّ كَالْقِيَامِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ كَمْ شِئْتِ أَوْ مَا شِئْتِ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا مَا شَاءَتْ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا مَا لَمْ تَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهَا أَوْ تَأْخُذْ فِي عَمَلٍ آخَرَ وَيَتَعَلَّقُ أَصْلُ الطَّلَاقِ بِمَشِيئَتِهَا فَإِنْ رَدَّتْ الْأَمْرَ كَانَ رَدًّا وَلَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ مِنْ ثَلَاثٍ مَا شِئْتِ أَوْ اخْتَارِي مِنْ ثَلَاثٍ مَا شِئْتِ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا أَيْضًا كَذَا فِي الْكَافِي وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ: طَلِّقْ مِنْ نِسَائِي مَنْ شِئْتَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ جَمِيعَ نِسَائِهِ وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ قَالَ: طَلِّقْ مِنْ نِسَائِي مَنْ شَاءَتْ فَشِئْنَ كُلُّهُنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهُنَّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. أَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ إذَا طَلَبُوا مِنْ الزَّوْجِ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ لِأَبِيهَا: مَاذَا تُرِيدُ مِنِّي؟ أَفْعَلُ مَا تُرِيدُ وَخَرَجَ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَبُوهَا لَمْ تَطْلُقْ إنْ لَمْ يُرِدْ الزَّوْجُ التَّفْوِيضَ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّفْوِيضَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا قَالَ لِرَجُلٍ: طَلِّقْ امْرَأَتِي فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إنْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ وَصَاحِبَتَكِ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ فِي حَقِّهَا وَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ صَاحِبَتَهَا فِي الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي حَقِّهَا وَإِنْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: طَلِّقَا امْرَأَتِي إنْ شِئْتُمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّفَرُّدُ بِالطَّلَاقِ مَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ: طَلِّقَا امْرَأَتِي وَلَمْ يَقْرِنْهُ بِالْمَشِيئَةِ كَانَ تَوْكِيلًا وَكَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُطَلِّقَهَا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. إذَا وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِالطَّلَاقِ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُطَلِّقَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّلَاقُ بِمَالٍ وَلَوْ وَكَّلَهُمَا بِالطَّلَاقِ وَقَالَ: لَا يُطَلِّقُهَا أَحَدُكُمَا بِدُونِ صَاحِبِهِ فَطَلَّقَهَا أَحَدُهُمَا فَطَلَّقَهَا الْآخَرُ أَوْ طَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَأَجَازَ الْآخَرُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: طَلِّقَاهَا جَمِيعًا ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا الْآخَرُ تَطْلِيقَتَيْنِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى الثَّلَاثِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: طَلِّقَاهَا ثَلَاثًا يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِالطَّلَاقِ وَكَذَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ ثِنْتَيْنِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي طَلَاقِ امْرَأَتِي إنْ شِئْتَ فَشَاءَ فِي الْمَجْلِسِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ قَامَ الْوَكِيلُ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ أَنْ يَشَاءَ بَطَلَ التَّوْكِيلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا

قَالَ لِغَيْرِهِ: طَلِّقْ امْرَأَتِي ثَلَاثًا إنْ شَاءَتْ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا مَا لَمْ تَشَأْ وَلَهَا الْمَشِيئَةُ فِي مَجْلِسِ عِلْمِهَا وَإِذَا شَاءَتْ فِي مَجْلِسِ عِلْمِهَا حَتَّى صَارَ وَكِيلًا لَوْ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ يَقَعُ وَلَوْ قَامَ عَنْ مَجْلِسِهِ بَطَلَ التَّوْكِيلُ وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَنْبَغِي أَنْ يَحْفَظَ هَذَا فَإِنَّ الْبَلْوَى فِيهِ تَعُمُّ فَإِنَّ عَامَّةَ كُتُبِ الطَّلَاقِ الَّتِي يَكْتُبُهَا الزَّوْجُ مِنْ الْغُرْبَةِ يَكُونُ فِيهَا كَتَبْت إلَيْك هَذَا الْكِتَابَ سَلْ امْرَأَتِي هَلْ تَشَاءُ الطَّلَاقَ فَإِنْ شَاءَتْ فَطَلِّقْهَا ثُمَّ إنَّ الْوُكَلَاءَ كَثِيرًا مَا يُؤَخِّرُونَ الْإِيقَاعَ عَنْ مَجْلِسِ مَشِيئَتِهَا وَلَا يَدْرُونَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ. وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي طَلَاقِهَا عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ أَوْ عَلَى أَنَّهَا بِالْخِيَارِ أَوْ عَلَى أَنَّ فُلَانًا بِالْخِيَارِ فَالْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ وَالْخِيَارُ بَاطِلٌ. وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: طَلِّقْ إحْدَى نِسَائِي وَطَلِّقْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا صَحَّ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَصْرِفَ الطَّلَاقَ إلَى غَيْرِهَا وَكَذَا إذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ لَا بِعَيْنِهَا صَحَّ وَيَكُونُ الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: وَكَّلْتُك فِي جَمِيعِ أُمُورِي فَطَلَّقَ الْوَكِيلُ امْرَأَتَهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ. وَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي جَمِيعِ أُمُورِي الَّتِي يَجُوزُ بِهَا التَّوْكِيلُ كَانَتْ الْوَكَالَةُ عَامَّةً فِي الْبَيَّاعَاتِ وَالْأَنْكِحَةِ وَكُلِّ شَيْءٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَّلَهُ بِأَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً فَطَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. رَجُلٌ وَكَّلَ غَيْرَهُ بِالطَّلَاقِ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ ثَلَاثًا إنْ كَانَ الزَّوْجُ نَوَى بِالتَّوْكِيلِ التَّوَكُّلَ بِالثَّلَاثِ طَلَقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: طَلِّقْ امْرَأَتِي رَجْعِيَّةً فَقَالَ لَهَا الْوَكِيلُ: طَلَّقْتُك بَائِنًا تَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ: أَبَنْتُهَا لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ: طَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً فَقَالَ لَهَا الْوَكِيلُ: أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: طَلِّقْ امْرَأَتِي بَيْنَ يَدَيْ أَخِي فُلَانٍ فَطَلَّقَهَا بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْأَخِ وَقَعَ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ قَالَ: طَلِّقْهَا بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ فَطَلَّقَهَا بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ يَقَعُ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ لَا أَنْهَاكَ عَنْ طَلَاقِ امْرَأَتِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَوْكِيلًا وَلَوْ رَأَى إنْسَانًا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يَنْهَهُ لَا يَصِيرُ الْمُطَلِّقُ وَكِيلًا وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَلِكَ هَهُنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ لِغَيْرِهِ: طَلِّقْ امْرَأَتِي بَائِنًا لِلسَّنَةِ وَقَالَ لِآخَرَ: طَلِّقْهَا رَجْعِيًّا لِلسَّنَةِ فَطَلَّقَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ طَلَقَتْ وَاحِدَةً وَلِلزَّوْجِ الْخِيَارُ فِي تَعْيِينِ الْوَاقِعِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ وَكَّلَ غَائِبًا بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْوَكَالَةِ فَطَلَاقُهُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ بِطَلَاقِهِ لَا تَثْبُتُ قَبْلَ الْعِلْمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: انْطَلِقِي إلَى فُلَانٍ حَتَّى يُطَلِّقَكِ فَذَهَبَتْ فَطَلَّقَهَا فُلَانٌ صَحَّ وَيَصِيرُ فُلَانٌ وَكِيلًا بِالتَّطْلِيقِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِوَكَالَتِهِ وَذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا بِالتَّطْلِيقِ قَبْلَ الْعِلْمِ قِيلَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ مَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ قِيَاسٌ وَمَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ اسْتِحْسَانٌ. ثُمَّ عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَهُوَ وُجُوبُ الِاسْتِحْسَانِ إذَا صَارَ وَكِيلًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَوْ أَنَّ الزَّوْجَ نَهَى الْمَرْأَةَ عَنْ الِانْطِلَاقِ إلَى فُلَانٍ لَا يَصِيرُ فُلَانٌ مَعْزُولًا بِنَهْيِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالنَّهْيِ وَصَارَ الْجَوَابُ فِيهِ نَظِيرَ الْجَوَابِ فِيمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِلْمَرْأَةِ: نَهَيْتُ فُلَانًا أَنْ يُطَلِّقَك فَإِنَّ فُلَانًا لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِالنَّهْيِ لِأَنَّهُ لَوْ انْعَزَلَ انْعَزَلَ بِالنَّهْيِ مَقْصُودًا لَا تَبَعًا لِنَهْيِ الْمَرْأَةِ عَنْ شَيْءٍ وَمَا فَوَّضَ إلَيْهَا شَيْئًا حَتَّى يَصِحَّ نَهْيُ الْغَائِبِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَتَعَذُّرِ الْقَوْلِ بِانْعِزَالِهِ مَقْصُودًا بِالنَّهْيِ قَبْلَ الْعِلْمِ فَلِهَذَا لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ الْعِلْمِ هَذَا إذَا نَهَى الْمَرْأَةَ قَبْلَ الِانْطِلَاقِ إلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ أَمَّا إذَا نَهَاهَا بَعْدَ الِانْطِلَاقِ إلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ فَلَا يَصِيرُ فُلَانٌ مَعْزُولًا. وَإِنْ عَلِمَ بِالْعَزْلِ وَقَبْلَ الِانْطِلَاقِ يَصِيرُ مَعْزُولًا إذَا عَلِمَ بِالنَّهْيِ وَالْعَزْلِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: انْطَلِقْ إلَى فُلَانٍ وَقُلْ لَهُ حَتَّى يُطَلِّقَ امْرَأَتِي ثُمَّ نَهَاهُ

بَعْدَ ذَلِكَ صَحَّ النَّهْيُ وَلَوْ نَهَى الْمَرْأَةَ عَنْ الِانْطِلَاقِ لَا يَصِحُّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ جَاءَتْك امْرَأَتِي فَطَلِّقْهَا أَوْ قَالَ: إنْ خَرَجَتْ إلَيْك امْرَأَتِي فَطَلِّقْهَا ثُمَّ إنَّهُ نَهَى الْوَكِيلَ عَنْ الْإِيقَاعِ بَعْدَ مَجِيءِ الْمَرْأَةِ إلَيْهِ وَبَعْدَ خُرُوجِهَا إلَيْهِ يَصِحُّ النَّهْيُ إذَا عَلِمَ كَمَا قَبْلَ الْمَجِيءِ وَالْخُرُوجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ فِي سُكْرِهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقَعُ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا الْمُوَكَّلُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا ثُمَّ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ فَطَلَاقُ الْوَكِيلِ وَاقِعٌ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِإِبَانَةِ الْمُوَكَّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقُ الْوَكِيلِ بِمَالٍ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا الْوَكِيلُ حَتَّى تَزَوَّجَهَا الْمُوَكَّلُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ يَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ الْمُوَكَّلُ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ لَا يَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ أَوْ الْمَرْأَةُ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - ثُمَّ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ فَطَلَاقُ الْوَكِيلِ وَاقِعٌ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ لَحِقَ الْمُوَكَّلُ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا وَقَضَى الْقَاضِي بِلِحَاقِهِ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ حَتَّى لَوْ عَادَ مُسْلِمًا وَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ لَا يَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ وَلَوْ ارْتَدَّ الْوَكِيلُ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - كَانَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ وَإِذَا وَكَّلَ صَبِيًّا عَاقِلًا أَوْ عَبْدًا بِالطَّلَاقِ صَحَّ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ فَرَدَّ ثُمَّ طَلَّقَ لَمْ يَقَعْ وَلَوْ سَكَتَ بِلَا قَبُولٍ ثُمَّ طَلَّقَ وَقَعَ وَلَوْ قَالَ لَهُ: طَلِّقْهَا غَدًا فَقَالَ الْوَكِيلُ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا كَانَ بَاطِلًا وَلَوْ قَالَ لَهُ: طَلِّقْهَا فَقَالَ الْوَكِيلُ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَدَخَلَتْ لَمْ يَقَعْ وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: طَلِّقْ امْرَأَتِي ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا أَلْفًا لَا يَصِحُّ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: طَلِّقْ امْرَأَتِي نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ تَطْلِيقَةً لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ إذَا عُلِّقَ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ. رَجُلٌ أَرَادَ السَّفَرَ فَوَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ ثُمَّ عَزَلَهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْمَرْأَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ التَّوْكِيلُ بِطَلَبِ الْمَرْأَةِ يَصِحُّ عَزْلُهُ وَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِطَلَبِ الْمَرْأَةِ لَمْ يَصِحَّ عَزْلُهُ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْهَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَمْلِكُ عَزْلَ الْوَكِيلِ بِالطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ بِطَلَبِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِالطَّلَاقِ وَقَالَ: كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْت وَكِيلِي قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِحُّ هَذَا التَّوْكِيلُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَلَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ بِتَجَدُّدِ الْوَكَالَةِ. قَالَ الشَّيْخُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَمْلِكُ الْعَزْلَ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي طَرِيقِ الْعَزْلِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا قَالَ: عَزَلْتُك عَنْ جَمِيعِ الْوَكَالَاتِ يَنْعَزِلُ وَيَنْصَرِفُ ذَلِكَ إلَى الْمُعَلَّقِ وَالْمُنَجَّزِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقُولُ: عَزَلْتُك كَمَا وَكَّلْتُك وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقُولُ: رَجَعْت عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَعَزَلْتُك عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: طَلِّقْ امْرَأَتِي فَأَبَنَهَا أَوْ قَالَ: أَبِنْهَا فَطَلَّقَهَا فَهُوَ تَوْكِيلٌ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ وَإِذَا طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَلَيْسَ لِهَذَا الْوَكِيلِ أَنْ يُوقِعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: طَلِّقْهَا عَلَى أَنْ لَا تُخْرِجَ مِنْ الْبَيْتِ شَيْئًا فَقَالَ لَهَا: طَلَّقْتُك عَلَى أَنْ لَا تُخْرِجِي مِنْ الْبَيْتِ شَيْئًا فَقَبِلَتْ طَلَقَتْ أَخْرَجَتْ أَوْ لَمْ تُخْرِجْ وَلَوْ قَالَ: طَلَّقْتُك بِشَرْطِ أَنْ لَا تُخْرِجِي مِنْ الْبَيْتِ فَإِنْ أَخْرَجَتْ لَا تَطْلُقُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: طَلِّقْ امْرَأَتِي هَذِهِ فَقَبِلَ الْوَكِيلُ وَغَابَ الْمُوَكَّلُ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى الطَّلَاقِ وَلَوْ جَعَلَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ رَجُلٍ فَجُنَّ الْمَجْعُولُ إلَيْهِ فَطَلَّقَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ مَا يَقُولُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ وَلَوْ جُنَّ الْمُوَكَّلُ بِالطَّلَاقِ إنْ جُنَّ سَاعَةً ثُمَّ أَفَاقَ فَالْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ وَلَوْ جُنَّ زَمَانًا دَائِمًا بَطَلَتْ وَكَالَتُهُ. إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: طَلِّقْ امْرَأَتِي إذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ فَقَالَ لَهَا الْوَكِيلُ: إذَا حِضْت وَطَهُرْت فَأَنْت طَالِقٌ كَانَ بَاطِلًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ

قَالَ لِآخَرَ: زَوِّجْنِي فُلَانَةَ وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْآخَرَ قَدْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْأَمْرِ أَوْ بَعْدَهُ بِنَفْسِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى وَكِيلًا بِالطَّلَاقِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ. الْوَكِيلُ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّسُولُ سَوَاءٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الرِّسَالَةُ أَنْ يَبْعَثَ الزَّوْجُ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ الْغَائِبَةِ عَلَى يَدِ إنْسَانٍ فَيَذْهَبُ الرَّسُولُ إلَيْهَا وَيُبَلِّغُهَا الرِّسَالَةَ عَلَى وَجْهِهَا فَيَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَفِي فَوَائِدِ نِظَامِ الدِّينِ " أَمَرَ بدست زن نهادكه أكر فُلَان كار كنم توباي خودرا كشاده كنى هركاه كه خواهي آن كار كردوبيس أزباي كشاده كردن باشوي خلع كردبس أزان باي تواند كشاده كردن ياني أَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تواندوا كَرِعْدَةِ كذشته باشد باز نِكَاح كند تواند ياني قَالَ: ني ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ إذَا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ أَبَانَهَا بِنَفْسِهِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَكَذَلِكَ إنْ جَدَّدَ النِّكَاحَ وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَائِنًا ثُمَّ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى مَالٍ فَطَلَّقَهَا عَلَى مَالِ وَقَبِلَتْ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ وَلَوْ جَدَّدَ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ وَقَبِلَتْ طَلَقَتْ وَيَجِبُ الْمَالُ وَلَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ جَدَّدَ النِّكَاحَ فَطَلَّقَهَا وَقَبِلَتْ لَا يَقَعُ فِي فَوَائِدِ جَدِّي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أكرزبرتوزن خَوَاهُمْ أَمَرْوَى بِدُسَتِ تونهادم فَثَبَّتَ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ لَمْسُهُ أُمِّهَا هَلْ يَبْقَى الْأَمْرُ فِي يَدِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَهَا أَنْ تُطَلِّقَهَا؟ قَالَ: يَبْقَى الْأَمْرُ فِي يَدِهَا لِتَصَوُّرِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِهِ فَإِنَّهُ لَوْ قَضَى بِجَوَازِ نِكَاحِ الَّتِي زَنَى بِأُمِّهَا أَوْ ابْنَتِهَا نَفَذَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا برانكه أَكُرْكًا بَيْنَ بخشى بِأَيِّ خَوْد كَشَادِّهِ كَنَّى مَتَى شِئْت وَكَانَتْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا لَهُ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَ الْأَمْرَ بِيَدِهَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ نِظَامُ الدِّينِ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: لَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. مُرْدَى بِسَفَرٍ ميرفت زِنْ راكفت كه كريكماه أَزْرَفْتُنَّ مِنْ بِرّ آيَد وَمَنْ برتونه آمُدّه باشم وَنُفَقِّه مِنْ بتونر سَيِّده باشد أَمَرَ تَوّ بِدُسَتِ تونهادم تاهرجه وَقْتَ بايدت بِأَيِّ خَوْد كَشَادِّهِ كَنَّى بِيشَ ازكذشتن بُكْمَاه نُفَقِّه رسيد أَمَّا مَرَدْنَهُ آمُدّ أَمَرَ زِنْ بِدُسَتِ زِنْ نشود شَرْط أَمَرَ كه بِدُسَتِ زِنْ شودد وَجِيزًا سِتّ نا آمَدَّنِ وَنُفَقِّه نَار سَيَدُنَّ يكى ازَّيَّنَ دَوِيًّا فُتُّمْ ويكى ني بِخِلَافِ قَوْلِهِ مِنْ وَنُفَقِّه مِنْ نرسد وَيَكِي رسيدا مَرَّ بِدُسَتِ وى شود رَأَيْتُ فَتْوَى أَجَابَ عَنْهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ مَحْمُودٌ الْحَارِثِيُّ الْمَرْوَزِيِّ وَصُورَتُهَا: رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ غِبْتُ عَنْك شَهْرًا فَأَمْرُك بِيَدِك أَيْنَ مردرا كَافِرًا سَيْر بُرْد نَعُوذُ بِاَللَّهِ هَلْ يَصِيرُ أَمْرُهَا بِيَدِهَا أَجَابَ ني

وَكَانَ وَالِدِي يَقُولُ: إنْ أَجْبَرَهُ عَلَى الذَّهَابِ فَذَهَبَ بِنَفْسِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَقَّقَ الشَّرْطَ وَهُوَ الْغَيْبَةُ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا سَوَاءٌ فِي تَحَقُّقِ الْحِنْثِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي مُسْتَفْتَيَاتِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ قَالَ لَهَا: اُكْرُدْهُ روزازتو غَائِب شُوم وَنُفَقِّه مِنْ بتونر سَدّ أَمَرَ تَوّ بِدُسَتِ تونهادم دَهٍ رَوْز كذشت وَاخْتَلَفَا فِي وُصُولِ النَّفَقَةِ شَوَى ميكو يَدُكّهُ رسانيده أَمْ وَزْن مُنْكَرًا سِتّ أَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: قَوْلُ قَوْلِ زِنْ باشدتا أَمَرَ بِدُسَتِ وى باشدواين رِوَايَةُ أَصْلِ است وَرِوَايَةُ مُنْتَقَى بِرّ عُكِسَ أَيْنَ است كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. قَالَ الْآخَرُ: اكرسيم مِنْ نَدْهَى إلَى وَقْتِ كَذَا أَمَرَ بِدُسَتِ مِنْ نُهَادِي طَلَاق زَنِّ خواستني رافقال نهادم فَلَمْ يُعْطِهِ الْمَالَ حَتَّى مَضَى ذَلِكَ الْوَقْتُ وَقَدْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَلَوْ كَانَ قَالَ: اكرسيم مِنْ نَدْهَى إلَى وَقْتِ كَذَا أَمَرَ بِدُسَتِ أُمَنِّ نُهَادِي طَلَاقَ زَنَى راكه بخواهي وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا فَقَالَتْ: دَسَّتْ بازداشتم وَلَمْ تَقُلْ: خويشتن وَإِلَّا تُبَيَّنُ وَلَوْ قَالَتْ: عَنَيْتُ نَفْسِي إنْ كَانَ الْمَجْلِسُ قَائِمًا تُصَدَّقُ وَإِلَّا فَلَا وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَتْ: افكندم وَقَالَتْ: مَا نَوَيْت طَلَاقًا صُدِّقَتْ وَلَوْ قَالَتْ: نَوَيْت طَلَقَتْ وَلَوْ قَالَتْ: طَلَاقٌ افكندم يَقَعُ بِدُونِ النِّيَّةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَالَ لَهَا: أَمَرَ بِدُسَتِ تونهادم شش مَاه رَافًّا لَأَمَرَ بِيَدِهَا عِنْدَ تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَفِي فَوَائِدِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ طَاهِرِ بْنِ مَحْمُودٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَرَدِّي مُرِزْنَ خودرا كَفَتْ كه اكردد رَوْز نُفَقِّه تُوَازِ مِنْ بتونر سَدّ بَعْدَ ازان باي خودرا كَشَادِّهِ كُنَّ ثُمَّ إنَّهَا صَارَتْ نَاشِرَةً حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَقَدْ وَقَعَ الِاسْتِفْتَاءُ عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اكريكماه نَفَقَة تونر سانم بتوامر تَوّ بِدُسَتِ تَوّ بَعْدَ ازَّيَّنَ زِنْ بِيَدِ سَتُوَرِّي شُوِيَ بِخَانَةِ بَدْر بِخَشْمِ رَفَّتْ وَيَكِمَاهُ باشيد واين مَرَدّ نُفَقِّه نَفَر ستاد يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِيرَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا وَقَدْ وَرَدَتْ الْفَتْوَى عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اُكْرُ بَعْدَ ازْدَهِ رَوْز يَنْجُ دينارزر بتونر سانم فَأَمْرُكِ بِيَدِك لِتُطَلِّقِي نَفْسَك مَتَى شِئْت دَهٍ رَوْز كذشت وَآن زرنر سانيد هَلْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ اكرمراد شَوَى آن بِوُدِّهِ است كه اكربر فَوَرَدِّهِ رَوْز تَمَام شِدْنَ نرسانم باي خودرا كَشَادِّهِ كرداند وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْفَوْرَ لَيْسَ

لَهَا ذَلِكَ مَا لَمْ يَمُتْ أَحَدُهُمَا وَاسْتَصْوَبَ وَالِدِي هَذَا الْجَوَابَ كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. سُئِلَ بَعْضُ أَسَاتِذَتِنَا عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اكرازين شَهْر بِيَدِ سَتُوَرِّي توبروم امْرِ بِدُسَتِ تونهادم تَابَّايَ خَوْد كَشَادِّهِ كَنَّى هروقت كه خواهي أَيْنَ مَرَدّ كَوّك سِرَار فُتّ دَوٍ شبانروز باشيد بِيَدِ سَتُوَرِّي زِنْ باي كَشَادِّهِ كُرِدْنَ تواند ياني أَجَابَ ني وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاقِعَةُ الْفَتْوَى رَجُلٌ غَابَ عَنْ امْرَأَتِهِ بَعْدَ ازسه مَاه نَامَهُ آمُدًّا زَيِّنْ مُرَدَّد رَانَ نَامَهُ نوشته بِوَدَكِهِ اكراز وَقْت غَيَّبَتْ مِنْ دُومَاهُ بِرّ آيدوتن مِنْ دَرَيْنَ مَدَّتْ بتونر سَدّ باي خَوْد كَشَادِّهِ كَنَّى هركاه كه خواهي وَمَعْلُومٌ شَدَّ كه أَيْنَ مرداين نَامَهُ رابعد ازان نوشته كه يَكِمَاهُ بِيشَ بِرّ غَيَّبَتْ أَوْ نيامده بِوُدِّهِ است أَمَّا آرَنْده نَامَهُ دِرَرَاه ديرمانده است دَرَيْنَ صَوَّرَتْ أَيْنَ زِنْ باي خَوْد تواند كَشَادِنِ ياني جَوْن مَاه كذشته واين زِنْ را عِلْم نبوده است قِيلَ فِي بَابِ مَا يَجْعَلُ فِيهِ أَمْرَ امْرَأَتِهِ إلَى غَيْرِهِ بِالْوَقْتِ فِي آخِرِ أَيْمَانِ الْجَامِعِ أَنَّهُ يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا. وَفِي فَوَائِدِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بُرْهَانِ الدِّينِ أَمَرَ بِدُسَتِ زِنْ نهادكه وَيُرَابَى جنايت شَرْعِيّ نرنذبس ازان أَيْنَ زِنْ راكفت كه هَرْده رَوْزِي تُرَاد سَتُوَرِّي دادم تابخانه يدرو مَادِر رَوَى دَهٍ رَوْز كذشت دوازده وزشد يَدْرِ روماد آمدندو با ايشان بِدِينِ جنايت بِيَدِ سَتَوْرَى رَفَّتْنِ بزدهل يَصِيرُ أَمْرُهَا بِيَدِهَا؟ أَجَابَ: نَعَمْ يَصِيرُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَرَأَيْتُ فَتْوَى أَجَابَ عَنْهَا عَمِّي نِظَامِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصُورَتُهَا: جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ بُسَّ مادرزن بِخَانَةِ أَيْنَ مَرَدّ آمُدّ مَرَدّ كَفَتْ زِنْ راكه أَيْنَ مَادِر مَادّه سَكّ است جَرًّا آمُدّه است زِنْ كَفَتْ مادرتست وخواهر تومر دزن رابزد امْرِ بِدُسَتِ زِنْ نشود كَذَا أَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا عَلَى أَنَّهُ مَتَى ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَهِيَ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا الزَّوْجُ لَعَنْت برتوباد فَقَالَتْ: لَعَنْت خودبر توباد تَكَلَّمُوا فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا هَذَا لَيْسَ بِجِنَايَةٍ مِنْهَا لِأَنَّهَا بَانِيَةٌ وَلَيْسَتْ بِبَادِئَةٍ وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّ هَذَا جِنَايَةٌ مِنْهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لَهَا أَيْ مادرت سياهة فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مَا درتست سياهه فَعَلَى قَوْلِ الْأَوَّلِينَ هَذَا لَيْسَ بِجِنَايَةٍ وَالْعَامَّةُ تَكَلَّمُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَتْ أُمُّ الزَّوْجِ حَيَّةً فَهَذَا لَيْسَ بِجِنَايَةٍ مِنْهَا فِي حَقِّهِ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مَيِّتَةً

فَهَذَا جِنَايَةٌ مِنْهَا فِي حَقِّهِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ أُمُّ الزَّوْجِ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً فَلَوْ قَالَتْ لَهُ: خدايت مَرَّك دهاد فَهَذَا جِنَايَةٌ مِنْهَا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَتْ لَهُ: خَدَّانَا تُرْس كَافِر فَهَذَا جِنَايَةٌ مِنْهَا وَلَوْ قَالَتْ لَهُ أَيْ بدخوى فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا لَيْسَ بِجِنَايَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ جِنَايَةٌ وَلَوْ قَالَ لَهَا: لَا تَفْعَلِي هَكَذَا فَقَالَتْ: خَوْش مى أَرْمِ إنْ كَانَتْ قَالَتْ ذَلِكَ فِي فِعْلٍ هُوَ مَعْصِيَةٌ فَهَذَا مِنْهَا جِنَايَةٌ وَإِنْ كَانَتْ قَالَتْ فِي فِعْلٍ هُوَ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ فَهُوَ لَيْسَ بِجِنَايَةٍ فِي الْمُنْتَقَى وَإِذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا: طَلِّقْنِي فَقَالَ الزَّوْجُ: مِنْ طَلَاقِ توبدست تونهادم فَقَالَتْ: مِنْ خودرا طَلَاقُ دادم وَقَالَ الزَّوْجُ مِنْ نبزترا طَلَاقُ دادم يَقَعُ تَطْلِيقَتَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَتْ أَيْ بِي مُزّه يَكُونُ فِي حَقِّ الشَّرِيفِ جِنَايَةً كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْعُدَّةِ. وَسُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ أَمَرَ بِدُسَتِ زَنِّ نهادكه بِي جِنَايَةٌ نَزْنَد زَنِّ دربيش زِنَانِ ديكر كَفَتْ اكرشويان شمامر دانند شُوِيَ مِنْ بَارَى مرديست فَضَرَبَهَا الزَّوْجُ أَجَابَ: لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَهَذَا جِنَايَةٌ مِنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ذُكِرَ فِي فَتَاوَى الدِّينَارِيِّ. أَمَرَ بِدُسَتِ زَنِّ نهادكه أورابهيج كُنَّاهُ نُزْنَم مُكَرِّكه بِخَانَةِ فُلَانٍ برودبيد سَتُوَرِّي مِنْ زَنِّ بِيَدِ سَتُوَرِّي شُوِيَ بِخَانَةِ فُلَانٍ رَفَّتْ وَشُوِيَ با اوجنك كردوشوي رادشنام دَادَ شُوِيَ آن زَنِّ رازدزن كَفَتْ مِنْ بِحُكْمٍ أَمَرَ خودباي كَشَادِّهِ كَرَدْمِ شُوِيَ كَفَتْ مِنْ بُدَّانِ سَبَب زِدْهُ أَمْ كه بِخَانَةِ فُلَانٍ رَفَّتْهُ بِيَدِ سَتُوَرِّي مَنْ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَذَكَرَ فِي طَلَاقِ فَتَاوَى الدِّينَارِيِّ قَالَتْ لِزَوْجِهَا بِطَلَاقٍ مِنْ سوكند خورده كه مرابيكناه نَزْنِي وزدي مِنْ بِرَتْوِ طلاقم مَرَدّ كَفَتْ كه مِنْ بيكناه شَرْعِيّ نَزِدْهُ أَمْ قَالَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ترا كَفَتْهُ بودم كه بِخَانَةِ خواهرت مُرْوُو مَرَّا ازانجا سُخْت مى آيَدًا كَنُونِ رفتى وَبُدَّانِ سَبَب زذه أَمْ زِنْ مُنْكَرٌ است مَرَّ رَفَّتْنِ خَانَة خواهررا قَوْلُ قَوْلُ كه باشد كَوَاهُ بَرَكَهُ بِوُدِّ قَالَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ فِي هَذَا. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ فِي مَجْلِسِ شُرْبِ الْخَمْرِ هرزني راكه خواسته أَمْ بَرَّايَ توخواسته أَمْ داشتن وَرُهَا كُرِدْنَ بِدُسَتِ توبوده است فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ اكرجنين است دادم زِنْ ترا طَلَاق وَدَّ وَطَلَاق وَسَهِّ طَلَاق هَلْ يَقَعُ قَالَ: لَا لِأَنَّ قَوْلَهُ دردست توبوده است إخْبَارٌ عَنْ كَوْنِ الْأَمْرِ بِيَدِهِ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهِ فِي يَدِهِ بَقَاؤُهُ بَلْ الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ مُقْتَصِرٌ عَلَى الْمَجْلِسِ وَقَدْ تَبَدَّلَ

فَيَبْطُلُ حَتَّى لَوْ قَالَ دردست تواست فَهُوَ إقْرَارٌ بِقِيَامِ الْأَمْرِ فِي يَدِهِ فَيَصِحُّ التَّطْلِيقُ هَكَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. فِي فَوَائِدِ جَدِّي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَرَ بِدُسَتِ زَنِّ نِهَادًا كريكماه رادود يُنَار بتونر سانم بايت كَشَادِّهِ كُنَّ زَنِّ صراوام خواهي بودبوي حَوَّاله كردباي تواند كشاديس از كذشتن مَدَّتْ أَجَابَنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إنْ أَدَّاهُ إلَى الْمُحْتَالِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ تواند وَفِي فَوَائِدِهِ أَمَرَ بِدُسَتِ زِنْ نهادكه بِيَدِ سَتُوَرِّي تُوَازِ شَهْر نَرُوم مرداز شَهْر بِيَرُونِ رَفَّتْ وَزْن أَوْ رامشايعت كَرَدِّ هَلْ يَكُونُ إذْنًا قَالَ: لَا وَاقِعَةُ الْفَتْوَى أَمَرَ بِدُسَتِ زِنْ نهادكه بِي دُسْتُورِيّ وى كَنَيْزَكِ نَحْرِد فَذَهَبَتْ مَعَ زَوْجِهَا إلَى النَّخَّاسِ وَاخْتَارَتْ جَارِيَةً فَاشْتَرَاهَا الزَّوْجُ أَيْنَ بسنديدن زِنْ دُسْتُورِيّ بِوُدِّ أَجَابَ بَعْضُ أَهْلِ زَمَانِنَا وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لِذَلِكَ أَهْلًا بِوُدٍّ حَتَّى لَا يَصِيرَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَقَدْ أَجَبْتُ يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا يَكُ سُخْنَ كويم رواداشتي أَوْ قَالَتْ يَكُ كاركنم رواداشتي فَقَالَ الزَّوْجُ: داشتم فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الطَّلَاقَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالضَّرْبِ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَخَرَجَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْبَيْتِ إلَى الرَّقِيقَةِ تا آتش درخانة آرد وَكَانَ فِي الرَّقِيقَةِ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ وَلَمْ يَكُنْ قَصْدُ الْمَرْأَةِ رُؤْيَةَ الْأَجْنَبِيِّ فَضَرَبَهَا الزَّوْجُ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ ضَرْبٌ بِالْجِنَايَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. يَكِي ديكرى رَاجِنِينَ كَفَتْ كه هركاه كه بِي دُسْتُورِيّ مِنْ ازشهر بِرَوِيِّ أَمَرَ زَنِّ خويشتن بِدُسَتِ مِنْ نُهَادِي كَفَتْ نهادم يكبار دُسْتُورِيّ دادبس ازان تواند رَفَّتْنِ بِي دُسْتُورِيّ وى أَجَابَ عَلَاءُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تواندجه هركاه وَقْت است وهروقت يكبار فَرَازّ كيرد هَكَذَا كَتَبْت عَنْ فَوَائِدِهِ. قَالَ لِامْرَأَتِهِ اُكْرُ بَعْدَ سرهرشش مَا هِيَ ترابشهر مَادِرُو بَدْر نُبْرِم أَمَرَ توبدست تونهادم باي خَوْد بيكطلاق بَائِن بكشايي هركاه كه خواهي وَزْن قَوْل كَرَدِّ تَفْوِيضُ رادر مَجْلِس بُسَّ ازَّيَّنَ يكسال كذشت واين شُوِيَ أَيْنَ زَنِّ رابخانة بدرو مَادِر نَبْرُد هَلْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا كَانَتْ مَسْأَلَةُ وَاقِعَةِ الْفَتْوَى بِمَرْغِينَانَ فَأَرْسَلَ أَهْلُهَا إلَيْنَا بِالْفَتْوَى فَكَتَبْت: نَعَمْ لَهَا ذَلِكَ وَوَافَقَنِي أَهْلُ الْإِفْتَاءِ بِسَمَرْقَنْدَ يَوْمئِذٍ فِي الْجَوَابِ. فِي فَوَائِدِ جَدِّي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَكَى جَنِين كَفَتْ كه مِنْ سيكى نُخَوْرِم وَفَمًا رنكنم وَزِنَا نكنم اُكْرُ يكنم زَنِّ از مِنْ بَسّه طَلَاق اكريكي ازَّيَّنَ

الباب الرابع في الطلاق بالشرط ونحوه وفيه أربعة فصول

كَارِهًا بكندزنش طَلَاق شود ثُمَّ قَالَ وَلَا خِلَافَ فِي النَّفْيِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِثْبَاتِ وَهُوَ مَا إذَا قَالَ اُكْرُمْنَ سَيَكِي خُورِمَ وقماركنم وَزِنَا كَنَمِّ أَمَرَ زَنِّ بِدُسَتِ وى نهادم ثُمَّ فَعَلَ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَيَصِيرُ بِيَدِهَا عِنْدَ الْآخَرِينَ وَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْغَرَضُ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَنْعُ النَّفْسِ وَزَجْرُهَا عَنْ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ بِانْفِرَادِهِ يَصْلُحُ غَرَضًا لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ عَلَى الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ لِلْجَمْعِ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بُرْهَانُ الدِّينِ. وَفِي فَوَائِدِ الْعَلَّامَةِ مُرْدَى مُرِزْنَ خودرا كَفَتْ كه اُكْرُمْنَ سيكى خُورِمَ وجوشيده وَعَصِير وَبِكِنِّي أَمَرَ بِدُسَتِ تونهادم تَابَّايَ خَوْد بِكَشَائِي هركاه كه خواهي زَنِّ قَبُول كردمرد بِكِنِّي خوردود يَكْرَهَانِي أَمَرَ بِدُسَتِ زَنِّ شود بخوردن بِكِنِّي ياني أَجَابَ شود كه مُعَلَّق بِهِرِّ يكيست جَدّ أَنَّهُ بِجُمَلِهِ هَكَذَا أَجَابَ مُعَلِّلًا وَوَافَقَهُ الْبَاقُونَ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ أَمَرَ بِدُسَتِ زِنْ نهادكه اكراورابزند جِنَايَةٌ باي خَوْد بكشايد هركاه كه خواهد وَزْن قَبُول كَرَدِّ بَعْدَ ازَّيَّنَ مَرَدّ مراين زِنْ وابزد بِجِنَايَةٍ زِنْ تواند باي كَشَادِّهِ كَرَدِّ ياني أَجَبْت تواند قُلْتُ وَمَا اخْتَارَ الشَّيْخَانِ الْإِمَامَانِ جَدِّي وَالْعَلَّامَةُ السَّمَرْقَنْدِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَهْلُ زَمَانِهِمَا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبُخَارِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ بِالشَّرْطِ وَنَحْوِهِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَلْفَاظِ الشَّرْطِ] الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ بِالشَّرْطِ وَنَحْوِهِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَلْفَاظِ الشَّرْطِ) أَلْفَاظُ الشَّرْطِ إنْ وَإِذَا وَإِذْمَا وَكُلُّ وَكُلَّمَا وَمَتَى وَمَتَى مَا فَفِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَانْتَهَتْ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْعُمُومَ وَالتَّكْرَارَ فَبِوُجُودِ الْفِعْلِ مَرَّةً تَمَّ الشَّرْطُ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْحِنْثُ بَعْدَهُ إلَّا فِي كُلَّمَا لِأَنَّهَا تُوجِبُ عُمُومَ الْأَفْعَالِ فَإِذَا كَانَ الْجَزَاءُ الطَّلَاقَ وَالشَّرْطُ بِكَلِمَةِ كُلَّمَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ بِتَكْرَارِ الْحِنْثِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ طَلَاقَ الْمِلْكِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ وَتَكَرَّرَ الشَّرْطُ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ دَخَلَتْ كَلِمَةُ كُلَّمَا عَلَى نَفْسِ التَّزَوُّجِ بِأَنْ قَالَ: كُلَّمَا تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَرَّةٍ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ هَكَذَا فِي غَايَة السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ نِسْوَةً طُلِّقْنَ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَاحِدَةً مِرَارًا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ نَوَى بَعْضَ النِّسَاءِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً وَقَالَ الْخَصَّافُ: تَصِحُّ نِيَّتُهُ فِي الْقَضَاءِ أَيْضًا وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَإِنْ أَخَذَ بِقَوْلِ الْخَصَّافِ إذَا كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَمِنْ جُمْلَةِ أَلْفَاظِ الشَّرْطِ لَوْ وَمَنْ وَأَيُّ وَأَيَّانَ وَأَيْنَ وَأَنَّى كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَمِنْهَا فِي إذَا دَخَلَ عَلَى الْفِعْلِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي دُخُولِك الدَّارَ يَعْنِي إنْ دَخَلْت الدَّارَ هَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَالْأَلْفَاظُ الَّتِي لِلشَّرْطِ بِالْفَارِسِيَّةِ

الفصل الثاني في تعليق الطلاق بكلمة كل وكلما

اُكْرُ وَهَمِّي وَهَمِيشَة وهركاه وهرزمان وهربار فَالْأَوَّلُ بِمَعْنَى قَوْلِهِ إنْ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا مَرَّةً وَالثَّانِي بِمَعْنَى مَتَى فَلَا يَحْنَثُ إلَّا مَرَّةً وَالثَّالِثُ كَالثَّانِي وَمَعْنَاهَا وَاحِدٌ وَفِي الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ يَحْنَثُ مَرَّةً لِأَنَّهُ بِمَعْنَى كُلِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالسَّادِسُ بِمَعْنَى كُلَّمَا فَيَحْنَثُ كُلَّ مَرَّةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ. أَمَّا لَفْظُهُ كه بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ طَالِقٌ ثَلَاثًا كه اينكار ميكند فَإِنْ لَمْ يَتَعَارَفُوا التَّعْلِيقَ بِقَوْلِهِ كه يَقَعُ لِلْحَالِ لِأَنَّهُ تَحْقِيقٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَارَفُوا التَّعْلِيقَ إلَّا بِهِ لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ وَإِنْ تَعَارَفُوا التَّعْلِيقَ بِهَذَا وَبِصَرِيحِ الشَّرْطِ ذَكَرَ الْفَضْلِيُّ فِي فَتَاوَاهُ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِلْحَالِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: لَا يَقَعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَزَوَالُ الْمِلْكِ بَعْدَ الْيَمِينِ بِأَنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ لَا يُبْطِلُهَا فَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ فِي الْمِلْكِ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ وَهِيَ امْرَأَتُهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَمْ تَبْقَ الْيَمِينُ وَإِنْ وُجِدَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَمَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ وَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ فَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ عَادَتْ إلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَدَخَلَتْ الدَّارَ طَلَقَتْ ثَلَاثًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ تَنْجِيزُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ يُبْطِلُ تَعْلِيقَ الثَّلَاثِ وَمَا دُونَهَا فَلَوْ عَلَّقَ الثَّلَاثَ أَوْ مَا دُونَهَا ثُمَّ نَجَّزَ الثَّلَاثَ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ التَّحْلِيلِ ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ أَصْلًا كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْبُرْجُنْدِيِّ وَكَمَا يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ بِتَنْجِيزِ الثَّلَاثِ يَبْطُلُ بِلَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ بَعْدَ لِحَاقِهِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا تَطْلُقُ خِلَافًا لَهُمَا وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا جَاءَ تَائِبًا مُسْلِمًا فَتَزَوَّجَهَا ثَانِيًا لَا يُنْتَقَصُ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ شَيْءٌ عِنْدَهُ وَيُنْتَقَصُ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِكَلِمَةِ كُلٍّ وَكُلَّمَا] لَوْ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَدَخَلَهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَلَمْ يَعْنِ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا يَقَعُ بِكُلِّ دَخْلَةٍ وَاحِدَةٌ إنْ شَاءَ فَرَّقَهَا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ شَاءَ جَمَعَهَا عَلَى وَاحِدَةٍ وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْتِ هَذِهِ الدَّارَ فَكُلَّمَا كَلَّمْتِ فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ فَالْيَمِينُ الثَّانِيَةُ تَصِيرُ مُعَلَّقَةً بِالدُّخُولِ فَإِذَا دَخَلَتْ الدَّارَ انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ الثَّانِيَةُ فَإِذَا كَلَّمَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بَعْدَ ذَلِكَ طَلَقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِرَجُلَيْنِ: كُلَّمَا أَكَلْت عِنْدَكُمَا طَعَامًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَتَغَدَّى عِنْدَ أَحَدِهِمَا الْيَوْمَ وَتَغَدَّى عِنْدَ الْآخَرِ مِنْ الْغَدِ طَلَقَتْ امْرَأَتُهُ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ لَمَّا تَغَدَّى عِنْدَ الْأَوَّلِ وَأَكَلَ ثَلَاثَ لُقُمَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ كَأَنَّهُ أَكَلَ عِنْدَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَإِذَا تَغَدَّى عِنْدَ الْآخَرِ فَكَأَنَّهُ أَكَلَ عِنْدَهُ أَيْضًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَدْ وَجَدَ الْأَكْلَ عِنْدَهُمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالْأَكْلُ عِنْدَهُمَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ شَرْطُ وُقُوعِ التَّطْلِيقَةِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لِأَحَدِهِمَا: كُلَّمَا أَكَلْت عِنْدَكَ ثُمَّ أَكَلْت عِنْدَ هَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا تَكَلَّمْتُ كَلَامًا حَسَنًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ طَلَقَتْ وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ اللَّهُ أَكْبَرُ طَلَقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي جِنْسِ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ وَقَدْ دَخَلَ بِهِمَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى: كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَوَاحِدَةٌ مِنْكُمَا طَالِقٌ أَوْ قَالَ: فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَكَرَّرَ مَرَّتَيْنِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ وَقَالُوا: لَا يَقَعُ إلَّا إذَا عَنَى بِالْوَاحِدَةِ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ غَيْرَ الْوَاحِدَةِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ حَالِفًا

بِطَلَاقِهِمَا فَيَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا فَهِيَ طَالِقٌ كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا فَوَاحِدَةٌ مِنْكُمَا طَالِقٌ تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ. وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا فَوَاحِدَةٌ مِنْكُمَا طَالِقٌ كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا فَهِيَ طَالِقٌ وَقَعَ التَّطْلِيقَتَانِ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ جَعَلَهُمَا عَلَى وَاحِدَةٍ وَإِنْ شَاءَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ قَالَ لَهُمَا وَقَدْ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى: كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ قَالَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ انْعَقَدَتْ الْأُولَى وَانْحَلَّتْ بِالثَّانِيَةِ وَيَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةٌ وَالثَّالِثَةُ انْعَقَدَتْ فِي حَقِّ الْمَدْخُولَةِ وَلَا تَنْحَلُّ الثَّانِيَةُ بِالثَّالِثَةِ لِعَدَمِ تَمَامِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا فَلَوْ تَزَوَّجَ غَيْرَ الْمَدْخُولَةِ وَقَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ تَنْحَلُّ الثَّانِيَةُ وَالْأُولَى وَيَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ تَطْلِيقَتَانِ لِأَنَّ بَعْضَ الشَّرْطِ كَانَ مَوْجُودًا بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِ الْمَدْخُولَةِ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ وَالْآنَ تَمَّ الشَّرْطُ فَتُبَيَّنُ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِثَلَاثٍ وَلَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ غَيْرَ الْمَدْخُولَةِ وَلَكِنْ قَالَ لَهَا: إنْ تَزَوَّجْتُكِ وَدَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ صَحَّتْ الْيَمِينُ وَانْحَلَّتْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ إلَّا أَنَّ الْمَدْخُولَةَ لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ فَلَغَا فِي حَقِّهَا وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ لَا إلَى جَزَاءٍ إلَّا أَنَّ الْيَمِينَ مُنْعَقِدَةٌ بِكَلِمَةِ كُلَّمَا فَلَا يَظْهَرُ أَثَرُ الِانْحِلَالِ فَبَقِيَتَا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا يَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَتَانِ وَلَوْ قَالَ لِلْمَدْخُولَةِ: إذَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا مُبَانَةٌ إلَّا إذَا قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُك بَعْدَمَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ أَضَافَ إلَى الْمِلْكِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ: كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِكِ فَالْبَوَاقِي طَوَالِقُ ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ لِلثَّالِثَةِ طَلَقَتْ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَالثَّانِيَةُ ثِنْتَيْنِ وَالْأُولَى وَاحِدَةً لِأَنَّ بِالْكَلَامِ الثَّانِي صَارَ حَالِفًا بِطَلَاقِ الْأُولَى وَبِالْكَلَامِ الثَّالِثِ صَارَ حَالِفًا بِطَلَاقِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ كُلَّمَا إذَا طَلَقَتْ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ كُلُّ وَاحِدَةٍ تَطْلِيقَتَيْنِ وَالْأُولَى وَالثَّانِيَةُ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةً كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِي تَدْخُلُ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ طَلَقَتْ فُلَانَةُ لِلْحَالِ وَلَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ طَلَقَتْ أُخْرَى هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو الْفَضْلِ: هَذَا خِلَافُ مَا فِي الْجَامِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي النَّوَازِلِ قَالَ نُصَيْرٌ: سَأَلْتُ حَسَنَ بْنَ زِيَادٍ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلَّمَا دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ دَخْلَةً فَأَنْت طَالِقٌ كُلَّمَا دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ دَخْلَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَ الدَّارَ دَخْلَتَيْنِ قَالَ: تَطْلُقُ ثَلَاثًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ: كُلَّمَا تَزَوَّجْتُكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَتَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا مَرَّةً وَالْأُخْرَى مَرَّتَيْنِ طَلُقَتَا وَاحِدَةً إلَّا إذَا تَزَوَّجَ الْأُولَى مَرَّةً أُخْرَى طَلُقَتَا أُخْرَى وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا تَزَوَّجْتُ امْرَأَتَيْنِ فَهُمَا طَالِقَانِ فَتَزَوَّجَ ثَلَاثًا طُلِّقْنَ لِأَنَّهُ وُجِدَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ الشَّرْطُ وَهُوَ تَزَوُّجُ امْرَأَتَيْنِ وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا أَكَلْت عِنْدَكُمَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَأَكَلَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ لُقُمَاتٍ طَلَقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي وَكُلَّمَا تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً لِي ثَلَاثِينَ سَنَةً فَهِيَ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ وَفِي مِلْكِهِ امْرَأَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى ثُمَّ طَلَّقَهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ تَزَوَّجَهُمَا ثَانِيًا ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَلَاثًا وَاحِدَةٌ بِالْإِيقَاعِ وَثِنْتَانِ بِالْحَلِفِ وَلَوْ كَانَ حِينَ طَلَّقَهُمَا لَمْ يَتَزَوَّجْهُمَا حَتَّى دَخَلَ الدَّارَ ثُمَّ تَزَوَّجَهُمَا طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةً بِالْحِنْثِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ وَكَلَّمْتُ فُلَانًا أَوْ فَكَلَّمْتُ فُلَانًا فَامْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِي طَالِقٌ فَدَخَلَ الدَّارَ دَخَلَاتٍ وَكَلَّمَ فُلَانًا مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ تَطْلُقْ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَإِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَ الدَّارَ ثَلَاثًا وَكَلَّمَ فُلَانًا مَرَّةً طَلَقَتْ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَدَخَلْتُ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ

مَرَّةً تَقَعُ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَلَوْ دَخَلَهَا مَرَّةً أُخْرَى طَلَقَتْ أُخْرَى وَلَوْ دَخَلَهَا ثَلَاثًا طَلَقَتْ ثَلَاثًا وَنَظِيرُهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلَّمَا أَكَلْتُ تَمْرَةً وَجَوْزَةً فَأَنْت طَالِقٌ فَأَكَلَ ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ وَجَوْزَةً وَاحِدَةً لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةً وَلَوْ أَكَلَ جَوْزَةً أُخْرَى طَلُقَتْ أُخْرَى، وَلَوْ أَكَلَ جَوْزَةً ثَالِثَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَكُلَّمَا كَلَّمْتُ فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ قَالَ فَهَذَا عَلَيْهِمَا وَيَكُونُ الْفَاءُ جَزَاءً فَإِنْ بَدَأَتْ فَدَخَلَتْ الدَّارَ ثَلَاثَ دَخَلَاتٍ ثُمَّ كَلَّمَتْ فُلَانًا مَرَّةً طَلَقَتْ ثَلَاثًا وَلَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ دَخْلَةً ثُمَّ كَلَّمَتْ فُلَانًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ طَلَقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ. وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْتُ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَدَخَلَ الدَّارَ مِرَارًا ثُمَّ كَلَّمَهُ مِرَارًا يَحْنَثُ فِي الْأَيْمَانِ كُلِّهَا وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَتَزَوَّجَهَا مِرَارًا وَدَخَلَتْ مَرَّةً طَلَقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. رَجُلٌ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَبَدًا فِي قَرْيَةِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ أَخْرَجَ امْرَأَةً مِنْ تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَتَزَوَّجَهَا لَا تَطْلُقُ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَتَزَوَّجَهَا فِي غَيْرِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ قَرْيَةِ كَذَا فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ تِلْكَ الْقَرْيَةِ حَنِثَ حَيْثُمَا تَزَوَّجَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي تَكُونُ بِبُخَارَى فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ طَلَاقُ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا بِبُخَارَى وَعَنْ هَذَا قَالُوا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي غَيْرِ بُخَارَى ثُمَّ نَقَلَهَا إلَى بُخَارَى وَيَكُونُ هُوَ مَعَهَا فِيهِ لَا تَطْلُقُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِي الْجِنْسِ الثَّالِثِ فِي الْمَنْكُوحَةِ. رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً فَهِيَ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَطَلَّقَهَا وَطَلَّقَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهُمَا فِي الثَّلَاثِينَ سَنَةً ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ طَلَقَتْ الْقَدِيمَةُ تَطْلِيقَتَيْنِ بِالْيَمِينِ سِوَى التَّطْلِيقَةِ الَّتِي أَوْقَعَ عَلَيْهَا بِالتَّنْجِيزِ فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا وَأَمَّا الْجَدِيدَةُ فَتَطْلُقُ وَاحِدَةً بِالْيَمِينِ سِوَى مَا أَوْقَعَ عَلَيْهَا بِالتَّنْجِيزِ فَتَطْلُقُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَلَوْ أَنَّ الزَّوْجَ حِينَ طَلَّقَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ لَمْ يَتَزَوَّجْهُمَا حَتَّى دَخَلَ الدَّارَ ثُمَّ تَزَوَّجَهُمَا طَلَقَتْ الْقَدِيمَةُ وَاحِدَةً بِالْحِنْثِ فِي يَمِينِ التَّزَوُّجِ بِنَفْسِ التَّزَوُّجِ وَإِنْ كَانَ الْمُنْعَقِدُ فِي حَقِّهَا يَمِينَيْنِ يَمِينُ التَّزَوُّجِ وَيَمِينُ الْكَوْنِ فَأَمَّا الْجَدِيدَةُ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا بِالْحِنْثِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ لِامْرَأَةٍ لَهُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِي تَدْخُلُ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ طَلَقَتْ فُلَانَةُ لِلْحَالِ وَلَا يَنْتَظِرُ التَّزَوُّجَ وَالدُّخُولَ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ طَلَقَتْ أُخْرَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَبَدًا أَوْ قَالَ: إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً فَهِيَ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً قَبْلَ الْكَلَامِ وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً بَعْدَهُ طَلَقَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْيَمِينُ مُوَقَّتَةً بِأَنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً قَبْلَ الْكَلَامِ وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً بَعْدَهُ طَلَقَتْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْكَلَامِ وَلَا تَطْلُقُ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْكَلَامِ وَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الَّتِي تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْكَلَامِ كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً أَوْ مُوَقَّتَةً فَإِنْ نَوَى وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَى الَّتِي تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْكَلَامِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ قَدَّمَ الْمُؤَخَّرَ فَمَنْ تَزَوَّجَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ تَطْلُقْ وَمَنْ تَزَوَّجَ بَعْدَهُ طَلَقَتْ وَيَجْعَلُ الدُّخُولَ شَرْطَ الِانْعِقَادِ وَصَارَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ شَرْطَ الْحِنْثِ وَتَقْدِيرُهُ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَمْلِكُهَا فَهِيَ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ أَوْ قَدَّمَ الدُّخُولَ يَتَنَاوَلُ مَنْ فِي مِلْكِهِ لَا مَنْ سَيَمْلِكُ وَإِنْ عَنَى الِاسْتِقْبَالَ صَدَقَ فِي التَّغْلِيظِ فَتَطْلُقُ مَنْ

كَانَتْ فِي مِلْكِهِ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَمَنْ سَيَمْلِكُ بِإِقْرَارِهِ كَذَا فِي الْكَافِي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِي بَابِ الْيَمِينِ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا تَشْرَبُ السَّوِيقَ فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ فَهِيَ طَالِقٌ فَهَذَا عَلَى أَنْ تَشْرَبَ السَّوِيقَ وَتَلْبَسَ الْمُعَصْفَرَ بَعْدَ التَّزَوُّجِ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي آخِرِ مُتَفَرِّقَاتِ بَابِ التَّعْلِيقِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مَا دَامَتْ حَيَّةً فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ بِعَيْنِهَا لَا يَحْنَثُ وَهَذَا عَلَى غَيْرِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَكَذَا لَوْ قَالَ هَذَا لِامْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ فِي الْفَصْلِ الْعِشْرِينَ فِيمَا يَبْطُلُ مِنْ الْعُقُودِ بِالشَّرْطِ وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا بِاسْمِك فَهِيَ طَالِقٌ فَطَلَّقَ هَذِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَ نَوَاهَا عِنْدَ الْيَمِينِ كَمَا لَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا غَيْرَك فَهِيَ طَالِقٌ لَا تَدْخُلُ هِيَ فِي الْيَمِينِ وَإِنْ نَوَاهَا رَجُلٌ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إذَا دَخَلَتْ هَذِهِ الدَّارَ ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ طُلِّقْنَ جَمِيعًا رَجُلٌ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَيَنْوِي بِذَلِكَ مَنْ كَانَتْ فِي نِكَاحِهِ وَمَنْ يَسْتَفِيدُهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَقَعُ عَلَى مَنْ يَسْتَفِيدُهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إنْ فَعَلْتُ كَذَا وَلَيْسَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَنَوَى امْرَأَةً يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ صَحَّتْ كَمَا إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ تَكُونُ لِي وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ مَحْمُودٌ وَقَالَ نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تَصِحُّ وَقَالَ السَّيِّدُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ نَأْخُذُ كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَالَ لِوَالِدَيْهِ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مَا دُمْتُمَا حَيَّيْنِ فَهِيَ طَالِقٌ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا بَطَلَتْ الْيَمِينُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ (500) وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ تَدْخُلُ فِي نِكَاحِي فَهِيَ طَالِقٌ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ تَصِيرُ حَلَالًا لِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي الْيَمِينِ بِالنِّكَاحِ. رَجُلٌ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا وَقْتَ الْيَمِينِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي صِحَّةِ الْيَمِينِ فَلَا يَحْنَثُ بِالشَّكِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مَا لَمْ أَتَزَوَّجْ فَاطِمَةَ فَهِيَ طَالِقٌ فَمَاتَتْ فَاطِمَةُ أَوْ غَابَتْ فَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا طَلَقَتْ فِي الْغَيْبَةِ وَلَا تَطْلُقُ فِي الْمَوْتِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَقَدْ بِعْتُ طَلَاقَهَا مِنْكِ بِدِرْهَمٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقَالَتْ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ حِينَ عَلِمَتْ نِكَاحَ غَيْرِهَا: قَبِلْتُ أَوْ قَالَتْ: طَلَّقْتُهَا أَوْ قَالَتْ: اشْتَرَيْتُ طَلَاقَهَا طَلَقَتْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا وَإِنْ قَالَتْ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْرَى: قَبِلْتُ لَا يَصِحُّ قَبُولُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ قَبُولٌ قَبْلَ الْإِيجَابِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ نِكَاحًا فَاسِدًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا صَحِيحًا طَلَقَتْ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. فِي الْمُلْتَقَطِ وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْكِ فَهِيَ طَالِقٌ يَعْنِي عَلَى رَقَبَتِكِ (500) لَا يَحْنَثُ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ وَأَجَازَ بِالْفِعْلِ (500) بِأَنْ سَاقَ الْمَهْرَ وَنَحْوَهُ لَا تَطْلُقُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَ بِهِ لِانْتِقَالِ الْعِبَارَةِ إلَيْهِ فِي الْمُنْتَقَى إنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ وَإِنْ أَمَرْتُ مَنْ يُزَوِّجُنِيهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَأَمَرَ إنْسَانًا فَزَوَّجَهَا مِنْهُ طَلَقَتْ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ أَحَدًا لَا تَطْلُقُ وَإِنْ أَمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ رَجُلًا فَقَالَ: زَوِّجْنِي فُلَانَةَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ عَلَى حَالِهَا طَلَقَتْ وَلَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُ

الفصل الثالث في تعليق الطلاق بكلمة إن وإذا وغيرهما

فُلَانَةَ أَوْ أَمَرْتُ إنْسَانًا أَنْ يُزَوِّجَنِيهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَزَوَّجَهُ تِلْكَ الْمَرْأَةَ لَمْ تَطْلُقْ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ أَوْ خَطَبْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَخَطَبَهَا فَتَزَوَّجَهَا لَا تَطْلُقُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ قَبْلَ الْأَمْرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَقَبْلَ الْخِطْبَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَعَ بِأَنْ قَالَ ابْتِدَاءً بِحَضْرَةِ رَجُلَيْنِ: تَزَوَّجْتُكَ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ طَلَقَتْ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِكَلِمَةِ إنْ وَإِذَا وَغَيْرِهِمَا] إذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى النِّكَاحِ وَقَعَ عَقِيبَ النِّكَاحِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَةٍ: إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَكَذَا إذَا قَالَ: إذَا أَوْ مَتَى وَسَوَاءٌ خَصَّ مِصْرًا أَوْ قَبِيلَةً أَوْ وَقْتًا أَوْ لَمْ يَخُصَّ وَإِذَا أَضَافَهُ إلَى الشَّرْطِ وَقَعَ عَقِيبَ الشَّرْطِ اتِّفَاقًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَا تَصِحُّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ مَالِكًا أَوْ يُضِيفَهُ إلَى مِلْكٍ وَالْإِضَافَةُ إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ كَالتَّزَوُّجِ كَالْإِضَافَةِ إلَى الْمِلْكِ فَإِنْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ نَكَحَهَا فَدَخَلَتْ الدَّارَ لَمْ تَطْلُقْ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَجْتَمِعُ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً لَا تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ: نِصْفُ الْمَرْأَةِ الَّتِي تُزَوِّجُنِيهَا طَالِقٌ فَزَوَّجَهُ امْرَأَةً بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا تَطْلُقُ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا طَالِقٌ وَلَمْ تَطْلُقْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. التَّعْلِيقُ بِصَرِيحِ الشَّرْطِ وَهُوَ أَنْ يُذْكَرَ حَرْفُ الشَّرْطِ يُؤَثِّرُ فِي الْمَرْأَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ وَالتَّعْلِيقُ بِمَعْنَى الشَّرْطِ يُعْمَلُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا لَوْ قَالَ: الْمَرْأَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَلَا يُعْمَلُ فِي الْمُعَيَّنَةِ بِأَنْ قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. ثُمَّ الشَّرْطُ إنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْجَزَاءِ فَالتَّعْلِيقُ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ حَرْفُ الْفَاءِ إذَا لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ الْجَزَاءِ وَبَيْنَ الشَّرْطِ سُكُوتٌ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ يَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ حَرْفُ الْفَاءِ لِمَا لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا سُكُوتٌ وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مُقَدَّمًا عَلَى الْجَزَاءِ فَإِنْ كَانَ الْجَزَاءُ اسْمًا فَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ إذَا ذُكِرَ الْجَزَاءُ بِحَرْفِ الْفَاءِ حَتَّى إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ: دَخَلْتُ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ يَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِلْحَالِ إلَّا إذَا قَالَ عَنَيْتُ بِهِ التَّعْلِيقَ فَحِينَئِذٍ يَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَلَا يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ. وَإِذَا كَانَ الْجَزَاءُ فِعْلًا إمَّا فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ أَوْ فِعْلٌ مَاضٍ فَالْجَزَاءُ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ بِدُونِ حَرْفِ الْفَاءِ وَيُبْتَنَى عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَا إذَا قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ وَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ لِلْحَالِ وَإِنْ قَالَ: عَنَيْتُ التَّعْلِيقَ لَا يَدِينُ أَصْلًا هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: يُسْأَلُ الزَّوْجُ كَيْفَ نَوَيْتَ إنْ قَالَ: بِإِضْمَارِ حَرْفِ الْفَاءِ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ أَصْلًا وَإِنْ كَانَ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ تَصِحُّ نِيَّتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا: فَإِنْ دَخَلْتُ الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلُقُ لِلْحَالِ. وَإِنْ عَنَى التَّعْلِيقَ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ لِلْحَالِ وَإِنْ عَنَى التَّعْلِيقَ لَا يَدِينُ أَصْلًا لَا فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا إذَا نَوَى بِهِ بَيَانَ الْحَالِ مَعْنَاهُ أَنْتِ طَالِقٌ فِي حَالِ دُخُولِكِ الدَّارَ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: يَجِبُ أَنْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ لِأَنَّ الْوَاوَ فِي مِثْلِ هَذَا يُذْكَرُ لِلْحَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا تُطْلَقُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لَوْلَا أَوْ قَالَ: وَإِلَّا وَقَالَ: إنْ كَانَ أَوْ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَا تَطْلُقُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ دَخَلْتِ تُنَجَّزُ لِعَدَمِ التَّعْلِيقِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ دَخَلْتِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَهُوَ

قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَبِقَوْلِهِ اُدْخُلِي الدَّارَ وَأَنْتِ طَالِقٌ يَتَعَلَّقُ بِالدُّخُولِ لِأَنَّ الْحَالَ شَرْطٌ مِثْلُ أَدِّي إلَيَّ أَلْفًا وَأَنْتِ طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تُؤَدِّيَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَوْ نَوَى التَّعْلِيقَ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ أَصْلًا وَأَمَّا إذَا نَوَى الْمُقَارَنَةَ بِأَنْ نَوَى وُقُوعَ الطَّلَاقِ مُقَارِنًا لِدُخُولِ الدَّارِ فَعَامَّةُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَتْ السَّمَاءُ فَوْقَنَا أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا كَانَ هَذَا نَهَارًا أَوْ كَانَ هَذَا لَيْلًا وَهُمَا فِي اللَّيْلِ أَوْ فِي النَّهَارِ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِلْحَالِ لِأَنَّ هَذَا تَحْقِيقٌ وَلَيْسَ تَعْلِيقًا بِشَرْطٍ لِأَنَّ الشَّرْطَ مَا يَكُونُ مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ وَهَذَا مَوْجُودٌ وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ فَأَنْت طَالِقٌ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْهُ تَحْقِيقَ النَّفْيِ حَيْثُ عَلَّقَهُ بِأَمْرٍ مُحَالٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ تَرُدِّي عَلَيَّ الدِّينَارَ الَّذِي أَخَذْتِهِ مِنْ كِيسِي فَأَنْت طَالِقٌ فَإِذَا الدِّينَارُ فِي كِيسِهِ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سَكْرَانُ طَرَقَ الْبَابَ فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فَقَالَ: إنْ لَمْ تَفْتَحِي الْبَابَ اللَّيْلَةَ فَأَنْت طَالِقٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ فَمَضَتْ اللَّيْلَةُ وَلَمْ يُفْتَحْ لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْقُنْيَةِ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ: إنْ حِضْت أَوْ قَالَ لَهَا وَهِيَ مَرِيضَةٌ: إنْ مَرِضْتِ فَأَنْت طَالِقٌ فَهَذَا عَلَى الْحَيْضِ وَالْمَرَضِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ نَوَى مَا يَحْدُثُ مِنْ هَذَا الْحَيْضِ أَوَهَذَا الْمَرَضِ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ حِضْتِ غَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حَائِضٌ فَهَذَا عَلَى هَذِهِ الْحَيْضَةِ فَإِذَا دَامَ حَتَّى أَسْفَرَ الْفَجْرُ مِنْ الْغَدِ طَلَقَتْ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ السَّاعَةُ تَمَامَ الثَّلَاثِ أَوْ زَائِدًا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ بِحَيْضِهَا فَهَذَا عَلَى حُدُوثِ الْحَيْضَةِ فِي الْغَدِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا: إنْ حُمِمْتِ وَهِيَ مَحْمُومَةٌ أَوْ قَالَ: إنْ صُدِّعْتِ وَهِيَ مَصْدُوعَةٌ فَهَذَا عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا فِي الْحَيْضِ وَالْمَرَضِ وَلَوْ قَالَ لَهَا وَهِيَ صَحِيحَةٌ: إنْ صَحَحْتِ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ حِينَ سَكَتَ يَعْنِي فِي الْحَالِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ بَصُرْتِ إنْ سَمِعْتِ فَأَنْت طَالِقٌ وَهِيَ بَصِيرَةٌ وَسَمِيعَةٌ وَقَعَ لِلْحَالِ قَالَ: وَأَمَّا الْقِيَامُ وَالْقُعُودُ وَالرُّكُوبُ وَالسُّكْنَى فَهُوَ عَلَى أَنْ يَمْكُثَ سَاعَةً بَعْدَ الْيَمِينِ وَأَمَّا الدُّخُولُ فَلَا يَكُونُ إلَّا عَلَى دُخُولٍ مُسْتَقْبَلٍ وَكَذَلِكَ الْخُرُوجُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى خُرُوجٍ مُسْتَقْبَلٍ وَكَذَلِكَ الْحَبَلُ إذَا قَالَ لِلْحُبْلَى: إنْ حَبِلْتِ فَهَذَا عَلَى حَبَلٍ مُسْتَقْبَلٍ وَكَذَلِكَ الضَّرْبُ وَالْأَكْلُ عَلَى الْحَادِثِ بَعْدَ الْيَمِينِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ تَحِيضِي أَوْ مَا لَمْ تَحْبَلِي وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ حُبْلَى فِي حَالِ الْحَلِفِ فَهِيَ طَالِقٌ حِينَ سَكَتَ فَإِنْ كَانَ يَعْنِي مَا هِيَ فِيهِ مِنْ الْحَيْضِ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - فَأَمَّا فِي الْحَبَلِ فَلَا يُصَدَّقُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا صُمْتِ يَوْمًا طَلَقَتْ حِينَ تَغِيبُ الشَّمْسُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تَصُومُ فِيهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا قَالَ: إذَا صُمْتِ فَصَامَتْ سَاعَةً مَقْرُونَةً بِالنِّيَّةِ طَلَقَتْ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. إذَا قَالَ: إذَا حِضْتِ فَأَنْت طَالِقٌ فَرَأَتْ الدَّمَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ حَتَّى يَسْتَمِرَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّ مَا يَنْقَطِعُ دُونَهَا لَا يَكُونُ حَيْضًا فَإِذَا تَمَّتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَكَمْنَا بِالطَّلَاقِ مِنْ حِينِ حَاضَتْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ قَالَ: إذَا حِضْتِ حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَنْقَطِعَ الْحَيْضُ وَتَدْخُلَ فِي الطُّهْرِ وَذَلِكَ بِالِانْقِطَاعِ عَلَى الْعَشَرَةِ أَوْ بِمُضِيِّ الْعَشَرَةِ مَعَ اسْتِمْرَارِهِ أَوْ بِالِانْقِطَاعِ وَالِاغْتِسَالِ أَوْ بِالِانْقِطَاعِ وَبِمَا يَقُومُ مَقَامَ الِاغْتِسَالِ إذَا كَانَ دُونَ الْعَشَرَةِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَلَوْ قَالَتْ بَعْدَ عَشَرَةٍ: حِضْتُ وَطَهُرْتُ وَكَذَّبَهَا تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَتْ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ: إنِّي حِضْتُ وَطَهُرْتُ ثُمَّ حِضْتُ حَيْضَةً أُخْرَى وَأَنَا الْآنَ حَائِضٌ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهَا وَلَكِنْ إذَا طَهُرَتْ يَقَعُ لِأَنَّهَا أَخَّرَتْ الْإِخْبَارَ عَنْ أَوَانِهِ فَصَارَتْ مُتَّهَمَةً كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا قَالَ لَهَا: إنْ حِضْتِ نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ تَحِضْ وَتَطْهُرْ وَكَذَا إذَا قَالَ: إذَا حِضْتِ سُدُسَ

حَيْضَةٍ أَوْ ثُلُثَ حَيْضَةٍ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إذَا حِضْتِ نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا حِضْتِ نِصْفَهَا الْآخَرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَا لَمْ تَحِضْ وَتَطْهُرْ فَإِذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ تَقَعُ طَلْقَتَانِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ: إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِذَا حِضْتِ حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ تَطْلِيقَتَيْنِ مَعًا إذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَلَوْ قَالَ: إنْ حِضْتِ نِصْفَ يَوْمٍ يَقَعُ بِنِصْفِهِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: إذَا حِضْتِ حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ الْأُولَى فِي غَيْرِ مِلْكٍ وَالثَّانِيَةَ فِي مِلْكٍ طَلَقَتْ وَكَذَلِكَ إنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ بِسَاعَةٍ أَوْ بَعْدَ مَا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ وَأَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَإِذَا اغْتَسَلَتْ أَوْ مَضَى عَلَيْهَا وَقْتُ طَلَاقٍ طَلَقَتْ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا حِضْتِ حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ وَإِذَا حِضْتِ حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ وَقَعَ عَلَيْهَا تَطْلِيقَتَانِ وَكَانَتْ الْحَيْضَةُ الْأُولَى كَمَالَ الشَّرْطِ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى وَبَعْضَ الشَّرْطِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ قَالَ: إذَا حِضْتِ حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ إذَا حِضْتِ حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ حَيْضَةً وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ بِالْيَمِينِ الْأُولَى وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ مَا لَمْ تَحِضْ بَعْدَ ذَلِكَ حَيْضَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ عَمَلًا بِكَلِمَةِ ثُمَّ فَإِنْ قَالَ: عَنَيْتُ بِهِ الْأُولَى صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً فِي الْبَقَّالِيِّ إذَا قَالَ لَهَا: إذَا حِضْتِ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: كُلَّمَا حِضْتِ حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَعَ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ طَلَاقٌ وَبِانْقِضَائِهَا وَحَيْضَةٌ أُخْرَى بَعْدَهَا يَقَعُ تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ (500) . وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ فَالْقَوْلُ لَهُ إلَّا إذَا بَرْهَنَتْ وَمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا فَالْقَوْلُ لَهَا فِي حَقِّهَا كَأَنْ حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ أَوْ إنْ كُنْتِ تُحِبِّينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ فَقَالَتْ: حِضْتُ أَوْ أُحِبُّكِ طَلَقَتْ هِيَ فَقَطْ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إذَا أَخْبَرَتْ وَالْحَيْضُ قَائِمٌ فَإِذَا انْقَطَعَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ حِضْتِ حَيْضَةً يُقْبَلُ فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَةَ لِأَنَّهُ الشَّرْطُ فَلَا يُقْبَلُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ هَذَا إذَا كَذَّبَهَا الزَّوْجُ وَأَمَّا إذَا صَدَّقَهَا فَتَطْلُقُ ضَرَّتُهَا أَيْضًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَذَا أَيْضًا إذَا لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَ الْحَيْضِ مِنْهَا أَمَّا إذَا عَلِمَ طَلَقَتْ فُلَانَةُ أَيْضًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. لَوْ قَالَ: إنْ حِضْتِ فَعَبْدِي حُرٌّ وَضَرَّتُكِ طَالِقٌ فَقَالَتْ: حِضْتُ وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ فَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ وَتَمَادَى الدَّمُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَتَقَ وَطَلَقَتْ مِنْ حِينِ رَأَتْ وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ عَنْ وَطْءِ الْمَرْأَةِ وَاسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ فِي الثَّلَاثَةِ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَتْ الضَّرَّةُ بِزَوْجٍ آخَرَ وَهِيَ غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ وَتَمَادَى الدَّمُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ جَازَ نِكَاحُهَا وَقَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ الْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي انْقِطَاعِ الدَّمِ وَبَقَائِهِ حَتَّى لَوْ قَالَتْ فِي الثَّلَاثَةِ: انْقَطَعَ دَمِي وَصَدَّقَهَا لَمْ يُعْتَقْ وَلَمْ تَطْلُقْ ضَرَّتُهَا وَظَهَرَ بُطْلَانُ نِكَاحِ الضَّرَّةِ وَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ مُضِيِّ الثَّلَاثِ: انْقَطَعَ دَمِي فِي الثَّلَاثِ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ وَكَذَّبَهَا الْعَبْدُ وَالضَّرَّةُ فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ وَالضَّرَّةِ وَصَحَّ نِكَاحُ الضَّرَّةِ فَإِنْ قَالَتْ: حِضْتُ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ قَالَتْ: كَانَ الطُّهْرُ قَبْلَ الدَّمِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لَمْ تُصَدَّقْ وَلَوْ قَالَتْ: رَأَيْتُ الدَّمَ ثُمَّ قَالَتْ: الطُّهْرُ قَبْلَ الدَّمِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ صُدِّقَتْ وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: كَانَ طُهْرُكِ قَبْلَ الدَّمِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَقَالَتْ: لَا بَلْ كَانَ عِشْرِينَ يَوْمًا فَالْقَوْلُ لَهَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إذَا حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَقَالَتَا جَمِيعًا قَدْ حِضْنَا إنْ صَدَّقَهُمَا طَلُقَتَا جَمِيعًا وَإِنْ كَذَّبَهُمَا لَمْ تَطْلُقَا وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً وَكَذَّبَ الْأُخْرَى طَلَقَتْ الْمُكَذَّبَةُ وَلَمْ تَطْلُقْ الْمُصَدَّقَةُ لِوُجُودِ كَمَالِ الشَّرْطِ فِي الْمُكَذَّبَةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُخْبِرَةٌ عَنْ نَفْسِهَا شَاهِدَةٌ عَلَى صَاحِبَتِهَا وَهِيَ مُصَدِّقَةٌ عَلَى نَفْسِهَا مُكَذِّبَةٌ فِي حَقِّ غَيْرِهَا فَإِذَا صَدَّقَ إحْدَاهُمَا وُجِدَ الشَّرْطُ فِي حَقِّ الْمُكَذَّبَةِ وَهُوَ إخْبَارُهَا عَنْ نَفْسِهَا وَتَصْدِيقُهُ لِصَاحِبَتِهَا وَأَمَّا الْمُصَدَّقَةُ فَقَدْ وُجِدَ فِيهَا أَحَدُ الشَّرْطَيْنِ وَلَوْ قَالَ

لَهُمَا: إذَا حِضْتُمَا حَيْضَةً فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ أَوْ إذَا وَلَدْتُمَا وَلَدًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ كَانَ ذَلِكَ عَلَى حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ تَكُونُ مِنْ إحْدَاهُمَا أَوْ عَلَى وَلَدٍ يَكُونُ مِنْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ إذَا قَالَتْ إحْدَاهُمَا: حِضْتُ إنْ صَدَّقَهَا طَلُقَتَا جَمِيعًا وَإِنْ كَذَّبَهَا طَلَقَتْ هِيَ وَحْدَهَا دُونَ صَاحِبَتِهَا وَإِنْ قَالَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا: حِضْتُ طَلُقَتَا جَمِيعًا سَوَاءٌ صَدَّقَهُمَا أَوْ كَذَّبَهُمَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ كُنَّ ثَلَاثًا فَقَالَ: إنْ حِضْتُنَّ فَأَنْتُن طَوَالِقُ فَقُلْنَ حِضْنَا لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُنَّ وَكَذَا إنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَإِنْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ وَكَذَّبَ وَاحِدَةً طَلَقَتْ الْمُكَذَّبَةُ وَلَوْ كُنَّ أَرْبَعًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَمْ يُطَلَّقْنَ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُنَّ وَكَذَا إنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا وَكَذَّبَ وَاحِدَةً طَلَقَتْ الْمُكَذَّبَةُ وَحْدَهَا دُونَ الْمُصَدَّقَاتِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. قَالَ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ: إذَا حِضْتُنَّ حَيْضَةً فَأَنْتُنَ طَوَالِقُ فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ: حِضْتُ حَيْضَةً وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ طُلِّقْنَ وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا حِضْتُنَّ حَيْضَةً فَأَنْتُنَ طَوَالِقُ فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ: حِضْتُ حَيْضَةً وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ طُلِّقْنَ وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا حِضْتُنَّ حَيْضَةً فَأَنْتُنَ طَوَالِقُ فَقَالَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ: حِضْتُ حَيْضَةً فَإِنْ كَذَّبَهُنَّ طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ تَطْلِيقَةً وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً دُونَ الثَّلَاثِ طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ ثِنْتَيْنِ وَالْمُصَدَّقَةُ وَاحِدَةً وَإِنْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلَقَتْ كُلُّ مُصَدَّقَةٍ ثِنْتَيْنِ وَكُلُّ مُكَذَّبَةٍ ثَلَاثًا وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا لِثُبُوتِ ثَلَاثِ حِيَضٍ فِي حَقِّ الْمُصَدَّقَاتِ وَأَرْبَعِ حِيَضٍ فِي حَقِّ الْمُكَذَّبَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْمَدْخُولَةِ: كُلَّمَا حِضْتِ حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ ثُمَّ إذَا حَاضَتْ أُخْرَيَيْنِ تَقَعُ أُخْرَى فَإِنْ حَاضَتْ أُخْرَيَيْنِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِأَنَّ الْعِدَّةَ انْقَضَتْ بِالْحَيْضَةِ الْأُولَى مِنْ الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَلَوْ قَالَ: إذَا حِضْتِ حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: كُلَّمَا حِضْتِ فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ طَلَقَتْ وَاحِدَةً وَإِذَا طَهُرَتْ تَقَعُ أُخْرَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِي بَابِ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْحَيْضِ وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُجَامِعْكِ فِي حَيْضَتِك حَتَّى تَطْهُرِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا بَعْدَ مَا طَهُرَتْ: كُنْتُ قَدْ جَامَعْتُكِ فِي الْحَيْضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ: فَإِذَا حِضْتِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ: حِضْتُ ثُمَّ وَلَدَتْ فَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَبْلَ تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا قَبْلَ تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِنْ كَانَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ بَعْدِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَانَتْ وَلَزِمَهُ الْوَلَدُ وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا فَقَالَ: إنْ طَهُرْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ: طَهُرْتُ وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ تُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهَا دُونَ ضَرَّتِهَا فَإِنْ صَدَّقَهَا وَطَلَقَتْ الضَّرَّةُ ثُمَّ ادَّعَتْ مُعَاوَدَةَ الدَّمِ فِي الْعَشَرَةِ لَا تُصَدَّقُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ طَلَّقْتُكِ لِلسَّنَةِ فَفُلَانَةُ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسَّنَةِ فَحَاضَتْ وَطَهُرَتْ فَقَالَ الزَّوْجُ: جَامَعْتُكِ فِي الْحَيْضِ أَوْ طَلَّقْتُكِ لَا يَقَعُ عَلَى الضَّرَّةِ وَيَقَعُ عَلَيْهَا وَكَذَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا تَقَعُ أُخْرَى وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا أَيْضًا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. إذَا قَالَ لَهَا: إنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَكِ اللَّهُ بِنَارِ جَهَنَّمَ فَأَنْت طَالِقٌ وَفُلَانَةُ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ وَعَبْدِي حُرٌّ فَقَالَتْ: أُحِبُّ طَلَقَتْ وَلَمْ تَطْلُقْ فُلَانَةُ وَلَمْ يُعْتَقْ الْعَبْدُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: إنْ كُنْتِ تُحِبِّينِي أَوْ تَبْغَضِينِي وَإِنْ قَالَ لَهَا: إنْ كُنْتِ تُحِبِّينِي بِقَلْبِكِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ: أُحِبُّكِ وَهِيَ كَاذِبَةٌ طَلَقَتْ قَضَاءً وَدِيَانَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْتُ أَنَا أُحِبُّ كَذَا ثُمَّ قَالَ: لَسْتُ أُحِبُّ وَهُوَ كَاذِبٌ فِيهِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَيَسَعُهُ أَنْ يَطَأَهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَحَبَّةِ كَالتَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ لَا يَفْتَرِقَانِ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَحَبَّةِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ تَخْيِيرًا حَتَّى لَوْ قَامَتْ وَقَالَتْ: أُحِبُّكَ لَا تَطْلُقُ وَالتَّعْلِيقُ بِالْحَيْضِ لَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ، وَثَانِيهِمَا أَنَّهَا إذَا كَانَتْ كَاذِبَةً فِي

الْإِخْبَارِ تَطْلُقُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَحَبَّةِ وَفِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ لَا تَطْلُقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ لَهُمَا: إذَا وَلَدْتُمَا أَوْ قَالَ لَهُمَا: وَلَدْتُمَا وَلَدَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا وَلَدًا لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا مَا لَمْ تَلِدْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدًا وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: إنْ حِضْتُمَا حَيْضَتَيْنِ وَإِذَا قَالَ لَهُمَا: إذَا وَلَدْتُمَا وَلَدَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا وَلَدَيْنِ أَوْ قَالَ: إذَا حِضْتُمَا حَيْضَتَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَحَاضَتْ إحْدَاهُمَا حَيْضَتَيْنِ لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَلَوْ حَاضَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَيْضَةً أَوْ وَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدًا طَلُقَتَا وَلَا تُشْتَرَطُ وِلَادَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا وَلَدْتِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ: وَلَدْتُ وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ وَلَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ أَقَرَّ بِالْحَبَلِ وَلَا كَانَ ظَاهِرًا وَشَهِدَتْ الْقَابِلَةُ عَلَى الْوِلَادَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْضَى بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ فِي بَابِ مَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ وَمَا لَا يَثْبُتُ. إنْ قَالَ: إذَا وَلَدْتِ فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا طَلَقَتْ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي: إذَا قَالَ لَهَا: إذَا وَلَدْتِ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَسْقَطَتْ سِقْطًا قَدْ اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ طَلَقَتْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ خَلْقُهُ لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ وَلَدْتِ وَلَدَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ أَحَدَهُمَا فِي مِلْكِهِ وَالثَّانِي فِي غَيْرِ مِلْكِهِ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ لَمْ تَطْلُقْ وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوَّلَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَالثَّانِي فِي مِلْكِهِ تَطْلُقُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ: إنْ وَلَدْتِ غُلَامًا فَأَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ وَلَدْتِ جَارِيَةً فَأَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً وَلَمْ يَدْرِ الْأَوَّلَ تَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ قَضَاءً وَفِي الِاحْتِيَاطِ ثِنْتَانِ تَنَزُّهًا وَقَدْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً غَيْرَهَا أَوْ كَانَتْ أَمَةً لَا يَرُدُّهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْجَارِيَةِ وِلَادَةً وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمَا أَيَّهمَا أَوَّلُ وَإِنْ عَلِمَا الْأَوَّلَ مِنْهُمَا فَلَا إشْكَالَ فِيهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَوَقَعَتْ الْأُخْرَى حَتَّى تَبَيَّنَ حَالُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الزَّاخِرِ وَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَتَيْنِ وَلَا يَدْرِي الْأَوَّلَ مِنْهُمْ تَقَعُ ثِنْتَانِ فِي الْقَضَاءِ وَفِي التَّنَزُّهِ ثَلَاثٌ وَلَوْ وَلَدَتْ غُلَامَيْنِ وَجَارِيَةً لَزِمَتْهُ وَاحِدَةٌ فِي الْقَضَاءِ وَفِي التَّنَزُّهِ ثَلَاثٌ وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ حَمْلُكِ غُلَامًا فَأَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ جَارِيَةً فَثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْحَمْلَ اسْمٌ لِلْكُلِّ فَمَا لَمْ يَكُنْ الْكُلُّ جَارِيَةً أَوْ غُلَامًا لَمْ تَطْلُقْ وَكَذَا إنْ قَالَ: إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِكِ غُلَامًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لِأَنَّ كَلِمَةَ مَا عَامَّةٌ وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ فِي بَطْنِكِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَقَعَ ثَلَاثٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا وَلَدْتِ وَلَدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ طَلَقَتْ بِالْأَوَّلِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي وَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ آخَرُ وَلَوْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ وَقَعَ ثِنْتَانِ وَلَوْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةً بَيْنَ كُلِّ وَلَدَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَقَعَ ثَلَاثٌ وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: كُلَّمَا وَلَدْتُمَا وَلَدًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ الْأُخْرَى ثُمَّ الْأُولَى آخَرَ ثُمَّ الْأُخْرَى آخَرَ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ حَتَّى وَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَلَدَيْنِ طَلَقَتْ الْأُولَى ثِنْتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَلَدِهَا الثَّانِي وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَلَدِهَا الثَّانِي وَلَوْ كَانَ بَيْنَ وَلَدَيْ كُلِّ وَاحِدَةٍ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ إلَى سَنَتَيْنِ طَلَقَتْ الْأُولَى ثِنْتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْوَلَدِ الثَّانِي وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدَيْنِ وَطَلَقَتْ الْأُخْرَى وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الثَّانِي وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْحَامِلِ: إذَا وَلَدْتِ فَأَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: إنْ كَانَ الْوَلَدُ الَّذِي تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ غُلَامًا طَلَقَتْ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ الْوَلَدُ الَّذِي فِي بَطْنِكِ غُلَامًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا طَلَقَتْ وَاحِدَةً لِأَنَّ شَرْطَ الْيَمِينِ كَوْنُهُ فِي بَطْنِهَا

وَبِالْوِلَادَةِ تَبَيَّنَ كَوْنُ الْغُلَامِ فِي بَطْنِهَا فَتَبَيَّنَ أَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَقَدْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَلَا يَقَعُ بِالْوِلَادَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ: كُلَّمَا وَلَدْتِ وَلَدًا فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَ لَهَا: إذَا وَلَدْتِ غُلَامًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَتَانِ بِالْيَمِينِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِحَبَلِهَا لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَلِدَ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا لِتَصَوُّرِ حُدُوثِهِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ وَقْتِ الْيَمِينِ لَا تَطْلُقُ فِي الْحُكْمِ وَإِنْ جَاءَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ بِيَوْمٍ طَلَقَتْ وَإِنْ حَاضَتْ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يَقْرَبُهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا تَكُونَ حَامِلًا وَكَذَا إذَا لَمْ تَحِضْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَبَهَا حَتَّى تَضَعَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: إنْ خَطَبْتُكِ أَوْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَطَبَهَا أَوَّلًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا تَطْلُقُ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْخِطْبَةِ بِأَنَّ زَوَّجَهَا مِنْهُ فُضُولِيٌّ فَبَلَّغَهَا فَأَجَازَتْ طَلَقَتْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ. رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَا يَمْلِكُهُمَا: إنْ خَطَبْتُكُمَا أَوْ تَزَوَّجْتُكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَخَطَبَهُمَا ثُمَّ تَزَوَّجَهُمَا لَمْ تَطْلُقَا وَلَوْ تَزَوَّجَهُمَا مِنْ غَيْرِ خِطْبَةٍ فِي عُقْدَةٍ أَوْ عُقْدَتَيْنِ طَلُقَتَا وَلَوْ خَطَبَ وَاحِدَةً وَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ خَطَبَ الْأُخْرَى وَتَزَوَّجَهَا لَمْ تَطْلُقَا وَلَوْ خَطَبَ وَاحِدَةً ثُمَّ تَزَوَّجَهُمَا طَلُقَتَا وَلَوْ تَزَوَّجَ وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهُمَا طَلُقَتَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ عَقَدَ يَمِينَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ بِأَنْ قَالَ: اُكْرُ فُلَانَةَ رابخواهم أَوْ قَالَ هرزني راكه بِخَوَاهُمْ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ هَذَا اللَّفْظُ مِنْهُمْ تَفْسِيرًا لِلْخِطْبَةِ لَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُرِيدُونَ بِهَذَا اللَّفْظِ التَّزَوُّجَ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ إذَا كَانَ مُرَادُهُ هَذَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا تَزَوَّجَهَا وَفِي عُرْفِ دِيَارِنَا قَوْلُهُمْ بِخَوَاهُمْ تَفْسِيرُ قَوْلِهِمْ: نَكَحْت أَوْ تَزَوَّجْت فَتَنْعَقِدُ الْيَمِينُ وَلَا يَحْنَثُ بِالْخِطْبَةِ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ عَارِفًا بِحَقِيقَةِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ أَنَّهَا لِلْخِطْبَةِ فَقَالَ: عَنَيْت بِهَا الْخِطْبَةَ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: اكر فُلَانَة راخوا هندكى كنم فَعَلَى الْخِطْبَةِ وَلَوْ قَالَ: اكرزن كنم هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ: تَزَوَّجْت امْرَأَةً وَلَوْ قَالَ: اكْرِزْنَ آرُمّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ عَلَى الزِّفَافِ وَلَوْ قَالَ: اكردختر فُلَان مُرَاد هندويرا طَلَاق فَتَزَوَّجَهَا لَا تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ: اكروير اُبْزُنِي دهند بِمِنْ أَوْ قَالَ: داده شود وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا الْمُخْتَارُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ أَيْضًا وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ اُكْرُ فُلَان كاركنم هرزني كه بِخَوَاهُمْ خواستن ازْمَنْ بِطَلَاقٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ ثُمَّ تَزَوَّجَ لَا تَطْلُقُ. وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى لَوْ قَالَ لِمَنْكُوحَتِهِ إنْ: تَزَوَّجْتُك أَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: اُكْرُ ترابزني كَنَمِّ فَأَنْت طَالِقٌ فَهَذَا يَنْصَرِفُ إلَى الْعَقْدِ وَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الْوَطْءِ وَكَذَا لَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: اكرترا نِكَاحُ كَنَمِّ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا لَمْ تَطْلُقْ فَإِذَا فَارَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا طَلَقَتْ أَمَّا إذَا قَالَ لِمَنْكُوحَتِهِ أَوْ لِامْرَأَةٍ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا: إنْ نَكَحْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَطْءِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَهِيَ طَالِقٌ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً فَتَزَوَّجَهَا لَمْ تَطْلُقْ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ زَنَيْتُ بِفُلَانَةَ أَوْ خَاطَبْتُهَا فَقَالَ: إنْ زَنَيْت بِك فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَزَنَى بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ بِالْمَزْنِيَّةِ لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لِوَالِدَيْهِ: إنْ زَوَّجْتُمَانِي امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَزَوَّجَاهُ

امْرَأَةً بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ لِوَالِدَيْهِ: إنْ زَوَّجْتُمَانِي امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ فَزَوَّجَاهُ امْرَأَةً بِأَمْرِهِ قَالُوا: لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْيَمِينُ وَلَا تَطْلُقُ وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَصِحُّ وَتَطْلُقُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ فُلَانٍ فَهِيَ طَالِقٌ وَلَيْسَ لِفُلَانٍ بِنْتٌ ثُمَّ وُلِدَتْ لَهُ بِنْتٌ فَتَزَوَّجَهَا الْحَالِفُ قَالُوا: لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَيُشْتَرَطُ قِيَامُ الْبِنْتِ وَقْتَ الْيَمِينِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْيَمِينِ مَا يَحْدُثُ بَعْدَ الْيَمِينِ رَجُلٌ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً مَا دُمْتُ فِي الْكُوفَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَفَارَقَ الْكُوفَةَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ أَبَدًا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا مَرَّةً فَطَلَقَتْ ثُمَّ إذَا تَزَوَّجَهَا أُخْرَى لَا يَقَعُ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: مَا دُمْتُ فِي نِكَاحِي فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا امْرَأَةً لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُك مَا دُمْت فِي نِكَاحِي فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَقَعُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ لَهُ مُطَلَّقَةٌ فَقَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُهَا فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَتَزَوَّجَهَا تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْكِ مَا عِشْتُ فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْكِ فَالطَّلَاقُ عَلَيَّ وَاجِبٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا يَقَعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا تَطْلِيقَةٌ بِالْيَمِينِ الْأُولَى وَتَقَعُ أُخْرَى عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ يَصْرِفُهَا إلَى أَيَّتِهِمَا شَاءَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً إلَى خَمْسِ سِنِينَ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ تَطْلُقُ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثُمَّ نَكَحَهَا يُوقِعُهُ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَا: لَا يَقَعُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَاَلَّتِي أَتَزَوَّجُ طَالِقٌ فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى فِي عِدَّتِهَا لَا تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ: إنْ تَزَوَّجْت زَيْنَبَ بَعْدَ عُمْرَةَ فَهُمَا طَالِقَانِ فَتَزَوَّجَهُمَا كَذَلِكَ أَوْ قَالَ مَعَ عُمْرَةَ فَتَزَوَّجَهُمَا مَعًا أَوْ قَالَ عَلَى عُمْرَةَ فَتَزَوَّجَ زَيْنَبَ بَعْدَ تَزَوُّجِ عُمْرَةَ وَعُمْرَةُ فِي نِكَاحِهِ طَلُقَتَا فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ وَلَوْ تَزَوَّجَهُمَا عَلَى خِلَافِ مَا ذُكِرَ لَمْ تَطْلُقَا وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت زَيْنَبَ قَبْلَ عُمْرَةَ فَهُمَا طَالِقَانِ فَتَزَوَّجَ زَيْنَبَ طَلَقَتْ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَزَوُّجِ عُمْرَةَ إذَا نَكَحَهَا وَلَوْ قَالَ: قُبَيْلَ عُمْرَةَ فَنَكَحَ زَيْنَبَ لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْ عُمْرَةَ بَعْدَهُ عَلَى الْفَوْرِ لَكِنْ إنْ تَزَوَّجَ عُمْرَةَ بَعْدَهُ عَلَى الْفَوْرِ لَا تَطْلُقُ عُمْرَةُ وَطَلَقَتْ زَيْنَبُ رَجُلٌ تَزَوَّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا: إنْ مَاتَ مَوْلَاكِ فَأَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَمَاتَ الْمَوْلَى وَالزَّوْجُ وَارِثُهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً بَعْدَ امْرَأَةٍ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ طَلَقَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْأُخْرَيَيْنِ وَالْخِيَارُ إلَيْهِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ ثُمَّ امْرَأَةً طَلَقَتْ الْأَخِيرَةُ وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ ثُمَّ امْرَأَةً فَهُمَا طَالِقَانِ فَتَزَوَّجَ ثَلَاثًا طَلَقَتْ ثِنْتَانِ مِنْهُنَّ وَالْبَيَانُ إلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ لَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لِإِحْدَاهُنَّ: إنْ طَلَّقْتُك فَالْأُخْرَيَانِ طَالِقَانِ ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ طَلَّقَ الْأُولَى وَاحِدَةً طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُخْرَيَيْنِ وَاحِدَةً وَلَوْ لَمْ يُطَلِّقْ الْأُولَى لَكِنْ طَلَّقَ الْوُسْطَى تَقَعُ عَلَى الْأُولَى تَطْلِيقَةٌ وَعَلَى الْوُسْطَى وَالْأَخِيرَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَطْلِيقَتَانِ وَلَوْ طَلَّقَ الْأَخِيرَةَ تَقَعُ عَلَى الْأَخِيرَةِ ثَلَاثٌ وَعَلَى الْوُسْطَى ثِنْتَانِ وَعَلَى الْأُولَى وَاحِدَةٌ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ: إنْ لَمْ أَبِتْ عِنْدَك اللَّيْلَةَ فَالثَّلَاثُ طَوَالِقُ ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ لِلثَّالِثَةِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ لِلرَّابِعَةِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ بَاتَ عِنْدَ الْأُولَى وَقَعَ عَلَيْهَا ثَلَاثٌ وَيَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِمَّا لَمْ يَبِتْ عِنْدَهُنَّ تَطْلِيقَتَانِ وَلَوْ بَاتَ مَعَ الثِّنْتَيْنِ وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَطْلِيقَتَانِ وَعَلَى الْأُخْرَيَيْنِ

عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ تَطْلِيقَةٌ وَلَوْ بَاتَ مَعَ الثَّلَاثِ وَقَعَتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَقَعُ عَلَى هَذِهِ الَّتِي لَمْ يَبِتْ عِنْدَهَا شَيْءٌ رَجُلٌ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لَمْ أُجَامِعْهَا مِنْكُنَّ اللَّيْلَةَ فَالْأُخْرَيَانِ طَوَالِقُ فَجَامَعَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَطَلَعَ الْفَجْرُ طَلَقَتْ الْمُجَامَعَةُ ثَلَاثًا وَسَائِرُهُنَّ طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثِنْتَيْنِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ فَدَخَلَ بِهِنَّ فَارْتَدَدْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فَقَالَ: إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ وَإِنْ تَزَوَّجْت امْرَأَتَيْنِ فَهُمَا طَالِقَانِ وَإِنْ تَزَوَّجْت ثَلَاثًا فَهُنَّ طَوَالِقُ فَتَزَوَّجَهُنَّ فِي الْعِدَّةِ بِعُقُودٍ طَلَقَتْ الْأُولَى ثَلَاثًا لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي الْأَيْمَانِ الثَّلَاثِ وَطَلَقَتْ الثَّانِيَةُ ثِنْتَيْنِ لِأَنَّهُ حِينَ تَزَوَّجَهَا كَانَتْ الْيَمِينُ الْأُولَى مُنْحَلَّةً فَبَقِيَتْ دَاخِلَةً فِي الْيَمِينَيْنِ وَطَلَقَتْ الثَّالِثَةُ وَاحِدَةً لِأَنَّهُ حِينَ تَزَوَّجَهَا كَانَتْ الْيَمِينُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ مُنْحَلَّتَيْنِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِذَا قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ هَذِهِ وَأَشَارَ إلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي فِي نِكَاحِهِ فَدَخَلَ الدَّارَ حَتَّى وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى فُلَانَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ طَلَقَتْ وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ: إنْ فَعَلْت كَذَا مَا لَمْ أَتَزَوَّجْ فَاطِمَةَ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَفَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا تَطْلُقُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا كَانَ الشَّرْطُ ذَا وَصْفَيْنِ بِأَنْ قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت دَارَ زَيْدٍ وَدَارَ عَمْرٍو أَوْ قَالَ لَهَا: إنْ كَلَّمْت أَبَا عَمْرٍو وَأَبَا يُوسُفَ فَأَنْت طَالِقٌ يُشْتَرَطُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ أَنْ يَكُونَ آخِرُهُمَا فِي الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَمَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِشَرْطَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ وَجَدَ أَحَدَ الشَّرْطَيْنِ وَهِيَ مُبَانَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَوَجَدَ الشَّرْطَ الْآخَرَ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَطْلُقُ وَتَنْقَسِمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَقْلًا إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: إمَّا أَنْ يُوجَدَ الشَّرْطَانِ فِي الْمِلْكِ فَيَقَعُ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ يُوجَدَا فِي غَيْرِ الْمِلْكِ فَلَا يَقَعُ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ يُوجَدَ الْأَوَّلُ فِي الْمِلْكِ وَالثَّانِي فِي غَيْرِ الْمِلْكِ فَلَا يَقَعُ أَوْ يُوجَدَ الْأَوَّلُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَالثَّانِي فِي الْمِلْكِ وَهِيَ الْخِلَافِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِيمَا تَقَدَّمَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الدَّارَ أَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَهَذِهِ الدَّارَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا عِنْدَ دُخُولِ الدَّارَيْنِ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِحَرْفِ الْفَاءِ بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَهَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَهَذِهِ الدَّارَ أَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَهَذِهِ الدَّارَ فَهَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا عِنْدَ دُخُولِ الدَّارَيْنِ جَمِيعًا كَمَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ هُنَاكَ لَا يُرَاعَى التَّرْتِيبُ فِي دُخُولِ الدَّارَيْنِ وَهَهُنَا يُرَاعَى وَهُوَ أَنْ تَدْخُلَ الدَّارَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ دُخُولِهَا الْأُولَى وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَطْفُ بِكَلِمَةِ ثُمَّ بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ هَذِهِ الدَّارَ فَهَذِهِ وَالْفَاءُ سَوَاءٌ يُرَاعَى التَّرْتِيبُ فِي الدُّخُولِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنَّ هَهُنَا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ دُخُولُ الدَّارِ الثَّانِيَةِ مُتَرَاخِيًا عَنْ دُخُولِ الْأُولَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ: إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الْأُخْرَى فَأَبَانَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَدَخَلَتْ الْأُولَى ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَدَخَلَتْ الْأُخْرَى لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ دُخُولَ الْأُولَى مُعْتَبَرٌ وَلَمْ يُوجَدْ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ حَتَّى تَدْخُلَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ لَهُمَا: إنْ دَخَلْتُمَا هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَدَخَلَتْ إحْدَاهُمَا دَارًا وَدَخَلَتْ الْأُخْرَى الدَّارَ الْأُخْرَى طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا اسْتِحْسَانًا وَكَذَا إذَا قَالَ لَهُمَا: إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ وَهَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَدَخَلَتْ إحْدَاهُمَا دَارًا وَدَخَلَتْ الْأُخْرَى الدَّارَ الْأُخْرَى وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَلَوْ قَالَ لَهُمَا: إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ وَدَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا مَا لَمْ تَدْخُلَا هَذِهِ الدَّارَ وَتَدْخُلَا هَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَإِنْ قَالَ لَهُمَا: إنْ أَكَلْتُمَا هَذَا الرَّغِيفَ فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَا لَمْ تَأْكُلَا جَمِيعًا فَإِنْ أَكَلَتْ إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْأُخْرَى طَلُقَتَا لِأَنَّ الشَّرْطَ أَكْلُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْبَعْضَ مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ أَكَلَتْ إحْدَاهُمَا مِقْدَارًا لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْبَعْضِ بِأَنْ أَكَلَتْ كِسْرَةَ خُبْزٍ لَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ أَوْ كَلَّمْتُمَا فُلَانًا أَوْ لَبِسْتُمَا هَذَا الثَّوْبَ أَوْ رَكِبْتُمَا هَذِهِ الدَّابَّةَ أَوْ أَكَلْتُمَا مِنْ هَذَا الطَّعَامِ أَوْ شَرِبْتُمَا مِنْ هَذَا الشَّرَابِ فَمَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا جَمِيعًا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ وَخَرَجْت مِنْهَا فَأَنْت طَالِقٌ فَحَمَلَهَا إنْسَانٌ وَأَدْخَلَهَا مُكْرَهَةً ثُمَّ خَرَجَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ طَلَقَتْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ تَوَضَّأْت وَصَلَّيْت فَأَنْت طَالِقٌ فَصَلَّتْ وَهِيَ عَلَى وُضُوءٍ ثُمَّ تَوَضَّأَتْ طَلَقَتْ وَكَذَلِكَ الْقِيَامُ وَالْقُعُودُ وَالصَّوْمُ وَالْإِفْطَارُ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِي بَابِ عَطْفِ الشُّرُوطِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ غَزَلْت ثَوْبًا وَنَسَجْتِهِ فَأَنْت طَالِقٌ فَنَسَجَتْ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِ غَيْرِهَا ثُمَّ غَزَلَتْ ثَوْبًا وَلَمْ تَنْسِجْهُ لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ تَغْزِلْ وَتَنْسِجْ ذَلِكَ الْغَزْلَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ قَالَ ذَلِكَ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ فَدَخَلَتْ الدَّارَ مَرَّةً وَاحِدَةً طَلَقَتْ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِالشَّرْطِ الثَّانِي وَلَغَا الْأَوَّلُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُكِ لَغَا الثَّانِي وَلَوْ وَسَّطَ الْجَزَاءَ فَقَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ بِالْأَوَّلِ وَلَغَا الثَّانِي وَلَوْ قَالَ: إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ بِالثَّانِي وَلَغَا الْأَوَّلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِي بَابِ الشَّرْطِ إذَا اُعْتُرِضَ عَلَى الشَّرْطِ وَإِنْ كَرَّرَ بِحَرْفِ الْعَطْفِ فَقَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُك وَإِنْ تَزَوَّجْتُك أَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَإِنْ تَزَوَّجْتُك أَوْ إذَا تَزَوَّجْتُك وَمَتَى تَزَوَّجْتُك لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا مَرَّتَيْنِ وَلَوْ قَدَّمَ الطَّلَاقَ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك وَإِنْ تَزَوَّجْتُك فَهَذَا عَلَى تَزَوُّجٍ وَاحِدٍ وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ تَزَوَّجْتُك طَلَقَتْ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ التَّزَوُّجَيْنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك فَإِنْ تَزَوَّجْتُك أَوْ وَسَّطَ الْجَزَاءَ لَمْ يَقَعْ حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا مَرَّتَيْنِ لِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي شَيْئَيْنِ فَتَعَذَّرَ جَعْلُ الثَّانِي إعَادَةً لِلشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك ثُمَّ تَزَوَّجْتُك فَهُوَ عَلَى التَّزَوُّجِ الْأَوَّلِ وَلَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك ثُمَّ تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ انْعَقَدَتْ عَلَى الْأَخِيرِ لِأَنَّ ثُمَّ لِلْفَصْلِ فَانْفَصَلَ الشَّرْطُ الثَّانِي عَنْ الْجَزَاءِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَكَلْت وَإِنْ شَرِبْت أَوْ قَالَ: إنْ أَكَلْت فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ شَرِبْت فَأَيُّهُمَا وُجِدَ نَزَلَ الْجَزَاءُ وَلَا تَبْقَى الْيَمِينُ وَكَذَا قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي أَكْلِك وَفِي شُرْبِك وَلَوْ قَالَ: إنْ أَكَلْت فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ شَرِبْت فَأَنْت طَالِقٌ تِلْكَ التَّطْلِيقَةَ قَالَ: الطَّلْقَةُ الْوَاحِدَةُ تَعَلَّقَتْ بِكُلِّ وَاحِدٍ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ تِلْكَ التَّطْلِيقَةَ فَتَطْلِيقَتَانِ وَإِنْ قَالَ: إنْ أَكَلْت وَإِنْ شَرِبْت فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِهِمَا وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا يُعْتَبَرُ الْكَلَامُ بَعْدَ دُخُولِ الدَّارِ هَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ وَإِنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى أَوْ وَسَّطَ الْجَزَاءَ فَقَالَ: إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلَتْ هَذِهِ الدَّارَ طَلَقَتْ بِدُخُولِ أَيِّ الدَّارَيْنِ وَبَطَلَتْ الْيَمِينُ وَإِنْ أَخَّرَ الْجَزَاءَ فَقَالَ: إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ وَإِنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَرْخِيِّ وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَ لَهَا أَيْضًا: إنْ كَلَّمْتُ إنْسَانًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَ فُلَانًا طَلَقَتْ تَطْلِيقَتَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا

فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ طَلَقَتْ تَطْلِيقَتَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَعَبْدِي حُرٌّ وَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَالطَّلَاقُ عَلَى الدُّخُولِ وَالْعِتْقُ وَالْمَشْيُ عَلَى الْكَلَامِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فِي الْفَتَاوَى لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ تَرَكْتنِي أَدْخُلُ دَارَك فَلَمْ أَشْتَرِ لَك حُلِيًّا فَأَنْت طَالِقٌ فَتَرَكَتْهُ فَدَخَلَ فَلَمْ يَشْتَرِ الْحُلِيَّ عَلَى الْفَوْرِ فَبَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ اخْتِلَافٌ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَحْنَثُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ صَارَتْ وَاقِعَةً صُورَتُهَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ بِعْت بَقَرَتَك فَلَمْ أَقْبَلْهُ فَأَنْت طَالِقٌ فَبَاعَتْ الْبَقَرَةَ فَلَمْ يَقْبَلْهُ عَلَى الْفَوْرِ أَفْتَوْا عَلَى أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَفِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ قَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ لَمْ أُخْبِرْ فُلَانًا بِمَا فَعَلْتَ حَتَّى يَضْرِبَك فَأَخْبَرَ فُلَانًا فَلَمْ يَضْرِبْهُ بَرَّ الْحَالِفُ وَالْيَمِينُ عَلَى الْخَبَرِ خَاصَّةٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ السِّكَّةَ فَدَخَلَ دَارًا فِي تِلْكَ السِّكَّةِ مِنْ طَرِيقِ السَّطْحِ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَى السِّكَّةِ لَا يَحْنَثُ قَالَ لِأَخِي امْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ تَدْخُلْ بَيْتِي كَمَا كُنْت فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَى الْفَوْرِ فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّ الْحَالَ أَوْجَبَ التَّقْيِيدَ وَإِلَّا كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْأَبَدِ وَتَقَعُ الْيَمِينُ عَلَى الدُّخُولِ الْمُعْتَادِ قَبْلَ الْيَمِينِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْأَخُ مَرَّةً كَمَا كَانَ مُعْتَادًا يَحْنَثُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ الْيَوْمَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَضْرِبْ فُلَانًا سَوْطَيْنِ الْيَوْمَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَدَخَلَ إحْدَى الدَّارَيْنِ وَضَرَبَ أَحَدَ السَّوْطَيْنِ وَلَمْ يَضْرِبْ الْآخَرَ وَلَمْ يَدْخُلْ الْأُخْرَى حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْبِرِّ دُخُولُ الدَّارَيْنِ وَضَرْبُ السَّوْطَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ فَفَاتَ شَرْطُ الْبِرِّ وَعِنْدَ فَوَاتِ شَرْطِ الْبِرِّ يَتَعَيَّنُ الْحِنْثُ وَكَذَا إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أُكَلِّمْ فُلَانًا وَفُلَانًا الْيَوْمَ فَعَبْدُهُ حُرٌّ وَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ فَصَارَ الْأَصْلُ أَنَّ الْيَمِينَ مَتَى عُقِدَتْ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ فِي مَحِلَّيْنِ يُنْظَرُ فِيهِمَا إلَى شَرْطِ الْبِرِّ وَعِنْدَ فَوَاتِ شَرْطِ الْبِرِّ يَتَعَيَّنُ الْحِنْثُ وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ اللَّيْلَةَ الْمَدِينَةَ وَلَمْ أَلْقَ فُلَانًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَدَخَلَ فَلَمْ يُصَادِفْهُ فِي مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَلْقَهُ إلَى أَنْ أَصْبَحَ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ غَائِبٌ عَنْ الْمَنْزِلِ وَقْتَ الْحَلِفِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِذَلِكَ وَقْتَ الْحَلِفِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ وَعَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ فِي يَمِينِهِ هَهُنَا أَيْضًا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى فَتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى. وَفِي الْقُدُورِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْتِ هَذِهِ الدَّارَ وَلَمْ تُعْطِنِي ثَوْبَ كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ الدَّارَ قَبْلَ إعْطَاءِ الثَّوْبِ طَلَقَتْ أَعْطَتْهُ الثَّوْبَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ تُعْطِهِ وَلَوْ أَعْطَتْهُ ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْوَاوَ فِي مِثْلِ هَذَا لِلْحَالِ كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تُعْطِنِي هَذَا الثَّوْبَ وَدَخَلَتْ الدَّارَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ حَتَّى يَجْتَمِعَ أَمْرَانِ دُخُولُ الدَّارِ وَعَدَمُ الْإِعْطَاءِ وَعَدَمُ الْإِعْطَاءِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا أَوْ بِهَلَاكِ الثَّوْبِ فَأَمَّا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ هَلَكَ الثَّوْبُ وَدَخَلَتْ الدَّارَ فَقَدْ اجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ فَتَطْلُقُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ اشْتَرَيْت الْجَارِيَةَ فَتَدْخُلُ غَيْرَةٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَاشْتَرَى وَدَخَلَتْ عَلَيْهَا الْغَيْرَةُ فَإِنْ دَخَلْت عَقِيبَ الشِّرَاءِ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَإِنْ دَخَلْت بَعْدَ الشِّرَاءِ بِزَمَانٍ لَا يَقَعُ وَهَذَا إذَا ظَهَرَتْ الْغَيْرَةُ مِنْهَا بِلِسَانِهَا بِكَلِمَةٍ قَبِيحَةٍ أَوْ لَجَاجٍ أَمَّا إذَا دَخَلَتْ فِي قَلْبِهَا وَلَمْ تَتَكَلَّمْ بِهَا فَلَا تَطْلُقُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَالطَّلَاقُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي يَتَعَلَّقَانِ بِالدُّخُولِ وَالطَّلَاقُ الثَّالِثُ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ الثَّانِي وَلَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ طَلَقَتْ ثِنْتَيْنِ وَلَوْ كَلَّمَتْ فُلَانًا طَلَقَتْ وَاحِدَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ خَلَّلَ الشَّرْطَ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ قَدَّمَ الشَّرْطَ

مَا لَمْ تَدْخُلْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فَإِذَا دَخَلَتْ وَقَعَتْ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ إنْ لَمْ آتِكَ غَدًا إنْ اسْتَطَعْت فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَمْ يَمْرَضْ وَلَمْ يَمْنَعْهُ سُلْطَانٌ وَلَا غَيْرُهُ وَلَمْ يَجِئْ أَمْرٌ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى إتْيَانِهِ فَلَمْ يَأْتِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ نَوَى الِاسْتِطَاعَةَ مِنْ حَيْثُ الْأَسْبَابُ وَإِنْ نَوَى الِاسْتِطَاعَةَ الْحَقِيقِيَّةَ الَّتِي تَحْدُثُ مَعَ الْفِعْلِ وَهِيَ الِاسْتِطَاعَةُ مِنْ حَيْثُ الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ يُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يُصَدَّقُ قَضَاءً أَيْضًا كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْيَوْمَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَقُيِّدَ الْحَالِفُ وَمُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ أَيَّامًا يَحْنَثُ الْحَالِفُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَ هَذِهِ الدَّارَ فَقُيِّدَ وَمُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ أَكَلْت مِنْ الْقِدْرِ الَّتِي تَطْبُخِينَ أَنْتِ فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ أَوْقَدَتْ هِيَ النَّارَ فَهِيَ طَابِخَةٌ سَوَاءٌ حَصَلَ الْإِيقَادُ بَعْدَمَا وَضَعَتْ الْقِدْرَ عَلَى الْكَانُونِ أَوْ فِي التَّنُّورِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ حَصَلَ وَضْعُ الْقِدْرِ عَلَى الْكَانُونِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَإِنْ أَوْقَدَ النَّارَ غَيْرُهَا فَهِيَ لَيْسَتْ بِطَابِخَةٍ حَصَلَ الْإِيقَادُ بَعْدَمَا وَضَعَتْ هِيَ الْقِدْرَ عَلَى الْكَانُونِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْقُدُورِيِّ حَيْثُ قَالَ: الطَّابِخَةُ الَّتِي تُوقِدُ النَّارَ دُونَ الَّتِي تَنْصِبُ الْقِدْرَ وَتَصُبُّ الْمَاءَ وَتُلْقِي الْأَبَازِيرِ وَاخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا تَكُونُ طَابِخَةً إذَا وَضَعَتْ الْقِدْرَ فِي التَّنُّورِ أَوْ عَلَى الْكَانُونِ بَعْدَ إيقَادِ النَّارِ وَإِنْ حَصَلَ الْإِيقَادُ مِنْ غَيْرِهَا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَاقِعَاتِهِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنَّكِ تُفْسِدِينَ كُلَّ طَعَامٍ فَإِنْ أَدْخَلْت عَلَيْك طَعَامًا إلَى شَهْرٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَدْخَلَ الْحَالِفُ لَحْمًا لِلْأُجَرَاءِ لِتَحْمِلَ إلَيْهِمْ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ يَمِينَهُ وَقَعَتْ عَلَى الْإِدْخَالِ لِمَنْفَعَةِ الْبَيْتِ دَلَالَةُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ لَهَا: إنْ لَمْ تَدْخُلِي مَعِي فِي الْبَيْتِ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ بَعْدَ مَا سَكَنَتْ شَهْوَتُهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَإِنْ دَخَلَتْ قَبْلَ ذَلِكَ لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَلَفَ الرَّجُلُ أَنَّهُ يَطَأُ امْرَأَتَهُ اللَّيْلَةَ كَالدُّرِّ فَسُئِلَ مُحَمَّدٌ فَقَالَ: لَا أَدْرِي هَذَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هَذَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْجِمَاعِ فَإِنْ بَالَغَ بَرَّ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُجَامِعْ فُلَانَةَ أَلْفَ مَرَّةٍ فَالْيَمِينُ عَلَى كَثْرَةِ الْعَدَدِ لَا عَلَى كَمَالِ الْأَلْفِ وَلَا تَقْدِيرَ فِيهِ وَقَالُوا: سَبْعُونَ كَثِيرٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ أُشْبِعْك مِنْ الْجِمَاعِ فَأَنْت طَالِقٌ قَالَ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهَا وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو حَفْصٍ الْبُخَارِيُّ: إنَّهُ إنْ جَامَعَهَا وَدَامَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَنْزَلَتْ فَقَدْ أَشْبَعَهَا وَلَا تَطْلُقُ وَقَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اكرامشب نزديك مِنْ نِيَائِي فَأَنْت طَالِقٌ فَجَاءَتْ إلَى الْبَابِ وَلَمْ تَدْخُلْ تَطْلُقُ وَلَوْ دَخَلَتْ الْبَيْتَ وَهُوَ نَائِمٌ لَا تَطْلُقُ وَالشَّرْطُ أَنْ تَجِيءَ إلَيْهِ بِحَيْثُ لَوْ مَدّ يَدَهُ إلَيْهَا تَصِلُ إلَيْهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْأَيْمَانِ امْرَأَةٌ نَامَتْ فِي فِرَاشِهَا فَدَعَاهَا زَوْجُهَا إلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَقَالَ لَهَا: إنْ لَمْ تَجِيئ إلَى فِرَاشِي اللَّيْلَةَ فَأَنْت طَالِقٌ فَجَاءَ بِهَا الزَّوْجُ كَرْهًا إلَى فِرَاشِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَضَعَ قَدَمَهَا عَلَى الْأَرْضِ فَنَامَتْ مَعَهُ اللَّيْلَةَ لَا تَطْلُقُ رَجُلٌ غَابَ عَنْ دَارِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَجَعَ يَظُنُّ أَنَّ الْمَرْأَةَ غَائِبَةٌ عَنْ الدَّارِ فَقَالَ: إنْ لَمْ آتِ بِامْرَأَتِي إلَى دَارِي اللَّيْلَةَ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: كُنْت فِي هَذِهِ الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ قَالَ

لِامْرَأَتِهِ: إنْ نِمْت عَلَى ثَوْبِك فَأَنْت طَالِقٌ فَاضْطَجَعَ عَلَى وِسَادَةٍ لَهَا أَوْ وَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى مِرْفَقَةٍ لَهَا أَوْ اضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِهَا أَوْ وَضَعَ جَنْبَهُ أَوْ أَكْثَرَ بَدَنِهِ عَلَى ثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِهَا حَنِثَ لِأَنَّهُ يُعَدُّ نَائِمًا وَلَوْ اتَّكَأَ عَلَى وِسَادَةٍ لَهَا أَوْ جَلَسَ عَلَيْهَا لَمْ يَحْنَثْ مَا لَمْ يَضَعْ جَنْبَهُ أَوْ أَكْثَرَ جَسَدِهِ رَجُلٌ كَانَ مَعَ نَفَرٍ عَلَى سَطْحٍ فَأَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ فَأَرَادُوا مَنْعَهُ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى نَاحِيَةِ السَّطْحِ وَقَالَ: إنْ بِتُّ اللَّيْلَةَ أَوْ أَكَلْت هَهُنَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَيُرِيدُ بِهِ الْمَوْضِعَ الَّذِي وَضَعَ الرِّجْلَ عَلَيْهِ فَنَامَ أَوْ أَكَلَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ السَّطْحِ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ قَضَاءً وَلَا تَطْلُقُ دِيَانَةً كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْأَيْمَانِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ أَبِتْ مَعَك اللَّيْلَةَ مَعَ قَمِيصِك هَذَا فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: إنْ بِتُّ مَعَك مَعَ قَمِيصِي هَذَا فَجَارِيَتِي حُرَّةٌ فَلَبِسَ الرَّجُلُ قَمِيصًا وَبَاتَا لَا يَحْنَثَانِ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَبِيتَ مَعَهُ وَهِيَ لَابِسَةٌ قَمِيصَهَا وَشَرْطُ الْبِرِّ فِي جَانِبِ الرَّجُلِ أَنْ يَبِيتَ مَعَهَا وَهُوَ لَابِسٌ قَمِيصَهَا وَقَدْ وُجِدَ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ أَطَأْك مَعَ هَذِهِ الْمُقَنَّعَةِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك مَعَ هَذِهِ الْمُقَنَّعَةِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَطَأَهَا بِغَيْرِ مُقَنَّعَةٍ فَلَا يَحْنَثُ مَا دَامَتْ الْمُقَنَّعَةُ قَائِمَةً وَهُمَا حَيَّانِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ هَلَكَتْ الْمُقَنَّعَةُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُجَامِعْك عَلَى رَأْسِ هَذَا الرُّمْحِ فَأَنْت طَالِقٌ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَثْقُبَ السَّقْفَ وَيُخْرِجَ رَأْسَ الرُّمْحِ مِنْ السَّطْحِ وَيُجَامِعَهَا عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُجَامِعْك وَسَطَ النَّهَارِ وَسَطَ السُّوقِ فَأَنْت طَالِقٌ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَحْمِلَهَا فِي الْعَمَّارِيِّ وَيَدْخُلَ فِي السُّوقِ وَيَفْعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ بِتّ اللَّيْلَةَ إلَّا فِي حِجْرِي فَأَنْت طَالِقٌ فَبَاتَتْ فِي فِرَاشِهِ وَلَمْ يَأْخُذْهَا فِي حِجْرِهِ حَقِيقَةً لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: بِكُنَارِ مِنْ اُنْدُرْ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا يَجِبُ أَنْ تَطْلُقَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنَّكَ نِمْت مَعَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ وَقَالَ الزَّوْجُ: إنْ نِمْت مَعَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: إنْ كَانَ فِي يَمِينِك هَذِهِ مَعْنًى فَأَنَا طَالِقٌ فَقَالَ الزَّوْجُ: نَعَمْ فَإِنْ لَمْ يَعْنِ الزَّوْجُ مَعْنًى سِوَى مَا نَطَقَ بِهِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِلَّا طَلَقَتْ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ وَطِئْتُك مَادُمْت مَعِي فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَرَادَ الْحِيلَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُطَلِّقُهَا بَائِنَةً ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا مِنْ سَاعَتِهِ فَيَطَؤُهَا لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ لِجَارِهِ: إنَّ امْرَأَتِي كَانَتْ عِنْدَك الْبَارِحَةَ فَقَالَ الْجَارُ: إنْ كَانَتْ امْرَأَتُك عِنْدِي الْبَارِحَةَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ مَا سَكَتَ: وَلَا غَيْرُهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى قَالَ نُصَيْرٌ: يَحْنَثُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: لَا يَحْنَثُ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَالِفَ مَتَى أَلْحَقَ الشَّرْطَ مَعَ الْيَمِينِ الْمَعْقُودَةِ إنْ كَانَ الشَّرْطُ لَهُ لَا يَلْتَحِقُ بِالْيَمِينِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَمَا قَالَهُ نُصَيْرٌ أَقْرَبُ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ عِنْدَهُ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ يَلْتَحِقُ بِالْبَيَّاعَاتِ التَّامَّةِ وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ تَخَلُّلَ السَّكَتَاتِ يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الْجَزَاءِ بِالْأُولَى فَلَأَنْ يُمْنَعَ الثَّانِي أَوْلَى قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْإِمَامُ خَالِي يُفْتِي بِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْيَمِينِ فِي الشُّرْبِ قَالَ لَهَا: إنْ غَسَلْت ثِيَابِي فَأَنْت طَالِقٌ فَغَسَلَتْ كُمَّهُ أَوْ ذَيْلَهُ لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ. قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ تَكُونِي غَسَلْت هَذِهِ الْقَصْعَةَ فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ أَمَرَتْ خَادِمَهَا بِغَسْلِ الْقَصْعَةِ فَغَسَلَهَا فَإِنْ كَانَ مِنْ عَادَةِ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا تَغْسِلُ بِنَفْسِهَا لَا غَيْرَ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَادَةِ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا

لَا تَغْسِلُ إلَّا بِخَادِمِهَا وَعَرَفَ الزَّوْجُ ذَلِكَ لَا يَقَعُ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهَا أَنَّهَا تَغْسِلُ بِنَفْسِهَا وَبِخَادِمِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ إلَّا إذَا عَنَى الزَّوْجُ الْأَمْرَ لِلْخَادِمِ بِالْغَسْلِ فَلَا يَقَعُ حِينَئِذٍ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ قَالَ: إنْ غَسَلَتْ امْرَأَتُهُ ثِيَابَهُ فَهِيَ طَالِقٌ فَغَسَلَتْ لِفَافَتَهُ قَالُوا: لَا يَكُونُ حَانِثًا إلَّا إذَا نَوَى ذَلِكَ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ اشْتَرَيْت لَك الْمَاءَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَفَعَ إلَى سَقَّاءٍ دِرْهَمًا لِيَصُبَّ الْمَاءَ فِي الْخَابِيَةِ هَلْ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ؟ قِيلَ: يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَاءُ فِي الْكِيزَانِ عِنْدَ دَفْعِ الدِّرْهَمِ إلَى السَّقَّاءِ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمَاءَ مَتَى كَانَ فِي الْكِيزَانِ عِنْدَ دَفْعِ الدِّرْهَمِ إلَيْهِ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَيَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ شَكَوْت مِنِّي إلَى أَخِيك فَأَنْت طَالِقٌ فَجَاءَ أَخُوهَا وَعِنْدَهَا صَبِيٌّ لَا يَعْقِلُ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: يَا صَبِيُّ إنَّ زَوْجِي فَعَلَ بِي كَذَا وَكَذَا حَتَّى يَسْمَعَ أَخُوهَا لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهَا خَاطَبَتْ الصَّبِيَّ دُونَ الْأَخِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ تَسْكُتِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ: لَا أَسْكُتُ ثُمَّ سَكَتَتْ لَا يَحْنَثُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ صَخِبْت فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ: إنِّي أَصْخَبُ وَهِيَ سَاكِتَةٌ لَا يَحْنَثُ وَقَوْلُهَا أَصْخَبُ لَيْسَ بِشَيْءٍ إذَا تَرَكَتْ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا وَقَدْ كَلَّمَتْهُ فِي إنْسَانٍ: إنْ أَعَدْت عَلَيَّ ذِكْرَ فُلَانٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ: لَا أُعِيدُ عَلَيْك ذِكْرَ فُلَانٍ أَوْ قَالَتْ: لَمَّا نَهَيْتَنِي عَنْ ذِكْرِ فُلَانٍ لَا أَذْكُرُ فُلَانًا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مُسْتَثْنَى عَنْ الْيَمِينِ وَلَوْ قَالَتْ: لَمَّا نَهَيْتَنِي عَنْ ذِكْرِ فُلَانٍ أَوْ إنْ نَهَيْتَنِي عَنْ ذِكْرِ فُلَانٍ فَقَدْ ذَكَرْتُهُ يَحْنَثُ وَلَوْ ذَكَرَتْ اسْمَ فُلَانٍ بِالْهِجَاءِ لَا يَحْنَثُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ فِي الْيَمِينِ فِي الْكَلَامِ. فِي الْفَتَاوَى سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا: لَا طَاقَةَ لِي بِالْكَوْنِ مَعَك جَائِعَةً فَقَالَ لَهَا: إنْ كُنْت جَائِعَةً فِي بَيْتِي فَأَنْت طَالِقٌ قَالَ: إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّوْمِ لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ خَلَعَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَالَ فِي الْعِدَّةِ: إنْ أَنْتِ امْرَأَتِي فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يُرِدْ بِهَذَا الْكَلَامِ الْإِيقَاعَ لَا يَقَعُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِامْرَأَتِهِ مُطْلَقًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ: اريوفردازن مِنْ باشى فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَخَالَعَهَا بَعْدَ مَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ الْغَدِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مُرَادُ الزَّوْجِ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ مَنْعَ كَوْنِهَا امْرَأَةً لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْغَدِ فَإِذَا أَخَّرَ الْخُلْعَ إلَى مَا بَعْدِ طُلُوعِ الْفَجْرِ طَلَقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ إذَا خَالَعَهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْغَدِ لَا تَطْلُقُ بِحُكْمِ الْيَمِينِ فَإِنْ خَالَعَهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسُ مِنْ الْغَدِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ طَلَقَتْ بِحُكْمِ الْيَمِينِ وَلَوْ خَالَعَهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْيَوْمِ الْجَائِي لَا تَطْلُقُ بِحُكْمِ الْيَمِينِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ لَا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فَخَالَعَهَا رَجُلٌ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَعِلْمِهِ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ وَأَجَازَ فَإِنْ أَجَازَ بِاللِّسَانِ بِأَنْ قَالَ: أَجَزْت حَنِثَ وَإِنْ أَجَازَ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يَقُلْ بِلِسَانِهِ شَيْئًا وَلَكِنْ أَخَذَ بَدَلَ الْخُلْعِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ قُلْت لَك أَنْتِ طَالِقٌ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَ: قَدْ طَلَّقْتُك تَطْلُقُ أُخْرَى فِي الْقَضَاءِ وَإِنْ عَنَى طَلَاقًا بِذَلِكَ الْقَوْلِ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ لَيْلًا بِالْفَارِسِيَّةِ: اكرترا امشب دَارِم تُوسِهِ طَلَاق فَطَلَّقَهَا فِي اللَّيْلِ طَلَاقًا بَائِنًا فَمَضَى اللَّيْلُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ لَمْ تَطْلُقْ وَكَذَا لَوْ قَالَ: اكرترا جَزًّا مروزدارم فَطَلَّقَهَا بَائِنًا فِي هَذَا الْيَوْمِ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ رَجُلٌ ذُكِرَ عِنْدَهُ فَقِيهٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْبَلْدَةِ فَقَالَ: إنْ كَانَ هُوَ فَقِيهًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ أَرَادَ بِهِ مَا يُسَمِّيهِ النَّاسُ فَقِيهًا فِي الْعُرْفِ أَوْ لَمْ يُرِدْ بِهِ شَيْئًا

وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْفَقِيهَ حَقِيقَةً فَكَذَا فِي الْقَضَاءِ أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - فَلَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَقِيهٍ حَقِيقَةً لِمَا رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَجُلًا سَمَّاهُ فَقِيهًا فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: وَهَلْ رَأَيْت فَقِيهًا قَطُّ إنَّمَا الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ عَنْ الدُّنْيَا أَيْ الْمُعْرِضُ عَنْ الدُّنْيَا وَالرَّاغِبُ فِي الْآخِرَةِ الْبَصِيرُ بِعُيُوبِ نَفْسِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى رَجُلٌ قَالَ: إنْ بَلَغَ وَلَدِي الْخِتَانَ وَلَمْ أَخْتِنْهُ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَوَقْتُ الْخِتَانِ عَشْرُ سِنِينَ فَإِنْ نَوَى أَوَّلَ الْوَقْتِ لَا يَحْنَثْ مَا لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ وَإِنْ نَوَى آخِرَ الْوَقْتِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً يَعْنِي أَقْصَاهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ بَلَغَ وَلَدِي الْخِتَانَ فَلَمْ أَخْتِنْهُ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: إذَا أَخَّرَ الْخِتَانَ عَنْ عَشْرِ سِنِينَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ قَالَ: لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُؤَخِّرْ الْخِتَانَ عَنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُعَامِلْ مَعَك عَلَى الْخِدْمَةِ كَمَا كُنْت أُعَامِلُ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَانَتْ لَهُ خِدْمَةٌ يُقَيَّدُ بِهَا وَإِلَّا يُرْجَعُ إلَى نِيَّتِهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ كُنْت أَخَافُ مِنْ السُّلْطَانِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ سَاعَةَ حَلَفَ خَوْفٌ مِنْ السُّلْطَانِ وَلَا سَبِيلَ مِنْ أَنْ يَخَافَ مِنْ السُّلْطَانِ بِجِنَايَةٍ جَنَاهَا لَمْ يَحْنَثْ. رَجُلٌ اُتُّهِمَ بِصَبِيٍّ فَقِيلَ لَهُ: إنَّ فُلَانًا يَقُولُ: رَأَيْتُهُ يُسِرُّ مَعَهُ فَقَالَ: إنْ رَآنِي أُسِرُّ مَعَهُ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَقَدْ رَآهُ قَدْ سَارَّهُ فِي أَمْرٍ آخَرَ رَجَوْت أَنْ لَا يَحْنَثَ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ نَارٌ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَفِي بَيْتِهِ سِرَاجٌ إنْ حَلَفَ لِأَجْلِ أَنَّ بَعْضَ جِيرَانِهِ طَلَبَ مِنْهُ النَّارَ لِيَسْتَوْقِدَ مِنْهَا نَارًا تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ طَلَبُوا الْخُبْزَ أَوْ نَحْوَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اُتُّهِمَ بِصَبِيٍّ فَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: كرمن باوى ناحفاظي كنم فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَقَدْ كَانَ نَظَر إلَى هَذَا الصَّبِيِّ وَقَبَّلَهُ طَلَقَتْ امْرَأَتُهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. إنْ اشْتَرَيْت أَمَةً أَوْ تَزَوَّجْت عَلَيْك امْرَأَةً فَأَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً قَالَتْ: لَا أَرْضَى بِوَاحِدَةٍ فَقَالَ: فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ تَرْضَيْ بِوَاحِدَةٍ قَالَ هَذَا الْكَلَامُ يُرَادُ بِهِ هَذَا الشَّرْطُ يَعْنِي لَا يَقَعُ فِي الْحَالِ شَيْءٌ قَالَ لَهَا: إنْ كَانَ اللَّهُ يُعَذِّبُ الْمُوَحِّدِينَ فَأَنْتِ كَذَا قَالَ: لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ قَالَ الْفَقِيهُ لِأَنَّ مِنْ الْمُوَحِّدِينَ مَنْ يُعَذَّبُ وَمَنْ لَا يُعَذَّبُ فَاشْتَبَهَ الْأَمْرُ فَلَا يُقْضَى بِالشَّكِّ كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ قَالَ: إنْ كَانَ اللَّهُ يُعَذِّبُ الْمُشْرِكِينَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ قَالُوا: لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَنْ لَا يُعَذَّبُ فَلَا يَحْنَثُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ مَا دَامَ فُلَانٌ فِيهَا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ إنَّ فُلَانًا تَحَوَّلَ عَنْ تِلْكَ الدَّارِ زَمَانًا ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا قِيلَ: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ مَأْخُوذُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ وَقِيلَ: يَحْنَثُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ فِي فَصْلِ الْخُلْعِ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ: إنْ فَعَلْت كَذَا إلَى خَمْسِ سِنِينَ تَصِيرِي مُطَلَّقَةً مِنِّي وَأَرَادَ بِذَلِكَ تَخْوِيفَهَا فَفَعَلَتْ ذَلِكَ الْفِعْلَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فَإِنَّهُ يُسْأَلُ الزَّوْجُ هَلْ كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا فَإِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ حَلَفَ يُعْمَلُ بِخَبَرِهِ وَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَإِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سَكْرَانُ دَعَا امْرَأَتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَقَالَ لَهَا: إنْ امْتَثَلْتِ وَسَاعَدْتِنِي وَإِلَّا فَأَنْت طَالِقٌ فَسَاعَدَتْهُ بَعْدَمَا دَعَاهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ دَعَاهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ تُسَاعِدْهُ حَنِثَ قَالَ مَوْلَانَا: وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ إذَا لَمْ تُسَاعِدْهُ وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ الدُّعَاءَ لِأَنَّ النَّاسَ يُرِيدُونَ بِهَذَا الِامْتِثَالَ لِلْأَمْرِ السَّابِقِ سَكْرَانُ أَعْطَى امْرَأَتَهُ دِرْهَمًا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: إنَّكَ إذَا صَحَوْت تَأْخُذْ مِنِّي فَقَالَ: إنْ أَخَذْت مِنْك فَأَنْت

طَالِقٌ فَأَخَذَ وَهُوَ سَكْرَانُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ سَكْرَانُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: وَهَبْت دَارِي هَذِهِ لَك ثُمَّ قَالَ: إنْ لَمْ أَقُلْ هَذَا مِنْ قَلْبِي فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَفَاقَ وَلَا يَذْكُرُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَالُوا: لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا يَقُولُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَقُولُ بِقَلْبِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْتِ دَارَ فُلَانٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَمَاتَ فُلَانٌ فَصَارَتْ الدَّارُ مِيرَاثًا فَدَخَلَتْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: لَا يَحْنَثُ أَيْضًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. رَجُلٌ جَالِسٌ فِي بَيْتٍ مِنْ الْمَنْزِلِ فَقَالَ: إنْ دَخَلْت هَذَا الْبَيْتَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَالْيَمِينُ عَلَى دُخُولِ ذَلِكَ الْبَيْتِ هَذَا فِي الْعَرَبِيَّةِ أَمَّا لَوْ عَقَدَ الْيَمِينَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَقَالَ: اُكْرُمْنَ بَايَنَ خَانَهُ اُنْدُرْ وآيم فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَالْيَمِينُ عَلَى دُخُولِ الْمَنْزِلِ فَإِنْ قَالَ: عَنَيْت دُخُولَ ذَلِكَ الْبَيْتِ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً فَلَوْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ بِكُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعَ عَشَرَ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْتِ دَارَ أَخِي فَأَنْت طَالِقٌ فَسَكَنَ أَخُو الْحَالِفِ دَارًا أُخْرَى وَدَخَلَتْ الْمَرْأَةُ الدَّارَ الْحَدِيثَةَ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْظِ الْحِقْدِ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ الْأُولَى لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لِأَجْلِ الْأَخِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حَنِثَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ دَخَلَتْ الْمَرْأَةُ الدَّارَ الَّتِي كَانَتْ لِأَخِيهِ وَقْتَ الْيَمِينِ إنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي مِلْكِ الْأَخِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْكُنُ فِيهَا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ خَرَجَتْ تِلْكَ الدَّارُ عَنْ مِلْكِ الْأَخِ بَعْدَ الْيَمِينِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: كرتو كَرِدِّ آستانه فُلَان اكردى فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَ: عَنَيْت بِهِ الدُّخُولَ وَهِيَ تَحُومُ حَوْمَهُمْ وَلَا تَدْخُلُ دَارَهُمْ تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ بِخَانَةٍ فُلَان اندرآيي ترا طَلَاق وَلَمْ يَقُلْ: اكرو لَاجُّونَ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَنِسَائِي طَوَالِقُ فَدَخَلَتْ الدَّارَ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَعَلَى غَيْرِهَا قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَالِاعْتِمَادُ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعَ عَشَرَ. رَجُلٌ اتَّهَمَ امْرَأَتَهُ بِرَجُلٍ فَدَخَلَ الزَّوْجُ دَارِهِ فَوَجَدَ الرَّجُلَ الْمُتَّهَمَ جَالِسًا فِي مَوْضِعٍ مِنْ الدَّارِ وَالْمَرْأَةُ نَائِمَةٍ فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ الدَّارِ فَلَمَّا خَرَجَ الزَّوْجُ وَالرَّجُلُ الْمُتَّهَمُ حَلَّفَ السُّلْطَانُ زَوْجَ الْمَرْأَةِ أَنَّك لَمْ تَأْخُذْ فُلَانًا مَعَ امْرَأَتِك فَحَلَفَ الرَّجُلُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ فُلَانًا مَعَ امْرَأَتِهِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا رَفَعْتِ مِنْ شَعِيرِي وَبَعَثْت بِهِ إلَى الْفَامِيِّ فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَتْ فِي مَنْزِلِهِ دَابَّةٌ تُرَبَّى بِالشَّعِيرِ وَفِي مَعْلِفِهَا شَعِيرٌ وَقَدْ فَضَلَ مِنْهَا مِقْدَارُ كَفٍّ فَبَعَثَتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ الشَّعِيرِ مَعَ شَعِيرٍ لَهَا إلَى الْفَامِيِّ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ فِي الْيَمِينِ لَا يُرَادُ عَادَةً وَإِنْ كَانَ يَظُنُّ بِذَلِكَ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا خَلَطَتْهُ بِشَعِيرِهَا ثُمَّ بَعَثَتْ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ اتَّهَمَتْهُ امْرَأَتُهُ بِالْحَرَامِ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: اكرتا يكسال حَرَام كَنَمِّ فَأَنْت طَالِقٌ فَهَذَا عَلَى الْجِمَاعِ بِمُعَايَنَتِهَا بِتَدَاخُلِ الْفَرْجَيْنِ وَتَعْرِفُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَمْلُوكَةٍ وَلَا بِزَوْجَةٍ لَهُ أَوْ يَشْهَدُ غَيْرُهَا عَلَى ذَلِكَ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ أَوْ يُقِرُّ مَرَّةً لِأَنَّ هَذَا عَلَى الزِّنَا وَالزِّنَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِهَذَا فَإِنْ جَحَدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ وَلَيْسَ لِامْرَأَتِهِ بَيِّنَةٌ حَلَّفَتْهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِنْ حَلَفَ وَسِعَهَا الْمَقَامُ مَعَهُ وَلَوْ قَالَ لَهَا اكرتو بَاكِسِي

حَرَام كَنَّى فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَأَبَانَهَا فَجَامَعَهَا فِي الْعِدَّةِ طَلَقَتْ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهُمَا يَعْتَبِرَانِ عُمُومَ اللَّفْظِ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتَبِرُ الْغَرَضَ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ لَا تَطْلُقُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ قَبَّلْتِ أَحَدًا فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَبَّلَتْهُ تَطْلُقُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ حَلَلْت التِّكَّةَ بِحَرَامٍ مُنْذُ أَنْتِ امْرَأَتِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ: أَخَذَنِي رَجُلٌ فَجَامَعَنِي كَرْهًا قَالُوا: إنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَا تَقْدِرُ عَلَى الْمَنْعِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ قَدَرَتْ حَنِثَ إذَا صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فِي ذَلِكَ رَجُلٌ قَالَ: إنْ اغْتَسَلْت مِنْ الْحَرَامِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَعَانَقَ أَجْنَبِيَّةً فَأَمْنَى وَاغْتَسَلَ قَالُوا: يُرْجَى أَنْ لَا يَكُونَ حَانِثًا وَيَمِينُهُ تَكُونُ عَلَى الْجِمَاعِ رَجُلٌ قَالَ: إنْ أَدْخَلْت فُلَانًا بَيْتِي فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ مَا لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ بِأَمْرِ الْحَالِفِ وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلَ فُلَانٌ بَيْتِي فَدَخَلَ فُلَانٌ بِإِذْنِ الْحَالِفِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِعِلْمِهِ أَوْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ كَانَ الْحَالِفُ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَالَ: إنْ ضَرَطْت فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَخَرَجَ مِنْهُ الضُّرَاطُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِهِ لَا تَطْلُقُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ فَأُدْخِلَ مُكْرَهًا أَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَخْرُجَ فَأُخْرِجَ مُكْرَهًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ سَرَرْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَضَرَبَهَا فَقَالَتْ: سَرَّنِي لَا تَطْلُقُ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ وَلَوْ أَعْطَاهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ: لَمْ يَسُرُّنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا طَلَبَتْ أَلْفَيْنِ فَلَا يَسُرُّهَا أَلْفٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الْحَلِفِ عَلَى الشَّتْمِ وَالضَّرْبِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلَ قَرِيبُك دَارِي فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَ فِيهَا قَرِيبُ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ قِيلَ بِأَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ لَا تَتَجَزَّأُ فَيَكُونُ قَرِيبًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقِيلَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ دَخَلَ لِعَمَلٍ يَخْتَصُّ بِهِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ لِعَمَلٍ يَخْتَصُّ بِهَا حَنِثَ. امْرَأَةٌ حَمَلَتْ ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِ زَوْجِهَا فَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ: إنْ لَمْ تَرُدِّي الثَّوْبَ الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ فَذَهَبَتْ لِتَرُدَّ فَلَحِقَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ تَأْخُذُ مِنْ الْعَيْبَةِ لِتَرُدَّ عَلَى الزَّوْجِ فَأَخَذَ الزَّوْجُ مِنْ الْعَيْبَةِ أَوْ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ لَا يَحْنَثُ اسْتِحْسَانًا وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ يَكُنْ فَرْجِي أَحْسَنَ مِنْ فَرْجِك فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: إنْ لَمْ يَكُنْ فَرْجِي أَحْسَنَ مِنْ فَرْجِكَ فَجَارِيَتِي حُرَّةٌ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَا قَائِمَيْنِ عِنْدَ الْمَقَالَةِ بَرَّتْ الْمَرْأَةُ وَحَنِثَ الزَّوْجُ وَإِنْ كَانَا قَاعِدَيْنِ بَرَّ الزَّوْجُ وَحَنِثَتْ الْمَرْأَةُ لِأَنَّ فَرْجَهَا حَالُهُ الْقِيَامُ أَحْسَنُ مِنْ فَرْجِ الزَّوْجِ وَحَالُهُ الْقُعُودُ الْأَمْرُ عَلَى الْعَكْسِ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ قَائِمًا وَالْمَرْأَةُ قَاعِدَةً قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أَعْلَمُ هَذَا قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ شَرْطَ الْبِرِّ فِي كُلِّ يَمِينٍ أَنْ يَكُونَ فَرْجُ أَحَدِهِمَا أَحْسَنَ وَعِنْدَ التَّعَارُضِ لَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَحْسَنَ فَيَحْنَثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَكْرَانُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ يَكُنْ فُلَانٌ أَوْسَعَ دُبُرًا مِنْك فَأَنْت طَالِقٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا شَيْءٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ فَلَا يَحْنَثُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ: أَوْسَعُكُمَا فَرْجًا هِيَ طَالِقٌ يَقَعُ عَلَى أَعْجَفِهِمَا وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ: يَقَعُ عَلَى أَرْطَبِهِمَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ تَشَاجَرَا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَارّ خَدَّايَ توام فَقَالَ الزَّوْجُ: إنْ كَانَ كَذَلِكَ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ تَكُنْ أَفْضَلَ مِنْهُ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ الْعُلُوَّ وَالتَّفَوُّقَ إنَّمَا يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ وَالْحَسَبِ وَالنَّسَبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلَانِ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: إنْ لَمْ يَكُنْ رَأْسِي أَثْقَلَ مِنْ رَأْسِك فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ قَالُوا: طَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنَّهُمَا إذَا نَامَا دُعِيَا فَأَيُّهُمَا

كَانَ أَسْرَعَ جَوَابًا فَرَأْسُ الْآخَرِ يَكُونُ أَثْقَلَ مِنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ فِي كِتَابِ رَزِينٍ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرِي أَشَدَّ مِنْ الْحَدِيدِ فَأَنْت طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَقَصُ بِالِاسْتِعْمَالِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ. رَجُلٌ اتَّخَذَ ضِيَافَةً فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ قَرْيَةٍ أُخْرَى فَقَالَ: إنْ لَمْ أَذْبَحْ عَلَى وَجْهِ هَذَا الْقَادِمِ بَقَرَةً مِنْ بُقُورِي فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ ذَبَحَ بَقَرَةً قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ هَذَا الْقَادِمُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَإِلَّا حَنِثَ فَإِنْ ذَبَحَ بَقَرَةَ امْرَأَتِهِ لَمْ يَبَرَّ فِي يَمِينِهِ إلَّا إذَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ مِنْ الِانْبِسَاطِ وَالْأُلْفَةِ مَا لَا يُمَيِّزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالَهُ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ وَلَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا مُجَادَلَةٌ فِيمَا يَتَنَاوَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ قَطُّ فَحِينَئِذٍ رَجَوْت أَنْ يَبَرَّ وَإِنْ ذَبَحَ بَقَرَةَ نَفْسِهِ لِأَجْلِهِ لَكِنْ مَا أَضَافَهُ بَعْدَ الذَّبْحِ بِلَحْمِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ الَّتِي انْتَقَلَ مِنْهَا هَذَا الْقَادِمُ قَرِيبَةً مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ بَرَّ لِأَنَّ شَرْطَ الْبِرِّ قَدْ تَحَقَّقَ وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً مِمَّا يُعَدُّ سَفَرًا أَخَافُ أَنْ لَا يَبَرَّ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا إذَا قَدِمَ يَتَّخِذُونَ الضِّيَافَةَ لِأَجْلِهِ فَتَقَعُ الْيَمِينُ عَلَى الضِّيَافَةِ بَعْدَ الذَّبْحِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَإِذَا قَالَ: إنْ تَرَكْت فُلَانًا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ يَمْلِكُ هَذِهِ الدَّارَ فَشَرْطُ بِرِّهِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ الدُّخُولِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ هَكَذَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَاقِعَاتِهِ وَفِي النَّوَازِلِ شَرْطُ بِرِّهِ مِلْكُ الْمَنْعِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمِلْكِ الدَّارِ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْحَالِفُ يَمْلِكُ مَنْعَهُ عَنْ الدُّخُولِ فَهُوَ عَلَى النَّهْيِ وَالْمَنْعِ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ مَنْعَهُ فَهُوَ عَلَى النَّهْيِ دُونَ الْمَنْعِ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتَبِرُ مِلْكَ الْمَنْعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ جَامَعْتُك إلَّا مِنْ عُذْرٍ أَوْ بَلِيَّةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَأْتِيهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَأَخْطَأَ فَخَالَطَهَا فَهَذَا عُذْرٌ إذَا كَانَ مَعَهُ عَلَى الْخَطَأِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنَّكَ تَغِيبُ وَلَا تُخْلِفُ لِي النَّفَقَةَ فَغَضِبَ الزَّوْجُ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَمْ يَكُنْ هَذَا كَلَامًا عَظِيمًا يَحْتَاجُ إلَى الْغَضَبِ فَقَالَ الزَّوْجُ: إنْ لَمْ يَكُنْ كَلَامًا عَظِيمًا فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْمُجَازَاةَ طَلَقَتْ لِلْحَالِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ التَّعْلِيقَ دُونَ الْمُجَازَاةِ قَالُوا: إنْ كَانَ الرَّجُلُ مُحْتَرَمًا ذَا قَدْرٍ يَكُونُ مِثْلُ هَذِهِ الشِّكَايَةِ إهَانَةً لَا تَطْلُقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَرَمًا ذَا قَدْرٍ طَلَقَتْ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ تَقُومِي السَّاعَةَ وَتَجِيئِي إلَى دَارٍ وَالِدِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَامَتْ مِنْ سَاعَتِهَا قَبْلَ خُرُوجِ الزَّوْجِ وَلَبِسَتْ الثِّيَابَ وَخَرَجَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ وَجَلَسَتْ حَتَّى خَرَجَ الزَّوْجُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ ابْتَدَرَهَا الْبَوْلُ فَبَالَتْ ثُمَّ لَبِسَتْ الثِّيَابَ لِلْخُرُوجِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ بَقِيَا فِي التَّشَاجُرِ وَطَالَ الْكَلَامُ بَيْنَهُمَا لَا يَنْقَطِعُ الْفَوْرَ وَلَوْ خَافَتْ فَوْتَ الصَّلَاةِ فَصَلَّتْ قَالَ نُصَيْرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: حَنِثَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ تُصَلِّي الْيَوْمَ رَكْعَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَشْرَعَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَ مَا صَلَّتْ رَكْعَةً حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إنْ كَانَ مِنْ وَقْتِ الْحَلِفِ إلَى وَقْتِ الْحَيْضِ مِقْدَارُ مَا يُمَكِّنُهَا أَنْ تُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ عِنْدَ الْكُلِّ وَتَطْلُقُ وَإِذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا تَطْلُقُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ وَتَطْلُقُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عِنْدَ الْكُلِّ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ. قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنَّكِ تَسْرِقِينَ مِنْ دَرَاهِمِي فَقَالَتْ: تُبْت فَقَالَ الرَّجُلُ: لَوْ رَفَعْتِ مِنْ دَرَاهِمِي فَأَنْت طَالِقٌ فَوَجَدَتْ الْمَرْأَةُ صُرَّةً مَطْرُوحَةً حِينَ كَنَسَتْ الدَّارَ فَرَفَعَتْهَا وَوَضَعَتْهَا فِي نَاحِيَةٍ وَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا إنْ رَفَعَتْ لَا لِتَحْبِسَ عَنْهُ أَرْجُو أَنْ لَا تَطْلُقَ قَالَ لَهَا: إنْ رَفَعْت مِنْ كِيسِي دَرَاهِمَ فَأَنْت طَالِقٌ فَحَلَّتْ رَأْسَ الْكِيسِ وَأَمَرَتْ ابْنَتَهَا فَرَفَعَتْ قَالَ فِي الْكِتَابِ: أَخَافُ أَنْ تَطْلُقَ

اتَّهَمَ امْرَأَةً بِرَفْعِ دَرَاهِمِهِ فَقَالَ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ اكرازدرم مِنْ توبرداري فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ إنَّهَا وَجَدَتْ دَرَاهِمَ زَوْجِهَا فِي مِنْدِيلٍ فَرَفَعَتْ وَأَعْطَتْ امْرَأَةً وَقَالَتْ لَهَا: ارْفَعِي مِنْهَا شَيْئًا فَرَفَعَتْ الْمَأْمُورَةُ بَعْضَ الدَّرَاهِمِ وَدَفَعَتْهُ إلَى الْآمِرَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ قَالَ لَهَا: إنْ سَرَقْت مِنْ دَرَاهِمِي إلَى سَنَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهَا دَرَاهِمَ لِتَنْظُرَ إلَيْهَا فَرَفَعَتْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا بِغَيْرِ عِلْمِ الزَّوْجِ ثُمَّ قَالَ لَهَا الزَّوْجُ: أَرَفَعْت مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ شَيْئًا؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ لَا عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ وَرُدَّتْ عَلَى الزَّوْجِ إنْ رَدَّتْ بَعْدَمَا فَارَقَتْهُ طَلَقَتْ وَإِنْ رَدَّتْ قَبْلَ أَنْ تُفَارِقَهُ لَا تَطْلُقُ وَإِنْ أَنْكَرَتْ طَلَقَتْ أَيْضًا امْرَأَةٌ رَفَعَتْ مِنْ كِيسِ زَوْجِهَا دِرْهَمًا وَاشْتَرَتْ لَحْمًا وَخَلَّطَ اللَّحَّامُ الدِّرْهَمَ بِدَرَاهِمِهِ فَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ: إنْ لَمْ تَرُدِّي عَلَيَّ ذَلِكَ الدِّرْهَمَ الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَمَضَى الْيَوْمُ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ تَأْخُذَ الْمَرْأَةُ كِيسَ اللِّحَامِ فَتُسَلِّمُهُ إلَى الزَّوْجِ فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. قَالَ لَهَا: مَا فَعَلْت بِالدِّرْهَمِ؟ قَالَتْ: اشْتَرَيْتُ اللَّحْمَ قَالَ: إنْ لَمْ تَرُدِّي عَلَيَّ ذَلِكَ الدِّرْهَمَ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَدْ غَابَ الدِّرْهَمُ مِنْ يَدِ الْقَصَّابِ قَالَ: مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ الدِّرْهَمَ أُذِيبَ أَوْ سَقَطَ فِي الْبَحْرِ لَا يَحْنَثُ سَرَقَتْ مِنْ دَرَاهِمِ زَوْجِهَا مِنْ كِيسِهِ فَخَلَطَتْهَا بِدَرَاهِمِ غَيْرِهِ فَقَالَ الزَّوْجُ: إنْ لَمْ تَرُدِّي الدَّرَاهِمَ بِعَيْنِهَا فَأَنْت كَذَا فَإِنْ تَرُدَّ عَلَيْهِ وَاحِدًا وَاحِدًا فَقَدْ رَدَّتْ بِعَيْنِهَا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَضَعَ دَرَاهِمَهُ عَلَى يَدَيْ امْرَأَتِهِ فَاتَّهَمَهَا عِنْدَ الِاسْتِرْدَادِ فَقَالَ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ: اكرتودرم برداشتي سَهِّ طَلَاق هِسَتِي عَلَى وَجْهِ الِاسْتِفْهَامِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: هُسْتُمْ ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا كَانَتْ رَفَعَتْ فَإِنْ نَوَى الزَّوْجُ بِهِ الْإِيقَاعَ عِنْدَ الْحِنْثِ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَى مُجَرَّدَ تَخْوِيفِهَا لِكَيْ تُقِرَّ لَا يَقَعُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ قَالَ لِابْنِهِ: إنْ سَرَقْتَ مِنْ مَالِي شَيْئًا فَأُمُّكَ طَالِقٌ فَسَرَقَ مِنْ دَارِ الْأَبِ آجُرَّةً رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْأَبُ يَبْخَلُ بِذَلِكَ عَلَى الِابْنِ طَلَقَتْ امْرَأَتُهُ وَسُئِلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ هَذِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ فَقِيلَ لَهُ: إنَّ أَبَا يُوسُفَ أَجَابَ كَذَلِكَ فَقَالَ وَمَنْ يُحْسِنُ مِثْلَ هَذَا إلَّا أَبُو يُوسُفَ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ أَعْطَيْتُك دِرْهَمًا تَشْتَرِينَ بِهِ شَيْئًا فَأَنْت طَالِقٌ فَدَفَعَ إلَيْهَا دِرْهَمًا وَأَمَرَهَا أَنْ تُعْطِيَ فُلَانًا لِيَشْتَرِيَ بِهِ شَيْئًا لِلْمَرْأَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ الرَّجُلُ يَمِينَهُ فَاسْتَرَدَّ الدِّرْهَمَ مِنْهَا فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَشْتَرِي الْأَشْيَاءَ بِنَفْسِهَا لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَشْتَرِي بِنَفْسِهَا يَحْنَثُ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ بَعَثْتَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ إلَى تِلْكَ الدَّارِ شَيْئًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ إنَّ الْحَالِفَ أَمَرَ جَارِيَتَهُ أَنْ تُعْطِيَ أَهْلَ تِلْكَ الدَّارِ كُلَّمَا طَلَبُوا فَجَاءَ إنْسَانٌ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ فَطَلَب شَيْئًا فَأَعْطَتْ الْجَارِيَةُ فَعَلِمَ الْمَوْلَى بِذَلِكَ فَكَرِهَ وَغَضِبَ فَقَالَتْ امْرَأَةُ الْحَالِفِ لِلْجَارِيَةِ: اذْهَبِي وَاحْمِلِي مِنْ دَارِ الْمَوْلَى بِأَجْوَدَ مِنْ ذَلِكَ إلَى تِلْكَ الدَّارِ فَحَمَلَتْ الْجَارِيَةُ قَالُوا: إنْ عَلِمَ بِالدَّلِيلِ أَنَّهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْمَوْلَى لَا طَاعَةً لِمَوْلَاتِهَا لَا يَحْنَثُ. وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ طَاعَةً لِمَوْلَاتِهَا حَنِثَ الْحَالِفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَلِيلٌ تُسْأَلُ الْجَارِيَةُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا أَنَّهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ طَاعَةً لِمَوْلَاتِهَا أَوْ لِأَجْلِ الْمَوْلَى هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَالَ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا سَأَلَ أَهْلُ تِلْكَ الدَّارِ مِنْ الْجَارِيَةِ شَيْئًا فَأَبَتْ وَلَمْ تُعْطِ فَأُخْبِرَ الْمَوْلَى بِذَلِكَ فَكَرِهَ فَقَالَتْ امْرَأَةُ الْحَالِفِ لِلْجَارِيَةِ: ارْفَعِي مِنْ دَارِ الْمَوْلَى أَجْوَدَ مِنْ ذَلِكَ وَاحْمِلِي إلَى تِلْكَ الدَّارِ الْمَسْأَلَةِ إلَى آخِرِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَصَّارٌ ذَهَبَ عَنْ حَانُوتِهِ ثَوْبٌ لِغَيْرِهِ فَاتَّهَمَ الْقَصَّارُ أَجِيرَهُ فَحَلَفَ الْأَجِيرُ

بِالْفَارِسِيَّةِ فَقَالَ اُكْرُمْنَ ترازيان كَرَدِّهِ أَمْ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَدْ كَانَ رَفَعَهُ يَحْنَثُ رَجُلٌ حَلَّفَهُ اللُّصُوصُ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ دَرَاهِمُ غَيْرُ الَّذِي أَخَذُوا مِنْهُ فَحَلَفَ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ الْأَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَكْثَرُ فَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ فَهُوَ غَمُوسٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ لَغْوٌ وَلَوْ حَلَفَ بِالْفَارِسِيَّةِ بِقَوْلِهِ اكْرِبَا مِنْ دَرْمِي هُسَّتْ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَانَ مَعَهُ دِرْهَمٌ أَوْ أَكْثَرُ فَالْجَوَابُ فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ وَلَوْ قَالَ: اُكْرُ بامن سِيمَ است إنْ كَانَ مَعَهُ مَا لَوْ عَلِمُوا بِذَلِكَ أَخَذُوا مِنْهُ يَحْنَثُ وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ سَلَبَهُ اللُّصُوصُ ثُمَّ حَلَّفُوهُ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يُخْبِرَ أَحَدًا بِخَبَرِهِمْ فَاسْتَقْبَلَهُ الْقَافِلَةُ فَقَالَ لَهُمْ: عَلَى الطَّرِيقِ ذِئَابٌ فَفَهِمَ الْقَافِلَةُ فَانْصَرَفُوا إنْ أَرَادَ بِالذِّئَابِ نُفُوسَ اللُّصُوصِ حَنِثَ وَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَةَ الذِّئَابِ لِيَرْجِعُوا لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ. قَالَ: دَخَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ جَمَاعَةٌ وَذَهَبُوا بِكُلِّ شَيْءٍ وَحَلَّفُونِي أَنْ لَا أُخْبِرَ بِأَسْمَائِهِمْ وَهُمْ مَعِي فِي السِّكَّةِ وَلَوْ كَتَبَ يَحْنَثُ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ أَسَامِيَ جِيرَانِهِ فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ فَيُقَالُ: هَلْ كَانَ هَذَا؟ فَيَقُولُ: لَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَيْهِمْ فَيَسْكُتَ أَوْ يَقُولَ: لَا أَقُولُ فَيَظْهَرُ وَلَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ كَانَ لَهُ ثَوْبٌ فَسَرَقَ مِنْهُ سَارِقٌ أَوْ غَصَبَ مِنْهُ غَاصِبٌ ثُمَّ إنَّ رَبَّ الثَّوْبِ حَلَفَ وَقَالَ إنْ كَانَ لَهُ ثَوْبٌ وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ عَرَفَ أَنَّهُ قَائِمٌ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ وَإِنْ عَرَفَ أَنَّهُ هَالِكٌ لَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ تَطْلُقُ أَيْضًا لِأَنَّ الْقِيَامَ أَصْلٌ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. وَلَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: اكركسي رانبيذدهم فَامْرَأَتُهُ كَذَا فَالْيَمِينُ عَلَى مَا نَوَى فَإِنْ نَوَى السُّقَى لَا يَحْنَثُ بِالْإِهْدَاءِ وَإِنْ نَوَى الْإِهْدَاءَ لَا يَحْنَثُ بِالسُّقَّى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ دَفَعَ أَوْ سَقَى كَانَ حَانِثًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِي الْيَمِينِ عَلَى الشُّرْبِ. وَفِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ عَابَتْهُ امْرَأَتُهُ فِي شُرْبِ الشَّرَابِ فَقَالَ: إنْ تَرَكْت شُرْبَهَا أَبَدًا فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَانَ يَعْزِمُ أَنْ لَا يَتْرُكَ شُرْبَهَا لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ لَا يَشْرَبُهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثَ عَشَرَ. طَلَّقَ الْمُبَرْسَمُ فَلَمَّا صَحَا قَالَ: قَدْ طَلَّقْت امْرَأَتِي ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا قُلْتُهُ لِأَنِّي تَوَهَّمْت وُقُوعَ الَّذِي تَكَلَّمْت بِهِ فِي الْبِرْسَامِ إنْ كَانَ فِي ذِكْرِهِ وَحِكَايَتِهِ صُدِّقَ وَإِلَّا لَا. صَبِيٌّ قَالَ فِي صِبَاهُ إنْ شَرِبْت سُكْرًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَشَرِبَ فِي صِبَاهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَوْ سَمِعَ صِهْرُهُ وَقَالَ: حَرَّمْت عَلَيْكَ بِنْتِي بِتِلْكَ الْيَمِينِ فَقَالَ: نَعَمْ حُرِّمَتْ فَهَذَا إقْرَارٌ بِالْحُرْمَةِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ وَاحِدٌ أَوْ ثَلَاثٌ وَأَفْتَى الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ وَغَيْرُهُ فِيهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْبِرْسَامِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ بُنِيَ عَلَى غَيْرِ الْوَاقِعِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ إنْ خَرَجْتِ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَغَضِبَتْ الْمَرْأَةُ وَتَهَيَّأَتْ لِلْخُرُوجِ فَقَالَ الزَّوْجُ: دَعُوهَا تَخْرُجُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لَمْ يَكُنْ إذْنًا وَلَوْ نَوَى الْإِذْنَ يَثْبُتُ بِالدَّلَالَةِ وَلَوْ قَالَ لَهَا فِي غَضَبِهِ: اُخْرُجِي وَلَا نِيَّةَ لَهُ كَانَ عَلَى الْإِذْنِ إلَّا إذَا نَوَى اُخْرُجِي حَتَّى تَطْلُقِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْتِ مِنْ الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ سَمِعَ سَائِلًا يَسْأَلُ فَقَالَ: أَعْطِي لِلسَّائِلِ هَذِهِ الْكَسْرَةَ فَإِنْ كَانَ السَّائِلُ بِحَيْثُ لَا تَقْدِرُ الْمَرْأَةُ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ إلَّا بِخُرُوجِهَا مِنْ الدَّارِ لَا تَطْلُقُ بِالْخُرُوجِ وَإِنْ كَانَتْ تَقْدِرُ تَطْلُقُ فَإِنْ كَانَ السَّائِلُ حِينَ أَذِنَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ بِحَالٍ تَقْدِرُ الْمَرْأَةُ عَلَى دَفْعِ ذَلِكَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ فَخَرَجَ السَّائِلُ إلَى الطَّرِيقِ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ الْمَرْأَةُ يَحْنَثُ قَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْتِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ لَهُ: تُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ حَتَّى أَصِيرَ مُطَلَّقَةً فَقَالَ الزَّوْجُ: نَعَمْ فَخَرَجَتْ تَطْلُقُ لِأَنَّ هَذَا تَهْدِيدٌ لَا إذْنٌ فَإِنْ قَامَتْ عَلَى أُسْكُفَّةِ

الْبَابِ وَبَعْضُ قَدَمِهَا بِحَيْثُ لَوْ أُغْلِقَ الْبَابُ كَانَ ذَلِكَ خَارِجًا فَإِنْ كَانَ اعْتِمَادُهَا عَلَى الْبَعْضِ الدَّاخِلِ أَوْ عَلَيْهِمَا لَا تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَ اعْتِمَادُهَا عَلَى الْبَعْضِ الْخَارِجِ طَلَقَتْ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَإِذَا قَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْت مِنْ هَذِهِ الدَّارِ مِنْ غَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَذِنَ لَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَهِيَ لَا تَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ فَخَرَجَتْ تَطْلُقُ وَنَظِيرُ هَذَا مَا لَوْ أَذِنَ لَهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ هَكَذَا ذُكِرَ فِي النَّوَازِلِ. وَفِي أَيْمَانِ الْأَصْلِ إذَا أَذِنَ لَهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَسْمَعُ لَمْ يَكُنْ إذْنًا وَإِنْ خَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ طَلَقَتْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ خَرَجْت إلَّا بِأَمْرِي فَالْأَمْرُ أَنْ يُسْمِعَهَا الْأَمْرَ بِنَفْسِهِ أَوْ رَسُولِهِ فَإِنْ أَشْهَدَ قَوْمًا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَمْرًا فَلَوْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ الزَّوْجُ عَلَى الْأَمْرِ بَلَّغُوهَا أَنَّ الزَّوْجَ قَدْ أَمَرَهَا بِالْخُرُوجِ إنْ لَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يُبَلِّغُوهَا فَخَرَجَتْ فَهِيَ طَالِقٌ، وَإِنْ أَمَرَهُمْ أَنْ يُبَلِّغُوهَا فَخَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَطْلُقُ. وَفِي الْإِرَادَةِ وَالْهَوَى وَالرِّضَا لَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُهَا رِضَاهُ وَإِرَادَتَهُ حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ بَعْدَ مَا قَالَ: رَضِيت. أَرَدْت. هَوَيْت، لَا تَطْلُقُ وَإِنْ لَمْ تَسْمَعْ هِيَ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ. وَفِي النَّوَازِلِ إذَا قَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَاسْتَأْذَنَتْهُ لِلْخُرُوجِ إلَى بَعْضِ أَهْلِهَا فَأَذِنَ لَهَا فَلَمْ تَخْرُجْ إلَى ذَلِكَ لَكِنَّهَا تَكْنِسُ الدَّارَ فَخَرَجَتْ إلَى بَابِ الدَّارِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فَإِنْ تَرَكَتْ الْخُرُوجَ ثُمَّ خَرَجَتْ فِي وَقْتٍ آخَرَ إلَى بَعْضِ أَهْلِهَا الَّذِي أَذِنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا لِأَنَّ هَذَا إذْنٌ فِي الْخُرُوجِ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَادَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْمِصْرِ فَإِنْ خَرَجَ فَامْرَأَتُهُ عَائِشَةُ كَذَا وَاسْمُ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةُ لَا تَطْلُقُ إذَا خَرَجَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ إلَى بَعْضِ أَهْلِهَا فَأَهْلُهَا أَبَوَاهَا فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فِي الْأَحْيَاءِ فَأَهْلُهَا كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ لَهَا أَبَوَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْزِلٌ عَلَى حِدَةٍ بِأَنْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ وَتَزَوَّجَ الْأَبُ فَالْأَهْلُ مَنْزِلُ الْأَبِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْتِ يَقَعُ الطَّلَاقُ فَخَرَجَتْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لِتَرْكِهِ الْإِضَافَةَ لَهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَاب فِيمَا يَكُونُ تَعْلِيقًا أَوْ تَنْجِيزًا. قَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَوَقَعَ فِيهَا غَرَقٌ أَوْ حَرْقٌ غَالِبٌ فَخَرَجَتْ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الْفِعْلِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ خَرَجْت مِنْ هَذَا الْبَيْتِ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ وَقَدْ كَانَتْ رَهَنَتْ مَحْدُودًا لَهَا فَاسْتَأْذَنَتْ لِلْخُرُوجِ فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي وَارْفَعِي الدَّرَاهِمَ وَاقْبِضِي الرَّهْنَ فَخَرَجَتْ وَذَهَبَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ وَاحْتَاجَتْ إلَى الْخُرُوجِ مِرَارًا لَا تَطْلُقُ كَذَا أَفْتَى الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ خَرَجْت مِنْ هَذِهِ الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِي أَوْ قَالَ: إلَّا بِرِضَائِي أَوْ قَالَ: إلَّا بِعِلْمِي أَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ خَرَجْت مِنْ هَذِهِ الدَّارِ بِغَيْرِ إذْنِي فَهُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّ كَلِمَةَ إلَّا وَغَيْرِ لِلِاسْتِثْنَاءِ فَالْجَوَابُ فِيهِمَا أَنَّ بِالْإِذْنِ مَرَّةً لَا تَنْتَهِي الْيَمِينُ حَتَّى لَوْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ مَرَّةً وَخَرَجَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ طَلَقَتْ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْت مِنْ هَذِهِ الدَّارِ إلَّا بِمِلْحَفَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ بِغَيْرِ مِلْحَفَةٍ طَلَقَتْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَذِنَ لَهَا مَرَّةً فَقَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ نَهَاهَا عَنْ الْخُرُوجِ ثُمَّ خَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ يَحْنَثُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ إذَا نَوَى فِي إلَّا بِإِذْنِي الْإِذْنَ مَرَّةً لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَالْحِيلَةُ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ أَنْ يَقُولَ: أَذِنْتُ لَكِ بِالْخُرُوجِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَوْ يَقُولَ: أَذِنْتُ لَكِ كُلَّمَا خَرَجْتِ فَحِينَئِذٍ لَا يَحْنَثُ وَكَذَا إذَا قَالَ: كُلَّمَا شِئْتِ الْخُرُوجَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَكِ أَوْ أَذِنْتُ لَك بِالْخُرُوجِ أَبَدًا أَوْ أَذِنْت لَك الدَّهْرَ كُلَّهُ فَإِنْ نَهَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ نَهْيًا عَامًّا فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ نَهْيُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَضْلِيِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِنْ قَالَ: أَذِنْتُ لَك عَشَرَةَ أَيَّامٍ تَخْرُجُ فِيهَا مَا شَاءَتْ وَإِنْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَقَدْ

أَذِنْتُ لَا يَكُونُ إذْنًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ خَرَجْت مِنْ هَذِهِ الدَّارِ حَتَّى آذَنَ لَك أَوْ آمُرَ أَوْ أَرْضَى أَوْ أَعْلَمَ فَجَوَابُهَا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْإِذْنِ مَرَّةً وَاحِدَةً حَتَّى لَوْ أَذِنَ لَهَا مَرَّةً فَخَرَجَتْ ثُمَّ عَادَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنٍ لَا يَحْنَثُ فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ حَتَّى آذَنَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ خَرَجْتِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ إلَّا أَنْ آذَنَ لَك فَهَذَا وَمَا لَوْ قَالَ: حَتَّى آذَنَ لَك سَوَاءٌ حَتَّى تَنْتَهِيَ الْيَمِينُ بِالْإِذْنِ مَرَّةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ عَلَى جَارِيَتِهِ أَنْ لَا تَخْرُجَ فَقَالَ لِلْجَارِيَةِ: اشْتَرِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ لَحْمًا فَهَذَا إذْنٌ بِالْخُرُوجِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْت إلَى أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي الْخُرُوجِ إلَى أَبِيهَا فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ إلَى أَخِيهَا طَلَقَتْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا: ائْذَنْ لِي فِي الْخُرُوجِ إلَى بَيْتِ أَبِي فَقَالَ: إنْ أَذِنْتُ لَك فِي ذَلِكَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا: أَذِنْتُ لَك فِي الْخُرُوجِ وَلَمْ يَقُلْ إلَى أَيْنَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْذَنَ الْغُلَامُ مَوْلَاهُ فِي تَزَوُّجِ أَمَةِ رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ الْمَوْلَى: إنْ أَذِنْتُ لَكَ فِي تَزَوُّجِهَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَدْ أَذِنْتُ فِي تَزَوُّجِ النِّسَاءِ أَوْ قَالَ أَذِنْتُ لَكَ فِي التَّزَوُّجِ حَنِثَ فِي يَمِينُهُ وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ اشْتَرَيْتَ هَذَا الْعَبْدَ بِإِذْنِي فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى هَذَا الْعَبْدَ طَلَقَتْ امْرَأَةُ الْمَوْلَى وَلَوْ قَالَ لَهُ: أَذِنْتُ لَك فِي شِرَاءِ الْبُرِّ فَاشْتَرَى هَذَا الْعَبْدَ لَا تَطْلُقُ امْرَأَةُ الْمَوْلَى. رَجُلٌ قَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ إلَّا أَنْ يَأْمُرَنِي فُلَانٌ فَهَذَا عَلَى الْأَمْرِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَأْمُرَنِي بِهِ فُلَانٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ خَرَجْت مِنْ هَذِهِ الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا: أَطِيعِي فُلَانًا فِي جَمِيعِ مَا أَمَرَك بِهِ فَأَمَرَهَا فُلَانٌ بِالْخُرُوجِ فَخَرَجَتْ طَلَقَتْ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا بِالْخُرُوجِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ لِرَجُلٍ: ائْذَنْ لَهَا فِي الْخُرُوجِ فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ طَلَقَتْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: إنَّ زَوْجَك قَدْ أَذِنَ لَك وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا الزَّوْجُ: مَا أَمَرَك بِهِ فُلَانٌ فَقَدْ أَمَرْتُك ثُمَّ أَذِنَ لَهَا فُلَانٌ بِالْخُرُوجِ فَخَرَجَتْ طَلَقَتْ وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ لِرَجُلٍ: قَدْ أُذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ فَبَلَّغَهَا ذَلِكَ ثُمَّ خَرَجَتْ لَمْ تَطْلُقْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي فَتَاوَى الْأَصْلِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: لَا تَخْرُجِي مِنْ الدَّارِ بِغَيْرِ إذْنِي فَإِنِّي قَدْ حَلَفْت بِالطَّلَاقِ فَخَرَجَتْ مِنْ الدَّارِ بِغَيْرِ إذْنٍ لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْت مِنْ هَذِهِ الدَّارِ إلَّا مِنْ أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَرَادَتْ تَدَّعِي حَقًّا إنْ قَدَرَتْ عَلَى أَنْ تُوَكِّلَ يَحْنَثُ لَوْ خَرَجَتْ وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى أَنْ تُوَكِّلَ لَمْ يَحْنَثْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لَا تَخْرُجَ امْرَأَتُهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَخَرَجَتْ وَهُوَ يَرَاهَا فَمَنَعَهَا أَوْ لَمْ يَمْنَعْهَا لَمْ يَحْنَثْ اتَّهَمَ امْرَأَتَهُ بِجَارٍ لَهُ فَقَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْت مِنْ الْمَنْزِلِ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا: أَذِنْت لَك فِيمَا يَبْدُو لَك إلَّا مِنْ بَاطِلٍ فَخَرَجَتْ وَدَخَلَتْ مَنْزِلَ الْجَارِ الَّذِي بِهِ اُتُّهِمَتْ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَوَتْ عِنْدَ الْخُرُوجِ دُخُولَ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ وَلَا أَمْرًا بَاطِلًا سِوَاهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ وُجِدَ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرٌ بَاطِلٌ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ لِأَمْرٍ بَاطِلٍ وَإِنْ كَانَتْ نَوَتْ دُخُولَ ذَلِكَ الْبَيْتِ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِأَمْرٍ بَاطِلٍ حَنِثَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ حَلَفَ عَلَى امْرَأَتِهِ بِطَلَاقِهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِي أَوْ حَلَّفَ السُّلْطَانُ رَجُلًا بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَلْدَةِ إلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ حَلَّفَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مَدْيُونَهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَلْدَةِ إلَّا بِإِذْنِهِ فَالْيَمِينُ مُقَيَّدَةٌ بِحَالِ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ وَالسَّلْطَنَةِ وَالدَّيْنِ فَإِنْ بَانَتْ الْمَرْأَةُ وَعُزِلَ السُّلْطَانُ وَسَقَطَ الدَّيْنُ سَقَطَتْ الْيَمِينُ ثُمَّ لَا تَعُودُ أَبَدًا وَإِنْ عَادَتْ الْوِلَايَةُ لِلزَّوْجِ وَالسُّلْطَانِ وَعَادَ الدَّيْنُ رَجُلٌ خَرَجَ مَعَ الْوَلِيِّ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَرْجِعَ إلَّا بِإِذْنِهِ وَسَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ وَرَجَعَ لِذَلِكَ لَا تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِ

فُلَانٍ فَمَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ الْإِذْنِ بَطَلَتْ الْيَمِينُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ خَرَجْت فِي غَيْرِ حَقٍّ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ فِي جِنَازَةِ وَالِدِهَا أَوْ أَخٍ لَا تَطْلُقُ وَكَذَلِكَ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَكَذَلِكَ خُرُوجُهَا إلَى الْعَرُوسِ أَوْ خُرُوجُهَا فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. تَشَاجَرَ مَعَ امْرَأَتُهُ فَقَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْت مِنْ هُنَا الْيَوْمَ فَإِنْ رَجَعْتِ إلَى سَنَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَخَرَجَتْ الْيَوْمَ إلَى الصَّلَاةِ أَوْ إلَى غَيْرِهَا مِنْ حَاجَةٍ ثُمَّ رَجَعَتْ فَإِنْ كَانَ سَبَبُ الْيَمِينِ خُرُوجَ الِانْتِقَالِ أَوْ السَّفَرِ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُقَيَّدَةٌ بِذَلِكَ النَّوْعِ مِنْ الْخُرُوجِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ تَرَكْتِ هَذَا الصَّبِيَّ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ فَغَفَلَتْ عَنْهُ وَخَرَجَ أَوْ قَامَتْ تُصَلِّي فَخَرَجَ فَإِنَّهَا لَمْ تَتْرُكْهُ فَلَا تَطْلُقُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ هُوَ بِبَغْدَادَ فَقَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ مَا لَمْ يَخْرُجْ إلَى الْكُوفَةِ فَمَكَثَ سَاعَةً إلَّا أَنَّهُ يُمَاكِسُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَعَ الْمُكَارِي فِي الْكِرَاءِ قَالُوا: لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَنَحْوِهَا فَهُوَ عُذْرٌ وَلِصَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ فَيَكُونُ حَانِثًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ خَرَجْت إلَى مَنْزِلِ وَالِدَيْكِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَهُوَ عَلَى الْخُرُوجِ عَنْ قَصْدٍ وَصَلَتْ أَوْ لَمْ تَصِلْ وَلَوْ قَالَ: إنْ أَتَيْت فَهُوَ عَلَى الْوُصُولِ قَصَدَتْ الْخُرُوجَ إلَى الْمَنْزِلِ أَوْ لَمْ تَقْصِدْ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: الذَّهَابُ بِمَنْزِلَةِ الْخُرُوجِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِنْ نَوَى بِهِ الْإِتْيَانَ أَوْ الْخُرُوجَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ امْرَأَةٍ خَرَجَتْ إلَى ضِيَافَةٍ فَقَالَ الزَّوْجُ لَهَا: إنْ مَكَثْت هُنَاكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَرَجَعَتْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ إلَى قَرْيَةِ زَوْجِهَا وَلَمْ تَدْخُلْ قَرْيَةَ زَوْجِهَا ثُمَّ رَجَعَتْ وَمَكَثَتْ هُنَاكَ أَيَّامًا قَالَ: لَا أُفْتِي بِالطَّلَاقِ غَيْرَ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِيهِ أَوْلَى وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ دَخَلَتْ عُمْرَانَ قَرْيَةِ زَوْجِهَا ثُمَّ رَجَعَتْ لَا تَطْلُقُ وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ خَرَجْتِ مِنْ بَيْتِي فَأَنْت كَذَا فَخَرَجَتْ إلَى الدَّارِ فَقَطْ يَقَعُ وَلَوْ إنْ خَرَجَتْ فَقَطْ لَا إلَّا بِالْخُرُوجِ إلَى الْمَحَلَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْخُرُوجِ إلَى الْمَحَلَّةِ فِيهِمَا وَلَوْ فَارِسِيًّا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ خَرَجْت مِنْ بَابِ هَذِهِ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ فَصَعِدَتْ السَّطْحَ فَنَزَلَتْ دَارَ الْجَارِ لَا يَحْنَثُ هُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ ارْتَقَيْتِ هَذَا السُّلَّمَ أَوْ وَضَعْتِ رِجْلَكِ عَلَيْهِ فَأَنْت طَالِقٌ فَوَضَعَتْ إحْدَى قَدَمَيْهَا عَلَى السُّلَّمِ ثُمَّ تَذَكَّرَتْ فَرَجَعَتْ طَلَقَتْ وَلَوْ قَالَ: إنْ وَضَعْتُ قَدَمِي فِي هَذِهِ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ فَوَضَعَ إحْدَى قَدَمَيْهِ فِي الدَّارِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ وَضْعَ الْقَدَمِ فِي الدَّارِ صَارَ كِنَايَةً عَنْ الدُّخُولِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ خَرَجْت مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ وَضَعْت رِجْلَك فِي السِّكَّةِ فَأَنْت طَالِقٌ فَوَضَعَتْ الْقَدَمَ فِي السِّكَّةِ حَنِثَ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ صَعِدَتْ هَذَا السَّطْحَ فَأَنْت طَالِقٌ فَارْتَقَتْ بَعْضَ السُّلَّمِ لَا يَحْنَثُ هُوَ الْمُخْتَارُ

لِأَنَّهَا لَمْ تَصْعَدْ السَّطْحَ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. امْرَأَةٌ تَخْرُجُ مِنْ دَارِهَا إلَى سَطْحِ جَارِهَا فَغَضِبَ الرَّجُلُ فَقَالَ: إنْ خَرَجْت مِنْ هَذِهِ الدَّارِ إلَى سَطْحِ دَارِ الْجَارِ أَوْ إلَى الْبَابِ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ إلَى سَطْحِ جَارٍ آخَرَ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ لَمْ تَتَقَدَّمْ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةُ حَنِثَ لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى امْرَأَةٌ كَانَتْ تَبْكِي فِي بَيْتِهَا فَقَالَ زَوْجُهَا لِصِهْرِهِ: إنْ لَمْ تَخْرُجْ ابْنَتُك مِنْ هَذَا الْبَيْتِ وَتَبْكِي هُنَاكَ فَهِيَ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ دَخَلَتْ وَبَكَتْ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ يَسْمَعُ بُكَاءَهَا فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ طَلَقَتْ إذَا بَكَتْ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَهَا عَنْ الْبُكَاءِ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا يَحْنَثُ بِبُكَائِهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَكَانَتْ بِجَنْبِ دَارِهِ خَرِبَةٌ مَفْتَحُهَا إلَى الشَّارِعِ وَقَدْ سُدَّ بَابُ الْخَرِبَةِ وَأُخِذَتْ خَوْخَةٌ إلَى دَارِهِ بِمَرَافِقِهَا فَخَرَجَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْخَوْخَةِ هَلْ يَحْنَثُ قَالَ: إنْ كَانَتْ الْخَرِبَةُ أَصْغَرَ مِنْ الدَّارِ رَجَوْت أَنْ لَا يَحْنَثَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْت مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ كَرْمًا فِي الدَّارِ إنْ كَانَ الْكَرْمُ يُعَدُّ مِنْ الدَّارِ بِأَنْ يُفْهَمَ الْكَرْمُ بِذِكْرِ الدَّارِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ لَا يُعَدُّ وَلَا يُفْهَمُ حَنِثَ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْكَرْمُ فِي الدَّارِ وَفِي الثَّانِي لَا وَإِنَّمَا يُعَدُّ مِنْ الدَّارِ وَيُفْهَمُ بِذِكْرِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ كَبِيرًا أَوْ لَمْ يَكُنْ مَفْتَحُهُ إلَى غَيْرِ الدَّارِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. امْرَأَةٌ ذَهَبَتْ إلَى مَنْزِلِ وَالِدِهَا فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَتَبِعَهَا زَوْجُهَا وَسَأَلَهَا الْعَوْدَ إلَى مَنْزِلِهِ فَأَبَتْ فَحَلَفَ الزَّوْجُ بِطَلَاقِهَا إنْ لَمْ تَذْهَبْ إلَى مَنْزِلِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَخَرَجَتْ مَعَهُ وَذَهَبَ بِهَا إلَى مَنْزِلِهِ قَبْلَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ قَالُوا: إنْ كَانَ أَكْثَرُ اللَّيْلَةِ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ يُخَالَفُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ وَإِنْ ذَهَبَتْ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ أَكْثَرُ اللَّيْلَةِ يُرْجَى أَنْ لَا يَكُونَ حَانِثًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا ذَهَبَتْ مَعَهُ قَبْلَ مُضِيِّ اللَّيْلَةِ امْرَأَةٌ كَانَتْ مَعَ زَوْجِهَا فِي مَنْزِلِ وَالِدِهَا فَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ: اذْهَبِي مَعِي فَأَبَتْ فَقَالَ الزَّوْجُ: إنْ لَمْ تَذْهَبِي مَعِي فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَخَرَجَ الزَّوْجُ وَخَرَجَتْ هِيَ عَلَى أَثَرِهِ وَبَلَغَتْ الْمَنْزِلَ قَبْلَهُ قَالُوا: إنْ خَرَجَتْ بَعْدَهُ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ خُرُوجًا مَعَهُ حَنِثَ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ عِنْدَ خُرُوجِهَا: إنْ رَجَعْتِ إلَى مَنْزِلِي فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَجَلَسَتْ وَلَمْ تَخْرُجْ زَمَانًا ثُمَّ خَرَجَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ فَقَالَ الزَّوْجُ كُنْتُ نَوَيْتُ الْفَوْرَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُصَدَّقُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَعَا امْرَأَتَهُ إلَى الْوِقَاعِ فَأَبَتْ فَقَالَ: مَتَى يَكُونُ فَقَالَتْ: غَدًا فَقَالَ: إنْ لَمْ تَفْعَلِي هَذَا الْمُرَادَ غَدًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ نَسِيَاهُ حَتَّى مَضَى الْغَدُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ لَهَا فِي مَنْزِلِ وَالِدِهَا إنْ لَمْ تَحْضُرِي مَنْزِلِي اللَّيْلَةَ فَأَنْت طَالِقٌ فَمَنَعَهَا الْوَالِدُ مِنْ الْحُضُورِ تَطْلُقُ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ امْرَأَةٌ مُتَلَفِّفَةٌ فَقِيلَ لَهُ: هَذِهِ الْمُتَلَفِّفَةُ امْرَأَتُك ثُمَّ قِيلَ لَهُ: احْلِفْ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لَك امْرَأَةٌ سِوَى هَذِهِ فَحَلَفَ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ أَنْ لَيْسَ لَهُ امْرَأَةٌ سِوَى هَذِهِ وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ الْمُتَلَفِّفَةُ أَجْنَبِيَّةً اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ قَضَاءً وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِبَلْخٍ فَذَهَبَتْ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ إلَى تِرْمِذَ

ثُمَّ حَلَفَ إنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ بِتِرْمِذَ فَهِيَ طَالِقٌ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَبَى أَهْلُ الْمَرْأَةِ أَنْ يُزَوِّجُوهَا مِنْهُ لِمَا أَنَّ لَهُ امْرَأَةً أُخْرَى فَذَهَبَ الْخَاطِبُ بِامْرَأَتِهِ الْأُولَى إلَى الْمَقْبَرَةِ وَأَجْلَسَهَا هُنَالِكَ ثُمَّ قَالَ لِأَهْلِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي سِوَى الَّتِي فِي الْمَقْبَرَةِ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَحَسِبُوا أَنَّ لَيْسَتْ لَهُ امْرَأَةٌ فِي الْأَحْيَاءِ فَزَوَّجُوا مِنْهُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ صَحَّ النِّكَاحُ وَلَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تَجِيئِينِي غَدًا بِكَذَا فَأَنْت طَالِقٌ فَبَعَثَتْ بِهِ غَدًا عَلَى يَدِ إنْسَانٍ إنْ نَوَى الْوُصُولَ إلَيْهِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَى حَمْلَهَا أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا يَحْنَثُ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ: امْرَأَتُك طَالِقٌ إنْ لَمْ تَقْضِ دَيْنِي فَقَالَ الْمَدْيُونُ نَاعِمْ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: قُلْ نَعَمْ فَقَالَ: نَعَمْ وَأَرَادَ جَوَابَهُ فَالْيَمِينُ لَازِمَةٌ وَإِنْ دَخَلَ بَيْنَهُمَا انْقِطَاعٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ كَانَ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعِي: إنْ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْكِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّهِ وَقَضَى الْقَاضِي بِهِ فُرِّقَ بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ أَوْفَاهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَبْلَ دَعْوَاهُ يَبْطُلُ تَفْرِيقُ الْقَاضِي بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَتَطْلُقُ امْرَأَةُ الْمُدَّعِي إنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قَالُوا: لَمْ يُفَرِّقْ الْقَاضِي بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ قَالَ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ عِيَانًا وَلَوْ عَايَنَ إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى نَفْسِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِلْمُدَّعِي فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ شَتَمْتِنِي فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ لَعَنْتِنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَلَعَنَتْهُ تَقَع تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَفِي النَّوَازِلِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ قَالَتْ لَهُ: لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيك لَا تَطْلُقُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ لَهُ: يَا جَاهِلُ يَا حِمَارُ يَا أَبْلَهُ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَتْمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ شَتَمْتِنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَلَعَنَتْهُ طَلَقَتْ امْرَأَتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ لَهَا: إنْ شَتَمْت أُمِّي أَوْ ذَكَرْتِهَا بِسُوءٍ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا: كَانَتْ أُمُّك سَلَامٌ عَلَيْكَ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَا بَلْ أُمُّك فَإِنْ كَانَ الْحَلِفُ بِبَلْخٍ أَوْ بِبَلْدَةٍ يُسَمُّونَ السَّائِلَ سَلَامٌ عَلَيْكَ حَنِثَ أَمَّا فِي بِلَادِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَبِلَادٍ لَا يَعْرِفُونَ هَذَا اللَّفْظَ شَتْمًا وَلَا ذِكْرًا بِسُوءٍ لَا يَحْنَثُ. جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ تَشَاجُرٌ مِنْ قِبَلِ أُخْتِهِ فَقَالَ لَهَا: إنْ سَبَبْتِ أُخْتِي بَيْنَ يَدَيَّ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ دَخَلَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا وَهِيَ تَشَاجَرُ مَعَ أُخْتِهِ وَتَسُبُّهَا فَسَمِعَ الزَّوْجُ أَنْ سَبَّتْهَا وَهِيَ تَرَاهُ طَلَقَتْ لِأَنَّهَا سَبَّتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ قَالَ: إنْ شَتَمْتُ أَحَدًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَشَتَمَ مَيِّتًا طَلَقَتْ امْرَأَتُهُ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ قَذَفْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا: يَا ابْنَةَ الزَّانِيَةِ تَطْلُقُ لِأَنَّ هَذَا فِي الْعُرْفِ يُعَدُّ قَذْفًا لِلْمَرْأَةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ

قَذْفًا لِأُمِّهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ إنْ قَذَفْتِنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ لَهُ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ لَا يَحْنَثُ قَالَ الْفَقِيهُ لَكِنْ فِي زَمَانِنَا يَحْنَثُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: يَا سَفِلَةً فَقَالَ لَهَا: إنْ كُنْت سَفِلَةً فَأَنْت طَالِقٌ وَأَرَادَ بِهِ التَّعْلِيقَ لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ يَكُنْ سَفِلَةً فَتَكَلَّمُوا فِي مَعْنَى السَّفِلَةِ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَكُونُ سَفِلَةً إنَّمَا السَّفِلَةُ هُوَ الْكَافِرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ السَّفِلَةَ هُوَ الَّذِي لَا يُبَالِي بِمَا قَالَ وَمَا قِيلَ لَهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. قَالَتْ لَهُ: يَا كَشْخَانُ فَقَالَ الزَّوْجُ: إنْ أَنَا كَشْخَانُ فَأَنْت طَالِقٌ وَنَوَى التَّعْلِيقَ قَالَ أَبُو عِصْمَةَ الْكَشْخَانُ مَنْ سَمِعَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الرِّجَالِ مَدَّ يَدَهُ إلَى امْرَأَتِهِ بِسُوءٍ وَلَا يُبَالِي أَمَّا لَوْ ضَرَبَهَا فَلَيْسَ بِكَشْخَانَ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: يَا بَغَاك أَوْ قَالَتْ يَا قلتبان فَقَالَ: إنْ أَنَا بَغَاك أَوْ قَالَ: إنْ أَنَا قَلْتَبَانُ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَنْوِي الزَّوْجُ إنْ أَرَادَ الْمُكَافَأَةَ بِمَا قَالَتْ وَنَوَى بِالْفَارِسِيَّةِ خَشْم راندن وَقَعَ الطَّلَاقُ كَمَا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ كَمَا قَالَتْ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ لَمْ يَقَعْ مَا لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ كَذَلِكَ الْبِغَاكُ وَالْقَلْتَبَانُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ عَالِمًا بِفُجُورِ امْرَأَتِهِ رَاضِيًا بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْمُكَافَأَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى التَّعْلِيقِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ: إنْ كَانَ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ يُحْمَلُ عَلَى الْمُكَافَأَةِ لِأَنَّهُ هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْغَضَبِ يُحْمَلُ عَلَى التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ هُوَ الظَّاهِرُ. قَالَتْ لَهُ: إنَّكَ قَرْطَبَانُ فَقَالَ الزَّوْجُ: إنْ عَلِمْتِ أَنِّي قَرْطَبَانُ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ تَقُلْ: عَلِمْتُ أَنَّك قَرْطَبَانُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: يَا كَوْسَجُ فَقَالَ: إنْ كُنْت كَوْسَجًا فَأَنْت طَالِقٌ وَأَرَادَ بِهِ التَّعْلِيقَ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ لِحْيَتُهُ خَفِيفَةً غَيْرَ مُتَّصِلَةٍ تَطْلُقُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ هُوَ الْكَوْسَجُ فِي مُتَعَارَفِ النَّاسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَتَكَلَّمُوا فِي تَفْسِيرِ الْكَوْسَجِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ لِحْيَتُهُ خَفِيفَةً فَهُوَ كَوْسَجٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَوَجِيزِ الْكَرْدَرِيِّ. وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ تَكُونِي أَسْفَلَ مِنِّي فَأَنْت طَالِقٌ فَهَذَا عَلَى الْحَسَبِ فَإِنْ كَانَ أَحْسَبَ مِنْهَا لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَتْ أَحْسَبَ مِنْهُ تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ مُشْكِلًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَنَا أَحْسَبُ مِنْهَا مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الْحَلِفِ عَلَى الشَّتْمِ وَالضَّرْبِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ شَتَمْتِنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ مِنْهُ أَيْ بلاية بَجّه يُنْظَرُ إنْ قَالَتْ ذَلِكَ لِكَرَاهَةٍ عَنْ الْوَلَدِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنْ قَالَتْ ذَلِكَ لِكَرَاهَةٍ عَنْ الْوَالِدِ تَطْلُقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِوَلَدِهَا أَيْ بلاية زَادَهُ فَقَالَ الزَّوْجُ: إنْ كَانَ هُوَ بلاية زَادَهُ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَهَذَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمُجَازَاةَ أَوْ لَمْ يُرِدْ بِهِ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ

فَالْكَلَامُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي قَدْ مَرَّ وَأَمَّا فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ فَلَمْ تَطْلُقْ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَإِنْ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ وُجِدَ الشَّرْطُ فِي حَقِّهَا وَلَا يَسَعُهَا الْمَقَامُ مَعَهُ لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ الثَّلَاثُ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَإِنْ قَالَتْ ذَلِكَ لِشَيْءٍ كَرِهَتْهُ مِنْهُ لَا يَقَعُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ أَقُلْ عِنْدَ أَخِيكِ بِكُلِّ قُبْحٍ فِي الدُّنْيَا عَنْك فَأَنْت طَالِقٌ فَهَذَا يَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْقُبْحِ وَالْفَوَاحِشِ فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَخِ تَحَقَّقَ شَرْطُ الْبِرِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لِلْأَخِ مِنْ سَاعَتِهِ إنَّمَا قُلْت ذَلِكَ لِأَجْلِ الْيَمِينِ وَهِيَ بَرِيَّةٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي النَّوَازِلِ وَلَوْ قَالَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلٌ قَبِيحٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ تَشَاجَرَ مَعَ أَخِيهِ وَأُخْتِهِ فَقَالَ لَهُمَا بِالْفَارِسِيَّةِ اُكْرُمْنَ شَمَارًا بِكَوْنِ خراندر نكنم تَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُرَادُ بِهَذَا الْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ فَلَا يَحْنَثُ حَتَّى يَمُوتَا أَوْ يَمُوتَ الْحَالِفُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الْحَلِفِ عَلَى الشَّتْمِ وَقِيلَ يَحْنَثُ لِلْحَالِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي مَسِّ السَّمَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَحْنَثُ لِلْحَالِ لِأَنَّ الْعَجْزَ يَتَحَقَّقُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْقَهْرَ وَالْغَلَبَةَ وَالتَّضْيِيقَ عَلَيْهِمَا فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ النِّيَّةُ وَلَا يَحْنَثُ حَتَّى يَمُوتَ الْحَالِفُ أَوْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ مَا نَوَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَالْمُحِيطِ وَالتَّجْنِيسِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ وَالْخُلَاصَةِ. قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ أَغْضَبْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَضَرَبَ صَبِيًّا لَهَا فَغَضِبَتْ يُنْظَرُ إنْ ضَرَبَهُ فِي شَيْءٍ يَنْبَغِي أَنْ يُضْرَبَ وَيُؤَدَّبَ عَلَيْهِ لَا تَطْلُقُ وَإِنْ ضَرَبَهُ فِي شَيْءٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُضْرَبَ وَيُؤَدَّبَ عَلَيْهِ تَطْلُقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ: إنْ لَمْ أَكْسِرْ عِظَامَك وَأَشُجَّ لُحُومَك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَالَ: لَوْ ضَرَبَهَا حَتَّى لَا تَكَادَ تَبْرَحُ عَنْ مَكَانِهَا لَا يَحْنَثُ وَيَكُونُ هَذَا مَجَازًا عَنْ الضَّرْبِ الشَّدِيدِ. وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ أَزْنِ مِنْك السَّنَجَاتِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَالَ: لَوْ آذَاهَا أَذًى بَلِيغًا وَنَاقَشَهَا فِي كُلِّ أَمْرٍ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْ الْيَوْمَ وَلَدَك حَتَّى يَنْشَقَّ نِصْفَيْنِ طَلَقَتْ ثَلَاثًا ثُمَّ ضَرَبَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَلَمْ يَنْشَقَّ طَلَقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الْحَلِفِ بِالشَّتْمِ وَالضَّرْبِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك حَتَّى أَتْرُكَك لَا حَيَّةً وَلَا مَيِّتَةً قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا عَلَى أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا مُوجِعًا شَدِيدًا فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَقَوْلُهُ حَتَّى تَبُولِي أَوْ تَشْتَكِي أَوْ حَتَّى تَسْتَغِيثِي مَا لَمْ يُوجَدْ حَقِيقَةً هَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَمْ يَبَرَّ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ ضَرَبْتُكِ بِغَيْرِ جُرْمٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَوَضَعَتْ الْقَصْعَةَ عَلَى الْمَائِدَةِ وَمَالَتْ وَصَبَّتْ عَلَى رِجْلِهِ فَتَضَرَّرَ فَضَرَبَهَا لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَصْدٍ لِأَنَّهَا مُؤَاخَذَةٌ بِالْخَطَأِ فِي الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ

غَيْرَ أَنَّ الْإِثْمَ سَاقِطٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ فِي الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ. رَجُلٌ ضَرَبَ رَجُلًا ضَرْبًا وَجِيعًا فَقَالَ الْمَضْرُوبُ اُكْرُ مِنْ سزاي وى نكنم فَامْرَأَتُهُ كَذَا فَمَضَى زَمَانٌ وَلَمْ يُجَازِ قَالُوا هَذَا لَا يَقَعُ عَلَى الْمُجَازَاةِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ الْقِصَاصِ أَوْ الْأَرْشِ أَوْ التَّعْزِيرِ أَوْ نَحْوِهِ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْإِسَاءَةِ بِأَيِّ وَجْهٍ يَكُونُ فَإِنْ نَوَى الْفَوْرَ فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ يَكُونُ مُطْلَقًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ لَوْ قَالَ: اُكْرُ مِنْ نكنم بَاتُّو امْرِ وزآنكه مي بايد كُرِدْنَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يَصْنَعْ فِي حَقِّهِ شَيْئًا لَا الْإِحْسَانَ وَلَا الْإِسَاءَةَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِي حَقِّهِ مَا يَنْبَغِي وَهُوَ الْعَفْوُ إلَّا إذَا قَالَ: عَنَيْتُ بِهِ الضَّرْبَ أَوْ الشَّتْمَ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اُكْرُ ترابخون اُنْدُرْ نكنم فَأَنْت طَالِقٌ فَضَرَبَ أَنْفَهَا حَتَّى خَرَجَ الدَّمُ وَتَلَطَّخَتْ ثِيَابُهَا بَرَّ فِي يَمِينِهِ إنْ كَانَ مُرَادُهُ هَذَا الْقَدْرَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْكَمَالَ غَيْرُ مُرَادٍ. وَلَوْ قَالَ اُكْرُ أَيْنَ كَوَى راتركستان نكنم فَأَنْتِ طَالِقٌ بِمَاذَا يَبَرُّ قَالَ: إنْ سَلَّطَ عَلَيْهِمْ أَتْرَاكًا كَثِيرَةً بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ قَالَ اكرا فَرَدَّا مِنْ بَاتُّو جِنَان نكنم كه سَكّ با انبان آردكند فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ قَالَ: يُمَزِّقُ بَعْضَ ثِيَابِهِ وَيَجُرُّهُ وَيُلْقِيهِ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى يَبَرَّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْل الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ. قَالَ الْمُعَلَّى: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ لَيَضْرِبَنَّهَا حَتَّى يَقْتُلَهَا أَوْ حَتَّى تُرْفَعَ مَيِّتَةً وَلَا نِيَّةَ لَهُ قَالَ: إنْ ضَرَبَهَا ضَرْبًا شَدِيدًا كَأَشَدِّ الضَّرْبِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا دَنَوْتِ مِنِّي فَأَنْت طَالِقٌ فَضَرَبَ ابْنَهُ فَدَنَتْ مِنْهُ لِتَدْفَعَ الضَّرْبَ عَنْهُ إذَا كَانَتْ بِحَالَةٍ لَوْ مَدَّتْ يَدَهَا فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا حَنِثَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ لَقِيتُك فَلَمْ أَضْرِبْك فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَرَأَى الْعَبْدَ مِنْ قَدْرِ مِيلٍ أَوْ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَا يَصِلُ إلَيْهِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. سُئِلَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ رَجُلٍ كَانَ يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ فَأَرَادَتْ الْجَمَاعَةُ مِنْ النِّسَاءِ مَنْعَهُ فَقَالَ: اكرمر ابازدا ريداززدن فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَمَنَعْنَهُ وَلَمْ يَمْتَنِعْ وَهُوَ يَمْنَعُهُنَّ قَالَ: طَلَقَتْ ثَلَاثًا وَإِنَّهُ صَحِيحٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ لَهَا: إنْ أَذَيْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ فَاشْتَرَى جَارِيَةً وَتَسَرَّاهَا فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْيَمِينِ مَا يَصْرِفُ مَعْنَى الْإِيذَاءِ إلَيْهِ سِوَى مَا فَعَلَ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْيَمِينَ انْصَرَفَتْ إلَى ذَلِكَ وَإِلَّا طَلَقَتْ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُعِدُّ هَذَا أَذًى حَتَّى لَوْ لَمْ تُعِدّهُ لَا يَقَعُ. قَالَ: لَسْتِ تُحِبِّينِي فَقَالَتْ: إنْ لَمْ أُحِبُّكَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ بِالْفَارِسِيَّةِ خَوْد نوئى إنْ قَالَتْ: لَا أُحِبُّك قَبْلَ أَنْ تُفَارِقَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ فَإِنْ فَارَقَتْهُ قَبْلَ أَنْ تَقُولَ شَيْئًا لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ قَوْلَهُ خَوْد نوئى يَنْصَرِفُ إلَى مَا ذَكَرَتْ مِنْ الطَّلَاقِ

الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ فَصَارَ قَائِلًا بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ تُحِبِّينِي. دَعَا امْرَأَتَهُ إلَى الْفِرَاشِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: مَا تَصْنَعُ بِي وَتَكْفِيك فُلَانَةُ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَقَالَ الزَّوْجُ: إنْ كُنْت أُحِبُّهَا فَأَنْت طَالِقٌ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَالْمُخْتَارُ أَنْ لَا تَطْلُقَ مَا لَمْ يَقُلْ الزَّوْجُ أُحِبُّهَا وَإِنْ كَانَ يُحِبُّهَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِالْإِخْبَارِ عَنْ الْمَحَبَّةِ. قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ تَكُونِي أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ التُّرَابِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ اسْتَهَانَ بِهَا اسْتِهَانَةً يُعَدُّ إفْرَاطًا فِيهَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهَا أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنْ التُّرَابِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ النِّسَاءِ يَجْتَمِعْنَ وَيَغْزِلْنَ لِأَنْفُسِهِنَّ وَلِغَيْرِهِنَّ أَيْضًا فَغَضِبَ زَوْجُ امْرَأَةٍ فَقَالَ لَهَا: إنْ غَزَلْت لِأَحَدٍ أَوْ غَزَلَ لَك أَحَدٌ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ إنَّ امْرَأَةً مِنْهُنَّ وَجَّهَتْ إلَى بَيْتِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ قُطْنًا لِتَغْزِلَهُ فَغَزَلَتْهُ أُمُّهَا قَالَ إنْ كَانَ مِنْ عَادَةِ أُولَئِكَ النِّسْوَةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَغْزِلُ بِنَفْسِهَا لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ تَغْزِلْ هِيَ بِنَفْسِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ اُكْرُرْ يَسِمَانِ توبكار بَرَمَ يابكار ايد مَرَّا فَأَنْت طَالِقٌ فَاسْتَبْدَلَ غَزْلَهَا بِغَزْلٍ آخَرَ أَوْ كِرْبَاسًا نُسِجَ مِنْ غَزْلِهَا بِكِرْبَاسِ آخَرَ فَلَبِسَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَإِنْ اتَّخَذَ مِنْهُ شَبَكَةً فَاصْطَادَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ حَانِثًا لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِيمَا يَلِيقُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ. وَلَوْ قَالَ: ارريسمان توبكار بَرَمَ فَلَبِسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ فَقِيلَ: اكربكار آيَد قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ حَانِثًا. رَجُلٌ قَالَ: اكررشته تَوّ بُرْتُنَّ مِنْ آيَد فَأَنْت طَالِقٌ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى غَزْلِهَا أَوْ خَاطَ بِغَزْلِهَا ثَوْبًا وَلَبِسَ أَوْ اتَّكَأَ عَلَى مِرْفَقَةٍ مِنْ غَزْلِهَا أَوْ نَامَ عَلَى فِرَاشٍ مِنْ غَزْلِهَا قَالُوا: يَمِينُهُ تَقَعُ عَلَى اللُّبْسِ خَاصَّةً وَلَا يَحْنَثُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ. وَلَوْ قَالَ: اكراين جَامه بُرْتُنَّ مِنْ آيَد فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَكَانَ ذَلِكَ قَمِيصًا فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ قَالُوا: تَقَعُ يَمِينُهُ عَلَى اللُّبْسِ الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ: اكرريسمان توبكار ايدِيَا بِسُودِ وَزِيَّانِ مِنْ اُنْدُرْ آيَد فَكَذَا فَبَاعَتْ غَزْلَهَا وَاشْتَرَتْ بِثَمَنِهِ فُقَّاعًا وَسَقَتْ زَوْجَهَا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَيْنُ الْغَزْلِ وَلَا ثَمَنُهُ فِي سودزيانه لِأَنَّ الدُّخُولَ فِي سودزيانه عِبَارَةٌ عَنْ الدُّخُولِ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يُوجَدْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ: اكررشته تُوبَا كَارِدَة توبسودزيان مِنْ دُرّ آيَد فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَغَزَلَتْ وَأَلْبَسَتْ نَفْسَهَا وَصِبْيَانَهَا لَا تَطْلُقُ فَإِنْ قَضَتْ دَيْنًا عَلَى زَوْجِهَا لَمْ تَطْلُقْ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ وَإِنْ عَمِلَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْبَيْتِ مِنْ الْخُبْزِ وَالطَّبْخِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ لَا تَطْلُقُ أَيْضًا لِعَدَمِ شَرْطِ الْحِنْثِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ قَالَ: اُكْرُ مِنْ ترابيوشا نَمْ ازكار

كَرَدِّهِ خويش فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ رَفَعَتْ إلَى زَوْجِهَا كِرْبَاسًا لِيَنْسِجَهُ لَهَا بِأَجْرٍ فَأَخَذَ الْأَجْرَ وَنَسَجَ فَلَبِسَتْ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ هَذَا مَكْسُوبُ الْمَرْأَةِ لَا مَكْسُوبَ الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ الْقُطْنُ مِنْ الزَّوْجِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ الْإِلْبَاسُ وَلَمْ يُوجَدْ وَكَذَا لَوْ كَانَ الثَّوْبُ لِلرَّجُلِ فَلَبِسَتْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا لِعَدَمِ الْإِلْبَاسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْحَلِفِ بِاللُّبْسِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ وَضَعْتِ يَدَك عَلَى الدَّوْكِ فَأَنْت طَالِقٌ فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى الدَّوْكِ وَلَمْ تَغْزِلْ لَا تَطْلُقُ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهُوَ لَابِسٌ مِنْ غَزْلِهَا: آن جَامه كه بوشيده أَمْ دريد وكذشت إنْ لَبِسْتُ مِنْ غَزْلِك فَأَنْت طَالِقٌ فَلَمْ يَنْزِعْ مَا كَانَ لَابِسًا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ أَمَّا لَوْ قَالَ: اُكْرُ جُزْأَيْنِ بيوشم فَكَذَا فَلَمْ يَنْزِعْ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ بِعْتُ غَزْلَك فَأَنْت طَالِقٌ فَبَاعَ غَزْلًا لِلنَّاسِ فِيهِ غَزْلُهَا حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. امْرَأَةٌ تُرِيدُ أَنْ تَقْطَعَ لِزَوْجِهَا قَبَاءً فَقَالَ الزَّوْجُ بِالْفَارِسِيَّةِ: اُكْرُ أَيْنَ قباكه تومبيرى اكْنُونِ مِنْ بيوشم فَأَنْت طَالِقٌ فَقَطَعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ فَلَبِسَ طَلَقَتْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَوْرٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تَرْفَعُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا وَتَدْفَعُ إلَى امْرَأَةٍ لِتَغْزِلَ لَهَا الْقُطْنَ فَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ: إنْ رَفَعْت مِنْ مَالِي شَيْئًا فَأَنْت طَالِقٌ فَرَفَعَتْ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا وَاشْتَرَتْ مِنْ الْفَامِيِّ شَيْئًا مِنْ حَوَائِجِ الْبَيْتِ أَوْ أَقْرَضَتْ رَغِيفًا أَوْ كَانَتْ الْجَارَةُ تَخْبِزُ فِي بَيْتِهَا فَاحْتَاجَتْ إلَى شَيْءٍ مِنْ الدَّقِيقِ فَأَعْطَتْهَا وَالزَّوْجُ لَمْ يَكُنْ يَكْرَهُ ذَلِكَ مِنْهَا وَإِنَّمَا يَكْرَهُ مَا تَدْفَعُ لِلْغَزْلِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ تَتَوَلَّى شِرَاءَ الْحَوَائِجِ بِمَالِ الزَّوْجِ بِإِذْنِهِ عَادَةً حَنِثَ الزَّوْجُ وَإِنْ كَانَتْ تَتَوَلَّى لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ هَذَا إنْفَاقٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ قَالَ: إنْ انْتَفَعْت بِهَذِهِ الْحِنْطَةِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَبَاعَهَا وَانْتَفَعَ بِثَمَنِهَا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ اشْتَرَى مَنًّا مِنْ اللَّحْمِ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ: هَذَا أَقَلُّ مِنْ مَنٍّ وَحَلَفَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ الزَّوْجُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مَنًّا فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ يُطْبَخُ قَبْلَ أَنْ يُوزَنَ فَلَا يَحْنَثُ الرَّجُلُ وَلَا الْمَرْأَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ عَمَّرْت فِي هَذَا الْبَيْتِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَخَرِبَ حَائِطٌ بَيْنَ هَذَا الْبَيْتِ وَبَيْنَ جَارٍ لَهُ فَعَمَّرَهُ وَقَصَدَ بِهِ عِمَارَةَ بَيْتِ الْجَارِ لَا عِمَارَةَ هَذَا الْبَيْتِ قَالُوا: يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَقَصْدُهُ بَاطِلٌ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ كَذَبْت فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَسُئِلَ عَنْ أَمْرٍ فَحَرَّكَ رَأْسَهُ بِالْكَذِبِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لَا يَشْرَبَ الْمُسْكِرَ فَصَبَّ فِي حَلْقِهِ وَدَخَلَ جَوْفَهُ إنْ دَخَلَ جَوْفَهُ بِغَيْرِ صُنْعِهِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ أَمْسَكَهُ فِي فِيهِ ثُمَّ شَرِبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَحْنَثُ. وَلَوْ قَالَ: إنْ شَرِبْت الْخَمْرَ فَأَنْت طَالِقٌ فَشَهِدَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْحَدِّ وَلَا فِي حَقِّ الطَّلَاقِ وَقِيلَ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ وَهُوَ

الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ الْمُسْكِرَ إلَى سَنَةٍ فَشَرِبَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الشَّرَابِ وَرَأَوْهُ سَكْرَانَ وَهُوَ يَجْحَدُ شُرْبَ الْمُسْكِرِ فَشَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي فَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: لِلْقَاضِي أَنْ يَحْتَاطَ وَلَا يَقْبَلُ شَهَادَةَ مَنْ لَا يُعَايِنُ الشُّرْبَ وَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَحْتَاطَ لِنَفْسِهَا فِي الْمُفَارَقَةِ بِالْغَدَاءِ. رَجُلٌ قَالَ لِإِنْسَانٍ شَيْئًا تَقُولُ هَذَا مِنْ السُّكْرِ فَقَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ قُلْت هَذَا مِنْ السُّكْرِ وَلَسْت بِسَكْرَانَ قَالُوا: إنْ كَانَ كَلَامُهُ مُخْتَلَطًا وَيُعَدُّ سَكْرَانَ عِنْدَ النَّاسِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ طَلَّقَ فُلَانٌ امْرَأَتَهُ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَغَابَ فُلَانٌ فَأَقَامَتْ امْرَأَةُ الْحَالِفِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْغَائِبَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ يَمِينِ زَوْجِهَا قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ: لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اذْهَبِي إلَى فُلَانٍ وَاسْتَرِدِّي مِنْهُ كَذَا وَاحْمِلِيهِ إلَيَّ السَّاعَةَ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ فَذَهَبَتْ وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى الِاسْتِرْدَادِ ثُمَّ اسْتَرَدَّتْ مِنْهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَحَمَلَتْهُ إلَيْهِ قَالُوا: يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ احْمِلِيهِ إلَيَّ السَّاعَةَ تَنْصِيصٌ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ. سَكْرَانُ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ فَخَرَجَتْ مِنْ دَارِهِ فَقَالَ: إنْ لَمْ تَعُودِي إلَيَّ فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَصْرِ فَعَادَتْ إلَيْهِ عِنْدَ الْعِشَاءِ قَالُوا: يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ يَمِينَهُ تَقَعُ عَلَى الْفَوْرِ وَإِنْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ الْفَوْرَ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً. وَفِي الْمَرْأَةِ إذَا قَامَتْ لِتَخْرُجَ فَقَالَ الزَّوْجُ: إنْ خَرَجْت فَأَنْت طَالِقٌ فَجَلَسَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَاعَةٍ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ رَجُلٌ قَالَ: إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا أَيْنَ زَنِّ كه مَرَّا بِخَانِهِ است طَلَاق وَقَدْ كَانَ فَعَلَ إلَّا أَنَّ امْرَأَتَهُ لَمْ تَكُنْ فِي بَيْتِهِ وَقْتَ الْيَمِينِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ هُوَ الْمَنْكُوحَةُ وَلَوْ قَالَ: أَيْنَ زَنِّ كه مَرَّا دَرَيْنَ خَانَهُ است كَذَا وَلَيْسَتْ امْرَأَتُهُ فِي الْبَيْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ عِنْدَ تَعْيِينِ الْبَيْتِ لَا يُرَادُ بِهِ الْمَنْكُوحَةُ. صَبِيٌّ قَالَ: إنْ شَرِبْت فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَشَرِبَ وَهُوَ صَبِيٌّ فَتَزَوَّجَ وَهُوَ بَالِغٌ فَظَنَّ صِهْرُهُ أَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ فَقَالَ هَذَا الْبَالِغُ: آرَى حَرَام است بِرّ مِنْ قَالُوا: هَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْحُرْمَةِ فَتَحْرُمُ امْرَأَتُهُ ابْتِدَاءً وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَحْرُمُ امْرَأَتُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ بِالْفَارِسِيَّةِ: اُكْرُ توامشب بِدِينِ خَانَهُ درباشي: فَأَنْت كَذَا فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا مِنْ سَاعَتِهَا وَبَاتَتْ مَعَهُ فِي مَنْزِلِهِ قَالُوا: إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ تَنْتَقِلَ بِمَتَاعِهَا وَقُمَاشِهَا يَحْنَثُ إنْ تَرَكَتْ قُمَاشَهَا ثَمَّةَ وَإِنْ أَرَادَ النَّقْلَ بِنَفْسِهَا لَا غَيْرَ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَى الْمَرْأَةِ حَلَّفَتْهُ فَإِنْ حَلَفَ فَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا وَقَّتَ فَقَالَ: اُكْرُ أَيْنَ دروروزا ينجاباشي وَإِنْ وَقَّتَ بِسَنَةٍ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الِانْتِقَالِ بِنَفْسِهَا وَمَتَاعِهَا وَقُمَاشِهَا وَإِنْ لَمْ يُوَقِّتْ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَقْتَ الْيَمِينِ يُحْمَلُ عَلَى الِانْتِقَالِ بِنَفْسِهَا. رَجُلٌ أَرَادَ

السَّفَرَ فَحَلَّفَهُ صِهْرُهُ وَقَالَ: إنْ غِبْت بَعْدَ هَذَا عَنْ امْرَأَتِك فَلَمْ تَرْجِعْ إلَيْهَا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَامْرَأَتُك طَالِقٌ فَقَالَ الْخَتَن بِالْفَارِسِيَّةِ: هُسَّتْ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ غَابَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ طَلَقَتْ امْرَأَتُهُ لِأَنَّهُ أَجَابَ كَلَامَ الصِّهْرِ وَالْجَوَابُ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ فَتَطْلُقُ امْرَأَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ وَضَعَ لُقْمَةً فِي فِيهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ إنْ أَكَلْتَهَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَقَالَ لَهُ آخَرُ: إنْ أَخْرَجْتَهَا فَعَبْدِي حُرٌّ قَالُوا: يَأْكُلُ بَعْضَهَا وَيُلْقِي بَعْضَهَا فَلَا يَحْنَثُ أَحَدُهُمَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اُكْرُ مَرِّغْ دَارِي فَأَنْت طَالِقٌ فَدَعَتْ إلَى غَيْرِهَا لِيُمْسِكَ إنْ حَلَفَ لِأَجْلِ اللَّوْثِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ حَلَفَ لِاشْتِغَالِهَا بِالطُّيُورِ يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ زَيْنَبَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا طَلَّقْت عُمْرَةَ ثُمَّ قَالَ لِعَمْرَةَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا طَلَّقْت زَيْنَبَ ثُمَّ طَلَّقَ زَيْنَبَ يَقَعُ عَلَى عُمْرَةَ وَلَا يَقَعُ عَلَى زَيْنَبَ وَلَوْ لَمْ تَطْلُقْ زَيْنَبُ وَلَكِنْ طَلَقَتْ عُمْرَةُ تَقَعُ عَلَى زَيْنَبَ وَاحِدَةٌ وَعَلَى عُمْرَةَ أُخْرَى قِيلَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى: وَجَبَ أَنْ تَقَعَ عَلَى زَيْنَبَ أُخْرَى وَفِي الثَّانِيَةِ يَجِبُ أَنْ لَا تَقَعَ عَلَى عُمْرَةَ أُخْرَى وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ دَخَلْت الدَّارَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ حَسُنَ خُلُقُك سَوْفَ أُرَاجِعُك وَقَعَ الطَّلَاقُ السَّاعَةَ وَهَذَا لَيْسَ بِيَمِينٍ وَإِنَّمَا هُوَ عِدَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَرْخِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا دَخَلْت الدَّارَ فَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَ لِأَنَّ لَا حَرْفُ نَفْيٍ أَكَّدَهُ بِالْحَلِفِ فَكَأَنَّهُ نَفَى دُخُولَهَا وَلِذَلِكَ يَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِدُخُولِهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ دَخَلْت الدَّارَ لَطَلَّقْتُك فَهُوَ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا إنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا إذَا دَخَلَتْ الدَّارَ كَأَنَّهُ قَالَ: إذَا دَخَلْت الدَّارَ أُطَلِّقُك فَإِنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا حَتَّى يَمُوتَ الزَّوْجُ أَوْ تَمُوتَ الْمَرْأَةُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ إنْ لَمْ أَضْرِبْك. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اُدْخُلِي الدَّارَ وَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ الدَّارَ طَلَقَتْ لِأَنَّ جَوَابَ الْأَمْرِ بِحَرْفِ الْوَاوِ كَجَوَابِ الشَّرْطِ بِحَرْفِ الْفَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ: أَيَّةُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَهَذَا عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ جَمِيعَ النِّسَاءِ وَهَذَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: هِرّ كَدَامٍ زَنِّ كه بِزِنَى كَنَمِّ يَقَعُ كُلُّ امْرَأَةٍ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ. وَلَوْ قَالَ: أَيَّةُ امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنِّي فَهِيَ طَالِقٌ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ النِّسَاءِ وَلَوْ قَالَ: هَرْجه زَنِّ بِزِنَى كَنَمِّ يَقَعُ عَلَى كُلِّ امْرَأَةٍ مَرَّةً وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّكْرَارَ وَلَوْ قَالَ: هَرْجه كَاهَ زَنِّ بِزِنَى كَنَمِّ يَقَعُ

عَلَى امْرَأَةٍ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ تَنْحَلُّ وَلَوْ قَالَ: ازَّيَّنَ روزتاهزا رِسَال هرزنى كه ويراست فَهِيَ طَالِقٌ وَلَيْسَتْ لَهُ امْرَأَةٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً لَا تَطْلُقُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: أَيَّةُ نِسَائِي كَلَّمْتُك فَهِيَ طَالِقٌ فَكَلَّمْنَهُ طُلِّقْنَ. وَلَوْ قَالَ: أَيَّةُ نِسَائِي كَلَّمْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَكَلَّمَهُنَّ مَعًا طَلَقَتْ وَاحِدَةٌ وَالْخِيَارُ إلَى الزَّوْجِ فِي الْبَيَانِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ: أَيَّتُكُمَا أَكَلْت هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ فَأَكَلَتَا مِنْهَا جَمِيعًا لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ وَلَا يَجِبُ حَدٌّ وَلَا لِعَانٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ: يَا زَانِيَةُ نِدَاءٌ وَالنِّدَاءُ لَيْسَ بِفَاصِلٍ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَيْنَبُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ بِنْتُ الزَّانِيَةِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَلَوْ قَدَّمَ النِّدَاءَ فَقَالَ: يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَهُوَ قَاذِفٌ لَهَا حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ يُلَاعِنُهَا وَإِذَا صَحَّ الْقَذْفُ يُنْظَرُ إنْ لَاعَنَهَا أَوَّلًا ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ طَلَقَتْ لِبَقَاءِ الْمَحَلِّيَّةِ وَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ أَوَّلًا ثُمَّ خَاصَمَتْهُ فِي الْقَذْفِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا يُلَاعِنُهَا وَإِنْ كَانَ بَائِنًا لَا. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَا طَالِقُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ لَمْ تَطْلُقْ فِي الْحَالِ وَيُتَعَلَّق. وَلَوْ قَالَ: يَا زَانِيَةُ بِنْتُ الزَّانِيَةِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ يَصِيرُ قَاذِفًا لَهَا وَلِأُمِّهَا فِي الْحَالِ وَتَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ بَدَأَ بِالنِّدَاءِ بِالطَّلَاقِ فَقَالَ: يَا طَالِقُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَقَعَ طَلَاقٌ بِقَوْلِهِ يَا طَالِقُ وَتَعَلَّقَ طَلَاقٌ آخَرُ بِدُخُولِ الدَّارِ. إذَا أَتَى بِالنِّدَاءِ فِي آخِرِ الْكَلَامِ بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ يَا زَانِيَةُ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَتَعَلَّقُ بِالدُّخُولِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالدُّخُولِ ثُمَّ نَادَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَصَارَ قَاذِفًا وَفِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ يَا طَالِقُ تَعَلَّقَ الْأَوَّلُ بِالدُّخُولِ وَوَقَعَ بِقَوْلِهِ يَا طَالِقُ طَلَاقٌ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَاسْمُهَا عُمْرَةُ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ يَا عُمْرَةُ فَأَنْت طَالِقٌ وَيَا زَيْنَبُ فَدَخَلَتْ عُمْرَةُ الدَّارَ طَلَقَتْ وَيُسْأَلُ عَنْ نِيَّتِهِ فِي زَيْنَبَ فَإِنْ قَالَ: نَوَيْت طَلَاقَهَا طَلَقَتْ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ بِغَيْرِ وَاوٍ فَقَالَ: نَوَيْت طَلَاقَهَا مَعَ عُمْرَةَ طُلِّقَا جَمِيعًا وَلَوْ قَدَّمَ الطَّلَاقَ فَقَالَ: يَا عُمْرَةُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ يَا زَيْنَبُ فَدَخَلَتْ عُمْرَةُ الدَّارَ طَلُقَتَا جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ طَلَاقَ زَيْنَبَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ يَا عُمْرَةُ طَالِقٌ وَيَا زَيْنَبُ لَمْ تَطْلُقْ زَيْنَبُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَك فُلَانٌ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَيَا فُلَانُ كَانَ الْمَالُ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ قَدَّمَ الْمَالَ فَقَالَ: لَك أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَيَّ يَا زَيْدُ وَيَا سَالِمُ كَانَ الْمَالُ لَهُمَا جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ: يَا عُمْرَةُ أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَيْنَبُ فَعُمْرَةُ طَالِقٌ دُونَ زَيْنَبَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَا عُمْرَةُ يَا زَيْنَبُ لَا تَطْلُقُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُمَا وَلَوْ قَدَّمَ اسْمَهُمَا فَقَالَتْ: يَا عُمْرَةُ يَا زَيْنَبُ أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ الْأُولَى إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا

فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً طَلَقَتْ تَزَوَّجَ بَعْدَهَا أُخْرَى أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ ثُمَّ امْرَأَةً لَا يَقَعُ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ فِي عَقْدٍ إحْدَاهُمَا نِكَاحٌ فَاسِدٌ تَطْلُقُ الَّتِي نِكَاحُهَا صَحِيحٌ. وَلَوْ قَالَ: آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ امْرَأَةً لَا يَقَعُ عَلَى الْأَخِيرَةِ حَتَّى يَمُوتَ الزَّوْجُ وَإِذَا مَاتَ الزَّوْجُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا مِنْ حِينِ التَّزَوُّجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَوْ دَخَلَ بِهَا لَزِمَهُ مَهْرٌ وَنِصْفٌ نِصْفٌ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَهْرٌ بِالدُّخُولِ بِنَاءً عَلَى عَقْدٍ فَاسِدٍ وَتُعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ مَقْصُورًا عَلَى الْحَالِ وَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلٍ وَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ فِي الْجَامِعِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ: آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ عُمْرَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَ زَيْنَبَ ثُمَّ طَلَّقَ عُمْرَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ عُمْرَةَ ثَانِيًا ثُمَّ مَاتَ الْحَالِفُ طَلَقَتْ زَيْنَبُ وَلَا تَطْلُقُ عُمْرَةُ وَلَوْ نَظَرَ إلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ وَقَالَ: آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْكُنَّ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى ثُمَّ طَلَّقَ الْأُولَى ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ عَلَى الَّتِي تَزَوَّجَهَا مَرَّةً دُونَ الَّتِي تَزَوَّجَهَا مَرَّتَيْنِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى سَوَاءٌ فِيمَا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ تَزَوُّجِ الثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا تَفْتَرِقَانِ فِيمَا إذَا لَمْ يَمُتْ الزَّوْجُ حَتَّى تَزَوَّجَ الْعَاشِرَةَ بِأَنْ تَزَوَّجَ مَثَلًا أَرْبَعًا وَفَارَقَهُنَّ ثُمَّ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا أُخْرَى وَفَارَقَهُنَّ ثُمَّ تَزَوَّجَ التَّاسِعَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَ الْعَاشِرَةَ تَطْلُقُ كَمَا تَزَوَّجَهَا مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يَمُتْ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَوْ تَزَوَّجَ عَشْرَ نِسْوَةٍ عَلَى التَّفَارِيقِ فَالْعَاشِرَةُ لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ يَمُتْ الزَّوْجُ. وَلَوْ قَالَ: آخِرُ تَزَوُّجٍ أَتَزَوَّجُهُ فَاَلَّتِي أَتَزَوَّجُ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَطَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى ثُمَّ تَزَوَّجَ الَّتِي طَلَّقَهَا ثَانِيًا فَمَاتَ الزَّوْجُ طَلَقَتْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا مَرَّتَيْنِ لَا الَّتِي تَزَوَّجَهَا مَرَّةً وَكَذَلِكَ لَوْ نَظَرَ إلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ وَقَالَ: آخِرُ تَزَوُّجٍ أَتَزَوَّجُهُ مِنْكُنَّ فَاَلَّتِي أَتَزَوَّجُ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً وَطَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى ثُمَّ تَزَوَّجَ الَّتِي طَلَّقَهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ طَلَقَتْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا مَرَّتَيْنِ وَلَوْ تَزَوَّجَ الْعَاشِرَةَ لَمْ تَطْلُقْ الْعَاشِرَةُ حَتَّى يَمُوتَ الزَّوْجُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَأَقَرَّ بَعْدَ الْيَمِينِ بِتَزَوُّجِ امْرَأَةٍ فَادَّعَتْ الطَّلَاقَ وَادَّعَتْ أَنَّهَا الْأُولَى فَقَالَ: قَدْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ قَبْلَك وَصَدَّقَتْهُ فُلَانَةُ أَوْ كَذَّبَتْهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الَّتِي أَقَرَّ بِنِكَاحِهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا مُعَايَنَةً وَطَلَّقَهَا لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْأَوَّلِيَّةُ فِي التَّزَوُّجِ فَكَانَ مُقِرًّا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى الْمَنْكُوحَةِ وَقَدْ ظَهَرَ نِكَاحُهَا دُونَ نِكَاحِ غَيْرِهَا فَكَانَ مُقِرًّا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا ظَاهِرًا فَإِذَا ادَّعَى صَرَفَهُ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا لَا يُصَدَّقُ فِي الصَّرْفِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَطَلَقَتْ تِلْكَ دُونَ الْمَعْرُوفَةِ لِأَنَّهَا هِيَ الْأُولَى وَتَطْلُقُ الْأُخْرَى أَيْضًا لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِحُرْمَتِهَا ثُمَّ الْأُخْرَى إنْ صَدَّقَتْهُ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فِي النِّكَاحِ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمَعْرُوفَةُ أَنَّ الْمَجْهُولَةَ كَانَتْ هِيَ الْأُولَى لَا يَقَعُ عَلَى الْمَعْرُوفَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ

وَلَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتُهَا وَفُلَانَةُ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَنِكَاحُ فُلَانَةَ إنْ صَدَّقَتْهُ يَثْبُتُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَتْ فُلَانَةُ أَوَّلَ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا فَادَّعَتْ الطَّلَاقَ فَقَالَ: تَزَوَّجْت قَبْلَهَا أُخْرَى فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ: أَوَّلُ امْرَأَةٍ مِنْكُمَا أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت إحْدَاكُمَا قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا فَادَّعَتْ الطَّلَاقَ فَقَالَ: تَزَوَّجْت الْأُخْرَى قَبْلَهَا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ قَالَ: تَزَوَّجَتْهُمَا فِي عُقْدَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت عُمْرَةَ قَبْلَ زَيْنَبَ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ عُمْرَةَ فَادَّعَتْ الطَّلَاقَ فَقَالَ: تَزَوَّجْت زَيْنَبَ قَبْلَك فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت إحْدَاكُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا وَقَالَ: تَزَوَّجْت الْأُخْرَى قَبْلَهَا لَا يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ: تَزَوَّجَتْهُمَا مَعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مَرَّتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَطْلُقْ وَلَوْ قَالَ: آخِرُ تَزَوُّجٍ أَتَزَوَّجُهُ فَهِيَ طَالِقٌ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا طَلَقَتْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى ثُمَّ تَزَوَّجَ الَّتِي طَلَّقَ ثُمَّ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى الْفِعْلِ الْمَاضِي فَقَالَ: آخِرُ امْرَأَةٍ تَزَوَّجْتُهَا طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ طَلَقَتْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا مَرَّةً. وَلَوْ قَالَ: آخِرُ تَزَوُّجٍ تَزَوَّجْتُهُ فَاَلَّتِي تَزَوَّجْتُهَا طَالِقٌ طَلَقَتْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا مَرَّتَيْنِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ عُمْرَةُ وَزَيْنَبُ فَقَالَ: عُمْرَةُ طَالِقٌ السَّاعَةَ أَوْ زَيْنَبُ طَالِقٌ السَّاعَةَ أَوْ زَيْنَبُ طَالِقٌ إذَا دَخَلْت الدَّارَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَى إحْدَاهُمَا حَتَّى يَدْخُلَ الدَّارَ فَإِذَا دَخَلَ خُيِّرَ فِي إيقَاعِهِ عَلَى أَيَّتِهِمَا شَاءَ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَسْت بِرَجُلٍ أَوْ أَنَا غَيْرُ رَجُلٍ فَهِيَ طَالِقٌ لِأَنَّهُ رَجُلٌ وَهُوَ كَاذِبٌ فِي كَلَامِهِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنَا رَجُلٌ كَانَ صَادِقًا وَلَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ لَا بَلْ هَذِهِ لِلْمَرْأَةِ الْأُخْرَى فَالْيَمِينُ عَلَى دُخُولِ الْأُولَى فَإِنْ دَخَلَتْ الْأُولَى الدَّارَ طَلُقَتَا وَإِنْ دَخَلَتْ الثَّانِيَةُ لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ عَنْ شَرْطٍ صَحَّتْ فَإِنْ دَخَلَتْ الثَّانِيَةُ طَلَقَتْ الْأُولَى دِيَانَةً وَقَضَاءً وَإِنْ دَخَلَتْ الْأُولَى طَلَقَتْ الْأُولَى دِيَانَةً وَقَضَاءً أَيْضًا وَتَطْلُقُ الثَّانِيَةُ قَضَاءً وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت لَا بَلْ هَذِهِ فَهُوَ عَلَى مَشِيئَةِ الْأُولَى وَلَا يُشْتَرَطُ مَشِيئَتُهُمَا طَلَاقَهُمَا حَتَّى لَوْ شَاءَتْ طَلَاقَ نَفْسِهَا دُونَ صَاحِبَتِهَا طَلَقَتْ هِيَ خَاصَّةً وَلَوْ شَاءَتْ طَلَاقَ صَاحِبَتِهَا طَلَقَتْ صَاحِبَتُهَا خَاصَّةً وَلَوْ شَاءَتْ طَلَاقَهُمَا جَمِيعًا طَلُقَتَا وَلَوْ قَالَ: عَنَيْت صَرْفَ الْمَشِيئَةِ إلَى الثَّانِيَةِ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَلَا يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ فِي حَقِّ التَّخْفِيفِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت لَا بَلْ فُلَانَةُ طَالِقٌ تَنْجِيزُ طَلَاقِ الْأُخْرَى وَطَلَقَتْ حِينَ تَكَلَّمَ وَاحِدَةٌ دُونَ طَلَاقِ الْأُولَى فَإِنَّهُ بَقَى مُعَلَّقًا بِالدُّخُولِ وَلَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ وَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ فُلَانَةُ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ فَيَقَعُ طَلَاقُ الْأُولَى فِي الْحَالِ وَيَبْقَى طَلَاقُ الْأُخْرَى مُعَلَّقًا كَذَا

الفصل الرابع في الاستثناء في الطلاق

فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت هَذِهِ لَا بَلْ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ الثَّانِيَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ هَذِهِ الدَّارَ فَأَيَّتَهمَا دَخَلَتْ طَلَقَتْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ هَذِهِ الدَّارَ لَا بَلْ فُلَانٌ فَأَيَّهُمَا دَخَلَ طَلَقَتْ وَلَوْ دَخَلَا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا وَاحِدَةٌ وَإِنْ عَنَى رَدَّ الْجَزَاءِ يَكُونُ عَلَى مَا عَنَى فَإِنْ دَخَلَ الثَّانِي لَمْ تَطْلُقْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَطَلَقَتْ فِي الْقَضَاءِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ لَا بَلْ فُلَانٌ وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ لَا بَلْ فُلَانَةَ وَالثَّانِيَةُ امْرَأَتُهُ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ السَّاعَةَ لِأَنَّ الْكَلَامَ الثَّانِيَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ فَتَعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا لَا بَلْ فُلَانَةُ فَدَخَلَتْ الْأُولَى الدَّارَ طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: لَا بَلْ فُلَانَةُ طَالِقٌ طَلَقَتْ الثَّانِيَةُ فِي الْحَالِ وَاحِدَةً وَتُعَلَّقُ الثَّلَاثُ فِي حَقِّ الْأُولَى وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت فَأَنْت حَرَامٌ لَا بَلْ فُلَانَةُ طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلَاقًا بَائِنًا بِدُخُولِ الْأُولَى وَلَوْ قَالَ: لَا بَلْ فُلَانَةُ طَالِقٌ طَلَقَتْ الثَّانِيَةُ فِي الْحَالِ رَجْعِيًّا وَالْأُولَى عِنْدَ الدُّخُولِ بَائِنًا كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ لَا بَلْ هَذِهِ فَدَخَلَتْ الْأُولَى الدَّارَ طَلُقَتَا ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً لَا بَلْ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَلَقَتْ وَاحِدَةً لِلْحَالِ وَوَقَعَ طَلَاقَانِ عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً لَا بَلْ ثَلَاثًا لَمْ تَطْلُقْ شَيْئًا حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ وَإِذَا دَخَلَتْ الدَّارَ طَلَقَتْ ثَلَاثًا سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاق] الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - مُتَّصِلًا بِهِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَكَذَا إذَا مَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْهِدَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ يُرِيدُ الِاسْتِثْنَاءَ حَيْثُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا قَالَ قَبْلَ الْإِيقَاعِ: إنِّي أُطَلِّقُ امْرَأَتِي وَأَسْتَثْنِي كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - وَإِذَا شَاءَ اللَّهُ فَهُوَ مِثْلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِيمَا شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا أَنْ يُوَقِّتَهُ بِأَنْ يَقُولَ الْيَوْمَ فَمَضَى الْيَوْمُ تَطْلُقُ بِحُكْمِ الْيَمِينِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ طَلَقَتْ لِلْحَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً قَالَ ثَمَّةَ: وَأَجْعَلُ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى الْأَكْثَرِ وَذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَسَائِلَ أَنْتِ طَالِقٌ

ثَلَاثًا إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ أَصْلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: إنْ أَحَبَّ اللَّهُ أَوْ رَضِيَ أَوْ أَرَادَ أَوْ قَدَّرَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ بِإِرَادَتِهِ أَوْ بِمَحَبَّتِهِ أَوْ بِرِضَاهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ إبْطَالٌ أَوْ تَعْلِيقٌ بِمَا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّ حَرْفَ الْبَاءِ لِلْإِلْصَاقِ وَفِي التَّعْلِيقِ إلْصَاقُ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى الْعَبْدِ كَانَ تَمْلِيكًا مِنْهُ فَيُقْتَصَرُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ وَإِنْ قَالَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِحُكْمِهِ أَوْ بِقَضَائِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ أَوْ بِعِلْمِهِ أَوْ بِقُدْرَتِهِ يَقَعُ فِي الْحَالِ سَوَاءٌ أَضَافَهُ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - أَوْ إلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ التَّنْجِيزُ عُرْفًا فِي مِثْلِهِ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ بِحُكْمِ الْقَاضِي وَإِنْ قَالَ بِحَرْفِ اللَّامِ يَقَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا سَوَاءٌ أَضَافَهُ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - أَوْ إلَى الْعَبْدِ وَإِنْ ذَكَرَ بِحَرْفِ فِي إنْ أَضَافَهُ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - لَا يَقَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إلَّا فِي الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ لِلْحَالِ لِأَنَّهُ يُذْكَرُ لِلْمَعْلُومِ وَهُوَ وَاقِعٌ وَلَا يَلْزَمُ الْقُدْرَةُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُدْرَةِ هَهُنَا التَّقْدِيرُ فَيُقَدِّرُ شَيْئًا وَقَدْ لَا يُقَدِّرُ حَتَّى لَوْ أَرَادَ بِهِ حَقِيقَةَ قُدْرَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - يَقَعُ فِي الْحَالِ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى الْعَبْدِ كَانَ تَمْلِيكًا فِي الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ تَعْلِيقًا فِي غَيْرِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ قَالَ: إنْ أَعَانَنِي اللَّهُ أَوْ بِمَعُونَةِ اللَّهِ يُرِيدُ بِهِ الِاسْتِثْنَاءَ فَهُوَ مُسْتَثْنٍ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا يُوقَفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: إنْ شَاءَ جِبْرِيلُ وَالْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ أَوْ الشَّيَاطِينُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَبَيْن مَشِيئَةِ الْعِبَادِ وَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ زَيْدٌ فَشَاءَ زَيْدٌ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ بِشَرْطَيْنِ لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَ أَحَدِهِمَا وَالْمُعَلَّقُ بِشَرْطَيْنِ لَا يَنْزِلُ عِنْدَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ: طَلِّقْ امْرَأَتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت وَطَلَّقَهَا الْمُخَاطِبُ لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ لَهُ: طَلِّقْ امْرَأَتِي بِمَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت فَطَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ يَجُوزُ لِأَنَّ هَهُنَا دَخَلَتْ الْمَشِيئَةُ عَلَى الْبَدَلِ لَا عَلَى الطَّلَاقِ فَيُلْغَى ذِكْرُ الْبَدَلِ وَيَبْقَى الْأَمْرُ بِالطَّلَاقِ مُطْلَقًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَةِ الْحَائِطِ لَمْ تَطْلُقْ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيَّ شَيْءٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ غَيْرَ ذَلِكَ أَوْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ فُلَانٌ غَيْرَ ذَلِكَ أَوْ إلَّا أَنْ يُحِبَّ فُلَانٌ غَيْرَ ذَلِكَ أَوْ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَوْ يَهْوَى أَوْ يَرَى فُلَانٌ غَيْرَ ذَلِكَ أَوْ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِفُلَانٍ غَيْرُ ذَلِكَ يَنْزِلُ الطَّلَاقُ بِعَدَمِ الْمَشِيئَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ أَخَوَاتِهَا مِنْ فُلَانٍ فِي مَجْلِسِ عِلْمِ فُلَانٍ وَالْعِبْرَةُ لِلْخَبَرِ دُونَ الضَّمِيرِ لِبُطُونِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ فُلَانٌ: شِئْت غَيْرَ ذَلِكَ أَوْ أَرَدْت غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ أَوْ لَمْ يُرِدْ غَيْرَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَلَوْ شَاءَ بِقَلْبِهِ غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يُخْبِرْ بِلِسَانِهِ تَطْلُقُ وَلَوْ اسْتَثْنَى بِإِلَّا إلَّا أَنَّ فِعْلَ نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ أَشَاءَ غَيْرَهُ أَوْ أُرِيدُ غَيْرَهُ يُنَزِّلُ الطَّلَاقَ بِعَدَمِ ذَلِكَ فِي عُمُرِهِ لَا بِالْعَدَمِ فِي الْمَجْلِسِ وَكَذَا أَخَوَاتُهُمَا وَهِيَ الْمَحَبَّةُ وَالرِّضَا وَالْهَوَى وَغَيْرُهَا مِمَّا ذُكِرَ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَشَاءَ غَيْرَهُ طَلَقَتْ آخِرَ الْحَيَاةِ

لِتَحَقُّقِ الْعَدَمِ وَلَا تَرِثُ غَيْرُ الْمَدْخُولَةِ وَإِنْ فَرَّ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ قَالَ الْمُعَلَّى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا دُخُولُكِ الدَّارَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا مَهْرُك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا شَرَفُك فَهَذَا كُلُّهُ اسْتِثْنَاءٌ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَوْلَا اللَّهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك أَوْ لَوْلَا حُسْنُك أَوْ لَوْلَا جَمَالُك أَوْ لَوْلَا أَنِّي أُحِبُّك لَا تَطْلُقُ وَالْكُلُّ اسْتِثْنَاءٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - إعْدَامٌ وَإِبْطَالٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ تَعْلِيقٌ بِشَرْطٍ إلَّا أَنَّ الشَّرْطَ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَلَا يَقَعُ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ غَائِبٍ وَلِهَذَا شُرِطَ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا كَسَائِرِ الشُّرُوطِ وَقِيلَ: الْخِلَافُ بِالْعَكْسِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا: إذَا قَدَّمَ الشَّرْطَ وَلَمْ يَأْتِ بِالْفَاءِ فِي الْجَوَابِ بِأَنْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - أَنْتِ طَالِقٌ فَعِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقَعُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ: كُنْت طَلَّقْتُك أَمْسِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَقَعُ عِنْدَهُمَا وَيَقَعُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِنْهَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ يَمِينَيْنِ بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - يَنْصَرِفُ إلَى الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْكُلِّ وَلَوْ أَدْخَلَهُ فِي الْإِيقَاعَيْنِ بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكُلِّ بِالْإِجْمَاعِ وَمِنْهَا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْيَمِينِ يَحْنَثُ بِذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلشَّرْطِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَذُكِرَ فِي أَيْمَانِ الْجَامِعِ أَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - يَنْصَرِفُ إلَى الْيَمِينَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَلَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَنْت طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ قَدَّمَ الطَّلَاقَ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَثْنِيًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ لَا يَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِدُخُولِ الدَّارِ وَالِاسْتِثْنَاءُ فَاصِلٌ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ فَالِاسْتِثْنَاءُ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَوَّلِ وَيَقَعُ الثَّانِي عِنْدَنَا وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ قَالُوا: لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي النَّوَازِلِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ فَثِنْتَيْنِ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا وَقَعَ ثِنْتَانِ وَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا إلَّا تِلْكَ الْوَاحِدَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا بَلْ هَذِهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَيْهِمَا وَلَا مَشِيئَةَ لِلْأُخْرَى لِأَنَّهُ جَعَلَ رُجُوعَهُ عَنْهُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا بَلْ هَذِهِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ عَنْ الشَّرْطِ وَهُوَ الْمَشِيئَةُ صَحَّتْ نِيَّتُهُ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ كَلَامَهُ وَفِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ

وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً طَلَقَتْ ثِنْتَيْنِ وَلَوْ قَالَ إلَّا ثِنْتَيْنِ طَلَقَتْ وَاحِدَةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي زِيَادَاتِهِ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ إنَّمَا لَا يَصِحُّ إذَا كَانَ بِعَيْنِ ذَلِكَ اللَّفْظِ وَأَمَّا إذَا اسْتَثْنَى بِغَيْرِ ذَلِكَ اللَّفْظِ فَيَصِحُّ وَإِنْ كَانَ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: كُلُّ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا كُلَّ نِسَائِي لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ بَلْ يُطَلَّقْنَ كُلُّهُنَّ وَلَوْ قَالَ: كُلُّ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا زَيْنَبَ وَعُمْرَةَ وَبُكْرَةَ وَسَلْمَى لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَإِنْ كَانَ هُوَ اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَلَوْ قَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا هَؤُلَاءِ وَلَيْسَ لَهُ نِسَاءٌ غَيْرَهُنَّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ فُلَانَةُ وَفُلَانَةُ وَفُلَانَةُ إلَّا فُلَانَةَ فَالِاسْتِثْنَاءُ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ: فُلَانَةُ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ طَالِقٌ إلَّا فُلَانَةَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَكَذَا إذَا قَالَ: هَذِهِ وَهَذِهِ وَهَذِهِ إلَّا هَذِهِ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: نِسَاؤُهُ طَوَالِقُ إلَّا زَيْنَبَ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ وَوَقَعَ الثَّلَاثُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ ثِنْتَانِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرْجَحُ فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرَى تُوقَفُ صِحَّةُ الْأُولَى إلَى أَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ أَوَّلًا وَهُمَا يَرَيَانِ اقْتِصَارَ صِحَّتِهِ عَلَى الْأُولَى كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا ثَلَاثًا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا ثِنْتَيْنِ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَكَذَا ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعًا إلَّا خَمْسًا وَقَعَ الثَّلَاثُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِلْمَدْخُولَةِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ الثَّلَاثُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَفِي الْمُنْتَفَى إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إلَّا أَرْبَعًا فَهِيَ ثَلَاثٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَصِيرُ قَوْلُهُ وَثَلَاثًا ثَانِيًا فَاصِلًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا تَطْلُقُ ثِنْتَيْنِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ إنْ نَوَى الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ إحْدَى الثِّنْتَيْنِ لَا يَصِحُّ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً مِنْ الْأُولَى وَوَاحِدَةً مِنْ الْأُخْرَى يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَوَقَعَ الثِّنْتَانِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثَلَاثًا طَلَقَتْ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا ثَلَاثًا تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: يَقَعُ الثَّلَاثُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَقَعُ ثِنْتَانِ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْوَاحِدَةِ وَيَبْطُلُ الْبَاقِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ

أَنْ يَزِيدَ الْمُسْتَثْنَى عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَرْبَعًا وَأَنْ يَسْتَثْنِيَ بَعْضَ التَّطْلِيقَةِ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا نِصْفَهَا هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ: ثِنْتَيْنِ وَنِصْفًا لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا ثِنْتَيْنِ وَنِصْفًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ يَبْقَى نِصْفُ تَطْلِيقَةٍ وَلَوْ قَالَ: وَاحِدَةً وَنِصْفًا إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَنِصْفًا يَقَعُ عَلَيْهِ ثِنْتَانِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَهَا يَقَعُ ثِنْتَانِ وَلَوْ قَالَ إلَّا أَنْصَافَهُنَّ يَقَعُ الثَّلَاثُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ بَائِنٌ إلَّا بَائِنًا فَإِنْ نَوَى بِالْأُولَى ثَلَاثًا وَبِالْأُخْرَى وَاحِدَةً يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَقَعُ ثِنْتَانِ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَلْبَتَّةَ إلَّا وَاحِدَةً يَنْوِي بِالْبَتَّةِ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ بَائِنٌ يَنْوِي بِذَلِكَ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً طَلَقَتْ ثِنْتَيْنِ بَائِنَتَيْنِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَوَائِنَ إلَّا وَاحِدَةً طَلَقَتْ ثِنْتَيْنِ بَائِنَتَيْنِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَائِنَةً إلَّا وَاحِدَةً أَوْ قَالَ: ثَلَاثًا أَلْبَتَّةَ إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ رَجْعِيَّتَانِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ وَاحِدَةً بَتَّةَ يَقَعُ تَطْلِيقَتَانِ رَجْعِيَّتَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ بَائِنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَالْوَاقِعُ بَائِنٌ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ إلَّا وَاحِدَةً أَلْبَتَّةَ طَلَقَتْ تَطْلِيقَتَيْنِ رَجْعِيَّتَيْنِ قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ أَلْبَتَّةَ إلَّا وَاحِدَةً فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً أَلْبَتَّةَ فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ قَالَ: إلَّا وَاحِدًا بَائِنًا فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً قَالَ فِي الْكِتَابِ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يَكُونَ الْبَائِنُ صِفَةً لِلثِّنْتَيْنِ فَحِينَئِذٍ تَطْلُقُ وَاحِدَةً بَائِنَةً لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ وَأَنْتِ طَالِقٌ غَيْرُ بَائِنٍ إلَّا ذَلِكَ الْبَائِنَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ طُولِبَ بِالْبَيَانِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ طَلَقَتْ وَاحِدَةً فِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثًا إلَّا شَيْئًا يَقَعُ ثِنْتَانِ وَكَذَا إلَّا بَعْضَهَا وَلَوْ قَالَ: ثِنْتَيْنِ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ إلَّا شَيْئًا يَقَعُ ثِنْتَانِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ اسْتِثْنَاءُ الْوَاحِدَةِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً أَوْ لَا شَيْءَ فَهَذَا لَمْ

يَسْتَثْنِ شَيْئًا وَطَلَقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا وَاحِدَةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقَعُ ثَلَاثٌ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا ثَلَاثًا تَقَعُ وَاحِدَةٌ أَوْ خَمْسًا إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ الثَّلَاثُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ: خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا يَقَعُ ثِنْتَانِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَشْرًا إلَّا تِسْعًا تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِذَا قَالَ: إلَّا ثَمَانِيًا يَقَعُ اثْنَتَانِ وَإِذَا قَالَ: إلَّا سَبْعًا يَقَعُ ثَلَاثٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إلَّا سِتًّا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً يَقَعُ ثَلَاثٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ كُلَّ اسْتِثْنَاءٍ مِمَّا يَلِيهِ فَإِذَا اسْتَثْنَى الْوَاحِدَةَ مِنْ الثَّلَاثِ بَقِيَ ثِنْتَانِ يَسْتَثْنِيهِمَا مِنْ الثَّلَاثِ فَتَبْقَى وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَشْرًا إلَّا تِسْعًا إلَّا ثَمَانِيًا فَاسْتَثْنَى ثَمَانِيًا مِنْ تِسْعٍ تَبْقَى وَاحِدَةٌ اسْتَثْنَاهَا مِنْ الْعَشْرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ تِسْعًا فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا وَإِنْ قَالَ: عَشْرًا إلَّا تِسْعًا إلَّا وَاحِدَةً فَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْ التِّسْعِ يَبْقَى ثَمَانٍ اسْتَثْنَاهَا مِنْ الْعَشْرِ يَبْقَى اثْنَتَانِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ فِيمَنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ قَالَ: يَقَعُ الثَّلَاثُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا وَاحِدَةً كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ وَالِاسْتِثْنَاءُ الْأَخِيرُ بَاطِلٌ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ إنْ قَالَ: ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ: عَشْرًا إلَّا تِسْعًا إلَّا ثَمَانِيًا إلَّا سَبْعًا يَبْقَى ثِنْتَانِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا غَيْرَ ثَلَاثٍ غَيْرَ ثِنْتَيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقَعُ ثِنْتَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَبَدًا مَا خَلَا الْيَوْمُ طَلَقَتْ لِلْحَالِ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً لَا تَقَعُ عَلَيْك الْيَوْمَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا غَيْرَ وَاحِدَةٍ فَالْمُسْتَثْنَى ثِنْتَانِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا إلَّا أَنْ يَقْدُمَ فُلَانٌ يَنْزِلُ الطَّلَاقُ بِكَلَامِهَا قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ قَدَمَ فُلَانٌ أَوْ لَمْ يَقْدُمْ وَلَا يَنْزِلُ بِكَلَامِهَا بَعْدَ قُدُومِهِ وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَقْدُمَ فُلَانٌ يَنْزِلُ الطَّلَاقُ بِفَوْتِ قُدُومِ فُلَانٍ فِي الْعُمُرِ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْدُمْ حَتَّى مَاتَ يَنْزِلُ الطَّلَاقُ فِي آخِرِ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ وَإِنْ قَدَمَ فُلَانٌ لَمْ تَطْلُقْ كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً غَدًا أَوْ قَالَ: إلَّا وَاحِدَةً إنْ كَلَّمْت فُلَانًا لَا يَقَعُ شَيْءٌ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ وَالْكَلَامِ وَعِنْدَ الْكَلَامِ وَمَجِيءِ الْغَدِ يَقَعُ ثِنْتَانِ رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا إلَّا نَاسِيًا فَكَلَّمَهُ نَاسِيًا ثُمَّ كَلَّمَهُ ذَاكِرًا كَانَ حَانِثًا. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا إلَّا أَنْ أَنْسَى فَكَلَّمَهُ نَاسِيًا ثُمَّ ذَاكِرًا لَا يَكُونُ حَانِثًا لِأَنَّ كَلِمَةَ إلَّا أَنْ لِلْغَايَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: لَأَجِيئَنَّكَ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ إلَّا أَنْ أَمُوتُ وَنَوَى بِقَلْبِهِ إنْ لَمْ يَمُتْ أَبَدًا فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ

لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا لَا يَقَعْنَ عَلَيْك إلَّا بَعْدَ كَلَامِ فُلَانٍ فَدَخَلَتْ الدَّارَ طَلَقَتْ ثَلَاثًا وَكَلَامُ فُلَانٍ بَاطِلٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إنْ حِضْت وَطَهُرْت أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَالشَّرْطُ انْصَرَفَ إلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ فَعَلْت كَذَا إلَّا وَاحِدَةً يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ ثِنْتَانِ كَذَا هَذَا كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً لِلسَّنَةِ كَانَتْ طَالِقًا ثِنْتَيْنِ لِلسَّنَةِ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَشَرْطُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْحُرُوفِ سَوَاءٌ كَانَ مَسْمُوعًا أَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْفَقِيهِ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَسْمَعَ نَفْسَهُ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَصَمِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْمُلْتَقَطِ الْمَرْأَةُ إذَا سَمِعَتْ الطَّلَاقَ وَلَمْ تَسْمَعْ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَسَعُهَا أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ الْوَطْءِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَشَرْطُ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ مَوْصُولًا بِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْكَلَامِ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ حَتَّى لَوْ حَصَلَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِسُكُوتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لَا يَصِحُّ فَأَمَّا إذَا كَانَ لِضَرُورَةِ التَّنَفُّسِ فَلَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ فَصْلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ سَكْتَةً هَكَذَا رَوَى هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ عَطَسَ أَوْ تَجَشَّأَ أَوْ كَانَ بِلِسَانِهِ ثِقَلٌ فَطَالَ تَرَدُّدُهُ ثُمَّ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ بِلَا قَصْدٍ الِاسْتِثْنَاءُ لَا يَقَعُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. رَجُلٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ فِي آخِرِهَا: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَخَذَ إنْسَانٌ فَمَه فَإِنْ ذَكَرَ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَمَا رَفَعَ يَدَهُ عَنْ فَمِهِ مَوْصُولًا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ كَمَا لَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَبَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ عُطَاسٌ أَوْ جُشَاءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ ثَلَاثًا وَوَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَطَلَقَتْ ثَلَاثًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا صَحَّ وَلَمْ تَطْلُقْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَلِكَ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ لَغْوٌ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحًا فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَوَائِنَ أَوْ قَالَ: ثَلَاثًا أَلْبَتَّةَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَفِي الْمُجْتَبَى مِنْ الْأَيْمَانِ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ رَجْعِيًّا إنْ شَاءَ اللَّهُ يَقَعُ وَلَوْ قَالَ: بَائِنًا لَا يَقَعُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَاعْلَمِي إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا اعْلَمِي إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ: اذْهَبِي إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلَقَتْ ثَلَاثًا

وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَا عُمْرَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا عُمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا عُمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَطْلُقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ تَطْلُقْ وَلَوْ قَالَ: يَا طَالِقُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَلَّقَ الِاسْتِثْنَاءُ بِالثَّلَاثِ وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَلَوْ قَالَ: يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ عَنْ الطَّلَاقِ خَاصَّةً وَيُلَاعِنُهَا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ بِنْتُ الزَّانِيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَنْ الْكُلِّ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا يَلْزَمُهُ حَدٌّ وَلَا لِعَانٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا فُلَانَةُ إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ ثِنْتَانِ وَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ يَا فُلَانَةُ فَاصِلًا كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ حَتَّى يَطِيبَ قَلْبُك إنْ شَاءَ اللَّهُ يَكُونُ فَاصِلًا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ طَلَّقَ أَوْ خَالَعَ ثُمَّ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ أَوْ الشَّرْطَ وَلَا مُنَازِعَ لَا إشْكَالَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الطَّلَاقَ فَقَالَ الزَّوْجُ: كُنْت قُلْت لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ ذُكِرَ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِخُلْعٍ أَوْ طَلَاقٍ بِغَيْرِ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنْ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّهُ خَالَعَ بِغَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ أَوْ قَالُوا: طَلَّقَ بِغَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ أَوْ قَالُوا: طَلَّقَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فَإِنْ قَالُوا: لَمْ نَسْمَعْ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ كَلِمَةِ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ كَانَ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ وَلَا يُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ مَا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ الْخُلْعِ مِنْ قَبْضِ الْبَدَلِ أَوْ سَبَبٍ آخَرَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْقَوْلُ لَهَا كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى عَنْ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ مَشَايِخَنَا اسْتَحْسَنُوا فِي دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَقَدْ فَسَدَتْ أَحْوَالُ الزَّمَانِ فَلَا يُؤْمَنُ مِنْ التَّلْبِيسِ وَالْكَذِبِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: طَلَّقْتُك أَمْسِ فَقُلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ وَذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ خِلَافًا بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَالْفَتْوَى احْتِيَاطًا رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَشَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ أَنَّك اسْتَثْنَيْت مَوْصُولًا وَهُوَ لَا يَذْكُرُ ذَلِكَ قَالُوا: إنْ كَانَ الرَّجُلُ فِي الْغَضَبِ وَيَصِيرُ بِحَالٍ يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ مَا لَا يُرِيدُ وَلَا يَحْفَظُ مَا يُجْرَى جَازَ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى قَوْلِهِمَا وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الباب الخامس في طلاق المريض

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي طَلَاقِ الْمَرِيضِ] ِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: الرَّجُلُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْ فِي حَالِ مَرَضِهِ بِرِضَاهَا أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ كِتَابِيَّةً أَوْ مَمْلُوكَةً وَقْتَ الطَّلَاقِ فَأَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ أُعْتِقَتْ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا تَرِثُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَكَذَلِكَ عِنْدَنَا تَرِثُ، وَلَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَرِثْ وَهَذَا إذَا طَلَّقَهَا مِنْ غَيْرِ سُؤَالِهَا فَأَمَّا إذَا طَلَّقَهَا بِسُؤَالِهَا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أُكْرِهَتْ عَلَى سُؤَالِ طَلَاقِهَا تَرِثُ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَيُعْتَبَرُ وُجُودُ الْأَهْلِيَّةِ هَهُنَا وَقْتَ الطَّلَاقِ وَدَوَامُهَا إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً حِينَ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ وَأَسْلَمَتْ الْكِتَابِيَّةُ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ طَلَّقَ الْمَرِيضُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ ارْتَدَّتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ لَا تَرِثُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - فَقُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ مَاتَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عَلَى الرِّدَّةِ وَرِثَتْهُ امْرَأَتُهُ وَإِنْ ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ مَاتَتْ أَوْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ إنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ فِي الصِّحَّةِ لَا يَرِثُهَا الزَّوْجُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَرَضِ وَرِثَهَا زَوْجُهَا اسْتِحْسَانًا وَإِنْ ارْتَدَّا مَعًا ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا إنْ مَاتَ الْمُسْلِمُ مِنْهُمَا لَا يَرِثُهُ الْمُرْتَدُّ وَإِنْ مَاتَ الْمُرْتَدُّ إنْ كَانَ الَّذِي مَاتَ مُرْتَدًّا هُوَ الزَّوْجَ وَرِثَتْهُ الْمُسْلِمَةُ وَإِنْ كَانَتْ الْمُرْتَدَّةُ قَدْ مَاتَتْ فَإِنْ كَانَتْ رِدَّتُهَا فِي الْمَرَضِ وَرِثَهَا الزَّوْجُ الْمُسْلِمُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ لَمْ يَرِثْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا جَامَعَهَا ابْنُ الْمَرِيضِ مُكْرَهَةً لَمْ تَرِثْ قَالَ فِي الْأَصْلِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ أَمَرَ الِابْنَ بِذَلِكَ فَيَنْتَقِلُ فِعْلُ الِابْنِ إلَى الْأَبِ فِي حَقِّ الْفُرْقَةِ كَأَنَّهُ بَاشَرَ بِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ فَارًّا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ طَلَّقَ الْمَرِيضُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ جَامَعَهَا ابْنُهُ أَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ وَرِثَتْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَهَا الْمِيرَاثُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا طَاوَعَتْ الْمَرْأَةُ ابْنَ زَوْجِهَا وَهِيَ مَرِيضَةٌ ثُمَّ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَهَا الزَّوْجُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا طَلَّقَهَا بَائِنًا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ صَحَّ ثُمَّ مَاتَ لَا تَرِثُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي لِلرَّجْعَةِ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَرِثَتْهُ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَإِذَا قَالَ لَهَا فِي مَرَضِهِ: أَمْرُك بِيَدِك وَاخْتَارِي فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا أَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَفَعَلَتْ أَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا تَرِثُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَأَجَازَ تَرِثُ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِلْإِرْثِ إِجَازَتْهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. قَالُوا فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ وَدَامَ بِهِ الْمَرَضُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَمَاتَ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ: إنَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْفِرَارِ إذَا تَعَلَّقَ حَقُّهُمَا بِمَالِهِ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ بِمَرَضٍ يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ غَالِبًا

بِأَنْ يَكُونَ صَاحِبَ فِرَاشٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يَقُومُ بِحَوَائِجِهِ فِي الْبَيْتِ كَمَا يَعْتَادُهُ الْأَصِحَّاءُ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِتَكَلُّفٍ وَاَلَّذِي يَقْضِي حَوَائِجَهُ فِي الْبَيْتِ وَهُوَ يَشْتَكِي لَا يَكُونُ فَارًّا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَلَّمَا يَخْلُو عَنْهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ قَضَاءِ حَوَائِجِهِ خَارِجَ الْبَيْتِ فَهُوَ مَرِيضٌ وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ بِهَا فِي الْبَيْتِ إذْ لَيْسَ كُلُّ مَرِيضٍ يَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ بِهَا فِي الْبَيْتِ كَالْقِيَامِ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ مَرِيضَةً بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهَا الْقِيَامُ لِلصُّعُودِ عَلَى السَّطْحِ كَانَتْ مَرِيضَةً وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ ثَبَتَ حُكْمُ الْفِرَارِ بِمَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَرَضِ فِي تَوَجُّهِ الْهَلَاكِ الْغَالِبِ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْ حَالِهِ السَّلَامَةَ كَانَ كَالصَّحِيحِ وَلَا يَكُونُ فَارًّا فَمَنْ كَانَ مَحْصُورًا أَوْ فِي صَفِّ الْقِتَالِ أَوْ نَازِلًا فِي مَسْبَعَةٍ أَوْ رَاكِبَ سَفِينَةٍ أَوْ مَحْبُوسًا بِقَوَدٍ أَوْ رَجْمٍ فَهُوَ سَلِيمُ الْبَدَنِ عِيَانًا وَالْغَالِبُ مِنْ حَالِهِ السَّلَامَةُ إذْ الْحِصْنُ لِدَفْعِ بَأْسِ الْعَدُوِّ وَكَذَا الْمَنَعَةُ وَقَدْ يَتَخَلَّصُ عَنْ الْحَبْسِ وَالْمَسْبَعَةِ بِنَوْعٍ مِنْ الْحِيَلِ وَإِنْ خَرَجَ لِلْمُبَارَزَةِ أَوْ قُدِّمَ لِيُقْتَلَ فِي قَتْلٍ مُسْتَحِقٍّ عَلَيْهِ أَوْ انْكَسَرَتْ السَّفِينَةُ فَبَقِيَ عَلَى لَوْحٍ أَوْ بَقِيَ فِي فَمِ سَبُعٍ فَالْغَالِبُ مِنْهُ الْهَلَاكُ فَيَتَحَقَّقُ مِنْهُ الْفِرَارُ وَالْمُقْعَدُ الْمَفْلُوجُ مَا دَامَ يَزْدَادُ مَا بِهِ كَالْمَرِيضِ فَإِنْ صَارَ قَدِيمًا وَلَمْ يَزْدَدْ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَلِكَ الْمَدْقُوقُ عَلَى هَذَا وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الْكَبِيرُ بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الْأَئِمَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ صَاحِبُ السُّلِّ إذَا طَالَ بِهِ ذَلِكَ فَهُوَ فِي حُكْمِ الصَّحِيحِ إلَّا إذَا تَغَيَّرَ حَالُهُ مِنْ ذَلِكَ التَّغَيُّرِ فَيَكُونُ حَالُ التَّغَيُّرِ مِنْ مَرَضِ الْمَوْتِ وَكَذَا الزَّمِنُ وَيَابِسُ الشِّقِّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَسَّرَ أَصْحَابُنَا التَّطَاوُلَ بِالسَّنَةِ فَإِذَا بَقِيَ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ سَنَةً فَتَصَرُّفُهُ بَعْدَ سَنَةٍ كَتَصَرُّفِهِ حَالَ صِحَّتِهِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. صَاحِبُ الْجُرْحِ وَالْوَجَعِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْهُ صَاحِبَ فِرَاشٍ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أُعِيدَ الْمُخْرَجُ لِلْقَتْلِ إلَى الْحَبْسِ أَوْ رَجَعَ الْمُبَارِزُ بَعْدَ الْمُبَارَزَةِ إلَى الصَّفِّ صَارَ فِي حُكْمِ الصَّحِيحِ كَالْمَرِيضِ إذَا بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُكْرَهًا فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ كَانَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ لَا يَصِيرُ فَارًّا وَإِنْ كَانَ بِحَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ يَصِيرُ فَارًّا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِذَا طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ قُتِلَ أَوْ مَاتَ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَرَضِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فَلَهَا الْإِرْثُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ قَتَلَتْهُ لَمْ تَرِثْ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لِلْقَاتِلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ الْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ حَتَّى لَوْ بَاشَرَتْ سَبَبَ الْفِرَاقِ مِنْ خِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ وَتَمْكِينِ ابْنِ الزَّوْجِ وَالِارْتِدَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بَعْدَمَا حَصَلَ لَهَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ يَرِثُهَا الزَّوْجُ لِكَوْنِهَا فَارَّةً وَالْحَامِلُ لَا تَكُونُ فَارَّةً إلَّا إذَا جَاءَهَا الطَّلْقُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ فُرِّقَ بَيْنَ الْمَرِيضَةِ وَزَوْجِهَا لِعُنَّةٍ بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ عِنِّينًا فَأُجِّلَ سَنَةً فَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فَخُيِّرَتْ وَهِيَ مَرِيضَةٌ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ لِجَبٍّ بِأَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَائِنًا بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهَا ثُمَّ جُبَّ فَتَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ فَعَلِمَتْ بِذَلِكَ وَهِيَ مَرِيضَةٌ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَرِثْهَا الزَّوْجُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَإِذَا قَذَفَهَا

فَالْتَعَنَا وَهِيَ مَرِيضَةٌ وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَمَاتَتْ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا يَرِثُهَا الزَّوْجُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْمَرَضِ مُسْتَحَاضَةً وَكَانَ حَيْضُهَا مُخْتَلِفًا فَفِي الْمِيرَاثِ نَأْخُذُ بِالْأَقَلِّ وَإِنْ كَانَ حَيْضُهَا مَعْلُومًا فَانْقَطَعَ الدَّمُ عَنْهَا وَكَانَتْ أَيَّامُهَا أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ وَقْتُ الصَّلَاةِ تَرِثُ وَكَذَلِكَ إنْ اغْتَسَلَتْ وَبَقِيَ عُضْوٌ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فُرِّقَ بِالْعُنَّةِ وَالْجَبِّ فِي مَرَضِ الزَّوْجِ وَمَاتَ فِي عِدَّتِهَا لَمْ تَرِثْهُ لِرِضَاهَا بِالْفُرْقَةِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فِي الْمَرَضِ وَلَاعَنَهَا فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ الْقَذْفُ فِي الصِّحَّةِ وَاللِّعَانُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا آلَى مِنْهَا فِي الْمَرَضِ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ كَانَ الْإِيلَاءُ فِي الصِّحَّةِ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ فِي الْمَرَضِ لَمْ تَرِثْ لَوْ قَالَ لَهَا فِي مَرَضِهِ: كُنْت طَلَّقْتُك ثَلَاثًا فِي صِحَّتِي وَانْقَضَتْ عِدَّتُك فَصَدَّقَتْهُ ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ أَوْ أَوْصَى لَهَا بِوَصِيَّةٍ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ الْمِيرَاثِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ وَوَصِيَّتُهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ بِأَمْرِهَا ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ أَوْ أَوْصَى لَهَا بِوَصِيَّةٍ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ الْمِيرَاثِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْهُمَا عِنْدَنَا لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ أَمَّا إذَا مَاتَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَلَهَا جَمِيعُ مَا أَقَرَّ لَهَا بِهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ: قَدْ كَانَ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَمَاتَ وَأَنَا فِي الْعِدَّةِ وَلِيَ الْمِيرَاثُ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: طَلَّقَكِ فِي صِحَّتِهِ وَلَا مِيرَاثَ لَكِ فَالْقَوْلُ لَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ: كُنْتِ أَمَةً وَأُعْتِقْتِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهِيَ تَقُولُ: مَا زِلْتُ حُرَّةً فَالْقَوْلُ لَهَا كَذَا فِي غَايَة السُّرُوجِيِّ. لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَمَةً قَدْ أُعْتِقَتْ وَمَاتَ زَوْجُهَا فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْعِتْقَ فِي حَيَاةِ الزَّوْجِ وَادَّعَتْ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَرَثَةِ فَإِنْ قَالَ مَوْلَى الْأَمَةِ: كُنْت أَعْتَقْتُهَا فِي حَيَاةِ زَوْجِهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَوْلَى وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ كِتَابِيَّةً تَحْتَ مُسْلِمٍ فَأَسْلَمَتْ وَمَاتَ زَوْجُهَا فَقَالَتْ: أَسْلَمْت فِي حَيَاةِ الزَّوْجِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: لَا بَلْ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَرَثَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقَنِي وَهُوَ نَائِمٌ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ طَلَّقَكِ فِي الْيَقِظَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي مَرَضِهِ: قَدْ كُنْت طَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا فِي صِحَّتِي أَوْ قَالَ: جَامَعْتُ أُمَّ امْرَأَتِي أَوْ ابْنَةَ امْرَأَتِي أَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتُهَا بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ كَانَ بَيْنَنَا رَضَاعٌ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتُهَا فِي الْعِدَّةِ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ بَانَتْ مِنْهُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَإِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَمَاتَ وَهِيَ تَقُولُ: لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتِي قُبِلَ قَوْلِهَا مَعَ الْيَمِينِ وَإِنْ تَطَاوَلَتْ الْمُدَّةُ فَإِذَا حَلَفَتْ أَخَذَتْ الْمِيرَاثَ وَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثُمَّ أَنْكَرَتْ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ شَيْئًا وَلَكِنَّهَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ فِي مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِي مِثْلِهَا الْعِدَّةُ ثُمَّ قَالَتْ: لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتِي مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّهَا

لَا تُصَدِّقُ عَلَى الثَّانِي وَهِيَ امْرَأَةُ الثَّانِي وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَجُعِلَ إقْدَامُهَا عَلَى التَّزَوُّجِ إقْرَارًا مِنْهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا دَلَالَةً وَلَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ وَلَكِنْ قَالَتْ: آيَسْت مِنْ الْحَيْضِ وَاعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ وَحُرِمَتْ عَنْ الْمِيرَاثِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَوْجٍ وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ أَوْ حَاضَتْ فَلَهَا الْمِيرَاثُ مِنْ الْأَوَّلِ وَنِكَاحُ الْآخَرِ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ وَإِذَا دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إذَا صَلَّى فُلَانٌ الظُّهْرَ أَوْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَالزَّوْجُ مَرِيضٌ لَمْ تَرِثْ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْهُ إلَّا فِي قَوْلِهِ إذَا دَخَلْت الدَّارَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالشَّرْطِ إنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْحِنْثِ إنْ كَانَ مَرِيضًا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَتْ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ كَانَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ يُعْتَبَرُ فِيهِ وَقْتُ الْحِنْثِ وَالْيَمِينِ جَمِيعًا إنْ كَانَ مَرِيضًا فِي الْحَالَيْنِ وَرِثَتْ وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَمَا إذَا قَالَ: إذَا قَدَمَ فُلَانٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إذَا حَصَلَ التَّعْلِيقُ بِفِعْلٍ سَمَاوِيٍّ نَحْوُ مَجِيءِ رَأْسِ الشَّهْرِ وَمَا أَشْبَهَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَ لَهَا بُدٌّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَرِثْ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ وَالْفِعْلُ كِلَاهُمَا فِي الْمَرَضِ أَوْ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالْفِعْلُ فِي الْمَرَضِ وَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَكَلَامِ الْأَبَوَيْنِ وَالِاقْتِضَاءِ مِنْ الْغَرِيمِ فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ وَالْفِعْلُ كِلَاهُمَا فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالْفِعْلُ فِي الْمَرَضِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا قَالَ فِي صِحَّتِهِ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ آتِ الْبَصْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَمْ يَأْتِهَا حَتَّى مَاتَ وَرِثَتْهُ وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ وَبَقِيَ الزَّوْجُ وَرِثَهَا وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَأْتِ الْبَصْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَمْ تَأْتِهَا حَتَّى مَاتَ وَرِثَتْهُ وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ وَبَقِيَ الزَّوْجُ لَمْ يَرِثْهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ طَلَّقَ الْمَرِيضُ امْرَأَتَهُ بَعْدِ الدُّخُول طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ قَالَ لَهَا: إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ طَلَقَتْ ثَلَاثًا فَإِنْ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَهَذَا مَوْتٌ فِي عِدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَبَطَلَ حُكْمُ ذَلِكَ الْفِرَارِ بِالتَّزَوُّجِ وَإِنْ وَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ التَّزَوُّجَ حَصَلَ بِفِعْلِهَا فَلَا يَكُونُ فَارًّا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مَرِيضٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا غَدًا وَقَالَ الْمَوْلَى: أَنْتِ حُرَّةٌ غَدًا فَجَاءَ الْغَدُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مَعًا وَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَوْلَى تَكَلَّمَ بِالْعِتْقِ أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا وَلَوْ قَالَ: إذَا أُعْتِقْت فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا كَانَ فَارًّا فَإِنْ قَالَ لَهَا الْمَوْلَى: أَنْتِ حُرَّةٌ غَدًا أَوْ قَالَ الزَّوْجُ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ غَدٍ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِمَقَالَةِ الْمَوْلَى فَهُوَ فَارٌّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَيْسَ بِفَارٍّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا مَرِضْتُ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَمَرِضَ وَمَاتَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَتْهُ الْمَرْأَةُ وَقَالَ

أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَرِثُ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَمَةٌ تَحْتَ عَبْدٍ قَالَ لَهُمَا الْمَوْلَى: أَنْتُمَا حُرَّانِ غَدًا وَقَالَ الزَّوْجُ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا غَدًا لَمْ يَكُنْ لَهَا الْمِيرَاثُ وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ غَدٍ فِي الْقِيَاسِ لَا مِيرَاثَ لَهَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ إذَا كَانَ يَعْلَمُ بِمَقَالَةِ الْمَوْلَى فَلَهَا الْمِيرَاثُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا. امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا الْمَرِيضِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَجَحَدَ وَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَحَلَفَ ثُمَّ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ وَمَاتَ الزَّوْجُ إنْ رَجَعَتْ إلَى تَصْدِيقِهِ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ لَا يَصِحُّ تَصْدِيقُهَا مَرِيضٌ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ: إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا فَدَخَلَتَا الدَّارَ مَعًا ثُمَّ مَاتَ وَهُمَا فِي الْعِدَّةِ وَرِثَتَا فَإِنْ دَخَلَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى وَرِثَتْ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي صِحَّتِهِ: إذَا شِئْت أَنَا وَفُلَانٌ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ مَرِضَ فَشَاءَ الزَّوْجُ وَالْأَجْنَبِيُّ الطَّلَاقَ مَعًا أَوْ شَاءَ الزَّوْجُ ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ لَا تَرِثُ وَإِنْ شَاءَ الْأَجْنَبِيُّ أَوَّلًا ثُمَّ الزَّوْجُ تَرِثُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ إذَا قَالَ الْمُسْلِمُ الْمَرِيضُ لِامْرَأَتِهِ الْكِتَابِيَّةِ: إذَا أَسْلَمْتِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَأَسْلَمَتْ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ يَكُونُ فَارًّا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حُرَّةً كِتَابِيَّةً فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا غَدًا ثُمَّ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْغَدِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَوْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِإِسْلَامِهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ. وَإِذَا أَسْلَمَتْ امْرَأَةُ الْكَافِرِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَكَذَا الْعَبْدُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أُعْتِقَ وَأَصَابَ مَالًا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَوْ قَالَ: إذَا أُعْتِقْت فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَهُوَ فَارٌّ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَمَةً أَيْضًا فَقَالَ فِي مَرَضِهِ: إذَا أُعْتِقْت أَنَا وَأَنْتَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا ثَلَاثًا ثُمَّ أُعْتِقَا الْيَوْمَ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ رَجُلٌ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَهِيَ تَحْتَ الزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِعِتْقِهَا أَوْ لَا يَعْلَمُ كَانَ فَارًّا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَمَةٌ تَحْتَ حُرٍّ أُعْتِقَتْ وَوُهِبَ لَهَا مَالٌ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَهِيَ مَرِيضَةٌ ثُمَّ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَ زَوْجُهَا. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ فِي مَرَضِهِ وَقَدْ دَخَلَ بِهِمَا: طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا عَلَى التَّعَاقُبِ طَلُقَتَا ثَلَاثًا بِتَطْلِيقِ الْأُولَى وَتَطْلِيقُ الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا بَاطِلٌ وَوَرِثَتْهُ الثَّانِيَةُ دُونَ الْأُولَى بِخِلَافِ مَا إذَا بَدَأَتْ الْأُولَى فَطَلَّقَتْ صَاحِبَتَهَا دُونَ نَفْسِهَا حَيْثُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى صَاحِبَتِهَا وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا وَوَرِثَتَا وَكَذَا لَوْ ابْتَدَأَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِتَطْلِيقِ صَاحِبَتِهَا وَإِنْ طَلَّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا مَعًا طَلُقَتَا وَلَمْ تَرِثَا وَإِنْ طَلَّقَتْ إحْدَاهُمَا بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا: طَلَّقْت نَفْسِي وَقَالَتْ الْأُخْرَى: طَلَّقْت صَاحِبَتِي وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مَعًا طَلَقَتْ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ وَلَا تَرِثُ وَإِنْ طَلَّقَتْ إحْدَاهُمَا نَفْسَهَا ثُمَّ طَلَّقَتْهَا صَاحِبَتُهَا طَلَقَتْ وَلَا تَرِثُ وَعَلَى الْعَكْسِ تَرِثُ هَذَا كُلَّهُ إذَا كَانَتَا فِي مَجْلِسِهِمَا ذَلِكَ فَإِنْ قَامَتَا مِنْ مَجْلِسِهِمَا ثُمَّ طَلَّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا ثَلَاثًا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ أَوْ طَلَّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ صَاحِبَتَهَا وَرِثَتَا. وَلَوْ طَلَّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نَفْسَهَا لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ

مِنْهُمَا وَلَوْ قَالَ فِي مَرَضِهِ: طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا ثَلَاثًا إنْ شِئْتُمَا فَطَلَّقَتْ إحْدَاهُمَا نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى تُطَلِّقَ الْأُخْرَى نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا فَلَوْ طَلَّقَتْ الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا ثَلَاثًا طَلُقَتَا وَوَرِثَتْ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَلَوْ خَرَجَ الْكَلَامَانِ مِنْهُمَا مَعًا بَانَتَا وَوَرِثَتَا وَلَوْ قَامَتَا عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ طَلَّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ كِلْتَيْهِمَا مُتَعَاقِبًا أَوْ مَعًا لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ فِي مَرَضِهِ: أَمْرُكُمَا بِأَيْدِيكُمَا يُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ يَصِيرُ طَلَاقُهُمَا مُفَوَّضًا إلَيْهِمَا بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ حَتَّى لَا تَنْفَرِدَ إحْدَاهُمَا بِالطَّلَاقِ وَيُقْتَصَرُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّهُمَا إذَا اجْتَمَعَتَا عَلَى طَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَهُنَا يَقَعُ فِي قَوْلِهِ إنْ شِئْتُمَا لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ: طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا: طَلَّقْت نَفْسِي وَصَاحِبَتِي بِأَلْفٍ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا بَانَتَا بِأَلْفٍ وَيَقْسِمُ عَلَى مَهْرَيْهِمَا وَلَمْ تَرِثَا بِحَالٍ. وَلَوْ طَلَقَتْ بِحِصَّتِهَا مِنْ الْأَلْفِ لَمْ تَرِثْ وَإِنْ قَامَتَا مِنْ الْمَجْلِسِ بَطَلَ الْأَمْرُ فِي حَقِّ نَفْسِهَا كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ دَخَلَ بِهِمَا: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ بَيَّنَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فِي إحْدَاهُمَا لَا تُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ وَصَارَ الزَّوْجُ فَارًّا بِالْبَيَانِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى غَيْرَهُمَا كَانَ لَهَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ فَإِنْ مَاتَتْ الَّتِي بَيَّنَ الطَّلَاقَ فِيهَا قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَصَحَّ الْبَيَانُ فِيهَا وَكَانَ الْمِيرَاثُ لِلْأُخْرَى وَلَوْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنْ مَاتَتْ الْأُخْرَى وَبَقِيَتْ الَّتِي بَيَّنَ الطَّلَاقَ فِيهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ كَانَ لَهَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ لِأَنَّ الْبَيَانَ صَحَّ فِيهَا فِي حَقِّ النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّ النِّصْفِ الَّذِي كَانَ لَهَا فَكَانَتْ مَنْكُوحَةً مِنْ وَجْهٍ فَلَا تَسْتَحِقُّ إلَّا النِّصْفَ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مَعَهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى فَالرُّبْعُ لَهَا وَثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ لِلْمَرْأَةِ الْأُخْرَى فَإِنْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ وَقَبْلَ بَيَانِهِ تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا فَإِنْ لَمْ يَمُتْ الزَّوْجُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَلِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَدًا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ. فَهَذَا لَيْسَ بِبَيَانٍ وَالزَّوْجُ عَلَى خِيَارِهِ فَإِنْ نَفَى الزَّوْجُ هَذَا الْوَلَدَ يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ فَإِنْ قَالَ: عَنَيْت عِنْدَ الْإِيقَاعِ الَّتِي لَمْ تَلِدْ يُلَاعَنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّتِي وَلَدَتْ وَيُقْطَعُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَيُلْحَقُ بِالْأُمِّ وَإِنْ قَالَ: عَنَيْت الَّتِي وَلَدَتْ يَجِبُ الْحَدُّ وَالنَّسَبُ ثَابِتٌ وَإِنْ قَالَ: لَمْ أَعْنِ عِنْدَ الْإِيقَاعِ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلَكِنْ أَعْنِي بِالْمُبْهَمِ الَّتِي وَلَدَتْ فَهَهُنَا لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَالنَّسَبُ ثَابِتٌ وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْإِيقَاعِ تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِالْوَطْءِ بَعْدَ الطَّلَاقِ هَهُنَا وَتَعَيَّنَتْ الَّتِي وَلَدَتْ لِلنِّكَاحِ فَإِنْ نَفَى الْوَلَدَ يُجْرَى اللِّعَانُ وَلَا يُقْطَعُ النَّسَبُ لِأَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ الشَّرْعُ بِالْعُلُوقِ مِنْهُ وَبِالنَّسَبِ وَعَلَّقَ بِهِ حُكْمًا وَهُوَ كَوْنُ الْوَطْءِ مِنْهُ بَيَانًا. فَهَذَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ قَطْعِ النَّسَبِ وَإِنْ وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْإِيقَاعِ وَالْأُخْرَى وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ تَعَيَّنَتْ لِلطَّلَاقِ صَاحِبَةُ الْأَقَلِّ فَإِذَا أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى صَاحِبَةِ الْأَقَلِّ فَحُكْمُ عِدَّتِهَا يُنْظَرُ إنْ كَانَ بَيْنَ وِلَادَتِهَا وَبَيْنَ وِلَادَةِ صَاحِبَةِ الْأَكْثَرِ بَعْدَهَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَعِدَّتُهَا تَنْقَضِي بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ

الباب السادس في الرجعة وفيما تحل به المطلقة وما يتصل به

أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَعِدَّةُ صَاحِبَةِ الْأَقَلِّ بِالْحَيْضِ وَإِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِوَطْءِ صَاحِبَةِ الْأَقَلِّ أَوَّلًا طَلَقَتْ صَاحِبَةُ الْأَكْثَرِ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي صَرْفِ الطَّلَاقِ عَنْ صَاحِبَةِ الْأَقَلِّ فَطَلُقَتَا وَلَوْ جَاءَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْإِيقَاعِ وَبَيْنَ الْوِلَادَتَيْنِ يَوْمٌ أَوْ أَكْثَرُ فَوِلَادَةُ الْأُولَى تَكُونُ بَيَانًا لِلطَّلَاقِ فِي الْأُخْرَى فَإِذَا جَاءَتْ الْأُخْرَى بَعْدَهُ بِوَلَدٍ فَالطَّلَاقُ الْوَاقِعُ فِيهَا لَا يَتَحَوَّلُ إلَى غَيْرِهَا وَصَارَ كَمَا لَوْ جَامَعَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ الْأُخْرَى وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُجَامَعَةِ آخِرًا كَذَا هَهُنَا وَتَنْقَضِي عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ بِالْوِلَادَةِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ. كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. وَلَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْبَيَانِ فَقَالَ الزَّوْجُ: إيَّاهَا عَنَيْت لَمْ يَرِثْهَا وَطَلَقَتْ الثَّانِيَةُ وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَتَا جَمِيعًا إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى ثُمَّ قَالَ: عَنَيْت الَّتِي مَاتَتْ أَوَّلًا لَمْ يَرِثْ مِنْهُمَا وَلَوْ مَاتَتَا جَمِيعًا مَعًا بِأَنْ سَقَطَ عَلَيْهِمَا حَائِطٌ أَوْ غَرِقَتَا يَرِثُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مِيرَاثِهَا وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَتْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى لَكِنْ لَا يَعْرِفُ التَّقَدُّمَ وَالتَّأَخُّرَ. فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَوْتِهِمَا مَعًا وَلَوْ مَاتَتَا مَعًا ثُمَّ عَيَّنَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا وَقَالَ: إيَّاهَا عَنَيْت لَا يَرِثُ مِنْهَا وَلَا يَرِثُ مِنْ الْأُخْرَى نِصْفَ مِيرَاثِ زَوْجٍ وَلَوْ ارْتَدَّتَا جَمِيعًا قَبْلَ الْبَيَانِ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا وَبَانَتَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُبَيِّنَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ فِي إحْدَاهُمَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ فَوَّضَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ إلَى أَجْنَبِيٍّ فِي الصِّحَّةِ فَطَلَّقَهَا الْأَجْنَبِيُّ فِي الْمَرَضِ إنْ كَانَ التَّفْوِيضُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ عَنْهُ لَمْ تَرِثْ مِثْلُ أَنْ يُمَلِّكَهُ الطَّلَاقَ وَإِنْ كَانَ التَّفْوِيضُ عَلَى وَجْهٍ يُمْكِنُهُ الْعَزْلُ مِثْلُ أَنْ يُوَكِّلَهُ بِالطَّلَاقِ فَطَلَّقَ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الرَّجْعَةِ وَفِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ] ِ الرَّجْعَةُ إبْقَاءُ النِّكَاحِ عَلَى مَا كَانَ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: سُنِّيٌّ وَبِدْعِيٌّ (فَالسُّنِّيُّ) أَنْ يُرَاجِعَهَا بِالْقَوْلِ وَيُشْهِدَ عَلَى رَجْعَتِهَا شَاهِدَيْنِ وَيُعْلِمَهَا بِذَلِكَ فَإِذَا رَاجَعَهَا بِالْقَوْلِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ لَهَا: رَاجَعْتُك أَوْ رَاجَعْتُ امْرَأَتِي وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَشْهَدَ وَلَمْ يُعْلِمْهَا بِذَلِكَ فَهُوَ بِدْعِيٌّ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَالرَّجْعَةُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ رَاجَعَهَا بِالْفِعْلِ مِثْلُ أَنْ يَطَأَهَا أَوْ يُقَبِّلَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ يَنْظُرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُرَاجِعًا عِنْدَنَا إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَاجِعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِالْإِشْهَادِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. (. أَلْفَاظُ الرَّجْعَةِ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ) (فَالصَّرِيحُ) : رَاجَعْتُك فِي حَالِ خِطَابِهَا أَوْ رَاجَعْتُ امْرَأَتِي حَالَ غَيْبَتِهَا وَحُضُورِهَا أَيْضًا وَمَنْ الصَّرِيحِ ارْتَجَعْتُكِ وَرَجَعْتُكِ وَرَدَدْتُكِ وَأَمْسَكْتُكِ وَمَسَكْتُكِ بِمَنْزِلَةِ أَمْسَكْتُكِ فَهَذِهِ يَصِيرُ مُرَاجِعًا بِهَا بِلَا نِيَّةٍ. (وَالْكِنَايَةُ) : أَنْتِ عِنْدِي كَمَا كُنْتِ وَأَنْتِ امْرَأَتِي فَلَا يَصِيرُ مُرَاجِعًا إلَّا بِالنِّيَّةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا أَيْ رَفَّتْهُ بَازٍ أَوْ رُدِمَتْ إنْ عَنَى بِهِ الرَّجْعَةَ يَصِيرُ مُرَاجِعًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ رَاجَعَهَا بِلَفْظِ

التَّزْوِيجِ جَازَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا صَارَ مُرَاجِعًا لَهَا هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: نَكَحْتُك كَانَ رَجْعَةً فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: رَاجَعْتُك بِمَهْرٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ هَذِهِ زِيَادَةٌ فِي الْمَهْرِ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ جَدَّدَ النِّكَاحَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَمَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ بِالْقَوْلِ تَثْبُتُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْوَطْءُ وَاللَّمْسُ عَنْ شَهْوَةٍ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا التَّقْبِيلُ عَنْ شَهْوَةٍ عَلَى الْفَمِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخَدِّ أَوْ الذَّقَنِ أَوْ الْجَبْهَةِ أَوْ الرَّأْسِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَظَاهِرُ مَا أَطْلَقَهُ فِي الْعُيُونِ الْقُبْلَةُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَتْ تُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ النَّظَرُ إلَى دَاخِلِ فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ رَجْعَةٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يَكُونُ بِالنَّظَرِ إلَى شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا سِوَى الْفَرْجِ رَجْعَةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ كُلُّ مَا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ تَثْبُتُ بِهِ الرَّجْعَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيُكْرَهُ التَّقْبِيلُ وَاللَّمْسُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْمُرَاجَعَةَ وَكَذَا يُكْرَهُ أَنْ يَرَاهَا مُتَجَرِّدَةً بِغَيْرِ شَهْوَةٍ كَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا كَانَ اللَّمْسُ وَالنَّظَرُ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ لَمْ يَكُنْ رَجْعَةً بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْقُبْلَةِ وَالنَّظَرِ وَاللَّمْسِ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ فِي كَوْنِهِ رَجْعَةً إذَا كَانَ مَا صَدَرَ مِنْهَا بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا اتِّفَاقًا فَإِنْ كَانَ اخْتِلَاسًا مِنْهَا بِأَنْ كَانَ نَائِمًا مَثَلًا لَا بِتَمْكِينِهِ أَوْ فَعَلَتْهُ وَهُوَ مُكْرَهٌ أَوْ مَعْتُوهٌ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ هَذَا إذَا صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فِي الشَّهْوَةِ فَإِنْ أَنْكَرَ لَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ وَكَذَا إذَا مَاتَ فَصَدَّقَهَا الْوَرَثَةُ وَلَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الشَّهْوَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى الْجِمَاعِ جَازَ إجْمَاعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إذَا أَدْخَلَتْ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ مَجْنُونٌ كَانَ رَجْعَةً اتِّفَاقًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَتْ لِلزَّوْجِ: رَاجَعْتُك لَمْ يَصِحَّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. الْخَلْوَةُ بِالْمُعْتَدَّةِ لَيْسَتْ بِرَجْعَةٍ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ وَكُلُّ فِعْلٍ لَا يَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ إذَا فَعَلَ الزَّوْجُ بِالْمُعْتَدَّةِ لَا يَكُونُ رَجْعَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا جَامَعْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَجَامَعَهَا فَلَمَّا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَطَلَقَتْ وَلَبِثَ سَاعَةً لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَإِنْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ أَدْخَلَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا يَصِيرُ مُرَاجِعًا بِاللُّبْثِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ نَزَعَ ثُمَّ أَوْلَجَ صَارَ مُرَاجِعًا بِالْإِجْمَاعِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا قَالَ لَهَا: إنْ لَمَسْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ فَلَمَسَهَا فَإِذَا رَفَعَ يَدَهُ عَنْهَا ثُمَّ أَعَادَهَا فَلَمَسَهَا ثَانِيًا فَهُوَ رَجْعَةٌ إذَا قَالَ لِمَنْكُوحَتِهِ: إذَا رَاجَعْتُك فَأَنْت طَالِقٌ تَنْصَرِفُ يَمِينُهُ إلَى الرَّجْعَةِ الْحَقِيقِيَّةِ لَا إلَى الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا تَطْلُقُ وَلَوْ رَاجَعَهَا تَطْلُقُ لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: إنْ رَاجَعْتُك تَنْصَرِفُ يَمِينُهُ إلَى الْعَقْدِ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا: إنْ رَاجَعْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا تَطْلُقُ وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا تَطْلُقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ نَظَرَ إلَى دُبُرِهَا بِشَهْوَةٍ لَا يَكُونُ رَجْعَةً إجْمَاعًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. اخْتَلَفُوا فِي الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ قِيلَ إنَّهُ لَيْسَ بِرَجْعَةٍ

وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْقُدُورِيُّ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ رَجْعَةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجْعَةُ الْمَجْنُونِ بِالْفِعْلِ وَلَا تَصِحُّ بِالْقَوْلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ تَصِحُّ الرَّجْعَةُ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالْهَزْلِ وَاللَّعِبِ وَالْخَطَأِ كَالنِّكَاحِ وَفِي الْقُنْيَةِ إنْ أَجَازَ مُرَاجَعَةَ الْفُضُولِيِّ صَحَّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ: إذَا كَتَمَهَا الطَّلَاقَ ثُمَّ رَاجَعَهَا وَكَتَمَهَا الرَّجْعَةَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ فِيمَا صَنَعَ وَإِنَّمَا قَالَ: قَدْ أَسَاءَ لِتَرْكِ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ الْإِشْهَادُ وَالْإِعْلَامُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ بِأَنْ يَقُولَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتُك وَإِذَا دَخَلْت الدَّارَ وَإِذَا فَعَلْت كَذَا فَهَذَا لَا يَكُونُ رَجْعَةً إجْمَاعًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي الرَّجْعَةِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ الطَّلَاقِ: رَاجَعْتُكِ غَدًا أَوْ رَأْسَ شَهْرٍ كَذَا لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: أَبْطَلْتُ رَجْعَتِي أَوْ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك كَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فِي عِدَّتِهَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ تَرْضَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ الدُّخُولَ بِهَا وَقَدْ خَلَا بِهَا فَلَهُ الرَّجْعَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلَا بِهَا فَلَا رَجْعَةَ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الرَّوْضَةِ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَاخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ قَالَ فِي عِدَّتِهَا قَدْ رَاجَعْتهَا أَوْ أَنَّهُ قَالَ قَدْ جَامَعْتُهَا كَانَ رَجْعَةً كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَقَالَ: كُنْت رَاجَعْتُهَا فِي الْعِدَّةِ فَصَدَّقَتْهُ فَهِيَ رَجْعَةٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الرَّجْعَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقَالَ الزَّوْجُ يَوْمَ السَّبْتِ فَهَلْ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَمْ هِيَ أَمْ السَّابِقُ بِالدَّعْوَى فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الصَّحِيحُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. ذُكِرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَوْ قَالَ لَهَا: رَاجَعْتُك فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ مَوْصُولًا بِكَلَامِ الزَّوْجِ انْقَضَتْ عِدَّتِي لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ تَحْتَمِلُ الِانْقِضَاءَ فَلَوْ لَمْ تَحْتَمِلْهُ تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَتُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ عِدَّتَهَا كَانَتْ مُنْقَضِيَةً حَالَ إخْبَارِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا إذَا سَكَتَتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي تَصِحُّ الرَّجْعَةُ وَلَوْ بَدَأَتْ الْمَرْأَةُ بِالْكَلَامِ فَقَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي فَقَالَ الزَّوْجُ مُجِيبًا لَهَا مَوْصُولًا بِكَلَامِهَا: رَاجَعْتُك لَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. إذَا قَالَ زَوْجُ الْأَمَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا: قَدْ كُنْت رَاجَعْتُك وَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى وَكَذَّبَتْهُ الْأَمَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ بِأَنْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى وَصَدَّقَتْهُ الْأَمَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى وَلَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ

إجْمَاعًا فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى وَالْأَمَةُ تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ اتِّفَاقًا وَلَوْ كَذَّبَاهُ لَمْ تَثْبُتْ اتِّفَاقًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَإِنْ قَالَتْ: قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَقَالَ الْمَوْلَى وَالزَّوْجُ: لَمْ تَنْقَضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَتْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ أَسْقَطَتْ سِقْطًا مُسْتَبِينَ بَعْضِ الْخَلْقِ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَطْلُبَ يَمِينَهَا عَلَى أَنَّهَا أَسْقَطَتْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْمَوْلَى لَوْ قَالَ لِلزَّوْجِ: أَنْتِ قَدْ رَاجَعْتُهَا فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. إنْ قَالَتْ: قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي ثُمَّ قَالَتْ: لَمْ تَنْقَضِ بَعْدُ فَلَهُ رَجْعَتُهَا وَلَوْ رَاجَعَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِي وَفِي الْمُغْنِي هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَتَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ إنْ حُكِمَ بِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَالثَّانِيَةِ إنْ كَانَتْ أَمَةً لِتَمَامِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنْ انْقَطَعَ لِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لَمْ تَنْقَطِعْ حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ كَانَ الطُّهْرُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَهُوَ ذَلِكَ الزَّمَنُ الْيَسِيرُ الَّذِي تَقْدِرُ فِيهِ عَلَى الِاغْتِسَالِ وَالتَّحْرِيمَةِ لَا مَا دُونَهُ وَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ لَمْ يَثْبُتْ هَذَا حَتَّى يَخْرُجَ جَمِيعُهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِذَلِكَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ أَمَّا إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا لَا يَسَعُ فِيهِ الِاغْتِسَالَ أَوْ يَسَعُ الِاغْتِسَالَ لَا غَيْرَ فَلَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا بِمُضِيِّ ذَلِكَ الْوَقْتِ حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ وَقْتُ صَلَاةٍ كَامِلَةٍ أُخْرَى كَذَا فِي شَاهَانْ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَلَوْ طَهُرَتْ فِي وَقْتٍ مُهْمَلٍ كَوَقْتِ الشُّرُوقِ لَا تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ الَّتِي كَانَتْ عَادَتُهَا مَرَّةً خَمْسًا وَمَرَّةً سِتًّا ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ تُؤْخَذُ بِالْأَقَلِّ فِي انْقِطَاعِ الرَّجْعَةِ وَبِالْأَكْثَرِ فِي حَقِّ التَّزَوُّجِ بِزَوْجٍ آخَرَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِذَا كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ كِتَابِيَّةً فَقَدْ قَالُوا: إنَّ الرَّجْعَةَ تَنْقَطِعُ عَنْهَا بِنَفْسِ انْقِطَاعِ الدَّمِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ رَاجَعَهَا بَعْدَ هَذَا الْغُسْلِ الَّذِي قُلْنَا: إنَّ بِهِ تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ ثُمَّ عَاوَدَهَا وَلَمْ يُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ وَكَذَا الْكَلَامُ فِي التَّيَمُّمِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ وَلَمْ يَمْضِ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ كَامِلَةٍ بَلْ تَيَمَّمَتْ بِأَنْ كَانَتْ مُسَافِرَةً لَمْ تَنْقَطِعْ الرَّجْعَةُ بِمُجَرَّدِ التَّيَمُّمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتَنْقَطِعُ إذَا تَيَمَّمَتْ وَصَلَّتْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَلَوْ شَرَعَتْ بِهِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُحْكَمُ بِانْقِطَاعِ الرَّجْعَةِ عِنْدَهُمَا مَا لَمْ تَفْرُغْ مِنْ الصَّلَاةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَيَمَّمَتْ وَقَرَأَتْ الْقُرْآنَ أَوْ مَسَّتْ الْمُصْحَفَ أَوْ دَخَلَتْ الْمَسْجِدَ قَالَ الْكَرْخِيُّ: تَنْقَطِعُ بِهِ الرَّجْعَةُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ: لَا تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ اغْتَسَلَتْ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ انْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ بِنَفْسِ الِاغْتِسَالِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَكِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ وَلَا تُصَلِّي بِذَلِكَ الْغُسْلِ مَا لَمْ تَتَيَمَّمْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ اغْتَسَلَتْ وَنَسِيَتْ شَيْئًا مِنْ

فصل فيما تحل به المطلقة وما يتصل به

بَدَنِهَا لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فَإِنْ كَانَ عُضْوًا كَامِلًا فَمَا فَوْقَهُ لَمْ تَنْقَطِعْ الرَّجْعَةُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ عُضْوٍ انْقَطَعَتْ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ: وَذَلِكَ قَدْرُ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَا بَعْضُ السَّاعِدِ وَالْعَضُدِ، وَالْعُضْوُ الْكَامِلُ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا اغْتَسَلَتْ عَنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ لَكِنَّهَا تَرَكَتْ الْمَضْمَضَةَ أَوْ الِاسْتِنْشَاقَ فَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ: لَا تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى تَنْقَطِعُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا وَلَكِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ إنْ كَانَ الْبَاقِي أَحَدَ الْمَنْخِرَيْنِ فَالرَّجْعَةُ بَاقِيَةٌ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا خَرَجَ نِصْفُ الْوَلَدِ غَيْرَ الرَّأْسِ يَعْنِي مِنْ الْعَجُزِ إلَى الْمَنْكِبَيْنِ انْتَقَضَتْ الْعِدَّةُ وَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ خَلَا بِامْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ: لَمْ أُجَامِعْهَا فَصَدَّقَتْهُ أَوْ كَذَّبَتْهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ فَإِنْ رَاجَعَهَا مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ بِيَوْمٍ قَبْلَ أَنْ تُخْبِرَ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ صَحَّتْ تِلْكَ الرَّجْعَةُ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ بَعْدَ مَا وَلَدَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَقَالَ: لَمْ أُجَامِعْهَا فَلَهُ الرَّجْعَةُ لِأَنَّ الْحَبَلَ مَتَى ظَهَرَ فِي مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ يَوْمِ التَّزَوُّجِ جُعِلَ مِنْهُ وَكَذَا إذَا وَلَدَتْ فِي عِصْمَتِهِ فِي مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ بِأَنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ يَوْمِ التَّزَوُّجِ جُعِلَ مِنْهُ حَتَّى يَثْبُتَ نَسَبُهُ مِنْهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ وَلَدْتِ فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوِلَادَةِ الْأُولَى صَارَتْ مُرَاجَعَةً وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ حَيْثُ لَا تَكُونُ مُرَاجَعَةً كَذَا فِي التَّبْيِينِ الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ كَانَ رَجْعَةً وَإِنْ جَاءَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ لَا يَكُونُ رَجْعَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ: كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةً فَإِنْ كَانَ بَيْنَ كُلِّ وَلَدَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ طَلَقَتْ بِالْأَوَّلِ وَبِعُلُوقِ الثَّانِي صَارَ مُرَاجَعًا وَبِوِلَادَتِهِ طَلَقَتْ أُخْرَى وَبِعُلُوقِ الثَّالِثِ صَارَ مُرَاجَعًا وَبِوِلَادَتِهِ طَلَقَتْ أُخْرَى فَتَعْتَدُّ بِهَا هَكَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ تَتَشَوَّفُ وَتَتَزَيَّنُ وَيُسْتَحَبُّ لِزَوْجِهَا أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا حَتَّى يُؤْذِنَهَا أَوْ يُسْمِعَهَا خَفْقَ نَعْلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَصْدِهِ الْمُرَاجَعَةُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا حَتَّى يُشْهِدَ عَلَى رَجْعَتِهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَكَذَا لَا يَحِلُّ إخْرَاجُهَا إلَى مَا دُونَ السَّفَرِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَكَمَا يُكْرَهُ السَّفَرُ بِهَا تُكْرَهُ الْخَلْوَةُ وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ إنَّمَا تُكْرَهُ الْخَلْوَةُ إذَا لَمْ يَأْمَنْ مِنْ غَشَيَانِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ حَتَّى لَوْ وَطِئَهَا لَا يَغْرَمُ الْعَقْرَ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْأَمَةَ رَجْعِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَ حُرَّةً كَانَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ الْأَمَةَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. [فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ] ِ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ

وَبَعْدَ انْقِضَائِهَا وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا فِي الْحُرَّةِ وَثِنْتَيْنِ فِي الْأَمَةِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ نِكَاحًا صَحِيحًا وَيَدْخُلَ بِهَا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا أَوْ يَمُوتَ عَنْهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُطَلَّقَةِ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْإِيلَاجُ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ وَهُوَ الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. أَمَّا الْإِنْزَالُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِلْإِحْلَالِ وَإِذَا وَطِئَهَا إنْسَانٌ بِالزِّنَا أَوْ بِشُبْهَةٍ لَا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا لِعَدَمِ النِّكَاحِ وَكَذَا إذَا وَطِئَهَا الْمَوْلَى بِمِلْكِ الْيَمِينِ بِأَنْ حُرِّمَتْ أَمَتُهُ الْمَنْكُوحَةُ عَلَى زَوْجِهَا حُرْمَةً غَلِيظَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَوَطِئَهَا الْمَوْلَى لَا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ صَوْمٍ حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ جَامَعَ الْمُفْضَاةَ لَا يُحَلِّلُهَا مَا لَمْ تَحْمِلْ وَلَوْ صَغِيرَةً لَا يُجَامِعُ مِثْلَهَا لَا يُحَلِّلُهَا وَإِنْ كَانَ مِثْلُهَا يُجَامِعُ حَلَّتْ وَإِنْ أَفْضَاهَا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَفِي الْأَنْفَعِ: الصَّبِيُّ الْمُرَاهِقُ فِي التَّحْلِيلِ كَالْبَالِغِ إذَا جَامَعَهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَطَلَّقَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِنْهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ غَيْرُ وَاقِعٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَسَّرَ الْمُرَاهِقَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَقَالَ غُلَامٌ لَمْ يَبْلُغْ وَمِثْلُهُ يُجَامِعُ جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَيْهَا وَأَحَلَّهَا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنْ تَتَحَرَّكَ آلَتُهُ وَيَشْتَهِيَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ الثَّانِي مَجْنُونًا حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ الثَّانِي عَبْدًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا فَتَزَوَّجَهَا بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَدَخَلَ بِهَا حَلَّتْ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَزَوَّجَتْ عَبْدًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ أَجَازَ السَّيِّدُ النِّكَاحَ فَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى طَلَّقَهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ حَتَّى يَطَأَهَا بَعْدَ الْإِجَازَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ كَانَ مَجْبُوبًا لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ فَإِنْ حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ فَصَارَتْ مُحْصَنَةً عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَانَ مَسْلُولًا حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا لَفَّ ذَكَرَهُ بِخِرْقَةٍ وَأَدْخَلَهُ فَرْجَهَا فَإِنْ وَجَدَ الْحَرَارَةَ تَحِلُّ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَوْلَجَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ بِقُوَّتِهِ بَلْ بِمُسَاعِدَةِ الْيَدِ لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ تَنْتَشِرَ آلَتُهُ وَتَعْمَلَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا كَانَتْ النَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ مُسْلِمٍ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ نَصْرَانِيًّا وَدَخَلَ بِهَا حَلَّتْ لِلْمُسْلِمِ الَّذِي طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي ثَلَاثًا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا تَزَوَّجَتْ بِثَالِثٍ وَدَخَلَ بِهَا حَلَّتْ لِلزَّوْجَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَأَيُّهُمَا تَزَوَّجَ صَحَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ ارْتَدَّتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اسْتَرَقَّهَا أَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ مَلَكَهَا فَفِي هَاتَيْنِ لَا يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَتْ: قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَتَزَوَّجْت وَدَخَلَ بِي الزَّوْجُ وَطَلَّقَنِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي وَالْمُدَّةُ تَحْتَمِلُ ذَلِكَ جَازَ لِلزَّوْجِ أَنْ يُصَدِّقَهَا إذَا كَانَ فِي غَالِبِ ظَنِّهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا إذَا كَانَتْ حُرَّةً

مِمَّنْ تَحِيضُ وَقَالَا بِأَنَّهَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَوَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ فَقَالَتْ: قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ يَوْمًا عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَةِ يَوْمٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ يَوْمًا وَسَاعَةً هَذَا إذَا كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ حُرَّةً أَمَّا إذَا كَانَتْ أَمَةً وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ. وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ وَاحِدٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ فَإِنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ يَوْمًا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَسَاعَةً. وَإِنْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ وَهِيَ حُرَّةٌ فَإِنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ وَنِصْفٍ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ الْمُطَلَّقَةُ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ إذَا جَاءَتْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ كَانَتْ تَزَوَّجَتْ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بِزَوْجٍ آخَرَ وَقَالَتْ: قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي مِنْ الزَّوْجِ الثَّانِي وَأَرَادَتْ أَنْ تَعُودَ إلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ هَلْ تُصَدَّقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَجَابَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ نَجْمُ الدِّينِ عُمَرُ النَّسَفِيُّ: أَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَالَتْ لِلْأَوَّلِ: حَلَلْت لَك فَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَالَتْ: إنَّ الثَّانِيَ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِي فَإِنْ كَانَتْ عَالِمَةً بِشَرَائِط الْحِلِّ لِلْأَوَّلِ لَمْ تُصَدَّقْ وَإِلَّا فَتُصَدَّقُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا إقْرَارٌ أَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ دَخَلَ بِهَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ قَالَتْ لَهُ: حَلَلْت لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مَا لَمْ يَسْتَفْسِرْهَا لِاخْتِلَافِ النَّاسِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهُوَ الصَّوَابُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي نِكَاحِ الْأَجْنَاسِ لَوْ أَخْبَرَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا الثَّانِيَ جَامَعَهَا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الْجِمَاعَ حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ بِأَنْ أَنْكَرَتْ وَأَقَرَّ الزَّوْجُ الثَّانِي لَا تَحِلُّ وَلَوْ قَالَتْ: وَطِئَنِي الزَّوْجُ الثَّانِي وَقَالَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَهَا: مَا وَطِئَك الثَّانِي فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى فِي الْفَتَاوَى لَوْ قَالَتْ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ: مَا تَزَوَّجْت بِآخَرَ وَقَالَ الزَّوْجُ: تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ وَدَخَلَ بِكَ لَا تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ الثَّانِي: النِّكَاحُ وَقَعَ فَاسِدًا بَيْنَنَا لِأَنِّي جَامَعْت أُمَّهَا إنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ لَا تَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ تَحِلُّ كَذَا أَجَابَ الْقَاضِي الْإِمَامُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَوْ لَمْ تَنْكِحْ زَوْجًا غَيْرَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَمِنْ نِيَّتِهِ التَّحْلِيلُ وَلَمْ يَشْتَرِطَا ذَلِكَ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ بِهَذَا وَلَا يُكْرَهُ

وَلَيْسَتْ النِّيَّةُ بِشَيْءٍ وَلَوْ شَرْطًا يُكْرَهُ وَتَحِلُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ عَادَتْ إلَيْهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَيَهْدِمُ الزَّوْجُ الثَّانِي الطَّلْقَةَ وَالطَّلْقَتَيْنِ كَمَا يَهْدِمُ الثَّلَاثَ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. فِي النَّوَازِلِ إذَا شَهِدَ عِنْدَ الْمَرْأَةِ شَاهِدَانِ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا إذَا كَانَ زَوْجُهَا غَائِبًا يَسَعُهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا إلَّا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. عَلَّقَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ بِشَرْطٍ وَوُجِدَ الشَّرْطُ وَتَخَافُ أَنَّهُ لَوْ عَرَضَتْ عَلَيْهِ أَنْكَرَهُ وَاسْتَفْتَتْ الْمَرْأَةُ فَأَفْتَوْا بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ وَتَخَافُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنْكَرَ الْحَلِفَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ وَتُحَلِّلُ نَفْسَهَا سِرًّا مِنْهُ إذَا غَابَ فِي سَفَرٍ فَإِذَا رَجَعَ الْتَمَسَتْ مِنْهُ تَجْدِيدَ النِّكَاحِ لِشَكٍّ خَالَجَ قَلْبَهَا لَا لِإِنْكَارِ الزَّوْجِ لِلطَّلَاقِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ يُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ الْخَطِّيُّ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَكَتَمَ عَنْهَا وَجَعَلَ يَطَؤُهَا فَمَضَتْ ثَلَاثُ حِيَضٍ ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ هَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ قَالَ: لَا لِأَنَّ الْوَطْءَ جَرَى بَيْنَهُمَا بِشُبْهَةِ النِّكَاحِ وَأَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْعِدَّةِ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ آخِرِ وَطْئِهَا جَرَتْ ثَلَاثُ حِيَضٍ قِيلَ لَهُ فَإِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِالْحُرْمَةِ مُقِرَّيْنِ بِوُقُوعِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ وَلَكِنْ يَطَؤُهَا فَحَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ قَالَ: يَجُوزُ نِكَاحُهَا لِأَنَّهُمَا إذَا كَانَ مُقِرَّيْنِ بِالْحُرْمَةِ كَانَ الْوَطْءُ زِنًا وَالزِّنَا لَا يُوجِبُ الْعِدَّةَ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ تَتَزَوَّجَ وَبِهِ نَأْخُذُ إلَّا إذَا كَانَتْ حُبْلَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ امْرَأَةٍ سَمِعَتْ مِنْ زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَا تَقْدِرُ أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ هَلْ يَسَعُهَا أَنْ تَقْتُلَهُ قَالَ لَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَقْرَبَهَا وَلَا تَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ إلَّا بِالْقَتْلِ وَهَكَذَا كَانَ فَتْوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَطَاءِ بْنِ حَمْزَةَ وَالْإِمَامِ أَبِي شُجَاعٍ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ يَقُولُ: لَيْسَ لَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْمُلْتَقَطِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ: يُحْكَى بِهِ جَوَابُ السَّيِّدِ الْإِمَامِ أَبِي شُجَاعٍ يَقُولُ لَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ فَقَالَ: إنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ وَلَهُ مَشَايِخُ أَكَابِرُ لَا يَقُولُ مَا يَقُولُ إلَّا عَنْ صِحَّةٍ فَالِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا شَهِدَ عِنْدَ الْمَرْأَةِ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ يَجْحَدُ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَا أَوْ غَابَا قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَا عِنْدَ الْقَاضِي لَمْ يَسَعْهَا أَنْ تَقُومَ مَعَهُ وَأَنْ تَدَعَهُ يَقْرَبُهَا فَإِنْ حَلَفَ الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ وَالشُّهُودُ قَدْ مَاتُوا فَرَدَّهَا الْقَاضِي عَلَيْهِ لَا يَسَعُهَا الْمَقَامُ مَعَهُ وَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ بِمَالِهَا أَوْ تَهْرُبَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ قَتَلَتْهُ مَتَى عَلِمَتْ أَنَّهُ يَقْرَبُهَا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ تَقْتُلَهُ بِالدَّوَاءِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَقْتُلَ نَفْسهَا وَإِذَا هَرَبَتْ مِنْهُ لَمْ يَسَعْهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ قَالَ الشَّيْخُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ هَذَا جَوَابُ

الباب السابع في الإيلاء

الْحُكْمِ فَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهُ - تَعَالَى - إذَا هَرَبَتْ فَلَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي النَّسَفِيَّةِ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ حَرَّمَتْ عَلَى زَوْجِهَا وَلَا يَتَخَلَّصُ عَنْهَا الزَّوْجُ وَلَوْ غَابَ عَنْهَا سَحَرَتْهُ فَرَدَّتْهُ إلَيْهَا هَلْ لَهُ أَنْ يَحْتَالَ فِي قَتْلِهَا بِالسُّمِّ وَنَحْوِهِ لِيَتَخَلَّصَ مِنْهَا قَالَ: لَا يَحِلُّ وَيَبْعُدُ عَنْهَا بِأَيِّ وَجْهٍ قَدَرَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ لَطَائِفِ الْحِيَلِ فِيهِ أَنْ تَتَزَوَّجَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ عَبْدٍ صَغِيرٍ تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ ثُمَّ تَمْلِكُهُ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ بَعْدَمَا وَطِئَهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَعْقِدَ الْفُضُولِيُّ عَقْدَ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا فَيُجِيزُ بِالْفِعْلِ وَلَا يَحْنَثُ وَلَوْ أَجَازَ بِالْقَوْلِ يَحْنَثُ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ خَافَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا الْمُحَلِّلُ فَقَالَتْ: زَوَّجْتُك نَفْسِي عَلَى أَنَّ أَمْرِي بِيَدِي أُطَلِّقُ نَفْسِي كُلَّمَا أَرَدْت فَقَبِلَ جَازَ النِّكَاحُ وَصَارَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ إذَا أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَقْطَعَ طَمَعَ الْمُحَلِّلِ تَقُولُ: لَا أُطَاوِعُك حَتَّى تَحْلِفَ بِثَلَاثِ طَلْقَاتِي أَنَّك لَا تُخَالِفُنِي فِيمَا أَطْلُبُ مِنْك فَإِذَا حَلَفَ مَكَّنَتْهُ فَإِذَا قَرُبَهَا مَرَّةً طَلَبَتْ مِنْهُ الطَّلَاقَ فَإِنْ طَلَّقَهَا طَلَقَتْ وَإِلَّا فَكَذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْإِيلَاءِ] ِ الْإِيلَاءُ مَنْعُ النَّفْسِ عَنْ قُرْبَانِ الْمَنْكُوحَةِ مَنْعًا مُؤَكَّدًا بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مُطْلَقًا أَوْ مُؤَقَّتًا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحَرَائِرِ وَشَهْرٍ فِي الْإِمَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا وَقْتٌ يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ حِنْثٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ قَرِبَهَا فِي الْمُدَّةِ حَنِثَ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِذَاتِهِ أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ يَحْلِفُ بِهَا عُرْفًا وَفِي غَيْرِهِ الْجَزَاءُ وَيَسْقُطُ الْإِيلَاءُ بَعْدَ الْقُرْبَانِ وَإِنْ لَمْ يَقْرُبْهَا فِي الْمُدَّةِ بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ كَذَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ شَرْحِ النُّقَايَةِ. فَإِنْ كَانَ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَقَدْ سَقَطَتْ الْيَمِينُ وَإِنْ كَانَ حَلَفَ عَلَى الْأَبَدِ بِأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَبَدًا أَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَلَمْ يَقُلْ أَبَدًا فَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ قَبْلَ التَّزَوُّجِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا عَادَ الْإِيلَاءُ فَإِنْ وَطِئَهَا وَإِلَّا وَقَعَتْ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ طَلْقَةٌ أُخْرَى وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ هَذَا الْإِيلَاءِ مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا ثَالِثًا عَادَ الْإِيلَاءُ وَوَقَعَتْ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ طَلْقَةٌ أُخْرَى إنْ لَمْ يَقْرُبْهَا كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لَمْ يَقَعْ بِذَلِكَ الْإِيلَاءِ طَلَاقٌ وَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ فَإِنْ وَطِئَهَا كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَعَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ عَادَتْ إلَيْهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَتَطْلُقُ كُلَّمَا مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ حَتَّى تَبِينَ مِنْهُ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَكَذَا فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ آلَى الذِّمِّيُّ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ فَهُوَ مُولٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِمُولٍ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ فَهُوَ مُولٍ إجْمَاعًا

وَإِنْ حَلَفَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلَيْسَ بِمُولٍ إجْمَاعًا وَكَذَا إذَا قَالَ: إنَّ قَرِبْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَكُنْ مُولِيًا ثُمَّ إذَا صَحَّ إيلَاءُ الذِّمِّيِّ فَهُوَ فِي أَحْكَامِهِ كَالْمُسْلِمِ إلَّا أَنَّهُ إذَا وَطِئَ وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ (الْأَلْفَاظُ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الْإِيلَاءُ نَوْعَانِ) صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ (أَمَّا الصَّرِيحُ) فَكُلُّ لَفْظٍ يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ مَعْنَى الْوِقَاعِ مِنْهُ لِقَوْلِهِ لَا أَقْرَبُك لَا أُجَامِعُك لَا أَطَؤُك لَا أُبَاضِعُك لَا أَغْتَسِلُ مِنْك مِنْ جَنَابَةٍ لِأَنَّ الْمُبَاضَعَةَ الْمُضَافَةَ إلَيْهَا يُرَادُ بِهَا الْوِقَاعُ عَادَةً وَالِاغْتِسَالُ مِنْ الْجَنَابَةِ مِنْهَا لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَا أَفْتَضُّك وَهِيَ بِكْرٌ لِأَنَّ الِافْتِضَاضَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمُجَامَعَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ: لَا وَطِئْتُك فِي الدُّبُرِ أَوْ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَمْ يَصِرْ مُولِيًا وَلَوْ قَالَ: لَا جَامَعْتُك إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ سُئِلَ عَنْ نِيَّتِهِ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ صَارَ مُولِيًا وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت جِمَاعًا ضَعِيفًا لَا يَزِيدُ عَلَى نَحْوِ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ فَلَيْسَ بِمُولٍ وَكَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت دُونَ ذَلِكَ فَهُوَ مُولٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْيَنَابِيعِ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْجِمَاعَ وَيُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (وَأَمَّا الْكِنَايَةُ) فَكُلُّ لَفْظٍ لَا يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ مَعْنَى الْوِقَاعِ مِنْهُ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ فَمَا لَمْ يَنْوِي لَا يَكُونُ إيلَاءً كَقَوْلِهِ لَا أَمَسُّهَا لَا آنِيهَا لَا أَدْخُلُ بِهَا لَا أَغْشَاهَا لَا يُجْمَعُ رَأْسُهَا وَرَأْسِي لَا أَبِيتُ مَعَك فِي فِرَاشٍ لَا أُصَاحِبُهَا لَا يَقْرَبُ فِرَاشَهَا أَوْ لِيَسُوءُنَّهَا أَوْ لَيَغِيظَنَّهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: إنْ نِمْت مَعَك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهُوَ إيلَاءٌ وَوَقَعَ عَلَى الْجِمَاعِ عُرْفًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (وَمِنْهَا) الْإِصَابَةُ وَالْمُضَاجَعَةُ وَالدُّنُوُّ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. فِي الْيَنَابِيعِ وَيَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ بِكُلِّ لَفْظٍ تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ وَبِاَللَّهِ وَجَلَالِ اللَّهِ وَعَظَمَةِ اللَّهِ وَكِبْرِيَاءِ اللَّهِ وَسَائِرِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ كَقَوْلِهِ: وَعِلْمِ اللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَوْ قَالَ: عَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ أَوْ سَخَطُ اللَّهِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِمَّا لَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ وَفِي الْمَنَافِعِ وَأَهْلُ الْإِيلَاءِ مَنْ كَانَ أَهْلَ الطَّلَاقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا مَنْ كَانَ أَهْلًا لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِالْحَلِفِ عَلَى الْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ فَإِنْ كَانَ يَحْنَثُ بِدُونِ الْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ لَا يَكُونُ مُولِيًا. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: وَاَللَّهِ لَا يَمَسُّ جِلْدِي جِلْدَك لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ بِالْمَسِّ بِدُونِ الْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ وَلَوْ قَالَ: لَا يَمَسُّ فَرْجِي فَرْجَك يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ الْجِمَاعُ وَلَوْ قَالَ: أكرباتوخيم فَأَنْت طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا يَكُونُ مُولِيًا مُرَادَ النَّاسِ مِنْ هَذَا الْجِمَاعِ فَإِنْ نَوَى الْمُضَاجَعَةَ لَا يَكُونُ مُولِيًا فَإِنْ ضَاجَعَهَا وَلَمْ يُجَامِعْهَا كَانَ حَانِثًا وَلَوْ قَالَ: اُكْرُمْنَ دَسَّتْ بِزَنِّ فَرَازّ كَنَمِّ تايكسال فَعَلَى كَذَا وَلَمْ يَقْرَبْهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ تَبِينُ بِتَطْلِيقَةٍ لِأَنَّهُ

يُرَادُ بِهِ فِي الْعُرْفِ الْجِمَاعُ وَلِهَذَا لَوْ جَامَعَهَا فِي السَّنَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا مِنْك مُولٍ فَإِنْ عَنَى بِهِ الْخَبَرَ كَذِبًا فَلَيْسَ بِمُولٍ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ وَإِنْ عَنَى بِهِ الْإِيجَابَ فَهُوَ مُولٍ فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ: إذَا قَرِبْتُك فَعَلَيَّ صَلَاةٍ لَا يَكُونُ مُولِيًا كَذَا فِي الْكَافِي. ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ عَبْدِي هَذَا عَنْ ظِهَارِي إنْ قَرِبْت امْرَأَتِي فُلَانَةَ وَهُوَ مُظَاهِرٌ أَوْ لَيْسَ بِمُظَاهِرٍ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَلَوْ قَالَ: عَبْدِي هَذَا حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي إنْ قَرِبْت امْرَأَتِي فَهُوَ مُولٍ مُظَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُظَاهِرٍ وَيَجْزِي عَنْ ظِهَارِهِ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ مُظَاهِرًا وَقَدْ قَرِبَهَا ثُمَّ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ يُعْتَقُ إذَا قَرِبَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ مُولٍ وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِفِعْلٍ آخَرَ لَا يَكُونُ مُولِيًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ قَرِبْتُك أَوْ دَعَوْتُك إلَى فِرَاشِي فَأَنْت طَالِقٌ لَا يَكُونُ مُولِيًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ لَهَا: إنْ اغْتَسَلْت مِنْ جَنَابَتِي مَا دُمْت امْرَأَتِي فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَعَادَ هَذَا الْقَوْلَ وَلَمْ يَعْلَمْ هَذَا الْقَوْلَ وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا وَلَمْ يُجَامِعْهَا قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا وَقَعَ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ بِمُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ وَلَا يَحْنَثُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ حَلَفَ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ صِيَامٌ أَوْ هَدْيٌ أَوْ اعْتِكَافٌ أَوْ يَمِينٌ أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَهُوَ مُولٍ وَلَوْ قَالَ: فَعَلَيَّ اتِّبَاعُ جِنَازَةٍ أَوْ سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ أَوْ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَوْ الصَّلَاةُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ تَسْبِيحَةٌ فَلَيْسَ بِمُولٍ وَتَجِبُ صِحَّةُ الْإِيلَاءِ فِيمَا لَوْ قَالَ: فَعَلَيَّ مِائَةُ رَكْعَةٍ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَشُقُّ عَادَةً وَلَوْ قَالَ: فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَلَى هَذَا الْمِسْكَيْنِ بِهَذَا الدِّرْهَمِ أَوْ مَالِي هِبَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّصَدُّقَ بِهِ وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ يَصِيرُ مُولِيًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ كَذَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ يَمْضِي قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَإِنْ كَانَ لَا يَمْضِي قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَهُوَ مُولٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ إطْعَامُ مِسْكِينٍ أَوْ صَوْمُ يَوْمٍ فَهُوَ مُولٍ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِلسَّرَخْسِيِّ. حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا فِي زَمَانٍ أَوْ فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ لَا يَكُونُ مُولِيًا حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا وَهِيَ حَائِضٌ لَا يَكُونُ مُولِيًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ امْرَأَةِ فُلَانٍ وَقَدْ كَانَ فُلَانٌ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ فَإِنْ نَوَى الْإِيلَاءَ كَانَ مُولِيًا وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيِّتَةِ وَنَوَى الْيَمِينَ يَكُونُ مُولِيًا وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ قَرِبْتُك فَأَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى الْيَمِينَ يَصِيرُ مُولِيًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَصِيرُ مُولِيًا حَتَّى يَقْرَبَهَا وَلَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى: أَشْرَكْتُك فِي إيلَائِهَا لَا يَصِيرُ مُولِيًا وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْكَرْخِيُّ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى: قَدْ أَشْرَكْتُك مَعَهَا كَانَ مُولِيًا مِنْهُمَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا كَذَا

فِي الظَّهِيرِيَّةِ إنْ قَالَ: لَا أَقْرَبُكُمَا كَانَ مُولِيًا مِنْهُمَا فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَقْرَبْهُمَا بَانَتَا جَمِيعًا وَإِنْ قَرِبَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بَطَلَ إيلَاؤُهَا وَإِيلَاءُ الْبَاقِيَةِ عَلَى حَالِهِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَإِنْ قَرِبَهُمَا جَمِيعًا بَطَلَ إيلَاؤُهُمَا وَوَجَبَتْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِنْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَطَلَ إيلَاؤُهُمَا وَلَا تَجِبُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَإِنْ قَرِبَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا لَا يَبْطُلُ الْإِيلَاءُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالَ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُنَّ صَارَ مُولِيًا مِنْهُنَّ لِلْحَالِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْرَبَهُنَّ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بِنَّ جَمِيعًا وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ: لَا أَقْرَبُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ أَوْ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا مِنْهُمَا جَمِيعًا حَتَّى لَا يَحْنَثَ إنْ قَرِبَهُمَا وَلَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ قُرْبَانٍ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ تَقَعُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَهُمَا اسْتِحْسَانًا وَفِي مَجْلِسَيْنِ يَتَعَدَّدُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ إحْدَاكُمَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُولِيًا مِنْ إحْدَاهُمَا حَتَّى لَوْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَبَطَلَ الْإِيلَاءُ وَلَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا أَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا ثَلَاثًا أَوْ بَانَتْ بِالرِّدَّةِ تَعَيَّنَتْ الثَّانِيَةُ لِلْإِيلَاءِ لِزَوَالِ الْمُزَاحَمَةِ وَلَوْ لَمْ يَقْرَبْ إحْدَاهُمَا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ بَانَتْ إحْدَاهُمَا بِغَيْرِ عَيْنٍ وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ الطَّلَاقَ عَلَى أَيَّتِهِمَا شَاءَ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُعَيِّنَ الْإِيلَاءَ فِي إحْدَاهُمَا قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ عَيَّنَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُعَيَّنَةِ بَلْ يَقَعُ عَلَى إحْدَاهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا وَيُخَيَّرُ فِي ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى وَقَعَتْ تَطْلِيقَةٌ عَلَى أُخْرَى وَبَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِتَطْلِيقَةٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ بَانَتَا بِمُضِيِّ الْمُدَّتَيْنِ ثُمَّ تَزَوَّجَهُمَا مَعًا يَكُونُ مُولِيًا مِنْ إحْدَاهُمَا وَلَوْ تَزَوَّجَهُمَا مُتَعَاقِبًا صَارَ مُولِيًا مِنْ إحْدَاهُمَا وَلَا تَتَعَيَّنُ الْأُولَى لَا بِالسَّبْقِ وَلَا بِالتَّعْيِينِ إلَّا أَنَّهُ إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ تَزَوُّجِهَا أَوْ لَا بَانَتْ الْأُولَى بِسَبْقِ مُدَّةِ إيلَائِهَا فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى مُنْذُ بَانَتْ الْأُولَى بَانَتْ الْأُخْرَى كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ قَالَ: لَا أَقْرَبُ وَاحِدَةً مِنْكُمَا صَارَ مُولِيًا مِنْهُمَا فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَقْرَبْهُمَا بَانَتَا وَإِنْ قَرِبَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بَطَلَ إيلَاؤُهُمَا وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُ زَوْجَتَهُ وَأَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ وَأَجْنَبِيَّةً لَا يَصِيرُ مُولِيًا مَا لَمْ يَقْرَبْ الْأَجْنَبِيَّةَ أَوْ أَمَتَهُ فَإِذَا قَرِبَهُمَا صَارَ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَأَمَتِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ إحْدَاكُمَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا إلَّا أَنْ يَعْنِيَ امْرَأَتَهُ فَإِنْ قَرِبَ إحْدَاهُمَا حَنِثَ فَإِنْ أَعْتَقَ الْأَمَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا أَيْضًا وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ وَاحِدَةً مِنْكُمَا فَهُوَ مُولٍ مِنْ الْحُرَّةِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. لَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُمَا صَارَ مُولِيًا مِنْهُمَا جَمِيعًا فَإِذَا مَضَى شَهْرَانِ وَلَمْ يَقْرَبْهُمَا بَانَتْ الْأَمَةُ وَإِذَا مَضَى شَهْرَانِ آخَرَانِ بَانَتْ الْحُرَّةُ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ

إحْدَاكُمَا يَكُونُ مُولِيًا مِنْ إحْدَاهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُعَيِّنَ إحْدَاهُمَا قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرَيْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِذَا مَضَى شَهْرَانِ وَلَمْ يَقْرَبْهُمَا بَانَتْ الْأَمَةُ وَاسْتُؤْنِفَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ عَلَى الْحُرَّةِ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَقْرَبْهُمَا بَانَتْ الْحُرَّةُ وَلَوْ مَاتَتْ الْأَمَةُ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرَيْنِ تَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ لِلْإِيلَاءِ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ قَبْلَ الْمُدَّةِ صَارَتْ مُدَّتُهَا كَمُدَّةِ الْحُرَّةِ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ حَلَفَ طَلَقَتْ إحْدَاهُمَا وَإِلَيْهِ التَّعْيِينُ وَلَوْ عَتَقَتْ بَعْدَمَا بَانَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَانَتْ الْحُرَّةُ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بَانَتْ الْأَمَةُ وَمُدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ حِينِ بَانَتْ الْمُعْتَقَةُ بِالْإِيلَاءِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ اشْتَرَاهَا قَبْلَ الشَّهْرَيْنِ بَانَتْ الْحُرَّةُ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ حَلَفَ فَإِنْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا كَانَ مُولِيًا مِنْ إحْدَاهُمَا إلَّا أَنَّهُ إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ مُنْذُ حِينِ حَلَفَ بَانَتْ الْحُرَّةُ فَإِنْ مَاتَتْ الْحُرَّةُ قَبْلَ الْمُدَّةِ بَانَتْ الْمُعْتَقَةُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا فَإِنْ لَمْ تَمُتْ وَلَكِنْ أَبَانَهَا وَلَمْ تَمْضِ عِدَّتُهَا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ مُنْذُ حَلَفَ بَانَتْ بِأُخْرَى كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا بَانَتْ الْحُرَّةُ بِالْإِيلَاءِ تَعَيَّنَتْ الْمُعْتَقَةُ لِلْإِيلَاءِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَتُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ مِنْ حِينِ بَانَتْ الْحُرَّةُ وَلَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ تَزَوَّجَ الْمُعْتَقَةَ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ لِتَعَيُّنِهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ وَإِنْ قَالَ: إنْ قَرِبْت إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَهُوَ مُولٍ مِنْ إحْدَاهُمَا فَإِذَا مَضَى شَهْرَانِ بَانَتْ الْأَمَةُ وَبَطَلَ إيلَاءُ الْحُرَّةِ وَلَوْ كَانَتَا حُرَّتَيْنِ فَقَالَ: إنْ قَرِبْت إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَهُوَ مُولٍ مِنْ إحْدَاهُمَا فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ إحْدَاهُمَا بِالْإِيلَاءِ وَإِلَيْهِ التَّعْيِينُ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الطَّلَاقَ فِي إحْدَاهُمَا أَوْ عَيَّنَ فِي إحْدَاهُمَا وَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْت إحْدَاكُمَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي بَقِيَ الْإِيلَاءُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْت إحْدَاكُمَا فَإِحْدَاكُمَا عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْت إحْدَاكُمَا فَإِحْدَاكُمَا عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَبَانَتْ الْأَمَةُ بِمُضِيِّ شَهْرَيْنِ يَبْقَى مُولِيًا مِنْ الْحُرَّةِ حَتَّى لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ بَانَتْ الْأَمَةُ بَانَتْ الْحُرَّةُ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ وَإِحْدَاهُمَا حُرَّةٌ وَالْأُخْرَى أَمَةٌ: إنْ قَرِبْت إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ يَصِيرُ مُولِيًا فَإِذَا مَضَى شَهْرَانِ بَانَتْ الْأَمَةُ وَلَا يَسْقُطُ الْإِيلَاءُ عَنْ الْحُرَّةِ وَتُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ فِي حَقِّهَا مِنْ حِينِ بَانَتْ الْأَمَةُ حَتَّى لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ بَانَتْ الْأَمَةُ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ بَانَتْ الْحُرَّةُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ قُرْبَانُ الْحُرَّةِ إلَّا بِطَلَاقِ الْأَمَةِ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْأَمَةِ قَبْلَ ذَلِكَ سَقَطَ الْإِيلَاءُ عَنْ الْحُرَّةِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ لِبُطْلَانِ مَخْلِيَّةِ الْأَمَةِ لِلطَّلَاقِ وَلَوْ كَانَتَا حُرَّتَيْنِ بَانَتْ إحْدَاهُمَا بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ فِي الْبَيَانِ وَيَصِيرُ مُولِيًا مِنْ الْبَاقِيَةِ فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَالْأُولَى فِي الْعِدَّةِ طَلَقَتْ الثَّانِيَةُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَبِينْ حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى بَانَتَا. وَلَوْ قَالَ لِحُرَّةٍ وَأَمَةٍ: إنْ قَرِبْت إحْدَاكُمَا فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَهُوَ مُولٍ مِنْ إحْدَاهُمَا وَبَانَتْ الْأَمَةُ بِمُضِيِّ شَهْرَيْنِ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مُنْذُ بَانَتْ الْأَمَةُ بَانَتْ الْحُرَّةُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَمَةُ فِي الْعِدَّةِ أَمْ لَمْ تَكُنْ لِأَنَّهُ

لَا يُمْكِنُهُ قُرْبَانُ الْحُرَّةِ إلَّا بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْجَزَاءَ طَلَاقُ إحْدَاهُمَا وَقَدْ تَعَيَّنَ طَلَاقُ مَنْ بَقِيَ مَحِلًّا إذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ الْأُولَى وَكَذَا لَوْ كَانَتَا حُرَّتَيْنِ إلَّا أَنَّ الْمُدَّةَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْت وَاحِدَةً مِنْكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ فَهُوَ مُولٍ مِنْهُمَا وَطَلَقَتْ الْأَمَةُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَإِنْ مَضَى شَهْرَانِ آخَرَانِ وَالْأَمَةُ فِي الْعِدَّةِ طَلَقَتْ الْحُرَّةُ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْأَمَةِ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْحُرَّةِ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَتَا حُرَّتَيْنِ بَانَتَا بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْت وَاحِدَةً مِنْكُمَا فَوَاحِدَةٌ مِنْكُمَا طَالِقٌ فَهُوَ مُولٍ مِنْهُمَا وَبَانَتْ الْأَمَةُ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرَيْنِ فَإِذَا مَضَى شَهْرَانِ آخَرَانِ بَانَتْ الْحُرَّةُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَمَةُ فِي الْعِدَّةِ أَمْ لَمْ تَكُنْ وَإِنْ كَانَتَا حُرَّتَيْنِ بَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِتَطْلِيقَةٍ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ قَرِبَ إحْدَاهُمَا حَنِثَ وَلَكِنْ لَا تَقَعُ إلَّا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْإِبْهَامِ وَبَطَلَتْ الْيَمِينُ إلَّا إذَا قَالَ: إنْ قَرِبْت وَاحِدَةً مِنْكُمَا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهُ إذَا قَرِبَ إحْدَاهُمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَلَا تَبْطُلُ الْيَمِينُ حَتَّى لَوْ قَرِبَ الْأُخْرَى طَلَقَتْ أَيْضًا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ بَانَتَا جَمِيعًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْت هَذِهِ وَهَذِهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: إنْ قَرِبْتُكُمَا يَصِيرُ مُولِيًا مِنْهُمَا وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْت هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ لَمْ يَصِرْ مُولِيًا كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. رَجُلٌ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً إنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِيلَاءِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ طَلَقَتْ أُخْرَى بِالْإِيلَاءِ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَمَّتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْإِيلَاءِ. رَجُلٌ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا إنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَ الْإِيلَاءُ عَلَى حَالِهِ حَتَّى لَوْ تَمَّتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِيلَاءِ تَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى بِحُكْمِ الْإِيلَاءِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَمَا طَلَّقَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَ مُولِيًا لَكِنْ تُعْتَبَرُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ. رَجُلٌ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ بَعْدَ مَا طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً لَا يَكُونُ مُولِيًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ آلَى مِنْ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ كَانَ مُولِيًا فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ سَقَطَ الْإِيلَاءُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ لَحِقَ مُرْتَدًّا بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَا تَبِينُ لِلْإِيلَاءِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ وَوُقُوعِ الْبَيْنُونَةِ بِالرِّدَّةِ وَفِي بُطْلَانِ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ بِالرِّدَّةِ رِوَايَتَانِ وَالْمُخْتَارُ هَذَا حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لَا يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ فَآلَى مِنْهَا فَمَضَتْ الْمُدَّةُ حَنِثَ وَوَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقٌ بِالْإِيلَاءِ وَطَلَاقٌ بِالْحَلِفِ وَلَوْ حَلَفَ وَهُوَ عِنِّينٌ فَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا لَا يَقَعُ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. عَبْدٌ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ الْحُرَّةِ ثُمَّ مَلَكَتْهُ الْحُرَّةُ لَا يَبْقَى الْإِيلَاءُ وَلَوْ بَاعَتْهُ أَوْ أَعْتَقَتْهُ فَتَزَوَّجَهَا ثَانِيًا يَعُودُ الْإِيلَاءُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَشَهْرَيْنِ كَانَ مُولِيًا وَكَذَا إذَا قَالَ: لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَشَهْرَيْنِ بَعْدَ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ فَهُوَ مُولٍ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَمَكَثَ يَوْمًا وَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَكَذَا إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَمَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَلَا شَهْرَيْنِ

لَا يَكُونُ مُولِيًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُولٍ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ قَبْلَ شَهْرَيْنِ فَهُوَ مُولٍ وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا ثُمَّ قَالَ مِنْ سَاعَتِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ذَلِكَ الْيَوْمَ فَهُوَ مُولٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَقْرَبَك بِشَهْرٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرٌ فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ وَلَمْ يَقْرَبْهَا كَانَ إيلَاءً حِينَئِذٍ لِقِيَامِ مَكِنَةِ الْجِمَاعِ قَبْلَ الشَّهْرِ فَلَا شَيْءَ يَلْزَمُهُ فَإِنْ قَرِبَهَا بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ طَلَقَتْ بِالْحِنْثِ وَإِنْ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَقْرَبْهَا بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ بِالْإِيلَاءِ وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا جُعِلَ إنْ قَرِبْتُك رَدِيفًا لَهُ وَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَقْرَبَك بِشَهْرٍ إنْ قَرِبْتُك كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قُبَيْلَ أَنْ أَقْرَبَك فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُولِيًا فَإِنْ قَرِبَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْقُرْبَانِ بِلَا فَصْلٍ وَلَوْ تَرَكَهَا حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ: أَنْتُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ أَقْرَبَكُمَا بِشَهْرٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا مِنْهُمَا حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرٌ فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ صَارَ مُولِيًا مِنْهُمَا فَإِنْ تَرَكَهُمَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَانَتَا وَإِنْ قَرِبَهُمَا بَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِثَلَاثٍ وَلَوْ قَرِبَ إحْدَاهُمَا قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ أَوْ قَرِبَهُمَا بَطَلَ الْإِيلَاءُ وَلَوْ قَرِبَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ شَهْرٍ سَقَطَ الْإِيلَاءُ عَنْهَا وَيَصِيرُ مُولِيًا مِنْ الْبَاقِيَةِ فَإِنْ قَرِبَ الْبَاقِيَةَ طَلُقَتَا ثَلَاثًا وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ أَقْرَبَكُمَا بِشَهْرٍ إنْ قَرِبْتُكُمَا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَإِذَا حَلَفَ عَلَى قُرْبَانِ امْرَأَتِهِ بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ ثُمَّ بَاعَهُ سَقَطَ الْإِيلَاءُ ثُمَّ إذَا عَادَ إلَى مِلْكِهِ قَبْلَ الْقُرْبَانِ انْعَقَدَ الْإِيلَاءُ وَإِنْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بَعْدَ الْقُرْبَانِ لَا يَنْعَقِدُ وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدَايَ هَذَانِ حُرَّانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَاعَ أَحَدَهُمَا لَا يَبْطُلُ الْإِيلَاءُ وَلَوْ مَاتَا جَمِيعًا أَوْ بَاعَهُمَا جَمِيعًا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ بَطَلَ الْإِيلَاءُ وَلَوْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا فِي مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ قَبْلَ الْقُرْبَانِ انْعَقَدَ الْإِيلَاءُ ثُمَّ إذَا دَخَلَ الْآخَرُ فِي مِلْكِهِ انْعَقَدَ الْإِيلَاءُ مِنْ وَقْتِ دُخُولِ الْأَوَّلِ وَإِنْ قَالَ: إنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ نَحْرُ وَلَدِي فَهُوَ مُولٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ آلَى بِعِتْقِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ ثُمَّ بَاعَ الْآخَرَ فَالْمُدَّةُ مِنْ حِينِ اشْتَرَى مَا بَاعَ أَوَّلًا وَلَوْ بَاعَ الثَّانِيَ قَبْلَ اشْتِرَاءِ الْأَوَّلِ سَقَطَ الْإِيلَاءُ وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ بِرَأْسِ شَهْرٍ أَوْ قَالَ: فَكُلُّ مَمْلُوكٍ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ صَارَ مُولِيًا فَأَمَّا لَوْ قَالَ: فَهَذَا الْعَبْدُ حُرٌّ إنْ اشْتَرَيْتُهُ أَوْ فُلَانَةُ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُهَا أَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ الْعَرَبِ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ قَالَ: فَهَذِهِ الدَّرَاهِمُ صَدَقَةٌ إنْ مَلَكْتُهَا لَا يَصِيرُ مُولِيًا لِأَنَّهُ بِمَانِعٍ مِنْ الْقُرْبَانِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدِي هَذَا حُرٌّ فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَخَاصَمَتْهُ إلَى الْقَاضِي فَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا ثُمَّ أَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِحُرِّيَّتِهِ وَيَبْطُلُ الْإِيلَاءُ وَتُرَدُّ الْمَرْأَةُ إلَى زَوْجِهَا لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا مِنْ

غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي الْيَنَابِيعِ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَمَضَى يَوْمٌ ثُمَّ قَالَ كَ (وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك) فَمَضَى يَوْمٌ آخَرُ ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَإِنَّهُ يَكُونُ ثَلَاثَ إيلَاءَات وَثَلَاثَ أَيْمَانٍ فَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ مِنْهُ بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا مَضَى يَوْمٌ بَانَتْ مِنْهُ بِتَطْلِيقَةٍ أُخْرَى فَإِذَا مَضَى آخَرُ بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ ثُمَّ لَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ قَرِبَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك إنْ أَرَادَ التَّكْرَارَ فَالْإِيلَاءُ وَاحِدٌ وَالْيَمِينُ وَاحِدَةٌ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَالْإِيلَاءُ وَاحِدٌ وَالْيَمِينُ ثَلَاثٌ وَإِنْ أَرَادَ التَّشْدِيدَ وَالتَّغْلِيظَ فَالْإِيلَاءُ وَاحِدٌ وَالْيَمِينُ ثَلَاثٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. (ثُمَّ الْإِيلَاءُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ) إيلَاءٌ وَاحِدٌ وَيَمِينٌ وَاحِدَةٌ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَإِيلَاءَانِ وَيَمِينَانِ وَهُوَ إذَا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ فِي مَجْلِسَيْنِ أَوْ قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَإِذَا جَاءَ بَعْدُ غَدٍ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَإِيلَاءٌ وَاحِدٌ وَيَمِينَانِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخِلَافِ إذَا قَالَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَأَرَادَ بِهِ التَّغْلِيظَ فَالْإِيلَاءُ وَاحِدٌ وَالْيَمِينُ ثِنْتَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَقْرَبْهَا بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ وَإِنْ قَرِبَهَا وَجَبَ كَفَّارَتَانِ وَإِيلَاءَانِ وَيَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلَّمَا دَخَلْت هَذَيْنِ الدَّارَيْنِ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَدَخَلَتْ إحْدَاهُمَا دَخْلَتَيْنِ أَوْ دَخَلَتْهُمَا جَمِيعًا دَخْلَةً وَاحِدَةً فَهُوَ إيلَاءَانِ وَيَمِينٌ وَاحِدَةٌ فَالْأَوَّلُ مُنْعَقِدٌ عِنْدَ الدَّخْلَةِ الْأُولَى وَالثَّانِي عِنْدَ الدَّخْلَةِ الثَّانِيَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا بِنُقْصَانِ يَوْمٍ يَصْرِفُ الْيَوْمَ إلَى آخِرِ السَّنَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَيَكُونُ مُولِيًا رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً فَلَمَّا مَضَى الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ فَبَانَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ أَيْضًا فَإِنْ تَزَوَّجَهَا ثَالِثًا لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ بَعْدَ التَّزَوُّجِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِلْحَالِ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ وَعِنْدَ زُفَرَ يَكُونُ مُولِيًا لِلْحَالِ حَتَّى لَوْ مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَقْرَبْهَا يَوْمًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ ثُمَّ قَرِبَهَا يَوْمًا يُنْظَرُ إنْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا صَارَ مُولِيًا وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَصِرْ مُولِيًا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً غَيْرَ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: إلَّا يَوْمًا إذَا قَرِبَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَا يَصِيرُ مُولِيًا مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَفِي قَوْلِهِ إلَّا مَرَّةً يَصِيرُ مُولِيًا عَقِيبَ الْقُرْبَانِ بِلَا فَصْلٍ وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ فَرَاغِهِ مِنْ الْقُرْبَانِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَوْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ: لَا أَقْرَبُك إلَّا يَوْمًا لَا يَكُونُ مُولِيًا حَتَّى يَقْرَبَهَا فَإِذَا قَرِبَهَا صَارَ مُولِيًا وَلَوْ قَالَ: سَنَةً إلَّا يَوْمًا أَقْرَبُك فِيهِ لَا يَكُونُ مُولِيًا أَبَدًا وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ مَعَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُمَا إلَّا يَوْمًا أَقْرَبُكُمَا

فِيهِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا بِهَذِهِ الْيَمِينِ أَبَدًا فَإِنْ جَامَعَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ حَنِثَ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُمَا إلَّا يَوْمًا أَوْ إلَّا فِي يَوْمٍ أَوْ إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا أَقْرَبُكُمَا فِيهِ أَوْ إلَّا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَقْرَبُكُمَا فِيهِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا حَتَّى يَقْرَبَهُمَا فِي يَوْمٍ فَإِذَا مَضَى ذَلِكَ الْيَوْمُ صَارَ مُولِيًا مِنْهُمَا لِوُجُودِ عَلَامَةِ الْإِيلَاءِ وَلَوْ قَرِبَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ بِأَنْ قَرِبَ إحْدَاهُمَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالْأُخْرَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَنِثَ وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ وَكَذَا لَوْ قَرِبَهُمَا فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ ثُمَّ قَرِبَهُمَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِنْ قَرِبَهُمَا فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ ثُمَّ قَرِبَ إحْدَاهُمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهُوَ مُولٍ مِنْ الَّتِي لَمْ يَقْرَبْهَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَسَقَطَ الْإِيلَاءُ مِنْ الْأُخْرَى وَلَوْ قَرِبَ إحْدَاهُمَا يَوْمَ الْخَمِيسِ ثُمَّ قَرِبَهُمَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ كَانَ مُولِيًا مِنْ الَّتِي لَمْ يَقْرَبْهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَا يَكُونُ مُولِيًا مِنْ الَّتِي قَرِبَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ فَإِنْ قَرِبَ الَّتِي قَرِبَهَا فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ قَرِبَ الْأُخْرَى حَنِثَ وَسَقَطَ الْإِيلَاءُ عَنْهُمَا. وَلَوْ قَرِبَ إحْدَاهُمَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثُمَّ قَرِبَهُمَا يَوْمَ الْخَمِيسِ تَعَيَّنَ يَوْمُ الْخَمِيسِ لِلِاسْتِثْنَاءِ ثُمَّ إذَا قَرِبَ الثَّانِيَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَنِثَ وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ لِوُجُودِ قُرْبَانِهِمَا فِي غَيْرِ يَوْمِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَوْ قَرِبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الَّتِي كَانَ قَرِبَهَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الشَّرْطَ قُرْبَانُهُمَا قُرْبًا لِأَنَّ إحْدَاهُمَا وَقَدْ قَرِبَ إحْدَاهُمَا مَرَّتَيْنِ وَالْإِيلَاءُ بَاقٍ فِي حَقِّ الَّتِي لَمْ يَقْرَبْهَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُمَا إلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ لَا يَكُونُ مُولِيًا حَتَّى يَمْضِيَ يَوْمُ الْخَمِيسِ ثُمَّ هُوَ مُولٍ وَلَوْ قَالَ إلَّا يَوْمَ خَمِيسٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا أَبَدًا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ. وَلَوْ قَالَ وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ الْكُوفَةَ وَامْرَأَتُهُ بِهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ جَعَلَ لِلْإِيلَاءِ غَايَةً إنْ كَانَ لَا يُرْجَى وُجُودُهَا فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ كَانَ مُولِيًا كَمَا إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حَتَّى أَصُومَ الْمُحَرَّمَ وَهُوَ فِي رَجَبَ أَوْ لَا أَقْرَبُك إلَّا فِي مَكَانِ كَذَا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَسِيرَةُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَكَذَا إذَا قَالَ: حَتَّى تَفْطِمِي طِفْلَك وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفِطَامِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا. وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَإِنْ قَالَ: لَا أَقْرَبُك حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا أَوْ حَتَّى تَخْرُجَ الدَّابَّةُ أَوْ الدَّجَّالُ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ مُولِيًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ مُولِيًا وَكَذَا إذَا قَالَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ أَوْ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَإِنْ كَانَ يُرْجَى وُجُودُهَا فِي الْمُدَّةِ لَا مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا أَيْضًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حَتَّى تَمُوتِي أَوْ أَمُوتَ أَوْ حَتَّى أُقْتَلَ أَوْ تُقْتَلِي أَوْ حَتَّى تَقْتُلِينِي أَوْ أَقْتُلَك أَوْ حَتَّى أُطَلِّقَك ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا بِالِاتِّفَاقِ. وَكَذَا إذَا كَانَتْ أَمَةً فَقَالَ: لَا أَقْرَبُك حَتَّى أَمْلِكَك أَوْ أَمْلِكَ شِقْصًا مِنْك فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَلَوْ قَالَ حَتَّى أَشْتَرِيَك لَا يَكُونُ مُولِيًا أَيْضًا وَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَإِنْ يُرْجَى وُجُودُهَا مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ إنْ كَانَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ وَيُنْذَرُ وَأَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ مُولِيًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حَتَّى أَشْتَرِيَك لِنَفْسِي الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُولِيًا حَتَّى يَقُولَ

أَشْتَرِيك لِنَفْسِي وَأَقْبِضُك كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حَتَّى يَأْذَنَ لِي فُلَانٌ أَوْ حَتَّى يَقْدُمَ فُلَانٌ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَيَكُونُ يَمِينًا حَتَّى لَوْ قَرِبَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ فَيَصِيرُ مُولِيًا إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا تَبْطُلُ الْيَمِينُ حَتَّى لَوْ قَرِبَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ وَإِذَا بَطَلَتْ الْيَمِينُ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَإِذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حَتَّى أُعْتِقَ عَبْدِي فُلَانًا أَوْ حَتَّى أُطَلِّقَ امْرَأَتِي فُلَانَةَ أَوْ حَتَّى أَصُومَ شَهْرًا يَصِيرُ مُولِيًا فِي جَوَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ قَالَ: لَا أَقْرَبُك حَتَّى أَقْتُلَ عَبْدِي أَوْ حَتَّى أَضْرِبَ عَبْدِي أَوْ حَتَّى أَقْتُلَ فُلَانًا أَوْ أَضْرِبَ فُلَانًا أَوْ أَشْتُمَ فُلَانًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَا يُحْلَفُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ عُرْفًا وَعَادَةً كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ لِصَغِيرَةٍ أَوْ آيِسَةٍ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حَتَّى تَحِيضِي فَهُوَ مُولٍ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَحِيضُ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَالَ لَهَا: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك مَا دُمْت امْرَأَتِي فَأَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا مِنْهَا وَيَقْرَبُهَا وَلَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَأَنْتِ امْرَأَتِي فَأَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا كَانَ مُولِيًا مِنْهَا وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يَفْعَلَ شَيْئًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ نَحْوُ مَسِّ السَّمَاءِ فَهُوَ مُولٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ: لَا أَقْرَبُك مَا دَامَ هَذَا النَّهْرُ يَجْرِي فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَنْقَطِعُ مَاؤُهُ فَهُوَ مُولٍ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ جُنَّ الْمَوْلَى وَوَطِئَهَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَسَقَطَ الْإِيلَاءُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. الْإِيلَاءُ مَتَى كَانَ مُرْسَلًا وَكَانَ الْمَوْلَى صَحِيحًا وَقْتَ الْإِيلَاءِ قَادِرًا عَلَى الْجِمَاعِ فَفَيْؤُهُ بِالْجِمَاعِ لَا بِاللِّسَانِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ جَامَعَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَا يَكُونُ فَيْئًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً فَفَيْؤُهُ أَنْ يَقُولَ: فِئْت إلَيْهَا فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فَهُوَ كَالْفَيْءِ بِالْوَطْءِ فِي إبْطَالِ حُكْمِ الْبِرِّ مَا دَامَ مَرِيضًا كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا كَانَ فَيْؤُهُ بِالْقَوْلِ فَقَالَ: فِئْت إلَيْهَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ أَمَّا الْيَمِينُ إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً فَهِيَ عَلَى حَالِهَا إذَا وَطِئَهَا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ مُوَقَّتَةً بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَفَاء فِيهَا ثُمَّ وَطِئَهَا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ جِمَاعِهَا لِرَتَقِهَا أَوْ قَرْنِهَا أَوْ صِغَرِهَا أَوْ بِالْجَبِّ أَوْ الْعُنَّةِ أَوْ كَانَ أَسِيرًا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ لِكَوْنِهَا مُمْتَنِعَةً أَوْ كَانَتْ فِي مَكَانٍ لَا يَعْرِفُهَا وَهِيَ نَاشِزَةٌ أَوْ بَيْنَهُمَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِأَسْرَعَ مَا يَكُونُ مِنْ السَّيْرِ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ أَوْ حَالَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِشَهَادَةِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَفَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ بِأَنْ يَقُولَ: فِئْت إلَيْهَا أَوْ رَجَعْت أَوْ ارْتَجَعْتُهَا أَوْ أَبْطَلْت إيلَاءَهَا بِشَرْطِ دَوَامِ الْعَجْزِ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ قَالَ: أَوْ كَانَ مَحْبُوسًا وَقَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ: لَوْ آلَى مِنْهَا وَهِيَ مَحْبُوسَةٌ أَوْ هُوَ مَحْبُوسٌ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا أَنَّ الْعَدُوَّ أَوْ السُّلْطَانَ يَمْنَعُهُ عَنْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ فَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَفَّقَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْحَبْسِ بِأَنْ يُحْمَلَ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يُمْكِنُهُ

الْوُصُولُ إلَى السِّجْنِ وَمَنْعُ الْعَدُوِّ أَوْ السُّلْطَانِ نَادِرٌ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ وَالْحَبْسُ بِحَقٍّ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ وَبِظُلْمٍ يُعْتَبَرُ كَالْغَائِبِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ هَلْ يَكْفِي الرِّضَا بِالْقَلْبِ مِنْ الْمَرِيضِ؟ قِيلَ: نَعَمْ حَتَّى إنْ صَدَّقَتْهُ كَانَ فَيْئًا وَقِيلَ: لَا وَهُوَ أَوْجَهُ ثُمَّ هَذَا إذَا كَانَ عَاجِزًا مِنْ وَقْتِ الْإِيلَاءِ إلَى أَنْ تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ حَتَّى لَوْ آلَى مِنْهَا وَهُوَ قَادِرٌ فَمَكَثَ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ جِمَاعُهَا ثُمَّ عَرَضَ لَهُ الْعَجْزُ بِمَرَضٍ أَوْ بُعْدِ مَسَافَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ جَبٍّ أَوْ أَسْرٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَوْ كَانَ عَاجِزًا حِينَ آلَى وَزَوَالُ الْعَجْزِ فِي الْمُدَّةِ لَمْ يَصِحَّ فَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ كَانَ الْمَانِعُ شَرْعِيًّا بِأَنْ كَانَ مُحْرِمًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَفَيْؤُهُ بِالْجِمَاعِ لَا غَيْرَ وَالْفَيْءُ بِاللِّسَانِ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْمَرِيضُ الْمُولِي إذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ فَيْئًا وَإِنْ قَرِبَهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ يَكُونُ فَيْئًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الزَّوْجُ إذَا كَانَ مَرِيضًا حِينَ آلَى ثُمَّ مَرِضَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ صَحَّ الزَّوْجُ قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَفَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ فَيْؤُهُ إلَّا بِالْجِمَاعِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَإِنْ كَانَ الْإِيلَاءُ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الصِّحَّةُ وَالْمَرَضُ فِي حَقِّ جَوَازِ الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ حَالَ وُجُودِ الشَّرْطِ لَا حَالَةَ وُجُودِ التَّعْلِيقِ وَلَوْ قَالَ الْمَرِيضُ لِامْرَأَتِهِ: لَا أَقْرَبُك أَبَدًا وَلَمْ يَفِئْ حَتَّى بَانَتْ ثُمَّ صَحَّ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ ثُمَّ مَرِضَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا يَكُونُ فَيْؤُهُ بِالْجِمَاعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَرِيضٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَمَكَثَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك يَصِيرُ مُولِيًا إيلَاءَيْنِ وَانْعَقَدَتْ مُدَّتَانِ مُدَّةٌ مِنْ الْيَمِينِ الْأُولَى وَمُدَّةٌ مِنْ الثَّانِيَةِ فَإِنْ فَاءَ بِالْقَوْلِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّتَيْنِ صَحَّ وَارْتَفَعَتْ الْمُدَّتَانِ كَمَا لَوْ جَامَعَهَا فَإِنْ دَامَ الْمَرَضُ حَتَّى تَمَّتْ الْمُدَّتَانِ تَأَكَّدَ ذَلِكَ الْفَيْءُ وَإِنْ صَحَّ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْأُولَى بَطَلَ ذَلِكَ الْفَيْءُ يَكُونُ فَيْؤُهُ بِالْجِمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَفِئْ بِالْقَوْلِ وَقَعَ طَلَاقَانِ بِمُضِيِّ الْمُدَّتَيْنِ وَاحِدَةٌ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْيَمِينِ الْأُولَى وَأُخْرَى بِمُضِيِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ بَعْدَهُ وَإِنْ جَامَعَ يَحْنَثُ فِي الْيَمِينَيْنِ وَتَلْزَمُهُ كَفَّارَتَانِ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ مَرَضِهِ وَلَمْ يَفِئْ بِالْقَوْلِ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ مِنْ الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ فَإِنْ صَحَّ فِي الْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الْإِيلَاءِ الثَّانِي بِالْجِمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْجِمَاعِ أَبَدًا وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فِي الْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الْإِيلَاءِ الثَّانِي إنْ فَاءَ بِلِسَانِهِ فِي الْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ بَطَلَ الْإِيلَاءُ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَفِئْ بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ أُخْرَى فَإِنْ فَاءَ بِلِسَانِهِ فِي الْمُدَّةِ الْأُولَى صَحَّ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ الْأُولَى فَإِنْ صَحَّ فِي الْعَشَرَةِ بَطَلَ حُكْمُ ذَلِكَ الْفَيْءِ وَيَكُونُ فَيْؤُهُ بِالْجِمَاعِ وَلَوْ لَمْ يَفِئْ بِالْجِمَاعِ حَتَّى بَانَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ فَهُوَ مُولٍ بِالْإِيلَاءِ الثَّانِي وَلَوْ قَرِبَهَا حَنِثَ فِي الْيَمِينَيْنِ وَلَزِمَتْهُ كَفَّارَتَانِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْفَيْءُ بِاللِّسَانِ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ حَالَ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ لَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ حَتَّى إنَّ الْمَرِيضَ إذَا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَفِئْ إلَيْهَا حَتَّى بَانَتْ مِنْهُ بِتَطْلِيقَةٍ ثُمَّ فَاءَ إلَيْهَا بِلِسَانِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَبْطُلُ الْإِيلَاءُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ عَلَى حَالِهِ

ثُمَّ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَفِئْ إلَيْهَا بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ أُخْرَى وَأَمَّا الْفَيْءُ بِالْجِمَاعِ فَكَمَا يُعْتَبَرُ حَالَ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ يُعْتَبَرُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ حَتَّى إنَّ الصَّحِيحَ إذَا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَبَانَتْ مِنْهُ بِتَطْلِيقَةٍ ثُمَّ جَامَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ يَبْطُلُ الْإِيلَاءُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ آخَرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَسَعُ الْمَرْأَةَ أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ إذَا كَانَتْ تَعْلَمُ كَذِبَهُ بَلْ تَهْرُبُ أَوْ تَفْدِي بِمَالِهَا فِرَارًا عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ جَامَعَهَا فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُ الْمَرْأَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك يَصِيرُ مُولِيًا عِنْدَ الْقُرْبَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ: إنْ شِئْت فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَإِنْ شَاءَتْ فِي الْمَجْلِسِ صَارَ مُولِيًا وَكَذَا إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَهُوَ عَلَى مَجْلِسِهِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَذَلِكَ فِي غَيْرِ حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا بَائِنًا وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَتْ أَمَةً وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ كَانَ نَوَى ظِهَارًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ إيلَاءٌ وَإِنْ نَوَى الْكَذِبَ فَهُوَ كَذِبٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لَهَا: حَرَّمْتُك عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ أَوْ: أَنْتِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ أَوْ قَالَ: أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ أَوْ مُحَرَّمٌ أَوْ حَرَّمْت نَفْسِي عَلَيْك وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ قَوْلِهِ عَلَيْك فِي تَحْرِيمِ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ حَرَّمْت نَفْسِي وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْك وَنَوَى الطَّلَاقَ لَا تَطْلُقُ وَكَذَا فِي الْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ نَفْسِهَا قَالَ: وَهَذَا جَوَابُ الْمُتَقَدِّمِينَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْكِنَايَاتِ. وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ سُئِلَ عَنْ نِيَّتِهِ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الْكَذِبَ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ يَمِينٌ ظَاهِرَةٌ وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الطَّلَاقَ فَهُوَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ: نَوَيْت بِهِ الثَّلَاثَ فَهُوَ ثَلَاثٌ وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت التَّحْرِيمَ أَوْ لَمْ أُرِدْ بِهِ شَيْئًا فَهُوَ يَمِينٌ يَصِيرُ بِهِ مُولِيًا وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ يَصْرِفُهُ إلَى الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ نِيَّتِهِ لِلْعُرْفِ قَالَ صَاحِبُ الْكِتَابِ: يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيِّتَةِ أَوْ كَالدَّمِ أَوْ كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ أَوْ كَالْخَمْرِ سُئِلَ عَنْ نِيَّتِهِ فَإِنْ نَوَى كَذِبًا فَهُوَ كَذِبٌ وَإِنْ نَوَى التَّحْرِيمَ فَهُوَ إيلَاءٌ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْتُك فَأَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ مُولٍ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ فَهُوَ مُولٍ لِلْحَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ مُولِيًا مَا لَمْ يَقْرَبْهَا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَقَالَ: كُنْت قَرِبْتهَا فِي الْمُدَّةِ لَمْ يُصَدَّقْ وَوَقَعَ طَلَاقٌ آخَرُ بِإِقْرَارِهِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ يَكُونُ مُولِيًا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَيَحْنَثُ بِوَطْئِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى لِإِحْدَاهُمَا الثَّلَاثَ وَلِلْأُخْرَى وَاحِدَةً فَهُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

الباب الثامن في الخلع وما في حكمه وفيه ثلاثة فصول

هُوَ كَمَا نَوَى وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَلَوْ قَالَ: نَوَيْت الطَّلَاقَ لِإِحْدَاهُمَا وَالْيَمِينَ لِلْأُخْرَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَمَا نَوَى وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثِ نِسْوَةٍ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى لِإِحْدَاهُنَّ طَلَاقًا وَلِلثَّانِيَةِ يَمِينًا وَلِلثَّالِثَةِ الْكَذِبَ طُلِّقْنَ جَمِيعًا هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا فَهُوَ كَمَا نَوَى كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فِي أَلْفَاظِ التَّحْرِيمِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ قَالَهُ مَرَّتَيْنِ نَوَى بِالْأُولَى الطَّلْقَةَ وَبِالثَّانِيَةِ الْيَمِينَ فَهُوَ كَمَا نَوَى فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَمَتَاعِ فُلَانٍ لَا تُحَرَّمُ وَإِنْ نَوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ قَالَتْ: أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ كَانَ يَمِينًا وَإِنْ لَمْ تَنْوِ كَمَا فِي جَانِبِ الزَّوْجِ حَتَّى لَوْ مَكَّنَتْ زَوْجَهَا حَنِثَتْ فِي يَمِينِهَا وَلَزِمَتْهَا الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْخُلْعِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شَرَائِطِ الْخُلْعِ وَحُكْمِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْخُلْعِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شَرَائِطِ الْخُلْعِ وَحُكْمِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْخُلْعُ إزَالَةُ مِلْكِ النِّكَاحِ بِبَدَلٍ بِلَفْظِ الْخُلْعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدْ يَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَدْ يَكُونُ بِالْفَارِسِيَّةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (وَشَرْطُهُ) شَرْطُ الطَّلَاقِ (وَحُكْمُهُ) وُقُوعُ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَتَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ فِيهِ. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا مِرَارًا وَخَلَعَهَا فِي كُلِّ عَقْدٍ عِنْدَنَا لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا بَعْدَ الثَّلَاثِ قَبْلَ الزَّوْجِ الثَّانِي كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. حَضْرَةُ السُّلْطَانِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الْخُلْعِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمْ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا تَشَاقَّ الزَّوْجَانِ وَخَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَفْتَدِيَ نَفْسَهَا مِنْهُ بِمَالٍ يَخْلَعُهَا بِهِ فَإِذَا فَعَلَا ذَلِكَ وَقَعَتْ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَلَزِمَهَا الْمَالُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الْعِوَضِ عَلَى الْخُلْعِ وَهَذَا حُكْمُ الدِّيَانَةِ فَإِنْ أَخَذَ جَازَ ذَلِكَ فِي الْحُكْمُ وَلَزِمَ حَتَّى لَا تَمْلِكَ اسْتِرْدَادَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهَا كَرِهْنَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا مِنْ الْمَهْرِ وَلَكِنْ مَعَ هَذَا يَجُوزُ أَخْذُ الزِّيَادَةِ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. لَوْ قَالَ: خَلَعْتِ نَفْسَكِ مِنِّي بِكَذَا فَقَالَتْ: خَلَعْت قِيلَ يَصِحُّ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا أَرَادَ بِهِ التَّحْقِيقَ لِأَنَّهُ سَوَّمَ ظَاهِرًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ: خَلَعْتُكِ بِكَذَا فَقَالَتْ: نَعَمْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ كَأَنَّهَا قَالَتْ: نَعَمْ خَلَعْتَنِي وَلَوْ قَالَتْ: رَضِيت أَوْ أَجَزْت صَحَّ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِكَذَا فَقَالَ: نَعَمْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ وَعَدَ بِخِلَافِ قَوْلِهَا أَنَا طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَالَ: نَعَمْ يَقَعُ كَأَنَّهُ قَالَ: نَعَمْ أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَيَسْقُطُ الْخُلْعُ وَالْمُبَارَأَةُ كُلُّ حَقٍّ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْآخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ كَذَا فِي كَنْزِ الدَّقَائِقِ. وَالطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا كَانَ الْخُلْعُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ

هَلْ تَقَعُ الْبَرَاءَةُ عَنْ دَيْنٍ آخَرَ غَيْرِ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَقَعُ الْبَرَاءَةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَلِكَ الْمُبَارَأَةُ هَلْ تُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ سَائِرِ الدُّيُونِ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُوجِبُ. وَلَفْظَةُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا كَالْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَةِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَلَا تَقَعُ الْبَرَاءَةُ عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فِي الْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَةِ وَالطَّلَاقِ بِمَالٍ إلَّا بِالشَّرْطِ فِي قَوْلِهِمْ وَكَذَا لَا تَقَعُ الْبَرَاءَةُ عَنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ وَالرَّضَاعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَإِنْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ وَقَّتَ لِذَلِكَ وَقْتًا جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا جَازَتْ الْبَرَاءَةُ عِنْدَ بَيَانِ الْوَقْتِ وَالشَّرْطِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ تَمَامِ الْوَقْتِ كَانَ لِلزَّوْجِ أَنْ يُرْجِعَ عَلَيْهَا بِحِصَّةِ الْأَجْرِ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ مُسَمًّى مَعْرُوفٍ سِوَى الصَّدَاقِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا وَالْمَهْرُ مَقْبُوضًا فَإِنَّهَا تُسَلِّمُ إلَى الزَّوْجِ بَدَلَ الْخُلْعِ وَلَا يَتَّبِعُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ غَيْرَ مَقْبُوضٍ فَالْمَرْأَةُ تُسَلِّمُ إلَى الزَّوْجِ بَدَلَ الْخُلْعِ وَلَا تُرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَالْمَهْرُ مَقْبُوضًا فَإِنَّ الزَّوْجَ يَأْخُذُ مِنْهَا بَدَلَ الْخُلْعِ وَلَا يُرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْمَهْرِ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا يَأْخُذُ الزَّوْجُ مِنْهَا بَدَلَ الْخُلْعِ وَهِيَ لَا تُرْجِعُ عَلَى زَوْجِهَا بِنِصْفِ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا إذَا بَارَأَهَا بِمَالٍ مَعْلُومٍ سِوَى الْمَهْرِ فَالْجَوَابُ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَالْجَوَابِ فِي الْخُلْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ خَالَعَهَا عَلَى مَهْرِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا وَقَدْ قَبَضَتْ مَهْرَهَا يُرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمَهْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا سَقَطَ عَنْ الزَّوْجِ جَمِيعُ الْمَهْرِ وَلَا يَتَّبِعُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِشَيْءٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْ مَهْرَهَا وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا فِي الِاسْتِحْسَانِ بِأَلْفٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْ فِي الِاسْتِحْسَانِ يَسْقُطُ الْمَهْرُ عَنْ الزَّوْجِ وَلَا يُرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عُشْرِ مَهْرِهَا وَمَهْرُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا وَالْمَهْرُ مَقْبُوضًا رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمِائَةٍ وَيُسَلِّمُ لَهَا الْبَاقِيَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ عَنْ الزَّوْجِ كُلُّ الْمَهْرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا فَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا رَجَعَ الزَّوْجُ بِعُشْرِ نِصْفِ الْمَهْرِ وَذَلِكَ خَمْسُونَ لِأَنَّ مَهْرَهَا عِنْدَ الطَّلَاقِ نِصْفُ الْمَهْرِ فَيُرْجِعُ عَلَيْهَا بِعُشْرِ نِصْفِ الْمَهْرِ وَيُسَلِّمُ لَهَا الْبَاقِيَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا بَرِئَ الزَّوْجُ عَنْ جَمِيعِ مَهْرِهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. هَذَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى جَمِيعِ مَهْرِهَا أَوْ بَعْضِ مَهْرِهَا وَإِنْ بَارَأَهَا عَلَى جَمِيعِ مَهْرِهَا أَوْ عَلَى بَعْضِ مَهْرِهَا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْخُلْعِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ خَلَعَ امْرَأَتَهُ بِمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ

كَانَ عَلَيْهَا رَدُّ الْمَهْرِ كَمَا لَوْ قَالَ: خَلَعْتُك عَلَى عَبْدِك الَّذِي فِي يَدِي أَوْ عَلَى مَتَاعِك الَّذِي فِي يَدِي ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي يَدِهِ شَيْءٌ كَانَ الْخُلْعُ بِمَهْرِهَا إنْ كَانَ الْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ يَسْقُطُ وَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْ مَهْرَهَا مِنْ الزَّوْجِ رَدَّتْ عَلَى الزَّوْجِ مَا قَبَضَتْ وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَهْرٍ أَوْ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً بِمَهْرِهَا الَّذِي عَلَيْهِ فَقَبِلَتْ وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ فِي الْخُلْعِ وَفِي الطَّلَاقِ بِمَهْرِهَا تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَبَضَتْ بَعْضَ الْمَهْرِ وَوَهَبَتْ مِنْهُ بَعْضًا ثُمَّ اُخْتُلِعَتْ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ أَخَذَ الزَّوْجُ مَا قَبَضَتْ لَا غَيْرَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ خَالَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَى الزَّوْجِ جَمِيعَ مَا قَبَضَتْ مِنْهُ وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ بَاعَتْ مَا قَبَضَتْ مِنْهُ أَوْ وُهِبَتْ مِنْ إنْسَانٍ وَدَفَعَتْ إلَيْهِ حَتَّى تَعَذَّرَ عَلَيْهَا رَدُّ ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ كَانَ عَلَيْهَا قِيمَةُ الْمَقْبُوضِ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَانَ عَلَيْهَا مِثْلُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا عَلَى مَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اُخْتُلِعَتْ مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا بَرِئَ الزَّوْجُ مِنْ الْمَهْرِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. خَالَعَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَانَ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا تَسْقُطُ الْمُتْعَةُ بِلَا ذِكْرٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ رَجُلٌ خَلَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ زَادَتْ فِي بَدَلِ الْخُلْعِ فَالزِّيَادَةُ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تُزَوِّجَهُ امْرَأَةً وَتُمْهِرَ عَنْهُ فَعَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ عَلَيْهِ الْمَهْرَ الَّذِي أَعْطَاهَا لَا غَيْرَ كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. لَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَهْرِهَا وَرَضَاعِ ابْنِهِ حَوْلَيْنِ جَازَ وَتُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّضَاعِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَعَلَيْهَا قِيمَةُ الرَّضَاعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. امْرَأَةٌ اخْتَلَعَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَهْرِهَا وَنَفَقَةُ عِدَّتِهَا وَعَلَى أَنْ تُمْسِكَ وَلَدَهَا مِنْهُ ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ عَشْرَ سِنِينَ بِنَفَقَتِهَا صَحَّ الْخُلْعُ وَتُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا فَإِنْ تَرَكَتْهُ عَلَى زَوْجِهَا وَهَرَبَتْ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ النَّفَقَةِ مِنْهَا وَلَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِكُسْوَةِ الصَّبِيِّ أَمَّا لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى إمْسَاكِ الْوَلَدِ بِنَفَقَتِهَا وَكُسْوَتِهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْكُسْوَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْكُسْوَةُ مَجْهُولَةً وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا أَوْ فَطِيمًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ اُخْتُلِعَتْ عَلَى دَرَاهِمَ ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا بِبَدَلِ الْخُلْعِ عَلَى إرْضَاعِ الرَّضِيعِ جَازَ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا بِهِ عَلَى إمْسَاكِ الْفَطِيمِ بِنَفَقَتِهِ وَكُسْوَتِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ اُخْتُلِعَتْ عَلَى أَنْ تُمْسِكَ الْوَلَدَ إلَى وَقْتِ الْبُلُوغِ صَحَّ وَهَذَا إذَا كَانَ أُنْثَى أَمَّا فِي الِابْنِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ آدَابِ الرِّجَالِ وَالتَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِهِمْ فَإِذَا طَالَ مُكْثُهُ مَعَ الْأُمِّ يَتَخَلَّقُ بِأَخْلَاقِ النِّسَاءِ وَفِي ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَخْفَى فَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ فَلِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَلَدَ مِنْهَا وَإِنْ اتَّفَقَا لَا يُتْرَكُ عِنْدَهَا لِأَنَّ هَذَا حَقُّ الْوَلَدِ وَيُنْظَرُ إلَى أَجْرِ مِثْلِ إمْسَاكِ الْوَلَدِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَيُرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْخُلْعُ عَلَى إمْسَاكِ الْوَلَدِ إذَا بَيَّنَ الْمُدَّةَ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَا يَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا أَوْ فَطِيمًا وَفِي الْمُنْتَقَى إنْ كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا صَحَّ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ وَتُرْضِعُ الْحَوْلَيْنِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي امْرَأَةٍ

اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ وَبِرَضَاعِ وَلَدِهِ الَّذِي هِيَ حَامِلٌ بِهِ إذَا وَلَدَتْ إلَى سَنَتَيْنِ جَازَ فَإِنْ مَاتَ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ تَرُدُّ قِيمَةَ الرَّضَاعِ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ تَرُدُّ قِيمَةَ الرَّضَاعِ سَنَةً وَكَذَا إذَا مَاتَتْ هِيَ عَلَيْهَا قِيمَتُهُ وَلَوْ كَانَتْ قَالَتْ: عَشْرَ سِنِينَ رَجَعَ عَلَيْهَا بِأُجْرَةِ الرَّضَاعِ سَنَتَيْنِ وَنَفَقَةِ بَاقِي السِّنِينَ إلَّا إنْ قَالَتْ عِنْدَ الْخُلْعِ إنْ مَاتَ أَوْ مَاتَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيَّ فَهُوَ عَلَى مَا شَرَطَتْ قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. خَلَعَهَا عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهِ عَشْرَ سِنِينَ وَهِيَ مُعْسِرَةٌ فَطَالَبَتْهُ بِنَفَقَةٍ يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَمَا شَرَطَ عَلَيْهَا دَيْنٌ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. رَجُلٌ خَلَعَ امْرَأَتَهُ وَبَيْنَهُمَا وَلَدٌ صَغِيرٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ عِنْدَ الْأَبِ سِنِينَ مَعْلُومَةً صَحَّ الْخُلْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لِأَنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ عِنْدَ الْأُمِّ حَقُّ الْوَلَدِ فَلَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالِهِمَا. وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ تُمْسِكَ الْمَرْأَةُ الْوَلَدَ بِنَفَقَتِهَا إلَى بُلُوغِ الْوَلَدِ وَعَلَى أَنْ تَتْرُكَ الْمَرْأَةُ مَهْرَهَا عَلَيْهَا فَقَبِلَتْ ثُمَّ إنَّهَا أَبَتْ أَنْ تُمْسِكَ الْوَلَدَ فَإِنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ كَانَ عَلَيْهَا أَجْرُ إمْسَاكِ الْوَلَدِ إلَى بُلُوغِهِ. امْرَأَةٌ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنَّهَا بَرِيئَةٌ مِنْ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى تَمَّ الْخُلْعُ وَيَبْرَأُ عَنْ النَّفَقَةِ وَلَا تَبْطُلُ السُّكْنَى وَإِنْ اُخْتُلِعَتْ عَلَى أَنَّ مُؤْنَةَ السُّكْنَى عَلَيْهَا كَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَكْتَرِيَ بَيْتًا مِنْ زَوْجِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَتَعْتَدُّ فِيهِ. امْرَأَةٌ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى نَفَقَةِ وَلَدٍ لَهُ مِنْهَا مَا عَاشَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ الْمَهْرَ الَّذِي قَبَضَتْ. امْرَأَةٌ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ جَعَلَتْ صَدَاقَهَا لِوَلَدِهَا أَوْ عَلَى أَنْ تَجْعَلَ صَدَاقَهَا لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْخُلْعُ جَائِزٌ وَالْمَهْرُ لِلزَّوْجِ وَلَا شَيْءَ لِلْوَلَدِ وَلَا لِلْأَجْنَبِيِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: اخْلَعِي نَفْسَك فَقَالَتْ: خَلَعْت نَفْسِي مِنْك وَأَجَازَ الزَّوْجُ جَازَ بِغَيْرِ مَالٍ وَقَالَ الْإِمَامُ الثَّانِي: إذَا قَالَ لَهَا: اخْلَعِي نَفْسَك فَقَالَتْ خَلَعْت نَفْسِي لَا يَكُونُ إلَّا بِمَالٍ إلَّا أَنْ يُنْوَى بِغَيْرِ مَالٍ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اخْلَعْ امْرَأَتِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْلَعَهَا بِلَا مَالٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: اخْلَعِي نَفْسَك فَقَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي لَزِمَهَا الْمَالُ إلَّا أَنْ يُنْوَى بِغَيْرِ مَالٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: اخْلَعْنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الزَّوْجُ: أَنْتِ طَالِقٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: كَلَامُ الزَّوْجِ يَكُونُ جَوَابًا وَيَتِمُّ الْخُلْعُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَكُونُ خُلْعًا وَالْمُخْتَارُ أَنْ يُجْعَلَ جَوَابًا وَإِنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لَمْ أَعْنِ بِهِ الْجَوَابَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ شَيْءٍ. وَكَذَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا: اخْتَلَعْت مِنْك فَقَالَ لَهَا: طَلَّقْتُك قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ جَوَابٌ وَيَتِمُّ الْخُلْعُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُسْأَلُ الزَّوْجُ عَنْ النِّيَّةِ فَإِنْ قَالَ: نَوَيْت بِهِ الْجَوَابَ يَكُونُ جَوَابًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَنْبَغِي أَنْ يُسْأَلَ الزَّوْجُ عَنْ النِّيَّةِ أَيْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَتْ: اخْلَعْنِي بِكَذَا فَقَالَ فِي جَوَابِهَا: طَلَّقْتُك بِالسَّنَةِ فَهُوَ ابْتِدَاءٌ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: اخْلَعْنِي أَوْ قَالَتْ: خويشتن خريدم فَقَالَ الزَّوْجُ مُجِيبًا لَهَا: أَنْتِ

طَالِقٌ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ خَلَعْت هَكَذَا ذُكِرَ فِي النَّوَازِلِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ الْجَوَابَ يَكُونُ جَوَابًا وَلَوْ قَالَ: فَرَّ وَخَتَمَ بُيَّك طَلَاق يَكُونُ جَوَابًا بِدُونِ النِّيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ: قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ بُيَّك طَلَاق بِأَيِّ كَشَادِّهِ كَرَدْمِ يَكُونُ جَوَابًا بِدُونِ النِّيَّةِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَهَكَذَا فِي فَتْوَى شَمْسِ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَهَلْ يَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَبْرَأُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: ابْتَعْت مِنِّي أَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنِّي ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ بِمَهْرِك وَنَفَقَةِ عِدَّتِك فَقَالَتْ: اشْتَرَيْت الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَا لَمْ يَقُلْ الزَّوْجُ بَعْدَ كَلَامِهَا: بِعْت كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إلَّا إذَا أَرَادَ بِهِ التَّحْقِيقَ دُونَ الْمُسَاوَمَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: اشْتَرِي ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ بِمَهْرِك وَنَفَقَةِ عِدَّتِك فَقَالَتْ: اشْتَرَيْت يَتِمُّ الْخُلْعُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: بِعْت مِنْك ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ بِمَهْرِك وَنَفَقَةِ عِدَّتِك فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ مُجِيبَةً لَهُ: بِعْت وَلَمْ تَقُلْ اشْتَرَيْت قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: لَا يَقَعُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَلَوْ قَالَتْ: بِعْت مِنْك مَهْرِي وَنَفَقَةَ عِدَّتِي فَقَالَ الزَّوْجُ: اشْتَرَيْت خيرزو وَقَامَتْ وَذَهَبَتْ الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ لَكِنَّ الْأَحْوَطَ أَنْ يُجَدَّدَ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ طَلَاقَانِ وَلَوْ قَالَ لَهَا: بِعْت مِنْك تَطْلِيقَةً بِمَهْرِك وَنَفَقَةِ عِدَّتِك فَقَالَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ: بِجَانِّ خريدم يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: بِعْت طَلَاقِي أَوْ وَهَبْت أَوْ قَالَتْ: مَلَّكْتُك فَقَالَ الزَّوْجُ قَبِلْت وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ بِعْت مِنْك تَطْلِيقَةً بِمَهْرِك وَنَفَقَةِ عِدَّتِك بِمِثْلِ مَا جَاءَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: قَبِلْت قَالُوا: إنْ كَانَتْ طَاهِرَةً وَلَمْ يُجَامِعْهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ طَلَقَتْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ: بِعْت مِنْك طَلَاقًا بِمَهْرِك فَقَالَتْ: طَلَّقْتُك يَعْنِي بَانَتْ مِنْهُ بِمَهْرِهَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ اشْتَرَيْت وَقِيلَ يَقَعُ رَجْعِيًّا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَوْ قَالَ: بِعْت مِنْك تَطْلِيقَةً فَقَالَتْ: اشْتَرَيْت يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا مَجَّانًا لِأَنَّهُ صَرِيحٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ: بِعْت نَفْسَك مِنْك فَقَالَتْ: اشْتَرَيْت يَقَعُ طَلَاقٌ بَائِنٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: بِعْت مِنْك تَطْلِيقَةً بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ كُلِّ كَلَامٍ اشْتَرَيْت ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ أَرَدْت التَّكْرَارَ وَالْإِخْبَارَ عَنْ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً فَيَقَعُ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ وَيَلْزَمُهَا ثَلَاثَةُ آلَافٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ لَوْ قَالَ لَهَا: قَدْ خَلَعْتُك وَنَوَى الطَّلَاقَ فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ لَهَا قَدْ خَلَعْتُك عَلَى مَا لَك عَلَيَّ مِنْ الْمَهْرِ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: قَبِلْت أَوْ رَضِيت طَلَقَتْ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ إلَّا بِقَوْلِهَا

وَلَوْ قَالَ: قَدْ بَارَأْتُك قَدْ بَارَأْتُك قَدْ بَارَأْتُك وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَقَالَتْ: قَدْ رَضِيت أَوْ أَجَزْت فَهِيَ ثَلَاثٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَوْ قَالَتْ: قَدْ خَلَعْت نَفْسِي مِنْك بِأَلْفٍ قَدْ خَلَعْت نَفْسِي مِنْك بِأَلْفٍ قَدْ خَلَعْت نَفْسِي مِنْك بِأَلْفٍ فَقَالَ الزَّوْجُ أَجَزْت أَوْ رَضِيت كَانَ ثَلَاثًا بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: بِعْت مِنْك أَمْرَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ فِي الْمَجْلِسِ اخْتَرْت نَفْسِي يَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. رَجُلٌ بَاعَ مِنْ امْرَأَتِهِ تَطْلِيقَةً بِجَمِيعِ مَهْرِهَا وَجَمِيعِ مَا لَهَا فِي الْبَيْتِ غَيْرَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْقَمِيصِ فَقَالَتْ: اشْتَرَيْت وَعَلَيْهَا حُلِيٌّ وَثِيَابٌ كَثِيرَةٌ يَقَعُ طَلَاقٌ بَائِنٌ بِمَا يَكُونُ فِي الْبَيْتِ وَجَمِيعُ مَا يَكُونُ عَلَيْهَا مِنْ الثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ. رَجُلٌ بَاعَ مِنْ امْرَأَتِهِ تَطْلِيقَةً بِمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: اشْتَرَيْت نَفْسِي مِنْك بِمَا أَعْطَيْت وَأَرَادَتْ بِهِ الْإِيجَابَ دُونَ الْعِدَّةِ فَقَالَ الزَّوْجُ: أَعْطَيْت يَقَعُ الطَّلَاقُ هَذَا إذَا قَالَتْ: أَشْتَرِي نَفْسِي بِالْعَرَبِيَّةِ أَمَّا إذَا قَالَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ إنْ قَالَتْ: خرمى وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَصِحُّ وَلَا تَنْوِي الْمَرْأَةُ وَإِنْ قَالَتْ: خَرَمَ لَا يَصِحُّ وَلَا تَنْوِي لِأَنَّ فِي الْفَارِسِيَّة لِلْإِيجَابِ لَفْظًا وَهُوَ قَوْلُهَا خرمى وَلِلْعِدَّةِ لَفْظًا وَهُوَ قَوْلُهَا خَرَمَ فَلَا تَنْوِي فَأَمَّا فِي الْعَرَبِيَّةِ فَلَهُمَا لَفْظٌ وَاحِدٌ وَهُوَ قَوْلُهَا: أَشْتَرِي نَفْسِي فَتَنْوِي امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: وَهَبْت لَك مَهْرِي ثُمَّ قَالَتْ: عَوِّضْنِي فَقَالَ الزَّوْجُ: عَوَّضْتُك بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ طَلَقَتْ ثَلَاثًا كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ. رَجُلٌ أَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَشْتَرِيَ رَأْسًا مَشْوِيًّا فَاشْتَرَتْ فَقَالَ الزَّوْجُ لَهَا: شَرّ خَرِيدِي وَزَعَمَتْ أَنَّهُ يَسْأَلُ عَنْ الرَّأْسِ الْمَشْوِيِّ فَقَالَتْ: خريدم وَقَالَ الزَّوْجُ: فروختم لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ وَلَكِنْ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْجُلَسَاءُ إذَا قَالُوا لِلْمَرْأَةِ: اشْتَرَيْت نَفْسَك بِتَطْلِيقَةٍ بِكُلِّ حَقٍّ يَكُونُ لِلنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ الْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَقَالَتْ: نَعَمْ اشْتَرَيْت فَقِيلَ لِلزَّوْجِ: بِعْت أَنْتَ فَقَالَ: نَعَمْ يَصِحُّ الْخُلْعُ وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا لَهَا: اشْتَرَيْت نَفْسَك مِنْهُ لِأَنَّ شِرَاءَهَا نَفْسَهَا لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الزَّوْجِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَخْتَلِعَ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ وَقَالُوا أَوَّلًا لِلْمَرْأَةِ: اشْتَرَيْت نَفْسَك بِجَمِيعِ الْحُقُوقِ الَّتِي لَك عَلَيْهِ فَقَالَتْ: اشْتَرَيْت ثُمَّ قَالُوا لِلزَّوْجِ: بِعْت فَقَالَ: بِعْت وَكَانَ فِي ضَمِيرِهِ أَنَّهُ بَاعَ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ فِي الْحُكْمِ. خَلَعَ امْرَأَتَهُ بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ لَهُ رُفَقَاؤُهُ: لِمَ فَعَلْت هَكَذَا فَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: رَوْسه بَارّ لَا يَقَعُ بِهَذَا الْكَلَامِ شَيْءٌ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِيجَابٍ. خَالَعَ امْرَأَتَهُ فَقِيلَ لَهُ: كَمْ نَوَيْت قَالَ مَا تَشَاءُ إنْ لَمْ يَنْوِ الزَّوْجُ شَيْئًا تَطْلُقُ وَاحِدَةً. قَالَتْ لِزَوْجِهَا: اخْلَعْنِي وَقَالَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ: سَهِّ خَوَاهُمْ فَقَالَ: سَهِّ بَارّ ثُمَّ خَلَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِتَطْلِيقَةٍ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ بِقَوْلِهِ: سَهِّ بَارّ هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.

الفصل الثاني فيما جاز أن يكون بدلا عن الخلع وما لا يجوز

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ الْخُلْعِ وَمَا لَا يَجُوزُ] ُ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا جَازَ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا فِي الْخُلْعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا وَقَعَتْ الْمُخَالَعَةُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيِّتَةٍ أَوْ دَمٍ وَقَبِلَ الزَّوْجُ ذَلِكَ مِنْهَا تَثْبُتُ الْفُرْقَةُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ جُعْلٍ وَلَا تَرُدُّ مِنْ مَهْرِهَا شَيْئًا كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. وَلَوْ خَلَعَهَا عَلَى عَبْدِ نَفْسِهِ أَوْ طَلَّقَهَا عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ يَجِبْ الْمَالُ وَكَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ الْبَيْعِ كَانَ بَائِنًا وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ يَكُونُ رَجْعِيًّا بَعْدَ الدُّخُولِ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ عَلَى بَرَاءَتِهَا مِنْ دَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ غَيْرَ الْمَهْرِ أَوْ عَلَى بَرَاءَتِهَا عَنْهُ مِنْ كَفَالَةِ نَفْسٍ أَوْ عَلَى تَأْخِيرِ دَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ وَالتَّأْخِيرُ إنْ كَانَ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. إنْ سَمَّى فِي الْخُلْعِ مَا اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَالًا وَأَنْ لَا يَكُونَ مَالًا بِأَنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى مَا فِي بَيْتِهَا أَوْ عَلَى مَا فِي يَدِهَا مِنْ شَيْءٍ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِي يَدِهَا أَوْ فِي بَيْتِهَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ شَيْءٌ فَذَلِكَ لِلزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهَا وَلَا فِي يَدِهَا شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَعَتْ عَلَى مَا فِي بُطُونِ غَنَمِهَا أَوْ جَارِيَتِهَا وَلَمْ تَنُصَّ عَلَى الْوَلَدِ وَإِذَا سَمَّتْ فِي الْخُلْعِ مَا هُوَ مَالٌ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يُوجَدُ فِي الثَّانِي بِأَنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى مَا يُثْمِرُ نَخِيلُهَا الْعَامَ أَوْ عَلَى مَا تَكْتَسِبُ الْعَامَ وَجَبَ عَلَيْهَا رَدُّ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ وُجِدَ ذَلِكَ أَمْ لَا إذَا سَمَّتْ فِي الْخُلْعِ مَا هُوَ مَالٌ لَا يَتَعَلَّقُ وُجُودُهُ بِالزَّمَانِ إلَّا أَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يُوقَفُ عَلَى قَدْرِهِ بِأَنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى مَا فِي بَيْتِهَا أَوْ فِي يَدِهَا مِنْ الْمَتَاعِ أَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى مَا فِي نَخِيلِهَا مِنْ الثِّمَارِ أَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى مَا فِي بُطُونِ غَنَمِهَا مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَلَى مَا فِي ضُرُوعِ غَنَمِهَا مِنْ لَبَنٍ إنْ كَانَ هُنَاكَ مَا سَمَّتْ فِي الْخُلْعِ فَلِلزَّوْجِ ذَلِكَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَيْءٌ لَزِمَهَا رَدُّ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ إذَا سَمَّتْ فِي الْخُلْعِ مَا هُوَ مَالٌ أَوْ لَهُ مِقْدَارٌ مَعْلُومٌ بِأَنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى مَا فِي يَدِهَا مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسٍ فَإِنَّ أَقَلَّ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ ثَلَاثَةٌ فَكَانَ مِقْدَارُهُ مَعْلُومًا إنْ كَانَ فِي يَدِهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا فَلِلزَّوْجِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَهُ ثَلَاثَةٌ وَزْنًا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ وَعَدَدًا مِنْ الْفُلُوسِ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهَا دِرْهَمَانِ تُؤْمَرُ بِإِتْمَامِ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ إذَا سَمَّتْ فِي الْخُلْعِ مَا هُوَ مَالٌ وَأَشَارَتْ إلَى مَا لَيْسَ بِمَالٍ بِأَنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ إنْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِكَوْنِهِ خَمْرًا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رَجَعَ عَلَيْهَا بِالْمَهْرِ الَّذِي أَعْطَاهَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ خَلَعَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ مَيِّتٌ رَدَّتْ مَا أَعْطَاهَا وَإِنْ اسْتَحَقَّ تَلْزَمُهَا قِيمَتُهُ وَإِنْ ظَهَرَ حَلَالُ الدَّمِ فَقِيلَ: يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا بِالنُّقْصَانِ وَلَوْ خَلَعَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ قِيمَتُهُ أَلْفٌ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الزَّوْجُ إلَيْهَا أَلْفًا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنِصْفٍ قِيمَةُ الْعَبْدِ لِأَنَّ نِصْفَ الْعَبْدِ بِيعَ بِأَلْفٍ فَإِذَا اسْتَحَقَّ يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ وَهُوَ أَلْفٌ وَنِصْفٌ الْعَبْدُ بَدَلُ الْخُلْعِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. اخْتَلَعَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ عَلَيْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا صَحَّ وَلَزِمَ

الفصل الثالث في الطلاق على المال

عَلَى الزَّوْجِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ إنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى عَبْدٍ لَهَا آبِقٍ عَلَى أَنَّهَا بَرِيئَةٌ مِنْ ضَمَانِهِ لَمْ تَبْرَأْ وَعَلَيْهَا تَسْلِيمُ عَيْنِهِ إنْ قَدَرَتْ أَوْ تَسْلِيمُ قِيمَتِهِ إنْ عَجَزَتْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ خَالَعَهَا عَلَى حَيَوَانٍ مَوْصُوفٍ نَحْوُ الْفَرَسِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَلَهُ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ دَفَعَتْ إلَيْهِ الْوَسَطَ وَإِنْ شَاءَتْ دَفَعَتْ إلَيْهِ قِيمَتَهُ وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى حَيَوَانٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ مَا اسْتَحَقَّتْ عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ فَوَجَدَهَا سَتُّوقَةً يَرْجِعُ بِالْجِيَادِ وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ عَلَى أَنَّهُ هَرَوِيٌّ فَإِذَا هُوَ مَارِيٌّ يَرْجِعُ بِهَرَوِيٍّ وَسَطٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ: خَلَعْتُك فَقَالَتْ: قَبِلْت لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ بِقَوْلِهِ إذَا نَوَى وَلَا دَخَلَ لِقَبُولِهَا حَتَّى إذَا نَوَى الزَّوْجُ الطَّلَاقَ وَلَمْ تَقْبَلْ الْمَرْأَةُ يَقَعُ الْبَائِنُ وَإِنْ قَالَ: لَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ لَا يَقَعْ وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً. لَوْ خَالَعَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْرَأُ كُلٌّ مِنْ صَاحِبِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرٌ تَرُدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْمَالَ مَذْكُورٌ بِذِكْرِ الْخُلْعِ عُرْفًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ: خَلَعْتُك عَلَى كَذَا وَسَمَّى مَالًا مَعْلُومًا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَا لَمْ تَقْبَلْ وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ قَبُولِ الْمَرْأَةِ: لَمْ أَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ اخْتَلَعَتْ بِحُكْمِهِ أَوْ بِحُكْمِهَا أَوْ بِحُكْمِ أَجْنَبِيٍّ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا فِي الصَّدَاقِ إلَّا أَنَّ هُنَاكَ الْمِعْيَارَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَهُنَا الْمِعْيَارُ مَا أَعْطَاهَا فَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِحُكْمِهِ فَحُكْمُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِمِقْدَارِ مَا أَعْطَاهَا أَوْ بِأَقَلِّهِ فَذَلِكَ صَحِيحٌ وَإِنْ حَكَمَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهَا الزِّيَادَةُ إلَّا أَنْ تَرْضَى بِهِ وَإِنْ كَانَ بِحُكْمِهَا فَإِنْ حَكَمَتْ بِمَا أَعْطَاهَا الزَّوْجُ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ وَإِنْ حَكَمَتْ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ النُّقْصَانُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ بِذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ حَكَمَ بِقَدْرِ الْمَهْرِ جَازَ وَإِنْ حَكَمَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ إلَّا بِرِضَا الْمَرْأَةِ وَالنُّقْصَانُ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ إذَا اخْتَلَعَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ تُعْتِقَ أَبَاهُ فَفَعَلَتْ فَالْعِتْقُ عَنْهَا وَالْأَبُ مَوْلًى لَهَا وَلَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ تُعْتِقَ أَبَاهُ عَنْهُ فَفَعَلَتْ فَالْعِتْقُ عَنْ الزَّوْجِ ثُمَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا سَاقَ إلَيْهَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ بَعْضُهُمْ يَرْجِعُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الطَّلَاقِ عَلَى الْمَالِ] ِ إنْ طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ فَقَبِلَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَزِمَهَا الْمَالُ وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى أَلْفٍ وَلَهَا عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ مَهْرٍ يَسْقُطُ الْأَلْفُ وَخَمْسُمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ وَتَقَاصَّا بِأَلْفٍ وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخَمْسِمِائَةٍ عِنْدَ الْبَلْخِيّ وَتَرْجِعُ عِنْدَ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ جَعَلَ مَهْرَهَا أَثْلَاثًا فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً عَلَى ثُلُثِ مَهْرِهَا وَطَلَّقَهَا ثَانِيًا وَثَالِثًا كَذَلِكَ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَيَسْقُطُ ثُلُثُ الْمَهْرِ وَيَضْمَنُ الزَّوْجُ ثُلُثَيْ مَهْرِهَا كَذَا

فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. لَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَعَلَيْهَا ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَلَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَمْلِكُ الرَّجْعَةَ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ: طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ وَقَدْ كَانَ الزَّوْجُ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً يَجِبُ الْأَلْفُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً يَقَعُ الثَّلَاثُ وَاحِدَةٌ بِأَلْفٍ وَثِنْتَانِ بِغَيْرِ شَيْءٍ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ طَلَقَتْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ وَلَوْ قَبِلَتْ الثَّلَاثَ بِأَلْفٍ لَمْ يَقَعْ لَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي أَرْبَعًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَهِيَ بِالْأَلْفِ وَلَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَبِثُلُثِ الْأَلْفِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَلْفَ طَلَقَتْ مَجَّانًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا طَلَقَتْ ثَلَاثًا وَعَلَيْهَا الْأَلْفُ بِإِزَاءِ الْوَاحِدَةِ لَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ لَا يَقَعُ عِنْدَهُ شَيْءٌ مَا لَمْ تَقْبَلْ الْمَرْأَةُ وَإِذَا قَبِلَتْ الْكُلَّ يَقَعُ الثَّلَاثُ بِأَلْفٍ وَعِنْدَهُمَا إنْ لَمْ تَقْبَلْ الْمَرْأَةُ فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَلَا تَقَعُ الثِّنْتَانِ الْبَاقِيَتَانِ وَإِنْ قَبِلَتْ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إحْدَاهُنَّ بِأَلْفٍ وَاثْنَتَانِ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَذَا فِي الْكَافِي حَكَى أَبُو الْحَسَنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ طَلَقَتْ وَعَلَيْهَا الْأَلْفُ وَهُوَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ بِالْأَلْفِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك أَلْفٌ فَقَبِلَتْ أَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي وَلَك أَلْفٌ فَطَلَّقَهَا طَلَقَتْ بِلَا مَالٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا بِالْمَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ زَادَ الزَّوْجُ عَلَى حَرْفِ الْجَوَابِ فَقَالَ: طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا فَإِنْ قَبِلَتْ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَيَلْزَمُهَا أَلْفٌ وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ بَطَلَ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَقَعُ الثَّلَاثُ بِأَلْفٍ قَبِلَتْ أَمْ لَا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي وَلَك أَلْفٌ فَقَالَ: طَلَّقْتُك عَلَى الْأَلْفِ الَّتِي سَمَّيْتُهَا إنْ قَبِلَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَيَجِبُ الْمَالُ وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لَمْ يَقَعْ وَلَمْ يَجِبْ الْمَالُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ وَيَقَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك أَلْفٌ يَقَعُ بِأَلْفٍ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَالَتْ: قَبِلْت وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ بِأَلْفٍ وَإِنْ قَالَتْ: قَبِلْت بِأَلْفَيْنِ وَقَعَ وَلَمْ يَلْزَمْهَا الْأَلْفُ وَلَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتَنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ أَلْفَيْنِ طَلَقَتْ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: قَبِلْت بِأَلْفَيْنِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ إنْ تَزَوَّجْتُك وَقَبِلَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ إلَّا بَعْدَ التَّزَوُّجِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. لَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ

طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا طَلَقَتْ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلَوْ كَانَ الْإِيجَابُ مِنْ الزَّوْجِ بِمَالَيْنِ يَلْزَمُهَا الْمَالَانِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا: طَلِّقْنِي وَضَرَّتِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَطَلَّقَ ضَرَّتَهَا أَوْ طَلَّقَهَا يَجِبُ نِصْفُ الْأَلْفِ إذَا كَانَ مَهْرُ مِثْلِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَمَا لَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي وَضَرَّتِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهِمَا عَلَى التَّفَاوُتِ تَجِبُ حِصَّةُ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ الْأَلْفِ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَسَأَلَتَاهُ أَنْ يُطَلِّقَهُمَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا لَزِمَ الْمُطَلَّقَةَ حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ فَإِنْ طَلَّقَ الْأُخْرَى لَزِمَهَا حِصَّتُهَا أَيْضًا إنْ كَانَ طَلَّقَهَا فِي الْمَجْلِسِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ افْتَرَقُوا قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بَطَلَ إيجَابُهُمَا بِالِافْتِرَاقِ فَإِنْ طَلَّقَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا بِغَيْرِ بَدَلٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ: قَبِلْت نِصْفَ هَذِهِ التَّطْلِيقَةِ طَلَقَتْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ قَالَتْ: قَبِلْت نِصْفَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ كَانَ بَاطِلًا وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا: طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الزَّوْجُ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ طَلَقَتْ وَاحِدَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ بِخَمْسِمِائَةٍ طَلَقَتْ وَاحِدَةً بِخَمْسِمِائَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسَّنَةِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ طَاهِرَةٌ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ بِثُلُثِ الْأَلْفِ ثُمَّ الثَّانِيَةُ فِي الطُّهْرِ الثَّانِي بِغَيْرِ شَيْءٍ إلَّا إذَا تَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ ثُمَّ الثَّالِثَةُ هَكَذَا وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثًا لِلسَّنَةِ إحْدَاهُنَّ بِأَلْفٍ فَالْأَلْفُ بِالثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ ثُمَّ إذَا تَزَوَّجَهَا لَمْ تَقَعْ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ غَدٍ بِأَلْفٍ وَغَدًا بِأَلْفٍ وَالْيَوْمَ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ يَقَعُ فِي الْحَالِ بِأَلْفٍ فَإِذَا جَاءَ غَدٌ لَا يَقَعُ إلَّا إذَا تَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ فَتَقَعُ أُخْرَى بِأَلْفٍ وَكَذَا بَعْدَ غَدٍ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِأَلْفٍ تَقَعُ وَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ وَتَتَعَلَّقُ الْأُخْرَى بِالْقَبُولِ وَلَوْ قَالَتْ: إنْ طَلَّقْتَنِي فَلَكَ أَلْفٌ أَوْ قَالَ الزَّوْجُ: إنْ جِئْتِنِي بِأَلْفٍ أَوْ أَعْطَيْتِنِي أَوْ أَدَّيْتِنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْت كَذَا فَهُوَ عَلَى الْمَجْلِسِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إذَا أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا أَوْ مَتَى أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَهِيَ امْرَأَتُهُ عَلَى حَالِهَا حَتَّى تُعْطِيَهُ ذَلِكَ وَمَتَى أَعْطَتْهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ عَلَيْهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهُ إذَا أَتَتْهُ بِهِ لَا أَنَّهُ يُجْبَرَ عَلَى الْقَبُولِ وَلَكِنْ إذَا وَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ طَلَقَتْ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. (الْأَصْلُ) أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ طَلَاقَيْنِ وَذَكَرَ عَقِيبَهُمَا مَالًا يَكُونُ مُقَابَلًا بِهِمَا إلَّا إذَا وَصَفَ الْأَوَّلَ بِمَا يُنَافِي وُجُوبَ الْمَالِ فَيَكُونُ الْمَالُ حِينَئِذٍ مُقَابَلًا بِالثَّانِي وَإِنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَى الْمَرْأَةِ حُصُولُ الْبَيْنُونَةِ فَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَنَّك طَالِقٌ غَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ أَوْ قَالَ: الْيَوْمَ وَاحِدَةً وَغَدًا أُخْرَى رَجْعِيَّةً بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِخَمْسِمِائَةٍ فِي الْحَالِ وَغَدًا أُخْرَى بِغَيْرِ شَيْءٍ إلَّا أَنْ يَعُودَ مِلْكُهُ قَبْلَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ

عَلَى أَنَّك طَالِقٌ غَدًا أُخْرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبِلَتْ وَقَعَ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ لِلْحَالِ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَإِذَا جَاءَ الْغَدُ تَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً عَلَى أَنَّك طَالِقٌ غَدًا أُخْرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَعَتْ فِي الْحَالِ وَاحِدَةٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ ثُمَّ إذَا جَاءَ الْغَدُ تَقَعُ عَلَيْهَا أُخْرَى بِغَيْرِ شَيْءٍ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ مَجِيءُ الْغَدِ ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى بِالْأَلْفِ وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَأَنْتِ طَالِقٌ أُخْرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبِلَتْ وَقَعَتْ الطَّلْقَتَانِ بِأَلْفٍ وَانْصَرَفَ الْبَدَلُ إلَيْهِمَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَاحِدَةً وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبِلَتْ وَقَعَتْ الطَّلْقَتَانِ فِي الْيَوْمِ وَاحِدَةٌ بِنِصْفِ الْأَلْفِ وَغَدًا أُخْرَى بِنِصْفِ الْأَلْفِ إنْ تَخَلَّلَ التَّزَوُّجَ وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَغَدًا أُخْرَى أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ بَائِنَةً وَغَدًا أُخْرَى بَائِنَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً بِغَيْرِ شَيْءٍ وَغَدًا أُخْرَى بِغَيْرِ شَيْءٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْبَدَلُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا وَيَكُونُ تَطْلِيقَةً بِنِصْفِ الْأَلْفِ فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ بِنِصْفِ الْأَلْفِ وَغَدًا أُخْرَى مَجَّانًا إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ فَحِينَئِذٍ يَقَعُ أُخْرَى بِنِصْفِ الْأَلْفِ وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ أَوْ قَالَ: بَائِنَةٌ أَوْ قَالَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْبَدَلُ يَنْصَرِفُ إلَى التَّطْلِيقَةِ الثَّانِيَةِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَاحِدَةً وَغَدًا أُخْرَى أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَنْصَرِفُ الْبَدَلُ إلَيْهِمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَقَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْأُخْرَى بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَبِلَتَا طَلُقَتَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ خَمْسُمِائَةٍ لِأَنَّ مَا وَرَاءَهُ مَشْكُوكٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ وَلَوْ قَالَ وَالْأُخْرَى بِمِائَةِ دِينَارٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنْ تُبْرِئَهُ عَنْ كَفَالَةِ نَفْسِ فُلَانٍ فَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ، لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنْ تُبْرِئَهُ عَنْ الْأَلْفِ الَّتِي كَفَلَهَا لَهَا عَنْ فُلَانٍ فَالطَّلَاقُ بَائِنٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. طَلِّقْنِي عَلَى أَنْ أُؤَخِّرَ مَالِي عَلَيْك فَطَلَّقَهَا فَإِنْ كَانَتْ لِلتَّأْخِيرِ غَايَةٌ مَعْلُومَةٌ صَحَّ التَّأْخِيرُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَا يَصِحُّ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَصِحُّ التَّأْجِيلُ فِي بَدَلِ الْخُلْعِ مَعَ جَهَالَةٍ مُسْتَدْرَكَةٍ كَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ لَا الْفَاحِشَةِ كَالْعَطَاءِ وَهُبُوبِ الرِّيحِ وَالْمِيرَةِ وَحَيْثُ لَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ يَجِبُ الْمَالُ حَالًّا فَيَجُوزُ اخْتِلَاعُهَا عَلَى زِرَاعَةِ أَرْضِهَا وَرُكُوبِ دَابَّتِهَا وَخِدْمَتِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَلْزَمُهُ خَلْوَتُهُ بِهَا أَوْ خِدْمَةِ أَجْنَبِيٍّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُعْتَبَرُ الْخُلْعُ مِنْ جَانِبِهِ تَعْلِيقًا لِلطَّلَاقِ بِقَبُولِهَا حَتَّى لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ عَنْهُ وَلَمْ يَبْطُلْ بِقِيَامِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَيَصِحُّ إذَا كَانَتْ غَائِبَةً وَإِذَا بَلَغَهَا فَلَهَا الْخِيَارُ فِي مَجْلِسِهَا وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَالْإِضَافَةِ إلَى الْوَقْتِ كَقَوْلِنَا: إذَا جَاءَ غَدٌ أَوْ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَقَدْ خَالَعْتكِ عَلَى أَلْفٍ فَالْقَبُولُ إلَيْهَا بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ وَالْقُدُومِ وَفِي جَانِبِهَا يُعْتَبَرُ تَمْلِيكًا بِعِوَضٍ كَالْبَيْعِ

حَتَّى يَصِحَّ رُجُوعُهَا قَبْلَ قَبُولِهِ وَيَبْطُلُ بِقِيَامِهَا عَنْ الْمَجْلِسِ وَلَا يَتَوَقَّفُ حَالَ الْغَيْبَةِ وَلَا يَجُوزُ التَّعْلِيقُ بِشَرْطٍ وَالْإِضَافَةِ إلَى وَقْتٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ صَحَّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْخُلْعِ لَهَا لَا لَهُ كَذَا فِي كَنْزِ الدَّقَائِقِ وَالطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ بِمَنْزِلَةِ الْخُلْعِ فِي أَحْكَامِهِ إلَّا أَنَّ الْبَدَلَ إذَا بَطَلَ بَقِيَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَعِوَضُ الطَّلَاقِ إذَا بَطَلَ يَقَعُ رَجْعِيًّا وَإِذَا وَجَبَ يَقَعُ بَائِنًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَبِلَتْ بَطَلَ الْخِيَارُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنَّك بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَالَتْ: قَبِلْت إنْ رَدَّتْ الطَّلَاقَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَطَلَ الطَّلَاقُ وَإِنْ اخْتَارَتْ الطَّلَاقَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَيَجِبُ الْأَلْفُ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْكَافِي. . لَوْ اخْتَلَعَا وَهُمَا يَمْشِيَانِ إنْ كَانَ كَلَامُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَّصِلًا بِالْآخَرِ صَحَّ الْخُلْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا لَا يَصِحُّ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ أَيْضًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَتْ: سَأَلْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقْتَنِي وَاحِدَةً وَقَالَ الزَّوْجُ: سَأَلْتِ وَاحِدَةً فَالْقَوْلُ لَهَا وَالْبَيِّنَةُ لَهُ وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلَّقْتُك أَمْسِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ تَقْبَلِي فَقَالَتْ: كُنْتُ قَبِلْتُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ هَكَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. لَوْ قَالَ: بِعْتُ طَلَاقَك أَمْسِ بِأَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلِي فَقَالَتْ: قَبِلْتُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْبَيْعِ إقْرَارٌ بِالْقَبُولِ لِأَنَّهُ شَطْرُهُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. لَوْ قَالَتْ: سَأَلْتُك أَنْ تُطَلِّقَنِي بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ بِأَلْفٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: خَلَعْتَنِي بِغَيْرِ شَيْءٍ وَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ بِأَلْفٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا: سَأَلْتُكَ أَنْ تُطَلِّقَنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَلَمْ تُطَلِّقْنِي إلَّا وَاحِدَةً وَقَالَ: بَلْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا فَإِنْ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَا قَدْ افْتَرَقَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَلَهُ عَلَيْهَا ثُلُثُ الْأَلْفِ وَيَقَعُ عَلَيْهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ إنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ وَكَذَا إذَا قَالَتْ: سَأَلْتُكَ أَنْ تُطَلِّقَنِي وَصَاحِبَتِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقْتَنِي وَحْدِي. فَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ طَلَّقْتُكُمَا جَمِيعًا فَإِنْ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْإِيجَابُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ افْتَرَقَا مِنْ الْمَجْلِسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَى الْمَرْأَةِ حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ لِاعْتِرَافِهَا بِذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَتْ: لَمْ تُطَلِّقْنِي وَلَا صَاحِبَتِي فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُثْبِتَ الْمَالَ بِالْبَيِّنَةِ وَلَكِنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ عَلَيْهَا بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . الْمَرْأَةُ إذَا اخْتَلَعَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ ثُمَّ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا قَبْلَ الْخُلْعِ تُقْبَلُ وَيُسْتَرَدُّ بَدَلُ الْخُلْعِ وَالتَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الْبَيِّنَةِ هَهُنَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّ زَوْجَهَا الْمَجْنُونَ خَالَعَهَا فِي صِحَّتِهِ وَأَقَامَ وَلِيُّهُ أَوْ هُوَ بَعْدَ الْإِفَاقَةُ بَيِّنَةً أَنَّهُ خَالَعَهَا فِي جُنُونِهِ فَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَوْلَى كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. لَوْ قَالَ: طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: هَذَا مِنْك إقْرَارٌ مَاضٍ وَقَدْ كُنْتُ قَبِلْتُهُ مِنْك وَقَالَ الزَّوْجُ: كَانَ هَذَا مِنِّي إقْرَارًا مُسْتَقْبَلًا حِينَ تَكَلَّمْتُ فَلَمْ تَقْبَلِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أُخِذَتْ بِبَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ كَذَا فِي

التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا عَلَى عَبْدِك هَذَا فَقَبِلَتْ فِي الْحَالِ وَبَاعَتْ الْعَبْدَ ثُمَّ جَاءَ غَدٌ فَعَلَيْهَا قِيمَتُهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ بَطَلَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْإِسْبِيجَابِيُّ عَنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ اخْتَلَعَا قِيلَ لِلزَّوْجِ: كَمْ كَانَ بَيْنَكُمَا مِنْ الْخُلْعِ؟ فَقَالَ: كَانَ بَيْنَنَا مَرَّتَيْنِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: بَلْ الْخُلْعُ بَيْنَنَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ قَالَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فَسُئِلْت عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقُلْت: إنْ كَانَ هَذَا بَعْدَ نِكَاحٍ جَرَى بَيْنَهُمَا وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: النِّكَاحُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ النِّكَاحَ كَانَ بَعْدَ الْخُلْعِ الثَّالِثِ وَقَالَ الزَّوْجُ هُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ الْخُلْعَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَمَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَبْلَ النِّكَاحِ فَلَا يَجُوزُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَحِلُّ لِلنَّاسِ أَنْ يَحْمِلُوهَا عَلَى النِّكَاحِ وَيَعْقِدُوا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ طَلَبَتْ مِنْ زَوْجِهَا أَنْ يَخْلَعَهَا عَلَى مَالٍ فَأَشْهَدَ الرَّجُلُ عَدْلَيْنِ أَنَّ امْرَأَتَهُ إذَا قَالَتْ: مِنْ ازتو خويشتن خريدم بآوندى أَقُولُ لَهَا: فروفتم وَلَا أَقُولُ: فروختم ثُمَّ اجْتَمَعُوا عِنْدَ الْقَاضِي لِلِاخْتِلَاعِ وَفَعَلَا ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي وَسَمِعَ الْقَاضِي ذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ إنِّي لَمْ أَقُلْ: فروختم وَإِنَّمَا قُلْت: فروفتم وَالشَّاهِدَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى ذَلِكَ إنْ سَمِعَ الْقَاضِي: فروختم يَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْخُلْعِ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَلَا عِبْرَةَ لِذَلِكَ الْإِشْهَادِ وَأَمَّا إذَا قَالَ الْقَاضِي: لَا أَتَيَقَّنُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْخَاءِ أَوْ بِالْفَاءِ وَشَهِدَ الشَّاهِدَانِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْفَاءِ تُسْمَعُ شَهَادَتُهُمَا وَيَبْطُلُ الْخُلْعُ وَلَوْ شَهِدَ بَعْضُ مَنْ شَهِدَ الْمَجْلِسَ أَنَّهُ قَالَ: فروختم فَإِنَّهُ يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمْ وَيْحُكُمْ بِصِحَّةِ الْخُلْعِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى بَدَلٍ مُسَمًّى دَفَعَتْ الْمَرْأَةُ إلَيْهِ مِقْدَارَ الْمُسَمَّى وَقَالَتْ: إنَّهُ بَدَلُ الْخُلْعِ وَقَالَ الزَّوْجُ: قَبَضْتُ بِجِهَةِ كَذَا غَيْرِ جِهَةِ الْخُلْعِ فَقَدْ قِيلَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ: الْقَوْلُ لِلْمَرْأَةِ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ صَدَرَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِي بَيَانِ جِهَةِ التَّمْلِيكِ وَهَذَا الْأَصْلُ كَثِيرٌ فِي الشَّرْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْخُلْعُ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: اخْتَلَعْتُ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: الْخُلْعُ بَيْنَنَا صَحِيحٌ وَقَالَ: قُمْت ثُمَّ خَلَعْت الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَهُوَ إنْكَارُ الْخُلْعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا خَلَعَ امْرَأَتَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ خريدم وفروختم فَقَالَ الزَّوْجُ: كَانَ فِي ضَمِيرِي أَنِّي بِعْت رَأْسَ الشَّاةِ أَوْ قَالَ: قُلْتُ: فروختم مِنْ الْإِيقَادِ أَوْ قَالَتْ: قُلْتُ: فروفتم بِالْفَاءِ فَقَدْ قِيلَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ إلَّا إذَا كَانَ قَبَضَ بَدَلَ الْخُلْعِ فَحِينَئِذٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُكَذِّبُهُ وَقَدْ قِيلَ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَضَاءً وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْبِضْ بَدَلَ الْخُلْعِ لِأَنَّ كَلَامَهُ خَرَجَ جَوَابًا وَالْجَوَابُ يَتَقَيَّدُ بِالسُّؤَالِ وَالسُّؤَالُ عَنْ تَمْلِيكِ النَّفْسِ فَيَنْصَرِفُ الْجَوَابُ إلَيْهِ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: كَانَ فِي ضَمِيرِي أَنِّي بِعْت بِنِدِّ قَبَائِي

لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْضًا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ أَشَارَ الزَّوْجُ عِنْدَ قَوْلِهِ فروختم إلَى رَأْسِ الشَّاةِ أَوْ إلَى بِنِدِّ قَبَائِهِ فَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَالْخُلْعُ صَحِيحٌ إلَّا إذَا صَرَّحَ فَقَالَ: بِنِدِّ قِبَا فروختم فَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ وَلَوْ أَقَامَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً أَنَّهُ بَاعَ رَأْسَ الشَّاةِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَالَ: بِعْتُ رَأْسَ الشَّاةِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَذَا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَالَ: فروختم مِنْ الْإِيقَادِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ بِمُعَارَضَتِهِ أَنَّهُ بَاعَ نَفْسَهَا أَوْ أَنَّهُ بَاعَهَا فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى هَكَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَعِنْدِي يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: اخْلَعْ امْرَأَتِي لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَخْلَعَهَا إلَّا بِمَالٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. امْرَأَةٌ وَكَّلَتْ رَجُلًا بِأَنْ يَخْلَعَهَا مِنْ زَوْجِهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ أَرْسَلَ الْوَكِيلُ الْبَدَلَ بِأَنْ قَالَ: خَالِعْ امْرَأَتَك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ: عَلَى هَذِهِ الْأَلْفِ أَوْ أَضَافَ الْبَدَلَ إلَى نَفْسِهِ إضَافَةَ مِلْكٍ أَوْ إضَافَةَ ضَمَانٍ بِأَنْ قَالَ: خَالِعْ امْرَأَتَك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي أَوْ قَالَ: عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ يَتِمُّ الْخُلْعُ بِقَبُولِ الْوَكِيلِ وَبَانَتْ الْمَرْأَةُ فَإِنْ كَانَ الْبَدَلُ مُرْسَلًا فَهُوَ عَلَيْهَا وَهِيَ الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْبَدَلُ مُضَافًا إلَى الْوَكِيلِ إضَافَةَ مِلْكٍ أَوْ إضَافَةَ ضَمَانٍ فَالْوَكِيلُ هُوَ الْمُطَالَبُ بِالْبَدَلِ دُونَ الْمَرْأَةِ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْمَرْأَةِ، وَإِذَا وَكَّلَتْ رَجُلًا بِأَنْ يَخْلَعَهَا مِنْ زَوْجِهَا فَخَلَعَهَا عَلَى عَرَضٍ لَهُ أَيْ لِلْوَكِيلِ وَهَلَكَ الْعَرَضُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الزَّوْجِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَضْمَنُ قِيمَةَ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: طَلِّقْ امْرَأَتِي فَخَالَعَهَا عَلَى مَالٍ أَوْ طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا جَازَ فَعَلَى هَذَا الْوَكِيلُ بِالْخُلْعِ إذَا طَلَّقَ مُطْلَقًا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ قِيلَ هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْخُلْعَ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ مُتَعَارَفٌ فَيَصِيرُ وَكِيلًا بِهِمَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَّلَتْ رَجُلًا بِالْخُلْعِ ثُمَّ رَجَعَتْ لَا يُعْمَلُ رُجُوعُهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ ذَلِكَ وَإِنْ أَرْسَلَتْ بِالْخُلْعِ رَسُولًا إلَى زَوْجِهَا ثُمَّ رَجَعَتْ قَبْلَ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ صَحَّ رُجُوعُهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الرَّسُولُ رُجُوعَهَا قَالَ لِرَجُلَيْنِ: اخْلَعَا امْرَأَتِي عَلَى غَيْرِ جُعْلٍ فَخَلَعَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَلَوْ أَمَرَ رَجُلَيْنِ أَنْ يَخْلَعَا امْرَأَتَهُ بِأَلْفٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: خَلَعْتُهَا بِأَلْفٍ وَقَالَ الْآخَرُ: قَدْ أَجَزْتُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: خَلَعْتُهَا بِأَلْفٍ وَقَالَ الْآخَرُ: خَلَعْتُهَا بِأَلْفٍ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لَوْ وَكَّلَا رَجُلًا بِالْخُلْعِ عَلَى كَذَا فَقَالَ الْوَكِيلُ: خَلَعْتُ فُلَانَةَ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى كَذَا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ بِحَضْرَتِهَا وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ وَكِيلًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ الْأَصْلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَخْلَعَ امْرَأَتَهُ إذَا أَعْطَتْ قَبَاءَهُ وَدَفَعَتْ الْقَبَاءَ إلَى الْوَكِيلِ وَجَرَى الْخُلْعُ بَيْنَهُمَا فَلَمَّا رَأَى الْقَبَاءَ إذَا لَا بِطَانَةَ لَهُ فَالْخُلْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَكَذَا إذَا كَانَ لَهُ بِطَانَةٌ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ كُمَّانِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدُ الْكُمَّيْنِ فَالْخُلْعُ صَحِيحٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَنَّ رِجَالًا جَاءُوا إلَى رَجُلٍ زَعَمُوا أَنَّ امْرَأَتَهُ وَكَّلَتْهُمْ

بِاخْتِلَاعِهَا مِنْهُ فَخَالَعَهَا مَعَهُمْ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ التَّوْكِيلَ فَإِنْ كَانُوا قَدْ ضَمِنُوا الْمَالَ لِلزَّوْجِ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ وَالْبَدَلُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَضْمَنُوا فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الزَّوْجُ أَنَّهَا وَكَّلَتْهُمْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا وَكَّلَتْهُمْ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ لَكِنْ لَا يَجِبُ الْمَالُ هَذَا إذَا خَلَعَ الزَّوْجُ فَإِنْ بَاعَ مِنْهُمْ تَطْلِيقَةً بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ: فَهَذَا وَالْخُلْعُ سَوَاءٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. فِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: اخْلَعْ امْرَأَتِي فَإِنْ أَبَتْ فَطَلِّقْهَا فَأَبَتْ الْمَرْأَةُ الْخُلْعَ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ قَالَتْ: أَنَا أَخْتَلِعُ فَخَالَعَهَا جَازَ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلٍ: اخْلَعْ امْرَأَتَكَ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ هَذِهِ الْأَلْفِ أَوْ هَذِهِ الدَّارِ فَفَعَلَ فَالْقَبُولُ إلَى الْمَرْأَةِ فَإِنْ قَبِلَتْ الْخُلْعَ طَلَقَتْ وَعَلَيْهَا تَسْلِيمُ الْبَدَلِ الْمُسَمَّى فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْبَدَلُ ضَمِنَتْ وَلَوْ قَالَ: اخْلَعْهَا عَلَى عَبْدِي هَذَا أَوْ دَارِي هَذِهِ أَوْ أَلْفِي هَذِهِ فَفَعَلَ وَقَعَ الْخُلْعُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى قَبُولِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ يَتِمُّ الْخُلْعُ بِقَوْلِ الزَّوْجِ خَلَعْتُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى أَنْ يَقُولَ الْأَجْنَبِيُّ: قَبِلْتُ، امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: اخْلَعْنِي عَلَى دَارِ فُلَانٍ أَوْ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ فَفَعَلَ وَقَعَ الْخُلْعُ مَعَهَا وَلَا يُحْتَاجُ إلَى قَبُولِ صَاحِبِ الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَعَلَيْهَا تَسْلِيمُ الدَّارِ وَالْعَبْدِ إلَى الزَّوْجِ فَإِنْ تَعَذَّرَ كَانَ عَلَيْهَا الْقِيمَةُ فَإِنْ ابْتَدَأَ الزَّوْجُ بِأَنْ قَالَ: قَدْ طَلَّقْتُك أَوْ خَالَعْتكِ عَلَى دَارِ فُلَانٍ كَانَ الْقَبُولُ إلَيْهَا لَا إلَى صَاحِبِ الدَّارِ وَلَوْ خَاطَبَ الزَّوْجُ صَاحِبَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةُ حَاضِرَةٌ فَقَالَ: خَالَعْتُ امْرَأَتِي عَلَى عَبْدِك هَذَا وَقَبِلَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ يَقَعْ الْخُلْعُ حَتَّى يَقْبَلَهُ صَاحِبُ الْعَبْدِ. وَلَوْ كَانَتْ الْبُدَاءَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَالْبَدَلُ لِغَيْرِ الْمُخَاطَبِ بِأَنْ قَالَ: اخْلَعْ امْرَأَتَك عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ هَذَا أَوْ دَارِ فُلَانٍ هَذِهِ أَوْ عَلَى أَلْفِ فُلَانٍ هَذِهِ فَالْقَبُولُ إلَى صَاحِبِ الْعَبْدِ وَالدَّارِ وَالْأَلْفِ لَا إلَى الْمَرْأَةِ، الْأَجْنَبِيُّ إذَا قَالَ: اخْلَعْ امْرَأَتَك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ فُلَانًا ضَامِنٌ لَهَا فَفَعَلَ كَانَ الْقَبُولُ إلَى الضَّمِينِ لَا إلَى الْمُخَاطَبِ وَلَا إلَى الْمَرْأَةِ فِي هَذَا قَبُولٌ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُخَاطِبَةُ بِأَنْ قَالَتْ: اخْلَعْنِي عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنَّ فُلَانًا ضَامِنٌ فَخَلَعَهَا كَانَ الْخُلْعُ وَاقِعًا مَعَهَا فَإِنْ ضَمِنَ فُلَانٌ الْمَالَ أَخَذَ الزَّوْجُ أَيَّهمَا شَاءَ وَإِنْ أَبَى الضَّمَانَ أَخَذَ الْمَرْأَةَ بِالْمَالِ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: اخْلَعْ امْرَأَتَك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَقَالَ: خَلَعْتُ فَإِذَا الْعَبْدُ لِرَجُلٍ آخَرَ فَقَبِلَ مَوْلَى الْعَبْدِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَبُولِهِ وَيَكُونُ الْقَبُولُ إلَى الْمَرْأَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ إذَا وَكَّلَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا أَوْ مَمْلُوكًا بِالْقِيَامِ مَقَامَهُ بِالْخُلْعِ وَالِاخْتِلَاعِ جَازَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ قَالَ: اخْلَعِي نَفْسَك أَوْ قَالَ: اخْتَلِعِي فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: (أَحَدُهَا) أَنْ يَقُولَ: اخْلَعِي نَفْسَك بِمَالٍ وَلَمْ يُقَدِّرْ فَقَالَتْ: خَلَعْتُ نَفْسِي مِنْكَ بِأَلْفٍ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَا لَمْ يَقُلْ الزَّوْجُ: أَجَزْتُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْخُلْعُ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. (وَالثَّانِي) أَنْ يَقُولَ: اخْلَعِي نَفْسَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ: خَلَعْت فِي رِوَايَةٍ يَتِمُّ الْخُلْعُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الزَّوْجُ أَجَزْتُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. (وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنْ يَقُولَ لَهَا: اخْلَعِي نَفْسَك وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ

اخْتَلَعْت ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَكُونُ خُلْعًا. وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لَهَا: اخْتَلِعِي نَفْسَك فَقَالَتْ: اخْتَلَعْتُ يَقَعُ طَلَاقٌ بَائِنٌ بِغَيْرِ بَدَلٍ كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا: أَبِينِي نَفْسَك وَبِهِ أَخَذَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ فَقَالَتْ: اخْلَعْنِي أَوْ بَارِئْنِي، فَقَالَ الزَّوْجُ: فَعَلْتُ فَهَذَا وَمَا إذَا كَانَ الْخِطَابُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ فِي الْوُجُوهِ سَوَاءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا قَالَ لَهَا: اخْلَعِي نَفْسَك بِغَيْرِ مَالٍ فَقَالَتْ: خَلَعْتُ تَمَّ الْخُلْعُ بِقَوْلِهَا، قَالَتْ: اخْلَعْنِي بِغَيْرِ مَالٍ إذَا قَالَ الزَّوْجُ: خَلَعْتُ يَقَعُ الطَّلَاقُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ لَهَا: اخْتَلِعِي نَفْسَك بِكَذَا ثُمَّ لَقَّنَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ حَتَّى قَالَتْ: اخْتَلَعْتُ وَهِيَ لَا تَعْلَمُ بِذَلِكَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ الْخُلْعُ مَا لَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ الرِّسَالَةَ مِنْ امْرَأَةِ الرَّجُلِ إلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا أَوْ يُمْسِكَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ: لَا أُمْسِكُهَا بَلْ أُطَلِّقُهَا فَقَالَ الرَّسُولُ: أَبْرَأَتْكَ عَنْ جَمِيعِ مَا لَهَا عَلَيْك فَطَلَّقَهَا فَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ أَمَرَهُ بِالْإِبْرَاءِ وَالرَّسُولُ يَدَّعِيهِ فَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ رِسَالَتَهَا أَوْ وَكَالَتَهَا إيَّاهُ كَذَلِكَ وَقَعَ وَهِيَ عَلَى حَقِّهَا وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ فَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ قَالَ: أَبْرَأَتْكَ مِنْ حَقِّهَا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَهَا فَالطَّلَاقُ غَيْرُ وَاقِعٍ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَهَا فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ وَهِيَ عَلَى حَقِّهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. لَوْ قَالَ فُضُولِيٌّ: طَلِّقْهَا عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ: طَلَّقْتُ يَتَوَقَّفُ فَإِنْ أَجَازَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ رَجُلٌ خَلَعَ ابْنَتَهُ مِنْ زَوْجِهَا إنْ كَانَتْ الْبِنْتُ كَبِيرَةً وَضَمِنَ الْأَبُ بَدَلَ الْخُلْعِ تَمَّ الْخُلْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ خَالَعَ ابْنَتَهُ الْكَبِيرَةَ عَلَى صَدَاقِهَا بِإِذْنِهَا جَازَ عَلَيْهَا وَلَوْ بِلَا إذْنٍ وَلَمْ تُجِزْ أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ الْمَهْرَ لَا يَجُوزُ وَلَا يَقَعُ وَإِنْ أَجَازَتْ وَقَعَ وَبَرِئَ مِنْ الصَّدَاقِ وَإِنْ ضَمِنَ وَقَعَ الطَّلَاقُ فَإِذَا بَلَغَ الْخَبَرُ إلَيْهَا فَأَجَازَتْ نُفِّذَ عَلَيْهَا وَبَرِئَ الزَّوْجُ وَإِنْ لَمْ تُجِزْ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِمَهْرِهَا وَالزَّوْجُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِحُكْمِ الضَّمَانِ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. مَنْ خَلَعَ ابْنَتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ بِمَالِهَا لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا فَلَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَلَا يُسْتَحَقُّ مَالُهَا وَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ رِوَايَتَانِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إنْ خَلَعَهَا عَلَى أَلْفٍ وَهِيَ صَغِيرَةٌ عَلَى أَنَّ الْأَبَ ضَامِنٌ لِلْأَلْفِ فَالْخُلْعُ وَاقِعٌ وَالْأَلْفُ عَلَى الْأَبِ وَإِنْ شُرِطَ الْأَلْفُ عَلَيْهَا يُتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا إنْ كَانَتْ أَهْلًا لِلْقَبُولِ بِأَنْ تَقِفَ بِأَنَّ الْخُلْعَ شُرِعَ سَالِبًا وَالنِّكَاحَ شُرِعَ جَالِبًا فَإِنْ قَبِلَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ اتِّفَاقًا وَلَكِنْ لَا يَجِبُ الْمَالُ وَإِنْ قَبِلَ الْأَبُ عَنْهَا صَحَّ فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَصِحُّ وَهَذَا أَصَحُّ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا خَلَعَ الصَّغِيرَةَ وَلَمْ يَضْمَنْ الْمَهْرَ تَوَقَّفَ عَلَى قَبُولِهَا فَإِنْ قَبِلَتْ طَلُقَتْ وَلَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَإِنْ قَبِلَ الْأَبُ عَنْهَا فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ ضَمِنَ الْأَبُ الْمَهْرَ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ طَلَقَتْ وَيَلْزَمُهُ خَمْسُمِائَةٍ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ وَالْأَبُ يَضْمَنُهُ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ الْخُلْعُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَأُمِّ الصَّغِيرَةِ إنْ أَضَافَتْ الْأُمُّ الْبَدَلَ إلَى مَالِ نَفْسِهَا أَوْ ضَمِنَتْ يَتِمُّ الْخُلْعُ كَمَا لَوْ كَانَ الْخُلْعُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ لَمْ تُضِفْ وَلَمْ تَضْمَنْهُ هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا يَقَعُ فِي خُلْعِ الْأَبِ؟ لَا رِوَايَةَ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَإِنْ كَانَ

الْعَاقِدُ أَجْنَبِيًّا وَلَمْ يَضْمَنْ الْبَدَلَ هَلْ يَتَوَقَّفُ الْخُلْعُ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَتْ تَعْقِلُ الْعَقْدَ وَتُعَبِّرُ يَتَوَقَّفُ الْخُلْعُ عَلَى قَبُولِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَتَوَقَّفُ وَلَوْ اخْتَلَعَتْ الصَّغِيرَةُ الَّتِي تَعْقِلُ وَتُعَبِّرُ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى صَدَاقِهَا يَقَعُ طَلَاقٌ بَائِنٌ وَلَا يَسْقُطُ الصَّدَاقُ وَلَوْ وَكَّلَتْ الصَّغِيرَةُ وَكِيلًا بِالْخُلْعِ فَفَعَلَ الْوَكِيلُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةٍ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَيَتِمُّ الْخُلْعُ بِقَبُولِ الْوَكِيلِ كَمَا يَتِمُّ بِقَبُولِ الصَّغِيرَةِ وَفِي رِوَايَةٍ إذَا لَمْ يَضْمَنْ الْوَكِيلُ الْبَدَلَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ كَانَ الْخُلْعُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ إذَا خَالَعَ الْأَبُ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يَصِحُّ وَلَا يُتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. خُلْعُ السَّكْرَانِ وَالْمُكْرَهِ جَائِزٌ عِنْدَنَا وَخُلْعُ الصَّبِيِّ بَاطِلٌ وَالْمَعْتُوهُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ مِنْ مَرَضٍ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْأَمَةُ إذَا اُخْتُلِعَتْ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ طَلَّقَهَا عَلَى جُعْلٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا تُؤَاخَذُ بِالْجُعْلِ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا تُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ اُخْتُلِعَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى تُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَتُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهَا الْمَوْلَى وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ كَالْأَمَةِ إلَّا أَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْبَيْعَ فَتُؤَدِّي الْبَدَلَ مِنْ كَسْبِهَا إذَا الْتَزَمَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَالْمُكَاتَبَةُ لَا تُؤَاخَذُ بِبَدَلِ الْخُلْعِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ سَوَاءٌ اُخْتُلِعَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى أَوْ بِإِذْنِهِ، وَإِذَا اُخْتُلِعَتْ الْأَمَةُ مِنْ زَوْجِهَا بِمَهْرِهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَكِنْ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا خَلَعَ الْأَمَةَ مَوْلَاهَا عَلَى رَقَبَتِهَا وَزَوْجُهَا حُرٌّ فَالْخُلْعُ وَاقِعٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُكَاتَبًا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُدَبَّرًا جَازَ الْخُلْعُ فَصَارَتْ الْأَمَةُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَثَبَتَ لِلْمُكَاتَبِ فِيهَا حَقُّ الْمِلْكِ أَمَتَانِ تَحْتَ حُرٍّ خَلَعَهُمَا الْمَوْلَى عَلَى رَقَبَةِ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا بَطَلَ الْخُلْعُ فِيهَا وَصَحَّ فِي الْأُخْرَى وَيُقَسِّمُ الثَّمَنَ عَلَى مَهْرِهِمَا فَمَا أَصَابَ مَهْرَ الَّتِي صَحَّ خُلْعُهَا فَهُوَ لِلزَّوْجِ مِنْ رَقَبَةِ الْأُخْرَى وَلَوْ خَلَعَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى رَقَبَةِ الْأُخْرَى وَقَعَ الطَّلَاقَانِ الْبَائِنَانِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَلَوْ طَلَّقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى رَقَبَةِ صَاحِبَتِهَا يَقَعُ رَجْعِيًّا كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. أَمَةٌ تَحْتَ عَبْدٍ خَلَعَهَا مَوْلَاهَا عَلَى عَبْدٍ فِي يَدِهِ وَقَبِلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْأَمَةِ فَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ الَّذِي جُعِلَ بَدَلًا فِي الْخُلْعِ فَالْخُلْعُ مَاضٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْلَى وَكَانَتْ قِيمَتُهُ فِي رَقَبَةِ الْأَمَةِ تُبَاعُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَفْدِيَهَا الْمَوْلَى وَإِنْ ضَمِنَ الْمَوْلَى الدَّرَكَ لِلْعَبْدِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الضَّمَانِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَمَةِ دَيْنٌ كَانَ قَبْلَ الْخُلْعِ تُبَاعُ وَيُقْضَى بِهِ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْءٌ كَانَ لِمَوْلَى الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ مَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهَا لَا يَفِي بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُسْتَحَقِّ ضَمِنَتْ الْأَمَةُ تَمَامَ الْقِيمَةِ إذَا أُعْتِقَتْ. وَلَوْ أَنَّ الْغُرَمَاءَ أَبْرَؤُهَا عَنْ الدَّيْنِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ تُؤَاخَذُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ كَمَا قَبْلَ الْإِبْرَاءِ وَلَا تُسَلَّمُ رَقَبَتُهَا لِمَوْلَى الزَّوْجِ وَلَوْ ضَمِنَ مَوْلَاهَا الدَّرَكَ فِي الْعَبْدِ بِيعَتْ هِيَ فِي دَيْنِهَا وَضَمِنَ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُسْتَحَقِّ لِمَوْلَى الْعَبْدِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَمَةِ وَإِنْ أُعْتِقَتْ وَلَوْ أَنَّ الْمَوْلَى خَلَعَهَا عَلَى رَقَبَتِهَا وَلَا دَيْنَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَضْمَنْ الْمَوْلَى سُلِّمَتْ لِمَوْلَى الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ بِيعَتْ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَهُ مَوْلَى الزَّوْجِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْلَى إنْ لَمْ يَفِ الْفَاضِلُ بِقِيمَتِهَا فَإِنْ أَبْرَأ الْغُرَمَاءُ الْأَمَةَ عَنْ الدَّيْنِ قَبْلَ الْبَيْعِ سُلِّمَتْ الرَّقَبَةُ لِمَوْلَى الزَّوْجِ

الباب التاسع في الظهار

وَلَا شَيْءَ لِمَوْلَاهَا وَإِنْ كَانَ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ الْبَيْعِ سُلِّمَ الثَّمَنُ لِمَوْلَى الزَّوْجِ فَإِنْ كَانَ فِي الثَّمَنِ فَضْلٌ عَلَى الْقِيمَةِ فَالْفَضْلُ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ فَالنُّقْصَانُ عَلَى مَوْلَى الْأَمَةِ إنْ كَانَ ضَمِنَ الدَّرَكَ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ فَعَلَى الْأَمَةِ تُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي شَرْح الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ إذَا اُخْتُلِعَتْ فِي مَرَضِهَا بِمَهْرِهَا الَّذِي كَانَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا ثُمَّ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا وَمِنْ الْمَهْرِ إنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ سِوَى ذَلِكَ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا وَمِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَهُ الْمَهْرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَاخْتُلِعَتْ مِنْهُ فِي مَرَضِهَا بِمَهْرِهَا فَنَقُولُ: أَمَّا نِصْفُ الْمَهْرِ فَقَدْ سَقَطَ عَنْ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا مِنْ جِهَتِهَا وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لَهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ اُخْتُلِعَتْ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِهَا فَنِصْفُ الْمَهْرِ سَقَطَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي مَعَ الزِّيَادَةِ لِلزَّوْجِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا فَإِنْ بَرِئَتْ مِنْ مَرَضِهَا فَلَهُ جَمِيعُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى وَإِنْ اُخْتُلِعَتْ وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَالزَّوْجُ مَرِيضٌ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ بِالْمُسَمَّى قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ قَالَ: إنْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ فِي مَرَضِهِ بِاخْتِلَاعِهَا مِنْ الزَّوْجِ بِمَالٍ ضَمِنَهُ لِلزَّوْجِ فَهُوَ جَائِزٌ مِنْ ثُلُثِهِ إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مَرِيضًا حِينَ فَعَلَ الْأَجْنَبِيُّ هَذَا بِغَيْرِ رِضَاهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ ابْنَ عَمٍّ لَهَا وَالْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا فَإِنْ كَانَ لَا يَرِثُ مِنْهَا بِحَقِّ الْقَرَابَةِ بِأَنْ كَانَتْ عَصَبَةٌ أُخْرَى أَقْرَبَ مِنْهُ فَهَذَا وَمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ أَجْنَبِيًّا سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَ يَرِثُ مِنْهَا بِحَقِّ الْقَرَابَةِ وَقَدْ مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى بَدَلِ الْخُلْعِ وَإِلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْهَا بِحَقِّ الْقَرَابَةِ فَإِنْ كَانَ بَدَلُ الْخُلْعِ قَدْرَ مِيرَاثِهِ أَوْ أَقَلَّ يُسَلَّمُ لِلزَّوْجِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَالزِّيَادَةُ عَلَى مِيرَاثِهِ مِنْهَا لَا تُسَلَّمُ لَهُ إلَّا بِإِجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَإِنَّ نِصْفَ الْمَهْرِ يُسَلَّمُ لِلزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَمْ تُعْتَبَرْ الْمَرْأَةُ مُتَبَرِّعَةً فِي ذَلِكَ النِّصْفِ وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ مُتَبَرِّعَةً فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَقَدْ صَارَتْ مُتَبَرِّعَةً عَلَى الْوَارِثِ فَيُنْظَرُ إلَى ذَلِكَ النِّصْفِ وَإِلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْهَا فَيُسَلَّمُ لِلزَّوْجِ الْأَقَلُّ مِنْهَا هَذَا إذَا مَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا وَإِنْ بَرِئَتْ مِنْهُ سُلِّمَ لِلزَّوْجِ جَمِيعُ مَا سَمَّتْ لَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وَهَبَتْ لَهُ شَيْئًا ثُمَّ بَرِئَتْ مِنْ مَرَضِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ لَهَا ابْنَا عَمٍّ وَهُمَا وَارِثَاهَا تَزَوَّجَتْ أَحَدَهُمَا وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ خُلِعَتْ بِمَهْرِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا وَلَا مَالَ لَهَا غَيْرُهُ وَمَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ فَالْمَهْرُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ طَلَّقَهَا عَلَى مَهْرِهَا وَمَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ فَهُوَ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ فَلَهُ النِّصْفُ بِالزَّوْجِيَّةِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَذَا فِي الْكَافِي. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الظِّهَارِ] ِ الظِّهَارُ هُوَ تَشْبِيهُ الزَّوْجَةِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهَا شَائِعٍ أَوْ مُعَبَّرٍ بِهِ عَنْ الْكُلِّ بِمَا لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَلَوْ بِرَضَاعٍ أَوْ صِهْرِيَّةٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ كِتَابِيَّةً

كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَشَرْطُهُ فِي الْمَرْأَةِ كَوْنُهَا زَوْجَةً وَفِي الرَّجُلِ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الذِّمِّيِّ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ أَمْرِهَا ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ أَجَازَتْ النِّكَاحَ فَالظِّهَارُ بَاطِلٌ وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ أَوْ الْمُدَبَّرَ أَوْ الْمُكَاتَبَ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ صَحَّ ظِهَارُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ مَوْطُوءَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَذَا لَوْ شَبَّهَهَا بِالْمُحَرَّمَةِ حُرْمَةً مُوَقَّتَةً كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ هَكَذَا فِي مُلَخَّصِ الْمُحِيطِ. رُكْنُ الظِّهَارِ هُوَ قَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي إفَادَةِ مَعْنَاهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ إذَا قَالَ لَهَا: رَأْسُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ وَجْهُك أَوْ رَقَبَتُك أَوْ فَرْجُك يَصِيرُ مُظَاهِرًا وَكَذَا إذَا قَالَ لَهَا: بَدَنُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ رُبْعُك أَوْ نِصْفُك وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ الشَّائِعَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ إذَا ذَكَر جُزْءًا لَا يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ لَمْ يَثْبُتْ الظِّهَارُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ قَالَ: ظَهْرُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَبَطْنِهَا أَوْ كَفَرْجِهَا لَا يَكُونُ ظِهَارًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَرُكْبَةِ أُمِّي فِي الْقِيَاسِ يَكُونُ مُظَاهِرًا وَلَوْ قَالَ لَهَا: فَخِذُك عَلَيَّ كَفَخْذِ أُمِّي يَكُونُ ظِهَارًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا شَبَّهَهَا بِعُضْوٍ مِنْ أُمِّهِ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ فَهُوَ كَتَشْبِيهِهِ بِظَهْرِهَا وَكَذَا إذَا شَبَّهَهَا بِمَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ مُنَاكَحَتُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ مِثْلُ أُخْتِهِ أَوْ عَمَّتِهِ أَوْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ إنْ شَبَّهَهَا بِمَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ كَالشَّعْرِ وَالْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ لَا يَكُونُ ظِهَارًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّك كَانَ مُظَاهِرًا سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا وَلَوْ قَالَ: كَظَهْرِ بِنْتِك إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا كَانَ مُظَاهِرًا وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إنْ شَبَّهَهَا بِامْرَأَةِ الْأَبِ أَوْ الِابْنِ يَكُونُ ظِهَارًا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الْأَبُ أَوْ الِابْنُ. وَلَوْ شَبَّهَهَا بِامْرَأَةٍ زَنَى بِهَا أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ ظِهَارًا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ شَبَّهَهَا بِأُمِّ امْرَأَةٍ أَوْ ابْنَةِ امْرَأَةٍ قَدْ زَنَى بِهَا يَكُونُ ظِهَارًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ قَبَّلَ أَجْنَبِيَّةً بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ ثُمَّ شَبَّهَ زَوْجَتَهُ بِابْنَتِهَا لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْوَطْءَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَحُكْمُ الظِّهَارِ حُرْمَةُ الْوَطْءِ وَالدَّوَاعِي إلَى غَايَةِ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ وَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ - تَعَالَى - وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى وَلَا يُعَاوِدُ حَتَّى يُكَفِّرَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَكَذَا إذَا كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً فَظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا حَتَّى بَطَلَ النِّكَاحُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ حُرَّةً فَارْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلَامِ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَسُبِيَتْ ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَكَذَا إذَا ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ ثُمَّ عَادَتْ إلَى

الْأَوَّلِ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِدُونِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ ارْتَدَّا مَعًا ثُمَّ أَسْلَمَا فَهُمَا عَلَى الظِّهَارِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ هَذَا كُلُّهُ فِي الظِّهَارِ الْمُطْلَقِ وَالْمُؤَبَّدِ أَمَّا فِي الْمُؤَقَّتِ كَمَا إذَا ظَاهَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ فَإِنَّهُ إنْ قَرِبَهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ وَبَطَلَ الظِّهَارُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَالِبَ الْمُظَاهِرَ بِالْوَطْءِ وَعَلَيْهَا أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. الْمُظَاهِرُ إذَا لَمْ يُكَفِّرْ وَرُفِعَ أَمْرُهُ إلَى الْقَاضِي يَحْبِسُهُ الْقَاضِي حَتَّى يُكَفِّرَ أَوْ يُطَلِّقَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ إنْ قَالَ: كَفَّرْت صُدِّقَ مَا لَمْ يُعْرَفْ بِالْكَذِبِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَانَ مُظَاهِرًا سَوَاءٌ نَوَى الظِّهَارَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَصْلًا وَكَذَا إذَا نَوَى الْكَرَامَةَ وَالْمَنْزِلَةَ أَوْ الطَّلَاقَ أَوْ تَحْرِيمَ الْيَمِينِ لَا يَكُونُ إلَّا ظِهَارًا وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت بِهِ الْإِخْبَارَ عَمَّا مَضَى كَذِبًا لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ وَلَا يَسَعُ الْمَرْأَةَ أَنْ تُصَدِّقَهُ كَمَا لَا يَسَعُ الْقَاضِيَ وَيُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَكَذَا إذَا قَالَ: أَنَا مِنْك مُظَاهِرٌ أَوْ ظَاهَرْتُك فَهُوَ مُظَاهِرٌ نَوَى الظِّهَارَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَأَيَّ شَيْءٍ نَوَى لَا يَكُونُ إلَّا ظِهَارًا وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْخَبَرَ عَنْ الْمَاضِي كَاذِبًا لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَبَطْنِ أُمِّي أَوْ كَفَخْذِ أُمِّي أَوْ كَفَرْجِ أُمِّي فَهَذَا وَقَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ إنْ قَالَ: أَنْتِ مِنِّي كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ عِنْدِي أَوْ مَعِي فَهُوَ مُظَاهِرٌ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ أُمِّي لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا وَمِثْلُهُ أَنْ يَقُولَ: يَا ابْنَتِي وَيَا أُخْتِي وَنَحْوُهُ وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ مِثْلُ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي يَنْوِي فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ بَائِنًا وَإِنْ نَوَى الْكَرَامَةَ أَوْ الظِّهَارَ فَكَمَا نَوَى هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى مَعْنَى الْكَرَامَةِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُ هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَإِنْ نَوَى التَّحْرِيمَ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ ظِهَارًا عِنْدَ الْكُلِّ. قَالَ لَهَا: أَنْتِ مِثْلُ أُمِّي وَلَمْ يَقُلْ: عَلَيَّ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا يَلْزَمُهُ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي وَنَوَى الطَّلَاقَ أَوْ الظِّهَارَ أَوْ الْإِيلَاءَ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا يَكُونُ ظِهَارًا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ الْخَصَّافُ: الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى طَلَاقًا أَوْ إيلَاءً لَمْ يَكُنْ إلَّا ظِهَارًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَكُونُ طَلَاقًا وَإِنْ نَوَى التَّحْرِيمَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَهُوَ ظِهَارٌ بِالْإِجْمَاعِ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي أَوْ الْقَرِيبِ أَوْ كَظَهْرِ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ: كَفَرْجِ أَبِي أَوْ كَفَرْجِ ابْنِي كَانَ مُظَاهِرًا وَلَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ مُظَاهَرَةً مِنْ زَوْجِهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ

وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَشَرْطُ الظِّهَارِ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الذِّمِّيِّ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَلَوْ ظَاهَرَ فَجُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ فَهُوَ عَلَى حُكْمِ الظِّهَارِ وَلَا يَكُونُ عَائِدًا بِالْإِفَاقَةِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِنْ الشَّرَائِطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْتُوهًا وَلَا مَدْهُوشًا وَلَا مُبَرْسَمًا وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا نَائِمًا فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ هَؤُلَاءِ، وَكَوْنُهُ جَادًّا لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الظِّهَارِ حَتَّى يَصِحَّ ظِهَارًا لِهَازِلٍ وَكَذَا كَوْنُهُ طَائِعًا أَوْ عَامِدًا لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا فَيَصِحُّ ظِهَارُ الْمُكْرَهِ وَالْخَاطِئِ كَمَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَكَذَا الْخُلُوُّ عَنْ شَرْطِ الْخِيَارِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا فَيَصِحُّ ظِهَارُ شَارِطِ الْخِيَارِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَظِهَارُ السَّكْرَانِ لَازِمٌ وَظِهَارُ الْأَخْرَسِ بِكِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ تُعْرَفُ وَهُوَ يَنْوِي لَازِمٌ كَالطَّلَاقِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. أَسْلَمَ زَوْجُ الْمَجُوسِيَّةِ فَظَاهَرَ مِنْهَا قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهَا صَحَّ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ الظِّهَارُ لَا يُوجِبُ نُقْصَانَ الْعَدَدِ وَلَا يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَالرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمَجْنُونَةِ وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْهَا فِي عِدَّتِهَا صَحَّ ظِهَارُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَلَا مِنْ الْمُبَانَةِ وَالْمُخْتَلِعَةِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ طَلَّقَ الْمُظَاهِرُ امْرَأَتَهُ مَوْصُولًا بِالظِّهَارِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إجْمَاعًا لِانْتِفَاءِ الْعَوْدِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ فَهُوَ ظِهَارٌ وَاحِدٌ وَإِذَا قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي غَدًا وَإِذَا جَاءَ بَعْدُ غَدٍ فَهُمَا ظِهَارَانِ فَإِنْ كَفَّرَ الْيَوْمَ لَمْ يُجْزِ عَنْ الظِّهَارِ الَّذِي وَقَعَ بَعْدَ الْغَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كُلَّ يَوْمٍ فَهُوَ ظِهَارٌ وَاحِدٌ يَبْطُلُ بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ يَتَجَدَّدُ الظِّهَارُ بِتَجَدُّدِ كُلِّ يَوْمٍ فَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ بَطَلَ ظِهَارُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ مُظَاهِرًا فِي الْيَوْمِ الْآخَرِ ظِهَارًا جَدِيدًا وَلَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا فِي اللَّيْلِ كَذَا فِي الْكَافِي. أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كُلَّ يَوْمٍ ظِهَارًا يَتَعَدَّدُ الظِّهَارُ فَيَكُونُ مُظَاهِرًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَيَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الْيَوْمِ فَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ بَطَلَ ظِهَارُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ مُظَاهِرًا فِي الْيَوْمِ الْآخَرِ ظِهَارًا جَدِيدًا وَلَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا فِي اللَّيْلِ فَإِنْ كَفَّرَ فِي يَوْمٍ بَطَلَ ظِهَارُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَعَادَ فِي الْغَدِ، إذَا قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كُلَّمَا جَاءَ يَوْمٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْهَا إذَا جَاءَ يَوْمٌ وَلَا يَنْتَهِي ظِهَارُ هَذَا الْيَوْمِ بِمُضِيِّهِ وَكَذَلِكَ كُلَّمَا جَاءَ يَوْمٌ صَارَ مُظَاهِرًا ظِهَارًا آخَرَ مَعَ بَقَاءِ الْأَوَّلِ لَا يُبْطِلُهُ إلَّا الْكَفَّارَةُ هَكَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ: لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي رَمَضَانَ كُلَّهُ وَرَجَبًا كُلَّهُ فَكَفَّرَ فِي رَجَبٍ سَقَطَ عَنْهُ ظِهَارُ رَجَبٍ وَظِهَارُ رَمَضَانَ اسْتِحْسَانًا وَالظِّهَارُ وَاحِدٌ وَإِنْ كَفَّرَ فِي شَعْبَانَ لَمْ يُجْزِ قَالَ: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَبَدًا إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ كَفَّرَ إنْ كَفَّرَ فِي يَوْمِ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ يُجْزِ وَإِنْ كَفَّرَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ مُظَاهِرٌ فِيهِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْكُلِّ، إذَا

الباب العاشر في الكفارة

ظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ امْرَأَةِ فُلَانٍ فَهُوَ مُظَاهِرٌ مِنْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ أَشْرَكَ أُخْرَى مَعَهَا أَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ هَذِهِ يَنْوِي الظِّهَارَ صَحَّ وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَعْدَ التَّكْفِيرِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ قَالَ لِلثَّالِثَةِ: أَشْرَكْتُك فِي ظِهَارِهِمَا فَهُوَ مُظَاهِرٌ مِنْ الثَّالِثَةِ ظِهَارَيْنِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. إنْ قَالَ لِنِسَائِهِ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي صَارَ مُظَاهِرًا مِنْهُنَّ وَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْأَوَّلَ كَمَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ فَرَّقَ بَيْن الْمَجْلِسِ وَالْمَجَالِسِ وَالْمُعْتَمَدُ هُوَ الْأَوَّلُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. يَصِحُّ ظِهَارُ زَوْجَتِهِ تَعْلِيقًا بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَوْ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَزَوَّجَهَا يَكُونُ مُظَاهِرًا وَلَوْ قَالَ: إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَزَوَّجَهَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ جَمِيعًا لِأَنَّهُمَا يَقَعَانِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا لَزِمَاهُ جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ: إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَزَوَّجَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ لَا يَصِحُّ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا فَدَخَلَتْ الدَّارَ لَا يَصِيرُ مُظَاهِرًا بِالْإِجْمَاعِ إذَا عَلَّقَ الظِّهَارَ بِشَرْطٍ ثُمَّ أَبَانَهَا قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا يَنْزِلُ الظِّهَارُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - لَا يَكُونُ ظِهَارًا وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شِئْت فَهُوَ عَلَى الْمَشِيئَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَانَ مُولِيًا إنْ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ وَإِنْ قَرِبَهَا فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ لَزِمَهُ الظِّهَارُ وَإِذَا بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَقَرِبَهَا فَهُوَ مُظَاهِرٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْكَفَّارَةِ] ِ الْكَفَّارَةُ: إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْمُظَاهِرِ إذَا قَصَدَ وَطْأَهَا بَعْدَ الظِّهَارِ وَإِنْ رَضِيَ أَنْ تَكُونَ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِالظِّهَارِ وَلَا يَعْزِمُ عَلَى وَطْئِهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ أَمَّا إذَا عَزَمَ عَلَى وَطْئِهَا وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فَيُجْبَرُ عَلَى التَّكْفِيرِ فَإِنْ عَزَمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَطَأَهَا سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْعَزْمِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. كَفَّارَةُ الظِّهَارِ عِتْقُ رَقَبَةٍ كَامِلَةِ الرِّقِّ فِي مِلْكِهِ مَقْرُونًا بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ، وَجِنْسُ مَا يَنْبَغِي مِنْ الْمَنَافِعِ قَائِمٌ بِلَا بَدَلٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَيَسْتَوِي فِيهِ الْكَافِرُ وَالْمُسْلِمُ، وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْبُرْجُنْدِيِّ. إذَا أَعْتَقَ نِصْفَ الرَّقَبَةِ ثُمَّ أَعْتَقَ نِصْفَهَا الْآخَرَ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا جَازَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَبَعْدَ

مَا جَامَعَهَا لَا يَجُوزُ عَنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَا يَجُوزُ عَنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا. إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَلَمْ يَنْوِ عَنْ كَفَّارَتِهِ أَوْ نَوَى بَعْدَ الْإِعْتَاقِ لَا يُجْزِيهِ عَنْهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ أَعْتَقَ نِصْفَ رَقَبَتَيْنِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ عَبْدَانِ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَيَجُوزُ الْأَصَمُّ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ إذَا كَانَ يَسْمَعُ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا لَا يَجُوزُ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَا يَجُوزُ تَحْرِيرُ الْأَخْرَسِ لِفَوَاتِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ التَّكَلُّمُ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا اخْتَلَّتْ الْمَنْفَعَةُ فَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ حَتَّى تَجُوزَ الْعَوْرَاءُ وَمَقْطُوعَةُ إحْدَى الْيَدَيْنِ وَإِحْدَى الرِّجْلَيْنِ مِنْ خِلَافٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتَا مَقْطُوعَتَيْنِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ حَيْثُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. أَشَلُّ الْيَدَيْنِ لَا يُجْزِئُ لِفَوَاتِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَيَجُوزُ الْمَجْبُوبُ وَلَا يَجُوزُ تَحْرِيرُ الْأَعْمَى وَمَنْ قُطِعَ يَدَاهُ أَوْ رِجْلَاهُ وَلَا يَجُوزُ تَحْرِيرُ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُمَا حُرَّانِ مِنْ وَجْهٍ وَلَا يَجُوزُ تَحْرِيرُ مُكَاتَبٍ أَدَّى بَعْضَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنْ أُعْتِقَ مُكَاتَبًا لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا جَازَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ سَوَاءٌ أَدَّى مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ شَيْئًا أَوْ لَمْ يُؤَدِّ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَيُجْزِئُ الْخَصِيُّ وَمَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ وَمَقْطُوعُ الْمَذَاكِيرِ عِنْدَنَا وَلَا يَجُوزُ مَقْطُوعُ إبْهَامِ الْيَدَيْنِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مِنْ كُلِّ يَدٍ ثَلَاثُ أَصَابِعَ مَقْطُوعَةً لَمْ يُجْزِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. يَجُوزُ مَقْطُوعُ أُصْبُعَيْنِ غَيْرِ الْإِبْهَامِ مِنْ كُلِّ يَدٍ لِإِسْقَاطِ الْأَسْنَانِ الْعَاجِزِ عَنْ الْأَكْلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَجَازَتْ الرَّتْقَاءُ وَالْقَرْنَاءُ وَالْعَمْشَاءُ وَالْبَرْصَاءُ وَالرَّمْدَاءُ أَوْ الْخُنْثَى وَمَقْطُوعُ الْأَنْفِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَجَازَتْ الْعَشْوَاءُ وَالْمَخْرُومَةُ وَالْعِنِّينُ هَكَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَيَجُوزُ ذَاهِبُ الْحَاجِبَيْنِ وَشَعْرِ اللِّحْيَةِ وَكَذَا يَجُوزُ مَقْطُوعُ الشَّفَتَيْنِ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْأَكْلِ وَلَا يَجُوزُ الْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ فَإِنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ يَجُوزُ إذَا أَعْتَقَهُ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ وَكَذَا الْمَرِيضُ الَّذِي فِي حَدِّ مَرَضِ الْمَوْتِ لَا يُجْزِئُ فَإِذَا كَانَ يُرْجَى وَيُخَافُ عَلَيْهِ يَجُوزُ وَالْمُرْتَدُّ يَجُوزُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا يَجُوزُ وَالْمُرْتَدَّةُ تَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَرَوَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا حَلَالَ الدَّمِ قَدْ قَضَى بِدَمِهِ عَنْ ظِهَارِهِ ثُمَّ عَفَى عَنْهُ لَمْ يُجْزِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالنِّهَايَةِ. وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا حَلَالَ الدَّمِ عَنْ الظِّهَارِ أَجْزَأَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلسَّرَخْسِيِّ. إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا عَلَى جُعْلٍ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ لَمْ يُجْزِ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ أُسْقِطَ الْجُعْلُ وَيَجُوزُ إعْتَاقُ الْآبِقِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ حَيٌّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يُجْزِئُ الْهَرِمُ الْعَاجِزُ وَالْغَائِبُ الْمُنْقَطِعُ الْخَبَرِ هَكَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. لَوْ أَعْتَقَ طِفْلًا رَضِيعًا عَنْ كَفَّارَتِهِ جَازَ وَلَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ

لَا يَجُوزُ عَنْ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا يَجُوزُ الْمَفْلُوجُ الْيَابِسُ الشِّقِّ وَلَا الزَّمِنُ وَلَا الْمُقْعَدُ وَإِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ لَا يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ لَا يَجُوزُ عَنْ كَفَّارَتِهِ، وَإِنْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ وَلَوْ أَنَّهُ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ جَازَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إنْ أَعْتَقَ عَبْدًا حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الظِّهَارِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَجْزَأَهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلسَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ دَخَلَ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فِي مِلْكِهِ بِلَا صُنْعٍ مِنْهُ كَمَا إذَا وَرِثَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَنْ كَفَّارَتِهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ دَخَلَ بِصُنْعِهِ إنْ نَوَى عَنْ كَفَّارَتِهِ وَقْتَ وُجُودِ الصُّنْعِ جَازَ عِنْدَنَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا قَدْ غَصَبَهُ أَحَدٌ جَازَ عَنْ الْكَفَّارَةِ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ، وَلَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّهُ وَهَبَهُ مِنْهُ فَأَقَامَ بَيِّنَةَ زُورٍ وَحَكَمَ لَهُ الْحَاكِمُ بِالْعَبْدِ لَمْ يُجْزِ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. لَوْ أَعْتَقَ الْمَدْيُونَ جَازَ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي الدَّيْنِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ الْمَرْهُونَ جَازَ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعِيرًا سَعَى الْعَبْدُ فِي الدَّيْنِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلسَّرَخْسِيِّ. لَوْ أَعْتَقَ رَجُلٌ عَبْدَهُ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يُجْزِ بِالِاتِّفَاقِ وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمُعْتِقِ فَإِنْ كَانَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فَإِنْ قَالَ لَهُ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ عِوَضٍ وَقَعَ عَنْ الْمُعْتِقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ وَقَعَ عَنْ الْآمِرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أَبَاهُ فَيُعْتِقَهُ بَعْدَ شَهْرٍ عَنْ ظِهَارِهِ فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ يَعْتِقُ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ وَيُجْزِي عَنْ ظِهَارِ الْآمِرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي (فَصْلِ الْعِتْقِ وَدَعْوَى النَّسَبِ) . مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَا ظِهَارٍ فَأَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ لَا يَنْوِي عَنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهَا جَازَ عَنْهُمَا وَكَذَا إنْ صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا جَازَ فَإِنْ أَعْتَقَ عَنْهُمَا رَقَبَةً وَاحِدَةً أَوْ صَامَ شَهْرَيْنِ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ أَعْتَقَ عَنْ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. هَذَا إذَا كَانَتْ الرَّقَبَةُ مُؤْمِنَةً فَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً صَحَّ عَنْ الظِّهَارِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ فَأَعْتَقَ رَقَبَةً لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مُتَتَابِعَةً ثُمَّ مَرِضَ فَأَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَلَمْ يَنْوِ فِي ذَلِكَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا أَجْزَأَهُ عَنْهُنَّ اسْتِحْسَانًا وَإِذَا بَانَتْ مِنْ الْمُظَاهِرِ امْرَأَتُهُ ثُمَّ كَفَّرَ عَنْهَا وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ أَوْ مُرْتَدَّةٌ لَاحِقَةٌ بِدَارِ الْحَرْبِ جَازَتْ الْكَفَّارَةُ عَنْهُ. وَإِذَا ارْتَدَّ الزَّوْجُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ عَنْ ظِهَارِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَجْزَأَهُ عَنْهُ وَهَذَا أَصَحُّ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. لَوْ قَالَ لِعَبْدٍ: إنْ اشْتَرَيْتُكَ فَأَنْت حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ يَنْوِي كَفَّارَةَ الظِّهَارِ لَا يَجُوزُ عَنْ الظِّهَارِ، وَلَوْ قَالَ عِنْدَ الْيَمِينِ: عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِي، جَازَ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدٍ: إنْ اشْتَرَيْتُكَ فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي، أَوْ قَالَ: " تَطَوُّعًا " ثُمَّ اشْتَرَاهُ نَاوِيًا عَنْ ظِهَارِهِ لَمْ يَكُنْ عَنْ ظِهَارِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ تَطَوُّعًا، ثُمَّ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي، ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ حُرٌّ تَطَوُّعًا وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ

الْجِهَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا أَوَّلًا وَلَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُ هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي، ثُمَّ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ يَمِينِي، ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ الظِّهَارِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي مِنْ فُلَانَةَ، ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِ الْأُولَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ظَنَّ أَنَّهُ ظَاهَرَ مِنْهَا فَكَفَّرَ عَنْهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ ظَاهَرَ مِنْ أُخْرَى لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْهَا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. إذَا لَمْ يَجِدْ الْمُظَاهِرُ مَا يُعْتِقُ فَكَفَّارَتُهُ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا رَمَضَانُ وَلَا يَوْمُ الْفِطْرِ وَلَا يَوْمُ النَّحْرِ، وَلَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. لَوْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا بِالنَّهَارِ نَاسِيًا وَبِاللَّيْلِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الصَّوْمَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ جَامَعَهَا بِالنَّهَارِ عَامِدًا اسْتَأْنَفَ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا جَامَعَ غَيْرَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ وَطْؤُهَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيَقْطَعُ التَّتَابُعَ يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْ الصَّوْمَ بِأَنْ وَقَعَ بِالنَّهَارِ نَاسِيًا أَوْ بِاللَّيْلِ كَيْفَ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. إذَا كَفَّرَ بِالصِّيَامِ وَأَفْطَرَ يَوْمًا بِعُذْرِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الصَّوْمَ وَكَذَا لَوْ جَاءَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَوْ يَوْمُ النَّحْرِ أَوْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الصَّوْمَ فَإِنْ صَامَ هَذِهِ الْأَيَّامَ وَلَمْ يُفْطِرْ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ أَيْضًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. إذَا صَامَ الْمُظَاهِرُ شَهْرَيْنِ بِالْأَهِلَّةِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ شَهْرٍ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَإِنْ صَامَ بِغَيْرِ الْأَهِلَّةِ، ثُمَّ أَفْطَرَ لِتَمَامِ تِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ يَوْمًا فَعَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ فَإِنْ صَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ صَامَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمَا فَأَمَّا أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يُجْزِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إنْ صَامَ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ عَنْ ظِهَارِهِ مَعَ شَعْبَانَ أَجْزَأَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إنْ أَكَلَ فِي صَوْمِ الظِّهَارِ نَاسِيًا لِصَوْمِهِ لَمْ يَضُرَّهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. لَوْ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْإِعْتَاقِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ، وَيَكُونُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا وَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يُتِمَّ صَوْمَ هَذَا الْيَوْمِ وَلَوْ أَنَّهُ لَمْ يُتِمَّهُ وَأَفْطَرَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ عِنْدَنَا وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْإِعْتَاقِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ جَازَ صَوْمُهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. الْمُعْتَبَرُ فِي يَسَارِ الْمُكَفِّرِ وَإِعْسَارِهِ وَقْتُ التَّكْفِيرِ لَا وَقْتُ الظِّهَارِ حَتَّى لَوْ ظَاهَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ وَكَانَ وَقْتَ التَّكْفِيرِ مُعْسِرًا أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ لَمْ يُجْزِئْهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. مَنْ مَلَكَ رَقَبَةً لَزِمَهُ الْعِتْقُ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَكَذَلِكَ مَنْ مَلَكَ ثَمَنَ رَقَبَةٍ مِنْ النَّقْدَيْنِ وَلَا اعْتِبَارَ بِالْمَسْكَنِ وَمَا فِيهِ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا إنَّمَا يُعْتَبَرُ الْفَضْلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُعْسِرٌ لَهُ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ مَدْيُونِهِ فَقَدْ عَجَزَ عَنْ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ فَيُجْزِيهِ الصَّوْمُ أَمَّا إذَا قَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ لَمْ يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ يُجْزِيهِ الصَّوْمُ بَعْدَ مَا قَضَى دَيْنَهُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. لَمْ يَجُزْ لِلْعَبْدِ وَلَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُسْتَسْعًى إلَّا الصَّوْمُ وَلَوْ أَعْتَقَ عَنْهُ الْمَوْلَى أَوْ أَطْعَمَ وَلَوْ بِأَمْرِهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا

فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. بِخِلَافِ الْفَقِيرِ إذَا أَعْتَقَ عَنْهُ غَيْرُهُ أَوْ أَطْعَمَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ فَمَلَكَ مَالًا فَكَفَّارَتُهُ بِالْعِتْقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى مَنْعُهُ مِنْ هَذَا الصَّوْمِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. بِخِلَافِ صِيَامِ النَّذْرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. صَوْمُ الْعَبْدِ مُقَدَّرٌ بِالشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلسَّرَخْسِيِّ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْمُظَاهِرُ الصِّيَامَ أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ سَوَاءٌ فِيهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَا يُجْزِيهِ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ مَنْ لَا يُجْزِيهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ زَكَاةِ الْمَالِ إلَّا فُقَرَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِمْ مِنْ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَفُقَرَاءُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَحَبُّ إلَيْنَا وَلَا يُجْزِيهِ أَنْ يُعْطِيَ فُقَرَاءَ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَإِنْ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ فِي دَارِنَا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. لَوْ دَفَعَ بِتَحَرٍّ فَبَانَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَصْرِفٍ أَجْزَأَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ مِنْ ظِهَارِهِ فَفَعَلَ جَازَ وَلَا يَكُونُ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْقَرْضَ أَوْ الْهِبَةَ فَلَا يَرْجِعُ بِالشَّكِّ كَذَا فِي الْكَافِي، وَإِنْ قَالَ الْآمِرُ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ رَجَعَ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَوْ تَصَدَّقَ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. يُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ أَوْ صَاعِ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ قِيمَتَهُ، وَإِنْ أَعْطَى مَنًّا مِنْ بُرٍّ وَمَنَوَيْنِ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ كَذَا فِي الْكَافِي. دَقِيقُ الْبُرُّ وَسَوِيقُهُ مِثْلُهُ فِي اعْتِبَارِ نِصْفِ الصَّاعِ وَدَقِيقُ الشَّعِيرِ وَسَوِيقُهُ مِثْلُهُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ أَدَّى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ جَيِّدٍ يَبْلُغُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ لَا يَجُوزُ وَكَذَا لَوْ أَدَّى أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ صَاعِ حِنْطَةٍ يَبْلُغُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ لَا يَجُوزُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ جِنْسٍ هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ مِنْ الطَّعَامِ لَا يَكُونُ بَدَلًا عَنْ جِنْسٍ آخَرَ هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقِيمَةِ أَكْثَرَ وَلَوْ أَدَّى ثَلَاثَةَ أَمْنَاءٍ مِنْ الذُّرَةِ يَبْلُغُ قِيمَتُهَا مَنَوَيْنِ مِنْ الْحِنْطَةِ جَازَ قَالَ هِشَامٌ: إنَّمَا يَجُوزُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ الذُّرَةَ بَدَلًا عَنْ الْحِنْطَةِ أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ الْحِنْطَةَ بَدَلًا عَنْ الذُّرَةِ فَلَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . لَوْ أَعْطَى عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ مِسْكِينًا وَاحِدًا سِتِّينَ يَوْمًا كُلَّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ جَازَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ، وَلَوْ أَعْطَى مِسْكِينًا وَاحِدًا كُلَّهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ لَا يُجْزِيهِ إلَّا عَنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ وَهَذَا فِي الْإِعْطَاءِ بِدُفْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِبَاحَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ أَمَّا إذَا مَلَكَهُ بِدُفُعَاتٍ فَقَدْ قِيلَ يُجْزِيهِ، وَقِيلَ: لَا يُجْزِيهِ إلَّا عَنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ لَوْ أَعْطَى ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ ثَلَاثِينَ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا أَيْضًا كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا أَعْطَى سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ لَمْ يُجْزِئْهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ مُدًّا آخَرَ عَلَى مِسْكِينٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْأَوَّلِينَ فَأَعْطَى سِتِّينَ آخَرِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا لَا يُجْزِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَدَّى إلَى الْمُكَاتَبِينَ مُدًّا مُدًّا، ثُمَّ رُدُّوا

الباب الحادي عشر في اللعان

إلَى الرِّقِّ، وَمَوَالِيهِمْ أَغْنِيَاءُ، ثُمَّ كُوتِبُوا ثَانِيًا، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا بِحَالٍ لَا يَجُوزُ الْأَدَاءُ إلَيْهِمْ فَصَارُوا كَجِنْسٍ آخَرَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. لَوْ أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ صَاعًا مِنْ بُرٍّ عَنْ ظِهَارَيْنِ فِي امْرَأَةٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ لَمْ يُجْزِ إلَّا عَنْ أَحَدِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ أَعْطَاهُ نِصْفَ الصَّاعِ عَنْ إحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ، ثُمَّ أَعْطَى النِّصْفَ الْآخَرَ إيَّاهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ الْأُخْرَى جَازَ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. لَوْ كَانَتْ الْكَفَّارَتَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ لَوْ أَعْتَقَ نِصْفَ رَقَبَةٍ وَصَامَ شَهْرًا وَأَطْعَمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا لَا يَجُوزُ عَنْ كَفَّارَتِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. فَإِنْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ وَأَشْبَعَهُمْ جَازَ سَوَاءٌ حَصَلَ الشِّبَعُ بِالْقَلِيلِ أَوْ الْكَثِيرِ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِأَبِي الْمَكَارِمِ. فَلَوْ غَدَّاهُمْ يَوْمَيْنِ أَوْ عَشَّاهُمْ كَذَلِكَ أَوْ غَدَّاهُمْ وَسَحَّرَهُمْ أَوْ سَحَّرَهُمْ يَوْمَيْنِ أَجْزَأَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَأَوْفَقُهَا وَأَعْدَلُهَا الْغَدَاءُ، وَالْعَشَاءُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. لَوْ غَدَّى سِتِّينَ وَعَشَّى سِتِّينَ غَيْرَهُمْ لَا يُجْزِيهِ إلَّا أَنْ يُعِيدَ عَلَى أَحَدِ السِّتِّينَيْنِ مِنْهُمْ غَدَاءً وَعَشَاءً كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ بِخُبْزٍ وَإِدَامٍ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِأَبِي الْمَكَارِمِ. وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِدَامِ فِي خُبْزِ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ لِيُمْكِنَهُ الِاسْتِيفَاءُ إلَى الشِّبَعِ بِخِلَافِ خُبْزِ الْبُرِّ وَلَوْ كَانَ فِيمَنْ أَطْعَمَهُمْ صَبِيٌّ فَطِيمٌ لَمْ يُجْزِئْهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ شَبْعَانَ قَبْلَ الْأَكْلِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا كَانُوا غِلْمَانًا يُعْتَمَلُ مِثْلُهُمْ يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا سِتِّينَ يَوْمًا كُلَّ يَوْمٍ أَكْلَتَيْنِ مُشْبِعَتَيْنِ جَازَ وَلَوْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا دَفْعَةً وَاحِدَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ أَكْلَةً مُشْبِعَةً أُخْرَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا غَدَّاهُمْ وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ الْعَشَاءِ أَوْ عَشَّاهُمْ وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ الْغَدَاءِ يَجُوزُ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ. وَفِي الْبَقَّالِيِّ إذَا غَدَّاهُ وَأَعْطَاهُ مُدًّا فِيهِ رِوَايَتَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. يَجِبُ تَقْدِيمُ الْإِطْعَامِ عَلَى الْقُرْبَانِ، وَإِنْ قَرَّبَهَا فِي خِلَالِهِ لَمْ يَسْتَأْنِفْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي اللِّعَانِ] ِ اللِّعَانُ عِنْدَنَا: شَهَادَاتٌ مُؤَكَّدَاتٌ بِالْأَيْمَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَقْرُونَةٌ بِاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ قَائِمَةٌ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ فِي حَقِّهِ وَمَقَامَ حَدِّ الزِّنَا فِي حَقِّهَا كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ مَرَّاتٍ فَعَلَيْهِ لِعَانٌ وَاحِدٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا تَلَاعُنَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَا يَحْتَمِلُ الْعَفْوَ وَالْإِبْرَاءُ وَالصُّلْحَ وَكَذَا لَوْ عَفَتْ عَنْهُ قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ أَوْ صَالَحَتْهُ عَلَى مَالٍ لَمْ يَصِحَّ وَعَلَيْهَا رَدُّ

بَدَلِ الصُّلْحِ وَلَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِاللِّعَانِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا تُجْزِئُ فِيهِ النِّيَابَةُ حَتَّى لَوْ وُكِّلَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِاللِّعَانِ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فَأَمَّا التَّوْكِيلُ بِالْبَيِّنَةِ فَجَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. سَبَبُهُ قَذْفُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ قَذْفًا يُوجِبُ الْحَدَّ فِي الْأَجَانِبِ فَيَجِبُ بِهِ اللِّعَانُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ إذَا قَالَ لَهَا: يَا زَانِيَةُ أَوْ أَنْتِ زَنَيْتِ أَوْ رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ فَإِنَّهُ يَجِبُ اللِّعَانُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالزِّنَا وَهِيَ مِمَّنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا لَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا اللِّعَانُ بِأَنْ كَانَتْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ كَانَتْ ظَهَرَ زِنَاهَا بَيْنَ النَّاسِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِ أَبٍ مَعْرُوفٍ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. لَوْ قَالَ لَهَا: جُومِعْتِ جِمَاعًا حَرَامًا، أَوْ قَالَ: وُطِئْتِ حَرَامًا فَلَا لِعَانَ وَلَا حَدَّ وَلَوْ قَذَفَهَا بِعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ فَلَا لِعَانَ وَلَا حَدَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَا زَوْجَيْنِ وَأَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا صَحِيحًا سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى لَوْ قَذَفَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَكَذَا إذَا كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا لَا يَجِبُ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَوْجٍ مُطْلَقًا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ فَطَالَبَتْهُ بِذَلِكَ الْقَذْفِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَا يَسْقُطُ اللِّعَانُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا لَا يَجِبُ اللِّعَانُ لِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ وَلَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا، ثُمَّ قَذَفَهَا يَجِبُ اللِّعَانُ وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا لَمْ يُلَاعَنْ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. أَهْلُهُ عِنْدَنَا مَنْ كَانَ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ حَتَّى أَنَّ اللِّعَانَ لَا يَجْرِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عِنْدَنَا إذَا كَانَا مَحْدُودَيْنِ فِي الْقَذْفِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ كَانَا رَقِيقَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ أَخْرَسَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ صَبِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ مَجْنُونَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَيَجْرِي فِيمَا عَدَا ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَذَفَ رَجُلًا فَضُرِبَ بَعْضَ الْحَدِّ، ثُمَّ قَذَفَ امْرَأَةَ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِعَانٌ وَعَلَيْهِ تَمَامُ الْحَدِّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ كَانَا فَاسِقَيْنِ أَوْ أَعْمَيَيْنِ يَجِبُ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. قَذْفُ الْأَصَمِّ امْرَأَتَهُ يُوجِبُ اللِّعَانَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. مَتَى سَقَطَ اللِّعَانُ لِمَعْنَى الشَّهَادَةِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. لَوْ كَانَا مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا، وَالْمَرْأَةُ مَحْدُودَةً فَعَلَى الْعَبْدِ إذَا قَذَفَ حَدُّ الْقَذْفِ إنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِالزِّنَا فَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ أَهْلًا لِلِّعَانِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. حُكْمُهُ حُرْمَةُ الْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ اللِّعَانِ وَلَكِنْ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِنَفْسِ اللِّعَانِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ طَلَاقًا بَائِنًا يَقَعُ وَكَذَا لَوْ أَكْذَبَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ حَلَّ الْوَطْءُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: الْفُرْقَةُ الْوَاقِعَةُ فِي اللِّعَانِ فُرْقَةٌ بِتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ فَيَزُولُ مِلْكُ النِّكَاحِ وَتَثْبُتُ حُرْمَةُ الِاجْتِمَاعِ

وَالتَّزْوِيجِ مَا دَامَ عَلَى حَالَةِ اللِّعَانِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ يُشْتَرَطُ طَلَبُهَا فَإِنْ امْتَنَعَ عَنْهَا حَبَسَهُ الْحَاكِمُ حَتَّى يُلَاعِنَ أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فَيُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فَإِذَا لَاعَنَ وَجَبَ عَلَيْهَا اللِّعَانُ فَإِنْ امْتَنَعَتْ حَبَسَهَا الْحَاكِمُ حَتَّى تُلَاعِنَ أَوْ تُصَدِّقَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. الْأَفْضَلُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتْرُكَ الْخُصُومَةَ وَالْمُطَالَبَةَ فَإِنْ لَمْ تَتْرُكْ وَخَاصَمَتْهُ إلَى الْقَاضِي يُسْتَحْسَنُ لِلْقَاضِي أَنْ يَدْعُوَهَا إلَى التَّرْكِ فَيَقُولَ لَهَا: اُتْرُكِي وَأَعْرِضِي عَنْ هَذَا فَإِنْ تَرَكَتْ وَانْصَرَفَتْ، ثُمَّ بَدَا لَهَا أَنْ تُخَاصِمَهُ فَلَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ تَقَادَمَ الْعَهْدُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّهَا، وَحَقُّ الْعَبْدِ لَا يَسْقُطُ بِالتَّقَادُمِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. صِفَةُ اللِّعَانِ أَنْ يَبْتَدِئَ الْقَاضِي بِالزَّوْجِ فَيَشْهَدَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ يَقُولُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا، وَيَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا يُشِيرُ إلَيْهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، ثُمَّ تَشْهَدُ الْمَرْأَةُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، تَقُولُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا، وَتَقُولُ فِي الْمَرَّةِ الْخَامِسَةِ: غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَقِيَامُهَا وَقْتَ اللِّعَانِ لَيْسَ بِشَرْطٍ إلَّا أَنَّهُ يُنْدَبُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. اللِّعَانُ يَقِفُ عَلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ قَالَ: أَحْلِفُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ أَوْ قَالَتْ هِيَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ اللِّعَانُ كَذَا فِي السِّرَاجِ. إذَا الْتَعَنَا فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا وَلَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ حَتَّى يَقْضِيَ بِالْفُرْقَةِ عَلَى الزَّوْجِ فَيُفَارِقُهَا بِالطَّلَاقِ فَإِنْ امْتَنَعَ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، وَقَبْلَ أَنْ يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ وَالزَّوْجِيَّةُ قَائِمَةٌ يَقَعُ طَلَاقُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا، وَظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ وَيَجْرِي التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَلَوْ أَنَّهُمَا امْتَنَعَا مِنْ اللِّعَانِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ أَوْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا أَجْبَرَهُمَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَنَّهَا جَنَتْ بَعْدَمَا الْتَعَنَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ تَلْتَعِنَ هِيَ سَقَطَ اللِّعَانُ وَلَا حَدَّ وَلَوْ أَنَّهُمَا لَمَّا فَرَغَا مِنْ اللِّعَانِ سَأَلَا الْقَاضِيَ أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا لَمْ يُجِبْهُمَا إلَى ذَلِكَ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. إذَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بَعْدَ اللِّعَانِ يَلْزَمُ الْوَلَدُ أُمَّهُ، وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي: فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا وَقَطَعْتُ نَسَبَ هَذَا الْوَلَدِ مِنْهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَا يَنْتَفِي النَّسَبُ عَنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ أَخْطَأَ الْقَاضِي فَفَرَّقَ قَبْلَ تَمَامِ اللِّعَانِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ الْتَعَنَ أَكْثَرَ اللِّعَانِ نَفَذَ التَّفْرِيقُ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَعِنَا أَكْثَرَ اللِّعَانِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَلْتَعِنْ أَكْثَرَ اللِّعَانِ لَمْ يَنْفُذْ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ قَبْلَ لِعَانِ الْمَرْأَةِ نَفَذَ حُكْمُهُ لِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا فِيهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَخْطَأَ الْحَاكِمُ فَبَدَأَ بِالْمَرْأَةِ قَبْلَ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ اللِّعَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَرْخِيِّ. وَقَدْ أَسَاءَ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ الْتَعَنَا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَمْ يُفَرِّقْ

حَتَّى عُزِلَ أَوْ مَاتَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ الثَّانِيَ يَسْتَقْبِلُ اللِّعَانَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَرْخِيِّ. لَوْ حَدَثَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا بَعْدَ اللِّعَانِ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ قَبْلَ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ بَطَلَ اللِّعَانُ، وَذَلِكَ بِأَنْ خَرِسَا بَعْدَمَا فَرَغَا مِنْ اللِّعَانِ أَوْ خَرِسَ أَحَدُهُمَا أَوْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا أَوْ أَكْذَبَ أَحَدُهُمَا نَفْسَهُ أَوْ قَذَفَ أَحَدُهُمَا إنْسَانًا فَحُدَّ فِي الْقَذْفِ أَوْ وُطِئَتْ الْمَرْأَةُ حَرَامًا بَطَلَ اللِّعَانُ وَلَا حَدَّ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ جُنَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ اللِّعَانِ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ وَامْرَأَتُهُ الْتَعَنَا وَلَمْ يُفَرِّقْ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا حَتَّى عَتِهَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُفَرِّقُ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَ الْعَتَهُ يُخِلُّ بِأَهْلِيَّةِ اللِّعَانِ لَوْ الْتَعَنَ الرَّجُلُ وَلَمْ تَلْتَعِنْ الْمَرْأَةُ حَتَّى عَتِهَتْ أَوْ عَتِهَتْ قَبْلَ فَرَاغِهَا مِنْ اللِّعَانِ أَوْ عَتِهَ الرَّجُلُ بَعْدَمَا فَرَغَ قَبْلَ أَنْ تَلْتَعِنَ الْمَرْأَةُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَأْمُرُ الْمَرْأَةَ بِاللِّعَانِ. لَوْ تَلَاعَنَا، ثُمَّ وَكَّلَ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ وَكِيلًا بِالْفُرْقَةِ وَغَابَ يُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ بَعْدَ تَمَامِ اللِّعَانِ الْحَاجَةَ إلَى التَّفْرِيقِ، وَأَنَّهُ مِمَّا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. لَوْ تَلَاعَنَا، ثُمَّ غَابَ، ثُمَّ وَكَّلَ وَكِيلًا بِالْفُرْقَةِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَةَ رَجُلٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ: صَدَقْتَ هِيَ كَمَا قُلْتَ كَانَ قَاذِفًا حَتَّى تُلَاعِنَ، وَلَوْ قَالَ: صَدَقْتَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ يَجِبُ الْحَدُّ دُونَ اللِّعَانِ، وَلَوْ قَالَ: يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاثٌ وَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ. إنْ قَالَ: يَا زَانِيَةُ، فَقَالَتْ: أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَعَلَيْهِ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهَا لَيْسَ بِقَذْفٍ لَهُ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنْتَ أَقْدَرُ عَلَى الزِّنَا مِنِّي، وَلِهَذَا لَوْ قَذَفَ الْأَجْنَبِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ لَا يَلْزَمُهُ الْحَدُّ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ أَزْنَى مِنْ فُلَانَةَ أَوْ أَنْتِ أَزْنَى النَّاسِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ قَالَ لَهَا: يَا زَانِي فَهُوَ قَذْفٌ؛ لِأَنَّ التَّاءَ قَدْ تُحْذَفُ بِخِلَافِ قَوْلِهَا لِلزَّوْجِ: يَا زَانِيَةُ لَمْ يَصِحَّ. لَوْ قَالَ: يَا زَانِيَةُ بِنْتَ الزَّانِيَةِ فَهُوَ قَذْفٌ لَهَا وَلِأُمِّهَا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. فَإِنْ اجْتَمَعَتَا جَمِيعًا عَلَى مُطَالَبَةِ الْحَدِّ بَدَأَ بِالْحَدِّ لِأَجْلِ الْأُمِّ، وَسَقَطَ اللِّعَانُ، وَإِنْ لَمْ تُطَالِبْهُ الْأُمُّ، وَطَالَبَتْهُ الْمَرْأَةُ يُلَاعَنُ بَيْنَهُمَا، وَيَجِبُ حَدُّ الْقَذْفِ لِلْأُمِّ إنْ طَالَبَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ مَيِّتَةً، فَقَالَ لَهَا: يَا زَانِيَةُ بِنْتَ الزَّانِيَةِ كَانَتْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ فَإِنْ طَالَبَتْ وَخَاصَمَتْ فِي الْقَذْفَيْنِ جَمِيعًا يُحَدُّ لِلْأُمِّ حَتَّى يَسْقُطَ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ لَمْ تُخَاصِمْ فِي قَذْفِ أُمِّهَا وَلَكِنْ خَاصَمَتْ فِي قَذْفِ نَفْسِهَا يَجِبُ اللِّعَانُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً، ثُمَّ تَزَوُّجَهَا فَقَذَفَ وَطَلَبَتْ اللِّعَانَ وَالْحَدَّ يُحَدُّ وَلَا يُلَاعَنُ وَلَوْ طَلَبَتْ اللِّعَانَ دُونَ الْحَدِّ فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ طَلَبَتْ الْحَدَّ يُحَدُّ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَدِّ وَاللِّعَانِ مَشْرُوعٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَقَذَفَهُنَّ جَمِيعًا فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ أَوْ قَذَفَ كُلَّ

وَاحِدَةٍ بِالزِّنَا بِكَلَامٍ عَلَى حِدَةٍ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ وَهُنَّ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ يُلَاعِنُ فِي كُلِّ قَذْفٍ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى حِدَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ يُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ فَيَكْفِي حَدٌّ وَاحِدٌ عَنْ الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ وَالْبَعْضُ مِنْهُنَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ يُلَاعِنُ مَنْ كَانَتْ مِنْهُنَّ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ لَا غَيْرُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَذَفَ الْحُرُّ امْرَأَتَهُ الذِّمِّيَّةَ أَوْ الْأَمَةَ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ أَوْ أُعْتِقَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدٌّ وَلَا لِعَانٌ وَإِذَا أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ الْأَمَةَ، ثُمَّ قَذَفَهَا الزَّوْجُ فَعَلَيْهِ اللِّعَانُ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا عِنْدَمَا أَعْتَقَتْ فَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بَطَلَ اللِّعَانُ وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ اخْتَارَتْ حَتَّى يُلَاعِنَهَا وَيُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِاللِّعَانِ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. زَوْجَانِ كَافِرَانِ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُسْلِمْ الزَّوْجُ فَلَمْ يَعْرِضْ الْقَاضِي عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ حَتَّى قَذَفَهَا بِالزِّنَا أَوْ نَفَى نَسَبَ وَلَدِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَإِنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْحَدِّ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَقَذَفَهَا ثَانِيًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أُقِيمَ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْحَدِّ، ثُمَّ تَلَاعَنَا كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. إذَا عَلَّقَ الْقَذْفَ بِشَرْطٍ لَمْ يَجِبْ حَدٌّ وَلَا لِعَانٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إذَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ زَانِيَةٌ أَوْ أَنْتِ زَانِيَةٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَهُوَ بَاطِلٌ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: قَدْ زَنَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ أَوْ رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ فَهُوَ قَاذِفٌ الْيَوْمَ وَعَلَيْهِ اللِّعَانُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: قَذَفْتُكِ بِالزِّنَا قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ بِإِقْرَارِهِ قَذْفٌ قَبْلَ التَّزَوُّجِ فَهُوَ كَمَا لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنْ قَالَ لَهَا: فَرْجُكَ زَانٍ أَوْ جَسَدُك زَانٍ أَوْ بَدَنُكَ زَانٍ فَهُوَ قَذْفٌ بِخِلَافِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَبِأَيِّ لُغَةٍ رَمَاهَا بِالزِّنَا فَهُوَ قَذْفٌ. لَوْ قَذَفَ بِنْتَ تِسْعٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْمُطَالَبَةُ إذَا بَلَغَتْ وَبِدُونِ تِسْعٍ يُعَزَّرُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ. لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: لَمْ أَجِدْكِ بِكْرًا لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَأَصْحَابِهِمْ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَإِذَا قَالَ: وَجَدْتُ مَعَهَا رَجُلًا يُجَامِعُهَا لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا، وَإِنْ قَالَ: زَنَيْتِ مُسْتَكْرَهَةً أَوْ زَنَى بِك صَبِيٌّ لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: زَنَيْتِ وَأَنْتِ صَبِيَّةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ وَجُنُونُهَا مَعْهُودٌ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَلَا يُجْعَلُ قَاذِفًا فِي الْحَالِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَإِنْ قَالَ لَهَا: زَنَيْتِ وَهَذَا الْحَمْلُ مِنْ الزِّنَا تَلَاعَنَا لِوُجُودِ الْقَذْفِ حَيْثُ ذَكَرَ الزِّنَا صَرِيحًا وَلَمْ يَنْفِ الْقَاضِي الْحَمْلَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا قَالَ الزَّوْجُ: لَيْسَ حَمْلُك مِنِّي فَلَا لِعَانَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا إنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَاعَنَ، وَإِنْ جَاءَتْ لِأَكْثَرَ فَلَا لِعَانَ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَهَكَذَا فِي الْمُتُونِ. وَإِذَا نَفَى الرَّجُلُ وَلَدَ امْرَأَتِهِ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ أَوْ فِي الْحَالِ الَّتِي يَقْبَلُ التَّهْنِئَةَ وَيَبْتَاعُ آلَةَ الْوِلَادَةِ صَحَّ نَفْيُهُ وَلَاعَنَ بِهِ، وَإِنْ نَفَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَاعَنَ وَيَثْبُتُ

النَّسَبُ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا عَنْ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْوِلَادَةِ حَتَّى قَدَّمَ لَهُ النَّفْيُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِقْدَارَ مَا تُقْبَلُ التَّهْنِئَةُ وَقَالَا فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ النِّفَاسِ بَعْدَ الْقُدُومِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَصَارَتْ حَالَةُ الْقُدُومِ كَحَالَةِ الْوِلَادَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا أَقَرَّ بِالْوَلَدِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً لَا يَصِحُّ النَّفْيُ بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ بِحَضْرَةِ الْوِلَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَالصَّرِيحُ أَنْ يَقُولَ: الْوَلَدُ مِنِّي أَوْ يَقُولَ: هَذَا وَلَدِي وَالدَّلَالَةُ أَنْ يَسْكُتَ إذَا هُنِّئَ لَكِنَّهُ يُلَاعِنُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ وَقَالَ: هَذَا الْوَلَدُ لَيْسَ مِنِّي أَوْ قَالَ: هَذَا الْوَلَدُ مِنْ الزِّنَا وَسَقَطَ اللِّعَانُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي النَّسَبَ سَوَاءٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ لَمْ يَجِبْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ فَلَمْ يَتَلَاعَنَا فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي النَّسَبَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ نَفَى وَلَدَ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ فَصَدَّقَتْهُ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَهُوَ ابْنُهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى نَفْيِهِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. لَوْ نَفَى وَلَدَ زَوْجَتِهِ وَهُمَا فِي حَالِ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَنْتَفِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعُلُوقُ فِي حَالِ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ صَارَا بِحَالَةٍ يَتَلَاعَنَانِ نَحْوُ إنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً حَالَ الْعُلُوقِ فَأُعْتِقَتْ أَوْ أَسْلَمَتْ فَإِنَّهُ لَا يُلَاعِنُ وَلَا يَنْتَفِي النَّسَبُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَمَاتَ، ثُمَّ نَفَاهُ الزَّوْجُ يُلَاعِنُ وَيَلْزَمُهُ الْوَلَدُ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا مَيِّتٌ فَنَفَاهُمَا يُلَاعِنُ وَيَلْزَمُهُ الْوَلَدَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ الزَّوْجُ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ اللِّعَانِ يُلَاعِنُ الزَّوْجُ وَيَلْزَمُهُ الْوَلَدُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. امْرَأَةٌ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الثَّانِيَ لَزِمَهُ الْوَلَدَانِ وَيُلَاعِنُهَا، وَإِنْ نَفَى الْأَوَّلَ وَأَقَرَّ بِالثَّانِي لَزِمَاهُ وَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ فَإِنْ نَفَاهُمَا، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ اللِّعَانِ لَاعَنَ عَلَى الْحَيِّ وَهُمَا وَلَدَاهُ وَكَذَا فِيمَا إذَا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا مَيِّتٌ فَنَفَاهُمَا لَزِمَاهُ وَلَاعَنَ عَلَى الْحَيِّ مِنْهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَنَفَاهُ وَلَاعَنَ بِهِ، ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْ الْغَدِ وَلَدًا آخَرَ لَزِمَهُ الْوَلَدَانِ جَمِيعًا وَاللِّعَانُ مَاضٍ فَإِنْ قَالَ: هُمَا ابْنَايْ كَانَ صَادِقًا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: لَيْسَا بِابْنَيَّ كَانَا ابْنَيْهِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ: كَذَبْتُ بِاللِّعَانِ وَفِيمَا قَذَفْتُهَا بِهِ كَانَ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَيُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِإِبَاحَةِ النِّكَاحِ أَمَّا فِي سُقُوطِ الْحَدِّ وَاللِّعَانِ فَمَرَّةٌ وَاحِدَةٌ تَكْفِي كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ بِيَوْمٍ فَنَفَاهُ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ بِيَوْمٍ فَأَقَرَّ بِهِ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا حُدَّ وَيَثْبُتُ نَسَبَ الْوَلَدَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَذَكَرَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِي امْرَأَةٍ جَاءَتْ بِثَلَاثِ أَوْلَادٍ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الثَّانِيَ وَأَقَرَّ بِالثَّالِثِ يُلَاعِنُ وَهُمْ بَنُوهُ، وَإِنْ نَفَى الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ وَأَقَرَّ بِالثَّانِي يُحَدُّ وَهُمْ بَنُوهُ وَكَذَلِكَ فِي وَلَدٍ وَاحِدٍ إذَا أَقَرَّ بِهِ، ثُمَّ نَفَاهُ، ثُمَّ أَقَرَّ يُلَاعِنُ وَيَلْزَمُهُ، وَإِنْ نَفَاهُ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَيَلْزَمُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يَرَهَا حَتَّى جَاءَتْ بِوَلَدٍ

فَنَفَاهُ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُهَا وَيَلْزَمُ الْوَلَدُ أُمَّهُ وَعَلَى الزَّوْجِ الْمَهْرُ كَامِلًا كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ وَقَدْ دَخَلَ بِهِمَا: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ وَتَعَيَّنَتْ الَّتِي وَلَدَتْ لِلنِّكَاحِ فَإِنْ نَفَى الْوَلَدَ لَاعَنَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا لِوُجُودِ سَبَبِهِ وَلَا يَنْقَطِعُ نَسَبُ الْوَلَدِ لَوْ وَلَدَتْ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ فَفَطَمَتْ وَلَدَهَا بَعْدَ مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ النَّفَقَةَ لَهَا وَلِوَلَدِهَا وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ فَفَرَضَ، ثُمَّ حَضَرَ الزَّوْجُ وَنَفَى الْوَلَدَ لَاعَنَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَقَطَعَ النَّسَبَ، وَإِنْ كَانَ النَّسَبُ مَحْكُومًا بِهِ لَاعَنَ الْقَاضِي بِحُكُومَةٍ لَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَانْقَلَبَ هَذَا الْوَلَدُ عَلَى الرَّضِيعِ فَمَاتَ الرَّضِيعُ وَقَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ أَبِيهِ، ثُمَّ نَفَى الْأَبُ نَسَبَهُ لَاعَنَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَلَا يَقْطَعُ النَّسَبَ كَذَا فِي التَّنْوِيرِ شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالنَّسَبِ وَالدُّخُولِ حَتَّى يَقْضِيَ لَهَا الْقَاضِي بِكَمَالِ الْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَلَوْ أَنَّهُ نَفَى هَذَا الْوَلَدَ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا وَيَقْطَعُ النَّسَبَ، وَإِنْ حَكَمَ بِكَوْنِهِ مِنْهُ حَيْثُ قَضَى بِكَمَالِ الْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ وَكَذَا الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا إذَا وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ تَكُونُ رَجْعَةً فَإِنْ نَفَاهُ لَاعَنَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. إنْ كَانَ الْقَذْفُ بِوَلَدٍ نَفَى الْقَاضِي نَسَبَهُ وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ. صُورَةُ هَذَا اللِّعَانِ أَنْ يَأْمُرَ الْحَاكِمُ الرَّجُلَ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ نَفْيِ الْوَلَدِ، وَكَذَا فِي جَانِبِهَا فَتَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ نَفْيِ الْوَلَدِ وَلَوْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا وَنَفْيِ الْوَلَدِ ذَكَرَ فِي اللِّعَانِ أَمْرَيْنِ يَقُولُ الزَّوْجُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا وَنَفْيِ الْوَلَدِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بَعْدَ اللِّعَانِ يَلْزَمُ الْوَلَدُ أُمَّهُ وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي: فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا وَقَطَعْت نَسَبَ هَذَا الْوَلَدِ مِنْهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَا يَنْتَفِي النَّسَبُ عَنْهُ وَهَذَا صَحِيحٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ، ثُمَّ يَنْفِي الْقَاضِي نَسَبَ الْوَلَدِ وَيُلْحِقُهُ بِأُمِّهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ يُفَرِّقُ وَيَقُولُ: أَلْزَمْتُهُ أُمَّهُ وَأَخْرَجْتُهُ مِنْ نَسَبِ الْوَلَدِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَا يَنْتَفِي النَّسَبُ كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الْمَبْسُوطِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لِابْنِ الْمَلِكِ. مَتَى وُجِدَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا بَعْدَ اللِّعَانِ مَا يَمْنَعُ مِنْ اللِّعَان قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَبْقَيَا مُتَلَاعِنَيْنِ فَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ فَيُحَدُّ أَوْ تُكَذِّبَ نَفْسَهَا، أَوْ قَذَفَ أَحَدُهُمَا إنْسَانًا فَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ خَرِسَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّتْ الْمَرْأَةُ أَوْ وُطِئَتْ وَطْئًا حَرَامًا

أَوْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنَّهُ مَتَى وَجَدَ أَحَدٌ مَا ذَكَرْنَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَهَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ عَتِهَتْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ اللِّعَانِ فِي الْعَتَهِ هَكَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. لَا يُشْرَعُ اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ فِي الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ أُلْحِقَ بِالنَّسَبِ حَتَّى قَالُوا بِأَنَّ شَهَادَةَ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ لِأَبِيهِ لَا تُقْبَلُ وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ لَا تُقْبَلُ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ الرَّجُلُ زَكَاتَهُ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ أَوْ وَضَعَ وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ زَكَاةَ مَالِهِ فِي أَبِيهِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ ابْنٌ وَلِلزَّوْجِ ابْنَةٌ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَتَزَوَّجَ هَذَا الِابْنُ هَذِهِ الِابْنَةَ أَوْ كَانَ لِوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ بِنْتٌ وَلِلزَّوْجِ ابْنٌ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَتَزَوَّجَ هَذَا الِابْنُ هَذِهِ الِابْنَةَ لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى إنْسَانٌ هَذَا الْوَلَدَ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَلَدُ فِي ذَلِكَ وَفِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ أُلْحِقَ بِالْأَجَانِبِ حَتَّى قِيلَ لَا يَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النَّفَقَةَ عَلَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إنْ خَاصَمَتْهُ وَادَّعَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَذَفَهَا بِالزِّنَا فَجَحَدَ الزَّوْجُ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا فِي إثْبَاتِ الْقَذْفِ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَلَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَا كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي كَمَا لَا تُقْبَلُ فِي إثْبَاتِ الْقَذْفِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَقَامَتْ شَاهِدَيْنِ، ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ أَقَامَ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى تَصْدِيقِهَا سَقَطَ اللِّعَانُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ فَأَرَادَتْ أَنْ تُحَلِّفَ الزَّوْجَ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. إنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا صَدَّقَتْهُ وَأَرَادَ يَمِينَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا يَمِينٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَقَامَ أَرْبَعَةٌ مِنْ الشُّهُودِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِالزِّنَا لَا يَجِبُ اللِّعَانُ وَيُقَامُ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ وَأَحَدُهُمْ الزَّوْجُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الزَّوْجِ قَذْفٌ قَبْلَ ذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَيُقَامُ عَلَيْهَا الْحَدُّ عِنْدَنَا، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَذَفَهَا أَوَّلًا، ثُمَّ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ سِوَاهُ فَهُمْ قَذَفَةٌ يُحَدُّونَ وَعَلَى الزَّوْجِ اللِّعَانُ فَإِنْ جَاءَ هُوَ وَثَلَاثَةٌ شَهِدُوا أَنَّهَا قَدْ زَنَتْ فَلَمْ يَعْدِلُوا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمْ وَلَا لِعَانَ عَلَى الزَّوْجِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَوْ شَهِدَ مَعَ الزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْعُمْيَانِ عَلَيْهَا بِالزِّنَا يُحَدُّ الْعُمْيَانُ وَيُلَاعِنُهَا الزَّوْجُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا شَهِدَ لِلْمَرْأَةِ ابْنَاهَا عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ قَذَفَهَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَبُو الْمَرْأَةِ وَابْنٌ لَهَا، وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ قَذَفَهَا بِالزِّنَا وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ لِوَلَدِهَا: هَذَا مِنْ الزِّنَا لَمْ يَجُزْ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَهَا: زَنَى بِكِ فُلَانٌ فَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ لَهَا: زَنَى بِكِ فُلَانٌ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَيْهِ اللِّعَانُ وَلَوْ كَانَ قَذَفَهَا بِرَجُلٍ وَاحِدٍ وَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَطْلُبُ حَدَّهُ جُلِدَ الْحَدَّ وَدُرِئَ اللِّعَانُ وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الزَّوْجِ بِالْقَذْفِ حَبَسَهُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ الشَّاهِدَيْنِ وَلَمْ يَكْفُلْهُ فَإِنْ قَالَا: نَشْهَدُ أَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَأَمَتَهُ

الباب الثاني عشر في العنين

فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ. وَإِنْ شَهِدَ ابْنَاهُ مِنْ غَيْرِهَا عَلَى قَذْفِهِ إيَّاهَا وَأُمَّهَا عِنْدَهُ لَمْ يَجُزْ شَهَادَتُهُمَا إلَّا أَنَّ الْأَبَ إذَا كَانَ عَبْدًا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ بِضَرْبِ الْحَدِّ وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِقَذْفِ امْرَأَتِهِ فَعَدَلَا، ثُمَّ مَاتَا أَوْ غَابَا قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِاللِّعَانِ فَإِنَّ الْمَوْتَ وَالْغَيْبَةَ لَا يَقْدَحَانِ فِي عَدَالَتِهِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَمِيَا أَوْ ارْتَدَّا أَوْ فَسَقَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إنْ أَقَامَتْ أَرْبَعًا مِنْ الشُّهُودِ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَذَفَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ قَذَفَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَلَاعَنَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً يَوْمَ قَذَفَهَا لَا يَجِبُ اللِّعَانُ إلَّا إذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةَ الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَإِنْ أَقَامَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً عَلَى رَقَبَتِهَا وَكُفْرِهَا يَوْمَئِذٍ وَأَقَامَتْ هِيَ عَلَى إسْلَامِهَا وَحُرِّيَّتِهَا فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِشُهُودِ الزَّوْجِ رِدَّتُهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ أَقَامَ الرَّجُلُ الْقَاذِفُ شَاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالزِّنَا يَسْقُطُ اللِّعَانُ عَنْ الزَّوْجِ وَلَا يَلْزَمُهَا حَدُّ الزِّنَا كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِذَلِكَ دَرَأْت اللِّعَانَ أَيْضًا اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا زَانِيَةٌ أَوْ قَدْ وُطِئَتْ وَطْئًا حَرَامًا فَعَلَيْهِ اللِّعَانُ، فَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا كَمَا قَالَ أُجِّلَ إلَى قِيَامِ الْقَاضِي فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَةً وَإِلَّا لَاعَنَ، وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: قَذَفْتهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ وَادَّعَتْ أَنَّهُ قَذَفَهَا بَعْدَمَا أَدْرَكَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ ادَّعَتْ قَذْفًا مُتَقَادِمًا أَوْ أَقَامَتْ عَلَيْهِ شُهُودًا جَازَ فَإِنْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَخَطَبَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا وَلَا حَدَّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْعِنِّينِ] ِ هُوَ الَّذِي لَا يَصِلُ إلَى النِّسَاءِ مَعَ قِيَامِ الْآلَةِ، فَإِنْ كَانَ يَصِلُ إلَى الثَّيِّبِ دُونَ الْأَبْكَارِ أَوْ إلَى بَعْضِ النِّسَاءِ دُونَ الْبَعْضِ، وَذَلِكَ لِمَرَضٍ بِهِ أَوْ لِضَعْفٍ فِي خَلْقِهِ أَوْ لِكِبَرِ سِنِّهِ أَوْ سِحْرٍ فَهُوَ عِنِّينٌ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَصِلُ إلَيْهَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ. إذَا أَوْلَجَ الْحَشَفَةَ فَلَيْسَ بِعِنِّينٍ، وَإِنْ كَانَ مَقْطُوعَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ إيلَاجِ بَقِيَّةِ الذَّكَرِ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ إذَا رَفَعَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا إلَى الْقَاضِي وَادَّعَتْ أَنَّهُ عِنِّينٌ وَطَلَبَتْ الْفُرْقَةَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُهُ هَلْ وَصَلَ إلَيْهَا أَوْ لَمْ يَصِلْ فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ أَجَّلَهُ سَنَةً سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا، وَإِنْ أَنْكَرَ وَادَّعَى الْوُصُولَ إلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ ثَيِّبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ حَقُّهَا، وَإِنْ نَكَلَ يُؤَجَّلُ سَنَةً كَذَا فِي الْكَافِي، وَإِنْ قَالَتْ: أَنَا بِكْرٌ نَظَرَ إلَيْهَا النِّسَاءُ وَامْرَأَةٌ تُجْزِئُ وَالِاثْنَتَانِ أَحْوَطُ وَأَوْثَقُ فَإِنْ قُلْنَ: إنَّهَا ثَيِّبٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فَإِنْ حَلَفَ لَا حَقَّ لَهَا، وَإِنْ نَكَلَ يُؤَجِّلُهُ سَنَةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ قُلْنَ: هِيَ بِكْرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنْ وَقَعَ لِلنِّسَاءِ شَكٌّ فِي أَمْرِهَا فَإِنَّهَا تُمْتَحَنُ

قَالَ بَعْضُهُمْ: تُؤْمَرُ حَتَّى تَبُولَ عَلَى الْجِدَارِ فَإِنْ أَمْكَنَهَا أَنْ تَرْمِيَ عَلَى الْجِدَارِ فَهِيَ بِكْرٌ وَإِلَّا فَهِيَ ثَيِّبٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُمْتَحَنُ بِبَيْضَةِ الدِّيكِ فَإِنْ وَسِعَتْهَا فَهِيَ ثَيِّبٌ، وَإِنْ لَمْ تَسَعْهَا فَهِيَ بِكْرٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إنْ شَهِدَ الْبَعْضُ بِالْبَكَارَةِ وَالْبَعْضُ بِالثُّيُوبَةِ يُرِيهَا غَيْرَهُنَّ وَإِذَا ثَبَتَ عَدَمُ الْوُصُولِ إلَيْهَا أَجَّلَهُ الْقَاضِي سَنَةً طَلَبَ الرَّجُلُ التَّأْجِيلَ أَوْ لَمْ يَطْلُبْ وَيُشْهِدُ عَلَى التَّأْجِيلِ وَيَكْتُبُ لِذَلِكَ تَارِيخًا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ابْتِدَاءُ التَّأْجِيلِ مِنْ وَقْتِ الْمُخَاصَمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَا يَكُونُ هَذَا التَّأْجِيلُ إلَّا عِنْدَ قَاضِي مِصْرَ أَوْ مَدِينَةٍ فَإِنْ أَجَّلَتْهُ الْمَرْأَةُ أَوْ أَجَّلَهُ غَيْرُ الْقَاضِي لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي التَّأْجِيلِ تُعْتَبَرُ السَّنَةُ الْقَمَرِيَّةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تُعْتَبَرُ سَنَةٌ شَمْسِيَّةٌ وَهِيَ لَا تَزِيدُ عَلَى الْقَمَرِيَّةِ بِأَيَّامٍ وَذَهَبَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي إلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدِي كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَبْسُوطِ، وَاخْتِيَارُ الْإِمَامِ قَاضِي خَانْ وَالْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ فِي التَّأْجِيلِ أَنَّهُ يُقَدَّرُ بِسَنَةٍ شَمْسِيَّةٍ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ الشَّمْسِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبْعُ يَوْمٍ وَجُزْءٌ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ الْيَوْمِ، وَالْقَمَرِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الْمُجْتَبَى إذَا كَانَ التَّأْجِيلُ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ تُعْتَبَرُ السَّنَةُ بِالْأَيَّامِ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيُحْتَسَبُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيَّامُ حَيْضِهَا وَشَهْرُ رَمَضَانَ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِقَاضِي خَانْ. لَا يُحْتَسَبُ بِمَرَضِهِ وَمَرَضِهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ مَرِضَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ يُؤَجَّلْ أَيْضًا مِقْدَارَ مَرَضِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. إنْ حَجَّ أَوْ غَابَ اُحْتُسِبَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَجَّتْ هِيَ أَوْ غَابَتْ حَيْثُ لَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً حِينَ خَاصَمَتْهُ لَمْ يُؤَجِّلْهُ الْقَاضِي حَتَّى تَفْرُغَ مِنْ الْحَجِّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ خَاصَمَتْهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ يُؤَجَّلْ سَنَةً بَعْدَ الْإِحْلَالِ، وَإِنْ خَاصَمَتْهُ وَهُوَ مُظَاهِرٌ فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْإِعْتَاقِ أُجِّلَ سَنَةً مِنْ حِينِ الْخُصُومَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ أُجِّلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، فَإِنْ أُجِّلَ سَنَةً وَلَيْسَ بِمُظَاهِرٍ، ثُمَّ ظَاهَرَ فِي السَّنَةِ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْمُدَّةِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ وَجَدَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ لَا يُؤَجَّلُ مَا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ طَالَ الْمَرَضُ وَالْمَعْتُوهُ إذَا زَوَّجَهُ وَلِيُّهُ امْرَأَةً فَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا أَجَّلَهُ الْقَاضِي سَنَةً بِحَضْرَةِ خَصْمٍ عَنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ حُبِسَ الزَّوْجُ وَامْتَنَعَتْ مِنْ الْمَجِيءِ إلَى السِّجْنِ لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَمْتَنِعْ وَكَانَ لَهُ مَوْضِعُ خَلْوَةٍ اُحْتُسِبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعُ خَلْوَةٍ لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إذَا حُبِسَ عَلَى مَهْرِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَوْ حُبِسَتْ الْمَرْأَةُ بِحَقٍّ وَكَانَ الزَّوْجُ يَصِلُ إلَيْهَا وَتُمَكِّنُهُ الْخَلْوَةَ وَالْمَبِيتَ مَعَهَا تُحْتَسَبُ تِلْكَ الْمُدَّةُ

وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. جَاءَتْ الْمَرْأَةُ إلَى الْقَاضِي بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا وَادَّعَى الزَّوْجُ الْوُصُولَ، فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فِي الْأَصْلِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ الْيَمِينِ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ حَقُّهَا، وَإِنْ نَكَلَ خَيَّرَهَا الْقَاضِي، وَإِنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: أَنَا بِكْرٌ نَظَرَ إلَيْهَا النِّسَاءُ، وَالْوَاحِدَةُ تَكْفِي وَالثِّنْتَانِ أَحْوَطُ فَإِنْ قُلْنَ هِيَ ثَيِّبٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ الْيَمِينِ، وَإِنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ أَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا خَيَّرَهَا الْقَاضِي فِي الْفُرْقَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. فَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا أَوْ قَامَتْ عَنْ مَجْلِسِهَا أَوْ أَقَامَهَا أَعْوَانُ الْقَاضِي أَوْ قَامَ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ شَيْئًا بَطَلَ خِيَارُهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْوَاقِعَاتِ إنْ اخْتَارَتْ الْفُرْقَةَ أَمَرَ الْقَاضِي أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً بَائِنَةً فَإِنْ أَبَى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْفُرْقَةُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِالْإِجْمَاعِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ خَلَا بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَخْلُ بِهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ كَانَ مُسَمًّى وَالْمُتْعَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إنْ مَضَتْ السَّنَةُ مِنْ وَقْتِ الْأَجَلِ وَلَمْ تُخَاصِمْهُ زَمَانًا لَا يَبْطُلْ حَقُّهَا، وَإِنْ طَاوَعَتْهُ فِي الْمُضَاجَعَةِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. سَأَلَ الزَّوْجُ الْقَاضِيَ أَنْ يُؤَجِّلَهُ سَنَةً أُخْرَى أَوْ شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْمَرْأَةِ فَإِنْ رَضِيَتْ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَلَهَا ذَلِكَ وَيَبْطُلُ الْأَجَلُ فَتُخَيَّرُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. إذَا مَضَتْ السَّنَةُ فَمَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ قَبْلَ أَنْ يُخَيِّرَ الْمَرْأَةَ وَوَلِيَ غَيْرُهُ فَقَدَّمَتْهُ إلَى الْقَاضِي الثَّانِي وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ إنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ كَانَ أَجَّلَهُ فِي أَمْرِهَا سَنَةً وَإِنْ السَّنَةَ قَدْ مَضَتْ فَإِنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِيَ يَبْنِي الْأَمْرَ عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بَعْدَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي عَلَى إقْرَارِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي أَنَّهُ كَانَ وَصَلَ إلَيْهَا بَطَلَ تَفْرِيقُ الْقَاضِي وَلَوْ أَقَرَّتْ بَعْدَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي أَنَّهُ كَانَ وَصَلَ إلَيْهَا لَمْ تُصَدَّقْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ وَصَلَ إلَيْهَا مَرَّةً، ثُمَّ عَجَزَ لَا خِيَارَ لَهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ إنْ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ وَقْتَ النِّكَاحِ أَنَّهُ عِنِّينٌ لَا يَصِلُ إلَى النِّسَاءِ لَا يَكُونُ لَهَا حَقُّ الْخُصُومَةِ، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ وَقْتَ النِّكَاحِ وَعَلِمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ لَهَا حَقُّ الْخُصُومَةِ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهَا بِتَرْكِ الْخُصُومَةِ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ مَا لَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْعِنِّينُ إذَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ ثَانِيًا لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارُهَا وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى وَهِيَ عَالِمَةٌ بِحَالِهَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلثَّانِيَةِ حَقَّ الْخُصُومَةِ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا وَوَصَلَ إلَيْهَا مَرَّةً، ثُمَّ عَنْ فَفَارَقَتْهُ وَتَزَوَّجَتْهُ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فَلَهَا الْخِيَارُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَكَانَ يَأْتِيهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ حَتَّى يُنْزِلَ وَتُنْزِلَ وَلَا يَصِلُ إلَيْهَا فِي فَرْجِهَا وَأَقَامَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ زَمَانًا وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ، ثُمَّ خَاصَمَتْهُ إلَى الْقَاضِي أَجَّلَهُ سَنَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ

لَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُنَّةِ بِإِدْخَالِهِ فِي دُبُرِهَا كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَاءٌ وَيُجَامِعُ فَلَا يُنْزِلُ لَا يَكُونُ لَهَا حَقُّ الْخُصُومَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. إنْ وَجَدَتْ كَبِيرَةٌ زَوْجَهَا الصَّغِيرَ عِنِّينًا يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُفَرِّقُ وَلِيُّهَا وَلَوْ وَجَدَتْ زَوْجَهَا الْمَعْتُوهَ عِنِّينًا يُخَاصِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَيُؤَجَّلُ سَنَةً كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا كَانَ زَوْجُ الْأَمَةِ عِنِّينًا فَالْخِيَارُ إلَى الْمَوْلَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. كَمَا يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ يُؤَجَّلُ الْخَصِيُّ وَكَذَا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ، وَإِنْ قَالَ: لَا أَرْجُو أَنْ أَصِلَ إلَيْهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْخُنْثَى إذَا كَانَ يَبُولُ مِنْ مَبَالِ الرِّجَالِ فَهُوَ رَجُلٌ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا أُجِّلَ كَمَا أُجِّلَ الْعِنِّينُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. حُكْمُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ كَحُكْمِ الْعِنِّينِ يَعْنِي إذَا وَجَدَتْ زَوْجَهَا خُنْثَى مُشْكِلًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إنْ كَانَتْ امْرَأَةُ الْعِنِّينِ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ لَا يُؤَجَّلُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَوْ وَجَدَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا خَيَّرَهَا الْقَاضِي لِلْحَالِ وَلَا يُؤَجِّلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَلْحَقُ بِالْمَجْبُوبِ مَنْ كَانَ ذَكَرُهُ صَغِيرًا جِدًّا كَالزِّرِّ لَا مَنْ كَانَتْ آلَتُهُ قَصِيرَةً لَا يُمْكِنُ إدْخَالُهَا دَاخِلَ الْفَرْجِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إنْ قَالَتْ: وَجَدْتُهُ مَجْبُوبًا فَقَالَ الزَّوْجُ: مَا أَنَا بِمَجْبُوبٍ وَقَدْ وَصَلْتُ إلَيْهَا فَالْقَاضِي يُرِيهِ رَجُلًا فَإِنْ عَلِمَ بِالْمَسِّ وَالْجَسِّ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ مِنْ غَيْرِ كَشْفِ عَوْرَتِهِ لَا يَكْشِفُ عَوْرَتَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِالْكَشْفِ وَالنَّظَرِ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَنْظُرَ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا، ثُمَّ جُبَّ ذَكَرُهُ فَلَا خِيَارَ لَهَا كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. إنْ كَانَتْ امْرَأَةُ الْمَجْبُوبِ عَالِمَةً بِذَلِكَ وَقْتَ النِّكَاحِ فَلَا خِيَارَ لَهَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. إنْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْبُوبًا وَلَمْ تَعْلَمْ بِحَالِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ وَأَثْبَتَ الْقَاضِي نَسَبَهُ، ثُمَّ عَلِمَتْ بِحَالِهِ وَطَلَبَتْ الْفُرْقَةَ فَلَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَزِمَهُ بِغَيْرِ جِمَاعٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ الْمَجْبُوبِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ إلَى سَنَتَيْنِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَلَا يَبْطُلُ تَفْرِيقُ الْقَاضِي وَفِي الْعِنِّينِ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَبْطُلُ تَفْرِيقُ الْقَاضِي إذَا كَانَ الزَّوْجُ يَدَّعِي الْوُصُولَ إلَيْهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا وَجَدَتْ زَوْجَهَا الصَّغِيرَ مَجْبُوبًا فَالْقَاضِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِخُصُومَتِهَا فِي الْحَالِ وَلَا يَنْتَظِرُ الْبُلُوغَ وَيُؤَهِّلُ الصَّبِيَّ لِلطَّلَاقِ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ فُرْقَةً بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لَكِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ عَنْهُ خَصْمٌ كَالْأَبِ وَوَصِيِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ وَلَا وَصِيٌّ فَالْجَدُّ وَوَصِيُّهُ خَصْمٌ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ عَنْهُ خَصْمًا فَإِنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ يَبْطُلُ حَقُّ الْمَرْأَةِ مِثْلُ رِضَاهَا بِحَالِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ عَلَى عِلْمِهَا بِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ طَلَبَ يَمِينَهَا تَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَتْ لَمْ يُفَرِّقْ، وَإِنْ حَلَفَتْ فَرَّقَ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً زَوَّجَهَا أَبُوهَا فَوَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِخُصُومَةٍ الْأَبُ حَتَّى تَبْلُغَ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بَالِغَةً وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَوَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ مَعَ زَوْجِهَا وَهِيَ غَائِبَةٌ هَلْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِخُصُومَةِ الْوَكِيلِ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُفَرِّقُ بَلْ

الباب الثالث عشر في العدة

يَنْتَظِرُ حُضُورَهَا وَبَعْضُهُمْ قَالُوا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. زَوْجُ الْأَمَةِ إذَا كَانَ مَجْبُوبًا فَالْخِيَارُ إلَى الْمَوْلَى فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ أَنَّ مَعْتُوهًا لَا تُرْجَى صِحَّتُهُ زَوَّجَهُ وَلِيُّهُ امْرَأَةً كَبِيرَةً فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ فَالْقَاضِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا لِلْحَالِ بِمَحْضَرِ وَلِيِّهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَجْبُوبًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَيْهَا فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ عَنْهُ خَصْمًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ وَيُؤَجِّلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا كَانَ بِالزَّوْجَةِ عَيْبٌ فَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ، وَإِذَا كَانَ بِالزَّوْجِ جُنُونٌ أَوْ بَرَصٌ أَوْ جُذَامٌ فَلَا خِيَارَ لَهَا كَذَا فِي الْكَافِي قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْجُنُونُ حَادِثًا يُؤَجِّلُهُ سَنَةً كَالْعُنَّةِ، ثُمَّ يُخَيِّرُ الْمَرْأَةَ بَعْدَ الْحَوْلِ إذَا لَمْ يَبْرَأْ، وَإِنْ كَانَ مُطْبَقًا فَهُوَ كَالْجَبِّ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. [الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْعِدَّةِ] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْعِدَّةِ) هِيَ انْتِظَارُ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ بَعْدَ زَوَالِ النِّكَاحِ حَقِيقَةً أَوْ شُبْهَةَ الْمُتَأَكِّدِ بِالدُّخُولِ أَوْ الْمَوْتِ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْبُرْجُنْدِيِّ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا جَائِزًا فَطَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ كَانَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا فَفَرَّقَ الْقَاضِي إنْ فَرَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ وَكَذَا لَوْ فَرَّقَ بَعْدَ الْخَلْوَةِ، وَإِنْ فَرَّقَ بَعْدَ الدُّخُولِ كَانَ عَلَيْهَا الِاعْتِدَادُ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ بِالْوَطْءِ فِي نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَى الزَّانِيَةِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. رَجُلٌ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَنَسِيَ مَا قَالَ، ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَدَخَلَ بِهَا تَطْلُقُ وَيَجِبُ مَهْرٌ وَنِصْفُ مَهْرٍ وَتَجِبُ الْعِدَّةُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الزَّوْجِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَدَخَلَ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ حَلَفْتُ إنْ تَزَوَّجْت ثَيِّبًا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّهَا ثَيِّبٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِقْرَارِهِ، ثُمَّ إنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ كَانَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِهَذَا الْوَطْءِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي الْيَمِينِ فَلَهَا مَهْرٌ وَاحِدٌ وَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَرْبَعٌ مِنْ النِّسَاءِ لَا عِدَّةَ عَلَيْهِنَّ: الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالْحَرْبِيَّةُ دَخَلَتْ دَارَنَا بِأَمَانٍ تَرَكَتْ زَوْجَهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالْأُخْتَانِ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَيُفْسَخُ بَيْنَهُمَا وَالْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَيَفْسَخُ بَيْنَهُنَّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْخِزَانَةِ. الْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا أَوْ ثَلَاثًا أَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَهِيَ حُرَّةٌ مِمَّنْ تَحِيضُ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحُرَّةُ مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالْعِدَّةُ لِمَنْ لَمْ تَحِضْ لِصِغَرٍ أَوْ كِبَر أَوْ بَلَغَتْ بِالسِّنِّ وَلَمْ تَحِضْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كَذَا فِي النُّقَايَةِ وَكَذَا لَوْ رَأَتْ

دَمًا يَوْمًا، ثُمَّ لَمْ تَرَ فَعِدَّتُهَا بِالشُّهُورِ هُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا، ثُمَّ انْقَطَعَ فَعِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ، وَإِنْ طَالَ إلَى أَنْ تَيْأَسَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثَةِ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الثَّلَاثَةِ بِالْحَيْضِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَكَذَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ فَحَاضَتْ بَطَلَ حُكْمُ الشُّهُورِ وَاسْتَقْبَلَتْ الْعِدَّةَ بِالْحَيْضِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِالشُّهُورِ فِي الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ فَإِنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ فِي غُرَّةِ الشَّهْرِ اُعْتُبِرَتْ الشُّهُورُ بِالْأَهِلَّةِ، وَإِنْ نَقَصَ الْعَدَدُ عَنْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَإِنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ فِي خِلَالِهِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ عَدَدُ الْأَيَّامِ تِسْعُونَ يَوْمًا فِي الطَّلَاقِ وَفِي الْوَفَاةِ يُعْتَبَرُ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَقْتَ الْعَصْرِ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ وَهِيَ مِمَّنْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ تُعْتَبَرُ عِدَّتُهَا بِالْأَهِلَّةِ وَمَضَى بَعْضُ الْيَوْمِ لَا يُوجِبُ تَكْمِلَةً بِالْأَيَّامِ بِخِلَافِ الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ كَانَ عَلَيْهَا الِاعْتِدَادُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ كَوَامِلَ وَلَا تُحْتَسَبُ هَذِهِ الْحَيْضَةُ مِنْ الْعِدَّةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. عِدَّةُ الْأَمَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ قُرْآنِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ فَعِدَّتُهَا شَهْرٌ وَنِصْفٌ فِي الطَّلَاقِ وَانْفَسَخَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَالْمُسْتَسْعَاةُ كَالْمُكَاتَبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا كَالْحُرَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَةٍ عَلَى وَجْهِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ثَلَاثُ حِيَضٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَحَيْضَتَانِ إنْ كَانَتْ أَمَةً وَسَوَاءٌ مَاتَ عَنْهَا أَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَهِيَ حَيَّةٌ، فَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ فَعِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَعِدَّةُ الْأَمَةِ شَهْرٌ وَنِصْفٌ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَسَدَ نِكَاحُهُ وَلَا عِدَّةَ فِي حَقِّهِ حَتَّى لَا يَحْرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَهِيَ كَالْمُعْتَدَّةِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى لَا يُزَوِّجَهَا مِنْ الْغَيْرِ مَا لَمْ تَحِضْ حَيْضَتَيْنِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَلَهَا مِنْهُ وَلَدٌ فَأَعْتَقَهَا فَعَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ حَيْضَتَانِ تَجْتَنِبُ فِيهِمَا مَا تَجْتَنِبُ الْمَنْكُوحَةُ وَحَيْضَةٌ مِنْ الْعِتْقِ لَا تَجْتَنِبُ فِيهَا مَا تَجْتَنِبُ الْمَنْكُوحَةُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَحَاضَتْ حَيْضَةً، ثُمَّ أَعْتَقَهَا تُكْمِلُ الْعِدَّةَ بِحَيْضَتَيْنِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَتَجْتَنِبُ مَا تَجْتَنِبُ الْحُرَّةُ وَلَوْ أَبَانَهَا وَاحِدَةً، ثُمَّ اشْتَرَاهَا حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبَانَهَا ثِنْتَيْنِ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مِنْ النِّكَاحِ لَكِنْ تَجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْعِتْقِ لَا حِدَادَ فِيهَا إذَا كَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. مُكَاتَبٌ اشْتَرَى مَنْكُوحَتَهُ لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ بَقِيَا عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ أَدَّى الْكِتَابَةَ فَعَتَقَ يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَتَهُ، ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ وَفَاءً فَأُدِّيَتْ الْكِتَابَةُ فَسَدَ النِّكَاحُ قَبْلَ الْمَوْتِ بِلَا فَصْلٍ وَوَجَبَتْ

عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي فَسَادِ النِّكَاحِ حَيْضَتَانِ إذَا كَانَتْ لَمْ تَلِدْ مِنْهُ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا، فَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ فَعَلَيْهَا تَمَامُ ثَلَاثِ حِيَضٍ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُ فَعِدَّتُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، فَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ مِنْهُ سَعَتْ وَسَعَى وَلَدُهَا عَلَى نُجُومِهِ، وَإِنْ عَجَزَا فَعِدَّتُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ، فَإِنْ أَدَّيَا عَتَقَتْ وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ، فَإِنْ كَانَ الْأَدَاءُ فِي الْعِدَّةِ فَعَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ مُسْتَأْنَفَةٍ مِنْ يَوْمِ عِتْقِهَا تَسْتَكْمِلُ فِيهَا شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمِ مَاتَ الْمُكَاتَبُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَوْ تَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ بِنْتَ مَوْلَاهُ بِإِذْنِهِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى عَنْ وَفَاءٍ فَعِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَهَا الصَّدَاقُ وَالْإِرْثُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ حُرًّا، وَإِنْ مَاتَ لَا عَنْ وَفَاءٍ فَسَدَ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَلَكَتْهُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا سَقَطَ الْمَهْرُ بِقَدْرِ مَا مَلَكَتْهُ مِنْهُ وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا صَدَاقَ وَلَا عِدَّةَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْمُعْتَدَّةُ بِالْحَيْضِ إنْ كَانَ حَيْضُهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَوَقْتُ اغْتِسَالِهَا لَيْسَ مِنْ الْحَيْضِ، وَإِنْ كَانَ دُونَ الْعَشَرَةِ فَهُوَ مِنْ الْحَيْضِ، وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً فَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْحَيْضِ فِي الْفَصْلَيْنِ وَيَحِلُّ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا وَيَحِلُّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ إذَا كَانَتْ فِي آخِرِ الْعِدَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ كَانَتْ الْمُعْتَدَّةُ بِالْحَيْضِ أَيَّامُهَا عَشَرَةٌ فَوَقْتُ اغْتِسَالِهَا لَيْسَ مِنْ الْحَيْضِ وَبِنَفْسِ الِانْقِطَاعِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ تَبْطُلُ الرَّجْعَةُ وَيَحِلُّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَقْرَبَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ طَلَّقَهَا وَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ إنْ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَيَّامُهَا أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ فَمَا لَمْ تَغْتَسِلْ أَوْ يَمْضِ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ كَامِلٌ لَا تَبْطُلُ الرَّجْعَةُ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ هَذَا إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ كِتَابِيَّةً فَبِنَفْسِ الِانْقِطَاعِ تَبْطُلُ الرَّجْعَةُ وَيَحِلُّ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا وَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ سَوَاءٌ كَانَتْ أَيَّامُ حَيْضِهَا عَشَرَةً أَوْ أَقَلَّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَعِدَّةُ الْحَامِلِ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا كَذَا فِي الْكَافِي. سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا وَقْتَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ أَوْ حَبِلَتْ بَعْدَ الْوُجُوبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حُرَّةً أَوْ مَمْلُوكَةً قِنَّةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُسْتَسْعَاةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَسَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ أَوْ مُتَارَكَةٍ أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَمْلُ ثَابِتَ النَّسَبِ أَمْ لَا وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَنْ تَزَوَّجَ حَامِلًا بِالزِّنَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ حَدَثَ الْحَمْلُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ الْعُلُوقَ يُضَافُ إلَى مَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَلِهَذَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْمَيِّتِ أَمَّا إذَا حَدَثَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَيْسَ لِلْمُعْتَدَّةِ بِالْحَمْلِ مُدَّةٌ سَوَاءٌ وَلَدَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ بِيَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ كَذَا فِي

الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ وَالْمَيِّتُ عَلَى سَرِيرِهِ انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ، وَشَرْطُ انْقِضَاءِ هَذِهِ الْعِدَّةِ أَنْ يَكُونَ مَا وَضَعَتْ قَدْ اسْتَبَانَ خَلْقُهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ خَلْقُهُ رَأْسًا بِأَنْ أَسْقَطَتْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا كَانَتْ الْمُعْتَدَّةُ حَامِلًا فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِآخِرِهِمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ إنْ خَرَجَ مِنْهَا أَكْثَرُ الْوَلَدِ قَالُوا: إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا يَنْقَطِعُ حَقُّ الرَّجْعَةِ وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ احْتِيَاطًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَإِذَا خَرَجَ الْوَلَدُ مِنْ قِبَلِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الرَّأْسِ النِّصْفُ مِنْ الْبَدَنِ سِوَى الرِّجْلَيْنِ أَوْ سِوَى الرَّأْسِ فَقَدْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْبَدَنُ هُوَ مِنْ أَلْيَتَيْهِ إلَى مَنْكِبَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ كَانَتْ آيِسَةً وَهِيَ حُرَّةٌ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ كَانَتْ آيِسَةً فَاعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ، ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ انْتَقَضَ مَا مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا، وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَأْنِفَ الْعِدَّةَ بِالْحَيْضِ وَمَعْنَاهُ إذَا رَأَتْ الدَّمَ عَلَى الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ عَوْدَهَا يُبْطِلُ الْإِيَاسَ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّ الْمَرْئِيَّ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْإِيَاسِ إذَا كَانَ دَمًا خَالِصًا فَهُوَ حَيْضٌ وَانْتَقَضَ الْحُكْمُ بِالْإِيَاسِ لَكِنْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الزَّمَانِ لَا فِيمَا مَضَى عَلَيْهَا مِنْ الْأَحْكَامِ، وَإِنْ كَانَ الْمَرْئِيُّ كُدْرَةً أَوْ خُضْرَةً لَا يَكُونُ حَيْضًا وَيُحْمَلُ عَلَى فَسَادِ الْمَنْبَتِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَهَلْ يُشْتَرَطُ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِالْإِيَاسِ لِعَدَمِ بُطْلَانِ مَا مَضَى أَوْ لَا يُشْتَرَطُ إذَا بَلَغَتْ مُدَّةَ الْإِيَاسِ وَلَمْ تَرَ الدَّمَ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُشْتَرَطَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ الْآيِسَةُ إذَا اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ وَتَزَوَّجَتْ، ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ يَكُونُ النِّكَاحُ فَاسِدًا عِنْدَ الْبَعْضِ أَمَّا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ النِّكَاحِ، ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ فَلَا يَكُونُ النِّكَاحُ فَاسِدًا وَالْأَصَحُّ أَنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ، وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ الْعِدَّةُ بِالْحَيْضِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْآيِسَةُ إذَا اعْتَدَّتْ بِبَعْضِ الشُّهُورِ، ثُمَّ حَبِلَتْ تَسْتَكْمِلُ الْعِدَّةَ بِوَضْعِ الْحَمْلِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. عِدَّةُ الْحُرَّةِ فِي الْوَفَاةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً تَحْتَ مُسْلِمٍ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً أَوْ آيِسَةً وَزَوْجُهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ حَاضَتْ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ أَوْ لَمْ تَحِضْ وَلَمْ يَظْهَرْ حَبَلُهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. هَذِهِ الْعِدَّةُ لَا تَجِبُ إلَّا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْمُعْتَبَرُ عَشْرُ لَيَالٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. إذَا كَانَتْ الْمَنْكُوحَةُ أَمَةً فَمَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَعِدَّتُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُسْتَسْعَاةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. امْرَأَةُ الْغَائِبِ إذَا أَخْبَرَهَا رَجُلٌ بِمَوْتِهِ وَأَخْبَرَ رَجُلَانِ بِحَيَاتِهِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَهَا بِمَوْتِهِ شَهِدَ أَنَّهُ عَايَنَ مَوْتَهُ أَوْ جِنَازَتَهُ وَكَانَ عَدْلًا وَسِعَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ هَذَا إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا أَمَّا إذَا أَرَّخَا، وَتَارِيخُ شُهُودِ الْحَيَاةِ مُتَأَخِّرٌ فَشَهَادَتُهُمَا أَوْلَى كَذَا

فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ غَائِبٌ فَجَاءَ رَجُلٌ إلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا بِمَوْتِ زَوْجِهَا فَفَعَلَتْ هِيَ وَأَهْلُ الْبَيْتِ مَا تَفْعَلُ أَهْلُ الْمُصِيبَةِ مِنْ إقَامَةِ التَّعْزِيَةِ وَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَدَخَلَ بِهَا، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَأَخْبَرَهَا أَنَّ زَوْجَهَا حَيٌّ وَقَالَ: أَنَا رَأَيْتُهُ فِي بَلَدِ كَذَا كَيْفَ حَالُ نِكَاحِهَا مَعَ الثَّانِي؟ وَهَلْ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَقُومَ مَعَهُ؟ وَمَاذَا تَفْعَلُ هِيَ وَهَذَا الثَّانِي؟ فَقَالَ: إنْ كَانَتْ صَدَّقَتْ الْمُخْبِرَ الْأَوَّلَ لَمْ يُمْكِنْهَا أَنْ تُصَدِّقَ الْمُخْبِرَ الثَّانِيَ وَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَلَهُمَا أَنْ يَقَرَّا عَلَى النِّكَاحِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ النَّسَفِيَّةِ. الرَّجُلُ إذَا طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ بِعَيْنِهَا بَعْدَمَا دَخَلَ بِهِمَا وَهُمَا مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا تُعْرَفُ الْمُطَلَّقَةُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ تَسْتَكْمِلُ فِيهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثَلَاثًا بِغَيْرِ عَيْنِهَا فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ تَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ تَسْتَكْمِلُ فِيهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ وَلَا يَدْرِي أَدَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِالْحَيْضِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ عَنْ امْرَأَتِهِ فَظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ وَلَوْ مَاتَ وَهِيَ حَامِلٌ تَعْتَدُّ بِوَضْعِهِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ إنَّمَا يُعْرَفُ قِيَامُ الْحَبَلِ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ بِأَنْ تَلِدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مَاتَ الصَّبِيُّ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ حُدُوثُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِأَنْ تَلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. إذَا مَاتَ الْخَصِيُّ عَنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ حَدَثَ الْحَمْلُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَعِدَّتُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا وَأَمَّا الْمَجْبُوبُ إذَا مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ حَدَثَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَفِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَالْفَحْلِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْوَضْعِ وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ كَالصَّبِيِّ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. إنْ مَاتَ الْمَجْنُونُ عَنْ امْرَأَتِهِ كَانَ حُكْمُهُ فِي الْعِدَّةِ وَالْوَلَدِ حُكْمَ الرَّجُلِ الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ مَاتَ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا انْتَقَلَتْ عِدَّتُهَا إلَى الْوَفَاةِ سَوَاءٌ طَلَّقَهَا فِي حَالَةِ الْمَرَضِ أَوْ الصِّحَّةِ وَانْهَدَمَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا، فَإِنْ لَمْ تَرِثْ بِأَنْ طَلَّقَهَا فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ لَا تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا، وَإِنْ وَرِثَتْ بِأَنْ طَلَّقَهَا فِي حَالَةِ الْمَرَضِ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَوَرِثَتْ اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ حَتَّى إنَّهَا لَوْ لَمْ تُوفِ الْمُدَّةَ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرَ ثَلَاثَ حِيَضٍ تُكْمِلُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ لَوْ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ حَتَّى وَرِثَتْهُ امْرَأَتُهُ فَعِدَّتُهَا أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. إذَا مَاتَ مَوْلَى أُمِّ الْوَلَدِ عَنْهَا أَوْ أَعْتَقَهَا فَعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً وَلَا تَحْتَ زَوْجٍ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَإِنْ مَاتَ عَنْ أَمَةٍ كَانَ

يَطَؤُهَا أَوْ مُدَبَّرَةٍ كَانَ يَطَؤُهَا أَوْ أَعْتَقَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ، ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ أَوْ فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجٍ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِمَوْتِ الْمَوْلَى، فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْحَرَائِرِ وَلَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ أَوَّلًا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا تَتَغَيَّرُ عِدَّتُهَا إلَى عِدَّةِ الْحَرَائِرِ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا لَا تَتَغَيَّرُ، فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَعَلَيْهَا بِالْمَوْتِ ثَلَاثُ حِيَضٍ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى وَالزَّوْجُ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الزَّوْجَ مَاتَ أَوَّلًا وَعَلِمَ أَنَّ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فَعَلَيْهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ مُدَّةُ عِدَّةِ الْأَمَةِ فِي وَفَاةِ الزَّوْجِ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى فَعَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَقَلُّ مِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فَكَذَلِكَ عَلَيْهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ مُدَّةُ عِدَّةِ وَفَاةِ الزَّوْجِ، فَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى لَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا مَاتَ زَوْجُ أُمِّ الْوَلَدِ وَمَوْلَاهَا وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا وَبَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَقَلُّ مِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فَعَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ مِنْ آخِرِهِمَا مَوْتًا احْتِيَاطًا وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْحَيْضِ فِيهَا، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ فَعِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ يُسْتَكْمَلُ فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ فَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ كَمْ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا وَلَا أَيُّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ لَا حَيْضَ فِيهَا وَعِنْدَهُمَا يُسْتَكْمَلُ فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ الزَّوْجِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي أَدَبِ الْقَاضِي طَلُقَتْ وَهِيَ صَغِيرَةٌ لَمْ تَحِضْ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا وَمِثْلُهَا يُجَامَعُ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُرَاهِقَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُرَاهِقَةً قَالَ أَبُو الْفَضْلِ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ بَلْ تُوقَفُ حَالُهَا إلَى أَنْ يَظْهَرَ أَنَّهَا حَبِلَتْ بِذَلِكَ الْوَطْءِ أَمْ لَا كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. صَغِيرَةٌ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا، ثُمَّ حَاضَتْ فَمَا لَمْ تَحِضْ ثَلَاثَ حِيَضٍ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا. رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَاعْتَدَّتْ بِثَلَاثِ حِيَضٍ إلَّا يَوْمًا فَمَاتَ الزَّوْجُ يَلْزَمُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. إذَا اعْتَدَّتْ الْمُطَلَّقَةُ بِحَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الْعِدَّةِ مَا لَمْ تَيْأَسْ فَإِذَا أَيِسَتْ تَسْتَقْبِلُ الْعِدَّةَ بِالْأَشْهُرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْأَمَةُ الْمَنْكُوحَةُ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا رَجْعِيًّا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا فِي عِدَّتِهَا تَحَوَّلَتْ عِدَّتُهَا إلَى عِدَّةِ الْحَرَائِرِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ وَبِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ أَمَّا إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا أَوْ مَاتَ عَنْهَا، ثُمَّ أُعْتِقَتْ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَتَحَوَّلْ عِدَّتُهَا إلَى عِدَّةِ الْحَرَائِرِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَتَيْنِ أَوْ شَهْرٍ وَنِصْفٍ أَوْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. أَمَةٌ صَغِيرَةٌ طَلُقَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَعِدَّتُهَا شَهْرٌ وَنِصْفٌ فَلَمَّا تَقَارَبَ الِانْقِضَاءُ بَلَغَتْ فَانْتَقَلَتْ عِدَّتُهَا إلَى الْحَيْضِ فَتَعْتَدُّ بِحَيْضَتَيْنِ فَلَمَّا تَقَارَبَ الِانْقِضَاءُ أُعْتِقَتْ فَصَارَتْ عِدَّتُهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ فَلَمَّا تَقَارَبَ الِانْقِضَاءُ مَاتَ الزَّوْجُ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ فِي الطَّلَاقِ عَقِيبَ

الطَّلَاقِ وَفِي الْوَفَاةِ عَقِيبَ الْوَفَاةِ، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْوَفَاةِ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْعِدَّةِ فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ شَكَّتْ فِي وَقْتِ مَوْتِهِ فَتَعْتَدُّ مِنْ حِينِ تَسْتَيْقِنُ بِمَوْتِهِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَالْعِدَّةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ عَقِيبَ التَّفْرِيقِ أَوْ عَزَمَ الْوَاطِئُ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ مُنْذُ كَذَا صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي الْإِسْنَادِ أَوْ كَذَّبَتْهُ أَوْ قَالَتْ: لَا أَدْرِي فَالْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْإِسْنَادِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَجَوَابُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ أَنَّ فِي التَّصْدِيقِ الْعِدَّةَ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ إلَّا أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَارُوا وُجُوبَ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ حَتَّى لَا يَحِلَّ لَهُ التَّزْوِيجُ بِأُخْتِهَا وَأَرْبَعٌ سِوَاهَا زَجْرًا لَهُ حَيْثُ كَتَمَ طَلَاقَهَا وَلَكِنْ لَا تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَعَلَى الزَّوْجِ الْمَهْرُ ثَانِيًا بِالدُّخُولِ لِإِقْرَارِهِ وَتَصْدِيقِهَا إيَّاهُ بِذَلِكَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى. لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ يُقِيمُ مَعَهَا، فَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِالطَّلَاقِ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ، وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا تَجِبُ الْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ زَجْرًا لَهُمَا هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَكَتَمَ طَلَاقَهَا عَنْ النَّاسِ فَلَمَّا حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ وَطِئَهَا فَحَبِلَتْ، ثُمَّ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ مَا لَمْ تَضَعْ الْوَلَدَ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تَنْقَضِي بِوَضْعِ الْحَمْلِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْمَدْخُولَةِ: كُلَّمَا حِضْتِ وَطَهُرْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَحَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الرَّجُلُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَقَضَى الْقَاضِي بِالتَّفْرِيقِ فَإِنَّ الْعِدَّةَ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَا مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْعِدَّتَانِ تَنْقَضِيَانِ بِمُدَّةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَنَا كَانَتَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ صُورَةُ الْأُولَى: الْمُطَلَّقَةُ إذَا حَاضَتْ حَيْضَةً، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَوَطِئَهَا الثَّانِي وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَحَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ بَعْدَ التَّفْرِيقِ كَانَ لِهَذَا الزَّوْجِ الثَّانِي أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ لِقِيَامِ عِدَّةِ الثَّانِي فِي حَقِّ الْغَيْرِ، وَإِنْ كَانَ طَلَاقُ الْأَوَّلِ رَجْعِيًّا كَانَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ حَيْضَتَيْنِ بَعْدَ تَفْرِيقِ الثَّانِي، وَإِنْ حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ مِنْ وَقْتِ تَفْرِيقِ الثَّانِي تَنْقَضِي الْعِدَّتَانِ جَمِيعًا وَصُورَةُ الثَّانِيَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ الْأُولَى بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَالثَّانِيَةُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ تَرَاهَا فِي الْأَشْهُرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ طَلَّقَهَا بِتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ بِتَطْلِيقَتَيْنِ بَائِنَتَيْنِ، ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ مَعَ الْإِقْرَارِ بِالْحُرْمَةِ كَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتَقْبِلَ الْعِدَّةَ اسْتِقْبَالًا بِكُلِّ وَطْأَةٍ، وَتَتَدَاخَلُ مَعَ الْأُولَى إلَّا أَنْ تَنْقَضِيَ الْأُولَى فَإِذَا انْقَضَتْ الْأُولَى وَبَقِيَتْ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ كَانَتْ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ عِدَّةَ الْوَطْءِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ آخَرُ فَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَالْمُعْتَدَّةُ بِعِدَّةِ الْوَطْءِ لَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا إذَا جَامَعَهَا زَوْجُهَا فِي الْعِدَّةِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ وَمَعَ إقْرَارِهِ بِالْحُرْمَةِ لَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ وَلَكِنْ يُرْجَمُ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ كَذَلِكَ

الباب الرابع عشر في الحداد

إذَا قَالَتْ: عَلِمْتُ بِالْحُرْمَةِ، وَوُجِدَتْ شَرَائِطُ الْإِحْصَانِ، وَلَوْ ادَّعَى الشُّبْهَةَ بِأَنْ قَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّهَا تَحِلُّ لِي تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ بِكُلِّ وَطْأَةٍ وَتَتَدَاخَلُ مَعَ الْأُولَى إلَّا أَنْ تَنْقَضِيَ الْأُولَى فَإِذَا انْقَضَتْ الْأُولَى وَبَقِيَتْ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ كَانَتْ هَذِهِ عِدَّةً لِوَطْءٍ لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا جَامَعَهَا مُقِرًّا بِطَلَاقِهَا، وَأَمَّا إذَا جَامَعَهَا مُنْكِرًا لِطَلَاقِهَا فَإِنَّهَا تَسْتَقْبِلُ الْعِدَّةَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ مِنْ سَاعَتِهَا رَجُلًا وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي، ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا كَانَ عَلَيْهَا الِاعْتِدَادُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ مِنْهُمَا وَنَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَعَلَيْهَا بَقِيَّةُ عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ تَمَامُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَعَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ مِنْ الْآخَرِ وَيُحْتَسَبُ بِمَا حَاضَتْ بَعْدَ التَّفْرِيقِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. خَالَعَهَا بِمَالٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ لِكُلِّ وَطْأَةٍ وَتَتَدَاخَلُ الْعِدَّةُ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الْأُولَى وَبَعْدَهُ تَكُونُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ عِدَّةَ الْوَطْءِ لَا الطَّلَاقِ حَتَّى لَا يَقَعَ فِيهَا طَلَاقٌ وَلَا تَجِبُ فِيهَا نَفَقَةٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكُرْدِيِّ. الْكِتَابِيَّةُ إذَا كَانَتْ تَحْتَ مُسْلِمٍ فَعَلَيْهَا مَا عَلَى الْمُسْلِمَةِ: الْحُرَّةُ كَالْحُرَّةِ وَالْأَمَةُ كَالْأَمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ ذِمِّيٍّ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فِي مَوْتٍ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي دِينِهِمْ وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهَا الْعِدَّةُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْحِدَادِ] ِ عَلَى الْمَبْتُوتَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إذَا كَانَتْ بَالِغَةً مُسْلِمَةً الْحِدَادُ فِي عِدَّتِهَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَالْحِدَادُ الِاجْتِنَابُ عَنْ الطِّيبِ وَالدُّهْنِ وَالْكُحْلِ وَالْحِنَّاءِ وَالْخِضَابِ وَلُبْسِ الْمُطَيَّبِ وَالْمُعَصْفَرِ وَالثَّوْبِ الْأَحْمَرِ وَمَا صُبِغَ بِزَعْفَرَانٍ إلَّا إنْ كَانَ غَسِيلًا لَا يُنْفَضُ وَلُبْسِ الْقَصَبِ وَالْخَزِّ وَالْحَرِيرِ وَلُبْسِ الْحُلِيِّ وَالتَّزَيُّنِ وَالِامْتِشَاطِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْمُرَادُ مِنْ الثِّيَابِ الْمَذْكُورَةِ مَا كَانَ جَدِيدًا مِنْهَا تَقَعُ بِهِ الزِّينَةُ أَمَّا إذَا كَانَ خَلَقًا لَا تَقَعُ بِهِ الزِّينَةُ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ امْتَشَطَتْ بِالطَّرَفِ الَّذِي أَسْنَانُهُ مُنْفَرِجَةٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ الِامْتِشَاطُ بِالطَّرَفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لِلزِّينَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنَّمَا يَلْزَمُهَا الِاجْتِنَابُ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ أَمَّا فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ فَلَا بَأْسَ بِهَا إنْ اشْتَكَتْ رَأْسَهَا أَوْ عَيْنَهَا فَصَبَّتْ عَلَيْهَا الدُّهْنَ أَوْ اكْتَحَلَتْ لِأَجْلِ الْمُعَالَجَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَكِنْ لَا تَقْصِدُ بِهِ الزِّينَةَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اعْتَادَتْ الدُّهْنَ فَخَافَتْ وَجَعًا يَحِلُّ بِهَا لَوْ لَمْ تَفْعَل فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْحُلُولَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا تَلْبَسُ الْحَرِيرَ؛ لِأَنَّ فِيهِ زِينَةً إلَّا لِضَرُورَةٍ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَكَّةٌ أَوْ قَمْلَةٌ وَلَا يَحِلُّ لَهَا لُبْسُ الْمُمَشَّقِ وَهُوَ الْمَصْبُوغُ بِالْمِشْقِ وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْمَصْبُوغِ أَسْوَدَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ فَقِيرَةً وَلَيْسَ لَهَا إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ مَصْبُوغٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَلْبَسَهُ مِنْ غَيْرِ إرَادَةِ

الزِّينَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَا يَجِبُ الْحِدَادُ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ الْكَبِيرَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ وَالْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَالْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَهَذَا عِنْدَنَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَوْ أَسْلَمَتْ الْكَافِرَةُ فِي الْعِدَّةِ لَزِمَهَا الْإِحْدَادُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْعِدَّةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. عَلَى الْأَمَةِ الْحِدَادُ إذَا كَانَتْ مَنْكُوحَةً فِي الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ الْبَائِنِ، وَكَذَا الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةُ وَالْمُسْتَسْعَاةُ وَلَيْسَ فِي عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ عَنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا أَوْ إعْتَاقِهَا حِدَادٌ كَذَا الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. لَا يَجُوزُ لَلْأَجْنَبِيِّ خِطْبَةُ الْمُعْتَدَّةِ صَرِيحًا سَوَاءٌ كَانَتْ مُطَلَّقَةً أَوْ مُتَوَفًّى عَنْهَا زَوْجُهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. أَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِ التَّعْرِيضِ فِي الرَّجْعِيِّ وَكَذَا فِي الْبَائِنِ عِنْدَنَا وَإِنَّمَا التَّعْرِيضُ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ صُورَةُ التَّعْرِيضِ أَنْ يَقُولَ لَهَا: إنِّي أُرِيدُ النِّكَاحَ أَوْ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ صِفَتِهَا كَذَا فَيَصِفُهَا بِالصِّفَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا أَوْ يَقُولَ: إنَّكِ لَحَسَنَةٌ أَوْ جَمِيلَةٌ أَوْ تُعْجِبِينِي أَوْ لَيْسَ لِي مِثْلُكِ أَوْ إنِّي أَرْجُو أَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَكِ أَوْ إنْ قَضَى اللَّهُ لِي أَمْرًا كَانَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهِيَ حُرَّةٌ مُطَلَّقَةٌ بَالِغَةٌ عَاقِلَةٌ مُسْلِمَةٌ، وَالْحَالَةُ حَالَةُ الِاخْتِيَارِ فَإِنَّهَا لَا تَخْرُجُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَخْرُجُ نَهَارًا وَبَعْضَ اللَّيْلِ وَلَا تَبِيتُ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. الْمُعْتَدَّةُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ إلَّا إنْ مَنَعَهَا الزَّوْجُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إنْ كَانَتْ الْمُعْتَدَّةُ أَمَةً فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ لِخِدْمَةِ الْمَوْلَى فِي الْوَفَاةِ وَالْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَمْ بَائِنًا، فَإِنْ أُعْتِقَتْ فِي الْعِدَّةِ تَلْزَمُهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْعِدَّةِ مَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ الْمُبَانَةَ، وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا كَانَ الْمَوْلَى بَوَّأَ الْأَمَةَ لَمْ تَخْرُجْ مَا دَامَتْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا الْمَوْلَى، وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةُ كَالْأَمَةِ فِي إبَاحَةِ الْخُرُوجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْمُسْتَسْعَاةُ كَالْمُكَاتَبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا الْكِتَابِيَّةُ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهَا الْخُرُوجُ بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَلَا يَحِلُّ لَهَا الْخُرُوجُ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا فِي الْعِدَّةِ، وَكَذَلِكَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ لَهَا أَنْ تَبِيتَ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهَا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ لَزِمَهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْعِدَّةِ مَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ، وَالْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ لَا تَخْرُجُ بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَلَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَأَمَّا الصَّبِيَّةُ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَمَا قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ إلَّا إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً فَحِينَئِذٍ لَا تَخْرُجُ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ كَذَا اخْتَارَهُ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمَوْلَى إذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ الْمَجْنُونَةُ وَالْمَعْتُوهَةُ تَخْرُجَانِ كَالْكِتَابِيَّةِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. الْمَجُوسِيَّةُ إذَا أَسْلَمَ زَوْجُهَا وَأَبَتْ الْإِسْلَامَ حَتَّى وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ دَخَلَ بِهَا لَهَا أَنْ تَخْرُجَ إلَّا إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ لِتَحْصِينِ مَائِهِ، فَإِذَا طَلَبَ مِنْهَا ذَلِكَ يَلْزَمُهَا وَلَوْ قَبَّلَتْ الْمُسْلِمَةُ ابْنَ زَوْجِهَا حَتَّى وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَوَجَبَتْ

الْعِدَّةُ إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَنْزِلِهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. امْرَأَةٌ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى نَفَقَةِ عِدَّتِهَا وَاحْتَاجَتْ إلَى الْخُرُوجِ لِأَجْلِ النَّفَقَةِ تَكَلَّمُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. عَلَى الْمُعْتَدَّةِ أَنْ تَعْتَدَّ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي يُضَافُ إلَيْهَا بِالسُّكْنَى حَالَ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ وَالْمَوْتِ كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ كَانَتْ زَائِرَةً أَهْلَهَا أَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا لِأَمْرٍ حِينَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ انْتَقَلَتْ إلَى بَيْتِ سُكْنَاهَا بِلَا تَأْخِيرٍ وَكَذَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. إنْ اُضْطُرَّتْ إلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهَا بِأَنْ خَافَتْ سُقُوطَ مَنْزِلِهَا أَوْ خَافَتْ عَلَى مَالِهَا أَوْ كَانَ الْمَنْزِلُ بِأُجْرَةٍ وَلَا تَجِدُ مَا تُؤَدِّيهِ فِي أُجْرَتِهِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَلَا بَأْسَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ تَنْتَقِلَ، وَإِنْ كَانَتْ تَقْدِرُ عَلَى الْأُجْرَةِ لَا تَنْتَقِلُ، وَإِنْ كَانَ الْمَنْزِلُ لِزَوْجِهَا وَقَدْ مَاتَ فَلَهَا أَنْ تَسْكُنَ فِي نَصِيبِهَا إنْ كَانَ مَا يُصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ مَا يُكْتَفَى بِهِ فِي السُّكْنَى وَتَسْتَتِرُ عَنْ سَائِرِ الْوَرَثَةِ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ لَهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ كَانَ نَصِيبُهَا مِنْ دَارِ الْمَيِّتِ لَا يَكْفِيهَا فَأَخْرَجَهَا الْوَرَثَةُ مِنْ نَصِيبِهِمْ انْتَقَلَتْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. لَوْ أَسْكَنُوهَا فِي نَصِيبِهِمْ بِأُجْرَةٍ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهَا لَا تَنْتَقِلُ كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لِابْنِ الْمَلَكِ. وَإِذَا انْتَقَلَتْ لِعُذْرٍ يَكُونُ سُكْنَاهَا فِي الْبَيْتِ الَّذِي انْتَقَلَتْ إلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ كَوْنِهَا فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي انْتَقَلَتْ مِنْهُ فِي حُرْمَةِ الْخُرُوجِ عَنْهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَوْ كَانَتْ بِالسَّوَادِ قَدْ دَخَلَ عَلَيْهَا الْخَوْفُ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ فِي سَعَةٍ مِنْ التَّحَوُّلِ إلَى الْمِصْرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْمُعْتَدَّةُ إذَا كَانَتْ فِي مَنْزِلٍ لَيْسَ مَعَهَا أَحَدٌ وَهِيَ لَا تَخَافُ مِنْ اللُّصُوصِ وَلَا مِنْ الْجِيرَانِ وَلَكِنَّهَا تَفْزَعُ مِنْ أَمْرِ الْمَبِيتِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَوْفُ شَدِيدًا لَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَإِنْ كَانَ الْخَوْفُ شَدِيدًا كَانَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا انْهَدَمَ بَيْتُ الْعِدَّةِ فَالتَّدْبِيرُ فِي اخْتِيَارِ الْمَنْزِلِ فِي الْوَفَاةِ وَفِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا إلَيْهَا وَفِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَالطَّلَاقِ الْبَائِنِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا إلَى الزَّوْجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَلَيْسَ لَهُ إلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حِجَابًا حَتَّى لَا تَقَعَ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيَّةِ، فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ وَتَسْكُنُ مَنْزِلًا آخَرَ، وَإِنْ خَرَجَ الزَّوْجُ وَتَرَكَهَا فَهُوَ أَوْلَى، وَإِنْ أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ مَعَهَا امْرَأَةً حُرَّةً ثِقَةً تَقْدِرُ عَلَى الْحَيْلُولَةِ فَهُوَ حَسَنٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بِالْبَادِيَةِ وَهِيَ مَعَهُ فِي خَيْمَةٍ وَالزَّوْجُ يَنْتَقِلُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ لِلْكَلَأِ وَالْمَاءِ هَلْ يَسَعُهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ بِهَا يُنْظَرُ إنْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِتَرْكِهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْمُعْتَدَّةُ لَا تُسَافِرُ لَا لِلْحَجِّ وَلَا لِغَيْرِهِ وَلَا يُسَافِرُ بِهَا زَوْجُهَا عِنْدَنَا، وَإِنْ سَافَرَ بِهَا وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرَّجْعَةَ لَا يَصِيرُ مُرَاجِعًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لِلْمُعْتَدَّةِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا إلَى صَحْنِ الدَّارِ وَتَبِيتَ فِي أَيِّ مَنْزِلٍ شَاءَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الدَّارِ مَنَازِلُ لِغَيْرِهِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا إلَى تِلْكَ الْمَنَازِلِ وَلَوْ سَافَرَ بِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا

الباب الخامس عشر في ثبوت النسب

أَوْ ثَلَاثًا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مِصْرِهَا وَمَقْصِدِهَا أَقَلُّ مِنْ السَّفَرِ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ، وَإِنْ شَاءَتْ رَجَعَتْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْمِصْرِ أَوْ غَيْرِهِ مَعَهَا مَحْرَمٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا أَنَّ الرُّجُوعَ أَوْلَى لِيَكُونَ الِاعْتِدَادُ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ سَفَرًا وَالْآخَرُ دُونَهُ اخْتَارَتْ مَا دُونَهُ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَفَرًا، فَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَفَازَةِ مَضَتْ إنْ شَاءَتْ أَوْ رَجَعَتْ بِمَحْرَمٍ أَوْ غَيْرِ مَحْرَمٍ وَلَكِنَّ الرُّجُوعَ أَوْلَى، فَإِنْ كَانَتْ فِي مِصْرٍ لَمْ تَخْرُجْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا مَحْرَمٌ لَمْ تَخْرُجْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: تَخْرُجُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا وَقَوْلُهُ الْآخَرُ أَظْهَرُ، وَإِنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا تَبِعَتْ زَوْجَهَا سَارَ أَوْ مَضَى وَلَمْ تُفَارِقْهُ كَذَا فِي الْكَافِي. [الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ] ِ قَالَ أَصْحَابُنَا: لِثُبُوتِ النَّسَبِ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ (الْأُولَى) النِّكَاحُ الصَّحِيحُ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ: وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ غَيْرِ عَوْدَةٍ وَلَا يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ النَّفْيِ وَإِنَّمَا يَنْتَفِي بِاللِّعَانِ، فَإِنْ كَانَا مِمَّنْ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا لَا يَنْتَفِي نَسَبُ الْوَلَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَالثَّانِيَةُ) أُمُّ الْوَلَدِ، وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنْ يَثْبُتَ النَّسَبُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ وَيَنْتَفِيَ بِمُجَرَّدِ النَّفْيِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ إنَّمَا يَمْلِكُ نَفْيَهُ مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِهِ أَوْ لَمْ يَتَطَاوَلْ ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِهِ فَقَدْ لَزِمَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ وَكَذَا بَعْدَ التَّطَاوُلِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي بَابِ الِاسْتِيلَادِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ بِدُونِ الدَّعْوَةِ إنْ كَانَ يَحِلُّ لِلْمَوْلَى وَطْؤُهَا أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَحِلُّ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِدُونِ الدَّعْوَةِ كَأُمِّ وَلَدٍ كَاتَبَهَا مَوْلَاهَا أَوْ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ اسْتَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِدُونِ الدَّعْوَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَكَذَا لَوْ حَرُمَ وَطْؤُهَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِوَطْءِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ بِوَطْئِهِ أُمَّهَا أَوْ بِنْتَهَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ مَا تَلِدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بِالدَّعْوَةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. (الثَّالِثَةُ) الْأَمَةُ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِدُونِ الدَّعْوَةِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَحُكْمُ الْمُدَبَّرَةِ كَحُكْمِ الْأَمَةِ فِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ بِدُونِ دَعْوَةِ الْمَوْلَى كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَإِنْ كَانَ يَطَأُ الْأَمَةَ وَلَا يَعْزِلُ عَنْهَا لَا يَحِلُّ لَهُ نَفْيُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يَعْزِلُ عَنْهَا وَلَمْ يُحْصِنْهَا جَازَ لَهُ النَّفْيُ لِتَعَارُضِ الظَّاهِرَيْنِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ رَضِيعٍ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَبْدُهُ وَلَيْسَ لَهُ نَسَبٌ فَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْبُوبًا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ عَبْدُهُ لَكِنْ لَهُ نَسَبٌ مَعْلُومٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً فَجَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ اعْتَرَفَ بِهِ الزَّوْجُ أَوْ سَكَتَ، فَإِنْ جَحَدَ الْوِلَادَةَ تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ تَشْهَدُ بِالْوِلَادَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ وَلَدَتْ أَحَدَ الْوَلَدَيْنِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ

بِيَوْمٍ وَالْآخَرُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. الْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَإِنَّ نَسَبَ وَلَدِهَا لَا يَثْبُتُ مِنْ الزَّوْجِ إلَّا إذَا عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ مِنْهُ وَهُوَ أَنْ يَجِيءَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَكُلُّ امْرَأَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَإِنَّ نَسَبَ وَلَدِهَا يَثْبُتُ مِنْ الزَّوْجِ إلَّا إذَا عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَهُوَ أَنْ يَجِيءَ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ، فَإِذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ يَثْبُتُ النَّسَبُ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: إذَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ، ثُمَّ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَوْ جَاءَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ وَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَى سَنَتَيْنِ وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِهِ وَلَوْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَصِيرُ مُرَاجِعًا لَهَا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مَا لَمْ يَدَّعِ الزَّوْجُ، فَإِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ يَثْبُتُ مِنْهُ وَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِهَا أَمْ لَا فِيهِ رِوَايَتَانِ رِوَايَةٌ يَحْتَاجُ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَحْتَاجُ هَذَا إذَا طَلَّقَهَا وَلَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ مِنْ وَقْتِ الْوَفَاةِ إلَى سَنَتَيْنِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْوَفَاةِ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ أَقَرَّتْ، وَذَلِكَ فِي مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِي مِثْلِهَا الْعِدَّةُ الطَّلَاقُ وَالْوَفَاةُ سَوَاءٌ، ثُمَّ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِلَّا فَلَا هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ كَبِيرَةً سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ أَوْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً طَلَّقَهَا زَوْجُهَا إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، فَإِنْ ادَّعَتْ الْحَبَلَ فَفِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا وَفِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ إلَى سَنَتَيْنِ وَلَوْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَوْ سَكَتَتْ عَنْ الدَّعْوَى فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - سُكُوتُهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَدَعْوَى الْحَبَلِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. امْرَأَةٌ قَالَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ: لَسْتُ بِحَامِلٍ، ثُمَّ قَالَتْ مِنْ الْغَدِ: أَنَا حَامِلٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا، وَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ لَسْت بِحَامِلٍ، ثُمَّ قَالَتْ: أَنَا حَامِلٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ مَوْتِ زَوْجِهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا وَيَبْطُلُ إقْرَارُهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الصَّغِيرَةُ إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، فَإِنْ أَقَرَّتْ بِالْحَبَلِ فَهِيَ كَالْكَبِيرَةِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ إلَى سَنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ، وَإِنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَدَّعِ حَبَلًا وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَشْهُرِ وَعَشَرَةِ

أَيَّامٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الْمَبْتُوتَةُ إنْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَبَيْنَ الْوِلَادَتَيْنِ يَوْمٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَبَاقِيهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يَكُونَ الْخَارِجُ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ نِصْفَ بَدَنِهِ أَوْ يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ الرِّجْلَيْنِ أَكْثَرُ الْبَدَنِ لِأَقَلَّ وَالْبَاقِي لِأَكْثَرَ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ مِنْ وَفَاةٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ إلَى سَنَتَيْنِ فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الْوِلَادَةَ أَوْ الْوَرَثَةُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَادَّعَتْ هِيَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ أَقَرَّ بِالْحَبَلِ وَلَا كَانَ الْحَبَلُ ظَاهِرًا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا بِشَهَادَةِ رِجْلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ أَقَرَّ بِالْحَبَلِ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ ظَاهِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي الْوِلَادَةِ، وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ لَهَا قَابِلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَكَذَلِكَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: الَّذِي وَلَدَتْهُ غَيْرُ هَذَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً عَنْ وَفَاةٍ وَصَدَّقَتْهَا الْوَرَثَةُ فِي الْوِلَادَةِ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْوِلَادَةِ أَحَدٌ فَهُوَ ابْنُهُ عِنْدَهُمْ وَيَرِثُهُ، وَهَذَا فِي حَقِّ الْإِرْثِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهِمْ وَفِي حَقِّ النَّسَبِ إنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ صَدَّقَهَا رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِنْهُمْ وَجَبَ الْحُكْمُ بِإِثْبَاتِ نَسَبِهِ حَتَّى شَارَكَ الْمُصَدِّقِينَ وَالْمُنْكِرِينَ وَيُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمُعْتَدَّةُ بِزَوْجٍ آخَرَ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فَهُوَ لِلثَّانِي وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي لَمْ يَكُنْ لِلْأَوَّلِ وَلَا لِلثَّانِي وَهَلْ يَجُوزُ نِكَاحُ الثَّانِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى جَائِزٌ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ قَبْلَ التَّزْوِيجِ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا، فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ وَوَقَعَ النِّكَاحُ الثَّانِي فَاسِدًا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مِنْ الْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ إثْبَاتُهُ بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الثَّانِي فَاسِدٌ وَمَهْمَا أَمْكَنَ إحَالَةُ النَّسَبِ إلَى الْفِرَاشِ الصَّحِيحِ كَانَ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إثْبَاتُهُ مِنْهُ وَأَمْكَنَ إثْبَاتُهُ مِنْ الثَّانِي فَالنَّسَبُ يَثْبُتُ مِنْ الثَّانِي بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَ إثْبَاتُ النَّسَبِ مِنْ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَإِثْبَاتُهُ مِنْ الْفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ الْحَمَلِ عَلَى الزِّنَا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَجَاءَتْ بِسِقْطٍ قَدْ اسْتَبَانَ خَلْقُهُ، فَإِنْ جَاءَتْ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ جَازَ النِّكَاحُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الزَّوْجِ الثَّانِي، وَإِنْ جَاءَتْ

لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا لَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَاخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ: تَزَوَّجْتُك مُنْذُ شَهْرٍ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَا بَلْ مُنْذُ سَنَةٍ فَالْوَلَدُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الزَّوْجِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَحْلَفَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ شَهْرٍ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ، فَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ التَّصَادُقِ عَلَى تَزَوُّجِهِ إيَّاهَا مُنْذُ سَنَةٍ قُبِلَتْ وَهَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ مُسْتَقِيمٌ فِيمَا إذَا أَقَامَ الْوَلَدُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَمَا كَبِرَ أَمَّا إذَا كَانَ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ حَالَ صِغَرِ الْوَلَدِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مَا لَمْ يُنَصِّبْ الْقَاضِي خَصْمًا عَنْ الصَّغِيرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ وَالْقَاضِي يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْصِبَ عَنْهُ خَصْمًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَلَدَتْ وَلَدًا لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ فَقَالَ الزَّوْجُ الْوَلَدُ: وَلَدِي بِسَبَبٍ أَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ لِي وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا بَلْ هُوَ مِنْ الزِّنَا فِي رِوَايَةٍ الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّجُلِ وَفِي رِوَايَةٍ الْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ نَكَحَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا فَاشْتَرَاهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ لَزِمَهُ وَإِلَّا لَا إلَّا بِالدَّعْوَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ مِنْهُ لَزِمَهُ إذَا وَلَدَتْهُ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ، وَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ لَا يَلْزَمُهُ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ حَتَّى حَرُمَتْ عَلَيْهِ حُرْمَةً غَلِيظَةً يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْمَوْطُوءَةَ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ اشْتَرَاهَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ الزَّوْجُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ بِلَا دَعْوَةٍ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُعْتِقْهَا وَلَكِنْ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بَاعَهَا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَإِنْ ادَّعَاهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ بِلَا تَصْدِيقٍ كَذَا فِي الْكَافِي. أُمُّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ عَنْهَا مَوْلَاهَا أَوْ أَعْتَقَهَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. مَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ كَانَ فِي بَطْنِكَ وَلَدٌ فَهُوَ مِنِّي فَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ قَالُوا هَذَا فِيمَا إذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ، فَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِأَكْثَرَ لَا يَلْزَمُهُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْرِفَ أَنَّهُ فِيمَا إذَا قَالَ: إنْ كَانَ فِي بَطْنِكَ وَلَدٌ أَوْ قَالَ إنْ كَانَ لَهَا حَبَلٌ فَهُوَ مِنِّي بِلَفْظِ التَّعْلِيقِ أَمَّا إذَا قَالَ: هَذِهِ حَامِلٌ مِنِّي يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَى سَنَتَيْنِ حَتَّى يَنْفِيَهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَجْنَاسِ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. رَجُلٌ قَالَ لِغُلَامٍ: هَذَا ابْنِي، ثُمَّ مَاتَ، ثُمَّ جَاءَتْ أُمُّ الْغُلَامِ وَهِيَ حُرَّةٌ وَقَالَتْ: أَنَا امْرَأَتُهُ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَيَرِثَانِهِ وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ

هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَهَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَزَعَمَ الْوَرَثَةُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِ الْمَيِّتِ وَهِيَ تَدَّعِي النِّكَاحَ لَمْ تَرِثْ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَجَاءَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ وَلَا يَعْلَمَانِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ فَالنَّسَبُ ثَابِتٌ، وَإِنْ كَانَا يَعْلَمَانِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ يَثْبُتُ النَّسَبُ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ تَجْنِيسِ النَّاصِرِيِّ. رَجُلٌ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ وَفِي يَدِهَا وَلَدٌ وَالْوَلَدُ لَيْسَ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: تَزَوَّجْتَنِي بَعْدَمَا وَلَدْتُ هَذَا الْوَلَدَ مِنْ زَوْجٍ قَبْلَكَ فَقَالَ الزَّوْجُ: لَا بَلْ وَلَدْتِهِ فِي مِلْكِي فَهُوَ ابْنُ الزَّوْجِ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الزَّوْجِ دُونَ الْمَرْأَةِ فَقَالَ: هُوَ ابْنِي مِنْ غَيْرِكَ فَقَالَتْ: هُوَ ابْنِي مِنْكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَلَا تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ فَقَالَ الزَّوْجُ: هَذَا الْوَلَدُ مِنْ زَوْجٍ كَانَ لَكِ مِنْ قَبْلِي وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: بَلْ هُوَ مِنْكَ فَهُوَ مِنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ إنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ وَلَمْ يَقُلْ: إنَّهُ مِنْ الزِّنَا أَمَّا إنْ قَالَ: إنَّهُ مِنِّي مِنْ الزِّنَا فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَا يَرِثُ مِنْهُ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ، ثُمَّ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ زَوَّجَهَا مِنْهُ مَوْلَاهَا تُجْعَلُ الْمَرْأَةُ لَهُ وَيُجْعَلُ الْوَلَدُ وَلَدَ الزَّوْجِ وَعَتَقَ الْوَلَدُ بِدَعْوَةِ الْمَوْلَى. صَبِيٌّ فِي يَدِ امْرَأَةٍ قَالَ رَجُلٌ لِلْمَرْأَةِ: هَذَا ابْنِي مِنْكَ مِنْ نِكَاحٍ وَقَالَتْ: هُوَ ابْنُك مِنْ زِنًا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ: هُوَ ابْنُكَ مِنْ نِكَاحٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهَا. رَجُلٌ مُسْلِمٌ تَزَوَّجَ بِمَحَارِمِهِ فَجِئْنَ بِأَوْلَادٍ يَثْبُتُ نَسَبُ الْأَوْلَادِ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَاطِلٌ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ خَلَا بِامْرَأَتِهِ خَلْوَةً صَحِيحَةً، ثُمَّ طَلَّقَهَا صَرِيحًا وَقَالَ: لَمْ أُجَامِعْهَا فَصَدَّقَتْهُ أَوْ كَذَّبَتْهُ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَلَهَا كَمَالِ الْمَهْرِ، فَإِنْ قَالَ لَهَا: رَاجَعْتُكِ لَمْ تَصِحَّ الْمُرَاجَعَةُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَلَمْ تَعْتَرِفْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَصَحَّتْ تِلْكَ الْمُرَاجَعَةُ وَيُجْعَلُ وَاطِئًا لَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. أُمُّ وَلَدٍ إذَا نُكِحَتْ نِكَاحًا فَاسِدًا وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الزَّوْجِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. النَّسَبُ يَثْبُتُ بِالْإِيمَاءِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى النُّطْقِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ امْرَأَةً لَا يَتَأَتَّى مِنْ مِثْلِهِ وِقَاعٌ وَلَا إحْبَالٌ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لَا يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ وَلَا تَرُدُّ مَا أَنْفَقَ أَبُو الزَّوْجِ عَلَيْهَا مِنْ ابْنِهِ، وَإِنْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ رَدَّتْ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِقْدَارِ مُدَّةِ الْحَمْلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الصَّبِيُّ الْمُرَاهِقُ إذَا جَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَدُ الْمُهَاجِرَةِ لَا يَلْزَمُ الْحَرْبِيَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ سَنَتَانِ وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ كَذَا فِي الْكَافِي أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ تُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ فِي الصَّحِيحِ مِنْهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُشْتَرَطُ الدُّخُولُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْخَلْوَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الباب السادس عشر في الحضانة

[الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْحَضَانَةِ] ِ أَحَقُّ النَّاسِ بِحَضَانَةِ الصَّغِيرِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ الْأُمُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُرْتَدَّةً أَوْ فَاجِرَةً غَيْرَ مَأْمُونَةٍ كَذَا فِي الْكَافِي. سَوَاءٌ لَحِقَتْ الْمُرْتَدَّةُ بِدَارِ الْحَرْبِ أَمْ لَا، فَإِنْ تَابَتْ فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَكَذَا لَوْ كَانَتْ سَارِقَةً أَوْ مُغَنِّيَةً أَوْ نَائِحَةً فَلَا حَقَّ لَهَا هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهَا فِي الصَّحِيحِ لِاحْتِمَالِ عَجْزِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ غَيْرَهَا فَحِينَئِذٍ تُجْبَرُ عَلَى حَضَانَتِهِ كَيْ لَا يَضِيعَ بِخِلَافِ الْأَبِ حَيْثُ يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ إذَا امْتَنَعَ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْأُمِّ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُمٌّ تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْحَضَانَةِ أَوْ مُتَزَوِّجَةً بِغَيْرِ مَحْرَمٍ أَوْ مَاتَتْ فَأُمُّ الْأُمِّ أَوْلَى مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ عَلَتْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأُمِّ أُمٌّ فَأُمُّ الْأَبِ أَوْلَى مِمَّنْ سِوَاهَا، وَإِنْ عَلَتْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي النَّفَقَاتِ إنْ كَانَتْ لِلصَّغِيرَةِ جَدَّةٌ مِنْ قِبَلِ أَبِيهَا وَهِيَ أُمُّ أَبِي أُمِّهَا فَهَذِهِ لَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ كَانَتْ مِنْ قَرَابَةِ الْأُمِّ مِنْ جِهَةِ أُمِّهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. ، فَإِنْ مَاتَتْ أَوْ تَزَوَّجَتْ فَالْأُخْتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ، فَإِنْ مَاتَتْ أَوْ تَزَوَّجَتْ فَالْأُخْتُ لِأُمٍّ، فَإِنْ مَاتَتْ أَوَتَزَوَّجَتْ فَبِنْتُ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، فَإِنْ مَاتَتْ أَوْ تَزَوَّجَتْ فَبِنْتُ الْأُخْتِ لِأُمٍّ لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِي تَرْتِيبِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ إنَّمَا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ بَعْدَ هَذَا فِي الْخَالَةِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ فَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ النِّكَاحِ: الْأُخْتُ لِأَبٍ أَوْلَى مِنْ الْخَالَةِ وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الطَّلَاقِ: الْخَالَةُ أَوْلَى وَبَنَاتُ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأُمٍّ أَوْلَى مِنْ الْخَالَاتِ فِي قَوْلِهِمْ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي بَنَاتِ الْأُخْتِ لِأَبٍ مَعَ الْخَالَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخَالَةَ أَوْلَى وَأَوْلَى الْخَالَاتِ الْخَالَةُ لِأَبٍ وَأُمٍّ، ثُمَّ الْخَالَةُ لِأُمٍّ، ثُمَّ الْخَالَةُ لِأَبٍ، وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ أَوْلَى مِنْ الْعَمَّاتِ وَالتَّرْتِيبُ فِي الْعَمَّاتِ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا فِي الْخَالَاتِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، ثُمَّ يَدْفَعُ إلَى خَالَةِ الْأُمِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ، ثُمَّ لِأُمٍّ، ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ إلَى عَمَّاتِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ. وَخَالَةُ الْأُمِّ أَوْلَى مِنْ خَالَةِ الْأَبِ عِنْدَنَا، ثُمَّ خَالَاتُ الْأَبِ وَعَمَّاتُهُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْوِلَايَةَ تُسْتَفَادُ مِنْ قِبَلِ الْأُمَّهَاتِ فَكَانَتْ جِهَةُ الْأُمِّ مُقَدَّمَةً عَلَى جِهَةِ الْأَبِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. بَنَاتُ الْعَمِّ وَالْخَالِ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ لَا حَقَّ لَهُنَّ فِي الْحَضَانَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنَّمَا يَبْطُلُ حَقُّ الْحَضَانَةِ لِهَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ بِالتَّزَوُّجِ إذَا تَزَوَّجْنَ بِأَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ تَزَوَّجْنَ بِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الصَّغِيرِ كَالْجَدَّةِ إذَا كَانَ زَوْجُهَا جَدًّا لِصَغِيرٍ أَوْ الْأُمُّ إذَا تَزَوَّجَتْ بِعَمِّ الصَّغِيرِ لَا يَبْطُلُ حَقُّهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ سَقَطَ حَقُّهَا بِالتَّزَوُّجِ يَعُودُ إذَا ارْتَفَعَتْ وَإِذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لَا يَعُودُ حَقُّهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا لِقِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ بِزَوْجٍ آخَرَ وَتَمَسَّكَ الصَّغِيرُ مَعَهَا أَوْ الْأُمُّ فِي بَيْتِ الرَّابِّ فَلِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهَا. صَغِيرَةً عِنْدَ جَدَّةٍ تَخُونُ حَقَّهَا فَلِعَمَّتِهَا أَنْ تَأْخُذَهَا مِنْهَا إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهَا

كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ الْأُمَّ تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَإِنْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَلَكِنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَعَادَ حَقُّهَا، فَإِنْ لَمْ تُعَيِّنْ الزَّوْجَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَإِنْ عَيَّنَتْ الزَّوْجَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي دَعْوَى الطَّلَاقِ حَتَّى يُقِرَّ بِهِ ذَلِكَ الزَّوْجُ. وَإِذَا وَجَبَ الِانْتِزَاعُ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ يُدْفَعُ إلَى الْعَصَبَةِ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ، ثُمَّ أَبُو الْأَبِ، وَإِنْ عَلَا، ثُمَّ لِأَخِ الْأَبِ وَأُمٍّ، ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ ابْنِ الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، ثُمَّ ابْنِ الْأَخِ لِأَبٍ وَكَذَا مَنْ سَفَلَ مِنْهُمْ، ثُمَّ الْعَمِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ، ثُمَّ لِأَبٍ فَأَمَّا أَوْلَادُ الْأَعْمَامِ فَإِنَّهُ يُدْفَعُ إلَيْهِمْ الْغُلَامُ فَيُبْدَأُ بِابْنِ الْعَمِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ، ثُمَّ بِابْنِ الْعَمِّ لِأَبٍ وَالصَّغِيرَةُ لَا تُدْفَعُ إلَيْهِمْ وَلَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ إخْوَةٌ أَوْ أَعْمَامٌ فَأَصْلَحُهُمْ أَوْلَى، فَإِنْ تَسَاوَوْا فَأَسَنُّهُمْ كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَارِيَةِ مَنْ عَصَبَاتِهَا غَيْرُ ابْنِ الْعَمِّ فَالِاخْتِيَارُ إلَى الْقَاضِي إنْ رَآهُ أَصْلَحُ يَضُمُّهَا إلَيْهِ وَإِلَّا فَيَضَعُهَا عِنْدَ أَمِينَةٍ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرَةِ عَصَبَةٌ تُدْفَعُ إلَى الْأَخِ لِأُمٍّ، ثُمَّ إلَى وَلَدِهِ، ثُمَّ إلَى الْعَمِّ لِأُمٍّ، ثُمَّ إلَى الْخَالِ لِأَبٍ وَأُمِّ، ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ لِأُمٍّ كَذَا فِي الْكَافِي. أَبُو الْأُمِّ أَوْلَى مِنْ الْخَالِ وَمِنْ الْأَخِ لِأُمٍّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُدْفَعُ الذَّكَرُ إلَى مَوْلَى الْعَتَاقَةِ وَلَا تُدْفَعُ الْأُنْثَى كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا حَقَّ لِلْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فِي الْحَضَانَةِ مَا لَمْ تُعْتَقَا فَالْحَضَانَةُ لِمَوْلَاهُ إنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي الرِّقِّ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ إنْ كَانَا فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا فَالْحَضَانَةُ لِأَقْرِبَائِهِ الْأَحْرَارِ وَإِذَا أُعْتِقَتَا كَانَ لَهُمَا حَقُّ الْحَضَانَةِ فِي أَوْلَادِهِمَا الْأَحْرَارِ، وَالْمُكَاتَبَةُ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ الْمَوْلُودِ قَبْلَهَا كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. الْمُدَبَّرَةُ كَالْقِنَّةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَا حَقَّ لِغَيْرِ الْمَحْرَمِ فِي حَضَانَةِ الْجَارِيَةِ وَلَا لِلْعَصَبَةِ الْفَاسِقِ عَلَى الصَّغِيرَةِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ تَخْرُجُ كُلُّ وَقْتٍ وَتَتْرُكُ الْبِنْتَ ضَائِعَةً كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ أَحَقُّ بِالْغُلَامِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ وَقُدِّرَ بِسَبْعِ سِنِينَ وَقَالَ الْقُدُورِيُّ حَتَّى يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيَشْرَبَ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ وَقَدَّرَهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ بِتِسْعِ سِنِينَ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ أَحَقُّ بِالْجَارِيَةِ حَتَّى تَحِيضَ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا بَلَغَتْ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَالْأَبُ أَحَقُّ وَهَذَا صَحِيحٌ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. الصَّغِيرَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ مُشْتَهَاةً وَلَهَا زَوْجٌ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْأُمِّ فِي حَضَانَتِهَا مَا دَامَتْ لَا تَصْلُحُ لِلرِّجَالِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَبَعْدَمَا اسْتَغْنَى الْغُلَامُ وَبَلَغَتْ الْجَارِيَةُ فَالْعَصَبَةُ أَوْلَى يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُمْسِكُهُ هَؤُلَاءِ إنْ كَانَ غُلَامًا إلَى أَنْ يُدْرِكَ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَدْ اجْتَمَعَ رَأْيُهُ وَهُوَ مَأْمُونٌ عَلَى نَفْسِهِ يُخَلَّى سَبِيلُهُ فَيَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى نَفْسِهِ فَالْأَبُ يَضُمُّهُ إلَى نَفْسِهِ وَيُوَلِّيهِ وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا تَطَوَّعَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَالْجَارِيَةُ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَغَيْرَ مَأْمُونَةٍ عَلَى نَفْسِهَا لَا يُخَلَّى سَبِيلُهَا وَيَضُمُّهَا إلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً عَلَى نَفْسِهَا فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا وَيُخَلَّى سَبِيلُهَا وَتَنْزِلُ حَيْثُ أَحَبَّتْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ كَانَتْ الْبَالِغَةُ بِكْرًا فَلِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الضَّمِّ، وَإِنْ كَانَ لَا يُخَافُ عَلَيْهَا الْفَسَادُ إذَا كَانَتْ حَدِيثَةَ السِّنِّ وَأَمَّا

فصل مكان الحضانة مكان الزوجين

إذَا دَخَلَتْ فِي السِّنِّ وَاجْتَمَعَ لَهَا رَأْيُهَا وَعِفَّتُهَا فَلَيْسَ لِلْأَوْلِيَاءِ الضَّمُّ وَلَهَا أَنْ تَنْزِلَ حَيْثُ أَحَبَّتْ لَا يُتَخَوَّفُ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ وَلَا جَدٌّ وَلَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْعَصَبَاتِ أَوْ كَانَ لَهَا عَصَبَةٌ مُفْسِدٌ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ فِي حَالِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً خَلَّاهَا تَنْفَرِدُ بِالسُّكْنَى سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَإِلَّا وَضَعَهَا عِنْدَ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ ثِقَةٍ تَقْدِرُ عَلَى الْحِفْظِ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ نَاظِرًا لِلْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. لَوْ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ بِالصَّبِيِّ تَطْلُبُ النَّفَقَةَ مِنْ أَبِيهِ فَقَالَتْ: هَذَا ابْنُ بِنْتِي مِنْك وَقَدْ مَاتَتْ أُمُّهُ فَأَعْطِنِي نَفَقَتَهُ فَقَالَ الْأَبُ: صَدَقْتِ هَذَا ابْنِي مِنْ ابْنَتِكِ فَأَمَّا أُمُّهُ فَلَمْ تَمُتْ وَهِيَ فِي مَنْزِلِي وَأَرَادَ أَخْذَ الصَّبِيِّ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُعْلِمَ الْقَاضِي أُمَّهُ وَتَحْضُرَ هِيَ فَتَأْخُذُهُ، فَإِنْ أَحْضَرَ الْأَبُ امْرَأَةً فَقَالَ: هَذِهِ ابْنَتُكِ، وَهَذَا ابْنِي مِنْهَا وَقَالَتْ الْجَدَّةُ: مَا هَذِهِ ابْنَتِي وَقَدْ مَاتَتْ ابْنَتِي أُمُّ هَذَا الصَّبِيِّ فَالْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الَّتِي مَعَهُ وَيُدْفَعُ الصَّبِيُّ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْجَدَّةُ لَوْ حَضَرَتْ وَقَالَتْ: هَذَا ابْنُ ابْنَتِي مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَقَدْ مَاتَتْ أُمُّهُ وَقَالَ الرَّجُلُ هَذَا ابْنِي مِنْ غَيْرِ ابْنَتِكِ مِنْ امْرَأَةٍ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ الصَّبِيَّ مِنْهَا وَلَوْ أَحْضَرَ الْأَبُ امْرَأَةً وَقَالَ: هَذَا ابْنِي مِنْ هَذِهِ لَا مِنْ ابْنَتِكِ وَقَالَتْ الْجَدَّةُ: مَا هَذِهِ أُمُّهُ بَلْ أُمُّهُ ابْنَتِي وَقَالَتْ الَّتِي أَحْضَرَهَا الرَّجُلُ صَدَقْتِ مَا أَنَا بِأُمِّهِ وَقَدْ كَذَبَ هَذَا الرَّجُلُ وَلَكِنِّي امْرَأَتُهُ فَإِنَّ الْأَبَ أَوْلَى بِهِ وَيَأْخُذُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ذَكَرَ فِي السِّرَاجِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ تَسْتَحِقُّ أُجْرَةً عَلَى الْحَضَانَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَنْكُوحَةً وَلَا مُعْتَدَّةً لِأَبِيهِ وَتِلْكَ الْأُجْرَةُ غَيْرُ أُجْرَةِ إرْضَاعِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا وَأَبَتْ الْأُمُّ أَنْ تُرَبِّيَ إلَّا بِأُجْرَةٍ وَقَالَتْ الْعَمَّةُ: أَنَا أُرَبِّي بِغَيْرِ أُجْرَةٍ فَإِنَّ الْعَمَّةَ أَوْلَى هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. الْوَلَدُ مَتَى كَانَ عِنْدَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ لَا يَمْنَعُ الْآخَرَ عَنْ النَّظَرِ إلَيْهِ وَعَنْ تَعَاهُدِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحَاوِي. [فَصْلٌ مَكَانُ الْحَضَانَةِ مَكَانُ الزَّوْجَيْنِ] ِ مَكَانُ الْحَضَانَةِ مَكَانُ الزَّوْجَيْنِ إذَا كَانَتْ الزَّوْجِيَّةُ بَيْنَهُمَا قَائِمَةً حَتَّى لَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ فَأَرَادَ أَخْذَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ مِنْ النِّسَاءِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا، وَإِنْ أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمِصْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ إلَى غَيْرِهِ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً لَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ مَعَ الْوَلَدِ وَبِدُونِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ إخْرَاجُهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ، فَأَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ بِالْوَلَدِ عِنْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا إلَى مِصْرٍ، فَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ وَقَعَ فِي مِصْرِهَا فَلَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ وَقَعَ النِّكَاحُ فِي غَيْرِ مِصْرِهَا فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مَوْضِعِ الْفُرْقَةِ وَبَيْنَ مِصْرِهَا قُرْبٌ بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَ الْأَبُ لِمُطَالَعَةِ الْوَلَدِ يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إلَى مَنْزِلِهِ قَبْلَ اللَّيْلِ فَحِينَئِذٍ هَذِهِ بِمَنْزِلَةِ مَحَالَّ مُخْتَلِفَةٍ فِي مِصْرٍ وَلَهَا أَنْ تَتَحَوَّلَ مِنْ مَحِلِّهِ وَلَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَنْتَقِلَ بِبَلَدٍ لَيْسَ بِبَلَدِهَا وَلَمْ يَقَعْ فِيهِ النِّكَاحُ

الباب السابع عشر في النفقات وفيه ستة فصول

فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ قُرْبٌ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ انْتَقَلَتْ مِنْ مِصْرٍ إلَى مِصْرٍ لَيْسَ بِقَرِيبٍ، وَلَمْ يَكُنْ مِصْرَهَا لَكِنَّ أَصْلَ الْعَقْدِ كَانَ بِهَا لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ عَلَى رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ وَالزَّوْجُ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ وَأَرَادَتْ أَنْ تَنْقِلَ الْوَلَدَ إلَى قَرْيَتِهَا، وَقَدْ وَقَعَ النِّكَاحُ فِيهَا فَلَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ وَقَعَ فِي غَيْرِهَا فَلَيْسَ لَهَا نَقْلُهُ إلَى قَرْيَتِهَا، وَلَا إلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي وَقَعَ فَبِهَا النِّكَاحُ إذَا كَانَتْ بَعِيدَةً، وَإِنْ تَقَارَبَا بِحَيْثُ يُمْكِنُ لِلْأَبِ نَظَرُ الصَّبِيِّ، وَيَعُودُ قَبْلَ اللَّيْلِ فَلَهَا ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُتَوَطِّنًا فِي الْمِصْرِ، وَأَرَادَتْ نَقْلَ الْوَلَدِ إلَى الْقَرْيَةِ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فِيهَا، وَهِيَ قَرْيَتُهَا فَلَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً مِنْ الْمِصْرِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرْيَتَهَا، فَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً وَوَقَعَ أَصْلُ النِّكَاحِ فِيهَا فَلَهَا ذَلِكَ كَمَا فِي الْمِصْرِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقَعْ النِّكَاحُ فِيهَا فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْ الْمِصْرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَنْقُلَهُ مِنْ قَرْيَةٍ إلَى مِصْرٍ جَامِعٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِصْرَهَا، وَلَا وَقَعَ النِّكَاحُ فِيهِ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْمِصْرَ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ الْقَرْيَةِ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْقُلَ وَلَدَهَا إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا هُنَاكَ، وَإِنْ كَانَتْ حَرْبِيَّةً بَعْدَ أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، وَإِنْ كَانَ كِلَاهُمَا فَلَهَا ذَلِكَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ حَتَّى وَصَلَتْ الْحَضَانَةُ إلَى الْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْقُلَ الْوَلَدَ إلَى مِصْرِهَا، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْعَقْدِ فِيهِ وَكَذَا أُمُّ الْوَلَدِ إذَا أُعْتِقَتْ لَا تُخْرِجُ الْوَلَدَ مِنْ الْمِصْرِ الَّذِي أَبُوهُ فِيهِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ غَيْرُ الْجَدَّةِ كَالْجَدَّةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالْبَصْرَةِ وَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا ثُمَّ إنَّ هَذَا الرَّجُلُ أَخْرَجَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ إلَى الْكُوفَةِ، وَطَلَّقَهَا فَخَاصَمَتْهُ فِي وَلَدِهَا، وَأَرَادَتْ رَدَّهُ عَلَيْهَا، قَالَ: إنْ كَانَ الزَّوْجُ أَخْرَجَهُ إلَيْهَا بِأَمْرِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ، وَيُقَالُ لَهَا: اذْهَبِي إلَيْهِ وَخُذِيهِ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ أَخْرَجَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَجِيءَ بِهِ إلَيْهَا ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ خَرَجَ مَعَ الْمَرْأَةِ وَوَلَدِهَا مِنْ الْبَصْرَةِ إلَى الْكُوفَةِ ثُمَّ رَدَّ الْمَرْأَةَ إلَى الْبَصْرَةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ وَلَدَهَا، فَيُؤْخَذُ بِذَلِكَ لَهَا كَذَلِكَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا أَخَذَ الْمُطَلِّقُ وَلَدَهُ مِنْ حَاضِنَتِهِ لِزَوَاجِهَا لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ إلَى أَنْ يَعُودَ حَقُّ أُمِّهِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْبَابُ السَّابِعُ عَشَرَ فِي النَّفَقَاتِ وَفِيهِ سِتَّةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ] الْبَابُ السَّابِعُ عَشَرَ فِي النَّفَقَاتِ وَفِيهِ سِتَّةُ فُصُولٍ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ) تَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ الْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ وَالْفَقِيرَةِ وَالْغَنِيَّةِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ كَبِيرَةً كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ صَغِيرَةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ مُكَاتَبَةً كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ تَكَلَّمُوا فِي تَفْسِيرِ الْبُلُوغِ مَبْلَغَ الْجِمَاعِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا مَا لَمْ تَبْلُغْ تِسْعًا لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغَ الْجِمَاعِ

وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلسِّنِّ، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ لِلِاحْتِمَالِ وَالْقُدْرَةِ كَذَلِكَ فِي الْكَافِي. الْمَرْأَةُ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً مِثْلُهَا لَا يُوطَأُ، وَلَا يَصْلُحُ لِلْجِمَاعِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عِنْدَنَا حَتَّى تَصِيرَ إلَى الْحَالَةِ الَّتِي تُطِيقُ الْجِمَاعَ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي بَيْتِ الْأَبِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْكَبِيرَةُ إذَا طَلَبَتْ النَّفَقَةَ، وَهِيَ لَمْ تُزَفَّ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ فَلَهَا ذَلِكَ إذَا لَمْ يَطَأَهَا الزَّوْجُ بِالنَّقْلَةِ، وَمِنْ مَشَايِخِ بَلْخٍ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ قَالَ: لَا تَسْتَحِقُّهَا إذَا لَمْ تُزَفَّ إلَى بَيْتِهِ، وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ. فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ طَالَبَهَا بِالنَّقْلَةِ، فَإِنْ لَمْ تَمْتَنِعْ عَنْ الِانْتِقَالِ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ فَلَهَا النَّفَقَةُ، فَأَمَّا إذَا امْتَنَعَتْ عَنْ الِانْتِقَالِ، فَإِنْ كَانَ الِامْتِنَاعُ بِحَقٍّ بِأَنْ امْتَنَعَتْ لِتَسْتَوْفِيَ مَهْرَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ بِغَيْرِ الْحَقِّ بِأَنْ كَانَ أَوْفَاهَا الْمَهْرَ أَوْ كَانَ الْمَهْرُ مُؤَجَّلًا أَوْ وَهَبَتْهُ مِنْهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ نَشَزَتْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا حَتَّى تَعُودَ إلَى مَنْزِلِهِ وَالنَّاشِزَةُ هِيَ الْخَارِجَةُ عَنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا الْمَانِعَةُ نَفْسَهَا مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ امْتَنَعَتْ عَنْ التَّمَكُّنِ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ لِأَنَّ الِاحْتِبَاسَ قَائِمٌ حَتَّى، وَلَوْ كَانَ الْمَنْزِلُ مِلْكَهَا فَمَنَعَتْهُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ سَأَلَتْهُ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى مَنْزِلِهِ أَوْ يَكْتَرِيَ لَهَا مَنْزِلًا، وَإِذَا تَرَكَتْ النُّشُوزَ فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَلَوْ كَانَ يَسْكُنُ فِي أَرْضِ الْغَصْبِ فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ لَهَا النَّفَقَةُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ كَانَتْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ امْتَنَعَتْ لِاسْتِيفَاءِ الْمَهْرِ لَمْ تَكُنْ نَاشِزَةً، قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ يَسْكُنُ أَرْضَ الْمَمْلَكَةِ يُرِيدُ أَرْضَ السُّلْطَانِ، وَيَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ السُّلْطَانِ، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَا أَقْعُدُ مَعَكَ فِي أَرْضِ الْمَمْلَكَةِ، وَلَا آكُلُ مِنْ مَالِكَ قَالُوا: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَأَثِمَتْ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ ذَلِكَ، وَتَصِيرُ نَاشِزَةً. وَسُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ لَا يُصَلِّي، وَالْمَرْأَةُ تَأْبَى أَنْ تَكُونَ مَعَهُ قَالَ: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا تَغَيَّبَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا، أَوْ أَبَتْ أَنْ تَتَحَوَّلَ مَعَهُ حَيْثُ يُرِيدُ مِنْ الْبَلَدَانِ، وَقَدْ أَوْفَاهَا مَهْرَهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا مَهْرَهَا، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ عَلَيْهِ فَلَهَا النَّفَقَةُ هَذَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا: لَا نَفَقَةَ لَهَا سَوَاءٌ أَوْفَاهَا الْمَهْرَ أَمْ لَا؟ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ: هَذَا فِي زَمَانِهِمْ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا، وَإِنْ أَوْفَى صَدَاقَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا حُبِسَتْ الْمَرْأَةُ فِي دَيْنٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا قَالَ الْكَرْخِيُّ: ذَا حُبِسَتْ فِي دَيْنٍ لَا تَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهِ فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ كَانَتْ تَقْدِرُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَلِكَ فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَهَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوُصُولِ إلَيْهَا فِي الْمَجْلِسِ، وَإِنْ وَجَدَ ثَمَّةَ مَكَانًا يَصِلُ إلَيْهَا قَالُوا: تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ غَصَبَهَا غَاصِبٌ، أَوْ هَرَبَ بِهَا، أَوْ حُبِسَتْ ظُلْمًا ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ حُبِسَ الزَّوْجُ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ، أَوْ هَرَبَ فَلَهَا النَّفَقَةُ هَكَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَإِنْ حُبِسَ فِي سِجْنِ

السُّلْطَانِ ظُلْمًا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى قَدْرَ سَفَرٍ فَبَعَثَ إلَيْهَا الْحُمُولَةَ وَالزَّادَ حَتَّى تَنْتَقِلَ إلَيْهِ، وَلَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا، وَلَمْ تَذْهَبْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ يَنْظُرُ لِلْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ لَا تَصْلُحُ لِلْجِمَاعِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ يُطِيقُ الْجِمَاعَ، أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُطِيقُ الْجِمَاعَ فَلَهَا النَّفَقَةُ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ يُطِيقُ الْجِمَاعَ، أَوْ لَا يُطِيقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا، وَالْمَرْأَةُ كَبِيرَةً فَلَهَا النَّفَقَةُ لِوُجُودِ التَّسْلِيمِ كَذَلِكَ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا أَوْ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ خَارِجًا لِلْحَجِّ فَلَهَا النَّفَقَةُ لِوُجُودِ التَّسْلِيمِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ، وَلَا يَقْدِرَانِ عَلَى الْجِمَاعِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِلْعَجْزِ مِنْ قِبَلِهَا فَصَارَ كَالْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ إذَا كَانَتْ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَرِيضَةً قَبْلَ النَّقْلَةِ مَرَضًا يَمْنَعُ عَنْ الْجِمَاعِ فَنُقِلَتْ، وَهِيَ مَرِيضَةٌ فَلَهَا النَّفَقَةُ بَعْدَ النَّقْلَةِ، وَقَبْلَهَا أَيْضًا إذَا طَلَبَتْ النَّفَقَةَ، فَلَمْ يَنْقُلْهَا الزَّوْجُ، وَهِيَ لَا تَمْتَنِعُ مِنْ النَّقْلَةِ لَوْ طَالَبَهَا الزَّوْجُ، وَإِنْ كَانَتْ تَتَمَنَّعُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا كَالصَّحِيحَةِ كَذَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَإِنْ نُقِلَتْ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ ثُمَّ مَرِضَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ مَرَضًا لَا تَسْطِيعُ مَعَهُ الْجِمَاعَ لَمْ تَبْطُلْ نَفَقَتُهَا بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ مَرِضَتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَانْتَقَلَتْ إلَى دَارٍ أَبِيهَا قَالُوا: إنْ كَانَتْ بِحَالٍ يُمْكِنُهَا النَّقْلُ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ فِي مُحِفَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا، فَلَمْ تَنْتَقِلْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ نَقْلُهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ كَذَلِكَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ رَتْقَاءَ، أَوْ قَرْنَاءَ، أَوْ صَارَتْ مَجْنُونَةً، أَوْ أَصَابَهَا بَلَاءٌ يَمْنَعُ عَنْ الْجِمَاعِ، أَوْ كَبِرَتْ حَتَّى لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا بِحُكْمِ كِبَرِهَا كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ سَوَاءٌ أَصَابَتْهَا هَذِهِ الْعَوَارِضُ بَعْدَمَا انْتَقَلَتْ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ مَانِعَةً نَفْسَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَجَّتْ الْمَرْأَةُ حَجَّةَ فَرِيضَةٍ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّقْلَةِ، فَإِنْ حَجَّتْ بِلَا مَحْرَمٍ، وَلَا زَوْجٍ فَهِيَ نَاشِزٌ، وَإِنْ حَجَّتْ مَعَ مَحْرَمٍ لَهَا دُونَ الزَّوْجِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَتْ انْتَقَلَتْ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ، فَقَدْ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهَا النَّفَقَةُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا نَفَقَةَ لَهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ، وَأَمَّا إذَا حَجَّ الزَّوْجُ مَعَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ إجْمَاعًا، وَتَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْحَضَرِ دُونَ السَّفَرِ، وَلَا يَجِبُ الْكِرَاءُ أَمَّا إذَا حَجَّتْ لِلتَّطَوُّعِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا إجْمَاعًا إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ مَعَهَا هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ ، وَإِنْ حَجَّتْ مَعَ زَوْجِهَا حَجًّا نَفْلًا كَانَتْ لَهَا نَفَقَةُ الْحَضَرِ لَا نَفَقَةُ السَّفَرِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ لَا يُسْقِطَانِ النَّفَقَةَ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ رَجُلٌ اُتُّهِمَ بِامْرَأَةٍ بِهَا حَبَلٌ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا مِنْهُ، وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ الْحَبَلُ مِنْهُ جَازَ النِّكَاحُ، وَلَا نَفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِمْتَاعِهَا بِمَعْنَى مِنْ قُبُلِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّ الْحَبَلَ مِنْهُ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَهُوَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْ وَطْئِهَا فَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا كَانَ

لِرَجُلٍ نِسْوَةٌ بَعْضُهُنَّ حَرَائِرُ مُسْلِمَاتٌ وَبَعْضُهُنَّ إمَاءٌ ذِمِّيَّاتٌ فَهُنَّ فِي النَّفَقَةِ سَوَاءٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. كُلُّ مَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ: وَلَا نَفَقَةَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَلَا فِي الْعِدَّةِ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ فَفَرَضَ الْقَاضِي لَهَا النَّفَقَةَ وَأَخَذَتْ ذَلِكَ شَهْرًا ثُمَّ ظَهَرَ فَسَادُ النِّكَاحِ بِأَنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِمَا أَخَذَتْ، وَأَمَّا إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا الزَّوْجُ مُسَامَحَةً مِنْ غَيْرِ فَرْضِ الْقَاضِي لَهَا النَّفَقَةَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ كَذَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ النِّكَاحَ بِغَيْرِ شُهُودٍ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ آلَى مِنْهَا، أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَلَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَ امْرَأَتِهِ، أَوْ عَمَّتَهَا، أَوْ خَالَتَهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حِينَ دَخَلَ بِهَا، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَزِلَ عَنْهَا مُدَّةَ عِدَّةِ أُخْتِهَا فَلِامْرَأَتِهِ النَّفَقَةُ، وَلَا نَفَقَةَ لِأُخْتِهَا، وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْعِدَّةُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا كَانَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ مُوسِرًا، وَلَهَا خَادِمٌ فُرِضَ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْخَادِمِ هَذَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً، فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةَ الْخَادِمِ، فَإِنْ كَانَ لَهَا خَادِمَانِ، أَوْ أَكْثَرُ لَا يُفْرَضُ لِأَكْثَرَ مِنْ خَادِمٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالُوا: إنَّ الزَّوْجَ الْمُوسِرَ يَلْزَمُهُ مِنْ نَفَقَةِ الْخَادِمِ مَا يَلْزَمُ الْمُعْسِرَ مِنْ نَفَقَةِ امْرَأَتِهِ، وَهُوَ أَدْنَى الْكِفَايَةِ كَذَا فِي الْكَافِي وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْخَادِمِ فَقِيلَ: هِيَ جَارِيَةٌ مَمْلُوكَةٌ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ لَهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ خَادِمِهَا، وَإِنْ كَانَ لَهَا الْخَادِمُ فِيمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ: لَا أُنْفِقُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَدَمِكِ لَكِنْ أُعْطِي لَكِ خَادِمًا مِنْ خَادِمِيَّ لِيَخْدُمكِ، وَأَبَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ ذَلِكَ وَيُجْبَرُ عَلَى نَفَقَةِ خَادِمٍ وَاحِدٍ مِنْ خَدَمِ الْمَرْأَةِ. امْرَأَةٌ لَهَا مَمَالِيكُ فَقَالَتْ لِزَوْجِهَا: أَنْفِقْ عَلَيْهِمْ مِنْ مَهْرِي فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ. فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا أَجْعَلُ النَّفَقَةَ مَحْسُوبَةً لِأَنَّكَ اسْتَخْدَمْتَهُمْ فَمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرُوفِ فَهُوَ مَحْسُوبٌ عَلَيْهَا هَكَذَا بِالْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَإِذَا طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ، فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا صَاحِبَ مَائِدَةٍ فَالْقَاضِي لَا يَفْرِضُ لَهَا النَّفَقَةَ، وَإِنْ طَلَبَتْ إلَّا إذَا ظَهَرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ يَضُرُّ بِهَا، وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا فَحِينَئِذٍ يَفْرِضُ لَهَا النَّفَقَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ مَائِدَةٍ فَالْقَاضِي يَفْرِضُ لَهَا النَّفَقَةَ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَيَأْمُرُهُ أَنْ يُعْطِيَهَا كَذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ، وَلَا يُقَدِّرُ نَفَقَتَهَا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَلَى أَيِّ سِعْرٍ كَانَتْ يُقَدِّرُ بِهَا عَلَى حَسْبِ اخْتِلَافِ الْأَسْعَارِ غَلَاءً وَرُخْصًا رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ فُرِضَتْ لَهَا النَّفَقَةُ مُشَاهَرَةً يَدْفَعُ إلَيْهَا كُلَّ شَهْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ، وَطَلَبَتْ كُلَّ يَوْمٍ كَانَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ عِنْدَ الْمَسَاءِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَإِذَا أَرَادَ الْفَرْضَ، وَالزَّوْجُ مُوسِرٌ يَأْكُلُ الْخُبْزَ الْحِوَارِيَّ وَاللَّحْمَ الْمَشْوِيَّ، وَالْمَرْأَةُ مُعَسِّرَةٌ، أَوْ عَلَى الْعَكْسِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَالُهُمَا كَذَلِكَ فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى حَتَّى كَانَ لَهَا نَفَقَةُ

الْيَسَارِ إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، وَنَفَقَةُ الْعِسَارِ إنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً، وَهُوَ مُعْسِرٌ لَهَا فَوْقَ مَا يُفْرَضُ لَوْ كَانَتْ مُعْسِرَةً، فَيُقَالُ لَهُ: أَطْعِمْهَا خُبْزَ الْبُرِّ وَبَاجَّةً أَوْ بَاجَّتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا مُفْرِطَ الْيَسَارِ نَحْوَ أَنْ يَأْكُلَ الْحَلْوَاءَ، وَاللَّحْمَ الْمَشْوِيَّ وَالْبَاجَاتِ وَهِيَ فَقِيرَةٌ كَانَتْ تَأْكُلُ فِي بَيْتِهَا خُبْزَ الشَّعِيرِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَهَا مَا يَأْكُلُ بِنَفْسِهِ، وَلَا مَا كَانَتْ تَأْكُلُ فِي بَيْتِهَا، وَلَكِنْ يُطْعِمُهَا خُبْزَ الْبُرِّ وَبَاجَّةً، أَوْ بَاجَّتَيْنِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ كَذَا فِي الْكَافِي وَبِهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ فِي التُّحْفَةِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالْمُسْتَحَبُّ لِلزَّوْجِ إذَا كَانَ مُوسِرًا مُفْرِطَ الْيَسَارِ وَالْمَرْأَةُ فَقِيرَةٌ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهَا مَا يَأْكُلُ بِنَفْسِهِ قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْتَهُ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ مِنْ اعْتِبَارِ حَالِ الزَّوْجِ، أَوْ اعْتِبَارِ حَالِهِمَا فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْكِسْوَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا كَانَ مُعْسِرًا، وَهِيَ مُوسِرَةٌ سَلَّمَ لَهَا قَدْرَ نَفَقَةِ الْمُعْسِرَاتِ فِي الْحَالِ، وَالزَّائِدُ يَبْقَى دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ قَالَ: أَنَا مُعْسِرٌ وَعَلَيَّ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ تُقِيمَ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى يَسَارِهِ، فَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مُوسِرٌ قُضِيَ عَلَيْهِ بِنَفَقَةِ الْمُوسِرِينَ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ حَالِ الرَّجُلِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ، وَإِنْ سَأَلَ كَانَ حَسَنًا، فَإِنْ أَخْبَرْهُ عَدْلٌ أَنَّهُ مُوسِرٌ لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي ذَلِكَ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ أَنَّهُ مُوسِرٌ قَضَى الْقَاضِي بِنَفَقَةِ الْمُوسِرِينَ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظَا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ يُشْتَرَطُ الْعَدْلُ، وَالْعَدَالَةُ فِي هَذَا الْخَبَرِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ قَالَا: سَمِعْنَا أَنَّهُ مُوسِرٌ، وَبَلَغَنَا ذَلِكَ لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِنَفَقَةِ الْإِعْسَارِ ثُمَّ أَيْسَرَ الْمُوسِرُ فَخَاصَمَتْهُ تَمَّمَ لَهَا نَفَقَةَ الْمُوسِرِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ قَالَتْ: لَا أَطْبُخُ، وَلَا أَخْبِزُ قَالَ فِي الْكِتَابِ: لَا تُجْبَرُ عَلَى الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ، وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامٍ مُهَيَّإٍ أَوْ يَأْتِيَهَا بِمَنْ يَكْفِيهَا عَمَلَ الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ امْتَنَعَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامٍ مُهَيَّأٍ إذَا كَانَتْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ لَا تَخْدُمُ بِنَفْسِهَا فِي أَهْلِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ لَكِنَّ بِهَا عِلَّةً تَمْنَعُهَا مِنْ الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامٍ مُهَيَّأٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالُوا: إنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا دِيَانَةً، وَإِنْ كَانَ لَا يُجْبِرُهَا الْقَاضِي كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلطَّبْخِ وَالْخَبْزِ لَمْ يَجُزْ لَهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ آلَةُ الطَّحْنِ وَآنِيَةُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مِثْلُ الْكُوزِ وَالْجَرَّةِ وَالْقِدْرِ وَالْمِغْرَفَةِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ ثُمَّ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَرْقٌ بَيْنَ نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ خَادِمِهَا فَإِنَّ خَادِمَهَا إذَا امْتَنَعَتْ

عَنْ هَذِهِ الْأَعْمَالِ لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِ مَوْلَاتِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالنَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ الْمَأْكُولُ وَالْمَلْبُوسُ وَالسُّكْنَى أَمَّا الْمَأْكُولُ فَالدَّقِيقُ وَالْمَاءُ وَالْمِلْحُ وَالْحَطَبُ وَالدُّهْنُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَكَمَا يُفْرَضُ لَهَا قَدْرُ الْكِفَايَةِ مِنْ الطَّعَامِ كَذَلِكَ مِنْ الْآدَامِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَجِبُ لَهَا مَا تُنَظِّفُ بِهِ وَتُزِيلُ الْوَسَخَ كَالْمُشْطِ وَالدُّهْنِ، وَمَا تَغْسِلُ بِهِ مِنْ السِّدْرِ وَالْخِطْمِيُّ، وَمَا تُزِيلُ بِهِ الدَّرَنَ كَالْأُشْنَانِ وَالصَّابُونِ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَأَمَّا مَا يُقْصَدُ بِهِ التَّلَذُّذُ وَالِاسْتِمْتَاعُ مِثْلُ الْخِضَابِ وَالْكُحْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ بَلْ هُوَ عَلَى اخْتِيَارِهِ إنْ شَاءَ هَيَّأَهُ لَهَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، فَإِذَا هَيَّأَهُ لَهَا فَعَلَيْهَا اسْتِعْمَالُهُ، وَأَمَّا الطِّيبُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْهُ إلَّا مَا يَقْطَعُ بِهِ السَّهْوَكَةَ لَا غَيْرُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَقْطَعُ بِهِ الصُّنَانَ، وَلَا يَجِبُ الدَّوَاءُ لِلْمَرَضِ، وَلَا أُجْرَةُ الطَّبِيبِ، وَلَا الْفَصْدُ، وَلَا الْحِجَامَةُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَعَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ مَا تَغْسِلُ بِهِ ثِيَابَهَا وَبَدَنَهَا مِنْ الْوَسَخِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَمَنُ مَاءِ الِاغْتِسَالِ عَلَى الزَّوْجِ، وَكَذَا مَاءُ وُضُوئِهَا عَلَيْهِ غَنِيَّةً كَانَتْ أَوْ فَقِيرَةً، وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ: وَعَلَيْهِ فَتْوَى مَشَايِخِ بَلْخٍ وَفَتْوَى الصَّدْرِ الشَّهِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ اخْتِيَارُ قَاضِي خَانْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي بَابِ الْغُسْلِ وَأُجْرَةُ الْقَابِلَةِ عَلَيْهَا حِينَ اسْتَأْجَرَتْهَا، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا الزَّوْجُ، فَعَلَيْهِ، وَإِنْ حَضَرَ بِلَا إجَارَةٍ فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْنَةُ الْوَطْءِ وَجُوِّزَ أَنْ يُقَالَ: عَلَيْهَا كَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ ذَهَبَ لِلْقَرْيَةِ، وَتَرَكَهَا فِي الْبَلَدِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ النَّفَقَةَ مَعَ غَيْبَتِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ غَيْبَةُ سَفَرِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ نَاقِلًا عَنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَصَاحِبِ الْمُحِيطِ امْرَأَةٌ جَاءَتْ إلَى الْقَاضِي وَقَالَتْ: أَنَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَإِنَّ زَوْجِي فُلَانَ بْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ غَابَ عَنِّي، وَلَمْ يَخْلُفْ لِي نَفَقَةً وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ إنْ كَانَ لِلْغَائِبِ مَالٌ حَاضِرٌ فِي مَنْزِلِهِ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، أَوْ الطَّعَامِ، أَوْ الثِّيَابِ الَّتِي تَكُونُ مِنْ جِنْسِ الْكِسْوَةِ، وَالْقَاضِي يَعْلَمُ إنَّهَا مَنْكُوحَةُ الْغَائِبِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُ أَنْ تُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا بِالْمَعْرُوفِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ أَوْ تَقْتِيرٍ بَعْدَ مَا يُحَلِّفُهَا الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا أَسْتُوْفِيَتْ النَّفَقَةُ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَكُمَا سَبَبٌ يَمْنَعُ النَّفَقَةَ كَالنُّشُوزِ وَغَيْرِهَا وَيَأْخُذُ مِنْهَا كَفِيلًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ لَا يُفْرَضُ بِطَرِيقِ الِاسْتِدَانَةِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِالنِّكَاحِ وَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَقْبَلُ وَيُفْرَضُ النَّفَقَةُ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ بِالنِّكَاحِ، وَإِنْ حَضَرَ، وَأَنْكَرَ كَلَّفَهَا الْقَاضِي بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ لَمْ تُعِدْ يَسْتَرِدُّ النَّفَقَةَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ الْيَوْمَ الْقُضَاةُ يَفْرِضُونَ النَّفَقَةَ بِمَذْهَبِ زُفَرَ وَالْإِمَامِ الثَّانِي لِحَاجَةِ النَّاسِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَإِذَا غَابَ الرَّجُلُ، وَلَهُ مَالٌ فِي يَدٍ يَعْتَرِفُ بِهِ وَبِالزَّوْجِيَّةِ فَرَضَ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ الْمَال نَفَقَةَ زَوْجَةِ الْغَائِبِ، وَكَذَا إذَا عَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ، وَلَمْ يَعْتَرِفْ

فَإِنَّهُ يَقْضِي بِذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، أَوْ دَيْنًا، أَوْ مُضَارَبَةً وَيَأْخُذُ مِنْهَا كَفِيلًا بِهَا، وَكَذَا أَيْضًا يُحَلِّفُهَا الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا أَعْطَاهَا النَّفَقَةَ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَكُمَا سَبَبٌ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ مِنْ نُشُوزٍ أَوْ غَيْرِهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَحَدَهُمَا إمَّا الزَّوْجِيَّةَ، أَوْ الْمَالَ يَحْتَاجُ إلَى الْإِقْرَارِ بِمَا لَيْسَ بِمَعْلُومٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ الَّذِي فِي يَدِهِ الْمَالُ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي فَأَرَادَتْ الْمَرْأَةُ إثْبَاتَ الْمَالِ، أَوْ الزَّوْجِيَّةِ، أَوْ مَجْمُوعِهِمَا بِالْبَيِّنَةِ لِيَقْضِيَ لَهَا فِي مَالِ الْغَائِبِ، أَوْ لِتُؤْمَرَ بِالِاسْتِدَانَةِ. لَا يَقْضِي لَهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ. وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْمَعُ بَيِّنَتَهَا، وَلَا يَقْضِي بِالنِّكَاحِ، وَتُعْطَى النَّفَقَةَ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَا تُؤْمَرُ بِالِاسْتِدَانَةِ، وَبِهِ قَالَ الثَّلَاثَةُ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ الْيَوْمَ، وَبِهِ يُفْتَى كَذَلِكَ فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ، ثُمَّ إذَا رَجَعَ الزَّوْجُ يَنْظُرَانِ، فَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ لَهَا النَّفَقَةَ، فَقَدْ مَضَى الْأَمْرُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ عَجَّلَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَاسْتَحْلَفَهَا فَنَكَلَتْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْكَفِيلِ، وَلَوْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ عَجَّلَتْ النَّفَقَةَ مِنْ الزَّوْجِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَأْخُذُ مِنْهَا، وَلَا يَأْخُذُ مِنْ الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ رَجَعَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ النِّكَاحَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ حَلِفِهِ، فَإِذَا حَلَفَ، فَإِنْ كَانَ الْمَالُ وَدِيعَةً فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْمُودَعِ، وَأَمَّا فِي الدَّيْنِ يَأْخُذُ مِنْ الْغَرِيمِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَى الْمَرْأَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا رَجَعَ الزَّوْجُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطَّلَاقِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ضَمِنَ الْقَابِضُ، وَلَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ إلَّا إذَا قَالَتْ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ: إنَّ الدَّافِعَ كَانَ يَعْلَمُ بِالطَّلَاقِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَإِنْ قَالَ الدَّافِعُ كُنْتُ أَعْلَمُ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَلَا أَعْلَمُ طَلَاقَهَا لَا يَضْمَنُ، وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ طَلَاقَهَا كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ الْوَدِيعَةُ أَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ فِي الْبُدَاءَةِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، وَبَعْدَ مَا أَمَرَ الْقَاضِي الْمَدْيُونَ أَوْ الْمُودَعَ إذَا قَالَ الْمُودَعُ: دَفَعْتُ الْمَالَ إلَيْهَا لِأَجْلِ النَّفَقَةِ قُبِلَ قَوْلَهُ، وَلَا يُقْبَلُ فِي قَوْلِ الْمَدْيُونِ إلَّا بَيِّنَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ وَالْمَالُ الَّذِي فِي بَيْتِ الزَّوْجِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ حَقِّهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَبِيعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي نَفَقَةِ نَفْسِهَا، وَكَذَلِكَ الْقَاضِي لَا يَبِيعُ ذَلِكَ فِي نَفَقَتِهَا عِنْدَ الْكُلِّ قَالَ: وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ غَلَّةِ الدَّارِ وَالْعَبْدِ الَّذِي هُوَ لِلْغَائِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمَفْقُودُ بِمَنْزِلَةِ الْغَائِبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ لَهَا بِالنَّفَقَةِ فِي مَالِ الزَّوْجِ فَلَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ مَا يَكْفِيهَا بِالْمَعْرُوفِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَإِذَا طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا، وَكَانَ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ دَيْنٌ فَقَالَ: احْسِبُوا لَهَا نَفَقَتَهَا مِنْهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ فَغَلَا الطَّعَامُ، أَوْ رَخُصَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُغَيِّرُ ذَلِكَ الْحُكْمَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا يُفَرِّقُ بِعَجْزِهِ عَنْ النَّفَقَةِ وَتُؤْمَرُ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكَنْزِ ظُهُورُ الْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا، وَأَمَّا إذَا غَابَ الرَّجُلُ عَنْ امْرَأَتِهِ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً، وَلَمْ يَخْلُفْ

نَفَقَةً لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ فَرَفَعَتْ الْمَرْأَةُ إلَى الْقَاضِي فَكَتَبَ إلَى عَالِمٍ يَرَى فِي التَّفْرِيقِ بِالْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَهَلْ تَقَعُ الْفُرْقَةُ؟ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: نَعَمْ إذَا تَحَقَّقَ الْعَجْزُ عَنْ النَّفَقَةِ قَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ، فَإِنْ رُفِعَ هَذَا الْقَضَاءُ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَجَازَ قَضَاءَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَضَاءَ لَيْسَ فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْعَجْزَ لَمْ يَنْبُتْ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. إذَا خَاصَمَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي نَفَقَةِ مَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ الْقَاضِي لَهَا النَّفَقَةَ وَقَبْلَ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي لَهَا نَفَقَةَ مَا مَضَى عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ اسْتَدَانَتْ عَلَى الزَّوْجِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالتَّرَاضِي فَاتَّفَقَتْ لَا تَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا بَلْ تَكُونُ مُتَطَوِّعَةً بِالْإِنْفَاقِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْج غَائِبًا، أَوْ حَاضِرًا، وَلَوْ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا بَعْدَ الْفَرْضِ أَوَالتَّرَاضِي لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجِ وَكَذَا إذَا اسْتَدَانَتْ عَلَى الزَّوْجِ سَوَاءٌ كَانَتْ اسْتِدَانَتُهَا بِإِذْنِ الْقَاضِي، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ غَيْرَ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي كَانَتْ الْمُطَالَبَةُ عَلَيْهَا خَاصَّةً، وَلَمْ يَكُنْ لِلْغَرِيمِ أَنْ يُطَالِبَ الزَّوْجَ بِمَا اسْتَدَانَتْ، وَإِنْ كَانَتْ بِإِذْنِ الْقَاضِي لَهَا أَنْ تُحِيلَ الْغَرِيمَ عَلَى الزَّوْجِ فَيُطَالِبَهُ بِالدَّيْنِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا فَرَضَ الْقَاضِي لَهَا عَلَى الزَّوْجِ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا، أَوْ تَرَاضَيَا عَلَى نَفَقَةِ كُلِّ شَهْرٍ، فَمَضَتْ أَشْهُرٌ، وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا مِنْ النَّفَقَةِ، وَقَدْ كَانَتْ اسْتَدَانَتْ فَأَنْفَقَتْ، أَوْ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِ نَفْسِهَا، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ سَقَطَ ذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهَا فِي هَذَا الْوَجْهِ يَسْقُطُ مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَاتِ بَعْدَ فَرْضِ الْقَاضِي هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا فَرَضَ لَهَا الْقَاضِي النَّفَقَةَ، وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالِاسْتِدَانَةِ، وَأَمَّا إذَا أَمَرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ فَاسْتَدَانَتْ. ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُخْتَصَرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا تُرَدُّ النَّفَقَةُ الْمُعَجَّلَةُ، وَلَوْ قَائِمَةً لِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، أَوْ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَعَلَى هَذَا الْكِسْوَةُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ أَعْطَى النَّفَقَةَ لِلَّتِي طَلَّقَهَا ثَلَاثَةً فِي عِدَّةِ الْمُحَلِّلِ لِيَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَةِ، فَلَمْ تُزَوِّجْ نَفْسَهَا مِنْهُ، قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ: إنْ أَعْطَى النَّفَقَةَ وَشَرَطَ فَقَالَ: أُنْفِقُ عَلَيْكَ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجِينِي فَزَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ، أَوْ لَمْ تُزَوِّجْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ حَالُ الزَّوْجِ فِي الْعُسْرِ مَعْلُومًا لِلْقَاضِي فَالْقَاضِي لَا يَحْبِسُهُ هَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ مُعْسِرٌ وَسَأَلَتْ الْمَرْأَةُ حَبْسَهُ بِالنَّفَقَةِ لَا يَحْبِسُهُ الْقَاضِي فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، وَلَكِنْ يَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ وَيُخْبِرُهُ أَنْ يَحْبِسَهُ إنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ عَادَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً حَبَسَهُ الْقَاضِي، وَكَذَا فِي دَيْنٍ آخَرَ

غَيْرِ النَّفَقَةِ، وَإِذَا حَبَسَهُ الْقَاضِي شَهْرَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةَ يَسْأَلُ عَنْهُ، وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ ذَكَرَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُقَدَّرٍ، بَلْ هُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي إنْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَضَجِرَ، وَيُؤَدِّي الدِّينَ يُخْلَى سَبِيلُهُ، وَلَا يَمُنُّ الطَّالِبُ عَنْ مُلَازَمَتِهِ بَلْ لِلطَّالِبِ أَنْ يَدُورَ مَعَهُ أَيْنَمَا دَارَ، وَلَا يَقْعُدُ فِي مَكَان، وَلَا يَمْنَعُهُ عَنْ التَّصَرُّفِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا لَا يُخْرِجُهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ وَالنَّفَقَةَ إلَّا بِرِضَا الطَّالِبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ فَرَضَ الْحَاكِمُ النَّفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ فَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا، وَهُوَ مُوسِرٌ، وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ حَبْسَهُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْبِسَهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ بَلْ يُؤَخِّرُ الْحَبْسَ إلَى مَجْلِسَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ يَغِيظُهُ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ حَبَسَهُ حِينَئِذٍ كَمَا فِي سَائِرِ الدُّيُونِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا حَبَسَهُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ النَّفَقَةُ، وَتُؤْمَرُ بِالِاسْتِدَانَةِ حَتَّى تَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجِ إذَا ظَهَرَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ لِلْقَاضِي: احْبِسْهَا مَعِي فَإِنَّ لِي مَوْضِعًا فِي الْحَبْسِ خَالِيًا، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْبِسُهَا مَعَهُ، وَلَكِنَّهَا تَصِيرُ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ، وَيَحْبِسُ الزَّوْجَ لَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا حُبِسَ لِلنَّفَقَةِ فَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ سَلَّمَهُ الْقَاضِي إلَيْهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَمَا كَانَ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ لَا يَبِيعُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يَأْمُرُهُ أَنْ يَبِيعَ بِنَفْسِهِ، وَكَذَا فِي سَائِرِ الدُّيُونِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَبِيعُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ ثُمَّ إذَا ثَبَتَ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ الْبَيْعِ عِنْدَهُمَا يَبْدَأُ بِالْعُرُوضِ بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ يَشْتَغِلُ بِبَيْعِ الْعَقَارِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ لَهُ عِمَامَةٌ وَاحِدَةٌ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا فِي النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى ثِيَابِ الْبَدَنِ فِي سَائِرِ الدُّيُونِ، فَكَذَلِكَ فِي النَّفَقَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْوَقْتِ الْمَاضِي مِنْ فَرْضِ الْقَاضِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهَا كَذَلِكَ فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا فَرَضَ النَّفَقَةَ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ بَقِيَّةُ الْمَهْرِ فَأَعْطَاهَا شَيْئًا، ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ: هُوَ مِنْ الْمَهْرِ، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَا بَلْ هُوَ مِنْ النَّفَقَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الزَّاهِدُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ هَذَا إذَا كَانَ الْمُؤَدَّى شَيْئًا يُعْطَى فِي الْمَهْرِ عَادَةً أَمَّا إذَا كَانَ شَيْئًا لَا يُعْطَى فِي الْمَهْرِ عَادَةً كَقِطْعَةِ ثَرِيدٍ وَرَغِيفٍ وَطَبَقِ فَاكِهَةٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اخْتَلَفَا فِيمَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ، أَوْ الْحُكْمُ بِهِ مِنْ النَّفَقَةِ فِي الْجِنْسِ أَوْ الْقَدْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ، وَإِذَا بَعَثَ إلَيْهَا بِثَوْبٍ، وَقَالَتْ: هُوَ هَدِيَّةٌ، وَقَالَ الزَّوْجُ: هُوَ مِنْ الْكِسْوَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ تُقِيمَ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَعَثَ بِهِ هَدِيَّةً، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْآخَرِ بِمَا ادَّعَاهُ، وَكَذَلِكَ إنْ بَعَثَ بِالدَّرَاهِمِ فَقَالَ: هِيَ نَفَقَةٌ، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: هِيَ هَدِيَّةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ الْإِنْفَاقَ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ الْيَمِينِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ امْرَأَةٌ قَالَتْ

إنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَغِيبَ عَنِّي وَطَلَبَتْ كَفِيلًا بِالنَّفَقَةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَيْهِ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذَ كَفِيلًا بِنَفَقَةِ شَهْرٍ وَاحِدٍ اسْتِحْسَانًا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَمْكُثُ فِي السَّفَرِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ يَأْخُذُ الْكَفِيلَ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ ضَمِنَ لِامْرَأَةٍ غَيْرَ النَّفَقَةِ وَالْمَهْرِ عَنْ زَوْجِهَا قَالَ: ضَمَانُ النَّفَقَةِ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يُسَمَّى لِكُلِّ شَهْرٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الزَّوْجَ مَعَ الْمَرْأَةِ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ مُقَدَّرٍ لِنَفَقَةِ كُلِّ شَهْرٍ، ثُمَّ يَضْمَنُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَفَلَ لِلْمَرْأَةِ رَجُلٌ بِنَفَقَةِ كُلِّ شَهْرٍ لَمْ يَكُنْ كَفِيلًا إلَّا بِنَفَقَةِ شَهْرٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ قَالَ الْكَفِيلُ: كَفَلْتُ لَكِ عَنْ زَوْجِكِ بِنَفَقَةِ سَنَةٍ كَانَ كَفِيلًا بِنَفَقَةِ السَّنَةِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: كَفَلْتُ لَكَ بِالنَّفَقَةِ أَبَدًا أَوْ مَا عِشْتُ كَانَ كَفِيلًا بِالنَّفَقَةِ مَا دَامَتْ فِي نِكَاحِهِ، وَإِذَا كَفَلَ إنْسَانٌ بِنَفَقَةِ شَهْرٍ، أَوْ سَنَةٍ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا بَائِنًا، أَوْ رَجْعِيًّا يُؤْخَذُ الْكَفِيلُ بِنَفَقَةِ الْعِدَّةِ. رَجُلٌ خَاصَمَتْهُ الْمَرْأَةُ إلَى الْقَاضِي فِي النَّفَقَةِ فَقَالَ لَهَا أَبُو الزَّوْجِ: أَنَا أُعْطِيكِ النَّفَقَةَ أَعْطَاهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهَا مَا أَعْطَاهَا مِنْ النَّفَقَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمَرْأَةُ إذَا أَبْرَأَتْ الزَّوْجَ عَنْ النَّفَقَةِ بِأَنْ قَالَتْ: أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ نَفَقَتِي أَبَدًا مَا كُنْتُ امْرَأَتَكَ، فَإِنْ لَمْ يَفْرِضْ لَهَا الْقَاضِي النَّفَقَةَ فَالْبَرَاءَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ فَرَضَ لَهَا الْقَاضِي كُلَّ شَهْرٍ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْ نَفَقَةِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَصِحَّ مِنْ نَفَقَةِ مَا سِوَى ذَلِكَ الشَّهْرِ، وَلَوْ قَالَتْ بَعْدَ مَا مَكَثَتْ شَهْرًا: أَبْرَأْتُكَ مِنْ نَفَقَةِ مَا مَضَى، وَمَا يَسْتَقْبِلُ يَبْرَأُ مِنْ نَفَقَةِ مَا مَضَى، وَمِنْ نَفَقَةِ مَا يَسْتَقْبِلُ بِقَدْرِ نَفَقَةِ شَهْرٍ، وَلَا يَبْرَأُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَهَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ وَلَوْ قَالَتْ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ نَفَقَةِ سَنَةٍ لَا يَبْرَأُ إلَّا مِنْ شَهْرٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَرَضَ لَهَا كُلَّ سَنَةٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا صَالَحَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مِنْ نَفَقَتِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ فَهُوَ جَائِزٌ، ثُمَّ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ مَسَائِلِ الصُّلْحِ عَنْ النَّفَقَةِ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى النَّفَقَةِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَتَى حَصَلَ بِشَيْءٍ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ عَلَى الزَّوْجِ فِي نَفَقَتِهَا بِحَالٍ يُعْتَبَرُ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا تَقْدِيرًا لِلنَّفَقَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ مُعَاوَضَةً سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ بَعْدَ فَرْضِ الْقَاضِي لَهَا النَّفَقَةَ وَقَبْلَ تَرَاضِي الزَّوْجَيْنِ عَلَى شَيْءٍ لِكُلِّ شَهْرٍ، أَوْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ بَعْدَ فَرْضِ الْقَاضِي لَهَا النَّفَقَةَ، أَوْ بَعْدَ تَرَاضِيهِمَا عَلَى شَيْءٍ لِكُلِّ شَهْرٍ، وَإِذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى شَيْءٍ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ عَلَى الزَّوْجِ فِي نَفَقَتِهَا بِحَالٍ لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي لَهَا بِالنَّفَقَةِ وَقَبْلَ تَرَاضِيهِمَا عَلَى شَيْءٍ لِكُلِّ شَهْرٍ يُعْتَبَرُ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا تَقْدِيرًا لِلنَّفَقَةِ، وَأَيْضًا إنْ كَانَ الصُّلْحُ بَعْدَ فَرْضِ الْقَاضِي، أَوْ بَعْدَ تَرَاضِيهِمَا عَلَى شَيْءٍ لِكُلِّ شَهْرٍ يُعْتَبَرُ هَذَا الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا مُعَاوَضَةً، وَفَائِدَةُ اعْتِبَارِ التَّقْدِيرِ أَنْ تَجُوزَ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ

وَالنُّقْصَانُ عَنْهُ فَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَخْرُجُ جِنْسُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَإِذَا صَالَحَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لِكُلِّ شَهْرٍ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَا يَكْفِينِي هَذَا الْقَدْرُ كَانَ لَهَا أَنْ تُخَاصِمَهُ حَتَّى يَزِيدَهَا مِقْدَارَ مَا يَكْفِيهَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا، وَإِذَا صَالَحَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ - نَفَقَةُ كُلِّ شَهْرٍ - ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ: لَا أُطِيقُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ، وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ ذَلِكَ، قَالَ فِي الْكِتَابِ: إلَّا أَنْ يَبْرَأَ مِنْهُ الْقَاضِي يُرِيدُ بِهِ إلَّا أَنْ يَتَعَرَّفَ الْقَاضِي عَنْ حَالِهِ بِالسُّؤَالِ مِنْ النَّاسِ، فَإِذَا أَخْبَرُوا أَنَّهُ لَا يُطِيقُ ذَلِكَ نَقَصَ عَنْهُ، وَأَوْجَبَ عَنْ قَدْرِ طَاقَتِهِ قَالَ، فَإِنْ لَمْ يَمْضِ شَيْءٌ مِنْ الشَّهْرِ حَتَّى صَالَحَهَا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الدَّرَاهِمِ عَلَى شَيْءٍ إنْ كَانَ شَيْئًا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا فِي نَفَقَتِهَا بِحَالٍ نَحْوُ مَا أَصْلَحَ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ عَلَى الثَّلَاثَةِ مَخَاتِيمَ بِعَيْنِهَا، أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا يُعْتَبَرُ هَذَا الصُّلْحُ تَقْدِيرًا لِلنَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ فِي نَفَقَتِهَا بِحَالٍ يُعْتَبَرُ الصُّلْحُ الثَّانِي مُعَاوَضَةً وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الْجَوَابِ فِي الصُّلْحِ عَنْ النَّفَقَةِ فَكَذَلِكَ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْكِسْوَةِ، وَإِذَا صَالَحَ امْرَأَتَهُ مِنْ كِسْوَتِهَا عَلَى دِرْعِ يَهُودِيٍّ وَمِلْحَفَةٍ زُطِّيٍّ وَخِمَارٍ شَامِيٍّ جَازَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا صَالَحَ امْرَأَتَهُ عَنْ نَفَقَةِ سَنَةٍ عَلَى ثَوْبٍ، وَدَفَعَ إلَيْهَا فَهُوَ جَائِزٌ، فَإِنْ اسْتَحَقَّ الثَّوْبَ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الثَّوْبِ بَعْدَ مَا فَرَضَ الْقَاضِي لَهَا النَّفَقَةَ، أَوْ بَعْدَ مَا اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ لِنَفَقَةِ كُلِّ شَهْرٍ، ثُمَّ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ ذَلِكَ عَنْ هَذَا الثَّوْبِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ بِمَا فَرَضَ لَهَا الْقَاضِي مِنْ النَّفَقَةِ، وَبِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ ابْتِدَاءً عَلَى الثَّوْبِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى وَصِيفٍ وَسَطٍ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَجَلًا أَوْ جَعَلَ لَهُ أَجَلًا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ فَرْضِ الْقَاضِي، وَقَبْلَ اصْطِلَاحِهِمَا جَازَ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ بَعْدَ فَرْضِ الْقَاضِي، أَوْ بَعْدَ اصْطِلَاحِهِمَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ امْرَأَتَانِ إحْدَاهُمَا حُرَّةٌ وَالْأُخْرَى أَمَةٌ بَوَّأَهَا الْمَوْلَى بَيْتًا فَصَالَحَهُمَا عَنْ النَّفَقَةِ، وَقَدْ شَرَطَ لِلْأَمَةِ أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَ لِلْأُخْرَى، فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى لَا يُبَوِّئُهَا بَيْتًا فَصَالَحَتْ زَوْجَهَا عَنْ النَّفَقَةِ لَمْ يَجُزْ هَذَا الصُّلْحُ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا صَالَحَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عَنْ نَفَقَتِهَا، وَنِكَاحُهَا فَاسِدٌ، وَلَا يَجُوزُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَوْ صَالَحَتْهُ عَلَى الْأَكْثَرِ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فَالزِّيَادَةُ مَرْدُودَةٌ، وَتَلْزَمُهُ نَفَقَةُ مِثْلِهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْعَبْدُ إذَا تَزَوَّجَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى كَانَ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمَرْأَةِ يُبَاعُ فِيهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَفْدِيَهُ، فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ سَقَطَتْ، وَكَذَا إذْ قُتِلَ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِنْ تَزَوَّجَ مُدَبَّرٌ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَالنَّفَقَةُ تَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ مَا لَمْ يَعْجِزْ، فَإِنْ عَجَزَ بِيعَ، فَإِنْ تَزَوَّجَ هَؤُلَاءِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَا مَهْرَ كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ عَتَقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ جَازَ نِكَاحُهُ حِينَ عَتَقَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ فَنَفَقَتُهَا عَلَى الْمَوْلَى بَوَّأَهَا، أَوْ لَا كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى: لَا أُنْفِقُ عَلَيْهَا يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ فَلَهَا النَّفَقَةُ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ الْمَنْكُوحَةُ إذَا كَانَتْ أَمَةً إنْ بَوَّأَهَا الْمَوْلَى بَيْتًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَالتَّبْوِئَةُ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا، وَلَا يَسْتَخْدِمَهَا الْمَوْلَى، وَإِنْ بَوَّأَهَا الْمَوْلَى بَيْتًا، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا نَفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ مُدَّةَ الِاسْتِخْدَامِ، وَلَوْ بَوَّأَهَا بَيْتَ الزَّوْجِ وَكَانَتْ تَجِيءُ فِي أَوْقَاتِ مَوْلَاهَا فَتَخْدِمُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا قَالُوا: لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ جَاءَتْ فِي بَيْتِ الْمَوْلَى فِي وَقْتٍ، وَالْمَوْلَى لَيْسَ فِي الْبَيْتِ، وَاسْتَخْدَمَهَا أَهْلُ الْمَوْلَى، وَمَنَعُوهَا مِنْ الرُّجُوعِ إلَى بَيْتِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمُكَاتَبَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَهِيَ كَالْحُرَّةِ لَا تَحْتَاجُ إلَى التَّبْوِئَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ سُئِلَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَمَةٍ زَوَّجَهَا مَوْلَاهَا مِنْ إنْسَانٍ، وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِخِدْمَةِ السَّيِّدِ بِطُولِ الْيَوْمِ وَتَشْتَغِلُ بِخِدْمَةِ الزَّوْجِ مِنْ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: نَفَقَةُ الْيَوْمِ عَلَى الْمَوْلَى، وَنَفَقَةُ اللَّيْلِ عَلَى الزَّوْجِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ اليتيمية. وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ أَوْ الْمُدَبَّرُ، أَوْ الْمُكَاتَبُ امْرَأَةً بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَوَلَدَتْ امْرَأَتُهُ أَوْلَادًا لَا يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ سَوَاءٌ كَانَتْ أُمُّهُمْ حُرَّةً، أَوْ أَمَةً، أَوْ مُدَبَّرَةً، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ مُكَاتَبَةً فَفِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُكَاتَبَةً فَنَفَقَةُ الْأَوْلَادِ عَلَيْهَا، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُدَبَّرَةً، أَوْ أُمَّ وَلَدِهَا فَأَوْلَادُهَا بِمَنْزِلَتِهَا فَتَكُونُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى مَوْلَاهَا وَهُوَ مَوْلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَفِيمَا إذَا كَانَتْ أَمَةً لِرَجُلٍ آخَرَ فَنَفَقَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى مَوْلَى الْأَمَةِ، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ حُرَّةً فَنَفَقَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى الْأُمِّ إنْ كَانَ لِلْأُمِّ مَالٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَنَفَقَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى مَنْ يَرِثُ الْأَوْلَادَ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، وَكَذَلِكَ الْحُرُّ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً أَوْ مُكَاتَبَةً، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُدَبَّرَةً فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمَكَاتِبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ مَوْلَى الْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ فَقِيرًا، أَوْ أَبُو الْأَوْلَادِ غَنِيًّا هَلْ يُؤْمَرُ الْأَبُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ؟ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْأَبُ عَلَى الْمَوْلَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ فَزَوَّجَهَا مِنْهُ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْأُمِّ دُونَ الْأَبِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ الْمُكَاتَبُ أَمَةَ نَفْسِهِ فَوَلَدَتْ لَهُ لَهُ وَلَدًا فَإِنَّ نَفَقَةَ ذَلِكَ الْوَلَدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ أَمَةَ رَجُلٍ فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا، وَلَمْ تَلِدْ حَتَّى اشْتَرَاهَا الْمُكَاتَبُ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَنَفَقَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى الْمُكَاتَبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْكِسْوَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ بِقَدْرِ مَا يَصْلُحُ لَهَا عَادَةً صَيْفًا وَشِتَاءً كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَنَابِيعِ. وَإِنَّمَا نَفْرِضُ الْكِسْوَةَ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَوْ فَرَضَ لَهَا الْكِسْوَةَ مُدَّةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَيْسَ لَهَا غَيْرُهَا حَتَّى تَمْضِيَ الْمُدَّةُ

الفصل الثاني في السكنى

فَإِنْ تَخَرَّقَتْ قَبْلَ مُضِيِّهَا إنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ لَبِسَتْهَا لُبْسًا مُعْتَادًا لَمْ تَتَخَرَّقْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا وَجَبَ، وَإِنْ بَقِيَ الثَّوْبُ بَعْدَ الْمُدَّةِ كَانَ بَقَاؤُهُ لِعَدَمِ اللُّبْسِ، أَوْ لِلُبْسِ ثَوْبٍ غَيْرِهِ أَوَلِلُبْسِهِ يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ، فَإِنْ يُفْرَضْ لَهَا كِسْوَةٌ أُخْرَى، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ ضَاعَتْ الْكِسْوَةُ أَوْ النَّفَقَةُ، أَوْ سُرِقَتْ لَمْ يُجَدِّدْ غَيْرَهَا حَتَّى يَمْضِيَ الْفَصْلُ بِخِلَافِ الْمَحَارِمِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهَا مَا يُفْتَرَشُ لِلْقُعُودِ عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ حَالِ الزَّوْجِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَجَبَ عَلَيْهِ طَنْفَسَةٌ فِي الشِّتَاءِ وَنِطْعٌ فِي الصَّيْفِ، وَعَلَى الْفَقِيرِ حَصِيرٌ فِي الصَّيْفِ وَلِبَدٌ فِي الشِّتَاءِ، وَلَا تَكُونُ الطَّنْفَسَةُ وَالنِّطْعُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُبْسَطَ حَصِيرٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَفْرِضُ الْقَاضِي نَفَقَةَ الْخَادِمِ عَلَى الزَّوْجِ بِفَرْضِ الْكِسْوَةِ لِلْخَادِمِ أَيْضًا. وَالْكِسْوَةُ لِلْخَادِمِ عَلَى الْمُعْسِرِ فِي الشِّتَاءِ قَمِيصَ كِرْبَاسٍ، وَإِزَارٍ وَكِسَاءٍ كَأَرْخَصِ مَا يَكُونُ فِي الصَّيْفِ قَمِيصٌ مِثْلُ ذَلِكَ وَإِزَارٌ، وَعَلَى الْمُوسِرِ فِي الشِّتَاءِ قَمِيصٌ زُطِّيٌّ وَإِزَارٌ كِرْبَاسٌ وَكِسَاءٌ رَخِيصٌ، وَفِي الصَّيْفِ مِثْلُ ذَلِكَ، فَقَدْ أَوْجَبَ لَهَا فِي الشِّتَاءِ مِنْ الْكِسْوَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الصَّيْفِ، ثُمَّ لَمْ يُفْرَضْ لِخَادِمَتِهَا الْخِمَارُ قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَلِخَادِمِ الْمَرْأَةِ الْكَعْبُ وَالْخُفُّ بِحَسَبِ مَا يَكْفِيهَا. قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ مِنْ بَيَانِ الْخَامِ وَكِسْوَتِهَا فَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى عَادَاتِهِمْ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَبِاخْتِلَافِ الْعَادَاتِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَعَلَى الْقَاضِي اعْتِبَارُ الْكِفَايَةِ فِي نَفَقَةِ الْخَادِمِ فِيمَا يُفْرَضُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ كِسْوَةُ الْخَادِمِ كِسْوَةَ الْمَرْأَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي السُّكْنَى] تَجِبُ السُّكْنَى لَهَا عَلَيْهِ فِي بَيْتٍ خَالٍ عَنْ أَهْلِهِ وَأَهْلِهَا إلَّا أَنْ تَخْتَارَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَإِنْ أَسْكَنَهَا فِي مَنْزِلٍ لَيْسَ مَعَهَا أَحَدٌ فَشَكَتْ إلَى الْقَاضِي أَنَّ الزَّوْجَ يَضُرُّ بِهَا، وَيُؤْذِيهَا وَسَأَلَتْ الْقَاضِيَ أَنْ يَأْمُرَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ يَعْرِفُونَ إحْسَانَهُ وَإِسَاءَتَهُ، فَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَتْ زَجَرَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَمَنَعَهُ عَنْ التَّعَدِّي، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يَنْظُرُ إنْ كَانَ جِيرَانُ هَذِهِ الدَّارِ قَوْمًا صَالِحِينَ أَقَرَّهَا هُنَاكَ، وَلَكِنْ يَسْأَلُ الْجِيرَانَ عَنْ صُنْعِهِ، فَإِنْ ذَكَرُوا مِثْلَ الَّذِي ذَكَرَتْ زَجَرَهُ عَنْ ذَلِكَ وَمَنَعَهُ عَنْ التَّعَدِّي فِي حَقِّهَا، وَإِنْ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يُؤْذِيهَا فَالْقَاضِي يَتْرُكُهَا ثَمَّةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي جِوَارِهِ مَنْ يُوثَقُ بِهِ، أَوْ كَانُوا يَمِيلُونَ إلَى الزَّوْجِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الزَّوْجَ أَنْ يُسْكِنَهَا فِي قَوْمٍ صَالِحِينَ، وَيَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ، وَيَبْنِي الْأَمْرَ عَلَى خَبَرِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ أَبَتْ أَنْ تَسْكُنَ مَعَ ضَرَّتِهَا، أَوْ مَعَ أَحْمَائِهَا كَأُمِّهِ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ بُيُوتٌ فَرَّغَ لَهَا بَيْتًا، وَجَعَلَ لِبَيْتِهَا غَلْقًا عَلَى حِدَةٍ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ مِنْ الزَّوْجِ بَيْتًا آخَرَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ فَلَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَتْ: لَا أَسْكُنُ مَعَ أَمَتِكَ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: لَا أَسْكُنُ مَعَ أَمِّ وَلَدِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَبِهِ أَفْتَى بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يَمْنَعَ أَبَاهَا، أَوْ أُمَّهَا، أَوْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهَا مِنْ

الفصل الثالث في نفقة المعتدة

الدُّخُولِ عَلَيْهِ فِي مَنْزِلِهِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَمْنَعُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا لِلزِّيَارَةِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ الْكَيْنُونَةِ عِنْدَهَا، وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَقِيلَ: لَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْوَالِدَيْنِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَهَلْ يَمْنَعُ غَيْرَ الْأَبَوَيْنِ عَنْ الزِّيَارَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَكَذَا لَوْ أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَخْرُجَ لِزِيَارَةِ الْمَحَارِمِ كَالْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ وَالْأُخْتِ فَهُوَ عَلَى هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ وَالِدَيْهَا وَوَلَدَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَهْلَهَا مِنْ النَّظَرِ إلَيْهَا وَكَلَامَهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ اخْتَارُوا هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ، فَإِنْ كَانَتْ قَابِلَةً، أَوْ غَسَّالَةً أَوْ كَانَ لَهَا حَقٌّ عَلَى آخَرَ أَوْ لِآخَرَ عَلَيْهَا حَقٌّ تَخْرُجُ بِالْإِذْنِ وَبِغَيْرِ الْإِذْنِ عَلَى هَذَا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ زِيَارَةِ الْأَجَانِبِ وَعِيَادَتِهِمْ وَالْوَلِيمَةِ لَا يَأْذَنُهَا، وَلَا تَخْرُجُ، وَلَوْ أَذِنَ وَخَرَجَتْ كَانَا عَاصِيَيْنِ، وَتُمْنَعُ مِنْ الْحَمَّامِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ فِي مَجْلِسِ الْوَعْظِ الْخَالِي عَنْ الْبِدَعِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا تُسَافِرُ مَعَ عَبْدِهَا، وَلَوْ خَصِيًّا، وَلَا مَعَ ابْنِهَا الْمَجُوسِيِّ، وَلَا بِأَخِيهَا رِضَاعًا فِي زَمَانِنَا، وَلَا بِامْرَأَةٍ أُخْرَى، وَلَا بِالْغُلَامِ الْمَحْرَمِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَاهِقًا ابْنَ ثِنْتَيْ عَشَرَ سَنَةً، أَوْ ثَلَاثَ عَشَرَ، وَالصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تَشْتَهِي لَا تُسَافِرُ بِلَا مَحْرَمٍ تُسَافِرُ مَعَ زَوْجِ بِنْتِهَا، وَابْنِ زَوْجِهَا وَزَوْجِ أُمِّهَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُعْطِيَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَا تَصُومُ غَيْرَ فَرْضٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي نَفَقَةِ الْمُعْتَدَّةِ] ِ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ الطَّلَاقِ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا، أَوْ ثَلَاثًا حَامِلًا كَانَتْ الْمَرْأَةُ، أَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْأَصْلُ أَنَّ الْفُرْقَةَ مَتَى كَانَتْ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ بِحَقٍّ لَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْصِيَةٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنًى مِنْ جِهَةِ غَيْرِهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ فَلِلْمُلَاعَنَةِ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَالْمُبَانَةُ بِالْخُلْعِ وَالْإِيلَاءِ وَرِدَّةِ الزَّوْجِ وَمُجَامَعَةِ الزَّوْجِ أُمَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ، وَكَذَا امْرَأَةُ الْعِنِّينِ إذَا اخْتَارَتْ الْفُرْقَةَ، وَكَذَا أَمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ إذَا أُعْتِقَا، وَهُمَا عِنْدَ زَوْجَيْهِمَا، وَقَدْ بَوَّأَهُمَا الْمَوْلَى بَيْتًا وَاخْتَارَتَا الْفُرْقَةَ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إذَا أَدْرَكَتْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا، وَكَذَا الْفُرْقَةُ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ ارْتَدَّتْ، أَوْ طَاوَعَتْ ابْنَ زَوْجِهَا، أَوْ أَبَاهُ أَوْ لَمَسْته بِشَهْوَةٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا اسْتِحْسَانًا، وَلَهَا السُّكْنَى، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَكْرَهَةً فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ الْمُرْتَدَّةُ، وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَشَزَتْ فَطَلَّقَهَا، ثُمَّ تَرَكَتْ النُّشُوزَ فَلَهَا النَّفَقَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ لَمْ تَبْطُلْ نَفَقَتُهَا بِالْفُرْقَةِ، ثُمَّ بَطَلَتْ فِي الْعِدَّةِ بِعَارِضٍ مِنْهَا، ثُمَّ زَالَ الْعَارِضُ فِي الْعِدَّةِ تَعُودُ نَفَقَتُهَا، وَكُلُّ مَنْ بَطَلَتْ بِالْفُرْقَةِ لَا تَعُودُ النَّفَقَةُ إلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ زَالَ سَبَبُ الْفُرْقَةِ

كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ ارْتَدَّتْ، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا إلَّا لِعَيْنِ الرِّدَّةِ وَلَكِنْ؛ لِأَنَّهَا تُحْبَسُ حَتَّى تَتُوبَ فَلَا تَكُونُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا حَتَّى لَوْ ارْتَدَّتْ، وَلَمْ تُحْبَسْ بَعْدُ بَلْ هِيَ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ، فَإِنْ تَابَتْ وَرَجَعَتْ إلَى بَيْتِهِ فَلَهَا النَّفَقَةُ لِزَوَالِ الْعَارِضِ، وَهُوَ الْحَبْسُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا، فَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ إذَا ارْتَدَّتْ فَحُبِسَتْ، أَوَّلًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ طَاوَعَتْ زَوْجَهَا، أَوْ أَبَاهُ فِي الْعِدَّةِ، أَوْ لَمَسَتْهُ بِشَهْوَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً عَنْ طَلَاقٍ، وَهُوَ رَجْعِيٌّ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، أَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً عَنْ فُرْقَةٍ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى بِخِلَافِ مَا إذَا ارْتَدَّتْ فِي الْعِدَّةِ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ عَادَتْ وَأَسْلَمَتْ، أَوْ سُبِيَتْ وَأُعْتِقَتْ، أَوْ لَمْ تُعْتَقْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَا نَفَقَةَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا، أَوْ حَائِلًا إلَّا إذَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَهِيَ حَامِلٌ فَلَهَا نَفَقَةٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ عَلَى الْمَرْأَةِ، ثُمَّ حُبِسَتْ بِحَقٍّ عَلَيْهَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ، وَالْمُعْتَدَّةُ إذَا كَانَتْ لَا تَلْزَمُ بَيْتَ الْعِدَّةِ بَلْ تَسْكُنُ زَمَانًا وَتَبْرُزُ زَمَانًا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ طَلَّقَهَا، وَهِيَ نَاشِزَةٌ فَلَهَا أَنْ تَعُودَ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا، وَتَأْخُذَ النَّفَقَةَ، وَإِنْ طَالَتْ الْعِدَّةُ بِارْتِفَاعِ الْحَيْضِ كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ إلَى أَنْ تَسِيرَ آيِسَةً، وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ، وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِالْحَيْضِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ الْيَمِينِ، فَإِنْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا، وَلَوْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ عَلَى الْمَرْأَةِ فَادَّعَتْ أَنَّهَا حَامِلٌ كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ إلَى سَنَتَيْنِ، فَإِنْ مَضَتْ السَّنَتَانِ، وَقَالَتْ: كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي حَامِلٌ، وَلَمْ أَحِضْ إلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ وَطَلَبَتْ النَّفَقَةَ كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ، أَوْ تَصِيرَ آيِسَةً فَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ حَاضَتْ فِي الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ وَاسْتَقْبَلَتْ عِدَّتَهَا بِالْحَيْضِ فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَطَلَّقَهَا بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا وَاسْتَقْبَلَتْ عِدَّةَ الْأَقْرَاءِ أَنْفَقَ عَلَيْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا خَرَجَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْحَرْبِيَّيْنِ مُسْلِمًا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ خَرَجَ الْآخَرُ لَا نَفَقَةَ لِلْمَرْأَةِ، وَكَمَا تَسْتَحِقُّ الْمُعْتَدَّةُ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ تَسْتَحِقُّ الْكِسْوَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِيهَا، وَهُوَ الْوَسَطُ مِنْ الْكِفَايَةِ، وَهِيَ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ النَّفَقَةَ نَظِيرُ نَفَقَةِ النِّكَاحِ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَا يُعْتَبَرُ فِي نَفَقَةِ النِّكَاحِ لِلْمُعْتَدَّةِ إذَا لَمْ تُخَاصِمْ فِي نَفَقَتِهَا، وَلَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي شَيْئًا حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَةَ الْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا، وَقَدْ اسْتَدَانَتْ عَلَى الزَّوْجِ، أَوْ لَمْ تَسْتَدِنْ، ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَ شَيْئًا مِنْ الزَّوْجِ، فَإِنْ

اسْتَدَانَتْ بِأَمْرِ الْقَاضِي كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ اسْتَدَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي، أَوْ لَمْ تَسْتَدِنْ أَصْلًا قِيلَ: تَسْقُطُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي جَوَاهِر الْأَخْلَاطِيِّ رَجُلٌ غَابَ عَنْ امْرَأَتِهِ فَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ، وَدَخَلَ بِهَا فَعَادَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ الثَّانِي، وَكَانَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي عِدَّتِهَا لَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَا عَلَى الثَّانِي رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا بَعْدَ الدُّخُولِ فَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي، ثُمَّ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْكُوحَةُ الرَّجُلِ إذَا تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ آخَرَ، وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي فَعَلِمَ الْقَاضِي، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ عَلِمَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَجَبَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ أَمَةٌ طَلَاقًا بَائِنًا، وَقَدْ كَانَ الْمَوْلَى بَوَّأَهَا مَعَ زَوْجِهَا بَيْتًا حَتَّى وَجَبَتْ النَّفَقَةُ، ثُمَّ أَخْرَجَهَا الْمَوْلَى لَخِدْمَتِهِ حَتَّى سَقَطَتْ النَّفَقَةُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُعِيدَهَا إلَى الزَّوْجِ، وَيَأْخُذَ النَّفَقَةَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى بَوَّأَهَا بَيْتًا حَتَّى طَلَّقَهَا الزَّوْجُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُبَوِّئَهَا مَعَ الزَّوْجِ فِي الْعِدَّةِ لِتَجِبَ النَّفَقَةُ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا: أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ يَوْمَ الطَّلَاقِ، ثُمَّ صَارَتْ إلَى حَالٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا، لَهَا أَنْ تَعُودَ وَتَأْخُذَ النَّفَقَةَ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا يَوْمَ الطَّلَاقِ فَلَيْسَ لَهَا النَّفَقَةُ إلَّا النَّاشِزَةَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ أَمَةً، وَلَمْ يُبَوِّئْهَا بَيْتًا حَتَّى طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا كَانَ لِمَوْلَاهَا أَنْ يَأْمُرَ الزَّوْجَ لِيَتَّخِذَ لَهَا بَيْتًا، وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ النَّفَقَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهَا مَا كَانَتْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ قَبْلَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ قَبْلَ التَّبْوِئَةِ فَلَا تَسْتَحِقُّ بَعْدَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى كَانَ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ مِنْ الزَّوْجِ حَتَّى يُبَوِّئَهَا بَيْتًا وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ أَمْرَ نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَالزَّوْجُ لَا يَخْلُو بِهَا فِي مَكَان وَاحِدٍ، هِيَ لَا تَأْخُذُ بِالسُّكْنَى، وَهَلْ لَهَا صَحِيحٌ أَنْ تَأْخُذَهُ بِالنَّفَقَةِ؟ وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَإِذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْمَوْلَى حَتَّى عَتَقَتْ أُمُّ الْوَلَدِ بِمَوْتِهِ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ فَنَفَقَتُهَا تَكُونُ فِي نَصِيبِ الْوَلَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَفَقَاتِهِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَدَّمَتْهُ امْرَأَتُهُ لِلْقَاضِي، وَطَالَبَتْهُ بِالنَّفَقَةِ، وَقَالَ الرَّجُلُ لِلْقَاضِي: كُنْتُ طَلَّقْتُهَا مِنْ سَنَةٍ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَجَحَدَتْ الْمَرْأَةُ الطَّلَاقَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ، فَإِنْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِذَلِكَ، وَالْقَاضِي لَا يَعْرِفُهُمَا فَإِنَّهُ يَأْمُرُهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا، فَإِنْ عَدَّلَتْ الشُّهُودَ أَوْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ أَخَذَتْ مِنْهُ شَيْئًا رَدَّتْ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ قَالَتْ: لَمْ أَحِضْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَلَهَا النَّفَقَةُ قَالَ الزَّوْجُ: قَدْ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ عِدَّتَهَا قَدْ انْقَضَتْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي إبْطَالِ نَفَقَتِهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ

الفصل الرابع في نفقة الأولاد

امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، وَهِيَ تَدَّعِي الطَّلَاقَ، أَوْ تُنْكِرُ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَمْنَعَ الزَّوْجَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا وَالْخَلْوَةِ مَعَهَا مَا دَامَ الْقَاضِي مَشْغُولًا بِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ، وَلَا يُخْرِجُهَا الْقَاضِي فِي هَذَا الْوَجْهِ مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ، وَلَكِنْ يَجْعَلُ مَعَهَا امْرَأَةً أَمِينَةً تَمْنَعُ الزَّوْجَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عَدْلًا، وَنَفَقَةُ الْأَمِينَةِ هَاهُنَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْقَاضِي النَّفَقَةَ، وَهِيَ تَقُولُ: طَلَّقَنِي، أَوْ تَقُولُ: لَمْ يُطَلِّقْنِي، أَوْ تَقُولُ: لَا أَدْرِي أَطَلَّقَنِي أَمْ لَمْ يُطَلِّقْنِي؟ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي لَهَا بِالنَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَالْقَاضِي يَقْضِي لَهَا بِمِقْدَارِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ إلَى أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ، فَإِنْ تَطَاوَلَتْ الْمَسْأَلَةُ عَنْ الشُّهُودِ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ لَمْ يَزِدْهَا الْقَاضِي عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ شَيْئًا، وَبَعْدَ هَذَا إنْ زُكِّيَتْ الشُّهُودُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا سَلِمَ لَهَا مَا أَخَذَتْ مِنْ النَّفَقَةِ، وَإِنْ لَمْ تُزَكِّ الشُّهُودَ وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ عَلَى الزَّوْجِ مَا أَخَذَتْ مِنْ النَّفَقَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ أَعْطَاهُ الزَّوْجُ عَلَى سَبِيلِ الْإِبَاحَةِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. امْرَأَةٌ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى رَجُلٍ بِالنِّكَاحِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ، وَلَوْ أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ لِمَا رَأَى مِنْ الْمَصْلَحَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَهَا: إنْ كُنْتِ امْرَأَتَهُ، فَقَدْ فَرَضْتُ لَكِ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا وَكَذَا، وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ، وَقَدْ اسْتَدَانَتْ وَعَدَّلَتْ الْبَيِّنَةَ أَخَذَتْهُ بِنَفَقَتِهَا مُنْذُ فُرِضَ لَهَا، وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ النِّكَاحَ، وَهِيَ تَجْحَدُ فَأَقَامَ عَلَيْهَا بَيِّنَةً لَا نَفَقَةَ لَهَا. أُخْتَانِ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ تَزَوَّجَهَا، وَهُوَ يَجْحَدُ فَأَقَامَتَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ وَالدُّخُولِ فَلَهُمَا نَفَقَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مُدَّةِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الشُّهُودِ نَصَّ عَلَيْهِ الْخَصَّافُ امْرَأَةٌ أَخَذَتْ نَفَقَتَهَا مِنْ زَوْجِهَا شَهْرًا، ثُمَّ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ] ِ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ عَلَى الْأَبِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ إذَا كَانَ رَضِيعًا، فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ فِي نِكَاحِ الْأَبِ وَالصَّغِيرُ يَأْخُذُ لَبَنَ غَيْرِهَا لَا تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى الْإِرْضَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْوَلَدُ لَبَنَ غَيْرِهَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا تُجْبَرُ أَيْضًا، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ: تُجْبَرُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ وَلَا لِلْوَلَدِ مَالٌ تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى الْإِرْضَاعِ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي الْفَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ إرْضَاعُ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ يُوجَدُ مَنْ تُرْضِعُهُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ مَالٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فَتَكُونُ مُؤْنَةُ الرَّضَاعِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَيَسْتَأْجِرُ الْأَبُ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَ الْأُمِّ، وَهَذَا إذَا مَا وَجَدَتْ مَنْ تُرْضِعُهُ أَمَّا إذَا لَمْ تُوجِدْ مَنْ تُرْضِعُهُ فَتُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى الْإِرْضَاعِ، وَقِيلَ: لَا تُجْبَرُ الْأُمُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِلَى الْأَوَّلِ مَالَ الْقُدُورِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَيْسَ عَلَى الظِّئْرِ أَنْ تَمْكُثَ عِنْدَ الْوَلَدِ فِي بَيْتِ أُمِّهِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَيَسْتَغْنِي الْوَلَدُ عَنْهَا

فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، وَإِذَا أَبَتْ الظِّئْرُ أَنْ تُرْضِعَهُ عِنْدَ الْأُمِّ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ الْإِرْضَاعُ عِنْدَ الْأُمِّ كَانَ لَهَا أَنْ تَحْمِلَ الْوَلَدَ فَتُرْضِعَهُ، أَوْ تَقُولَ: أَخْرِجُوهُ فَأُرْضِعَهُ فِي فِنَاءِ دَارِ الْأُمِّ، ثُمَّ يَدْخُلُ الْوَلَدُ عِنْدَ الْأُمِّ، وَإِنْ شَرَطُوا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَنْ تَكُونَ الظِّئْرُ عِنْدَ الْأُمِّ يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِمَا شَرَطَتْهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْقَاضِي خَانْ. وَإِذَا وَلَدَتْ أَمَتُهُ مِنْهُ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ فَلَهُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى إرْضَاعِ الْوَلَدِ لَبَنَهَا، وَمَنَافِعُهَا لَهُ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَلَدَ إلَى غَيْرِهَا وَأَرَادَتْ هِيَ إرْضَاعَهُ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: اسْتَأْجَرَ ظِئْرًا لِلصَّبِيِّ شَهْرًا، فَلَمَّا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَبَتْ إرْضَاعَهُ، وَهُوَ لَا يَأْخُذُ لَبَنَ غَيْرِهَا تُجْبَرُ عَلَى إبْقَاءِ الْإِجَارَةِ بِالْإِرْضَاعِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا، وَهِيَ زَوْجَتُهُ، أَوْ مُعْتَدَّتُهُ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْكَافِي الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ، أَوْ طَلَقَاتٍ ثَلَاثٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ زِيَادٍ تَسْتَحِقُّ أَجْرَ الرَّضَاعَةِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَإِنْ مَضَتْ عِدَّتُهَا فَاسْتَأْجَرَهَا لِإِرْضَاعِ وَلَدِهَا جَازَ، فَإِنْ قَالَ الْأَبُ: لَا أَسْتَأْجِرُهَا وَجَاءَ بِغَيْرِهَا فَرَضِيَتْ الْأُمُّ بِمِثْلِ أَجْرِ الْأَجْنَبِيَّةِ، أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَهِيَ أَوْلَى بِهِ، وَإِنْ الْتَمَسَتْ زِيَادَةً لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا الزَّوْجُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا، وَهِيَ مَنْكُوحَتُهُ، أَوْ مُعْتَدَّتُهُ لِإِرْضَاعِ ابْنٍ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا جَازَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ صَالَحَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَنْ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ عَلَى شَيْءٍ إنْ كَانَ الصُّلْحُ حَالَ الْقِيَامِ بِالنِّكَاحِ، أَوْ فِي الْعِدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ فِي الْعِدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ أَوْ طَلَقَاتٍ ثَلَاثٍ جَازَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، فَإِذَا صَالَحَهَا عَلَى شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ، وَوَجَبَتْ النَّفَقَةُ لَا تَسْقُطُ بِمَوْتِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ، وَلَيْسَتْ بِنَفَقَةِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَبَعْدَ الْفِطَامِ يَفْرِضُ الْقَاضِي نَفَقَةَ الصِّغَارِ عَلَى قَدْرِ طَاقَةِ الْأَبِ وَتُدْفَعُ إلَى الْأُمِّ حَتَّى تُنْفِقَ عَلَى الْأَوْلَادِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ ثِقَةً تُدْفَعُ إلَى غَيْرِهَا لِيُنْفِقَ عَلَى الْوَلَدِ. امْرَأَةٌ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، وَلَهَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ فَأَقَرَّتْ أَنَّهَا قَبَضَتْ نَفَقَتَهُمْ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ: كُنْتُ قَبَضْتُ عِشْرِينَ، وَنَفَقَةُ مِثْلِهِمْ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مِائَةُ دِرْهَمٍ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ هَذَا عَلَى نَفَقَةِ مِثْلِهِمْ، وَأَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ أَنْ قَبَضَتْ عِشْرِينَ، وَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ إقْرَارِهَا بِقَبْضِ النَّفَقَةِ: ضَاعَتْ النَّفَقَةُ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى أَبِيهِمْ بِنَفَقَةِ مِثْلِهِمْ. رَجُلٌ مُعْسِرٌ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ إنْ كَانَ الرَّجُلُ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ وَيُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِنْ أَبَى أَنْ يَكْتَسِبَ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِمْ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَيُحْبَسُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ يَفْرِضُ الْقَاضِي عَلَيْهِ النَّفَقَةَ وَيَأْمُرُ الْأُمَّ حَتَّى تَسْتَدِينَ عَلَى زَوْجِهَا، ثُمَّ تَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْأَبُ يَجِدُ نَفَقَةَ الْوَلَدِ يَمْتَنِعُ مِنْ الْإِنْفَاقِ يَفْرِضُ الْقَاضِي عَلَيْهِ النَّفَقَةَ، ثُمَّ تَرْجِعُ الْأُمُّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ فَرَضَ الْقَاضِي عَلَى الْأَبِ نَفَقَةَ الْوَلَدِ فَتَرَكَهُ الْأَبُ بِلَا نَفَقَةٍ وَاسْتَدَانَتْ وَأَنْفَقَتْ بِأَمْرِ الْقَاضِي كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْأَبِ، وَيُحْبَسُ الْأَبُ بِنَفَقَةِ

الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْبَسُ بِسَائِرِ دُيُونِهِ، وَلَوْ فَرَضَ الْقَاضِي النَّفَقَةَ عَلَى الْأَبِ، فَلَمْ تَسْتَدِنْ الْأُمُّ، وَأَكَلَ الْوَلَدُ بِمَسْأَلَةِ النَّاسِ لَا تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ حَصَلَ لَهُ بِمَسْأَلَةِ النَّاسِ نِصْفُ الْكِفَايَةِ يَسْقُطُ نِصْفُ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ، وَتَصِحُّ النَّفَقَةُ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي، وَكَذَا لَوْ فُرِضَتْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمَحَارِمِ فَأَكَلُوا مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي فُرِضَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي بَعْدَ مَا فَرَضَ نَفَقَةَ الْأَوْلَادِ أَمَرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ فَاسْتَدَانَتْ حَتَّى يَثْبُتَ لَهَا حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْأَبِ فَمَاتَ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ هَذِهِ النَّفَقَةَ هَلْ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ إنْ تَرَكَ مَالًا؟ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ لَهَا ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَأْمُرْهَا بِالِاسْتِدَانَةِ فَاسْتَدَانَتْ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهَا ذَلِكَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ إنْ تَرَكَ مَالًا بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَنَفَقَةُ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْفِطَامِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فِي مَالِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ مَالُ الصَّغِيرِ غَائِبًا أُمِرَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، وَيَرْجِعُ فِي مَالِهِ، فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَيَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى - أَنْ يَرْجِعَ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ إذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ يَوْمَ دَفَعَ أَنَّهُ يَرْجِعُ، وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ عَقَارٌ، أَوْ أَرْدِيَةٌ، أَوْ ثِيَابٌ، وَاحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ لِلنَّفَقَةِ كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. صَغِيرٌ لَهُ أَبٌ مُعْسِرٌ وَجَدٌّ أَبُو الْأَبِ مُوسِرٌ وَلِلصَّغِيرِ مَالٌ غَائِبٌ يُؤْمَرُ الْجَدُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا لَهُ عَلَى الْأَبِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْأَبُ بِذَلِكَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ مَالٌ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الْأَبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا فِي الْقُدُورِيِّ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْأَبَ الْفَقِيرَ مُلْحَقٌ بِالْمَيِّتِ فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ عَلَى الْجَدِّ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ زَمِنًا، وَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ يَقْضِي بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْجَدِّ، وَلَا يَرْجِعُ الْجَدُّ بِذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ أُمٌّ مُوسِرَة وَأَبٌ مُعَسِّرٌ أُمِرَتْ أَنْ تُنْفِقَ عَلَى الصَّغِيرِ، وَيَكُونَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَبُ زَمِنًا، وَإِنْ كَانَ زَمِنًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُجْبَرُ الْكَافِرُ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهِ الْمُسْلِمِ، وَكَذَا الْمُسْلِمُ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهِ الْكَافِرِ الزَّمِنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْأُمُّ أَوْلَى بِالتَّحَمُّلِ مِنْ سَائِرِ الْأَقَارِبِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا، أَوْ الْأُمُّ مُوسِرَةً، وَلِلصَّغِيرِ جَدٌّ مُوسِرٌ تُؤْمَرُ الْأُمُّ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِ نَفْسِهَا، ثُمَّ تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ، وَلَا يُؤْمَرُ الْجَدُّ بِذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ أَعْطَتْ الْأَوْلَادَ نِصْفَ الْكِفَايَةِ تَرْجِعُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا كَانَ لِلْأَبِ الْمُعْسِرِ أَخٌ مُوسِرٌ يُؤْمَرُ الْأَخُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الصَّغِيرِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الذُّكُورُ مِنْ الْأَوْلَادِ إذَا بَلَغُوا حَدَّ الْكَسْبِ، وَلَمْ يَبْلُغُوا فِي أَنْفُسِهِمْ يَدْفَعُهُمْ الْأَبُ إلَى عَمَلٍ لِيَكْسِبُوا، أَوْ يُؤَاجِرَهُمْ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِمْ مِنْ أُجْرَتِهِمْ وَكَسْبِهِمْ، وَأَمَّا الْإِنَاثُ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُؤَاجِرَهُنَّ فِي عَمَلٍ، أَوْ خِدْمَةٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ثُمَّ فِي الذُّكُورِ إذَا سَلَّمَهُمْ فِي عَمَلٍ فَاكْتَسَبُوا أَمْوَالًا فَالْأَبُ يَأْخُذُ كَسْبَهُمْ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَمَا فَضَلَ مِنْ نَفَقَتِهِمْ يُحْفَظُ

ذَلِكَ عَلَيْهِمْ إلَى وَقْتِ بُلُوغِهِمْ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُبَذِّرًا مُسْرِفًا لَا يُؤْمَنُ عَلَى ذَلِكَ فَالْقَاضِي يُخْرِجُ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ وَيَجْعَلُهُ فِي يَدِ أَمِينٍ وَيَحْفَظُ لَهُمْ، فَإِذَا بَلَغُوا أُسْلِمَ إلَيْهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ: إذَا كَانَ الِابْنُ مِنْ أَبْنَاءِ الْكِرَامِ، وَلَا يَسْتَأْجِرُهُ النَّاسُ فَهُوَ عَاجِزٌ، وَكَذَا طَلَبَةُ الْعِلْمِ إذَا كَانُوا عَاجِزِينَ عَنْ الْكَسْبِ لَا يَهْتَدُونَ إلَيْهِ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُمْ عَنْ آبَائِهِمْ إذَا كَانُوا مُشْتَغِلِينَ بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ لَا بِالْخِلَافِيَّاتِ الرَّكِيكَةِ وَهَذَيَانِ الْفَلَاسِفَةِ، وَلَهُمْ رُشْدٌ، وَإِلَّا لَا تَجِبُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَنَفَقَةُ الْإِنَاثِ وَاجِبَةٌ مُطْلَقًا عَلَى الْآبَاءِ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ مَالٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةُ الذُّكُورِ الْكِبَارِ إلَّا أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ لِزَمَانَةٍ، أَوْ مَرَضٍ وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ لَكِنْ لَا يُحْسِنُ الْعَمَلَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَاجِزِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَقِيرًا، أَوْ زَمِنًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ كِفَايَةِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ لَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى نَفَقَةِ زَوْجَةِ الِابْنِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. الرَّجُلُ الْبَائِعُ إنْ كَانَ زَمِنًا أَوْ مُقْعَدًا، أَوْ أَشَلَّ الْيَدَيْنِ لَا يَنْتَفِعُ بِهِمَا، أَوْ مَعْتُوهًا أَوْ مَفْلُوجًا، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ تَجِبُ النَّفَقَةُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، وَكَانَ لَهُ أَبٌ مُوسِرٌ، وَأُمٌّ مُوسِرَةٌ تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ إذَا طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهُ النَّفَقَةَ عَلَى الْأَبِ أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ وَيَدْفَعُ مَا فَرَضَ لَهُمْ إلَيْهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ صَالَحَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَنْ نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا أَوْ مُوسِرًا فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَتِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ بِأَنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ زِيَادَةً تَدْخُلُ تَحْتَ تَقْدِيرِ الْمُقَدِّرِينَ فِي مِقْدَارِ كِفَايَتِهِمْ فَإِنَّهَا تَكُونُ عَفْوًا، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِحَيْثُ لَا تَدْخُلُ تَقْدِيرَ الْمُقَدِّرِينَ فَإِنَّهَا تُطْرَحُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ نَفَقَتِهِمْ بِأَنْ كَانَ لَا يَكْفِيهِمْ يَبْلُغُ إلَى مِقْدَارِ كِفَايَتِهِمْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا كَانَ الرَّجُلُ غَائِبًا، وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَأْمُرُ أَحَدًا بِالنَّفَقَةِ مِنْ مَالِهِ إلَّا الْأَبَوَيْنِ الْفَقِيرَيْنِ وَأَوْلَادَهُ الصِّغَارَ الْفُقَرَاءَ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ وَالْكِبَارَ الذُّكُورَ الْفُقَرَاءَ الْعَجَزَةَ عَنْ الْكَسْبِ وَالْإِنَاثَ وَالْفَقِيرَاتِ وَالزَّوْجَةَ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَالُ حَاضِرًا عِنْدَ هَؤُلَاءِ، وَكَانَ النَّسَبُ مَعْرُوفًا، أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ أَمَرَهُمْ بِالنَّفَقَةِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالنَّسَبِ، فَطَلَبَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ وَدِيعَةً عِنْدَ إنْسَانٍ، وَهُوَ مُقِرٌّ بِهَا أَمَرَهُمْ الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى إنْسَانٍ، وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْ الْمَدْيُونُ مُنْكِرًا فَأَرَادُوا أَنْ يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ لَمْ يَلْتَفِتْ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ هَذَا إذَا كَانَ الْمَالُ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالطَّعَامِ وَنَحْوِهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. ، وَإِذَا كَانَ لِلْغَائِبِ عَنْ الْوَالِدَيْنِ، أَوْ الْوَلَدِ أَوْ الزَّوْجَةِ مَالٌ مِنْ جِنْسِ حُقُوقِهِمْ فَأَنْفَقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ جَازَ، وَلَمْ يَضْمَنُوا، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ غَيْرُهُمْ وَأَعْطَاهُمْ بِأَمْرِ الْقَاضِي حَتَّى أَنْفَقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَمْ يَضْمَنْ صَاحِبُ الْيَدِ، وَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُمْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي

الفصل الخامس في نفقة ذوي الأرحام

كَانَ ضَامِنًا هَذَا إذَا كَانَ مَا تَرَكَهُ الْغَائِبُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمْ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمْ فَأَرَادُوا أَنْ يَبِيعُوا شَيْئًا مِنْ مَالِ الْغَائِبِ لِنَفَقَتِهِمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ سِوَى الْوَلَدِ الْمُحْتَاجِ لَمْ يَمْلِكْ بَيْعَ عَقَارِ الْغَائِبِ، وَلَا بَيْعَ عُرُوضِهِ بِالنَّفَقَةِ، وَأَمَّا الْأَبُ الْمُحْتَاجُ فَيَمْلِكُ بَيْعَ الْمَنْقُولِ بِالنَّفَقَةِ اسْتِحْسَانًا، وَلَا يَمْلِكُ بَيْعَ الْعَقَارِ إلَّا إذَا كَانَ الْوَلَدُ الْغَائِبُ صَغِيرًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْمَفْقُودِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ حَالَ حَضْرَةِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ بَيْعُ الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ قَدْ مَاتَ وَتَرَكَ أَمْوَالًا، وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا كَانَتْ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ مِنْ أَنْصِبَائِهِمْ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَكُونُ وَارِثًا فَنَفَقَتُهُ فِي نَصِيبِهِ، وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْمَيِّتِ تَكُونُ نَفَقَتُهَا فِي حِصَّتِهَا مِنْ الْمِيرَاثِ حَامِلًا كَانَتْ أَوْ حَائِلًا بَعْدَ هَذَا يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ قَدْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَالْوَصِيُّ يُنْفِقُ عَلَى الصِّغَارِ مِنْ أَنْصِبَائِهِمْ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ فَالْقَاضِي يَفْرِضُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصِّغَارِ فِي نَصِيبِهِ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى قَدْرِ سَعَةِ أَمْوَالِهِمْ وَضِيقِهَا وَيَشْتَرِي لِلصَّغِيرِ خَادِمًا إنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى الْخَادِمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَصَالِحِهِ، وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ مِنْ الْمَصَالِحِ فَالْقَاضِي يَشْتَرِي ذَلِكَ لِلصَّغِيرِ مِنْ نَصِيبِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ لَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ، وَلَهُ أَوْلَادٌ كِبَارٌ وَصِغَارٌ فَنَفَقَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَكُونُ فِي نَصِيبِهِ كَمَا ذَكَرْنَا وَيُنَصِّبُ الْقَاضِي وَصِيًّا فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلْدَةِ قَاضٍ فَأَنْفَقَ الْكِبَارُ عَلَى الصِّغَارِ مِنْ أَنْصِبَاءِ الصِّغَارِ كَانُوا ضَامِنِينَ فِي هَذِهِ النَّفَقَةِ، وَهَذَا فِي الْحُكْمِ، فَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى - فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلَيْنِ كَانَا فِي سَفَرٍ فَأُغْمِيَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَأَنْفَقَ الْآخَرُ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا إذَا مَاتَ فَجَهَّزَهُ صَاحِبُهُ مِنْ مَالِهِ، وَكَذَا الْعَبِيدُ الْمَأْذُونُونَ فِي التِّجَارَةِ إذَا كَانُوا فِي الْبِلَادِ، فَمَاتَ مَوْلَاهُمْ فَأَنْفَقُوا فِي الطَّرِيقِ، وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ فَيَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ كَانَ الْكِبَارُ أَنْفَقُوا عَلَى الصِّغَارِ، ثُمَّ لَمْ يُقِرُّوا بِذَلِكَ وَأَقَرُّوا بِبَقِيَّةِ أَنْصِبَاءِ الصِّغَارِ وَيُرْجَى أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ وَكَذَا، لَوْ مَاتَ الرَّجُلُ، وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ، وَلَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَوَدِيعَةٌ عِنْدَ آخَرَ فَفِي الْحُكْمِ لَيْسَ لِلْمُودِعِ أَنْ يُنْفِقَ مِنْهَا عَلَيْهِمْ، وَيَحْتَسِبَهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ فَعَلَ، وَحَلَفَ عَلَى أَنْ لَا مَالَ عَلَيْهِ لِلْمَيِّتِ رَجَوْتُ أَنْ لَا يُؤَاخَذَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي نَفَقَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ] ِ قَالَ: وَيُجْبَرُ الْوَلَدُ الْمُوسِرُ عَلَى نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ مُسْلِمَيْنِ كَانَا، أَوْ ذِمِّيَّيْنِ قَدَرَا عَلَى الْكَسْبِ، أَوْ لَمْ يَقْدِرَا بِخِلَافِ الْحَرْبِيَّيْنِ الْمُسْتَأْمَنِينَ، وَلَا يُشَارِكُ الْوَلَدُ الْمُوسِرُ أَحَدًا فِي نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ الْمُعْسِرَيْنِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. الْيَسَارُ مُقَدَّرٌ بِالنِّصَابِ فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالنِّصَابُ نِصَابُ حِرْمَانِ الصَّدَقَةِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا اخْتَلَطَتْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ فَنَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ، وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ

وَإِنْ كَانَ لِلْفَقِيرِ ابْنَانِ أَحَدُهُمَا فَائِقٌ فِي الْغِنَى وَالْآخَرُ يَمْلِكُ نِصَابًا كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا تَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ إذَا تَفَاوَتَا فِي الْيَسَارِ تَفَاوُتًا يَسِيرًا، وَأَمَّا إذَا تَفَاوَتَا تَفَاوُتًا فَاحِشًا فَيَجِبُ أَنْ يَتَفَاوَتَا فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، ثُمَّ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمَا فَأَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يُعْطِيَ الْأَبَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الْآخَرَ بِأَنْ يُعْطِيَ كُلَّ النَّفَقَةِ، ثُمَّ يَرْجِعَ عَلَى الْآخَرِ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ الْمُعْسِرِ زَوْجَةٌ لَيْسَتْ أُمَّ ابْنِهِ الْكَبِيرِ لَمْ يُجْبَرْ الِابْنُ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ، وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِهِ وَأَمَتُهُ لَا يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ هَؤُلَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْأَبِ عِلَّةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى خِدْمَةِ نَفْسِهِ وَيَحْتَاجُ إلَى خَادِمٍ يَقُومُ بِشَأْنِهِ وَيَخْدُمُهُ فَحِينَئِذٍ يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ خَادِمِ الْأَبِ مَنْكُوحَةً كَانَتْ، أَوْ أَمَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْأَبُ إذَا كَانَ فَقِيرًا مُعْسِرًا، أَوْ لَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ مَحَاوِيجُ، وَابْنٌ كَبِيرٌ مُوسِرٌ يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ أَبِيهِ وَنَفَقَةِ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْأُمُّ إذَا كَانَتْ فَقِيرَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الِابْنَ نَفَقَتُهَا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، أَوْ هِيَ غَيْرَ زَمِنَةٍ، وَإِذَا كَانَ الِابْنُ يَقْدِرُ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَالْأُمُّ أَحَقُّ، وَإِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ أَبٌ، وَابْنٌ صَغِيرٌ، وَهُوَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى نَفَقَةِ أَحَدِهِمَا فَالِابْنُ أَحَقُّ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ، وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدٍ مِنْهُمَا يَأْكُلَانِ مَعَهُ مَا أَكَلَ، وَإِنْ احْتَاجَ الْأَبُ إلَى زَوْجَةٍ، وَالِابْنُ مُوسِرٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً، وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ زَوْجَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَلْزَمْ الِابْنَ إلَّا نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَدْفَعُهَا إلَى الْأَبِ، وَهُوَ يُوَزِّعُهَا عَلَيْهِنَّ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الِابْنُ فَقِيرًا كَسُوبًا، وَالْأَبُ زَمِنًا يُشَارِكُ الِابْنَ فِي الْقُوتِ بِالْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُشَارِكْهُ يُخْشَى عَلَى الْأَبِ التَّلَفُ ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي إنْ كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا، وَلَمْ يَكُنْ كَسُوبًا فَقَالَ الْأَبُ لِلْقَاضِي: إنَّ ابْنِي يَكْتَسِبُ مَا يَقْدِرُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيَّ فَالْقَاضِي يَنْظُرُ فِي كَسْبِ الِابْنِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ قُوتِهِ يُجْبَرْ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةٍ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ قُوتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ، وَلَكِنْ يُؤْمَرُ مِنْ حَيْثُ الدِّيَانَةُ هَذَا إذَا كَانَ الْأَبُ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ وَأَوْلَادٌ صِغَارٌ يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى أَنْ يُدْخِلَ الْأَبَ فِي قُوتِهِ وَيَجْعَلَهُ كَأَحَدٍ مِنْ عِيَالِهِ، وَلَا يَجْبُرُهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا عَلَى حِدَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ كَسُوبًا هَلْ يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى الْكَسْبِ وَالنَّفَقَةِ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ: قِيلَ: يُجْبَرُ، وَقِيلَ: لَا يُجْبَرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَعْتَبِرُ فِي حَقِّ الْجَدِّ لِاسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ الْفَقْرُ لَا غَيْرُ عَلَى مَا هُوَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي حَقِّ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ كَالْجَدِّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَكَذَا تُفْرَضُ نَفَقَةُ الْجَدَّاتِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، وَنَفَقَةُ الْجَدَّاتِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْجَدَّاتِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْأَجْدَادِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالنَّفَقَةُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ إذَا كَانَ صَغِيرًا فَقِيرًا، أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً بَالِغَةً فَقِيرَةً، أَوْ كَانَ ذَكَرًا فَقِيرًا زَمِنًا، أَوْ أَعْمَى

وَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ وَيُجْبَرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَتُعْتَبَرُ أَهْلِيَّةُ الْإِرْثِ لَا حَقِيقَتُهُ كَذَا فِي النُّقَايَةِ. لَا يَقْضِي بِنَفَقَةِ أَحَدٍ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ إذَا كَانَ غَنِيًّا أَمَّا الْكِبَارُ الْأَصِحَّاءُ فَلَا يَقْضِي لَهُمْ بِنَفَقَتِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ، وَتَجِبُ نَفَقَةُ الْإِنَاثِ الْكِبَارِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَإِنْ كُنَّ صَحِيحَاتِ الْبَدَنِ إذَا كَانَ بِهِنَّ حَاجَةٌ إلَى النَّفَقَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يُشَارِكُ الزَّوْجَ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ أَحَدٌ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ مُعْسِرٌ، وَابْنٌ مُوسِرٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا الزَّوْجِ، أَوْ أَبٌ مُوسِرٌ أَوْ أَخٌ مُوسِرٌ فَنَفَقَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ لَا عَلَى الْأَبِ وَالِابْنِ وَالْأَخِ لَكِنْ يُؤْمَرُ الْأَبُ أَوْ الِابْنُ، أَوْ الْأَخُ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجِ إذَا أَيْسَرَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا كَانَ لِلْفَقِيرِ وَالِدٌ وَابْنُ ابْنٍ مُوسِرَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَالِدِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ بِنْتُ بِنْتٍ، أَوْ ابْنُ بِنْتٍ، وَلَهُ أَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِ الْبِنْتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْأَخِ لَا لِوَلَدِ الْبِنْتِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَالِدٌ وَوَلَدٌ، وَهُمَا مُوسِرَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهِ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَّا أَنَّ الِابْنَ يَرْجِعُ بِاعْتِبَارِ التَّأْوِيلِ الثَّابِتِ لَهُ فِي مَالِ وَلَدِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ جَدٌّ، وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا عَلَى الْجَدِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي عَلَى ابْنِ الِابْنِ، وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ الْفَقِيرِ بِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٌّ، وَهُمَا مُوسِرَتَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ، وَإِنْ كَانَتَا تَسْتَوِيَانِ فِي الْإِرْثِ، وَكَذَا إذَا كَانَ لِلْفَقِيرِ ابْنٌ نَصْرَانِيٌّ، وَلَهُ أَخٌ مُسْلِمٌ وَهُمَا مُوسِرَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الِابْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْأَخِ، وَكَذَا إذَا كَانَ لِلْفَقِيرِ بِنْتٌ وَمَوْلَى عَتَاقَةٍ وَهُمَا مُوسِرَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ، وَإِنْ كَانَا يَسْتَوِيَانِ فِي الْمِيرَاثِ، وَكَذَا الْمُعْسِرَةُ إذَا كَانَتْ لَهَا بِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى ابْنَتِهَا، وَإِنْ كَانَتَا تَشْتَرِكَانِ فِي الْمِيرَاثِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمَا، الثُّلُثُ عَلَى الْأُمِّ وَالثُّلُثَانِ عَلَى الْجَدِّ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ أُمٌّ وَأَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ ابْنُ أَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ عَمٌّ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ وَاحِدٌ مِنْ الْعُصْبَةِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمَا، وَلَوْ كَانَ لَهُ جَدٌّ وَجَدَّةٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَسْدَاسًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَعَمَّةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمِّ دُونَ الْعَمَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ عَمَّةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمِّ دُونَ الْعَمَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخَالٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمِّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَمَّةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخَالٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهَا عَلَى الْعَمَّةِ وَثُلُثُهَا عَلَى الْخَالِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ خَالٌ وَخَالَةٌ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ خَالٌ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَابْنُ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْخَالِ، وَالْمِيرَاثُ لِابْنِ الْعَمِّ؛ لِأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ النَّفَقَةِ هُوَ أَنْ يَكُونَ ذُو الرَّحِمِ الْمَحْرَمُ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، وَلَوْ كَانَ رَحِمًا غَيْرَ مَحْرَمٍ نَحْوُ ابْنِ عَمٍّ، وَهُوَ أَخُوهُ مِنْ الرَّضَاعِ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ لَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَعَلَى الْأَخِ لِأُمٍّ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ أَسْدَاسًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَعَمَّةٌ وَخَالَةٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمِّ، وَإِنْ كَانَ الْعَمُّ مُعْسِرًا فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ كُلَّ

مَنْ كَانَ يُحْرِزُ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ، وَهُوَ مُعْسِرٌ يُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ وَإِذَا جُعِلَ كَالْمَيِّتِ كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْبَاقِينَ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ يُحْرِزُ بَعْضَ الْمِيرَاثِ لَا يُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ فَكَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِ مَنْ كَانَ يَرِثُ مَعَهُ، بَيَانُ هَذَا الْأَصْلِ: رَجُلٌ مُعْسِرٌ عَاجِزٌ عَنْ الْكَسْبِ، وَلَهُ ابْنٌ مُعْسِرٌ عَاجِزٌ عَنْ الْكَسْبِ، أَوْ هُوَ صَغِيرٌ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ، فَنَفَقَةُ الْأَبِ عَلَى أَخِيهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَعَلَى أَخِيهِ لِأُمِّهِ أَسْدَاسًا سُدُسٌ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَخِ لِأُمٍّ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ خَاصَّةً، وَلَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِنَّ أَخْمَاسًا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَخُمُسٌ عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ، وَخُمُسٌ عَلَى الْأُخْتِ لِأُمٍّ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِنَّ، وَنَفَقَةُ الِابْنِ عَلَى عَمَّتِهِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الِابْنِ بِنْتٌ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَنَفَقَةُ الْأَبِ فِي الْإِخْوَةِ الْمُتَفَرِّقِينَ عَلَى أَخِيهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ فِي الْأَخَوَاتِ الْمُتَفَرِّقَاتِ عَلَى أُخْتِهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الْبِنْتِ عَلَى الْعَمِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ عَلَى الْعَمَّةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. الْأَبُ مَعَ الِابْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْيَسَارِ قَالَ الِابْنُ: هُوَ غَنِيٌّ، وَلَيْسَ عَلَيَّ نَفَقَتُهُ، وَقَالَ الْأَبُ: أَنَا مُعْسِرٌ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْأَبِ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْأَبِ إنَّهُ مُعْسِرٌ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ الِابْنُ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا، ثُمَّ عَتَقَ، فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ، وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الِابْنِ، ثُمَّ خَاصَمَهُ الِابْنُ فَقَالَ: أَنْفَقْتَهُ، وَأَنْتَ مُوسِرٌ، وَقَالَ الْأَبُ: فَعَلْتُهُ، وَأَنَا مُعْسِرٌ قَالَ: اُنْظُرْ إلَى حَالِ الْأَبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الِابْنِ هَذَا فِي إطْلَاقِ الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا فُرِضَ عَلَى الِابْنِ نَفَقَةُ الْأَبِ وَكِسْوَتُهُ وَأَعْطَى نَفَقَةَ شَهْرٍ وَكِسْوَةَ سَنَةٍ، وَقَالَ الْأَبُ: ضَاعَتْ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ صَادِقٌ يُجْبَرُ ثَانِيًا، وَكَذَا سَائِرُ الْمَحَارِمِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا كَانَ الْأَبُ مُحْتَاجًا وَأَبَى الِابْنُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ ثَمَّةَ قَاضٍ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَيْهِ لَهُ أَنْ يَسْرِقَ مَالَ ابْنِهِ وَبِوُجُودِ قَاضٍ ثَمَّةَ يَأْثَمُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ وَبِإِعْطَاءِ الِابْنِ مَالًا يَكْفِيهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَى أَنْ تَقَعَ الْكِفَايَةُ وَبِسَرِقَةٍ فَوْقَ الْكِفَايَةِ يَأْثَمُ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا، وَلَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْرِقَ مَالَ ابْنِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ مَسْكَنٌ، أَوْ دَابَّةٌ فَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنْ تُفْرَضَ النَّفَقَةُ عَلَى الِابْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْكَنِ فَضْلٌ نَحْوُ أَنْ يَكْفِيَهُ أَنْ يَسْكُنَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ فَحِينَئِذٍ يُؤْمَرُ الْأَبُ بِبَيْعِ الْفَضْلِ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي يَسْكُنُهَا الْأَبُ تُفْرَضُ نَفَقَتُهُ عَلَى الِابْنِ حِينَئِذٍ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ لِلْأَبِ دَابَّةٌ نَفِيسَةٌ يُؤْمَرُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ الْأَوْكَسَ وَيُنْفِقَ الْفَضْلَ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْأَوْكَسِ تُفْرَضُ النَّفَقَةُ عَلَى الِابْنِ وَيَسْتَوِي فِي هَذَا الْوَالِدَانِ وَالْمَوْلُودُونَ وَسَائِرُ الْمَحَارِمِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ إلَّا لِلزَّوْجَةِ وَالْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ، وَلَا تَجِبُ عَلَى النَّصْرَانِيِّ نَفَقَةُ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَكَذَلِكَ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ نَفَقَةُ

الفصل السادس في نفقة المماليك

أَخِيهِ النَّصْرَانِيِّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا يُجْبَر الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ عَلَى نَفَقَةِ وَالِدَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَإِنْ كَانَا مُسْتَأْمَنَيْنِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيُّ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْنَا بِأَمَانٍ لَا يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَةِ وَالِدَيْهِ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، أَوْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي النَّفَقَةِ كَأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ، وَامْرَأَتُهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَبَتْ الْإِسْلَامَ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي أَسْلَمَتْ فَأَبَى الزَّوْجُ أَنْ يُسْلِمَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا خَرَجَ الْحَرْبِيُّ وَامْرَأَتُهُ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَطَلَبَتْ النَّفَقَةَ فَالْقَاضِي لَا يَفْرِضُ لَهَا ذَلِكَ قَالَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ لَوْ فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ وَالْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ فِي مَالِ مُسْلِمٍ أَسِيرٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى رِدَّةِ الْأَسِيرِ قَبْلَ فَرْضِ الْقَاضِي نَفَقَةَ الْمَرْأَةِ ضَمِنَتْ مَا أَخَذَتْ مِنْ النَّفَقَةِ، فَإِنْ قَالَتْ: حَاسِبُونِي مِنْ نَفَقَةِ عِدَّتِي يَقُولُ لَهَا الْحَاكِمُ: لَا نَفَقَةَ لَكِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . الذِّمِّيُّ إذَا تَزَوَّجَ بِمَحَارِمِهِ وَذَلِكَ نِكَاحٌ فِي دِينِهِمْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ نَفَقَةَ النِّكَاحِ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْرَضُ لَهَا نَفَقَةُ النِّكَاحِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ تَسْتَحِقُّ هِيَ النَّفَقَةَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي نَفَقَةِ الْمَمَالِيكِ] (الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي نَفَقَةِ الْمَمَالِيكِ) عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ سَوَاءٌ الْعَبْدُ، أَوْ الْأَمَةُ قِنَّا، أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ صَغِيرًا كَانَ أَوَكَبِيرًا زَمِنًا، أَوْ صَحِيحًا أَوْ أَعْمَى، أَوْ بَصِيرًا مَرْهُونًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فَإِنْ أَبَى الْمَوْلَى عَنْ الْإِنْفَاقِ فَكُلُّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْإِجَارَةِ يُؤَاجِرُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ يَفِ كَسْبُهُمَا بِنَفَقَتِهِمَا فَالْبَاقِي عَلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ زَادَ فَالزِّيَادَةُ لَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَمَنْ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ لِعُذْرِ الصِّغَرِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَفِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ يُؤْمَرُ الْمَوْلَى لِيُنْفِقَ عَلَيْهِمَا أَوْ يَبِيعَهُمَا، وَفِي الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْإِنْفَاقِ لَا غَيْرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا كَانَتْ جَارِيَةً لَا يُؤَاجَرُ مِثْلُهَا بِأَنْ كَانَتْ حَسَنَةً يُخْشَى مِنْ ذَلِكَ الْفِتْنَةُ أُجْبِرَ عَلَى الْإِنْفَاقِ، أَوْ الْبَيْعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. قَدْرُ النَّفَقَةِ لِلرَّقِيقِ كِفَايَةٌ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ وَإِدَامِهِ، وَكَذَلِكَ الْكِسْوَةُ لَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ فِيهَا عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ، فَإِنْ تَنَعَّمَ السَّيِّدُ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَالْكِسْوَةِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الرَّقِيقِ مِثْلَهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ يَأْكُلُ وَيَلْبَسُ دُونَ الْمُعْتَادِ شُحًّا أَوْ رِيَاضَةً لَزِمَهُ رِعَايَةُ الْغَالِبِ لِلرَّقِيقِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِذَا كَانَ لَهُ عَبِيدٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمْ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَالْكِسْوَةِ وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ النَّفِيسَ عَنْ الْخَسِيسِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَالْجَوَارِي كَذَلِكَ، وَإِذَا وَلَّى رَقِيقَهُ إصْلَاحَ طَعَامِهِ وَجَاءَ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْلِسَهُ لِيَأْكُلَ مَعَهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ الْعَبْدُ تَأَدُّبًا فَيَنْبَغِي لِسَيِّدِهِ أَنْ يُطْعِمَهُ مِنْهُ، وَإِجْلَاسُهُ مَعَهُ أَفْضَلُ نَدْبًا إلَى التَّوَاضُعِ، وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيَزِيدُ الْجَارِيَةَ الَّتِي لِلِاسْتِمْتَاعِ فِي الْكِسْوَةِ لِلْعُرْفِ كَذَا فِي السُّرُوجِيِّ. وَيَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى شِرَاءُ الْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ لِرَقِيقِهِ كَذَا

فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى نَفَقَةُ مُكَاتَبِهِ، وَكَذَا مُعْتَقُ الْبَعْضِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ، وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا وَلَكِنْ مَنَعَهُ مِنْ الْكَسْبِ يَقُولُ الْعَبْدُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَأْذَنَ لِي فِي الْكَسْبِ، وَإِمَّا أَنْ تُنْفِقَ عَلَيَّ، فَإِذَا لَمْ يَأْذَنْ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ. وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى الْبَائِعِ مَا دَامَ فِي يَدِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَفِي بَيْعِ الْخِيَارِ تَكُونُ عَلَى مَا يَصِيرُ لَهُ الْمِلْكُ، وَقِيلَ عَلَى الْبَائِعِ وَقِيلَ تُسْتَدَانُ فَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ يَصِيرُ لَهُ الْمِلْكُ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْبُرْجُنْدِيِّ. نَفَقَةُ عَبْدِ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُودِعِ، وَنَفَقَةُ عَبْدِ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا غَصَبَ عَبْدًا كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى، فَإِنْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِالنَّفَقَةِ أَوْ بِالْبَيْعِ لَا يُجِيبُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ مَخُوفًا يُخَافُ مِنْهُ عَلَى الْعَبْدِ، فَحِينَئِذٍ يَأْخُذُهُ الْقَاضِي، وَيَبِيعُهُ وَيُمْسِكُ الثَّمَنَ، وَلَوْ أَوْدَعَ عَبْدًا، أَوْ غَابَ فَجَاءَ الْمُودَعُ إلَى الْقَاضِي، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالنَّفَقَةِ أَوْ بِالْبَيْعِ، فَإِنَّ لَلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِأَنْ يُؤَاجِرَ الْعَبْدَ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرِهِ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَبِيعَهُ فَعَلَ. وَالْعَبْدُ الرَّهْنُ - إذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ رَهْنًا - يَفْعَلُ بِهِ مَا يَفْعَلُ الْوَدِيعَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. عَبْدٌ صَغِيرٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ لِغَيْرِهِ: هَذَا عَبْدُكَ وَدِيعَةٌ عِنْدِي فَأَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ: مَا أَوْدَعَهُ وَيَقْضِي بِنَفَقَتِهِ عَلَى ذِي الْيَدِ، وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا لَمْ يُسْتَحْلَفْ، وَالنَّفَقَةُ تَجِبُ عَلَى مَنْ لَهُ الْمَنْفَعَةُ مَالِكًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَالِكٍ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. الْعَبْدُ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِإِنْسَانٍ بِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ فَالنَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ

الْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ الْخِدْمَةَ فَنَفَقَتُهُ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ حَتَّى يَبْلُغَ الْخِدْمَةَ، ثُمَّ عَلَى الْمَخْدُومِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ مَنْفَعَةً بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَإِنْ مَرِضَ فِي يَدِ صَاحِبِ الْخِدْمَةِ يَنْظُرُ إنْ كَانَ مَرَضًا لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ الْخِدْمَةَ مِنْ زَمَانَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ، وَإِنْ كَانَ مَرَضًا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ الْخِدْمَةَ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ، فَإِنْ تَطَاوَلَ الْمَرَضُ فَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِبَيْعِهِ بَاعَهُ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَبْدًا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الْخِدْمَةِ، وَتَكُونُ رَقَبَتُهُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَلَوْ أَوْصَى بِالْأَمَةِ لِرَجُلٍ، وَبِمَا فِي بَطْنِهَا لِآخَرَ فَنَفَقَةُ الْأَمَةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِرَقَبَتِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. . وَلَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ لَهُ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِمَا، وَقَالُوا فِي الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ: إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ الْمَوْلَيَانِ أَنَّ نَفَقَةَ هَذَا الْوَلَدَ عَلَيْهِمَا، وَعَلَى الْوَلَدِ إذَا كَبِرَ نَفَقَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَأَنْفَقَ الْآخَرُ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي وَبِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا، وَتَرَكَهُ عِنْدَ الشَّرِيكِ، فَرَفَعَ الشَّرِيكُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ، وَإِذَا قَبِلَ يَأْمُرُهُ بِالنَّفَقَةِ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْوَدِيعَةِ؟ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . أُعْتِقَ عَبْدٌ صَغِيرٌ، أَوْ أَمَةٌ صَغِيرَةٌ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُعْتِقِ، وَإِنَّمَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، وَعَلَى هَذَا نَفَقَةُ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالزَّمِنِ وَالْمَرِيضِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، وَلَا قَرَابَةٌ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ

أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَكَانَ بَالِغًا صَحِيحًا فَنَفَقَتُهُ فِي كَسْبِهِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ وَجَدَ عَبْدًا آبِقًا فَأَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَوْلَاهُ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ مُتَطَوِّعًا لَا يَرْجِعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا وَطَلَب صَاحِبَهُ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَجَاءَ إلَى الْقَاضِي وَأَخْبَرَهُ بِالْقِصَّةِ، وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْإِنْفَاقِ فَالْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِهِ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَبَعْدَ مَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ كَانَ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ كَمَا فِي اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ وَبَعْدَ مَا قَبِلَ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ إنْ كَانَ الْإِنْفَاقُ أَصْلَحَ لِصَاحِبِهِ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ تَرْكُ الْإِنْفَاقِ أَصْلَحَ بِأَنْ خَافَ أَنْ تَأْكُلَهُ النَّفَقَةُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ وَإِمْسَاكِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى أَمَةٍ فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا حُرَّةٌ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ يَسْأَلُ عَنْ حَالِهِمْ، وَيَفْرِضُ لَهَا النَّفَقَةَ فِي مُدَّةِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ وَيُجْبِرُهُ عَلَى إعْطَاءِ النَّفَقَةِ وَيَضَعُهَا عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ عَدْلٍ، وَتَكُونُ أُجْرَةُ الْأَمِينَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ طَالَتْ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَ الشُّهُودِ، فَإِنْ أَعْطَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ النَّفَقَةَ، ثُمَّ عُدِّلَتْ الْبَيِّنَةُ وَقَضَى بِحُرِّيَّتِهَا رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَتْ مِنْ النَّفَقَةِ سَوَاءٌ ادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ، أَوْ ادَّعَتْ الْإِعْتَاقَ عَلَى الْمَوْلَى، أَوْ لَمْ تَدَّعِ الْحُرِّيَّةَ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهَا أَخَذَتْ مِنْ النَّفَقَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَكَذَا لَوْ أَكَلَتْ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِنْ رُدَّتْ الْبَيِّنَةُ رُدَّتْ الْجَارِيَةُ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَا يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، وَلَا يَرْجِعُ أَيْضًا بِمَا أَخَذَتْ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ فِي يَدِهِ أَمَةٌ شَكَتْ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا، أَوْ يَبِيعُهَا، فَإِنْ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى النَّفَقَةِ فَأَعْطَاهَا النَّفَقَةَ، ثُمَّ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِالْحُرِّيَّةِ يَرْجِعُ الْمَوْلَى

عَلَيْهَا بِتِلْكَ النَّفَقَةِ وَبِمَا أَخَذَتْ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَكَلَتْ بِإِذْنِهِ. رَجُلٌ ادَّعَى أَمَةً فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى يَضَعُهَا الْقَاضِي عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ فَيَأْمُرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا لِقِيَامِ الْمِلْكِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا، ثُمَّ رُدَّتْ الْبَيِّنَةُ بَقِيَتْ الْجَارِيَةُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ عُدِّلَتْ الْبَيِّنَةُ فَقَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِيَّ لَمْ يَرْجِعْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهَا كَانَتْ مَغْصُوبَةً أَكَلَتْ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ، وَجِنَايَةُ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْغَاصِبِ هَدَرٌ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ، وَإِنْ كَانَ مَكَانُ الْجَارِيَةِ عَبْدٌ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَالْقَاضِي لَا يَضَعُ الْعَبْدَ عَلَى يَدَيْ الْعَدْلِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَجِدُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَكَفِيلًا بِالْعَبْدِ، وَكَانَ الْمُدَّعِي لَا يَقْدِرُ عَلَى مُلَازَمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَخُوفًا عَلَى مَا فِي يَدِهِ بِالْإِتْلَافِ فَحِينَئِذٍ يَضَعُهُ الْقَاضِي عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ بِخِلَافِ الْأَمَةِ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَاسِقًا مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ مَعَ الْغِلْمَانِ فَالْقَاضِي يَضَعُهُ عَلَى يَدَيْ الْعَدْلِ، وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ بَلْ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ صَاحِبُ الْغُلَامِ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ مَعَ الْغِلْمَانِ فَالْقَاضِي يُخْرِجُ الْغُلَامَ عَنْ يَدِهِ، وَيَضَعُهُ عَلَى

يَدَيْ عَدْلٍ بِطَرِيقِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَإِذَا وَضَعَ الْقَاضِي الْعَبْدَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ أَمَرَهُ أَنْ يَكْسِبَ وَيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنْ الْكَسْبِ حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ قَادِرَةً عَلَى الْكَسْبِ وَمَعْرُوفَةً كَذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ خَبَّازَةً، أَوْ غَسَّالَةً تُؤْمَرُ بِالْكَسْبِ أَيْضًا هَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ وَالْفَقِيهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَافِظُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ لِمَرَضِهِ، أَوْ لِصِغَرِهِ يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِنْفَاقِ قَالَ، فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْعَبْدِ دَابَّةٌ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَجِدُ كَفِيلًا، وَهُوَ مَخُوفٌ عَلَى مَا فِي يَدِهِ، وَالْمُدَّعِي لَا يَقْدِرُ عَلَى مُلَازَمَتِهِ فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلْمُدَّعِيَّ: أَنَا لَا أُجْبِرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْإِنْفَاقِ وَلَكِنْ: إنْ شِئْتَ أَنْ أَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَيُنْفِقَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا أَضَعُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَنْ مَلَكَ بَهِيمَةً لَزِمَهُ عَلَفُهَا وَسَقْيُهَا، فَإِنْ امْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا إلَّا أَنَّهُ يُؤْمَرُ دِيَانَةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى - عَلَى طَرِيقِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ إمَّا بِالْإِنْفَاقِ وَإِمَّا بِالْبَيْعِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيُكْرَهُ الِاسْتِقْصَاءُ فِي حَلْبِ الْبَهِيمَةِ إذَا كَانَ مُضِرًّا بِهَا لِقِلَّةِ الْعَلَفِ، وَيُكْرَهُ تَرْكُ الْحَلْبِ أَيْضًا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُصَّ الْحَالِبُ أَظْفَارَهُ لِئَلَّا يُؤْذِيَهَا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ لَبَنِهَا إلَّا مَا فَضَلَ مِنْ وَلَدِهَا مَا دَامَ لَا يَأْكُلُ غَيْرَهُ، وَيُكْرَهُ تَكْلِيفُ الدَّابَّةِ مَا لَمْ تُطِقْهُ مِنْ تَثْقِيلِ الْحَمْلِ وَإِدَامَةِ السَّيْرِ وَغَيْرِهِمَا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. دَابَّةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْإِنْفَاقِ وَطَلَبَ الْآخَرُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِالنَّفَقَةِ حَتَّى لَا يَصِيرَ مُتَطَوِّعًا

فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلْآبِي: إمَّا أَنْ تَبِيعَ نَصِيبَكَ، أَوْ تُنْفِقَ عَلَيْهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَفَقَاتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ لَهُ نَحْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُبْقِيَ لَهَا فِي كُوَّارَتِهَا شَيْئًا مِنْ الْعَسَلِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ أَكْثَرَ، وَإِنْ قَامَ شَيْءٌ لِغِذَائِهَا مَقَامَ الْعَسَلِ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ إبْقَاءُ الْعَسَلِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

كتاب العتاق وفيه سبعة أبواب

[كِتَابُ الْعَتَاقِ وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْعَتَاقِ شَرْعًا وَرُكْنِهِ وَحُكْمِهِ وَأَنْوَاعِهِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (كِتَابُ الْعَتَاقِ) (وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ شَرْعًا وَرُكْنِهِ، وَحُكْمِهِ وَأَنْوَاعِهِ، وَشَرْطِهِ وَسَبَبِهِ وَأَلْفَاظِهِ وَفِي الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ وَغَيْرِهِ) (أَمَّا تَفْسِيرُهُ شَرْعًا) فَهُوَ أَنَّهُ قُوَّةٌ حُكْمِيَّةٌ تَحْدُثُ فِي الْمَحَلِّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ، وَأَهْلِيَّةُ الْوِلَايَاتِ وَالشَّهَادَاتِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ حَتَّى يَصِيرَ بِهِ قَادِرًا عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْأَغْيَارِ وَعَلَى دَفْعِ تَصَرُّفِ الْأَغْيَارِ فِي نَفْسِهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ (وَأَمَّا رُكْنُهُ) فَاللَّفْظُ الَّذِي جُعِلَ دَلَالَةً عَلَى الْعِتْقِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (وَأَمَّا حُكْمُهُ) فَهُوَ زَوَالُ الْمِلْكِ وَالرِّقِّ عَنْ الرَّقِيقِ فِي الدُّنْيَا، وَنَيْلُ الْمَثُوبَةِ فِي الْآخِرَةِ إذَا أَعْتَقَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. . (وَأَمَّا أَنْوَاعُهُ) فَأَرْبَعَةٌ: وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ وَمُبَاحٌ وَمَحْظُورٌ أَمَّا الْوَاجِبُ فَالْإِعْتَاقُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ وَالْإِفْطَارِ إلَّا أَنَّهُ فِي بَابِ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ وَالْإِفْطَارِ وَاجِبٌ مَعَ التَّعْيِينِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَفِي بَابِ الْيَمِينِ وَاجِبٌ مَعَ التَّخْيِيرِ وَأَمَّا الْمَنْدُوبُ فَالْإِعْتَاقُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ، وَأَمَّا الْمُبَاحُ فَهُوَ الْإِعْتَاقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَأَمَّا الْمَحْظُورُ، فَهُوَ الْإِعْتَاقُ لِوَجْهِ الشَّيْطَانِ كَذَا فِي الْبَحَرِ الرَّائِقِ. فَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ لِلشَّيْطَانِ أَوْ لِلصَّنَمِ عَتَقَ إلَّا أَنَّهُ يَكْفُرُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَأَمَّا شَرْطُهُ) فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا مَالِكًا مِلْكَ الْيَمِينِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لَيْسَا مِنْ الْأَهْلِ وَلِهَذَا لَوْ أَضَافَاهُ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ بِأَنْ قَالَا: أَعْتَقْتَهُ وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ، وَجُنُونُهُ مَعْهُودٌ لَمْ يُعْتَقْ، وَكَذَا إذَا قَالَ فِي حَالِ صِبَاهُ أَوْ جُنُونِهِ: إذَا بَلَغْتُ أَوْ أَفَقْتُ فَهُوَ حُرٌّ لَمْ يَنْعَقِدْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ الْإِعْتَاقَ إلَى حَالٍ مَعْلُومِ الْكَوْنِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْإِعْتَاقِ فِيهَا يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُهُ وَأَنَا مَجْنُونٌ وَلَمْ يَعْلَمْ جُنُونَهُ لَا يُصَدَّقُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَاَلَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَهُوَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ عَاقِلٌ وَفِي حَالِ جُنُونِهِ مَجْنُونٌ، وَكَذَا فِي الْبَحَرِ الرَّائِقِ. وَعِتْقُ الْمُكْرَهِ وَالسَّكْرَانِ وَاقِعٌ فِي الْهِدَايَةِ. وَمِنْ شَرْطِ

الْمُعْتِقِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْتُوهًا وَلَا مَدْهُوشًا وَلَا مُبَرْسَمًا وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ، وَلَا نَائِمًا حَتَّى لَا يَصِحَّ الْإِعْتَاقُ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ: أُعْتِقُ عَبْدِي، وَأَنَا نَائِمٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتُهُ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ لَا يُعْتَقُ وَأَمَّا لِكَوْنِهِ طَائِعًا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا وَكَوْنُهُ جَادًّا لَيْسَ بِشَرْطٍ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى يَصِحَّ إعْتَاقُ الْهَازِلِ وَكَذَا كَوْنُهُ عَامِدًا حَتَّى يَصِحَّ إعْتَاقُ الْخَاطِئِ وَكَذَا الْخُلُوُّ مِنْ شَرْطِ الْخِيَارِ بِشَرْطٍ فِي الْإِعْتَاقِ بِعِوَضٍ، وَبِغَيْرِ عِوَضٍ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمَوْلَى حَتَّى يَقَعَ، وَيَبْطُلَ الشَّرْطُ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْعَبْدِ فَخَلْوَةٌ عَنْ خِيَارِهِ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ حَتَّى لَوْ رَدَّ الْعَبْدُ الْعَقْدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، وَكَذَا إسْلَامُ الْمُعْتِقِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَيَصِحُّ الْإِعْتَاقُ مِنْ الْكَافِرِ إلَّا أَنَّ إعْتَاقَ الْمُرْتَدِّ لَا يَنْفُذُ فِي الْحَالِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ وَعِنْدَهُمَا نَافِذًا وَإِعْتَاقُ الْمُرْتَدَّةِ نَافِذٌ بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا صِحَّةُ الْمُعْتَقِ فَيَصِحُّ إعْتَاقُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ إلَّا أَنَّ الْإِعْتَاقَ مِنْ الْمَرِيضِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَكَذَا التَّكَلُّمُ بِاللِّسَانِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَيَصِحُّ الْإِعْتَاقُ بِالْكِتَابَةِ الْمُسْتَبِينَةِ وَالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِمَوْلَاهُ وَهُوَ مَرِيضٌ: أَحُرٌّ أَنَا فَحَرَّكَ رَأْسَهُ، أَيْ: نَعَمْ لَا يُعْتَقُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ فِي يَدِهِ قِيلَ لَهُ أَعْتَقْتَ هَذَا الْعَبْدَ فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ: نَعَمْ لَا يُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْعِبَارَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَمْلُوكُهُ حَتَّى لَوْ قَالَ الْغَاصِبُ لِلْمَالِكِ: أَعْتِقْ هَذَا الْعَبْدَ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَبْدُهُ عَتَقَ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: أَعْتِقْ هَذَا وَأَشَارَ إلَى الْمَبِيعِ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَبْدُهُ صَحَّ إعْتَاقُهُ وَيُجْعَلُ قَبْضًا، وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ كَمَا فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ كَذَا فِي الْبَحَرِ الرَّائِقِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ قُلْ: كُلُّ عَبِيدِي أَحْرَارٌ فَقَالَ، وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ عَتَقَ عَبِيدُهُ قَالَ الْفَقِيهُ وَعِنْدِي أَنَّهُمْ لَا يَعْتِقُونَ وَلَوْ قَالَ لَهُ قُلْ: أَنْتَ حُرٌّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِأَنَّ هَذَا عِتْقٌ عَتَقَ فِي الْقَضَاءِ وَلَا يُعْتَقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَمِنْ شَرْطِهِ النِّيَّةُ فِي أَحَدِ نَوْعَيْ الْإِعْتَاقِ، وَهُوَ الْكِنَايَةُ دُونَ الصَّرِيحِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَأَمَّا) (سَبَبُهُ) الْمُثْبِتُ لَهُ فَقَدْ يَكُونُ دَعْوَى النَّسَبِ وَقَدْ يَكُونُ نَفْسَ الْمِلْكِ فِي الْقَرِيبِ، وَقَدْ يَكُونُ الْإِقْرَارَ بِحُرِّيَّةِ إنْسَانٍ حَتَّى لَوْ مَلَكَهُ عَتَقَ، وَقَدْ يَكُونُ بِالدُّخُولِ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِأَنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا فَدَخَلَ بِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ عَتَقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَذَا زَوَالُ يَدِهِ عَنْهُ بِأَنْ هَرَبَ مِنْ مَوْلَاهُ الْحَرْبِيِّ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ، وَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْنَا لَا يُعْتَقُ فَإِنْ أَسْلَمَ مَوْلَاهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى دَارِهِمْ فَعَبْدُهُ يَكُونُ عَبْدًا لَهُ وَلَوْ أَسْلَمَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ فَبَاعَهُ مَوْلَاهُ مِنْ مُسْلِمٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَتَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ ذِمِّيٍّ، وَلَوْ عَادَ الْحَرْبِيُّ إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَخَلَّفَ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرًا دَبَّرَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حُكِمَ بِعِتْقِهِمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَأَمَّا أَلْفَاظُهُ فَثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ) صَرِيحٌ وَمُلْحَقٌ بِهِ وَكِتَابَةٌ، (فَالصَّرِيحُ) كَلَفْظِ الْحُرِّيَّةِ وَالْعِتْقِ، وَالْوَلَاءِ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهَا وَأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ، وَصَفَهُ بِهِ أَوْ أَخْبَرَ أَوْ نَادَى كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُعْتَقٌ أَوْ عَتِيقٌ أَوْ مُحَرَّرًا أَوْ قَدْ حَرَّرْتُكَ أَوْ أَعْتَقْتُكَ أَوْ يَا حُرُّ أَوْ يَا عَتِيقُ أَوْ هَذَا مَوْلَايَ وَلَوْ نَوَى بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ غَيْرَ الْعِتْقِ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَلَوْ نَوَى أَنَّهُ كَانَ حُرًّا إنْ كَانَ مَسْبِيًّا يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً وَإِنْ كَانَ مُوَلَّدًا لَا يُصَدَّقُ أَصْلًا، وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ، أَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ عَتَقَ الْعَبْدُ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ أَلْبَتَّةَ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ أَلْبَتَّةَ فَإِنَّهُ يَمُوتُ عَبْدًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَشْهَدَ أَنَّ اسْمَ عَبْدِهِ حُرٌّ ثُمَّ دَعَاهُ: يَا حُرُّ لَا يُعْتَقُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى فَإِنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْإِنْشَاءَ يُعْتَقُ هَكَذَا

فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ دَعَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ يَا آزَادَ يُعْتَقُ، وَلَوْ سَمَّاهُ آزَادَ ثُمَّ دَعَاهُ يَا آزَادَ لَمْ يُعْتَقْ وَلَوْ دَعَا بِالْعَرَبِيَّةِ يَا حُرُّ يُعْتَقُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ بَعَثَ غُلَامَهُ إلَى بَلْدَةٍ وَقَالَ لَهُ: إذَا اسْتَقْبَلَكَ أَحَدٌ فَقُلْ: أَنَا حُرٌّ فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ الْعَبْدُ: أَنَا حُرٌّ إنْ كَانَ الْمَوْلَى قَالَ لَهُ حِينَ بَعَثَهُ: سَمَّيْتُكَ حُرًّا فَإِذَا اسْتَقْبَلَكَ أَحَدٌ، فَقُلْ: أَنَا حُرٌّ لَا يُعْتَقُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى قَالَ لَهُ: سَمَّيْتُك حُرًّا، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ: إذَا اسْتَقْبَلَكَ أَحَدٌ، فَقُلْ: أَنَا حُرٌّ، فَقَالَ الْعَبْدُ لِمَنْ اسْتَقْبَلَهُ: أَنَا حُرٌّ يُعْتَقُ قَضَاءً، وَمَا لَمْ يَقُلْ الْعَبْدُ: أَنَا حُرٌّ لَا يُعْتَقُ كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: قُلْ أَنَا حُرٌّ لَا يُعْتَقُ مَا لَمْ يَقُلْ: أَنَا حُرٌّ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: قُلْ لِغُلَامِي إنَّكَ حُرٌّ أَوْ قَالَ إنَّهُ حُرٌّ عَتَقَ لِلْحَالِ وَلَوْ قَالَ لِلْمَأْمُورِ: وَقُلْ لِغُلَامِي أَنْتَ حُرٌّ لَا يُعْتَقُ مَا لَمْ يَقُلْ الْمَأْمُورُ لَهُ ذَلِكَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ دَعَا عَبْدَهُ سَالِمًا فَقَالَ: يَا سَالِمُ فَأَجَابَهُ مَرْزُوقٌ، فَقَالَ: أَنْتَ حُرٌّ وَلَا نِيَّةَ لَهُ عَتَقَ الَّذِي أَجَابَهُ، وَلَوْ قَالَ: عَنَيْتُ سَالِمًا عَتَقَا فِي الْقَضَاءِ، وَأَمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّمَا يُعْتَقُ الَّذِي عَنَاهُ خَاصَّةً، وَلَوْ قَالَ: يَا سَالِمُ أَنْتَ حُرٌّ فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ آخَرُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ عَتَقَ سَالِمٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَلَيْسَ هَذَا حُرًّا، وَأَشَارَ إلَى عَبْدِ نَفْسِهِ عَتَقَ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ لِأَمَتِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَتَقَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَالْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: الْعَتَاقُ عَلَيْكَ يُعْتَقُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَلَوْ قَالَ عِتْقُكَ عَلَيَّ وَاجِبٌ لَا يُعْتَقُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ لِعَبْدِهِ: عِتْقُكَ وَاجِبٌ لَا يُعْتَقُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ عِتْقٌ يُعْتَقُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. . إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ أَوَّلًا لَا يُعْتَقُ إجْمَاعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ أَعْتَقُ مِنْ فُلَانٍ يَعْنِي بِهِ عَبْدًا آخَرَ، وَعَنَى بِهِ أَنْتَ أَقْدَمُ فِي مِلْكِي دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يُدَيَّنْ فِي الْقَضَاءِ، وَيُعْتَقُ وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ أَعْتَقُ مِنْ هَذَا فِي مِلْكِي أَوْ قَالَ فِي السِّنِّ لَمْ يُعْتَقُ أَصْلًا، وَكَذَا إذَا قَالَ: أَنْتَ عَتِيقُ السِّنِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ يَعْنِي فِي الْحُسْنِ لَا يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ عَتِيقٌ، وَقَالَ: عَنَيْتُ بِهِ فِي الْمِلْكِ لَا يُدَيَّنْ فِي الْقَضَاءِ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَعْتَقَكَ اللَّهُ عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرُّ السِّنِّ أَوْ حُرُّ الْحُسْنِ أَوْ حُرٌّ لِوَجْهٍ جَمَالًا وَحُسْنًا لَمْ يُعْتَقْ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرُّ النَّفْسِ يَعْنِي فِي أَخْلَاقِكَ لَمْ يُعْتَقْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ فِي الْأَجْنَاسِ لَوْ قَالَ: يَا حُرَّ النَّفْسِ عَتَقَ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ قَدْ حَلَّ دَمُهُ بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ لَهُ: قَدْ أَعْتَقْتُكَ، ثُمَّ قَالَ: عَنَيْتُ الْعِتْقَ عَنْ الدَّمِ فَإِنَّهُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الرِّقِّ وَيَلْزَمُهُ الْعَفْوُ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ عَنَاهُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ: عَنَيْتُ الْعِتْقَ عَنْ الْقَتْلِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعَفْوُ لَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُهُ لِوَجْهِ اللَّهِ عَنْ الْقِصَاصِ بِالدَّمِ كَانَ كَمَا قَالَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ: نَسَبُكَ حُرٌّ أَوْ قَالَ: أَصْلُكَ حُرٌّ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ سُبِيَ لَا يُعْتَقُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سُبِيَ فَهُوَ حُرٌّ وَلَوْ قَالَ: أَبَوَاكَ حُرَّانِ لَا يُعْتَقُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا عَتَقَا بَعْدَ مَا وُلِدَ. رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ وَلِعَبْدِهِ ابْنٌ فَقَالَ الْمَوْلَى: لِعَبْدِهِ ابْنُكَ حُرٌّ عَتَقَ الِابْنُ وَلَا يُعْتَقُ الْأَبُ، وَلَوْ قَالَ: ابْنُكَ ابْنٌ حُرٌّ عَتَقَ الْأَبُ، وَلَا يُعْتَقُ الِابْنُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى جُزْءٍ يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ، كَقَوْلِهِ: رَأْسُكَ أَوْ رَقَبَتُكَ أَوْ لِسَانُكَ حُرٌّ عَتَقَ وَلَوْ أَضَافَهُ إلَى جُزْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ لَمْ يُعْتَقْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: فَرْجُكَ حُرٌّ، قَالَ لِلْعَبْدِ أَوْ لِلْأَمَةِ عَتَقَ بِخِلَافِ الذَّكَرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: فَرْجُكِ حُرٌّ مِنْ الْجِمَاعِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهَا تُعْتَقْ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَصَحُّ فِي الدُّبُرِ وَالِاسْتِ أَنَّهُ يُعْتَقُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَقِيلَ لَا يُعْتَقُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ قَالَ: عُنُقُكَ حُرٌّ قِيلَ يُعْتَقُ كَمَا فِي الرَّقَبَةِ. وَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ ذِكْرَ الْعِتْقِ عِبَارَةً عَنْ الْبَدَنِ كَمَا فِي الدُّبُرِ كَذَا فِي

مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ: رَأْسُكَ رَأْسُ حُرٍّ أَوْ وَجْهُكَ وَجْهُ حُرٍّ أَوْ بَدَنُكَ بَدَنُ حُرٍّ بِالْإِضَافَةِ لَا يُعْتَقُ وَكَذَا إذَا قَالَ لَهُ: مِثْلُ رَأْسِ حُرٍّ أَوْ مِثْلُ وَجْهِ حُرٍّ أَوْ مِثْلُ بَدَنِ حُرٍّ بِالْإِضَافَةِ لَا يُعْتَقُ، وَإِنْ قَالَ: رَأْسُكَ رَأْسُ حُرٍّ أَوْ وَجْهُكَ وَجْهُ حُرٍّ أَوْ بَدَنُكَ بَدَنُ حُرٍّ بِالتَّنْوِينِ عَتَقَ، وَكَذَا إذَا قَالَ: فَرْجُكَ فَرْجُ حُرٍّ بِالتَّنْوِينِ عَتَقَتْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ مِثْلُ الْحُرِّ لَمْ يُعْتَقْ بِلَا نِيَّةٍ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ قَالَ: عَبِيدُ أَهْلِ بَلْخٍ أَحْرَارٌ أَوْ قَالَ: عَبِيدُ أَهْلِ بَغْدَادَ أَحْرَارٌ وَلَمْ يَنْوِ عَبِيدَهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدِ أَهْلِ بَلْخٍ حُرٌّ أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدِ أَهْلِ بَغْدَادَ حُرٌّ أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي الْأَرْضِ أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُعْتَقُ عَبْدُهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُعْتَقُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي هَذِهِ السِّكَّةِ حُرٌّ، وَعَبْدُهُ فِيهَا أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ حُرٌّ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَلَوْ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ حُرٌّ وَعَبِيدُهُ فِيهَا عَتَقَ عَبِيدُهُ فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ قَالَ: وَلَدُ آدَمَ كُلُّهُمْ أَحْرَارٌ لَا يُعْتَقُ عَبِيدُهُ فِي قَوْلِهِمْ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ عَتَقَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ حُرَّةٍ: أَنْتِ حُرَّةٌ مِثْلُ هَذِهِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ " هَذِهِ " أَمَتَهُ فَإِنَّ أَمَتَهُ تُعْتَقُ، وَلَوْ قَالَ: لَمْ أُرِدْ الْعَتَاقَ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ. قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ مِثْلُ هَذِهِ لِأَمَةِ الْغَيْرِ تُعْتَقُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْجَوَامِعِ. رَجُلٌ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ مِثْلُ هَذِهِ لِامْرَأَةٍ حُرَّةٍ لَا تُعْتَقُ أَمَتُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْعِتْقَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِحُرَّةٍ: أَنْتِ مِثْلُ هَذِهِ لِأَمَتِهِ لَا تُعْتَقُ أَمَتُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْعِتْقَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَجُلٌ قَالَ لِثَوْبٍ خَاطَهُ مَمْلُوكُهُ: هَذِهِ خِيَاطَةُ حُرٍّ أَوْ قَالَ لِدَابَّةِ مَمْلُوكِهِ هَذِهِ دَابَّةُ حُرٍّ أَوْ قَالَ لِمَشْيِ عَبْدِهِ: هَذِهِ مِشْيَةُ حُرٍّ أَوْ لِكَلَامِهِ هَذَا كَلَامُ حُرٍّ لَمْ يُعْتَقْ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَالَ حُرٌّ، فَقِيلَ لَهُ: مَا عَنَيْتَ؟ فَقَالَ: عَبْدِي عَتَقَ عَبْدُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ (الْمُلْحَقُ بِالصَّرِيحِ) كَقَوْلِهِ وَهَبْتُ لَكَ نَفْسَكَ أَوْ وَهَبْتُ نَفْسَكَ مِنْكَ أَوْ بِعْتُ نَفْسَكَ مِنْكَ عَتَقَ بِهِ قَبْلَ الْعَبْدِ أَوَّلًا نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ رَقَبَتَكَ، فَقَالَ: لَا أُرِيدُ عِتْقَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ لِلنُّقَايَةِ. وَإِذَا قَالَ: بِعْتُ نَفْسَكَ بِكَذَا فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ: تَصَدَّقْتُ عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ عَتَقَ نَوَى الْعِتْقَ أَوْ لَمْ يَنْوِ قَبِلَ الْعَبْدُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ عِتْقَكَ، وَقَالَ: عَنَيْتُ بِهِ الْإِعْرَاضَ عَنْ الْعِتْقِ. فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَعْتِقُ وَلَوْ قَالَ أَنْتَ مَوْلَى فُلَانٍ أَوْ قَالَ أَنْتَ عَتِيقُ فُلَانٍ عَتَقَ قَضَاءً، وَلَوْ قَالَ: أَعْتَقَكَ فُلَانٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَأَمَّا كِنَايَاتُ الْعِتْقِ) فَكَقَوْلِهِ: لَا مِلْكَ لِي عَلَيْكَ وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْكَ أَوْ قَدْ خَرَجْتَ عَنْ مِلْكِي أَوْ خَلَّيْتُ سَبِيلَكَ إنَّ نَوَى بِهِ الْحُرِّيَّةَ عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يُعْتَقْ كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. وَإِذَا قَالَ: لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْكَ إلَّا سَبِيلَ الْوَلَاءِ يُعْتَقُ فِي الْقَضَاءِ، وَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ غَيْرَ الْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَ إلَّا سَبِيلَ الْمُوَالَاةِ دُيِّنَ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ: لَا رِقَّ لِي عَلَيْكَ إنْ نَوَى الْعِتْقَ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ لِغُلَامِهِ: أَنْتَ لِلَّهِ لَا يُعْتَقُ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ، وَإِنْ نَوَى هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُكَ لِلَّهِ خَالِصًا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُعْتَقُ، وَإِنْ نَوَى وَعَنْهُمَا أَنَّهُ يُعْتَقُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. . رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ فِي مَرَضِهِ: أَنْتِ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُكَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ أَوْ فِي وَصِيَّتِهِ، وَقَالَ لَمْ أَنْوِ الْعِتْقَ أَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ، وَإِنْ نَوَى الْعِتْقَ فَهُوَ حُرٌّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يُعْتَقُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَنَا عَبْدُكَ يُعْتَقُ إذَا نَوَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكُرْدِيِّ. رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ أَطْلَقْتُكِ يُرِيدُ بِهِ الْعِتْقَ تُعْتَقُ وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُكِ يُرِيدُ الْعِتْقَ

لَا تُعْتَقُ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا: فَرْجُكِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى الْعِتْقَ لَا تُعْتَقُ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ بِالْهِجَاءِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ نَوَى الْعِتْقَ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْكَ أَوْ قَالَ اذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ أَوْ قَالَ تَوَجَّهَ أَيْنَ شِئْتَ لَا يُعْتَقُ، وَإِنْ نَوَى وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ بِنْتِ مِنِّي أَوْ حَرَّمْتُكِ أَوْ أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيئَةٌ أَوْ اخْتَارِي فَاخْتَارَتْ أَوْ قَالَ اُخْرُجِي أَوْ اسْتَبْرِئِي فَفَعَلَتْ ذَلِكَ لَا تُعْتَقُ عِنْدَنَا، وَإِنْ نَوَى الْعِتْقَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَسْتِ بِأَمَةٍ لِي أَوْ قَالَ: لَا حَقَّ لِي عَلَيْكِ لَا تُعْتَقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يُعْتَقُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ، وَإِنْ نَوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: أَمْرُكَ بِيَدِكَ أَوْ قَالَ لَهُ: اخْتَرْ وُقِفَ عَلَى النِّيَّةِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: أَمْرُ عِتْقِكَ بِيَدِكَ أَوْ جَعَلْتُ عِتْقَكَ بِيَدِكَ أَوْ قَالَ لَهُ: اخْتَرْ الْعِتْقَ أَوْ خَيَّرْتُكَ فِي عِتْقِكَ أَوْ فِي الْعِتْقِ لَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَى النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ اخْتِيَارِ الْعَبْدِ الْعِتْقَ، وَيَقِفُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ عَاتَبَتْهُ امْرَأَتُهُ فِي جَارِيَةٍ لَهُ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَمْرُهَا بِيَدِك فَأَعْتَقَتْهَا الْمَرْأَةُ فَإِنْ نَوَى الْمَوْلَى الْعِتْقَ عَتَقَتْ وَإِلَّا فَلَا فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ عَلَى الْبَيْعِ وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَمْرُكِ فِيهَا جَائِزٌ فَهَذَا عَلَى الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَعْتِقِي نَفْسَكِ فَقَالَتْ: اخْتَرْتُ نَفْسِي كَانَ بَاطِلًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ: افْعَلْ فِي نَفْسِكَ مَا شِئْتَ فَإِنْ أَعْتَقَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ عَنْ مَجْلِسِهِ عَتَقَ، وَلَوْ قَامَ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ نَفْسَهُ بَعْدَ قِيَامِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ، وَلَهُ أَنْ يَهَبَ نَفْسَهُ وَأَنْ يَبِيعَ نَفْسَهُ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ فَهَذَا لَا يَكُونُ عِتْقًا مِنْهُ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ، وَإِنْ مَاتَ لَا يَرِثُهُ بِالْوَلَاءِ، وَإِنْ قَالَ الْمَمْلُوكُ بَعْدَ ذَلِكَ: إنِّي مَمْلُوكٌ لَهُ فَصَدَّقَهُ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ: هَذَا ابْنِي أَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: هَذِهِ ابْنَتِي إنْ كَانَ الْمَمْلُوكُ يَصْلُحُ وَالِدًا لَهُ وَهُوَ مَجْهُولُ النَّسَبِ يُثْبِتُ النَّسَبَ وَيُعْتِقُ الْعَبْدَ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ أَعْجَمِيًّا جَلِيبًا أَوْ مُوَلَّدًا، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ يَصْلُحُ وَلَدًا لَهُ لَكِنَّهُ مَعْرُوفُ النَّسَبِ يُعْتَقُ الْعَبْدُ فِي قَوْلِهِمْ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يَصْلُحُ وَلَدًا لَهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيُعْتَقُ الْعَبْدُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الزَّادِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: هَذَا أَبِي أَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: هَذِهِ أُمِّي وَمِثْلُهَا يَلِدُ مِثْلَهُ عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبَوَانِ مَعْرُوفَانِ وَصَدَّقَاهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَلَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي دَعْوَى الْبُنُوَّةِ أَيْضًا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْغُلَامِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ هَذَا أَبِي وَمِثْلُهُ لَا يَلِدُ لِمِثْلِهِ عَتَقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يُعْتَقُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ قَالَ لِصَبِيٍّ صَغِيرٍ: هَذَا جَدِّي قِيلَ هُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَقِيلَ لَا يُعْتَقُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَوْ قَالَ هَذَا عَمِّي ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يُعْتَقُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: هَذَا عَمِّي أَوْ خَالِي يُعْتَقُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ قَالَ لِغُلَامِهِ: هَذِهِ ابْنَتِي أَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ هَذَا ابْنِي فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَلْ تِلْكَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاتِّفَاقِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ قَالَ: هَذَا أَخِي أَوْ أُخْتِي لَا يُعْتَقُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْأَصْلِ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَلَوْ قَالَ: هَذَا أَخِي لِأَبِي أَوْ قَالَ لِأُمِّي يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِ غَيْرِهِ: هَذَا ابْنِي مِنْ الزِّنَا، ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَثْبُتُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: هَذِهِ خَالَتِي أَوْ عَمَّتِي مِنْ زِنًا عَتَقَتْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: هَذَا ابْنِي أَوْ أَخِي أَوْ أُخْتِي مِنْ زِنًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: يَا ابْنِي أَوْ يَا أَخِي لَمْ يُعْتَقْ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الظَّاهِرُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ

فصل في العتق بالملك وغيره

ذَكَرَهُ فِي التُّحْفَةِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: يَا بُنَيَّ أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: يَا بُنَيَّةَ لَا يُعْتَقُ، وَإِنْ نَوَى كَمَا لَوْ قَالَ: يَا ابْنَ أَوْ قَالَ: يَا ابْنَةَ وَلَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ، وَإِنْ نَوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ: يَا أَبِي يَا جَدِّي يَا خَالِي يَا عَمِّي أَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: يَا عَمَّتِي أَوْ يَا خَالَتِي أَوْ يَا أُخْتِي لَا يُعْتَقُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ زَادَ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. حُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ جَاءَتْ جَارِيَتُهُ بِسِرَاجٍ فَوَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهَا الْمَوْلَى: مَا أَصْنَعُ بِالسِّرَاجِ وَوَجْهُكِ أَضْوَأُ مِنْ السِّرَاجِ يَا مَنْ أَنَا عَبْدُكِ؟ قَالَ: هَذَا كُلُّهُ لُطْفٌ لَا تُعْتَقُ هَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْعِتْقَ فَإِنْ نَوَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: يَا سَيِّدُ أَوْ قَالَ يَا سَيِّدِي أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: يَا سَيِّدَةُ أَوْ قَالَ لَهَا: يَا سَيِّدَتِي فَإِنْ نَوَى الْعِتْقَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ ثَبَتَ الْعِتْقُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْعِتْقَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَاخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا قَالَ يَا آزَادَ مُرْد أَوْ قَالَ لَهَا: يَا آزادزن أَوْ قَالَ لَهَا: ياكدباني مِنْ أَوْ ياكدبانو فَإِنْ نَوَى الْعِتْقَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ ثَبَتَ الْعِتْقُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْعِتْقَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَاخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ وَلَوْ قَالَ لِغُلَامِهِ: يَا زَادَ مُرْد، بِدُونِ الْأَلْفِ لَا يُعْتَقُ، وَإِنْ نَوَى الْعِتْقَ هَكَذَا حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: يَا مَوْلَى زَادَهُ لَا تُعْتَقُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ: يَا نُيَمّ آزَادَ قَالُوا هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ: لِعَبْدِهِ نِصْفُكَ حُرٌّ رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ: تاتو بئده بِوُدِّيِّ بِعَذَابِ تواندر بودم أَكَنَّوْنِ كه نَسِيَتِي بِعَذَابِ تواندرم قَالُوا: هَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِعِتْقِهِ فَيُعْتَقُ فِي الْقَضَاءِ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ توآزا دتراز منىء إنْ نَوَى الْعِتْقَ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا. عَبْدٌ قَالَ لِمَوْلَاهُ: آزادىء مِنْ بَيْدَاكُنَّ، فَقَالَ الْمَوْلَى: آزادىء تَوّ بيداكردم، وَلَمْ يَنْوِ الْعِتْقَ لَا يُعْتَقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لَهُ: يَا مَالِكِي لَا يُعْتَقُ بِلَا نِيَّةٍ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ وَاحِدٌ فَقَالَ: أَعْتَقْتُ عَبْدِي يُعْتَقُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: أَنَا مَوْلَى أَبِيكَ أَعْتَقَ أَبُوكَ أَبِي وَأُمِّيَ لَمْ يَكُنْ الْقَائِلُ عَبْدًا لِلْمُقِرِّ لَهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنَا مَوْلَى أَبِيكَ وَلَمْ يَقُلْ: أَعْتَقَنِي أَبُوكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا وَلَوْ قَالَ: أَنَا مَوْلَى أَبِيكَ أَعْتَقَنِي فَهُوَ مَمْلُوكٌ إذَا جَحَدَ الْوَارِثُ إعْتَاقَ الْأَبِ إلَّا أَنَّهُ يَأْتِي الْمُقِرُّ بِبَيِّنَةٍ. رَجُلٌ أَعْتَقَ عَبْدَهُ، وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِمَوْلَاهُ إلَّا ثَوْبًا يُوَارِي الْعَبْدَ أَيَّ ثَوْبٍ شَاءَهُ الْمَوْلَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ لِثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ لَهُ: أَنْتُمْ أَحْرَارٌ إلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا عَتَقُوا جَمِيعًا كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ لَهُ خَمْسَةٌ عُبُدٌ فَقَالَ: عَشَرَةٌ مِنْ مَمَالِيكِي إلَّا وَاحِدًا أَحْرَارٌ عَتَقُوا جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ: مَمَالِيكِي الْعَشَرَةُ أَحْرَارٌ إلَّا وَاحِدًا عَتَقَ أَرْبَعَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعْتِقَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ، وَالْمَرْأَةُ الْأَمَةَ لِيَتَحَقَّقَ مُقَابَلَةُ الْأَعْضَاءِ بِالْأَعْضَاءِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ إذَا اسْتَخْدَمَ عَبْدَهُ سَبْعَ سِنِينَ أَنْ يُعْتِقَهُ أَوْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ لَعَلَّهُ يُعْتِقُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَقِ أَنْ يَكْتُبَ لِلْعَبْدِ كِتَابًا وَيَشْهَدُ عَلَيْهِ شُهُودٌ تَوَثُّقًا وَصِيَانَةً عَنْ التَّجَاحُدِ وَالتَّنَازُعِ فِيهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [فَصْلٌ فِي الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ وَغَيْرِهِ] ِ مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ صَغِيرًا كَانَ الْمَالِكُ أَوْ كَبِيرًا صَحِيحَ الْعَقْلِ

أَوْ مَجْنُونًا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَصِفَةُ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا حُرِّمَ نِكَاحُهُ أَبَدًا فَالرَّحِمُ عِبَارَةٌ عَنْ الْقَرَابَةِ، وَالْمَحْرَمُ عِبَارَةٌ عَنْ حُرْمَةِ التَّنَاكُحِ فَالْمَحْرَمُ بِلَا رَحِمٍ نَحْوَ أَنْ يَمْلِكَ زَوْجَةَ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ بِنْتَ عَمِّهِ وَهِيَ أُخْتُهُ رَضَاعًا لَا يُعْتِقُ وَكَذَا الرَّحِمُ بِلَا مَحْرَمٍ، كَبَنِي الْأَعْمَامِ، وَالْأَخْوَالِ لَا يُعْتِقُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ مَلَكَ مَحْرَمًا لَهُ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ وَلَوْ مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَكَذَا لَا فَرْقَ إذَا كَانَ الْمَمْلُوكُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. فَإِذَا مَلَكَ الْحَرْبِيُّ ذَا رَحِمٍ مِنْهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يُعْتَقْ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ مَلَكَ الْحَرْبِيُّ قَرِيبَهُ وَدَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ عَتَقَ عَلَيْهِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمَمْلُوكُ وَلَدَهُ لَا يُعْتَقُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. اشْتَرَى الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ سَيِّدِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ عَتَقَ، وَإِنْ كَانَ دَيْنٌ مُحِيطٌ لَمْ يُعْتَقْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ ابْنَ مَوْلَاهُ لَمْ يُعْتَقْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ مَنْ لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُمْ كَالْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ وَغَيْرِهِمْ فَأَعْتَقَهُمْ مَوْلَاهُ عَتَقُوا كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ الْعَبْدِ لَوْ اشْتَرَى قَرِيبَهُ لَا يُعْتَقُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ رَجُلٌ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ لِابْنِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ لَمْ يَدَعْ مَالًا إلَّا مَمْلُوكًا هُوَ أَخُو الِابْنِ لِأُمِّهِ وَقِيمَةُ الْمَمْلُوكِ مِثْلُ الدَّيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَقُ الْمَمْلُوكُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ فَإِذَا مَلَكَ أَخَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ لَا يُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ الْمَمْلُوكَ لِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ دَيْنَ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَة يَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً وَهِيَ حُبْلَى مِنْ أَبِيهِ وَالْأَمَةُ لِغَيْرِ الْأَبِ جَازَ الشِّرَاءُ وَعَتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا وَلَا تُعْتَقُ الْأَمَةُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا إذَا وَضَعَتْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إنْ أَعْتَقَ حَامِلًا عَتَقَ حَمْلُهَا وَلَوْ أَعْتَقَ الْحَمْلَ خَاصَّةً عَتَقَ دُونَهَا وَلَوْ أَعْتَقَ الْحَمْلَ عَلَى مَالٍ صَحَّ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ قِيَامُ الْحَمْلِ وَقْتَ الْعِتْقِ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فَلَوْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ لَا يُعْتَقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَمْلُهَا تَوْأَمَيْنِ جَاءَتْ بِأَوَّلِهِمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ جَاءَتْ بِالثَّانِي لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ تَكُونُ هَذِهِ الْأَمَةُ مُعْتَدَّةً عَنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ، وَإِنْ كَانَ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِعْتَاقِ حِينَئِذٍ فَيُعْتَقُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ مَوْلَاهَا حُرٌّ وَوَلَدُهَا مِنْ زَوْجِهَا مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهَا بِخِلَافِ وَلَدِ الْمَغْرُورِ، وَوَلَدُ الْحُرَّةِ حُرٌّ عَلَى كُلّ حَالٍ لِأَنَّ جَانِبَهَا رَاجِحٌ فَيَتْبَعُهَا فِي وَصْفِ الْحُرِّيَّةِ كَمَا يَتْبَعُهَا فِي الْمَمْلُوكِيَّةِ والمرقوقية وَالتَّدْبِيرِ وَأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ وَالْكِتَابَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا قَالَ: لِأَمَتِهِ الْحَامِلِ أَنْتِ حُرَّةٌ وَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا بَعْضُ الْوَلَدِ إنْ كَانَ الْخَارِجُ أَقَلَّ يُعْتَقُ، وَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ أَكْثَرَ لَا يُعْتَقُ وَذَكَرَ هِشَامٌ وَالْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ: لِأَمَتِهِ الْحُبْلَى وَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا نِصْفُ بَدَنِ الْوَلَدِ أَنْتِ حُرَّةٌ قَالَ: إنْ كَانَ الْخَارِجُ النِّصْفَ سِوَى الرَّأْسِ فَهُوَ مَمْلُوكٌ، وَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ النِّصْفَ مِنْ جَانِبِ الرَّأْسِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مِنْ الْبَدَنِ مَعَ الرَّأْسِ نِصْفًا فَالْوَلَدُ حُرٌّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَكْبَرُ وَلَدٍ فِي بَطْنِكِ فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ فَأَوَّلُهُمَا خُرُوجًا أَكْبَرُهُمَا، وَهُوَ حُرٌّ وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: الْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ الَّتِي فِي بَطْنِكِ حُرٌّ يُعْتَقُ مَا فِي بَطْنِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ أَعْتَقَ جَارِيَةَ إنْسَانٍ فَأَجَازَ الْمَوْلَى إعْتَاقَهُ بَعْدَ مَا وَلَدَتْ لَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ، وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي غَيْرُ حُرٍّ لَا يُعْتَقُ حَمْلُهَا. رَجُلٌ قَالَ لِأَمَتِهِ الْحَامِلِ فِي صِحَّتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مَا فِي بَطْنِكِ فَوَلَدَتْ مِنْ الْغَدِ غُلَامًا مَيِّتًا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ لَمْ تَلِدْ

الباب الثاني في العبد الذي يعتق بعضه

حَتَّى ضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ مِنْ الْغَدِ جَنِينًا مَيِّتًا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ أَعْتَقَ الْأُمَّ يُعْتَقُ الْجَنِينُ بِعِتْقِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ الْحَامِلِ: أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مَا فِي بَطْنِكِ فَمَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْبَيَانِ فَضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ قَالَ: فِي الْجَنِينِ غُرَّةٌ حُرَّةٌ وَيُعْتَقُ نِصْفُ الْأَمَةِ وَتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْجَنِينِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدَهُ الْحَرْبِيَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ صَحَّ إعْتَاقُهُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْحَرْبِيِّ. إذَا مَاتَ الْحَرْبِيُّ أَوْ قُتِلَ أَوْ أُسِرَ لَا يُعْتَقُ مُكَاتَبُهُ وَيَكُونُ بَدَلُ الْكِتَابَةِ لِوَرَثَتِهِ إذَا مَاتَ الْمَوْلَى. رَجُلٌ دَخَلَ دَارَ الْهِنْدِ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَمَعَهُ هِنْدِيٌّ يَقُولُ: أَنَا عَبْدُهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْهِنْدِيُّ قَالُوا إنْ خَرَجَ الْهِنْدِيُّ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مَعَ الْمُسْلِمِ غَيْرَ مُكْرَهٍ يَكُونُ حُرًّا وَقَوْلُ الْهِنْدِيِّ أَنَا عَبْدُكَ يَكُونُ بَاطِلًا وَأَخْرَجَهُ مُكْرَهًا كَانَ عَبْدًا لَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْحَرْبِيُّ لَوْ عَرَضَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ عَلَى الْبَيْعِ يُعْتَقُ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَبْدِ الَّذِي يُعْتَقُ بَعْضُهُ] ُ مَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مُعَيَّنًا كَرُبْعُكَ حُرٌّ أَوْ لَا كَبَعْضُكَ أَوْ جُزْءٌ مِنْكَ أَوْ شِقْصٌ غَيْرَ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ لَمْ يُعْتَقْ كُلَّهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَ لَا يُعْتَقُ كُلَّهُ وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ لِمَوْلَاهُ عِنْدَهُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَأَمَّا سَهْمُكَ حُرٌّ فَالسُّدُسُ عِنْدَهُ وَكَذَا الشَّيْءُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَمُعْتِقُ الْبَعْضِ كَالْمُكَاتَبِ فِي تَوَقُّفٍ عَتَقَ كُلُّهُ عَلَى أَدَاءِ الْبَدَلِ وَكَوْنُهُ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهِ وَلَا يَدَ وَلَا اسْتِخْدَامَ، وَكَوْنُ الرِّقِّ كَامِلًا هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا اثْنَتَيْنِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَلَا يَهَبُ وَلَا يَتَصَدَّقُ إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ وَلَا يَتَكَفَّلُ وَلَا يُقْرِضُ إلَّا أَنَّهُ إذَا عَجَزَ لَا يُرَدُّ إلَى الرِّقِّ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَيَجِبُ إزَالَةُ الْمِلْكِ عَنْ الْبَاقِي بِالِاسْتِسْعَاءِ أَوْ الْإِعْتَاقِ وَإِذَا أَزَالَ كُلَّ مِلْكِهِ يُعْتَقُ حِينَئِذٍ كُلُّهُ كَذَا فِي الْكَافِي. . وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ عَتَقَ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَشَرِيكُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ شَرِيكَهُ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ وَلَا يَهَبَهُ وَلَا يُمْهِرَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي التُّحْفَةِ لِلشَّرِيكِ خَمْسُ خِيَارَاتٍ إنْ كَانَ الْمُعْتَقُ مُوسِرٌ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ، وَإِنْ شَاءَ دَبَّرَهُ، وَإِنْ شَاءَ كَاتَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَاهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ شَرِيكُهُ الْمُعْتَقَ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا دَبَّرَهُ يَصِيرُ نَصِيبُهُ مُدَبَّرًا أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ لِلْحَالِ، فَيُعْتَقُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ عِتْقَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَكَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَضْمَنُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ السَّاكِتِ خِيَارُ التَّرْكِ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاخْتِيَارُهُ أَنْ يَقُولَ: اخْتَرْتُ أَنْ أَضْمَنَكَ أَوْ يَقُولَ: أَعْطِنِي حَقِّي أَمَّا إذَا اخْتَارَهُ بِالْقَلْبِ فَذَاكَ لَيْسَ بِشَيْءٍ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا فِي الْإِعْتَاقِ وَالْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ وَالسِّعَايَةُ مِنْ شَرِيكِهِ وَفِي التَّضْمِينِ: وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُعْتِقِ فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَرْجِعُ الْمُسْتَسْعَى عَلَى الْمُعْتِقِ بِمَا أَدَّى بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِذَا ضَمِنَ الَّذِي أَعْتَقَ فَالْمُعْتَقُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ مَا بَقِيَ، وَإِنْ شَاءَ دَبَّرَ، وَإِنْ شَاءَ كَاتَبَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ الشَّرِيكُ عَنْ الضَّمَانِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ

عَلَى الْعَبْدِ، وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ، وَبَطَلَ اسْتِسْعَاءُ السَّاكِتِ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ بَاعَ السَّاكِتُ نَصِيبَهُ مِنْ الْمُعْتَقِ أَوْ وَهَبَ عَلَى الْعِوَضِ، فَالْقِيَاسُ: أَنَّهُ يَجُوزُ كَالتَّضْمِينِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَإِذَا اخْتَارَ السَّاكِتُ ضَمَانَ الْمُعْتَقِ إذَا كَانَ الْمُعْتَقُ مُوسِرًا، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ، وَيَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فَلَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْبَلْ الْمُعْتِقُ الضَّمَانَ أَوْ يَحْكُمْ بِهِ الْحَاكِمُ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ إذَا اخْتَارَ التَّضْمِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ اخْتِيَارُ السِّعَايَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. وَلَوْ اخْتَارَ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ اخْتِيَارُ التَّضْمِينِ بَعْدَ ذَلِكَ رَضِيَ الْعَبْدُ بِالسِّعَايَةِ أَوْ لَمْ يَرْضَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إلَّا إذَا مَاتَ الْعَبْدُ فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَالْخِيَارُ فِي هَذَا عِنْدَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ أَنَّ الْمُعْتِقُ رَجَعَ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الضَّمَانِ، ثُمَّ أَحَالَ السَّاكِتَ عَلَيْهِ وَوَكَّلَهُ بِقَبْضِ السِّعَايَةِ مِنْهُ اقْتِضَاءً مِنْ حَقِّهِ كَانَ جَائِزًا، وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُعْتِقِ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا حَتَّى جُرْحِهِ كَانَ الْأَرْشُ عَلَيْهِ لِلْعَبْدِ وَلَا تَكُونُ جِنَايَتُهُ اخْتِيَارًا مِنْهُ لِلسِّعَايَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ اغْتَصَبَ مِنْهُ مَالًا فِيهِ وَفَاءٌ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ أَوْ أَقْرَضَهُ الْعَبْدُ أَوْ بَايَعَهُ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِلْعَبْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْيَسَارِ كَوْنُهُ مَالِكًا مِقْدَارَ قِيمَتِهِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ عِنْدَ الشَّيْبَانِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَذُكِرَ فِي الْعُيُونِ وَالْمُخْتَارِ أَنَّ الْمُوسِرَ فِي زَمَانِ الْعِتْقِ مَنْ يَمْلِكُ مَا يُسَاوِي نِصْفَ الْمُعْتَقِ سِوَى الْمَنْزِلِ وَالْخَادِمِ، وَمَتَاعِ الْبَيْتِ، وَثِيَابِ الْجَسَدِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَبْدَانِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَلْفٌ، وَقِيمَةُ الْآخَرِ أَلْفَانِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَعِنْدَ الْمُعْتَقِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهُوَ مُعْسِرٌ رَوَاهُ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَقَلُّ مِنْ أَلْفٍ ضَمِنَ أَقَلَّهُمَا قِيمَةً وَلَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ غُلَامٌ قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ غُلَامٌ قِيمَتِهِ خَمْسُمِائَةٍ أَعْتَقَهُمَا وَلَهُ خَمْسُمِائَةٍ فَهُوَ مُعْسِرٌ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ فَهُوَ مُوسِرٌ لِصَاحِبِ خَمْسِ الْمِائَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي الضَّمَانِ وَالسِّعَايَةِ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ حَتَّى لَوْ عُلِمَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ أَعْتَقَهُ. ثُمَّ ازْدَادَتْ أَوْ انْتَقَضَتْ أَوْ كَانَتْ أَمَةً فَوَلَدَتْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ كَانَ فِي يَوْمِ الْإِعْتَاقِ صَحِيحًا، ثُمَّ عَمِيَ يَجِبُ نِصْفُ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَلَوْ كَانَ أَعْمَى يَوْمَ الْعِتْقِ فَانْجَلَى بَيَاضُ عَيْنَيْهِ يَجِبُ نِصْفُ قِيمَتِهِ أَعْمَى كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَذَلِكَ يُعْتَبَرُ يَسَارُ الْمُعْتَقِ وَإِعْسَارُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ وَهُوَ مُوسِرٌ، ثُمَّ أَعْسَرَ لَا يَبْطُلُ حَقُّ التَّضْمِينِ وَلَوْ أَعْتَقَ وَهُوَ مُعْسِرٌ، ثُمَّ أَيْسَرَ لَا يَثْبُتُ لِشَرِيكِهِ حَقُّ التَّضْمِينِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا يَقُومُ الْعَبْدُ لِلْحَالِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ هَالِكًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعْتِقِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْإِعْتَاقَ سَابِقٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعْتِقِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا أَوْ هَالِكًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْوَقْتِ وَالْقِيمَةِ، فَقَالَ الْمُعْتِقُ أَعْتَقْتُهُ يَوْمَ كَذَا وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ، وَقَالَ السَّاكِتُ: أَعْتَقَهُ لِلْحَالِ وَقِيمَتُهُ مِئَتَانِ يُحْكَمُ بِالْعِتْقِ لِلْحَالِ وَكَذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ لَوْ اخْتَلَفَ السَّاكِتُ وَالْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْجَوَابُ فِيمَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ وَرَثَةِ السَّاكِتِ وَالْمُعْتِقِ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ نُظِرَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ السَّاكِتِ وَالْمُعْتِقِ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي حَالِ الْإِعْتَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعْتِقِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي يَسَارِ الْمُعْتِقِ وَإِعْسَارِهِ وَالْعِتْقُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْخُصُومَةِ إنْ كَانَتْ مُدَّةً يَخْتَلِفُ فِيهَا الْيَسَارُ وَالْإِعْسَارُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعْتِقِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا يُخْتَلَفُ يُعْتَبَرُ لِلْحَالِ، فَإِنْ عُلِمَ يَسَارُ الْمُعْتِقِ لِلْحَالِ فَلَا مَعْنَى لِلِاخْتِلَافِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ فَالْقَوْلُ لِلْمُعْتِقِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ مُعْتِقُ الْبَعْضِ إذَا كُوتِبَ فَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ فَإِنْ كَانَتْ

الْمُكَاتَبَةُ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِ جَازَتْ، وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ تَجُوزُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ كَاتَبَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا جَازَتْ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا يُطْرَحُ عَنْهُ الْفَضْلُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ عَلَى الْعُرُوضِ جَازَتْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْحَيَوَانِ جَازَتْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى عُرُوضٍ وَعَجَزَ عَنْ الْكِتَابَةِ سَقَطَ عَنْهُ الْتِزَامُهُ مِنْ الْعُرُوضِ وَيُجْبَرُ عَلَى السِّعَايَةِ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الشَّرِيكَ شَيْئًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ شَرِيكُ الْمُعْتِقِ فِي الْعَبْدِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَهُ أَبٌ أَوْ جَدٌّ أَوْ وَصِيٌّ فَوَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُعْتَقَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ، وَإِنْ شَاءَ كَاتَبَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يُدَبِّرَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ مُكَاتَبًا أَوْ مَأْذُونًا عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الضَّمَانِ وَالسِّعَايَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ إلَّا أَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ الْإِعْتَاقَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَالْخِيَارُ لِلْمَوْلَى فَإِنْ اخْتَارَ الشَّرِيكُ السِّعَايَةَ فَفِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ الْوَلَاءُ لَهُمَا وَفِي الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ الْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ أَبٌ وَلَا وَصِيُّ الْأَبِ، وَلَهُ وَصِيٌّ وَكَانَ الْعَبْدُ مِمَّا وَرِثَهُ الصَّغِيرُ عَنْ الْأُمِّ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْحَاكِمِ أَبِي مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ أُسْتَاذِي الْفَقِيهَ أَبَا بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إذَا كَانَ لَهُ وَصِيُّ أُمٍّ وَلَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ غَيْرُهُ فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُعْتِقَ، وَلَهُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِسْعَاءُ فِي مَعْنَى الْكِتَابَةِ وَلَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمِّ أَنْ يُكَاتِبَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَلِيٌّ وَلَا وَصِيٌّ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ حَاكِمٌ نَصَّبَ الْحَاكِمُ مَنْ يَخْتَارُ لَهُمَا أَصْلَحَ الْأُمُورِ مِنْ التَّضْمِينِ وَالِاسْتِسْعَاءِ وَالْمُكَاتَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَاكِمٌ وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَيُفِيقُ الْمَجْنُونُ فَيَسْتَوْفِيَانِ حُقُوقَهُمَا مِنْ الْخِيَارَاتِ الْخَمْسِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ السَّاكِتُ شَيْئًا وَالْمُعْتِقُ مُوسِرٌ فَأَرَادَ تَضْمِينَ الْمُعْتِقِ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ إذَا مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ كَسْبًا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلِلسَّاكِتِ تَضْمِينُ الْمُعْتِقِ بِلَا خِلَافٍ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ السِّعَايَةَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَهُ ذَلِكَ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْحَاكِمُ أَبُو نَصْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأَصْلِ هَذَا إذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ السَّاكِتُ شَيْئًا أَوْ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا أَمَّا إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَلِلسَّاكِتِ أَنْ يَأْخُذَ السِّعَايَةَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ إنْ تَرَكَ الْعَبْدُ كَسْبًا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْعَبْدُ كَسْبًا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بَقِيَتْ السِّعَايَةُ دَيْنًا عَلَى الْعَبْدِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ أَوْ تَبَرَّعَ مِنْهُ مُتَبَرِّعٌ بِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِ أَوْ يُبْرِئُهُ السَّاكِتُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا ضَمِنَ الْمُعْتِقُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتَقِ بِمَا ضَمِنَهُ فِي تَرِكَةِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ تَرَكَ مَالًا قَدْ اكْتَسَبَ بَعْضَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَبَعْضَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَمَا اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ نِصْفَيْنِ وَمَا اُكْتُسِبَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَهُوَ تَرِكَةُ الْعَبْدِ فَيَرْجِعُ فِيهِ السَّاكِتُ أَوْ الْمُعْتِقُ إذَا ضَمِنَ وَمَا بَقِيَ مِيرَاثٌ لِلْمُعْتِقِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: هَذَا مِمَّا اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَهُوَ بَيْنَنَا، وَقَالَ الْآخَرُ اكْتَسَبَهُ بَعْدَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اكْتَسَبَهُ بَعْدَهُ وَمَنْ ادَّعَى فِيهِ تَارِيخًا سَابِقًا لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا مَاتَ السَّاكِتُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَخْتَارُوا الْإِعْتَاقَ أَوْ الضَّمَانَ أَوْ السِّعَايَةَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ ضَمِنُوا الْمُعْتَقَ فَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُعْتِقِ، وَإِنْ اخْتَارُوا الْإِعْتَاقَ أَوْ الِاسْتِسْعَاءَ فَالْوَلَاءُ فِي هَذَا النَّصِيبِ لِلذُّكُورِ أَوْلَادِ الْمَيِّتِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَإِنْ اخْتَارَ بَعْضُهُمْ السِّعَايَةَ، وَبَعْضُهُمْ الضَّمَانَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ

مِنْهُمْ مَا اخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى التَّضْمِينِ أَوْ الِاسْتِسْعَاءِ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْتِقُ فَإِنْ كَانَ الْإِعْتَاقُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ يُؤْخَذُ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ تَرِكَتِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ فِي حَالِ مَرَضِهِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَسْعَى الْعَبْدُ لِلْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَأَرَادَ السَّاكِتُ أَنْ يَضْمَنَ شَرِيكَهُ نِصْفَ نَصِيبِهِ وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: لَا رِوَايَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَهُ ذَلِكَ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الزِّيَادَاتِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ مُعْسِرٌ حَتَّى وَجَبَتْ السِّعَايَةُ عَلَى الْعَبْدِ فَأَبَى أَنْ يَسْعَى فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حُرٍّ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَى أَنْ يَقْضِيَهُ وَالْحُكْمُ فِي حَقِّ هَذَا أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْقِلُ وَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ أَوْ لَهُ عَمَلٌ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ يُؤَاجِرُ مِنْ رَجُلٍ وَيُؤْخَذُ أَجْرَهُ وَيَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ وَفِيهِ أَيْضًا عَبْدٌ صَغِيرٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُعْسِرٌ فَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ يَعْقِلُ وَرَضِيَ بِذَلِكَ جَازَ عَلَيْهِ وَكَانَ الْأَجْرُ لِلَّذِي لَمْ يُعْتِقْ قِصَاصًا مِنْ حَقِّهِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَهُ الِاسْتِسْعَاءُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الْمُضَارِبُ بِالنِّصْفِ إذَا اشْتَرَى بِرَأْسِ الْمَالِ وَهِيَ أَلْفٌ عَبْدَيْنِ قِيمَةُ كُلٍّ أَلْفٌ فَأَعْتَقَهُمَا رَبُّ الْمَالِ عَتَقَا وَضَمِنَ نَصِيبَ الْمُضَارِبِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي عَبْدَيْنِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَحَدُهُمَا حُرٌّ وَهُوَ فَقِيرٌ، ثُمَّ اسْتَغْنَى ثُمَّ اخْتَارَ إيقَاعَ الْعِتْقِ عَلَى أَحَدِهِمَا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ وَقَدْ اسْتَغْنَى قَبْلَ الْمَوْتِ ضَمِنَ رُبْعَ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَعْتَبِرُ الْقِيمَةَ يَوْمَ تَكَلَّمَ بِالْعِتْقِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ وَاخْتَارَ بَعْضُ السَّاكِتِينَ السِّعَايَةَ فِي نَصِيبِهِ وَبَعْضُهُمْ الْإِعْتَاقَ وَبَعْضُهُمْ الضَّمَانَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا اخْتَارَ فِي نَصِيبِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي عَبْدٍ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْآخَرُ بَعْدَهُ فَلِلسَّاكِتِ أَنْ يَضْمَنَ الْمُعْتِقَ الْأَوَّلَ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ اسْتَسْعَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُعْتِقَ الثَّانِيَ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ فَلِلْأَوَّلِ أَنْ يُعْتِقَ، وَإِنْ شَاءَ دَبَّرَ، وَإِنْ شَاءَ كَاتَبَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُعْتِقَ الثَّانِيَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ وَكَاتَبَ الْآخَرُ، وَدَبَّرَ الثَّالِثُ مَعًا فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ الرُّجُوعُ وَإِذَا دَبَّرَ أَحَدُهُمْ أَوَّلًا، ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي، ثُمَّ كَاتَبَ الْآخَرُ ثَبَتَ لِلْمُدَبِّرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُعْتَقِ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَكَاتِبُ عَلَى أَحَدِهِمْ، فَإِنْ دَبَّرَ، ثُمَّ كَاتَبَ، ثُمَّ أَعْتَقَ فَحُكْمُ الْمُدَبِّرِ وَالْمُعْتِقِ مَا ذَكَرْنَا، وَأَمَّا الْمَكَاتِبُ إنْ عَجَزَ الْعَبْدُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ، وَإِنْ كَاتَبَ أَوَّلًا، ثُمَّ دَبَّرَ أَعْتَقَ فَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ الْعَبْدُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَجَزَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَبِّرِ بِثُلُثِ قِيمَتِهِ لَا عَلَى الْمُعْتِقِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ فَدَبَّرَهُ أَحَدُهُمْ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ الثَّانِي، وَهُمَا مُوسِرَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَدْبِيرُ الْمُدَبَّرِ يَقْتَصِرُ عَلَى نَصِيبِهِ وَالْإِعْتَاقُ مِنْ الثَّانِي صَحِيحٌ، ثُمَّ لِلسَّاكِتِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُدَبِّرَ ثُلُثَ قِيمَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ وَإِذَا ضَمِنَ الْمُدَبِّرُ فَلِلْمُدَبِّرِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ فَيَسْعَى لَهُ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَانَ الْمُدَبِّرُ مُعْسِرًا فَلِلسَّاكِتِ الِاسْتِسْعَاءُ دُونَ التَّضْمِينِ، ثُمَّ السَّاكِتُ إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ الْمُدَبِّرِ كَانَ ثُلُثَا

الْوَلَاءِ لِلْمُدَبِّرِ، وَالثُّلُثُ لِلْمُعْتِقِ، وَإِنْ اخْتَارَ سِعَايَةَ الْعَبْدِ كَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلِلْمُدَبَّرِ أَيْضًا أَنْ يُضَمِّنَ الَّذِي أَعْتَقَ ثُلُثَ قِيمَتِهِ مُدَبِّرًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ مَا أَدَّى إلَى السَّاكِتِ مِنْ قِيمَةِ نَصِيبِهِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَ الْمُدَبِّرِ وَالْمُعْتِقِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْمُدَبِّرِ، وَثُلُثُهُ لِلْمُعْتِقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ شَاءَ الْمُدَبِّرُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ الَّذِي دَبَّرَهُ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدُ فَإِنْ اخْتَارَ الضَّمَانَ كَانَ لِلْمُعْتِقِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَلِلْمُدَبِّرِ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ دُونَ التَّضْمِينِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلَوْ ضَمَّنَ السَّاكِتُ الْمُدَبِّرَ نَصِيبَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ كَانَ لِلْمُدَبِّرِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا، وَثُلُثَهُ قِنًّا كَذَا فِي النِّهَايَةِ نَاقِلًا عَنْ التُّمُرْتَاشِيِّ. وَقِيمَةُ الْمُدَبِّرِ ثُلُثَا قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا، وَقِيلَ نِصْفُهَا لَوْ كَانَ قِنًّا، وَإِلَيْهِ مَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ رَهْطٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ وَدَبَّرَ الْآخَرُ، وَكَاتَبَ الْآخَرُ وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمْ أَوَّلُ فَنَقُولُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عِتْقُ الْمُعْتِقِ فِي نَصِيبِهِ نَافِذٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ وَتَدْبِيرُ الْمُدَبِّرِ فِي نَصِيبِهِ أَيْضًا نَافِذٌ وَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا أَوْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُعْتِقِ بِسُدُسِ قِيمَتِهِ وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي سُدُسِ قِيمَتِهِ اسْتِحْسَانًا، فَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَإِنْ مَضَى الْعَبْدُ عَلَى كِتَابَتِهِ يُؤَدِّي إلَيْهِ مَالَ الْكِتَابَةِ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَإِنْ عَجَزَ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ وَالْمُدَبِّرُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ نِصْفَيْنِ إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ وَيَرْجِعَانِ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا ضَمِنَا، وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَاهُ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ خَمْسَةِ رَهْطٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ، وَدَبَّرَ الْآخَرُ وَكَاتَبَ الثَّالِثُ نَصِيبَهُ وَبَاعَ الرَّابِعُ نَصِيبَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَتَزَوَّجَ الْخَامِسُ عَلَى نَصِيبِهِ وَلَمْ يُعْلَمُ أَيُّهُمْ أَوَّلُ فَنَقُولُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حُكْمُ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ مَا بَيَّنَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ التَّضْمِينَ وَالِاسْتِسْعَاءَ هُنَاكَ فِي الثُّلُثِ وَهُنَا فِي الْخُمُسِ فَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ أَوْ قَالَ: الْبَائِعُ كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَالْعَبْدُ فِي يَدِهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: كَانَ بَعْدَهُ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهُ وَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ أَوْ اسْتَسْعَاهُ فَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُعْتِقَ وَالْمُدَبِّرَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، وَيَرْجِعَانِ بِهِ عَلَى الْعَبْدِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّ التَّزْوِيجَ كَانَ بَعْدَ الْعِتْقِ أَوْ التَّدْبِيرِ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَلَهَا خُمُسُ قِيمَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّ التَّزْوِيجَ كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ فَلَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ تَرَكَتْ الْمُسَمَّى وَضَمَّنَتْ الزَّوْجَ خُمُسَ قِيمَتِهِ، وَإِنْ شَاءَتْ أَجَازَتْ وَأَعْتَقَتْ أَوْ اسْتَسْعَتْ الْعَبْدَ فِي خُمُسِ قِيمَتِهِ، وَوَلَاءُ خُمُسِهِ لَهَا، وَإِنْ شَاءَتْ ضَمَّنَتْ الْمُعْتِقَ وَالْمُدَبِّرَ خُمُسَ قِيمَتِهِ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ لَا تُصَدَّقُ هِيَ بِالزِّيَادَةِ إنْ كَانَتْ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي، فَأَمَّا نَصِيبُ الْمُكَاتِبِ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا إنْ أَدَّى الْبَدَلَ إلَيْهِ عَتَقَ مِنْ قِبَلِهِ، وَإِنْ عَجَزَ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ وَالْمُدَبِّرَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ نِصْفَيْنِ إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْعَبْدِ شَرِيكٌ سَادِسٌ وَهَبَ نَصِيبَهُ لِابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ لَا يُعْلَمُ قَبْلَ الْعِتْقِ كَانَ أَوْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْأَبِ فَإِنْ قَالَ: الْهِبَةُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ قَالَ: الْهِبَةُ قَبْلَ الْعِتْقِ فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ، ثُمَّ يَقُومُ الْأَبُ فِي نَصِيبِ الِابْنِ مَقَامَ الِابْنِ أَنْ لَوْ كَانَ بَالِغًا فِي التَّضْمِينِ أَوْ الِاسْتِسْعَاءِ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْإِعْتَاقِ، فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَالْمُدَبِّرُ مُوسِرَيْنِ ضَمَّنَهُمَا سُدُسَ قِيمَتِهِ لِلِابْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي سُدُسِ قِيمَتِهِ لِلِابْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ. هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الْمَمْلُوكُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهُ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهُ وَلِلْآخَرِ سُدُسُهُ فَأَعْتَقَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ ضَمِنَا نَصِيبَ صَاحِبِ السُّدُسِ نِصْفَيْنِ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ نِصْفُ الْوَلَاءِ بِنَصِيبِهِ وَنِصْفُ سُدُسِ الْوَلَاءِ بِمَا ضَمِنَ

وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثُ الْوَلَاءِ بِنَصِيبِهِ وَنِصْفُ سُدُسِ الْوَلَاءِ بِمَا ضَمِنَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ مَلَكَ رَجُلٌ ابْنَهُ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ بِالشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْإِمْهَارِ أَوْ الْإِرْثِ عَتَقَ نَصِيبُ الْأَبِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْآخَرُ أَنَّهُ ابْنُ شَرِيكِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ مُوسِرًا كَانَ الْأَبُ أَوْ مُعْسِرًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَنَابِيعِ. وَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُعْتِقَ نَصِيبَهُ إنْ شَاءَ أَوْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِي قِيمَةِ نَصِيبِهِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَضْمَنُ الْأَبُ فِي غَيْرِ الْإِرْثِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا اسْتَسْعَى الِابْنَ فِي نَصِيبِهِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَرِثَاهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا فِي كُلِّ قَرِيبٍ يُعْتَقُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَإِنْ بَدَأَ الْأَجْنَبِيُّ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ، ثُمَّ اشْتَرَى الْأَبُ نِصْفَهُ الْآخَرَ، وَهُوَ مُوسِرٌ فَالْأَجْنَبِيُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَبَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الِابْنَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ بَاعَ رَجُلٌ نِصْفَ عَبْدِهِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْ قَرِيبِهِ لَمْ يَضْمَنْ مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ عَلِمَ شَرِيكُهُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَسَعَى الْعَبْدُ فِي نَصِيبِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ لَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ قَرِيبِ الْعَبْدِ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَانَ مُوسِرًا وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْبَائِعِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَسَعَى الْعَبْدُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ أَخَوَانِ وَرِثَا عَبْدًا مِنْ أَبِيهِمَا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ أَخِي لِأَبِي، وَجَحَدَ الْآخَرُ لَمْ يَضْمَنْ الْمُقِرُّ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي نَصِيبِهِ، وَإِنْ قَالَ: هُوَ أَخِي لِأُمِّي، وَلَيْسَ أَخُوهُ مَعْرُوفًا لِأُمِّهِ ضَمِنَ نَصِيبَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَعْتَقَ أَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ، ثُمَّ وَلَدَتْ فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ يَوْمَ أَعْتَقَ وَلَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْأَمَةِ مَا فِي بَطْنِهَا فَوَلَدَتْ تَوْأَمًا مَيِّتًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ وَلَدَتْ تَوْأَمًا حَيًّا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ وَهِيَ حَامِلٌ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْآخَرُ مَا فِي بَطْنِهَا، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَ شَرِيكَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ اخْتِيَارٌ مِنْهُ لِلسِّعَايَةِ وَلَوْ أَعْتَقَا جَمِيعًا مَا فِي بَطْنِهَا، ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا الْأُمَّ وَهُوَ مُوسِرٌ كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا إنْ شَاءَ وَالْحَبَلُ نُقْصَانٌ فِي بَنَاتِ آدَمَ فَإِنَّمَا يُضَمِّنُهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا حَامِلًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ عَلَّقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عِتْقَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا بِفِعْلِ فُلَانٍ غَدًا بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ غَدًا فَأَنْت حُرٌّ وَعَكَسَ الْآخَرُ بِأَنْ قَالَ: إنْ لَمْ يَدْخُلْ زَيْدٌ الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ وَمَضَى الْغَدُ، وَلَمْ يَدْرِ أَدَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ أَمْ لَا؟ عَتَقَ نِصْفُ الْعَبْدِ، وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلشَّرِيكَيْنِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي عَبْدَيْنِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ هَذِهِ الدَّارَ الْيَوْمَ وَقَالَ الْآخَرُ لِلْعَبْدِ الْآخَرِ: إنْ دَخَلَ فُلَانٌ هَذِهِ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرٌّ فَمَضَى الْيَوْمُ وَتَصَادَقَا أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فَإِنَّ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعُهُ وَيَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَقَالَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْعَبْدِ: إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرٌّ، وَقَالَ الْآخَرُ: إنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَا يَدْرِي أَدْخَلَ أَمْ لَا عَتَقَ نِصْفُهُ وَيَسْعَى فِي النِّصْفِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ

حَلَفَ أَحَدُهُمَا بِعِتْقِهِ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ الدَّارَ وَحَلَفَ الْآخَرُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فَقَدْ عَتَقَ نِصْفُ الْعَبْدِ وَسَعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: إنْ كُنْتُ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ نَصِيبَكَ أَمْسِ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ الْآخَرُ إنْ لَمْ أَكُنْ بِعْتُكَ نَصِيبِي أَمْسِ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُعْتَقُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَزْعُمُ أَنَّ صَاحِبَهُ حَانِثٌ، فَيُقَالُ لِمُدَّعِي الْبَيْعَ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ أَقَامَ قُضِيَ بِالْبَيْعِ وَالثَّمَنِ وَعَتَقَ الْعَبْدُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ سِعَايَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ ذَلِكَ فَإِنْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتْرُكُ رَقِيقًا، ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلْمُنْكِرِ سَوَاءٌ كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ كَانَ الْمُدَّعِي لِلْبَيْعِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ أَوْ كَانَ مُدَّعِي الْبَيْعَ مُعْسِرًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ كَانَ مُدَّعِي الْبَيْعَ مُوسِرًا لَا يَسْعَى وَأَمَّا مُدَّعِي الْبَيْعَ فَقَدْ ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَسْعَى لَهُ سَوَاءٌ كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا عِنْدَهُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، ثُمَّ إذَا حَلَفَ مُنْكِرُ الشِّرَاءِ كَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ إذَا كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ. وَإِنْ حَلَفَ كَانَ الْجَوَابُ كَالسِّعَايَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ إلَّا بِطَلَبِ مُنْكِرِ الشِّرَاءِ وَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ: إنْ كُنْتُ بِعْتُكَ نَصِيبِي مِنْ هَذَا الْعَبْدِ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ تَكُنْ بِعْتَنِي نَصِيبَكَ فَهُوَ حُرٌّ يُؤْمَرُ مُدَّعِي الشِّرَاءَ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَقَامَ فَالْعَبْدُ رَقِيقٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيه أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْحَلِفِ لَكِنْ لَوْ حَلَفَ لَا يَمْنَعُهُ وَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَثْبُتْ الْبَيْعُ فَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي كُلِّ الْقِيمَةِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ يَسْعَى لَهُمَا، وَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُدَّعِي الشِّرَاءَ مُوسِرًا يَسْعِي فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِمُدَّعِي الشِّرَاءِ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: اشْتَرَيْتُ نَصِيبَكَ إنْ لَمْ أَكُنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ وَالْآخَرُ: مَا بِعْتُ نَصِيبِي مِنْكَ وَإِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ نَصِيبَكَ إنْ كُنْتَ بِعْتَهُ فَهُوَ حُرٌّ يَأْمُرُهُمَا الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ ظَهَرَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَارٌّ فِي يَمِينِهِ وَبَقِيَ الْعَبْدُ رَقِيقًا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ فَالْعَبْدُ كُلُّهُ رَقِيقٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ لَا يُحَلِّفُهُمَا الْقَاضِي لَكِنْ لَوْ حَلَفَ جَازَ فَإِنْ نَكَلَا بَقِيَ الْعَبْدُ رَقِيقًا بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ فَيَقْضِي بِالْعَبْدِ لِلَّذِي حَلَفَ، وَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا يَخْرُجُ الْعَبْدُ عَنْ السِّعَايَةِ بِالْعِتْقِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ إنْ ضَرَبْتَ الْعَبْدَ الَّذِي بَيْنَنَا فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَهُ حَتَّى عَتَقَ عَلَى الْحَالِفِ نَصِيبُهُ يُضَمِّنُ الْحَالِفَ إنْ كَانَ مُوسِرًا نَصِيبَ الضَّارِبِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. عَبْدٌ بَيْنَهُمَا قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: إنْ ضَرَبْتَهُ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ الْآخَرَانِ لَمْ أَضْرِبْهُ الْيَوْمَ فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَهُ فَإِنَّ الْحَالِفَ الْأَوَّلَ يَضْمَنُ نَصِيبَ الضَّارِبِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَإِذَا قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا اسْتَقْبَلَ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ مَمْلُوكًا مَعَ غَيْرِهِ لَا يُعْتَقُ فَإِنْ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ عَتَقَ، وَإِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ لَمْ يُعْتَقْ وَلَوْ قَالَ لِمَمْلُوكٍ بِعَيْنِهِ: إذَا مَلَكْتُكَ فَأَنْت حُرٌّ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ، ثُمَّ بَاعَ، ثُمَّ اشْتَرَى النِّصْفَ الْبَاقِيَ عَتَقَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ زَعَمَ أَحَدُهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ أَعْتَقَهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَأَنَّهُ هُوَ أَعْتَقَهُ الْيَوْمَ، وَقَالَ شَرِيكُهُ لَمْ أَعْتِقْهُ وَقَدْ أَعْتَقْتَ أَنْتِ الْيَوْمَ فَاضْمَنْ لِي نِصْفَ الْقِيمَةِ بِعِتْقِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي زَعَمَ أَنَّ صَاحِبَهُ أَعْتَقَهُ مُنْذُ سَنَةٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنَا أَعْتَقْتُهُ أَمْسِ وَأَعْتَقَهُ صَاحِبِي مُنْذُ سَنَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِإِعْتَاقِ نَفْسِهِ لَكِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَمْسِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِشَرِيكِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: أَعْتَقَهُ شَرِيكِي مُنْذُ شَهْرٍ وَأَنَا مُنْذُ يَوْمَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ

لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالضَّمَانِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. أَمَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ زَعَمَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِ صَاحِبِهِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ يَوْمًا وَتَخْدُمُ لِلْمُنْكِرِ يَوْمًا وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا لِلْمُنْكِرِ وَلَا سَبِيلَ لِلْمُقِرِّ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْكَافِي وَنِصْفُ وَلَائِهَا وَنِصْفُ كَسْبِهَا لِلْمُنْكِرِ وَنِصْفُهُ مَوْقُوفٌ وَنَفَقَتُهَا فِي كَسْبِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَنِصْفُهُ عَلَى الْمُنْكِرِ وَلَا يَضْمَنُ لِلْمُقِرِّ وَلَوْ مَاتَ الْمُنْكِرُ عَتَقَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِزَعْمِ الْمُقِرِّ وَتَسْعَى فِي نَصِيبِ الْمُنْكِرِ لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ بِالِاسْتِيلَادِ وَصَاحِبُهُ يُنْكِرُ فَإِنَّهَا تُوقَفُ وَلَا سَبِيلَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا عَلَى الْأَمَةِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَتْ وَوَلَاؤُهُمَا مَوْقُوفٌ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُ هَذَا الْعَبْدَ أَنَا وَأَنْتَ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ قَالَ: أَعْتَقْنَا فَإِنْ صَدَّقَهُ عَتَقَ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَمِنْ الْأَوَّلِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْجَوَامِعِ، وَإِذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِإِعْتَاقٍ بِأَنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِجَوَازِ إقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَجُزْ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا يُعْتَقُ نَصِيبُ الشَّاهِدِ وَلَا يَضْمَنُ لِصَاحِبِهِ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ أَعْتَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ نَصِيبَهُ قَبْلَ الِاسْتِسْعَاءِ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ نَصِيبَ الْمُنْكِرِ عَلَى مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ نَصِيبُ الشَّاهِدِ عِنْدَهُ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يَتَجَزَّأُ فَإِذَا أَعْتَقَا فَقَدْ جَازَ عِتْقُهُمَا وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَسْعَى وَأَدَّى السِّعَايَةَ فَالْوَلَاءُ لَهُمَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا وَجَبَتْ السِّعَايَةُ لَهُمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ اسْتَوْفَى السِّعَايَةَ مِنْ الْعَبْدِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَوْفَى فِي أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ مِنْ السِّعَايَةِ، ثُمَّ شَهِدَ عَلَى صَاحِبِهِ بِاسْتِيفَاءِ نَصِيبِهِ لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَعَ الْآخَرِ عَلَى شَرِيكِهِ بِاسْتِيفَاءِ السِّعَايَةِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ لَهُ عَلَيْهِ بِغَصْبٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ شَيْءٍ يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ مَالٌ فَشَهَادَتُهُ مَرْدُودَةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ وَإِذَا تَحَالَفَا سَعَى الْعَبْدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ قِيمَتِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا فَرْقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ حَالِ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَالْوَلَاءُ لَهُمَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اعْتَرَفَا أَنَّهُمَا أَعْتَقَاهُ مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ وَجَبَ أَنْ لَا يَضْمَنَ كُلٌّ لِلْآخَرِ إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ وَلَا يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ، وَلَوْ اعْتَرَفَ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَإِنَّ الْمُنْكِرَ يَجِبُ أَنْ يَحْلِفَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَأَنْكَرَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَالْعَبْدُ يَسْعَى بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَإِذَا اسْتَوْفَى أَحَدُهُمْ شَيْئًا مِنْ السِّعَايَةِ كَانَ لِلْآخَرِينَ أَنْ يَأْخُذَا مِنْهُ ثُلُثَيْ مَا أَخَذَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الشُّرَكَاءُ ثَلَاثَةً فَشَهِدَ كُلُّ اثْنَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَ لَمْ تُقْبَلْ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا شَهِدَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ عَلَى أَحَدِ شَرِيكَيْهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَشَهِدَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ عَلَى الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْعِتْقِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْهُ حِصَّتَهُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَ أَنَّهُ اسْتَوْفَى فِي الْمَالِ كُلِّهِ بِوَكَالَةٍ مِنْهُمَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ وَبَرِئَ الْعَبْدُ مِنْ حِصَّتِهِمَا وَيَسْتَوْفِي الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَبْدِ وَلَا يُشْرِكُهُ فِي ذَلِكَ الشَّاهِدَانِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنَيْهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا وَكَذَّبَتْهُ الْأَمَةُ وَادَّعَتْ عَلَى الْآخَرِ الْعِتْقَ وَجَحَدَ الْآخَرُ وَحَلَفَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ مَا أَعْتَقَهَا فَإِنَّهَا تُعْتَقُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا الدَّعْوَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا كَانَتْ أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَشَهِدَ ابْنُ أَحَدِهِمَا عَلَى الشَّرِيكِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا

الباب الثالث في عتق أحد العبدين

فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ وَلَوْ شَهِدَا عَلَى أَبِيهِمَا أَنَّهُ أَعْتَقَهَا جَازَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا، ثُمَّ مَاتَتْ الْخَادِمَةُ وَتَرَكَتْ مَالًا، وَقَدْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَدًا فَأَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْوَلَدَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي حَيَاةِ الْأُمِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ عَلَى اسْتِسْعَاءِ الْوَلَدِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهَا إذَا خَلَّفَتْ مَالًا وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الشَّرِيكَ كَمَا كَانَ يُضَمِّنَهُ فِي حَيَاتِهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ الشَّرِيكُ بِمَا يَضْمَنُ فِي تِرْكَتِهَا كَمَا كَانَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً فَمَا بَقِيَ فَهُوَ مِيرَاثٌ لِلِابْنِ، وَإِنْ لَمْ تَدَعْ مَالًا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الِابْنِ وَإِذَا لَمْ تَمُتْ فَاخْتَارَ الشَّرِيكُ أَنْ يَسْتَسْعِيَهَا فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبَةِ فِي تِلْكَ السِّعَايَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَ وَهُوَ مُوسِرٌ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِعِتْقِهِ وَكَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغُلَامِ وَالْوَلَاءُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ جَاحِدًا لِلْعِتْقِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِحُرِّيَّتِهِ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّ الَّذِي بَاعَهُ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ عَتَقَ مِنْ مَالِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْفِيهِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَقُولُ: أَنَا مَا أَعْتَقْتُهُ وَإِنَّمَا عَتَقَ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي فَلَهُ وَلَاؤُهُ وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ: بَلْ أَعْتَقَهُ الْبَائِعُ فَالْوَلَاءُ لَهُ فَلِهَذَا تُوُقِّفَ وَلَاؤُهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ أَحَدُهُمَا إلَى تَصْدِيقِ صَاحِبِهِ فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ الْبَائِعَ كَانَ دَبَّرَهُ أَوْ كَانَتْ أَمَةٌ، وَأَقَرَّ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ مِلْكِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَا يُعْتَقَانِ حَتَّى يَمُوتَ الْبَائِعُ فَإِذَا مَاتَ عَتَقَا إذَا كَانَ الْمُدَبَّرُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْبَائِعِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِمَا كَالْجِنَايَةِ عَلَى مَمْلُوكَيْنِ قَبْلَ مَوْتِ الْبَائِعِ وَتُوقَفُ جِنَايَتُهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَبْسُوطِ إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّ صَاحِبَهُ أَقَرَّ عَلَيْهِ بِعِتْقٍ نَافِذٍ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِرْقَاقُ الْعَبْدِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ غَابَ أَحَدُهُمْ فَشَهِدَ الْحَاضِرَانِ عَلَى الْغَائِبِ أَنَّهُ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يُحَالُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْحَاضِرِينَ وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ يُقَالُ لِلْعَبْدِ: أَعِدْ الْبَيِّنَةَ وَإِذَا أَعَادَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ يَقْضِي بِعِتْقِ نَصِيبِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّ شَرِيكَهُ الْغَائِبَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَكِنْ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا الْحَاضِرِ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ وَيُوقَفَ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ اسْتِحْسَانًا وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ لِلْحُكْمِ بِعِتْقِهِ فَإِنْ كَانَا غَائِبَيْنِ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ الْعَبْدَ لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إلَّا بِخُصُومَةٍ تَقَعُ مِنْ قِبَلِ قَذْفٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ إذَا قَامَتْ عَلَى أَنَّ الْمَوْلَيَيْنِ أَعْتَقَاهُ وَأَنَّ أَحَدَهُمَا أَعْتَقَهُ وَاسْتَوْفَى الْآخَرُ السِّعَايَةَ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ ادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ عَلَى، كَذَا وَقَالَ الْعَبْدُ: أَعْتَقَنِي بِغَيْرِ شَيْءٍ وَشَهِدَ الشَّرِيكَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَلَى، كَذَا فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ، وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَ أَبُو الشَّرِيكَيْنِ أَوْ ابْنُهُمَا وَإِذَا أَعْتَقَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْعَبْدَ وَفِي يَدِ الْعَبْدِ أَمْوَالٌ اكْتَسَبَهَا وَلَا يَدْرِي مَتَى اكْتَسَبَهَا وَاخْتَلَفَ فِيهِ الشُّرَكَاءُ وَالْعَبْدُ قَالَ الشُّرَكَاءُ: اكْتَسَبَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ، وَقَالَ: الْعَبْدُ اكْتَسَبْتُهَا بَعْدَ الْعِتْقِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي عِتْقِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ] ِ الْعِتْقُ إذَا أُضِيفَ إلَى الْمَجْهُولِ صَحَّ وَثَبَتَ لِلْمَوْلَى اخْتِيَارُ التَّعْيِينِ سَوَاءٌ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ أَوْ قَالَ: هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا

أَوْ سَمَّى فَقَالَ: سَالِمٌ حُرٌّ أَوْ بِزَيْغٍ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَلَوْ قَالَ: هَذَا حُرٌّ وَإِلَّا فَهَذَا فَكَقَوْلِهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا خَاصَمَ الْعَبْدَانِ إلَى الْحَاكِمِ أَجْبَرَهُ عَلَى الْبَيَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ لَمْ يُخَاصِمَاهُ وَاخْتَارَ إيقَاعَ الْعِتْقِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ حِينَ اخْتَارَ وَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدَيْنِ مَا دَامَ خِيَارُ الْمَوْلَى بَاقِيًا وَهَذَا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَخْدِمُهُمَا قَبْلَ الِاخْتِيَارِ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَغِلَّهُمَا ويستكسبهما، وَتَكُونُ الْغَلَّةُ وَالْكَسْبُ لِلْمَوْلَى وَلَوْ جَنَى عَلَيْهِمَا قَبْلَ الِاخْتِيَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْمَوْلَى فَإِنْ كَانَتْ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ بِأَنْ قَطَعَ يَدَيْ الْعَبْدَيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَطَعَهُمَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى النَّفْسِ فَإِنْ قَتَلَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ فَالْأَوَّلُ عَبْدٌ وَالثَّانِي حُرٌّ فَإِذَا قَتَلَهُ قَتَلَ حُرًّا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَتَكُونُ لِوَرَثَتِهِ وَلَا يَكُونُ لِلْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَإِنْ قَتَلَهُمَا مَعًا بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ كَانَتْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ بِأَنْ قَطَعَ إنْسَانٌ يَدَيْ الْعَبْدَيْنِ فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْعَبْدِ وَذَلِكَ نِصْفُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَكِنْ يَكُونُ أَرْشُهُمَا لِلْمَوْلَى سَوَاءٌ قَطَعَهُمَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي النَّفْسِ فَالْقَاتِلُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ اثْنَيْنِ فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَإِنْ قَتَلَهُمَا مَعًا فَعَلَى الْقَاتِلِ نِصْفُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتَكُونُ لِلْمَوْلَى وَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتَكُونُ لِوَرَثَتِهِمَا، وَإِنْ قَتَلَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ يَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ قِيمَةُ الْأَوَّلِ لِلْمَوْلَى، وَدِيَةُ الثَّانِي لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ اثْنَيْنِ فَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلًا فَإِنْ وَقَعَ قَتْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَاتِلَيْنِ الْقِيمَةُ نِصْفُهَا لِلْوَرَثَةِ، وَنِصْفُهَا لِلْمَوْلَى، وَإِنْ وَقَعَ قَتْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ فَعَلَى قَاتِلِ الْأَوَّلِ الْقِيمَةُ لِلْمَوْلَى وَعَلَى قَاتِلِ الثَّانِي الدِّيَةُ لِلْوَرَثَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: لِأَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدًا أَوْ وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَلَدُ الَّتِي اخْتَارَ الْمَوْلَى إيقَاعَ الْعِتْقِ عَلَيْهَا وَلَوْ مَاتَتْ الْأَمَتَانِ مَعًا أَوْ قُتِلَتَا مَعًا خُيِّرَ الْمَوْلَى فِي أَنْ يُوقِعَ الْعِتْقَ عَلَى أَيِّ الْوَلَدَيْنِ شَاءَ، وَلَا يَرِثُ الِابْنُ الْمُعْتَقُ شَيْئًا يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الِابْنَ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُعْتِقُ بَعْدَ قَتْلِ الْأَمَتَيْنِ مَعًا لَا يَرِثُ مِنْ بَدَلِ الْأُمِّ شَيْئًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ حَالَ حَيَاةِ الْأَمَتَيْنِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَمَتَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وُطِئَتْ الْأَمَتَانِ بِشُبْهَةٍ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْمَوْلَى يَجِبُ عُقْرُ أَمَتَيْنِ وَيَكُونُ لِلْمَوْلَى، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ جَنَتْ إحْدَاهُمَا جِنَايَةً قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْمَوْلَى، ثُمَّ اخْتَارَ إيقَاعَ الْعِتْقِ عَلَيْهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ كَانَ مُخْتَارًا لِلْجِنَايَةِ، وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُهَا، وَسَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى، وَكَانَ عَلَى الْمَوْلَى قِيمَةُ الَّتِي جَنَتْ فِي مَالِهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْجَانِيَةَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْجِنَايَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ بَاعَهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِمَا، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَلَوْ بَاعَهُمَا مِنْ رَجُلٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَسَلَّمَهُمَا إلَيْهِ فَأَعْتَقَهُمَا الْمُشْتَرِي أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى الْبَيَانِ فَإِذَا عَيَّنَ الْبَائِعُ الْعِتْقَ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ الْمِلْكُ الْفَاسِدُ فِي الْآخَرِ، وَعَتَقَ الْآخَرُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ فَإِذَا مَاتَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيَانِ يُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: بَيِّنُوا فَإِذَا بَيَّنُوا عَتَقَ الْآخَرُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ وَلَا يُشَيَّعُ الْعِتْقُ فِيهِمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ لَمْ يُعْتِقْ الْمُشْتَرِي حَتَّى مَاتَ الْبَائِعُ لَمْ يَنْقَسِمْ الْعِتْقُ فِيهِمَا حَتَّى يَفْسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ فَإِذَا فَسَخَهُ انْقَسَمَ، وَعَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ وَلَوْ وَهَبَهُمَا قَبْلَ الِاخْتِيَارِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِمَا أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهِمَا يُجْبَرُ فَيَخْتَارُ الْعِتْقَ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ، وَيَجُوزُ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْهَارُ فِي الْآخَرِ، وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يُعَيِّنَ الْعِتْقَ فِي أَحَدِهِمَا بَطَلَتْ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ فِيهِمَا وَبَطَلَ إمْهَارُهُ، كَذَا فِي

الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَسَرَهُمَا أَهْلُ الْحَرْبِ كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُوقِعَ الْعِتْقَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَيَكُونُ الْآخَرُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمَوْلَى حَتَّى مَاتَ بَطَلَ مِلْكُ أَهْلِ الْحَرْبِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ قَدْ شَاعَتْ فِيهِمَا وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يُوقِعَ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ اشْتَرَى رَجُلٌ أَحَدَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَاخْتَارَ الْمَوْلَى عِتْقَهُ عَتَقَ وَبَطَلَ الشِّرَاءُ فَإِنْ أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ عَتَقَ الْآخَرُ وَلَوْ أَسَرَ أَهْلُ الْحَرْبِ أَحَدَهُمَا لَمْ يُعْتَقْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ، وَإِنْ اشْتَرَى الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا مِنْ الْكَافِرِ فَالْآخَرُ حُرٌّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ قَالَ: فِي صِحَّتِهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ، ثُمَّ مَرِضَ مَرَضَ الْمَوْتِ فَصُرِفَ ذَلِكَ إلَى أَحَدِهِمَا عَتَقَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ (الْبَيَانُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ نَصٌّ وَدَلَالَةٌ وَضَرُورَةٌ) (أَمَّا النَّصُّ) فَنَحْوُ أَنْ يَقُولَ الْمَوْلَى لِأَحَدِهِمَا عَيِّنَا إيَّاكَ عَنَيْتُ أَوْ نَوَيْتُ أَوْ أَرَدْتُ بِذَلِكَ اللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرْتُ أَوْ اخْتَرْتُ أَوْ تَكُونُ حُرًّا بِاللَّفْظِ الَّذِي قُلْتُ أَوْ بِذَلِكَ اللَّفْظِ الَّذِي قُلْتُ أَوْ بِذَلِكَ الْإِعْتَاقِ أَوْ أَعْتَقْتُكَ بِالْعِتْقِ السَّابِقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ فَلَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَعْتَقْتُكَ وَلَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ اللَّفْظِ أَوْ بِالْعِتْقِ السَّابِقِ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ عِتْقًا مُسْتَأْنَفًا عَتَقَا جَمِيعًا هَذَا بِالْإِعْتَاقِ الْمُسْتَأْنَفِ وَذَلِكَ بِاللَّفْظِ السَّابِقِ، وَإِنْ قَالَ: عَنَيْتُ بِهِ الَّذِي لَزِمَنِي بِقَوْلِي أَحَدُكُمَا حُرٌّ يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ أَعْتَقْتُكَ عَلَى اخْتِيَارِ الْعِتْقِ أَيْ اخْتَرْتُ عِتْقَكَ (وَأَمَّا الدَّلَالَةُ) فَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ أَحَدُهُمَا مِنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ أَوْ يُرْهَنَ أَحَدُهُمَا أَوْ يُؤَاجَرَ أَوْ يُكَاتَبَ أَوْ يُدَبَّرَ أَوْ يُسْتَوْلَدَ بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا بَاعَ أَحَدَهُمَا أَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ بَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا وَلَمْ يُسَلِّمْ أَوْ سَلَّمَ أَوْ سَاوَمَ أَوْ أَوْصَى بِهِ أَوْ زَوَّجَ أَحَدَهُمَا أَوْ حَلَفَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْحُرِّيَّةِ إنْ فَعَلَ شَيْئًا فَهَذَا كُلُّهُ اخْتِيَارٌ لِلْعِتْقِ فِي الْآخَرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ: لِأَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ، ثُمَّ جَامَعَ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تُعَلِّقْ لَمْ تُعْتَقَ الْأُخْرَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا لَوْ عُلِّقَتْ عَتَقَتْ الْأُخْرَى اتِّفَاقًا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَحَلَّ وَطْؤُهُمَا عَلَى مَذْهَبِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِهِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ: لِأَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا حُرٌّ فَاسْتَخْدَمَ إحْدَاهُمَا لَمْ يَكُنْ اخْتِيَارًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (وَأَمَّا الضَّرُورَةُ) فَنَحْوُ أَنْ يَمُوتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ فَيُعْتَقُ الْآخَرُ، وَكَذَا إذَا قُتِلَ أَحَدُهُمَا سَوَاءٌ قَتَلَهُ الْمَوْلَى أَوْ أَجْنَبِيٌّ غَيْرَ أَنَّ الْقَتْلَ إنْ كَانَ مِنْ الْمَوْلَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ لِلْمَوْلَى وَإِذَا اخْتَارَ الْمَوْلَى عِتْقَ الْمَقْتُولِ لَا يَرْتَفِعُ الْعِتْقُ عَنْ الْحَيِّ وَلَكِنْ قِيمَةُ الْمَقْتُولِ تَكُونُ لِوَرَثَتِهِ فَإِنْ قُطِعَتْ يَدُ أَحَدِهِمَا لَا يُعْتَقُ الْآخَرُ سَوَاءٌ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ قَطَعَ أَجْنَبِيٌّ يَدَ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ بَيَّنَ الْمَوْلَى الْعِتْقَ فَإِنْ بَيَّنَهُ فِي غَيْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَالْأَرْشُ لِلْمَوْلَى بِلَا شُبْهَةٍ، وَإِنْ بَيَّنَهُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْأَرْشَ لِلْمَوْلَى أَيْضًا وَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْأَرْشِ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ الْأَرْشَ يَكُونُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي فِيمَا إذَا قَطَعَ الْمَوْلَى، ثُمَّ بَيَّنَ الْعِتْقَ أَنَّهُ إنْ بَيَّنَهُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ يَجِبُ أَرْشُ الْأَحْرَارِ وَيَكُونُ لِلْعَبْدِ، وَإِنْ بَيَّنَهُ فِي غَيْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ: أَحَدُ هَذَيْنِ ابْنِي أَوْ إحْدَى هَاتَيْنِ أُمُّ وَلَدِي فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَتَعَيَّنْ الْقَائِمُ لِلْحُرِّيَّةِ وَالِاسْتِيلَادِ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَلَوْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا عَبْدٌ وَاحِدٌ عَتَقَ فَإِنْ قَالَ: لِي عَبْدٌ آخَرُ وَإِيَّاهُ عَنَيْتُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى أَنَّ لَهُ عَبْدًا آخَرَ وَيُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: أَحَدُ عَبْدَيَّ حُرٌّ أَوْ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا عَبْدٌ وَاحِدٌ عَتَقَ ذَلِكَ الْعَبْدُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَقِيلَ لَهُ أَيُّهُمَا نَوَيْتَ فَقَالَ: لَمْ أَعْنِ

هَذَا عَتَقَ الْآخَرُ فَإِنْ قَالَ: بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ أَعْنِ هَذَا عَتَقَ الْأَوَّلُ أَيْضًا، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ ثَلَاثُ أَعْبُدٍ فَقَالَ: هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا وَهَذَا عَتَقَ الثَّالِثُ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَلَوْ قَالَ هَذَا حُرٌّ وَهَذَا أَوْ هَذَا عَتَقَ الْأَوَّلُ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ فِي الْآخَرَيْنِ. وَلَوْ اخْتَلَطَ حُرٌّ بِعَبْدٍ كَرَجُلٍ لَهُ عَبْدٌ فَاخْتَلَطَ بِحُرٍّ، ثُمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ: أَنَا حُرٌّ وَالْمَوْلَى، يَقُولُ أَحَدُكُمَا عَبْدِي كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ حُرٌّ فَإِنْ حَلَفَ لِأَحَدِهِمَا وَنَكَلَ لِلْآخَرِ فَاَلَّذِي نَكَلَ لَهُ حُرٌّ دُونَ الْآخَرِ، وَإِنْ نَكَلَ لَهُمَا فَهُمَا حُرَّانِ، وَإِنْ حَلَفَ لَهُمَا فَقَدْ اخْتَلَطَ الْأَمْرُ، فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالِاحْتِيَاطِ وَيُعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَنِصْفُهُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُهُ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا عَشَرَةً فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَبَيْنَ مَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ كَالْبَهِيمَةِ وَالْحَائِطِ وَقَالَ: عَبْدِي حُرٌّ وَهَذَا أَوْ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ عَتَقَ عَبْدُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ لَمْ يُعْتَقْ عَبْدُهُ إجْمَاعًا إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَكَذَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ أَمَةٍ حَيَّةٍ وَأَمَةٍ مَيِّتَةٍ فَقَالَ: أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ هَذِهِ أَوْ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ لَمْ تُعْتَقْ أَمَتُهُ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَحُرٍّ فَقَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ لَا يُعْتَقُ عَبْدُهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - إذَا قَالَ: أَمَةٌ وَعَبْدٌ مِنْ رَقِيقِي حُرَّانِ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى مَاتَ وَلَهُ عَبْدَانِ وَأَمَةٌ عَتَقَتْ الْأَمَةُ، وَمِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ نِصْفُهُ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي نِصْفِهِ وَلَوْ كَانَ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ وَأَمَةٌ عَتَقَتْ الْأَمَةُ، وَمِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبِيدِ ثُلُثُهُ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ثُلُثَيْهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ، وَثَلَاثُ إمَاءٍ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ الثُّلُثُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْبَاقِي، وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ وَأَمَتَانِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ أَمَةٍ نِصْفُهَا وَسَعَتْ فِي النِّصْفِ وَعَتَقَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ ثُلُثُهُ وَسَعَى فِي الثُّلُثَيْنِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يُخَرَّجُ جِنْسُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ لِعَبْدَيْهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ لَا يَنْوِي أَحَدَهُمَا بِعَيْنِيِّهِ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَا يَقُومُ الْوَارِثُ مَقَامَهُ فِي الْبَيَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ لَهُ ثَلَاثُ أَعْبُدٍ دَخَلَ عَلَيْهِ اثْنَانِ فَقَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ، ثُمَّ خَرَجَ أَحَدُهُمَا وَدَخَلَ عَلَيْهِ الثَّالِثُ، فَقَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَمَا دَامَ حَيًّا يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ، فَإِنْ عَنَى بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ الثَّابِتَ عَتَقَ الثَّابِتُ، وَبَطَلَ الْكَلَامُ الثَّانِي، وَإِنْ عَنَى بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ الْخَارِجَ عَتَقَ الْخَارِجُ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ، وَيُؤْمَرُ بِبَيَانِ الْكَلَامِ الثَّانِي هَذَا إذَا بَدَأَ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ فَإِنْ بَدَأَ بِالْكَلَامِ الثَّانِي، وَقَالَ: عَنَيْتُ بِهِ الثَّابِتَ عَتَقَ الْخَارِجُ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ وَلَا يَبْطُلُ الْإِيجَابُ، وَإِنْ قَالَ: عَنَيْتُ بِالْكَلَامِ الثَّانِي الدَّاخِلَ عَتَقَ الدَّاخِلُ، وَيُؤْمَرُ بِبَيَانِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَوْلَى شَيْئًا، وَمَاتَ أَحَدُهُمْ فَالْمَوْتُ بَيَانٌ أَيْضًا فَإِنْ مَاتَ الْخَارِجُ يُعْتَقُ الثَّابِتُ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ، وَبَطَلَ الْإِيجَابُ الثَّانِي، وَإِنْ مَاتَ الثَّابِتُ يُعْتَقُ الْخَارِجُ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ، وَالدَّاخِلُ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي، وَإِنْ مَاتَ الدَّاخِلُ خُيِّرَ فِي الْإِيجَاب الْأَوَّلِ فَإِنْ عَنَى بِهِ الْخَارِجَ يُعْتَقُ الثَّابِتُ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي. وَإِنْ عَنَى بِهِ الثَّابِتَ بَطَلَ الْإِيجَابُ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَكِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْبَيَانِ شَاعَ الْعِتْقُ بَيْنَهُمْ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ، فَيُعْتَقُ مِنْ الْخَارِجِ نِصْفُهُ، وَمِنْ الدَّاخِلِ وَمِنْ الثَّابِتِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ مِنْهُ فِي الْمَرَضِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يُخْرِجُ قَدْرَ الْعِتْقِ مِنْ الثُّلُثِ وَذَلِكَ رَقَبَةٌ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ رَقَبَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ لَمْ يُخْرِجْ وَلَكِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَالْجَوَابُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَى الْعَبِيدِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ كَمَا وَصَفْنَا وَبَيَانُهُ أَنْ يُقَالَ: حَقُّ الْخَارِجِ فِي النِّصْفِ وَحَقُّ

الثَّابِتِ فِي ثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ وَحَقُّ الدَّاخِلِ فِي النِّصْفِ أَيْضًا فَيَحْتَاجُ إلَى مُخْرِجٍ لَهُ نِصْفٌ، وَرُبْعٌ وَأَقَلُّهُ أَرْبَعَةٌ، فَحَقُّ الْخَارِجِ فِي سَهْمَيْنِ وَحَقُّ الثَّابِتِ فِي ثَلَاثَةٍ، وَحَقُّ الدَّاخِلِ فِي سَهْمَيْنِ فَبَلَغَتْ سِهَامُ الْعِتْقِ سَبْعَةٌ فَيُجْعَلُ ثُلُثُ الْمَالِ سَبْعَةٌ وَإِذَا صَارَ ثُلُثُ الْمَالِ سَبْعَةً صَارَ ثُلُثَا الْمَالِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَهِيَ سِهَامُ السِّعَايَةِ وَصَارَ جَمِيعُ الْمَالِ أَحَدًا وَعِشْرِينَ، وَمَالُهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ فَيَصِيرُ كُلُّ عَبْدٍ سَبْعَةً فَيُعْتَقُ مِنْ الْخَارِجِ سَهْمَانِ وَيَسْعَى فِي خَمْسَةٍ وَيُعْتَقُ مِنْ الدَّاخِلِ سَهْمَانِ وَيَسْعَى فِي خَمْسَةٍ، وَيُعْتَقُ مِنْ الثَّابِتِ ثَلَاثَةً وَيَسْعَى فِي أَرْبَعَةٍ فَبَلَغَتْ سِهَامُ الْوَصَايَا سَبْعَةٌ وَسِهَامُ السِّعَايَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ: سَالِمٌ وَبُزَيْغٌ، وَمُبَارَكٌ، فَقَالَ فِي صِحَّتِهِ: سَالِمٌ حُرٌّ أَوْ سَالِمٌ وَبُزَيْغٌ حُرَّانِ أَوْ سَالِمٌ وَبُزَيْغٌ وَمُبَارَكٌ أَحْرَارٌ فَإِنْ أَوْقَعَ عَلَى سَالِمٍ عَتَقَ وَحْدَهُ، وَإِنْ أَوْقَعَ عَلَى بُزَيْغٍ عَتَقَ سَالِمٌ وَإِنْ أَوْقَعَ عَلَى مُبَارَكٍ عَتَقُوا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: اخْتَرْتُ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى مَاتَ لَا يُخَيَّرْ الْوَارِثُ، فَنَقُولُ عَتَقَ كُلُّ سَالِمٍ وَنِصْفُ بُزَيْغٍ وَثُلُثُ مُبَارَكٍ؛ لِأَنَّ أَحْوَالَ الْإِصَابَةِ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ، وَأَحْوَالَ الْحِرْمَانِ أَحْوَالٌ، وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمَرَضِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ حَتَّى يُخْرِجَ رَقَبَةً، وَخَمْسَةَ أَسْدَاسِ رَقَبَةٍ مِنْ ثُلُثِهِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا ضُرِبُوا بِقَدْرِ حُقُوقِهِمْ فِي الثُّلُثِ وَطَرِيقُهُ أَنْ يَجْعَلَ ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ عَلَى سِتَّةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى النِّصْفِ وَالثُّلُثِ فَيُضْرَبُ سَالِمٌ فِي كُلِّهِ سِتَّةٌ وَبُزَيْغٌ فِي نِصْفِهِ ثَلَاثَةٌ، وَمُبَارَكٌ فِي ثُلُثِهِ اثْنَانِ فَيَصِيرُ أَحَدَ عَشَرَ فَيُجْعَلُ ثُلُثُ الْمَالِ أَحَدَ عَشَرَ وَثُلُثَا الْمَالِ ضِعْفَ ذَلِكَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ فَيَصِيرُ جَمِيعُ الْمَالِ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَمَا لَنَا ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ فَصَارَ كُلُّ عَبْدٍ أَحَدَ عَشَرَ، يُعْتَقُ مِنْ سَالِمٍ سِتَّةٌ، وَيَسْعَى فِي خَمْسَةٍ، وَمِنْ بُزَيْغٍ ثَلَاثَةٌ وَيَسْعَى فِي ثَمَانِيَةٍ، وَمِنْ مُبَارَكٍ سَهْمَانِ وَيَسْعَى فِي تِسْعَةٍ فَبَلَغَ سِهَامُ الْوَصَايَا أَحَدَ عَشَرَ وَسِهَامُ السِّعَايَةِ ضِعْفَ ذَلِكَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَلَوْ قَالَ: سَالِمٌ حُرٌّ أَوْ بُزَيْغٌ وَسَالِمٌ حُرَّانِ أَوْ مُبَارَكٌ وَسَالِمٌ حُرَّانِ يُخَيَّرُ، وَقِيلَ لَهُ أُوقِعْ عَلَى أَيِّهِمْ شِئْتَ فَعَلَى أَيِّهِمْ أَوْقَعَ عَتَقَ مَنْ تَنَاوَلَهُ ذَلِكَ الْإِيجَابُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ كُلُّ سَالِمٍ وَثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمَرَضِ، وَيُخْرِجُ رَقَبَةً وَثُلُثَا رَقَبَةٍ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ لَمْ يُخْرِجْ، وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا يُضَارِبُوا بِحُقُوقِهِمْ فِي الثُّلُثِ فَحَقُّ سَالِمٍ فِي كُلِّ الرَّقَبَةِ وَحَقُّ بُزَيْغٍ فِي ثُلُثِهِ، وَكَذَا حَقُّ مُبَارَكٍ وَأَقَلُّ حِسَابٍ لَهُ ثُلُثُ ثَلَاثَةٍ فَصَارَ حَقُّ سَالِمٍ فِي ثَلَاثَةٍ وَحَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي سَهْمٍ فَبَلَغَتْ سِهَامُ الْعِتْقِ خَمْسَةٌ فَهِيَ ثُلُثُ الْمَالِ، وَالْمَالُ كُلُّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ كُلُّ رَقَبَةٍ خَمْسَةٌ يُعْتَقُ مِنْ سَالِمٍ ثَلَاثَةٌ وَيَسْعَى فِي سَهْمَيْنِ وَمِنْ بُزَيْغٍ سَهْمٌ وَيَسْعَى فِي أَرْبَعَةٍ، وَكَذَا مُبَارَكٌ فَبَلَغَتْ سِهَامُ الْعِتْقِ خَمْسَةٌ، وَسِهَامُ السِّعَايَةِ عَشَرَةٌ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: سَالِمٌ حُرٌّ أَوْ بُزَيْغٌ وَسَالِمٌ أَوْ مُبَارَكٌ وَسَالِمٌ قُدِّرَ الْخَبَرُ مَعَادًا بَعْدَ اسْمٍ أَوْ وَهُوَ بُزَيْغٌ وَمُبَارَكٌ وَكَانَتْ إيجَابَاتٍ مُخْتَلِفَةً وَكَلِمَةٌ فِي الْإِيجَابَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ تُوجِبُ التَّخْيِيرَ فَسَالِمٌ يُعْتَقُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ بُزَيْغٍ وَمُبَارَكٍ يُعْتَقُ فِي حَالٍ وَلَا يُعْتَقُ فِي حَالَيْنِ فَيُعْتَقُ سَالِمٌ وَثُلُثُ الْآخَرَيْنِ وَقِيلَ سَالِمٌ ثَانِيًا مُبْتَدَأٌ وَآخَرُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ فَيُعْتَقُ هُوَ بِهِ وَالْآخَرَانِ بِالتَّعْيِينِ لَكِنَّ جَوَازَ الْعِتْقِ قَبْلَ الْعَطْفِ يَمْنَعُ الْعِتْقَ بِهِ وَلَوْ قَالَ: سَالِمٌ حُرٌّ أَوْ سَالِمٌ وَبُزَيْغٌ أَوْ سَالِمٌ وَمُبَارَكٌ عَتَقُوا؛ لِأَنَّ أَوْ لَغَتْ لِاتِّحَادِ الِاسْمِ وَالْخَبَرِ لَكِنَّهُ كَالسُّكُوتِ لَا يَمْنَعُ الْعَطْفَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمَذْكُورَ هُنَا قَوْلُهُمَا أَمَّا عِنْدَهُ فَلَا يُعْتَقُ بُزَيْغٌ وَمُبَارَكٌ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ وَلَوْ قَالَ لِسَالِمٍ وَبُزَيْغٍ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ أَوْ سَالِمٌ عَتَقَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ سَالِمٍ وَرُبْعُ بُزَيْغٍ وَلَوْ قَالَ: سَالِمٌ حُرٌّ أَوْ بُزَيْغٌ أَوْ سَالِمٌ عَتَقَ نِصْفُهُمَا؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ عَيَّنَ الْأَوَّلَ فَلَغَا، كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. رَجُلٌ لَهُ أَرْبَعَةُ عَبِيدٍ سَالِمٌ وَبُزَيْغٍ وَفَرْقَدٌ وَمُبَارَكٌ

وَقِيمَتَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ فَقَالَ: فِي صِحَّتِهِ سَالِمٌ وَبُزَيْغٌ حُرَّانِ أَوْ بُزَيْغٌ وَفَرْقَدٌ حُرَّانِ أَوْ فَرْقَدٌ وَمُبَارَكٌ حُرَّانِ صَحَّ الْإِيجَابَاتُ الثَّلَاثُ، فَيُجِيزُ الْمَوْلَى فَأَيُّ إيجَابٍ اخْتَارَ يُعْتَقُ مَنْ تَنَاوَلَهُ ذَلِكَ الْإِيجَابُ، وَبَطَلَ الْبَاقِي، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ مِنْ سَالِمٍ ثُلُثُهُ، وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْهِ، وَكَذَلِكَ مُبَارَكٌ وَأَمَّا بُزَيْغٌ فَيُعْتَقُ فِي حَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ الْإِيجَابَيْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَيُعْتَقُ ثُلُثَاهُ وَيَسْعَى فِي ثُلُثِهِ، وَكَذَلِكَ فَرْقَدٌ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ الْإِيجَابِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَأَحْوَالُ الْإِصَابَةِ أَحْوَالٌ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ، وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمَرَضِ وَخَرَجُوا مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَمْ يَخْرُجُوا وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَخْرُجُوا وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ قُسِّمَ الثُّلُثُ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ فَحَقُّ سَالِمٍ فِي سَهْمٍ، وَكَذَلِكَ حَقُّ مُبَارَكٍ وَحَقُّ بُزَيْغٍ وَفَرْقَدٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي سَهْمَيْنِ. وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ عَلَى السَّوَاءِ سَالِمٌ أَوْ بُزَيْغٌ حُرٌّ أَوْ بُزَيْغٌ وَمُبَارَكٌ حُرَّانِ، يُخَيَّرُ فَأَيُّ إيجَابٍ اخْتَارَ عَتَقَ مَنْ تَنَاوَلَهُ ذَلِكَ الْإِيجَابُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ مِنْ سَالِمٍ ثُلُثُهُ، وَكَذَلِكَ مُبَارَكٌ وَيَعْتِقُ مِنْ بُزَيْغٍ ثُلُثَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمْ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ قُسِّمَ الثُّلُثُ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ. وَلَوْ قَالَ لِاثْنَيْنِ سَالِمٌ حُرٌّ أَوْ بُزَيْغٌ حُرٌّ أَوْ هُمَا حُرَّانِ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمَا فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ: سَالِمٌ حُرٌّ أَوْ بُزَيْغٌ حُرٌّ أَوْ مُبَارَكٌ أَوْ بُزَيْغٌ وَسَالِمٌ أَحْرَارٌ يُخَيِّرُ فَأَيُّ إيجَابٍ اخْتَارَ عَتَقَ مَنْ تَنَاوَلَهُ ذَلِكَ الْإِيجَابُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ مِنْ مُبَارَكٍ ثُلُثُهُ، وَعَتَقَ مِنْ سَالِمٍ وَبُزَيْغٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ آخَرُ سِوَاهُمْ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ قُسِّمَ الثُّلُثُ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ، كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ، فَقَالَ سَالِمٌ حُرٌّ أَوْ سَالِمٌ وَبُزَيْغٌ حُرَّانِ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ عَتَقَ كُلُّ سَالِمٍ وَنِصْفُ بُزَيْغٍ، وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمَرَضِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا ضُرِبَا فِي الثُّلُثِ بِقَدْرِ حَقِّهِمَا وَحَقِّ سَالِمٍ فِي الرَّقَبَةِ وَحَقِّ بُزَيْغٍ فِي نِصْفِهِ فَصَارَ حَقُّ سَالِمٍ فِي سَهْمَيْنِ وَحَقُّ بُزَيْغٍ فِي سَهْمٍ، فَصَارَ ثَلَاثَةً فَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ وَجَمِيعُ الْمَالِ تِسْعَةٌ كُلُّ رَقَبَةٍ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ عَتَقَ مِنْ سَالِمٍ سَهْمَانِ، وَيَسْعَى فِي سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ وَمِنْ بُزَيْغٍ سَهْمٌ، وَيَسْعَى فِي ثَلَاثَةٍ وَنِصْفٍ، كَذَا فِي شَرْح الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَإِنْ قَالَ: لِثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَحَدُكُمَا لِغَيْرِهِ أَوْ أَحَدُكُمْ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ أَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ الْأَوَّلِ، وَتُسْعَانِ وَنِصْفٌ مِنْ الْآخَرَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَحَدُكُمَا وَهُوَ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُكُمْ عَتَقَ خَمْسَةُ أَتْسَاعِ الْأَوَّلِ، وَنِصْفُ تُسْعِهِ وَتُسْعَا الثَّانِي، وَنِصْفُ تِسْعَةٍ وَتُسْعُ الثَّالِثِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَنْتَ لِغَيْرِهِ أَوْ أَحَدُكُمْ عَتَقَ أَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ كُلٍّ وَتُسْعُ الثَّالِثِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ يَا سَالِمُ حُرٌّ، وَأَنْتَ يَا بُزَيْغُ حُرٌّ أَوْ أَنْتَ يَا مُبَارَكُ حُرٌّ يُخَيَّرُ فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ سَالِمٍ وَبُزَيْغٍ وَقَالَ: أَحَدُكُمَا عَبْدٌ خَرَجَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْبَيْنِ وَبَقِيَ الْعِتْقُ دَائِرًا بَيْنَ مُبَارَكٍ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا يُبَيِّنُ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ مِنْ مُبَارَكٍ نِصْفُهُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ سَالِمٍ وَبُزَيْغٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ الرُّبْعُ لِاسْتِوَائِهِمَا. وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّ قَوْلَهُ: أَحَدُكُمَا عَبْدٌ لَغْوٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدُكُمَا عَبْدٌ، وَلَكِنْ قَالَ: أَحَدُكُمَا مُدَبَّرٌ صَارَ أَحَدُهُمَا مُدَبَّرًا وَالْعِتْقُ الْبَاتُّ يَكُونُ دَائِرًا بَيْنَ أَحَدِهِمَا وَبَيْنَ مُبَارَكٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ نِصْفُ مُبَارَكٍ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَمِنْ سَالِمٍ وَبُزَيْغٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ الرُّبْعُ بِالْإِيجَابِ الْبَاتِّ وَصَارَ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مُدَبَّرًا أَيْضًا وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ آخَرُ يُخْرِجُ رَقَبَةً مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الرُّبْعِ بِالْعِتْقِ الْبَاتِّ وَالنِّصْفُ بِالتَّدْبِيرِ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي رُبْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ آخَرُ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَمَالُ الْمَيِّتِ عِنْدَ الْمَوْتِ رَقَبَتَانِ فَثُلُثُهُ ثُلُثَا الرَّقَبَةِ بَيْنَهُمَا مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ الثُّلُثُ فَيُحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَرُبْعٌ وَأَقَلُّهُ اثْنَا عَشَرَ جَعَلْنَا كُلَّ عَبْدٍ اثْنَيْ عَشَرَ عَتَقَ مِنْ مُبَارَكٍ نِصْفُهُ سِتَّةٌ بِالْإِيجَابِ الْبَاتِّ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَهُوَ سِتَّةٌ وَمِنْ سَالِمٍ وَبُزَيْغٍ مِنْ

الأحكام المتعلقة بالعتق ضربان

كُلِّ وَاحِدٍ الرُّبْعُ بِالْإِيجَابِ الْبَاتِّ ثَلَاثَةٌ وَالثُّلُثُ بِالتَّدْبِيرِ أَرْبَعَةٌ، وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي خَمْسَةٍ فَبَلَغَتْ سِهَامُ الْوَصَايَا ثَمَانِيَةٌ وَسِهَامُ السِّعَايَةِ سِتَّةَ عَشَرَ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ سَالِمٍ وَبُزَيْغٍ فَقَالَ: اخْتَرْتُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُكُمَا عَبْدًا ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ بُزَيْغٍ وَمُبَارَكٍ، فَقَالَ: اخْتَرْتُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُكُمَا عَبْدًا، وَمَاتَ بَطَلَ اخْتِيَارُهُ الْأَوَّلُ فَكَانَ الْعِتْقُ دَائِرًا بَيْنَ سَالِمٍ وَأَحَدِهِمَا فَأَصَابَ سَالِمًا نِصْفُهُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. وَإِنْ قَالَ لِأَرْبَعَةٍ: أَحَدُكُمْ حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ لِسَالِمٍ وَبُزَيْغٍ: أَحَدُكُمَا عَبْدٌ، ثُمَّ قَالَ لَبِزَيْغِ وَفَرْقَدٍ: أَحَدُكُمَا عَبْدٌ، ثُمَّ قَالَ لِفَرْقَدٍ وَمُبَارَكٍ: أَحَدُكُمَا عَبْدٌ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَالِاخْتِيَارُ الْأَخِيرُ نَاسِخٌ لِمَا قَبْلَهُ وَخَرَجَ مِنْ فَرْقَدٍ وَمُبَارَكٍ أَحَدُهُمَا مِنْ الْبَيْنِ وَدَارَ الْعِتْقُ بَيْنَ سَالِمٍ وَبُزَيْغٍ وَأَحَدُ الْآخَرَيْنِ فَعَتَقَ ثُلُثُ سَالِمٍ وَثُلُثُ بُزَيْغٍ وَسُدُسُ فَرْقَدٍ وَسُدُسُ مُبَارَكٍ، وَصَارَ كُلُّ عَبْدٍ سِتَّةٌ. وَلَوْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ لِامْرَأَتِهِ وَعَبْدِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ هُوَ حُرٌّ، وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا وَمَاتَ بِلَا بَيَانِ عَتَقَ نِصْفُ الْعَبْدِ وَسَعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَلَهَا كُلُّ الْمَهْرِ وَالْإِرْثِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لِسَالِمٍ وَبُزَيْغٍ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ أَوْ سَالِمٌ حُرٌّ يُقَالُ لَهُ أَوْقِعْ فَإِنْ اخْتَارَ الْإِيجَابَ الْأَوَّلَ يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ ثَانِيًا فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ سَالِمٍ وَرُبْعُ بُزَيْغٍ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا ضَرَبَا بِحَقِّهِمَا فِي الثُّلُثِ وَحَقِّ أَحَدِهِمَا فِي ثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ، وَحَقِّ الْآخَرِ فِي الرُّبْعِ فَاجْعَلْ كُلَّ رُبْعٍ سَهْمًا فَصَارَ حَقُّ أَحَدِهِمَا فِي ثَلَاثَةٍ وَحَقُّ الْآخَرِ فِي سَهْمٍ فَيَصِيرُ أَرْبَعَةً فَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ، وَجَمِيعُ الْمَالِ اثْنَا عَشَرَ كُلُّ رَقَبَةٍ سِتَّةٌ فَعَتَقَ مِنْ سَالِمٍ ثُلُثُهُ، وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْهِ وَمِنْ بُزَيْغٍ سَهْمٌ وَيَسْعَى فِي خَمْسَةٍ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَإِنْ أَضَافَ صِيغَةَ الْعَتَاقِ إلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، ثُمَّ نَسَبَهُ بِلَا خِلَافٍ فِي أَنَّ أَحَدَهُمَا حُرٌّ قَبْلَ الْبَيَانِ [الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعِتْقِ ضَرْبَانِ] (وَالْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ ضَرْبَانِ) : ضَرْبٌ يَتَعَلَّقُ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمَوْلَى، وَضَرْبٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَأَمَّا الْأَوَّلُ: فَنَقُولُ إذَا أَعْتَقَ إحْدَى جَارِيَتَيْهِ بِعَيْنِهَا، ثُمَّ نَسِيَهَا أَوْ أَعْتَقَ إحْدَى جَوَارِيهِ الْعَشْرِ بِعَيْنِهَا، ثُمَّ نَسِيَ الْمُعْتَقَةَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهِنَّ وَاسْتِخْدَامِهِنَّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَطَأَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِالتَّحَرِّي وَالْحِيلَةِ فِي أَنْ يُبَاحَ لَهُ وَطْؤُهُنَّ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهِنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ، فَتَحِلُّ لَهُ الْحُرَّةُ مِنْهُنَّ بِالنِّكَاحِ، وَالرَّقِيقَةُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَلَوْ خَاصَمَ الْعَبْدَانِ الْمَوْلَى إلَى الْقَاضِي وَطَلَبَا مِنْهُ الْبَيَانَ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِالْبَيَانِ وَلَوْ امْتَنَعَ حَبَسَهُ لِيُبَيِّنَ، كَذَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ. وَلَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْحُرُّ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَجَحَدَ الْمَوْلَى وَطَلَبَا يَمِينَهُ اسْتَحْلَفَهُ الْقَاضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَعْتَقْتُهُ، ثُمَّ إنْ نَكَلَ لَهُمَا عَتَقَا، وَإِنْ حَلَفَ لَهُمَا يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ الْمَوْلَى لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ فِي الْجَهَالَةِ الطَّارِئَةِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ، ثُمَّ الْبَيَانُ فِي هَذِهِ الْجَهَالَةِ نَوْعَانِ: نَصٌّ وَدَلَالَةٌ أَوْ ضَرُورَةٌ، أَمَّا النَّصُّ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْمَوْلَى لِأَحَدِهِمَا عَيْنًا: هَذَا الَّذِي كُنْتُ أَعْتَقْتُهُ وَنَسِيتُ، وَأَمَّا الدَّلَالَةُ أَوْ الضَّرُورَةُ فَهِيَ أَنْ يَفْعَلَ أَوْ يَقُولَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَيَانِ نَحْوَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي أَحَدِهِمَا تَصَرُّفًا لَا صِحَّةَ لَهُ بِدُونِ الْمِلْكِ مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْإِيجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ إذَا كَانَتَا جَارِيَتَيْنِ، وَإِنْ كُنَّ عَشْرًا فَوَطِئَ إحْدَاهُنَّ تَعَيَّنَتْ الْمَوْطُوءَةُ لِلرِّقِّ وَتَعَيَّنَتْ الْبَاقِيَاتُ لِكَوْنِ الْمُعْتَقَةِ فِيهِنَّ دَلَالَةً أَوْ ضَرُورَةً فَتَعَيَّنَ بِالْبَيَانِ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً، وَكَذَا لَوْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ إلَى التَّاسِعَةِ فَتَعَيَّنَ الْبَاقِيَةُ وَهِيَ الْعَاشِرَةُ لِلْعِتْقِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يَطَأَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَلَوْ أَنَّهُ وَطِئَ فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَا وَلَوْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ قَبْلَ الْبَيَانِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يَطَأَ الْبَاقِيَاتِ قَبْلَ الْبَيَانِ فَلَوْ أَنَّهُ وَطِئَهُنَّ قَبْلَ الْبَيَانِ جَازَ، وَلَوْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا لَا تَتَعَيَّنُ الْبَاقِيَةُ لِلْعِتْقِ، وَتَوَقَّفَ تَعَيُّنَهَا لِلْعِتْقِ عَلَى الْبَيَانِ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً، وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى: هَذَا مَمْلُوكِي وَأَشَارَ إلَى أَحَدِهِمَا فَتَعَيَّنَ

الْآخَرُ لِلْعِتْقِ دَلَالَةً أَوْ ضَرُورَةً، وَلَوْ كَانُوا عَشَرَةً فَبَاعَهُمْ صَفْقَةً وَاحِدَةً يُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَلَوْ بَاعَهُمْ عَلَى الِانْفِرَادِ جَازَ الْبَيْعُ فِي التِّسْعَةِ وَتَعَيَّنَ الْعَاشِرُ لِلْعِتْقِ. عَشَرَةُ نَفَرٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَارِيَةٌ فَأَعْتَقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ جَارِيَتَهُ وَلَا يُعْرَفُ الْعَيْنُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَطَأَ جَارِيَتَهُ وَأَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ وَلَوْ دَخَلَ الْكُلُّ فِي مِلْكِ أَحَدِهِمْ صَارَ كَأَنَّ الْكُلَّ كُنَّ فِي مِلْكِهِ فَأَعْتَقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، ثُمَّ جَهِلَهَا، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ أَنَّ الْمَوْلَى إذَا مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ مَجَّانًا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَنِصْفُهُ بِالْقِيمَةِ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْجَهَالَةِ الْأَصْلِيَّةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الَّذِي هُوَ قَدِيمُ الصُّحْبَةِ تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ أَنْ تَكُونَ صُحْبَتُهُ سَنَةً، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدُ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ حَمْلُكِ فَمَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَعَتَقَ نِصْفُ الْأُمِّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَأَنْت حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً وَلَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا أَوَّلُ مَعَ تَصَادُقِهِمَا بِهِ عَتَقَ نِصْفُ الْأُمِّ، وَنِصْفُ الْجَارِيَةِ وَالْغُلَامُ عَبْدٌ، وَإِنْ ادَّعَتْ الْأُمُّ أَنَّ الْغُلَامَ أَوَّلُ، وَالْبِنْتُ صَغِيرَةٌ فَأَنْكَرَ الْمَوْلَى ذَلِكَ وَقَالَ: الْبِنْتُ هِيَ الْأُولَى، فَالْقَوْلُ لِلْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ وَيَحْلِفُ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ تُعْتَقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ تُقِيمَ الْأُمُّ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا، وَإِنْ نَكَلَ عَتَقَتْ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ، وَإِنْ وُجِدَ التَّصَادُقُ بِأَوَّلِيَّةِ الْغُلَامِ تُعْتَقُ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ وَيَرِقُّ الْغُلَامُ، وَإِنْ وُجِدَ التَّصَادُقُ بِأَوَّلِيَّةِ الْبِنْتِ لَمْ يُعْتَقْ أَحَدٌ، وَإِنْ ادَّعَتْ الْأُمُّ أَوَّلِيَّةَ الْغُلَامِ وَلَمْ تَدَّعِ الْبِنْتُ شَيْئًا وَهِيَ كَبِيرَةٌ يَحْلِفُ الْمَوْلَى فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ، وَإِنْ نَكَلَ عَتَقَتْ الْأُمُّ دُونَ الْبِنْتِ، وَإِنْ ادَّعَتْ الْبِنْتُ وَهِيَ كَبِيرَةٌ أَوَّلِيَّةَ الْغُلَامِ دُونَ الْأُمِّ تُعْتَقُ الْبِنْتُ دُونَ الْأُمِّ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَهُوَ حُرٌّ وَلَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَأَنْت حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ غُلَامَيْنِ وَجَارِيَتَيْنِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْغُلَامَ أَوَّلُ مَا وَلَدَتْ فَهُوَ حُرٌّ، وَالْبَاقُونَ أَرِقَّاءُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْجَارِيَةَ أَوَّلُ مَا وَلَدَتْ فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ، وَالْبَاقُونَ مَعَ الْأُمِّ أَحْرَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَيُّهُمْ أَوَّلُ يُعْتِقُ مِنْ الْأُمِّ نِصْفُهَا وَيُعْتِقُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُلَامَيْنِ، وَيَسْعَى فِي رُبْعِ قِيمَتِهِ وَيُعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجَارِيَتَيْنِ رُبْعُهَا وَتَسْعَى كُلُّ وَاحِدَةٍ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْقِيمَةِ وَإِنْ تَصَادَقَ الْأُمُّ وَالْمَوْلَى عَلَى أَنَّ هَذَا الْغُلَامَ أَوَّلُ عَتَقَ مَا تَصَادَقَا عَلَيْهِ، وَالْبَاقُونَ أَرِقَّاءُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ وَإِنَّمَا يُسْتَحْلَفُ عَلَى الْعِلْمِ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا. وَإِذَا قَالَ لَهَا: إنْ كَانَ حَمْلُكِ غُلَامًا فَأَنْت حُرَّةٌ فَإِنْ كَانَ جَارِيَةً فَهِيَ حُرَّةٌ فَكَانَ حَمْلُهَا غُلَامًا وَجَارِيَةً لَمْ يُعْتَقْ أَحَدٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِكِ، وَلَوْ قَالَ فِي الْكَلَامَيْنِ إنْ كَانَ فِي بَطْنِكَ عَتَقَ الْجَارِيَةُ وَالْغُلَامُ، وَإِذَا قَالَ: إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَأَنْت حُرَّةٌ، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَهِيَ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْهُمَا جَمِيعًا فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْغُلَامَ أَوَّلُ عَتَقَتْ هِيَ مَعَ ابْنَتِهَا وَالْغُلَامُ رَقِيقٌ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْجَارِيَةَ وُلِدَتْ أَوَّلًا عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ، وَالْأُمُّ مَعَ الْغُلَامِ رَقِيقَانِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَاتَّفَقَ الْأُمُّ وَالْمَوْلَى عَلَى شَيْءٍ فَكَذَلِكَ قَالَا لَا نَدْرِي فَالْغُلَامُ رَقِيقٌ وَالِابْنَةُ حُرَّةٌ وَيُعْتَقُ نِصْفُ الْأُمِّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ ادَّعَتْ الْأُمُّ سَبْقَ الْغُلَامِ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْلَى مَعَ الْيَمِينِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ وَلَدْتِ غُلَامًا، ثُمَّ جَارِيَةً فَأَنْت حُرَّةٌ، وَإِنْ وَلَدْتِ جَارِيَةً، ثُمَّ غُلَامًا فَالْغُلَامُ حُرٌّ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً فَإِنْ كَانَ الْغُلَامُ أَوَّلًا عَتَقَتْ الْأُمُّ، وَالْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ رَقِيقَانِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ أَوَّلَ عَتَقَ الْغُلَامُ، وَالْأُمُّ وَالْجَارِيَةُ رَقِيقَانِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَيُّهُمَا أَوَّلُ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ فَالْجَارِيَةُ رَقِيقَةٌ، وَأَمَّا الْغُلَامُ وَالْأُمُّ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ، هَذَا إذَا وَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً، فَأَمَّا إذَا وَلَدَتْ غُلَامَيْنِ وَجَارِيَتَيْنِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامَيْنِ، ثُمَّ جَارِيَتَيْنِ عَتَقَتْ الْأُمُّ، وَعَتَقَتْ

الْجَارِيَةُ الثَّانِيَةُ بِعِتْقِهَا، وَبَقِيَ الْغُلَامَانِ وَالْجَارِيَةُ الْأُولَى أَرِقَّاءَ، وَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا، ثُمَّ جَارِيَتَيْنِ، ثُمَّ غُلَامًا عَتَقَتْ الْأُمُّ وَالْجَارِيَةُ الثَّانِيَةُ وَالْغُلَامُ الثَّانِي بِعِتْقِ الْأُمِّ وَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا، ثُمَّ جَارِيَةً، ثُمَّ غُلَامًا، ثُمَّ جَارِيَةً عَتَقَتْ الْأُمُّ، وَالْغُلَامُ الثَّانِي وَالْجَارِيَةُ الثَّانِيَةُ بِعِتْقِ الْأُمِّ وَبَقِيَ الْغُلَامُ الْأَوَّلُ وَالْجَارِيَةُ الْأُولَى أَرِقَّاءَ، وَإِنْ وَلَدَتْ جَارِيَتَيْنِ، ثُمَّ غُلَامَيْنِ عَتَقَ الْغُلَامُ الْأَوَّلُ لَا غَيْرُ وَبَقِيَ مَنْ سِوَاهُ رَقِيقًا، وَكَذَلِكَ إذَا وَلَدَتْ جَارِيَةً، ثُمَّ غُلَامَيْنِ، ثُمَّ جَارِيَةً عَتَقَ الْغُلَامُ الْأَوَّلُ لَا غَيْرُ، وَكَذَلِكَ إذَا وَلَدَتْ جَارِيَةً، ثُمَّ غُلَامًا، ثُمَّ جَارِيَةً، ثُمَّ غُلَامًا عَتَقَ الْغُلَامُ الْأَوَّلُ لَا غَيْرُ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ فَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ الْأَوَّلُ يُعْتَقُ مِنْ الْأَوْلَادِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ رُبْعُهُ، وَأَمَّا الْأُمُّ فَيُعْتَقُ مِنْهَا نِصْفُهَا وَتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ مَيِّتًا، ثُمَّ حَيًّا عَتَقَ الْحَيُّ، وَلَوْ قَالَ: فَأَنْتِ حُرَّةٌ مَعَ ذَلِكَ عَتَقَتْ بِالْمَيِّتَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَمَتَيْنِ لَهُ: مَا فِي بَطْنِ إحْدَاكُمَا حُرٌّ فَلَهُ أَنْ يُوقِعَ الْعِتْقَ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ إحْدَاهُمَا رَجُلٌ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَكَلَّمَ بِالْعِتْقِ فَهُوَ رَقِيقٌ وَيَتَعَيَّنُ الْآخَرُ لِلْعِتْقِ وَلَوْ ضَرَبَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَطْنَ إحْدَاهُمَا وَأَلْقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ جَنِينًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَكَلَّمَ بِالْعِتْقِ كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِثْلَ مَا فِي بَطْنِ جَنِينِ الْأَمَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثِ إمَاءٍ: مَا فِي بَطْنِ هَذِهِ حُرٌّ وَمَا فِي بَطْنِ هَذِهِ أَوْ مَا فِي بَطْنِ هَذِهِ عَتَقَ مَا فِي بَطْنِ الْأُولَى، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْبَاقِيَيْنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِي غُلَامًا فَأَعْتِقُوهُ، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَأَعْتِقُوهَا، ثُمَّ مَاتَ وَكَانَ فِي بَطْنِهَا غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ فَعَلَى الْوَصِيِّ أَنْ يُعْتِقَهُمَا مِنْ ثُلُثِهِ، وَإِنْ قَالَ: إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَأَنْت حُرَّةٌ، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً ثُمَّ غُلَامًا فَهُمَا حُرَّانِ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَتَيْنِ لَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا أَوَّلُ عَتَقَ نِصْفُ الْأُمِّ، وَنِصْفُ الْغُلَامِ أَيْضًا وَيُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجَارِيَتَيْنِ رُبْعُهَا وَتَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهَا، قَالَ أَبُو عِصْمَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا غَلَطٌ بَلْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَتَسْعَى فِي الرُّبْعِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ تَكَلَّفَ لِتَصْحِيحِ جَوَابِ الْكِتَابِ وَقَالَ: إحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ مَقْصُودَةٌ بِالْعِتْقِ فِي حَالَةٍ فَلَا يُعْتَبَرُ مَعَ هَذَا جَانِبُ التَّبَعِيَّةِ فِيهَا، وَإِذَا سَقَطَ اعْتِبَارُ التَّبَعِيَّةِ فَإِحْدَاهُمَا تُعْتَقُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيُعْتَقُ نِصْفُهَا، ثُمَّ هَذَا النِّصْفُ بَيْنَهُمَا وَلَكِنَّ هَذَا يَكُونُ مُخَالِفًا فِي التَّخْرِيجِ لِلْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَالْأَصَحُّ مَا قَالَهُ أَبُو عِصْمَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ إحْدَى أَمَتَيْهِ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى شَرْطًا فِيهِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا شَهِدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ وَأَمَّا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَوْ شَهِدَا عَلَى تَدْبِيرِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ، وَأَدَاءُ الشَّهَادَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ الْوَفَاةِ تُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ شَهِدَا بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ قَالَ فِي صِحَّتِهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ قَدْ قِيلَ لَا تُقْبَلُ وَقِيلَ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْأَصَحُّ أَنْ تُقْبَلَ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ إلَّا أَنَّا نَسِينَاهُ لَمْ تُقْبَلْ، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ أَعْتَقَ عَبْدَهُ لَمْ تُقْبَلْ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَالِمًا وَلَا يَعْرِفُونَ سَالِمًا وَلَهُ عَبْدٌ وَاحِدٌ اسْمُهُ سَالِمٌ عَتَقَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ كُلُّ وَاحِدٍ اسْمُهُ سَالِمٌ وَالْمَوْلَى يَجْحَدُ لَمْ يُعْتَقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ شَهِدَا بِعِتْقِهِ وَحُكِمَ بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَا عَنْهُ فَضَمِنَا قِيمَتَهُ، ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ الْمَوْلَى كَانَ أَعْتَقَهُ بَعْدَ شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمَا الضَّمَانُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ شَهَادَتِهِمَا لَمْ تُقْبَلْ أَيْضًا وَلَمْ يَرْجِعَا بِمَا ضَمِنَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي

الباب الرابع في الحلف بالعتق

فِي الْجَامِعِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِعَبْدَيْنِ لَهُ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَحَدُكُمَا حُرٌّ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا الْيَوْمَ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ يُعْتَقُ الثَّانِي فَإِنْ قَالَ: الْمَوْلَى قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ اخْتَرْتُ أَنْ يَقَعَ الْعِتْقُ إذَا جَاءَ غَدٌ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ بِعَيْنِهِ كَانَ بَاطِلًا وَفِي الْجَامِعِ أَيْضًا إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِعَبْدَيْنِ لَهُ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَحَدُكُمَا حُرٌّ، ثُمَّ بَاعَ أَحَدَهُمَا، ثُمَّ اشْتَرَاهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ، ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ عَتَقَ أَحَدُهُمَا وَالْبَيَانُ إلَيْهِ وَلَوْ بَاعَ أَحَدَهُمَا، ثُمَّ اشْتَرَاهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ، ثُمَّ بَاعَ الْآخَرَ وَلَمْ يَشْتَرِهِ حَتَّى جَاءَ الْغَدُ عَتَقَ الَّذِي فِي مِلْكِهِ عِنْدَ مَجِيءِ الْغَدِ وَلَا يَبْطُلُ الْيَمِينُ بِالْبَيْعِ وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ عَتَقَ الْكَامِلُ وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ عَتَقَ أَحَدُهُمَا وَالْبَيَانُ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْبُدٍ أَسْوَدَانِ وَأَبْيَضَانِ فَقَالَ: هَذَانِ الْأَبْيَضَانِ حُرَّانِ أَوْ هَذَانِ الْأَسْوَدَانِ، وَكَذَا لَوْ أَضَافَهُ إلَى الْوَقْتِ بِأَنْ قَالَ: هَذَانِ الْأَبْيَضَانِ حُرَّانِ أَوْ هَذَانِ الْأَسْوَدَانِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَمَاتَ أَحَدُ الْأَبْيَضَيْنِ أَوْ بَاعَهُ، ثُمَّ جَاءَ غَدٌ عَتَقَ الْأَسْوَدَانِ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْأَبْيَضَيْنِ وَأَحَدُ الْأَسْوَدَيْنِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ وَلَوْ مَاتَ الْأَبْيَضَانِ عَتَقَ الْأَسْوَدَانِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: هَذَا حُرٌّ وَهَذَا عَتَقَا، وَلَوْ قَالَ: هَذَا هَذَا حُرٌّ عَتَقَ الثَّانِي، وَلَوْ قَالَ: هَذَا حُرٌّ هَذَا إنْ دَخَلَ الدَّارَ عَتَقَ الْأَوَّلُ فِي الْحَالِ، وَالثَّانِي عِنْدَ الشَّرْطِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ إذَا جَاءَ غَدٌ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَجَاءَ غَدٌ عَتَقَا وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَاعَهُ، ثُمَّ جَاءَ غَدٌ عَتَقَ الْبَاقِي، وَكَذَا لَوْ بَاعَ بَعْضَ أَحَدِهِمَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدَيْنِ وَحُرٍّ فَقَالَ: اثْنَانِ مِنْكُمْ حُرَّانِ يُصْرَفُ أَحَدُهُمَا إلَى الْحُرِّ، وَالْآخَرُ إلَى الْعَبْدِ فَيُعْتَقُ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ لَا غَيْرُ كَأَنَّهُ يَقُولُ: أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ حُرٌّ فَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ] ِ رَجُلٌ قَالَ: إذَا دَخَلْتُ الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَوْمَئِذٍ فَهُوَ حُرٌّ وَلَيْسَ لَهُ مَمْلُوكٌ فَاشْتَرَى مَمْلُوكًا، ثُمَّ دَخَلَ عَتَقَ، وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ عَبْدٌ فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى دَخَلَ عَتَقَ سَوَاءٌ دَخَلَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ يَوْمَئِذٍ لَا يُعْتَقُ الَّذِي مَلَكَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ فَبَاعَهُ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ يَبْطُلُ الْيَمِينُ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى اشْتَرَاهُ ثَانِيًا فَدَخَلَ الدَّارَ عَتَقَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا يَبْطُلُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَوَى خَالِدُ بْنُ صَبِيحٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ وَلَهُ عَبِيدٌ فَدَخَلَهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَجَبَ عَلَيْهِ لِكُلِّ دَخْلَةٍ عِتْقٌ يُوقِعُهُ عَلَى أَيِّهِمْ شَاءَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت حُرَّةٌ فَأَعْتَقَهَا، ثُمَّ ارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَسُبِيَتْ وَمَلَكَهَا، وَدَخَلَتْ الدَّارَ لَمْ تُعْتَقْ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرٌّ فَقَالَ: بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ دَخَلْتُ فَأَنْكَرَ الْمَوْلَى فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَإِذَا قَالَ: أَدْخُلُ الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: إذَا دَخَلْتُ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ دَخَلْتُ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْت حُرٌّ فَبَاعَهُ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارَيْنِ فَدَخَلَ إحْدَى الدَّارَيْنِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَدَخَلَ الدَّارَ الْأُخْرَى عَتَقَ عِنْدَنَا وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا يُعْتَبَرُ قِيَامُ الْمِلْكِ عِنْدَ الدُّخُولِ أَيْضًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ يَدْخُلُ عَلَيَّ فَهُوَ حُرٌّ فَأُدْخِلَ عَبْدٌ مَيِّتٌ، ثُمَّ حَيٌّ عَتَقَ الْحَيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هَذَا قَوْلُهُمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحَلِفِ بِعِتْقِ مَا فِي الْبَطْنِ، وَإِنْ أُدْخِلَ عَلَيْهِ عَبْدَانِ حَيَّانِ جَمِيعًا مَعًا لَمْ يُعْتَقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَإِنْ أُدْخِلَ بَعْدَهُمَا عَبْدٌ آخَرُ لَمْ يُعْتَقْ

كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ لَا بَلْ فُلَانٌ لِعَبْدٍ لَهُ آخَرَ لَا يَعْتِقُ الثَّانِي إلَّا بَعْدَ دُخُولِ الدَّارِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ عَلَى الْأُولَى، ثُمَّ الْأُخْرَى. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي تَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ، وَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ فَدَخَلَتْ امْرَأَتَانِ طَلُقَتَا وَلَا يُعْتَقُ إلَّا عَبْدٌ وَاحِدٌ وَإِلَيْهِ خِيَارُ التَّعْيِينِ وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلَتْ امْرَأَةٌ لِي الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ وَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ فَدَخَلَتْ امْرَأَتَانِ أَوْ وَاحِدَةٌ مَرَّتَيْنِ طَلَقَتَا وَعَتَقَ عَبْدَانِ. رَجُلٌ لَهُ جَوَارٍ وَلَهُنَّ أَوْلَادٌ وَلَهُ عَبِيدٌ فَقَالَ: كُلُّ جَارِيَةٍ لِي تَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَهِيَ حُرَّةٌ وَابْنُهَا وَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ فَدَخَلْنَ عَتَقْنَ وَأَوْلَادُهُنَّ وَعَبْدٌ وَاحِدٌ، ثُمَّ لَا يُعْتَقُ لِكُلِّ جَارِيَةٍ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ وَلَوْ كَانَ الْعَبِيدُ أَزْوَاجًا لِلْإِمَاءِ، فَقَالَ: كُلُّ جَارِيَةٍ لِي تَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَهِيَ حُرَّةٌ وَزَوْجُهَا، وَوَلَدُهَا فَدَخَلْنَ عَتَقْنَ وَأَزْوَاجُهُنَّ وَأَوْلَادُهُنَّ وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلَتْ جَارِيَةٌ لِي هَذِهِ الدَّارَ فَهِيَ وَزَوْجُهَا وَوَلَدُهَا وَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ فَدَخَلْنَ عَتَقْنَ وَأَزْوَاجُهُنَّ وَأَوْلَادُهُنَّ وَعَتَقَ بِعَدَدِ كُلِّ جَارِيَةٍ عَبْدٌ. وَفِي شَرْحِ الْكَرْخِيِّ لَوْ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ وَكَلَّمْتُ فُلَانًا أَوْ تَكَلَّمْتُ مَعَ فُلَانٍ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ فَدَخَلَ الدَّارَ دَخَلَاتٍ وَكَلَّمَ مَرَّةً لَا يُعْتَقُ إلَّا وَاحِدٌ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ مَا يَقَعُ عَلَى مَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ فَأَيُّهُمَا دَخَلَ عَتَقَ، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الدَّارَ لَمْ يُعْتَقْ حَتَّى يَدْخُلَهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يَدْخُلَ الدَّارَ كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ اشْتَرَيْتُهُ إذَا دَخَلْتُ الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ فَهَذَا عَلَى مَا يَشْتَرِي بَعْدَ الدُّخُولِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَإِنْ دَخَلَ الدَّارَ أَوَّلًا عَتَقَ عَبْدُهُ وَلَمْ يَنْتَظِرْ كَلَامَ فُلَانٍ، وَإِنْ كَلَّمَ فُلَانًا أَوَّلًا طَلَقَتْ امْرَأَتُهُ وَلَمْ يَنْتَظِرْ الدُّخُولَ فَإِذَا أُنْزِلَ أَحَدُهُمَا بَطَلَ الْآخَرُ وَلَوْ وُجِدَ الشَّرْطَانِ مَعًا نَزَلَ أَحَدُهُمَا وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. رَجُلٌ لَهُ جَارِيَتَانِ فَقَالَ: إنْ دَخَلَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَهِيَ حُرَّةٌ فَبَاعَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَدَخَلَتْ الدَّارَ، ثُمَّ دَخَلَتْ الَّتِي بَقِيَتْ عِنْدَهُ لَمْ تُعْتَقْ، وَإِنْ دَخَلَتْ الَّتِي عِنْدَهُ قَبْلَ الْمَبِيعَةِ عَتَقَتْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَبْدُهُ حُرٌّ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَهُمَا يَمِينَانِ أَيُّهُمَا وُجِدَ شَرْطٌ نَزَلَ جَزَاؤُهُ وَلَوْ ذَكَرَ فِي آخِرِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا إذَا عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ فُلَانٍ يَنْصَرِفُ إلَى الْيَمِينَيْنِ أَيْضًا فَإِنْ قَالَ فُلَانٌ: لَا أَشَاءُ بَطَلَتْ الْيَمِينَانِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَشَأْ أَحَدَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ الْيَمِينَانِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ دَخَلَ الدَّارَ طَلَقَتْ الْمَرْأَةُ، وَإِنْ كَلَّمَ عَتَقَ الْعَبْدُ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ إلَّا بِدُخُولِ الدَّارِ فَإِذَا دَخَلَ وَقَعَا، وَكَذَا لَوْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ بِأَنْ قَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَبْدُهُ حُرٌّ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ أَوْ وَسَّطَ الشَّرْطَ بِأَنْ قَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ، وَعَبْدُهُ حُرٌّ وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَعَبْدُهُ حُرٌّ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَالْمَشْيُ وَالطَّلَاقُ عَلَى الدُّخُولِ وَالْعَتَاقُ عَلَى كَلَامِ فُلَانٍ. وَلَوْ قَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ وَعَبْدُهُ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَيْهَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ فُلَانٌ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا أَوْ إذَا كَلَّمْتُ أَوْ مَتَى كَلَّمْتُ فُلَانًا أَوْ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَعَبْدِي حُرٌّ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَالْيَمِينُ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ بَعْدَ كَلَامِ فُلَانٍ وَبَعْدَ قُدُومِ فُلَانٍ فَإِنْ دَخَلَ، ثُمَّ كَلَّمَ لَا يُعْتَقُ، وَإِنْ كَلَّمَ، ثُمَّ دَخَلَ يُعْتَقُ وَلَوْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ عَلَى الشَّرْطَيْنِ فَقَالَ: عَبْدِي حُرٌّ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ بَعْدَ الْكَلَامِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْوَقْتُ بَعْدَ الْوَقْتِ، وَلَوْ نَوَى فِي قَوْلِهِ

إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَأَنْت حُرٌّ أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ مُقَدَّمًا وَيَكُونَ هُوَ شَرْطًا لِلِانْعِقَادِ وَالْكَلَامُ مُؤَخَّرًا صَحَّتْ نِيَّتُهُ، وَكَذَا فِي صُورَةِ تَقْدِيمِ الْجَزَاءِ إنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ آخِرًا صَحَّتْ نِيَّتُهُ إلَّا إذَا كَانَ فِيمَا نَوَى نَفْعٌ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ تَخْفِيفٌ لَهُ فَتُرَدُّ نِيَّتُهُ قَضَاءً لِلتُّهْمَةِ. وَإِذَا قَالَ فِي دَارَيْنِ: إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى، فَأَنْت حُرٌّ يَكُونُ شَرْطُ الْحِنْثِ دُخُولَ الْأُخْرَى أَوَّلًا فَلَوْ دَخَلَ الْأُولَى قَبْلَ الْأُخْرَى لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ دَخَلَهَا بَعْدَ دُخُولِ الْأُخْرَى حَنِثَ وَلَوْ قَالَ: فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ وَدَخَلَهَا مَرَّةً حَنِثَ سَوَاءٌ كَانَ الْجَزَاءُ مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَأَمَّا إذَا وَسَّطَ الْجَزَاءَ بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا أَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَعَبْدِي حُرٌّ إذَا قَدَّمَ فُلَانٌ فَالْيَمِينُ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ الْفِعْلَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ يَكُونَ الْفِعْلُ الثَّانِي، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي ذَكَرٍ فَهُوَ حُرٌّ وَلَهُ جَارِيَةٌ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا لَمْ يُعْتَقْ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا اسْتَقْبَلَ فَهُوَ حُرٌّ إلَّا أَوْسَطَهُمْ فَاشْتَرَى عَبْدًا عَتَقَ سَاعَةَ مِلْكِهِ فَإِنْ اشْتَرَى آخَرَ لَا يُعْتَقُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ حَتَّى مَاتَ عَتَقَ فَإِنْ اشْتَرَى ثَالِثًا لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. فَإِذَا مَلَكَ عَبْدًا رَابِعًا يُعْتَقُ الْعَبْدُ الثَّانِي، وَكَذَا يُعْتَقُ الرَّابِعُ حِينَ يَمْلِكُ ثَامِنًا، وَهَلُمَّ جَرًّا عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مِنْ الْعَبِيدِ عَدَدًا هُوَ زَوْجٌ فَكُلُّ مَنْ وَقَعَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ يُعْتَقُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَصِيرَ أَوْسَطَ وَكُلُّ مَنْ وَقَعَ فِي النِّصْفِ الثَّانِي فَحُكْمُهُمْ مَوْقُوفٌ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى سِتَّةَ أَعْبُدٍ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ عَتَقَ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ وَحُكْمُ الْبَاقِينَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ اشْتَرَى آخَرَ لَا يُعْتَقُ الرَّابِعُ؛ لِأَنَّ مَا تَأَخَّرَ مِنْهُ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى فَإِنْ مَاتَ وَقَدْ مَلَكَ مِنْ الْعَبِيدِ سِتَّةً عَتَقُوا وَلَوْ مَلَكَ وِتْرًا عَتَقُوا إلَّا الْأَوْسَطُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُمْ يُعْتَقُونَ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ أَوْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ، وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَذْكُرُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرِ بْنِ سَعِيدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَقُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ بِلَا فَصْلٍ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَقُ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَصَحُّ أَنَّ هُنَاكَ يُعْتَقُ مَقْصُورًا عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّ شَرْطَ خُرُوجِهِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ انْتِفَاءُ صِفَةِ الْوَسَاطَةِ وَإِنَّمَا يَنْعَدِمُ ذَلِكَ بِشِرَاءِ مَا بَعْدَهُ فَيَقْتَصِرُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَلَوْ مَلَكَ عَبْدًا، ثُمَّ عَبْدًا، ثُمَّ عَبْدَيْنِ مَعًا عَتَقُوا. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ إلَّا أَوَّلَهُمْ فَاشْتَرَى عَبْدًا لَا يُعْتَقُ وَمَا سِوَاهُ كَيْفَمَا اشْتَرَى، وَلَوْ اشْتَرَى أَوَّلًا عَبْدَيْنِ مَعًا عَتَقَا وَلَوْ قَالَ: إلَّا آخَرَهُمْ فَاشْتَرَى عَبْدًا عَتَقَ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا آخَرَ لَا يُعْتَقُ وَلَوْ اشْتَرَى آخَرَ عَتَقَ الثَّانِي عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ عَبْدَيْنِ عَتَقُوا، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ وَلَهُ مَمْلُوكٌ فَاشْتَرَى مَمْلُوكًا عَتَقَ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَلَا يُعْتَقُ مَنْ يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْيَمِينِ إلَّا إذَا عَنَى فَيُعْتَقُ كِلَاهُمَا وَلَا يُصَدَّقُ فِي صَرْفِ الْعِتْقِ عَمَّا كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْيَمِينِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ السَّاعَةَ فَهُوَ عَلَى مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ وَلَا يُعْتَقُ مَا اسْتَفَادَ مِنْ سَاعَتِهِ فَإِنْ عَنَى بِهِ السَّاعَةَ الزَّمَانِيَّةَ الَّتِي يَذْكُرُهَا الْمُنَجِّمُونَ يُصَدَّقُ فِي إدْخَالِ مَا يَسْتَفِيدُهُ بَعْدَ الْكَلَامِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي صَرْفِ الْعِتْقِ عَمَّا كَانَ فِي مِلْكِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ رَأْسَ الشَّهْرِ فَهُوَ حُرٌّ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ جَاءَهُ رَأْسَ الشَّهْرِ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ فِي لَيْلَةِ رَأْسِ الشَّهْرِ، وَيَوْمِهَا فَهُوَ حُرٌّ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ عَلَى مَا يَسْتَفِيدُهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَيَوْمِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ غَدًا فَهُوَ

حُرٌّ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا قَالَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَقُ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ لِلْحَالِ وَمَنْ مَلَكَهُ إلَى الْغَدِ وَغَدًا قَالَ: أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَقُ مَا يَسْتَفِيدُ فِي الْغَدِ لَا غَيْرُ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهُوَ حُرٌّ يُعْتَقُ مَنْ يَمْلِكُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي فَهُوَ حُرٌّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ لِلْحَالِ وَيُعْتَقُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ إذَا جَاءَ غَدٌ فَهُوَ عَلَى مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ لِلْحَالِ فِي قَوْلِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً فَهُوَ حُرٌّ يَدْخُلُ فِيهِ مَا يَسْتَفِيدُ فِي الثَّلَاثِينَ مِنْ حِينِ حَلَفَ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْمَقَالَةِ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: إلَى سَنَةٍ أَوْ أَبَدًا أَوْ إلَى أَنْ أَمُوتَ يَدْخُلُ مَا يَسْتَفِيدُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ دُونَ مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي سَنَةً مَنْ يَبْقَى فِي مِلْكِي سَنَةً لَا يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ وَيَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ أَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ وَلَهُ مَمْلُوكٌ آخَرُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ غَدٍ عَتَقَ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ مُنْذُ حَلَفَ لَا مِنْ مِلْكِهِ بَعْدَ الْحَلِفِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَلَهُ مَمْلُوكٌ فَاشْتَرَى آخَرَ فَاَلَّذِي كَانَ عِنْدَهُ وَقْتَ الْيَمِينِ مُدَبَّرٌ، وَالْآخَرُ لَيْسَ بِمُدَبَّرٍ فَإِنْ مَاتَ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَأَمَّا إذَا نَوَى فَيَتَنَاوَلُ الْكُلَّ لِأَنَّهُ نَوَى التَّشْدِيدَ عَلَى نَفْسِهِ فَيَصَدَّقُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلٌ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ إلَى سَنَةٍ فَاشْتَرَى عَبْدًا لَا يُعْتَقُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ سَنَةٌ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا لَا يُعْتَقُ مَا لَمْ يَجِئْ الْغَدُ إلَّا إذَا نَوَى مَوْلَاهُ الْعِتْقَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ بِقَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا، يُعْتَقُ الْيَوْمَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ غَدًا يُعْتَقُ الْيَوْمَ وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ غَدًا الْيَوْمَ يُعْتَقُ غَدًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ: تُصْبِحُ غَدًا حُرًّا أَوْ تُصْبِحُ تَشْرَبُ الْمَاءَ حُرًّا يُعْتَقُ غَدًا، وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْ، وَكَذَا تَقُومُ حُرًّا أَوْ تَقْعُدُ حُرًّا يُعْتَقُ لِلْحَالِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ أَمْسِ وَإِنَّمَا مَلَكَهُ الْيَوْمَ عَتَقَ، وَكَذَا قَوْلُهُ: أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ أَنْ أَشْتَرِيَكَ عَتَقَ، وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا مَضَى يَوْمٌ فَأَحَدُكُمَا حُرٌّ فَمَضَى يَوْمَانِ عَتَقَا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَكُنْ فُلَانٌ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ أَمْسِ وَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ دَخَلَ وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ دَخَلَ أَمْ لَا وَقَعَ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى أَقَرَّ بِدُخُولِ الدَّارِ وَأَكَّدَهُ بِالْيَمِينِ فَيَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ بِالطَّلَاقِ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنْكَرَ الدُّخُولَ وَأَكَّدَهُ بِهَا فَيَكُونُ إقْرَارَهُ بِالْعِتْقِ، كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْيَمِينِ تَنْقُضُ صَاحِبَتَهَا. وَلَوْ قَالَ: لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِشَهْرٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لِتَمَامِ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِ هَذِهِ الْمُقَابَلَةِ عَتَقَ الْعَبْدُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى بِشَهْرٍ يُعْتَقُ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْجَامِعِ إذَا قَالَ: الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ أَوْ الْمُكَاتَبُ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ مَمْلُوكًا بَعْدَ مَا عَتَقَ لَا يُعْتَقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُعْتَقُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى مَمْلُوكًا بَعْدَ مَا عَتَقَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا قَالَ: إذَا أَعْتَقَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ، أَوْ قَالَ: إذَا أَعْتَقْتُ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ مَمْلُوكًا بَعْدَ الْعِتْقِ أَوْ اشْتَرَى مَمْلُوكًا بَعْدَ الْعِتْقِ يُعْتَقُ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي فَهُوَ حُرٌّ أَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ مَمْلُوكًا بَعْدَ الْعِتْقِ لَا يُعْتَقُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَإِذَا قَالَ الْحَرْبِيُّ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا اسْتَقْبَلَ فَهُوَ حُرٌّ فَخَرَجَ إلَيْنَا وَأَسْلَمَ وَاشْتَرَى عَبْدًا لَمْ يُعْتَقْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُعْتَقُ وَلَوْ قَالَ: إنْ أَسْلَمْتُ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَاشْتَرَى مَمْلُوكًا عَتَقَ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ . وَلَوْ قَالَ: رَجُلٌ لِحُرَّةٍ إذَا مَلَكْتُكِ فَأَنْت حُرَّةٌ

فَارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ، ثُمَّ سُبِيَتْ فَاشْتَرَاهَا لَا تُعْتَقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ قَالَ: إذَا ارْتَدَدْتِ وَسُبِيَتْ فَاشْتَرَيْتُكِ فَأَنْت حُرَّةٌ فَكَانَ ذَلِكَ عَتَقَتْ إجْمَاعًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْتَ تَعَلَّقَ بِمَشِيئَتِهِ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِنْ قَالَ: إنْ شَاءَ فُلَانٌ تَعَلَّقَ بِمَشِيئَتِهِ فِي الْمَجْلِسِ إنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ بِمَجْلِسِ عِلْمِهِ إنْ كَانَ غَائِبًا، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ لَمْ يَشَأْ فُلَانٌ فَإِنْ قَالَ فُلَانٌ شِئْتُ فِي مَجْلِسِ عِلْمِهِ لَا يُعْتَقُ، وَإِنْ قَالَ: لَا أَشَاءُ يُعْتَقُ لَكِنَّهُ لَا يَقُولُ لَا أَشَاءُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَشَاءَ فِي الْمَجْلِسِ بَلْ يُبْطِلَانِ الْمَجْلِسَ بِإِعْرَاضِهِ وَاشْتِغَالِهِ بِشَيْءٍ آخَرَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ نَفْسِهِ فَقَالَ أَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْتُ فَإِنْ لَمْ يَشَأْ فِي عُمْرِهِ لَا يُعْتَقُ وَلَا يُقْتَصَرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَشَأْ فَإِنْ قَالَ: شِئْتُ لَا يَقَعُ، وَإِنْ قَالَ: لَا أَشَاءُ لَا يَقَعُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَشَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَمُوتَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فَإِذَا مَاتَ تَحَقَّقَ الْعَدَمُ فَيُعْتَقُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِلَا فَصْلٍ وَيُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَةٍ مِنْ إمَائِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ وَفُلَانَةُ إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: قَدْ شِئْتُ عِتْق نَفْسِي لَا تُعْتَقُ قَالَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ إذَا قَالَ: الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ مَنْ شِئْتَ عِتْقَهُ مِنْ عَبِيدِي فَأَعْتِقْهُ فَشَاءَ الْمُخَاطَبُ عِتْقَهُمْ جَمِيعًا مَعًا عَتَقُوا جَمِيعًا إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْخِيَارُ إلَى الْمَوْلَى وَعِنْدَهُمَا يُعْتَقُونَ جَمِيعًا هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَذَكَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ فَأَعْتَقَهُمْ الْمَأْمُورُ جَمِيعًا مَعًا عَتَقُوا إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِمَشِيئَةِ الْمَأْمُورِ الْإِعْتَاقُ دُونَ الْعِتْقِ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا قَالَ: مَنْ شِئْتَ عِتْقَهُ مِنْ عَبِيدِي فَهُوَ حُرٌّ فَشَاءَ عِتْقَهُمْ جَمِيعًا عَتَقُوا عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَقُ الْكُلُّ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَنْ شِئْتَ عِتْقَهُ مِنْ عَبِيدِي فَأَعْتِقْهُ فَأَعْتَقَهُمْ جَمِيعًا عَتَقُوا جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ لِأَمَتَيْنِ لَهُ: أَنْتُمَا حُرَّتَانِ إنْ شِئْتُمَا فَشَاءَتْ إحْدَاهُمَا فَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَوْ قَالَ لَهُمَا: أَيَّتُكُمَا شَاءَتْ الْعِتْقَ فَهِيَ حُرَّةٌ فَشَاءَتَا جَمِيعًا عَتَقَتَا، وَلَوْ شَاءَتْ إحْدَاهُمَا عَتَقَتْ الَّتِي شَاءَتْ وَلَوْ شَاءَتَا فَقَالَ: الْمَوْلَى أَرَدْتُ إحْدَاهُمَا صُدِّقَ دَيَّانَةً لَا قَضَاءً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: جَعَلْتُ عِتْقَ عَبْدِي إلَيْكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْهَاهُ وَهُوَ إلَيْهِ فِي مَجْلِسٍ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: أَعْتِقْ أَيَّ عَبْدَيَّ هَذَيْنِ شِئْتَ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْعَتَاقُ بِجَعْلٍ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ: إذَا مِتُّ فَأَعْتِقْ عَبْدِي هَذَا إنْ شِئْتَ أَوْ قَالَ إذَا مِتُّ فَأَمْرُ عَبْدِي هَذَا فِي الْعِتْقِ بِيَدِكَ أَوْ قَالَ: جَعَلْتُ عِتْقَ عَبْدِي هَذَا بِيَدِكَ بَعْدَ مَوْتِي فَلَمْ يَقْبَلْ الَّذِي جُعِلَ إلَيْهِ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى قَامَ مِنْهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: عَبْدِي هَذَا حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إنْ شِئْتَ كَانَ حُرًّا بَعْدَ مَوْتِهِ، إنْ شَاءَ ذَلِكَ الَّذِي جُعِلَ إلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَإِنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَدْ شِئْتُ وَجَبَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ حَتَّى يُعْتِقَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْقَاضِي وَلَوْ نَهَاهُ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ جَازَ نَهْيُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْت حُرٌّ إنْ شِئْتَ كَانَتْ الْمَشِيئَةُ إلَيْهِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ الْغَدِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِنْ شَاءَ فِي الْحَالِ لَا يُعْتَقُ مَا لَمْ يَشَأْ فِي الْغَدِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْتَ غَدًا فَالْمَشِيئَةُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ فَإِذَا شَاءَ فِي الْحَالِ عَتَقَ غَدًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ مَتَى شِئْتَ أَوْ إذَا شِئْتَ أَوْ كُلَّمَا شِئْتَ، فَقَالَ الْعَبْدُ: لَا أَشَاءَ، ثُمَّ بَاعَهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ، ثُمَّ شَاءَ الْعِتْقَ فَهُوَ حُرٌّ، وَلَوْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ حَيْثُ شِئْتَ فَقَامَ مِنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بَطَلَ الْعِتْقُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ كَيْفَ شِئْتَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَقُ مِنْ غَيْرِ مَشِيئَةٍ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يُعْتَقُ مِنْ غَيْرِ مَشِيئَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

الباب الخامس في العتق على جعل

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْعِتْقِ عَلَى جَعْلٍ] ٍ حَرَّرَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ فَقَبِلَ عَتَقَ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا أَوْ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ إلَيَّ أَلْفًا أَوْ عَلَى أَنْ تَجِيئَنِي بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْكَ أَلْفًا أَوْ عَلَى أَلْفٍ تُؤَدِّيهَا إلَيَّ أَوْ قَالَ: بِعْتُ نَفْسَكَ مِنْكَ عَلَى كَذَا، أَوْ وَهَبْتُ نَفْسَكَ عَلَى أَنْ تُعَوِّضَنِي كَذَا، وَمَا شَرَطَ دَيْنٌ عَلَيْهِ حَتَّى تَصِحَّ الْكَفَالَةُ لَهُ بِهِ وَكَمَا تَصِحُّ بِهِ الْكَفَالَةُ جَازَ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ مَا شَاءَ يَدًا بِيَدٍ وَلَا خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا اُعْتُبِرَ مَجْلِسُ الْإِيجَابِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا اُعْتُبِرَ مَجْلِسُ عِلْمِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْبَلَ فِي الْكُلِّ. فَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بِأَلْفٍ فَقَالَ: قَبِلْتُ فِي النِّصْفِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ وَيُعْتَقُ كُلُّهُ بِجَمْعِ الْمَالِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَوَلَاؤُهُ يَكُونُ لِلْمَوْلَى فِي الْبَدَائِعِ. وَيَلْزَمُهُ الْوَسَطُ فِي تَسْمِيَةِ الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ بَعْدَ بَيَانِ جِنْسِهِمَا مِنْ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ وَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ فَلَوْ أَتَاهُ بِالْقِيمَةِ أُجْبِرَ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ كَمَا فِي الْمَشْهُورِ. وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ الْجِنْسَ بِأَنْ قَالَ: عَلَى ثَوْبٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ دَابَّةٍ فَقَبِلَ عَتَقَ وَلَزِمَهُ قِيمَةُ نَفْسِهِ وَلَوْ أَدَّى إلَيْهِ الْعَبْدُ الْعَرْضَ فَاسْتَحَقَّ إنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فِي الْعَقْدِ فَعَلَى الْعَبْدِ مِثْلُهُ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بِأَنْ قَالَ: أَعْتَقْتُكَ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ هَذَا الثَّوْبِ أَوْ بِعْتُكَ نَفْسَكَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ فَقَبِلَ وَعَتَقَ، وَسَلَّمَهُ فَاسْتُحِقَّ رَجَعَ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ نَفْسِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمَالِ جِنْسِهِ أَوْ مِقْدَارِهِ بِأَنْ قَالَ الْمَوْلَى: أَعْتَقْتُكَ عَلَى عَبْدٍ، وَقَالَ الْعَبْدُ: عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ وَقَالَ الْعَبْدُ عَلَى مِائَةٍ فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ، وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ الْمَالِ كَانَ الْقَوْلُ لَهُ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَوْلَى، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى: أَعْتَقْتُكَ أَمْسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ تُقْبَلْ فَقَالَ الْعَبْدُ: قَبِلْتُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ لِمَوْلَاهُ: أَعْتِقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ يُعْتَقُ نِصْفُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْنِي بِأَلْفٍ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ يُعْتَقُ نِصْفُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَنْتَ حُرٌّ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ عَتَقَ نِصْفُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ إلَّا إذَا أَجَازَ الْآخَرُ فَيَجِبُ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ قَالَ: أُعْتِقُهُ نَصِيبِي بِأَلْفٍ فَقَبِلَ الْعَبْدُ لَزِمَهُ الْأَلْفُ لِلْمُعْتَقِ لَا يُشَارِكُهُ السَّاكِتُ وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْت حُرٌّ فَاكْتَسَبَ وَأَدَّى عَتَقَ نَصِيبُهُ وَلِلْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ اكْتَسَبَ فِي حَالَةِ رَقِّهِ، ثُمَّ لَا يُرْجِعُ الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ سَلَّمَ لَهُ شَرْطَهُ وَلَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْتُ إلَيَّ أَلْفًا فَنَصِيبِي حُرٌّ يُرْجِعُ الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ الشَّرِيكُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ قَالَ: حُرٌّ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَقَالَ قَبِلْتُ بِالْمَالَيْنِ عَتَقَ وَيَلْزَمُهُ الْمَالَانِ جَمِيعًا هَذَا إذَا قَالَ: قَبِلْتُ بِالْمَالَيْنِ أَوْ قَالَ: قَبِلْتُ عَلَى الْإِبْهَامِ وَلَوْ قَالَ: قَبِلْتُ أَحَدَ الْمَالَيْنِ الدَّرَاهِمَ أَوْ الدَّنَانِيرَ لَا يَعْتِقُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ وَأَدِّ إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالْعَبْدُ حُرٌّ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَدِّ إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنْتَ حُرٌّ ذَكَرَهُ بِالْوَاوِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْأَلْفَ وَلَوْ قَالَ: أَدِّ إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْت حُرٌّ ذَكَرَهُ بِالْفَاءِ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ فِي الْحَالِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: أَدِّ إلَيَّ أَلْفًا أَنْتَ حُرٌّ يَعْتِقُ لِلْحَالِ أَدَّى أَوْ لَمْ يُؤَدِّ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَتَقَ فِي الْحَالِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْأَلْفُ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا إنْ قَبِلَ عَتَقَ، وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَعْتِقْ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا وَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ لَمْ يَقُلْ عَنِّي أَوْ قَالَ: إذَا أَعْتَقْتَ عَنِّي عَبْدًا فَأَنْت حُرٌّ صَحَّ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَسَطِ وَصَارَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا رَدِيئًا أَوْ مُرْتَفِعًا لَا يَجُوزُ فَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَسَطًا عَتَقَا بِلَا سِعَايَةٍ إنْ قَالَهُ فِي صِحَّتِهِ، وَإِنْ قَالَهُ فِي

مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَأْمُورِ سِتِّينَ دِينَارًا أَوْ قِيمَةُ الْوَسَطِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا عَتَقَ ثُلُثُ الْمَأْمُورِ بِلَا سِعَايَةٍ لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ فَلَا يَكُونُ وَصِيَّةً وَبَقِيَ ثُلُثُهُ بِلَا عِوَضٍ وَكَانَ مَالُ الْمَيِّتِ جَمِيعَ الْبَدَلِ وَثُلُثُ الْمَأْمُورِ فَجُمْلَتُهُ سِتُّونَ دِينَارًا فَثُلُثُهُ وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا ثُلُثُهُ لِلْمَأْمُورِ وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ فَيَعْتِقُ بِلَا سِعَايَةٍ وَيَسْعَى فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٍ وَعَتَقَ مِنْ الْبَدَلِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَيَسْعَى فِي الْبَاقِي وَهُوَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ فَبَلَغَتْ سِهَامُ الْوَصِيَّةِ عِشْرِينَ، وَسِهَامُ السِّعَايَةِ أَرْبَعِينَ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبَدَلِ مِثْلَ قِيمَةِ سِهَامِ الْمَأْمُورِ أَوْ أَكْثَرَ عَتَقَ كُلُّ الْمَأْمُورِ بِلَا سِعَايَةٍ وَالْبَدَلُ يُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ قَالَ: أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا بَعْدَ مَوْتِي وَأَنْتَ حُرٌّ فَهَذَا وَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا وَسَطًا هُنَا لَا يَعْتِقُ الْمَأْمُورُ إلَّا بِإِعْتَاقِ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الْقَاضِي وَفِيمَا تَقَدَّمَ يُعْتَقُ الْمَأْمُورُ مِنْ غَيْرِ إعْتَاقٍ إذَا أَعْتَقَ عَنْهُ عَبْدًا وَسَطًا فَإِنْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ لِلْعَبْدِ الْمَأْمُورِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَعْتِقْ عَبْدًا وَإِلَّا بِعْنَاكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ لَكِنَّ الْقَاضِيَ يُؤَجِّلُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ بِحَسَبِ رَأْيِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ أَعْتَقَ الْمَأْمُورُ عَبْدًا وَسَطًا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي أَمْهَلَهُ الْقَاضِي أَعْتَقَهُ وَإِلَّا رَدَّهُ إلَى الْوَرَثَةِ وَأَمَرَهُمْ بِبَيْعِهِ وَقَضَى بِإِبْطَالِ وَصِيَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى قَالَ: لِوَرَثَتِهِ إذَا أَعْتَقَ عَنِّي عَبْدًا بَعْدَ مَوْتِي فَأَعْتِقُوهُ فَهَذَا، وَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا بَعْدَ مَوْتِي وَأَنْتَ حُرٌّ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ: لِعَبْدِهِ قَدْ بِعْتُكَ نَفْسَكَ وَهَذِهِ الْأَلْفُ الَّتِي فِي يَدِكَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ: هُوَ حُرٌّ يَأْخُذُ الْمَوْلَى مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ: عَبْدُهُ بِعْنِي نَفْسِي وَهَذِهِ أَلْفٌ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَخَذَ الْمَوْلَى جَمِيعَ الْأَلْفِ وَعَتَقَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: بِعْتُكَ نَفْسَكَ وَهَذِهِ الْمِائَةُ الدِّينَارِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبِلَهُ الْعَبْدُ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ بِثَمَنِ الْمِائَةِ الدِّينَارِ سَوَاءٌ خَمْسُمِائَةٍ مِنْهَا بِالْعَبْدِ وَخَمْسُمِائَةٍ بِالدِّينَارِ فَإِنْ نَقَدَ الْعَبْدُ الْأَلْفَ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا كَانَتْ الدَّنَانِيرُ لِلْعَبْدِ وَعَتَقَ، وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُمَا بَطَلَ مِنْ الْأَلْفِ بِحِصَّةِ الدِّينَارِ فَكَانَتْ الدَّنَانِيرُ لِلْمَوْلَى وَالْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي عَتَقَ بِهَا دَيْنٌ عَلَى الْعَبْدِ. هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ الْعَبْدُ: لِمَوْلَاهُ بِعْنِي نَفْسِي، وَقَالَ: قَدْ فَعَلْتُ عَتَقَ وَسَعَى فِي قِيمَتِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بِمَالٍ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَقَبِلَ الْأَجْنَبِيُّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ عِتْقِ مَا فِي الْبَطْنِ. وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ: لِغَيْرِهِ أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنْ نَفْسِكَ بِأَلْفٍ عَلَيَّ فَأَعْتَقَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ الْمَالُ وَإِذَا أَدَّى كَانَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ذِمِّيٌّ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ يَعْتِقُ بِالْقَبُولِ وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْمُسَمَّى فَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِ الْخَمْرِ فَعِنْدَهُمَا عَلَى الْعَبْدِ قِيمَتُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيمَةُ الْخَمْرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْت حُرٌّ أَوْ إذَا مَا أَدَّيْتَ أَوْ مَتَى أَدَّيْتَ فَهُوَ صَحِيحٌ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَلَوْ قَالَ: إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ يُقْتَصَرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَيَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَإِذَا أَدَّى الْمَالَ عَتَقَ، ثُمَّ يُنْظَرَانِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَالٍ اكْتَسَبَهُ قَبْلَ هَذَا الْكَلَامِ فَهُوَ حُرٌّ وَالْمَالُ كُلُّهُ لِمَوْلَاهُ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ أُخْرَى فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالٍ اكْتَسَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَتَقَ وَالْكَسْبُ كُلُّهُ إلَى حِينِ مَا عَتَقَ لِمَوْلَاهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَلْفِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَلِلْمَوْلَى بَيْعُهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَلَوْ أَدَّى الْبَعْضَ يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْكُلَّ فَإِنْ أَبْرَأهُ الْمَوْلَى عَنْ الْبَعْضِ أَوْ عَنْ الْكُلِّ لَا يُبْرَأُ أَوْ لَا يَعْتِقُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْعَبْدُ إذَا أَحْضَرَ الْمَالَ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ الْمَوْلَى مِنْ قَبْضِهِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ وَنَزَّلَهُ قَابِضًا لِذَلِكَ وَحَكَمَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ قَبَضَ أَوْ لَا

كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا فَعَبْدِي هَذَا حُرٌّ فَجَاءَ الْأَجْنَبِيُّ بِالْأَلْفِ وَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ وَلَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ، وَلَوْ حَلَفَ الْمَوْلَى وَلَوْ حَلَفَ الْمَوْلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ فُلَانٍ أَلْفًا لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْت حُرٌّ، فَقَالَ الْعَبْدُ لِلْمَوْلَى: خُذْ مِنِّي مَكَانَهَا مِائَةَ دِينَارٍ فَأَخَذَهَا الْمَوْلَى لَا يَعْتِقُ إلَّا أَنْ يَقُولَ لِلْعَبْدِ عِنْدَ طَلَبِهِ ذَلِكَ إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَحِينَئِذٍ يَعْتِقُ بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْت حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ خَمْسَمِائَةٍ فَأَنْت حُرٌّ فَأَدَّى إلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ يُعْتَقُ بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى فَهُوَ رَقِيقٌ يُورَثُ عَنْهُ مَعَ أَكْسَابِهِ أَوْ الْعَبْدِ فَمَا تَرَكَهُ لِمَوْلَاهُ وَلَا يُؤَدِّي مِنْهُ عَنْهُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْت حُرٌّ، ثُمَّ بَاعَهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ، ثُمَّ أَتَى بِأَلْفٍ لَا يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ، وَلَوْ قَبِلَ يَعْتِقُ، كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْت حُرٌّ فَاسْتَقْرَضَ الْعَبْدُ مِنْ رَجُلٍ أَلْفًا وَدَفَعَهَا إلَى مَوْلَاهُ عَتَقَ الْعَبْدُ وَرَجَعَ غَرِيمُ الْعَبْدِ عَلَى الْمَوْلَى فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْأَلْفَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ، كَذَا مِنْ الْعُرُوضِ فَأَنْت حُرٌّ فَأَدَّاهَا إلَيْهِ عَتَقَ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْكِتَابَةِ يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى قَبُولِهِ بِمَنْزِلَةِ الْأَلْفِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا فِي الْكِتَابَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ وَلَكِنْ إنْ قَبِلَهُ يَعْتِقُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ ثَوْبًا فَأَنْت حُرٌّ، وَقَالَ: إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ دَرَاهِمَ فَأَنْت حُرٌّ فَأَتَى بِثَوْبٍ أَوْ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْثَرَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَوْ قَبِلَ الْمُؤَدِّي عَتَقَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ: إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْت حُرٌّ فَقَدِمَ فُلَانٌ فَأَدَّى إلَيْهِ أَلْفًا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ، ثُمَّ يُنْظَرَانِ كَانَ الْمُؤَدَّى مِنْ مَالٍ اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْقُدُومِ وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمَوْلَى بِأَلْفٍ آخَرَ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. وَإِذَا قَالَ لَهُ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ عَبْدًا فَأَنْت حُرٌّ وَلَمْ يُضِفْ الْعَبْدَ إلَى قِيمَتِهِ وَلَا إلَى جِنْسٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِذَا وُجِدَ الْقَبُولُ ثَبَتَ الْعَبْدُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ أَتَى الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ بِعَبْدٍ وَسَطٍ يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَتَى الْعَبْدُ بِمَا هُوَ أَرْفَعُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ، وَإِنْ أَتَى بِعَبْدٍ رَدِيءٍ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَكِنْ إنْ قَبِلَ يَعْتِقُ وَلَوْ جَاءَ الْعَبْدُ بِقِيمَةِ عَبْدٍ وَسَطٍ لَا يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ وَإِذَا رَضِيَ بِهَا وَقَبِلَهَا لَا يَعْتِقُ وَلَوْ قَالَ لَهُ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ عَبْدًا وَسَطًا أَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْتَ كُرَّ حِنْطَةٍ وَسَطًا فَأَنْت حُرٌّ فَجَاءَ بِعَبْدٍ مُرْتَفِعٍ أَوْ بِكُرٍّ مُرْتَفِعٍ لَا يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ وَإِذَا قَبِلَ لَا يَعْتِقُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْتَ أَلْفًا فِي كِيسٍ أَبْيَضَ فَأَنْت حُرٌّ فَأَدَّى إلَيْهِ فِي غَيْرِ كِيسٍ أَبْيَضَ لَمْ يَعْتِقْ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إذَا أَدَّيْتِ إلَيَّ أَلْفًا كُلَّ شَهْرٍ مِائَةً فَأَنْت حُرَّةٌ فَقَبِلَتْ ذَلِكَ فَلَيْسَ هَذَا بِمُكَاتَبَةٍ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مَا لَمْ تُؤَدِّ، وَإِنْ كَسَرَتْ شَهْرًا لَمْ تُؤَدِّ إلَيْهِ، ثُمَّ أَدَّتْ لَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الشَّهْرِ لَمْ تَعْتِقْ، كَذَا ذَكَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ إذَا قَالَ لَهَا: إذَا أَدَّيْتِ إلَيَّ أَلْفًا فِي هَذَا الشَّهْرِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَلَمْ تَوَدّهَا فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ وَأَدَّتْهَا فِي غَيْرِهِ لَمْ تَعْتِقْ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا قَالَ: أَعْتَقْتُكَ عَلَى مَا فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَقَبِلَ الْعَبْدُ عَتَقَ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: اخْدِمْنِي وَوَلَدِي سَنَةً، ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ إذَا خَدَمْتَنِي وَإِيَّاهُ سَنَةً فَأَنْت حُرٌّ فَمَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ لَمْ يَعْتِقْ بِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْوَلَدُ فَقَدْ فَاتَ شَرْطُ الْعِتْقِ بِمَوْتِهِ فَلَا يَعْتِقُ بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي أَرْبَعَ سِنِينَ فَقَبِلَ عَتَقَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَخْدُمَهُ أَرْبَعَ سِنِينَ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْخِدْمَةِ بَطَلَتْ الْخِدْمَةُ، وَعَلَى الْعَبْدِ قِيمَةُ نَفْسِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ قَدْ خَدَمَهُ سَنَةً، ثُمَّ مَاتَ فَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ قِيمَةِ نَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ

الْعَبْدُ وَتَرَكَ مَالًا يُقْضَى فِي مَالِهِ بِقِيمَةِ نَفْسِهِ لِمَوْلَاهُ عِنْدَهُمَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ خَدَمْتَنِي سَنَةً فَأَنْت حُرٌّ فَخَدَمَهُ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ أَوْ أَعْطَاهُ مَالًا عِوَضَ خِدْمَتِهِ لَمْ يَعْتِقْ، وَلَوْ قَالَ: إنْ خَدَمْتَنِي وَأَوْلَادِي سَنَةً فَمَاتَ بَعْضُ أَوْلَادِهِ لَمْ يَعْتِقْ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَإِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ عِنْدَ وَصِيَّتِهِ: إذَا خَدَمْتِ ابْنِي وَابْنَتِي حَتَّى اسْتَغْنَيَا فَأَنْت حُرَّةٌ فَإِنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ تَخْدُمُهُمَا حَتَّى يُدْرِكَا، وَإِنْ أَدْرَكَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ تَخْدُمُهُمَا جَمِيعًا فَإِنْ كَانَا كَبِيرَيْنِ تَخْدُمُ الْبِنْتَ حَتَّى تُزَوَّجَ وَالِابْنَ حَتَّى يَحْصُلَ لِلِابْنِ ثَمَنُ جَارِيَةٍ وَإِذَا زُوِّجَتْ الِابْنَةُ وَبَقِيَ الِابْنُ تَخْدُمُهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَبِيرَانِ أَوْ صَغِيرَانِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: إذَا أَدَّيْتِ لِي أَلْفًا فَأَنْت حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا، ثُمَّ أَدَّتْ لَمْ يَعْتِقْ وَلَدُهَا مَعَهَا، وَإِنْ أَدَّتْ الْأَلْفَ مِنْ مَالِ مَوْلَاهَا عَتَقَتْ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى مَرِيضًا حِينَ قَالَ لَهَا: إذَا أَدَّيْتِ لِي أَلْفًا فَأَنْت حُرَّةٌ فَاكْتَسَبَتْ وَأَدَّتْ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى مِنْ مَرَضِهِ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ ثُلُثِهِ فِي الْقِيَاسِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَعْتِقُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَإِذَا قَالَ: مَتَى أَدَّيْتِ إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْت حُرَّةٌ فَمَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْأَدَاءِ بَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: أَعْتِقْ أَمَتَكَ هَذِهِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا فَأَعْتَقَهَا فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ فَالْعِتْقُ وَاقِعٌ مِنْ الْمَالِكِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْ أَمَتَكَ عَنِّي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا قَسَّمَ الْأَلْفَ عَلَى قِيمَتِهَا، وَمَهْرِ مِثْلِهَا فَمَا أَصَابَ قِيمَتَهَا فَعَلَى الْآمِرِ، وَمَا أَصَابَ مَهْرَ الْمِثْلِ بَطَلَ عَنْهُ فَلَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ فَمَا أَصَابَ قِيمَتَهَا سَقَطَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهِيَ لِلْمَوْلَى فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَمَا أَصَابَ مَهْرَ الْمِثْلِ كَانَ مَهْرًا لَهَا فِي الْوَجْهَيْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا مِنْهُ فَقَبِلَتْ عَتَقَتْ فَإِنْ أَبَتْ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا مِنْهُ لَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا مِنْهُ فَأَبَتْ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا مِنْهُ كَانَ عَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِعَبْدِهَا: أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي عَلَى عَشَرَةٍ فَقَبِلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَبَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَعَلَيْهِ الْأَلْفُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ سَعَى فِي تَمَامِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ قَالَتْ: أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي، وَتُمْهِرَنِي أَلْفًا فَقَبِلَ، ثُمَّ أَبَى ذَلِكَ عَتَقَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةٍ وَرَضِيَتْ بِذَلِكَ فَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ دَعَاهَا الْعَبْدُ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ فَأَبَتْ الْمَرْأَةُ فَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَالَ لِعَبْدَيْنِ لَهُ: إذَا أَدَّيْتُمَا إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتُمَا حُرَّانِ يُعْتَبَرُ أَدَاؤُهُمَا وَلَوْ أَدَّاهَا أَحَدُهُمَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ: خَمْسُمِائَةٍ عَنِّي وَخَمْسُمِائَةٍ أَتَبَرَّعُ بِهَا عَنْ صَاحِبِي لَا يُعْتِقَانِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: خَمْسُمِائَةٍ مِنْ عِنْدِي وَخَمْسُمِائَةٍ بَعَثَ بِهَا صَاحِبِي فَحِينَئِذٍ يُعْتِقَانِ وَلَوْ أَدَّاهُمَا أَجْنَبِيٌّ لَمْ يُعْتِقَانِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أُؤَدِّي الْأَلْفَ بِعِتْقِهِمَا أَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّهُمَا حُرَّانِ فَإِذَا قَبِلَ عَتَقَا وَكَانَ لِلْمُؤَدِّي أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ الْمَوْلَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَتَّى يَقْبَلَا فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلَا حَتَّى قَامَا عَنْ الْمَجْلِسِ بَطَلَ، وَإِنْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَقْبَلْ الْآخَرُ، لَا يَعْتِقُ فَإِنْ قَبِلَا وَقَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبِلْتُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَإِنْ قَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبِلْتُ بِالْأَلْفِ أَوْ لَمْ يَقُلْ بِالْأَلْفِ أَوْ قَالَ: أَحَدُهُمَا قَبِلْتُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يُقَالُ لِلْمَوْلَى: بَيِّنْ فَإِذَا أَوْقَعَ الْعِتْقَ عَلَى أَحَدِهِمَا عَتَقَ وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ انْقَسَمَتْ تِلْكَ الرَّقَبَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدَيْهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِأَلْفٍ فَقَالَا قَبِلْنَا، ثُمَّ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَبِلَا صَحَّ الْإِيجَابُ الْأَوَّلُ وَبَطَلَ الثَّانِي إذَا صَحَّ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ فَمَا دَامَ حَيًّا يَرْجِعُ فِي بَيَانِهِ إلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ شَاعَ الْعِتْقُ فِيهِمَا وَشَاعَ الْمَالُ تَبَعًا لِشُيُوعِ

الْعِتْقِ فَيَعْتِقُ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ بِخَمْسِمِائَةٍ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَقْبَلَا حَتَّى قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِمِائَةِ دِينَارٍ، ثُمَّ قَبِلَا صَحَّ الْإِيجَابَانِ وَإِذَا صَحَّا فَإِذَا قَبِلَا انْصَرَفَ قَبُولُهُمَا إلَى الْكَلَامَيْنِ، وَخُيِّرَ الْمَوْلَى إنْ شَاءَ أَوْقَعَ الْعِتْقَ عَلَيْهِمَا بِالْمَالَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ أَوْقَعَ الْعِتْقَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْمَالَيْنِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كُلِّ وَاحِدٍ بِنِصْفِ الْمَالَيْنِ وَسَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي رُبْعِ قِيمَتِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدٍ لَهُ بِعَيْنِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبِلَ أَنْ يَقْبَلَ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدٍ لَهُ آخَرَ وَبَيْنَهُ، فَقَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَقَالَ: قَبِلْنَا يُخَيَّرُ الْمَوْلَى فَإِنْ شَاءَ صَرَفَ اللَّفْظَيْنِ إلَى الْمُعَيَّنِ وَعَتَقَ بِالْمَالَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنْ شَاءَ صَرَفَ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ إلَى الْآخَرِ وَعَتَقَ الْمُعَيَّنُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ الْمُعَيَّنُ كُلُّهُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نِصْفُهُ بِنِصْفِ الْمِائَةِ هَذَا إذَا عُرِفَ الْمُعَيَّنُ مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ، وَقَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا الْمُعَيَّنُ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ بِنِصْفِ الْمَالَيْنِ وَهُوَ نِصْفُ الْأَلْفِ وَنِصْفُ الْمِائَةِ الدِّينَارِ وَيَسْعَى فِي رُبْعِ قِيمَتِهِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ وَالْآخَرُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ فَإِنْ قَالَا قَبِلْنَا جَمِيعًا أَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: قَبِلْتُ أَنَا بِالْمَالَيْنِ، أَوْ قَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبِلْتُ أَكْثَرَ الْمَالَيْنِ عَتَقَا جَمِيعًا فَيَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ، وَلَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا بِأَقَلِّ الْمَالَيْنِ، وَالْآخَرُ بِأَكْثَرِ الْمَالَيْنِ عَتَقَ الَّذِي قَبِلَ الْعِتْقِ بِأَكْثَرِ الْمَالَيْنِ، فَيَلْزَمُهُ خَمْسُمِائَةٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ بِأَقَلِّ الْمَالَيْنِ لَا يَعْتِقَانِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِنْ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: قَبِلْتُ مُطْلَقًا أَوْ قَالَ قَبِلْتُ بِأَلْفَيْنِ عَتَقَ، وَإِنْ قَالَ: قَبِلْتُ بِأَلْفٍ لَا يَعْتِقُ، وَإِنْ كَانَ الْمَالَانِ مُخْتَلِفَيْنِ جِنْسًا بِأَنْ قَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَالْآخَرُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَ: أَحَدُهُمَا قَبِلْتُ الْعِتْقَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَا يَعْتِقُ، وَإِنْ قَالَ: قَبِلْتُ مُطْلَقًا أَوْ قَالَ: قَبِلْتُ بِالْإِيجَابَيْنِ عَتَقَ وَيُخَيَّرُ الْعَبْدُ فِي الْتِزَامِ أَيِّهِمَا شَاءَ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِأَلْفٍ، وَالْآخَرُ حُرٌّ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَإِنْ قَبِلَا جَمِيعًا عَتَقَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ، وَلَمْ يَقْبَلْ الْآخَرُ يُقَالُ لِلْمَوْلَى اصْرِفْ اللَّفْظَ الَّذِي هُوَ إعْتَاقٌ بِغَيْرِ بَدَلٍ إلَى أَحَدِهِمَا فَإِنْ صَرَفَهُ إلَى غَيْرِ الْقَابِلِ عَتَقَ غَيْرُ الْقَابِلِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَعَتَقَ الْقَابِلُ بِأَلْفٍ، وَإِنْ صَرَفَهُ إلَى الْقَابِلِ عَتَقَ الْقَابِلُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَيُعْتَقُ الْآخَرُ بِالْإِيجَابِ الَّذِي هُوَ يُبَدَّلُ إذَا قَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَتَّى صَرَفَ الْإِيجَابَ الَّذِي هُوَ بِغَيْرِ بَدَلٍ إلَى أَحَدِهِمَا يَعْتِقُ هُوَ وَيَعْتِقُ الْآخَرُ إنْ قَبِلَ الْبَدَلَ فِي الْمَجْلِسِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ الْقَابِلُ كُلُّهُ وَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ وَعَتَقَ نِصْفُ الَّذِي لَمْ يَقْبَلْ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ أَحَدُكُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَبِلَا عَتَقَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَقَبِلَا عَتَقَ أَحَدُهُمَا مَجَّانًا وَخِيَارُ التَّعْيِينِ إلَيْهِ، وَبَطَلَ الْإِيجَابُ الثَّانِي، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِأَلْفِ فَقَبِلَا، ثُمَّ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِغَيْرِ شَيْءٍ صَحَّ الْأَوَّلُ وَخُيِّرَ فِيهِ وَبَطَلَ الثَّانِي، وَإِنْ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِأَلْفٍ أَحَدُكُمَا بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَبِلَا عَتَقَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْبَدَلُ مَجْهُولٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ: يَا مَيْمُونُ أَنْتَ حُرٌّ يَا مُبَارَكُ عَلَى أَلْفٍ فَالْمَالُ عَلَى الْأَخِيرِ، وَلَوْ قَالَ: يَا مُبَارَكُ قَدْ كَاتَبْتُكَ عَلَى أَلْفٍ يَا مَيْمُونُ كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ تَمَّ الْكَلَامُ قَبْلَ أَنْ يَدْعُوَا بِالْآخَرِ. رَجُلٌ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ فَقَالَ: أَحَدُكُمْ حُرٌّ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْآخَرُ عَلَى مِائَتَيْنِ وَالْآخَرُ عَلَى ثَلَثِمِائَةٍ فَقَبِلُوا ذَلِكَ فِي الْمِائَةِ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ عَتَقُوا وَسَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَفِي ثُلُثِ الْمِائَةِ وَلَوْ قَبِلُوا ذَلِكَ فِي الْمِائَتَيْنِ سَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ وَلَوْ قَبِلُوا فِي ثَلَثِمِائَةٍ لَا غَيْرُ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ وَسَعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَفِي مِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَوْ قَالَ:

لِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى حِصَّتِكَ مِنْ الْأَلْفِ إذَا قَسَّمْتُ عَلَيْكَ وَعَلَى قِيمَةِ الْآخَرِ فَقَبِلَ يَعْتِقُ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ قِيمَتِهِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُجَاوِزُ الْأَلْفَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِأَلْفٍ فَالْقَبُولُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِذَا قَبِلَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى لَمْ يُعْتَقْ فِي الْأَصَحِّ إلَّا بِإِعْتَاقِ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَارِثِ أَوْ الْقَاضِي عِنْدَ امْتِنَاعِ الْوَارِثِ، وَالْوَلَاءُ لِلْمَيِّتِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ عَنْ كَفَّارَةِ الْمَيِّتِ لَا يَصِحُّ عَنْ الْكَفَّارَةِ بَلْ عَنْ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ، ثُمَّ الْوَصِيُّ يَمْلِكُ عِتْقَهُ تَحْقِيقًا لَا تَعْلِيقًا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ إذَا دَخَلْتَ الدَّارَ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ، وَالْوَارِثُ يَمْلِكُ عِتْقَهُ تَحْقِيقًا وَتَعْلِيقًا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولِ الدَّارِ عَتَقَ بِدُخُولِهَا، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَأَنْت حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ، وَكَذَا إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْت حُرٌّ فَأَدَّى إلَى وَارِثِهِ اسْتَحَقَّ الْإِعْتَاقَ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: حُجَّ عَنِّي بَعْدَ مَوْتِي، وَأَنْتَ حُرٌّ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ يَحُجُّ عَنْهُ حَجَّةً وَسَطًا، ثُمَّ يُعْتِقُهُ الْوَرَثَةُ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ فَإِنْ أَوْصَى الْمَيِّتُ مَعَ هَذَا الرَّجُلِ بِثُلُثِ مَالِهِ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمُوصَى لَهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ مِنْهَا، وَيَسْعَى لِلْمُوصَى لَهُ فِي ثُلُثِ رُبْعِ رَقَبَتِهِ، وَلِلْوَرَثَةِ فِي ثُلُثَيْ رَقَبَتِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: ادْفَعْ إلَى وَصِيِّي بَعْدَ مَوْتِي قِيمَةَ حَجَّةٍ يُحَجُّ بِهَا عَنِّي وَأَنْتَ حُرٌّ انْصَرَفَ إلَى قِيمَةِ الْحَجَّةِ الْوَسَطِ، وَإِذَا أَدَّى الْحَجَّةَ الْوَسَطَ وَجَبَ إعْتَاقُهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ تَنْفِيذُ الْعِتْقِ عَلَى أَدَاءِ الْحَجِّ وَإِذَا عَتَقَ يُنْظَرْ؛ إنَّ كَانَ قِيمَةُ الْوَسَطِ مِثْلَ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْوَصِيُّ يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ بِثُلُثِ الْمُؤَدَّى مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ، وَإِنْ كَانَ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ مَعَ ذَلِكَ فَثُلُثَا قِيمَةِ الْحَجَّةِ لِلْوَرَثَةِ وَالثُّلُثُ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَبَيْنَ الْحَجَّةِ أَرْبَاعًا فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِلْحَجَّةِ وَرُبْعُ الثُّلُثِ لِلْمُوصَى لَهُ فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْحَجَّةِ الْوَسَطِ مِثْلَ ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ صَارَ ثُلُثُ الْعَبْدِ وَصِيَّةً لِلْعَبْدِ أَيْضًا فَيُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَالْحَجَّةُ أَرْبَاعًا سَهْمٌ لِلْعَبْدِ وَسَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ وَسَهْمَانِ لِلْحَجَّةِ يُحَجُّ بِذَلِكَ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ، كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: ادْفَعْ إلَى وَصِيِّي قِيمَةَ حَجٍّ فَإِذَا دَفَعْتَهَا إلَيْهِ وَحَجَّ بِهَا عَنِّي فَأَنْت حُرٌّ فَهُنَا لَا يَنْفُذُ الْعِتْقُ إلَّا بَعْدَ الْحَجِّ، وَلَوْ أَتَى بِقِيمَةِ حَجٍّ وَسَطٍ لَا يُجْبَرُ الْوَصِيُّ عَلَى الْقَبُولِ فَإِذَا أَدَّى وَحَجَّ وَجَبَ تَنْفِيذُ الْعِتْقِ، وَإِذَا أَعْتَقَ سَعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ قَلَّتْ قِيمَةُ الْحَجِّ أَوْ كَثُرَتْ وَلَا يَأْخُذُ الْوَرَثَةُ شَيْئًا مِمَّا أَدَّاهُ الْعَبْدُ إلَى الْوَصِيِّ وَلَا يَسْتَسْعُونَ الْعَبْدَ قَبْلَ الْحَجِّ، وَإِنْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ يَحُجُّ الْوَصِيُّ بِكُلِّ مَا أَدَّى الْعَبْدُ، ثُمَّ يُعْتَقُ الْعَبْدُ وَيَسْعَى لِلْوَرَثَةِ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَيَسْعَى لِلْمُوصَى لَهُ فِي رُبْعِ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: حُجَّ عَنِّي بَعْدَ مَوْتِي حَجَّةً وَأَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَ الْمَوْلَى فِي شَوَّالٍ فَأَرَادَ الْعَبْدُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْحَجِّ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَمْنَعُوهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بَلْ يُؤَخَّرُ الْحَجُّ إلَى السَّنَةِ الْقَابِلَةِ فَيُوفِي حَقَّهُمْ فِي ثُلُثَيْ الْخِدْمَةِ، ثُمَّ يَحُجُّ بِثُلُثِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ وَقْتِ الذَّهَابِ لِلْحَجِّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَمَسَافَةُ الْحَجِّ فِي الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ شَهْرَانِ يَخْدُمُ الْوَرَثَةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَيُصْرَفُ إلَى نَفْسِهِ شَهْرَيْنِ لِلْحَجِّ لِيَسْتَقِيمَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ فَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى فِي شَوَّالٍ، فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ لِلْعَبْدِ: اُخْرُجْ وَإِلَّا بِعْنَاكَ فَلَمْ يَخْرُجْ لَا تَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ إلَّا بِرِضَاهُ، وَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى: حُجَّ عَنِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَأَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَ الْمَوْلَى فِي شَوَّالٍ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَمْنَعُوهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لِحَقِّهِمْ فِي ثُلُثَيْ الْخِدْمَةِ فَإِذَا مَنَعُوهُ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْعِتْقِ وَهُوَ أَدَاءُ الْحَجِّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: حُجَّ عَنِّي بَعْدَ مَوْتِي بِخَمْسِ سِنِينَ وَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ يَخْدُمُ الْوَرَثَةَ إلَى أَنْ تَجِيءَ تِلْكَ السَّنَةُ فَإِذَا جَاءَتْ تِلْكَ السَّنَةُ يَخْرُجُ وَيَحُجُّ فَإِذَا حَجَّ يَجِبُ إعْتَاقُهُ وَيَسْعَى لِلْوَرَثَةِ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَإِنْ قَالَ: أَدِّ إلَيَّ أَلْفًا أَحُجُّ بِهَا فَأَنْت حُرٌّ يَتَعَلَّقُ الْعِتْقُ بِأَدَاءِ الْأَلْفِ دُونَ الْحَجِّ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا أَحُجُّ بِهَا فَأَنْت حُرٌّ لَا يُعْتَقُ مَا لَمْ يَحُجَّ، كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ

الباب السادس في التدبير

سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ الرَّجُلِ قَالَ لِعَبْدِهِ: صُمْ عَنِّي يَوْمًا وَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ قَالَ: صَلِّ عَنِّي رَكْعَتَيْنِ، وَأَنْتَ حُرٌّ قَالَ: عَتَقَ الْعَبْدُ صَامَ أَوْ لَمْ يَصُمْ صَلَّى أَوْ لَمْ يُصَلِّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ لِوَرَثَتِهِ إذَا أَدَّى إلَيْكُمْ عَبْدِي فُلَانٌ بَعْدَ مَوْتِي كُرَّ بُرٍّ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ قَالَ فَأَعْتِقُوهُ فَأَتَى بِالرَّدِيءِ وَقَبِلَ الْوَارِثُ لَا يَعْتِقُ وَلَوْ أَدَّى الْوَسَطَ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِإِعْتَاقِ الْوَرَثَةِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي التَّدْبِيرِ] ِ التَّدْبِيرُ عَلَى نَوْعَيْنِ: مُطْلَقٌ، وَمُقَيَّدٌ (فَالْمُطْلَقُ) مَا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِمَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ شَيْءٍ آخَرَ إلَيْهِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. (وَلَهُ أَلْفَاظٌ) قَدْ يَكُونُ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ دَبَّرْتُك وَقَدْ يَكُونُ بِلَفْظِ التَّحْرِيرِ وَالْإِعْتَاقِ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ حَرَّرْتُكَ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ أَنْتَ مُعْتَقٌ أَوْ عَتِيقٌ بَعْدَ مَوْتِي وَقَدْ يَكُونُ بِلَفْظِ الْيَمِينِ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ يَقُولَ: إذَا مِتُّ أَوْ مَتَى مِتُّ أَوْ مَتَى مَا مِتُّ أَوْ إنْ حَدَثَ لِي حَدَثٌ أَوْ مَتَى حَدَثَ لِي، وَكَذَا إذَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَكَانَ الْمَوْتِ الْوَفَاةَ أَوْ الْهَلَاكَ وَقَدْ يَكُونُ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ أَنْ يُوصِيَ لِعَبْدِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِعِتْقِهِ أَوْ بِوَصِيَّةٍ يَسْتَحِقُّ مِنْ جُمْلَتِهَا رَقَبَتَهُ أَوْ بَعْضَهَا نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْتُكَ بِنَفْسِكَ أَوْ رَقَبَتِكَ أَوْ بِعِتْقِكَ أَوْ كُلُّ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَكَ بِثُلُثِ مَالِي، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ عَتَقَ بِمَوْتِهِ وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ لَمْ يُعْتَقْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ بَعْدَ مَوْتِي يَصِيرُ مُدَبَّرًا لِلْحَالِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُكَ فَأَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ عَنْ دُبْرِ مَوْتِي أَوْ أَنْتَ حُرٌّ فِي مَوْتِي أَوْ مَعَ مَوْتِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَحُكْمُ الْمُطْلَقِ إذَا كَانَ حَيًّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا التَّزَوُّجُ عَلَيْهِ وَلَا التَّصَدُّقُ بِهِ وَلَا رَهْنُهُ وَلَهُ إعْتَاقُهُ وَكِتَابَتُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فَإِنْ بَاعَهُ وَقَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِهِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلتَّدْبِيرِ حَتَّى لَوْ عَادَ إلَيْهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، ثُمَّ مَاتَ لَا يَعْتِقُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ وَيُؤَجِّرَهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً وَطِئَهَا وَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا، كَذَا فِي الْكَافِي وَأَكْسَابُهُ مَهْرُ الْمُدَبَّرَةِ وَأَرْشُهَا لِلْمَوْلَى فِي الْيَنَابِيعِ. فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ سَعَى فِي ثُلْثَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِرَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ لِغُرَمَاءِ الْمَوْلَى، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَوَلَاءُ الْمُدَبَّرِ لِمُدَبِّرِهِ وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ، وَإِنْ عَتَقَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ، وَصُورَتُهُ الْمُدَبَّرَةُ إذَا كَانَتْ بَيْنَ اثْنَيْنِ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَغَرِمَ شَرِيكُهُ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَا الْمُدَبَّرُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَضَمِنَ عَتَقَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْوَلَاءُ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. (أَمَّا الْمُقَيَّدُ) فَهُوَ أَنْ يُعَلِّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِمَوْتِهِ مَوْصُوفًا بِصِفَةٍ أَوْ بِمَوْتِهِ، وَشَرْطٌ آخَرُ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ مِنْ سَفَرِي هَذَا فَأَنْت حُرٌّ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ، وَكَذَا إذَا ذَكَرَ مَعَ مَوْتِهِ شَرْطًا آخَرَ يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَحُكْمُهُ إذَا مَاتَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ كَمَا فِي الْمُطْلَقِ وَفِي الْحَيَاةِ لِلْمَوْلَى أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ الْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ وَغَيْرِهِمَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ: إنْ مِتُّ وَدُفِنْتُ أَوْ غُسِّلْتُ أَوْ كُفِّنْتُ فَأَنْت حُرٌّ فَلَيْسَ بِمُدَبَّرٍ، وَإِنْ مَاتَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَعْتِقَ مَنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَمِنْ الْمُقَيَّدِ أَنْ يَقُولَ: إنْ مِتُّ إلَى سَنَةٍ أَوْ إلَى عَشْرِ سِنِينَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ وَقَّتَهُ بِوَقْتٍ لَا يَعِيشُ مِثْلُهُ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: إنْ مِتُّ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ فَأَنْت حُرٌّ وَمِثْلُهُ لَا يَعِيشُ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مُطْلَقٌ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ

حُرٌّ يَوْمَ أَمُوتُ وَلَمْ يَنْوِ النَّهَارَ كَانَ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا، وَإِنْ نَوَى النَّهَارَ دُونَ اللَّيْلِ كَانَ مُدَبَّرًا مُقَيَّدًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. . وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَمَضَى شَهْرٌ فَمَاتَ يُعْتَقُ بِالْإِجْمَاعِ لَكِنْ مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ لَا يُعْتَقُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى وَهُوَ فِي مِلْكِهِ يُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا مَضَى يَوْمٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا يُعْتَقُ إلَّا بِإِعْتَاقِ الْوَارِثِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُؤْمَرُ الْوَرَثَةُ بِإِعْتَاقِهِ اسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ أَوْ قَالَ: بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ وَمَوْتِي فَهَذَا لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا فِي الْحَالِ فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ أَوَّلًا وَالْغُلَامُ فِي مِلْكِ الْمَوْلَى الْآنَ يَصِيرُ مُدَبَّرَا مُطْلَقًا، وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ لَا يَصِيرُ مُدَبَّرًا وَكَانَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ بَعْدَ مَوْتِي يَعْتِقُ الْعَبْدُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ: لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْكَ بَعْدَ مَوْتِي قَالُوا يَصِيرُ مُدَبَّرًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَنْ فُلَانٍ فَهُوَ مُدَبَّرٌ عَنْ نَفْسِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِرَقَبَتِكَ لَكَ فَقَالَ: لَا أَقْبَلُ فَهُوَ مُدَبَّرٌ وَلَيْسَ رَدُّهُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدَيْنِ لَهُ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَلَهُ وَصِيَّةٌ مِائَةٍ، ثُمَّ مَاتَ عَتَقَا وَلَهُمَا وَصِيَّةُ مِائَةِ دِرْهَمٍ بَيْنَهُمَا وَلَوْ قَالَ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ بَطَلَتْ إحْدَى الْمِائَتَيْنِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا عَبْدٌ فَلَا يَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْتُكَ فَأَنْت مُدَبَّرٌ فَمَلَكَ بَعْضَهُ لَمْ يَصِرْ مُدَبَّرًا، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَةٍ لَا يَمْلِكُهَا: إذَا اشْتَرَيْتُكِ فَأَنْت حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُكِ وَمُتُّ فَأَنْت حُرَّةٌ فَاشْتَرَاهَا تَصِيرُ مُدَبَّرَةً فَإِنْ أَعْتَقَهَا، ثُمَّ ارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ سُبِيَتْ فَاشْتَرَاهَا لَمْ تَكُنْ مُدَبَّرَةً حَتَّى لَوْ مَاتَ لَا تُعْتَقُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَةٍ: إنْ مَلَكْتُكِ فَأَنْت حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي فَوَلَدَتْ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا تَصِيرُ الْأُمُّ مُدَبَّرَةً دُونَ الْوَلَدِ وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى: وَلَدْتِ قَبْلَ التَّدْبِيرِ، وَقَالَتْ بَلْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ وَالْبَيِّنَةُ لَهَا. وَلَوْ قَالَ: لِأَمَتَيْنِ إنْ مَلَكْتُكُمَا فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرَيْنِ فَمَلَكَ إحْدَاهُمَا، وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ مَلَكَ الْأُخْرَى عَتَقَتَا عَنْ دُبُرِهِ، وَوَلَدُ الْأُولَى رَقِيقٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ كَلَامِكَ فُلَانًا وَبَعْدَ مَوْتِي فَكَلَّمَ فُلَانًا كَانَ مُدَبَّرًا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: إذَا كَلَّمْتَ فُلَانًا فَأَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَكَلَّمَهُ صَارَ مُدَبَّرًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إنْ لَمْ تَشْرَبْ الْخَمْرَ فَأَقَامَ أَشْهُرًا بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَلَمْ يَشْرَبْ الْخَمْرَ، ثُمَّ شَرِبَ الْخَمْرَ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ بَطَلَ عِتْقُهُ فَإِنْ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ فَأَمْضَى فِيهِ الْعِتْقَ، ثُمَّ شَرِبَ الْخَمْرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُرَدَّ إلَى الرِّقِّ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إنْ شِئْتَ السَّاعَةَ فَشَاءَ الْعَبْدُ مِنْ سَاعَتِهِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى فَإِنْ نَوَى بِالْمَشِيئَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ مَشِيئَةٌ حَتَّى يَمُوتَ الْمَوْلَى فَإِنْ مَاتَ فَشَاءَ عِنْدَ مَوْتِهِ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ بِغَيْرِ تَدْبِيرٍ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ يَقُولُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِإِعْتَاقٍ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ الْوَصِيِّ وَبِهِ جَزَمَ الْحَاكِمُ فِي مُخْتَصَرِهِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ، ثُمَّ فِي ظَاهِرِ الْجَوَابِ تُعْتَبَرُ الْمَشِيئَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى فِي الْمَجْلِسِ، كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْتَ بَعْدَ مَوْتِي فَمَاتَ الْمَوْلَى وَقَامَ الْعَبْدُ مِنْ مَجْلِسِهِ الَّذِي عَلِمَ فِيهِ بِمَوْتِ الْمَوْلَى أَوْ أَخَذَ فِي عَمَلٍ آخَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ شَيْئًا مِمَّا جَعَلَهُ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: دَبِّرْ عَبْدِي فَأَعْتَقَهُ الْمَأْمُورُ لَا يَصِحُّ وَإِذَا جَعَلَ الرَّجُلُ أَمْرَ

عَبْدِهِ إلَى صَبِيٍّ فَقَالَ: دَبِّرْهُ إنْ شِئْتَ فَدَبَّرَهُ فَهُوَ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ أَوْ لَا يَعْقِلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ لِرَجُلَيْنِ دَبِّرَا عَبْدِي فَدَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا جَازَ وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَهُ فِي التَّدْبِيرِ إلَيْهِمَا بِأَنْ قَالَ: جَعَلْتُ أَمَرَهُ إلَيْكُمَا فِي التَّدْبِيرِ فَدَبَّرَ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. رَجُلٌ قَالَ فِي مَرَضِهِ: أَعْتِقُوا عَنِّي فُلَانًا بَعْدَ مَوْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ: هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الِاسْتِحْسَانِ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ هُوَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَمْرِ بِالْإِعْتَاقِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ وَمَنْ دَبَّرَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ فَهُوَ مُدَبَّرٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَبَّرَ أَحَدُهُمَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْتَصِرُ التَّدْبِيرُ عَلَى نَصِيبِ الْمُدَبِّرِ وَلِلشَّرِيكِ السَّاكِتِ فِي نَصِيبِهِ خِيَارَاتٌ خَمْسَةٌ: إنْ كَانَ الْمُدَبَّرُ مُوسِرًا إنْ شَاءَ دَبَّرَ نَصِيبَهُ كَمَا دَبَّرَ وَكَانَ مُدَبَّرَا بَيْنَهُمَا فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ الثُّلُثِ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلثَّانِي إلَّا إذَا مَاتَ الْآخَرُ قَبْلَ أَخْذِ السِّعَايَةِ بَطَلَتْ السِّعَايَةُ، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ فَإِذَا أَعْتَقَ صَحَّ عِتْقُهُ، وَلِلْمُدَبَّرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُعْتِقِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ مُدَبَّرًا وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَلِلْمُعْتِقِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا ضَمِنَ، وَإِنْ شَاءَ الْمُدَبِّرُ أَعْتَقَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَاهُ فَيَعْتِقُ إذَا أَدَّى ذَلِكَ النِّصْفَ، وَلِلْمُدَبِّرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ فَيَسْتَسْعِيهِ فَإِذَا أَدَّى عَتَقَ، وَإِنْ مَاتَ الْمُدَبِّرُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ السِّعَايَةَ بَطَلَتْ السِّعَايَةُ وَعَتَقَ ذَلِكَ النِّصْفُ ثُلُثُ مَالِهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ كَذَلِكَ فَإِذَا مَاتَ يَكُونُ نَصِيبُهُ مَوْرُوثًا عَنْهُ لِلْوَرَثَةِ فَيَكُونُ الْخِيَارُ لِلْوَرَثَةِ فِي الْعِتْقِ وَالسِّعَايَةِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُدَبِّرُ عَتَقَ ذَلِكَ النِّصْفُ مِنْ الثُّلُثِ، وَلِغَيْرِ الْمُدَبِّرِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُدَبِّرَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ إذَا كَانَ مُوسِرًا فَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُدَبِّرِ وَلِلْمُدَبِّرِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى مَاتَ عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ وَسَعَى لِلنِّصْفِ الْآخَرِ كَامِلًا لِلْوَرَثَةِ، وَخِيَارَاتٌ: أَرْبَعَةٌ إنْ كَانَ الْمُدَبِّرُ مُعْسِرًا وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ تَضْمِينِ الْمُدَبِّرِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. عَبْدٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ دَبَّرَاهُ مَعًا فَقَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ قَدْ دَبَّرْتُك أَوْ قَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبِي مِنْكَ مُدَبَّرٌ أَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ: إذَا مِتُّ فَأَنْت حُرٌّ أَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ: إذَا مِتُّ فَأَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَخَرَجَ الْكَلَامُ مِنْهُمَا مَعًا صَارَ مُدَبَّرًا لَهُمَا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْآخَرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ، وَإِنْ شَاءَ كَاتَبَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ عَلَى حَالِهِ فَإِذَا مَاتَ الْبَاقِي مِنْهُمَا قَبْلَ أَخْذِ السِّعَايَةِ بَطَلَتْ السِّعَايَةُ وَعَتَقَ إنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ قَالَا: إذَا مُتْنَا فَأَنْت حُرٌّ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِنَا وَخَرَجَ كَلَامُهُمَا مَعًا لَا يَصِيرُ مُدَبَّرًا إلَّا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا يَصِيرُ نَصِيبُ الْبَاقِي مِنْهُمَا مُدَبَّرًا، وَصَارَ نَصِيبُ الْمَيِّتِ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ وَلَهُمْ الْخِيَارَاتُ إنْ شَاءُوا أَعْتَقُوا، وَإِنْ شَاءُوا دَبَّرُوا، وَإِنْ شَاءُوا كَاتَبُوا، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَسْعَوْا، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الشَّرِيكَ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِذَا مَاتَ الْآخَرُ عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْ الثُّلُث. مُدَبَّرَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ جَاءَتْ بِوَلَدٍ وَلَمْ يَدَّعِهِ أَحَدُهُمَا فَهُوَ مُدَبَّرٌ بَيْنَهُمَا كَأُمِّهِ فَإِنْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَصَارَ نِصْفُ الْجَارِيَةِ أُمَّ وَلَدٍ وَنِصْفُهَا مُدَبَّرًا عَلَى حَالِهَا لِلشَّرِيكِ وَيَغْرَمُ الْمُدَّعِي نِصْفَ الْعُقْرِ لِشَرِيكِهِ وَنِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ مُدَبَّرًا وَلَا يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ فَإِنْ مَاتَ الْمُدَّعِي أَوَّلًا عَتَقَ نَصِيبَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَلَا يَضْمَنُ لِلسَّاكِتِ شَيْئًا وَتَسْعَى فِي نَصِيبِ الْآخَرِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا فَإِنْ مَاتَ الْآخَرُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ السِّعَايَةَ عَتَقَ كُلُّهَا إنْ خَرَجَتْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَبَطَلَتْ السِّعَايَةُ عَنْهَا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ مَاتَ الَّذِي لَمْ يَدَّعِ أَوَّلًا عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا تَسْعَى فِي نَصِيبِ الْآخَرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ لَمْ يَمُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَتَّى وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ فَادَّعَاهُ الثَّانِي ثَبَتَ النَّسَبُ

اسْتِحْسَانًا وَلَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا مِنْ الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ وَلَدٌ لِلشَّرِيكِ وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ لَا قِيمَةَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا وَيَضْمَنُ نِصْفَ الْعُقْرِ، وَإِنْ ادَّعَى الْأَوَّلُ الثَّانِيَ أَيْضًا يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْعُقْرِ بِالْوَطْءِ الثَّانِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْمُدَبَّرَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ ادَّعَيَاهُ جَمِيعًا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا جَمِيعًا وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ كَتَبَ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ أَنَّ عَبْدَهُ فُلَانًا حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ مَاتَ وَجَحَدَتْ الْوَرَثَةُ لِمَا وُجِدَ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ فَهُوَ مَمْلُوكٌ؛ لِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا إعْتَاقَهُ، وَإِنْ ادَّعَى الْعَبْدُ عِلْمَ الْوَرَثَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ مَعَ أَيْمَانِهِمْ عَلَى عِلْمِهِمْ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. إذَا دَبَّرَ الرَّجُلُ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُدَبَّرٌ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. دَبَّرَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ لَا يَبِيعُهَا وَلَا يَهَبُهَا وَلَا يُمْهِرُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالثَّانِي لِأَكْثَرَ مِنْهَا بِيَوْمٍ فَهُمَا مُدَبَّرَانِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ دَبَّرَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ، ثُمَّ كَاتَبَ الْأَمَةَ يَجُوزُ فَإِنْ وَضَعَتْ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مَقْصُودٌ بِالتَّدْبِيرِ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى وَمُكَاتَبٌ تَبَعًا لِلْأُمِّ فَإِنْ أَدَّتْ الْأُمُّ بَدَلَ الْكِتَابَةِ إلَى الْمَوْلَى عَتَقَا بِالْكِتَابَةِ، وَإِنْ لَمْ تُؤَدِّ حَتَّى مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَ الْوَلَدُ بِالتَّدْبِيرِ وَتَبْقَى الْأُمُّ مُكَاتَبَةً عَلَى حَالِهَا، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْمَوْلَى لَكِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ سَعَى الْوَلَدُ فِيمَا عَلَى الْأُمِّ عَلَى نُجُومِ الْأُمِّ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ يَعْتِقُ بِحُكْمِ التَّدْبِيرِ وَتَبْقَى الْأُمُّ مُكَاتَبَةً عَلَى حَالِهَا، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْمَوْلَى لَكِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ سَعَى الْوَلَدُ فِيمَا عَلَى الْأُمِّ عَلَى نُجُومِ الْأُمِّ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ يَعْتِقُ بِحُكْمِ التَّدْبِيرِ وَيَبْرَأُ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ يَعْتِقُ بِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ بِغَيْرِ سِعَايَةٍ بِجِهَةِ التَّدْبِيرِ، وَيَلْزَمُ السِّعَايَةُ فِي الْبَاقِي مِنْ رَقَبَتِهِ بِجِهَةِ التَّدْبِيرِ وَبَعْدَ هَذَا يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ مَضَى فِي الْكِتَابَةِ، وَإِنْ شَاءَ مَضَى فِي السِّعَايَةِ بِجِهَةِ التَّدْبِيرِ، وَإِنْ كَانَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ أَوْ أَكْثَرَهَا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ دَبَّرَ أَحَدُهُمَا مَا فِي بَطْنِهَا فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ هَذَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ صَارَ نَصِيبُهُ مُدَبَّرًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَكُونُ لِلسَّاكِتِ فِي نَصِيبِهِ خِيَارَاتٌ خَمْسَةٌ: إنْ كَانَ الْمُدَبِّرُ مُوسِرًا إنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَصِيرُ نَصِيبُهُ مُدَبَّرًا، وَإِذَا كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا: مَا فِي بَطْنِكَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَقَالَ الْآخَرُ لِلْأَمَةِ: أَنْتِ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي فَوَلَدَتْ بَعْدَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْوَلَدُ كُلُّهُ يَصِيرُ مُدَبَّرًا بَيْنَهُمَا، وَلَا ضَمَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي الْوَلَدِ وَأَمَّا فِي الْأُمِّ فَلِلَّذِي لَمْ يُدَبِّرْ الْأُمَّ فِي نَصِيبِهِ خِيَارَاتٌ خَمْسَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ نِصْفُ الْجَارِيَةِ مُدَبَّرًا لِلَّذِي دَبَّرَهَا، وَيَصِيرُ نِصْفُ الْوَلَدِ مُدَبَّرًا تَبَعًا لِلْجَارِيَةِ فَإِنْ اخْتَارَ السَّاكِتُ بَعْدَ ذَلِكَ تَضْمِينَ الْمُدَبِّرِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنْ الْجَارِيَةِ فَلَا ضَمَانَ لَهُ عَلَى الْمُدَبِّرِ بِسَبَبِ الْوَلَدِ، وَإِنْ اخْتَارَ السَّاكِتُ اسْتِسْعَاءَ الْجَارِيَةِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْوَلَدَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ صَارَ نِصْفُ الْوَلَدِ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُدَبَّرًا تَبَعًا وَإِذَا كَانَ تَبَعًا فِي التَّدْبِيرِ يَكُونُ تَبَعًا فِي السِّعَايَةِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ جَارِيَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَهِيَ حَامِلٌ فَدَبَّرَ أَحَدُهُمَا مَا فِي بَطْنِهَا وَأَعْتَقَ الْآخَرُ الْأُمَّ فَاَلَّذِي دَبَّرَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ، وَلَيْسَ لِلْمُدَبَّرِ تَضْمِينُ الْحَمْلِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. تَدْبِيرُ الصَّبِيِّ عَبْدَهُ لَا يَصِحُّ وَيَسْتَوِي فِيهِ التَّنْجِيزُ وَالتَّعْلِيقُ بِبُلُوغِهِ حَتَّى إذَا قَالَ الصَّبِيُّ لِعَبْدِهِ: إذَا أَدْرَكْتُ فَأَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ الْغَالِبُ لَا يَصِحُّ

تَدْبِيرُهُمَا وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ السَّكْرَانِ، وَكَذَلِكَ الْمُكْرَهُ عَلَى التَّدْبِيرِ إذَا دَبَّرَ يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ، وَالْمُكَاتَبُ إذَا دَبَّرَ مَمْلُوكًا مِنْ كَسْبِهِ لَا يَصِحُّ، وَكَذَا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا دَبَّرَ لَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ دَبَّرَ عَبْدَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ عَقْلُهُ فَالتَّدْبِيرُ عَلَى حَالِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ لِإِنْسَانٍ، ثُمَّ جُنَّ، ثُمَّ مَاتَ حَيْثُ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. دَبَّرَ الذِّمِّيُّ عَبْدَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ يُعْتَقُ بِالسِّعَايَةِ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ السِّعَايَةِ عَتَقَ وَبَطَلَتْ السِّعَايَةُ فَلَوْ صَالَحَهُ الْمَوْلَى مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَعَجَزَ يُنْتَقَضُ الصُّلْحُ فِي حَقِّ الْفَضْلِ وَيَسْعَى فِي مِقْدَارِ قِيمَتِهِ. حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ فَدَبَّرَ عَبْدَهُ، ثُمَّ أُسِرَ الْحَرْبِيُّ يُعْتَقُ الْمُدَبَّرُ، وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَخَرَجَ إلَيْنَا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ. ارْتَدَّ الْعَبْدُ الْمُدَبَّرُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ أَسَرَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ، ثُمَّ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ فَأَسْلَمَ رُدَّ عَلَى مَوْلَاهُ وَيَكُونُ مُدَبَّرًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُدَبَّرٌ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ فَإِنْ قَالَ: عَنَيْتُ بِهِ الْحُرِّيَّةَ يُعْتَقُ، وَإِنْ قَالَ: عَنَيْت التَّدْبِيرَ صَارَ مُدَبَّرًا، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَالْقَوْلِ فِي الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ نِصْفُهُ مَجَّانًا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَنِصْفُهُ بِالتَّدْبِيرِ إنْ خَرَجَ عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ عَتَقَ النِّصْفُ مَجَّانًا وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ النِّصْفِ وَهُوَ ثُلُثُ الْكُلِّ، وَلَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ فَقَالَ: أَحَدُكُمَا مُدَبَّرٌ أَوْ حُرٌّ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا وَالْقَوْلُ فِي الصِّحَّةِ عَتَقَ رُبْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَجَّانًا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَرُبْعُ كُلِّ وَاحِدٍ بِالتَّدْبِيرِ مِنْ الثُّلُثِ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتُمَا حُرَّانِ أَوْ مُدَبَّرَانِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا عَتَقَ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ بِالْعِتْقِ الْبَاتِّ وَنِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ بِالتَّدْبِيرِ هَذَا إذَا كَانَ الْقَوْلُ فِي الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمَرَضِ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ لِعَبْدِهِ وَمُدَبَّرِهِ: أَحَدُكُمَا مُدَبَّرٌ وَالْآخَرُ حُرٌّ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ الْقِنُّ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَالْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ عَكَسَ فَقَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ وَالْآخَرُ مُدَبَّرٌ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ إخْبَارٌ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَقُ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَالنِّصْفُ بِالتَّدْبِيرِ مِنْ الثُّلُثِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ، وَالْآخَرُ مُدَبَّرٌ يُعْتَقُ الْقِنُّ وَالْمُدَبَّرُ مُدَبَّرٌ بِحَالِهِ، وَهَذَا قَوْلُهُمْ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لِمُدَبَّرَيْنِ لَهُ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَرَدَّ مِنْ هَذَيْنِ الْمُدَبَّرَيْنِ وَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدٌ فَقَالَ لِلْمُدَبَّرِ الثَّابِتِ وَلِلْعَبْدِ الدَّاخِلِ: أَحَدُكُمَا مُدَبَّرٌ عَتَقَ الْمُدَبَّرُ الَّذِي خَرَجَ بَعْدَ قَوْلِهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ وَالْعَبْدُ الدَّاخِلُ عَلَى حَالِهِ لَا يُعْتَقُ شَيْءٌ مِنْهُ وَبَقِيَ الْمُدَبَّرُ الثَّابِتُ مُدَبَّرًا، وَإِنْ قَالَ لِمُدَبَّرَيْنِ وَلِقِنٍّ لَهُ فِي صِحَّتِهِ: أَحَدُكُمْ مُدَبَّرٌ وَأَحَدُ الْبَاقِينَ حُرٌّ، وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ كَانَ لِلْقِنِّ نِصْفُ الْعِتْقِ الْبَاتِّ فَيُعْتَقُ مِنْ الْعَبْدِ نِصْفُهُ وَيَسْعَى فِي النِّصْفِ الْبَاقِي، وَنِصْفُ الْعِتْقِ بَيْنَ الْمُدَبَّرَيْنِ فَيُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ بِالْعِتْقِ الْبَاتِّ، وَثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ مِنْ الثُّلُثِ بِالتَّدْبِيرِ، وَكَذَا لَوْ عَكَسَ الْمَسْأَلَةَ بِأَنْ قَدَّمَ الْحُرِّيَّةَ، وَقَالَ: أَحَدُكُمْ حُرٌّ وَأَحَدُ الْآخَرَيْنِ مُدَبَّرٌ يَكُونُ نِصْفُ الْعِتْقِ الْبَاتِّ لِلْقِنِّ وَنِصْفُهُ لِلْمُدَبَّرِ لِكُلِّ وَاحِدٍ الرُّبْعُ وَهِيَ رِوَايَةُ الزِّيَادَاتِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ: الصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ فِي الزِّيَادَاتِ، كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَلَوْ قَالَ: أَحَدُكُمْ مُدَبَّرٌ وَالْبَاقِيَانِ حُرَّانِ عَتَقَ الْقِنُّ وَنِصْفُ كُلِّ مُدَبَّرٍ بِالْإِعْتَاقِ وَلَوْ قَدَّمَ الْعِتْقَ فَقَالَ: أَحَدُكُمْ حُرٌّ وَالْبَاقِيَانِ مُدَبَّرَانِ عَتَقَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ بِالْإِعْتَاقِ وَلَوْ قَالَ لِمُدَّبَّرٍ وَقِنَّيْنِ: أَحَدُكُمْ مُدَبَّرٌ وَالْبَاقِيَانِ حُرَّانِ عَتَقَ الْقِنَّانِ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَالْأَوَّلُ خَبَرٌ، وَلَوْ قَالَ: أَحَدُكُمْ حُرٌّ وَالْبَاقِيَانِ مُدَبَّرَانِ عَتَقَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ بِالْإِعْتَاقِ وَثُلُثَا كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الثُّلُثِ بِالتَّدْبِيرِ، وَكَذَا لَوْ كَانُوا عَبِيدًا فَقَالَ: أَحَدُكُمْ حُرٌّ وَالْبَاقِيَانِ مُدَبَّرَانِ عَتَقَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَالْبَاقِي بِالتَّدْبِيرِ، وَلَوْ عَكَسَ فَقَالَ: أَحَدُكُمْ مُدَبَّرٌ وَالْبَاقِيَانِ حُرَّانِ عَتَقَ كُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثَاهُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي

الْكَافِي. لَوْ قَالَ لِثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ أَحَدُهُمْ مُدَبَّرٌ: اثْنَانِ مِنْكُمْ حُرَّانِ أَوْ مُدَبَّرَانِ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَكَانَ الْقَوْلُ مِنْهُ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ بِالْإِيجَابِ الْبَاتِّ وَبَقِيَ ثُلُثَا الْمُدَبَّرِ مُدَبَّرًا كَمَا كَانَ وَصَارَ رُبْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ مُدَبَّرًا أَيْضًا بِالتَّدْبِيرِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَخْرُجُ رَقَبَةٌ وَسُدُسٌ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ الْمُدَبَّرُ الْمَعْرُوفُ كُلُّهُ وَعَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ ثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ وَنِصْفُ سُدُسِ الثُّلُثِ بِالْعِتْقِ الْبَاتِّ وَالرُّبْعُ بِالتَّدْبِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُسِّمَ الثُّلُثُ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ وَحَقُّ الْمُدَبَّرِ الْمَعْرُوفِ فِي الثُّلُثَيْنِ وَحَقُّ الْعَبْدَيْنِ فِي النِّصْفِ وَأَقَلُّ حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَنِصْفٌ سِتَّةٌ، وَحَقُّ الْمُدَبَّرِ الْمَعْرُوفِ فِي أَرْبَعَةٍ وَحَقُّ الْعَبْدَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ فَبَلَغَ سِهَامُ الْوَصِيَّةِ سَبْعَةً وَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ وَالْكُلُّ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ، وَصَارَ ثُلُثَا كُلِّ عَبْدٍ سَبْعَةً؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْعِتْقِ الْبَاتِّ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ ثُلُثَاهُ وَإِذَا صَارَ ثُلُثَا الْعَبْدِ سَبْعَةً فَكَانَ الْعَبْدُ التَّامُّ عَشَرَةً وَنِصْفًا فَانْكَسَرَ فَضَعَّفْنَاهُ فَصَارَ كُلُّ عَبْدٍ أَحَدًا وَعِشْرِينَ فَنَقُولُ: عَتَقَ مِنْ الْمُدَبَّرِ الْمَعْرُوفِ بِالْإِيجَابِ الْبَاتِّ الثُّلُثُ سَبْعَةٌ وَعَتَقَ مِنْهُ بِالتَّدْبِيرِ بَعْدَ التَّضْعِيفِ ثَمَانِيَةٌ وَيَسْعَى فِي سِتَّةٍ وَهُوَ قَدْرُ سُبْعَيْهِ، وَعَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ بِالْعِتْقِ الْبَاتِّ الثُّلُثُ وَبِالتَّدْبِيرِ بَعْدَ التَّضْعِيفِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ، وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي أَحَدَ عَشَرَ وَهُوَ قَدْرُ ثَلَاثَةِ أَسْبَاعِهِ وَثُلُثَيْ سُبْعِهِ فَبَلَغَ سِهَامُ الْوَصَايَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَسِهَامُ السِّعَايَةِ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْبَيَانِ، ثُمَّ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْعَبِيدِ يُنْظَرُ إنْ مَاتَ الْمُدَبَّرُ الْمَعْرُوفُ صَارَ مُسْتَوْفِيًا وَصِيَّتَهُ ثَمَانِيَةً وَتَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ سِتَّةً فَيَكُونُ التَّوَى عَلَى الْوَرَثَةِ، وَعَلَى الْمُوصَى لَهُمْ عَلَى الشَّرِكَةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ هَكَذَا أَنْ لَوْ قُسِّمَ الْبَاقِي عَلَى السِّهَامِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ التَّوَى فَنَقُولُ: حَقُّ الْوَرَثَةِ فِي ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ وَحَقُّ الْعَبْدَيْنِ فِي سِتَّةٍ فَجُمْلَتُهُ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ فَصَارَ ثُلُثَا كُلِّ رَقَبَةٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ سَبْعَةَ عَشَرَ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِالتَّدْبِيرِ ثَلَاثَةٌ. وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَقَدْ صَارَ الْمُدَبَّرُ الْمَعْرُوفُ مُسْتَوْفِيًا وَصِيَّتَهُ ثَمَانِيَةً فَبَلَغَ سِهَامُ الْوَصَايَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَسِهَامُ السِّعَايَةِ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْمُدَبِّرُ، وَلَكِنْ مَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا وَصِيَّتَهُ ثَلَاثَةً وَتَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ فَيَكُونُ التَّوَى عَلَى الْكُلِّ وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى قَدْرِ حَقِّ الْوَرَثَةِ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ وَعَلَى حَقِّ الْمُدَبَّرِ ثَمَانِيَةٌ، وَعَلَى قَدْرِ حَقِّ الْعَبْدِ الْبَاقِي ثَلَاثَةٌ فَيَكُون جُمْلَةُ السِّهَامِ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ فَصَارَ ثُلُثَا كُلِّ رَقَبَةٍ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَالْعَبْدِ الْبَاقِي تِسْعَةَ عَشَرَ وَنِصْفًا عَتَقَ مِنْ الْمُدَبَّرِ ثَمَانِيَةٌ وَيَسْعَى فِي أَحَدَ عَشَرَ وَنِصْفٍ وَعَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ الْبَاقِي ثَلَاثَةٌ وَيَسْعَى فِي سِتَّةَ عَشَرَ وَنِصْفٍ وَالْعَبْدُ صَارَ مُسْتَوْفِيًا وَصِيَّتَهُ ثَلَاثَةً فَبَلَغَ سِهَامُ الْوَصَايَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَسِهَامُ السِّعَايَةِ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدَانِ وَبَقِيَ الْمُدَبَّرُ صَارَا مُسْتَوْفِيَيْنِ وَصِيَّتَهُمَا سِتَّةً وَتَوَى مَا عَلَيْهِمَا مِنْ السِّعَايَةِ فَيَكُونُ التَّوَى عَلَى الْكُلِّ وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَسَّمَ الْبَاقِي عَلَى قَدْرِ سِهَامِ الْوَرَثَةِ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ وَعَلَى قَدْرِ حَقِّ الْمُدَبَّرِ ثَمَانِيَةً فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ: سِتَّةً وَثَلَاثِينَ فَصَارَ ثُلُثَا رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ عَتَقَ مِنْهُ ثَمَانِيَةٌ وَيَسْعَى فِي ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ، وَالْعَبْدَانِ الْمَيِّتَانِ صَارَا مُسْتَوْفِيَيْنِ وَصِيَّتَهُمَا سِتَّةً فَبَلَغَ سِهَامُ الْوَصَايَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَسِهَامُ السِّعَايَةِ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْمَوْلَى حَتَّى مَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَهُ فَنَقُولُ: إذَا مَاتَ الْمُدَبَّرُ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى زَالَتْ مُزَاحَمَتُهُ فِي الْعِتْقِ وَبَقِيَ الْعِتْقُ الْبَاتُّ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ فَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى شَاعَ فِيهِمَا وَعَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ بِالْإِيجَابِ الْبَاتِّ وَصَارَ رُبْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مُدَبَّرَا بِالتَّدْبِيرِ. فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَخْرُجُ نِصْفُ الرَّقَبَةِ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ: النِّصْفُ بِالْعِتْقِ الْبَاتِّ وَالرُّبْعُ بِالتَّدْبِيرِ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي رُبْعِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَمَالُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ رَقَبَةٌ

وَاحِدَةٌ فَثُلُثُهُ ثُلُثُ الرَّقَبَةِ بَيْنَهُمَا عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَاهُ النِّصْفُ بِالْعِتْقِ الْبَاتِّ وَالسُّدُسُ بِالتَّدْبِيرِ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي ثُلُثِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْمُدَبَّرُ وَلَكِنْ مَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى زَالَتْ مُزَاحَمَتُهُ، وَصَارَ الْعِتْقُ الْبَاتُّ بَيْنَ الْعَبْدِ الْبَاقِي وَبَيْنَ الْمُدَبَّرِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ بِالْعِتْقِ الْبَاتِّ وَصَارَ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَبَّرًا، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يُخْرِجُ رَقَبَةً وَاحِدَةً مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَاهُ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَإِنْ قَالَ اثْنَانِ مِنْكُمْ حُرَّانِ أَوْ مُدَبَّرَانِ، وَكَانَ الْقَوْلُ فِي الْمَرَضِ فَهُنَا يُعْتَبَرُ كَلَامُهُمَا مِنْ الثُّلُثِ، وَقُسِّمَ الثُّلُثُ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ فَحَقُّ الْمُدَبَّرِ الْمَعْرُوفِ فِي جَمِيعِ الرَّقَبَةِ وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَحَقُّ الْعَبْدَيْنِ بِحُكْمِ التَّدْبِيرِ فِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَبِحُكْمِ الْعِتْقِ الْبَاتِّ فِي الثُّلُثَيْنِ أَرْبَعَةٌ فَبَلَغَ سِهَامُ وَصِيَّةِ الْعَبْدَيْنِ سَبْعَةً وَسِهَامُ وَصِيَّةِ الْمُدَبَّرِ سِتَّةً فَبَلَغَ سِهَامُ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ وَالْكُلُّ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَصَارَ كُلُّ عَبْدٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَنَقُولُ: عَتَقَ مِنْ الْمُدَبَّرِ سِتَّةٌ وَيَسْعَى فِي سَبْعَةٍ وَعَتَقَ مِنْ الْعَبْدَيْنِ سَبْعَةٌ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ، وَنِصْفٌ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي تِسْعَةٍ وَنِصْفٍ فَبَلَغَ سِهَامُ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَسِهَامُ السِّعَايَةِ سِتَّةً وَعِشْرِينَ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ. وَإِنْ مَاتَ الْمُدَبَّرُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى تَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ فَيَكُونُ التَّوَى عَلَى الْكُلِّ وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَسَّمَ الْبَاقِي عَلَى قَدْرِ سِهَامِ الْعَبْدَيْنِ سَبْعَةً وَعَلَى قَدْرِ سِهَامِ الْوَرَثَةِ سِتَّةً وَعِشْرِينَ، فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ، وَصَارَ كُلُّ عَبْدٍ سِتَّةَ عَشَرَ وَنِصْفًا عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَقَدْ صَارَ الْمُدَبَّرُ مُسْتَوْفِيًا وَصِيَّتَهُ سِتَّةً فَبَلَغَ سِهَامُ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَسِهَامُ السِّعَايَةِ سِتَّةً وَعِشْرِينَ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ تَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ وَالتَّوَى عَلَى الْكُلِّ وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَسَّمَ الْبَاقِي عَلَى قَدْرِ حَقِّ الْوَرَثَةِ سِتَّةً وَعِشْرِينَ، وَعَلَى حَقِّ الْعَبْدِ الْبَاقِي ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ، وَحَقُّ الْمُدَبَّرِ سِتَّةٌ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا فَصَارَ كُلُّ عَبْدٍ سَبْعَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ سَهْمٍ عَتَقَ مِنْ الْمُدَبَّرِ سِتَّةٌ وَيَسْعَى فِي أَحَدَ عَشَرَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ سَهْمٍ، وَعَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ الْبَاقِي ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ، وَيَسْعَى فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَرُبْعِ سَهْمٍ وَقَدْ صَارَ الْعَبْدُ الْمَيِّتُ مُسْتَوْفِيًا وَصِيَّتَهُ ثَلَاثَةً وَنِصْفًا فَبَلَغَ سِهَامُ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَسِهَامُ السِّعَايَةِ سِتَّةً وَعِشْرِينَ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ. وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدَانِ وَبَقِيَ الْمُدَبَّرُ تَوَى مَا عَلَيْهِمَا مِنْ السِّعَايَةِ فَيُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى قَدْرِ سِهَامِ الْوَرَثَةِ سِتَّةً وَعِشْرِينَ وَعَلَى سِهَامِ الْمُدَبَّرِ سِتَّةً فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ عَتَقَ مِنْ الْمُدَبَّرِ سِتَّةٌ وَيَسْعَى فِي سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَالْعَبْدَانِ الْمَيِّتَانِ صَارَا مُسْتَوْفِيَيْنِ وَصِيَّتَهُمَا سَبْعَةً فَبَلَغَ سِهَامُ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَسِهَامُ السِّعَايَةِ سِتَّةً وَعِشْرِينَ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ فَإِنْ مَاتَ الْمُدَبَّرُ مَعَ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ تَوَى مَا عَلَيْهِمَا مِنْ السِّعَايَةِ فَيُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى قَدْرِ حَقِّ الْوَرَثَةِ سِتَّةً وَعِشْرِينَ، وَعَلَى قَدْرِ حَقِّ الْعَبْدِ الْبَاقِي ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ، فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَنِصْفًا عَتَقَ مِنْهُ ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ وَيَسْعَى فِي سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَالْمُدَبَّرُ وَالْعَبْدُ الْمَيِّتُ مُسْتَوْفِيًا وَصِيَّتَهُمَا تِسْعَةً وَنِصْفًا فَبَلَغَ سَهْمُ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَسِهَامُ السِّعَايَةِ سِتَّةً وَعِشْرِينَ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ فَإِنْ مَاتَ الْمُدَبَّرُ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى زَالَتْ مُزَاحَمَتُهُ فِي الْإِيجَابِ الْبَاتِّ، وَصَارَ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَنِصْفٍ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَخْرُجُ رَقَبَةٌ وَنِصْفٌ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَيَسْعَى فِي رُبْعِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ آخَرُ صَارَ ثُلُثُ الْمَالِ وَهُوَ ثُلُثَا رَقَبَةٍ بَيْنَهُمَا يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي ثُلُثَيْهِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى زَالَتْ مُزَاحَمَتُهُ وَبَقِيَ الْإِيجَابُ الْبَاتُّ بَيْنَ الْعَبْدِ الْبَاقِي وَبَيْنَ الْمُدَبَّرِ لِكُلِّ وَاحِدٍ النِّصْفُ، وَصَارَ نِصْفُ الْعَبْدِ الْبَاقِي مُدَبَّرًا أَيْضًا فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَخْرُجَانِ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ كَانَ ثُلُثُ الْمَالِ وَهُوَ ثُلُثَا رَقَبَةٍ

بَيْنَهُمَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ: أَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ أَنْتُمْ مُدَبَّرُونَ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَقَوْلُهُ " أَنْتُمْ أَحْرَارٌ " صَحِيحٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَقَوْلُهُ " أَوْ أَنْتُمْ مُدَبَّرُونَ " وَقَعَ لَغْوًا فِي حَقِّ الْمُدَبَّرِ الْمَعْرُوفِ وَصَحِيحًا فِي حَقِّ الْعَبْدَيْنِ كَأَنَّهُ قَالَ: أَوْ هَذَانِ الْعَبْدَانِ مُدَبَّرَانِ فَثَبَتَ بِالْإِيجَابِ الْبَاتِّ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَنِصْفٍ بَيْنَهُمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفٌ وَيَثْبُتُ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي تَدْبِيرُ رَقَبَةٍ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ صَارَ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مُدَبَّرًا وَنِصْفُ الْمُدَبَّرِ الْمَعْرُوفِ مُدَبَّرٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَخْرُجُ رَقَبَةٌ وَنِصْفٌ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقُوا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَسَّمَ ثُلُثَ مَالِهِ، وَمَالُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ رَقَبَةٌ وَنِصْفٌ فَثُلُثُهُ وَهُوَ نِصْفُ رَقَبَةٍ بَيْنَهُمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ السُّدُسُ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَاهُ النِّصْفُ بِإِيجَابِ الْبَاتِّ وَالسُّدُسُ بِالتَّدْبِيرِ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي ثُلُثِهِ، وَإِنْ كَانَ الْإِيجَابُ فِي الْمَرَضِ عَتَقُوا مِنْ الثُّلُثِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ حُرٌّ أَوْ أَنْتُمْ مُدَبَّرُونَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ أَنْتُمْ مُدَبَّرُونَ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: أَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ هَذَا وَهَذَا وَهَذَا مُدَبَّرُونَ فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَوْ أَنْتُمْ مُدَبَّرُونَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُدَبَّرٌ فَقَالَ: أَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ هَذَا وَهَذَا وَهَذَا مُدَبَّرُونَ صَحَّ الْإِيجَابَانِ فَيَثْبُتُ نِصْفُ مَا يَقْتَضِيهِ كُلُّ كَلَامٍ فَعَتَقَ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ بِالْإِيجَابِ الْبَاتِّ وَصَارَ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مُدَبَّرًا أَيْضًا بِالتَّدْبِيرِ، وَالتَّدْبِيرُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ الْإِيجَابُ فِي الْمَرَضِ عَتَقُوا مِنْ الثُّلُثِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُدَبَّرًا فَقَالَ: أَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ أَحَدُكُمْ مُدَبَّرٌ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَحَدُكُمْ مُدَبَّرٌ وَقَعَ لَغْوًا بَقِيَ الْكَلَامُ الْآخَرُ إيجَابًا فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَلَا يَكُونُ إعْتَاقًا بِالشَّكِّ، وَإِنْ قَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ حُرٌّ أَوْ مُدَبَّرٌ فَالْكَلَامَانِ بَطَلَا فِي حَقِّ الْمُدَبَّرِ وَصَحَّا فِي الْعَبْدَيْنِ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ فِي الْإِيجَابِ كَأَنَّهُ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُدَبَّرٌ فَيَبْطُلُ فِي حَقِّ الْمُدَبَّرِ وَيَصِحُّ فِي الْعَبْدَيْنِ فَثَبَتَ نِصْفُ مَا يَقْتَضِيهِ كُلُّ كَلَامٍ فَيُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ نِصْفُهُ بِالْإِيجَابِ الْبَاتِّ وَصَارَ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مُدَبَّرًا بِالتَّدْبِيرِ وَالتَّدْبِيرُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ. وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمَرَضِ عَتَقُوا مِنْ الثُّلُثِ عَلَى مَا مَرَّ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ هَذَا مُدَبَّرٌ لِلْمُدَبَّرِ الْمَعْرُوفِ وَهَذَا وَهَذَا وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ صَارُوا مُدَبَّرِينَ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ أَحَدُ الْإِيجَابَيْنِ، وَقَدْ قَامَ دَلَالَةُ اخْتِيَارِهِ التَّدْبِيرَ، وَهُوَ عَطْفُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ عَلَى التَّدْبِيرِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَثْبُتُ الْمُشَارَكَةُ فِي صِفَةِ التَّدْبِيرِ إلَّا عَلَى اعْتِبَارِ اخْتِيَارِهِ إيجَابَ التَّدْبِيرِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُدَبَّرٌ فَقَالَ: أَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ هَذَا مُدَبَّرٌ وَهَذَا وَهَذَا صَارُوا مُدَبَّرِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ هَذَا مُدَبَّرٌ وَهَذَا بَطَلَ الْإِيجَابُ الْأَوَّلُ وَصَارَ الْعَبْدُ الَّذِي تَنَاوَلَهُ التَّدْبِيرُ وَاَلَّذِي عُطِفَ عَلَيْهِ مُدَبَّرَيْنِ، وَبَقِيَ الثَّالِثُ قِنًّا لِمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ قَالَ: أَنْتُمْ أَحْرَارٌ وَهَذَانِ مُدَبَّرَانِ وَلَيْسَ فِيهِمْ مُدَبَّرٌ صَحَّ الْإِيجَابَانِ فَثَبَتَ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ: عِتْقُ رَقَبَةٍ وَنِصْفٍ بَيْنَهُمْ، وَيَثْبُتُ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي تَدْبِيرُ رَقَبَةٍ بَيْنَ اللَّذَيْنِ أَضَافَ التَّدْبِيرَ إلَيْهِمَا وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِعَبِيدِهِ: أَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ هَذَا وَهَذَانِ مُدَبَّرَانِ ثَبَتَ كُلُّ إيجَابٍ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَثَبَتَ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ: عِتْقُ رَقَبَةٍ بَيْنَ الْكُلِّ، وَبِالْكَلَامِ الثَّانِي: ثُلُثُ الْعِتْقِ لِلْمُفْرَدِ فَصَارَ لَهُ ثُلُثَا رَقَبَةٍ، وَبِالْكَلَامِ الثَّالِثِ: تَدْبِيرُ ثُلُثَيْ رَقَبَةٍ لِلْآخَرَيْنِ فَصَارَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ مُدَبَّرًا أَيْضًا، كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَخْرُجُ ثُلُثَا رَقَبَةٍ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَانِ، وَيَسْعَى فِي ثُلُثِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَارَ ثُلُثُ مَالِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَمَالُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ رَقَبَةٌ وَثُلُثَا رَقَبَةٍ فَثُلُثُهُ خَمْسَةُ أَتْسَاعِ رَقَبَةٍ بَيْنَهُمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ تُسْعَانِ وَنِصْفٌ، فَعَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْعِتْقِ الْبَاتِّ ثَلَاثَةُ أَتْسَاعٍ وَبِالتَّدْبِيرِ تُسْعَانِ وَنِصْفٌ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ثَلَاثَةِ أَتْسَاعٍ وَنِصْفٍ، وَسِعَايَةُ الْمُفْرَدِ فِي ثُلُثِهِ فَبَلَغَ سِهَامُ الْوَصَايَا خَمْسَةً وَسِهَامُ السِّعَايَةِ عَشَرَةً وَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ، كَذَا

الباب السابع في الاستيلاد

فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْبَابُ السَّابِعِ فِي الِاسْتِيلَادِ] ِ إذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ مِنْ مَوْلَاهَا فَقَدْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَوْ سَاقِطًا قَدْ اسْتَبَانَ خَلْقُهُ أَوْ بَعْضُ خَلْقِهِ إذَا أَقَرَّ بِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ الْحَيِّ الْكَامِلِ الْخَلْقِ فِي كَوْنِ الْأَمَةِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ بِأَنْ أَلْقَتْ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً أَوْ قِطْعَةً فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ تَصَرُّفٍ يُوجِبُ بُطْلَانَ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ الثَّابِتِ بِالِاسْتِيلَادِ لَا يَجُوزُ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالرَّهْنِ وَمَا لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ هَذَا الْحَقِّ فَهُوَ جَائِزٌ كَالْإِيجَارَةِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالِاسْتِكْسَابِ وَالِاسْتِغْلَالِ وَالِاسْتِمْتَاعِ، وَالْوَطْءِ وَالْأُجْرَةِ وَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ وَالْعُقْرِ وَالْمَهْرِ لِلْمَوْلَى، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِهَا لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَضَاءِ قَاضٍ آخَرَ إمْضَاءً وَإِبْطَالًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. . لِلْمَوْلَى أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ زَوَّجَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مِنْ الْمَوْلَى وَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالنَّسَبُ ثَابِتٌ مِنْ الزَّوْجِ فَإِنْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى عَتَقَ بِإِقْرَارِهِ، وَنَسَبُهُ ثَابِتٌ مِنْ الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ زَوَّجَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ أُمِّهِ لَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا رَهْنُهُ وَلَا يَسْعَى لِأَحَدٍ وَيُعْتَقُ بِمَوْتِهِ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَاسْتِخْدَامُهُ وَإِجَارَتُهُ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ جَارِيَةً لَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا وَهَذِهِ إجْمَاعِيَّةٌ فَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِالصَّحِيحِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ فَوَلَدَتْ فَادَّعَى الْمَوْلَى لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا مِنْ الْعَبْدِ، وَيُعْتَقُ بِإِقْرَارِهِ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ. وَإِذَا مَاتَ مَوْلَى أُمِّ الْوَلَدِ عَتَقَتْ سَوَاءٌ زَوَّجَهَا مَوْلَاهَا مِنْ رَجُلٍ أَمْ لَمْ يُزَوِّجْهَا لَكِنَّ عِتْقَهَا يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ سَوَاءٌ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ تَلْزَمْ السِّعَايَةُ عَلَيْهَا لَا لِغَرِيمٍ وَلَا لِوَارِثٍ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. يَسْتَوِي فِيهِ الْمَوْتُ الْحَقِيقِيُّ وَالْحُكْمِيُّ بِالرِّدَّةِ وَاللُّحُوقُ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَكَذَا الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَاسْتَوْلَدَهَا، ثُمَّ رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَاسْتُرِقَّ الْحَرْبِيُّ عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ يَكُونُ مَا فِي يَدِهَا مِنْ الْمَالِ لِلْمَوْلَى إلَّا إذَا أَوْصَى لَهَا بِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. عِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْمِلْكِ كَعِتْقِ الْمَحَارِمِ وَتَفْصِيلُهُ أُمُّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا وَارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ سُبِيَتْ وَاشْتَرَى الْمَوْلَى فَإِنَّهَا تَعُودُ أُمَّ وَلَدٍ، وَكَذَا لَوْ مَلَكَ ذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَعَتَقَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ ارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارُ الْحَرْبِ، ثُمَّ سُبِيَتْ فَاشْتَرَاهَا عَتَقَتْ، وَكَذَلِكَ ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ فَعُرِضَ الْإِسْلَامُ عَلَى مَوْلَاهَا فَأَبَى فَإِنَّهَا يُخْرِجُهَا الْقَاضِي عَنْ وِلَايَتِهِ بِأَنْ يُقَدِّرَ قِيمَتَهَا فَيَنْجُمَهَا عَلَيْهَا وَتَصِيرُ مُكَاتَبَةً إلَّا أَنَّهَا لَا تُرَدُّ إلَى الرِّقِّ وَلَوْ عَجَزَتْ نَفْسُهَا، فَإِنْ أَسْلَمَ عِنْدَ الْعَرْضِ فَهِيَ عَلَى حَالِهَا بِالِاتِّفَاقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهَا وَإِذَا مَاتَ مَوْلَاهَا النَّصْرَانِيُّ عَتَقَتْ وَسَقَطَتْ عَنْهَا السِّعَايَةُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهَا بِالْقِيمَةِ، ثُمَّ مَاتَتْ وَلَهَا وَلَدٌ وَلَدَتْهُ فِي السِّعَايَةِ سَعَى الْوَلَدُ فِيمَا عَلَيْهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْجَارِيَةُ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا مِنْ غَيْرِ الْمَوْلَى بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ، ثُمَّ مَلَكَهَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْهُ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، ثُمَّ عِنْدَنَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مِنْ وَقْتِ مَلَكَهَا لَا مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَاسْتُحِقَّتْ، ثُمَّ مَلَكَهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا اسْتَوْلَدَهَا بِالزِّنَا، ثُمَّ مَلَكَهَا: فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَيُعْتَقُ

الْوَلَدُ وَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الْأُمِّ هَكَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَلَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتُ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ وَوَلَدَتْ مِنِّي وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمَوْلَى الَّذِي هِيَ لَهُ فَإِذَا مَلَكَهَا الَّذِي أَقَرَّ بِهَذَا فَإِنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ. وَإِذَا أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَنَّ أَمَتَهُ قَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَإِنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَيَكُونُ عِتْقُهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ فِي مَرَضِهِ: وَلَدَتْ مِنِّي فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ أَوْ حَبَلٌ تُعْتَقُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. جَارِيَةٌ حُبْلَى أَقَرَّ مَوْلَاهَا أَنَّ حَمْلَهَا مِنْهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَكَذَا إذَا قَالَ: إنْ كَانَتْ حُبْلَى فَهُوَ مِنِّي فَوَلَدَتْ وَلَدًا أَوْ أَسْقَطَتْ سِقْطًا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ أَوْ بَعْضُ خَلْقِهِ وَأَقَرَّ بِهَا فَإِنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا أَنْكَرَ الْمَوْلَى الْوِلَادَةَ فَشَهِدَتْ عَلَيْهَا امْرَأَةٌ جَازَ ذَلِكَ وَثَبَتَ النَّسَبُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَمْ يَلْزَمْ وَلَمْ تَصِرْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: حَمْلُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ مِنِّي أَوْ قَالَ: مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ وَلَدٍ فَهُوَ مِنِّي، ثُمَّ قَالَ: بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ رِيحًا وَلَمْ يَكُنْ وَلَدًا فَصَدَّقَتْهُ الْأَمَةُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَتْهُ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَوْ قَالَ: مَا فِي بَطْنِهَا مِنِّي وَلَمْ يَقُلْ مِنْ حَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ رِيحًا فَصَدَّقَتْهُ الْأَمَةُ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ وَادَّعَتْ أَنَّهُ كَانَ حَمْلًا، وَقَدْ أَسْقَطَتْ سِقْطًا مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ أَقَرَّ أَنَّ أَمَتَهُ حُبْلَى مِنْهُ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ، وَقَالَتْ الْأَمَةُ: هَذَا الْوَلَدُ ذَلِكَ الْحَبَلُ وَجَحَدَ الْمَوْلَى أَنْ يَكُونَ هَذَا ذَلِكَ الْحَبَلُ فَالْأَمَةُ أُمُّ وَلَدِهِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمَوْلَى أَنَّهُ ذَلِكَ الْحَبَلُ وَأَنَّهُ مِنْهُ وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ فَهُوَ ابْنُهُ، وَقَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ الْحَبَلِ بَاطِلٌ وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ فِي أَمَتِهِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ: قَدْ وَلَدَتْ مِنِّي وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ: هِيَ حُبْلَى مِنِّي، فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ فَقَدْ أَجْمَعَا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهَا وَلَدَتْ غُلَامًا وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهَا وَلَدَتْ جَارِيَةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: إنْ كَانَ فِي بَطْنِكِ غُلَامٌ فَهُوَ مِنِّي، وَإِنْ كَانَ جَارِيَةً فَلَيْسَ مِنِّي ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ غُلَامًا كَانَ أَوْ جَارِيَةً وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِكِ وَلَدٌ فَهُوَ مِنِّي إلَى سَنَتَيْنِ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَثْبُتُ وَالتَّوْقِيتُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اشْتَرَى أَمَةً لَهَا ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمْ فَإِنْ كَانُوا وُلِدُوا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُمْ جَمِيعًا مِنْهُ، وَإِنْ كَانُوا فِي بُطُونٍ مُخْتَلِفَةٍ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا نَسَبُ الَّذِي ادَّعَاهُ وَالْبَاقِيَانِ رَقِيقَانِ وَيَبِيعُهُمَا إنْ شَاءَ وَلَوْ وُلِدُوا فِي مِلْكِهِ بِأَنْ وَلَدَتْ أَمَةُ رَجُلٍ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ فِي بُطُونٍ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنْ ادَّعَى الْأَصْغَرَ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُ الْأَصْغَرِ مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ الْآخَرَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ ادَّعَى الْأَكْبَرَ يَثْبُتُ نَسَبُ الْأَكْبَرِ مِنْهُ وَالْأَوْسَطُ وَالْأَصْغَرُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُمَا وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا مِنْهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ لَهُ جَارِيَةٌ وَطِئَهَا وَعَزَلَ عَنْهَا فَغَابَتْ زَمَانًا، ثُمَّ عَادَتْ وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ غَابَتْ قَالُوا: إنْ ذَهَبَتْ إلَى مَنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِهَا وَكَانَ أَكْبَرَ رَأْيِهِ أَنَّهَا فَجَرَتْ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ نَفْيِ الْوَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا فُجُورٌ، وَأَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهَا عَفِيفَةٌ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْفِيَ هَذَا الْوَلَدَ وَيَنْبَغِيَ أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ كَيْ لَا يُسْتَرَقَّ وَلَدُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا وَطِئَ أَمَتَهُ وَلَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا وَحَصَّنَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لَمْ يَحِلَّ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَبِيعَهُ وَيَجِبُ أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ، وَإِنْ عَزَلَ عَنْهَا وَلَمْ يُحَصِّنْهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ صَارَتْ أُمُّ الْوَلَدِ مُحَرَّمَةً عَلَى الْمَوْلَى عَلَى التَّأْبِيدِ بِأَنْ وَطِئَهَا ابْنُ الْمَوْلَى أَوْ أَبُوهُ أَوْ وَطِئَ الْمَوْلَى أُمَّهَا أَوْ ابْنَتَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ الَّذِي أَتَتْ بِهِ بَعْدَ التَّحْرِيمِ مِنْ غَيْرِ

دَعْوَتِهِ، وَإِنْ ادَّعَى يَثْبُتُ النَّسَبُ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَنَّ أَمَةً غَرَّتْ رَجُلًا مِنْ نَفْسِهَا فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا، وَوَلَدَتْ وَلَدًا، ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهَا وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْعُقْرِ عَلَى الْوَاطِئِ، ثُمَّ إذَا عَتَقَتْ رَجَعَ عَلَيْهَا الْأَبُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ فَإِنْ اشْتَرَى أَبُو الْوَلَدِ نِصْفَهَا مِنْ مَوْلَاهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِمَوْلَاهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً هِيَ أُمُّ وَلَدِ الْغَيْرِ مِنْ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِحَالِهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا، ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا مَوْلَاهَا وَقُضِيَ لَهُ بِهَا فَعَلَى أَبِي الْوَلَد وَهُوَ الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْوَلَدِ لِمَوْلَى أُمِّ الْوَلَدِ بِسَبَبِ الْغَرُورِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إنْ قَالَ: لِغُلَامٍ لَهُ لَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ هَذَا ابْنِي عَتَقَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَلْ تَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ الْأَصَحُّ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. اسْتَوْلَدَ مَوْطُوءَةَ الْأَبِ ثَبَتَ نَسَبه مِنْهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا وَطِئَ الْأَبُ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الِابْنُ أَوْ كَذَّبَهُ ادَّعَى الْأَبُ شُبْهَةً أَمْ لَمْ يَدَّعِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لَا عُقْرُهَا وَلَا قِيمَةُ وَلَدِهَا، كَذَا فِي الْكَافِي وَشَرْطُ صِحَّةِ هَذَا الِاسْتِيلَادِ أَنْ تَكُونَ الْجَارِيَةُ فِي مِلْكِ الِابْنِ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ، وَأَنْ يَكُونَ الْأَبُ صَاحِبَ وِلَايَةٍ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَى الدَّعْوَةِ أَيْضًا فَلَوْ بَاعَ الِابْنُ الْجَارِيَةَ، ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ رُدَّتْ وَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ بَاعَهَا فَادَّعَاهُ الْأَبُ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الِابْنُ كَمَا إذَا ادَّعَى الْأَجْنَبِيُّ ذَلِكَ وَصَدَّقَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا. ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ عَبْدًا فَعَتَقَ أَوْ مَجْنُونًا فَأَفَاقَ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِتْقِ وَالْإِفَاقَةِ إلَى الدَّعْوَةِ فَادَّعَاهُ لَا يَصْلُحُ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَإِنْ صَدَّقَهُ الِابْنُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَلَا يَمْلِكُ الْجَارِيَةَ وَيُعْتَقُ الْوَلَدُ عَلَى الِابْنِ بِزَعْمِهِ أَنَّهُ مَلَكَ أَخَاهُ كَذَلِكَ فِي التَّبْيِينِ وَأَمَّا الْمَعْتُوهُ لَوْ ادَّعَاهُ عِنْدَ إفَاقَتِهِ، وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ إفَاقَتِهِ فَفِي الْقِيَاسِ لَا يَصْلُحُ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عِنْدَ الْعُلُوقِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَصِحُّ لِأَنَّ الْعَتَهَ لَا يُبْطِلُ الْحَقَّ وَالْوِلَايَةَ بَلْ يَعْجِزُ عَنْ الْعَمَلِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ أَنَّ الِابْنَ زَوَّجَهَا مِنْ الْأَبِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ الْوَلَدِ وَلَا قَيِّمَةً عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَوَلَدُهَا حُرٌّ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدِ الِابْنِ بِحَيْثُ لَا تَنْتَقِلُ إلَى الْأَبِ بِالْقِيمَةِ فَدَعْوَتُهُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. أَبُو الْأَبِ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِ ابْنِهِ فَادَّعَى وَلَدَهَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا لِأَنَّ وِلَايَةَ الْجَدِّ مُنْقَطِعَةٌ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ فَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ ثَبَتَ النَّسَبُ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا وَلَا وِلَايَةَ لَهُ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا أَوْ مَجْنُونًا فَالْوِلَايَةُ لِلْجَدِّ فَتَصِحُّ دَعْوَتُهُ فَإِنْ عَادَتْ وِلَايَةُ الْأَبِ بِأَنْ أَسْلَمَ أَوْ أُعْتِقَ أَوْ أَفَاقَ قَبْلَ الدَّعْوَةِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَةُ الْجَدِّ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُرْتَدًّا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَعْوَتُهُ مَوْقُوفَةٌ فَإِنْ أَسْلَمَ الْأَبُ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْجَدِّ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ لَحِقَ وَقُضِيَ بِلِحَاقِهِ تَصِحَّ وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى الْجَارِيَةَ وَهِيَ حَامِلٌ، ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بِشِرَاءِ أَوْ بِالرَّدِّ بِعَيْبٍ أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْبَيْعِ وَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بَاعَهَا لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْجَدِّ وَلَا دَعْوَةُ الْأَبِ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الِابْنُ فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ بِالْقِيمَةِ وَيُعْتِقُ الْوَلَدَ مَجَّانًا هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ أَوْ جَارِيَةَ وَالِدِهِ أَوْ جَدِّهِ فَوَلَدَتْ وَادَّعَاهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَنْدَرِئُ عَنْهُ الْحَدُّ فَإِنْ قَالَ: أَحَلَّهَا لِي الْمَوْلَى لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمَوْلَى فِي الْإِحْلَالِ وَفِي أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى، ثُمَّ مَلَكَ الْجَارِيَةَ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ يَثْبُتُ النَّسَبُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا وَطِئَ الْمَوْلَى جَارِيَةَ مُكَاتَبِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ يَثْبُتُ

نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَعَلَيْهِ عُقْرُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا وَلَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُكَاتَبُ فِي النَّسَبِ لَمْ يَثْبُتْ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ مَلَكَ الْمَوْلَى يَوْمًا وَلَدَ جَارِيَةِ الْمُكَاتَبِ الَّذِي ادَّعَاهُ وَكَانَ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ عِنْدَ الدَّعْوَةِ بِسَبَبِ تَكْذِيبِ الْمُكَاتَبِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ عِنْدَ مَلْكِهِ إيَّاهُ وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا مَلَكَ الْمَوْلَى الْجَارِيَةَ فِي صُورَةِ التَّصْدِيقِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لَيْسَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ صَدَّقَتْهُ أَمْ كَذَّبَتْهُ، وَسَوَاءٌ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَمْ لِأَكْثَرَ أَمْ لِأَقَلَّ فَإِنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ يَثْبُتُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا ادَّعَاهُ وَعَتَقَ الْوَلَدُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، ثُمَّ إنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَعَلَيْهِ الْعَقْرُ وَالْمُكَاتَبَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى كِتَابَتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ عَجَزَتْ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَذَكَرَ فِي الْمَأْذُونِ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَلَدَتْ فَادَّعَى الْوَلَدَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَوْ كَانَ مَحْجُورًا لَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ شُبْهَةً، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً قَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ مَعَ ابْنَةٍ لَهَا مِنْ غَيْرِهِ تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ الْبِنْتَ فَإِنْ زَوَّجَ الْجَارِيَةَ رَجُلًا فَوَلَدَتْ بِنْتًا مِنْ الزَّوْجِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ هَذِهِ الْبِنْتَ فَإِنْ أَعْتَقَهُنَّ، ثُمَّ اشْتَرَاهُنَّ بَعْدَ السَّبْيِ وَالِارْتِدَادِ عُدْنَ كَمَا كُنَّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْرُمُ عَلَيْهِ بَيْعُ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَحْرُمُ بَيْعُ الْبِنْتِ الْأُولَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْرُمُ بَيْعُ الْأُمِّ وَلَا يَحْرُمُ بَيْعُ الْبِنْتَيْنِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ الْجَارِيَةَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عُلِّقَتْ فِي مُلْكِهِمَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ بِالضَّمَانِ وَهُوَ نِصْفُ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَيَسْتَوِي فِي هَذَا الضَّمَانِ الْيَسَارُ وَالْإِعْسَارُ وَيَغْرَمُ نِصْفَ الْعُقْرِ لِشَرِيكِهِ وَلَا يَضْمَنُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا، وَإِنْ ادَّعَيَاهُ جَمِيعًا فَهُوَ ابْنُهُمَا، وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدِهِمَا تَخْدُمُ لِهَذَا يَوْمًا وَلِذَلِكَ يَوْمًا وَلَا يَضْمَنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ لِصَاحِبِهِ شَيْئًا وَيَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ الْعُقْرِ فَيَكُونُ قِصَاصًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيَرِثُ الِابْنُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِيرَاثَ ابْنٍ كَامِلٍ وَيَرِثَانِ مِنْهُ مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ أَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا عَتَقَ كُلُّهَا فِي قَوْلِهِمْ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعْتِقِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَمَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عُشْرُهَا وَلِآخَرَ تِسْعَةُ أَعْشَارِهَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ مَعًا فَإِنَّهُ ابْنُهُمَا ابْنُ هَذَا كُلُّهُ وَابْنُ ذَاكَ كُلُّهُ فَإِنْ مَاتَ وَرِثَاهُ نِصْفَيْنِ، وَإِنْ جَنَى عَقَلَ عَوَاقِلَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ جَنَتْ الْأَمَةُ فَعَلَى صَاحِبِ الْعَشَرِ عُشْرُ مُوجَبِ الْجِنَايَةِ وَعَلَى الْآخَرِ تِسْعَةُ أَعْشَارِ مُوجَبِهَا، وَكَذَا وَلَاؤُهَا لَهُمَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ فَادَّعَوْهُ جَمِيعًا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمْ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أَمَّ وَلَدٍ لَهُمْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَتْ الْأَنْصِبَاءُ مُخْتَلِفَةً بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ السُّدُسُ وَلِآخَرَ الرُّبْعُ وَلِآخَرَ الثُّلُثُ وَمَا بَقِيَ لِآخَرَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمْ وَيَصِيرُ نُصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الْجَارِيَةِ أُمِّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى نَصِيبِ صَاحِبِهِ حَتَّى تَكُونَ الْخِدْمَةُ وَالْكَسْبُ وَالْغَلَّةُ عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْأَكْبَرُ، وَالْآخَرُ الْأَصْغَرُ فَهُمَا وَلَدَا مُدَّعِي الْأَكْبَرِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَطْنَيْنِ فَالْأَكْبَرُ لِمُدَّعِيهِ، وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا لِشَرِيكِهِ وَلَا يَضْمَنُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ حُرًّا وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدُ الْأَصْغَرُ لِمَنْ يَدَّعِيهِ اسْتِحْسَانًا وَيَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِلْأَوَّلِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِذَا كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِهَا غُلَامًا فَهُوَ مِنِّي، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَلَيْسَتْ مِنِّي وَقَالَ الْآخَرُ: إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِهَا جَارِيَةً فَهُوَ مِنِّي، وَإِنْ كَانَ غُلَامًا فَلَيْسَ مِنِّي فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يُخَرَّجَ

الْكَلَامَانِ مِنْهُمَا مَعًا وَفِي هَذَا الْوَجْهِ مَا وَلَدَتْ مِنْ وَلَدٍ فِي ذَلِكَ الْبَطْنِ فَهُوَ لَهُمَا جَمِيعًا سَوَاءٌ وَلَدَتْ جَارِيَةً أَوْ غُلَامًا فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِمَقَالَتِهِ، ثُمَّ وَلَدَتْ غُلَامًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْمَقَالَتَيْنِ جَمِيعًا فَهُوَ وَلَدٌ لِلَّذِي سَبَقَ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ غُلَامًا كَانَ أَوْ جَارِيَةً، وَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ فَهُوَ وَلَدُ الثَّانِي، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْمَقَالَتَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يُجَدِّدَ الدَّعْوَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَدَتْ جَارِيَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ مَلَكَاهَا فَادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأُمَّ وَادَّعَى الشَّرِيكُ الْآخَرُ الْوَلَدَ وَيُولَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِثْلُ الَّذِي ادَّعَاهُ وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مَعًا فَدَعْوَةُ الْوَلَدِ أَوْلَى لِأَنَّهَا أَسْبَقُ عَلَى دَعْوَةِ الْأُمِّ تَقْدِيرًا؛ لِأَنَّهَا دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ وَدَعْوَةُ الْأُمِّ دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ وَدَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ تَسْتَنِدُ وَدَعْوَةُ التَّحْرِيرِ تَقْتَصِرُ وَعَلَى مُدَّعِي الْوَلَدِ نِصْفُ قِيمَةِ الْأُمِّ وَنِصْفُ عُقْرُهَا وَلَا يَبْرَأُ مُدَّعِي الْوَلَدِ عَنْ ضَمَانِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ بِزَعْمِهِ حَيْثُ كَانَ فِي زَعْمِهِ أَنَّهَا ابْنَتُهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ مَلَكَاهَا صَحَّتْ دَعْوَةُ كُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ لِعَدَمِ الْمُرَجَّحِ؛ لِأَنَّ دَعْوَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ فَلَمْ يَكُنْ لِإِحْدَاهُمَا سَبْقٌ عَلَى الْأُخْرَى، وَثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ مُدَّعِي الْوَلَدِ وَثَبَتَ نَسَبُ الْجَارِيَةِ مِنْ مُدَّعِيهَا، ثُمَّ مُدَّعِي الْوَلَدِ لَا يَغْرَمُ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا فِي الْوَلَدِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا غُرْمَ عَلَى مُدَّعِي الْجَارِيَةِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ بِدَعْوَةِ الْجَارِيَةِ صَارَ كَأَنَّهُ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِ الشَّرِيكِ وَرَقَّ أُمَّ الْوَلَدِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ عِنْدَهُ وَلَا عُقْرَ عَلَى مُدَّعِي الْوَلَدِ وَلَوْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ مَلَكَاهَا بِنْتًا وَوَلَدَتْ بِنْتُهَا بِنْتًا أُخْرَى فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بِنْتًا صَحَّتْ الدَّعْوَتَانِ وَعَلَى مُدَّعِي الْأُولَى نِصْفُ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَهِيَ أُمُّ الْأُولَى وَجَدَّةُ الثَّانِيَةِ إلَّا إذَا قُتِلَتْ الْجَدَّةُ قَبْلَ الدَّعْوَةِ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْقَاتِلِ فَإِنَّ مُدَّعِيَ الْأُولَى لَا يَضْمَنُ حِينَئِذٍ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا مِنْ قِيمَةِ الْجَدَّةِ. وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْأُولَى الَّتِي ادَّعَاهَا أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلِلْأُولَى الْعُقْرُ عَلَى مُدَّعِي الثَّانِيَةِ بِتَمَامِهِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ مَلَكَاهَا بِنْتًا، ثُمَّ وَلَدَتْ هَذِهِ الْبِنْتُ بِنْتًا أُخْرَى، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالدَّعْوَةُ دَعْوَةُ الْبِنْتِ الثَّانِيَةِ وَلَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْبِنْتِ لِأَنَّهَا أَسْبَقُ لِلِاسْتِنَادِ؛ لِأَنَّ دَعْوَةَ الثَّانِيَةِ دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ، وَدَعْوَةَ الْأُولَى دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ؛ لِأَنَّ عُلُوقَهَا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهَا وَيَغْرَمُ مُدَّعِي الثَّانِيَةِ لِمُدَّعِي الْأُولَى نِصْفَ قِيمَةِ الْأُولَى وَنِصْفَ عُقْرِهَا وَلَا غُرْمَ عَلَى مُدَّعِي الْأُولَى فِي الْجَدَّةِ إنْ كَانَتْ مَيِّتَةً لِلشَّرِيكِ كَمَا يَغْرَمُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ دَعْوَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ. أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ مِنْ آخَرَ، فَقَالَ الْمُسْتَوْلَدُ زَوَّجْتُمَانِي، وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَقَالَ: الْآخَرُ بِعْنَاكَهَا فَنِصْفُهَا أُمُّ وَلَدٍ مَوْقُوفَةٌ وَلَا تَخْدُمُ لِأَحَدٍ وَنِصْفُهَا رَقِيقٌ لِلْمُقِرِّ بِالتَّزْوِيجِ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُسْتَوْلِدِ وَطْؤُهَا لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِالنِّكَاحِ وَالْمُسْتَوْلِدَ قَدْ تَصَادَقَا عَلَى النِّكَاحِ فِي النِّصْفِ وَذَلِكَ لَا يُفِيدُ الْحِلَّ وَيُعْتَقُ نِصْفُ الْوَلَدِ حِصَّةَ الْمُقِرِّ بِالْبَيْعِ وَيَسْعَى الْوَلَدُ فِي نِصْفِهِ الْآخَرِ وَلَيْسَ لِلْمُقِرِّ بِالنِّكَاحِ تَضْمِينُ الْمُسْتَوْلَدِ وَلَا تَضْمِينُ الْمُقِرِّ بِالْبَيْعِ وَعَلَى الْوَاطِئِ الْعُقْرُ لَهُمَا فَيَأْخُذُ الْمُقِرُّ بِالْبَيْعِ نِصْفَهُ ثَمَنًا وَيَأْخُذُ الْمُقِرُّ بِالنِّكَاحِ نِصْفَهُ مَهْرًا وَيُقَالُ لِلْمُقِرِّ بِالْبَيْعِ: خُذْهُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي تَدَّعِيهِ فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَوْلِدُ سَعَتْ الْجَارِيَةُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لِلْمُقِرِّ بِالنِّكَاحِ وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَيَانِ بِعْنَاكَهَا فَالْمُسْتَوْلَدُ لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَيَضْمَنُ الْعُقْرَ لَهُمَا وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ مَجْهُولَةً لَا يُعْرَفُ مَوْلَاهَا، فَقَالَ الْمُسْتَوْلَدُ زَوَّجْتُمَانِي، وَقَالَا بِعْنَاكَهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَابْنُهَا حُرٌّ وَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَهَلْ يَضْمَنُ الْعُقْرَ لَهُمَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قِيلَ: يَضْمَنُ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ فَإِنْ ادَّعَى الْوَاطِئُ الْهِبَةَ، وَهُمَا ادَّعَيَا الْبَيْعَ، وَهِيَ مَجْهُولَةٌ أَوْ قَالَا غَصَبْتُهَا، فَقَالَ صَدَقْتُمَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لَهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ صَدَّقَتْهُمْ الْأَمَةُ صُدِّقَتْ فِي

حَقِّهَا حَتَّى رُدَّتْ رَقِيقَةً لَهُمَا وَلَوْ ادَّعَى الْمُسْتَوْلَدُ الشِّرَاءَ وَالْمَوْلَى التَّزْوِيجَ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ وَهَذَا إذَا عُلِمَ أَنَّهَا لِلْمُقِرِّ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ يُعْتَقُ الْوَلَدُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَجَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ أَحَدُهُمَا حَيٌّ وَالْآخَرُ مَيِّتٌ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْمَيِّتَ وَنَفَى الْحَيُّ لَزِمَهُ الْحَيُّ وَلَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمَيِّتَ أَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْوَلَدَيْنِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَيْنَ رَجُلٍ وَابْنِهِ وَجَدِّهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ وَادَّعَوْهُ كُلُّهُمْ فَالْجَدُّ أَوْلَى، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ فَادَّعَيَاهُ مَعًا فَالْأَبُ أَوْلَى اسْتِحْسَانًا، وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرَهَا وَيَضْمَنُ الِابْنُ نِصْفَ عُقْرِهَا فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا فَادَّعَيَاهُ مَعًا فَالْمُسْلِمُ أَوْلَى هَذَا إذَا لَمْ يُسْلِمْ الذِّمِّيُّ قُبَيْلَ الدَّعْوَةِ أَمَّا إذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ، ثُمَّ وَلَدَتْ الْأَمَةُ فَادَّعَيَاهُ مَعًا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا لِاسْتِوَاءِ حَالِهِمَا وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَمُرْتَدٍّ فَالْوَلَدُ لِلْمُرْتَدِّ وَغَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ نِصْفَ الْعُقْرِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ فَالْكِتَابِيُّ أَوْلَى وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ عَبْدٍ وَمُكَاتَبٍ فَالْمُكَاتَبُ أَوْلَى وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ وَبَيْنَ حُرٍّ كَافِرٍ فَالْحُرُّ أَوْلَى وَلَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فِي الدَّعْوَى فَالسَّابِقُ أَوْلَى كَائِنًا مَنْ كَانَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَيَا زَوْجَةَ أَحَدِهِمَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ شَهْرٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَخَوَانِ أَمَةً حَامِلًا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَا يُعْتَقُ عَلَى الْعَمِّ بِالْقَرَابَةِ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ قَدْ تَقَدَّمَتْ فَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَى الدَّعْوَةِ دُونَ الْقَرَابَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ مِنْ الرَّجُلِ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا هُوَ وَآخَرُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَيَضْمَنُ لِصَاحِبِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا كَذَلِكَ إنْ وَرِثَاهَا فَإِنْ وَرِثَا مَعَهَا الْوَلَدُ وَكَانَ الشَّرِيكُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَلَدِ عَتَقَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ أَجْنَبِيًّا عَتَقَ نَصِيبُ الْأَبِ وَسَعَى لِلشَّرِيكِ فِي نَصِيبِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَيَا أَوْ وَهَبَ لَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَرَفَ الْأَجْنَبِيُّ أَنَّ شَرِيكَهُ أَبُوهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ. أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَدْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ فَاشْتَرَى الزَّوْجُ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْأُمِّ وَالْوَلَدُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لِنَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْ الْأُمِّ وَشَرِيكُهُ فِي الْوَلَدِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَاهُ، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَالَا فِي صِحَّتِهِمَا هِيَ أُمُّ وَلَدِ أَحَدِنَا، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا يُؤْمَرُ الْحَيُّ بِالْبَيَانِ دُونَ الْوَرَثَةِ فَإِنْ قَالَ: هِيَ أُمُّ وَلَدِي فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَلَمْ يَغْرَمْ مِنْ الْعُقْرِ شَيْئًا لِأَنَّهُ مَا أَقَرَّ بِوَطْئِهَا بَعْدَ مِلْكِهَا فَلَعَلَّهُ اسْتَوْلَدَهَا بِنِكَاحٍ قَبْلَ مِلْكِهَا، وَإِنْ قَالَ: هِيَ أُمُّ وَلَدِ الْمَيِّتِ عَتَقَتْ صَدَّقَتْهُ الْوَرَثَةُ أَوْ لَا وَلَا سِعَايَةَ لِلْحَيِّ، وَكَذَا لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمَرَضِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: عَنَاكِ لَمْ تَسْمَعْ فَإِنْ قَالُوا عَنَى أَبُونَا نَفْسَهُ وَلَكِنَّا لَا نُصَدِّقُهُ فَلِلْحَيِّ نِصْفُ قِيمَتِهَا فِي التَّرِكَةِ وَهِيَ تُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ فِي مِلْكِهِمَا وَأَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ وَلَدُ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَالْبَيَانُ إلَى الْحَيِّ فَإِنْ قَالَ: هُوَ وَلَدِي يَثْبُتُ النَّسَبُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدِهِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَنِصْفَ الْعُقْرِ لِلشَّرِيكِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الصِّحَّةُ وَالْمَرَضُ فَإِنْ قَالَ: فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ وَلَدُ شَرِيكِي لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَتَقَ الْوَلَدُ بِلَا شَيْءٍ، وَكَذَلِكَ عَتَقَتْ الْأُمُّ بِلَا شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ مِنْهُمَا فِي مَرَضِ الشَّرِيكِ الْمَيِّتِ فَإِنْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ هِيَ أُمُّ وَلَدِ الْحَيِّ عَتَقَا وَلَا سِعَايَةَ وَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ قَالُوا: أَقَرَّ أَبُونَا أَنَّهُ وَلَدُهُ وَلَكِنْ نَحْنُ لَا نُصَدِّقُهُ فَالْجَارِيَةُ وَالْوَلَدُ حُرَّانِ وَعَلَى الْوَرَثَةِ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَنِصْفُ عُقْرِهَا لِلْحَيِّ فِي التَّرِكَةِ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا لِأَحَدٍ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الْمَيِّتِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

كتاب الأيمان وفيه اثنا عشر بابا

[كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَفِيهِ اثْنَا عَشَرَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْأَيْمَانِ شَرْعًا وَرُكْنِهَا وَشَرْطِهَا وَحُكْمِهَا] الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا شَرْعًا وَرُكْنِهَا وَشَرْطِهَا وَحُكْمِهَا (أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا) فَالْيَمِينُ فِي الشَّرِيعَةِ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدٍ قَوِيَ بِهِ عَزْمُ الْحَلِفِ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَهِيَ نَوْعَانِ: يَمِينٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ صِفَتِهِ، وَيَمِينٌ بِغَيْرِهِ، وَهِيَ تَعْلِيقُ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ كَذَا فِي الْكَافِي. (أَمَّا الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ فَنَوْعَانِ) : أَحَدُهُمَا الْيَمِينُ بِالْآبَاءِ، وَالْأَنْبِيَاءِ، وَالصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ، وَسَائِرِ الشَّرَائِعِ، وَالْكَعْبَةِ، وَالْحَرَمِ، وَزَمْزَمَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. ، وَالثَّانِي الشَّرْطُ، وَالْجَزَاءُ، وَهَذَا النَّوْعُ يَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ: يَمِينٌ بِالْقُرَبِ، وَيَمِينٌ بِغَيْرِ الْقُرْبِ أَمَّا الْيَمِينُ بِالْقُرَبِ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ صَوْمٌ، أَوْ صَلَاةٌ، أَوْ حَجَّةٌ، أَوْ عُمْرَةٌ، أَوْ بَدَنَةٌ، أَوْ هَدْيٌ، أَوْ عِتْقُ رَقَبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٌ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْيَمِينُ بِغَيْرِ الْقُرَبِ فَهِيَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَأَمَّا رُكْنُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ) فَذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ، أَوْ صِفَتِهِ، وَأَمَّا رُكْنُ الْيَمِينِ بِغَيْرِهِ فَذِكْرُ شَرْطٍ صَالِحٍ، وَجَزَاءٍ صَالِحٍ كَذَا فِي الْكَافِي وَالشَّرْطُ الصَّالِحُ مَا يَكُونُ مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ، وَالْجَزَاءُ الصَّالِحُ مَا يَكُونُ مُتَيَقَّنَ الْوُجُودِ، أَوْ غَالِبَ الْوُجُودِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مُضَافًا إلَى الْمِلْكِ، أَوْ إلَى سَبَبِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْجَزَاءُ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ يَمِينًا كَالْوَكَالَةِ، وَالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَقَدْ، وَكَّلْتُك، أَوْ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ لَا يَكُونُ يَمِينًا كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ هَكَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. (وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى) فَفِي الْحَلِفِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا بَالِغًا، فَلَا يَصِحُّ يَمِينُ الْمَجْنُونِ، وَالصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَ عَاقِلًا، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فَلَا يَصِحُّ يَمِينُ الْكَافِرِ حَتَّى لَوْ حَلَفَ الْكَافِرُ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ أَسْلَمَ فَحَنِثَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيَبْطُلُ الْيَمِينُ بِالرِّدَّةِ فَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهَا لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُهُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَتَصِحُّ يَمِينُ الْمَمْلُوكِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِلْحَالِ الْكَفَّارَةُ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ، وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ، وَكَذَا كُلُّ صَوْمٍ، وَجَبَ لِمُبَاشَرَةِ سَبَبِ الْوُجُوبِ مِنْ الْعَبْدِ كَالصَّوْمِ الْمَنْذُورِ بِهِ، وَلَوْ أُعْتِقَ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ، وَكَذَا الطَّوَاعِيَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا فَتَصِحُّ مِنْ الْمُكْرَهِ، وَكَذَا الْجِدُّ، وَالْعَمْدُ فَتَصِحُّ مِنْ الْخَاطِئِ، وَالْهَازِلِ عِنْدَنَا. وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُتَصَوَّرَ الْوُجُودِ حَقِيقَةً عِنْدَ الْحَلِفِ، وَهُوَ شَرْطُ انْعِقَادِ الْيَمِينِ فَلَا تَنْعَقِدُ عَلَى مَا هُوَ مُسْتَحِيلُ الْوُجُودِ حَقِيقَةً، وَلَا تَبْقَى إذَا صَارَ بِحَالٍ يَسْتَحِيلُ وُجُودُهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ مُتَصَوَّرَ الْوُجُودِ عَادَةً بَعْدَ أَنْ كَانَ لَا يَسْتَحِيلُ وُجُودُهُ حَقِيقَةً فَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا الثَّلَاثَةُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى تَنْعَقِدَ عَلَى مَا يَسْتَحِيلَ وُجُودُهُ عَادَةً بَعْدَ أَنْ كَانَ لَا يَسْتَحِيلُ وُجُودُهُ حَقِيقَةً. وَأَمَّا فِي نَفْسِ الرُّكْنِ فَخُلُوُّهُ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ نَحْوُ أَنْ يَقُول: إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ: إلَّا أَنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، أَوْ: إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي غَيْرُ هَذَا، أَوْ: إلَّا أَنْ أَرَى، أَوْ: إلَّا أَنْ أُحِبَّ غَيْرَ هَذَا، أَوْ قَالَ: إنْ أَعَانَنِي اللَّهُ، أَوْ: يَسَّرَ اللَّهُ، أَوْ قَالَ: بِمَعُونَةِ اللَّهِ، أَوْ: تَيْسِيرِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَوْصُولًا لَمْ يَنْعَقِدْ الْيَمِينُ، وَإِنْ كَانَ مَفْصُولًا انْعَقَدَتْ. وَأَمَّا فِي الْيَمِينِ بِغَيْرِ اللَّهِ فَفِي الْحَالِفِ كُلُّ مَا هُوَ شَرْطُ جَوَازِ الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ فَهُوَ شَرْطُ انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِهِمَا، وَمَا لَا فَلَا. وَفِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَكُونُ التَّعْلِيقُ بِأَمْرٍ كَائِنٍ يَمِينًا بَلْ تَنْجِيزًا حَتَّى لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ فَوْقَنَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ، وَفِي الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهِ، وَعَتَاقِهِ قِيَامُ الْمِلْكِ، أَوْ الْإِضَافَةُ إلَى الْمِلْكِ، أَوْ سَبَبُ الْمِلْكِ، وَفِي نَفْسِ الرُّكْنِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى: وَلَوْ قَالَ: إنْ أَعَانَنِي اللَّهُ، أَوْ: بِمَعُونَةِ اللَّهِ، وَأَرَادَ بِهِ الِاسْتِثْنَاءَ يَكُونُ مُسْتَثْنِيًا فِيمَا

الباب الثاني فيما يكون يمينا وما لا يكون يمينا وفيه فصلان

بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَدْخُلَ بَيْنَ الشَّرْطِ، وَالْجَزَاءِ حَائِلٌ فَإِذَا دَخَلَ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، وَتَعْلِيقًا بَلْ تَنْجِيزًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (الْيَمِينُ بِاَللَّهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ) غَمُوسٌ، وَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى إثْبَاتِ شَيْءٍ، أَوْ نَفْيِهِ فِي الْمَاضِي، أَوْ الْحَالِ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ فِيهِ فَهَذِهِ الْيَمِينُ يَأْثَمُ فِيهَا صَاحِبُهَا، وَعَلَيْهِ فِيهَا الِاسْتِغْفَارُ، وَالتَّوْبَةُ دُونَ الْكَفَّارَةِ. وَلَغْوٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمَاضِي، أَوْ فِي الْحَالِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ كَمَا قَالَ:، وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ بِأَنْ يَقُول: وَاَللَّهِ قَدْ فَعَلْت كَذَا، وَهُوَ مَا فَعَلَ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ فَعَلَ، أَوْ: مَا فَعَلْت كَذَا، وَقَدْ فَعَلَ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ مَا فَعَلَ، أَوْ رَأَى شَخْصًا مِنْ بَعِيدٍ فَقَالَ: وَاَللَّهِ إنَّهُ لَزَيْدٌ، وَظَنَّهُ زَيْدًا، وَهُوَ عَمْرٌو، أَوْ طَائِرًا فَقَالَ: وَاَللَّهِ إنَّهُ لَغُرَابٌ، وَظَنَّهُ غُرَابًا، وَهُوَ حِدَأَةٌ فَهَذِهِ الْيَمِينُ نَرْجُو أَنْ لَا يُؤَاخَذَ بِهَا صَاحِبُهَا، وَالْيَمِينُ فِي الْمَاضِي إذَا كَانَ لَا عَنْ قَصْدٍ لَا حُكْمَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ عِنْدَنَا. وَمُنْعَقِدَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَنْ يَفْعَلَهُ، أَوْ لَا يَفْعَلَهُ، وَحُكْمُهَا لُزُومُ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْحِنْثِ كَذَا فِي الْكَافِي. (وَالْمُنْعَقِدَةُ فِي وُجُوبِ الْحِفْظِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ) نَوْعٌ مِنْهَا يَجِبُ إتْمَامُ الْبِرِّ فِيهَا، وَهُوَ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى فِعْلِ طَاعَةٍ أُمِرَ بِهِ، أَوْ امْتِنَاعٍ عَنْ مَعْصِيَةٍ، وَذَلِكَ فَرْضٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الْيَمِينِ، وَبِالْيَمِينِ يَزْدَادُ وَكَادَةً، وَنَوْعٌ لَا يَجُوزُ حِفْظُهَا، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى تَرْكِ طَاعَةٍ، أَوْ فِعْلِ مَعْصِيَةٍ، وَنَوْعٌ يَتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْبِرِّ، وَالْحِنْثِ، وَالْحِنْثُ خَيْرٌ مِنْ الْبِرِّ فَيُنْدَبُ فِيهِ إلَى الْحِنْثِ، وَنَوْعٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْبِرُّ، وَالْحِنْثُ فِي الْإِبَاحَةِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، وَحِفْظُ الْيَمِين أَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَمَا يَكُونُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ كَالْيَمِينِ الْمَعْقُودِ، وَمَا يَكُونُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمَاضِي فَلَا يَتَحَقَّقُ اللَّغْوُ، وَالْغَمُوسُ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ يَعْلَمُ خِلَافَ ذَلِكَ، أَوْ لَا يَعْلَمُ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ، وَكَذَلِكَ الْحَلِفُ يُنْذَرُ؛ لِأَنَّ هَذَا تَحْقِيقٌ، وَتَنْجِيزٌ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا فُلَانًا فَعَلَيَّ حَجَّةٌ، وَلَمْ يَكُنْ، وَكَانَ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ فُلَانٌ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَمَنْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ عَامِدًا، أَوْ نَاسِيًا، أَوْ مُكْرَهًا فَهُوَ سَوَاءٌ، وَكَذَا مَنْ فَعَلَهُ، وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ مَجْنُونٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا يَصِحُّ يَمِينُ النَّائِمِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا تُكْرَهُ، وَلَكِنَّ تَقْلِيلَهُ أَوْلَى مِنْ تَكْثِيرِهِ، وَالْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ الْبَعْضِ، وَعِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ لَا تُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا الْوَثِيقَةُ فِي الْعُهُودِ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا كَذَا فِي الْكَافِي. [الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَكُونُ يَمِينًا وَمَا لَا يَكُونُ يَمِينًا وَفِيهِ فَصْلَانِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَحْلِيفِ الظَّلَمَةِ وَفِيمَا يَنْوِي الْحَالِفُ غَيْرَ مَا يَنْوِي الْمُسْتَحْلِفُ] الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَكُونُ يَمِينًا وَمَا لَا يَكُونُ يَمِينًا وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَحْلِيفِ الظَّلَمَةِ وَفِيمَا يَنْوِي الْحَالِفُ غَيْرَ مَا يَنْوِي الْمُسْتَحْلِفُ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِاسْمٍ آخَرَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ كَالرَّحْمَنِ، وَالرَّحِيمِ، وَجَمِيعِ أَسَامِي اللَّهِ تَعَالَى: فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ تَعَارَفَ النَّاسَ الْحَلِفَ بِهِ، أَوْ لَمْ يَتَعَارَفُوا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا عُرْفًا كَعِزَّةِ اللَّهِ، وَجَلَالِهِ، وَكِبْرِيَائِهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذِكْرِ الصِّفَاتِ هُوَ الْعُرْفُ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْبُرْجُنْدِيِّ. ، وَلَوْ قَالَ: وَرَبِّي، أَوْ: وَرَبِّ الْعَرْشِ، أَوْ: وَرَبِّ الْعَالَمِينَ كَانَ حَالِفًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَالْحَقِّ لَا أَفْعَلُ كَذَا أَنَّهُ يَمِينٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ: بِالْحَقِّ لَا أَفْعَلُ كَذَا يَكُونُ يَمِينًا وَلَوْ قَالَ: حَقًّا لَا أَفْعَلُ كَذَا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى يَكُونُ يَمِينًا، وَلَوْ قَالَ: بِحَقِّ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: وَحَقِّ اللَّهِ لَا يَكُونُ يَمِينًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَحُرْمَةِ اللَّهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ، وَحَقِّ اللَّهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ: وَعَظَمَةِ اللَّهِ، أَوْ قَالَ: وَمَلَكُوتِهِ، وَقُدْرَتِهِ، وَنَوَى

الْيَمِينَ، أَوْ لَمْ يَنْوِ يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: وَجَبَرُوتِ اللَّهِ فَهُوَ يَمِينٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ: وَقُوَّةِ اللَّهِ، وَإِرَادَتِهِ، وَمَشِيئَتِهِ، وَمَحَبَّتِهِ، وَكَلَامِهِ، يَكُونُ حَالِفًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: وَأَمَانَةِ اللَّهِ يَكُون يَمِينًا، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ قَالَ: وَعَهْدِ اللَّهِ، أَوْ قَالَ: وَذِمَّةِ اللَّهِ يَكُونُ يَمِينًا. وَلَوْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا أَفْعَلَ كَذَا، أَوْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ، أَوْ قَالَ: أَحْلِفُ، أَوْ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ، أَوْ أُقْسِمُ، أَوْ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ، أَوْ أَعْزِمُ، أَوْ أَعْزِمُ بِاَللَّهِ، أَوْ قَالَ: عَلَيْهِ عَهْدٌ، أَوْ عَلَيْهِ عَهْدُ اللَّهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا، أَوْ قَالَ: عَلَيْهِ ذِمَّةُ اللَّهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا يَكُونُ يَمِينًا. وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَيْهِ يَمِينٌ، أَوْ يَمِينُ اللَّهِ، أَوْ قَالَ: لَعَمْرُ اللَّهِ أَوْ قَالَ عَلَيْهِ نَذْرٌ أَوْ قَالَ عَلَيْهِ نَذْرُ اللَّهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا، وَيَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. بِسْمِ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا فِي الْمُخْتَارِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا إذَا نَوَى كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: وَبِسْمِ اللَّهِ يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: وَأَيْمُ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا يَكُونُ يَمِينًا، وَكَذَا أَيْمُنُ اللَّهِ، وَإِيمُ اللَّهِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَمَنْ اللَّهِ، وَمَنْ اللَّهِ، وَمِنْ اللَّهِ، وَبِمِيمٍ وَاحِدَةٍ فِي الْإِعْرَابَاتِ الثَّلَاثِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: وَمِيثَاقِهِ يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: عَلَيَّ يَمِينُ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: عَلَيَّ مِيثَاقُهُ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَلَوْ قَالَ: الطَّالِبُ، وَالْغَالِبُ لَا أَفْعَلُ كَذَا فَهُوَ يَمِينٌ، وَهُوَ مُتَعَارَفُ أَهْلِ بَغْدَادَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: بِاللَّهْ لَا أَفْعَلُ كَذَا، وَسَكَّنَ الْهَاءَ، أَوْ نَصَبَهَا، أَوْ رَفَعَهَا يَكُونُ يَمِينًا. وَلَوْ قَالَ: اللَّهْ لَا أَفْعَلَنَّ كَذَا، وَسَكَّنَ الْهَاءَ، أَوْ نَصَبَهَا لَا يَكُونُ يَمِينًا لِانْعِدَامِ حَرْفِ الْقَسَمِ إلَّا أَنْ يُعْرِبَهَا بِالْكَسْرِ فَيَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّ الْكَسْرَ يَقْتَضِي سَبْقَ حَرْفِ الْخَافِضِ، وَهُوَ حَرْفُ الْقَسَمِ، وَلَوْ قَالَ: بله لَا أَفْعَلُ كَذَا قَالُوا: لَا يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ إلَّا إذَا أَعْرَبَهَا بِالْكَسْرِ، وَقَصَدَ الْيَمِينَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقَوْلُهُ اللَّهُ اللَّهُ يَمِينٌ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ يَكُونُ يَمِينًا فِي الْأَجْنَاسِ. إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ كَانَ يَمِينًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا شَرٌّ مِنْ الْمَجُوسِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَهُوَ يَمِينٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنَا شَرِيكُ الْيَهُودِ، أَوْ شَرِيكُ الْكُفَّارِ إنْ فَعَلْت كَذَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا قَالَ: إذَا آلَيْت كَذَا، وَعَزَمْت لَا أَفْعَلُ كَذَا فَهُوَ يَمِينٌ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. فِي التَّجْرِيدِ قَالَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَلَفَ لَا يَحْلِفُ فَقَوْلُهُ إنْ قُمْت، أَوْ قَعَدْت فَأَنْت طَالِقٌ يَمِينٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ حَالِفًا كَالنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَالْكَعْبَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْبَرَاءَةُ عَنْهُ يَمِينٌ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ قَالَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ لَوْ قَالَ: وَالْقُرْآنِ لَا يَكُونُ يَمِينًا ذَكَرَهُ مُطْلَقًا، وَالْمَعْنَى فِيهِ، وَهُوَ أَنَّ الْحَلِفَ بِهِ لَيْسَ بِمُتَعَارَفٍ فَصَارَ كَقَوْلِهِ: وَعِلْمِ اللَّهِ، وَقَدْ قِيلَ هَذَا فِي زَمَانِهِمْ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَيَكُونُ يَمِينًا، وَبِهِ نَأْخُذُ، وَنَأْمُرُ، وَنَعْتَقِدُ، وَنَعْتَمِدُ، وَقَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ لَوْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ قَالَ: يَكُونُ يَمِينًا، وَبِهِ أَخَذَ جُمْهُورُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ النَّبِيِّ، وَالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي الْكَافِي. سُئِلَ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَمَّنْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الشَّفَاعَةِ إنْ فَعَلْت كَذَا قَالَ: يَكُونُ يَمِينًا، وَقَالَ: غَيْرُهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْقُرْآنِ، أَوْ الْقِبْلَةِ، أَوْ الصَّلَاةِ، أَوْ صَوْمِ رَمَضَانَ فَالْكُلُّ يَمِينٌ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَكَذَا الْبَرَاءَةُ عَنْ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَكُونُ الْبَرَاءَةُ عَنْهُ كُفْرًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْمُصْحَفِ لَا يَكُونُ يَمِينًا، وَلَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّا فِي

الْمُصْحَفِ يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ رُفِعَ كِتَابُ الْفِقْهِ، أَوْ دَفْتَرُ الْحِسَابِ فِيهِ مَكْتُوبٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَقَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّا فِيهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَفَعَلَ كَانَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْمُغَلَّظَةِ، أَوْ مِمَّا فِي الْمُغَلَّظَةِ لَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا إذَا عَرَفَ أَنَّ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَعَنَى بِهِ الْبَرَاءَةَ عَنْهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ قَالُوا: يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِينَ يَوْمًا يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ إنْ فَعَلْت كَذَا إنْ نَوَى الْبَرَاءَةَ عَنْ فَرْضِيَّتِهَا يَكُونُ يَمِينًا كَمَا لَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْأَيْمَانِ إنْ فَعَلْت كَذَا، وَإِنْ نَوَى الْبَرَاءَةَ عَنْ أَجْرِهَا لَا يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ غَيْبٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَا يَكُونُ يَمِينًا فِي الْحُكْمِ لِمَكَانِ الشَّكِّ، وَفِي الِاحْتِيَاطِ يُكَفِّرُ، وَإِنْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ حَجَّتِي الَّتِي حَجَجْت فَهَذَا لَا يَكُونُ يَمِينًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: إنْ فَعَلَتْ كَذَا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْقُرْآنِ الَّذِي تَعَلَّمَتْ حَيْثُ يَكُونُ يَمِينًا، وَلَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ عَنْ الْحِجَّةِ، وَعَنْ الصَّلَاةِ كَانَ يَمِينًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ صَوْمِي، وَصَلَاتِي، أَوْ مِمَّا صَلَّيْت، وَصُمْت لَا يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ، أَوْ نَصْرَانِيٌّ، أَوْ مَجُوسِيٌّ، أَوْ بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ، أَوْ كَافِرٌ، أَوْ يَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، أَوْ يَعْبُدُ الصَّلِيبَ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ اعْتِقَادُهُ كُفْرًا فَهُوَ يَمِينٌ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. حَتَّى لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، وَهَلْ يَصِيرُ كَافِرًا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ: شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَكْفُرُ مَتَى أَتَى بِهَذَا الشَّرْطِ، وَمَعَ هَذَا أَتَى يَصِيرُ كَافِرًا لِرِضَاهُ بِالْكُفْرِ، وَكَفَّارَتُهُ أَنْ يَقُول: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِهَذَا الشَّرْطِ لَا يَصِيرُ كَافِرًا لَا يَكْفُرُ، وَهَذَا إذَا حَلَفَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَمَّا إذَا حَلَفَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمَاضِي بِأَنْ قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ، أَوْ نَصْرَانِيٌّ، أَوْ مَجُوسِيٌّ إنْ كَانَ فَعَلَ كَذَا أَمْسِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ غَمُوسٌ، وَهَلْ يَصِيرُ كَافِرًا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ: شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّ هَذَا يَمِينٌ، وَلَا يَكْفُرُ مَتَى حَلَفَ بِهِ لَا يَكْفُرُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَكْفُرُ مَتَى حَلَفَ بِهِ يَكْفُرُ لِرِضَاهُ بِالْكُفْرِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ: يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ كَذَا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ، أَوْ قَالَ: يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ فَعَلَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ عَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَصِيرُ كَافِرًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: بِصِفَةِ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا لَا يَكُونُ يَمِينًا، وَلَوْ قَالَ: وَعِلْمِ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا عِنْدَنَا لَا يَكُونُ يَمِينًا، وَلَوْ قَالَ: وَرَحْمَةِ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا لَا يَكُونُ يَمِينًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. وَلَوْ قَالَ: وَعَذَابِ اللَّهِ، أَوْ سَخَطِهِ، أَوْ غَضَبِهِ، أَوْ قَالَ: وَرِضَا اللَّهِ، وَثَوَابِهِ، أَوْ قَالَ: وَعِبَادَةِ اللَّهِ لَا يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَا يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَإِنْ قَالَ: وَوَجْهِ اللَّهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ يَمِينًا قَالَ: ابْنُ شُجَاعٍ فِي حِكَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ مِنْ أَيْمَانِ السَّفَلَةِ يَعْنِي الْجَهَلَةَ الَّذِينَ يَذْكُرُونَهُ بِمَعْنَى الْجَارِحَةِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ يَمِينًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ: عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، إنْ فَعَلَ كَذَا، أَوْ قَالَ: عَلَيْهِ عَذَابُ اللَّهِ، أَوْ قَالَ: أَمَانَةُ اللَّهِ إنْ فَعَلَ كَذَا لَا يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ، أَوْ سَخَطُ اللَّهِ فَلَيْسَ بِحَالِفٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا قَالَ: وَسُلْطَانِ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا فَالصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ بِالسُّلْطَانِ الْقُدْرَةَ فَهُوَ يَمِينٌ كَقَوْلِهِ، وَقُدْرَةُ اللَّهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ: وَدِينِ اللَّهِ لَا يَكُونُ يَمِينًا

وَكَذَا إذَا قَالَ: وَطَاعَتِهِ، وَشَرِيعَتِهِ، أَوْ حَلَفَ بِعَرْشِهِ، وَحُدُودِهِ لَمْ يَكُنْ حَالِفًا، وَكَذَا إذَا قَالَ: وَبَيْتِ اللَّهِ، أَوْ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، أَوْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، أَوْ بِالصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ، أَوْ بِالْمِنْبَرِ، أَوْ بِالْقَبْرِ، أَوْ بِالرَّوْضَةِ، أَوْ بِالصِّيَامِ، أَوْ بِالْحَجِّ لَمْ يَكُنْ حَالِفًا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَكَذَا إذَا قَالَ: وَحَمْدِ اللَّهِ، وَعِبَادَةِ اللَّهِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ بِالسَّمَوَاتِ، وَالْأَرْضِ، وَالشَّمْسِ، وَالْقَمَرِ، وَالنُّجُومِ لَمْ يَكُنْ حَالِفًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ: بِحَقِّ الرَّسُولِ، أَوْ بِحَقِّ الْإِيمَانِ، أَوْ بِحَقِّ الْقُرْآنِ، أَوْ بِحَقِّ الْمَسَاجِدِ، أَوْ بِحَقِّ الصَّوْمِ، أَوْ بِحَقِّ الصَّلَاةِ لَا يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: بِحَقِّ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامِ لَا يَكُونُ يَمِينًا لَكِنْ حَقَّهُ عَظِيمٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: عَذَّبَهُ بِالنَّارِ، أَوْ حَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ إنْ فَعَلَ كَذَا فَشَيْءٌ مِنْ هَذَا لَا يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهَ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَلَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ يَمِينًا، وَكَذَلِكَ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ: عَصَيْت اللَّهَ إنْ فَعَلْت كَذَا، أَوْ عَصَيْتُهُ فِي كُلِّ مَا افْتَرَضَ عَلَيَّ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا زَانٍ، أَوْ سَارِقٌ، أَوْ شَارِبُ خَمْرٍ، أَوْ آكِلُ رِبًا فَلَيْسَ بِحَالِفٍ هَكَذَا فِي الْكَافِي. عَنْ ابْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَهُوَ يَعْقِدُ الزِّنَا عَلَى نَفْسِهِ كَمَا يَعْقِدُ النَّصَارَى أَنَّهُ يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت لَمْ يُعْتِقْ عَبْدَهُ وَلَيْسَ هَذَا بِيَمِينٍ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إذَا حِضْتِ حَيْضَةً لَمْ يُعْتِقْ عَبْدَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَلَا إلَهَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ يَمِينٌ وَلَا يَكْفُرُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: مَا قَالَ اللَّهُ كَذِبٌ إنْ فَعَلْت كَذَا يَكُونُ يَمِينًا وَلَوْ قَالَ: اللَّهُ تَعَالَى كَذِبٌ إنْ فَعَلْت كَذَا يَكُونُ يَمِينًا وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَاشْهَدُوا عَلَيَّ بِالنَّصْرَانِيَّةِ يَكُونُ يَمِينًا وَلَوْ قَالَ: مَا فَعَلْت مِنْ صَوْمٍ وَصَلَاةٍ لَمْ يَكُنْ حَقًّا إنْ فَعَلَتْ كَذَا يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنَا عَبْدُك أُشْهِدُك وَأُشْهِدُ مَلَائِكَتُك أَنْ لَا أَفْعَلَ كَذَا ثُمَّ فَعَلَ لَا كَفَّارَةَ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ وَاَللَّهِ لَا أَجِيءُ إلَى ضِيَافَتِك فَقَالَ رَجُلٌ لِلْحَالِفِ: وَلَا تَجِيءُ إلَى ضِيَافَتِي أَيْضًا قَالَ: نَعَمْ يَصِيرُ حَالِفًا فِي حَقِّ الثَّانِي بِقَوْلِهِ نَعَمْ حَتَّى لَوْ ذَهَبَ إلَى ضِيَافَةِ الْأَوَّلِ، أَوْ إلَى ضِيَافَةِ الثَّانِي حَنِثَ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. تَحْرِيمُ الْحَلَالِ يَمِينٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَمَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا يَمْلِكُهُ لَمْ يَصِرْ مُحَرَّمًا ثُمَّ إذَا فَعَلَ مِمَّا حَرَّمَهُ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا حَنِثَ وَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إنْ كَانَ فِي يَدِهِ دَرَاهِمُ فَقَالَ: هَذِهِ الدَّرَاهِمُ حَرَامٌ عَلَيَّ يُنْظَرُ إنْ اشْتَرَى بِهَا شَيْئًا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ وَهَبَهَا، أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. وَفِي الْبَقَّالِيِّ لَوْ حَرَّمَ طَعَامًا، أَوْ مَا نَحْوُهُ فَهُوَ يَمِينٌ عَلَى مَا تَنَاوَلَهُ الْمُعْتَادُ أَكْلًا فِي الْمَأْكُولِ وَلُبْسًا فِي الْمَلْبُوسِ إلَّا أَنْ يَعْنِيَ غَيْرَهُ قَالَ: وَكَذَا سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ فِي الْأَشْيَاءِ قَالَ: لَا يُعْتَبَرُ اسْتِيعَابُ الطَّعَامِ بِالْأَكْلِ وَلَوْ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَفْعَلَ كَذَا فَإِنْ نَوَى تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ فَهُوَ يَمِينٌ وَلَوْ قَالَ: هَذَا الثَّوْبُ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ لَبِسْتُهُ فَلَبِسَهُ وَلَمْ يَنْزِعْهُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ قَالَتْ: حَرَّمْتُك عَلَى نَفْسِي فَهَذَا يَمِينٌ حَتَّى لَوْ طَاوَعَتْهُ فِي الْجِمَاعِ كَانَ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْجِمَاعِ يَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ. وَلَوْ قَالَ: هُوَ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ إنْ فَعَلَ كَذَا لَا يَكُونُ يَمِينًا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: هُوَ يَسْتَحِلُّ الْمَيْتَةَ، أَوْ يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ لَا يَكُونُ يَمِينًا وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ يَمِينًا؛ لِأَنَّ اسْتِحْلَالَ الْحَرَامِ كُفْرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ هُوَ حَرَامٌ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً بِحَيْثُ لَا تَسْقُطُ حُرْمَتُهُ بِحَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ كَالْكُفْرِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَاسْتِحْلَالُهُ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ يَكُونُ يَمِينًا وَكُلُّ شَيْءٍ هُوَ حَرَامٌ بِحَيْثُ تَسْقُطُ حُرْمَتُهُ بِحَالٍ كَالْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَاسْتِحْلَالُهُ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ لَا يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: كُلٌّ عَلَيَّ حَرَامٌ فَهُوَ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ

غَيْرَ ذَلِكَ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ كَمَا فَرَغَ وَلَا يَتَنَاوَلُ الْمَرْأَةَ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَإِذَا نَوَاهَا كَانَ إيلَاءً وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْيَمِينِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَهَذَا كُلُّهُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ بِلَا نِيَّةٍ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِي إرَادَةِ الطَّلَاقِ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ حَلَالٌ بروى حَرَامٌ، أَوْ حَلَالُ اللَّهِ، أَوْ حَلَالُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ الطَّلَاقَ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً وَفِي قَوْلِهِ هرجه بدست راست كيرم بروى حَرَامٌ قِيلَ: يُجْعَلُ طَلَاقًا بِلَا نِيَّةٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَتَّضِحْ لِي عُرْفُ النَّاسِ فِي هَذَا فَالصَّحِيحُ أَنْ نُقَيِّدَ الْجَوَابَ وَنَقُولُ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ يَكُونُ طَلَاقًا وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَتَوَقَّفَ الْمَرْءُ فِيهِ وَلَا يُخَالِفُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَوْ قَالَ: هرجه بدست جب كيرم بروى حَرَامٌ لَا يَكُونُ طَلَاقًا إلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَوْ قَالَ: هرجه بدست كيرم قِيلَ: لَا يَكُونُ طَلَاقًا إلَّا بِالنِّيَّةِ وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ النِّيَّةُ. وَلَوْ قَالَ: حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى وَاحِدَةٍ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ فِي الْأَظْهَرِ كَذَا فِي الْكَافِي. سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ قَالَ: هَذِهِ الْخَمْرُ عَلَيَّ حَرَامٌ ثُمَّ شَرِبَهَا قَالَ: فِي هَذَا خِلَافٌ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُف رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَ أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ وَقَالَ الْآخَرُ: لَا يَحْنَثُ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ التَّحْرِيمَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ أَرَادَ الْإِخْبَارَ، أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ كَذَا اخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْيَمِينُ بِاَللَّهِ مِمَّا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: إذَا جَاءَ غَدٌّ فُو اللَّهِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ وَيُحْتَمَلُ التَّأْقِيتِ أَيْضًا كَالْيَمِينِ بِغَيْرِ اللَّهِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ إلَى سَنَةٍ يَنْتَهِي الْيَمِينُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: لَا أُكَلِّمُك يَوْمًا وَيَوْمًا فَهُوَ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك يَوْمَيْنِ يَنْتَهِي الْيَمِينُ بِمُضِيِّ يَوْمَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَدْخُلُ فِيهِمَا اللَّيْلَةُ الْمُتَخَلِّلَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهُ لَا أُكَلِّمُك يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ لَا أُكَلِّمُك ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا الْيَوْمَ وَلَا غَدًا وَلَا بَعْدَ غَدٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ فِي اللَّيَالِي؛ لِأَنَّهَا أَيْمَانُ ثَلَاثٍ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهُ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ لَا يُكَلِّمُهُ فِي اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَا أُكَلِّمُك ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ اللَّيَالِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَالَ لِرَجُلٍ: وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ لَا أَفْعَلُ كَانَ يَمِينَيْنِ حَتَّى إذَا حَنِثَ بِأَنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْحَالِفَ بِاَللَّهِ إذَا ذَكَرَ اسْمَيْنِ وَبَنَى عَلَيْهِمَا الْحَلِفَ فَإِنْ كَانَ الِاسْمُ الثَّانِي نَعْتًا لِلِاسْمِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَيْنَهُمَا حَرْفَ الْعَطْفِ كَانَا يَمِينًا وَاحِدَةً بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ الرَّحْمَنِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَإِنْ كَانَ الِاسْمُ الثَّانِي يَصْلُحُ نَعَتَا لِلِاسْمِ الْأَوَّل وَذَكَرَ بَيْنَهُمَا حَرْفَ الْعَطْفِ كَانَا يَمِينَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَيَانُهُ فِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ لَا أَفْعَلُ كَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ الِاسْمُ الثَّانِي لَا يَصْلُحُ نَعْتًا لِلْأَوَّلِ فَإِنْ ذَكَرَ بَيْنَهُمَا حَرْفَ الْعَطْفِ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا كَانَا يَمِينَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ بَيْنَهُمَا حَرْفَ الْعَطْفَ كَانَتَا يَمِينًا وَاحِدَةً بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ نَوَى بِهِ يَمِينَيْنِ يَكُونُ يَمِينَيْنِ وَيَصِيرُ قَوْلُهُ: اللَّهِ ابْتِدَاءَ يَمِينٍ بِحَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ وَأَنَّهُ قَسَمٌ صَحِيحٌ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ لَا أَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَتَانِ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ عَلَى أَمْرٍ لَا يَفْعَلُهُ أَبَدًا ثُمَّ حَلَفَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَمَجْلِسٍ آخَرَ لَا أَفْعَلُهُ أَبَدًا ثُمَّ فَعَلَهُ كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينَيْنِ وَهَذَا إذَا نَوَى يَمِينًا أُخْرَى، أَوْ نَوَى التَّغْلِيظَ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَإِذَا نَوَى بِالْكَلَامِ

الثَّانِي الْيَمِينَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: هَذَا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِحَجَّةٍ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ صَوْمٍ، أَوْ صَدَقَةٍ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ فَلَا يَصِحُّ نِيَّتُهُ وَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ قَالَ: أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَإِذَا كَانَ إحْدَى الْيَمِينَيْنِ بِحَجَّةٍ وَالْأُخْرَى بِاَللَّهِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَحَجَّةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ شَهْرًا وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ سَنَةً إنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيْمَانٍ وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ الْغَدِ فَعَلَيْهِ يَمِينَانِ وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ الشَّهْرِ فَعَلَيْهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ سَنَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كُنْت فَعَلْت أَمْسِ وَقَدْ كَانَ فَعَلَ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ كُفْرٌ يَكْفُرُ وَلَوْ قَالَ: إنْ كُنْت فَعَلْت أَمْسِ فَإِنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَقَدْ كَانَ فَعَلَ وَعَلِمَ بِهِ فَالْجَوَابُ الْمُخْتَارُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذْ قَالَ: فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ اللَّهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَحَنِثَ فَهُوَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرِيءٌ مِنْ رَسُولِهِ يَمِينَانِ إنْ حَنِثَ يَلْزَمُهُ كَفَّارَتَانِ وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرِيءٌ مِنْ رَسُولِهِ وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ مِنْهُ فَفَعَلَ يَلْزَمُهُ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُمَا يَمِينَانِ وَلَوْ قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ هُوَ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ فَهُوَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَالزَّبُورِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَحَنِثَ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَبَرِيءٌ مِنْ التَّوْرَاةِ وَبَرِيءٌ مِنْ الْإِنْجِيلِ فَهُوَ أَرْبَعَةُ أَيْمَانٍ إذَا حَنِثَ يَلْزَمُهُ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّا فِي الْمُصْحَفِ فَهُوَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ: هُوَ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ آيَةٍ فِي الْمُصْحَفِ فَهُوَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ عَمَّنْ قَالَ: وَاَللَّهِ أكراين كاركنم قَالَ: اخْتِيَارُ أُسْتَاذِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ: سوكند خورم كه أينكارنكنم قَالَ: بَعْضُهُمْ لَا يَكُونُ يَمِينًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكُونُ يَمِينًا وَلَوْ قَالَ: سوكند ميخورم كه اينكارنكنم يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يُذْكَرُ لِلتَّحْقِيقِ دُونَ الْوَعْدِ كَقَوْلِ الرَّجُلِ كواهي ميدهم وَلَوْ قَالَ: سوكند خورم بِطَلَاقِ كه أَيْنَ كارنكنم لَا يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ وَتَخْوِيفٌ وَلَوْ قَالَ: سوكند خورمي يَكُونُ يَمِينًا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ سوكند ميخورم كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: مراسوكند بِطَلَاقِ آسِتّ كه شراب تخورم فَشَرِبَ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَلَفَ وَلَكِنْ قَالَ: قُلْتُ ذَلِكَ لِدَفْعِ تَعَرُّضِهِمْ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ قَالَ: سوكند خورده أَمْ إنْ كَانَ صَادِقًا كَانَ يَمِينًا وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ: برمن سوكند أَسِتّ كه إينكارنكنم فَهُوَ إخْبَارٌ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا إقْرَارٌ بِالْيَمِينِ وَإِنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَالَ: برمن سوكند أَسِتّ بِطَلَاقٍ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ: ذَلِكَ كَذِبًا دَفْعًا لِتَعْرِض الْجُلَسَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَلَوْ قَالَ: بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ كه بزركتراز بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ نَسِيَتْ كه أينكارنكنم يَكُون يَمِينًا كَمَا لَوْ قَالَ: بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ الْأَعْظَمِ

وَهَذِهِ الزِّيَادَاتُ تَكُونُ لِلتَّأْكِيدِ فَلَا يَصِيرُ فَاصِلًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْفَتَاوَى لَوْ قَالَ: سوكند ميخورم بِطَلَاقٍ لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَتَعَارَفُوهُ يَمِينًا بِالطَّلَاقِ. وَفِي التَّجْرِيدِ وَلَوْ قَالَ: مراسوكند خَانَة است تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ نِيَّةُ الْمَرْأَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. فِي الْفَتَاوَى وَلَوْ قَالَ: بِاَللَّهِ كه بزر كترازين نامي نيست أوبزركترا زين سوكند نيست أوبزركترين ناميست كه أَفْعَلُ أَوْ لَا أَفْعَلُ يَمِين وَقَالَ بزركترازين لَا يَجْعَلُ فَاصِلًا. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَمَّنْ يَقُولُ: مَا حَلَفْت أَنْ لَا أَفْعَلَ بَلْ حَلَفَتْ أَنَّ هَذَا أَعْظَمُ الْأَيْمَانِ وَأَنَّهُ لَا أَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ الْيَمِينِ عَلَيَّ قَالَ: لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ بِهِ نَفْيُ الْفِعْلِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْكَلَامِ الْأَوَّلِ خِلَافُ الظَّاهِرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: مُصْحَف خدابدست وي سوخته اكراينكاركند لَا يَكُونُ يَمِينًا وَلَوْ قَالَ: هراميدي كه بخدادرام ناأميدم اكراينكار نكنم يَكُونُ يَمِينًا وَلَوْ قَالَ: مسلماني نكرده أَمْ خداي رااكراينكاركنم فَفَعَلَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي فَعَلَ مِنْ الْعِبَادَاتِ لَمْ يَكُنْ حَقًّا يَكُونُ يَمِينًا وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ: هرجه مسلماني كَرِدِّهِ ام بِكَافِرٍ إنْ دادم اكرينكاركنم فَفَعَلَ لَا يَصِيرُ كَافِرًا وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَلَوْ قَالَ: وَاللَّه كه فُلَان سَخِن نكويم يُكْرِ وَزُونه دوروز فَهُوَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ تَنْتَهِي بِمُضِيِّ الْيَوْمَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: حرام است باتوسخن كِفَّتَيْنِ يَكُون يَمِينًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. سُئِلَ الشَّيْخُ الْقَاضِي الْإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ السُّغْدِيُّ عَمَّنْ قَالَ: بذيرفتم كه جَنِين نكنم وَلَمْ ينو شَيْئًا قَالَ: يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ: بذيرفتم خداري راكه فُلَان كارنكنم يَكُونُ يَمِينًا كَمَا لَوْ قَالَ: نَذَرْت أَنْ لَا أَفْعَلَ كَذَا وَلَوْ قَالَ: خداري راوبيغمبر رايذبرفتم كه فُلَان كارنكنم لَا يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يغمبررابذيرفتم لَا يَكُونُ يَمِينًا فَإِذَا تَخَلَّلَ بَيْنَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ الشَّرْطِ مَا لَا يَكُونُ يَمِينًا يَصِيرُ فَاصِلًا فَلَا يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَمَّنْ قَالَ: أَكَرٍ فُلَان كاركندا زمغ بدتراست فَقَالَ: هُوَ يَمِينٌ مُوجِبَةٌ لِلْكَفَّارَةِ إذَا حَنِثَ فِيهَا وَلَوْ قَالَ: ازسيصد وَشُصَّتْ آيَة قُرْآن بيزاراست أكراينكا رنكند فَهُوَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ: أكروي أَيْنَ كاركند ويرامغ خوانيد وجهود خوانيد وسنكساركنيد ثُمَّ فَعَلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ: هرجه مغان كَرِدِّهِ اند وجهودان جهودي كَرِدِّهِ أنددركردن كه أينكارنكر نكرده است وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ: أكروي أَيْنَ كاركند كَافِر بِرِوَيْ شرف دارد لَا يَكُونُ يَمِينًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: أزهزار مغ وترسابد تَرْمِ إنْ فَعَلَتْ كَذَا فَهُوَ يَمِينٌ كَذَا فِي

فصل في تحليف الظلمة وفيما نوى الحالف غير ما ينوي المستحلف

الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: اُتْرُكْ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَالَ: نَعَمْ فَقَالَتْ أَنَا مِنْك طَالِقٌ إنْ كُنْت تَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَالَ الزَّوْجُ: إنْ كُنْت أَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَالَتْ أيش هَذَا فَقَالَ الزَّوْجُ: هَمَّانِ كه نتوميكوبي ثُمَّ لَعِبَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عُمَرُ النَّسَفِيُّ عَمَّنْ قَالَ: هرجه بدست رَاسَتْ كَرَفْتِ بِرِوَيْ حرام كه فُلَان كارنكند وَكَرِدِّ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي قَوْلِهِ هرجه بدست راست كيرد وَلَا عُرْفَ فِي قَوْلِهِ هرجه بدست راست كرفت كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا قَالَ: يزيذفتم باخداكه ازخر يدة نوكه بياري نخورم فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَكُونُ يَمِينًا إذَا نَوَى الْيَمِينَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَمِينٌ بِدُونِ النِّيَّةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ [فَصْلٌ فِي تَحْلِيفِ الظَّلَمَةِ وَفِيمَا نَوَى الْحَالِفُ غَيْرَ مَا يَنْوِي الْمُسْتَحْلِفُ] (فَصْلٌ فِي تَحْلِيفِ الظَّلَمَةِ وَفِيمَا نَوَى الْحَالِفُ غَيْرَ مَا يَنْوِي الْمُسْتَحْلِفُ) ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ سُلْطَانٌ أَخَذَ رَجُلًا فَحَلَّفَهُ بايزد فَقَالَ الرَّجُلُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: كه روز آنِيَة بيابي فَقَالَ الرَّجُلُ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمْ يَأْتِ هَذَا الرَّجُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: بايزد وَسَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ قُلْ بايزدان لَمْ أَفْعَلْ كَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ الْيَمِينُ. ذُكِرَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ أَنَّهُ قَالَ: الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إذَا كَانَ مَظْلُومًا وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فَعَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفُ وَبِهِ أَخَذَ أَصْحَابُنَا مِثَالُ الْأَوَّلِ إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ عَيْنٍ فِي يَدِهِ فَحَلَفَ الْمُكْرَهُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ دَفَعَ هَذَا الشَّيْءَ إلَى فُلَانٍ يَعْنِي بِهِ بَائِعَهُ حَتَّى يَقَعَ عِنْدَ الْمُكْرَهِ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِلْكُ غَيْرِهِ فَلَا يُكْرِهْهُ عَلَى بَيْعِهِ يَكُونُ كَمَا نَوَى وَلَا يَكُونُ مَا حَلَفَ يَمِينَ غَمُوسٍ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَعْنًى وَمِثَالُ الثَّانِي إذَا ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنِّي اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْعَيْنَ بِكَذَا وَأَنْكَرَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الشِّرَاءُ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِاَللَّهِ مَا وَجَبَ عَلَيْك تَسْلِيمُ هَذَا الْعَيْنِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَيَعْنِي التَّسْلِيمَ فِي هَذَا الْمُدَّعَى بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لَا بِالْبَيْعِ فَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا حَلَفَ وَلَمْ يَكُنْ مَا حَلَفَ يَمِينَ غَمُوسٍ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ فَهُوَ يَمِينُ غَمُوسٍ مَعْنًى؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ بِهَذِهِ الْيَمِينِ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَأَمَّا إذَا اسْتَحْلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ وَهُوَ ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ فَنَوَى خِلَافَ الظَّاهِرِ بِأَنْ نَوَى الطَّلَاقَ عَنْ الْوَثَائِقِ أَوْ نَوَى الْعَتَاقَ عَنْ عَمَلِ كَذَا أَوْ نَوَى الْإِخْبَارَ فِيهِ كَاذِبًا فَإِنَّهُ يَصْدُقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا الْعَتَاقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ مَظْلُومًا لَا يَأْثَمُ إثْمَ الْغَمُوسِ وَإِذَا كَانَ ظَالِمًا يَأْثَمُ إثْمَ الْغَمُوسِ وَإِنْ كَانَ مَا نَوَى صَادِقًا حَقِيقَةً قَالَ: الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ مَا نُقِلَ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ إنْ كَانَ الْحَالِفُ ظَالِمًا فَهُوَ صَحِيحٌ فِي الِاسْتِحْلَافِ عَلَى الْمَاضِي؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالْيَمِينِ كَافِرٌ بِالْإِثْمِ وَمَتَى كَانَ ظَالِمًا فَهُوَ آثِمٌ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ يُوَصِّلُ بِهَذِهِ الْيَمِينِ إلَى ظُلْمِ غَيْرِهِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَأَتَّى فِي الْيَمِينِ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْحَالِفِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ فَأَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَقُومَ فَقَالَ الْمَارُّ وَاَللَّهِ كه نخيزي فَقَامَ لَا يَلْزَمُ الْمَارَّ شَيْءٌ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ لِغَيْرِهِ: دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ أَمْسِ فَقَالَ: نَعَمْ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: وَاَللَّهِ لَقَدْ دَخَلْتَهَا فَقَالَ: نَعَمْ فَهَذَا حَالِفٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ مَا دَخَلْت فَقَالَ: نَعَمْ رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: الْآخَرُ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَبْدُك حُرٌّ فَقَالَ الْآخَرُ: إلَّا بِإِذْنِك فَهُوَ مُجِيبٌ إنْ كَلَّمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَنْوِ اسْتِحْلَافَ الْمُخَاطَبِ وَلَا مُبَاشَرَةَ الْيَمِينِ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا لَمْ يَفْعَلْ الْمُخَاطَبُ ذَلِكَ وَإِنْ نَوَى الْقَائِلُ الْحَلِفَ بِذَلِكَ يَكُونُ حَالِفًا وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ الْحَالِفُ وَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِحْلَافَ فَهُوَ اسْتِحْلَافٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا فَقَالَ الْآخَرُ: نَعَمْ إنْ أَرَادَ الْمُبْتَدِئُ الْحَلِفَ وَأَرَادَ الْمُجِيبُ الْحَلِفَ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَالِفًا وَإِنْ نَوَى الْمُبْتَدِئُ الِاسْتِحْلَافَ وَنَوَى الْمُجِيبُ الْحَلِفَ فَالْمُجِيبُ حَالِفٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كُلُّ وَاحِدٍ شَيْئًا فَفِي قَوْلِ اللَّهِ الْحَالِفُ هُوَ الْمُجِيبُ وَفِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ مَعَ الْوَاوِ الْحَالِفُ هُوَ الْمُبْتَدِئُ وَإِنْ أَرَادَ الْمُبْتَدِئُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحْلِفًا وَأَرَادَ الْمُجِيبُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَيَكُونُ قَوْلُهُ نَعَمْ عَلَى مِيعَادٍ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ فَهُوَ كَمَا نَوَى وَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ: أَقْسَمْت لَتَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ قَالَ: أَقْسَمْت بِاَللَّهِ أَوْ قَالَ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَوْ قَالَ: أَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا وَقَالَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ: أَقْسَمْت عَلَيْك أَوْ أُشْهِدُ عَلَيْك أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيْك فَالْحَالِفُ فِي هَذِهِ الْفُصُولِ الثَّلَاثَةِ هُوَ الْمُبْتَدِئُ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُجِيبِ وَإِنْ نَوَيَا جَمِيعًا أَنْ يَكُونَ الْمُجِيبُ هُوَ الْحَالِفَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُبْتَدِئُ أَرَادَ الِاسْتِفْهَامَ بِقَوْلِهِ أَحْلِفُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا عَلَى الْمُبْتَدِئِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ عَلَيْك عَهْدُ اللَّهِ إنْ فَعَلَتْ كَذَا فَقَالَ الْآخَرُ: نَعَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَائِلِ وَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ وَيَكُونُ هَذَا عَلَى اسْتِحْلَافِ الْمُجِيبِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنَّك فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَقَالَتْ: لَمْ أَفْعَلْ فَقَالَ: إنْ كُنْت فَعَلْت أَنْتِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: إنْ كُنْت فَعَلْت فَأَنَا طَالِقٌ قَالُوا: إنْ أَرَادَ بِهِ يَمِينَ الْمَرْأَةِ لَا تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ. جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُسَّاقِ اجْتَمَعُوا وَكَانَ يَصْفَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: مَنْ صَفَعَ بَعْدَ هَذَا صَاحِبَهُ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِالْفَارِسِيَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ هَلَّا فَصَفَعَهُ رَجُلٌ بَعْدَ قَوْلِهِ هَلَّا ثُمَّ صَفَعَ هُوَ صَاحِبُهُ قَالُوا: لَا تَطْلُقُ امْرَأَةُ الْقَائِلِ هَلَّا؛ لِأَنَّ هَذَا كَلَامٌ فَاسِدٌ لَيْسَ بِيَمِينٍ. رَجُلٌ قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَكُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَقَالَ: رَجُلٌ آخَرُ وَعَلَيَّ مِثْلُ مَا جَعَلْت عَلَى نَفْسِك إنْ دَخَلْت هَذَا الدَّارَ فَدَخَلَ الثَّانِي الدَّارَ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ حَلَّفَهُ أَعْوَانُ السُّلْطَانِ أَنْ لَا يَعْمَلَ غَدًا عَمَلًا مَا لَمْ يَأْتِ فُلَانٌ فَأَصْبَحَ الْحَالِفُ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَدَخَلَ عَلَى مَيِّتٍ وَحَوَّلَ رَأْسَهُ عَنْ مَكَانِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ فُلَانٌ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ أَرْجُو أَنْ لَا يَحْنَثَ فَيَمِينُهُ تَكُونُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْعَمَلِ. رَجُلٌ خَرَجَ مَعَ الْأَمِيرِ فِي السَّفَرِ فَحَلَّفَهُ الْأَمِيرُ أَنْ لَا يَرْجِعَ إلَّا بِإِذْنِهِ فَسَقَطَ ثَوْبُهُ أَوْ كِيسُهُ فَرَجَعَ لِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَمْ تَقَعْ عَلَى هَذَا الرُّجُوعِ. رَجُلٌ سَاعٍ يَضُرُّ بِالنَّاسِ بِالسِّعَايَاتِ وَالْجِبَايَاتِ فَحَلَفَ وَقَالَ: إنْ سَعَيْت أَحَدًا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى عَشْرِ دَرَاهِمَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَسَعَى امْرَأَتَهُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْعَشَرَةِ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. السُّلْطَانُ إذَا قَالَ: لِرَجُلٍ مَالُ فُلَانٍ أَمِيرٍ بنزديك نَسَتْ فَأَنْكَرَ فَحَلَّفَهُ بِالطَّلَاقِ لَيْسَ عِنْدَك مَالُ فُلَانٍ فَحَلَفَ وَكَانَ عِنْدَ الْحَالِفِ أَمْوَالٌ بَعَثَتْهَا امْرَأَةُ فُلَانٍ الْأَمِيرِ إلَيْهِ وَاَلَّذِي جَاءَ بِالْمَالِ زَعَمَ أَنَّ الْمَالَ مَالُ امْرَأَةِ فُلَانٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ تِلْكَ الْأَمْوَالِ لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ ثُمَّ زَعَمَتْ امْرَأَةُ الْأَمِيرِ أَنَّ الْمَالَ كَانَ مَالَ زَوْجِهَا لَا تَطْلُقُ امْرَأَةُ الْحَالِفِ حَتَّى يُقِرَّ الْحَالِفُ بِذَلِكَ أَوْ يَقْضِي الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ فَيَصِيرُ الْحَالِفُ حَانِثًا. رَجُلٌ جَلَبَ عِشْرِينَ شَاةً

الفصل الثاني في الكفارة

مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ وَأَدْخَلَ جُمْلَةَ الْغَنَمِ فِي بَلَدِهِ غَيْرَ أَنَّهُ أَظْهَرَ عَشْرَةً فِي حَانُوتِهِ فَحَلَّفَهُ أَمِيرُ الْحَظِيرَةِ أَنَّهُ مَا جَاءَ إلَّا بِعَشْرَةٍ وَمَا تَرَكَ خَارِجَ الْبَلَدِ شَيْئًا فَحَلَفَ وَنَوَى مَا جَاءَ إلَّا بِعَشْرَةٍ أَيْ فِي السُّوقِ وَمَا تَرَكَ شَيْئًا فِي الْخَارِجِ أَيْ خَارِجَ السُّوقِ قَالُوا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ لَكِنْ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً. رَجُلٌ مَاتَ وَخَلَّفَ وَارِثًا وَدَيْنًا عَلَى رَجُلٍ فَخَاصَمَ الْوَارِثُ الْغَرِيمَ فِي الدَّيْنِ فَحَلَفَ الْغَرِيمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي عَلَيْهِ شَيْءٌ قَالُوا: إنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ الْغَرِيمُ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ نَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ حَانِثًا وَإِنْ عَلِمَ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: كَمْ أَكَلْتَ مِنْ تَمْرِي فَقَالَ: أَكَلْت خَمْسَةً وَحَلَفَ وَقَدْ كَانَ أَكَلَ مِنْ تَمْرِهِ عَشْرَةً لَا يَكُونُ حَانِثًا وَكَاذِبًا وَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: بِكَمْ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ فَقَالَ: بِمِائَةٍ وَقَدْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِمِائَتَيْنِ لَا يَكُونُ كَاذِبًا وَلَوْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالَ: فِي الْجَامِعِ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ هَذَا الثَّوْبَ بِعَشْرَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِاثْنَيْ عَشْرَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ. رَجُلٌ هَرَبَ فِي دَارِ رَجُلٍ فَحَلَفَ صَاحِبُ الدَّارِ أَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ وَأَرَادَ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ مَكَانٍ هُوَ مِنْ دَارِهِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. السُّلْطَانُ إذَا حَلَفَ رَجُلًا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِأَمْرِ كَذَا فَحَلَفَ ثُمَّ تَذَّكَّر أَنَّهُ كَانَ عَلِمَ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ نَسِيَ وَقْتَ الْيَمِينِ قَالُوا: نَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ حَانِثًا؛ لِأَنَّهُ مَا كَانَ عَالِمًا وَقْتَ الْيَمِينِ. رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَنْزِلِهِ اللَّيْلَةَ مَرَقَةٌ وَقَدْ كَانَ فِي مَنْزِلِهِ مَرَقَةُ قَالُوا: إنْ كَانَتْ الْمَرَقَةُ قَلِيلَةً بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ لَا يَقُول: عِنْدَنَا مَرَقَةٌ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً إلَّا أَنَّهَا فَاسِدَةٌ بِحَيْثُ لَا يَتَنَاوَلُهَا أَحَدٌ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِالْيَمِينِ هَذِهِ الْمَرَقَةُ وَإِنْ كَانَتْ بِحَالٍ يَأْكُلُهَا الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ. رَجُلٌ زَرَعَ أَرْضَ امْرَأَتِهِ قُطْنًا ثُمَّ قَالَ: حَلَال بِرِوَيْ حرام اكرازغلة أَيْنَ زُمَيْن بخَانَه وي درآيد ثُمَّ إنَّ امْرَأَتَهُ رَفَعَتْ مِنْ ذَلِكَ الْقُطْنِ عَلَى رَأْسِهَا لِتَذْهَبَ إلَى الْحَلَّاجِ وَدَخَلَتْ الْبَيْتَ وَالْقُطْنُ عَلَى رَأْسِهَا ثُمَّ خَرَجَتْ حَنِثَ الْحَالِفُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ طَلَبَهُ السُّلْطَانُ لِيَأْخُذَهُ بِتُهْمَةٍ فَأَخَذَ رَجُلًا وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ بِأَنَّك لَا تَعْلَمُ مِنْ غُرَمَائِهِ وَأَقْرِبَائِهِ لِيَأْخُذَ مِنْهُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَفِيهِ ضَرَرٌ كَثِيرٌ بِالْمُسْلِمِينَ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَحْلِفَ وَهُوَ يَعْلَمُ وَلَكِنَّ الْحِيلَةَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ الرَّجُلِ الَّذِي يَطْلُبُهُ السُّلْطَانُ وَيَنْوِيَ غَيْرَهُ وَهَذَا صَحِيحٌ عِنْدَ الْخَصَّافِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا يُفْتَى بِقَوْلِ الْخَصَّافِ. وَفِي الطَّلَاقِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ مَالًا فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي مَالَهُ عَلَيْك كَذَا بَعْدَ مَا أَنْكَرَ فَحَلَفَ وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ فِي كُمِّهِ إلَى رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْكَفَّارَة] وَهِيَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إنْ قَدَرَ عِتْقَ رَقَبَةٍ يُجْزِئُ فِيهَا مَا يُجْزِئُ فِي الظِّهَارِ أَوْ كِسْوَةَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَوْبٌ فَمَا زَادَ وَأَدْنَاهُ مَا يَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ أَوْ إطْعَامَهُمْ وَالْإِطْعَامُ فِيهَا كَالْإِطْعَامِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ هَكَذَا فِي الْحَاوِي لِلْقُدْسِيِّ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إنَّ أَدْنَى الْكُسْوَةِ مَا يَسْتُرُ عَامَّةَ بَدَنِهِ حَتَّى لَا يَجُوزُ السَّرَاوِيلُ وَهُوَ صَحِيحٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ وَهَذِهِ كَفَّارَةُ الْمُعْسِرِ وَالْأَوْلَى كَفَّارَةُ الْمُوسِرِ وَحَدُّ الْيَسَارِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فَضْلٌ عَلَى كَفَافِهِ مِقْدَارَ مَا يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ عَيْنُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي مِلْكِهِ عَيْنُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهِ عَبْدٌ أَوْ كِسْوَةٌ أَوْ طَعَامُ عَشَرَةٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَ

سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ عَيْنُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يُعْتَبَرُ الْيَسَارُ وَالْإِعْسَارُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ثُمَّ اعْتِبَارُ الْفَقْرِ وَالْغِنَى عِنْدَنَا عِنْدَ إرَادَةِ التَّكْفِيرِ فَلَوْ كَانَ مُوسِرًا عِنْدَ الْحِنْثِ ثُمَّ أُعْسِرَ عِنْدَ التَّكْفِيرِ أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ عِنْدَنَا وَبِعَكْسِهِ لَا يُجْزِئُهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالْكَفَافُ مَنْزِلٌ يَسْكُنُهُ وَثِيَابٌ يَلْبَسُهَا وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَقُوتُ يَوْمِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ أَوْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ وَلَا يَجِدُ مَا يَعْتِقُ وَلَا مَا يَكْسُو وَلَا يُطْعِمُ أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَالُوا: تَأْوِيلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مُعْسِرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَدَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى مَلِيءٍ يَقْدِرُ عَلَى الْأَدَاءِ وَإِنْ تَقَاضَاهُ قَدَرَ عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ كَذَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الْمَرْأَةِ إذَا لَزِمَتْهَا الْكَفَّارَةُ وَلَا مَالَ لَهَا وَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ الْمَهْرُ وَزَوْجُهَا قَادِرٌ عَلَى الْأَدَاءِ إذَا آخَذَتْهُ بِذَلِكَ لَمْ يُجْزِئْهَا الصَّوْمُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ مِثْلَ مَالِهِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ الصَّوْمُ بَعْدَ مَا يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَأَمَّا قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَهَلْ يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ التَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَعْطَى كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ ثَوْبٍ أَوْ أَعْطَى ثَوْبًا عَشَرَةَ مَسَاكِينَ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الْكُسْوَةِ فَإِذَا لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الْكُسْوَةِ هَلْ يُجْزِئُ عَنْ الطَّعَامِ إذَا كَانَتْ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ طَعَامِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا يُجْزِئُهُ نَوَى أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ الطَّعَامِ أَوْ لَمْ يَنْوِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْقَلَنْسُوَةُ وَالْخُفُّ عَنْ الْكُسْوَةِ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ عَنْ طَعَامٍ وَفِي الثَّوْبِ يُعْتَبَرُ حَالُ الْقَابِضِ إنْ كَانَ يَصْلُحُ لِلْقَابِضِ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إنْ كَانَ يَصْلُحُ لِأَوْسَاطِ النَّاسِ يَجُوزُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: هَذَا أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إنْ أَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عِمَامَةً فَإِذَا كَانَتْ تَبْلُغُ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً أَجْزَأَتْهُ وَإِلَّا لَمْ تُجْزِئْ عَنْ الْكُسْوَةِ وَلَكِنْ تُجْزِئُهُ عَنْ الطَّعَامِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا تُسَاوِي قِيمَةَ الطَّعَامِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَعْطَى عَشَرَةَ مَسَاكِينَ ثَوْبًا وَاحِدًا بَيْنَهُمْ كَثِيرَ الْقِيمَةِ يُصِيبُ كُلُّ مِسْكِينٍ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ ثَوْبٍ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الْكُسْوَةِ وَأَجْزَأَهُ عَنْ الطَّعَامِ إذْ الْكُسْوَةُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فَلَا تَكُونُ بَدَلًا عَنْ نَفْسِهَا وَيَصْلُحُ بَدَلًا عَنْ غَيْرِهَا كَمَا لَوْ أَعْطَى كُلَّ مِسْكِينٍ رُبْعَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ وَذَلِكَ يُسَاوِي صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا يَجُوزُ عَنْ الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ مِنْ حِنْطَةٍ يُسَاوِي ثَوْبًا يُجْزِئُ عَنْ الْكُسْوَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إذَا أَعْطَى ثَوْبًا خَلَقًا عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قَالُوا: لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْقِيمَةِ لَكِنْ يَنْظُرُ إنْ كَانَ بِحَالٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي نِصْفِ مُدَّةٍ الْجَدِيدِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِالْجَدِيدِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَبِهَذَا الثَّوْبِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْجَدِيدِ يَجُوزُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَعْطَى مِسْكِينًا وَاحِدًا عَشَرَةَ أَثْوَابٍ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يُجْزِئْهُ كَمَا فِي الطَّعَامِ وَإِنْ أَعْطَاهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَوْبًا حَتَّى اسْتَكْمَلَ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَجْزَأَهُ كَمَا فِي الطَّعَامِ وَإِنْ أَعْطَى مَسَاكِينَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً قِيمَتُهُ تَبْلُغُ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَبَلَغَتْ قِيمَةَ الطَّعَامِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْكُسْوَةِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ أَدَّى الدَّرَاهِمَ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَبَلَغَتْ قِيمَةَ الطَّعَامِ أَجْزَأَهُ عَنْ الطَّعَامِ وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ: الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَخَذَهُ فَعَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ التَّكْفِيرِ وَلَوْ كَسَا عَنْ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ أَجْزَأَهُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِ عَنْهُ ثَمَنًا وَلَوْ كَسَاهُمْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَرَضِيَ بِهِ لَمْ يُجْزِئْ عَنْهُ وَلَوْ أَعْطَى عَنْ الْكَفَّارَةِ أَيْمَانَهُ فِي أَكْفَانِ الْمَوْتَى أَوْ فِي بِنَاءِ مَسْجِدٍ أَوْ فِي قَضَاءِ دَيْنِ مَيِّتٍ أَوْ فِي عِتْقِ رَقَبَةٍ لَمْ يُجْزِئْ عَنْهُ وَإِنْ أَعْطَى عَنْهَا ابْنَ السَّبِيلِ مُنْقَطِعًا بِهِ أَجْزَأَهُ. وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ يَمِينَانِ فَكَسَا عَشَرَةَ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ ثَوْبَيْنِ عَنْهُمَا أَجْزَأَهُ عَنْ يَمِينٍ وَاحِدَةٍ فِي قَوْلِ

أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا كَسَا مِسْكِينًا عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمِسْكِينُ فَوَرِثَهُ هَذَا مِنْهُ وَاشْتَرَاهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ لَمْ يُفْسِدْ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ اخْتَارَ الطَّعَامَ فَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ: طَعَامُ تَمْلِيكٍ وَطَعَامُ إبَاحَةٍ. طَعَامُ التَّمْلِيكِ أَنْ يُعْطِيَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ دَقِيقٍ أَوْ سَوِيقٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَإِنْ أَعْطَى عَشَرَةَ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا مُدًّا إنْ أَعَادَ عَلَيْهِمْ مُدًّا مُدًّا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَعِدْ اسْتَقْبَلَ الطَّعَامَ وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا أَوْصَى أَنْ يُطْعَمَ عَشَرَةُ مَسَاكِينَ كَفَّارَةً لِيَمِينِهِ فَغَدَّى الْوَصِيُّ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ فَمَاتَ الْمَسَاكِينُ قَبْلَ أَنْ يُعَشِّيَهُمْ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ رَجُلٌ أَعْطَى كَفَّارَةَ يَمِينِهِ مِسْكَيْنَا وَاحِدًا خَمْسَةَ أَصْوُعٍ لَمْ يَجْزِ إلَّا إذَا أَعْطَى مِسْكِينًا وَاحِدًا فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ فَيَقُومُ عَدَدُ الْأَيَّامِ مَقَامَ عَدَدِ الْمَسَاكِينِ وَإِنْ أَعْطَى مِسْكِينًا حِنْطَةً وَمِسْكِينًا شَعِيرًا جَازَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَلَوْ أَطْعَمَ خَمْسَةَ مَسَاكِينَ وَكَسَا خَمْسَةَ مَسَاكِينَ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ طَعَامَ تَمْلِيكٍ جَازَ وَيَكُونُ الْأَغْلَى مِنْهُمَا بَدَلًا عَنْ الْأَرْخَصِ أَيُّهُمَا كَانَ أَغْلَى وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ طَعَامَ الْإِبَاحَةِ إنْ كَانَ الطَّعَامُ أَرْخَصَ جَازَ وَإِنْ كَانَ أَغْلَى لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِي الْكُسْوَةِ تَمْلِيكًا وَلَيْسَ فِي الْإِبَاحَةِ تَمْلِيكٌ فَإِذَا كَانَ الطَّعَامُ أَرْخَصَ جَازَ أَنْ يَجْعَلَ الْكُسْوَةُ بَدَلًا عَنْ الطَّعَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْعَكْسِ وَإِنْ اخْتَارَ التَّكْفِيرَ بِطَعَامِ الْإِبَاحَةِ يَجُوزُ عِنْدَنَا. وَطَعَامُ الْإِبَاحَةِ أَكْلَتَانِ مُشْبِعَتَانِ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ أَوْ غَدَاءَانِ أَوْ عَشَاءَانِ أَوْ عَشَاءٌ وَسُحُورُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ غَدَاءً وَعَشَاءً بِخُبْزٍ وَإِدَامٍ وَيُعْتَبَرُ الْإِشْبَاعُ دُونَ مِقْدَارِ الطَّعَامِ وَلَوْ قَدَّمَ ثَلَاثَةَ أَرْغِفَةٍ بَيْنَ يَدَيْ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا جَازَ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْ الْعَشَرَةِ شَبْعَانَ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ أَكَلَ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارَ مَا أَكَلَ غَيْرُهُ جَازَ وَقَالَ: بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ إشْبَاعُ الْعَشَرَةِ وَإِنْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ وَفِيهِمْ صَبِيٌّ فَطِيمٌ لَمْ يَجُزْ وَعَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَ مِسْكِينًا آخَرَ مَكَانَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِنْ أَطْعَمَهُمْ بِغَيْرِ إدَامٍ إنْ كَانَ مِنْ خُبْزِ الْحِنْطَةِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِدَامِ فَإِنْ أَطْعَمَهُمْ خُبْزًا وَتَمْرًا أَوْ سَوِيقًا وَتَمْرًا أَوْ سَوِيقًا لَا غَيْرُ أَجْزَأَهُ إذَا كَانَ مِنْ طَعَامِ أَهْلِهِ وَإِنْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا عَشْرَةَ أَيَّامٍ غَدَاءً وَعَشَاءً أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ إلَّا رَغِيفًا وَاحِدًا فِي كُلِّ يَوْمٍ أَكْلَةً وَلَوْ غَدَّى عَشَرَةً وَعَشَّى عَشَرَةً غَيْرَهُمْ لَمْ يُجْزِئْ وَكَذَا إذَا غَدَّى مِسْكِينًا وَعَشَّى آخَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لَمْ يُجْزِئْ وَلَوْ فَرَّقَ حِصَّةَ الْمِسْكِينِ عَلَى مِسْكِينَيْنِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ غَدَّى مِسْكِينًا وَأَعْطَاهُ قِيمَةَ الْعَشَاءِ فُلُوسًا أَوْ دَرَاهِمَ أَجْزَأَهُ وَكَذَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي عَشَرَةِ مَسَاكِينَ فَغَدَّاهُمْ وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ عَشَائِهِمْ فُلُوسًا أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ غَدَّى عَشَرَةً فِي يَوْمٍ ثُمَّ أَعْطَاهُمْ مُدًّا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ أَجْزَأَهُ قَالَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ غَدَّى مِسْكِينًا عِشْرِينَ يَوْمًا أَوْ عَشَّاهُ فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَجْزَأَهُ وَلَوْ صَامَ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ وَفِي مِلْكِهِ طَعَامٌ أَوْ عَبْدٌ قَدْ نَسِيَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَطْعَمَ خَمْسَةَ مَسَاكِينَ ثُمَّ افْتَقَرَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الصِّيَامَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَعْطَى كَفَّارَةَ الْيَمِينِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا مُدًّا ثُمَّ اسْتَغْنَوْا ثُمَّ افْتَقَرُوا ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ مُدًّا مُدًّا عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَدَّى إلَى مُكَاتَبٍ مُدًّا ثُمَّ رَدَّ الرِّقَّ ثُمَّ كُوتِبَ ثَانِيًا ثُمَّ أَعْطَاهُ مُدًّا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَعْطَى الرَّجُلُ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ أَلْفَ مَنٍّ مِنْ الْحِنْطَةِ عَنْ كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إذَا وَضَعَ خَمْسَةَ أَصْوُعٍ مِنْ طَعَامٍ بَيْنَ يَدَيْ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ فَاسْتَلَبُوهَا انْتَهَبُوهَا أَجْزَأَهُ عَنْ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ لَا غَيْرُ كَذَا فِي

الظَّهِيرِيَّةِ. لَا يَجُوزُ صَرْفُ الْكَفَّارَةِ إلَى مَنْ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ كَالْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ وَغَيْرِهِمْ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَا يُجْزِئُ الصَّوْمُ فِي هَذَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْحَانِثُ فِي يَمِينِهِ إذَا كَانَ مُعْسِرًا فَصَامَ يَوْمَيْنِ وَمَرِضَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَأَفْطَرَ لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إذَا حَاضَتْ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَاتُ أَيْمَانٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَأَعْتَقَ رِقَابًا بِعَدَدِهِنَّ وَلَمْ يَنْوِ لِكُلِّ يَمِينٍ رَقَبَةً بِعَيْنِهَا أَوْ نَوَى فِي كُلِّ رَقَبَةٍ عَنْهُنَّ أَجْزَاهُ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ عَنْ إحْدَاهُنَّ وَأَطْعَمَ عَنْ الْأُخْرَى وَكَسَا عَنْ الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ تَتَأَدَّى بِهِ الْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا فَيَكُونُ الْحُكْمُ فِي كُلِّهَا سَوَاءً. كَفَّارَةُ الْمَمْلُوكِ بِالصَّوْمِ مَا لَمْ يَعْتِقْ وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يَعْتِقَ عَنْهُ مَوْلَاهُ أَوْ يُطْعِمَ أَوْ يَكْسُوَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَفَّرَ بِالْمَالِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ لَمْ يُجْزِئْ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْقِنِّ وَالْمُسْتَسْعَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ. إذَا صَامَ الْمُكَفِّرُ يَوْمَيْنِ ثُمَّ وَجَدَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مَا يُطْعِمُ أَوْ يَكْسُو لَمْ يُجْزِئْ الصَّوْمُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِالْإِطْعَامِ أَوْ الْكُسْوَةِ وَإِنْ صَامَ الْمُعْسِرُ يَوْمَيْنِ ثُمَّ وَجَدَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مَا يَعْتِقُ فَعَلَيْهِ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُتِمَّ صَوْمَ يَوْمِهِ وَإِنْ أَفْطَرَ فَلَا قَضَاءَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ. الْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ مُعْسِرَةً فَلِزَوْجِهَا مَنْعُهَا مِنْ الصَّوْمِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. إنْ صَامَ الْعَبْدُ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ فَعَتَقَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ وَأَصَابَ مَالًا لَمْ يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ وَلَوْ صَامَ رَجُلٌ سِتَّةَ أَيَّامٍ عَنْ يَمِينَيْنِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ إحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ فَصَامَ لِأَحَدِهِمَا ثُمَّ أَطْعَمَ لِلْأُخْرَى لَمْ يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الصَّوْمَ بَعْدَ التَّكْفِيرِ بِالطَّعَامِ وَلَا يَجُوزُ صَوْمُ أَحَدٍ عَنْ أَحَدٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ فِي كَفَّارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَلَمْ يَجِدْ مَا يُعْتِقُ وَلَا مَا يَكْسُو وَلَا يُطْعِمُ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ وَلَا مَطْمَعَ لَهُ فِيهِ فَأَرَادُوا أَنْ يُطْعِمُوا عَنْهُ عَنْ صَوْمِ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا أَوْ مَاتَ فَأَوْصَى أَنْ يُقْضَى ذَلِكَ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُطْعِمُوا عَنْهُ وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يُطْعِمَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ وَإِنْ لَمْ يُوصِ وَأَحَبُّوا أَنْ يُكَفِّرُوا عَنْهُ لَمْ يُجْزِئْهُمْ أَقَلُّ مِنْ إطْعَامِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ أَوْ كُسْوَتِهِمْ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَعْتِقُوا عَنْهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ أَعْتَقَ رَقَبَةً عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينٍ يَنْوِي ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِلِسَانِهِ وَقَدْ تَكَلَّمَ بِالْعَتْقِ أَجْزَأَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا فَنَسِيَ أَنَّهُ كَيْفَ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالصَّوْمِ قَالُوا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَذَكَّرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ عَنْ رَجُلٍ يَقُولُ: كُنْت حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ وَلَا أَدْرِي أَكُنْتُ مُدْرِكًا حَالَةَ الْيَمِينِ أَوْ غَيْرَ مُدْرِكٍ قَالَ: لَا حِنْثَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُدْرِكٌ إذْ ذَاكَ. رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَةَ رَجُلٍ فَقَالَ الزَّوْجُ: هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ زِنَاهَا الْيَوْمَ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَالتَّبَيُّنُ إنَّمَا يَكُونُ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ أَوْ بِإِقْرَارِهَا. رَجُلٌ أَخَذَ ثَوْبَ امْرَأَتِهِ وَذَهَبَ بِهِ إلَى الصَّبَّاغِ لِيَصْبُغَهُ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ: إنَّمَا ذَهَبَتْ بِهِ لِتَبِيعَهُ فَغَضِبَ الزَّوْجُ وَقَالَ: إنْ صَبَغْتُهُ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ صَبَغَ الصَّبَّاغُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُقَطَّعَاتِ. وَمَنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لَا تَسْقُطُ وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ كَذَلِكَ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَفَّارَةُ الظِّهَارِ تَسْقُطُ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ قَدَّمَ الْكَفَّارَةَ عَلَى الْحِنْثِ لَمْ يُجْزِئْهُ ثُمَّ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْ الْمِسْكِينِ لِوُقُوعِهِ صَدَقَةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ النَّذْرِ) مَنْ نَذَرَ نَذْرًا مُطْلَقًا فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ جَعَلَ عَلَيْهِ حَجَّةً أَوْ عُمْرَةً أَوْ صَوْمًا أَوْ صَلَاةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ طَاعَةٌ إنْ فَعَلَ كَذَا فَفَعَلَ لَزِمَهُ ذَلِكَ الَّذِي جَعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ تَجِبْ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ فِيهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَنَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: إنْ عَلَّقَ النَّذْرَ بِشَرْطِ يُرِيدُ كَوْنَهُ كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ رَدَّ غَائِبِي لَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِالْكَفَّارَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَيَلْزَمُهُ عَيْنُ مَا سَمَّى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ عَلَّقَ بِشَرْطِ لَا يُرِيدُ كَوْنَهُ كَدُخُولِ الدَّارِ أَوْ نَحْوِهِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَبَيْنَ عَيْنِ مَا الْتَزَمَهُ وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجَعَ إلَى التَّخْيِيرِ أَيْضًا وَبِهَذَا كَانَ يُفْتِي إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ اخْتِيَارِي أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّي لَزِمَهُ رَكْعَتَانِ وَكَذَا إنْ قَالَ: أُصَلِّي صَلَاةً أَوْ قَالَ: نِصْفَ رَكْعَةٍ فَإِنْ قَالَ: ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ لَزِمَهُ أَرْبَعٌ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْقُدْسِيِّ. نَذَرَ صَلَاةً بِغَيْرِ وُضُوءٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ أَوْ عُرْيَانًا يَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ أَوْ قَالَ: إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَعَلَيَّ زَكَاتُهَا عَشَرَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا الظُّهْرَ وَإِلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمًا أَوْ صَلَاةً فِي مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يَصُومَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ صَلَاةً فِي غَدٍ فَصَلَّى الْيَوْمَ أَجْزَأَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ وَجَبَ أَنْ يَتَصَدَّقَ غَدًا بِدَرَاهِمَ فَتَصَدَّقَ بِهَا الْيَوْمَ أَجْزَأَهُ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْقُدْسِيِّ. الْتَزَمَ بِالنَّذْرِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَمْلِكُ لَزِمَهُ مَا يَمْلِكُ فِي الْمُخْتَارِ كَمَنْ قَالَ: إنْ فَعَلَتْ كَذَا فَعَلَيْهِ أَلْفُ صَدَقَةٍ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا مِائَةٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ عُرُوضٌ أَوْ خَادِمٌ يُسَاوِي مِائَةً فَإِنَّهُ يَبِيعُ وَيَتَصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةً يَتَصَدَّقُ بِعَشَرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ هَذِهِ الشَّاةَ وَهِيَ مَمْلُوكَةُ الْغَيْرِ لَا يَصِحُّ النَّذْرُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِنْ عَنِيَ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ يَمِينًا وَيَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأُهْدِيَنَّ هَذِهِ الشَّاةَ وَهِيَ مَمْلُوكَةُ الْغَيْرِ لَا يَصِحُّ النَّذْرُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِنْ عَنِيَ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ يَمِينًا وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأُهْدِيَنَّ هَذِهِ الشَّاةَ يَنْعَقِدُ يَمِينُهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَأُهْدِيَنَّ هَذِهِ الشَّاةَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَلْزَمُهُ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِنْ نَذَرَ بِمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ لَا يَصِحُّ فَإِنْ فَعَلَهُ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ نَذَرَ ذَبْحَ وَلَدِهِ يَلْزَمُهُ الشَّاةُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ نَذَرَ بِلَفْظِ الْقَتْلِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ نَذَرَ ذَبْحَ الْعَبْدِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ وَعِنْدَهُمَا لَا يَصِحُّ وَفِي ذَبْحِ الْوَالِدِ وَالْوَالِدَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النَّذْرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ نَذَرَ بِذَبْحِ ابْنِ ابْنِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَإِذَا حَلَفَ بِالنَّذْرِ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَعَلَيْهِ مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ بِالنَّذْرِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إذَا حَلَفَ بِالنَّذْرِ وَهُوَ يَنْوِي صِيَامًا وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَعَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إذَا حَنِثَ وَكَذَلِكَ إذَا نَوَى صَدَقَةً وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَعَلَيْهِ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ الْحِنْطَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ قَالَ: هزاردردم ازمال بدرويشان داده وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ: إنْ فَعَلَتْ كَذَا فَأَمْسَكَ إنْسَانٌ فَمَه قَالُوا: يَتَصَدَّقُ احْتِيَاطًا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا أَوْ عَتَاقًا لَا يَقَعُ شَيْءٌ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ كَفَلْتُ كَفَالَةً بِمَالٍ أَوْ نَفْسٍ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِفَلْسٍ ثُمَّ كَفَلَ بِمَالٍ أَوْ نَفْسٍ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِفَلْسٍ. رَجُلٌ قَالَ: مَالِي صَدَقَةٌ عَلَى فُقَرَاءِ مَكَّةَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَحَنِثَ

وَتَصَدَّقَ عَلَى فُقَرَاءِ بَلْخٍ أَوْ بَلْدَةٍ أُخْرَى جَازَ وَيَخْرُجُ عَنْ النَّذْرِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ نَجَوْت مِنْ هَذَا الْغَمِّ الَّذِي أَنَا فِيهِ فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ خُبْزًا فَتَصَدَّقَ بِعَيْنِ الْخُبْزِ أَوْ بِثَمَنِهِ يُجْزِئُهُ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ زَوَّجْت ابْنَتِي فَأَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي صَدَقَةٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ دِرْهَمٌ فَزَوَّجَ ابْنَتَهُ وَدَفَعَ الْأَلْفَ جُمْلَةً إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ جَازَ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ بَرِئْت مِنْ مَرَضِي هَذَا ذَبَحْت شَاةً فَبَرِيءَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ: إنْ بَرِئْت فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ شَاةً رَجُلٌ قَالَ: إنْ اتَّجَرْتُ بِرَأْسِ مَالِي وَهِيَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَرَزَقَنِي اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا رِبْحًا أَخْرُجُ حَاجًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَاتَّجَرَ وَلَمْ يَفْضُلْ لَهُ كَثِيرُ شَيْءٍ قَالُوا بِهَذَا النَّذْرِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضِيفَ جَمَاعَةً قَرَابَتِي فَحَنِثَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطْعِمَ كَذَا وَكَذَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ. رَجُلٌ قَالَ: مَالِي هِبَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الصَّدَقَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ تَعَالَى امْرَأَةً مُوَافِقَةً فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كُلِّ خَمِيسٍ قَالُوا: فَالْمُوَافِقَةُ هِيَ الْقَانِعَةُ الرَّاضِيَةُ بِمَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا الْبَاذِلَةُ مَا يُرِيدُ مِنْهَا مِنْ التَّمَتُّعِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ عَلَى أَغْنِيَاءٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ وَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ إذَا نَوَى ابْنَ السَّبِيلِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. إذَا جَعَلَ الرَّجُلُ لِلَّهِ عَلَى نَفْسِهِ طَعَامَ مَسَاكِينَ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى مِنْ عَدَدِ الْمَسَاكِينِ وَكِيلِ الطَّعَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَعَلَيْهِ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لِكُلٍّ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ إطْعَامُ مِسْكِينٍ فِي الِاسْتِحْسَانِ يَلْزَمُهُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطْعِمَ عَشْرَةَ مَسَاكِينَ وَلَمْ يُسَمِّ مِقْدَارَ الطَّعَامِ فَأَطْعَمَ خَمْسَةً لَمْ يُجْزِئْ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطْعِمَ هَذَا الْمِسْكَيْنِ هَذَا الطَّعَامَ فَأَطْعَمَ هَذَا الطَّعَامَ مِسْكِينًا آخَرَ أَجْزَأَهُ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطْعِمَ هَذَا الْمِسْكَيْنِ شَيْئًا وَلَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُطْعِمَ ذَلِكَ الْمِسْكِينَ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ وَهُوَ لَا يَنْوِي عَشْرَةً وَإِنَّمَا يَنْوِي أَنْ يُعْطِيَ وَاحِدًا مَا يَكْفِي عَشْرَةً أَجْزَأَهُ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ إطْعَامُ الْعَشَرَةِ لَمْ يُجْزِئْ إلَّا أَنْ يَصْرِفَ إلَى عَشَرَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. نَذَرَ بِالتَّصَدُّقِ عَلَى أَلْفِ مِسْكِينٍ فَتَصَدَّقَ عَلَى مِسْكِينٍ بِالْقَدْرِ الَّذِي أَلْزَمَ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. وَلَوْ نَذَرَ بِهَذَا الدِّرْهَمِ فَتَصَدَّقَ بِغَيْرِهِ عَنْ نَذْرٍ جَازَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ هَذِهِ الرَّقَبَةَ وَهُوَ يَمْلِكُهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ بِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَفِ يَأْثَمُ لَكِنْ لَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ نَسَمَةٍ فَأَعْتَقَ رَقَبَةً عَمْيَاءَ لَمْ يُجْزِئْ وَلَوْ قَالَ: وَلِلَّهِ أَنْ أُعْتِقَ نَسَمَةً فَأَعْتَقَ عَمْيَاءَ بَرَّ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ جَزُورًا وَأَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهِ فَذَبَحَ مَكَانَهُ سَبْعَ شِيَاهٍ جَازَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. سُئِلَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: إنْ صَلَّيْت رَكْعَةً فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ وَإِنْ صَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمَيْنِ وَإِنْ صَلَّيْت ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِثَلَاثِ دَرَاهِمَ وَإِنْ صَلَّيْت أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَالَ: يَلْزَمُهُ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ كَذَا فِي الْيَتِيمِيَّةِ. ذَكَرَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ فِي نَوَادِرِهِ وَابْنُ سِمَاعَةَ فِي الْوَصَايَا عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَمَنْ نَذَرَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ بِعَيْنِهِ وَبَاعَهُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى شِرَائِهِ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَيُعْتِقَهُ فَإِنْ فَاتَهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى شِرَائِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِثَمَنِهِ قَالَ فِي الْجَامِعِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ: إنْ كَانَ مَا فِي يَدَيَّ دَرَاهِمَ إلَّا ثَلَاثَةً فَجَمِيعُ مَا فِي يَدَيَّ صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ فَإِذَا فِي يَدِهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةٌ لَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَ سِتَّةً فَصَاعِدًا لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ مَا فِي يَدَيَّ مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَّا ثَلَاثَةً فَجَمِيعُ مَا فِي يَدَيَّ صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ فَإِذَا فِي يَدِهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةٌ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ

مَا فِي يَدَيَّ مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَّا ثَلَاثَةٌ فَجَمِيعُ مَا فِي يَدَيْ صَدَقَةٌ لِمَسَاكِينَ فَإِذَا فِي يَدِهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ لَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ فِي يَدَيْ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَهِيَ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ فَإِذَا فِي يَدِهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةٌ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ بَذْرٍ أَبْذُرُهُ أَوْ رَمَيْته فِي الْبَحْرِ فَهُوَ صَدَقَةٌ فَإِنْ كَانَ الَّذِي بَذَرَهُ مِلْكَهُ يَوْمَ حَلَفَ صَحَّ النَّذْرُ وَيَتَصَدَّقُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ بِخِلَافِ كُلِّ ثَوْبٍ أَحْرَقُهُ؛ لِأَنَّ بِالْإِحْرَاقِ لَا يَبْقَى وَلَوْ قَالَ: إنْ أَجَّرْت عَبْدِي هَذَا فَأَجْرُهُ صَدَقَةٌ فَأَكَلَ الْأَجْرَ يَتَصَدَّقُ بِمِثْلِهِ وَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهُ ثُمَّ يُؤَاجِرُهُ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي فَيَنْحَلُّ الْيَمِينُ ثُمَّ يَشْتَرِيه وَيُؤَاجِرُهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: إنْ لَبِسْت هَذَا الثَّوْبَ أَوْ هَذَا الْحُلِيَّ فِي بَيْتِك أَوْ مَا دُمْت عِنْدَك فَهُوَ هَدْيٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ تَهَبَهُ ثُمَّ تَلْبِسَهُ فَيَنْحَلُّ الْيَمِينُ ثُمَّ تَرْجِعُ فِي الْهِبَةِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. قَالَ: أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ: إنْ بِعْت عَبْدِي هَذَا فَقِيمَتُهُ صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ فَبَاعَهُ وَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا فَرَدَّهُ فَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَلَوْ كَانَا تَقَابَضَا ثُمَّ رَدَّ الْعَبْدَ بِذَلِكَ وَالثَّمَنُ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِحُكْمٍ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ حُكْمٍ تَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ الْعَبْدَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الثَّمَنَ حَتَّى رَدَّ الْعَبْدَ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءٍ فَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ كَانَ الثَّمَنُ وَإِنْ كَانَ رَدَّهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ تَصَدَّقَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ قَبَضَ الثَّمَنَ وَالثَّمَنُ عَرْضٌ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْمُشْتَرِي حَتَّى هَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ رَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ تَصَدَّقَ بِمِثْلِهَا وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ رَدَّ الثَّمَنَ بِعَيْنِهِ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ كَانَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَلَوْ نَذَرَ عِتْقَ هَذَا الْعَبْدِ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَكَفَّرَ بِالْإِطْعَامِ بَطَلَ النَّذْرُ وَكَذَلِكَ لَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ هَذِهِ الْبَدَنَةَ عَنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ الَّذِي عَلَيْهِ ثُمَّ صَامَ أَوْ أَطْعَمَ أَوْ نَذَرَ أَنْ يَكْسُوَهَا بِهَذِهِ الْأَثْوَابِ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَأَطْعَمَهُمْ بَطَلَ النَّذْرُ وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لَا يَبْلُغُ قِيمَتَهَا تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ بِعْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَبِهَذَا الْكُرِّ فَهُمَا صَدَقَةٌ فَبَاعَهُ بِهِمَا تَصَدَّقَ بِالْكُرِّ إذَا قَبَضَ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِالدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَيْسَ سَبَبَ مِلْكِ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ إلَّا إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِ الْبَائِعِ يَمْلِكُهَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَيَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ وَلَوْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ وَهَبْتُك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِهَا أَوْ وَهَبَهَا وَهِيَ فِي يَدِهِ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِهَا أَوْ بِمِثْلِهَا إنْ سَلَّمَهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْحِنْثِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَوْ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَقْتَ الْهِبَةِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الشِّرَاءِ بِأَنْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ بِهَذَا الْكُرِّ وَبِهَذِهِ الْأَلْفِ فَهُمَا صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ فَاشْتَرَى بِهِمَا لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِالْأَلْفِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ التَّصَدُّقُ بِالْكُرِّ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى صَاحِبِ الْعَبْدِ ثُمَّ حَلَفَ وَقَالَ: إنْ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ الدِّرْهَمِ وَأَشَارَ إلَى الْأَلْفِ الْمَدْفُوعَةِ فَهَذِهِ الْأَلْفُ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ وَقَالَ صَاحِبُ الْعَبْدِ إنْ بِعْت هَذَا الْعَبْدَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ فَهِيَ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ وَأَشَارَ إلَى تِلْكَ الْأَلْفِ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْعَبْدِ بَاعَ الْعَبْدَ بِتِلْكَ الْأَلْفِ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا دُونَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

الباب الثالث في اليمين على الدخول والسكنى وغيرهما

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الدُّخُولِ وَالسُّكْنَى وَغَيْرِهِمَا] الْأَصْلُ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمُسْتَعْمَلَةَ فِي الْأَيْمَانِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ مَسْجِدًا أَوْ بَيْعَةً أَوْ كَنِيسَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ أَوْ دَخَلَ الْكَعْبَةَ أَوْ حَمَّامًا أَوْ دِهْلِيزًا أَوْ ظُلَّةَ بَابِ دَارٍ لَا يَحْنَثُ وَقِيلَ: الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ فِي مَسْأَلَةِ الدِّهْلِيزِ فِي دِهْلِيزٍ يَكُونُ خَارِجَ بَابِ الدَّارِ فَإِنْ كَانَ دَاخِلَ الْبَيْتِ وَيُمْكِنُ فِيهِ الْبَيْتُوتَةُ يَحْنَثُ وَالصَّحِيحُ مَا أَطْلَقَ فِي الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الدِّهْلِيزَ لَا يُبَاتُ فِيهِ عَادَةً سَوَاءٌ كَانَ خَارِجَ الْبَابِ أَوْ دَاخِلَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ دَخَلَ صُفَّةً يَحْنَثُ وَقِيلَ: هَذَا إذَا كَانَتْ الصُّفَّةُ ذَاتَ حَوَائِطَ أَرْبَعَةٍ وَهَكَذَا كَانَتْ صِفَافُهُمْ وَقِيلَ: الْجَوَابُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْمَسْجِدَ فَانْهَدَمَ فَبُنِيَ دَارًا ثُمَّ انْهَدَمَ فَبُنِيَ مَسْجِدًا فَدَخَلَ لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ بَعْدَ مَا انْهَدَمَ أَوْ بَعْدَ مَا بُنِيَ مَسْجِدًا آخَرَ حَنِثَ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ جَارِهِ هَذِهِ فَزِيدَ فِي الدَّارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا مِنْ دَارٍ أُخْرَى فَدَخَلَ الزِّيَادَةَ حَنِثَ وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ وَلَوْ كَانَ قَالَ دَارًا حَنِثَ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَسْجِدًا فَزِيدَ فِيهِ فَدَخَلَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ حَنِثَ وَلَوْ قَالَ: مَسْجِدَ بَنَى فُلَانٍ أَوْ أَشَارَ إلَى مَسْجِدٍ فَزِيدَ بَعْدَ الْحَلِفِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ رَجُلٌ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْمَسْجِدَ فَزِيدَ فِيهِ طَائِفَةٌ مِنْ دَارٍ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ الزِّيَادَةَ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَسْجِدَ بَنَى فُلَانٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَحْنَثُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَزِيدَ فِيهَا فَدَخَلَ الزِّيَادَةَ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ قَالَ: لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ الزِّيَادَةَ حَنِثَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ. حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَسْجِدًا فَقَامَ عَلَى سَطْحِهِ الْمُخْتَارُ أَنْ لَا يَحْنَثَ بِالْقِيَامِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْحَالِفُ أَعْجَمِيًّا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا بَعْدَ مَا انْهَدَمَتْ وَصَارَتْ صَحْرَاءَ حَنِثَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَخَرِبَتْ ثُمَّ بُنِيَتْ أُخْرَى فَدَخَلَهَا يَحْنَثُ وَإِنْ جُعِلَتْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا أَوْ بُنِيَ بَيْتًا فَدَخَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا إذَا دَخَلَهَا بَعْدَ انْهِدَامِ الْحَمَّامِ وَأَشْبَاهِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ بَعْدَ الْهَدْمِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ جُعِلَتْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا فَدَخَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارًا صَغِيرَةً فَجَعَلَهَا بَيْتًا وَاحِدًا وَأَشْرَعَ بَابًا إلَى الطَّرِيقِ أَوْ إلَى دَارٍ أُخْرَى أَوْ جُعِلَتْ دَارًا أُخْرَى بَعْدَمَا جَعَلَهَا بُسْتَانًا أَوْ صَارَتْ بَحْرًا أَوْ نَهْرًا لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ أَوْ بَيْتًا فَدَخَلَهُ وَلَا بِنَاءَ فِيهِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ بُنِيَ بَيْتًا آخَرَ فَدَخَلَهُ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا فِي الْمُعَيَّنِ وَفِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ يَحْنَثُ وَلَوْ انْهَدَمَ السَّقْفُ وَحِيطَانُهُ قَائِمَةٌ فَدَخَلَهُ يَحْنَثُ فِي الْمُعَيَّنِ وَلَا يَحْنَثُ فِي الْمُنْكَرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا أَوْ مَحْمُولًا بِأَمْرِهِ حَنِثَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ قَدْ انْفَلَتَتْ وَهُوَ رَاكِبُهَا لَا يَسْتَطِيعُ إمْسَاكَهَا فَدَخَلَتْ الدَّارَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ احْتَمَلَهُ غَيْرُهُ فَأَدْخَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ سَوَاءٌ كَانَ رَاضِيًا بِذَلِكَ بِقَلْبِهِ أَوْ سَاخِطًا وَسَوَاءٌ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَيْهِ عِنْدَ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الصَّحِيحُ وَسَوَاءٌ أَدْخَلَهَا مِنْ بَابِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَقَامَ عَلَى حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِهَا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَكَذَا لَوْ قَامَ عَلَى سَطْحِ الدَّارِ وَقِيلَ: هَذَا فِي عُرْفِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَالصُّعُودُ عَلَى السَّطْحِ وَالْحَائِطِ لَا يُسَمَّى دُخُولًا فَلَا يَحْنَثُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ جَوَابُ الْكِتَابِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ

هَذِهِ الدَّارَ فَنَزَلَ مِنْ سَطْحِهَا أَوْ صَعِدَ شَجَرَةً وَأَغْصَانُهَا فِي الدَّارِ فَقَامَ عَلَى غُصْنٍ لَوْ سَقَطَ لَسَقَطَ فِي الدَّارِ حَنِثَ وَكَذَا لَوْ قَامَ عَلَى حَائِطٍ مِنْهَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْحَائِطُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ فَارْتَقَى شَجَرَةً أَغْصَانُهَا فِي الدَّارِ أَوْ قَامَ عَلَى حَائِطٍ مِنْهَا أَوْ صَعِدَ السَّطْحَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ دُخُولًا فِي الْعَجَمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْعُلُوُّ إذَا لَمْ يَكُنْ طَرِيقُهُ فِي سُفْلِهِ وَإِنَّمَا كَانَ فِي دَارٍ أُخْرَى تَحْتَ سُفْلِهِ فَهُوَ مِنْ الدَّارِ الَّتِي طَرِيقُهُ فِيهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ وَقَفَ فِي طَاقِ الْبَابِ بِحَيْثُ إذَا أُغْلِقَ الْبَابُ يَبْقَى خَارِجًا لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَامَ عَلَى كَنِيفٍ أَوْ عَلَى شَارِعٍ أَوْ ظُلَّةٍ شَارِعَةٍ إنْ كَانَ مَفْتَحُ الْكَنِيفِ أَوْ الظُّلَّةِ فِي الدَّارِ كَانَ حَانِثًا وَإِنْ قَامَ عَلَى أُسْكُفَّةِ بَابِهَا تَحْتَ الطَّاقَ إنْ كَانَتْ الْأُسْكُفَّةُ بِحَيْثُ لَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ كَانَتْ الْأُسْكُفَّةُ خَارِجَةً لَا يَكُونُ حَانِثًا وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً كَانَ حَانِثًا وَلَوْ أَدْخَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا قِيلَ: هَذَا إذَا كَانَ الدَّاخِلُ وَالْخَارِجُ مُتَسَاوِيَيْنِ فَإِنْ كَانَ دَاخِلُ الدَّارِ مُنْهَبِطًا فَأَدْخَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ كَانَ حَانِثًا؛ لِأَنَّ أَكْثَرَهُ يَصِيرُ دَاخِلًا وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَانِثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ هَذَا إذَا كَانَ يَدْخُلُ قَائِمًا أَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ أَوْ جَنْبِهِ فَتَدَحْرَجَ حَتَّى صَارَ بَعْضُ بَدَنِهِ دَاخِلَ الدَّارِ إنْ صَارَ الْأَكْثَرُ دَاخِلَ الدَّارِ يَصِيرُ دَاخِلًا وَإِنْ كَانَ سَاقَاهُ خَارِجَ الدَّارِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ وَلَمْ يُدْخِلْ قَدَمَيْهِ لَا يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ لَوْ تَنَاوَلَ شَيْئًا بِيَدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ وَإِحْدَى قَدَمَيْهِ حَنِثَ وَلَوْ جَاءَ إلَى بَابِهَا وَهُوَ يَشْتَدُّ فِي الْمَشْيِ أَيْ يَعْدُو فَانْعَثَرَ وَانْزَلَقَ فَوَقَعَ فِي الدَّارِ اخْتَلَفُوا فِيهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ دَفَعَتْهُ الرِّيحُ وَأَوْقَعَتْهُ فِي الدَّارِ اخْتَلَفُوا فِيهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ الِامْتِنَاعَ وَإِنْ أَدْخَلَهُ إنْسَانٌ مُكْرَهًا فَخَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ دَخَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُخْتَارًا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَحْنَثُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ إلَّا مُخْتَارًا قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ: رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إنْ دَخَلَ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْجُلُوسَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ دَخَلَ يَعُودُ مَرِيضًا وَمِنْ شَأْنِهِ الْجُلُوسُ عِنْدَهُ حَنِثَ فَإِنْ دَخَلَ لَا يُرِيدُ الْجُلُوسَ ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَمَا دَخَلَ فَجَلَسَ لَا يَحْنَثُ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ إلَّا عَابِرَ سَبِيلٍ فَدَخَلَهَا لِيَقْعُدَ فِيهَا أَوْ لِيَعُودَ مَرِيضًا أَوْ لِيُطْعِمَ فِيهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حِينَ حَلَفَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَلَكِنْ إنْ دَخَلَهَا مُجْتَازًا ثُمَّ بَدَا لَهُ فَقَعَدَ فِيهَا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ عَابِرَ السَّبِيلِ هُوَ الْمُجْتَازُ فَإِذَا دَخَلَهَا بِغَيْرِ اجْتِيَازٍ حَنِثَ قَالَ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ لَا يَدْخُلُهَا يُرِيدُ النُّزُولَ فِيهَا فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسَعُهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مِنْ بَابِ هَذِهِ الدَّارِ مِنْ غَيْرِ الْبَابِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ ثَقَبَ بَابًا آخَرَ فَدَخَلَهُ حَنِثَ وَلَوْ عَيَّنَ ذَلِكَ الْبَابَ فِي الْيَمِينِ لَمْ يَحْنَثْ فِي غَيْرِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ وَلَكِنْ نَوَى ذَلِكَ لَا يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارَ فُلَانٍ وَحَفَرَ سِرْدَابًا تَحْتَ تِلْكَ الدَّارِ فَدَخَلَهُ أَوْ دَخَلَ الْقَنَاةَ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ كَانَتْ الْقَنَاةُ مَوْضِعُهَا مَكْشُوفًا فِي الدَّارِ إنْ كَانَ الِانْكِشَافُ كَثِيرًا بِحَيْثُ يَسْتَسْقِي أَهْلُ الدَّارِ مِنْهَا فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ أَهْلُ الدَّارِ إنَّمَا هُوَ لِضَوْءِ الْقَنَاةِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ إلَّا أَنْ يَنْسَى فَكَذَا فَدَخَلَهَا نَاسِيًا ثُمَّ دَخَلَهَا ذَاكِرًا لَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ إلَّا نَاسِيًا فَكَذَا ثُمَّ دَخَلَهَا ذَاكِرًا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا فَمَكَثَ فِيهَا أَيَّامًا لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَخْرُجَ ثُمَّ يَدْخُلُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ: عَبْدِي حُرٌّ إنْ دَخَلْت هَذِهِ

الدَّارَ دَخْلَةً إلَّا أَنْ يَأْمُرَنِي فُلَانٌ فَأَمَرَهُ فُلَانٌ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّخْلَةَ وَلَا بَعْدَهَا وَقَدْ سَقَطَتْ الْيَمِينُ وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ دَخْلَةً إلَّا أَنْ يَأْمُرَنِي بِهَا فُلَانٌ فَأَمَرَهُ فُلَانٌ فَدَخَلَ ثُمَّ دَخَلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَلَا بُدَّ هَهُنَا مِنْ الْأَمْرِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فِي شَرْحِ الْكَرْخِيِّ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ: وَاَللَّهِ لَا يَدْخُلُ دَارَك هَذِهِ أَحَدٌ الْيَوْمَ فَهَذَا عَلَى غَيْرِ رَبِّ الدَّارِ إنْ دَخَلَ رَبُّ الدَّارِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ دَخَلَ غَيْرُهُ حَنِثَ وَإِنْ دَخَلَهَا الْحَالِفُ أَيْضًا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ مَا يَكُونُ عَلَى الْحَالِفِ وَمَا يَكُونُ عَلَى غَيْرِهِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَطَأُ هَذِهِ الدَّارَ بِقَدَمِهِ فَدَخَلَهَا رَاكِبًا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَدَخَلَهَا رَاكِبًا حَنِثَ فَإِنْ كَانَ نَوَى أَنْ لَا يَضَعَ قَدَمَهُ مَاشِيًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى حَقِيقَةً وَكَذَلِكَ إذَا دَخَلَهَا مَاشِيًا وَعَلَيْهِ حِذَاءٌ أَوْ لَا حِذَاءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا قَالَ: إنْ وَضَعَتْ قَدَمَيَّ فِي دَارِ فُلَانٍ فَكَذَا فَوَضَعَ إحْدَى رِجْلَيْهِ فِي دَارِ فُلَانٍ لَا يَحْنَثُ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ مَحَلَّةَ كَذَا فَدَخَلَ دَارًا لَهَا بَابَانِ أَحَدُهُمَا مَفْتُوحٌ فِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ وَالْآخَرُ مَفْتُوحٌ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى حَنِثَ فِي يَمِينِهِ. رَجُلٌ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلْخًا فَهُوَ عَلَى الْمِصْرِ دُونَ الْقُرَى وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَدِينَةَ بَلْخٍ فَالْيَمِينُ عَلَى الْمَدِينَةِ وَرَبَضِهَا؛ لِأَنَّ الرَّبَضَ يُعَدُّ مِنْ الْمَدِينَةِ وَإِنْ أَرَادَ الْحَالِفُ الْمَدِينَةَ خَاصَّةً فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ قَرْيَةً كَذَا فَدَخَلَ أَرَاضِي الْقَرْيَةِ لَا يَحْنَثُ وَيَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى عِمْرَانِهَا وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ بَلْدَةَ كَذَا يَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى الْعُمْرَانِ؛ لِأَنَّ الْبَلَدَ اسْمٌ لِمَا هُوَ دَاخِلُ الرَّبْضِ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ بَغْدَادَ فَمِنْ أَيْ الْجَانِبَيْنِ دَخَلَ حَنِثَ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ مَدِينَةَ السَّلَامِ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَدْخُلْ مِنْ نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ؛ لِأَنَّ اسْمَ بَغْدَادَ يَتَنَاوَلُ الْجَانِبَيْنِ وَمَدِينَةَ السَّلَامِ لَا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الرَّيَّ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الْإِجَارَاتِ أَنَّ الرَّيَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَتَنَاوَلُ الْمَدِينَةَ وَالنَّوَاحِي قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا سَمَرْقَنْدُ وَأُوزَجَنْدَ فَاسْمٌ لِلْمَدِينَةِ خَاصَّةً وَالسُّغْدُ وَفَرْغَانَةُ وَفَارِسُ اسْمٌ لِلْأَمْصَارِ وَالْقُرَى. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْفُرَاتَ فَرَكِبَ سَفِينَةً فِي الْفُرَاتِ أَوْ كَانَ عَلَى الْفُرَاتِ جِسْرٌ فَمَرَّ عَلَى الْجِسْرِ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَدْخُلْ الْمَاءَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْبَصْرَةَ فَدَخَلَ شَيْئًا مِنْ قُرَاهَا يَحْنَثُ. إنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَغْدَادَ فَمَرَّ بِهَا فِي سَفِينَةٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْنَثُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْنَثُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ كُورَةَ كَذَا أَوَرُسْتَاقَ كَذَا فَدَخَلَ فِي أَرْضِهَا حَنِثَ وَقَدْ قِيلَ: بِأَنَّ الْكُورَةَ اسْمٌ لَلْعُمْرَانِ أَيْضًا وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمُهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي بُخَارَى وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا اسْمٌ لَلْعُمْرَانِ وَأَمَّا شَامٌ فَاسْمٌ لِلْوِلَايَةِ وَكَذَا خُرَاسَانَ وَكَذَلِكَ الْأَرْمِينِيَّةُ حَتَّى لَوْ حَلَفَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا يَدْخُلُهَا فَدَخَلَ قَرْيَةً مِنْ قُرَاهَا يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ تِرْكِسْتَانُ فَهُوَ اسْمٌ لِلْوِلَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ السِّكَّةِ فَدَخَلَ دَارًا فِي تِلْكَ السِّكَّةِ مِنْ طَرِيقِ السَّطْحِ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَى السِّكَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ: هَذَا إلَى عَدَمِ الْحِنْثِ أَقْرَبُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: هَذَا إلَى الْحِنْثِ أَقْرَبُ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ إلَى السِّكَّةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ سِكَّةَ فُلَانٍ فَدَخَلَ مَسْجِدًا فِي تِلْكَ السِّكَّةِ وَلَمْ يَدْخُلْ السِّكَّةَ لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَدَخَلَ دَارًا يَسْكُنُهَا بِإِجَارَةٍ أَوْ بِإِعَارَةٍ ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ دَخَلَ دَارًا مَمْلُوكَةً لِفُلَانٍ وَفُلَانٌ لَا يَسْكُنُهَا حَنِثَ أَيْضًا وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا لِفُلَانٍ فَدَخَلَ

بَيْتًا وَفُلَانٌ فِيهِ سَاكِنٌ بِإِعَارَةٍ أَوْ بِإِجَارَةٍ كَانَ حَانِثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا لِفُلَانٍ فَدَخَلَ دَارًا لَهُ قَدْ آجَرَهَا لِغَيْرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْنَثُ فَإِنْ قَالَ: لَا أَدْخُلُ حَانُوتًا لِفُلَانٍ فَدَخَلَ حَانُوتًا لَهُ قَدْ آجَرَهُ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ مِمَّنْ لَهُ حَانُوتٌ يَسْكُنُهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ هَذَا الْحَانُوتَ وَإِنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَا يَعْرِفُ بِسُكْنَى حَانُوتٍ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ إضَافَةَ الْمِلْكِ لَا إضَافَةَ السُّكْنَى وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ دَارًا بَيْنَ فُلَانٍ وَبَيْنَ آخَرَ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ فِيهَا سَاكِنًا حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ فُلَانٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَدَخَلَ صَحْنَ دَارِهِ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَدْخُلَ الْبَيْتَ قَالُوا هَذَا عَلَى عُرْفِ دِيَارِهِمْ فَأَمَّا فِي عُرْفِ دِيَارِنَا فَالدَّارُ وَالْبَيْتُ وَاحِدٌ فَإِذَا دَخَلَ صَحْنَ الدَّارِ يَحْنَثُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. رَجُلٌ جَالِسٌ فِي بَيْتٍ مِنْ الْمَنْزِلِ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ هَذَا الْبَيْتَ فَالْيَمِينُ عَلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ الَّذِي كَانَ جَالِسًا فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ يُسَمَّى مَنْزِلًا وَدَارًا هَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ أَمَّا إذَا كَانَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ فَالْيَمِينُ عَلَى ذَلِكَ الْمَنْزِلِ وَتِلْكَ الدَّارِ فَإِنْ قَالَ: عَنَيْتُ ذَلِكَ الْبَيْتَ الَّذِي كُنْت جَالِسًا فِيهِ صَدَقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّ فِي الْفَارِسِيَّةِ خَانَةً اسْمٌ لِلْكُلِّ وَالْبَيْتُ اسْمٌ خَاصٌّ كَقَوْلِهِ تابخانة وكاشانة وزمستاني هَذَا إذَا لَمْ يُشِرْ إلَى بَيْتٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ أَشَارَ إلَى بَيْتٍ فَالْعِبْرَةُ لِلْإِشَارَةِ. رَجُلٌ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا يَشْتَرِيهَا فُلَانٌ فَاشْتَرَى فُلَانٌ دَارًا وَبَاعَهَا مِنْ الْحَالِفِ فَدَخَلَ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ اشْتَرَى فُلَانٌ دَارًا فَوَهَبَهَا مِنْ الْحَالِفِ فَدَخَلَ الْحَالِفُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشِّرَاءِ الْأَوَّلِ مُرْتَفِعٌ بِالشِّرَاءِ الثَّانِي وَلَا يَرْتَفِعُ بِالْهِبَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَلَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا وَدَارُ غَلَّةٍ فَدَخَلَ دَارَ الْغَلَّةِ لَا يَحْنَثُ إذَا لَمْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى دَارِ الْغَلَّةِ وَغَيْرِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ فَبَاعَ فُلَانٌ الدَّارَ فَدَخَلَ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. امْرَأَةٌ حَلَفَتْ أَنْ لَا يَدْخُلَ زَوْجُهَا دَارَهَا فَبَاعَتْ دَارَهَا فَدَخَلَ الزَّوْجُ إنْ كَانَتْ نَوَتْ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارًا تَسْكُنُهَا الْمَرْأَةُ لَا يَبْطُلُ الْيَمِينُ بِالْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا نِيَّةٌ فَالْيَمِينُ عَلَى دَارٍ مَمْلُوكَةٍ لَهَا فَإِذَا بَاعَتْ لَا يَبْقَى الْيَمِينُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَبَاعَ فُلَانٌ نِصْفَ الدَّارِ وَهُوَ فِيهَا فَدَخَلَ الْحَالِفُ كَانَ حَانِثًا وَإِنْ تَحَوَّلَ فُلَانٌ عَنْ الدَّارِ لَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِهِمَا وَكَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ فَبَاعَ فُلَانٌ دَارِهِ وَتَحَوَّلَ عَنْهَا فَدَخَلَ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِهِمَا وَكَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ امْرَأَتِهِ فَبَاعَتْ هِيَ دَارَهَا مِنْ رَجُلٍ فَاسْتَأْجَرَهَا الْحَالِفُ مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ لِمَعْنًى مِنْ الْمَرْأَةِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِأَجْلِ الدَّارِ حَنِثَ، رَجُلٌ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ الأجيزي شكفت بود فَنَزَلَتْ بِهِمْ بَلِيَّةٌ مِنْ قَتْلٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ مَوْت فَدَخَلَ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَاسْتَعَارَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ دَارًا لِاِتِّخَاذِ الْوَلِيمَةِ فَدَخَلَهَا الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْتَقِلَ الْمُعِيرُ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ وَيُسَلِّمَهَا إلَى الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرُ نَقَلَ مَتَاعَهُ إلَيْهَا فَإِذَا دَخَلَهَا الْحَالِفُ حِينَئِذٍ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ ابْنُ رُسْتُمَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ مِثْلَ دَارِ عُمَرَ بْنِ حُرَيْثٍ وَغَيْرِهَا مِنْ الدُّورِ الْمَشْهُورَةِ بِأَرْبَابِهَا فَدَخَلَ الرَّجُلُ وَقَدْ كَانَ بَاعَهَا عُمَرُ بْنُ حُرَيْثٍ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ نُسِبَتْ قَبْلَ الْيَمِينِ إلَيْهِ ثُمَّ دَخَلَهَا الْحَالِفُ بَعْدَ ذَلِكَ حَنِثَ وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى دَارٍ مِنْ هَذِهِ الدُّورِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا نِسْبَةٌ تُعْرَفُ

بِهَا لَمْ يَحْنَثْ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَفُلَانٌ يَسْكُنُ مَعَ أَبِيهِ فِي الدَّارِ بِالْغَلَّةِ وَالْأَبُ هُوَ الَّذِي اسْتَأْجَرَ الدَّارَ يَحْنَثُ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ دَارَ امْرَأَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٌ سَاكِنٌ فِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِفُلَانٍ دَارٌ أُخْرَى تُنْسَبُ إلَيْهِ سِوَى هَذِهِ الدَّارِ حَنِثَ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ دَارَ فُلَانَةَ فَدَخَلَ دَارَ زَوْجِ فُلَانَةَ وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجَةِ دَارٌ أُخْرَى يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ لَهَا دَارٌ أُخْرَى لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ حَانُوتًا مُشَرَّعًا مِنْ دَارِ فُلَانٍ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَلَيْسَ لِلْحَانُوتِ بَابٌ فِي الدَّارِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْحَمَّامَ أزبهر سرشيتن فَدَخَلَ الْحَمَّامَ لَا لِأَجْلِ ذَلِكَ بَلْ لِيُسَلِّمَ عَلَى الْحَمَّامِيِّ ثُمَّ غَسَلَ رَأْسَهُ فِي الْحَمَّامِ لَا يَحْنَثُ وَعَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْحَمَّامَ فَدَخَلَ بَيْتَ السَّلْخِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ دَارٌ فِيهَا بُسْتَانٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَ بُسْتَانَهَا وَبَابُ الْبُسْتَانِ إلَى بُيُوتِ هَذِهِ الدَّارِ وَلَيْسَ لِلْبُسْتَانِ طَرِيقٌ آخَرُ وَعَلَى الدَّارِ وَالْبُسْتَانِ حَائِطٌ وَاحِدٌ يُحِيطُ بِهِمَا قَالَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِدُخُولِ الْبُسْتَانِ سَوَاءٌ كَانَ الْبُسْتَانُ أَصْغَرَ مِنْ الدَّارِ أَوْ أَكْبَرَ وَإِنْ كَانَ فِي وَسَطِ الدَّارِ وَحَوْلَ الْبُسْتَانِ بُيُوتُ الدَّارِ حَنِثَ الْحَالِفُ بِدُخُولِ الْبُسْتَانِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي رِوَايَةٍ يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبُسْتَانُ فِي وَسَطِ الدَّارِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ أَدْخَلْتُ فُلَانًا بَيْتِي فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَهُوَ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ بِأَمْرِهِ وَلَوْ قَالَ: إنْ تَرَكْت فُلَانًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَهُوَ عَلَى الدُّخُولِ بِعِلْمِ الْحَالِفِ فَمَتَى عَلِمَ وَلَمْ يَمْنَعْ فَقَدْ تَرَكَ حَتَّى دَخَلَ وَإِنْ قَالَ: لَوْ دَخَلَ، فَهُوَ عَلَى الدُّخُولِ أَمَرَ الْحَالِفُ بِهِ أَوْ لَمْ يَأْمُرْ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلَ دَارِي هَذِهِ أَحَدٌ فَعَبْدُهُ حُرٌّ وَالدَّارُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَدَخَلَهَا هُوَ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلَ الدَّارَ أَحَدٌ يَحْنَثُ إذَا دَخَلَ هُوَ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ. رَجُلٌ قَالَ: لَأَمْنَعَنَّ فُلَانًا مِنْ دُخُولِ دَارِي فَمَنَعَهُ مَرَّةً بَرَّ فِي يَمِينِهِ فَإِذَا رَآهُ مَرَّةً ثَانِيَةً وَلَمْ يَمْنَعْهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ فَاشْتَرَى صَاحِبُ الدَّارِ بِجَنْبِ الدَّارِ بَيْتًا وَفَتَحَ بَابَ الْبَيْتِ إلَى هَذِهِ الدَّارِ وَجَعَلَ طَرِيقَهُ فِيهَا وَسَدَّ الْبَابَ الَّذِي كَانَ لِلْبَيْتِ قَبْلَ ذَلِكَ فَدَخَلَ الْحَالِفُ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُون حَانِثًا؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ صَارَ مِنْ الدَّارِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ دَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هَذِهِ الدَّارَ فَامْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي يَدْخُلُ الدَّارَ طَالِقٌ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِذَلِكَ فَدَخَلَ الدَّارَ قَالُوا: يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ. رَجُلٌ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الْحُجْرَةَ ثُمَّ خَرَجَ عَنْ الدَّارِ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ وَلَمْ يَدْخُلْ الْحُجْرَةَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَدْخُلَ الْحُجْرَةَ وَيَكُونُ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَهُمَا فِي سَفَرٍ قَالَ فِي الْفُسْطَاطِ وَالْخَيْمَةِ وَالْقُبَّةِ وَفِي كُلِّ مَنْزِلٍ يَنْزِلَانِ إلَّا أَنْ يَعْنِيَ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ: يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْفُسْطَاطِ وَهُوَ مَضْرُوبٌ فِي مَوْضِعٍ فَقُلِعَ وَضُرِبَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَدَخَلَ فِيهِ حَنِثَ وَكَذَا الْقُبَّةُ مِنْ الْعِيدَانِ وَكَذَلِكَ دَرَجٌ مِنْ عِيدَانٍ أَوْ مِنْبَرٌ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يَزُولُ بِنَقْلِهَا مِنْ مَكَان إلَى مَكَانِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْخِبَاءَ فَالْعِبْرَةُ لِلْعِيدَانِ وَلِلَّبْدِ وَقَدْ قِيلَ: الْعِبْرَةُ لِلْعِيدَانِ وَقِيلَ: الْعِبْرَةُ

لِلَّبْدِ فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي إذَا اُسْتُبْدِلَ اللَّبْدُ وَالْعِيدَانُ عَلَى حَالِهَا فَدَخَلَهُ يَحْنَثُ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ لَا يَحْنَثُ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ إذَا اُسْتُبْدِلَ اللَّبْدُ وَالْعِيدَانُ عَلَى حَالِهَا لَا يَحْنَثُ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ يَحْنَثُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ بَيْتًا وَفُلَانٌ فِيهِ وَلَمْ يَنْوِ الدُّخُولَ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ. رَجُلَانِ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى صَاحِبِهِ فَدَخَلَا فِي الْمَنْزِلِ مَعًا لَا يَحْنَثَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ فَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الدُّخُولَ عَلَى فُلَانٍ مَتَى أُطْلِقَ يُرَادُ بِهِ فِي الْعُرْفِ الدُّخُولُ عَلَى فُلَانٍ لِأَجْلِ الزِّيَارَةِ وَالتَّعْظِيمِ لَهُ فِي مَكَان يَنْزِلُ فِيهِ يَعْنِي مَكَانًا يَجْلِسُ فِيهِ لِدُخُولِ الزَّائِرِينَ عَلَيْهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ فِي مَسْجِدٍ أَوْ ظُلَّةٍ أَوْ دِهْلِيزٍ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ فِي فُسْطَاطٍ أَوْ خَيْمَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْعَادَةُ فَأَمَّا فِي عُرْفِنَا إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ بِالدُّخُولِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِيهِ لَمْ يَحْنَثْ وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا دَخَلَ عَلَى قَوْمٍ وَهُوَ فِيهِمْ وَلَمْ يَقْصِدْهُ لَمْ يَحْنَثْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ وَفِيهِ أَيْضًا الدُّخُولُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْصِدَهُ بِالدُّخُولِ سَوَاءٌ كَانَ بَيْتَهُ أَوْ بَيْتَ غَيْرِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَدَخَلَ الدَّارَ وَفُلَانٌ فِي بَيْتٍ مِنْهَا لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ فِي صَحْنِ الدَّارِ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ دَاخِلًا عَلَيْهِ إلَّا إذَا شَاهَدَهُ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْتُ وَاحِدَةً مِنْ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَوَاَللَّهِ لَا أَضْرِبُكِ فَدَخَلَهُمَا ثُمَّ ضَرَبَهَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا مَرَّةً وَلَوْ قَالَ: فَعَلَيَّ يَمِينٌ إنْ ضَرَبْتُكِ فَدَخَلَهَا أَوْ وَاحِدَةً مَرَّتَيْنِ ثُمَّ ضَرَبَ يَلْزَمُهُ بِكُلِّ دَخْلَةٍ كَفَّارَةٌ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلَّمَا دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ فَدَخَلَهَا فَهُوَ مُولٍ فَإِنْ جَامَعَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ حَنِثَ وَبَطَلَتْ الْيَمِينُ حَتَّى لَوْ دَخَلَ الدَّارَ ثَانِيًا لَا يَكُونُ مُولِيًا حَتَّى لَوْ جَامَعَهَا ثَانِيًا لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى وَلَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ الدَّخْلَةِ الثَّانِيَةِ لَا تَبِينُ فَإِنْ لَمْ يُجَامِعْهَا حَتَّى دَخَلَهَا ثَانِيًا فَهُوَ مُولٍ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ الدَّخْلَةِ الْأُولَى بَانَتْ وَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ الدَّخْلَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ أُخْرَى وَلَوْ قَالَ: فَعَلَيَّ يَمِينٌ إنْ قَرِبْتُك فَدَخَلَهَا دَخْلَتَيْنِ فَهُوَ مُولٍ إيلَاءَيْنِ فَإِنْ جَامَعَهَا بَعْدَ كُلِّ دَخْلَةٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَإِنْ تَرَكَهَا حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ الدَّخْلَةِ الْأُولَى بَانَتْ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ الدَّخْلَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ بَانَتْ بِأُخْرَى. وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ قَرِبْتُكِ فَدَخَلَهَا دَخْلَتَيْنِ فَهُوَ مُولٍ بِكُلِّ دَخْلَةٍ فِي حَقِّ الْبِرِّ فَإِنْ قَرِبَهَا فِي الْمُدَّةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ، وَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ الدَّخْلَةِ الثَّانِيَةِ بَانَتْ بِأُخْرَى لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثٍ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ هَذَا الْعَبْدِ إنْ قَرِبْتُك أَوْ قَالَ: فَهَذَا الْعَبْدُ حُرٌّ إنْ قَرِبْتُك فَدَخَلَهَا دَخْلَتَيْنِ فَهُوَ مُولٍ بِكُلِّ دَخْلَةٍ وَإِنْ قَرِبَهَا حَنِثَ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ قَرِبْتُك ثُمَّ قَالَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ قَرِبْتُك فَهُمَا إيلَاءَانِ فِي حَقِّ الْبِرِّ وَإِنْ قَرِبَهَا حَنِثَ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَإِنْ قَرِبْتُكِ فَعَلَيَّ حِجَّةٌ أَوْ فَعَلَيَّ يَمِينٌ أَوَعَلَيَّ نَذْرٍ فَدَخَلَهَا دَخْلَتَيْنِ وَقَرِبَهَا بَعْدَ كُلِّ دَخْلَةٍ فَعَلَيْهِ يَمِينَانِ أَوْ حِجَّتَانِ وَكَذَا لَوْ أَخَّرَ الْقُرْبَانَ عَنْ الْحِجَّةِ وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْت هَذَا الدَّارَ فَقَرِبْتُك فَعَلَيَّ حِجَّةٌ فَدَخَلَ ثُمَّ قَرُبَ ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ قَرُبَ يَلْزَمُهُ حِجَّتَانِ وَلَوْ دَخَلَ الدَّارَ مِرَارًا وَقَرِبَهَا مَرَّةً لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا إيلَاءٌ وَاحِدٌ وَلَوْ قَالَ:

كُلَّمَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ لَمْ أَقْرَبْك وَاَللَّهِ فَهَذَا وَقَوْلُهُ لَا أَقْرَبُك سَوَاءٌ لَا يَحْنَثُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك كُلَّمَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَهَذَا وَقَوْلُهُ كُلَّمَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَوَاءٌ وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْتُك فَأَنْت طَالِقٌ كُلَّمَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَلَيْسَ بِمُولٍ وَكُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَا قَرِبَهَا طَلُقَتْ تَطْلِيقَةً هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَلَوْ جَعَلَ كَلِمَةَ أَوْ بَيْنَ نَفْيَيْنِ بِأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى فَدَخَلَ إحْدَى الدَّارَيْنِ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهُمَا حَتَّى مَاتَ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ جَعَلَ كَلِمَةَ أَوْ بَيْنَ إثْبَاتَيْنِ بِأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَدْخُلَنَّ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ لَأَدْخُلَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى فَدَخَلَ إحْدَاهُمَا بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهُمَا حَتَّى مَاتَ حَنِثَ وَلَوْ أَدَخَلَ أَوْ بَيْنَ نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ بِأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَبَدًا أَوْ لَأَدْخُلَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى الْيَوْمَ إنْ دَخَلَ الدَّارَ الثَّانِيَةَ بَرَّ فِي يَمِينِ الْإِثْبَاتِ وَسَقَطَ يَمِينُ النَّفْيِ وَإِنْ فَاتَهُ دُخُولُ الدَّارَيْنِ جَمِيعًا حَنِثَ فِي يَمِينِ الْإِثْبَاتِ وَسَقَطَ يَمِينُ النَّفْيِ وَإِنْ دَخَلَ الدَّارَ الْأُولَى حَنِثَ فِي يَمِينِ النَّفْيِ وَسَقَطَ يَمِينُ الْإِثْبَاتِ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِحِنْثِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً حَتَّى لَوْ بَاشَرَ شَرْطَ الْحِنْثِ ثَانِيًا لَمْ يَتَكَرَّرْ عَلَيْهِ الْحِنْثُ وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْحَلِفِ الَّذِي بَدَأَ فِيهِ بِالْإِثْبَاتِ بِأَنْ قَالَ: لَأَدْخُلَنَّ هَذِهِ الْيَوْمَ أَوْ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ أَبَدًا إلَّا أَنَّهُ يَبِرُّ فِي يَمِينِ الْإِثْبَاتِ بِدُخُولِ الْأُولَى الْيَوْمَ وَيَحْنَثُ فِي يَمِينِ النَّفْيِ بِدُخُولِ الثَّانِيَةِ هَكَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِيهَا التَّخْيِيرُ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى فَإِنْ دَخَلَ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْأُخْرَى حَنِثَ وَإِنْ دَخَلَ الْأُخْرَى أَوَّلًا سَقَطَ الْيَمِينُ فَإِنْ عَنَى التَّخْيِيرَ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ عَلَى مَا نَوَى فَكَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً فِي إحْدَاهُمَا أَمَّا فِي الْأُولَى فَبِالنَّفْيِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَبِالْإِثْبَاتِ هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ رَحِمُهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزَّعْفَرَانِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ أَدْخُلُ إحْدَى الدَّارَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنْ دَخَلَ إحْدَى الدَّارَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ أَوَّلًا بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَسَقَطَ الْيَمِينُ وَإِنْ دَخَلَ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ حَنِثَ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْيَمِينِ مِنْ الْأَيْمَانِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا التَّخْيِيرُ وَاَلَّتِي لَا يَقَعُ. وَلَوْ قَالَ: لَأَتْرُكَنَّ دُخُولَ هَذِهِ الْيَوْمَ أَوْ لَأَدْخُلَنَّ هَذِهِ غَدًا فَتَرَكَ دُخُولَ الْأَوَّلِ الْيَوْمَ بَرَّ وَبَطَلَتْ الْأُخْرَى وَلَوْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ فَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ هَذِهِ يَعْنِي الْأُولَى دَخَلْت هَذِهِ الْأُخْرَى فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ هَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ مَا دَامَ فُلَانٌ فِيهَا فَخَرَجَ فُلَانٌ بِأَهْلِهِ ثُمَّ عَادَ فَدَخَلَ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مَادَامَ عَلَيَّ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ مَا كَانَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ وَأَنْتَ سَاكِنُهَا فَخَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا أَوْ نَزَعَ الثَّوْبَ ثُمَّ لَبِسَهُ ثُمَّ دَخَلَ حَنِثَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا سَاكِنًا فَالسُّكْنَى فِيهَا أَنْ يَسْكُنَهَا بِنَفْسِهِ وَيَنْقُلَ إلَيْهَا مِنْ مَتَاعِهِ مَا يَتَأَثَّثُ بِهِ وَيَسْتَعْمِلَهُ فِي مَنْزِلِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ سَاكِنٌ وَحَانِثٌ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ يَسْكُنَ هَذِهِ الدَّارَ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَمَتَاعَهُ فِيهَا إنْ كَانَ الْحَالِفُ فِي عِيَالِ غَيْرِهِ كَالِابْنِ الْكَبِيرِ يَسْكُنُ فِي دَارِ الْأَبِ وَالْمَرْأَةِ تَسْكُنُ فِي دَارِ زَوْجِهَا وَنَحْوِهِمَا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ فِي عِيَالِ غَيْرِهِ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي النَّقْلَةِ مِنْ سَاعَتِهِ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ عَلَى السُّكْنَى سُكْنَى ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُشْتَرَطُ لِلْبَرِّ نَقْلُ الْأَهْلِ وَكُلِّ الْمَتَاعِ حَتَّى لَوْ بَقِيَ فِيهَا وَتَدٌ أَوْ مِكْنَسَةٌ كَانَ حَانِثًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا نَقَلَ الْأَهْلَ وَأَكْثَرَ الْمَتَاعِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا نَقَلَ الْأَهْلَ وَمَا يَقُومُ بِهِ الكتخدائية صَارَ بَارًّا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالُوا: هَذَا أَحْسَنُ وَبِالنَّاسِ أَرْفَقُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. اتَّفَقُوا

عَلَى أَنَّ نَقْلَ الْأَهْلِ وَالْخَدَمِ شَرْطٌ لِلْبَرِّ فَإِنْ نَقَلَ الْكُلَّ إلَى السِّكَّةِ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُسَلِّمْ الدَّارَ إلَى غَيْرِهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ حَانِثًا مَا لَمْ يَتَّخِذْ مَسْكَنًا آخَرَ وَإِنْ سَلَّمَ الدَّارَ إلَى غَيْرِهِ بِأَنْ أَجَّرَ دَارِهِ الْمَمْلُوكَةَ أَوْ كَانَ سَاكِنًا فِي الدَّارِ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ فَرَدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا وَلَمْ يَتَّخِذْ مَنْزِلًا آخَرَ لَا يَكُونُ حَانِثًا. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَ هَذِهِ الدَّارَ فَأَرَادَ نَقْلَ الْأَهْلِ وَالْمَتَاعِ فَأَبَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَخْرُجَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي إخْرَاجِهَا فَإِذَا صَارَتْ غَالِبَةً وَعَجَزَ عَنْ إخْرَاجِهَا فَخَرَجَ الْحَالِفُ وَسَكَنَ دَارًا أُخْرَى لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ فَأَرَادَ الْخُرُوجَ فَوَجَدَ الْبَابَ مُغْلَقًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْفَتْحُ أَوْ قُيِّدَ وَمُنِعَ عَنْ الْخُرُوجِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَحْنَثُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَفِي الثَّانِي لَا وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِيهِمَا كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْخُرُوجِ بِطَرْحِ بَعْضِ الْحَائِطِ لَا يَحْنَثُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَالَ: أكرمن أَيْنَ شُبْ باين شَهْر باشم فَكَذَا فَأَصَابَهُ حُمَّى وَصَارَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ حَتَّى يُصْبِحَ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَنْقُلُهُ عَنْ الْبَلَدِ وَالْمُقَيَّدُ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي قَيَّدَهُ يَمْنَعُهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَمْنَعْهُ كَانَ الْمُقَيَّدُ كَالْمَرِيضِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ سَكَنْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت كَذَا وَكَانَ بَابُ الدَّارِ مُغْلَقًا وَلِلدَّارِ حَائِطٌ فَهِيَ مَعْذُورَةٌ حَتَّى يَقَعَ بَابُ الدَّارِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَثَوَّرَ الدَّارَ قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. إنْ كَانَ فِي طَلَبِ مَسْكَنٍ آخَرَ فَتَرَكَ أَمْتِعَتَهُ فِيهَا لَا يَحْنَثُ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْمَنْزِلِ مِنْ عَمَلِ النَّقْلِ وَصَارَ مُدَّةُ الطَّلَبِ مُسْتَثْنًى بِحُكْمِ الْعُرْفِ إذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي الطَّلَبِ كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَ هَذِهِ الدَّارَ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ وَاشْتَغَلَ بِطَلَبِ دَارٍ أُخْرَى لِيَنْقُلَ إلَيْهَا الْأَهْلَ وَالْمَتَاعَ فَلَمْ يَجِدْ دَارًا أُخْرَى أَيَّامًا وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَضَعَ الْمَتَاعَ خَارِجَ الدَّارِ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَكَذَا لَوْ خَرَجَ وَاشْتَغَلَ بِطَلَبِ دَابَّةٍ لِيَنْقُلَ عَلَيْهَا الْمَتَاعَ فَلَمْ يَجِدْ أَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ حَتَّى الصُّبْحِ أَوْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ كَثِيرَةً فَخَرَجَ وَهُوَ يَنْقُلُ الْأَمْتِعَةَ بِنَفْسِهِ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَكْرِيَ الدَّوَابَّ فَلَمْ يَسْتَكْرِ لَا يَحْنَثْ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ هَذَا إذَا نَقَلَ الْأَمْتِعَةَ بِنَفْسِهِ كَمَا يَنْقُلُ النَّاسُ فَإِنْ نَقَلَ لَا كَمَا يَنْقُلُ النَّاسُ يَكُونُ حَانِثًا قَالُوا: هَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَإِنْ حَلَفَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَقَالَ: مِنْ بِدِينِ خَانَة أندرنباشم فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ عَلَى قَصْدِ أَنْ لَا يَعُودَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ خَرَجَ عَلَى قَصْدِ أَنْ يَعُودَ يَكُونُ حَانِثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنَّهُ إنْ سَكَنْتِ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَتْ الْيَمِينُ بِاللَّيْلِ فَإِنَّهَا مَعْذُورَةٌ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخَافُ بِاللَّيْلِ حَتَّى لَوْ تَحَقَّقَ الْخَوْفُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ اللُّصُوصِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَانَ مَعْذُورًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ وَهُوَ سَاكِنُهَا فَشَقَّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَتَاعِ فَإِنَّهُ يَبِيعُ الْمَتَاعَ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ وَيَخْرُجُ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ ثُمَّ يَشْتَرِي الْمَتَاعَ مِنْهُ فِي وَقْتٍ يَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ التَّحْوِيلُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ فِي كِتَابِ الْحِيَلِ. وَإِذَا كَانَ رَجُلٌ سَاكِنًا مَعَ رَجُلٍ فِي دَارٍ فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا لَا يُسَاكِنُ صَاحِبَهُ فَإِنْ أَخَذَ فِي النَّقْلَةِ وَهِيَ مُمْكِنَةٌ فِي الْحَالِ وَإِلَّا حَنِثَ فَإِنْ وَهَبَ الْحَالِفُ مَتَاعَهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ أَوْ أَعَارَهُ ثُمَّ خَرَجَ فِي طَلَبِ مَنْزِلٍ فَلَمْ يَجِدْ مَنْزِلًا أَيَّامًا وَلَمْ يَأْتِ الدَّارَ الَّتِي فِيهَا صَاحِبُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ قَدْ وَهَبَ الْمَتَاعَ وَقَبَضَهُ مِنْهُ أَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ أَوْ أَعَارَهُ إيَّاهُ وَخَرَجَ مِنْ سَاعَتِهِ لَا يُرِيدُ الْعَوْدَ إلَيْهِ فَلَيْسَ بِمُسَاكَنٍ لَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. حَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَ

هَذَا الْمِصْرَ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَمَتَاعَهُ فِيهِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى سُكْنَى الْقَرْيَةِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمِصْرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالسِّكَّةُ وَالْمَحَلَّةُ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ وَلَوْ حَلَفَ وَقَالَ: أأدرين ده نباشم فَخَرَجَ بِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ ثُمَّ عَادَ وَسَكَنَ كَانَ حَانِثًا وَكَذَلِكَ كُلُّ فِعْلٍ يَمْتَدُّ لَا يَبْطُلُ الْيَمِينُ فِيهِ بِالْبِرِّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالُوا: هَذَا إذَا عَادَ لِلسُّكْنَى وَالْقَرَارِ وَأَمَّا إذَا عَادَ لِلزِّيَارَةِ أَوْ لِيَسْكُنَ أَيَّامًا لِيَنْقُلَ مَتَاعَهُ لَا لِلسُّكْنَى وَالْقَرَارِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِذَا عَادَ لِلسُّكْنَى وَالْقَرَارِ يَكْتَفِي بِسُكْنَى سَاعَةٍ لِلْحِنْثِ وَلَا يُشْتَرَطُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أكرمن امسال أأدرين دِيَة باشم فَامْرَأَتُهُ كَذَا فَسَكَّنَهَا إلَّا يَوْمًا مِنْ بَقِيَّةِ السَّنَةِ أَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَ هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا فَسَكَنَ سَاعَةً لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَسْكُنْ كُلَّ الشَّهْرِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. حَلَفَ أَنْ لَا يُسَاكِنَ فُلَانًا فَنَزَلَ الْحَالِفُ وَهُوَ مُسَافِرٌ مَنْزِلَ فُلَانٍ فَسَكَنَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ لَا يَحْنَثُ وَلَا يَكُونُ مُسَاكِنًا فُلَانًا حَتَّى يُقِيمَ مَعَهُ فِي مَنْزِلِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَ الْكُوفَةَ فَمَرَّ بِهَا مُسَافِرًا وَنَوَى الْإِقَامَةَ بِهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَانَ حَانِثًا وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَدَخَلَ فُلَانٌ دَارَ الْحَالِفِ غَصْبًا فَأَقَامَ الْحَالِفُ مَعَهُ حَنِثَ عَلِمَ بِذَلِكَ الْحَالِفُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَإِنْ خَرَجَ الْحَالِفُ بِأَهْلِهِ وَأَخَذَ فِي النَّقْلَةِ حِينَ نَزَلَ الْغَاصِبُ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ سَافَرَ الْحَالِفُ فَسَكَنَ فُلَانٌ مَعَ أَهْلِ الْحَالِفِ قَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْنَثُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْنَثُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ خَرَجَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عَلَى مَسِيرَةِ ثَلَاثٍ أَوْ أَكْثَرَ وَسَكَنَ الْحَالِفُ مَعَ أَهْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ حَنِثَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا بِالْكُوفَةِ فَهُوَ عَلَى الْمُسَاكَنَةِ فِي دَارٍ بِالْكُوفَةِ حَتَّى لَوْ سَكَنَ الْحَالِفُ فِي دَارٍ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي دَارٍ أُخْرَى لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا نَوَى أَنْ لَا يَسْكُنَ هُوَ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِالْكُوفَةِ فَحِينَئِذٍ عَلَى مَا نَوَى وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَهُوَ عَلَى أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ بِخُرَاسَانَ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي الدُّنْيَا وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فَسَاكَنَهُ فِي سَفِينَةٍ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ أَهْلُهُ وَمَتَاعُهُ وَاِتَّخَذَهَا مَنْزِلًا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَهَذَا مُسَاكَنَةٌ فِي حَقِّ الْمَلَّاحِينَ وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْبَادِيَةِ إذَا جَمَعَتْهُمْ خَيْمَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ تَفَرَّقَتْ الْخِيَامُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ تَقَارَبَتْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يُسَاكِنَ فُلَانًا فَسَاكَنَهُ فِي عَرْصَةِ دَارٍ أَوْ بَيْتٍ أَوْ غُرْفَةٍ حَنِثَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَسَاكَنَهُ فِي دَارِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَقْصُورَةٍ عَلَى حِدَةٍ لَا يَحْنَثُ وَإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ الْمُسَاكَنَةُ إذَا سَكَنَا بَيْتًا وَاحِدًا أَوْ فِي دَارٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي بَيْتٍ مِنْهَا بِمَتَاعِهِ وَأَهْلِهِ وَثِقَلِهِ إنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الدَّارِ مَقَاصِيرُ فَكُلُّ مَقْصُورَةٍ مَسْكَنٌ عَلَى حِدَةٍ فَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَى بِالْمُسَاكَنَةِ أَنْ لَا يُسْكِنَ هَذَا فِي الْمَقْصُورَةِ حَنِثَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ كَبِيرَةً نَحْوُ دَارِ الْوَلِيدِ بِالْكُوفَةِ وَدَارِ نُوحٍ بِبُخَارَى؛ لِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَلَّةِ فَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ يَحْنَثُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْبُيُوتِ أَوْ عَلَى الْمَقَاصِيرِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَسَاكَنَهُ فِي مَقْصُورَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلٍ وَمَتَاعٍ لَا يَحْنَثُ عِنْدَنَا وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فِي دَارٍ وَسَمَّى دَارًا بِعَيْنِهَا فَاقْتَسَمَاهَا وَضَرَبَا بَيْنَهُمَا حَائِطًا وَفَتَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ بَابًا ثُمَّ سَكَنَ الْحَالِفُ فِي طَائِفَةٍ وَالْأُخْرَى فِي طَائِفَةٍ حَنِثَ الْحَالِفُ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ

لَا يُسَاكِنَ فُلَانًا فِي دَارٍ وَلَمْ يُسَمِّ دَارًا بِعَيْنِهَا وَلَمْ يَنْوِ فَسَاكَنَهُ فِي دَارٍ قَدْ قُسِّمَتْ وَضُرِبَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَلَمْ يُسَمِّ دَارًا قَالَ: أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ سَاكَنَهُ فِي حَانُوتٍ فِي السُّوقِ يَعْمَلَانِ فِيهِ عَمَلًا أَوْ يَبِيعَانِ تِجَارَةً فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنَّمَا الْيَمِينُ عَلَى الْمَنَازِلِ الَّتِي إلَيْهَا الْمَأْوَى وَفِيهَا الْأَهْلُ وَالْعِيَالُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا أَوْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ قَبْلَ الْيَمِينِ يَدُلُّ عَلَيْهَا فَيَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِهِمَا وَمَعَانِيهِمَا فَإِنْ جَعَلَ السُّوقَ مَأْوَاهُ وَقِيلَ: إنَّهُ يَسْكُنُ السُّوقَ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ دَلَالَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْيَمِينِ تَرْكَ الْمُسَاكَنَةِ فِي السُّوقِ حُمِلَتْ الْيَمِينُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَلَالَةٌ فَقَالَ: نَوَيْتُ الْمُسَاكَنَةَ فِي السُّوقِ أَيْضًا فَقَدْ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ يَسْكُنَ دَارًا بِعَيْنِهَا فَهُدِمَتْ وَبُنِيَتْ بِنَاءً آخَرَ فَسَكَنَهَا يَحْنَثُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ بَيْتًا بِعَيْنِهِ فَهُدِمَ حَتَّى تُرِكَ صَحْرَاءَ ثُمَّ بَنَى بَيْتًا آخَرَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَسَكَنَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ بِعَيْنِهَا فَجُعِلَتْ بُسْتَانًا فَدَخَلَ لَمْ يَحْنَثْ وَإِذَا حَلَفَ لَا يَسْكُنُ دَارَ فُلَانٍ أَوْ دَارَ الْفُلَانِ وَلَمْ يُسَمِّ دَارًا بِعَيْنِهَا وَلَمْ يَنْوِهَا فَسَكَنَ دَارًا لَهُ قَدْ بَاعَهَا بَعْدَ يَمِينِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَأَمَّا إذَا سَكَنَ دَارًا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِفُلَانٍ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ إلَى وَقْتِ السُّكْنَى فَهُوَ حَانِثٌ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ سَكَنَ دَارًا اشْتَرَاهَا فُلَانٌ بَعْدَ يَمِينِهِ حَنِثَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ دَارَ الْفُلَانِ فَسَكَنَ دَارًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ لَمْ يَحْنَثْ قَلَّ نَصِيبُ الْآخَرِ أَوْ كَثُرَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ فَبَاعَهَا فُلَانٌ فَسَكَنَهَا الْحَالِفُ إنْ كَانَ نَوَى بِالْيَمِينِ عَيْنَ الدَّارِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ نَوَى بِالْيَمِينِ الْإِضَافَةَ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يَسْكُنُ دَارًا اشْتَرَاهَا فُلَانٌ فَاشْتَرَى فُلَانٌ دَارًا لِغَيْرِهِ فَسَكَنَ الْحَالِفُ فِيهَا يَحْنَثُ فَإِنْ كَانَ قَالَ: نَوَيْت دَارًا اشْتَرَاهَا فُلَانٌ لِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مُصَدَّقٌ وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ بَيْتًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَسَكَنَ بَيْتًا مِنْ شَعْرٍ أَوْ فُسْطَاطًا أَوْ خَيْمَةً لَمْ يَحْنَثْ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَحَنِثَ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَبِيتُ مَعَ فُلَانٍ أَوْ لَا يَبِيتُ فِي مَكَانِ كَذَا فَالْمَبِيتُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَحْنَثْ وَسَوَاءٌ نَامَ فِي الْمَوْضِعِ أَوْ لَمْ يَنَمْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ فِي هَذَا الْمَنْزِلِ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ وَبَاتَ خَارِجَ الْمَنْزِلِ وَأَهْلُهُ وَمَتَاعُهُ فِي الْمَنْزِلِ لَا يَحْنَثُ وَهَذِهِ الْيَمِينُ تَكُونُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى الْمَتَاعِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ اللَّيْلَةَ عَلَى سَطْحِ الْبَيْتِ وَعَلَى الْبَيْتِ غُرْفَةٌ فَأَرْضُ الْغُرْفَةِ سَطْحُ الْبَيْتِ يَحْنَثُ إنْ بَاتَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ عَلَى سَطْحٍ فَبَاتَ عَلَى هَذَا لَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَبِيتُ فِي مَنْزِلِ فُلَانٍ غَدًا فَهُوَ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ اللَّيْلَةَ الْجَائِيَةَ وَلَوْ قَالَ: لَا أَكُونُ غَدًا فِي مَنْزِلِ فُلَانٍ فَهُوَ عَلَى سَاعَةٍ مِنْ الْغَدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ إذَا حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَ فُلَانٍ أَوْ لَا يَأْوِي فِي مَكَانٍ أَوْ دَارٍ أَوْ بَيْتٍ فَالْإِوَايَةُ الْكَوْنُ مَاكِثًا فِي الْمَكَانِ أَوْ مَعَ فُلَانٍ فِي مَكَان قَلِيلًا كَانَ الْمُكْثُ أَوْ كَثِيرًا لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَيَكُونُ عَلَى مَا نَوَى وَرَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ: إنْ آوَانِي وَإِيَّاكَ بَيْتٌ أَبَدًا أَنَّهُ عَلَى طَرْفَةِ عَيْنٍ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرَ وَقَوْلُنَا إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ وَقَالَ: ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا حَلَفَ لَا يُؤْوِي فُلَانًا وَقَدْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي عِيَالِ الْحَالِفِ وَمَنْزِلِهِ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يُعِيدَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ

الباب الرابع في اليمين على الخروج والإتيان والركوب وغير ذلك

فِي عِيَالِ الْحَالِفِ وَمَنْزِلِهِ فَهَذَا عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إنْ نَوَى أَنْ لَا يَعُولَهُ فَهُوَ كَمَا نَوَى وَكَذَا إذَا نَوَى أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهِ بَيْتَهُ فَإِذَا دَخَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَرَآهُ فَسَكَتَ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ خَرَجَ فِي سَفَرٍ وَمَعَهُ آخَرُ وَهُوَ يُرِيدُ مَوْضِعًا قَدْ سَمَّاهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَصْحَبَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا السَّفَرِ فَلَمَّا سَارَا بَعْضَ الطَّرِيقِ بَدَا لَهُمَا فَعَادَا إلَى مَكَانٍ آخَرَ سِوَى السَّفَرِ الَّذِي أَرَادَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى السَّفَرِ الْأَوَّلِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَمْشِيَ الْيَوْمَ إلَّا مِيلًا فَخَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ وَمَشَى مِيلًا ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى مَنْزِلِهِ قَالَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَنِثَ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْشِي مِيلَيْنِ. رَجُلٌ قَالَ: وَاَللَّهُ لَا أُصَاحِبُ فُلَانًا فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ يَسِيرُ فِي قِطَارٍ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي قِطَارٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَكُونُ مُصَاحِبًا وَإِنْ كَانَا فِي قِطَارٍ وَاحِدٍ فَهُوَ مُصَاحِبٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي أَوَّلِهِ وَالْآخَرُ فِي آخِرِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَا فِي سَفِينَةٍ هَذَا فِي بَابٍ وَهَذَا فِي بَابٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَعَامٌ عَلَى حِدَةٍ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُمَا وَخُرُوجَهُمَا وَاحِدٌ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُرَافِقُ فُلَانًا قَالَ: أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ طَعَامُهُمَا وَاحِدًا فِي مَكَان وَهُمْ يَسِيرُونَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَتْ مُرَافَقَةً وَإِنْ كَانَا فِي سَفِينَةٍ وَطَعَامُهُمْ لَيْسَ بِمُجْتَمِعٍ لَا يَأْكُلَانِ عَلَى خِوَانٍ وَاحِدٍ لَمْ تَكُنْ مُرَافَقَةً وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يُرَافِقَهُ فَخَرَجَا فِي سَفَرٍ فَإِنْ كَانَا فِي مَحْمَلٍ أَوْ كَانَ كَرِيُّهُمَا وَاحِدًا أَوْ قِطَارُهُمَا وَاحِدًا فَهُوَ مُرَافِقٌ وَإِنْ كَانَ كَرِيُّهُمَا مُخْتَلِفًا لَمْ يَكُنْ مُرَافِقًا وَإِنْ كَانَ سَيْرُهُمَا وَاحِدًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْخُرُوجِ وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ] َ مَنْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ الدَّارِ أَوْ الْبَيْتِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَأَمَرَ إنْسَانًا فَحَمَلَهُ فَأَخْرَجَهُ حَنِثَ كَمَا لَوْ رَكِبَ دَابَّةً فَخَرَجَتْ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. حَلَفَ لَا يَخْرُجُ فَحُمِلَ مُكْرَهًا وَأُخْرِجَ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا هَذَا فِي يَمِينِ الدُّخُولِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَإِذَا خَرَجَ مُكْرَهًا هَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ حَتَّى لَوْ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ لَا يَحْنَثُ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَنْحَلُّ فَيَحْنَثُ بِالْخُرُوجِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ حَمَلَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَأَخْرَجَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَلَمْ يَمْتَنِعْ وَرَضِيَ بِقَلْبِهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ أَوْ يَدْخُلَ بِرِجْلِهِ فَفَعَلَ حَنِثَ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْخُرُوجِ إلَى السِّكَّةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ دَارِهِ فَخَرَجَ مِنْ بَابِ دَارِهِ ثُمَّ رَجَعَ حَنِثَ وَإِنْ كَانَ مَنْزِلُهُ فِي دَارٍ فَخَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ الدَّارِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِهِ إلَّا إلَى جِنَازَةٍ فَخَرَجَ مِنْهَا يُرِيدُ الْجِنَازَةَ ثُمَّ أَتَى حَاجَةً أُخْرَى لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الرَّيِّ إلَى الْكُوفَةِ فَخَرَجَ مِنْ الرَّيِّ يُرِيدُ مَكَّةَ وَطَرِيقُهُ عَلَى الْكُوفَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ نَوَى حِينَ خَرَجَ مِنْ الرَّيِّ أَنْ يَمُرَّ بِالْكُوفَةِ فَهُوَ حَانِثٌ وَإِنْ كَانَ نَوَى أَنْ لَا يَمُرَّ بِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ مَا خَرَجَ وَصَارَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةَ فَمَرَّ بِالْكُوفَةِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ حِينَ حَلَفَ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَى الْكُوفَةِ خَاصَّةً ثُمَّ بَدَا لَهُ فِي الْحَجِّ فَخَرَجَ مِنْ الرَّيِّ وَنَوَى أَنْ يَمُرَّ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَحْنَثْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الدَّارِ إلَّا إلَى الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ الْقُدُورِيُّ: الْخُرُوجُ مِنْ الدَّارِ الْمَسْكُونَةِ أَنْ يَخْرُجَ بِنَفْسِهِ وَمَتَاعِهِ وَعِيَالِهِ وَالْخُرُوجُ مِنْ الْبَلْدَةِ وَالْقَرْيَةِ أَنْ يَخْرُجَ بِبَدَنِهِ خَاصَّةً زَادَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا خَرَجَ بِبَدَنَةٍ فَقَدْ بَرَّ أَرَادَ سَفَرًا أَوْ لَمْ

يُرِدْهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَخْرُجُ وَهُوَ فِي بَيْتٍ مِنْ الدَّارِ فَخَرَجَ إلَى صَحْنِ الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ إلَى مَكَّةَ أَوْ خُرُوجًا مِنْ الْبَلَدِ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ يَعْنِي هَذَا الْبَيْتَ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَخَرَجَ إلَى صَحْنِ الدَّارِ حَنِثَ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا هَذَا الْجَوَابُ بِنَاءً عَلَى عُرْفِهِمْ فَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَصَحْنُ الدَّارِ يُسَمَّى بَيْتًا فَلَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَخْرُجْ إلَى السِّكَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِذَا حَلَفَ لَا يَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ الدَّارِ فَأَخْرَجَ إحْدَى رِجْلَيْهِ مِنْ الدَّارِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: إذَا كَانَ خَارِجُ الدَّارِ أَسْفَلَ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: إذَا كَانَ الِاعْتِمَادُ عَلَى الرِّجْلِ الْخَارِجَةِ يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَارِجُ الدَّارِ أَسْفَلَ إلَّا أَنَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا لَا يَحْنَثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَبِهِ أَخَذَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا إذَا كَانَ يَخْرُجُ قَائِمًا بِالْقَدَمِ وَأَمَّا إذَا كَانَ قَاعِدًا فَأَخْرَجَ قَدَمَيْهِ وَبَدَنُهُ فِي الْبَيْتِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ إلَّا إذَا قَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ عَلَى بَطْنِهِ أَوْ عَلَى جَنْبِهِ فَتَدَحْرَجَ حَتَّى صَارَ بَعْضُ بَدَنِهِ خَارِجَ الدَّارِ إنْ صَارَ الْأَكْثَرُ خَارِجَ الدَّارِ يَصِيرُ خَارِجًا وَإِنْ كَانَ سَاقَاهُ فِي الدَّارِ إذَا حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَفِي الدَّارِ شَجَرَةٌ أَغْصَانُهَا خَارِجَ الدَّارِ فَارْتَقَى تِلْكَ الشَّجَرَةَ حَتَّى تَوَسَّطَ الطَّرِيقَ وَصَارَ بِحَالٍ لَوْ سَقَطَ سَقَطَ فِي الطَّرِيقِ لَا يَحْنَثُ سَوَاءٌ كَانَ حَالِفًا مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ أَوْ كَانَ مِنْ بِلَادِ الْعَجَمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَخَرَجَتْ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ خَرَجَتْ إمَّا مِنْ بَابِ الدَّارِ وَإِمَّا مِنْ فَوْقِ الْحَائِطِ وَإِمَّا مِنْ نَقْبٍ نَقَبَهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ بَابِ هَذِهِ الدَّارِ فَمِنْ أَيِّ بَابٍ خَرَجَ حَنِثَ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ بَابٍ قَدِيمٍ أَوْ مِنْ بَابٍ حَدِيثٍ أَحْدَثَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ فَوْقِ الْحَائِطِ أَوْ مِنْ نَقْبٍ نَقَبَهُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ هَكَذَا ذَكَرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي شَرْحِ أَيْمَانِ الْأَصْلِ. وَذَكَرَ فِي الْحِيَلِ إذَا حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ بَابِ هَذِهِ الدَّارِ فَخَرَجَ مِنْ السَّطْحِ إلَى دَارِ بَعْضِ الْجِيرَانِ أَوْ فَتَحَ بَابًا آخَرَ لِهَذِهِ الدَّارِ وَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ بَابُ هَذِهِ الدَّارِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَخَرَجَ مِنْ بَابٍ آخَرَ غَيْرَ الْبَابِ الَّذِي عَيَّنَهُ ذُكِرَ فِي أَيْمَانِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَفِي فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ إذَا حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ بَابِ هَذِهِ الدَّارِ وَهُوَ يَنْوِي بَابَ الْخَشَبِ فَوَقَعَ الْبَابُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ لَمْ يُرِدْ بَابَ الْخَشَبِ يَحْنَثُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ حَلَفَ عَلَيْهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الْمَنْزِلِ إلَّا فِي كَذَا فَخَرَجَتْ كَذَلِكَ مَرَّةً فِيهِ ثُمَّ خَرَجَتْ فِي غَيْرِهِ حَنِثَ فَإِنْ كَانَ عَنَى لَا تَخْرُجُ هَذِهِ الْمَرَّةَ إلَّا فِي كَذَا فَخَرَجَتْ فِيهِ ثُمَّ خَرَجَتْ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ مَعَ فُلَانٍ مِنْ الْمَنْزِلِ فَخَرَجَتْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ خَرَجَتْ وَحْدَهَا ثُمَّ لَحِقَهَا فُلَانٌ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ الدَّارِ فَدَخَلَتْ بَيْتًا أَوْ كَنِيفًا فِي عُلُوِّهَا شَارِعًا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ لَمْ يَكُنْ هَذَا خُرُوجًا مِنْ الدَّارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إلَى مَكَّةَ أَوْ لَا يَذْهَبُ إلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ يُرِيدُهَا ثُمَّ رَجَعَ حَنِثَ وَيُشْتَرَطُ لِلْحِنْثِ أَنْ يُجَاوِزَ عُمْرَانَاتِ مِصْرِهِ عَلَى نِيَّةِ الْخُرُوجِ إلَى مَكَّةَ حَتَّى لَوْ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ يُجَاوِزَ عُمْرَانَاتِ مِصْرِهِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إلَى مَكَّةَ مَاشِيًا فَخَرَجَ مِنْ عُمْرَانِ مِصْرِهِ مَاشِيًا ثُمَّ رَكِبَ حَنِثَ وَلَوْ خَرَجَ رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ وَمَشَى لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْتِيَنَّ مَكَّةَ وَلَمْ يَأْتِهَا حَتَّى مَاتَ حَنِثَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ. حَلَفَ لَيَأْتِيَنَّهُ غَدًا إنْ اسْتَطَاعَ فَلَمْ يَمْنَعْ عَنْهُ مَانِعٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ سُلْطَانٍ أَوْ عَارِضٍ آخَرَ فَلَمْ يَأْتِهِ حَنِثَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْتِي بَغْدَادَ مَاشِيًا فَرَكِبَ حَتَّى

دَنَا مِنْهَا فَدَخَلَهَا مَاشِيًا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لَا تَأْتِيَ امْرَأَته عُرْسَ فُلَانٍ فَذَهَبَتْ قَبْلَ الْعُرْسِ وَكَانَتْ ثَمَّةَ حَتَّى مَضَى الْعُرْسُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْتِي فُلَانًا فَهَذَا عَلَى أَنْ يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ أَوْ حَانُوتَهُ لَقِيَهُ أَوْ لَمْ يَلْقَهُ وَإِنْ أَتَى مَسْجِدَهُ لَمْ يَحْنَثْ. وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ لَزِمَ رَجُلًا وَحَلَفَ الْمُلْتَزِمُ لَيَأْتِيَنَّهُ غَدًا فَأَتَاهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَزِمَهُ فِيهِ لَا يَبَرُّ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ فَإِنْ كَانَ لَزِمَهُ فِي مَنْزِلِهِ فَحَلَفَ لَيَأْتِيَنَّهُ غَدًا وَتَحَوَّلَ الطَّالِبُ مِنْ مَنْزِلِهِ إلَى مَنْزِلٍ آخَرَ فَأَتَى الْحَالِفُ الْمَنْزِلَ الَّذِي كَانَ فِيهِ الطَّالِبُ فَلَمْ يَجِدْهُ لَا يَبَرُّ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَنْزِلَ الَّذِي تَحَوَّلَ إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ آتِك غَدًا فِي مَوْضِعِ كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ فَأَتَاهُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَقَدْ بَرَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أُوَافِك غَدًا فِي مَوْضِعِ كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ فَأَتَى الْحَالِفُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلَمْ يَجِدْهُ حَيْثُ يَحْنَثُ وَفِيهِ أَيْضًا إذَا حَلَفَ لَيَعُودَنَّ فُلَانًا أَوْ لَيَزُورَنَّهُ فَأَتَى بَابَهُ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَرَجَعَ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ أَتَى بَابَهُ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ قَالَ: يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ مَا لَمْ يَصْنَعْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَصْنَعُ الْعَائِدُ وَالزَّائِرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَزُورَهُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا إنْ شَيَّعَ جِنَازَتَهُ حَنِثَ وَإِنْ أَتَى قَبْرَهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ. وَلَوْ حَلَفَ لَا أَذْهَبُ إلَى اللَّيْلَةِ مِنْ هَهُنَا حَتَّى أَلْقَاهُ فَتَوَارَى عَنْهُ فَبَاتَ عِنْدَ بَابِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ إنْ لَمْ أَحْمِلْ هَذَا إلَيْهِ فَحَمَلَ إلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْهُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً فَرَكِبَ فَرَسًا أَوْ حِمَارًا أَوْ بَغْلًا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ رَكِبَ بَعِيرًا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ اسْتِحْسَانًا فَإِنْ نَوَى جَمِيعَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى مَا عَنَى وَإِنْ عَنَى نَوْعًا مِنْ الْأَنْوَاعِ بِأَنْ نَوَى الْخَيْلَ وَحْدَهُ أَوْ الْحِمَارَ وَحْدَهُ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى التَّخْصِيصَ مِنْ اللَّفْظِ الْعَامِّ وَلَوْ قَالَ: لَا أَرْكَبُ فَيَمِينُهُ عَلَى مَا يَرْكَبُهُ النَّاسُ مِنْ الْفَرَسِ وَالْبَغْلِ وَلَوْ رَكِبَ ظَهْرَ إنْسَانٍ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يَحْنَثُ وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ لَوْ قَالَ: لَا أَرْكَبُ وَنَوَى الْخَيْلَ أَوْ الْحِمَارَ لَا يَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ فَرَسًا فَرَكِبَ بِرْذَوْنًا لَا يَحْنَثُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ يَرْكَبَ بِرْذَوْنًا فَرَكِبَ فَرَسًا؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ اسْمٌ لِلْعَرَبِيِّ وَالْبِرْذَوْنَ لِلْعَجَمِيِّ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَإِنْ حَلَفَ بِالْفَارِسِيَّةِ اسب برننشيند حَنِثَ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ الْخَيْلَ فَرَكِبَ بِرْذَوْنًا أَوْ فَرَسًا حَنِثَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَرْكَبَ دَابَّةً فَحُمِلَ عَلَيْهَا مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً فَرَكِبَ دَابَّةً بِسَرْجٍ أَوْ إكَافٍ أَوْ رَكِبَ عُرْيَانًا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَلَفَ لَا يَرْكَبُ مَرْكَبًا فَرَكِبَ سَفِينَةً فِي الْفَتَاوَى حَنِثَ رَوَاهُ هِشَامٌ وَقَالَ: الْحَسَنُ فِي الْمُجَرَّدِ: لَا يَحْنَثُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَفْظُ سُتُور لَا يَتَنَاوَلُ الْإِبِلَ إلَّا إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَرْكَبُ الْإِبِلَ أَيْضًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ هَذَا السِّرَاجَ فَزَادَ شَيْئًا أَوْ نَقَصَ فَرَكِبَ حَنِثَ وَلَوْ بَدَّلَ الْحِنَّاءَ لَا يَحْنَثُ وَالْمُعْتَبَرُ فِي السَّرْجِ هُوَ الْحِنَّاءُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا حَلَفَ لَيَرْكَبَنَّ هَذِهِ الدَّابَّةَ الْيَوْمَ فَأُوثِقَ وَحُبِسَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رُكُوبِهَا الْيَوْمَ حَنِثَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَلَفَ لَا يَرْكَبُ هَذِهِ الدَّابَّةَ وَهُوَ رَاكِبُهَا فَدَامَ عَلَيْهَا حَنِثَ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ هَذِهِ فَبَاعَ فُلَانٌ دَابَّتَهُ تِلْكَ فَرَكِبَهَا لَمْ يَحْنَثْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةً بَيْنَ فُلَانٍ وَغَيْرِهِ لَا يَحْنَثُ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَوَابَّ فُلَانٍ فَرَكِبَ

الباب الخامس في اليمين على الأكل والشرب وغيرهما

ثَلَاثًا مِنْهَا حَنِثَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. مَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ مَدْيُونٍ أَوْ غَيْرِ مَدْيُونٍ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَى وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَنْوِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ سَفِينَةً إلَى بَغْدَادَ فَرَكِبَهَا حَتَّى سَارَ فَرَاسِخَ ثُمَّ خَرَجَ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْحَاوِي. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ قَالَ: كُلَّمَا رَكِبْت دَابَّةً فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَا فَرَكِبَ دَابَّةً يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِهَا فَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَرَكِبَ مَرَّةً أُخْرَى لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِهَا مَرَّةً أُخْرَى ثُمَّ وَثُمَّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ ذَهَبْت إلَى قَرْيَةِ كَذَا فَمَرَّ بِضَيَاعِهَا لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: اجْلِسْ فَتَغَدَّ عِنْدِي فَقَالَ: إنْ تَغَدَّيْت فَعَبْدِي حُرٌّ فَخَرَجَ إلَى مَنْزِلِهِ فَتَغَدَّى لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: إنْ تَغَدَّيْت الْيَوْمَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ فَمَشَى عَلَيْهَا بِنَعْلٍ أَوْ خُفٍّ يَحْنَثُ وَلَوْ مَشَى عَلَى بِسَاطٍ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ مَشَى عَلَى ظَهْرِ إجَّارٍ حَافِيًا أَوْ مُنْتَعِلًا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَغَيْرِهِمَا] الْأَكْلُ هُوَ إيصَالُ مَا يُحْتَمَلُ الْمَضْغُ بِفِيهِ إلَى جَوْفِهِ هَشَّمَهُ أَوْ لَمْ يُهَشِّمْهُ مَضَغَهُ أَوْ لَمْ يَمْضُغْهُ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالْفَاكِهَةِ وَنَحْوِهَا. وَالشُّرْبُ إيصَالُ مَا لَا يُحْتَمَلُ الْمَضْغُ مِنْ الْمَائِعَاتِ إلَى الْجَوْفِ كَالْمَاءِ وَالنَّبِيذِ وَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ الْمُخَوَّضِ وَالسَّوِيقِ الْمُخَوَّضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ يَحْنَثُ وَإِلَّا فَلَا إلَّا إذَا كَانَ يُسَمَّى ذَلِكَ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَيَحْنَثُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالذَّوْقُ مَعْرِفَةُ الشَّيْءِ بِفِيهِ مِنْ غَيْرِ إدْخَالِ عَيْنِهِ فِي حَلْقِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الْجَوْزَةَ أَوْ هَذِهِ الْبَيْضَةَ فَابْتَلَعَهَا حَنِثَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ حَلَفَ عَلَى أَكْلِ شَيْءٍ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْمَضْغُ بِنَفْسِهِ فَأَكَلَ مَعَ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ كَذَلِكَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ نَحْوُ أَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ اللَّبَنَ فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْعَسَلَ فَأَكَلَهُ كَذَلِكَ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ صَبَّ عَلَى ذَلِكَ مَاءً فَشَرِبَ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ هَذَا اللَّبَنَ فَشَرِبَهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ فَأَثْرَدَ فِيهِ وَأَكَلَهُ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَعَلَى هَذَا أَكْلُ السَّوِيقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَإِنْ كَانَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ كَانَ حَانِثًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْخُبْزَ فَجَفَّفَهُ وَدَقَّقَهُ وَصَبَّ فِيهِ الْمَاءَ ثُمَّ شَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ أَكَلَهُ مَبْلُولًا حَنِثَ كَذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فَطَبَخَ بِهِ أُرْزًا فَأَكَلَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ فِيهِ مَاءً وَإِنْ كَانَ يَرَى عَيْنَهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَ سَوِيقًا فَدَلَّتْ بِسَمْنِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ أَنَّ أَجْزَاءَ السَّمْنِ إذَا كَانَتْ تَسْتَبِينُ وَيُوجَدُ طَعْمُهُ يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ لَا يُوجَدُ طَعْمُهُ وَلَا يُرَى مَكَانُهُ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ رُبًّا فَأَكَلَ عَصِيدَةً جَعَلَ فِيهَا الرُّبَّ قَالُوا: لَا يَكُونُ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرُّبُّ قَائِمًا بِعَيْنِهِ عَلَى الْعَصِيدَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ زَعْفَرَانًا فَأَكَلَ كَعْكًا عَلَى وَجْهِهِ زَعْفَرَانُ يَحْنَثُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سُكَّرًا فَأَخَذَ سُكَّرًا فِي الْفَمِ وَمَصَّهُ حَتَّى ذَابَ فَابْتَلَعَهُ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ خَلًّا فَأَكَلَ سِكْبَاجَةً لَا يَكُونُ حَانِثًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمِّي خَلًّا كَذَا

فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا عَقَدَ يَمِينَهٌ عَلَى مَا هُوَ مَأْكُولٌ بِعَيْنِهِ يَنْصَرِفُ إلَى أَكْلِ عَيْنِهِ وَإِذَا عَقَدَ عَلَى مَا لَيْسَ بِمَأْكُولٍ بِعَيْنِهِ أَوْ عَلَى مَا يُؤْكَلُ بِعَيْنِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ كَذَلِكَ عَادَةً يَنْصَرِفُ إلَى أَكْلِ الْمُتَّخَذِ مِنْهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَوْ الْكَرْمِ فَأَكَلَ مِنْ رُطَبِهَا أَوْ تَمْرِهَا أَوْ جُمَّارِهَا أَوْ طَلْعِهَا أَوْ بُسْرِهَا أَوْ دِبْسٍ يَخْرُجُ مِنْ تَمْرِهَا أَوْ عِنَبِهِ أَوْ عَصِيرِهِ حَنِثَ لَكِنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ بِصَنْعَةٍ حَادِثَةٍ حَتَّى لَا يَحْنَثَ بِالنَّبِيذِ وَالنَّاطِفِ وَالْخَلِّ وَالدِّبْسِ الْمَطْبُوخِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَكَلَ مِنْ عَيْنِ النَّخْلَةِ لَا يَحْنَثُ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْقِدْرِ شَيْئًا فَهُوَ عَلَى مَا يُطْبَخُ فِيهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْقِدْرِ وَقَدْ اغْتَرَفَ مِنْهَا قَبْلَ يَمِينِهِ قَصْعَةً فَأَكَلَ مَا فِي الْقَصْعَةِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبِطِّيخَ فَأَكَلَ حَدَجَةً قَالُوا: لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يُسَمَّى بِطِّيخًا. لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الْحَدَجَةَ فَأَكَلَهَا بَعْدَمَا تَبَطَّخَتْ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَانِثًا. حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ هَذِهِ الْمَبْطَخَةِ فَأَكَلَ مِنْهَا حَدَجَةً أَوْ بِطِّيخًا كَانَ حَانِثًا كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَأَكَلَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلشَّجَرَةِ ثَمَرَةٌ تَنْصَرِفُ الْيَمِينُ إلَى ثَمَنِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَأَخَذَ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِهَا وَوَصَلَهُ بِشَجَرَةٍ أُخْرَى فَأَدْرَكَ ذَلِكَ الْغُصْنَ وَأَثْمَرَ فَأَكَلَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَرَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْنَثُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحْنَثُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَوَصَلَ بِهَا غُصْنَ شَجَرَةٍ أُخْرَى بِأَنْ حَلَفَ عَلَى شَجَرَةِ التُّفَّاحِ فَوَصَلَ بِهَا غُصْنَ شَجَرَةِ الْكُمَّثْرَى يَنْظُرُ إنْ سَمَّى الشَّجَرَةَ بِاسْمِ ثَمَرِهَا مَعَ الْإِشَارَةِ إلَيْهَا فِي الْيَمِينِ بِأَنْ قَالَ: لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ التُّفَّاحِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِشَارَةِ وَتَسْمِيَةِ الشَّجَرَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِثَمَرِهَا بِأَنْ قَالَ: لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا يَحْنَثُ وَعَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الطَّلْعَ فَصَارَ بُسْرًا أَوْ الْبُسْرَ فَصَارَ رُطَبًا أَوْ الرُّطَبَ فَصَارَ تَمْرًا أَوْ الْعِنَبَ فَصَارَ زَبِيبًا أَوْ عَصِيرًا أَوْ اللَّبَنَ فَصَارَ شِيرَازًا أَوْ زُبْدًا أَوْ سَمْنًا أَوْ أَقِطًا أَوْ مَصْلًا فَأَكَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ فَصَارَ كَبْشًا فَأَكَلَهُ حَنِثَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ هَذَا اللَّبَنَ فَجَعَلَهُ جُبْنًا وَأَكَلَهُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْلَ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ الْيَمِينَ عَلَى عَيْنٍ مَوْصُوفَةٍ بِصِفَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الصِّفَةُ دَاعِيَةً إلَى الْيَمِينِ تُقَيَّدُ الْيَمِينُ بِبَقَائِهَا وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ زَهْرِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَأَكَلَ بَعْدَ مَا صَارَ لَوْزًا أَوْ مِشْمِشًا لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ جَوْزًا فَأَكَلَ مِنْهُ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا حَنِثَ وَكَذَلِكَ اللَّوْزُ وَالْفُسْتُقُ وَالتِّينُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خَبِيصًا فَأَكَلَ مِنْهُ يَابِسًا أَوْ رَطْبًا حَنِثَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا وَلَا بُسْرًا أَوْ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا أَوْ بُسْرًا فَأَكَلَ مُذَنَّبًا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بُسْرًا فَأَكَلَ بُسْرًا مُذَنَّبًا وَهُوَ الَّذِي عَامَّتُهُ بُسْرٌ وَفِيهِ شَيْءٌ مِنْ الرَّطْبِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ فِي قَوْلِهِمْ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا فَأَكَلَ رُطَبًا مُذَنَّبًا وَهُوَ الَّذِي عَامَّتُهُ رُطَبٌ وَفِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْبُسْرِ حَنِثَ فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بُسْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْبُسْرِ يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالرَّابِعَةُ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا فَأَكَلَ بُسْرًا فِيهِ شَيْءٌ مِنْ

الرُّطَبِ حَنِثَ عِنْدَهُمَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَلَبَةَ إذَا كَانَتْ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حَنِثَ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِغَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَكَلَ الْبُسْرَ الْمُذَنَّبَ أَوْ الرُّطَبَ الْمُذَنَّبَ جُزْءًا فَجُزْءًا مُنْفَرِدًا بِأَنْ مَيَّزَ الرُّطَبَ الْمُذَنَّبَ أَجْزَاءً فَأَكَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا يَحْنَثُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ عَسَلًا فَأَكَلَ شَهِدَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَهِدَا فَأَكَلَ عَسَلًا لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ عَلَى الْبَقْلِ فَهُوَ عَلَى الرِّطَابِ كُلِّهَا مِنْ الْخَضْرَاوَاتِ وَإِنْ أَكَلَ يَابِسًا مِنْ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ أَكَلَ بَصَلًا لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَام أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ عِنَبًا فَأَكَلَ حَثَرًا هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ قَالَ: يَحْنَثُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حَثَرًا فَأَكَلَ عِنَبًا لَمْ يَحْنَثْ وَالْحَثَرُ الْحِصْرِمُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ يَنْصَرِفُ إلَى اللَّحْمِ دُونَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَكَذَا فِي كُلِّ مَأْكُولٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ: مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ أَوْ مِنْ نَزَلِهَا حَنِثَ فِي اللَّبَنِ وَالْمَخِيضِ وَالزُّبْدِ دُونَ السَّمْنِ وَالشِّيرَازِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا يَأْكُلُ مِنْ نَزَلِ هَذِهِ الْبَقَرَةِ فَأَكَلَ مِنْ مَخِيضِهَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ دوغ زِدْهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَزَلِهَا وَلَوْ أَكَلَ مِنْ مَرَقَةٍ تُتَّخَذُ مِنْ مَخِيضِهَا يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ دوغ آبه لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَيْئًا آخَرَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ دُهْنًا يَحْنَثُ بِأَكْلِ دُهْنِ الْكُرَاعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ حُلْوِ هَذَا الْكَرْمِ وَحَامِضِهِ فَأَكَلَ مِنْ بُسْرِهِ وَعِنَبِهِ يَحْنَثُ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْمَسْلُوخِ فَأُذِيبَتْ أَلْيَةُ هَذَا الْمَسْلُوخِ حَتَّى صَارَتْ دُهْنًا فَأَكَلَ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ السِّمْسِمِ فَأَكَلَ مِنْ دُهْنِهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الدَّجَاجَةِ فَأَكَلَ مِنْ بَيْضِهَا أَوْ فَرْخِهَا لَا يَكُونُ حَانِثًا وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَيْضَةِ فَأَكَلَ مِنْ فَرْخِهَا لَا يَكُونُ حَانِثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَيُّ لَحْمٍ أَكَلَ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ غَيْرَ السَّمَكِ حَنِثَ سَوَاءٌ أَكَلَهُ طَبِيخًا أَوْ مَشْوِيًّا أَوْ قَدِيدًا وَسَوَاءٌ كَانَ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا كَالْمَيْتَةِ وَمَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ وَذَبِيحَةِ الْمَجُوسِيِّ وَصَيْدِ الْمُحْرِمِ فَأَمَّا السَّمَكُ وَمَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ فَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَى السَّمَكَ يَحْنَثُ هَكَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. قَالُوا: لَوْ كَانَ الْحَالِفُ خُوَارِزْمِيًّا فَأَكَلَ السَّمَكَ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُمْ يُسَمُّونَهُ لَحْمًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ أَكَلَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ أَوْ لَحْمَ إنْسَانٍ يَحْنَثُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ أَكْلَهُ لَيْسَ بِمُتَعَارَفٍ وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ وَذَكَرَ الزَّاهِدُ الْعَتَّابِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ النِّيءِ وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ أَكَلَ مَا يَكُونُ فِي الْحَشْوِ مِنْ الْكِرْشِ وَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَهَذَا بِنَاءَ عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فِي عُرْفِهِمْ كَانَتْ تُبَاعُ مَعَ اللَّحْمِ وَتُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ اللَّحْمِ فَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ أَكَلَ الرَّأْسَ وَالْأَكَارِعَ يَحْنَثُ وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الشَّحْمِ وَالْأَلْيَةِ إلَّا إذَا نَوَاهُ فِي اللَّحْمِ بِخِلَافِ شَحْمِ الظَّهْرِ حَنِثَ بِهِ بِلَا نِيَّةٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ أَكَلَ الْحُمْرَةَ الَّتِي فِي وَسَطِ الْأَلْيَةِ حَنِثَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ شَاةٍ فَأَكَلَ لَحْمَ عَنْزٍ يَحْنَثُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: لَا يَحْنَثُ مِصْرِيًّا كَانَ الْحَالِفُ أَوْ قَرَوِيًّا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. قَالَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ دَجَاجٍ فَأَكَلَ لَحْمَ الدِّيكِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْيَمِينَ مَتَى أُضِيفَتْ إلَى اسْمِ جِنْسٍ يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَمِينِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَمَتَى أُضِيفَتْ إلَى اسْمِ ذَكَرٍ عَلَى الْخُصُوصِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَمِينِ

الْأُنْثَى وَكَذَلِكَ إذَا أُضِيفَتْ إلَى اسْمِ الْأُنْثَى عَلَى الْخُصُوصِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَمِينِ الذَّكَرُ وَكَوْنُ الِاسْمِ خَاصًّا لِلْأُنْثَى لَا يُعْرَفُ بِعَلَامَةِ الْهَاءِ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُشْتَرَكٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلتَّأْنِيثِ وَقَدْ يَكُونُ لِلْإِفْرَادِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَضْعُ وَأَنَّهُ يُتَلَقَّى مِنْ قِبَلِ النَّقْلِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ دَجَاجَةٍ فَأَكَلَ لَحْمَ الدِّيكِ لَا يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ دِيكٍ فَأَكَلَ لَحْمَ دَجَاجَةٍ لَا يَحْنَثُ قَالَ: وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ جَمَلٍ أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَعِيرٍ أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ إبِلٍ أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ جَزُورٍ دَخَلَ تَحْتَ الْيَمِينِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَمِينِ الْبُخْتِيُّ وَالْعِرَابِيُّ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بُخْتِيٍّ فَأَكَلَ لَحْمَ عِرَابِيٍّ أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ عِرَابِيٍّ فَأَكَلَ لَحْمَ بُخْتِيٍّ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ نَاقَةٍ فَأَكَلَ لَحْمَ الذَّكَرِ مِنْ الْعِرَابِ أَوْ الْبُخْتِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ فَأَكَلَ لَحْمَ الْأُنْثَى مِنْهُ أَوْ لَحْمَ الذَّكَرِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرَةٍ فَأَكَلَ لَحْمَ ثَوْرٍ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَةَ اسْمُ جِنْسٍ وَالتَّاءُ فِيهَا لِلْإِفْرَادِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ ثَوْرٍ فَأَكَلَ لَحْمَ أُنْثَى لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ فَأَكَلَ لَحْمَ جَامُوسٍ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ. وَفِي الْحَاوِي أَنَّهُ يَحْنَثُ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ جَامُوسٍ فَأَكَلَ لَحْمَ الْبَقَرِ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ وَالْجَامُوسُ اسْمُ نَوْعٍ وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي الْفَصْلَيْنِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا اللَّحْمِ شَيْئًا فَأَكَلَ مِنْ مَرَقَتِهِ لَا يَحْنَثُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةُ الْمَرَقَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ اللَّحْمِ الَّذِي يَجِيءُ بِهِ فُلَانٌ فَجَاءَ فُلَانٌ بِلَحْمٍ فَشَوَاهُ وَوَضَعَ تَحْتَهُ خُبْزًا وَجَعَلَهُ جُوذَابًا فَأَكَلَ الْحَالِفُ مِنْ الْجُوذَابِ الَّذِي أَصَابَهُ دَسَمُ اللَّحْمِ كَانَ حَانِثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا أَكَلْت لَحْمًا فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ فَأَكَلَ لَحْمًا لَزِمَهُ بِكُلِّ لُقْمَةٍ عِتْقُ عَبْدٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا فَأَكَلَ شَحْمَ الْبَطْنِ حَنِثَ وَإِنْ أَكَلَ شَحْمَ الظَّهْرِ وَهُوَ الَّذِي خَالَطَهُ لَحْمٌ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ عَزَلَ شَحْمَ الظَّهْرِ وَأَكَلَهُ لَا رِوَايَةَ فِي هَذَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: عِنْدَهُ لَا يَحْنَثُ. وَفِي الْخُلَاصَةِ الْخَانِيَّةِ هَذَا إذَا حَلَفَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَإِنْ حَلَفَ بِالْفَارِسِيَّةِ فَأَكَلَ شَحْمَ الظَّهْرِ قَالُوا: لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ اسْمَ بيه لَا يَتَنَاوَلُ شَحْمَ الظَّهْرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا فَأَكَلَ أَلْيَةً لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْأَلْيَةَ غَيْرُ اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ اسْمًا وَمَعْنًى وَعُرْفًا هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا فَإِنْ ذَلِكَ يَقَعُ عَلَى مَا يُؤْكَلُ عَلَى سَبِيلِ الْإِدَامِ مَعَ الْخُبْزِ وَلَا يَقَعُ عَلَى الهليلج والسقمونيا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ، إنْ لَمْ يُوَقِّتْهُ بِوَقْتٍ فَهَلَكَ ذَلِكَ الطَّعَامُ أَوْ أَكَلَهُ غَيْرُهُ أَوْ مَاتَ الْحَالِفُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ وَقَّتَهُ بِوَقْتٍ فَقَالَ: لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ الْيَوْمَ فَمَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمِ لَا يَحْنَثُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ هَلَكَ ذَلِكَ الطَّعَامُ قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمِ لَا يَحْنَثُ قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمِ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى لَا تَلْزَمَهُ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ عَجَّلَهَا لَا يَجُوزُ وَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا يَنْوِي طَعَامًا بِعَيْنِهِ أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا يَنْوِي لَحْمًا بِعَيْنِهِ فَأَكَلَ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا فَاضْطُرَّ إلَى مَيْتَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: وَهُوَ عِنْدِي قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَحْنَثُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الطَّعَامَ فَأَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا يَسِيرًا حَنِثَ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ فَإِنْ عَنَى الْمَاءَ كُلَّهُ أَوْ الطَّعَامَ لَمْ يَحْنَثْ بِهَذَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ

الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ فِي مَجْلِسٍ أَوْ يَشْرَبُهُ فِي شَرْبَةٍ فَالْحَلِفُ عَلَى جَمِيعِهِ وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الِامْتِنَاعُ عَنْ كُلِّهِ وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يُطَاقُ أَكْلُهُ فِي مَجْلِسٍ وَلَا شُرْبُهُ فِي شَرْبَةٍ يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَمِينِ الِامْتِنَاعُ عَنْ أَصْلِهِ لَا عَنْ جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّ مَا يَمْتَنِعُ فِعْلُهُ فِي الْغَالِب لَا يُقْصَدُ بِالْيَمِينِ. حَلَفَ لَا يَأْكُلُ ثَمَرَ هَذَا الْبُسْتَانِ أَوْ ثَمَرَ هَاتَيْنِ النَّخْلَتَيْنِ أَوْ مِنْ هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ أَوْ مِنْ لَبَنِ هَاتَيْنِ الشَّاتَيْنِ أَوْ مِنْ هَذَا الْغَنَمِ فَأَكَلَ بَعْضَهُ يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنَ هَذِهِ الْخَابِيَةِ فَأَكَلَ بَعْضَهُ حَنِثَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الْبَيْضَةَ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَأْكُلَ كُلَّهَا وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَكْلِ كُلِّهِ دُفْعَةً وَاحِدَةً لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَأْكُلَ كُلَّهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ حَنِثَ بِأَكْلِ بَعْضِهِ وَفِي رِوَايَةٍ إنْ كَانَ الشَّيْءُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْكُلَهُ فِي جَمِيعِ عُمْرِهِ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَأْكُلْ كُلَّهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِمَشَايِخِنَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذَا الْجَزُورِ فَهُوَ عَلَى بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيعَابُهُ دُفْعَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا إلَّا حَبَّةً أَوْ حَبَّتَيْنِ حَنِثَ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ تَرَكَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ أَنْ يَتْرُكَهُ الْآكِلُ لَا يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الشَّعِيرَ فَأَكَلَهُ إلَّا حَبَّةً أَوْ حَبَّتَيْنِ يَتْرُكُهُمَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَكَلَ إلَّا قَلِيلًا مِنْهُ يَحْنَثُ إلَّا إذَا نَوَى الْكُلَّ وَهَلْ يُصَدَّقُ قَضَاءً فِيهِ رِوَايَتَانِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: إنْ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: إنْ لَمْ آكُلْهُ فَعَبْدُهُ حُرٌّ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَا يَعْتِقَ عَبْدَهُ وَلَا تَطْلُقَ امْرَأَتَهُ أَنْ يَأْكُلَ النِّصْفَ وَيَتْرُكَ النِّصْفَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَكَلَهُ إلَّا كِسْرَةً كَانَ بَارًّا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يَتْرُكَ شَيْئًا مِنْ الرَّغِيفِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالصَّحِيحُ فِي قَوْلِهِ هَذَا الرَّغِيفُ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَنْ لَا يَحْنَثَ بِأَكْلِ الْبَعْضِ. قَالَ لِغَيْرِهِ: وَاَللَّهِ لَا آكُلُ مِنْ طَعَامِك فَإِنْ أَكَلْتُ مِنْهُ فَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ فَأَكَلَ لُقْمَةً حَنِثَ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى فَإِنْ عَادَ فَأَكَلَ حَنِثَ فِي الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَتَانِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: لِعَبْدَيْهِ: أَيُّكُمَا أَكَلَ هَذَا الرَّغِيفَ الْيَوْمَ فَهُوَ حُرٌّ فَأَكَلَاهُ لَمْ يَعْتِقَا وَلَوْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُطِيقُ أَحَدُهُمَا أَكْلَهُ فَأَكَلَاهُ عَتَقَا بِدَلَالَةِ الْحَالِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْيَمِينِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ أَوْ عَلَى الْجَمَاعَةِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إنْ أَكَلْتُمَا هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَأَكَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَغِيفًا عَتَقَ الْعَبْدُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَكَلَتْ إحْدَاهُمَا الرَّغِيفَيْنِ إلَّا شَيْئًا وَأَكَلَتْ الْبَاقِي الْأُخْرَى يَحْنَثُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ لِنِسَائِهِ: أَيَّتُكُنَّ أَكَلْت مِنْ هَذَا الطَّعَامِ فَهِيَ طَالِقٌ فَأَكَلْنَ جَمِيعًا طَلُقْنَ وَلَوْ قَالَ: أَيَّتُكُنَّ أَكَلَتْ هَذَا الطَّعَامَ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ الطَّعَامِ فَأَكَلْنَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الطَّعَامُ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ الْوَاحِدُ عَلَى أَكْلِهِ طَلُقْنَ وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ قَلِيلًا بِحَيْثُ يَقْدِرُ الْوَاحِدُ عَلَى أَكْلِهِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِنَّ إذَا أَكَلْنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ. إنْ حَلَفَ طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا أَنْ لَا يَأْكُلَ شَيْئًا سَمَّاهُ فَأُكْرِهَ حَتَّى أَكَلَهُ حَنِثَ وَكَذَلِكَ إنْ أَكَلَهُ وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مَجْنُونٌ وَإِنْ أُوجِرَ أَوْ صُبَّ فِي حَلْقِهِ مُكْرَهًا وَقَدْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُهُ لَا يَحْنَثُ وَلَكِنْ لَوْ شَرِبَ مِنْهُ بَعْدَ هَذَا حَنِثَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِلْحًا فَأَكَلَ طَعَامًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَالِحًا لَا يَكُونُ حَانِثًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ كَانَ مَالِحًا كَانَ حَانِثًا كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ الْفُلْفُلَ فَأَكَلَ طَعَامًا فِيهِ فُلْفُلٌ إنْ كَانَ يُوجَدُ طَعْمُهُ كَانَ حَانِثًا وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَأْكُلْ عَيْنَ الْمِلْحِ مَعَ الْخُبْزِ أَوْ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَإِنْ كَانَ فِي يَمِينِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الطَّعَامَ الْمَالِحَ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الزَّاهِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا وَحَلَفَ الْآخَرُ لَا يَأْكُلُ بَصَلًا

وَآخَرُ لَا يَأْكُلُ فُلْفُلًا فَاِتَّخَذَ مَحْشُوًّا جَعَلَ فِيهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا فَأَكَلَهَا الْحَالِفُونَ كُلُّهُمْ لَمْ يَحْنَثْ أَحَدٌ إلَّا صَاحِبُ الْفُلْفُلِ؛ لِأَنَّ الْفُلْفُلَ لَا يُؤْكَلُ إلَّا هَكَذَا فَانْصَرَفَتْ يَمِينُهُ إلَيْهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ امْرَأَتِهِ فَأَدْخَلَتْ عَلَيْهِ الطَّعَامَ فَقَالَتْ لَهُ: دَارْ بِخَوَرِ فَأَكَلَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لَهُ وَلَوْ لَمْ تَقُلْ دَارُ بَخُورٍ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا يَحْنَثُ. رَجُلٌ لَهُ فاليز أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَحْفَظَ هَذَا الفاليز فَأَبَاحَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ مَا يَشَاءُ فَحَلَفَ هَذَا الْحَافِظُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ فاليزه أَيْ فاليز نَفْسه وَلَيْسَ لَهُ فاليز مِلْكٍ وَلَا مُسْتَأْجَرٍ وَلَا مُسْتَعَارٍ فَأَكَلَ مِنْ هَذَا الفاليز الَّذِي أُمِرَ بِحِفْظِهِ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ إلَّا إذَا كَانَ يُضَافُ إلَيْهِ الفاليز عُرْفًا فَأَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ تَمْرًا فَأَيُّ نَوْعٍ مِنْ التَّمْرِ أَكَلَهُ يَحْنَثُ وَلَوْ أَكَلَ حَيْسًا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْحَيْسَ اسْمٌ لِتَمْرٍ يُلْقَى فِي اللَّبَنِ حَتَّى يَنْتَفِخَ فَيُؤْكَلُ وَكَذَلِكَ إذَا أَكَلَ عَصِيدَةً اُتُّخِذْت مِنْ التَّمْرِ يَحْنَثُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ فَأَكَلَ ذَلِكَ التَّمْرَ كُلَّهُ حَنِثَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ تَمْرًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَأَكَلَ قَسْبًا لَا يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ إذَا أَكَلَ بُسْرًا مَطْبُوخًا أَوْ رُطَبًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى تَمْرًا فِي الْعُرْفِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الدَّقِيقِ فَأَكَلَ مِنْ خُبْزِهِ أَوْ اتَّخَذَ خَبِيصًا أَوْ خُبْزًا لِقَطَائِفَ يَحْنَثُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَإِنْ أَكَلَ عَيْنَ الدَّقِيقِ أَوْ عَجِينَهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَإِنْ عَنَى أَكْلَ الدَّقِيقِ بِعَيْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ الْخُبْزِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لَا يَأْكُلَ حَبَّهَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ حَتَّى لَوْ أَكَلَ مِنْ خُبْزِهَا لَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَأْكُلَ مِمَّا يُتَّخَذُ مِنْهَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ أَيْضًا حَتَّى لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ عَيْنِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَأَكَلَ مِنْ خُبْزِهَا لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَحْنَثُ وَلَوْ أَكَلَ مِنْ عَيْنِهَا حَنِثَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ أَكَلَ مِنْ سَوِيقِهَا لَا يَحْنَثُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَزَرَعَهَا وَأَكَلَ مِنْ غَلَّتِهَا لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهَذَا عَلَى خُبْزِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَعَلَى مَا يَتَعَارَفُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ اتِّخَاذَ الْخُبْزِ مِنْهُ حَتَّى لَوْ تُصُوِّرَ مَوْضِعٌ لَا يَأْكُلُ أَهْلُهُ خُبْزَ الشَّعِيرِ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ خُبْزِ الشَّعِيرِ أَيْضًا وَلَوْ أَكَلَ خُبْزَ الْأَرُزِّ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ بَلَدٍ خُبْزُهُمْ ذَلِكَ تَنْصَرِفُ يَمِينُهُ إلَيْهِ وَمَا لَا فَلَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا فَأَكَلَ قُرْصًا يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ كليجة أَوْ جوزينجا أَوْ مُيَسَّرًا فَارِسِيَّتُهُ نوالة قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: لَا يَحْنَثُ فِي الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِي الجوزينج لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُبْزًا مُطْلَقًا وَصَارَ كَمَا يُقَالُ بِالْفَارِسِيَّةِ نان زردالو أَمَّا فِي الْقُرْصِ وَالْمُيَسَّرِ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْقُرْصَ خُبْزٌ مُطْلَقٌ وَالْمُيَسَّرُ خُبْزٌ وَزِيَادَةٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَإِنْ أَكَلَ خُبْزَ الْقَطَائِفِ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا نَوَاهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزَ فُلَانَةَ فَالْخَابِزَةُ هِيَ الَّتِي تَضْرِبُ الْخُبْزَ فِي التَّنُّورِ دُونَ الَّتِي تَعْجِنُهُ وَتَهَيُّؤُهُ لِلضَّرْبِ فَإِنْ أَكَلَ مِنْ خُبْزِ الَّتِي ضَرَبَتْهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ خُبْزًا فَأَكَلَ ثَرِيدًا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَكَذَا لَوْ أَكَلَ لاكشة لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مَرَقَةً فَأَكَلَ سبوس آبَ أَوَلِطَه لَا يَكُونُ حَانِثًا. لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ هَذَا الْخُبْزَ فَأَكَلَهُ بَعْدَ مَا تَفَتَّتَ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَكَلَ الْعَصِيدَةَ أَوْ التتماج لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا فَأَكَلَ سَنْبُوسَقًا يُقَالُ بِالْفَارِسِيَّةِ سنبوسه قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. سُئِلَ

الْخُجَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا وَتَمْرًا فَأَكَلَ أَحَدَهُمَا فَقَالَ: لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَأْكُلْهَا كَذَا فِي الْيَتِيمِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الشَّوَّاءَةَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ يَقَعُ عَلَى اللَّحْمِ دُونَ الْبَاذِنْجَانِ وَالْجَزَرِ الْمَشْوِيِّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كُلَّ مَا يُشْوَى مِنْ بِيضٍ وَغَيْرِهِ فَتَعْمَلُ نِيَّتُهُ كَذَا فِي الْكَافِي. إنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ رَأْسًا فَإِنْ نَوَى الرُّءُوسَ كُلّهَا مِنْ السَّمَكِ وَالْغَنَمِ وَغَيْرِهِمَا فَأَيُّ ذَلِكَ أَكَلَ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ عَلَى الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ خَاصَّةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْيَمِينُ الْيَوْمَ عَلَى رُءُوسِ الْغَنَمِ خَاصَّةً كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَهَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي زَمَنِهِ فِيهِمَا وَفِي زَمَنِهِمَا فِي الْغَنَمِ خَاصَّةً وَفِي زَمَانِنَا يُفْتَى عَلَى حَسْبِ الْعَادَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْيَمِينِ رُءُوسُ الْجَرَادِ وَالسَّمَكِ وَالْعَصَافِيرِ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا رُءُوسُ الْإِبِلِ لَا تَدْخُلُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بِيضًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهُوَ عَلَى بِيضِ الطَّيْرِ كُلِّهِ الْأَوِزِّ وَالدَّجَاجِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَحْنَثُ فِي بِيضِ السَّمَكِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ طَبِيخًا إنْ نَوَى جَمِيعَ الْمَطْبُوخَاتِ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ عَلَى اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ اسْتِحْسَانًا قَالُوا هَذَا إذَا طَبَخَ اللَّحْمَ بِالْمَاءِ أَمَّا الْقَلِيَّةُ الْيَابِسَةُ فَلَا تُسَمَّى طَبِيخًا وَإِنْ طَبَخَ اللَّحْمَ بِالْمَاءِ فَأَكَلَ الْمَرَقَةَ مَعَ الْخُبْزِ وَلَمْ يَأْكُلْ اللَّحْمَ كَانَ حَانِثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَبِيخِ فُلَانَةَ فَسَخَّنَتْ لَهُ قَدْرًا طَبَخَهَا غَيْرُهَا لَمْ يَحْنَثْ وَإِذَا قَالَ: أكرازديك كردهء توبخورم فَكَذَا فَسَخَّنَتْ قَدْرًا طَبَخَهَا غَيْرُهَا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ كرم كردهء تويرادبه عرفابخنهء تو كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْحَلْوَاءَ فَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الْحَلْوَاءَ عِنْدَهُمْ كُلُّ الْحُلْوِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ حَامِضٌ وَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ حَامِضٌ فَلَيْسَ بِحُلْوٍ وَالْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ فَحَنِثَ بِأَكْلِ الْخَبِيصِ وَالْعَسَلِ وَالسُّكَّرِ وَالنَّاطِفِ وَالرُّبِّ وَالتَّمْرِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ وَكَذَا رَوَى الْمُعَلَّى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَكَلَ تِينًا رَطْبًا أَوْ يَابِسًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا حَامِضٌ فَيَخْلُصُ مَعْنَى الْحَلَاوَةِ فِيهِ وَلَوْ أَكَلَ عِنَبًا حُلْوًا أَوْ بِطِّيخًا حُلْوًا أَوْ رُمَّانًا حُلْوًا أَوْ أَجَاصًّا حُلْوًا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ مِنْ جِنْسِهِ مَا لَيْسَ بِحُلْوٍ فَلَمْ يَخْلُصْ مَعْنَى الْحَلَاوَةِ فِيهِ وَكَذَا الزَّبِيبُ لَيْسَ مِنْ حُلْوٍ؛ لِأَنَّ مِنْ جِنْسِهِ مَا هُوَ حَامِضٌ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حَلَاوَةً فَهُوَ مِثْلُ الْحَلْوَاءِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حَبًّا فَأَيُّ حَبٍّ أَكَلَ مِنْ سِمْسِمِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَأْكُلُهُ النَّاسُ عَادَةً يَحْنَثُ فَإِنْ عَنِيَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ أَوْ سَمَّاهُ حَنِثَ فِيهِ وَلَمْ يَحْنَثْ فِي غَيْرِهِ وَلَا يَحْنَثُ إذَا ابْتَلَعَ لُؤْلُؤَةً كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حَرَامًا فَاشْتَرَى بِدِرْهَمٍ غَصَبَهُ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَا يَحْنَثُ وَهُوَ آثِمٌ وَلَوْ أَكَلَ خُبْزًا أَوْ لَحْمًا غَصَبَهُ وَلَوْ بَاعَ الْخُبْزَ أَوْ اللَّحْمَ بِزَيْتٍ فَأَكَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ أَكَلَ لَحْمَ كَلْبٍ أَوْ قِرْدٍ أَوْ حَدَأَةٍ قَالَ: أَسِيد بْنُ عَمْرٍو - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَحْنَثُ وَقَالَ: نُصَيْرٌ: وَبِهِ نَأْخُذُ وَقَالَ الْحَسَنُ: كُلُّهُ حَرَامٌ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ مَا كَانَ فِيهِ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ لَا يَكُونُ حَرَامًا مُطْلَقًا ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْكِتَابِ: مَا أَحْسَنُ مَا قَالَ: أَبُو اللَّيْثِ وَلَوْ اُضْطُرَّ فَأَكَلَ الْحَرَامَ أَوْ الْمَيْتَةَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ بَاقِيَةٌ إلَّا أَنَّ الْإِثْمَ مَوْضُوعٌ وَفِي فَوَائِدِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ لَوْ أَكَلَ مِنْ الْكَرْمِ الَّذِي دَفَعَ مُعَامَلَةً وَهُوَ قَدْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حَرَامًا مَا لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إنْ غَصَبَ حِنْطَةً فَطَبَخَهَا إنْ أَعْطَاهُ مِثْلَهَا قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ أَكَلَهَا قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ وَقَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْعِنَبَ أَوْ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَجَعَلَ يَمْضُغُهُ وَيَرْمِي بِتُفْلِهِ وَيَبْتَلِعُ مَاءً لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى أَكْلًا وَإِنَّمَا يُسَمَّى مَصًّا وَلَوْ عَصَرَ مَاءَ الْعِنَبِ أَوْ مَاءَ الرُّمَّانَةِ وَلَمْ يَشْرَبْهُ وَأَكَلَ قِشْرَهُ وَحِصْرِمَهُ حَنِثَ

فِي يَمِينِهِ وَلَوْ مَضَغَهُ وَابْتَلَعَهُ كَذَلِكَ يَصِيرُ آكِلًا بِابْتِلَاعِ الْقِشْرِ وَالْحِصْرِمِ لَا بِابْتِلَاعِ الْمَاءِ. وَفِي الْعُيُونِ قَالَ: إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْعِنَبَ وَلَاكَهُ وَرَمَى بِقِشْرِهِ وَحِصْرِمِهِ وَابْتَلَعَ مَاءَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ رَمَى بِقِشْرِهِ وَابْتَلَعَ مَاءَهُ وَحَبَّهُ حَنِثَ وَعَلَّلَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَقَعَاتِهِ فَقَالَ: لِأَنَّ الْعِنَبَ اسْمٌ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَكَلَ الْأَقَلَّ فَلَا يَكُونُ أُكُلًا لِلْعِنَبِ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَكَلَ الْأَكْثَرَ وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فَاكِهَةً فَأَكَلَ عِنَبًا أَوْ رُمَّانًا أَوْ رُطَبًا لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَحْنَثُ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: بِقَوْلِهِمَا نَأْخُذُ لِلْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ ثُمَّ الْخِلَافُ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَأَمَّا إذَا نَوَاهَا يَحْنَثُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ. وَالتِّينُ وَالْمِشْمِشُ وَالتُّفَّاحُ وَالْخَوْخُ وَالْفُسْتُقُ وَالْإِجَّاصُ وَالْعُنَّابُ وَالْكُمَّثْرَى وَالسَّفَرْجَلُ فَاكِهَةٌ إجْمَاعًا رَطْبُهَا وَيَابِسُهَا وَنَيِّئُهَا وَنَضِيجُهَا إلَّا الْخِيَارَ وَالْقِثَّاءَ وَالْجَزَرَ بِالْإِجْمَاعِ. وَالتُّوتُ فَاكِهَةٌ وَعَدَّ الْإِمَامُ الْقُدُورِيُّ الْبِطِّيخَ مِنْ الْفَوَاكِهِ وَلَمْ يَعُدَّهُ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ مِنْهَا قَالَ الْإِمَامُ: السِّمْسِمُ وَالْبَاقِلَاءُ لَيْسَا مِنْ الثِّمَارِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا يُعَدُّ فَاكِهَةً عُرْفًا وَيُؤْكَلُ تَفَكُّهًا فَهُوَ فَاكِهَةٌ وَمَا لَا فَلَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَاللَّوْزُ وَالْجَوْزُ فَاكِهَةٌ ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ مِنْ جُمْلَةِ الْفَوَاكِهِ الْيَابِسَةِ قَالُوا هَذَا فِي عُرْفِهِمْ فَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْفَوَاكِهِ الْيَابِسَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بُسْرِ السُّكْرِ وَالْبُسْرُ الْأَحْمَرُ فَاكِهَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ وَحَبُّ الرُّمَّانِ إذَا يَبِسَ لَا يَكُونُ فَاكِهَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ فَاكِهَةِ الْعَامِ فَإِنْ كَانَ فِي أَيَّامِ الْفَاكِهَةِ الرَّطْبَةِ فَهُوَ عَلَى الرَّطْبِ وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْيَابِسِ وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الرَّطْبِ فَهُوَ عَلَى الْيَابِسِ اسْتِحْسَانًا وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَنْ حَلَفَ لَا يَأْتَدِمُ فَكُلُّ شَيْءٍ اصْطَبَغَ بِهِ فَهُوَ إدَامٌ كَالْخَلِّ وَالزَّيْتِ وَالْعَسَلِ وَاللَّبَنِ وَالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ وَالْمَرَقِ وَالْمِلْحِ مَا لَمْ يَصْبُغْ الْخُبْزَ مِمَّا لَهُ جِرْمٌ كَجِرْمِ الْخُبْزِ وَهُوَ يَحْنَثُ يُؤْكَلُ وَحْدَهُ لَيْسَ بِإِدَامٍ كَاللَّحْمِ وَالْبِيضِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَمَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ غَالِبًا فَهُوَ إدَامٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي الِاخْتِيَارِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَفِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ قَالَ الْقَلَانِسِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يُصْبَغُ بِهِ كَالْخَلِّ وَمَا ذَكَرْنَا إدَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَمَا يُؤْكَلُ وَحْدَهُ غَالِبًا كَالْبِطِّيخِ وَالْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَأَمْثَالُهَا لَيْسَ إدَامًا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْبِطِّيخِ وَالْعِنَبِ أَمَّا الْبُقُولُ فَلَيْسَتْ بِإِدَامٍ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ نَوَى فَعَلَى مَا نَوَى إجْمَاعًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْفَاكِهَةُ لَيْسَتْ بِإِدَامٍ إجْمَاعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ فُلَانٍ فَوَرِثَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ شَيْئًا وَأَكَلَهُ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَقَبِلَ فَأَكَلَهُ الْحَالِفُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ فُلَانٍ فَاشْتَرَى شَيْئًا الْحَالِفُ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِمَّا اكْتَسَبَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ وُهِبَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ الْحَالِفِ وَأَكَلَهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ فُلَانٍ فَاكْتَسَبَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مَالًا وَمَاتَ وَوَرِثَهُ رَجُلٌ فَأَكَلَهُ الْحَالِفُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَرِثَهُ الْحَالِفُ فَأَكَلَ يَحْنَثُ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ الْمِيرَاثِ بِشِرَاءٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مِيرَاثِ فُلَانٍ شَيْئًا فَمَاتَ فُلَانٌ

فَأَكَلَ مِنْ مِيرَاثِهِ حَنِثَ فَإِنْ مَاتَ وَارِثُهُ فَأُورِثَ ذَلِكَ الْمِيرَاثُ فَأَكَلَ مِنْهُ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ فُلَانٍ فَأَوْصَى لَهُ إنْسَانٌ فَأَكَلَ الْحَالِفُ يَحْنَثُ وَلَوْ وَهَبَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ طَعَامًا لِلْحَالِفِ وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَكَلَ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لَهُ وَالْمَهْرُ مِنْ كَسْبِ الْمَرْأَةِ وَكَذَا أَرْشُ الْجِرَاحَاتِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ مَعَهُ دَرَاهِمُ فَحَلِفَ، أَنْ لَا يَأْكُلَهَا فَاشْتَرَى بِهَا دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسًا ثُمَّ اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ الْفُلُوسِ طَعَامًا فَأَكَلَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ أَوْ الدَّنَانِيرَ فَاشْتَرَى بِهَا عَرْضًا ثُمَّ بَاعَ الْعَرْضَ بِطَعَامٍ فَأَكَلَهُ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ شَعِيرًا ثُمَّ اشْتَرَى بِالشَّعِيرِ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَا يَكُونُ حَانِثًا قَالَ: إذَا حَلَفَ عَلَى مَا لَا يُؤْكَلُ أَنْ لَا يَأْكُلَهُ فَاشْتَرَى بِهَا شَيْئًا مِمَّا يُؤْكَلُ وَأَكَلَهُ حَنِثَ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى مَا يُؤْكَلُ أَنْ لَا يَأْكُلَهُ فَاشْتَرَى بِهَا مَا يُؤْكَلُ فَأَكَلَهُ لَا يَكُونُ حَانِثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَلَفَ أَنْ لَا يُطْعِمَ فُلَانًا مِنْ مِيرَاثِ وَالِدِهِ فَوَرِثَ طَعَامًا فَأَطْعَمَهُ أَوْ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِهَا طَعَامًا وَأَطْعَمَهُ يَحْنَثُ وَإِنْ بَدَّلَ الطَّعَامَ بِطَعَامٍ آخَرَ وَأَطْعَمَهُ لَا. حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مِيرَاثِ وَالِدِهِ شَيْئًا فَمَاتَ وَالِدُهُ وَوَرِثَ مَالَهُ فَاشْتَرَى بِهِ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَا يَحْنَثُ فِي الْقِيَاسِ وَيَحْنَثُ فِي الِاسْتِحْسَانِ؛ لِأَنَّ الْمَوَارِيثَ هَكَذَا تُؤْكَلُ فِي الْعَادَةِ وَإِنْ اشْتَرَى بِالْمِيرَاثِ شَيْئًا ثُمَّ اشْتَرَى بِذَلِكَ الشَّيْءِ طَعَامًا وَأَكَلَ لَا يَحْنَثُ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ زُرُوعِ فُلَانٍ فَأَكَلَ مِنْهُ مَا هُوَ عِنْدَ الْمُزَارِعِ أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ يَحْنَثُ وَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُ آخَرُ وَبَذَرَهُ فَأَكَلَ مِنْ ذَلِكَ الْخَارِجِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مِلْكِ فُلَانٍ أَوْ مِمَّا مَلَكَهُ فُلَانٌ فَخَرَجَ شَيْءٌ مِنْ مِلْكِهِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ وَأَكَلَهُ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِمَّا اشْتَرَى فُلَانٌ أَوْ مِمَّا يَشْتَرِي فَاشْتَرَى الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَأَكَلَ مِنْهُ الْحَالِفُ حَنِثَ فَإِنْ بَاعَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي لَهُ ثُمَّ أَكَلَ مِنْهُ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا اشْتَرَاهُ فُلَانٌ فَاشْتَرَى فُلَانٌ سَخْلَةً وَذَبَحَهَا فَأَكَلَ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامَ فُلَانٍ هَذَا فَبَاعَ فُلَانٌ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَكَلَ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْنَثُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. وَإِذَا حَلَفَ لَا آكُلُ مِنْ طَعَامٍ يَصْنَعُهُ فُلَانٌ أَوْ مِنْ خُبْزٍ يَخْبِزُهُ فُلَانٌ ثُمَّ صَنَعَهُ وَبَاعَهُ وَأَكَلَ مِنْهُ يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ فُلَانٍ وَفُلَانٌ بَائِعُ الطَّعَامِ فَاشْتَرَى مِنْهُ وَأَكَلَ يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ: لَا آكُلُ طَعَامَك هَذَا فَأَهْدَاهُ لَهُ فَأَكَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمُهُمَا، اللَّهُ تَعَالَى وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ غَلَّةِ أَرْضِهِ فَأَكَلَ مِنْ ثَمَنِ الْغَلَّةِ حَنِثَ وَإِذَا نَوَى أَكْلَ نَفْسِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا دُيِّنَ فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِ فُلَانٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَاشْتَرَى الْحَالِفُ مِنْهُ الطَّعَامَ أَوْ وَهَبَهُ فُلَانٌ مِنْ غَيْرِهِ فَاشْتَرَى الْحَالِفُ مِنْ ذَلِكَ وَأَكَلَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْأَصْلِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ فُلَانٌ فَأَكَلَ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَى لَهُ فُلَانٌ مَعَ غَيْرِهِ حَنِثَ إلَّا إذَا نَوَى شِرَاءَهُ وَحْدَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ فُلَانٍ فَأَكَلَ مِنْ طَعَامٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ خُبْزِ فُلَانٍ فَأَكَلَ مِنْ خُبْزٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ رَغِيفِ فُلَانٍ فَأَكَلَ مِنْ رَغِيفٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الرَّغِيفِ لَا يُسَمَّى رَغِيفًا وَبَعْضَ الْخُبْزِ يُسَمَّى خُبْزًا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ الْحَالِفِ حَبٌّ مِنْ خَلٍّ فَأَكَلَ مِنْهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مِنْ مَالِ الِابْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامَ فُلَانٍ فَأَكَلَ مِنْ طَعَامٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ فُلَانٍ وَبَيْنَ الْحَالِفِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ شَيْئًا مِنْ أَشْيَاءِ وَلَدِهِ فَتَنَاوَلَ فِي بَيْتِ وَلَدِهِ

كِسْرَةَ خُبْزٍ مُلْقَاةٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيّ: يَكُونُ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: إنْ كَانَتْ الْكِسْرَةُ بِحَالٍ يَتَصَدَّقُ عَلَى الْفَقِيرِ بِمِثْلِهَا كَانَ حَانِثًا وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامَ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى الطَّعَامِ الْمَوْجُودِ وَاَلَّذِي سَيَحْدُثُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا آكُلُ مِنْ رُمَّانٍ اشْتَرَاهُ فُلَانٌ فَاشْتَرَى فُلَانٌ مَعَ غَيْرِهِ فَأَكَلَ حَنِثَ وَلَوْ قَالَ: مِنْ رُمَّانَةٍ اشْتَرَاهَا فُلَانٌ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ ثَمَنِ غَزْلِ فُلَانَةَ فَاشْتَرَى غَزْلَ فُلَانَةَ أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ فَبَاعَهُ وَأَكَلَ ثَمَنَهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ بَاعَتْ بِنَفْسِهَا فَدَفَعَتْ الثَّمَنَ إلَيْهِ فَأَكَلَ مِنْهُ حَنِثَ وَلَوْ وَهَبَتْ الثَّمَنَ لِابْنِهَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ وَهَبَهُ لِزَوْجِهَا فَاشْتَرَى بِهِ شَيْئًا لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَبِيخِ فُلَانٍ فَطَبَخَ هُوَ وَآخَرُ فَأَكَلَ الْحَالِفُ مِنْهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ يُسَمَّى طَبِيخًا وَكَذَلِكَ مِنْ خُبْزِ فُلَانٍ فَخَبَزَ هُوَ وَآخَرُ وَلَوْ قَالَ: مِنْ قِدْرٍ طَبَخَهَا فُلَانٌ فَأَكَلَ مَا طَبَخَاهُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْقِدْرِ لَا يُسَمَّى قِدْرًا كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. حَلَفَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَأْكُلُ مِنْ جيز فُلَانٍ فَتَنَاوَلَ مِنْ مَاءٍ جَمَّدَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ أَوْهَامَ النَّاسِ لَا تَسْبِقُ إلَى هَذَا أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ مِنْ قِشْرِ بِطِّيخِهِ أَوْ مِنْ كِسْرَةِ خُبْزِهِ بِالْفَارِسِيَّةِ نان ريزه وُجِدَ عَلَى بَابِ دَارِهِ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ شَيْئًا مِمَّا حَمَلَ فُلَانٌ يَعْنِي أَوْرَدَهُ فُلَانٌ فَأَكَلَ مِنْ جَمْدٍ حَمَلَهُ فُلَانٌ قَالُوا: يَكُونُ حَانِثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالٍ خَتَنِهِ شَيْئًا فَدُفِعَ إلَيْهِ عَجِينًا مِنْ عَجِينِ خَتَنِهِ فَجَعَلَ فِي عَجِينٍ آخَرَ فَخَبَزَهُ وَأَكَلَ لَا يَحْنَثُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ شَرَابِهِ أَوْ لَا يَأْكُلُ مِنْ مِلْحِهِ فَأَخَذَ مَاءً وَمِلْحًا وَجَعَلَهُمَا فِي الْعَجِينِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَا يَأْكُلُ مِنْ خُبْزِ خَتَنِهِ فَسَافَرَ الْخَتَنُ وَخَلَّفَ لِامْرَأَتِهِ بِالنَّفَقَةِ فَأَكَلَ مِنْهُ إنْ كَانَ الْخَتَنُ أَفْرَزَ لَهَا النَّفَقَةَ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يُفْرِزْ فَقَالَ: كُلِي مِنْ طَعَامِي مَا يَكْفِيك فَأَكَلَ مِنْهُ يَحْنَثُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ أَبِيهِ فَمَاتَ الْأَبُ فَوَرِثَهُ الْحَالِفُ وَأَكَلَ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ زَادَ بَعْدَ مَوْتِهِ يَحْنَثُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ لَا تَأْكُلَ مِنْ أَطْعِمَةِ ابْنِهَا وَقَدْ كَانَ الِابْنُ بَعَثَ إلَيْهَا مِنْ الْأَطْعِمَةِ قَبْلَ الْيَمِينِ فَأَكَلَتْ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهَا الْحِنْثُ قِيلَ: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا نِيَّةٌ فَإِذَا نَوَتْ ذَلِكَ الطَّعَامَ الَّذِي بَعَثَهُ قَبْلَ الْيَمِينِ تَحْنَثُ بِأَكْلِهِ؛ لِأَنَّهَا نَوَتْ الْإِضَافَةَ بِاعْتِبَارِ مَا قَدْ كَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مَعَ فُلَانٍ طَعَامًا فَأَكَلَ هَذَا مِنْ إنَاءٍ وَهَذَا مِنْ إنَاءٍ آخَرَ لَا يَكُونُ حَانِثًا مَا لَمْ يَأْكُلَا مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ فَتَنَاهَدَا وَفَارِسِيَّتُهُ سيم بِرًّا فكندند وَجِيزِي خريدند وخوردند لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ يُسَمَّى آكِلَ مَالِ نَفْسِهِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ شَيْءِ فُلَانٍ فَجَعَلَ فُلْفُلَ فُلَانٍ فِي قِدْرٍ طَبَخَتْ امْرَأَتُهُ وَأَكَلَ الْحَالِفُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَنِثَ فِي يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا سَبَبٌ يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ هَذَا. حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ كَرْمِ فُلَانٍ شَيْئًا هَذِهِ السَّنَةَ قَالُوا: تَقَعُ يَمِينُهُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا قَالَ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَلَى بَقِيَّةِ السَّنَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا آكُلُ مَا يَجِيءُ بِهِ فُلَانٌ يَعْنِي مَا يَجِيءُ بِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ لَحْمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْكَلُ فَدَفَعَ الْحَالِفُ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَحْمًا لِيَطْبُخَهُ فَطَبَخَهُ وَأَلْقَى فِيهِ

قِطْعَةً مِنْ كِرْشِ بَقَرٍ ثُمَّ فَارَ الْقِدْرُ بِهِ فَأَكَلَ الْحَالِفُ مِنْ الْمَرَقِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا أَرَاهُ يَحْنَثُ إذَا أَلْقَى فِيهِ مِنْ اللَّحْمِ مَا لَا يُطْبَخُ وَحْدَهُ وَيَتَّخِذُ مِنْهُ مَرَقَةً لِقِلَّتِهِ وَإِنْ كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ يَطْبُخُ وَيَكُونُ لَهُ مَرَقَةٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَقَدْ قَالَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ: لَا آكُلُ مِمَّا يَجِيءُ بِهِ فُلَانٌ بِلَحْمٍ فَشَوَاهُ وَجَعَلَ تَحْتَهُ أُرْزًا لِلْحَالِفِ فَأَكَلَ الْحَالِفُ مِنْ جُوذَابِهِ حَنِثَ وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِحِمَّصٍ فَطَبَخَهُ فَأَكَلَ الْحَالِفُ مِنْ مَرَقَةٍ وَفِيهِ طَعْمُ الْحِمَّصِ حَنِثَ وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَ بِرُطَبٍ فَسَالَ مِنْهُ رُبٌّ فَأَكَلَ مِنْهُ أَوْ جَاءَ بِزَيْتُونٍ فَعَصَرَ فَأَكَلَ مِنْ زَيْتِهِ حَنِثَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا مَا مِنْ طَعَامِ فُلَانٍ فَأَكَلَ مِنْ خَلِّهِ أَوْ زَيْتِهِ أَوْ مِلْحِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا فَأَكَلَهُ بِطَعَامِ نَفْسِهِ حَنِثَ وَإِنْ أَخَذَ مِنْ نَبِيذِهِ أَوْ مَائِهِ فَأَكَلَ بِهِ خُبْزًا لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. إذَا حَلَفَ عَلَى حِنْطَةٍ لَا يَأْكُلُهَا فَأَكَلَهَا مَعَ غَيْرِهَا مِنْ الْحَبَّاتِ أَوْ حَلَفَ عَلَى شَعِيرٍ فَأَكَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الْحَبَّاتِ إنْ أَكَلَ حَفْنَةً حَفْنَةً فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِغَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَا سَوَاءً فَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ أَكَلَ حَبَّةً حَبَّةً حَنِثَ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا أَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ فَأَذِنَ لَهُ فَهَذَا عَلَى شَرْبَةٍ أَوْ لُقْمَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا وَلَا يَشْرَبُ فَذَاقَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُدْخِلْهُ حَلْقَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَمَتَى عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى فِعْلٍ فَأَتَى بِمَا هُوَ دُونَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ أَتَى بِمَا هُوَ فَوْقَهُ حَنِثَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا حَلَفَ لَا يَذُوقُ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا فَأَدْخَلَهُ فِي فِيهِ حَنِثَ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِقَوْلِي لَا أَذُوقُهُ لَا آكُلُهُ أَوْ لَا أَشْرَبُهُ دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ قَالَ: لَا أَذُوقُ طَعَامًا وَشَرَابًا فَذَاقَ أَحَدَهُمَا حَنِثَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَا آكُلُ كَذَا وَلَا كَذَا وَكَذَلِكَ لَوْ أُدْخِلَ حُرْفٌ أَوْ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَذُوقُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا فَذَاقَ أَحَدَهُمَا لَا يَحْنَثُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ: يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَنْوِي فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا يَحْنَثُ بِأَحَدِهِمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَذُوقَ الْخَمْرَ فَأَكَلَ خُبْزًا عُجِنَ بِخَمْرٍ قَالَ: شَدَّادٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَذُوقَ الزَّيْتَ فَأَكَلَ خُبْزًا عُجِنَ بِزَيْتٍ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَذُوقَ فِي مَنْزِلِ فُلَانٍ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا فَذَاقَ فِيهِ شَيْئًا فَأَدْخَلَهُ فَمَه وَلَمْ يَصِلْ إلَى جَوْفِهِ كَانَ حَانِثًا وَهُوَ عَلَى الذَّوْقِ وَإِنْ كَانَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ تَغَدَّ عِنْدِي الْيَوْمَ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَذُوقَ فِي مَنْزِلِهِ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا فَإِنْ هَذَا يَكُونُ عَلَى الْأَكْلِ لَا عَلَى الذَّوْقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَلَفَ أَنْ لَا يَذُوقَ الْمَاءَ فَتَمَضْمَضَ لِلصَّلَاةِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا حَلَفَ لَا يَذُوقُ هَذِهِ الْخَمْرَ فَصَارَتْ خَلًّا فَشَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ نَوَى مَا يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ حَنِثَ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. إذَا حَلَفَ لَا يَتَغَدَّى فَالْغَدَاءُ الْأَكْلُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الظُّهْرِ وَالْعَشَاءُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَغَدَّى الْيَوْمَ فَأَكَلَ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ لَا يَكُونُ حَانِثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: هَذَا فِي عُرْفِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَوَقْتُ الْعَشَاءِ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَكْلِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الشِّبَعُ فِي الْعَادَةِ فِي كُلِّ بَلَدٍ فِي غَالِبِ عَادَاتِهِمْ فَمَا كَانَ عِنْدَهُمْ غَدَاءٌ انْعَقَدَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَإِلَّا فَلَا وَلِهَذَا قَالُوا فِي أَهْلِ الْحَضَرِ: إذَا حَلَفُوا عَلَى تَرْكِ الْغَدَاءِ فَشَرِبُوا اللَّبَنَ لَمْ يَحْنَثُوا وَلَوْ حَلَفَ الْبَدْوِيُّ لَا يَتَغَدَّى فَشَرِبَ اللَّبَنَ حَنِثَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: إذَا حَلَفَ لَا يَتَغَدَّى فَأَكَلَ غَيْرَ الْخُبْزِ مِنْ تَمْرٍ أَوْ أُرْزٍ أَوْ فَاكِهَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى شَبِعَ لَمْ يَحْنَثْ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ غَدَاءً وَكَذَلِكَ لَوْ أَكَلَ لَحْمًا بِغَيْرِ خُبْزٍ لَمْ يَحْنَثْ. وَغَدَاءُ كُلِّ بَلَدٍ مَا يَتَعَارَفُونَهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْغَدَاءِ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الشِّبَعِ

حَتَّى لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ لَمْ تَتَعَشِّ اللَّيْلَةَ فَعَبْدِي حُرٌّ فَأَكَلَتْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ فَلَيْسَ هَذَا بِعَشَاءٍ وَلَا يَبَرُّ حَتَّى تَأْكُلَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شِبَعِهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. حَلَفَ فِي رَمَضَانَ أَنْ لَا يَتَعَشَّى اللَّيْلَةَ فَأَكَلَ بَعْدَ انْتِصَافِ اللَّيْلَةِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَسَحَّرَ فَيَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ إلَى الْفَجْرِ كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. الْمَسَاءُ مَسَاءَانِ: أَحَدُهُمَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَالْآخَرُ مَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَأَيُّهُمَا نَوَى صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ لَا يَفْعَلُ كَذَا حَتَّى يُمْسِيَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهُوَ عَلَى غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ الْيَمِينَ عَلَى الْمَسَاءِ الْأَوَّلِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْمَسَاءِ الثَّانِي وَهُوَ مَا بَعْدَ الْغُرُوبِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. ذَكَر الْمُعَلَّى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلَهُ لَيَأْتِيَنَّهُ ضَحْوَةً فَهُوَ مِنْ وَقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي تَحِلُّ فِيهَا الصَّلَاةُ إلَى نِصْفِ النَّهَارِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصْبِحُ فَالتَّصْبِيحُ عِنْدِي مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَبَيْنَ ارْتِفَاعِ الضُّحَى الْأَكْبَرِ فَإِذَا ارْتَفَعَ الضُّحَى الْأَكْبَرُ ذَهَبَ وَقْتُ التَّصْبِيحِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَيُغَدِّيَنَّهُ الْيَوْمَ بِأَلْفٍ أَوْ إنْ لَمْ أَعْتِقْ عَبْدًا أَشْتَرِيه بِأَلْفٍ أَوْ إنْ لَمْ تَغْزِلِي الْيَوْمَ قُطْنًا بِأَلْفٍ فَأَشْتَرِي مَا يُسَاوِي دِرْهَمًا بِأَلْفٍ فَغَدَّاهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ غَزَلَتْهُ بَرَّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ قَالَ: إنْ تَغَدَّيْت بِرَغِيفَيْنِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَتَغَدَّى الْيَوْمَ بِرَغِيفٍ وَالْغَدَ بِرَغِيفٍ الْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ كَمَا فِي الْمُعَيَّنِ بِأَنْ قَالَ: إنْ تَغَدَّيْت بِهَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ وَهُنَاكَ إذَا تَغَدَّى الْيَوْمَ بِأَحَدِ الرَّغِيفَيْنِ وَالْغَدَ بِالرَّغِيفِ الْآخَرِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ نَوَى التَّفَرُّقَ فِي هَذَا كَانَ كَمَا نَوَى وَلَوْ قَالَ: إنْ أَكَلْت رَغِيفَيْنِ أَوْ إنْ أَكَلْت هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَأَكَلَهُمَا مَعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ فِي بَابِ الْيَمِينِ مَا يَقَعُ عَلَى الْبَعْضِ وَمَا يَقَعُ عَلَى الْجَمَاعَةِ. وَلَوْ عَقَدَ الْيَمِينَ عَلَى الْغَدَاءِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الْخُبْزَ فَمَا يُؤْكَلُ تَبَعًا لِلْخُبْزِ وَلَا يُؤْكَلُ مَقْصُودًا كَالْخَلِّ وَالزَّيْتِ وَالْمِلْحِ يَصِيرُ مُسْتَثْنًى بِاسْتِثْنَائِهِ وَإِنْ كَانَ يُؤْكَلُ مَقْصُودًا وَلَا يُؤْكَلُ تَبَعًا عَادَةً كَالْخَبِيصِ وَالْأُرْزِ يَحْنَثُ وَلَا يَصِيرُ مُسْتَثْنًى وَإِنْ كَانَ يُؤْكَلُ مَقْصُودًا وَيُؤْكَلُ تَبَعًا لِلْخُبْزِ عَادَةً كَالسَّمَكِ وَاللَّحْمِ وَاللَّبَنِ قَالَ: أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ مُسْتَثْنًى تَبَعًا لِلْخُبْزِ وَلَا يَحْنَثُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِيرُ مُسْتَثْنًى وَيَحْنَثُ إذَا عَرَفْنَا هَذَا قَالَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا قَالَ الرَّجُلُ: إنْ أَكَلْت الْيَوْمَ إلَّا رَغِيفًا فَعَبْدُهُ حُرٌّ فَأَكَلَ رَغِيفًا ثُمَّ أَكَلَ بَعْدَهُ فَاكِهَةً أَوْ تَمْرًا أَوْ خَبِيصًا أَوْ أُرْزًا يَحْنَثُ فَإِنْ قَالَ: عَنَيْت الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْخُبْزِ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً ثُمَّ يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْفَاكِهَةِ وَالتَّمْرِ سَوَاءٌ أَكَلَهَا بَعْدَ الرَّغِيفِ أَوْ مَعَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ تَغَدَّيْت إلَّا بِرَغِيفٍ فَتَغَدَّى بِرَغِيفٍ ثُمَّ أَكَلَ فَاكِهَةً أَوْ تَمْرًا حَنِثَ وَكَذَا إنْ أَكَلَ خَبِيصًا قَالَ مَشَايِخُنَا: إنَّمَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَعْدَ الرَّغِيفِ إذَا أَكَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فِي فَوْرِ أَكْلِ الرَّغِيفِ أَمَّا إذَا أَكَلَهَا وَحْدَهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ فَوْرِ الرَّغِيفِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُتَغَدِّيًا بِهَا وَلَا يَتَعَارَفُ أَكْلُهَا تَغَدِّيًا فَإِنْ نَوَى الْخُبْزَ خَاصَّةً صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ الَّتِي تَكُونُ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ وَمِنْ غَيْرِهِ. فَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ كَلَامٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى يَمِينِهِ بِأَنْ قِيلَ لَهُ: إنَّك تَأْكُلُ الْيَوْمَ رَغِيفَيْنِ فَقَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ أَكَلَ الْيَوْمَ إلَّا رَغِيفًا فَهُوَ عَلَى الرَّغِيفِ خَاصَّةً حَتَّى لَوْ أَكَلَ الرَّغِيفَ وَيَأْكُلُ بَعْدَهُ تَمْرًا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَيُقَيِّدُ يَمِينَهُ بِالْأَرْغِفَةِ وَلَوْ قَالَ: إنْ أَكَلَتْ الْيَوْمَ أَكْثَرَ مِنْ رَغِيفٍ فَعَبْدِي حُرٌّ فَهَذَا عَلَى الْخُبْزِ حَتَّى لَوْ أَكَلَ بَعْدَ الرَّغِيفِ تَمْرًا أَوْ فَاكِهَةً لَا يَحْنَثُ وَصَارَ تَقْدِيرُ يَمِينِهِ إنْ أَكَلْت الْيَوْمَ مِنْ جِنْسِ الرَّغِيفِ أَكْثَرَ مِنْ رَغِيفٍ فَعَبْدِي حُرٌّ وَلَوْ قَالَ: هَكَذَا كَانَ يَمِينُهُ عَلَى الْخُبْزِ خَاصَّةً فَهَهُنَا كَذَلِكَ وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ إلَّا رَغِيفًا فَكَذَا فِي قَوْلِهِ غَيْرَ رَغِيفٍ وَسِوَى رَغِيفٍ

كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ لَبِسْت أَوْ أَكَلْت أَوْ شَرِبْت فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَالَ: عَنَيْت طَعَامًا دُونَ طَعَامٍ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الصَّحِيحِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَلَوْ قَالَ: إنْ لَبِسْت ثَوْبًا أَوْ أَكَلْت طَعَامًا وَقَالَ: عَنَيْت بِهِ طَعَامًا دُونَ طَعَامٍ أَوْ ثَوْبًا دُونَ ثَوْبٍ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. إذَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ دَارِ فُلَانٍ فَأَكَلَ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَاقِعَاتِهِ: الْمُخْتَارُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ جَمِيعَ الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ: بِالْفَارِسِيَّةِ ازخانه فُلَان هيج جيزتخورم يَتَنَاوَلُ الْمَأْكُولَ وَالْمَشْرُوبَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَعَ فُلَانٍ شَرَابًا فَشَرِبَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ مِنْ شَرَابٍ وَاحِدٍ حَنِثَ وَإِنْ كَانَ الْإِنَاءُ الَّذِي يَشْرَبَانِ فِيهِ مُخْتَلِفًا وَكَذَا لَوْ شَرِبَ الْحَالِفُ مِنْ شَرَابٍ وَشَرِبَ الْآخَرُ مِنْ شَرَابٍ غَيْرِهِ وَقَدْ ضَمَّهُمَا مَجْلِسٌ وَاحِدٌ فَإِنْ نَوَى شَرَابًا وَاحِدًا أَوْ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ يُصَدَّقُ قَضَاءً كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ فِي ضِيَافَةِ فُلَانٍ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ فَشَرِبَ فِي دَارِهِ مَرَّةً وَفِي بُسْتَانِهِ مَرَّةً قَالُوا: إنْ كَانَتْ الضِّيَافَةُ وَاحِدَةً كَانَ حَانِثًا، رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ مَاءً فَشَرِبَ مَاءَ الْقَلِيَّةِ لَا يَكُونُ حَانِثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ لَبَنَ بَقَرَةِ فُلَانٍ فَمَاتَتْ بَقَرَتُهُ وَلَهَا عُجُولٌ فَكَبِرَتْ فَشَرِبَ مِنْ لَبَنِهَا لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. حَلَفَ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ يَحْنَثُ بِأَيِّ قَدْرٍ شَرِبَ وَإِنْ نَوَى الْكُلَّ صَحَّ وَلَا يَحْنَثُ أَبَدًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُ شَرَابًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَأَيُّ شَرَابٍ شَرِبَهُ مِنْ مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ يَحْنَثُ هَكَذَا ذُكِرَ فِي أَيْمَانِ الْأَصْلِ وَفِي حِيَلِ الْأَصْلِ إذَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُ الشَّرَابَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهُوَ عَلَى الْخَمْرِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: فَإِذَا فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ: هَذَا بِالْعَرَبِيَّةِ فَأَمَّا بِالْفَارِسِيَّةِ فَيَقَعُ عَلَى الْخَمْرِ قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى مَا قَالَهُ فِي الْحِيَلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: لَا أَشْرَبُ الْيَوْمَ يَحْنَثُ بِكُلِّ شَيْءٍ شَرِبَهُ حَتَّى الْخَلِّ وَالسَّمْنِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَبَنًا فَصَبَّ الْمَاءَ فِي اللَّبَنِ فَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَجْنَاسِهَا أَنَّ الْحَالِفَ إذَا عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مَائِعٍ فَخَلَطَ ذَلِكَ الْمَائِعَ بِمَائِعٍ آخَرَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ إنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِغَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَا سَوَاءً فَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَحْنَثُ وَفَسَّرَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْغَلَبَةَ فَقَالَ: أَنْ يَسْتَبِينَ لَوْنُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَيُوجَدُ طَعْمُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ مِنْ حَيْثُ الْأَجْزَاءُ هَذَا إذَا اخْتَلَطَ الْجِنْسُ بِغَيْرِ الْجِنْسِ أَمَّا إذَا اخْتَلَطَ الْجِنْسُ بِالْجِنْسِ كَاللَّبَنِ يَخْتَلِطُ بِلَبَنٍ آخَرَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ يَعْنِي يَعْتَبِرُ الْغَالِبَ غَيْرَ أَنَّ الْغَلَبَةَ مِنْ حَيْثُ اللَّوْنُ وَالطَّعْمُ لَمْ يُمْكِنْ اعْتِبَارُهَا هَهُنَا فَيُعْتَبَرُ بِالْقَدْرِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْنَثُ هَهُنَا بِكُلِّ حَالٍ قَالُوا: هَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا يَمْتَزِجُ وَيَخْتَلِطُ أَمَّا مَا لَا يَمْتَزِجُ وَلَا يَخْتَلِطُ كَالدُّهْنِ وَكَانَ الْحَلِفُ بِالدُّهْنِ فَيَحْنَثُ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْقُدُورِيِّ: إذَا حَلَفَ عَلَى قَدْرٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ لَا يَشْرَبُ مِنْهُ شَيْئًا فَصَبَّ فِي مَاءٍ آخَرَ حَتَّى صَارَ مَغْلُوبًا وَشَرِبَ مِنْهُ يَحْنَثُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ صَبَّهُ فِي بِئْرٍ أَوْ حَوْضٍ فَشَرِبَ مِنْهُ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ الْعَذْبِ فَصَبَّهُ فِي مَاءٍ مَالِحٍ فَغَلَبَ الْمَالِحُ فَشَرِبَهُ لَا يَحْنَثُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ عَلَى الْمَالِحِ فَصَبَّهُ عَلَى الْعَذْبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ خَمْرًا فَمَزَجَهَا بِغَيْرِ جِنْسِهَا كالبكنى والأخسمة وَشَرِبَ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِالْغَالِبِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. حَلَفَ

لَا يَشْرَبُ النَّبِيذَ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْمُسْكِرِ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ نِيئًا كَانَ أَوْ مَطْبُوخًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا حَلَفَ سيكي نخورم فَالصَّحِيحُ أَنَّ اسْمَ سيكي يَقَعُ عَلَى الْمُسْكِرِ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ لَا غَيْرَ نِيئًا كَانَ أَوْ مَطْبُوخًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ: مي نخورم وبدست نكيرم وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَنَقَلَ إلَى مَكَانٍ آخَرَ إنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ الْيَمِينِ الشُّرْبَ يَحْنَثُ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. أَمَّا اسْمُ الْخَمْرِ وَفَارِسِيَّتُهُ مي الصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا عَلَى النِّيءِ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ لَا غَيْرَ وَإِذَا قَالَ: مستكره نخورم فَقَدْ قِيلَ: إنَّ يَمِينَهُ لَا تَقَعُ عَلَى الْمُتَّخَذِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ إنْ كَانَ فِي الْعُرْفِ يُسَمَّى الشَّرَابُ الْمُتَّخَذُ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُسْتَكْرَه يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَمَا لَا فَلَا. إذَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذَ زَبِيبٍ فَشَرِبَ نَبِيذَ كِشْمِشٍ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. إذَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُ شَرَابًا يَسْكَرُ مِنْهُ فَصَبَّ شَرَابًا يَسْكَرُ مِنْهُ فِي شَرَابٍ لَا يَسْكَرُ مِنْهُ فَشَرِبَ مِنْهُ ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ أَنَّ هَذَا الْمَخْلُوطَ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ شَرِبَ مِنْهُ الْكَثِيرَ يَسْكَرُ مِنْهُ يَحْنَثُ وَإِذَا عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى شُرْبِ مَا لَا يَشْرَبُ وَيُخْرِجُ مِنْهُ مَا يَشْرَبُ فَيَمِينُهُ عَلَى شُرْبِ مَا يُخْرِجُ مِنْهُ بَيَانُهُ فِيمَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ هَذَا التَّمْرِ فَشَرِبَ مِنْ نَبِيذِهِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي تَخْرِيجِ جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لَا يَشْرَبَ الْمُسْكِرَ فَصُبَّ فِي حَلْقِهِ وَدَخَلَ جَوْفَهُ قَالُوا: إنْ دَخَلَ جَوْفَهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا فَإِنْ شَرِبَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ حَانِثًا وَلَوْ صُبَّ فِي فِيهِ فَأَمْسَكَهُ ثُمَّ شَرِبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَنِثَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ قَدَحِ فُلَانٍ فَصَبَّ الْمَاءَ الْحَالِفُ مِنْ قَدَحِ فُلَانٍ عَلَى يَدِهِ وَشَرِبَ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فُلَانٍ وَكَانَ الْحَالِفُ يَجْلِسُ فِي حَانُوتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَاشْتَرَى الْحَالِفُ كُوزًا وَوَضَعَهُ فِي حَانُوتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَيْلًا فَاسْتَقَى أَجِيرٌ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ الْمَاءَ مِنْ النَّهْرِ فِي ذَلِكَ الْكُوزِ وَوَضَعَهُ فِي حَانُوتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَيْلًا فَلَمَّا أَصْبَحَ الْحَالِفُ دَعَا بِالْكُوزِ وَشَرِبَ الْمَاءَ فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ اشْتَرَى الْكُوزَ لِهَذَا احْتِيَالًا مِنْهُ كَيْ لَا يَحْنَثُ أَرْجُو أَنْ لَا يَحْنَثَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ الْأَجِيرُ عَامِلًا لِلْحَالِفِ فَيَصِيرُ شَارِبًا مَاءَ نَفْسِهِ كَذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ الْخَمْرَ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَشَرِبَ الْخَمْرَ فِي كُرُومِهَا أَوْ ضِيَاعِهَا قَالُوا: إنْ شَرِبَ فِي عُمْرَانِ الْقَرْيَةِ أَوْ كُرُومٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْقَرْيَةِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ: إنْ شَرِبْت أَوْ قَامَرْت فَعَبْدِي كَذَا يَحْنَثُ بِأَحَدِهِمَا وَيَنْتَهِي الْيَمِينُ وَفِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ أكر شراب نخورم وَقِمَار بكنم يَحْنَثُ بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ قَالَ: تَأْكُل سرخ نه نَبِيذ شراب نخورد يَنْصَرِفُ إلَى وَقْتِ الْوَرْدِ الْأَحْمَرِ إذَا لَمْ يَنْوِ حَقِيقَةَ الرُّؤْيَةِ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ دَوَاءً فَشَرِبَ لَبَنًا أَوْ عَسَلًا لَمْ يَحْنَثْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّاتَيْنِ فَشَرِبَ مِنْ أَحَدِهِمَا حَنِثَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لَا يَشْرَبَ الْخَمْرَ مَادَامَ بِبُخَارَى فَخَرَجَ إلَى قَصْرِ الْمَجُوسِ ثُمَّ عَادَ وَشَرِبَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ نَوَى بِقَوْلِهِ مَادَامَ بِبُخَارَى إقَامَةَ السُّكْنَى وَكَانَتْ السُّكْنَى بِبُخَارَى كَانَ حَانِثًا وَإِنْ نَوَى إقَامَتَهُ بِبَدَنِهِ فَإِذَا خَرَجَ إلَى قَصْرِ الْمَجُوسِ لَا يَبْقَى الْيَمِينُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ كَفَاهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ شَرِبْت الْمُسْكِرَ تَصِيرُ امْرَأَتُهُ مُطَلَّقَةً وَيَصِيرُ عَبْدِي حُرًّا فَشَرِبَ الْمُسْكِرَ بَعْدَ ذَلِكَ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ وَعَتَقَ عَبْدُهُ وَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَإِنَّمَا أَرَادَ دَفْعَ أَصْحَابِهِ عَنْ نَفْسِهِ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ الْمُسْكِرَ

ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَقَالَ: الزَّوْجُ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ كَثِيرٌ فَقَدْ قِيلَ: تَصِيرُ الْمُدَّةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَقِيلَ: لَا تَصِيرُ الْمُدَّةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْحَالِفِ إذَا عَطَفَ عَلَى يَمِينِهِ بَعْدَ سُكُوتِهِ مَا يُشَدِّدُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ يَلْتَحِقُ بِيَمِينِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا عَطَفَ عَلَى يَمِينِهِ بَعْدَ سُكُوتِهِ مَا يُوَسِّعُ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَلْتَحِقُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ فِي ذِكْرِ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ تَشْدِيدًا عَلَيْهِ أَوْ تَوْسِعَةً عَلَيْهِ فَقِيلَ: تَشْدِيدٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالشُّرْبِ فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إذَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ الْفُرَاتِ أَبَدًا فَشَرِبَ مِنْهُ اغْتِرَافًا أَوْ مِنْ إنَاءٍ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَكْرَعَ مِنْ الْفُرَاتِ كَرْعًا وَعِنْدَهُمَا يَحْنَثُ وَعِنْدَهُمَا إذَا شَرِبَ كَرْعًا هَلْ يَحْنَثُ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يَحْنَثُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَإِنْ نَوَى الْكَرْعَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ نَوَى الِاغْتِرَافَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ تَعَالَى لَكِنْ لَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي هَذَا إذَا شَرِبَ مِنْ الْفُرَاتِ كَرْعًا أَوْ اغْتِرَافًا فَأَمَّا إذَا شَرِبَ مِنْ نَهْرِ آخَرَ يَأْخُذُ الْمَاءَ مِنْ الْفُرَاتِ كَرْعًا أَوْ اغْتِرَافًا فَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ الْفُرَاتِ فَشَرِبَ مِنْ نَهْرٍ يَأْخُذُ مِنْ الْفُرَاتِ كَرْعًا أَوْ اغْتِرَافًا يَحْنَثُ عِنْدَهُمْ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً مِنْ دِجْلَةَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَشَرِبَ مِنْهَا بِإِنَاءٍ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَضَعَ فَاهُ فِي الدِّجْلَةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ الْمَطَرِ فَسَالَ مَاءُ الْمَطَرِ فِي الدِّجْلَةِ لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِهِ فَإِنْ شَرِبَ مِنْ مَاءِ وَادٍ سَالَ مِنْ الْمَطَرِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ مِثْلَ ذَلِكَ أَوْ شَرِبَ مِنْ مَاءِ مَطَرٍ مُسْتَنْقَعٍ فِي قَاعٍ حَنِثَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ نَهْرٍ يَجْرِي ذَلِكَ النَّهْرُ إلَى دِجْلَةَ فَأَخَذَ مِنْ دِجْلَةَ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَشَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فُرَاتًا أَوْ مِنْ مَاءٍ فُرَاتٍ فَشَرِبَ مَاءً عَذْبًا مِنْ دِجْلَةَ أَوْ مِنْ نَحْوِهَا كَانَ حَانِثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَيُّكُمْ شَرِبَ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ فَهُوَ حُرٌّ فَشَرِبُوهُ عَتَقُوا وَلَوْ قَالَ: أَيُّكُمْ يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ وَكَانَ الْمَاءُ بِحَالٍ يُمْكِنُ شُرْبُهُ لِوَاحِدٍ دُفْعَةً أَوْ دَفْعَتَيْنِ فَشَرِبُوا جَمِيعًا لَمْ يَعْتِقُوا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْكُوزِ فَصَبَّ الْمَاءَ الَّذِي فِيهِ فِي كُوزٍ آخَرَ فَشَرِبَ مِنْهُ لَا يَحْنَثُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ قَالَ: مِنْ مَاءِ هَذَا الْكُوزِ فَصَبَّ فِي كُوزٍ آخَرَ فَشَرِبَ فَحَنِثَ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: مِنْ هَذَا الْحُبِّ أَوْ مِنْ مَاءِ هَذَا الْحُبِّ فَنَقَلَ إلَى حُبٍّ آخَرَ وَلَوْ قَالَ: لَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ هَذَا الْحُبِّ فَشَرِبَ مِنْهُ بِإِنَاءٍ حَنِثَ إجْمَاعًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْإِنَاءِ فَهُوَ عَلَى الشُّرْبِ بِعَيْنِهِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. مَنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْكُوزِ الْيَوْمَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَيْسَ فِي الْكُوزِ مَاءٌ لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ فَأُهْرِيقَ قَبْلَ اللَّيْلِ لَمْ يَحْنَثْ وَهَذَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ عَلِمَ وَقْتَ الْحَلِفِ أَنَّ فِيهِ مَاءً أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَنِثَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا أَمْضَى الْيَوْمَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا فَرْقَ فِي الْوَقْتِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ الْجُمُعَةَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ

أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْنَثُ فِي الْحَالِ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَحْنَثُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَشْرَبْ مَا فِي هَذَا الْكُوزِ أَوْ مَا فِي هَذَا الْكُوزِ الْآخَرِ مِنْ الْمَاءِ الْيَوْمَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأُهْرِيقَ أَحَدُهُمَا بَقِيَ الْيَمِينُ عَلَى الْآخَرِ فِي قَوْلِهِمْ وَإِذَا بَقِيَ الْيَمِينُ عِنْدَهُمْ فَإِنْ شَرِبَ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْكُوزِ الْبَاقِي قَبْلَ اللَّيْلِ بَرَّ عِنْدَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْ قَبْلَ اللَّيْلِ حَنِثَ عِنْدَهُمْ وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْكُوزَيْنِ لَا مَاءَ فِيهِ فَيَمِينُهُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْكُوزِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَمِينُهُ عَلَيْهِمَا يُرِيدُ بِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا فَإِنْ شَرِبَ الْمَاءَ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ لَمْ يَشْرَبْ حَنِثَ عِنْدَهُمْ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ. فِي الْغَايَةِ إنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ مِنْ هَذَا الْحُبِّ فَإِنْ كَانَ مَمْلُوءًا فَهَذَا يَقَعُ عَلَى الْكَرْعِ لَا غَيْرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْكَرْعِ وَالِاغْتِرَافِ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ مَمْلُوءً فَعَلَى الِاغْتِرَافِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْبِئْرِ أَوْ مِنْ مَاءٍ هَذِهِ الْبِئْرِ فَهُوَ عَلَى الِاغْتِرَافِ حَتَّى لَوْ اسْتَسْقَى مِنْهَا فَشَرِبَ حَنِثَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ تَكَلَّفَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَكَرَعَ مِنْ أَسْفَلِ الْبِئْرِ أَوْ مِنْ أَسْفَلِ الْحُبِّ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ. رَجُلٌ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ مِنْ وَسَطِ الدِّجْلَةِ فَشَرِبَ مِنْ مَوْضِعٍ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّطِّ وَذَلِكَ مِقْدَارُ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ كَانَ بَارًّا سُئِلَ عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ خَمْرًا وَلَا مُثَلَّثًا وَلَا كَذَا مِنْ الْأَشْرِبَةِ فَشَرِبَ وَاحِدًا مِنْهَا قَالَ: يَحْنَثُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ فَانْجَمَدَ فَأَكَلَهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ ذَابَ فَشَرِبَ حَنِثَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. حَلَفَ لَا يَشْرَبُ بِغَيْرِ إذْنِ فُلَانٍ فَأَعْطَاهُ فُلَانٌ بِيَدِهِ وَنَاوَلَهُ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِاللِّسَانِ وَشَرِبَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِذْنٍ وَلَوْ قَالَ: الرَّجُلُ إنْ لَمْ أَذْهَبْ بِك اللَّيْلَةَ إلَى مَنْزِلِ فُلَانٍ وَلَمْ أَسْقِك خَمْرًا فَامْرَأَتُهُ كَذَا فَذَهَبَ بِهِ إلَى مَنْزِلِ فُلَانٍ وَلَمْ يَسْقِهِ الْخَمْرَ حَنِثَ وَسُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ قَالَ: أَنَا أَتَّخِذُ أَعْنَابَ هَذَا الْكَرْمِ خَمْرًا فِي هَذَا الْخَرِيفِ وَأَشْرَبُهَا مَعَ أَصْحَابِي وَلَا أَذْهَبُ بِهَا إلَى مَنْزِلِي وَإِنْ ذَهَبَتْ بِهَا إلَى مَنْزِلِي فَامْرَأَتُهُ كَذَا فَاِتَّخَذَ الْأَعْنَابَ كُلَّهَا خَمْرًا وَشَرِبَ بَعْضَهَا مَعَ أَصْحَابِهِ هُنَاكَ وَحَمَلَ غَيْرُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ بَقِيَّتَهَا إلَى بَيْتِهِ قَالَ: إنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنْ لَا يَحْمِلَ كُلَّهَا إلَى بَيْتِهِ بِنَفْسِهِ لَا يَحْنَثُ بِحَمْلِ الْبَعْضِ بِنَفْسِهِ وَلَا بِحَمْلِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنْ يَشْرَبَ الْكُلَّ هُنَاكَ وَلَا يَتْرُكُ شَيْئًا لِلْحَمْلِ إلَى بَيْتِهِ يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَكَذَلِكَ يَحْنَثُ رَجُلٌ عُوتِبَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْكَرْمِ فَهُوَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ اعْتِبَارًا لِمَعَانِي كَلَامِ النَّاسِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ عَصِيرًا فَعَصَرَ حَبَّةَ عِنَبٍ أَوْ عُنْقُودًا فِي حَلْقِهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَلَوْ عَصَرَهُ فِي كَفِّهِ ثُمَّ حَسَاهُ كَانَ حَانِثًا وَلَوْ قَالَ: لَا يَدْخُلُ الْعَصِيرُ فِي حَلْقِي كَانَ حَانِثًا فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهَذَا فِي عُرْفِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ حَانِثًا؛ لِأَنَّ مَاءَ الْعِنَبِ لَا يُسَمَّى عَصِيرًا فِي أَوَّلِ مَا يُعْصَرُ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي يَدِهَا قَدَحٌ مِنْ مَاءٍ إنْ شَرِبْت هَذَا الْمَاءَ أَوْ وَضَعْته أَوْ صَبَبْته أَوْ أَعْطَيْته إنْسَانًا فَأَنْت طَالِقٌ قَالُوا: تُرْسِلُ فِيهِ ثَوْبًا أَوْ قُطْنًا حَتَّى يَنْشَفَ الْمَاءُ قَالَ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهَذَا إذَا قَالَ فِي يَمِينِهِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ فَشَرِبَتْ الْبَعْضَ وَصَبَّتْ الْبَعْضَ لَا يَكُونُ حَانِثًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا عَقَدَ يَمِينَهٌ عَلَى شُرْبِ مَشْرُوبٍ بِعَيْنِهِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى شُرْبِهِ بِدَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِ بَعْضِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى شُرْبِهِ بِدَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَمِينُهُ عَلَى شُرْبِ بَعْضِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَلَفَ لَا يَشْرَبُ دَوَاءً فَشَرِبَ لَبَنًا أَوْ عَسَلًا لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ فِي هَذَا إلَى تَسْمِيَةِ النَّاسِ فَكُلُّ شَيْءٍ يُسَمِّيهِ النَّاسُ دَوَاءً إذَا نَظَرُوا إلَيْهِ فَيَمِينُهُ تَقَعُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُسَمِّيهِ النَّاسُ دَوَاءً لَا تَقَعُ عَلَيْهِ

الباب السادس في اليمين على الكلام

وَإِنْ تَدَاوَى بِهِ الْحَالِفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْأَكْلِ. حَلَفَ بِاَللَّهِ لَأَمَسَّنَّ السَّمَاءَ أَوْ لَأَطِيرَنَّ فِي الْهَوَاءِ أَوْ لَأُحَوِّلَنَّ هَذَا الْحَجَرَ ذَهَبًا فَلَمَّا فَرَغَ حَنِثَ وَهُوَ آثِمٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى فِعْلِهِ غَالِبًا فَكَانَ مُعَرِّضًا الِاسْمَ لِلتَّهَتُّكِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. أَمَّا إذَا وَقَّتَ الْيَمِينَ فَقَالَ: لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ غَدًا لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَمْضِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ حَتَّى لَوْ مَاتَ قَبْلَهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إذْ لَا حِنْثَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْكَلَامِ] ِ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَهُوَ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ مَفْصُولًا عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ: إنَّ كَلَّمْتُك فَعَبْدُهُ حُرٌّ فَاذْهَبْ مِنْ عِنْدِي مَوْصُولًا أَوْ قَالَ: يَا فُلَانُ مَوْصُولًا لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. قَالَ: إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَاذْهَبِي أَوْ فَقُومِي لَا يَحْنَثُ بِقَوْلِهِ فَاذْهَبِي أَوْ فَقُومِي؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِالْيَمِينِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يُكَلِّمُهُ أَوْ إنْ كَلَّمْتُك يَقَعُ عَلَى الْكَلَامِ الْمَقْصُودِ بِالْيَمِينِ وَهُوَ مَا يُسْتَأْنَفُ بَعْدَ تَمَامِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ فَاذْهَبِي أَوْ فَقُومِي وَإِنْ كَانَ كَلَامًا حَقِيقَةً فَلَيْسَ بِمَقْصُودٍ بِالْيَمِينِ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ كَذَا إذَا قَالَ: وَاذْهَبِي فَإِنْ أَرَادَ بِهِ كَلَامًا مُسْتَأْنَفًا يُصَدَّقُ وَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَاذْهَبِي الطَّلَاقَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ وَيَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَقَدْ صَارَ كَلَامًا مُبْتَدَأً فَيَحْنَثُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: اذْهَبْ حَنِثَ وَلَوْ قَالَ: عَقِيبَ الْيَمِينِ وَأَنْتِ طَالِقٌ حَنِثَ وَلَا يَحْنَثُ بِالْكِتَابَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْإِشَارَةِ وَكَذَا إذَا سَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ وَفُلَانٌ عَلَى جَنْبِهِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِذْنِ حَتَّى كَلَّمَهُ حَنِثَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَصَلَّى وَقَرَأَ فِيهَا أَوْ سَبَّحَ أَوْ هَلَّلَ لَمْ يَحْنَثْ اسْتِحْسَانًا وَأَمَّا إذَا قَرَأَ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَسَبَّحَ وَهَلَّلَ فَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ عَقَدَ يَمِينَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَثُ بِالْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْضًا لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى قَارِئًا وَمُسَبِّحًا لَا مُتَكَلِّمًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ وَكَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ دَعَا لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَبَّرَ أَوْ دَعَا خَارِجَ الصَّلَاةِ حَنِثَ إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَثُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَاقْتَدَى الْحَالِفُ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَسَهَا عَلَيْهِ فَسَبَّحَ لَهُ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَمَّ الْحَالِفُ قَوْمًا فِيهِمْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ لَا يَحْنَثُ بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَلَا بِالثَّانِيَةِ هُوَ الْمُخْتَارُ هَذَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ إمَامًا فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ مُؤْتَمًّا قَالُوا: لَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ إمَامًا وَالْحَالِفُ مُقْتَدِيًا بِهِ فَفَتَحَ عَلَى الْإِمَامِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ عَلَّمَهُ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ حَنِثَ فِي عُرْفِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَقَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابًا فَكَتَبَهُ قَالَ: إنْ قَصَدَ الْإِمْلَاءَ عَلَيْهِ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْهِ الْحِنْثَ كَذَا فِي الْحَاوِي. لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَنَادَاهُ الْحَالِفُ مِنْ بَعِيدٍ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ صَوْتُهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ الْبُعْدُ بِحَيْثُ يُسْمَعُ صَوْتُهُ يَحْنَثُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ نَائِمًا فَنَادَاهُ الْحَالِفُ فَإِنْ أَيْقَظَهُ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يُوقِظْهُ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ مَرَّ الْحَالِفُ عَلَى جَمَاعَةٍ فِيهِمْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ الْحَالِفُ عَلَيْهِمْ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ نَوَى الْقَوْمَ دُونَهُ لَمْ يَحْنَثْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ

فُلَانٌ فِيهِمْ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ اسْتَثْنَاهُ بِأَنْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ إلَّا عَلَى فُلَانٍ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَالَ: إلَّا عَلَى وَاحِدٍ وَعَنَاهُ صُدِّقَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَقَرَعَ فُلَانٌ الْبَابَ فَقَالَ الْحَالِفُ كَيَّسَتْ أَوْ قَالَ: كَيَّسَتْ أَيْنَ أَوْ قَالَ: كَيَّسَتْ آن قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَقُولَ: كئى تو هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا ثُمَّ إنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَادَاهُ فَقَالَ: لَبَّيْكَ أَوْ قَالَ: لَبِّي يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي التَّجْرِيدِ لَوْ قَالَ: مَنْ هَذَا بَعْدَ مَا دَقَّ الْبَابَ يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ: لَهُ مانده شدى فَقَالَ: خوب آست أَوْ نَعَمْ أَوْ آرى يَحْنَثُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي الْفَتَاوَى حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَنَادَى فُلَانٌ رَجُلًا آخَرَ فَقَالَ: الْحَالِفُ لَبَّيْكَ يَحْنَثُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِالْفَارِسِيَّةِ لبي بِغَيْرِ كَافٍ كَمَا هُوَ عُرْفُ الْعَامَّةِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ إذَا حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ وَهُوَ يَأْكُلُ الطَّعَامَ فَقَالَ لَهَا هَا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ امْرَأَتَهُ فَدَخَلَ الدَّارَ وَلَيْسَ فِيهَا غَيْرُهَا فَقَالَ: مَنْ وَضَعَ هَذَا أَوْ أَيْنَ هَذَا حَنِثَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا فِيهَا وَلَوْ قَالَ: لَيْتَ شِعْرَى مَنْ فَعَلَ كَذَا لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ غَيْرُهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا وَكَلَّمَ بِعِبَارَةٍ لَمْ يَعْرِفْهُ فُلَانٌ يَلْزَمُهُ الْحِنْثُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. شَتَمَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ إنْسَانًا فَأَرَادَ الْحَالِفُ أَنْ يَمْنَعَهُ فَلَمَّا قَالَ الْحَالِفُ مك تَذَكَّرَ يَمِينَهُ فَسَكَتَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ غَيْرُ مَفْهُومٍ فَلَا يَكُونُ كَلَامًا. شَتَمَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَبَا الْحَالِفِ فَقَالَ الْحَالِفُ: لَا بَلْ أَنْتَ حَنِثَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالُوا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَلَّمَ غَيْرَهُ وَهُوَ يَقْصِدُ أَنْ يَسْمَعَهُ: لَمْ يَحْنَثْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَلَّمَ مَعَ الْجِدَارِ وَقَالَ: يَا حَائِطُ كَذَا وَكَذَا لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ غَرَضُهُ إسْمَاعَ فُلَانٍ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ قَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْت الْعَبِيدَ أَوْ كَلَّمْت الرِّجَالَ أَوْ النَّاسَ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً أَوْ كَلَّمَ رَجُلًا أَوْ اشْتَرَى عَبْدًا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ الْمَسَاكِينَ أَوْ الْفُقَرَاءَ فَكَلَّمَ وَاحِدًا مِنْهُمْ يَحْنَثُ وَلَوْ نَوَى جَمِيعَ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ يُصَدَّقُ وَلَا يَحْنَثُ أَبَدًا وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت نِسَاءً أَوْ اشْتَرَيْت عَبِيدًا أَوْ كَلَّمْت رِجَالًا لَا يَحْنَثُ إلَّا بِشِرَاءِ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ نَوَى جِنْسَ الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ يُصَدَّقُ وَيَحْنَثُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ وَلَهُ نِيَّةُ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ وَلَا يَكُونُ لَهُ نِيَّةُ الْمُثَنَّى كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْحِنْثِ بِالْبَعْضِ وَالْجُمْلَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ بَنِي آدَمَ فَكَلَّمَ وَاحِدًا مِنْهُمْ يَحْنَثُ وَإِنْ عَنَى بِهِ الْكُلَّ لَا يَحْنَثُ أَبَدًا وَيَكُون مُصَدَّقًا فَيَمِينُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْقَضَاءِ أَيْضًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ: لَا أُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا فَبَاعَ فُلَانٌ عَبْدَهُ فَكَلَّمَ الْحَالِفَ لَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ فَإِنْ نَوَى عَبْدًا بِعَيْنِهِ فَهَذَا وَقَوْلُهُ عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا سَوَاءٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ تَكَلَّمَ مَعَ عَبْدِ فُلَانٍ وَكَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْيَمِينِ وَوَقْتَ الْحِنْثِ حَنِثَ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَلَّمَ مَعَ عَبْدِ فُلَانٍ وَكَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْيَمِينِ دُونَ الْحِنْثِ لَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْحِنْثِ دُونَ وَقْتِ الْيَمِينِ حَنِثَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. قَالَ: أَبُو بَكْرٍ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ عَبْدَ فُلَانٍ فَكَلَّمَ عَبْدَ الْمُضَارَبَةِ فِيهِ رِبْحٌ أَوْ لَا لَا يَحْنَثُ إجْمَاعًا هَكَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ صَدِيقَ فُلَانٍ أَوْ زَوْجَةَ فُلَانٍ أَوْ ابْنَ فُلَانٍ أَوْ نَحْوَهُمْ مِمَّنْ يُضَافُ لَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ فَتَزَوَّجَ فُلَانٌ بَعْدَ الْيَمِينِ

أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ الْيَمِينِ فَكَلَّمَهُ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ امْرَأَةَ فُلَانٍ وَلَيْسَ لِفُلَانٍ امْرَأَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَكَلَّمَهَا الْحَالِفُ حَنِثَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْحُجَّةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ كَلَّمَ امْرَأَةً أَبَانَهَا فُلَانٌ بَعْدَ يَمِينِهِ أَوْ كَلَّمَ رَجُلًا عَادَاهُ فُلَانٌ بَعْدَ يَمِينِهِ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ قَالَ فِي يَمِينِهِ: زَوْجَةُ فُلَانٍ هَذِهِ أَوْ صَدِيقُ فُلَانٍ هَذَا فَكَلَّمَ بَعْدَ زَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ وَالصَّدَاقَةِ حَنِثَ فِي قَوْلِهِمْ. حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبِيدَ فُلَانٍ فَهُوَ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. إذَا كَلَّمَ ثَلَاثَةً مِنْ عَبِيدِهِ الْعَشَرَةِ حَنِثَ وَإِنْ كَلَّمَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ لَا يَحْنَثُ وَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ نَوَى الْجَمْعَ صُدِّقَ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ فِي فَصْلِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَوْجَاتِ فُلَانٍ أَوْ لَا يُكَلِّمُ أَصْدِقَاءَ فُلَانٍ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ مَا لَمْ يُكَلِّمْ الْكُلَّ مِمَّنْ سَمَّى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إخْوَةَ فُلَانٍ أَوْ بَنِي فُلَانٍ لَمْ يَحْنَثْ مَا لَمْ يُكَلِّمْ الْكُلَّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ إخْوَةَ فُلَانٍ وَالْأَخُ وَاحِدٌ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ يَحْنَثُ إذَا كَلَّمَ ذَلِكَ الْوَاحِدَ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى رَجُلٌ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ صَاحِبَ هَذَا الطَّيْلَسَانِ فَكَلَّمَهُ بَعْدَمَا بَاعَ الطَّيْلَسَانَ حَنِثَ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَلَّمَ مُشْتَرِي الطَّيْلَسَانِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ مِنْ الْأَيْمَانِ مَا شَاءَ فُلَانٌ فَكَلَّمَ فُلَانًا وَشَاءَ الرَّجُلُ أَنْ يَلْزَمَهُ مِنْ الْأَيْمَانِ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ حَلَفَ لَا يَحُومُ حَوْمَ فُلَانٍ بِالْفَارِسِيَّةِ بكردوى نكردم هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ أَوْ هَذَا فَكَلَّمَهُ قَالَ: هُوَ مُخَيَّرٌ فِي إيقَاعِهِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَكُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ أَوْ أَمَةٍ أَمْلِكُهَا حُرٌّ فَكَلَّمَهُ قَالَ: هُوَ عَلَيْهِمَا يَعْتِقُ كُلَّ عَبْدٍ يَمْلِكُهُ وَكُلَّ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا وَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ فَهُوَ مُخَيَّرٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ صِهْرَتَهُ فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَشَاجَرَهَا وَقَالَتْ لَهُ الصَّهْرَةُ: مَالك لَا تَفْعَلُ هَكَذَا فَقَالَ الزَّوْجُ: خورش مي آرُمّ وَنَوْش مي آرُمّ ثُمَّ قَالَ: لَمْ أُرِدْ بِهِ جَوَابَ الصَّهْرَةِ وَإِنَّمَا عَنَيْت امْرَأَتِي قَالَ: هُوَ يُصَدَّقُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت أَبِي فَجَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةً فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ جَمِيعَ أَمْلَاكِهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ بِثَوْبٍ مَلْفُوفٍ بِخِرْقَةٍ ثُمَّ يُكَلِّمُ أَبَاهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ثُمَّ يَرُدُّ الْبَيْعَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَوَى بِشْرٌ عَنْ يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لَآخِرَ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَبْدُك حُرٌّ فَقَالَ الْآخَرُ إلَّا: بِإِذْنِك فَبِهَذَا يَحْنَثُ إنْ كَلَّمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَجَاءَ فُلَانٌ يَطُوفُ بِاللَّحْمِ فَقَالَ الْحَالِفُ: يَا لَحْمُ يَحْنَثُ وَلَوْ عَطَسَ فُلَانٌ فَقَالَ لَهُ الْحَالِفُ لَهُ: يَرْحَمُك اللَّهُ يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ مَرَّ الْحَالِفُ فِي السُّوقِ فَقَالَ: كوشت وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ هُنَاكَ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا كَلَّمْت وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَوَاحِدَةٌ مِنْ نِسَائِي طَالِقٌ فَكَلَّمَهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ، وَقَعَتْ الطَّلْقَتَانِ بِوَقْعِهِمَا عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى وَاحِدَةٍ، كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ قَالَ: لِامْرَأَتِهِ: إنْ تَكَلَّمْت بِطَلَاقٍ فَعَبْدِي حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهَا: إنْ شِئْت فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ: لَا أَشَاءَ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْتِقُ عَبْدُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ تَكَلَّمْت بِالشِّرْكِ ثُمَّ قَالَ: إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ، وَقَالَ الْحَسَنُ: يَنْوِي فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَهُ مَا نَوَى فَإِنْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ شَيْئًا فَلَا أَرَاهُ حَانِثًا قَالَ

الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَبَعْضُهُمْ اخْتَارُوا قَوْلَ الْحَسَنِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. سُئِلَ أَسِيد بْنُ عَمْرٍو، عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ تَكَلَّمْت بِقَذْفِك فَعَبْدِي حُرٌّ ثُمَّ قَالَ: أَنْتِ زَانِيَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى يَحْنَثُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ. وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا لِامْرَأَتِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ: إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْت طَالِقٌ حَنِثَ لِلْحَلِفِ الْأَوَّلِ الْحَلِفُ الثَّانِي، وَيَنْعَقِدُ الْحَلِفُ الثَّانِي عِنْدَنَا، وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِالثَّالِثَةِ بِلَا جَزَاءٍ، وَلَا يَنْعَقِدُ الثَّالِثُ، وَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ بِالثَّالِثَةِ حَتَّى تَزَوَّجَهَا ثُمَّ كَلَّمَهَا طَلُقَتْ بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَ نَوَى أَنْ لَا يَحْنَثَ مَا لَمْ تُكَلِّمْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ نَوَى إنْ كَلَّمَتْ أَحَدَهُمَا يَحْنَثُ فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ الْعُرْفُ فِي إرَادَةِ الِانْفِرَادِ دُونَ الْجَمْعِ كَانَ ذَلِكَ نِيَّةً مِنْ الْحَالِفِ. حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا وَفُلَانًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ نَوَى أَنْ لَا يَحْنَثَ إلَّا بِكَلَامِهِمَا لَمْ يَحْنَثْ بِكَلَامِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ نَوَى أَنْ يَحْنَثَ بِكَلَامِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ: إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَكَذَلِكَ يَحْنَثُ بِكَلَامِ أَحَدِهِمَا لَكِنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ أَوْ قَالَ: بِالْفَارِسِيَّةِ باين وَتِنّ سُخْنَ نكويم لَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ نَوَى أَنْ يَحْنَثَ بِكَلَامِ أَحَدِهِمَا قَالُوا: لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمُثَنَّى يُذَكَّرُ وَيُرَادُ بِهِ الْوَاحِدُ فَإِذَا نَوَى ذَلِكَ، وَفِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَى نَفْسِهِ تَصِحُّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ، وَلَوْ قَالَ: كَلَامُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَوْ كَلَامُ أَهْلِ بَغْدَادَ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَكَلَّمَ إنْسَانًا حَنِثَ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قُلْنَا فِي قَوْلِهِ، وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ أَوْ قَالَ: بِالْفَارِسِيَّةِ: باين دوتن سَخِن نكويم فَإِنَّ ثَمَّةَ قُلْنَا لَا يَحْنَثُ بِالِاتِّفَاقِ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ لِلْفَتْوَى، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ. قَالَ: كَلَامُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ عَلَيَّ حَرَامٌ فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا يَحْنَثُ، وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْكَلَامَ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا أَوْ فُلَانًا وَفُلَانًا فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا حَنِثَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: فُلَانًا، وَلَا فُلَانًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ قَالَ: وَاَللَّه لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا أَوْ فُلَانًا حَنِثَ بِكَلَامِ الْأَوَّلِ، وَالْآخَرِينَ، وَلَوْ قَالَ، وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا، وَفُلَانًا حَنِثَ بِكَلَامِ الْأَوَّلِينَ، وَالْآخَرِ، وَلَوْ كَلَّمَ الْأَوَّلَ وَحْدَهُ، وَالثَّانِي، وَحْدَهُ لَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ قَالَ: إنْ خَرَجْت مِنْ هَذَا الدَّارِ حَتَّى أُكَلِّمَ الَّذِي هُوَ فِيهَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ، وَلَيْسَ فِي الدَّارِ رَجُلٌ فَخَرَجَ لَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْيَمِينِ الْمُؤَقَّتَةِ. قَالَ: كُلَّمَا كَلَّمْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَوَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ سِوَاهَا حُرَّةٌ ثُمَّ كَلَّمَ الْأَرْبَعَ فِي الصِّحَّةِ فَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقْنَ، كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ لِامْرَأَتِهِ اكراين سُخْنَ بافلان كوئي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ آن سُخْنَ بافلان كَفَتْ، وَلَكِنْ بِعِبَارَتِي كه آن فُلَان ندانست طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ كَمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَلَّمَ بِعِبَارَةٍ لَمْ يَعْرِفْهَا فُلَانٌ فَهُنَاكَ يَلْزَمُهُ الْحِنْثُ: كَذَا هُنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْحُجَّةِ، وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ شَيْئًا، وَكَلَّمَ بَعْضَ الْجَمَادَاتِ وَالْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لَا نُطْقَ بِهَا لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ كَلَّمَ الْأَخْرَسَ وَالْأَصَمَّ يَحْنَثُ، وَلَوْ كَلَّمَ الْأَطْفَالَ إنْ كَانُوا يَفْهَمُونَ يَحْنَثُ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَفْهَمُونَ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. سُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا فَجَاءَ كَافِرٌ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ قَالَ: يُبَيِّنُ صِفَةَ الْإِسْلَامِ، وَاَلَّذِي يَصِيرُ الْكَافِرُ بِهِ مُسْلِمًا، وَلَا يُكَلِّمُهُ فَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي

الْمُحِيطِ. رَجُلٌ رَأَى امْرَأَتَهُ تُكَلِّمُ أَجْنَبِيًّا فَغَاظَهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا إنْ كَلَّمْت بَعْدَ هَذَا رَجُلًا أَجْنَبِيًّا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ بَعْدَهَا تِلْمِيذًا لِزَوْجِهَا لَيْسَ مِنْ مَحَارِمِهَا، أَوْ رَجُلًا يَسْكُنُ فِي دَارِهَا بَيْنَهُمَا مَعْرِفَةٌ إلَّا أَنَّهُ لَا مَحْرَمِيَّةَ بَيْنَهُمَا، أَوْ كَلَّمَتْ رَجُلًا مِنْ ذَوِي أَرْحَامِهَا، وَلَيْسَ مِنْ مَحَارِمِهَا تَطْلَقُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ رَجُلًا، وَكَلَّمَ رَجُلًا وَقَالَ: عَنَيْت غَيْرَهُ لَا يَحْنَثُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ الرَّجُلَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الشَّابَّ فَكَلَّمَهُ بَعْدَ مَا صَارَ شَيْخًا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يُكَلِّمُ صَبِيًّا فَكَلَّمَ شَيْخًا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ رَجُلًا فَكَلَّمَ صَبِيًّا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إنْ كَلَّمَ امْرَأَةً فَعَبْدُهُ حُرٌّ، وَكَلَّمَ صَبِيَّةً لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَتَزَوَّجَ صَبِيَّةً حَنِثَ؛ لِأَنَّ الصِّبَا مَانِعٌ مِنْ هِجْرَانِ الْكَلَامِ فَلَا تُرَادُ الصَّبِيَّةُ فِي الْيَمِينِ الْمَعْقُودَةِ عَلَى الْكَلَامِ عَادَةً، وَلَا كَذَلِكَ التَّزْوِيجُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يُكَلِّمُ صَبِيًّا، أَوْ لَا يُكَلِّمُ غُلَامًا، أَوْ لَا يُكَلِّمُ شَابًّا، أَوْ لَا يُكَلِّمُ كَهْلًا فَنَقُولُ: فِي الشَّرْعِ الْغُلَامُ اسْمٌ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ فَإِذَا بَلَغَ صَارَ شَابًّا وَفَتًى، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الشَّابَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشْرَ إلَى ثَلَاثِينَ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ الشَّمَطُ، وَالْكَهْلُ مِنْ ثَلَاثِينَ إلَى خَمْسِينَ، وَالشَّيْخُ مَا زَادَ عَلَى خَمْسِينَ فَأَمَّا مَا دُونَ خَمْسَةَ عَشْرَ لَيْسَ بِشَابٍّ، وَمَا دُونَ ثَلَاثِينَ لَيْسَ بِكَهْلٍ، وَمَا دُونَ خَمْسِينَ لَيْسَ بِشَيْخٍ، وَفِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ الشَّمَطُ فِي الشَّعْرِ. ، وَفِي الْقُدُورِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الشَّابَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشْرَ إلَى خَمْسِينَ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ الشَّمَطُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَالْكَهْلُ مِنْ ثَلَاثِينَ إلَى آخِرِ عُمْرِهِ، وَالشَّيْخُ مَا زَادَ عَلَى خَمْسِينَ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ جَعَلَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْكَهْلَ وَالشَّيْخَ سَوَاءً فِيمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِينَ، وَفِي وَصَايَا النَّوَازِلِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ كَانَ ابْنَ ثَلَاثِينَ فَهُوَ كَهْلٌ، وَعَنْهُ مَنْ كَانَ ابْنَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ فَصَاعِدًا فَهُوَ كَهْلٌ فَإِذَا بَلَغَ خَمْسِينَ فَهُوَ شَيْخٌ، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ الْكَهْلُ مِنْ ثَلَاثِينَ إلَى أَرْبَعِينَ، وَالشَّيْخُ مَنْ زَادَ عَلَى الْخَمْسِينَ، وَإِنْ لَمْ يَشِبَّ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، وَشَيْبُهُ أَكْثَرُ فَهُوَ شَيْخٌ فَإِنْ كَانَ السَّوَادُ أَكْثَرَ فَلَيْسَ بِشَيْخٍ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْغُلَامُ مَنْ كَانَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَالشَّابُّ وَالْفَتَى مَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَفَوْقَ ذَلِكَ، وَالْكَهْلُ إذَا بَلَغَ أَرْبَعِينَ، وَزَادَ عَلَيْهِ إلَى سِتِّينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْبُ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ شَيْخًا، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْخَمْسِينَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَهْلًا حَتَّى يَبْلُغَ الْأَرْبَعِينَ، وَلَا شَيْخًا حَتَّى يُجَاوِزَ الْأَرْبَعِينَ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ يَتَامَى مِنْ بَنِي فُلَانٍ، أَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَرَامِلَ بَنِي فُلَانٍ، أَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ ثَيِّبَ بَنِي فُلَانٍ، أَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَيَامَى بَنِي فُلَانٍ فَنَقُولُ: الْيَتِيمُ اسْمٌ لِمَنْ مَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ صَغِيرٌ لَمْ يَبْلُغْ بَعْدُ فَأَمَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَا يُسَمَّى يَتِيمًا هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْكِتَابِ، وَقَوْلُهُ حُجَّةٌ فِي اللُّغَاتِ، وَأَمَّا الْأَرْمَلَةُ فَهِيَ اسْمٌ لِامْرَأَةٍ بَالِغَةٍ فَقِيرَةٍ مُحْتَاجَةٍ فَارَقَهَا زَوْجُهَا دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فَهَذَا الِاسْمُ لَا يَنْطَلِقُ إلَّا عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَا يَنْطَلِقُ إلَّا عَلَى الْبَالِغَةِ الَّتِي فَارَقَهَا زَوْجُهَا وَلَا يَنْطَلِقُ إلَّا عَلَى الْفَقِيرَةِ الْمُحْتَاجَةِ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ، وَقَوْلُهُ فِي اللُّغَاتِ حُجَّةٌ، وَالْأَيِّمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ جُومِعَتْ بِنِكَاحٍ جَائِزٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ فُجُورٍ وَقَدْ فَارَقَ زَوْجُهَا غَنِيَّةً كَانَتْ أَوْ فَقِيرَةً صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ، وَالثَّيِّبُ اسْمٌ لِكُلِّ امْرَأَةٍ جُومِعَتْ بِحَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ لَهَا زَوْجٌ أَوْ لَيْسَ لَهَا زَوْجٌ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ بَالِغَةً غَنِيَّةً كَانَتْ أَوْ فَقِيرَةً هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ فِي مَعْرِفَةِ صِفَاتِ الْإِنْسَانِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُك إلَّا أَنْ تُكَلِّمَنِي أَوْ إلَى أَنْ تُكَلِّمَنِي، أَوْ حَتَّى تُكَلِّمَنِي فَسَلَّمَا مَعًا حَنِثَ الْحَالِفُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ خَرَجَ إلَى مَكَّةَ فَحَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ مَعَهُ

حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مَكَّةَ فَرَجَعَ مِنْ الطَّرِيقِ فَكَلَّمَهُ حَنِثَ، وَهُوَ عَلَى الرُّجُوعِ بَعْدَ إتْيَانٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُرَافَعَةٌ، أَوْ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِصَاحِبِهِ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ ابْتَدَأْتُك بِكَلَامٍ، أَوْ بِتَزَوُّجٍ فَالْتَقَيَا فَسَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ مَعًا، أَوْ تَزَوَّجَا مَعًا لَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي الْكَافِي. ، وَسَقَطَ الْيَمِينُ عَنْ الْحَالِفِ بِهَذَا الْكَلَامِ حَتَّى لَا يَحْنَثَ أَبَدًا بِحُكْمِ هَذِهِ الْيَمِينِ لِوُقُوعِ الْيَأْسِ عَنْ كَلَامِهِ بِصِفَةِ الْبُدَاءَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ يُوجَدُ مِنْ الْحَالِفِ بَعْدَ هَذَا فَإِنَّمَا يُوجَدُ بَعْدَ كَلَامِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. إذَا قَالَ: لِامْرَأَتِهِ: إنْ ابْتَدَأْتُك بِكَلَامٍ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَهُ: إنْ ابْتَدَأْتُك بِكَلَامٍ فَجَارِيَتِي حُرَّةٌ ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ كَلَّمَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَلَا تَحْنَثُ فِي يَمِينِهَا؛ لِأَنَّهَا مَا ابْتَدَأَتْ بِالْكَلَامِ، وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ مِنْهُمَا مَعًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكَلِّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ مَعًا، وَلَا يَحْنَثُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ إنْ كَلَّمْتُك قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَنِي فَعَبْدِي حُرٌّ فَالْتَقَيَا فَسَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مَعًا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. جَمَاعَةٌ كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مَنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ هَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثُمَّ تَكَلَّمَ الْحَالِفُ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْخِزَانَةِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ كَلَّمَ غُلَامَ عَبْدِ اللَّهِ فَكَذَا، وَاسْمُ الْحَالِفِ عَبْدُ اللَّهِ، وَالْغُلَامُ غُلَامُهُ فَكَلَّمَهُ حَنِثَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ مُسْتَثْنِيًا، وَلَا يَحْنَثُ دِيَانَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ أَحَدًا إلَّا فُلَانًا، أَوْ فُلَانًا فَلَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُمَا، أَوْ أَحَدَهُمَا، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْيَمِينِ الَّتِي يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ فِيهَا عَلَى جَمِيعِ مَا اسْتَثْنَى، أَوْ عَلَى بَعْضِهِ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ أَحَدًا إلَّا رَجُلًا بَصْرِيًّا، أَوْ رَجُلًا كُوفِيًّا فَكَلَّمَ رَجُلًا كُوفِيًّا، أَوْ رَجُلًا بَصْرِيًّا، أَوْ كِلَيْهِمَا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَلَّمَ رِجَالَ الْكُوفَةِ، أَوْ رِجَالَ الْبَصْرَةِ، أَوْ جَمِيعَ رِجَالِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ إلَّا أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَالْمُسْتَثْنَى أَحَدُهُمَا فَإِنْ كَلَّمَ أَحَدَهُمَا لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ كَلَّمَهُمَا يَحْنَثُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: لَا أُكَلِّمُ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ إلَّا وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ أَحَدًا أَبَدًا إلَّا أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ كُوفِيًّا، أَوْ بَصْرِيًّا، أَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ أَحَدًا أَبَدًا إلَّا وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ كُوفِيًّا وَبَصْرِيًّا فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا، أَوْ كِلَيْهِمَا جَمِيعًا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْيَمِينِ الَّتِي تَكُونُ بِالِاسْتِثْنَاءِ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ أَحَدًا إلَّا رَجُلًا وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَكَلَّمَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَحْنَثُ، وَلَوْ قَالَ: إلَّا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَكَلَّمَ الْكُلَّ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْيَمِينِ الَّتِي يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ فِيهَا عَلَى جَمِيعِ مَا اسْتَثْنَى، أَوْ عَلَى بَعْضِهِ. زَيْدٌ وَعَمْرٌو ادَّعَيَا نَسَبَ وَلَدِ جَارِيَةٍ بَيْنَهُمَا، وَقَضَى الْقَاضِي لَهُمَا بِالنَّسَبِ فَقَالَ رَجُلٌ: إنْ كَلَّمْت ابْنَ زَيْدٍ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ، وَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ: إنْ كَلَّمْت ابْنَ عَمْرٍو فَعَبْدُهُ حُرٌّ فَكَلَّمَا هَذَا الِابْنَ حَنِثَا جَمِيعًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَمَّنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَهُوَ شَرِيكُ الْكُفَّارِ فِيمَا قَالُوا عَلَى اللَّهِ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ فَكَلَّمَهُ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي فَصْلِ مَا يَكُونُ يَمِينًا بِالْعَرَبِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَأَخْبَرَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِخَبَرٍ يَسُرُّهُ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ بِخَبَرٍ يَسُوءُهُ فَقَالَ: إنَّا لِلَّهِ لَا يَحْنَثُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْمُلْتَقَطِ. وَلَوْ قَالَ: أَجَارَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُك فَدُخُولُ الدَّارِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَكَلَامُ فُلَانٍ ثُمَّ دَخَلَ، وَكَلَّمَ الْآخَرَ حَنِثَ بِيَمِينٍ، وَلَوْ قَالَ: وَكَلَامُ فُلَانٍ حَرَامٌ حَنِثَ بِيَمِينَيْنِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَمْعِ الْجَوَامِعِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ كَلَّمْت فُلَانَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ الْمَحْلُوفَ بِطَلَاقِهَا غَسَلَتْ يَوْمًا ثِيَابَهَا فَقَالَتْ لَهَا فُلَانَةُ

ماند مشدي، وَهِيَ تَعْلَمُ أَنَّهَا فُلَانَةُ، أَوْ لَمْ تَعْلَمْ فَقَالَتْ خوب أست، أَوْ قَالَتْ: آرى فَهَذَا كُلُّهُ كَلَامٌ فَتَطْلُقُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ الْأَصْلُ أَنَّ الْكَلَامَ وَالْحَدِيثَ وَالْخِطَابَ عَلَى الْمُشَافَهَةِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. قَالَ فِي الْجَامِعِ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ إنْ أَخْبَرْتَنِي أَنَّ فُلَانًا قَادِمٌ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: فَعَبْدِي حُرٌّ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ كَاذِبًا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، وَعَتَقَ الْعَبْدُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ أَخْبَرْتَنِي بِقُدُومِ فُلَانٍ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ كَاذِبًا حَنِثَ لَا يَعْتِقُ عَبْدُهُ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ أَخْبَرْتَنِي إنَّ امْرَأَتِي فِي الدَّارِ فَكَذَا فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ كَاذِبًا يَحْنَثُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ أَخْبَرْتَنِي بِمَكَانِ امْرَأَتِي فِي الدَّارِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ بَشَّرْتَنِي أَنَّ فُلَانًا قَدِمَ، أَوْ قَالَ: إنْ بَشَّرْتَنِي بِقُدُومِ فُلَانٍ فَكَذَا فَبَشَّرَهُ بِذَلِكَ كَاذِبًا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ أَعْلَمْتَنِي أَنَّ فُلَانًا قَدْ قَدِمَ، أَوْ قَالَ إنْ أَعْلَمْتَنِي بِقُدُومِ فُلَانٍ فَكَذَا فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ كَاذِبًا لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ صَادِقًا، وَلَكِنْ بَعْدَ مَا عَلِمَ الْحَالِفُ بِهِ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ أَخْبَرْتَنِي فَأَخْبَرَهُ بِهِ مَا عَلِمَ الْحَالِفُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَإِنْ عَنِي بِقَوْلِهِ أَعْلَمْتَنِي أَخْبَرْتَنِي حَنِثَ الْحَالِفُ، وَإِنْ كَانَ الْأَخْبَارُ بَعْدَ مَا حَصَلَ الْعِلْمُ لِلْحَالِفِ بِمَا أُخْبِرَ بِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ دِيَانَةً، وَقَضَاءً، وَلَوْ قَالَ لَهُ: إنْ كَتَبْت إلَيَّ أَنَّ فُلَانًا قَدْ قَدِمَ فَكَذَا فَكَتَبَ إلَيْهِ بِذَلِكَ كَاذِبًا يَحْنَثُ، وَصَلَ الْكِتَابُ إلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَصِلْ. وَلَوْ قَالَ إنْ كَتَبْت إلَيَّ بِقُدُومِ فُلَانٍ فَكَذَا فَكَتَبَ إلَيْهِ كَاذِبًا لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ كَتَبَ إلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إنَّ فُلَانًا قَدْ قَدِمَ، وَقَدْ كَانَ فُلَانٌ قَدِمَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ إلَّا أَنَّ الْكَاتِبَ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حَنِثَ الْحَالِفُ فِي يَمِينِهِ قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ: إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يُظْهِرُ سِرَّ فُلَانٍ لِفُلَانٍ أَبَدًا فَأَخْبَرَهُ بِكِتَابٍ كَتَبَهُ إلَيْهِ، أَوْ بِكَلَامٍ، أَوْ سَأَلَهُ فُلَانٌ أَكَانَ سِرُّ فُلَانٍ كَذَا فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يُفْشِي سِرَّ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ، أَوْ حَلَفَ لَا يُعْلِمُ فُلَانًا بِسِرِّ فُلَانٍ، أَوْ بِمَكَانِ فُلَانٍ، أَوْ حَلَفَ لَيَكْتُمَنَّ سِرَّهُ، أَوْ لَيُخْفِيَنَّهُ، أَوْ لَيَسْتُرَنَّهُ، أَوْ حَلَفَ لَا يَدُلُّ عَلَى فُلَانٍ فَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، وَإِنْ عَنَى فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا الْإِخْبَارَ بِالْكَلَامِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالرِّسَالَةِ دُونَ الْإِشَارَةِ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَدِينُ، وَلَمْ يُزِدْ عَلَى هَذَا، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَلْ يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ، وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصَدَّقُ ثُمَّ إذَا حَلَفَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَطَلَب الْحِيلَةَ، وَالْمَخْرَجَ عَنْ ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقَالَ: إنَّا نَذْكُرُ أَمَاكِنَ وَأَشْيَاءَ مِنْ السِّرِّ مِمَّا لَيْسَ بِمَكَانِ فُلَانٍ وَلَا بِسِرِّهِ فَقُلْ فَإِذَا تَكَلَّمْنَا بِسِرِّهِ، أَوْ مَكَانِهِ فَاسْكُتْ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى سِرِّهِ وَمَكَانِهِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُ فُلَانَةَ فَأَوْمَأَ إلَيْهَا بِخِدْمَتِهِ فَقَدْ اسْتَخْدَمَهَا وَالِاسْتِخْدَامُ بِالْإِشَارَةِ مُتَعَارَفٌ خُصُوصًا مِنْ الْمُلُوكِ وَالْأَكَابِرِ وَيَسْتَوِي إنْ خَدَمَتْهُ فُلَانَةُ، أَوْ لَمْ تَخْدِمْهُ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يُخْبِرُ فُلَانًا بِسِرِّ فُلَانٍ، أَوْ بِمَكَانِهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ، أَوْ رِسَالَةٍ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يُبَشِّرُ فُلَانًا بِكَذَا فَفَعَلَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ، أَوْ رِسَالَةٍ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَكَانَ الْأَمْرُ. كَذَا أَفُلَانٌ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ فَهَذَا لَيْسَ بِأَخْبَارٍ، وَلَا بِشَارَةٍ فَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ عَنَى بِالْإِخْبَارِ أَوْ بِالْبِشَارَةِ الْإِشَارَةَ بِالرَّأْسِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ صُدِّقَ دِيَانَةً، وَقَضَاءً إذَا حَلَفَ لَا يُقِرُّ لِفُلَانٍ بِمَالٍ فَقِيلَ لَهُ: أَلِفُلَانٍ عَلَيْك كَذَا، وَكَذَا فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ بِسِرِّ فُلَانٍ لَا يَحْنَثُ بِالْكِتَابِ، وَالرِّسَالَةِ، وَالْإِشَارَةِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَكَانَ سِرُّ فُلَانٍ كَذَا، أَوْ قِيلَ لَهُ: أَفُلَانٌ بِمَكَانِ، كَذَا فَقَالَ: نَعَمْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ الْجَوَابُ فِي قَوْلِهِ لَا يُحَدِّثُ بِسِرِّ فُلَانٍ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي قَوْلِهِ لَا يَتَكَلَّمُ بِسِرِّ فُلَانٍ، وَلَوْ حَلَفَ عَلَى هَذَا الْأَيْمَانِ كُلِّهَا ثُمَّ خَرِسَ الْحَالِفُ فَصَارَ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّكَلُّمِ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى الْإِشَارَةِ، وَالْكِتَابَةِ إلَّا فِي

خَصْلَةٍ، وَاحِدَةٍ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ بِسِرِّ فُلَانٍ، أَوْ حَلَفَ لَا يُحَدِّثُ بِسِرِّ فُلَانٍ لَمْ يَحْنَثْ بِالْإِشَارَةِ، وَالْكِتَابَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِشَارَةُ، وَالْكِتَابَةُ بَعْدَ الْخَرَسِ، وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْإِشَارَةِ إذَا قَالَ: أَشَرْت، وَأَنَا لَا أُرِيدُ الَّذِي حَلَفَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ جَوَابًا لِشَيْءٍ سُئِلَ عَنْهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ، وَيُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ قَالَ: لَا أَقُولُ لِفُلَانٍ كَذَا لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجَامِعِ، وَلَا فِي الزِّيَادَاتِ، وَرُوِيَ عَنْهُ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ مِثْلُ الْخَيْرِ، وَالْبِشَارَةِ حَتَّى يَحْنَثَ بِالْكِتَابَةِ، وَالرِّسَالَةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْعُو فُلَانًا فَدَعَاهُ بِكِتَابَةٍ، أَوْ رِسَالَةٍ حَنِثَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ أَنَّ التَّبْلِيغَ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْبَارِ يَحْصُلُ بِالْكِتَابِ وَالرَّسُولِ، وَكَذَلِكَ الذِّكْرُ يَحْصُلُ بِالْكِتَابِ وَالرَّسُولِ، وَلَوْ قَالَ: أَيُّ عَبِيدِي بَشَّرَنِي بِكَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَبَشَّرُوهُ مَعًا عَتَقُوا، وَلَوْ بَشَّرَهُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ عَتَقَ الْأَوَّلُ خَاصَّةً. وَلَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ أَحَدُهُمْ رَسُولًا فَإِنْ أَضَافَ الرَّسُولُ إلَى الْمُرْسَلِ عَتَقَ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ الرَّسُولُ، وَلَمْ يُضِفْ إلَى الْعَبْدِ لَمْ يَعْتِقْ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ أَخْبَرْتنِي أَنَّ هَذَا الْحَجَرَ ذَهَبَ، أَوْ هَذَا الرَّجُلَ امْرَأَةٌ فَأَخَذَهُ حَنِثَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ أَعْلَمْتنِي، أَوْ بَشَّرْتنِي لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَكْتُبُ إلَى فُلَانٍ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَكَتَبَ فَقَدْ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: سَأَلَنِي هَارُونُ الرَّشِيدُ عَنْ هَذَا، فَقُلْتُ: إنْ كَانَ سُلْطَانًا فَأَمَرَ بِالْكِتَابِ، وَلَا يَكَادُ هُوَ يَكْتُبُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. حَلَفَ لَا يَقْرَأُ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ فَنَظَّرَ فِيهَا حَتَّى أَتَى إلَى آخِرِهَا لَا يَحْنَثُ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ كِتَابَ فُلَانٍ فَنَظَرَ فِي كِتَابِهِ، وَفَهِمَ مَا فِيهِ لَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِعَدَمِ الْقِرَاءَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَأَ كِتَابَ فُلَانٍ فَقَرَأَ سَطْرًا مِنْ كِتَابِ فُلَانٍ حَنِثَ، وَفِي نِصْفِ السَّطْرِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ سُورَةً فَتَرَكَ مِنْهَا حَرْفًا حَنِثَ، وَلَوْ تَرَكَ آيَةً طَوِيلَةً لَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَتَمَثَّلُ بِشِعْرٍ فَتَمَثَّلَ بِنِصْفِ بَيْتٍ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْبَيْتِ بَيْتًا مِنْ شَعْرٍ آخَرَ لَا يَحْنَثُ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ فَارِسِيٍّ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْحَمْدِ بِالْعَرَبِيَّةِ فَقَرَأَهَا بِلَحْنٍ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ كَانَ رَجُلًا فَصِيحًا حَنِثَ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا حَلَفَ لَا يَقْرَأُ كِتَابًا فَهَذَا عَلَى كِتَابٍ يَبِينُ فِي بَيَاضٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ نَوَى كِتَابَ النَّاسِ فِي الْقِرْطَاسِ دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يَدِنْ فِي الْقَضَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَأَ الْقُرْآنَ الْيَوْمَ فَقَرَأَ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ فِي غَيْرِهَا حَنِثَ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَرْكَعَ، وَلَا يَسْجُدَ فَفَعَلَ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ حَنِثَ، وَإِنْ قَرَأَ الْحَالِفُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إنْ نَوَى مَا فِي سُورَةِ النَّمْلِ حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَا فِي سُورَةِ النَّمْلِ، أَوْ نَوَى غَيْرَهَا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَقْرَءُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِلتَّبَرُّكِ لَا لِلْقِرَاءَةِ، وَقِرَاءَتُهَا إلَّا عَلَى وَجْهِ الْقِرَاءَةِ جَائِزَةٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا حَلَفَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُصَلِّي الْفَرَائِضَ بِالْجَمَاعَةِ، وَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ فَإِنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ، وَقَضَاهَا يَحْنَثُ، وَالْمَرْأَةُ إذَا حَلَفَتْ عَلَى ذَلِكَ تَقْتَدِي بِزَوْجِهَا، أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ مَحَارِمِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ أَرَادَ الْوَتْرَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَضِيَ بِوَتْرٍ كَيْ لَا يَحْنَثَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ عَلَى قَصْدِ الثَّنَاءِ، وَالدُّعَاءِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرَأْت كُلَّ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا عَلَى جَمِيعِ الْقُرْآنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ يَمِينٌ إنْ شِئْت فَقَالَ: شِئْت لَزِمَهُ هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ عَلَيَّ يَمِينٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَمَّنْ حَلَّفَهُ أَقْرِبَاءُ امْرَأَتِهِ بِطَلَاقِهَا كه بروي جرم نَنْهَى وويرا يجيزي تهمت نسكنى

فَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ لَهَا خداداندتا تَوَجَّهَ كردهء هَلْ تَطْلُقُ بِهَذَا امْرَأَتُهُ؟ فَقَالَ: لَا هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أكربخانه فُلَان رُومِيّ وباوي سُخْنَ كويم فَأَنْت كَذَا فَلَمْ يَذْهَبْ إلَى بَيْتِهِ، وَلَكِنْ كَلَّمَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَلَوْ قَالَ: أكر بخانة فُلَان نروم وباوي سَخِن نكويم فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فِي يَمِينِهِ، وَطَلُقَتْ امْرَأَتُهُ هَكَذَا حَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ، وَفَتْوَى رُكْنِ الْإِسْلَامِ عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ فَقَالَ لَا آمُرُ أَخِي أَمْرًا واكرويرا كارى فرمايم فَكَذَا فَبَعَثَ عَيْنًا إلَى أَخِيهِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ: قُلْ لِأَخِي حَتَّى يَبِيعَهَا يَنْظُرُ إنْ قَالَ الرَّجُلُ لِلْأَخِ قَالَ أَخُوك: بِعْهَا، أَوْ يَأْمُرُك أَخُوك يَحْنَثُ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أكرامي وزنكويى كه فُلَان باتوجه كَرِدِّهِ آسِتّ فَأَنْت طَالِقٌ فَتَكَلَّمَتْ عَلَى، وَجْهٍ لَا يُسْمَعُ لَا تَطْلُقُ، وَلَوْ قَالَ أكرنكويي بامن امروز تَطْلُقُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ حَلَفَ الرَّجُلُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ كه مِنْ عَيْب توباكسي تكفته أَمْ، وَقَدْ كَانَ قَالَ مَعَ امْرَأَتِهِ قَدْ كَانَ فُلَانٌ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَيَبِيعُهَا، وَيَفْعَلُ أَفْعَالًا لَا طَائِلَ تَحْتَهَا إلَّا أَنَّهُ الْآنَ تَابَ، وَأَنَابَ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ شَهْرًا يَقَعُ عَلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ الشَّهْرَ يَقَعُ عَلَى بَقِيَّةِ الشَّهْرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ السَّنَةَ يَقَعُ عَلَى بَقِيَّةِ السَّنَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرًا فَهُوَ مِنْ حِينِ حَلَفَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ تَرَكْت كَلَامَهُ شَهْرًا فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَهْرًا مِنْ حِينِ حَلَفَ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ أَشْهُرًا يَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الشُّهُورَ فَهُوَ عَلَى عَشَرَةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا الْجَوَابُ عِنْدَهُ فِي الْجَمْعِ، وَالسِّنِينَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُك سِنِينَ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ حِينًا، أَوْ زَمَانًا، أَوْ الْحِينَ، أَوْ الزَّمَانَ فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي النَّفْيِ، وَكَذَا فِي الْإِثْبَاتِ نَحْوُ لَأَصُومَنَّ حِينًا، أَوْ الْحِينَ، أَوْ الزَّمَانَ، أَوْ زَمَانًا كُلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ مِقْدَارًا مُعَيَّنًا مِنْ الزَّمَانِ فَإِنْ نَوَى مِقْدَارًا صُدِّقَ، وَكَذَلِكَ الدَّهْرُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَعْنِي الْمُنْكِرُ يَنْصَرِفُ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي مِقْدَارٍ مِنْ الزَّمَانِ فَإِنْ كَانَتْ عُمِلَ بِهَا اتِّفَاقًا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الدَّهْرُ لَا أَدْرِي مَا هُوَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْمُنْكَرِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَأَمَّا الْمُعَرَّفُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَيُرَادُ بِهِ الْأَبَدُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ الْأَحَايِينَ، أَوْ الْأَزْمِنَةَ فَهُوَ عَلَى عَشْرِ مَرَّاتٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَلِكَ سِتُّونَ شَهْرًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ دُهُورًا يَقَعُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الْعُمْرَ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ عُمْرِهِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ، وَلَوْ قَالَ عُمْرًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فِي رِوَايَةٍ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَالْحِينِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ حُقْبًا يَقَعُ عَلَى ثَمَانِينَ سَنَةً، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فِي الْأَصْلِ أَوَّلُ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ نِصْفَهُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّهُ قَالَ لَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا آخِرَ يَوْمًا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَأَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ يَتَنَاوَلُ الْخَامِسَ عَشَرَ، وَالسَّادِسَ عَشَرَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَعَنْ ابْنِ مُقَاتِلٍ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَمَةً ثَلَاثَ سِنِينَ، وَالْحَلِفُ

بِالطَّلَاقِ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يُرْسِلَ إلَيْهَا، وَيَطْلُبَ مِنْهَا أَنْ تَرْضَى عَنْهُ، وَتَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ، كَذَا فِي الْحَاوِي. فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ لَوْ قَالَ كَلَّمْت فُلَانًا خداي رابر مِنْ يكساله روزه مَعَ الْهَاءِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إنْ كَلَّمَهُ، وَلَوْ قَالَ يكسال بِدُونِ الْهَاءِ يَلْزَمُهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي التَّجْرِيدِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ الْيَوْمَ سَنَةً، أَوْ شَهْرًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَدَعَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كُلَّمَا دَارَ فِي الشَّهْرِ، أَوْ السَّنَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا عَامَنَا هَذَا فَالْيَمِينُ مِنْ حِينِ حَلَفَ إلَى غُرَّةِ مُحْرِمٍ لَا عَلَى سَنَةٍ كَامِلَةٍ مِنْ حِينِ حَلَفَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنَّهُ إنْ كَلَّمْتُك إلَى سَنَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ اذْهَبِي يَا عَدُوَّةَ اللَّهِ طَلُقَتْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك شَهْرًا بَعْدَ شَهْرٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ شَهْرَيْنِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ سَنَتَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك شَهْرًا بَعْدَ هَذَا الشَّهْرِ فَلَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي الْجَامِعِ إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك فِي الْيَوْم الَّذِي يَقْدُمُ فِيهِ فُلَانٌ، وَكَلَّمَهُ فِي أَوَّلِهِ، وَقَدِمَ فُلَانٌ فِي آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، وَلَوْ قَدِمَ فُلَانٌ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ، وَكَلَّمَهُ فِي آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْم فَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا فِي الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ فَكَلَّمَهُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَقَدِمَ فُلَانٌ لِتَمَامِ الشَّهْرِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ. وَلَوْ قَالَ، وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك شَهْرًا قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ، وَكَلَّمَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ ثُمَّ قَدِمَ فُلَانٌ بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك شَهْرًا إلَّا يَوْمًا، أَوْ غَيْرَ يَوْمٍ فَإِنَّهُ عَلَى مَا نَوَى، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَهُ أَنْ يَتَحَرَّى أَيَّ يَوْمٍ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى يَوْمًا مُنْكَرًا. وَلَوْ قَالَ: إلَّا نُقْصَانَ يَوْمٍ فَهَذَا عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ آخِرِهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْيَمِينِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ، وَعَلَى الْجَمَاعَةِ. فِي آخِرِ أَيْمَانِ الْقُدُورِيِّ إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا، وَفُلَانًا هَذِهِ السَّنَةَ إلَّا يَوْمًا فَإِنْ جَمَعَ كَلَامَهُمَا فِي يَوْمٍ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ كَلَّمَ أَحَدَهُمَا فِي يَوْمٍ، وَالْآخَرَ فِي يَوْمٍ حَنِثَ، وَلَوْ كَلَّمَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ كَلَّمَهُمَا فِي يَوْمٍ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ اسْتَثْنَى يَوْمًا مُعَرَّفًا فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا فِيهِ، وَالْآخَرَ فِي الْغَدِ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُمَا شَهْرًا إلَّا يَوْمًا فَإِنْ نَوَى يَوْمًا بِعَيْنِهِ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ عَلَى أَيِّ يَوْمٍ شَاءَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ فَهُوَ عَلَى اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ حَتَّى لَوْ كَلَّمَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا حَنِثَ فَإِنْ نَوَى النَّهَارَ خَاصَّةً يُصَدَّقُ فِي قَضَاءً، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ قَالَ لَيْلَةَ أُكَلِّمُ فُلَانًا، أَوْ لَيْلَةَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَهُ نَهَارًا، أَوْ قَدِمَ نَهَارًا لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِسَوَادِ اللَّيْلِ، وَلَا عُرْفَ هُنَا يَصْرِفُ اللَّفْظَ عَنْ مُقْتَضَاهُ لُغَةً حَتَّى لَوْ ذَكَرَ اللَّيَالِيَ حُمِلَتْ عَلَى الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُمْ تَعَارَفُوا اسْتِعْمَالَهَا فِي الْوَقْتِ الْمُطْلَقِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ، أَوْ حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ، أَوْ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ فُلَانٌ فَكَلَّمَهُ قَبْلَ الْقُدُومِ، أَوْ قَبْلَ الْإِذْنِ حَنِثَ، وَلَوْ كَلَّمَهُ بَعْدَ الْقُدُومِ، أَوْ الْإِذْنِ لَا يَحْنَثُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا إلَّا أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ، وَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ سَقَطَ الْيَمِينُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمهمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ رَجُلًا يَوْمًا بِعَيْنِهِ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا لَيْلَةَ مَعَهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. إنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الْأَيَّامَ فَهُوَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ أَيَّامًا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْخِلَافَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ أَيَّامًا كَثِيرَةً فَهُوَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ يَوْمٍ أُكَلِّمُك فَعَلَيَّ كَذَا، وَكَلَّمَهُ فِي

يَوْمَيْنِ حَنِثَ فِي يَوْمَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ يَوْمَيْنِ حَنِثَ مَرَّةً، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا أَيَّامَهُ هَذِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُهُ أَيَّامَهُ فَهُوَ عَلَى الْعُمُرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُك الْيَوْمَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَهُوَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ فَهَذَا عَلَى سَبْتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُورُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَكْثَرُ مِنْ سَبْتٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُك يَوْمَ السَّبْتِ يَوْمَيْنِ كَانَ عَلَى سَبْتَيْنِ؛ لِأَنَّ السَّبْتَ لَا يَكُونُ يَوْمَيْنِ، وَلَا يَدُورُ سَبْتَانِ فِي يَوْمَيْنِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَرَّتَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُك يَوْمَ السَّبْتِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَانَ كُلُّهَا يَوْمَ السَّبْتِ لِمَا بَيَّنَّا، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ مَا يَقَعُ عَلَى الْأَبَدِ، وَمَا يَقَعُ عَلَى السَّاعَةِ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا أَوْ سَنَةً يَوْمًا فَإِنْ نَوَى يَوْمًا بِعَيْنِهِ فَعَلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَعَلَى يَوْمٍ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ جُمُعَةً حَنِثَ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُك يَوْمًا مَا، أَوْ لَا أُكَلِّمُك يَوْمَ السَّبْتِ يَوْمًا فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ أَيَّ يَوْمٍ شَاءَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ كَانَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ دَاخِلًا فِي الْيَمِينِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ، أَوْ غَدًا فَكَلَّمَهُ الْيَوْمَ، أَوْ غَدًا حَنِثَ، وَلَوْ قَالَ: لَأَتْرُكَنَّ كَلَامَهُ الْيَوْمَ، أَوْ غَدًا فَتَرَكَ كَلَامَهُ الْيَوْمَ بَرَّ، وَبَطَلَتْ الْيَمِينُ فِي الْغَدِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ، وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ، وَلَا غَدًا فَالْيَمِينُ عَلَى بَقِيَّةِ الْيَوْمِ، وَعَلَى غَدٍ، وَلَا تَدْخُلُ اللَّيْلَةُ الَّتِي بَيْنَهُمَا فِي الْيَمِينِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَا يُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ وَغَدًا، وَبَعْدَ غَدٍ فَهَذَا عَلَى كَلَامٍ وَاحِدٍ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا، وَلَوْ قَالَ فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ، وَفِي بَعْدِ غَدٍ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُكَلِّمَهُ كُلَّ يَوْمٍ سَمَّاهُ، وَلَوْ كَلَّمَهُ لَيْلًا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا يَوْمًا بَيْنَ يَوْمَيْنِ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ، وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ فِي اللَّيْلِ: لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا فَمِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ كَلَّمَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ فِي النَّهَارِ: لَا أُكَلِّمُهُ لَيْلَةً فَمِنْ حِينِ حَلَفَ إلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لَا يُكَلِّمُهُ يَوْمًا فَالْيَمِينُ عَلَى بَقِيَّةِ الْيَوْمِ، وَاللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ إلَى مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ الَّتِي حَلَفَ فِيهَا مِنْ الْغَدِ، وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَيْلًا لَا يُكَلِّمُهُ لَيْلَةً فَالْيَمِينُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ إلَى أَنْ يَجِيءَ مِثْلُهَا مِنْ اللَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ فَيَدْخُلُ النَّهَارُ الَّذِي بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك يَوْمًا وَيَوْمًا فَهَذَا وَمَا لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُك يَوْمَيْنِ سَوَاءٌ تَدْخُلُ فِيهِمَا اللَّيْلَةُ الْمُتَخَلِّلَةُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُك يَوْمًا، وَيَوْمَيْنِ تَنْقَضِي الْيَمِينُ بِمُضِيِّ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُك يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ فَهَذَا عَلَى يَوْمَيْنِ إنْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَمْ يَحْنَثْ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ، أَوْ يَوْمِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك لَيْلَتَيْنِ يَتْرُكُ كَلَامَهُ إلَى تِلْكَ السَّاعَةِ مِنْ بَعْدِ الْغَدِ وَإِذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَكَانَ الْحَلِفُ لَيْلًا تَرَكَ كَلَامَهُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ إلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّلَاثِينَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ فَهُوَ عَلَى بَاقِي الْيَوْمِ وَلَوْ حَلَفَ لَيْلًا أَنْ لَا يُكَلِّمَهُ هَذَا الْيَوْمَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْكَلَامِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ مِنْ الْغَدِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ نَهَارًا لَا يُكَلِّمُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لَمْ يَدْخُلْ مَا بَقِيَ مِنْ الْيَوْمِ فِي يَمِينِهِ إنَّمَا الْحَلِفُ عَلَى اللَّيْلِ خَاصَّةً. ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ: لَا أُكَلِّمُ الْيَوْمَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهَذَا بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَهُوَ عَلَى الْيَوْمِ الْمُسْتَقْبَلِ إذَا حَلَفَ وَقَالَ: وَاَللَّهِ لَأُكَلِّمَنَّ فُلَانًا أَحَدَ يَوْمِيِّ، أَوْ قَالَ: لَأَخْرُجَنَّ أَحَدَ يَوْمِيِّ، أَوْ أَحَدَ الْيَوْمَيْنِ، أَوْ أَحَدَ أَيَّامِي فَهَذَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ، أَوْ خَرَجَ قَبْلَ مُضِيِّ الْعَشَرَةِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يُكَلِّمْهُ، أَوْ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى مَضَتْ الْعَشَرَةُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ قَالَ أَحَدَ يَوْمَيْ هَذَيْنِ فَهَذَا عَلَى يَوْمِهِ ذَلِكَ وَعَلَى

الْغَدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا هَذَا الْيَوْمَ وَمَا خَلَا هَذَا الْيَوْمِ فَهُوَ عَلَى يَوْمَيْنِ بَعْدَهُ وَلَوْ غَيَّرَ هَذَا الْيَوْمَ، أَوْ سِوَى فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةٍ بَعْدَهُ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. فِي الْعُيُونِ إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا مَا دَامَ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَخَرَجَ بِمَتَاعِهِ وَأَثَاثِهِ ثُمَّ عَادَ وَكَلَّمَهُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي الْيَمِينِ إذَا جَعَلَ لَهَا غَايَةً وَكَذَا لَوْ قَالَ مَا كَانَ فِيهَا فُلَانٌ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُك مَا دُمْت بِبَغْدَادَ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ لَا تَبْقَى الْيَمِينُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي الْقُدُورِيِّ إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا مَا دَامَ عَلَيْهِ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ مَا كَانَ عَلَيْهِ فَنَزَعَهُ ثُمَّ لَبِسَهُ وَكَلَّمَهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَعَلَيْهِ هَذَا الثَّوْبُ فَنَزَعَهُ ثُمَّ لَبِسَهُ وَكَلَّمَهُ حَنِثَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي الْيَمِينِ إذَا جَعَلَ لَهَا غَايَةً. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك مَا دَامَ أَبَوَاك حَيَّيْنِ فَكَلَّمَهَا بَعْدَمَا مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ قَائِمٍ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ هَذَا الرَّجُلَ يَنْوِي مَا دَامَ قَائِمًا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِالْقِيَامِ كَانَتْ نِيَّتُهُ بَاطِلَةً وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الْقَائِمَ يَعْنِي مَا دَامَ قَائِمًا دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ وَيَنْوِي التَّخْصِيصَ. إذَا حَلَفَ لَيُكَلِّمَنَّهُ الْأَبَدَ فَهُوَ عَلَى أَنْ لَا يَمْتَنِعَ مِنْ كَلَامِهِ إذَا الْتَقَيَا وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الْأَبَدَ فَإِنْ كَلَّمَهُ حَنِثَ وَإِنْ عَنَى بِهِ أَنْ لَا يُكَلِّمَهُ كَلَامَ الْأَبَدِ لَمْ يَدِنْ فِي الْقَضَاءِ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا إلَى قُدُومِ الْحَاجِّ فَقَدِمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ انْتَهَتْ الْيَمِينُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا إلَى الْحَصَادِ فَحَصَدَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ بَلْدَتِهِ انْتَهَتْ الْيَمِينُ وَإِذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا تابرف نيفتد فَإِنْ نَوَى حَقِيقَةَ وُقُوعِ الثَّلْجِ لَا يُكَلِّمُهُ مَا لَمْ يَقَعْ الثَّلْجُ حَقِيقَةً عَلَى الْأَرْضِ وَيُشْتَرَطُ الْوُقُوعُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي الْحَالِفُ فِيهِ لَا فِي بَلَدٍ آخَرَ حَتَّى لَوْ كَانَ الْحَالِفُ فِي بَلَدٍ لَا يَقَعُ الثَّلْجُ هُنَاكَ كَانَتْ الْيَمِينُ بَاقِيَةً أَبَدًا وَحَقِيقَةُ وُقُوعِ الثَّلْجِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى كَنْسِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ مَا طَارَ فِي الْهَوَاءِ وَمَا لَا يَسْتَبِينُ عَلَى الْأَرْضِ إلَّا عَلَى رَأْسِ حَائِطٍ، أَوْ حَشِيشٍ وَإِنْ نَوَى وَقْتَ وُقُوعِ الثَّلْجِ لَا يُكَلِّمُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهُ وَهُوَ أَوَّلُ الشَّهْرِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: آذار وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْوَجْهَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى وَقَالَ: يَمِينُهُ عَلَى وَقْتِ الْوُقُوعِ وَإِذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا إلَى الْمَوْسِمِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُكَلِّمُهُ إذَا أَصْبَحَ يَوْمَ النَّحْرِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ عَرَفَةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي الْيَمِينِ إذَا جَعَلَ لَهَا غَايَةً. ذُكِرَ فِي أَيْمَانِ الْوَاقِعَاتِ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا إلَى الصَّيْفِ، أَوْ إلَى الشِّتَاءِ تَكَلَّمُوا فِي مَعْرِفَةِ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَالِفُ فِي بَلَدٍ لَهُمْ حِسَابٌ يَعْرِفُونَ الصَّيْفَ وَالشِّتَاءَ بِحِسَابٍ مُسْتَمِرٍّ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَأَوَّلُ الشِّتَاءِ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إلَى لُبْسِ الْحَشْوِ وَالْفَرْوِ وَآخِرُ ذَلِكَ مَا يَسْتَغْنِي النَّاسُ فِيهِ عَنْهُمَا وَالْفَاصِلُ بَيْنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ إذَا اسْتَثْقَلَتْ ثِيَابُ الشِّتَاءِ وَاسْتَخَفَّتْ ثِيَابُ الصَّيْفِ فَإِذَا الرَّبِيعُ مِنْ آخِرِ الشِّتَاءِ إلَى أَوَّلِ الصَّيْفِ وَالْخَرِيفُ مِنْ آخِرِ الصَّيْفِ إلَى أَوَّلِ الشِّتَاءِ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ هَذَا أَيْسَرُ لِلنَّاسِ وَلَوْ ذُكِرَ نوروز بِالْفَارِسِيَّةِ فَهُوَ عَلَى نَيْرُوزِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. لَيْلَةُ الْقَدْرِ عَلَى السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ إنْ عَامِّيًّا وَإِنْ عَارِفًا لِاخْتِلَافِهِمْ فَعِنْدَ الْإِمَامِ تَتَقَدَّمُ وَتَتَأَخَّرُ وَعِنْدَهُمَا لَا وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ حَتَّى تَمْضِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَقَدْ مَضَى يَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ لَا يُكَلِّمُهُ حَتَّى يَمْضِيَ كُلُّ الرَّمَضَانِ الثَّانِي وَعِنْدَهُمَا يُكَلِّمُهُ إذَا مَضَى يَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ الثَّانِي وَإِنْ حَلَفَ قَبْلَ رَمَضَانَ يُكَلِّمُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ رَمَضَانَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إنْ كَلَّمْت فُلَانًا

فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، أَوْ يَوْمَ الْخَمِيسِ حُرٌّ فَهُوَ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ فِي الْيَوْمَيْنِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ فِي الْأَيْمَانِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا التَّخْيِيرُ وَاَلَّتِي لَا يَقَعُ فِيهَا التَّخْيِيرُ. وَلَوْ قَالَ لَا يُكَلِّمُهُ جُمُعَةً وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهُوَ عَلَى أَيَّامِ الْجُمُعَةِ وَلَوْ قَالَ: جُمُعَتَيْنِ فَهُوَ عَلَى أَيَّامِ الْجُمُعَتَيْنِ وَلَوْ قَالَ عَلَى ثَلَاثِ جُمَعٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَكْمِلَ أَحَدًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَإِنْ نَوَى الْجُمَعَ خَاصَّةً لَا يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك الْجُمَعَ فَلَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ كَمَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك الْأَخْمِسَةَ، أَوْ الْآحَادَ، أَوْ الْأَثَانِينِ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَإِنْ نَوَى أَيَّامَ الْجُمُعَةِ يَعْنِي الْأُسْبُوعَ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الْعِشْرِينَ فِي الْأَوْقَاتِ. ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك الْجُمُعَةَ فَلَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اسْمٌ لِيَوْمٍ مَخْصُوصٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُك يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: جُمَعًا لَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك جُمُعًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثِ جُمَعٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا إلَى كَذَا إنْ نَوَى شَيْئًا مِنْ الْأَوْقَاتِ مِنْ الْوَاحِدِ إلَى الْعَشَرَةِ مِنْ السَّاعَاتِ، أَوْ مِنْ الْأَيَّامِ، أَوْ مِنْ الشُّهُورِ، أَوْ مِنْ السِّنِينَ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا يَنْصَرِفُ إلَى يَوْمٍ وَاحِدٍ وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُهُ إلَى كَذَا وَكَذَا إنْ نَوَى شَيْئًا مِنْ السَّاعَاتِ، أَوْ مِنْ الشُّهُورِ فَهُوَ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ مِمَّا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا يَنْصَرِفُ إلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ إلَى، كَذَا وَكَذَا إنْ نَوَى شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَا يَنْصَرِفُ إلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا يَنْصَرِفُ إلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْأَيْمَانِ الَّتِي تَكُونُ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ. إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا أَبَدًا، أَوْ لَمْ يَقُلْ أَبَدًا فَهُوَ عَلَى الْأَبَدِ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَلَّمَهُ حَنِثَ وَإِنْ نَوَى شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ بِأَنْ نَوَى يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً، أَوْ نَوَى بَلَدًا، أَوْ مَنْزِلًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ يَدِنْ فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا أَبَدًا وَكَلَّمَهُ بَعْدَمَا مَاتَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُهُ مَلِيًّا، أَوْ طَوِيلًا إنْ نَوَى شَيْئًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ عَلَى شَهْرٍ وَيَوْمٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُك قَرِيبًا فَهُوَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ بِيَوْمٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يَحْكِ عَنْ غَيْرِهِ بِخِلَافِهِ وَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ ذُكِرَ فِي أَيْمَانِ الْأَصْلِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ قَالَ: إلَى بَعِيدٍ فَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ الْمَنْسُوبِ إلَى الْمُعَلَّى إذَا قَالَ سَرِيعًا فَهُوَ عَلَى شَهْرٍ غَيْرَ يَوْمٍ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ عَلَى مَا نَوَاهُ وَلَوْ قَالَ عَاجِلًا فَهُوَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ وَلَوْ قَالَ آجِلًا فَهُوَ عَلَى شَهْرٍ فَصَاعِدًا وَلَوْ قَالَ: بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَفِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ وَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ إلَى تِسْعَةَ عَشَرَ صُدِّقَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إنْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ مَوْلَاك وَلَهُ مَوْلَيَانِ أَعْلَى وَأَسْفَلُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ حَنِثَ أَيُّهُمَا كَلَّمَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ جَدَّك وَلَهُ جَدَّانِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَالَ لِآخَرَ: لَا أُكَلِّمُك قَرِيبًا مِنْ سَنَةٍ لَا يُكَلِّمُهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَيَوْمًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: يَا فُلَانُ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك تِسْعَةَ أَيَّامٍ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ فَقَدْ حَنِثَ مَرَّتَيْنِ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ الثَّالِثَةُ إنْ كَلَّمَهُ فِي الثَّمَانِيَةِ الْأَيَّامِ حَنِثَ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك تِسْعَةَ أَيَّامٍ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك عَشَرَةَ فَقَدْ حَنِثَ مَرَّتَيْنِ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ الثَّالِثَةُ إنْ كَلَّمَهُ فِي الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ حَنِثَ أَيْضًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ: كُلَّمَا كَلَّمْت فُلَانًا يَوْمًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ كُلَّمَا كَلَّمْت فُلَانًا يَوْمَيْنِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمَيْنِ كُلَّمَا كَلَّمْت فُلَانًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ كُلَّمَا كَلَّمْت فُلَانًا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ كُلَّمَا كَلَّمْت فُلَانًا خَمْسَةَ

أَيَّامٍ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَلَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ مَرَّتَيْنِ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا وَلَوْ قَالَ فِي كُلِّ يَوْمٍ أُكَلِّمُ فِيهِ فُلَانًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ كُلَّ يَوْمَيْنِ أُكَلِّمُ فِيهِمَا فُلَانًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمَيْنِ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ إلَى خَمْسَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ فَعَلَيْهِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ خَمْسَةَ أَيْمَانٍ وَجَعَلَ جَزَاءَ الْيَمِينِ الْأُولَى التَّصَدُّقَ بِدِرْهَمٍ. وَجَزَاءَ الْيَمِينِ الثَّانِيَةَ التَّصَدُّقَ بِدِرْهَمَيْنِ وَضَرَبَ لِكُلِّ يَمِينٍ مُدَّةً وَسَمَّتْ الْفُقَهَاءُ كُلَّ مُدَّةٍ دَوْرًا فَمُدَّةُ الْيَمِينِ الْأُولَى يَوْمَ يَدُورُ وَيَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَدَوْرُ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ يَوْمَانِ فَيَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ وَدَوْرُ الْيَمِينِ الثَّالِثَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَدَوْرُ الْيَمِينِ الرَّابِعَةِ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَدَوْرُ الْيَمِينِ الْخَامِسَةِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ وَلَا يَحْنَثُ فِي كُلِّ دَوْرٍ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ عَقْدٌ بِكَلِمَةٍ " كُلٍّ " وَأَنَّهَا لَا تُوجِبُ التَّكْرَارَ إذْ التَّكْرَارُ قَضِيَّةُ عُمُومِ الْفِعْلِ لَا قَضِيَّةُ عُمُومِ الْوَقْتِ فَكُلُّ يَوْمٍ وُجِدَ بَعْدَ الْيَمِينِ فَهُوَ جَمِيعُ مُدَّةِ الْيَمِينِ الْأُولَى وَبَعْضُ مُدَّةِ سَائِرِ الْأَيْمَانِ فَإِذَا كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَالْيَوْمُ الدَّوْرُ الرَّابِعُ مِنْ الْيَمِينِ الْأُولَى وَهُوَ بِعَيْنِهِ تَتِمَّةُ الدَّوْرِ الثَّانِي مِنْ الْيَمِينِ الثَّانِي وَهُوَ بِعَيْنِهِ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الدَّوْرِ الثَّانِي لِلْيَمِينِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ بِعَيْنِهِ تَتِمَّةُ الدَّوْرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْيَمِينِ الرَّابِعَةِ وَهُوَ بِعَيْنِهِ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ الدَّوْرِ الْأَوَّلِ لِلْيَمِينِ الْخَامِسَةِ وَلَمْ يَحْنَثْ فِي هَذِهِ الْأَدْوَارِ أَصْلًا وَالشَّرْطُ الْوَاحِدُ يَصْلُحُ شَرْطَ الْأَيْمَانِ فَيَحْنَثُ فِي الْأَيْمَانِ كُلِّهَا فَيَلْزَمُهُ بِالْيَمِينِ الْأُولَى دِرْهَمٌ وَبِالثَّانِيَةِ دِرْهَمَانِ وَبِالثَّالِثَةِ ثَلَاثَةٌ وَبِالرَّابِعَةِ أَرْبَعَةٌ وَبِالْخَامِسَةِ خَمْسَةٌ وَجُمْلَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِذَا كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْخَامِسِ يَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ وَلَا يَحْنَثُ فِي الثَّالِثَةِ وَالْخَامِسَةِ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ الْخَامِسَ الدَّوْرُ الْخَامِسُ لِلْيَمِينِ الْأُولَى وَلَمْ يَحْنَثْ فِي هَذَا الدَّوْرِ فَيَحْنَثْ وَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الدَّوْرِ الثَّالِثِ لِلْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَحْنَثْ فِيهِ وَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الدَّوْرِ الثَّانِي لِلْيَمِينِ الرَّابِعَةِ وَلَمْ يَحْنَثْ فِيهِ فَيَحْنَثُ فَتَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ أُخْرَى فَيَصِيرُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ وَلَا يَحْنَثُ فِي الثَّالِثَةِ وَالْخَامِسَةِ؛ لِأَنَّهُ الْيَوْمُ الثَّانِي مِنْ الدَّوْرِ الثَّانِي لِلْيَمِينِ الثَّالِثَةِ. وَقَدْ حَنِثَ فِيهِ وَتَتِمَّةُ الدَّوْرِ الْأَوَّلِ لِلْيَمِينِ الْخَامِسَةِ وَقَدْ حَنِثَ فِيهِ فَلَا يَحْنَثُ ثَانِيًا فَالْحَاصِلُ أَنَّ تَجَدُّدَ الدَّوْرِ وَعَدَمَهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْكَلَامِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ بَعْدَ هَذِهِ الْأَيْمَانِ فِي أَيِّ يَوْمٍ كَلَّمَهُ فِي عُمْرِهِ يَلْزَمُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَإِنَّمَا آثَرُهُ فِي الْكَلَامِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَبِالثَّانِي دِرْهَمٌ لَا غَيْرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ إلَّا دَوْرُ الْيَمِينِ الْأُولَى وَلَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، أَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ يَلْزَمُهُ بِالْأَوَّلِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ بِالثَّانِي إلَّا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ إلَّا دَوْرُ الْيَمِينِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ هَذَا إذَا لَمْ يُخَاطِبْهُ أَمَّا إذَا خَاطَبَهُ بِأَنْ قَالَ: كُلَّمَا كَلَّمْتُك يَوْمًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ كُلَّمَا كَلَّمْتُك يَوْمَيْنِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمَيْنِ إلَى خَمْسَةٍ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ فِي الْيَمِينِ الْأَوَّلِ التَّصَدُّقُ بِدِرْهَمٍ وَشَرْطُهُ الْكَلَامُ مَعَهُ وَبِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ كَلَّمَ مَعَهُ فَيَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ وَهُوَ دِرْهَمٌ وَبَقِيَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً بِحَالِهَا؛ لِأَنَّهَا عُقِدَتْ بِكَلِمَةِ كُلَّمَا وَانْعَقَدَتْ الْيَمِينُ الثَّانِيَةُ. فَإِذَا خَاطَبَهُ بِالْيَمِينِ الثَّالِثَةِ وُجِدَ شَرْطُ انْحِلَالِ الْيَمِينَيْنِ فَيَلْزَمُهُ بِالْأُولَى دِرْهَمٌ وَبِالثَّانِيَةِ دِرْهَمَانِ وَبَقِيَتْ الْيَمِينَانِ مُنْعَقِدَتَيْنِ وَانْعَقَدَتْ الثَّالِثَةُ فَلَمَّا خَاطَبَهُ بِالْيَمِينِ الرَّابِعَةِ وُجِدَ شَرْطُ انْحِلَالِ الْأَيْمَانِ فَانْحَلَّتْ الْأَيْمَانُ كُلُّهَا فَيَلْزَمُهُ بِالْأُولَى دِرْهَمٌ وَبِالثَّانِيَةِ دِرْهَمَانِ وَبِالثَّالِثَةِ ثَلَاثَةٌ وَبَقِيَتْ الْأَيْمَانُ مُنْعَقِدَةً بِحَالِهَا وَانْعَقَدَتْ الرَّابِعَةُ فَلَمَّا خَاطَبَهُ بِالْيَمِينِ الْخَامِسَةِ انْحَلَّتْ الْأَيْمَانُ كُلُّهَا فَيَلْزَمُهُ بِالْأُولَى دِرْهَمٌ وَبِالثَّانِيَةِ دِرْهَمَانِ وَبِالثَّالِثَةِ ثَلَاثَةٌ وَبِالرَّابِعَةِ أَرْبَعَةٌ وَجُمْلَتُهُ عِشْرُونَ وَلَا يَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ الْخَامِسَةِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْكَلَامُ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ الْخَامِسَةِ

الباب السابع في اليمين في الطلاق والعتاق

يَحْنَثُ فِي الْأَيْمَانِ كُلِّهَا فَيَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا وَلَوْ قَالَ: كُلُّ يَوْمٍ أُكَلِّمُكَ فِيهِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ هَكَذَا إلَى خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَسَكَتَ فَعَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَلَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي يَلْزَمُهُ سِتَّةٌ أُخْرَى وَلَوْ كَلَّمَهُ فِي الثَّالِثِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَلَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ وَلَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْخَامِسِ وَجَبَ عَلَيْهِ سَبْعَةُ دَرَاهِمَ وَلَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْأَيْمَانِ يَلْزَمُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ بِالْيَمِينِ الْخَامِسَةِ لَا غَيْرَ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ الَّتِي يُوجِبُ بِهَا الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ الصَّدَقَةَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ] ِ لَوْ قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ أَشْتَرِيه فَهُوَ حُرٌّ فَالْأَوَّلُ الْوَاحِدُ الْمُنْفَرِدُ الَّذِي لَيْسَ قَبْلَهُ غَيْرُهُ فَإِذَا اشْتَرَى بَعْدَ يَمِينِهِ عَبْدًا عَتَقَ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَنِصْفَ عَبْدٍ عَتَقَ الْعَبْدُ الْكَامِلُ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَمَا يُشْتَرَى بَعْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ: آخِرُ عَبْدٍ أَشْتَرِيه فَهُوَ حُرٌّ فَالْآخَرُ اسْمٌ لِمُنْفَرِدٍ تَأَخَّرَ عَنْ غَيْرِهِ فِي الزَّمَانِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ هَذَا الِاسْمُ بِمَوْتِ الْحَالِفِ فَإِذَا اشْتَرَى عَبِيدًا ثُمَّ مَاتَ الْحَالِفُ عَتَقَ الْآخَرُ وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الْعَتْقِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ الْعَتْقُ مُسْتَنِدًا إلَى حِينِ الشِّرَاءِ حَتَّى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ فِي الصِّحَّةِ. وَلَوْ قَالَ: أَوْسَطُ عَبْدٍ أَشْتَرِيه فَهُوَ حُرٌّ فَالْأَوْسَطُ اسْمٌ لِلْفَرْدِ الْمُتَخَلَّلِ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ وَهَذَا إنَّمَا يُعْرَفُ أَيْضًا بِمَوْتِ الْحَالِفِ فَنَقُولُ: إذَا مَاتَ الْحَالِفُ فَإِنْ كَانَ الَّذِينَ اشْتَرَاهُمْ شَفْعًا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ الْأَوْسَطُ وَإِنْ كَانُوا خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَانَ الْأَوْسَطُ الْفَرْدَ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الشَّفْعَيْنِ وَكُلُّ مَنْ حَصَلَ مِنْهُمْ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَوْسَطَ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ أَوْ قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ وَحْدَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ عَبْدَيْنِ ثُمَّ عَبْدًا عَتَقَ الثَّالِثُ وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ وَاحِدًا لَا يَعْتِقُ الثَّالِثُ إلَّا إذَا عَنَى وَحْدَهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ بِالدَّنَانِيرِ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدًا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالْعُرُوضِ ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا بِالدَّنَانِيرِ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ أَسْوَدَ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبِيدًا بِيضًا ثُمَّ أَسْوَدَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ بَشَّرَنِي بِوِلَادَةِ فُلَانَةَ فَهُوَ حُرٌّ فَبَشَّرَهُ ثَلَاثَةٌ مُتَفَرِّقَيْنِ عَتَقَ الْأَوَّلُ بِخِلَافِ مَا إذَا بَشَّرُوهُ مَعًا حَيْثُ يَعْتِقُ الْجَمِيعُ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ: وَإِنْ قَالَ عَنَيْتُ وَاحِدًا لَمْ يَدِنْ فِي الْقَضَاءِ وَأَمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَسَعُهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُمْ وَاحِدًا فَيُمْضِي عِتْقَهُ وَيُمْسِكُ الْبَقِيَّةَ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَبْدُهُ حُرٌّ ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يُطَلِّقَ أَوْ لَا يَعْتِقَ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ لَا يَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَطَلُقَتْ وَعَتَقَ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُطَلَّقُ أَوْ لَا يَعْتِقُ ثُمَّ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَبْدُهُ حُرٌّ وَدَخَلَ حَنِثَ فِي الْيَمِينَيْنِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَك أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: اعْتِقْ نَفْسَك أَوْ وَكِّلْ رَجُلًا بِذَلِكَ ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يُطَلِّقَ أَوْ لَا يَعْتِقَ ثُمَّ فَعَلَ الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْوَكِيلُ حَنِثَ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ أَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْت ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يُطَلِّقَ أَوْ لَا يَعْتِقَ فَشَاءَتْ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْكَافِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يُطَلِّقُ أَوْ لَا يُعْتِقُ فَوَكَّلَ بِذَلِكَ حَنِثَ وَلَوْ قَالَ: عَنَيْت أَنْ لَا أَتَكَلَّمَ بِهِ لَمْ يَدِنْ فِي الْقَضَاءِ خَاصَّةً، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَقَالَ الْآخَرُ: عَلَيَّ مِثْلُ ذَلِكَ إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَ الثَّانِي لَمْ يَعْتِقْ عَبْدُهُ وَلَوْ قَالَ الْأَوَّلُ: لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ نَسَمَةٍ إنْ دَخَلْتُ فَقَالَ الثَّانِي: فَعَلَيَّ مِثْلُ ذَلِكَ إنْ دَخَلْتُ لَزِمَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَلَوْ قَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ إلَّا رَجُلٌ فَإِذَا فِي الْبَيْتِ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ أَوْ رَجُلٌ

وَامْرَأَةٌ حَنِثَ وَلَوْ كَانَ رَجُلٌ وَدَابَّةٌ أَوْ مَتَاعٌ لَمْ يَحْنَثْ. وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ إلَّا شَاةٌ فَإِذَا فِيهِ دَابَّةٌ غَيْرُ الشَّاةِ حَنِثَ. وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ إلَّا ثَوْبٌ حَنِثَ بِإِنْسَانٍ وَدَابَّةٍ، كَذَا فِي الْكَافِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. مَنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ يَعْتِقُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَمُدْبِرُوهُ وَعَبِيدُهُ وَيَدْخُلُ الْإِمَاءُ وَالذُّكُورُ وَلَوْ نَوَى الذُّكُورَ فَقَطْ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً وَلَوْ نَوَى السُّودَ دُونَ غَيْرِهِمْ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً وَلَوْ نَوَى النِّسَاءَ وَحْدَهُنَّ لَا يُصَدَّقُ دِيَانَةً وَلَا قَضَاءً وَلَوْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ الْمُدَبَّرِينَ فِي رِوَايَةٍ يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً وَفِي رِوَايَةً لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَدْخُلُ تَحْتَهُ عَبْدُ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْآبِقُ وَالْمَغْصُوبُ وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْمُكَاتَبُ إلَّا أَنْ يَعْنِيَهُ وَإِنْ عَنَى الْمُكَاتَبِينَ عَتَقُوا، كَذَا لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْعَبْدُ الَّذِي أُعْتِقَ بَعْضُهُ وَيَدْخُلُ عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَأَمَّا عَبِيدُ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهَلْ يَدْخُلُونَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ نَوَاهُمْ عَتَقُوا وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَمْلُوكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ، كَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لِأَنَّ بَعْضَ الْمَمْلُوكِ لَا يُسَمَّى مَمْلُوكًا حَقِيقَةً وَإِنْ نَوَاهُ عَتَقَ اسْتِحْسَانًا. وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْحَمْلُ إنْ كَانَتْ أُمُّهُ فِي مِلْكِهِ يَدْخُلُ وَيَعْتِقُ بِعَتْقِهَا وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ الْحَمْلُ دُونَ الْأَمَةِ بِأَنْ كَانَ مُوصًى لَهُ بِالْحَمْلِ لَمْ يَعْتِقْ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَكَاتَبَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَأَجَازَ الْحَالِفُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ كَمَا يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَعْتِقَ عَبْدُهُ فَأَدَّى الْعَبْدُ مُكَاتَبَتَهُ عَتَقَ فَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ بَعْدَ الْيَمِينِ حَنِثَ الْحَالِفُ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْيَمِينِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْيَمِينِ عَلَى التَّزْوِيجِ. مَنْ قَالَ: إنْ تَسَرَّيْتُ جَارِيَةً فَهِيَ حُرَّةٌ فَتَسَرَّى جَارِيَةً كَانَتْ فِي مِلْكِهِ عَتَقَتْ وَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَتَسَرَّاهَا لَمْ تَعْتِقْ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ تَسَرَّيْت أَمَةً فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ فَتَسَرَّى مَنْ فِي مِلْكِهِ أَوْ مَنْ اشْتَرَاهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ وَلَوْ قَالَ لِأَمَةٍ: إنْ تَسَرَّيْت بِك فَعَبْدِي حُرٌّ فَاشْتَرَاهَا فَتَسَرَّى بِهَا فَعَتَقَ عَبْدُهُ الَّذِي كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْحَلِفِ وَلَا يَعْتِقُ مَنْ اشْتَرَى بَعْدَهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: إذَا بَاعَك فُلَانٌ فَأَنْت حُرَّةٌ فَبَاعَهَا مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ لَمْ تَعْتِقْ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ بَيْعُ فُلَانٍ إيَّاهَا وَبَيْعُ فُلَانٍ مِنْ الْحَالِفِ سَبَبٌ لِزَوَالِ مِلْكِهِ فَأَمَّا وُقُوعُ الْمِلْكِ لِلْحَالِفِ فَبِشِرَائِهِ لَا بَيْعِ فُلَانٍ وَإِنْ قَالَ: إنْ وَهَبَك فُلَانٌ لِي فَأَنْت حُرَّةٌ فَوَهَبَهَا وَهُوَ قَابِضٌ لَهَا عَتَقَتْ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ إذَا بَاعَك فُلَانٌ مِنِّي فَأَنْتِ حُرَّةٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ بَعَثْتُ إلَيْك فَلَمْ تَأْتِنِي فَعَبْدِي حُرٌّ فَبَعَثَ إلَيْهِ فَأَتَاهُ ثُمَّ بَعَثَ إلَيْهِ ثَانِيًا فَلَمْ يَأْتِهِ حَنِثَ وَلَا تَبْطُلُ الْيَمِينُ بِالْبِرِّ حَتَّى يَحْنَثَ مَرَّةً فَحِينَئِذٍ تَبْطُلُ الْيَمِينُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ بَعَثْت إلَيَّ فَلَمْ آتِك وَلَوْ قَالَ: إنْ أَتَيْتنِي فَلَمْ آتِك أَوْ قَالَ: إنْ زُرْتنِي فَلَمْ أَزُرْك فَهُوَ عَلَى الْأَبَدِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ تُطَلِّقِي نَفْسَك فَعَبْدِي حُرٌّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ عَلَى الْمَجْلِسِ وَهُوَ إذْنٌ لَهَا فِي الطَّلَاقِ إذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فِي الْمَجْلِسِ طَلُقَتْ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ لَمْ تَبِعْ عَبْدِي هَذَا فَعَبْدِي الْآخَرُ هَذَا حُرٌّ فَهُوَ إذْنٌ لَهُ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ عَلَى الْأَبَدِ وَلَوْ قَالَ إنْ: دَخَلْتُ الْكُوفَةَ وَلَمْ أَتَزَوَّجْ فَعَبْدِي حُرٌّ فَهُوَ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ قَالَ: فَلَمْ أَتَزَوَّجْ فَهُوَ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ حِينَ يَدْخُلُ وَلَوْ قَالَ: ثُمَّ لَمْ أَتَزَوَّجْ فَهُوَ عَلَى الْأَبَدِ بَعْدَ الدُّخُولِ. رَجُلٌ قِيلَ لَهُ: تَزَوَّجَ فُلَانَةَ فَقَالَ: إنْ تَزَوَّجْت أَبَدًا فَعَبْدِي حُرٌّ فَتَزَوَّجَ غَيْرَ فُلَانَةَ حَنِثَ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ تُرِكْتُ أَنْ أَمَسَّ السَّمَاءَ فَعَبْدِي حُرٌّ لَا يَحْنَثُ. رَجُلٌ قَالَ: عَبْدِي حُرٌّ إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ حَنِثَ مِنْ سَاعَتِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلٍ فِيمَا يَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى الْأَبَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

الباب الثامن في اليمين في البيع والشراء والتزوج وغير ذلك

[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزَوُّجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ] َ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي أَوْ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يُؤَاجِرُ فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يَأْمُرَ غَيْرَهُ فَحِينَئِذٍ شَدَّدَ الْأَمْرَ عَلَى نَفْسِهِ بِنِيَّتِهِ أَوْ يَكُونُ الْحَالِفُ مِمَّنْ لَا يُبَاشِرُ هَذِهِ الْعُقُودَ بِنَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ بِالتَّفْوِيضِ فَإِنْ كَانَ يُبَاشِرُ تَارَةً وَيُفَوِّضُ أُخْرَى يُعْتَبَرُ الْغَالِبُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبِاَلَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَبِالْبَيْعِ بِطَرِيقِ الْفُضُولِ وَبِالْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ عِنْدَ التَّقَابُضِ وَلَا يَحْنَثُ بِالْبَيْعِ الْبَاطِلِ وَبَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَكَذَا بِالْإِقَالَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ أَمَّا لَوْ تَبَايَعَا بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ ابْتِدَاءً فَيَحْنَثُ وَلَا يَحْنَثُ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِالتَّرَاضِي وَلَا يَحْنَثُ بِدُونِ قَبُولِ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ الْفُضُولِيُّ مَالَهُ فَأَجَازَ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يَتَوَلَّى الْبَيْعُ بِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي فَاشْتَرَى شَيْئًا مِنْ الْفُضُولِيِّ أَوْ الْخَمْرِ يَحْنَثُ، كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ حَلَفَ أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ فَسُرِقَ مِنْهُ قَالَ: لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَسْتَيْقِنْ بِمَوْتِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَكَذَا فَأَعْتَقَ الْعَبْدَ أَوْ دَبَّرَهُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ لِلْجَارِيَةِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَحْنَثُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ لَمْ أَبِعْك فَأَنْت حُرَّةٌ فَاسْتَوْلَدَهَا عَتَقَتْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. حَلَفَ لَا يَبِيعُ هَذَا الْعَبْدَ وَلَا يَهَبُهُ قَالَ نُصَيْرٌ: يَهَبُ وَيَبِيعُ نِصْفَهُ فَلَا يَحْنَثُ. سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ حَلَفَ لَيَبِيعَنَّ جَارِيَتَهُ وَلَا يُوَقِّتُ حَتَّى وَلَدَتْ مِنْهُ فَقَالَ: لَا يَحْنَثُ الْمَوْلَى اسْتِحْسَانًا. وَسُئِلَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ عَمَّنْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: إنْ لَمْ أَبِعْك إلَى شَهْرٍ فَأَنْت حُرَّةٌ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ مِنْهُ قَالَ: يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ الشَّهْرِ إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَنِثَ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ الشَّهْرِ وَإِذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ الشَّهْرِ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْحَاوِي رَجُلٌ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَبِيعَنَّ أُمَّ وَلَدِ فُلَانٍ أَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَبِيعَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الْحُرَّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إنْ بَاعَهُمَا بَيْعًا فَاسِدًا بَرَّ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: لَوْ بِعْت هَذَا الْمَمْلُوكَ مِنْ زَيْدٍ فَهُوَ حُرٌّ فَقَالَ زَيْدٌ: قَدْ أَجَزْت ذَلِكَ أَوْ رَضِيت ثُمَّ اشْتَرَى لَمْ يَعْتِقْ وَلَوْ قَالَ: إنْ اشْتَرَى زَيْدٌ مِنِّي هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ قَالَ زَيْدٌ: نَعَمْ ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. رَوَى هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَبِيعُك هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةٍ حَتَّى تَزِيدَنِي فَبَاعَهُ بِتِسْعَةٍ لَا يَحْنَثُ فِي الْقِيَاسِ يَحْنَثُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَحْنَثُ وَبِالْقِيَاسِ أُخِذَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ بِعَشَرَةٍ إلَّا بِأَكْثَرَ أَوْ بِزِيَادَةٍ فَبَاعَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ يَحْنَثُ وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بِتِسْعَةٍ وَدِينَارٍ فِي الْقِيَاسِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ حَتَّى يُنْقِصَهُ إنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ يَحْنَثُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِأَحَدَ عَشَرَ يَحْنَثُ أَيْضًا وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِتِسْعَةٍ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِتِسْعَةٍ وَدِينَارٍ لَمْ يَحْنَثْ قِيلَ: هَذَا جَوَابُ الْقِيَاسِ أَمَّا عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ فَيَحْنَثُ. وَلَوْ قَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ اشْتَرَاهُ بِعَشْرَةٍ إلَّا بِالْأَقَلِّ أَوْ بِالْأَنْقَصِ فَاشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ أَوْ بِأَكْثَرَ يَحْنَثُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِتِسْعَةٍ وَدِينَارٍ أَوْ بِتِسْعَةٍ وَثَوْبٍ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَحْنَثَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: لَا أَبِيعُكَ بِعَشَرَةٍ حَتَّى تَزِيدَنِي فَبَاعَهُ بِتِسْعَةٍ وَدِينَارٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ فِي التَّسَاوُمِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ دَارِهِ فَأَعْطَاهَا امْرَأَتَهُ فِي صَدَاقِهَا حَنِثَ قَالَ

الصَّدْرُ الشَّهِيدُ هَذَا: إذَا تَزَوَّجَهَا بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ أَعْطَاهَا الدَّارَ عِوَضًا عَنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ أَمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. حَلَفَ لَا يَبِيعُ هَذَا الْفَرَسَ فَأَخَذَ رَجُلٌ ذَلِكَ الْفَرَسَ وَأَعْطَاهُ بَدَّلَهُ وَرَضِيَ صَاحِبُ الْفَرَسِ بِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. اشْتَرَى بِالتَّعَاطِي ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ مَا اشْتَرَى أَجَابَ الْإِمَامُ عَلَمُ الْهُدَى الْمَاتُرِيدِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَاخْتَارَهُ ظَهِيرُ الدِّينِ. وَكَذَا لَوْ بَاعَ بِالتَّعَاطِي ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ لَا يَحْنَثُ وَكَذَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ الثَّانِي وَقَالَ الْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ: لَا يَحِلُّ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ بِالتَّعَاطِي أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْبَيْعِ بَلْ يَشْهَدُ عَلَى التَّعَاطِي، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. الْأَصْلُ أَنَّ مَنْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى فِعْلٍ فِي مَحَلٍّ وَذَكَرَ اللَّامَ يُنْظَرُ إنْ ذَكَرَ اللَّامَ مَقْرُونًا بِمَحِلِّ الْفِعْلِ فَيَمِينُهُ عَلَى فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فِي مِلْكِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَتَّى إذَا فَعَلَ الْحَالِفُ ذَلِكَ الْفِعْلَ فِي مِلْكِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَنِثَ سَوَاءٌ فَعَلَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ مِمَّا تَجْرِي فِيهِ الْوَكَالَةُ أَوْ لَا تَجْرِي وَإِنْ ذَكَرَ اللَّامَ مَقْرُونًا بِالْفِعْلِ إنْ كَانَ فِعْلًا تَجْرِي فِيهِ الْوَكَالَةُ وَلَهُ حُقُوقٌ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ فِيهِ بِعُهْدَةِ مَا لَحِقَهُ مِنْ الْحُقُوقِ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَيَمِينُهُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْأَمْرِ حَتَّى إذَا فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ فِي مَحِلِّهِ بِأَمْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يَحْنَثُ سَوَاءٌ كَانَ مَحِلُّ الْفِعْلِ مِلْكَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ مِلْكَ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَا تَجْرِي فِيهِ الْوَكَالَةُ أَصْلًا كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَوْ تَجْرِي فِيهِ الْوَكَالَةُ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حُقُوقٌ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ كَالضَّرْبِ وَنَحْوِهِ فَيَمِينُهُ عَلَى فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فِي مِلْكِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ فِي مِلْكِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ فَعَلَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ بِأَمْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ: إنْ بِعْت لَك ثَوْبًا فَعَبْدِي حُرٌّ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَدَفَعَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ثَوْبًا إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الْحَالِفِ لِيَبِيعَهُ فَجَاءَ الْمُتَوَسِّطُ بِالثَّوْبِ إلَى الْحَالِفِ وَقَالَ: بِعْ هَذَا الثَّوْبَ لِفُلَانٍ يَعْنِي الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَوْ قَالَ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ وَلَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ إلَّا أَنَّ الْحَالِفَ يَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَبَاعَ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ قَالَ الْمُتَوَسِّطُ: هَذَا الثَّوْبَ لِي أَوْ قَالَ: بِعْهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْحَالِفُ أَنَّهُ رَسُولُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَبَاعَ لَا يَحْنَثُ. وَأَمَّا إذَا قَالَ: إنْ بِعْت ثَوْبًا لَكَ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا يَحْنَثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءً قَالَ لَهُ الْمُتَوَسِّطُ بِعْهُ لِفُلَانٍ أَوْ قَالَ: بِعْهُ لِي أَوْ قَالَ: بِعْهُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الثَّوْبُ مَمْلُوكًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ نَوَى فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ أَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا هُوَ مِلْكُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَنَوَى فِي الْفَصْلِ الثَّانِي أَنْ يَبِيعَ بِأَمْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي لَا يُصَدِّقُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعَ عَشَرَ. فِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَلَفَ لَا يَبِيعُ لِفُلَانٍ ثَوْبًا ثُمَّ بَاعَ الْحَالِفُ ثَوْبًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَأَجَازَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ الْبَيْعَ يَحْنَثُ وَلَوْ بَاعَهُ الْحَالِفُ لِنَفْسِهِ لَا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِيمَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ لَك شَيْئًا مِنْ مَتَاعِك فَبَاعَ وِسَادَةً فِيهَا صُوفُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. إذَا سَاوَمَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِعَبْدٍ فَأَرَادَ الْبَائِعُ أَلْفًا وَسَأَلَهُ الْمُشْتَرِي بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَالَ الْبَائِعُ: هُوَ حُرٌّ إنْ حَطَطْت عَنْك مِنْ الْأَلْفِ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: بِعْتُك بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ حَنِثَ الْبَائِعُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ قَالَ عِنْدَ الْمُسَاوِمَةِ: إنْ حَطَطْت مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَهُوَ حُرٌّ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَلَوْ حَطَّ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَلَكِنْ لَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ زَائِلٌ عَنْ مِلْكِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ أَوْ عِتْقَ عَبْدٍ آخَرَ تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لَهُ بَعْضَ الثَّمَنِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ

بَعْدَهُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ حَطَّ عَنْهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ أَوْ وَهَبَ مِنْهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ إنْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا ثَوْبًا فَأَبَى الْبَائِعُ أَنْ يُنْقِصَهُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ اشْتَرَاهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَاشْتَرَاهُ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَدِينَارٍ أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَثَوْبٍ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِأَحَدَ عَشَرَ وَدِينَارٍ أَوْ بِأَحَدَ عَشَرَ وَثَوْبٍ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ أَوْ بِعَشَرَةٍ وَدِينَارٍ أَوْ بِتِسْعَةٍ وَدِينَارٍ: لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ فِي الْمُسَاوِمَةِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ. بَاعَ أَشْيَاءَ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ ثَمَنَهُ فَأَخَذَ بِهَا حِنْطَةً حَنِثَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي الشِّرَاءِ وَلَوْ حَلَفَ لَا أَبِيعُ هَذَا مِنْ أَحَدٍ فَبَاعَهُ مِنْ اثْنَيْنِ حَنِثَ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. حَلَفَ لَا يَشْتَرِي ثَوْبًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَاشْتَرَى كِسَاءَ خَزٍّ أَوْ طَيْلَسَانًا أَوْ فَرْوًا أَوْ قَبَاءً يَحْنَثُ. وَلَوْ اشْتَرَى مَسْحًا أَوْ بِسَاطًا أَوْ قَلَنْسُوَةً أَوْ طُنْفُسَةً لَا يَحْنَثُ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى خِرْقَةً لَا تُسَاوِي نِصْفَ ثَوْبٍ وَلَوْ بَلَغَ النِّصْفَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ يَحْنَثُ وَلَوْ اشْتَرَى قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ يَحْنَثُ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لَهَا ثَوْبًا فَاشْتَرَى لَهَا الْخِمَارَ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْجَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي كَتَّانًا فَهُوَ فِي عُرْفِنَا ثَوْبُ الْكَتَّانِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ مِنْ فُلَانٍ فَأَسْلَمَ الْحَالِفُ إلَيْهِ فِي ثَوْبٍ حَنِثَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ لِأَمَتِهِ ثَوْبًا جَدِيدًا فَالْجَدِيدُ فِي الْعُرْفِ مَا لَا يَكُونُ غَسِيلًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي طَعَامًا فَاشْتَرَى حِنْطَةً حَنِثَ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ خُبْزًا لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَدْفَعْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ إلَى الْخَبَّازِ أَوَّلًا ثُمَّ يَقُولُ: ادْفَعْ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ خُبْزًا وَلَوْ قَالَ قَبْلَ الدَّفْعِ إلَى الْخَبَّازِ لَا يَحْنَثُ وَفِي الْجَامِعِ يَحْنَثُ إذَا أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الدَّرَاهِمِ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ شَعِيرًا فَاشْتَرَى حِنْطَةً فِيهَا حَبَّاتُ شَعِيرٍ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي آجُرًّا أَوْ خَشَبًا أَوْ قَصَبًا فَاشْتَرَى دَارًا لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي ثَمَرَ نَخْلٍ فَاشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ وَفِي النَّخْلِ ثَمَرَةٌ وَشَرَطَ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَةَ يَحْنَثُ، كَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي بَقْلًا فَاشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا بَقْلٌ وَاشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي الْبَقْلَ يَحْنَثُ لِدُخُولِ الْبَقْلِ فِي الْبَيْعِ مَقْصُودًا لَا تَبَعًا وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لَحْمًا فَاشْتَرَى شَاةً حَيَّةً لَا يَحْنَثُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي زَيْتًا فَاشْتَرَى زَيْتُونًا وَعَلَى هَذَا قَالُوا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي قَصَبًا وَلَا خُوصًا فَاشْتَرَى بُورِيًّا أَوْ زَبِيلًا مِنْ خُوصٍ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي جَدْيًا فَاشْتَرَى شَاةً حَامِلًا بِجَدْيٍ أَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي مَمْلُوكًا صَغِيرًا فَاشْتَرَى أَمَةً حَامِلًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي شَجَرًا فَاشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا شَجَرٌ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي حَائِطًا فَاشْتَرَى دَارًا مَبْنِيَّةً كَانَ حَانِثًا اسْتِحْسَانًا. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ نَخْلًا فَاشْتَرَى حَائِطًا فِيهِ نَخْلٌ حَنِثَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي صُوفًا فَاشْتَرَى شَاةً عَلَى ظَهْرِهَا صُوفٌ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِصُوفٍ مَجْزُوزٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الصُّوفِ لَا يَحْنَثُ بِشِرَاءِ إهَابٍ عَلَيْهِ صُوفٌ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْنَثُ بِالْإِهَابِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لَبَنًا فَاشْتَرَى شَاةً فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِلَبَنٍ مِنْ جِنْسِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَذَا وَبَيْعُ الشَّاةِ بِاللَّحْمِ سَوَاءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا يَكُونُ حَانِثًا فِي يَمِينٍ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ لَبَنًا وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي أَلْيَةً فَاشْتَرَى شَاةً مَذْبُوحَةً كَانَ حَانِثًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إذَا دَخَلَ فِي الشِّرَاءِ تَبَعًا

لِغَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا يَقَعُ بِهِ الْحِنْثُ وَإِنْ دَخَلَ مَقْصُودًا يَقَعُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لَحْمًا فَاشْتَرَى رَأْسًا لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي رَأْسًا فَهَذَا عَلَى رَأْسِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا عَلَى رَأْسِ الْغَنَمِ وَهَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي شَحْمًا فَاشْتَرَى شَحْمَ الْبَطْنِ يَحْنَثُ وَلَوْ اشْتَرَى شَحْمَ الظَّهْرِ وَهُوَ الشَّحْمُ الَّذِي يُخَالِطُ اللَّحْمَ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ: لَا يَشْتَرِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ إلَّا لَحْمًا فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا لَحْمًا وَبِبَعْضِهَا غَيْرَ لَحْمٍ لَا يَكُونُ حَانِثًا حَتَّى يَشْتَرِيَ بِكُلِّهَا غَيْرَ لَحْمٍ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَشْتَرِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ غَيْرَ لَحْمٍ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا غَيْرَ لَحْمٍ فِي الْقِيَاسِ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ حَانِثًا وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي صُوفًا أَوْ شَعْرًا فَهُوَ عَلَى غَيْرِ الْمَعْمُولِ وَلَا يَحْنَثُ بِشِرَاءِ الْمِسْحِ وَالْجُوَالِقِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِيَ دُهْنًا فَهُوَ عَلَى دُهْنٍ جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ أَنْ يَدَّهِنُوا بِهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَيْسَ فِي الْعَادَةِ أَنْ يَدَّهِنُوا بِهِ مِثْلُ الزَّيْتِ وَالْبَرْزِ وَدُهْنِ الْخِرْوَعِ وَدُهْنِ الْأَكَارِعِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ اشْتَرَى زَيْتًا مَطْبُوخًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ حِينَ حَلَفَ يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ بَنَفْسَجًا أَوْ خَطِيمًا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ عَلَى الدُّهْنِ دُونَ الْوَرِقِ قَالُوا: فِي عُرْفِنَا لَا يَحْنَثُ بِشِرَاءِ دُهْنِ الْبَنَفْسَجِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لِفُلَانٍ فَاشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ بِأَمْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. حَلَفَ لَيَشْتَرِيَنَّ لَهُ هَذَا الشَّيْءَ فَاشْتَرَاهُ لَهُ ثُمَّ أَنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ الشَّيْءَ إلَى الْبَائِعِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ: إنْ اشْتَرَيْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى لِغَيْرِهِ هَلْ تَنْحَلُّ يَمِينُهُ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ قَالَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي عَبْدَ فُلَانٍ فَأَجَّرَ دَارِهِ مِنْ فُلَانٍ بِعَبْدِهِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ وَلَا يَأْمُرُ أَحَدًا يَشْتَرِي لَهُ هَذَا الْعَبْدَ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَشْتَرِي عَبْدًا آخَرَ فَيَأْذَنُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَيَشْتَرِي الْمَأْذُونُ الْعَبْدَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَحْجُرُ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ الْعَبْدُ لَهُ وَلَا يَحْنَثُ لِعَدَمِ شَرْطِ الْحِنْثِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي امْرَأَةً فَاشْتَرَى جَارِيَةً صَغِيرَةً لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ نَظَرَ إلَى عَشْرِ جَوَارٍ وَقَالَ: إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً مِنْ هَذِهِ الْجَوَارِي فَهِيَ حُرَّةٌ فَاشْتَرَى جَارِيَةً لِغَيْرِهِ مِنْهُنَّ ثُمَّ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ لَا تَعْتِقُ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَتَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً إحْدَاهُمَا لِنَفْسِهِ وَالْأُخْرَى لِغَيْرِهِ لَمْ تَعْتِقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي فَصْلِ التَّعْلِيقَاتِ مِنْ كِتَابِ الْعَتَاقِ. فِي الْمُنْتَقَى حَلَفَ لَا يَشْتَرِي جَارِيَةً فَاشْتَرَى عَجُوزًا أَوْ رَضِيعَةً حَنِثَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي غُلَامًا مِنْ السِّنْدِ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ الْجِنْسِ وَلَوْ قَالَ: مِنْ خُرَاسَانَ فَاشْتَرَى خُرَاسَانِيًّا بِغَيْرِ خُرَاسَانَ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَشْتَرِيَهُ مِنْ خُرَاسَانَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اشْتَرَى ثَلَاثَ دَوَابِّ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ اشْتَرَى وَاحِدًا بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ يَحْنَثُ. ثَمَانُونَ شَاةً بَيْنَهُمَا حَلَفَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَرْبَعِينَ يَحْنَثُ وَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَرْبَعِينَ لَا يَحْنَثُ وَلَا تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى صَاحِبِ الْعَبْدِ ثُمَّ حَلَفَ فَقَالَ: إنْ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ الدِّرْهَمِ وَأَشَارَ إلَى أَلْفٍ مَدْفُوعَةٍ فَهَذِهِ الْأَلْفُ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ فَقَالَ صَاحِبُ الْعَبْدِ: إنْ بِعْت هَذَا الْعَبْدَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ فَهِيَ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ وَأَشَارَ إلَى تِلْكَ الْأَلْفِ أَيْضًا ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْعَبْدِ بَاعَ الْعَبْدَ بِتِلْكَ الْأَلْفِ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا دُونَ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى نِصْفَ

فصل حلف أن لا يتزوج هذه المرأة فتزوجها نكاحا فاسدا

عَبْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَى النِّصْفَ الْبَاقِيَ لَمْ يَعْتِقْ هَذَا النِّصْفُ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا عِتْقُ النِّصْفِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا فِي الْمُعَيَّنِ لَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ كَالشِّرَاءِ عَتَقَ عَلَيْهِ هَذَا النِّصْفُ، وَكَذَا فِي الدَّرَاهِمِ لَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَا فَمَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَلَكَ مِائَةً أُخْرَى لَمْ يَجِبْ التَّصَدُّقُ وَفِي الْمُعَيَّنِ يَجِبُ وَفِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ لَوْ قَالَ: عَنَيْت بِهِ الْجُمْلَةَ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً وَصُدِّقَ دِيَانَةً، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: إنْ اشْتَرَيْتُمَا أَوْ مَلَكْتُمَا عَبْدًا فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ فَمَلَكَا عَبْدًا بَيْنَهُمَا أَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا وَبَاعَ مِنْ الْآخَرِ يَحْنَثُ. إنْ كُنْت مَلَكْت إلَّا خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَلَا يَمْلِكُ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ مَلَكَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ أَوْ سَائِمَةً أَوْ شَيْئًا لِلتِّجَارَةِ حَنِثَ وَإِنْ مَلَكَ مَعَ الْخَمْسِينَ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ رَقِيقًا أَوْ دَارًا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ فِي الْعُرْفِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مِنْ الْمَالِ إلَّا خَمْسِينَ وَمُطْلَقُ اسْمِ الْمَالِ يَنْصَرِفُ إلَى مَالِ الزَّكَاةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ الذَّهَبَ أَوْ الْفِضَّةَ يَدْخُلُ فِيهِ التِّبْرُ وَالْمَصُوغُ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَدْخُلُ فِيهِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَلَوْ اشْتَرَى خَاتَمَ فِضَّةٍ حَنِثَ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلَّى بِفِضَّةٍ وَلَا يُشْبِهُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ مَا سِوَاهُمَا إذَا كَانَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فِي سَيْفٍ أَوْ مِنْطَقَةٍ فَقَدْ اشْتَرَاهُ مَعَ السَّيْفِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبَا أَوْ فِضَّةً وَإِنْ كَانَ ثَمَنَ حِنْطَةٍ أَوْ غَيْر ذَلِكَ لَا يَكُونُ حَانِثًا. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ حَدِيدًا يَدْخُلُ فِيهِ الْمَعْمُولُ وَغَيْرُ الْمَعْمُولِ وَالسِّلَاحُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَدْخُلُ فِيهِ مَا يُسَمَّى بَائِعُهُ حَدَّادًا وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ السِّلَاحُ كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ الْأَبْيَضِ وَالدِّرْعِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْإِبَرُ وَالْمُسَالُ قَالُوا: فِي عُرْفِ دِيَارِنَا لَا يَحْنَثُ فِي الْمَسَامِيرِ وَالْأَقْفَالِ. وَالصُّفْرُ وَالشَّبَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَدِيدِ إذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي صُفْرًا يَدْخُلُ فِيهِ الْمَعْمُولُ وَغَيْرُهُ وَالْفُلُوسُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تَدْخُلُ فِيهِ الْفُلُوسُ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ حَدِيدًا فَاشْتَرَى بَابًا بِحَدِيدٍ أَقَلَّ مِمَّا فِيهِ ذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا فِيهِ جَازَ الْبَيْعُ وَيَكُونُ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ فَصًّا فَاشْتَرَى خَاتَمًا فِيهِ فَصٌّ كَانَ حَانِثًا وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْحَلْقَةِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ يَاقُوتَةً فَاشْتَرَى خَاتَمًا فَصُّهُ يَاقُوتَةٌ كَانَ حَانِثًا وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ زُجَاجًا فَاشْتَرَى خَاتَمًا فَصُّهُ مِنْ زُجَاجٍ إنْ كَانَ الْفَصُّ لَا يَزِيدُ عَلَى ثَمَنِ الْحَلْقَةِ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَإِنْ كَانَ يَزِيدُ عَلَيْهِ كَانَ حَانِثًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي بَابًا مِنْ السَّاجِ فَاشْتَرَى دَارًا لَهَا بَابٌ مِنْ السَّاجِ حَنِثَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [فَصْلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَتَزَوَّجَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا] وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَتَزَوَّجَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا إمَّا بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْجَوَازِ أَوْ الْفَسَادِ حَنِثَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ فَإِنْ نَوَى نِكَاحًا صَحِيحًا فِي الْمَاضِي صُدِّقَ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَخْفِيفٌ وَإِنْ نَوَى الْفَاسِدَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ صُدِّقَ قَضَاءً وَإِنْ نَوَى الْمَجَازَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْلِيظًا وَيَحْنَثُ بِالْجَائِزِ أَيْضًا هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ زَوَّجَ الْحَالِفَ فُضُولِيٌّ فَإِنْ كَانَ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ قَبْلَ الْيَمِينِ فَأَجَازَ الْحَالِفُ بَعْدَ الْيَمِينِ بِالْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ بَعْدَ الْيَمِينِ لَمْ يَحْنَثْ مَا لَمْ يَجُزْ فَإِذَا أَجَازَ فَإِنْ أَجَازَ بِالْقَوْلِ حَنِثَ هُوَ الْمُخْتَارُ. وَإِنْ أَجَازَ بِالْفِعْلِ كَسَوْقِ مَهْرٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَلَوْ زَوَّجَهُ الْفُضُولِيُّ نِكَاحًا فَاسِدًا بَعْدَ الْيَمِينِ فَأَجَازَ الْحَالِفُ بِالْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ لَا يَحْنَثُ وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ بَعْدَ ذَلِكَ نِكَاحًا جَائِزًا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ

وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ الْحَالِفُ رَجُلًا بِالنِّكَاحِ فَزَوَّجَ الْوَكِيلُ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا لَا يَحْنَثُ الْمُوَكِّلُ. لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ فَتَزَوَّجَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ ثَلَاثًا أَنْ لَا يُزَوِّجَ بِنْتًا لَهُ صَغِيرَةً فَزَوَّجَهَا رَجُلٌ وَالْأَبُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ وَقَبِلَ الزَّوْجُ أَجَازَ الْأَبُ لَا يَحْنَثُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ عَلَى أَمَتِهِ. وَفِي التَّجْرِيدِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِهَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجَهَا فَرَضِيَتْ لَمْ يَحْنَثْ وَالْمَرْأَةُ إذَا حَلَفَتْ أَنْ لَا تُزَوِّجَ نَفْسَهَا فَزَوَّجَهَا رَجُلٌ بِأَمْرِهَا أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَأَجَازَتْ أَوْ كَانَتْ بِكْرًا فَزَوَّجَهَا الْمَوْلَى فَسَكَتَتْ فَهِيَ حَانِثَةٌ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُخَالِفَةٌ لِلرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ حَلَفَتْ الْبِكْرُ أَنْ لَا تَأْذَنَ أَحَدًا حَتَّى يُزَوِّجَهَا فَزَوَّجَهَا رَجُلٌ وَبَلَّغَهَا الْخَبَرُ فَسَكَتَتْ فَلَا رِوَايَةَ فِي هَذَا الْفَصْلِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنَّمَا الرِّوَايَةُ فِي الرَّجُلِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْذَنُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَرَآهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ فَهُوَ حَانِثٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَوْ حَلَفَتْ لَا تَأْذَنُ فِي تَزْوِيجِهَا وَهِيَ بِكْرٌ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا فَسَكَتَ تَمَّ النِّكَاحُ وَلَا تَحْنَثُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لِأُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ لِامْرَأَةٍ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا أَبَدًا وَقَدْ عَلِمَ بِذَلِكَ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ فَتَزَوَّجَهَا حَنِثَ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَحَنَّ فَزَوَّجَهُ أَبُوهُ لَا يَحْنَثُ. وَفِي التَّجْرِيدِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَصَارَ مَعْتُوهًا فَزَوَّجَهُ أَبُوهُ يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً يَحْنَثُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ تَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِهَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ إلَّا عَلَى أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فَتَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا فَأَكْمَلَ الْقَاضِي عَشْرَةً لَا يَحْنَثُ وَكَذَا لَوْ زَادَ بَعْدَ الْعَقْدِ فِي مَهْرِهَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى دِينَارٍ فَتَزَوَّجَ بِالْفِضَّةِ أَكْثَرَ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةِ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ بِمِائَةِ نُقْرَةٍ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ بِنْتَ فُلَانٍ فَوُلِدَتْ لَهُ بِنْتٌ أُخْرَى فَتَزَوَّجَهَا لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِ فُلَانٍ أَوْ بِنْتًا لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الْحَلِفِ عَلَى مَا يُضِيفُهُ إلَى مِلْكِ فُلَانٍ. فِي الْفَتَاوَى: رَجُلٌ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَتَزَوَّجُ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ مِنْ بَنَاتِ فُلَانٍ وَلَيْسَ فِي الدَّارِ أَهْلٌ ثُمَّ سَكَنَهَا قَوْمٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ مِنْهَا أَوْ وُلِدَ لِفُلَانٍ بِنْتٌ فَتَزَوَّجَهَا لَمْ يَحْنَثْ لَكِنَّ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً لَمْ تَكُنْ وُلِدَتْ يَوْمَ حَلَفَ يَحْنَثُ عِنْدَ الْكُلِّ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ مِنْ نُزَاد فُلَانٍ فَتَزَوَّجَ بِنْتَ بِنْتِهِ حَنِثَ وَلَوْ قَالَ: مِنْ أَهْلِ بَيْتِ فُلَانٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا تَزَوَّجَ بِنْتَ ابْنِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَوْ الْبَصْرَةِ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً كَانَتْ وُلِدَتْ بِالْبَصْرَةِ وَنَشَأَتْ بِالْكُوفَةِ وَتَوَطَّنَتْ بِهَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَذَا عَلَى الْمَوْلُودِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ الْوِلَادَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالْكُوفَةِ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالْكُوفَةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا فَبَلَغَهَا الْخَبَرُ وَهِيَ بِالْبَصْرَةِ فَأَجَازَتْ نِكَاحَهَا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ تَمَامُ النِّكَاحِ بِالْإِجَازَةِ وَالْإِجَازَةُ فِي الْبَصْرَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَنَوَى امْرَأَةً بِعَيْنِهَا دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا فِي الْقَضَاءِ وَإِنْ نَوَى كُوفِيَّةً أَوْ

بَصْرِيَّةً لَا يَدِينُ أَصْلًا وَكَذَا لَوْ نَوَى امْرَأَةً عَوْرَاءَ أَوْ عَمْيَاءَ وَلَوْ نَوَى عَرَبِيَّةً أَوْ حَبَشِيَّةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. عَبْدٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ الْمَوْلَى كَرْهًا مِنْهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ أَكْرَهُهُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ وَتَزَوَّجَ بِنَفْسِهِ يَحْنَثُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لَا يُزَوِّجَ عَبْدَهُ فَزَوَّجَهُ غَيْرُهُ فَأَجَازَ الْمَوْلَى بِالْقَوْلِ حَنِثَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ سِرًّا فَإِنْ أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ فَهُوَ سِرٌّ وَإِنْ أَشْهَدَ ثَلَاثَةً فَهُوَ عَلَانِيَةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ حَلَفَ لَا يُؤَاجِرُ هَذِهِ الدَّارَ وَقَدْ أَجَّرَهَا قَبْلَ الْحَلِفِ وَتَرَكَهَا وَتَقَاضَى أَجْرَهَا كُلَّ شَهْرٍ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ سَأَلَهُ أَجْرَ شَهْرٍ لَمْ يَسْكُنْهَا بَعْدُ يَحْنَثُ إذَا أَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَلَوْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلْغَلَّةِ فَتَرَكَهَا عَلَيْهَا لَا يَحْنَثُ. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَتَّجِرُ مَعَ فُلَانٍ فَجَاءَ فُلَانٌ بِعَبْدٍ إلَيْهِ وَاسْتَأْجَرَهُ لِيُعَلِّمَهُ حِرْفَةً، كَذَا قَالَ: لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُصَالِحَ فُلَانًا مِنْ حَقٍّ يَدَّعِيهِ فَوَكَّلَ الْحَالِفُ رَجُلًا فَصَالَحَ الْوَكِيلُ يَحْنَثُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِي الصُّلْحِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ وَفِي الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِصُلْحِ الْوَكِيلِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُخَاصِمُ فُلَانًا فَوَكَّلَ بِخُصُومَتِهِ وَكِيلًا لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ وُهِبَ مِنْ آخَرَ شَيْئًا فِي حَالَةِ السُّكْرِ وَحَلَفَ أَنْ لَا يَرْجِعَ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ وَلَا يَأْخُذَ مِنْهُ ثُمَّ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ وُهِبَ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِنْ آخَرَ فَأَخَذَهُ الْوَاهِبُ الْحَالِفُ مِنْهُ قَالَ: لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ لِفُلَانٍ هِبَةً فَلَوْ وَهَبَ وَلَمْ يَقْبَلْ أَوْ قَبِلَ وَلَمْ يَقْبِضْ حَنِثَ عِنْدَنَا وَكَذَا لَوْ وَهَبَ غَيْرَ مَقْسُومَةٍ حَنِثَ عِنْدَنَا وَكَذَا لَوْ أَعْمَرَهُ أَوْ نَحَلَهُ أَوْ بَعَثَ بِهَا إلَيْهِ مَعَ رَسُولِهِ أَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ حَتَّى وَهَبَ حَنِثَ الْحَالِفُ وَلَا يَحْنَثُ بِالصَّدَقَةِ فِي يَمِينِ الْهِبَةِ عِنْدَنَا وَلَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ فَأَعَارَ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ أَوْ لَا يُقْرِضَ فُلَانًا فَتَصَدَّقَ أَوْ أَقْرَضَ وَلَمْ يَقْبَلْ فُلَانٌ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَسْتَقْرِضُ وَاسْتَقْرَضَ وَلَمْ يُقْرِضْهُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَهَبَ عَبْدَهُ لِفُلَانٍ فَوَهَبَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَأَجَازَ الْحَالِفُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ كَمَا يَحْنَثُ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ بِالْهِبَةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ لِفُلَانٍ فَوَهَبَهُ عَلَى عِوَضٍ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَكَاتَبَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَأَجَازَ الْحَالِفُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ كَمَا يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْفَتَاوَى إذَا حَلَفَ لَا يَسْتَعِيرُ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا فَأَرْدَفَهُ عَلَى دَابَّتِهِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي فَصْلِ حَلَفَ لَا يَهَبُ عَبْدَهُ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَعْمَلُ مَعَ فُلَانٍ فِي قَصَّارَةٍ فَعَمَل مَعَ شَرِيكِ فُلَانٍ حَنِثَ وَلَوْ عَمِلَ مَعَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ ثُمَّ خَرَجَا مِنْهَا وَعَقَدَا عَقْدَ شَرِكَةٍ ثُمَّ دَخَلَا وَعَمِلَا فِيهَا إنْ كَانَ الْحَالِفُ نَوَى فِي يَمِينِهِ أَنْ لَا يَعْقِدَ عَقْدَ الشَّرِكَةِ فِي الْبَلْدَةِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَعْمَلَ بِشَرِكَةِ فُلَانٍ حَنِثَ وَإِنْ دَفَعَ أَحَدُهُمَا إلَى صَاحِبِهِ مَالًا مُضَارَبَةً فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُشَارِكَ فُلَانًا فَشَارَكَهُ بِمَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا ثُمَّ إنَّ الْحَالِفَ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا بِضَاعَةً وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ بِرَأْيِهِ فَشَارَكَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمَالُ الرَّجُلَ الَّذِي حَلَفَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ لَا يُشَارِكَهُ يَحْنَثُ الْحَالِفُ. رَجُلٌ قَالَ لِأَخِيهِ: إنْ شَارَكْتُك فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ ثُمَّ بَدَا لَهُمَا أَنْ يَشْتَرِكَا قَالُوا: إنْ كَانَ لِلْحَالِفِ ابْنٌ كَبِيرٌ يَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ الْحَالِفُ مَالَهُ إلَى ابْنِهِ مُضَارَبَةً وَيَجْعَلُ لِابْنِهِ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ الرِّبْحِ وَيَأْذَنُ لِابْنِهِ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ بِرَأْيِهِ ثُمَّ أَنَّ الِابْنَ يُشَارِكُ عَمَّهُ فَإِذَا فَعَلَ الِابْنُ ذَلِكَ كَانَ لِلِابْنِ مَا شَرَطَ لَهُ الْأَبُ وَالْفَاضِلُ عَلَى ذَلِكَ إلَى النِّصْفِ يَكُونُ لِلْأَبِ وَلَا يَحْنَثُ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الِابْنِ أَجْنَبِيٌّ فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْخُذُ مِنْ فُلَانٍ ثَوْبًا هَرَوِيًّا

الباب التاسع في اليمين في الحج والصلاة والصوم

فَأَخَذَ مِنْهُ جِرَابًا هَرَوِيًّا فِيهِ ثَوْبٌ هَرَوِيٌّ قَدْ دَسَّهُ فِيهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ حَنِثَ قَضَاءً وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ دِرْهَمًا فَأَعْطَاهُ فُلُوسًا فِي كِيسٍ وَدَسَّ فِيهَا دِرْهَمًا فَقَبَضَهَا الْحَالِفُ وَلَا يَعْلَمُ حَنِثَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعَ عَشَرَ. وَلَوْ قَبَضَ الْحَالِفُ مِنْهُ قَفِيزَ دَقِيقٍ فِيهِ دِرْهَمٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَا يَحْنَثُ وَكَذَا لَوْ أَخَذَ ثَوْبًا فِيهِ دَرَاهِمُ مَصْرُورَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْخُذُ مِنْ فُلَانٍ دِرْهَمًا هِبَةً لَا يَحْنَثُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلِمَ بِالدِّرْهَمِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْهُ دِرْهَمًا وَدِيعَةً وَأَخَذَ دِرْهَمًا فِيمَا قُلْنَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ وَكَذَا الصَّدَقَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَكْفُلُ بِكَفَالَةٍ فَكَفَلَ بِنَفْسِ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ بِثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ بِدَرْكٍ فِي بَيْعٍ فَهُوَ حَانِثٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَكْفُلُ عَنْ إنْسَانٍ بِشَيْءٍ فَكَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ صِلَةَ عَنْ لَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَكْفُلُ لَهُ فَكَفَلَ لِغَيْرِهِ وَالدَّرَاهِمُ أَصْلُهَا لَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ لِعَبْدِهِ وَإِنْ كَفَلَ لِفُلَانٍ وَأَصْلُ الدَّرَاهِمِ لِغَيْرِهِ حَنِثَ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَكْفُلُ عَنْهُ فَضَمِنَ عَنْهُ حَنِثَ وَإِنْ كَانَ عَنَى بِاسْمِ الْكَفَالَةِ أَنْ لَا يَكْفُلَ وَلَكِنْ يَضْمَنُ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ لَفْظِهِ وَلَكِنَّهُ نَوَى الْفَصْلَ بَيْنَ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ وَهَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَكْفُلُ عَنْ فُلَانٍ وَأَحَالَ فُلَانٌ عَلَيْهِ بِمَالٍ لَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُحْتَالِ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَوْ كَانَ لِلْمُحْتَالِ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمُحِيلِ فَإِنَّهُ بِقَبُولِ الْكَفَالَةِ صَارَ كَفِيلًا فَيَحْنَثُ وَكَذَلِكَ إنْ ضَمِنَهُ لَهُ وَلَوْ كَانَ لِلْمُحْتَالِ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ مَالٌ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ مَالٌ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ حَنِثَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَضْمَنُ لِفُلَانٍ شَيْئًا فَضَمِنَ لَهُ بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَهُوَ حَانِثٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ لَهُ أَوْ قَبِلَ الْحَوَالَةَ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِأَمْرِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِضَمَانٍ وَلَوْ ضَمِنَ لِعَبْدِهِ أَوْ لِوَكِيلِهِ أَوْ لِمُضَارِبِهِ أَوْ لِشَرِيكٍ لَهُ مُفَاوِضٍ أَوْ عِنَانٍ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ ضَمِنَ لِرَجُلٍ فَمَاتَ الْمَضْمُونُ لَهُ فَوَرِثَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَضْمَنُ لِأَحَدِ شَيْئًا فَضَمِنَ لِإِنْسَانٍ مَا أَدْرَكَهُ مِنْ دَرْكٍ فِي دَارٍ اشْتَرَاهَا أَوْ عَبْدٍ اشْتَرَاهُ حَنِثَ وَلَوْ ضَمِنَ لِرَجُلٍ غَائِبٍ لَمْ يُخَاطِبْهُ عَنْهُ أَحَدٌ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ خَاطَبَهُ عَنْهُ مُخَاطِبٌ حَنِثَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَضْمَنَ فَضَمِنَ شَيْئًا لَا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ فَهُوَ حَانِثٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْيَمِينِ فِي الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ] ِ إذَا حَلَفَ لَا يَحُجُّ فَهُوَ عَلَى صَحِيحٍ دُونَ الْفَاسِدِ وَإِذَا حَلَفَ لَا يَحُجُّ أَوْ لَا يَحُجُّ حَجَّةً فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَةَ رَوَاهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَطُوفَ أَكْثَرَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَعْتَمِرُ أَوْ لَا يَعْتَمِرُ عُمْرَةً لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ وَيَطُوفَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ رَوَاهُ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَحُجُّ حَتَّى أَعْتَمِرَ وَأُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ ثُمَّ مَضَى فِيهِمَا حَتَّى قَضَاهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ فَتَحَقَّقَ شَرْطُ الْبِرِّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ لَمْ أَحُجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَأَنْت حُرٌّ ثُمَّ قَالَ: حَجَجْت وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى أَنَّهُ ضَحَّى الْعَامَ بِالْكُوفَةِ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ وَلَا يَعْتِقُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَدِينَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ يَنْوِي مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ مَسْجِدًا آخَرَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ إحْرَامٌ إنْ فَعَلَتْ، كَذَا فَحَنِثَ يَلْزَمُهُ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ فِي

قَوْلِهِمْ وَلَوْ قَالَ: أَنَا أُحْرِمُ وَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُهْدِي أَوْ أَمْشِي إلَى بَيْتِ اللَّهِ إنْ فَعَلْت، كَذَا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ إنْ نَوَى الْإِيجَابَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا يَلْزَمُهُ مَا ذُكِرَ وَإِنْ نَوَى الْعِدَّةَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَصَلَّى صَلَاةً فَاسِدَةً بِأَنْ صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ مِثْلًا، لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ نَوَى الْفَاسِدَةَ صُدِّقَ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَلَوْ كَانَ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الْمَاضِي بِأَنْ قَالَ: إنْ كُنْت صَلَّيْت فَهَذَا عَلَى الْجَائِزِ وَالْفَاسِدِ جَمِيعًا وَإِنْ نَوَى الْجَائِزَ فِي الْمَاضِي خَاصَّةً صَحَّتْ نِيَّتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْقَضَاءِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَقَامَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ سَجَدَ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ قَطَعَ حَنِثَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مَتَى يَحْنَثُ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْنَثُ بِرَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَقْعُدْ قَدْرَ التَّشَهُّدَانِ، عَقَدَ يَمِينِهِ عَلَى النَّفْلِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الْفَرْضِ وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْمَثْنَى فَكَذَلِكَ وَإِنْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الْفَرْضِ وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَقَامَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ وَلَمْ يَقْرَأْ فَقَدْ قِيلَ: لَا يَحْنَثُ وَقَدْ قِيلَ: يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَتَشَهَّدَ بَعْدَ الْأَرْبَعِ وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الْفَجْرَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَتَشَهَّدَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَتَشَهَّدَ بَعْدَ الثَّلَاثِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ أَدْرَكَ الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ فَأَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ وَدَخَلَ مَعَهُ حَنِثَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ مَعَ الْإِمَامِ فَأَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً فَصَلَّاهَا مَعَهُ ثُمَّ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَأَتَمَّ هُوَ الثَّانِيَةَ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ نَامَ أَوْ أَحْدَثَ فَذَهَبَ يَتَوَضَّأُ فَجَاءَ وَقَدْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فَاتَّبَعَهُ فِي الصَّلَاةِ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَدَاءُ الصَّلَاةِ مُقَارَنًا لِأَنَّ كَلِمَةَ مَعَ هَهُنَا لَا يُرَادُ بِهَا حَقِيقَةُ الْقِرَانِ بَلْ كَوْنُهُ تَابِعًا مُقْتَدِيًا وَلَوْ نَوَى حَقِيقَةَ الْمُقَارَنَةِ صُدِّقَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْقَضَاءِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَا يَصَّدَّقُ قَضَاءً فِيمَا إذَا نَوَى الْمُتَابَعَةَ لَا عَلَى سَبِيلِ الْمُقَارَنَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي النَّوَازِلِ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَسْجُدَ أَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَرْكَعَ فَفَعَلَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَفِي فَتَاوَى (آهُو) حَلَفَ لَا يُصَلِّي الْيَوْمَ الْجَمَاعَةَ فَاقْتَدَى بِوَاحِدٍ أَوْ أَمَّ وَاحِدًا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ صَبِيًّا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا فَافْتَتَحَ الصَّلَاةَ لِنَفْسِهِ وَنَوَى أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا فَجَاءَ قَوْمٌ وَاقْتَدُوا بِهِ حَنِثَ (قَضَاءً،) لَا دِيَانَةً إذَا رَكَعَ وَسَجَدَ وَكَذَا لَوْ صَلَّى هَذَا الْحَالِفُ بِالنَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَنَوَى أَنْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بِنَفْسِهِ جَازَتْ الْجُمُعَةُ لَهُ وَلَهُمْ اسْتِحْسَانًا وَحَنِثَ قَضَاءً لَا دِيَانَةً وَلَوْ أَشْهَدَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَمْ يَحْنَثْ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ ثُمَّ أَحْدَثَ فَقَدَّمَ رَجُلًا حَنِثَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَمَّ النَّاسَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ تَنْصَرِفُ إلَى الصَّلَاةِ الْمُطْلَقَةِ وَهِيَ الْمَكْتُوبَةُ أَوْ النَّافِلَةُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَؤُمَّ فُلَانًا لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَصَلَّى وَنَوَى أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ فَصَلَّى ذَلِكَ الرَّجُلُ مَعَ النَّاسِ خَلْفَهُ حَنِثَ الْحَالِفُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَا يُصَلِّي خَلْفَ فُلَانٍ فَقَامَ بِجَنْبِهِ وَصَلَّى يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَى حَقِيقَةَ الْحَلِفِ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً. وَاَللَّهِ لَا أُصَلِّي مَعَك فَصَلَّيَا خَلْفَ إمَامٍ يَحْنَثُ إلَّا إذَا نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ مَعَهُمَا ثَالِثٌ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. حَلَفَ لِيُصَلِّيَنَّ هَذَا الْيَوْمَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِالْجَمَاعَةِ وَيُجَامِعُ امْرَأَتَهُ وَلَا يَغْتَسِلُ فِيهِ فَصَلَّى الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِجَمَاعَةٍ ثُمَّ جَامَعَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ اغْتَسَلَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِجَمَاعَةٍ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ غُسْلَهُ وَقَعَ لَيْلًا لَا نَهَارًا

كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ حَلَفَ لَا يُصَلِّي بِأَهْلِ هَذَا الْمَسْجِدِ مَا دَامَ فُلَانٌ حَيًّا يُصَلِّي فِيهِ فَمَرِضَ فُلَانٌ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ أَوْ كَانَ صَحِيحًا وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ الْحَالِفُ إذَا صَلَّى بِهِمْ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. حَلَفَ لَا يُصَلِّي فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَزِيدَ فِيهِ فَصَلَّى فِي مَوْضِعِ الزِّيَادَةِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ بَنِي فُلَانٍ فَزِيدَ فِيهِ فَصَلَّى فِي مَوْضِعِ الزِّيَادَةِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. مَا أُخِّرْتَ صَلَاةٌ عَنْ وَقْتِهَا وَقَدْ كَانَ نَامَ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَضَاهَا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ نَامَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَانْتَبَهَ بَعْدَ خُرُوجِهِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ نَامَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. حَلَفَ لَا يَنَامُ حَتَّى يُصَلِّي، كَذَا كَذَا رَكْعَةٍ فَنَامَ جَالِسًا لَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ صَلَّيْت فَأَنْت حُرٌّ فَقَالَ: صَلَّيْت وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى لَا يَعْتِقُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَتَوَضَّأَ مِنْ الرُّعَافِ فَرَعَفَ ثُمَّ بَال ثُمَّ تَوَضَّأَ أَوْ بَالَ ثُمَّ عَرَفَ وَتَوَضَّأَ فَالْوُضُوءُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمُنْتَقَى وَلَوْ حَلَفَ: وَاَللَّهِ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ مِنْ جَنَابَةٍ وَأَصَابَ هَذِهِ ثُمَّ امْرَأَةً أُخْرَى أَوْ عَلَى الْعَكْسِ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَقَعَتْ عَلَى الْجِمَاعِ وَلَوْ نَوَى حَقِيقَةَ الِاغْتِسَالِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ؛ لِأَنَّ الِاغْتِسَالَ وَقَعَ عَنْهَا، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. الْمَرْأَةُ إذَا حَلَفَتْ أَنْ لَا تَغْتَسِلَ مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ مِنْ حَيْضٍ فَأَصَابَهَا زَوْجُهَا وَحَاضَتْ فَاغْتَسَلَتْ فَهُوَ اغْتِسَالٌ مِنْهُمَا وَتَحْنَثُ فِي يَمِينِهَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِي مَسَائِلِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَغْسِلُ فُلَانًا أَوْ حَلَفَ لَا يَغْسِلُ رَأْسَ فُلَانٍ فَغَسَلَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَغْتَسِلُ مِنْ الْحَرَامِ فَهَذَا عَلَى الْجِمَاعِ حَتَّى لَوْ جَامَعَهَا وَلَمْ يَغْتَسِلْ أَوْ تَيَمَّمَ يَحْنَثُ وَلَوْ عَانَقَهَا فَأَنْزَلَ فَاغْتَسَلَ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. حَلَفَ لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ فَاسْتَلْقَى عَلَى قَفَاهُ فَجَاءَتْ وَقَضَتْ حَاجَتَهَا مِنْهُ ذُكِرَ فِي حُدُودِ النَّوَازِلِ أَنَّهُ يَحْنَثُ حَتَّى لَوْ كَانَا أَجْنَبِيَّيْنِ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْحَدُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَإِنْ كَانَ نَائِمًا لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الْحَلِفِ عَلَى الْوَطْءِ. حَلَفَ لَا يُجَامِعُ فُلَانَةَ أَوْ لَا يُقَبِّلُهَا فَهَذَا عَلَى الْحَيَاةِ دُونَ الْمَمَاتِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ جَامَعْتُك أَوْ بَاضَعْتُكِ فَهُوَ عَلَى الْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ وَلَوْ قَالَ: إنْ أَتَيْتُك فَكَذَا يَنْوِي فَإِنْ نَوَى الْجِمَاعَ أَوْ الزِّيَارَةَ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى فَإِنْ نَوَى بِهِ الزِّيَادَةَ فَوَطِئَهَا حَنِثَ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى الْجِمَاعَ فَزَارَهَا فَإِنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حُكِيَ عَنْ الْحَاكِمِ بْنِ نُصَيْرِ بْنِ مِهْرَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ أَتَاهَا لِلزِّيَارَةِ وَلَمْ يُجَامِعْهَا لَا يَحْنَثُ وَإِنْ جَامَعَهَا مَعَ ذَلِكَ يَحْنَثُ. إذَا قَالَ: إنْ أَصَبْتُك فَكَذَا لَا يَقَعُ عَلَى الْجِمَاعِ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ عَلَى قِيَاسِ مَا حُكِيَ عَنْ الْحَاكِمِ، كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ الْيَوْمَ أَوْ يَوْمًا أَوْ صَوْمًا فَأَصْبَحَ صَائِمًا ثُمَّ أَفْطَرَ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ ثُمَّ فَعَلَ مَا وَصَفْنَا حَنِثَ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ فَقَدِمَ فُلَانٌ فِي يَوْمٍ قَدْ أَكَلَ فِيهِ الْحَالِفُ أَوْ قَدِمَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَصُومَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْأَكْلِ فَإِنْ صَامَ فِيهِ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يَصُمْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ قَبْلَهُ بَعْدَ الْأَكْلِ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا لِلْحَالِ، كَذَا فِي شَرْح الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْفِعْلُ الَّذِي يَحْلِفُ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ مَا أَكَلَ أَوْ بَعْدَ مَا زَالَتْ الشَّمْسُ: وَاَللَّهِ لَأَصُومَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَكُونُ بَارًّا بِالْإِمْسَاكِ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ وَكَذَا لَوْ أَضَافَ الْيَمِينَ بِالصَّوْمِ إلَى اللَّيْلِ وَقَالَ: وَاَللَّهِ لَأَصُومَنَّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ تَكُونُ بَارًّا بِمُجَرَّدِ الْإِمْسَاكِ، كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي وَقْتٍ قَبْلَ الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَيَصُومَنَّ

حِينًا فَإِنْ نَوَى شَيْئًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَصَارَ تَقْدِيرُ الْمَسْأَلَةِ لَيَصُومَنَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَكَذَلِكَ إذَا ذَكَر الْحِينَ مَعَ اللَّامِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: صُمْت حِينًا أَوْ إنْ صُمْت الْحِينَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِصَوْمِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ صُمْت سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَلَا يَتَعَيَّنُ الْوَقْتُ الَّذِي يَلِي الْيَمِينَ وَلَوْ قَالَ: إنْ صُمْت زَمَانًا أَوْ الزَّمَانَ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا فَهُوَ كَمَا نَوَى هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَسَوَّى بَيْنَ الْحِينِ وَالزَّمَانِ وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ إنْ نَوَى شَهْرَيْنِ فَصَاعِدًا إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الزَّمَانَ مِنْ شَهْرَيْنِ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِذَا قَالَ: عُمْرًا فَهُوَ مِثْلُ الْحِينِ وَالزَّمَانِ ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الْعِشْرِينَ فِي الْأَوْقَاتِ. وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْعُمْرِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ يَقَعُ عَلَى الْأَبَدِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ صُمْت الْأَبَدَ أَوْ إنْ صُمْت الدَّهْرَ فَكَذَا فَحِنْثُهُ يَكُون بِصَوْمِ جَمِيعِ عُمْرِهِ بِأَنْ لَا يُفْطِرَ يَوْمًا فَإِنْ أَفْطَرَ يَوْمًا بَرَّ فِي يَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يُفْطِرْ حَتَّى مَاتَ حَنِثَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ فَلَوْ كَانَ الْجَزَاءُ الْعِتْقَ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ قَالَ: إنْ صُمْت أَبَدًا بِدُونِ اللَّامِ فَالْحِنْثُ بِصَوْمِ سَاعَةٍ، كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْيَمِينِ عَلَى الْأَبَدِ وَالسَّاعَةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ صُمْت دَهْرًا فَعَبْدِي حُرٌّ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِي شَيْئًا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا أَدْرِي مَا الدَّهْرُ وَعِنْدَهُمَا إذَا صَامَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فِي عُمْرِهِ مُجْتَمِعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَصُمْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَالَ: إنْ صُمْت أَزْمِنَةً أَوْ دُهُورًا أَوْ أَحْيَانًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا إلَّا أَنَّ فِي الصَّوْمِ يَشْتَرِطُ الِاسْتِيعَابَ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ مَا يَقَعُ عَلَى الْأَبَدِ وَمَا يَقَعُ عَلَى السَّاعَةِ. وَإِذَا قَالَ: إنْ صُمْت الشَّهْرَ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَصُمْ جَمِيعَ الشَّهْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَصُمْ شَهْرًا فَعَبْدِي حُرٌّ فَالْيَمِينُ عَلَى صَوْمِ شَهْرٍ مُتَفَرِّقٍ أَوْ مُتَتَابِعٍ وَلَا يَتَعَيَّنُ الشَّهْرُ الَّذِي يَلِيه فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ شَهْرًا حَنِثَ وَلَوْ قَالَ: إنْ تَرَكْتُ الصَّوْمَ شَهْرًا يَنْصَرِفُ إلَى الشَّهْرِ الَّذِي يَلِيه فَإِنْ صَامَ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ لَمْ يَحْنَثْ مَا لَمْ يَتْرُكْ الصَّوْمَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الشَّهْرِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ مَا يَقَعُ عَلَى الْأَبَدِ وَمَا يَقَعُ عَلَى السَّاعَةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ تَرَكْتُ صَوْمَ شَهْرٍ أَوْ قَالَ: إنْ صُمْت شَهْرًا انْصَرَفَ إلَى جَمِيعِ الْعُمْرِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. قَالَ لِعَبْدِهِ: صُمْ عَنِّي يَوْمًا وَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ قَالَ: صَلِّ عَنِّي رَكْعَتَيْنِ وَأَنْتَ حُرٌّ عَتَقَ الْعَبْدُ صَامَ أَوْ لَمْ يَصُمْ صَلَّى أَوْ لَمْ يُصَلِّ وَلَوْ قَالَ: حِجِّ عَنِّي حِجَّةً وَأَنْتَ حُرٌّ لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَحُجَّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النِّيَابَاتِ تَجْرِي فِي الْحَجِّ وَهِيَ لَا تَجْرِي فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ بِالْكُوفَةِ فَحَلِفُهُ يَقَعُ عَلَى صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ كَامِلًا بِالْكُوفَةِ حَتَّى لَوْ صَامَ يَوْمًا فِيهَا وَخَرَجَ مِنْهَا أَوْ كَانَ بِالْكُوفَةِ مَرِيضًا فَلَمْ يَصُمْ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُفْطِرُ بِالْكُوفَةِ فَحَلِفُهُ يَقَعُ عَلَى كَوْنِهِ بِالْكُوفَةِ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ فَيَحْنَثُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا مِنْ الْمَطْعُومَاتِ وَلَمْ يَشْرَبْ، كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الصِّيَامِ. وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ إذَا نَوَى مِنْ اللَّيْلِ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلَمْ يَأْكُلْ هَلْ يَحْنَثُ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الْإِفْطَارِ الدُّخُولَ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ وَقَدْ وُجِدَ فَيَجِبُ أَنْ يَحْنَثَ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الْمُسَاكَنَةِ وَالصِّيَامِ وَالْفِطْرِ وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَالْأَضْحَى وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُفْطِرُ عِنْدَ فُلَانٍ فَحَلِفُهُ يَقَعُ عَلَى حَقِيقَةِ الْإِفْطَارِ عِنْدَهُ حَتَّى لَوْ شَرِبَ الْحَالِفُ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَكَلَ الْعَشَاءَ عِنْدَ فُلَانٍ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرَى هِلَالَ رَمَضَانَ بِالْكُوفَةِ فَحَلِفُهُ يَقَعُ عَلَى كَوْنِهِ فِي الْكُوفَةِ وَقْتَ

الباب العاشر في اليمين في لبس الثياب والحلي وغير ذلك

رُؤْيَةِ الْهِلَالِ حَتَّى يَحْنَثَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ بِالْبَصَرِ إلَّا أَنْ يُطْلِقَ اللَّفْظَ فِي مَسْأَلَتَيْ الْإِفْطَارِ وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ بِأَنْ حَلَفَ لَا يُفْطِرُ أَوْ لَا يَرَى هِلَالَ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ الْإِضَافَةِ فَإِنَّ حَلِفَهُ حِينَئِذٍ يَقَعُ عَلَى حَقِيقَةِ الْإِفْطَارِ وَحَقِيقَةِ الرُّؤْيَةِ بِالْبَصَرِ أَوْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْحَقِيقَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ لَا يُفْطِرُ بِالْكُوفَةِ حَقِيقَةَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّوْمِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمُفْطِرَاتِ وَبِقَوْلِهِ لَا يَرَى الْهِلَالَ بِالْكُوفَةِ رُؤْيَتَهُ بِالْبَصَرِ فَيُصَدَّقُ فِيهِمَا إلَّا أَنَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْحَقِيقَةَ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ يُصَدَّقُ قَضَاءً وَدِيَانَةً بِخِلَافِ الْفِطْرِ فَإِنَّهُ إذَا نَوَى الْحَقِيقَةَ يُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي، كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الصِّيَامِ. وَلَوْ كَانَ بِالْكُوفَةِ حِينَ أَهَلَّ الْهِلَالُ لَكِنْ لَا يَعْلَمُ بِهِ هَلْ يَحْنَثُ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْنَثُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ ضَحَّى الْعَامَ بِالْكُوفَةِ وَكَانَ فِيهَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَلَمْ يُضَحِّ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ نَوَى الْكَيْنُونَةَ بِالْكُوفَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الْمُسَاكَنَةِ وَالصِّيَامِ وَالْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ. اتَّهَمَتْهُ بِالْغِلْمَانِ فَحَلَفَ لَا يَأْتِي حَرَامًا لَا يَحْنَثُ بِالْقُبْلَةِ وَالْمَسِّ بِشَهْوَةٍ وَيَحْنَثُ بِالْجِمَاعِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَإِنْ لَاطَ بِهَا فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَحْنَثُ. حَلَفَ لَا يَزْنِي فَلَاطَ يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي أَيْمَانِ الْقُدُورِيِّ إذَا حَلَفَ لَا يَطَأُ امْرَأَةً وَطْئًا حَرَامًا فَوَطِئَ امْرَأَتَهُ الْحَائِضَ أَوْ وَطِئَهَا وَهُوَ مُظَاهِرٌ مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ وَلَوْ حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ كه بِاَللَّهِ كه حرام نكردستم وَعَنَتْ أَنَّهَا لَمْ تُحَرِّمْ الزِّنَا إنَّمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الَّذِي حَرَّمَ الزِّنَا وَقَدْ كَانَتْ فَعَلَتْ ذَلِكَ لَمْ تَحْنَثْ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ رَجُلًا وَحَلَفَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَإِنْ كَانَ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْتَكِبُ حَرَامًا فَهَذَا عَلَى الزِّنَا فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ خَصِيًّا أَوْ مَجْبُوبًا فَهُوَ عَلَى الْقُبْلَةِ الْحَرَامِ وَمَا أَشْبَهَهَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ فِي الْوِقَاعِ وَالْأَفْعَالِ الْمُحَرَّمَةِ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْيَمِينِ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ] مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَبِسْتُ مِنْ غَزْلِك فَهُوَ هَدْيٌ فَغَزَلَتْ مِنْ قُطْنٍ مَمْلُوكٍ لَهُ وَقْتَ الْحَلِفِ فَلَبِسَهُ فَهُوَ هَدْيٌ اتِّفَاقًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ قُطْنٌ أَوْ كَتَّانٌ أَوْ كَانَ فَلَمْ تَغْزِلْ مِنْهُ بَلْ غَزَلَتْ مِنْ قُطْنٍ اشْتَرَاهُ بَعْدَ الْحَلِفِ فَلَبِسَهُ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ هَدْيٌ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَمَعْنَى الْهَدْيِ التَّصَدُّقُ بِهِ بِمَكَّةَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَلَبِسَ ثَوْبًا نُسِجَ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ فَإِنْ كَانَ نَوَى عَيْنَ الْغَزْلِ لَا يَحْنَثُ بِلُبْسِ الثَّوْبَ وَلَوْ لَبِسَ عَيْنَ الْغَزْلِ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا وَمِنْ غَزْلِ غَيْرِهَا لَا يَكُونُ حَانِثًا وَإِنْ كَانَ غَزْلُ غَيْرِهَا جُزْءًا مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ وَسَوَاءٌ كَانَ غَزْلُهُمَا مُخْتَلَطًا أَوْ كَانَ غَزْلُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي طَرَفٍ وَهَذَا كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ ثَوْبَ فُلَانٍ فَلَبِسَ ثَوْبًا بَيْنَ فُلَانٍ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ مِنْ نَسْجِ فُلَانٍ فَلَبِسَ ثَوْبًا نَسَجَهُ فُلَانٌ مَعَ غَيْرِهِ كَانَ حَانِثًا وَلَوْ قَالَ ثَوْبًا مِنْ نَسْجِ فُلَانٍ فَلَبِسَ ثَوْبًا نَسَجَهُ فُلَانٌ مَعَ غَيْرِهِ إنْ كَانَ ثَوْبًا يَنْسِجُهُ وَاحِدٌ فَنَسَجَهُ اثْنَانِ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَلَوْ كَانَ ثَوْبًا لَا يَنْسِجُهُ إلَّا اثْنَانِ فَلَبِسَهُ كَانَ حَانِثًا وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ فَلَبِسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ وَغَزْلِ غَيْرِهَا كَانَ حَانِثًا وَإِنْ كَانَ غَزْلُ فُلَانَةَ مَثَلًا خَيْطًا

وَاحِدًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ نَسْجِ فُلَانٍ فَنَسَجَهُ غِلْمَانُهُ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ يَعْمَلُ بِيَدِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْمَلُ حَنِثَ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِ فُلَانٍ فَلَبِسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلٍ وَقُطْنٍ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْيَمِينِ يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ فَلَبِسَ ثَوْبًا خِيطَ بِغَزْلِ فُلَانَةَ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَكَذَا لَوْ لَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ سِلْكَةٌ مِنْ غَزْلِهَا وَلَوْ لَبِسَ تِكَّةً مِنْ غَزْلِهَا حَنِثَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ كَانَتْ الْعُرْوَةُ أَوْ الزِّرَةُ مِنْ غَزْلِهَا لَا يَكُونُ حَانِثًا فِي يَمِينِ اللُّبْسِ وَلَوْ كَانَتْ اللَّبِنَةُ مِنْ غَزْلِهَا لَا يَكُونُ حَانِثًا وَكَذَا الزِّيقُ عِنْدَ الْبَعْضِ وَالرُّقْعَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ سبان إذَا كَانَ مِنْ غَزْلِهَا وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَكُونُ حَانِثًا وَإِذَا كَانَ حَانِثًا فِي الرُّقْعَةِ كَانَ حَانِثًا فِي اللَّبِنَةِ وَالزِّيقِ أَيْضًا وَكَذَا الرُّقْعَةُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْجَيْبِ وَلَوْ أَخَذَ الْحَالِفُ خِرْقَةً مِنْ غَزْلِهَا قَدْرَ شِبْرَيْنِ وَوَضَعَ عَلَى عَوْرَتِهِ لَا يَكُونُ حِنْثًا وَلَوْ لَبِسَ مِنْ غَزْلِهَا قَلَنْسُوَةً أَوْ شَبَكَةً يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ كلوته كَانَ حَانِثًا وَكَذَا الْجَوْرَبُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ فَقَطَعَ بَعْضَهُ فَلَبِسَهُ فَإِنْ بَلَغَ مَا قَطَعَ إزَارًا أَوْ رِدَاءً حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ قَطَعَهُ سَرَاوِيلَ فَلَبِسَهُ حَنِثَ وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا حَلَفَتْ لَا تَلْبَسُ ثَوْبًا فَلَبِسَتْ خِمَارًا أَوْ مُقَنَّعَةً لَمْ تَحْنَثْ إذَا كَانَ لَمْ يَبْلُغْ مِقْدَارَ الْإِزَارِ وَإِنْ كَانَ يَبْلُغُ ذَلِكَ حَنِثَتْ وَإِنْ لَمْ يُسْتَرْ بِهِ الْعَوْرَةُ وَكَذَلِكَ إنْ لَبِسَ الْحَالِفُ عِمَامَةً لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَلُفَّ فَيَكُونُ قَدْرَ إزَارٍ أَوْ رِدَاءٍ أَوْ يُقْطَعُ مِنْ مِثْلِهَا سِنَّ قَمِيصٌ أَوْ سَرَاوِيلُ فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ثَوْبًا فَتَعَمَّمَ بِغَزْلِهَا كَانَ حَانِثًا وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَمَّا بَلَغَ الثَّوْبُ السُّرَّةَ وَلَمْ يَدْخُلْ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ وَرِجْلَاهُ بَعْدُ تَحْتَ اللِّفَافِ كَانَ حَانِثًا وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ السَّرَاوِيلَ أَوْ الْخُفَّيْنِ فَأَدْخَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ فِي السَّرَاوِيلِ أَوْ لَبِسَ إحْدَى خُفَّيْهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ هَذَا الثَّوْبَ فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ ثُمَّ رُفِعَ وَهُوَ نَائِمٌ قَالَ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَكُونُ حَانِثًا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هُوَ الْقِيَاسُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَإِنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فَلَمَّا انْتَبَهَ أَلْقَاهُ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ كَانَ حَانِثًا وَلَوْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُنْتَبِهٌ حَنِثَ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، كَذَا قَالَ أَبُو نَصْرٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: لَا أَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ فَنُسِجَ ثَوْبٌ مِنْ غَزْلِهَا وَغَزْلِ غَيْرِهَا إلَّا أَنَّ غَزْلَ غَيْرِهَا فِي آخِرِ الثَّوْبِ أَوْ فِي أَوَّلِهِ فَقَطَعَ غَزْلَهَا مِنْ ذَلِكَ وَلَبِسَ الْقِطْعَةَ الَّتِي مِنْ غَزْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ تَبْلُغُ إزَارًا أَوْ رِدَاءً حَنِثَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَبْلُغُ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ قَطَّعَهُ سَرَاوِيلَ وَلَبِسَهُ يَحْنَثُ وَإِنْ لَبِسَ ذَلِكَ الثَّوْبَ قَبْلَ أَنْ يَقْطَعَ مِنْهُ مَا نَسَجَ مِنْ غَزْلِ غَيْرِهَا لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ كِسَاءً مِنْ غَزْلِهَا حَنِثَ وَإِنْ كَانَ مِنْ الصُّوفِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا فَيَمِينُهُ عَلَى كُلِّ مَلْبُوسٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ حَتَّى لَوْ لَبِسَ مَسْحًا أَوْ بِسَاطًا أَوْ طُنْفُسَةً لَا يَحْنَثُ لَوْ لَبِسَ كِسَاءَ خَزٍّ أَوْ طَيْلَسَانًا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُلْبَسُ وَكَذَا لَوْ لَبِسَ فَرْوًا يَحْنَثُ وَلَوْ لَبِسَ قَلَنْسُوَةً لَا يَحْنَثُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا الْجِلْدُ وَالْحَصِيرُ وَالْخُفُّ وَالْجَوْرَبُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ سَمَّى ثَوْبًا بِعَيْنِهِ وَلَبِسَ مِنْهُ طَائِفَةٌ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهِ حَنِثَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. حَلَفَ لَا يَلْبَسُ سَرَاوِيلَ فَلَبِسَ ثِيَابَ رَجُلٍ طَوِيلٍ وَهُوَ عَلَيْهِ سَرَاوِيلُ وَهُوَ عَلَى تَقْطِيعِ سَرَاوِيلَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثِيَابًا فَلَبِسَ سَرَاوِيلَ رَجُلٍ قَصِيرٍ وَهُوَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ فَلَبِسَهُ حَنِثَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْخُلَاصَةِ مَا لَا يَصْلُحُ لِسِتْرِ الْعَوْرَةِ لَا يُسَمَّى ثَوْبًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَمِيصًا

فَلَبِسَ قَمِيصًا لَيْسَ لَهُ كُمَّانِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حِينَ حَلَفَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُلْتَقَطِ إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ فَلَبِسَ مُكْرَهًا لَا يَحْنَثُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى نَزْعِهِ فَلَمْ يَنْزِعْهُ فَهُوَ لَابِسٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَمِيصًا فَعَلَى مَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ عَادَةً وَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ رَأْسُهُ مِنْ الْجَيْبِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ سَرَاوِيلَ أَوْ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً فَاِتَّزَرَ بِالسَّرَاوِيلِ أَوْ الْقَمِيصِ أَوْ الرِّدَاءِ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا إذَا اعْتَمَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ هَذَا الْقَمِيصَ أَوْ هَذَا الرِّدَاءَ أَوْ هَذَا السَّرَاوِيلَ فَعَلَى أَيِّ حَالٍ لَبِسَ ذَلِكَ حَنِثَ وَإِنْ اتَّزَرَ بِالرِّدَاءِ أَوْ ارْتَدَى بِالْقَمِيصِ أَوْ اغْتَسَلَ فَلَفَّ الْقَمِيصَ عَلَى رَأْسِهِ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذِهِ الْعِمَامَةَ فَأَلْقَاهَا عَلَى عَاتِقِهِ. حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَمِيصَيْنِ فَلَبِسَ قَمِيصًا ثُمَّ نَزَعَهُ ثُمَّ لَبِسَ آخَرَ لَا يَحْنَث حَتَّى يَلْبَسَهُمَا مَعًا وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَلْبَسُ هَذَيْنِ الْقَمِيصَيْنِ فَلَبِسَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ نَزَعَهُ وَلَبِسَ الْآخَرَ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ هَهُنَا وَقَعَتْ عَلَى عَيْنٍ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الِاسْمُ دُونَ اللُّبْسِ الْمُعْتَادِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. حَلَفَ لَا يَكْسُو فُلَانًا فَأَعَارَهُ كِسْوَةً أَوْ كَفَّنَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا إذَا أَرَادَ بِهِ السِّتْرَ دُونَ التَّمْلِيكِ. حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ فُلَانٌ فَمَاتَ فُلَانٌ سَقَطَتْ الْيَمِينُ وَلَوْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فُلَانٌ فَأَذِنَ لَهُ مَرَّةً انْتَهَتْ الْيَمِينُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ مِنْ غَزْلِ امْرَأَتِهِ فَلَبِسَ قَبَاءً ظِهَارَتُهُ مِنْ غَزْلِهَا وَبِطَانَتُهُ مِنْ غَزْلِ غَيْرِهَا كَانَ حَانِثًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَكْسُوهُ ثَوْبًا فَأَعْطَاهُ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِهَا ثَوْبًا لَمْ يَحْنَثْ فَلَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ بِثَوْبٍ كِسْوَةً حَنِثَ فَإِنْ نَوَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ يَدِهِ إلَى يَدِهِ لَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَلَفَ لَا يَلْبَسُ السَّوَادَ فَهَذَا عَلَى الثِّيَابِ وَلَوْ لَبِسَ قَلَنْسُوَةً أَوْ خُفَّيْنِ أَوْ نَعْلَيْنِ أَسْوَدَيْنِ أَوْ فَرْوَةً سَوْدَاءَ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: لَا أَلْبَسُ شَيْئًا مِنْ السَّوَادِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فِي قَلَنْسُوَةٍ وَالْخُفَّيْنِ الْأَسْوَدَيْنِ وَالْفَرْوِ الْأَسْوَدِ وَغَيْرِهَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حَرِيرًا فَلَبِسَ مُضَمَّنًا فَالْعِبْرَةُ لِلُّحْمَةِ دُونَ السُّدَى وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قُطْنًا فَلَبِسَ ثَوْبَ قُطْنٍ حَنِثَ وَلَوْ لَبِسَ قَبَاءً لَيْسَ بِقُطْنٍ وَحَشْوُهُ قُطْنٌ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ إبْرَيْسَمًا فَلَبِسَ ثَوْبًا لُحْمَتُهُ خَزٌّ وَسُدَاهُ إبْرَيْسَمٌ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَ كَتَّانٍ فَلَبِسَ ثَوْبًا مِنْ قُطْنٍ وَكَتَّانٍ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْكَتَّانُ سُدًى أَوْ لُحْمَةً. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَ إبْرَيْسَمٍ فَلَبِسَ ثَوْبًا مِنْ إبْرَيْسَمٍ وَقُطْنٍ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ إذَا كَانَتْ لُحْمَتُهُ إبْرَيْسَمًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ خَزًّا فَلَبِسَ ثَوْبًا خَالِصًا مِنْ خَزٍّ أَوْ كَانَ سُدَاهُ مِنْ الْقُطْنِ أَوْ الْإِبْرَيْسَمِ وَلُحْمَتُهُ مِنْ الْخَزِّ كَانَ حَانِثًا وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَ خَزٍّ مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا سُدَاهُ إبْرَيْسَمٌ وَلُحْمَتُهُ مِنْ غَزْلِهَا كَانَ حَانِثًا وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ طَيْلَسَانَ صُوفٍ فَلَبِسَ طَيْلَسَانًا لُحْمَتُهُ صُوفٌ وَسُدَاهُ إبْرَيْسَمٌ أَوْ قُطْنٌ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَلَا يُشْبِهُ الطَّيْلَسَانُ غَيْرَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْمُنْتَقَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ حَلَفَ لَيَقْطَعَنَّ هَذَا الثَّوْبَ قَمِيصَيْنِ فَقَطَعَ مِنْهُ قَمِيصًا وَاحِدًا وَخَاطَهُ ثُمَّ فَتَقَهُ ثُمَّ خَاطَهُ مَرَّةً أُخْرَى قَالَ يَحْنَثُ. وَلَوْ حَلَفَ لَيَخِيطَن مِنْهُ قَمِيصَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَالَ: لَأَقْطَعَنَّ مِنْهُ قَمِيصَيْنِ فَقَطَعَ مِنْهُ قَمِيصًا فَخَاطَهُ ثُمَّ فَتَقَهُ ثُمَّ قَطَعَهُ قَمِيصًا آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ التَّقْطِيعِ قَالَ: لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ عَلَى قَمِيصٍ لَيَقْطَعَنَّ مِنْهُ قَبَاءً وَسَرَاوِيلَ فَلَبِسَهُ أَوْ لَمْ يَلْبَسْهُ ثُمَّ قَطَعَ مِنْ الْقَبَاءِ سَرَاوِيلَ فَإِنَّهُ قَدْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ حِينَ قَطَعَ الْقَمِيصَ وَفِي الزِّيَادَاتِ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَجْعَلْ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ قَبَاءً وَسَرَاوِيل وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَجَعَلَ كُلَّهُ قَبَاءً وَخَاطَهُ ثُمَّ نَقَضَ الْقَبَاءَ وَخَاطَهُ سَرَاوِيلَ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَنَى أَنْ يَجْعَلَ مِنْ بَعْضِهِ هَذَا وَمِنْ بَعْضِهِ هَذَا وَهُوَ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ

هَذَا الْقَمِيصَ وَنَقَضَهُ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ خِيَاطَتَهُ وَلَبِسَهُ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ. وَكَذَا الْقَبَاءُ وَالْجُبَّةُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْقَمِيصِ وَالْقَبَاءِ وَالْجُبَّةِ لَا يَزُولُ بِنَقْضِ الْخَيَّاطَةِ يُقَالُ: قَمِيصٌ مَفْتُوقٌ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَرْكَبَ هَذِهِ السَّفِينَةَ فَنُقِضَتْ وَصَارَتْ خَشَبًا ثُمَّ أُعِيدَتْ سَفِينَةً فَرَكِبَهَا ذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَانِثًا وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ قَمِيصًا وَلَا قَبَاءً وَلَا سَفِينَةً إلَّا بِصَنْعَةٍ حَادِثَةٍ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذِهِ الْجُبَّةَ وَهِيَ مَحْشُوَّةٌ فَنَزَعَ حَشْوَهَا وَجَعَلَ لَهَا حَشْوًا آخَرَ وَلَبِسَ كَانَ حَانِثًا وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْجُبَّةُ مُبَطَّنَةً فَنَزَعَ بِطَانَتَهَا وَجَعَلَ لَهَا بِطَانَةً أُخْرَى وَلَبِسَ كَانَ حَانِثًا؛ لِأَنَّ اسْمَ الْجُبَّةِ لَا يَزُولُ عَنْهَا بِنَزْعِ الْحَشْوِ وَالْبِطَانَةِ. رَجُلٌ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ فَأَخْرَجَ مِنْهُ الْحَشْوَ وَنَامَ عَلَيْهِ قَالُوا: لَا يَكُونُ حَانِثًا؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ الَّذِي يَنَامُ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ بِدُونِ الْحَشْوِ وَلَوْ أَخْرَجَ مَا فِيهِ مِنْ الصُّوفِ أَوْ الْقُطْنِ وَنَامَ عَلَى ذَلِكَ الصُّوفِ أَوْ الْمَحْلُوجِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْحَشْوِ لَا يُسَمَّى فِرَاشًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. امْرَأَةٌ حَلَفَتْ أَنْ لَا تَلْبَسَ هَذِهِ الْمُقَنَّعَةَ فَاُتُّخِذَ مِنْهَا عَلَمٌ لِلْغُزَاةِ ثُمَّ نُقِضَ وَرُدَّ عَلَيْهَا فَتَقَنَّعَتْ تَحْنَثُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ فِي الْجَامِعِ: وَإِذَا حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ لَا تَلْبَسُ هَذِهِ الْمِلْحَفَةَ فَخِيطَ جَانِبَاهَا وَجُعِلَتْ دِرْعًا وَجَعَلَتْ لَهَا جَيْبًا وَكُمَّيْنِ فَلَبِسَتْهَا لَا تَحْنَثُ فِي يَمِينِهَا وَلَوْ قُطِعَتْ الْخِيَاطَةُ وَنُزِعَ عَنْهَا الْكُمَّانِ وَالْجَيْبُ حَتَّى عَادَتْ مِلْحَفَةً فَلَبِسَتْهَا حَنِثَتْ فِي يَمِينِهَا؛ لِأَنَّهُ عَادَ الِاسْمُ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ قَائِمٍ بِالْعَيْنِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قُطِعَتْ الْمِلْحَفَةُ وَخِيطَتْ قَمِيصًا ثُمَّ نُقِضَتْ الْخِيَاطَةُ وَالتَّرْكِيبُ وَخِيطَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ حَتَّى عَادَتْ مِلْحَفَةً وَلَبِسَتْهَا لَا تَحْنَثُ فِي يَمِينِهَا. فِي الْقُدُورِيِّ حَلَفَ عَلَى شُقَّةِ خَزٍّ بِعَيْنِهَا لَا يَلْبَسُهَا فَنُقِضَتْ وَغُزِلَتْ وَجُعِلَتْ شُقَّةً أُخْرَى فَلَبِسَهَا لَمْ يَحْنَثْ. إذَا حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى هَذَا الْبِسَاطِ فَخِيطَ جَانِبَاهُ وَجَعَلَ خُرْجًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ فَإِنْ فُتِقَتْ الْخِيَاطَةُ حَتَّى عَادَ بِسَاطًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ قَطَعَ الْبِسَاطَ وَجَعَلَ خُرْجَيْنِ ثُمَّ فَتَقَهُمَا وَخَاطَ الْقَطْعَ وَجَعَلَهُمَا بِسَاطًا ثَانِيًا ثُمَّ جَلَسَ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ عَادَ الِاسْمُ. قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا إذَا كَانَ الْخُرْجَانِ بِحَيْثُ لَوْ فُتِقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يُسَمَّى بِسَاطًا عَلَى الِانْفِرَادِ فَأَمَّا إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسَمَّى بِسَاطًا فَإِذَا فَتَقَهُمَا وَخَاطَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ وَجَلَسَ عَلَيْهِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَجْلِسَ عَلَيْهَا وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ ثِيَابِهِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ حَصِيرٌ أَوْ بُورِيٌّ أَوْ بِسَاطٌ أَوْ كُرْسِيُّ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ أَوْ هَذَا الْحَصِيرِ أَوْ هَذَا الْبِسَاطِ فَجَعَلَ عَلَيْهِ مِثْلَهُ ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ فَجَعَلَ فَوْقَهُ فِرَاشًا آخَرَ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ فَجَعَلَ فَوْقَهُ قِرَامًا وَمَحْبِسًا حَنِثَ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى هَذَا السَّرِيرِ أَوْ عَلَى هَذَا الدُّكَّانِ أَوْ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا السَّطْحِ فَجَعَلَ فَوْقَهُ مُصَلَّى أَوْ فِرَاشًا أَوْ بِسَاطًا ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ حَنِثَ فَلَوْ جَعَلَ فَوْقَ السَّرِيرِ سَرِيرًا أَوْ بَنَى فَوْقَ الدُّكَّانِ دُكَّانًا أَوْ فَوْقَ السَّطْحِ سَطْحًا آخَرَ لَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ مَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ خَاتَمَ ذَهَبٍ يَحْنَثُ وَلَوْ لَبِسَ عِقْدَ لُؤْلُؤٍ غَيْرَ مُرَصَّعٍ يَحْنَثُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْنَثُ وَمَتَى كَانَ فِيهِ تَرْصِيعٌ يَحْنَثُ اتِّفَاقًا وَعَلَى الْخِلَافِ إذَا لَبِسَ عِقْدَ زَبَرْجَدٍ أَوْ زُمُرُّدٍ غَيْرَ مُرَصَّعٍ وَقَوْلُهُمَا أَقْرَبُ إلَى عُرْفِ دِيَارِنَا فَيُفْتَى بِقَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ التَّحَلِّيَ بِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ مُعْتَادٌ وَلَوْ لَبِسَ خَلْخَالًا أَوْ دُمْلُوجًا أَوْ سِوَارًا يَحْنَثُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ لَا تَلْبَسَ حُلِيًّا فَلَبِسَتْ خَاتَمَ فِضَّةٍ لَا تَحْنَثُ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَقَالُوا: هَذَا إذَا كَانَ مَصُوغًا عَلَى هَيْئَةِ

الباب الحادي عشر في اليمين في الضرب والقتل وغيره

خَاتَمِ الرِّجَالِ أَمَّا إذَا كَانَ مَصُوغًا عَلَى هَيْئَةِ خَاتَمِ النِّسَاءِ مِمَّا لَهُ فَصٌّ تَحْنَثُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتَاجُ الْمُلْكِ لَيْسَ بِحُلِيٍّ وَتَاجُ النِّسَاءِ حُلِيٌّ وَالْقَلْبُ وَالْقِلَادَةُ حُلِيٌّ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ لَا تَلْبَسُ الْمُكَعَّبَ فَلَبِسَتْ اللَّالَكَ فَقَدْ قِيلَ: أَنَّهُ سُمِّيَ اللَّالَكُ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ مُكَعَّبًا يَلْزَمُهَا الْحِنْثُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ حُلِيًّا فَلَبِسَ سَيْفًا مُحَلَّى أَوْ مِنْطَقَةً مُفَضَّضَةً لَا يَكُونُ حَانِثًا وَهُوَ عَلَى حُلِيِّ النِّسَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ دِرْعًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَلَبِسَ دِرْعَ حَدِيدٍ أَوْ دِرْعَ امْرَأَةٍ حَنِثَ فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لَا يَحْنَثُ بِالْآخَرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ سِلَاحًا فَتَقَلَّدَ سَيْفًا أَوْ تَنَكَّبَ قَوْسًا أَوْ تُرْسًا لَمْ يَحْنَثْ قَالُوا: إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْفَارِسِيَّةِ بِأَنْ قَالَ: سِلَاح نبوشم يَحْنَثُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَوْ لَبِسَ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْأَصْلُ فِي اللِّبَاسِ أَنَّ اسْمَ الثَّوْبِ لَا يَتَنَاوَلُ مَا دُونَ الْإِزَارِ، وَالسِّلَاحُ الدِّرْعُ وَالسَّيْفُ وَالْقَوْسُ دُونَ السِّكِّينِ وَحَدِيدٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِهِ] لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَضْرِبَ رَجُلًا فَضَرَبَهُ بَعْدَ مَا مَاتَ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَضْرِبَ عَبْدَهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهُ الْمَأْمُورُ حَنِثَ وَإِنْ نَوَى الْحَالِفُ أَنْ لَا يَلِيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ دُيِّنَ فِي الْقَضَاءِ وَلَا يَحْنَثُ. وَلَوْ حَلَفَ عَلَى حُرٍّ لَا يَضْرِبُهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهُ الْمَأْمُورُ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ قَاضِيًا أَوْ سُلْطَانًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ حَتَّى يَضْرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ الْأَبُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لِيَضْرِبَن عَبْدَهُ مِائَةَ سَوْطٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ فَخَفَّفَ فَإِنَّهُ يَبَرُّ فِي يَمِينِهِ قَالُوا: هَذَا إذَا ضَرَبَهُ ضَرْبًا يَتَأَلَّمُ بِهِ أَمَّا إذَا ضَرَبَهُ بِحَيْثُ لَا يَتَأَلَّمُ بِهِ لَا يَبَرُّ وَلَوْ ضَرَبَهُ بِسَوْطٍ وَاحِدٍ شُعْبَتَانِ خَمْسِينَ مَرَّةٍ كُلَّ مَرَّةٍ تَقَعُ الشُّعْبَتَانِ عَلَى بَدَنِهِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ جَمَعَ الْأَسْوَاطَ جَمْعًا وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً أَوْ ضَرْبَتَيْنِ بِعَرْضِ الْأَسْوَاطِ لَا يَبَرُّ وَإِنْ ضَرَبَ بِرَأْسِ الْأَسْوَاطِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَدْ سَوَّى رُءُوسَ الْأَسْوَاطِ قَبْلَ الضَّرْبِ حَتَّى إذَا ضَرَبَهُ ضَرْبَةً أَصَابَهُ رَأْسُ كُلِّ سَوْطٍ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَأَمَّا إذَا انْدَسَّ بَعْضُ الْأَسْوَاطِ فِي الْبَعْضِ فَإِنَّمَا يَقَعُ الْبِرُّ بِقَدْرِ مَا أَصَابَهُ وَمَا انْدَسَّ مِنْ الْأَسْوَاطِ لَا يَقَعُ بِهِ الْبِرُّ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَنْ يَضْرِبَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ عِشْرِينَ سَوْطًا فَإِنَّهُ يَضْرِبُهَا بِعِشْرِينَ شِمْرَاخًا وَهُوَ السَّعَفُ وَهُوَ مَا صَغُرَ مِنْ أَغْصَانِ النَّخْلِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ: وَاَللَّهِ لَوْ أَخَذَتْ فُلَانًا لَأَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ فَأَخَذَهُ وَضَرَبَهُ سَوْطًا وَاحِدًا أَوْ سَوْطَيْنِ قَالَ: هَذَا عَلَى الْأَبَدِ وَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ فِي الْحَالِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَضْرِبَ امْرَأَتَهُ فَقَرَصَهَا أَوْ عَضَّهَا أَوْ خَنَقَهَا أَوْ مَدَّ شَعْرَهَا فَأَوْجَعَهَا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ قَالُوا: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمُلَاعَبَةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُلَاعَبَةِ لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَا لَوْ أَصَابَ رَأْسُهُ رَأْسَهَا فِي الْمُلَاعَبَةِ فَأَدْمَاهَا لَا يَحْنَثُ وَقِيلَ: هَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَإِنْ كَانَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَثُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ حَانِثًا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ وَإِنْ نَتَفَ شَعْرَهَا تَكَلَّمُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ حَانِثًا إذَا كَانَ فِي الْغَضَبِ وَإِنْ دَفَعَهَا وَلَمْ يُوجِعْهَا لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ الْعَرَبِيُّ بِالْفَارِسِيَّةِ بِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُسْأَلَ الْعَرَبِيُّ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَا يُرِيدُ بِالضَّرْبِ الْعَرَبِيِّ وَوَضَعَ زدن مَوْضِعَ لَفْظِ الضَّرْبِ فَهُوَ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَا يُرِيدُ بِهِ الْفَارِسِيُّ فَهُوَ كَمَا لَوْ

حَلَفَ بِالْفَارِسِيِّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حِينَئِذٍ تُعْتَبَرُ اللُّغَةُ الَّتِي حَلَفَ بِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ فَارِسِيٌّ بِالْعَرَبِيَّةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا قَالَ: إنْ ضَرَبْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَضَرَبَ أَمَتَهُ فَأَصَابَهَا ذُكِرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ أَنَّهُ يَحْنَثُ هَكَذَا كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ: بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ هَكَذَا ذَكَرَ الْبَقَّالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوَاهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَضْرِبُهَا فَنَفَضَ ثَوْبَهُ فَأَصَابَ وَجْهَهَا فَأَوْجَعَهَا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك حَتَّى أَتْرُكَك لَا حَيَّةً وَلَا مَيِّتَةً قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا عَلَى أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا مُوجِعًا شَدِيدًا فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَرَّ فِي يَمِينِهِ. رَجُلٌ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ بِالسِّيَاطِ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ حَتَّى يُقْتَلَ فَهُوَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الضَّرْبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ أَوْ يَبُولَ أَوْ حَتَّى يَبْكِيَ أَوْ حَتَّى يَسْتَغِيثَ فَمَا لَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يَبِرُّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَأَضْرِبَنَّهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَمُوتَ لَا يَبِرُّ حَتَّى يَمُوتَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا قَالَ: لَأَضْرِبَنَّك بِالسَّيْفِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَضَرَبَهُ بِعَرْضِ السَّيْفِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ عَلَى الْحِدَّةِ فَهُوَ عَلَى الضَّرْبِ بِالْحِدَّةِ وَإِنْ ضَرَبَهُ فِي غِمْدِهِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لَمْ يَبَرَّ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ قَطَعَ السَّيْفُ غِمْدَهُ وَخَرَّجَ الْحِدَّةَ وَجَرَحَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَإِذَا حَلَفَ لَا يَضْرِبُ فُلَانًا بِالْفَأْسِ فَضَرَبَهُ بِمِقْبَضِ الْفَأْسِ فَارِسِيَّتُهُ دستهء تِبْر لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: لَا أَضْرِبُك بِالسَّوْطِ أَوْ بِالسَّيْفِ فَضَرَبَهُ بِسَوْطٍ أَوْ بِسَيْفٍ وَقَالَ نَوَيْت سَيْفًا أَوْ سَوْطًا غَيْرَ هَذَا يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ وَالْأَمْرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِغُلَامِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك مِائَةَ سَوْطٍ فَأَنْت حُرٌّ فَمَاتَ الْغُلَامُ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَهُ ذَلِكَ مَاتَ حُرًّا وَعَنْهُ إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَضْرِبَنَّ فُلَانًا خَمْسِينَ الْيَوْمَ وَهُوَ يَعْنِي سَوْطًا بِعَيْنِهِ فَضَرَبَهُ بِغَيْرِهِ وَمَضَى الْوَقْتُ قَالَ بِأَيِّ شَيْءٍ ضَرَبَهُ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الْيَمِينِ، وَنِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ عَلَى الضَّرْبِ بِالسَّوْطِ فَضَرَبَ وَقَدْ لَفَّهُ فِي ثَوْبٍ لَا يَبِرُّ. لَا يَضْرِبُهُ بِنَصْلِ هَذِهِ الشَّفْرَةِ أَوْ بِزَجِّ هَذَا الرُّمْحِ فَنَزَعَ النَّصْلَ وَالزَّجَّ وَجَعَلَ آخَرَ وَضَرَبَهُ بِهِ لَا يَحْنَثُ. لَا أَمَسُّ شَعْرَهُ فَحَلَقَ ثُمَّ نَبَتَ آخَرُ فَمَسَّهُ أَوْ لَا أَمَسُّ سِنَّهُ فَنَبَتَ آخَرُ حَنِثَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: إنَّ ضَرَبْتُك الْأَبَدَ أَوْ أَبَدًا أَوْ الدَّهْرَ فَفَعَلَ ذَلِكَ سَاعَةً يَحْنَثُ. وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك شَهْرًا فَعَبْدِي حُرٌّ فَهَذَا عَلَى تَرْكِ هَذَا الْفِعْلِ بِوَصْفِ الِامْتِدَادِ مِنْ حِينِ حَلَفَ إلَى أَنْ يَمْضِيَ الشَّهْرُ فَإِنْ فَعَلَ سَاعَةً مِنْ الشَّهْرِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ تَرَكَهُ شَهْرًا مِنْ حِينِ حَلَفَ حَنِثَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ وَأَرَادَ أَنْ يَضْرِبَهَا فَقَالَتْ: إنْ مَسَّ عُضْوُك عُضْوِي فَعَبْدِي حُرٌّ فَضَرَبَهَا الرَّجُلُ بِخَشَبٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا لَمْ يَحْنَثْ. وَلَوْ قَالَتْ: إنْ ضَرَبْتَنِي فَعَبْدِي حُرٌّ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ تَبِيعَ الْمَرْأَةُ عَبْدَهَا مِمَّنْ تَثِقُ بِهِ ثُمَّ يَضْرِبُهَا الزَّوْجُ ضَرْبًا خَفِيفًا فِي الْيَوْمِ فَيَبَرُّ الزَّوْجُ وَتَنْحَلُّ يَمِينُ الْمَرْأَةِ لَا إلَى جَزَاءِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَضْرِبْ وَلَدَك الْيَوْمَ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى يَنْشَقَّ نِصْفَيْنِ وَبَالَغَ فِي ضَرْبِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ مِتَّ فَلَمْ أَضْرِبْك فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ فَمَاتَ وَلَمْ يَضْرِبْهُ لَمْ يَعْتِقُوا وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك فَمَاتَ قَبْلَ الضَّرْبِ حَنِثَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك حَتَّى أَمُوتَ أَوْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَنْ أَمُوتَ فَلَمْ يَضْرِبْهُ حَتَّى مَاتَ لَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ وَلَدَهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَمْنَعَهُ أَحَدٌ عَنْ ضَرْبِهِ فَمَنَعَهُ إنْسَانٌ بَعْدَ مَا ضَرَبَهُ خَشَبَةً أَوْ خَشَبَتَيْنِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَضْرِبَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا: حَنِثَ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنْ لَا يَمْنَعَهُ

أَحَدٌ حَتَّى يَضْرِبَهُ إلَى أَنْ يَطِيبَ قَلْبُهُ فَإِذَا مَنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَصْلُ أَنَّ حَتَّى لِلْغَايَةِ فَتُحْمَلُ عَلَيْهَا مَا أَمْكَنَ بِأَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَهَا قَابِلًا لِلِامْتِدَادِ وَيَكُونَ مَدْخُولُهَا مَقْصُودًا وَمُؤَثِّرًا فِي إنْهَاءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ تُحْمَلُ عَلَى لَامِ السَّبَبِ إنْ أَمْكَنَ بِأَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ عَلَى فِعْلَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَتِهِ وَالْآخَرُ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ لِيَصْلُحَ أَحَدُهُمَا جَزَاءً لِلْآخَرِ فَإِنْ تَعَذَّرَ تُحْمَلُ عَلَى الْعَطْفِ وَمِنْ حُكْمِ الْغَايَةِ أَنْ يُشْتَرَطَ وُجُودُهَا لِلْبِرِّ فَإِنْ أَقْلَعَ عَنْ الْفِعْلِ قَبْلَ الْغَايَةِ يَحْنَثُ وَمِنْ حُكْمِ لَامِ السَّبَبِ أَنْ يُشْتَرَطَ وُجُودُ مَا يَصْلُحُ سَبَبًا لَا وُجُودُ الْمُسَبِّبِ وَمِنْ حُكْمِ الْعَطْفِ أَنْ يُشْتَرَطَ وُجُودُهُمَا لِلْبِرِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: إنْ لَمْ أُخْبِرْ فُلَانًا بِمَا صَنَعْت حَتَّى يَضْرِبَك فَعَبْدِي حُرٌّ فَأَخْبَرَهُ وَلَمْ يَضْرِبْهُ بَرَّ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ آتِك حَتَّى تُغَدِّيَنِي أَوْ إنْ لَمْ أَضْرِبْك حَتَّى تَضْرِبَنِي فَأَتَاهُ وَلَمْ يُغَدِّهِ أَوْ ضَرَبَهُ فَلَمْ يَضْرِبْهُ بَرَّ. وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ أُلَازِمْهُ حَتَّى يَقْتَضِيَنِي حَقِّي أَوْ إنْ لَمْ أَضْرِبْهُ حَتَّى يَدْخُلَ اللَّيْلُ أَوْ حَتَّى يُصْبِحَ أَوْ حَتَّى يَشْفَعَ زَيْدٌ أَوْ حَتَّى يَنْهَانِي أَوْ حَتَّى يَشْتَكِيَ يَدَيَّ فَشَرْطُ الْبِرِّ الْمُلَازَمَةُ وَالضَّرْبُ إلَى وَقْتِ وُجُودِ الْغَايَةِ فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ بِأَنْ تَرَكَ الْمُلَازَمَةَ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ تَرَكَ الضَّرْبَ قَبْلَ وُجُودِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَنِثَ؛ لِأَنَّ حَتَّى هَهُنَا لِلْغَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمُلَازَمَةَ مِمَّا يَمْتَدُّ وَكَذَا الضَّرْبُ بِطَرِيقِ التَّكْرَارِ وَلَوْ نَوَى الْجَزَاءَ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْمَجَازَ وَلَوْ كَانَ الْفِعْلَانِ مِنْ وَاحِدٍ بِأَنْ قَالَ: إنْ لَمْ آتِك الْيَوْمَ حَتَّى أَتَغَدَّى عِنْدَك أَوْ حَتَّى أَضْرِبَك أَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَأْتِنِي الْيَوْمَ حَتَّى تَتَغَدَّى عِنْدِي فَعَبْدِي حُرٌّ فَشَرْطُ الْبِرِّ وُجُودُهُمَا حَتَّى إذَا أَتَاهُ فَلَمْ يَتَغَدَّ ثُمَّ تَغَدَّى مِنْ بَعْدُ بِلَا تَرَاخٍ فَقَدْ بَرَّ وَإِنْ لَمْ يَتَغَدَّ أَصْلًا حَنِثَ لِتَعَذُّرِ الْحَمْلِ عَلَى الْغَايَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلَّمَا ضَرَبْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَضَرَبَهَا بِكَفِّهِ فَوَقَعَتْ الْأَصَابِعُ مُتَفَرِّقَةً لَا تَطْلُقُ إلَّا وَاحِدَةً وَإِنْ ضَرَبَهَا بِيَدَيْهِ جَمِيعًا طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ لَقِيتُك فَلَمْ أَضْرِبْك فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَرَأَى الْعَبْدَ مِنْ قَدْرِ مِيلٍ أَوْ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَا يَصِلُ إلَيْهِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. إنْ رَأَيْت فُلَانًا لَأَضْرِبَنَّهُ فَالرُّؤْيَةُ عَلَى الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَالضَّرْبُ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ إلَّا إذَا عَنَى بِهِ الْفَوْزَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي مَسَائِلِ الرُّؤْيَةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ رَأَيْتُك فَلَمْ أَضْرِبْك فَرَآهُ وَالْحَالِفُ مَرِيضٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الضَّرْبِ حَنِثَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ شَاجَرَتْهُ امْرَأَتُهُ لِأَجَلِ الْجَارِيَةِ فَقَالَ: إنْ وَضَعْت يَدَيَّ عَلَى رَأْسِهَا فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهَا فِي الْغَضَبِ لَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. إذَا حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ غُلَامَهُ فِي كُلِّ حَقٍّ وَبَاطِلٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَمَعْنَى هَذَا أَنْ يَضْرِبَ كُلَّمَا شَكَا إلَيْهِ بِحَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ وَلَا يُحْمَلُ الضَّرْبُ فِي هَذَا عَلَى حَالِ وُجُودِ الشِّكَايَةِ وَلَوْ نَوَى الْحَالَ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَلَوْ شَكَا إلَيْهِ فَضَرَبَهُ ثُمَّ شَكَا إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ مَرَّةً أُخْرَى فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَضْرِبَهُ لِلشِّكَايَةِ الثَّانِيَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ فُلَانًا أَلْفَ مَرَّةٍ فَهَذَا عَلَى أَنْ يَضْرِبَهُ مِرَارًا كَثِيرَةً وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ فُلَانًا أَلْفَ مَرَّةٍ فَهُوَ عَلَى شِدَّةِ الْقَتْلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ فُلَانًا أَوْ لَيُكَلِّمَنَّ فُلَانًا وَفُلَانٌ مَيِّتٌ فَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ بِمَوْتِهِ فَلَا يَحْنَثُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِمَوْتِهِ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ وَيَحْنَثُ مِنْ سَاعَتِهِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ ضَرَبْتَنِي وَلَمْ أَضْرِبْك فَهَذَا عَلَيَّ أَنْ يَضْرِبَ الْحَالِفُ قَبْلَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ نَوَى بَعْدَهُ فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ: أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبْته يَا فُلَانٌ فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَهُمْ جَمِيعًا لَا يَعْتِقُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَوْ قَالَ: أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَك يَا فُلَانٌ فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبُوهُ جَمِيعًا عَتَقُوا ثُمَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذَا كَانَ يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْ الْعَبِيدِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الضَّرْبُ بِصِفَةِ التَّعَاقُبِ يَعْتِقُ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ بِدَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ عَتَقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَكَانَ اخْتِيَارُ التَّعْيِينِ لِلْمَوْلَى. إذَا قَالَ: كُلُّ عَبِيدِي

ضَرَبْته فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَ الْكُلَّ عَتَقَ الْكُلُّ وَلَوْ ضَرَبَ الْبَعْضَ عَتَقَ الْبَعْضُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَلَوْ قَالَ: مَنْ ضَرَبْته مِنْ عَبِيدِي فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَهُمْ جَمِيعًا عَتَقُوا جَمِيعًا عِنْدَهُمَا وَإِلَّا وَاحِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي فَصْلِ الْيَمِينِ تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ. لَوْ قَالَ: إنْ ضَرَبَ هَذَا الْعَبْدَ أَحَدٌ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَالْيَمِينُ عَلَى الْحَالِفِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ: إنْ ضَرَبَ رَأْسِي هَذَا أَحَدٌ فَالْيَمِينُ عَلَى غَيْرِ الْحَالِفِ. رَجُلٌ أَرَادَ ضَرْبَ إنْسَانٍ فَقَالَ رَجُلٌ: إنْ ضَرَبْتُهُ فَعَبْدِي حُرٌّ فَتَرَكَ ضَرْبَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنَّمَا يَقَعُ هَذَا عَلَى الْفَوْرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِعَبْدَيْهِ: إنْ ضَرَبْتُكُمَا إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا أَوْ إلَّا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا أَضْرِبُكُمَا فِيهِ أَوْ إلَّا يَوْمًا أَوْ إلَّا فِي يَوْمٍ فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهُمَا فِي أَيِّ يَوْمٍ شَاءَ مُجْتَمِعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا فَإِنْ ضَرَبَ أَحَدَهُمَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالْآخَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ ضَرَبَهُمَا فِي يَوْمِ الِاسْتِثْنَاءِ يَوْمَ يَجْتَمِعُ ضَرْبُهُمَا فِيهِ فَإِنْ لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ حَتَّى عَادَ فَضَرَبَ الْأَوَّلَ لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ ضَرَبَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ ضَرَبَ الَّذِي ضَرَبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَنِثَ سَاعَةَ ضَرْبِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَرَبَهُمَا فِي غَيْرِ يَوْمِ الِاسْتِثْنَاءِ حَيْثُ ضَرَبَ الْأَوَّلَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالثَّانِي يَوْمَ السَّبْتِ فَوُجِدَ ضَرْبُهُمَا فِي غَيْرِ يَوْمِ الِاسْتِثْنَاءِ وَأَمَّا إذَا ضَرَبَهُمَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى يَوْمٌ وَاحِدٌ يَضْرِبُهُمَا فِيهِ وَقَدْ ضَرَبَهُمَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَمَضَى الْمُسْتَثْنَى فَبَقِيَ مَا وَرَاءَهُ غَيْرَ الْمُسْتَثْنَى وَلَوْ لَمْ يَضْرِبْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا الَّذِي ضَرَبَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ تَكْرَارُ نِصْفِ الشَّرْطِ وَلَوْ لَمْ يَضْرِبْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا الَّذِي ضَرَبَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَحْدَهُ لَا يَحْنَثُ. وَلَوْ قَالَ: إنْ ضَرَبْتُكُمَا إلَّا فِي يَوْمٍ أَضْرِبُكُمَا فِيهِ أَوْ إلَّا يَوْمًا أَضْرِبُكُمَا فِيهِ أَوْ إلَّا يَوْمٌ أَضْرِبُكُمَا فِيهِ فَكُلُّ يَوْمٍ يَجْتَمِعُ فِيهِ ضَرْبُهُمَا فَذَلِكَ الْيَوْمُ مُسْتَثْنًى وَلَا يَحْنَثُ فَإِنْ ضَرَبَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ يَحْنَثُ حِينَ تَغِيبُ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي فَإِنْ عَادَ وَضَرَبَ الْأَوَّلَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ يَوْمَ الِاسْتِثْنَاءِ وَإِنْ ضَرَبَ الَّذِي ضَرَبَهُ أَخِيرًا يَحْنَثُ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَقْتُلْ فُلَانًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَفُلَانٌ مَيِّتٌ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ لِتَصَوُّرِ الْبِرِّ ثُمَّ يَحْنَثُ لِلْحَالِ لِلْعَجْزِ عَادَةً كَمَسْأَلَةِ صُعُودِ السَّمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِمَوْتِهِ لَا يَحْنَثُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ إلَّا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْكُوزَ لَا مَاءَ فِيهِ أَوْ لَا يَعْلَمُ فِي الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْكَافِي. حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ فُلَانًا غَدًا فَمَاتَ الْيَوْمَ لَمْ يَحْنَثْ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ قَتَلْت فُلَانًا أَوْ مَسِسْته فَتَعَمَّدَ غَيْرَهُ فَأَصَابَهُ حَنِثَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ قَتَلْتُك يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَضَرَبَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَمَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ ضَرَبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَاتَ يَوْمَ السَّبْتِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ كَانَ ضَرَبَهُ قَبْلَ الْيَمِينِ بِأَنْ كَانَ ضَرَبَهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثُمَّ حَلَفَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقَالَ: إنْ قَتَلْتُك يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَمَاتَ الْمَضْرُوبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْتُلَ فُلَانًا بِالْكُوفَةِ فَضَرَبَهُ بِالسَّوَادِ وَمَاتَ بِالْكُوفَةِ حَنِثَ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَكَانُ الْمَوْتِ وَزَمَانُهُ لَا مَكَانُ الْجُرْحِ وَزَمَانُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ شَتَمْتُك فِي الْمَسْجِدِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَشَتَمَهُ وَالْحَالِفُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَشْتُومُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يَحْنَثُ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الشَّتِيمَةِ. إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ قَتَلْتُك فِي الْمَسْجِدِ أَوْ إنْ شَجَجْتُك فِي الْمَسْجِدِ أَوْ إنْ ضَرَبْتُك فِي الْمَسْجِدِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَقَتَلَهُ أَوْ شَجَّهُ أَوْ ضَرَبَهُ وَالْمُقَاتِلُ وَالضَّارِبُ وَالشَّاجُّ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَقْتُولُ وَالْمَضْرُوبُ وَالْمَشْجُوجُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ يَحْنَثُ فِي

يَمِينِهِ وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ مِتَّ مِنْ هَذِهِ الشَّجَّةِ فَكَذَا فَمَاتَ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْمِي حَجَرًا فَرَمَى إلَى غَيْرِهِ فَنَفَرَ عَنْهُ فَأَصَابَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ رَمَى إلَيْهِ وَلَمْ يُصِبْهُ حَنِثَ إلَّا إذَا نَوَى الْإِصَابَةَ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ رَمَيْت إلَيْك فِي الْمَسْجِدِ فَعَبْدِي حُرٌّ يُعْتَبَرُ الْمَكَانُ فِي حَقِّ الْحَالِفِ وَلَوْ قَالَ: إنْ رَمَيْتُك فِي الْمَسْجِدِ فَعَبْدِي حُرٌّ يُعْتَبَرُ الْمَكَانُ فِي حَقِّ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَحْبِسْ فُلَانًا غَدًا عُرْيَانًا جَائِعًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَحَبَسَهُ عُرْيَانًا جَائِعًا فِي الْغَدِ فَجَاءَ آخَرُ وَأَطْعَمَهُ حَنِثَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يُعَذِّبُ فُلَانًا فَحَبَسَهُ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى. وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ تَعْذِيبٌ قَاصِرٌ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَمِينِ. وَفِي الْفَتَاوَى أَيْضًا إذَا دَعَا امْرَأَتَهُ إلَى الْفِرَاشِ فَأَبَتْ فَقَالَتْ: إنَّك تُعَذِّبُنِي فَقَالَ: إنْ عَذَّبْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ جَاءَتْ إلَى الْفِرَاشِ فَجَامَعَهَا إنْ جَامَعَهَا عَلَى كُرْهٍ مِنْهَا فَقَدْ عَذَّبَهَا فَتَطْلُقُ وَإِنْ كَانَتْ طَائِعَةً لَا تَطْلُقُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك أَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَسُؤْك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَغَابَ عَنْهَا أَشْهُرًا لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا وَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهَا أَهْلُهَا: قَدْ أَسَاءَك زَوْجُك وَأَضَرَّ بِك فَقَالَتْ: مَا أَسَاءَنِي مَا أَضَرَّ بِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ أَضْرَرْتُك أَوْ قَالَ: إنْ أَسَأْت إلَيْك فَأَنْت طَالِقٌ فَفَعَلَ ذَلِكَ قَاصِدًا إضْرَارَهَا حَنِثَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي فَصْلِ رَجُلٍ حَلَفَ لَا يَقْذِفُ. اكرمر اسرزنش كني فَكَذَا يَحْنَثُ بِالْمَلَامَةِ مُشَافَهَةً اكرمر ابرسرزني يَنْصَرِفُ إلَى الْمِنَّةِ إذَا احْتَمَلَتْ الْقَرِينَةَ وَإِلَّا فَعَلَى الضَّرْبِ عَلَى الرَّأْسِ. لَا يُؤْذِي امْرَأَتَهُ فَأَصَابَتْ النَّجَاسَةُ ثَوْبَهُ فَقَالَ: اغْسِلِيهِ فَأَبَتْ فَقَالَ: زهره دَرَانِ بشوي قِيلَ: لَا يَحْنَثُ وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْنَثُ وَبِهِ يُفْتِي، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي الْقُدُورِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ وَاَللَّهِ لَأَضْرِبَنَّ الْخَادِمَ الْيَوْمَ فَضَرَبَهُ فِي يَوْمِهِ فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فَإِنْ مَضَى الْيَوْمُ قَبْلَ الضَّرْبِ حَنِثَ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ أَوْ يُلْزِمُ نَفْسَهُ الْيَمِينَ وَلَوْ قَالَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ اخْتَرْت أَنْ أُوقِعَ الطَّلَاقَ لَزِمَهُ وَبَطَلَتْ الْيَمِينُ وَلَوْ قَالَ: فِي ذَلِكَ اخْتَرْت الْتِزَامَ الْيَمِينِ وَإِبْطَالَ الطَّلَاقِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَبْطُلُ وَلَوْ مَاتَ الْخَادِمُ قَبْلَ الضَّرْبِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْكَفَّارَةِ وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ هُوَ الْمَيِّتُ فَقَدْ وَقَعَ الْحِنْثُ أَوْ الطَّلَاقُ وَقَدْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَبِينَ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ قَالَ: وَهَذَا التَّخْيِيرُ مِنْ حَيْثُ التَّدَيُّنِ يَعْنِي فِيمَا إذَا مَاتَ الْخَادِمُ وَلَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَالطَّلَاقِ وَأَحَدُهُمَا لَا يَدْخُلُ فِي الْحُكْمِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَاضِي ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ مَكَانَ الْكَفَّارَةِ طَلَاقُ امْرَأَةٍ أُخْرَى يُجْبِرُهُ الْقَاضِي حَتَّى يَبِينَ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ طَلَاقٌ لَا مَحَالَةَ وَأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْحُكْمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ شَتَمْتُك فَعَبْدُهُ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهُ: لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيك لَا يَعْتِقُ وَلَوْ قَالَ: وَلَا أَنْتَ وَلَا أَهْلُك وَلَا مَالُك يَعْتِقُ وَهَذَا شَتْمٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ حَلَفَ لَا يَتَّهِمُ امْرَأَتَهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ قَالَ لَهَا خدادند كه تَوَجَّهَ كردهء لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْذِفَ فُلَانًا فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى؛ لِأَنَّ فِي زَمَانِنَا وَدِيَارِنَا يُعَدُّ هَذَا قَذْفًا لَهُ وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْذِفَ أَوْ لَا يَشْتِمَ أَحَدًا فَقَذَفَ مَيِّتًا أَوْ شَتَمَ مَيِّتًا حَنِثَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ أَنِّي خَيْرٌ مِنْهُ وَالْحَالِفُ لِصٌّ أَوْ شِرِّيبٌ وَذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْعِلْمِ عِنْدَ النَّاسِ حَنِثَ فِي الْقَضَاءِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ دَفَنَ مَالَهُ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ طَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَحَلَفَ أَنَّهُ ذَهَبَ مَالُهُ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَ إنْسَانٌ ذَلِكَ الْمَالَ ثُمَّ أَعَادَهُ يَكُونُ حَانِثًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُ طَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ، كَذَا

فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي مَسَائِلِ الْأَخْذِ وَالسَّرِقَةِ. وَلَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ شَيْئًا سَمَّاهُ وَلَمْ يَرَهُ وَقَدْ كَانَ رَأَى ذَلِكَ الشَّيْءَ قَبْلَ ذَلِكَ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. أَكَّارٌ أَوْ وَكِيلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَسْرِقَ وَهُوَ يَحْمِلُ الْعِنَبَ وَالْفَوَاكِهَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْكَرْمِ إلَى بَيْتِهِ قَالُوا: إنْ كَانَ مَا يَحْمِلُ الْأَكَّارُ وَالْوَكِيلُ لِلْأَكْلِ لَا يَكُونُ سَرِقَةً وَأَمَّا مَا يَكُونُ مِنْ الْحُبُوبِ إذَا أَخَذَ شَيْئًا لِيَتَفَرَّدَ بِهِ لَا لِلْحِفْظِ فَهُوَ سَرِقَةٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْأَكَّارِ وَالْوَكِيلِ إذَا أَخَذَ شَيْئًا عَلَى وَجْهِ الْخِفْيَةِ فَهُوَ سَرِقَةٌ وَأَمَّا الْأَكَّارُ وَالْوَكِيلُ إذَا أَخَذَ شَيْئًا لَوْ رَآهُمَا صَاحِبُهُ لَا يَضْمَنُهُ بَلْ يَرْضَى بِهِ فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ غَابَ فَرَسُهُ عَنْ خَانْ فَقَالَ أكراين اسب مِنْ بِرِدِّهِ باشند فَوَاَللَّهِ لَا أَسْكُنُ هَهُنَا قَالُوا: يَرْجِعُ إلَى الْحَالِفِ إنْ نَوَى بِقَوْلِهِ أنيجانباشم الْحُجْرَةَ أَوْ الْخَانِ أَوْ الْبَلْدَةِ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا تَنْصَرِفُ يَمِينُهُ إلَى الْخَانِ. امْرَأَةٌ لَهَا ابْنٌ يَسْكُنُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَقَالَ لَهَا زَوْجُهَا: إنْ لَمْ يَأْتِ ابْنُك فُلَانٌ بَيْتَنَا وَيَسْكُنُ مَعَنَا فَمَتَى أَعْطَيْتُهُ شَيْئًا قَلِيلًا مِنْ مَالِي فَأَنْت كَذَا فَجَاءَ فَسَكَنَ مَعَهُمَا سَنَةً ثُمَّ غَابَ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: إنِّي كُنْت أَعْطَيْت ابْنِي شَيْئًا مِنْ مَالِك وَحَنِثْت فِي يَمِينِك إنْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَإِنْ كَانَتْ أَعْطَتْهُ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ الِابْنُ وَيَسْكُنُ مَعَهُمَا طَلُقَتْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ سَرَقَ ثَوْبَهُ فَأَخَذَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَوْبَ الْمُدَّعِي وَقَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ كه مِنْ جامهء تونبرداشته أُمُّ فَقَدْ قِيلَ: لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَرَقَ ثَوْبَهُ وَقَدْ قِيلَ: تَطْلُقُ قَضَاءً اعْتِبَارًا لِلصُّورَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. رَجُلٌ سَرَقَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا ثُمَّ أَنَّ السَّارِقَ دَفَعَ دَرَاهِمَ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَجَحَدَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ وَحَلَفَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ: إنْ كَانَ الثَّوْبُ قَدْ ذَهَبَ مِنْ يَدِ السَّارِقِ فَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَلَا أَقُولُ بِأَنَّهُ حَانِثٌ قَالُوا: إذَا كَانَ الثَّوْبُ قَائِمًا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ حَانِثٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ مِنْ يَدِ السَّارِقِ فَفِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ نَوْعُ إشْكَالٍ. رَجُلٌ حَلَفَ وَقَالَ: سَرَقَ فُلَانٌ ثِيَابِي أَوْ قَالَ خَرَقَ فُلَانٌ ثِيَابِي وَفُلَانٌ مَا سَرَقَ إلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا وَمَا خَرَقَ إلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا قَالَ: لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَقِيلَ: يَحْنَثُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سَكْرَانُ صَحَا فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: كَانَ فِي جَيْبِي خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَأَخَذْتُمُوهَا مِنِّي فَأَنْكَرُوا فَحَلَفَ وَقَالَ أكرامر وزدر جَيْب مِنْ جَهْل وينجدرهم نبوده است جَهْل غطريفي وَيَنْجُ عَدَّ لِي فَامْرَأَتُهُ كَذَا وَقَدْ كَانَ فِي جَيْبِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَرْبَعُونَ عَدْلِيَّةً وَخَمْسَةُ غَطَارِفَةٍ فَأَصَابَ فِي الْإِجْمَالِ وَأَخْطَأَ فِي التَّفْصِيلِ قَالُوا: إنْ وَصَلَ التَّفْسِيرَ حَنِثَ وَإِنْ فَصَلَ التَّفْسِيرَ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ فِي جَيْبِهِ غَطَارِفَةٌ وَعَدْلِيَّاتٌ لَوْ ضُمَّتْ قِيمَةُ الْعَدْلِيَّاتِ إلَى الْغَطَارِفَةِ تَصِيرُ أَرْبَعِينَ غِطْرِيفِيًّا فَجَمَعَ وَقَالَ: أكردر جيب مِنْ جَهْل غِطْرِيفِي نبوده آست جندين غطريفي وجندين عدلي فَصُدِّقَ فِي الْمَبْلَغِ وَأَخْطَأَ فِي التَّفْصِيلِ قَالُوا: إنْ عَنَى عَيْنَ الْغَطَارِفَةِ كَانَ حَانِثًا أَصَابَ التَّفْسِيرَ أَوْ أَخْطَأَ وَصَلَ أَوْ فَصَلَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَغْصِبَ فُلَانًا شَيْئًا ثُمَّ دَخَلَ الْحَالِفُ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَيْلًا فَسَرَقَ مَتَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ جَاءَهُ الْحَالِفُ فِي الصَّحْرَاءِ وَسَرَقَ رِدَاءَهُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ طَرَّ صُرَّةَ دَرَاهِمَ فِي كُمِّهِ أَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ لَيْلًا فَكَابَرَهُ وَضَرَبَهُ وَأَخْرَجَ مَتَاعَهُ وَذَهَبَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ غَاصِبًا بَلْ يَكُونُ سَارِقًا يَقْطَعُ فِيهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا حَلَفَ

الباب الثاني عشر في اليمين في تقاضي الدراهم

لَا يَسْرِقُ مِنْهُ وَكَابَرَهُ حَنِثَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَغْصِبُ مِنْهُ أَوْ لَا يَسْرِقُ مِنْهُ فَقَطَعَ الطَّرِيقَ عَلَيْهِ حَنِثَ فِي الْغَصْبِ دُونَ السَّرِقَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ لِآخَرَ: مِنْ درمال توخيانت نكرده أَمْ وَقَدْ خَانَتْ امْرَأَتُهُ بِإِجَازَتِهٍ وَرِضَاهُ لَا يَحْنَثُ. قَالَ: سَاعٍ اكر يَبَشّ أَزِيَن كَسَّ رازيان أَزِدْهُ درم كنم فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ زَنِّ خودرازيان زِيَادَة كَدّ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَطْلُقُ أَنَّهَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الْيَمِينِ فِي تَقَاضِي الدَّرَاهِمِ] ِ إذَا حَلَفَ لَيَأْخُذَنَّ مِنْ فُلَانِ حَقَّهُ أَوْ قَالَ: لَيَقْبِضَنَّ فَأَخَذَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَخَذَ وَكِيلُهُ فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ عَنَى أَنْ يُبَاشِرَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ صُدِّقَ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَهَا مِنْ وَكِيلِ الْمَطْلُوبِ فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَهَا مِنْ رَجُلٍ كَفَلَ بِالْمَالِ بِأَمْرِ الْمَدْيُونِ أَوْ مِنْ رَجُلٍ أَحَالَهُ الْمَدْيُونُ عَلَيْهِ فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَبَضَ مِنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَطْلُوبِ أَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ أَوْ الْحَوَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ قَالُوا: إذَا اشْتَرَى بِدَيْنِهِ عَبْدًا بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهُ فُلَانٌ كَانَ فِي قِيمَتِهِ وَفَاءٌ بِالْحَقِّ فَهُوَ قَابِضٌ لِدَيْنِهِ وَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ حَنِثَ وَلَوْ غَصَبَ الْحَالِفُ مَالًا بِمِثْلِ دَيْنِهِ وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَ لَهُ دَنَانِيرَ أَوْ عُرُوضًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ حَلَفَ الطَّالِبُ لَيَقْبِضَنَّ وَلَمْ يُوَقِّتْ فَأَبْرَأَهُ مِنْ الْمَالِ أَوْ وَهَبَهُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ وَقَّتَ فِي ذَلِكَ وَقْتًا فَأَبْرَأَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ سَقَطَتْ الْيَمِينُ وَلَمْ يَحْنَثْ إذَا جَاءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ قَبَضَ الدَّيْنَ فَوَجَدَهُ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً فَهُوَ قَبْضٌ وَيَبِرُّ فِي يَمِينِهِ سَوَاءٌ وَقَعَ الْحَلِفُ عَلَى الْقَبْضِ أَوْ عَلَى الدَّفْعِ فَأَمَّا إذَا كَانَ سَتُّوقَةً فَلَيْسَ هَذَا بِقَبْضٍ لِحَقِّهِ وَلَوْ أَخَذَ ثَوْبًا بِإِمْكَانِ حَقِّهِ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ أَوْ اسْتَحَقَّ كَانَ قَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. فَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يَقْبِضُ مَالَهُ عَلَى غَرِيمِهِ فَأَحَالَ الطَّالِبُ رَجُلًا لَيْسَ لَهُ عَلَى الطَّالِبِ شَيْءٌ عَلَى غَرِيمِهِ وَقَبَضَ ذَلِكَ الرَّجُلُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الطَّالِبِ فِي الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ قَبْلَ الْيَمِينِ فَقَبَضَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يَحْنَثُ وَعَلَى هَذَا إذَا وَكَّلَ رَجُلًا يَقْبِضُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْبِضَ مَالَهُ عَلَيْهِ فَقَبَضَ الْوَكِيلُ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَقَدْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ: إذَا حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا عَلَيْهِ فَلَزِمَهُ ثُمَّ أَنَّ الْغَرِيمَ فَرَّ مِنْهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ كَانَ حَلَفَ أَنْ لَا يُفَارِقَ غَرِيمَهُ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا يَحْنَثُ وَإِذَا حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا عَلَيْهِ فَقَعَدَ مَقْعَدًا عَلَيْهِ حَيْثُ يَرَاهُ حَتَّى لَا يَفُوتَهُ وَيَحْفَظَهُ فَلَيْسَ بِمُفَارِقٍ لَهُ وَإِنْ حَالَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ أَوْ عَمُودٌ مِنْ أَعْمِدَةِ الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ بِمُفَارِقٍ لَهُ وَكَذَلِكَ إذَا جَلَسَ أَحَدُهُمَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ بِحَيْثُ يَرَاهُ فَلَيْسَ بِفَارِقٍ وَإِذَا تَوَارَى عَنْهُ بِحَائِطِ الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ دَاخِلٌ فَهُوَ مُفَارِقٌ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ وَالْمِفْتَاحُ بِيَدِ الْحَالِفِ وَالْحَالِفُ خَارِجَ الْبَابِ قَاعِدٌ عَلَى هَذَا الْبَابِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْمُنْتَقَى. وَفِي الْحِيَلِ إذَا نَامَ الطَّالِبُ أَوْ غَفَلَ عَنْ الْمَطْلُوبِ أَوْ شَغَلَهُ إنْسَانٌ بِالْكَلَامِ فَهَرَبَ الْمَطْلُوبُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ لَمْ يَنَمْ وَلَمْ يَغْفُلْ عَنْهُ فَذَهَبَ وَلَمْ يَذْهَبْ مَعَهُ الطَّالِبُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَعَ الْإِمْكَانِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْمُلَازَمَةِ حَتَّى يُقِرَّ الْمَطْلُوبُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ فَأَخَذَ بِهِ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا حَنِثَ إلَّا إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَحِينَئِذٍ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ جَاءَ إلَى بَابِ مَدْيُونِهِ

وَحَلَفَ أَنْ لَا يَذْهَبَ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ هَذَا فَجَاءَ الْمَدْيُونُ وَنَحَّاهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ثُمَّ ذَهَبَ بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ فَقَدْ قِيلَ: يَحْنَثُ وَقَدْ قِيلَ: إنْ نَحَّاهُ بِحَيْثُ وَقَعَ فِي مَكَان آخَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ خَطٌّ بِالْإِقْدَامِ ثُمَّ ذَهَبَ بِنَفْسِهِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُقَطَّعَاتِ. وَلَوْ حَلَفَ الْمَدْيُونُ لَيُعْطِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ أَحَالَهُ وَقَبَضَ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ قَضَى عَنْهُ مُتَبَرِّعٌ لَا يَبِرُّ وَإِنْ عَنَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ صُدِّقَ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَلَوْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ فَأَعْطَاهُ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ حَنِثَ وَإِنْ عَنَى أَنْ لَا يُعْطِيَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَدِنْ فِي الْقَضَاءِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: وَاَللَّهِ لَا أُعْطِيَك مَالَك حَتَّى يَقْضِيَ عَلَيَّ قَاضٍ فَوَكُلِّ وَكِيلًا خَاصَمَهُ إلَى الْقَاضِي فَقَضَى عَلَى وَكِيلِ الْحَالِفِ فَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى الْحَالِفِ وَلَا يَحْنَثُ بَعْدَ ذَلِكَ. رَجُلٌ قَالَ لِغَرِيمِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُفَارِقُك حَتَّى اسْتَوْفِي مِنْك حَقِّي ثُمَّ إنَّهُ اشْتَرَى مِنْ مَدْيُونِهِ عَبْدًا بِذَلِكَ الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الدَّيْنَ حَتَّى فَارَقَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَجْعَلُهُ حَانِثًا إذَا وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْهُ قَبْلَ الْمُفَارِقَةِ وَقَبْلَ الْمَدْيُونِ ثُمَّ فَارَقَهُ لَا يَحْنَثُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهُ حَانِثًا فِي الْهِبَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَكُونُ حَانِثًا هَذَا إذَا فَارَقَهُ فَقَبِلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَبِيعَ وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ فَارَقَهُ حَنِثَ وَلَوْ بَاعَهُ الْمَدْيُونُ عَبْدًا لِغَيْرِهِ بِذَلِكَ الدَّيْنِ ثُمَّ فَارَقَهُ الْحَالِفُ بَعْدَ مَا قَبَضَ الْعَبْدَ ثُمَّ إنَّ مَوْلَى الْعَبْدِ اسْتَحَقَّهُ وَلَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ وَلَوْ بَاعَهُ الْمَدْيُونُ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيهِ وَقَبَضَهُ الْحَالِفُ ثُمَّ فَارَقَهُ حَنِثَ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى امْرَأَةٍ فَحَلَفَ لَا يُفَارِقُهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهَا فَتَزَوَّجَهَا الْحَالِفُ عَلَى مَا كَانَ لَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَيْهَا فَهُوَ اسْتِيفَاءٌ بِمَا عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ. وَلَوْ بَاعَ الْمَدْيُونُ بِمَا عَلَيْهِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَإِذَا هُوَ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ أَوْ كَانَ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ لِغَيْرِ الْمَدْيُونِ ثُمَّ فَارَقَهُ الطَّالِبُ بَعْدَ مَا قَبَضَهُ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ وَلَوْ وُهِبَ الطَّالِبُ الْأَلْفَ مِنْ الْغَرِيمِ فَقِبَلهَا مِنْهُ أَوْ أَحَالَ الطَّالِبُ رَجُلًا لَهُ عَلَيْهِ مَالٌ بِمَالِهِ عَلَى مَدْيُونِهِ أَوْ أَحَالَ الْمَطْلُوبُ الطَّالِبَ عَلَى رَجُلٍ وَأَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ الْأَوَّلَ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ فِي هَذَا كُلِّهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا حَلَفَ لَا يَحْبِسُ مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ سَاعَةَ حَلَفَ يُرِيدُ بِهِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْإِعْطَاءِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِهِ كَمَا فَرَغَ مِنْ الْيَمِينِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ طَلَبَ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَطْلُبْ وَإِنْ نَوَى الْحَبْسَ بَعْدَ الطَّلَبِ أَوْ غَيَّرَهُ مِنْ الْمُدَّةِ كَانَ كَمَا نَوَى وَإِنْ حَاسَبَهُ وَأَعْطَاهُ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ لَهُ لَدَيْهِ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ الطَّالِبُ ثُمَّ لَقِيَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ وَقَالَ قَدْ بَقِيَ لِي عِنْدَك، كَذَا وَكَذَا مِنْ قَبْلِ، كَذَا وَكَذَا فَتَذَكَّرَ الْمَطْلُوبُ وَقَدْ كَانَا جَمِيعًا نَسِيَاهُ لَمْ يَحْنَثْ إنْ أَعْطَاهُ سَاعَتئِذٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَحْبِسَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَإِنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ إذَا حَلَّ فَإِنْ نَوَى عُمْرَهُ فَكَمَا نَوَى، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. حَلَفَ لَيُعْطِيَنَّهُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ فَأَدَّى فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ بَرَّ وَإِلَّا حَنِثَ وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ رَأْسَ الشَّهْرِ أَوْ إذَا أَهَلَّ الْهِلَالُ فَلَهُ لَيْلَةُ الْهِلَالِ وَيَوْمُهُ كُلُّهُ وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَآخِرِهِ يَقْضِي الْيَوْمَ الْخَامِسَ عَشَرَ وَالسَّادِسَ عَشَرَ. حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ صَلَاةَ الظُّهْرِ فَالْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الظُّهْرِ كُلُّهُ. حَلَفَ لَيُعْطِيَنَّ حَقَّهُ إذَا صَلَّى الظُّهْرَ فَلَهُ وَقْتُ الظُّهْرِ كُلُّهُ. حَلَفَ لَيُعْطِيَنَّهُ رَأْسَ الشَّهْرِ فَأَعْطَاهُ قَبْلَهُ أَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ مَاتَ الطَّالِبُ سَقَطَتْ الْيَمِينُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ لَا يَحْنَثُ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا مَالَهُ وَفُلَانٌ مَاتَ قَبْلَهُ وَلَا يَعْلَمُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ يَحْنَثُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْنَثُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَ فُلَانٍ إذَا صَلَّى الْأُولَى فَلَهُ وَقْتُ الظُّهْرِ إلَى آخِرِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ فَلَهُ مِنْ حِينِ

تَطْلُعُ إلَى أَنْ تَبْيَضَّ وَلَوْ قَالَ: وَقْتُ الضَّحْوَةِ فَمِنْ حِينِ تَبْيَضُّ إلَى أَنْ تَزُولَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَلَفَ غَرِيمُهُ أَنْ لَا يَذْهَبَ مِنْ الْبَلَدِ حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ أَوْ مَالَهُ فَذَهَبَ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ كُلِّهِ يَحْنَثُ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْضِيَ دَيْنَهُ أَوْ مَالَهُ فَقَضَاهُ الْأَقَلَّ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْبِضُ مَالِي عَلَيْك الْيَوْمَ فَتَزَوَّجَ الْحَالِفُ أَمَةَ الْمَطْلُوبِ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فِي الْيَوْمِ وَدَخَلَ بِهَا لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا لَوْ شَجَّ الْمَطْلُوبُ شَجَّةً مُوضِحَةً فِيهَا قِصَاصٌ وَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ كَانَتْ قِصَاصًا وَلَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَرِيمِهِ وَلَهُ عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ: إنْ أَخَذْتهَا مِنْك الْيَوْمَ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَعَبْدِي حُرٌّ فَأَخَذَ مِنْهُ خَمْسِينَ وَلَمْ يَأْخُذْ الْبَاقِي حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا لَوْ قَبَضَ الْمِائَةَ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ خَمْسِينَ وَفِي آخِرِهِ خَمْسِينَ يَحْنَثُ فَإِنْ وَجَدَ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَقْبُوضَةِ زَيْفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً فَالْحِنْثُ عَلَى حَالِهِ لَا يَرْتَفِعُ سَوَاءٌ رَدَّ وَاسْتَبْدَلَ أَوْ لَمْ يَرُدَّ وَلَمْ يَسْتَبْدِلْ أَوْ رَدَّ وَلَمْ يَسْتَبْدِلْ وَكَذَا لَوْ وَجَدَهَا مُسْتَحَقَّةً وَلَوْ كَانَتْ سَتُّوقَةً أَوَرِصَاصًا وَرَدَّ وَاسْتَبْدَلَ فِي الْيَوْمِ يَحْنَثُ حِينَ اسْتَبْدَلَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَبْدِلْ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ أَخَذْت مِنْهَا الْيَوْم دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خَمْسِينَ حَنِثَ حِينَ أَخَذَهَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَحْنَثْ. وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ بِأَنْ قَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ قَبَضْت مِنْهَا دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ خَمْسِينَ حَنِثَ حِينَ قَبَضَهَا وَلَوْ قَالَ: إنْ قَبَضْتهَا دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَوَزَنَ لَهُ خَمْسِينَ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ ثُمَّ وَزَنَ لَهُ خَمْسِينَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَحْنَثُ مَا دَامَ فِي عَمَلِ الْوَزْنِ فَإِنْ اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يَزِنَ الْبَاقِيَ يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا آخُذُ مَالِي عَلَيْك إلَّا ضَرْبَةً أَوْ دُفْعَةً فَوَزَنَ لَهُ دِرْهَمًا دِرْهَمًا وَيُعْطِيه بَعْدَ أَنْ يُفَرِّقَ فِي وَزْنِهَا لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ أَخَذَ بِعَمَلِ غَيْرِ الْوَزْنِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ حَنِثَ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: إنْ قَبَضْت مَالِي عَلَى فُلَانٍ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ فَهُوَ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ يَعْنِي مَالَهُ عَلَى فُلَانٍ فَقَبَضَ مِنْهُ تِسْعَةً فَوَهَبَهَا لِرَجُلٍ ثُمَّ قَبَضَ الدِّرْهَمَ الْبَاقِيَ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِالدِّرْهَمِ الْبَاقِي وَكَذَا إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَقْبِضْ مَالِي عَلَيْك وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَقْبِضْ الدَّرَاهِمَ الَّتِي لِي عَلَيْك فَقَبَضَ بِهَا دَنَانِيرَ أَوْ عَرْضًا لَمْ يَحْنَثْ وَيَضْمَنُ مِثْلَ مَا وَهَبَ وَيَتَصَدَّقُ بِالضَّمَانِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَقْبِضْ مِنْك دَرَاهِمَ قَضَاءً بِمَالِي عَلَيْك فَكَذَا فَقَبَضَ بِهَا عَرْضًا أَوْ دَنَانِيرَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَتَّزِنْ مَالِي عَلَيْك فَقَبَضَ شَيْئًا مِنْ خِلَافِ جِنْسِ حَقِّهِ مِمَّا يُوزَنُ أَوْ مِمَّا لَا يُوزَنُ لَا يَكُونُ بَارًّا إلَّا أَنَّهُ إذَا قَيَّدَهُ بِالْوَزْنِ سَقَطَ اعْتِبَارُ عُمُومِ اللَّفْظِ فَيَنْصَرِفُ إلَى أَخَصِّ الْخُصُوصِ وَهُوَ قَبْضُ عَيْنِ الْحَقِّ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَقْبِضْ مَالِي عَلَيْك فِي كِيسٍ فَقَضَاهُ مَكَانِ الدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ أَوْ عَرْضًا كَانَ حَانِثًا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَمَّا بَطَلَ عُمُومُ اللَّفْظِ يَنْصَرِفُ إلَى قَبْضِ عَيْنِ الْحَقِّ فَإِنْ نَوَى بِالْوَزْنِ لِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَقْبِضْ مِنْك دَرَاهِمَ قَضَاءً بِمَالِي عَلَيْك فَكَذَا ثُمَّ إنَّ الْمَطْلُوبَ اسْتَقْرَضَ مِنْ الطَّالِبِ دِرْهَمًا وَقَضَاهُ ثُمَّ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ ثَانِيًا وَقَضَاهُ ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى صَارَ مُسْتَوْفِيًا مِنْهُ دَرَاهِمَ كُلُّهَا بِالدِّرْهَمِ الْوَاحِدِ حَنِثَ وَلَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَقَضَاهُ إيَّاهَا ثُمَّ اسْتَقْرَضَهَا مَرَّةً أُخْرَى ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى أَوْفَى مَالَهُ كُلَّهُ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَيَتَّزِنَنَّ مَا عَلَيْهِ فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ غَيْرَ مَوْزُونٍ حَنِثَ وَلَوْ اتَّزَنَ وَكِيلُ الطَّالِبِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ لَيَتَّزِنَنَّ مَالَهُ عَلَيْهِ فَاتَّزَنَ وَكِيلُهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ عَلَى مَا قُلْنَا ثُمَّ وَكَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا دَخَلَ تَحْتَ الْيَمِينِ كَأَنْ فَعَلَ وَكِيلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِعْلِهِ بِنَفْسِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ التَّوْكِيلُ

مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ الْيَمِينِ ثُمَّ فَعَلَ الْوَكِيلَانِ وَذَلِكَ بَعْدَ الْيَمِينِ فَقَدْ خَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ فِعْلٌ مُسْتَدَامٌ فَاسْتِدَامَتُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ الْيَمِينِ بِمَنْزِلَةِ إنْشَائِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي آخِرِ الْجَامِعِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ: فِيمَا إذَا وَكَّلَ الطَّالِبُ رَجُلًا لِيَقْبِضَ دَيْنَهُ ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْبِضَهُ فَقَبَضَهُ الْوَكِيلُ بَعْدَ الْيَمِينِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ الْحَالِفُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَدْيُونٌ قَالَ لِصَاحِبِ دَيْنِهِ: وَاَللَّهِ لَأَقْضِيَنَّ دَيْنَك إلَى يَوْمِ الْخَمِيسِ فَلَمْ يَقْضِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ يَوْمَ الْخَمِيسِ غَايَةً وَالْغَايَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْمَضْرُوبِ لَهُ الْغَايَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ غَايَةَ إخْرَاجٍ وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّ دَيْنَك إلَى خَمْسَةِ أَيَّامٍ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الْخَامِسِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْبِضُ دَيْنَهُ مِنْ غَرِيمِهِ الْيَوْمَ فَاشْتَرَى الطَّالِبُ مِنْ الْغَرِيمِ شَيْئًا فِي يَوْمِهِ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ الْيَوْمَ حَنِثَ وَإِنْ قَبَضَ الْمَبِيعَ غَدًا لَا يَحْنَثُ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ الْيَمِينِ فِي يَوْمِهِ شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ حَنِثَ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ الْيَوْمَ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَهْلِكُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ حَنِثَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَغْصِبَ أَوَّلًا ثُمَّ يَسْتَهْلِكُ فَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ وَلَمْ يَغْصِبْهُ بِأَنْ أَحْرَقَهُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مَدْيُونٌ قَالَ لِرَبِّ الدَّيْنِ إنْ لَمْ أَقْضِك مَالَك غَدًا فَعَبْدِي حُرٌّ فَغَابَ رَبُّ الدَّيْنِ قَالُوا هَذَا يَدْفَعُ الدَّيْنَ إلَى الْقَاضِي فَإِذَا دَفَعَ لَا يَحْنَثُ وَيَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَنِثَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ حَاضِرًا لَكِنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ إنْ وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِحَيْثُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْبِضَ تَصِلُ يَدُهُ إلَيْهِ لَا يَحْنَثُ وَبَرِئَ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَقْبِضُ الْمَغْصُوبَ فَفَعَلَ الْغَاصِبُ هَكَذَا بَرِئَ وَلَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ قَالَ: سَمِعْت أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ لِغَرِيمِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُفَارِقُك حَتَّى تُعْطِيَنِي حَقِّي الْيَوْمَ وَنِيَّتُهُ أَنْ لَا يَتْرُكَ لُزُومَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ حَقَّهُ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُفَارِقْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ فَارَقَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: لَا أُفَارِقُك حَتَّى أُقَدِّمَك إلَى السُّلْطَانِ الْيَوْمَ أَوْ حَتَّى يُخَلِّصَك السُّلْطَانُ مِنِّي فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُفَارِقْهُ وَلَمْ يُقَدِّمْهُ إلَى السُّلْطَانِ وَلَمْ يُخَلِّصْهُ السُّلْطَانُ فَهُوَ سَوَاءٌ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِتَرْكِهِ. وَلَوْ قَدِمَ الْيَوْمُ فَقَالَ: لَا أُفَارِقُك الْيَوْمَ حَتَّى تُعْطِيَنِي حَقِّي وَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُفَارِقْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ فَارَقَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ. إذَا حَلَفَ لَا يَتَقَاضَى فُلَانًا فَلَزِمَهُ وَلَمْ يَتَقَاضَاهُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ حَلَفَ رَبُّ الدَّيْنِ فَقَالَ: إنْ لَمْ آخُذْ مَا لِي عَلَيْكَ غَدًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَحَلَفَ الْمَدْيُونُ أَيْضًا أَنْ لَا يُعْطِيَ غَدًا فَأَخَذَ مِنْهُ جَبْرًا فَلَا يَحْنَثَانِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ يَجُرُّهُ إلَى بَابِ الْقَاضِي فَإِذَا خَاصَمَهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ. رَجُلٌ حَلَّفَ الْمَدْيُونَ لَيُوَفِّيَنَّ حَقَّهُ يَوْمَ كَذَا وَلَيَأْخُذَنَّ بِيَدِهِ وَلَا يَنْصَرِفُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَجَاءَ الْحَالِفُ وَقَضَى الدَّيْنَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ بِيَدِهِ وَانْصَرَفَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ الْمَدْيُونُ وَلَوْ قَالَ: لَا أَدَعْ مَالِي عَلَيْك وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَقَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي فَحَبَسَهُ أَوْ حَلَّفَهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ إلَى الْقَاضِي وَلَازَمَهُ إلَى اللَّيْلِ بَرَّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ حَلَفَ لَيُعْطِيَنَّهُ مَعَ حِلِّ الْمَالِ أَوْ عِنْدَ حِلِّهِ أَوْ حِينَ يَحِلُّ الْمَالُ أَوْ حَيْثُ يَحِلُّ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهَذَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ سَاعَةً يَحِلُّ فَإِنْ أَخَّرَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ حَنِثَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ يَوْمَ كَذَا فَأَدَّاهُ قَبْلَ الْيَوْمِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْهُ وَجَاءَ الْوَقْتُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ مَاتَ الدَّائِنُ وَقَضَاهُ إلَى وَرَثَتِهِ أَوْ وَصِيَّتِهِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَإِلَّا فَهُوَ حَانِثٌ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ

مسائل متفرقة في الأيمان

امْرَأَتِهِ أَنْ يُعْطِيَهَا كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمًا فَرُبَّمَا يَدْفَعُ إلَيْهَا عِنْدَ الْغُرُوبِ وَرُبَّمَا يَدْفَعُ إلَيْهَا عِنْدَ الْعِشَاءِ قَالَ: إذَا لَمْ يَخْلُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ عَنْ دَفْعِ دِرْهَمٍ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. حَلَفَ لَا يُؤَخِّرُ عَنْ فُلَانٍ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ شَهْرًا فَسَكَتَ عَنْ تَقَاضِيهِ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ لَوْ حَلَفَ مَدْيُونُهُ كه ازمن رونبوشي وَلَمْ يُوَقِّتْ وَقْتًا إذَا طَلَبَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِالطَّلَبِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ حَنِثَ. وَلَوْ دَخَلَ السُّوقَ مُخْتَفِيًا لَا يَحْنَثُ وَلَوْ طَلَبَ هُوَ وَهُوَ لَمْ يَعْلَمْ فَلَمْ يَظْهَرْ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ اثْنَيْنِ حَلَّفَاهُ هَكَذَا وَقُضِيَ دَيْنُ أَحَدِهِمَا لَمْ تَبْقَ الْيَمِينُ فِي حَقِّهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. سُئِلَ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ قَالَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ: إنْ لَمْ أَقْضِ حَقَّك يَوْمَ الْعِيدِ فَكَذَا فَجَاءَ يَوْمُ الْعِيدِ إلَّا أَنَّ قَاضِيَ هَذِهِ الْبَلْدَةِ لَمْ يَجْعَلْهُ عِيدًا وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ صَلَاةَ الْعِيدِ لِدَلِيلٍ عِنْدَهُ وَقَاضِي بَلْدَةٍ أُخْرَى جَعَلَهُ عِيدًا وَصَلَّى فِيهِ قَالَ: إذَا حَكَمَ قَاضِي بَلْدَةٍ بِكَوْنِهِ عِيدًا يَلْزَمُ ذَلِكَ أَهْلَ بَلْدَةٍ أُخْرَى إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ الْمَطَالِعُ كَمَا فِي الْحُكْمِ بِالرَّمَضَانِيَّة، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ حَلَفَ لَيُعْطِيَنَّهُ كُلَّ شَهْرٍ دِرْهَمًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ وَقَدْ حَلَفَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ فَهَذَا الشَّهْرُ يَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَهُ فِيهِ دِرْهَمًا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَالُ عَلَيْهِ نُجُومًا عِنْدَ انْسِلَاخِ كُلِّ شَهْرٍ فَحَلَفَ لَيُعْطِيَنَّهُ النُّجُومَ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَانَ لَهُ ذَلِكَ الَّذِي حَلَّتْ فِيهِ النُّجُومُ فَمَتَى أَعْطَاهُ فِي آخِرِ ذَلِكَ الشَّهْرِ فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ حَلَفَ لَيَجْهَدَنَّ فِي قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَبِيعُ مَا كَانَ الْقَاضِي يَبِيعُ عَلَيْهِ إذَا رُفِعَ الْأَمْرُ إلَيْهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْأَيْمَان] {مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ} مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ كَانَ يَمْلِكُ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَكَانَ يَمْلِكُ دُونَهَا لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا إذَا كَانَ يَمْلِكُ مِائَةَ دِرْهَمٍ لَا غَيْرَ لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا وَلَمْ يَعْتِقْ عَبْدُهُ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى الْمِائَةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَكَانَ لَهُ دَنَانِيرُ حَنِثَ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ لِلتِّجَارَةِ أَوْ عَرْضٌ لِلتِّجَارَةِ أَوْ سَوَائِمُ مِنْ جِنْسِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ سَوَاءٌ كَانَ نِصَابًا كَامِلًا أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَوْ مَلَكَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ أَوْ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الزَّكَاةِ كَالدُّورِ وَالْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ مَاتَ وَخَلَفَ وَارِثًا وَلِلْمَيِّتِ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ فَجَاءَ وَارِثُ الْمَيِّتِ فَخَاصَمَ الْغَرِيمَ فَحَلَفَ الْغَرِيمُ أَنَّ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ أَرْجُو أَنْ لَا يَحْنَثَ وَإِنْ عَلِمَ يَحْنَثُ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي الْأَصْلِ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ مُفْلِسٍ أَوْ مَلِيءٍ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ مَالَهُ رَجُلٌ وَاسْتَهْلَكَهُ وَأَقَرَّ بِهِ أَوْ جَحَدَهُ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا وَالْمَغْصُوبُ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَ إنْسَانٍ وَالْمُودِعُ مُقِرٌّ بِهَا حَنِثَ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ حَنِثَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَالُ التِّجَارَةِ وَمَالُ السَّائِمَةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَرْضٌ وَحَيَوَانٌ غَيْرُ السَّائِمَةِ لَمْ يَحْنَثْ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ حَلَفَ لَا يُصَالِحُ رَجُلًا فِي حَقٍّ يَدَّعِيه فَوَكَّلَ رَجُلًا فَصَالَحَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يُخَاصِمُهُ فَوَكَّلَ بِخُصُومَةٍ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُصَالِحُ فُلَانًا فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَصَالَحَهُ حَنِثَ فِي الْقَضَاءِ فَإِنَّ الصُّلْحَ لَا عُهْدَةَ فِيهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الْحَلِفِ عَلَى الْفِعْلِ لِغَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. لَا يُنْفِقُ هَذَا الْأَلْفَ فَقَضَى بِهِ دَيْنَهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِنْفَاقٍ عُرْفًا وَقِيلَ: يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَاهُ حَنِثَ وِفَاقًا؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يُصَدَّقُ فِي الْعُرْفِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. حَلَفَ لَا يَسْتَدِينُ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً لَا يَحْنَثُ وَإِنْ أَخَذَ الدَّرَاهِمَ فِي سَلَمٍ يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ. إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ، كَذَا تَرَكَهُ أَبَدًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا يَبِرُّ

بِالْفِعْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً سَوَاءٌ كَانَ مُكْرَهًا فِيهِ أَوْ نَاسِيًا أَصِيلًا أَوْ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ لَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الْحِنْثِ حَتَّى يَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ الْفِعْلِ بِمَوْتِ الْحَالِفِ قَبْلَ الْفِعْلِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِالْكَفَّارَةِ أَوْ يَفُوتَ مَحَلُّ الْفِعْلِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ زَيْدًا أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ فَمَاتَ زَيْدٌ وَأَكَلَ الرَّغِيفَ قَبْلَ أَكْلِهِ يَحْنَثُ هَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً وَلَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً مِثْلُ لَآكُلَنَّهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ سَقَطَتْ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْفِعْلِ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. حَلَفَ لَا يَفْعَلُ حَرَامًا مَا لَمْ يَحْنَثْ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَكَذَا بِوَطْءِ الْبَهِيمَةِ إلَّا إذَا دَلَّتْ الدَّلَالَةُ بِأَنْ كَانَ الْحَالِفُ مِنْ جُهَّالِ الرَّسَاتِيقِ يَمْشِي خَلْفَ الدَّوَابِّ وَالْبَهِيمَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. حَلَفَ لَا يُوصِي بِوَصِيَّةٍ فَوَهَبَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لَا يَحْنَثُ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى أَبَاهُ فِي مَرَضِهِ فَعَتَقَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَلَفَ لَيَهَبَنَّهُ الْيَوْمَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَوَهَبَهُ مِائَةَ عَلَى آخَرَ وَأَمَرَهُ بِقَبْضِهَا بَرَّ وَلَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. حَلَفَ أَنْ يُطِيعَهُ فِيمَا يَأْمُرُهُ بِهِ وَيَنْهَاهُ عَنْهُ فَنَهَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ جِمَاعِ امْرَأَتِهِ فَجَامَعَ لَمْ يَحْنَثْ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ حَلَفَ لَا يَخْدُمُ فُلَانًا فَخَاطَ لَهُ قَمِيصًا بِأَجْرٍ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ خَاطَهُ بِلَا أَجْرٍ يَخَافُ الْحِنْثَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَالٍ لِي هَدْيٌ فَقَالَ آخَرُ: وَعَلَيَّ مِثْلُ ذَلِكَ لَزِمَ الثَّانِي أَنْ يَهْدِيَ جَمِيعَ مَالِهِ سَوَاءٌ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مَالِ الْأَوَّلِ أَوْ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ إلَّا أَنْ يَعْنِيَ بِهِ مِثْلَ قَدْرِهِ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَالٍ أَمْلِكُهُ إلَى سَنَةٍ فَهُوَ هَدْيٌ فَقَالَ الْآخَرُ مِثْلُ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ وَهُوَ يَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ دُونَ اسْمِهِ لَمْ يَحْنَثْ هَكَذَا ذِكْرُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْأَصْلِ قَالَ إلَّا إذَا نَوَى مَعْرِفَةَ وَجْهِهِ فَإِنْ عَنَى ذَلِكَ فَقَدْ شَدَّدَ الْأَمْرَ عَلَى نَفْسِهِ وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ اسْمٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْمٌ بِأَنْ وُلِدَ مِنْ رَجُلٍ فَرَأَى الْوَلَدَ جَارُهُ وَلَكِنْ لَمْ يُسَمِّ بَعْدُ فَحَلَفَ الْجَارُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ هَذَا الْوَلَدَ فَهُوَ حَانِثٌ؛ لِأَنَّهُ يَعْرِفُ وَجْهَهُ وَلَيْسَ لَهُ اسْمٌ خَاصٌّ لِيَشْتَرِطَ مَعْرِفَتَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ مَادَامَ فُلَانٌ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَخَرَجَ فَفَعَلَ ثُمَّ رَجَعَ فُلَانٌ فَفَعَلَهُ ثَانِيًا لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. حَلَفَ لَا يَعْمَلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَكَانَ عِنْدَهُ كِرْبَاسٌ وَأَرَادَ بِهِ الْقَمِيصَ فَحَمَلَهُ إلَى خَيَّاطٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَخِيطَهُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ أَهْدَى إلَى رَجُلٍ شَيْئًا فَقَالَ الْمُهْدَى إلَيْهِ: إنْ لَمْ أُعْطِك هَذَا الْقَبَاءَ بِهَذِهِ الْهَدِيَّةِ فَكَذَا وَمَضَى زَمَانٌ ثُمَّ أَعْطَاهُ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَصَالَحَا عَنْ ذَلِكَ يَحْنَثُ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ: لَا يَحْنَثُ مَادَامَ الْإِبَاءُ بَاقِيًا وَالْحَالِفُ حَيًّا لَوْ أُعْطِيَ الْقَبَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إنْ حَلَفَ لَا يَكْتُبُ بِهَذَا الْقَلَمِ فَكُسِرَ ثُمَّ بَرَاهُ مَرَّةً أُخْرَى فَكَتَبَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا إنْ حَلَفَ لَا يَقْطَعُ بِهَذَا السِّكِّينِ فَكَسَرَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي. حَلَفَ لَا يَنْظُرُ إلَى وَجْهِ فُلَانَةَ فَنَظَرَ إلَيْهَا فِي النِّقَابِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَكُنْ الْأَكْثَرُ مِنْ الْوَجْهِ مَكْشُوفًا حَلَفَ لَا يَنْظُرُ إلَى فُلَانٍ فَرَأَى مِنْ خَلْفِ سِتْرٍ أَوْ زُجَاجَةٍ يَسْتَبِينُ وَجْهُهُ مِنْ خَلْفِهَا حَنِثَ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَظَّرَ فِي مِرْآةٍ فَرَأَى وَجْهَهُ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى فِي الْفَصْلِ الثَّانِي عَشَرَ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَلَمْ أَضْرِبْهُ فَرَآهُ مِنْ قَدْرِ مِيلٍ أَوْ أَكْثَرَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ لَقِيتُك فَلَمْ أُسَلِّمْ عَلَيْك يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السَّلَامُ سَاعَةَ يَلْقَاهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ اسْتَعَرْت دَابَّتَك فَلَمْ تُعِرْنِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَ الْفِعْلِ فَإِنْ نَوَى غَيْرَ ذَلِكَ لَا يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْيَمِينِ عَلَى الْفَوْرِ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا حَلَفَ لَا يَنْظُرُ إلَى فُلَانٍ فَنَظَرَ إلَى يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ أَوْ رَأْسِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

إنْ نَظَرَ إلَى رِجْلِهِ أَوْ يَدِهِ فَلَمْ يَرَهُ وَإِنَّمَا الرُّؤْيَةُ عَلَى الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَأَعْلَى الْبَدَنِ فَإِنْ رَأَى أَعْلَى رَأْسِهِ فَلَمْ يَرَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ رَآهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ فَقَدْ رَآهُ وَإِنْ رَآهُ مُسَجَّى بِثَوْبٍ يَسْتَبِينُ مِنْهُ الرَّأْسُ وَالْجَسَدُ حَتَّى يَصِفَهُ الثَّوْبُ فَقَدْ رَآهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ مِنْهُ جَسَدُهُ وَلَا رَأْسُهُ فَلَمْ يَرَهُ وَإِنْ نَظَرَ إلَى ظَهْرِهِ فَقَدْ رَآهُ وَإِنْ نَظَرَ إلَى صَدْرِهِ وَبَطْنِهِ فَقَدْ رَآهُ وَإِنْ رَأَى أَكْثَرَ بَطْنِهِ وَصَدْرِهِ فَقَدْ رَآهُ وَإِنْ رَأَى مِنْهُ شَيْئًا قَلِيلًا أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ فَلَمْ يَرَهُ. وَإِنْ حَلَفَ عَلَى امْرَأَةٍ أَنْ لَا يَرَاهَا وَرَآهَا جَالِسَةً أَوْ قَائِمَةً مُتَنَقِّبَةً فَقَدْ رَآهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِهَا فَيَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ ذَلِكَ كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَيَدِينُ فِيهِ وَلَوْ قَالَ: إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَعَبْدِي حُرٌّ فَرَآهُ مَيِّتًا أَوْ مُكَفَّنًا وَقَدْ غَطَّى وَجْهَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ عَلَى الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ جَمِيعًا وَالرُّؤْيَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالرُّؤْيَةِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَلَمْ أُعْلِمْك فَعَبْدِي حُرٌّ فَرَآهُ مَعَ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَعْتِقُ عَبْدُهُ. وَلَوْ قَالَ: إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَلَمْ آتِك بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَا يَعْتِقُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَشْهَدُ فُلَانًا فِي الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ قَالَ: أَمَّا الْمَحْيَا فَأَنْ لَا يَشْهَدَهُ فِي فَرَحٍ أَوْ حُزْنٍ وَأَمَّا الْمَمَاتُ فَأَنْ لَا يَشْهَدَ جِنَازَتَهُ وَمَوْتَهُ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ لَمْ أَكُنْ رَأَيْت فُلَانًا عَلَى حَرَامٍ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَرَآهُ قَدْ خَلَا بِأَجْنَبِيَّةٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَرَامٍ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ هزاردرم ازمال مِنْ بدريشان داده وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ: إنْ فَعَلَتْ كَذَا فَأَمْسَكَ إنْسَانٌ فَمَهُ قَالُوا: يَتَصَدَّقُ احْتِيَاطًا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا أَوْ عَتَاقًا لَا يَقَعُ شَيْئًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْيَمِينِ بِالصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ. فِي فَوَائِدِ شَمْسِ الْإِسْلَامِ رَجُلٌ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى قَصَّارٍ وَأَنْكَرَ الْقَصَّارُ فَحَلَفَ الرَّجُلُ إنْ لَمْ أَكُنْ دَفَعْت إلَيْك فَكَذَا وَقَدْ دَفَعَ إلَى ابْنِهِ أَوْ تِلْمِيذِهِ قَالَ: إنْ كَانَ الِابْنُ أَوْ التِّلْمِيذُ فِي عِيَالِهِ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا عَنَى الدَّفْعَ إلَيْهِ عَيْنًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي فَصْلِ قَضَاءِ الدَّيْنِ رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لَا يَدَعَ فُلَانًا يَمُرُّ عَلَى هَذِهِ الْقَنْطَرَةِ فَمَنَعَهُ بِالْقَوْلِ يَكُونُ بَارًّا. رَجُلٌ قَالَ لِابْنِهِ: إنْ تَرَكْتُك تَعْمَلُ مَعَ فُلَانٍ فَامْرَأَتُهُ، كَذَا فَإِنْ كَانَ الِابْنُ بَالِغًا لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ بِالْفِعْلِ فَمَنَعَهُ بِالْقَوْلِ يَكُونُ بَارًّا وَإِنْ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا كَانَ شَرْطُ بِرِّهِ الْمَنْعَ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ جَمِيعًا. رَجُلٌ ادَّعَى أَرْضًا فِي يَدِ صِهْرِهِ وَقَالَ: إنْ تَرَكْت هَذِهِ الدَّعْوَى حَتَّى آخُذَهَا فَامْرَأَتُهُ كَذَا قَالُوا: إنْ خَاصَمَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً وَلَمْ يَتْرُكْ الْخُصُومَةَ شَهْرًا كَامِلًا لَا يَكُونُ حَانِثًا وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَدَعُهُ يَخْرُجُ مِنْ الْكُورَةِ فَخَرَجَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ رَآهُ يَخْرُجُ فَتَرَكَهُ حَنِثَ وَإِنْ لَازَمَهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ حَتَّى ذَهَبَ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا حَلَفَ فَقَالَ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ حِنْطَةً فَامْرَأَتُهُ كَذَا فَإِذَا هِيَ حِنْطَةٌ وَتَمْرٌ لَا يَحْنَثُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ إلَّا حِنْطَةً فَكَذَا وَكَانَتْ حِنْطَةً وَتَمْرًا حَنِثَ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ حِنْطَةً لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْنَثُ فِي الْفَصْلَيْنِ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ سِوَى حِنْطَةٍ أَوْ غَيْرَ حِنْطَةٍ فَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ إلَّا حِنْطَةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ: إنْ لَمْ أُسَافِرْ سَفَرًا طَوِيلًا فَفُلَانَةٌ حُرَّةٌ قَالَ: إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ عَلَى سَفَرِ شَهْرٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي فَتَاوَى مَا وَرَاءَ النَّهْرِ سُئِلَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ عَمَّنْ حَلَفَ وَنَسِيَ أَنَّهُ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالصِّيَامِ أَوْ بِالطَّلَاقِ قَالَ: حَلَّفَهُ بِالطَّلَاقِ إلَّا أَنْ

يُذَكِّرَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ حَلَفَ الرَّجُلُ عَلَى خَادِمٍ كَانَ يَخْدُمُهُ أَنْ لَا يَسْتَخْدِمَهُ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: (الْأَوَّلُ) أَنْ يَكُونَ الْخَادِمُ مَمْلُوكًا لِلْحَالِفِ وَأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى فُصُولٍ أَرْبَعَةٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الْخِدْمَةَ بَعْدَ الْيَمِينِ نَصًّا وَصَرِيحًا بِأَنْ قَالَ: اُخْدُمْنِي فَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَحْنَثُ وَأَنَّهُ ظَاهِرٌ. وَالْفَصْلُ الثَّانِي أَنْ يَخْدُمَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَتَرَكَهُ حَتَّى خَدَمَهُ وَقَدْ كَانَ يَخْدُمُهُ قَبْلَ الْيَمِينِ بِأَمْرِهِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَحْنَثُ أَيْضًا. وَالْفَصْلُ الثَّالِثُ أَنْ يَخْدُمَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَقَدْ كَانَ خَدَمَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَحْنَثُ أَيْضًا. الْفَصْلُ الرَّابِعُ أَنْ يَخْدِمَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ بِغَيْرِ أَمَرَهُ وَكَانَ لَا يَخْدُمُهُ قَبْلَ الْيَمِينِ أَصْلًا وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَحْنَثُ أَيْضًا. (الْوَجْهُ الثَّانِي) إذَا كَانَ الْخَادِمُ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ وَأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى فُصُولٍ أَرْبَعَةٍ أَيْضًا عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا يَحْنَثُ فِي الْفَصْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَلَا يَحْنَثُ فِي الْفَصْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُ خَادِمًا لِفُلَانٍ فَسَأَلَهَا وُضُوءًا أَوْ شَرَابًا أَوْمَأَ بِذَلِكَ إلَيْهَا وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حِينَ حَلَفَ حَنِثَ إنْ فَعَلَ خَادِمُ فُلَانٍ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ فَإِنْ كَانَ نَوَى فِي يَمِينِهِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ فَيَخْدُمُهُ دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ الْقَضَاءِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْدِمُهُ خَادِمُ فُلَانٍ فَجَلَسَ الْحَالِفُ مَعَ فُلَانٍ عَلَى مَائِدَةٍ يَطْعَمُونَ وَذَلِكَ الْخَادِمُ يَقُومُ عَلَيْهِمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ حَنِثَ وَالْخِدْمَةُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالٍ دَاخِلَ الْبَيْتِ وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالٍ خَارِجَ الْبَيْتِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَذَلِكَ يُعَدُّ تِجَارَةً وَلَا يُعَدُّ خِدْمَةً وَاسْمُ الْخَادِمِ يُطْلَقُ عَلَى الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ وَالصَّغِيرِ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الْخِدْمَةِ وَالْكَبِيرِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. حَلَفَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ أَكَرَةِ فُلَانٍ وَهُوَ مِنْ أَكَرَتِهِ أَوْ قَالَ لَا يَكُونُ مُزَارِعًا لِفُلَانِ وَأَرْضُهُ فِي يَدِهِ وَفُلَانٌ غَائِبٌ لَا يُمْكِنُ نَقْضُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ سَاعَتِهِ حَنِثَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ كَوْنُهُ مِنْ أَكَرَةِ فُلَانٍ وَقَدْ وُجِدَ وَلَيْسَ بِمَعْذُورٍ فِيهِ وَلَوْ خَرَجَ إلَى رَبِّ الْأَرْضِ مُنَاقَضَةً لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ خَارِجَ مِصْرَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مُسْتَثْنًى عَنْ الْيَمِينِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ فَلَمْ يَجِدْ الْمِفْتَاحَ لِيَخْرُجَ إلَّا بَعْدَ سَاعَةٍ لَا يَحْنَثُ مَادَامَ فِي طَلَبِ الْمِفْتَاحِ، كَذَا هُنَا وَإِنْ اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ غَيْرِ طَلَبِ صَاحِبِ الْأَرْضِ لِيَرُدَّ الْأَرْضَ عَلَيْهِ حَنِثَ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ غَيْرِ طَلَبِ الْمِفْتَاحِ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ غَيْرُ مُسْتَثْنًى عَنْ الْيَمِينِ. وَلَوْ مَنَعَهُ إنْسَانٌ عَنْ الْخُرُوجِ إلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ كَانَ فِي الْمِصْرِ فَمَنَعَهُ عَنْ طَلَبِهِ إنْسَانٌ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ كَوْنُهُ مُزَارِعًا لِفُلَانٍ وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ الْمَنْعِ عَلَى مَا مَرَّ حَتَّى لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَتْرُكْ مُزَارِعَةَ فُلَانٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا مَرَّتْ فِي مَسْأَلَةِ السُّكْنَى، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَنْ مُحْتَرَفٍ حَلَفَ عَلَى آلَاتِ حِرْفَتِهِ أَنْ لَا يَعْمَلَ بِهَا فَقَالَ اكردست براينهانهم فَكَذَا فَمَسَّهَا لَا لِلْعَمَلِ هَلْ يَحْنَثُ قَالَ: لَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ اكرمن هركز كَشَتِّ كنم فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَإِنْ زَرَعَ بِزْرَ الْبِطِّيخِ أَوْ الْقُطْنِ يَحْنَثُ وَإِنْ سَقَى زَرْعًا زَرَعَهُ غَيْرُهُ أَوْ كَرَبَ أَوْ حَصَدَ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ مُزَارِعَةً أَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَزَرْع أَجِيرُهُ لَا يَحْنَثُ إذَا كَانَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَلِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُزَارِعٍ فَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَأْمُرَ غَيْرَهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ وَفِيهِ تَغْلِيظٌ فَإِنْ زَرْع غُلَامُهُ أَوْ أَجِيرُهُ لَهُ وَقَدْ كَانَ يَأْمُرُ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَعْنِيَ نَفْسَهُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالْمَزَارِعُ اكرين كَشَتِّ مرابكا صرآيد فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَبَاعَ نَصِيبَهُ أَوْ أَقْرَضَ أَوْ وَهَبَ يَحْنَثُ وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ رَجُلٌ فَضَمَّنَهُ الْمَالَ وَأَخَذَهُ فَأَنْفَقَهُ فِي حَاجَتِهِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ كَفَلْت لِفُلَانٍ بِعَدْلِيَّةٍ أَوْ بِنِصْفِ عَدْلِيَّةً فَامْرَأَتُهُ كَذَا ثُمَّ كَفَلَ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ غِطْرِيفِيَّةٍ لَا يَحْنَثُ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَعْمَلَ لِفُلَانٍ وَهُوَ

كتاب الحدود وفيه ستة أبواب

خَفَّافٌ فَاشْتَرَى مِنْ صَاحِبِ الدُّكَّانِ آلَاتِ الْخُفِّ وَخَرَّزَ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ رَجُلٍ لَهُ مُسْتَغِلَّاتٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ كه أَيْنَ مُسْتَغِلّهَا رابغله ندهد فَآجَرَتْ امْرَأَتُهُ الْمُسْتَغِلَّاتِ وَقَبَضَتْ الْأُجْرَةَ وَأَنْفَقَتْهَا أَوْ أَعْطَتْ زَوْجَهَا لَا يَحْنَثُ. فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَالَ لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ: اُقْعُدُوا فِي هَذِهِ الْمَنَازِلَ فَهَذَا الْفَصْلُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا إجَارَةً وَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَكَذَا إذَا تَقَاضَى مِنْهُمْ أُجْرَةَ شَهْرٍ لَمْ يَسْكُنُوا فِيهَا فَهَذَا مِنْهُ إجَارَةٌ وَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ تَقَاضَى أُجْرَةَ شَهْرٍ قَدْ سَكَنُوا فِيهَا فَهَذَا لَيْسَ بِإِجَارَةٍ وَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَمَسُّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فَمَسَّ الْمَضْرُوبَ حَنِثَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَمَسُّ خَشَبًا فَمَسَّ سَاقَ الشَّجَرَةِ لَا يَحْنَثُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا يَمَسُّ جِذْعًا أَوْ عُودًا وَلَوْ حَلَفَ لَا يَمَسُّ شَعْرًا فَمَسَّ مِسْحًا لَا يَحْنَثُ لَا يَمَسُّ صُوفًا فَمَسَّ لَبْدًا لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي خِزَانَة الْمُفْتِينَ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَمَسُّ وَتَدًا فَمَسَّ حَبْلًا لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا حَلَفَ لَا يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ فَمَشَى عَلَى الْأَرْضِ بِخُفٍّ أَوْ نَعْلٍ يَحْنَثُ وَلَوْ مَشَى عَلَى بِسَاطٍ بُسِطَ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي الْجُلُوسِ. إنْ حَلَفَ عَلَى نَعْلٍ لَا يَلْبَسُهَا فَقَطَعَ شِرَاكَهَا وَشَرَّكَهَا بِغَيْرِهِ ثُمَّ لَبِسَهَا حَنِثَ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ قَالَ: إنْ مَسَّ رَأْسِي هَذَا أَحَدٌ أَوْ لَا يُضِيفُ إلَى نَفْسِهِ فَقَالَ: إنْ مَسَّ هَذَا الرَّأْسَ أَحَدٌ فَبِكَذَا فَمَسَّهُ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الرُّقَيَّاتِ لَوْ حَلَفَ لَا يَمَسُّ الْيَوْمَ شَعْرًا فَمَسَّ رَأْسَهُ لَا يَحْنَثُ. وَلَوْ مَسَّ رَأْسَ غَيْرِهِ يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُقَامِرُ دَسْتُ عَارَيْت داد يَحْنَثُ واكرمجاهري نمود لَا يَحْنَثُ عَلَيَّ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ الشُّفْعَةَ فَسَكَتَ وَلَمْ يُخَاصِمْ حَتَّى بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِالتَّسْلِيمِ حَنِثَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي فَصْلِ الْيَمِينِ عَلَى الْعُقُودِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا حُقُوقٌ. رَجُلٌ يَسْتَأْجِرُ أُجَرَاءَ يَعْمَلُونَ لَهُ فَحَلَفَ أَجِيرٌ أَنْ لَا يَعْمَلَ مَعَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَعْمَلَ قَالَ: يَشْتَرِي ذَلِكَ الشَّيْءَ الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ ثُمَّ يَبِيعُهُ إذَا فَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ وَكَذَا لَوْ قَالَ النَّسَّاجُ اكر كرباس كسي بكيرم وببافم إلَى سَنَةٍ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَلَوْ اشْتَرَى الْغَزْلَ ثُمَّ وَهَبَ مِنْهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ نَسَجَ الْخِمَارَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْغَزْلَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ اُخْتُصَّ بِاسْمٍ عَلَى حِدَةٍ وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ رَجُلٌ حَلَفَ مِنْ يَبَشّ كدخدائي فُلَان نكنم ووكيلئى وى نكنم لِيَكُنِّ اكركاري فرمايدبكنم فَحَلَفَ عَلَيْهِ فَنَصَّبَ الْمُوَكِّلُ غَيْرَهُ عَلَى مَا عَيَّنَ الْحَالِفُ ثُمَّ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِأَنْ يَعْمَلَ لَهُ فَفَعَلَ يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ. لَوْ قَالَ: إنْ عَمَّرْت فِي هَذَا الْبَيْتِ عِمَارَةً فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَخَرَّبَ حَائِطًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَبَنَى الْحَائِطُ وَقَصَدَ بِهِ عِمَارَةَ بَيْتِ الْجَارِ كَانَ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ فِي الْعُقُودِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا حُقُوقٌ. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ قَالَ: إنْ لَمْ أُخَرِّبْ بَيْتَ فُلَانٍ غَدًا فَعَبْدِي حُرٌّ فَقُيِّدَ وَمُنِعَ حَتَّى لَمْ يُخَرِّبْ بَيْتَ فُلَانٍ غَدًا قَالَ: فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى الْحِنْثُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [كِتَابُ الْحُدُودِ وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْحُدُودِ شَرْعًا وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ] كِتَابُ الْحُدُودِ وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ شَرْعًا وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ وَالْحَدُّ فِي الشَّرِيعَةِ الْعُقُوبَةُ الْمُقَدَّرَةُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَا يُسَمَّى الْقِصَاصُ حَدًّا لِمَا أَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ وَلَا التَّعْزِيرُ

الباب الثاني في الزنا

لِعَدَمِ التَّقْدِيرِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَرُكْنُهُ: إقَامَةُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فِي الْإِقَامَةِ. وَشَرْطُهُ: كَوْنُ مَنْ يُقَامُ عَلَيْهِ صَحِيحُ الْعَقْلِ سَلِيمُ الْبَدَنِ مِنْ أَهْلِ الِاعْتِبَارِ والانتذار حَتَّى لَا يُقَامُ عَلَى الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَرِيضِ وَضَعِيفِ الْخِلْقَةِ إلَّا بَعْدَ الصِّحَّةِ وَالْإِفَاقَةِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَحُكْمُهُ الْأَصْلِيُّ: الِانْزِجَارِ عَمَّا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْعِبَادُ وَصِيَانَةُ دَارِ الْإِسْلَامِ عَنْ الْفَسَادِ وَالطُّهْرُ مِنْ الذَّنْبِ لَيْسَتْ بِحُكْمٍ أَصْلِيٍّ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ لِأَنَّهَا تَحْصُلُ بِالتَّوْبَةِ لَا بِإِقَامَةِ الْحَدِّ وَلِهَذَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْكَافِرِ وَلَا طُهْرَةٌ لَهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. . [الْبَابُ الثَّانِي فِي الزِّنَا] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الزِّنَا) وَهُوَ قَضَاءُ الرَّجُلِ شَهْوَتَهُ مُحَرَّمًا فِي قُبُلِ الْمَرْأَةِ الْخَالِي عَنْ الْمِلْكَيْنِ وَشُبْهَتِهِمَا وَشُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ أَوْ تَمْكِينِ الْمَرْأَةِ لِمِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. حَتَّى إنَّ وَطْءَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ لَا يَكُونُ زِنًا لِأَنَّ فِعْلَهُمَا لَا يُوصَفُ بِالْحُرْمَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا إذَا وَطِئَ الرَّجُلُ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ جَارِيَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ جَارِيَةَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ، أَوْ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمَغْنَمِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِي حَقِّ الْغَازِي لَا يَكُونُ زِنًا لِشُبْهَةِ مِلْكِ الْيَمِينِ. وَكَذَا إذَا وَطِئَ امْرَأَةً تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ أَمَةً تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا أَوْ وَطِئَ عَبْدٌ امْرَأَةً تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ أَوْ وَطِئَ الرَّجُلُ أَمَةً تَزَوَّجَهَا عَلَى حُرَّةٍ لِشُبْهَةِ مِلْكِ النِّكَاحِ وَكَذَا إذَا وَطِئَ الِابْنُ جَارِيَةَ أَبِيهِ عَلَى أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ لِشُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَرُكْنُهُ الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ وَمُوَارَاةُ الْحَشَفَةِ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ الْإِيلَاجُ وَالْوَطْءُ. وَشَرْطُهُ الْعِلْمُ بِالتَّحْرِيمِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُرْمَةِ لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَثْبُتُ الزِّنَا عِنْدَ الْحَاكِمِ ظَاهِرًا بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ بِلَفْظِ الزِّنَا لَا بِلَفْظِ الْوَطْءِ وَالْجِمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَالْقَاضِي يَسْأَلُهُمْ عَنْ الزِّنَا مَا هُوَ؟ وَأَيْنَ يَزْنِي؟ فَإِذَا بَيَّنُوا مَا هُوَ زِنًا حَقِيقَةً وَقَالُوا: رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ كَالْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ. الْآنَ يَسْأَلُهُمْ عَنْ كَيْفِيَّةِ الزِّنَا ثُمَّ إذَا بَيَّنُوا كَيْفِيَّةَ الزِّنَا يَسْأَلُهُمْ عَنْ الْوَقْتِ، ثُمَّ إذَا بَيَّنُوا وَقْتًا لَا يَصِيرُ الْعَهْدُ بِهِ مُتَقَادِمًا يَسْأَلُهُمْ عَنْ الْمَزْنِيِّ بِهَا، ثُمَّ يَسْأَلُهُمْ عَنْ الْمَكَانِ ثُمَّ إذَا بَيَّنُوا الْمَكَانَ وَالْقَاضِي يَعْرِفُهُمْ بِالْعَدَالَةِ يَسْأَلُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ عَنْ إحْصَانِهِ فَإِنْ قَالَ: أَنَا مُحْصَنٌ. أَوْ يَشْهَدُ الشُّهُودُ عَلَى إحْصَانِهِ إنْ أَنْكَرَ سَأَلَهُ الْحَاكِمُ عَنْ الْإِحْصَانِ فَإِذَا وَصَفَهُ عَلَى الْوَجْهِ رَجَمَهُ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ وَقَدْ ثَبَتَ إحْصَانُهُ بِالْبَيِّنَةِ سَأَلَ الشُّهُودَ عَنْ الْإِحْصَانِ فَإِذَا وَصَفُوهُ عَنْ الْوَجْهِ يَجِبُ رَجْمُهُ، وَإِنْ قَالَ: أَنَا غَيْرُ مُحْصَنٍ. وَلَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ عَلَى إحْصَانِهِ جُلِدَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ حَبَسَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ تَظْهَرَ عَدَالَتُهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْأَرْبَعَةُ إذَا شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالزِّنَا فَسُئِلُوا عَنْ كَيْفِيَّتِهِ وَمَاهِيَّتِهِ قَالُوا: لَا نَزِيدُ لَك عَلَى هَذَا. لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ وَلَكِنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِمْ لِتَكَامُلِ عَدَدِهِمْ فَإِنَّ تَكَامُلَ عَدَدِ الشُّهُودِ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الْحَدِّ كَمَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ النِّسَاءِ وَكَذَلِكَ إنْ وَصَفَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ فَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَيَثْبُتُ الزِّنَا بِإِقْرَارِهِ كَذَا فِي الْبَحْر الرَّائِقِ. وَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي مِمَّنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي إقَامَةِ الْحُدُودِ وَلَوْ كَانَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ حَتَّى لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِقْرَارُ صَرِيحًا وَلَا يَظْهَرُ كَذِبُهُ فَلَا يُحَدُّ الْأَخْرَسُ لَوْ أَقَرَّ بِكِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ كَذَا لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَدَّعِيَ شُبْهَةً كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِخَرْسَاءَ أَوْ هِيَ أَقَرَّتْ بِأَخْرَسَ لَا حَدَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ فَظَهَرَ مَجْبُوبًا أَوْ أَقَرَّتْ فَظَهَرَتْ رَتْقَاءَ بِأَنْ تُخْبِرَ النِّسَاءُ بِأَنَّهَا رَتْقَاءُ قَبْلَ الْحَدِّ وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْآخَرُ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا فَكَذَّبَتْهُ أَوْ هِيَ فَكَذَّبَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْإِمَامِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِقْرَارُ فِي حَالَةِ

الصَّحْوِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ فِي حَالَةِ السُّكْرِ لَا يُحَدُّ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالْإِكْرَاهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَيُوجِبُ شُبْهَةً فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَالْإِقْرَارُ أَنْ يُقِرَّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي أَرْبَعَةِ مَجَالِسِ الْمُقِرِّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُعْتَبَرُ مَجَالِسُ الْقَاضِي. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَاخْتِلَافُ مَجَالِسِ الْمُقِرِّ بِالزِّنَا شَرْطٌ عِنْدَنَا كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ. فَإِنْ أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ كُلَّ شَهْرٍ مَرَّةً فَإِنَّهُ يُحَدُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالِاخْتِلَافُ بِأَنْ يَرُدَّهُ الْقَاضِي كُلَّمَا أَقَرَّ فَيَذْهَبُ حَتَّى يَغِيبَ عَنْ بَصَرِ الْقَاضِي ثُمَّ يَجِيءُ فَيُقِرُّ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَزْجُرَ الْمُقِرَّ عَنْ الْإِقْرَارِ وَيُظْهِرَ الْكَرَاهَةَ وَيَأْمُرَ بِتَنْحِيَتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِذَا أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ نَظَرَ فِي حَالِهِ فَإِنْ عَرَفَ أَنَّهُ صَحِيحُ الْعَقْلِ وَأَنَّهُ مِمَّنْ يَجُوزُ إقْرَارُهُ يُسْأَلُ عَنْ الزِّنَا بِمَا هُوَ وَكَيْفَ هُوَ وَبِمَنْ زَنَى وَأَيْنَ زَنَى لِاحْتِمَالِ الشُّبْهَةِ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قِيلَ لَا يَسْأَلُهُ عَنْ الزَّمَانِ لِأَنَّ تَقَادُمَ الْعَهْدِ يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ دُونَ الْإِقْرَارِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُسْأَلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ زَنَى فِي صِبَاهُ فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ وَظَهَرَ زِنَاهُ سَأَلَهُ عَنْ الْإِحْصَانِ فَإِذَا قَالَ: إنَّهُ مُحْصَنٌ. سَأَلَهُ عَنْ الْإِحْصَانِ مَا هُوَ فَإِنْ وَصَفَهُ بِشَرَائِطِهِ حَكَمَ بِرَجْمِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ قَالَ الْمُقِرُّ: لَسْت بِمُحْصَنٍ. وَشَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِالْإِحْصَانِ رَجَمَهُ الْإِمَامُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَنُدِبَ تَلْقِينُهُ لَعَلَّك قَبَّلْت أَوْ لَمَسْت أَوْ وَطِئْت بِشُبْهَةٍ وَقَالَ فِي الْأَصْلِ: لَعَلَّك تَزَوَّجْتهَا أَوْ وَطِئْتهَا بِشُبْهَةٍ وَالْمَقْصُودُ أَنْ يُلَقِّنَهُ مَا يَكُونُ دَارِئًا كَائِنًا مَا كَانَ كَذَا فِي الْبَحْر الرَّائِقِ. وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَأَقَرَّ مَرَّةً حُدَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُحَدُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْكَافِي. هَذَا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ اتِّفَاقًا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَأَقَرَّ الرَّجُلُ بَعْدَ شَهَادَتِهِمْ ثُمَّ أَنْكَرَ وَلَمْ يُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لَا حَدَّ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَقُضِيَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَرَّ أَرْبَعًا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ هَكَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. وَلَوْ رَجَعَ يَصِحُّ رُجُوعُهُ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا بَعْدَ الشَّهَادَةِ لَا يُحَدُّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعٍ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ عَنْ إقْرَارِهِ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ أَوْ فِي وَسَطِهِ قُبِلَ رُجُوعُهُ وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ فِي قَبُولِ الرُّجُوعِ سَوَاءٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَا فِي ظُهُورِ الزِّنَا عِنْدَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ هَرَبَ رَجُلٌ وَلَمْ يَرْجِعْ لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ، وَلَوْ ثَبَتَ عَلَى الزِّنَا وَرَجَعَ عَنْ الْإِحْصَانِ قُبِلَ مِنْهُ وَلَمْ يُرْجَمْ وَجُلِدَ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَإِذَا ثَبَتَ حَدُّ الزِّنَا عَلَى رَجُلٍ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ وَهُوَ مُحْصَنٌ أَوْ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَلَمَّا أُقِيمَ عَلَيْهِ بَعْضُهُ هَرَبَ فَطَلَبَهُ الشُّرَطُ فَأَخَذُوهُ فِي فَوْرِهِ أُقِيمَ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْحَدِّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ سَقَطَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَالذِّمِّيُّ وَالْعَبْدُ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا كَالْحُرِّ الْمُسْلِمِ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مَحْجُورًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمَوْلَى فِي الْإِقْرَارِ وَتُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ لِأَنَّ لَهُ طَعْنَ الشُّهُودِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ أَقَرَّ الْخَصِيُّ بِالزِّنَا أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ الشُّهُودُ حُدَّ وَكَذَا الْعِنِّينِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْأَعْمَى إذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا حُدَّ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِمَجْنُونَةٍ أَوْ صَبِيَّةٍ يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ. وَلَوْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا زَنَتْ بِمَجْنُونٍ أَوْ صَبِيٍّ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ لَا يَعْرِفُهَا حُدَّ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِفُلَانَةَ وَهِيَ غَائِبَةٌ يُحَدُّ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: رَجُلٌ أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَنَّهُ زَنَى بِفُلَانَةَ، وَفُلَانَةُ تَقُولُ تَزَوَّجَنِي أَوْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِالزِّنَا بِفُلَانٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَفُلَانٌ يَقُولُ تَزَوَّجْتهَا فَلَا حَدَّ عَلَى

الباب الثالث في كيفية الحد وإقامته

وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَعِلْمُ الْقَاضِي لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي الْحُدُودِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي اعْتِبَارَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَدِّ وَإِقَامَتِهِ] ِ إذَا وَجَبَ الْحَدُّ وَكَانَ الزَّانِي مُحْصَنًا رَجَمَهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ وَيُخْرِجَهُ إلَى أَرْضٍ فَضَاءٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِحْصَانُ الرَّجْمِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا مُسْلِمًا قَدْ تَزَوَّجَ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ نِكَاحًا صَحِيحًا وَدَخَلَ بِهَا وَهُمَا عَلَى صِفَةِ الْإِحْصَانِ كَذَا فِي الْكَافِي. فَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا بِالْخَلْوَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ، وَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا بِالْجِمَاعِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَلَا بِالْجِمَاعِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ إذَا كَانَ قَالَ لَهَا: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّهَا تَطْلُقُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَجِمَاعُهُ إيَّاهَا بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ زِنًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ مُسْلِمَةً بِغَيْرِ شُهُودٍ فَدَخَلَ بِهَا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَالْمُعْتَبَرُ فِي الدُّخُولِ الْإِيلَاجُ فِي الْقُبُلِ عَلَى وَجْهٍ يُوجِبُ الْغُسْلَ. وَشَرْطُ صِفَةِ الْإِحْصَانِ فِيهِمَا عِنْدَ الدُّخُولِ حَتَّى إنَّ الْمَمْلُوكَيْنِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَطْءٌ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ فِي حَالَةِ الرِّقِّ ثُمَّ عَتَقَا لَمْ يَكُونَا مُحْصَنَيْنِ وَكَذَا الْكَافِرَانِ وَكَذَا الْحُرُّ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً أَوْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً وَوَطِئَهَا وَكَذَا الْمُسْلِمُ إذَا تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً وَوَطِئَهَا وَكَذَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَوْصُوفًا بِإِحْدَى هَذِهِ الصِّفَاتِ وَهِيَ حُرَّةٌ عَاقِلَةٌ بَالِغَةٌ مُسْلِمَةٌ بِأَنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ وَطِئَهَا الزَّوْجُ الْكَافِرُ قَبْلَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ مُحْصَنَةً بِهَذَا الدُّخُولِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ دَخَلَ بِهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَالْعِتْقِ وَالْإِفَاقَةِ يَصِيرُ مُحْصَنًا وَلَا تُشْتَرَطُ الْعِفَّةِ عَنْ الزِّنَا فِي هَذَا الْإِحْصَانِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ وَهُمَا مُحْصَنَانِ فَارْتَدَّا مَعًا وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ بَطَلَ إحْصَانُهُمَا، فَإِذَا أَسْلَمَا لَا يَعُودُ إحْصَانُهُمَا حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا ارْتَدَّ بَعْدَ وُجُوبِ الْحَدِّ ثُمَّ أَسْلَمَ يُجْلَدُ وَلَا يُرْجَمُ وَكَذَا لَا يُجْلَدُ إذَا كَانَ الْوَاجِبُ هُوَ الْجَلْدُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ زَالَ الْإِحْصَانُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِالْجُنُونِ وَالْعَتَهِ يَعُودُ مُحْصَنًا إذَا أَفَاقَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَعُودُ حَتَّى يَدْخُلَ بِامْرَأَتِهِ بَعْدِ الْإِفَاقَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيَثْبُتُ الْإِحْصَانُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ أَنْكَرَ الدُّخُولَ بَعْدَ وُجُودِ سَائِرِ الشَّرَائِطِ فَإِذَا جَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ فِي مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ جُعِلَ وَاطِئًا شَرْعًا هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِحْصَانِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْمَالِ يَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ الزَّانِي لَوْ كَانَ عَبْدًا مُسْلِمًا لِذِمِّيٍّ فَشَهِدَ ذِمِّيَّانِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الزِّنَا وَقَدْ اسْتَجْمَعَ سَائِرَ شَرَائِطِ الْإِحْصَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا كَذَا فِي الْكَافِي. امْرَأَةُ الرَّجُلِ إذَا أَقَرَّتْ أَنَّهَا أَمَةُ هَذَا الرَّجُلِ فَزَنَى الرَّجُلُ يُرْجَمُ، وَإِنْ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ثُمَّ زَنَى الرَّجُلُ بِهَا لَا يُرْجَمُ اسْتِحْسَانًا. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَدَخَلَ بِهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَكُونَا بِذَلِكَ مُحْصَنَيْنِ لِأَنَّ هَذَا النِّكَاحَ غَيْرُ صَحِيحٍ قَطْعًا لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَالْأَخْبَارِ فِيهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الشُّهُودَ عَنْ الْإِحْصَانِ مَا هُوَ فَإِنْ قَالُوا فِيمَا وَصَفُوا تَزَوَّجَ امْرَأَةً حُرَّةً وَدَخَلَ بِهَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُكْتَفَى بِقَوْلِهِمْ دَخَلَ بِهَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِقَوْلِهِمْ مَسَّهَا أَوْ لَمَسَهَا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يُكْتَفَى بِقَوْلِهِمْ جَامَعَهَا وَبَاضَعَهَا وَفِي الْبَقَّالِيِّ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِقَوْلِهِمْ اغْتَسَلَ مِنْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَتَاهَا أَوْ قَرُبَهَا لَا يُكْتَفَى بِذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ خَلَا رَجُلٌ بِامْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ: وَطِئْتُهَا. وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَمْ يَطَأْنِي. فَإِنَّ الزَّوْجَ يَكُونُ مُحْصَنًا بِإِقْرَارِهِ وَالْمَرْأَةُ لَا تَكُونُ مُحْصَنَةً لِإِنْكَارِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا وَقَالَ: هِيَ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ. وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: كُنْت نَصْرَانِيَّةً. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ

أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا لَا يَكُونُ مُحْصَنًا كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَ جَمَاعَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَحْضُرُوا لِإِقَامَةِ الرَّجْمِ كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ. وَيَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يَصُفُّوا عِنْدَ الرَّجْمِ كَصُفُوفِ الصَّلَاةِ وَكُلَّمَا رَجَمَ قَوْمٌ تَأَخَّرُوا وَتَقَدَّمَ غَيْرُهُمْ فَرَجَمُوا. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا بَأْسَ لِكُلِّ مَنْ يَرْمِي أَنْ يَتَعَمَّدَ مَقْتَلَهُ إلَّا إذَا كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ مَقْتَلَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وَجَبَ الرَّجْمُ بِالشَّهَادَةِ يَجِبُ الْبُدَاءَةُ مِنْ الشُّهُودِ ثُمَّ مِنْ الْإِمَامِ ثُمَّ مِنْ النَّاسِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الشُّهُودُ عَنْ الِابْتِدَاءِ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلَا يُحَدُّونَ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُمْ لَيْسَ صَرِيحًا فِي رُجُوعِهِمْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَكَذَا إذَا امْتَنَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَمَوْتُ الشُّهُودِ أَوْ أَحَدِهِمْ مُسْقِطٌ وَكَذَا إذَا غَابُوا أَوْ غَابَ أَحَدُهُمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَكَذَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِاعْتِرَاضِ مَا يُخْرِجُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ، كَمَا لَوْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمْ أَوْ عَمِيَ أَوْ خَرِسَ أَوْ فَسَقَ أَوْ قَذَفَ فَحُدَّ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ مَقْطُوعَ الْأَيْدِي أَوْ مَرِيضًا لَا يَسْتَطِيعُ الرَّمْيَ وَحَضَرُوا يَرْمِي الْقَاضِي. وَلَوْ قُطِعَتْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ امْتَنَعَتْ الْإِقَامَةُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا مَوْتُهُمْ وَغَيْبَتُهُمْ لَا يُبْطِلُ الْحَدَّ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ غَيْرَ مُحْصَنٍ فَقَدْ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي: أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الْمَوْتِ وَالْغَيْبَةِ وَيَبْطُلُ فِيمَا سِوَاهُمَا. هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ فِي سَائِرِ الْحُدُودِ سِوَى الرَّجْمِ لَا تَجِبُ الْبُدَاءَةُ لَا مِنْ الشُّهُودِ وَلَا مِنْ الْإِمَامِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْقَاضِي إذَا أَمَرَ النَّاسَ بِرَجْمِ الزَّانِي وَسِعَهُمْ أَنْ يَرْجُمُوهُ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنُوا أَدَاءَ الشَّهَادَةِ. وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ هَذَا: إذَا كَانَ الْقَاضِي فَقِيهًا عَدْلًا أَمَّا إذَا كَانَ فَقِيهًا غَيْرَ عَدْلٍ لَا غَيْرَ فَقِيهٍ لَا يَسْعَهُمْ أَنْ يَرْجُمُوهُ حَتَّى يُعَايِنُوا أَدَاءَ الشَّهَادَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا ابْتَدَأَ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ وَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ فَحَدُّهُ مِائَةُ جَلْدَةٍ إنْ كَانَ حُرًّا وَإِنْ كَانَ عَبْدًا جَلَدَهُ خَمْسِينَ بِأَمْرِ الْإِمَامِ يَضْرِبُهُ بِسَوْطٍ لَا عُقَدَ عَلَيْهِ ضَرْبًا مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْجُرْحِ الْمُبَرِّحِ وَغَيْرِ الْمُؤْلِمِ وَلَا يَجُوزُ التَّعَدِّي عَنْ حَدٍّ قَدَّرَهُ الشَّرْعُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ مَنْ يَعْقِلُ وَيَنْظُرُ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُحْصَنًا رُجِمَ أَوَّلًا فَعَلَى كُلٍّ الْجَلْدُ أَوْ أَحَدُهُمَا مُحْصَنًا فَعَلَى الْمُحْصَنِ الرَّجْمُ وَعَلَى الْآخَرِ الْجَلْدُ وَكَذَلِكَ فِي ظُهُورِ الزِّنَا عِنْدَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَيُجَرَّدُ الرَّجُلُ فِي الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ وَيُضْرَبُ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ وَكَذَا فِي حَدِّ الشُّرْبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَا يُجَرَّدُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَلَكِنْ يُنْزَعُ عَنْهُ الْحَشْوُ وَالْفَرْوُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا تُجَرَّدُ الْمَرْأَةُ إلَّا عَنْ الْفَرْوِ وَالْحَشْوِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا غَيْرُ ذَلِكَ لَا يُنْزَعُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَتُضْرَبُ جَالِسَةً وَإِنْ حَفَرَ لَهَا فِي الرَّجْمِ جَازَ وَإِنْ تَرَكَهُ لَا يَضُرُّ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. لَكِنَّ الْحَفْرَ أَحْسَنُ وَيُحْفَرُ إلَى الصَّدْرِ وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ وَهَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَيُضْرَبُ الرَّجُلُ قَائِمًا فِي جَمِيعِ الْحُدُودِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَا يُمَدُّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ وَلَا يُمْسَكُ وَلَا يُرْبَطُ لَكِنَّهُ يُتْرَكُ قَائِمًا إلَّا أَنْ يُعْجِزَهُمْ فَيُشَدُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَدْ قِيلَ الْمَدُّ أَنْ يُلْقَى عَلَى الْأَرْضِ وَيُمَدُّ كَمَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا وَقِيلَ أَنْ يُمَدَّ بِالسَّوْطِ فَيَرْفَعُهُ الضَّارِبُ فَوْقَ رَأْسَهُ وَقِيلَ أَنْ يُمَدَّ بَعْدَ الضَّرْبِ وَذَلِكَ كُلُّهُ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيُضْرَبُ مُتَفَرِّقًا عَلَى جَمِيعِ أَعْضَائِهِ مَا خَلَا الْفَرْجَ وَالْوَجْهَ وَالرَّأْسَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ جَلْدٍ وَرَجْمٍ وَلَا بَيْنَ جَلْدٍ وَنَفْيٍ فِي الْبِكْرِ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً غَرَّبَ بِقَدْرِ مَا يَرَى وَذَلِكَ تَعْزِيرٌ وَسِيَاسَةٌ لَا حَدٌّ وَلَا يَخْتَصُّ بِالزِّنَا بَلْ يَجُوزُ فِي كُلِّ جِنَايَةٍ وَالرَّأْيُ فِيهِ إلَى الْإِمَامِ كَذَا

الباب الرابع في الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

فِي الْكَافِي. وَفُسِّرَ التَّغْرِيبُ فِي النِّهَايَةِ بِالْحَبْسِ وَهُوَ أَحْسَنُ وَأَسْكَنُ لِلْفِتْنَةِ مِنْ نَفْيِهِ إلَى إقْلِيمٍ آخَرَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَهَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْمَرِيضُ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ إنْ كَانَ الْحَدُّ رَجْمًا يُقَامُ عَلَيْهِ لِلْحَالِ وَإِنْ كَانَ جَلْدًا لَا يُقَامُ عَلَيْهِ حَتَّى يُمَاثِلَ أَيْ يَبْرَأَ وَيَصِحَّ إلَّا إذَا كَانَ مَرِيضًا وَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ بُرْئِهِ فَحِينَئِذٍ يُقَامُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ الْمَرَضُ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَالشَّلَلِ أَوْ كَانَ خِدَاجًا ضَعِيفَ الْخِلْقَةِ فَعِنْدَنَا يُضْرَبُ بِعِثْكَالٍ فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ فَيَضْرِبَهُ دُفْعَةً وَلَا بُدَّ مِنْ وُصُولِ كُلِّ شِمْرَاخٍ إلَى بَدَنِهِ وَلِذَا قِيلَ لَا بُدَّ حِينَئِذٍ أَنْ تَكُونَ مَبْسُوطَةً كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالنُّفَسَاءُ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضَةِ، وَالْحَائِضِ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحَةِ حَتَّى لَا يُنْتَظَرَ خُرُوجُهَا مِنْ الْحَيْضِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْحَامِلُ إذَا زَنَتْ لَا تُحَدُّ حَالَةَ الْحَمْلِ سَوَاءٌ كَانَ حَدُّهَا جَلْدًا أَوْ رَجْمًا لَكِنْ تُحْبَسُ الْحَامِلُ إنْ كَانَ ثَبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ إلَى أَنْ تَلِدَ ثُمَّ إذَا وَلَدَتْ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً تُرْجَمُ حِينَ تَضَعُ وَلَدَهَا، وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ تُرِكَتْ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ نِفَاسِهَا ثُمَّ يُقَامُ عَلَيْهَا الْحَدُّ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَإِنْ ثَبَتَ الْحَدُّ بِالْإِقْرَارِ لَا تُحْبَسُ لَكِنْ يُقَالُ لَهَا إذَا وَضَعْتِ فَارْجِعِي فَإِذَا وَضَعَتْ وَرَجَعَتْ فَإِنَّهَا يُقَامُ الرَّجْمُ عَلَيْهَا إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ مَنْ يَقُومُ بِإِرْضَاعِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُنْظَرُ إلَى أَنْ يَنْفَطِمَ وَلَدُهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَطَالَتْ فِي التَّأْخِيرِ وَتَقُولُ: لَمْ أَضَعْ بَعْدُ. أَوْ شَهِدُوا عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَا فَقَالَتْ: أَنَا حُبْلَى تُرَى النِّسَاءَ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فَإِنْ قُلْنَ هِيَ حَامِلٌ أَجَّلَهَا حَوْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَلِدْ رَجَمَهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا شَهِدُوا عَلَيْهَا بِالزِّنَا فَادَّعَتْ أَنَّهَا عَذْرَاءُ أَوْ رَتْقَاءُ فَنَظَرَتْ إلَيْهَا النِّسَاءُ فَقُلْنَ هِيَ كَذَلِكَ يُدْرَأُ عَنْهَا الْحَدُّ وَلَا حَدَّ عَلَى الشُّهُودِ أَيْضًا وَكَذَلِكَ الْمَجْبُوبُ وَيُقْبَلُ عَلَى الْعَذْرَاءِ وَالرَّتْقَاءِ وَالْأَشْيَاءِ الَّتِي يُعْمَلُ فِيهَا بِقَوْلِ النِّسَاءِ قَوْلُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالْمَثْنَى أَحْوَطُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَا يُقِيمُ الْمَوْلَى الْحَدَّ عَلَى عَبْدِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا يُقَامُ الْحَدُّ فِي الْحَرِّ الشَّدِيدِ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَكَذَا لَا يُقَامُ الْقَطْعُ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ أَتَى بِفَاحِشَةٍ ثُمَّ تَابَ وَأَنَابَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يُعْلِمُ الْقَاضِيَ بِفَاحِشَتِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ] ُ الْوَطْءُ الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ هُوَ الزِّنَا كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ تَمَحَّضَ حَرَامًا يَجِبُ الْحَدُّ وَإِنْ تَمَكَّنَتْ فِيهِ الشُّبْهَةُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالشُّبْهَةُ مَا يُشْبِهُ الثَّابِتَ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ وَهِيَ أَنْوَاعٌ. (شُبْهَةٌ فِي الْفِعْلِ) وَتُسَمَّى شُبْهَةُ اشْتِبَاهٍ وَهِيَ أَنْ يَظُنَّ غَيْرَ دَلِيلِ الْحِلِّ دَلِيلًا وَهُوَ يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ دُونَ مَنْ لَمْ يُشْتَبَهْ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الظَّنِّ لِيَتَحَقَّقَ الِاشْتِبَاهُ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهَا حَلَالٌ لَهُ لَمْ يُحَدَّ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ حُدَّ. (وَشُبْهَةٌ فِي الْمَحَلِّ) . وَتُسَمَّى شُبْهَةً حُكْمِيَّةً، وَذَا لِقِيَامِ دَلِيلِ الْحِلِّ فِي الْمَحَلِّ وَامْتَنَعَ عَمَلُهُ لِمَانِعٍ فَتُعْتَبَرُ شُبْهَةً فِي حَقِّ الْكُلِّ وَلَا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهَا عَلَى ظَنِّ الْجَانِي، وَدَعْوَاهُ الْحِلَّ فَالْحَدُّ يَسْقُطُ بِالنَّوْعَيْنِ، وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ فِي الثَّانِي إنْ ادَّعَى الْوَلَدَ وَلَا يَثْبُتُ فِي الْأَوَّلِ وَإِنْ ادَّعَاهُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ (وَشُبْهَةُ الْعَقْدِ) فَإِنَّ الْعَقْدَ إذَا وُجِدَ حَلَالًا كَانَ أَوْ حَرَامًا مُتَّفَقًا عَلَى تَحْرِيمِهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ عَلِمَ الْوَاطِئُ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَا يُحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا إذَا نَكَحَ نِكَاحًا مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِشُبْهَةٍ وَيُحَدُّ إنْ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ وَإِلَّا لَا كَذَا فِي الْكَافِي

قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ: الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى ادَّعَى شُبْهَةً وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهَا سَقَطَ الْحَدُّ فَبِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى يَسْقُطُ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِكْرَاهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. . وَالشُّبْهَةُ فِي الْفِعْلِ فِي وَطْءِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي الْعِدَّةِ وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ وَطِئَهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ يُحَدُّ إجْمَاعًا وَأُمُّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا وَالْمُخْتَلِعَةُ وَالْمُطَلَّقَةُ عَلَى مَالٍ فِي الْعِدَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي الْعِدَّةِ لِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ إجْمَاعًا وَوَطْءُ أَمَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَا وَطْءُ جَارِيَةِ جَدِّهِ وَجَدَّتِهِ وَإِنْ عَلَيَا. هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي وَطْءِ أَمَةِ زَوْجَتِهِ وَسَيِّدِهِ وَفِي وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْحُدُودِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْمُسْتَعِيرُ لِلرَّهْنِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَهِنِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الظَّنَّ وَلَمْ يَدَّعِ الْآخَرُ ذَلِكَ لَمْ يُحَدَّا حَتَّى يُقِرَّا أَنَّهُمَا عَلِمَا بِالْحُرْمَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا فَقَالَ الْحَاضِرُ: عَلِمْتُ أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ. حُدَّ الْحَاضِرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ وَطِئَ أَمَةَ أَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ وَقَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّهَا تَحِلُّ لِي. حُدَّ وَكَذَا فِي سَائِرِ الْمَحَارِمِ سِوَى الْوِلَادِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَا إذَا وَطِئَ جَارِيَةً ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْ امْرَأَتِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمُسْتَعَارَةَ يَلْزَمُهُ الْحَدُّ وَإِنْ قَالَ: ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا لَوْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمُسْتَأْجَرَةَ لِلْخِدْمَةِ وَجَارِيَةَ الْوَدِيعَةِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا زَنَى بِامْرَأَةِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ يُحَدُّ وَإِنْ قَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّهَا تَحِلُّ لِي. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمَرْأَةُ لَوْ مَكَّنَتْ مِنْ عَبْدِهَا تُحَدُّ وَكَذَا رَبُّ الدَّيْنِ وَطِئَ جَارِيَةَ الْمَدْيُونِ مِنْ التَّرِكَةِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَالشُّبْهَةُ فِي الْمَحَلِّ فِي وَطْءِ أَمَةِ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. سَوَاءٌ كَانَ وَلَدُهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا هَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. ثُمَّ إنْ حَبِلَتْ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْأَبِ وَلَا يَجِبُ الْعُقْرُ وَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ فَعَلَى الْأَبِ الْعُقْرُ وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهَا وَالْجَدُّ كَالْأَبِ وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ عِنْدَ قِيَامِ الْأَبِ. وَفِي وَطْءِ الْمُعْتَدَّةِ بِالْكِنَايَاتِ وَوَطْءِ الْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ فِي حَقِّ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَا فِي وَطْءِ جَارِيَةِ مُكَاتَبِهِ أَوْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ وَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمَمْهُورَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فِي حَقِّ الزَّوْجِ وَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ فَإِنْ ضَمِنَ لِشَرِيكِهِ ثُمَّ وَطِئَهَا لَا يُحَدُّ وَإِنْ وَطِئَهَا الشَّرِيكُ يُحَدُّ وَإِنْ سَعَتْ فَإِنْ وَطِئَهَا الْمُعْتِقُ يُحَدُّ وَإِنْ وَطِئَهَا الشَّرِيكُ الْآخَرُ لَا يُحَدُّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ جَمِيعُ الْأَمَةِ لَهُ وَقَدْ أَعْتَقَ نِصْفَهَا ثُمَّ وَطِئَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَهُوَ يَطَؤُهَا ثُمَّ نَزَعَ وَعَادَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَا يُحَدُّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ أَوْ حُرِّمَتْ بِجِمَاعِ أُمِّهَا أَوْ ابْنَتِهَا أَوْ بِمُطَاوَعَةِ ابْنِ الزَّوْجِ ثُمَّ جَامَعَهَا وَقَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ. لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ خَمْسًا فِي عُقْدَةٍ أَوْ تَزَوَّجَ الْخَامِسَةَ فِي نِكَاحِ الْأَرْبَعِ أَوْ تَزَوَّجَ بِأُخْتِ امْرَأَتِهِ أَوْ بِأُمِّهَا فَجَامَعَهَا وَقَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ. أَوْ تَزَوَّجَهَا مُتْعَةً لَا يَجِبُ الْحَدُّ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ وَإِنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَطِئَ رَجُلٌ مِنْ الْغَانِمِينَ جَارِيَةً مِنْ الْمَغْنَمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بَعْدَ أَنْ خَرَجَتْ الْغَنَائِمُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَيْضًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالشُّبْهَةُ فِي الْعَقْدِ فِي وَطْءِ مَحْرَمٍ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنْ يُوجَعُ عُقُوبَةً إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَعِنْدَهُمَا يُحَدُّ إنْ عَلِمَ بِالْحُرْمَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ: وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَمَنْكُوحَةُ الْغَيْرِ وَمُعْتَدَّتُهُ وَمُطَلَّقَةُ

الثَّلَاثِ بَعْدَ التَّزَوُّجِ كَالْمَحْرَمِ وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَالنِّكَاحِ بِلَا شُهُودٍ أَوْ بِلَا وَلِيٍّ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا لِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ عِنْدَ الْكُلِّ وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ أَوْ تَزَوَّجَ مَجُوسِيَّةً أَوْ أَمَةً بِلَا إذْنِ سَيِّدِهَا أَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا كَانَ الْوَطْءُ بِمِلْكِ النِّكَاحِ أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ وَالْحُرْمَةُ بِعَارِضِ أَمْرٍ فَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ نَحْوُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالصَّائِمَةِ وَالْمُحْرِمَةِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَاَلَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ آلَى مِنْهَا وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ الْمَمْلُوكَةُ إذَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ أَوْ الصِّهْرِيَّةِ أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا ذَاتُ مَحْرَمٍ مِنْهُ فِي نِكَاحِهِ أَوْ هِيَ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ مُرْتَدَّةٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ بِالْحُرْمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِيَزْنِيَ بِهَا أَوْ لِيَطَأَهَا أَوْ قَالَ: خُذِي هَذِهِ الدَّرَاهِمَ لِأَطَأَكِ. أَوْ قَالَ: مَكِّنِينِي بِكَذَا. فَفَعَلَتْ لَمْ يُحَدَّ وَزَادَ فِي النَّظْمِ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَيُوجَعَانِ عُقُوبَةً وَيُحْبَسَانِ حَتَّى يَتُوبَا وَقَالَ: لَا يُحَدَّانِ. كَمَا لَوْ أَعْطَاهَا مَالًا بِغَيْرِ شَرْطٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: خُذِي هَذِهِ الدَّرَاهِمَ لِأَتَمَتَّعَ بِك؛ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ كَانَتْ سَبَبَ الْإِبَاحَةِ فِي الِابْتِدَاءِ فَبَقِيَتْ شُبْهَةً كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَمْهَرْتُكِ كَذَا لِأَزْنِيَ بِك لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ كَذَا فِي الْكَافِي جَارِيَةُ الرَّجُلِ إذَا جَنَتْ جِنَايَةً عَمْدًا ثُمَّ زَنَى بِهَا وَلِيُّ الْجِنَايَةِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَزَنَى بِهَا وَلِيُّ الْجِنَايَةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحْمَةُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ الْحَدُّ اخْتَارَ مَوْلَاهَا الدَّفْعَ أَوْ الْفِدَاءَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ إنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ عَلَيْهِ الْحَدُّ. إذَا قَبَّلَ الرَّجُلُ أَجْنَبِيَّةً عَنْ شَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ بِأُمِّهَا أَوْ ابْنَتِهَا فَدَخَلَ بِهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ. فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَبْطُلُ إحْصَانُهَا بِهَذَا الْوَطْءِ حَتَّى يُحَدَّ قَاذِفُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا قَبَّلَ الرَّجُلُ أُمَّ امْرَأَتِهِ أَوْ بِنْتَهَا أَوْ قَبَّلَتْ الْمَرْأَةُ ابْنَ زَوْجِهَا أَوْ أَبَاهُ حَتَّى حُرِّمَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ زَوْجَهَا وَطِئَهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فِي الْأَصْلِ لَا يُؤْخَذُ الْأَخْرَسُ بِحَدِّ الزِّنَا وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ شَهِدَتْ بِهِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ إذَا زَنَى فِي حَالِ إفَاقَتِهِ أُخِذَ بِالْحَدِّ فَإِنْ قَالَ: زَنَيْت فِي حَالِ جُنُونِي. لَا يُحَدُّ كَالْبَالِغِ إذَا قَالَ: زَنَيْت وَأَنَا صَبِيٌّ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ مَنْ زَنَى فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الْبَغْيِ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ دَخَلَتْ سَرِيَّةٌ دَارَ الْحَرْبِ فَزَنَى رَجُلٌ مِنْهُمْ لَمْ يُحَدَّ وَكَذَا أَمِيرُ الْعَسْكَرِ لَا يُقِيمُ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ قَدْ غَزَا بِنَفْسِهِ أَوْ أَمِيرُ مِصْرٍ كَانَ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى أَهْلِهِ غَزَا بِجُنْدِهِ يُقِيمُ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ فِي دَارِ الْحَرْب وَهَذَا إذَا زَنَى بِالْعَسْكَرِ فَأَمَّا إذَا لَحِقَ بِأَهْلِ الْحَرْبِ وَفَعَلَ ذَلِكَ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ. قَالُوا: إنَّمَا يُقِيمُ هَذَا الْأَمِيرُ الْحَدَّ فِي عَسْكَرِهِ إذَا كَانَ يَأْمَنُ عَلَى الَّذِي يُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ أَنْ لَا يَرْتَدَّ وَلَا يَلْحَقَ بِالْكُفَّارِ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ الِارْتِدَادَ وَاللِّحَاقَ فَإِنَّهُ لَا يُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنْ دَارِ الْحَرْبِ وَيَصِيرَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. . الذِّمِّيُّ إذَا زَنَى بِحَرْبِيَّةٍ مُسْتَأْمَنَةٍ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الذِّمِّيِّ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَهَكَذَا لَوْ زَنَى بِهَا مُسْلِمٌ يُحَدُّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَا حَدَّ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ وَالْمُسْتَأْمَنَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ وَلَوْ مَكَّنَتْ مُسْلِمَةٌ أَوْ ذِمِّيَّةٌ مِنْ مُسْتَأْمَنٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُحَدُّ الْمُسْلِمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حُدُّوا جَمِيعًا كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. الذِّمِّيُّ إذَا زَنَى ثُمَّ أَسْلَمَ إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ وَإِنْ ثَبَتَ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَأَسْلَمَ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. . وَإِنْ زَنَى صَحِيحٌ بِمَجْنُونَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ يُجَامَعُ مِثْلُهَا حُدَّ الرَّجُلُ خَاصَّةً وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَكَذَا إذَا زَنَى بِنَائِمَةٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. . إذَا زَنَى صَبِيٌّ

أَوْ مَجْنُونٌ بِامْرَأَةٍ عَاقِلَةٍ وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ فَلَا حَدَّ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بِلَا خِلَافٍ وَهَلْ تُحَدُّ الْمَرْأَةُ فَعَلَى قَوْلِ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُحَدُّ وَإِذَا زَنَى بِصَبِيَّةٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَلَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ بِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ زَنَى صَبِيٌّ بِامْرَأَةٍ بَالِغَةٍ فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا وَهِيَ مُكْرَهَةٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْمَهْرَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مُطَاوِعَةً وَأَمَّا الصَّبِيَّةُ إذَا دَعَتْ صَبِيًّا إلَى نَفْسِهَا فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَالْأَمَةُ إذَا دَعَتْ صَبِيًّا فَزَنَى بِهَا ضَمِنَ الْمَهْرَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ مَكَّنَتْ نَفْسَهَا مِنْ النَّائِمِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ حَتَّى زَنَى فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ. وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا يَقُولُ: يُحَدُّ. ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا يُحَدُّ. وَإِنْ أَكْرَهَهُ غَيْرُ السُّلْطَانِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُحَدُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. . الْمَرْأَةُ لَوْ أُكْرِهَتْ فَمَكَّنَتْ لَمْ تُحَدَّ بِالْإِجْمَاعِ وَمَعْنَى الْمُكْرَهَةِ أَنْ تَكُونَ مُكْرَهَةً إلَى وَقْتِ الْإِيلَاجِ أَمَّا لَوْ أُكْرِهَتْ حَتَّى اضْطَجَعَتْ ثُمَّ مَكَّنَتْ قَبْلَ الْإِيلَاجِ كَانَتْ مُطَاوِعَةً كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ زَنَى مُكْرَهٌ بِمُطَاوِعَةٍ تُحَدُّ الْمُطَاوِعَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. ثُمَّ الْأَصْلُ أَنَّ الْحَدَّ مَتَى سَقَطَ عَنْ أَحَدِ الزَّانِيَيْنِ لِلشُّبْهَةِ سَقَطَ عَنْ الْآخَرِ لِلشَّرِكَةِ كَمَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا النِّكَاحَ وَالْآخَرُ يُنْكِرُ وَمَتَى سَقَطَ لِقُصُورِ الْفِعْلِ فَإِنْ كَانَ الْقُصُورُ مِنْ جِهَتِهَا سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهَا وَلَمْ يَسْقُطْ عَنْ الرَّجُلِ كَمَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً وَإِنْ كَانَ الْقُصُورُ مِنْ جِهَتِهِ سَقَطَ عَنْهُمَا جَمِيعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا وَطِئَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِ ابْنِهِ فَقَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ. لَا حَدَّ عَلَيْهِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ الرَّجُلُ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: إنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي مَجَالِسَ مُخْتَلِفَةٍ حُدَّا جَمِيعًا وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ. رَجُلٌ زَنَى بِامْرَأَةٍ مَيِّتَةٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ حُدَّ وَقَالَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ يُعَزَّرُ وَلَا يُحَدُّ. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ. رَجُلٌ زَنَى بِجَارِيَةٍ مَمْلُوكَةٍ وَقَتَلَهَا بِالْجِمَاعِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا وَذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَمَالِي عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ وَالْحَدَّ أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ -: الْقِيمَةُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ زَنَى بِالْحُرَّةِ فَقَتَلَهَا بِهِ يَجِبُ الْحَدُّ مَعَ الدِّيَةِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ زَنَى رَجُلٌ بِحُرَّةٍ ثُمَّ قَتَلَهَا خَطَأً حَتَّى وَجَبَتْ الدِّيَةُ يَجِبُ الْحَدُّ لِأَنَّهُمَا وَجَبَا بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَا يُحَدُّ لِعَدَمِ الزِّنَا وَيُعَزَّرُ . وَلَوْ وَطِئَ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ لَاطَ بِغُلَامٍ لَمْ يُحَدَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُعَزَّرُ وَيُودَعُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَتُوبَ وَعِنْدَهُمَا يُحَدُّ حَدَّ الزِّنَا فَيُجْلَدُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا وَيُرْجَمُ إنْ كَانَ مُحْصَنًا، وَلَوْ فَعَلَ هَذَا بِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ بِزَوْجَتِهِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ لَا يُحَدُّ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ اعْتَادَ اللِّوَاطَةَ قَتَلَهُ الْإِمَامُ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. لَا حَدَّ عَلَى وَاطِئِ الْبَهِيمَةِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَمَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَقَالَتْ النِّسَاءُ إنَّهَا زَوْجَتُك فَوَطِئَهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ إلَّا بِالْإِخْبَارِ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ يَكْفِي فِي أُمُورِ الدِّينِ وَفِي الْمُعَامَلَاتِ وَلِهَذَا إذَا جَاءَتْ جَارِيَةٌ وَقَالَتْ: بَعَثَنِي مَوْلَايَ إلَيْك هَدِيَّةً يَحِلُّ وَطْؤُهَا اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهَا وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ إنْ جَاءَتْ بِهِ الْمَزْفُوفَةُ وَتَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. رَجُلٌ وَجَدَ عَلَى فِرَاشِهِ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ امْرَأَةً وَلَهُ امْرَأَةٌ قَدِيمَةٌ فَجَامَعَ الَّتِي وَجَدَهَا فِي فِرَاشِهِ وَقَالَ: ظَنَنْتُهَا

الباب الخامس في الشهادة على الزنا والرجوع عنها

امْرَأَتِي. قَالُوا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ فِي بَيْتِهِ امْرَأَةً فَوَطِئَهَا وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا امْرَأَتِي فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَوْ كَانَ أَعْمَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَنَّ الْأَعْمَى دَعَا امْرَأَتَهُ فَأَجَابَتْهُ امْرَأَةً غَيْرَهَا فَجَامَعَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَوْ أَجَابَتْ فَقَالَتْ أَنَا فُلَانَةُ تَعْنِي امْرَأَتَهُ فَجَامَعَهَا لَا يُحَدُّ وَلَوْ كَانَ بَصِيرًا لَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَحَلَّ جَارِيَتَهُ لِغَيْرِهِ فَوَطِئَهَا ذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. السَّكْرَانُ إذَا زَنَى يُحَدُّ إذَا صَحَا هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ وَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَوَطِئَهَا الْبَائِعُ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ عَلِمَ بِالْحُرْمَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: إذَا غَصَبَ جَارِيَتَهُ وَزَنَى بِهَا ثُمَّ ضَمِنَ قِيمَتَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَلَوْ زَنَى بِهَا ثُمَّ غَصَبَهَا وَضَمِنَ قِيمَتَهَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اسْتَلْقَى عَلَى قَفَاهُ فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ وَقَعَدَتْ عَلَيْهِ حَتَّى قَضَتْ حَاجَتَهَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْحَدُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا زَنَى بِأَمَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُحَدُّ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ إذَا زَنَى بِحُرَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْحُدُودِ. وَإِذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ قَالَ: اشْتَرَيْتهَا. لَا حَدَّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَإِذَا زَنَى بِأَمَةٍ ثُمَّ قَالَ: اشْتَرَيْتهَا. وَصَاحِبُهَا فِيهَا بِالْخِيَارِ وَقَالَ مَوْلَاهَا: كَذِبَ لَمْ أَبِعْهَا. قَالَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتهَا بِوَصْفٍ إلَى أَجَلٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْحُرَّةُ إذَا زَنَتْ بِعَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَتْهُ فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ جَمِيعًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. زَنَى بِأَمَةٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا شِرَاءً أَوْ وَهَبَهَا لَهُ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُهَا أَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالزِّنَا ثُمَّ ادَّعَى عِنْدَ الْقَاضِي هِبَةً أَوْ بَيْعًا دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ زَنَى بِكَبِيرَةٍ فَأَفْضَاهَا فَإِنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً لَهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى شُبْهَةٍ فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْإِفْضَاءِ لِرِضَاهَا بِهِ وَلَا مَهْرَ لَهَا لِوُجُوبِ الْحَدِّ. وَإِنْ كَانَتْ مَعَ دَعْوَى شُبْهَةٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْإِفْضَاءِ وَيَجِبُ الْعُقْرُ وَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً مِنْ غَيْرِ دَعْوَى شُبْهَةٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ دُونَهَا وَلَا مَهْرَ لَهَا ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْإِفْضَاءِ فَإِنْ لَمْ تَسْتَمْسِكْ بَوْلَهَا فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْمَرْأَةِ كَامِلَةً وَإِنْ كَانَتْ تَسْتَمْسِكُ بَوْلَهَا حُدَّ وَضَمِنَ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ مَعَ دَعْوَى شُبْهَةٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا ثُمَّ إنْ كَانَ الْبَوْلُ يَسْتَمْسِكُ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَيَجِبُ الْمَهْرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَهِيَ كَالْكَبِيرَةِ فِيمَا ذَكَرْنَا إلَّا فِي حَقِّ سُقُوطِ الْأَرْشِ بِرِضَاهَا وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَإِنْ كَانَتْ تَسْتَمْسِكُ بَوْلَهَا لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَالْمَهْرُ كَامِلًا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَسْتَمْسِكُ ضَمِنَ الدِّيَةَ وَلَا يَضْمَنُ الْمَهْرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّبْيِينِ. . لَوْ أَذْهَبَ بَصَرَ أَمَةٍ بِالْوَطْءِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ كَسَرَ فَخْذَهَا بِالْوَطْءِ يَجِبُ الْحَدُّ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً يَجِبُ الْحَدُّ وَالدِّيَةُ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. كُلُّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْإِمَامُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ إمَامٌ مِمَّا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالْقَذْفِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ إلَّا الْقِصَاصُ وَالْمَالُ فَإِنَّهُ إذَا قَتَلَ إنْسَانًا أَوْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ يُؤَاخَذُ بِهِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى الْمَنَعَةِ فَالْمُسْلِمُونَ مَنَعَةٌ فَيُقْدَرُ عَلَى اسْتِيفَائِهِ فَأَفَادَ الْوُجُوبِ كَذَا فِي الْكَافِي. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا] وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الزِّنَا إلَّا شَهَادَةُ أَرْبَعَةِ أَحْرَارٍ مُسْلِمِينَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. إنْ شَهِدَ عَلَى الزِّنَا أَقَلُّ

مِنْ أَرْبَعَةٍ بِأَنْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُحَدُّ الشَّاهِدُ حَدَّ الْقَذْفِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا حَضَرَ أَرْبَعٌ مَجْلِسَ الْقَاضِي لِيَشْهَدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَشَهِدَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَامْتَنَعَ الْبَاقِي فَإِنَّ الَّذِي شَهِدَ يُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ عَلَى الزِّنَا وَالرَّابِعُ قَالَ رَأَيْتهمَا فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَيُحَدُّ الشُّهُودُ الثَّلَاثَةُ حَدَّ الْقَذْفِ وَالشَّاهِدُ الرَّابِعُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ قَالَ فِي الِابْتِدَاءِ: أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ زَنَى بِهَا. ثُمَّ فَسَّرَ الزِّنَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا حِينَئِذٍ يُحَدُّ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَاتِّحَادُ الْمَجْلِسِ لِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ شَهِدُوا مُتَفَرِّقِينَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَيُحَدُّونَ حَدَّ الْقَذْفِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانُوا قُعُودًا فِي مَوْضِعِ الشُّهُودِ فَقَامَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَشَهِدَ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ كَانُوا خَارِجِينَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ وَاحِدٌ وَشَهِدَ وَخَرَجَ ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ وَشَهِدَ إذَا دَخَلَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَشَهِدَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَشَهِدَ آخَرَانِ عَلَى إقْرَارِ الرَّجُلِ بِالزِّنَا لَا حَدَّ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ وَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ بِالزِّنَا وَشَهِدَ الرَّابِعُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا فَعَلَى الثَّلَاثَةِ الْحَدُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ لَا يَعْرِفُونَهَا لَمْ يُحَدَّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فَلَوْ قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: الْمَرْأَةُ الَّتِي رَأَيْتُمُوهَا مَعِي لَيْسَتْ زَوْجَتِي وَلَا أَمَتِي. لَمْ يُحَدَّ أَيْضًا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ وَقَعَتْ غَيْرَ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ وَهَذَا اللَّفْظُ مِنْهُ لَيْسَ إقْرَارًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ لَا نَعْرِفُهَا ثُمَّ قَالُوا بِفُلَانَةَ لَا يُحَدُّ الرَّجُلُ وَلَا الشُّهُودُ. أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَنَى بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُ زَنَى بِهَا بِالْبَصْرَةِ وَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُ زَنَى بِهَا بِالْكُوفَةِ لَا حَدَّ عَلَى الرَّجُلِ وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ فِي قَوْلِهِمْ وَلَا يُحَدُّ الشُّهُودُ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَنَى بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُ زَنَى بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ فِي هَذَا الْبَيْتِ مِنْ الدَّارِ وَشَهِدَ آخَرُونَ مِنْهُمْ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي هَذَا الْبَيْتِ الْآخَرِ مِنْ الدَّارِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُ زَنَى بِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَشَهِدَ آخَرَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُ زَنَى بِهَا يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي عُلْوِ هَذِهِ الدَّارِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي سُفْلِ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي دَارِ فُلَانٍ هَذَا وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي دَارِ الرَّجُلِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُ زَنَى بِهَا بِالْبَصْرَةِ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ مِنْ السَّنَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَأَرْبَعَةٌ عَلَى أَنَّهُ زَنَى بِهَا بِالْكُوفَةِ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ بِعَيْنِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي زَاوِيَةِ هَذَا الْبَيْتِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي زَاوِيَةٍ أُخْرَى مِنْهُ حُدَّ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ اسْتِحْسَانًا وَهَذَا لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الزِّنَى فِي زَاوِيَةٍ وَانْتِهَاؤُهَا فِي أُخْرَى وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَيْتُ صَغِيرًا بِحَيْثُ يَحْتَمِلُ مَا قُلْنَا أَمَّا إذَا كَانَ كَبِيرًا فَلَا. فَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ زَنَى بِفُلَانَةَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَتُحْمَلُ شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الزِّنَا الَّذِي شَهِدَ بِهِ صَاحِبُهُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي سَاعَةٍ مِنْ النَّهَارِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي سَاعَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ قَالُوا: وَهَذَا إذَا شَهِدَ الْآخَرَانِ عَلَى سَاعَةٍ أُخْرَى لَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا؛ بِأَنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ شَهِدَ الْآخَرَانِ عَلَى سَاعَةٍ أُخْرَى مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ بِحَيْثُ لَا يَمْتَدُّ الزِّنَا إلَى تِلْكَ السَّاعَةِ أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْآخَرَانِ سَاعَةً يَمْتَدُّ الزِّنَا إلَى تِلْكَ السَّاعَةِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: أَرْبَعَةٌ

شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا وَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهَا طَاوَعَتْهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَدْرَأُ عَنْهُمْ جَمِيعًا يَعْنِي الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ وَالشُّهُودَ. وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَنَى بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ أَنَّهَا طَاوَعَتْهُ وَشَهِدَ الرَّابِعُ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى أَحَدِهِمْ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ عَلَى الِاسْتِكْرَاهِ وَوَاحِدٌ عَلَى الْمُطَاوَعَةِ فَلَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ الْمَزْنِيِّ بِهَا أَوْ فِي الْمَكَانِ أَوْ فِي الْوَقْتِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَلَكِنْ لَا حَدَّ عَلَى الشُّهُودِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي الثَّوْبِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا حِينَ الزِّنَا أَوْ فِي لَوْنِهِ أَوْ فِي طُولِ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَقِصَرِهَا أَوْ فِي سِمَنِهَا أَوْ هَزَلِهَا لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيمَا لَا يَحْتَاجُونَ إلَى ذِكْرِهِ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بِبَيْضَاءَ وَآخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بِسَمْرَاءَ لِأَنَّ اللَّوْنَيْنِ يَتَشَابَهَانِ فَلَمْ يَكُنْ اخْتِلَافًا فِي الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ الْبَيْضَاءِ وَالسَّوْدَاءِ. شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بِحَبَشِيَّةٍ وَآخَرَانِ بِخَرَسَانِيَّةِ أَوْ اثْنَانِ بِكُوفِيَّةٍ وَآخَرَانِ بِبَصْرِيَّةٍ أَوْ اثْنَانِ بِحُرَّةٍ وَآخَرَانِ بِأَمَةٍ أَوْ اثْنَانِ بِبَالِغَةٍ وَآخَرَانِ بِاَلَّتِي لَمْ تَبْلُغْ لَمْ تُقْبَلْ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُ زَنَى يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ بِفُلَانَةَ وَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُ قَتَلَ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْكُوفَةِ فُلَانًا لَمْ يُقْبَلْ وَاحِدٌ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ، وَلَا حَدَّ عَلَى شُهُودِ الزِّنَا فَإِنْ حَضَرَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ وَشَهِدُوا فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ شَهِدَ الْآخَرَانِ فَشَهَادَةُ الْآخَرَانِ بَاطِلَةٌ وَلَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى شُهُودِ الزِّنَا وَإِنْ كَانُوا هُمْ الْفَرِيقُ الثَّانِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إنْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَنَى بِفُلَانَةَ وَهِيَ غَائِبَةٌ فَإِنَّهُ يُحَدُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَا فَنَظَرَ إلَيْهَا النِّسَاءُ فَقُلْنَ هِيَ بِكْرٌ لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى الشُّهُودِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَا إذَا قُلْنَ هِيَ رَتْقَاءُ أَوْ قَرْنَاءُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَهُوَ مَجْبُوبٌ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ وَلَا يُحَدُّ الشُّهُودُ أَيْضًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَوَجَدُوهُ مَجْبُوبًا بَعْدَ الرَّجْمِ فَالدِّيَةُ عَلَى الشُّهُودِ وَلَا حَدَّ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً فَنَظَرَ إلَيْهَا النِّسَاءُ بَعْدَ الرَّجْمِ فَقُلْنَ عَذْرَاءُ أَوْ رَتْقَاءُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمْ. أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا بِزِنَا رَجُلٍ فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى الشُّهُودِ أَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ زَنَوْا بِهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ وَلَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى أَحَدٍ لِلشُّبْهَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُحَدُّ الشُّهُودُ الْأَوَّلُونَ لِثُبُوتِ زِنَاهُمْ بِحُجَّةٍ وَهِيَ شَهَادَةُ أَرْبَعَةِ عُدُولٍ فَصَارُوا فَسَقَةً وَلَوْ قَالَ الْفَرِيقُ الثَّانِي: إنَّهُمْ زَنَوْا بِهَا وَسَكَتُوا. يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِزِنًا آخَرَ لَا بِالزِّنَا الَّذِي شَهِدَ بِهِ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ بِالزِّنَا وَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ آخَرُونَ عَلَى الشُّهُودِ بِأَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ زَنَوْا بِهَا وَشَهِدَ أَيْضًا أَرْبَعَةٌ عَلَى الْفَرِيقِ الثَّانِي مِنْ الشُّهُودِ بِأَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ زَنَوْا بِهَا لَا حَدَّ عَلَى الْكُلِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُحَدُّ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْفَرِيقُ الْأَوْسَطُ مِنْ الشُّهُودِ حَدَّ الزِّنَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالزِّنَا وَلَكِنْ شَهِدَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِأَنَّهُمْ مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يُحَدُّ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ بِالشَّهَادَةِ الْأُولَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى الزِّنَا وَالشُّهُودُ عَبِيدٌ أَوْ كُفَّارٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي الْقَذْفِ أَوْ عُمْيَانٌ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَيَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ حَدُّ الْقَذْفِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَأَحَدُهُمْ عَبْدٌ أَوْ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ فَإِنَّهُمْ يُحَدُّونَ وَلَا يُحَدُّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ فَأَعَادُوا حُدُّوا ثَانِيًا وَكَذَا الْعَبِيدُ إذَا شَهِدُوا وَحُدُّوا ثُمَّ أُعْتِقُوا وَأَعَادُوا حُدُّوا ثَانِيًا بِخِلَافِ الْكُفَّارِ إذَا شَهِدُوا عَلَى مُسْلِمٍ ثُمَّ أَعَادُوا عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ ضَرَبَ

بَعْضَ الْحَدِّ فَوَجَدَ أَحَدَهُمْ عَبْدًا فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ أُخْرَى لَا يُحَدُّ لِأَنَّ ذَلِكَ الْحَدَّ قَدْ بَطَلَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الشُّهُودِ الْأَرْبَعَةِ مُكَاتَبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ أَعْمَى حُدُّوا جَمِيعًا سِوَى الصَّبِيِّ فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُقِيمَ الرَّجْمُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لَمْ يُحَدُّوا وَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ الْحَدُّ جَلْدًا ضُرِبُوا الْحَدَّ إنْ طَلَبَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَأَمَّا أَرْشُ الضَّرْبِ فَهُوَ هَدَرٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْإِيضَاحِ. مُعْتَقُ الْبَعْضِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا شَهَادَةَ لِلْمُكَاتَبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إنْ شَهِدُوا وَهُمْ فُسَّاقٌ أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُمْ فُسَّاقٌ لَمْ يُحَدُّوا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ أَحَدَ الشُّهُودِ عَبْدٌ فَالْقَوْلُ لَهُ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ حُرٌّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ قَذَفَ رَجُلًا بِالزِّنَا ثُمَّ شَهِدَ الْقَاذِفُ مَعَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ أَنَّهُ زَانٍ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ قَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي ثُمَّ شَهِدَ لَمْ تُقْبَلْ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُقَدِّمْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَنٍ وَضَرَبَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ كَانُوا عَبِيدًا أَوْ كُفَّارًا أَوْ مَحْدُودِينَ فِي قَذْفٍ وَقَدْ مَاتَ مِنْ الْجَلْدِ أَوْ جَرَحَتْهُ السِّيَاطُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا ضَمَانَ عَلَى الْقَاضِي وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا حُدَّ بِشَهَادَةِ شُهُودِ جَلْدٍ فَجَرَحَهُ الْحَدُّ أَوْ مَاتَ مِنْهُ لِعَدَمِ احْتِمَالِهِ إيَّاهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ بَعْضَ الشُّهُودِ عَبْدٌ أَوْ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ أَوْ كَافِرٌ فَإِنَّهُمْ يُحَدُّونَ بِالِاتِّفَاقِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. . أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَهُوَ مُحْصَنٌ أَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالزِّنَا وَالْإِحْصَانِ فَرَجَمَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ وُجِدَ أَحَدُ الشُّهُودِ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ فَدِيَتُهُ عَلَى الْقَاضِي وَيَرْجِعُ الْقَاضِي بِذَلِكَ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ. وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ فُسَّاقٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْقَاضِي. أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَزَكَّاهُمْ نَفَرٌ وَقَالُوا: إنَّهُمْ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ عُدُولٌ. ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ أَوْ كُفَّارٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي الْقَذْفِ إنْ بَقِيَ الْمُزَكَّوْنَ عَلَى تَزْكِيَتِهِمْ وَلَمْ يَرْجِعُوا عَنْهَا وَلَكِنْ قَالُوا: أَخْطَأْنَا. فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَيَجِبُ الضَّمَانُ فِي بَيْتِ الْمَالِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا فَأَمَّا إذَا رَجَعُوا عَنْ التَّزْكِيَةِ وَقَالَ: كُنَّا عَرَفْنَاهُمْ عَبِيدًا أَوْ كُفَّارًا أَوْ مَحْدُودِينَ فِي الْقَذْفِ إلَّا أَنَّا تَعَمَّدْنَا التَّزْكِيَةَ. مَعَ هَذَا اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُزَكِّينَ وَلَا يَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُزَكِّينَ وَيَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَهَذَا إذَا ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ عَبِيدٌ أَوْ كُفَّارٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي الْقَذْفِ فَأَمَّا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُمْ فَسَقَةٌ وَرَجَعُوا عَنْ التَّعْدِيلِ وَقَالُوا: عَرَفْنَاهُمْ فَسَقَةً إلَّا أَنَّا تَعَمَّدْنَا التَّعْدِيلَ. فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ وَهَذَا إذَا قَالَ الْمُزَكَّوْنَ: هُمْ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ عُدُولٌ. فَأَمَّا إذَا قَالُوا: عُدُولٌ لَا غَيْرُ. ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ عَبِيدٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ مَا إذَا شَهِدُوا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ. أَوْ أَخْبَرُوا بِأَنْ قَالُوا هُمْ أَحْرَارٌ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. لَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ وَلَا يُحَدُّونَ حَدَّ الْقَذْفِ كَذَا فِي الْكَافِي. أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا ثُمَّ أَقَرُّوا عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالْبَاطِلِ فَعَلَيْهِمْ الْحَدُّ فَإِنْ لَمْ يَحُدَّهُمْ الْقَاضِي حَتَّى شَهِدَ أَرْبَعَةٌ غَيْرُهُمْ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالزِّنَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ وَأُقِيمَ الْحَدُّ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمْ وَيُدْرَأُ عَنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ حَدُّ الْقَذْفِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ بَعْدَ الْجُرْحِ بِالْجَلْدِ أَوْ الْمَوْتِ بِالْجَلْدِ لَا يَضْمَنُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَصْلًا لَا ضَمَانَ الْأَرْشِ وَلَا ضَمَانَ النَّفْسِ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُونَ أَرْشَ الْجِرَاحَةِ إذَا لَمْ يَمُتْ الْمَحْدُودُ وَالدِّيَةُ إنْ مَاتَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. . أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى غَيْرِ مُحْصَنٍ فَجَلَدَهُ الْقَاضِي فَجَرَحَهُ الْجَلْدُ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمْ لَا يَضْمَنُ الرَّاجِعُ أَرْشَ الْجِرَاحَةِ وَكَذَا إنْ مَاتَ مِنْ الْجَلْدِ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ عِنْدَ

أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا عَلَى الرَّاجِعِ وَلَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الرَّاجِعُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ كَانَ حَدُّهُ الْجَلْدُ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حُدَّ الرَّاجِعُ وَحْدَهُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا ضُرِبَ وَبَقِيَ سَوْطٌ فَرَجَعَ وَاحِدٌ مِنْ الشُّهُودِ ضُرِبُوا جَمِيعًا حَدَّ الْقَذْفِ وَيُدْرَأُ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ الْحَدِّ. وَلَوْ رَجَمَهُ النَّاسُ وَالشُّهُودُ فَلَمْ يَمُتْ حَتَّى رَجَعَ بَعْضُهُمْ حُدَّ الشُّهُودُ حَدَّ الْقَذْفِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا لَمْ يُحَدَّ فَإِنْ جَاءَ الْأُصُولُ وَشَهِدُوا عَلَى ذَلِكَ الزِّنَا بِعَيْنِهِ لَمْ يُحَدَّ أَيْضًا وَلَا يُحَدُّ الْفُرُوعُ وَالْأُصُولُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ غَيْرِهِمْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. . إنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا بِفُلَانَةَ وَأَرْبَعَةٌ أُخْرَى شَهِدُوا عَلَى زِنَاهُ بِامْرَأَةٍ أُخْرَى فَرَجَمَ الْفَرِيقَانِ ضَمِنُوا دِيَتَهُ إجْمَاعًا وَالْقَذْفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَالْإِحْصَانِ ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ إنْ رَجَعَ قَبْلَ الْقَضَاءِ حُدَّ الرَّاجِعُ فِي قَوْلِهِمْ حَدَّ الْقَذْفِ وَيُحَدُّ الْبَاقُونَ عِنْدَنَا وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ حُدَّ الرَّاجِعُ فِي قَوْلِهِمْ وَحُدَّ الْبَاقُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَالْإِمْضَاءِ حُدَّ الرَّاجِعُ وَلَا حَدَّ عَلَى الْبَاقِينَ فِي قَوْلِهِمْ وَعَلَى الرَّاجِعِ رُبُعُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا كُلَّمَا رَجَعَ وَاحِدٌ حُدَّ وَغَرِمَ رُبُعَ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ رَجَعُوا جَمِيعًا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَالْإِمْضَاءِ حُدُّوا جَمِيعًا عِنْدَنَا وَالدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَذَفَ رَجُلٌ هَذَا الْمَرْجُومَ لَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ رُجُوعَ الشَّاهِدِ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا يَعْمَلُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. شَهِدُوا بِالْعِتْقِ وَالزِّنَا فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا ضَمِنُوا الْقِيمَةَ لِلْمَوْلَى وَالدِّيَةَ لِلْوَرَثَةِ وَحُدُّوا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ رَجَعُوا عَنْ الْعِتْقِ لَمْ يَضْمَنُوا شَيْئًا لِأَنَّ شُهُودَ الْإِحْصَانِ لَا يَضْمَنُوا بِالرُّجُوعِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إنْ كَانَ الشُّهُودُ خَمْسَةٌ ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ أُمْضِيَ الْحَدُّ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ مَنْ بَقِيَ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. إنْ شَهِدَ خَمْسَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَالْإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ غَرِمَا رُبُعِ الدِّيَةِ وَيُحَدَّانِ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَكُلَّمَا رَجَعَ وَاحِدٌ بَعْدَهُمَا غَرِمَ رُبُعَ الدِّيَةِ وَإِنْ رَجَعَ الْخَمْسَةُ مَعًا غَرِمُوا أَخْمَاسًا كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى خَمْسَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَجَلَدَهُ الْقَاضِي الْحَدَّ ثُمَّ وُجِدَ أَحَدُ الْخَمْسَةِ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ أَوْ عَبْدًا ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ الْأَرْبَعَةُ يُحَدُّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ وَلَا يُحَدُّ الَّذِي وُجِدَ عَبْدًا أَوْ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ وَقَدْ شَهِدَ عَلَى الْمَقْذُوفِ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَحُدَّ. وَفِيهِ أَيْضًا شَهِدَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ وَأَرْبَعُ نِسْوَةٍ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَنٍ وَضُرِبَ الْحَدَّ ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا ضُرِبَ الرِّجَالُ وَلَمْ تُضْرَبْ النِّسَاءُ فَلَوْ رَجَعُوا قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحَدَّ حُدَّ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ رُجِمَ بِشَهَادَةِ سِتَّةٍ فَرَجَعَ اثْنَانِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا فَلَوْ رَجَعَ ثَالِثٌ غَرِمُوا رُبْعَ الدِّيَةِ وَيُحَدُّ الرَّاجِعُونَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَلَوْ شَهِدَ الرَّاجِعُونَ عَلَى رِقِّ أَحَدِ الْبَاقِينَ يَجِبُ رُبُعٌ آخَرُ مِنْ الدِّيَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ رَجَعَ اثْنَانِ مِنْ السِّتَّة وَشَهِدَا عَلَى رِقِّ اثْنَيْنِ مِنْ الْبَاقِينَ جَازَ وَرُبْعُ الدِّيَةِ عَلَى الرَّاجِعَيْنِ وَرُبْعٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ شَهِدَا عَلَى رِقِّ ثَلَاثَةٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ رُجِمَ بِشَهَادَةِ ثَمَانِيَةِ نَفَرٍ بِزِنَا وَاحِدٍ أَوْ كُلُّ أَرْبَعَةٍ بِزِنَا عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ رَجَعَ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ فَلَا ضَمَانَ وَلَا حَدَّ فَإِنْ رَجَعَ الْخَامِسُ غَرِمُوا رُبْعَ الدِّيَةِ بَيْنَهُمْ وَيُحَدُّونَ فِي قَوْلِهِمَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ رَجَمَهُ الْقَاضِي بِثَلَاثَةٍ أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَإِنْ قَالَ ظَنَنْت أَنَّهُ يَجُوزُ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَعَلَيْهِ وَلَوْ رَجَمَهُ بِالْإِقْرَارِ مَرَّةً لَا يَضْمَنُ بِكُلِّ

حَالٍ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. إنْ قَالَ الشُّهُودُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي: نَشْهَدُ أَنَّكُمَا زَانِيَانِ وَقَدَّمُوهُمَا إلَى الْقَاضِي وَشَهِدُوا بِهِ عَلَيْهِمَا وَقَالَا: إنَّهُمْ قَدْ قَالُوا لَنَا هَذِهِ الْمَقَالَةَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعُونَا إلَيْك وَلَنَا بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ تَسْقُطْ شَهَادَتُهُمْ بِهِ وَحُدَّ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ بَنِيهِ أَوْ إخْوَانِهِ أَوْ بَنِي عَمِّهِ بِالزِّنَا وَهُوَ مُحْصَنٌ وَالشُّهُودُ عُدُولٌ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالرَّجْمِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ الشُّهُودَ إذَا أَرَادَ رَجْمَهُ أَنْ يَبْدَءُوا بِالرَّمْيِ فَإِنْ رَجَمَ هَؤُلَاءِ الْأَوْلَادُ أَبَاهُمْ فَلَمْ يُصِيبُوا مَقْتَلَهُ وَرَجَمَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَصَابُوا مَقْتَلَهُ ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِ غَرِمَ الرَّاجِعُ رُبْعَ الدِّيَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ وَرَثَةِ الْمَرْجُومِ وَبَيْنَ هَذَا الرَّاجِعِ فَرَفَعَ عَنْهُ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَيَغْرَمُ الْبَاقِي إنْ كَانَ نَصِيبُهُ لَا يَفِي بِرُبْعِ الدِّيَةِ قَالُوا إنَّمَا يَغْرَمُ الرَّاجِعُ رُبْعَ الدِّيَةِ إذَا قَالَ لَهُ الَّذِينَ لَمْ يَرْجِعُوا إنَّ أَبَانَا زَنَى كَمَا شَهِدْنَا رَأَيْنَا ذَلِكَ وَلَمْ تَرَهُ فَشَهِدْتَ بِبَاطِلٍ وَكَانَ الضَّمَانُ وَاجِبًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِاتِّفَاقِ الْكُلِّ وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ الْبَاقُونَ: رَأَيْتَ مَعَنَا زِنَا الْأَبِ وَكَذَبْت فِي الرُّجُوعِ. لَا يَغْرَمُ الرَّاجِعُ وَيَجِبُ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى هَذَا الرَّاجِعِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ إلَّا الَّذِينَ شَهِدُوا مَعَهُ يُنْكِرُونَ وُجُوبَ حَدِّ الْقَذْفِ عَلَى ابْنِهِ الرَّاجِعِ فَلَا يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يُخَاصِمُوهُ فِي ذَلِكَ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ لِلْمَرْجُومِ وَالِدٌ أَوْ جَدٌّ أَوْ وَلَدٌ آخَرُ غَيْرُ الشُّهُودِ كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الرَّاجِعَ فِي الْحَدِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْجُومِ وَلَدٌ آخَرُ وَلَا وَالِدٌ وَلَا جَدٌّ وَكَانَ لِبَعْضِ الشُّهُودِ وَلَدٌ يُنْظَرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ وَلَدُ الرَّاجِعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ أَبَاهُ فِي الْحَدِّ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ وَلَدُ وَاحِدٍ مِنْ الَّذِينَ لَمْ يَرْجِعُوا كَانَ لَهُ حَقُّ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ مِنْ الرَّاجِعِ الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَ الشُّهُودُ رَجَمُوا الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْتُلُوهُ فَأَمَّا إذَا رَجَمُوهُ وَقَتَلُوهُ ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ شَهَادَتِهِ وَلَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ غَيْرَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَمَّا إنْ قَالَ الْبَاقُونَ لِلرَّاجِعِ: كَذَبْت فِي رُجُوعِك وَصَدَقْت فِي شَهَادَتِك. أَوْ قَالُوا كَانَ الْأَبُ زَانِيًا وَلَكِنَّك لَمْ تَرَ زِنَاهُ أَوْ لَا تَدْرِي أَنَّك رَأَيْت زِنَاهُ أَمْ لَا وَقَدْ شَهِدْت بِالْبَاطِلِ أَوْ قَالُوا: لَمْ يَزْنِ الْأَبُ وَقَدْ كَذَبْت فِي قَوْلِك إنَّهُ زَانٍ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَغْرَمْ الرَّاجِعُ شَيْئًا مِنْ دِيَةِ الْأَبِ وَلَا يُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي غَرِمَ الرَّاجِعُ رُبْعَ الدِّيَةِ وَيُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِحَدِّ الْقَذْفِ إلَّا أَنَّ الْبَاقِينَ صَدَّقُوهُ عَنْ الْقَذْفِ وَالْحَقُّ لَهُمْ لَمْ يَعُدُّوهُمْ حَتَّى لَوْ كَانَ سِوَاهُمْ مِمَّنْ ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا لَاسْتُوْفِيَ الْحَدُّ مِنْهُ وَلَا يَغْرَمُ الْبَاقُونَ شَيْئًا مِنْ الدِّيَةِ وَلَا يُحَدُّ الثَّلَاثَةُ الْبَاقُونَ عَلَى الشَّهَادَةِ وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ يَغْرَمُونَ جَمِيعًا وَيُحْرَمُونَ عَنْ الْمِيرَاثِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ مِنْ الْمَقْتُولِ بَعْدَهُمْ وَيُحَدُّونَ حَدَّ الْقَذْفِ. رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ وَلَهُ مِنْ إحْدَاهُمَا خَمْسُ بَنِينَ فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ عَلَى أَخِيهِمْ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةِ أَبِيهِمْ فَهَذَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا أَبُوهُمْ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، وَإِمَّا أَنْ كَانَتْ أُمُّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ حَيَّةً أَوْ كَانَتْ مَيِّتَةً، وَإِمَّا أَنْ صَدَّقَهُمْ الْأَبُ أَوْ كَذَّبَهُمْ، وَإِمَّا أَنْ شَهِدُوا أَنَّهَا طَاوَعَتْهُ فِي الزِّنَا أَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ مُكْرَهَةً مِنْ قِبَلِ الْأَخِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالزِّنَا فَأَمَّا إذَا شَهِدُوا أَنَّ أَخَاهُمْ زَنَى بِهَا وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ لَهُ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ أُمُّ الشُّهُودِ حَيَّةً لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ صَدَّقَهُمْ الْأَبُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُمْ جَحَدَتْ الْأُمُّ أَمْ ادَّعَتْ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ مَيِّتَةً إنْ كَانَ الْأَبُ يَدَّعِي ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ يَجْحَدُ ذَلِكَ تُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا أَبُوهُمْ فَإِنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً وَكَانَتْ أُمُّهُمْ حَيَّةً فَشَهَادَتُهُمْ لَا تُقْبَلُ؛ ادَّعَى الْأَبُ ذَلِكَ أَمْ جَحَدَتْ؛ ادَّعَتْ الْأُمُّ أَمْ جَحَدَتْ فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ قَدْ مَاتَتْ فَإِنْ ادَّعَى الْأَبُ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَإِنْ جَحَدَ تُقْبَلُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا شَهِدُوا أَنَّ أَخَاهُ زَنَى بِهَا وَهِيَ طَائِعَةٌ فَأَمَّا إذَا شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ مُكْرَهَةً فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ مَيِّتَةً قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ

بِكُلِّ حَالٍ؛ ادَّعَى الْأَبُ ذَلِكَ أَمْ جَحَدَ دَخَلَ بِهَا الْأَب أَمْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ حَيَّةً فَإِنْ ادَّعَى الْأَبُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ جَحَدَ لَا تُقْبَلُ جَحَدَتْ الْأُمُّ ذَلِكَ أَمْ ادَّعَتْ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ يُقَامُ حَدُّ الزِّنَا عَلَى الْأَخِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ مُطَاوِعَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةُ نَصَارَى عَلَى نَصْرَانِيَّيْنِ بِالزِّنَا فَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ أَسْلَمَ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ قَالَ: يَبْطُلُ الْحَدُّ عَنْهُمَا جَمِيعًا فَإِنْ أَسْلَمَ الشُّهُودُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفَعْ أَعَادُوا الشَّهَادَةَ أَوْ لَمْ يُعِيدُوهَا وَإِنْ كَانُوا شَهِدُوا عَلَى رَجُلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ فَلَمَّا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ أَسْلَمَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ أَوْ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ دُرِئَ الْحَدُّ عَنْ الَّذِي أَسْلَمَ وَعَنْ صَاحِبِهِ وَلَا يُدْرَأُ عَنْ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا جَاءَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى شَاهِدٍ مِنْ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالزِّنَا أَنَّهُ مَحْدُودٌ فِي الْقَذْفِ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الشَّاهِدَيْنِ مَنْ حَدَّهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ إقَامَةَ حَدِّ الْقَذْفِ إنْ حَصَلَتْ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ وَإِنْ حَصَلَتْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ الرَّعَايَا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ السُّؤَالِ عَنْ الَّذِي حَدَّهُ وَإِنْ قَالَا: حَدَّهُ قَاضِيَ كُورَةِ كَذَا. وَسَمَّوْهُ فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِحَدِّ الْقَذْفِ: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ ذَلِكَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَمْ يَحُدَّنِي وَلَمْ تُوَقِّتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ وَقْتًا. فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِكَوْنِهِ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ وَلَا يَمْتَنِعُ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ بِكَوْنِهِ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ بِسَبَبِ بَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ فَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ قَدْ وَقَّتُوا فِي ضَرْبِهِ وَقْتًا بِأَنْ شَهِدُوا بِأَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا حَدَّهُ حَدَّ الْقَذْفِ سَنَةَ سَبْعِ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ مَثَلًا فَأَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَلِكَ الْقَاضِي قَدْ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ أَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ غَائِبًا فِي أَرْضِ كَذَا سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِكَوْنِهِ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى بَيِّنَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرًا مَشْهُورًا مِنْ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا يَقْضِي بِكَوْنِهِ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ بِأَنْ كَانَ مَوْتُ الْقَاضِي قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي شَهِدَ الشُّهُودُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ فِيهِ مُسْتَفِيضًا ظَاهِرًا فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ عَلِمَهُ كُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ عَالِمٍ وَجَاهِلٍ وَكَانَ كَوْنُ الْقَاضِي فِي أَرْضِ كَذَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي شَهِدَ الشُّهُودُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ فِيهِ ظَاهِرًا مُسْتَفِيضًا عَرَفَهُ كُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَكُلُّ عَالِمٍ وَجَاهِلٍ فَحِينَئِذٍ لَا يَقْضِي بِكَوْنِ الشَّاهِدِ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ وَيَقْضِي عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِحَدِّ الزِّنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا أَنَّ هَذَا الشَّاهِدَ مَحْدُودٌ فِي الْقَذْفِ وَأَنَّ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ أَمْهَلَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَقُومَ عَنْ مَجْلِسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَلِّيَ عَنْهُ بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ شُهُودَهُ لَيْسُوا بِحُضُورٍ فِي الْمِصْرِ وَسَأَلَهُ أَنْ يُؤَجِّلَهُ أَيَّامًا لَمْ يُؤَجِّلْهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ شَيْئًا وَلَكِنْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى بَعْضِ الشُّهُودِ أَنَّهُ قَذَفَهُ فَإِنَّهُ يَحْبِسُهُ وَيَسْأَلُ عَنْ شُهُودِ الْقَذْفِ فَإِذَا زُكُّوا وَزُكِّيَ شُهُودُ الزِّنَا بَدَأَ بِحَدِّ الْقَذْفِ وَدَرَأَ عَنْهُ حَدَّ الزِّنَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَذَفَ رَجُلٌ مِنْ شُهُودِ الزِّنَا رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي فَإِنْ حَضَرَ الْمَقْذُوفُ وَطَالَبَهُ بِحَدِّهِ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَسَقَطَ عَنْهُ حَدُّ الزِّنَا وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْمَقْذُوفُ لِيُطَالِبَ بِحَدِّهِ يُقَامُ حَدُّ الزِّنَا وَإِذَا أُقِيمَ حَدُّ الزِّنَا ثُمَّ جَاءَ الْمَقْذُوفُ وَطَلَبَ حَدَّهُ يُحَدُّ لَهُ أَيْضًا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكَانُ الرَّامِي سَارِقٌ أَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِشَيْءٍ آخَرَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَقَتَلَهُ رَجُلٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً بَعْدَ الشَّهَادَةِ قَبْلَ التَّعْدِيلِ يَجِبُ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَكَذَا إذَا قَتَلَهُ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالرَّجْمِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَمَا يَجِبُ ضَمَانُ نَفْسِهِ فِي هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ يَجِبُ ضَمَانُ أَطْرَافِهِ حَتَّى لَوْ قَطَعَ إنْسَانٌ يَدَهُ أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ ضَمِنَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ قُضِيَ بِرَجْمِهِ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَمَا لَا يَجِبُ ضَمَانُ نَفْسِهِ فِي هَذَا الْفَصْلِ لَا يَجِبُ ضَمَانُ أَطْرَافِهِ وَلَوْ رَجَعَ

الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ مَا قَتَلَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا بَعْدَ الْقَضَاءِ ثُمَّ وُجِدَ الشُّهُودُ عَبِيدًا أَوْ كُفَّارًا أَوْ مَحْدُودِينَ فِي الْقَذْفِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَإِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ قَتَلَهُ رَجْمًا ثُمَّ وُجِدُوا عَبِيدًا فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا فَعَلَ بِأَمْرِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَ الْإِمَامِ كَذَا فِي الْكَافِي. إنْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّهُ وَطِئَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ. وَلَمْ يَقُولُوا زَنَى بِهَا فَشَهَادَتُهُمْ بَاطِلَةٌ وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ جَامَعَهَا أَوْ بَاضَعَهَا وَلَا حَدَّ عَلَى الشُّهُودِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . إذَا شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا قَالُوا: تَعَمَّدْنَا لِلنَّظَرِ. قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالُوا: تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ لِلتَّلَذُّذِ. لَا تُقْبَلُ إجْمَاعًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَأَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَحُدَّهُ فَافْتَرَى رَجُلٌ مِنْ الشُّهُودِ عَلَى بَعْضِهِمْ فَخَافَ الْمَقْذُوفُ إنْ طَلَبَ حَقَّهُ فِي الْقَذْفِ أَنْ تَبْطُلَ شَهَادَتُهُ فَلَمْ يُطَالِبْ قَالَ: تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الزِّنَا وَيُحَدُّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَشَهِدَ رَجُلَانِ عَلَيْهِ بِالْإِحْصَانِ فَقَضَى الْقَاضِي بِالرَّجْمِ وَرُجِمَ ثُمَّ وُجِدَ شَاهِدُ الْإِحْصَانِ عَبْدَيْنِ أَوْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَقَدْ جَرَحَتْ الْحِجَارَةُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ بَعْدُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ مِائَةُ جَلْدَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُدْرَأ عَنْهُ الْجَلْدُ وَمَا بَقِيَ مِنْ الرَّجْمِ وَلَا يَضْمَنُ الشَّاهِدَانِ شَيْئًا مِنْ جِرَاحَتِهِ وَلَا يَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا. أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ بِالْإِحْصَانِ أَحَدٌ فَأَمَرَ الْقَاضِي بِجَلْدِهِ ثُمَّ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَيْهِ بِالْإِحْصَانِ بَعْدَ كَمَالِ جَلْدِهِ فَالْقِيَاسُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي هَذَا أَنْ يُرْجَمَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنْ لَا يُرْجَمَ وَعُلَمَاؤُنَا أَخَذُوا بِالِاسْتِحْسَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبِالْقِيَاسِ فِي الْأُولَى وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا أُكْمِلَ الْجَلْدُ فَأَمَّا إذَا لَمْ يُكْمَلْ حَتَّى شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَيْهِ بِالْإِحْصَانِ لَا يُمْتَنَعُ مِنْ إقَامَةِ الرَّجْمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا عَلَى رَجُلٍ فَادَّعَى الشُّبْهَةَ بِأَنْ قَالَ: ظَنَنْتهَا امْرَأَتِي أَوْ جَارِيَتِي. لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ وَإِنْ قَالَ: هِيَ امْرَأَتِي أَوْ جَارَتِي. فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَقَالَ: كُنْت اشْتَرَيْتهَا شِرَاءً فَاسِدًا أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ. أَوْ ادَّعَى هِبَةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتهَا. وَقَالَ الشُّهُودُ: أَقَرَّ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا. دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ وَكَذَا رُوِيَ فِي الْحُرَّةِ إذَا قَالَ: اشْتَرَيْتهَا. دُرِئَ الْحَدُّ وَكَذَا لَوْ قَالَ الشُّهُودُ: أَعْتَقَهَا وَزَنَى بِهَا. وَهُوَ يُنْكِرُ الْعِتْقَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا وَلَمْ تَشْهَدْ الشُّهُودُ بِذَلِكَ وَلَكِنْ شَهِدُوا أَنَّهَا طَاوَعَتْهُ فَعَلَيْهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. شَهِدُوا بِحَدٍّ مُتَقَادِمٍ سِوَى حَدِّ الْقَذْفِ لَمْ يُحَدَّ كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَإِنْ شَهِدُوا بِزِنًا مُتَقَادِمٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ حُدَّ الشُّهُودُ حَدَّ الْقَذْفِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُحَدُّونَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ التَّقَادُمُ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ كَانَ بِهِ كَمَرَضٍ أَوْ بَعْدَ مَسَافَةٍ أَوْ خَوْفِ طَرِيقٍ قُبِلْت وَحُدَّ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. ثُمَّ التَّقَادُمُ كَمَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فِي الِابْتِدَاءِ يَمْنَعُ الْإِقَامَةَ بَعْدَ الْقَضَاءِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ هَرَبَ بَعْدَ مَا ضُرِبَ بَعْضَ الْحَدِّ ثُمَّ أُخِذَ بَعْدَ مَا تَقَادَمَ الزَّمَانُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ. اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ التَّقَادُمِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَدَّرَهُ بِشَهْرٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالتَّقَادُمُ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ بِالِاتِّفَاقِ فِي غَيْرِ شُرْبِ الْخَمْرِ أَمَّا فِيهِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُقَدَّرُ بِزَوَالِ الرَّائِحَةِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ أَقَرَّ بِالْحَدِّ الْمُتَقَادِمِ حُدَّ إلَّا فِي الشُّرْبِ كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ. وَمَنْ أَقَرَّ بِالزِّنَا بِامْرَأَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ حَضَرَتْ الْمَرْأَةُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَحْضُرَ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الرَّجُلِ أَوْ بَعْدَ الْإِقَامَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْإِقَامَةِ

الباب السادس في حد الشرب

وَأَقَرَّتْ بِمِثْلِ مَا أَقَرَّ الرَّجُلُ تُحَدُّ أَيْضًا وَإِنْ أَنْكَرَتْ وَادَّعَتْ عَلَى الرَّجُلِ حَدَّ الْقَذْفِ لَا يُحَدُّ الرَّجُلُ لِإِحَاطَةِ عِلْمِنَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدَّانِ وَقَدْ أَقَمْنَا عَلَيْهِ أَحَدَهُمَا فَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْآخَرُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ فَإِنْ أَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ الزِّنَا وَادَّعَتْ النِّكَاحَ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُمَا وَيَجِبُ الْعُقْرُ عَلَى الرَّجُلِ وَإِنْ لَمْ تَدَّعِ النِّكَاحَ وَأَنْكَرَتْ وَادَّعَتْ عَلَى الرَّجُلِ حَدَّ الْقَذْفِ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الرَّجُلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُقِرَّةُ وَالرَّجُلُ غَائِبٌ فَحُكْمُ الرَّجُلِ كَحُكْمِ الْمَرْأَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِنْ جَاءَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَمَا حُدَّ الرَّجُلُ فَادَّعَتْ النِّكَاحَ وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ الْمَهْرَ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْمَهْرُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ أَقَرَّ بِالزِّنَا وَهُوَ مُحْصَنٌ فَأَمَرَ الْقَاضِي بِرَجْمِهِ فَذَهَبُوا بِهِ لِيَرْجُمُوهُ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُبْطِلْ الْقَاضِي عَنْهُ الرَّجْمَ فَإِنْ أَبْطَلَ عَنْهُ الرَّجْمَ ثُمَّ قَتَلَهُ رَجُلٌ قُتِلَ بِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ أَقَرَّ بِالزِّنَا وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الِاسْتِكْرَاهَ قَالَ يُحَدُّ الرَّجُلُ وَلَا تُحَدُّ الْمَرْأَةُ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. الَّذِي أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ زَنَى فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ وَزَنَى هُنَاكَ بِمُسْلِمَةٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ ثُمَّ خَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَقَرَّ بِهِ لَمْ يُحَدَّ وَهَذَا عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَالَ الْعَبْدُ بَعْدَمَا عَتَقَ: زَنَيْت وَأَنَا عَبْدٌ لَزِمَهُ حَدُّ الْعَبْدِ وَيُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْعَبْدِ إذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا أَوْ بِغَيْرِهِ مِمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ غَائِبًا وَكَذَلِكَ الْقَطْعُ وَالْقِصَاصُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا مَرَّتَيْنِ وَشَهِدَ بِالزِّنَا شَاهِدَانِ لَا يُحَدُّ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ [الْبَابُ السَّادِسُ فِي حَدِّ الشُّرْبِ] ِ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَأُخِذَ وَرِيحُهَا مَوْجُودٌ أَوْ جَاءُوا بِهِ سَكْرَانَ فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ وَرِيحُهَا مَوْجُودٌ مَعَهُ شَرِبَ مِنْ الْخَمْرِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا وَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ ذَهَابِ رِيحِهَا لَمْ يُحَدَّ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا إذَا شَهِدُوا عَلَيْهِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رِيحُهَا وَالسُّكْرُ لَمْ يُحَدَّ عِنْدَهُمَا أَيْضًا فَإِنْ أَخَذَهُ الشُّهُودُ وَرِيحُهَا مَعَهُ أَوْ سَكْرَانَ فَذَهَبُوا مِنْ مِصْرٍ إلَى مِصْرٍ فِيهِ الْإِمَامُ فَانْقَطَعَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْتَهُوا بِهِ حُدَّ إجْمَاعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَا يُحَدُّ السَّكْرَانُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. اخْتَلَفُوا فِي مَعْرِفَةِ السَّكْرَانِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ وَقَالَ صَاحِبَاهُ إذَا اخْتَلَطَ كَلَامُهُ فَصَارَ غَالِبُ كَلَامِهِ الْهَذَيَانُ فَهُوَ سَكْرَانُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا. وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عِنْدَ الْقَاضِي بِشُرْبِ الْخَمْرِ عَلَى رَجُلٍ يَسْأَلُهُمْ الْقَاضِي عَنْ الْخَمْرِ مَا هِيَ؟ ثُمَّ يَسْأَلُهُمْ كَيْفَ شَرِبَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا ثُمَّ يَسْأَلُهُمْ مَتَى شَرِبَ لِاحْتِمَالِ التَّقَادُمِ ثُمَّ يَسْأَلُهُمْ أَنَّهُ أَيْنَ شَرِبَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ شَرِبَ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِذَا بَيَّنُوا ذَلِكَ حَبَسَهُ الْقَاضِي حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ الْعَدَالَةِ وَلَا يَقْضِي بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ. وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِشُرْبِهَا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا بَالِغًا مُسْلِمًا نَاطِقًا فَلَا حَدَّ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا كَافِرٍ وَفِي الْخَانِيَّةِ. وَلَا يُحَدُّ الْأَخْرَسُ سَوَاءٌ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ أَوْ أَشَارَ بِإِشَارَةٍ مَعْهُودَةٍ يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَيُحَدُّ الْأَعْمَى كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ شَرِبَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ. حُدَّ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ: ظَنَنْتهَا لَبَنًا. أَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَنَّهَا خَمْرٌ. لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ: ظَنَنْتهَا نَبِيذًا: قُبِلَ مِنْهُ كَذَا فِي الْبَحْر الرَّائِقِ. يَثْبُتُ الشُّرْبُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَبِالْإِقْرَارِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى السَّكْرَانِ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ حَتَّى يَصْحُوَا فَإِذَا أَفَاقَ يُقَامُ عَلَيْهِ

الباب السابع في حد القذف والتعزير

الْحَدُّ سَوَاءٌ ذَهَبَتْ رَائِحَةُ الْخَمْرِ عَنْهُ أَوْ لَمْ تَذْهَبْ. الْمُسْلِمُ إذَا تَقَيَّأَ الْخَمْرَ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ لِجَوَازِ أَنَّهُ شَرِبَ مُكْرَهًا وَلَا يُحَدُّ الْمُسْلِمُ لِوُجُودِ رِيحِ خَمْرٍ مِنْهُ حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِشُرْبِهَا أَوْ يُقِرَّ وَلَوْ أُشْهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَرِبَهَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ قَاءَهَا لَا يُحَدُّ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى الشُّرْبِ وَالرِّيحُ يُوجَدُ مِنْهُ لَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَرِبَهَا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِإِقْرَارِهِ بِشُرْبِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَكِرَ مِنْ الْخَمْرِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ سَكِرَ مِنْ السُّكْرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا سَكِرَ مِنْ الْبَنْجِ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ وَالسَّكْرَانُ مِمَّا سِوَى الْخَمْرِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَالزَّبِيبِ يُحَدُّ. النِّيء مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ إذَا غَلَا وَاشْتَدَّ وَلَمْ يَقْذِفْ بِالزَّبَدِ فَشَرِبَهُ إنْسَانٌ وَسَكِرَ لَا يُحَدُّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعَصِيرِ عِنْدَهُ وَأَمَّا الْمُتَّخَذُ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْفَوَاكِهِ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَالْإِجَّاصِ وَنَحْوِهَا مَا دَامَ حُلْوًا يَحِلُّ شُرْبُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَنْ سَكِرَ مِنْ النَّبِيذِ حُدَّ. وَلَا يُحَدُّ السَّكْرَانُ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ سَكِرَ مِنْ النَّبِيذِ وَشَرِبَهُ طَوْعًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. مَنْ شَرِبَ دُرْدِيَّ الْخَمْرَ حَتَّى يَسْكَرَ وَمَنْ شَرِبَ الْمُنَصَّفَ أَوْ الْمُثَلَّثَ وَسَكِرَ حُدَّ وَلَوْ سَكِرَ مِنْ نَبِيذِ الْعَسَلِ أَوْ الْمِزْرِ أَوْ الْجَمْعِ أَوْ لَبَنِ الرِّمَاكِ لَمْ يُحَدَّ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. فَإِنْ خَلَطَ الْخَمْرَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَائِعَاتِ مِثْلَ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ وَالدُّهْنِ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَشَرِبَ إنْ كَانَتْ الْخَمْرُ غَالِبَةً وَشَرِبَ مِنْهَا قَطْرَةً حُدَّ وَإِنْ كَانَتْ مَغْلُوبَةً لَا يَحِلُّ شُرْبُهَا وَلَا يُحَدُّ مَا لَمْ يَسْكَرْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَحَدُّ السُّكْرِ وَالْخَمْرِ وَلَوْ شَرِبَ قَطْرَةً ثَمَانُونَ سَوْطًا كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَيُفَرَّقُ عَلَى بَدَنِهِ كَمَا فِي الزِّنَا وَيُجْتَنَبُ فِيهِ الْوَجْهُ وَالرَّأْسُ كَمَا فِي الزِّنَا وَيُجَرَّدُ فِي الْمَشْهُورِ. وَإِنْ كَانَ عَبْدٌ فَحَدُّهُ أَرْبَعُونَ سَوْطًا وَمَنْ أَقَرَّ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَالسُّكْرِ ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يُحَدَّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَا حَدَّ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَإِذَا أُتِيَ الْإِمَامُ بِرَجُلٍ شَرِبَ خَمْرًا وَشَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ فَقَالَ: إنَّمَا أُكْرِهْتُ عَلَيْهَا. أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا قَالَهُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا أَنَّهُ نَكَحَهَا فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ لِأَنَّ هُنَاكَ يُنْكِرُ مَا هُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ زَنَى بِالنِّكَاحِ وَهُنَا بِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ لَا يَنْعَدِمُ السَّبَبُ وَهُوَ حَقِيقَةُ شُرْبِ الْخَمْرِ إنَّمَا هَذَا عُذْرٌ مُسْقِطٌ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا عَلَى ذَلِكَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَالتَّعْزِيرِ] ِ الْقَذْفُ فِي الشَّرْعِ الرَّمْيُ بِالزِّنَا. إذَا قَذَفَ الرَّجُلُ رَجُلًا مُحْصَنًا أَوْ امْرَأَةً مُحْصَنَةً بِصَرِيحِ الزِّنَا بِأَنْ قَالَ: زَنَيْتَ أَوْ يَا زَانِي. وَطَالَبَ الْمَقْذُوفُ بِالْحَدِّ حَدَّهُ الْحَاكِمُ ثَمَانِينَ سَوْطًا إنْ كَانَ الْقَاذِفُ حُرًّا وَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَرْبَعِينَ سَوْطًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا يُنْزَعُ عَنْهُ الثِّيَابُ غَيْرُ الْفَرْوِ وَالْحَشْوِ وَيُفَرَّقُ عَلَى بَدَنِهِ كَمَا فِي الزِّنَا كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ. وَيَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَبِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ كَمَا فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ وَلَا بِالشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَةٍ وَلَا بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ أَقَرَّ بِالْقَذْفِ ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ كَذَا فِي الْكَافِي. إنَّمَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الْقَاذِفِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ مُحْصَنًا وَشَرَائِطُهُ خَمْسَةٌ: أَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا عَفِيفًا لَمْ يَكُنْ

وَطِئَ امْرَأَةً بِالزِّنَا أَوْ بِالشُّبْهَةِ أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فِي عُمْرِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. فَيَبْطُلُ إحْصَانُهُ بِكُلِّ وَطْءٍ حَرَامٍ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ صَغِيرَةً كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ أَوْ كَبِيرَةً أَوْ أَمَةً اسْتَحَقَّتْ أَوْ مُعْتَدَّةً عَنْ ثَلَاثٍ أَوْ بَائِنٍ أَوْ وَطِئَ أَمَةً ثُمَّ ادَّعَى شِرَاءَهَا أَوْ نِكَاحَهَا أَوْ وَطِئَ أَمَةً مُشْتَرَكَةً أَوْ امْرَأَةً مُكْرَهَةً أَوْ مَزْفُوفَةً أَوْ زَنَى فِي كُفْرِهِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي جُنُونِهِ أَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَى التَّأْبِيدِ بِرَضَاعٍ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. . وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً وَطِئَهَا أَبُوهُ أَوْ وَطِئَ أُمَّهَا وَوَطِئَهَا فَقَذَفَهُ إنْسَانٌ فَلَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً لَمَسَ أُمَّهَا أَوْ بِنْتَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ أُمِّهَا أَوْ بِنْتِهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ وَوَطِئَهَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَزُولُ إحْصَانُهُ وَحُدَّ قَاذِفُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَزُولُ إحْصَانُهُ وَلَا يُحَدَّ قَاذِفُهُ وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَوَطِئَهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَذَفَ رَجُلًا أَتَى أَمَتَهُ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ مُزَوَّجَةٌ أَوْ مُشْتَرَاةٌ شِرَاءً فَاسِدًا أَوْ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ مُظَاهَرٌ مِنْهَا أَوْ صَائِمَةٌ صَوْمَ فَرْضٍ وَهُوَ عَالِمٌ بِصَوْمِهَا أَوْ مُكَاتَبَتَهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. فِي الْمُنْتَقَى تَزَوَّجَ خَامِسَةً بَعْدَ الْأَرْبَعِ وَوَطِئَهَا فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهَا وَلَوْ وَطِئَ الْمُسْلِمُ جَارِيَتَهُ الْمُرْتَدَّةَ حُدَّ قَاذِفُهَا وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ لَهَا فَإِنِّي أَحُدُّ قَاذِفُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ أَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ أَوْ امْرَأَةً وَعَمَّتَهَا فِي عَقْدٍ فَالْوَطْءُ بِحُكْمِ هَذِهِ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ يُسْقِطُ الْإِحْصَانَ وَكَذَلِكَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَطِئَهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً بِالْمُصَاهَرَةِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ رَجُلٌ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَأَحْبَلَهَا أَوْ لَمْ يُحْبِلْهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ قَاذِفُهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: كُلُّ مَنْ دَرَأْت الْحَدَّ عَنْهُ وَجَعَلْت عَلَيْهِ الْمَهْرَ وَأَثْبَتَ نَسَبَ الْوَلَدِ مِنْهُ فَإِنِّي أَحُدُّ قَاذِفَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَخَلَ بِهَا فَإِنِّي أَحُدُّ قَاذِفَهُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ امْرَأَةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ لَهَا زَوْجًا أَوْ فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجٍ أَوْ ذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ وَهُوَ يَعْلَمُ فَوَطِئَهَا فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَإِنْ أَتَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُحَدُّ قَاذِفُهُ كَذَا فِي الْجَوَاهِرِ النَّيِّرَةِ. الذِّمِّيُّ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً مُسْتَحَلَّةً فِي دِينِهِ كَنِكَاحِ ذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فَقَذَفَهُ إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ حَصَلَ فِي حَالَةِ الْكُفْرِ فَكَذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى قَاذِفِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. إنْ مَلَكَ أُخْتَيْنِ فَوَطِئَهُمَا حُدَّ قَاذِفُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَذَفَ امْرَأَةً وَقَدْ حُدَّتْ عَنْ الزِّنَا فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهَا أَوْ يَكُونُ مَعَهَا عَلَامَةُ الزِّنَا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي لَاعَنَ بَيْنَهُمَا وَقَطَعَ النَّسَبَ مِنْ الْأَبِ وَأَلْحَقَ النَّسَبَ بِهَا أَوْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا وَلَدٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهَا فَإِنْ قَذَفَ الْوَلَدُ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى قَاذِفِهِ وَلَوْ كَانَ لَاعَنَ بِغَيْرِ الْوَلَدِ أَوْ كَانَ مَعَ الْوَلَدِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُقْطَعْ النَّسَبُ أَوْ قُطِعَ نَسَبُهُ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ عَادَ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ وَأَلْحَقَ النَّسَبَ بِالْأَبِ فَقَذَفَ رَجُلٌ الْمَرْأَةَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى قَاذِفِهَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا زَانِيَةُ. فَقَالَتْ: لَا بَلْ أَنْتِ. حُدَّتْ الْمَرْأَةُ وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا. وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: يَا زَانِيَةُ. فَقَالَتْ زَنَيْتُ بِك لَا يُحَدُّ الرَّجُلُ وَتُحَدُّ الْمَرْأَةُ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا زَانِيَةُ. فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: زَنَيْت بِك فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى الْمَرْأَةِ. وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا ابْتِدَاءً: زَنَيْتُ بِك. ثُمَّ قَذَفَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ زَنَى بِكِ زَوْجُكِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَكِ فَهُوَ قَاذِفٌ وَلَوْ قَالَ زَنَى بِكِ بِإِصْبَعِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدٌّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ زَانٍ وَقَالَ آخَرُ وَأَنَا شَاهِدٌ أَيْضًا لَا حَدَّ عَلَى الثَّانِي إلَّا أَنْ يَقُولَ أَنَا أَشْهَدُ بِمَا

شَهِدْت بِهِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. قَالَ لِرَجُلَيْنِ أَحَدُكُمَا زَانٍ فَقِيلَ لَهُ هَذَا لِأَحَدِكُمَا بِعَيْنِهِ فَقَالَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا زَانِيَ فَقَالَ لَهُ غَيْرُهُ صَدَقْتَ حُدَّ الْمُبْتَدِئُ دُونَ الْمُصَدِّقِ. وَلَوْ قَالَ صَدَقْتَ هُوَ كَمَا قُلْتَ فَهُوَ قَاذِفٌ أَيْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا لَوْ قَالَ هُوَ كَمَا قُلْتَ حُدَّ الثَّانِي أَيْضًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: يَا ابْنَ الْقَحْبَةِ يَا خَلِيلَةَ فُلَانٍ يَا دَعِيُّ يَا ابْنَ الدَّعِيَّةِ لَا حَدَّ وَلَوْ قَالَ جَامَعَكِ فُلَانٌ حَرَامًا أَوْ فَجَرَ بِكِ فُلَانٌ أَوْ قَالَ فُلَانٌ يَقُول إنَّكَ زَانٍ أَوْ أَنْتَ تَزْنِي أَوْ مَا رَأَيْت زَانِيًا خَيْرًا مِنْك أَوْ أَنْتَ أَزْنَى النَّاسِ أَوْ أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي أَوْ أَنْتَ أَزْنَى مِنْ الزُّنَاةِ أَوْ زَنَيْت فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ أَوْ زَنَى فَخِذُك أَوْ رِجْلُك أَوْ يَا لُوطِيُّ أَوْ عَمِلْتَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ أَوْ لُطْت أَوْ زَنَيْت وَأَنْتِ مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً أَوْ مَجْنُونَةً لَا حَدَّ وَكَذَا لَا يَجِبُ بِالتَّعْرِيضِ وَبِقَذْفِ الْأَخْرَسِ وَالرَّتْقَاءِ وَفِي دَارِ الْحَرْبِ وَعَسْكَرِ أَهْلِ الْبَغْيِ وَلَا يَجِبُ بِقَذْفِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ جُنُونًا مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ يَجِبُ وَكَذَا لَا يَجِبُ بِقَذْفِ الْمَجْبُوبِ وَأَمَّا بِقَذْفِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ فَيَجِبُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ: يَا وَلَدَ الزِّنَا أَوْ قَالَ يَا ابْنَ الزِّنَا وَأُمُّهُ مُحْصَنَةٌ حُدَّ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بِالزِّنَا كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. إذَا قَذَفَ غُلَامًا مُرَاهِقًا فَادَّعَى الْغُلَامُ الْبُلُوغَ بِالسِّنِّ أَوْ الِاحْتِلَامِ لَمْ يُحَدَّ الْقَاذِفُ بِقَوْلِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا زَانِيَةُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا زَانِي بِغَيْرِ الْهَاءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الْقَاذِفِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ زَنَأْتَ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الْقَاذِفِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. . مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ زَنَأْتَ فِي الْجَبَلِ وَقَالَ عَنَيْتُ صُعُودَ الْجَبَلِ وَالْحَالَةُ حَالَةُ الْغَضَبِ لَا يُصَدَّقُ وَيُحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ لَمْ يَعْنِ بِهِ الصُّعُودَ يَجِبُ الْحَدُّ إجْمَاعًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. . وَلَوْ قَالَ زَنَأْت عَلَى الْجَبَلِ لَمْ يُحَدَّ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ قَالَ زَنَأْت عَلَى جَبَلٍ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ قِيلَ لَا يُحَدُّ وَقِيلَ يُحَدُّ وَهُوَ الْأَوْجُهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ زَنَيْت فِي الْجَبَلِ يُحَدُّ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ قَالَ يَا زَانِئُ بِالْهَمْزَةِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ إذَا قَالَ عَنَيْتُ الصُّعُودَ عَلَى شَيْءٍ لَا يُصَدَّقُ وَيُحَدُّ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَعَا بِجَارِيَتِهِ فَأَجَابَتْهُ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ وَهُوَ لَا يَرَاهَا فَقَالَ يَا زَانِيَةُ ثُمَّ قَالَ ظَنَنْتهَا أَمَتِي قَالَ نَحُدُّهُ وَلَا نُصَدِّقُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ زَنَيْتَ وَفُلَانٌ مَعَكَ يَكُونُ قَاذِفًا لَهُمَا وَلَوْ قَالَ عَنَيْتُ وَفُلَانٌ مَعَك شَاهِدٌ لَا يُصَدَّقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَهَذَا مَعَهَا فَهُوَ قَاذِفٌ لِلثَّانِي وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لِلثَّانِي وَإِنَّك مَعَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ وَفُلَانٌ مَعَك لَمْ يَكُنْ قَذْفًا وَلَوْ قَالَ زَنَيْت وَهَذَا مَعَك أَوْ لَمْ يَقُلْ مَعَك فَهُوَ قَذْفٌ لَهُمَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِآخَرَ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَهَذَا مَعَك قَالَ ذَلِكَ بِكَلَامٍ وَاحِدٍ فَهُوَ لَيْسَ بِقَاذِفٍ لِلثَّانِي وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا زَانِي وَهَذَا مَعَك كَانَ قَاذِفًا لَهُمَا وَرَوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِآخَرَ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَهَذَا وَلَمْ يَقُلْ مَعَك فَهُوَ قَاذِفٌ لِلثَّانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ قَذَفَ الزَّانِي بِالزِّنَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَذَفَهُ بِذَلِكَ الزِّنَا بِعَيْنِهِ أَوْ بِزِنًا آخَرَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ زَنَيْت بِإِحْدَى هَاتَيْنِ أَوْ هَاتَيْنِ يُحَدُّ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ قُلْ لِفُلَانٍ يَا زَانِي فَإِنْ قَالَ الرَّسُولُ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ إنَّ فُلَانَ يَقُولُ لَك يَا زَانِي لَا حَدَّ عَلَى أَحَدٍ لَا عَلَى الرَّسُولِ وَلَا عَلَى الْمُرْسَلِ وَلَوْ أَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يُخْبِرْهُ عَنْ الْمُرْسَلِ وَلَكِنْ قَالَ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ يَا زَانِي حُدَّ الرَّسُولُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا ابْنَ مَاءٍ السَّمَاءِ لَا يُحَدُّ وَلَوْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا نَبَطِيُّ أَوْ لَسْت بِعَرَبِيٍّ لَا يُحَدُّ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ لَسْت أَنْتَ مِنْ بَنِي فُلَانٍ

لِقَبِيلَتِهِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ. رَجُلٌ قَالَ لِمُسْلِمٍ أَنْتَ لِأَبِيك وَأَبَوَاهُ كَافِرَانِ لَا يُحَدُّ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدٍ لَسْتَ لِأَبِيك وَأَبَوَاهُ مُسْلِمَانِ وَقَدْ عَتَقَا لَا حَدَّ عَلَى الْمَوْلَى وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ قَالَ لَسْتَ لِأُمِّك فَلَيْسَ بِقَاذِفٍ وَكَذَا إذَا قَالَ لَسْتَ لِأَبَوَيْك لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا وَإِنْ قَالَ لَسْتَ لِأَبِيك، وَأُمُّهُ حُرَّةٌ وَأَبُوهُ عَبْدٌ لَزِمَهُ الْحَدُّ لِأُمِّهِ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ أَمَةً وَأَبُوهُ حُرًّا لَمْ يُحَدَّ وَيُعَزَّرُ وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ لَسْتَ لِأَبِيك أَوْ لَسْتَ بِابْنِ فُلَانٍ فِي غَضَبٍ حُدَّ كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَإِنْ قَالَ لَسْت بِابْنِ فُلَانٍ يَعْنِي جَدَّهُ لَا يُحَدُّ كَذَا فِي الْكَافِي. نَسَبَ رَجُلًا إلَى غَيْرِ أَبِيهِ فِي غَيْرِ غَضَبِهِ لَمْ يُحَدَّ فَإِنْ كَانَ فِي غَضَبٍ حُدَّ وَلَوْ نَسَبَهُ إلَى جَدِّهِ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّ الْجَدَّ أَبٌ وَكَذَا لَوْ نَسَبَهُ إلَى عَمِّهِ أَوْ خَالِهِ أَوْ زَوْجِ أُمِّهِ لِأَنَّهُمْ يُسَمَّوْنَ آبَاءً مَجَازًا كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَسْت مِنْ وِلَادَةٍ فُلَانٍ فَهَذَا لَيْسَ بِقَذْفٍ. إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ لَسْت لِأَبٍ لَمْ يَلِدْك أَبُوك فَهَذَا كُلُّهُ قَذْفٌ لِأُمِّهِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَسْت لَلرَّشْدَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ جَدُّك زَانٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَلَوْ قَالَ يَا أَخَا الزَّانِي فَهُوَ قَذْفٌ لِأَخِيهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَخٌ وَاحِدٌ فَالْخُصُومَةُ لَهُ وَلَوْ قَالَا يَا أَخَا الزَّانِي فَقَالَ لَا بَلْ أَنْتَ يُحَدُّ الثَّانِي وَالْخُصُومَةُ مَعَ الْأَوَّلِ لِأَخِي الثَّانِي كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ يَا ابْن الزَّانِيَتَيْنِ وَكَانَتْ أُمُّهُ الدُّنْيَا مُسْلِمَةً فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَا يُبَالِي إنْ كَانَتْ الْجَدَّةُ مُسْلِمَةً أَمْ لَا وَإِنْ كَانَتْ الْجَدَّةُ مُسْلِمَةً وَالْأُمُّ كَافِرَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى الْوِلَادَةِ إنَّمَا تَتَنَاوَلُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ. وَلَوْ قَالَ يَا ابْنَ أَلْفِ زَانِيَةٍ يُحَدُّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا ابْنَ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ يَكُونُ قَذْفًا لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ إنْ كَانَا حَيَّيْنِ كَانَ طَلَبُ الْحَدِّ لَهُمَا وَإِنْ كَانَا مَيِّتَيْنِ فَطَلَبُ الْحَدِّ يَكُونُ لَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ زَنَيْت بِبَعِيرٍ أَوْ بِثَوْرٍ أَوْ بِحِمَارٍ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ زَنَيْت بِنَاقَةٍ أَوْ بِبَقَرَةٍ أَوْ بِثَوْبٍ أَوْ بِدِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ زَنَيْت بِبَعِيرٍ أَوْ بِنَاقَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا حَدّ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ بِأَمَةٍ أَوْ دَارٍ أَوْ ثَوْبٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْتَ تَزْنِي لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا لِلِاسْتِقْبَالِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ تَزْنِي وَأُضْرَبُ أَنَا؟ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا يَذْكُرُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِفْهَامِ وَالتَّعْبِيرِ وَمَعْنَاهُ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُعَاقَبَ غَيْرُ الْفَاعِلِ؟ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَلَوْ قَالَ زَنَيْتِ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقِي أَوْ قَالَ قَبْلَ أَنْ تُولَدِي فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَذَفَ امْرَأَةً زَنَتْ فِي نَصْرَانِيَّتِهَا أَوْ رَجُلًا فِي نَصْرَانِيَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ وَالْمُرَادُ قَذْفُهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِزِنَا كَانَ فِي نَصْرَانِيَّتِهَا بِأَنْ قَالَ: زَنَيْت وَأَنْتِ كَافِرَةً. وَكَذَا لَوْ قَالَ لِمُعْتَقٍ زَنَى وَهُوَ عَبْدٌ زَنَيْتَ وَأَنْتَ عَبْدٌ لَا يُحَدُّ كَمَا لَوْ قَالَ قَذَفْتُك بِالزِّنَا وَأَنْتِ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا ابْنَ الْأَقْطَعِ أَوْ يَا ابْنَ الْمُقْعَدِ أَوْ يَا ابْنَ الْحَجَّامِ وَأَبُوهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ يَا ابْنَ الْأَزْرَقِ أَوْ يَا ابْنَ الْأَشْقَرِ أَوْ الْأَسْوَدَ وَأَبُوهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَوْ قَالَ يَا ابْن السِّنْدِيِّ أَوْ يَا ابْن الْحَبَشِيِّ لَا يَكُونُ قَاذِفًا لَهُ. لَوْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا عَبْدُ أَوْ يَا مَوْلَى. لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا دِهْقَانُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَنْتَ عَبْدِي أَوْ مَوْلَايَ فَهَذَا دَعْوَى الرِّقِّ وَالْوَلَاءِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْ الْقَذْفِ فِي شَيْءٍ فَإِنْ قَالَ يَا يَهُودِيُّ أَوْ يَا نَصْرَانِيُّ أَوْ يَا مَجُوسِيُّ أَوْ يَا ابْنَ الْيَهُودِيِّ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ يَا ابْنَ الْحَائِكِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا قَالَ لَسْت بِعَرَبِيٍّ أَوْ يَا ابْنَ الْخَيَّاطِ أَوْ يَا ابْنَ الْأَعْوَرِ وَأَبُوهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا وَلَوْ قَالَ لَسْت بِابْنِ آدَمَ أَوْ لَسْت بِإِنْسَانٍ أَوْ لَسْت لِرَجُلٍ أَوْ مَا أَنْتَ بِإِنْسَانٍ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا وَإِنْ قَالَ لَسْت حَلَالًا فَهُوَ قَذْفٌ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ قَالَ يَا ابْنَ الْأَصْفَرِ وَأَبُوهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لَا يُحَدُّ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. قِيلَ فُلَانٌ الْمَيِّتُ كَانَ صَالِحًا لَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَزْنِ فَقَالَ آخَرُ فَعَلَ كُلَّهُ أَوْ فَعَلَ هَذَا

كُلَّهُ لَا يَكُونُ قَذْفًا وَلَوْ قَالَ إنَّهُ فَعَلَ كُلَّهُ فَهُوَ قَذْفٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. . فِي الْآثَارِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ يَا نَعْلُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّهُ بِلُغَةِ عُمَانَ يَا زَانِي وَفِي مُخْتَصَرِ الْجَصَّاصِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَيْ دُوسِي يَجِبُ الْحَدُّ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: لَهَا أَيْ سياهه أَوْ قَالَ: أَيْ غِرُّ أَوْ قَالَ: أَيْ جَلَبُ أَوْ مَا شَاكَلَ ذَلِكَ يَجِبُ الْحَدُّ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ كُلِّهَا مُنْبِئَةٌ عَنْ كَوْنِهَا زَانِيَةً عُرْفًا هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَذَفَ رَجُلًا فَقَالَ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ. ثُمَّ ادَّعَى الْقَاذِفُ أَنَّ أُمَّ الْمَقْذُوفِ أَمَةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً وَالْمَقْذُوفُ يَقُولُ هِيَ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاذِفِ وَعَلَى الْمَقْذُوفِ الْبَيِّنَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَذَفَ فِي نَفْسِهِ ثُمَّ ادَّعَى الْقَاذِفُ أَنَّ الْمَقْذُوفَ عَبْدٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاذِفِ وَلَا يُكْتَفَى بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْقَاذِفُ: أَنَا عَبْدٌ وَعَلَيَّ حَدُّ الْعَبِيدِ. وَقَالَ: الْمَقْذُوفُ أَنْتَ حُرٌّ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاذِفِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. إنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ أُخْتِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ مَوْلَاهَا بَاعَهَا مِنْهُ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى الشِّرَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَذَفَ رَجُلًا وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَقْذُوفِ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَذَفَهُ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ بِاَللَّهِ مَا قَذَفَهُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسْتَحْلِفُهُ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. إذَا ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ قَذْفًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الْقَاذِفِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَيْهِ يُقَالُ لَهُ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى صِحَّةِ قَذْفِك وَإِلَّا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ قَالَ وَإِذَا ضُرِبَ بَعْضُ الْحَدِّ ثُمَّ أَقَامَ الْقَاذِفُ الْبَيِّنَةَ عَلَى صِدْقِهِ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِذَا سُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ سَقَطَ بَعْضُ الْجَلَدَاتِ وَلَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ سِمَةُ الْفِسْقِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَذَفَهُ وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ لِيَشْهَدَا أَنَّ هَذَا قَذَفَ هَذَا فَالْقَاضِي يَسْأَلُ: مِنْ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ الْقَذْفِ مَا هُوَ وَكَيْفَ هُوَ فَإِنْ قَالَا نَشْهَدُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: يَا زَانِي. قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَيُحَدُّ الْقَاذِفُ إنْ كَانَا عَدْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَعْرِفُ الشُّهُودَ بِالْعَدَالَةِ حَبَسَ الْقَاذِفَ حَتَّى يَتَعَرَّفَ عَنْ عَدَالَةِ الشَّاهِدَيْنِ. وَالْعَدَالَةُ هِيَ الِانْزِجَارُ عَنْ تَعَاطِي مَا يَعْتَقِدُهُ الْإِنْسَانُ مَحْظُورَ دِينِهِ فَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ: يَا زَانِيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ قَالَ: يَا زَانِيَ يَوْمَ الْخَمِيسِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُحَدُّ الْقَاذِفُ وَقَالَا لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالْقَذْفِ وَاخْتَلَفَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي قُذِفَ فِيهِ وَجَبَ الْحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجِبُ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَرْخِيِّ. وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي اللُّغَةِ الَّتِي وَقَعَ الْقَذْفُ بِهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ أَنَّ جَمَاعَةً قَالُوا رَأَيْنَا فُلَانًا يَزْنِي بِفُلَانَةَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَا حَدَّ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَلَا عَلَى الْجَمَاعَةِ وَلَوْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ قَالُوا رَأَيْنَا فُلَانًا يَزْنِي بِفُلَانَةَ وَقَطَعُوا الْكَلَامَ ثُمَّ قَالُوا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ كَانَ عَلَيْهِمْ حَدُّ الْقَذْفِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ ادَّعَى قَذْفًا عَلَى أَحَدٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَالْقَاضِي لَا يَحُدُّ الْقَاذِفَ وَهَلْ يَحْبِسَهُ؟ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ فَاسِقًا لَا يَحْبِسُهُ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَقَالَ لِي شَاهِدٌ آخَرُ فِي الْمِصْرِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَحْبِسَهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَحْبِسُهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِذَا ادَّعَى أَنَّ لَهُ شَاهِدًا آخَرَ خَارِجَ الْمِصْرِ فَكَذَلِكَ لَا يَحْبِسُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي فِيهِ الشَّاهِدُ بَعِيدًا مِنْ الْمِصْرِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِحْضَارُ فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِذَا كَانَ قَرِيبًا بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ الْإِحْضَارُ فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَحْبِسُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي تَجْنِيسِ النَّاصِرِيِّ إذَا ادَّعَى الْقَاذِفُ أَنَّ الْمَقْذُوفَ زَانٍ

وَأَنَّ لَهُ الْبَيِّنَةَ أُجِّلَ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَقَامَ وَإِلَّا حُدَّ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُبْعَثُ إلَى الشُّهُودِ بَعَثَهُ مَعَ شُرَطٍ يَحْفَظُونَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حُدَّ وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَذَفَ رَجُلًا فَجَاءَ بِأَرْبَعَةٍ فَسَقَةٍ أَنَّهُ كَمَا قَالَ يُدْرَأُ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ وَعَنْ الْمَقْذُوفِ وَعَنْ الشُّهُودِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُقَطَّعَاتِ. إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ حَيًّا فَلَا خُصُومَةَ لِأَحَدٍ سَوَاءٌ حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا وَلَوْ مَاتَ الْمَقْذُوف قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَ أَوْ بَعْدَمَا طَالَبَ أَوْ أُقِيم عَلَيْهِ بَعْضُ الْحَدِّ بَطَل مَا بَقِيَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ سَوْطًا وَاحِدًا كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَرْخِيِّ. وَإِنْ رَجَعَ الْغَائِبُ فَقَدَّمَهُ إلَى الْحَاكِمِ وَضُرِبَ الْقَاذِفُ بَعْضَ الْحَدِّ ثُمَّ غَابَ لَمْ يَتِمَّ إلَّا وَهُوَ حَاضِرٌ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ شَرْطٌ فِي كُلِّهِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. قَذَفَ مَيِّتًا مُحْصَنًا فَلِلْوَالِدِينَ وَالْمَوْلُودِينَ عَلَوَا أَوْ سَفَلُوا أَنْ يُخَاصِمُوا سَوَاءٌ الْوَارِثُ وَغَيْرُهُ كَالْكَافِرِ وَالْقَاتِلِ وَالرَّقِيقِ وَالْأَقْرَبِ وَالْأَبْعَدِ وَإِنْ تَرَكَ بَعْضَهُمْ فَلِلْبَاقِينَ أَنْ يُخَاصِمُوا كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَا يُطَالَبُ بِحَدِّ الْقَذْفِ لِلْمَيِّتِ إلَّا أَنْ يَقَعَ الْقَدَحُ فِي نَسَبِهِ بِقَذْفِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَوَلَدُ الِابْنِ وَوَلَدُ الْبِنْتِ سَوَاءٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَثْبُتُ لِأَبِي الْأُمِّ وَلَا لِأُمِّ الْأُمِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَّا الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ فَلَيْسَ لَهُمْ حَقُّ الْخُصُومَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يُطَالِبَ بِحَدِّ الْقَذْفِ إذَا كَانَ الْقَاذِفُ أَبَاهُ وَجَدُّهُ وَإِنْ عَلَا وَلَا أُمُّهُ وَلَا جَدَّتُهُ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَإِنْ قَذَفَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ أَوْ أَخَاهُ أَوْ عَمَّهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ. رَجُلٌ قَالَ لِابْنِهِ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ. وَأُمُّهُ مَيِّتَةٌ وَلَهَا ابْنٌ مِنْ غَيْرِهِ فَجَاءَ يَطْلُبُ الْحَدَّ؛ يُضْرَبُ الْقَاذِفُ الْحَدَّ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ الْمَقْذُوفِ ابْنَانِ فَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ بِالْحَدِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْذُوفِ إلَّا ابْنٌ وَاحِدٌ فَصَدَّقَهُ فِي الْقَذْفِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْحَدِّ لَيْسَ لَهُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ وَلَهُ أُمٌّ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ وَقَدْ مَاتَتْ فَقَذَفَ الْمَوْلَى أُمَّ الْعَبْدِ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَوْلَى بِحَدِّهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ اسْتَبَّا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ وَلَا أُمِّي بِزَانِيَةٍ. قَالَ لَا حَدَّ فِي هَذَا وَلَوْ قَالَ مَنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ ابْنُ الزَّانِيَةِ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا قُلْت فَلَا حَدَّ عَلَى الْمُبْتَدِئِ كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَرْخِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدٍ: يَا زَانِي. فَقَالَ لَا بَلْ أَنْتَ يُحَدُّ الْعَبْدُ دُونَ الْحُرِّ وَلَوْ كَانَا حُرَّيْنِ يُحَدَّانِ جَمِيعًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيٌّ أَجْنَبِيَّةً مُحْصَنَةً وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ ثُمَّ قَذَفَهَا غَيْرُهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الرُّقَيَّاتِ أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَنَى بِفُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّةِ امْرَأَةٌ مَعْرُوفَةٌ سَمَّوْهَا وَوَصَفُوا الزِّنَا وَأَثْبَتُوهُ وَالْمَرْأَةُ غَائِبَةٌ فَرُجِمَ الرَّجُلُ ثُمَّ إنَّ رَجُلًا قَذَفَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ الْغَائِبَةَ فَخَاصَمَتْهُ إلَى الْقَاضِي الَّذِي قَضَى عَلَى الرَّجُلِ بِالرَّجْمِ قَالَ: الْقِيَاسُ أَنْ يُحَدَّ. لَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ لَا أَحُدَّ قَاذِفَهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَإِنْ خَاصَمَتْ إلَى قَاضٍ آخَرَ يُحَدُّ إلَّا إنْ أَقَامَ الشَّاهِدُ بَيِّنَةً عَلَى قَضَاءِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. مَنْ قُذِفَ غَيْرَ مَرَّةٍ أَوْ زَنَى غَيْرَ مَرَّةٍ أَوْ شَرِبَ غَيْرَ مَرَّةٍ فَهُوَ لِذَلِكَ كُلِّهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَذَفَ جَمَاعَةً بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ قَذَفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِكَلَامٍ عَلَى حِدَةٍ أَوْ فِي أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَخَاصَمُوا ضَرَبَ لَهُمْ حَدًّا وَاحِدًا وَكَذَا إذَا خَاصَمَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ فَحُدَّ فَالْحَدُّ يَكُونُ لَهُمْ جَمِيعًا وَكَذَا إذَا حَضَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّمَا عَلَى الْقَاذِفِ حَدٌّ وَاحِدٌ لَا غَيْرُ فَإِنْ حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ لَمْ يُخَاصِمْ فِي قَذْفِهِ بَطَلَ الْحَدُّ فِي حَقِّهِ وَلَمْ يُحَدَّ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى. لَوْ حُدَّ الْقَاذِفُ وَفُرِغَ مِنْ حَدِّهِ ثُمَّ قَذَفَ رَجُلًا آخَرَ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِلثَّانِي حَدًّا آخَرَ وَإِنَّمَا يُسْقِطُ حَدُّ الْقَذْفِ مَا قَبْلَهُ وَلَا يُسْقِطُ مَا بَعْدَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ ضُرِبَ لِلزِّنَا أَوْ لِلشُّرْبِ بَعْضَ الْحَدِّ فَهَرَبَ ثُمَّ زَنَى أَوْ شَرِبَ ثَانِيًا حُدَّ حَدًّا مُسْتَأْنَفًا

وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْقَذْفِ يُنْظَرُ فَإِنْ حَضَرَ الْأَوَّلُ إلَى الْقَاضِي يُتَمِّمُ الْأَوَّلَ وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي وَإِنْ حَضَرَ الثَّانِي وَحْدَهُ يُجْلَدُ جَلْدًا مُسْتَأْنَفًا لِلثَّانِي وَبَطَلَ الْأَوَّلُ وَإِنْ اجْتَمَعَتْ عَلَى وَاحِدٍ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ بِأَنْ قَذَفَ وَزَنَى وَسَرَقَ وَشَرِبَ يُقَامُ عَلَيْهِ الْكُلُّ وَلَا يُوَالَى بَيْنَهُمَا خِيفَةَ الْهَلَاكِ بَلْ يُنْتَظَرُ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ الْأَوَّلِ فَيُبْدَأُ بِحَدِّ الْقَذْفِ أَوَّلًا لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ الْعَبْدِ ثُمَّ الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ بَدَأَ بِحَدِّ الزِّنَا وَإِنْ شَاءَ بِالْقَطْعِ وَيُؤْخَذُ حَدُّ الشُّرْبِ وَلَوْ كَانَ مَعَ هَذَا جِرَاحَةٌ تُوجِبُ الْقِصَاصَ بَدَأَ بِالْقِصَاصِ ثُمَّ حَدِّ الْقَذْفِ ثُمَّ الْأَقْوَى فَالْأَقْوَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَوْ قَالَ: كُلُّكُمْ زَانٍ إلَّا وَاحِدًا. حُدَّ لِأَنَّ أَصْلَ الْقَذْفِ كَانَ مُوجِبًا فَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَدَّعِيَ مَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُسْتَثْنَى كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. عَبْدٌ قَذَفَ حُرًّا فَأُعْتِقَ فَقَذَفَ آخَرَ فَاجْتَمَعَا ضُرِبَ ثَمَانِينَ وَلَوْ جَاءَ الْأَوَّلُ فَضُرِبَ أَرْبَعِينَ ثُمَّ جَاءَ بِهِ الْآخَرُ تَمَّمَ لَهُ الثَّمَانِينَ وَلَوْ قَذَفَ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِي بِهِ الثَّانِي فَالثَّمَانُونَ تَكُونُ لَهُمَا وَلَا يُضْرَبُ الثَّمَانِينَ مُسْتَأْنَفًا لِأَنَّ مَا بَقِيَ تَمَامُهُ حَدُّ الْأَحْرَارِ فَجَازَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ الْأَحْرَارُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا حُدَّ الْمُسْلِمُ فِي قَذْفٍ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ عِنْدَنَا وَإِنْ تَابَ لَا تُقْبَلُ إلَّا فِي الْعِبَادَاتِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. إذَا حُدَّ الْكَافِرُ فِي قَذْفٍ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ ضُرِبَ سَوْطًا فِي قَذْفٍ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ ضُرِبَ مَا بَقِيَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَالْأَقَلُّ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إنْ قَذَفَ فِي حَالَةِ الْكُفْرِ فَحُدَّ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ وَلَوْ حُدَّ الْعَبْدُ حَدَّ الْقَذْفِ ثُمَّ أُعْتِقَ وَتَابَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ وَلَوْ قَذَفَ حَالَةَ الرِّقِّ ثُمَّ أُعْتِقَ فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الْعَبِيدِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ ضُرِبَ الْمُسْلِمُ بَعْضَ الْحَدِّ ثُمَّ هَرَبَ قَبْلَ تَمَامِهِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يُضْرِبْ جَمِيعُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فِي الْمَبْسُوطِ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَنَا أَنَّهُ إذَا أَقَامَ أَرْبَعَةً مِنْ الشُّهُودِ عَلَى صِدْقِهِ بَعْدَ الْحَدِّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا زَنَى الْمَقْذُوفُ قَبْلَ أَنْ يُقَامَ الْحَدُّ عَلَى الْقَاذِفِ أَوْ وَطِئَ وَطْئًا حَرَامًا غَيْرَ مَمْلُوكٍ فَقَدْ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ وَكَذَلِكَ إذَا ارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعْتُوهًا ذَاهِبَ الْعَقْلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ بِتَصْدِيقِ الْمَقْذُوفِ أَوْ بِأَنْ يُقِيمَ أَرْبَعَةً عَلَى زِنَا الْمَقْذُوفِ سَوَاءٌ أَقَامَهَا قَبْلَ الْحَدِّ أَوْ فِي خِلَالِهِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ فَإِنْ جَاءَ بِهِمْ فَشَهِدُوا عَلَى الْمَقْذُوفِ بِزِنًا مُتَقَادِمٍ دَرَأْتُ عَنْهُ الْحَدَّ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ وَقَالَ الْقَاذِفُ أَنَا رَابِعُهُمْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى كَلَامِهِ وَيُقَامُ عَلَيْهِ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الْحَدُّ وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْذُوفِ بِالزِّنَا يُدْرَأُ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ وَعَنْ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ وَفَاءً وَأُدِّيَتْ مُكَاتَبَتُهُ وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ وَقُسِّمَ الْبَاقِيَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ ثُمَّ قَذَفَهُ رَجُلٌ لَا يُحَدُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَقَذَفَ رَجُلًا مُسْلِمًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. حَدُّ الْقَذْفِ يُفَارِقُ حَدَّ الزِّنَا فَإِنَّ حَدَّ الْقَذْفِ لَا يَسْقُطُ بِالتَّقَادُمِ وَحَدُّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ يَسْقُطُ. وَلَا يُقَامُ حَدُّ الْقَذْفِ إلَّا بِطَلَبِ الْمَقْذُوفِ. وَلَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الدَّعْوَى. وَلَا يَسْقُطُ هَذَا الْحَدُّ بَعْدَ الْعَفْوِ وَالْإِبْرَاءِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَكَذَا إذَا عَفَى قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي وَكَذَا لَوْ صَالَحَ عَنْ الْقَذْفِ عَلَى مَالٍ يَكُونُ بَاطِلًا يُرَدُّ الْمَالُ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْحَدِّ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُقِيمَهُ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ إذَا عَلِمَ فِي أَيَّامِ قَضَائِهِ وَكَذَا لَوْ قَذَفَهُ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي حَدَّهُ وَإِنْ عَلِمَهُ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَسْتَقْضِيَ ثُمَّ وُلِّيَ الْقَضَاءَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيمَهُ

فصل في التعزير

حَتَّى يُشْهَدَ بِهِ عِنْدَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ تَرَكَ الْمَقْذُوفُ الْمُطَالَبَةَ فَذَلِكَ حَسَنٌ وَكَذَلِكَ يُسْتَحْسَنُ مِنْ الْحَاكِمِ إذَا رَفَعَهُ إلَيْهِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي قَبْلِ أَنْ يَثْبُتَ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. . وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِإِثْبَاتِ الْحُدُودِ مِنْ الْغَائِبِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ [فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ] (فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ) وَهُوَ تَأْدِيبٌ دُونَ الْحَدِّ وَيَجِبُ فِي جِنَايَةٍ لَيْسَتْ مُوجِبَةً لِلْحَدِّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيَنْقَسِمُ إلَى مَا هُوَ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْعَبْدِ. وَالْأَوَّلُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ تَرْكُهُ إلَّا فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ انْزَجَرَ الْفَاعِلُ قَبْلَ ذَلِكَ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِمُدَّعٍ شَهِدَ بِهِ فَيَكُونُ مُدَّعِيًا شَاهِدًا إذَا كَانَ مَعَهُ آخَرُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. قَالُوا لِكُلِّ مُسْلِمٍ إقَامَةُ التَّعْزِيرِ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ وَأَمَّا بَعْدَ الْمُبَاشَرَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْحَاكِمِ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ رَأَى غَيْرَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ مُوجِبَةٍ لِلتَّعْزِيرِ بِغَيْرِ الْمُحْتَسِبِ فَلِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُعَزِّرَ الْمُعَزَّرَ إنْ عَزَّرَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. سُئِلَ الْهِنْدُوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَحِلُّ لَهُ قَتْلُهُ؟ قَالَ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْزَجِرُ عَنْ الزِّنَا بِالصِّيَاحِ وَالضَّرْبِ بِمَا دُونَ السِّلَاحِ لَا يَحِلُّ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ إلَّا بِالْقَتْلِ حَلَّ لَهُ الْقَتْلُ وَإِنْ طَاوَعَتْهُ الْمَرْأَةُ حَلَّ لَهُ قَتْلُهَا أَيْضًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ الْمُكَابِرُ بِالظُّلْمِ وَقُطَّاعُ الطَّرِيقِ وَصَاحِبُ الْمَكْسِ وَجَمِيعُ الظَّلَمَةِ وَالْأَعْوَانِ وَالسُّعَاةِ يُبَاحُ قَتْلُ الْكُلِّ وَيُثَابُ قَاتِلُهُمْ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَهَكَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَالْمُجْتَبَى. وَلِلْمَوْلَى أَنْ يُعَزِّرَ عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ عِنْدَ إسَاءَةِ الْأَدَبِ وَالْحَاجَةِ إلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالتَّعْزِيرُ الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلْعَبْدِ بِالْقَذْفِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الدَّعْوَى لَا يُقِيمُهُ إلَّا الْحَاكِمُ إلَّا أَنْ يَحْكُمَا فِيهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. يَجْرِي فِيهِ الْإِبْرَاءُ وَالْعَفْوُ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْيَمِينُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَثْبُتُ التَّعْزِيرُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ حُقُوقِ الْعِبَادِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَهَكَذَا فِي الْكَافِي وَالْمُحِيطَيْنِ رَجُلٌ ادَّعَى قِبَلَ إنْسَانٍ شَتِيمَةً فَاحِشَةً أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ضَرَبَهُ وَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ فِي الْمِصْرِ وَطَلَبَ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدَيْنِ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ فَإِذَا عُدِّلَ الشُّهُودُ يُضْرَبُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. التَّعْزِيرُ قَدْ يَكُونُ بِالْحَبْسِ وَقَدْ يَكُونُ بِالصَّفْعِ وَتَعْرِيكِ الْأُذُنِ وَقَدْ يَكُونُ بِالْكَلَامِ الْعَنِيفِ وَقَدْ يَكُونُ بِالضَّرْبِ وَقَدْ يَكُونُ بِنَظَرِ الْقَاضِي إلَيْهِ بِنَظَرٍ عَبُوسٍ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ التَّعْزِيرُ لِلسُّلْطَانِ بِأَخْذِ الْمَالِ وَعِنْدَهُمَا وَبَاقِي الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَمَعْنَى التَّعْزِيرُ بِأَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ إمْسَاكُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ عِنْدَهُ مُدَّةً لِيَنْزَجِرَ ثُمَّ يُعِيدَهُ الْحَاكِمُ إلَيْهِ لَا أَنْ يَأْخُذَهُ الْحَاكِمُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَتَوَهَّمُهُ الظَّلَمَةُ إذْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَخْذُ مَالِ أَحَدٍ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فِي الشَّافِي التَّعْزِيرُ عَلَى مَرَاتِبَ تَعْزِيرُ أَشْرَفُ الْأَشْرَافِ وَهُمْ الْعُلَمَاءُ وَالْعَلَوِيَّةُ بِالْإِعْلَامِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي بَلَغَنِي أَنَّك تَفْعَلُ كَذَا فَيَنْزَجِرُ بِهِ وَتَعْزِيرُ الْأَشْرَافِ وَهُمْ الْأُمَرَاءُ وَالدَّهَاقِينُ بِالْإِعْلَامِ وَالْجَرِّ إلَى بَابِ الْقَاضِي وَالْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ وَتَعْزِيرُ الْأَوْسَاطِ وَهُمْ السُّوقِيَّةُ بِالْإِعْلَامِ وَالْجَرِّ وَالْحَبْسِ وَتَعْزِيرُ الْأَخِسَّةِ بِهَذَا كُلِّهِ وَبِالضَّرْبِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَأَكْثَرُهُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ سَوْطًا وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُ جَلَدَاتٍ وَذَكَرَ مَشَايِخُنَا أَنَّ أَدْنَاهُ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ يُقَدَّرُ بِقَدْرِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْزَجِرُ بِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ الْقَاضِي فِي سَبَبِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ وَلَمْ يَجِبْ بِعَارِضٍ يَبْلُغُ التَّعْزِيرُ أَقْصَى غَايَاتِهِ

وَمِثَالُهُ إذَا قَالَ لِأَمَةِ الْغَيْرِ أَوْ لِأُمِّ وَلَدِ الْغَيْرِ يَا زَانِيَةُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَقْصَى غَايَاتِ التَّعْزِيرِ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ هَهُنَا لِعَدَمِ إحْصَانِ الْمَقْذُوفِ وَهَذَا مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ يَا خَبِيثُ حَتَّى وَجَبَ التَّعْزِيرُ فَالتَّعْزِيرُ مُفَوَّضٌ إلَى الْإِمَامِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَصَحَّ حَبْسُهُ بَعْدَ الضَّرْبِ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَتَقْدِيرُهُ مُدَّةَ الْحَبْسِ رَاجِعٌ إلَى الْحَاكِمِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. أَشَدُّ الضَّرْبِ التَّعْزِيرُ ثُمَّ حَدُّ الزِّنَا ثُمَّ حَدُّ الشُّرْبِ ثُمَّ حَدُّ الْقَذْفِ وَمَنْ حُدَّ أَوْ عُزِّرَ فَمَاتَ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَدَمُهُ هَدَرٌ بِخِلَافِ الزَّوْجِ إذَا عَزَّرَ زَوْجَتَهُ لِتَرْكِ الزِّينَةِ أَوْ الْإِجَابَةِ إذَا دَعَاهَا إلَى فِرَاشِهِ أَوْ لِأَجْلِ تَرْكِ الصَّلَاةِ أَوْ الْخُرُوجِ عَنْ الْبَيْتِ فَمَاتَتْ ضَمِنَ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَيُضْرَبُ فِي التَّعْزِيرِ قَائِمًا عَلَيْهِ ثِيَابُهُ وَيُنْزَعُ مِنْهُ الْحَشْوُ وَالْفَرْوُ وَلَا يُمَدُّ فِي التَّعْزِيرِ وَيُفَرَّقُ الضَّرْبُ عَلَى الْأَعْضَاءِ إلَّا الرَّأْسَ وَالْفَرْجَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. هَكَذَا ذَكَرَ فِي حُدُودِ الْأَصْلِ وَذَكَرَ فِي أَشْرِبَةِ الْأَصْلِ بِضَرْبِ التَّعْزِيرِ فِي مَوْضِعِ وَاحِدٍ وَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ رِوَايَةٍ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْجَوَابُ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ فَمَوْضُوعُ الْأَوَّلِ إذَا بَلَغَ التَّعْزِيرُ أَقْصَاهُ وَمَوْضُوعُ الثَّانِي إذَا لَمْ يَبْلُغْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الْأَصْلُ فِي وُجُوبِ التَّعْزِيرِ أَنَّ كُلَّ مَنْ ارْتَكَبَ مُنْكَرًا أَوْ آذَى مُسْلِمًا بِغَيْرِ حَقٍّ بِقَوْلِهِ أَوْ بِفِعْلِهِ يَجِبُ التَّعْزِيرُ إلَّا إذَا كَانَ الْكَذِبُ ظَاهِرًا فِي قَوْلِهِ كَمَا إذَا قَالَ يَا كَلْبُ أَوْ يَا خِنْزِيرُ أَوْ نَحْوَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعْزِيرُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقِيلَ إنْ كَانَ الْمَسْبُوبُ مِنْ الْأَشْرَافِ كَالْفُقَهَاءِ وَالْعَلَوِيَّةِ يُعَزَّرُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَامَّةِ لَا يُعَزَّرُ وَهَذَا حَسَنٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. مَنْ قَذَفَ مُسْلِمًا بِيَا فَاسِقُ وَهُوَ لَيْسَ بِفَاسِقٍ أَوْ يَا ابْنَ فَاسِقٍ يَا كَافِرُ يَا يَهُودِيُّ يَا نَصْرَانِيُّ يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ يَا خَبِيثُ يَا سَارِقُ وَهُوَ لَيْسَ بِسَارِقٍ يَا فَاجِرُ يَا مُنَافِقُ يَا لُوطِيُّ يَا مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ يَا مَنْ يَلْعَبُ بِالصِّبْيَانِ يَا آكِلَ الرِّبَا يَا شَارِبَ الْخَمْرِ يَا دَيُّوثُ يَا مُخَنَّثُ يَا خَائِنُ يَا ابْنَ قَحْبَةٍ يَا زِنْدِيقُ يَا قَرْطِبَانِ يَا مَأْوَى الزَّوَانِي يَا مَأْوَى اللُّصُوصِ عُزِّرَ. وَلَوْ قَالَ يَا تَيْسُ يَا حَيَّةُ يَا ذِئْبُ يَا حَجَّامُ يَا بَغَّاءُ يَا مُؤَاجِرُ يَا وَلَدَ الْحَرَامِ يَا عَيَّارُ يَا نَاكِسُ يَا مَنْكُوسُ يَا سُخْرَةٌ يَا كَشْحَانِ يَا ضُحْكَةُ يَا مُوَسْوِسُ يَا ابْن الْمُوَسْوِسِ وَأَبُوهُ لَيْسَ كَذَلِكَ يَا رُسْتَاقِيّ وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ يَا مُقْعَدُ لَا يُعَزَّرُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ فَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ لِأَنَّهُ أَلْحَقَ نَوْعَ الشَّيْنِ بِهِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ قَالَ لِفَاسِقٍ يَا فَاسِقُ أَوْ لِشَارِبٍ يَا شَارِبُ أَوْ لِظَالِمٍ يَا ظَالِمُ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ صَالِحٍ ذِي مُرُوءَةٍ يَا لِصُّ يَا مُشْرِكُ يَا كَافِرُ عُزِّرَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. إنْ قَالَ يَا بَلِيدُ عُزِّرَ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ. وَإِنْ قَالَ يَا سَفَلَةُ عُزِّرَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ يابي نماذ يُعَزَّرُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِصَالِحٍ يَا سَفِيهُ عُزِّرَ هَكَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِصَالِحٍ: يَا مَعْفُوجُ. يَا ابْنَ قَرْطَبَانِ ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ أَنَّهُ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَلَوْ قَالَ يَا قِرْدُ يَا مُقَامِرُ فَفِي هَذَا كُلِّهِ لَا يَجِبُ التَّعْزِيرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ يَجِبُ التَّعْزِيرُ فِي قَوْلِهِ يَا مُقَامِرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ يَا مَعْفُوجُ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يُضِيفَ إلَى السَّبِيلِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اللَّهُ تَعَالَى لَا يَكُونُ قَاذِفًا بِحَالٍ وَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ لِأَنَّهُ أَلْحَقَ بِهِ الشَّيْنَ وَالْمَعْفُوجُ الْمَضْرُوبُ فِي الدُّبُرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ يَا أَبْلَهُ أَوْ قَالَ يَا لَا شَيْءَ أَوْ قَالَ يَا سُتُورُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ يَا قَذِرُ يَجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. إذَا أَخَذَ رَجُلٌ فِي حَادِثَةِ فَتْوَى الْعُلَمَاءِ وَجَاءَ إلَى خَصْمِهِ فَقَالَ أَنَا لَا أَعْمَلُ بِهِ أَوْ قَالَ لَيْسَ كَمَا أَفْتَوْا وَهُوَ جَاهِلٌ إنْ ذَكَرَ أَهْلَ

الْعِلْمِ بِالتَّحْقِيرِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَإِذَا قَذَفَ بِالتَّعْرِيضِ وَجَبَ التَّعْزِيرُ كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. الْأَوْلَى لِلْإِنْسَانِ فِيمَا إذَا قِيلَ لَهُ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَالتَّعْزِيرَ أَنْ لَا يُجِيبَهُ قَالُوا: وَلَوْ قَالَ: يَا خَبِيثُ الْأَحْسَنُ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ وَلَوْ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي لِيُؤَدِّبَهُ يَجُوزُ وَلَوْ أَجَابَ مَعَ هَذَا فَقَالَ بَلْ أَنْتَ لَا بَأْسَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. عَنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اعْتَادَ الْفِسْقَ بِأَنْوَاعِ الْفَسَادِ يُهْدَمُ عَلَيْهِ بَيْتُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ إنْ اعْتَادَ سَرِقَةَ أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ يَجِبُ أَنْ يُعَزَّرَ وَيُبَالَغَ فِيهِ وَيُحْبَسَ حَتَّى يَتُوبَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. مِنْ مُوجِبَاتِ التَّعْزِيرِ كِتَابَةُ الصُّكُوكِ وَالْخُطُوطِ بِالتَّزْوِيرِ وَمِنْهَا الْمُمَازَحَةُ فِي أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ وَمِمَّا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ مَا ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ فِيمَنْ قَطَعَ ذَنَبَ بِرْذَوْنٍ أَوْ حَلَقَ شَعْرَ جَارِيَتِهِ وَمِنْهَا لَوْ أَكْرَهَ السُّلْطَانُ رَجُلًا عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَوْعَدَهُ بِقِتْلِهِ فَقَتَلَهُ فَالْقِصَاصُ عَلَى السُّلْطَانِ وَالتَّعْزِيرُ عَلَى الْقَاتِلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَمِنْهَا إذَا أَكْرَهَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ فَزَنَى يَجِبُ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ التَّعْزِيرُ وَمِنْ مُوجِبَاتِ التَّعْزِيرِ الزُّهْدُ الْبَارِدُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا أَتَى بَهِيمَةً أَوْ وَطِئَ بِشُبْهَةٍ أَوْ لَطَمَ مُسْلِمًا أَوْ رَفَعَ مِنْدِيلَهُ فِي السُّوقِ عَلَى رَأْسِهِ عُزِّرَ هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ إذَا وُجِدَ شُهُودُ التَّعْزِيرِ عَبِيدٌ أَوْ كُفَّارٌ بَعْدَ مَا عُزِّرَ فَمَاتَ أَوْ جَرَحَتْهُ السِّيَاطُ أَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ لَا ضَمَان عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْقُنْيَةِ قَالَ لَهُ يَا فَاسِقُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ بِالْبَيِّنَةِ فِسْقَهُ لِيَدْفَعَ التَّعْزِيرَ عَنْ نَفْسِهِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ أَرَادَ فِسْقَهُ ضَمَانًا لَا تَصِحُّ فِيهِ الْخُصُومَةُ كَجُرْحِ الشُّهُودِ إذَا قَالَ: رَشَوْتُهُ بِكَذَا فَعَلَيْهِ رَدُّهُ تُقِيلُ الْبَيِّنَةُ كَذَا هَذَا وَهَذَا إذَا شَهِدُوا عَلَى فِسْقِهِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا وَأَمَّا إذَا بَيَّنُوهُ بِمَا يَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعَبْدُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ يَا فَاسِقُ فَلَمَّا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي ادَّعَى أَنَّهُ رَآهُ يُقَبِّلُ أَجْنَبِيَّةً وَعَانَقَهَا أَوْ خَلَا بِهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ رَجُلَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ فِي قَبُولِهَا وَسُقُوطِ التَّعْزِيرِ عَنْ الْقَائِلِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى شَخْصٍ بِدَعْوَى تُوجِبُ التَّكْفِيرَ وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إثْبَاتِ مَا ادَّعَاهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَصْلًا إذَا صَدَرَ الْكَلَامُ عَلَى وَجْهِ الدَّعْوَى عِنْدَ حَاكِمِ الشَّرْعِ أَمَّا إذَا صَدَرَ عَنْهُ عَلَى وَجْهِ السَّبِّ أَوْ الْإِنْقَاصِ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ نَاقِلًا عَنْ السِّرَاجِيَّةِ. حَنَفِيٌّ ارْتَحَلَ إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعَزَّرُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. ضَرَبَ غَيْرَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَضَرَبَهُ الْمَضْرُوبُ أَيْضًا يُعَزَّرَانِ وَيُبْدَأُ بِإِقَامَةِ التَّعْزِيرِ بِالْبَادِئِ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. يُعَزَّرُ مَنْ شَهِدَ شُرْبَ الشَّارِبِينَ وَالْمُجْتَمِعُونَ عَلَى شِبْهِ الشُّرْبِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبُوا وَمَنْ مَعَهُ رَكْوَةُ خَمْرٍ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ وَالْمُسْلِمُ يَبِيعُ الْخَمْرَ أَوْ يَأْكُلُ الرِّبَا يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ وَكَذَا الْمُغَنِّي وَالْمُخَنَّثُ وَالنَّائِحَةُ يُعَزَّرُونَ وَيُحْبَسُونَ حَتَّى يُحْدِثُوا تَوْبَةً كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. فِي الْخَانِيَّةِ الْمُقِيمُ إذَا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا كَانَ يُخَافُ مِنْهُ عَوْدَةٌ إلَى الْإِفْطَارِ ثَانِيًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة رَجُلٌ قَبَّلَ حُرَّةً أَجْنَبِيَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ عَانَقَهَا أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ يُعَزَّرُ وَكَذَا لَوْ جَامَعَهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ مَكَّنَتْ الْمَرْأَةُ قَدْرًا مِنْ نَفْسِهَا كَانَ حُكْمُهَا كَإِتْيَانِ الرَّجُلِ الْبَهِيمَةَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا. مَنْ يُتَّهَمُ بِالْقَتْلِ وَالسَّرِقَةِ وَضَرْبِ النَّاسِ يُحْبَسُ وَيُخَلَّدُ فِي السِّجْنِ إلَى أَنْ تَظْهَرَ التَّوْبَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانَ. سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ كَانَ لَهُ دَعْوَى عَلَى رَجُلٍ

كتاب السرقة وفيه أربعة أبواب

فَلَمْ يَجِدْهُ، فَأَوْقَعَ أَهْلَ عَشِيرَتِهِ فِي أَيْدِي الظَّلَمَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَبِغَيْرِ كَفَالَةٍ فَقَيَّدُوهُمْ وَحَبَسُوهُمْ فِي السِّجْنِ وَضَرَبُوهُمْ ضَرْبًا شَدِيدًا، وَغَصَبُوا مِنْهُمْ أَعْيَانًا كَثِيرَةً بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَوْ أَنَّهُمْ صَحَّحُوا هَذِهِ الْأُمُورَ عِنْدَ الْقَاضِي هَلْ يَجِبُ التَّعْزِيرُ عَلَى هَذَا الْمُوَقِّعِ، فَقَالَ: نَعَمْ يُعَزَّرُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. رَجُلٌ خَدَعَ امْرَأَةَ رَجُلٍ، أَوْ ابْنَتَهُ، وَهِيَ صَغِيرَةٌ، وَأَخْرَجَهَا، وَزَوَّجَهَا مِنْ رَجُلٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَحْبِسُهُ بِهَذَا أَبَدًا حَتَّى يَرُدَّهَا، أَوْ يَمُوتَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ سَقَى ابْنًا صَغِيرًا لَهُ خَمْرًا يُعَزَّرُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الِاسْتِمْنَاءُ حَرَامٌ، وَفِيهِ التَّعْزِيرُ، وَلَوْ مَكَّنَ امْرَأَتَهُ، أَوْ أَمَتَهُ مِنْ الْعَبَثِ بِذَكَرِهِ، فَأَنْزَلَ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَالَ أَبُو النَّصْرِ الدَّبُوسِيُّ فِيمَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ، أَوْ قَتَلَهُ: إنَّ عَلَيْهِ التَّعْزِيرَ، كَذَا فِي الْحَاوِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِي الْجِنَايَاتِ. عَبْدٌ يَطْلُبُ الْبَيْعَ مِنْ مَوْلَاهُ، وَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّهُ يُحْسِنُ صُحْبَتَهُ يُعَزَّرُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. . [كِتَابُ السَّرِقَةِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ السَّرِقَةِ وَمَا تَظْهَرُ بِهِ] كِتَابُ السَّرِقَةِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ السَّرِقَةِ وَمَا تَظْهَرُ بِهِ) وَهِيَ فِي الشَّرْعِ أَخْذُ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ نِصَابًا مُحْرَزًا أَوْ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ مِلْكًا لِلْغَيْرِ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْخُفْيَةِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ السَّرِقَةُ نَهَارًا اُعْتُبِرَتْ الْخُفْيَةُ ابْتِدَاءً، وَانْتِهَاءً، وَإِنْ كَانَتْ لَيْلًا اُعْتُبِرَتْ ابْتِدَاءً فَقَطْ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. حَتَّى لَوْ نَقَبَ الْبَيْتَ عَلَى سَبِيلِ الْخُفْيَةِ، وَالِاسْتِتَارِ لَيْلًا ثُمَّ أَخَذَ الْمَالَ عَلَى سَبِيلِ الْمُغَالَبَةِ، وَالْمُكَابَرَةِ جِهَارًا مِنْ الْمَالِكِ بِأَنْ اسْتَيْقَظَ الْمَالِكُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ بِالسِّلَاحِ وَقَاتَلَ مَعَهُ لَمَا مَنَعَهُ مِنْ أَخْذِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ أَمَّا لَوْ كَابَرَهُ نَهَارًا نَقَبَ الْبَيْتَ عَلَى سَبِيلِ الْخُفْيَةِ، وَدَخَلَ الْبَيْتَ ثُمَّ أَخَذَ الْمَالَ مُكَابَرَةً، وَمُغَالَبَةً لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَقَلُّ النِّصَابِ فِي السَّرِقَةِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٌ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ جِيَادٍ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. فَإِذَا سَرَقَ تِبْرًا، وَزْنُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ مَتَاعًا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ غَيْرُ مَضْرُوبَةٍ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ سَرَقَ نِصْفَ دِينَارٍ قِيمَتُهُ النِّصَابُ عِنْدَنَا، وَلَوْ سَرَقَ دِينَارًا قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ النِّصَابِ لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ سَرَقَ عَشَرَةً مَغْشُوشَةً، وَالْفِضَّةُ غَالِبَةٌ لَا يُقْطَعُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ سَرَقَ زُيُوفًا، أَوْ نَبَهْرَجَةً، أَوْ سَتُّوقَةً فَلَا قَطْعَ إلَّا أَنْ تَكُونَ كَثِيرَةً تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا مِنْ الْجِيَادِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا، وَجَبَ تَقْوِيمُ الْمَسْرُوقِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَيُقَوَّمُ بِأَعَزِّ النُّقُودِ، أَوْ بِنَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي يَرُوجُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْغَالِبِ؟ رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي يَرُوجُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْغَالِبِ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَعَزِّ النُّقُودِ حَتَّى لَا يَجِبُ الْقَطْعُ بِالشَّكِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْبَعْضِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا يُقْطَعُ بِتَقْوِيمِ الْوَاحِدِ، وَلَا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُقَوِّمِينَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَتَثْبُتُ الْقِيمَةُ بِقَوْلِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ لَهُمَا مَعْرِفَةٌ بِالْقِيَمِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ كَمَالُ النِّصَابِ فِي حَقِّ

السَّارِقِ، وَلِذَلِكَ إذَا سَرَقَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ عَشْرَةِ أَنْفُسٍ مِنْ كُلِّ نَفْسٍ دِرْهَمٌ مِنْ بَيْتٍ، وَاحِدٍ يُقْطَعُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحِرْزُ، وَاحِدًا، فَلَوْ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ مَنْزِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا قَطْعَ، وَالْبُيُوتُ مِنْ دَارٍ، وَاحِدَةٍ بِمَنْزِلَةِ بَيْتٍ، وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ سَرَقَ مِنْ عَشْرَةِ أَنْفُسٍ فِي دَارٍ، كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَيْتٍ عَلَى حِدَةٍ مِنْ كُلِّ، وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِرْهَمًا قُطِعَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ عَظِيمَةً، وَفِيهَا حُجَرٌ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا بُدَّ أَنْ يُخْرِجَهُ مَرَّةً، وَاحِدَةً فَلَوْ أَخْرَجَ بَعْضَهُ ثُمَّ دَخَلَ، وَأَخْرَجَ بَاقِيَهُ لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَا بُدَّ أَنْ يُخْرِجَهُ ظَاهِرًا حَتَّى لَوْ ابْتَلَعَ دِينَارًا فِي الْحِرْزِ، وَخَرَجَ لَا يُقْطَعُ، وَلَا يُنْتَظَرُ أَنْ يَتَغَوَّطَهُ بَلْ يَضْمَنُ مِثْلَهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي السَّرِقَةِ يُقْطَعُ الرِّدْءُ، وَالْمُبَاشِرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ كَانُوا جَمْعًا، وَالسَّارِقُ بَعْضَهُمْ قُطِعُوا إنْ أَصَابَ كُلًّا مِنْهُمْ نِصَابٌ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ سَوَاءٌ خَرَجُوا مَعَهُ مِنْ الْحِرْزِ، أَوْ بَعْدَهُ فِي فَوْرِهِ، أَوْ خَرَجَ هُوَ بَعْدَهُمْ فِي فَوْرِهِمْ، وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ، أَوْ مَجْنُونٌ، أَوْ مَعْتُوهٌ، أَوْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ لَمْ يُقْطَعْ أَحَدٌ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ سَرَقَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ مَاتَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ، فَوَرِثَهُ عَشَرَةُ نَفَرٍ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَقْطَعُوا السَّارِقَ فِي سَرِقَتِهِ، فَإِنْ غَابَ بَعْضُهُمْ لَمْ يُقْطَعْ السَّارِقُ حَتَّى يَحْضُرُوا جَمِيعًا، وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ فَأَخَذَ سَارِقًا قَدْ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ مُوَكِّلِهِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْمَالِ، وَلَا أَقْطَعُهُ، وَلَوْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ لِلْوَكِيلِ عَلَيْهِ بِالْعَشَرَةِ لَمْ أَقْطَعْهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ الْعَبْدُ، وَالْحُرُّ سَوَاءٌ فِي الْقَطْعِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. السَّرِقَةُ إنَّمَا تَظْهَرُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِالْإِقْرَارِ، فَإِنْ كَانَ ظُهُورُهَا بِالْإِقْرَارِ، فَالْقَاضِي يَسْأَلُهُ عَنْ مَاهِيَّةِ السَّرِقَةِ، فَإِنْ بَيَّنَ ذَلِكَ فَالْقَاضِي يَسْأَلُهُ عَنْ الْمَسْرُوقِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالًا لَا يَجِبُ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ، فَإِنْ بَيَّنَ جِنْسَ الْمَالِ يَسْأَلُهُ عَنْ مِقْدَارِ الْمَالِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَيَدَّعِيهِ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ، فَأَقَرَّ السَّارِقُ فَالْقَاضِي لَا يَحْتَاجُ إلَى السُّؤَالِ عَنْ الْمَسْرُوقِ، وَعَنْ مِقْدَارِهِ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَى الْمَسْرُوقِ فَإِنْ أَمْكَنَ إيجَابُ الْقَطْعِ بِسَرِقَتِهِ، أَوْجَبَهُ، وَمَا لَا فَلَا ثُمَّ يَسْأَلهُ كَيْفَ سَرَقَ ثُمَّ يَسْأَلُهُ عَنْ الْمَكَانِ، وَلَا يَسْأَلُهُ عَنْ الْوَقْتِ، وَإِنْ احْتَمَلَ تَقَادُمَ الْعَهْدِ ثُمَّ يَسْأَلُهُ عَنْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ الْآنَ يَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ، وَيَكْتَفِي بِالْإِقْرَارِ مَرَّةً، وَاحِدَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُلَقِّنَ حَتَّى لَا يُقِرَّ بِالسَّرِقَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُلَقِّنَ الْمُقِرَّ الرُّجُوعَ احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ، وَإِذَا رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ صَحَّ فِي الْقَطْعِ، وَلَا يَصِحُّ فِي الْمَالِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ أَقَرَّ فَقَالَ سَرَقْت مِنْ هَذَا مِائَةَ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ: وَهِمْت إنَّمَا سَرَقْت مِنْ الْآخَرِ لَا يُقْطَعُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَرُدُّ الْمَالَ إلَى الْأَوَّلِ، وَيَضْمَنُ مِثْلَهُ لِلثَّانِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ أَقَرَّ بِبَعْضِ الْمَالِ، فَلَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. فِي الْقُدُورِيِّ إذَا أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ فَقَالَ سَرَقْت هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، وَلَا أَدْرِي لِمَنْ هِيَ، أَوْ قَالَ لَا أَعْرِفُ صَاحِبَهَا لَمْ يُقْطَعْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلَانِ أَقَرَّا بِسَرِقَةِ مِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ مَالِي لَا يُقْطَعُ، وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَيَسْتَوِي إنْ قَالَ أَحَدُهُمَا هَذِهِ الْمَقَالَةَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقَطْعِ، أَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ لِلِاسْتِيفَاءِ فِي بَابِ الْحُدُودِ شَبَهًا بِالْقَضَاءِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا فَقَالَ سَرَقْت أَنَا، وَفُلَانٌ هَذَا الثَّوْبَ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ، وَجَعَلَهَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ صَدَّقَهُ الْآخَرُ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يُقْطَعَانِ بِالْإِجْمَاعِ أَوْ أَنْ كَذَّبَهُ الْآخَرُ، فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَسْرِقْ أَنَا، وَالثَّوْبُ ثَوْبُنَا، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ

لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْإِجْمَاعِ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ لَمْ أَسْرِقْ، وَلَا أَعْرِفُ الثَّوْبَ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ اخْتَلَفُوا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يُقْطَعُ الْمُقِرُّ، وَالْمُنْكِرُ لَا يُقْطَعُ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ صَدَّقَهُ فُلَانٌ ثُمَّ رَجَعَ سَقَطَ بِالِاتِّفَاقِ الْقَطْعُ عَنْ الْمُقِرِّ هَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا سَرَقْنَا هَذَا الثَّوْبَ مِنْ فُلَانٍ فَقَالَ الْآخَرُ كَذَبْت لَمْ نَسْرِقْهُ، وَلَكِنَّهُ لِفُلَانٍ قُطِعَ الْمُقِرُّ، وَلَمْ يُقْطَعْ الْمُنْكِرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ سَرِقَةً فَأَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ لَمْ يُقْطَعْ، وَيَضْمَنُ الْمَالَ، وَلَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ إقْرَارًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ، وَأَنْكَرَ لَمْ يُقْطَعْ، وَيَضْمَنُ الْمَالَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ، فَقَالَ الْآخَرُ بَلْ سَرَقْتُهَا أَنَا دُونَهُ يُقْطَعُ مَنْ صَدَّقَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ فَإِنْ صَدَّقَ الْأَوَّلَ ثُمَّ الثَّانِيَ فَلَا قَطْعَ، وَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَ الثَّانِي هَذَا تَكْذِيبٌ لِذَلِكَ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ، فَإِنْ قَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مَا صَدَقَ الْأَوَّلُ لَمْ يَسْرِقْهَا الْأَوَّلُ، وَسَرَقَهَا الثَّانِي لَا يُقْطَعُ، وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَا يُقْضَى بِالْمَالِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَيُقْضَى بِهِ عَلَى الثَّانِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ صَدَّقَ الْأَوَّلَ ثُمَّ أَقَرَّ الثَّانِي فَصَدَّقَهُ ضَمِنَ الثَّانِي. وَلَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ فَادَّعَى الْمَالِكُ الْغَصْبَ، وَعَلَى الْعَكْسِ فَلَا قَطْعَ، وَضَمِنَ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ قَالَ لَا، وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ بَلْ غَصَبْتَهُ مِنِّي لَا يُقْضَى بِالْمَالِ، وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ مَعَ هَذَا الصَّبِيِّ، أَوْ مَعَ الْأَخْرَسِ لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَقَرَّ أَرْبَعَةٌ بِسَرِقَةٍ، فَرَجَعَ اثْنَانِ فَلَا قَطْعَ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ اثْنَانِ، فَرَجَعَ أَحَدُهُمَا هَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ هَذَا الثَّوْبَ مِنْ فُلَانٍ فَأَقَرَّ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ بِنِصْفِ ذَلِكَ الثَّوْبِ لِلسَّارِقِ، فَقَالَ نِصْفُ الثَّوْبِ لَك، وَأَنْكَرَ السَّارِقُ ذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا قَالَ السَّارِقُ سَرَقْتُهُ مِنْ فُلَانٍ، وَأَوْدَعْتُهُ إلَى هَذَا الَّذِي فِي يَدِهِ، أَوْ، وَهَبْتُهُ مِنْهُ، أَوْ غُصِبَ مِنِّي، وَكَذَّبَهُ ذُو الْيَدِ قُطِعَ، وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ هُوَ، وَفُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ قُطِعَ الْمُقِرُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا، وَلَا يَنْتَظِرُ حُضُورَ شَرِيكِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي نَوَادِرِ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ السَّارِقُ سَرَقْتُ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ لَا بَلْ عَشَرَةً لَا قَطْعَ عَلَيْهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَالَ سَرَقْتُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ لَا بَلْ الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ يُقْطَعُ فِي الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَيَضْمَنُ مِائَةَ دِرْهَمٍ يُرِيدُ بِهِ إذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ الْمَالَيْنِ، فَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ قَالَ سَرَقْت مِائَةً لَا بَلْ مِائَتَيْنِ قُطِعَ، وَلَا يُضْمِرُ يُرِيدُ بِهِ إذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ الْمِائَتَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ سَرَقْتُ مِائَتَيْنِ بَلْ مِائَةً لَمْ يُقْطَعْ، وَيَضْمَنُ الْمِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ مِائَتَيْنِ، وَرَجَعَ عَنْهَا، فَوَجَبَ الضَّمَانُ، وَلَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ، وَلَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ بِالْمِائَةِ إذَا كَانَ لَا يَدَّعِيهَا الْمَسْرُوقُ مِنْهُ، وَلَوْ أَنَّهُ صَدَّقَهُ فِي الرُّجُوعِ إلَى الْمِائَةِ لَا ضَمَانَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا قَالَ سَرَقْت مِنْ هَذَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لَا بَلْ سَرَقْت مِنْ هَذَا عَشَرَةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أُضَمِّنُهُ لِلْأَوَّلِ عَشَرَةً، وَأَقْطَعُهُ لِلثَّانِي، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُقِرَّ لِلثَّانِي مَرَّةً أُخْرَى ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَالَ سَرَقْت مِنْ هَذَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لَا بَلْ سَرَقْتهَا مِنْ هَذَا قَالَ أُضَمِّنُهُ لِكُلِّ، وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةً، وَلَا يُقْطَعْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ سَرَقْت هَذَا الثَّوْبَ مِنْهُ، وَهُوَ يُسَاوِي مِائَةً ثُمَّ قَالَ لَا، وَلَكِنْ سَرَقْت هَذَا الْآخَرَ لَمْ يُقْطَعْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَوَّلِ، وَيُقْطَعُ فِي الثَّانِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الصَّبِيِّ بِالسَّرِقَةِ فَإِنْ احْتَلَمَ، أَوْ أَحْبَلَ، أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً فَحَبِلَتْ، أَوْ حَاضَتْ ثُمَّ أَقَرَّتْ صَحَّ الْإِقْرَارُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ طَائِعًا ثُمَّ قَالَ الْمَتَاعُ مَتَاعِي، أَوْ قَالَ اسْتَوْدَعَتْهُ، أَوْ قَالَ أَخَذْتُهُ

رَهْنًا بِدَيْنٍ لِي عَلَيْهِ دُرِئَ عَنْهُ الْقَطْعُ كَمَا لَوْ ثَبَتَتْ السَّرِقَةُ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى السَّارِقِ بِالْقَطْعِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِإِقْرَارٍ ثُمَّ قَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ هَذَا مَتَاعُهُ لَمْ يَسْرِقْ مِنِّي إنَّمَا كُنْتُ اسْتَوْدَعْته، أَوْ قَالَ شَهِدَ شُهُودِي بِزُورٍ، أَوْ أَقَرَّ هُوَ بِالْبَاطِلِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ الْقَطْعُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ مُكْرَهًا فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ، وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ أَفْتَى بِصِحَّتِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ إذَا أَنْكَرَ السَّرِقَةَ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْمَشِ أَنَّ الْإِمَامَ يَعْمَلُ فِيهِ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ سَارِقٌ، وَأَنَّ الْمَالَ عِنْدَهُ عَذَّبَهُ، وَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَزِّرَهُ كَمَا لَوْ رَآهُ الْإِمَامُ يَمْشِي مَعَ السُّرَّاقِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ سَرِقَةً كَانَ عَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ، وَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَالضَّرْبُ خِلَافُ الشَّرْعِ، وَلَا يُفْتَى بِهِ؛ لِأَنَّ فَتْوَى الْمُفْتِي يَجِبُ أَنْ تُطَابِقَ الشَّرْعَ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ سَرِقَةً فَقَدَّمَهُ إلَى السُّلْطَانِ، وَطَلَبَ مِنْ السُّلْطَانِ أَنْ يَضْرِبَهُ حَتَّى يُقِرَّ بِالسَّرِقَةِ فَضُرِبَ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ أُعِيدَ إلَى السِّجْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَذَّبَ فَخَافَ الْمَحْبُوسُ فَصَعِدَ خَوْفًا مِنْ التَّعْذِيبِ فَسَقَطَ فَمَاتَ، وَقَدْ لَحِقَهُ مِنْ هَذَا الْحَبْسِ غَرَامَةٌ، وَالسَّرِقَةُ ظَهَرَتْ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ كَانَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَأْخُذُوا صَاحِبَ السَّرِقَةِ بِدِيَةِ أَبِيهِمْ، وَبِالْغَرَامَةِ الَّتِي أَدَّى إلَى السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ حَصَلَ بِتَسْبِيبِهِ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا التَّسْبِيبِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. إذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ هَرَبَ لَا يُتْبَعُ، وَإِنْ كَانَ فِي فَوْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ هَرَبَ فَإِنَّهُ يُتْبَعُ فِي فَوْرِهِ، وَيُقْطَعُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ أَنَا سَارِقٌ هَذَا الثَّوْبَ فَنَوَّنَ الْقَافَ، وَنَصَبَ الْبَاءَ لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ قَالَ أَنَا سَارِقُ هَذَا الثَّوْبِ بِالْإِضَافَةِ يُقْطَعُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَبْدٌ لِرَجُلٍ فِي يَدَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَهَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، أَوْ مُكَاتَبًا، وَأَقَرَّ بِسَرِقَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ، أَوْ بِسَرِقَةٍ قَائِمَةٍ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْقَطْعِ، وَالْمَالِ، فَيَقْطَعُ يَدَ الْعَبْدِ، وَيَرُدُّ الْمَسْرُوقَ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ صَحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْقَطْعِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ مَالٍ قَائِمٍ بِعَيْنِهِ فِي يَدِهِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى يُقْطَعُ، وَيَرُدُّ الْمَالَ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى فِي الْمَالِ، وَقَالَ الْمَالُ مَالِي، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ فِي حَقِّ الْقَطْعِ، وَالْمَالِ جَمِيعًا فَيُقْطَعُ الْعَبْدُ، وَيُرَدُّ الْمَالُ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا كَانَ ظُهُورُ السَّرِقَةِ بِالشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَلَا يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ بِانْفِرَادِهِنَّ لَا فِي حَقِّ الْقَطْع، وَلَا فِي حَقِّ الْمَالِ، وَأَمَّا شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فَهِيَ مَقْبُولَةٌ فِي حَقِّ الْمَالِ عِنْدَنَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فِي حَقِّ الْقَطْعِ، وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ تُقْبَلُ عَلَى الْمَالِ، وَلَا تُقْبَلُ عَلَى الْقَطْعِ، وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَدْلَانِ بِذَلِكَ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمَالِ، وَالْقَطْعِ جَمِيعًا، وَيَسْأَلُ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ مَاهِيَّةِ السَّرِقَةِ ثُمَّ يَسْأَلُهُمَا عَنْ الْمَسْرُوقِ عَنْ جِنْسِهِ، وَعَنْ مِقْدَارِهِ، إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ فَلَا يَسْأَلُهُمَا عَنْ الْمَسْرُوقِ جِنْسًا، وَقَدْرًا، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَى السَّرِقَةِ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا فِي فَصْلِ الْإِقْرَارِ ثُمَّ يَسْأَلُهُمَا كَيْفَ سُرِقَ، وَيَسْأَلُهُمَا عَنْ الْمَكَانِ، وَالْوَقْتِ، وَالْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَيْضًا فَإِذَا نَهَيْنَا جُمْلَةَ ذَلِكَ، وَعَرَفَ الْقَاضِي الشُّهُودَ بِالْعَدَالَةِ قَضَى عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الشُّهُودَ بِالْعَدَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي بِالْقَطْعِ مَا لَمْ يَتَعَرَّفْ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ بِالسُّؤَالِ مِنْ الْمُزَكَّى، وَيَحْبِسُ السَّارِقَ إلَى أَنْ تَظْهَرَ عَدَالَةُ الشُّهُودِ، فَإِنْ عُدِّلَتْ الشُّهُودُ بَعْدَمَا حُبِسَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ حَاضِرًا يَقْضِي الْقَاضِي بِالْقَطْعِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يَقْضِي بِالْقَطْعِ، فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا، فَقَضَى عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ ثُمَّ غَابَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْقَطْعِ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -

فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ قَوْلَانِ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَا يَسْتَوْفِي الْقَطْعَ، وَعَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ يَسْتَوْفِي، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ غَيْبَةُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ تَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَالْآخَرِ جَمِيعًا. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى سَرِقَةٍ ثُمَّ غَابَا بَعْدَ مَا ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُمَا، أَوْ مَاتَا قَبْلَ الْقَضَاءِ، أَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ، فَفِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا الْقَاضِي لَا يَقْضِي، وَلَا يُمْضِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ يَقْضِي وَيُمْضِي، وَأَمَّا إذَا فَسَقَا، أَوْ عَمِيَا، أَوْ ارْتَدَّا، أَوْ ذَهَبَ عُقُولُهُمَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَضَاءِ مُنِعَ الْقَضَاءُ، وَإِنْ حَدَثَتْ هَذِهِ الْعَوَارِضُ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ فَإِنَّهُ مَنَعَ الْإِمْضَاءَ، وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُمَا سَرَقَا مِنْ فُلَانٍ، وَبَيَّنَا السَّرِقَةَ، وَأَحَدُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا غَائِبٌ لَمْ يُوجَدْ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقْطَعُ الْحَاضِرُ فَإِنْ جَاءَ الْغَائِبُ فَقَدَّمَهُ رَبُّ الْمَالِ إلَى الْقَاضِي، فَالْقَاضِي يَأْمُرُهُ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَمَرَ الْإِمَامُ بِقَطْعِ سَارِقٍ، فَعَفَا الْمَسْرُوقُ مِنْهُ كَانَ عَفْوُهُ بَاطِلًا، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَإِذَا شَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى كَافِرٍ، وَمُسْلِمٍ بِسَرِقَةٍ لَا يُقْطَعُ الْكَافِرُ كَمَا لَا يُقْطَعُ الْمُسْلِمُ. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ بَقَرَةً، وَاخْتَلَفَا فِي لَوْنِهَا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: بَيْضَاءُ، وَقَالَ الْآخَرُ: سَوْدَاءُ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا قَالَ الْكَرْخِيُّ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي لَوْنَيْنِ يَتَشَابَهَانِ كَالْحُمْرَةِ، وَالصُّفْرَةِ، وَأَمَّا مَا لَا يَتَشَابَهَانِ كَالسَّوَادِ، وَالْبَيَاضِ، فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إجْمَاعًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْكُلَّ عَلَى الْخِلَافِ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَ ثَوْرًا، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ بَقَرَةً لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إجْمَاعًا، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ سَرَقَ ثَوْبًا، وَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّهُ هَرَوِيٌّ، وَقَالَ الْآخَرُ: إنَّهُ مَرْوِيٌّ ذُكِرَ فِي نُسَخِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَذُكِرَ فِي نُسَخِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إجْمَاعًا، وَإِذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ هَذَا مَتَاعِي كُنْت اسْتَوْدَعْته فَجَحَدَنِي، أَوْ اشْتَرَيْته مِنْهُ، أَوْ أَقَرَّ لِي بِهَذَا دُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ سَرَقَ هَذَا الْمَالَ هَذَا الرَّجُلُ، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ سَرَقَ هَذَا هَذَا الْآخَرُ، وَالْمَسْرُوقُ مِنْهُ يَدَّعِي السَّرِقَةَ عَلَى الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، أَوْ أَكْثَرَ، وَالْعَبْدُ يَجْحَدُ فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا قُطِعَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَهَلْ يَضْمَنُ إنْ كَانَ اسْتَهْلَكَهَا؟ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً رَدَّهَا عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى غَائِبًا لَا يُقْطَعُ الْعَبْدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَضْمَنُ السَّرِقَةَ، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ شَهِدُوا بِسَرِقَةِ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ قَضَى الْقَاضِي بِالْمَالِ، وَلَا يَقْضِي بِالْقَطْعِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمَأْذُونِ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْمَالِ، وَلَا يَقْضِي بِالْقَطْعِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى عَبْدٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَرِقَةِ عَشَرَةٍ، أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لَا بِالْقَطْعِ، وَلَا بِالْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ بِالسَّرِقَةِ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ أَصْلًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا حَتَّى لَا يُقْطَعَ الْعَبْدُ، وَلَا يُؤَاخَذَ الْمَوْلَى بِبَيْعِهِ لِأَجْلِ الْمَالِ، وَلَكِنْ يُؤَاخَذُ الْعَبْدُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. اللِّصُّ إذَا دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ، وَأَخَذَ الْمَتَاعَ، وَأَخْرَجَهُ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اللِّصُّ إذَا كَانَ يَنْقُبُ الْبَيْتَ فَرَآهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ صَاحَ بِهِ فَإِنْ ذَهَبَ، وَإِلَّا فَلَهُ قَتْلُهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ إذَا رَآهُ يَنْقُبُ بَيْتَهُ فَقَتَلَهُ يَغْرَمُ دِيَتَهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسَعُهُ قَتْلُهُ، وَلَا يَغْرَمُ دِيَتَهُ ذَكَرَ فِي الْمُجَرَّدِ

الباب الثاني فيما يقطع فيه وما لا يقطع فيه وفيه ثلاثة فصول

وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي اللِّصِّ إذَا دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ فَعَلِمَ بِهِ صَاحِبُ الدَّارِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَأْخُذَ بِيَدِهِ لَهُ قَتْلُهُ سَوَاءٌ دَخَلَ عَلَيْهِ مُكَابَرَةً، أَوْ غَيْرَ مُكَابَرَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَسْرِقَ مَالَهُ فَقَتَلَهُ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَلَا دِيَةَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ سَارِقٌ حَفَرَ جِدَارَ رَجُلٍ، وَلَمْ يُنْفِذْ الْحُفْرَةَ حَتَّى عَلِمَ صَاحِبُ الْبَيْتِ فَأَلْقَى عَلَيْهِ حَجَرًا فَقَتَلَهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ رَجُلٌ اطَّلَعَ عَلَى حَائِطِ رَجُلٍ، وَعَلَى حَائِطِهِ مُلَاءَةٌ فَخَافَ صَاحِبُ الْحَائِطِ أَنَّهُ إنْ صَاحَ بِهِ يَأْخُذُ الْمُلَاءَةَ، وَيَذْهَبُ هَلْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرْمِيَهُ قَالَ: يَسَعُهُ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْمُلَاءَةُ تُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: أَصْحَابُنَا لَمْ يُقَدِّرُوا هَذَا التَّقْدِيرَ بَلْ أَطْلَقُوا أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْمِيَهُ. وَفِي جِنَايَاتِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ لَيْلًا فَسَرَقَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ مِنْ الدَّارِ فَاتَّبَعَهُ الرَّجُلُ، وَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالُوا: أَرَادَ بِهَذَا إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِرْدَادِ السَّرِقَةِ إلَّا بِالْقَتْلِ إذَا كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ يُبَاحُ الْقَتْلُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْقَاتِلِ، وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا كَانَ مَعَ رَجُلٍ رَغِيفٌ فَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ، وَسِعَهُ أَنْ يُقَاتِلَ بِالسَّيْفِ إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْجُوعَ، وَكَذَلِكَ الْمَاءُ لِشُرْبِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لِصٌّ مَعْرُوفٌ بِالسَّرِقَةِ، وَجَدَهُ رَجُلٌ يَذْهَبُ فِي حَوَائِجِهِ غَيْرَ مَشْغُولٍ بِالسَّرِقَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُهُ، وَيَأْتِي بِهِ إلَى الْإِمَامِ حَتَّى يَسْتَتِيبَهُ بِالْحَبْسِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. السَّارِقُ إذَا صَاحَ بِهِ رَبُّ الْمَالِ فَهَرَبَ لَا يَحِلُّ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَيَضْرِبَهُ إلَّا إذَا ذَهَبَ بِمَالِهِ فَحِينَئِذٍ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَيَضْرِبَهُ بِالسِّلَاحِ حَتَّى يَلْقَى مَالَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ يُسْتَحَبُّ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَدَّعِيَ بِلَفْظِ الْأَخْذِ دُونَ السَّرِقَةِ، وَكَذَا يُسْتَحَبُّ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا بِلَفْظِ الْأَخْذِ دُونَ السَّرِقَةِ، أَوْ يَقُولُوا هَذَا الْمَالُ لِلطَّالِبِ دَرْءًا لِلْحَدِّ. ادَّعَى أَنَّهُ سُرِقَ مِنْهُ، كَذَا فَقَالَ كَرْفَته أَمْ ضَمِنَ الْمَالَ، وَلَا يُقْطَعُ، وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالسَّرِقَةِ أَيْضًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ ادَّعَى عَلَى سَرِقَةٍ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: يُسْتَحْلَفُ، وَإِنْ نَكَلَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ دُونَ الْقَطْعِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَكَذَا لَوْ رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ، وَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ حِينٍ لَا يُقْطَعُ، وَضَمِنَ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. شَهِدَا فَقُطِعَ ثُمَّ قَالَا لَا بَلْ آخَرُ لَا يُقْطَعُ، وَضَمِنَا الدِّيَةَ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ شَهِدَ آخَرَانِ عَلَى رُجُوعِهِمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَيُقْطَعُ. شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ، وَهُوَ سَاكِتٌ، أَوْ مُنْكِرٌ لَا يُقْطَعُ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ فَرَجَعَ اثْنَانِ، وَشَهِدَا عَلَى آخَرَ لَا يُقْطَعَانِ، وَيَقْضِي بِالْمَالِ عَلَى الْأَوَّلِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يُقْطَعُ فِيهِ وَمَا لَا يُقْطَعُ فِيهِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْقَطْعِ] الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يُقْطَعُ فِيهِ وَمَا لَا يُقْطَعُ فِيهِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْقَطْعِ لَا قَطْعَ فِيمَا يُوجَدُ تَافِهًا مُبَاحًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَالْخَشَبِ، وَالْحَشِيشِ، وَالْقَصَبِ، وَالسَّمَكِ، وَالزِّرْنِيخِ، وَالْمُغْرَةِ، وَالنُّورَةِ، وَيَدْخُلُ فِي السَّمَكِ الْمَالِحُ، وَالطَّرِيُّ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي، وَالِاخْتِيَارِ، وَيُقْطَعُ بِالسَّاجِ، وَالْقَنَا، وَالْأَبَنُوسِ، وَالصَّنْدَلِ بِالْفُصُوصِ الْخُضْرِ، وَالْيَاقُوتِ، وَالزَّبَرْجَدِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَيُقْطَعُ فِي الْجَوَا هِرْ كُلِّهَا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ فَأَمَّا الذَّهَبُ، وَالْفِضَّةُ، وَاللُّؤْلُؤُ، وَالْفَيْرُوزَجُ فَقَدْ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا سَرَقَهَا عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي تُوجَدُ مُبَاحَةً، وَهُوَ الْمُخْتَلِطُ بِالْحَجَرِ، وَالتُّرَابِ لَا يَجِبُ الْقَطْعُ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ جَعَلَ مِنْ الْخَشَبِ الَّذِي لَا قَطْعَ فِيهِ بَابًا، أَوْ كُرْسِيًّا، أَوْ سَرِيرًا يَجِبُ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ، وَفِي الْحَشِيشِ، وَالْقَصَبِ، وَالْبُورِيِّ كَمَا لَمْ يُوجِبْ الْقَطْعَ قَبْلَ الْعَمَلِ لَمْ يُوجِبْ بَعْدَ

الْعَمَلِ حَتَّى لَوْ اُتُّخِذَ مِنْهُمَا حَصِيرٌ، وَسُرِقَ لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِذَا غَلَبَتْ الصَّنْعَةُ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْحَصِيرِ كَمَا فِي الْحَصِيرِ الْبَغْدَادِيَّةِ، وَالْجُرْجَانِيَّة قَالُوا يُقْطَعُ أَيْضًا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنَّمَا يُقْطَعُ فِي الْأَبْوَابِ إذَا كَانَتْ فِي الْحِرْزِ، وَكَانَتْ خَفِيفَةً لَا يَثْقُلُ حَمْلُهَا عَلَى الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْغَبُ فِي سَرِقَةِ الثَّقِيلِ مِنْ الْأَبْوَابِ، وَإِنْ كَانَتْ مُرَكَّبَةً عَلَى الْبَابِ لَا يُقْطَعُ فِيهَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا يُقْطَعُ فِيمَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَاللَّبَنِ، وَاللَّحْمِ، وَالْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ أَمَّا الْفَاكِهَةُ الْيَابِسَةُ الَّتِي تَبْقَى فِي أَيْدِي النَّاسِ كَالْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِيهَا إذَا كَانَتْ مُحْرَزَةً، وَلَا قَطْعَ فِي الْفَاكِهَةِ عَلَى الشَّجَرِ، وَالزَّرْعِ الَّذِي لَمْ يُحْصَدْ، وَإِذَا قُطِعَتْ الْفَاكِهَةُ بَعْدَ اسْتِحْكَامِهَا، وَحُصِدَتْ الْحِنْطَةُ، وَجُعِلَتْ فِي حَظِيرَةٍ، وَعَلَيْهَا بَابٌ مُغْلَقٌ قُطِعَ فِيهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ بِاللَّحْمِ بَيْنَ كَوْنِهِ مَمْلُوحًا قَدِيدًا، أَوْ غَيْرَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا سَرَقَ مِنْ آخَرَ طَعَامًا، وَالسَّنَةُ سَنَةُ قَحْطٍ لَا يَجِبُ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، أَوْ لَا يَتَسَارَعُ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُحْرَزًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ كَانَتْ السَّنَةُ سَنَةَ خِصْبٍ إنْ كَانَ طَعَامًا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ كَانَ طَعَامًا لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَهُوَ مُحْرَزٌ قُطِعَ قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْجَوَابُ فِي الثِّمَارِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ أَيْضًا إذَا كَانَتْ السَّنَةُ سَنَةَ قَحْطٍ لَا يَجِبُ الْقَطْعُ فِي سَرِقَةِ الثِّمَارِ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَرًا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، أَوْ لَا يَتَسَارَعُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَرُ عَلَى رَأْسِ الشَّجَرِ، أَوْ كَانَ مُحْرَزًا، وَإِنْ كَانَتْ السَّنَةُ سَنَةَ خِصْبٍ إنْ كَانَ ثَمَرًا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ لَا يَجِبُ الْقَطْعُ سَوَاءٌ كَانَ مُحْرَزًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ كَانَ ثَمَرًا لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَهُوَ مُحْرَزٌ فَفِيهِ الْقَطْعُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيُقْطَعُ فِي الْحُبُوبِ كُلِّهَا، وَالْأَدْهَانِ، وَالطِّيبِ، وَالْعُودِ، وَالْمِسْكِ، وَكَذَا إذَا سَرَقَ قُطْنًا، أَوْ كَتَّانًا، أَوْ صُوفًا قُطِعَ، وَكَذَا إذَا سَرَقَ حِنْطَةً، أَوْ شَعِيرًا، أَوْ دَقِيقًا، أَوْ سَوِيقًا، أَوْ سَمْنًا، أَوْ تَمْرًا، أَوْ زَبِيبًا، أَوْ زَيْتًا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَكَذَا فِي الْأَمْتِعَةِ الْمَلْمُوسَةِ، وَالْمَفْرُوشَةِ، وَجَمِيعِ الْأَوَانِي مِنْ الْحَدِيدِ، وَالصُّفْرِ، وَالرَّصَاصِ، وَالْخَشَبِ، وَالْإِدَامِ، وَالْقَرَاطِيسِ، وَالسَّكَاكِينِ، وَالْمَقَارِيضِ، وَالْمَوَازِينِ، وَالْأَرْسَانِ، وَلَا قَطْعَ فِي الْحِجَارَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا يُقْطَعُ فِي الرُّخَامِ، وَلَا فِي الْقُدُورِ مِنْ الْحِجَارَةِ، وَالْمِلْحُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا قَطْعَ فِي الْقُرُونِ مَعْمُولَةً كَانَتْ، أَوْ غَيْرَ مَعْمُولَةٍ، وَلَوْ سَرَقَ نَخْلَةً بِأَصْلِهَا، أَوْ شَجَرَةً بِأَصْلِهَا مِنْ الْبُسْتَانِ، وَهِيَ تُسَاوِي عَشَرَةً لَا قَطْعَ فِيهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي الْخَلِّ، وَالْعَسَلِ يُقْطَعُ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. سَرَقَ بَاغٍ مِنْ تَاجِرِ أَهْلِ الْعَدْلِ بَيْنَهُمْ لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. ، وَيُقْطَعُ فِي السُّكْرِ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي الْعَاجِ مَا لَمْ يُعْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ لَا يُقْطَعَ فِي مَعْمُولِ الْعَاجِ، وَغَيْرِ مَعْمُولِهِ؛ لِأَنَّهُ يُخْتَلَفُ فِي كَوْنِهِ مَالًا، وَقَالُوا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْجَوَابُ فِي الْعَاجِ الَّذِي هُوَ مِنْ عِظَامِ الْجِمَالِ، وَلَا يُقْطَعُ فِي غَيْرِ مَعْمُولِهِ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ مُبَاحًا، وَيُقْطَعُ فِي مَعْمُولِهِ؛ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ تَغْلِبُ عَلَيْهِ فَصَارَ كَالْخَشَبِ إذَا عُمِلَ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. ، وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فِي الزَّجَّاجِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ الصَّيْدِ، وَحْشِيًّا كَانَ، أَوْ غَيْرَ، وَحْشِيٍّ سَوَاءٌ كَانَ صَيْدَ الْبَرِّ، أَوْ صَيْدَ الْبَحْرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي فَصْلِ شَرَائِطِ الْقَطْعِ وَلَا قَطْعَ فِي الْحِنَّاءِ وَلَا فِي الْبُقُولِ، وَالرَّيْحَانِ وَالرُّطَبِ، وَلَا قَطْعَ فِي التِّينِ، وَالْمَاءِ، وَالنَّوَى، وَلَا فِي جُلُودِ السِّبَاعِ الْمَذْبُوحَةِ إلَّا أَنَّهُ يُجْعَلُ بِسَاطًا، أَوْ مُصَلًّى، وَلَا فِي الْإِنَاءِ، وَقِدْرٍ فِيهِ طَعَامٌ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ الْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ مِنْ الذِّمِّيِّ، وَلَا قَطْعَ فِي الْبَازِي، وَالصَّقْرِ، وَسَائِرِ الطُّيُورِ، وَلَا فِي الْوُحُوشِ، وَلَا فِي الْكَلْبِ، وَالْفَهْدِ، وَلَا فِي الدَّجَاجِ، وَالْبَطِّ، وَالْحَمَامِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَالْأَشْرِبَةُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ حَلَالٌ كَالْفُقَّاعِ، وَنَحْوِهِ فَفِيهِ الْقَطْعُ وَشَرَابُ نَقِيعِ التَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ فِيهِ

الْقَطْعَ وَالْخَمْرُ لَا يَجِبُ فِيهَا الْقَطْعُ، وَيُقْطَعُ فِي الدِّبْس، وَلَا قَطْعَ فِي الطُّنْبُورِ، وَالدُّفِّ، وَالْمِزْمَارِ، وَكُلِّ شَيْءٍ لِلْمَلَاهِي، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَا قَطْعَ فِي الطَّبْلِ، وَالْبَرْبَطِ هَذَا إذَا كَانَ طَبْلَ لَهْوٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ طَبْلَ الْغُزَاةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ بِسَرِقَتِهِ إذَا كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةً، وَاخْتَارَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَطْعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ، وَلَا يُقْطَعُ فِي الثَّرِيدِ، وَالْخُبْزِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فِي نَوَادِرِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا قَطْعَ فِي الرُّبِّ، وَالْجُلَّابِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَلَوْ سَرَقَ ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا لَمْ يُقْطَعْ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. وَلَا فِي سَرِقَةِ الشِّطْرَنْجِ - وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ - وَالنَّرْدِ، كَذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ. وَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ الْمُصْحَفِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ حِلْيَةٌ تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَكَذَا لَا قَطْعَ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، وَالنَّحْوِ، وَاللُّغَةِ، وَالشِّعْرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ سَرَقَ الْجِلْدَ، وَالْأَوْرَاقَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ يُقْطَعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُقْطَعُ فِي سَرِقَةِ دَفَاتِرِ الْحِسَابِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْمُرَادُ بِذَلِكَ دَفَاتِرُ قَدْ مَضَى حِسَابُهَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَمْضِ لَمْ يُقْطَعْ أَمَّا دَفَاتِرُ التُّجَّارِ فَفِيهَا الْقَطْعُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْوَرَقُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا قَطْعَ فِي قَصَبِ النُّشَّابِ، وَلَوْ اتَّخَذَهُ نُشَّابًا ثُمَّ سَرَقَهُ قُطِعَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَا قَطْعَ فِي صَلِيبِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَكَذَا الصَّنَمُ مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَأَمَّا الدَّرَاهِمُ الَّتِي عَلَيْهَا التَّمَاثِيلُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُعَدَّةً لِلْعِبَادَةِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَيُقْطَعُ فِي الزَّعْفَرَانِ، وَالْوَرْسِ، وَالْعَنْبَرِ، وَالْوَسْمَةِ، وَالْكَتْمِ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَا يُقْطَعُ بِعَبْدٍ كَبِيرٍ أَيْ مُمَيِّزٍ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَوْ نَائِمًا، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ أَعْجَمِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ سَرِقَةً بَلْ إمَّا غَصْبٌ، أَوْ خِدَاعٌ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَيُقْطَعُ فِي سَرِقَةِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَيْسَ بِمُمَيِّزٍ، وَلَا مُعَبِّرٍ عَنْ نَفْسِهِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا سَرَقَ عَبْدًا صَغِيرًا قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَفِي أُذُنِهِ لُؤْلُؤَةٌ تُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ قَطَعْته، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَسَرَقَ مِنْ بَيْتِهِ مِثْلَهَا إنْ كَانَ دَيْنُهُ حَالًّا لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَالْقِيَاسُ أَنْ يُقْطَعَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُقْطَعُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي أَخَذَهُ بِقَدْرِ مَالِهِ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْهُ عُرُوضًا تُسَاوِي عَشَرَةً قُطِعَ، وَأَمَّا إذَا قَالَ أَخَذْتُهُ رَهْنًا بِحَقِّي، أَوْ قَضَاءً، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ أَخَذَ صِنْفًا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَجْوَدَ مِنْ حَقِّهِ، أَوْ أَرْدَأَ لَمْ يُقْطَعْ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ سَرَقَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ حَقِّهِ نَقْدًا لَا يُقْطَعُ فِي الصَّحِيحِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ سَرَقَ حُلِيًّا مِنْ فِضَّةٍ، وَعَلَيْهِ دَرَاهِمُ، أَوْ حُلِيًّا مِنْ ذَهَبٍ، وَعَلَيْهِ دَنَانِيرُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَ الْمَتَاعُ، أَوْ الْحُلِيُّ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ السَّارِقُ فَوَجَبَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَهُوَ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ أَيْضًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ، أَوْ الْعَبْدُ مِنْ غَرِيمِ الْمَوْلَى قُطِعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى، وَكَّلَهُمَا بِالْقَبْضِ فَحِينَئِذٍ لَا يَجِبُ الْقَطْعُ، وَلَوْ سَرَقَ مِنْ غَرِيمِ أَبِيهِ، أَوْ غَرِيمِ، وَلَدِهِ الْكَبِيرِ، أَوْ غَرِيمِ مُكَاتَبِهِ قُطِعَ، وَلَوْ سَرَقَ مِنْ غَرِيمِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. لَوْ سَرَقَ مِنْ غَرِيمِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ قُطِعَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَالْمِلْكُ فِيهِ لَهُ فَلَا يُقْطَعُ فِيهِ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. إذَا، وَقَعَتْ السَّرِقَةُ عَلَى شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا يَجِبُ الْقَطْعُ فِيهِ، وَالْآخَرُ مَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْأَصْلُ أَنَّ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالسَّرِقَةِ إذَا كَانَ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ، وَيَبْلُغُ نِصَابًا يُقْطَعُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالسَّرِقَةِ مِمَّا لَا قَطْعَ فِيهِ لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ مِمَّا يُقْطَعُ فِيهِ، وَيَبْلُغُ نِصَابًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ، وَلَوْ سَرَقَ إنَاءً فِضَّةً قِيمَتُهُ مِائَةٌ، وَفِيهِ نَبِيذٌ، أَوْ طَعَامٌ لَا يَبْقَى، أَوْ لَبَنٌ لَا يُقْطَعُ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى مَا فِي الْإِنَاءِ، وَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِ الصَّبِيِّ الْحُرِّ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ حِلْيَةٌ، وَهَذَا قَوْلُهُمَا - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

يُقْطَعُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ حِلْيَةٌ، وَهُوَ نِصَابٌ، وَالْخِلَافُ فِي الصَّبِيِّ الَّذِي يَمْشِي، وَلَا يَتَكَلَّمُ كَيْ لَا يَكُونَ فِي يَدِ نَفْسِهِ أَمَّا إذَا كَانَ يَتَكَلَّمُ، وَيَمْشِي فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ حِلْيَةٌ كَثِيرَةٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فِي الْمُنْتَقَى إذَا سَرَقَ كَلْبًا فِي عُنُقِهِ طَوْقٌ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ لَمْ أَقْطَعْهُ، وَإِنْ سَرَقَ حِمَارًا قِيمَتُهُ تِسْعَةٌ، وَعَلَيْهِ إكَافٌ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ قُطِعَ، وَإِنْ سَرَقَ كُوزًا فِيهِ عَسَلٌ قِيمَةُ الْكُوزِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ، وَقِيمَةُ الْعَسَلِ دِرْهَمٌ قُطِعَ، وَفِي الْأَصْلِ إذَا سَرَقَ خَابِيَةً مِنْ خَمْرٍ، وَالظَّرْفُ يُسَاوِي عَشَرَةً فَلَا قَطْعَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ إذَا شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الْحِرْزِ ثُمَّ أَخْرَجَ الظَّرْفَ، وَالظَّرْفُ مِمَّا يُقْطَعُ فِي سَرِقَتِهِ قُطِعَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سَرَقَ قُمْقُمَةً، وَفِيهَا مَاءٌ يُسَاوِي عَشَرَةً لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ شَرِبَ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْإِنَاءِ فِي الدَّارِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ فَارِغًا قُطِعَ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. قَالَ الْقُدُورِيُّ إذَا سَرَقَ مِنْدِيلًا فِيهِ صُرَّةُ دَرَاهِمَ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ يُرِيدُ بِهِ الْمِنْدِيلَ الَّذِي يُشَدُّ فِيهِ الدَّرَاهِمُ عَادَةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ سَرَقَ ثَوْبًا لَا يُسَاوِيَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَوُجِدَ فِي جَيْبِهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٌ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا لَمْ أَقْطَعْهُ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِهَا فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَلَوْ سَرَقَ جِرَابًا فِيهِ مَالٌ، أَوْ جُوَالِقًا فِيهَا مَالٌ، أَوْ كِيسًا فِيهِ مَالٌ قُطِعَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ سَرَقَ فُسْطَاطًا إنْ كَانَ مَنْصُوبًا لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَ مَلْفُوفًا يُقْطَعُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَا قَطْعَ عَلَى خَائِنٍ، وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا مُنْتَهِبٍ، وَلَا مُخْتَلِسٍ، وَلَا قَطْعَ عَلَى النَّبَّاشِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ سَرَقَ مِنْ الْقَبْرِ دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ، أَوْ شَيْئًا غَيْرَ الْكَفَنِ لَمْ يُقْطَعْ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا إذَا كَانَ الْقَبْرُ فِي بَيْتٍ مُقْفَلٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ سَوَاءٌ نَبَشَ الْكَفَنَ، أَوْ سَرَقَ مَالًا آخَرَ مِنْ ذَلِكَ الْبَيْتِ، وَكَذَا إذَا سَرَقَ الْكَفَنَ مِنْ تَابُوتٍ فِي الْقَافِلَةِ لَا يُقْطَعُ فِي الْأَصَحِّ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ سَرَقَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي قُطِعَ، وَإِنْ سَرَقَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَقَبْلَ الْقَبُولِ لَمْ يُقْطَعْ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ الْغَنَائِمِ، وَلَا عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ حُرًّا كَانَ، أَوْ عَبْدًا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَا يُقْطَعُ فِي مَالٍ لِلسَّارِقِ فِيهِ شَرِكَةٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا قُطِعَتْ يَدُ السَّارِقِ، وَرَدَّ الْمَتَاعَ عَلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ سَرَقَهُ مَرَّةً أُخْرَى لَمْ يُقْطَعْ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. ، وَكَذَا لَوْ سَرَقَهُ مِنْهُ سَارِقٌ آخَرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ، وَلَا لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَقْطَعَ السَّارِقَ الثَّانِيَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَتَبَدَّلْ الْعَيْنُ، وَكَانَ بِحَالِهِ لَا يُقْطَعُ ثَانِيًا عِنْدَنَا، وَإِنْ تَبَدَّلَتْ عَيْنُهُ قُطِعَ كَمَا لَوْ كَانَ قُطْنًا فَصَارَ غَزْلًا، أَوْ كَانَ غَزْلًا فَصَارَ ثَوْبًا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ سَرَقَ مِائَةً فَقُطِعَتْ يَدُهُ فِيهَا، وَرُدَّتْ إلَى مَالِكِهَا ثُمَّ سَرَقَ ثَانِيًا لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ سَرَقَهَا مَعَ مِائَةٍ أُخْرَى تُقْطَعُ رِجْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتَا مَخْلُوطَتَيْنِ، أَوْ مُتَمَيِّزَتَيْنِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا سَرَقَ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً فَقُطِعَ فِيهَا، وَرَدَّ الْعَيْنَ عَلَى صَاحِبِهَا فَجَعَلَ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ آنِيَةً، أَوْ كَانَتْ آنِيَةً فَضَرَبَهَا دَرَاهِمَ ثُمَّ عَادَ فَسَرَقَهَا لَا يُقْطَعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: يُقْطَعُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. فِي كِفَايَةِ الْبَيْهَقِيّ سَرَقَ ثَوْبًا فَخَاطَهُ ثُمَّ رَدَّهُ فَنَقَضَ فَسَرَقَ الْمَنْقُوضَ لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ سَرَقَ بَقَرَةً، وَقُطِعَ فِيهَا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ فَوَلَدَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ، وَلَدًا ثُمَّ سَرَقَ الْوَلَدَ قُطِعَ، وَلَوْ قُطِعَ فِي عَيْنٍ، وَرَدَّ الْعَيْنَ عَلَى الْمَالِكِ، وَبَاعَهُ مِنْ إنْسَانٍ اشْتَرَاهُ فَعَادَ السَّارِقُ، وَسَرَقَهُ ثَانِيًا لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكُتُبِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهَا فَالْعِرَاقِيُّونَ مِنْ مَشَايِخِنَا يَقُولُونَ لَا يُقْطَعُ، وَمَشَايِخُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ يَقُولُونَ: يُقْطَعُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَكَذَا إذَا بَاعَهُ مِنْ السَّارِقِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. أَفْرَزَ زَكَاةَ مَالِهِ لِيُؤَدِّيَ إلَى الْفُقَرَاءِ فَسَرَقَهَا غَنِيٌّ، أَوْ فَقِيرٌ

الفصل الثاني في الحرز والأخذ منه

قُطِعَ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ مَالِ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ مِنْ عِنْدِنَا اسْتِحْسَانًا. رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ أَغَار فِي عَسْكَرِ أَهْلِ الْبَغْيِ لَيْلًا فَسَرَقَ مِنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَالًا فَجَاءَ بِهِ إلَى الْإِمَامِ الْعَدْلِ قَالَ: لَا تَقْطَعْهُ؛ لِأَنَّ لِأَهْلِ الْعَدْلِ أَنْ يَأْخُذُوا مَالَ أَهْلِ الْبَغْيِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَيُمْسِكُوهُ إلَى أَنْ يَتُوبُوا، أَوْ يَمُوتُوا فَيُرَدَّ عَلَى وَرَثَتِهِمْ فَتَمَكَّنَتْ الشُّبْهَةُ فِي أَخْذِهِ بِهَذَا الطَّرِيقِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَغَار رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ فِي عَسْكَرِ أَهْلِ الْعَدْلِ لَمْ يُقْطَعْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْبَغْيِ يَسْتَحِلُّونَ أَمْوَالَ أَهْلِ الْعَدْلِ، وَتَأْوِيلُهُمْ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا فَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهِ الْمَنَعَةُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ تَأْوِيلٍ صَحِيحٍ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ دَارِ الْعَدْلِ سَرَقَ مَالًا مِنْ آخَرَ، وَهُوَ مِمَّنْ يُشْهَدَ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ، وَيُسْتَحَلُّ مَالُهُ، وَدَمُهُ قَطَعْته؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ هَهُنَا تَجَرَّدَ عَنْ الْمَنَعَةِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالتَّأْوِيلِ بِدُونِ الْمَنَعَةِ، وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِهِ فَكَذَلِكَ الْقَطْعُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ تَحْتَ حُكْمِ أَهْلِ الْعَدْلِ فَيَتَمَكَّنُ إمَامُ أَهْلِ الْعَدْلِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْقَطْعِ عَنْهُ بِخِلَافِ الَّذِي هُوَ فِي عَسْكَرِ أَهْلِ الْبَغْيِ فَإِنَّ يَدَ الْإِمَامِ الْعَدْلِ لَا تَصِلُ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْحِرْزِ وَالْأَخْذِ مِنْهُ] ُ الْحِرْزُ عَلَى ضَرْبَيْنِ. (حِرْزٌ لِمَعْنًى فِيهِ) كَالْبُيُوتِ، وَالدُّورِ، وَيُسَمَّى هَذَا حِرْزًا بِالْمَكَانِ، وَكَذَلِكَ الْفَسَاطِيطُ، وَالْحَوَانِيتُ، وَالْخِيَمُ كُلُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَكُونُ حِرْزًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا حَافِظٌ سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ مَفْتُوحُ الْبَابِ، أَوْ لَا بَابَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ يُقْصَدُ بِهِ الْإِحْرَازُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَطْعُ إلَّا بِالْإِخْرَاجِ بِخِلَافِ الْحِرْزِ بِالْحَافِظِ حَيْثُ يَجِبُ الْقَطْعُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ. (وَحِرْزٌ بِالْحَافِظِ) كَمَنْ جَلَسَ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ فِي الصَّحْرَاءِ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، وَعِنْدَهُ مَتَاعُهُ فَهُوَ مُحْرَزٌ بِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْحَافِظُ قَرِيبًا مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا بَعُدَ فَلَيْسَ بِحَافِظٍ، وَحَدُّ الْقُرْبِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَرَاهُ، وَيَحْفَظُهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحَافِظُ مُسْتَيْقِظًا، أَوْ نَائِمًا، وَالْمَتَاعُ تَحْتَهُ، أَوْ عِنْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ جَمَعَ مَتَاعَهُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَلَمْ يَنَمْ عَلَى مَتَاعِهِ، وَإِنَّمَا نَامَ عِنْدَهُ فَسُرِقَ مِنْهُ يُقْطَعُ إذَا نَامَ حَيْثُ يَرَاهُ، وَيَحْفَظُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ شَيْءٍ مُعْتَبَرٌ بِحِرْزِ مِثْلِهِ كَمَا إذَا سَرَقَ الدَّابَّةَ مِنْ الْإِصْطَبْلِ، أَوْ الشَّاةَ مِنْ الْحَظِيرَةِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَإِذَا سَرَقَ الدِّرْهَمَ، أَوْ الْحُلِيَّ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا يُقْطَعُ. وَفِي الْكَرْخِيِّ مَا كَانَ حِرْزًا لِنَوْعٍ فَهُوَ حِرْزٌ لِكُلِّ نَوْعٍ حَتَّى جَعَلُوا شَرِيجَةَ الْبَقَّالِ، وَقَوَاصِرَ التَّمْرِ حِرْزًا لِلدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ، وَاللُّؤْلُؤِ قَالَ، وَهُوَ صَحِيحٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي الْمُحْرَزِ بِالْمَكَانِ لَا يُعْتَبَرُ الْإِحْرَازُ بِالْحَافِظِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا سَرَقَ مِنْ الْحَمَّامِ لَيْلًا قُطِعَ، وَبِالنَّهَارِ لَا، وَأَمَّا مَا اعْتَادَهَا النَّاسُ مِنْ دُخُولِ الْحَمَّامِ بَعْضَ اللَّيْلِ فَهُوَ كَالنَّهَارِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ سَرَقَ ثَوْبًا مِنْ تَحْتِ رَجُلٍ فِي الْحَمَّامِ يُقْطَعُ كَمَا لَوْ سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ مَتَاعًا، وَصَاحِبُهُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يُقْطَعُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْكَافِي. مَا كَانَ مُحْرَزًا بِالْبَيِّنَةِ فَأَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ فَسَرَقَ هَذَا الْمَأْذُونُ فِي الدُّخُولِ شَيْئًا لَمْ يُقْطَعْ، وَلَمْ يَكُنْ حِرْزًا فِي حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ حَافِظٌ، أَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ نَائِمًا عَلَيْهِ، وَمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ الْأَبْنِيَةِ يَدْخُلُ بِلَا إذْنٍ مَتَى شَاءَ، وَلَا يُمْنَعُ فَهَذَا، وَالْفِنَاءُ فِي الْبَرِيَّةِ وَاحِدٌ يَصِيرُ مُحْرَزًا بِحَافِظٍ، وَذَلِكَ كَالْمَسَاجِدِ، وَالطُّرُقِ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. إنْ شَقَّ الْحَمْلَ فَسَرَقَ مِنْهُ، أَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي صُنْدُوقٍ فَأَخَذَ الْمَالَ قُطِعَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ سَرَقَ الْإِبِلَ مِنْ الطَّرِيقِ مَعَ حَمْلِهَا لَا يُقْطَعُ سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُهَا عَلَيْهَا، أَوْ لَا هَذَا مَالٌ ظَاهِرٌ غَيْرُ مُحْرَزٍ، وَكَذَا لَوْ سَرَقَ الْجُوَالِقَ بِعَيْنِهَا لَمْ يُقْطَعْ، وَلَوْ شَقَّ الْجُوَالِقَ فَأَخْرَجَ مَا فِيهَا إنْ كَانَ صَاحِبُهَا هُنَاكَ قُطِعَ، وَإِلَّا فَلَا. فَإِنْ كَانَتْ

الْجُوَالِقُ مَوْضُوعَةً عَلَى الْأَرْضِ فَسَرَقَ الْجُوَالِقَ مَعَ الْمَتَاعِ إنْ كَانَ صَاحِبُهُ هُنَاكَ بِحَيْثُ يَكُونُ حَافِظًا لَهُ قُطِعَ سَوَاءٌ كَانَ نَائِمًا، أَوْ يَقْظَانَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا سَرَقَ مِنْ الْقِطَارِ بَعِيرًا لَا يُقْطَعُ، وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ مَعَهُ سَائِقٌ، أَوْ قَائِدٌ يَسُوقُهُ، أَوْ يَقُودُهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فَلَمْ يُجْعَلْ الْقِطَارُ مُحْرَزًا بِالسَّائِقِ وَالْقَائِدِ، وَإِنْ كَانَا حَافِظَيْنِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ إنَّمَا يَصِيرُ مُحْرَزًا بِالْحَافِظِ إذَا كَانَ قَصْدُهُ الْحِفْظَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَصْدُهُ شَيْئًا آخَرَ، وَالْحِفْظُ يَحْصُلُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ فَلَا حَتَّى لَوْ كَانَ مَعَ الْقِطَارِ مَنْ يَتْبَعُهُ لِلْحِفْظِ يُقْطَعُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَخَذَ السَّارِقُ فِي الْحِرْزِ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ، وَقَدْ حَمَلَهُ، أَوْ لَمْ يَحْمِلْهُ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَلَوْ رَمَى إلَى صَاحِبٍ لَهُ خَارِجَ الْحِرْزِ فَأَخَذَ الْمَرْمِيَّ إلَيْهِ فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ نَالَ صَاحِبُهُ مِنْ وَرَاءِ الْجِدَارِ، وَلَمْ يَخْرُجْ هُوَ بِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقْطَعُ الدَّاخِلُ، وَلَا يُقْطَعُ الْخَارِجُ إذَا كَانَ الْخَارِجُ لَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ إلَى الْحِرْزِ، وَلَوْ كَانَ الْخَارِجُ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْحِرْزِ فَأَخَذَهَا مِنْ الدَّاخِلِ فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَقْطَعُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَرْخِيِّ. وَلَوْ وَضَعَ الدَّاخِلُ الْمَالَ عِنْدَ النَّقْبِ ثُمَّ خَرَجَ وَأَخَذَهُ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ نَهْرٌ جَارٍ فَرَمَى الْمَتَاعَ فِي النَّهْرِ ثُمَّ خَرَجَ وَأَخَذَهُ إنْ خَرَجَ بِقُوَّةِ الْمَاءِ لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ خَرَجَ بِتَحْرِيكِهِ الْمَاءَ قُطِعَ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ، وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ فِي إخْرَاجِ الْمَاءِ بِقُوَّةِ جَرْيِهِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ خَرَجَ فَأَخَذَهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ رَمَى بِهِ فِي الطَّرِيقِ بِحَيْثُ يَرَاهُ ثُمَّ خَرَجَ فَأَخَذَهُ قُطِعَ، وَإِنْ رَمَى بِهِ بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ خَرَجَ، وَأَخَذَهُ إذَا حَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ، وَسَاقَهُ فَأَخْرَجَهُ يُقْطَعُ بِذَلِكَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. مَنْ سَرَقَ سَرِقَةً فَلَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ الدَّارِ لَمْ يُقْطَعْ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا يَسْتَغْنِي أَهْلُ الْبُيُوتِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِصَحْنِ الدَّارِ، وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَفِيهَا مَقَاصِيرُ؛ أَيْ حُجَرٌ وَمَنَازِلُ، وَفِي كُلِّ مَقْصُورَةٍ سُكَّانٌ، وَيَسْتَغْنِي أَهْلُ الْمَنَازِلِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِصَحْنِ الدَّارِ، وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ انْتِفَاعَ السِّكَّةِ فَسَرَقَ الرَّجُلُ مِنْ مَقْصُورَةٍ وَأَخْرَجَهَا إلَى صَحْنِ الدَّارِ، وَلَوْ سَرَقَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَقَاصِيرِ مِنْ مَقْصُورَةٍ شَيْئًا يُقْطَعُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ نَقَبَ الْبَيْتَ ثُمَّ خَرَجَ وَلَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا ثُمَّ جَاءَ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى فَدَخَلَ وَأَخَذَ شَيْئًا إنْ كَانَ صَاحِبُ الْبَيْتِ قَدْ عَلِمَ بِالنَّقْبِ وَلَمْ يَسُدَّهُ، أَوْ كَانَ النَّقْبُ ظَاهِرًا يَرَاهُ الطَّارِقُ وَبَقِيَ كَذَلِكَ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. سَارِقٌ دَخَلَ مَعَ حِمَارٍ مَنْزِلًا فَجَمَعَ الثِّيَابَ، وَحَمَلَهَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْمَنْزِل، وَذَهَبَ إلَى مَنْزِلِهِ فَخَرَجَ الْحِمَارُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَجَاءَ إلَى مَنْزِلِهِ لَمْ يُقْطَعْ، وَكَذَا لَوْ عَلَّقَ عَلَى طَائِرٍ شَيْئًا، وَتُرِكَ فِي الْمَنْزِلِ فَطَارَ إلَى مَنْزِلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَخَذَ مِنْهُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ سَرَقَ مَالًا مِنْ حِرْزٍ فَدَخَلَ آخَرُ الْحِرْزَ، وَحَمَلَ السَّارِقَ وَالْمَالَ مَعَهُ قُطِعَ الْمَحْمُولُ خَاصَّةً، وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ دُفْعَتَيْنِ فَصَاعِدًا إنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا اطِّلَاعُ الْمَالِكِ فَأَصْلَحَ النَّقْبَ، أَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ فَالْإِخْرَاجُ الثَّانِي سَرِقَةٌ أُخْرَى، وَلَا يَجِبُ الْقَطْعُ إذَا كَانَ الْمُخْرَجُ فِي كُلِّ دَفْعَةٍ دُونَ النِّصَابِ، وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ ذَلِكَ قُطِعَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ سَرَقَ مِنْ السَّطْحِ مَا يُسَاوِي نِصَابًا يُقْطَعُ. رَجُلٌ نَقَبَ حَائِطًا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ ثُمَّ غَابَ فَدَخَلَ سَارِقٌ الْبَيْتَ، وَسَرَقَ شَيْئًا الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ النَّاقِبُ مَا سَرَقَهُ السَّارِقُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ سَرَقَ ثَوْبًا بُسِطَ فِي السِّكَّةِ لَا يُقْطَعُ، وَكَذَا لَوْ سَرَقَ ثَوْبًا بُسِطَ عَلَى خُصٍّ إلَى السِّكَّةِ، وَإِنْ بُسِطَ عَلَى الْحَائِطِ إلَى الدَّارِ، أَوْ عَلَى الْخُصِّ إلَى السَّطْحِ قُطِعَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ، وَإِنْ نَقَبَ الْبَيْتَ، وَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ فَأَخَذَ شَيْئًا لَمْ يُقْطَعْ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ

هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْبَيْتِ الْكَبِيرِ الَّذِي يُمْكِنُ الدُّخُولُ فِيهِ مِنْ النَّقْبِ أَمَّا إذَا كَانَ صَغِيرًا لَا يُمْكِنُ دُخُولُهُ مِنْ النَّقْبِ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ، وَأَخَذَ الْمَالَ قُطِعَ إجْمَاعًا، وَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي صُنْدُوقِ الصَّيْرَفِيِّ، أَوْ فِي كُمِّ غَيْرِهِ فَأَخَذَ الْمَالَ قُطِعَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. جَمَاعَةٌ نَزَلُوا خَانًا، أَوْ بَيْتًا فَسَرَقَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ مَتَاعًا، وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ يَحْفَظُهُ، أَوْ هُوَ تَحْتَ رَأْسِهِ لَمْ يُقْطَعْ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِذَا طَرَّ صُرَّةً خَارِجَةً مِنْ الْكُمِّ، وَأَخَذَ الدَّرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْكُمِّ فَطَرَّهَا قُطِعَ، وَلَوْ حَلَّ الرِّبَاطَ يُقْطَعُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي الْكَافِي. فِي الْمُنْتَقَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي الْفَشَّاشِ، وَهُوَ الَّذِي يُهَيِّئُ لِغَلْقِ الْبَيْتِ مَا يَفْتَحُهُ بِهِ إذَا فَشَّ نَهَارًا، وَلَيْسَ فِي الْبَيْتِ، وَلَا فِي الدَّارِ أَحَدٌ، وَأَخَذَ الْمَتَاعَ لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهَا فَأَخَذَ الْمَتَاعَ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ قُطِعَ، وَكَذَلِكَ إذَا فَشَّ بَابًا فِي السُّوقِ لَمْ يُقْطَعْ، وَالْقَفَّافُ لَا يُقْطَعُ وَهُوَ الَّذِي يُعْطَى الدَّرَاهِمَ لِيَنْظُرَ إلَيْهَا فَيَأْخُذَ مِنْهَا وَصَاحِبُهُ لَا يَعْلَمُ. فِي الْحَاوِي إذَا كَانَ بَابُ الدَّارِ مَرْدُودًا غَيْرَ مُغْلَقٍ فَدَخَلَهَا السَّارِقُ خُفْيَةً، وَأَخَذَ الْمَتَاعَ خُفْيَةً قُطِعَ، وَلَوْ كَانَ بَابُ الدَّارِ مَفْتُوحًا فَدَخَلَ نَهَارًا، وَسَرَقَ لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ دَخَلَ لَيْلًا مِنْ بَابِ الدَّارِ، وَكَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا مَرْدُودًا بَعْدَمَا صَلَّى النَّاسُ الْعَتَمَةَ، وَسَرَقَ خُفْيَةً، أَوْ مُكَابَرَةً، وَمَعَهُ سِلَاحٌ، أَوْ لَا، وَصَاحِبُ الدَّارِ يَعْلَمُ بِهِ، أَوْ لَا قُطِعَ، وَلَوْ دَخَلَ اللِّصُّ دَارَ إنْسَانٍ مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ، وَالْعَتَمَةِ، وَالنَّاسُ يَذْهَبُونَ، وَيَجِيئُونَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّهَارِ، وَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الدَّارِ يَعْلَمُ بِدُخُولِ اللِّصِّ، وَاللِّصُّ لَا يَعْلَمُ أَنَّ فِيهَا صَاحِبَ الدَّارِ، أَوْ يَعْلَمُ بِهِ اللِّصُّ، وَصَاحِبُ الدَّارِ لَا يَعْلَمُ قُطِعَ، وَلَوْ عَلِمَا لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمَا قُطِعَ، وَلَوْ كَابَرَ إنْسَانًا لَيْلًا حَتَّى سَرَقَ مَتَاعَهُ قُطِعَ، وَلَوْ كَابَرَهُ نَهَارًا فَنَقَبَ بَيْتَهُ سِرًّا، وَأَخَذَ مَتَاعَهُ مُغَالَبَةً لَا يُقْطَعُ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُقْطَعَ فِي الْفَصْلَيْنِ لَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْقَطْعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَخْرَجَ شَاةً مِنْ الْحِرْزِ فَتَبِعَهَا أُخْرَى، وَلَمْ تَكُنْ الْأُولَى نِصَابًا فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا سَرَقَ شَاةً، أَوْ بَقَرَةً، أَوْ فَرَسًا مِنْ الْمَرْعَى لَا يُقْطَعُ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا رَاعٍ يَحْفَظُهَا، وَفِي الْبَقَّالِيِّ أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي الْمَوَاشِي فِي الْمَرْعَى، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا الرَّاعِي؛ لِأَنَّ الرَّاعِيَ يُنْصَبُ لِأَجْلِ الرَّعْيِ لَا لِأَجْلِ الْحِفْظِ فَلَا تَصِيرُ مُحْرَزَةً بِالرَّاعِي فَإِنْ كَانَ مَعَهَا سِوَى الرَّاعِي مَنْ يَحْفَظُهَا يَجِبُ الْقَطْعُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَإِنْ كَانَتْ الْغَنَمُ تَأْوِي إلَى بَيْتٍ بِاللَّيْلِ قَدْ بُنِيَ لَهَا عَلَيْهِ بَابٌ مُغْلَقٌ فَكَسَرَهُ، وَدَخَلَ فَسَرَقَ مِنْهُ شَاةً قُطِعَ، وَفِي الْبَقَّالِيِّ، وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ الْغَلْقُ إذَا كَانَ الْبَابُ مَرْدُودًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُنْفَرِدًا فِي الصَّحْرَاءِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. يَأْوِي بِاللَّيْلِ إلَى حَائِطٍ قَدْ بُنِيَ لَهَا عَلَيْهِ الْبَابُ، وَهُنَاكَ مَنْ يَحْفَظُهَا، وَكَسَرَ الْبَابَ لَيْلًا، وَسَرَقَ بَقَرَةً فَقَادَهَا، أَوْ سَاقَهَا، أَوْ رَكِبَهَا حَتَّى أَخْرَجَهَا قُطِعَ. اتَّخَذَ حَظِيرَةً مِنْ حَجَرٍ، أَوْ شَوْكٍ، وَجَمَعَ فِيهَا الْأَغْنَامَ، وَهُوَ نَائِمٌ عِنْدَهَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا جَمَعَ الْغَنَمَ فِي حَظِيرَةٍ، أَوْ فِي غَيْرِ حَظِيرَةٍ، وَعَلَيْهَا حَافِظٌ، أَوْ لَيْسَ عَلَيْهَا حَافِظٌ بَعْدَ أَنْ جَمَعَهَا فِي مَوْضِعٍ قُطِعَ سَارِقُهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّهُ إذَا جَمَعَهَا فِي مَكَانٍ أُعِدَّ لِحِفْظِهَا فَسَرَقَ رَجُلٌ مِنْهَا فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا حَافِظٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. مَنْ سَرَقَ مِنْ أَبَوَيْهِ، وَإِنْ عَلَيَا، أَوْ، وَلَدِهِ، وَإِنْ سَفَلَ، أَوْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ كَالْأَخِ، وَالْأُخْتِ، وَالْعَمِّ، وَالْخَالِ، وَالْعَمَّةِ، وَالْخَالَةِ لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مَتَاعَ غَيْرِهِ لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ سَرَقَ مَالَ ذِي الرَّحِمِ مِنْ بَيْتِ غَيْرِهِ يُقْطَعُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ سَرَقَ مِنْ أُمِّهِ، أَوْ أُخْتِهِ رَضَاعًا يُقْطَعُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ لَمْ يُقْطَعْ، وَكَذَلِكَ إذَا سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ حِرْزٍ خَاصٍّ لِلْآخَرِ لَا يَسْكُنَانِ فِيهِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلَوْ سَرَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا، أَوْ سَرَقَ هُوَ مِنْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَبَانَتْ بِغَيْرِ عِدَّةٍ لَا يُقْطَعُ، وَاحِدٌ

الفصل الثالث في كيفية القطع وإثباته

مِنْهُمَا لَوْ سَرَقَ مِنْ امْرَأَتِهِ الْمَبْتُوتَةِ، أَوْ الْمُخْتَلِعَةِ إنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ لَمْ يُقْطَعْ سَوَاءٌ كَانَ طَلْقَةً، أَوْ طَلْقَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، وَكَذَا إذَا سَرَقَتْ هِيَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ أَبَانَهَا بَعْدَ السَّرِقَةِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا سَرَقَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ سَرَقَتْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ إلَى الْإِمَامِ ثُمَّ تَرَافَعَا الْأَمْرَ إلَى الْإِمَامِ، وَأَقَرَّ السَّارِقُ فَالْقَاضِي لَا يَقْطَعُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ لَمْ يُقْطَعْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا سَرَقَ مِنْ امْرَأَةٍ قَدْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِتَقْبِيلِ أُمِّهَا، أَوْ ابْنَتِهَا قُطِعَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْأَصْهَارِ، أَوْ الْأَخْتَانِ لَمْ يُقْطَعْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُقْطَعُ، وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَيْتُ لِلْخَتَنِ أَمَّا إذَا كَانَ لِلْبِنْتِ فَلَا قَطْعَ اتِّفَاقًا، وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الصِّهْرِ إذَا كَانَ الْبَيْتُ لِلزَّوْجَةِ لَا يُقْطَعُ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ الْخَتَنُ زَوْجُ كُلِّ ذِي رَحِمِ مَحْرَمٍ مِنْهُ كَزَوْجِ الْبِنْتِ وَالْأُخْتِ وَكُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنْ الْخَتَنِ وَالصِّهْرُ مَنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ بِالْمُصَاهَرَةِ كَأُمِّ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا وَكَامْرَأَةِ الْأَبِ وَكُلِّ ذِي رَحِمِ مَحْرَمٍ مِنْ أَوْلَادِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ مِنْ مَوْلَاهُ لَا يُقْطَعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَقَ مِنْ أَبِي مَوْلَاهُ، أَوْ أُمِّهِ، أَوْ ذَوِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، أَوْ مِنْ امْرَأَةِ مَوْلَاهُ، وَكُلُّ مَا لَا يَقْطَعُ الْمَوْلَى بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ فَعَبْدُهُ بِمَنْزِلَتِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مُدَبَّرًا، أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ مَأْذُونًا، أَوْ أُمَّ، وَلَدٍ سَرَقَتْ مِنْ مَوْلَاهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَذَلِكَ الْمَوْلَى إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ مُكَاتَبِهِ، أَوْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ، وَيُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُودَعِ فِيمَا فِي يَدِهِ، وَيُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ الْمُودَعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا قَطْعَ عَلَى الضَّيْفِ إذَا سَرَقَ مِمَّنْ أَضَافَهُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا قَطْعَ عَلَى خَادِمِ الْقَوْمِ إذَا سَرَقَ مَتَاعَهُمْ، وَلَا عَلَى أَجِيرٍ سَرَقَ مِنْ مَوْضِعٍ أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ، وَإِذَا آجَرَ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ فَسَرَقَ الْمُؤَجِّرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ، وَكُلُّ، وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَنْزِلٍ عَلَى حِدَةٍ قُطِعَ السَّارِقُ مِنْهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا إذَا سَرَقَ الْمُؤَجِّرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا قَطْعَ، وَإِنْ سَرَقَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ قُطِعَ بِالْإِجْمَاعِ إذَا كَانَتْ فِي بَيْتٍ مُفْرَدٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ] ِ تُقْطَعُ يَمِينُ السَّارِقِ مِنْ الزَّنْدِ، وَتُحْسَمُ، وَثَمَنُ الزَّيْتِ، وَكُلْفَةُ الْحَسْمِ عَلَى السَّارِقِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فَإِنْ سَرَقَ ثَانِيًا قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَإِنْ سَرَقَ ثَالِثًا لَمْ يُقْطَعْ، وَخُلِّدَ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَتُوبَ هَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَيُعَزَّرُ أَيْضًا ذَكَرَهُ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ سِيَاسَةً لِسَعْيِهِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ السَّارِقُ أَشَلَّ الْيَدِ الْيُسْرَى، أَوْ أَقْطَعَ، أَوْ مَقْطُوعَ الرِّجْلِ الْيُمْنَى لَمْ يُقْطَعْ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى شَلَّاءَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ إبْهَامُهُ الْيُسْرَى مَقْطُوعَةً، أَوْ شَلَّاءَ، أَوْ الْإِصْبَعَانِ مِنْهَا سِوَى الْإِبْهَامِ، وَإِنْ كَانَتْ أُصْبُعٌ وَاحِدٌ سِوَى الْإِبْهَامِ مَقْطُوعَةً، أَوْ شَلَّاءَ قُطِعَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ كَانَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى شَلَّاءَ أَوْ نَاقِصَةَ الْأَصَابِعِ يُقْطَعُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا كَانَ لِلسَّارِقِ كَفَّانِ فِي مِعْصَمٍ، وَاحِدٍ قَالَ بَعْضُهُمْ تُقْطَعَانِ جَمِيعًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ تَمَيَّزَتْ الْأَصْلِيَّةُ، وَأَمْكَنَ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَطْعِهَا لَمْ تُقْطَعْ الزَّائِدَةُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قُطِعَتَا جَمِيعًا، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ فَإِنْ كَانَ يَبْطِشُ بِإِحْدَاهُمَا قُطِعَتْ الْبَاطِشَةُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَإِنْ كَانَتْ رِجْلُهُ الْيَمِينُ مَقْطُوعَةَ الْأَصَابِعِ فَإِنْ كَانَ يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ، وَالْمَشْيَ عَلَيْهَا قُطِعَتْ يَدُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْشِيَ عَلَيْهَا لَمْ تُقْطَعْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَمَنْ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ فَلَمْ يُقْطَعْ حَتَّى قُطِعَ قَاطِعُ يَمِينِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ فَعَلَى قَاطِعِهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ، وَالْأَرْشُ فِي الْخَطَأِ، وَتُقْطَعُ رِجْلُهُ

الْيُسْرَى فِي السَّرِقَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْخُصُومَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَكَذَا الْجَوَابُ إلَّا أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْقَاطِعِ، وَنَابَ قَطْعُهُ عَنْ السَّرِقَةِ حَتَّى لَا يَجِبَ الضَّمَانُ عَلَى السَّارِقِ فِيمَا اسْتَهْلَكَ مِنْ مَالِ السَّرِقَةِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِنْ لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ الْيُمْنَى، وَلَكِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى لَا تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى بِسَبَبِ السَّرِقَةِ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى تَفْوِيتِ جِنْسِ مَنْفَعَةِ الْبَطْشِ، وَلَوْ لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ الْيُسْرَى، وَلَكِنْ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى سَقَطَ عَنْهُ الْقَطْعُ بِسَبَبِ السَّرِقَةِ فَإِنْ لَمْ تُقْطَعْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى، وَلَكِنْ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ الْحَاكِمُ لِلْجَلَّادِ اقْطَعْ يَمِينَ هَذَا السَّارِقِ فِي سَرِقَةٍ سَرَقَهَا فَقَطَعَ يَسَارَهُ عَمْدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنْ يُؤَدَّبُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَطَعَ يَسَارَهُ عَمْدًا، وَلَوْ قَطَعَهُ خَطَأً لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا سَوَاءٌ أَخْطَأَ فِي الِاجْتِهَادِ بِأَنْ اجْتَهَدَ وَقَالَ: الْيَدُ مُطْلَقٌ فِي النَّصِّ فَقَطَعَ الْيُسْرَى، أَوْ فِي مَعْرِفَةِ الْيَمِينِ، وَالْيَسَارِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُصَفَّى وَلَوْ قَالَ لَهُ: اقْطَعْ يَدَ هَذَا فَقَطَعَ الْيَسَارَ لَا يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَوْ أَنَّ السَّارِقَ أَخْرَجَ يَسَارَهُ، وَقَالَ هَذِهِ يَمِينِي فَقَطَعَهَا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهَا يَسَارُهُ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَطَعَ غَيْرُ الْجَلَّادِ يَسَارَهُ لَا يَضْمَنُ أَيْضًا " وَهُوَ الصَّحِيحُ " هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ فَقَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ الْيُمْنَى مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَكِنْ يُؤَدِّبُهُ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ قَطَعَ الْجَلَّادُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ضَمِنَ الْجَلَّادُ دِيَتَهَا، وَضَمِنَ السَّارِقُ السَّرِقَةَ، وَإِنْ قَطَعَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى ضَمِنَ الْجَلَّادُ دِيَتَهَا، وَقُطِعَتْ مِنْ السَّارِقِ يَدُهُ الْيُمْنَى، وَإِنْ قَطَعَ يَدَيْهِ جَمِيعًا صَارَتْ الْيُمْنَى بِالسَّرِقَةِ، وَضَمِنَ الْجَلَّادُ لِلسَّارِقِ يَدَهُ الْيُسْرَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ، وَرِجْلَيْهِ ضَمِنَ الْيُسْرَى، وَالرِّجْلَيْنِ، وَلَوْ كَانَتْ يَمِينُ السَّارِقِ مَعْدُومَةً قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ بِشُهُودٍ فِي السَّرِقَةِ ثُمَّ انْفَلَتَ، أَوْ لَمْ يَكُنْ حُكِمَ عَلَيْهِ حَتَّى انْفَلَتَ فَأُخِذَ بَعْدَ زَمَانٍ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ اتَّبَعَهُ الشُّرَطُ فَأَخَذُوهُ مِنْ سَاعَتِهِ قُطِعَتْ يَدُهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ سَرَقَ مِنْ رَجُلَيْنِ لَمْ يُقْطَعْ بِغَيْبَةِ أَحَدِهِمَا، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ سَرَقَ مِنْ جُوزَجَانِيَّاتٍ فَرُفِعَ إلَى قَاضِي بَلْخٍ فَلَهُ أَنْ يَقْطَعَهُ فَإِنْ غَلَبَ رَجُلٌ عَلَى جُوزَجَانِيَّاتٍ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ مِنْ جِهَةِ وَالِي خُرَاسَانَ لَمْ يَكُنْ لِقَاضِي بَلْخٍ أَنْ يُقِيمَ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ سَرَقَ فِي خُوَارِزْمَ فَرُفِعَ إلَى قَاضِي بُخَارَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا ثَبَتَتْ السَّرِقَةُ فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ، وَالْحَرِّ الشَّدِيدِ الَّذِي يُتَخَوَّفُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ إنْ قُطِعَ حُبِسَ حَتَّى يَنْكَشِفَ الْحَرُّ، وَالْبَرْدُ، وَإِذَا كَانَ لَا يُتَخَوَّفُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ إنْ قُطِعَ لَمْ يُؤَخَّرْ، وَإِنْ حُبِسَ إلَى فُتُورِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فَمَاتَ فِي السِّجْنِ فَضَمَانُ الْمَسْرُوقِ دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ فَيُطَالِبَ بِالسَّرِقَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَقْطَعُهُ، وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي زَادِ الْفُقَهَاءِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ، وَالْإِقْرَارِ عِنْدَنَا، وَكَذَا إنْ غَابَ عِنْدَ الْقَطْعِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلِلْمُسْتَوْدِعِ، وَالْغَاصِبِ، وَصَاحِبِ الرِّبَا، وَالْمُسْتَعِيرِ، وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَالْمُضَارِبِ، وَالْمُسْتَبْضِعِ، وَالْقَابِضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ، وَالْمُرْتَهِنِ، وَكُلِّ مَنْ لَهُ يَدٌ حَافِظَةٌ سِوَى الْمَالِكِ كَالْأَبِ، وَالْوَصِيِّ أَنْ يَقْطَعُوا السُّرَّاقَ مِنْهُمْ، وَيُقْطَعُ بِخُصُومَةِ الْمَالِكِ فِي السَّرِقَةِ مِنْ هَؤُلَاءِ إلَّا أَنَّ الرَّاهِنَ إنَّمَا يُقْطَعُ بِخُصُومَتِهِ حَالَ قِيَامِ الرَّهْنِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي. إنْ قُطِعَ سَارِقٌ بِسَرِقَةٍ فَسُرِقَتْ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ، وَلَا لِرَبِّ السَّرِقَةِ أَنْ يَقْطَعَ السَّارِقَ الثَّانِيَ، وَلِلْأَوَّلِ وِلَايَةُ الْخُصُومَةِ فِي الِاسْتِرْدَادِ فِي رِوَايَةٍ، وَلَوْ سَرَقَ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُقْطَعَ الْأَوَّلُ، أَوْ بَعْدَ مَا دُرِئَ الْحَدُّ بِشُبْهَةٍ يُقْطَعُ بِخُصُومَةِ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ سَرَقَ مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ إنَّ رَجُلًا آخَرَ لَهُ عَلَى هَذَا الْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ غَصَبَ

الْأَلْفَ الْمَسْرُوقَ مِنْ السَّارِقِ قَالَ أَدْرَأُ الْقَطْعَ عَنْ السَّارِقِ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ سَرَقَ سَرِقَةً، وَرَدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ قَبْلَ الِارْتِقَاءِ إلَى الْحَاكِمِ لَمْ يُقْطَعْ فَإِنْ رَدَّهَا بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَالْقَضَاءِ يُقْطَعُ، وَقَبْلَ الْقَضَاءِ يُقْطَعُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ رَدَّهُ عَلَى وَلَدِهِ، أَوْ ذِي رَحِمِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ يُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ لَا يُقْطَعُ، وَكَذَا لَوْ رَدَّ عَلَى امْرَأَتِهِ، أَوْ عَبْدِهِ، أَوْ أَجِيرِهِ مُشَاهَرَةً، أَوْ مُسَانَهَةً، وَلَوْ دَفَعَ إلَى، وَالِدِهِ، أَوْ جَدِّهِ، أَوْ، وَالِدَتِهِ، أَوْ جَدَّتِهِ وَلَيْسُوا فِي عِيَالِهِ لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى عِيَالِ هَؤُلَاءِ يُقْطَعُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى مُكَاتَبِهِ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ عَبْدُهُ، وَلَوْ سَرَقَ مِنْ مُكَاتَبٍ، وَرَدَّهُ إلَى سَيِّدِهِ لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ سَرَقَ مِنْ الْعِيَالِ، وَرَدَّ إلَى مَنْ يَعُولُهُمْ لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا قُضِيَ عَلَى رَجُلٍ بِالْقَطْعِ فِي سَرِقَةٍ فَوَهَبَهَا لَهُ الْمَالِكُ، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، أَوْ بَاعَهَا مِنْهُ لَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ رَجُلٌ، وَضَمِنَ الْغَاصِبُ سَقَطَ الْقَطْعُ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَيُعْتَبَرُ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ يَوْمَ السَّرِقَةِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَكَذَلِكَ يَوْمُ الْقَطْعِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ السَّرِقَةِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَانْتَقَصَ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ لِنُقْصَانِ الْعَيْنِ يُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ لِنُقْصَانِ السِّعْرِ لَا يُقْطَعُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ إنْ كَانَ مَأْذُونًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَالْمَالُ يُرَدُّ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ، أَوْ كَذَّبَهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا وَالْمَالُ قَائِمٌ إنْ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ يُقْطَعُ وَيُرَدُّ الْمَالُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ مَوْلَاهُ فَقَالَ الدَّرَاهِمُ مَالِي فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَطْعُ وَالرَّدُّ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ هَالِكًا صَحَّ إقْرَارُهُ بِالْحَدِّ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ، أَوْ كَذَّبَهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ كَبِيرًا، وَقْتَ الْإِقْرَارِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ صَغِيرًا فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ أَصْلًا لَكِنَّهُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا يَرُدُّ الْمَالَ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى يَرُدُّ الْمَالَ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إنْ كَانَ قَائِمًا أَمَّا إذَا كَانَ هَالِكًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَا فِي الْحَالِ، وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِسَرِقَةِ مَا دُونَ عَشَرَةٍ لَمْ يُقْطَعْ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مَأْذُونًا صَحَّ إقْرَارُهُ، وَيَرُدُّ الْمَالَ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا يَضْمَنُ صَغِيرًا كَانَ، أَوْ كَبِيرًا، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا إنْ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَالْمَالُ لِلْمَوْلَى، وَيَضْمَنُ الْعَبْدُ بَعْدَ الْعِتْقِ إنْ كَانَ كَبِيرًا، وَقْتَ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا قُطِعَ السَّارِقُ، وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ فِي يَدِهِ رُدَّتْ عَلَى صَاحِبِهَا لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً لَمْ يَضْمَنْهَا، وَكَذَا إذَا كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً فِي الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الضَّمَانِ، وَالْقَطْعِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَطْعِ، وَإِنْ كَانَ الْهَلَاكُ، وَالِاسْتِهْلَاكُ قَبْلَ قَطْعِ يَدِهِ إنْ قَالَ الْمَالِكُ أَنَا أَضْمَنُهُ لَا يُقْطَعُ عِنْدَنَا، وَإِنْ قَالَ: أَنَا أَخْتَارُ الْقَطْعَ يُقْطَعُ، وَلَا ضَمَانَ عِنْدَنَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قُطِعَتْ يَمِينُ السَّارِقِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ غَيْرُهُ كَانَ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُسْتَهْلِكَ قِيمَتَهُ، وَلَوْ، أَوْدَعَهُ السَّارِقُ عِنْدَ غَيْرِهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا مَلَكَ السَّارِقُ الْمَسْرُوقَ مِنْ رَجُلٍ بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَبْل الْقَطْعِ، أَوْ بَعْدَهُ فَتَمْلِيكُهُ بَاطِلٌ، وَيَرُدُّ الْمَسْرُوقَ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى السَّارِقِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَا عَلَى السَّارِقِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي، أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ اسْتَهْلَكَهُ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى السَّارِقِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ غَصَبَ إنْسَانٌ مِنْ السَّارِقِ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بَعْدَ الْقَطْعِ فَلَا ضَمَانَ لِلسَّارِقِ

الباب الثالث فيما يحدث السارق في السرقة

وَلَا ضَمَانَ لِلْمَالِكِ أَيْضًا، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ سَرَقَ غَيْرَ مَرَّةٍ فَحُدَّ حَدًّا وَاحِدًا فَهُوَ لِذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ الْخَالِصَةَ لِلَّهِ تَعَالَى مَتَى اجْتَمَعَتْ تَدَاخَلَتْ إذَا كَانَ الْجِنْسُ، وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ الزَّجْرُ عَنْ مُبَاشَرَةِ سَبَبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُقِيمَ الْحَدُّ مَرَّةً ثُمَّ سَرَقَ ثَانِيًا لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّ الزَّجْرَ لَمْ يَحْصُلْ بِالْأَوَّلِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ أَرْبَابُ السَّرِقَاتِ، وَخَاصَمُوا، وَأَثْبَتُوا عَلَيْهِ السَّرِقَاتِ لَا يَضْمَنُ لَهُمْ شَيْئًا مِنْ السَّرِقَاتِ إذَا هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ فِي يَدِهِ، أَوْ اسْتَهْلَكَهَا، وَأَمَّا إذَا حَضَرَ، وَاحِدٌ مِنْهُمْ، أَوْ اثْنَانِ، وَخَاصَمَ، وَالْبَاقُونَ غُيَّبٌ فَقَطَعَ الْقَاضِي السَّارِقَ بِخُصُومَةِ الَّذِي حَضَرَ، ثُمَّ حَضَرَ الْبَاقُونَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ لَهُمْ شَيْئًا إذَا هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ عِنْدَهُ، أَوْ اسْتَهْلَكَهَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ قِيمَةَ سَرِقَاتِ الْغَائِبِينَ، وَلَا يَضْمَنُ لِمَنْ كَانَ حَاضِرًا، وَقْتَ الْخُصُومَةِ قِيمَةَ سَرِقَتِهِ إجْمَاعًا فَإِنْ كَانَتْ السَّرِقَاتُ قَائِمَةً رَدَّهَا الْإِمَامُ عَلَى أَرْبَابِهَا، وَالْقَطْعُ لَا يَمْنَعُ رَدَّ السَّرِقَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا سَرَقَ النَّصْبَ مِنْ وَاحِدٍ مِرَارًا فَخُوصِمَ فِي بَعْضِ النَّصْبِ لَا يَضْمَنُ بَاقِيَ النَّصْبَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ، وَالْمَسْرُوقُ مِنْهُ غَائِبٌ فَاجْتَهَدَ الْحَاكِمُ، وَقَطَعَ يَدَهُ فِيهَا لَا يَضْمَنُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ حَضَرَ فَصَدَّقَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُحْدِثُ السَّارِقُ فِي السَّرِقَةِ] ِ إذَا سَرَقَ ثَوْبًا فَشَقَّهُ فِي الدَّارِ نِصْفَيْنِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ فَإِنْ كَانَ لَا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بَعْدَمَا شَقَّهُ لَمْ يُقْطَعْ بِالِاتِّفَاقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَقَّهُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ فَانْتَقَصَتْ قِيمَتُهُ مِنْ النِّصَابِ بِذَلِكَ، وَإِذَا شَقَّ فِي الْحِرْزِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ، وَهُوَ يُسَاوِي عَشَرَةً فَإِنْ كَانَ هَذَا التَّعْيِيبُ يُمْكِنُ نُقْصَانًا يَسِيرًا فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا فَإِنْ اخْتَارَ رَبُّ الثَّوْبِ أَخْذَ الثَّوْبِ، وَتَضْمِينَ النُّقْصَانِ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَإِنْ اخْتَارَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ، وَسَلَّمَ لَهُ الثَّوْبَ فَلَا قَطْعَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْطَعُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَاحِشِ وَالْيَسِيرِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْفَاحِشَ مَا يَفُوتُ بِهِ بَعْضُ الْعَيْنِ، وَبَعْضُ الْمَنْفَعَةِ، وَالْيَسِيرَ مَا لَا يَفُوتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ بَلْ تَعَيَّبَ بِهِ فَقَطْ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا كَانَ الشَّقُّ إتْلَافًا فَلَهُ تَضْمِينُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ، وَيَمْلِكُ السَّارِقُ الثَّوْبَ، وَلَا يُقْطَعُ، وَحَدُّ الْإِتْلَافِ أَنْ يَنْقُصَ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إنْ سَرَقَ شَاةً فَذَبَحَهَا ثُمَّ أَخْرَجَهَا لَمْ يُقْطَعْ، وَلَوْ سَاوَتْ نِصَابًا بَعْدَ الذَّبْحِ لَكِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ سَرَقَ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَصَنَعَهُ دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ قُطِعَ فِيهِ، وَيَرُدُّ الدَّرَاهِمَ، وَالدَّنَانِيرَ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: لَا سَبِيلَ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ عَلَيْهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا اتَّخَذَهُ حُلِيًّا، أَوْ آنِيَةً، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ سَرَقَ حَدِيدًا، أَوْ نُحَاسًا، أَوْ صُفْرًا، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَجَعَلَهُ أَوَانِي إنْ كَانَ بَعْدَ الصِّنَاعَةِ يُبَاعُ، وَزْنًا فَعَلَى الِاخْتِلَافِ، وَإِنْ كَانَ يُبَاعُ عَدَدًا يَكُونُ لِلسَّارِقِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ سَرَقَ ثَوْبًا، وَخَاطَهُ يَكُونُ لَهُ بَعْدَ الْقَطْعِ، وَلَا ضَمَانَ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِوَجْهٍ مَا، وَيَضْمَنَ فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. إذَا قُطِعَتْ يَدُ السَّارِقِ، وَقَدْ قَطَّعَ الثَّوْبَ قَمِيصًا، وَلَمْ يَخِطْهُ يُرَدُّ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مَنْ سَرَقَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَحْمَرَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ الثَّوْبُ، وَلَمْ يَضْمَنْ قِيمَةَ الثَّوْبِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ صَبَغَهُ

الباب الرابع في قطاع الطريق

بَعْدَ الْقَطْعِ يَرُدَّهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَهَكَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَإِنْ صَبَغَهُ السَّارِقُ أَسْوَدَ ثُمَّ قُطِعَ، أَوْ قُطِعَ ثُمَّ صَبَغَهُ أَسْوَدَ يُؤْخَذُ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قُطِعَ السَّارِقُ وَقَدْ صَبَغَ الثَّوْبَ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ، أَوْ خَاطَهُ قَمِيصًا أَفْتَى: لِلسَّارِقِ أَنْ يَبِيعَ الثَّوْبَ، وَيَأْخُذَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ، وَيَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ، وَكَذَلِكَ يَبِيعُ الْقَمِيصَ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَةَ خُيُوطِهِ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ، وَكَذَلِكَ الْحِنْطَةُ يَأْخُذُ مِنْهَا مِقْدَارَ نَفَقَتِهِ عَلَيْهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ دَرَاهِمَ فَسَبَكَهَا، أَوْ صَاغَهَا قَلْبًا كَانَ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَهَا فَإِنْ كَانَتْ السَّرِقَةُ صُفْرًا فَجَعَلَهُ قُمْقُمَةً، أَوْ حَدِيدًا فَجَعَلَهُ دِرْعًا يَأْخُذُهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْعُرُوضِ، وَغَيْرِهَا إذَا كَانَ قَدْ غُيِّرَ عَنْ حَالِهِ فَإِنْ كَانَ التَّغْيِيرُ بِالنُّقْصَانِ فَلِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَإِنْ كَانَتْ السَّرِقَةُ شَاةً فَوَلَدَتْ أَخَذَهُمَا جَمِيعًا الْمَسْرُوقُ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ سَرَقَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا تَكُونُ لِلسَّارِقِ بَعْدَ الْقَطْعِ، وَلَوْ سَرَقَ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ، أَوْ بِعَسَلٍ فَهُوَ مِثْلُ الِاخْتِلَافِ فِي الصَّبْغِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. إذَا اجْتَمَعَ فِي يَدِهِ قَطْعٌ فِي السَّرِقَةِ، وَالْقِصَاصُ بُدِئَ بِالْقِصَاصِ، وَضَمِنَ السَّرِقَةَ فَإِنْ قَضَى بِالْقِصَاصِ فَعَفَا عَنْهُ صَاحِبُهُ، أَوْ صَالَحَهُ قُطِعَتْ يَدُهُ فِي السَّرِقَةِ، وَإِنْ لَمْ يُصَالِحْهُ حَتَّى مَضَى زَمَانٌ، وَهُمَا يَتَرَاضَيَانِ فِيهِ عَلَى الصُّلْحِ ثُمَّ صَالَحَهُ دَرَأْت الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ لِتَقَادُمِ الْعَهْدِ، وَإِنْ كَانَ الْقِصَاصُ فِي الرِّجْلِ الْيُسْرَى بُدِئَ بِالْقِصَاصِ ثُمَّ حُبِسَ حَتَّى يَبْرَأَ ثُمَّ تُقْطَعَ يَدُهُ فِي السَّرِقَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْقِصَاصُ فِي شَجَّةٍ فِي رَأْسِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ] ِ اعْلَمْ أَنَّ لِقُطَّاعِ الطَّرِيقِ الَّذِينَ لَهُمْ أَحْكَامٌ مَخْصُوصَةٌ شَرَائِطَ: (إحْدَاهَا) أَنْ يَكُونَ لَهُمْ شَوْكَةٌ وَمَنْعَةٌ بِحَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ لِلْمَارَّةِ الْمُقَاوَمَةُ مَعَهُمْ، وَقَطَعُوا عَلَيْهِمْ الطَّرِيقَ سَوَاءٌ كَانَ بِالسِّلَاحِ، أَوْ بِالْعَصَا الْكَبِيرِ، أَوْ الْحَجَرِ، أَوْ غَيْرِهَا، (وَالثَّانِيَةُ) أَنْ يَكُونَ خَارِجَ الْأَمْصَارِ بَعِيدًا عَنْهَا، وَفِي الْيَنَابِيعِ لَا يَكُونُ بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ، وَلَا بَيْنَ الْمِصْرَيْنِ، وَلَا بَيْنَ الْمَدِينَتَيْنِ، وَيَكُونُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمِصْرِ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَيَالِيهَا هَكَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمِصْرِ أَقَلُّ مِنْ مَسِيرَةِ سَفَرٍ، أَوْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ فِي الْمِصْرِ لَيْلًا أُجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ " وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى "، (وَالثَّالِثَةُ) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (وَالرَّابِعَةُ) أَنْ يُوجَدَ جَمِيعُ مَا شُرِطَ فِي السَّرِقَةِ الصُّغْرَى، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْقُطَّاعُ كُلُّهُمْ أَجَانِبَ فِي حَقِّ أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الْقَطْعِ، (وَالْخَامِسَةُ) أَنْ يَظْفَرَ بِهِمْ الْإِمَامُ قَبْلَ التَّوْبَةِ، وَرَدِّ الْأَمْوَالِ إلَى أَرْبَابِهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا خَرَجَ جَمَاعَةٌ مُمْتَنِعِينَ، أَوْ وَاحِدٌ يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ فَقَصَدُوا قَطْعَ الطَّرِيقِ فَأُخِذُوا قَبْلَ أَنْ يَأْخُذُوا مَالًا، وَيَقْتُلُوا نَفْسًا حَبَسَهُمْ الْإِمَامُ حَتَّى يَتُوبُوا بَعْدَمَا يُعَزَّرُونَ، وَإِنْ أَخَذُوا مَعْصُومًا بِأَنْ يَكُونَ مَالَ مُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ وَالْمَأْخُوذُ إذَا قُسِمَ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ أَصَابَ كُلُّ، وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا، أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ ذَلِكَ قَطَعَ الْإِمَامُ أَيْدِيَهُمْ، وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ، وَلَوْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِينَ لَمْ يُحَدُّوا فَإِنْ قَتَلُوا، وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا قَتَلَهُمْ حَدًّا حَتَّى لَوْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَنْهُمْ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى عَفْوِهِمْ، وَإِنْ قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ إنْ شَاءَ الْإِمَامُ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ، وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ قَتَلَهُمْ، وَصَلَبَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ، وَإِنْ شَاءَ صَلَبَهُمْ، وَإِذَا أَرَادَ الصَّلْبَ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُصْلَبُ حَيًّا، وَيُبْعَجُ بَطْنُهُ

بِرُمْحٍ لِيَمُوتَ، وَعَنْ الطَّحَاوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُصْلَبُ حَيًّا بَلْ يُقْتَلُ ثُمَّ يُصْلَبُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَبِهِ قَالَ الْكَرْخِيُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتْرَكُ مَصْلُوبًا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ، وَبَيْنَ أَهْلِهِ لِيُنْزِلُوهُ وَيَدْفِنُوهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا قَتَلَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ، أَوْ قَطَعَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا لَا يَضْمَنُ مَا قَتَلَ، وَمَا جَرَحَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إنْ بَاشَرَ الْقَتْلَ، وَاحِدٌ مِنْهُمْ أُجْرِيَ الْحَدُّ عَلَى الْكُلِّ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. إنْ لَمْ يَقْتُلْ الْقَاطِعُ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا، وَقَدْ جَرَحَ اُقْتُصَّ مِنْهُ مِمَّا فِيهِ الْقِصَاصُ، وَأُخِذَ الْأَرْشُ مِمَّا فِيهِ الْأَرْشُ، وَذَلِكَ إلَى الْأَوْلِيَاءِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ أَخَذُوا الْمَالَ، وَجَرَحُوا قُطِعُوا مِنْ خِلَافٍ، وَيَبْطُلُ حُكْمُ الْجِرَاحَاتِ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ أَخَذَ بَعْدَ مَا تَابَ، وَقَدْ قَتَلَ عَمْدًا فَإِنْ شَاءَ الْأَوْلِيَاءُ قَتَلُوهُ، وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا عَنْهُ، وَيَجِبُ الضَّمَانُ إذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ، أَوْ اسْتَهْلَكَهُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إنْ أَخَذُوا قَبْلَ التَّوْبَةِ، وَقَدْ قَتَلُوا، أَوْ جَرَحُوا عَمْدًا، وَلَكِنَّ مَا أَخَذُوهُ مِنْ الْأَمْوَالِ شَيْءٌ تَافِهٌ، وَلَا يُصِيبُ كُلَّ، وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابٌ فَالْأَمْرُ فِي الْقِصَاصِ بَيْنَ النَّفْسِ، وَغَيْرِهَا إلَى الْأَوْلِيَاءِ إنْ شَاءُوا اسْتَوْفَوْا، وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا غَيْرَهُ فَإِنْ جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذُوا، وَضَمَانُهُ إنْ هَلَكَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِذَا قَطَعَ الطَّرِيقَ، وَأَخَذَ الْمَالَ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ، وَأَقَامَ فِي أَهْلِهِ زَمَانًا لَمْ يُقِمْ الْإِمَامُ عَلَيْهِ الْحَدَّ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ الْقُطَّاعِ صَبِيٌّ، أَوْ مَجْنُونٌ، أَوْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَقْطُوعِ عَلَيْهِ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْبَاقِينَ، كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا إذَا كَانَ فِيهِمْ أَخْرَسُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى قَافِلَةٍ عَظِيمَةٍ فِيهَا مُسْلِمُونَ، وَمُسْتَأْمَنُونَ أُقِيمَ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ وَأَخْذُ الْمَالِ، وَقَعَ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ خَاصَّةً فَحِينَئِذٍ لَا يَجِبُ الْحَدُّ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا قَطَعَ بَعْضُ الْقَافِلَةِ الطَّرِيقَ عَلَى الْبَعْضِ لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. رَوَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَوْمٍ قَطَعُوا الطَّرِيقَ، وَقَتَلُوا ثُمَّ وَلَّوْا وَذَهَبُوا هَلْ يَتْبَعُونَهُمْ قَالَ إنْ كَانَ فِيهِمْ، وَلِيُّ الْقَتِيلِ فَلَهُمْ أَنْ يَتْبَعُوهُمْ، وَمَا لَا فَلَا، وَإِنْ أَخَذُوا مَتَاعًا لِرَجُلٍ فَلَهُمْ أَنْ يَتْبَعُوهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتْبَعْهُمْ صَاحِبُ الْمَتَاعِ، وَإِنْ كَانَ الْمَتَاعُ مُسْتَهْلَكًا لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَتْبَعُوهُمْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ عَبْدٌ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ، وَالْمَرْأَةُ كَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَكَ النِّسَاءُ، وَالرِّجَالُ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ لَا قَطْعَ عَلَيْهِمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ كَانَ مِنْهُمْ امْرَأَةٌ فَقَتَلَتْ، وَأَخَذَتْ الْمَالَ دُونَ الرِّجَالِ لَمْ تُقْتَلْ الْمَرْأَةُ وَقُتِلَ الرِّجَالُ هُوَ الْمُخْتَارُ. عَشْرُ نِسْوَةٍ قَطَعْنَ الطَّرِيقَ، وَقَتَلْنَ، وَأَخَذْنَ الْمَالَ قُتِلْنَ، وَضَمِنَّ الْمَالَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. يَثْبُتُ قَطْعُ الطَّرِيقِ بِالْإِقْرَارِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَيُقْبَلُ رُجُوعُ الْقَاطِعِ كَمَا فِي السَّرِقَةِ الصُّغْرَى فَيَسْقُطُ الْحَدُّ، وَيُؤْخَذُ بِالْمَالِ إنْ كَانَ أَقَرَّ بِهِ مَعَهُ، وَبِالْبَيِّنَةِ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَطْعِ، وَالْإِقْرَارِ فَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْمُعَايَنَةِ، وَالْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِمْ بِهِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالْقَطْعِ عَلَى أَبِي الشَّاهِدِ وَإِنْ عَلَا، وَابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلَوْ قَالَا قَطَعُوا عَلَيْنَا، وَعَلَى أَصْحَابِنَا، وَأَخَذُوا مَالَنَا لَا يُقْبَلُ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُمْ قَطَعُوا عَلَى رَجُلٍ مِنْ عَرَضِ النَّاسِ، وَلَهُ وَلِيٌّ يَعْرِفُ أَوْ لَا يَعْرِفُ لَا يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِمْ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ الْخَصْمِ، وَلَوْ قَطَعُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ عَلَى تُجَّارٍ مُسْتَأْمَنِينَ، أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِي مَوْضِعٍ غَلَبَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْبَغْيِ ثُمَّ أَتَى بِهِمْ إلَى الْإِمَامِ لَا يُمْضَى عَلَيْهِمْ الْحَدُّ، وَلَوْ رُفِعُوا إلَى قَاضٍ يَرَى تَضْمِينَهُمْ الْمَالَ فَضَمَّنَهُمْ، وَسَلَّمَهُمْ إلَى أَوْلِيَاءِ الْقَوَدِ فَصَالَحُوهُمْ عَلَى الدِّيَاتِ ثُمَّ رُفِعُوا بَعْدَ زَمَانٍ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَمْ يُقِمْ عَلَيْهِمْ الْحَدَّ، وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ، وَحَبَسَهُمْ لِذَلِكَ فَذَهَبَ أَجْنَبِيٌّ فَقَتَلَهُمْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا قَتَلَهُ رَجُلٌ فِي حَبْسِ الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ

كتاب السير وهو مشتمل على عشرة أبواب

يَثْبُتَ عَلَيْهِ شَيْءٌ ثُمَّ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِمَا صَنَعَ فَعَلَى قَاتِلِهِ الْقَوَدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ هُوَ، وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الَّذِي قَتَلَهُ هَذَا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ فَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَنَّ لُصُوصًا أَخَذُوا مَتَاعَ قَوْمٍ فَاسْتَغَاثُوا بِقَوْمٍ، وَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِمْ إنْ كَانَ أَرْبَابُ الْمَتَاعِ مَعَهُمْ حَلَّ قَتْلُهُمْ، وَكَذَا إذَا غَابُوا وَالْخَارِجُونَ يَعْرِفُونَ مَكَانَهُمْ وَيَقْدِرُونَ عَلَى رَدِّ الْمَتَاعِ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ مَكَانَهُمْ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى الرَّدِّ عَلَيْهِمْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ، وَلَوْ اقْتَتَلُوا مَعَ قَاطِعٍ فَقَتَلُوهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَتَلُوهُ لِأَجْلِ مَالِهِمْ فَإِنْ فَرَّ مِنْهُمْ إلَى مَوْضِعٍ لَوْ تَرَكُوهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُ كَانَ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُمْ قَتَلُوهُ لَا لِأَجْلِ مَالِهِمْ، وَلَوْ فَرَّ رَجُلٌ مِنْ الْقُطَّاعِ فَلَحِقُوهُ، وَقَدْ أَلْقَى نَفْسَهُ إلَى مَكَانٍ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ فَقَتَلُوهُ كَانَ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُمْ إيَّاهُ لَا لِأَجْلِ الْخَوْفِ عَلَى الْأَمْوَالِ، وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُقَاتِلَ دُونَ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا، وَيَقْتُلَ مَنْ يُقَاتِلُهُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. مَنْ خَنَقَ رَجُلًا حَتَّى قَتَلَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ خَنَقَ فِي الْمِصْرِ غَيْرَ مَرَّةٍ قُتِلَ سِيَاسَةً، كَذَا فِي الْكَافِي. [كِتَابُ السِّيَرِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى عَشَرَةِ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ شَرْعًا وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ] كِتَابُ السِّيَرِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى عَشَرَةِ أَبْوَابٍ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ شَرْعًا وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ (أَمَّا تَفْسِيرُهُ) فَالْجِهَادُ هُوَ الدُّعَاءُ إلَى الدِّينِ الْحَقِّ وَالْقِتَالُ مَعَ مَنْ امْتَنَعَ وَتَمَرَّدَ عَنْ الْقَبُولِ إمَّا بِالنَّفْسِ أَوْ بِالْمَالِ. (وَأَمَّا شَرْطُ إبَاحَتِهِ) فَشَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا: امْتِنَاعُ الْعَدُوِّ عَنْ قَبُولِ مَا دُعِيَ إلَيْهِ مِنْ الدِّينِ الْحَقِّ، وَعَدَمُ الْأَمَانِ وَالْعَهْدِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، وَالثَّانِي أَنْ يَرْجُوَ الشَّوْكَةَ وَالْقُوَّةَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ بِاجْتِهَادِهِ أَوْ بِاجْتِهَادِ مَنْ يُعْتَقَدُ فِي اجْتِهَادِهِ وَرَأْيِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَرْجُو الْقُوَّةَ وَالشَّوْكَةَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي الْقِتَالِ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ الْقِتَالُ لِمَا فِيهِ مِنْ إلْقَاءِ نَفْسِهِ فِي التَّهْلُكَةِ. (وَأَمَّا حُكْمُهُ) فَسُقُوطُ الْوَاجِبِ عَنْ ذِمَّتِهِ فِي الدُّنْيَا وَنَيْلُ الْمَثُوبَةِ وَالسَّعَادَةِ فِي الْآخِرَةِ كَمَا فِي الْعِبَادَاتِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْجِهَادُ قَبْلَ النَّفِيرِ تَطَوُّعٌ، وَبَعْدَ النَّفِيرِ يَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا الْجِهَادُ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ غَيْرَ أَنَّهُ قَبْلَ النَّفِيرِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَبَعْدَ النَّفِيرِ فَرْضُ عَيْنٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَمَعْنَى النَّفِيرِ أَنْ يُخْبَرَ أَهْلُ مَدِينَةٍ أَنَّ الْعَدُوَّ قَدْ جَاءَ يُرِيدُ أَنْفُسَكُمْ وَذَرَارِيَّكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ فَإِذَا أَخْبَرُوا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اُفْتُرِضَ عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْجِهَادِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ أَنْ يَخْرُجَ لِلْجِهَادِ وَقَبْلَ هَذَا الْخَبَرِ كَانُوا فِي سَعَةٍ مِنْ أَنْ يَخْرُجُوا، ثُمَّ بَعْدَ مَجِيءِ النَّفِيرِ الْعَامِّ لَا يُفْتَرَضُ الْجِهَادُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ شَرْقًا وَغَرْبًا فَرْضَ عَيْنٍ وَإِنْ بَلَغَهُمْ النَّفِيرُ، وَإِنَّمَا يُفْرَضُ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى مَنْ كَانَ يَقْرُبُ مِنْ الْعَدُوِّ، وَهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْجِهَادِ. أَمَّا عَلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ مِمَّنْ يَبْعُدُ مِنْ الْعَدُوِّ، فَإِنَّهُ يُفْتَرَضُ فَرْضَ كِفَايَةٍ لَا فَرْضَ عَيْنٍ حَتَّى يَسَعَهُمْ تَرْكُهُ، فَإِذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِمْ بِأَنْ عَجَزَ مَنْ كَانَ يَقْرُبُ مِنْ الْعَدُوِّ عَنْ الْمُقَاوَمَةِ مَعَ الْعَدُوِّ أَوْ تَكَاسَلُوا، وَلَمْ يُجَاهِدُوا، فَإِنَّهُ يُفْتَرَضُ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ فَرْضَ عَيْنٍ ثُمَّ وَثُمَّ إلَى أَنْ يُفْرَضَ عَلَى جَمِيع أَهْلِ الْأَرْضِ شَرْقًا وَغَرْبًا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ، ثُمَّ يَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَنْفِرُ عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا مُنَادِي السُّلْطَانِ يُقْبَلُ خَبَرُهُ عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْلَى ثَغْرٌ مِنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ يُقَاوِمُ الْعَدُوَّ فِي قِتَالِهِمْ، وَإِنْ ضَعُفَ أَهْلُ ثَغْرٍ مِنْ الثُّغُورِ عَنْ الْمُقَاوَمَةِ مَعَ الْعَدُوِّ وَخِيفَ عَلَيْهِمْ، فَعَلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْفِرُوا إلَيْهِمْ

الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ، وَأَنْ يَمُدُّوهُمْ بِالْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ لِيَكُونَ الْجِهَادُ أَبَدًا قَائِمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قِتَالُ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَمْ يُسْلِمُوا، وَهُمْ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ أَوْ لَمْ يُسْلِمُوا، وَلَمْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَاجِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَبْدَؤُنَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ رَاجِلٍ عَاقِلٍ صَحِيحٍ حُرٍّ قَادِرٍ وَهَكَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى صَبِيٍّ، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا أَعْمَى، وَلَا مُقْعَدٍ، وَلَا أَقْطَعَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ لِلْجِهَادِ، وَلَهُ أَبٌ أَوْ أُمٌّ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِهِ إلَّا مِنْ النَّفِيرِ الْعَامِّ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ، وَأَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي الْخُرُوجِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْآخَرُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ لِحَقِّ الْآخَرِ، فَإِذَا كَرِهَ الْوَالِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا: الْخُرُوجَ لَا يُبَاحُ لَهُ الْخُرُوجُ سَوَاءٌ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِمَا الضَّيْعَةَ بِأَنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ، وَكَانَتْ نَفَقَتُهُمَا عَلَيْهِ، أَوْ لَا يَخَافُ عَلَيْهِمَا الضَّيْعَةَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَ أَبَوَاهُ مُسْلِمَيْنِ، فَإِذَا كَانَ أَبَوَاهُ كَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَكَرِهَا خُرُوجَهُ إلَى الْجِهَادِ أَوْ كَرِهَ الْكَافِرُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى أَنَّهُمَا إنَّمَا كَرِهَا خُرُوجَهُ مِمَّا يَلْحَقُهُمَا مِنْ التَّفْجِيعِ وَالْمَشَقَّةِ لِأَجْلِ مَا يَخَافَانِ عَلَيْهِ مِنْ الْقَتْلِ لَا يَخْرُجُ وَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى أَنَّهُمَا كَرِهَا خُرُوجَهُ كَرَاهَةَ أَنْ يُقَاتِلَ مَعَ أَهْلِ مِلَّتِهِ وَأَهْلِ دِينِهِ، فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُمَا إلَّا أَنْ يَخَافَ الضَّيْعَةَ عَلَيْهِمَا، فَحِينَئِذٍ لَا يَخْرُجُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَا إذَا تَحَرَّى، وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ بَلْ شَكَّ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُ الظَّنَّيْنِ عَلَى الْآخَرِ قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْرُجَ، وَإِنْ كَرِهَا خُرُوجَهُ لِكَرَاهَةِ قِتَالِهِ مَعَ أَهْلِ دِينِهِ، وَلِأَجْلِ الْخَوْفِ وَالْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ أَيْضًا لَا يَخْرُجُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ، فَأَذِنَا لَهُ فِي الْخُرُوجِ وَلَهُ جَدَّانِ أَوْ جَدَّتَانِ، فَكَرِهَا خُرُوجَهُ فَلْيَخْرُجْ، وَلَا يَلْتَفِتْ إلَى كَرَاهَةِ الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ مَيِّتَيْنِ وَلَهُ أَبُو الْأَبِ وَأُمُّ الْأُمِّ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبُو الْأَبِ وَأَبُو الْأُمِّ وَأُمُّ الْأُمِّ، فَالْإِذْنُ إلَى أَبِي الْأَبِ وَأُمِّ الْأُمِّ هَذَا إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ لِلْجِهَادِ. وَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِلتِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ بِأَمَانٍ، فَكَرِهَا خُرُوجَهُ، فَإِنْ كَانَ أَمِيرًا لَا يَخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَكَانُوا قَوْمًا يُوفُونَ بِالْعَهْدِ يُعْرَفُونَ بِذَلِكَ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْصِيَهُمَا وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ فِي تُجَّارِ أَرْضِ الْعَدُوِّ مَعَ عَسْكَرٍ مِنْ عَسَاكِرِ الْمُسْلِمِينَ فَكَرِهَ ذَلِكَ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَسْكَرُ عَظِيمًا لَا يُخَافُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعَدُوِّ بِأَكْبَرِ الرَّأْيِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ وَإِنْ كَانَ يَخَافُ عَلَى أَهْلِ الْعَسْكَرِ مِنْ الْعَدُوِّ بِغَالِبِ الرَّأْيِ لَا يَخْرُجُ، كَذَلِكَ إنْ كَانَتْ سَرِيَّةً أَوْ جَرِيدَةَ خَيْلٍ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ هُوَ الْهَلَاكُ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْوَالِدَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ، أَمَّا مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ كَبَنَاتِهِ وَبَنِيهِ وَإِخْوَتِهِ وَعَمَّاتِهِ وَأَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ، وَكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُمْ إذَا كَرِهُوا خُرُوجَهُ لِلْجِهَادِ، وَكَانَ يَشُقُّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِمْ الضَّيْعَةَ بِأَنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ، وَكَانُوا صِغَارًا أَوْ صَغَائِرَ أَوْ كُنَّ كَبَائِرَ إلَّا أَنَّهُ لَا أَزْوَاجَ لَهُنَّ، أَوْ كَانُوا كِبَارًا زَمْنَى لَا حِرْفَةَ لَهُمْ، فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهِمْ الضَّيْعَةَ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ إلَّا أَنَّهُمْ كِبَارٌ أَصِحَّاءُ أَوْ كَبَائِرُ إلَّا أَنَّ لَهُنَّ أَزْوَاجًا كَانَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، أَمَّا امْرَأَتُهُ، فَإِنْ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهَا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهَا الضَّيْعَةَ يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهَا، وَإِنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهَا ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ الْمَرْأَةُ إذَا مَنَعَتْ ابْنَهَا مِنْ الْجِهَادِ، فَإِنْ كَانَ قَلْبُهَا لَا يَحْتَمِلُ ضَرَرَ الْفِرَاقِ، وَيَتَضَرَّرُ بِالْإِطْلَاقِ كَانَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ الْجِهَادِ، وَلَا إثْمَ عَلَيْهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُعْجِبُنَا أَنْ تُقَاتِلَ النِّسَاءُ الْمُسْلِمَاتُ مَعَ الرِّجَالِ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ الْمُسْلِمُونَ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ اضْطَرَّ الْمُسْلِمُونَ إلَى ذَلِكَ بِأَنْ جَاءَ النَّفِيرُ، وَكَانَ فِي خُرُوجِهِنَّ حَاجَةٌ وَضَرُورَةٌ، فَلَا بَأْسَ بِخُرُوجِهِنَّ لِلْقِتَالِ، وَلَهُنَّ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ آبَائِهِنَّ

وَأَزْوَاجِهِنَّ، وَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُنَّ عَنْ الْخُرُوجِ وَيَأْثَمُونَ بِالْمَنْعِ عَنْ الْخُرُوجِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَضْطَرَّ الْمُسْلِمُونَ إلَى خُرُوجِهِنَّ، وَلَكِنْ أَمْكَنَهُنَّ الْقِتَالُ مِنْ بَعِيدٍ مِنْ حَيْثُ الرَّمْيُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَلَا تَخْرُجُ الشَّوَابُّ لِمُدَاوَاةِ الْجَرْحَى وَسَقْيِ الْمَاءِ وَالطَّبْخِ وَالْخَبْزِ لِأَجْلِ الْغُزَاةِ، أَمَّا الْعَجَائِزُ اللَّاتِي دَخَلْنَ فِي السِّنِّ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الصَّوَائِفِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْجُنُودِ الْعِظَامِ، وَيُدَاوِينَ الْمَرْضَى وَالْجَرْحَى، وَيَسْقِينَ الْمَاءَ، وَيَخْبِزْنَ وَيَطْبُخْنَ وَلَكِنْ لَا يُقَاتِلْنَ، وَالْجَوَابُ فِي الصَّبِيِّ الْمُرَاهِقِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ إذَا أَطَاقَ الْقِتَالَ كَالْجَوَابِ فِي الْبَالِغِ قَبْلَ مَجِيءِ النَّفِيرِ لَا يَخْرُجُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا، وَلَا يَأْثَمُ الْأَبُ بِإِذْنِهِ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ رُبَّمَا يُقْتَلُ فِي ذَلِكَ كَالْبَالِغِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَرَادَ الْمَدْيُونُ أَنْ يَغْزُوَ، وَصَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبٌ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْزُوَ وَيُوصِيَ إلَى رَجُلٍ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقِيمَ، فَيَتَمَحَّلَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، فَإِنْ غَزَا مَعَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الدَّيْنِ، فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ فِي الْغَزْوِ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْمَالِ، فَالْمُسْتَحَبُّ أَيْضًا لَهُ أَنْ يَتَمَحَّلَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ غَزَا بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، وَهُوَ يَعْلَمُ بِطَرِيقِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ يَرْجِعُ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ أَحَالَ غَرِيمَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ الْمَالِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْزُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَخْرُجَ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْخُرُوجِ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُحْتَالُ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُحِلْ غَرِيمَهُ، وَلَكِنْ ضَمِنَ عَنْهُ لِغَرِيمِهِ رَجُلٌ الْمَالَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ عَلَى أَنْ أَبْرَأَ غَرِيمَهُ الْمَدْيُونَ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْزُوَ، وَلَا يَسْتَأْمِرَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَ كَفَلَ عَنْهُ بِالدَّيْنِ كَفِيلٌ بِأَمْرِهِ وَلَيْسَ يُشْتَرَطُ بَرَاءَتُهُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ حَتَّى يَسْتَأْمِرَ الْأَصِيلَ وَالْكَفِيلَ وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْمِرَ الطَّالِبَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْمِرَ الْكَفِيلَ، وَكَذَلِكَ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ إنْ كَانَ كَفَلَ بِنَفْسِهِ بِأَمْرِهِ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَغْزُوَ إلَّا بِأَمْرِ الْكَفِيلِ، وَإِنْ كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ، وَلَا يَسْتَأْمِرَ الْكَفِيلَ وَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ مُفْلِسًا، وَهُوَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَتَمَحَّلَ لِدَيْنِهِ إلَّا بِالْخُرُوجِ فِي التِّجَارَةِ مَعَ الْغُزَاةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ، وَلَا يَسْتَأْمِرَ صَاحِبَهُ، فَإِنْ قَالَ: أَخْرُجُ لِلْقِتَالِ لَعَلِّي أُصِيبُ مَا أَقْضِي بِهِ دَيْنِي مِنْ النَّفْلِ أَوْ السِّهَامِ لَمْ يُعْجِبْنِي أَنْ يُخْرِجَ جُعْلًا بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّيْنِ. وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ النَّفِيرُ عَامًّا أَمَّا إذَا كَانَ النَّفِيرُ عَامًّا، فَلَا بَأْسَ لِلْمَدْيُونِ بِأَنْ يُخْرِجَ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَهُ وَفَاءٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ فِي ذَلِكَ أَوْ مَنَعَهُ عَنْهُ، فَإِذَا انْتَهَى إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَقَرَّ إلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَإِنْ كَانَ أَمْرًا يَخَاف عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ فَلْيُقَاتِلْ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا لَا يَخَافُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَاتِلَ إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَالِمٌ لَيْسَ فِي الْبَلْدَةِ أَحَدٌ أَفْقَهُ مِنْهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْزُوَ لِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ مِنْ الضِّيَاعَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ وَدَائِعُ أَرْبَابُهَا غُيَّبٌ، فَإِنْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدَائِعَ إلَى أَرْبَابِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجِهَادِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ مَا لَمْ يَكُنْ النَّفِيرُ عَامًّا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا وَقَعَ النَّفِيرُ مِنْ قِبَلِ أَهْلِ الرُّومِ، فَعَلَى كُلِّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْقِتَالِ أَنْ يَخْرُجَ لِلْغَزْوِ إذَا مَلَكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ، وَلَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ إلَّا بِعُذْرٍ بَيِّنٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا دَخَلَ الْمُشْرِكُونَ أَرْضَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَخَذُوا الْأَمْوَالَ، وَسَبَوْا الذَّرَارِيَّ وَالنِّسَاءَ، فَعَلِمَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ، وَكَانَتْ لَهُمْ عَلَيْهِمْ قُوَّةٌ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَّبِعُوهُمْ

حَتَّى يَسْتَنْقِذُوا ذَلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ مَا دَامُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَإِذَا دَخَلُوا أَرْضَ الْحَرْبِ، فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَالذَّرَارِيِّ مَا لَمْ يَبْلُغُوا بِذَلِكَ حُصُونَهُمْ وَحِرْزَهُمْ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ هُوَ الْمَالُ وَسِعَهُمْ أَنْ لَا يَتَّبِعُوهُمْ بَعْدَ مَا دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ وَإِذَا بَلَغُوا حِرْزَهُمْ وَمَأْمَنَهُمْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، فَأَتَاهُمْ الْمُسْلِمُونَ لِيُقَاتِلُوهُمْ لِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَضْلٌ أَخَذُوا بِهِ، وَإِنْ تَرَكُوا، أَوْ لَمْ يَتَّبِعُوهُمْ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونُوا فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَذَرَارِيُّ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَمْوَالُهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ ذَرَارِيِّ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ، ثُمَّ إنَّمَا يُفْتَرَضُ عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ اتِّبَاعَهُمْ إذَا طَمِعُوا إدْرَاكَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا حُصُونَهُمْ وَمَأْمَنَهُمْ، أَمَّا إذَا كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُدْرِكُونَهُمْ كَانُوا فِي سَعَةٍ مِنْ أَنْ يَقُومُوا، فَلَا يَتَّبِعُونَهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تُكْرَهُ الْجَعَائِلُ مَا دَامَ لِلْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَوِّيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَإِذَا وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى تَجْهِيزِ الْجَيْشِ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ قُوَّةُ الْقِتَالِ بِأَنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ فَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ فَيَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِمْ عَنْ غَيْرِ طِيبِ أَنْفُسِهِمْ، فَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ إعْطَاءَ الْجُعْلِ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ، فَذَلِكَ لَا يَكُونُ مَكْرُوهًا بَلْ يَكُونُ حَسَنًا مَرْغُوبًا فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ قُوَّةُ الْقِتَالِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْكُمَ الْإِمَامُ عَلَى أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ بِقَدْرِ مَا يَقْوَى بِهِ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ لِلْجِهَادِ، ثُمَّ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْجِهَادِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُجَاهِدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ. وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْخُرُوجِ بِنَفْسِهِ، وَلَهُ مَالٌ يَنْبَغِي أَنْ يَبْعَثَ غَيْرَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِمَالِهِ، فَيَصِيرَ أَحَدُهُمَا مُجَاهِدًا بِنَفْسِهِ وَالْآخَرُ بِمَالِهِ، وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْخُرُوجِ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ، فَالْإِمَامُ يُعْطِي كِفَايَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِذَا أَعْطَاهُ الْإِمَامُ قَدْرَ كِفَايَتِهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَيْرِهِ جُعْلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ أَوْ كَانَ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْطِيهِ الْإِمَامُ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْجُعْلَ مِنْ غَيْرِهِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى غَيْرِهِ جُعْلًا لِلْغَزْوِ عَنْهُ، فَإِنْ قَالَ لَهُ صَاحِبُ الْجُعْلِ حِينَ دَفَعَ الْجُعْلَ إلَيْهِ اُغْزُ بِهَذَا الْمَالِ عَنِّي، فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي غَيْرِ الْغَزْوِ حَتَّى لَا يَقْضِيَ بِهِ دَيْنَ نَفْسِهِ، وَلَا يَتْرُكَ نَفَقَةً لِأَهْلِهِ وَإِنْ قَالَ لَهُ حِينَ دَفَعَ إلَيْهِ هَذَا لَكَ اُغْزُ بِهِ كَانَ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِ الْغَزْوِ كَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى الْغَزْوِ ذَكَرَ هَذَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الصَّغِيرِ. وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الصَّغِيرِ أَنَّ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضَ الْجُعْلِ لِنَفَقَةِ عِيَالِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَهَيَّأُ لَهُ الْخُرُوجُ لِلْجِهَادِ إلَّا بِهَذَا، فَكَانَ مِنْ أَعْمَالِ الْجِهَادِ مَعْنًى وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى غَيْرِهِ جُعْلًا لِلْغَزْوِ عَنْهُ، ثُمَّ عَرَضَ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ عَارِضٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَخْرُجْ بِنَفْسِهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى غَيْرِهِ أَقَلَّ مِمَّا أَخَذَ لِيَغْزُوَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنْ لَا يُمْسِكَ الْفَضْلَ لِنَفْسِهِ بَلْ يَرُدُّهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَلَا بَأْسَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنْ يُمْسِكَ الْفَضْلَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْجُعْلِ قَالَ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ: اُغْزُ بِهَذَا الْمَالِ عَنِّي، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ الْفَضْلَ لِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ قَالَ لَهُ هَذَا الْمَالُ لَك اُغْزُ بِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ الْفَضْلَ أَلَا يُرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ جَمِيعَ الْمَالِ لِنَفْسِهِ فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يَغْزُوَ بِهِ وَإِذَا شَرَطَ مُسْلِمٌ لِمُسْلِمٍ جُعْلًا لِيَقْتُلَ كَافِرًا حَرْبِيًّا فَقَتَلَهُ، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاجِبٌ لِلشَّارِطِ أَنْ يَفِيَ بِمَا شَرَطَ، وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَمِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ هَذَا الشَّرْطُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هَذَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ أَجِيرًا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ، فَعَمِلَ الْأَجِيرُ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ، فَالزِّيَادَةُ

بَاطِلَةٌ وَلَوْ قَالَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ أَوْ الْقَاضِي إنِّي اسْتَأْجَرْتُهُ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي، فَالْأَجْرُ كُلُّهُ فِي مَالِهِ، وَلَوْ قَالَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ إنْ قَتَلْتَ ذَلِكَ الْفَارِسَ، فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَقَتَلَهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ كَانُوا قَتْلَى، فَقَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَطَعَ رُءُوسَهُمْ فَلَهُ أَجْرُ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ جَازَ وَحَمْلُ رُءُوسِ الْكُفَّارِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مَكْرُوهٌ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. . عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُحَسِّنَ ثُغُورَ الْمُسْلِمِينَ وَيُعَيِّنَ جُيُوشًا عَلَى بَابِ الثُّغُورِ لِيَمْنَعُوا الْكُفَّارَ عَنْ الْوُقُوفِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَقْهَرُوهُمْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِذَا بَعَثَ جَيْشًا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا، وَإِنَّمَا يُؤَمِّرُ عَلَيْهِمْ مَنْ يَكُونُ صَالِحًا لِذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ حَسَنَ التَّدْبِيرِ فِي أَمْرِ الْحَرْبِ وَرِعًا مُشْفِقًا عَلَيْهِمْ سَخِيًّا شُجَاعًا، وَإِذَا أَمَّرَ عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُوصِيَهُ بِهِمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَبَعْدَ مَا اجْتَمَعَ شَرَائِطُ الْإِمَارَةِ فِي إنْسَانٍ، فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُؤَمِّرَهُ قُرَشِيًّا كَانَ أَوْ عَرَبِيًّا أَوْ نَبَطِيًّا مِنْ الْمَوَالِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَ الْإِمَامُ الْفَاسِقَ إذَا كَانَ لَهُ تَدْبِيرٌ فِي أَمْرِ الْحَرْبِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِذَا أَمَرَ الْأَمِيرُ الْعَسْكَرَ بِشَيْءٍ كَانَ عَلَى الْعَسْكَرِ أَنْ يُطِيعُوهُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ بِهِ مَعْصِيَةً بِيَقِينٍ (ثُمَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ) إنْ عَلِمَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ أَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ بِيَقِينٍ بِأَنْ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يُقَاتِلُوا فِي الْحَالِ مَثَلًا، وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِتَرْكِ الْقِتَالِ فِي الْحَالِ بِأَنْ عَلِمُوا بِيَقِينٍ أَنَّهُمْ لَا يُطِيقُونَ أَهْلَ الْحَرْبِ، وَعَلِمُوا أَنَّ لَهُمْ مَدَدًا يَلْحَقُهُمْ فِي الثَّانِي مَتَى كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ كَانَ تَرْكُ الْقِتَالِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُنْتَفَعًا بِهِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْعَسْكَرِ بِيَقِينٍ فَيُطِيعُونَهُ فِيهِ وَإِنْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ يَتَضَرَّرُونَ بِتَرْكِ الْقِتَالِ فِي الْحَالِ بِيَقِينٍ بِأَنْ عَلِمُوا أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ لَا يُطِيقُونَهُمْ فِي الْحَالِ، وَعَسَى أَنْ يَلْحَقَهُمْ مَدَدٌ يَتَقَوَّوْنَ بِهِ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُطِيعُونَهُ فِيهِ، وَإِنْ شَكُّوا فِي ذَلِكَ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِهِ أَوْ يَتَضَرَّرُونَ بِهِ، وَاسْتَوَى الطَّرَفَانِ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَمَرَهُمْ بِالْقِتَالِ مَعَ الْعَدُوِّ، إنْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِهِ بِيَقِينٍ أَوْ شَكُّوا فِيهِ وَاسْتَوَى الطَّرَفَانِ أَطَاعُوهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ بِيَقِينٍ بَلْ يَتَضَرَّرُونَ لَا يُطِيعُونَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ النَّاسُ مُخْتَلِفِينَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: فِيهِ الْهَلَكَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: فِيهِ النَّجَاةُ، وَشَكُّوا فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُ الظَّنَّيْنِ عَلَى الْآخَرِ كَانَ عَلَيْهِمْ إطَاعَتُهُ. وَإِذَا أَمَرَ الْأَمِيرُ أَهْلَ الْعَسْكَرِ بِشَيْءٍ، فَعَصَى فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ، فَالْأَمِيرُ لَا يُؤَدِّبُهُ فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ وَلَكِنْ يَنْصَحُهُ حَتَّى لَا يَعُودَ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ إبْلَاءً لِلْعُذْرِ، فَإِنْ عَصَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَدَّبَهُ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ فِي ذَلِكَ عُذْرًا، فَحِينَئِذٍ يُخَلِّي سَبِيلَهُ، وَلَكِنْ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَقَدْ فَعَلْتُ هَذَا بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مَا يَمْنَعُ وُجُوبَ التَّعْزِيرِ عَلَيْهِ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ، فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينٍ، وَإِذَا جَعَلَ الْإِمَامُ السَّاقَةَ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ وَالْمَيْمَنَةَ كَذَلِكَ وَالْمَيْسَرَةَ كَذَلِكَ فَشَدَّ الْعَدُوُّ عَلَى السَّاقَةِ، فَلَا بَأْسَ لِأَهْلِ الْمَيْمَنَةِ وَالْمَيْسَرَةِ أَنْ يُعِينُوهُمْ إذَا خَافُوا عَلَيْهِمْ، وَهَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِمَرَاكِزِهِمْ، فَأَمَّا إذَا كَانَ يُخِلُّ ذَلِكَ بِمَرَاكِزِهِمْ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُعِينُوا أَهْلَ السَّاقَةِ، وَإِنْ أَمَرَهُمْ الْأَمِيرُ أَنْ لَا يَبْرَحُوا عَنْ مَرَاكِزِهِمْ. وَنَهَى أَنْ يُعِينَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُعِينُوا أَهْلَ السَّاقَةِ، وَإِنْ أَمِنُوا مِنْ نَاحِيَتِهِمْ وَخَافُوا عَلَى أَهْلِ السَّاقَةِ، وَإِذَا نَهَى الْإِمَامُ أَهْلَ الْعَسْكَرِ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْعِلَافَةِ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا أَهْلُ الْمَنَعَةِ وَغَيْرُهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا نَهَاهُمْ عَنْ الْخُرُوجِ أَنْ يَبْعَثَ قَوْمًا مِنْ الْجَيْشِ لِلْعِلَافَةِ، وَيُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا يَعْتَلِفُونَ لِلْجَيْشِ، فَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَبْعَثْ أَحَدًا، وَأَصَابَ الْجَيْشُ ضَرُورَةً مِنْ الْعَلَفِ، وَخَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَوْ عَلَى ظُهُورِهِمْ، وَلَمْ يَجِدُوا مَا يَشْتَرُونَ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجُوا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ عِصْيَانُ الْأَمِيرِ، وَإِذَا قَالَ الْأَمِيرُ: لَا يَخْرُجَنَّ أَحَدٌ إلَى الْعَلَفِ إلَّا تَحْتَ لِوَاءِ فُلَانٍ، فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُرَاعُوا شَرْطَهُ، وَلَا يَخْرُجُونَ إلَّا تَحْتَ لِوَائِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِلْعَلَفِ، فَلْيَخْرُجْ تَحْتَ لِوَاءِ فُلَانٍ فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ

الباب الثاني في كيفية القتال

أَنْ يَخْرُجُوا إلَّا تَحْتَ لِوَاءِ فُلَانٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. يَجُوزُ الْقِتَالُ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْقِتَالِ فِيهَا مَنْسُوخٌ وَإِنْ كَانَ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ نِصْفَ عَدَدِ الْمُشْرِكِينَ لَا يَحِلُّ لَهُمْ الْفِرَارُ، وَهَذَا إذَا كَانَ مَعَهُمْ أَسْلِحَةٌ، وَأَمَّا مَنْ لَا سِلَاحَ لَهُ، فَلَا بَأْس بِأَنْ يَفِرَّ مِمَّنْ مَعَهُ السِّلَاحُ، وَكَذَا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَفِرَّ مِمَّنْ يَرْمِي إذَا لَمْ تَكُنْ مَعَهُ آلَةُ الرَّمْيِ وَعَلَى هَذَا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَفِرَّ الْوَاحِدُ مِنْ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا كَانَ عَدَدُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ لَا يَحِلُّ لَهُمْ الْفِرَارُ إنْ كَانَ عَدَدُ الْكُفَّارِ أَضْعَافَ عَدَدِهِمْ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا تَفَرَّقَتْ كَلِمَتُهُمْ يُعْتَبَرُ الْوَاحِدُ بِالِاثْنَيْنِ، وَفِي زَمَانِنَا تُعْتَبَرُ الطَّاقَةُ، وَمَنْ فَرَّ مِنْ مَوْضِعٍ يَقْصِدْهُ أَهْلُ الْحِصْنِ بِالْمَنْجَنِيقِ وَأَشْبَاهِهِ وَمِنْ مَوْضِعٍ يُرْمَى بِالسِّهَامِ وَالْحِجَارَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا بَأْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ أَوْ الِاثْنَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةَ سَرِيَّةً إذَا كَانَ يُطِيقُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمِنْ تَوَابِعِ الْجِهَادِ: الرِّبَاطُ وَهُوَ الْإِقَامَةُ فِي مَكَان يُتَوَقَّعُ هُجُومُ الْعَدُوِّ فِيهِ لِقَصْدِ دَفْعِهِ وَاخْتُلِفَ فِي مَحَلِّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِي كُلِّ مَكَان وَالْمُخْتَارُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ وَرَاءَهُ إسْلَامٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّجْنِيسِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. . [الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْقِتَالِ] ِ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَنْ يَعْرِضَ الْعَسْكَرَ لِيَعْرِفَ عَدَدَهُمْ فَارِسَهُمْ وَرَاجِلَهُمْ، فَيَكْتُبَ أَسَامِيَهُمْ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. ، وَإِذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُونَ دَارَ الْحَرْبِ فَحَاصَرُوا مَدِينَةً أَوْ حِصْنًا دَعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ. فَإِنْ أَجَابُوا كَفُّوا عَنْ قِتَالِهِمْ وَإِنْ امْتَنَعُوا دَعُوهُمْ إلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، فَإِنْ قَبِلُوا فَلَهُمْ مَا لَنَا، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا كَذَا فِي الْكَنْزِ، وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، أَمَّا مَنْ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ، فَلَا نَدْعُوهُمْ إلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ الْكُفَّارُ أَصْنَافٌ: صِنْفٌ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ، وَلَا إعْطَاءُ الذِّمَّةِ لَهُمْ وَهُمْ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الْعَرَبِ مِمَّنْ لَا كِتَابَ لَهُمْ، فَإِذَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ لَا نَقْبَلُ مِنْ رِجَالِهِمْ إلَّا السَّيْفَ أَوْ الْإِسْلَامَ وَنِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ فَيْءٌ وَصِنْفٌ يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ، كَذَلِكَ يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ الْمَجُوسِيِّ بِالْإِجْمَاعِ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَرَبِيٍّ، وَصِنْفٌ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ، وَهُمْ قَوْمٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ غَيْرُ الْعَرَبِ، وَغَيْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسُ يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ عِنْدَنَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَاتَلَ مَنْ لَا تَبْلُغُهُ الدَّعْوَةُ إلَى الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَدْعُوَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ قَاتَلُوهُمْ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ كَانُوا آثِمِينَ فِي ذَلِكَ لَكِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ شَيْئًا مِمَّا أَتْلَفُوا مِنْ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ كَمَا فِي النِّسَاءِ وَالْوَالِدَانِ مِنْهُمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ مُبَالَغَةً فِي الْإِنْذَارِ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنَّمَا تُسْتَحَبُّ الدَّعْوَةُ مَرَّةً أُخْرَى لِلتَّأَكُّدِ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ فِي تَقْدِيمِ الدَّعْوَةِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَمَّا إذَا كَانَ فِي تَقْدِيمِ الدَّعْوَةِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَوْ قَدَّمُوا الدَّعْوَةَ يَسْتَعِدُّونَ لِلْقِتَالِ أَوْ يَحْتَالُونَ بِحِيلَةٍ أَوْ يَتَحَصَّنُونَ، فَلَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الدَّعْوَةِ، وَالشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَطْمَعَ فِيهِمْ مَا يُدْعَوْنَ إلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَطْمَع فِيهِمْ مَا يُدْعَوْنَ إلَيْهِ فَلَا يَشْتَغِلُونَ بِالدَّعْوَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بِغَيْرِ دَعْوَةٍ، وَهَذَا فِي أَرْضٍ بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، فَإِنْ أَبَوْا عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ اسْتَعَانُوا بِاَللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، وَحَارَبُوهُمْ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَنَصَبُوا عَلَيْهِمْ الْمَجَانِيقَ وَحَرَقُوهُمْ، وَأَرْسَلُوا عَلَيْهِمْ الْمَاءَ، وَقَطَعُوا شَجَرَهُمْ وَأَفْسَدُوا زَرْعَهُمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُخَرِّبُوا

حُصُونَهُمْ، وَيُغْرِقُونَهَا، وَيُخْرِبُونَ الْبُنْيَانَ، وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ يَقُولُ: هَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ الْحِصْنِ أَسِيرٌ مُسْلِمٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ التَّحْرِيقُ وَالتَّغْرِيقُ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: لَوْ مَنَعْنَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِمْ قِتَالُ الْمُشْرِكِينَ وَالظُّهُورُ عَلَيْهِمْ وَالْحُصُونُ قَلَّمَا تَخْلُو عَنْ أَسِيرٍ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْصِدُونَ الْمُشْرِكِينَ بِذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَا بَأْسَ بِرَمْيِهِمْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ أَسِيرٌ أَوْ تَاجِرٌ وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِصِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِالْأُسَارَى لَمْ يَكُفُّوا عَنْ رَمْيِهِمْ، وَيَقْصِدُونَ بِالرَّمْيِ الْكُفَّارَ، وَمَا أَصَابُوهُ مِنْهُمْ لَا دِيَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَا كَفَّارَةَ، وَلَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ النِّسَاءِ وَالْمَصَاحِفِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانَ الْعَسْكَرُ عَظِيمًا يُؤْمَنُ عَلَيْهِمْ، وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ ذَلِكَ فِي سَرِيَّةٍ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا، وَلَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ عَلَيْهِمْ بِأَمَانٍ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ الْمُصْحَفَ إذَا كَانُوا قَوْمًا يُوفُونَ بِالْعَهْدِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَسْكَرُ عَظِيمًا، فَلَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ الْعَجَائِزِ لِلْخِدْمَةِ، أَمَّا الشَّوَابُّ مِنْهُنَّ فَقَرَارُهُنَّ فِي الْبَيْتِ أَسْلَمُ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا تَخْرُجَ النِّسَاءُ أَصْلًا خَوْفًا مِنْ الْفِتَنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنْ الْإِخْرَاجِ لِلْمُبَاضَعَةِ، فَالْإِمَاءُ دُونَ الْحَرَائِرِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. . قَوْمٌ مِنْ الصُّلَحَاءِ يُرِيدُونَ الْغَزْوَ وَمَعَهُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْفَسَادِ يَخْرُجُونَ إلَى الْغَزْوِ وَمَعَهُمْ مَزَامِيرُ، فَإِنْ أَمْكَنَ لِلصُّلَحَاءِ الْخُرُوجُ بِدُونِهِمْ لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْخُرُوجُ إلَّا مَعَهُمْ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَغْدِرُوا، وَلَا يَغُلُّوا، وَلَا يُمَثِّلُوا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَا يَقْتُلُوا امْرَأَةً، وَلَا صَبِيًّا، وَلَا مَجْنُونًا، وَلَا شَيْخًا فَانِيًا، وَلَا أَعْمَى، وَلَا مُقْعَدًا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ لَهُ رَأْيٌ فِي الْحَرْبِ أَوْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مَلِكَةً، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَلِكُهُمْ صَبِيًّا صَغِيرًا وَأَحْضَرُوهُ مَعَهُمْ الْوَقْعَةَ وَكَانَ فِي قَتْلِهِ تَفْرِيقُ جَمْعِهِمْ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ ذَاتَ مَالٍ تَحُثُّ النَّاسَ عَلَى الْقِتَالِ بِمَالِهَا تُقْتَلُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَكَذَا يُقْتَلُ مَنْ قَاتَلَ مِنْ هَؤُلَاءِ غَيْرَ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ يُقْتَلَانِ مَا دَامَا يُقَاتِلَانِ وَغَيْرَهُمَا لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ بَعْدَ الْأَسْرِ وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ، وَيُفِيقُ فَهُوَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَالصَّحِيحِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا يُقْتَلُ مَقْطُوعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ، وَلَا مَقْطُوعُ الْيَدِ الْيُمْنَى خَاصَّةً إذَا كَانُوا لَا يُقَاتِلُونَ بِمَالٍ، وَلَا رَأْيٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَا يُقْتَلُ يَابِسُ الشِّقِّ، فَإِنْ قَاتَلَ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ، كَذَا الْأَعْمَى وَالْمُقْعَدُ وَالشَّيْخُ الْفَانِي إذَا حَضَرُوا، وَحَرَّضُوا عَلَى الْقِتَالِ، وَمَنْ قَتَلَ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَمَّا أَقْطَعُ الْيَدِ الْيُسْرَى أَوْ أَقْطَعُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ، فَهُوَ مِمَّنْ يُقَاتِلُ فَيُقْتَلُ، وَكَذَا الْأَخْرَسُ وَالْأَصَمُّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، أَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ مَا دَامَا يُحَرِّضَانِ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِمَا وَبَعْدَ مَا صَارَا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْتُلُوهُمَا، وَإِنْ كَانَا قَتَلَا غَيْرَ وَاحِدٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْتُلَ الرَّجُلُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كُلَّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَبْتَدِئُ بِهِ إلَّا الْوَالِدَ وَالْوَالِدَةَ وَالْأَجْدَادَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ وَالْجَدَّاتِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَضْطَرُّهُ الْوَالِدُ إلَى ذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا اضْطَرَّهُ إلَى ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْهَرَبُ مِنْهُ، وَإِذَا ظَفِرَ الِابْنُ بِأَبِيهِ فِي الصَّفِّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَهُ بِالْقَتْلِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ الرُّجُوعِ حَتَّى لَا يَعُودَ حَرْبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَكِنَّهُ يُلْجِئُهُ إلَى مَوْضِعٍ وَيَسْتَمْسِكُ بِهِ حَتَّى يَجِيءَ غَيْرُهُ فَيَقْتُلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَلَا يُقْتَلُ الرَّاهِبُ فِي صَوْمَعَتِهِ إلَّا أَنْ يُخَالِطَ النَّاسَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ عَلَى حَمْلِ مَنْ لَا يَقْتُلُ وَإِخْرَاجُهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَتْرُكُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ امْرَأَةً، وَلَا صَبِيًّا، وَلَا مَعْتُوهًا، وَلَا أَعْمَى، وَلَا مُقْعَدًا، وَلَا مَقْطُوعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ، وَلَا مَقْطُوعَ الْيَدِ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّهُمْ يُولَدُ لَهُمْ فَفِي تَرْكِهِمْ عَوْنٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَمَّا الشَّيْخُ الْفَانِي الَّذِي لَا يُلَقِّحُ، فَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، كَذَلِكَ الرُّهْبَانُ، وَأَصْحَابُ الصَّوَامِعِ إذَا كَانُوا مِمَّنْ لَا يُصِيبُونَ النِّسَاءَ، وَكَذَلِكَ الْعَجُوزُ الَّتِي لَا يُرْجَى وَلَدُهَا كَذَا فِي

الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْبَدَائِعِ. قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ: الْكُفَّارُ عَلَى نَوْعَيْنِ مِنْهُمْ مَنْ يَجْحَدُ الْبَارِي عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْهُمْ مَنْ يُقِرُّ بِهِ إلَّا أَنَّهُ يُنْكِرُ وَحْدَانِيَّتَهُ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، فَمَنْ أَنْكَرَهُ: إذَا أَقَرَّ بِهِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَمَنْ أَقَرَّ وَجَحَدَ وَحْدَانِيَّتَهُ إذَا أَقَرَّ بِوَحْدَانِيِّتِهِ بِأَنْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَمَنْ أَقَرَّ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَجَحَدَ رِسَالَةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِذَا أَقَرَّ بِرِسَالَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . الْوَثَنِيُّ أَوْ الَّذِي لَا يُقِرُّ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لَوْ قَالَ: اللَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا وَلَوْ قَالَ أَنَا مُسْلِمٌ يَصِيرُ مُسْلِمًا، فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ بِهِ أَنِّي عَلَى الْحَقِّ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا وَالْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ إذَا قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا مَا لَمْ يَقُلْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قَالُوا: وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى الْيَوْمَ بَيْنَ ظَهَرَانِي الْمُسْلِمِينَ إذَا قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى يَتَبَرَّأَ عَنْ دِينِهِ إنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا يَقُولُ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ يَهُودِيًّا يَقُولُ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَقُولُ: دَخَلْتُ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ قَالَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ: أَنَا مُسْلِمٌ أَوْ قَالَ: أَسْلَمْتُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْمُسْلِمُ مَنْ كَانَ مُنْقَادًا لِلْحَقِّ مُسْتَسْلِمًا، وَنَحْنُ عَلَى الْحَقِّ، فَإِذَا قَالَ: أَنَا مُسْلِمٌ يُسْأَلُ عَنْهُ إنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِهِ تَرْكَ دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْيَهُودِيَّةِ وَالدُّخُولَ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ يَكُونُ مُسْلِمًا حَتَّى لَوْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ يُقْتَلُ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ بِهِ أَنِّي مُسْتَسْلِمٌ، وَأَنَا عَلَى الْحَقِّ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا، فَإِنْ لَمْ يُسْأَلْ عَنْهُ حَتَّى صَلَّى بِجَمَاعَةٍ مَعَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ مُسْلِمًا، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ وَقَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ بِجَمَاعَةٍ، فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَلَوْ قَالَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ تَبَرَّأْتُ عَنْ الْيَهُودِيَّةِ، وَلَمْ يَقُلْ مَعَ ذَلِكَ دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ: دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ فَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا كَانَتْ شَهَادَةُ الْكِتَابِيِّ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَابًا كَانَ دُخُولًا فِي الْإِسْلَامِ، وَعَنْ بَعْضِ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قِيلَ لِلنَّصْرَانِيِّ أَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِحَقٍّ قَالَ: نَعَمْ إنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ لَهُ أَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِحَقٍّ إلَى الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَقَالَ: نَعَمْ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا وَقَعَتْ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُ قِيلَ لِنَصْرَانِيٍّ أَدِينُ الْإِسْلَامِ حَقٌّ، فَقَالَ: نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ: أَدِينُ النَّصْرَانِيَّةِ بَاطِلٌ فَقَالَ: نَعَمْ فَأَفْتَى بَعْضُ الْمُفْتِينَ بِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْلِمًا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ النَّصْرَانِيُّ أَوْ الْيَهُودِيُّ: أَنَا عَلَى دِينِ الْحَنِيفِيَّةِ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ الْيَهُودِيُّ: دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ تَبَرَّأْتُ عَنْ الْيَهُودِيَّةِ، وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ إذَا قَالَ: أَسْلَمْتُ أَوْ قَالَ: أَنَا مُسْلِمٌ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَدَّعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَصْفَ الْإِسْلَامِ بَلْ يَعُدُّونَهُ شَتِيمَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا صَلَّى الْكِتَابِيُّ أَوْ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ فِي جَمَاعَةٍ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ عِنْدَنَا، وَإِنْ صَلَّى وَحْدَهُ، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ فَمِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ لَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَأْوِيلُهُ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَتَأْوِيلُ مَا قَالَا إذَا صَلَّى وَحْدَهُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الْأَجْنَاسِ إذَا شَهِدُوا أَنَّا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّي سُنَّةً، وَلَمْ يَقُولُوا بِجَمَاعَةٍ فَقَالَ: صَلَّيْتُ صَلَاتِي لَا يَكُونُ إسْلَامًا حَتَّى يَقُولُوا صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ كَانَ مُسْلِمًا كَانَ الْأَذَانُ فِي السَّفَرِ أَوْ فِي الْحَضَرِ، وَإِنْ قَالُوا: سَمِعْنَاهُ يُؤَذِّنُ فِي الْمَسْجِدِ بِشَيْءٍ حَتَّى يَقُولُوا هُوَ مُؤَذِّنٌ، فَإِذَا قَالُوا: ذَلِكَ، فَهُوَ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا قَالُوا: إنَّهُ مُؤَذِّنٌ كَانَ ذَلِكَ عَادَةً فَيَكُونُ مُسْلِمًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ صَامَ أَوْ حَجَّ أَوْ أَدَّى الزَّكَاةَ

الباب الثالث في الموادعة والأمان ومن يجوز أمانه

لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى دَاوُد بْنُ رَشِيدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ حَجَّ الْبَيْتَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَفْعَلُهُ الْمُسْلِمُونَ بِأَنْ رَأَوْهُ تَهَيَّأَ لِلْإِحْرَامِ، وَلَبَّى وَشَهِدَ الْمَنَاسِكَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ يَكُونُ مُسْلِمًا، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الْمَنَاسِكَ أَوْ شَهِدَ الْمَنَاسِكَ، وَلَمْ يَحُجَّ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا، وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ، فَقَالَ: رَأَيْتُهُ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فِي جَمَاعَةٍ، وَشَهِدَ آخَرُ رَأَيْتُهُ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ كَذَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَمْ يُقْتَلْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِذِمِّيٍّ أَسْلِمْ فَقَالَ: أَسْلَمْتُ كَانَ إسْلَامًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: إذَا حَمَلَ مُسْلِمٌ عَلَى مُشْرِكٍ لِيَقْتُلَهُ، فَلَمَّا رَهَقَهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِنْ كَانَ الْكَافِرُ مِنْ قَوْمٍ لَا يَقُولُونَ هَذَا فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ، وَإِنْ أَخَذَهُ وَجَاءَ بِهِ إلَى الْإِمَامِ فَهُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ إنْ كَانَ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ قَبْلَ أَنْ يَقْهَرَهُ الْمُسْلِمُ وَإِنْ قَالَ بَعْدَ مَا قَهَرَهُ الْمُسْلِمُ، فَهُوَ فَيْءٌ، وَلَكِنْ لَا يُقْتَلُ، فَإِنْ قَالَ: مَا أَرَدْتُ الْإِسْلَامَ بِمَا قُلْتُ بَلْ إنَّمَا أَرَدْتُ الدُّخُولَ فِي الْيَهُودِيَّةِ أَوْ أَرَدْتُ التَّعَوُّذَ لِئَلَّا يَقْتُلَنِي لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ كَانَ حِينَ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَفَّ عَنْهُ فَانْفَلَتَ، وَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ عَادَ يُقَاتِلُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ، فَلَمَّا رَهَقَهُ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فِئَةٌ يَلْجَأُ إلَيْهَا، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْتُلَهُ، وَإِنْ تَفَرَّقَتْ الْفِئَةُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَلَكِنَّهُ يُؤَدِّبَهُ عَلَى مَا صَنَعَ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ مِمَّنْ يَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَكِنْ لَا يُقِرُّ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْتُلَهُ وَإِنْ تَكَلَّمَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ وَإِنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ، فَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلَمَ صَحَّ الْإِسْلَامُ اسْتِحْسَانًا، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ أَنَّ إسْلَامَ السَّكْرَانِ إسْلَامٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَإِذَا قَالَ الْوَثَنِيُّ: أَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ يَكُونُ مُسْلِمًا، كَذَا لَوْ قَالَ: أَنَا عَلَى دِينِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَنَا عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ أَوْ عَلَى الْإِسْلَامِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَلَوْ مَاتَ يُصَلَّى عَلَيْهِ. كَافِرٌ لَقَّنَ كَافِرًا آخَرَ الْإِسْلَامَ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا، كَذَا إذَا عَلَّمَهُ الْقُرْآنَ، كَذَا إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمُوَادَعَةِ وَالْأَمَانِ وَمَنْ يَجُوزُ أَمَانُهُ] ُ إذَا رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يُصَالِحَ أَهْلَ الْحَرْبِ أَوْ فَرِيقًا مِنْهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ مُوَادَعَةَ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَأَنْ يَأْخُذَ عَلَى ذَلِكَ مَالًا، فَلَا بَأْسَ بِهِ لَكِنَّ هَذَا إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ، فَلَا يَجُوزُ وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمَالِ يُصْرَفُ مَصَارِفَ الْجِزْيَةِ إذَا لَمْ يَنْزِلُوا بِسَاحَتِهِمْ بَلْ أَرْسَلُوا رَسُولًا أَمَّا إذَا أَحَاطَ الْجَيْشُ بِهِمْ، ثُمَّ أَخَذُوا الْمَالَ، فَهُوَ غَنِيمَةٌ يُخَمِّسُهَا، وَيَقْسِمُ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ وَادَعَهُمْ فَرِيقٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، فَالْمُوَادَعَةُ جَائِزَةٌ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهَا أَمَانٌ وَأَمَانُ الْوَاحِدِ كَأَمَانِ الْجَمَاعَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا وَادَعَ أَهْلَ الْحَرْبِ سَنَةً عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ جَازَتْ مُوَادَعَتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْإِمَامُ ذَلِكَ حَتَّى مَضَتْ مُوَادَعَتُهُ أَخَذَ الْمَالَ، وَجَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ عَلِمَ بِمُوَادَعَتِهِ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي إمْضَائِهَا أَمْضَاهَا، وَأَخَذَ الْمَالَ، فَإِنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي إبْطَالِهَا رَدَّ الْمَالَ إلَيْهِمْ، ثُمَّ نَبَذَ إلَيْهِمْ، وَقَاتَلَهُمْ، فَإِنْ مَضَى نِصْفُ السَّنَةِ يَرُدُّ كُلَّهُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ الْمُسْلِمُ: وَادَعَتْكُمْ بِأَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ نَبَذَ الْإِمَامُ إلَيْهِمْ بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ السَّنَةِ بَعْضُهَا، وَبَقِيَ الْبَعْضُ كَانَ لِلْأَمِيرِ الْمَالُ بِحِسَابِ مَا مَضَى مِنْ السَّنَةِ وَرَدَّهُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. ، فَإِنْ كَانَ وَادَعَهُمْ ثَلَاثَ سِنِينَ كُلُّ سَنَةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَبَضَ الْمَالَ كُلَّهُ، ثُمَّ أَرَادَ الْإِمَامُ نَقْضَ الْمُوَادَعَةِ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ الثُّلُثَيْنِ؛ لِأَنَّهُ فَرَّقَ الْعُقُودَ بِتَفْرِيقِ التَّسْمِيَةِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْعَقْدُ وَاحِدٌ فِي السَّنَةِ، وَالْمَالُ مَذْكُورٌ بِحَرْفِ عَلَى، وَهُوَ حَرْفُ الشَّرْطِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ

وَتَجُوزُ الْمُوَادَعَةُ أَكْثَرُ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ حَاصَرَ الْعَدُوُّ الْمُسْلِمِينَ، وَطَلَبُوا الْمُوَادَعَةَ عَلَى مَالٍ يَدْفَعُهُ الْمُسْلِمُونَ إلَيْهِمْ لَا يَفْعَلُ الْإِمَامُ إلَّا إذَا خَافَ الْهَلَاكَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا طَلَبُوا مِنْ الْإِمَامِ الْمُوَادَعَةَ سِنِينَ مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا إلَى الْمُسْلِمِينَ كُلَّ سَنَةٍ شَيْئًا مَعْلُومًا عَلَى أَنْ لَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ فِي بِلَادِهِمْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَوَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا إلَيْهِمْ كُلَّ سَنَةٍ مِائَةَ رَأْسٍ، فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ صَالَحُوا عَلَى مِائَةِ رَأْسٍ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ أَوْ بِأَعْيَانِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى مِائَةِ رَأْسٍ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ الْمِائَةُ الْمَشْرُوطَةُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الْمِائَةُ الْمَشْرُوطَةُ مِنْ أَرِقَّائِهِمْ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى مِائَةِ رَأْسٍ بِأَعْيَانِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَأَوْلَادِهِمْ بِأَنْ قَالُوا أَوَّلَ السَّنَةِ: آمِنُوا عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ لَكُمْ، وَنُصَالِحُكُمْ لِثَلَاثِ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً عَلَى أَنْ نُعْطِيَكُمْ مِائَةَ رَأْسٍ مِنْ رَقِيقِنَا، فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَإِنْ شَرَطُوا فِي الْمُوَادَعَةِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَنَا مُسْلِمًا مِنْهُمْ بَطَلَ الشَّرْطُ وَلَمْ يَجِبْ الْوَفَاءُ بِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ صَالَحَهُمْ الْإِمَامُ، ثُمَّ رَأَى نَقْضَ الصُّلْحِ أَصْلَحُ نَبَذَ إلَيْهِمْ، وَقَاتَلَهُمْ وَيَكُونُ النَّبْذُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ الْأَمَانُ، فَإِنْ كَانَ مُنْتَشِرًا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ النَّبْذُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنْتَشِرٍ بِأَنْ أَمَّنَهُمْ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سِرًّا يَكْتَفِي بِنَبْذِ ذَلِكَ الْوَاحِدِ، ثُمَّ بَعْدَ النَّبْذِ لَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ حَتَّى يَمْضِيَ عَلَيْهِمْ زَمَانٌ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مَلِكُهُمْ مِنْ إنْفَاذِ الْخَبَرِ إلَى أَطْرَافِ مَمْلَكَتِهِ وَإِنْ كَانُوا أُخْرِجُوا مِنْ حُصُونِهِمْ وَتَفَرَّقُوا فِي الْبِلَادِ وَفِي عَسَاكِرِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ خَرَّبُوا حُصُونَهُمْ بِسَبَبِ الْأَمَانِ، فَحَتَّى يَعُودُوا كُلُّهُمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ وَيُعَمِّرُوا حُصُونَهُمْ مِثْلَ مَا كَانَتْ تَوَقِّيًا عَنْ الْغَدْرِ، وَهَذَا إذَا صَالَحَهُمْ مُدَّةً، فَرَأَى نَقْضَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، أَمَّا إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ، فَيَبْطُلُ الصُّلْحُ بِمُضِيِّهَا، فَلَا يَنْبِذُ إلَيْهِمْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ، وَلَا عَلَى أَطْرَافِ بِلَادِهِمْ مَا دَامَ الصُّلْحُ بَاقِيًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ بَدَءُوا بِخِيَانَةٍ قَاتَلَهُمْ وَلَمْ يَنْبِذْ إلَيْهِمْ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِهِمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ خَرَجَ مِنْ دَارِ الْمُوَادَعَةِ جَمَاعَةٌ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ، وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَلَيْسَ هَذَا نَقْضُ الْعَهْدِ، وَإِنْ خَرَجَ قَوْمٌ لَهُمْ مَنَعَةٌ بِغَيْرِ أَمْرِ مَلِكِهِمْ، وَلَا أَمْرِ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ فَالْمَلِكُ، وَأَهْلُ مَمْلَكَتِهِ عَلَى مُوَادَعَتِهِمْ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَطَعُوا الطَّرِيقَ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِمْ وَاسْتِرْقَاقِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا خَرَجُوا بِإِذْنِ مَلِكِهِمْ فَهَذَا نَقْضُ الْعَهْدِ فِي حَقِّ الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَرْخِيِّ. وَإِذَا كَانَتْ الْمُوَادَعَةُ قَائِمَةً بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَخَرَجَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إلَى بَلَدٍ آخَرَ لَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مُوَادَعَةً فَغَزَا الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ الْبَلَدَ، فَأَخَذُوا ذَلِكَ الرَّجُلَ فَهُوَ آمِنٌ لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَرَقِيقِهِ وَحَيْثُ مَضَى أَهْلُ الْبَلَدِ الَّذِينَ وَادَعْنَاهُمْ وَحَيْثُ رَحَلُوا مِنْ الْبِلَادِ فَهُمْ آمِنُونَ، وَإِنْ غَزَا الْمُسْلِمُونَ دَارًا غَيْرَ دَارِ الْمُوَادِعِينَ، فَأَسَرُوا مِنْهَا رَجُلًا مِنْ الْمُوَادِعِينَ كَانَ أَسِيرًا فِي الدَّارِ الَّتِي غَزَاهَا الْمُسْلِمُونَ كَانَ فَيْئًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَأَهْلُ الذِّمَّةِ إذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ كَالْمُشْرِكِينَ فِي الْمُوَادَعَةِ، وَيَجُوزُ أَخْذُ الْمَالِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَرْكُهُمْ بِالْجِزْيَةِ هَكَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَيُصَالِحُ الْمُرْتَدِّينَ الَّذِينَ يُغْلَبُونَ، وَصَارَتْ دَارُهُمْ دَارَ الْحَرْبِ عِنْدَ الْخَوْفِ لَوْ خُيِّرَا بِلَا أَخْذِ مَالٍ مِنْهُمْ وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُمْ لَمْ يُرَدَّ؛ لِأَنَّ مَالَهُمْ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ إذَا ظَهَرُوا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ حَيْثُ يُرَدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ وَضْعِ الْحَرْبِ أَوْزَارَهَا لَيْسَ فَيْئًا إلَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ لَهُمْ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَهَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ كَالْمُرْتَدِّينَ فِي الْمُوَادَعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ وَيُكْرَهُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أَوْ قَائِدٍ مِنْ قُوَّادِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّةَ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَيَخْتَصُّ بِهَا بَلْ يَجْعَلُهَا فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ وَيُكْرَهُ بَيْعُ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ مِنْ

فصل في الأمان

أَهْلِ الْحَرْبِ وَتَجْهِيزُهُ إلَيْهِمْ قَبْلَ الْمُوَادَعَةِ وَبَعْدَهَا، كَذَلِكَ الْحَدِيدُ، وَكُلُّ مَا هُوَ أَصْلٌ فِي آلَاتِ الْحَرْبِ، وَلَا يُكْرَهُ إدْخَالُ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ جَاءَ حَرْبِيٌّ بِسَيْفٍ، فَاشْتَرَى مَكَانَهُ قَوْسًا أَوْ رُمْحًا أَوْ تُرْسًا لَمْ يَتْرُكْ أَنْ يَخْرُجَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ اشْتَرَى غَيْرَهُ يُمْنَعُ مُطْلَقًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. . طَلَبَ مَلِكٌ مِنْهُمْ الذِّمَّةَ عَلَى أَنْ يُتْرَكَ أَنْ يَحْكُمَ فِي أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ مَا شَاءَ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ظُلْمٍ لَا يَصِحُّ فِي الْإِسْلَامِ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ فِيهَا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ هُمْ عَبِيدُهُ يَبِيعُ مِنْهُمْ مَا شَاءَ، فَصَالَحَ وَصَارَ ذِمَّةً فَهُمْ عَبِيدٌ لَهُ كَمَا كَانُوا يَبِيعُهُمْ إنْ شَاءَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، فَإِنْ ظَفِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ، ثُمَّ اسْتَنْقَذَهُمْ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَيْدِي أُولَئِكَ، فَإِنَّهُمْ يُرَدُّونَ إلَى هَذَا الْمَلِكِ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَسْلَمَ الْمَلِكُ وَأَهْلُ أَرْضِهِ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُ أَرْضِهِ دُونَهُ، فَهُمْ عُبَيْدٌ لَهُ كَمَا كَانُوا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . [فَصْلٌ فِي الْأَمَانِ] ِ إذَا أَمَّنَّ رَجُلٌ حُرٌّ أَوْ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ كَافِرًا أَوْ جَمَاعَةً أَوْ أَهْلَ حِصْنٍ أَوْ مَدِينَةً صَحَّ أَمَانُهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ فَيَنْبُذُ إلَيْهِمْ كَمَا إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي النَّبْذِ، وَلَوْ حَاصَرَ الْإِمَامُ حِصْنًا وَأَمَّنَ وَاحِدٌ مِنْ الْجَيْشِ، وَفِيهِ مَفْسَدَةٌ يَنْبُذُ الْأَمَانَ وَيُؤَدِّبُهُ الْإِمَامُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيَبْطُلُ أَمَانُ ذِمِّيٍّ إلَّا إذَا أَمَرَهُ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ أَنْ يُؤْمِنَهُمْ فَيَجُوزُ أَمَانُهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيَصِحُّ أَمَانُ الْمُكَاتَبِ، وَلَا يَجُوزُ أَمَانُ الْمُسْلِمِ التَّاجِرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا أَمَانُ الْمُسْلِمِ الْأَسِيرِ فِي أَيْدِيهِمْ، وَلَا أَمَانُ الَّذِي أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْعَبْدُ إذَا أَمَّنَ إنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي الْقِتَالِ فِي جِهَةِ الْمَوْلَى يَصِحُّ أَمَانُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَنْ الْقِتَالِ، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ أَمَانُهُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا هَذَا الْخِلَافُ فِي الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ إذَا لَمْ يَجِئْ النَّفِيرُ أَمَّا إذَا جَاءَ النَّفِيرُ، فَيَصِحُّ أَمَانُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: الْكُلُّ عَلَى الْخِلَافِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْجَوَابُ فِي الْأَمَةِ كَالْجَوَابِ فِي الْعَبْدِ إنْ كَانَتْ تُقَاتِلُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَأَمَانُهَا صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُقَاتِلُ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ أَمَانُهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إنْ أَمَّنَ الصَّبِيُّ، وَهُوَ لَا يَعْقِلُ لَا يَصِحُّ كَالْمَجْنُونِ وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ، وَيَصِفُهُ، وَهُوَ مَحْجُورٌ عَنْ الْقِتَالِ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقِتَالِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمُخْتَلِطُ الْعَقْلِ الَّذِي يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ، وَيَصِفُهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِلُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ كَبُرَ الْغُلَامُ وَبَلَغَ وَهُوَ لَا يَصِفُ الْإِسْلَامَ، وَلَا يَعْقِلُهُ، وَيَعْقِلُ أَمْرَ مَعِيشَتِهِ، فَأَمَانُهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَدِّ، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَمَّنَ الرَّجُلُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أُنَاسًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَأَغَارَ عَلَيْهِمْ قَوْمٌ آخَرُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلُوا الرِّجَالَ وَأَصَابُوا النِّسَاءَ وَالْأَمْوَالَ، وَاقْتَسَمُوا ذَلِكَ وَوُلِدَ لَهُمْ مِنْهُنَّ الْأَوْلَادُ، ثُمَّ عَلِمُوا بِالْأَمَانِ فَعَلَى الْقَاتِلِينَ دِيَةُ مَنْ قَتَلُوا وَتُرَدُّ النِّسَاءُ وَالْأَمْوَالُ إلَى أَهْلِهَا وَيَغْرَمُونَ لِلنِّسَاءِ أَصْدِقَتَهُنَّ بِمَا أَصَابُوا مِنْ فُرُوجِهِنَّ وَالْأَوْلَادُ أَحْرَارٌ بِغَيْرِ قِيمَةٍ مُسْلِمُونَ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ لَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ لَكِنْ إنَّمَا تُرَدُّ النِّسَاءُ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثِ حِيَضٍ، وَفِي زَمَانِ الِاعْتِدَادِ يُوضَعْنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَالْعَدْلُ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ ثِقَةٌ لَا الرَّجُلُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. . قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا نَادَى الْمُسْلِمُونَ أَهْلَ الْحَرْبِ بِالْأَمَانِ فَهُمْ آمِنُونَ جَمِيعًا إذَا سَمِعُوا صَوْتَهُمْ بِالْأَمَانِ بِأَيِّ لِسَانٍ كَانُوا نَادَوْهُمْ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ إنْ عَرَفُوا، وَفَهِمُوا بِالْأَمَانِ أَوْ لَمْ يَعْرِفُوا، وَلَمْ يَفْهَمُوا مِنْهُ الْأَمَانَ بِأَنْ نَادَوْهُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَهُمْ رُومٌ لَا يُحْسِنُونَ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ نَادَوْهُمْ بِالنَّبَطِيَّةِ، وَهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْرِفُونَ النَّبَطِيَّة

وَأَمْثَالُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعُوا صَوْتَهُمْ بِالْأَمَانِ، فَلَا أَمَانَ لَهُمْ، وَيَحِلُّ قَتْلُهُمْ وَسَبْيُهُمْ، وَلَوْ نَادَوْهُمْ مِنْ مَوْضِعٍ يَسْمَعُونَ إلَّا أَنَّ الْعِلْمَ قَدْ أَحَاطَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا بِأَنْ كَانُوا نِيَامًا أَوْ مَشْغُولِينَ بِالْحَرْبِ فَذَلِكَ أَمَانٌ، وَأَرَادَ بِالْعِلْمِ غَالِبَ الرَّأْيِ لَا حَقِيقَةَ الْعِلْمِ وَسَمَاعُ الْكُلِّ لِلْأَمَانِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِثُبُوتِ الْأَمَانِ فِي حَقِّ الْكُلِّ بَلْ سَمَاعُ الْأَكْثَرِ يَكْفِي، وَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ سَمَاعِ الْكُلِّ، وَإِذَا قَالُوا لِحَرْبِيٍّ: لَا تَخَفْ أَوْ قَالُوا لَهُ: أَنْتَ آمِنٌ أَوْ قَالُوا لَهُ لَا بَأْسَ عَلَيْك، فَهَذَا كُلُّهُ أَمَانٌ، وَلَوْ قَالُوا لَهُ لَك أَمَانُ اللَّهِ كَانَ أَمَانًا، كَذَلِكَ إذَا قَالُوا: لَك عَهْدُ اللَّهِ أَوْ لَك ذِمَّةُ اللَّهِ أَوْ قَالُوا: تَعَالَى تَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ أَوْ قَالُوا أَجَرْنَاكَ وَلَوْ أَنَّ الْأَمِيرَ قَالَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مُعَيَّنِينَ، وَهُمْ فِي الْحِصْنِ مَحْصُورُونَ اُخْرُجُوا إلَيْنَا نُرَاوِدُكُمْ عَلَى الصُّلْحِ وَأَنْتُمْ آمِنُونَ أَوْ لَمْ يَقُلْ وَأَنْتُمْ آمِنُونَ، فَخَرَجُوا، فَهُمْ آمِنُونَ، وَلَوْ قَالَ لَهُمْ: اُخْرُجُوا إلَيْنَا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَخَرَجُوا فَلَا أَمَانَ وَلَوْ قَالَ: لَهُمْ انْزِلُوا إلَيْنَا كَانَ أَمَانًا، وَلَوْ قَالَ: اُخْرُجُوا إلَيْنَا، فَبِيعُونَا وَاشْتَرُوا مِنَّا كَانَ أَمَانًا وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَشَارَ إلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَهُمْ فِي حِصْنٍ أَوْ مَنَعَةٍ أَنْ تَعَالَ أَوْ أَشَارَ إلَى أَهْلِ الْحِصْنِ أَنْ افْتَحُوا الْحِصْنَ، فَفَتَحُوا أَوْ أَشَارَ إلَى السَّمَاءِ، فَظَنَّ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ ذَلِكَ أَمَانٌ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ الرَّجُلُ، وَقَدْ كَانَ هَذَا الَّذِي صَنَعَ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَبَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ أَنَّهُمْ إذَا صَنَعُوا كَانَ أَمَانًا أَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَعْرُوفًا، فَهُوَ أَمَانٌ جَائِزٌ. وَإِذَا أَشَارَ إلَى الْعَدُوِّ بِأُصْبُعِهِ بِإِشَارَةٍ يُفْهَمُ مِنْهُ الدُّعَاءُ إلَى نَفْسِهِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَجِيءِ إلَيْهِ، وَيَقُولُ بِلِسَانِهِ مَعَ ذَلِكَ إنْ جِئْتَ قَتَلْتُكَ، فَجَاءَهُ فَهُوَ آمِنٌ هَذَا إذَا فَهِمَ الْكَافِرُ الْإِشَارَةَ، وَعَرَفَهَا أَمَانًا، وَلَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ الْمُشِيرِ إنْ جِئْتَ قَتَلْتُكَ أَوْ سَمِعَ، وَلَكِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ، فَأَمَّا إذَا سَمِعَ، وَفَهْمَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَمَانًا، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْمُسْلِمُ لِلْكَافِرِ: تَعَالَ حَتَّى أَقْتُلَكَ فَسَمِعَ الْكَافِرُ أَوَّلَ الْكَلَامِ وَفَهِمَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ آخِرَ الْكَلَامِ أَوْ سَمِعَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْهُ كَانَ أَمَانًا، وَلَوْ سَمِعَ آخِرَ الْكَلَامِ، وَفَهِمَهُ لَا يَكُونُ أَمَانًا، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْمُسْلِمُونَ لَهُ: تَعَالَ إنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْقِتَالَ تَعَالَ إنْ كُنْتَ رَجُلًا، فَسَمِعَ أَوَّلَ الْكَلَامِ، وَفَهِمَهُ وَلَمْ يَسْمَعْ آخِرَ الْكَلَامِ، أَوْ سَمِعَ آخِرَ الْكَلَامِ وَلَمْ يَفْهَمْهُ، فَجَاءَهُ كَانَ أَمَانًا وَلَوْ سَمِعَ أَوَّلَ الْكَلَامِ وَآخِرَهُ، وَفَهِمَهُ، فَجَاءَهُ لَا يَكُونُ أَمَانًا وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لَهُ: تَعَالَ حَتَّى تَرَى مَا أَصْنَعُ بِك هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْكُفَّارِ قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: أَمِّنُونَا عَلَى ذَرَارِيِّنَا فَأَمَّنُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَهُمْ آمِنُونَ وَأَوْلَادُهُمْ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ، وَإِنْ سَفَلُوا مِنْ أَوْلَادِ الرِّجَالِ، وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ كَذَا ذَكَرَهُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا قَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى أَوْلَادِي فَأَمَّنُوهُ عَلَى ذَلِكَ، فَهُوَ آمِنٌ وَأَوْلَادُهُ الصُّلْبِيَّةُ وَأَوْلَادُهُ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ، أَمَّا أَوْلَادُ الْبَنَاتِ، فَلَا يَدْخُلُونَ، وَلَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى أَوْلَادِي ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ بَنُو الْبَنَاتِ يَدْخُلُونَ رِوَايَةً وَلَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى آبَائِي، وَلَهُ أَبٌ وَأُمٌّ دَخَلَا فِي الْأَمَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَأُمٌّ، وَإِنَّمَا لَهُ جَدٌّ وَجَدَّةٌ فَلَا أَمَانَ لَهُمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ كَانَ لِسَانُهُمْ الَّذِي يَتَكَلَّمُونَ بِهِ أَنَّ الْجَدَّ وَالِدٌ كَمَا أَنَّ ابْنَ الِابْنِ ابْنٌ، فَالْجَدُّ بِمَنْزِلَةِ ابْنِ الِابْنِ يَدْخُلُ فِي الْأَمَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالُوا: أَمِّنُونَا عَلَى أَبْنَائِنَا، وَلَهُمْ بَنُونَ وَبَنَاتٌ فَهُمْ آمِنُونَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَكَرٌ وَإِنَّمَا لَهُمْ بَنَاتٌ خَاصَّةً، فَهُوَ فَيْءٌ جَمِيعًا، وَإِنْ قَالُوا: أَمِّنُونَا عَلَى بَنَاتِنَا وَأَخَوَاتِنَا، فَهَذَا عَلَى الْإِنَاثِ دُونَ الذُّكُورِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى إخْوَتِي، وَلَهُ إخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ دَخَلَ الْكُلُّ فِي الْأَمَانِ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَخَوَاتٌ لِاذَّكَرَ مَعَهُنَّ يَدْخُلْنَ فِي الْأَمَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالُوا: أَمِّنُونَا عَلَى أَبْنَائِنَا، وَلَهُمْ أَبْنَاءٌ وَأَبْنَاءُ أَبْنَاءٍ فَالْأَمَانُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَبْنَاءٌ وَلَكِنْ لَهُمْ أَبْنَاءُ أَبْنَاءٍ فَهُمْ آمِنُونَ أَيْضًا، وَإِنْ قَالُوا: أَمِّنُونَا عَلَى آبَائِنَا وَلَيْسَ لَهُمْ آبَاءٌ وَلَهُمْ أَجْدَادٌ، فَلَيْسَ

يَدْخُلُ الْأَجْدَادُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالُوا: أَمِّنُونَا عَلَى أُمَّهَاتِنَا، وَلَيْسَ لَهُمْ أُمَّهَاتٌ لَكِنْ لَهُمْ جَدَّاتٌ، فَإِنَّهُنَّ لَا يَدْخُلْنَ فِي الْأَمَانِ، وَلَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى مُوَالِيَّ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْمَوْلَيَاتِ، وَلَا ذَكَرَ فِيهِنَّ، فَهُنَّ آمِنَاتٌ مَعَهُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا قَالَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ: أَمِّنُونِي عَلَى مَتَاعِي، فَأَمَّنُوهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَتَاعُهُ سَالِمٌ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَتَاعِ دَرَاهِمُ، وَلَا دَنَانِيرُ، وَلَا ذَهَبٌ، وَلَا فِضَّةٌ، وَلَا حُلِيٌّ، وَلَا جَوَاهِرُ، وَلَا كُرَاعٌ، وَلَا سِلَاحٌ وَيَدْخُلُ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الثِّيَابِ وَالْفِرَاشِ وَجَمِيعِ مَتَاعِ الْبَيْتِ فِي الْبُيُوتِ يَدْخُلُ تَحْتَ اسْمِ الْمَتَاعِ، وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . إنْ قَالَ: أَمِّنُونِي مَعَ عَشْرَةٍ فَالْعَشَرَةُ سِوَاهُ، وَالْخِيَارُ فِي تَعْيِينِ الْعَشَرَةِ إلَى الْإِمَامِ وَلَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي أَوْ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ حِصْنِي، فَالْأَمَانُ لَهُ، وَتِسْعَةٌ سِوَاهُ وَلَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي فِي عَشَرَةٍ مِنْ إخْوَانِي، فَهُوَ آمِنٌ وَعَشَرَةٌ سِوَاهُ مِنْ إخْوَانِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: فِي عَشَرَةٍ مِنْ وَلَدِي وَلَوْ قَالَ أَمِّنُوا عَشَرَةً مِنْ إخْوَانِي أَنَا فِيهِمْ أَوْ عَشْرَةٌ مِنْ وَلَدِي أَنَا فِيهِمْ، فَالْأَمَانُ لِعَشَرَةٍ سِوَاهُ، وَلَوْ قَالَ: عَشَرَةٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي أَنَا فِيهِمْ أَوْ عَشَرَةٌ مِنْ أَهْلِ حِصْنِي أَنَا فِيهِمْ، فَالْأَمَانُ لِعَشَرَةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ. وَلَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي فِي مَوَالِيَّ، وَلَهُ مَوَالٍ أَعْتَقُوهُ وَمَوَالٍ أَعْتَقَهُمْ، فَالْأَمَانُ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَرِيقَيْنِ وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْأَمَانُ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ، وَيَكُونُ الْأَمَانُ عَلَى مَا نَوَاهُ الْمُسْتَأْمِنُ، فَإِنْ قَالَ: مَا نَوَيْتُ شَيْئًا، فَهُمْ جَمِيعًا آمِنُونَ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ حَاصَرَ الْمُسْلِمُونَ حِصْنًا، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ رَأْسُ الْحِصْنِ فَقَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ عَلَى أَنْ أَفْتَحَهُ لَكُمْ فَقَالُوا: لَك ذَلِكَ، فَفَتْحَ الْحِصْنَ، فَهُوَ آمِنٌ وَعَشَرَةٌ مَعَهُ، ثُمَّ الْخِيَارُ فِي تَعْيِينِ الْعَشَرَةِ إلَى رَأْسِ الْحِصْنِ، وَلَوْ قَالَ: اعْقِدُوا لِي الْأَمَانَ عَلَى أَهْلِ حِصْنِي عَلَى أَنْ تَدْخُلُوهُ، فَتُصَلُّوا فِيهِ، فَعَقَدُوا لَهُ الْأَمَانَ عَلَى ذَلِكَ، فَلَيْسَ لَهُمْ قَلِيلٌ، وَلَا كَثِيرٌ مِنْ النُّفُوسِ، وَلَا مِنْ الْأَمْوَالِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. . إذَا اسْتَأْمَنَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَخَرَجَ مَعَهُ بِامْرَأَةٍ، وَقَالَ: هَذِهِ امْرَأَتِي، وَخَرَجَ مَعَهُ بِأَطْفَالٍ صِغَارٍ، وَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَوْلَادِي، وَلَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُمْ فِي أَمَانِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ أَمِّنُونِي حَتَّى أَخْرُجَ إلَيْكُمْ أَوْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ إلَى عَسْكَرِكُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ فَيْئًا غَيْرَهُ، وَلَكِنَّ هَذَا قَبِيحٌ، فَنَجْعَلُهُمْ آمِنِينَ بِأَمَانِهِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ إذَا كَانَ مَعَهُ سَبْيٌ كَثِيرٌ، فَقَالَ هَؤُلَاءِ رَقِيقِي وَصَدَّقُوهُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَانُوا صِغَارًا لَا يُعَبِّرُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ فِي ذَلِكَ إلَى تَصْدِيقِهِمْ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعَ ذَلِكَ فَيْئًا، كَذَلِكَ الدَّوَابُّ وَالْأُجَرَاءُ الَّذِينَ مَعَهُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ رِجَالٌ، فَقَالَ هَؤُلَاءِ أَوْلَادِي، وَصَدَّقُوهُ فِي ذَلِكَ، فَهُمْ فَيْءٌ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ صِغَارٌ، وَهُمْ يُعَبِّرُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَوْلَادِي، وَصَدَّقُوهُ فِي ذَلِكَ، فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونُوا فَيْئًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَصِيرُونَ فَيْئًا، وَإِنْ كَذَّبُوهُ، فَهُمْ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ نِسَاءٌ قَدْ بَلَغْنَ، فَقَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي فَصَدَّقْنَهُ. فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُنَّ فَيْئًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هُنَّ آمِنَاتٌ، وَصَارَ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْتَأْمِنُ لِنَفْسِهِ فِي الْغَالِبِ بِنَفْسِهِ لَا يُجْعَلُ تَابِعًا لِغَيْرِهِ فِي الْأَمَانِ، وَكُلُّ مَنْ لَا يَسْتَأْمِنُ لِنَفْسِهِ فِي الْغَالِبِ بِنَفْسِهِ يُجْعَلُ تَابِعًا لِغَيْرِهِ فِي الْأَمَانِ، فَعَلَى هَذَا أُمُّهُ وَجَدَّتُهُ وَإِخْوَتُهُ وَعَمَّاتُهُ وَخَالَاتُهُ، وَكُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ مِنْهُ مِنْ النِّسَاءِ يَدْخُلْنَ فِي أَمَان الْمُسْتَأْمَنِ تَبَعًا لِلْمُسْتَأْمَنِ، فَأَمَّا أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَأَخُوهُ، فَلَا يَدْخُلُ فِي أَمَانِ الْمُسْتَأْمَنِ قَالَ: وَكُلُّ مَنْ كَانَ آمِنًا بِأَمَانٍ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِ، فَعَلِمَ أَنَّهُ كَمَا قَالَ أَوْ ادَّعَى ذَلِكَ، وَصَدَّقَهُ الَّذِي خَرَجَ مَعَهُ، فَهُوَ سَوَاءٌ، وَهُوَ آمِنٌ بِأَمَانِهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ كَانَ فَيْئًا، وَإِنْ كَذَّبَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ صَدَّقَهُ كَانَ فَيْئًا، وَإِنْ صَدَّقَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ كَذَّبَهُ فَرَقِيقُهُ وَأَوْلَادُهُ الصِّغَارُ الَّذِينَ يُعَبِّرُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ آمِنُونَ، فَأَمَّا أَجِيرُهُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ بِتَصْدِيقِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَمَا أَقَرَّا عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِالرِّقِّ، فَإِنَّ الْمُسْتَأْمَنَ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِمَا الرِّقَّ، فَبَقُوا أَحْرَارًا، فَإِذَا كَذَّبُوهُ بَعْدَ

ذَلِكَ، فَقَدْ أَقَرُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالرِّقِّ، وَالْحَرْبِيُّ إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَحْصُورِ إذَا اسْتَأْمَنَ عَلَى أَنْ يَنْزِلَ إلَى الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْأَمَانِ لِبَاسُهُ وَسِلَاحُهُ الَّذِي لَبِسَهُ وَمَرْكَبُهُ وَمَا خَرَجَ بِهِ مَعَهُ مِنْ وَرِقٍ أَوْ دَنَانِيرَ نَفَقَتُهُ فِي حُقُوقِهِ اُسْتُحْسِنَ ذَلِكَ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَيْءٌ، ثُمَّ إنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْأَمَانِ مِنْ سِلَاحِهِ وَثِيَابِهِ سِلَاحُ مِثْلِهِ وَثِيَابُ مِثْلِهِ حَتَّى لَوْ تَنَكَّبَ بِقِسِيٍّ أَوْ تَقَلَّدَ بِسُيُوفٍ أَوْ ظَاهَرَ بَيْنَ الْأَقْبِيَةِ أَوْ الْعَمَائِمِ حَتَّى جَعَلَهَا كَالْكَارَّةِ عَلَى رَأْسِهِ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَكُونُ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . إذَا أَرْسَلَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ رَسُولًا إلَى أَمِيرِ حِصْنٍ فِي حَاجَةٍ، فَذَهَبَ الرَّسُولُ، وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَلَمَّا بَلَّغَ الرِّسَالَةَ قَالَ: إنَّهُ أَرْسَلَ عَلَى لِسَانِي إلَيْكَ الْأَمَانَ لَك وَلِأَهْلِ مَمْلَكَتِكَ فَافْتَحْ الْبَابَ، وَأَتَاهُ بِكِتَابٍ زَوَّرَهُ، وَافْتَعَلَهُ عَلَى لِسَانِ الْأَمِيرِ، أَوْ قَالَ ذَلِكَ قَوْلًا وَحَضَرَ الْمَقَالَةَ نَاسٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا فَتَحَ الْبَابَ وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ، وَجَعَلُوا يَسْبُونَ فَقَالَ أَمِيرُ الْحِصْنِ: إنَّ رَسُولَكُمْ أَخْبَرَنَا أَنَّ أَمِيرَكُمْ أَمَّنَنَا، وَشَهِدَ أُولَئِكَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَقَالَتِهِ فَالْقَوْمُ آمِنُونَ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ مَا أُخِذَ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَتَاهُمْ بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ رَجُلًا لَيْسَ بِرَسُولٍ، وَلَكِنَّهُ افْتَعَلَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ كِتَابًا فِيهِ أَمَانُهُمْ وَدَخَلَ بِهِ إلَيْهِمْ، أَوْ قَالَ ذَلِكَ لَهُمْ قَوْلًا وَقَالَ: إنِّي رَسُولُ الْأَمِيرِ وَرَسُولُ الْمُسْلِمِينَ فَهُمْ فَيْءٌ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْبَلَ مَقَالَتَهُمْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ أَنَّ رَسُولَ الْأَمِيرِ حِينَ بَلَّغَ رِسَالَةَ الْأَمِيرِ لِحَاجَةٍ، فَقَالَ: إنَّ فُلَانًا الْقَائِدَ قَدْ أَمَّنَكُمْ، وَأَرْسَلَنِي بِذَلِكَ وَإِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى بَابِ الْأَمِيرِ أَمَّنُوكُمْ وَإِنِّي كُنْتُ أَمَّنْتُكُمْ قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ عَلَيْكُمْ وَنَادَيْتُكُمْ، وَشَهِدَ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَهُمْ فَيْءٌ أَجْمَعُونَ إذَا كَانَ مَا أَخْبَرَ بِهِ كَذِبًا، وَلَوْ أَرْسَلَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي حَاجَةٍ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ مَنْ أَرْسَلَهُ أَمَّنَهُمْ، فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْإِمَامُ أَوْ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إذَا أَمَرَ الذِّمِّيَّ أَنْ يُؤَمِّنَهُمْ، فَإِنْ قَالَ لَهُ: أَمِّنْهُمْ فَقَالَ لَهُمْ الذِّمِّيُّ: أَمَّنْتُكُمْ أَوْ قَالَ: إنَّ فُلَانًا أَمَّنَكُمْ، فَهُوَ سَوَاءٌ وَصَارُوا آمِنِينَ، وَإِنْ قَالَ لَهُ: قُلْ إنَّ فُلَانًا أَمَّنَكُمْ فَقَالَ لَهُمْ الذِّمِّيُّ: إنَّ فُلَانًا أَمَّنَكُمْ، فَهُمْ آمِنُونَ وَإِنْ قَالَ لَهُمْ: قَدْ أَمَّنْتُكُمْ فَهُوَ بَاطِلٌ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ حَاصَرَ الْمُسْلِمُونَ حِصْنًا فَقَالَ أَمِيرُهُمْ لِأَهْلِ الْحِصْنِ مَتَى أَمَّنْتُكُمْ، فَأَمَانِي بَاطِلٌ أَوْ فَلَا أَمَانَ لَكُمْ، أَوْ قَدْ نَبَذْتُ إلَيْكُمْ، ثُمَّ أَمَّنَهُمْ فَأَمَانُهُ بَاطِلٌ، وَلَوْ أَمَرَ الْأَمِيرُ مُنَادِيًا، فَنَاي فِي الْعَسْكَرِ مَنْ أَمَّنَ مِنْكُمْ أَهْلَ الْحِصْنِ فَأَمَانُهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ أَمَّنَهُمْ مُسْلِمٌ فَأَمَانُهُ جَائِزٌ، وَلَوْ أَمَرَ بِأَنْ يُنَادَى أَهْلُ الْحِصْنِ أَوْ كَتَبَ أَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِمْ إنْ أَمَّنَكُمْ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا تَعْتَمِدُوا بِأَمَانِهِ، فَإِنَّ أَمَانَهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ أَمَّنَهُمْ رَجُلٌ فَنَزَلُوا عَلَى أَمَانِهِ، فَهُمْ فَيْءٌ، وَلَوْ قَالَ لَهُمْ: لَا أَمَانَ لَكُمْ إنْ أَمَّنَكُمْ رَجُلٌ مُسْلِمٌ حَتَّى أُؤَمِّنَكُمْ أَنَا، ثُمَّ أَتَاهُمْ مُسْلِمٌ، وَقَالَ: إنِّي رَسُولُ الْأَمِيرِ إلَيْكُمْ، فَقَدْ أَمَّنَكُمْ، فَنَزَلُوا عَلَى ذَلِكَ، فَهُمْ آمِنُونَ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ كَاذِبًا فِي ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ لَهُمْ الْأَمِيرُ: لَا أَمَانَ لَكُمْ إنْ أَمَّنَكُمْ مُسْلِمٌ أَوْ أَتَاكُمْ بِرِسَالَةٍ مِنِّي حَتَّى أُؤَمِّنُكُمْ بِنَفْسِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَهُمْ فَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَمِيرُ أَرْسَلَ إلَيْهِمْ رَسُولًا لِيُبَلِّغَهُمْ فَفَعَلَ، فَهُمْ آمِنُونَ، وَلَوْ قَالَ لَهُمْ: إذَا أَمَّنْتُكُمْ فَأَمَّانِي بَاطِلٌ، ثُمَّ أَمَّنَهُمْ كَانَ ذَلِكَ أَمَانًا صَحِيحًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا حَاصَرَ الْمُسْلِمُونَ حِصْنًا أَوْ مَدِينَةً مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَطَلَبُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَإِنْ أَنْزَلُوهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَعْرِضَ الْإِسْلَامَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ أَسْلَمُوا كَانُوا أَحْرَارًا يُسَلِّمُ لَهُمْ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيَّهُمْ وَتَصِيرُ دَارُهُمْ دَارَ الْإِسْلَامِ، وَيَكُونُ فِي أَرْضِهِمْ الْعُشْرُ، فَإِنْ أَبَوْا الْإِسْلَامَ جَعَلَهُمْ ذِمَّةً وَجَعَلَ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةَ وَعَلَى أَرَاضِيِهِمْ الْخَرَاجَ، وَلَا يُسْتَرَقُّونَ، وَلَا يُقْتَلُونَ، وَلَا يَرُدُّونِ إلَى مَأْمَنِهِمْ، وَلَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِعَيْنِهِ جَازَ، فَإِنْ حَكَمَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فِيهِمْ بِقَتْلٍ أَوَسَبْي أَوْ أَنْ يَصِيرُوا ذِمَّةً جَازَ ذَلِكَ الْحُكْمُ، وَإِنْ حَكَمَ بِالرَّدِّ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ أَوْ قُتِلَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ صَارُوا كَمَا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ أَخْرَجَ

نَفْسَهُ مِنْ الْحُكُومَةِ يَخْرُجُ، فَإِنْ حَكَمَ فُلَانٌ بِالرَّدِّ، ثُمَّ حَكَمَ بِالْقَتْلِ لَا يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ كَانَ الْحَكَمُ رَجُلًا مُسْلِمًا إلَّا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِفِسْقِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ فَحُكْمُهُ جَائِزٌ إنْ حَكَمَ عَلَيْهَا بِقَتْلٍ أَوَسَبْيً أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي النَّوَازِلِ لَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ مَحْدُودٍ فِي الْقَذْفِ أَوْ أَعْمَى لَا يَجُوزُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ حَكَّمُوا عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا حُرًّا قَدْ عَقَلَ لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ، فَإِنْ نَزَلُوا مَعَ ذَلِكَ عَلَى حُكْمِهِ بِجَعْلِ ذِمَّةٍ كَمَا لَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ حَكَّمُوا ذِمِّيًّا، فَحَكَمَ بِقَتْلِهِمْ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ جَازَ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: فَإِنْ أَسْلَمُوا قَبْلَ أَنْ يُحَكِّمُوا الذِّمِّيَّ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ بِقَتْلٍ أَوْ سَبْيٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَكِنْ يَجْعَلُهُمْ الْإِمَامُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَحْرَارًا لَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ حَكَّمُوا امْرَأَةً جَازَ حُكْمُهَا فِي جَمِيعِ مَا حَكَمَتْ إلَّا أَنْ تَحْكُمَ بِقَتْلٍ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ. وَلَا يَصْلُحُ لِلْحُكُومَةِ أَسِيرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَكَذَلِكَ تَاجِرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُمْ فِي دَارِهِمْ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَسْلَمَ، وَهُوَ فِي دَارِهِمْ، كَذَلِكَ رَجُلٌ مِنْهُمْ هُوَ فِي عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إذَا شَرَطُوا أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ حَكَمَ بَيْنَهُمْ بِشَيْءٍ، فَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ، فَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِشَيْءٍ رُدُّوا إلَى مَأْمَنِهِمْ أَوْ شَرَطُوا أَنَّا نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ حَكَمَ فِينَا أَنْ تُبْلِغُونَا إلَى مَأْمَنِنَا أَمْضَيْتُمْ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُنْزِلُوهُمْ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، وَإِذَا أَنْزَلُوهُمْ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَلَا يَنْبَغِي لِلْحَكَمِ أَنْ يَحْكُمَ بِرَدِّهِمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ وَمَعَ هَذَا لَوْ أَنْزَلُوهُمْ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالرَّدِّ إلَى مَأْمَنِهِمْ أَمْضَيْنَا حُكْمَهُ، وَنَرُدُّهُمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمِيرُ الْعَسْكَرِ إذَا أَمَّنَ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ عَلَى أَنْ يَكُونُوا عَبِيدًا لِفُلَانٍ، وَرَضُوا بِذَلِكَ وَنَزَلُوا عَلَيْهِ، فَهُمْ فَيْءٌ لِمَنْ غَنِمَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَكُونُوا عَبِيدًا لِفُلَانٍ، وَإِنْ سَأَلُوا الْأَمَانَ عَلَى أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِمْ الْأَمَانُ؛ فَإِنْ قَبِلُوا، وَإِلَّا رُدُّوا إلَى مَأْمَنِهِمْ، فَعَلَى الْإِمَامِ ذَلِكَ، وَلَوْ نَزَلُوا عَلَى أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامُ، فَعُرِضَ فَأَبَوْا، فَلَهُمْ اللِّحَاقُ بِحِصْنِهِمْ، وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ قَتْلُهُمْ وَسَبْيُ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَلَوْ رَضُوا بِأَدَاءِ الْخَرَاجِ لَزِمَهُمْ، وَلَا يُجْلَوْنَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ فُلَانٌ فَافْتُتِحَتْ الْقَلْعَةُ بَعْدَ انْفِصَالِهِمْ مِنْهَا، وَقُتِلَ مَنْ فِي الْقَلْعَةِ فَمَنْ نَزَلَ، فَعَلَى مَا نَزَلَ، فَإِنْ كَانُوا شَرَطُوا رَدَّهُمْ إلَى الْحِصْنِ إنْ لَمْ يَرْضَوْا، وَقَدْ هُدِمَتْ الْقَلْعَةُ رُدُّوا إلَى أَدْنَى مَوْضِعٍ يَأْمَنُونَ فِيهِ. فَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْحِصْنِ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى نُزُولِ هَؤُلَاءِ بِهَذَا الصُّلْحِ لَمْ يَقْتُلْ الْمُسْلِمُونَ أَهْلَ الْقَلْعَةِ، فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ أَسَاءُوا وَإِذَا نَزَلُوا عَلَى أَنْ يَحْكُمَ الْوَالِي بِنَفْسِهِ فِيهِمْ، فَهُوَ كَرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ، وَلَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ فُلَانٍ، فَهَذَا وَمَا لَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ سَوَاءٌ، وَلَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ حُكْمُ الْآخَرِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: إلَّا أَنْ يَرْضَى الْفَرِيقَانِ بِحُكْمِهِ قَالَ ثَمَّةَ: وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْحُكْمِ، وَهُمَا حَيَّانِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْفَرِيقَانِ بِحُكْمِ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ حَكَمَ أَحَدُ الْحَكَمَيْنِ بِقَتْلِ الْمُقَاتِلَةِ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ، وَحَكَمَ الْآخَرُ بِسَبْيِ الْكُلِّ، فَإِنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ، وَيَكُونُونَ فَيْئًا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ جَمِيعًا، وَلَوْ حَكَمَا جَمِيعًا بِقَتْلِ مُقَاتِلِيهِمْ وَسَبْيِ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ كَانَ الْإِمَامُ فِيهِمْ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ الْكُلَّ فَيْئًا وَإِذَا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَمُّوهُ، فَذَلِكَ إلَى الْإِمَام يَتَخَيَّرُ أَفْضَلَهُمْ وَإِنْ أَسْلَمُوا بَعْدَ التَّحْكِيمِ قَبْلَ إمْضَاءِ الْحُكْمِ فَهُمْ أَحْرَارٌ، وَإِنْ صَيَّرَهُمْ الْحُكْمُ ذِمَّةً قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَالْأَرْضُ لَهُمْ خَرَاجِيَّةٌ وَإِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِقَتْلِ قُوَّادٍ مِنْهُمْ يَخَافُ غَدْرَهُمْ وَسَبْىِ الْبَاقِي مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ حَكَمَ بِقَتْلِ الرِّجَالِ وَسَبْيِ النِّسَاءِ وَالذَّرَارِيِّ فَقَتَلَ الرِّجَالَ وَسَبَى النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ، فَالْأَرْضُ فَيْءٌ إنْ شَاءَ الْإِمَامُ خَمَّسَهَا، وَقَسَّمَ أَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ. وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا فِي يَدِ الْوَالِي وَدَعَا

إلَيْهَا مَنْ يَعْمُرُهَا وَيُؤَدِّي خَرَاجَهَا كَمَا يُعْمَلُ فِي مُعَطَّلِ أَرْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ مَاتَ الْحَكَمُ بَعْدَ نُزُولِهِمْ قَبْلَ الْحُكْمِ رُدُّوا إلَى مَأْمَنِهِمْ مَا خَلَا الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ الْأَحْرَارَ مِنْهُمْ يُنْزَعُونَ مَجَّانًا وَالْعَبِيدُ بِالْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ ذِمَّتِنَا عِنْدَهُمْ، وَكَذَلِكَ إنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فِي أَيْدِيهِمْ إذَا اسْتَعَانُوا بِالْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَبَ رَدُّهُمْ، فَإِنَّمَا يُرَدُّونَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ إلَيْنَا، وَلَا يُرَدُّونَ إلَى مَا أُحْصِنَ مِنْهُ، وَلَا إلَى جَيْشٍ أَكْثَرَ مِنْهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْمُسْلِمُونَ: لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ إنْ دَلَلْتنَا عَلَى كَذَا كَذَا فَأَنْت آمِنٌ أَوْ قَالُوا أَمَّنَّاكَ، فَلَمْ يَدُلَّهُمْ فَالْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ سَبَاهُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: أَمَّنَّاك عَلَى أَنْ تَدُلَّنَا عَلَى كَذَا كَذَا وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى هَذَا، فَلَمْ يَدُلَّهُمْ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ، وَالْجَوَابُ فِيهِ أَنَّهُ عَلَى أَمَانِهِ لَا يَحِلُّ لِلْإِمَامِ قَتْلُهُ، وَلَا أَسْرُهُ وَإِذَا دَخَلَ عَسْكَرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ دَارَ الْحَرْبِ، فَمَرُّوا بِبَعْضِ حُصُونِهِمْ أَوْ مَدَائِنِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ بِهِمْ طَاقَةٌ، وَأَرَادُوا أَنْ يَنْفِرُوا إلَى غَيْرِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: أَعْطُونَا عَلَى أَنْ لَا تَشْرَبُوا مِنْ مَاءٍ نَهَرِنَا هَذَا حَتَّى تَرْتَحِلُوا عَنَّا عَلَى أَنْ لَا نُقَاتِلَكُمْ، وَلَا نَتْبَعُكُمْ إذَا ارْتَحَلْتُمْ، فَإِنْ كَانَ فِي الْإِعْطَاءِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَعْطُوهُمْ وَبَعْدَ مَا أَعْطُوهُمْ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا وَأَنْ يَسْقُوا دَوَابَّهُمْ إذَا كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ فِي مَائِهِمْ بِيَقِينٍ أَوْ كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّهُ يَضُرُّ بِهِمْ، وَإِنْ احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إلَى الْمَاءِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْبِذُوا إلَيْهِمْ، وَيُعْلِمُوهُمْ بِالنَّبْذِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي مَائِهِمْ بِيَقِينٍ بِأَنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا، فَلِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَشْرَبُوا، وَيَسْقُوا دَوَابَّهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْبِذُوا إلَيْهِمْ وَالْجَوَابُ فِي الْكَلَأِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الْمَاءِ، وَإِنْ قَالُوا: أَعْطُونَا عَلَى أَنْ لَا تَتَعَرَّضُوا لِشَيْءٍ مِنْ زُرُوعِنَا وَأَشْجَارِنَا وَأَثْمَارِنَا فَأَعْطُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إلَيْهَا فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لَهَا مَا لَمْ يَنْبِذُوا إلَيْهِمْ، وَيُعْلِمُوهُمْ بِالنَّبْذِ أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِمْ، أَوْ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ قَالُوا: أَعْطَوْنَا عَلَى أَنْ لَا تُحْرِقُوا زُرُوعنَا وَكَلَأَنَا، فَأَعْطَيْنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَفْيِ بِهِ فَلَا نُحَرِّقَ زُرُوعَهُمْ وَكَلَأَهُمْ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ نَأْكُلَ مِنْ ذَلِكَ وَنَعْلِفَ دَوَابَّنَا، وَيُمَثِّلُهُ لَوْ قَالَ: أَعْطُونَا عَلَى أَنْ لَا تَأْكُلُوا زُرُوعَنَا وَكَلَأَنَا، فَأَعْطَيْنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ. فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَأْكُلَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْ نَعْلِفَ دَوَابَّنَا، وَأَنْ نُحَرِّقَ ذَلِكَ، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْأَمَانَ عَلَى الشَّيْءِ أَمَانٌ عَلَى مِثْلِهِ وَعَلَى مَا فَوْقَهُ ضَرَرٌ أَوْ لَا يَكُونُ أَمَانًا عَلَى مَا دُونَهُ ضَرَرًا، وَلِهَذَا إنْ قَالُوا أَعْطَوْنَا عَلَى أَنْ لَا تُحَرِّقُوا زُرُوعَنَا، فَلَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُغْرِقَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ قَالَ لَهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَعْطَوْنَا عَلَى أَنْ لَا تَمُرُّوا فِي هَذَا الطَّرِيقِ عَلَى أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا، وَلَا نَأْسِرَهُ، فَإِنْ كَانَ الْإِعْطَاءُ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُعْطُوا ذَلِكَ، وَيَأْخُذُوا فِي طَرِيقٍ، وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ الْآخَرُ أَبْعَدُ وَأَشَقُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَمُرُّوا فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ، وَلَا يَمُرُّونَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ، لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى يَنْبِذُوا إلَيْهِمْ، وَيُعْلِمُوهُمْ بِالنَّبْذِ، وَلَا يَقْتُلُ الْمُسْلِمُونَ أَحَدًا مِنْهُمْ، وَلَا يَأْسِرُونَ، وَيَكُونُ الْأَمَانُ عَلَى الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنُوهُ أَمَانًا عَلَى الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ، وَإِنْ شَرَطُوا عَلَيْنَا أَنْ لَا نُخَرِّبَ قُرَاهُمْ، فَلَا بَأْس بِأَنْ نَأْخُذَ مَا وَجَدْنَا فِي قُرَاهُمْ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِبِنَاءٍ وَالْأَمَانُ عَلَى التَّخْرِيبِ لَا يَكُونُ أَمَانًا عَلَى أَخْذِ الْمَتَاعِ وَالطَّعَامِ، وَإِنْ شَرَطُوا أَنْ لَا نَقْتُلَ أُسَارَاهُمْ إذَا أَصَبْنَاهُمْ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ نَأْسِرَهُمْ، وَلَوْ شَرَطُوا عَلَيْنَا أَنْ لَا نَأْسِرَ مِنْهُمْ، فَلَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَقْتُلَهُمْ، وَلَا أَنْ نَأْسِرَهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَلَوْ قَالُوا أَمِّنُونَا حَتَّى نَفْتَحَ لَكُمْ الْحِصْنَ، فَتَدْخُلُونَ عَلَى أَنْ تَعْرِضُوا عَلَيْنَا الْإِسْلَامَ فَنُسْلِمَ، ثُمَّ أَبَوْا أَنْ يُسْلِمُوا، فَهُمْ آمِنُونَ، وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ حِصْنِهِمْ، ثُمَّ يَنْبِذُونَ إلَيْهِمْ، فَإِنْ شَرَطَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ إنْ أَبَيْتُمْ الْإِسْلَامَ، فَلَا أَمَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ وَرَضُوا بِذَلِكَ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَا بَأْسَ بِاسْتِرْقَاقِهِمْ وَقَتْلِ مُقَاتِلِهِمْ إنْ أَبَوْا الْإِسْلَامَ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ وَأَبَى الْبَعْضُ فَمَنْ أَسْلَمَ فَهُوَ حُرٌّ، وَمَنْ أَبَى فَهُوَ فَيْءٌ، فَإِنْ جَعَلَهُ الْإِمَامُ فَيْئًا بَعْدَ

الباب الرابع في الغنائم وقسمتها وفيه ثلاثة فصول

مَا عَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَبَى، ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَقْتُلْهُ، وَلَكِنْ يَجْعَلُهُ فَيْئًا، فَإِنْ عَرَضَ الْإِسْلَامَ عَلَيْهِ، فَأَبَى، وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ فَيْءٌ حَتَّى أَسْلَمَ، فَهُوَ حُرٌّ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ قَالَ حِينَ أَرَادَ النُّزُولَ: أَمِّنُونِي عَلَى أَنْ تَعْرِضُوا عَلَيَّ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ أَسْلَمْتُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَلَا أَمَانَ لِي، ثُمَّ عَرَضُوا عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَلَهُ مُهْلَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا مِنْ حِينِ عَرَضُوا عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ كَانَ فَيْئًا مِنْ غَيْرِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَإِنْ قَالَ: أَسْلَمْتُ إلَى ثَلَاثَةٍ وَإِلَّا كُنْتُ عَبْدًا لَكُمْ أَوْ قَالَ ذَلِكَ جَمِيعُ أَهْلِ الْحِصْنِ فَهُمْ ذِمَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا الْتَزَمُوا بِالشَّرْطِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ آمِنٌ عَلَى أَنْ تَنْزِلَ فَتُسْلِمَ، فَهُوَ آمِنٌ بَعْدَ النُّزُولِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَيَجِبُ تَبْلِيغُهُ مَأْمَنَهُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْتَ آمِنٌ عَلَى أَنْ تَنْزِلَ فَتُعْطِيَنَا مِائَةَ دِينَارٍ فَقَبِلَ ذَلِكَ وَنَزَلَ، ثُمَّ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهُمْ؛ لِأَنَّ هَذَا الْأَمَانَ مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ أَدَاءِ الدَّنَانِيرِ، وَفِي الْأَوَّلِ مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ الْقَبُولِ. فَإِذَا نَزَلَ وَقَبِلَ كَانَ آمِنًا وَكَانَتْ الدَّنَانِيرُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهَا حُبِسَ لِيُؤَدِّيَهَا، وَلَا يَكُونُ فَيْئًا لِأَجَلِ الْأَمَانِ الثَّابِتِ لَهُ فَمَتَى مَا أَعْطَى الدَّنَانِيرَ وَجَبَ تَخْلِيَةُ سَبِيلِهِ حَتَّى يَلْتَحِقَ بِمَأْمَنِهِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُمْ رَأْسًا، فَعَلَيْهِ وَسَطٌ أَوْ قِيمَتُهُ وَإِنْ قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: أَمَّنُونِي عَلَى أَنْ أَنْزَلَ إلَيْكُمْ فَأُعْطِيَكُمْ مِائَةَ دِينَارٍ، فَإِنْ لَمْ أُعْطِكُمْ فَلَا أَمَانَ لِي أَوْ قَالَ إنْ نَزَلْتُ إلَيْكُمْ فَأَعْطَيْتُكُمْ مِائَةَ دِينَارٍ فَأَنَا آمِنٌ، ثُمَّ نَزَلَ فَطَلَبُوهُ فَأَبَى أَنْ يُعْطِيَهُمْ يَكُونُ فَيْئًا قِيَاسًا، وَلَا يَكُونُ فَيْئًا اسْتِحْسَانًا حَتَّى يُرْفَعَ إلَى الْإِمَامِ، فَيَأْمُرَهُ بِالْأَدَاءِ، فَإِنْ أَبَى يَجْعَلُهُ فَيْئًا وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمَحْصُورِينَ: أَمِّنُونِي حَتَّى أَنْزِلَ إلَيْكُمْ عَلَى أَنْ أَدُلَّكُمْ عَلَى مِائَةِ رَأْسٍ مِنْ السَّبْيِ فِي مَوْضِعٍ، فَأَمَّنُوهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا نَزَلَ أَتَى بِهِمْ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ، فَإِذَا لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَقَالَ: قَدْ كَانُوا هُنَا فَذَهَبُوا، وَلَا أَدْرِي أَيْنَ ذَهَبُوا يُرَدُّ إلَى مَأْمَنِهِ وَلَوْ قَالَ أَسِيرٌ فِي أَيْدِينَا: أَمِّنُونِي عَلَى أَنْ أَدُلَّكُمْ عَلَى مِائَةِ رَأْسٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، ثُمَّ لَمْ يَدُلَّهُمْ، فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَإِنْ قَالَ الْمَحْصُورُ: عَلَى أَنِّي إنْ لَمْ أَدُلَّكُمْ كُنْتُ لَكُمْ فَيْئًا أَوْ رَقِيقًا، ثُمَّ لَمْ يَفِ بِالشَّرْطِ فَهُوَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ قَتْلُهُ، وَإِنْ قَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى أَنْ أَنْزِلَ فَأَدُلَّكُمْ عَلَى قَرْيَةٍ فِيهَا مِائَةُ رَأْسٍ، فَقَدْ أَصَابَهَا الْمُسْلِمُونَ أَوْ عَلِمُوا بِهَا قَبْلَ دَلَالَتِهِ، وَلَمْ يُصِيبُوهَا فَلَيْسَتْ هَذِهِ بِدَلَالَةٍ وَيَكُونُ فَيْئًا، وَلَوْ دَلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ، فَسَارُوا فِيهِ حَتَّى عَرَفُوا مَكَانَهَا قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَيْهَا أَوْ وَصَفَ لَهُمْ مَكَانًا، وَلَمْ يَذْهَبْ مَعَهُمْ فَذَهَبُوا بِصِفَتِهِ حَتَّى أَصَابُوا فَهَذِهِ دَلَالَةٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي عَلَى أَنْ أَدُلَّكُمْ عَلَى طَرِيقٍ بِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ فَلَا أَمَانَ، فَلَمَّا نَزَلَ وَجَدَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَصَابُوا بِطَرِيقٍ، فَقَالَ: هَذَا هُوَ الَّذِي أَرَدْتُ أَنْ أَدُلَّكُمْ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ أَدُلَّكُمْ بِطَرِيقِ هَذَا الْحِصْنِ، وَأَنَّهُ قَدْ نَزَلَ هَادِيًا مِنْ الْحِصْنِ، فَلَمَّا نَزَلَ وَجَدَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَصَابُوا بِذَلِكَ الطَّرِيقِ، فَهُوَ آمِنٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ الْتَزَمَ أَنْ يَدُلَّهُمْ عَلَى حِصْنٍ أَوْ مَدِينَةٍ أَوْ عَلَى هَذَا الْحِصْنِ أَوْ هَذِهِ الْمَدِينَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْغَنَائِمِ] الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْغَنَائِمِ الْغَنِيمَةُ اسْمٌ لِمَالٍ مَأْخُوذٍ مِنْ الْكَفَرَةِ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ، فَأَمَّا مَا أُخِذَ لَا عَلَى الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ بَلْ بِالْمُهَادَاةِ وَالْهِبَةِ مِنْهُمْ أَوْ بِالسَّرِقَةِ أَوْ الْخِلْسَةِ مِنْهُمْ لَا يَكُونُ غَنِيمَةً، وَيَكُونُ لِلْأَخْذِ خَاصَّةً فِي

لِسَانِ الْفُقَهَاءِ وَمُتَعَارَفِ الشَّرْعِ، وَكَذَلِكَ مَا خَصَّهُ الْإِمَامُ بِبَعْضِ الْغُزَاةِ تَحْرِيضًا لَهُ عَلَى الْقِتَالِ لِزِيَادَةِ قُوَّةِ وَجَرَاءَةٍ مِنْهُمْ بِأَنْ قَالَ لِسَرِيَّةٍ: مَا أَصَبْتُمْ، فَهُوَ لَكُمْ أَوْ قَالَ لِوَاحِدٍ مُعَيَّنٍ: مَا أَصَبْتَ فَهُوَ لَكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْفَيْءُ مَا أُخِذَ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ كَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ، وَفِي الْغَنِيمَةِ خُمْسٌ دُونَ الْفَيْءِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ هَدِيَّةً أَوْ سَرِقَةً أَوْ خِلْسَةً أَوْ هِبَةً فَلَيْسَ بِغَنِيمَةٍ وَهُوَ لِلْآخِذِ خَاصَّةً كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا أَسْلَمَ أَهْلُ مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِ أَهْلِ الْحَرْبِ قَبْلَ ظُهُورِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ كَانُوا أَحْرَارًا لَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ، وَلَا عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، وَلَا عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَيُوضَعُ عَلَى أَرَاضِيهمْ الْعُشْرُ دُونَ الْخَرَاجِ، وَكَذَلِكَ إذَا صَارُوا ذِمَّةً قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنَّ هَهُنَا عَلَى أَرَاضِيهِمْ الْخَرَاجَ، وَيُوضَعُ عَلَى رُءُوسِهِمْ الْجِزْيَةُ أَيْضًا، وَإِنْ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ أَسْلَمُوا، فَالْإِمَامُ فِيهِمْ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَسَّمَ رِقَابَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَإِذَا أَرَادَ الْقِسْمَةَ بَعْدَ مَا أَسْلَمُوا رَفَعَ الْخُمُسَ أَوَّلًا وَجَعَلَهُ لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ، وَقَسَّمَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ بَيْنَ الْغَانِمِينَ قِسْمَةُ الْغَنَائِمِ وَيَضَعُ عَلَى الْأَرْضِ الْعُشْرَ وَإِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِمْ يُسْلِمُ لَهُمْ رِقَابَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، وَيَضَعُ عَلَى أَرَاضِيهمْ الْعُشْرَ، وَإِنْ شَاءَ وَظَّفَ الْخَرَاجَ، وَإِنْ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُسْلِمُوا فَالْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اسْتَرَقَّهُمْ وَقَسَّمَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، فَإِذَا أَرَادَ الْقِسْمَةَ أَخَذَ الْخُمُسَ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فَيَجْعَلُهُ فِي مَوْضِعِ الْخُمُسِ وَقَسَّمَ الْبَاقِي بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَيَضَعُ عَلَى الْأَرَاضِيِ الْعُشْرَ، وَإِنْ شَاءَ قَتَلَ الرِّجَالَ، وَقَسَّمَ النِّسَاءَ وَالْأَمْوَالَ وَالذَّرَارِيَّ بَيْنَ الْغَانِمِينَ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا وَإِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَوَضَعَ عَلَى رُءُوسِهِمْ الْجِزْيَةَ وَعَلَى أَرَاضِيِهِمْ الْخَرَاجَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمَاءُ الْعُشْرِي نَحْوَ مَاءِ السَّمَاءِ وَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ وَالْخَرَاجِيِّ نَحْوَ مَاءِ الْأَنْهَارِ الَّتِي حَفَرَتْهَا الْأَعَاجِمُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. . وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ، وَقَسَّمَ النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيَّ وَسَائِرَ الْأَمْوَالِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ جَائِزٌ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ إلَّا إذَا تَرَكَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ الْأَمْوَالِ مَا يُمْكِنُهُمْ الزِّرَاعَةَ بِهِ، كَذَلِكَ إذَا مِنْ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ وَقَسَّمَ سَائِرَ الْأَمْوَالِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، فَإِنْ تَرَكَ فِي أَيْدِيهِمْ مَا يُمْكِنُهُمْ الزِّرَاعَةَ بِهِ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ خَاصَّةً، وَقَسَّمَ الْأَرَاضِيَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَعَ سَائِرِ الْأَمْوَالِ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ الْأَرَاضِي، فَأَرَادَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ شَاءَ قَسَّمَ الْكُلَّ، وَتَرَكَ الْأَرَاضِيَ، وَجَعَلَهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَقْفِ عَلَى الْمُقَاتِلَةِ، وَإِنْ شَاءَ نَقَلَ إلَيْهَا قَوْمًا آخَرِينَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَجَعَلَهَا خَرَاجِيَّةً خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ أَوْ مُقَاطَعَةٍ فَيَنْصَرِفُ خَرَاجُهَا إلَى الْمُقَاتِلَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا نَقَضَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْعَهْدَ، وَغَلَبُوا عَلَى دَارِهِمْ أَوْ عَلَى دَارٍ مِنْ دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَصَارَتْ الدَّارُ دَارَ حَرْبٍ بِالِاتِّفَاقِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ وَثَبَتَ الْخِيَارُ فِيهِمْ لِلْإِمَامِ، فَإِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَوَضَعَ عَلَى أَرَاضِيِهِمْ الْخَرَاجَ، وَإِنْ شَاءَ وَضَعَ الْعُشْرَ، وَهَذَا تَسْمِيَةٌ وَفِي الْحَقِيقَةِ خَرَاجٌ، وَلِهَذَا يُصْرَفُ هَذَا الْعُشْرُ مَصْرِفَ الْخَرَاجِ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ عَلَيْهَا الْعُشْرَ مُضَاعَفًا كَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِبَنِي تَغْلِبَ وَإِنْ قَتَلَ الرِّجَالَ وَقَسَّمَ النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيَّ وَالْأَمْوَالَ، وَبَقِيَتْ الْأَرَاضِي بِلَا مُلَّاكٍ، فَنَقَلَ إلَيْهَا قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِيَكُونُوا رِدْءًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَجَعَلَ الْأَرَاضِيَ لَهُمْ لَيُؤَدُّوا الْمُؤْنَةَ عَنْهَا جَازَ وَلَكِنْ يَفْعَلُ بِرِضَا أُولَئِكَ الَّذِينَ يُرِيدُ الْإِمَامُ نَقْلَهُمْ إلَيْهَا وَإِذَا نَقَلَ إلَيْهَا قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَصَارَتْ الْأَرَاضِي مَمْلُوكَةً لَهُمْ جَعَلَ عَلَيْهَا الْعُشْرَ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ عَلَيْهَا الْخَرَاجَ، وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ارْتَدُّوا، وَغُلِبُوا عَلَى دَارِهِمْ أَوْ عَلَى دَارٍ مِنْ دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَصَارَتْ دَارُهُمْ دَارَ حَرْبٍ بِالِاتِّفَاقِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ، فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ مِنْ

رِجَالِهِمْ إلَّا السَّيْفَ أَوْ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يُسْلِمُوا قُتِلُوا، وَقَسَّمَ نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ وَيُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقُسِّمَتْ الْأَمْوَالُ وَالْأَرَاضِي بَيْنَ الْغَانِمِينَ أَيْضًا، وَيُوضَعُ عَلَى الْأَرَاضِي الْعُشْرُ، وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَقْتُلَ الرِّجَالَ، وَيُقَسِّمَ النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ بَيْنَ الْغَانِمِينَ دُونَ الْأَرَاضِي، وَرَأَى ذَلِكَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ فَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنْ رَأَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَنْقُلَ إلَى الْأَرَاضِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِيُؤَدُّوا الْخَرَاجَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَعَنْ الْأَرَاضِي فَعَلَ ذَلِكَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَارَتْ الْأَرَاضِي مَمْلُوكَةً لَهُمْ يَتَوَارَثُونَهَا وَيُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ عَنْهَا، فَقَدْ ذَكَرَ هَهُنَا نَقْلَ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُمْ الْغَيْظُ بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّينَ، وَلَا كَذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ. فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّونَ بَعْدَ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْإِمَامُ كَانُوا أَحْرَارًا لَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهِمْ وَأَمْوَالُهُمْ، فَالْإِمَامُ فِيهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَسَّمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَجَعَلَ عَلَى الْأَرَاضِي الْعُشْرَ، وَإِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِالنِّسَاءِ وَالذَّرَارِيِّ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَرَاضِيِ، وَوَضَعَ عَلَى أَرَاضِيِهِمْ الْخَرَاجَ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ وَضَعَ عَلَيْهَا الْعُشْرَ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَجْعَلَ مَا كَانَ مِنْ أَرَاضِيِهِمْ عُشْرِيًّا عَلَى حَالِهِ، وَمَا كَانَ خَرَاجِيًّا عَلَى حَالِهِ، فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَجْعَلَ أَهْلَ الْحَرْبِ وَالنَّاقِضِينَ الْعَهْدَ أَهْلَ ذِمَّةٍ يُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ، وَقَدْ أَصَابَ مِنْهُمْ مَالًا فِي الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا بِعُذْرٍ وَالْعُذْرُ أَنْ لَا يَقْدِرُوا عَلَى عِمَارَةِ الْأَرَاضِي وَزِرَاعَتِهَا إلَّا بِذَلِكَ الْمَالِ فَأَمَّا مَا بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ، فَإِنْ احْتَاجُوا إلَيْهَا لِعِمَارَةِ الْأَرَاضِيِ وَزِرَاعَتِهَا لَمْ يَأْخُذْ الْإِمَامُ مِنْهُمْ، وَإِنْ اسْتَغْنُوا عَنْهَا، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُمْ، وَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَتْرُكَهَا فِي أَيْدِيهِمْ تَأْلِيفًا لَهُمْ حَتَّى يَقِفُوا عَلَى مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ، فَيُسْلِمُوا، وَكَذَلِكَ مَا أَخَذَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ لَا يُرَدُّ وَمَا بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ بَعْدَ الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَإِذَا فَتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً مِنْ بِلَادِ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَقَسَّمَهَا وَأَهْلَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَلِكَ إذَا مَنَّ بِهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ أَرَادَ الْقِسْمَةَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ فِي الْأَسْرَى إنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَقَّهُمْ إلَّا مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُمْ أَحْرَارًا ذِمَّةً لِلْمُسْلِمِينَ إلَّا مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ، وَلَيْسَ فِيمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ إلَّا الِاسْتِرْقَاقُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّهُمْ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا تَجُوزُ مُفَادَاةُ أُسَارَاهُمْ بِأُسَارَانَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي الْمُتُونِ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الزَّادِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُفَادِيَ أُسَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِأُسَرَاءِ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَبِهَا قَالَ الْعَامَّةُ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. ثُمَّ فِي الْمُفَادَاةِ يُشْتَرَطُ رِضَا أَهْلِ الْعَسْكَرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّهِمْ عَنْ الْعَيْنِ وَلَوْ أَبَى أَهْلُ الْعَسْكَرِ ذَلِكَ فِيمَا عَدَا الرِّجَالِ لَيْسَ لِلْأَمِيرِ أَنْ يُفَادِيَهُمْ وَفِي الرِّجَالِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَهُ أَنْ يُفَادِيَهُمْ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَاهُمْ، وَإِذَا جَاءَ رَسُولُ مَلِكِهِمْ يَطْلُبُ الْمُفَادَاةَ بِالْأُسَارَى فِي مَكَانٍ فَأَخَذُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَهْدًا بِأَنْ يُؤَمِّنُوهُمْ عَلَى مَا يَأْتُوا بِهِ مِنْ الْأُسَارَى حَتَّى يَفْرُغُوا مِنْ أَمْرِ الْفِدَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ رَجَعُوا بِمَنْ مَعَهُمْ مِنْ أُسَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِهِمْ وَأَنْ يُفَادُوهُمْ كَمَا شَرَطُوا لَهُمْ شَرَطُوا مَالًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُمْ إنْ لَمْ يَتَّفِقْ بَيْنَهُمْ التَّرَاضِي بِالْمُفَادَاةِ وَأَرَادُوا الِانْصِرَافَ بِأُسَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلِلْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ قُوَّةٌ، فَإِنَّهُ لَا يَسَعُهُمْ أَنْ يَدْعُوَهُمْ حَتَّى يَرُدَّ الْأُسَرَاءَ إلَى بِلَادِهِمْ وَيَحِقُّ عَلَيْهِمْ تَرْكُ الْوَفَاءِ بِهَذَا الشَّرْطِ وَنَزْعُ الْأُسَرَاءِ مِنْ أَيْدِيهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لَهُمْ بِشَيْءٍ سِوَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَّا الْمُفَادَاةُ بِمَالٍ نَأْخُذُهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَلَمْ تَجُزْ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَلَوْ أَسْلَمَ الْأَسِيرُ فِي أَيْدِينَا لَا يُفَادَى بِمُسْلِمٍ أَسِيرٍ فِي

أَيْدِيهِمْ إلَّا إذَا طَابَتْ نَفْسُهُ بِهِ، وَهُوَ مَأْمُونٌ عَلَى إسْلَامِهِ، وَلَا يَجُوزُ الْمَنُّ عَلَى الْأُسَارَى وَهُوَ أَنْ يُطْلِقَهُمْ مَجَّانًا كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصِّبْيَانُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إذَا سُبُوا وَمَعَهُمْ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ، فَلَا بَأْسَ بِالْمُفَادَاةِ بِهِمْ، وَأَمَّا إذَا سُبِيَ الصَّبِيُّ وَحْدُهُ وَأُخْرِجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُفَادَاةُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ قُسِّمَتْ الْغَنِيمَةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَوَقَعَ فِي سَهْمِ رَجُلٍ أَوْ بِيعَتْ الْغَنَائِمُ، فَقَدْ صَارَ الصَّبِيُّ مَحْكُومًا لَهُ بِالْإِسْلَامِ تَبَعًا لِمَنْ تَعَيَّنَ مِلْكُهُ فِيهِ بِالْقِسْمَةِ أَوْ الشِّرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْخَيْلُ وَالسِّلَاحُ إذَا أَخَذْنَا مِنْهُمْ، فَطَلَبُوا مُفَادَاتَهُ بِالْمَالِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ طَلَبُوا أَنْ يُعْطُونَا رَجُلًا مُشْرِكًا عِوَضًا عَنْ أَسِيرِهِمْ أَوْ رَجُلَيْنِ مُشْرِكَيْنِ عِوَضًا عَنْهُ لَمْ يَجُزْ لَنَا ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُفَادِيَ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَمَا لَيْسَ لَهُ قُوَّةٌ فِي أَمْرِ الْحَرْبِ كَالثِّيَابِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يُفَادَوْنَ بِالسِّلَاحِ، وَلَا بِالْخَيْلِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: إذَا أُسِرَ الْحُرُّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَقَالَ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ مُسْتَأْمَنٍ فِيهِمْ: افْتَدِ لِي مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ اشْتَرِنِي مِنْهُمْ، فَفَعَلَ ذَلِكَ وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَهُوَ حُرٌّ لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ وَالْمَالُ الَّذِي فَدَاهُ بِهِ الْمَأْمُورُ دَيْنٌ لَهُ عَلَى الْآمِرِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا أَدَّى فِي فِدَائِهِ إلَى مِقْدَارِ الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ فَدَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِقَدْرِ الدِّيَةِ دُونَ الزِّيَادَةِ، وَقِيلَ يَنْبَغِي فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَرْجِعَ بِجَمِيعِ مَا أَدَّى قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْمَأْسُورُ قَالَ افْتَدِ: لِي مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ الْمَأْمُورُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى زَادَ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ خَاصَّةً كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ الْمَأْسُورُ قَالَ لِلْمَأْمُورِ: افْتَدِ لِي مِنْهُمْ بِمَا رَأَيْتَ أَوْ بِمَا شِئْتَ أَوْ أَمْرُكَ جَائِزٌ فِيمَا تَفْدِينِي بِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا فَدَى بِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، فَإِنْ كَانَ الْمَأْسُورُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً، فَأَمَرَ مُسْتَأْمَنًا فِيهِمْ أَنْ يَشْتَرِيَهُ أَوْ يَفْدِيَهُ مِنْهُمْ، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَهُوَ عَبْدٌ لِهَذَا الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ اشْتَرِنِي لِنَفْسِي، فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ، فَالْعَبْدُ حُرٌّ لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْفِدَاءِ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ مُكَاتَبًا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَفْدِيَهُ فَفَدَاهُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا فَدَاهُ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ، فَهُوَ دَيْنٌ فِي رَقَبَتِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ أَمَرَهُ بِأَنْ يَفْدِيَهُ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِهِمَا إلَّا بِقَدْرِ الْأَلْفِ مَا لَمْ يُعْتَقْ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْمَأْذُونُ أَنْ يَفْدِيَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى مَوْلَاهُ وَيَلْزَمُهُ إذَا أُعْتِقَ، وَلَوْ أَنَّ أَجْنَبِيًّا أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ أَسِيرًا فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِهِ لِي أَوْ قَالَ: اشْتَرِهِ مِنْ مَالِي، فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ مَالِي، وَلَا لِي، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَلِيطًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْفَتَاوَى إذَا وَكَّلَ الْمَأْسُورُ رَجُلًا بِأَنْ يَفْدِيَهُ فَقَالَ الْوَكِيلُ لِرَجُلٍ آخَرَ: اشْتَرِهِ لِي جَازَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ اشْتَرِهِ لِي بِمَالِي: وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي: اشْتَرِهِ، وَلَمْ يَقُلْ لِي، وَلَا بِمَالِي، فَفَعَلَ الْوَكِيلُ الثَّانِي صَارَ مُتَطَوِّعًا حَتَّى لَا يَرْجِعَ الثَّانِي عَلَى أَحَدٍ، وَلَا رُجُوعَ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ جَمَعُوا مَالًا وَدَفَعُوهُ إلَى رَجُلٍ لِيَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ وَيَشْتَرِيَ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ، فَإِنَّ هَذَا الْمَأْمُورَ يَسْأَلُ التُّجَّارَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ حُرٌّ أَسِيرٌ فِي أَيْدِيهمْ يَشْتَرِيهِ الْمَأْمُورُ بِهِ، وَلَا يُجَاوِزُ قِيمَةَ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَإِنَّمَا يَشْتَرِيه بِقَدْرِ قِيمَتِهِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ، وَلَوْ أَرَادَ الْمَأْمُورُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَسِيرًا، فَقَالَ لَهُ الْأَسِيرُ: اشْتَرِ لِي فَاشْتَرَاهُ الْمَأْمُورُ بِالْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ الْمَالَ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَسِيرِ، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْمَأْمُورَ بِشِرَاءِ الْأَسِيرِ قَالَ لِلْأَسِيرِ: بَعْدَ مَا قَالَ لَهُ الْأَسِيرُ: اشْتَرِ لِي بِكَذَا اشْتَرَيْتُكَ بِالْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيَّ حِسْبَةً فَاشْتَرَاهُ كَانَ مُشْتَرِيًا

لِأَصْحَابِ الْأَمْوَالِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. . وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ حُرًّا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ بِعَيْنِهِ بِمَالٍ سَمَّاهُ فَاشْتَرَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْحُرِّ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَكَانَ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الَّذِي أَمَرَهُ إنْ كَانَ ضَمِنَ لَهُ الثَّمَنَ أَوْ قَالَ: اشْتَرِهِ لِي، فَإِنْ كَانَ قَالَ لَهُ: اشْتَرِهِ لِنَفْسِهِ، وَاحْتَسَبَ مِنْهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . رَجُلٌ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَعِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يُمْكِنُهُ شِرَاءَ أَسِيرٍ وَاحِدٍ، فَشِرَاءُ الْعَالِمِ أَفْضَلُ مِنْ شِرَاءِ الْجَاهِلِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. . وَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ الْعَوْدَ وَمَعَهُ مَوَاشٍ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَقْلِهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَعْقِرُهَا، وَلَا يَتْرُكُهَا بَلْ يَذْبَحُهَا، وَيَحْرُقُهَا، وَيَحْرِقُ الْأَسْلِحَةَ أَيْضًا، وَمَا لَا يَحْتَرِقُ مِنْهَا كَالْحَدِيدِ يُدْفَنُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَقِفُ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيُكَسِّرُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ آنِيَتِهِمْ وَأَثَاثِهِمْ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ الْكَسْرِ وَيُرَاقُ جَمِيعُ الْمَائِعَاتِ وَالْأَدْهَانِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ، فَيَفْعَلُ هَذَا كُلَّهُ مُغَايَظَةً لَهُمْ، وَأَمَّا السَّبْيُ إذَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى نَقْلِهِمْ، فَإِنَّهُ يَقْتُلُ الرِّجَالَ مِنْهُمْ إذَا لَمْ يُسْلِمُوا، وَيَتْرُكُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَالشُّيُوخَ فِي أَرْضٍ مَضْيَعَةٍ لِيَهْلَكُوا جُوعًا وَعَطَشًا؛ لِأَنَّ قَتْلَهُمْ مُتَعَذِّرٌ لِلنَّهْيِ، وَلَا وَجْهَ إلَى إبْقَائِهِمْ، وَلِهَذَا إذَا وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُمْ يَقْطَعُونَ ذَنَبَ الْعَقْرَبِ وَيَكْسِرُونَ أَنْيَابَ الْحَيَّةِ، وَلَا يَقْتُلُونَهُمَا قَطْعًا لِضَرَرِ الْمُسْلِمِينَ مَا دَامُوا فِيهَا وَإِبْقَاءً لِنَسْلِهِمَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. . الْغَنَائِمُ لَا تُمْلَكُ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيُبْتَنَى عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ (مِنْهَا) : أَنَّ وَاحِدًا مِنْ الْغَانِمِينَ لَوْ وَطِئَ أَمَةً مِنْ السَّبْيِ فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَجِبُ الْعُقْرُ، وَتُقَسَّمُ الْأَمَةُ وَالْوَلَدُ وَالْعُقْرُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ (وَمِنْهَا) إذَا مَاتَ وَاحِدٌ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِالدَّارِ لَا يُوَرَّثُ نَصِيبُهُ، (وَمِنْهَا) مَا لَوْ أَتْلَفَ وَاحِدٌ مِنْ الْغُزَاةِ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَنَا (وَمِنْهَا) مَا لَوْ قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنِيمَةَ لَا عَنْ اجْتِهَادٍ، وَلَا لِحَاجَةِ الْغُزَاةِ لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِدَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِدَارِ الْإِسْلَامِ، فَفَتَحَهَا، وَأَجْرَى عَلَيْهَا حُكْمَ الْإِسْلَامِ، فَلَا بَأْسَ بِالْقِسْمَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِذَا قَسَّمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُجْتَهِدًا أَوْ قَسَّمَ لِحَاجَةِ الْغَانِمِينَ فَصَحِيحَةٌ. وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ إخْرَاجِ الْغَنِيمَةِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَنَصِيبُهُ لِوَرَثَتِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا لَحِقَهُمْ مَدَدٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ، شَارَكُوهُمْ فِيهَا، وَإِنَّمَا تَنْقَطِعُ شَرِكَتُهُمْ بِالْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ بِالْقِسْمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِبَيْعِ الْإِمَامِ الْغَنِيمَةَ فِيهَا، وَلَوْ فَتَحَ الْعَسْكَرُ بَلَدًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، وَاسْتَظْهَرُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ لَحِقَهُمْ مَدَدٌ، لَمْ يُشَارِكُوهُمْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَلَيْسَ لِلسُّوقِيَّةِ سَهْمٌ إلَّا أَنْ يُقَاتِلُوا، وَيُعْتَبَرُ حَالُهُ عِنْدَ الْقِتَالِ فَارِسًا أَوْ رَاجِلًا كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ، وَكَذَا مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَحِقَ بِالْعَسْكَرِ، وَالْمُرْتَدُّ إذَا تَابَ، وَلَحِقَ بِالْعَسْكَرِ وَالتَّاجِرُ الَّذِي دَخَلَ بِأَمَانٍ إذَا لَحِقَ بِالْعَسْكَرِ إذَا قَاتَلُوا اسْتَحَقُّوا، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الرِّدْءُ وَالْمُقَاتِلُ فِي الْعَسْكَرِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إنْ كَانَ الْأَجِيرُ مَعَ الْعَسْكَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ تَرَكَ خِدْمَةَ صَاحِبِهِ، وَقَاتَلَ اسْتَحَقَّ السَّهْمَ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْخِدْمَةَ، فَلَا شَيْءَ لَهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ دَخَلَ لِلْقِتَالِ اسْتَحَقَّ السَّهْمَ قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَمَنْ دَخَلَ لِغَيْرِ الْقِتَالِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ، وَمَنْ دَخَلَ مُقَاتِلًا مَعَ الْعَسْكَرِ فَقَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَهُ سَهْمُهُ إنْ كَانَ فَارِسًا فَفَارِسٌ أَوْ رَاجِلًا فَرَاجِلٌ وَمَنْ دَخَلَ مُقَاتِلًا، ثُمَّ أُسِرَ، ثُمَّ تَخَلَّصَ قَبْلَ إخْرَاجِ الْغَنِيمَةِ، فَلَهُ سَهْمُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا احْتَاجَ الْإِمَامُ إلَى حَمْلِ الْغَنِيمَةِ، وَفِي الْغَنِيمَةِ دَوَابُّ، فَإِنَّهُ يَحْمِلُ الْغَنِيمَةَ عَلَيْهَا، وَيَنْقُلُهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْغَنِيمَةِ دَوَابُّ وَلَكِنْ مَعَ الْإِمَامِ فَضْلُ حُمُولَةٍ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يَحْمِلُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْإِمَامِ فَضْلُ حُمُولَةٍ إلَّا أَنَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَانِمِينَ فَضْلُ حُمُولَةٍ إنْ طَابَتْ أَنْفُسُهُمْ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِأَجْرٍ، أَمَّا إذَا لَمْ تَطِبْ أَنْفُسُهُمْ بِذَلِكَ

فَلَا يُكْرِهْهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِأَجْرٍ هَكَذَا فِي السِّيَرِ الصَّغِيرِ وَذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ لَهُ أَنْ يُكْرِهَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَضْلُ حُمُولَةٍ وَلَكِنْ مَعَ الْبَعْضِ مِنْهُمْ فَضْلُ حُمُولَةٍ إنْ طَابَتْ نَفْسُ الْمَالِكِ بِأَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا بِأَجْرٍ جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَطِبْ عَلَى رِوَايَةِ السِّيَرِ الصَّغِيرِ لَا يُكْرِهُهُ، وَعَلَى رِوَايَةِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ يُكْرِهُهُ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . لَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْلِفَ الْعَسْكَرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَيَأْكُلُونَ مَا وَجَدُوهُ مِنْ الطَّعَامِ، وَهَذَا كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ كَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ وَالزَّيْتِ وَالْخَلِّ، وَيَدْهُنُونَ بِالدُّهْنِ الْمَأْكُولِ مِثْلَ السَّمْنِ وَالزَّيْتِ وَالْخَلِّ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْهُنَ بِهِ وَيُوقِحَ بِهِ دَابَّتَهُ، وَمَا لَا يُؤْكَلْ مِنْ الْأَدْهَانِ مِثْلَ الْبَنَفْسَجِ وَالْخَيْرِيِّ وَهُوَ دُهْنُ الْوَرْدِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْهِنَ وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يُؤْكَلُ، وَلَا يُشْرَبُ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ الْجَيْشِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَلَوْ دَخَلَ التُّجَّارُ مَعَ الْعَسْكَرِ لَا يُرِيدُونَ الْقِتَالَ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ، وَلَا يَعْلِفُوا دَوَابَّهُمْ إلَّا بِالثَّمَنِ، فَإِنْ أَكَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ عَلَفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي يَدِهِ أَخَذَهُ مِنْهُ. أَمَّا الْعَسْكَرُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُطْعِمُوا عَبِيدَهُمْ إذَا دَخَلُوا مَعَهُمْ لِيُعِينُوهُمْ عَلَى سَفَرِهِمْ، وَكَذَلِكَ نِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ، وَأَمَّا الْأَجِيرُ لِلْخِدْمَةِ، فَلَا يَأْكُلُ وَإِذَا دَخَلَتْ النِّسَاءُ لِمُدَاوَاةِ الْمَرْضَى وَالْجَرْحَى أَكَلْنَ وَعَلَفْنَ وَأَطْعَمْنَ رَقِيقَهُنَّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا فَرْقَ فِي الطَّعَامِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُهَيَّأً لِلْأَكْلِ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَكُونَ حَتَّى يَجُوزَ لَهُمْ ذَبْحُ الْمَوَاشِي مِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْجَزُورِ، وَيَرُدُّونَ جُلُودَهَا فِي الْغَنِيمَةِ، كَذَا أَكْلُ الْحُبُوبِ وَالسُّكَّرِ وَالْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ وَالْيَابِسَةِ، وَكُلُّ شَيْءٍ هُوَ مَأْكُولٌ عَادَةً، وَهَذَا الْإِطْلَاقُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْغَنِيمَةُ أَوْ يُرْضَخُ مِنْهَا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا، وَلَا يُطْعَمُ الْأَجِيرُ، وَلَا التَّاجِرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ خُبْزًا لِحِنْطَةٍ أَوْ طَبِيخَ اللَّحْمِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ حِينَئِذٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا أَخَذَ الْعَسْكَرُ الْعَلَفَ لِأَجْلِ دَوَابِّهِمْ وَالطَّعَامَ لِمَأْكَلِهِمْ وَالْحَطَبَ لِلِاسْتِعْمَالِ وَالدُّهْنَ لِلِادِّهَانِ وَالسِّلَاحَ لِلْقِتَالِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ تَمَوُّلُهُمْ وَهُوَ صِيَانَةُ ذَلِكَ وَادِّخَارُهُ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ، فَإِنْ بَاعُوا رَدُّوا الثَّمَنَ إلَى الْغَنِيمَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَإِنْ أَصَابُوا سِمْسِمًا أَوْ بَصَلًا أَوْ بَقْلًا أَوْ فِلْفِلًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُؤْكَلُ عَادَةً لِلتَّعَيُّشِ، فَلَا بَأْسَ بِالتَّنَاوُلِ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاوَلُوا شَيْئًا مِنْ الْأَدْوِيَةِ وَالطِّيبِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَنْهَهُمْ الْإِمَامُ عَنْ الِانْتِفَاع بِالْمَأْكُولِ أَوْ الْمَشْرُوبِ، وَأَمَّا إذَا نَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُبَاحُ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَإِذَا احْتَاجُوا إلَى الْوُقُودِ إمَّا لِلطَّبْخِ أَوْ لِلِاصْطِلَاءِ لِبَرْدٍ أَصَابَهُمْ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُوقِدَ مَا وَجَدَ مِنْ خَشَبِهِمْ وَقَصَبِهِمْ إذَا كَانَ مُعَدًّا لِلْوَقُودِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَدٍّ لِذَلِكَ بَلْ هُوَ مُعَدٌّ لِاِتِّخَاذِ الْقِصَاعِ وَالْأَقْدَاحِ، وَلَهُ قِيمَةٌ لَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْلِفَ الدَّابَّةَ الْحِنْطَةَ إذَا كَانَ لَا يَجِدُ الشَّعِيرَ وَإِنْ وَجَدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ صَابُونًا أَوْ حَرَضَا مُحَرَّزًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ الْحَرَضُ نَابِتًا فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إنْ كَانَ لِلْمَأْخُوذِ قِيمَةٌ لَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ جَازَ الِانْتِفَاعُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَعْتَلِفَ لَهُ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ إلَى بَعْضِ الْمَطَامِيرِ، وَأَتَاهُ بِالْعَلَفِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: بَدَا لِي أَنْ أُعْطِيَكَ هَذَا، وَلَكِنِّي آخُذُهُ لِنَفْسِي وَأَرُدُّ عَلَيْك أَجْرَكَ وَأَبَى الْمُسْتَأْجِرُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ، فَإِنْ أَقَرَّ الْأَجِيرُ أَنَّهُ جَاءَ لَهُ عَلَى الْإِجَارَةِ أُجْبِرَ عَلَى دَفْعِهِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَا مُحْتَاجَيْنِ إلَيْهِ أَوْ غَنِيَّيْنِ عَنْهُ وَإِنْ كَانَا الْأَجِيرُ مُحْتَاجًا إلَى ذَلِكَ وَالْمُسْتَأْجِرُ غَنِيًّا عَنْهُ، فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ، وَلَكِنْ لَا أَجْرَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْتَشَّ لَهُ حَشِيشًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ

أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ غَنِيًّا عَنْهُ، وَالْأَجِيرُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ احْتَشَّهُ لَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ أَصَابُوا شَجَرًا فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَأَخَذُوا مِنْهُ خَشَبًا، فَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْتَفِعُوا إلَّا لِلْوَقُودِ لِطَبْخِ الْمَطْعُومِ أَوْ لِاصْطِلَاءٍ بِهِ لِبَرْدٍ أَصَابَهُمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لَكِنْ أَحْدَثُوا فِيهِ صَنْعَةً صَارَ لَهُ قِيمَةً بِسَبَبِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ، فَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ، وَإِنْ خَرَجُوا بِهِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَأَرَادَ الْإِمَامُ قِسْمَةَ الْغَنَائِمِ إنْ كَانَ لِغَيْرِ الْمَعْمُولِ مِنْ ذَلِكَ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ الْإِمَامُ الْقِسْمَةَ فِيهِ، فَالْإِمَامُ فِيهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَصْنُوعَ مِنْهُمْ وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ مَا زَادَتْ الصَّنْعَةُ فِيهِ وَيَرُدُّ الْمَصْنُوعَ إلَى الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ بَاعَ وَقَسَّمَ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَتِهِ مَعْمُولًا، وَغَيْرَ مَعْمُولٍ فَمَا أَصَابَ حِصَّةَ الْعَمَلِ يُعْطَى الْعَامِلَ وَمَا أَصَابَ غَيْرَ الْمَعْمُولِ يُرَدُّ فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْغَانِمِينَ بِمَا أَحْدَثُوا مِنْ الصَّنْعَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَا فِي دَارِ الْحَرْبِ سُلِّمَ لَهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَصَابَ رَجُلٌ مِنْ الْجُنْدِ فِي دَارٍ طَعَامًا كَثِيرًا، فَاسْتَغْنَى عَنْ بَعْضِهِ، وَأَرَادَ حَمْلَهُ إلَى مَنْزِلٍ آخَرَ، وَطَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْضُ الْمَحَاوِيجِ مَكَّنَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ طَعَامًا، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ هَذَا الطَّالِبِ وَيَسْتَصْحِبَهُ مَعَ نَفْسِهِ إلَى مَنْزِلٍ آخَرَ، وَإِلَّا، فَلَا يَحِلُّ لَهُ مَنْعُهُ، فَإِنْ أَخَذَهُ الطَّالِبُ مِنْهُ مَعَ حَاجَةِ الْأَوَّلِ إلَى ذَلِكَ، فَخَاصَمَهُ الْأَوَّلُ إلَى الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ، وَقَدْ عَرَفَ الْإِمَامُ حَاجَةَ الْأَوَّلِ إلَى ذَلِكَ رَدَّهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مُحْتَاجًا إلَيْهِ دُونَ الْأَوَّلِ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ الْإِمَامُ، أَمَّا إذَا كَانَا غَنِيَّيْنِ عَنْهُ فَالْإِمَامُ يَأْخُذُهُ مِنْ الثَّانِي، وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى الْأَوَّلِ بَلْ يَدْفَعُهُ إلَى غَيْرِهِمَا، وَهَذَا الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَكُونُ فِي كُلِّ مَا يَكُونُ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ شَرْعًا سَوَاءٌ كَالنُّزُولِ فِي الرِّبَاطَاتِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ وَالنُّزُولِ بِمِنًى وَعَرَفَاتٍ لِلْحَجِّ حَتَّى إذَا أَخَذَ مَوْضِعًا مِنْ الْمَسْجِدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِذَا بَسَطَ إنْسَانٌ حَصِيرًا إنْ بَسَطَهُ بِأَمْرِ غَيْرِهِ، فَهُوَ وَمَا لَوْ بَسَطَهُ الْآمِرُ بِنَفْسِهِ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ بُسِطَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَانَ لِلَّذِي بَسَطَ أَنْ يُعْطِيَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مَنْ شَاءَ، وَكَذَلِكَ إذَا ضَرَبَ رَجُلٌ فُسْطَاطًا فِي مَكَانٍ بِمِنًى وَعَرَفَاتٍ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ الْمَكَانُ يَنْزِلُ فِيهِ غَيْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ فَاَلَّذِي بَدَرَ إلَى ذَلِكَ الْمَنْزِلِ أَحَقُّ بِهِ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُحَوِّلَهُ عَنْهُ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ مَوْضِعًا وَاسِعًا فَوْقَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَلِغَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نَاحِيَةً هُوَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا، فَيَنْزِلُهَا مَعَهُ وَلَوْ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ، فَأَرَادَ الَّذِي بَدَرَ إلَيْهِ أَيْ سَبَقَ أَنْ يُعْطِيَهُ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ بَدَرَ إلَيْهِ أَحَدُهُمَا، فَنَزَلَهُ، فَأَرَادَ الَّذِي كَانَ أَخَذَهُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَهُوَ عَنْهُ غَنِيٌّ أَنْ يُزْعِجَهُ عَنْهُ، وَيُنْزِلَهُ مُحْتَاجًا آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ: إنَّمَا كُنْتُ أَخَذْتُهُ لِهَذَا الْآخَرِ بِأَمْرِهِ لَا لِنَفْسِي اُسْتُحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ وَبَعْدَ الْحَلِفِ لَهُ أَنْ يُزْعِجَهُ، وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ إذَا قَالَ أَخَذْتُهُ لِفُلَانٍ بِأَمْرِهِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ أَصَابَ أَحَدُهُمَا شَعِيرًا وَالْآخَرُ قَصَبًا فَتَبَادَلَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَاجٌ إلَى مَا اشْتَرَى فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَنَاوَلَ مَا اشْتَرَى مِنْ صَاحِبِهِ وَلَيْسَ هَذَا بَيْعٌ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُصِيبَ مِنْ الْعَلَفِ مِقْدَارَ حَاجَتِهِ إلَّا أَنَّ قِيَامَ حَاجَةِ صَاحِبِهِ يَمْنَعُهُ مِنْ الْإِصَابَةِ مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَيَسْتَرْضِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِهَذِهِ الْمُبَايَعَةِ، ثُمَّ يَتَنَاوَلُ بِأَصْلِ الْإِبَاحَةِ بِمَنْزِلَةِ الْأَضْيَافِ عَلَى الْمَائِدَةِ يُمْنَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَضْيَافِ مِنْ مَدِّ يَدِهِ إلَى مَا بَيْنَ يَدَيْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، فَبَعْدَ وُجُودِ الرِّضَا مِنْ صَاحِبِهِ يَتَنَاوَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِلْكِ الْمُضِيفِ بِاعْتِبَارِ الْإِبَاحَةِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَاجًا إلَى مَا أَعْطَاهُ صَاحِبُهُ وَصَاحِبُهُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ أَيْضًا، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَ مَا صَنَعَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُحْتَاجًا إلَى مَا أَعْطَاهُ وَالْمُشْتَرِي يَسْتَغْنِي عَنْهُ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَعْطَى وَيَرُدَّ مَا أَخَذَ، فَإِنْ كَانَ حِينَ قَصَدَ الْبَائِعُ الِاسْتِرْدَادَ

مِنْ صَاحِبِهِ أَعْطَاهُ صَاحِبُهُ رَجُلًا آخَرَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ تَبَايَعَا، وَهُمَا غَنِيَّانِ أَوْ مُحْتَاجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا غَنِيٌّ وَالْآخَرُ مُحْتَاجٌ، فَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى بَدَا لِأَحَدِهِمَا تَرْكُ ذَلِكَ، فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ وَلَوْ أَقْرَضَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِثْلَهُ، فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَنِيًّا عَنْ ذَلِكَ أَوْ مُحْتَاجًا إلَيْهِ، فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ شَيْءٌ إذَا اسْتَهْلَكَهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ بَعْدُ، فَالْمُقْرِضُ أَحَقُّ بِهِ إذَا أَرَادَ اسْتِرْدَادَهُ، وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ وَالْمُعْطِي غَنِيٌّ عَنْهُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَا غَنِيَّيْنِ عَنْهُ حِينَ أَقْرَضَهُ، ثُمَّ احْتَاجَا إلَيْهِ قَبْلَ الِاسْتِهْلَاكِ، فَالْمُعْطِي أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ الْآخِذُ أَوَّلًا، ثُمَّ احْتَاجَ إلَيْهِ الْمُعْطِي أَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْآخِذِ، وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا حِنْطَةً مِنْ صَاحِبِهِ مِمَّا هُوَ غَنِيمَةٌ بِدَرَاهِمَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي فَدَفَعَ الدَّرَاهِمَ، وَقَبَضَ الْحِنْطَةَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ إلَيْهَا مُحْتَاجًا، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَ الْبَيْعِ وَالْحِنْطَةُ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا فَلَهُ ذَلِكَ، فَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْحِنْطَةَ، وَيَأْخُذُ دَرَاهِمَهُ إنْ كَانَا غَنِيَّيْنِ عَنْهَا، أَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُحْتَاجًا إلَيْهَا وَالْمُشْتَرِي غَنِيًّا، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا، فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ وَالْحِنْطَةَ سَالِمَةً لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ اسْتَهْلَكَهَا فَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ عَلَيْهِ، وَمَا اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي سَالِمٌ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَإِنْ ذَهَبَ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ الْبَائِعُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ، فَهِيَ فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ إلَّا أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ فِي يَدِهِ. فَإِنْ رَفَعَ أَمْرَهَا إلَى صَاحِبِ الْمَغَانِمِ وَالْمَقَاسِمِ فَقَالَ: قَدْ أَجَزْتُ بَيْعَكَ فَهَاتِ الثَّمَنَ جَازَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى صَاحِبِ الْمَغَانِمِ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ بَعْدَ ذَلِكَ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَ الْحِنْطَةَ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ صَاحِبُ الْمَغَانِمِ الْبَيْعَ فَالدَّرَاهِمُ مَرْدُودَةٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْتَهْلِكْهَا إلَّا بَعْدَ الْإِجَازَةِ، فَالدَّرَاهِمُ فِي الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ كُنْتُ أَكَلْتُ الْحِنْطَةَ قَبْلَ أَنْ تُجِيزَ الْبَيْعَ فَرُدَّ عَلَيَّ الدَّرَاهِمَ، وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ اسْتَهْلَكَهَا قَبْلَ إجَازَةِ الْبَيْعِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَصَابَ أَحَدُهُمَا حِنْطَةً وَالْآخَرُ ثَوْبًا، فَأَرَادَا أَنْ يَتَبَايَعَا فَلَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَا، وَاسْتَهْلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَخَذَ مِنْ صَاحِبِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنَّ بَائِعَ الثَّوْبِ مُسِيءٌ فِي الْبَيْعِ، وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهْلِكَا ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَا دَارَ الْإِسْلَامِ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَدُّ مَا فِي يَدِهِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَا فِي دَارِ الْحَرْبِ بَعْدُ، وَلَمْ يَسْتَهْلِكَا ذَلِكَ فَعَلَى الَّذِي قَبَضَ الثَّوْبَ أَنْ يَرُدَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَصَابَهُ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا الَّذِي قَبَضَ الْحِنْطَةَ، فَالْحُكْمُ فِي حَقِّهِ مَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ اعْتِبَارِ حَاجَتِهِمَا أَوْ غِنَائِهِمَا أَوْ حَاجَةِ الْآخِذِ دُونَ الْمُعْطِي أَوْ حَاجَةِ الْمُعْطِي دُونَ الْآخِذِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لِلْحِنْطَةِ قَدْ ذَهَبَ بِهَا، وَلَا يُوقَفُ عَلَى أَثَرِهِ أَخَذَ صَاحِبُ الْمَغَانِمِ الثَّوْبَ مِمَّنْ فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَخَذَهُ ابْتِدَاءً وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ لِلثَّوْبِ هُوَ الَّذِي لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَغَانِمِ لَا يَتَعَرَّضُ لِمُشْتَرِي الْحِنْطَةِ بِشَيْءٍ مَا دَامُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَصَابَهُ ابْتِدَاءً، فَإِنْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَهَا أَخَذَهَا مِنْهُ صَاحِبُ الْمَغَانِمِ، وَيَجْعَلُهَا فِي الْغَنِيمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . مَنْ رَكِبَ فَرَسًا أَوْ لَبِسَ ثَوْبًا أَوْ رَفَعَ سِلَاحًا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْحَرْبِ رَدَّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ الرَّدِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَاجَةٌ وَلَكِنْ رَكِبَ لَيَصُونَ فَرَسَهُ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ لَيَصُونَ ثِيَابَهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَيُكْرَهُ الِانْتِفَاعُ بِالثِّيَابِ وَالْمَتَاعِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِلَا حَاجَةٍ لَاشْتَرَاك الْجَمَاعَةِ إلَّا أَنَّهُ يُقَسِّمُ الْإِمَامُ بَيْنَهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا احْتَاجُوا إلَى الثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَالسِّلَاحِ وَالْمَتَاعِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا احْتَاجَ وَاحِدٌ يُبَاحُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا، وَإِنْ احْتَاجَ الْكُلُّ يُقَسِّمُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا احْتَاجُوا إلَى السَّبْيِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَسِّمُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى

الفصل الثاني في كيفية القسمة

السَّبْيِ لِلْوَطْءِ أَوْ الْخِدْمَةِ وَذَا مِنْ فُضُولِ الْحَاجَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَجْمَعُوا وَطَلَبُوا الْقِسْمَةَ مِنْ الْإِمَامِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يُعْطِيهِمْ، وَإِذَا لَمْ يَقْبَلُوا عَطِيَّتَهُ قَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ، كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْإِمَامِ حُمُولَةٌ يَحْمِلُ الْغَنِيمَةَ عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ يُقَسِّمُهَا بَيْنَهُمْ حَتَّى يَتَكَلَّفَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي حَمْلِ نَصِيبِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا خَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْلِفُوا الدَّوَابَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَلَا يَأْكُلُوا مِنْهَا. وَمَنْ فَضَلَ مَعَهُ عَلَفٌ أَوْ طَعَامٌ رَدَّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ إذَا لَمْ تُقَسَّمْ، وَبَعْدَ الْقَسِيمَةِ تَصَدَّقَ بِهِ إنْ كَانَ غَنِيًّا وَانْتَفَعَ بِهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا وَإِنْ انْتَفَعَ بِهِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ رَدَّ قِيمَتَهُ إلَى الْمَغْنَمِ إنْ لَمْ يُقَسَّمْ وَإِنْ قُسِّمَتْ، فَالْغَنِيُّ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْفَقِيرِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَحْرَزَ بِإِسْلَامِهِ نَفْسَهُ وَأَوْلَادَهُ الصِّغَارَ هَذَا إذَا أَسْلَمَ قَبْل أَنْ يَأْخُذَهُ الْمُسْلِمُونَ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ فَهُوَ عَبْدٌ، وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ مَا أُخِذَ أَوْلَادُهُ الصِّغَارُ وَمَالُهُ، وَلَمْ يُؤْخَذْ هُوَ حَتَّى أَسْلَمَ أَحْرَزَ بِإِسْلَامِهِ نَفْسَهُ فَحَسْب، وَكَذَا أَحْرَزَ كُلَّ مَالٍ مَعَهُ أَوْ وَدِيعَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ دُونَ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَزَوْجَتِهِ وَحَمْلِهَا وَعَقَارِهِ وَعَبْدِهِ الْمُقَاتِلِ، وَمَا كَانَ غَصْبًا فِي يَدِ حَرْبِيٍّ أَوْ وَدِيعَةٍ، وَيَكُونُ فَيْئًا، كَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي يَدِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ غَصْبًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ، فَأَصَابَ مَالًا، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِهِمْ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا إلَّا فِي حَقِّ مَالٍ فِي يَدِ حَرْبِيٍّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ يَكُونُ فَيْئًا وَقَالُوا: رِوَايَةُ أَبِي سُلَيْمَانَ أَصَحُّ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى دَارِهِمْ، أَمَّا إذَا أَغَارُوا عَلَيْهَا، وَلَمْ يَظْهَرُوا فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ جَمِيعُ مَالِهِ فَيْئًا إلَّا نَفْسَهُ وَأَوْلَادَهُ الصِّغَارَ وَحُكْمُ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَخَرَجَ إلَيْنَا عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ] ِ يُقَسِّمُ الْإِمَامُ الْغَنِيمَةَ فَيُخْرِجُ الْخُمُسَ وَيُقَسِّمُ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، ثُمَّ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ أَمِيرُ الْجُنْدِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ مِنْ الْجُنْدِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَلَا يُسْهَمُ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيَسْتَوِي الْفَرَسُ الْعَرَبِيُّ وَالنَّجِيبُ وَالْبِرْذَوْنُ وَالْهَجِينُ وَغَيْرُهَا مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْخَيْلِ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ جَمَلٌ أَوْ بَغْلٌ أَوْ حِمَارٌ فَهُوَ وَالرَّاجِلُ سَوَاءٌ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَارِسًا فَنَفَقَ فَرَسُهُ اسْتَحَقَّ سَهْمَ فَارِسٍ سَوَاءٌ اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِتَالِ فَحَضَرَ بِهِ، فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ، وَإِنْ غَصَبَهُ وَحَضَرَ بِهِ اسْتَحَقَّ سَهْمَهُ مِنْ وَجْهٍ مَحْظُورٍ، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، وَسَوَاءٌ بَقِيَ فَرَسُهُ مَعَهُ حَتَّى حَصَلَتْ الْغَنِيمَةُ أَوْ مَاتَ الْفَرَسُ حِينَ دَخَلَ بِهِ أَوْ أَخَذَهُ الْعَدُوُّ أَوْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ قَبْلَ حُصُولِ الْغَنِيمَةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَهْمَ فَارِسٍ وَسَوَاءٌ كَانَ مَكْتُوبًا فِي الدِّيوَانِ فَارِسًا أَوْ رَاجِلًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ رَاجِلًا، ثُمَّ اشْتَرَى فَرَسًا أَوْ اسْتَعَارَ أَوْ وُهِبَ لَهُ، وَقَاتَلَ فَارِسًا فَلَهُ سَهْمُ رَاجِلٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْأَصْلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَنَا حَالَةَ الْمُجَاوَزَةِ، وَلَوْ دَخَلَ فَارِسًا، ثُمَّ بَاعَ فَرَسَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَجَرَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعَارَهُ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَبْطُلُ سَهْمُ الْفَرَسِ، وَيَأْخُذُ سَهْمَ رَاجِلٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ لَمْ يَسْقُطْ سَهْمُ الْفُرْسَانِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ بَاعَهُ فِي حَالَةِ الْقِتَالِ سَقَطَ سَهْمُ الْفُرْسَانِ فِي الْأَصَحِّ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ، وَضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ فَهُوَ رَاجِلٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ

دَخَلَ فَارِسًا وَقَاتَلَ رَاجِلًا لِضِيقِ الْمَكَانِ وَالْمَشْجَرَةِ كَانَ لَهُ سَهْمُ الْفُرْسَانِ، وَمَنْ جَاوَزَ الدَّرْبَ بِفَرَسٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِتَالَ عَلَيْهِ إمَّا لِكِبَرِهِ أَوْ صِغَرِهِ بِأَنْ كَانَ مُهْرًا لَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ لَا يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ بِأَنْ أَصَابَهُ رَهْصَةٌ أَوْ صَلَعٌ، فَجَاوَزَ الدَّرْبَ بِهِ، ثُمَّ زَالَ الْمَرَضُ، وَبَرَأَ وَصَارَ بِحَالٍ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ إصَابَةِ الْغَنَائِمِ فِي الِاسْتِحْسَانِ يُسْهَمُ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ جَاوَزَ عَلَى مَغْصُوبٍ أَوْ مُسْتَعَارٍ أَوْ مُسْتَأْجَرٍ، ثُمَّ اسْتَرَدَّ الْمَالِكُ، فَشَهِدَ الْوَاقِعَةَ رَاجِلًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. . وَالْفَارِسُ فِي السَّفِينَةِ فِي الْبَحْرِ يَسْتَحِقُّ سَهْمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِتَالُ عَلَى الْفَرَسِ فِي السَّفِينَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. . وَإِذَا وُهِبَ الْفَرَسَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، وَدَخَلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْفَرَسِ دَارَ الْحَرْبِ مُرِيدًا الْقِتَالَ عَلَيْهِ وَدَخَلَ صَاحِبُ الْفَرَسِ مَعَهُمْ أَيْضًا، ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ وَاسْتَرَدَّ الْفَرَسَ، فَإِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يُضْرَبُ بِسَهْمِ الْفَارِسِ فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ الرُّجُوعِ، وَبِسَهْمِ الرَّاجِلِ فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَهُ، وَصَاحِبُ الْفَرَسِ رَاجِلٌ فِي الْغَنَائِمِ كُلِّهَا وَلَوْ بَاعَ فَرَسَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بَيْعًا فَاسِدًا، وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَدْخَلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَعَ الْعَسْكَرِ، وَدَخَلَ مَعَهُمْ بَائِعُ الْفَرَسِ أَيْضًا، ثُمَّ اسْتَرَدَّ الْفَرَسَ بِحُكْمِ الْفَاسِدِ، فَالْبَائِعُ يَكُونُ رَاجِلًا فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ وَبَعْدَهُ وَالْمُشْتَرِي يَكُونُ فَارِسًا فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ وَرَاجِلًا فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَهُ. رَجُلٌ أَدْخَلَ فَرَسَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ فَاسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ مِنْ يَدِهِ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ رَاجِلٌ فِي الْغَنَائِمِ كُلِّهَا، وَالْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ فَارِسٌ فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ اسْتِرْدَادِ الْفَرَسِ مِنْهُ وَرَاجِلٌ فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَ اسْتِرْدَادِ الْفَرَسِ. رَجُلَانِ لِأَحَدِهِمَا فَرَسٌ وَلِلْآخَرِ بَغْلٌ تَبَايَعَا الْبَغْلَ بِالْفَرَسِ، وَدَخَلَا بِهِمَا دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِمَا اشْتَرَاهُ عَيْبًا، وَرَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ، وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ مَا كَانَ لَهُ فِي الْأَصْلِ فَمُشْتَرِي الْبَغْلِ رَاجِلٌ فِي الْغَنَائِمِ كُلِّهَا، وَمُشْتَرِي الْفَرَسِ فَارِسٌ فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ أَنْ يَتَرَادَّا الْبَيْعَ رَاجِلٌ فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَ مَا تَرَادَّا الْبَيْعِ. . وَلَوْ رَهَنَ فَرَسًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مِنْ رَجُلٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ دَارَ الْحَرْبِ، وَأَدْخَلَ الْمُرْتَهِنُ الْفَرَسَ مَعَ نَفْسِهِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ فَقَضَى الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ مَالَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْفَرَسَ، فَإِنَّ الرَّاهِنَ رَاجِلٌ فِيمَا أُصِيبَ مِنْ الْغَنَائِمِ وَفِيمَا يُصَابُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ يَكُونُ رَاجِلًا فِي الْغَنَائِمِ كُلِّهَا، وَلَوْ بَاعَ فَرَسَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ اشْتَرَى فَرَسًا آخَرَ فَهُوَ فَارِسٌ عَلَى حَالِهِ اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَرَسَ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَضَمِنَ صَاحِبُ الْفَرَسِ الْقِيمَةَ، وَأَخَذَهَا فَلَمْ يَشْتَرِ بِهَا فَرَسًا آخَرَ يُسْهَمُ لَهُ سَهْمُ الْفُرْسَانِ فِيمَا أُصِيبَ مِنْ الْغَنَائِمِ وَمَنْ بَاعَ فَرَسَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُكْرَهًا لَا يَبْطُلُ سَهْمُ فَرَسِهِ، وَإِذَا بَاعَ الْغَازِي فَرَسَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ مَا أُصِيبَ الْغَنَائِمُ بِدَارِهِمْ، ثُمَّ اسْتَأْجَرَ فَرَسًا آخَرَ أَوْ اسْتَعَارَ، ثُمَّ أُصِيبَ غَنَائِمُ أُخَرُ كَانَ رَاجِلًا فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَلَا يَقُومُ الْمُسْتَأْجَرُ وَالْمُسْتَعَارُ مَقَامَ الْمُشْتَرَى بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى فَرَسًا آخَرَ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ، وَلَوْ بَاعَ فَرَسَهُ، ثُمَّ وُهِبَ لَهُ فَرَسٌ آخَرُ وَسُلِّمَ إلَيْهِ كَانَ فَارِسًا؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَمْلُوكٌ رَقَبَةً فَكَانَ مِثْلُ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ، فَاسْتُرِدَّ مِنْ يَدِهِ فَاشْتَرَى آخَرَ فَالثَّانِي يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ، وَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ بِإِجَارَةٍ، وَالثَّانِي كَذَلِكَ أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بِعَارِيَّةٍ، وَالثَّانِي كَذَلِكَ فَالثَّانِي يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِإِجَارَةٍ وَالثَّانِي عَارِيَّةٌ، فَالثَّانِي لَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ عَارِيَّةً، وَالثَّانِي إجَارَةً فَالثَّانِي يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ الْمُسْتَعِيرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا اسْتَعَارَ فَرَسًا آخَرَ بَعْدَ مَا اُسْتُرِدَّ الْأَوَّلُ مِنْ يَدِهِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فَارِسًا، وَيَقُومُ الثَّانِي مَقَامَ الْأَوَّلِ فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْفُرْسَانِ فِيمَا يُصِيبُونَ مِنْ الْغَنَائِمِ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْمُعِيرِ الثَّانِي فَرَسٌ آخَرُ سِوَى هَذَا الْفَرَسِ الَّذِي أَعَارَهُ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَرَسٌ بَعْدَ آخَرَ، فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُسْتَعِيرُ سَهْمَ الْفُرْسَانِ فِيمَا يُصِيبُونَ ذَلِكَ فَالْمُعِيرُ الثَّانِي يَسْتَحِقُّ سَهْمَ

الْفُرْسَانِ بِهَذَا الْفَرَسِ الْمُسْتَعَارِ، فَلَوْ اسْتَحَقَّ الْمُسْتَعِيرُ سَهْمَ الْفُرْسَانِ بِهَذَا الْفَرَسِ الْمُسْتَعَارِ أَدَّى أَنْ يَسْتَحِقَّ رَجُلَانِ مِنْ غَنِيمَةٍ وَاحِدَةٍ بِسَبَبِ فَرَسٍ وَاحِدٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمًا كَامِلًا، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اشْتَرَى فَرَسًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى دَخَلَا دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْفَرَسَ، وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي رَاجِلَانِ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا أَوْ كَانَ حَالًّا إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِي نَقَدَهُ قَبْلَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ وَدَخَلَا دَارَ الْحَرْبِ، وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْفَرَسَ، فَالْمُشْتَرِي فَارِسٌ اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ دَخَلَ رَجُلَانِ بِفَرَسٍ بَيْنَهُمَا دَارَ الْحَرْبِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ هَذَا تَارَةً وَشَرِيكُهُ أُخْرَى فَهُمَا رَاجِلَانِ، كَذَلِكَ إذَا دَخَلَا بِفَرَسَيْنِ كُلُّ فَرَسٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهُمَا رَاجِلَانِ إلَّا إذَا أَجَرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ قَبْلَ دُخُولِهِمَا دَارَ الْحَرْبِ، فَحِينَئِذٍ الْمُسْتَأْجِرُ فَارِسٌ وَإِنْ طَيَّبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى أَنْ يَرْكَبَ أَيَّ الْفَرَسَيْنِ شَاءَ نُظِرَ إنْ كَانَ هَذَا التَّطَيُّبُ قَبْلَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ، فَهُمَا فَارِسَانِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ، فَهُمَا رَاجِلَانِ، وَلَا يُجْبَرَانِ عَلَى التَّهَايُؤِ عَلَى الرُّكُوبِ لِأَجْلِ الْقِتَالِ، وَأَمَّا التَّهَايُؤُ لَا لِأَجْلِ الْقِتَالِ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ إنْ اصْطَلَحَا عَلَى ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمَا أَمْضَاهُ الْقَاضِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَا يُسْهَمُ لِمَمْلُوكٍ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا صَبِيٍّ، وَلَا ذِمِّيٍّ، وَلَكِنْ يُرْضَخُ لَهُمْ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَى الْإِمَامُ. وَالْمُكَاتَبُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ، ثُمَّ الْعَبْدُ إنَّمَا يُرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ وَالْمَرْأَةُ يُرْضَخُ لَهَا إذَا كَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى، وَتَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى وَالذِّمِّيُّ إنَّمَا يُرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ، أَوْ دَلَّ عَلَى الطَّرِيقِ، وَلَمْ يُقَاتِلْ إلَّا أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى السَّهْمِ فِي الدَّلَالَةِ إذَا كَانَتْ فِيهَا مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ، وَلَا يَبْلُغُ بِهَا السَّهْمَ إذَا قَاتَلَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. . وَالْغُلَامُ الْمُرَاهِقُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ، وَالْمَعْتُوهُ إذَا قَاتَلَا يُرْضَخُ لَهُمَا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، ثُمَّ الرَّضْخُ عِنْدَنَا مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْل إخْرَاجِ الْخُمُسِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. أَمَّا الْخُمُسُ، فَيُقَسَّمُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِلْيَتَامَى، وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٌ لِابْنِ السَّبِيلِ يَدْخُلُ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى وَيُقَدَّمُونَ، وَلَا يُدْفَعُ إلَى أَغْنِيَائِهِمْ، فَأَمَّا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْخُمُسِ، فَإِنَّهُ لِافْتِتَاحِ الْكَلَامِ تَبَرُّكًا بِاسْمِهِ وَسَهْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَقَطَ بِمَوْتِهِ كَمَا سَقَطَ الصَّفِيُّ وَالصَّفِيُّ شَيْءٌ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْطَفِيه لِنَفْسِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ مِثْلَ دِرْعٍ أَوْ سَيْفٍ أَوْ جَارِيَةٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ صَرَفَ الْخُمُسَ إلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ جَازَ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَتْ الْغَنَائِمُ رَقِيقًا وَمَتَاعًا، وَغَيْرَ ذَلِكَ فَأَعْطَى بَعْضَهُمْ رُءُوسًا وَبَعْضَهُمْ دَوَابَّ وَبَعْضَهُمْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَبَعْضَهُمْ خَيْلًا أَوْ سِلَاحًا عَلَى سِهَامِ الْخَيْلِ وَالرَّجَّالَةِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ فَعَلَ بِرِضَا الْغَانِمِينَ أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. وَإِذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ، وَأَخَذَ كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَصَابَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ جَارِيَةً مِنْ الْمَغْنَمِ، وَتَفَرَّقَ الْجُنْدُ، ثُمَّ إنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي أَصَابَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ ادَّعَتْ أَنَّهَا جَارِيَةً حُرَّةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ سَبَاهَا الْمُشْرِكُونَ وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَالْإِمَامُ يَقْضِي بِحُرِّيَّتِهَا، وَإِذَا قَضَى الْإِمَامُ بِحُرِّيَّتِهَا هَلْ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ؟ وَالْقِيَاسُ أَنْ تُنْقَضَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تُنْقَضُ إذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ قَلِيلًا بِأَنْ كَانَ جَارِيَةً أَوْ جَارِيَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَقَدْ تَفَرَّقَ الْجُنْدُ إلَى مَنَازِلِهِمْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَفَرَّقْ الْجُنْدُ إلَى مَنَازِلِهِمْ أَوْ تَفَرَّقُوا إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ كَانَ كَثِيرًا بِأَنْ كَانَ زِيَادَةً عَلَى الثَّلَاثِ، فَإِنَّهُ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَعَلَى هَذَا إذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ الْجُنْدِ، وَقَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ، فَتَفَرَّقُوا إلَى مَنَازِلِهِمْ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ شَهِدَ الْوَقْعَةَ مَعَهُمْ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ، وَقَضَى لَهُ بِذَلِكَ. فَالْقِيَاسُ أَنْ تُنْقَضَ الْقِسْمَةُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تُنْقَضُ، وَيُعَوَّضُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قِيمَةَ نَصِيبَهُ وَإِذَا انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ فِيمَا

إذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ كَثِيرًا بَعْدَ هَذَا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ ذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ نَصِيبَهُ: ائْتِ بِمَنْ قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْ الْجُنْدِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْإِمَامُ يَتَوَلَّى جَمْعَهُمْ بِنَفْسِهِ، وَأَيَّ الْأَمْرَيْنِ اخْتَارَ الْإِمَامُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَبَعْدَ هَذَا يُنْظَرُ إلَى الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْغَنِيمَةُ عُرُوضًا أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا مِنْ أَصْنَافٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَأْمُرُ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْ يَدِ الَّذِي قَدَرَ عَلَيْهِ مَا يَخُصُّهُ لَوْ قَسَّمَ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمِيعِ الْجُنْدِ كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَ مَا فِي يَدِهِ غَنِيمَةٌ أُخْرَى، وَإِذَا كَانَتْ الْغَنِيمَةُ كُلُّهَا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ يَدِ الَّذِي قَدَرَ عَلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ غَنَائِمَ، وَكَانَ فِيمَا أَصَابُوا مُصْحَفٌ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ كُتُبِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَا يَدْرِي أَنَّ فِيهِ تَوْرَاةً أَوْ زَبُورًا أَوْ إنْجِيلًا أَوْ كُفْرًا، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُقَسِّمَ ذَلِكَ فِي مَغَانِمِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحَرِّقَ بِالنَّارِ وَإِذَا كَرِهَ إحْرَاقَهُ يَنْظُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ كَانَ لِوَرِقِهِ قِيمَةً، وَيُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ الْمَحْوِ وَالْغَسْلِ بِأَنْ كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى جِلْدٍ مَدْبُوغٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُمْحَى وَيُجْعَلُ الْوَرَقُ فِي الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِوَرِقِهِ قِيمَةٌ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ الْمَحْوِ بِأَنْ كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى الْقِرْطَاسِ يُغْسَلُ وَهَلْ يُدْفَنُ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ إنْ كَانَ مَوْضِعًا لَا يُتَوَهَّمُ وُصُولُ يَدِ الْكَفَرَةِ إلَيْهِ؟ يُدْفَنُ، وَإِنْ كَانَ مَوْضِعًا يُتَوَهَّمُ وُصُولُ يَدِ الْكَفَرَةِ إلَيْهِ لَا يُدْفَنُ وَإِنْ أَرَادَ الْإِمَامُ بَيْعَهُ مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي يُرِيدُ شِرَاءَهُ مِمَّنْ يُخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ رَغْبَةً مِنْهُ فِي الْمَالِ يُكْرَهُ بَيْعُهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَبِيعَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ مِنْهُ. قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَالْجَوَابُ فِي بَيْعِ كُتُبِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الَّذِي يُرِيدُ شِرَاءَهَا مِمَّنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْإِضْلَالُ وَالْفِتْنَةُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ الْإِضْلَالُ وَالْفِتْنَةُ لَا يُكْرَهُ بَيْعُهَا مِنْهُ قَالَ: وَإِنْ وَجَدُوا فِي الْغَنِيمَةِ قَلَائِدَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فِيهَا الصَّلِيبُ وَالتَّمَاثِيلُ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَسْرُهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَهَا مِنْ رَجُلٍ إنْ كَانَ الَّذِي يُرِيدُ شِرَاءَهَا مَوْثُوقًا بِهِ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ بَيْعُهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْبَيْعِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَوْثُوقٍ بِهِ، وَيُخَافُ عَلَيْهِ بَيْعُهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ بَيْعُهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الصَّلِيبُ وَالتَّمَاثِيلُ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ، فَأَرَادَ بَيْعَهَا مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْكَسْرِ أَوْ أَرَادَ قِسْمَتَهَا قَبْلَ الْكَسْرِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ وَمَا أُصِيبَ مِمَّا لَهُ ثَمَنٌ نَحْوَ كَلْبِ الصَّيْدِ وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ مِنْ الْبُزَاةِ وَالصُّقُورِ، فَإِنَّهُ غَنِيمَةٌ تُقَسَّمُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ، وَكَذَلِكَ مَا أُصِيبَ مِنْ صُيُودِ الْبَرِّ وَالْمَعَادِن وَالْكُنُوزِ وَمَا اسْتَخْرَجَ الْغَوَّاصُونَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ بِحَارِهِمْ، فَهُوَ فَيْءٌ كُلُّهُ يَرْفَعُ عَنْهُ الْخُمُسَ وَيُقَسِّمْ الْبَاقِيَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَالسَّمَكُ وَسَائِرُ الصَّيُودِ الَّتِي تُصَادُ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا، فَالْحُكْمُ فِيهَا كَالْحُكْمِ فِي سَائِرِ الْمَأْكُولَاتِ وَيُكْرَهُ الِاصْطِيَادُ بِصَقْرِ الْغَنِيمَةِ وَبَازِيهَا وَكِلَابِهَا. وَتَجُوزُ قِسْمَةُ الْهِرَّةِ وَإِنْ وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ فَرَسًا عَلَيْهِ مَكْتُوبًا حُبِسَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهَذَا، وَاَلَّذِي يُوجَدُ غَيْرَ مَكْتُوبٍ عَلَيْهِ شَيْءٌ سَوَاءٌ، ثُمَّ تُجْعَلُ هَذِهِ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ لِأَهْلِ الْحَرْبِ يُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِالْمَكَانِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ، فَإِنْ وُجِدَ فِي مَكَان الْغَالِبُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ أَوْ كَانَ بِقُرْبِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يُجْعَلُ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَكُونُ لُقَطَةً فَيُفْعَلُ بِهِ مَا يُفْعَلُ بِسَائِرِ اللُّقَطَاتِ، وَلَوْ وُجِدَ فِي مَكَان الْغَالِبُ فِيهِ الْمُشْرِكُونَ أَوْ كَانَ يَقْرَبُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُ يُجْعَلُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ، وَيَكُونُ غَنِيمَةً فَيُفْعَلُ بِهِ مَا يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْغَنَائِمِ، وَلَوْ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَشَهِدَ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ مِنْ خَيْلِ الْجَيْشِ، وَقَدْ قَسَّمَهُ الْإِمَامُ فِي الْغَنَائِمِ أَوْ بَاعَهُ أَوْ لَمْ يُقَسِّمْهُ، وَلَمْ يَبِعْهُ وَحَضَرَهُ صَاحِبُهُ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ أَخَذَهُ صَاحِبُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَجَدَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَكَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْمُدَبَّرِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَخَذَ الْمُسْلِمُونَ غَنِيمَةً فَلَمْ يُحْرِزُوهَا حَتَّى غَلَبَ

عَلَيْهِمْ الْعَدُوُّ، وَأَخَذُوا الْغَنَائِمَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ جَاءَ عَسْكَرٌ آخَرُ وَأَخَذُوهَا مِنْ الْعَدُوِّ كَانَتْ الْغَنِيمَةُ لِلْآخِرِينَ دُونَ الْأَوَّلِينَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَجَبَ عَلَى الْآخَرِينَ رَدَّهَا عَلَى الْأَوَّلِينَ الْإِمَامُ إذَا قَسَّمَ الْغَنَائِمَ، وَدَفَعَ أَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ إلَى الْجُنْدِ، وَهَلَكَ الْخُمُسُ فِي يَدِهِ سَلَّمَ لِلْجُنْدِ مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ الْخُمُسَ إلَى أَهْلِهِ، وَهَلَكَ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسُ فِي يَدِهِ سَلَّمَ الْخُمُسَ لِأَهْلِهِ وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ أَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ إلَى بَعْضِ الْجُنْدِ قَبْلَ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ فَلَمْ يُبَيِّنْ مَا فَعَلَ حَتَّى مَاتَ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ مَنْ لَا مَنَعَةَ لَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، فَأَصَابُوا غَنَائِمَ فَأَخْرَجُوهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ ذَلِكَ كُلَّهُ لَهُمْ، وَلَا خُمُسَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ أَذِنَ لَهُمْ خُمِّسَ مَا أَصَابُوا، وَكَانَ مَا بَقِيَ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَإِنْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ لَهُمْ مَنَعَةٌ، فَأَخَذُوا شَيْئًا خُمِّسَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ الْإِمَامُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ: إذَا الْتَقَى الْفَرِيقَانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَرِيقٌ دَخَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَفَرِيقٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَا مَنَعَةَ لَهُمْ مُجْتَمَعِينَ فَمَا أَصَابَ الْمَأْذُونُ لَهُمْ، فِيهِ الْخُمُسُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ، وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِينَ مِنْهُ، وَمَا أَصَابَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُمْ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا أَصَابَ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَصْحَابُهُ، وَلَا غَيْرُهُمْ، أَمَّا إذَا اشْتَرَكَ الْمَأْذُونُ لَهُمْ وَغَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُمْ فِي أَخْذِ شَيْءٍ وَاحِدٍ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ الْآخِذِينَ فَمَا أَصَابَ الْمَأْذُونَ لَهُمْ خُمُسٌ، وَكَانَ الْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ فَيَشْتَرِكُونَ جَمِيعًا الْآخِذُ وَغَيْرُ الْآخِذِ، وَمَا أَصَابَ الَّذِينَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ، فَهُوَ لَهُمْ عَلَى عَدَدِ الْآخِذِينَ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لِبَقِيَّتِهِمْ فِيهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَلَا خُمُسَ عَلَيْهِمْ فِيهِ، فَإِنْ الْتَقَى الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا الْمَأْذُونُ لَهُمْ، وَغَيْرُ الْمَأْذُونِ، وَكَانُوا بِاجْتِمَاعِهِمْ لَهُمْ مَنَعَةٌ فَمَا أَصَابَ وَاحِدٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَكَذَا مَا أَصَابَ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَبْلَ الِاجْتِمَاعِ أَوْ بَعْدَهُ فَذَلِكَ سَوَاءٌ فَفِيهِ الْخُمُسُ وَالْبَاقِي عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ وَلَوْ كَانَ الَّذِينَ دَخَلُوا بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَأَصَابُوا الْغَنِيمَةَ، ثُمَّ لَحِقَ لِصٌّ أَوْ لِصَّانِ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ بِغَيْرِ إذْنٍ بَعْدَ مَا أَصَابَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ الْغَنَائِمَ وَأَصَابُوا بَعْدَ ذَلِكَ غَنَائِمَ وَقَدْ أَصَابَ اللِّصُّ غَنِيمَةً قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهُمْ، وَبَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ جَمِيعًا شُرَكَاءُ وَفِيمَا أَصَابُوهُ الْخُمُسُ وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَهُمْ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ إلَّا مَا أَصَابَ الْعَسْكَرُ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ اللِّصُّ أَوْ اللِّصَّانِ، فَإِنَّ هَذَا اللِّصَّ لَا يُشَارِكُ أَهْلَ الْعَسْكَرِ فِيمَا أَصَابُوهُ قَبْلَ أَنْ يَلْقَاهُمْ، وَلَكِنَّ أَهْلَ الْعَسْكَرِ يُشَارِكُونَ اللِّصَّ فِيمَا أَصَابَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ وَأَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَبَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ يَسِيرٌ لَا يَسْتَقِيمُ لِكَثْرَةِ الْجُنْدِ وَقِلَّةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ تَصَدَّقَ بِهَا الْإِمَامُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَلَوْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهَا، وَوَضَعَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ لِنَائِبِهِ تَقَعُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَهُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْجُنْدِ أَتَوْا أَمِيرَ الْجُنْدِ، وَقَالُوا: إنَّ مَنَازِلَنَا بَعِيدَةٌ، وَلَا نَقْدِرُ عَلَى الْمَقَامِ، فَأَعْطِنَا حَقَّنَا مِنْ الْغَنِيمَةِ عَلَى الْحَزْرِ وَالظَّنِّ بِذَلِكَ، وَأَنْتَ فِي حِلٍّ فَأَعْطَاهُمْ وَمَضَوْا، ثُمَّ أَعْطَى الْبَاقِينَ حِصَّتَهُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ فَازْدَادَتْ أَنْصِبَاءُ الْبَاقِينَ عَلَى أَنْصِبَاءِ الَّذِينَ مَضَوْا لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَلَكِنْ يُمْسِكُهُ حَوْلًا، وَيُخْبِرُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَصِيرُ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ بِقَوْلِهِمْ، وَأَنْتَ فِي حِلٍّ، فَلَوْ أَنَّ الْأَمِيرَ تَصَدَّقَ بِذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَ أَصْحَابُهُ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْأَمِيرَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، وَلَا يَرْجِعُ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا فِي الْخُمُسِ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْإِمَامِ إذَا تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ بِأَنْ غَزَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ جَاءَ أَصْحَابُ الْفَضْلِ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْإِمَامَ ذَلِكَ، وَيَكُونَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ رَأَى أَنْ يَسْتَقْرِضَ ذَلِكَ لِلْمَسَاكِينِ، وَيُقَسِّمَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِحَاجَتِهِمْ إلَى ذَلِكَ حَتَّى إذَا جَاءَ مُسْتَحِقُّوهُ لَمْ يُجِيزُوا صَدَقَتَهُ، فَإِنَّهُ يُعْطِيهِمْ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ قَالُوا: وَهَهُنَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ: الْإِمَامُ

الفصل الثالث في التنفيل

الْأَكْبَرُ، وَأَمِيرُ الْجُنْدِ، وَصَاحِبُ الْمَقَاسِمِ، وَهُوَ الَّذِي فُوِّضَ إلَيْهِ أَمْرُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ، فَصَاحِبُ الْمَقَاسِمِ لَا يَمْلِكُ التَّصَدُّقَ بِالْفَضْلِ وَأَمِيرُ الْجُنْدِ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَالْإِمَامُ الْأَعْظَمُ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ أَنَّ جُنْدًا عَظِيمًا أَصَابُوا غَنَائِمَ وَأَخْرَجُوهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَمْ يُقَسِّمْ حَتَّى تَفَرَّقَ النَّاسُ، وَذَهَبُوا إلَى مَنَازِلِهِمْ، وَلَا يَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ، وَبَقِيَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ أَعْطَى الْإِمَامُ الْبَاقِينَ أَنْصِبَاءَهُمْ، وَيُمْسِكُ حِصَّةَ الْغُيَّبِ، فَإِذَا مَضَى سَنَةٌ، وَلَمْ يَجِيءَ لَهَا طَالِبٌ تَصَدَّقَ بِهَا، وَلَوْ غَلَّ رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ الْمَغَانِمِ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ إلَّا بَعْدَ مَا قُسِّمَتْ الْغَنَائِمُ، وَتَفَرَّقَ أَهْلُهَا فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيمَا قَالَ وَيَأْخُذَهُ مِنْهُ، وَيُخَمِّسَهُ وَيَصْرِفَ الْخُمُسَ إلَى الْفُقَرَاءِ وَيُمْسِكَ الْبَاقِي حَتَّى يَجِيءَ مُسْتَحِقُّوهُ، فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِي مَجِيءِ مُسْتَحَقِّيهِ تَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ كَذَّبَهُ فِيمَا قَالَ، وَأَخَذَ مِنْهُ خُمُسَ مَا جَاءَ بِهِ، وَتَرَكَ أَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ الْغَالُّ بِذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ، وَلَكِنَّهُ تَابَ يُمْسِكُهُ إلَى أَنْ يَطْمَعَ فِي مَجِيءِ مُسْتَحِقِّهِ، وَإِذَا انْقَطَعَ طَمَعُهُ فِي ذَلِكَ تَصَدَّقَ بِهِ إنْ شَاءَ بِشَرْطِ الضَّمَانِ إذَا حَضَرَ الْمُسْتَحِقُّ، وَلَمْ يُجِزْ صَدَقَتَهُ، وَلَكِنَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي التَّنْفِيلِ] ِ وَيُسْتَحَبُّ التَّنْفِيلُ لِلْإِمَامِ وَأَمِيرِ الْعَسْكَرِ، فَإِنْ نَفَلَ الْإِمَامُ أَوْ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ، وَجَعَلَ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي أَيْدِي الْغَانِمِينَ لَا يَجُوزُ التَّنْفِيلُ بِمَا كَانَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، وَإِذَا نَفَلَ الْإِمَامُ، فَقَالَ: مَنْ أَصَابَ شَيْئًا، فَهُوَ لَهُ فَأَصَابَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَ لَهُ خَاصَّةً لَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ، وَلَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ مَاتَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَمَا أَصَابَ يَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ بِكُلِّ الْمَأْخُوذِ بِأَنْ يَقُولَ لِلْعَسْكَرِ كُلُّ مَا أَصَبْتُمْ، فَهُوَ لَكُمْ، فَإِنْ دَخَلَ الْإِمَامُ دَارَ الْحَرْبِ مَعَ الْجَيْشِ، وَبَعَثَ سَرِيَّةً، وَنَفَلَ لَهُمْ مَا أَصَابُوا جَازَ، وَإِنْ بَعَثَ سَرِيَّةً مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُلَ السَّرِيَّةَ مَا أَصَابُوا، وَلَا يَنْفُلَ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ نَفَلَ بَعْدَ الْإِصَابَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِبَعْضِ مَنْ كَانَ لَهُ عَنَاءٌ أَوْ بَلَاءٌ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنْهُ بِأَنْ يُحَوِّلَ رَأْيَهُ إلَى ذَلِكَ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى إمَامٍ لَا يَرَى التَّنْفِيلَ بَعْدَ الْإِصَابَةِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ مَا صَنَعَ الْأَوَّلُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَا يَسْتَحِقُّ الْقَاتِلُ سَلَبَ الْمَقْتُولِ بِنَفْسِ الْقَتْلِ مَا لَمْ يَنْفُلْ الْإِمَامُ قَبْلَ الْقَتْلِ فَيَقُولُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَكَمَا يَجُوزُ التَّنْفِيلُ بَعْدَ رَفْعِ الْخُمُسِ بِأَنْ بَعَثَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً وَقَالَ لَهُمْ: مَا أَصَبْتُمْ فَلَكُمْ الثُّلُثُ بَعْدَ الْخُمُسِ أَوْ قَالَ: فَلَكُمْ الرُّبْعُ بَعْدَ الْخُمُسِ، ثُمَّ أَنْتُمْ شُرَكَاءُ الْجَيْشِ فِيمَا بَقِيَ يَجُوزُ مُطْلَقًا بِأَنْ بَعَثَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً وَقَالَ لَهُمْ: مَا أَصَبْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَلَكُمْ الثُّلُثُ أَوْ قَالَ: فَلَكُمْ الرُّبْعُ، ثُمَّ أَنْتُمْ شُرَكَاءُ الْجَيْشِ فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْفُقَرَاءِ فِي الْخُمُسِ، وَبَعْدَ هَذَا يُنْظَرُ إنْ كَانَ نَفَلَهُمْ ثُلُثًا أَوْ رُبْعًا مُطْلَقًا أَعْطَاهُمْ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَرْفَعُ الْخُمُسَ عَنْ الْبَاقِي، ثُمَّ يُقَسِّمُ الْبَاقِيَ بَيْنَ جَمِيعِ الْعَسْكَرِ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ السَّرِيَّةُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ وَإِنْ نَفَلَهُمْ الرُّبْعَ أَوْ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ رَفَعَ الْخُمُسَ أَوَّلًا مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، ثُمَّ أَعْطَى السَّرِيَّةَ نَفْلَهُمْ مِمَّا بَقِيَ، ثُمَّ قَسَّمَ الْبَاقِيَ بَيْنَ جَمِيعِ الْعَسْكَرِ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْإِمَامُ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ: جَمِيعُ مَا أَصَبْتُمْ، فَهُوَ لَكُمْ نَفْلًا بِالسَّوِيَّةِ بَعْدَ الْخُمُسِ فَهَذَا بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا لَمْ يُجْعَلْ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ، فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ الْقَاتِلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ وَالسَّلَبُ مَرْكَبُهُ وَمَا عَلَى الْقَتِيلِ مِنْ ثِيَابِهِ وَسِلَاحِهِ وَمَا عَلَى مَرْكَبِهِ مِنْ السَّرْجِ وَالْآلَةِ وَمَا مَعَهُ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ مَالِهِ فِي حَقِيبَتِهِ أَوْ عَلَى وَسْطِهِ لَا عَبْدُهُ وَمَا مَعَهُ وَدَابَّتُهُ وَمَا عَلَيْهَا وَمَا فِي بَيْتِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ فَرَسُهُ فَقَتَلَ رَجُلٌ رَاجِلًا وَمَعَ غُلَامِهِ فَرَسُهُ قَائِمٌ بِجَنْبِهِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ يَكُونُ فَرَسُهُ لِلْقَاتِلِ؛ لِأَنَّ

مَقْصُودَ الْإِمَامِ قَتْلُ مَنْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْقِتَالِ فَارِسًا، وَهَذَا مُتَمَكِّنٌ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِجَنْبِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. ثُمَّ حُكْمُ التَّنْفِيلِ قَطْعُ حَقِّ الْبَاقِينَ، فَأَمَّا الْمِلْكُ، فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا كَسَائِرِ الْغَنَائِمِ، فَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ أَصَابَ أَمَةً، فَهِيَ لَهُ فَأَصَابَهَا مُسْلِمٌ، وَاسْتَبْرَأَهَا وَهِيَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْؤُهَا وَبَيْعُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ يَوْمَ الْهَزِيمَةِ وَيَوْمَ الْفَتْحِ، وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْفُلَ قَبْلَ الْهَزِيمَةِ وَالْفَتْحِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءِ يَوْمِ الْهَزِيمَةِ وَالْفَتْحِ بِأَنْ يَقُولَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ مَنْ أَخَذَ أَسِيرًا فَهُوَ لَهُ، وَلَكِنْ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا قَبْلَ الْفَتْحِ وَالْهَزِيمَةِ فَلَهُ سَلَبُهُ، وَمَعَ هَذَا لَوْ أَطْلَقَ التَّنْفِيلَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَالْهَزِيمَةِ إطْلَاقًا يَبْقَى التَّنْفِيلُ يَوْمَ الْفَتْحِ وَالْهَزِيمَةِ حَتَّى مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا يَوْمَ الْهَزِيمَةِ وَيَوْمَ الْفَتْحِ كَانَ لَهُ سَلَبُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَجَرَحَ الْكَافِرَ رَجُلٌ وَقَتَلَهُ آخَرُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ جَرَحَهُ جُرْحًا لَا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ، وَلَمْ يَبْقَى لِلْمَجْرُوحِ قُوَّةٌ فِي قَتْلٍ أَوْ عَوْنٍ بِيَدٍ أَوْ مَشُورَةٍ بِكَلَامٍ كَانَ سَلَبُهُ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ جَرَحَهُ جُرْحًا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ يُعِينُ مَعَهُ بِيَدٍ أَوْ كَلَامٍ، فَالسَّلَبُ لِلثَّانِي، ثُمَّ الْإِمَامُ إنْ نَفَلَ السَّلَبَ بَعْدَ الْخُمُسِ بِأَنْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ بَعْدَ الْخُمُسِ يُخَمِّسُ السَّلَبَ وَإِنْ نَفَلَ السَّلَبَ مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، لَا يُخَمِّسُ السَّلَبَ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ لِعُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِلْعَسْكَرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَدْ لَقُوا الْعَدُوَّ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، ثُمَّ قَتَلَ الْأَمِيرَ فَلَهُ سَلَبُهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلْتُهُ أَنَا فَلِي سَلَبُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ الْأَمِيرُ رَجُلًا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ قَالَ: إنْ قَتَلْتُ قَتِيلًا فَلِي سَلَبُهُ، ثُمَّ لَمْ يَقْتُلْ قَتِيلًا حَتَّى قَالَ: مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، ثُمَّ قَتَلَ الْأَمِيرُ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِلْقَوْمِ: إنْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْكُمْ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ رَجُلَانِ قَتِيلًا، فَلَهُمَا سَلَبُهُ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَإِنْ قَتَلَهُ الثَّلَاثَةُ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَضَرَبَ مُسْلِمٌ مُشْرِكًا، فَرَمَاهُ مِنْ الْفَرَسِ فَجَرَّهُ الضَّارِبُ إلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَخَذَ سَلَبَهُ فَعَاشَ أَيَّامًا، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ، فَلِلضَّارِبِ سَلَبُهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ الْمَجْرُوحَ حِينَ ضَرَبَهُ الْمُسْلِمُ، وَأَخَذَ الضَّارِبُ سَلَبَهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الضَّارِبُ وَالْغَانِمُونَ، فَقَالَ الضَّارِبُ: مَاتَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَقَالَ الْغَانِمُونَ: مَاتَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَانِمِينَ، وَلَا تُقْبَلُ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةُ الضَّارِبِ إلَّا بَيِّنَةَ مُسْلِمٍ، وَلَوْ احْتَمَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَنْ فَرَسِهِ، فَجَاءَ بِهِ إلَى الصَّفِّ أَوْ إلَى الْعَسْكَرِ، فَذَبَحَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ مَا أَتَى الصَّفَّ يُقَاتِلُ مَعَهُ فَقُلْنَا: بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ كَانَ الْأَمِيرُ قَالَ: إنْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْكُمْ وَحْدَهُ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ رَجُلَانِ قَتِيلًا لَا يَسْتَحِقَّانِ سَلَبَهُ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْأَمِيرُ لِمُسْلِمٍ إنْ قَتَلْتَ هَذَا الْكَافِرَ فَلَكَ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ هُوَ، وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَالسَّلَبُ كُلُّهُ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ مِنْهُ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ الْإِمَامُ لِعَشْرَةٍ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ قَتَلْتُمْ هَذِهِ الْعَشَرَةَ خَاصَّةً أَوْ قَالَ لِعَشْرَةٍ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ أَصَبْتُمْ أَهْلَ قَرْيَةِ كَذَا فَلَكُمْ كَذَا الشَّيْءُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَشَارَكَهُمْ غَيْرُهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ كَانُوا شُرَكَاءَ فِي الْغَنِيمَةِ قَالَ: وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ: إنْ قَتَلْتَ قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ رَجُلَيْنِ كَانَ لَهُ سَلَبُ الْأَوَّلِ خَاصَّةً وَلَوْ قَالَ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ: إنْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْكُمْ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَشَرَةً اسْتَحَقَّ أَسْلَابَهُمْ جَمِيعًا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ: إنْ قَتَلْتَ قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ قَتِيلَيْنِ مَعًا فَلَهُ سَلَبُ أَحَدِهِمَا وَالْخِيَارُ إلَى الْقَاتِلِ لَا إلَى الْإِمَامِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ

قَالَ: إنْ أَصَبْتَ أَسِيرًا، فَهُوَ لَكَ، فَأَصَابَ أَسِيرَيْنِ عَلَى التَّعَاقُبِ فَالْأَوَّلُ لَهُ، فَإِنْ أَصَابَهُمَا مَعًا، فَالْخِيَارُ إلَيْهِ، وَلَوْ خَرَجَ عَشَرَةٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لِلْقِتَالِ وَالْمُبَارَزَةِ فَقَالَ الْأَمِيرُ لِعَشْرَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ اُبْرُزُوا إلَيْهِمْ إنْ قَتَلْتُمُوهُمْ، فَلَكُمْ أَسْلَابُهُمْ، فَبَرَزُوا إلَيْهِمْ فَقَتَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ رَجُلًا كَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ سَلَبُ قَتِيلِهِ اسْتِحْسَانًا، فَإِنْ قُتِلَ تِسْعَةٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَهَرَبَ الْعَاشِرُ يَسْتَحِقُّونَ أَسْلَابَهُمْ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ ذِمِّيٌّ مِمَّنْ كَانَ يُقَاتِلُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ قَتِيلًا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ، كَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ التُّجَّارِ قَتِيلًا سَوَاءٌ كَانَ يُقَاتِلُ قَبْلَ هَذَا أَوْ لَا يُقَاتِلُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَتْ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ أَوْ ذِمِّيَّةٌ قَتِيلًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ عَبْدٌ كَانَ يُقَاتِلُ مَعَ هَؤُلَاءِ أَوْ لَا يُقَاتِلُ حَتَّى الْآنَ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَسْتَحِقُّونَ الْأَسْلَابَ. وَلَوْ كَانَ الْأَمِيرُ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَسَمِعَ ذَلِكَ بَعْضُ النَّاسِ دُونَ الْبَعْضِ، ثُمَّ رَجُلٌ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مَقَالَةَ الْإِمَامِ، وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ بَعَثَ سَرِيَّةً وَقَالَ فِي أَهْلِ عَسْكَرِهِ: قَدْ جَعَلْتُ لِهَذِهِ السَّرِيَّةِ نَفْلَ الرُّبْعِ، وَلَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السَّرِيَّةِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُمْ النَّفَلُ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ أَصَابَ أَسِيرًا، فَهُوَ لَهُ، فَأَصَابَ رَجُلٌ أَسِيرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، فَهُمْ لَهُ. وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ بِشَيْءٍ، فَلَهُ مِنْهُ طَائِفَةٌ فَجَاءَ رَجُلٌ بِثِيَابٍ أَوْ رُءُوسٍ فَذَلِكَ إلَى الْأَمِيرِ يُعْطِيهِ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَرَى، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ أَجِيرًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَكُنْ مُقَاتِلًا مَعَهُمْ أَوْ تَاجِرًا مَعَهُمْ أَوْ عَبْدًا كَانَ مَعَ مَوْلَاهُ يَخْدُمُهُ أَوْ رَجُلًا ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ ذِمِّيًّا نَقَضَ الْعَهْدَ وَلَحِقَ بِهِمْ، فَلَهُ سَلَبُهُمْ وَلَوْ قَتَلَ امْرَأَةً إنْ كَانَتْ تُقَاتِلُ، فَلَهُ سَلَبُهَا وَإِنْ كَانَتْ لَا تُقَاتِلُ، فَلَا سَلَبَ لَهُ وَإِنْ قَتَلَ صَبِيًّا لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ، فَلَيْسَ لَهُ سَلَبُهُ وَإِنْ قَتَلَ مَرِيضًا أَوْ جَرِيحًا مِنْهُمْ، فَلَهُ سَلَبُهُ سَوَاءٌ كَانَ يَسْتَطِيعُ الْقِتَالَ أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ، وَإِنْ قَتَلَ شَيْخًا فَانِيًا لَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ قِتَالٌ بِنَفْسِهِ، وَلَا بِرَأْيِهِ، وَلَا يُرْجَى لَهُ نَسْلٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَلَبُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ بِطْرِيقًا مِنْ الْبَطَارِقَةِ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا مِنْ غَيْرِ الْبَطَارِقَةِ لَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ شَيْخًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ شَابًّا يَسْتَحِقُّ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ شَابًّا، فَقَتَلَ شَيْخًا لَا يَسْتَحِقُّ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ، فَلَهُ كَذَا فَجَاءَ بِوَصِيفٍ، فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَسِيرَ اسْمٌ لِلْبَالِغِ مِنْ الذُّكُورِ وَالْوَصِيفُ اسْمٌ لِلصَّغِيرِ، فَقَدْ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِوَصِيفٍ فَجَاءَ بِأَسِيرٍ أَوْ بِرَضِيعٍ، فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ صُعْلُوكًا مِنْ صَعَالِيكِ الْمُشْرِكِينَ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ بِطْرِيقًا لَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ؛ لِأَنَّ سَلَبَ الْبِطْرِيقِ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ سَلَبِ الصُّعْلُوكِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَجَاءَ بِأَلْفِ دِينَارٍ لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا دَخَلَ الْعَسْكَرُ دَارَ الْحَرْبِ، فَقَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا قِتَالًا قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَهَذَا عَلَى كُلِّ قَتِيلٍ يُقْتَلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي غَزْوَتِهِمْ هَذِهِ حَتَّى يَرْجِعُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ اقْتَتَلُوا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَهْزِمْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ غَزُوا مِنْ الْغَدِ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَحَقَّ سَلَبَهُ؛ لِأَنَّ الْحَرْبَ الْأَوَّلَ بَاقٍ فَكَانَ التَّنْفِيلُ بَاقِيًا، وَإِنْ انْهَزَمُوا، وَالْمُسْلِمُونَ فِي طَلَبِهِمْ، فَحُكْمُ ذَلِكَ التَّنْفِيلُ بَاقٍ، وَكَذَلِكَ إذَا دَخَلَ الْمُنْهَزِمُونَ حُصُونَهُمْ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى إثْرِهِمْ لَمْ يَرْجِعُوا بَعْدُ، فَتَحَصَّنُوا وَأَقَامَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ يُقَاتِلُونَهُمْ، فَحُكْمُ ذَلِكَ التَّنْفِيلُ بَاقٍ، وَإِنْ انْهَزَمُوا فَلَمْ يَتَّبِعْهُمْ الْمُسْلِمُونَ، وَلَمْ يَطْلُبُوهُمْ حَتَّى لَحِقُوا بِمَدَائِنِهِمْ وَحُصُونِهِمْ، ثُمَّ مَرَّ الْمُسْلِمُونَ بِبَعْضِ تِلْكَ الْمَدَائِنِ، وَحَاصَرُوهُمْ فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنْ الْمُنْهَزِمِينَ لَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إثْرِهِمْ فَمَرُّوا بِحِصْنٍ آخَرَ وَفِيهِ قَوْمٌ مُمْتَنِعُونَ سِوَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَقِفُونَهُمْ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَلَبُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ بِطْرِيقًا قَدْ قُتِلَ فَقَالَ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسِ ذَلِكَ الْبِطْرِيقِ فَلَهُ كَذَا إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبِطْرِيقُ

وَرَأْسُهُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا بِقِتَالٍ وَخَوْفٍ، فَلَهُ النَّفَلُ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ مَنْ غَيْرِ قِتَالٍ أَوْ خَوْفٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ الْقَوْمُ بِأَعْيَانِهِمْ: مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ بِهِ فَلَهُ كَذَا، فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا قَالَ الْأَمِيرُ لِلْمُسْلِمِينَ: إذَا اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَهَذَا عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ دُونَ السَّبْيِ فَمَنْ جَاءَ بِرَأْسِ رَجُلٍ، فَلَهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَمَا لَا فَلَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ سَكَنَ الْحَرْبُ وَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ وَتَفَرَّقُوا، فَقَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ، فَلَهُ كَذَا فَهَذَا عَلَى السَّبْيِ دُونَ رُءُوسِ الرِّجَالِ وَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ بِرَأْسِ رَجُلٍ وَقَالَ: أَنَا قَتَلْتُهُ، وَأَخَذْتُ رَأْسَهُ وَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ: أَنَا قَتَلْتُهُ، وَهَذَا أَخَذَ رَأْسَهُ فَاَلَّذِي جَاءَ بِالرَّأْسِ أَحَقُّ بِالْخَمْسِمِائَةِ، وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي قَتْلِهِ مَعَ الْيَمِينِ وَعَلَى الْآخَرِ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ قَتَلَهُ قَضَيْنَا بِالْخَمْسِمِائَةِ لَهُ وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ بِرَأْسٍ فَقَالَ: وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ هَذَا رَأْسُ رَجُلٍ مِنْ الْعَدُوِّ، وَقَدْ مَاتَ، وَهَذَا حَزَّ رَأْسَهُ، وَقَالَ الَّذِي جَاءَ بِالرَّأْسِ: قَتَلْتُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي جَاءَ بِالرَّأْسِ، وَلَكِنْ يَحْلِفُ هَذَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الرَّأْسُ رَأْسَ مُشْرِكٍ، وَإِنْ وَقَعَ الشَّكُّ فِيهِ فَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ رَأْسُ مُسْلِمٍ أَوْ رَأْسُ مُشْرِكٍ نُظِرَ إلَى السِّيمَاءِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سِيمَاءُ الْمُشْرِكِينَ كَانَ لَهُ النَّفَلُ بِأَنْ كَانَ شَعْرُهُ قُصَّةً وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سِيمَاءُ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ كَانَ مَخْضُوبَ اللِّحْيَةِ، فَلَا نَفَلَ لَهُ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يُدْرَ أَنَّهُ رَأْسُ مُسْلِمٍ أَوْ رَأْسُ مُشْرِكٍ فَلَا نَفَلَ لَهُ. وَلَوْ جَاءَ بِرَأْسٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَرَجُلٌ آخَرُ مَعَهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، وَطَلَبَ الْخَارِجُ يَمِينَ صَاحِبِ الْيَدِ فَحُلِّفَ صَاحِبُ الْيَدِ، فَنَكَلَ فَلَا نَفْلَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيَاسًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ النَّفَلَ لِلْخَارِجِ. وَلَوْ جَاءَ رَجُلَانِ بِرَأْسٍ يَزْعُمَانِ أَنَّهُمَا قَتَلَاهُ، وَالرَّأْسُ فِي أَيْدِيهِمَا قُسِّمَ النَّفَلُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ دَخَلَ مِنْ بَابِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ أَوْ هَذَا الْحِصْنِ أَوْ هَذِهِ الْمَطْمُورَةِ فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَاقْتَحَمَ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَدَخَلُوا، فَإِذَا بِهَا بَابٌ آخَرُ مُغْلَقٌ غَيْرَ ذَلِكَ الْبَابِ، فَلَهُمْ النَّفَلُ، وَيَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَنْ دَخَلَ فَلَهُ الرُّبْعُ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَدَخَلَ عَشْرَةٌ، فَلَهُمْ الرُّبْعُ الْوَاحِدُ، وَلَوْ دَخَلَهُ وَاحِدٌ، ثُمَّ وَاحِدٌ، فَإِنَّهُمْ يَشْتَرِكُونَ جَمِيعًا فِي النَّفْلِ حَتَّى يَلْتَجِئَ الْعَدُوُّ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ دَخَلَ الْبَابَ، فَلَهُ بِطْرِيقُ الْمَطْمُورَةِ، فَدَخَلَ جَمَاعَةٌ، فَلَهُمْ الْبِطْرِيقُ لَا غَيْرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: فَلَهُ بِطْرِيقٌ فَدَخَلَ قَوْمٌ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِطْرِيقٌ آخَرُ غَيْرَ الَّذِي لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ وُجِدَ فِي الْحِصْنِ ثَلَاثَةُ بَطَارِيقَ، فَلَهُمْ أُولَئِكَ، وَلَا شَيْءَ لَهُمْ سِوَاهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ فَلَهُ جَارِيَةٌ يَعْنِي فَلَهُ قِيمَةُ جَارِيَةٍ، فَإِنَّهُ يُعْطِي لِكُلِّ وَاحِدٍ قِيمَةَ جَارِيَةٍ وَسَطٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ فَلَهُ جَارِيَةٌ مِنْ جَوَارِيهِمْ، فَإِذَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا جَارِيَتَانِ كَانَ لَهُمْ مَا وُجِدَ فِيهِ لَا غَيْرَ. وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَدَخَلَ طَائِفَةٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَابِ، وَطَائِفَةٌ يَنْزِلُونَ مِنْ فَوْقِ السَّطْحِ أَدْلَاهُمْ غَيْرُهُمْ بِإِذْنِهِمْ فَفَتَحُوا الْمَطْمُورَةَ، فَلَهُمْ نَفْلُهُمْ، وَهَذَا إذَا انْتَهُوا إلَى مَكَان يُمْكِنُهُمْ الْمُقَاتَلَةُ مَعَ أَهْلِ الْحِصْنِ، فَإِنْ كَانُوا فِي مَوْضِعٍ لَا تُمْكِنُهُمْ الْمُقَاتَلَةُ بِأَنْ كَانُوا مُتَدَلِّينَ مِنْ رَأْسِ الْحَائِطِ ذِرَاعًا أَوْ ذِرَاعَيْنِ فَلَا نَفْلَ لَهُمْ وَلَوْ دَلُّوهُمْ حَتَّى تَوَسَّطُوا بِهِمْ الْحِصْنَ، وَانْقَطَعَتْ الْحِبَالُ، فَوَقَعُوا فِي الْحِصْنِ، فَلَهُمْ النَّفَلُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ أَوَّلًا فَلَهُ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ، وَمَنْ دَخَلَ ثَانِيًا، فَلَهُ رَأْسَانِ وَمَنْ دَخَلَ ثَالِثًا، فَلَهُ رَأْسٌ فَدَخَلَ وَاحِدٌ، ثُمَّ وَاحِدٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا سَمَّاهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ فَلَهُ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ وَلِلثَّانِي رَأْسَانِ وَلِلثَّالِثِ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ، وَلَوْ دَخَلَ ثَلَاثَةٌ مَعًا بَطَلَ النَّفَلُ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَلَهُمْ نَفْلُ الثَّالِثِ، وَإِنْ دَخَلَ اثْنَانِ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَطَلَ نَفْلُ الْأَوَّلِ، وَنَفْلُ الثَّانِي يَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَالَ: لِرَجُلٍ إنْ دَخَلْتَ أَوَّلًا لَسْتُ أُطْعِمُكَ وَإِنْ دَخَلْتَ ثَانِيًا، فَلَكَ رَأْسَانِ فَدَخَلَ أَوَّلًا فَلَا شَيْءَ لَهُ قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُ النَّفَلُ الْمَشْرُوطُ، وَلَوْ لَمْ تَتَقَدَّمْ مِنْهُ هَذِهِ الْمَقَالَةُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِثَلَاثَةٍ: بِأَعْيَانِهِمْ مَنْ

دَخَلَ مِنْكُمْ بَابَ هَذَا الْحِصْنِ أَوَّلًا، فَلَهُ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ، وَلِلثَّانِي رَأْسَانِ، وَلِلثَّالِثِ رَأْسٌ، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ فِي الْحِصْنِ، وَمَعَهُ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَهُ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ هَذِهِ الصِّيغَةَ إلَيْهِمْ فَقَالَ: مِنْكُمْ، وَكَانَ مُرَادُهُ الْأَوَّلَ مِنْهُمْ. أَلَا تَرَى لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ أَوَّلًا مِنْ النَّاسِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ وَمَعَهُ مِنْ الْبَهَائِمِ أَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْ الرِّجَالِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ وَمَعَهُ نِسَاءٌ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ فَكَذَا هَذَا بِمِثْلِهِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ هَذَا الْحِصْنَ قَبْلَ النَّاسِ فَلَهُ كَذَا، فَدَخَلَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْكُفَّارِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ، فَدَخَلَ ذِمِّيٌّ، ثُمَّ مُسْلِمٌ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ النَّفَلَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا مِنْ النَّاسِ، فَدَخَلَ ذِمِّيٌّ، ثُمَّ مُسْلِمٌ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: كُلُّ مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا، فَلَهُ رَأْسٌ، فَدَخَلَ خَمْسَةٌ مَعًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَأْسٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: مَنْ دَخَلَ أَوْ أَيُّ رَجُلٍ دَخَلَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ كَلِمَةُ فَرْدٍ وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ خَامِسًا فَلَهُ رَأْسٌ فَدَخَلَ خَمْسَةٌ مَعًا اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ لِنَفْلِ الْخَامِسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ ذَهَبًا، فَهُوَ لَهُ أَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ فِضَّةً فَأَصَابَ رَجُلٌ سَيْفًا مُحَلَّى بِذَهَبٍ أَوْ بِفِضَّةٍ كَانَتْ الْحِلْيَةُ لَهُ، فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِ الْحِلْيَةِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ تُنْزَعُ الْحِلْيَةُ مِنْ السَّيْفِ، وَتُعْطَى صَاحِبَ النَّفْلِ، وَإِنْ كَانَ فِي نَزْعِهَا ضَرَرٌ فَاحِشٌ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْحِلْيَةِ، وَإِلَى قِيمَةِ السَّيْفِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحِلْيَةِ أَكْثَرَ يُخَيَّرُ صَاحِبُ النَّفْلِ إنْ شَاءَ أُعْطِيَ قِيمَةَ السَّيْفِ وَأَخَذَ السَّيْفَ مَعَ الْحِلْيَةِ، وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ السَّيْفِ أَكْثَرَ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ إنْ شَاءَ أَعْطَى صَاحِبَ النَّفْلِ قِيمَةَ الْحِلْيَةِ مَصُوغًا مِنْ خِلَافِ جِنْسِهَا، وَجَعَلَ السَّيْفَ مَعَ الْحِلْيَةِ فِي الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْحِلْيَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُؤْخَذْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا يُبَاعُ السَّيْفُ، وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ النَّصْلِ وَالْجَفْنِ، فَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الْحِلْيَةِ، فَهُوَ لِصَاحِبِ النَّفْلِ وَالْبَاقِي فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا عَلَى السَّوَاءِ قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْإِمَامِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَصَابَ سَرْجًا مُفَضَّضًا أَوْ لِجَامًا أَوْ مُصْحَفًا يَكْتُبُونَ فِيهِ كُتُبًا لَهُمْ، فَلَهُ الْفِضَّةُ دُونَ الْأَصْلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَ حُلِيَّ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مُفَصَّصًا بِفُصُوصٍ أَوْ خَاتَمَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ كَانَ الْحُلِيُّ لَهُ وَنُزِعَتْ عَنْهُ الْفُصُوصُ كُلُّهَا، وَجُعِلَتْ فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَوْ أَصَابَ أَبْوَابًا فِيهَا مَسَامِيرُ فِضَّةٍ أَوْ حَدِيدٍ لَوْ نُزِعَتْ هَذِهِ الْمَسَامِيرُ لَهَلَكَتْ الْأَبْوَابُ حَتَّى لَا تَكُونَ أَبْوَابًا، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَكَذَلِكَ السَّرْجُ إذَا نُزِعَتْ عَنْهُ الْمَسَامِيرُ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ ضَبَّةٌ أَوْ ضَبَّتَانِ لَوْ نُزِعَتْ هَلَكَ السَّرْجُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَلَوْ أَصَابَ أَسِيرًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَدْ ضُبِّبَتْ أَسْنَانُهُ بِالذَّهَبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الذَّهَبُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ الذَّهَبِ كَانَ لَهُ الْأَنْفُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ حُلِيًّا فَهُوَ لَهُ فَأَصَابَ رَجُلٌ تَاجَ الْمَلِكِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مِنْ تِيجَانِ النِّسَاءِ، فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَصَابَ لُؤْلُؤًا أَوْ يَاقُوتًا أَوْ زُمُرُّدًا لَيْسَ فِيهِ ذَهَبٌ، فَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ حَدِيدًا، فَهُوَ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَهُ نِصْفُهُ، فَلَهُ الْحَدِيدُ التِّبْرُ وَالْإِنَاءُ وَالسِّلَاحُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَأَمَّا جَفْنُ السَّيْفِ وَالسِّكِّينِ، فَلَهُ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْحَدِيدِ. وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، فَهُوَ لَهُ فَأَصَابَ ثَوْبًا مَنْسُوجًا بِالذَّهَبِ، فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ سُدَى الثَّوْبِ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ الْأَمِيرُ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ: مَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ ذَهَبًا، فَلَهُ مِنْهُ كَذَا دَخَلَ تَحْتَ التَّنْفِيلِ الدَّنَانِيرُ الْمَضْرُوبَةُ وَالْحُلِيُّ مِنْ الذَّهَبِ وَالتِّبْرِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: مَنْ أَصَابَ فِضَّةً دَخَلَ تَحْتَ التَّنْفِيلِ الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ وَالتِّبْرُ مِنْ الْفِضَّةِ وَالْحُلِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ قَزًّا فَهُوَ لَهُ، فَأَصَابَ رَجُلٌ قَبَاءً أَوْ جُبَّةً مَحْشُوَّةً بِقَزٍّ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ ثَوْبَ قَزٍّ، فَهُوَ لَهُ فَأَصَابَ رَجُلٌ جُبَّةً بِطَانَتُهَا ثَوْبُ قَزٍّ، وَظِهَارَتُهَا ثَوْبٌ فَلَهُ ثَوْبُ قَزٍّ، وَالثَّوْبُ الْآخَرُ غَنِيمَةٌ يُبَاعُ، وَيُقَسَّمُ

وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ جُبَّةَ حَرِيرٍ، فَهِيَ لَهُ فَأَصَابَ جُبَّةً بِطَانَتُهَا حَرِيرٌ أَوْ ظِهَارَتُهَا، فَإِنْ كَانَتْ ظِهَارَتُهَا حَرِيرًا كَانَتْ لَهُ كُلُّهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْبِطَانَةُ حَرِيرًا، فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا. وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ جُبَّةً، فَهِيَ لَهُ فَأَصَابَ جُبَّةً ظِهَارَتُهَا خَزٌّ وَبِطَانَتُهَا سُمُورٌ أَوْ قَزٌّ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْجُبَّةَ تُضَافُ إلَى السُّمُورِ وَالْفَنَكِ لَا إلَى الْخَزِّ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ ثَوْبَ خَزٍّ، فَهُوَ لَهُ، فَأَصَابَ جُبَّةَ خَزٍّ بِطَانَتُهَا سُمُورٌ أَوْ فَنْكٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الظِّهَارَةُ. وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ ثَوْبَ فَنْكٍ، فَهُوَ لَهُ فَأَصَابَ جُبَّةَ خَزٍّ بِطَانَتُهَا فَنْكٌ كَانَ لَهُ الْبِطَانَةُ؛ لِأَنَّ الْبِطَانَةَ تُسَمَّى ثَوْبًا وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ هَذِهِ الْجُبَّةَ الْخَزَّ، فَهِيَ لَهُ فَأَصَابَهَا رَجُلٌ، فَإِذَا هِيَ مُبَطَّنَةٌ بِغَيْرِ الْخَزِّ مِنْ الْفَنْكِ كَانَ الْكُلُّ لَهُ. وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ قَبَاءَ خَزٍّ أَوْ قَبَاءً مَرْوِيًّا، فَأَصَابَ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ قَبَاءً مَحْشُوًّا بِطَانَتُهُ غَيْرُ خَزٍّ أَوْ غَيْرُ مَرْوِيٍّ كَانَتْ لَهُ الظِّهَارَةُ خَاصَّةً وَلَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِجَزُورٍ، فَهُوَ لَهُ فَجَاءَ بِجَزُورٍ وَبَقَرَةٍ أَوْ ثَوْرٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِجَزُورٍ، فَهُوَ لَهُ فَجَاءَ بِنَاقَةٍ أَوْ جَمَلٍ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِبَقَرَةٍ، فَهِيَ لَهُ فَجَاءَ بِجَامُوسٍ، فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَلَوْ قَالَ: مَنْ جَاءَ بِكَبْشٍ، فَهُوَ لَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ بِنَعْجَةٍ أَوْ مَعْزٍ لَا شَيْءَ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ بَزَّا فَهَذَا عَلَى ثِيَابِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ قَالُوا: هَذَا بِنَاءً عَلَى عُرْفِ الْكُوفَةِ، فَإِنَّ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ اسْمُ الْبَزِّ يَقَعُ عَلَى ثَوْبِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَبَائِعُهُمَا يُسَمَّى بَزَّازًا، وَفِي عُرْفِ دِيَارِنَا الْبَزُّ لَا يَقَعُ عَلَى الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ، وَبَائِعُهُمَا لَا يُسَمَّى بَزَّازًا، وَإِنَّمَا يُسَمَّى كِرْبَاسِيًّا إنَّمَا يَقَعُ هَذَا الِاسْمِ عَلَى ثِيَابِ الْإِبْرَيْسَمِ، وَبَائِعُهُمَا يُسَمَّى بَزَّازًا وَاسْمُ الثَّوْبِ يَتَنَاوَلُ الدِّيبَاجَ وَالْبَزْيُونُ، وَهُوَ السُّنْدُسُ وَالْقَزُّ وَالْكِسَاءُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا يَتَنَاوَلُ الْبِسَاطَ وَالْمَسَحَ وَالسِّتْرَ، وَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الِاسْمِ الْقَلَنْسُوَةُ وَالْعِمَامَةُ وَاسْمُ الْمَتَاعِ يُطْلَقُ عَلَى الثِّيَابِ وَالْقُمُصِ وَالْفُرُشِ وَالسُّتُورِ، فَأَيُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَصَابَهُ الْمُنْفَلُ لَهُ، فَهُوَ لَهُ وَلَوْ أَصَابَ أَوَانِيَ أَوْ أَبَارِيقَ أَوْ قَمَاقِمَ أَوْ قُدُورًا مِنْ صُفْرٍ أَوْ نُحَاسٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ. وَلَوْ أَنَّ أَمِيرًا عَلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ، وَرَأَى دُرُوعَ الْمُسْلِمِينَ قَلِيلَةً، وَهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا فِي قِتَالِهِمْ فَقَالَ مَنْ دَخَلَ بِدِرْعٍ فَلَهُ مِنْ النَّفْلِ فِي الْغَنِيمَةِ كَذَا أَوْ قَالَ: فَلَهُ سَهْمٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ كَسَهْمٍ فِي الْغَنِيمَةِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، كَذَلِكَ إذَا قَالَ: مَنْ دَخَلَ بِدِرْعَيْنِ، فَلَهُ كَذَا، فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ بِثَلَاثَةِ دُرُوعٍ، فَلَهُ ثَلَثُمِائَةٍ، وَمَنْ دَخَلَ بِأَرْبَعَةِ دُرُوعٍ، فَلَهُ أَرْبَعُمِائَةٍ جَازَ مِنْ ذَلِكَ نَفْلُ دِرْعَيْنِ، وَلَمْ يَجُزْ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ أَمْكَنَ لُبْسُ الثَّلَاثَةِ وَالْقِتَالُ مَعَهَا، وَكَانَ فِي ذَلِكَ زِيَادَةُ مَنْفَعَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ جَازَ النَّفَلُ فِيهَا أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ دَخَلَ بِفَرَسٍ، فَلَهُ كَذَا لَا يَجُوزُ هَذَا التَّنْفِيلُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: مَنْ دَخَلَ بِدُرُوعٍ، فَلَهُ كَذَا. وَفِي النَّوَادِرِ ذَكَرَ الرِّمَاحَ وَالْأَتْرَاسَ، وَأَجَابَ بِجَوَازِ التَّنْفِيلِ فِيهَا، كَذَلِكَ إذَا قَالَ الْأَمِيرُ لِأَصْحَابِ الْخَيْلِ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ بِتِجْفَافٍ عَلَى فَرَسِهِ، فَلَهُ نَفْلُ كَذَا، فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ بِتِجْفَافَيْنِ، فَلَهُ نَفْلُ كَذَا، فَاعْلَمْ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ ذُكِرَتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَذَكَرَ فِيهَا فَدَخَلَ رَجُلٌ بِتِجْفَافَيْنِ وَمَعَهُ فَرَسَانِ جَازَ التَّنْفِيلُ عَلَيْهِمَا، وَذُكِرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ بِتِجْفَافَيْنِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْفَرَسَيْنِ، وَأَجَابَ بِجَوَازِ التَّنْفِيلِ فِيهِمَا أَيْضًا، وَكُلُّ ذَلِكَ صَحِيحٌ وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ بِثَلَاثَةِ تَجَافِيفَ فَلَهُ كَذَا جَازَ نَفْلُ تِجْفَافَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ثَلَاثَةِ تَجَافِيفَ مَنْفَعَةٌ لِلْمُنْفَلِ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ، فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ التَّنْفِيلُ عَلَيْهِ كَمَا فِي ثَلَاثَةِ دُرُوعٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ نَظَرَ الْأَمِيرُ إلَى رَجُلٍ عَلَى سُورِ الْحِصْنِ يُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: مَنْ صَعَدَ السَّطْحَ فَأَخَذَهُ، فَهُوَ لَهُ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَصَعَدَ رَجُلٌ، وَأَخَذَهُ كَانَ لَهُ مَا أَخَذَهُ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَلَوْ سَقَطَ هَذَا الرَّجُلُ مِنْ السُّوَرِ إلَى الْأَرْضِ حِينَ قَالَ الْأَمِيرُ هَذَا خَارِجَ الْحِصْنِ، وَأَخَذَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ النَّفْلِ، وَلَوْ رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ

الْمُسْلِمِينَ، فَطَرَحَهُ مِنْ السُّورِ فَلَهُ نَفْلُهُ، وَلَوْ صَعَدَ إلَيْهِ رَجُلٌ، وَقَدْ سَقَطَ مَنْ كَانَ عَلَى السُّورِ دَاخِلَ الْحِصْنِ فَقَتَلَهُ فَلَهُ نَفْلُهُ وَلَوْ نَظَرَ إلَى رَجُلٍ عَلَى السُّورِ، فَقَالَ: مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ فَسَقَطَ الرَّجُلُ مِنْ عَلَى السُّورِ إلَى خَارِجِ الْحِصْنِ وَأَخَذَهُ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَمْتَنِعُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَكُونُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَمْتَنِعُ فِيهِ لَا يَكُونُ لَهُ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ صَعَدَ الْحِصْنَ وَنَزَلَ عَلَيْهِمْ، فَلَهُ كَذَا فَصَعَدَ رَجُلٌ السُّورَ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى النُّزُولِ عَلَيْهِمْ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ نَظَرَ الْأَمِيرُ إلَى ثُلْمَةٍ، فَقَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْ هَذِهِ الثُّلْمَةِ، فَلَهُ كَذَا، فَدَخَلَ مِنْ ثُلْمَةٍ أُخْرَى يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْأُخْرَى مِثْلَ هَذِهِ فِي الصُّعُوبَةِ الْمَنِيعَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَهُ نَفْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ دُونَ هَذِهِ فِي الشِّدَّةِ وَالصُّعُوبَةِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى عَشْرَةٍ مِنْ الرَّقِيقِ. فَلَهُ رَأْسٌ فَذَهَبَ الْمُسْلِمُونَ بِصِفَةِ رَجُلٍ وَإِشَارَتِهِ، وَلَمْ يَذْهَبْ الدَّالُّ مَعَهُمْ، فَوَجَدُوا الرَّقِيقَ فَلَا شَيْءَ لِلدَّالِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِلْأُسَرَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ: مَنْ دَلَّنَا مِنْكُمْ عَلَى عَشْرَةٍ مِنْ الرُّءُوس، فَهُوَ حُرٌّ، فَدَلَّهُمْ وَاحِدٌ عَلَى عَشْرَةٍ، وَلَمْ يَذْهَبْ مَعَهُمْ فَذَهَبُوا عَلَى صِفَتِهِ وَدَلَالَتِهِ فَوَجَدُوا عَشْرَةً مِنْ الرُّءُوس فَهُوَ حُرٌّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: الْأَسِيرُ إذَا دَلَلْتُكُمْ، فَأَنَا حُرٌّ، وَتَدَعُونِي إلَى بِلَادِي، فَإِنَّهُ يُخَلِّي سَبِيلَهُ إذَا وُجِدَتْ مِنْهُ الدَّلَالَةُ، وَلَوْ قَالَ الْأَسِيرُ: أَدُلُّكُمْ عَلَى عَشْرَةٍ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، وَأَنَا حُرٌّ، فَقَالَ: الْإِمَامُ نَعَمْ فَذَهَبَ فَدَلَّهُمْ، فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ، وَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ لَهُمْ: أَعْطُونَا مِائَةَ رَأْسٍ عَلَى أَنَّكُمْ آمِنُونَ فِي حُصُونِكُمْ فَأَعْطَوْهُ تِسْعِينَ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ لَكِنْ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَسْلَمَ الرِّقَابُ أَوْ بَعْضُهُمْ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ قِيمَةَ الرِّقَابِ، وَلَوْ قَالَ: أَعْطُونِي مِائَةً مِنْ الْأُسَرَاءِ الَّذِينَ عِنْدَكُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَأَعْطَوْهُ تِسْعِينَ يُقَاتِلُهُمْ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِلْأُسَرَاءِ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى عَشْرَةٍ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ فَهُوَ حُرٌّ، فَذَهَبَ أَسِيرٌ مِنْهُمْ وَدَلَّهُمْ عَلَى عَشْرَةٍ مُمْتَنِعِينَ فِي حِصْنٍ فَلَا يُعْتَقُ، فَإِنْ دَلَّهُمْ عَلَى قَوْمٍ غَيْرِ مُمْتَنِعِينَ إلَّا أَنَّهُمْ هَرَبُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُنْظَرُ إنْ هَرَبُوا قَبْلَ أَنْ يَقْرُبُوا مِنْهُمْ لَمْ تُوجَدْ الدَّلَالَةُ الْمُمْكِنَةُ مِنْ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالظُّهُورِ، وَإِنْ هَرَبُوا بَعْدَ مَا قَرُبُوا مِنْهُمْ يُعْتَقُ. وَلَوْ قَالَ لِلْأُسَرَاءِ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى حِصْنِ كَذَا أَوْ مَغَارَةِ كَذَا أَوْ مُعَسْكَرِ الْمَلِكِ، فَهُوَ حُرٌّ فَدَلَّهُمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَلَمْ يَظْفَرُوا، فَالْأَسِيرُ حُرٌّ، وَلَوْ أَصَابَ الْأَمِيرُ غَنَائِمَ، فَأَقْبَلَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى الطَّرِيقِ فَلَهُ رَأْسٌ، فَدَلَّهُمْ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِكَلَامٍ وَصِفَةٍ وَلَمْ يَذْهَبْ، فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ ذَهَبَ مَعَهُمْ، فَدَلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ، فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى. وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى الطَّرِيقِ، فَلَهُ أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ فَدَلَّهُمْ، فَهُمْ فِي الْأَسْرِ عَلَى حَالِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: فَلَهُ نَفْسُهُ وَأَهْلُهُ وَوَلَدُهُ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ، فَدَلَّهُمْ، فَلَهُ جَمِيعُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى طَرِيقِ حِصْنِ كَذَا، فَهُوَ حُرٌّ وَلِذَلِكَ الْحِصْنِ طُرُقٌ، فَدَلَّهُمْ عَلَى طَرِيقٍ أَبْعَدُهَا يُعْتَقُ إذَا كَانُوا يَسْلُكُونَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَسْلُكُونَ ذَلِكَ الطَّرِيقَ لَا يُعْتَقُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى طَرِيقِ كَذَا مِنْ حِصْنِ كَذَا، فَهُوَ حُرٌّ، فَدَلَّهُمْ أَسِيرٌ عَلَى طَرِيقِ آخَرَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَدْلُولُ مِثْلَ الْمَنْصُوصِ فِي السَّعَةِ وَالرَّفَاهَةِ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَإِنْ كَانَ أَشَقُّ مِنْ الْمَنْصُوصِ فَلَا يُعْتَقُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَمِيرُ الْعَسْكَرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا نَفَلَ، وَقَالَ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ: مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ كُرَاعٍ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ سِلَاحٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَهُ مِنْ ذَلِكَ الرُّبْعُ فَكُلُّ مَنْ لَهُ حَظٌّ فِي الْغَنِيمَةِ مِنْ سَهْمٍ أَوْ رَضَخٍ دَخَلَ تَحْتَ التَّنْفِيلِ، وَمَنْ لَا حَظَّ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّنْفِيلِ. وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالْعَبِيدُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ فَيَسْتَحِقُّونَ النَّفَلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا خَصَّ الْإِمَامُ الْأَحْرَارَ الْبَالِغِينَ الْمُسْلِمِينَ فَحِينَئِذٍ لَا شَيْءَ لِهَؤُلَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالتُّجَّارُ مِنْ أَهْلِ اسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ فَيَسْتَحِقُّونَ النَّفَلَ وَالْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إذَا قَاتَلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، فَلَا حَظَّ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ النَّفَلَ، وَإِنْ كَانَ يُقَاتِلُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَلَهُ حَظٌّ مِنْ الْغَنِيمَةِ حَتَّى يَرْضَخَ لَهُ، فَيَسْتَحِقَّ النَّفَلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ

الباب الخامس في استيلاء الكفار

وَلَوْ قَالَ مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، فَأَسْلَمَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مُشْرِكًا أَوْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ سُوقِ الْعَسْكَرِ مُشْرِكًا فَلَا شَيْءَ لَهُ قِيَاسًا، وَلَهُ سَلَبُهُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قِيلَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَدَخَلَ عَسْكَرٌ آخَرُ مِنْ أَرْضِ الْإِسْلَامِ مَدَدًا لَهُمْ فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَتِيلًا كَانَ لَهُ سَلَبُهُ إذَا كَانَ الْأَوَّلُ أَمِيرًا عَلَى الْعَسْكَرَيْنِ جَمِيعًا. الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ قَتْلُهُ مُبَاحًا فِي الْجُمْلَةِ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ بِقَتْلِهِ بِالتَّنْفِيلِ، وَكُلُّ سَلَبٍ لَوْلَا التَّنْفِيلُ فِيهِ يُسْتَحَقُّ بِالْغَنِيمَةِ يَصِحُّ فِيهِ التَّنْفِيلُ وَمَا لَا يُسْتَحَقُّ بِالْغَنِيمَةِ لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّنْفِيلُ فَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ أَجِيرًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ يُقَاتِلْ أَوْ تَاجِرًا فِي عَسْكَرِهِمْ أَوْ الذِّمِّيَّ الَّذِي نَقَضَ الْعَهْدَ، وَخَرَجَ إلَيْهِمْ أَوْ مَرِيضًا مِنْهُمْ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِتَالَ، فَلَهُ سَلَبُهُ؛ لِأَنَّ قَتْلَ هَؤُلَاءِ مُبَاحٌ، وَلَوْ قَتَلَ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا مُقَاتِلَيْنِ وَإِنْ قَتَلَ شَيْخًا فَانِيًا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَاتَلَ مُسْلِمٌ مَعَ الْكَفَرَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلَهُ رَجُلٌ مُنْفَلٌ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَلَبُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ وَمَا فِي يَدِهِ لَا يُغْنَمُ، وَإِنْ كَانَ السَّلَبُ مِمَّا أَعَارَهُ الْمُشْرِكُونَ فَقَتَلَهُ إنْسَانٌ فَلَهُ سَلَبُهُ، وَلَوْ كَانَ السَّلَبُ عَارِيَّةً عِنْدَ الْمُشْرِكِ لِصَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ، فَهُوَ كَاَلَّذِي لِلْبَالِغِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَإِنْ أَعَارَ الْمُسْلِمُ أَوْ الذِّمِّيُّ سِلَاحَهُ مِنْ الْحَرْبِيِّ، فَقَاتَلَ الْمُسْلِمُونَ فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا فَسَلَبُهُ لِلْقَاتِلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَالَهُ يُغْنَمُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يُغْنَمُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا يُغْنَمُ مَالُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا، فَأَخَذَ مُشْرِكٌ سِلَاحَهُ غَصْبًا، فَقَاتَلَ بِهِ فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ لَيْسَ لَهُ سَلَبُهُ، وَلَوْ دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ، فَأَخَذَ مُشْرِكٌ سِلَاحَهُ غَصْبًا، فَقَاتَلَ، فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ فَلَهُ سَلَبُهُ، وَلَوْ رَمَى مُسْلِمٌ مُشْرِكًا فِي صَفِّهِمْ فَأَخَذَ الْمُشْرِكُونَ سَلَبَهُ، ثُمَّ انْهَزَمُوا، فَوَجَدُوا السَّلَبَ فِي الْغَنِيمَةِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَا شَيْءَ لِلْقَاتِلِ وَلَوْ انْهَزَمُوا، وَلَا يَدْرِي أَنَّهُمْ هَلْ أَخَذُوا سَلَبَهُ أَمْ لَا؟ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ وُجِدَ السَّلَبُ قَدْ نَزَعُوهُ، فَهُوَ فَيْءٌ وَلَوْ لَمْ يَنْزِعُوا شَيْئًا مِنْ نَفْسِ الْمَقْتُولِ يَكُونُ لِلْقَاتِلِ. وَكَذَلِكَ لَوْ جَرَّهُ الْمُشْرِكُونَ حِينَ قُتِلَ وَسَلَبُهُ عَلَيْهِ لَمْ يُنْزَعْ، وَهَرَبُوا فَسَلَبُهُ لِلْقَاتِلِ، وَلَوْ وَجَدُوهُ عَلَى دَابَّةٍ بَعْدَ مَا سَارَ الْعَسْكَرُ مَرْحَلَةً أَوْ مَرْحَلَتَيْنِ لَا يَدْرِي أَكَانَ فِي يَدِ أَحَدٍ أَمْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ لِلْقَاتِلِ قِيَاسًا، وَلَا يَكُونُ لَهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَخَذُوا دَابَّتَهُ فَحَمَلُوا عَلَيْهَا الْقَتِيلَ وَعَلَيْهَا سِلَاحَهُ، فَهُوَ لِلْقَاتِلِ، وَلَوْ حَمَلُوا عَلَى الدَّابَّةِ الْقَتِيلَ وَسِلَاحَهُ وَسِلَاحَهُمْ وَأَمْتِعَتَهُمْ فَهَذَا يَكُون فَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا كَإِدَاوَةِ وَنَحْوِهَا، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِلْقَاتِلِ، وَلَوْ أَخَذَ الْوَرَثَةُ الدَّابَّةَ فَحَمَلُوا عَلَيْهَا الْقَتِيلَ وَسِلَاحَهُ فَهَذَا يَكُونُ فَيْئًا، كَذَلِكَ الْوَصِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْوَارِثِ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ فَرَسُهُ فَقَتَلَ رَجُلٌ مُشْرِكًا عَلَى بِرْذَوْنٍ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَى حِمَارٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ جَمَلٍ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ بِرْذَوْنُهُ، فَقَتَلَ رَجُلًا عَلَى فَرَسٍ لَا يَسْتَحِقُّ فَرَسَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَرْفَعَ بِتَنْفِيلِ أَلِأَوْضَعِ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ دَابَّتُهُ فَقَتَلَ رَجُلًا عَلَى حِمَارٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ فَرَسٍ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ عَلَى بَعِيرٍ لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا عَلَى حِمَارٍ، فَهُوَ لَهُ فَقَتَلَ رَجُلًا عَلَى أَتَانٍ كَانَ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا عَلَى أَتَانٍ فَقَتَلَ رَجُلًا عَلَى حِمَارٍ ذَكَرٍ لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْأُنْثَى لَا يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ وَالنَّاقَةُ بِخِلَافِ الْبَغْلِ وَالْبَغْلَةِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْمُ جِنْسٍ فَيَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى جَمِيعًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ] ِ إذَا غَلَبَ كُفَّارُ التُّرْكِ عَلَى كُفَّارِ الرُّومِ فَسَبَوْهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ مَلَكُوهَا، فَإِنْ غَلَبْنَا عَلَى التُّرْكِ حَلَّ لَنَا

مَا نَجِدُهُ مِمَّا أَخَذُوهُ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرُّومِ مُوَادَعَةٌ وَلَوْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مُوَادَعَةٌ فَاقْتَتَلُوا، فَغَلَبَتْ إحْدَاهُمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَشْتَرِيَ الْمَغْنُومَ مِنْ مَالِ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى مِنْ الْغَالِبِينَ، وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَالْإِحْرَازُ بِدَارِ الْحَرْبِ شَرْطٌ أَمَّا بِدَارِهِمْ فَلَا، وَلَوْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مُوَادَعَةٌ وَاقْتَتَلُوا فِي دَارِنَا لَا نَشْتَرِي مِنْ الْغَالِبِينَ شَيْئًا، أَمَّا لَوْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ، فَيَجُوزُ شِرَاءُ الْمُسْلِمِ الْمُسْتَأْمَنِ مِنْ الْغَالِبِينَ نَفْسًا أَوْ مَالًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ اسْتَوْلَى أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى أَمْوَالِنَا وَأَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ مَلَكُوهَا عِنْدَنَا، فَإِنْ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَوَجَدَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي يَدِ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا لَا يَأْخُذُهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ابْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَأْسُورِ إذَا وَقَعَ فِي سَهْمِ رَجُلٍ، فَجَاءَهُ مَوْلَاهُ أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ أَخَذَهُ هَذَا الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ لَا يَوْم يَأْخُذُهُ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ هَذَا إذَا غَلَبَ الْكُفَّارُ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ أَمَّا إذَا لَمْ يُحْرِزُوهَا حَتَّى غَلَبَهُمْ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا، وَأَخَذُوهَا، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهُ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهَا قَبْلَ الْإِحْرَازِ، وَكَذَا لَوْ قَسَمُوهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ قِسْمَتَهُمْ لَا تَجُوزُ، فَإِذَا غَلَبَهُمْ الْمُسْلِمُونَ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ لِصَاحِبِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ عَبْدًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ قَدْ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَجَاءَ الْمَوْلَى فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ أَوْ يَدَعَ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ، فَجَاءَ وَارِثُهُ يُطَالِبُ بِأَخْذِهِ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ بَاعَ رَجُلٌ عَبْدًا، ثُمَّ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، وَيَعْنِي قَبْلَ التَّسْلِيمِ، ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ، وَجَاءَ بِهِ فَلِوَارِثِ الْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ، وَيَأْخُذَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مِنْهُ بِالثَّمَنَيْنِ جَمِيعًا، وَلَوْلَا حَقُّ الْمُشْتَرِي فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِوَارِثِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اشْتَرَى مَا أَخَذَهُ الْعَدُوُّ مِنْهُمْ تَاجِرٌ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ التَّاجِرُ مِنْ الْعَدُوِّ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الْعَرَضِ، وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا يَأْخُذُهُ بِقِيمَةِ نَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَهُ الْعَدُوُّ لِمُسْلِمٍ يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمِثْلِيِّ إذَا كَانَ مَوْهُوبًا لِوَاحِدٍ لَا يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، كَذَا لَا يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ أَيْضًا إذَا كَانَ مَا أَخَذَهُ الْكُفَّارُ مِنَّا وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ مُشْتَرًى بِمِثْلِهِ قَدْرًا وَوَصْفًا إلَّا إذَا اشْتَرَى بِأَقَلَّ قَدْرًا أَوْ بِأَرْدَأَ مِنْهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَخْذُهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى لِوُجُودِ الْفَائِدَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. مُسْلِمٌ قَالَ لِعَبْدَيْهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى أُسِرَا، ثُمَّ ظَهْرَنَا عَلَيْهِمَا وَأَحْرَزْنَاهُمَا بِدَارِنَا رُدَّا إلَى الْمَوْلَى، وَلَوْ بَيَّنَ الْعِتْقَ فِي أَحَدِهِمَا بَعْدَمَا أُحْرِزَا بِدَارِ الْحَرْبِ صَحَّ بَيَانُهُ وَمَلَكَ الْكُفَّارُ الْآخَرَ، وَإِنْ أَحْرَزَ الْعَدُوُّ أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ لِلْعِتْقِ كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ أَسَرُوا عَبْدًا فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ فَأَخْرُجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ، وَأَخَذَ أَرْشَهَا، فَإِنَّ الْمَوْلَى يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ بِهِ مِنْ الْعَدُوِّ، وَلَا يَأْخُذُ الْأَرْشَ، وَلَا يُحَطُّ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ. وَإِنْ أَسَرُوا عَبْدًا فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَسَرُوهُ ثَانِيًا، وَأَدْخَلُوهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ آخَرُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى الْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الثَّانِي، وَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الثَّانِي بِالثَّمَنِ، ثُمَّ يَأْخُذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِأَلْفَيْنِ إنْ شَاءَ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَأْسُورُ مِنْهُ الثَّانِي غَائِبًا لَيْسَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَهُ أَعْتِبَارًا بِحَالِ حَضْرَتِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لَا يَأْخُذُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مِنْ التَّاجِرِ الثَّانِي لَيْسَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ ثَبَتَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ فِي ضِمْنِ عَوْدِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَعُدْ مِلْكُهُ الْقَدِيمُ وَإِنَّمَا مَلَكَهُ بِالشِّرَاءِ الْجَدِيدِ مِنْهُ كَذَا فِي

التَّبْيِينِ. . لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ الْعَدُوِّ عَبْدًا، وَأَخْرَجَهُ، فَلَمْ يَحْضُرْ صَاحِبُهُ حَتَّى بَاعَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهُ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الثَّانِي بِالثَّمَنِ الثَّانِي، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهِ وَلَمْ يَحْدُثْ فِيهِ مَا يَمْنَعُ مِنْ تَمْلِيكِهِ، فَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الْعَبْدِ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ الثَّانِي وَيَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالَ فِي السِّيَرِ الصَّغِيرِ وَلِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَنْقُضَ إجَارَةَ الْمُتَمَلِّكِ مِنْ الْحَرْبِيِّ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ رَهْنَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لِرَجُلٍ أَخَذَهُ مَوْلَاهُ بِقِيمَتِهِ، وَلَا يَنْقُضُ الْهِبَةَ، وَكَذَا لَوْ جَنَى الْعَبْدُ فَدَفَعَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ مِنْ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ بِالْقِيمَةِ، كَذَا إنْ جَنَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَمْدًا، فَصَالَحَ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً أَخَذَهُ بِالْأَرْشِ، وَإِنْ وَهَبَهُ الْعَدُوُّ مِنْ مُسْلِمٍ، وَقَدْ فَقَأَ عَيْنَهُ رَجُلٌ، فَدَفَعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ إلَى الْفَاقِئِ، وَأَخَذَ قِيمَتَهُ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ مِنْ الْفَاقِئِ بِقِيمَتِهِ أَعْمَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ بَصِيرًا، وَهِيَ الْقِيمَةُ الَّتِي دَفَعَهَا، وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً، وَوَلَدَتْ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ فَلَا سَبِيلَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ فِي قِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَكِنْ يَأْخُذُهَا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْقَبْضِ أَوْ يَدَعُ، وَلَوْ مَاتَتْ الْأَمُّ أَوْ قُتِلَتْ يَأْخُذُ الْمَالِكُ الْوَلَدَ بِحِصَّتِهِ يُقَسِّمُ الْقِيمَةَ عَلَى الْأُمِّ يَوْمَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ وَعَلَى الْوَلَدِ يَوْمَ الْأَخْذِ فَمَا أَصَابَ الْوَلَدُ أَخَذَهُ بِهِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ حَالٍّ، وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أُسِرَ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ بِخَمْسِمِائَةٍ أَخَذَهُ الْبَائِعُ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَإِذَا أَخَذَهُ أَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِالثَّمَنَيْنِ أَيْ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَإِنْ أَبَى الْبَائِعُ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي بِخَمْسِمِائَةٍ إنْ شَاءَ، وَلَوْ كَانَ بَاعَهُ بِأَلْفٍ نَسِيئَةً فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِالِاسْتِرْدَادِ، وَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْبَائِعِ خُذْ بِخَمْسِمِائَةٍ وَسَلِمَ لَكَ، فَإِنْ اشْتَرَى الْعَبْدَ الْمَأْسُورَ مِنْ الْعَدُوِّ رَجُلٌ بِأَلْفٍ فَأُسِرَ فَاشْتَرَاهُ آخَرُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَحَضَرَ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ وَالْمُشْتَرِي الْآخَرُ وَالْقَاضِي يَعْلَمُ بِشِرَاءِ الْأَوَّلِ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَقَضَى لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ بِالْأَخْذِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَنْفُذُ، فَيُرَدُّ الْعَبْدُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْآخَرِ حَتَّى يَأْخُذَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مِنْهُ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ مِنْهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِالثَّمَنَيْنِ إنْ شَاءَ. فَلَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ بِلَا قَضَاءٍ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ، ثُمَّ حَضَرَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ بِأَلْفٍ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ مِنْهُ بِالثَّمَنَيْنِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَهُ مِنْ الْمَوْلَى أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مِنْهُ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ، ثُمَّ أَخَذَ الْمَوْلَى مِنْهُ بِالثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَلَوْ أُسِرَ الْعَبْدُ الرَّهْنُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ بِأَلْفٍ، وَحَضَرَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فَحَقُّ الْأَخْذِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ كَمَا لَوْ جَنَى، وَفْدَاهُ، فَإِنْ أَبَى الْمُرْتَهِنُ أَخَذَهُ الرَّاهِنُ بِالثَّمَنِ، وَإِذَا أَخَذَ سَقَطَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ وَالْفِدَاءُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَلْفَيْنِ وَالدَّيْنُ أَلْفًا، وَبَقِيَ رَهْنًا كَمَا كَانَ، فَإِنْ أَبَى الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَفْدِيَ فَفَدَاهُ الرَّاهِنُ أَخَذَ الْمُرْتَهِنُ الْعَبْدَ، فَكَانَ رَهْنًا بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَإِنْ أَبَى الرَّاهِنُ أَنْ يَفْدِيَهُ وَفْدَاهُ الْمُرْتَهِنُ، فَهُوَ رَهْنٌ بِحَالِهِ، وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي حِصَّةِ الرَّاهِنِ، فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا، وَفْدَاهُ الْمُرْتَهِنُ رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِنِصْفِ الْفِدَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا، وَعِنْدَهُمَا مُتَطَوِّعٌ، وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا لَا يَأْخُذُ إنْ لَمْ يَفْدِ كَذَا فِي الْكَافِي. الْكُفَّارُ إذَا اسْتَوْلَوْا عَلَى الْعَبْدِ الْجَانِي وَأَحْرَزُوهُ بِالدَّارِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، وَأَخْرَجُوهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَتَرَكَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ، وَلَمْ يَأْخُذْهُ، وَأَرَادَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ مُجَرَّدُ الْحَقِّ فَلَا يَجُوزُ نَقْضُ الْمِلْكِ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ وَقَعَ الْمَأْسُورُ فِي سَهْمِ رَجُلٍ، وَلَمْ يَحْضُرْ مَوْلَاهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ هَذَا الرَّجُلُ أَوْ دَبَّرَهُ جَازَ، فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَزَوَّجَهَا، وَوَلَدَتْ مِنْ الزَّوْجِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَوَلَدَهَا، وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ النِّكَاحَ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَ عُقْرَهَا أَوْ أَرْشَ جِنَايَةٍ جُنِيَتْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْلَى عَلَى ذَلِكَ

سَبِيلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ كُرُّ تَمْرٍ فَارِسِيٍّ جَيِّدٍ أَخَذَهُ الْكُفَّارُ وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ، ثُمَّ دَخَلَ مُسْلِمٌ وَاشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِكُرَّيْ تَمْرٍ دَقَلٍ فَارِسِيٍّ فَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ حَضَرَ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ وَذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِكُرَّيْ تَمْرٍ دَقَلٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ يَمْلِكُ الْكُرَّ الْمَأْسُورَ بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الرِّبَا لَا يَجْرِي بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ بِمَا قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ، وَوَجْهُ مَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ يَمْلِكُ الْكُرَّ الْمَأْسُورَ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى حَرَّمَ الرِّبَا مُطْلَقًا وَالْمُشْتَرَى بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ، وَالْقِيمَةُ هَهُنَا الْمِثْلُ فَلَا يُفِيدُ أَخْذُهُ، وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا قَالُوا: مَا ذُكِرَ فِي السِّيَرِ قَوْلُهُمَا، وَمَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ عِنْدَهُ الرِّبَا يَجْرِي بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِكُرِّ دَقَلٍ مِثْلَ كَيْلِهِ يَدًا بِيَدِ وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى هَذَا الْكُرَّ مِنْهُمْ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ ذِمِّيًّا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ. وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ وَاشْتَرَى هَذَا الْكُرَّ بِكُرٍّ مِثْلِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِكُرٍّ مِثْلِهِ نَسِيئَةً، ثُمَّ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَلَوْ أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ نَقَدَ بَيْتِ الْمَالِ لِرَجُلٍ وَأَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ فَدَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَهُمْ وَاشْتَرَاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ غَلَّةً، وَتَفَرَّقُوا عَنْ قَبْضٍ، ثُمَّ أَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهَا عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا بِمِثْلِ الْغَلَّةِ الَّتِي نَقَدَهَا، وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِالدَّنَانِيرِ، وَأَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِدَنَانِيرَ مِثْلَهَا، كَذَلِكَ لَوْ أَنَّ هَذَا الْمُسْلِمَ بَاعَ مِنْهُمْ أَلْفَ دِرْهَمٍ غَلَّةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَقْدَ بَيْتِ الْمَالِ، فَنَقَدُوهُ الْأَلْفَ الْمُحْرَزَةَ، وَأَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهَا. وَلَوْ أَحْرَزَ الْعَدُوُّ كُرَّ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ وَأَسْلَمَ إلَيْهِمْ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ سَلَمًا صَحِيحًا، فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ قَضَوْهُ الْكُرَّ الَّذِي أَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ فَقَبَضَ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِمِائَةٍ. وَإِذَا بَاعَ الْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ عَرَضًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَقَدَ بَيْتِ الْمَالِ فَنَقَدُوهُ الْأَلْفَ الْمُحْرَزَةَ مَكَانَ تِلْكَ الْأَلْفِ فَقَبَضَهَا، وَأَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَيْسَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهَا، وَلَوْ أَحْرَزَ كُرًّا لِمُسْلِمٍ، ثُمَّ دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ وَبَاعَ مِنْهُمْ عَرْضًا بِكُرِّ حِنْطَةٍ فِي الذِّمَّةِ فَقَضَوْهُ الْكُرَّ الْمُحْرَزَ فَقَبَضَهُ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَوْ أَحْرَزَ كُرًّا لِمُسْلِمٍ فَدَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَهُمْ وَأَقْرَضَهُمْ كُرًّا، فَقَضَوْهُ ذَلِكَ الْكُرَّ الَّذِي أَحْرَزَهُ فَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ مِثْلَ الْمُحْرَزِ أَوْ دُونَهُ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَخَذَ الْعَدُوُّ مِنْ مُسْلِمٍ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ، فَدَخَلَ مُسْلِمٌ، وَبَاعَ مِنْ الْعَدُوِّ مَتَاعًا بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ مَوْصُوفَةٍ إلَى أَجَلٍ فَقَضَاهُ الْأَثْوَابَ الْمُحْرَزَةَ لِلْمَالِكِ أَخَذَهَا بِقِيمَةِ الْمَتَاعِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْكُرَّ الْمُحْرَزَ مُسْلِمَانِ مِنْ الْعَدُوِّ، وَاقْتَسَمَاهُ وَاسْتَهْلَكَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ أَخْذَ الْمَالِكُ النِّصْفَ الْبَاقِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَلَوْ كَانَ ثِيَابًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا أَخَذَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ بِرُبْعِ الثَّمَنِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْهَالِكِ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ إبْرِيقَ فِضَّةٍ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَوَزْنُهُ خَمْسِمِائَةٍ فَاشْتَرَى مُسْلِمٌ مِنْ الْعَدُوِّ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ أَوْ بِأَقَلَّ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِقِيمَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ وَزْنِهِ دَرَاهِمَ يَدًا بِيَدٍ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِقَدْرِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا، وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ وَزْنِهِ دَرَاهِمَ، وَلَكِنْ إلَى أَجَلٍ فَأَخْرَجَهُ إلَى دَارٍ

الْإِسْلَامِ، فَهَذَا وَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى هَذَا الْإِبْرِيقَ مِنْهُمْ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِقِيمَتِهِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ عَلَى الرِّوَايَاتِ. وَلَوْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، وَذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ فِي عَبْدٍ أَسَرَهُ الْمُشْرِكُونَ اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَخَذَهُ الْمَوْلَى بِالْأَلْفِ وَتَمَامِ الْقِيمَةِ يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِكُلِّ قِيمَتِهِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ أَوْ الْأَلْفِ أَخَذَهُ بِالْأَلْفِ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا إنْ شَاءَ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْأَلْفِ، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا بِسَبَبِ ذِكْرِ الْخَمْرِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْمُسْلِمُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَا يُزَادُ عَلَى الْأَلْفِ لِمَكَانِ الْمَيْتَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ. وَإِذَا غَصَبَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا وَأَصَابَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ، وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ، ثُمَّ إنَّ الْمُسْلِمِينَ أَصَابُوهُ، ثُمَّ وَجَدَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي يَد الْغَانِمِينَ قَبْلَ أَنْ يُقَسِّمَ أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَلَا ضَمَان عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي يَدِ بَعْضِ الْغَانِمِينَ ذُكِرَ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ بِقِيمَتِهِ مِنْ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ يَوْمَ يَأْخُذُ مِنْهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْخُذْهُ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ، فَإِنْ دَفَعَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْأَخْذِ إلَى الَّذِي، وَقَعَ فِي سَهْمِهِ، وَأَخَذَ الْعَبْدَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَمَنْ يَوْمِ الْأَخْذِ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْغَصْبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَخْذِ أَلْفَا دِرْهَمٍ، فَأَخَذَ الْعَبْدَ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ مِنْ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ تَرَاجَعَ السِّعْرُ حَتَّى صَارَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسَمِائَةِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِخَمْسِمِائَةٍ هَذَا إذَا اخْتَارَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَخَذَ الْعَبْدِ مِنْ يَدِ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْخُذْ الْعَبْدَ، وَضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ مِنْهُ، فَإِنْ ضَمِنَ الْغَاصِبُ فَالْجَوَابُ فِي الْغَاصِبِ بَعْدَ هَذَا كَالْجَوَابِ فِي حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، فَإِنْ وَجَدَ الْغَاصِبُ الْعَبْدَ فِي يَدِ الْغَانِمِينَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَأَنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَلَكِنَّ رَجُلَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ اشْتَرَاهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ لَمْ يَضْمَنْ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي. وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْخُذْ، وَضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ، فَإِنْ أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَبِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَ الْعَبْدَ بِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ تَرَكَ الْعَبْدَ، وَلَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ، وَضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْعَبْدِ يَوْمَ الْغَصْبِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ، وَيَقُومُ الْغَاصِبُ مَقَامَ صَاحِبِ الْعَبْدِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ. فَإِذَا دَفَعَ الْغَاصِبُ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ مِنْهُ الْعَبْدَ أَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْعَبْدَ، فَأَرَادَ صَاحِبُ الْعَبْدِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ، وَيَأْخُذَ مِنْهُ الْعَبْدَ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَخَذَ صَاحِبُ الْعَبْدِ الْقِيمَةَ بِزَعْمِهِ بِأَنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَقَالَ الْغَاصِبُ: قِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْغَصْبِ كَانَتْ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَصَاحِبُ الْعَبْدِ يَقُول: كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَأَقَامَ مَوْلَى الْعَبْدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْقِيمَةِ، وَأَخَذَ مِنْ الْغَاصِبِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَوْ اسْتَحْلَفَ الْغَاصِبَ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَى، فَنَكَلَ الْغَاصِبُ عَنْ الْيَمِينِ، فَأَخَذَ مِنْهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَوْ اصْطَلَحَا وَتَرَاضَيَا عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ كَمَا يَدَّعِيهِ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَفِي الْفُصُولِ الثَّلَاثَةِ لَا يَتَخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْقِيمَةَ عَلَى الْغَاصِبِ وَأَخْذِ الْعَبْدِ مِنْهُ وَبَيَّنَ أَنْ يَتْرُكَ الْعَبْدَ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ

أَخَذَ الْقِيمَةَ بِزَعْمِ الْغَاصِبِ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَاسْتَحْلَفَ الْغَاصِبَ فَحَلَفَ، فَأَخَذَ مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَمَا قَالَهُ الْغَاصِبُ، ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدَ، فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ رَدَّ الْقِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْغَاصِبِ عَلَى الْغَاصِبِ وَأَخَذَ عَبْدَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْعَبْدَ، ثُمَّ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ أَنَّ صَاحِبَ الْعَبْدِ مَتَى أَخَذَ الْقِيمَةَ بِزَعْمِ الْغَاصِبِ، ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ فِي يَدِ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ، وَكَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْعَبْدِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ يَتَخَيَّرُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِثْلَ مَا قَالَهُ الْغَاصِبُ أَوْ أَقَلَّ هَلْ يَتَخَيَّرُ؟ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي رِوَايَةٍ: يَتَخَيَّرُ وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَتَخَيَّرُ، ثُمَّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا قَالَ صَاحِبُ الْعَبْدِ: أَنَا أَمْسِكُ الْقِيمَةَ وَأَرْجِعُ بِمَا فَضُلَ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ إلَى تَمَامِ قِيمَتِهِ يَوْمَ ظَهَرَ الْعَبْدُ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إنَّمَا لَهُ رَدُّ الْقِيمَةِ، وَأَخْذُ الْعَبْدِ أَوْ إمْسَاكُ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْعَيْنُ الْمُحْرَزَةُ لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ أَوْ مُسْتَوْدِعٍ هَلْ لَهُ الْمُخَاصِمَةُ وَالِاسْتِرْدَادُ أَوْ لَا؟ قَالُوا: لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُخَاصِمَ فِي الْمَغْنُومِ، وَيَأْخُذَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَكَذَا الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُسْتَوْدَعُ، فَإِذَا أَخَذَهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَادَ الْعَبْدُ إلَى الْإِجَارَةِ، وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْأُجْرَةُ فِي مُدَّةِ أَسْرِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ جَحَدَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْسُورُ إجَارَةً عِنْدَهُ احْتَاجَ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ إجَارَةً فِي يَدِهِ وَإِذَا قَبِلَ الْحَاكِمُ الْبَيِّنَةَ، وَرَدَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَضَرَ الْآجِرُ فَأَنْكَرَ الْإِجَارَةَ فِيهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْعَبْدِ، فَأَمَّا إذَا وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ أَيْضًا، فَإِنْ أَنْكَرَ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ أَنَّ الْمَأْسُورَ كَانَ إجَارَةً عِنْدَهُ وَأَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِجَارَةِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ، وَيَكُونُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِهَا، ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْمُسْتَأْجِرِ مُسْتَعِيرٌ أَوْ مُسْتَوْدَعٌ، وَقَدْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا لِلَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْمَأْسُورَ كَانَ فِي يَدِهِ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ، فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَأْسُورَ مِنْ الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ بِالْقِيمَةِ، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ الْمَأْسُورَ لِلْيَتِيمِ بِالثَّمَنِ مِنْ مُشْتَرِيهِ، وَلَا يَأْخُذَهُ لِنَفْسِهِ قَالُوا: وَهَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرْبِيِّ مِثْلَ قِيمَتِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ فَدَخَلَ مُسْلِمٌ، وَاشْتَرَاهُ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَتَزَوَّجَ عَلَى رَقَبَتِهِ امْرَأَةً، ثُمَّ حَضَرَ الْمَوْلَى الْأَوَّلُ أَخَذَ إنْ شَاءَ بِقِيمَتِهِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ مَهْرٍ، ثُمَّ صَالَحَهَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهَا هَذَا الْعَبْدَ بِالْمَهْرِ الَّذِي وَجَبَ لَهَا قِيلَ لِمَوْلَى الْعَبْدِ إنْ شِئْتَ فَخُذْهُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ دَعْ، وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ دَعْوَى قَبْلَ الْمُشْتَرِي فِي دَارٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الدَّعْوَى فَصَالَحَهُ عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَخَذَهُ الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الدَّعْوَى، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُصَالِحِ. عَبْدٌ مُسْلِمٌ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ، ثُمَّ أَفْلَتَ مِنْهُمْ، وَأَخَذَ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَخَرَجَ هَارِبًا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَأَخَذَهُ مُسْلِمٌ، ثُمَّ جَاءَ مَوْلَاهُ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ إلَّا بِالْقِيمَةِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَلَا سَبِيلَ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ، أَوَمَا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ الْمَوْلَى يَأْخُذُ الْعَبْدَ بِغَيْرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ صَارَ فَيْئًا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ، وَيَرْفَعُ خُمُسَهُ وَيُقَسِّمُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ رَجَعَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَوْلِهِ وَقَالَ: إذَا أَخَذَهُ، فَهُوَ غَنِيمَةُ آخِذِهِ وَأُخْمِسُ إذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَوْلَى، وَأَجْعَلُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ وَالْمَالِ الَّذِي مَعَهُ لِلْآخِذِ، فَإِنْ جَاءَ مَوْلَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ جَاءَ مَوْلَاهُ قَبْلَ أَنْ يُخَمِّسَ أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ. عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ سَبَاهُ أَهْلُ الْحَرْبِ فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ أَخَذَهُ مَوْلَاهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَذَلِكَ الْعِتْقُ بَاطِلٌ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَا أَخْرَجَهُ الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ أَنْ يُقَسِّمُوهُ جَازَ عِتْقُهُ حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَ

الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ، فَسَرَقَ مِنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ طَعَامًا أَوْ مَتَاعًا، وَدَخَلَ بِهِ أَرْضُ الْحَرْبِ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ مُسْلِمٌ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، أَخَذَهُ صَاحِبُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ كَانَ ضَامِنًا لَهُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ، فَلَا يَكُونُ مُحْرِزًا لَهُ بِإِدْخَالِهِ دَارَ الْحَرْبِ وَلَوْ أَوْدَعَ مُسْلِمٌ عِنْدَ هَذَا الْمُسْتَأْمَنِ مَالًا، وَذَهَبَ بِهَا إلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَهُوَ مُحْرِزٌ بِهَا، وَإِنْ أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَوْ صَارَ ذِمَّةً، فَهِيَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. حَرْبِيٌّ يَدْخُلُ إلَيْنَا بِأَمَانٍ وَمَعَهُ عَبْدٌ قَدْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَحْرَزَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ لَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْأَوَّلِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ. بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي الْإِمْلَاءِ الْأَمَةُ الْمَأْسُورَةُ إذَا اشْتَرَاهَا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مُسْلِمٌ أَوْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ مَوْلَاهَا بِحُكْمِ حَاكِمٍ اتَّبَعَهَا مَا كَانَ فِي عُنُقِهَا مِنْ الدَّيْنِ وَالْجِنَايَةِ قَبْلَ السَّبْيِ، وَرَدَّهَا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ إنْ وَجَدَهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَرَجَعَ بِنُقْصَانِ عَيْبِهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَلَا عَلَى الَّذِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ، وَإِنْ كَانَ حَدَثَ عَيْبٌ فِي يَدِ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْهُمْ أَوْ فِي يَدِ الَّذِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَإِنْ مَاتَتْ عِنْدَهُ أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ لَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا مِنْهُ بِغَيْرِ حُكْمٍ اتَّبَعَهَا الدَّيْنُ، وَلَا يَتَّبِعُهَا الْجِنَايَةُ، وَلَا يَرُدُّهَا عَلَى بَائِعِهَا الْأَوَّلِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَيَرُدُّهَا عَلَى الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ وَإِنْ مَاتَتْ فِي يَدِهِ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَيْهِ وَلَوْ اسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ مِنْ يَدِ الَّذِي أَخَذَهَا بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا بِالْحُكْمِ رَدَّهَا عَلَى مَنْ أَخَذَهَا مِنْهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا هَذَا الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا بِغَيْرِ حُكْمٍ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ بِبَيِّنَةٍ بِمَا أَخَذَهَا بِهِ، وَيَرْجِعُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا عَلَى بَائِعِهِ فِي الْأَصْلِ إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا، وَإِنْ كَانَ أَعْتَقَهَا الَّذِي أَخَذَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ بِالثَّمَنِ أَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا، فَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا بِقَضَاءِ الْقَاضِي، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُ عِتْقَهُ إذَا اسْتَحَقَّهَا هَذَا الْمُسْتَحِقُّ، وَيُرَدُّ الْوَلَدُ رَقِيقًا فِي الْقِيَاسِ، وَلَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْقِيمَةِ. . وَلَوْ أَنَّ عَبْدَيْنِ أَسَرَهُمَا أَهْلُ الْحَرْبِ، فَاشْتَرَاهُمَا رَجُلٌ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا بِالْحِصَّةِ وَيَتْرُكَ الْآخَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَسَرَ الْمُشْرِكُونَ عَبْدَهُ، فَأَمَرَ الْمَوْلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدَ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَاشْتَرَاهُ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لِلْآمِرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْهِبَهُ لَهُ فَاسْتَوْهَبَهُ لِنَفْسِهِ، فَهُوَ لِلْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْهِبَهُ لِمَوْلَاهُ فَاشْتَرَاهُ الْمَأْمُورُ مِنْهُمْ، وَهُوَ مُسْلِمٌ بِخَمْرٍ، فَهُوَ لِمَوْلَاهُ، وَهُوَ هِبَةٌ مِنْهُمْ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ الْمَالِكَ عَلِمَ بِإِخْرَاجِ مَمْلُوكِهِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، فَلَمْ يَطْلُبُ شَهْرًا لَا يَسْقُطْ حَقُّهُ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَسْقُطُ، وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى الْمَأْسُورُ مِنْهُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمُشْتَرِي كَانَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَأْخُذُوهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَيْسَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوهُ. لَوْ أَسَرَ الْحَرْبِيُّ عَبْدًا مُسْلِمًا لِمُسْلِمٍ، فَأَحْرَزَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَأَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةٌ فَاسْتَوْلَدَهَا، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ عَتَقُوا جَمِيعًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَسَرُوهُ ثَانِيًا، فَوَهَبُوهُ لِلْمُشْتَرِي الَّذِي أُسِرَ مِنْ يَدِهِ فَلِمَوْلَاهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ هَذَا بِالْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ جَمِيعًا بِشْرٌ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا، فَأَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَوَجَدَ الْغَاصِبُ الْعَبْدَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ قَدْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَوْلَى. وَفِي الْإِمْلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَسَرَ الْمُشْرِكُونَ عَبْدًا لِصَغِيرٍ، ثُمَّ وَقَعَ فِي سَهْمِ رَجُلٍ فَسَلَّمَ أَبُوهُ فَكَبُرَ الصَّغِيرُ قَالَ: هُوَ عَلَى حَقِّهِ فِي الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا أَهْلُ الْحَرْبِ بِالْغَلَبَةِ أَحْرَارَنَا وَمُدَبَّرِينَا وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِنَا

وَمُكَاتَبِينَا وَنَمْلِكُ عَلَيْهِمْ جَمِيعَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا كَانَ الْمَأْسُورُ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ لِمُسْلِمٍ، فَإِنَّ الْمَالِكَ الْقَدِيمَ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَيُعَوِّضُ الْإِمَامُ مَنْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ قِيمَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَلِمَوْلَاهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْسُورُ حُرًّا، فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِنَا لَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْحُرِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحُرُّ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، فَيَكُونُ الثَّمَنُ دَيْنًا عَلَيْهِ. وَإِذَا أَبَقَ عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ فَدَخَلَ إلَيْهِمْ، فَأَخَذُوهُ لَمْ يَمْلِكُوهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ مَكَان الْعَبْدِ مُكَاتَبٌ أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ أَوْ مُسْتَسْعًى، فَإِنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ الْمِلْكُ فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِغَيْرِ شَيْءٍ مَوْهُوبًا كَانَ أَوْ مُشْتَرًى أَوْ مَغْنُومًا قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَهَا إلَّا أَنَّ بَعْدَ الْقِسْمَةِ يُؤَدِّي عِوَضَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْمَالِكِ جُعْلُ الْآبِقِ، وَقَدْ قَالُوا فِي الْعَبْدِ إذَا أَبَقَ فِي يَدِهِ مَالٌ لِلْمَوْلَى أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ يَمْلِكُونَ مَا فِي يَدِهِ، وَلَا يَمْلِكُونَهُ، فَإِنْ نَدَّ إلَيْهِمْ بَعِيرٌ، فَأَخَذُوهُ وَمَلَكُوهُ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ وَدَخَلَ بِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ فَصَاحِبُهُ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ أَبَقَ عَبْدٌ إلَيْهِمْ، وَذَهَبَ مَعَهُ بِفَرَسٍ وَمَتَاعٍ فَأَخَذَ الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَاشْتَرَى رَجُلٌ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الْمَوْلَى يَأْخُذُ الْعَبْدَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَالْفَرَسَ وَالْمَتَاعَ بِالثَّمَنِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ، ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا أَوْ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ فَهُوَ حُرٌّ، كَذَا إذَا خَرَجَ عَبِيدُهُمْ إلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ، فَهُمْ أَحْرَارٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. دَخَلَ الْحَرْبِيُّ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، فَاشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا فَدَخَلَ بِهِ دَارَ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يُعْتَقُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْعَبْدُ ذِمِّيًّا، وَإِذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَهُوَ عَبْدُهُ عَلَى حَالِهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، فَإِنْ بَاعَهُ الْحَرْبِيُّ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ حَرْبِيٍّ عَتَقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يُعْتَقُ. وَلَوْ أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَهُ رَقِيقٌ هُنَاكَ فَخَرَجَ إلَى دَارِنَا مُسْلِمًا، ثُمَّ تَبِعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَبْدُهُ مُسْلِمًا، فَهُوَ عَبْدٌ لِمَوْلَاهُ، وَكَذَا إذَا خَرَجَ كَافِرٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا أَسْلَمَ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى مَالٍ أَخَذُوهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ صَارُوا ذِمَّةً فَهُوَ لَهُمْ، وَلَا سَبِيلَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ خَرَجَ إلَيْنَا وَمَعَهُ ذَلِكَ الْمَالُ، فَإِنَّهُ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَسَرُوا أُسَرَاءَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَلَمْ يُقَسِّمُوا وَلَمْ يَخْرُجُوهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ حَتَّى هَرَبُوا مِنْ أَيْدِيهِمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ أَوْ ظَهَرَ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِمْ وَرَدُّوهُمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ، ثُمَّ إنَّ قَوْمًا آخَرِينَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ظَهَرُوا عَلَى أُولَئِكَ السَّبْيِ بِأَعْيَانِهِمْ، فَأَخَذُوهُمْ وَأَخْرَجُوهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَقَسَّمُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ أَوْ لَمْ يُقَسِّمُوا، ثُمَّ اخْتَصَمَ الْفَرِيقَانِ عِنْدَ الْقَاضِي، فَالْفَرِيقُ الْآخَرُ أَحَقُّ بِالْأُسَرَاءِ. فَلَوْ أَنَّ الْفَرِيقَ الْأَوَّلَ لَمْ يُخْرِجُوهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَكِنْ اقْتَسَمُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَالْفَرِيقُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهِمْ، فَإِنْ وَجَدُوهَا فِي يَدِ الْفَرِيقِ الْآخَرِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذُوهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ وَجَدُوهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَخَذُوهَا بِالْقِيمَةِ إنْ شَاءُوا كَمَا فِي سَائِرِ أَمْلَاكِهِمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْفَرِيقَ الْأَوَّلَ أَخْرَجُوهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَاقْتَسَمُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ هَرَبُوا أَوْ رُدُّوا إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا، فَالْفَرِيقُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهِمْ، فَأَمَّا إذَا أَخْرَجُوهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَقْتَسِمُوا حَتَّى هَرَبُوا أَوْ رُدُّوا إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا إنْ حَضَرَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ بَعْدَ مَا اقْتَسَمَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ فَالْفَرِيقُ الْآخَرُ أَحَقُّ بِهِمْ هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الزِّيَادَاتِ، أَمَّا إذَا حَضَرَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ، وَفِي رِوَايَةٍ الْفَرِيقُ الْآخَرُ أَحَقُّ وَلَوْ أَنَّ الْفَرِيقَ الْأَوَّلَ أَحْرَزُوهُمْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ

الباب السادس في المستأمن وفيه ثلاثة فصول

وَلَمْ يُقَسِّمُوا، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُشْرِكُونَ، وَأَخَذُوهُمْ فَلَمْ يُحْرِزُوهُمْ بِدَارِ الْحَرْبِ حَتَّى ظَهَرَ عَلَيْهِمْ قَوْمٌ آخَرُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَخَذُوهُمْ مِنْ أَيْدِيهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُمْ يُرَدُّونَ عَلَى الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ اقْتَسَمَ الْفَرِيقُ الثَّانِي فِيمَا بَيْنَهُمْ أَوْ لَمْ يَقْتَسِمُوا قَالَ فِي الْكِتَابِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي قَسَّمَ بَيْنَ الْفَرِيقِ الثَّانِي إمَامًا يَرَى مَا صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ تَمَلُّكًا وَإِحْرَازًا فَحِينَئِذٍ كَانَ الْفَرِيقُ الثَّانِي أَوْلَى بِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اعْلَمْ أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ تَصِيرُ دَارُ الْإِسْلَامِ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ إظْهَارُ حُكْمِ الْإِسْلَامِ فِيهَا. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ: إنَّمَا تَصِيرُ دَارَ الْإِسْلَامِ دَارَ الْحَرْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا: إجْرَاءُ أَحْكَامِ الْكُفَّارِ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِهَارِ وَأَنْ لَا يُحْكَمَ فِيهَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُتَّصِلَةً بِدَارِ الْحَرْبِ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا بَلَدٌ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يَبْقَى فِيهَا مُؤْمِنٌ، وَلَا ذِمِّيٌّ آمِنًا بِأَمَانِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ لِلْمُسْلِمِ بِإِسْلَامِهِ وَلِلذِّمِّيِّ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَغْلِبَ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى دَارٍ مِنْ دُورِنَا أَوْ ارْتَدَّ أَهْلُ مِصْرٍ وَغُلِبُوا وَأَجْرَوْا أَحْكَامَ الْكُفْرِ أَوْ نَقَضَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْعَهْدَ، وَتَغَلَّبُوا عَلَى دَارِهِمْ، فَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ لَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بِشَرْطٍ وَاحِدٍ لَا غَيْرَ، وَهُوَ إظْهَارُ أَحْكَامِ الْكُفْرِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، ثُمَّ هَذِهِ الدَّارُ إذَا صَارَتْ دَارَ الْحَرْبِ بِاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ لَوْ افْتَتَحَهَا الْإِمَامُ، ثُمَّ جَاءَ أَهْلُهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذُوهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ افْتَتَحَهَا الْإِمَامُ عَادَتْ إلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ، الْخَرَاجِيُّ يَصِيرُ خَرَاجِيًّا وَالْعُشْرِيُّ يَصِيرُ عُشْرِيًّا إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ وَضَعَ عَلَيْهَا الْخَرَاجَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا لَا تَعُودُ عُشْرِيَّةٍ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْمُسْتَأْمَنِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي دُخُولِ الْمُسْلِمِ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ] الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْمُسْتَأْمَنِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي دُخُولِ الْمُسْلِمِ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ مُسْلِمٌ تَاجِرٌ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَدِمَائِهِمْ إلَّا إذَا غَدَرَ بِهِ مَلِكُهُمْ بِأَخْذِ الْأَمْوَالِ أَوْ الْحَبْسِ أَوْ غَيْرُهُ بِعِلْمِهِ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ، فَيُبَاحُ لَهُ التَّعَرُّضُ حِينَئِذٍ كَالْأَسِيرِ وَالْمُتَلَصِّصِ، فَيَجُوزُ لَهُ أَخْذُ أَمْوَالِهِمْ وَقَتْلُ نُفُوسِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبِيحَ فُرُوجَهُمْ، فَإِنَّ الْفَرْجَ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالْمِلْكِ، وَلَا مِلْكَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِالدَّارِ إلَّا إذَا وَجَدَ امْرَأَتَهُ الْمَأْسُورَةَ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرَتَهُ، وَلَمْ يَطَأْهُنَّ أَهْلُ الْحَرْبِ فَهُنَّ بَاقِيَاتٌ عَلَى مِلْكِهِ غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ إنْ وَطِئَهُنَّ يَكُونُ شُبْهَةً فِي حَقِّهِنَّ، فَتَجِبُ عَلَيْهِنَّ الْعِدَّةُ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَهُنَّ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُنَّ بِخِلَافِ أَمَتِهِ الْمَأْسُورَةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا الْحَرْبِيُّ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهُمْ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهَا بِشَيْءٍ إنْ دَخَلَ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ، وَلَمْ يُنْقَضْ الْأَمَانُ، وَيَجُوزُ لَهُ التَّعَرُّضُ لِزَوْجَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرَتِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، فَإِنْ غَدَرَ التَّاجِرُ فَأَخَذَ شَيْئًا وَأَخْرَجَهُ مَلَكَهُ مِلْكًا خَبِيثًا فَيُؤْمَرُ بِالتَّصَدُّقِ بِهِ، فَإِنْ أَدَانَ هَذَا التَّاجِرَ حَرْبِيٌّ أَيْ بَاعَهُ بِالدِّينِ أَوْ أَدَانَ هُوَ حَرْبِيًّا أَوْ غَصَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا، وَاسْتَأْمَنَ الْحَرْبِيُّ فِي دَارِنَا أَوْ أَدَانَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيًّا أَوْ غَصَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَخَرَجَا مُسْتَأْمَنَيْنِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُقْضَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ قُضِيَ لِلدَّائِنِ عَلَى صَاحِبِهِ بِالدَّيْنِ، وَأَمَّا الْغَصْبُ فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ بِشَيْءٍ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا إلَّا أَنَّهُ يُؤْمَرُ الْمُسْلِمُ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِمْ بِأَمَانٍ إذَا غَصَبَ شَيْئًا مِنْ مَالِ أَحَدِهِمْ، ثُمَّ خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ دِيَانَةً، وَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ. وَإِذَا دَخَلَ مُسْلِمَانِ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأٍ فَعَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَعَلَيْهِ

الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ، أَمَّا الْقَوَدُ، فَلَا يَجِبُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَإِنْ كَانَا أَسِيرَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ تَاجِرًا أَسِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ إلَّا الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَ الْمُسْلِمُ إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ مَا شَاءَ إلَّا الْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ وَالسَّبْيَ، وَأَنْ لَا يَحْمِلَ إلَيْهِمْ شَيْئًا أَحَبُّ إلَيَّ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ: الْمُرَادُ مِنْ الْكُرَاعِ الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ وَالْإِبِلُ وَالثِّيرَانُ الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا الْمَتَاعُ، وَالْمُرَادُ مِنْ السِّلَاحِ مَا يَكُونُ مُعَدًّا لِلْقِتَالِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْحَرْبِ سَوَاءٌ يُسْتَعْمَلُ مَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ أَوْ لَا يُسْتَعْمَلُ وَأَجْنَاسُ السِّلَاحِ مَا كَبُرَ مِنْهُ وَمَا صَغُرَ حَتَّى الْإِبْرَةِ وَالْمِسَلَّةِ فِي كَرَاهَةِ الْحَمْلِ إلَيْهِمْ عَلَى السَّوَاءِ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيدُ الَّذِي يُصْنَعُ مِنْهُ السِّلَاحُ يَكْرَهُ حَمْلُهُ إلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الْحَرِيرُ وَالدِّيبَاجُ وَالْقَزُّ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَعْمُولٍ، فَإِنْ كَانَ خَمْرًا مِنْ إبْرَيْسَمَ أَوْ ثِيَابًا رِقَاقًا مِنْ الْقَزِّ، فَلَا بَأْسَ بِإِدْخَالِهَا إلَيْهِمْ، وَلَا بَأْسَ بِإِدْخَالِ الصُّفْرِ وَالشَّبَهِ إلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الرَّصَاصُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُسْتَعْمَلُ لِلسِّلَاحِ فِي الْغَالِبِ، وَإِنْ كَانُوا يَجْعَلُونَ أَعْظَمَ سِلَاحَهُمْ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ أَدِخَالُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَيْهِمْ، وَلَا يَحِلُّ إدْخَالُ النُّسُورِ الْحَيَّةِ وَالْمَذْبُوحَةِ مَعَهَا أَجْنِحَتُهَا إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ يَدْخُلُ لِرِيشِ النُّشَّابِ وَالنَّبْلِ، وَكَذَلِكَ الْعُقَابُ إذَا كَانَ يُجْعَلُ مِنْ رِيشِهَا ذَلِكَ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَتْ إنَّمَا تُدْخَلُ لِلصَّيْدِ فَلَا بَأْسَ بِإِدْخَالِهَا، وَالْحُكْمُ فِي الْبَازِي وَالصَّقْرِ كَذَلِكَ. وَإِذَا أَرَادَ الْمُسْلِمُ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ لِلتِّجَارَةِ وَمَعَهُ فَرَسُهُ وَسِلَاحُهُ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ بَيْعَهُ مِنْهُمْ لَمْ يُمْنَعْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَكِنَّ هَذَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ لَا يَتَعَرَّضُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الدَّوَابِّ وَلَكِنْ لَوْ اُتُّهِمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا يُدْخِلُهُ لِلْبَيْعِ، وَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يُخْرِجَهُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ انْتَفَتْ هَذِهِ التُّهْمَةُ بِيَمِينِهِ، فَيُتْرَكُ لِيُدْخِلَهُ دَارَ الْحَرْبِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ لَمْ يُتْرَكْ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دَارَهُمْ، وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ حَمْلَ الْأَمْتِعَةِ إلَيْهِمْ فِي الْبَحْرِ فِي السَّفِينَةِ. وَإِنْ دَخَلَ بِغُلَامٍ أَوْ غُلَامَيْنِ يَخْدُمُهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُرِيدُ لِلتِّجَارَةِ، فَإِنْ اُتُّهِمَ اُسْتُحْلِفَ، فَأَمَّا الذِّمِّيُّ إذَا أَرَادَ الدُّخُولَ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ أَنْ يُدْخِلَ فَرَسًا مَعَهُ أَوْ بِرْذَوْنًا أَوْ سِلَاحًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِعَدَاوَتِهِمْ مَأْمُونًا عَلَى ذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ حَالُهُ كَحَالِ الْمُسْلِمِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ بِتِجَارَتِهِ عَلَى الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْعَجَلَةِ وَالْبَعِيرِ وَيُسْتَحْلَفُ أَيْضًا عَلَى مَا يُدْخِلُهُ إلَيْهِمْ مِنْ الْبِغَالِ وَالسُّفُنِ وَالرَّقِيقِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُهُمْ الْبَيْعَ، وَلَا يَبِيعُهُمْ حَتَّى يُخْرِجَهُمْ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ. الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُكَارِيًا سُفُنًا أَوْ دَوَابَّ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَحِينَئِذٍ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ أَهْلُ الْحَرْبِ بِحَالٍ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ التَّاجِرُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ لَمْ يَدَعُوهُ يَخْرُجُ بِهِ، وَلَكِنَّهُمْ يُعْطُونَهُ ثَمَنَهُ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ مِنْ إدْخَالِ الْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ وَالرَّقِيقِ إلَيْهِمْ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ إدْخَالِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالثَّوْرِ وَالْبَعِيرِ. كَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ إدْخَالِ سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ يَرْكَبُهَا، وَيَكُونُ فِيهَا مَتَاعُهُ، فَإِنْ أَرَادَ إدْخَالَ أُخْرَى مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ اسْتِحْسَانٌ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ أَنْ يُدْخِلَ إلَيْهِمْ خَادِمًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، وَلَوْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، وَمَعَهُ كُرَاعٌ وَسِلَاحٌ وَرَقِيقٌ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا جَاءَ بِهِ إلَى دَارِهِ، فَإِنْ بَاعَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا كُرَاعًا أَوْ سِلَاحًا أَوْ رَقِيقًا مِثْلَ مَا كَانَ لَهُ أَوْ أَفْضَلُ مِمَّا كَانَ لَهُ أَوْ شَرًّا مِمَّا كَانَ لَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُتْرَكُ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دَارَ الْحَرْبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى مَا بَاعَهُ بِعَيْنِهِ أَوْ اسْتَقَالَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فِيهِ فَأَقَالَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ وَبِخِيَارِ شَرْطٍ اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِطُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ نُقِضَ الْبَيْعُ بِحُكْمِ خِيَارِهِ، فَلَهُ أَنْ يَعُودَ بِهِ إلَى دَارِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ جَاءَ

الفصل الثاني في دخول الحربي في دار الإسلام

الْحَرْبِيُّ بِسَيْفٍ، فَاشْتَرَى مَكَانَهُ قَوْسًا أَوْ رُمْحًا أَوْ تُرْسًا لَمْ يُتْرَكْ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَبْدَلَ بِسَيْفِهِ سَيْفًا خَيْرًا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا السَّيْفُ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ شَرًّا مِنْهُ لَمْ يُمْنَعْ بِأَنْ يَدْخُلَ بِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذَا أَنَّهُ مَتَى اسْتَبْدَلَ بِسِلَاحِهِ سِلَاحًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ، وَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ سَوَاءٌ كَانَ خَيْرًا مِمَّا أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ شَرًّا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مَا اسْتَبْدَلَ بِهِ مِنْ جِنْسِ مَا أَدْخَلَهُ، فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ شَرًّا مِنْهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَبْدَلَ بِهِ مِثْلَهُ، ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ، فَلَهُ أَنْ يَعُودَ بِمَا رَجَعَ إلَيْهِ إلَى دَارِهِ، وَإِنْ اسْتَبْدَلَ بِهِ شَرًّا مِنْهُ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ، ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ إلَى دَارِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَحُكْمُ الِاسْتِبْدَالِ بِالْكُرَاعِ مِثْلُ حُكْمِ الِاسْتِبْدَالِ بِالْأَسْلِحَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ اسْتَبْدَلَ بِحِمَارِهِ أَتَانًا أَوْ بِفَرَسِهِ الذَّكَرِ فَرَسًا أُنْثَى مُنِعَ مِنْ إدْخَالِهِ دَارَ الْحَرْبِ، وَإِنْ كَانَ دُونَ مَا أَدْخَلَهُ فِي الْقِيمَةِ، وَإِنْ اسْتَبْدَلَ بِبَغْلِهِ الذَّكَرِ بَغْلَةً أُنْثَى مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ لَمْ يُمْنَعْ، وَإِنْ اسْتَبْدَلَ بماديانه فَحْلًا مُنِعَ، وَإِنْ اسْتَبْدَلَ بِفَرَسِهِ بِرْذَوْنًا أَوْ بِبِرْذَوْنِهِ فَرَسًا مُنِعَ، وَإِنْ اسْتَبْدَلَ بِفَرَسِهِ الْأُنْثَى فَرَسًا أُنْثَى دُونَهَا فِي الْجَرْيِ، وَلَكِنَّهَا أَثْبَتُ مِنْهَا وَأَرْجَى لِلنَّسْلِ مُنِعَ، وَأُجْبَرَ عَلَى بَيْعِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مِثْلُ مَا أَعْطَى فِي جَمِيعِ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ أَوْ دُونِهِ فَأَمَّا الرَّقِيقُ فَسَوَاءٌ اسْتَبْدَلَهُمْ بِجِنْسٍ آخَرَ أَوْ بِجِنْسِ مَا عِنْدَهُ أَوْ دُونَهُ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ وَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ وَلَوْ أَنَّ مُسْتَأْمَنَيْنِ مِنْ الرُّومِ دَخَلَا دَارَنَا بِأَمَانٍ، وَمَعَ أَحَدِهِمَا رَقِيقٌ، وَمَعَ الْآخَرِ سِلَاحٌ، فَتَبَادَلَا الرَّقِيقَ بِالسِّلَاحِ أَوْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مَتَاعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ بِدَرَاهِمَ لَمْ يُمْنَعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُدْخِلَ دَارَ الْحَرْبِ مَا حَصَّلَهُ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا مِنْ الرُّومِ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ بِكُرَاعٍ أَوْ سِلَاحٍ أَوْ رَقِيقٍ، فَأَرَادَ أَنْ يُدْخِلَ ذَلِكَ أَرْضَ التُّرْكِ أَوْ الدَّيْلَمِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَعْدَاءِ الْمُسْلِمِينَ لِيَبِيعَهُ مِنْهُمْ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَ ذَلِكَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ هُمْ مُوَادِعُونَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَ ذَلِكَ أَرْضًا أَهْلُهَا ذِمَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُسْتَأْمَنِينَ فِينَا مِنْ الرُّومِ وَالْآخَرُ مِنْ التُّرْكِ، وَمَعَ أَحَدِهِمَا رَقِيقٌ، وَمَعَ الْآخَرِ كُرَاعٌ أَوْ سِلَاحٌ فَتَبَادَلَا أَوْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَتَاعَ صَاحِبِهِ بِدَرَاهِمَ لَمْ يُتْرَكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِيُخْرِجَ مَا اشْتَرَى إلَى دَارِهِ، وَإِنْ كَانَا تَبَادَلَا سِلَاحًا بِسِلَاحٍ مِنْ صَنْعَةِ مِثْلِهِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُدْخِلَ مَا أَخَذَ دَارِهِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ مِنْ الْآخِرِ فَلِلَّذِي أَخَذَ أَخَسَّهُمَا أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ، وَلَيْسَ لِلَّذِي أَخَذَ أَفْضَلَهُمَا ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمُبَادَلَةُ بَيْنَ الْمُسْتَأْمَنِ وَالْمُسْلِمِ، كَذَلِكَ فِي حُكْمِ الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَبَادَلَا رَقِيقًا بِرَقِيقٍ هُمَا سَوَاءٌ أَوْ أَحَدُهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْآخَرِ، فَإِنَّ هُنَاكَ لَا تُجْعَلُ الْمُبَادَلَةُ بَيْنَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمُبَادَلَةِ بَيْنَ الْمُسْتَأْمَنِ وَالْمُسْلِمِ أَوْ الْمُعَاهِدِ، فَعِنْدَ تَحَقُّقِ الْمُسَاوَاةِ لَا يُمْنَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَنْ يُدْخِلَ دَارِهِ مَا صَارَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ مِنْ الْآخَرِ لَمْ يُمْنَعْ الَّذِي أَخَذَ أَخَسَّهُمَا، وَمُنِعَ الَّذِي أَخَذَ أَفْضَلَهُمَا مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَا تَبَادَلَا عَبْدًا بِأَمَةٍ لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُدْخِلَ مَا أَخَذَ دَارِهِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ اخْتِلَافُ جِنْسٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي دُخُولِ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ] ِ إذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقِيمَ فِيهَا سَنَةً وَيَقُولُ لَهُ الْإِمَامُ: إنْ أَقَمْتَ سَنَةً كَامِلَةً وَضَعْتُ عَلَيْكَ الْجِزْيَةَ، ثُمَّ إنْ رَجَعَ إلَى وَطَنِهِ بَعْدَ مَقَالَةِ الْإِمَامِ تِلْكَ لَهُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ، فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَكَثَ سَنَةً، فَهُوَ ذِمِّيٌّ، وَتُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ التَّقَدُّمِ إلَيْهِ لَا مِنْ وَقْتِ دُخُولِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُقَدِّرَ لَهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ إذَا رَأَى كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ، فَإِذَا أَقَامَهَا بَعْدَ ذَلِكَ صَارَ ذِمِّيًّا، ثُمَّ إذَا صَارَ ذِمِّيًّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ لَهُ اسْتَأْنَفَ عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ لِحَوْلٍ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ مَكَثَ

سَنَةً أَخَذَهَا مِنْهُ، فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ حِينَئِذٍ كَمَا تَمَّتْ السَّنَةُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، ثُمَّ لَا يُتْرَكُ بَعْدَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. فَإِنْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارنَا بِأَمَانٍ، وَاشْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ، فَإِذَا وُضِعَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ صَارَ ذِمِّيًّا، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عُشْرِيَّةٍ، فَإِنَّهَا تَسْتَمِرُّ عُشْرِيَّةٍ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَصِيرُ خَرَاجِيَّةً فَيُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةُ سَنَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ مِنْ وَقْتِ وَضْعِ الْخَرَاجِ، وَتَثْبُتُ أَحْكَامُ الذِّمِّيِّ فِي حَقِّهِ مِنْ مَنْعِ الْخُرُوجِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَجَرَيَانِ الْقِصَاصِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ، وَضَمَانِ الْمُسْلِمِ قِيمَةَ خَمْرِهِ وَخِنْزِيرِهِ إذَا أَتْلَفَهُ، وَوُجُوبِ الدِّيَةِ إذَا قُتِلَ خَطَأً، وَوُجُوبِ كَفِّ الْأَذَى عَنْهُ، فَتَحْرُمُ غِيبَتُهُ كَمَا تَحْرُمُ غِيبَةُ الْمُسْلِمِ، وَالْمُرَادُ بِوَضْعِ الْخَرَاجِ إلْزَامُهُ عَلَيْهِ، وَأَخْذُهُ مِنْهُ عِنْدَ حُلُولِ وَقْتِهِ، وَمُنْذُ بَاشَرَ السَّبَبَ، وَهُوَ زِرَاعَتُهَا أَوْ تَعْطِيلُهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهَا إذَا كَانَتْ فِي مِلْكِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَمَّا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ، فَلَا يَصِيرُ ذِمِّيًّا فِي ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَجِبَ خَرَاجُهَا لَمْ يَكُنْ بِشِرَائِهِ لَهَا ذِمِّيًّا، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ خَرَاجٍ، فَزَرْعهَا لَمْ يَكُنْ ذِمِّيًّا، فَإِنْ كَانَتْ أَرْضٌ خَرَاجُهَا الْمُقَاسَمَةُ فَزَرْعَهَا بِبَذْرِ الْحَرْبِيِّ، فَأَخَذَ الْإِمَامُ خَرَاجَهَا مِمَّا أَخْرَجَتْ، وَحُكِمَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ دُونَ صَاحِبِ الْأَرْضِ جَعَلَهُ الْإِمَامُ ذِمِّيًّا، وَوَضَعَ عَلَيْهِ خَرَاجَ رَأْسِهِ، فَإِنْ اشْتَرَى الْمُسْتَأْمَنُ أَرْضَ الْمُقَاسَمَةِ، فَآجَرَهَا مِنْ مُسْلِمٍ، فَأَخَذَ الْإِمَامُ الْخَرَاجَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الزَّرْعِ لَمْ يَصِرْ الْمُسْتَأْمَنُ ذِمِّيًّا، وَلَوْ زَرَعَ الْحَرْبِيُّ أَرْضًا اشْتَرَاهَا، وَهِيَ أَرْضُ خَرَاجٍ، فَزَرْعهَا، فَأَصَابَ زَرْعَهَا آفَةٌ فَذَهَبَتْ بِهِ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ خَرَاجٌ تِلْكَ السَّنَةِ، وَلَمْ يَصِرْ الْحَرْبِيُّ ذِمِّيًّا وَإِنْ وَجَبَ فِي أَرْضِ الْمُسْتَأْمَنِ الْخَرَاجُ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهَا صَارَ ذِمِّيًّا حِينَ وَجَبَ فِي أَرْضِهِ الْخَرَاجُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ خَرَاجُ رَأْسِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ بَعْدَ سَنَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ مِنْ يَوْمِ وَجَبَ فِي أَرْضِهِ. وَإِذَا دَخَلَتْ حَرْبِيَّةٌ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَتَزَوَّجَتْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْلِمًا صَارَتْ ذِمِّيَّةً. وَلَوْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ، فَتَزَوَّجَ ذِمِّيَّةً لَا يَصِيرُ ذِمِّيًّا بِتَزْوِيجِهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فَإِنْ رَجَعَ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَتَرَكَ وَدِيعَةً عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ دَيْنًا عَلَيْهِمَا حَلَّ دَمُهُ بِالْعَوْدِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَمَا كَانَ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ أَوْ الذِّمِّيِّينَ مِنْ مَالِهِ، فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَرَامُ التَّنَاوُلِ، فَإِنْ أُسِرَ أَوْ ظُهِرَ عَلَيْهِمْ، فَقُتِلَ سَقَطَ دَيْنُهُ، وَصَارَتْ وَدِيعَتُهُ فَيْئًا وَلَوْ كَانَ لَهُ رَهْنٌ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُهُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُبَاعُ وَيُوَفَّى بِثَمَنِهِ الدَّيْنَ، وَالْفَاضِلُ لِبَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ قُتِلَ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَى الدَّارِ فَالْقَرْضُ الْوَدِيعَةُ لِوَرَثَتِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ، وَمَا أَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ قِتَالٍ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يُصْرَفُ فِي الْخَرَاجِ قَالُوا: هُوَ مِثْلُ الْأَرَاضِي الَّتِي أَجْلَوْا أَهْلَهَا عَنْهَا وَالْجِزْيَةِ، وَلَا خُمُسَ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عَنْ مَالِهِ، وَوَرَثَتُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وُقِفَ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ، فَإِذَا قَدِمُوا فَلَا بُدَّ أَنْ يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَيَأْخُذُوا، فَإِنْ أَقَامُوا بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ قُبِلَتْ اسْتِحْسَانًا، فَإِذَا قَالُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُمْ دُفِعَ إلَيْهِمْ الْمَالُ، وَأُخِذَ مِنْهُمْ كَفِيلًا لِمَا يَظْهَرُ فِي الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ مَلِكِهِمْ، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ كِتَابُهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا بَعَثَ الْحَرْبِيُّ عَبْدًا تَاجِرًا لَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ، فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ هُنَا بِيعَ، وَكَانَ ثَمَنُهُ لِلْحَرْبَيَّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ، وَلَهُ امْرَأَةٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَأَوْلَادٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ وَمَالٌ أَوْدَعَ بَعْضَهُ ذِمِّيًّا وَبَعْضَهُ حَرْبِيًّا وَبَعْضَهُ مُسْلِمًا، فَأَسْلَمَ هُنَا، ثُمَّ ظُهِرَ عَلَى الدَّارِ، فَذَلِكَ كُلُّهُ فَيْءٌ، وَكَذَلِكَ مَا فِي بَطْنِهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ سُبِيَ الصَّبِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَصَارَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِأَبِيهِ، ثُمَّ هُوَ فَيْءٌ عَلَى حَالِهِ، وَكَوْنُهُ مُسْلِمًا لَا يُنَافِي الرِّقَّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ جَاءَ، فَظُهِرَ عَلَى الدَّارِ فَأَوْلَادُهُ الصِّغَارُ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِ أَبِيهِمْ

الفصل الثالث في هدية ملك أهل الحرب يبعثها إلى أمير جيش المسلمين

تَبَعًا، وَكُلُّ مَالٍ أَوْدَعَهُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، فَهُوَ لَهُ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَيْءٌ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ عَمَدًا أَوْ خَطَأً، وَلَهُ وَرَثَةٌ مُسْلِمُونَ هُنَاكَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. مَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا خَطَأً لَا وَلِيَّ لَهُ أَوْ قَتَلَ حَرْبِيًّا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِلْإِمَامِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَ قَتَلَ الْمُسْلِمَ الَّذِي لَا وَارِثَ لَهُ وَالْمُسْتَأْمَنَ الَّذِي أَسْلَمَ وَلَمْ يُسْلِمْ مَعَهُ وَارِثٌ قَصْدًا وَلَا تَبَعًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ دَخَلَ بِهِ إلَيْنَا عَمْدًا، فَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ مِنْهُ بِطَرِيقِ الصُّلْحِ لَا الْجَبْرِ، وَإِمَّا أَنْ يَعْفُوَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ لَقِيطًا فَقَتَلَهُ الْمُلْتَقِطُ أَوْ غَيْرُهُ خَطَأٍ فَلَا إشْكَالَ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، فَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ صَالَحَهُ عَلَى الدِّيَةِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْأَصْلُ أَنَّ الدَّارَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ لِكَوْنِ مَنْ فِيهَا مِنْ أَهْلِهَا وَالسِّيمَاءُ أَقْوَى مِنْ الْمَكَانِ، وَالْبَيِّنَةُ أَقْوَى مِنْ الْكُلِّ. إذَا أَسَرَتْ سَرِيَّةٌ قَوْمًا، وَجَاءُوا بِهِمْ فَادَّعَوْا أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَأَنَّهُمْ أَخَذُونَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَقَالَتْ السَّرِيَّةُ هُمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَخَذْنَاهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَالْقَوْلُ لِلْأُسَارَى وَإِنْ قَالُوا: أَخَذُونَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَكِنْ نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ الذِّمَّةِ وَدَخَلْنَا دَارَ الْحَرْبِ مُسْتَأْمَنِينَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ الزِّيَارَةِ أَوْ كُنَّا أُسَرَاءَ فِي أَيْدِيهمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ وَيُسْتَرَقُّونَ إلَّا إذَا وُجِدَ فِيهِمْ عَلَامَاتُ الْإِسْلَامِ كَالْخِتَانِ وَالْخِضَابِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ وَادَّعُوا إسْلَامًا فَيَنْدَفِعُ عَنْهُمْ الْأَسْرُ، وَكَذَا إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الْعَلَامَاتُ فِي سَبْيٍ فِي دَارِهِمْ بَعْدَ الظُّهُورِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِ السَّرِيَّةِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِنَفْسِهِ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ التُّجَّارِ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ، وَذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: تُقْبَلُ، وَاخْتِلَافُ الْجَوَابِ لِاخْتِلَافِ الْوَضْعِ فَالْوَضْعُ ثَمَّةَ فِي جُنْدٍ عَظِيمٍ، فَكَانَتْ شَرِكَةً عَامَّةً، وَلَا تَمْنَعُ الْقَبُولَ كَشَهَادَةِ الْفَقِيرَيْنِ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَالْوَضْعُ هُنَا فِي السَّرِيَّةِ وَهَذِهِ شَرِكَةٌ خَاصَّةٌ فَمَنَعَتْ الْقَبُولَ، وَلَا شَهَادَةٌ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي الْكَافِي. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي هَدِيَّةِ مَلِكِ أَهْلِ الْحَرْبِ يَبْعَثُهَا إلَى أَمِيرِ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ] َ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا يَبْعَثُهُ مَلِكُ الْعَدُوِّ مِنْ الْهَدِيَّةِ إلَى أَمِيرِ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ إلَى الْإِمَامِ الْأَكْبَرِ، وَهُوَ مَعَ الْجَيْشِ، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِقَبُولِهَا وَيَصِيرُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ، كَذَلِكَ إذَا أَهْدَى مَلِكُهُمْ إلَى قَائِدٍ مِنْ قُوَّادِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ مَنَعَةٌ، وَلَوْ كَانَ أَهْدَى إلَى وَاحِدٍ مِنْ كِبَارِ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ لَهُ مَنَعَةٌ يَخْتَصُّ هُوَ بِهَا، وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ أَنَّ جُنْدًا دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ، فَأَهْدَى أَهْلُ الْحَرْبِ رَجُلًا مِنْ الْجُنْدِ أَوْ قَائِدًا مِنْ هَدَايَاهُمْ، فَهُوَ غَنِيمَةٌ إلَّا أَنَّ نَفْلَ كُلُّ رَجُلٍ مَا أُهْدِي إلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ كُلُّ عَامِلٍ مِنْ عُمَّالِ الْخَلِيفَةِ إذَا بَعَثَهُ الْخَلِيفَةُ عَلَى عَمَلٍ، فَأُهْدِيَ إلَيْهِ شَيْءٌ، فَيَنْبَغِي لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْ الْعَامِلِ، وَيَجْعَلَهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ الْمُهْدِي أَهْدَى إلَيْهِ بِطِيبِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُهْدِي مُكْرَهًا فِي الْإِهْدَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ الْهَدِيَّةَ عَلَى الْمُهْدِي إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ يَضَعْهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَيَكْتُبْ عَلَيْهِ قِصَّتَهُ وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ اللُّقَطَةِ. وَلَوْ أَنَّ عَسْكَرًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ، فَأَهْدَى أَمِيرَهُمْ إلَى مَلِكِ الْعَدُوِّ هَدِيَّةً، فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَإِنْ أَهْدَى إلَيْهِ مَلِكُ الْعَدُوِّ بَعْدَ ذَلِكَ هَدِيَّةً نُظِرَ فِيمَا أَهْدَى مَلِكُ الْعَدُوِّ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا أَهْدَى مَلِكُ الْعَدُوِّ مِثْلَ قِيمَةِ هَدِيَّةِ أَمِيرِ الْجَيْشِ أَوْ أَكْثَرَ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ كَانَتْ لِلْأَمِيرِ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ هَدِيَّةِ مَلِكِ الْعَدُوِّ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ هَدِيَّةِ الْأَمِيرِ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَالزِّيَادَةُ عَلَى هَدِيَّةِ الْأَمِيرِ تَكُونُ غَنِيمَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ أَمِيرَ الثُّغُورِ أَهْدَى إلَى مَلِكِ الْعَدُوِّ هَدِيَّةً، وَأَهْدَى مَلِكُ الْعَدُوِّ إلَيْهِ

الباب السابع في العشر والخراج

هَدِيَّةً أَضْعَافَ ذَلِكَ يُسَلِّمُ لِلْأَمِيرِ قَدْرَ هَدَيْتِهِ مِنْ هَدِيَّةِ مَلِكِ الْعَدُوِّ، وَالْفَضْلُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَلَوْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ حَاصَرُوا حِصْنًا مِنْ حِصْنِ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ مَدِينَةً مِنْ مَدَائِنِهِمْ، فَبَاعَهُمْ أَمِيرُ الْجَيْشِ مَتَاعًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الثَّمَنِ الَّذِي أَعْطَوْهُ، فَإِنْ كَانَ مِثْلَ قِيمَةِ مَا بَاعَ أَوْ أَكْثَرَ بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ يُسَلَّمُ ذَلِكَ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ مَا بَاعَ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، فَالْفَضْلُ عَلَى قِيمَةِ مَتَاعِهِ يَكُونُ غَنِيمَةً، وَهَلْ تُكْرَهُ الْمُبَايَعَةُ مَعَهُمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تُكْرَهُ، وَجَمِيعُ الْأَشْيَاءِ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ] ِ الْأَرَاضِي (نَوْعَانِ) : عُشْرِيَّةٌ وَخَرَاجِيَّةٌ فَأَرْضُ الْعَرَبِ كُلُّهَا عُشْرِيَّةٌ وَهِيَ أَرْضُ تِهَامَةَ وَحِجَازٍ وَمَكَّةَ وَالْيَمَنِ وَطَائِفٍ وَعُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرْضُ الْعَرَبِ مِنْ عُذَيْبٍ إلَى مَكَّةَ وَعَدَنَ أَبْيَنَ إلَى أَقْصَى حِجْرٍ بِالْيَمَنِ بِمَهْرَةَ وَسَوَادِ الْعِرَاقِ فَمَا سُقِيَ مِنْهَا مِنْ أَنْهَارِ الْأَعَاجِمِ خَرَاجِيَّةٌ. وَحَدُّ السَّوَادِ طُولًا مِنْ تُخُومِ الْمَوْصِلِ إلَى أَرْضِ عَبَّادَانِ وَحَدُّهُ عَرْضًا مِنْ مُنْقَطِعِ الْجَبَلِ مِنْ أَرْضِ حُلْوَانَ إلَى أَقْصَى أَرْضِ الْقَادِسِيَّةِ الْمُتَّصِلِ بِعُذَيْبٍ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ كُلُّ بَلْدَةٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَلَمْ يُسْلِمْ أَهْلُهَا، وَمِنْ عَلَيْهِمْ، فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ إنْ كَانَ يَصِلُ إلَيْهَا مَاءُ الْخَرَاجِ. وَكُلُّ بَلْدَةٍ فُتِحَتْ صُلْحًا وَقَبِلُوا الْجِزْيَةَ، فَهِيَ أَرْضُ خَرَاجٍ، وَكُلُّ بَلْدَةٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَقَسَّمَهَا الْإِمَامُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ فَهِيَ عُشْرِيَّةٍ، وَكُلُّ بَلْدَةٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً، وَأَسْلَمَ أَهْلُهَا قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ الْإِمَامُ فِيهِمْ بِشَيْءٍ كَانَ الْإِمَامُ فِيهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَسَّمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَتَكُونُ عُشْرِيَّةٍ وَإِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِمْ وَبَعْدَ الْمَنِّ كَانَ الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ وَضَعَ الْعُشْرَ، وَإِنْ شَاءَ وَضَعَ الْخَرَاجَ إنْ كَانَتْ تُسْقَى بِمَاءِ الْخَرَاجِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. كُلُّ أَرْضٍ أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا طَوْعًا، فَإِنَّهَا تَكُونُ عُشْرِيَّةٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ أَرْضٍ مِنْ أَرَاضِي الْعَرَبِ إذَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَقَهْرًا وَأَهْلُهَا مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، فَأَسْلَمُوا بَعْدَ الْفَتْحِ، وَتَرَكَ الْإِمَامُ الْأَرَاضِيَ عَلَيْهِمْ فَهِيَ عُشْرِيَّةٍ وَكَذَلِكَ كُلُّ بَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِ الْعَجْمِ إذَا فَتَحَهَا الْإِمَامُ قَهْرًا وَعَنْوَةً، وَتَرَدَّدَ بَيْنَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَأَرَاضِيهِمْ، وَيَضَعَ عَلَى الْأَرَاضِي الْخَرَاجَ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَسِّمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَيَضَعَ عَلَى الْأَرَاضِي الْعُشْرَ، فَقَالَ: جَعَلْتُ الْأَرَاضِيَ عُشْرِيَّةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَمَنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَأَرَاضِيهِمْ، فَإِنَّ الْأَرَاضِيَ تَبْقَى عُشْرِيَّةٍ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ وَالْكَرْخِيُّ فِي كِتَابِهِ، وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْخَرَاجِ إذَا انْقَطَعَ عَنْهَا مَاءُ الْخَرَاجِ، وَصَارَتْ تُسْقَى بِمَاءِ الْعُشْرِ، فَهِيَ عُشْرِيَّةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ حَيِّزِ أَرْضِ الْخَرَاجِ فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حَيِّزِ أَرْضِ الْعُشْرِ، فَهِيَ عُشْرِيَّةٍ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُحْيِي لَهَا مُسْلِمًا أَمَّا إذَا كَانَ ذِمِّيًّا، فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حَيِّزِ أَرْضِ الْعُشْرِ. وَالْبَصْرَةُ عِنْدَنَا عُشْرِيَّةً بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ خَرَاجُ الْأَرْضِ نَوْعَانِ خَرَاجُ مُقَاسَمَةٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ شَيْئًا مِنْ الْخَارِجِ نَحْوَ الْخُمُسِ وَالسُّدُسِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَخَرَاجُ وَظِيفَةٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ شَيْئًا فِي الذِّمَّةِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَخَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْخَارِجِ لَا بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الزِّرَاعَةِ حَتَّى إذَا عَطَّلَ الْأَرْضَ

مَعَ التَّمَكُّنِ لَا يَجِبُ كَالْعُشْرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ. أَمَّا خَرَاجُ الْوَظِيفَةِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ يَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ قَفِيزٌ وَدِرْهَمٌ، وَعَلَى جَرِيبِ الرُّطَبَةِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَعَلَى جَرِيبِ الْكَرْمِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَصْنَافِ كَالزَّعْفَرَانِ وَالْقُطْنِ وَالْبُسْتَانِ وَغَيْرِهَا يُوضَعُ عَلَيْهَا بِحَسَبِ الطَّاقَةِ وَنِهَايَةُ الطَّاقَةِ أَنْ يَبْلُغَ الْوَاجِبُ نِصْفَ الْخَارِجِ وَالْبُسْتَانُ كُلُّ أَرْضٍ يَحُوطُهَا حَائِطٌ وَفِيهَا نَخِيلٌ مُتَفَرِّقَةٌ وَأَعْنَابٌ وَأَشْجَارٌ وَيُمْكِنُ زِرَاعَةُ مَا بَيْنَ الْأَشْجَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ مُلْتَفَّةً لَا يُمْكِنُ زِرَاعَةُ أَرْضِهَا، فَهِيَ كَرْمٌ كَذَا فِي الْكَافِي وَالْجَرِيبُ اسْمٌ لِسِتِّينَ ذِرَاعًا فِي سِتِّينَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْمِلْكِ وَذِرَاعُ الْمِلْكِ سَبْعُ قَبْضَاتٍ يَزِيدُ عَلَى ذِرَاعِ الْعَامَّةِ بِقَبْضَةٍ هَذِهِ الْجُمْلَةُ لَفْظُ كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجَرِيبُ اسْمٌ لِسِتِّينَ ذِرَاعًا فِي سِتِّينَ ذِرَاعًا حِكَايَةً عَنْ جَرِيبِهِمْ وَلَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ فِي الْأَرَاضِي كُلِّهَا بَلْ جَرِيبُ الْأَرَاضِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ فَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ مُتَعَارَفُ أَهْلِهَا. وَأَرَادَ بِالْقَفِيزِ الصَّاعَ فَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالْعِرَاقِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أُمَنَاء وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ وَهَذَا الْقَفِيزُ يَكُونُ مِنْ الْحِنْطَةِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَذُكِرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ وَقَالَ وَيَكُونُ هَذَا الْقَفِيزُ مِمَّا يُزْرَعُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُكَالَ هَذَا الْقَفِيزُ بِزِيَادَةِ حَفْنَتَيْنِ، وَتَكَلَّمُوا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ بِزِيَادَةِ حَفْنَتَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسِيرُهُ أَنْ يَضَعَ الْكَيَّالُ كَفَّيْهِ عَلَى جَانِبَيْ الْقَفِيزِ عِنْدَ الْكَيْلِ مِنْ الصُّبْرَةِ، وَيُمْسِكَ مَا يَقَعُ فِي كَفَّيْهِ مِنْ الطَّعَامِ، وَيَصُبَّ الْقَفِيزَ مَعَ مَا فِي حَفْنَتَيْهِ فِي جَوَالِقِ الْعَاشِرِ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: مَعْنَاهُ أَنْ يَمْلَأَ الْكَيَّالُ الْقَفِيزَ ثُمَّ يَمْسَحَ أَعْلَى الْقَفِيزِ حَتَّى يَنْصِبَ مَا فِي أَعْلَاهُ مِنْ الْحَبَّاتِ ثُمَّ يَصُبَّ الْقَفِيزَ فِي جَوَالِقِ الْعَاشِرِ، ثُمَّ يَمْلَأَ حَفْنَتَيْهِ مِنْ الصُّبْرَةِ وَيَرْمِيَهَا فِي جَوَالِقِ الْعَاشِرِ زِيَادَةً عَلَى الْقَفِيزِ ثُمَّ هَذَا الْمِقْدَارُ لَا يَجِبُ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً زَرَعَ الْمَالِكُ مَرَّةً وَاحِدَةً، أَوْ مِرَارًا بِخِلَافِ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ وَالْعُشْرِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْوَاجِبَ جُزْءُ الْخَارِجِ، فَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ ثُمَّ مَا ذَكَرْنَا فِي مِقْدَارِ الْخَارِجِ، فَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْأَرَاضِي تُطِيقُ ذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرَاضِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ بِأَنْ قَلَّ رِيعُهَا، فَإِنَّهُ يُنْقَصُ عَنْهُ إلَى مَا تُطِيقُ، فَالنُّقْصَانُ عَنْ وَظِيفَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا كَانَتْ الْأَرَاضِي لَا تُطِيقُ تِلْكَ الْوَظِيفَةَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى تِلْكَ الْوَظِيفَةِ إذَا كَانَتْ الْأَرَاضِي تُطِيقُ الزِّيَادَةَ بِأَنْ كَثُرَ رِيعُهَا هَلْ تَجُوزُ؟ فَفِي الْأَرَاضِي الَّتِي صَدَرَ التَّوْظِيفُ فِيهَا مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي صَدَرَ التَّوْظِيفُ فِيهَا مِنْ إمَامٍ بِمِثْلِ وَظِيفَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ أَطَاقَتْ الزِّيَادَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ هَذَا الْإِمَامَ وَظَّفَ عَلَى أَرَاضٍ مِثْلَ وَظِيفَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَزِيدَ عَلَى تِلْكَ الْوَظِيفَةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرَاضِي تُطِيقُ الزِّيَادَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى وَظِيفَةٍ أُخْرَى بِأَنْ كَانَتْ وَظِيفَةُ الْأُولَى دَرَاهِمَ، فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى الْمُقَاسَمَةِ، أَوْ كَانَتْ مُقَاسَمَةً، فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى الدَّرَاهِمِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِمْ عَلَى تِلْكَ الْوَظِيفَةِ، أَوْ حَوَّلَهَا إلَى وَظِيفَةٍ أُخْرَى، وَحَكَمَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ مِنْ رَأْيِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ وُلِّيَ بَعْدَهُ وَالٍ يَرَى خِلَافَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ صَنَعَ مَا صَنَعَ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ أَمْضَى الثَّانِي مَا فَعَلَهُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ صَنَعَ بِغَيْرِ طِيبِ أَنْفُسِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَرَاضِي فُتِحَتْ عَنْوَةً، ثُمَّ مَنَّ الْإِمَامُ بِهَا عَلَيْهِمْ أَمْضَى الثَّانِي مَا صَنَعَ الْأَوَّلُ، وَإِنْ فَتَحَ الْأَرَاضِيَ بِالصُّلْحِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ. وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا، فَالثَّانِي يُنْقِضُ فِعْلَ الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْأَرَاضِي الَّتِي يُرِيدُ الْإِمَامُ تَوْظِيفَ الْخَرَاجِ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً إذَا زَادَ عَلَى وَظِيفَةِ عُمَرَ

- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَأَمَّا خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ، فَالتَّقْدِيرُ فِيهِ مُفَوَّضٌ إلَى الْإِمَامِ، وَلَكِنْ لَا يُزَادُ عَلَى نِصْفِ الْخَارِجِ. كُلُّ مَنْ مَلَكَ أَرْضِ الْخَرَاجِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْخَرَاجُ كَافِرًا كَانَ، أَوْ مُسْلِمًا صَغِيرًا كَانَ، أَوْ كَبِيرًا حُرًّا كَانَ، أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا رَجُلًا كَانَ، أَوْ امْرَأَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. يَجِبُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ أَرْضٌ خَرَاجُهَا وَظِيفَةً اغْتَصَبَهَا غَاصِبٌ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ جَاحِدًا وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمَالِكِ إنْ لَمْ يَزْرَعْهَا الْغَاصِبُ، فَلَا خَرَاجَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ زَرَعَهَا الْغَاصِبُ، وَلَمْ تُنْقِصْهَا الزِّرَاعَةُ، فَالْخَرَاجُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا بِالْغَصْبِ، أَوْ كَانَتْ لِلْمَالِكِ بَيِّنَةٌ، وَلَمْ تُنْقِصْهَا الزِّرَاعَةُ، فَالْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ نَقَصَتْهَا الزِّرَاعَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ قَلَّ النُّقْصَانُ، أَوْ كَثُرَ كَأَنَّهُ آجَرَهَا مِنْ الْغَاصِبِ بِضَمَانِ النُّقْصَانِ. وَفِي بَيْعِ الْوَفَاءِ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرِي بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ، وَإِنْ آجَرَ أَرْضَهُ الْخَرَاجِيَّةَ، أَوْ أَعَارَهَا كَانَ الْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ كَمَا لَوْ دَفَعَهَا مُزَارَعَةً إلَّا إذَا كَانَ كَرْمًا، أَوْ رِطَابًا، أَوْ شَجَرًا مُلْتَفًّا، وَلَوْ آجَرَ الْأَرْضَ الْعُشْرِيَّةَ كَانَ الْعُشْرُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ صَاحِبَاهُ: عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ أَعَارَ أَرْضَهُ الْعُشْرِيَّةَ، فَزَرَعَهَا الْمُسْتَعِيرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ وَاسْتَعَارَ أَرْضًا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ، فَغَرَسَ الْمُسْتَأْجِرُ، أَوْ الْمُسْتَعِيرُ فِيهَا كَرْمًا، أَوْ جَعَلَ فِيهَا رِطَابًا كَانَ الْخَرَاجُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. وَإِنْ غَصَبَ أَرْضًا عُشْرِيَّةً، فَزَرَعَهَا إنْ لَمْ تُنْقِصْهَا الزِّرَاعَةُ، فَلَا عُشْرَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ نَقَصَتْهَا الزِّرَاعَةُ كَانَ الْعُشْرُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ كَأَنَّهُ آجَرَهَا بِالنُّقْصَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ أَرْضُ خَرَاجٍ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ، وَهِيَ فَارِغَةٌ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ مِقْدَارُ مَا يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى زِرَاعَتِهَا يَجِبُ الْخَرَاجُ عَلَى الْمُشْتَرِي زَرَعَ، أَوْ لَمْ يَزْرَعْ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ السَّنَةِ مِقْدَارُ ذَلِكَ، فَالْخَرَاجُ عَلَى الْبَائِعِ، وَتَكَلَّمُوا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ زَرْعُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ أَمْ أَيُّ زَرْعٍ كَانَ، وَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ مُدَّةٌ يُدْرَكُ الزَّرْعُ فِيهَا أَمْ مُدَّةٌ يَبْلُغُ فِيهَا الزَّرْعُ مَبْلَغًا تَكُونُ قِيمَتُهُ ضِعْفَ الْخَرَاجِ، وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَلَامٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إنْ بَقِيَ وَجَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَعَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِقْدَارُ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الزِّرَاعَةِ، فَأَخَذَ السُّلْطَانُ الْخَرَاجَ مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَخَذَ مِنْ الْأَكَّارِ وَالْأَرْضُ فِي يَدِهِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِامْتِنَاعِ يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَرْجِعُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إنْ كَانَ لِلْأَرْضِ رِيعَانِ خَرِيفِيٌّ وَرَبِيعِيٌّ، وَسَلَّمَ أَحَدَهُمَا لِلْبَائِعِ وَالْآخَرَ لِلْمُشْتَرِي، أَوْ يَتَمَكَّنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ تَحْصِيلِ أَحَدِ رِيعَيْنِ لِنَفْسِهِ، فَالْخَرَاجُ عَلَيْهِمَا هَكَذَا ذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا خَرَاجِيَّةً، فَبَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ شَهْرٍ، ثُمَّ بَاعَهَا الثَّانِي مِنْ غَيْرِهِ كَذَلِكَ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ، وَلَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِ أَحَدِهِمْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لَا خَرَاجَ عَلَى أَحَدٍ قَالُوا الصَّحِيحُ فِي هَذَا أَنْ يُنْظَرَ إلَى الْمُشْتَرِي الْآخَرِ إنْ بَقِيَتْ فِي يَدِهِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كَانَ الْخَرَاجُ عَلَيْهِ. رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لَمْ يَبْلُغْ، فَبَاعَهَا مَعَ الزَّرْعِ كَانَ خَرَاجُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ مَا انْعَقَدَ الْحَبُّ وَبَلَغَ الزَّرْعُ ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا فَارِغَةً، وَبَاعَ مَعَهَا حِنْطَةً مَحْصُودَةً هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانُوا يَأْخُذُونَ الْخَرَاجَ فِي آخِرِ السَّنَةِ فَإِنْ

كَانُوا يَأْخُذُونَ الْخَرَاجَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْجِيلِ، فَذَلِكَ مَحْضُ ظُلْمٍ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي. رَجُلٌ لَهُ قَرْيَةٌ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ لَهُ فِيهَا بُيُوتٌ وَمَنَازِلُ يَسْتَغِلُّهَا، أَوْ لَا يَسْتَغِلُّهَا لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا كَانَ لَهُ دَارُ خُطَّةٍ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ جَعَلَهَا بُسْتَانًا، أَوْ غَرَسَ فِيهَا نَخْلًا، وَأَخْرَجَهَا عَنْ مَنْزِلِهِ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَرْضِ تَبَعٌ لِلدَّارِ، وَإِنْ جَعَلَ كُلَّ الدَّارِ بُسْتَانًا، فَإِنْ كَانَتْ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ، فَفِيهَا الْعُشْرُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ فَفِيهَا الْخَرَاجُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا خَرَاجِيَّةً، وَبَنَى فِيهَا دَارًا، فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الزِّرَاعَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. السُّلْطَانُ إذَا جَعَلَ الْخَرَاجَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، فَتَرَكَهُ عَلَيْهِ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ وَعَلَى هَذَا التَّسْوِيغُ لِلْقُضَاةِ وَالْفُقَهَاءِ. السُّلْطَانُ إذَا لَمْ يَطْلُبْ الْخَرَاجَ مِمَّنْ عَلَيْهِ كَانَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ تَصَدَّقَ بَعْدَ الطَّلَبِ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْعَامِلُ إذَا تَرَكَ الْخَرَاجَ عَلَى الْمُزَارِعِ بِدُونِ عِلْمِ السُّلْطَانِ يَحِلُّ لَوْ مُصَرَّفًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - السُّلْطَانُ إذَا جَعَلَ الْعُشْرَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ، هَذَا بِلَا خِلَافٍ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا تَرَكَ الْعُشْرَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ، فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَتْرُكَ إغْفَالًا مِنْهُ بِأَنْ نَسِيَ، فَفِي هَذَا الْوَجْهِ كَانَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الْعُشْرُ أَنْ يَصْرِفَ قَدْرَ الْعُشْرِ إلَى الْفَقِيرِ وَالثَّانِي إذَا تَرَكَهُ قَصْدًا مَعَ عِلْمِهِ بِهِ وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا إنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْعُشْرُ غَنِيًّا كَانَ لَهُ ذَلِكَ جَائِزَةً مِنْ السُّلْطَانِ، وَيَضْمَنُ السُّلْطَانُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ بَيْتِ مَالِ الْخَرَاجِ لِبَيْتِ مَالِ الصَّدَقَةِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْعُشْرُ فَقِيرًا مُحْتَاجًا إلَى الْعُشْرِ، فَتَرَكَ ذَلِكَ عَلَيْهِ جَائِزٌ وَكَانَ صَدَقَةً عَلَيْهِ، فَيَجُوزُ كَمَا لَوْ أَخَذَ مِنْهُ، ثُمَّ صَرَفَهُ إلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ لَهُ أَرْضُ خَرَاجٍ عَطَّلَهَا، فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، هَذَا إذَا كَانَ الْخَرَاجُ مُوَظَّفًا أَمَّا إذَا كَانَ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ، فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالُوا: مَنْ انْتَقَلَ إلَى أَخَسِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْأَعْلَى كَمَنْ لَهُ أَرْضُ الزَّعْفَرَانِ، فَتَرَكَهَا، وَزَرَعَ الْحُبُوبَ، فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الزَّعْفَرَانِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ كَرْمٌ، فَقَطَعَ، وَزَرَعَ الْحُبُوبَ، فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْكَرْمِ، وَهَذَا شَيْءٌ يُعْلَمُ، وَلَا يُفْتَى بِهِ كَيْ لَا يَطْمَعَ الظَّلَمَةُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ كَذَا فِي الْكَافِي. مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ أُخِذَ مِنْهُ الْخَرَاجُ عَلَى حَالِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُسْلِمُ أَرْضَ الْخَرَاجِ مِنْ الذِّمِّيِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْخَرَاجُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا يُجْمَعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ عُشْرِيَّةٍ، أَوْ خَرَاجِيَّةً. وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضَ عُشْرٍ، أَوْ أَرْضَ خَرَاجٍ لِلتِّجَارَةِ، فَفِيهَا الْعُشْرُ، أَوْ الْخَرَاجُ دُونَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ الذِّمِّيُّ إذَا اشْتَرَى أَرْضًا عُشْرِيَّةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يُؤْخَذُ مِنْهُ الْخَرَاجُ كَذَا فِي الزَّادِ. وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ عَجَزُوا عَنْ عِمَارَةِ الْأَرَاضِي وَاسْتِغْلَالِهَا، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مَا يُؤَدُّونَ بِهِ الْخَرَاجَ لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرَاضِيَ مِنْهُمْ، وَيَدْفَعَهَا إلَى غَيْرِهِمْ عَلَى سَبِيلِ التَّمْلِيكِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ فِي كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ: لَوْ أَنَّ أَرْضًا مِنْ الْأَرَاضِي الْخَرَاجِيَّةِ عَجَزَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَعَطَّلَهَا وَتَرَكَهَا كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى مَنْ يَقُومُ عَلَيْهَا وَيُؤَدِّي خَرَاجَهَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُؤَاجِرَ الْإِمَامُ الْأَرَاضِيَ أَوَّلًا، وَيَأْخُذَ الْأَجْرَ وَيَرْفَعَ مِنْهُ قَدْرَ الْخَرَاجِ، وَيُمْسِكَ الْبَاقِيَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ فَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا يَدْفَعْهَا مُزَارَعَةً بِالثُّلُثِ، أَوْ الرُّبُعِ عَلَى قَدْرِ مَا يُؤْخَذُ مِثْلُ تِلْكَ الْأَرْضِ مُزَارَعَةً

فَيَأْخُذْ الْخَرَاجَ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَيُمْسِكْ الْبَاقِيَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ مَنْ يَأْخُذُهَا مُزَارَعَةً يَدْفَعْهَا إلَى مَنْ يَقُومُ عَلَيْهَا وَيُؤَدِّي الْخَرَاجَ عَنْهَا، وَطَرِيقُ الْجَوَازِ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ أَمَّا إقَامَتُهُمْ مَقَامَ الْمَالِكِ فِي الزِّرَاعَةِ وَإِعْطَاءِ الْخَرَاجِ، أَوْ الْإِجَارَةِ بِقَدْرِ الْخَرَاجِ، وَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ خَرَاجًا فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَأُجْرَةً فِي حَقِّهِمْ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْإِمَامُ مَنْ يَعْمَلُ فِيهَا بِالْخَرَاجِ يَبِيعُهَا، وَيَرْفَعُ الْخَرَاجَ عَنْ ثَمَنِهَا، وَيَحْفَظُ الْبَاقِيَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ قِيلَ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ يَبِيعُ الْأَرَاضِيَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبِيعَهَا؛ لِأَنَّ فِي بَيْعِ مَالِهِ حَجْرًا عَلَيْهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرَى الْحَجْرَ عَلَى الْحُرِّ، وَقِيلَ هَذَا قَوْلُ الْكُلِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرَى الْحَجْرَ فِي مَوْضِعٍ يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى الْعَامَّةِ. وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْإِمَامَ يَشْتَرِي ثِيرَانًا وَأَدَاةَ الزِّرَاعَةِ وَيَدْفَعُهَا إلَى إنْسَانٍ لِيَزْرَعَهَا فَإِذَا حُصِّلَتْ الْغَلَّةُ يَأْخُذُ مِنْهَا قَدْرَ الْخَرَاجِ وَمَا أُنْفِقَ عَلَيْهَا وَيَحْفَظُ الْبَاقِيَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْرِضُ الْإِمَامُ صَاحِبَ الْأَرْضِ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ مِقْدَارَ مَا يَشْتَرِي بِهِ الثِّيرَانَ وَالْأَدَاةَ، فَيَأْخُذُ ثِقَةً، وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا لِيَزْرَعَ، فَإِذَا ظَهَرَتْ الْغَلَّةُ أَخَذَ مِنْهَا الْخَرَاجَ، وَمِقْدَارُ مَا أَقْرَضَ يَكُونُ دَيْنًا عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ يَدْفَعْهَا إلَى مَنْ يَقُومُ عَلَيْهَا وَيُؤَدِّي خَرَاجَهَا، ثُمَّ إذَا كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ عَاجِزًا عَنْ الزِّرَاعَةِ، وَصَنَعَ الْإِمَامُ بِالْأَرْضِ مَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ عَادَتْ قُدْرَتُهُ وَإِمْكَانُهُ مِنْ الْعَمَلِ وَالزِّرَاعَةِ يَسْتَرِدُّهَا الْإِمَامُ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ، وَيَرُدُّهَا عَلَى صَاحِبِهَا إلَّا فِي الْبَيْعِ خَاصَّةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا هَرَبَ أَهْلُ الْخَرَاجِ، وَتَرَكُوا أَرَاضِيَهُمْ ذَكَرَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْإِمَامَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ عَمَّرَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَتَكُونُ غَلَّتُهَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهَا إلَى غَيْرِهِمْ مُقَاطَعَةً، وَيَكُونُ مَا أَخَذَهُ مِنْهُمْ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا مَاتَ أَهْلُ الْخَرَاجِ دَفَعَ الْإِمَامُ أَرَاضِيَهُمْ مُزَارَعَةً، وَإِنْ شَاءَ آجَرَهَا وَوَضَعَ أُجْرَتَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ هَرَبُوا آجَرَهَا، وَأَخَذَ مِنْهَا مِقْدَارَ الْخَرَاجِ وَحَفِظَ مَا بَقِيَ لِأَهْلِهَا، فَإِذَا رَجَعُوا رَدَّهُ إلَيْهِمْ، وَلَا يُؤَجِّرُهَا مَا لَمْ تَمْضِ السَّنَةُ الَّتِي هَرَبُوا فِيهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَقْلُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَنْ أَرَاضِيِهِمْ إلَى أَرْضٍ أُخْرَى صَحَّ بِعُذْرٍ لَا بِدُونِهِ وَالْعُذْرُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ شَوْكَةٌ وَقُوَّةٌ فَيُخَافُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، أَوْ يُخَافُ عَلَيْنَا مِنْهُمْ بِأَنْ يُخْبِرُوهُمْ بِعَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُمْ قِيمَةُ أَرَاضِيِهِمْ، أَوْ مِثْلُهَا مِسَاحَةً مِنْ أَرْضٍ أُخْرَى، وَعَلَيْهِمْ خَرَاجُ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِي انْتَقَلُوا إلَيْهَا، وَفِي رِوَايَةٍ عَلَيْهِمْ خَرَاجُ الْمَنْقُولِ عَنْهَا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَرَاضِيهِمْ خَرَاجِيَّةٌ فَلَوْ تَوَطَّنَهَا مُسْلِمٌ عَلَيْهِ خَرَاجُهَا كَذَا فِي الْكَافِي. قَرْيَةٌ فِيهَا أَرَاضٍ مَاتَ أَرْبَابُهَا، أَوْ غَابُوا، وَعَجَزَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ عَنْ خَرَاجِهَا، فَأَرَادُوا التَّسْلِيمَ إلَى السُّلْطَانِ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَفْعَلُ مَا قُلْنَا، فَإِنْ أَرَادَ السُّلْطَانُ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ يَبِيعُهَا مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ يَشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي. قَوْمٌ اشْتَرَوْا ضَيْعَةً فِيهَا كُرُومٍ وَأَرَاضٍ، فَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمْ الْكُرُومَ وَالْآخَرُ الْأَرَاضِيَ، فَأَرَادُوا قِسْمَةَ الْخَرَاجِ قَالُوا: إنْ

كَانَ خَرَاجُ الْكُرُومِ مَعْلُومًا، وَخَرَاجُ الْأَرَاضِي كَذَلِكَ كَانَ الْحُكْمُ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَرَاجُ الْكُرُومِ مَعْلُومًا، وَكَانَ خَرَاجُ الضَّيْعَةِ جُمْلَةً، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْكُرُومَ كَانَتْ كُرُومًا فِي الْأَصْلِ لَا يُعْرَفُ إلَّا كَرْمًا وَالْأَرَاضِي كَذَلِكَ يُنْظَرُ إلَى خَرَاجِ الْكُرُومِ وَالْأَرَاضِي، فَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ يُقْسَمُ جُمْلَةُ خَرَاجِ الضَّيْعَةِ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا. قَرْيَةٌ خَرَاجُ أَرْضِهَا عَلَى التَّفَاوُتِ، وَطَلَبَ مَنْ كَانَ خَرَاجُ أَرْضِهِ أَكْثَرَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ قَالُوا: إنْ كَانَ لَا يُعْلَمُ أَنَّ الْخَرَاجَ فِي الِابْتِدَاءِ كَانَ عَلَى التَّسَاوِي أَمْ عَلَى التَّفَاوُتِ يُتْرَكُ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْفَتَاوَى إذَا جَعَلَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ الْخَرَاجِيَّةَ مَقْبَرَةً، أَوْ خَانًا لِلْغَلَّةِ، أَوْ مَسْكَنًا لِلْفُقَرَاءِ سَقَطَ الْخَرَاجُ. خَرَاجُ الْأَرَاضِي إذَا تَوَالَى عَلَى الْمُسْلِمِ سِنِينَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُؤْخَذُ بِجَمِيعِ مَا مَضَى، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُؤْخَذُ إلَّا بِخَرَاجِ السَّنَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ السِّيَرِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَيْنِ قَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَا خَرَاجَ إنْ غَلَبَ عَلَى أَرْضِهِ الْمَاءُ، أَوْ انْقَطَعَ، أَوْ مُنِعَ مِنْ الزَّرْعِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ إذَا غَرِقَتْ أَرْضُ الْخَرَاجِ، ثُمَّ نَضَبَ الْمَاءُ عَنْهَا فِي وَقْتٍ يَقْدِرُ عَلَى زِرَاعَتِهَا ثَانِيًا قَبْلَ دُخُولِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَلَمْ يَزْرَعْهَا فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَإِنْ نَضَبَ الْمَاءُ عَنْهَا فِي وَقْتٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى زِرَاعَتِهَا ثَانِيًا قَبْلَ دُخُولِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَجِبُ الْخَرَاجُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا كَالْغَرَقِ وَالْحَرْقِ وَشِدَّةِ الْبَرْدِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا خَرَاجَ، أَمَّا إذَا كَانَتْ آفَةً غَيْرَ سَمَاوِيَّةٍ، وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا كَأَكْلِ الْقِرَدَةِ وَالسِّبَاعِ وَالْأَنْعَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ هَلَاكَ الْخَارِجِ قَبْلَ الْحَصَادِ يُسْقِطُ الْخَرَاجَ هَلَاكُهُ بَعْدَ الْحَصَادِ لَا يُسْقِطُهُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي أَرْضِ الْعُشْرِ إذَا هَلَكَ الْخَارِجُ قَبْلَ الْحَصَادِ يَسْقُطُ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَصَادِ مَا كَانَ مِنْ نَصِيبِ رَبِّ الْأَرْضِ يَسْقُطُ، وَمَا كَانَ مِنْ نَصِيبِ الْأَكَّارِ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَخَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ بِمَنْزِلَةِ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ شَيْءٌ مِنْ الْخَارِجِ، وَإِنَّمَا يُفَارِقُ الْعُشْرَ فِي الْمَصْرِفِ، وَهَذَا إذَا هَلَكَ كُلُّ الْخَارِجِ فَإِنْ هَلَكَ الْأَكْثَرُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ يُنْظَرُ إلَى مَا بَقِيَ إنْ بَقِيَ مِقْدَارُ مَا يَبْلُغُ قَفِيزَيْنِ وَدِرْهَمَيْنِ يَجِبُ قَفِيزٌ وَدِرْهَمٌ وَلَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ، وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ يَجِبُ نِصْفُ الْخَارِجِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَالصَّوَابُ فِي هَذَا أَنْ يُنْظَرَ أَوَّلًا إلَى مَا أَنْفَقَ هَذَا الرَّجُلُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، ثُمَّ يُنْظَرَ إلَى الْخَارِجِ فَيُسْتَحَبُّ مَا أَنْفَقَ أَوَّلًا مِنْ الْخَارِجِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ أَخَذَ مِنْهُ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْمُحِيطِ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ بِهَلَاكِ الْخَارِجِ إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ السَّنَةِ مِقْدَارُ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الزِّرَاعَةِ فَإِنْ بَقِيَ لَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ وَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ، وَكَذَا الْكَرْمُ إذَا ذَهَبَ ثِمَارُهُ بِآفَةٍ إنْ ذَهَبَ الْبَعْضُ، وَبَقِيَ

الْبَعْضُ إذَا بَقِيَ مَا يَبْلُغُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، أَوْ أَكْثَرَ يَجِبُ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَبْلُغُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا يَجِبُ مِقْدَارُ نِصْفِ مَا بَقِيَ، وَكَذَا الرِّطَابُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمَحْمُودُ مِنْ صَنِيعِ الْأَكَاسِرَةِ أَنَّ الْمُزَارِعَ إذَا اصْطَلَمَ زَرْعَهُ آفَةٌ فِي عَهْدِهِمْ كَانُوا يَضْمَنُونَ لَهُ الْبَذْرَ وَالنَّفَقَةَ مِنْ الْخِزَانَةِ، وَيَقُولُونَ: الْمُزَارِعُ شَرِيكُنَا فِي الرِّبْحِ، فَكَيْفَ لَا نُشَارِكُهُ فِي الْخُسْرَانِ وَالسُّلْطَانُ الْمُسْلِمُ بِهَذَا الْخُلُقِ، أَوْلَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ غَرَسَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ كَرْمًا مَا لَمْ يُثْمِرْ الْكَرْمُ كَانَ عَلَيْهِ خَرَاجُ أَرْضِ الزَّرْعِ، وَكَذَا لَوْ غَرَسَ الْأَشْجَارَ الْمُثْمِرَةَ كَانَ عَلَيْهِ خَرَاجُ الزَّرْعِ إلَى أَنْ تُثْمِرَ الْأَشْجَارُ، وَإِذَا بَلَغَ الْكَرْمُ، وَأَثْمَرَ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّمَرِ تَبْلُغُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، أَوْ أَكْثَرَ كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا كَانَ عَلَيْهِ مِقْدَارُ نِصْفِ الْخَارِجِ، فَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ لَا يَبْلُغُ قَفِيزًا وَدِرْهَمًا لَا يُنْقَصُ عَنْ قَفِيزٍ وَدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِهِ أَجَمَةٌ فِيهَا صَيْدٌ كَثِيرٌ لَيْسَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِهِ قَصَبٌ، أَوْ طَرْفَاءُ، أَوْ صَنَوْبَرٌ، أَوْ خِلَافٌ، أَوْ شَجَرٌ لَا يُثْمِرُ يُنْظَرُ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقْطَعَ ذَلِكَ، وَيَجْعَلَهَا مَزْرَعَةً، فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إصْلَاحِ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ أَرْضٌ يَخْرُجُ مِنْهَا مِلْحٌ كَثِيرٌ، أَوْ قَلِيلٌ، فَكَذَلِكَ إنْ قَدَرَ أَنْ يَجْعَلَهَا مَزْرَعَةً، وَيَصِلَ إلَيْهَا مَاءُ الْخَرَاجِ كَانَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ إلَيْهَا مَاءُ الْخَرَاجِ، أَوْ كَانَتْ فِي الْجَبَلِ، وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا الْمَاءُ لَا يَجِبُ الْخَرَاجُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ قِطْعَةُ أَرْضٍ سَبِخَةٌ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ، أَوْ لَا يَصِلُ إلَيْهَا الْمَاءُ إنْ أَمْكَنَهُ إصْلَاحُهَا فَلَمْ يُصْلِحْ كَانَ عَلَيْهِ خَرَاجُهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ، فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَوَانُ وُجُوبِ الْخَرَاجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلُ السَّنَةِ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْأَرْضِ النَّامِيَةِ فِي يَدِهِ سَنَةً إمَّا حَقِيقَةً، أَوْ اعْتِبَارًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ. وَيَنْبَغِي لِلْوَالِي أَنْ يَلِيَ الْخَرَاجَ رَجُلًا يَرْفُقُ بِالنَّاسِ، وَيَعْدِلُ عَلَيْهِمْ فِي خَرَاجِهِمْ وَأَنْ يَأْخُذَهُمْ بِالْخَرَاجِ كُلَّمَا خَرَجَتْ غَلَّةٌ، فَيَأْخُذَهُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ تَمَامَ الْخَرَاجِ فِي آخِرِ الْغَلَّةِ، وَأَرَادَ بِهَذَا أَنْ يُوَزِّعَ الْخَرَاجَ عَلَى قَدْرِ الْغَلَّةِ حَتَّى أَنَّ الْأَرْضَ إذَا كَانَ يَزْرَعُ فِيهَا غَلَّةَ الرَّبِيعِ وَغَلَّةَ الْخَرِيفِ، فَعِنْدَ حُصُولِ غَلَّةِ الرَّبِيعِ يَنْظُرُ الْمُتَوَلِّي أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ كَمْ تَغُلُّ غَلَّةَ الْخَرِيفِ بِطَرِيقِ الْحَزْرِ وَالظَّنِّ، فَإِنْ وَقَعَ عِنْدَهُ أَنَّهَا تَغُلُّ مِثْلَ غَلَّةِ الرَّبِيعِ، فَإِنَّهُ يُنَصِّفُ الْخَرَاجَ، فَيَأْخُذُ نِصْفَ الْخَرَاجِ مِنْ غَلَّةِ الرَّبِيعِ، وَيُؤَخِّرُ النِّصْفَ إلَى غَلَّةِ الْخَرِيفِ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ فِي الْبُقُولِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مِمَّا يُجَزُّ خَمْسَ مَرَّاتٍ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ مَرَّةٍ خُمُسَ الْخَرَاجِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُجَزُّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ مَرَّةٍ رُبُعَ الْخَرَاجِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، فَافْهَمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ، أَوْ الْعُشْرُ إذَا مَاتَ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَيُؤْخَذُ الْخَرَاجُ عِنْدَ بُلُوغِ الْغَلَّةِ عَلَى اخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ. وَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِ الْأَرَاضِي أَنْ يَأْكُلَ الْغَلَّةَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْخَرَاجَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ الْعُشْرِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْعُشْرَ، وَإِنْ أَكَلَ ضَمِنَ وَلِلسُّلْطَانِ حَبْسُ

الباب الثامن في الجزية

غَلَّةِ أَرْضِ الْخَرَاجِ حَتَّى يَأْخُذَ الْخَرَاجَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَوَادِرِهِ إذَا عَجَّلَ خَرَاجَ أَرْضِهِ لِسَنَةٍ، أَوْ لِسَنَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ عَجَّلَ خَرَاجَ أَرْضِهِ، ثُمَّ غَرِقَتْ الْأَرْضُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ قَالَ: يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا أَدَّى مِنْ خَرَاجِهِ، فَإِنْ زَرَعَهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ حُسِبَ لَهُ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ أَعْطَى خَرَاجَ أَرْضِهِ لِسَنَتَيْنِ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ، وَصَارَتْ دِجْلَةُ قَالَ: يُرَدُّ عَلَيْهِ إذَا كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ يُرِيدُ بِهِ إذَا صَرَفَهُ إلَى الْمُقَاتِلَةِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْجِزْيَةِ] ِ الْجِزْيَةِ وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ الْعَاقِلِ الْمُحْتَرِفِ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ حِرْفَتَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: جِزْيَةٌ تُوضَعُ عَلَيْهِمْ بِصُلْحٍ وَتَرَاضٍ، فَتَتَقَدَّرُ بِحَسَبِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ كَذَا فِي الْكَافِي فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهَا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَجِزْيَةٌ يَبْتَدِئُ الْإِمَامُ وَضْعَهَا إذَا غَلَبَ عَلَى الْكُفَّارِ، وَأَقَرَّهُمْ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي فَهَذِهِ مُقَدَّرَةٌ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ شَاءُوا، أَوْ أَبَوْا رَضُوا، أَوْ لَمْ يَرْضَوْا. فَيَضَعُ عَلَى الْغَنِيِّ كُلَّ سَنَةٍ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا بِوَزْنِ سَبْعَةٍ يَأْخُذُ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، وَعَلَى وَسَطِ الْحَالِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي كُلِّ شَهْرٍ دِرْهَمَيْنِ، وَعَلَى الْفَقِيرِ الْمُعْتَمِلِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا فِي كُلِّ شَهْرٍ دِرْهَمًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَافِي تَكَلَّمُوا فِي مَعْنَى الْمُعْتَمِلِ وَالصَّحِيحُ مِنْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ حِرْفَتَهُ وَتَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْرِفَةِ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالْوَسَطِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ عُرْفُهَا فَمَنْ عَدَّهُ النَّاسُ فِي بَلَدِهِمْ فَقِيرًا أَوْ وَسَطًا أَوْ غَنِيًّا فَهُوَ كَذَلِكَ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ الْفَقِيرُ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ وَالْوَسَطُ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ فَوْقَ الْمِائَتَيْنِ إلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَالْمُكْثِرُ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ فَوْقَ عَشَرَةِ آلَافٍ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالِاعْتِمَادُ فِي هَذَا عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَمِلُ صَحِيحًا وَيُكْتَفَى بِصِحَّتِهِ فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ذَكَرَ فِي الْإِيضَاحِ، وَلَوْ مَرِضَ الذِّمِّيُّ السَّنَةَ كُلَّهَا، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَعْمَلَ، وَهُوَ مُوسِرٌ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، وَكَذَا إنْ مَرِضَ نِصْفَ السَّنَةِ، أَوْ أَكْثَرَ أَمَّا لَوْ تَرَكَ الْعَمَلَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَانَ كَالْمُعْتَمِلِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. الْجِزْيَةُ تَجِبُ عِنْدَنَا فِي ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ، وَهِيَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ الْعَرَبِ، أَوْ مِنْ الْعَجَمِ، أَوْ الْمَجُوسِ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَجَمِ كَذَا فِي الْكَافِي. ثُمَّ أَوَانُ أَخْذِ خَرَاجِ الرَّأْسِ مِنْ آخِرِ السَّنَةِ قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تُؤْخَذُ مِنْهُ فِي كُلِّ شَهْرَيْنِ بِقِسْطٍ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تُؤْخَذُ شَهْرًا فَشَهْرًا، وَالْأَصَحُّ هُوَ الْأَوَّلُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ الْيَهُودُ يَدْخُلُ فِيهِمْ السَّامِرَةُ وَالنَّصَارَى

يَدْخُلُ فِيهِمْ الْفِرِنْجُ وَالْأَرْمَنُ، وَإِنْ ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَجَمِ قَبْلَ وَضْعِ الْجِزْيَةِ فَهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ فَيْءٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَأَمَّا الصَّابِئُونَ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ وَقَالَ صَاحِبَاهُ: لَا تُؤْخَذُ، وَأَمَّا الْمُبَيِّضَةُ هَلْ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ قَالُوا: يُنْظَرُ إنْ كَانُوا حَدِيثًا، فَهُمْ مُرْتَدُّونَ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ، وَهُمْ يُقْتَلُونَ، وَإِنْ كَانُوا قَدِيمًا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ، وَسَأْمًا الزَّنَادِقَةُ فَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْهُمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا تُوضَعُ عَلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ، وَلَا الْمُرْتَدِّينَ، وَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَنِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ فَيْءٌ، وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ مِنْ رِجَالِهِمْ قُتِلَ وَلَا جِزْيَةَ عَلَى امْرَأَةٍ وَلَا صَبِيٍّ وَلَا زَمِنٍ، وَلَا أَعْمَى وَكَذَا الْمَفْلُوجُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَلَا عَلَى فَقِيرٍ غَيْرِ مُعْتَمِلٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا جِزْيَةَ عَلَى مَجْنُونٍ وَلَا مُقْعَدٍ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمَعْتُوهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَقْطُوعَةِ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا تُوضَعُ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ، وَلَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ مَوَالِيهِمْ، وَلَا تُوضَعُ عَلَى الرُّهْبَانِ الَّذِينَ لَا يُخَالِطُونَ النَّاسَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: وَيُوضَعُ عَلَى نَصَارَى نَجْرَانَ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَا حُلَّةٍ كُلُّ حُلَّةٍ خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَلْفٌ فِي صَفَرٍ وَأَلْفٌ فِي رَجَبٍ يُقْسَمُ ذَلِكَ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ، فَمَا أَصَابَ الرُّءُوسَ يَكُونُ جِزْيَةً، وَمَا أَصَابَ الْأَرَاضِيَ يَكُونُ خَرَاجًا، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ لِمُوَافَقَةِ الْحَدِيثِ إلَّا قَوْلَهُ كُلُّ حُلَّةٍ خَمْسُونَ دِرْهَمًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ: وَهَذِهِ الْحُلَلُ الْمُسَمَّاةُ هِيَ أَلْفَا حُلَّةٍ عَلَى أَرَاضِيِهِمْ، وَعَلَى جِزْيَةِ رُءُوسِهِمْ تُقْسَمُ عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ الَّذِينَ لَمْ يُسْلِمُوا وَعَلَى كُلِّ أَرْضٍ مِنْ أَرَاضِي نَجْرَانَ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ قَدْ بَاعَ أَرْضَهُ، أَوْ بَعْضَهَا مِنْ مُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ، أَوْ تَغْلِبِيٍّ وَالْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي أَرَاضِيِهِمْ، وَأَمَّا جِزْيَةُ رُءُوسِهِمْ، فَلَيْسَتْ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَدْ بَيَّنَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ الْحُلَّةَ فَقَالَ كُلُّ حُلَّةٍ أُوقِيَّةٌ يَعْنِي قِيمَتُهَا كَذَلِكَ فَقَوْلُ الْوَلْوَالِجِيِّ كُلُّ حُلَّةٍ خَمْسُونَ دِرْهَمًا لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ الْأُوقِيَّةَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ نَاقِلًا عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ مَاتَ جَمِيعُ رِجَالِهِمْ، أَوْ أَسْلَمُوا لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ أَلْفَيْ حُلَّةٍ، وَيُؤْخَذُ الْكُلُّ مِنْ أَرَاضِيِهِمْ كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ سَقَطَتْ عَنْهُ جِزْيَةُ رَأْسِهِ، وَوُضِعَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَمْ يُسْلِمْ وَمَوْلَى النَّجْرَانِيِّ مِثْلُ مَوْلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ تُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ الْجِزْيَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ الْحُلَّةُ إزَارٌ وَرِدَاءٌ هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَلَا تُسَمَّى حُلَّةً حَتَّى تَكُونَ ثَوْبَيْنِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ فِي الْحُجَّةِ نَصْرَانِيٌّ يَكْتَسِبُ، فَلَا يَفْضُلُ مِنْهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ خَرَاجُ رَأْسِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَتُوضَعُ الْجِزْيَةُ عَلَى مَوْلَى الْمُسْلِمِ إذَا كَانَ نَصْرَانِيًّا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْقُرَشِيُّ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا كَافِرًا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا احْتَلَمَ الْغُلَامُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجِزْيَةُ، وَهُوَ مُوسِرٌ وُضِعَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، وَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ لِتِلْكَ السَّنَةِ

وَإِنْ احْتَلَمَ بَعْدَ مَا وُضِعَتْ الْجِزْيَةُ عَلَى الرِّجَالِ لَا تُوضَعُ عَلَيْهِ حَتَّى تَمْضِيَ هَذِهِ السَّنَةُ. وَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ، وَلَهُ مَالٌ، فَإِنْ أُعْتِقَ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجِزْيَةُ تُوضَعُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ لِهَذِهِ السَّنَةِ، وَإِنْ أُعْتِقَ بَعْدَ مَا وُضِعَتْ الْجِزْيَةُ عَلَى الرِّجَالِ لَا تُوضَعُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ حَتَّى تَمْضِيَ هَذِهِ السَّنَةُ، وَالْحَرْبِيُّ إذَا صَارَ ذِمِّيًّا قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجِزْيَةُ عَلَى الرِّجَالِ تُوضَعُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ لِهَذِهِ السَّنَةِ، وَإِنْ صَارَ ذِمِّيًّا بَعْدَ مَا وُضِعَتْ الْجِزْيَةُ عَلَى الرِّجَالِ لَا تُوضَعُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ حَتَّى تَمْضِيَ هَذِهِ السَّنَةُ، وَالْمُصَابُ إذَا أَفَاقَ لَا تُوضَعُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ مَا لَمْ تَمْضِ هَذِهِ السَّنَةُ أَفَاقَ بَعْدَ الْوَضْعِ، أَوْ قَبْلَهُ، وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَا يَجِدُ شَيْئًا إذَا صَارَ غَنِيًّا، أَوْ وَسَطُ الْحَالِ إذَا صَارَ غَنِيًّا مُكْثِرًا تُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةُ الْأَغْنِيَاءِ سَوَاءٌ صَارَ غَنِيًّا بَعْدَ الْوَضْعِ، أَوْ قَبْلَهُ. وَإِذَا مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، أَوْ أَسْلَمَ، وَقَدْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ لَمْ يُؤْخَذْ ذَلِكَ الْبَاقِي عِنْدَنَا، وَكَذَا إذَا عَمِيَ، أَوْ صَارَ مُقْعَدًا، أَوْ زَمِنًا، أَوْ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْمَلَ، أَوْ صَارَ فَقِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ جِزْيَةِ رَأْسِهِ سَقَطَ ذَلِكَ الْبَاقِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْخَانِيَّةِ الذِّمِّيُّ إذَا كَانَ غَنِيًّا فِي بَعْضِ السَّنَةِ فَقِيرًا فِي الْبَعْضِ قَالُوا: إنْ كَانَ غَنِيًّا فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ تُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةُ الْأَغْنِيَاءِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ تُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةُ الْفُقَرَاءِ، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا فِي النِّصْفِ فَقِيرًا فِي النِّصْفِ تُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةُ وَسَطِ الْحَالِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ بَرِئَ الْمَرِيضُ قَبْلَ وَضْعِ الْإِمَامِ الْجِزْيَةَ وَضَعَ عَلَيْهِ، وَبَعْدَ وَضْعِ الْجِزْيَةِ لَا تُوضَعُ عَلَيْهِ. وَيَجُوزُ تَعْجِيلُ الْجِزْيَةِ لِسَنَتَيْنِ وَأَكْثَرَ، فَلَوْ عَجَّلَ لِسَنَتَيْنِ، ثُمَّ أَسْلَمَ رُدَّ خَرَاجُ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا يُرَدُّ خَرَاجُ السَّنَةِ الْأُولَى إذَا مَاتَ، أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ دُخُولِهَا هَكَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْجِزْيَةِ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ، وَهَكَذَا نَصَّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. إنْ تَوَالَتْ السُّنُونَ عَلَى الذِّمِّيِّ، وَلَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ الْجِزْيَةُ حَتَّى أَسْلَمَ لَا يُطَالَبُ بِالْجِزْيَةِ عِنْدَنَا فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ الذِّمِّيُّ بَلْ اسْتَقَرَّ عَلَى الْكُفْرِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُطَالَبُ بِجِزْيَةِ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ، وَبِجِزْيَةِ السَّنَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا أَيْضًا حَتَّى تَمْضِيَ هَذِهِ السَّنَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. جَارِيَةٌ بَيْنَ نَجْرَانِيٍّ وَنَبَطِيٍّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ، ثُمَّ كَبُرَ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ خَرَاجِ النَّبَطِيِّ وَنِصْفُ خَرَاجِ أَهْلِ نَجْرَانَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ حَدَثَ بَيْنَ النَّجْرَانِيِّ وَالتَّغْلَبِيِّ وَلَدٌ ذَكَرٌ مِنْ جَارِيَةٍ بَيْنَهُمَا، وَادَّعَيَاهُ جَمِيعًا مَعًا، فَمَاتَ الْأَبَوَانِ، وَكَبُرَ الْوَلَدُ ذُكِرَ فِي السِّيَرِ إنْ مَاتَ التَّغْلِبِيُّ أَوَّلًا تُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةُ أَهْلِ نَجْرَانَ، وَإِنْ مَاتَ النَّجْرَانِيُّ أَوَّلًا تُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةُ بَنِي تَغْلِبَ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا يُؤْخَذُ النِّصْفُ مِنْ هَذَا وَالنِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَعَثَ الْجِزْيَةَ عَلَى يَدِ غُلَامِهِ، أَوْ نَائِبِهِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ بَلْ يُكَلَّفُ أَنْ يَحْضُرَ بِهَا بِنَفْسِهِ، فَيُعْطِيَ وَاقِفًا وَالْقَابِضُ مِنْهُ قَاعِدًا وَفِي رِوَايَةٍ يَأْخُذُ بِتَلْبِيبِهِ وَيَهُزُّهُ هَزًّا وَيَقُولُ: لَهُ أَعْطِ الْجِزْيَةَ يَا ذِمِّيُّ

فصل في إحداث البيع والكنائس وبيت النار

كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَتَكُونُ يَدُ الْمُؤَدِّي أَسْفَلَ وَيَدُ الْقَابِضِ أَعْلَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لِلْإِمَامِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ جَمَعَ بَيْنَ الْأَرَاضِي وَالْجَمَاجِمِ، فَجَعَلَ لَهُمَا خَرَاجًا وَاحِدًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، أَوْ الْكَيْلِيِّ، أَوْ الْوَزْنِيِّ، أَوْ الثِّيَابِ، وَإِنْ شَاءَ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ جَمَعَ يُقْسَمُ عَلَى الْجَمَاجِمِ وَالْأَرَاضِي بِقَدْرِ حَالِ الْجَمَاجِمِ وَعَدَدِهِمْ، وَبِقَدْرِ الْأَرَاضِي بِالْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ، فَمَا أَصَابَ الْجَمَاجِمَ، فَهُوَ جِزْيَةٌ تُوضَعُ عَلَى الرُّءُوسِ بِتَرْتِيبٍ مَرَّ، وَمَا أَصَابَ الْأَرَاضِيَ يَكُونُ خَرَاجًا عَلَى الْأَرَاضِي بِقَدْرِ رِيعِهَا، وَعَلَى تَرْتِيبٍ مَرَّ، فَإِنْ قَلَّتْ الْجَمَاجِمُ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ الْمَوْتِ يَنْقُصُ عَنْهَا، وَيَنْقُلُ ذَلِكَ إلَى الْأَرَاضِي إنْ احْتَمَلَتْ، وَكَذَا إنْ هَلَكَتْ الْجَمَاجِمُ كُلُّهَا رُدَّتْ حِصَّتُهَا إلَى الْأَرَاضِي إنْ أَطَاقَتْ، وَإِنْ لَمْ تُطِقْ يُطْرَحُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَثُرَتْ الْجَمَاجِمُ بَعْدَ ذَلِكَ رُدَّتْ إلَى الْجَمَاجِمِ حِصَّتُهَا، وَإِنْ قَلَّ رِيعُ الْأَرَاضِي نُقِصَتْ حِصَّتُهَا وَحُوِّلَتْ إلَى الْجَمَاجِمِ إنْ أَطَاقَتْ، ثُمَّ يُرَدُّ إذَا عَادَتْ إلَى الْكَمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ سَقَطَ، ثُمَّ يَعُودُ الِاحْتِمَالُ، وَإِنْ هَلَكَتْ الْأَرَاضِي بِأَنْ غَرِقَتْ، أَوْ نَزَّتْ وَبَقِيَتْ الْجَمَاجِمُ لَا يُحَوِّلُ حِصَّةَ الْأَرَاضِي إلَى الْجَمَاجِمِ، وَإِنْ فَرَّقَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسَمَّى لِلْجَمَاجِمِ حِصَّةً مَعْلُومَةً وَالْأَرَاضِي كَذَلِكَ لَا يَحْتَمِلُ أَحَدُهُمَا مَا عَلَى الْآخَرِ بَلْ يَطْرَحُ قَدْرَ مَا لَا يَحْتَمِلُ إلَى أَنْ يَحْتَمِلَ، وَلَوْ صَالَحَ الْإِمَامُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ مَالٍ مِنْ أَرَاضِيِهِمْ دُونَ جَمَاجِمِهِمْ، أَوْ مِنْ جَمَاجِمِهِمْ دُونَ أَرَاضِيِهِمْ لَا يَصِحُّ وَيُقْسَمُ الْمَالُ عَلَى الْجَمَاجِمِ وَالْأَرَاضِي بِتَرْتِيبٍ مَرَّ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ أَسْلَمَ أَهْلُ هَذِهِ الدَّارِ الَّتِي صَالَحَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ يُؤَدُّونَهُ عَنْ رُءُوسِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ سَقَطَ خَرَاجُ الرُّءُوسِ دُونَ الْأَرَاضِي كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [فَصْلٌ فِي إحْدَاث الْبَيْع وَالْكَنَائِس وَبَيْت النَّار] {فَصْلٌ} إنْ أَرَادَ أَهْلُ الذِّمَّةِ إحْدَاثَ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ، أَوْ الْمَجُوسِيُّ إحْدَاثَ بَيْتِ النَّارِ إنْ أَرَادُوا ذَلِكَ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِيمَا كَانَ مِنْ فِنَاءِ الْمِصْرِ مُنِعُوا عَنْ ذَلِكَ عِنْدَ الْكُلِّ، وَلَوْ أَرَادُوا إحْدَاثَ ذَلِكَ فِي السَّوَادِ وَالْقُرَى اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ، وَلِاخْتِلَافِهَا اخْتَلَفَتْ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ قَالَ مَشَايِخُ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا فِي قَرْيَةٍ غَالِبُ سُكَّانِهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ، وَقَالَ مَشَايِخُ بُخَارَى مِنْهُمْ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُمْنَعُونَ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ فِي السَّوَادِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي أَرْضِ الْعَرَبِ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَمْصَارِهَا وَقُرَاهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَكَمَا لَا يَجُوزُ إحْدَاثُ الْبِيعَةِ وَالْكَنِيسَةِ لَا يَجُوزُ إحْدَاثُ الصَّوْمَعَةِ أَيْضًا لِيَتَعَبَّدَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِيهَا عَلَى وَجْهِ الْخَلْوَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ مَوْضِعًا مِنْ الْبَيْتِ لِلصَّلَاةِ وَصَلَّى فِيهِ حَيْثُ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَا تُهْدَمُ الْكَنَائِسُ وَالْبِيَعُ الْقَدِيمَةُ فِي السَّوَادِ وَالْقُرَى، وَأَمَّا فِي الْأَمْصَارِ، فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِجَارَاتِ أَنَّهَا لَا تُهْدَمُ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ أَنَّهَا تُهْدَمُ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَصَحُّ عِنْدِي رِوَايَةُ الْإِجَارَاتِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ النَّاطِفِيُّ فِي

وَاقِعَاتِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكَ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ كَنِيسَةٌ وَلَا بِيعَةٌ وَلَا بَيْتُ نَارٍ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ فَإِنْ انْهَدَمَتْ بِيَعَةٌ، أَوْ كَنِيسَةٌ مِنْ كَنَائِسِهِمْ الْقَدِيمَةِ، فَلَهُمْ أَنْ، يَبْنُوهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَمَا كَانَتْ، وَإِنْ قَالُوا: نَحْنُ نُحَوِّلُهَا مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ بَلْ يَبْنُونَهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى قَدْرِ الْبِنَاءِ الْأَوَّلِ، وَيُمْنَعُونَ عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْبِنَاءِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْمُرَادُ مِنْ الْقَدِيمَةِ مَا كَانَتْ قَبْلَ فَتْحِ الْإِمَامِ بَلَدَهُمْ وَمُصَالَحَتِهِمْ عَلَى إقْرَارِهِمْ عَلَى بَلَدِهِمْ، وَعَلَى دِينِهِمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَالتَّابِعِينَ لَا مَحَالَةَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. إذَا كَانَتْ لَهُمْ كَنِيسَةٌ فِي قَرْيَةٍ، فَبَنَى أَهْلُهَا فِيهَا أَبْنِيَةً كَثِيرَةً، وَصَارَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْصَارِ أُمِرُوا بِهَدْمِ الْكَنِيسَةِ عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْعُشْرِ، وَعَلَى عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ لَا يُؤْمَرُونَ بِذَلِكَ، وَهَكَذَا إذَا كَانَتْ لَهُمْ كَنِيسَةٌ بِقُرْبٍ مِنْ الْمِصْرِ، فَبَنَوْا حَوْلَهَا أَبْنِيَةً حَتَّى اتَّصَلَ الْمَوْضِعُ بِالْمِصْرِ، وَصَارَ كَمَحَلَّةٍ مِنْ مَحَالِّ الْمِصْرِ وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ طَلَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ الصُّلْحَ عَلَى أَنْ يَصِيرُوا ذِمَّةً لَهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ إنْ اتَّخَذُوا مِصْرًا فِي أَرَاضِيِهِمْ لَمْ يَمْنَعُوهُمْ مِنْ أَنْ يُحْدِثُوا بِيَعَةً، أَوْ كَنِيسَةً، وَمِنْ أَنْ يُظْهِرُوا فِيهِ بَيْعَ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُصَالِحُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ صَالَحُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَنْقُضُوا الصُّلْحَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ صَالَحُوهُمْ عَلَى أَنْ يَكُونُوا ذِمَّةً عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ عَلَى أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يُقَاسِمُوهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ وَمَدَائِنِهِمْ وَأَمْصَارِهِمْ وَقُرَاهُمْ، وَفِيهَا الْكَنَائِسُ وَالْبِيَعُ وَبُيُوتُ النِّيرَانِ، وَفِيهَا بَيْعُ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ عَلَانِيَةً وَتَزْوِيجُ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ عَلَانِيَةً، وَبَيْعُ الْمَيْتَةِ وَذَبَائِحِ الْمَجُوسِ عَلَانِيَةً، فَمَا كَانَ مِصْرًا، أَوْ مَدِينَةً، فَقَدْ صَارَ مِصْرًا لِلْمُسْلِمِينَ يُجْمَعُ فِيهِ الْجُمَعُ وَتُقَامُ الْحُدُودُ فَإِنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ يُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا فِيهِ كَنِيسَةً وَلَا بِيعَةً وَلَا بَيْتَ نَارٍ لَمْ يَكُنْ، وَلَا يَبِيعُوا فِي ذَلِكَ خَمْرًا وَلَا خِنْزِيرًا وَلَا مَيْتَةً وَلَا ذَبِيحَةَ مَجُوسِيٍّ عَلَانِيَةً وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُظْهِرُوا نِكَاحَ الْأُمَّهَاتِ وَلَا سَائِرَ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ عَلَانِيَةً وَلَيْسَ لَهُمْ إلَّا خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ. الْكَنَائِسُ وَالْبِيَعُ وَبُيُوتُ النِّيرَانِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِصْرًا فَإِنَّهَا تُتْرَكُ عَلَى مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مِصْرًا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يُخْرِجُونَ صُلْبَانَهُمْ خَارِجًا مِنْ كَنَائِسِهِمْ فَإِنْ انْهَدَمَتْ كَنِيسَةٌ مِنْ كَنَائِسِهِمْ هَذِهِ، أَوْ بَيْتُ النَّارِ أَعَادُوهُ كَمَا كَانَ أَوَّلًا، وَإِنْ قَالُوا نُحَوِّلُهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمِصْرِ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَلَوْ أَنَّ إمَامًا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَرَأَى أَنْ يَجْعَلَهُمْ ذِمَّةً وَيَجْرِي عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَرَاضِيِهِمْ الْخَرَاجَ وَلَا يَقْسِمُهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِأَهْلِ السَّوَادِ بِكُوفَةَ فَذَلِكَ جَائِزٌ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَارُوا ذِمَّةً وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ بِنَاءِ كَنِيسَةٍ وَلَا بِيعَةٍ وَلَا بَيْتِ نَارٍ وَلَا بَيْعِ خَمْرٍ وَلَا خِنْزِيرٍ وَلَا إظْهَارِ جَمِيعِ مَا وَصَفْت لَك فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا فَتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً مِنْ بِلَادِ أَهْلِ الشِّرْكِ قَهْرًا وَعَنْوَةً، ثُمَّ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُمْ ذِمَّةً وَكَانَ

فِيهَا كَنَائِسُ وَبِيَعٌ قَدِيمَةٌ، أَوْ بُيُوتُ نَارٍ، أَوْ كَانَتْ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَاهُمْ كَذَلِكَ، ثُمَّ صَارَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِصْرًا مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ يُجْمَعُ فِيهِ الْجُمَعُ وَتُقَامُ فِيهِ الْحُدُودُ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَمْنَعُهُمْ مِنْ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ، وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا مَسْكَنًا فَيَسْكُنُونَهَا، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَهْدِمَهَا. وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ صَالَحُوا أَنْ يَصِيرُوا ذِمَّةً عَلَى أَنْ يُحْدِثُوا فِي قُرَاهُمْ وَأَمْصَارِهِمْ بَعْدَ مَا صَارُوا ذِمَّةً كَنَائِسَ وَبِيَعًا وَبُيُوتَ النِّيرَانِ، ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ صَارَ مِصْرًا مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَهْدِمُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، هَذَا الْجَوَابُ جَوَابُ عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ فَلِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَهْدِمُوا ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ مِصْرًا مِنْ أَمْصَارِهِمْ صَارَ مِصْرًا لِلْمُسْلِمِينَ يُجْمَعُ فِيهِ الْجُمَعُ وَتُقَامُ فِيهِ الْحُدُودُ، ثُمَّ إنَّ الْمُسْلِمِينَ انْتَقَلُوا عَنْهُ، وَعَطَّلُوهُ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ إلَّا جَمَاعَةٌ يَسِيرَةٌ مِثْلَ الْخَمْسَةِ وَنَحْوِهَا، فَلَوْ أَحْدَثَ فِيهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ كَنَائِسَ، ثُمَّ بَدَا لِلْمُسْلِمِينَ، فَرَجَعُوا إلَى مِصْرِهِمْ فَصَارَ يُقَامُ فِيهِ الْجُمَعُ وَالْأَعْيَادُ، وَيُقَامُ فِيهِ الْحُدُودُ لَمْ يُهْدَمْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْدَثُوا مِنْ الْكَنَائِسِ قَالَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ لَوْ أَحْدَثُوا الْكَنِيسَةَ بَعْدَ مَا صَارَ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَهْدِمْهَا الْمُسْلِمُونَ حَتَّى عَطَّلُوا الْمِصْرَ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى صَارَ مِصْرًا فَإِنَّهُ لَا يَهْدِمُ تِلْكَ الْكَنَائِسَ، وَكُلُّ مِصْرٍ مَصَّرَهُ الْمُسْلِمُونَ، وَكَانَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُمَصِّرُوهُ كَنَائِسُ وَبِيَعٌ، فَأَرَادَ الْمُسْلِمُونَ مَنْعَهُمْ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا، فَقَالُوا: نَحْنُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ صَالَحَنَا الْإِمَامُ عَلَى بِلَادِنَا فَلَيْسَ لَكُمْ مَنْعُنَا عَنْ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْكَنَائِسِ وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: لَا بَلْ أَخَذْنَا بِلَادَكُمْ عَنْوَةً، ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ ذِمَّةً فَلَنَا مَنْعُكُمْ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا فَارْتَفَعُوا إلَى إمَامِهِمْ وَقَدْ تَطَاوَلَ الْأَمْرُ، وَلَا يَدْرِي كَيْفَ كَانَ الْأَمْرُ فِي الِابْتِدَاءِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَنْظُرُ هَلْ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَأَصْحَابِ الْأَخْبَارِ فَإِنْ أَخْبَرَهُ الْفُقَهَاءُ بِخَبَرٍ أَخَذَ بِهِ وَعَمِلَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَثَرٌ، أَوْ كَانَتْ الْآثَارُ مُخْتَلِفَةً فَإِنَّ الْإِمَامَ يَجْعَلُهَا صُلْحًا، وَيَجْعَلُ الْقَوْلَ قَوْلَ أَهْلِهَا مَعَ أَيْمَانِهِمْ، وَإِنْ جَاءَ أَثَرٌ أَنَّهُمْ أَهْلُ صُلْحٍ وَجَاءَ أَثَرٌ أَنَّهُمْ أُخِذُوا عَنْوَةً وَقَهْرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَوْ شَهِدَ قَوْمٌ عَلَى شَهَادَةِ قَوْمٍ أَنَّهُمْ صُولِحُوا وَشَهِدَ قَوْمٌ عَلَى شَهَادَةِ قَوْمٍ أَنَّهُمْ أُخِذُوا عَنْوَةً كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى أَنَّهُمْ أُخِذُوا عَنْوَةً، أَوْلَى، وَلَوْ جَاءَ أَثَرٌ عَنْ ثِقَةٍ أَنَّهُمْ أُخِذُوا عَنْوَةً، وَجَاءَتْ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ أَنَّهُمْ صُولِحُوا كَانَتْ الشَّهَادَةُ أَحَقَّ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ جَاءَ أَثَرٌ أَنَّهُمْ صُولِحُوا، وَجَاءَتْ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ أَنَّهُمْ أُخِذُوا عَنْوَةً أَخَذَ بِالشَّهَادَةِ أَيْضًا، وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُتْرَكَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ يَتَشَبَّهُ بِالْمُسْلِمِ لَا فِي مَلْبُوسِهِ وَلَا مَرْكُوبِهِ وَلَا زِيِّهِ وَهَيْئَتِهِ، وَيُمْنَعُونَ عَنْ رُكُوبِ الْفَرَسِ إلَّا إذَا وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِذَا رَكِبُوا لِلضَّرُورَةِ بِأَنْ اسْتَعَانَ بِهِمْ الْإِمَامُ فِي الْمُحَارَبَةِ وَالذَّبِّ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، فَلْيَنْزِلُوا فِي مَجَامِعِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ لَزِمَتْ الضَّرُورَةُ أَمَرَ بِاِتِّخَاذِ سُرُوجٍ كَهَيْئَةِ الْأُكُفِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يُمْنَعُونَ عَنْ رُكُوبِ الْبَغْلِ وَلَا

عَنْ رُكُوبِ الْحِمَارِ، وَلَكِنْ يُمْنَعُونَ مِنْ أَنْ يَصْنَعُوا سَرْجًا كَسَرْجِ الْمُسْلِمِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى قَرْبُوسِ سَرْجِهِمْ مِثْلُ الرُّمَّانَةِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرَادَ بِهِ أَنْ يَكُونَ قَرْبُوسَ سَرْجِهِمْ مِثْلَ مُقَدَّمِ الْإِكَافِ وَهُوَ مِثْلُ الرُّمَّانَةِ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَرَادَ بِهِ أَنْ تَكُونَ سُرُوجُهُمْ كَسُرُوجِ الْمُسْلِمِ، وَعَلَى مُقَدَّمِهَا شَيْءٌ كَالرُّمَّانَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَيُمْنَعُونَ عَنْ لُبْسِ الرِّدَاءِ وَالْعَمَائِمِ وَالدُّرَّاعَةِ الَّتِي يَلْبَسُهَا عُلَمَاءُ الدِّينِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْبَسُوا قَلَانِسَ مُضَرَّبَةً، وَكَذَلِكَ يُمْنَعُونَ أَنْ يَكُونَ شِرَاكُ نِعَالِهِمْ كَشِرَاكِ نِعَالِنَا، وَفِي دَارِنَا لَا يَلْبَسُ الرِّجَالُ النِّعَالَ، وَإِنَّمَا يَلْبَسُونَ الْمَكَاعِبَ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَكَاعِبُهُمْ عَلَى خِلَافِ مَكَاعِبِنَا، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ خَشِنَةً فَاسِدَةَ اللَّوْنِ، وَلَا تَكُونَ مُزَيَّنَةً، وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذُوا حَتَّى يَتَّخِذَ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ مِثْلَ الْخَيْطِ الْغَلِيظِ، وَيَعْقِدَ عَلَى وَسْطِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ اللِّيطَةِ، أَوْ الصُّوفِ وَلَا يَكُونَ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ غَلِيظًا، وَلَا يَكُونَ رَقِيقًا بِحَيْثُ لَا يَقَعُ الْبَصَرُ عَلَيْهِ إلَّا وَأَنْ يُدَقِّقَ النَّظَرَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْقِدَهُ عَلَى وَسْطِهِ عَقْدًا، وَلَا يَجْعَلَ لَهُ حَلَقَةً يَشُدُّهُ كَمَا يَشُدُّ الْمُسْلِمُ الْمِنْطَقَةَ، وَلَكِنْ يُعَلِّقُونَ عَلَى الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ. وَلَا يُتْرَكُونَ أَنْ يَلْبَسُوا خِفَافًا مُزَيَّنَةً، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ خِفَافُهُمْ خَشِنَةً فَاسِدَةَ اللَّوْنِ، وَكَذَا لَا يُتْرَكُونَ أَنْ يَلْبَسُوا أَقْبِيَةً مُزَيَّنَةً وَقُمُصًا مُزَيَّنَةً بَلْ يَلْبَسُونَ أَقْبِيَةً خَشِنَةً مِنْ كَرَابِيسَ إزَارَاتُهَا طَوِيلَةٌ وَذُيُولُهَا قَصِيرَةٌ، وَكَذَلِكَ يَلْبَسُونَ قُمُصًا خَشِنَةً مِنْ كَرَابِيسَ جُيُوبُهُمْ عَلَى صُدُورِهِمْ كَمَا يَكُونُ لَلنِّسْوَانِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَقَعَ الظُّهُورُ عَلَيْهِمْ، فَأَمَّا إذَا وَقَعَ مَعَهُمْ الصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، فَإِنَّهُمْ يُتْرَكُونَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ هَذَا أَنَّ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ تُشْتَرَطُ بِعَلَامَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ بِعَلَامَتَيْنِ، أَوْ بِالثَّلَاثِ وَكَانَ الْحَاكِمُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إنْ صَالَحَهُمْ الْإِمَامُ وَأَعْطَاهُمْ الذِّمَّةَ بِعَلَامَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا، أَمَّا إذَا فَتَحَ بَلْدَةً قَهْرًا وَعَنْوَةً كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُلْزِمَهُمْ الْعَلَامَاتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجِبُ أَنْ تَتَمَيَّزَ نِسَاؤُهُمْ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ حَالَ الْمَشْيِ فِي الطُّرُقِ وَالْحَمَّامَاتِ، فَيُجْعَلُ فِي أَعْنَاقِهِنَّ طَوْقُ الْحَدِيدِ، وَيُخَالِفُ إزَارُهُنَّ إزَارَ الْمُسْلِمَاتِ، وَيَكُونُ عَلَى دُورِهِمْ عَلَامَاتٌ تَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ دُورِ الْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا يَقِفَ عَلَيْهَا السَّائِلُ فَيَدْعُوا لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ تَمَيُّزُهُمْ بِمَا يُشْعِرُ بِذُلِّهِمْ وَصَغَارِهِمْ وَقَهْرِهِمْ بِمَا يَتَعَارَفُهُ أَهْلُ كُلِّ بَلْدَةٍ وَزَمَانٍ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. ذِمِّيٌّ سَأَلَ مُسْلِمًا عَلَى طَرِيقِ الْبِيعَةِ لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَدُلَّهُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ. مُسْلِمٌ لَهُ أُمٌّ ذِمِّيَّةٌ، أَوْ أَبٌ ذِمِّيٌّ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَقُودَهُ إلَى الْبِيعَةِ وَلَهُ أَنْ يَقُودَهُ مِنْ الْبِيعَةِ إلَى مَنْزِلِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَحْمِلُونَ السِّلَاحَ، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِمْ الطَّرِيقُ وَلَا يَبْدَؤُهُمْ بِالسَّلَامِ، وَيُرَدُّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْكُمْ فَقَطْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَعَبِيدُ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا يُؤْخَذُونَ بِالْكُسْتِيجَاتِ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَيْسَ لِلنَّصْرَانِيِّ أَنْ يَضْرِبَ فِي مَنْزِلِهِ بِالنَّاقُوسِ فِي مِصْرِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَنْ يَجْمَعَ فِيهِ بِهِمْ إنَّمَا لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ

فِيهِ، وَلَا أَنْ يُخْرِجُوا الصَّلِيبَ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ كَنَائِسِهِمْ، وَلَوْ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِقِرَاءَةِ الزَّبُورِ وَالْإِنْجِيلِ إنْ كَانَ فِيهِ إظْهَارُ الشِّرْكِ مُنِعُوا عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بِذَلِكَ إظْهَارُ الشِّرْكِ لَا يُمْنَعُونَ، وَيُمْنَعُونَ عَنْ قِرَاءَةِ ذَلِكَ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَا عَنْ بَيْعِ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ، وَعَنْ إظْهَارِ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ فِي الْمِصْرِ وَمَا كَانَ فِي فِنَاءِ الْمِصْرِ، وَلَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ الصَّلِيبِ وَضَرْبِ النَّاقُوسِ إذَا جَاوَزُوا أَفْنِيَةَ الْمِصْرِ، وَفِي كُلِّ قَرْيَةٍ، أَوْ مَوْضِعٍ لَيْسَ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا عَدَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَسْكُنُونَ فِيهَا كَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ: وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ: إنَّمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَلِكَ فِي قُرَاهُمْ بِالْكُوفَةِ فَإِنَّ ثَمَّةَ عَامَّةِ مَنْ يَسْكُنُهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالرَّوَافِضُ أَمَّا فِي دِيَارِنَا فَيُمْنَعُونَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْقُرَى كَمَا يُمْنَعُونَ عَنْهُ فِي الْأَمْصَارِ وَمَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: لَا يُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ ذَلِكَ وَإِحْدَاثِهِ فِي الْقُرَى عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي تَجْنِيسِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فَإِنْ أَظْهَرُوا فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا لَمْ يُصَالَحُوا عَلَيْهِ مِثْلَ الزِّنَا وَالْفَوَاحِشِ وَالْمَزَامِيرِ وَالطُّبُولِ وَالْغِنَاءِ وَاللَّهْوِ وَالنَّوْحِ وَاللَّعِبِ بِالْحَمَّامِ مُنِعُوا مِنْهُ كَمَا يُمْنَعُ الْمُسْلِمُ مِنْهُ وَفِي التَّجْرِيدِ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَيْهِمْ فِي مَنْزِلِهِمْ، وَلَا يَأْخُذُوا شَيْئًا مِنْ دُورِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ إلَّا بِتَمْلِيكٍ مِنْ قِبَلِهِمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ اتَّخَذَ الْمُسْلِمُونَ مِصْرًا فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ لَا يَمْلِكُهَا أَحَدٌ، فَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ ذَلِكَ قُرًى لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فَعَظُمَ الْمِصْرُ حَتَّى بَلَغَ تِلْكَ الْقُرَى وَجَاوَزَهَا، فَقَدْ صَارَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْمِصْرِ لِإِحَاطَةِ الْمِصْرِ بِجَوَانِبِهَا فَإِنْ كَانَ لَهُمْ فِي تِلْكَ الْقُرَى بِيَعٌ وَكَنَائِسُ قَدِيمَةٌ تُرِكَتْ عَلَى حَالِهَا، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يُحْدِثُوا فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْقُرَى بِيعَةً، أَوْ كَنِيسَةً، أَوْ بَيْتَ نَارٍ بَعْدَ مَا صَارَتْ مِصْرًا لِلْمُسْلِمِينَ مُنِعُوا عَنْ ذَلِكَ قَالَ: وَكُلُّ مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ يُجْمَعُ فِيهِ الْجُمَعُ، وَتُقَامُ فِيهِ الْحُدُودُ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ وَلَا كَافِرٍ أَنْ يُدْخِلَ فِيهِ خَمْرًا وَلَا خِنْزِيرًا ظَاهِرًا فَإِنْ أَدْخَلَ فِيهِ مُسْلِمٌ خَمْرًا، أَوْ خِنْزِيرًا، وَقَالَ: إنَّمَا مَرَرْتُ مُجْتَازًا، وَإِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَلِّلَ الْخَمْرَ، أَوْ قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ لِي، وَإِنَّمَا لِغَيْرِي، وَلَمْ يُخْبِرْ لِمَنْ هِيَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ رَجُلًا مُتَدَيِّنًا لَا يُتَّهَمُ بِذَلِكَ خَلَّى سَبِيلَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُخَلِّلَ الْخَمْرَ، وَإِنْ كَانَ رَجُلًا يُتَّهَمُ بِتَنَاوُلِ ذَلِكَ أُهْرِيقَتْ خَمْرُهُ وَذُبِحَتْ خَنَازِيرُهُ فَأُحْرِقَتْ بِالنَّارِ، وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يُؤَدِّبَهُ بِأَسْوَاطٍ، وَيَحْبِسَهُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ فَعَلَ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا إمَّا الضَّرْبُ، أَوْ الْحَبْسُ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْرِقَ الزِّقَّ الَّذِي فِيهِ الْخَمْرُ وَلَا أَنْ يَكْسِرَ الْإِنَاءَ الَّذِي فِيهِ الْخَمْرُ فَإِنْ خَرَقَ الزِّقَّ، أَوْ كَسَرَ الْإِنَاءَ فَهُوَ ضَامِنٌ، فَإِنْ كَانَ مِنْ رَأْيِ الْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ عُقُوبَةً عَلَى صَاحِبِهِ، أَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَفْعَلَ فَلَا ضَمَانَ، فَإِنْ أَخَذَ الْإِمَامُ الزِّقَّ وَالدَّابَّةَ الَّتِي عَلَيْهَا الْخَمْرُ، وَبَاعَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَدْخَلَ الْخَمْرَ مِصْرًا مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا رَدَّ الْإِمَامُ عَلَيْهِ مَتَاعَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمِصْرِ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ إنْ عَادَ أَدَّبَهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إنْ كَانَ جَاهِلًا أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا، فَالْإِمَامُ لَا يُرِيقُ خَمْرَهُ

وَلَا يَذْبَحُ خَنَازِيرَهُ وَلَكِنْ إنْ رَأَى أَنْ يُؤَدِّبَهُ بِالضَّرْبِ، أَوْ الْحَبْسِ فَعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ أَتْلَفَ مُسْلِمٌ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا يَرَى أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْعُقُوبَةِ، فَفَعَلَ، أَوْ أَمَرَ إنْسَانًا بِهِ فَحِينَئِذٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَرَّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِخَمْرٍ لَهُ فِي سَفِينَةٍ فِي مِثْلِ دِجْلَةَ، أَوْ الْفُرَاتِ فَمَرَّ بِذَلِكَ فِي وَسَطِ بَغْدَادَ، أَوْ مَدَائِنَ، أَوْ وَاسِطَ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ الْمُرُورَ بِالْخَمْرِ فِي طَرِيقِ الْأَمْصَارِ وَلَا مَمَرَّ لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ عَنْهُ، وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ مَعَهُمْ أَمِينًا حَتَّى لَا يَتَعَرَّضَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ، وَحَتَّى لَا يُدْخِلُوا ذَلِكَ مَسَاكِنَ الْمُسْلِمِينَ الْمُتَّهَمِينَ بِشُرْبِ ذَلِكَ. وَكُلُّ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، أَوْ مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِهِمْ أَظْهَرُوا فِيهَا شَيْئًا مِنْ الْفِسْقِ مِمَّا لَمْ يُصَالَحُوا عَلَيْهِ نَحْوَ الزِّنَا وَغَيْرِهِ مِنْ الْفَوَاحِشِ الَّتِي يُحَرِّمُونَهَا فِي دِينِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُمْنَعُونَ عَنْ ذَلِكَ كَمَا يُمْنَعُ الْمُسْلِمُونَ، وَكَذَلِكَ يُمْنَعُونَ عَنْ السُّكْرِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَهُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِلُّونَ أَصْلَ الشُّرْبِ وَكَذَلِكَ يُمْنَعُونَ عَنْ إظْهَارِ بَيْعِ الْمَزَامِيرِ وَالطُّنْبُورِ لِلَّهْوِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا مُنِعَ مِنْهُ الْمُسْلِمُ وَمَنْ كَسَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كُسِرَ لِمُسْلِمٍ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَضْمَنُ الْكَاسِرُ قِيمَتَهُ لَا لِلَّهْوِ كَمَا لَوْ كَسَرَهُ لِمُسْلِمٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَهْلِ الشِّرْكِ. مُسْلِمٌ لَهُ امْرَأَةٌ ذِمِّيَّةٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّهُ حَلَالٌ عِنْدَهَا، وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْ إدْخَالِ الْخَمْرِ فِي الْمَنْزِلِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ فِي كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَلَا يُتْرَكُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَتَّى يَشْتَرِيَ دَارًا، أَوْ مَنْزِلًا فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا لَا يُتْرَكُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَتَّى يَسْكُنَ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ وَعَلَى رِوَايَةِ عَامَّةِ الْكُتُبِ يُمَكَّنُونَ مِنْ الْمَقَامِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِصْرًا مِنْ أَمْصَارِ الْعَرَبِ نَحْوَ أَرْضِ الْحِجَازِ، فَإِنَّهُمْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ الْمَقَامِ فِيهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يَقُولُ هَذَا إذَا قَلُّوا بِحَيْثُ لَا يَتَعَطَّلُ بِسَبَبِ سُكْنَاهُمْ، وَلَا يَتَقَلَّلُ بَعْضُ جَمَاعَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا إذَا كَثُرُوا بِحَيْثُ يَتَعَطَّلُ بِسَبَبِ سُكْنَاهُمْ، أَوْ يَتَقَلَّلُ، فَيُمْنَعُونَ مِنْ السُّكْنَى فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ وَيُؤْمَرُونَ بِأَنْ يَسْكُنُوا نَاحِيَةً لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهَا جَمَاعَةٌ، وَهُوَ مَحْفُوظٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَمَالِي، وَإِنْ اشْتَرَوْا دُورًا فِي مِصْرٍ مِنْ هَذِهِ الْأَمْصَارِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَتَّخِذُوا دَارًا مِنْهَا كَنِيسَةً، أَوْ بِيعَةً، أَوْ بَيْتَ نَارٍ يَجْتَمِعُونَ فِي ذَلِكَ لِصَلَوَاتِهِمْ مُنِعُوا عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَأْجَرُوا مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ دَارًا، أَوْ بَيْتًا لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُرِهَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُؤَاجِرَهُمْ، وَإِنْ آجَرَهُمْ دَارًا، أَوْ مَنْزِلًا فِيهَا، فَأَظْهَرُوا فِيهَا مَا ذَكَرْنَا يَمْنَعُهُمْ صَاحِبُ الدَّارِ وَغَيْرُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَنْفَسِخُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، أَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا، أَوْ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ، أَوْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُنْقَضْ عَهْدُهُ، وَلَوْ امْتَنَعَ عَنْ قَبُولِهَا نُقِضَ عَهْدُهُ، وَلَا يُنْقَضُ الْعَهْدُ إلَّا أَنْ يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، أَوْ يَغْلِبُوا عَلَى مَوْضِعِ قَرْيَةٍ، أَوْ حِصْنٍ فَيُحَارِبُونَنَا، وَإِذَا انْتَقَضَ عَهْدُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ مَعْنَاهُ فِي

الباب التاسع في أحكام المرتدين

حُكْمِهِ بِاللَّحَاقِ بِمَوْتِهِ، وَإِذَا تَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَتَعُودُ ذِمَّتُهُ وَلَا يَبْطُلُ أَمَانُ ذُرِّيَّتِهِ بِنَقْضِ عَهْدِهِ، وَتَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ الذِّمِّيَّةُ الَّتِي خَلَّفَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إجْمَاعًا، وَيُقْسَمُ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، وَكَذَا فِي حُكْمِ مَا حَمَلَهُ مِنْ مَالِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ النَّقْضِ، وَلَوْ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ تَكُونُ فَيْئًا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ عَادَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَأَخَذَ مِنْ مَالِهِ، وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ فَالْوَرَثَةُ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مَجَّانًا، وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ أُسِرَ يُسْتَرَقُّ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ إذَا لَحِقَ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ فَأُسِرَ لَا يُسْتَرَقُّ بَلْ يُقْتَلُ إذَا لَمْ يُسْلِمْ وَكَذَا يَجُوزُ وَضْعُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ إذَا عَادَ بَعْدَ نَقْضِهِ وَقَبِلَهَا بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ] َ الْمُرْتَدُّ عُرْفًا هُوَ الرَّاجِعُ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَرُكْنُ الرِّدَّةِ إجْرَاءُ كَلِمَةِ الْكُفْرِ عَلَى اللِّسَانِ بَعْدَ وُجُودِ الْإِيمَانِ وَشَرَائِطُ صِحَّتِهَا الْعَقْلُ فَلَا تَصِحُّ رِدَّةُ الْمَجْنُونِ وَلَا الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، أَمَّا مَنْ جُنُونُهُ يَنْقَطِعُ، فَإِنْ ارْتَدَّ حَالَ الْجُنُونِ لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ ارْتَدَّ حَالَ إفَاقَتِهِ صَحَّتْ وَكَذَا لَا تَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ الذَّاهِبِ الْعَقْلَ وَالْبُلُوغُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّتِهَا، وَكَذَا الذُّكُورَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّتِهَا، وَمِنْهَا الطَّوْعُ فَلَا تَصِحُّ رِدَّةُ الْمُكْرَهِ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْبَدَائِعِ وَالصَّبِيُّ الَّذِي يَعْقِلُ هُوَ الَّذِي يَعْرِفُ أَنَّ الْإِسْلَامَ سَبَبُ النَّجَاةِ، وَيُمَيِّزُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَالْحُلْوَ مِنْ الْمُرِّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَقَدَّرَ فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ عَقْلَهُ بِأَنْ يَبْلُغَ سَبْعَ سِنِينَ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. مَنْ أَصَابَهُ بِرْسَامٌ، أَوْ أُطْعِمَ شَيْئًا فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَهَذَى فَارْتَدَّ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ارْتِدَادًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعْتُوهًا، أَوْ مُوَسْوِسًا، أَوْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، فَهُوَ عَلَى هَذَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ شُبْهَةٌ أَبْدَاهَا كُشِفَتْ إلَّا أَنَّ الْعَرْضَ عَلَى مَا قَالُوا غَيْرُ وَاجِبٍ بَلْ مُسْتَحَبٌّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ هَذَا إذَا اُسْتُمْهِلَ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يُسْتَمْهَلْ قُتِلَ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِسْلَامُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ، وَيَتَبَرَّأَ عَنْ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا سِوَى الْإِسْلَامِ، وَإِنْ تَبَرَّأَ عَمَّا انْتَقَلَ إلَيْهِ كَفَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. نَقَلَ النَّاطِفِيُّ فِي الْأَجْنَاسِ عَنْ كِتَابِ الِارْتِدَادِ لِلْحَسَنِ فَإِنْ تَابَ الْمُرْتَدُّ، وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ عَادَ إلَى الْكُفْرِ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ طَلَبَ مِنْ الْإِمَامِ التَّأْجِيلَ، فَإِنَّهُ يُؤَجِّلُهُ الْإِمَامُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ عَادَ إلَى الْكُفْرِ رَابِعًا، فَإِنَّهُ لَا يُؤَجِّلُهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: فِي مُخْتَصَرِهِ فَإِنْ رَجَعَ أَيْضًا عَنْ الْإِسْلَامِ، فَأَتَى بِهِ الْإِمَامُ بَعْدَ ثَالِثِهِ اسْتَتَابَهُ أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قَتَلَهُ وَلَا يُؤَجِّلُهُ، وَإِنْ هُوَ تَابَ ضَرَبَهُ ضَرْبًا وَجِيعًا وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ، ثُمَّ يَحْبِسُهُ وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ السِّجْنِ حَتَّى يُرَى عَلَيْهِ خُشُوعُ التَّوْبَةِ وَيُرَى مِنْ حَالِهِ حَالُ إنْسَانٍ قَدْ أَخْلَصَ

فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ خَلَّى سَبِيلَهُ فَإِنْ عَادَ بَعْدَ مَا خَلَّى سَبِيلَهُ فَعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ أَبَدًا مَا دَامَ يَرْجِعُ إلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يَأْبَى أَنْ يُسْلِمَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ، وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُسْتَتَابُ أَبَدًا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. فَإِنْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ، أَوْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْهُ كُرِهَ ذَلِكَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ إذَا فَعَلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أُدِّبَ عَلَى مَا صَنَعَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَإِذَا ارْتَدَّ الصَّبِيُّ، وَهُوَ يَعْقِلُ فَارْتِدَادُهُ ارْتِدَادٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُقْتَلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَا إذَا ارْتَدَّ الصَّبِيُّ الْمُرَاهِقُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ بَلْ تُحْبَسُ حَتَّى تُسْلِمَ وَتُضْرَبُ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُبَالَغَةً فِي الْحَمْلِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَوْ قَتَلَهَا قَاتِلٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِلشُّبْهَةِ وَالْأَمَةُ يُجْبِرُهَا مَوْلَاهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ بِأَنْ يَجْعَلَ مَنْزِلَ الْمَوْلَى سِجْنًا لَهَا، وَيُفَوَّضُ التَّأْدِيبُ إلَيْهِ مَعَ تَوْفِيرِ حَقِّهِ فِي الِاسْتِخْدَامِ، وَقَالَ فِي الْأَصْلِ: دُفِعَتْ إلَيْهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تُدْفَعُ إلَيْهِ احْتَاجَ، أَوْ لَمْ يَحْتَجْ طَلَبَ، أَوْ لَمْ يَطْلُبْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَمْ يَطَأْهَا الْمَوْلَى، وَالصَّغِيرَةُ الْعَاقِلَةُ كَالْبَالِغَةِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ كَالْمَرْأَةِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَا تُسْتَرَقُّ الْحُرَّةُ الْمُرْتَدَّةُ مَا دَامَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَحِينَئِذٍ تُسْتَرَقُّ إذَا سُبِيَتْ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ تُسْتَرَقُّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا قِيلَ، وَلَوْ أَفْتَى بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا بَأْسَ فِيمَنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَهَا الزَّوْجُ مِنْ الْإِمَامِ، أَوْ يَهَبَهَا الْإِمَامُ لَهُ إذَا كَانَ مُصَرَّفًا فَيَمْلِكَهَا، وَحِينَئِذٍ يَتَوَلَّى هُوَ حَبْسُهَا وَضَرْبُهَا عَلَى الْإِسْلَامِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا جَحَدَ الْمُرْتَدُّ الرِّدَّةَ، وَأَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ وَبِمَعْرِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِدِينِ الْإِسْلَامِ فَهَذَا مِنْهُ تَوْبَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَزُولُ مِلْكُ الْمُرْتَدِّ عَنْ مَالِهِ بِرِدَّتِهِ زَوَالًا مَوْقُوفًا فَإِنْ أَسْلَمَ عَادَ مِلْكُهُ، وَإِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ وَرِثَ كَسْبَ إسْلَامِهِ وَارِثُهُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِ إسْلَامِهِ، وَكَسْبُ رِدَّتِهِ فَيْءٌ بَعْدَ قَضَاءِ رِدَّتِهِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَزُولُ مِلْكُهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ يَرِثُ الْمُرْتَدَّ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا عِنْدَ مَوْتِ الْمُرْتَدِّ، أَوْ قَتْلِهِ، أَوْ الْقَضَاءِ بِلِحَاقِهِ، وَهِيَ الْأَصَحُّ وَتَرِثُهُ امْرَأَتُهُ الْمُسْلِمَةُ إذَا مَاتَ، أَوْ قُتِلَ، أَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِاللِّحَاقِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فَارًّا بِالرِّدَّةِ إذْ الرِّدَّةُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَضِ وَالْمُرْتَدَّةُ لَا يَرِثُهَا زَوْجُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً فَيَرِثُهَا وَيَرِثُهَا أَقَارِبُهَا جَمِيعَ مَا لَهَا حَتَّى الْمَكْسُوبَ فِي رِدَّتِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا، أَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِلِحَاقِهِ عَتَقَ مُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ، أَوْلَادِهِ وَحَلَّتْ دُيُونُهُ الْمُؤَجَّلَةُ وَنُقِلَ مَا اكْتَسَبَهُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ إلَى وَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ بِاتِّفَاقِ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا مَا، أَوْصَى بِهِ فِي حَالِ إسْلَامِهِ، فَالْمَذْكُورُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَبْطُلُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مَا هُوَ قُرْبَةٌ، أَوْ غَيْرُ قُرْبَةٍ وَمِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْمُرْتَدُّ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ

الْأَحْكَامِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَتَصَرُّفُ الْمُرْتَدِّ فِي رِدَّتِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ، أَوْجُهٍ (مِنْهَا) مَا يَنْفُذُ فِي قَوْلِهِمْ: نَحْوُ قَبُولِ الْهِبَةِ وَالِاسْتِيلَادِ فَإِذَا جَاءَتْ جَارِيَةٌ بِوَلَدٍ فَادَّعَى النَّسَبَ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَيَرِثُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مَعَ وَرَثَتِهِ، وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَنْفُذُ مِنْهُ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ وَالْحَجْرُ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ (وَمِنْهَا) مَا هُوَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ نَحْوُ النِّكَاحِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مُسْلِمَةً، وَلَا مُرْتَدَّةً وَلَا ذِمِّيَّةً لَا حُرَّةً وَلَا مَمْلُوكَةً، وَتَحْرُمُ ذَبِيحَتُهُ وَصَيْدُهُ بِالْكَلْبِ وَالْبَازِي وَالرَّمْيِ (وَمِنْهَا) مَا هُوَ مَوْقُوفٌ عِنْدَ الْكُلِّ، وَهُوَ الْمُفَاوَضَةُ، فَإِنَّهُ إذَا فَاوَضَ مُسْلِمًا يَتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِمْ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ الْمُفَاوَضَةُ، وَإِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ، أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِلِحَاقِهِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ، وَتَصِيرُ عِنَانًا مِنْ الْأَصْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبْطُلُ أَصْلًا (وَمِنْهَا) مَا اخْتَلَفُوا فِي تَوْقِيفِهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِعْتَاقُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَقَبْضُ الدُّيُونِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مَوْقُوفَةٌ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ، وَإِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ، أَوْ قُضِيَ بِلِحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ تَبْطُلُ وَتَصَرُّفُ الْمُكَاتَبِ فِي رِدَّتِهِ نَافِذٌ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ الْمُرْتَدَّ، أَوْ أَمَتَهُ الْمُرْتَدَّةَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْمُرْتَدُّ إذَا عَادَ تَائِبًا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ عَوْدُهُ قَبْلَ حُكْمِ الْقَاضِي بِاللِّحَاقِ بَطَلَ حُكْمُ الرِّدَّةِ فِي مَالِهِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا، وَلَا يُعْتَقْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أُمَّهَاتِ، أَوْلَادِهِ وَالْمُدَبَّرِينَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ، فَكُلُّ مَا وَجَدَهُ فِي يَدِ وَرَثَتِهِ أَخَذَهُ، أَمَّا مَا أَزَالَهُ الْوَارِثُ عَنْ مِلْكِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِسَبَبٍ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، أَوْ بِسَبَبٍ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ كَالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ، فَذَلِكَ كُلُّهُ مَاضٍ لَا سَبِيلَ لِلْمُرْتَدِّ عَلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَارِثِ أَيْضًا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. إذَا وَطِئَ الْمُرْتَدُّ جَارِيَةً نَصْرَانِيَّةً كَانَتْ لَهُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ ارْتَدَّ، فَادَّعَاهُ، فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَهُوَ ابْنُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدُهُ فَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً وَرِثَهُ الِابْنُ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ، أَوْ لَحِقَ. مُرْتَدٌّ لَحِقَ بِمَالِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ ظُهِرَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ، فَهُوَ فَيْءٌ وَلَا سَبِيلَ لِوَرَثَتِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ رَجَعَ وَذَهَبَ بِمَالِهِ وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ ظُهِرَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يُرَدُّ عَلَى وَرَثَتِهِ إلَّا أَنَّهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَبِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَهُ عَبْدٌ فَقَضَى بِهِ لِابْنِهِ، فَكَاتَبَهُ ابْنُهُ، ثُمَّ جَاءَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا، فَالْكِتَابَةُ عَلَى حَالِهَا وَالْمُكَاتَبَةُ وَالْوَلَاءُ لِلَّذِي جَاءَ مُسْلِمًا كَذَا فِي الْكَافِي بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ بَعْدَ مَا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِلِابْنِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُرْتَدٌّ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَمَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ، أَوْ هُوَ حَيٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ عِنْدَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا كَسْبُ الْإِسْلَامِ، أَوْ كَسْبُ الرِّدَّةِ تُسْتَوْفَى الدِّيَةُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ كَسْبُ الْإِسْلَامِ وَكَسْبُ الرِّدَّةِ، فَعَلَى قَوْلِهِمَا تُسْتَوْفَى الدِّيَةُ مِنْ الْكَسْبَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُسْتَوْفَى مِنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ أَوَّلًا فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ

يُسْتَوْفَى الْفَضْلُ مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ هَذَا إذَا قُتِلَ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، أَمَّا إذَا أَسْلَمَ، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ لَمْ يَمُتْ فَيَكُونُ فِي الْكَسْبَيْنِ جَمِيعًا بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَا اغْتَصَبَ الْمُرْتَدُّ مِنْ شَيْءٍ، أَوْ أَفْسَدَهُ، فَضَمَانُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا هَذَا إذَا ثَبَتَ الْغَصْبُ، وَإِتْلَافُ الْمَالِ بِالْمُعَايَنَةِ أَمَّا إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُرْتَدِّ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُسْتَوْفَى ذَلِكَ مِنْ الْكَسْبَيْنِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُسْتَوْفَى ذَلِكَ مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، هَذَا إذَا كَانَ الْجَانِي هُوَ الْمُرْتَدُّ أَمَّا إذَا جُنِيَ عَلَى الْمُرْتَدِّ بِأَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ، أَوْ رِجْلُهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ عَمْدًا، فَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْجَانِيَ لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ مَاتَ الْمُرْتَدُّ مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ عَلَى الرِّدَّةِ، أَوْ مَاتَ مُسْلِمًا هَذَا إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ، وَهُوَ مُرْتَدٌّ، فَأَمَّا إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ، وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَالْقَاطِعُ مُسْلِمٌ أَيْضًا قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ وَمَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ فَإِنَّ عَلَى الْجَانِي دِيَةَ الْيَدِ خَطَأً كَانَ الْقَطْعُ، أَوْ عَمْدًا، وَلَا يَضْمَنُ ضَمَانَ النَّفْسِ، فَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاطِعِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ هَذَا إذَا مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ، فَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ، وَمَاتَ مُسْلِمًا مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَلْحَقْ بِدَارِ الْحَرْبِ، أَوْ لَحِقَ إلَّا أَنَّهُ عَادَ مُسْلِمًا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِلِحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ دِيَةُ النَّفْسِ عَلَى الْكَمَالِ عَمْدًا كَانَ، أَوْ خَطَأً إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ خَطَأً تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا تَجِبُ فِي مَالِهِ، وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ، وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَمَّا إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَقَضَى بِهِ الْقَاضِي، ثُمَّ عَادَ مُسْلِمًا، وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ، فَعَلَى الْقَاطِعِ نِصْفُ الدِّيَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إذَا ارْتَدَّ الْقَاطِعُ وَالْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ بَقِيَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَقُتِلَ الْقَاطِعُ بِسَبَبِ الرِّدَّةِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ إنَّهُ إنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَإِنْ بَرِئَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ ضَمَانُ الْيَدِ، وَإِنْ مَاتَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ النَّفْسِ. مُدَبَّرَةٌ وَأُمُّ وَلَدٍ ارْتَدَّتْ، وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَمَاتَ مَوْلَاهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أُخِذَتْ أَسِيرًا، فَهِيَ فَيْءٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ اُسْتُرِقَّتْ عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى، فَإِنَّهَا تُرَدُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا ارْتَدَّ الْمُكَاتَبُ، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَاكْتَسَبَ مَالًا، فَأُخِذَ بِمَالِهِ، وَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ، فَقُتِلَ، فَإِنَّهُ يُوَفَّى مَوْلَاهُ مُكَاتَبَتَهُ، وَمَا بَقِيَ فَلِوَرَثَتِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَفِ مَا تَرَكَهُ لِمُكَاتَبَتِهِ فَمَا تُرِكَ لِمَوْلَاهُ كَذَا فِي الْكَافِي. . عَبْدٌ ارْتَدَّ مَعَ مَوْلَاهُ، وَلَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ، فَمَاتَ الْمَوْلَى هُنَاكَ وَأُسِرَ الْعَبْدُ، فَهُوَ فَيْءٌ وَيُقْتَلُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ، وَلَوْ ارْتَدَّ الْعَبْدُ، وَأَخَذَ مَالَ مَوْلَاهُ فَذَهَبَ بِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ أُخِذَ مَعَ ذَلِكَ الْمَالِ لَمْ يَكُنْ فَيْئًا وَيُرَدُّ عَلَى مَوْلَاهُ. قَوْمٌ ارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ، وَحَارَبُوا الْمُسْلِمِينَ، وَغَلَبُوا عَلَى مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِهِمْ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ وَمَعَهُمْ نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ تُقْتَلُ رِجَالُهُمْ وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. زَوْجَانِ ارْتَدَّا وَلَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ، فَحَبِلَتْ الْمَرْأَةُ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَوَلَدَتْ وَلَدًا وَوُلِدَ لِوَلَدِهِمَا وَلَدٌ، فَظُهِرَ عَلَيْهِمْ فَالْوَلَدَانِ فَيْءٌ يُجْبَرُ الْوَلَدُ الْأَوَّلُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يُجْبَرُ وَلَدُ الْوَلَدِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَوْ حَبِلَتْ فِي

مطلب في موجبات الكفر أنواع منها ما يتعلق بالإيمان والإسلام

دَارِنَا، فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي. فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُمَا إذَا ارْتَدَّا، وَلَحِقَا بِوَلَدٍ صَغِيرٍ لَهُمَا دَارَ الْحَرْبِ، فَوُلِدَ لِذَلِكَ الْوَلَدِ وَلَدٌ بَعْدَ مَا كَبُرَ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ فَهُوَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الَّذِي كَانَ إسْلَامُهُ تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ إذَا بَلَغَ مُرْتَدًّا، فَفِي الْقِيَاسِ يُقْتَلُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُقْتَلُ. أَسْلَمَ فِي صِغَرِهِ، ثُمَّ بَلَغَ مُرْتَدًّا، فَفِي الْقِيَاسِ يُقْتَلُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُقْتَلُ مُرْتَدًّا. وَالْمُكْرَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ إذَا ارْتَدَّ لَا يُقْتَلُ اسْتِحْسَانًا، وَفِي كُلِّ ذَلِكَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَوْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَاللَّقِيطُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ، وَلَوْ بَلَغَ كَافِرًا أُجْبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يُقْتَلُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. [مطلب فِي مُوجِبَاتُ الْكُفْرِ أَنْوَاعٌ مِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ] مُوجِبَاتُ الْكُفْرِ أَنْوَاعٌ: (مِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ) إذَا قَالَ الرَّجُلُ: لَا أَدْرِي أَصَحِيحٌ إيمَانِي أَمْ لَا، فَهَذَا خَطَأٌ عَظِيمٌ إلَّا إذَا أَرَادَ بِهِ نَفْيَ الشَّكِّ. مَنْ شَكَّ فِي إيمَانِهِ، وَقَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَهُوَ كَافِرٌ إلَّا إذَا أَوَّلَ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي أَخْرُجُ مِنْ الدُّنْيَا مُؤْمِنًا، فَحِينَئِذٍ لَا يَكْفُرُ، وَمَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَكَذَا مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْإِيمَانِ فَهُوَ كَافِرٌ وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْكُفْرَ وَاحِدٌ فَهُوَ كَافِرٌ وَمَنْ لَا يَرْضَى بِالْإِيمَانِ فَهُوَ كَافِرٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ يَرْضَى بِكُفْرِ نَفْسِهِ فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ يَرْضَى بِكُفْرِ غَيْرِهِ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ التَّخْيِيرِ فِي كَلِمَاتِ الْكُفْرِ إنْ رَضِيَ بِكُفْرِ غَيْرِهِ لِيُعَذَّبَ عَلَى الْخُلُودِ لَا يَكْفُرُ، وَإِنْ رَضِيَ بِكُفْرِهِ لِيَقُولَ فِي اللَّهِ مَا لَا يَلِيقُ بِصِفَاتِهِ يَكْفُرُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. مَنْ قَالَ لَا أَدْرِي صِفَةَ الْإِسْلَامِ، فَهُوَ كَافِرٌ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَبَالَغَ فِيهَا فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ دِينٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا صِيَامٌ وَلَا طَاعَةٌ وَلَا نِكَاحٌ وَأَوْلَادُهُ، أَوْلَادُ الزِّنَا وَقَالَ فِي الْجَامِعِ: مُسْلِمٌ تَزَوَّجَ نَصْرَانِيَّةً صَغِيرَةً وَلَهَا أَبَوَانِ نَصْرَانِيَّانِ وَكَبُرَتْ، وَهِيَ لَا تَعْقِلُ دِينًا مِنْ الْأَدْيَانِ وَلَا تَصِفُهُ، وَهِيَ غَيْرُ مَعْتُوهَةٍ فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا، مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَعْقِلُ دِينًا مِنْ الْأَدْيَانِ لَا تَعْرِفُهُ بِقَلْبِهَا، وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَا تَصِفُهُ لَا تُعَبِّرُ عَنْهُ بِاللِّسَانِ، وَكَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ الْمُسْلِمَةُ إذَا بَلَغَتْ عَاقِلَةً، وَهِيَ لَا تَعْقِلُ الْإِسْلَامَ، وَلَا تَصِفُهُ، وَهِيَ غَيْرُ مَعْتُوهَةٍ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا، وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ قِيلَ لَهَا تَوْحِيد مَيْدَانِيّ فَقَالَتْ: لَا إنْ أَرَادَتْ أَنَّهَا لَا تَحْفَظُ التَّوْحِيدَ الَّذِي يَقُولُهُ الصِّبْيَانُ فِي الْمَكْتَبِ لَا يَضُرُّهَا، وَإِنْ أَرَادَتْ أَنَّهَا لَا تَعْرِفُ وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَتْ بِمُؤْمِنَةٍ، وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَا يَعْرِفُ أَنَّ لَهُ خَالِقًا وَأَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ دَارًا غَيْرَ هَذِهِ الدَّارِ وَأَنَّ الظُّلْمَ حَرَامٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ يَعْصِي وَيَقُولُ مسلماني آشكارا بايد كَرِدِّ يَكْفُرُ. رَجُلٌ قَالَ لِلْآخَرِ مسلمانم فَقَالَ لَهُ لَعَنَتْ بروتووبر مسلماني تَوّ يَكْفُرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. نَصْرَانِيٌّ أَسْلَمَ فَمَاتَ أَبُوهُ

فَقَالَ: لَيْتَ أَنِّي لَمْ أُسْلِمْ إلَى هَذَا الْوَقْتِ حَتَّى أَخَذْتُ مَالَ الْأَبِ يَكْفُرُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. نَصْرَانِيٌّ أَتَى مُسْلِمًا، فَقَالَ: اعْرِضْ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ حَتَّى أُسْلِمَ عِنْدَك فَقَالَ: اذْهَبْ إلَى فُلَانٍ الْعَالِمِ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَيْكَ الْإِسْلَامَ فَتُسْلِمَ عِنْدَهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِيرُ كَافِرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. كَافِرٌ أَسْلَمَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ تراجه بَدَا مُدَّهْ بودازدين خَوْد يَكْفُرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ) يَكْفُرُ إذَا وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ، أَوْ سَخِرَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ، أَوْ بِأَمْرٍ مِنْ أَوَامِرِهِ، أَوْ نُكِرَ وَعْدَهُ وَوَعِيدَهُ، أَوْ جَعَلَ لَهُ شَرِيكًا، أَوْ وَلَدًا، أَوْ زَوْجَةً، أَوْ نَسَبَهُ إلَى الْجَهْلِ، أَوْ الْعَجْزِ، أَوْ النَّقْصِ وَيَكْفُرُ بِقَوْلِهِ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِعْلًا لَا حِكْمَةَ فِيهِ وَيَكْفُرُ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْضَى بِالْكُفْرِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا قَالَ: لَوْ أَمَرَنِي اللَّهُ بِكَذَا لَمْ أَفْعَلْ فَقَدْ كَفَرَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي التَّخْيِيرِ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْيَدِ وَالْوَجْهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ بِجَارِحَةٍ هَلْ يَجُوزُ إطْلَاقُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِالْفَارِسِيَّةِ؟ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يَجُوزُ إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ الْجَوَارِحَ وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: لَا يَصِحُّ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ: فُلَانٌ فِي عَيْنِي كَالْيَهُودِ فِي عَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى يَكْفُرُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمَشَايِخِ، وَقِيلَ إنْ عَنَى بِهِ اسْتِقْبَاحَ فِعْلِهِ لَا يَكْفُرُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ مَاتَ إنْسَانٌ فَقَالَ الْآخَرُ: خدايرا اومى بايست كَفَرَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ: أَيْنَ كاريست خدايرا افتاده است لَا يَكْفُرُ، وَهِيَ كَلِمَةٌ شَنِيعَةٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا قَالَ لِخَصْمِهِ: مِنْ باتو بِحُكْمِ خَدًّا كارميكتم فَقَالَ: خَصْمُهُ مِنْ حُكْم خَدًّا نِدًّا نَمْ، أَوْ قَالَ: أَنْ ينجا حُكْم نرود، أَوْ قَالَ: اينجا حُكْم نيست، أَوْ قَالَ: خداي حاكمي رانشايد، أَوْ قَالَ: اينجا يواست حُكْم كَنِدِّ فَهَذَا كُلُّهُ كُفْرٌ. سُئِلَ الْحَاكِمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَمَّنْ قَالَ: برسم كاركنم بِحُكْمِ ني هَلْ هُوَ كُفْرٌ؟ قَالَ إنْ كَانَ مُرَادُهُ فَسَادُ الْخَلْقِ، وَتَرْكُ الشَّرْعِ وَاتِّبَاعُ الرَّسْمِ لَا رَدُّ الْحُكْمِ لَا يَكْفُرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَضَعَ ثِيَابَهُ فِي مَوْضِعٍ فَقَالَ: سَلَّمْتهَا إلَى اللَّهِ فَقَالَ: لَهُ غَيْرُهُ سَلَّمْتَهَا إلَى مَنْ لَا يَمْنَعُ السَّارِقَ إذَا سَرَقَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِيرُ كَافِرًا. رَجُلٌ قَالَ: اكر مادروغ ميكوييم خَدًّا دروغ مى كويد لَا يَكْفُرُ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي الْغَضَبِ: آن روسبي كه ترازادو آن بغاكه تراكشت وَآن خدايى كه ترا آفريد قَالَ بَعْضُهُمْ: يَكُونُ كُفْرًا وَسَأَلَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ هَذَا فَتَأَمَّلَ فِي ذَلِكَ أَيَّامًا، وَلَمْ يُجِبْ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكُونُ كُفْرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ

لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ لَا يَمْرَضُ هَذَا مَنْسِيُّ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ قَالَ هَذَا مِمَّا نَسِيَهُ فَهَذَا كُفْرٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ قَالَ: خداي بازبان توبس نيايد مِنْ جكونه بُسَّ آيم يَكْفُرُ. وَلَوْ قَالَ: لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى يَكْفُرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ: قَضَايَ بدرسيد فَهَذَا خَطَأٌ عَظِيمٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: اللَّهُ عَزَّ وَعَلَا أَنْعَمَ عَلَيْك فَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إلَيْكَ فَقَالَ: روباخدا جِنّك كُنَّ لِمَاذَا أَعْطَيْتُهُ لَا يَكْفُرُ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا خُصُومَةٌ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: نردبان بِنَّهُ وبآسمان برو وباخداي جِنّك كُنَّ قَالَ أَكْثَرُهُمْ: لَا يَكُونُ كُفْرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ صَاحِبُ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا وَفِي الْخَانِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ: شو وباخداي جِنّك كُنَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَكُونُ كُفْرًا، وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ: وَالْأَحْوَطُ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. يَكْفُرُ بِإِثْبَاتِ الْمَكَانِ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَوْ قَالَ: ازخدا هيج مَكَان خَالِي نيست يَكْفُرُ وَلَوْ قَالَ: اللَّهُ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ حِكَايَةَ مَا جَاءَ فِيهِ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ لَا يَكْفُرُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْمَكَانَ يَكْفُرُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَكْفُرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَيَكْفُرُ بِقَوْلِهِ اللَّهُ تَعَالَى جَلَسَ لِلْإِنْصَافِ، أَوْ قَامَ لَهُ بِوَصْفِهِ اللَّهَ تَعَالَى بِالْفَوْقِ وَالتَّحْتِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ قَالَ: مرابر آسْمَانِ خداي است وَبِرّ زُمَيْن فُلَانٌ يَكْفُرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ: خَدًّا فرومينكر داز آسْمَانِ، أَوْ قَالَ: مى بيندا، أَوْ قَالَ: ازعرش فَهَذَا كُفْرٌ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ إلَّا أَنْ يَقُولَ بِالْعَرَبِيَّةِ يَطْلُعُ، وَلَوْ قَالَ: خداي ازبر عَرْش بداند فَهَذَا لَيْسَ بِكُفْرٍ، وَلَوْ قَالَ: از زِيرَ عَرْش ميداند، فَهَذَا كُفْرٌ وَلَوْ قَالَ: أَرَى اللَّهَ تَعَالَى فِي الْجَنَّةِ. فَهَذَا كُفْرٌ وَلَوْ قَالَ مِنْ الْجَنَّةِ فَهُوَ لَيْسَ بِكُفْرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ أَبُو حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ نَسَبَ اللَّهَ تَعَالَى إلَى الْجَوْرِ فَقَدْ كَفَرَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ يَا رَبّ أَيْنَ ستم مبسند قَالَ بَعْضُهُمْ: يَكْفُرُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ لَوْ قَالَ: خداي عَزَّ وَجَلَّ برتوستم كناجنانكه توبر مِنْ كَرِدِّي الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَلَوْ قَالَ: لَوْ أَنْصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ انْتَصَفَ مِنْكَ يَكْفُرُ أَمَّا لَوْ قَالَ: إذَا مَكَانَ لَوْلَا يَكْفُرُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ إنْ قَضَى اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ أَخَذْتُكَ بِحَقِّي فَهَذَا كُفْرٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قِيلَ لَهُ هَذَا مَكَانُ لَا إلَهَ

فِيهِ وَلَا رَسُولَ فَقَالَ: يُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ مَكَانَ لَا يُعْمَلُ فِيهِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قِيلَ لَهُ لَوْ كَانَ هَذَا فِي مَكَانِ أَهْلُهُ زُهَّادٌ مُطِيعُونَ قَالَ: إنْ كَانَ يُعْمَلُ فِيهِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَأَمْرِ رَسُولِهِ فَأَنْكَرَ كَوْنَهُ دِينًا كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ. لَوْ قَالَ حِينَ يَظْلِمُ ظَالِمٌ يَا رَبّ ازوى أَيْنَ ستم مبذيرا كرتو بذيرى مِنْ نُهْ بذيرم فَهَذَا كُفْرٌ كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ رَضِيتَ فَأَنَا لَا أَرْضَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ: يَا خداي روزى بِرّ مِنْ فِرَاخ كُنَّ يابازر كانيء مِنْ رونده كُنَّ يابر مِنْ جَوْر مُكِّنَ قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَصِيرُ كَافِرًا بِاَللَّهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: دروغ مُكَوٍّ فَقَالَ: دروغ ازبهر جيست ازبهر انْكِهِ بكويند كَفَرَ فِي الْحَالِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ اُطْلُبْ رِضَا اللَّهِ فَقَالَ لَهُ: مرانمي بايد، أَوْ قَالَ: اكراخداي مُرَاد ربهشت كندغارت كنم، أَوْ قِيلَ لَا تَعْصِ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُدْخِلُكَ النَّارَ فَقَالَ: مِنْ أزدوزخ نُمَيٍّ انديشم، أَوْ قِيلَ لَا تَأْكُلْ الْكَثِيرَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّكَ فَقَالَ: مِنْ ميخورم خواهي دوست دارد وخواهي دشمن كَفَرَ بِهَذَا كُلِّهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قِيلَ لَهُ: بِسَيَّارِ مخندا وَبِسَيَّارِ مخسب فَقَالَ: جندان خورم وجندان خسبم وجندان خندم كه خَوْد خَوَاهُمْ يَكْفُرُ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: كُنَّاهُ مُكِّنَ جه عَذَاب خداي بِسَيَّارِ است فَقَالَ: مِنْ عَذَاب بيكدست بردارم يَكْفُرُ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ مادروبدر ميازار فَقَالَ: لَيْسَ لَهُمَا عَلَيَّ حَقٌّ لَا يَكْفُرُ، وَلَكِنْ يَصِيرُ عَاصِيًا. رَجُلٌ قَالَ: لِإِبْلِيسَ أَيْ إبْلِيسَ كَارِ مِنْ بسازتا مِنْ هرجه توفر مَائِيّ بكنم مادروبدر بيازارم وَهَرْجه نَفَر مايى نكنم يَكْفُرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّخْيِيرِ. لَوْ قَالَ: اكراخداي دوجهان كَرِدِّي حَقّ خويش ازبوبستا نم، يَكْفُرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ قَوْلًا كَذِبًا فَسَمِعَ رَجُلٌ، وَقَالَ: خداي مِنْ أَيْنَ دروغ تراراست كرداند يَا كويد خداي بِدِينِ دروغ توبركت كَنَادٍ قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا قَرِيبٌ مِنْ الْكُفْرِ وَفِي مِصْبَاحُ الدِّينِ رَجُلٌ كَذَبَ فَقَالَ غَيْرُهُ: بَارَكَ اللَّهُ فِي كَذِبِكَ يَكْفُرُ. وَسُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَمَّنْ قَالَ: فُلَان باتوراست نميرود فَقَالَ:

خداي تَعَالَى نيز باوى رَاسَتْ نرود، هَلْ يَكْفُرُ قَالَ: نَعَمْ. وَفِي التَّخْيِيرِ سَأَلْتُ صَدْرَ الْإِسْلَامِ جَمَالَ الدِّينِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: خداي زردوست ميدارد مرانداده آسِتّ قَالَ إنْ قَصَدَ بِهَذَا الْكَلَامِ إضَافَةَ الْبُخْلِ إلَيْهِ يَكْفُرُ أَمَّا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ يُحِبُّ الذَّهَبَ لَا يَكْفُرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ أَيْنَ كاربكني فَقَالَ: مِنْ بِي إنْ شَاءَ اللَّهُ بكنم يَكْفُرُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ الْمَظْلُومُ: هَذَا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ الظَّالِمُ: أَنَا أَفْعَلُ بِغَيْرِ تَقْدِيرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ كَفَرَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ قَالَ: أَيْ خداي رحمت خويش از مِنْ دريغ مَدَارّ، فَهُوَ مِنْ أَلْفَاظِ الْكُفْرِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا طَالَتْ الْمُشَاجَرَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَقَالَ الرَّجُلُ: لِامْرَأَتِهِ خَافِي اللَّهَ تَعَالَى وَاتَّقِيهِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ مُجِيبَةً لَهُ: لَا أَخَافُهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ عَاتَبَهَا عَلَى الْمَعْصِيَةِ الظَّاهِرَةِ وَيُخَوِّفُهَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَأَجَابَتْهُ بِهَذَا تَصِيرُ مُرْتَدَّةً وَتَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي عَاتَبَهَا فِيهِ أَمْرًا لَا يُخَافُ فِيهِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ تَكْفُرْ إلَّا أَنْ تُرِيدَ بِذَلِكَ الِاسْتِخْفَافَ فَتَبِينَ مِنْ زَوْجِهَا. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ غَيْرَهُ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَلَا تَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى، فَقَالَ: لَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذَا، فَقَالَ: لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ التَّقْوَى فِيمَا أَفْعَلُ. وَإِنْ رَأَى رَجُلًا فِي مَعْصِيَةٍ وَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: أَلَا تَخَافُ اللَّهَ فَقَالَ: لَا يَصِيرُ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّأْوِيلُ، وَكَذَا إذَا قِيلَ لِرَجُلٍ أَلَا تَخْشَى اللَّهَ تَعَالَى، فَقَالَ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ لَا يَصِيرُ كَافِرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: تامامي شويم بدتر خداي بامامي شود بدتر تَامَا ميشويم نيكوتر خداي باما ميشود نيكوتر يَكْفُرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ: اكر حُكْم خداي رايا شريعت بيغمبر رَانَهُ بسندم جنانكه كسى كويدش خداي جهارزن حَلَال كَرِدِّهِ است كويد مِنْ أَيْنَ حُكْم رانمي بسندم فَهَذَا كُفْرٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِابْنِهَا لِمَاذَا فَعَلْتَ كَذَا فَقَالَ الِابْنُ: وَاَللَّهِ مَا فَعَلْتُ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ مُغْضَبَةً مَهْ تُومه، وَاَللَّهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي كُفْرِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ قَالَ: خداي عَزَّ وَجَلَّ باشد وَهَيْج جيزنباشد، فَإِنَّهُ يَكْفُرُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ قَالَ: خداي بِحَقِّ مِنْ هَمَّهُ نيكويى كَرِدِّهِ است بدى از مِنْ است فَقَدْ كَفَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قِيلَ لِرَجُلٍ: بَارِي بازن بُسَّ

فَيَا مدى فَقَالَ: خداي بازنان بُسَّ نيايد مِنْ جكونه بُسَّ آيم يَكْفُرُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: ازخداي مى بينم وازتويا ازخداي اميدمى دارم وَبِتَوِّ فَهَذَا قَبِيحٌ، وَلَوْ قَالَ: ازخداي مى بينم وَسَبَب تراميدانم، فَهُوَ حَسَنٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا طَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَقَالَ الْخَصْمُ: أَحْلِفُ بِاَللَّهِ، فَقَالَ الطَّالِبُ لَا أُرِيدُ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ، وَأُرِيدُ الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ، أَوْ الْعَتَاقِ فَقَدْ كَفَرَ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ، وَفِي تَجْنِيسِ النَّاصِرِيِّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ قَالَ: سوكند توهمان است وتيزخر هَمَّانِ فَقَدْ كَفَرَ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: خداي مى داندكه بيوسته ترابدعاء يَا دميدارم فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي كُفْرِهِ وَلَوْ قَالَ: مِنْ خدايم عَلَى وَجْهِ الْمِزَاحِ يَعْنِي خَوْد آيم فَقَدْ كَفَرَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: ترا حَقّ همسايه نمى بايد فَقَالَتْ: لَا فَقَالَ: تراحق شوى نمى بايد فَقَالَتْ: لَا فَقَالَ: تراحق خَدًّا نمى بايد فَقَالَتْ: لَا فَقَدْ كَفَرَتْ. رَجُلٌ قَالَ فِي مَرَضِهِ وَضِيقِ عَيْشِهِ: بارى بَدَا نمى كه خداي تَعَالَى مراجرا آفريده است جون ازلذتهاى دُنْيَا مراهيج نيست فَقَدْ قِيلَ: لَا يَكْفُرُ، وَلَكِنَّ هَذَا الْكَلَامَ خَطَأٌ عَظِيمٌ. رَجُلٌ قَالَ: إنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُكَ بِمُسَاوِيكَ وَقَالَ ذَلِكَ الْآخَرُ: خداير انشانده كه تاخداي هَمَّهُ آن كندكه توميكوئى يَكْفُرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي التَّخْيِيرِ خداي جه تواند كَرِدِّ جيزي ديكر نتواند بجزدوزخ فَقَدْ كَفَرَ وَمِثْلُهُ رَجُلٌ رَأَى حَيَوَانًا قَبِيحًا، فَقَالَ: بيش كارنمانده است خرائي كه جَنِين آفريده كَفَرَ. فَقِيرٌ قَالَ فِي شِدَّةِ فَقْرِهِ: فُلَان هُمْ بِنِدِّهِ است باجندان نِعْمَتْ وَمِنْ هُمْ بِنِدِّهِ درجندين رنج بَارِي اينجنين عَدْل باشد كَفَرَ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: ازخداي بترس فَقَالَ: خداي كجاست يَكْفُرُ كَذَا وَلَوْ قَالَ: بيغمبرد ركورنيست، أَوْ قَالَ: عِلْم خداي قَدِيم نيست، أَوْ قَالَ: الْمَعْدُومُ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ لِلَّهِ يَكْفُرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. يَكْفُرُ بِإِدْخَالِ الْكَافِ فِي آخِرِ اللَّهِ عِنْدَ نِدَاءِ مَنْ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ إنْ كَانَ عَالِمًا عَلَى الْأَصَحِّ وَبِتَصْغِيرِ الْخَالِقِ عَمْدًا إنْ كَانَ عَالِمًا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. لَوْ قَالَ لِآخَرَ: خداي بردل

توبيخشايا دبردل مِنْ ني، إنْ عَنَى بِهِ الِاسْتِغْنَاءَ عَنْ الرَّحْمَةِ فَقَدْ كَفَرَ، وَإِنْ عَنَى بِهِ أَنَّ قَلْبِي ثَابِتٌ بِإِثْبَاتِ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مُضْطَرِبٍ لَا يَكْفُرُ صَبِيٌّ يَبْكِي وَيَطْلُبُ أَبَاهُ وَأَبُوهُ يُصَلِّي، فَقَالَ لِلصَّبِيِّ رَجُلٌ: مَهْ مكريي كه بدرتو اللَّه ميكند فَهَذَا لَيْسَ بِكُفْرٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ خدمت اللَّه ميكند كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ رَأَى أَعْمَى، أَوْ مَرِيضًا فَقَالَ لَهُ: خداي ترادبد وَمُرَاد يدوترا جنان آفريد مراجه كُنَّاهُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: بخداي وبخاك بايتو يَكْفُرُ وَلَوْ قَالَ: بخداي وَبِجَانِّ وسرتو فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، أَوْ لَمْ يَرْضَ بِسُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ فَقَدْ كَفَرَ، وَسُئِلَ ابْنُ مُقَاتِلٍ عَمَّنْ أَنْكَرَ نُبُوَّةَ الْخِضْرِ وَذِي الْكِفْلِ فَقَالَ: كُلُّ مَنْ لَمْ تَجْتَمِعْ الْأُمَّةُ عَلَى نُبُوَّتِهِ لَا يَضُرُّهُ إنْ جَحَدَ نُبُوَّتَهُ وَلَوْ قَالَ: لَوْ كَانَ فُلَانٌ نَبِيًّا لَمْ أُؤْمِنْ بِهِ فَقَدْ كَفَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَنْ جَعْفَرٍ فِيمَنْ يَقُولُ: آمَنْتُ بِجَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّ آدَمَ نَبِيٌّ أَمْ لَا يَكْفُرُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. سُئِلَ عَمَّنْ يَنْسِبُ إلَى الْأَنْبِيَاءِ الْفَوَاحِشَ كَعَزْمِهِمْ عَلَى الزِّنَا وَنَحْوِهِ الَّذِي يَقُولُهُ الْحَشَوِيَّةُ فِي يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ شَتْمٌ لَهُمْ وَاسْتِخْفَافٌ بِهِمْ قَالَ أَبُو ذَرٍّ مَنْ قَالَ: إنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ كُفْرٌ، وَقَالَ: مَعَ ذَلِكَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - عَصَوْا فَكَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ شَاتِمٌ، وَلَوْ قَالَ: لَمْ يَعْصُوا حَالَ النُّبُوَّةِ وَلَا قَبْلَهَا كَفَرَ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ الْمَنْصُوصَ. سَمِعْتُ بَعْضَهُمْ يَقُولُ: إذَا لَمْ يَعْرِفْ الرَّجُلُ أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَبِيِّنَا السَّلَامُ فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ. قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ: كُلُّ مَنْ أَرَادَ بِقَلْبِهِ بُغْضَ نَبِيٍّ كَفَرَ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: لَوْ كَانَ فُلَانٌ نَبِيًّا لَمْ أَرْضَ بِهِ، وَلَوْ قَالَ: اكر فُلَان بيغمبر بِوُدِّيِّ مِنْ بوي نُكِرَ ويدمى فَإِنْ أَرَادَ بِهِ لَوْ كَانَ فُلَانٌ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أُؤْمِنْ بِهِ كَفَرَ كَمَا لَوْ قَالَ: لَوْ أَمَرَنِي اللَّهُ بِأَمْرٍ لَمْ أَفْعَلْ، وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ إذَا وَقَعَ بَيْنَ رَجُلٍ وَبَيْنَ صِهْرِهِ خِلَافٌ، فَقَالَ: إنْ بَشَرٌ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ آتَمِرْ بِأَمْرِهِ لَا يَكْفُرُ وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ مَا قَالَهُ الْأَنْبِيَاءُ صِدْقًا وَعَدْلًا نَجَوْنَا كَفَرَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ مِنْ بيغمبرم يُرِيدُ بِهِ مِنْ بيغام مى بُرَم يَكْفُرُ وَلَوْ أَنَّهُ حِينَ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ طَلَبَ غَيْرُهُ مِنْهُ الْمُعْجِزَةَ قِيلَ يَكْفُرُ الطَّالِبُ، وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْمَشَايِخِ قَالُوا إنْ كَانَ غَرَضُ الطَّالِبِ تَعْجِيزَهُ وَافْتِضَاحَهُ لَا يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَ لِشَعْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَعِيرٌ يَكْفُرُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَعِنْدَ الْآخَرِينَ لَا إلَّا إذَا قَالَ بِطَرِيقِ الْإِهَانَةِ، وَمَنْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إنْسِيًّا، أَوْ جِنِّيًّا يَكْفُرُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: اكر فُلَان بيغمبر است حَقّ خويش

ازوى بستانم لَا يَكُونُ كُفْرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: مُحَمَّدٌ درويشك بود، أَوْ قَالَ: جَامه بيغمبر ربمناك بود، أَوْ قَالَ قَدْ كَانَ طَوِيلَ الظُّفْرِ فَقَدْ قِيلَ يَكْفُرُ مُطْلَقًا وَقَدْ قِيلَ يَكْفُرُ إذَا قَالَ عَلَى وَجْهِ الْإِهَانَةِ وَلَوْ قَالَ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: ذَلِكَ الرَّجُلُ قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَدْ قِيلَ أَنَّهُ يَكْفُرُ وَلَوْ شَتَمَ رَجُلًا اسْمُهُ مُحَمَّدٌ، أَوْ أَحْمَدُ، أَوْ كُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِمِ، وَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وهركه خداير باين اسْم، أَوْ باين كِنَّيْهِ يُنَدِّهِ است فَقَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْفُرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَعْصِيَةٍ كَبِيرَةٌ إلَّا مَعَاصِي الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهَا صَغَائِرُ لَمْ يَكْفُرْ وَمَنْ قَالَ: إنَّ كُلَّ عَمْدٍ كَبِيرَةٌ وَفَاعِلُهُ فَاسِقٌ، وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ إنَّ مَعَاصِيَ الْأَنْبِيَاءِ كَانَتْ عَمْدًا فَقَدْ كَفَرَ؛ لِأَنَّهُ شَتْمٌ، وَإِنْ قَالَ: لَمْ تَكُنْ مَعَاصِي الْأَنْبِيَاءِ عَمْدًا، فَلَيْسَ بِكُفْرٍ كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ. الرَّافِضِيُّ إذَا كَانَ يَسُبُّ الشَّيْخَيْنِ وَيَلْعَنُهُمَا وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَإِنْ كَانَ يُفَضِّلُ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَكُونُ كَافِرًا إلَّا أَنَّهُ مُبْتَدِعٌ وَالْمُعْتَزِلِيُّ مُبْتَدِعٌ إلَّا إذَا قَالَ بِاسْتِحَالَةِ الرُّؤْيَةِ، فَحِينَئِذٍ هُوَ كَافِرٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَذَفَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - بِالزِّنَا كَفَرَ بِاَللَّهِ، وَلَوْ قَذَفَ سَائِرَ نِسْوَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَكْفُرُ وَيَسْتَحِقُّ اللَّعْنَةَ، وَلَوْ قَالَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَمْ يَكُونُوا أَصْحَابًا لَا يَكْفُرُ وَيَسْتَحِقُّ اللَّعْنَةَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ مَنْ أَنْكَرَ إمَامَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَهُوَ كَافِرٌ، وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ هُوَ مُبْتَدِعٌ وَلَيْسَ بِكَافِرٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَافِرٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَنْكَرَ خِلَافَةَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أَصَحِّ الْأَقْوَالِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَيَجِبُ إكْفَارُهُمْ بِإِكْفَارِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَزُبَيْرٍ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَيَجِبُ إكْفَارُ الزَّيْدِيَّةِ كُلِّهِمْ فِي قَوْلِهِمْ انْتِظَارَ نَبِيٍّ مِنْ الْعَجَمِ يَنْسَخُ دِينَ نَبِيِّنَا وَسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَيَجِبُ إكْفَارُ الرَّوَافِضِ فِي قَوْلِهِمْ بِرَجْعَةِ الْأَمْوَاتِ إلَى الدُّنْيَا، وَبِتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ وَبِانْتِقَالِ رُوحِ الْإِلَهِ إلَى الْأَئِمَّةِ وَبِقَوْلِهِمْ فِي خُرُوجِ إمَامٍ بَاطِنٍ وَبِتَعْطِيلِهِمْ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ إلَى أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ الْبَاطِنُ وَبِقَوْلِهِمْ إنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - غَلِطَ فِي الْوَحْيِ إلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ خَارِجُونَ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ وَأَحْكَامُهُمْ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي إكْرَاهِ الْأَصْلِ إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَشْتُمَ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ، أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَقُولَ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِي شَيْءٌ وَإِنَّمَا شَتَمْتُ مُحَمَّدًا كَمَا طَلَبُوا مِنِّي، وَأَنَا غَيْرُ رَاضٍ بِذَلِكَ، فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَكْفُرُ، وَكَانَ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْكُفْرِ، فَتَكَلَّمَ بِهِ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ خَطَرَ بِبَالِي رَجُلٌ مِنْ النَّصَارَى اسْمُهُ مُحَمَّدٌ، فَأَرَدْتُ بِالشَّتْمِ ذَلِكَ النَّصْرَانِيَّ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَكْفُرُ أَيْضًا الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ خَطَرَ بِبَالِي

رَجُلٌ مِنْ النَّصَارَى اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَلَمْ أَشْتُمْ ذَلِكَ النَّصْرَانِيَّ وَإِنَّمَا شَتَمْتُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْفُرُ فِي الْقَضَاءِ، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ. وَمَنْ قَالَ: جُنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْفُرُ وَمَنْ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَكْفُرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ: لَوْ لَمْ يَأْكُلْ آدَم الْحِنْطَةَ لَمَّا صِرْنَا أَشْقِيَاءً يَكْفُرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَمَنْ أَنْكَرَ الْمُتَوَاتِرَ فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ أَنْكَرَ الْمَشْهُورَ يَكْفُرُ عِنْدَ الْبَعْضِ، وَقَالَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ: يُضَلَّلُ وَلَا يُكَفَّرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَنْ أَنْكَرَ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَا يَكْفُرُ غَيْرَ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْقَبُولِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا تَمَنَّى الرَّجُلُ لِنَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ لَا يَكُونَ نَبِيًّا قَالُوا: إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُبْعَثْ نَبِيًّا لَا يَكُونُ خَارِجًا عَنْ الْحِكْمَةِ لَا يَكْفُرُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الِاسْتِخْفَافَ وَالْعَدَاوَةَ كَانَ كَافِرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: اكرمرا بيغمبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْدك خواند فرونكذارم لَا يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَ: بازخوانم لَا يَكْفُرُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ: مَعَ غَيْرِهِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ كَذَا بِأَنْ قَالَ: مَثَلًا كَانَ يُحِبُّ الْقَرْعَ، فَقَالَ: ذَلِكَ الْغَيْرُ أَنَا لَا أُحِبُّهُ، فَهَذَا كُفْرٌ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا، وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالُوا: إذَا قَالَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِهَانَةِ كَانَ كُفْرًا، وَبِدُونِهِ لَا يَكُونُ كُفْرًا. رَجُلٌ قَالَ مَعَ غَيْرِهِ إنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَسَجَ الْكِرْبَاسَ بُسَّ مَا هَمَّهُ جولاهه بيجكان باشيم فَهَذَا كُفْرٌ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: كُلَّمَا كَانَ يَأْكُلُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْحَسُ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَيْنَ بِي أَدَبِيّ است فَهَذَا كُفْرٌ إذَا قَالَ: جه نعز رسمي است دهقان راكه طَعَام خورند ودست نشويند قَالَ: إنْ كَانَ تَهَاوُنًا بِالسُّنَّةِ يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَ: أَيْنَ جه رسم است سَبِلَتْ بِسِتِّ كُرِدْنَ ودستار بِزِيرِ كَلَوْ آوردن فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الطَّعْنِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ كَفَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اكردرروز عاشور ايكي راكويند كه سرمه كُنَّ كه سرمه كُرِدْنَ دَرِّينَ روزسنت است اوكويد كَارِ زِنَانِ ومخنثان بود كَافِر كردد وَفِي التَّخْيِيرِ رَجُلٌ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ فَقَالَ لَهُ آخَرُ: دروغ ميكويد اكرهمه بيغمبراست يَلْزَمُهُ الْكُفْرُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: سَخِن وي نكروم اكرهمه بيغمبر است. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: كَرَانِّ خوى است اكرهمه بيغمبراست، أَوْ قَالَ: اكر مَرَّ سَلْ است يَا هَمَّهُ فرشته مقرب است

كَرَانِّ جَانّ است كَفَرَ فِي الْحَالِ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَا تَضْرِبْهُ فَقَالَ: اكر مُحَمَّد مُصْطَفَى كويد مُزْن هَلُمَّ، أَوْ قَالَ: اكراز آسْمَانِ بَانَك آيدكه مُزْن هُمْ بزنم يَلْزَمُهُ الْكُفْرُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سَأَلْتُ صَدْرَ الْإِسْلَامِ جَمَالَ الدِّينِ عَمَّنْ قَرَأَ حَدِيثًا مِنْ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَجُلٌ: هَمَّهُ روز خلشها خواند قَالَ: إنْ أَضَافَ ذَلِكَ إلَى الْقَارِئِ لَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنْظَرُ إنْ كَانَ حَدِيثًا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ وَأَحْكَامِ الشَّرْعِ يَكْفُرُ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثًا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لَا يَكْفُرُ، وَتُحْمَلُ مَقَالَتُهُ عَلَى أَنَّ إرَادَتَهُ قِرَاءَةُ غَيْرِهِ أَوْلَى. رَجُلٌ قَالَ: بحرمت جوانك عربي يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْفُرُ. رَجُلٌ قَالَ: بيغمبر وقنى بودكه بيغمبر بودو وَقْتِيّ بودكه نبود وَقَالَ: أَنَا لَا أَدْرِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَبْرِ مُؤْمِنٌ أَمْ كَافِرٌ يَكْفُرُ. وَفِي غُرَرِ الْمَعَانِي سُئِلَ عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: خِلَاف مُكَوٍّ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ بيغمبر إنَّ خِلَاف كفتند قَالَ: كَلِمَة كُفْر است توبه كند وَنِكَاح تازه كند، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: رُؤْيَتِي إيَّاكَ كَرُؤْيَةِ مَلِكْ الْمَوْتِ، فَهَذَا خَطَأٌ عَظِيمٌ وَهَلْ يَكْفُرُ هَذَا الْقَائِلُ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، بَعْضُهُمْ قَالُوا: يَكْفُرُ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ قَالَ ذَلِكَ لِعَدَاوَةِ مَلَكَ الْمَوْتِ يَصِيرُ كَافِرًا، وَإِنْ قَالَ لِكَرَاهَةِ الْمَوْتِ لَا يَصِيرُ كَافِرًا وَلَوْ قَالَ: روى فُلَان دشمن ميدارم جون روى مَلِكْ الْمَوْت أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ. وَفِي التَّخْيِيرِ لَوْ قَالَ: لَا أَسْمَعُ شَهَادَةَ فُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ جَبْرَائِيلُ وَمِيكَائِيلَ يَكْفُرُ. رَجُلٌ عَابَ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ كَفَرَ. رَجُلٌ قَالَ: أَعْطِنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ حَتَّى أَبْعَثَ مَلَكَ الْمَوْتِ لِيَرْفَعَ رُوحَ فُلَانٍ لِيَقْتُلَهُ هَلْ يَكْفُرُ هَذَا الْقَائِلُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: الِاسْتِخْفَافُ بِالْمَلَكِ كُفْرٌ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ مِنْ فرشته تَوّ أُمُّ فِي مَوْضِعِ كَذَا أُعِينُكَ عَلَى أَمْرِكَ فَقَدْ قِيلَ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ، وَكَذَا إذَا قَالَ مُطْلَقًا أَنَا مَلَكٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنَا نَبِيٌّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَلَمْ يَحْضُرْ الشُّهُودُ قَالَ خدايرا وَرَسُول راكواه كردم، أَوْ قَالَ: خداي راوفرشتكان راكواه كردم، كَفَرَ وَلَوْ قَالَ: فَشَتّه دَسَّتْ رَاسَتْ راكواه كردم وفرشته دَسَّتْ جُبْ راكواه كردم لَا يَكْفُرُ كَذَا فِي فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. (وَمِنْهَا) مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُرْآنِ مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ فَهُوَ كَافِرٌ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا أَنْكَرَ الرَّجُلُ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ، أَوْ تَسَخَّرَ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَفِي الْخِزَانَةِ، أَوْ عَابَ كَفَرَ

كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا أَنْكَرَ الرَّجُلُ كَوْنَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ الْقُرْآنِ لَا يَكْفُرُ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: يَكْفُرُ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ بَعْدَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ الْقُرْآنِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ الْمُتَأَخِّرَ لَا يَرْفَعُ الِاخْتِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ضَرْبِ الدُّفِّ وَالْقَصَبِ فَقَدْ كَفَرَ. رَجُلٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَقَالَ رَجُلٌ أَيْنَ جه بَانَك طوفان است، فَهَذَا كُفْرٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ كَثِيرًا فَمَا رُفِعَتْ الْجِنَايَةُ عَنَّا يَكْفُرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ رابوست بَازٍ كَرُدَّى، أَوْ قَالَ أَلَمْ نَشْرَحْ راكر يُبَان كَرَفَّتِهِ، أَوْ قَالَ لِمَنْ يَقْرَأُ يس عِنْدَ الْمَرِيضِ: يس دردهان مُرْده مِنْهُ، أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَيْ كُوتَاهُ تِرَاز {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] ، أَوْ قَالَ لِمَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَلَا يَتَذَكَّرُ كَلِمَةَ {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} [القيامة: 29] ، أَوْ مَلَأَ قَدَحًا، وَجَاءَ بِهِ وَقَالَ: {وَكَأْسًا دِهَاقًا} [النبأ: 34] ، أَوْ قَالَ: {فَكَانَتْ سَرَابًا} [النبأ: 20] بِطَرِيقِ الْمِزَاحِ، أَوْ قَالَ عِنْدَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 3] بِطَرِيقِ الْمِزَاحِ، أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ دستار {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح: 1] بِسِتَّةِ يَعْنِي أَبْدَيْت الْعِلْمَ، أَوْ جَمَعَ أَهْلَ مَوْضِعٍ، وَقَالَ: {فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} [الكهف: 99] ، أَوْ قَالَ {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: 47] ، أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: كَيْفَ تَقْرَأُ وَالنَّازِعَاتِ نَزْعًا بِنَصْبِ الْعَيْنِ، أَوْ بِرَفْعِهَا وَأَرَادَ بِهِ الطَّنْزَ، أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَقْرَعَ: أَشْتُمُك فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {كَلا بَلْ رَانَ} [المطففين: 14] ، أَوْ دَعَا إلَى الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ فَقَالَ: أَنَا أُصَلِّي وَحْدِي إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى} [العنكبوت: 45] ، أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: تفشيله يَجُوزُ فَإِنَّ التَّفْشِيلَ يُذْهِبُ بِالرِّيحِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46] كَفَرَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا، إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ خَانَهُ جنان بَاكٍ كَرِدِّهِ كه جون {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [الطارق: 1] قِيلَ: يَكْفُرُ وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْقَائِلُ جَاهِلًا لَا يَكْفُرُ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا يَكْفُرُ، إذَا قَالَ {قَاعًا صَفْصَفًا} [طه: 106] شِدَّهْ است فَهَذِهِ مُخَاطَرَةٌ عَظِيمَةٌ، وَإِذَا قَالَ لِبَاقِي الْقَدْرِ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ فَهَذِهِ مُخَاطَرَةٌ عَظِيمَةٌ أَيْضًا، وَإِذَا قَالَ الْقُرْآنُ أَعْجَمِيٌّ كَفَرَ وَلَوْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ كَلِمَةٌ عَجَمِيَّةٌ فَفِي هَكَذَا ذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ الْمُفَسِّرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ لَوْ قِيلَ لِمَ لَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَقَالَ: بيزارشدم ازقرآن يَكْفُرُ وَفِي رِسَالَةِ صَدْرِ الصُّدُورِ وَرِسَالَةِ قَاضِي الْقُضَاةِ كَمَالِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ اكرمردى سورتى از قُرْآن يَا دداردو آن سُورَة بسيارمى خواند ديكرى كويد كه أَيْنَ سُورَة رازبون كرفته كَافِر كردد وَفِي التَّخْيِيرِ رَجُلٌ نَظَمَ الْقُرْآنَ بِالْفَارِسِيَّةِ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (وَمِنْهَا) مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ

لَوْ قَالَ لِمَرِيضٍ صَلِّ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُصَلِّيَ أَبَدًا، وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى مَاتَ يَكْفُرُ وَقَوْلُ الرَّجُلِ لَا أُصَلِّي يَحْتَمِلُ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: لَا أُصَلِّي لِأَنِّي صَلَّيْتُ، وَالثَّانِي: لَا أُصَلِّي بِأَمْرِكَ، فَقَدْ أَمَرَنِي بِهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَالثَّالِثُ: لَا أُصَلِّي فِسْقًا مَجَانَةً، فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَيْسَتْ بِكُفْرٍ. وَالرَّابِعُ: لَا أُصَلِّي إذْ لَيْسَ يَجِبُ عَلَيَّ الصَّلَاةُ، وَلَمْ أُؤْمَرْ بِهَا يَكْفُرُ، وَلَوْ أَطْلَقَ وَقَالَ: لَا أُصَلِّي لَا يَكْفُرُ لِاحْتِمَالِ هَذِهِ الْوُجُوهِ إذَا قِيلَ لَهُ صَلِّ فَقَالَ: قلتبان بودكه نماز كندو كاربر خويشتن داراز كَنِدِّ، أَوْ قَالَ: ديراست كه بيكار نكرده أَمْ، أَوْ قَالَ: كه تواندكه أَيْنَ كاربسربرد، أَوْ قَالَ: خرد منددر كاري نبايد كه بسرنتواندبرد، أَوْ قَالَ: مرد مان ازبهر مَا ميكنند، أَوْ قَالَ: نماز ميكنم جيزي برسر نمى آيد، أَوْ قَالَ: تونماز كردى جه برسر آوردى، أَوْ قَالَ: نماز كراكنم مادروبدر مِنْ مرده اند، أَوْ قَالَ: نماز كرده وناكرده يكى است، أَوْ قَالَ: جندان نماز كردم مرادل بكرفت، أَوْ قَالَ: نماز جيزى نيست كه اكربماند كنده شود، فَهَذَا كُلُّهُ كُفْرٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ اكريكى راكويند بياتانماز كنيم براي آن حاجت بس أَوْ كويد مِنْ بِسَيَّارِ نماز كردم هيج حاجت مِنْ روانشد وآن بروجه اسْتِخْفَاف وَطَنْز كويد كَافِر كردد كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ فَاسِقٌ: لِلْمُصَلِّينَ بيابييد مسلماني بِهِ بينيد، وَيُشِيرُ إلَى مَجْلِسِ الْفِسْقِ يَكْفُرُ إذَا قَالَ: خوش كاريست بِي نمازي، فَهُوَ كُفْرٌ، وَكَذَا إذَا قَالَ رَجُلٌ: صَلِّ حَتَّى تَجِدَ حَلَاوَةَ الطَّاعَةِ، أَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: نماز كُنَّ تاحلاوت نماز كُرِدْنَ بَيَانِيّ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ: تومكن تاحلاوت بِي نمازي بِهْ بَيْنِيّ يَكْفُرُ، وَإِذَا قِيلَ لِعَبْدٍ صَلِّ فَقَالَ: لَا أُصَلِّي فَإِنَّ الثَّوَابَ يَكُونُ لِلْمَوْلَى يَكْفُرُ، إذَا قِيلَ لِرَجُلٍ صَلِّ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ نَقَصَ مِنْ مَالِي، فَأَنَا أَنْقُصُ مِنْ حَقِّهِ فَهُوَ كُفْرٌ. رَجُلٌ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ لَا غَيْرَ وَيَقُولُ: أَيْنَ خَوْد بِسَيَّارِ است، أَوْ يَقُولُ: زياده مى آيَد؛ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ فِي رَمَضَانَ تُسَاوِي سَبْعِينَ صَلَاةً يَكْفُرُ إذَا صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ مُتَعَمِّدًا، فَوَافَقَ ذَلِكَ الْقِبْلَةَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ كَافِرٌ، وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا إذَا صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ، أَوْ صَلَّى مَعَ الثَّوْبِ النَّجِسِ، وَلَوْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ مُتَعَمِّدًا يَكْفُرُ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ، وَفِي كِتَابِ

التَّحَرِّي إذَا تَحَرَّى، وَوَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى جِهَةٍ، فَتَرَكَ تِلْكَ الْجِهَةَ، وَصَلَّى إلَى جِهَةٍ أُخْرَى رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: أَخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرَ لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي كُفْرِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالِاسْتِخْفَافِ يَصِيرُ كَافِرًا، وَلَوْ اُبْتُلِيَ إنْسَانٌ بِذَلِكَ لِضَرُورَةٍ بِأَنْ كَانَ يُصَلِّي مَعَ قَوْمٍ، فَأَحْدَثَ، وَاسْتَحْيَا أَنْ يَظْهَرَ وَكَتَمَ ذَلِكَ وَصَلَّى هَكَذَا، أَوْ كَانَ بِقُرْبٍ مِنْ الْعَدُوِّ فَقَامَ وَصَلَّى، وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَصِيرُ كَافِرًا إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَهْزِئٍ، وَمَنْ اُبْتُلِيَ بِذَلِكَ لِضَرُورَةٍ، أَوْ لِحَيَاءٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْصِدَ بِالْقِيَامِ قِيَامَ الصَّلَاةِ، وَلَا يَقْرَأَ شَيْئًا، إذَا حَنَى ظَهْرَهُ لَا يَقْصِدُ الرُّكُوعَ وَلَا يُسَبِّحُ حَتَّى لَا يَصِيرُ كَافِرًا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِذَا صَلَّى عَلَى ثَوْبٍ نَجِسٍ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِيرُ كَافِرًا، وَلَوْ اقْتَدَى بِصَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ، أَوْ امْرَأَةٍ، أَوْ جُنُبٍ، أَوْ مُحْدِثٍ وَصَلَّى الْوَقْتِيَّةَ، وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ، وَهُوَ ذَاكِرُهَا لَا يَصِيرُ كَافِرًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ: الصَّلَاةُ فَرِيضَةٌ لَكِنْ رُكُوعُهَا وَسُجُودُهَا لَا لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَوِّلُ، وَإِنْ أَنْكَرَ فَرْضِيَّةَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُطْلَقًا يَكْفُرُ حَتَّى إذَا أَنْكَرَ فَرْضِيَّةَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ يَكْفُرُ أَيْضًا لِرَدِّهِ الْإِجْمَاعَ وَالتَّوَاتُرَ، وَلَوْ قَالَ: اكر كَعْبه قبله نبودى وَبَيْت الْمَقْدِس قبله بودى مِنْ نماز بِكَعْبِهِ كُرْد مى وَبِهِ بَيْت الْمَقْدِس نُكِرَ دمى، وَفِي تَجْنِيسِ الْمُلْتَقَطِ وَلَوْ قَالَ: اكر فُلَان قبله كردد روى سِوَى أَوْ نكنم، أَوْ قَالَ: اكر فُلَان نَاحِيَة كعبه كردد روى سِوَى أَوْ نكنم، وَفِي التَّخْيِيرِ رَجُلٌ قَالَ قبله دواست يَعْنِي الْكَعْبَةَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ كَفَرَ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ: لَوْ صَلَّى رِيَاءً فَلَا أَجْرَ لَهُ، وَعَلَيْهِ الْوِزْرُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكْفُرُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَجْرَ لَهُ وَلَا وِزْرَ، وَهُوَ كَأَنْ لَمْ يُصَلِّ وَفِي مِصْبَاحِ الدِّينِ سُئِلَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ عَنْ رَجُلٍ أَتَى الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ تَرَكَ صَلَاةً، أَوْ صَلَاتَيْنِ فَإِنْ كَانَ تَعْظِيمًا لَهُمْ كَفَرَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ، وَإِنْ أَتَى بِفِسْقٍ لَمْ يَكْفُرْ، وَقَضَى مَا تَرَكَ، وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَمَّنْ أَسْلَمَ، وَهُوَ فِي دِيَارِنَا، ثُمَّ بَعْدَ شَهْرٍ سُئِلَ عَنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ أَنَّهَا فُرِضَتْ عَلَيَّ قَالَ: كَفَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حِدْثَانِ مَا أَسْلَمَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. . رَجُلٌ قَالَ لِلْمُؤَذِّنِ حِينَ أَذَّنَ كَذَبْتَ يَصِيرُ كَافِرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي التَّخْيِيرِ مُؤَذِّنٌ أَذَّنَ فَقَالَ رَجُلٌ: أَيْنَ بَانَك غوغا است يَكْفُرُ إنْ قَالَ عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ وَفِي الْفُصُولِ وَلَوْ سَمِعَ الْأَذَانَ فَقَالَ: هَذَا صَوْتُ الْجَرَسِ يَكْفُرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا قِيلَ لِرَجُلٍ أَدِّ الزَّكَاةَ فَقَالَ: لَا أُؤَدِّي يَكْفُرُ قِيلَ مُطْلَقًا، وَقِيلَ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ لَا يَكْفُرُ، وَفِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ يَكْفُرُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَصْلُ الزَّكَاةِ عَلَى الْأَقَاوِيلِ الَّتِي مَرَّتْ فِي الصَّلَاةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ

لَيْتَ صَوْمَ رَمَضَانَ لَمْ يَكُنْ فَرْضًا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي كُفْرِهِ، وَالصَّوَابُ مَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ هَذَا عَلَى نِيَّتِهِ إنْ نَوَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ لَا يُمْكِنَهُ أَدَاءُ حُقُوقِهِ لَا يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَ عِنْدَ مَجِيءِ شَهْرِ رَمَضَانَ: آمد آن ماه كر، إنْ قَالَ جَاءَ الضَّيْفُ الثَّقِيلُ يَكْفُرُ، إذَا قَالَ عِنْدَ دُخُولِ رَجَبٍ: بِعِقَابِهَا اندر افتاديم إنْ قَالَ ذَلِكَ تَهَاوُنًا بِالشُّهُورِ الْمُفَضَّلَةِ يَكْفُرُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ التَّعَبَ لِنَفْسِهِ لَا يَكْفُرُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. رَجُلٌ قَالَ: روزه مَاهَ رَمَضَان زود بكرايد فَقَدْ قِيلَ إنَّهُ يَكْفُرُ، وَقَالَ الْحَاكِمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَا يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَ: جندازين روزه كه مرادل بكرفت فَهَذَا كُفْرٌ، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الطَّاعَاتُ جَعَلَهَا اللَّهُ عَذَابًا عَلَيْنَا إنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ لَا يَكْفُرُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ يَفْرِضْ اللَّهُ هَذِهِ الطَّاعَاتِ كَانَ خَيْرًا لَنَا لَا يَكْفُرُ إنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اكر كويد مرانماز نمى سازد يَا حَلَال نمى سازد يَا نمازاز بِهَرْجِهِ كنم كه زَنِّ ندارم وَبَجّه ندارم يَا كويد نمازرابر طَاق نهادم يَكْفُرُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. (وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ) فِي النِّصَابِ مَنْ أَبْغَضَ عَالِمًا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ ظَاهِرٍ خِيفَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ، إذَا قَالَ لِرَجُلٍ مُصْلِحٍ: ديدا روى نَزِدْ مِنْ جنان است كه ديدار خوك يُخَافُ عَلَيْهِ الْكُفْرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُخَافُ عَلَيْهِ الْكُفْرُ إذَا شَتَمَ عَالِمًا، أَوْ فَقِيهًا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، وَيَكْفُرُ بِقَوْلِهِ لِعَالِمٍ ذَكَرُ الْحِمَارِ فِي اسْتِ عِلْمِك يُرِيدُ عِلْمَ الدِّينِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ جَاهِلٌ قَالَ: آنهَا كه عِلْم مى أموزندد استانها است كه مى أموزند، أَوْ قَالَ: باداست انجه ميكويند، أَوْ قَالَ: تزويراست، أَوْ قَالَ: مِنْ عِلْم حيله رامنكرم هَذَا كُلُّهُ كُفْرٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ يَجْلِسُ عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ، وَيَسْأَلُونَ مِنْهُ مَسَائِلَ بِطَرِيقِ الِاسْتِهْزَاءِ، ثُمَّ يَضْرِبُونَهُ بِالْوَسَائِدِ، وَهُمْ يَضْحَكُونَ يَكْفُرُونَ جَمِيعًا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَجْلِسْ عَلَى الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ. رَجُلٌ رَجَعَ عَنْ مَجْلِسِ الْعِلْمِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ: ازكنشت آمدى يَكْفُرُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: مُرَابًا مَجْلِس عِلْم جكار، أَوْ قَالَ: مَنْ يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ مَا يَقُولُونَ يَكْفُرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اكر كويد عِلْم رادر كَاسّه وَدَرِّ كيسه نتوان كرديا كويد عِلْم اجه كنم مراسيم بايد

بجيب اندر يَكْفُرُ هَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: مراجندان مشغولي زَنِّ وفرزند هُسَّتْ كه بمجلس عِلْم نمى رسم فَهَذَا مُخَاطَرَةٌ عَظِيمَةٌ إنْ أَرَادَ بِهِ التَّهَاوُنَ بِالْعِلْمِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ إذَا قَالَ لِعَالِمٍ: شو عِلْم رابكاسه اندر فَكُنَّ يَكْفُرُ، إذَا كَانَ الْفَقِيهُ يَذْكُرُ شَيْئًا مِنْ الْعِلْمِ، أَوْ يَرْوِي حَدِيثًا صَحِيحًا، فَقَالَ آخَرُ: أَيْنَ هيج نيست درده، أَوْ قَالَ: أَيْنَ سَخِن يجه كار آيد درم بايد كه أَمَرَ وزحشمت مردم راست عِلْم كرابكار آيد، فَهَذَا كُفْرٌ إذَا قَالَ: فَسَاد كردن بِهِ ازد انشمندي كردن، فَهَذَا كُفْرٌ. امْرَأَةٌ قَالَتْ: لَعَنَتْ بريشوى دانشمند بَادٍ تَكْفُرُ. رَجُلٌ قَالَ: فَعَلَ دانشمند إنَّ هُمَا نَسَتْ وَفَعَلَ كَافِرَانِ هَمَّانِ يَكْفُرُ قِيلَ هَذَا إذَا أُرِيدَ بِهِ جَمِيعُ الْأَفْعَالِ، فَيَكُونُ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَإِذَا خَاصَمَ فَقِيهًا فِي حَادِثَةٍ وَبَيَّنَ الْفَقِيهُ لَهُ وَجْهًا شَرْعِيًّا فَقَالَ ذَلِكَ الْمُخَاصِمُ: أَيْنَ دانشمندي مُكِّنَ كه بيش نرود يُخَافُ عَلَيْهِ الْكُفْرُ إذَا قَالَ لِفَقِيهٍ: أَيْ دانشمندك، أَوْ قَالَ: أَيْ علويك لَا يَكْفُرُ إنْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ الِاسْتِخْفَافَ بِالدِّينِ. حُكِيَ أَنَّ فَقِيهًا وَضَعَ كِتَابًا فِي دُكَّانِ رَجُلٍ، وَذَهَبَ، ثُمَّ مَرَّ عَلَى ذَلِكَ الدُّكَّانِ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الدُّكَّانِ: دستره فراموش كَرُدَّى، فَقَالَ الْفَقِيهُ: مِرْبَدًا كَانَ تَوّ كِتَابٍ است دستره ني فَقَالَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ: درود كَرَّبَهُ دستره جوب مى بردوشما بِكِتَابِ حلق مُرْد مَانّ فَشَكَا الْفَقِيهُ فِي ذَلِكَ إلَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ فَأَمَرَ بِقَتْلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ عَبْدُ الْكَرِيمِ وَأَبُو عَلِيٍّ السُّغْدِيُّ عَمَّنْ كَانَ يَغِيظُ امْرَأَتَهُ وَيَدْعُوهَا إلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَيَنْهَاهَا عَنْ مَعْصِيَتِهِ فَقَالَتْ: مِنْ خداي جه دانم وَعِلْم جه خويشتن رابد وزخ نُهَادِهِ أَمْ فَقَالَا: كَفَرَتْ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ قِيلَ لَهُ طُلَّابُ الْعِلْمِ يَمْشُونَ عَلَى أَجْنِحَةِ الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ: أَيْنَ بارى دروغ است كَفَرَ. رَجُلٌ قَالَ قِيَاسُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَقّ نيست يَكْفُرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ قَالَ: قَصْعَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ خَيْرٌ مِنْ الْعِلْمِ كَفَرَ وَلَوْ قَالَ: خَيْرٌ مِنْ اللَّهِ لَا يَكْفُرُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِخَصْمِهِ: اذْهَبْ مَعِي إلَى الشَّرْعِ، أَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: بامن بشرع رو وَقَالَ خَصْمُهُ: بياده ببارتا بِرُومِ بِي جبر نروم يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ عَانَدَ الشَّرْعَ، وَلَوْ قَالَ

بامن بِقَاضِي رو، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَا يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَ: بامن شريعت واين حِيَلهَا سُود ندارد، أَوْ قَالَ: بيش نرود، أَوْ قَالَ: مُرَاد بوس هست شريعت جكنم، فَهَذَا كُلُّهُ كُفْرٌ وَلَوْ قَالَ: آن وَقْت كه سيم ستدى شريعت وَقَاضِي كجابود، يَكْفُرُ أَيْضًا، وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ قَالَ: إنْ عَنَى بِهِ قَاضِيَ الْبَلْدَةِ لَا يَكْفُرُ وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ: حُكْمُ الشَّرْعِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ كَذَا فَقَالَ ذَلِكَ الْغَيْرُ: مِنْ برسم كَارِ ميكنم نُهْ بشرع يَكْفُرُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ: مَا تَقُولِينَ أيش حُكْم الشِّرْع فَتَجَشَّأَتْ جُشَاءً عَالِيًا فَقَالَتْ: اينك شرع را فَقَدْ كَفَرَتْ وَبَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ عَرَضَ عَلَيْهِ خَصْمُهُ فَتْوَى الْأَئِمَّةِ، فَرَدَّهَا، وَقَالَ: جه بَارّ نَامَهْ فَتْوَى آورده قِيلَ يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ حُكْمَ الشَّرْعِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا لَكِنْ أَلْقَى الْفَتْوَى عَلَى الْأَرْضِ، وَقَالَ أَيْنَ جه شرع است كَفَرَ. رَجُلٌ اسْتَفْتَى عَالِمًا فِي طَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَأَفْتَاهُ بِالْوُقُوعِ، فَقَالَ الْمُسْتَفْتِي: مِنْ طَلَاق مُلَاقٍ جه دانم مادر بجكان بايد كه بخَانَه مِنْ بود أَفْتَى الْقَاضِي الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ بِكُفْرِهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا جَاءَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ إلَى صَاحِبِهِ بِفَتْوَى الْأَئِمَّةِ فَقَالَ صَاحِبُهُ: لَيْسَ كَمَا أَفْتَوْهُ، أَوْ قَالَ: لَا نَعْمَلُ بِهَذَا كَانَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَكَلَامِ الْفَسَقَةِ وَالْفُجَّارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ) مَنْ اعْتَقَدَ الْحَرَامَ حَلَالًا، أَوْ عَلَى الْقَلْبِ يَكْفُرُ أَمَّا لَوْ قَالَ لِحَرَامٍ: هَذَا حَلَالٌ لِتَرْوِيجِ السِّلْعَةِ، أَوْ بِحُكْمِ الْجَهْلِ لَا يَكُونُ كُفْرًا، وَفِي الِاعْتِقَادِ هَذَا إذَا كَانَ حَرَامًا لِعَيْنِهِ، وَهُوَ يَعْتَقِدُهُ حَلَالًا حَتَّى يَكُونَ كُفْرًا أَمَّا إذَا كَانَ حَرَامًا لِغَيْرِهِ، فَلَا وَفِيمَا إذَا كَانَ حَرَامًا لِعَيْنِهِ إنَّمَا يَكْفُرُ إذَا كَانَتْ الْحُرْمَةُ ثَابِتَةً بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ أَمَّا إذَا كَانَتْ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ، فَلَا يَكْفُرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قِيلَ لِرَجُلٍ حَلَالٌ وَاحِدٌ أَحَبُّ إلَيْك أَمْ حَرَامَانِ قَالَ: أَيُّهُمَا أَسْرَعُ وُصُولًا يُخَافُ عَلَيْهِ الْكُفْرُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: مَال بايد خواه حَلَال خواه حرام وَلَوْ قَالَ: تا حرام يَا بِمَ كَرِدِّ حَلَال نكردم لَا يَكْفُرُ، وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الْحَرَامِ يَرْجُو الثَّوَابَ يَكْفُرُ، وَلَوْ عَلِمَ الْفَقِيرُ بِذَلِكَ فَدَعَا لَهُ، وَأَمَّنَ الْمُعْطِي فَقَدْ كَفَرَا قِيلَ لِرَجُلٍ كُلْ مِنْ الْحَلَالِ، فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْحَرَامُ أَحَبُّ إلَيَّ يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَ مُجِيبًا لَهُ: دَرِّينَ جهان يك حَلَال خوار بيار تا أَوْ راسجده كنم يَكْفُرُ قَالَ لِغَيْرِهِ كُلْ الْحَلَالَ

فَقَالَ: مَرَّا حرام شايد يَكْفُرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَدٌ فَاسِقٌ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَجَاءَ أَقَارِبُهُ وَنَثَرُوا الدَّرَاهِمَ عَلَيْهِ كَفَرُوا وَلَوْ لَمْ يَنْثُرُوا لَكِنْ قَالُوا: مُبَارَك بَادٍ كَفَرُوا أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ: حُرْمَةُ الْخَمْرِ لَمْ تَثْبُتْ بِالْقُرْآنِ يَكْفُرُ رَجُلٌ قَالَ: تُبْتُ وَمَعَ ذَلِكَ تَشْرَبُ الْخَمْرَ لِمَاذَا أَلَا تَتُوبُ قَالَ: كسى ازشير مَا درشكيبد لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِفْهَامٌ، أَوْ تَسْوِيَةٌ بَيْنَ الْخَمْرِ وَاللَّبَنِ فِي الْحُبِّ وَفِي كِتَابِ الْحَيْضِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ لَوْ اسْتَحَلَّ وَطْءَ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ يَكْفُرُ، وَكَذَا لَوْ اسْتَحَلَّ اللِّوَاطَةُ مِنْ امْرَأَتِهِ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكْفُرُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ الصَّحِيحُ. رَجُلٌ شَرِبَ الْخَمْرَ فَقَالَ: شادى مرآنر است كه بِشَادِّي مَا شَادَّ است وَكَمْ وكاست مرآنرا كه بِشَادِّي مَا شَادَّ نيست يَكُونُ كُفْرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا شَرَعَ فِي الْفَسَادِ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: بيائيد تايكى خوش بزبم يَكْفُرُ، وَكَذَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالشُّرْبِ، وَقَالَ: مسلماني آشكارا ميكنم، أَوْ قَالَ: مسلماني آشكار شَدَّ يَكْفُرُ. قَالَ وَاحِدٌ مِنْ الْفَسَقَةِ: اكرآزين خمرا بارة بريزد جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بير خويش برداردش يَكْفُرُ. قِيلَ لِفَاسِقٍ إنَّكَ تُصْبِحُ كُلَّ يَوْمٍ تُؤْذِي اللَّهَ، وَخَلْقَ اللَّهِ قَالَ: خوش مى آرُمّ يَكْفُرُ قَالَ: لِلْمَعَاصِي: أَيْنَ نيزراهي است ومذهبي يَكْفُرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي تَجْنِيسِ النَّاطِفِيِّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ ارْتَكَبَ شَيْئًا مِنْ الصَّغَائِرِ فَقِيلَ لَهُ تُبْ إلَى اللَّهِ، فَقَالَ: مِنْ جه كَرِدِّهِ أَمْ تاتوبه بايد كَرِدِّ يَكْفُرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ أَكَلَ طَعَامًا حَرَامًا، وَقَالَ: عِنْدَ الْأَكْلِ بِسْمِ اللَّهِ حَكَى الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِمُشْتَمِلِيٍّ أَنَّهُ يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَ: عِنْدَ الْفَرَاغِ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَكْفُرُ: وَاتِّفَاق است اكر قدح بكيرد وَبِسْمِ اللَّه كويد وبخورد كَافِر كردد وهمجنين بِوَقْتِ مباشرت زنايا بِوَقْتِ قمار كَعْبَتَيْنِ بكيرد وبكويد بِسْمِ اللَّهِ كَافِر شود كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَشَاجَرَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ فَقَالَ: لَا حَوْلَ بِكَارٍ نيست، أَوْ قَالَ: لَا حَوْلَ راجكنم، أَوْ قَالَ: لَا حَوْلَ لَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ، أَوْ قَالَ: لَا حَوْلَ رابكاسه اندرثر يدنتوان كرد، أَوْ قَالَ: بجاي نان سُود ندارد كَفَرَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ عِنْدَ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ

الْآخَرُ: سُبْحَانَ اللَّه راتو آبَ بِرِدِّي، أَوْ قَالَ: بوست بَازٍ كَرِدِّي فَهَذَا كُفْرٌ. إذَا قَالَ لِآخَرَ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَقَالَ: لَا أَقُولُ فَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ هُوَ كُفْرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ عَنَى بِهِ لَا أَقُولُ بِأَمْرِكَ لَا يَكْفُرُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِكُفْرِهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ قَالَ: بكفتن أَيْنَ كَلِمه جه برسر آوردى تامن كويم يَكْفُرُ. رَجُلٌ عَطَسَ مَرَّاتٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: بِحَضْرَتِهِ يَرْحَمُك اللَّهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَعَطَسَ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ: بِجَانِّ آمُدِمّ ازين يَرْحَمُكَ اللَّهُ كَفِتَنِ، أَوْ قَالَ: دلتنك شدمارا، أَوْ قَالَ: ملول شديم، فَقَدْ قِيلَ: لَا يَكْفُرُ فِي الْجَوَابِ الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُلْطَانٌ عَطَسَ، فَقَالَ آخَرُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: لَا تَقُلْ لِلسُّلْطَانِ هَكَذَا يَكْفُرُ هَذَا الْقَائِلُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. (وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَا فِيهَا) مَنْ أَنْكَرَ الْقِيَامَةَ، أَوْ الْجَنَّةَ، أَوْ النَّارَ، أَوْ الْمِيزَانَ، أَوْ الصِّرَاطَ، أَوْ الصَّحَائِفَ الْمَكْتُوبَةَ فِيهَا أَعْمَالُ الْعِبَادِ يَكْفُرُ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْبَعْثَ فَكَذَلِكَ، وَلَوْ أَنْكَرَ بَعْثَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لَا يَكْفُرُ كَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو إِسْحَاقَ الْكَلَابَاذِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. عَنْ ابْنِ سَلَّامٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَنْ يَقُولُ لَا أَعْلَمُ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى إذَا بُعِثُوا هَلْ يُعَذَّبُونَ بِالنَّارِ أَفْتَى جَمِيعُ مَشَايِخِنَا وَمَشَايِخُ بَلْخٍ بِأَنَّهُ يَكْفُرُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. يَكْفُرُ بِإِنْكَارِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَبِإِنْكَارِ عَذَابِ الْقَبْرِ وَبِإِنْكَارِ حَشْرِ بَنِي آدَمَ لَا غَيْرِهِمْ وَلَا بِقَوْلِهِ أَنَّ الْمُثَابَ وَالْمُعَاقَبَ الرُّوحُ فَقَطْ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: كُمَّاهُ مُكِّنَ جهان ديكر هُسَّتْ فَقَالَ: ازان جهان كه خبرداد كَفَرَ. رَجُلٌ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ، فَقَالَ: اكرند هِيَ قيامت رابستانم، فَقَالَ: قيامت بِرَمْيِ تابد إنْ قَالَ تَهَاوُنًا بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ كَفَرَ. رَجُلٌ ظَلَمَ عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ الْمَظْلُومُ: آخِر قيامت هُسَّتْ، فَقَالَ الظَّالِمُ: فُلَان خُرَّ بقيامت اندر يَكْفُرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ: أَعْطِ دَرَاهِمِي فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّهُ لَا دِرْهَمَ فِي الْقِيَامَةِ فَقَالَ: دمد ديكرى بِمِنْ ده وبا نجهان بَازٍ خَوَّاهُ أَوْ بازدهم يَكْفُرُ هَكَذَا أَجَابَ الْفَضْلِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ قَالَ: مُرَابًا محشرجه كَارِ، أَوْ قَالَ: لَا أَخَافُ الْقِيَامَةَ يَكْفُرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا قَالَ لِخَصْمِهِ آخُذُ مِنْكَ حَقِّي فِي الْمَحْشَرِ، فَقَالَ خَصْمُهُ: تودران انبوهي مَرَّا كجابابي فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي كُفْرِهِ وَذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: هَمَّهُ

نيكوئى بِدِينِ جهان بايد بَدَانِ جهان هرجه خواهي بَاشّ يَكْفُرُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. قَالَ رَجُلٌ لِزَاهِدٍ: ينشين تا ازبهشت ازان سونيفتي قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنَّهُ يَكْفُرُ قِيلَ لِرَجُلٍ اُتْرُكْ الدُّنْيَا لِأَجْلِ الْآخِرَةِ قَالَ أَنَا لَا أَتْرُكُ النَّقْدَ بِالنَّسِيئَةِ قَالَ: يَكْفُرُ. فِي نُسْخَةِ الحجواني قَالَ: هركه باينجهان بِي خرد بودبا نجهان جون ميسه دريده بود قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا طَنْزٌ وَهُزُؤٌ بِأَمْرِ الْآخِرَةِ، فَيُوجِبُ كُفْرَ الْقَائِلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ: باتودر دوزخ روم لِيَكُنِّ اندرنيايم كَفَرَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. . اكر كويددر قيامت تاجيزي بررضوان نَبْرِي دربهشت نكشايد كَافِر كردد كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ: جه غوغا آمُدّ إنْ قَالَ: ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الرَّدِّ وَالْإِنْكَارِ يُخَافُ عَلَيْهِ الْكُفْرُ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: بخَانَه فُلَان روواورا أَمَرَ مَعْرُوف كُنَّ، فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: وَجْه مَرَّا أَوَجْه كَرِدِّهِ است، أَوْ قَالَ: مَرَّا أَزَوْجه ازاراست، أَوْ قَالَ: مِنْ عَافَيْت كَزَيْدِهِ أَمْ مَرَّا باين فُضُولِيّ جه كَارِ فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا كُفْرٌ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. . إذَا قَالَ: فَلَا نرا مصيبت رسيد، أَوْ قَالَ لِلْمُعَزَّى: بِزِرِّك مُصِيبَتِي رسيد ترا فَبَعْضُ مَشَايِخِ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: يَكْفُرُ الْقَائِلُ، وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ قَالُوا: إنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ لَكِنَّهُ خَطَأٌ عَظِيمٌ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: لَيْسَ بِكُفْرٍ وَلَا خَطَإٍ وَإِلَيْهِ مَالَ الْحَاكِمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَالْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ قَالَ لِلْمُعَزَّى: هرجه ازجان وى بِكَاسِبِ برجان توزيادت بَادٍ يُخْشَى عَلَى الْقَائِلِ الْكُفْرُ، أَوْ قَالَ: زيادت كناد، فَهَذَا خَطَأٌ وَجَهْلٌ وَكَذَلِكَ ازجان فُلَان بكاست وَبِجَانِّ توبيوست، وَلَوْ قَالَ: وي مَرْدُوجَانِ بتوسيرد يَكْفُرُ. رَجُلٌ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ: فُلَان خرباز فرستاد فَهَذَا كُفْرٌ، إذَا مَرِضَ الرَّجُلُ وَاشْتَدَّ مَرَضُهُ وَدَامَ، فَقَالَ الْمَرِيضُ: إنْ شِئْتَ تَوَفَّى مُسْلِمًا، وَإِنْ شِئْتَ تَوَفَّى كَافِرًا يَصِيرُ كَافِرًا بِاَللَّهِ مُرْتَدًّا عَنْ دِينِهِ، وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا اُبْتُلِيَ بِمُصِيبَاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ، فَقَالَ: أَخَذْتُ مَالِي وَأَخَذْتُ وَلَدِي وَأَخَذْتُ كَذَا وَكَذَا، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَمَاذَا بَقِيَ لَمْ تَفْعَلْهُ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ الْأَلْفَاظِ، فَقَدْ كَفَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا) مَا يَتَعَلَّقُ بِتَلْقِينِ الْكُفْرِ وَالْأَمْرِ بِالِارْتِدَادِ وَتَعْلِيمِهِ وَالتَّشْبِيهِ بِالْكُفَّارِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ صَرِيحًا وَكِنَايَةً إذَا لَقَّنَ الرَّجُلُ رَجُلًا كَلِمَةَ الْكُفْرِ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ كَافِرًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى

وَجْهِ اللَّعِبِ وَكَذَا إذَا أَمَرَ رَجُلٌ امْرَأَةَ الْغَيْرِ أَنْ تَرْتَدَّ وَتَبِينَ مِنْ زَوْجِهَا يَصِيرُ هُوَ كَافِرًا هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَكْفُرَ كَانَ الْآمِرُ كَافِرًا كَفَرَ الْمَأْمُورُ، أَوْ لَمْ يَكْفُرْ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: إذَا عَلَّمَ الرَّجُلُ رَجُلًا كَلِمَةَ الْكُفْرِ يَصِيرُ كَافِرًا إذَا عَلَّمَهُ، وَأَمَرَهُ بِالِارْتِدَادِ، وَكَذَا فِي مَنْ عَلَّمَ الْمَرْأَةَ كَلِمَةَ الْكُفْرِ إنَّمَا يَصِيرُ هُوَ كَافِرًا إذَا أَمَرَهَا بِالِارْتِدَادِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِالْكُفْرِ بِوَعِيدِ تَلَفٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَتَلَفَّظَ بِهِ، فَهَذَا عَلَى وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْكُفْرِ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ شَيْءٌ سِوَى مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ مِنْ إنْشَاءِ الْكُفْرِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ لَا فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ خَطَرَ بِبَالِي أَنْ أُخْبِرَ عَنْ الْكُفْرِ فِي الْمَاضِي كَاذِبًا، فَأَرَدْتُ ذَلِكَ، وَمَا أَرَدْت كُفْرًا مُسْتَقْبَلًا جَوَابًا لِكَلَامِهِمْ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ قَضَاءً حَتَّى يُفَرِّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ الْوَجْهُ الثَّالِثُ: إذَا قَالَ خَطَرَ بِبَالِي أَنْ أُخْبِرَ عَنْ الْكُفْرِ فِي الْمَاضِي كَاذِبًا إلَّا أَنِّي مَا أَرَدْتُ ذَلِكَ يَعْنِي الْإِخْبَارَ عَنْ الْكُفْرِ فِي الْمَاضِي كَاذِبًا، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ كُفْرًا مُسْتَقْبَلًا جَوَابًا لِكَلَامِهِمْ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْفُرُ فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ. وَإِذَا أُكْرِهَ أَنْ يُصَلِّي إلَى هَذَا الصَّلِيبِ، فَصَلَّى، فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ، أَوْجُهٍ أَمَّا إنْ قَالَ: لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِي شَيْءٌ، وَقَدْ صَلَّيْتُ إلَى الصَّلِيبِ مُكْرَهًا، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَكْفُرُ لَا فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وَأَمَّا إنْ قَالَ خَطَرَ بِبَالِي أَنْ أُصَلِّيَ لِلَّهِ، وَلَمْ أُصَلِّ لِلصَّلِيبِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَكْفُرُ أَيْضًا لَا فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وَأَمَّا إنْ قَالَ خَطَرَ بِبَالِي أَنْ أُصَلِّيَ لِلَّهِ فَتَرَكْتُ ذَلِكَ وَصَلَّيْتُ لِلصَّلِيبِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْفُرُ فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قِيلَ لِمُسْلِمٍ اُسْجُدْ لِلْمَلِكِ وَإِلَّا قَتَلْنَاكَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَسْجُدَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا أَطْلَقَ الرَّجُلُ كَلِمَةَ الْكُفْرِ عَمْدًا لَكِنَّهُ لَمْ يَعْتَقِدْ الْكُفْرَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يَكْفُرُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكْفُرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَمَنْ أَتَى بِلَفْظَةِ الْكُفْرِ، وَهُوَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا كُفْرٌ إلَّا أَنَّهُ أَتَى بِهَا عَنْ اخْتِيَارٍ يَكْفُرُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا لِلْبَعْضِ، وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ الْهَازِلُ، أَوْ الْمُسْتَهْزِئُ إذَا تَكَلَّمَ بِكُفْرٍ اسْتِخْفَافًا وَاسْتِهْزَاءً وَمِزَاحًا يَكُونُ كُفْرًا عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ اعْتِقَادُهُ خِلَافَ ذَلِكَ. الْخَاطِئُ إذَا أَجْرَى عَلَى لِسَانِهِ كَلِمَةَ الْكُفْرِ خَطَأً بِأَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا لَيْسَ بِكُفْرٍ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ كَلِمَةُ الْكُفْرِ خَطَأً لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كُفْرًا عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. يَكْفُرُ بِوَضْعِ قَلَنْسُوَةِ الْمَجُوسِ عَلَى رَأْسِهِ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا لِضَرُورَةِ دَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَبِشَدِّ الزُّنَّارِ فِي وَسْطِهِ إلَّا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ خَدِيعَةً فِي الْحَرْبِ وَطَلِيعَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَبِقَوْلِهِ: الْمَجُوسُ خَيْرٌ مِمَّا أَنَا فِيهِ يَعْنِي فِعْلَهُ وَبِقَوْلِهِ النَّصْرَانِيَّةُ خَيْرٌ مِنْ الْمَجُوسِيَّةِ لَا بِقَوْلِهِ الْمَجُوسِيَّةُ شَرٌّ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ وَبِقَوْلِهِ النَّصْرَانِيَّةُ خَيْرٌ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ وَبِقَوْلِهِ لِمُعَامِلِهِ الْكُفْرُ خَيْرٌ مِمَّا أَنْتَ تَفْعَلُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ مُطْلَقًا، وَقَيَّدَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ بِأَنْ قَصَدَ تَحْسِينَ الْكُفْرِ لَا تَقْبِيحَ مُعَامَلَتِهِ وَبِخُرُوجِهِ إلَى نَيْرُوزِ الْمَجُوسِ

لِمُوَافَقَتِهِ مَعَهُمْ فِيمَا يَفْعَلُونَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَبِشِرَائِهِ يَوْمَ النَّيْرُوزِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ يَشْتَرِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِلنَّيْرُوزِ لَا لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَبِإِهْدَائِهِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ بَيْضَةً تَعْظِيمًا لِذَلِكَ لَا بِإِجَابَةِ دَعْوَةِ مَجُوسِيٍّ حَلَقَ رَأْسَ وَلَدِهِ وَبِتَحْسِينِ أَمْرِ الْكُفَّارِ اتِّفَاقًا حَتَّى قَالُوا: لَوْ قَالَ: تَرْكُ الْكَلَامِ عِنْدَ أَكْلِ الطَّعَامِ حَسَنٌ مِنْ الْمَجُوسِ، أَوْ تَرْكُ الْمُضَاجَعَةِ حَالَةَ الْحَيْضِ مِنْهُمْ حَسَنٌ، فَهُوَ كَافِرٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ رَجُلٌ ذَبَحَ لِوَجْهِ إنْسَانٍ فِي وَقْتِ الْخِلْعَةِ، أَوْ اتَّخَذَ الْجَوْزَاتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ كُفْرٌ وَالْمَذْبُوحُ مَيْتَةٌ لَا يُؤْكَلُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ: إذَا ذَبَحَ الْبَقَرَ، أَوْ الْإِبِلَ فِي الْجَوْزَاتِ لِقُدُومِ الْحَاجِّ، أَوْ لِلْغُزَاةِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: يَكُونُ كُفْرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. امْرَأَةٌ شَدَّتْ عَلَى وَسْطِهَا حَبْلًا وَقَالَتْ: هَذَا زُنَّارٌ تَكْفُرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ بِالْفَارِسِيَّةِ: كبركى بِهِ ازين كاركه توميكنى قَالُوا: إنْ أَرَادَ تَقْبِيحَ ذَلِكَ الْفِعْلِ لَا يَكْفُرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ: كافرى كُرِدْنَ بِهِ ازخيانت كُرِدْنَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَبِهِ أَفْتَى أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلُ ضَرَبَ امْرَأَةً فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَسْتَ بِمُسْلِمٍ فَقَالَ الرَّجُلُ: هَبِي أَنِّي لَسْتُ بِمُسْلِمٍ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِيرُ كَافِرًا بِذَلِكَ وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ رَجُلًا لَوْ قِيلَ لَهُ أَلَسْتَ بِمُسْلِمٍ فَقَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ كُفْرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا لَيْسَ لَك حَمِيَّةٌ وَلَا دِينُ الْإِسْلَامِ تَرْضَى بِخَلْوَتِي مَعَ الْأَجَانِبِ، فَقَالَ الزَّوْجُ: لَيْسَ لِي حَمِيَّةٌ وَلَا دِينُ الْإِسْلَامِ فَقَدْ قِيلَ أَنَّهُ يَكْفُرُ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا كَافِرَةُ يَا يَهُودِيَّةُ يَا مَجُوسِيَّةُ فَقَالَتْ: همجنينم أَوْ قَالَتْ همجنينم طَلَاق وَدَّهُ مَرَّا، أَوْ قَالَتْ: اكر همجنين نِيمِي باتونباشمي، أَوْ قَالَتْ: همجنين نِيمِي باتو صَحِبَتْ ندارمي، أَوْ قَالَتْ: تومرانداري كَفَرَتْ وَلَوْ قَالَ: اكر مِنْ جنينم مَرَّا مَدَارّ لَا يَكْفُرُ وَقَدْ قِيلَ: يَكْفُرُ أَيْضًا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْقَاضِي الْإِمَامُ جَمَالُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا يَا كَافِرُ يَا يَهُودِيُّ يَا مَجُوسِيُّ، فَقَالَ الزَّوْجُ: همجنينم ازمن بيرون آي، أَوْ قَالَ: اكر همجنين نِيمِي تراندار مي، فَقَدْ كَفَرَ، وَلَوْ قَالَ: اكر جنينم بامن مباش، فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَلَوْ قَالَ: يكراه كه جنينم بامن مباش فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَكْفُرُ، وَقَدْ قِيلَ بِخِلَافِهِ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ:

يَا كَافِرُ يَا يَهُودِيُّ، فَقَالَ: همجنينم بامن صَحِبَتْ مَدَارّ، أَوْ قَالَ: اكر همجنين نِيمِي باتو صَحِبَتْ ندارمي إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَلْفَاظِ، فَهُوَ عَلَى مَا قُلْنَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: اكر آن كَارِ كنى كَافِر باشى، فَفَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهَا لَا يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَ: لِامْرَأَتِهِ يَا كَافِرَةُ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا بَلْ أَنْتَ، أَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا يَا كَافِرُ، فَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ أَنْتِ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا فُرْقَةٌ هَكَذَا ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوَاهُ. قَالَتْ لِزَوْجِهَا: جون مغ جَنَحَتْ آكنده شِدَّهْ فَقَالَ الزَّوْجُ: بُسَّ جندين كَاهَ بامع باشيده، أَوْ قَالَ: بامغ جَرًّا باشده فَهَذَا مِنْ الزَّوْجِ كُفْرٌ وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ لَهَا: يَا مغرانج فَقَالَتْ: بُسَّ جندين كَاهَ مغرانج رَادَ شته، أَوْ قَالَتْ: مغرانج راجرادشته هَذَا كُفْرٌ مِنْهَا وَلَوْ قَالَ لِمُسْلِمٍ أَجْنَبِيٍّ: يَا كَافِرُ، أَوْ لِأَجْنَبِيَّةٍ يَا كَافِرَةُ، وَلَمْ يَقُلْ الْمُخَاطَبُ شَيْئًا، أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا كَافِرَةُ، وَلَمْ تَقُلْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا، أَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا يَا كَافِرُ وَلَمْ يَقُلْ الزَّوْجُ شَيْئًا كَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَعْمَشُ الْبَلْخِيّ يَقُولُ يَكْفُرُ هَذَا الْقَائِلُ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَكْفُرُ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْقَائِلَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ إنْ كَانَ أَرَادَ الشَّتْمَ وَلَا يَعْتَقِدُهُ كَافِرًا لَا يَكْفُرُ، وَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُهُ كَافِرًا فَخَاطَبَهُ بِهَذَا بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ كَافِرٌ يَكْفُرُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِوَلَدِهَا: أَيْ مغ بَجّه، أَوْ أَيْ كَافِر بَجّه، أَوْ أَيْ جهود بَجّه قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: لَا يَكُونُ هَذَا كُفْرًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكُونُ كُفْرًا، وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لِوَلَدِهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ أَيْضًا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا كُفْرَ نَفْسِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِدَابَّتِهِ: أَيْ كَافِر خداوند لَا يَكْفُرُ بِالِاتِّفَاقِ، إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ يَا كَافِرُ يَا يَهُودِيُّ يَا مَجُوسِيُّ فَقَالَ لَبَّيْكَ يَكْفُرُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ آرى همجنين كِير يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَ: توئى خودا، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا وَسَكَتَ لَا يَكْفُرُ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: بيم بودكه كَافِر شدمى، أَوْ قَالَ خَشِيتُ أَنْ أَكْفُرَ لَا يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَ: جندان برنجانيدى كه كَافِر خواستم شِدَّن يَكْفُرُ رَجُلٌ قَالَ: أَيْنَ روز كَارِ مسلماني ورزيدن نيست روز كَارِ كافرى است قِيلَ يَكْفُرُ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: وَأَنَّهُ لَيْسَ بِصَوَابٍ عِنْدِي، وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ فِي مَوْضِعٍ فَدَعَا رَجُلٌ الْمَجُوسِيَّ، فَقَالَ يَا مَجُوسِيُّ فَأَجَابَهُ الْمُسْلِمُ قَالَ: إنْ كَانَا فِي عَمَلٍ وَاحِدٍ لِذَلِكَ

الدَّاعِي، فَتَوَهَّمَ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ يَدْعُوهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْكُفْرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا فِي عَمَلٍ وَاحِدٍ خِيفَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ. مُسْلِمٌ قَالَ: أَنَا مُلْحِدٌ يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَ: مَا عَلِمْت أَنَّهُ كُفْرٌ لَا يُعْذَرُ بِهَذَا رَجُلٌ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ زَعَمَ الْقَوْمُ أَنَّهَا كُفْرٌ، وَلَيْسَتْ بِكُفْرٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ، فَقِيلَ لَهُ كَفَرْتَ وَطَلُقَتْ امْرَأَتُكَ، فَقَالَ: كَافِر شِدَّهْ كيروزن طَلَاق شِدَّهْ كِير يَكْفُرُ وَتَبِينُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي الْيَتِيمَةِ سَأَلْتُ وَالِدِي عَنْ رَجُلٍ قَالَ: أَنَا فِرْعَوْنُ، أَوْ إبْلِيسُ فَحِينَئِذٍ يَكْفُرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ وَعَظَ فَاسِقًا، وَنَدَبَهُ إلَى التَّوْبَةِ، فَقَالَ لَهُ: ازيس أَيْنَ هَمَّهُ كُلَاه مغان برسر نَهَمْ يَكْفُرُ. قَالَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا: كَافِر بودن بهترا زباتو بودن تَكْفُرُ. إذَا قَالَ: هرجه مسلماني كَرِدِّهِ أُمُّ هَمَّهُ بكافران دادم اكر فُلَان كَارِ كنم وَفُلَان كَارِ كَرِدِّ لَا يَكْفُرُ، وَلَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ: كَافِر أُمُّ اكر جَنِين كَارِ كنم قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَكْفُرُ، وَتَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا لِلْحَالِ، وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ: هَذَا تَعْلِيقٌ وَيَمِينٌ، وَلَيْسَ بِكُفْرٍ. وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنْ جَفَوْتَنِي بَعْدَ هَذَا، أَوْ قَالَتْ إنْ لَمْ تَشْتَرِ لِي كَذَا لَكَفَرْتَ كَفَرَتْ فِي الْحَالِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ كُنْت مَجُوسِيًّا إلَّا أَنِّي أَسْلَمْتُ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ وَلَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ حُكِمَ بِكُفْرِهِ قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. إذَا سَجَدَ لِإِنْسَانٍ سَجْدَةَ تَحِيَّةٍ لَا يَكْفُرُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَفِي الْخِزَانَةِ لَوْ قَالَ الْمُسْلِمُ: خداي عَزَّ وَجَلَّ مسلماني ارتوبستاند، وَقَالَ الْآخَرُ: آمِينَ يَكْفُرَانِ جَمِيعًا. رَجُلٌ آذَى رَجُلًا فَقَالَ: مِنْ مسلمانم مرامر نَجَانِ، فَقَالَ الْمُؤْذَى: خواهي مُسْلِمَانِ بَاشّ خواهي كَافِر يَكْفُرُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: اكر كَافِر باش مراجه زيان يَلْزَمُهُ الْكُفْرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. كَافِرٌ أَسْلَمَ وَأَعْطَاهُ النَّاسُ أَشْيَاءَ، فَقَالَ مُسْلِمٌ: كاشكى وى كَافِر بِوُدِّيِّ تا مُسْلِمَانِ شدى وَمُرْد مَانّ أَوْ راجيزى دَادِي، أَوْ تَمَنَّى ذَلِكَ بِقَلْبِهِ، فَإِنَّهُ يَكْفُرُ هَكَذَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ. رَجُلٌ تَمَنَّى أَنْ لَمْ يُحَرِّمْ اللَّهُ الْخَمْرَ لَا يَكْفُرُ وَلَوْ تَمَنَّى أَنْ لَمْ يُحَرِّمْ اللَّهُ الظُّلْمَ وَالزِّنَا وَقَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ الْحَقِّ فَقَدْ كَفَرَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَمْ تَكُنْ حَلَالًا فِي وَقْتٍ مَا فَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ تَمَنَّى مَا لَيْسَ بِمُسْتَحِيلٍ، وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي تَمَنَّى مَا هُوَ مُسْتَحِيلٌ، وَعَلَى هَذَا لَوْ تَمَنَّى أَنْ لَمْ تَكُنْ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ حَرَامًا لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ تَمَنَّى مَا لَيْسَ بِمُسْتَحِيلٍ، فَإِنَّهُ كَانَ حَلَالًا فِي الِابْتِدَاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ حَلَالًا فِي زَمَانٍ، ثُمَّ صَارَ

حَرَامًا، فَتَمَنَّى أَنْ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا لَمْ يَكْفُرْ. مُسْلِمٌ رَأَى نَصْرَانِيَّةً سَمِينَةً، فَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ هُوَ نَصْرَانِيًّا حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا يَكْفُرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: مَرَّا بِحَقِّ يارى ده فَقَالَ ذَلِكَ الْغَيْرُ: بِحَقِّ هركس يارى دهد مِنْ تُرَابِنَا حَقّ يارى دُهْم يَكْفُرُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِمَنْ يُنَازِعُهُ: أَفْعَلُ كُلَّ يَوْمٍ عَشْرَةَ أَمْثَالِكَ مِنْ الطِّينِ، أَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الطِّينِ فَإِنْ عَنَى بِهِ مِنْ حَيْثُ الْخِلْقَةُ يَكْفُرُ، وَإِنْ عَنَى بِهِ ضَعْفَهُ لَا يَكْفُرُ وَقَعَتْ فِي زَمَانِنَا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَاقِعَةٌ أَنَّ رُسْتَاقِيًّا قَالَ: قَدْ خَلَقْتُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَاتَّفَقَ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِالْخَلْقِ فِي هَذَا الْمَقَامِ عَادَةُ الْغَرْسِ حَتَّى لَوْ عَنَى حَقِيقَةَ الْخَلْقِ يَكْفُرُ. قَالَ رَجُلٌ: رهى واركار كنم وآزادو اربخوريم فَقَدْ قِيلَ هَذَا خَطَأٌ مِنْ الْكَلَامِ، وَهُوَ كَلَامُ مَنْ يَرَى الرِّزْقَ مِنْ كَسْبِهِ إذَا قَالَ: تا فُلَان برجاست، أَوْ قَالَ: تا مَرَّا أَيْنَ بازوي زِرَّيْنِ برجاست مراروزى كَمْ نيايد قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يَكْفُرُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ قَالَ: درويشي بدبختي است، فَهُوَ خَطَأٌ عَظِيمٌ. قَالَ لِآخَرَ: يك سَجَدَهُ خداير اكن ويك سجد مَرَّا فَقِيلَ: لَا يَكْفُرُ هَذَا الْقَائِلُ. سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي عَمَّنْ كَانَ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ لَا تَلْعَبْ بِالشِّطْرَنْجِ فَإِنِّي سَمِعْتُ الْعُلَمَاءَ قَالُوا مَنْ يَعْمَلُ بِالشِّطْرَنْجِ فَهُوَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ، فَقَالَ الزَّوْجُ بِالْفَارِسِيَّةِ: أَيْ دُون كه مِنْ دشمن خدايم نشكيبم ونيارامم فَقَالَ لِلسَّائِلِ هَذَا أَمْرٌ صَعْبٌ عَلَى قَوْلِ عُلَمَائِنَا يَنْبَغِي أَنْ تَبِينَ امْرَأَتُهُ، ثُمَّ يُجَدِّدَ النِّكَاحَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَكْفُرُ سُئِلَ عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ رَجُلٍ يُنَازِعُ قَوْمًا فَقَالَ الرَّجُلُ: مِنْ ازده مغ ستمكاره تَرْمِ، أَوْ قَالَ: مِنْ ازده مغ بترم قَالَ: لَا يَكْفُرُ، وَعَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ. سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قِيلَ لَهُ: يَا يكدرم بُدّه تا بعمارت مَسْجِد صَرْف كنم يَا بِمَسْجِدِ حَاضِر شو بنماز، فَقَالَ: مِنْ نُهْ مَسْجِدًا آيم وَنَهٍ دِرْهَم دُهْم مُرَابًا مَسْجِد جه كَارِ، وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى ذَلِكَ قَالَ: لَا يَكْفُرُ، وَلَكِنْ يُعَزَّرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. يَكْفُرُ بِقَوْلِهِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الدَّائِرَةِ الَّتِي تَكُونُ حَوْلَ الْقَمَرِ يَكُونُ مَطَرٌ مُدَّعِيًا عِلْمَ الْغَيْبِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا قَالَ نُجُومِيٌّ: زَنَتْ بَجّه نُهَادِهِ است، وَيَعْتَقِدُ مَا قَالَ كَفَرَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ صَاحَتْ الْهَامَّةُ، فَقَالَ: يَمُوتُ الْمَرِيضُ، أَوْ قَالَ: باركران خواهد شِدَّن، أَوْ صَاحَ الْعَقْعَقُ، فَرَجَعَ مِنْ السَّفَرِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي كُفْرِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. سُئِلَ الْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ عَمَّنْ قَالَ لِآخَرَ يَا أَحْمَرُ، فَقَالَ ذَلِكَ

الرَّجُلُ: خَلَقَنِي اللَّهُ مِنْ سَوِيقِ التُّفَّاحِ، وَخَلَقَكَ مِنْ الطِّينِ، وَالطِّينُ لَيْسَ كَذَلِكَ هَلْ يَكْفُرُ قَالَ: نَعَمْ. وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ قَوْلًا مَنْهِيًّا عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إيشْ تَصْنَعُ قَدْ لَزِمَك الْكُفْرُ، قَالَ: إيشْ أَصْنَعُ إذَا لَزِمَنِي الْكُفْرُ هَلْ يَكْفُرُ؟ قَالَ: نَعَمْ. سُئِلَ عَمَّنْ يَقْرَأُ الزَّايَ مَقَامَ الصَّادِ وَقَرَأَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ مَقَامَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالَ: لَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ وَلَوْ تَعَمَّدَ يَكْفُرُ. فِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ قَالَ عَلِيٌّ الرَّازِيّ: أَخَافُ عَلَى مَنْ يَقُولُ: بِحَيَاتِي وَحَيَاتُكَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ الْكُفْرَ، وَإِذَا قَالَ: الرِّزْقُ مِنْ اللَّهِ وَلَكِنْ از بِنِدِّهِ جنبش خواهد، فَقَدْ قِيلَ هَذَا شِرْكٌ. رَجُلٌ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ قِيلَ: إنَّهُ يَكْفُرُ. وَفِي النَّوَازِلِ لَوْ قَالَ: هرجه فُلَان كويد بكنم وَاكَرٍ هَمَّهُ كُفْر كويد يَكْفُرُ. رَجُلٌ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: ازمسلماني بيزارم، أَوْ قَالَ ذَلِكَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَقَدْ قِيلَ إنَّهُ يَكْفُرُ. حُكِيَ أَنَّ فِي زَمَنِ الْمَأْمُونِ الْخَلِيفَةِ سُئِلَ فَقِيهٌ عَمَّنْ قَتَلَ حَائِكًا جه وَاجِب شود فَقَالَ: تغاريت وَاجِب شود فَأَمَرَ الْمَأْمُونُ بِضَرْبِ الْفَقِيهِ حَتَّى مَاتَ وَقَالَ: هَذَا اسْتِهْزَاءٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ وَالِاسْتِهْزَاءُ بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ كُفْرٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اكر درويشي راكويد مدبر وَسِيَاه كَلِيم شِدَّهْ است فَهَذَا كُفْرٌ هَكَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. مَنْ قَالَ لِسُلْطَانٍ: زَمَانِنَا عَادِلٌ يَكْفُرُ بِاَللَّهِ كَذَا قَالَ الْإِمَامُ عَلَمُ الْهُدَى أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْجَبَابِرَةِ: أَيْ خداي يَكْفُرُ، وَلَوْ قَالَ: أَيْ بَارَ خداي أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي أُصُولِ الصَّفَّارِ سُئِلَ عَنْ الْخُطَبَاءِ الَّذِينَ يَخْطُبُونَ عَلَى الْمَنَابِرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَا قَالُوا فِي أَلْقَابِ السَّلَاطِينِ الْعَادِلُ الْأَعْظَمُ شَاهِنْشَاهُ الْأَعْظَمُ مَالِكُ رِقَابِ الْأُمَمِ سُلْطَانِ أَرْضِ اللَّهِ مَالِكُ بِلَادِ اللَّهِ مُعِينِ خَلِيقَةِ اللَّهِ هَلْ يَجُوزُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالتَّحْقِيقِ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَلْفَاظِهِ كُفْرٌ وَبَعْضُهُ مَعْصِيَةٌ وَكَذِبٌ، وَأَمَّا شَاهِنْشَاهُ فَمِنْ خَصَائِصِ أَسْمَاءِ اللَّهِ بِدُونِ وَصْفِ الْأَعْظَمِ، وَلَا يَجُوزُ وَصْفُ الْعِبَادِ بِذَلِكَ، وَأَمَّا مَالِكُ رِقَابِ الْأُمَمِ، فَهُوَ كَذِبٌ مَحْضٌ، وَأَمَّا سُلْطَانُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَخَوَاتُهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَهُوَ كَذِبٌ مَحْضٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَبَّلَ أَحَدٌ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدٍ الْأَرْضَ، أَوْ انْحَنَى لَهُ، أَوْ طَأْطَأَ رَأْسَهُ لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ تَعْظِيمَهُ لَا عِبَادَتَهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: مِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا سَجَدَ وَاحِدٌ لِهَؤُلَاءِ الْجَبَابِرَةِ، فَهُوَ كَبِيرَةٌ مِنْ الْكَبَائِرِ، وَهَلْ يَكْفُرُ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَكْفُرُ مُطْلَقًا، وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: هَذَا عَلَى وُجُوهٍ إنْ أَرَادَ بِهِ الْعِبَادَةَ يَكْفُرُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ التَّحِيَّةَ لَمْ يَكْفُرْ، وَيَحْرُمْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إرَادَةُ كُفْرٍ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَمَّا تَقْبِيلُ الْأَرْضِ، فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ السُّجُودِ إلَّا أَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ وَضْعِ الْخَدِّ وَالْجَبِينِ عَلَى الْأَرْضِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. يَكْفُرُ بِاعْتِقَادِ أَنَّ الْخَرَاجَ مِلْكُ السُّلْطَانِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

وَفِي رِسَالَةِ الصَّدْرِ الْمَرْحُومِ اكر يكى بجاى كسى بدى كندوا وكويد مِنْ أَيْنَ ازتودانم نُهْ از حُكْم خداي كَافِر كردد. وَفِي رِسَالَتِهِ أَيْضًا در مَجْمُوع نَوَازِل آورده است اكريكى بِوَقْتِ خلوت يَعْنِي بِوَقْتِ بوشيدن شَهِّ وَبِوَقْتِ تهنية ازبراي بوشيدن تَشْرِيف وَرِضَاء أَوْ قرباني كَنِدِّ كَافِر شودواين قرباني مردار باشد وخوردن آن روانبود وآنكه دررمان مَا شائع شِدَّهْ است وبيشتري ازعورات مُسْلِمًا نان بَدَانِ مُبْتَلًّا اند است كه بِوَقْتِ آنَكِهَ ابْلَهْ كَوِّدْ كَانَ رابيرون مى آيدكه آنراجدرى ميكويند بِنَامِّ آن ابْلَهْ صورتي كَرِدِّهِ اندو آنرامى برستند وَشَفَايَ كَوِّدْ كَانَ از أَوْ ميخوا هِنْد واعتقاد ميكنند آن سنك مراين كَوِّدْ كَانَ راشفا ميد هداين عورات بِدِين فعل وبدين اعتقاد كَافِر ميشو ندوشو هران ايشان كه بِدِين فعل رِضَا مندا ندنيز كَافِر كردند وديكرازين جنس انست كه برسر آبَ ميروندوا آن آبَ رامى برستند وَبُنَيَّتِي كه دراند كو سبند برسر آبَ ذبح ميكنند أَيْنَ برستند كَانَ آبَ وذبح كنند كَانَ كوسيند كَافِر ميشوندو وكوسيند مردار كردد خوردن روانبورد وهمجنين كه زرخانها صورت ميكنند جِنًّا نَجِّهِ مَعْهُود برستيدن كبران است آنرمى بِوَقْتِ زادن كَوْدك بشكرف نَقْش ميكنند وروغن ميريرنذ وآنر بِنَامِّ بتى كه آنرابهاني ميخوانند مى برسند وماننداين هرجه ميكنند بَدَانِ كَافِر ميشوندواز شوهران خَوْد مباينه ميشوند. اكر كويد دَرِّينَ روز كَارَتَا خيانت نكنم ودروغ نكويم رورغيكذر دويا كويد تادر خريد وفروخت دروغ نكوئى نَاتِّي نيابي كه بخورى ويايكى راكويد جراخيانت ميكنى وياجرا دروغ ميكوئى كويد از ينها جَارَة نيست بِدِين همه لَفْظهَا كَافِر شود. اكر مردى راكويند روغ مكويس أَوْ كويد أَيْنَ سُخْنَ رَاسَتْ تراست از كَلِمَهْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ كَافِر

الباب العاشر في البغاة

شودا كركسى يخشم شود ديكرى كويد كافرى بِهِ ازين كَارِ كَافِر كردد وَاكَرٍ مردى سخنى كويد كه آن منهى بود وديكر كويد جه ميكوئى برتوكفر لَازِم ميكرددا وكويد يَدِجهُ كنى ارمرا كُفْر لَازِم آيد كَافِر شود كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَنْ خَطَرَ بِقَلْبِهِ مَا يُوجِبُ الْكُفْرَ إنْ تَكَلَّمَ بِهِ، وَهُوَ كَارِهٌ لِذَلِكَ، فَذَلِكَ مَحْضُ الْإِيمَانِ، وَإِذَا عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ، وَلَوْ بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ يَكْفُرُ فِي الْحَالِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ كَفَرَ بِلِسَانِهِ طَائِعًا، وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ يَكُونُ كَافِرًا وَلَا يَكُونُ عِنْدَ اللَّهِ مُؤْمِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَا كَانَ فِي كَوْنِهِ كُفْرًا اخْتِلَافٌ فَإِنَّ قَائِلَهُ يُؤْمَرُ بِتَجْدِيدِ النِّكَاحِ وَبِالتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ، وَمَا كَانَ خَطَأً مِنْ الْأَلْفَاظِ، وَلَا يُوجِبُ الْكُفْرَ، فَقَائِلُهُ مُؤْمِنٌ عَلَى حَالِهِ، وَلَا يُؤْمَرُ بِتَجْدِيدِ النِّكَاحِ وَالرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ وُجُوهٌ تُوجِبُ الْكُفْرَ، وَوَجْهٌ وَاحِدٌ يَمْنَعُ، فَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَمِيلَ إلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَّا إذَا صَرَّحَ بِإِرَادَةٍ تُوجِبُ الْكُفْرَ، فَلَا يَنْفَعُهُ التَّأْوِيلُ حِينَئِذٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ نِيَّةُ الْقَائِلِ الْوَجْهَ الَّذِي يَمْنَعُ التَّكْفِيرَ، فَهُوَ مُسْلِمٌ، وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الْوَجْهَ الَّذِي يُوجِبُ التَّكْفِيرَ لَا تَنْفَعُهُ فَتْوَى الْمُفْتِي، وَيُؤْمَرُ بِالتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ وَبِتَجْدِيدِ النِّكَاحِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَعَوَّدَ ذِكْرَ هَذَا الدُّعَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً، فَإِنَّهُ سَبَبُ الْعِصْمَةِ عَنْ هَذِهِ الْوَرْطَةِ بِوَعْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءُ هَذَا اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُشْرِكَ بِك شَيْئًا وَأَنَا أَعْلَمُ وَأَسْتَغْفِرُك لِمَا لَا أَعْلَمُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْبُغَاةِ] ِ أَهْلُ الْبَغْيِ كُلُّ فِرْقَةٍ لَهُمْ مَنَعَةٌ يَتَغَلَّبُونَ وَيَجْتَمِعُونَ وَيُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْعَدْلِ بِتَأْوِيلٍ وَيَقُولُونَ الْحَقُّ مَعَنَا وَيَدَّعُونَ الْوِلَايَةَ فَإِنْ تَغَلَّبَ قَوْمٌ مِنْ اللُّصُوصِ عَلَى مَدِينَةٍ وَأَخَذُوا الْمَالَ فَلَيْسُوا بُغَاةً كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا خَرَجَ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَغَلَبُوا عَلَى بَلَدٍ دَعَاهُمْ إلَى الْعَوْدِ إلَى الْجَمَاعَةِ وَكَشَفَ عَنْ شُبْهَتِهِمْ وَدَعَاهُمْ إلَى التَّوْبَةِ كَذَا فِي الْكَافِي وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، إذَا بَلَغَهُ أَنَّهُمْ يَشْتَرُونَ

السِّلَاحَ وَيَتَهَيَّئُونَ لِلْقِتَالِ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَهُمْ، وَيَحْبِسَهُمْ حَتَّى يُقْلِعُوا عَنْ ذَلِكَ، وَيُحْدِثُوا تَوْبَةً دَفْعًا لِلشَّرِّ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. يَحِلُّ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَبْدَءُوا بِقِتَالِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يُبَاحُ قَتْلُ الْفِئَةِ الْمُمْتَنِعَةِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ الْقِتَالُ حَقِيقَةً يُبَاحُ قَتْلُ الْمُدْبِرِ إلَيْهِمْ وَلَوْ هَزَمَهُمْ إمَامُ أَهْلِ الْعَدْلِ فَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَتَّبِعُوا الْمُنْهَزِمِينَ إذَا لَمْ يَبْقَ لَهُمْ فِئَةٌ يَرْجِعُونَ إلَيْهَا، وَأَمَّا إذَا بَقِيَ لَهُمْ فِئَةٌ يَرْجِعُونَ إلَيْهَا كَانَ لِأَهْلِ الْعَدْلِ أَنْ يَتَّبِعُوا الْمُنْهَزِمِينَ وَمَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ، فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ لَمْ يَلْتَحِقْ إلَى فِئَةٍ مُمْتَنِعَةٍ أَمَّا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ يَلْتَحِقُ إلَى فِئَةٍ مُمْتَنِعَةٍ فَيَقْتُلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحِهِمْ إذَا لَمْ تَبْقَ لَهُمْ فِئَةٌ، وَأَمَّا إذَا بَقِيَتْ، فَيُجْهَزُ عَلَيْهِمْ وَلَا تُسْبَى نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ، وَلَا يُمَلِّكُ عَلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَمَا أَصَابَ أَهْلُ الْعَدْلِ فِي عَسْكَرِ أَهْلِ الْبَغْيِ مِنْ كُرَاعٍ، أَوْ سِلَاحٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ فِي الْحَالِ وَلَكِنْ إنْ كَانَ أَهْلُ الْعَدْلِ يَحْتَاجُونَ إلَى سِلَاحِهِمْ وَكُرَاعِهِمْ فِي قِتَالِهِمْ يَنْتَفِعُونَ بِهَا، فَالسِّلَاحُ يُوضَعُ فِي مَوْضِعِهِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَالْكُرَاعُ يُبَاعُ، وَيُحْبَسُ ثَمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ إلَى النَّفَقَةِ وَلَا يُنْفِقُ إلَيْهِ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِحْسَانِ عَلَى الْبَاغِي، وَلَوْ أَنْفَقَ كَانَ دَيْنًا عَلَى الْبَاغِي، فَإِذَا وَضَعَتْ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، وَزَالَتْ مَنَعَتُهُمْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ، وَمَا أَتْلَفَ أَهْلُ الْبَغْيِ مِنْ أَمْوَالِنَا وَدِمَائِنَا حَالَةَ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ إذَا تَابُوا، وَزَالَتْ مَنَعَتُهُمْ، وَكَذَلِكَ مَا أَتْلَفَ الْمُرْتَدُّونَ مِنْ أَمْوَالِنَا وَدِمَائِنَا حَالَةَ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ إذَا أَسْلَمُوا، وَمَا أَتْلَفُوا قَبْلَ الْقِتَالِ مِنْ أَمْوَالِنَا وَدِمَائِنَا إذَا كَانَ لَهُمْ مَنَعَةٌ لَا يَضْمَنُونَ وَلَكِنْ مَا كَانَ قَائِمًا يُرَدُّ عَلَى أَصْحَابِهِ إذَا تَابُوا، وَإِنْ اعْتَقَدُوا تَمَلُّكَهَا بِتَأْوِيلِهِمْ الْفَاسِدِ، وَقَدْ اتَّصَلَ بِهَذَا التَّأْوِيلِ مَنَعَةٌ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْعَدْلِ لَا يَضْمَنُونَ مَا أَصَابُوا مِنْ دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ بِسَبَبِ إسْلَامِهِمْ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَأَمَّا مَا أَصَابُوا قَبْلَ ذَلِكَ، فَهُمْ ضَامِنُونَ لِذَلِكَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. إذَا أَظْهَرَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ رَأْيًا وَدَعَتْ إلَيْهِ، وَقَاتَلَتْ عَلَيْهِ وَصَارَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَشَوْكَةٌ وَقُوَّةٌ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِظُلْمِ السُّلْطَانِ فِي حَقِّهِمْ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَظْلِمَهُمْ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الظُّلْمِ وَقَاتَلَتْ تِلْكَ الطَّائِفَةُ السُّلْطَانَ، فَلَا يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يُعِينُوهُمْ وَلَا أَنْ يُعِينُوا السُّلْطَانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنَّهُ ظَلَمَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا الْحَقُّ مَعَنَا، وَادَّعَوْا الْوِلَايَةَ، فَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ، وَلِلنَّاسِ أَنْ يُعِينُوهُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. يَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ بِهِ قِتَالُ أَهْلِ الْحَرْبِ كَالرَّمْيِ بِالنَّبْلِ وَالْمَنْجَنِيقِ وَإِرْسَالِ الْمَاءِ وَالنَّارِ عَلَيْهِمْ وَالْبَيَاتِ بِاللَّيْلِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. فِي التَّجْرِيدِ وَلَا يُقْتَلُ مَنْ كَانَ مَعَ أَهْلِ الْبَغْيِ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالشُّيُوخِ وَالْعُمْيَانِ وَلَوْ أُسِرَ عَبْدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَهُوَ يُقَاتِلُ مَعَ مَوْلَاهُ قُتِلَ، وَإِنْ كَانَ يَخْدُمُهُ لَمْ يُقْتَلْ، وَلَكِنْ يُحْبَسُ حَتَّى يَزُولَ الْبَغْيُ وَلَوْ قَاتَلَ النِّسَاءُ قُتِلْنَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْبَاغِي إذَا كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْعَادِلِ فَإِنَّهُ لَا يُبَاشِرُ الْعَادِلُ قَتْلَهُ إلَّا دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، وَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ دَابَّتَهُ لِيَتَرَجَّلَ الْبَاغِي فَيَقْتُلُهُ غَيْرُهُ كَذَا فِي

كتاب اللقيط

السِّرَاجِيَّةِ. لَوْ اسْتَعَانَ أَهْلُ الْبَغْيِ بِقَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى حَرْبِهِمْ، فَقَاتَلُوا مَعَهُمْ أَهْلَ الْعَدْلِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ، وَمَا أَصَابَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ قَتْلٍ، أَوْ جِرَاحَةٍ، أَوْ مَالٍ مِنَّا، أَوْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ كَمَا فِي حَقِّ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَهْلُ الْبَغْيِ إذَا كَانُوا فِي عَسْكَرِهِمْ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ رَجُلًا، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاتِلِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَيْضًا فِي أَهْلِ الْبَغْيِ إذَا غَلَبُوا عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ رَجُلًا مِنْ الْمِصْرِ عَمْدًا، ثُمَّ ظَهَرْنَا عَلَى ذَلِكَ الْمِصْرِ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ، وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ غَلَبُوا، وَلَمْ يَجْرِ فِيهَا حُكْمُهُمْ حَتَّى أَزْعَجَهُمْ إمَامُ أَهْلِ الْمِصْرِ، فَأَمَّا إذَا جَرَى فِيهَا حُكْمُ أَهْلِ الْبَغْيِ، فَقَدْ انْقَطَعَتْ وِلَايَةُ أَهْلِ الْعَدْلِ وَمَنَعَتُهُمْ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ بِقَتْلِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: أَيْضًا فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ قَتَلَ بَاغِيًا وَالْقَاتِلُ وَارِثُهُ وَرِثَهُ، وَإِنْ قَتَلَهُ الْبَاغِي، فَقَالَ الْبَاغِي: كُنْتُ عَلَى الْحَقِّ حِينَ قَتَلْتُ، وَأَنَا الْآنَ عَلَى الْحَقِّ أُوَرِّثَهُ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ: قَتَلْتُهُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنِّي عَلَى بَاطِلٍ يَوْمَ قَتْلِهِ لَمْ أُوَرِّثْهُ مِنْهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَمَنْ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ مَا يُفْعَلُ بِالشَّهِيدِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الشَّهِيدِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. أَهْلُ الْبَغْيِ إذَا أَخَذُوا الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ لَا يُؤْخَذُ ثَانِيًا، ثُمَّ إنْ كَانَ صَرَفَ أَهْلُ الْبَغْيِ مَا أَخَذُوهُ فِي وَجْهِهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ قَضَاءً، وَلَكِنْ يُفْتَى أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ أَنْ يُعِيدُوا ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنْ قَالَ مَشَايِخُنَا: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ فِي الْخَرَاجِ دِيَانَةً أَيْضًا، وَكَذَلِكَ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ أَيْضًا فِي الْعُشْرِ إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَغْيِ فُقَرَاءَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَيُكْرَهُ بَيْعُ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ فِي عَسَاكِرِهِمْ، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ بِالْكُوفَةِ مِمَّنْ لَمْ يَدْرِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ، وَهَذَا فِي نَفْسِ السِّلَاحِ، فَأَمَّا مَا لَا يُقَاتَلُ بِهِ إلَّا بِصَنْعَةٍ كَالْحَدِيدِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. [كِتَابُ اللَّقِيطِ] ِ اللَّقِيطِ وَهُوَ فِي الشَّرِيعَةِ اسْمٌ لِحَيٍّ مَوْلُودٍ طَرَحَهُ أَهْلُهُ خَوْفًا مِنْ الْعَيْلَةِ أَوْ فِرَارًا مِنْ تُهْمَةِ الزِّنَا مُضَيِّعُهُ آثِمٌ وَمُحْرِزُهُ غَانِمٌ. وَالِالْتِقَاطُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ضَيَاعُهُ كَأَنْ وَجَدَهُ فِي الْمَاءِ، أَوْ بَيْنَ يَدَيْ سَبُعٍ، فَوَاجِبٌ. وَاللَّقِيطُ حُرٌّ وَوَلِيُّهُ السُّلْطَانُ حَتَّى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا زَوَّجَهُ امْرَأَةً، أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا مِنْ آخَرَ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ أَحَدٌ، وَلَوْ دَفَعَهُ هُوَ إلَى غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. عَقْلُهُ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا وُجِدَ مَعَ اللَّقِيطِ مَالٌ مَشْدُودٌ عَلَيْهِ، فَهُوَ لَهُ، وَكَذَا إذَا كَانَ مَشْدُودًا عَلَى دَابَّةٍ، وَهُوَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْضُوعًا بِقُرْبِهِ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِهِ، وَيَكُونُ لُقَطَةً، وَإِنْ وُجِدَ اللَّقِيطُ عَلَى دَابَّةٍ، فَهِيَ لَهُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَنَفَقَتُهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ بِأَمْرِ الْقَاضِي لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَقِيلَ يُنْفِقُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ

أَيْضًا، وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَوَلَاؤُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْ غَيْرِ وَارِثٍ وَلَا مَوْلَى لَهُ، فَتَرِكَتُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا جَاءَ الْمُلْتَقِطُ بِاللَّقِيطِ إلَى الْقَاضِي، وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ فَلِلْقَاضِي أَنْ لَا يُصَدِّقَهُ فِي ذَلِكَ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي نَفَقَتَهُ وَمُؤْنَتَهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَتَى أَقَامَ الْبَيِّنَةَ، فَالْقَاضِي يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ حَاضِرٍ، وَإِذَا قَبِلَ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ إنْ شَاءَ قَبَضَ اللَّقِيطَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَلَكِنَّهُ يُوَلِّيهِ مَنْ تَوَلَّى، وَيَقُولُ: قَدْ الْتَزَمْتَ حِفْظَهُ، فَأَنْتَ وَمَا الْتَزَمْتَ، هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي عَجْزَهُ عَنْ حِفْظِهِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَأَمَّا إذَا عَلِمَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَأْخُذَهُ، وَيَضَعَهُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ لِيَحْفَظَهُ، فَإِنْ جَاءَ الْأَوَّلُ، وَسَأَلَ الْقَاضِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ، فَالْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرُدَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَقَطَ لَقِيطًا، فَجَاءَ آخَرُ، وَانْتَزَعَهُ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ اخْتَصَمَا، فَالْقَاضِي يَدْفَعُهُ إلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ وَجَدَ الْعَبْدُ لَقِيطًا وَلَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ، وَالْمَوْلَى يَقُولُ: لِعَبْدِهِ كَذَبْتَ بَلْ هُوَ عَبْدِي، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَقَرَّ اللَّقِيطُ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ، فَإِنْ كَذَّبَهُ، فَهُوَ حُرٌّ، وَإِنْ صَدَّقَهُ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْأَحْرَارِ مِثْلُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ، وَضَرْبِ قَاذِفِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ وَاحِدٍ إذَا ادَّعَاهُ، وَلَمْ يَدَّعِهِ الْمُلْتَقِطُ، وَقِيلَ يَصِحُّ فِي حَقِّ النَّسَبِ دُونَ إبْطَالِ الْيَدِ لِلْمُلْتَقِطِ، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ، وَإِنْ ادَّعَاهُ، فَدَعْوَةُ الْمُلْتَقِطِ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا وَالْآخَرُ مُسْلِمًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي ذِمِّيًّا، فَهُوَ ابْنُهُ، وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَلَوْ ادَّعَاهُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ يَقْضِي لِلْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ يَقْضِي لِمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ، فَلَوْ أَقَامَا يَقْضِي لَهُمَا، وَلَوْ لَمْ يُقِيمَا، وَلَكِنْ وَصَفَ أَحَدُهُمَا عَلَامَاتٍ عَلَى جَسَدِهِ فَأَصَابَ وَالْآخَرُ لَمْ يَصِفْ يُجْعَلُ ابْنًا لِلْوَاصِفِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَلَوْ لَمْ يَصِفْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ابْنَهُمَا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَلَوْ وَصَفَ أَحَدُهُمَا وَأَصَابَ فِي بَعْضِ مَا وَصَفَ وَأَخْطَأَ فِي الْبَعْضِ فَهُوَ ابْنُهُمَا، وَلَوْ وَصَفَا وَأَصَابَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قَضَى لِلَّذِي أَصَابَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَحَدُهُمَا هُوَ غُلَامٌ، وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ جَارِيَةٌ يَقْضِي لِلَّذِي أَصَابَ فَلَوْ تَفَرَّدَ رَجُلٌ بِالدَّعْوَةِ، وَقَالَ هُوَ: غُلَامٌ، فَإِذَا هُوَ جَارِيَةٌ، أَوْ قَالَ جَارِيَةٌ فَإِذَا هُوَ غُلَامٌ لَا يَقْضِي لَهُ أَصْلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا ادَّعَى اللَّقِيطَ رَجُلَانِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ ابْنَتُهُ فَإِذَا هُوَ خُنْثَى، فَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا قُضِيَ بِهِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشْكِلًا وَحُكِمَ بِكَوْنِهِ ابْنًا فَهُوَ لِلَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ، فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ جَوَّزَ إلَى خَمْسَةٍ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. امْرَأَةٌ ادَّعَتْ أَنَّهُ ابْنُهَا فَإِنْ صَدَّقَهَا زَوْجُهَا، أَوْ شَهِدَتْ لَهَا الْقَابِلَةُ، أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ صَحَّتْ دَعْوَتُهَا وَإِلَّا فَلَا، وَشَهَادَةُ الْقَابِلَةِ إنَّمَا يُكْتَفَى بِهَا فِيمَا إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ مُنْكِرٌ لِلْوِلَادَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ فَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ الزِّنَا يُقْضَى بِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَإِنْ ادَّعَاهُ امْرَأَتَانِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

تَعَالَى لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالنَّسَبُ يَثْبُتُ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ وَلَكِنْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حُجَّةٍ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَالتَّنَازُعِ وَالْحُجَّةُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ وَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْحُجَّةُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَإِنْ أَقَامَا ذَلِكَ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا وَمَا لَا فَلَا وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَإِنْ أَقَامَتْ إحْدَاهُمَا رَجُلَيْنِ وَالْأُخْرَى امْرَأَتَيْنِ يُجْعَلُ ابْنًا لِلَّتِي شَهِدَ لَهَا رَجُلَانِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَإِنْ أَقَامَتْ إحْدَاهُمَا الْبَيِّنَةَ دُونَ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ابْنًا لِلَّتِي قَامَتْ لَهَا الْبَيِّنَةُ وَلَوْ ادَّعَتْ امْرَأَتَانِ اللَّقِيطَ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ عَلَى حِدَةٍ بِعَيْنِهِ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ مِنْهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ وَلَدُهُمَا مِنْ الرَّجُلَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَا لَا يَصِيرُ وَلَدُهُمَا وَلَا وَلَدُ الرَّجُلَيْنِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ ادَّعَاهُ رَجُلٌ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قُضِيَ لِلَّذِي ادَّعَى بُنُوَّتَهُ، وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْأَمَةِ قُضِيَ لِلَّذِي ادَّعَى النَّسَبَ مِنْ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْحُرَّةِ عَيَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا امْرَأَهُ أُخْرَى قُضِيَ بِالْوَلَدِ بَيْنَهُمَا وَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَثْبُتُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ ادَّعَيَا نَسَبَ اللَّقِيطِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَأُرِّخَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقْضَى لِمَنْ يَشْهَدُ لَهُ سِنُّ الصَّبِيِّ فَإِنْ كَانَ سِنُّ الصَّبِيِّ مُشْتَبَهًا لَمْ يُوَافِقْ كُلًّا مِنْ التَّارِيخَيْنِ فَعَلَى قَوْلِهِمَا يَسْقُطُ اعْتِبَارُ التَّارِيخِ وَيُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَذَكَرَ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ يَقْضِي لِأَقْدَمْهُمَا تَارِيخًا وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّهُ يَقْضِي بِهِ بَيْنَهُمَا فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ الصَّبِيُّ فِي يَدَيْ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ وَيُقِيمُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَيُقِيمُ رَجُلٌ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ قُضِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ. صَبِيٌّ فِي يَدَيْ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ ابْنُهَا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً امْرَأَةٌ وَادَّعَتْ الَّتِي فِي يَدَيْهَا الصَّبِيُّ أَنَّهُ ابْنُهَا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً يَقْضِي لِلَّتِي فِي يَدَيْهَا وَلَوْ شَهِدَتْ لِصَاحِبَةِ الْيَدِ امْرَأَةٌ وَشَهِدَ لِلْخَارِجَةِ رَجُلَانِ قُضِيَ لِلْخَارِجَةِ. صَبِيٌّ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَحُرٍّ تَحْتَهُ حُرَّةٌ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ ابْنُهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُنْسَبْ إلَى أُمِّهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْوَلَدِ لِلْمُدَّعِي. وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ ذِمِّيٍّ إنْ ادَّعَاهُ وَيَكُونُ اللَّقِيطُ مُسْلِمًا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَكَانِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَابْنُ الذِّمِّيِّ اللَّقِيطِ إنَّمَا يَكُونُ مُسْلِمًا إذَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ فَإِنْ بَرْهَنَ بِشُهُودٍ مُسْلِمِينَ قُضِيَ لَهُ بِهِ وَصَارَ تَبَعًا فِي دِينِهِ، وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا يَكُونُ ذِمِّيًّا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْمَكَانُ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا - أَنْ يَجِدَهُ مُسْلِمٌ فِي مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ كَالْمَسْجِدِ أَوْ الْقَرْيَةِ أَوْ الْمِصْرِ لِلْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ مُسْلِمًا، وَالثَّانِي - أَنْ يَجِدَهُ

كَافِرٌ فِي مَكَانِ أَهْلِ الْكُفْرِ كَالْبِيعَةِ وَالْكَنِيسَةِ وَقَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُمْ فَيَكُونُ كَافِرًا، وَالثَّالِثُ - أَنْ يَجِدَهُ كَافِرٌ فِي مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ، وَالرَّابِعُ - أَنْ يَجِدَهُ مُسْلِمٌ فِي مَكَانِ الْكَافِرِينَ فَفِي هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فَفِي كِتَابِ اللَّقِيطِ: الْعِبْرَةُ لِلْمَكَانِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَلَيْهِ جَرَى الْقُدُورِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. لَوْ أَدْرَكَ اللَّقِيطُ كَافِرًا إنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ وَجَدَهُ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ كُلُّ مَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا إذَا بَلَغَ كَافِرًا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَكِنْ لَا يُقْتَلُ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ عَبْدٍ إذَا ادَّعَاهُ وَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا، وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ: هُوَ وَلَدِي مِنْ زَوْجَتِي وَهِيَ أَمَةٌ فَصَدَّقَهُ مَوْلَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَيَكُونُ حُرًّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُسْلِمُ أَحَقُّ مِنْ الذِّمِّيِّ عِنْدَ التَّنَازُعِ إذَا كَانَ حُرًّا، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَالذِّمِّيُّ أَوْلَى. وَلَا يَرِقُّ اللَّقِيطُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ مُسْلِمِينَ إلَّا إذَا اُعْتُبِرَ كَافِرًا بِوُجُودِهِ فِي مَوْضِعِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَكَذَا إذَا صَدَّقَهُ اللَّقِيطُ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يُسْمَعُ تَصْدِيقُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ صَغِيرًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ وَصَدَّقَهُ الْغُلَامُ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَبْدًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ وَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَا أُجْرِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْأَحْرَارِ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَحَدِّ قَاذِفِهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَوْ كَانَ اللَّقِيطُ امْرَأَةً فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ فَصَدَّقَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ كَانَتْ أَمَةً لَهُ إلَّا أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ زَوْجٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إبْطَالِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا بِنْتُ أَبِي الزَّوْجِ فَصَدَّقَهَا أَبُو الزَّوْجِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَبْطُلُ النِّكَاحُ فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمُقَرُّ لَهُ وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ يَصِيرُ طَلَاقُهَا ثِنْتَيْنِ لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَلَوْ كَانَ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ كَانَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، وَكَذَلِكَ فِي حُكْمِ الْعِدَّةِ إذَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ بَعْدَ مَا مَضَتْ حَيْضَتَانِ كَانَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ. لَوْ ادَّعَى الْمُلْتَقِطُ أَنَّ اللَّقِيطَ عَبْدُهُ بَعْدَمَا عَرَفَ أَنَّهُ لَقِيطٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِحُجَّةٍ وَإِذَا مَاتَ اللَّقِيطُ وَتَرَكَ مَالًا أَوْ لَمْ يَتْرُكْ فَادَّعَى رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الذَّخِيرَةِ صَبِيٌّ فِي يَدَيْ رَجُلٍ لَا يَدَّعِيهِ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَلَمْ تُسَمِّ أَبَاهُ وَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَلَمْ يُسَمِّ أُمَّهُ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ابْنَ هَذَا الرَّجُلِ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي يَدِ هَذَا الرَّجُلِ أَوْ يَدِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ابْنَ هَذَا الرَّجُلِ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ التَّرْجِيحُ بِالْيَدِ. صَبِيٌّ فِي يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّهُ ابْنُهُ وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدِهِ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ ابْنُهُ قُضِيَ لِلذِّمِّيِّ وَيُرَجَّحُ الذِّمِّيُّ عَلَى الْمُسْلِمِ بِحُكْمِ يَدِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَوْ أَدْرَكَ اللَّقِيطُ وَوَالَى رَجُلًا جَازَ وَلَاؤُهُ فَإِنْ كَانَ جَنَى جِنَايَةً فَعَقْلُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ لَوْ وَالَى رَجُلًا لَا يَصِحُّ وَلَاؤُهُ وَلَا يَمْلِكُ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللَّقِيطِ ذَكَرًا كَانَ اللَّقِيطُ أَوْ أُنْثَى تَصَرُّفًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ

كتاب اللقطة

شِرَاءٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا لَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ لَا غَيْرُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتِنَهُ فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا وَلِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَنْقُلَ اللَّقِيطَ حَيْثُ شَاءَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ ذَكَرَهُ فِي الْكَرَاهِيَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَإِنْ وُجِدَ مَعَ اللَّقِيطِ مَالٌ، أَمَرَ الْقَاضِي الْمُلْتَقِطَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ فَمَا اشْتَرَى لَهُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ. وَإِذَا قُتِلَ اللَّقِيطُ خَطَأً تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ وَتَكُونُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ قُتِلَ عَمْدًا فَصَالَحَ الْإِمَامُ الْقَاتِلَ عَلَى الدِّيَةِ جَازَ وَلَوْ عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ الْقَاتِلَ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. وَإِذَا أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللَّقِيطِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ فِي ذَلِكَ مُتَطَوِّعٌ وَإِنْ أَنْفَقَ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَمَرَهُ إنْ كَانَ الْقَاضِي أَمَرَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَنْ يَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَبٌ كَانَ لِلْمُلْتَقِطِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى أَبِيهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَبٌ فَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ إذَا كَبِرَ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي أَمَرَهُ بِالْإِنْفَاقِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ يَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَالْأَصَحُّ مَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَدْرَكَ اللَّقِيطُ وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدٌ لِفُلَانٍ وَلِامْرَأَتِهِ عَلَيْهِ صَدَاقٌ فَصَدَاقُهَا عَلَيْهِ لَازِمٌ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى إبْطَالِهِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَدَانَ دَيْنًا أَوْ بَايَعَ إنْسَانًا أَوْ كَفَلَ كَفَالَةً أَوْ وَهَبَ هِبَةً أَوْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ وَسَلَّمَ أَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدٌ لِفُلَانٍ لَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [كِتَابُ اللُّقَطَةِ] هِيَ مَالٌ يُوجَدُ فِي الطَّرِيقِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مَالِكٌ بِعَيْنِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي الْتِقَاطُ اللُّقَطَةِ عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ مِنْ ذَلِكَ يُفْتَرَضُ وَهُوَ مَا إذَا خَافَ ضَيَاعَهَا، وَنَوْعٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يُفْتَرَضُ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَخَفْ ضَيَاعَهَا وَلَكِنْ يُبَاحُ أَخْذُهَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ التَّرْكَ أَفْضَلُ أَوْ الرَّفْعَ؟ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الرَّفْعَ أَفْضَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ سَوَاءٌ كَانَتْ اللُّقَطَةُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ عُرُوضًا أَوْ شَاةً أَوْ حِمَارًا أَوْ بَغْلًا أَوْ فَرَسًا أَوْ إبِلًا وَهَذَا إذَا كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ فَإِنْ كَانَ فِي الْقَرْيَةِ فَتَرْكُ الدَّابَّةِ أَفْضَلُ وَإِذَا رَفَعَ اللُّقْطَةَ يُعَرِّفُهَا فَيَقُولُ: الْتَقَطْتُ لُقَطَةً، أَوْ وَجَدْتُ ضَالَّةً، أَوْ عِنْدِي شَيْءٌ فَمَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَطْلُبُ دُلُّوهُ عَلَيَّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُعَرِّفُ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ فِي الْأَسْوَاقِ وَالشَّوَارِعِ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَلُقَطَةُ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، ثُمَّ بَعْدَ تَعْرِيفِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ الْمُلْتَقِطُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْفَظَهَا حِسْبَةً وَبَيْنَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَأَمْضَى الصَّدَقَةَ يَكُونُ لَهُ ثَوَابُهَا وَإِنْ لَمْ يُمْضِهَا ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ أَوْ الْمِسْكِينُ إنْ شَاءَ لَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ فَإِنْ ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْفَقِيرِ وَإِنْ ضَمِنَ الْفَقِيرُ لَا يَرْجِعُ عَلَى

الْمُلْتَقِطِ وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ أَوْ الْمِسْكِينِ قَائِمَةً أَخَذَهَا مِنْهُ، كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. كُلُّ لُقَطَةٍ يُعْلَمُ أَنَّهَا كَانَتْ لِذِمِّيٍّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهَا وَلَكِنْ تُصْرَفُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. . ثُمَّ مَا يَجِدُهُ الرَّجُلُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَطْلُبُهُ كَالنَّوَى فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ وَقُشُورِ الرُّمَّانِ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَنْتَفِعَ بِهَا إلَّا أَنَّ صَاحِبَهَا إذَا وَجَدَهَا فِي يَدِهِ بَعْدَ مَا جَمَعَهَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَلَا تَصِيرُ مِلْكًا لِلْآخِذِ، هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ كِتَابِ اللُّقْطَةِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ. وَنَوْعٌ آخَرُ يُعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ يَطْلُبُهُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَسَائِرِ الْعُرُوضِ وَأَشْبَاهِهَا وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَحْفَظَهَا وَيُعَرِّفَهَا حَتَّى يُوَصِّلَهَا إلَى صَاحِبِهَا وَقُشُورِ الرُّمَّانِ وَالنَّوَى إذَا كَانَتْ مُجْتَمَعَةً فَهِيَ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي وَفِي غَصْبِ النَّوَازِلِ إذَا وَجَدَ جَوْزَةً ثُمَّ أُخْرَى حَتَّى بَلَغَتْ عَشْرًا وَصَارَ لَهَا قِيمَةٌ فَإِنْ وَجَدَهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَهِيَ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ وَجَدَهَا فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا مِنْ الثَّانِي. وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ الْحَطَبُ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْمَاءِ لَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ، وَكَذَلِكَ التُّفَّاحُ وَالْكُمَّثْرَى إذَا وُجِدَ فِي نَهْرٍ جَارٍ لَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ وَإِنْ كَثُرَ. إذَا مَرَّ فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ بِثِمَارٍ سَاقِطَةٍ تَحْتَ الْأَشْجَارِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْأَمْصَارِ لَا يَسَعُهُ التَّنَاوُلُ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ صَاحِبَهَا قَدْ أَبَاحَ ذَلِكَ إمَّا نَصًّا أَوْ دَلَالَةً بِالْعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ وَالثِّمَارِ مِمَّا يَبْقَى كَالْجَوْزِ وَنَحْوِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَهَا قَدْ أَبَاحَ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يُعْلَمْ النَّهْيُ إمَّا صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّسَاتِيقِ الَّتِي يُقَالُ بِالْفَارِسِيَّةِ بيرادسته، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي تَبْقَى لَا يَسَعُهُ الْأَخْذُ إذَا عَلِمَ الْإِذْنَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي لَا تَبْقَى يَسَعُهُ الْأَخْذُ بِلَا خِلَافٍ مَا لَمْ يَعْلَمْ النَّهْيَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الثِّمَارُ سَاقِطَةً تَحْتَ الْأَشْجَارِ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَلَى الْأَشْجَارِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَأْخُذَهُ فِي مَوْضِعٍ مَا إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ إلَّا إذَا كَانَ مَوْضِعًا كَثِيرَ الثِّمَارِ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَيَسَعُهُ الْأَكْلُ وَلَا يَسَعُهُ الْحَمْلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ شَيْئًا إذَا مَضَى عَلَيْهِ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ يَفْسُدُ فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا نَحْوَ حَبِّ الْعِنَبِ وَمِثْلِهَا يَأْكُلُهَا مِنْ سَاعَتِهِ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يَبِيعُهَا بِأَمْرِ الْقَاضِي وَيَحْفَظُ ثَمَنَهَا. وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى النَّفَقَةِ إنْ كَانَ شَيْئًا يُمْكِنُ إجَارَتُهُ يُؤَاجِرُهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا مَنْفَعَةٌ أَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا وَخَافَ أَنْ تَسْتَغْرِقَ النَّفَقَةُ قِيمَتَهَا بَاعَهَا وَأُمِرَ بِحِفْظِ ثَمَنِهَا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا وَطَلَبَهَا مَنَعَهَا إيَّاهُ حَتَّى يُوفِيَ النَّفَقَةَ الَّتِي أَنْفَقَ عَلَيْهَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَا أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللُّقَطَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ فَهُوَ تَبَرُّعٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَبِإِذْنِ الْقَاضِي يَكُونُ دَيْنًا، وَصُورَةُ إذْنِ الْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَنْفِقْ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ

فَلَوْ أَمَرَهُ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ لَا يَكُونُ دَيْنًا وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لُقَطَةٌ عِنْدَهُ فِي الصَّحِيحِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مُقَيِّدًا بِأَنْ يَقُولَ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مِنْ الثِّقَاتِ: إنَّ هَذَا ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ لُقَطَةٌ وَلَا أَدْرِي أَهُوَ صَادِقٌ أَمْ كَاذِبٌ وَطَلَبَ أَنْ آمُرَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا فَاشْهَدُوا أَنِّي أَمَرْتُهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُ، وَإِنَّمَا يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِقَدْرِ مَا يَقَعُ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا لَظَهَرَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ يُؤْمَرُ بِبَيْعِهَا وَإِذَا بَاعَهَا أُعْطِيَ الْمُلْتَقِطُ مَا أَنْفَقَ فِي الْيَوْمَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إنْ بَاعَ الْقَاضِي اللُّقَطَةَ أَوْ بَاعَ الْمُلْتَقِطُ بِأَمْرِ الْقَاضِي ثُمَّ حَضَرَ صَاحِبُهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ، وَإِنْ بَاعَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي ثُمَّ حَضَرَ صَاحِبُهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ لِصَاحِبِهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ أَبْطَلَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ عَيْنَ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ هَلَكَتْ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْفُذُ الْبَيْعُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ أَخَذَ شَاةً أَوْ بَعِيرًا فَأَمَرَ الْقَاضِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا ثُمَّ هَلَكَتْ الدَّابَّةُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهَا بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا، وَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مُحْتَاجًا فَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ اللُّقَطَةَ إلَى نَفْسِهِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَنِيًّا لَا يَصْرِفُهَا إلَى نَفْسِهِ بَلْ يَتَصَدَّقُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ أَبَوَيْهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ، كَذَا فِي الْكَافِي. الِانْتِفَاعُ بِاللُّقَطَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ جَائِزٌ لِلْغَنِيِّ بِإِذْنِ الْإِمَامِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ قَرْضًا، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً عَرْضًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا فَبَاعَهَا وَأَنْفَقَ ثَمَنَهَا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ أَصَابَ مَالًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِمِثْلِ مَا أَنْفَقَ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اللُّقَطَةُ أَمَانَةٌ إذَا أَشْهَدَ الْمُلْتَقِطُ أَنْ يَأْخُذَهَا لِيَحْفَظَهَا فَيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَلَوْ هَلَكَتْ بِغَيْرِ صُنْعٍ مِنْهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا صَدَّقَهُ الْمَالِكُ فِي قَوْلِهِ إنَّهُ أَخَذَهَا لِيَرُدَّهَا، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ ضَمِنَهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ وَقَالَ: أَخَذْتُهَا لِلرَّدِّ لِلْمَالِكِ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُشْهِدُهُ عِنْدَ الرَّفْعِ أَوْ خَافَ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ الرَّفْعِ يَأْخُذُهُ مِنْهُ ظَالِمٌ فَتَرَكَ الْإِشْهَادَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُشْهِدُهُ فَلَمْ يَشْهَدْ حَتَّى جَاوَزَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْإِشْهَادَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ الْتَقَطَ لُقَطَةً أَوْ ضَالَّةً، أَوْ قَالَ: عِنْدِي لُقَطَةٌ فَمَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَطْلُبُ لُقَطَةً فَدُلُّوهُ عَلَيَّ فَلَمَّا جَاءَ صَاحِبُهَا قَالَ: قَدْ هَلَكَتْ فَهُوَ مُصَدَّقٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَلَوْ وَجَدَ لُقَطَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَقَالَ: مَنْ سَمِعْتُمُوهُ يُرِيدُ لُقَطَةً فَدُلُّوهُ عَلَيَّ، فَهَذَا تَعْرِيفٌ لِلْكُلِّ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ هَلَكَ الْكُلُّ عِنْدَهُ. فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إذَا وَجَدَ لُقَطَةً فِي طَرِيقٍ أَوْ مَفَازَةٍ وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُشْهِدُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَخْذِ، قَالَ: يُشْهِدُ إذَا ظَفِرَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ

لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَضْمَنُ الْمُلْتَقِطُ إلَّا بِالتَّعَدِّي عَلَيْهَا أَوْ بِالْمَنْعِ عِنْدَ الطَّلَبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ: وَجَدْتُ لُقَطَةً وَضَاعَتْ فِي يَدِي وَقَدْ كُنْتُ أَخَذْتُهَا لِأَرُدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ وَأَشْهَدْتُ بِذَلِكَ، وَصَاحِبُهَا يَقُولُ: مَا كَانَتْ لُقَطَةً وَإِنَّمَا وَضَعْتُهَا بِنَفْسِي لِأَرْجِعَ وَآخُذَهَا فَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ لَيْسَ بِقُرْبِهِ أَحَدٌ أَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُلْتَقِطِ إذَا حَلَفَ أَنَّهَا ضَاعَتْ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي مَا قِصَّتُهَا ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ، وَإِنْ كَانَ قَالَ الْمُلْتَقِطُ: أَخَذْتُهَا مِنْ الطَّرِيقِ، وَقَالَ صَاحِبُهَا: أَخَذْتَهَا مِنْ مَنْزِلِي، ضَمِنَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ وَجَدَهَا فِي دَارِ قَوْمٍ أَوْ دِهْلِيزِهِمْ أَوْ فِي دَارٍ فَارِغَةٍ ضَمِنَ إذَا قَالَ صَاحِبُهَا: وَضَعْتُهَا لِأَرْجِعَ وَآخُذَهَا، وَفِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ الْمَالِكُ: أَخَذْتَ مَالِي غَصْبًا، وَقَالَ الْمُلْتَقِطُ: كَانَتْ لُقَطَةً وَقَدْ أَخَذْتُهَا لَكَ فَالْمُلْتَقِطُ ضَامِنٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَإِذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ مُسْلِمٍ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ وَأَقَامَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ وَأَقَرَّ الْمُلْتَقِطُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُقِرَّ، وَلَكِنْ قَالَ: لَا أَرُدُّهَا عَلَيْكَ إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ مَاتَتْ فِي يَدِهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ. وَإِذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدَيْ مُسْلِمٍ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ كَافِرَيْنِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ. وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدَيْ كَافِرٍ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَكَذَلِكَ قِيَاسًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدَيْ كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْكَافِرِ وَقُضِيَ بِمَا فِي يَدِ الْكَافِرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . إذَا أَقَرَّ بِلُقَطَةٍ لِرَجُلٍ وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ يُقْضَى بِهَا لِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ ادَّعَى اللُّقْطَةَ رَجُلٌ وَأَتَى بِالْعَلَامَاتِ فَالْمُلْتَقِطُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ إلَيْهِ وَأَخَذَ كَفِيلًا، وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. فَلَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِالْحِلْيَةِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ فَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ قَائِمَةً فِي يَدَيْ الْأَوَّلِ يَأْخُذُهَا صَاحِبُهَا مِنْهُ إذَا قَدَرَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخِذِ، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهَا فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْآخِذَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ وَذُكِرَ فِي الْكِتَابِ إنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ دَفَعَ بِقَضَاءِ قَاضٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لَوْ أَقَرَّ الْمُلْتَقِطُ بِاللُّقَطَةِ لِرَجُلٍ وَدَفَعَهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ ضَمَّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ بِقَضَاءٍ فِي رِوَايَةٍ لَا يَضْمَنُ، قِيلَ: هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً لِيُعَرِّفَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا تَحَوَّلَ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ أَعَادَهَا إلَيْهِ وَبَيْنَ مَا إذَا أَعَادَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّمَا يَبْرَأُ إذَا أَعَادَهَا قَبْلَ التَّحَوُّلِ أَمَّا إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ مَا تَحَوَّلَ يَكُونُ ضَامِنًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُخْتَصَرِ، هَذَا إذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ لِيُعَرِّفَهَا فَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا لِيَأْكُلَهَا لَمْ يَبْرَأْ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَدْفَعْ إلَى صَاحِبِهَا وَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَتْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا وَتَرَكَهَا فِي مَكَانِهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ ضَامِنًا

ما يجتمع عند الدهانين في إنائهم من الدهن يقطر من الأوقية

وَمِنْهَا إذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ ثُمَّ نَزَعَ وَأَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَهَذَا إذَا لَبِسَ كَمَا يُلْبَسُ الثَّوْبُ عَادَةً، أَمَّا إذَا كَانَ قَمِيصًا فَوَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا وَكَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْخَاتَمِ فِيمَا إذَا لَبِسَهُ فِي الْخِنْصَرِ يَسْتَوِي فِي الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى أَمَّا إذَا لَبِسَهُ فِي أُصْبُعٍ أُخْرَى ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ لَبِسَهُ فِي خِنْصَرِهِ عَلَى خَاتَمٍ فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا أَنَّهُ يَتَخَتَّمُ بِخَاتَمَيْنِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي قَوْلِهِمْ إذَا أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ قَبْلَ التَّحَوُّلِ. وَمِنْهَا إذَا تَقَلَّدَ بِسَيْفٍ ثُمَّ نَزَعَهُ وَأَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ، وَكَذَا إذَا كَانَ مُتَقَلِّدًا بِسَيْفٍ فَتَقَلَّدَ بِهَذَا السَّيْفِ كَانَ ذَلِكَ اسْتِعْمَالًا، وَإِنْ كَانَ مُتَقَلِّدًا بِسَيْفَيْنِ فَتَقَلَّدَ بِهَذَا السَّيْفِ أَيْضًا ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَ فِي الْمَقْبَرَةِ حَطَبٌ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَحْتَطِبَ مِنْهَا، وَهَذَا إذَا كَانَ يَابِسًا أَمَّا إنْ كَانَ رَطْبًا فَيُكْرَهُ وَإِذَا سَقَطَ فِي الطَّرِيقِ فِي أَيَّامِ يُصْنَعُ الْقَزُّ وَرَقُ شَجَرِ التُّوتِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَإِنْ أَخَذَ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ مُنْتَفَعٌ، وَإِنْ كَانَ شَجَرًا لَا يُنْتَفَعُ بِوَرَقِهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ. رَجُلٌ أَلْقَى شَاةً مَيِّتَةً عَلَى الطَّرِيقِ فَجَاءَ آخَرُ وَأَخَذَ صُوفَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ، وَلَوْ جَاءَ صَاحِبُ الشَّاةِ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الصُّوفَ مِنْهُ وَلَوْ سَلَخَهَا وَدَبَغَ جِلْدَهَا ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الشَّاةِ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْجِلْدَ وَيَرُدَّ مَا زَادَ الدَّبَّاغُ فِيهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. مَبْطَخَةٌ بَقِيَتْ فِيهَا الْبَطَاطِيخُ فَانْتَهَبَهَا النَّاسُ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ إذَا تَرَكَهَا أَهْلُهَا لِيَأْخُذَ مَنْ شَاءَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة سَكْرَانُ هُوَ ذَاهِبُ الْعَقْلِ نَامَ فِي الطَّرِيقِ فَوَقَعَ ثَوْبُهُ فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَأَخَذَ ثَوْبَهُ لِيَحْفَظَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الثَّوْبَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ وَإِنْ أَخَذَ الثَّوْبَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ أَوْ الْخَاتَمَ مِنْ يَدِهِ أَوْ كِيسًا مِنْ وَسَطِهِ أَوْ دِرْهَمًا مِنْ كُمِّهِ وَهُوَ يَخَافُ الضَّيَاعَ فَأَخَذَهُ لِيَحْفَظَهُ كَانَ ضَامِنًا. إذَا اجْتَمَعَ فِي الطَّاحُونَةِ مِنْ دُقَاقِ الْمَطْحَنِ: قَالَ بَعْضُهُمْ يَكُونُ لِصَاحِبِ الطَّاحُونَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا أَحْسَنُ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِمَنْ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ بِالرَّفْعِ. [مَا يَجْتَمِعُ عِنْدَ الدَّهَّانِينَ فِي إنَائِهِمْ مِنْ الدُّهْنِ يَقْطُرُ مِنْ الْأُوقِيَّةِ] وَمَا يَجْتَمِعُ عِنْدَ الدَّهَّانِينَ فِي إنَائِهِمْ مِنْ الدُّهْنِ يَقْطُرُ مِنْ الْأُوقِيَّةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ الدُّهْنُ يَسِيلُ مِنْ خَارِجِ الْأُوقِيَّةِ فَذَلِكَ يَكُونُ لِلدَّهَّانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَبِيعٍ، وَإِنْ كَانَ الدُّهْنُ يَسِيلُ مِنْ دَاخِلِ الْأُوقِيَّةِ أَوْ مِنْ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَإِنْ زَادَ الدَّهَّانُ لِكُلِّ مُشْتَرٍ شَيْئًا فَمَا يَقْطُرُ يَكُونُ لِلدَّهَّانِ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ لَا يَطِيبُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا. قَوْمٌ أَصَابُوا بَعِيرًا مَذْبُوحًا فِي طَرِيقِ الْبَادِيَةِ إنْ وَقَعَ فِي ظَنِّهِمْ أَنَّ صَاحِبَهُ أَبَاحَهُ لِلنَّاسِ لَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ وَأَكْلِهِ. رَجُلٌ ذَبَحَ بَعِيرًا لَهُ وَأَذِنَ بِانْتِهَابِهِ جَازَ ذَلِكَ. رَجُلٌ نَثَرَ سُكَّرًا فَوَقَعَ فِي حِجْرِ رَجُلٍ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ آخَرُ مِنْهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْحِجْرِ فَتَحَ الْحِجْرَ لِيَقَعَ فِيهِ السُّكَّرُ، وَإِنْ كَانَ فَتَحَ لِيَقَعَ فِيهِ السُّكَّرَ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ لَا يَكُونُ الْمَأْخُوذُ لِلْآخِذِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْثُرَهَا فِي عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَنَثَرَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَلْتَقِطَ، وَلَوْ دَفَعَ الْمَأْمُورُ إلَى غَيْرِهِ لِيَنْثُرَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى غَيْرِهِ وَلَا أَنْ يَحْبِسَ مِنْهَا

شَيْئًا لِنَفْسِهِ، وَفِي السُّكَّرِ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى غَيْرِهِ لِيَنْثُرَ وَبَعْدَمَا نَثَرَ الثَّانِي كَانَ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يَلْتَقِطَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَضَعَ طَسْتًا عَلَى سَطْحٍ فَاجْتَمَعَ فِيهِ مَاءُ الْمَطَرِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَرَفَعَ ذَلِكَ فَتَنَازَعَا إنْ وَضَعَ صَاحِبُ الطَّسْتِ الطَّسْتَ لِذَلِكَ فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَهُ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْهُ لِذَلِكَ فَهُوَ لِلرَّافِعِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ غَيْرُ مُحْرَزٍ. رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَثْلَجَةٌ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا مِنْ مَثْلَجَةِ صَاحِبِهِ ثَلْجًا وَجَعَلَهُ فِي مَثْلَجَةِ نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ قَدْ اتَّخَذَ مَوْضِعًا يَجْتَمِعُ فِيهِ الثَّلْجُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهِ فَلِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَثْلَجَةِ الْآخِذِ إنْ لَمْ يَكُنْ خَلَطَهُ الْآخِذُ بِغَيْرِهِ أَوْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ يَوْمَ خَلْطِهِ إنْ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ لَمْ يَتَّخِذْ مَوْضِعًا لِيَجْتَمِعَ فِيهِ الثَّلْجُ بَلْ كَانَ مَوْضِعًا يُجْمَعُ فِيهِ الثَّلْجُ فَأَخَذَ الْآخِذُ مِنْ الْحَيِّزِ الَّذِي فِي حَدِّ صَاحِبِهِ لَا مِنْ الْمَثْلَجَةِ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمَثْلَجَةِ كَانَ غَاصِبًا، وَرُدَّ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ عَيْنُ ثَلْجِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ خَلَطَهُ بِمَثْلَجَتِهِ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ خَلَطَهُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ دَخَلَ أَرْضَ أَقْوَامٍ يَجْمَعُ السِّرْقِينَ وَالشَّوْكَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَا مَنْ دَخَلَ أَرْضَ رَجُلٍ لِلِاحْتِشَاشِ أَوْ لِالْتِقَاطِ السُّنْبُلَةِ إنْ تَرَكَهَا صَاحِبُهَا فَصَارَ تَرْكُهُ كَالْإِبَاحَةِ، فَقِيلَ: إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِلْيَتَامَى إنْ كَانَ لَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا يَبْقَى لِلصَّبِيِّ بَعْدَ مُؤْنَةِ الْأَجْرِ شَيْءٌ ظَاهِرٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَفْضُلُ مِنْهُ أَوْ فَضَلَ شَيْءٌ قَلِيلٌ مِمَّا لَا يُقْصَدُ إلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِتَرْكِهِ وَلَا بَأْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَلْتَقِطَ سَاحَةً بَيْضَاءَ يَطْرَحُ فِيهَا أَصْحَابُ السِّكَّةِ التُّرَابَ وَالسِّرْقِينَ وَالرَّمَادَ وَنَحْوَهُ حَتَّى اجْتَمَعَ مِنْ ذَلِكَ كَثِيرٌ فَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ السِّكَّةِ طَرَحُوهَا عَلَى مَعْنَى الرَّمْيِ لَهَا وَكَانَ صَاحِبُ السَّاحَةِ هَيَّأَ السَّاحَةَ لِذَلِكَ فَهِيَ لَهُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُهَيِّئْ السَّاحَةَ لِذَلِكَ فَهِيَ لِمَنْ سَبَقَ عَلَيْهَا بِالرَّفْعِ. حَمَامٌ بَرِّيٌّ دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ فَفَرَّخَ فِيهَا فَجَاءَ آخَرُ وَأَخَذَهُ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّارِ رَدَّ الْبَابَ وَسَدَّ الْكُوَّةَ فَهُوَ لِصَاحِبِ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ صَاحِبُ الدَّارِ ذَلِكَ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ حَمَامٌ فَجَاءَ حَمَامٌ آخَرُ فَفَرَّخَ فَلِصَاحِبِ الْأُنْثَى فَرْخُهَا. يُكْرَهُ إمْسَاكُ الْحَمَامَاتِ إنْ كَانَ يَضُرُّ بِالنَّاسِ وَمَنْ اتَّخَذَ بُرْجَ الْحَمَامِ فِي قَرْيَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَحْفَظَهَا وَيَعْلِفَهَا وَلَا يَتْرُكَهَا بِغَيْرِ عَلَفٍ حَتَّى لَا يَتَضَرَّرَ بِهَا النَّاسُ فَإِنْ اخْتَلَطَ بِهَا حَمَامٌ أَهْلِيٌّ لِغَيْرِهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَإِنْ أَخَذَهُ يَطْلُبُ صَاحِبَهُ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ وَفَرَّخَ عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ غَرِيبَةً لَا يَتَعَرَّضُ لِفَرْخِهِ فَإِنَّهُ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ لِصَاحِبِ الْبُرْجِ وَالْغَرِيبُ ذَكَرًا فَالْفَرْخُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْخَ وَالْبَيْضَ لِصَاحِبِ الْأُمِّ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِي بُرْجِهِ غَرِيبًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. مَنْ أَخَذَ بَازِيًا أَوْ شِبْهَهُ فِي سَوَادٍ أَوْ مِصْرٍ، وَفِي رِجْلَيْهِ تِبْرٌ وَجَلَاجِلُ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّهُ أَهْلِيٌّ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَ لِيَرُدَّهُ عَلَى أَهْلِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَ ظَبْيًا فِي عُنُقِهِ قِلَادَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَاطَعَ دَارًا سِنِينَ مَعْلُومَةً فَسَكَنَهَا وَاجْتَمَعَ فِيهَا سِرْقِينٌ كَثِيرٌ وَقَدْ جَمَعَهُ الْمَقَاطِعُ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَكُونُ السِّرْقِينُ لِمَنْ هَيَّأَ مَكَانَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَأَخَذَ مِنْهَا فَهُوَ لِمَنْ سَبَقَ بِرَفْعِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ لِمَنْ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُهَيِّئْ مَكَانًا

كتاب الإباق

حَتَّى قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا ضَرَبَ حَائِطًا وَجَعَلَ مَوْضِعًا يَجْتَمِعُ فِيهِ الدَّوَابُّ فَسِرْقِينُهَا لِمَنْ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ. رَجُلٌ لَهُ دَارٌ يُؤَاجِرُهَا فَجَاءَ إنْسَانٌ بِإِبِلٍ وَأَنَاخَ فِي دَارِهِ وَاجْتَمَعَ مِنْ ذَلِكَ بَعْرٌ كَثِيرٌ، قَالُوا إنْ تَرَكَ صَاحِبُ الدَّارِ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ رَأْيِهِ أَنْ يَجْمَعَ فَكُلُّ مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رَأْيِ صَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يَجْمَعَ السِّرْقِينَ وَالْبَعْرَ فَصَاحِبُ الدَّارِ أَوْلَى. امْرَأَةٌ وَضَعَتْ مُلَاءَتَهَا فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَى وَوَضَعَتْ مُلَاءَتَهَا ثُمَّ جَاءَتْ الْأُولَى وَأَخَذَتْ مُلَاءَةَ الثَّانِيَةِ وَذَهَبَتْ لَا يَنْبَغِي لِلثَّانِيَةِ أَنْ تَنْتَفِعَ بِمُلَاءَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِمِلْكِ الْغَيْرِ، فَإِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَنْتَفِعَ بِهَا قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ تَتَصَدَّقَ هِيَ بِهَذِهِ الْمُلَاءَةِ عَلَى ابْنَتِهَا إنْ كَانَتْ فَقِيرَةً عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَكُونَ ثَوَابُ الصَّدَقَةِ لِصَاحِبَتِهَا إنْ رَضِيَتْ ثُمَّ تَهَبُ الِابْنَةُ الْمُلَاءَةَ مِنْهَا فَيَسَعُهَا الِانْتِفَاعُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً لَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا، وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْمُكَعَّبِ إنْ سُرِقَ وَتُرِكَ لَهُ عِوَضٌ. رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَضَاعَتْ مِنْهُ فَوَجَدَهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ. رَجُلٌ غَرِيبٌ مَاتَ فِي دَارِ رَجُلٍ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَخَلَّفَ مَا يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَصَاحِبُ الدَّارِ فَقِيرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَذَا الْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقْطَةِ. رَجُلٌ غَابَ وَجَعَلَ دَارِهِ فِي يَدِ رَجُلٍ لِيَعْمُرَهَا وَدَفَعَ إلَيْهِ مَالًا لِيَعْمُرَهَا ثُمَّ فُقِدَ الدَّافِعُ فَلَهُ أَنْ يَحْفَظَ الْمَالَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمُرَ الدَّارَ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ فِي الْعُيُونِ رَجُلٌ سَيَّبَ دَابَّتَهُ فَأَخَذَهَا إنْسَانٌ فَأَصْلَحَهَا ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا فَإِنْ قَالَ عِنْدَ التَّسَيُّبِ: جَعَلْتُهَا لِمَنْ أَخَذَهَا فَلَا سَبِيلَ لِصَاحِبِهَا عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا، وَكَذَلِكَ فِيمَنْ أَرْسَلَ صَيْدًا لَهُ، هَكَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِهَا مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [كِتَابُ الْإِبَاقِ] وَاجِدُ الْآبِقِ إذَا قَدَرَ عَلَى الْأَخْذِ فَالْأَخْذُ أَوْلَى وَأَفْضَلُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ ثُمَّ لَهُ الْخِيَارَاتُ إنْ شَاءَ حَفِظَهُ بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ فَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لَا يَقْبَلُهُ مِنْهُ إلَّا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ ثُمَّ يَحْبِسُهُ الْإِمَامُ تَعْزِيرًا لَهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ إلَى السُّلْطَانِ وَأَمْسَكَ بِنَفْسِهِ بِمَا لَهُ مِنْ الْخِيَارِ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ يَرْجِعُ عَلَى مَالِكِهِ إذَا حَضَرَ إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الضَّالِّ، فَقِيلَ أَخْذُهُ أَفْضَلُ وَقِيلَ تَرْكُهُ أَفْضَلُ وَإِذَا رُفِعَ إلَى الْإِمَامِ لَا يَحْبِسُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْفَعَةٌ آجَرَهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَبِيعُهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي: وَإِذَا أَتَى الرَّجُلُ بِالْعَبْدِ فَأَخَذَهُ السُّلْطَانُ فَحَبَسَهُ فَادَّعَاهُ رَجُلٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ، قَالَ: يَسْتَحْلِفُهُ مَا بِعْتُهُ وَلَا وَهَبْتُهُ، ثُمَّ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ

كَفِيلًا، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ الْقَاضِي كَفِيلًا لَمْ يَكُنْ مُسِيئًا، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ، هَلْ يَنْصِبُ عَنْهُ خَصْمًا؟ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ، بَعْضُهُمْ قَالُوا: الْقَاضِي يَنْصِبُ خَصْمًا ثُمَّ يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَقْبَلُ الْقَاضِي هَذِهِ الْبَيِّنَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْصِبَ عَنْهُ خَصْمًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ عَبْدُهُ، قَالَ: يَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا، وَإِنْ لَمْ يَجِئْ لِلْعَبْدِ طَالِبٌ، قَالَ: إذَا طَالَ ذَلِكَ بَاعَهُ الْإِمَامُ وَأَمْسَكَ حَتَّى يَجِيءَ طَالِبُهُ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ الْعَبْدَ عَبْدُهُ فَيَدْفَعَ الثَّمَنَ، وَلَا يُنْتَقَضُ بَيْعُ الْإِمَامِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ فِي مُدَّةِ حَبْسِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ مِنْ صَاحِبِهِ إنْ حَضَرَ وَمِنْ ثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَا يُؤَاجِرُ الْآبِقُ خَوْفَ الْإِبَاقِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا دُفِعَ الْآبِقُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي بِإِقْرَارِ الْعَبْدِ وَبِذِكْرِ الْعَلَامَةِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ الْآخَرُ ضَمِنَ الدَّافِعُ وَرَجَعَ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَادُّ الْآبِقِ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ اسْتِحْسَانًا عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْكَافِي. مَنْ رَدَّ الْآبِقَ مِنْ مُدَّةِ سَفَرٍ وَهِيَ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي التَّبْيِينِ إنْ أَخَذَهُ فِي الْمِصْرِ أَوْ خَارِجَ الْمِصْرِ أَقَلَّ مِنْ مَسِيرَةِ سَفَرٍ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ عَلَى قَدْرِ الْعَنَاءِ وَالْمَكَانِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّضْخُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ ثُمَّ إذَا وَجَبَ الرَّضْخُ إنْ اصْطَلَحَ الرَّادُّ وَالْمَرْدُودُ عَلَيْهِ عَلَى شَيْءٍ فَلِلرَّادِّ ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَصَمَا عِنْدَ الْقَاضِي فَالْقَاضِي يُقَدِّرُ الرَّضْخَ عَلَى قَدْرِ الْمَكَانِ، هَكَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَفْسِيرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ لِلرَّادِّ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَيَكُونُ بِإِزَاءِ كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ فَيُقْضَى بِذَلِكَ إنْ رُدَّ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْكِتَابِ وَفِي الْيَنَابِيعِ وَبِهِ نَأْخُذُ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، وَهَذَا أَيْسَرُ بِالِاعْتِبَارِ، وَفِي الْإِبَانَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: وَالْحُكْمِ فِي رَدِّ الصَّغِيرِ كَالْحُكْمِ فِي رَدِّ الْكَبِيرِ إنْ رُدَّ مِنْ مَسِيرَةِ السَّفَرِ فَلَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَإِنْ رَدَّهُ مِمَّا دُونَ مَسِيرَةِ السَّفَرِ فَلَهُ الرَّضْخُ وَيُرْضَخُ فِي الْكَبِيرِ أَكْثَرُ مِمَّا يُرْضَخُ فِي الصَّغِيرِ إنْ كَانَ الْكَبِيرُ أَشَدَّهُمَا مُؤْنَةً، قَالُوا: وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي الصَّغِيرِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ صَغِيرًا يَعْقِلُ الْإِبَاقَ أَمَّا إذَا كَانَ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ الْإِبَاقَ فَهُوَ ضَالٌّ، وَرَادُّ الضَّالِّ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ، وَلَوْ رَدَّ جَارِيَةً مَعَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ يَكُونُ تَبَعًا لِأُمِّهِ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْجُعْلِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا يَجِبُ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إنْ كَانَ الْآبِقُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَالْجُعْلُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمَا، فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ حَاضِرًا وَالْآخِرُ غَائِبًا فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَأْخُذَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ جُعْلَهُ كُلَّهُ، وَإِذَا أَعْطَاهُ لَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا، وَإِنْ كَانَ الْآبِقُ لِرَجُلٍ، وَالرَّادُّ رَجُلَانِ فَالْجُعْلُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ وَاحِدًا وَالْعَبْدُ اثْنَيْنِ فَعَلَيْهِ جُعْلَانِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. إنْ كَانَ

الْآبِقُ رَهْنًا فَالْجُعْلُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالرَّدُّ فِي حَيَاةِ الرَّاهِنِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَبِقَدْرِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ وَالْبَاقِي عَلَى الرَّاهِنِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَجُعِلَ الْمَغْصُوبُ إذَا أَبَقَ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ كَانَ الْآبِقُ خِدْمَتُهُ لِرَجُلٍ وَرَقَبَتُهُ لِآخَرَ فَالْجُعْلُ عَلَى صَاحِبِ الْخِدْمَةِ فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْخِدْمَةِ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ بِالْجُعْلِ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ أَوْ يُبَاعُ الْعَبْدُ فِيهِ. وَلِمَنْ جَاءَ بِالْعَبْدِ الْآبِقِ أَنْ يُمْسِكَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْجُعْلَ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ بَعْدَمَا قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْإِمْسَاكِ بِالْجُعْلِ أَوْ قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ إلَى الْقَاضِي فَلَا ضَمَانَ وَلَا جُعْلَ، وَإِذَا صَالَحَ الَّذِي جَاءَ بِالْآبِقِ مَعَ مَوْلَاهُ مِنْ الْجُعْلِ عَلَى عِشْرِينَ دِرْهَمًا جَازَ، وَإِنْ صَالَحَ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْجُعْلَ أَرْبَعُونَ جَازَ بِقَدْرِ أَرْبَعِينَ وَبَطَلَ الْفَضْلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ إنْ كَانَ مَوْهُوبًا فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي هِبَتِهِ بَعْدَ مَا رَدَّ الْعَبْدَ الرَّادُّ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. يَجِبُ الْجُعْلُ فِي رَدِّ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ إذَا كَانَ فِي حَيَاةِ الْمَوْلَى فَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يَصِلَ بِهِمَا فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَيَجِبُ الْجُعْلُ فِي رَدِّ الْمَأْذُونِ، وَإِنْ أَبَقَ الْمُكَاتَبُ فَرَدَّهُ رَجُلٌ عَلَى مَوْلَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. فِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ رَجُلَانِ أَتَيَا بِهِ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ فَعَلَى الْمَوْلَى إتْمَامُ جُعْلِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بَيْنَهُمَا. وَفِي الْيَنَابِيعِ: وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ جَانِيًا يُنْظَرُ إلَى اخْتِيَارِ مَوْلَاهُ إنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَالْجُعْلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ فَالْجُعْلُ عَلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْآبِقُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَهُوَ مُسْتَغْرَقٌ بِالدُّيُونِ فَالْجُعْلُ عَلَى مَوْلَاهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ بِيعَ الْعَبْدُ فِي الْجُعْلِ فَمَا فَضَلَ يُصْرَفُ إلَى الْغُرَمَاءِ. وَفِي الْجَامِعِ أَبَقَ مِنْ الْمُودَعِ فَأَدَّى الْجُعْلَ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَفِيهِ أَبَقَ فَقُتِلَ عَمْدًا أَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ وَقُتِلَ فِي يَدِهِ لَا جُعْلَ لَهُ، وَفِيهِ جَنَى فِي يَدِ الْآخِذِ أَوْ أَتْلَفَ مَالًا لَا جُعْلَ لَهُ إنْ قُتِلَ أَوْ دُفِعَ أَوْ بِيعَ وَفِيهِ جَنَى عِنْدَ الْآخِذِ خَطَأً أَوْ أَتْلَفَ مَالًا ثُمَّ الْمَوْلَى دَفَعَ الْجُعْلَ وَلَمْ يَعْلَمْ ثُمَّ دُفِعَ بِالْجِنَايَةِ يَرْجِعُ بِالْجُعْلِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ يَرْجِعُ مِنْ الْجُعْلِ بِحِصَّتِهَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ دَيْنِهِ أَوْ جِنَايَتِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَوْ رَدَّ عَبْدَ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ أَوْ سَائِرِ أَقْرِبَائِهِ لَا يَجِبُ لَهُ الْجُعْلُ إذَا كَانَ فِي عِيَالِ الْمَوْلَى، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ يَجِبُ الْجُعْلُ لَهُ إلَّا الِابْنَ إذَا رَدَّ عَبْدَ أَبِيهِ أَوْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ رَدَّ عَبْدَ الْآخَرِ فَإِنَّهُمَا لَا يَجِبُ لَهُمَا الْجُعْلُ مُطْلَقًا، وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا رَدَّ عَبْدَ الْيَتِيمِ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. السُّلْطَانُ إذَا أَخَذَ الْعَبْدَ الْآبِقَ فَرَدَّهُ إلَى مَوْلَاهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا جُعْلَ لَهُ، قَالَ الْفَقِيهُ: وَبِهِ نَأْخُذُ، وَكَذَا رَاهِبَانِ وَشَّحْنَهُ وكاروان إذَا أَخَذُوا الْمَالَ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَرَدُّوا عَلَى الْمَالِكِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. إذَا جَاءَ الْوَارِثُ بِالْآبِقِ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَالْوَارِثُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ وَلَدَهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَدَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدَهُ

وَلَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ، أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهَ فِي حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ وَرَدَّهُ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ يَجِبُ الْجُعْلُ لَهُ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ وَرَدَّهُ لَا جُعْلَ لَهُ، وَأَمَّا إذَا أَخَذَهُ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ وَجَاءَ بِهِ إلَى الْمِصْرِ فِي حَيَاتِهِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ سَلَّمَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَجِبُ الْجُعْلُ لَهُ فِي حِصَّةِ شُرَكَائِهِ، وَإِنْ كَانَ الرَّادُّ وَلَدًا لَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنَّ عَبْدِي قَدْ أَبَقَ، فَإِنْ وَجَدْتَهُ فَخُذْهُ، فَقَالَ الْمَأْمُورُ: نَعَمْ، فَأَخَذَهُ الْمَأْمُورُ عَلَى مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَاءَ بِهِ إلَى الْمَوْلَى فَلَا جُعْلَ لَهُ. أَخَذَ آبِقًا مِنْ مَسِيرَةِ سَفَرٍ وَجَاءَ بِهِ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَوْلَاهُ فَلَمَّا أَدْخَلَهُ الْمِصْرَ أَبَقَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَوْلَاهُ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ فِي الْمِصْرِ وَرَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ وَيَرْضَخُ لِلثَّانِي عَلَى قَدْرِ عَنَائِهِ، وَإِنْ أَخَذَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ أَوْ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمٍ فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ الْجُعْلِ تَامًّا وَيَرْضَخُ لِلثَّانِي عَلَى قَدْرِ عَنَائِهِ. وَفِي الْمُنْتَقَى جَاءَ بِالْآبِقِ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى الْمَوْلَى فَأَخَذَهُ مِنْهُ غَاصِبٌ وَجَاءَ بِهِ الْغَاصِبُ إلَى الْمَوْلَى ثُمَّ جَاءَ الْآخِذُ الْأَوَّلُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَخَذَ الْجُعْلَ ثَانِيًا مِنْ الْمَوْلَى وَرَجَعَ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ. وَفِيهِ أَيْضًا أَخَذَ آبِقًا مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَاءَ يَوْمًا ثُمَّ أَبَقَ الْعَبْدُ مِنْهُ وَسَارَ يَوْمًا نَحْوَ الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ الْمَوْلَى وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرُّجُوعَ إلَى الْمَوْلَى، ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ أَخَذَهُ ثَانِيًا وَجَاءَ بِهِ الْيَوْمَ الثَّالِثَ وَرَفَعَهُ إلَى الْمَوْلَى فَلَهُ جُعْلُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَهُوَ ثُلُثَا الْجُعْلِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ حِينَ أَبَقَ مِنْ الَّذِي أَخَذَهُ فَوَجَدَهُ مَوْلَاهُ وَأَخَذَهُ، أَوْ أَبَقَ مِنْ الَّذِي أَخَذَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَرَجَعَ إلَى مَوْلَاهُ فَلَا جُعْلَ لِلَّذِي أَخَذَهُ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ فَارَقَ الَّذِي أَخَذَ وَجَاءَ مُتَوَجِّهًا إلَى مَوْلَاهُ لَا يُرِيدُ الْإِبَاقَ فَلِلْأَوَّلِ جُعْلُ يَوْمٍ وَفِيهِ أَيْضًا أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا وَدَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الْجُعْلَ يَكُونُ لَهُ. فِي الْأَصْلِ عَبْدٌ أَبَقَ إلَى بَعْضِ الْبُلْدَانِ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ رَجُلٌ آخَرُ وَجَاءَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ لَا جُعْلَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ حِينَ اشْتَرَاهُ أَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَلَهُ الْجُعْلُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى بِمَا أَدَّى مِنْ الثَّمَنِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَإِنْ وُهِبَ لَهُ أَوْ هُوَ أَوْصَى لَهُ بِهِ أَوْ وَرِثَهُ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الشِّرَاءِ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا وَجَاءَ بِهِ لِيَرُدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهِ الْمَوْلَى أَعْتَقَهُ ثُمَّ أَبَقَ مِنْ يَدِ الْآخِذِ كَانَ لَهُ الْجُعْلُ، وَلَوْ كَانَ دَبَّرَهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَا جُعْلَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ الْآخِذُ حِينَ سَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَبَقَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ إلَى الْمَوْلَى ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى لَمْ يَصِرْ قَابِضًا مِنْ يَدِ الْآخِذِ، وَلَوْ جَاءَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ فَقَبَضَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْجُعْلُ، وَلَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَلَا جُعْلَ لَهُ، وَلَوْ بَاعَهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَالْجُعْلُ عَلَيْهِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الرَّادُّ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ إذَا أَشْهَدَ عِنْدَ الْأَخْذِ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ، أَمَّا إذَا تَرَكَ الْإِشْهَادَ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ، وَإِنْ رَدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا مَاتَ الْآبِقُ عِنْدَ الْآخِذِ أَوْ أَبَقَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى، فَإِنْ كَانَ حِينَ أَخَذَ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَقْتَ الْأَخْذِ: هَذَا آبِقٌ قَدْ

كتاب المفقود

أَخَذْتُهُ فَمَنْ وَجَدَ لَهُ طَالِبًا فَلْيَدُلَّهُ عَلَيَّ، فَهَذَا إشْهَادٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْإِشْهَادِ أَنْ يُكَرِّرَ ذَلِكَ، وَالْمَرَّةُ تَكْفِي بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَكْتُمَ إذَا سُئِلَ، وَهَكَذَا فِي اللُّقَطَةِ، وَأَمَّا إذَا تَرَكَ الْإِشْهَادَ وَكَانَ الْإِشْهَادُ مُمْكِنًا كَانَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَهَذَا إذَا عَلِمَ كَوْنَهُ آبِقًا، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَوْلَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ آبِقًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَالْآخِذُ ضَامِنٌ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا فَادَّعَاهُ رَجُلٌ وَأَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَهَلَكَ عِنْدَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ آخَرُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الدَّافِعَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْقَابِضِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْ إلَى الْأَوَّلِ حَتَّى شَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ بِغَيْرِ حُكْمٍ ثُمَّ أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ قُضِيَ بِهِ لِلثَّانِي، فَإِنْ أَقَامَ الْأَوَّلُ بَيِّنَةً لَمْ يَلْزَمْ أَيْضًا، وَإِذَا أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا وَبَاعَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي حَتَّى لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَاهُ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَالْمُسْتَحِقُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ قِيمَتَهُ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْفُذُ الْبَيْعُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا فَضَلَ عَلَى الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ. إذَا أَنْكَرَ الْمَوْلَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ آبِقًا فَلَا جُعْلَ لِلرَّادِّ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَبَقَ مِنْ مَوْلَاهُ أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمَوْلَى بِإِبَاقِهِ. وَإِذَا أَبَقَ الْعَبْدُ وَذَهَبَ بِمَالِ الْمَوْلَى فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ، وَقَالَ: لَمْ أَجِدْ مَعَهُ شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. بَيْعُ الْآبِقِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ ابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ لَا يَجُوزُ وَبَيْعُهُ مِمَّنْ فِي يَدِهِ يَجُوزُ وَهِبَتُهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ وَهَبَهُ مِنْ ابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ إنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يَجُوزُ، وَإِنْ أَبَقَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى قَاضِي الْحَرَمَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ إعْتَاقُهُ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ. وَلَوْ وَكَّلَ الْمَوْلَى رَجُلًا يَطْلُبُ الْآبِقَ وَأَصَابَهُ الْوَكِيلُ ثُمَّ بَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ إنْسَانٍ وَلَا يَعْلَمُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الْوَكِيلَ أَصَابَهُ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْوَكِيلَ أَصَابَهُ، وَلَوْ أَخَذَ الْآبِقَ رَجُلٌ وَأَجَّرَهُ فَالْأُجْرَةُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا، فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْمَوْلَى مَعَ الْعَبْدِ، وَقَالَ: هَذِهِ غَلَّةُ عَبْدِكَ وَقَدْ سَلَّمْتُ لَكَ فَهِيَ لِلْمَوْلَى وَلَا يَحِلُّ لِلْمَوْلَى أَكْلُهَا قِيَاسًا وَيَحِلُّ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ [كِتَابُ الْمَفْقُودِ] ِ هُوَ الَّذِي غَابَ عَنْ أَهْلِهِ أَوْ بَلَدِهِ أَوْ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ وَلَا يُدْرَى أَحَيٌّ هُوَ أَوْ مَيِّتٌ وَلَا يُعْلَمُ لَهُ مَكَانٌ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ زَمَانٌ فَهُوَ مَعْدُومٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ حَيٌّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ وَلَا يُقَسَّمُ مَالُهُ وَلَا تُفْسَخُ إجَارَتُهُ وَهُوَ مَيِّتٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لَا يَرِثُ مِمَّنْ مَاتَ حَالَ غَيْبَتِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَيَنْصِبُ الْقَاضِي مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ وَيَقْبِضُ غَلَّاتِهِ وَالدُّيُونَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا غُرَمَاؤُهُ وَلَا يُخَاصِمُ فِي دَيْنٍ لَمْ يُقِرَّ بِهِ لِغَرِيمٍ وَلَا فِي نَصِيبٍ لَهُ

فِي عَرَضٍ أَوْ عَقَارٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكَ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي وَأَنْهَ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ بِالِاتِّفَاقِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَضَمُّنِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ فَإِذَا كَانَ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا، فَلَوْ قَضَى بِهِ قَاضٍ يَرَى ذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَيَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ الْوَكِيلُ الَّذِي نَصَبَهُ الْقَاضِي يُخَاصِمُ فِي دَيْنٍ وَجَبَ بِعَقْدِهِ بِلَا خِلَافٍ وَيَبِيعُ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ مِنْ مَالِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا يَبِيعُ مَا لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ فِي نَفَقَةٍ وَلَا فِي غَيْرِهَا مَنْقُولًا كَانَ أَوْ عَقَارًا، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ يُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، حَالَ حَضْرَتِهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَزَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ وَأَبَوَيْهِ وَكُلُّ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا بِحَضْرَتِهِ إلَّا بِقَضَاءٍ فَإِنَّهُ لَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ كَالْأَخِ وَالْأُخْتِ وَنَحْوِهِمَا، وَمَعْنَى قَوْلِنَا مِنْ مَالِهِ النَّقْدَانِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَالتِّبْرُ بِمَنْزِلَةِ النَّقْدَيْنِ فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَ وَدِيعَةً أَوْ دَيْنًا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمَا إذَا كَانَ الْمُودِعُ وَالْمَدْيُونُ مُقِرَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَالدَّيْنِ وَالنَّسَبِ وَالنِّكَاحِ إذَا لَمْ يَكُونَا ظَاهِرَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَا ظَاهِرَيْنِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إقْرَارِهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ظَاهِرًا دُونَ الْآخَرِ يُشْتَرَطُ الْإِقْرَارُ بِمَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي الصَّحِيحِ، وَإِنْ دَفَعَ الْمُودِعَ بِنَفْسِهِ أَوْ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَالْمُودِعُ يَضْمَنُ وَالْمَدْيُونُ لَا يَبْرَأُ، وَإِنْ جَحَدَ الْمُودِعُ وَالْمَدْيُونُ أَصْلًا أَوْ جَحَدَ الزَّوْجِيَّةَ وَالنَّسَبَ لَمْ يُنْتَصَبْ أَحَدٌ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ خَصْمًا فِي ذَلِكَ. لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَحُكِمَ بِمَوْتِهِ بِمُضِيِّ تِسْعِينَ سَنَةً وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُقَدَّرُ بِمَوْتِ أَقْرَانِهِ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أَقْرَانِهِ حَيًّا حُكِمَ بِمَوْتِهِ وَيُعْتَبَرُ مَوْتُ أَقْرَانِهِ فِي أَهْلِ بَلَدِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِذَا حُكِمَ بِمَوْتِهِ اعْتَدَّتْ امْرَأَتُهُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقُسِّمَ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ الْمَوْجُودِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَرِثْ مِنْهُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، فَإِنْ عَادَ زَوْجُهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا وَيُعْتَبَرُ مَيِّتًا فِي مَالِهِ يَوْمَ تَمَّتْ الْمُدَّةُ، وَفِي مَالِ الْغَيْرِ يُعْتَبَرُ كَأَنَّهُ مَاتَ يَوْمَ فَقْدِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا يَرِثُ الْمَفْقُودُ أَحَدًا مَاتَ فِي حَالِ فَقْدِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِنَا " لَا يَرِثُ الْمَفْقُودُ أَحَدًا " أَنَّ نَصِيبَ الْمَفْقُودِ مِنْ الْمِيرَاثِ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لِلْمَفْقُودِ، أَمَّا نَصِيبُ الْمَفْقُودِ مِنْ الْإِرْثِ فَيَتَوَقَّفُ، فَإِنْ ظَهَرَ حَيًّا عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَحِقًّا، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَيًّا حَتَّى بَلَغَ تِسْعِينَ سَنَةً فَمَا وُقِفَ لَهُ يُرَدُّ عَلَى وَرَثَةِ صَاحِبِ الْمَالِ يَوْمَ مَاتَ صَاحِبُ الْمَالِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا أَوْصَى لَهُ تَوَقَّفَ الْمُوصَى بِهِ إلَى أَنْ يُحْكَمَ بِمَوْتِهِ فَإِذَا حُكِمَ بِمَوْتِهِ يُرَدُّ الْمَالُ الْمُوصَى بِهِ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا فُقِدَ الْمُرْتَدُّ فَلَمْ يُعْلَمْ أَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُوقَفُ مِيرَاثُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لِحَاقُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ يُقَسَّمُ مِيرَاثُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ وَلَمْ يُوقَفْ لِلْمَفْقُودِ شَيْءٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ كَانَ مَعَ الْمَفْقُودِ وَارِثٌ لَا يُحْجَبُ بِهِ وَلَكِنَّهُ يَنْقُصُ حَقُّهُ بِهِ، يُعْطَى أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ يُحْجَبُ بِهِ لَمْ يُعْطَ أَصْلًا، بَيَانُهُ رَجُلٌ مَاتَ عَنْ بِنْتَيْنِ وَابْنٍ مَفْقُودٍ وَابْنِ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنٍ، وَالْمَالُ

كتاب الشركة وهو يشتمل على ستة أبواب

فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ وَتَصَادَقُوا عَلَى الِابْنِ الْمَفْقُودِ وَطَلَبَتْ الْبِنْتَانِ الْإِرْثَ دُفِعَ النِّصْفُ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ إلَيْهِمَا وَلَا يُدْفَعُ إلَى وَلَدِ الِابْنِ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ يَدِ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا إذَا ظَهَرَتْ مِنْهُ خِيَانَةٌ فَلَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ، فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَحُكِمَ بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ يُعْطَى سُدُسٌ آخَرُ لِلْبِنْتَيْنِ لِيَتِمَّ لَهُمَا الثُّلُثَانِ وَيُعْطَى الْبَاقِي لِوَلَدِ الِابْنِ، وَنَظِيرُهُ الْحَمْلُ فَإِنَّهُ يُوقَفُ لَهُ نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ بِاخْتِيَارِ الْفَتْوَى، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ لَا يَسْقُطُ بِحَالٍ وَلَا يَتَغَيَّرُ بِالْحَمْلِ يُعْطَى كُلٌّ نَصِيبَهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَغَيَّرُ بِهِ يُعْطَى أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا مَاتَ الْمَفْقُودُ بِالْبَادِيَةِ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَبِيعَ حِمَارَهُ وَمَتَاعَهُ وَيَحْمِلَ الدَّرَاهِمَ إلَى أَهْلِهِ، وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَفْقُودِ حَقًّا مِنْ دَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ فِي عَقَارٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ مُطَالَبَةٍ بِاسْتِحْقَاقٍ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى دَعْوَاهُ وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْوَكِيلُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ خَصْمًا، وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ وَحَكَمَ نَفَذَ حُكْمُهُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة [كِتَابُ الشَّرِكَةِ وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى سِتَّةِ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ وَأَرْكَانِهَا وَشَرَائِطِهَا وَأَحْكَامِهَا] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ] الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ وَأَرْكَانِهَا وَشَرَائِطِهَا وَأَحْكَامِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ الشَّرِكَةُ نَوْعَانِ شَرِكَةُ مِلْكٍ وَهِيَ أَنْ يَتَمَلَّكَ رَجُلَانِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَشَرِكَةُ عَقْدٍ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا شَارَكْتُكَ فِي كَذَا وَيَقُولُ الْآخَرُ قَبِلْتُ، هَكَذَا فِي كَنْزِ الدَّقَائِقِ وَشَرِكَةُ الْمِلْكِ نَوْعَانِ: شَرِكَةُ جَبْرٍ، وَشَرِكَةُ اخْتِيَارٍ فَشَرِكَةُ الْجَبْرِ أَنْ يَخْتَلِطَ الْمَالَانِ لِرَجُلَيْنِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكَيْنِ خَلْطًا لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا حَقِيقَةً بِأَنْ كَانَ الْجِنْسُ وَاحِدًا أَوْ يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بِضَرْبِ كُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ نَحْوُ أَنْ تَخْتَلِطَ الْحِنْطَةُ بِالشَّعِيرِ أَوْ يَرِثَا مَالًا وَشَرِكَةُ الِاخْتِيَارِ أَنْ يُوهَبَ لَهُمَا مَالٌ أَوْ يَمْلِكَا مَالًا بِاسْتِيلَاءٍ أَوْ يَخْلِطَا مَالَهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ أَوْ يَمْلِكَا مَالًا بِالشِّرَاءِ أَوْ بِالصَّدَقَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَوْ يُوصَى لَهُمَا فَيَقْبَلَانِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ، وَرُكْنُهَا اجْتِمَاعُ النَّصِيبَيْنِ، وَحُكْمُهَا وُقُوعُ الزِّيَادَةِ عَلَى الشَّرِكَةِ بِقَدْرِ الْمِلْكِ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ إلَّا بِأَمْرِهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْأَجْنَبِيِّ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ وَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَمِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَّا فِي صُورَةِ الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ، كَذَا فِي الْكَافِي. أَمَّا شَرِكَةُ الْعُقُودِ فَأَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ: شَرِكَةٌ بِالْمَالِ، وَشَرِكَةٌ بِالْأَعْمَالِ وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: مُفَاوَضَةٌ وَعِنَانٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا: شَارَكْتُكَ فِي كَذَا وَكَذَا وَيَقُولُ الْآخَرُ: قَبِلْتُ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَيُنْدَبُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَشَرْطُ جَوَازِ هَذِهِ

الفصل الثاني في الألفاظ التي تصح الشركة بها والتي لا تصح

الشَّرِكَاتِ كَوْنُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَقْدَ الشَّرِكَةِ قَابِلًا لِلْوَكَالَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ، فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا تَفْسُدُ الشَّرِكَةُ وَأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ جُزْءًا شَائِعًا فِي الْجُمْلَةِ لَا مُعَيَّنًا فَإِنْ عَيَّنَا عَشَرَةً أَوْ مِائَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَانَتْ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَحُكْمُ شَرِكَةِ الْعَقْدِ صَيْرُورَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَمَا يُسْتَفَادُ بِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَمَّا الشَّرِكَةُ بِالْمَالِ فَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ فِي رَأْسِ مَالٍ فَيَقُولَا اشْتَرَكْنَا فِيهِ عَلَى أَنْ نَشْتَرِيَ وَنَبِيعَ مَعًا أَوْ شَتَّى أَوْ أَطْلَقَا عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ بَيْنَنَا عَلَى شَرْطِ كَذَا أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ وَيَقُولُ الْآخَرُ نَعَمْ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَصِحُّ الشَّرِكَةُ بِهَا وَاَلَّتِي لَا تَصِحُّ] قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا اشْتَرَكَا بِغَيْرِ مَالٍ عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَيَا الْيَوْمَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَخَصَّا صِنْفًا أَوْ عَمَلًا أَوْ لَمْ يَخُصَّا فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَا " هَذَا الشَّهْرَ "، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَذْكُرَا لِلشَّرِكَةِ وَقْتًا بِأَنْ اشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَيَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ وَقَّتَا، هَلْ يُتَوَقَّتُ بِالْوَقْتِ الْمَذْكُورِ، رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُتَوَقَّتُ وَالطَّحَاوِيُّ ضَعَّفَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَصَحَّحَهَا غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. إذَا لَمْ يَذْكُرَا لَفْظَ الشَّرِكَةِ وَلَكِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: مَا اشْتَرَيْتُ الْيَوْمَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَوَافَقَهُ الْآخَرُ، هَلْ يَكُونُ شَرِكَةً؟ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ، وَرَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ وَتَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بِهَذَا الْقَدْرِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ ذَكَرَا الشِّرَاءَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا لَفْظَ الشَّرِكَةِ بِاعْتِبَارِ ذِكْرِ حُكْمِهَا، فَكَذَا هَذَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ فِي الشِّرَاءِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ الْآخَرِ مِمَّا يَشْتَرِي إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. إنْ قَالَ رَجُلٌ لِغَيْرِهِ: مَا اشْتَرَيْتُ مِنْ شَيْءٍ فَبَيْنِي وَبَيْنَكَ أَوْ قَالَ فَبَيْنَنَا، وَقَالَ الْآخَرُ: نَعَمْ، فَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَا بِمَعْنَى شَرِيكَيْ التِّجَارَةِ كَانَ شَرِكَةً حَتَّى يَصِحَّ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ جِنْسِ الْمُشْتَرَى أَوْ نَوْعِهِ أَوْ قَدْرِ الثَّمَنِ كَمَا إذَا نَصَّا عَلَى الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا خَاصَّةً بِعَيْنِهِ وَلَا يَكُونَا فِيهِ كَشَرِيكَيْ التِّجَارَةِ بَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا بِعَيْنِهِ كَمَا إذَا وَرِثَا أَوْ وُهِبَ لَهُمَا كَانَ وَكَالَةً لَا شَرِكَةً، فَإِنْ وُجِدَ شَرْطُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ جَازَتْ الْوَكَالَةُ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ بَيَانُ جِنْسِ الْمُشْتَرَى وَبَيَانُ نَوْعِهِ وَمِقْدَارِ الثَّمَنِ فِي الْوَكَالَةِ الْخَاصَّةِ، وَهُوَ أَنْ لَا يُفَوِّضَ الْمُوَكِّلُ الرَّأْيَ إلَى الْوَكِيلِ أَوْ بَيَانَ الْوَقْتِ أَوْ قَدْرَ الثَّمَنِ أَوْ جِنْسَ الْمَبِيعِ فِي الْوَكَالَةِ الْعَامَّةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلَيْنِ قَالَا: مَا اشْتَرَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ: مَا اشْتَرَيْتُ مِنْ أَصْنَافِ التِّجَارَةِ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَقَبِلَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ " الْيَوْمَ وَمَا أَشْتَرِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ " كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَلَمْ يُوَقِّتَا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: مَا اشْتَرَيْتُ مِنْ الدَّقِيقِ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا

أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ صَاحِبِهِ مِمَّا اشْتَرَى إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الشِّرَاءِ لَا فِي الْبَيْعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لَلْآخَرَ: إنْ اشْتَرَيْتُ عَبْدًا فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ كَانَ فَاسِدًا إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ نَوْعًا فَيَقُولَ عَبْدًا خُرَاسَانِيًّا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ قَالَ: مَا اشْتَرَيْتُ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَفِي الْمُنْتَقَى أَيْضًا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ: مَا اشْتَرَيْتُ الْيَوْمَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَهَذَا جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إنْ وَقَّتَ سَنَةً أَوْ لَمْ يُوَقِّتْ وَقْتًا إلَّا أَنَّهُ وَقَّتَ مِنْ الْمُشْتَرِي مِقْدَارًا بِأَنْ قَالَ: مَا اشْتَرَيْت مِنْ الْحِنْطَةِ إلَى كَذَا فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَهَذَا جَائِزٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا قَالَ: مَا اشْتَرَيْت فِي وَجْهِكَ فَبَيْنِي وَبَيْنَكَ وَقَدْ خَرَجَ فِي وَجْهِهِ أَوْ قَالَ بِالْبَصْرَةِ فَهُوَ بَاطِلٌ حَتَّى يُوَقِّتَا ثَمَنًا أَوْ بَيْعًا أَوْ أَيَّامًا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَمَرَ الْآخَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَأَشْهَدَ عِنْدَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً فَالْعَبْدُ مُشْتَرَكٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُجَرَّدِ إذَا أَمَرَهُ بِشِرَاءٍ فَسَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ نَعَمْ وَلَا لَا حَتَّى قَالَ عِنْدَ الشِّرَاءِ: اشْتَرَيْتُهُ لِنَفْسِي يَكُونُ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي اشْتَرَيْتُهُ لِفُلَانٍ كَمَا أَمَرَنِي ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ لِلْآمِرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ وَسَكَتَ عِنْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الشِّرَاءِ: اشْتَرَيْتُهُ لِفُلَانٍ الْآمِرِ كَانَ لِفُلَانٍ إذَا كَانَ سَلِيمًا، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ أَوْ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْآمِرُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، قَالَ: نَعَمْ، فَذَهَبَ لِيَشْتَرِيَ فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: اشْتَرِ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، قَالَ: نَعَمْ، فَاشْتَرَاهُ فَهُوَ لِلْآمِرَيْنِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالُوا هَذَا إذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ مِنْ الثَّانِي بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا إذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَ الْآمِرِ الثَّانِي وَبَيْنَ الْمَأْمُورِ نِصْفَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ لَقِيَهُ ثَالِثٌ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ فَاشْتَرَاهُ الْمَأْمُورُ بَعْدَ أَمْرِ الثَّلَاثَةِ يُنْظَرُ: إنْ قَالَ لِلثَّالِثِ نَعَمْ بِغَيْرِ مَحْضَرِ الْأَوَّلَيْنِ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا وَلَا شَيْءَ لِلثَّالِثِ وَالْمُشْتَرِي، وَإِنْ قَالَ نَعَمْ بِمَحْضَرِهِمَا فَالْعَبْدُ بَيْنَ الثَّالِثِ وَالْمُشْتَرِي نِصْفَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَفِي الْمُنْتَقَى، قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ ثَوْبًا مَوْصُوفًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا بَيْنِي وَبَيْنَهُ عَلَى أَنْ أَنْقُدَ أَنَا الدَّرَاهِمَ؟ قَالَ فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ بَيْنَهُمَا وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَفِيهِ أَيْضًا إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلٍ اشْتَرِ جَارِيَةَ فُلَانٍ بَيْنِي وَبَيْنَكَ عَلَى أَنْ أَبِيعَهَا أَنَا، قَالَ: الشَّرْطُ فَاسِدٌ وَالشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ شَرْطٍ فَاسِدٍ فِي الشَّرِكَةِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ تَبِيعَهَا، كَانَ هَذَا جَائِزًا وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا يَبِيعَانِهَا عَلَى تِجَارَتِهِمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: أَيُّنَا اشْتَرَى هَذَا الْعَبْدَ اشْتَرَكَ صَاحِبُهُ، أَوْ فَصَاحِبُهُ فِيهِ شَرِيكٌ لَهُ، فَهُوَ جَائِزٌ فَأَيُّهُمَا اشْتَرَاهُ كَانَ مُشْتَرِيًا نِصْفَهُ لِنَفْسِهِ وَنِصْفَهُ لِصَاحِبِهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ فَهُوَ كَقَبْضِهَا حَتَّى لَوْ مَاتَ كَانَ مِنْ مَالِهِمَا، فَإِنْ اشْتَرَيَا مَعًا أَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ قَبْلَ صَاحِبِهِ ثُمَّ

اشْتَرَى صَاحِبُهُ النِّصْفَ الْآخَرَ كَانَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ نَقَدَ أَحَدُهُمَا كُلَّ الثَّمَنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَوْ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ رَجَعَ بِنِصْفِهِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، فَإِنْ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي بَيْعِهِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَهُ فَهُوَ بَائِعٌ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَإِنْ بَاعَهُ إلَّا نِصْفَهُ فَجَمِيعُ الثَّمَنِ وَنِصْفُ الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا الْبَيْعُ يَنْصَرِفُ إلَى نَصِيبِ الْبَائِعِ خَاصَّةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى قَالَ هِشَامٌ: سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ: تَعَالَ فَمَعِي عَشَرَةُ آلَافٍ فَخُذْهَا شَرِكَةً بَيْنِي وَبَيْنَكَ، قَالَ: هُوَ جَائِزٌ وَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ فَطَلَبَ رَجُلٌ آخَرُ مِنْهُ الشَّرِكَةَ فِيهِ فَأَشْرَكَهُ فِيهِ فَلَهُ نِصْفُهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ الشَّرِكَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ خِلَافَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَكَذَا لَوْ أَشْرَكَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ يَصِيرُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَشْرِكْنِي فِيهِ، فَفَعَلَ ثُمَّ لَقِيَهُ آخَرُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي يَعْلَمُ بِمُشَارَكَةِ الْأَوَّلِ فَلَهُ رُبُعُ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ فَلِلثَّانِي نِصْفُ الْعَبْدِ وَلِلْأَوَّلِ النِّصْفُ وَخَرَجَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَشْرِكْنِي فِيهِ فَأَشْرَكَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الْعَبْدِ فَلِلشَّرِيكِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَخَرَجَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اشْتَرَى نِصْفَ الْعَبْدِ وَقَبَضَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَشْرِكْنِي فِيهِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ فَفَعَلَ فَلَهُ جَمِيعُ النِّصْفِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ فَلَهُ نِصْفُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ: أَشْرِكْنِي فِيهِ فَأَشْرَكَهُ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الَّذِي اشْتَرَى لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ أَشْرَكَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ حَتَّى هَلَكَ لَمْ يَلْزَمْهُ ثَمَنٌ، وَيُعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الَّذِي أَشْرَكَهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ " أَشْرَكْتُكَ " صَارَ إيجَابًا لِلْبَيْعِ، هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَبَضَ النِّصْفَ دُونَ النِّصْفِ ثُمَّ أَشْرَكَ آخَرَ فِيهِ شَائِعًا مِنْ الْمَقْبُوضِ وَغَيْرِ الْمَقْبُوضِ يَصِحُّ فِي الْمَقْبُوضِ وَلَهُ الْخِيَارُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ رَجُلٌ فِي بَيْتِهِ حِنْطَةٌ يَدَّعِيهَا كُلَّهَا فَأَشْرَكَ رَجُلًا فِي نِصْفِهَا فَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى احْتَرَقَ نِصْفُهَا، فَإِنْ شَاءَ الْمُشَرَّكُ أَخَذَ نِصْفَ مَا بَقِيَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَكَذَا الْبَيْعُ فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الطَّعَامِ اخْتَلَفَتْ الشَّرِكَةُ وَالْبَيْعُ وَكَانَ الْبَيْعُ عَلَى النِّصْفِ الْبَاقِي وَكَانَ فِي الِاشْتِرَاكِ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا وَلِلْمُشَرَّكِ الْخِيَارُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. . وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلَانِ عَبْدًا فَأَشْرَكَا فِيهِ آخَرَ يُنْظَرُ إنْ أَشْرَكَاهُ عَلَى التَّعَاقُبِ فَلَهُ النِّصْفُ وَلَهُمَا النِّصْفُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ أَشْرَكَاهُ مَعًا بِأَنْ قَالَا جُمْلَةً: أَشْرَكْنَاكَ فِي هَذَا الْعَبْدِ كَانَ لِلرَّجُلِ ثُلُثُ الْعَبْدِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَشْرَكَهُ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ وَنَصِيبِ صَاحِبِهِ فَأَجَازَ صَاحِبُهُ فَلَهُ النِّصْفُ وَلِلشَّرِيكَيْنِ نِصْفُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِ الْمُشَرَّكِ وَهُوَ

الرُّبُعُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَشْرَكَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ كَانَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ قَالَ: أَشْرِكْنِي مَعَكَ وَمَعَ شَرِيكِكَ فِي هَذَا الْعَبْدِ، فَفَعَلَ فَإِنْ أَجَازَ شَرِيكُهُ فَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ فَلَهُ السُّدُسُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَشْرَكْتُكَ فِي نِصْفِ هَذَا الْعَبْدِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ مُمَلِّكًا جَمِيعَ نَصِيبِهِ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: قَدْ أَشْرَكْتُكَ بِنِصْفِهِ، أَلَا يُرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ كَانَ وَاحِدًا، فَقَالَ لِرَجُلٍ: أَشْرَكْتُكَ فِي نِصْفِهِ، كَانَ لَهُ الْعَبْدُ كَقَوْلِهِ: أَشْرَكْتُكَ بِنِصْفِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَشْرَكْتُكَ بِنَصِيبِي فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ بِهَذَا اللَّفْظِ مُمَلِّكًا جَمِيعَ نَصِيبِهِ بِإِقَامَةِ حَرْفِ " فِي " مَقَامَ حَرْفِ " الْبَاءِ " فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: أَشْرَكْتُكَ بِنَصِيبِي، كَانَ بَاطِلًا فَلِذَا كَانَ لَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ: قَدْ أَشْرَكْتُكَ فِيهِ، فَلَمْ يَقُلْ الرَّجُلُ شَيْئًا حَتَّى قَالَ لِآخَرَ: أَشْرَكْتُكَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَا: قَدْ قَبِلْنَا، فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ وَخَرَجَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَشْرِكْنِي فِيهِ، فَأَشْرَكَهُ فَلَمْ يَقُلْ الرَّجُلُ: قَبِلْتُ، حَتَّى قَالَ لِآخَرَ: قَدْ أَشْرَكْتُكَ فِيهِ ثُمَّ قَبِلَا فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ وَلِلثَّانِي النِّصْفُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِآخَرَ: قَدْ أَشْرَكْتُكَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ مِثْلَهُ لِلثَّالِثِ وَلَمْ يَقْبَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَهُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ إنْ قَبِلَ، وَإِنْ قَالَ: قَدْ أَشْرَكْتُكُمْ فِيهِ جَمِيعًا، فَقَبِلَ أَحَدُهُمْ فَلَهُ الرُّبُعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ: لِي عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَادْفَعْ إلَيَّ ذَهَبًا فَأَشْتَرِي بِالْكُلِّ سِلْعَةً بِالشَّرِكَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مِقْدَارَهُ فَدَفَعَ إلَيْهِ خَمْسَةً وَاشْتَرَى بِالْخَمْسَةَ عَشَرَ سِلْعَةً يَكُونُ أَثْلَاثًا، كَأَنَّهُ قَالَ: أَشْتَرِي بِالْخَمْسَةَ عَشَرَ سِلْعَةً بِالشَّرِكَةِ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ يَكُونُ أَثْلَاثًا، كَذَا هَذَا. وَلَفْظُ الشَّرِكَةِ يَحْتَمِلُ شَرِكَةَ الْأَمْلَاكِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إذَا عَيَّنَ السَّائِلُ جِنْسَ السِّلْعَةِ كَالْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا، فَأَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ فَالْكُلُّ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ الْخَمْسَةُ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ لِلْجَهَالَةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ: اشْتَرِ هَذَا الْعَبْدَ وَأَشْرِكْنِي فِيهِ، فَقَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى بَقَرَةً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَقَبَضَهَا ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: قَدْ أَشْرَكْتُكَ فِيهَا بِدِينَارَيْنِ فَقَبِلَ كَانَ لَهُ خُمُسُ الْبَقَرَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. بَاعَ (1) فِلِزًّا بِخَمْسِينَ دِينَارًا ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ: أَكُونُ لَكَ شَرِيكًا فِيهِ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: نَعَمْ، فَسَكَتَا عَلَى ذَلِكَ فَكَانَ الْبَائِعُ يَجِيءُ بِالْبَطَاطِيخِ وَالْمُشْتَرِي يَبِيعُهَا فِي السُّوقِ عَلَى هَذَا حَتَّى نَفِدَتْ لَا يَصِيرُ شَرِيكًا فِيهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. اشْتَرَى حِنْطَةً فَأَعْطَى عَلَى طَبْخِهَا دِرْهَمًا ثُمَّ أَعْطَى عَلَى خَبْزِهَا دِرْهَمًا فَأَشْرَكَ رَجُلًا فِي الْخُبْزِ أَعْطَاهُ الْمُشَرَّكُ نِصْفَ ثَمَنِ الْحِنْطَةِ وَنِصْفَ النَّفَقَةِ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْقُطْنِ وَغَزْلِهِ وَحِيَاكَتِهِ وَالسِّمْسِمِ وَعَصْرِهِ، وَإِذَا كَانَ هُوَ الَّذِي طَحَنَ وَخَبَزَ وَغَزَلَ وَنَسَجَ وَلَمْ يُعْطِ عَلَيْهِ أَجْرًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا

الفصل الثالث فيما يصح أن يكون رأس المال وما لا يصح

فَعَلَيْهِ نِصْفُ الثَّمَنِ لَا غَيْرُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِعَمَلِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا اشْتَرَيْتُ الْيَوْمَ فَبَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَقَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُ آخَرُ: اشْتَرِ لِي هَذَا الْعَبْدَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَقَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ اشْتَرَى الْعَبْدَ فَنِصْفُهُ لِلْآخَرِ وَنِصْفُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ الْأَوَّلُ: اشْتَرِ لِي هَذَا الْعَبْدَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَقَالَ آخَرُ: مَا اشْتَرَيْتَ فَبَيْنَنَا ثُمَّ اشْتَرَى الْعَبْدَ فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُهُ وَنِصْفُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَصْحُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ الْمَالِ وَمَا لَا يَصِحُّ] الشَّرِكَةُ إذَا كَانَتْ بِالْمَالِ لَا تَجُوزُ عِنَانًا كَانَتْ أَوْ مُفَاوَضَةً إلَّا إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِهِمَا مِنْ الْأَثْمَانِ الَّتِي لَا تَتَعَيَّنُ فِي عُقُودِ الْمُبَادَلَاتِ نَحْوَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، فَأَمَّا مَا يَتَعَيَّنُ فِي عُقُودِ الْمُبَادَلَاتِ نَحْوَ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ فَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ بِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ رَأْسَ مَالِهِمَا أَوْ رَأْسَ مَالِ أَحَدِهِمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَيُشْتَرَطُ حُضُورُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ عِنْدَ الشِّرَاءِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ حَتَّى لَوْ دَفَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى رَجُلٍ، وَقَالَ: أَخْرِجْ مِثْلَهَا وَاشْتَرِ بِهَا وَبِعْ، فَأَخْرَجَ صَحَّتْ الشَّرِكَةُ، كَذَا فِي الصُّغْرَى وَلَا تَصِحُّ بِمَالٍ غَائِبٍ أَوْ دَيْنٍ فِي الْحَالَتَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَمَّا الْعِلْمُ بِمِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ الْمَالَيْنِ وَلَا خَلْطُهُمَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِآخَرَ مِائَةُ دِينَارٍ أَوْ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ بِيضٌ وَلِلْآخَرِ دَرَاهِمُ سُودٌ فَاشْتَرَكَا جَازَتْ الشَّرِكَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. التِّبْرُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَصْلُحُ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَالصَّحِيحُ إنْ كَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِهَا يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَالْمَصُوغُ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْعَرَضِ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَمَّا الْفُلُوسُ، فَإِنْ كَانَتْ كَاسِدَةً فَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا عُرُوضٌ، وَإِنْ كَانَتْ نَافِقَةً فَكَذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُف - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَالْمُضْمَرَاتِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ الصَّحِيحُ أَنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ عَلَى الْفُلُوسِ يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ، كَذَا فِي الْكَافِي. أَمَّا الشَّرِكَةُ بِالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ قَبْلَ الْخَلْطِ فِي جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَفِي جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ قَبْلَ الْخَلْطِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا تَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَتَاعُهُ وَلَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَإِنْ خُلِطَ وَهُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَشَرِكَةُ الْعَقْدِ فَاسِدَةٌ وَشَرِكَةُ الْمِلْكِ ثَابِتَةٌ وَمَا رَبِحَا فَلَهُمَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي ثُمَّ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ إذَا بَاعَا الْمَخْلُوطَ فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ مَتَاعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمَ خَلَطَاهُ مَخْلُوطًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، قَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا: الصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ يَوْمَ بَاعَاهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَزِيدُهُ الْخَلْطُ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ يَقْسِمُونَ غَيْرَ مَخْلُوطٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَهَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

الباب الثاني في المفاوضة وفيه ثمانية فصول

اشْتَرَيَا مَتَاعًا بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَكُرِّ شَعِيرٍ فَكَالَ أَحَدُهُمَا الْحِنْطَةَ وَالْآخَرُ الشَّعِيرَ ثُمَّ بَاعَا ذَلِكَ بِدَرَاهِمَ يَقْسِمَانِ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ يَوْمَ يَقْسِمَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي شَرْطِ الرِّبْحِ تُعْتَبَرُ فِيهِ قِيمَةُ رَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ، وَفِي وُقُوعِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي تُعْتَبَرُ فِيهِ قِيمَةُ رَأْسِ مَالِهِمَا وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَفِي ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي نَصِيبِهِمَا أَوْ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا تُعْتَبَرُ وَقْتُ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ رَأْسُ الْمَالِ لَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ فِي الْقُنْيَةِ. وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِ الشَّرِكَةِ فِي الْعُرُوضِ وَكُلِّ مَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ بِنِصْفِ مَالِ صَاحِبه حَتَّى يَصِيرَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَيْنِ وَتَحْصُلُ شَرِكَةُ مِلْكٍ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَعْقِدَانِ بَعْدَ ذَلِكَ عَقْدَ الشَّرِكَةِ فَيَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ عَرَضِ أَحَدِهِمَا مِائَةً وَقِيمَةُ عَرَضِ صَاحِبِهِ أَرْبَعَمِائَةٍ يَبِيعُ صَاحِبُ الْأَقَلِّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ عَرَضِهِ بِخُمُسِ عَرَضِ الْآخَرِ فَصَارَ الْمَتَاعُ كُلُّهُ أَخْمَاسًا، كَذَا فِي الْكَافِي، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ وَلِلْآخَرِ عُرُوضٌ يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَ صَاحِبُ الْعُرُوضِ نِصْفَ عُرُوضِهِ بِنِصْفِ دَرَاهِمِ صَاحِبِهِ وَيَتَقَابَضَانِ ثُمَّ يَشْتَرِكَانِ إنْ شَاءَا مُفَاوَضَةً، وَإِنْ شَاءَا عِنَانًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْمُنْتَقَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِيهِ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَوْ مُفَاوَضَةٍ جَازَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَعَامٌ فَاشْتَرَكَا عَلَيْهِمَا وَخَلَطَاهُمَا، وَأَحَدُهُمَا أَجْوَدُ مِنْ الْآخَرِ فَالشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ وَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا يُشْبِهُ الْبَيْعَ حِينَ خَلَطَاهُ عَلَى أَنَّهُ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرِ: نَصَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى قِيمَةِ الْجَيِّدِ وَقِيمَةِ الرَّدِيءِ يَوْمَ بَاعَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالثَّانِي بِالْقَوَاعِدِ أَلْيَقُ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمُفَاوَضَةِ وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير شَرِكَة الْمُعَاوَضَة وَشَرَائِطهَا] أَمَّا تَفْسِيرُهَا فَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ الرَّجُلَانِ فَيَتَسَاوَيَانِ فِي مَالِهِمَا وَتَصَرُّفِهِمَا وَدَيْنِهِمَا وَيَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا عَنْ الْآخَرِ فِي كُلِّ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ عَهْدِ مَا يَشْتَرِيهِ كَمَا أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَتَجُوزُ بَيْنَ الْحُرَّيْنِ الْكَبِيرَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَا تَجُوزُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ، كَذَا فِي النَّافِعِ وَلَا بَيْنَ الْحُرِّ وَالْمُكَاتَبِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَكَذَا لَا تَصِحُّ بَيْنَ الْمَجْنُونِ وَالْعَاقِلِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَلَا تَصِحُّ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيَّيْنِ وَلَا بَيْنَ الْمُكَاتَبَيْنِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ فَاوَضَ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ مُرْتَدًّا أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ ذِمِّيًّا لَا تَصِحُّ الْمُفَاوَضَةُ، فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ قَبْلَ الْحُكْمِ بِلَحَاقِهِ صَحَّتْ الْمُفَاوَضَةُ

الفصل الثاني في أحكام المفاوضة

كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَصُورَةُ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ وَيَقُولَا تَشَارَكْنَا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ عَلَى أَنْ نَشْتَرِيَ وَنَبِيعَ جَمِيعًا وَشَتَّى بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَيَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بِرَأْيِهِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الرِّبْحِ فَهُوَ بَيْنَنَا، وَالْوَضِيعَةُ عَلَى الْمَالِ، ذَكَرَهُ فِي مَبْسُوطِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَمِنْهَا التَّنْصِيصُ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ عَقَدَهَا مَنْ يَعْرِفُ مَعْنَاهَا فَاسْتَوْفَى الْمَعْنَى فِي الْعَقْدِ صَحَّتْ بِغَيْرِ لَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَهْلِ الْكَفَالَةِ بِأَنْ يَكُونَا بَالِغَيْنِ حُرَّيْنِ عَاقِلَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ فِي الدِّينِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَأَنْ تَكُونَ عَامَّةً فِي عُمُومِ التِّجَارَاتِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ مِنْ حَيْثُ الْقَدْرُ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَنَوْعٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ نَحْوَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّهُ اخْتَلَفَ نَوْعُهُمَا نَحْوَ الْكُسُورِ مَعَ الصِّحَاحِ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ التَّسَاوِي فِي الْقِيمَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْمَالِ الَّذِي يَجُوزُ عَلَيْهِ عَقْدُ الشَّرِكَةِ سِوَى رَأْسِ الْمَالِ الَّذِي شَارَكَهُ بِهِ صَاحِبُهُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، وَكَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا كَانَ الْمَالَانِ عَلَى السَّوَاءِ عِنْدَ الشَّرِكَةِ حَتَّى صَحَّتْ الْمُفَاوَضَةُ ثُمَّ صَارَ فِي أَحَدِهِمَا فَضْلٌ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَا بِأَنْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بَعْدَ عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ انْتَقَضَتْ الْمُفَاوَضَةُ وَصَارَتْ عِنَانًا، وَكَذَا إنْ اشْتَرَى بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ وَزَادَ الْآخَرُ وَإِنْ حَصَلَ الْفَضْلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ فَالْمُفَاوَضَةُ عَلَى حَالِهَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِنْ تَفَاضَلَا فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي لَا تَصِحُّ فِيهَا الشَّرِكَةُ كَالْعَرَضِ وَالْعَقَارِ وَالدُّورِ جَازَتْ الْمُفَاوَضَةُ، وَكَذَا الْمَالُ الْغَائِبُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا وَدِيعَةُ نَقْدٍ لَمْ تَصِحَّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ صَحَّتْ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ، فَإِذَا قَبَضَهُ فَسَدَتْ وَصَارَتْ عِنَانًا، وَكَذَا يُعْتَبَرُ التَّسَاوِي فِي التَّصَرُّفِ فَإِنَّهُ لَوْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا تَصَرُّفًا لَمْ يَمْلِكْهُ الْآخَرُ فَاتَ التَّسَاوِي، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْمُفَاوَضَةِ] مَا يَشْتَرِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَفَاوِضَيْنِ يَكُونُ عَلَى الشَّرِكَةِ إلَّا طَعَامَ أَهْلِهِ وَكِسْوَتَهُمْ، وَكَذَا كِسْوَتُهُ، وَكَذَا الْإِدَامُ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَكَذَا الْمُتْعَةُ وَالنَّفَقَةُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَكَذَا الِاسْتِئْجَارُ لِلسُّكْنَى وَالرُّكُوبُ لِحَاجَتِهِ كَالْحَجِّ وَغَيْرِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَيَخْتَصُّ بِالْمُشْتَرِي وَمَعَ ذَلِكَ يَكُونُ الْآخَرُ كَفِيلًا عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ لِبَائِعِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ لَهُ وَلِعِيَالِهِ وَإِدَامِهِمْ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ وَيَرْجِعَ الْآخَرُ بِمَا أَدَّى عَلَى الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَإِذَا أَدَّى الْمُشْتَرِي رَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بِنِصْفِ ذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً لِلْوَطْءِ أَوْ لِلْخِدْمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ فَإِنْ اشْتَرَى فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَلَا لِشَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي الشَّرِكَةِ فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَهِيَ لَهُ خَاصَّةً وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَيَرْجِعُ شَرِيكُهُ

الفصل الثالث فيما يلزم كل واحد من المتفاوضين بحكم الكفالة عن صاحبه

بِنِصْفِ الثَّمَنِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرْجِعُ، ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، فَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً لِلْوَطْءِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَعَلَى الْوَاطِئِ الْعُقْرُ، يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ الْعُقْرَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَا يُشَارِكُهُ فِيمَا يَرِثُ مِنْ مِيرَاثٍ وَلَا جَائِزَةٍ يُجِيزُهَا السُّلْطَانُ وَلَا الْهِبَةِ وَلَا الصَّدَقَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَا الْهَدِيَّةِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمِلْكُ إذَا وَقَعَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِسَبَبٍ سَابِقٍ عَلَى الشَّرِكَةِ لَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، ثُمَّ فَاوَضَ الْمُشْتَرِي رَجُلًا ثُمَّ أَسْقَطَ الْخِيَارَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ فِي الْعَبْدِ شَرِكَةٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَكُلُّ وَدِيعَةٍ كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَهِيَ عِنْدَهُمَا جَمِيعًا، فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَوْدَعُ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ لَزِمَهُمَا جَمِيعًا، فَإِنْ قَالَ الْحَيُّ: ضَاعَتْ فِي يَدِ الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ، لَمْ يُصَدَّقْ وَإِنْ كَانَ الْحَيُّ هُوَ الْمُسْتَوْدَعُ صُدِّقَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: أَكَلْتُهَا قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِي لَزِمَهُ الضَّمَانُ خَاصَّةً إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا قَالَ فَيَكُونَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا مُضَارَبَةٌ فَعَمِلَ بِهَا أَوْ وَدِيعَةٌ فَخَالَفَ فِيهَا كَانَ الرِّبْحُ لَهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ عَنْ صَاحِبِهِ] إنْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِمَالٍ لِمَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ يُؤَاخَذُ بِهِ صَاحِبُهُ، وَصَاحِبُ الْحَقِّ مُخَيَّرٌ فِي مُطَالَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ وَعَلَى سَبِيلِ الِاجْتِمَاعِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِدَيْنٍ بِأَنْ أَقَرَّ لِأَبِيهِ أَوْ لِابْنِهِ أَوْ لِأُمِّهِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ حَتَّى لَا يُؤَاخَذَ بِهِ شَرِيكُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَظْهَرُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ بَائِنَةٌ مُعْتَدَّةٌ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ تَزْوِيجًا فَاسِدًا وَدَخَلَ بِهَا وَأَقَرَّ بِمَهْرٍ لَهَا لَمْ يَلْزَمْ شَرِيكَهُ وَبِدَيْنٍ آخَرَ يَلْزَمُهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا لِأُمِّ امْرَأَتِهِ وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ اعْتِبَارًا لِلْإِقْرَارِ بِالشَّهَادَةِ، وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ الْمُفَاوَضَةِ بِالدَّيْنِ لِزَوْجِهَا عَلَى شَرِيكِهَا كَمَا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهَا لَهُ وَيَجُوزُ إقْرَارُهَا بِالدَّيْنِ لِأَبَوَيْ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهَا عَلَيْهَا وَعَلَى شَرِيكِهَا كَمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ يَلْزَمُهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّتِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ كُلّ دَيْنٍ لَزِمَ أَحَدَهُمَا بِالتِّجَارَةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ أَوْ بِمَا يُشْبِهُهَا كَالْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ وَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ بِالْأَمْرِ وَالْإِعَارَةِ وَالرَّهْنِ فَالْآخَرُ ضَامِنٌ لَهُ، وَلَوْ كَفَلَ بِمَالٍ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ شَرِيكُهُ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي الْكَافِي، وَكَذَلِكَ الْبُيُوعُ الْفَاسِدَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَصَاحِبُ الْحَقِّ مُخَيَّرٌ فِي مُطَالَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ وَعَلَى سَبِيلِ الِاجْتِمَاعِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ إلَّا أَنَّ حَاصِلَ الضَّمَانِ يَكُونُ عَلَى الْفَاعِلِ خَاصَّةً حَتَّى لَوْ أَدَّى الْآخَرُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ

الْفَاسِدِ فَإِنَّ هُنَاكَ إقْرَارَ الضَّمَانِ لَا يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي خَاصَّةً بَلْ يَكُونُ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ كَفَلَ أَحَدُهُمَا بِنَفْسٍ لَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ شَرِيكُهُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَلَوْ كَفَلَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَنْ رَجُلٍ بِمَهْرٍ أَوْ أَرْشٍ جِنَايَةٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ كَفَالَتِهِ بِدَيْنٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِذَا وَطِئَ أَحَدُهُمَا الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَ بِالْعُقْرِ أَيَّهُمَا شَاءَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ لَحِقَ أَحَدَهُمَا ضَمَانٌ لَا يُشْبِهُ ضَمَانَ التِّجَارَةِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ شَرِيكُهُ كَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ الْقِصَاصِ وَعَلَى هَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الشَّرِيكَ عَلَى الْعِلْمِ إذَا أَنْكَرَ الشَّرِيكُ الْجَانِي بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَى أَحَدِهِمَا بَيْعَ خَادِمٍ فَأَنْكَرَهُ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْبَتَاتِ وَشَرِيكَهُ عَلَى الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَوْ أَقَرَّ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي يَلْزَمُهُمَا بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ لَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُ الْآخَرَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ أَعْمَالِ التِّجَارَةِ إذَا ادَّعَاهُ رَجُلٌ عَلَى أَحَدِهِمَا وَحَلَّفَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ كَانَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَ الْآخَرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَإِنْ ادَّعَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْبَتَّةَ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أَمْضَى الْأَمْرَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَهُوَ غَائِبٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْحَاضِرَ عَلَى عِلْمِهِ، فَإِنْ حَلَفَ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ أَلْبَتَّةَ كَمَا لَوْ كَانَا حَاضِرَيْنِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ ادَّعَى شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ التِّجَارَةِ عَلَى رَجُلٍ وَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ أَرَادَ الْمُفَاوِضُ الْآخَرُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ ادَّعَى عَلَى أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مَالًا مِنْ كَفَالَةٍ وَحَلَّفَهُ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ شَرِيكَهُ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ بَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ شَيْئًا أَوْ أَدَانَ رَجُلًا أَوْ كَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِدَيْنٍ أَوْ غَصَبَ مِنْهُ مَالًا فَلِشَرِيكِهِ الْآخَرِ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ آجَرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَبْدًا فَلِلْآخَرِ أَخْذُ الْأَجْرِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَتُهُ بِتَسْلِيمِ الْعَبْدِ، وَلَوْ آجَرَ عَبْدًا لَهُ مِنْ مِيرَاثِهِ أَوْ شَيْئًا لَهُ خَاصَّةً لَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَخْذُ الْأَجْرِ وَلَا لِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَتُهُ بِتَسْلِيمِ الْمُسْتَأْجَرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ هُوَ لَهُ خَاصَّةً بَاعَهُ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُطَالِبَ بِالثَّمَنِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الشَّرِيكَ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا افْتَرَقَ الْمُتَفَاوِضَانِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: كُنْتُ كَاتَبْتُ هَذَا الْعَبْدَ فِي الشَّرِكَةِ، لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ وَلَكِنْ يُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ كَأَنَّهُ أَنْشَأَ الْكِتَابَةَ لِلْحَالِ وَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَرُدَّهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ آجَرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ نَفْسَهُ لِحِفْظِ شَيْءٍ أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ عَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَالِ فَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ كَسْبٍ اكْتَسَبَهُ أَحَدُهُمَا فَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ آجَرَ نَفْسَهُ لِلْخِدْمَةِ فَالْأَجْرُ لَهُ خَاصَّةً، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَجِيرًا أَوْ دَابَّةً فَلِلْمُؤَاجِرِ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِالْأُجْرَةِ إلَّا أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَاجَتِهِ أَوْ إلَى مَكَّةَ لِلْحَجِّ يَرْجِعُ شَرِيكُهُ بِمَا أَدَّى عَنْهُ

الفصل الرابع فيما تبطل به المفاوضة وما لا تبطل به

كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُفَاوَضَةُ وَمَا لَا تَبْطُلُ بِهِ] لَوْ اسْتَفَادَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مِمَّا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ عَقْدُ الشَّرِكَةِ بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَوَصَلَ إلَيْهِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ وَصَارَتْ شَرِكَتُهُمَا عِنَانًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِنْ وَرِثَ عُرُوضًا أَوْ دُيُونًا لَا تَبْطُلُ الْمُفَاوَضَةُ مَا لَمْ يَقْبِضْ الدُّيُونَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا الْعَقَارُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا اشْتَرَيَا بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ شَيْئًا فَفِي الْقِيَاسِ تَبْطُلُ الْمُفَاوَضَةُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ، وَإِذَا كَانَ رَأْسُ مَالِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ يَوْمَ الشَّرِكَةِ حَتَّى صَحَّتْ الْمُفَاوَضَةُ ثُمَّ صَارَ فِي أَحَدِهِمَا فَضْلٌ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَا بِأَنْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بَعْدَ عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ انْتَقَضَتْ الْمُفَاوَضَةُ، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ وَزَادَ الْآخَرُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ وَزَادَ الْمُشْتَرِي فِي قِيمَتِهِ فَالْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُلَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ حَصَلَ الْفَضْلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ فَالْمُفَاوَضَةُ عَلَى حَالِهَا، وَكَذَا إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ وَزَادَ الَّذِي وَقَعَ الشِّرَاءُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُنْتَقَضُ الْمُفَاوَضَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لِغَيْرِهِمَا: هَبْ لِي دِرْهَمًا فَوَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ، وَإِنْ كَانَ شَرِيكُهُ غَائِبًا، وَهَذَا هُوَ الْحِيلَةُ لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ إذَا أَرَادَ فَسْخَ الشَّرِكَةِ حَالَ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ آجَرَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا لَهُ خَاصَّةً أَوْ بَاعَ لَمْ تَبْطُلْ الْمُفَاوَضَةُ مَا لَمْ يَقْبِضْ الْأَجْرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَنْكَرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ انْفَسَخَتْ الْمُفَاوَضَةُ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الشَّرِكَاتِ هَكَذَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمَا فَسَدَتْ بِهِ شَرِكَةُ الْعِنَانِ تَفْسُدُ بِهِ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي تَصَرُّفِ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فِي مَالِ الْمُفَاوَضَةِ] قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِجِنْسِ مَا فِي يَدِهِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، فَإِنْ اشْتَرَى بِذَلِكَ الْجِنْسِ جَازَ، وَإِنْ اشْتَرَى بِمَا لَيْسَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ بِأَنْ اشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ دَرَاهِمُ وَلَا دَنَانِيرُ كَانَ الْمُشْتَرَى خَاصَّةً لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ عَلَى الشَّرِكَةِ. لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا، وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ فِي أَدَاءِ الْغَلَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُزَوِّجُ الْأَمَةَ وَلَا يُزَوِّجُ الْعَبْدَ وَلَا يَعْتِقُهُ عَلَى مَالٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ زَوَّجَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَبْدًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا أَمَةً مِنْ تِجَارَتِهِمَا جَازَ قِيَاسًا وَلَا يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبِيعَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ بِقَلِيلِ الثَّمَنِ وَكَثِيرِهِ إلَّا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَبَيْعُ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا طَعَامًا بِالنَّسِيئَةِ كَانَ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ أَحَدِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ، وَلَوْ قَبِلَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ سَلَمًا فِي طَعَامِهِ جَازَ ذَلِكَ عَلَى شَرِيكِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ

أَسْلَمَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا. وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا عِينَةً وَصُورَةُ الْعِينَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ عَيْنًا بِالنَّسِيئَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لِيَبِيعَهُ بِقِيمَتِهِ بِالنَّقْدِ فَيَحْصُلُ لَهُ الْمَالُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْمُفَاوَضَةِ بِدَيْنِ الْمُفَاوَضَةِ وَبِدَيْنٍ عَلَيْهِ خَاصَّةً بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَضَاءُ الدَّيْنِ حُكْمًا وَأَحَدُهُمَا يَمْلِكُ قَضَاءَ دَيْنِ الْمُفَاوَضَةِ وَدَيْنَهُ خَاصَّةً مِنْ مَهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ خَاصَّةً يَرْجِعُ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَكَذَا لَوْ رَهَنَ مَتَاعًا مِنْ خَاصَّةِ مَتَاعِهِ بِدَيْنِ الْمُفَاوَضَةِ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا وَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ قَدْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ارْتَهَنَ أَحَدُهُمَا رَهْنًا بِدَيْنِ التِّجَارَةِ جَازَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الَّذِي يَلِي الْمُبَايَعَةَ أَوْ صَاحِبُهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُقِرَّ بِالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ شَرِيكِهِ أَوْ بَعْدَ افْتِرَاقِهِمَا لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ عَلَى شَرِيكِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَهُ أَنْ يُودِعَ وَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَأَنْ يُهْدِيَ مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ وَيَتَّخِذَ دَعْوَةً مِنْهُ وَلَمْ يُقَدَّرْ بِشَيْءٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ مُنْصَرِفٌ إلَى الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ مَا لَا يَعُدُّهُ التُّجَّارُ سَرَفًا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَقَبُولُ هَدِيَّةِ الْمُفَاوِضِ وَأَكْلُ طَعَامِهِ وَالِاسْتِعَارَةُ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ جَائِزٌ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآكِلِ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، ثُمَّ إنَّمَا يَمْلِكُ الْإِهْدَاءَ بِالْمَأْكُولِ مِنْ الْفَاكِهَةِ وَاللَّحْمِ وَالْخُبْزِ وَلَا يَمْلِكُ الْإِهْدَاءَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَسَا الْمُفَاوِضُ رَجُلًا ثَوْبًا أَوْ وَهَبَ دَابَّةً أَوْ وَهَبَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالْأَمْتِعَةَ وَالْحُبُوبَ لَمْ يَجُزْ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْفَاكِهَةِ وَاللَّحْمِ وَالْخُبْزِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُسَافِرَ بِالْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ مَنْ جَوَّزَ الْمُسَافَرَةَ لَوْ أَذِنَ لَهُ الشَّرِيكُ فِي ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ فِي كِرَائِهِ وَطَعَامِهِ وَإِدَامِهِ مِنْ جُمْلَةِ رَأْسِ الْمَالِ رَوَى ذَلِكَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ رَبِحَ حُسِبَتْ النَّفَقَةُ مِنْهُ وَإِلَّا كَانَتْ النَّفَقَةُ مَحْسُوبَةً مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. هَذَا رِوَايَةُ الْأَصْلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ، وَهَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَكَذَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالًا مُضَارَبَةً وَيَكُونُ رِبْحُهُ لَهُ خَاصَّةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُبْضِعَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ أَبْضَعَ بِضَاعَةً ثُمَّ تَفَرَّقَ الْمُتَفَاوِضَانِ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْبِضَاعَةِ شَيْئًا إنْ عَلِمَ الْمُسْتَبْضِعُ بِتَفَرُّقِهِمَا كَانَ مَا اشْتَرَى لِلْآمِرِ خَاصَّةً، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِتَفَرُّقِهِمَا إنْ كَانَ الثَّمَنُ مَدْفُوعًا إلَى الْمُسْتَبْضِعِ جَازَ شِرَاؤُهُ عَلَى الْآمِرِ وَعَلَى شَرِيكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَدْفُوعًا إلَيْهِ كَانَ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ خَاصَّةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ مَاتَ الَّذِي لَمْ

يُبْضِعْ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُسْتَبْضِعُ الْمَتَاعَ لَزِمَ الْحَيَّ خَاصَّةً، وَلَوْ نَقَدَ الْمُسْتَبْضِعُ الثَّمَنَ مِنْ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، فَوَرَثَةُ الْمَيِّتِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُسْتَبْضِعَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُبْضِعَ، فَإِنْ ضَمَّنُوا الْمُسْتَبْضِعَ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمَّنُوا الْبَائِعَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَبْضِعِ ثُمَّ الْمُسْتَبْضِعُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُبْضِعِ. وَلَوْ أَبْضَعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَلْفًا لَهُ وَلِشَرِيكٍ لَهُ شَرِكَةَ عِنَانٍ بِرِضَا شَرِيكِ الْعِنَانِ لِيَشْتَرِيَ لَهُمَا مَتَاعًا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ، فَإِنْ مَاتَ الْمُبْضِعُ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُسْتَبْضِعُ فَالْمَتَاعُ لِلْمُشْتَرِي وَيَضْمَنُ الْمَالَ فَيَكُونُ نِصْفُهُ لِشَرِيكِ الْعِنَانِ وَنِصْفُهُ لِلْمُفَاوِضِ الْحَيِّ وَلِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ مَاتَ شَرِيكُ الْعِنَانِ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُسْتَبْضِعُ فَالْمُشْتَرَى كُلُّهُ لِلْمُفَاوَضَةِ ثُمَّ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ إنْ شَاءُوا رَجَعُوا بِحِصَّتِهِمْ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُسْتَبْضِعَ وَيَرْجِعُ بِهِ الْمُسْتَبْضِعُ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ مَاتَ الْمُفَاوِضُ الَّذِي لَمْ يُبْضِعْ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُسْتَبْضِعُ فَنِصْفُهُ لِلْآمِرِ وَنِصْفُهُ لِشَرِيكِ الْعِنَانِ وَيَضْمَنُ الْمُفَاوِضُ الْحَيُّ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ حِصَّتَهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُسْتَبْضِعَ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْآمِرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُقْرِضَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ إذْنًا مُصَرَّحًا أَنْ يُقْرِضَ، وَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ قَوْلِهِ " اعْمَلْ بِرَأْيِكَ "، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَقْرَضَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ نِصْفَهُ وَلَا تَفْسُدُ الْمُفَاوَضَةُ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَقَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الْإِقْرَاضُ بِمَا لَا خَطَرَ لِلنَّاسِ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُشَارِكَ رَجُلًا شَرِكَةَ عِنَانٍ بِبَعْضِ مَالِ الشَّرِكَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. سَوَاءٌ شَرَطَا فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَعْمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرَأْيِهِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيَجُوزُ عَلَيْهِ وَعَلَى شَرِيكِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ شَارَكَهُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ فَعَلَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ تَكُنْ مُفَاوَضَةً وَكَانَتْ شَرِكَةَ عِنَانٍ، وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ الَّذِي شَارَكَهُ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مُتَفَاوِضَيْنِ شَارَكَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا شَرِكَةَ عِنَانٍ فِي الرَّقِيقِ فَهُوَ جَائِزٌ وَمَا اشْتَرَى هَذَا الشَّرِيكُ مِنْ الرَّقِيقِ فَنِصْفُهُ لِلْمُشْتَرِي وَنِصْفُهُ بَيْنَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُفَاوِضَ الَّذِي لَمْ يُشَارِكْ اشْتَرَى عَبْدًا، كَانَ نِصْفُهُ لِشَرِيكِ شَرِيكِهِ وَنِصْفُهُ بَيْنَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يَدْفَعُ إلَيْهِ مَالًا وَأَمَرَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ تِجَارَتِهِمَا فِي الْمَالِ مِنْ الشَّرِكَةِ، فَإِنْ أَخْرَجَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الْوَكِيلَ يَخْرُجُ مِنْ الْوَكَالَةِ إنْ كَانَ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إجَارَةٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ وَكَّلَهُ بِتَقَاضِي مَا دَايَنَهُ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ إخْرَاجُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَهُ أَنْ يُعِيرَ اسْتِحْسَانًا حَتَّى لَوْ أَعَارَ دَابَّةً مِنْ الْمُفَاوَضَةِ وَهَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ لَمْ يَضْمَنْ فِيهِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَعَارَ أَحَدُهُمَا دَابَّةً مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَرَكِبَهَا الْمُسْتَعِيرُ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي رَكِبَهَا إلَيْهِ فَأَيُّهُمَا صَدَّقَهُ فِي الْإِعَارَةِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بَرِئَ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ ضَمَانِهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكُلُّ مَا يَجُوزُ لِأَحَدِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ أَنْ يَعْمَلَهُ فَكَذَلِكَ لِلْمُفَاوِضِ

الفصل السادس في تصرف أحد المتفاوضين في عقد صاحبه وفيما وجب بعقد صاحبه

كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي تَصَرُّفِ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فِي عَقْدِ صَاحِبِهِ وَفِيمَا وَجَبَ بِعَقْدِ صَاحِبِهِ] إذَا أَقَالَ أَحَدُهُمَا فِي بَيْعٍ بَاعَهُ الْآخَرُ جَازَتْ الْإِقَالَةُ عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَالَ أَحَدُهُمَا فِي سَلَمٍ بَاشَرَهُ صَاحِبُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ جَارِيَةً مِنْ تِجَارَتِهِمَا نَسِيئَةً لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ شَيْئًا نَسِيئَةً ثُمَّ مَاتَ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُخَاصِمَ فِيهِ، فَإِنْ أَعْطَاهُ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَنِ بَرِئَ مِنْهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا ثُمَّ وَهَبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَبْرَأَهُ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَضْمَنُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ وَهَبَهُ الْآخَرُ أَوْ أَبْرَأَهُ جَازَ فِي نَصِيبِهِ وَلَمْ يَجُزْ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ . وَإِذَا أَخَّرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ دَيْنًا وَجَبَ لَهُمَا جَازَ تَأْخِيرُهُ فِي النَّصِيبَيْنِ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ سَوَاءٌ وَجَبَ الدَّيْنُ بِعَقْدِ الْمُؤَخَّرِ أَوْ بِعَقْدِ صَاحِبِهِ أَوْ بِعَقْدِهِمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَ عَلَى الْمُتَفَاوِضَيْنِ دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ فَأَبْطَلَ أَحَدُهُمَا الْأَجَلَ بَطَلَ وَحَلَّ الْمَالُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا حَلَّ عَلَى الْمَيِّتِ حِصَّتُهُ وَلَمْ يَحِلَّ عَلَى الْآخَرِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى الْمُتَفَاوِضَيْنِ مَالٌ فَأَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ فَهُمَا يَبْرَآنِ جَمِيعًا مِنْ الْمَالِ كُلِّهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حُقُوقُ عَقْدٍ تَوَلَّاهُ أَحَدُهُمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا جَمِيعًا حَتَّى إنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا يُطَالَبُ غَيْرُ الْبَائِعِ بِالتَّسْلِيمِ لِلْمَبِيعِ كَمَا يُطَالَبُ الْبَائِعُ، وَلَوْ طَلَبَ غَيْرُ الْبَائِعِ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إلَيْهِ كَمَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ إلَى الْبَائِعِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا يُؤَاخَذُ صَاحِبُهُ بِالثَّمَنِ كَمَا يُؤَاخَذُ بِهِ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ الْمَبِيعَ كَمَا لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا عَيْبًا بِالْمَبِيعِ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ كَمَا لِلْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا فَوَجَدَ الْآخَرُ بِهِ عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالْمُشْتَرِي مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْئًا مِنْ شَرِكَتِهِمَا إذَا وَجَدَ بِالْمُشْتَرَى عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَنْكَرَ الْعَيْبَ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ عَلَى الْبَتَاتِ وَشَرِيكَهُ عَلَى الْعِلْمِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا نَفَذَ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَشَرِيكِهِ، وَلَوْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ سِلْعَةٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى النِّصْفِ الَّذِي بَاعَهُ عَلَى الْبَتَاتِ وَعَلَى النِّصْفِ الَّذِي بَاعَهُ شَرِيكُهُ عَلَى الْعِلْمِ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْبَتَاتِ فِيمَا بَاعَ وَتَسْقُطُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْيَمِينُ عَلَى الْعِلْمِ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ الْمُفَاوَضَةِ ثُمَّ افْتَرَقَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِافْتِرَاقِهِمَا كَانَ لَهُ أَنْ

الفصل السابع في اختلاف المتفاوضين

يَدْفَعَ جَمِيعَ الثَّمَنِ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ عَلِمَ بِالْفُرْقَةِ لَمْ يَدْفَعْ إلَّا إلَى الْعَاقِدِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى شَرِيكِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ نَصِيبِ الْعَاقِدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يُخَاصِمُ إلَّا الْبَائِعَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ عَلَى شَرِيكِ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَقَضَى لَهُ بِالثَّمَنِ أَوْ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ ثُمَّ افْتَرَقَا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَقَدْ كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ كُلَّهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مُتَفَاوِضَانِ افْتَرَقَا فَلِأَصْحَابِ الدُّيُونِ أَنْ يَأْخُذُوا أَيَّهُمَا شَاءُوا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَيَرْجِعَ بِذَلِكَ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِعَيْنِهَا أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِثَمَنٍ مُسَمًّى، ثُمَّ إنَّ الْآخَرَ نَهَى الْوَكِيلَ عَنْ ذَلِكَ فَنَهْيُهُ جَائِزٌ فَإِنْ اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مُشْتَرٍ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى اشْتَرَاهَا كَانَ مُشْتَرِيًا لَهُمَا جَمِيعًا وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ] (الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ) لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ شَارَكَهُ مُفَاوَضَةً فَأَنْكَرَ وَالْمَالُ فِي يَدِ الْجَاحِدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَاحِدِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَإِنْ جَاءَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ يَشْهَدُونَ عَلَى دَعْوَاهُ فَهَذَا عَلَى وُجُوهٍ: أَمَّا أَنْ شَهِدُوا أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ وَأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ وَأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، وَفِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُقْضَى بِالْمَالِ بَيْنهمَا نِصْفَيْنِ، وَأَمَّا إنْ شَهِدُوا أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ وَأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِهِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يُقْضَى بِالْمَالِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، سَوَاءٌ شَهِدُوا بِذَلِكَ فِي مَجْلِسِ الدَّعْوَى أَوْ بَعْدَ مَا تَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الدَّعْوَى، وَأَمَّا إنْ شَهِدُوا أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى هَذَا، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُقْضَى بِالْمَالِ بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُمْ إنْ شَهِدُوا فِي مَجْلِسِ الدَّعْوَى تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُقْضَى بِالْمَالِ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ مِنْ شَرِكَتِهِمَا أَوْ يُقِرَّ الْجَاحِدُ أَنَّ الْمَالَ كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمئِذٍ أَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ إذَا قَضَى الْقَاضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إذَا ادَّعَى الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِهِ لِنَفْسِهِ مِيرَاثًا أَوْ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً مِنْ جِهَةِ غَيْرِ الْمُدَّعِي فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: إنْ كَانَ شُهُودُ مُدَّعِي الْمُفَاوَضَةِ شَهِدُوا أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ وَأَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ وَأَنَّ الْمَالَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَفِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ كَانَ شُهُودُ مُدَّعِي الْمُفَاوَضَةِ شَهِدُوا أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ وَأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِهِ أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى هَذَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ادَّعَى شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِهِ بِطَرِيقِ التَّلَقِّي مِنْ الْمُدَّعِي تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَقُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ شَرِيكُهُ مُفَاوَضَةً وَأَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقُضِيَ عَلَيْهِ بِمَا فِي يَدِهِ ثُمَّ ادَّعَى شَيْئًا فِي يَدِهِ مِيرَاثًا أَوْ هِبَةً وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ وَهُمَا مُقِرَّانِ بِالْمُفَاوَضَةِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ أَنَّهُ لَهُ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَالْمَالُ فِي يَدِ الْبَاقِي مِنْهُمَا فَادَّعَى وَرَثَةُ الْمَيِّتِ الْمُفَاوَضَةَ وَجَحَدَ ذَلِكَ الْحَيُّ فَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُمْ كَانَ شَرِيكَهُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ لَمْ يُقْضَ لَهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِ الْحَيِّ إلَّا أَنْ يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ فِي حَيَاةِ الْمَيِّتِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ شَرِكَةِ مَا بَيْنَهُمَا فَحِينَئِذٍ يُقْضَى لَهُمْ بِنِصْفِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ أَقَامَ الْحَيُّ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مِيرَاثٌ لَهُ مِنْ أَبِيهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ إذَا شَهِدُوا أَنَّ الْمَالَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ فِي يَدِهِ وَقْتَ الشَّرِكَةِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْحَيِّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ وَجَحَدُوا الشَّرِكَةَ فَأَقَامَ الْحَيُّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ وَأَقَامُوا بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُمْ مَاتَ وَتَرَكَ هَذَا مِيرَاثًا مِنْ غَيْرِ شَرِكَةِ مَا بَيْنَهُمَا لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُمْ، وَصَحَّحَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا، وَلَوْ قَالُوا: مَاتَ جَدُّنَا وَتَرَكَ مِيرَاثًا لِأَبِينَا وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذَا لَا تُقْبَلُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتُقْبَلُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ كَانَتْ الْأَشْيَاءُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَجَحَدَ الْمُفَاوَضَةَ فَقَدْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِجُحُودِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِنِصْفِ جَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِينًا فَبِالْجُحُودِ يَصِيرُ ضَامِنًا، وَكَذَلِكَ إذَا جَحَدَ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِنْ مَاتَا وَأَوْصَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى رَجُلٍ، فَوَصِيُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُطَالَبُ بِمَا وَلِيَ مُوصِيهِ مُبَايَعَتَهُ، فَإِذَا قَبَضَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَلَا عَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ أَنْ يَكُونُوا مُقِرِّينَ بِالْمُفَاوَضَةِ كَمَا لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ قَبَضَ نَفْسَهُ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْمُفَاوَضَةِ كَانَ أَمِينًا فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . مُتَفَاوِضَانِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ شَرِيكُهُ بِالثُّلُثِ وَادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَيْهِ الثُّلُثَيْنِ وَكِلَاهُمَا يَقُولَانِ بِالْمُفَاوَضَةِ فَجَمِيعُ الْمَالِ مِنْ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ حُكْمًا لِلْمُفَاوَضَةِ إلَّا مَا كَانَ مِنْ ثِيَابِ الْكِسْوَةِ أَوْ مَتَاعِ بَيْتٍ أَوْ رِزْقِ الْعِيَالِ أَوْ جَارِيَةٍ يَطَؤُهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لِمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ خَاصَّةً اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ، وَلَوْ لَمْ يَفْتَرِقَا وَلَكِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الشَّرِكَةِ، فَهَذَا وَمَا لَوْ افْتَرَقَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الشَّرِكَةِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ شَرِيكُهُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ وَأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا: الثُّلُثَانِ لِي وَالثُّلُثُ لَهُ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَجْحَدُ الْمُفَاوَضَةَ أَصْلًا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى نَحْوِ مَا ادَّعَاهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى الْمُفَاوَضَةَ وَادَّعَى الْمَالَ مُنَاصَفَةً وَشَهِدَ الشُّهُودُ

بِالْمُثَالَثَةِ ثُمَّ قَالَ الْمُدَّعِي كَانَتْ كَذَلِكَ تُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا افْتَرَقَ الْمُتَفَاوِضَانِ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ كَانَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَأَنَّ قَاضِيَ بَلَدَهٌ كَذَا كَانَ قَضَى بِذَلِكَ عَلَيْهِ وَسَمَّوْا الْمَالَ وَأَنَّهُ قَضَى بِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَأَقَامَ الْآخَرُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ الْقَاضِي بِعَيْنِهِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ قَاضٍ وَاحِدٍ وَعَلِمَ تَارِيخَ الْقَضَاءَيْنِ أَخَذَ بِالْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ كَانَ الْقَضَاءُ مِنْ الْقَاضِيَيْنِ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا الْقَضَاءُ الَّذِي أَنْفَذَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَحِيحٌ ظَاهِرًا فَيُحَاسَبُ بِمَا عَلَيْهِ وَيُتَرَادَّانِ الْفَضْلَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ مَاتَ الْمُتَفَاوِضَانِ فَاقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ جَمِيعًا مَا تَرَكَا ثُمَّ وَجَدُوا مَالًا كَثِيرًا، فَقَالَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ: كَانَ هَذَا فِي قِسْمَتِنَا، لَمْ يُصَدَّقُوا عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَعَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ الْيَمِينُ، فَإِذَا حَلَفُوا كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ صُدِّقُوا إنْ كَانُوا قَدْ شَهِدُوا بِالْبَرَاءَةِ، وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَشْهَدُوا بِالْبَرَاءَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ جَمِيعًا بَعْدَمَا يَحْلِفُ الْآخَرُونَ مَا دَخَلَ هَذَا فِي قِسْمِ هَؤُلَاءِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ فَقَالُوا: كَانَ لِأَبِينَا قَبْلَ الْمُفَاوَضَةِ وَكَذَّبَهُمْ الْفَرِيقُ الْآخِرُ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانُوا شَهِدُوا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِمَّا فِي الشَّرِكَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ مِنْ الشَّرِكَةِ وَغَيْرِهَا فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ غَيْرِ الْفَرِيقَيْنِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا شَهِدُوا عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْمُفَاوَضَةِ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ فَقَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ تَثْبُتُ الْمُفَاوَضَةُ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ وَقَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى يَقْضِيَ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ وَلَا يُقْضَى بِالْمُفَاوَضَةِ قَبْلَ ذَلِكَ فَمَا عُلِمَ بِيَقِينٍ لِأَحَدِهِمَا قَبْلَ الْمُفَاوَضَةِ يَخْتَصُّ هُوَ بِهِ وَمَا كَانَ مُشْكِلُ الْحَالِ فَهُوَ لِلْمُفَاوَضَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَمَرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ رَجُلَيْنِ يَشْتَرِيَانِ عَبْدًا لَهُمَا وَسَمَّى جِنْسَ الْعَبْدِ وَالثَّمَنِ فَاشْتَرَيَاهُ وَقَدْ افْتَرَقَ الْمُتَفَاوِضَانِ عَنْ الشَّرِكَةِ، فَقَالَ الْآمِرُ: اشْتَرَيَاهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَهُوَ لِي خَاصَّةً، وَقَالَ الْآخَرُ: اشْتَرَيَاهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَهُوَ بَيْنَنَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآمِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الْآخَرِ إنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَكِيلَيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ قَالَ الشَّرِيكَانِ: لَا نَدْرِي مَتَى اشْتَرَيَاهُ، فَهُوَ لِلْآمِرِ خَاصَّةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ قَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيَاهُ قَبْلَ الْفُرْقَةِ، وَقَالَ الْآخَرُ: اشْتَرَيَاهُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخَرِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآمِرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَبْدًا مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي غَيْرِ الْمُفَاوِضِ، وَإِذَا افْتَرَقَ الْمُتَفَاوِضَانِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: كُنْتُ كَاتَبْتُ هَذَا الْعَبْدَ فِي الشَّرِكَةِ، لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ، لَكِنَّ إقْرَارَهُ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ صَحِيحٌ وَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَرُدَّهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ مَا يَحْلِفُ عَلَى عَلْمِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي الشَّرِكَةِ مَعْنَاهُ أَنَّ إقْرَارَهُ يَصِحُّ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ خَاصَّةً وَلَا يَشْتَغِلُ بِاسْتِحْلَافِ الْآخَرِ هَهُنَا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا تَفَرَّقَ الْمُتَفَاوِضَانِ وَأَشْهَدَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ شَرِكَةٍ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا

الفصل الثامن في وجوب الضمان على المتفاوضين

كُنْتُ أَعْتَقْتُ هَذَا الْعَبْدَ فِي الشَّرِكَةِ فَدَخَلَ نِصْفُ قِيمَتِهِ فِيمَا بَرِئْتُ إلَيْكَ مِنْهُ فَصَدَّقَهُ الْآخَرُ فِي عِتْقِهِ، وَقَالَ: كُنْتُ اخْتَرْتُ ضَمَانَ الْعَبْدِ، فَالْقَوْلُ لِمَنْ لَمْ يُعْتِقْ مَعَ يَمِينِهِ وَلَهُ تَضْمِينُ الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دُونَ الشَّرِيكِ، وَإِنْ قَالَ اخْتَرْتُ ضَمَانَكَ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ بِالْبَرَاءَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ قَالَ: مَا اخْتَرْتُ شَيْئًا فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْعَبْدَ دُونَ الشَّرِيكِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ أَقَامَ الْمُقِرُّ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ اخْتَارَ ضَمَانَهُ جُعِلَ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ فَيَبْرَأُ هُوَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ قَالَ الشَّرِيكُ: لَمْ يُعْتِقْهُ إلَّا بَعْدَ الْفُرْقَةِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ أَيْضًا، فَإِنْ أَقَامَ الْمُعْتِقُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي الْمُفَاوَضَةِ وَضَمِنَ لَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَاخْتَارَ سِعَايَةَ الْعَبْدِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُعْتِقِ وَبَرِئَ هُوَ وَالْعَبْدُ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا فِي الشَّرِكَةِ عَلَى أَلْفٍ وَقَبَضَهَا مِنْهُ وَمَاتَ الْعَبْدُ فَقَدْ دَخَلَ فِي الْبَرَاءَةِ، وَقَالَ الْآخَرُ: كَاتَبْتُهُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ لَمْ يُكَاتِبْ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ تَرَكَ مَالًا، فَقَالَ الْمُكَاتِبُ: كَاتَبْتُهُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَأَنَا وَارِثُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ فِي الْمُفَاوَضَةِ فَنَحْنُ وَارِثَاهُ وَالْمُكَاتَبُ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا فَالْقَوْلُ لِمَنْ لَمْ يُكَاتِبْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَوْدَعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مِنْ مَالِهِمَا وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ فَادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ قَدْ رَدَّهَا إلَيْهِ أَوْ إلَى صَاحِبِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ جَحَدَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ لِشَرِيكِهِ بِقَوْلِ الْمُودَعِ وَلَكِنْ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا قَبَضَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ ادَّعَى الْمُودَعُ الدَّفْعَ إلَى الْمَيِّتِ يُسْتَحْلَفُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْعِلْمِ، وَإِنْ ادَّعَى الدَّفْعَ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَحَلَفُوا مَا قَبَضُوهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ الْحَيِّ وَهُوَ بَيْنَ الْحَيِّ وَوَرَثَةِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: دَفَعْتُ الْمَالَ الَّذِي أَوْدَعَنِي بَعْدَ مَوْتِ الَّذِي لَمْ يُودِعْنِي وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الضَّمَانِ وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى إلْزَامِ الْحَيِّ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَا قَبَضَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ مَاتَ الْمُودِعُ، فَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: دَفَعْتُ إلَى الْحَيِّ نِصْفَهُ وَإِلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ نِصْفَهُ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ إذَا حَلَفَ فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بِقَبْضِ النِّصْفِ شَرِكَهُ الْآخَرُ فِيهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَا حَيَّيْنِ، فَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: دَفَعْتُ الْمَالَ إلَيْهِمَا فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ وَجَحَدَ الْآخَرُ فَالْمُسْتَوْدَعُ بَرِيءٌ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ افْتَرَقَا ثُمَّ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: دَفَعْتُهُ إلَى الَّذِي أَوْدَعَنِي فَهُوَ بَرِيءٌ، وَإِنْ قَالَ: دَفَعْتُهُ إلَى الْآخَرِ وَكَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ ضَمِنَ نِصْفَ ذَلِكَ الْمَالِ لِلَّذِي أَوْدَعَهُ ثُمَّ مَا يَقْبِضُهُ الْمُودِعُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الشَّرِيكُ فِي ذَلِكَ فَالْمُودِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ نَصِيبَهُ شَرِيكَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَوْدَعَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُتَفَاوِضَيْنِ] (الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُتَفَاوِضَيْنِ) اسْتَعَارَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ فَرَكِبَهَا شَرِيكُهُ فَعَطِبَتْ فَهُمَا ضَامِنَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا طَعَامًا لَهُ

الباب الثالث في شركة العنان وفيه ثلاثة فصول

خَاصَّةً فَحَمَلَ عَلَيْهَا شَرِيكُهُ طَعَامًا مِثْلَ ذَلِكَ أَوْ أَخَفَّ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ثُمَّ فِي مَسْأَلَةِ الرُّكُوبِ إذَا وَجَبَ الضَّمَانُ وَأَدَّى الرَّاكِبُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ، هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بِنِصْفِ مَا أَدَّى؟ يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَدْ رَكِبَهَا لِحَاجَتِهِمَا فَلَا رُجُوعَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَكِبَهَا فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ مَا أَدَّى، وَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ أَنْ يُطَالِبَ بِضَمَانِ الدَّابَّةِ أَيَّهُمَا شَاءَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ إذَا اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عِدْلَ زُطِّيٍّ فَحَمَلَ عَلَيْهِمَا شَرِيكُهُ مِثْلَ ذَلِكَ الْعِدْلِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا طَيَالِسَةً أَوْ أَكْسِيَةً كَانَ ضَامِنًا لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَلِلتَّفَاوُتِ فِي الضَّرَرِ عَلَى الدَّابَّةِ، وَلَوْ حَمَلَ الْمُسْتَعِيرُ عَلَيْهَا ذَلِكَ ضَمِنَ فَكَذَلِكَ شَرِيكُهُ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَ بِضَاعَةً عِنْدَ الَّذِي حَمَلَ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الَّذِي حَمَلَ غَاصِبٌ، وَالْآخَرُ عَنْهُ كَفِيلٌ ضَامِنٌ ثُمَّ يَرْجِعُ الشَّرِيكُ عَلَى الَّذِي حَمَلَ بِنِصْفِ ذَلِكَ إذَا أَدَّيَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا شَرِيكُهُ عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ شَعِيرٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا لَا يَضْمَنُ، وَكَذَا لَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ فَاسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا، فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْأَوَّلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ: لَا تُجَاوِزْ بُخَارَى فَجَاوَزَ وَهَلَكَ الْمَالُ ضَمِنَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نَصِيبَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير شَرِكَة الْعَنَانِ وَشَرَائِطِهَا وَأَحْكَامِهَا] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَشَرَائِطِهَا وَأَحْكَامِهَا) أَمَّا شَرِكَةُ الْعِنَانِ فَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ فِي نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَاتِ بُرٍّ أَوْ طَعَامٍ أَوْ يَشْتَرِكَانِ فِي عُمُومِ التِّجَارَاتِ وَلَا يَذْكُرَانِ الْكَفَالَةَ خَاصَّةً، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَصُورَتُهَا أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ التِّجَارَاتِ أَوْ يَشْتَرِكَانِ فِي عُمُومِ التِّجَارَاتِ وَلَا يَذْكُرَانِ الْكَفَالَةَ وَالْمُفَاوَضَةَ فِيهَا فَتَضَمَّنَتْ مَعْنَى الْوَكَالَةِ دُونَ الْكَفَالَةِ حَتَّى تَجُوزَ هَذِهِ الشَّرِكَةُ بَيْنَ كُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ التِّجَارَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَتَجُوزُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْبَالِغِ وَالصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فِي التِّجَارَةِ وَالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي التَّجْرِيدِ " وَالْمُكَاتَبِ "، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَوْ ذَكَرَا الْكَفَالَةَ وَكَانَتْ بَاقِي شُرُوطِ الْمُفَاوَضَةِ مُتَوَفِّرَةً انْعَقَدَتْ مُفَاوَضَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَوَفِّرَةً يَنْبَغِي أَنْ تَنْعَقِدَ عِنَانًا، هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَأَمَّا شَرْطُ جَوَازِهَا فَكَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ عَيْنًا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لَكِنْ مُشَارًا إلَيْهِ، وَالْمُسَاوَاةُ فِي رَأْسِ الْمَالِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ وَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الرِّبْحِ مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي رَأْسِ الْمَالِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَيْفِيَّةَ كِتَابَتِهَا، فَقَالَ هَذَا مَا اشْتَرَكَ عَلَيْهِ فُلَانٌ

الفصل الثاني في شرط الربح والوضيعة وهلاك المال

وَفُلَانٌ اشْتَرَكَا عَلَى تَقْوَى اللَّهِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ثُمَّ يُبَيِّنُ قَدْرَ رَأْسِ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَقُولُ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي أَيْدِيهِمَا يَشْتَرِيَانِ بِهِ وَيَبِيعَانِ جَمِيعًا وَشَتَّى وَيَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرَأْيِهِ وَيَبِيعُ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ ثُمَّ يَقُولُ فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا وَمَا كَانَ مِنْ وَضِيعَةٍ أَوْ تَبَعِيَّةٍ فَكَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَا اشْتَرَطَا التَّفَاوُتَ فِيهِ كَتَبَاهُ كَذَلِكَ، وَيَقُولُ اشْتَرَكَا عَلَى ذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا فِي شَهْرِ كَذَا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَأَمَّا حُكْمُهَا فَصَيْرُورَةُ كُلِّ أَحَدٍ مِنْهُمَا وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فِي عُقُودِ التِّجَارَاتِ وَلَا يَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فِي اسْتِيفَاءِ مَا وَجَبَ بِعَقْدِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَكُونُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا عَنْ صَاحِبه إذَا لَمْ يَذْكُرَا الْكَفَالَةَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرْطِ الرِّبْحِ وَالْوَضِيعَةِ وَهَلَاكِ الْمَالِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرْطِ الرِّبْحِ وَالْوَضِيعَةِ وَهَلَاكِ الْمَالِ) لَوْ كَانَ الْمَالُ مِنْهُمَا فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَالْعَمَلُ عَلَى أَحَدِهِمَا إنْ شَرَطَا الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا جَازَ وَيَكُونُ رِبْحُهُ لَهُ وَوَضِيعَتُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ شَرَطَا الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ وَيَكُونُ مَالُ الدَّافِعِ عِنْدَ الْعَامِلِ بِضَاعَةً وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رِبْحُ مَالِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا صَحَّتْ الشَّرِكَةُ، وَإِنْ قَلَّ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا وَكَثُرَ رَأْسُ مَالِ الْآخَرِ وَاشْتَرَطَا الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ أَوْ عَلَى التَّفَاضُلِ فَإِنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، وَالْوَضِيعَةُ أَبَدًا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْمَلْ الْآخَرُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ صَارَ كَعَمَلِهِمَا مَعًا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ شَرَطَا كُلَّ الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. اشْتَرَكَا فَجَاءَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْوَضِيعَةَ نِصْفَانِ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ فِي حَقِّ الْوَضِيعَةِ بَاطِلٌ، فَإِنْ عَمِلَا وَرَبِحَا فَالرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا، وَإِنْ خَسِرَا فَالْخُسْرَانُ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ شَرِكَةَ الْعِنَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَعْضِ مَالِهِ دُونَ الْبَعْضِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَإِذَا هَلَكَ مَالُ الشَّرِكَةِ أَوْ أَحَدُ الْمَالَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَا بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَأَيُّ الْمَالَيْنِ هَلَكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ هَلَكَ عَلَى صَاحِبِهِ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا جَاءَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَكَا بِهَا وَخَلَطَاهَا كَانَ مَا هَلَكَ مِنْهَا هَالِكًا مِنْهُمَا وَمَا بَقِيَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يُعْرَفَ شَيْءٌ مِنْ الْهَالِكِ أَوْ الْبَاقِي مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ فَيَكُونَ ذَلِكَ لَهُ وَعَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ وَهَلَكَ مَالُ الْآخَرِ فَالْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحَا بِالْوَكَالَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ وَشَرْحِ الْمُخْتَارِ، ثُمَّ هَذِهِ الشَّرِكَةُ فِي الْمُشْتَرَى شَرِكَةُ عَقْدٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، هَذَا إذَا

هَلَكَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ بَعْدَ شِرَاءِ أَحَدِهِمَا فَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى الْآخَرُ بِمَالِهِ يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَا صَرَّحَا بِالْوَكَالَةِ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ فَالْمُشْتَرَى مُشْتَرِكٌ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ الْمُفْرَدَةِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ ذَكَرَا مُجَرَّدِ الشَّرِكَةِ وَلَمْ يَذْكُرَا فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ الْوَكَالَةَ فَالْمُشْتَرَى يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. فِي النَّوَادِرِ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِهَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ وَالْوَضِيعَةَ عَلَيْهِ فَهَلَكَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِهَا فَالْقَابِضُ ضَامِنٌ، وَلَوْ قَالَ: اعْمَلْ بِهَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا وَالْوَضِيعَةَ بَيْنَنَا فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا فَهُوَ ضَامِنٌ نِصْفَ الْمَالِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اشْتَرَى بِالْمَالِ ثُمَّ هَلَكَتْ قَبْلَ النَّقْدِ فَعَلَى الْآمِرِ ضَمَانُ نِصْفِ الْمَالِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي مِثْلُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمَ وَرَأْسُ مَالِ الْآخَرِ دَنَانِيرَ، وَقِيمَةُ الدَّنَانِيرِ مِثْلُ قِيمَةِ الدَّرَاهِمِ فَاشْتَرَى صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ غُلَامًا وَاشْتَرَى صَاحِبُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّنَانِيرِ جَارِيَةً وَنَقَدَا الْمَالَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي صَفْقَتَيْنِ فَهَلَكَ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ فِي أَيْدِيهِمَا رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ رَأْسِ مَالِهِ، وَلَوْ اشْتَرَيَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً - وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا - لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ اشْتَرَيَا بِالدَّرَاهِمِ مَتَاعًا ثُمَّ بَعْدَهُ بِالدَّنَانِيرِ مَتَاعًا فَوَضَعَا فِي أَحَدِهِمَا وَرَبِحَا فِي الْآخَرِ فَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا فِي الْمُشْتَرَى يَوْمَ الشِّرَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَهَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اشْتَرَكَا بِالْعُرُوضِ أَوْ الْمَكِيلِ وَاشْتَرَيَا بِذَلِكَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّا اشْتَرَى قَدْرَ قِيمَةِ مَتَاعِهِ، فَإِنْ بَاعَا الْمُشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ أَرَادَ الْقِسْمَةَ، فَإِنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ وَقَعَتْ بِمَا لَا مِثْلَ لَهُ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ وَقَعَتْ بِمَا لَهُ مِثْلٌ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقِسْمَةِ، وَذُكِرَ فِي الْإِمْلَاءِ أَنَّهُ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الشِّرَاءِ، قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمَا عَزَّ وَهَانَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُحِيلُ وَيَحْتَالُ وَيُؤَاجِرُ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ غَيْرَهُ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَعْمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرَأْيِهِ نَصًّا وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ

شَارَكَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا شَرِكَةَ عِنَانٍ فَمَا اشْتَرَاهُ الشَّرِيكُ الثَّالِثُ كَانَ النِّصْفُ لِلْمُشْتَرِي وَنِصْفُهُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَمَا اشْتَرَى الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يُشَارِكْ فَهُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ نِصْفَيْنِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلشَّرِيكِ الثَّالِثِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ أَحَدَ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ إذَا شَارَكَ غَيْرَهُ مُفَاوَضَةً بِمَحْضَرٍ مِنْ شَرِيكِهِ تَصِحُّ الْمُفَاوَضَةُ وَتَبْطُلُ شَرِكَتُهُ مَعَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ شَرِيكِهِ لَمْ تَصِحَّ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدًا مِنْ الشَّرِكَةِ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَا أَنْ يُعْتِقَ عَلَى مَالٍ، سَوَاءٌ قَالَ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، أَوْ لَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِجَارِيَةٍ فِي يَدِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ أَنَّهَا لِرَجُلٍ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ قَالَ صَاحِبُهُ: اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَرْهَنُ أَحَدُهُمَا مِنْ الشَّرِكَةِ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ رَهَنَ أَحَدُهُمَا مَتَاعًا مِنْ الشَّرِكَةِ بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا لَا يَجُوزُ وَيَكُونُ ضَامِنًا لِلرَّهْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْعَاقِدَ فِي مُوجِبِ الدَّيْنِ أَوْ يَأْمُرُهُ شَرِيكُهُ بِذَلِكَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَذَا لَا يَرْتَهِنُ رَهْنًا بِدَيْنٍ مِنْ الشَّرِكَةِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ إلَّا إذَا وَلِيَ عَقَدَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ أَمَرَ مَنْ يَلِيهِ، فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ، وَقِيمَتُهُ وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ ذَهَبَ نِصْفُ الدَّيْنِ وَهُوَ حِصَّةُ الْمُرْتَهِنِ وَلِشَرِيكِهِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمَدْيُونِ بِنِصْفِ دَيْنِهِ وَيَرْجِعُ الْمَدْيُونُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ شَرِيكِهِ حِصَّتَهُ مِمَّا اقْتَضَى، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ أَقَرَّ بِالرَّهْنِ أَوْ بِالِارْتِهَانِ، فَإِنْ كَانَ وَلِيَ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ جَازَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَلِ الْعَقْدَ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ بِالرَّهْنِ أَوْ الِارْتِهَانِ بَعْدَ مَا تَنَاقَضَا الشَّرِكَةَ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ إذَا كَذَّبَهُ شَرِيكُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ مَالًا لِلتِّجَارَةِ لَزِمَهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَهَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ إذَا قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: اعْمَلْ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِكَ جَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَعْمَلَ مَا يَقَعُ فِي التِّجَارَةِ مِنْ الرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ وَالْخَلْطِ بِمَالِهِ، وَالْخَلْطُ الْمُشَارَكَةُ مَعَ الْغَيْرِ، وَأَمَّا الْهِبَةُ وَالْقَرْضُ وَمَا كَانَ إتْلَافًا

الفصل الثالث في تصرف شريكي العنان في مال الشركة

لِلْمَالِ وَتَمْلِيكًا بِغَيْرِ عِوَضٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَيْضًا: إذَا لَمْ يَقُلْ الشَّرِيكُ لَهُ " اعْمَلْ بِرَأْيِكَ " لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْلِطَ مَالَ الشَّرِكَةِ بِمَالٍ لَهُ خَاصَّةً، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلِشَرِيكِ الْعِنَانِ وَالْمُبْضِعِ وَالْمُضَارِبِ وَالْمُودِعِ أَنْ يُسَافِرُوا بِالْمَالِ، هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَرِكَةٌ فِي مَالٍ خَلَطَاهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُسَافِرَ بِالْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ، فَإِنْ سَافَرَ بِهِ فَهَلَكَ: إنْ كَانَ قَدْرًا لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِذَا سَافَرَ أَحَدُهُمَا بِالْمَالِ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ بِالسَّفَرِ، أَوْ قِيلَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، أَوْ عِنْدَ إطْلَاقِ الشَّرِكَةِ عَلَى الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ فِي كِرَائِهِ وَنَفَقَتِهِ وَطَعَامِهِ وَإِدَامِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، رَوَى ذَلِكَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَإِنْ رَبِحَ تُحْسَبُ النَّفَقَةُ مِنْ الرِّبْحِ، وَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ كَانَتْ النَّفَقَةُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ خَرَجَ إلَى مَوْضِعٍ يُمَكِّنُهُ أَنْ يَبِيتَ بِأَهْلِهِ لَا تُحْسَبُ مِنْ مَالَ الشَّرِكَةِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي تَصَرُّفِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي تَصَرُّفِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ، وَفِي عَقْدِ صَاحِبِهِ وَفِيمَا وَجَبَ بِعَقْدِ صَاحِبِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُوَكِّلَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَلِلْآخَرِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ، وَإِنْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا بِتَقَاضِي مَا دَايَنَهُ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ إخْرَاجُهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلِلْعَاقِدِ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ فِيمَا اشْتَرَى وَبَاعَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَفِيمَا سِوَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ كَأَحَدِ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ، مَا يَمْلِكُهُ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ يَمْلِكُهُ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكُلُّ مَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَعْمَلَهُ إذَا نَهَاهُ شَرِيكُهُ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَمَلُهُ فَإِنْ عَمِلَهُ ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: اُخْرُجْ إلَى دِمْيَاطَ وَلَا

تُجَاوِزْهَا، فَجَاوَزَ فَهَلَكَ الْمَالُ ضَمِنَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ، وَكَذَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ بَيْعِ النَّسِيئَةِ بَعْدَمَا كَانَ أَذِنَ لَهُ فِيهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي الْقُدُورِيِّ إذَا أَقَالَ أَحَدُهُمَا فِي بَيْعٍ بَاعَهُ الْآخَرُ جَازَتْ الْإِقَالَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا مَتَاعًا فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ فَقَبِلَهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ جَازَ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا لَوْ حَطَّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ أَخَّرَ لِأَجْلِ الْعَيْبِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَإِنْ حَطَّ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ يَخَافُ مِنْهُ جَازَ فِي حِصَّتِهِ وَلَمْ يَجُزْ فِي حِصَّةِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَكَذَا لَوْ وُهِبَ لَهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْبٍ فِي مَتَاعٍ جَازَ عَلَيْهِ وَعَلَى صَاحِبِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. شَرِيكَانِ شَرِكَةَ عِنَانٍ عَلَى الْعُمُومِ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا إلَى صَاحِبِهِ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ عَلَى الشَّرِكَةِ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا حَالًّا وَأَجَّلَهُ الْآخَرُ لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ فِي النَّصِيبَيْنِ جَمِيعًا إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ لِصَاحِبِهِ: افْعَلْ مَا رَأَيْتَ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَصِحُّ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً، وَلَوْ أَجَّلَهُ الَّذِي وَلِيَ الْبَيْعَ جَازَ فِي النَّصِيبَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فَأَمَّا إذَا اجْتَمَعَا فَأَذِنَا ثُمَّ أَخَّرَ أَحَدُهُمَا فَتَأْخِيرُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَلَا فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ فِي نَصِيبِهِ وَلَا يَجُوزُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَأَمَّا إذَا عَقَدَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَخَّرَ الْعَاقِدُ فَتَأْخِيرُهُ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّصِيبَيْنِ جَمِيعًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ صَحَّ التَّأْخِيرُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ فِي تِجَارَتِهِمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ لَزِمَ الْمُقِرَّ جَمِيعُ الدَّيْنِ إنْ كَانَ أَقَرَّ أَنَّهُ وَلِيَ الْعَقْدَ بِأَنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ مِنْ فُلَانٍ عَبْدًا بِكَذَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُمَا وَلِيَاهُ لَزِمَهُ نِصْفُهُ إنْ كَانَ أَقَرَّ أَنَّهُ وَلِيَ الْعَقْدَ بِأَنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ مِنْ فُلَانٍ عَبْدًا بِكَذَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُمَا وَلِيَاهُ لَزِمَهُ نِصْفُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ صَاحِبَهُ وَلِيَهُ ذُكِرَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ إذَا أَقَرَّ أَنَّ دَيْنَهُمَا مُؤَجَّلٌ إلَى شَهْرٍ صَحَّ إقْرَارُهُ بِالْأَجَلِ فِي نَصِيبِهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ أَحَدُهُمَا صَحَّ إبْرَاؤُهُ عَنْ نَصِيبِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَقَرَّ بِجَارِيَةٍ فِي يَدِهِ مِنْ تِجَارَتِهِمَا أَنَّهَا لِرَجُلٍ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَجَازَ فِي نَصِيبِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَقْرَضَ مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِتِجَارَتِهِمَا لَزِمَهُ خَاصَّةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْعُيُونِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ

فَالْمُقْرِضُ يَأْخُذُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُسْتَقْرِضُ عَلَى شَرِيكِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، فَإِنْ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ لَزِمَهُ خَاصَّةً حَتَّى كَانَ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ، وَلَيْسَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَحُقُوقُ عَقْدٍ تَوَلَّاهُ أَحَدُهُمَا تَرْجِعُ عَلَى الْعَاقِدِ حَتَّى لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَقْبِضَ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ دَيْنٌ لَزِمَ إنْسَانًا بِعَقْدِ وَلِيَهُ أَحَدُهُمَا لَيْسَ لِلْآخَرِ قَبْضُهُ وَلِلْمَدْيُونِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ دَفْعِهِ إلَيْهِ كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ دَفْعِ الثَّمَنِ إلَى الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ دَفَعَ إلَى الشَّرِيكِ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلٍ بَرِئَ مِنْ حِصَّتِهِ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ حِصَّةِ الدَّائِنِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْآخَرِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُخَاصِمَ فِيمَا أَدَانَهُ الْآخَرُ أَوْ بَاعَهُ، وَالْخُصُومَةُ لِلَّذِي بَاعَهُ وَعَلَيْهِ، وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي لَمْ يَلِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ وَلَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فِيهِ وَلَا يُسْتَحْلَفُ، وَهُوَ وَالْأَجْنَبِيُّ فِي هَذَا سَوَاءٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ شَيْئًا لَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُطَالِبَ الشَّرِيكَ بِالْأَجْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ أَدَّى الْعَاقِدُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ رَجَعَ شَرِيكُهُ بِنِصْفِ ذَلِكَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ اسْتَأْجَرَهُ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهُ لِتِجَارَتِهِمَا وَأَدَّى الْأَجْرَ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فِي شَيْءٍ خَاصٍّ شَرِكَةَ مِلْكٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَكَذَا إذَا آجَرَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَأْجِرَ بِالْأَجْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ اشْتَرَكَا شَرِكَةَ عِنَانٍ فِي تِجَارَةٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا وَيَبِيعَا بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ غَيْرِ تِلْكَ التِّجَارَةِ كَانَ لَهُ خَاصَّةً، فَأَمَّا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ مِنْ التِّجَارَةِ فَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَشِرَاؤُهُ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ يَنْفُذُ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا إذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِالنَّسِيئَةِ بِالْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ أَوْ النُّقُودِ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ جَازَ شِرَاؤُهُ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَانَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ مَالُ الشَّرِكَةِ فِي يَدِهِ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ نَسِيئَةً فَفِي

الْقِيَاسِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا عَلَى الشَّرِكَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ إذَا آجَرَ نَفْسَهُ فِي عَمَلٍ كَانَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا كَانَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ آجَرَ نَفْسَهُ فِي عَمَلٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ تِجَارَتِهِمَا أَوْ آجَرَ عَبْدًا لَهُ كَانَ الْأَجْرُ لَهُ خَاصَّةً، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا مَالًا مُضَارَبَةً فَالرِّبْحُ لَهُ خَاصَّةً أُطْلِقَ الْجَوَابُ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ أَخَذَ مَالًا مُضَارَبَةً لِيَتَصَرَّفَ فِيمَا لَيْسَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا فَالرِّبْحُ لَهُ خَاصَّةً، وَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَ الْمَالَ مُضَارَبَةً بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ لِيَتَصَرَّفَ فِيمَا هُوَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا، وَأَمَّا إذَا أَخَذَ الْمَالَ مُضَارَبَةً لِيَتَصَرَّفَ فِيمَا كَانَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا أَوْ مُطْلَقًا حَالَ غَيْبَةِ شَرِيكِهِ يَكُونُ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: أَشْرَكْتُكَ فِيمَا اشْتَرَى مِنْ الرَّقِيقِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا لِكَفَّارَةِ ظِهَارِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَشْهَدَ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَلِلشَّرِيكِ نِصْفُهُ، إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا لِنَفْسِهِ وَقَدْ أَشْرَكَ غَيْرَهُ فِيمَا يَشْتَرِي مِنْ الطَّعَامِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكُلُّ وَضِيعَةٍ لَحِقَتْ أَحَدَهُمَا مِنْ غَيْرِ شَرِكَتِهِمَا فَهِيَ عَلَيْهِ خَاصَّةً، وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِشَهَادَةٍ مِنْ غَيْرِ شَرِكَتِهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ رَأْسُ مَالِهِمَا سَوَاءُ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْمَلُ بِرَأْيِهِ وَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَحْدَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى صَاحِبِهِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ مَتَاعٍ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَالْبَيْعُ مِنْ حِصَّتِهِ وَحِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَا ضَاعَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَتَاعٍ ضَاعَ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ إذَا غَصَبَ شَرِيكُ الْعِنَانِ شَيْئًا أَوْ اسْتَهْلَكَهُ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ صَاحِبُهُ، وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئًا شِرَاءً فَاسِدًا فَهَلَكَ عِنْدَهُ ضَمِنَ وَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مَاتَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ وَالْمَالُ فِي يَدِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا طَعَامًا لَهُ خَاصَّةً فَحَمَلَ عَلَيْهَا شَرِيكُهُ طَعَامًا لِنَفْسِهِ مِثْلَ ذَلِكَ أَوْ أَخَفَّ يَضْمَنُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اسْتَعَارَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا طَعَامًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا فَحَمَلَ عَلَيْهَا شَرِيكُهُ مِثْلَ ذَلِكَ الطَّعَامِ

الباب الرابع في شركة الوجوه وشركة الأعمال

مِنْ تِجَارَتِهِمَا وَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ مِنْ أَحَدِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ إذَا كَانَتْ مَنْفَعَةُ الْعَارِيَّةِ رَاجِعَةً إلَى الْمُسْتَعِيرِ خَاصَّةً لَيْسَتْ كَالِاسْتِعَارَةِ مِنْهُمَا، وَالِاسْتِعَارَةُ مِنْ أَحَدِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ إذَا كَانَتْ مَنْفَعَةُ الْعَارِيَّةِ رَاجِعَةً إلَيْهِمَا كَالِاسْتِعَارَةِ مِنْهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. شَرِيكَانِ شَرِكَةَ عِنَانٍ اشْتَرَيَا أَمْتِعَةً ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لَا أَعْمَلُ مَعَكَ بِالشَّرِكَةِ، وَغَابَ فَعَمِلَ الْآخَرُ بِالْأَمْتِعَةِ فَمَا اجْتَمَعَ كَانَ لِلْعَامِلِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ وَشَرِكَةِ الْأَعْمَالِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ وَشَرِكَةِ الْأَعْمَالِ) (أَمَّا شَرِكَةُ الْوُجُوهِ) فَهُوَ أَنْ يَشْتَرِكَا، وَلَيْسَ لَهُمَا مَالٌ لَكِنْ لَهُمَا وَجَاهَةٌ عِنْدَ النَّاسِ فَيَقُولَانِ: اشْتَرَكْنَا عَلَى أَنْ نَشْتَرِيَ بِالنَّسِيئَةِ وَنَبِيعَ بِالنَّقْدِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ بَيْنَنَا عَلَى شَرْطِ كَذَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَهَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَتَكُونُ مُفَاوَضَةً بِأَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْكَفَالَةِ وَالْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ ثَمَنِهِ وَيَتَسَاوَيَا فِي الرِّبْحِ وَيَتَلَفَّظَا بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ أَوْ يَذْكُرَا مُقْتَضَيَاتِهَا فَتَتَحَقَّقُ الْوَكَالَةُ وَالْكَفَالَةُ فِي الْأَثْمَانِ وَالْمَبِيعَاتِ، وَإِنْ فَاتَ شَيْءٌ مِنْهَا كَانَتْ عِنَانًا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَإِنْ أُطْلِقَتْ كَانَتْ عِنَانًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْعِنَانُ مِنْهُمَا تَجُوزُ مَعَ اشْتِرَاطِ التَّفَاضُلِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَا الرِّبْحَ فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ عَلَى قَدْرِ اشْتِرَاطِ الْمِلْكِ فِي الْمُشْتَرَى حَتَّى لَوْ تَفَاضَلَا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرَى وَاشْتَرَطَا التَّسَاوِيَ فِي الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا أَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ لَا يَجُوزُ هَذَا الشَّرْطُ وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَا اشْتَرَطَا الْمِلْكَ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِذَا اشْتَرَكَا شَرِكَةَ عِنَانٍ بِأَمْوَالِهِمَا وَوُجُوهِهِمَا فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا مَتَاعًا، فَقَالَ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَشْتَرِ: الْمَتَاعُ مِنْ شَرِكَتِنَا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: هُوَ لِي وَإِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ بِمَالِي وَلِنَفْسِي، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَدَّعِي الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ الشَّرِكَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ إذَا كَانَ الْمَتَاعُ مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمَا، وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ قَبْلَ الشَّرِكَةِ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَا بَلْ اشْتَرَيْتُهُ بَعْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ، يُنْظَرُ: إنْ عُلِمَ تَارِيخُ الشِّرَاءِ وَتَارِيخُ الشَّرِكَةِ، فَإِنْ كَانَ تَارِيخُ الشِّرَاءِ أَسْبَقَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ مَا هُوَ مِنْ شَرِكَتِنَا، وَإِنْ كَانَ

شركة الأعمال

تَارِيخُ الشَّرِكَةِ أَسْبَقَ فَهُوَ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَإِنْ عُلِمَ تَارِيخُ الشِّرَاءِ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ هَذِهِ الْمُنَازَعَةِ بِشَهْرٍ وَلَمْ يُعْلَمْ تَارِيخُ الشَّرِكَةِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي خَاصَّةً، وَإِنْ عُلِمَ تَارِيخُ عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ هَذِهِ الْمُنَازَعَةِ بِشَهْرٍ وَلَمْ يُعْلَمْ تَارِيخُ الشِّرَاءِ أَصْلًا فَهُوَ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لِلشَّرِكَةِ وَالشِّرَاءِ تَارِيخٌ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ مَا هُوَ مِنْ شَرِكَتِنَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ تَارِيخُهُمَا يُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا وَقَعَا مَعًا فَالْمُشْتَرِي لَا يَكُونُ عَلَى الشَّرِكَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: اشْتَرَيْتُ مَتَاعًا فَعَلَيْكَ نِصْفُ ثَمَنِهِ وَكَذَّبَهُ شَرِيكُهُ فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً لَا يُصَدَّقُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ شَرِيكُهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَأَنْكَرَ الْقَبْضَ وَحَلَفَ شَرِيكُهُ عَلَى الْعِلْمِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ قُبِلَتْ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْهَلَاكِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا أَرَادَ الرَّجُلَانِ أَنْ يَشْتَرِكَا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ وَلِأَحَدِهِمَا دَارٌ أَوْ خَادِمٌ أَوْ عُرُوضٌ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ شَيْءٌ فَاشْتَرَكَا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ يَعْمَلَانِ فِي ذَلِكَ بِوُجُوهِهِمَا وَلَمْ يُسَمِّيَا شَيْئًا مِنْ الْعُرُوضِ الَّتِي لِأَحَدِهِمَا فِي شَرِكَتِهِمَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ جَائِزَةً وَهِيَ مُفَاوَضَةٌ وَالْعُرُوضُ لِصَاحِبِهَا خَاصَّةً وَهَذِهِ شَرِكَةُ وُجُوهٍ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا تِبْرُ ذَهَبٍ غَيْرُ مَضْرُوبٍ وَالْبَاقِي بِحَالِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ [شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ] (وَأَمَّا شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ) فَهِيَ كَالْخَيَّاطِينَ وَالصَّبَّاغِينَ، أَوْ أَحَدُهُمَا خَيَّاطٌ وَالْآخَرُ صَبَّاغٌ أَوْ إسْكَافٌ يَشْتَرِكَانِ مِنْ غَيْرِ مَالٍ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا الْأَعْمَالَ فَيَكُونَ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا فَيَجُوزَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَحُكْمُ هَذِهِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَصِيرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فِي تَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ، وَالتَّوْكِيلُ بِتَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ جَائِزٌ كَانَ الْوَكِيلُ يُحْسِنُ مُبَاشَرَةَ الْعَمَلِ أَوْ لَا يُحْسِنُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ هِيَ قَدْ تَكُونُ مُفَاوَضَةً وَقَدْ تَكُونُ عِنَانًا، فَإِنْ ذُكِرَ فِي الشَّرِكَةِ لَفْظُ الْمُفَاوَضَةِ أَوْ مَعْنَى الْمُفَاوَضَةِ بِأَنْ اشْتَرَطَ الصَّانِعَانِ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا جَمِيعًا الْأَعْمَالَ وَأَنْ يَضْمَنَا الْأَعْمَالَ جَمِيعًا عَلَى التَّسَاوِي وَأَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الرِّبْحِ وَالْوَضِيعَةِ وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فِيمَا لَحِقَهُ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فَهِيَ مُفَاوَضَةٌ، وَإِنْ شَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي الْعَمَلِ وَالْأَجْرِ بِأَنْ قَالَا عَلَى أَحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ مِنْ الْعَمَلِ وَعَلَى الْآخَرِ الثُّلُثُ وَالْأَجْرُ وَالْوَضِيعَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ فَهِيَ شَرِكَةُ عِنَانٍ، وَكَذَا إذَا ذَكَرَا لَفَظَّةَ الْعِنَانِ، وَكَذَا

إذَا أَطْلَقَا الشَّرِكَةَ فَهِيَ عِنَانٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ثُمَّ إذَا لَمْ يَتَفَاوَضَا وَلَكِنْ اشْتَرَكَا شَرِكَةً مُطْلَقَةً تُعْتَبَرُ عِنَانًا فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ صَابُونٍ أَوْ أُشْنَانٍ مُسْتَهْلَكٍ أَوْ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ النَّقْلَةِ أَوْ أَجَّرَ أَجِيرًا أَوْ أَجَّرَ بَيْتًا لِمُدَّةٍ مَضَتْ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيَلْزَمُهُ خَاصَّةً وَتُعْتَبَرُ مُفَاوَضَةً فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ حَتَّى لَوْ دَفَعَ رَجُلٌ إلَى أَحَدِهِمَا أَوْ إلَيْهِمَا عَمَلًا فَلَهُ أَنْ يُؤَاخِذَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُطَالِبَ بِأُجْرَةِ الْعَمَلِ وَإِلَى أَيِّهِمَا دَفَعَ بَرِئَ وَعَلَى أَيِّهِمَا وَجَبَ ضَمَانُ الْعَمَلِ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ بِهِ فَقَدْ اُعْتُبِرَتْ هَذِهِ الشَّرِكَةُ بِالْمُفَاوَضَةِ فِي حَقِّ هَذِهِ الْأَحْكَامِ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ بِالْمُفَاوَضَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، هَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِذَا جَنَتْ يَدُ أَحَدِهِمَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا يُؤَاخِذُ صَاحِبُ الْعَمَلِ أَيَّهُمَا شَاءَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ نَاقِلًا عَنْ الْمُنْتَقَى. وَمَتَى كَانَتْ عِنَانًا فَإِنَّمَا يُطَالَبُ بِهِ مَنْ بَاشَرَ السَّبَبَ دُونَ صَاحِبِهِ بِقَضِيَّةِ الْوَكَالَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَتْ عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً، فَإِنْ شَرَطَ التَّفَاضُلَ فِي الرِّبْحِ حَالَ مَا تَقَبَّلَا جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ عَمَلًا مِنْ الْآخَرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا مَرِضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ سَافَرَ أَوْ بَطَّلَ فَعَمِلَ الْآخَرُ كَانَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَأْخُذَ الْأَجْرَ وَإِلَى أَيِّهِمَا دَفَعَ الْأَجْرَ بَرِئَ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَاوَضَا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا مَا عَمِلَهُ الْمُسَافِرُ؛ لِأَنَّ مَا تَقَبَّلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجِبُ عَمَلُهُ عَلَيْهِمَا، فَإِذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْعَمَلِ كَانَ مُعِينًا لِلْآخَرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. أَبٌ وَابْنٌ يَكْتَسِبَانِ فِي صَنْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَالٌ فَالْكَسْبُ كُلُّهُ لِلْأَبِ إذَا كَانَ الِابْنُ فِي عِيَالِ الْأَبِ لِكَوْنِهِ مُعِينًا لَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ غَرَسَ شَجَرَةً تَكُونُ لِلْأَبِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الزَّوْجَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا شَيْءٌ ثُمَّ اجْتَمَعَ بِسَعْيِهِمَا أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ فَهِيَ لِلزَّوْجِ وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ مُعِينَةً لَهُ إلَّا إذَا كَانَ لَهَا كَسْبٌ عَلَى حِدَةٍ فَهُوَ لَهَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَمَا تَغْزِلُهُ مِنْ قُطْنِ الزَّوْجِ وَيَنْسِجُهُ هُوَ كَرَابِيسَ فَهُوَ لِلزَّوْجِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْحَمَّادِيَّةِ. وَلَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ وَالْمَالَ أَثْلَاثًا جَازَا اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَهَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَافِي

وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ شَرَطَا أَكْثَرَ الرِّبْحِ لِأَدْنَاهُمَا عَمَلًا فَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ، وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَكَا وَاشْتَرَطَا الْكَسْبَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَلَمْ يُبَيِّنَا الْعَمَلَ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَكُونُ التَّنْصِيصُ عَلَى التَّفَاضُلِ بَيَانًا لِلتَّفَاضُلِ فِي الْعَمَلِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. فَأَمَّا الْوَضِيعَةُ فَلَا تَكُونُ بَيْنَهُمَا إلَّا عَلَى قَدْرِ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، فَإِنْ كَانَا اشْتَرَطَا أَنَّ مَا تَقَبَّلَاهُ مِنْ شَيْءٍ فَثُلُثَاهُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَثُلُثُهُ عَلَى الْآخَرِ وَالْوَضِيعَةُ نِصْفَانِ فَالْقَبَالَةُ عَلَى مَا شَرَطَا، وَاشْتِرَاطُهُمَا الْوَضِيعَةَ بَاطِلٌ وَهِيَ عَلَى قَدْرِ مَا شُرِطَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْقَبَالَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ سَلَّمَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيَخِيطَهُ بِنَفْسِهِ وَلِلْخَيَّاطِ شَرِيكٌ فِي الْخِيَاطَةِ مُفَاوَضَةً فَلِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنْ يُطَالِبَ بِالْعَمَلِ أَيَّهُمَا شَاءَ مَا بَقِيَتْ الْمُفَاوَضَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا تَفَرَّقَا أَوْ مَاتَ الَّذِي قَبَضَ الثَّوْبَ لَمْ يُؤَاخِذْ الْآخَرَ بِالْعَمَلِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ أَنْ يَخِيطَهُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ افْتَرَقَا فَإِنَّهُ يُؤَاخِذُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ بِالْخِيَاطَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى أَحَدِهِمَا ثَوْبًا عِنْدَهُمَا فَأَقَرَّ بِهِ أَحَدُهُمَا وَجَحَدَ الْآخَرُ جَازَ إقْرَارُهُ عَلَى الْآخَرِ وَيَدْفَعُ الثَّوْبَ وَيَأْخُذُ الْأَجْرَ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي الثَّوْبِ خَرْقٌ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مِنْ الدَّقِّ وَجَحَدَ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ لِلطَّالِبِ، وَقَالَ: هُوَ لَنَا، صَدَّقْتُ الْمُقِرَّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنِّي أُصَدِّقُهُ عَلَى الثَّوْبِ أَنَّهُ لِلْمَقَرِّ لَهُ، وَلَوْ أَنَّ الْمُنْكِرَ أَقَرَّ بِالثَّوْبِ لِآخَرَ ادَّعَاهُ بَعْدَ إنْكَارِهِ الْأَوَّلِ كَانَ الْإِقْرَارُ لَهُ إقْرَارًا لِلْأَوَّلِ فِي الثَّوْبِ، وَلَا يُصَدَّقُ الْآخَرُ عَلَى الثَّوْبِ وَيُصَدَّقُ عَلَى نَفْسِهِ بِالضَّمَانِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَيُّهُمَا أَقَرَّ بِثَوْبٍ مُسْتَهْلَكٍ بِفِعْلِهِمَا لِرَجُلٍ وَالْآخَرُ مُنْكِرٌ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُقِرِّ خَاصَّةً، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ صَابُونٍ أَوْ أُشْنَانٍ مُسْتَهْلَكٍ أَوْ أَجْرِ أَجِيرٍ أَوْ أُجْرَةِ بَيْتٍ لِمُدَّةٍ مَضَتْ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لَمْ تَمْضِ وَالْمَبِيعُ لَمْ يُسْتَهْلَكْ لَزِمَهُمَا وَنَفَذَ إقْرَارُ الْمُقِرِّ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ لَهُمَا بِغَيْرِ شِرَاءٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (1) فَيُجِنَّانِ اشْتَرَكَا فِي نَقْلِ كُتُبِ الْحَاجِّ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ فَبَيْنَهُمَا

نِصْفَانِ فَهَذِهِ الشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. مُعَلِّمَانِ اشْتَرَكَا لِحِفْظِ الصِّبْيَانِ وَتَعْلِيمِ الْكِتَابَةِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي تَعْلِيمِ الْفِقْهِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. اشْتَرَكَا فِي عَمَلٍ هُوَ حَرَامٌ لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَلَا تَجُوزُ شَرِكَةُ الدَّلَّالِينَ فِي عَمَلِهِمْ وَلَا شَرِكَةُ الْقِرَاءَة فِي الْقِرَاءَةِ بِالزَّمْزَمَةِ فِي الْمَجْلِسِ وَالتَّعَازِي، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ثَلَاثَةِ نَفَرٍ مِنْ الْكَيَّالِينَ اشْتَرَكُوا بَيْنَهُمْ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلُوا الطَّعَامَ وَيَكِيلُوهُ فَمَا أَصَابُوا مِنْ شَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُمْ فَقَبِلُوا طَعَامًا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَمَرِضَ رَجُلٌ مِنْهُمْ وَتَبَطَّلَ وَعَمِلَ الْآخَرَانِ قَالَ: الْأَجْرُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَلَوْ أَنَّهُ حِينَ مَرِضَ أَحَدُهُمْ وَكَرِهَ الْآخَرَانِ أَنْ يَعْمَلَا عَمَلَهُ فَنَاقَضَا الشَّرِكَةَ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ، أَوْ قَالَا: اشْهَدُوا أَنَّا قَدْ نَاقَضْنَا الشَّرِكَةَ ثُمَّ كَالَا الطَّعَامَ كُلَّهُ فَلَهُمَا ثُلُثَا الْأَجْرِ وَلَا أَجْرَ لَهُمَا فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي وَهُمَا مُتَطَوِّعَانِ فِي كَيْلِهِ وَلَا يُشْرِكُهُمَا الثَّالِثُ فِيمَا أَخَذَا مِنْ الْأَجْرِ. وَكَذَلِكَ ثَلَاثَةُ نَفَرِ تَقَبَّلُوا مِنْ رَجُلٍ عَمَلًا بَيْنَهُمْ وَلَيْسُوا بِشُرَكَاءَ ثُمَّ عَمِلَ أَحَدُهُمْ ذَلِكَ الْعَمَلَ بِانْفِرَادِهِ فَلَهُ ثُلُثُ الْأَجْرِ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي الثُّلُثَيْنِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ صَاحِبَ الْعَمَلِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاخِذَ أَحَدَهُمْ بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ثَلَاثَةٌ لَمْ يَعْقِدُوا شَرِكَةَ تَقَبُّلٍ فَتَقَبَّلُوا عَمَلًا ثُمَّ جَاءَ أَحَدُهُمْ فَعَمِلَهُ كُلَّهُ فَلَهُ ثُلُثُ الْأُجْرَةِ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. خَيَّاطٌ وَتِلْمِيذُهُ اشْتَرَكَا فِي الْخِيَاطَةِ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ الْأُسْتَاذُ الثِّيَابَ وَيَخِيطَ التِّلْمِيذُ، وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ أَوْ الْحَائِكَانِ عَلَى أَنْ يُهَيِّئَ أَحَدُهُمَا الْغَزْلَ لِلنَّسْجِ وَيَنْسِجَهُ الْآخَرُ يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ هَذِهِ الشَّرِكَةُ كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ خَيَّاطٌ وَصَبَّاغٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا أَقْعَدَ الصَّانِعُ مَعَهُ رَجُلًا فِي دُكَّانِهِ يَطْرَحُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ بِالنِّصْفِ جَازَ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، فَعَلَى هَذَا قَالُوا: لَوْ تَقَبَّلَ التِّلْمِيذُ جَازَ، وَلَوْ عَمِلَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ جَازَ حَتَّى لَوْ قَالَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ: أَنَا أَتَقَبَّلُ وَلَا تَتَقَبَّلْ أَنْتَ وَأَطْرَحُ عَلَيْكَ تَعْمَلُ بِالنِّصْفِ

الباب الخامس في الشركة الفاسدة

لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ) وَهِيَ الَّتِي فَاتَهَا شَرْطٌ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ وَالِاسْتِقَاءِ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَكَذَا الِاحْتِشَاشُ وَالتَّكَدِّي وَسُؤَالُ النَّاسِ وَمَا اصْطَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ احْتَطَبَهُ أَوْ أَصَابَهُ مِنْ التَّكَدِّي فَهُوَ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ وَعَلَى هَذَا الِاشْتِرَاكُ فِي كُلِّ مُبَاحٍ كَأَخْذِ الْكَلَأِ وَالثِّمَارِ مِنْ الْجِبَالِ كَالْجَوْزِ وَالتِّينِ وَالْفُسْتُقِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَذَا فِي نَقْلِ الطِّينِ وَبَيْعِهِ مِنْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَوْ الْجِصِّ أَوْ الْمِلْحِ أَوْ الثَّلْجِ أَوْ الْكُحْلِ أَوْ الْمَعْدِنِ أَوْ الْكُنُوزِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَبْنِيَا مِنْ طِينٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ أَوْ يَطْحَنَا آجُرًّا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، فَإِنْ كَانَ الطِّينُ أَوْ النُّورَةُ أَوْ سِهْلَةُ الزُّجَاجِ مَمْلُوكًا وَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا وَيَطْحَنَا وَيَبِيعَا جَازَ وَهِيَ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ أَخَذَا مَعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْمَلْ الْآخَرُ شَيْئًا فَهُوَ لِلْعَامِلِ، كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ أَعَانَهُ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ الثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بَالِغًا مَا بَلَغَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَعَانَهُ بِنَصْبِ الشِّبَاكِ وَنَحْوِهِ فَلَمْ يُصِيبَا شَيْئًا لَهُ قِيمَةٌ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ خَلَطَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ يَمِينِهِ عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ إلَى تَمَامِ النِّصْفِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَإِنْ خَلَطَاهُ وَبَاعَاهُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُكَالُ وَيُوزَنُ قُسِّمَ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ الَّذِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا قُسِّمَ عَلَى قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَالْقِيمَةُ يُصَدَّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يَدَّعِيهِ إلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا زَادَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِذَا اشْتَرَكَا فِي الِاصْطِيَادِ وَلَهُمَا كَلْبٌ فَأَرْسَلَاهُ أَوْ نَصَبَا

شَبَكَةً فَالصَّيْدُ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ كَانَ الْكَلْبُ لِأَحَدِهِمَا وَهُوَ فِي يَدِهِ فَأَرْسَلَاهُ جَمِيعًا كَانَ مَا أَخَذَ لِصَاحِبِ الْكَلْبِ إلَّا إذَا جَعَلَ مَنْفَعَةَ كَلْبِهِ لِغَيْرِهِ بِأَنْ أَعَارَ الْكَلْبَ مِنْ غَيْرِهِ، فَيَصْطَادُ فَالْمَأْخُوذُ لِلْمُسْتَعِيرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَلْبٌ فَأَصَابَا صَيْدًا كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ أَصَابَ كَلْبُ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَيْدًا عَلَى حِدَةٍ كَانَ لَهُ خَاصَّةً، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا صَيْدًا فَأَثْخَنَهُ ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُ فَأَعَانَهُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْكَلْبِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ أَثْخَنَهُ حَتَّى جَاءَ الْآخَرُ فَأَثْخَنَاهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اشْتَرَكَا وَلِأَحَدِهِمَا بَغْلٌ وَلِلْآخَرِ رَاوِيَةٌ يَسْتَقِي عَلَيْهَا الْمَاءَ وَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا لَمْ تَصِحَّ الشَّرِكَةُ، وَالْكَسْبُ كُلُّهُ لِلَّذِي اسْتَقَى الْمَاءَ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الرَّاوِيَةِ إنْ كَانَ الْعَامِلُ صَاحِبَ الْبَغْلِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ الرَّاوِيَةِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْبَغْلِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اشْتَرَكَا وَلِأَحَدِهِمَا بَغْلٌ وَلِلْآخَرِ بَعِيرٌ عَلَى أَنْ يُؤَاجِرَاهُمَا وَالْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا لَا تَصِحُّ، فَإِنْ آجَرَاهُمَا قُسِّمَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا عَلَى مِثْلِ أَجْرِ الْبَغْلِ وَمِثْلِ أَجْرِ الْبَعِيرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا لَوْ آجَرَ الْبَغْلَ بِعَيْنِهِ كَانَ الْأَجْرُ لِصَاحِبِ الْبَغْلِ دُونَ صَاحِبِ الْبَعِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَعَانَهُ عَلَى الْحُمُولَةِ وَالنَّقْلِ كَانَ لِلَّذِي أَعَانَ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ الْأَجْرِ الَّذِي آجَرَهُ بِهِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ شَرَطَا عَمَلَهُمَا مَعَ الدَّابَّةِ نَحْوَ السَّوْقِ وَالْحَمْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قُسِّمَ الْأَجْرُ عَلَى مِثْلِ أَجْرِ دَابَّتِهِمَا وَعَلَى أَجْرِ عَمَلِهِمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَقَبَّلَا حُمُولَةً مَعْلُومَةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُؤَاجِرْ الْبَغْلَ وَالْبَعِيرَ وَحَمَلَا عَلَى الْبَغْلِ وَالْبَعِيرِ اللَّذَيْنِ أَضَافَا عَقْدَ الشَّرِكَةِ إلَيْهِمَا كَانَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الْأَجْرِ هُنَا تَقَبُّلُ الْحَمْلِ وَقَدْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ، وَلَوْ تَقَبَّلَا الْحَمْلَ وَحَمَلَا عَلَى أَعْنَاقِهِمَا كَانَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى قَدْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ كَذَلِكَ هَهُنَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا اشْتَرَكَ رَجُلَانِ وَلِأَحَدِهِمَا دَابَّةٌ وَلِلْآخَرِ إكَافٌ وَجُوَالِقٌ عَلَى أَنْ يُؤَاجِرَ الدَّابَّةَ عَلَى أَنَّ الْأَجْرَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَهَذِهِ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فَإِنْ آجَرَا الدَّابَّةَ لِحَمْلِ طَعَامٍ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ تَنَقَّلَاهُ بِتِلْكَ الْأَدَاةِ بِأَنْفُسِهِمَا كَانَ الْأَجْرُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ وَلَا يَنْقَسِمُ عَلَى أَجْرِ مِثْلِ الدَّابَّةِ وَأَجْرِ

مِثْلِ الْإِكَافِ وَالْجُوَالِقِ، وَلَوْ كَانَا اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا حَمْلَ الطَّعَامِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ هَذَا بِأَدَاتِهِ، وَهَذَا بِدَابَّتِهِ فَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا أَجْرَ لِدَابَّةِ هَذَا وَلَا لِأَدَاةِ هَذَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ دَفَعَ دَابَّتَهُ إلَى رَجُلٍ لِيُؤَاجِرَهَا عَلَى أَنَّ الْأَجْرَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً، فَإِنْ آجَرَ الدَّابَّةَ كَانَ جَمِيعُ الْأَجْرِ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ وَلِلْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَوْ دَفَعَ دَابَّةً إلَى رَجُلٍ لِيَبِيعَ عَلَيْهَا الْبَزَّ وَالطَّعَامَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً بِمَنْزِلَةِ الشَّرِكَةِ بِالْعُرُوضِ، وَإِذَا فَسَدَتْ كَانَ الرِّبْحُ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ وَالْبَزِّ وَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ أَجْرُ مِثْلِهَا، وَالْبَيْتُ وَالسَّفِينَةُ فِي هَذَا كَالدَّابَّةِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ شَبَكَةً لِيَصِيدَ بِهَا السَّمَكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَالصَّيْدُ لِلصَّائِدِ وَلِصَاحِبِ الشَّبَكَةِ أَجْرُ مِثْلِهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ قَصَّارًا لَهُ أَدَاةُ الْقَصَّارِينَ وَقَصَّارًا لَهُ بَيْتٌ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَا بِأَدَاةِ هَذَا فِي بَيْتِ هَذَا عَلَى أَنَّ الْكَسْبَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ حِرْفَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَوْ كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا أَدَاةُ الْقَصَّارِينَ وَمِنْ الْآخَرِ الْعَمَلُ فَاشْتَرَكَا عَلَى هَذَا فَالشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ وَيَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَدَاةِ وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ الْحَمَّالِينَ أَوْ خَمْسَةٍ يَشْتَرِكُونَ عَلَى أَنْ يَمْلَأَ بَعْضُهُمْ الْجُوَالِقَ وَبَعْضُهُمْ يَحْمِلُ الْحِنْطَةَ إلَى بَيْتِ صَاحِبِ الْحِنْطَةِ وَبَعْضُهُمْ يَأْخُذُ مِنْ فَمِ الْجُوَالِقِ وَيَحْمِلُهُ عَلَى ظَهْرِهِ عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُونَ مِنْ هَذَا عَلَى السَّوَاءِ، هَلْ تَكُون هَذِهِ الشَّرِكَةُ صَحِيحَةً؟ فَقَالَ: لَا تَصِحُّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا كَانَ دُودُ الْقَزِّ مِنْ وَاحِدٍ وَوَرَقُ التُّوتِ مِنْهُ وَالْعَمَلُ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنَّ الْقَزَّ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَمَلُ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ لَوْ كَانَ الْبَيْضُ مِنْهُمَا وَالْعَمَلُ عَلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ صَاحِبُ الْأَوْرَاقِ لَا يَضُرُّهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي الْفَتَاوَى أَعْطَى بَذْرَ الْفُلَّيْقِ رَجُلًا لِيَقُومَ عَلَيْهِ وَيَعْلِفَهُ بِالْأَوْرَاقِ عَلَى أَنَّ مَا حَصَلَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا فَقَامَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ حَتَّى أَدْرَكَ فَالْفُلَّيْقُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَلِلرَّجُلِ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْأَوْرَاقِ وَأَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْبَذْرُ وَالْأَوْرَاقُ وَمِنْ الْآخَرِ الْعَمَلُ فَالْفُلَّيْقُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ لَوْ كَانَ

الْبَيْضُ مِنْهُمَا وَالْعَمَلُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ صَاحِبُ الْأَوْرَاقِ لَا يَضُرُّهُ وَبِهِ نَصَّ الْخُجَنْدِيُّ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَعَلَى هَذَا إذَا دَفَعَ الْبَقَرَةَ إلَى إنْسَانٍ بِالْعَلَفِ لِيَكُونَ الْحَادِثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَمَا حَدَثَ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَقَرَةِ وَلِذَلِكَ الرَّجُلِ مِثْلُ الْعَلَفِ الَّذِي عَلَفَهَا وَأَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا قَامَ عَلَيْهَا وَعَلَى هَذَا إذَا دَفَعَ دَجَاجَةً إلَى رَجُلٍ بِالْعَلَفِ لِيَكُونَ الْبَيْضُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ الْبَقَرَةِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَنِصْفَ الدَّجَاجَةِ وَنِصْفَ بَذْرِ الْفُلَّيْقِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ حَتَّى تَصِيرَ الْبَقَرَةُ وَأَجْنَاسُهَا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ الْحَادِثُ مِنْهَا عَلَى الشَّرِكَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَكُلُّ شَرِكَةٍ فَاسِدَةٍ فَالرِّبْحُ فِيهَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ كَأَلْفٍ لِأَحَدِهِمَا مَعَ أَلْفَيْنِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَإِنْ كَانَا شَرَطَا الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بَطَلَ ذَلِكَ الشَّرْطُ، وَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِثْلُ مَا لِلْآخَرِ وَشَرَطَا الرِّبْحَ أَثْلَاثًا بَطَلَ شَرْطُ التَّفَاضُلِ وَانْقَسَمَ نِصْفَيْنِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِي وُجُودِهِ تَابِعٌ لِلْمَالِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. . الشَّرِكَةُ تَبْطُلُ بِبَعْضِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَلَا تَبْطُلُ بِالْبَعْضِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي الصَّنْعَةِ لَا تَبْطُلُ وَتَبْطُلُ بِاشْتِرَاطِ رِبْحِ عَشَرَةٍ لِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ كِلَاهُمَا شَرْطًا فَاسِدًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَتَبْطُلُ الشَّرِكَةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا عَلِمَ بِهِ الشَّرِيكُ أَوْ لَا، وَلَوْ كَانَ الْمَوْتُ حُكْمِيًّا بِأَنْ قَضَى بِلِحَاقِهِ مُرْتَدًّا، فَإِنْ لَمْ يُقْضَ بِهِ تَوَقَّفَ انْقِطَاعُهَا إجْمَاعًا فَإِنْ عَادَ قَبْلَ الْحُكْمِ بَقِيَتْ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَطَعَتْ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ لَمْ يَلْحَقْ بِدَارِ الْحَرْبِ انْقَطَعَتْ الْمُفَاوَضَةُ عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ، فَإِنْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالْبُطْلَانِ حَتَّى أَسْلَمَ عَادَتْ الْمُفَاوَضَةُ، فَإِنْ مَاتَ بَطَلَتْ مِنْ وَقْتِ الرِّدَّةِ، وَإِذَا انْقَطَعَتْ الْمُفَاوَضَةُ عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ، هَلْ تَصِيرُ عِنَانًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؟ لَا وَعِنْدَهُمَا تَبْقَى عِنَانًا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ لَكِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا الشَّرِكَةَ وَلَمْ يَعْلَمْ شَرِيكُهُ لَا تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ، وَلَوْ عَلِمَ: إنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ انْفَسَخَتْ الشَّرِكَةُ، وَلَوْ كَانَ عُرُوضًا وَقْتَ الْفَسْخِ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ قَالُوا تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ عُرُوضًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا أَنْكَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الشَّرِكَةَ، وَمَالُ الشَّرِكَةِ أَمْتِعَةٌ كَانَ هَذَا فَسْخًا لِلشَّرِكَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ الشُّرَكَاءُ ثَلَاثَةً مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَتَّى انْفَسَخَتْ الشَّرِكَةُ فِي حَقِّهِ

الباب السادس في المتفرقات

لَا تَنْفَسِخُ فِي حَقِّ الْبَاقِينَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ: لَا أَعْمَلُ مَعَكَ بِالشَّرِكَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: فَاسَخْتُكَ الشَّرِكَةَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مُتَفَاوِضُونَ غَابَ أَحَدُهُمْ وَأَرَادَ الْآخَرَانِ أَنْ يَتَنَاقَضَا لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ بِدُونِ الْغَائِبِ وَلَا يَنْقُضُ الْبَعْضُ بِدُونِ الْبَعْضِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ مَالَ الْآخَرِ إلَّا بِإِذْنِهِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ. فَإِنْ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ عَنْهُ فَأَدَّيَا مَعًا ضَمَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَدَّيَا أَدَاءً مُتَعَاقِبًا ضَمِنَ الثَّانِي، عَلِمَ بِأَدَاءِ صَاحِبِهِ أَمْ لَا، عِنْدَ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْوَكِيلُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ أَوْ الْكَفَّارَاتِ إذَا أَدَّى الْآمِرُ بِنَفْسِهِ مَعَ الْمَأْمُورِ أَوْ قَبْلَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَأَمَّا الْمَأْمُورُ بِذَبْحِ دَمِ الْإِحْصَارِ إذَا ذَبَحَ بَعْدَمَا زَالَ الْإِحْصَارُ وَحَجَّ الْآمِرُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إجْمَاعًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ كُلُّ دَيْنٍ وَجَبَ لِلِاثْنَيْنِ عَلَى وَاحِدٍ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ حَقِيقَةً وَحُكْمًا كَانَ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، فَإِذَا قَبَضَ شَيْئًا مِنْهُ كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْمَقْبُوضِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ دَيْنٌ بَيْنِ رَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ بَيْنَهُمَا بَاعَاهُ أَوْ أَلْفٌ بَيْنَهُمَا أَقْرَضَاهُ أَوْ اسْتَهْلَكَ لَهُمَا ثَوْبًا أَوْ وَرِثَا دَيْنًا لِرَجُلٍ عَلَيْهِ فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ أَوْ بَعْضَهُ فَلِلْآخَرِ أَنْ يُشْرِكَهُ فَيَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ مَا قَبَضَهُ بِعَيْنِهِ سَوَاءٌ كَانَ أَجْوَدَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ مِثْلَهُ أَوْ أَرْدَأَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ أَرَادَ الْقَابِضُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ مَالٍ آخَرَ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرْضَى السَّاكِتُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ السَّاكِتُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْقَابِضِ مِثْلَهَا لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَى الْقَابِضِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ شَاءَ السَّاكِتُ سَلَّمَ الْمَقْبُوضَ لِلْقَابِضِ وَاتَّبَعَ الْغَرِيمَ فِي نَصِيبِهِ، فَإِذَا اتَّبَعَ الْغَرِيمَ لَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ مَا قَبَضَ مَا لَمْ يَبْقَ مَا بَقِيَ عَلَى الْغَرِيمِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ نَوَى الدَّيْنَ عَلَى الْغَرِيمِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الشَّرِيكِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ

يَرْجِعَ فِي عَيْنِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ وَلِلْقَابِضِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِثْلَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ هَلَكَ مَا قَبَضَ الشَّرِيكُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ مُسْتَوْفِيًا وَمَا بَقِيَ عَلَى الْغَرِيمِ لِشَرِيكِهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ غَيْرُهُ بِالْقَبْضِ فَقَبَضَ الْوَكِيلُ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ يَهْلِكُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ كَانَ قَائِمًا لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَخْرَجَ الْقَابِضُ مَا قَبَضَهُ مِنْ يَدِهِ بِأَنْ وَهَبَهُ أَوْ قَضَاهُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ عَلَى وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ نِصْفَ مَا قَبَضَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ يَدِ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ قَائِمًا مَوْجُودًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمَا قَبَضَ الشَّرِيكُ مِنْ شَرِيكِهِ يَكُونُ قَدْرُ ذَلِكَ لِلْقَابِضِ دَيْنًا عَلَى الْغَرِيمِ وَيَكُونُ مَا عَلَى الْغَرِيمِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ مِنْ الدَّيْنِ حَتَّى لَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَلْفَ دِرْهَمٍ بَيْنَهُمَا فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا خَمْسَمِائَةٍ فَجَاءَ الشَّرِيكُ فَأَخَذَ نِصْفَهَا كَانَ لِلْقَابِضِ نِصْفُ مَا بَقِيَ عَلَى الْغَرِيمِ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَتَكُونُ الشَّرِكَةُ بَاقِيَةً فِي الدَّيْنِ كَمَا كَانَتْ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَكُلُّ دَيْنٍ وَجَبَ لِاثْنَيْنِ بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا أَوْ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً لَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا حَتَّى إذَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا لَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ بَاعَا عَبْدًا بَيْنَهُمَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ، وَلَوْ سَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِنَصِيبِهِ ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلَانِ لِأَحَدِهِمَا عَبْدٌ وَلِلْآخَرِ أَمَةٌ بَاعَاهُمَا بِأَلْفٍ اشْتَرَكَا فِيمَا يَقْبِضَانِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ سَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَمْلُوكِهِ ثَمَنًا لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَ الْقَابِضَ فِي الْمَقْبُوضِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ أَمَرَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَا لَهُ جَارِيَةً فَاشْتَرَيَاهَا وَنَقَدَا الثَّمَنَ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا أَوْ مِنْ مَالٍ مُتَفَرِّقٍ لَمْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَقْبِضَانِ مِنْ الْآمِرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ فَكَفَلَ عَنْ الْغَرِيمِ رَجُلَانِ وَأَدَّيَا ثُمَّ قَبَضَ أَحَدُ الْكَفِيلَيْنِ مِنْ الْغَرِيمِ شَيْئًا يَكُونُ لِلْآخَرِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ إنْ أَدَّيَا مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ أَحَدُهُمَا شَيْئًا لَكِنْ اشْتَرَى بِنَصِيبِهِ ثَوْبًا فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ نِصْفَ ثَمَنِ الثَّوْبِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَإِنْ اجْتَمَعَا جَمِيعًا عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الثَّوْبِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ

، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ بِحِصَّتِهِ ثَوْبًا وَلَكِنْ صَالَحَهُ مِنْ حَقِّهِ عَلَى ثَوْبٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ طَالَبَهُ شَرِيكُهُ بِمَا قَبَضَ فَإِنَّ الْقَابِضَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ إلَيْهِ نِصْفَ الثَّوْبِ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مِثْلَ نِصْفِ حَقِّهِ مِنْ الدَّيْنِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ شَيْئًا وَلَا يُشَارِكَهُ صَاحِبُهُ فِيمَا أَخَذَ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَهَبَ الْمَدْيُونُ مِنْهُ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُسَلِّمَ إلَيْهِ ثُمَّ هُوَ يُبْرِئُ الْغَرِيمَ عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ فِيمَا أَخَذَ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلَانِ لَهُمَا عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ وَلَا شَرِكَةَ لِلْآخَرِ فِيهِ، قَالَ نُصَيْرٌ: يَهَبُ الْغَرِيمَ خَمْسَمِائَةَ دِرْهَمٍ وَيَقْبِضُ ثُمَّ يُبْرِئُ الْغَرِيمَ مِنْ حِصَّتِهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَبِيعُ مِنْ الْغَرِيمِ كَفًّا مِنْ زَبِيبٍ مِثْلًا بِمِثْلِ مَا لَهُ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمُ إلَيْهِ الزَّبِيبَ ثُمَّ يُبْرِئُهُ مِمَّا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُطَالِبُهُ بِثَمَنِ الزَّبِيبِ لَا بِالدَّيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَهَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْغَرِيمِ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا، وَلَوْ أَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا عَنْ مِائَةٍ وَالدَّيْنُ أَلْفٌ ثُمَّ خَرَجَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ اقْتَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا عَلَى الْغَرِيمِ وَذَلِكَ تِسْعَةٌ، لِلسَّاكِتِ خَمْسَةٌ وَلِلْمُبْرِئِ أَرْبَعَةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي التَّجْرِيدِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَلَوْ اقْتَسَمَا الْمَقْبُوضَ نِصْفَيْنِ ثُمَّ أَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا عَنْ شَيْءٍ فَالْقِسْمَةُ مَاضِيَةٌ لَا تَنْتَقِضُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فَإِنْ أَخَّرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِمَا، فَقَالَ: إذَا قَبَضَ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يُؤَخِّرْ لَمْ يَكُنْ لِلَّذِي أَخَّرَ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ حَتَّى يَحُلَّ دَيْنُهُ، فَإِذَا حَلَّ دَيْنُهُ شَارَكَهُ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا ضَمَّنَهُ حِصَّتَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْآخَرُ شَيْئًا حَتَّى حَلَّ دَيْنُ الْأَجَلِ عَادَ الْأَمْرُ إلَى مَا كَانَ فَمَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا مِنْ شَيْءٍ يُشْرِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَلَوْ أَنَّ الْغَرِيمَ عَجَّلَ لِلَّذِي أَخَّرَ حِصَّتَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ حِصَّتِهِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ ذَلِكَ وَذَلِكَ خَمْسُونَ، وَإِذَا أَخَذَ مِنْهُ ذَلِكَ كَانَ لِلَّذِي عَجَّلَ لَهُ الْمِائَةَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَرِيمِ بِمِثْلِ مَا أَخَذَ مِنْهُ وَذَلِكَ خَمْسُونَ مِنْ حِصَّةِ الَّذِي لَمْ يُؤَخِّرْهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الَّذِي يُؤَخِّرُهُ إذَا أَخَذَ مِنْ الْمُؤَخَّرِ صَارَ لِلْمُؤَخَّرِ مِنْ حِصَّتِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْغَرِيمَ لَوْ عَجَّلَ لِلْمُؤَخِّرِ جَمِيعَ

حَقِّهِ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ فَأَخَذَ الَّذِي لَمْ يُؤَخِّرْ مِنْ ذَلِكَ نِصْفَهُ كَانَ لِلْمُؤَخِّرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا أَخَذَ مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فَكَذَا هُنَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِذَا أَخَذَهَا اقْتَسَمَهَا وَشَرِيكُهُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ لِشَرِيكِهِ تِسْعَةٌ وَلَهُ سَهْمٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلَانِ لَهُمَا دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى آخَرَ فَعَجَّلَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا اقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ وَالْبَاقِي لَهُمَا إلَى الْأَجَلِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا الْمَرْأَةَ الَّتِي عَلَيْهَا الدَّيْنُ عَلَى حِصَّتِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْسِمِائَةٍ مُرْسَلَةٍ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ خَمْسِمِائَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِنَصِيبِهِ فَإِنَّ شَرِيكَهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ كَانَ لِلْمَطْلُوبِ عَلَى أَحَدِ الطَّالِبَيْنِ دَيْنٌ بِسَبَبٍ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ لَهُمَا عَلَيْهِ وَصَارَ قِصَاصًا بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ دَيْنٌ بِسَبَبٍ بَعْدَ أَنْ يَجِبَ لَهُمَا عَلَيْهِ وَصَارَ قِصَاصًا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَانَ لِلْمَطْلُوبِ مِثْلُ نَصِيبِهِ قَبْلَ دَيْنِهِمَا بَرِئَ الْمَطْلُوبُ مِنْ حِصَّتِهِ وَلَا شَيْءَ لِشَرِيكِهِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً كَانَ أَرْشُهَا خَمْسَمِائَةٍ لَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ شَيْءٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ أَحَدَ الطَّالِبَيْنِ إذَا شَجَّ الْمَطْلُوبَ مُوضِحَةً عَمْدًا فَصَالَحَهُ عَلَى حِصَّتِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِشَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا تُمْكِنُ الْمُشَارَكَةُ فِيهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَفِي الْقُدُورِيِّ لَوْ اسْتَهْلَكَ أَحَدُ الطَّالِبَيْنِ عَلَى الْمَطْلُوبِ مَالًا وَصَارَتْ قِيمَتُهُ قِصَاصًا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَنَّ أَحَدَ رَبَّيْ الدَّيْنِ أَفْسَدَ عَلَى الْمَطْلُوبِ مَتَاعَهُ أَوْ قَتَلَ عَبْدًا لَهُ أَوْ عَقَرَ دَابَّةً لَهُ وَصَارَ مَالُهُ قِصَاصًا بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَخَذَهُ ثُمَّ أَحْرَقَهُ أَوْ غَصَبَهُ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ فَبَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ، وَلَوْ ارْتَهَنَ أَحَدُهُمَا بِحِصَّتِهِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ ذَهَبَتْ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فِي ضَمَانِ الْغَصْبِ أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ أَوْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَضْمَنْ لِشَرِيكِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَنَّ أَحَدَ الْغَرِيمَيْنِ اللَّذَيْنِ لَهُمَا

الْمَالُ قَتَلَ عَبْدَ الْمَطْلُوبِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فَصَالَحَهُ الْمَطْلُوبُ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا وَبَرِئَ مِنْ حِصَّةِ الْقَاتِلِ مِنْ الدَّيْنِ فَكَانَ لِشَرِيكِ الْقَاتِلِ أَنْ يُشْرِكَهُ فَيَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ خَمْسِمِائَةٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ ضَمِنَ أَحَدُ الطَّالِبَيْنِ لِلْمَطْلُوبِ مَالًا عَنْ رَجُلٍ صَارَتْ حِصَّتُهُ قِصَاصًا بِهِ وَلَا شَيْءَ لِشَرِيكِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ اقْتَضَى عَنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ ذَلِكَ الْمَالُ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ أَيْضًا فَيُشَارِكَهُ فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَعْطَى أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ كَفِيلًا بِحِصَّتِهِ أَوْ أَحَالَهُ بِذَلِكَ عَلَى رَجُلٍ فَمَا اقْتَضَاهُ هَذَا الشَّرِيكُ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ الْحَوِيلِ فَلِلْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلَانِ لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا الْمَدْيُونَ عَنْ الْأَلْفِ كُلِّهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهَا فَأَجَازَ الْآخَرُ جَمِيعَ مَا صَنَعَ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ نِصْفُ الْمِائَةِ، فَإِنْ قَالَ الْقَابِضُ: قَدْ هَلَكَتْ، فَهُوَ مُؤْتَمَنٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقَدْ بَرِئَ الْغَرِيمُ، وَإِنْ أَجَازَ الصُّلْحَ وَلَمْ يَقُلْ: أَجَزْتُ مَا صَنَعَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ بِخَمْسِينَ وَيَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَى الْقَابِضِ بِخَمْسِينَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ إجَازَةَ الصُّلْحِ لَيْسَتْ إجَازَةَ الْقَبْضِ رَجُلَانِ لَهُمَا فِي يَدَيْ رَجُلٍ غُلَامٌ أَوْ دَارٌ صَالَحَهُ أَحَدُهُمَا مِنْهُ عَلَى مِائَةٍ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْغُلَامُ مُقِرًّا بِالْغُلَامِ فَإِنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ فِي الْمِائَةِ وَإِنْ كَانَ جَاحِدًا لَهُ شَارَكَهُ فِيهَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُمَا سَوَاءٌ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ مُسْتَهْلَكًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلَانِ اشْتَرَيَا مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَاشْتَرَى الْآخَرُ نِصْفَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَجَدَا بِهَا عَيْبًا وَرَدَّاهَا ثُمَّ قَبَضَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ لَا يُشَارِكُهُ صَاحِبُهُ فِيمَا قَبَضَ دُفِعَ الثَّمَنُ مُخْتَلِطًا فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الثَّمَنَ عَلَى حِدَةٍ، وَكَذَلِكَ إنْ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ، فَإِنْ وُجِدَتْ الْجَارِيَةُ حُرَّةً وَقَدْ دَفَعَا الثَّمَنَ مُخْتَلِطًا كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَ الْقَابِضَ فِيمَا قَبَضَ. وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَقَرَّ أَنَّ لِهَذَيْنِ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ جَارِيَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْهُمَا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: صَدَقْتَ، وَقَالَ الْآخَرُ: كَذَبْتَ، وَلَكِنْ هَذِهِ الْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي أَقْرَرْتَ بِهَا هِيَ لِي عَلَيْكَ مِنْ ثَمَنِ بُرٍّ اشْتَرَيْتُهُ مِنِّي، ثُمَّ إنَّ الْغَرِيمَ قَضَى هَذَا خَمْسَمِائَةٍ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ وَلَا يُصَدَّقُ

الْغَرِيمُ عَلَى أَنَّهُ بَيْنَهُمَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. شَرِيكَانِ فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى رَجُلٍ ضَمِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ عَنْ الْغَرِيمِ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ، فَإِنْ قَضَاهُ عَلَى هَذَا الضَّمَانِ يَرْجِعُ بِهِ وَأَخَذَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَ لِصَاحِبِهِ شَيْئًا لَكِنَّهُ قَضَى شَرِيكَهُ حِصَّتَهُ مِنْ غَيْرِ كَفَالَةٍ صَحَّ الْقَضَاءُ، وَإِذَا صَحَّ الْقَضَاءُ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ فِيمَا قَضَى فَإِنْ تَوَى مَا عَلَى الْغَرِيمِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الشَّرِيكِ فِيمَا قَبَضَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَضَى الْمَطْلُوبُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ حِصَّةَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَسَلَّمَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ ثُمَّ تَوَى مَا عَلَى الْغَرِيمِ حَيْثُ كَانَ لِلشَّرِيكِ الْمُسَلِّمِ اتِّبَاعَ الشَّرِيكِ وَيُشَارِكُهُ فِيمَا قَبَضَ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَارِثُهُ وَتَرَكَ مَالًا لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ اشْتَرَكَا بِالْحِصَصِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا كَانَ لِثَلَاثَةٍ دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى إنْسَانٍ فَغَابَ اثْنَانِ مِنْهُمْ وَحَضَرَ الثَّالِثُ فَطَلَبَ حِصَّتَهُ يُجْبَرُ الْمَدْيُونُ عَلَى الدَّفْعِ، كَذَا فِي الصُّغْرَى. بَعِيرٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ حَمَلَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا مِنْ الرُّسْتَاقِ شَيْئًا بِأَمْرِ شَرِيكِهِ فَسَقَطَ فِي الطَّرِيقِ فَنَحَرَهُ الشَّرِيكُ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ تُرْجَى حَيَاتُهُ يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُرْجَى لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ ذَبَحَهُ غَيْرُ الشَّرِيكِ يَضْمَنُ سَوَاءٌ كَانَتْ تُرْجَى حَيَاتُهُ أَوْ لَا تُرْجَى وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا الرَّاعِي وَالْبَقَّارُ إذَا ذَبَحَ الشَّاةَ أَوْ الْبَقَرَةَ، فَإِنْ كَانَتْ لَا تُرْجَى حَيَاتُهُ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَتْ تُرْجَى حَيَاتُهُ ضَمِنَ، وَإِنْ ذَبَحَ الْأَجْنَبِيُّ كَانَ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَيْرُ مَقْسُومَةٍ فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَسِعَ الْآخَرَ أَنْ يَسْكُنَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، فَيَسْكُنُ الدَّارَ كُلَّهَا، وَكَذَلِكَ الْخَادِمُ إنْ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَغَابَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْخَادِمَ بِحِصَّتِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ. وَفِي الْأَرْضِ لَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا كُلَّهَا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ إنْ كَانَ الزَّرْعُ يَنْفَعُهَا، فَإِذَا جَاءَ شَرِيكُهُ زَرَعَهَا مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ يَنْقُصُهَا أَوْ التَّرْكُ يَنْفَعُهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَفِي الدَّابَّةِ لَا يَرْكَبُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لِلتَّفَاوُتِ، وَأَمَّا مَا يَنْتَفِعُ بِهِ كَالْحَرْثِ وَنَحْوِهِ فَلَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ كَمَا فِي عِقْدِ الْفَرَائِدِ. وَقَالُوا فِي الْأَمَةِ تَكُونُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا يَوْمًا وَعِنْدَ الْآخَرِ يَوْمًا: وَلَوْ خَافَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ وَطَلَبَ وَضْعَهَا عَلَى يَدِ عَدْلٍ لَا يُجَابُ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَالْكَرْمُ وَالْأَرْضُ

إذَا كَانَا بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ أَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ بَالِغٍ وَيَتِيمٍ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي، فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ الْحَاضِرُ وَزَرَعَ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهِ طَابَ لَهُ، وَفِي الْكَرْمِ يُقَوَّمُ الْحَاضِرُ، فَإِذَا أَدْرَكَ الثَّمَرُ يَبِيعُهَا وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَتُوقَفُ حِصَّةُ الْغَائِبِ، فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ خُيِّرَ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّمَنَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْفَتَاوَى طَعَامٌ أَوْ دَرَاهِمُ بَيْنَ اثْنَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَاحْتَاجَ الْآخَرُ الْحَاضِرُ وَأَخَذَ مِنْهُ نِصْفَهُ، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ. وَفِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ حِصَّتَهُ بِغَيْبَةِ شَرِيكِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ سَلَّمَ الْبَاقِيَ، وَإِنْ هَلَكَ كَانَ عَلَيْهِمَا، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. دَارٌ بَيْنَ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ مَقْسُومَةٌ وَنَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَفْرُوزٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْكُنَ فِي نَصِيبِ الْغَائِبِ وَلَا أَنْ يُؤَاجِرَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي وَلِلْقَاضِي أَنْ يُؤَاجِرَهُ إنْ خَافَ أَنْ يَخْرَبَ لَوْ لَمْ يَسْكُنْ أَحَدٌ وَيَمْسِكُ الْأَجْرَ لِلْغَائِبِ، هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. دَارٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ وَأُخْتَيْنِ وَلَهُمَا زَوْجَتَانِ وَلِلْأُخْتَيْنِ زَوْجَانِ فَلِلْأَخَوَيْنِ أَنْ يَمْنَعَا زَوْجَيْ الْأُخْتَيْنِ عَنْ الدُّخُولِ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُونَا مَحْرَمَيْنِ لِزَوْجَتَيْهِمَا، وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَسْكُنَانِ فِيهَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَهُ مِنْ الصُّعُودِ عَلَى سَطْحِهَا؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِيمَا لَهُ حَقٌّ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ بَيْنَ عَشَرَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فِيهَا دَارٌ غَيْرَ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ دَارًا فِي سِكَّةٍ أُخْرَى لَا طَرِيقَ لَهَا إلَى هَذِهِ السِّكَّةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا إلَى هَذِهِ السِّكَّةِ بِهِ أَفْتَى أَبُو الْقَاسِمِ وَالْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو اللَّيْثِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ. طَاحُونَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا فِي عِمَارَتِهَا لَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْفَقَ عَلَى عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ أَدَّى خَرَاجَ كَرْمٍ مُشْتَرَكٍ حَيْثُ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَآجَرَهَا الْآخَرُ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ فَلِلْغَائِبِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْأَجْرِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ فِي أَرْضٍ مُشَاعَةٍ بَيْنَ قَوْمٍ فَزَرَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضَ هَذِهِ الْأَرْضِ بِبَذْرِهِ وَسَاقَ إلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمْ وَاسْتَتْرَكَ الْأَرْضَ سِنِينَ بِغَيْرِ إذْنِ شُرَكَائِهِ، قَالَ: إنْ حَصَلَ لَهُ بَعْدَ الْمُهَايَأَةِ مِنْ نَصِيبِهِ هَذَا الْقَدْرُ وَكَانُوا يَتَهَايَؤُنَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا شَرِكَةَ لِشُرَكَائِهِ فِي الْمُشْتَرَكِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَمَا كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ إذَا أَدَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ

إذْنِ الرَّاهِنِ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَكَذَا لَوْ أَدَّى الرَّاهِنُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا مَا كَانَ عَلَى صَاحِبِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِأَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا فَأَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ بِأَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَأَبَى أَنْ يُنْفِقَ فَأَمَرَ الْقَاضِي الْمُرْتَهِنَ بِالْإِنْفَاقِ فَأَنْفَقَ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَمَسَائِلُ الشَّرِكَةِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ فَأَمَرَهُ رَجُلَيْنِ بِأَدَاءِ الْأَلْفِ عَلَيْهِ فَأَدَّيَاهُ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَقَبَضَ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ فَإِنْ أَدَّيَاهُ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا أَدَّيَاهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِأَنْ كَانَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُمْتَازًا عَنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ حَقِيقَةً إلَّا أَنَّهُمَا أَدَّيَاهُ جَمِيعًا فَإِنَّ أَحَدَهُمَا لَا يُشَارِكُ صَاحِبَهُ فِيمَا قَبَضَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا لَوْ بَاعَا أَوْ أَجَّرَا عَبْدًا أَوْ أَمَةً لِهَذَا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَمَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا شَرِكَهُ الْآخَرُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الْجَامِعِ أَيْضًا شَاهِدَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا كَانَ لِلْمَوْلَى الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ قِيمَةَ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ حَالَّةً، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمُكَاتَبَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَإِنْ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ قِيمَتَهُ حَالَّةً قَامَ الشَّاهِدَانِ مَقَامَ الْمَوْلَى فِي مِلْكِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، فَإِذَا اسْتَوْفَيَا ذَلِكَ مِنْ الْمُكَاتَبِ طَابَ لَهُمَا أَحَدُ الْأَلْفَيْنِ وَلَزِمَهُمَا التَّصَدُّقُ بِالْأَلْفِ الْآخَرِ وَيَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ وَيَكُونُ وَلَاءُ الْمُكَاتَبِ لِلْمَوْلَى فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ إلَى أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا يَعْتِقُ، وَهَلْ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ؟ قَالَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَيَسْتَوِي فِي هَذَا أَدَّيَا الْقِيمَةَ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ غَيْرِ مُشْتَرَكٍ، وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ هَذَا مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي ذَلِكَ وَالْبَائِعُ يَجْحَدُ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا كَانَ لِلْمَوْلَى الْخِيَارُ إنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ قِيمَتَهُ حَالَّةً فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الشُّهُودِ قَامَا مَقَامَ الْبَائِعِ فِي مِلْكِ الثَّمَنِ لَا فِي مِلْكِ الْعَبْدِ فَيَطِيبُ لَهُمَا أَحَدُ الْأَلْفَيْنِ وَيَتَصَدَّقَانِ بِالْأَلْفِ الْآخَرِ

فَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا لَا يُشَارِكُهُ صَاحِبُهُ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَانْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ أَوْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ رَدَّ السَّيِّدُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مَا قَبَضَ مِنْهُمَا مِنْ الضَّمَانِ وَرَجَعَ الْمَوْلَى بِمَا قَبَضَاهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا بِمَا قَبَضَاهُ مِنْ الثَّمَنِ، كَذَا فِي الْكَافِي. جَارِيَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَاعَهَا غَاصِبٌ فَاسْتَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي فَقَضَى الْقَاضِي لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُمَا بِالْجَارِيَةِ وَالْعُقْرِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ مَعًا اشْتَرَكَا فِيمَا يَقْبِضُهُ أَحَدُهُمَا، وَإِنْ وَقَعَ الْقَضَاءُ لَهُمَا مُتَفَرِّقًا اشْتَرَكَا فِي قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَالْعُقْرِ دُونَ قِيمَةِ الْوَلَدِ حَتَّى لَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ لَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ، وَإِنْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا تَضْمِينَ الْبَائِعِ وَالْآخَرُ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَشْتَرِكَا فِي شَيْءٍ، وَإِنْ قَضَى لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرُ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ، وَفِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِيَ الْعُقْرَ وَقِيمَةَ الْوَلَدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَيَا دَارًا أَوْ بَنَيَا فِيهَا فَاسْتُحِقَّتْ فَقَضَى لَهُمَا بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْبَائِعِ فَمَا يَقْبِضُهُ أَحَدُهُمَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ، وَإِنْ قَضَى مُتَفَرِّقًا لَمْ يُشَارِكْهُ الْآخَرُ فِيهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: رَجُلَانِ غَصَبَا عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَغَصَبَ الْعَبْدَ مِنْهُمَا فَمَاتَ فِي يَدِ الثَّانِي ثُمَّ حَضَرَ الْمَوْلَى فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ قِيمَتَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَيَطِيبُ لَهُمَا أَحَدُ الْأَلْفَيْنِ وَيَتَصَدَّقَانِ بِالْأَلْفِ الْآخَرِ فَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا مِنْ الثَّانِي أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ لِلْآخِرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلَانِ غَصَبَا مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا فَبَاعَاهُ مِنْ رَجُلٍ فَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَيْنِ تَمَّ بَيْعُهُمَا وَكَانَ الثَّمَنُ لَهُمَا فَلَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ، فَإِنْ لَقِيَ الْمَوْلَى أَحَدَ الْغَاصِبَيْنِ فَضَمَّنَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ تَمَّ الْبَيْعُ فِي نَصِيبِهِ وَوَجَبَ لَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْغَاصِبُ الَّذِي أَدَّى نِصْفَ الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا حَتَّى ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ الْآخَرَ أَيْضًا نِصْفَ قِيمَتِهِ حَتَّى نَفَذَ الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ ثُمَّ قَبَضَ أَحَدُ الْغَاصِبَيْنِ مِنْ الْمُشْتَرِي حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ كَانَ لِلْآخِرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ فَلَوْ أَنَّ

الْغَاصِبَ الَّذِي أَدَّى نِصْفَ الْقِيمَةِ أَوَّلًا اسْتَوْفَى مِنْ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَنِ، ثُمَّ إنَّ الْمَالِكَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْآخَرَ نِصْفَ الْقِيمَةِ حَتَّى نَفَذَ بَيْعُهُ فَأَرَادَ الثَّانِي أَنْ يُشَارِكَ الْأَوَّلَ فِيمَا قَبَضَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي أَنْ يُشَارِكَ الْأَوَّلَ فِيمَا قَبَضَ كَانَ لِلثَّانِي أَنْ يَتْبَعَ الْمُشْتَرِيَ بِنَصِيبِهِ، فَإِنْ قَبَضَا جَمِيعًا الثَّمَنَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ إنَّ الْأَوَّلَ وَجَدَ مَا قَبَضَ رَصَاصًا أَوْ سَتُّوقَةً كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ شَارَكَ شَرِيكَهُ فِيمَا قَبَضَ ثُمَّ يَتْبَعَانِ الْمُشْتَرِيَ، وَلَوْ وَجَدَ الْأَوَّلُ مَا قَبَضَ نَبَهْرَجَةً أَوْ زُيُوفًا فَرَدَّهَا عَلَى الْمُشْتَرِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الثَّانِيَ فِيمَا قَبَضَ، وَلَوْ كَانَ الثَّانِي هُوَ الَّذِي وَجَدَ مَا قَبَضَهُ سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا أَوْ زُيُوفًا وَرَدَّهَا عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْأَوَّلَ فِيمَا قَبَضَ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا خَطَأً وَلَهُ وَلِيَّانِ فَقَدَّمَهُ أَحَدُهُمَا إلَى الْقَاضِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَقَضَى الْقَاضِي بِالدَّمِ كُلِّهِ وَقَضَى بِالْقِيمَةِ لَهُمَا شَرِكَ الْغَائِبُ الْحَاضِرَ فِيمَا يَقْبِضُهُ، وَإِنْ قَضَى الْقَاضِي لِلْحَاضِرِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَقَبَضَهُ لَمْ يُشَارِكْهُ الْآخَرُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ اثْنَيْنِ لَمْ يُشْرِكْ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ الْآخَرَ فِيمَا قَبَضَهُ سَوَاءٌ وَقَعَ الْقَضَاءُ مُجْتَمِعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْجَانِي مُدَبَّرًا اشْتَرَكَا، سَوَاءٌ وَقَعَ الْقَضَاءُ مَعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا، وَلَوْ كَانَ الْجَانِي عَبْدًا وَلِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ وَاخْتَارَ السَّيِّدُ دَفْعَ نِصْفِ الْجَانِي أَوْ فِدَائِهِ إلَى أَحَدِ وَلِيَّيْ الدَّمِ الْوَاحِدِ فَهُوَ اخْتِيَارُ حَقِّ الْآخَرِ وَاشْتَرَكَا فِي الْمَقْبُوضِ، وَلَوْ قَتَلَ رَجُلَيْنِ فَدَفَعَ النِّصْفَ إلَى أَحَدِهِمَا أَوْ فَدَى النِّصْفَ لَمْ يُشْرِكْهُ الْآخَرُ، وَلَوْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ فَصَالَحَ الْمَوْلَى مَعَ أَحَدِهِمَا عَلَى أَلْفٍ لَمْ يَشْتَرِكَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُمَا فِي الْأَصْلِ الْقِصَاصُ: وَإِنَّمَا تَحَوَّلَ إلَى الْأَلْفِ بِالصُّلْحِ وَإِنَّهُ مُخْتَلِفٌ حَتَّى لَوْ صَالَحَا جُمْلَةً اشْتَرَكَا، كَذَا فِي الْكَافِي. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَصَبَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ فَبَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَهُ الْمُشْتَرِي جَازَ الْبَيْعُ فِي حِصَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى أَجَازَ صَاحِبُهُ جَازَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ كُلَّهُ، فَإِنْ قَبَضَ شَيْئًا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا حَتَّى لَوْ هَلَكَ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ إذَا قَبَضَ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ حَيْثُ يَصِحُّ الْقَبْضُ فِي نَصِيبِهِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ مُشَارَكَةِ صَاحِبِهِ إيَّاهُ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْقَابِضِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ نَاقِلًا عَنْ الْمُنْتَقَى. وَلَوْ غَصَبَ رَجُلٌ آخَرُ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا أَوْ بَاعَهُ مَعَ الشَّرِيكِ

الْآخَرِ صَفْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ فِيمَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا شَرِكَهُ الْآخَرُ فَلَوْ أَجَازَ بَعْدَ قَبْضِ الْمَالِكِ قِسْطَهُ لَمْ يُشْرِكْهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَلِكَ الرَّجُلَانِ إذَا بَاعَا عَبْدًا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَجَازَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَجَازَ الْآخَرُ ثُمَّ قَبَضَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ شَارَكَهُ صَاحِبُهُ فِيهِ، وَلَوْ أَنَّ الَّذِي أَجَازَ أَوَّلًا قَبَضَ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَجَازَ الْآخَرُ لَا يُشَارِكُهُ فِيمَا قَبَضَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا يَعْمَلُ بِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ: لَا أَرْضَى بِأَنْ تَعْمَلَ فِي شَرِكَةِ غَيْرِي فَإِنْ عَمِلْتَ فِي شَرِكَةِ غَيْرِي فَإِنِّي أُرِيدُ مِنْهُ الْحِصَّةَ، وَتَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ فَعَمِلَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فِي شَرِكَةِ آخَرَ وَرَبِحَ، قَالَ: لَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ شَرِكَةٌ فِي رِبْحِ مَا عَمِلَهُ مُضَارَبَةً فِي غَيْرِ الْمَالِ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَوْ تَصَرَّفَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ فِي التَّرِكَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَرَبِحَ فَالرِّبْحُ لِلْمُتَصَرِّفِ وَحْدَهُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِنْ أَمَرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ فَنَقَضَا عَقَدَا الْمُفَاوَضَةِ وَفَاوَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلًا آخَرَ ثُمَّ اشْتَرَى الْمَأْمُورُ عَبْدًا وَهُوَ يَعْلَمُ بِمُفَاوَضَتِهِمَا أَوَّلًا فَالشِّرَاءُ لِلْآمِرِ خَاصَّةً وَلَا يَكُونُ لِلشَّرِيكِ الْأَوَّلِ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ نَفَاذَ تَوْكِيلِهِ عَلَيْهِ ثَبَتَ ضِمْنًا لِلْمُفَاوَضَةِ فَبَطَلَ بِبُطْلَانِ الْمُتَضَمِّنِ بِلَا شَرْطِ عِلْمٍ؛ لِأَنَّهُ عَزْلٌ حُكْمِيٌّ وَلَا لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمُشْتَرَى إنَّمَا يَقَعُ لِلْآمِرِ بِسَبَبٍ سَابِقٍ وَهُوَ التَّوْكِيلُ السَّابِقُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ التَّوْكِيلُ لَمَا وَقَعَ الْمِلْكُ لَهُ فِي الْعَبْدِ وَالْمِلْكُ إذَا وَقَعَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِسَبَبٍ سَابِقٍ عَلَى الشَّرِكَةِ لَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ ثُمَّ فَاوَضَ الْمُشْتَرِي رَجُلًا ثُمَّ أَسْقَطَ الْخِيَارَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ فِي الْعَبْدِ شَرِكَةٌ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ أَوْ عَلَى شَرِيكِهِ الثَّانِي ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ دَفَعَ الْآمِرُ إلَيْهِ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ عَبْدًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ بِكُرٍّ مِثْلِهِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَكُونُ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ بِمُنَاقَضَتِهَا ثُمَّ اشْتَرَى فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْعَبْدُ بَيْنَ الْآمِرِ وَشَرِيكِهِ الْقَدِيمِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ شَرِيكَيْنِ اشْتَرَكَا فَعَمِلَ أَحَدُهُمَا وَغَابَ الْآخَرُ فَلَمَّا حَضَرَ الْغَائِبُ أَعْطَاهُ الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ ثُمَّ غَابَ الْحَاضِرُ وَعَمِلَ الْغَائِبُ بَعْدَمَا حَضَرَ وَرَبِحَ وَأَبَى أَنْ يَدْفَعَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ

الرِّبْحِ، قَالَ: إنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى الصِّحَّةِ وَاشْتَرَطَا أَنْ يَعْمَلَ جَمِيعًا وَشَتَّى فَمَا كَانَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا مِنْ الرِّبْحِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا مِنْ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ وَمِنْ عَمَلِهِمَا جَمِيعًا. وَسُئِلَ عَنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَبِيعَا وَيَشْتَرِيَا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَرَاهِمُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ التِّجَارَةِ، فَقَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ: نُقَاسِمُ الْمَالَ وَنَقْطَعُ الشَّرِكَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِي فِيهَا فَقَاسَمَ الْمَتَاعَ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ كُلَّهُ لِلْآخَرِ وَقَبَضَ بَعْضَ الدَّرَاهِمِ وَأَخَذَ فِي عَمَلٍ آخَرَ وَلَمْ يَقُولَا فَارَقْنَا، وَقَالَ الْكَلِمَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ إنَّا نَقْطَعُ الشَّرِكَةَ مَعَ الْبَيْعِ الْمُتَأَخِّرِ يَكُونُ قَطْعًا لِلشَّرِكَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي الْغَزْلِ عَلَى أَنَّ سَدَى الْكِرْبَاسِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَاللُّحْمَةَ مِنْ الْآخَرِ فَنَسَجَا ثَوْبًا فَالثَّوْبُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ السَّدَى وَاللُّحْمَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: وَيَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِكَا بِمَالِ أَنْفُسِهِمَا مَعَ مَالِ الصَّغِيرِ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ الصَّغِيرِ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِمَا، فَإِنْ أَشْهَدَا يَكُونُ الرِّبْحُ عَلَى الشَّرْطِ. وَإِنْ لَمْ يُشْهِدَا يَحِلُّ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُصَدِّقُهُمَا وَيَجْعَلُ الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُفَاوِضٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ لَا تَجُوزُ وَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ نِصْفَ الْهِبَةِ، فَإِذَا أَخَذَ كَانَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَتَنْتَقِضُ الْهِبَةُ فِيمَا بَقِيَ وَيَرْجِعُ إلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ. وَفِيهِ أَيْضًا، وَفِي شَرِيكَيْ الْعِنَانِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يَلِي الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فَاسْتَدَانَ دَيْنًا ثُمَّ نَاقَضَ صَاحِبَهُ الشَّرِكَةَ وَأَرَادَ قَبْضَ نِصْفِ الْمَتَاعِ، وَقَالَ: إذَا أَخَذَ الدَّيْنَ مِنْكَ فَأَرْجِعْ عَلَيَّ، لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى ثِمَارَ كَرْمٍ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: أَشْرَكْتُكَ فِيهِ فِي الثُّلُثِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ إدْرَاكِ الثَّمَرِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَقْرِضْنِي أَلْفًا أَتَّجِرُ بِهَا وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَنَا فَأَقْرَضَهُ أَلْفًا وَاتَّجَرَ فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمُسْتَقْرِضِ لَا شَرِكَةَ لِلْمُقْرِضِ فِيهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ مِائَةَ دِينَارٍ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ ثُمَّ أَخْرَجَ الْمُقْرِضُ مِائَةَ دِينَارٍ وَخَلَطَ الْمَالَيْنِ جَمِيعًا، وَقَالَ لَهُ الْمُقْرِضُ: اذْهَبْ بِهَذَا الْمَالِ فَاتَّجَرَ بِهِ عَلَى الشَّرِكَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ وَرَبِحَ، كَيْفَ الْحُكْمُ فِيهِ؟ قَالَ هُوَ مُخْتَلٌّ نَاقِصٌ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ شَرْطٍ حَتَّى تَصِحَّ الشَّرِكَةُ وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّنْ أَوْدَعَ عِنْدَ آخَرَ حِنْطَةً، وَقَالَ لَهُ: اخْلِطْ هَذِهِ

الْحِنْطَةَ فِي حِنْطَتِكَ فَادْفِنْهَا ثُمَّ دَفَنَهَا ثُمَّ سُرِقَ مِنْهَا الثُّلُثَانِ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الْحِنْطَةِ وَدَفَعَ الدَّافِنُ لَهُ الْحِنْطَةَ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الدَّافِنُ، وَقَالَ: أَعْطِنِي نَصِيبِي مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ، هَلْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ إذَا خَلَطَهَا بِأَمْرِهِ وَسُرِقَتْ فَالْمَسْرُوقُ مِنْهُ يَكُونُ عَلَى الشَّرِكَةِ مِنْ النَّصِيبَيْنِ جَمِيعًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. إذَا كَانَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ كُرُّ حِنْطَةٍ وَكُرُّ شَعِيرٍ وَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِبَيْعِهِ فَاسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا دَابَّةً لِيَحْمِلَ حِنْطَةً فَحَمَلَ عَلَيْهَا الْآخَرُ الشَّعِيرَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَانَ ضَامِنًا لِلدَّابَّةِ وَلِحِصَّةِ صَاحِبِهِ مِنْ الشَّعِيرِ، وَلَيْسَ هَذَا كَشَرِيكِ الْعِنَانِ وَالْمُفَاوِضِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي الْفَتَاوَى سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ شَرِيكَيْنِ جُنَّ أَحَدُهُمَا وَعَمِلَ الْآخَرُ بِالْمَالِ حَتَّى رَبِحَ أَوْ وَضَعَ، قَالَ: الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا قَائِمَةٌ إلَى أَنْ يَتِمَّ إطْبَاقُ الْجُنُونِ عَلَيْهِ، فَإِذَا قَضَى ذَلِكَ تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا عَمِلَ بِالْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَالْغَصْبِ لِمَالِ الْمَجْنُونِ فَيَطِيبُ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ حِصَّةُ مَالِهِ وَلَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَدُ الشَّرِيكِ فِي الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ لِشَرِيكِهِ يَدُ أَمَانَةٍ فَلَوْ ادَّعَى دَفْعَهُ لِشَرِيكِهِ وَأَنْكَرَ حَلَفَ، وَكَذَا الْمُضَارِبُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَلَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: ظَاهِرُ مَا فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَقَالَ: وَقَعَتْ حَادِثَتَانِ: الْأُولَى - نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ نَسِيئَةً فَبَاعَ فَأَجَبْتُ بِنَفَاذِهِ فِي حِصَّتِهِ وَتَوَقُّفِهِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، فَإِذَا أَجَازَ قُسِّمَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا. وَالثَّانِيَةُ - نَهَاهُ عَنْ الْإِخْرَاجِ فَخَرَجَ ثُمَّ رَبِحَ فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ غَاصِبٌ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِالْإِخْرَاجِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى الشَّرْطِ انْتَهَى وَمُقْتَضَاهُ فَسَادُ الشَّرِكَةِ. وَتَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِهِ أَمَانَةً أَيْضًا مَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ، سُئِلَ عَنْ شَرِيكٍ طَلَبَ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ عَامِلٍ فِي الْمُضَارَبَةِ حِسَابَ مَا بَاعَهُ أَوْ صَرَفَهُ، فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ، هَلْ يَلْزَمُ مُحَاسِبَةٌ؟ فَأَجَابَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَذْكُرَ الْأَمْرَ مُفَصَّلًا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الضَّيَاعِ وَالرَّدِّ إلَى شَرِيكِهِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. قَالَ الشَّرِيكُ: رَبِحْتُ عَشَرَةً، ثُمَّ قَالَ: لَا بَلْ رَبِحْتُ ثَلَاثَةً فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَرْبَحْ عَشَرَةً، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. ذَكَر النَّاطِفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْأَمَانَاتِ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: إحْدَاهَا -

مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا أَخَذَ غَلَّاتِ الْمَسْجِدِ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَالثَّانِيَةُ - السُّلْطَانُ إذَا خَرَجَ إلَى الْغَزْوِ وَغَنِمُوا وَأَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْغَانِمِينَ وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَالثَّالِثَةُ - الْقَاضِي إذَا أَخَذَ مَالَ الْيَتِيمِ وَأَوْدَعَ عِنْدَ غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ إذَا كَانَ الْمَالُ عِنْدَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ الْمَالِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ فَمَاتَ، ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَأَحَالَهُ إلَى شَرِكَةِ الْأَصْلِ وَذَلِكَ غَلَطٌ بَلْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ. وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفَتَاوَى ضَعِيفٌ وَأَنَّ الشَّرِيكَ يَكُونُ ضَامِنًا بِالْمَوْتِ عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الشَّرِيكُ مَاتَ وَمَالُ الشَّرِكَةِ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ بَلْ مَاتَ مُجَهِّلًا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ مَاتَ مُجَهِّلًا لِلْعَيْنِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. مُفَاوِضٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَيْنًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى لَقِيَ الْبَائِعُ صَاحِبَهُ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ الْمُعْتَبَرُ الشِّرَاءَ الثَّانِي، وَالْأَوَّلُ يُنْتَقَضُ وَالْمُتَفَاوِضَانِ بِمَنْزِلَةِ شَخْصٍ وَاحِدٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ اشْتَرَيَا عَبْدًا بِأَلْفٍ وَكَفَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ. رَجُلَانِ كَفَلَا عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَفَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْمَالِ كُلِّهِ عَنْ الْأَصِيلِ ثُمَّ عَنْ صَاحِبِهِ أَيْضًا فَكُلُّ شَيْءٍ أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ الْمُؤَدِّي رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِجَمِيعِ مَا أَدَّى، وَلَوْ أَبْرَأَ رَبُّ الْمَالِ أَحَدَهُمَا آخَذَ الْآخَرَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ عَنْ الْأَصِيلِ. مُكَاتِبَانِ كِتَابَةً وَاحِدَةً كَفَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْمَالِ كُلِّهِ عَنْ صَاحِبِهِ فَكُلُّ شَيْءٍ أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِهِ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّيَا شَيْئًا حَتَّى أَعْتَقَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا جَازَ الْعِتْقُ وَبَرِئَا عَنْ النِّصْفِ، وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ بِحِصَّتِهِ أَيَّهُمَا شَاءَ، أَمَّا الْمُعْتَقُ فَبِحُكْمِ الْكَفَالَةِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَبِحُكْمِ الْأَصَالَةِ، فَإِنْ أَخَذَ الْمُعْتَقَ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِنْ أَخَذَ الْآخَرَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُعْتَقِ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. اعْتَلَّتْ دَابَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبٌ وَقَالَ الْبَيْطَارُونَ: لَا بُدَّ مِنْ كَيِّهَا، فَكَوَاهَا الْحَاضِرُ فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَتَاعٌ عَلَى دَابَّةٍ فِي الطَّرِيقِ فَسَقَطَتْ فَاكْتَرَى أَحَدُهُمَا دَابَّةً مَعَ غَيْبَةِ الْآخَرِ خَوْفًا مِنْ

كتاب الوقف وهو مشتمل على أربعة عشر بابا

أَنْ يَهْلَكَ الْمَتَاعُ أَوْ يَنْقُصَ جَازَ وَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ: أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ لِنَفْسِي خَاصَّةً، فَسَكَتَ الشَّرِيكُ فَاشْتَرَاهَا لَا يَكُونُ لَهُ مَا لَمْ يَقُلْ شَرِيكُهُ: نَعَمْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَكَا يَعْمَلَانِ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا أَجْرَ كُلِّ شَهْرٍ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ لَيْسَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَالشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ. بَطَلَتْ هَكَذَا فِي التَّهْذِيبِ. أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ إذَا ادَّعَى شَيْئًا مِنْ شَرِكَتِهِمَا عَلَى رَجُلٍ وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ الْآخَرُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَانِيًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْعُيُونِ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مُفَاوِضٍ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى لَقِيَ صَاحِبَهُ الْبَائِعَ فَاسْتَأْجَرَ مِنْهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَانْتُقِضَ الشِّرَاءُ الْأَوَّلُ سَوَاءٌ عَرَفَ الْعَبْدَ أَمْ لَمْ يَعْرِفْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [كِتَابُ الْوَقْفِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيف الْوَقْف وَرُكْنِهِ وَسَبَبِهِ وَحُكْمِهِ وَشَرَائِطِهِ وَالْأَلْفَاظِ الَّتِي يَتِمُّ بِهَا] (كِتَابُ الْوَقْفِ) (وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِهِ وَرُكْنِهِ وَسَبَبِهِ وَحُكْمِهِ وَشَرَائِطِهِ وَالْأَلْفَاظِ الَّتِي يَتِمُّ بِهَا الْوَقْفُ وَمَا لَمْ يَتِمَّ بِهَا) أَمَّا تَعْرِيفُهُ فَهُوَ فِي الشَّرْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَنْفَعَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْخَيْرِ بِمَنْزِلَةِ الْعَوَارِيِّ كَذَا فِي الْكَافِي فَلَا يَكُونُ لَازِمًا وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيَبِيعَ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِطَرِيقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا قَضَاءُ الْقَاضِي بِلُزُومِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَخْرُجَ مُخْرِجُ الْوَصِيَّةِ فَيَقُولَ أَوْصَيْت بَغْلَةِ دَارِي فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْوَقْفُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَعِنْدَهُمَا حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهٍ تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ إلَى الْعِبَادِ فَيَلْزَمُ وَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْعُيُونِ وَالْيَتِيمَةِ إنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ لِلنُّقَايَةِ وَإِنَّمَا يَزُولُ مِلْكُ الْوَاقِفِ عَنْ الْوَقْفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْقَضَاءِ وَطَرِيقُهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَاقِفُ مَا وَقَفَهُ إلَى الْمُتَوَلِّي ثُمَّ يَرْجِعَ مُحْتَجِبًا

بِعَدَمِ اللُّزُومِ فَيَقْضِي الْقَاضِي بِاللُّزُومِ فَيَلْزَمُ وَلَوْ حَكَّمَا رَجُلًا فَحَكَمَ الْحُكْمَ بِلُزُومِ الْوَقْفِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ خَافَ الْوَاقِفُ إبْطَالَ وَقْفَةِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْقَضَاءُ يَذْكُرُ فِي صَكِّ الْوَقْفِ إنْ أَبْطَلَهُ قَاضٍ أَوْ وَالٍ فَهَذِهِ الْأَرْضُ بِأَصْلِهَا وَجَمِيعِ مَا فِيهَا وَصِيَّةٌ مِنِّي تُبَاعُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ إذَا تَدَاعَتْ إلَى الْخَرَابِ، فَلَا يُفِيدُ الْوَارِثَ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي وَإِبْطَالُهُ وَالْوَصِيَّةُ تَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: وَاَلَّذِي جَرَى الرَّسْمُ بِهِ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ إقْرَارَ الْوَاقِفِ أَنَّ قَاضِيًا مِنْ الْقُضَاةِ قَضَى بِلُزُومِ هَذَا الْوَقْفِ فَذَاكَ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَعَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ إذَا كَتَبَ فِي آخِرِ الصَّكِّ وَقَدْ قَضَى بِصِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ: قَاضٍ مِنْ قَضَاهُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُسَمِّ الْقَاضِيَ يَجُوزُ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالصَّحِيحُ أَنَّ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْمَوْتِ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَكِنْ عِنْدَهُ تَكُونُ رَقَبَتُهَا مِلْكًا لِوَرَثَتِهِ أَوْ لَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا تَكُونُ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْإِعْتَاقِ وَالْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ عَلَّقَ الْوَقْفَ بِمَوْتِهِ بِأَنْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَقَدْ وَقَفْتُ دَارِي عَلَى كَذَا ثُمَّ مَاتَ صَحَّ وَلَزِمَ إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ يَجُوزُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَيَبْقَى الْبَاقِي إلَى أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ آخَرُ أَوْ تُجِيزُ الْوَرَثَةُ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ آخَرُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثُهَا لِلْوَقْفِ وَالثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ وَلَوْ عَلَّقَهُ بِالْمَوْتِ وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ وَإِنْ لَمْ نُجِزْ الْوَقْفَ فِي الْمَرَضِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ فِيمَا ذَكَرَهُ الطَّحْطَاوِيُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَجَّزِ فِي الصِّحَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَلْزَمُ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِذَا كَانَ الْمِلْكُ يَزُولُ عِنْدَهُمَا يَزُولُ بِالْقَوْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَعَلَى هَذَا مَشَايِخُ بَلْخٍ وَفِي الْمُنْيَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُفْتَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَصَحَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقْفُ الْمُشَاعِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَا

جَعْلُ الْوِلَايَةِ لِنَفْسِهِ يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا شَرْطُ الْوَاقِفِ الِاسْتِبْدَالَ بِأَرْضٍ أُخْرَى إذَا شَاءَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ لِلنُّقَايَةِ وَإِذَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ بِالْقَضَاءِ عِنْدَهُ وَبِمُجَرَّدِ الْوَقْفِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. فَأَمَّا رُكْنُهُ فَالْأَلْفَاظُ الْخَاصَّةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَأَمَّا سَبَبُهُ فَطَلَبُ الزُّلْفَى هَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَأَمَّا حُكْمُهُ فَعِنْدَهُمَا زَوَالُ الْعَيْنِ عَنْ مِلْكِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حُكْمُهُ صَيْرُورَةُ الْعَيْنِ مَحْبُوسَةً عَلَى مِلْكِهِ بِحَيْثُ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ عَنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ وَالتَّصَدُّقُ بِالْغَلَّةِ الْمَعْدُومَةِ مَتَى صَحَّ الْوَقْفُ بِأَنْ قَالَ: جَعَلْت أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً مُؤَبَّدَةً أَوْ أَوْصَيْت بِهَا بَعْدَ مَوْتِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ حَتَّى لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ لَكِنْ يُنْظَرُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَالْوَقْفُ فِيهِ بِقَدْرِ الثُّلُثِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا شَرَائِطُهُ (فَمِنْهَا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ) فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. صَبِيٌّ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَقَفَ أَرْضًا لَهُ فَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: وَقْفُهُ بَاطِلٌ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ: وَقْفُهُ بَاطِلٌ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ (وَمِنْهَا الْحُرِّيَّةُ) . وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ وَقَفَ الذِّمِّيُّ عَلَى وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْمَسَاكِينِ جَازَ وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ الْمَسَاكِينَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلَ الذِّمَّةِ وَإِنْ خَصَّ فِي وَقْفِهِ مَسَاكِينَ أَهْلِ الذِّمَّةِ جَازَ وَيَفْرُقُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس مِنْهُمْ إلَّا إنْ خَصَّ صِنْفًا مِنْهُمْ فَلَوْ دَفَعَ الْقِيَمَ إلَى غَيْرِهِمْ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ ثُمَّ لِلْفُقَرَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ وَلَدِهِ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الصَّدَقَةِ لَزِمَ شَرْطُهُ وَكَذَا إنْ قَالَ مَنْ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِ النَّصْرَانِيَّةِ خَرَجَ اُعْتُبِرَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْخَصَّافُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ

نَصْرَانِيٌّ وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ فَأَسْلَمَ بَعْضُ أَوْلَادِهِ يُعْطَى لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً فِي ذَاتِهِ وَعِنْدَ التَّصَرُّفِ لَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ عَلَى الْبِيعَةِ وَالْكَنِيسَةِ أَوْ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَوْ وَقَفَ الذِّمِّيُّ دَارِهِ عَلَى بَيْعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ أَوْ بَيْتِ نَارٍ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا عَلَى إصْلَاحِهَا وَدَهْنِ سِرَاجِهَا وَلَوْ قَالَ: يُسَرَّجُ بِهِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، أَوْ يُجْعَلُ فِي مَرَمَّةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ جَازَ وَإِنْ قَالَ: يُشْتَرَى بِهِ عُبَيْدٌ فَيُعْتَقُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى مَا شَرَطَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ قَالَ: تَجْرِي غَلَّتُهَا عَلَى بَيْعَةِ كَذَا فَإِنْ خَرِبَتْ هَذِهِ الْبِيعَةُ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَإِنَّهُ تَجْرِي غَلَّتُهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَا يُنْفَقُ عَلَى الْبِيعَةِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ وُقِفَ عَلَى أَبْوَابِ الْبِرِّ فَأَبْوَابُ الْبِرِّ عِنْدَهُ عِمَارَةُ الْبَيْعِ وَبُيُوتِ النِّيرَانِ وَالصَّدَقَةُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَأُجِيزَ مِنْ ذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَأَبْطَلَ غَيْرَهَا كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ قَالَ: تَفَرُّقُ غَلَّتُهَا فِي جِيرَانِهِ وَلَهُ جِيرَانٌ مُسْلِمُونَ وَجِيرَانٌ نَصَارَى وَيَهُودٌ وَمَجُوسٌ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَالْوَقْفُ جَائِزٌ وَتُفَرَّقُ غَلَّةُ الْوَقْفِ فِي جِيرَانِهِ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ قَالَ الذِّمِّيُّ: تُجْعَلُ غَلَّتُهَا فِي أَكْفَانِ الْمَوْتَى أَوْ فِي حَفْرِ الْقُبُورِ فَهُوَ جَائِزٌ وَتُصْرَفُ الْغَلَّةُ فِي أَكْفَانِ مَوْتَاهُمْ وَحَفْرِ قُبُورِ فُقَرَائِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ جَعَلَ ذِمِّيٌّ دَارِهِ مَسْجِدًا لِلْمُسْلِمِينَ وَبَنَاهُ كَمَا بَنَى الْمُسْلِمُونَ وَأَذَّنَ لَهُمْ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّوْا ثُمَّ مَاتَ فِيهِ يَصِيرُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ وَهَذَا قَوْلُ الْكُلِّ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَلَوْ جَعَلَ الذِّمِّيُّ دَارِهِ بَيْعَةً أَوْ كَنِيسَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ يَصِيرُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَوَقَفَ جَازَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجُوزُ مِنْ الذِّمِّيِّ كَذَا فِي الْحَاوِي. (وَمِنْهَا) الْمِلْكُ وَقْتَ الْوَقْفِ حَتَّى لَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَوَقَفَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِكِهَا وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ أَوْ صَالَحَ عَلَى مَالٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ لَا تَكُونُ وَقْفًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ رَجُلٌ وَقَفَ أَرْضًا لِرَجُلٍ آخَرَ فِي بَرٍّ سَمَّاهُ ثُمَّ مَلَكَ الْأَرْضَ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَجَازَ الْمَالِكُ جَازَ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَوْصَى الرَّجُلُ بِأَرْضٍ فَوَقَفَهَا الْمُوصَى لَهُ بِهَا فِي الْحَالِ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي لَا تَكُونُ وَقْفًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ

لَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ فِيهَا فَوَقَفَهَا ثُمَّ أَجَازَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ لَمْ يَجُزْ الْوَقْفُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ أَسْقَطَ الْخِيَارَ صَحَّ وَلَوْ وَقَفَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَرْضَ قَبْلَ قَبْضِهَا ثُمَّ قَبَضَهَا لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ كَذَلِكَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ وُهِبَتْ لَهُ أَرْضٌ هِبَةً فَاسِدَةً فَقَبَضَهَا ثُمَّ وَقَفَهَا صَحَّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ دَارًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهَا ثُمَّ وَقَفَهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ جَازَ وَتَصِيرُ وَقْفًا عَلَى مَا وَقَفَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ وَقَفَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَيْضًا شِرَاءً جَائِزًا وَوَقَفَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَالْأَمْرُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ أَدَّى الثَّمَنَ وَقَبَضَهَا فَالْوَقْفُ جَائِزٌ وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا تُبَاعُ الْأَرْضُ وَيَبْطُلُ الْوَقْفُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ نَأْخُذُ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْوَقْفُ بَطَلَ وَلَوْ جَاءَ شَفِيعُهَا بَعْدَ وَقْفِ الْمُشْتَرِي بَطَلَ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمِلْكِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُ الْإِقْطَاعَاتِ إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مَوَاتًا أَوْ كَانَتْ مِلْكًا لِلْإِمَامِ فَأَقْطَعَهَا الْإِمَامُ رَجُلًا وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُ أَرْضِ الْحَوْزِ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لَهَا وَتَفْسِيرُ الْحَوْزِ أَرْضٌ عَجَزَ صَاحِبُهَا عَنْ زِرَاعَتِهَا وَأَدَاءِ خَرَاجِهَا فَدَفَعَهَا إلَى الْإِمَامِ لِتَكُونَ مَنَافِعُهَا جَبْرًا لِلْخَرَاجِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَا عَدَمُ جَوَازِ وَقْفِ الْمُرْتَدِّ مِنْ رِدَّتِهِ إنْ قُتِلَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ مَاتَ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ يَزُولُ بِهَا زَوَالًا مَوْقُوفًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَكَذَا إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِلِحَاقِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ أَسْلَمَ صَحَّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ بَطَلَ وَقْفُهُ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَيَصِيرُ مِيرَاثًا سَوَاءٌ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَمْ مَاتَ أَوْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ إلَّا إنْ عَادَ الْوَقْفُ بَعْدَ عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ كَمَا أَوْضَحَهُ الْخَصَّافُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ. وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُرْتَدَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى نَسْلِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ ثُمَّ ارْتَدَّ بَطَلَ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْمَسَاكِينِ تَبْطُلُ وَيَصِيرُ صَدَقَةً عَلَى وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ جَعَلَ آخِرَهُ لِلْمَسَاكِينِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَأَمَّا عَدَمُ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ كَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ آجَرَ أَرْضًا عَامَيْنِ فَوَقَفَهَا قَبْلَ مُضِيِّهِمَا لَزِمَ الْوَقْفُ بِشَرْطِهِ وَلَا يَبْطُلُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ رَجَعَتْ الْأَرْضُ إلَى مَا جَعَلَهُ لَهُ مِنْ الْجِهَاتِ وَكَذَا لَوْ رَهَنَ أَرْضَهُ ثُمَّ

وَقَفَهَا قَبْلَ أَنْ يَفْتِكَهَا لَزِمَ الْوَقْفُ وَلَا تَخْرُجُ عَنْ الرَّهْنِ بِذَلِكَ، وَلَوْ أَقَامَتْ سِنِينَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ أَفْتَكَّهَا فَتَعُودُ إلَى الْجِهَةِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الِافْتِكَاكِ وَتَرَكَ قَدْرَ مَا تُفْتَكُ بِهِ اُفْتُكَّتْ وَلَزِمَ الْوَقْفُ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً بِيعَتْ وَبَطَلَ الْوَقْفُ. وَفِي الْإِجَارَةِ إذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُؤَاجِرَيْنِ تَبْطُلُ وَتَصِيرُ وَقْفًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ دَيْنٍ كَذَا أَطْلَقَهُ الْخَصَّافُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَيَنْبَغِي إذَا كَانَ وَقَفَهَا فِي الْحَجْرِ لِلسَّفَهِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ أَنْ يَصِحَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَعِنْدَ الْكُلِّ إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَمِنْهَا) عَدَمُ الْجَهَالَةِ فَلَوْ وَقَفَ مِنْ أَرْضِهِ شَيْئًا وَلَمْ يُسَمِّهِ كَانَ بَاطِلًا وَلَوْ وَقَفَ جَمِيعَ حِصَّتِهِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَلَمْ يُسَمِّ السِّهَامَ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ وَقَفَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضَ وَبَيَّنَ وَجْهَ الصَّرْفِ كَانَ بَاطِلًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ قَالَ الْخَصَّافُ: إذَا قَالَ: جَعَلْتُ هَذِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا أَوْ عَلَى قَرَابَتِي فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ عَلَى شَكٍّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: جَعَلْتُهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا عَلَى زَيْدٍ أَوْ عَلَى عَمْرٍو وَمِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى الْمَسَاكِينٍ فَهُوَ أَيْضًا بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَقَفَ أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ وَاسْتَثْنَى الْأَشْجَارَ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَثْنِيًا لِلْأَشْجَارِ بِمَوَاضِعِهَا فَيَصِيرُ الدَّاخِلُ تَحْتَ الْوَقْفِ مَجْهُولًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ فَلَوْ قَالَ: إنْ قَدِمَ وَلَدِي فَدَارِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَجَاءَ وَلَدُهُ لَا تَصِيرُ وَقْفًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ إنْ كَانَ غَدٌ فَأَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ إنْ شِئْتُ أَوْ هَوَيْتُ أَوْ رَضِيتُ، كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ: إنْ شِئْتُ وَجَعَلْتُهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً، صَحَّ بِهَذَا الْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ، وَقَالَ فُلَانٌ: قَدْ شِئْتُ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّارُ فِي مِلْكِي فَهِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ التَّكَلُّمِ صَحَّ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِشَرْطٍ كَائِنٍ تَنْجِيزٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ذَهَبَ عَنْهُ الْمَالُ قَالَ: إنْ وَجَدْتُهُ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَقِفَ

أَرْضِي فَوَجَدَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقِفَ أَرْضَهُ عَلَى مَنْ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ فَإِنْ وَقَفَ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الزَّكَاةِ لَهُ صَحَّ الْوَقْفُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: إذَا قَدِمَ فُلَانٌ، وَإِذَا كَلَّمْتُ فُلَانًا فَأَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ فَإِنَّ هَذَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْأَرْضِ وَلَا يَكُونُ وَقْفًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَقَدْ وَقَفْتُ أَرْضِي هَذِهِ، لَا يَصِحُّ بَرِئَ أَوْ مَاتَ وَإِنْ قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَاجْعَلُوا أَرْضِي وَقْفًا جَازَ وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ التَّوْكِيلِ بِالشَّرْطِ وَذَلِكَ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَذْكُرَ مَعَهُ اشْتِرَاطَ بَيْعِهِ وَصَرْفِ الثَّمَنِ إلَى حَاجَتِهِ فَإِنْ قَالَهُ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ فِي الْمُخْتَارِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَلْتَحِقَ بِهِ خِيَارُ شَرْطٍ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعْلُومًا كَانَ الْوَقْتُ أَوْ مَجْهُولًا وَاخْتَارَهُ هِلَالٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْوَاقِفِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ لِلنُّقَايَةِ وَإِنْ قَالَ: أَبْطَلْتُ الْخِيَارَ، لَا يَنْقَلِبُ الْوَقْفُ جَائِزًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَهُ هِلَالٌ فِي وَقْفِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي النَّوَازِلِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ اتَّخَذَ مَسْجِدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ جَازَ الْمَسْجِدُ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (وَمِنْهَا) التَّأْبِيدُ وَهُوَ شَرْطٌ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ وَلَكِنْ ذِكْرُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْكَافِي رَجُلٌ وَقَفَ دَارِهِ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ وَقْتًا مَعْلُومًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ جَازَ الْوَقْفُ وَيَكُونُ الْوَقْفُ مُؤَبَّدًا وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ شَهْرًا، فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا فِي الْحَالِ فِي قَوْلِ هِلَالٍ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَجُوزُ إلَّا مُؤَبَّدًا فَإِذَا كَانَ التَّأْبِيدُ شَرْطًا لَا يَجُوزُ مُؤَقَّتًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ بَعْدَ مَوْتِي سَنَةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ جَازَ الْوَقْفُ مُؤَبَّدًا عَلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْوَصِيَّةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ كَانَ وَصِيَّةً لِفُلَانٍ بَعْدَ مَوْتِهِ سَنَةً ثُمَّ يَصِيرُ وَصِيَّةً لِلْمَسَاكِينِ فَتُصْرَفُ غَلَّتُهَا إلَى الْمَسَاكِينِ وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْغَلَّةَ تَكُونُ لِفُلَانٍ سَنَةً، ثُمَّ بَعْدَ سَنَةٍ

فصل في الألفاظ التي يتم بها الوقف وما لا يتم بها

تَكُونُ لِلْوَرَثَةِ وَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَجْعَلَ الْأُجْرَةَ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ أَبَدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذِكْرُ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ يَصِحُّ وَإِنْ سَمَّى جِهَةً تَنْقَطِعُ وَيَكُونُ بَعْدَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْوَاقِفِ أَنْ يَكُونَ أَجْرُهُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ فَكَانَتْ تَسْمِيَةُ هَذَا الشَّرْطِ ثَابِتَةً دَلَالَةً كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَحِلُّ عَقَارًا أَوْ دَارًا فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمَنْقُولِ إلَّا فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. [فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَتِمُّ بِهَا الْوَقْفُ وَمَا لَا يَتِمُّ بِهَا] (فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَتِمُّ بِهَا الْوَقْفُ وَمَا لَا يَتِمُّ بِهَا) إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مُحَرَّرَةٌ مُؤَبَّدَةٌ حَالَ حَيَاتِي وَبَعْدَ وَفَاتِي أَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ مَحْبُوسَةٌ مُؤَبَّدَةٌ حَالَ حَيَاتِي وَبَعْدَ وَفَاتِي أَوْ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَحْبُوسَةٌ مُؤَبَّدَةٌ، أَوْ قَالَ: حَبِيسَةٌ مُؤَبَّدَةٌ حَالَ حَيَاتِي وَبَعْدَ وَفَاتِي يَصِيرُ وَقْفًا جَائِزًا لَازِمًا عَلَى الْفُقَرَاءِ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَمَا دَامَ حَيًّا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ نَذْرًا بِالتَّصَدُّقِ بِالْغَلَّةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ بِذَلِكَ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ مَعْنَى الْوَصِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُهُ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِي لَكِنَّهُ إنْ لَمْ يَرْجِعْ جَازَ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ مُؤَبَّدَةٌ جَازَ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ إلَّا أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْتَاجُ إلَى التَّسْلِيمِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ نَذْرًا بِالصَّدَقَةِ بِغَلَّةِ الْأَرْضِ وَيَبْقَى مِلْكُ الْوَاقِفِ عَلَى حَالِهِ لَوْ مَاتَ يَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ أَوْ صَدَقَةٌ مَحْبُوسَةٌ أَوْ حَبِيسَةٌ، وَلَمْ يَقُلْ: مُؤَبَّدَةٌ فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ مَنْ يُجِيزُ الْوَقْفَ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تَثْبُتُ مُؤَبَّدَةً لَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، وَقَالَ الْخَصَّافُ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ لَا يَصِيرُ وَقْفًا؛ لِأَنَّ جَوَازَ الْوَقْفِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّأْبِيدِ وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ تَصِيرُ وَقْفًا بِإِجْمَاعٍ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمَسَاكِينِ ذِكْرٌ لِلتَّأْبِيدِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْخَيْرِ أَوْ وُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ يَكُونُ وَقْفًا جَائِزًا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الصَّدَقَةَ لَكِنْ ذَكَرَ الْوَقْفَ وَقَالَ: أَرْضِي هَذِهِ وَقْفًا أَوْ مَوْقُوفَةٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَمَشَايِخُ بَلْخٍ يَفْتُونَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَحْنُ نُفْتِي بِقَوْلِهِ أَيْضًا لِمَكَانِ الْعُرْفِ هَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْفُقَرَاءَ أَمَّا إذَا ذَكَرَ فَقَالَ: أَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَكَذَا فِي الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ يَكُونُ وَقْفًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا عِنْدَ هِلَالٍ؛ لِأَنَّهُ زَالَ الِاحْتِمَالُ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ: هِيَ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الصَّدَقَةَ وَتَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْمَسَاكِينِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَذِكْرُ الْوَقْفِ لِوَحْدِهِ أَوْ الْحَبْسِ مَعَهُ يَثْبُتُ بِهِ الْوَقْفُ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: حَرَّمْت أَرْضِي هَذِهِ أَوْ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَقَوْلِهِ: مَوْقُوفَةٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي الْفَتَاوَى لَوْ قَالَ: مَوْقُوفَةٌ مُحَرَّمَةٌ حَبِيسٌ مُحَرَّمَةٌ لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ وَلَا تُوهَبُ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ وَالْمُخْتَارُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: الْحَبِيسُ صَدَقَةٌ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلَةِ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى وَلَدِي أَوْ فُقَرَاءَ قَرَابَتِي وَهُمْ يُحْصُونَ أَوْ عَلَى الْيَتَامَى وَلَمْ يُرِدْ بِهِ جِنْسَهُ لَا تَصِيرُ وَقْفًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى شَيْءٍ يَنْقَطِعُ وَيَنْقَرِضُ وَلَا يَتَأَبَّدُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّأْبِيدَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ قَالَ: أَرْضِي أَوْ دَارِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَوْلَادِ فُلَانٍ، فَالْغَلَّةُ لَهُمْ مَا دَامُوا أَحْيَاءً وَبَعْدَ الْمَمَاتِ تُصْرَفُ إلَى

الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَوْ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى تَصِيرُ وَقْفًا ذَكَرَ الْأَبَدَ أَمْ لَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا إذَا قَالَ: مَوْقُوفَةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِطَلَبِ ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَجْهِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ جَازَ كَأَنَّهُ قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ لِلسَّبِيلِ فَإِنْ كَانَ فِي بَلْدَةٍ تَعَارَفُوا مِثْلَ هَذَا وَقْفًا صَارَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا وَإِنْ لَمْ يَتَعَارَفُوا يُسْأَلُ مِنْهُ إنْ أَرَادَ بِهِ الْوَقْفَ فَهِيَ وَقْفٌ وَإِنْ نَوَى الصَّدَقَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا تَكُونُ نَذْرًا فَيَتَصَدَّقُ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: جَعَلْتهَا لِلْفُقَرَاءِ إنْ كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا فِي تَعَارُفِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَانَتْ وَقْفًا وَإِنْ لَمْ يُرْجَعْ إلَيْهِ بِالْبَيَانِ فَإِنْ نَوَى وَقْفًا كَانَتْ وَقْفًا وَإِنْ نَوَى صَدَقَةً أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا تَكُونُ نَذْرًا بِالتَّصَدُّقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ: ضَيْعَتِي هَذِهِ سَبِيلٌ لَمْ تَصِرْ وَقْفًا إلَّا إذَا كَانَ الْقَائِلُ مِنْ نَاحِيَةٍ يَعْلَمُ أَهْلُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ بِهَا الْوَقْفَ الْمُؤَبَّدَ بِشُرُوطِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: سَبَّلْت هَذِهِ الدَّارَ فِي وَجْهِ إمَامِ مَسْجِدِ كَذَا عَنْ جِهَةِ صَلَوَاتِي وَصِيَامَاتِي تَصِيرُ وَقْفًا وَإِنْ لَمْ يَقَعْ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ: دَارِي هَذِهِ مُسَبَّلَةٌ إلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَ مَوْتِي يَصِحُّ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَعَيَّنَ الْمَسْجِدَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ قَالَ: جَعَلْت حُجْرَتِي هَذِهِ لِدَهْنِ سِرَاجِ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: تَصِيرُ الْحُجْرَةُ وَقْفًا عَلَى الْمَسْجِدِ إذَا سَلَّمَهَا إلَى الْمُتَوَلِّي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ فِي مَرَضِهِ: اشْتَرُوا مِنْ غَلَّةِ دَارِي هَذِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ خُبْزًا وَفَرِّقُوا عَلَى الْمَسَاكِينِ صَارَتْ الدَّارُ وَقْفًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي النَّوَازِلِ جَعَلْت نَزْلَ كَرْمِي وَقْفًا وَكَانَ فِيهِ ثَمَرٌ أَوْ لَا يَصِيرُ الْكَرْمُ وَقْفًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: جَعَلْت غَلَّتَهُ وَقْفًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت بَعْدَ مَوْتِي أَوْ أَوْصَى أَنْ يُوقَفَ بَعْدَ مَوْتِهِ يَصِحُّ وَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَفِي وَقْفِ هِلَالٍ إذَا أَوْصَى أَنْ يُوقَفَ بِثُلُثِ أَرْضِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِلَّهِ أَبَدًا كَانَ وَصِيَّةً بِالْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي وَقْفٌ وَلَمْ يَزِدْ قَالَ أَبُو نَصْرٍ: إنْ كَانَ مَالُهُ نَقْدًا فَبَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ ضِيَاعًا فَجَائِزٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَقِيلَ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ

الباب الثاني فيما يجوز وقفه وما لا يجوز وفي وقف المشاع

بِلَا بَيَانِ الْمَصْرِفِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَفِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ كَانَ نَذْرًا بِالتَّصَدُّقِ حَتَّى لَوْ تَصَدَّقَ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ جَازَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: تَصَدَّقْت بِأَرْضِي هَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ لَا تَكُونُ وَقْفًا بَلْ نَذْرًا يُوجِبُ التَّصَدُّقَ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا فَإِنْ فَعَلَ خَرَجَ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ وَإِلَّا وُرِثَتْ عَنْهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَى الصَّدَقَةِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ النَّذْرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ عَلَى وُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَقْفًا بَلْ نَذْرًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ: جَعَلْت غَلَّةَ دَارِي هَذِهِ لِلْمَسَاكِينِ يَكُونُ نَذْرًا بِالتَّصَدُّقِ بِالْغَلَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا قَالَ: جَعَلْت هَذِهِ الدَّارَ لِلْمَسَاكِينِ فَهُوَ نَذْرٌ بِالتَّصَدُّقِ بِالدَّارِ عَلَى الْمَسَاكِينِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَلَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ لَا تُبَاعُ، يَكُونُ نَذْرًا بِالصَّدَقَةِ لَا وَقْفًا وَلَوْ زَادَ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ صَارَتْ وَقْفًا عَلَى الْمَسَاكِينِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَجُوزُ وَقْفُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ وَفِي وَقْفِ الْمُشَاعِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَجُوزُ وَقْفُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ وَفِي وَقْفِ الْمُشَاعِ) يَجُوزُ وَقْفُ الْعَقَارِ مِثْلِ الْأَرْضِ وَالدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَكَذَا يَجُوزُ وَقْفُ كُلِّ مَا كَانَ تَبَعًا لَهُ مِنْ الْمَنْقُولِ كَمَا لَوْ وَقَفَ أَرْضًا مَعَ الْعَبِيدِ وَالثِّيرَانِ وَالْآلَاتِ لِلْحَرْثِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ذَكَرَ الْخَصَّافُ إذَا رَهَنَ أَرْضًا وَمَعَهَا رَقِيقٌ يَعْمَلُونَ فِيهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَمِّيَ الرَّقِيقَ وَيُبَيِّنَ عَدَدَهُمْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ بَقَرٌ يَنْبَغِي أَنْ يُسَمِّيَ الْبَقَرَ وَيُبَيِّنَ عَدَدَهُمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَ فِي الصَّدَقَةِ أَنَّ نَفَقَةَ الرَّقِيقِ وَالْبَقَرِ مِنْ غَلَّةِ الْأَرْضِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ نَفَقَتَهُمْ فَإِنَّ نَفَقَتَهُمْ فِي غَلَّةِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْإِسْعَافِ لَوْ شَرَطَ نَفَقَتَهُمْ مِنْ غَلَّتِهَا ثُمَّ مَرِضَ بَعْضُهُمْ يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ إنْ شَرَطَ أَنْ تُجْرَى عَلَيْهِمْ نَفَقَاتُهُمْ مِنْ غَلَّتِهَا أَبَدًا مَا كَانُوا أَحْيَاءً، وَإِنْ قَالَ لِعَمَلِهِمْ فِيهَا: لَا يَجْرِي شَيْءٌ مِنْ الْغَلَّةِ عَلَى مَنْ تَعَطَّلَ مِنْهُمْ عَنْ الْعَمَلِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فَإِنْ ضَعُفَ الرَّقِيقُ عَنْ الْعَمَلِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ غُلَامًا مَكَانَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِثَمَنِهِ غُلَامًا مَكَانَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَزِيدَ فِي ذَلِكَ مِنْ غَلَّةِ الْأَرْضِ فَلَا

بَأْسَ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الدَّوَابِّ وَآلَاتِ الزِّرَاعَةِ إذَا وُقِفَتْ مَعَ الْأَرْضِ وَلِوُلَاةِ الصَّدَقَةِ أَنْ يَعْمَلُوا ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قُتِلَ فَأَخَذَ دِيَتَهُ فَعَلَى الْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا آخَرَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْإِسْعَافِ وَإِنْ جَنَى أَحَدٌ مِنْهُمْ فَعَلَى الْمُتَوَلِّي مَا هُوَ الْأَصْلَحُ مِنْ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَلَوْ فَدَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي الزَّائِدِ فَيَضْمَنُهُ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ فَدَاهُ أَهْلُ الْوَقْفِ كَانُوا مُتَطَوِّعِينَ وَيَبْقَى الْعَبْدُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فِي الصَّدَقَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَمَّا وَقْفُ الْمَنْقُولِ مَقْصُودًا فَإِنْ كَانَ كُرَاعًا أَوْ سِلَاحًا يَجُوزُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ إنْ كَانَ شَيْئًا لَمْ يَجْرِ التَّعَارُفُ بِوَقْفِهِ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَ مُتَعَارَفًا كَالْفَأْسِ وَالْقُدُومِ وَالْجِنَازَةِ وَثِيَابِهَا وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْأَوَانِي وَالْقُدُورِ فِي غَسْلِ الْمَوْتَى وَالْمَصَاحِفِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجُوزُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَلَوْ جَعَلَ جِنَازَةً وَمُلَاءَةً وَمُغْتَسَلًا يُقَالُ بِالْفَارِسِيَّةِ حَوْضُ مَسِّينِ وَقْفًا فِي مَحِلِّهِ فَمَاتَ أَهْلُهَا كُلُّهُمْ لَا يُرَدُّ إلَى الْوَرَثَةِ بَلْ يُحْمَلُ إلَى مَكَان آخَرَ أَقْرَبَ إلَى هَذِهِ الْمَحَلَّةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ثُمَّ وَقْفُ الْمُصْحَفِ إذَا وَقَفَهُ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ يَقْرَءُونَهُ إنْ يُحْصَوْنَ يَجُوزُ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْمَسْجِدِ يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَا يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى هَذَا الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وَقْفِ الْكُتُبِ جَوَّزَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا جَعَلَ ظَهْرَ دَابَّتِهِ أَوْ غَلَّةَ عَبْدِهِ فِي الْمَسَاكِينِ لَا يَصِحُّ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَقَفَ بَقَرَةً عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ لَبَنِهَا وَسَمْنِهَا

وَشِيرَازِهَا يُعْطَى أَبْنَاءَ السَّبِيلِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ تَعَارَفُوا ذَلِكَ جَازَ كَمَا يَجُوزُ مَاءُ السِّقَايَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا يَجُوزُ وَقْفُ فَحْلِ الْبَقَرِ وَغَيْرِهِ لِيَنِزُّوا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي الْوَاقِعَاتِ ذَكَرَ هِلَالٌ الْبَصْرِيُّ فِي وَقْفِهِ وَقْفُ الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ وَقْفِ الْأَصْلِ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَكَذَلِكَ وَقْفُ الكردار بِدُونِ وَقْفِ الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ وَقْفُ الْبِنَاءِ فِي أَرْضٍ هِيَ إعَارَةٌ أَوْ إجَارَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ وَقْفَ حَوَانِيتِ الْأَسْوَاقِ يَجُوزُ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِإِجَارَةٍ فِي أَيْدِي الَّذِينَ بَنَوْهَا لَا يُخْرِجُهُمْ السُّلْطَانُ عَنْهَا وَبِهِ عُرِفَ جَوَازُ وَقْفِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. الْبُقْعَةُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى جِهَةٍ إذَا بَنَى رَجُلٌ فِيهَا بِنَاءً وَوَقَفَهَا عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ تَبَعًا لَهَا، فَإِنْ وَقَفَهَا عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَإِذَا غَرَسَ شَجَرَةً وَوَقَفَهَا بِمَوْضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ صَحَّ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِحُكْمِ الِاتِّصَالِ وَإِنْ وَقَفَهَا دُونَ أَصْلِهَا لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ فَوَقَفَهَا عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ جَازَ كَمَا فِي الْبِنَاءِ وَإِنْ وَقَفَهَا عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَعَلَى الِاخْتِلَافِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَقْفُ الْغِلْمَانِ وَالْجَوَارِي عَلَى مَصَالِحِ الرِّبَاطِ يَجُوزُ، وَلَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ جَارِيَتَهُ يَجُوزُ وَعَبْدَهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ، وَلَوْ زَوَّجَ عَبْدَ الْوَقْفِ مِنْ أَمَةِ الْوَقْفِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَأَمَّا وَقْفُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِالْإِتْلَافِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ فَغَيْرُ جَائِزٍ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ وَمَا لَيْسَ بِحُلِيٍّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ وَقَفَ دَرَاهِمَ أَوْ مَكِيلًا أَوْ ثِيَابًا لَمْ يَجُزْ وَقِيلَ فِي مَوْضِعٍ تَعَارَفُوا ذَلِكَ يُفْتَى بِالْجَوَازِ قِيلَ: كَيْفَ؟ قَالَ الدَّرَاهِمُ تُقْرَضُ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ يَقْبِضُهَا أَوْ تُدْفَعُ مُضَارَبَةً بِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ. وَالْحِنْطَةُ

تُقْرَضُ لِلْفُقَرَاءِ يَزْرَعُونَ ثُمَّ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَالثِّيَابُ وَالْأَكْسِيَةُ تُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ لِيَلْبَسُوهَا عِنْدَ حَاجَتِهِمْ ثُمَّ تُؤْخَذُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْأَدْوِيَةِ إلَّا إذَا قَالَ: عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ وَتَدْخُلُ الْأَغْنِيَاءُ تَبَعًا كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا وَقَفَ مَالًا لِإِصْلَاحِ الْمَسَاجِدِ يَجُوزُ، وَإِنْ وَقَفَ لِبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ أَوْ لِإِصْلَاحِ الطَّرِيقِ أَوْ لِحَفْرِ الْقُبُورِ وَاِتِّخَاذِ السِّقَايَاتِ وَالْخَانَاتِ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ لِشِرَاءِ الْأَكْفَانِ لَهُمْ لَا يَجُوزُ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَمَا لَا يَدْخُلُ إلَّا بِهِ) ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ إذَا وَقَفَ الرَّجُلُ أَرْضًا فِي صِحَّتِهِ عَلَى وُجُوهٍ سَمَّاهَا وَمَنْ بَعْدَهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ الْبِنَاءُ وَالنَّخِيلُ وَالْأَشْجَارُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَدْخُلُ فِي وَقْفِ الْأَشْجَارِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: جَعَلْت أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً بِحُقُوقِهَا وَجَمِيعَ مَا فِيهَا ثَمَرَةً قَائِمَةً يَوْمَ الْوَقْفِ، قَالَ هِلَالٌ فِي الِاسْتِحْسَانِ: يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثَّمَرَةِ الْقَائِمَةَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَقْفِ بَلْ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْ الثَّمَرَةِ بَعْدَ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ إلَى الْوُجُوهِ الَّتِي سَمَّى فِي الْوَقْفِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ بَعْدَ وَفَاتِي عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَلَّاتِهَا فَهُوَ لِعَبْدِ اللَّهِ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَفِيهَا ثَمَرَةٌ قَائِمَةٌ قَالَ: لَا تَكُونُ الثَّمَرَةُ لِعَبْدِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ وَجَبَ لَهُ الْوَقْفُ فَصَارَ كَأَنَّهُ وَقَفَ الْأَرْضَ وَفِيهَا ثَمَرَةٌ قَائِمَةٌ فَلَا تَدْخُلُ الثَّمَرَةُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْوَقْفِ ثُمَّ ذَكَرَ صَاحِبُ الْكِتَابِ هَهُنَا فِي الْقِيَاسِ الثَّمَرَةَ الْقَائِمَةَ لِلْوَرَثَةِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَبِالِاسْتِحْسَانِ نَأْخُذُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إنْ كَانَ لَفْظُ الْوَاقِفِ بِهَذَا الْقَدْرِ الَّذِي ذَكَرْنَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِلْوَرَثَةِ عَلَى كُلٍّ فِي الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ رَدَّ الْوَقْفَ إلَى مَا بَعْدَ الْوَفَاةِ وَالْأَرْضُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ لَمْ تَصِرْ وَقْفًا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ حَدَثَتْ هَذِهِ الثَّمَرَةُ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ فَتَكُونُ مِلْكًا لِوَرَثَتِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَقَفَ أَرْضًا وَفِيهَا زَرْعٌ لَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي الْوَقْفِ سَوَاءٌ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ أَمْ لَمْ تَكُنْ

كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ الْخَصَّافُ: وَلَوْ كَانَ فِيهَا بَقْلٌ أَوْ رَيَاحِينُ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ وَلَوْ كَانَ فِيهَا قَصَبٌ وَغَيْضَةٌ أَوْ خِلَافٌ فَمَا يُقْطَعُ فِي كُلِّ سَنَةٍ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ وَمَا كَانَ يُقْطَعُ فِي كُلِّ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ كَذَا مَا يُثْمِرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَأَمَّا الرِّطَابُ فَمَا كَانَ مِنْ رُطَبِهِ قَدْ طَلَعَتْ فَهُوَ لِلْوَاقِفِ وَمَا كَانَ مِنْ أُصُولِ ذَلِكَ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْوَقْفِ وَكَذَلِكَ الْبَاذِنْجَانُ وَالْقُطْنُ إلَّا أَنْ تَكُونَ شَجَرَةُ الْقُطْنِ تُجَزُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ بَصَلُ الْعَبْهَرِ وَالزَّعْفَرَانُ يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ، وَقَصَبُ السُّكْرِ لَا يَدْخُلُ، وَشَجَرَةُ الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ تَدْخُلَانِ فِي وَقْفِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْوَرْدُ وَوَرَقُ الْحِنَّاءِ وَالْيَاسَمِينِ تَكُونُ لِلْوَاقِفِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالرَّحَى فِي الضَّيْعَةِ تَدْخُلُ فِي وَقْفِ تِلْكَ الضَّيْعَةِ رَحَى الْمَاءِ وَرَحَى الْيَدِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الدَّوَالِيبُ تَدْخُلُ، وَالدَّوَالِي لَا تَدْخُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَدْخُلُ فِي وَقْفِ الْحَمَامِ الْقِدْرُ وَمَلْقَى سِرْقِينِهِ وَرَمَادَةِ وَلَا يَدْخُلُ مَسِيلُ مَاءٍ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ وَكَذَلِكَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. رَجُلٌ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ الشِّرْبَ وَالطَّرِيقَ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا تُوقَفُ إلَّا لِلِاسْتِغْلَالِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمَاءِ أَوْ الطَّرِيقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي وَقْفِ الدَّارِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ الدَّارَ بِحُقُوقِهَا وَلَا بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ لَهَا فِيهَا وَمِنْهَا مِنْ حُقُوقِهَا يَدْخُلُ مَا كَانَ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ. وَفِي وَقْفِ الْحَوَانِيتِ يَدْخُلُ مَا كَانَ يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا، وَخَوَابِي الدَّبَّاسِينَ وَقُدُورُ الدَّبَّاغِينَ لَا تَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْبِنَاءِ أَمْ لَمْ تَكُنْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَسُئِلَ نَصْرٌ عَمَّنْ وَقَفَ دَارًا فِيهَا حَمَامَاتٌ يَطِرْنَ وَيَرْجِعْنَ قَالَ: يَدْخُلُ فِي وَقْفِهِ الْحَمَامَاتُ الْأَهْلِيَّةُ كَذَا فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ. وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ وَقَفَ بُرْجَ حَمَامٍ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ جَائِزًا؛ لِأَنَّ الْحَمَامَاتِ وَإِنْ كَانَتْ مَنْقُولَةً إلَّا أَنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا تَبَعًا لِلْبَيْتِ كَمَا لَوْ وُقِفَتْ ضَيْعَةٌ بِمَا فِيهَا مِنْ الثِّيرَانِ وَالْعَبِيدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ بَيْتًا فِيهِ كُوَّارَاتُ الْعَسَلِ يَجُوزُ وَتَصِيرُ النَّحْلُ تَبَعًا لِلْبَيْتِ وَالْعَسَلِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُوقَفَ الْبَيْتُ وَالْبُرْجُ بِمَا فِيهِ مِنْ النَّحْلِ

فصل في وقف المشاع

وَالْحَمَامِ كَمَا لَوْ وَقَفَ الْعَبِيدَ مَعَ الْأَرْضِ وَالثِّيرَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [فَصْلٌ فِي وَقْفِ الْمُشَاعِ] (فَصْلٌ فِي وَقْفِ الْمُشَاعِ) الشُّيُوعُ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَقْفِ بِلَا خِلَافٍ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ نِصْفَ الْحَمَامِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مُشَاعًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقْفُ الْمُشَاعِ الْمُحْتَمِلِ لِلْقِسْمَةِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُ بُخَارَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَالْمُتَأَخِّرُونَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَاتَّفَقَا عَلَى جَعْلِ الْمُشَاعِ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ يَحْتَمِلُهَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِصِحَّةِ وَقْفِ الْمُشَاعِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ وَصَارَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْمُخْتَلِفَاتِ كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ لِلنُّقَايَةِ ثُمَّ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِصِحَّتِهِ فَطَلَبَ بَعْضُهُمْ الْقِسْمَةَ لَا يُقْسَمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَتَهَايَئُونَ وَعِنْدَهُمَا يُقْسَمُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْكُلَّ لَوْ كَانَ وَقْفًا أَرَادُوا الْقِسْمَةَ بِهِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا التَّهَايُؤُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ إنْ وَقَفَ نَصِيبَهُ مِنْ عَقَارٍ مُشْتَرَكٍ فَهُوَ يُقَاسِمُ شَرِيكَهُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ إلَى وَصِيِّهِ. وَإِنْ وَقَفَ نِصْفَ عَقَارِهِ فَاَلَّذِي يُقَاسِمُهُ هُوَ الْقَاضِي أَوْ هُوَ يَبِيعُ نَصِيبَهُ الْبَاقِيَ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ يُقَاسِمُ الْمُشْتَرِيَ ثُمَّ يَشْتَرِي ذَلِكَ مِنْهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ وَقَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى قَوْمٍ مَعْلُومِينَ فَهَذَا جَائِزٌ وَلَهُمَا أَنْ يَتَقَاسَمَا هَذِهِ الْأَرْضَ فَيُفْرِزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا وَقَفَ فَيَكُونُ فِي يَدِهِ يَتَوَلَّاهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ وُقِفَ الْكُلُّ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْجُزْءُ مِنْهُ بَطَلَ الْبَاقِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الشُّيُوعَ مُقَارَنٌ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ مُمَيَّزٌ بِعَيْنِهِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَاقِي كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَقَفَ جَمِيعَ أَرْضِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهَا شَائِعًا وَقَضَى الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ بِالنِّصْفِ وَبَقِيَ النِّصْفُ الْبَاقِي وَقْفًا عَلَى حَالِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ لِلْوَاقِفِ أَنْ يُقَاسِمَ الْمُسْتَحِقَّ كَذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَتَصَدَّقَا

بِهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ الَّتِي يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا وَدَفْعُهَا إلَى قَيِّمٍ يَقُومُ عَلَيْهَا كَانَ جَائِزًا؛ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمَانِعُ مِنْ الْجَوَازِ هُوَ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْعَقْدِ، وَهَهُنَا لَمْ يُوجَدْ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَدَّقَا بِالْأَرْضِ جُمْلَةً وَلَا وَقْتَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُمَا سَلَّمَا الْأَرْضَ جُمْلَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَلِكَ إنْ تَصَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَصِيبِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ وَنَصَّبَا قَيِّمًا وَاحِدًا فَقَبَضَ نَصِيبَهُمَا جَمِيعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَ التَّوْلِيَةَ عَلَى رَجُلَيْنِ مَعًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَ جِهَةُ الْوَقْفِ بِأَنْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَإِذَا انْقَرَضُوا كَانَتْ غَلَّتُهَا لِلْمَسَاكِينِ وَالْآخَرُ فِي الْحَجِّ يَحُجُّ بِهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ وَسَلَّمَاهَا إلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ جَازَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ وَاحِدًا وَجَعَلَ نِصْفَ الْأَرْضِ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مُشَاعًا وَالنِّصْفَ الْآخَرَ عَلَى أَمْرٍ آخَرَ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ قَبَضَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَقْبِضْ نَصِيبَ الْآخَرِ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ حَتَّى إذَا كَانَ لِلَّذِي قَبَضَ نَصِيبَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ وَيَبِيعَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ تَصَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الْأَرْضِ مُشَاعًا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ لِوَقْفِهِ مُتَوَلِّيًا عَلَى حِدَةٍ لَا يَجُوزُ لِوُجُودِ الشُّيُوعِ وَقْتَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاشَرَ عَقْدًا عَلَى حِدَةٍ وَتَمَكَّنَ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْقَبْضِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَوَلِّيَيْنِ قَبَضَ نِصْفًا شَائِعًا، فَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلَّذِي جُعِلَ مِنْهُمَا مُتَوَلِّيًا فِي نَصِيبِهِ: اقْبِضْ نَصِيبِي مَعَ نَصِيبِ صَاحِبِي، جَازَ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَجُوزُ الْوَقْفُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ يَجُوزُ الْوَقْفُ غَيْرَ مَقْبُوضٍ فَيَجُوزُ غَيْرَ مَقْسُومٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَقَفَ مِنْ دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ أَلْفَ ذِرَاعٍ، جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ يَزْرَعُ الْأَرْضَ وَالدُّورَ فَإِنْ كَانَتْ أَلْفَ ذِرَاعٍ أَوْ أَقَلَّ كَانَ كُلُّهَا وَقْفًا وَإِنْ كَانَتْ أَلْفَيْ ذِرَاعٍ كَانَ الْوَقْفُ مِنْهَا النِّصْفَ وَإِنْ كَانَتْ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ كَانَ الْوَقْفُ مِنْهَا ثُلُثَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا نَخِيلٌ وَبَعْضِهَا لَا نَخِيلَ فِيهِ يَكُونُ لِلْوَقْفِ حِصَّةٌ مِنْ النَّخِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَقَفَ جَرِيبًا شَائِعًا مِنْ أَرْضٍ ثُمَّ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ فَأَصَابَ الْوَقْفُ أَقَلَّ مِنْ جَرِيبٍ لِجُودَةِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ

الباب الثالث في المصارف وهو مشتمل على ثمانية فصول

الَّتِي وَقَعَتْ فِي الْوَقْفِ فَزِيدَ فِي ذُرْعَانِ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى أَوْ الْعَكْسِ جَازَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: جَعَلْت نَصِيبِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَقْفًا، وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ الدَّارِ فَوَجَدَ مِنْ حِصَّتِهِ نِصْفَ الدَّارِ أَوْ ثُلُثَيْ الدَّارِ كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ وَقْفًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَتْ لَهُ أَرْضُونَ وَدُورٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَوَقَفَ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُقَاسِمَ شَرِيكَهُ وَيَجْمَعَ الْوَقْفَ كُلَّهُ فِي أَرْضٍ وَاحِدٍ وَدَارٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ هَذَا جَائِزٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَهِلَالٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ فَوَقَفَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَوْ أَنَّ الْوَاقِفَ مَعَ شَرِيكِهِ اقْتَسَمَا وَأَدْخَلَا فِي الْقِسْمَةِ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةً مَعْلُومَةً إنْ كَانَ الْوَاقِفُ هُوَ الَّذِي يَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ مَعَ طَائِفَةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ يَصِيرُ بَائِعًا شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ بِالدَّرَاهِمِ وَذَلِكَ فَاسِدٌ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ هُوَ الَّذِي أَعْطَى الدَّرَاهِمَ جَازَ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ أَخَذَ الْوَقْفَ وَاشْتَرَى بَعْضَ مَا لَيْسَ بِوَقْفٍ مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِالدَّرَاهِمِ فَيَجُوزُ ثُمَّ حِصَّةُ الْوَاقِفِ وَقْفٌ وَمَا اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ فَذَلِكَ مِلْكٌ لَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ فِي الْقِسْمَةِ فَضْلُ دَرَاهِمَ بِأَنْ كَانَ أَحَدُ النِّصْفَيْنِ أَجْوَدَ مِنْ الْآخَرِ وَجَعَلَ بِإِزَاءِ الْجُودَةِ دَرَاهِمَ فَإِنْ كَانَ الْآخِذُ بِالدَّرَاهِمِ هُوَ الْوَاقِفُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ شَرِيكَهُ جَازَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. حَانُوتٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَقَفَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ لَوْحَ الْوَقْفِ عَلَى بَابِهِ فَمَنَعَهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ لَيْسَ لَهُ الضَّرْبُ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا اخْتَارَهُ مَشَايِخُ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ قَرْيَةٌ بَعْضُهَا وَقْفٌ وَبَعْضُهَا مَمْلَكَةٌ وَبَعْضُهَا مِلْكٌ أَرَادُوا قِسْمَةَ بَعْضِهَا لِيَجْعَلُوهَا مَقْبَرَةً لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادُوا قِسْمَةَ الْكُلِّ جَازَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمَصَارِفِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَمَانِيَةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَكُونُ مَصْرِفًا لِلْوَقْفِ وَمَنْ لَا يَكُونُ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمَصَارِفِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَمَانِيَةِ فُصُولٍ) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَكُونُ مَصْرِفًا لِلْوَقْفِ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا يَكُونُ فَلَا يَصِحُّ عَلَيْهِ

الَّذِي يَبْدَأُ مِنْ ارْتِفَاعِ الْوَقْفِ عِمَارَتُهُ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَمْ لَا، ثُمَّ مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ وَأَعَمُّ لِلْمَصْلَحَةِ كَالْإِمَامِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُدَرِّسِ لِلْمَدْرَسَةِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِمْ كَذَا فِي السِّرَاجِ وَالْبُسُطِ كَذَلِكَ إلَى آخِرِ الْمَصَالِحِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا، فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مُعَيَّنًا عَلَى شَيْءٍ يُصْرَفُ إلَيْهِ بَعْدَ عِمَارَةِ الْبِنَاءِ كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ إنْ قَالَ: جَعَلْت غَلَّتَهَا لِفُلَانٍ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ ثُمَّ بَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ، وَشَرَطَ الْعِمَارَةَ مِنْ الْغَلَّةِ فَهُنَا يُؤَخِّرُ الْعِمَارَةَ عَنْ حَقِّ صَاحِبِ الْغَلَّةِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِتَأْخِيرِ الْعِمَارَةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ عَلَى الْوَقْفِ فَحِينَئِذٍ يَبْدَأُ فِي الْعِمَارَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَيَقْطَعُ الْجِهَاتِ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهَا لَهَا إنْ لَمْ يُخَفْ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنْ خِيفَ قُدِّمَ وَأَمَّا النَّاظِرُ فَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لَهُ مِنْ الْوَاقِفِ فَهُوَ كَأَحَدِ الْمُسْتَحَقِّينَ فَإِذَا قَطَعُوا لِلْعِمَارَةِ قَطَعَ إلَّا أَنْ يَعْمَلَ فَيَأْخُذَ قَدْرَ أُجْرَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا يَظْفَرُ بِهِمْ وَأَقْرَبُ أَمْوَالِهِمْ هَذِهِ الْغَلَّةُ فَتَجِبُ فِيهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَوْ رِجَالٍ وَآخِرُهُ لِلْفُقَرَاءِ فَهُوَ فِي مَالِهِ أَيِّ مَالٍ شَاءَ فِي حَيَاتِهِ، فَإِذَا مَاتَ فَمِنْ الْغَلَّةِ ثُمَّ الْعِمَارَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ عَلَيْهِ إنَّمَا هِيَ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى الْمَوْقُوفُ بِهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وُقِفَ عَلَيْهَا وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَيْسَتْ بِمُسْتَحَقَّةٍ فَلَا تُصْرَفُ فِي الْعِمَارَةِ إلَّا بِرِضَاهُ وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا تَزْدَادُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عَلَيْهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إنْ وَقَفَ دَارًا عَلَى سُكْنَى وَلَدِهِ فَالْعِمَارَةُ عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى وَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْعِمَارَةِ وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَنْ لَهُ السُّكْنَى كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ أَنْفَقَ صَاحِبُ السُّكْنَى مِنْ خَالِصِ مَالِهِ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ فَمَا كَانَ مِنْ الْعِمَارَةِ شَيْئًا قَائِمًا بِعَيْنِهِ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ وَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا إنْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ الْوَقْفَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَيُقَالُ لِوَرَثَتِهِ: ارْفَعُوا بِنَاءَكُمْ فَإِنْ رَفَعُوهُ وَإِلَّا يُجْبَرُوا وَإِنْ مَلَكُوهُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْقِيمَةِ جَازَ بِتَرَاضِيهِمْ وَإِنْ أَبَى أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَا لَا يَكُونُ شَيْئًا قَائِمًا بِعَيْنِهِ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لَهُ السُّكْنَى آزَرَ حِيطَانَ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ بِالْآجُرِّ وَجَصَّصَهَا أَوْ

أَدْخَلَ فِيهَا أَجْذَاعًا ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُمْكِنْ نَزْعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِضَرَرٍ بِالْبِنَاءِ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ السُّكْنَى بَعْدَهُ: اضْمَنْ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَلَك السُّكْنَى فَإِنْ أَبَى أُجِّرَتْ الدَّارُ وَصُرِفَتْ الْغَلَّةُ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَإِذَا دُفِعَتْ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ أُعِيدَتْ السُّكْنَى إلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ السُّكْنَى أَنْ يَرْضَى بِقَلْعِ ذَلِكَ وَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَمَا انْهَدَمَ مِنْ بِنَاءِ الْوَقْفِ وَآلَتِهِ صَرَفَهُ الْحَاكِمُ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ وَأَمْسَكَهُ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى عِمَارَتِهِ فَيَصْرِفُهُ فِيهَا وَإِنْ تَعَذَّرَ إعَادَةُ عَيْنِهِ إلَى مَوْضِعٍ يَبِيعُ وَيَصْرِفُ ثَمَنَهُ إلَى الْمَرَمَّةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ بَيْنَ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا سَقَطَ بَعْضُ سُقُوطِ الرِّبَاطِ أَوْ انْهَدَمَ حَائِطُهُ وَأَرَادَ أَرْبَابُ الْوَقْفِ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِهِ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا إذَا وَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ عِمَارَتِهِ فَحِينَئِذٍ قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ إنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقِيلَ: يُرْجَعُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. رِبَاطٌ عَلَى بَابِهِ قَنْطَرَةٌ عَلَى نَهْرٍ كَبِيرٍ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالرِّبَاطِ إلَّا بِمُجَاوَزَةِ الْقَنْطَرَةِ وَلَيْسَ لِلْقَنْطَرَةِ غَلَّةٌ يَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ غَلَّةِ الرِّبَاطِ عَلَى عِمَارَةِ الْقَنْطَرَةِ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ فِي الْوَقْفِ أَنَّهُ تُصْرَفُ غَلَّتُهُ إلَى مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلرِّبَاطِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ بَلْ ذَكَرَ مَرَمَّتَهُ لَا غَيْرُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَرَمَّةِ الرِّبَاطِ حَتَّى لَوْ كَانَ الرِّبَاطُ بِحَالٍ لَوْ لَمْ تُصْرَفْ الْغَلَّةُ إلَى عِمَارَةِ الْقَنْطَرَةِ لَخَرِبَ الرِّبَاطُ اسْتَحْسَنُوا أَنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْوَقْفُ عَلَى أَقْرِبَاءِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذُكِرَ فِي مُخْتَصَرِ الْفَتَاوَى وَيَجُوزُ، وَأَفْتَى بِهِ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَهُمْ يُحْصَوْنَ ثُمَّ بَعْدَهُمْ عَلَى الْفُقَرَاءِ يَجُوزُ وَيَكُونُ الْحَقُّ لِلْأَغْنِيَاءِ ثُمَّ لِلْفُقَرَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْوَقْفُ عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ يَجُوزُ وَيَكُونُ لِفُقَرَائِهِمْ دُونَ أَغْنِيَائِهِمْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِغَلَّتِهَا كُلَّ سَنَةٍ أَوْ يَعْتَمِرَ بِهَا عَنِّي أَوْ يَقْضِيَ دَيْنِي، فَهُوَ جَائِزٌ. وَإِذَا وَقَفَ عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ فَقَالَ فِيهَا يُشْتَرَى حِبَابٌ يُصَبُّ فِيهَا الْمَاءُ أَوْ يُجَهَّزُ بِهَا الْأَرَامِلُ وَالْيَتَامَى أَوْ يُشْتَرَى بِهَا أَكْسِيَةٌ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ يُتَصَدَّقُ بِهَا كُلَّ سَنَةٍ مَكَانَ ذُنُوبِي الَّتِي فَرَّطْت فِيهَا فَهُوَ

جَائِزٌ إذَا جَعَلَ آخِرَهُ مَالًا يَتَأَبَّدُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ كُلَّ سَنَةٍ بِخَمْسَةِ آلَافِ دَرَاهِمَ حَجَّةً وَمَبْلَغُ نَفَقَةِ الْحَجِّ لِلرَّاكِبِ أَلْفُ دِرْهَمٍ صُرِفَ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَى الْحَجِّ وَالْبَاقِي إلَى الْمَسَاكِينِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْجِهَادِ وَالْعُرَاةِ وَفِي أَكْفَانِ الْمَوْتَى أَوْ فِي حَفْرِ الْقُبُورِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُشْبِهُهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي بَابِ الْوَقْفِ الَّذِي لَا يَجُوزُ إذَا قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى النَّاسِ أَبَدًا فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ، وَكَذَا إذَا قَالَ عَلَى بَنِي آدَمَ أَوْ عَلَى أَهْلِ بَغْدَادَ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَهُوَ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: عَلَى الزَّمْنَى وَالْعُمْيَانِ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ مَسْأَلَةَ الْعُمْيَانِ وَالزَّمْنَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَقَالَ: الْغَلَّةُ لِلْمَسَاكِينِ وَلَا تَكُونُ لِلْعُمْيَانِ وَالزَّمْنَى، وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ عَلَى قُرَّاءِ الْقُرْآنِ أَوْ عَلَى الْفُقَهَاءِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَفِي وَقْفِ هِلَالٍ: أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الزَّمْنَى وَالْمُنْقَطِعِ صَحِيحٌ وَيَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ قَالَ مَشَايِخُنَا: الْوَقْفُ عَلَى مُعَلِّمِ الْمَسْجِدِ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ فِيهِ لَا يَجُوزُ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: يَجُوزُ، قَالَ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: كَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ النَّسَفِيُّ يَقُولُ: وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إذَا وَقَفَ عَلَى طَلَبَةِ عِلْمٍ كُورَةَ كَذَا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فُقَرَاءَهُمْ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْوَقْفِ: (الْحَاصِلُ) فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ مَصْرِفًا فِيهِ تَنْصِيصٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْحَاجَةِ فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانُوا يُحْصَوْنَ أَوْ لَا يُحْصَوْنَ، وَمَتَى ذَكَرَ مَصْرِفًا يَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ فَإِنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ فَذَلِكَ صَحِيحٌ لَهُمْ بِاعْتِبَارِ أَعْيَانِهِمْ يُرِيدُ بِهِ أَنْ يَصِحَّ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَهُوَ بَاطِلٌ، قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْحَاجَةِ اسْتِعْمَالًا فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ لَا بِاعْتِبَارِ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ كَالْيَتَامَى فَحِينَئِذٍ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ فَالْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ فِيهِمْ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَيُصْرَفُ إلَى فُقَرَائِهِمْ دُونَ أَغْنِيَائِهِمْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَيَدْخُلُ الْحَنَفِيُّ إذَا كَانَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ جَعَلَ أَرْضَهُ أَوْ مَنْزِلَهُ وَقْفًا عَلَى كُلِّ مُؤَذِّنٍ يُؤَذِّنُ أَوْ إمَامٍ يَؤُمُّ فِي مَسْجِدٍ بِعَيْنِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ: لَا يَجُوزُ هَذَا الْوَقْفُ وَإِنْ

الفصل الثاني في الوقف على نفسه وأولاده ونسله

كَانَ الْمُؤَذِّنُ فَقِيرًا لَا يَجُوزُ أَيْضًا، وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ فِي صَكِّ الْوَقْفِ: وَقَفْت هَذَا الْمَنْزِلَ عَلَى كُلِّ مُؤَذِّنٍ يُؤَذِّنُ فَقِيرٍ يَكُونُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَحَلَّةِ، فَإِذَا خَرِبَ الْمَسْجِدُ وَخَوِيَ عَنْ أَهْلِهِ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحَاوِيجِهِمْ فَيَجُوزُ أَمَّا إذَا قَالَ: وَقَفْت عَلَى كُلِّ مُؤَذِّنٍ فَقِيرٍ فَهُوَ مَجْهُولٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عِنْدَ قَبْرِهِ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى مَصَاحِفَ مَوْقُوفَةٍ أَنْ يُصْلَحَ مَا يُدَرَّسُ عَنْهُ قَالَ: الْوَقْفُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَقَفَ عَلَى الصُّوفِيَّةِ فَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ وَيُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ) رَجُلٌ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى نَفْسِي يَجُوزُ هَذَا الْوَقْفُ عَلَى الْمُخْتَارِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى نَفْسِي ثُمَّ مِنْ بَعْدِي عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ وَمِنْ بَعْدِهِ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: عَلَيَّ وَعَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى عَبْدِي وَعَلَى فُلَانٍ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَصِحُّ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. إذَا وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى وَلَدِهِ وَمِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْمَسَاكِينٍ وَقْفًا صَحِيحًا فَإِنَّمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَقْفِ الْوَلَدُ الْمَوْجُودُ يَوْمَ وُجُودِ الْغَلَّةِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا يَوْمَ الْوَقْفِ أَوْ وُجِدَ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا قَوْلُ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَعَلَى مَنْ يَحْدُثُ لِي مِنْ الْوَلَدِ، فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى الْمَسَاكِينِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَنْ يَحْدُثُ لِي مِنْ الْوَلَدِ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ يَصِحُّ هَذَا الْوَقْفُ فَإِذَا أَدْرَكَتْ الْغَلَّةُ تُقَسَّمُ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ الَّتِي تُوجَدُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى هَذَا الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ وَلَدٌ صُرِفَتْ الْغَلَّةُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي دَخَلَ فِيهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْبَنِينَ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْخُنْثَى وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْبَنَاتِ لَمْ يَدْخُلْ أَيْضًا؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ مَا هُوَ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ دَخَلَ الْخُنْثَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَثْبُتُ الْحَقُّ لِلْأَوْلَادِ فَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ فَأَمَّا

مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفَ النَّسَبِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَعَهُمْ، وَمِثَالُ ذَلِكَ إذَا قَالَ: وَقَفْت أَرْضِي هَذِهِ عَلَى وَلَدِي ثُمَّ جَاءَتْ جَارِيَةٌ لَهُ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْغَلَّةِ فَادَّعَاهُ الْوَاقِفُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ وَلَوْ جَاءَتْ امْرَأَتُهُ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْغَلَّةِ كَانَتْ الْحِصَّةُ مِنْ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتِّهِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَمْ يُشْرِكْهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ مَاتَ الْوَاقِفُ سَاعَةَ جَاءَتْ الْغَلَّةُ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي أَدْرَكَتْ فِيهَا الْغَلَّةُ فَإِنَّ هَذَا الْوَلَدَ يُشَارِكُ الْوَلَدَ الْأَوَّلَ فِي الْغَلَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكَانَ الْمَوْتِ طَلَاقٌ بَائِنٌ وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهُوَ عَلَى هَذَا وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْمَنْكُوحَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ عَاشَ الْوَاقِفُ بَعْدَ وُجُودِ الْغَلَّةِ مِنْ الْوَقْفِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهَا ثُمَّ مَاتَ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ وُجُودِ الْغَلَّةِ لَا حَقَّ لِهَذَا الْوَلَدِ فِي هَذِهِ الْغَلَّةِ لِتَوَهُّمِ عُلُوقِ هَذَا الْوَلَدِ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوِلَادَةُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ وُجُودِ الْغَلَّةِ فَيُشَارِكُ الْوَلَدُ الْأَوَّلَ وَلَوْ كَانَ مَوْتُ الْوَاقِفِ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ جَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ كَانَ لِهَذَا الْوَلَدِ حِصَّةٌ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ثُمَّ تَكَلَّمُوا فِي مَعْرِفَةِ الْيَوْمِ الَّذِي يَجِبُ الْحَقُّ فِي الْغَلَّةِ ذَكَرَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي صَارَتْ لِلْغَلَّةِ قِيمَةٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَضْلُ عَنْ الْمُؤَنِ وَقِيلَ: هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي صَارَتْ لَهَا قِيمَةٌ بِحَيْثُ يَفْضُلُ عَنْ الْمُؤَنِ وَالْخَرَاجِ وَالنَّوَائِبِ الْقَاهِرَةِ كَالدَّيْنِ الْوَاجِبِ فِي الْغَلَّةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِ بُخَارَى رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي الْعُورِ وَالْعُمْيَانِ كَانَ الْوَقْفُ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ وَيُعْتَبَرُ الْعُورُ وَالْعُمْيُ مِنْ وَلَدِهِ يَوْمَ الْوَقْفِ لَا يَوْمَ الْغَلَّةِ، وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَصَاغِرِ وَلَدِي كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الصِّغَارِ خَاصَّةً وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَنْ كَانَ صَغِيرًا عِنْدَ الْوَقْفِ لَا عِنْدَ وُجُودِ الْغَلَّةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي الَّذِينَ يَسْكُنُونَ الْبَصْرَةَ فَالْغَلَّةُ لِسَاكِنِي الْبَصْرَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَيُعْتَبَرُ سَاكِنُو الْبَصْرَةِ يَوْمَ وُجُودِ الْغَلَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إذَا كَانَ ثَابِتًا بِصِفَةٍ لَا تَزُولُ أَوْ تَزُولُ وَلَكِنَّهَا لَا تَعُودُ بَعْدَ الزَّوَالِ يُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ قِيَامُ تِلْكَ الصِّفَةِ وَقْتَ الْوَقْفِ وَإِذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ ثَابِتًا بِصِفَةٍ تَزُولُ وَتَعُودُ بَعْدَ الزَّوَالِ يُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ قِيَامُ تِلْكَ الصِّفَةِ وَقْتَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى وَلَدِهِ الذُّكُورِ يَدْخُلُ فِيهِ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الْوَلَدَ بِصِفَةٍ لَا تَزُولُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ: عَنْ الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِي وَوَلَدِ الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِي، فَهُوَ عَلَى مَا شَرَطَ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَوْجُودُونَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ يَوْمَ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى مَنْ يُسْلِمُ مِنْ وَلَدِي أَوْ عَلَى مَنْ يَتَزَوَّجُ مِنْ وَلَدِي يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ أَسْلَمَ وَتَزَوَّجَ بَعْدَ الْوَقْفِ لَا مَنْ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ مُتَزَوِّجًا يَوْمَ الْوَقْفِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ: عَنْ الْفُقَرَاءِ، مِنْ وَلَدِهِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ يَدْخُلُ مَنْ كَانَ فَقِيرًا وَقْتَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ قَالَ: عَلَى مَنْ افْتَقَرَ مِنْ وَلَدِي قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَكُونُ الْغَلَّةُ لِمَنْ كَانَ غَنِيًّا ثُمَّ افْتَقَرَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يَدْخُلُ كُلُّ مَنْ كَانَ فَقِيرًا وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ سَوَاءٌ كَانَ غَنِيًّا ثُمَّ افْتَقَرَ أَوْ لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا أَصْلًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى مَنْ احْتَاجَ مِنْ وَلَدِي، يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَقْتَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى أَوْلَادِهِ الْفُقَهَاءِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ كَانُوا فُقَهَاءَ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ تَفَقَّهَ بَعْدَ سِنِينَ لَا يُوقَفُ نَصِيبُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ قَبْلَ حُصُولِ تِلْكَ الصِّفَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي. كَانَتْ الْغَلَّةُ لِوَلَدِ صُلْبِهِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَإِذَا جَازَ هَذَا الْوَقْفُ فَمَا دَامَ يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ لَا غَيْرُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ وَاحِدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَلَا يُصْرَفُ إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقْتَ الْوَقْفِ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ وَلَهُ وَلَدُ الِابْنِ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِوَلَدِ الِابْنِ لَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ مَنْ دُونَهُ مِنْ الْبُطُونِ، وَيَكُونُ وَلَدُ الِابْنِ عِنْدَ عَدَمِ وَلَدِ الصُّلْبِ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِ الصُّلْبِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبِنْتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ بَعْدَ ذَلِكَ صُرِفَتْ الْغَلَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ إلَى الْوَلَدِ لِصُلْبِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ عُدِمَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَوُجِدَ الْبَطْنُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ

وَمَنْ دُونَهُ اشْتَرَكَ الْبَطْنُ الثَّالِثُ وَمَنْ دُونَهُ مِنْ الْبُطُونِ وَإِنْ كَثُرَتْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته فِي الْوَقْفِ عَلَى وَلَدِهِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْوَقْفِ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ وَوَلَدُ وَلَدِهِ الْمَوْجُودُ يَوْمَ الْوَقْفِ وَمَنْ حَدَثَ بَعْدَهُ وَيَشْتَرِكُ الْبَطْنَانِ فِي الْغَلَّةِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَسْفَلَ هَذَيْنِ الْبَطْنَيْنِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِ وَلَدِي ذَكَرَ الْبَطْنَ الثَّالِثَ فَإِنَّهُ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَى أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَلَا تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ مَا بَقِيَ أَحَدٌ يَكُونُ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ فِيهِ سَوَاءٌ، إلَّا أَنْ يَذْكُرَ الْوَاقِفُ فِي وَقْفِهِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ أَوْ يَقُولُ: عَلَى وَلَدِي ثُمَّ بَعْدَهُمْ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي، أَوْ يَقُولُ: بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَحِينَئِذٍ يُبْدَأُ بِمَا بَدَأَ الْوَاقِفُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَوْلَادِي يَدْخُلُ فِيهَا الْبُطُونُ كُلُّهَا لِعُمُومِ اسْمِ الْأَوْلَادِ وَلَكِنْ يَكُونُ الْكُلُّ لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ مَادَامَ بَاقِيًا فَإِذَا انْقَرَضَ يَكُونُ لِلثَّانِي فَإِذَا انْقَرَضَ يَكُونُ لِلثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ فَتَشْتَرِكُ هَذِهِ الْبُطُونُ فِي الْقِسْمَةِ وَالْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ فِيهِ سَوَاءٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَلَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ كَانَ نِصْفُ الْغَلَّةِ لَهُ وَالنِّصْفُ لِلْفُقَرَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ: هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي، وَلَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ فَالْوَقْفُ كُلُّهُ لَهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ فَانْقَرَضُوا وَلَمْ يَبْقَ إلَّا وَاحِدٌ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَقَفَ ضَيْعَتَهُ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ عَلَى وَلَدَيْهِ فَإِذَا انْقَرَضَا فَعَلَى أَوْلَادِهِمَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَانْقَرَضَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ وَخَلَفَ وَلَدًا يُصْرَفُ نِصْفُ الْغَلَّةِ إلَى الْوَلَدِ الْبَاقِي وَالنِّصْفُ لِلْفُقَرَاءِ فَإِذَا مَاتَ الْوَلَدُ الثَّانِي مِنْ وَلَدَيْ الْوَاقِفِ صُرِفَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا إلَى أَوْلَادِهِمَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الضَّيْعَةُ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ مِنْ وَلَدِي، وَلَيْسَ لَهُ فِي وَلَدِهِ إلَّا مُحْتَاجٌ وَاحِدٌ يُصْرَفُ نِصْفُ الْغَلَّةِ إلَى هَذَا الْمُحْتَاجِ وَالنِّصْفُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِيَّ وَلَهُ ابْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ابْنٌ وَاحِدٌ وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ وَحُدُوثِهَا كَانَ نِصْفُ الْغَلَّةِ لَهُ

وَنِصْفُ الْغَلَّةِ لِلْفُقَرَاءِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ قَالَ هِلَالٌ: كَانَتْ لَهُمْ الْغَلَّةُ بِالسَّوِيَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ: أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى إخْوَتِي، وَلَهُ إخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ اشْتَرَكُوا جَمِيعًا هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِي فُلَانٍ، وَلَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ عَلَى الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِهِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَرَوَى يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السُّنِّيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ جَمِيعًا فَإِنْ كَانَ بَنُو فُلَانٍ قَبِيلَةً لَا يُحْصَوْنَ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ جَمِيعًا فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: عَلَى بَنِيِّ وَلَيْسَ لَهُ بَنُونَ وَلَهُ بَنَاتٌ فَالْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَى بَنَاتِي، وَلَهُ بَنُونَ فَالْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَا شَيْءَ لِلْبَنِينَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَلَوْ وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ عَلَى ابْنٍ لَهُ وَأَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا تُقَسَّمُ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ عَلَى مَنْ كَانَ وَلَدَ ابْنِهِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَأَوْلَادُ الِابْنَةِ تَدْخُلُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ نَاقِلًا عَنْ النَّوَازِلِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى نَسْلِهِ أَوْ ذُرِّيَّتِهِ دَخَلَ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنِينَ وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ قَرُبُوا أَوَبَعُدُوا، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى عِتْرَتِهِ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَثَعْلَبُ: الْعِتْرَةُ الذُّرِّيَّةُ، وَقَالَ الْعَيْنِيُّ: هُمْ الْعَشِيرَةُ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَنَسْلِي فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ يَدْخُلُ فِيهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَمَنْ قَرُبَتْ وِلَادَتُهُ وَمَنْ بَعُدَتْ وَيَسْتَوِي فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ أَحْرَارًا كَانُوا أَوْ مَمْلُوكِينَ، وَحِصَّةُ الْمَمْلُوكِ تَكُونُ لِمَوْلَاهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَى نَسْلِي وَذُرِّيَّتِي فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ مِثَالُ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى وَلَدِي وَنَسْلِي، وَلَهُ وَلَدُ وَلَدٍ ثُمَّ حَدَثَ لَهُ وَلَدُ الصُّلْبِ بَعْدَ الْوَقْفِ دَخَلُوا فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَكَذَا لَوْ قَالُوا: عَلَى وَلَدِي الْمَخْلُوقِينَ وَنَسْلِي يَدْخُلُ الْوَلَدُ الْحَادِثُ بِلَفْظِ النَّسْلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي الْمَخْلُوقِينَ وَنَسْلِهِمْ. يَدْخُلُ فِيهِ الْمَخْلُوقُونَ مِنْ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ النَّسْلُ مَخْلُوقًا أَمْ لَا وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ غَيْرُ الْمَخْلُوقِينَ مِنْ وَلَدِهِ وَلَا نَسْلِهِمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي الْمَخْلُوقِينَ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ، وَحَدَثَ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ لَا يَكُونُ لِلْوَلَدِ الْحَادِثِ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي الْمَخْلُوقِينَ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ دَخَلَ الْأَوْلَادُ

الْمَخْلُوقُونَ مِنْهُ وَأَوْلَادُهُمْ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا، وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي الْمَخْلُوقِينَ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَسَكَتَ. لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِ وَلَدِهِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي الْمَخْلُوقِينَ وَنَسْلِهِمْ وَنَسْلِ مَنْ يَحْدُثُ مِنْ وَلَدِي. لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ أَوْلَادُهُ لِصُلْبِهِ الْحَادِثُونَ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُهُمْ، فَإِنْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَأَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ مَا تَوَالَدُوا. أَوْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ قَبْلَ أَنْ وَقَفَ مَاتُوا وَخَلَفُوا أَوْلَادًا لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْوَقْفِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَأَوْلَادِهِمْ. دَخَلُوا فِيهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا قَالَ فِي صِحَّتِهِ: جَعَلْت أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا. فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي غَلَّةِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ كُلُّ وَلَدٍ كَانَ لَهُ يَوْمَ وَقَفَ هَذَا الْوَقْفَ وَكُلُّ وَلَدٍ يَحْدُثُ لَهُ بَعْدَ هَذَا الْوَقْفِ قَبْلَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ وَوَلَدُ الْوَلَدِ أَبَدًا وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ تَسْقُطُ حِصَّتُهُ وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ سَهْمَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ وَالْبَطْنُ الْأَعْلَى وَالْبَطْنُ الْأَسْفَلُ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ إلَّا إذَا قَالَ فِي وَقْفِهِ: عَلَى أَنْ يُبْدَأَ فِي ذَلِكَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى مِنْهُمْ ثُمَّ بِالْبَطْنِ الَّذِي يَلُونَهُمْ، فَإِنْ قَالَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَمَاتَ الْبَطْنُ الْأَعْلَى إلَّا وَاحِدًا كَانَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِهَذَا الْبَاقِي وَحْدَهُ دُونَ الْبَطْنِ الَّذِي يَلِيهِ، وَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ يُبْدَأَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَجَاءَتْ الْغَلَّةُ وَالْبَطْنُ الْأَعْلَى ذُكُورٌ وَلَا أُنْثَى مَعَهُمْ أَوْ إنَاثٌ وَلَا ذُكُورَ مَعَهُنَّ فَذَلِكَ كُلُّهُ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا، وَلَمْ يَقُلْ: بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، لَكِنْ قَالَ: كُلَّمَا مَاتَ أَحَدٌ كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّةِ لِوَلَدِهِ فَالْحُكْمُ قَبْلَ مَوْتِ بَعْضِهِمْ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْغَلَّةَ لِجَمِيعِ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوِيَّةِ فَإِنْ مَاتَ بَعْضُ وَلَدِ الْوَاقِفِ لِصُلْبِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا ثُمَّ جَاءَتْ الْغَلَّةُ فَإِنَّ الْغَلَّةَ تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الْقَوْمِ وَعَلَى الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلُوا وَعَلَى الَّذِي مَاتَ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ فَمَا أَصَابَ الْمَيِّتَ مِنْ الْغَلَّةِ كَانَ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ وَيَصِيرُ لِوَلَدِ هَذَا الْمَيِّتِ سَهْمُهُ الَّذِي جَعَلَهُ الْوَاقِفُ وَسَهْمُ وَالِدِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا عَلَى أَنْ يُبْدَأَ فِي ذَلِكَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى مِنْهُمْ ثُمَّ بِالْبَطْنِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ إلَخْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَكُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَرَكَ وَلَدًا. كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ الْغَلَّةِ لِوَلَدِهِ

وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا عَلَى أَنْ يُقَدَّمَ الْبَطْنُ الْأَعْلَى. وَكُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَوَلَدَ وَلَدٍ وَلَا نَسْلًا وَلَا عَقِبًا كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ هَذِهِ الصَّدَقَةِ مَرْدُودًا إلَى أَهْلِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فَقُسِمَتْ الْغَلَّةُ سِنِينَ عَلَى الْبَطْنِ الْأَعْلَى فَمَاتَ الْبَعْضُ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرَكَ وَلَدًا وَوَلَدَ وَلَدٍ فَإِنَّ الْغَلَّةَ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ مَنْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْوَقْفِ وَمَنْ حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَا أَصَابَ الْأَحْيَاءَ مِنْ ذَلِكَ أَخَذُوهُ وَمَا أَصَابَ الْمَوْتَى كَانَ لِوَلَدِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ مِنْ تَقْدِيمِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى اعْتِبَارًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ الْمَيِّتُ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى عَلَى وَلَدِ الصُّلْبِ وَإِنَّمَا تَرَكَ وَلَدَ وَلَدٍ فَإِنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ مِنْ الْغَلَّةِ لِوَلَدِ وَلَدِهِ وَهُوَ مِنْ الْبَطْنِ الثَّالِثِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَسْفَلَ مِنْ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ كَذَا شَرَطَ وَإِنْ كَانَ عَدَدُ الْبَطْنِ الْأَعْلَى عَشْرَةَ أَنْفُسٍ فَمَاتَ مِنْهُمْ اثْنَانِ وَلَمْ يَتْرُكَا وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ اثْنَانِ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ هَذَيْنِ اثْنَانِ آخَرَانِ وَلَمْ يَتْرُكَا وَلَدًا أَوْ لَا وَلَدَ وَلَدٍ فَتَنَازَعَتْ الْأَرْبَعَةُ الْبَاقُونَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى وَوَلَدُ الِاثْنَيْنِ الْمَيِّتَيْنِ قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ يَوْمَ تَأْتِي عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَعَلَى الْمَيِّتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَرَكَا أَوْلَادًا عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ فَمَا أَصَابَ الْأَرْبَعَةَ كَانَ لَهُمْ وَمَا أَصَابَ الْمَيِّتَيْنِ اللَّذَيْنِ تَرَكَا أَوْلَادًا كَانَ ذَلِكَ لِأَوْلَادِهِمَا وَسَقَطَ سِهَامُ الْأَرْبَعَةِ الْمَوْتَى الَّذِينَ لَمْ يَتْرُكُوا أَوْلَادًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى أَوْلَادِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُصْرَفُ الْوَقْفُ إلَى الْبَاقِي فَإِنْ مَاتُوا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ لَا إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَسَمَّاهُمْ فَقَالَ: عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ نَصِيبُ هَذَا الْوَاحِدِ إلَى الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَنَسْلِهِ دَخَلَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَبْدُ اللَّهِ وَزَيْدٌ وَعَمْرٌو وَمَنْ حَصَلَ مِنْ أَوْلَادِ عَمْرٍو خَاصَّةً، وَلَوْ قَالَ: عَلَى عَبْدِ اللَّهِ

وَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَنَسْلِهِمَا. دَخَلَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَبْدُ اللَّهِ وَزَيْدٌ وَعَمْرٌو وَدَخَلَ أَوْلَادُ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَلَى وَلَدِ زَيْدٍ وَلَيْسَ لِزَيْدٍ وَلَدٌ كَانَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِوَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَرَثَةِ زَيْدٍ وَزَيْدٌ حَيٌّ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْفُقَرَاءِ، فَإِذَا مَاتَ زَيْدٌ فَالْغَلَّةُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ الْمَوْجُودِينَ عَلَى عَدَدِهِمْ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فَإِنْ مَاتَ بَعْضُهُمْ سَقَطَ سَهْمُهُ وَكَانَتْ الْغَلَّةُ لِمَنْ كَانَ حَيًّا يَوْمَ تَأْتِي الْغَلَّةُ فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ كَانَ لَهُ نِصْفُ الْغَلَّةِ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِلْمَسَاكِينِ وَلَوْ قَالَ: وَلَدُ زَيْدٍ وَهُوَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، حَتَّى عَدَّ خَمْسَةً لَمْ يَكُنْ لِمَنْ عَدَا هَذِهِ الْخَمْسَةِ وَلَا لِمَنْ يَحْدُثُ مِنْ وَلَدِ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ نَصِيبٌ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ عَلَى أَنْ يُبْدَأَ بِوَلَدِي الصُّلْبِيِّ. فَتَجْرِي غَلَّةُ هَذَا الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ بَعْدَهُمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ فَإِنَّهُ تَكُونُ الْغَلَّةُ لِوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ عَلَى مَا شَرَطَ ثُمَّ تَكُونُ عَلَى الْمَسَاكِينِ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: غَلَّةُ صَدَاقَتِي هَذِهِ لِلْمَسَاكِينِ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ، وَقَالَ مَعَ هَذَا: وَعَلَى أَنْ تَجْرِيَ غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ عَلَى قَرَابَتِي مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَإِنَّ غَلَّةَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ تَكُونُ لِقَرَابَتِهِ أَبَدًا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ تَكُونَ غَلَّتُهَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَلِوَلَدِ زَيْدٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَبَدًا مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَهِيَ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِنَّ الْغَلَّةَ تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ وَلَدِ زَيْدٍ وَعَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ وَلَدُ زَيْدٍ خَمْسَةً تُقَسَّمُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ بَعْدَ وَفَاتِي عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِهِمْ ثُمَّ مَاتَ فَالْوَقْفُ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ لَا يَجُوزُ، عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ يَجُوزُ، لَكِنْ لَا يَكُونُ الْكُلُّ لَهُمْ مَا دَامَ وَلَدُ الصُّلْبِ حَيًّا فَتُقَسَّمُ الْغَلَّةُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ فَمَا أَصَابَ وَلَدَ الْوَلَدِ فَهُوَ لَهُمْ وَقْفٌ وَمَا أَصَابَ وَلَدَ الصُّلْبِ فَهُوَ مِيرَاثٌ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ حَتَّى يُشَارِكَهُمْ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَغَيْرُهُمَا، فَإِنْ مَاتَ وَلَدُ بَعْضِ وَلَدِ الصُّلْبِ فَالْغَلَّةُ تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ وَلَدِ الْوَلَدِ وَعَلَى الْبَاقِينَ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ فَمَا أَصَابَ الْبَاقِي مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ يَكُونُ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ كُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا عِنْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي وَقْفِ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَفَ عَلَى بَعْضِ أَوْلَادِهِ وَذَكَرَ فِيهِ وَقْفٌ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ فِي الْأَصَحِّ وَلَا يَجْعَلُهُ وَصِيَّةً لِلْوَارِثِ وَإِنَّمَا يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى التَّأْبِيدِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ.

الفصل الثالث في الوقف على القرابة وبيان معرفة القرابة

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْقَرَابَةِ وَبَيَانِ مَعْرِفَةِ الْقَرَابَةِ] ِ) قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: هِيَ كُلُّ مَنْ يُنَاسِبُهُ إلَى أَقْصَى أَبٍ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ، الْمَحْرَمُ وَغَيْرُ الْمَحْرَمِ وَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَالْجَمْعُ وَالْفَرْدُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فَإِذَا وَقَفَ عَلَى قَرَابَتِهِ أَوْ عَلَى ذَوِي قَرَابَتِهِ دَخَلَ هَؤُلَاءِ تَحْتَ الْوَقْفِ مَنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْوَاقِفِ مِنْ مَحَارِمِهِ وَإِنْ حَصَلَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ نَحْوُ قَوْلِهِ: عَلَى ذَوِي قَرَابَتِي عَلَى أَقْرِبَائِي يُعْتَبَرُ مَعَ مَا ذَكَرْنَا الْجَمْعُ حَتَّى يَنْصَرِفَ اللَّفْظُ إلَى الْمُثَنَّى فَصَاعِدًا وَتَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَعْنَى قَوْلِهِمَا: أَقْصَى أَبٍ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ أَقْصَى أَبٍ أَسْلَمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ أَقْصَى أَبٍ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ أَسْلَمَ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِي الْعَلَوِيِّ إذَا وَقَفَ عَلَى قَرَابَتِهِ فَعَلَى الثَّانِي تَدْخُلُ أَوْلَادُ عَقِيلٍ وَجَعْفَرٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَوْلَادُ عَلِيٍّ فَحَسْبُ وَإِذَا كَانَ الْوَاقِفُ لَهُ عَمَّانِ وَخَالَانِ وَقَدْ حَصَلَ الْإِيقَافُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْغَلَّةُ لِلْعَمَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَعِنْدَهُمَا الْغَلَّةُ لِلْعَمَّيْنِ وَالْخَالَيْنِ أَرْبَاعًا؛ لِأَنَّهُمَا يُعْتَبَرَانِ الْأَقْرَبَ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَاحِدٌ وَخَالَانِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلِلْعَمِّ نِصْفُ الْغَلَّةِ وَالنِّصْفُ بَيْنَ الْخَالَيْنِ نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَسْتَوِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالْقَرَابَةِ عَلَى قَوْلِهِمْ جَمِيعًا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالْحُرُّ وَالْمَمْلُوكُ إلَّا أَنَّ مَا يَجِبُ لِلْمُلُوكِ يَكُونُ لِلْمَوْلَى الَّذِي يَمْلِكُهُ يَوْمَ تَخَلُّقِ الْغَلَّةِ وَالْقَبُولُ إلَى الْعَبْدِ دُونَ الْمَوْلَى وَبَعْدَ الْمُعْتِقِ يَكُونُ لَهُ كَذَا فِي الْحَاوِي وَفِي الْوَقْفِ عَلَى الْقَرِيبِ تُقَسَّمُ الْغَلَّةُ عَلَى الرُّءُوسِ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ سَوَاءٌ لِمُسَاوَاةِ الْكُلِّ فِي الِاسْمِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَلَا يَدْخُلُ أَبُو الْوَاقِفِ وَلَا أَوْلَادُهُ لِصُلْبِهِ وَفِي دُخُولِ الْجَدِّ رِوَايَتَانِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَدْخُلُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. رَجُلٌ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ قَرَابَاتِهِ وَمَاتَ الْوَاقِفُ هَلْ يَكُونُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُعْطِيَ ابْنَ ابْنِ الْوَاقِفِ إذَا كَانَ فَقِيرًا؟ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُعْطِي؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ عِنْدَهُمَا لَيْسَ مِنْ الْقَرَابَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ: لِأَقْرِبَائِهِ وَلِذَوِي قَرَابَتِهِ فَكَذَا فِي قَوْلِهِ:

لِأَرْحَامِهِ وَلِذَوِي أَرْحَامِهِ وَلِأَنْسَابِهِ وَلِذَوِي أَنْسَابِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: لِذِي قَرَابَتِي فَالْقِيَاسُ أَنْ يَقَعَ هَذَا عَلَى وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَخَالَانِ يَكُونُ الْجَمِيعُ لِلْعَمِّ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ فَرْدٌ بِصِيغَتِهِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هُمْ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ كَانَ وَقَفَ عَلَى ذَوِي قَرَابَتِهِ أَوْ أَقْرِبَائِهِ أَوْ أَنْسَابِهِ أَوْ أَرْحَامِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْجَمْعُ بِلَا خِلَافٍ كَذَلِكَ فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ فِي الْقَرَابَةِ أَوْ عَلَى الْقَرَابَةِ وَلَمْ يَقُلْ: قَرَابَتِي قَالَ: هُمَا سَوَاءٌ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِقَرَابَتِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: لِلْأَقَارِبِ أَوْ لِلْأَنْسَابِ أَوْ لِذَوِي الْأَرْحَامِ وَلَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ يَكُونُ ذَلِكَ الْأَمْرُ عَلَى قَرَابَتِهِ لِمَكَانِ الْعُرْفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى قَرَابَتِي مِنْ قِبَلِ أَبِي وَأُمِّي أَوْ مِنْ قِبَلِ أُمِّي. فَهُوَ عَلَى مَا قَالَ وَتُقَسَّمُ الْغَلَّةُ عَلَيْهِمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى قَرَابَتِي مِنْ قِبَلِ أَبِي وَأُمِّي وَعَلَى قَرَابَتِي مِنْ قِبَلِ أَبِي أَوْ عَلَى قَرَابَتِي مِنْ قِبَلِ أَبِي وَأُمِّي وَعَلَى قَرَابَتِي مِنْ قِبَلِ أُمِّي فَالْغَلَّةُ تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ يَسْتَوِي فِيهِ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَمَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ وَلَا تَتَرَجَّحُ قَرَابَتُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَلَوْ قَالَ: بَيْنَ قَرَابَتِي مِنْ قِبَلِ أُمِّي فَنِصْفُ الْغَلَّةِ يَكُونُ لِقَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَنِصْفُهَا يَكُونُ لِقَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى قَرَابَتِي الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَجَبَتْ الْغَلَّةُ لِأَقْرَبِ قَرَابَتِهِ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ وَاحِدًا فَجَمِيعُ الْغَلَّةِ لَهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً قُسِّمَتْ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فَإِذَا انْقَرَضَ هَؤُلَاءِ فَالْغَلَّةُ لِمَنْ يَلِيهِمْ فِي الْقُرْبِ حَتَّى تَصِيرَ إلَى أَبْعَدِهِمْ قَرَابَةً وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِلَيْهِ ذَهَبَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَكُونُ الْغَلَّةُ لِأَقْرَبِهِمْ وَأَبْعَدِهِمْ إلَى الْوَاقِفِ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَى قَرَابَتِي الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى، فَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَقْبَلُ سَقَطَ سَهْمُهُ وَكَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْبَاقِينَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَلَّاتِهَا يُعْطَى الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ يُعْطَى الْأَقْرَبُ جَمِيعَ الْغَلَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وَقَفَ أَرْضًا عَلَى قَرَابَتِهِ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ مِنْ الْقَرَابَةِ كُلِّفَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتَهُ إلَّا عَلَى خَصْمٍ وَالْخَصْمُ هُوَ الْوَاقِفُ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَإِنْ مَاتَ فَالْوَصِيُّ الَّذِي الْأَرْضُ فِي يَدِهِ هُوَ الْخَصْمُ فَإِنْ

أَقَرَّ الْوَاصِي لِوَاحِدٍ بِأَنَّهُ مِنْ قَرَابَةِ الْمَيِّتِ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ وَإِنَّمَا هُوَ خَصْمٌ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْحَاوِي فَإِنْ كَانَ لَهُ وَصِيَّانِ أَوْ أَكْثَرُ فَادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى أَحَدِهِمْ جَازَ وَلَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهُمْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يَكُونُ وَارِثُ الْمَيِّتِ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَوَلِّيًا وَكَذَلِكَ أَرْبَابُ الْوَقْفِ لَا يَكُونُونَ خُصَمَاءَ لِلْمُدَّعِي هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ قَرِيبُ الْوَاقِفِ لَا يُقْبَلُ حَتَّى يُبَرْهِنَ عَلَى نَسَبٍ مَعْلُومٍ كَالْأُخُوَّةِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَلَا يُقْبَلُ عَلَى الْأُخُوَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَكَذَا الْعُمُومِيَّةُ فَإِنْ قَالُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا آخَرَ أَعْطَاهُ وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ يَتَأَتَّى زَمَانًا ثُمَّ يُدْفَعُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي الْمِيرَاثِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ قَالَ لَهُ الشُّهُودُ قَرَابَةُ غَيْبٍ فَالْقَاضِي يُفْرِزُ أَنْصِبَاءَهُمْ فَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ: لَا نَدْرِي عَدَدَهُمْ كَمْ هُمَا. يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: احْتَاطُوا وَلَا تَشْهَدُوا إلَّا بِمَا تَتَيَقَّنُوا؛ فَيَقُولُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ قَرَابَةً أُخْرَى سِوَى كَذَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّ حَاكِمَ بَلْدَةِ كَذَا حَكَمَ بِأَنَّهُ قَرِيبُ الْوَاقِفِ قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَسْأَلُ عَنْهُ الْحَاكِمَ مِنْ الْقَرَابَةِ الَّتِي حَكَمَ بِهَا إنْ ذَكَرَ قِرَابَةً يَسْتَحِقُّ بِهَا الْوَقْفَ أَعْطَاهُ وَإِلَّا لَا، فَإِنْ غَابَ أَوَمَاتَ الشُّهُودُ قَبْلَ التَّفْسِيرِ يُسْأَلُ الْمُدَّعِي فَإِنْ ذَكَرَ قَرَابَةً يَسْتَحِقُّ بِهَا أَعْطَاهُ وَإِلَّا لَا، وَلَا يَكُونُ نَقْضًا لِقَضَاءِ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِأَنَّهُ قَرِيبٌ وَكُلُّ قَرِيبٍ لَا يَسْتَحِقُّ الْوَقْفَ حَتَّى لَوْ كَانَ حَكَمَ بِإِعْطَاءِ شَيْءٍ مِنْ الْغَلَّةِ أَوْ بِأَنَّهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يُمْضِيهِ وَيُعْطِيهِ أَيْضًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَإِنْ لَمْ يُفَسِّرْ الْمُدَّعِي الْقَرَابَةَ أَوْ كَانَ صَبِيًّا قَالَ هِلَالٌ الْقَاضِي: يُعْطِيهِ الْغَلَّةَ وَيُحْمَلُ قَضَاءُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ عَلَى الصِّحَّةِ وَعَلَى أَنَّهُ قَضَى بِقَرَابَةٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ أَثْبَتَ قَرَابَتَهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَضَى بِهَا لَهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ قَرِيبُ الْوَاقِفِ فَلَمْ يَجِدْ الْقَاضِيَ فَأَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَ الْمَقْضِيَّ لَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ الْغَلَّةِ فَهُوَ خَصْمٌ لِلثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ الْغَلَّةِ لَمْ يَكُنْ خَصْمًا، سَوَاءٌ قَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي الَّذِي قَضَى بِهِ لِلْأَوَّلِ أَوْ قَدَّمَهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ ذَهَبَ إلَيْهِ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا أَثْبَتَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَقْرِبَاءِ قَرَابَتَهُ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُ الَّذِي أَثْبَتَ قَرَابَتَهُ أَوْ ابْنُ ابْنِهِ اُكْتُفِيَ بِهِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى تَفْسِيرِ الْقَرَابَةِ الَّتِي احْتَاجَ الْأَوَّلُ إلَيْهَا وَكَذَا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ

أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَقْضِيُّ لَهُ الْأَوَّلُ امْرَأَةً وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ أَقَامَ الثَّانِي بَيِّنَةً أَنَّهُ أَخُو الْمَقْضِيِّ لَهُ الْأَوَّلِ لِأَبِيهِ فَالْقَاضِي إنْ قَضَى لِلْأَوَّلِ بِقَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ قَضَى لِلثَّانِي وَإِنْ قَضَى لِلْأَوَّلِ بِقَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ كَانَ الثَّانِي أَجْنَبِيًّا عَنْ الْوَقْفِ وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ جِنْسُ الْمَسَائِلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَشَهَادَةُ ابْنَيْ الْوَاقِفِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَرِيبُ وَالِدِنَا مَعَ تَفْسِيرِ الْقَرَابَةِ مَقْبُولَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ لِاثْنَيْنِ بِالْقَرَابَةِ وَشَهِدَ هَذَانِ الِاثْنَانِ لِهَذَيْنِ فَشَهِدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَمْ تُقْبَلْ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَدْ قَضَى بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ثُمَّ شَهِدَ الْمَقْضِيُّ لَهُمَا لِلشَّاهِدَيْنِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِلشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَشَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مَاضِيَةٌ عَلَى حَالِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ مِنْ الْقَرَابَةِ لِوَاحِدٍ مِنْ الْقَرَابَةِ فَلَمْ يُعَدِّلَا شَارَكَهُمَا فِيمَا فِي أَيْدِيهِمَا مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى قَرَابَتِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ مِنْ قَرَابَتِهِ وَأَقَرَّ الْوَاقِفُ بِذَلِكَ وَفَسَّرَ الْقَرَابَةَ وَقَالَ: هَذَا مِمَّنْ وَقَفْت عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لِلْوَاقِفِ قَرَابَةٌ مَعْرُوفُونَ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ الْوَاقِفِ بَعْدَ عَقْدِ الْوَقْفِ، فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ فِي عَقْدِ الْوَقْفِ بِأَنْ قَالَ فِي عَقْدِ الْوَقْفِ: هَذَا مِمَّنْ وَقَفْت لَهُ عَلَيْهِ. قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ قَرَابَةٌ مَعْرُوفُونَ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْوَاقِفِ لِوَاحِدٍ أَنَّهُ قَرِيبُهُ وَلَهُ قَرَابَةٌ مَعْرُوفُونَ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قَرَابَةٌ مَعْرُوفُونَ اسْتَحْسَنْتُ أَنْ أُعْطِيَهُ الْغَلَّةَ إذَا فَسَّرُوا إقْرَارَ الْمَيِّتِ بِذَلِكَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ ثُمَّ أَقَرَّ لِرَجُلٍ أَنَّهُ ابْنُهُ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الْغَلَّاتِ الْمَاضِيَةِ وَيُصَدَّقُ فِي الْغَلَّاتِ الْمُسْتَأْنَفَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا وَقَفَ عَلَى قَرَابَتِهِ وَجَاءَ رَجُلٌ يَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ قَرَابَتِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَشَهِدُوا أَنَّ الْوَاقِفَ كَانَ يُعْطِيهِ مَعَ الْقَرَابَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَيْئًا لَا يَسْتَحِقُّ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ شَيْئًا وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّ الْقَاضِيَ فُلَانًا كَانَ يَدْفَعُ إلَيْهِ مَعَ الْقَرَابَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وَقَفَ عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْهُ وَمِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَهُ ابْنٌ أَوْ أَبٌ دَخَلَ تَحْتَ الْوَقْفِ وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْ قَرَابَتِهِ لَا يَدْخُلَانِ تَحْتَ الْوَقْفِ وَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَأَبَوَانِ فَالْغَلَّةُ لِلِابْنِ وَكَذَلِكَ الِابْنَةُ، وَإِذَا مَاتَ الِابْنُ وَالِابْنَةُ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْمَسَاكِينِ

وَلَا تَكُونُ لِلْأَبَوَيْنِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ لَا غَيْرُ كَانَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَانَ لِلْحَيِّ النِّصْفُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْمَسَاكِينِ وَكَذَلِكَ الْأَوْلَادُ لَوْ كَانُوا عَشَرَةً فَمَاتَ أَحَدُهُمْ كَانَتْ حِصَّتُهُ لِلْمَسَاكِينِ وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْوَاقِفِ أُمٌّ وَإِخْوَةٌ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْأُمِّ دُونَ الْإِخْوَةِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ جَدٌّ وَأُمٌّ فَالْأُمُّ أَقْرَبُ مِنْ الْجَدِّ وَمِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَبُ أَيْضًا أَقْرَبُ وَإِنْ كَانَ لَهُ جَدٌّ أَبُو الْأَبِ وَإِخْوَةٌ فَالْغَلَّةُ لِلْجَدِّ فِي قَوْلِ مِنْ يَرَى الْجَدَّ مَقَامَ الْأَبِ وَفِي قَوْلِ الْآخَرِ لِلْإِخْوَةِ دُونَ الْجَدِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَخَوَانِ أَحَدُهُمَا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَالْآخَرُ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ فَاَلَّذِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْلَى، وَكَذَلِكَ أَوْلَادُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ فَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةُ أَخْوَالٍ مُتَفَرِّقِينَ وَعَمٌّ لِأَبٍ يُبْدَأُ بِالْخَالِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَإِنْ كَانَ أَخٌ لِأَبٍ وَأَخٌ لِأُمٍّ فَاَلَّذِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْلَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا هُمَا سَوَاءٌ، وَعَلَى هَذَا جَمِيعُ الْأَقَارِبِ كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الَّذِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا هُمَا سَوَاءٌ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ وَابْنُ ابْنٍ فَالْغَلَّةُ لِلْأَبِ دُونَ ابْنِ الِابْنِ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَخٌ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَابْنُ ابْنٍ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِابْنِ الِابْنِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِنْتُ بِنْتٍ وَلَهُ ابْنُ ابْنِ ابْنٍ أَسْفَلَ مِنْ هَذِهِ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِبِنْتِ الْبِنْتِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ فِي هَذَا كُلِّهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٌّ وَبِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ فَبِنْتُ بِنْتِ الْبِنْتِ أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ (فَالْحَاصِلُ) أَنَّهُ يُبْدَأُ بِوَلَدِ الْوَاقِفِ ثُمَّ بِوَلَدِ الْأَبِ ثُمَّ بِوَلَدِ الْجَدِّ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبُو الْأُمِّ وَبِنْتُ الْأَخِ لِأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ وَأُمٌّ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجَدُّ أَوْلَى، وَعِنْدَهُمَا بِنْتُ الْأَخِ أَوْلَى. وَلَوْ كَانَ مَكَانَ بِنْتِ الْأَخِ بِنْتُ الْبِنْتِ فَهِيَ أَوْلَى بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ كَانَ لَهُ ابْنُ أَخٍ لِأَبٍ وَأُمٌّ وَأَخٌ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ فَالْغَلَّةُ لِلْأَخِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَابْنُ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ أَوْلَى مِنْ الْعَمِّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَقَارِبِهِ الْمُقِيمِينَ فِي بَلَدٍ وَآخِرُهُ لِلْفُقَرَاءِ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ فَوَظِيفَتُهُمْ تَدُورُ مَعَهُمْ أَيْنَمَا دَارُوا وَلَوْ أَنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَكُلُّ مَا انْتَقَلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ حَرُمَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَمَنْ عَادَ مِنْهُمْ عَادَتْ وَظِيفَتُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا فِي الْمَاضِي كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ

الفصل الرابع في الوقف على فقراء قرابته

وَقَفَ ضَيْعَةً وَأَمَرَ أَنْ يُعْطَى أَقْرِبَاؤُهُ كِفَايَتَهُمْ وَهُمْ قَوْمٌ غَيْرُ مُحْصِينَ إنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَوْلَادَ يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَقْرِبَاءِ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَقْرِبَائِهِ، وَإِنْ ذَكَرَ فَقَالَ: ثُمَّ بَعْدَهُمْ لِأَوْلَادِهِمْ، وَلَا يَدْخُلُونَ حَالَ حَيَاةِ الْآبَاءِ ثُمَّ حَدُّ الْكِفَايَةِ قَدْرُ الْحَاجَةِ لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ يَمُوتُ مِنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَخَادِمٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَقْفٌ كَانَ فِي يَدِ الْوَاقِفِ وَقَدْ كَانَ الْوَاقِفُ يُفَرِّقُ الْأَنْزَالَ عَلَى أَقْرِبَائِهِ وَمَوَالِيهِ وَيُفَضِّلُ الْبَعْضَ عَلَى الْبَعْضِ وَيَضَعُ فِيمَا شَاءَ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَأَوْصَى إلَى آخَرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفَ كَانَ سَبِيلُ الْوَقْفِ قَالُوا بِأَنَّ الْوَصِيَّ يَصْرِفُ إلَى مَا كَانَ يَصْرِفُ إلَيْهِ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَى الثَّانِي أَنَّ الْأَوَّلَ إلَى مَنْ كَانَ يَصْرِفُ الزِّيَادَةَ عَنْ أَقْرِبَائِهِ وَمَوَالِيهِ فَهُوَ يَصْرِفُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْوَقْفِ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْوَقْفِ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ) إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِي. أَوْ قَالَ: عَلَى فُقَرَاءِ وَلَدِي وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ. فَهَذَا الْوَقْفُ صَحِيحٌ وَالْمُسْتَحِقُّ لِلْغَلَّةِ مَنْ كَانَ فَقِيرًا يَوْمَ تَتَحَقَّقُ الْغَلَّةُ عِنْدَ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ مِنْ قَرَابَتِي أَوْ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ مِنْ قَرَابَتِي. كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ مَا هُوَ قَوْلُهُ: عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِي. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِي أَوْ فِي فُقَرَاءِ قَرَابَتِي؛ لِأَنَّ حُرُوفَ الصِّلَاتِ يُقَامُ بَعْضُهَا مَقَامَ الْبَعْضِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَيْتَامِ قَرَابَتِي. فَكَذَلِكَ فَإِنْ احْتَلَمَ الْغُلَامُ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ فَلَهُ حِصَّتُهُ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّةِ فَإِنْ وَقَعَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ خُصُومَةٌ فِي هَذِهِ الْغَلَّةِ فَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ: إنَّمَا احْتَلَمْت قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ فَلَا حِصَّةَ لَك. وَقَالَ هُوَ: إنَّمَا احْتَلَمْتُ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ. كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ الْيَمِينِ وَكَذَا فِي حَيْضِ الْجَارِيَةِ وَإِنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْقَرَابَةِ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا لَا يَكُونُ لِهَؤُلَاءِ الْأَوْلَادِ حِصَّةٌ فِي هَذِهِ الْغَلَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ مِنْ قَرَابَتِهِ وَآخِرُهُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَاتَ وَلَهُ ابْنٌ فَقِيرٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَدْخُلُ تَحْتَ اسْمِ الْقَرَابَةِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَإِذَا قَالَ: عَلَى الصُّلَحَاءِ مِنْ فُقَرَاءِ قَرَابَتِي. فَالصَّالِحُ كَانَ مَسْتُورًا مُسْتَقِيمَ الطَّرِيقَةِ سَلِيمَ النَّاحِيَةِ كَافٍ الْأَذَى قَلِيلَ

الشَّرِّ لَيْسَ بِمُتَهَتِّكٍ وَلَا صَاحِبِ رِيبَةٍ وَلَا قَذَّافٍ لِلْمُحْصَنَاتِ وَلَا مَعْرُوفٍ بِالْكَذِبِ فَهَذَا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَهْلِ الْعَفَافِ أَوْ أَهْلِ الْخَيْرِ أَوْ أَهْلِ الْفَضْلِ، فَهَذَا وَقَوْلُهُ: مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ وَلَهُ قَرَابَةٌ فُقَرَاءُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْوَاقِفُ فِيهِ لَا يُبْعَثُ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَلَكِنْ يُقَسَّمُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَإِنْ بَعَثَ الْقَيِّمُ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ فَلَا ضَمَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِي يُبْدَأُ بِالْأَقْرَبِ فَمَتَى حَصَلَتْ الْغَلَّةُ يُبْدَأُ بِأَقْرَبِهِمْ إلَى الْوَاقِفِ فَيُعْطَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ فِي الْقُرْبِ يُعْطَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَهَكَذَا إلَى آخِرِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ أَعْطَى الْأَوَّلَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَاَلَّذِي يَلِيهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَإِنْ ضَاعَ بَعْضُ الْغَلَّةِ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِالْبَطْنِ الْأَقْرَبِ وَمَا ضَاعَ يَكُونُ حِصَّةً مَنْ يَلِيهِمْ كَذَا فِي الْحَاوِي فَإِنْ أُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَبَقِيَ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِي عَلَى أَنْ يُبْدَأَ فَيُعْطَى جَمِيعُ الْغَلَّةِ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ يُعْطَى لِلْأَقْرَبِ كُلَّ الْغَلَّةِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِي يُعْطِي مِنْهَا الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ يُعْطِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَلَا يُعْطِي جَمِيعَ الْغَلَّةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْفَقِيرُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ يُعَدُّ فَقِيرًا فِي بَابِ الزَّكَاةِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ كَذَا فِي الْحَاوِي مَنْ لَهُ الْمَسْكَنُ لَا غَيْرُ أَوْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ فَهُوَ فَقِيرٌ فِي حَقِّ الزَّكَاةِ وَالْوَقْفُ كَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ ثِيَابٌ كَفَافٌ وَلَا فَضْلَ فِيهَا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ مَا لَا غِنَاءَ عَنْهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ عِشْرُونَ وَمِثْقَالُ ذَهَبٍ فَلَا حَظَّ لَهُ مِنْ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ أَوْ الثِّيَابِ وَذَلِكَ الْفَضْلُ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَهُوَ غَنِيٌّ لَا تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ وَأَخْذُ الْوَقْفِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنَانِ وَخَادِمَانِ وَالْمَسْكَنُ الْفَاضِلُ وَالْخَادِمُ الْفَاضِلُ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَهُوَ غَنِيٌّ فِي حَقِّ حُرْمَةِ أَخْذِ الزَّكَاةِ وَالْوَقْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا فِي حَقِّ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَهَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ الثِّيَابِ وَفَضْلٌ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَفَضْلُ مَسْكَنٍ وَفَضْلُ كُلِّ صِنْفٍ بِانْفِرَادِهِ لَا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَإِذَا اجْتَمَعَتْ بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ كَانَ غَنِيًّا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ تُسَاوِي

مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَلَا تُخْرِجُ غَلَّتُهَا مَا يَكْفِيهِ فَهُوَ غَنِيٌّ عَلَى الْمُخْتَارِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ غَائِبٌ أَوْ مَالٌ يَكُونُ لَهُ دَيْنًا عَلَى النَّاسِ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ يُعْطَى لَهُ مِنْ الْوَقْفِ وَالزَّكَاةِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ابْنِ السَّبِيلِ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا أَوْ كَانَ دَيْنًا عَلَى النَّاسِ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ إلَّا أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الِاسْتِقْرَاضِ كَانَ الِاسْتِقْرَاضُ خَيْرًا مِنْ قَبُولِ الصَّدَقَةِ، فَلَوْ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَقْرِضْ وَأَخَذَ الزَّكَاةَ لَا بَأْسَ بِهِ وَيُعْطَى الْوَقْفُ لِلْفَقِيرِ الْكَسُوبِ وَلَا بَأْسَ بِهِ وَيُكْرَهُ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مُفْلِسٍ فَهُوَ فَقِيرٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ فَهُوَ غَنِيٌّ وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا وَلَهُ بَيِّنَةٌ فَكَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَهُوَ فَقِيرٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَقَفَ أَرْضًا عَلَى حَفَدَتِهِ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فَقِيرًا وَلَهُ مِنْ الْحَفَدَةِ مَنْ عِنْدَهُ فَرَسٌ فَإِنْ أَمْسَكَ الْفَرَسَ لِلْجِهَادِ وَالرُّكُوبِ لِمَا أَنَّ بِهِ زَمَانَةً يُعْطَى لَهُ وَإِنْ أَمْسَكَ الْفَرَسَ تَشَرُّفًا بِهِ لَا يُعْطَى إذَا كَانَ الْفَرَسُ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا مَهْرٌ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ فِي مَالِ إنْسَانٍ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضًا، وَيَقْضِي الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ فِي مَالِهِ حَالَ غَيْبَتِهِ، وَمَنَافِعُ الْأَمْلَاكِ مُتَّصِلَةٌ بَيْنَهُمَا حَتَّى لَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ يُعَدُّ غَنِيًّا بِغِنَى الْمُنْفِقِ فِي حَقِّ حُكْمِ الْوَاقِفِ وَذَلِكَ كَالْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ وَالْأَجْدَادِ وَكُلِّ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِفَرْضِ الْقَاضِي، وَلَا يَأْخُذُ النَّفَقَةَ مِنْ مَالِهِ إلَّا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا وَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِالنَّفَقَةِ فِي مَالِهِ حَالَ غَيْبَتِهِ، وَمَنَافِعُ الْأَمْلَاكِ مُتَمَيِّزَةٌ حَتَّى تُقْبَلَ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ لَا يُعَدُّ غَنِيًّا بِغِنَى الْمُنْفِقِ فِي حُكْمِ الْوَقْفِ وَذَلِكَ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَسَائِرِ الْمَحَارِمِ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ تَدُورُ الْمَسَائِلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى فُقَرَاءَ وَلَهُ قَرِيبٌ غَنِيٌّ وَلِهَذَا الْغَنِيِّ أَوْلَادٌ فُقَرَاءُ فَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ كَانُوا كِبَارًا إنَاثًا لَا أَزْوَاجَ لَهُنَّ أَوْ ذُكُورًا زَمْنَى أَوْ مَجَانِينَ فَلَا حَظَّ لَهُمْ فِي هَذَا الْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ لِهَذَا الْغَنِيِّ إخْوَةٌ أَوْ أَخَوَاتٌ فُقَرَاءُ أَوْ وَلَدٌ كَبِيرٌ فَقِيرٌ مُكْتَسِبٌ فَلَهُمْ حَظٌّ فِي هَذَا الْوَقْفِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ صَغِيرَةٌ وَلَهَا زَوْجٌ غَنِيٌّ لَا تُعْطَى مِنْ الْوَقْفِ، وَالزَّوْجُ إذَا كَانَ فَقِيرًا يُعْطَى مِنْ الْوَقْفِ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ غَنِيَّةً وَإِذَا كَانَ لِقَرِيبِهِ وَلَدٌ كَبِيرٌ لَا زَمَانَةَ بِهِ وَهُوَ الْفَقِيرُ وَلِهَذَا الْوَلَدِ أَوْلَادٌ صِغَارٌ فُقَرَاءُ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى أَوْلَادُ الْوَلَدِ مِنْ

الْوَقْفِ؛ لِأَنِّي أَفْرِضُ نَفَقَتَهُمْ مِنْ مَالِ جَدِّهِمْ وَأَمَّا أَبُوهُمْ وَهُوَ وَلَدُهُ الْقَرِيبُ لِصُلْبِهِ فَلَهُ حَظٌّ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ كَبِيرٌ لَا زَمَانَةَ بِهِ. إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ ابْنٌ غَنِيٌّ وَهُوَ فَقِيرٌ لَا يُعْطَى مِنْ الْوَقْفِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِي. وَفِيهِمْ رَجُلٌ فَقِيرٌ يَوْمَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ فَاسْتَغْنَى قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ، فَلَهُ حِصَّتُهُ وَإِنْ وَلَدَتْ امْرَأَةٌ مِنْ قَرَابَتِهِ وَلَدًا بَعْدَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا حِصَّةَ لِهَذَا الْوَلَدِ فِي هَذِهِ الْغَلَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَسْتَحِقُّ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الْغَلَّاتِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ نَسْلِ فُلَانٍ أَوْ مِنْ آلِ فُلَانٍ. وَلَيْسَ فِي نَسْلِهِ أَوْ آلِهِ إلَّا فَقِيرٌ وَاحِدٌ كَانَ جَمِيعُ الْغَلَّةِ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُقَرَاءِ آلِ فُلَانٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. أَخَوَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَقَفَا عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِمَا فَجَاءَ فَقِيرٌ وَاحِدٌ مِنْ الْقَرَابَةِ يُنْظَرُ إنْ كَانَا وَقَفَا أَرْضًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا يُعْطَى هَذَا الْفَقِيرُ قُوتًا وَاحِدًا وَإِنْ وَقَفَ كُلُّ وَاحِدٍ أَرْضًا عَلَى حِدَةٍ يُعْطِي مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ قُوتَهُ وَالْمُرَادُ مِنْ الْقُوتِ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْكِفَايَةُ فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ أَرْضًا يُعْطِي كِفَايَتَهُ سَنَةً بِلَا إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ حَانُوتًا يُعْطِي كِفَايَةَ كُلِّ شَهْرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ فَقِيرٌ وَهُوَ قَرِيبُ الْوَاقِفِ يَحْتَاجُ إلَى ثَبَاتِ الْقَرَابَةِ وَالْفَقْرِ، وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ لَكِنْ الظَّاهِرُ يَصْلُحُ حُجَّةً لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى فَقْرِهِ يَنْبَغِي أَنْ تُفَسِّرَ الشُّهُودُ أَنَّهُ فَقِيرٌ مُعْدِمٌ لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا وَلَا أَحَدًا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِإِعْدَامِهِ لَا يَكُونُ قَضَاءً بِالْإِعْدَامِ فِي حَقِّ الدَّيْنِ. أَمَّا إذَا قَضَى بِفَقْرِهِ فِي حَقِّ مُطَالَبَةِ الدَّيْنِ ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ الْوَقْفَ فَيُعْطَى لَهُ هَكَذَا ذَكَرَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَحَدٌ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْقَضَاءِ بِالْفَقْرِ فِي حَالِ طَلَبِ الدَّيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْوَقْتِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ فَقِيرٌ يَحْتَاجُ إلَى هَذَا الْوَقْفِ وَلَيْسَ لَهُ أَحَدٌ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَدْخَلَهُ الْقَاضِي فِي الْوَقْفِ وَاسْتَحْسَنَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ لَا يُدْخِلَهُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ

فِي السِّرِّ قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: وَإِنَّهُ حَسَنٌ. وَقَالَ أَيْضًا: وَإِنْ أَتَى بِبَيِّنَةٍ عَلَى مَا قُلْنَا وَسَأَلَ الْقَاضِي فِي السِّرِّ أَيْضًا وَوَافَقَ خَبَرَ السِّرِّ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ فَقِيرٌ وَلَيْسَ لَهُ أَحَدٌ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَالْقَاضِي لَا يُدْخِلُهُ فِي الْوَقْفِ حَتَّى يَسْتَحْلِفَهُ بِاَللَّهِ مَا لَك مَالٌ وَإِنَّك فَقِيرٌ. قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنَّهُ حَسَنٌ أَيْضًا. وَكَذَلِكَ يُسْتَحْلَفُ عَلَى قَوْلِ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِاَللَّهِ مَا لَك أَحَدٌ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُك وَإِنَّهُ حَسَنٌ أَيْضًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَأَخْبَرَ عَدْلَانِ بِغِنَاهُ فَهُمَا أَوْلَى وَلَا يَجْعَلُ مَصْرِفًا. قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالْخَبَرُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالشَّهَادَةُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَهَادَةٍ حَقِيقَةٍ بَلْ هُوَ خَبَرٌ، وَلَوْ قَالَ: إنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ كَفَاهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَقُولَ بِالْقَطْعِ لَيْسَ أَحَدٌ يُنْفِقُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ إثْبَاتَ قَرَابَةِ وَلَدِهِ وَفَقْرِهِ فِي الْوَقْفِ فَلَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ صَغِيرًا. بِخِلَافِ الْكِبَارِ فَإِنَّهُمْ يُثْبِتُونَ فَقْرَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَوَصِيُّ الْأَبِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَبٌ وَلَا وَصِيُّ الْأَبِ وَلَهُمْ أُمٌّ أَوْ أَخٌ أَوْ عَمٌّ أَوْ خَالٌ فَلِهَؤُلَاءِ إثْبَاتُ قَرَابَةِ الصَّغِيرِ وَفَقْرِهِ إنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِ اسْتِحْسَانًا ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْأُمُّ أَوْ الْعَمُّ أَوْ الْأَخُ مَوْضِعًا لَوُضِعَ الْغَلَّةِ فِي أَيْدِيهَا فَمَا يُصِيبُ الصَّغِيرَ مِنْ الْغَلَّةِ يُدْفَعُ إلَيْهِمْ وَيُؤْمَرُونَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعًا لِذَلِكَ يُوضَعُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ثِقَةٍ وَيُؤْمَرُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ عَلَى فُقَرَاءِ أَقْرِبَائِهِ فَأَرَادَ بَعْضُ الْفُقَرَاءِ مِنْ أَقْرِبَائِهِ أَنْ يَحْلِفَ الْبَعْضُ مَا هُمْ أَغْنِيَاءُ إنْ ادَّعُوا عَلَيْهِمْ دَعْوَى صَحِيحَةً بِأَنْ ادَّعُوا عَلَيْهِمْ مَا لَا يَصِيرُونَ بِهِ أَغْنِيَاءَ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُحَلِّفُوهُمْ، فَإِنْ كَانَ الْقَيِّمُ يَمِيلُ إلَيْهِمْ فَأَرَادَ هَؤُلَاءِ أَنْ يُحَلِّفُوا الْقَيِّمَ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّهُمْ أَغْنِيَاءَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ وَإِذَا بَرْهَنَ عِنْدَ حَاكِمٍ عَلَى قَرَابَتِهِ وَفَقْرِهِ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْقَرَابَةِ وَالْفَقْرِ يَطْلُبُ مِنْ وَقْفٍ آخَرَ عَلَى الْفَقِيرِ الْقَرِيبِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ فَقِيرًا فِي وَقْفٍ فَهُوَ فَقِيرٌ فِي كُلِّ وَقْفٍ وَكَذَا لَوْ بَرْهَنَ عَلَى قَرَابَتِهِ مِنْ الْوَاقِفِ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ وَقْفَ أَخِي الْوَاقِفِ لِأَبَوَيْنِ عَلَى أَقْرِبَائِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، وَكَذَا لَوْ جَاءَ أَخُو الْمَقْضِيِّ لَهُ لِأَبَوَيْهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ قَضَى بِقَرَابَتِهِ وَفَقْرِهِ قَبْلَ هَذِهِ الْمُدَّةِ اسْتَحَقَّ الْغَلَّةَ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فِي الْقِيَاسِ لَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا

وَقُلْنَا: إنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُهُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ عَلَى أَنَّهُ فَقِيرٌ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْفَقْرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عِنْدَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ، فَمَنْ كَانَ فَقِيرًا قَبْلَهُ اسْتَحَقَّ تِلْكَ الْغَلَّةَ وَمَنْ افْتَقَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ تِلْكَ الْغَلَّةِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ غَلَّةٍ أُخْرَى فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي أَنَّهُ فَقِيرٌ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ يَطْلُبُ الْغَلَّةَ وَهُوَ غَنِيٌّ، وَقَالَ: إنَّمَا أَسْتَغْنَيْت بَعْدَ حُدُوثِ الْغَلَّة وَقَالَ شُرَكَاؤُهُ: لَا اسْتَغْنَيْت بَعْدَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ؛ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْقَوْلُ قَوْلُ الشُّرَكَاءِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي قَضَى بِفَقْرِهِ فَجَاءَ يَطْلُبُ الْغَلَّةَ وَهُوَ غَنِيٌّ وَقَالَ: إنَّمَا اسْتَغْنَيْت بَعْدَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ جَاءَ يَطْلُبُ الْغَلَّةَ وَهُوَ فَقِيرٌ وَقَالَ الشُّرَكَاءُ: إنَّهُ غَنِيٌّ وَأَرَادُوا اسْتِحْلَافَهُ فَلَهُمْ ذَلِكَ وَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا هُوَ الْيَوْمَ غِنًى عَنْ الدُّخُولِ فِي هَذَا الْوَقْفِ مَعَ فُقَرَائِهِمْ وَعَنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ غَلَّتِهِ وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى فَقْرِهِ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ لَمْ يَدْخُلْ فِي تِلْكَ الْغَلَّةِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ، إلَّا أَنْ يُوَقِّتُوا فَقْرَهُ وَكَانَ الْوَقْفُ قَبْلَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ حَقُّهُ فِي تِلْكَ الْغَلَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا شَهِدَ الْقَرَابَةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فِي الْوَقْفِ بِالْفَقْرِ لَا يُقْبَلُ إذَا شَهِدَ كُلُّ فَرِيقٍ لِصَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ أَغْنِيَاءَ وَشَهِدُوا الرَّجُلَ مِنْ قَرَابَتِهِمْ بِقَرَابَتِهِ وَفَقْرِهِ ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى فُقَرَاءِ الْقَرَابَةِ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَجُرُّوا إلَى أَنْفُسِهِمْ مَنْفَعَةً بِشَهَادَتِهِمْ وَلَمْ يَدْفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ مَضَرَّةً قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَذَكَرَ هُوَ فِي بَابٍ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مُتَّصِلٍ بِهِ، لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ مِمَّنْ صَحَّتْ قَرَابَتُهُمَا لِرَجُلٍ أَنَّهُ مِنْ قَرَابَةِ الْوَاقِفِ وَفَسَّرُوا قَرَابَتَهُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فَإِنْ لَمْ تُعَدَّلْ شَهَادَتُهُمَا فَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا فَلِلَّذِي شُهِدَ لَهُ بِقَرَابَةِ الْوَاقِفِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمَا فِيمَا يَصِلُ إلَيْهِمَا مِنْ مَالِ الْوَاقِفِ وَيُشَارِكُهُمَا فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَقْفِهِ إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ أَجْنَبِيَّانِ بِقَرَابَةِ رَجُلٍ مِنْ الْوَاقِفِ وَشَهِدَ رَجُلَانِ قَرِيبَانِ بِفَقْرِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَقْفِهِ: لَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ مِنْ الْقَرَابَةِ أَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ الْوَقْفَ فَقَالَ: أَنَا فَقِيرٌ وَإِنَّمَا افْتَقَرْت قَبْلَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لِلْحَالِ وَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ تَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ اسْتَحَقَّ الْغَلَّةَ فَإِنْ قَالُوا: إلْجَاءٌ، وَاتَّهَمَهُ الْقَاضِي بِالتَّلْجِئَةِ لَا يُعْطَى الْآنَ إذَا كَانَ مَا يُلْجِئُهُ تَصِلُ يَدُهُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الفصل الخامس في الوقف على جيرانه

[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْوَقْفِ عَلَى جِيرَانِهِ] ِ) وَقَفَ عَلَى جِيرَانِهِ فَفِي الْقِيَاسِ يُصْرَفُ إلَى الْمُلَاصِقِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُصْرَفُ إلَى مَنْ يَجْمَعُهُ وَإِيَّاهُمْ مَسْجِدُ الْمَحَلَّةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ ثُمَّ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الشَّرْطَ السُّكْنَى مَالِكًا كَانَ السَّاكِنُ أَوْ غَيْرَ مَالِكٍ هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ السَّاكِنُ غَيْرَ الْمَالِكِ كَانَ الْوَقْفُ لِلسَّاكِنِ دُونَ الْمَالِكِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْجَارُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى حُرًّا كَانَ أَوْ مُكَاتَبًا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا وَيُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ فَإِنْ فَضَّلَ الْوَصِيُّ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ضَمِنَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَا يَدْخُلُ فِيهَا أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ وَالْمُدَبَّرُونَ وَالْعَبِيدُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا الْمَدْيُونُ الَّذِي حُبِسَ فِي مَحَلَّتِهِ بِدَيْنٍ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْوَاقِفِ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ وَزَوْجَتُهُ كَذَا فِي الْحَاوِي وَوَلَدُ الْوَلَدِ إذَا كَانَ جَارًا لَا يَدْخُلُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَأَخُوهُ وَعَمُّهُ وَخَالُهُ يَدْخُلُونَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ لِلْوَاقِفِ جِيرَانٌ فَانْتَقَلَ بَعْضُهُمْ إلَى مَحَلَّةٍ أُخْرَى وَبَاعُوا دُورَهُمْ فَانْتَقَلَ قَوْمٌ آخَرُونَ بَعْدَ إدْرَاكِ الْغَلَّةِ قَبْلَ الْحَصَادِ إلَى جِوَارِهِ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ مَنْ كَانَ جَارُهُ وَقُسِّمَتْ الْغَلَّةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى جِيرَانِهِ وَلَهُ دَارٌ هُوَ فِيهَا سَاكِنٌ فَانْتَقَلَ مِنْهَا إلَى دَارٍ أُخْرَى وَسَكَنَهَا بِأَجْرٍ إلَى أَنْ مَاتَ فَالْغَلَّةُ لِجِيرَانِ الدَّارِ الَّتِي انْتَقَلَ إلَيْهَا وَمَاتَ فِيهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى جِيرَانِهِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى مَكَّةَ وَمَاتَ فِيهَا إنْ كَانَ اتَّخَذَهَا دَارًا فَالْغَلَّةُ لِجِيرَانِهِ بِمَكَّةَ وَإِنْ خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَالْغَلَّةُ لِجِيرَانِ بَلَدِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارَانِ وَهُوَ يَسْكُنُ فِي إحْدَاهُمَا وَالْأُخْرَى لِلْغَلَّةِ فَالْغَلَّةُ لِجِيرَانِ الدَّارِ، وَإِنْ مَاتَ فِي إحْدَاهُمَا كَذَا فِي الْحَاوِي وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ إحْدَى الدَّارَيْنِ بِالْبَصْرَةِ وَالْأُخْرَى بِالْكُوفَةِ وَلَهُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا زَوْجَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ جِيرَانِهِ وَمَاتَ فَبَاعَ وَرَثَتَهُ تِلْكَ الدَّارَ وَانْتَقَلُوا إلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى فَالْغَلَّةُ لِجِيرَانِهِ يَوْمَ مَاتَ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى بَيْعِ الْوَرَثَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ نَاقِلًا عَنْ الْحُمَيْدِيِّ.

الفصل السادس في الوقف على أهل البيت والآل والجنس والعقب

وَلَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ الْجِيرَانِ وَلَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ: عَلَى فُقَرَاءِ جِيرَانِي، فَهَذَا وَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ جِيرَانِهِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ كَانَ حِينَ مَرِضَ حَوَّلَهُ ابْنُهُ إلَى مَحَلَّةٍ أُخْرَى أَوْ قَرَابَةٍ ثُمَّ مَاتَ فَالْغَلَّةُ لِجِيرَانِهِ الْأَوَّلِينَ وَلَيْسَ هَذَا بِانْتِقَالٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ كَانَتْ تَسْكُنُ دَارًا وَقَفَتْ عَلَى جِيرَانِهَا وَقْفًا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَزُفَّتْ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَاتَتْ فِيهِ فَجِيرَانُهَا جِيرَانُ زَوْجِهَا وَكَذَلِكَ إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً وَانْتَقَلَ إلَيْهَا انْتَقَلَ جِوَارُهُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالُوا: إنْ كَانَ مَتَاعُهُ فِي الدَّارِ الْأُولَى فَالْغَلَّةُ لِلْأَوَّلِينَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ يَتَحَوَّلْ وَكَانَ يَخْتَلِفُ إلَيْهَا فَجِيرَانُهُ جِيرَانُ دَارِهِ دُونَ امْرَأَتِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ جِيرَانِهِ فَالْأَرْمَلَةُ تَدْخُلُ إذَا كَانَتْ جَارَةً، وَذَاتُ الْبَعْلِ لَا تَدْخُلُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ جِيرَانِهِ لَمْ يُقَسِّمْ الْغَلَّةَ حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمَنْزِلِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَيُعْطِي جِيرَانَ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ، وَإِنْ ادَّعَى جَارٌ أَنَّهُ فَقِيرٌ وَلَمْ يَعْرِفْ كُلِّفَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى فَقْرِهِ. وَلَوْ قَالَ الْوَاقِفُ أَوْ الْوَصِيُّ: أَعْطَيْت الْغَلَّةَ فُقَرَاءَ الْجِيرَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ جَحَدَ ذَلِكَ الْجِيرَانُ كَذَا فِي الْحَاوِي. [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ وَالْآلِ وَالْجِنْسِ وَالْعَقِبِ] (الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ وَالْآلِ وَالْجِنْسِ وَالْعَقِبِ) إذَا وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ دَخَلَ تَحْتَ الْوَقْفِ كُلُّ مَنْ يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ قِبَلِ آبَائِهِ إلَى أَقْصَى أَبٍ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْمَحْرَمُ وَغَيْرُ الْمَحْرَمِ وَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَلَا يَدْخُلُ الْأَبُ الْأَقْصَى، وَيَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْوَاقِفِ وَوَالِدُهُ وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَكَذَلِكَ لَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنْ الْإِنَاثِ إلَّا إذَا كَانَ أَزْوَاجُهُمْ مِنْ بَنِي أَعْمَامِ الْوَاقِفِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ إذَا ذَكَرَ أَهْلَ الْبَيْتِ فِي الْوَقْفِ أَوْ الْوَصِيَّةِ يُرْجَعُ إلَى مُرَادِهِ إنْ أَرَادَ بَيْتَ السُّكْنَى فَأَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ يَعُولُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ وَإِنْ أَرَادَ بَيْتَ النَّسَبِ فَأَهْلُ بَيْتِهِ جَمِيعُ أَوْلَادِ أَبِيهِ الْمَعْرُوفِينَ بِهِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ أَنَّ الْوَاقِفَ إنْ كَانَ لَهُ بَيْتُ نَسَبٍ مِثْلُ بُيُوتِ الْعَرَبِ فَأَهْلُ بَيْتِهِ جَمِيعُ أَوْلَادِ أَبِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي عِيَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْتُ نَسَبٍ فَأَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ يَعُولُهُ فِي بَيْتِهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَلَا يَدْخُلُ غَيْرُهُمْ فِيهِ

الفصل السابع في الوقف على الموالي والمدبرين وأمهات الأولاد

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ وَالْمُخْتَارُ هَذَا كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَإِذَا وَقَفَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ دَخَلَ تَحْتَ الْوَقْفِ مَنْ كَانَ مَوْجُودًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَمَنْ يَأْتِي بَعْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَوْلُهُ: عَلَى آلِي وَجِنْسِي كَأَهْلِ بَيْتِي وَلَا يَخُصُّ الْفُقَرَاءَ إلَّا إنْ خَصَّهُمْ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ وَعَلَى مِنْ افْتَقَرَ سَوَاءٌ، حَيْثُ يَكُونُ لِمَنْ يَكُونُ فَقِيرًا وَقْتَ الْغَلَّةِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا وَقْتَ الْوَقْفِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَافْتَقَرَ عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ وَقَفَتْ امْرَأَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهَا أَوْ عَلَى جِنْسِهَا لَا تَدْخُلُ وَالِدَتُهَا وَوَلَدُهَا كَذَا فِي خَزِينَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَهْلِ عَبْدِ اللَّهِ فَهُوَ عَلَى امْرَأَتِهِ خَاصَّةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ فَنَجْعَلُ الْوَقْفَ عَلَى جَمِيعِ مَنْ يَعُولُهُ مِمَّنْ يَجْمَعُهُ بَيْتُهُ مِنْ الْأَحْرَارِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَقْفِ مَمَالِيكُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَدْخُلُ عَبْدُ اللَّهِ فِيهِ وَكَذَا مَنْ يَعُولُهُ فِي بَيْتٍ آخَرَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَالْعِيَالُ كُلُّ مَنْ يَكُونُ فِي نَفَقَةِ إنْسَانٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَنْزِلِهِ أَمْ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ وَالْحَشَمُ بِمَنْزِلَةِ الْعِيَالِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا وَقَفَ عَلَى عَقِبِ فُلَانٍ فَأُعْلِمَ بِأَنَّ عَقِبَ الْإِنْسَانِ كُلُّ مَنْ يَرْجِعُ بِآبَائِهِ إلَيْهِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ إلَّا إذَا كَانَ أَزْوَاجُ الْبَنَاتِ مِنْ وَلَدِ فُلَانٍ وَكَذَلِكَ أَوْلَادُ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنْ الْإِنَاثِ لَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْوَقْفِ إلَّا إذَا كَانَ أَوْلَادُهُمْ مِنْ أَوْلَادِ فُلَانٍ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ وَعَقِبِهِ وَلِزَيْدٍ أَوْلَادٌ وَزَيْدٌ حَيٌّ لَا يَكُونُ لِأَوْلَادِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الرَّجُلِ لَا يُسَمَّى عَقِبَهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَوَالِي وَالْمُدَبَّرِينَ وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ] (الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَوَالِي وَالْمُدَبَّرِينَ وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ) إذَا قَالَ رَجُلٌ حُرُّ الْأَصْلِ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَوَالِيَّ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَلَهُ مَوَالِي عَتَاقَةٌ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَيْهِمْ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَنْ أَعْتَقَهُمْ قَبْلَ الْوَقْفِ وَمَنْ يُعْتَقُ بِمَوْتِهِ مِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرِيهِ وَمَنْ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِوَصِيَّتِهِ مُؤْمِنًا كَانَ أَوْ كَافِرًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَيَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ مَوَالِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَوْلَى لَهُمْ غَيْرُ الْوَاقِفِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَأَوْلَادُ الْمُولَيَاتِ إنْ كَانُوا يَرْجِعُونَ بِوَلَاءِ آبَائِهِمْ إلَى الْوَاقِفِ يَدْخُلُونَ وَإِنْ كَانَ وَلَاءُ آبَائِهِمْ إلَى قَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَدْخُلُوا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَوَالِي مَوَالِيهِ فَإِنْ مَاتَ مَوَالِيهِ

تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَى مَوَالِي مَوَالِيهِ اسْتِحْسَانًا، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَوْلًى وَاحِدٌ فَلَهُ نِصْفُ الْغَلَّةِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَا يَكُونُ لِمَوَالِي مَوَالِيهِ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَوْلَيَانِ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَيْهِمَا كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ كَانَ لَهُ مَوَالٍ وَمُولَيَاتٌ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مُولَيَاتٌ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ كَانَ لِلْمُولَيَاتِ كُلُّ الْغَلَّةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَوَالِي مُوَالَاةٍ وَمَوَالِي عَتَاقَةٍ فَالْغَلَّةُ لِمَوَالِي الْعَتَاقَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مَوَالِي مُوَالَاةٍ صُرِفَتْ الْغَلَّةُ إلَيْهِمْ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَوَالٍ وَلِابْنِهِ مَوَالٍ قَدْ وَرِثَ هَؤُلَاءِ وَلَاءَهُمْ عَنْ أَبِيهِ فَالْغَلَّةُ لِمَوَالِيهِ وَلَا يَكُونُ لِمَوَالِي ابْنِهِ شَيْءٌ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مَوَالِي ابْنِهِ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَى مَوَالِي ابْنِهِ وَأَنَّهُ اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: مَوَالِيَّ وَمَوَالِي وَالِدِي لَمْ يَدْخُلْ مُعْتَقُ جَدِّهِ فِيهِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى مَوَالِي أَهْلِ بَيْتِي لَمْ يُعْطَ مَوَالِي امْرَأَتِهِ وَأَخْوَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَوْ قَالُوا: عَلَى مَوَالِي آلِ عَبَّاسٍ. لَمْ يُعْطَ مَوَالِي مَوَالِيهِمْ كَذَا فِي الْحَاوِي قَالَ: عَلَى مَوَالِي أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَوَالِيهِ وَأَوْلَادُهُمْ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ جَمِيعًا، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ ابْنُ بِنْتِ مَوْلَاهُ وَإِنْ كَانَ وَلَاؤُهُمْ لِقَوْمٍ آخَرِينَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْ مَوَالِيهِ وَأَبُوهُ مِنْ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ مَوَالِيهِ وَالنَّسْلُ وَلَدُ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، فَإِنْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ وَتَرَكَتْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ شَرَطَ إنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ رُدَّ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ رُدَّ نَصِيبُ الْمُوَلَّاةِ إلَى جَمِيعِهِمْ، هَكَذَا أَفْتَى أَبُو الْقَاسِمِ فَإِنْ قَالَ: عَلَى مَوَالِي وَأَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ الَّذِينَ يَرْجِعُ وَلَاؤُهُمْ إلَيَّ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ مَنْ كَانَ مَوْلًى لِقَوْمٍ آخَرِينَ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ، فَإِنْ قَالَ: عَلَى مَوَالِيَّ الَّذِينَ أَعْتِقُهُمْ أَوْ نَالَهُمْ الْعِتْقُ مِنِّي لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُ الْمَوْلَى قَبْلَهُ كَذَا فِي الْحَاوِي رَجُلٌ وَقَفَ دَارِهِ أَوْ ضَيْعَتَهُ عَلَى الْمَوَالِي وَأَوْلَادِهِمْ فَوُلِدَ وَلَدٌ فَفِي غَلَّةِ الدَّارِ لِهَذَا الْوَلَدِ نَصِيبٌ فِيمَا مَضَى قَبْلَ الْوِلَادَةِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَا نَصِيبَ فِيمَا مَضَى مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَفِي غَلَّةِ الضَّيْعَةِ لَهُ نَصِيبٌ فِيمَا حَدَثَ مِنْ الْغَلَّةِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى مَوَالِيَّ وَقَدْ أَعْتَقَ هُوَ وَأَخُوهُ عَبْدًا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْوَقْفِ، وَلَوْ كَانَ قَالَ: عَلَى مَنْ يَرْجِعُ وَلَاؤُهُ إلَيَّ وَقَدْ كَانَ أَعْتَقَ أَبُوهُ عَبْدًا فَوَرِثَهُ هُوَ وَأَخُوهُ يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ، وَلَوْ

قَالَ: عَلَى الْمَوَالِي الَّذِينَ يَلْزَمُونَ وَلَدِي فَمَنْ لَزِمَهُ دَخَلَ فِي الْوَقْفِ وَمَنْ تَرَكَ اللُّزُومَ فَلَا حَقَّ لَهُ، فَإِنْ عَادَ عَادَ حَقُّهُ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ قَالَ: عَلَى مَوَالِيَّ وَمَوَالِي مَوَالِيَّ، دَخَلَ الْفَرِيقُ الرَّابِعُ وَمَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُمْ عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْوَلَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْيَتِيمِيَّةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ وَقَفَ ضَيْعَتَهُ عَلَى مَوَالِيهِ وَأَوْلَادِهِمْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَعَلَى أَوْلَادِ رَجُلٍ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ فَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْفَرِيقِ الْآخَرِ وَبَقِيَ مِنْهُ أَوْلَادٌ فَنَصِيبُ الْمُتَوَفَّى لِمَنْ يَكُونُ لِأَوْلَادِهِ أَمْ لِلَّذِي يَكُونُ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ؟ فَقَالَ: الْأَوْلَى أَنْ يُصْرَفَ نَصِيبُ الْمَيِّتِ إلَى أَوْلَادِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ أَقَرَّ الْوَاقِفُ لِرَجُلٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ وَصَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ وَلَا وَلَاءٌ مَعْرُوفٌ كَانَ لَهُ الْوَقْفُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ مُسْتَقِيمٌ فِي الْغَلَّةِ الْجَائِيَةِ وَغَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِي الْغَلَّاتِ الْمَاضِيَةِ وَالْغَلَّاتِ الَّتِي حَدَثَتْ قَبْلَ هَذَا الْإِقْرَارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ كَانَ لِلْوَاقِفِ مَوَالٍ أُعْتِقُوا وَمَوَالٍ أَعْتَقَهُمْ لَا يُعْطَى الْفَرِيقَانِ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْئًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَتُعْطَى الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ قَالَ: هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرَاتِهِ فَالْوَقْفُ جَائِزٌ وَعَكْسُ هَذَا الْمُعْتَقُ عَلَى مَالٍ وَالْمُكَاتَبُونَ إذَا صَحَّ الْوَقْفُ اسْتَحَقَّ الْغَلَّةَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ زَوَّجَهُنَّ وَأَمَّا مَنْ أَعْتَقَهُنَّ مِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ قَبْلَ حُصُولِ هَذَا الْوَقْفِ فَلَا حَقَّ لَهُنَّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُنَّ قَدْ انْفَرَدْنَ بِاسْمٍ هُوَ الْوَلَاءُ فَيُقَالُ: مُولَيَاتُهُ، فَلَا يَدْخُلْنَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَبِينَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ إلَّا قَدْ أُعْتِقَتْ فِي حَيَاتِهِ فَالْغَلَّةُ لَهَا كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ قَالَ: عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِ زَيْدٍ وَعَلَى مُولَيَاتِهِ. وَلِزَيْدٍ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُنَّ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ لَمْ يُعْتِقْهُنَّ قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَبَيْنَ مُولَيَاتِهِ وَدَخَلَ اللَّاتِي كَانَ أَعْتَقَهُنَّ فِي مُولَيَاتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ بَعْدَ وَفَاتِي عَلَى مَوَالِيَّ، فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْ الْوَقْفِ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرِيهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى سَالِمٍ مَمْلُوكِ زَيْدٍ. فَبَاعَهُ زَيْدٌ فَالْغَلَّةُ لِسَالِمٍ تَدُورُ مَعَهُ وَالْقَبُولُ إلَيْهِ دُونَ الْمَوْلَى، فَمَنْ مَلَكَ سَالِمًا وَقْتَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ فَالْغَلَّةُ لَهُ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى سَالِمٍ غُلَامِ زَيْدٍ وَمِنْ

الفصل الثامن وقف على الفقراء فاحتاج هو أو بعض أولاده أو قرابته

بَعْدِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَبَاعَ زَيْدٌ سَالِمًا فَالْغَلَّةُ لِسَالِمٍ تَدُورُ مَعَهُ كَيْفَ دَارَ، فَإِنْ مَلَكَ الْوَاقِفُ سَالِمًا بَطَلَ الْوَقْفُ عَلَى سَالِمٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى سَالِمٍ مَمْلُوكِي وَمِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَالْغَلَّةُ لِلْمَسَاكِينِ وَلَا يَكُونُ لِسَالِمٍ وَلَا لِلْوَاقِفِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَإِنْ بَاعَ الْوَاقِفُ سَالِمًا هَذَا مِنْ رَجُلٍ لَا يَكُونُ لِسَالِمٍ وَلَا لِمَوْلَاهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ شَيْءٌ فَقَدْ جُوِّزَ الْوَقْفُ عَلَى أَوْلَادِ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَمُدَّبَّرَاتِهِ وَلَمْ يُجَوِّزْ الْوَقْفَ عَلَى الْمَمَالِيكِ، وَقَدْ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَقَالَ: لِأَنَّ فِيهِنَّ ضَرْبًا مِنْ الْعِتْقِ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمَمَالِيكِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. سُئِلَ أَبُو حَامِدٍ عَنْ ضَيْعَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الْمَوَالِي لَوْ أَرَادُوا قِسْمَةَ هَذَا الْوَقْفِ لِأَجْلِ الْعِمَارَةِ هَلْ لَهُمْ ذَلِكَ فَقَالَ: نَعَمْ يَجُوزُ إذَا كَانَتْ قِسْمَةَ حِفْظٍ وَعِمَارَةٍ لَا قِسْمَةَ تَمْلِيكٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. [الْفَصْل الثَّامِن وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاء فَاحْتَاجَ هُوَ أَوْ بَعْض أَوْلَاده أَوْ قَرَابَته] (الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِيمَا إذَا وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَاحْتَاجَ هُوَ أَوْ بَعْضُ أَوْلَادِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ) وَفِي الْفَتَاوَى إذَا جَعَلَ أَرْضًا مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَاحْتَاجَ بَعْضُ قَرَابَتِهِ أَوْ احْتَاجَ الْوَاقِفُ لَا يُعْطَى لَهُ مِنْ تِلْكَ الْغَلَّةِ شَيْءٌ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ قَالَ فِي الصِّحَّةِ: أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ بَعْدِي، وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمَرَضِ وَمَاتَ وَلَهُ ابْنَةٌ صَغِيرَةٌ لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهَا وَهَذَا التَّفْصِيلُ مَذْكُورٌ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ فَإِنْ احْتَاجَ بَعْضُ قَرَابَتِهِ أَوْ بَعْضُ وَلَدِهِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْفِ فِي الصِّحَّةِ (فَهَهُنَا أَحْكَامٌ) : أَحَدُهُمَا أَنَّ صَرْفَ الْغَلَّةِ إلَى فُقَرَاءِ الْقَرَابَةِ أَوْلَى فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ يُصْرَفُ لِلْأَجَانِبِ. وَالثَّانِي أَنْ لَا يُنْظَرَ إلَى الْمُحْتَاجِينَ يَوْمَ خُلِقَتْ الْغَلَّةُ. وَالثَّالِثُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْهُ فِي الْقَرَابَةِ وَهُوَ وَلَدُ الصُّلْبِ أَوَّلًا ثُمَّ وَلَدُ الْوَلَدِ ثُمَّ الْبَطْنُ الثَّالِثُ ثُمَّ الْبَطْنُ الرَّابِعُ وَإِنْ سَفَلُوا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَؤُلَاءِ أَحَدٌ أَوْ فَضَلَ أَعْطَى فُقَرَاءَ الْقَرَابَةِ وَيَبْدَأُ فِيهِمْ أَيْضًا بِالْأَقْرَبِ، الْحَاوِي ثُمَّ إلَى مَوَالِي الْوَاقِفِ ثُمَّ إلَى جِيرَانِهِ ثُمَّ إلَى أَهْلِ مِصْرِهِ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ مَنْزِلًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالرَّابِعُ أَنْ يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ يُعْطَى أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَهَذَا قَوْلُ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْحَاوِي هَذَا

إذَا وُقِفَتْ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَاحْتَاجَ إلَيْهِ بَعْضُ قَرَابَتِهِ وَأَمَّا إذَا وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ فَيُصْرَفُ جَمِيعُ الْغَلَّةِ إلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَأَمَّا إذَا وَقَفَ عَلَى الْأَفْقَرِ فَالْأَفْقَرِ مِنْ قَرَابَتِهِ فَهَهُنَا لَا يُعْطَى الْكُلُّ إنَّمَا يُعْطَى أَقَلُّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ أَعْطَى الْقَاضِي الْقَرَابَةَ مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَعْطَاهُمْ وَلَمْ يَقْضِ بِذَلِكَ لَا يَصِيرُ ذَلِكَ سَبَبًا لِوُجُوبِ شَيْءٍ لَهُمْ حَتَّى كَانَ لِلْقَاضِي الَّذِي يَجِيءُ بَعْدَهُ أَنْ يَنْقُضَ ذَلِكَ فَلَا يُعْطِيهِمْ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ قَضَى بِذَلِكَ فَقَالَ: لِلْقَيِّمِ حَكَمْت بِذَلِكَ وَجَعَلْته رَاتِبَةً لَهُمْ فِي الْوَقْفِ صَارُوا أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ الْفُقَرَاءِ. وَلَيْسَ لِلْقَاضِي الَّذِي يَجِيءُ بَعْدَهُ أَنْ يَنْقُضَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى أَنَّ نِصْفَ غَلَّتِهَا لِلْمَسَاكِينِ وَنِصْفَهَا لِلْفُقَرَاءِ مِنْ قَرَابَتِهِ فَاحْتَاجَ قَرَابَتُهُ وَكَانَ الَّذِي سَمَّى لَهُمْ لَا يَكْفِيهِمْ أَيُعْطِيهِمْ مَا جَعَلَ لِلْفُقَرَاءِ لِفَقْرِهِمْ قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا. وَهُوَ قَوْلُ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ الْبَلْخِيّ وَعَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْفَارِسِيُّ وَالْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: يُعْطَوْنَ مِنْ نَصِيبِ الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ فُقَرَاءُ، وَفُقَرَاءُ قَرَابَتِهِ يَسْتَحِقُّونَ بِالْجِهَتَيْنِ جَمِيعًا، كَمَنْ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى قَرَابَتِهِ وَأَرْضًا عَلَى جِيرَانِهِ وَبَعْضُ جِيرَانِهِ قَرِيبُهُ فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ مِنْ الْوَقْفَيْنِ بِالْوَصْفَيْنِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ الْوَاقِفَ إنْ شَرَطَ فِي الْوَقْفِ أَنَّ لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ كَذَا وَلِلْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ كَذَا يُعْطَى فُقَرَاءُ الْقَرَابَةِ مِنْ نَصِيبِ الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ شَرَطَ أَنَّ لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِي كَذَا وَالْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ لَا يُعْطَى فُقَرَاءُ الْقَرَابَةِ مِنْ نَصِيبِ الْفُقَرَاءِ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْبَلْخِيّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَ الْغَلَّةَ لِلْغَارِمِينَ أَوْ لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الرِّقَابِ فَاحْتَاجَ بَعْضُ وَلَدِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ إلَى ذَلِكَ لَمْ يُعْطَوْا شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ وَالْقَرِيبُ مِنْهُمْ فَيَكُونُ غَارِمًا أَوْ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ فَحِينَئِذٍ يُبْدَأُ بِهِمْ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ وَأَرْضًا لَهُ أُخْرَى عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَوَقْفُ الْقَرَابَةِ لَا يَكْفِيهِمْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَالْقَرَابَةُ يُعْطَوْنَ مِنْ الْوَقْفِ الْآخَرِ مَا يَكْفِيهِمْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَا يُعْطَوْنَ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ وَاحِدًا عَلَى قَوْلِ هِلَالٍ

الباب الرابع فيما يتعلق بالشرط في الوقف

وَيُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْقَرَابَةِ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَأَنْفَقَهُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْغَلَّةِ أُعْطِيَ ثَانِيًا إذَا لَمْ يَكُنْ أَنْفَقَهَا فِي الْفَسَادِ كَذَا فِي الْحَاوِي. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْفَصْلِ) إذَا قَالَ: أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ أَبَدًا عَلَى زَيْدٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ عَلَى أَنَّهُ إنْ احْتَاجَ قَرَابَتِي رُدَّ عَلَيْهِمْ هَذَا الْوَقْفُ فَكَانَتْ غَلَّتُهُ لَهُمْ وَكَانَتْ قَرَابَتُهُ جَمَاعَةً فَاحْتَاجَ بَعْضُهُمْ وَبَعْضُهُمْ أَغْنِيَاءُ يُرَدُّ هَذَا الْوَقْفُ عَلَى مَنْ احْتَاجَ مِنْ قَرَابَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنْ احْتَاجَ مَوَالِيَّ فَاحْتَاجَ بَعْضُهُمْ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِ زَيْدٍ إنَّمَا تَوَارَدَتْ غَلَّةُ هَذَا الْوَقْفِ عَلَى عَمْرٍو. فَمَاتَ بَعْضُ وَلَدِ زَيْدٍ وَبَقِيَ الْبَعْضُ لَمْ تُرَدَّ الْغَلَّةُ حَتَّى يَمُوتَ كُلُّ وَلَدِ زَيْدٍ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَقْفِهِ إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ بَعْدَ مَوْتِي عَلَى الْفُقَرَاءِ فَمَنْ احْتَاجَ مِنْ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي أُعْطِيَ مَا يَكْفِيهِ. كَانَ كَمَا قَالَ فَإِنْ احْتَاجَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ صُلْبِهِ يُنْظَرُ إلَى مَا يَكْفِيهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِيرَاثًا بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ احْتَاجَ بَعْضُ وَلَدِ الْوَلَدِ أُعْطِيَ مَا يَكْفِيهِ وَإِنْ احْتَاجَ وَلَدُ الصُّلْبِ وَوَلَدُ الْوَلَدِ أُعْطِيَا، ثُمَّ مَا يُصِيبُ وَلَدَ الصُّلْبِ يَكُونُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَمَا يُصِيبُ وَلَدَ الْوَلَدِ يَكُونُ لَهُ فَإِنْ احْتَاجَا جَمِيعًا يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ ثُمَّ الْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْإِرْثِ وَالْوَقْفِ إنْ اسْتَغْنَى الْمُحْتَاجُ لَا يُعْطَى لَهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ قَصُرَتْ الْغَلَّةُ عَمَّنْ سَمَّى لِكُلِّ فَقِيرٍ وَكَانَ يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِوَلَدِ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ فِي الْوَقْفِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ فِي الْوَقْفِ) فِي الذَّخِيرَةِ إذَا وَقَفَ أَرْضًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ وَشَرَطَ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ أَوْ شَرَطَ الْبَعْضَ لِنَفْسِهِ مَا دَامَ حَيًّا وَبَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ

قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَقْفُ صَحِيحٌ وَمَشَايِخُ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَخَذُوا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِي الْوَقْفِ وَهَكَذَا فِي الصُّغْرَى وَالنِّصَابِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَمِنْ صُوَرِ الِاشْتِرَاطِ لِنَفْسِهِ مَا لَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ غَلَّتِهِ، وَكَذَا إذَا قَالَ: إذَا حَدَثَ عَلَيَّ الْمَوْتُ وَعَلَيَّ دَيْنٌ يُبْدَأُ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ بِقَضَاءِ مَا عَلَيَّ فَمَا فَضَلَ فَعَلَى سَبِيلِهِ. كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَكَذَا إذَا قَالَ: إذَا حَدَثَ عَلَى فُلَانٍ الْمَوْتُ يَعْنِي الْوَاقِفَ نَفْسَهُ أُخْرِجَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ مِثْلُ أَسْهُمٍ تُجْعَلُ فِي الْحَجِّ عَنْهُ أَوْ فِي كَفَّارَاتِ أَيْمَانِهِ وَفِي كَذَا وَكَذَا وَسَمَّى أَشْيَاءَ، أَوْ قَالَ: أُخْرِجُ مِنْ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لِيُصْرَفَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ وَيُصْرَفَ الْبَاقِي كَذَا وَكَذَا عَلَى مَا سَبَّلَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى تَجْرِي غَلَّتُهَا عَلَى مَا عِشْت. وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ جَازَ وَإِذَا مَاتَ تَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ تَجْرِي غَلَّتُهَا عَلَى مَا عِشْتُ ثُمَّ بَعْدِي عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي مِنْ نَسْلِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَإِنْ انْقَرَضُوا فَهِيَ عَلَى الْمَسَاكِينِ. جَازَ ذَلِكَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَيَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ غَلَّتِهِ فَإِذَا حَدَثَ بِهِ الْمَوْتُ كَانَتْ غَلَّةُ هَذِهِ الضَّيْعَةِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ أَوْ بَدَأَ بِمَا جَعَلَ لِفُلَانٍ وَأَخَّرَ مَا جَعَلَهُ لِنَفْسِهِ قَالَ الْخَصَّافُ: تَقْدِيمُهُ وَتَأْخِيرُهُ سَوَاءٌ عَلَى أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَفَ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَشَرَطَ فِيهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيُؤَكِّلَ مَادَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ كَانَ لِوَلَدِهِ وَكَذَلِكَ لِوَلَدِ وَلَدِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا جَازَ الْوَقْفُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ الْأَمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَحُسَامُ الدِّينِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ شَرَطَ بَعْضَ الْغَلَّةِ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ حَالَ وَقْفِهِ وَمَنْ يَحْدُثُ مِنْهُنَّ بَعْدُ وَقَسَّطَ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ فِي كُلِّ عَامٍ قِسْطًا حَالَ حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ جَازَ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَهَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانَ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَذَلِكَ إذَا سَمَّى ذَلِكَ لِمُدَبَّرِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَرَطَ الْغَلَّةَ لِإِمَائِهِ أَوْ لِعَبِيدِهِ فَهُوَ

كَاشْتِرَاطِهَا لِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْكَافِي إذَا وَقَفَ وَقْفًا مُؤَبَّدًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَحَشَمِهِ مَا دَامَ حَيًّا جَازَ الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ جَمِيعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا انْقَرَضُوا صَارَتْ الْغَلَّةُ لِلْمَسَاكِينِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَقَفَ وَقْفًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ مَا دَامَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَعِنْدَهُ مِنْ هَذَا الْوَقْفِ مَعَالِيقُ أَوْ عِنَبٌ أَوْ زَبِيبٌ فَذَلِكَ كُلُّهُ مَرْدُودٌ إلَى الْوَقْفِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ خُبْزٌ مِنْ بُرِّ ذَلِكَ الْوَقْفِ كَانَ مِيرَاثًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْوَقْفِ حَقِيقَةً كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي وَقْفِ الْخَصَّافِ إذَا شَرَطَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَحَشَمِهِ وَعِيَالِهِ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ فَجَاءَتْ غَلَّتُهُ فَبَاعَهَا وَقَبَضَ ثَمَنَهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُنْفِقَ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِأَهْلِ الْوَقْفِ؟ قَالَ: يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ ذَلِكَ وَكَانَ لَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَقَفَ ضَيْعَتَهُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَأَوْلَادِهِ فَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ يَكُنْ نَصِيبُهَا لِابْنِهَا خَاصَّةً إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ شَرَطَ إنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ رُدَّ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ فَيَكُونُ نَصِيبُهَا مَرْدُودًا إلَى الْجَمِيعِ كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ نِصْفُهَا عَلَى امْرَأَتِهِ وَنِصْفُهَا عَلَى وَلَدٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَتْ امْرَأَتُهُ صُرِفَ نَصِيبُهَا إلَى أَوْلَادِهِ وَآخِرُهُ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ يَكُونُ لِلِابْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهَا نَصِيبٌ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ عَلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُعْطِي لَهُ كِفَايَتَهُ كُلَّ شَهْرٍ وَلَيْسَ لَهُ عِيَالٌ فَصَارَ لَهُ عِيَالٌ يُعْطِي لَهُ وَلِعِيَالِهِ كِفَايَتَهُمْ كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ دَرَاهِمَ جَازَ الْوَقْفُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا شَرَطَ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ أَرْضًا أُخْرَى إذَا شَاءَ ذَلِكَ فَتَكُونُ وَقْفًا مَكَانِهِمْ فَالْوَقْفُ وَالشَّرْطُ جَائِزَانِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَسْتَبْدِلَ مَكَانَهَا وَفِي وَاقِعَاتِ الْقَاضِي فَخْرِ الدِّينِ قَوْلُ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ اسْتِبْدَالِهِ مَرَّةً أَنْ يَسْتَبْدِلَ ثَانِيًا؛ لِانْتِهَاءِ الشَّرْطِ بِمَرَّةٍ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ عِبَارَةً تُفِيدُ لَهُ ذَلِكَ دَائِمًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ قَالَ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا بِمَا بَدَا لِي مِنْ الثَّمَنِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ أَبِيعَهَا وَأَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا عَبْدًا، أَوْ قَالَ:

أَبِيعُهَا. وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا الشَّرْطُ فَاسِدٌ يَفْسُدُ بِهِ الْوَقْفُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ أَبَدًا عَلَى أَنَّ لِي أَنْ أَسْتَبْدِلَ بِهَا أُخْرَى يَكُونُ الْوَقْفُ جَائِزًا اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِثَمَنِ الْأُولَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَمَا اشْتَرَى الثَّانِيَةَ تَصِيرُ الثَّانِيَةُ وَقْفًا بِشَرَائِطِ الْأُولَى قَائِمَةً مَقَامَ الْأُولَى وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُبَاشَرَةِ الْوَقْفِ بِشُرُوطِهِ فِي الثَّانِيَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَرْضًا وَلَا دَارًا وَبَاعَ الْأُولَى لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا بِجِنْسِ الْعَقَارِ مَا شَاءَ مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُقَيَّدْ بِالْبَلَدِ لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا بِأَيِّ بَلَدٍ شَاءَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا قَالَ: عَلَى أَنْ أَسْتَبْدِلَ أَرْضًا أُخْرَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْبَدَلَ دَارًا وَكَذَا عَلَى الْعَكْسِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا أَرْضَ الْخَرَاجِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: بِأَرْضٍ مِنْ الْبَصْرَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَ مِنْ غَيْرِهَا وَيَنْبَغِي إنْ كَانَتْ أَحْسَنَ أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ إلَى خَيْرٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي الْقُنْيَةِ مُبَادَلَةُ دَارِ الْوَقْفِ بِدَارٍ أُخْرَى إنَّمَا تَجُوزُ إذَا كَانَتْ فِي مَحَلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَتَكُونُ الْمَحَلَّةُ الْمَمْلُوكَةُ خَيْرًا مِنْ الْمَحَلَّةِ الْمَوْقُوفَةِ وَعَلَى عَكْسِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ أَنْ يَسْتَبْدِلَ فَوَكَّلَ بِهِ جَازَ، وَلَوْ أَوْصَى بِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ وَلَوْ شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ لِنَفْسِهِ مَعَ آخَرَ أَنْ يَسْتَبْدِلَا مَعًا فَتَفَرَّدَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لَا يَجُوزُ وَلَا تَفَرَّدَ الْوَاقِفُ جَازَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ فِي الْوَقْفِ الِاسْتِبْدَالَ لِكُلِّ مَنْ وَلِيَ هَذَا الْوَقْفَ صَحَّ ذَلِكَ وَيَكُونُ لِكُلِّ مَنْ وَلِيَ الْوَقْفَ وِلَايَةُ الِاسْتِبْدَالِ، أَمَّا إذَا قَالَ الْوَاقِفُ: عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ وِلَايَةَ الِاسْتِبْدَالِ. فَمَاتَ الْوَاقِفُ لَا يَكُونُ لِفُلَانٍ وِلَايَةُ الِاسْتِبْدَالِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْوِلَايَةَ بَعْدَ وَفَاتِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ وِلَايَةُ الِاسْتِبْدَالِ إلَّا أَنْ يَنُصَّ لَهُ بِذَلِكَ وَلَوْ شَرَطَهُ لِلْقَيِّمِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ لِنَفْسِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ إذَا جَازَ الْوَقْفُ وَشَرَطَ الْبَيْعَ وَالِاسْتِبْدَالَ بِالثَّمَنِ فَبَاعَهُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَإِنْ بَاعَهُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ بَاعَهَا بِعَرُوضٍ فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ يَصِحُّ ثُمَّ يَبِيعُهَا بِعَقَارٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَهِلَالٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالنَّقْدِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ أَوْ بِأَرْضٍ تَكُونُ وَقْفًا مَكَانَهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ

وَلَوْ بَاعَ أَرْضَ الْوَقْفِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ الثَّمَنِ كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنْ بَاعَ الْأُولَى وَضَاعَ الثَّمَنُ مِنْ يَدِهِ لَا يَضْمَنُ وَبَطَلَ الْوَقْفُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ اشْتَرَى بِالثَّمَنِ عَرَضًا مِمَّا لَا يَكُونُ وَقْفًا فَهُوَ لَهُ وَالدَّيْنُ عَلَيْهِ وَلَوْ وَهَبَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ الْهِبَةُ وَيَضْمَنُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَنَعَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. أَمَّا لَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ وَهَبَهُ فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا بَاعَ الْوَقْفَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ بِمَا هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا ثَانِيًا، وَإِنْ بَاعَهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ لَا يَمْلِكُ بَيْعَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَمَّمَ لِنَفْسِهِ الِاسْتِبْدَالَ وَلَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ بِقَضَاءٍ عَادَتْ وَقْفًا، وَكَذَا إذَا أَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْأَرْضَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَطَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْوَقْفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ أَرْضَ الْوَقْفِ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا أَرْضًا أُخْرَى ثُمَّ رُدَّتْ الْأُولَى عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِالْأَرْضِ الْأُخْرَى مَا شَاءَ وَالْأَرْضُ الْأُولَى تَعُودُ وَقْفًا، وَلَوْ رُدَّتْ الْأُولَى عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ فِي الْأُولَى فَبَقِيَتْ الثَّانِيَةُ بَدَلًا عَنْ الْأُولَى فَلَا تَبْطُلُ الْوَقْفِيَّةُ فِي الثَّانِيَةِ وَيَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْأُولَى لِنَفْسِهِ وَلَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْأَرْضِ الثَّانِيَةِ وَوَاقِفًا لِنَفْسِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ بَاعَ الْأُولَى وَاشْتَرَى الثَّانِيَةَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأُولَى فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ الْوَقْفُ فِي الْأَرْضِ الثَّانِيَةِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَكُونُ الثَّانِيَةُ وَقْفًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَرْطَ الِاسْتِبْدَالِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَسْتَبْدِلَ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ الْوَقْفِ سَبِخَةً لَا يَنْتَفِعُ بِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُ قَاضِي خَانْ فَفِي مَوْضِعٍ جَوَّزَهُ لِلْقَاضِي بِلَا شَرْطِ الْوَاقِفِ حَيْثُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، وَفِي مَوْضِعٍ مَنَعَهُ مِنْهُ وَلَوْ صَارَتْ الْأَرْضُ بِحَالٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي بِشَرْطِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ رِيعٌ لِلْوَقْفِ يُعَمَّرُ بِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْبَيْعُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَشَرَطَ فِي الْإِسْعَافِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَبْدِلُ قَاضِيَ الْجَنَّةِ الْمُفَسَّرَ بِذِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَسَأَلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مَحْمُودٌ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ

وَقَالَ لَهُمْ: إنْ عَجَزْتُمْ عَنْ إمْسَاكِهِ فَبِيعُوهُ. قَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا شَرْطًا فِي الْوَقْفِ كَانَ بَاطِلًا وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَجُوزُ الْوَقْفُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنَّ أَصْلَهَا إلَيَّ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكِي عَنْ أَصْلِهَا أَوْ عَلَى أَنْ أَبِيعَهَا أَصْلَهَا أَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ وَيَجْعَلَ ثَمَنَهُ فِي وَقْفٍ أَفْضَلَ إنْ رَأَى الْحَاكِمُ بَيْعَهُ أَذِنَ لَهُ فِيهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ لَوْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَصْرِفَ ثَمَنَهَا إلَى مَا رَأَى مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ وَلَوْ شَرَطَ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ أَنْ يَبِيعَهُ لَمْ يَبِعْهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ وَلِيَهُ بَعْدَهُ أَنْ يَبِيعَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنَّ لِي إبْطَالُهَا فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ عِنْدَ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلَا رِوَايَةَ لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْوَقْفُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ مَسَائِلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: إذَا كَتَبَ فِي صَكٍّ: الْوَقْفُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُمْلَكُ، ثُمَّ قَالَ: عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ بَيْعَ ذَلِكَ وَالِاسْتِبْدَالَ بِثَمَنِهِ مَا يَكُونُ وَقْفًا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَسْتَبْدِلَ. وَإِنْ قَالَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ: عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ بَيْعَ ذَلِكَ وَالِاسْتِبْدَالَ بِهِ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ: وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِفُلَانٍ بَيْعُ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ الْمَعَالِيمِ إذَا شَاءَ وَيَزِيدَ وَيُخْرِجَ مَنْ شَاءَ وَيَسْتَبْدِلَ بِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِقَيِّمِهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ لَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَالَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ: إذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُغَيِّرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ أَبَدًا مَا عَاشَ يَزِيدُ وَيُنْقِصُ وَيُدْخِلُ وَيُخْرِجُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ قَالَ: يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَإِنْ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لِإِنْسَانٍ مَادَامَ حَيًّا فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ مَا دَامَ حَيًّا لِلْمُتَوَلِّي بَعْدَهُ صَحَّ، وَلَوْ جَعَلَهُ لِلْمُتَوَلِّي مَا دَامَ الْوَاقِفُ حَيًّا مَلَكَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، فَإِذَا مَاتَ الْوَاقِفُ بَطَلَ وَلَيْسَ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ لِغَيْرِهِ أَوْ يُوصِيَ بِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا عَلَى أَنْ أَضَعَ غَلَّتَهَا حَيْثُ شِئْت جَازَ وَلَهُ أَنْ يَضَعَ غَلَّتَهَا حَيْثُ شَاءَ فَإِنْ وَضَعَ فِي الْمَسَاكِينِ أَوْ الْحَجِّ

أَوْ فِي إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: جَعَلْتهَا لِفُلَانٍ أَوْ أَعْطَيْتهَا فُلَانًا فَلَا يَرْجِعُ عَنْهُ وَلَوْ وَضَعَ فِي فَرِيقٍ بَعْدَ فَرِيقٍ جَازَ وَلَوْ وَضَعَهَا فِي نَفْسِهِ بَطَلَ الْوَقْفُ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شِئْت أَوْ أَدْفَعَ مَنْ شِئْت. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنَّ لِي أَنْ أُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شِئْت مِنْ وَلَدِي فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ شَاءَ مِنْ وَلَدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وَقَفَ أَرْضِهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شَاءَ جَازَ الْوَقْفُ وَلَهُ الْمَشِيئَةُ فِي صَرْفِ الْغَلَّةِ إلَى مَنْ شَاءَ، وَإِذَا مَاتَ انْقَطَعَتْ مَشِيئَتُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ غَلَّتِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ مَاتَ الْوَاقِفُ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَ الْغَلَّةَ لِوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا شَرَطَ أَنْ يُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شَاءَ أَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يَضَعَهَا حَيْثُ شَاءَ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْأَغْنِيَاءَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى رَجُلٍ غَنِيٍّ بِعَيْنِهِ جَازَتْ الْمَشِيئَةُ وَالْغَلَّةُ لَهُ مَا دَامَ حَيًّا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَوِّلَهَا عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِذَا مَاتَ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُ مِمَّنْ شَاءَ وَإِنْ صَرَفَهَا إلَى الْأَغْنِيَاءِ دُونَ الْفُقَرَاءِ فَالْمَشِيئَةُ بَاطِلَةٌ وَإِنْ شَاءَ صَرَفَهَا إلَى الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ جَمِيعًا يَبْطُلُ الْوَقْفُ قِيَاسًا وَلَا يَبْطُلُ اسْتِحْسَانًا، وَيُبْطِلُ مَشِيئَتَهُ فَصَارَتْ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ جَعَلَ غَلَّتَهَا لِفُلَانٍ سَنَةً جَازَ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِمَنْ شَاءَ وَإِنْ جَعَلَ غَلَّتَهَا لِرَجُلَيْنِ فَالْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا مَا عَاشَا فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلِلْحَيِّ نِصْفُ الْغَلَّةِ وَلَوْ قَالَ: جَعَلْت غَلَّتَهَا لِلْوَالِدَيْنِ صَحَّ كَمَا لَوْ وَقَفَ غَلَّتَهَا فِي الِابْتِدَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ جَعَلَ غَلَّتَهُ لِوَلَدِهِ جَازَ كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً وَشَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يُعْطِيَ الْقَيِّمُ غَلَّتَهَا مَنْ شَاءَ جَازَ وَلِلْقَيِّمِ أَنْ يُعْطِيَ الْأَغْنِيَاءَ وَالْفُقَرَاءَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَقَفَ فِي مَرَضِهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ فُلَانٌ غَلَّتَهَا مَنْ شَاءَ فَاخْتَارَ الْوَصِيُّ أَنْ يَضَعَ ذَلِكَ فِي وَلَدِ الْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ وَيَبْطُلُ الْوَقْفُ قِيَاسًا. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْوَقْفُ عَلَى الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ وَقَعَ صَحِيحًا لِلْفُقَرَاءِ إلَّا أَنَّ الْوَاقِفَ جَعَلَ لِفُلَانٍ الْمَشِيئَةَ فَإِنْ شَاءَ مَا يَصِحُّ بِهِ الْوَقْفُ يَصِحُّ وَإِلَّا يُبْطِلْ مَشِيئَتَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يُعْطَى فُلَانٌ غَلَّتَهَا مَنْ شَاءَ فَهُوَ جَائِزٌ لَهُ وَأَنْ يُعْطَى مَنْ شَاءَ فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُعْطِيهَا فِي حَيَاتِي وَبَعْدَ وَفَاتِي.

وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُعْطَى بَعْدَ وَفَاةِ الْوَاقِفِ فَإِنْ مَاتَ الَّذِي جَعَلَ إلَيْهِ الْمَشِيئَةَ فَالْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَلِمَنْ جَعَلَ إلَيْهِ الْمَشِيئَةَ أَنْ يُعْطَى وَلَدُهُ وَنَسْلُهُ وَيُعْطَى وَلَدُ الْوَاقِفِ وَنَسْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ نَفْسَهُ وَلَا يُخْرِجَ الْمَشِيئَةَ عَنْ يَدِهِ بِقَوْلِهِ: أَعْطَيْت نَفْسِي فَإِنْ جَعَلَ غَلَّتَهُ لِلْوَاقِفِ بَطَلَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُجِيزُ وَقْفَ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَ غَلَّتَهُ لِلْوَاقِفِ سَنَةً كَذَا فِي الْحَاوِي بِخِلَافِ مَا إذَا جَعَلَ الْوَاقِفُ الْمَشِيئَةَ إلَى نَفْسِهِ فِي إعْطَاءِ الْغَلَّةِ فَأَعْطَى نَفْسَهُ حَيْثُ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَلَوْ قَالَ فُلَانٌ: جَعَلْتهَا لِلْأَغْنِيَاءِ بَطَلَ الْوَقْفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى بَنِي فُلَانٍ عَلَى أَنَّ لِي أَنْ أُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شِئْت، فَشَاءَ إلَى وَاحِدٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ بِعَيْنِهِ جَازَتْ مَشِيئَتُهُ وَإِنْ شَاءَ صَرَفَهَا إلَى جَمِيعِهِمْ جَازَ وَيَصْرِفُ الْغَلَّةَ إلَيْهِمْ جَمِيعِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: " مَنْ شِئْت " كَلِمَةٌ عَامَّةٌ فَتَعُمُّ الْكُلَّ، وَلَوْ شَاءَ صَرْفَهَا إلَى غَيْرِ بَنِي فُلَانٍ بَطَلَتْ الْمَشِيئَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِي فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شِئْت مِنْهُمْ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، فَإِنْ قَالَ: لَا أَشَاءُ أَنْ أُعْطِيَ أَحَدًا مِنْهُمْ فَالْغَلَّةُ لَهُمْ وَقَدْ أَبْطَلَ مَشِيئَتَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ لِنَفْسِهِ مَشِيئَتَهُ، وَلَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِي فُلَانٍ وَسَكَتَ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْوَاقِفُ فَالصَّدَقَةُ لِبَنِي فُلَانٍ، فَإِنْ قَالَ: جَعَلْت الْغَلَّةَ لِابْنِ فُلَانٍ دُونَ إخْوَتِهِ جَازَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ وَلَهُ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَأَنْ يَحْرِمَ بَعْضَهُمْ وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ جَمِيعَ بَنِي فُلَانٍ فِي الِاسْتِحْسَانِ، فَإِنْ مَاتَ الَّذِي جَعَلَ الْغَلَّةَ لَهُ فَمَشِيئَتُهُ ثَابِتَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ شَاءَ كُلَّهُمْ بَطَلَتْ وَيَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيَاسًا، وَعِنْدَهُمَا جَازَتْ وَيَكُونُ لِبَنِي فُلَانٍ اسْتِحْسَانًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَلِمَةَ " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ عِنْدَهُ وَلِلْبَيَانِ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فَلَوْ شَاءَ الْوَاقِفُ بَعْضَهُمْ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَمَاتَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ فَنَصِيبُهُمْ يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَلَوْ شَاءَ غَيْرَ بَنِي فُلَانٍ فَالْمَشِيئَةُ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ قَالَ: وَضَعْتهَا فِي بَنِي فُلَانٍ وَنَسْلِهِمْ جَازَتْ مَشِيئَتُهُ فِي بَنِي فُلَانٍ وَلَيْسَ لِأَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ شَيْءٌ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِي فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُفَضِّلَ مَنْ شِئْت مِنْهُمْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ مَنْ شَاءَ. وَلَوْ رَدَّ الْمَشِيئَةَ فَقَالَ: لَا أَشَاءُ أَوْ مَاتَ كَانَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَ

بَنِي فُلَانٍ بِالسَّوِيَّةِ، وَلَوْ حَرَمَ بَعْضَهُمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ عَلَى بَنِي فُلَانٍ عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ أَنْ يُفَضِّلَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ جَعَلَ نِصْفَ الْغَلَّةِ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَاقِينَ بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ خَصَّهُ بِفَضْلِ النِّصْفِ، وَالتَّفْضِيلُ بِالنِّصْفِ يَقْتَضِي اشْتِرَاكَهُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي، وَلَوْ قَالَ: إنْ أَخُصَّ بِغَلَّتِهَا مَنْ شِئْت. فَخَصَّ وَاحِدًا بِالنِّصْفِ جَازَ وَلَا شَرِكَةَ لَهُ فِي الْبَاقِي وَلَوْ شَاءَ جَمِيعَهُمْ جَازَتْ الْمَشِيئَةُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنَّ لِي أَنْ أَخُصَّ مَنْ شِئْت مِنْهُمْ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَلَهُ أَنْ يَخُصَّ مَا شَاءَ مِنْهُمْ وَلَوْ دَفَعَ الْكُلَّ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَازَ وَلَوْ دَفَعَ الْكُلَّ إلَى الْكُلِّ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ عَمَلًا بِكَلِمَةِ " مَنْ " وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَخُصُّ وَاحِدًا مِنْهُمْ هَذِهِ السَّنَةَ جَازَ وَكَانَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ أَحْرِمَ مَنْ شِئْت مِنْهُمْ فَحَرَمَهُمْ إلَّا رَجُلًا جَازَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْرِمَهُمْ جَمِيعًا فِي الْقِيَاسِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِمْ وَصَارَ الْوَقْفُ لِلْفُقَرَاءِ، وَلَوْ قَالَ: حَرَمْتُهُمْ غَلَّةَ هَذِهِ السَّنَةِ فَلَيْسَ لَهُمْ حَقٌّ فِي غَلَّةِ تِلْكَ السَّنَةِ وَهِيَ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْمَشِيئَةُ ثَابِتَةٌ لَهُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ أَحَدًا مِنْهُمْ فَالْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ لِي أَنْ أُخْرِجَ مَنْ شِئْت مِنْهُمْ فَأَخْرَجَ وَاحِدًا أَوْ الْجَمِيعَ جَازَتْ وَصَارَتْ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَأَخْرَجَ وَاحِدًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَصَارَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ لَهُ الْمَشِيئَةَ فِي الْإِخْرَاجِ دُونَ الْإِدْخَالِ كَذَا فِي الْحَاوِي ثُمَّ إنْ كَانَ فِي الْوَقْفِ غَلَّةٌ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ ذَكَرَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنْهَا خَاصَّةً، وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَ فِي وَصَايَا الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ يُخْرِجُ عَنْ الْغَلَّةِ أَبَدًا فَإِنَّهُ لَوْ أَوْصَى بَغْلَةِ بُسْتَانِهِ وَفِي الْبُسْتَانِ غَلَّةٌ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَهُ الْغَلَّةُ الْمَوْجُودَةُ وَمَا يَحْدُثُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَبَدًا وَعَلَى رِوَايَةِ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ الْغَلَّةُ الْمَوْجُودَةُ دُونَ مَا يَحْدُثُ، وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ أَخْرَجَ بِأَنْ قَالَ: أَخْرَجْت فُلَانًا أَوْ فُلَانًا جَازَ وَالْبَيَانُ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى مَاتَ فَالْغَلَّةُ تُقَسَّمُ عَلَى رُءُوسِ الْبَاقِينَ فَيُضْرَبُ لِهَذَيْنِ بِسَهْمٍ فَإِنْ اصْطَلَحَا أَخَذَاهُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَبَيَا أَوْ أَبَى أَحَدُهُمَا وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ قَالَ:

أَخْرَجْت فُلَانًا لَا بَلْ فُلَانًا خَرَجَا جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ أُدْخِلَ مَنْ شِئْت فَلَهُ أَنْ يُدْخِلَ مَنْ أَحَبَّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا فَالْغَلَّةُ لَهُمْ فَإِنْ قَالَ: أَدْخَلْت فُلَانًا فِي غَلَّتِهَا أَبَدًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى أَنَّ لِي أَنْ أُدْخِلَ فِيهِ وَلَدَ زَيْدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ فِيهَا غَيْرَ وَلَدِ زَيْدٍ وَلَهُ أَنْ يُدْخِلَ وَلَدَ زَيْدٍ كُلَّهُمْ وَيَكُونُونَ أُسْوَةً لِوَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ. فَإِنْ قَالَ: لَا أَشَاءُ أَنْ أُدْخِلَهُمْ فَقَدْ انْقَطَعَتْ مَشِيئَتُهُ فِيهِمْ فَالْوَقْفُ لِوَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ إلَّا مَنْ تَزَوَّجَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا فَتَزَوَّجَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ فِي الْوَقْفِ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَتْ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَلَهَا أَيْضًا. أَوْ شَرَطَ، فَفِي الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ لَهَا إلَّا أَنَّهُ اسْتَثْنَى مَنْ تَزَوَّجَ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْمُسْتَثْنَى مَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ، وَكَذَلِكَ الْوَقْفُ عَلَى بَنِي فُلَانٍ إلَّا مَنْ خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ فَخَرَجَ بَعْضُهُمْ ثُمَّ عَادَ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ عَلَى بَنِي فُلَانٍ مِمَّنْ يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ وَتَرَكَ بَعْضَهُمْ ثُمَّ اشْتَغَلَ فَهُوَ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ وَفِي وَقْفِ الْخَصَّافِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ أَرْضَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَشَرَطَ فِي الْوَقْفِ أَنَّ كُلَّ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَرَجَ مِنْ الْوَقْفِ فَهُوَ عَلَى مَا شَرَطَ، فَلَوْ خَرَجَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَرَجَ مِنْ الْوَقْفِ وَلَوْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ أَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ إلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ صَارَ خَارِجًا فَإِنْ انْتَقَلَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ صَارَ خَارِجًا وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ إلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ إلَى غَيْرِهِ فَصَارَ خَارِجِيًّا أَوْ رَافِضِيًّا خَرَجَ فَلَوْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ عَنْ الْإِسْلَامِ خَرَجَ، وَالْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ فَلَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ مَذْهَبِ الْإِثْبَاتِ إلَى غَيْرِهِ خَرَجَ، فَخَرَجَ وَاحِدٌ ثُمَّ عَادَ إلَى مَذْهَبِ الْإِثْبَاتِ لَا يَعُودُ لِلْوَاقِفِ إلَّا بِالشَّرْطِ وَكَذَلِكَ لَوْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ

مَذْهَبًا مِنْ الْمَذَاهِبِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ عَنْهُ خَرَجَ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ قَرَابَتِهِ مِنْ بَغْدَادَ لَا حَقَّ لَهُ اُعْتُبِرَ لَكِنْ هُنَا إذَا عَادَ إلَى بَغْدَادَ رُدَّ إلَى الْوَقْفِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَمَا عَاشَا وَمِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى الْمَسَاكِينِ عَلَى أَنْ يُبْدَأَ بِزَيْدٍ فَيُعْطَى مِنْ غَلَّتِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيُعْطَى عَمْرٌو قُوتَهُ لِسَنَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا قَالَ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَلَّةُ سَنَةٍ إلَّا أَلْفَ دِرْهَمٍ يُعْطَى ذَلِكَ زَيْدًا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ لِزَيْدٍ فَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ ثُمَّ جَاءَتْ غَلَّةُ السَّنَةِ يُعْطَى عَمْرٌو قُوتًا لِسَنَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَقُوتُ عَمْرٍو سَنَةً أَلْفَ دِرْهَمٍ دُفِعَ إلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَيَكُونُ لَهُ تَمَامُ نِصْفِ الْغَلَّةِ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ لِلْمَسَاكِينِ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ زَيْدٌ وَمَاتَ عَمْرٌو أُعْطِيَ زَيْدٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ سُمِّيَ لَهُ وَتَمَامَ نِصْفِ الْغَلَّةِ وَيَكُونُ الْبَاقِي لِلْمَسَاكِينِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَخَالِدٍ يُبْدَأُ بِزَيْدٍ فَيَكُونُ لَهُ غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ أَبَدًا مَا عَاشَ، ثُمَّ بِخَالِدٍ فَيَكُونُ لَهُ غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ أَبَدًا مَا عَاشَ، ثُمَّ يُنَفَّذُ ذَلِكَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ تَقْدِيمِ بَعْضِهِمْ فَإِذَا انْقَرَضُوا كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي سِيَرِ الْعُيُونِ حَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ هِيَ مَرْدُودَةٌ عَلَى صَاحِبِهَا فَهُوَ بَاطِلٌ وَعَنْ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيِّ أُسْتَاذِ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ الْوَقْفَ جَائِزٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ جَعَلَ فَرَسَهُ فِي الْجِهَادِ أَوْ فِي السَّبِيلِ عَلَى أَنْ يُمْسِكَهُ مَا دَامَ حَيًّا صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَالْجَعْلُ فِي السَّبِيلِ أَنْ يُجَاهَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ آجَرَهُ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا احْتَاجَ إلَى النَّفَقَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَمِنْ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ مَا صَرَّحَ بِهِ الْخَصَّافُ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَاجِرَ الْمُتَوَلِّي الْأَرْضَ فَإِنْ آجَرَهَا فَإِجَارَتُهَا بَاطِلَةٌ وَكَذَا إذَا اشْتَرَطَ أَنْ لَا يُعَامَلَ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ نَخْلٍ أَوْ أَشْجَارٍ وَكَذَا إذَا شَرَطَ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إذَا آجَرَهَا فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ التَّوْلِيَةِ فَإِذَا خَالَفَ الْمُتَوَلِّي صَارَ خَارِجًا يُوَلِّيهَا الْقَاضِي مَنْ يَثِقُ بِأَمَانَتِهِ كَذَا إذَا شَرَطَ أَنَّهُ إنْ أَحْدَثَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْوَقْفِ حَدَثًا فِي الْوَقْفِ يُرِيدُ إبْطَالَهُ كَانَ خَارِجًا اُعْتُبِرَ، فَإِنْ نَازَعَ الْبَعْضُ وَقَالَ: أَرَدْت تَصْحِيحَ الْوَقْفِ، وَقَالَ سَائِرُ أَهْلِ الْوَقْفِ:

الباب الخامس في ولاية الوقف وتصرف القيم في الأوقاف

إنَّمَا أَرَدْتَ إبْطَالَهُ. نَظَرَ الْقَاضِي فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ تَنَازَعُوا فَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ تَصْحِيحَهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ إبْطَالَهُ أَخْرَجَهُمْ وَأَشْهَدَ عَلَى إخْرَاجِهِمْ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ نَازَعَ الْقَيِّمَ وَتَعَرَّضَ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ لِإِبْطَالِهِ فَنَازَعَهُ الْبَعْضُ وَقَالَ: مَنَعَنِي حَقِّي صَارَ خَارِجًا وَلَوْ كَانَ طَالِبًا حَقَّهُ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ طَالَبَهُ بِحَقِّهِ فَلِلْمُتَوَلِّي إخْرَاجُهُ وَلَيْسَ لَهُ إعَادَتُهُ بِدُونِ الشَّرْطِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي وِلَايَةِ الْوَقْفِ وَتَصَرُّفِ الْقَيِّمِ فِي الْأَوْقَافِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي وِلَايَةِ الْوَقْفِ وَتَصَرُّفِ الْقَيِّمِ فِي الْأَوْقَافِ وَفِي كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الْغَلَّةِ وَفِيمَا إذَا قَبِلَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ أَوْ مَاتَ الْبَعْضُ وَالْبَعْضُ حَيٌّ) الصَّالِحُ لِلنَّظَرِ مَنْ لَمْ يَسْأَلْ الْوِلَايَةَ لِلْوَقْفِ وَلَيْسَ فِيهِ فِسْقٌ يُعْرَفُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْإِسْعَافِ لَا يُوَلَّى إلَّا أَمِينٌ قَادِرٌ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَكَذَا الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَكَذَا الْمَحْدُودُ فِي قَذْفٍ إذَا تَابَ، وَيُشْتَرَطُ فِي الصِّحَّةِ بُلُوغُهُ وَعَقْلُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنْ جَعَلَ وِلَايَتَهُ إلَى مَنْ يَخْلُفُ مِنْ وَلَدِهِ وَلَّى الْقَاضِي أَمْرَ الْوَقْفِ رَجُلًا يَخْلُفُ وَلَدَهُ وَيَكُونُ مَوْضِعًا لِلْوِلَايَةِ فَتَكُونُ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى إلَى صَبِيٍّ فِي وَقْفِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ فِي الْقِيَاسِ وَلَكِنْ اُسْتُحْسِنَ أَنْ تَكُونَ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ إذَا كَبُرَ وَإِذَا جَعَلَ إلَى غَائِبٍ نَصَّبَ الْقَاضِي رَجُلًا حَتَّى إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ رَدَّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَا تُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ لِلصِّحَّةِ لِمَا فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا يَجُوزُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَالذِّمِّيُّ فِي الْحُكْمِ كَالْعَبْدِ فَلَوْ أَخْرَجَهُمَا الْقَاضِي ثُمَّ أُعْتِقَ الْعَبْدُ أَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ لَا تَعُودُ الْوِلَايَةُ إلَيْهِمَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَفِي فَتَاوَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ سُئِلَ عَمَّنْ شَرَطَ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ وَلِأَوْلَادِهِ، قَالَ: يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ رَجُلٌ وَقَفَ وَقْفًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْوِلَايَةَ لِأَحَدٍ قِيلَ: الْوِلَايَةُ لِلْوَاقِفِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ التَّسْلِيمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَصِحُّ هَذَا الْوَقْفُ وَيُفْتَى بِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ إلَى قَيِّمٍ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ يَدِهِ فَإِنْ كَانَ شَرَطَ لِنَفْسِهِ فِي الْوَقْفِ أَنَّ لَهُ الْعَزْلَ وَالْإِخْرَاجَ مِنْ يَدِ الْقَيِّمِ

كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ ذَلِكَ، وَمَشَايِخُ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يُفْتُونَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهَذَا أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ أَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ وَكَانَ الْوَاقِفُ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى الْوَقْفِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْ يَدِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ تَرَكَ الْعِمَارَةَ فِي يَدِهِ مِنْ غَلَّتِهِ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَمِّرَهُ فَالْقَاضِي يُجْبِرُهُ عَلَى الْعِمَارَةِ فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَنَّ الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ وَشَرَطَ أَنْ لَيْسَ لِسُلْطَانٍ أَوْ قَاضٍ عَزْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مَأْمُونًا فِي وِلَايَةِ الْوَقْفِ كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلًا وَلِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَهُ وَيُوَلِّيَ غَيْرَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ الَّذِي نَصَّبَهُ الْوَاقِفُ إذَا كَانَ خَيْرًا لِلْوَقْفِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ إنْ شَرَطَ أَنْ يَلِيَهُ فُلَانٌ وَلَيْسَ لِي إخْرَاجُهُ فَالتَّوْلِيَةُ جَائِزَةٌ وَشَرْطُ مَنْعِ الْإِخْرَاجِ بَاطِلٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ جَعَلَ إلَيْهِ الْوِلَايَةَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ كَانَ جَائِزًا وَكَانَ وَكِيلًا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ وَصِيًّا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ قَالَ: وَلَّيْتُك هَذَا الْوَقْفَ فَإِنَّمَا الْوِلَايَةُ حَالَ حَيَاتِهِ لَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك بِصَدَقَتِي هَذِهِ فِي حَيَاتِي وَبَعْدَ وَفَاتِي فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ وَكِيلُهُ فِي حَيَاتِهِ وَوَصِيُّهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ قَيِّمًا حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ يَكُونُ وَصِيًّا فِي أَمْوَالِهِ قَيِّمًا فِي أَوْقَافِهِ وَلَوْ أَوْصَى إلَى آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ الثَّانِي وَصِيًّا وَلَا يَكُونُ قَيِّمًا، وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ قَيِّمًا وَقَضَى بِقِوَامَتِهِ لَمْ يَمْلِكْ الْوَاقِفُ إخْرَاجَهُ لِيَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ أَوْصَى إلَيْهِ فِي الْوَقْفِ خَاصَّةً فَهُوَ وَصِيٌّ فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فِي الْوَقْفِ وَأَوْصَى إلَى آخَرَ فِي وَلَدِهِ أَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فِي وَقْفٍ بِعَيْنِهِ وَأَوْصَى إلَى آخَرَ فِي وَقْفٍ آخَرَ بِعَيْنِهِ كَانَا وَصِيَّيْنِ فِيهِمَا جَمِيعًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَقَفَ أَرْضَهُ وَجَعَلَ وِلَايَتَهَا إلَى رَجُلٍ حَالَ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ، ذَكَرَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْوَصِيَّ يُشَارِكُ الْقَيِّمَ فِي أَمْرِ الْوَقْفِ كَأَنَّهُ

جَعَلَ وِلَايَةَ الْوَقْفِ إلَيْهِمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَقَفَ أَرْضَيْنِ وَجَعَلَ لِكُلٍّ مُتَوَلِّيًا لَا يُشَارِكُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَلَوْ جَعَلَ وِلَايَةَ وَقْفِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ جَعَلَ رَجُلًا آخَرَ وَصِيًّا يَكُونُ شَرِيكًا لِلْمُتَوَلِّي فِي أَمْرِ الْوَقْفِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: وَقَفْت أَرْضِي عَلَى كَذَا وَكَذَا وَجَعَلْت وِلَايَتَهَا لِفُلَانٍ وَجَعَلْت فُلَانًا وَصِيًّا فِي تَرِكَاتِي وَفِي جَمِيعِ أُمُورِي. فَحِينَئِذٍ يَتَفَرَّدُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا فُوِّضَ إلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْإِسْعَافِ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَلِيَهُ فُلَانٌ بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ بَعْدَهُ يَلِيهِ فُلَانٌ فَهَذَا الشَّرْطُ جَائِزٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا قَالَ: أَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ وَرَجَعْت عَنْ كُلِّ وَصِيَّةٍ لِي كَانَتْ وِلَايَةُ الْوَقْفِ إلَيْهِ وَخَرَجَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَوَلِّيًا، وَإِذَا جَعَلَ الْوَاقِفُ الْوِلَايَةَ إلَى اثْنَيْنِ أَوْ صَارَتْ الْوِلَايَةُ إلَى الْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا بَيْعُ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَجَازَ الْآخَرُ أَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِهِ جَازَ، وَكَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فِي وَقْفِهِ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ جَازَ الشَّرْطُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ وَأَوْصَى إلَى جَمَاعَةٍ لَمْ يَتَفَرَّدْ وَاحِدٌ بِالتَّصَرُّفِ وَيُجْعَلُ نِصْفُ الْغَلَّةِ فِي يَدِ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ قَامُوا مَقَامَ الْوَصِيِّ الْهَالِكِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَنَّ الْوَاقِفَ جَعَلَ وِلَايَةَ الْوَقْفِ إلَى رَجُلَيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ أَوْصَى إلَى صَاحِبِهِ فِي أَمْرِ الْوَقْفِ وَمَاتَ جَازَ تَصَرُّفُ الْحَيِّ مِنْهُمَا فِي جَمِيعِ الْوَقْفِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ فَالْقَاضِي يُقِيمُ مَكَانَهُ رَجُلًا آخَرَ حَتَّى يَجْتَمِعَ رَأْيُ الرَّجُلَيْنِ كَمَا قَصَدَ الْوَاقِفُ، وَلَوْ فَوَّضَ الْقَاضِي الْوِلَايَةَ تَمَامَهُمَا إلَى هَذَا الَّذِي قَبِلَ جَازَ وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَصَبِيٍّ أَقَامَ الْقَاضِي بَدَلَ الصَّبِيِّ رَجُلًا كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ جَعَلَ لِفُلَانٍ إلَى أَنْ يُدْرِكَ وَلَدُهُ فَإِذَا أَدْرَكَ كَانَ شَرِيكًا لَهُ لَا يَجُوزُ مَا جَعَلَهُ لِابْنِهِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجُوزُ. وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِمَالٍ سَمَّاهُ أَرْضًا وَيَجْعَلَهَا وَقْفًا عَلَى وَجْهٍ سَمَّاهُ لَهُ وَأَشْهَدَ عَلَى وَصِيَّتِهِ جَازَ وَيَكُونُ مُتَوَلِّيًا وَيَكُونُ لَهُ الْإِيصَاءُ بِهِ لِغَيْرِهِ وَلَوْ نَصَّبَ مُتَوَلِّيًا عَلَى وَقْفٍ ثُمَّ وَقَفَ وَقْفًا آخَرَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مُتَوَلِّيًا لَا يَكُونُ الْمُتَوَلِّي الْأَوَّلُ مُتَوَلِّيًا عَلَى الثَّانِي إلَّا أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ وَصِيٌّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ

لَوْ شَرَطَ الْوِلَايَةَ لِوَلَدِهِ عَلَى أَنْ يَلِيَهَا الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ مِنْ وَلَدِهِ تَكُونُ الْوِلَايَةُ إلَى أَفْضَلِ أَوْلَادِهِ فَإِنْ صَارَ أَفْضَلُهُمْ فَاسِقًا فَالْوِلَايَةُ لِمَنْ يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ فَإِنْ تَرَكَ الْأَفْضَلُ الْفِسْقَ وَصَارَ أَعْدَلَ وَأَفْضَلَ مِنْ الثَّانِي فَالْوِلَايَةُ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: وِلَايَةُ هَذَا الْوَقْفِ إلَى الْأَفْضَلِ فَالْأَفْضَلِ مِنْ وَلَدِي وَأَبَى الْأَفْضَلُ الْقَبُولَ فِي الِاسْتِحْسَانِ الْوِلَايَةُ لِمَنْ يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ؛ لِأَنَّ إبَاءَ الْأَفْضَلِ بِمَنْزِلَةِ مَوْتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ لِأَفْضَلِ أَوْلَادِهِ وَكَانُوا فِي الْفَضْلِ سَوَاءٌ تَكُونُ لِأَكْبَرِهِمْ سِنًّا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ أَهْلًا لَهَا فَالْقَاضِي يُقِيمُ أَجْنَبِيًّا إلَى أَنْ يَصِيرَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَهْلًا لَهَا فَتُرَدُّ إلَيْهِ وَلَوْ جَعَلَهَا لِاثْنَيْنِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَكَانَ مِنْهُمْ ذَكَرًا وَأُنْثَى صَالِحَانِ لِلْوِلَايَةِ تُشَارِكُ فِيهَا لِصِدْقِ الْوَلَدِ عَلَيْهَا أَيْضًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لِرَجُلَيْنِ مِنْ أَوْلَادِي، فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا حِينَئِذٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ وَلَّى الْقَاضِي أَفْضَلَهُمْ ثُمَّ صَارَ فِي وَلَدِهِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ فَالْوِلَايَةُ إلَيْهِ، وَإِذَا اسْتَوَى الِاثْنَيْنِ فِي الصَّلَاحِ فَالْأَعْلَمُ بِأَمْرِ الْوَقْفِ أَوْلَى وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَرَعًا وَصَلَاحًا وَالْآخَرُ أَعْلَمَ بِأُمُورِ الْوَقْفِ فَالْأَعْلَمُ أَوْلَى بَعْدَ أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ تُؤْمَنُ خِيَانَتُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي الْحَاوِي وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى إلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ جَعَلَ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا فَإِذَا بَلَغَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْوَصِيَّ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ فَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَكِلَاهُمَا وَالِيَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: فَإِذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَالْوِلَايَةُ إلَيْهِ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِلْحَاضِرِ وِلَايَةٌ إذَا قَدِمَ الْغَائِبُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَهِلَالٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: الْوِلَايَةُ تُنْقَلُ إلَى الْقَادِمِ وَمَا زَالَتْ وِلَايَةُ الْحَاضِرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ: وِلَايَتُهَا إلَى عَبْدِ اللَّهِ مَا دَامَ بِالْبَصْرَةِ فَهُوَ عَلَى مَا شَرَطَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إلَى امْرَأَتِي مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، فَإِذَا تَزَوَّجَتْ فَلَا وِلَايَةَ لَهَا، وَلَوْ قَالَ: الْوِلَايَةُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ وَمِنْ بَعْدِهِ إلَى زَيْدٍ فَمَاتَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِزَيْدٍ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا مَاتَ الْمُتَوَلِّي وَالْوَاقِفُ حَيٌّ فَالرَّأْيُ فِي نَصْبِ قَيِّمٍ آخَرَ إلَى الْوَاقِفِ لَا إلَى الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ مَيِّتًا فَوَصِيُّهُ أَوْلَى مِنْ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْصَى إلَى أَحَدٍ فَالرَّأْيُ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى

وَفِي الْأَصْلِ الْحَاكِمُ لَا يَجْعَلُ الْقَيِّمُ مِنْ الْأَجَانِبِ مَا دَامَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الْوَاقِفِ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مِنْهُمْ مَنْ يَصْلُحُ وَنَصَّبَ غَيْرَهُمْ صَرَفَهُ عَنْهُ إلَى أَهْلِ الْبَيْتِ الْوَاقِفِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ. وَفِي الْحَاوِي ذَكَرَ الْأَنْصَارِيُّ فِي وَقْفِهِ إنْ أَخْرَجَ الْوَالِي وَصِيَّ الْوَاقِفِ مِنْ وِلَايَةِ الصَّدَقَةِ لِفَسَادٍ فَصَلُحَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَرَى أَنْ تَرُدَّهُ إلَى وِلَايَتِهِ قَالَ: نَعَمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَتَوَلَّاهُ مِنْ جِيرَانِ الْوَاقِفِ وَقَرَبَاتِهِ إلَّا بِرِزْقٍ وَيَفْعَلُ وَاحِدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ رِزْقٍ قَالَ: ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ الْأَفْضَلُ لِأَهْلِ الْوَقْفِ وَأَصْلَحُ لِلصَّدَقَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ بِلَا خِيَانَةٍ وَلَوْ وَلَّاهُ هَلْ يَكُونُ مُتَوَلِّيًا؟ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بُرْهَانُ الدِّينِ فِي فَوَائِدِهِ: لَا. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَوْ مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ يَبْقَى مَنْ نَصَّبَهُ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُفَوِّضَ لِغَيْرِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ كَالْوَصِيِّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَ لِذَلِكَ الْمُتَوَلِّي مَالًا مُسَمًّى لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِمَنْ أَوْصَى إلَيْهِ بَلْ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي إذَا تَبَرَّعَ بِعَمَلِهِ لِيَفْرِضَ لَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ جَعَلَ ذَلِكَ لِكُلِّ مُتَوَلٍّ، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ لِلَّذِي كَانَ أَدْخَلَهُ مَا كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَهُ لِلَّذِي كَانَ أَدْخَلَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا أَرَادَ الْمُتَوَلِّي أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ التَّفْوِيضُ إلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْمِيمِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ يُحْصَى عَدَدُهُمْ فَنَصَّبُوا مُتَوَلِّيًا لَهُ بِدُونِ أَمْرِ الْقَاضِي تَكَلَّمُوا فِيهِ كَثِيرًا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ التَّوْلِيَةُ مِنْهُمْ وَعَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يُجِيبُونَ أَنَّهُمْ إذَا نَصَّبُوا مُتَوَلِّيًا كَمَا لَوْ أَذِنَ الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ اتَّفَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَالْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُنَصِّبُوا مُتَوَلِّيًا وَلَا يَعْلَمُ الْقَاضِي بِهِ لِمَا عُرِفُوا مِنْ أَطْمَاعِهِمْ فِي الْأَوْقَافِ، قَالَ الْعَبْدُ: هَذَا فِي زَمَانِنَا وَقَدْ تَحَقَّقَ بِالْوُقُوعِ مَا كَانَ مُحْتَمَلًا لِلْفَسَادِ فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِفَتْوَى الْمُتَأَخِّرِينَ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَقَفَ صَحِيحٌ عَلَى مَسْجِدٍ بِعَيْنِهِ وَلَهُ قَيِّمٌ فَمَاتَ الْقَيِّمُ فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ وَجَعَلُوا رَجُلًا مُتَوَلِّيًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَقَامَ هَذَا الْمُتَوَلِّي بِعِمَارَةِ

الْمَسْجِدِ مِنْ غَلَّاتِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ، اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي هَذِهِ التَّوْلِيَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ وَيَكُونُ نَصْبُ الْقَيِّمِ إلَى الْقَاضِي وَلَا يَكُونُ هَذَا لِلْمُتَوَلِّي ضَامِنًا لِمَا أَنْفَقَ فِي الْعِمَارَةِ مِنْ غَلَّاتِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ هَذَا الْمُتَوَلِّي آجَرَ الْوَقْفَ وَأَخَذَ الْغَلَّةَ وَأَنْفَقَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَصْلُحْ التَّوْلِيَةُ يَصِيرُ غَاصِبًا وَالْغَاصِبُ إذَا آجَرَ الْغَصْبَ كَانَ الْأَجْرُ لَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ تَضْمِينُ غَاصِبِ الْأَوْقَافِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَهُمْ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَلِقَاضِي بَلَدِهِمْ أَنْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا وَالْقَاضِي إذَا نَصَّبَ قَيِّمًا وَجَعَلَ لَهُ شَيْئًا مَعْلُومًا يَأْخُذُهُ كُلَّ سَنَةٍ حَلَّ لَهُ قَدْرُ أَجْرِ مِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ قَيِّمَيْنِ فِي الْوَقْفِ أَقَامَ كُلُّ قَيِّمٍ قَاضِيَ بَلْدَةٍ غَيْرَ بَلْدَةٍ أُخْرَى هَلْ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ بِدُونِ الْآخَرِ؟ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ: يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ تَصَرُّفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الْقَاضِيَيْنِ أَرَادَ أَنْ يَعْزِلَ الْقَيِّمَ الَّذِي أَقَامَهُ الْقَاضِي الْآخَرُ قَالَ: إنْ رَأَى الْقَاضِي الْمَصْلَحَةَ فِي عَزْلِ الْآخَرِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ نَصَّبَ الْقَاضِي قَيِّمًا آخَرَ لَا يَنْعَزِلُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ مَنْصُوبَ الْوَاقِفِ، وَإِنْ كَانَ مَنْصُوبَهُ وَيُعْلِمُهُ عِنْدَ نَصْبِ الثَّانِي يَنْعَزِلُ. (فِي فَتَاوَى صَاعِدٍ) مُتَوَلِّي الْوَقْفِ بَاعَ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ رَهَنَ فَهُوَ خِيَانَةٌ فَيُعْزَلُ أَوْ يُضَمُّ إلَيْهِ ثِقَةٌ. وَلَوْ قَالَ مُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ: عَزَلْت نَفْسِي لَا يَنْعَزِلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ أَوْ لِلْقَاضِي فَيُخْرِجُهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. آجَرَ الْقَيِّمُ ثُمَّ عُزِلَ وَنُصِّبَ قَيِّمٌ آخَرُ فَقِيلَ: أَخْذُ الْأَجْرِ لِلْمَعْزُولِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لِلْمَنْصُوبِ؛ لِأَنَّ الْمَعْزُولَ آجَرَهَا لِلْوَاقِفِ لَا لِنَفْسِهِ. وَلَوْ بَاعَ الْقَيِّمُ دَارًا اشْتَرَاهَا بِمَالِ الْوَقْفِ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْبَيْعَ مَعَ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَكَذَا إذَا عُزِلَ وَنُصِّبَ غَيْرُهُ لِلْمَنْصُوبِ إقَالَتُهُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الْوَاقِفُ جَعَلَ لِلْوَقْفِ قَيِّمًا فَلَوْ مَاتَ الْقَيِّمُ لَهُ أَنْ يُنَصِّبَ آخَرَ وَبَعْدَ مَوْتِهِ لِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُنَصِّبَ مِنْ أَوْلَادِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَأَقَارِبِهِ مَادَامَ يُوجَدُ مِنْهُ أَحَدٌ يَصْلُحُ لِذَلِكَ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ نَخْلٌ وَخَافَ الْقَيِّمُ هَلَاكَهَا كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَسِيلًا فَيَغْرِسَهُ كَيْ لَا يَنْقَطِعَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ نَظِيرُ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ يُؤْمَرُ بِإِدْخَالِ خَشَبَةٍ أَوْ لَبِنَةٍ وَنَحْوِهِمَا حَتَّى لَا تَخْرَبَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ كَانَتْ قِطْعَةٌ مِنْ هَذِهِ

الْأَرْضِ سَبِخَةً لَا تُنْبِتُ فَيُحْتَاجُ إلَى كَسْحِ وَجْهِهَا وَإِصْلَاحِهَا حَتَّى تُنْبِتَ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبْدَأَ مِنْ غَلَّةِ جُمْلَةِ الْأَرْضِ بِمُؤْنَةِ إصْلَاحِ تِلْكَ الْقِطْعَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّعْمِيرَ يَكُونُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْخَرَابُ مِنْ صُنْعِ أَحَدٍ وَلِذَا قَالَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ: رَجُلٌ آجَرَ دَارًا مَوْقُوفَةً فَجَعَلَ الْمُسْتَأْجِرُ رِوَاقَهَا مَرْبِطًا يَرْبِطُ فِيهَا الدَّوَابَّ وَخَرَّبَهَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا أَرَادَ الْقَيِّمُ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا قَرْيَةً لِيَكْثُرَ أَهْلُهَا وَحُفَّاظُهَا وَيَحْرُثَ فِيهَا الْغَلَّةَ لِحَاجَتِهِ إلَى ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ. وَهَذَا كَالْخَانِ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ إذَا اُحْتِيجَ فِيهِ إلَى خَادِمٍ يَكْسَحُ الْخَانَ وَيَفْتَحُ الْبَابَ وَيَسُدُّهُ فَيُسَلِّمُ الْمُتَوَلِّي بَيْتًا مِنْ بُيُوتِهِ إلَى رَجُلٍ بِطَرِيقِ الْأُجْرَةِ لِيَقُومَ بِذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُتَّصِلَةً يَرْغَبُ النَّاسُ فِي اسْتِئْجَارِ بُيُوتِهَا وَتَكُونُ غَلَّةُ ذَلِكَ فَوْقَ غَلَّةِ الزَّرْعِ وَالنَّخِيلِ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بُيُوتًا فَيُؤَاجِرَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ بَعِيدَةً مِنْ بُيُوتِ الْمِصْرِ فَإِنَّ ثَمَّةَ لَا يَكُونُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بُيُوتًا يُؤَاجِرَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لَهُ غَلَّةُ الْأَرْضِ جَمَاعَةً رَضِيَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَرُمَّهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَأَبَى الْبَعْضُ، فَمَنْ أَرَادَ الْعِمَارَةَ عَمَّرَ الْمُتَوَلِّي حِصَّتَهُ وَمَنْ أَبَى يُؤَاجِرُ حِصَّتَهُ بِحِصَّتِهِ وَيَصْرِفُ غَلَّتَهَا إلَى الْعِمَارَةِ إلَى أَنْ تَحْصُلَ الْعِمَارَةُ ثُمَّ تُعَادُ إلَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَهَكَذَا فِي الْحَاوِي. وَذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ حَانُوتٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَهُ قَيِّمٌ بَنَى رَجُلٌ فِي هَذَا الْحَانُوتِ بِنَاءً بِغَيْرِ إذْنِ الْقَيِّمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْقَيِّمِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ أَمْكَنَهُ رَفْعُ مَا بَنَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضُرَّ بِالْبِنَاءِ الْقَدِيمِ فَلَهُ رَفْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَفْعُ مَا بَنَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضُرَّ بِالْبِنَاءِ الْقَدِيمِ فَلَيْسَ لَهُ رَفْعُهُ وَلَكِنْ يَتَرَبَّصُ إلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مَالُهُ مِنْ تَحْتِ الْبِنَاءِ ثُمَّ يَأْخُذُهَا إنْ لَمْ يَرْضَ هُوَ بِتَمَلُّكِ الْقَيِّمِ وَالْبِنَاءُ لِلْوَقْفِ بِبَدَلٍ يَجُوزُ لَكِنْ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ مَبْنِيًّا وَإِلَى قِيمَتِهِ مَنْزُوعًا فَأَيُّهُمَا كَانَ أَقَلَّ لَا يُجَاوَزُ، ذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَقَفَ رَجُلٌ دَارِهِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا فُلَانٌ مُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوْ عَشْرَ سِنِينَ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمَسَاكِينِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا وَلَهُ أَنْ يَسْكُنَ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَوَصِيفِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ جَمَاعَةً فَأَرَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُؤَاجِرَهَا أَمَرَهُمْ الْحَاكِمُ بِالتَّهَايُؤِ ثُمَّ مَنْ أَرَادَ

أَنْ يَسْكُنَ سَكَنَ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُؤَاجِرَهَا آجَرَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ غَلَّتَهَا لَهُ فَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي الْمُوصَى لَهُ بَغْلَةِ الدَّارِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْكُنَهَا قِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ إنَّ يُؤَاجِرَهَا، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا فَالِاخْتِلَافُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْغَلَّةِ يَكُونُ اخْتِلَافًا فِي الْوَقْفِ دَلَالَةً، وَقِيلَ: الِاحْتِيَاطُ أَنْ يُؤَاجِرَ الْقَيِّمُ مِنْ غَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَيَأْخُذَ الْأُجْرَةَ وَيَرُدَّهُ إلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ قَالَ الْوَاقِفُ: عَلَى أَنْ يَسْتَغِلُّوهَا وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَسْكُنُوهَا فَهُوَ عَلَى مَا شَرَطَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَأْخُذَ مَا فَضَلَ عَنْ وَجْهِ عِمَارَةِ الْمَدْرَسَةِ دَيْنًا لِيَصْرِفَهَا إلَى الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ احْتَاجُوا إلَيْهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا اجْتَمَعَ مِنْ غَلَّةِ أَرْضِ الْوَقْفِ فِي يَدِ الْقَيِّمِ فَظَهَرَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ يَحْتَاجُ إلَى الْإِصْلَاحِ وَالْعِمَارَةِ أَيْضًا وَيَخَافُ الْقَيِّمُ أَنَّهُ لَوْ صَرَفَ الْغَلَّةَ إلَى الْمَرَمَّةِ يَفُوتُهُ ذَلِكَ الْبِرُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي تَأْخِيرِ إصْلَاحِ الْأَرْضِ وَمَرَمَّتِهِ إلَى الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ يَخَافُ خَرَابَ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ الْغَلَّةَ إلَى ذَلِكَ الْبِرِّ وَيُؤَخِّرُ الْمَرَمَّةَ إلَى الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ فِي تَأْخِيرِ الْمَرَمَّةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ الْغَلَّةَ إلَى مَرَمَّتِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ يَصْرِفُهُ إلَى ذَلِكَ الْبِرِّ، وَالْمُرَادُ مِنْ وَجْهِ الْبِرِّ هَهُنَا وَجْهٌ فِيهِ تَصَدُّقٌ بِالْغَلَّةِ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْفُقَرَاءِ نَحْوِ فَكِّ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ إعَانَةِ الْغَازِي الْمُنْقَطِعِ، فَأَمَّا عِمَارَةُ مَسْجِدٍ وَرِبَاطٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلتَّمْلِيكِ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُ الْغَلَّةِ إلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ صَرَفَ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَهُنَاكَ عِمَارَةٌ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا، فَإِذَا ضَمِنَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قِيَاسًا عَلَى مُودِعِ الِابْنِ إذَا أَنْفَقَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي فَإِنَّهُمْ قَالُوا: يَضْمَنُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْأَبَوَيْنِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. حَانُوتٌ مِنْ الْوَقْفِ مَالَ عَلَى حَانُوتٍ لِرَجُلٍ وَمَالَ الثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ وَتَعَطَّلَتْ وَأَبَى الْقَيِّمُ أَنْ يُعَمِّرَ الْوَقْفَ قَالُوا: إنْ كَانَ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ يُمْكِنُ عِمَارَةُ الْحَانُوتِ بِتِلْكَ الْغَلَّةِ كَانَ لِصَاحِبَيْ الْحَانُوتَيْنِ أَنْ يَأْخُذَا الْقَيِّمَ بِإِقَامَةِ الْمَائِلِ وَرَدِّهِ إلَى مَوْضِعِهِ مِنْ الْوَقْفِ وَإِزَالَةِ الشَّاغِلِ عَنْ مِلْكِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ يُمْكِنُ عِمَارَةُ الْمَائِلِ بِتِلْكَ الْغَلَّةِ كَانَ لِلْمَالِكَيْنِ أَنْ يَرْفَعَا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَأْمُرَ الْقَاضِي الْقَيِّمَ بِالِاسْتِدَانَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مُتَوَلِّي وَقْفٍ بَنَى فِي عَرْصَةِ الْوَقْفِ فَهُوَ لِلْوَقْفِ إنْ بَنَاهُ

مِنْ مَالِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَنَوَاهُ لِلْوَقْفِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِنْ بَنَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ، وَالْأَجْنَبِيُّ إذَا بَنَى وَلَمْ يَنْوِ فَلَهُ ذَلِكَ وَكَذَا الْغَرْسُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ لَوْ أَنْفَقَ دَرَاهِمَ الْوَقْفَ فِي حَاجَتِهِ ثُمَّ أَنْفَقَ مِثْلَهَا فِي مَرَمَّةِ الْوَقْفِ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ. قَيِّمُ وَقْفٍ أَدْخَلَ جِذْعًا فِي دَارِ الْوَقْفِ لِيَرْفَعَ مِنْ غَلَّتِهَا لَهُ ذَلِكَ. الْمُتَوَلِّي لَوْ أَنْفَقَ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ مَالِهِ وَشَرَطَ الرُّجُوعَ لَهُ الرُّجُوعُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا قَالَ الْقَيِّمُ أَوْ الْمَالِكُ لِمُسْتَأْجِرِهَا: أَذِنْتُ لَك فِي عِمَارَتِهَا فَعَمَّرَهَا بِإِذْنِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْقَيِّمِ وَالْمَالِكِ وَهَذَا إذَا كَانَ يَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهِ إلَى الْمَالِكِ أَمَّا إذَا رَجَعَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَفِيهِ ضَرَرٌ بِالدَّارِ كَالْبَالُوعَةِ أَوْ شَغَلَ بَعْضَهَا كَالتَّنُّورِ فَلَا يَرْجِعُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي الْيَتِيمِيَّةِ سُئِلَ أَبُو الْفَضْلِ عَنْ الْوَقْفِ إذَا كَانَ رُبْعُ غَلَّتِهِ إلَى الْعِمَارَةِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا إلَى الْفُقَرَاءِ فَلَمْ تَحْتَجِ الْمَدْرَسَةُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ هَلْ يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ ذَلِكَ إلَى الْفُقَهَاءِ عَلَى وَجْهِ الدَّيْنِ وَيَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْ غَلَّتِهِمْ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهَا؟ فَقَالَ: لَا. سُئِلَ أَبُو حَامِدٍ فَأَجَابَ بِمِثْلِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ وَقَرْيَتِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْمَسَاكِينِ جَازَ يُحْصَوْنَ أَوْ لَا وَإِنْ أَرَادَ الْقَيِّمُ أَنْ يُفَضِّلَ الْبَعْضَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْوُجُوهِ إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ وَقَرْيَتِهِ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ أَوْ يُحْصَوْنَ أَوْ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ يُحْصَوْنَ وَالْآخَرُ لَا يُحْصَوْنَ فَفِي الْأَوَّلِ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَجْعَلَ نِصْفَ الْغَلَّةِ لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ وَنِصْفَهَا لِفُقَرَاءِ الْقَرْيَةِ ثُمَّ يُعْطِيَ مِنْ كُلِّ فَرِيقٍ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَيُفَضِّلَ الْبَعْضَ كَمَا يَشَاءُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الصَّدَقَةُ وَفِي الْحُكْمِ الصَّدَقَةُ كَذَلِكَ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَصْرِفُ الْغَلَّةَ إلَى الْفَرِيقَيْنِ بِعَدَدِهِمْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ الْبَعْضَ عَلَى الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الْوَصِيَّةُ، وَفِي الْوَصِيَّةِ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَفِي الثَّالِثِ يَجْعَلُ الْغَلَّةَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ أَوَّلًا فَيَصْرِفُ إلَى الَّذِينَ يُحْصَوْنَ بِعَدَدِهِمْ وَإِلَى الَّذِينَ لَا يُحْصَوْنَ سَهْمًا وَاحِدًا ثُمَّ يُعْطِي هَذَا السَّهْمَ مِنْ الَّذِينَ لَا يُحْصَوْنَ مَنْ شَاءَ وَيُفَضِّلُ الْبَعْضَ فِي هَذَا السَّهْمِ كَمَا بَيَّنَّا وَهَذَا التَّفْرِيغُ عَلَى قَوْلِهِمَا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَتَأَتَّى كَذَا فِي الْوَجِيزِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الْبَلْدَةِ فَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ أَعْطَى الْقَيِّمُ أَيَّهُمَا شَاءَ وَإِنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ قَسَّمَ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ عَلَى السَّوَاءِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَلَوْ صَرَفَ الْقَيِّمُ نَصِيبَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَى نَفْسِهِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ وَإِنْ شَاءَ أَتْبَعَ

شُرَكَاءَهُ فَإِنْ شَرَطَ لِكُلِّ وَاحِدٍ قُوتَهُ يُعْطَى مَا يُمْكِنُهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمَسْكَنِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْوَقْفُ ضَيْعَةً يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ قُوتَ كُلِّ سَنَةٍ وَفِي الْمُسْتَغَلَّاتِ قُوتَ كُلِّ شَهْرٍ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِذَا خَرِبَتْ أَرْضَ الْوَقْفِ وَأَرَادَ الْقَيِّمُ أَنْ يَبِيعَ بَعْضًا مِنْهَا لِيَرُمَّ الْبَاقِيَ بِثَمَنِ مَا بَاعَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ بَاعَ الْقَيِّمُ شَيْئًا مِنْ الْبِنَاءِ لَمْ يَنْهَدِمْ لِيُهْدَمَ أَوْ نَخْلَةً حَيَّةً لِتُقْطَعَ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ فَإِنْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ أَوْ صَرَمَ النَّخْلَ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَ الْقَيِّمَ عَنْ هَذَا الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ خَائِنًا ثُمَّ الْقَاضِي إنْ شَاءَ ضَمَّنَ قِيمَتَهُ ذَلِكَ الْبَائِعَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ فَإِنْ ضَمِنَ الْبَائِعُ نَفَذَ بَيْعُهُ وَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي يَبْطُلُ بَيْعُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَرْضُ وَقْفٍ خَافَ الْقَيِّمُ مِنْ وَارِثِ الْوَاقِفِ أَوْ مِنْ ظَالِمٍ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَيَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ كَذَا ذُكِرَ فِي النَّوَازِلِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَالْأَشْجَارُ الْمَوْقُوفَةُ إنْ كَانَتْ مُثْمِرَةً لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا إلَّا بَعْدَ الْقَلْعِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ غَيْرَ مُثْمِرَةٍ جَازَ بَيْعُهَا قَبْلَ الْقَلْعِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. أَمَّا بَيْعُ أَشْجَارِ الْوَقْفِ فَيُنْظَرُ إنْ كَانَتْ لَا تَنْتَقِصُ ثَمَرَةُ الْكَرْمِ بِظِلِّهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَنْتَقِصُ ثَمَرَةُ الْكَرْمِ بِظِلِّهَا يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ ثَمَرَةً تَزِيدُ عَلَى ثَمَرَةِ الْكَرْمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَقْطَعَهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَنْتَقِصُ عَنْ ثَمَرَةِ الْكَرْمِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَشْجَارًا غَيْرَ مُثْمِرَةٍ وَتَنْتَقِصُ ثَمَرَةُ الْكَرْمِ بِظِلِّهَا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَقْطَعَهَا وَإِنْ كَانَتْ أَشْجَارَ الدُّلْبِ وَالْخِلَافِ وَنَحْوِهِ جَازَ لَهُ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْغَلَّةِ وَالثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ وَالدُّلْبَ إذَا قُطِعَ يَنْبُتُ ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَكَذَا لَوْ بَاعَ وَرَقَ أَشْجَارِ التُّوتِ جَازَ فَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي قَطْعَ قَوَائِمِ هَذِهِ الْأَشْجَارِ يُمْنَعُ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُتَوَلِّي مِنْ مَنْعِ الْمُشْتَرِي عَنْ قَطْعِ الْقَوَائِمِ كَانَ ذَلِكَ خِيَانَةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. شَجَرَةُ جَوْزٍ فِي دَارِ وَقْفٍ فَخَرِبَتْ الدَّارُ لَمْ يَبِعْ الْقَيِّمُ الشَّجَرَةَ لِأَجْلِ عِمَارَةِ الْوَقْفِ، لَكِنْ يَكْرِي الدَّارَ وَيُعَمِّرُهَا وَيَسْتَعِينُ بِالْجَوْزِ عَلَى الْعِمَارَةِ لَا بِنَفْسِ الشَّجَرَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا اشْتَرَى بِمَالِ الْمَسْجِدِ حَانُوتًا أَوْ دَارًا ثُمَّ بَاعَهَا جَازَ إذَا كَانَتْ لَهُ وِلَايَةُ الشِّرَاءِ، هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى إنَّ مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا اشْتَرَى مِنْ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ دَارًا أَوْ حَانُوتًا فَهَذِهِ الدَّارُ وَهَذَا الْحَانُوتُ هَلْ تَلْتَحِقُ بِالْحَوَانِيتِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ؟ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ هَلْ تَصِيرُ وَقْفًا؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ

رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا تَلْتَحِقُ وَلَكِنْ تَصِيرُ مُسْتَغَلًّا لِلْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ اشْتَرَى بِغَلَّتِهِ ثَوْبًا وَدَفَعَهُ إلَى الْمَسَاكِينِ يَضْمَنُ مَا نَقَدَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ لِوُقُوعِ الشِّرَاءِ لَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْإِسْعَافِ. وَإِذَا وَقَفَ دَارِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالْقَيِّمُ يُؤَاجِرُهَا وَيَبْدَأُ مِنْ غَلَّتِهَا بِعِمَارَتِهَا وَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُسَكِّنَ فِيهَا أَحَدًا بِغَيْرِ أَجْرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ، انْهَدَمَ وَبُنِيَ ثَانِيًا فَسَاكِنُوهُ أَحَقُّ إلَّا أَنَّهُ إذَا انْهَدَمَ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ مَاتَ الْقَيِّمُ بَعْدَ مَا آجَرَ لَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ هُوَ الَّذِي آجَرَ ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ، الْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُلَ الْإِجَارَةُ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنْ لَا تُنْقَضَ الْإِجَارَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي فَتَاوَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ مُتَوَلٍّ آجَرَ الْوَقْفَ وَمَاتَ الْمُتَوَلِّي وَالْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَالزَّرْعُ لِوَرَثَةِ الْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي زَرَعَ بِبَذْرِهِ وَعَلَيْهِمْ مَا نَقَصَتْ الْأَرْضُ مِنْ الْمُزَارَعَةِ، وَيُصْرَفُ ذَلِكَ إلَى مَصَالِحِ الْأَرْضِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ وَيُصْرَفُ ذَلِكَ إلَى مَصَالِحِ أَرْضِ الْوَقْفِ دُونَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْحَصِيرِيِّ. وَالْقَاضِي إذَا آجَرَ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ ثُمَّ عُزِلَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. فَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ هُوَ الْمُتَوَلِّي أَيْضًا فَآجَرَ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تُنْتَقَضْ الْإِجَارَةُ وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ لَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ ثُمَّ مَا وَجَبَ مِنْ الْغَلَّةِ إلَى أَنْ مَاتَ هَذَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يُصْرَفُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ وَحِصَّةُ الْمَيِّتِ تُصْرَفُ إلَى وَارِثِهِ، وَمَا وَجَبَ مِنْ الْغَلَّةِ بَعْدَ مَوْتِ هَذَا فَهِيَ تَكُونُ لِمَنْ بَقِيَ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ بِمُدَّةٍ فَهِيَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ عُجِّلَتْ الْأُجْرَةُ وَاقْتَسَمَهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ الْقِيَاسُ أَنْ تُنْقَضَ الْقِسْمَةُ وَيَكُونُ لِلَّذِي مَاتَ حِصَّتُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ مِقْدَارَ مَا عَاشَ، وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ وَلَا نَنْقُضُ الْقِسْمَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ: إذَا آجَرَ دَارَ الْوَقْفِ سَنَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ مُضِيِّ ثُلُثِ سَنَةٍ وَمَاتَ الْآخَرُ بَعْدَ مُضِيِّ ثُلُثٍ آخَرَ مِنْ السَّنَةِ وَبَقِيَ الثَّالِثُ فَإِنَّ الثُّلُثَ الْأَوَّلَ مِنْ الْأُجْرَةِ بَيْنَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي وَبَيْنَ الْبَاقِي أَثْلَاثًا، وَالثُّلُثَ الثَّانِيَ بَيْنَ وَرَثَةِ الثَّانِي وَبَيْنَ الْبَاقِي نِصْفَيْنِ، وَالثُّلُثَ الثَّالِثَ كُلُّهُ لِلْبَاقِي

فَتُخَرَّجُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى إذَا مَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ وَصِيٍّ نَصَّبَهُ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَاجِرَهَا وَإِنْ كَانَ آجَرَهَا إجَارَةً فَاسِدَةً فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ مِثْلِهَا فِيمَا إذَا اسْتَعْمَلَهَا لَا يُزَادُ عَلَى مَا رَضِيَ بِهِ الْوَصِيُّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا آجَرَ دَارًا مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَالْمُخْتَارُ أَنْ يُقْضَى بِالْجَوَازِ فِي الضِّيَاعِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ وَفِي غَيْرِ الضِّيَاعِ يُقْضَى بِعَدَمِ الْجَوَازِ إذَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْجَوَازِ وَهَذَا شَيْءٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ وَالزَّمَانِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى وَكَذَلِكَ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتِي بِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَا يَنْبَغِي عَلَيْهِ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَوْ آجَرَ جَازَتْ الْإِجَارَةُ وَهَذَا قَرِيبٌ بِمَا هُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ يَدُلُّ عَلَى رُؤْيَةِ الْمَصْلَحَةِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَاجِرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهَا سَنَةً وَكَانَتْ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ أَضَرَّ عَلَى الْوَقْفِ وَأَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ فَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُخَالِفَ شَرْطَهُ وَيُؤَاجِرَهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إلَّا أَنَّهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُؤَاجِرَهَا الْقَاضِي أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ ذَكَرَ فِي صَكِّ الْوَقْفِ أَنْ لَا يُؤَاجِرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤَاجِرَهَا بِنَفْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إذَا رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْمُرَافَعَةِ إلَى الْقَاضِي هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي دَارِ مَوْضِعِ بَيْتِ وَقْفٍ وَلَا يَسْتَأْجِرُ لِغَلَّتِهِ إلَّا بِإِجَارَةٍ طَوِيلَةٍ إنْ كَانَ لَهُ مَسْلَكٌ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ لَا يُؤَاجِرُ بِالطَّوِيلَةِ وَإِلَّا يُؤَاجِرْ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ. وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْوَقْفِ إلَّا بِأَجْرِ الْمِثْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ اسْتَأْجَرَ حَانُوتَ وَقْفٍ بِأَجْرِ مِثْلٍ فَجَاءَ آخَرُ وَزَادَ الْأُجْرَةَ لَمْ تُفْسَخْ الْأُولَى كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ ثَلَاثَ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ هِيَ أَجْرُ الْمِثْلِ حَتَّى جَازَتْ الْإِجَارَةُ فَرَخُصَتْ أُجْرَتُهَا لَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْكُبْرَى رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ ثَلَاثَ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ هِيَ أَجْرُ الْمِثْلِ، فَلَمَّا دَخَلَتْ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ كَثُرَتْ الرَّغَبَاتُ وَازْدَادَتْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ لِنُقْصَانِ أَجْرِ الْمِثْلِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. حَانُوتٌ

لِرَجُلٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَأَبَى صَاحِبُهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ بِحَالٍ لَوْ رُفِعَتْ يَسْتَأْجِرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَأْجِرُهُ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِرَفْعِ الْعِمَارَةِ وَإِلَّا فَيَتْرُكُ فِي يَدِهِ بِذَلِكَ الْأَجْرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. اسْتَأْجَرَ عَرْصَةً مَوْقُوفَةً مِنْ الْمُتَوَلِّي مُدَّةً بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَبَنَى عَلَيْهَا بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي فَلَمَّا مَضَتْ الْمُدَّةُ زَادَ آخَرُ عَلَى أُجْرَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِلْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ فَرَضِيَ صَاحِبُ السُّكْنَى بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ هَلْ هُوَ أَوْلَى؟ أُجِيبُ بِأَنَّهُ نَعَمْ أَوْلَى، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فِي وَقْفِ الْخَصَّافِ الْوَاقِفُ إذَا آجَرَ الْوَقْفَ إجَارَةً طَوِيلَةً إنْ كَانَ يَخَافُ عَلَى رَقَبَتِهَا التَّلَفَ بِسَبَبِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُبْطِلَ الْإِجَارَةَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ خَانٌ أَوْ رِبَاطُ سَبِيلٍ أَرَادَ أَنْ يَخْرُبَ، يُؤَجِّرُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ فَإِذَا صَارَ مَعْمُورًا لَا يُؤَاجِرُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا خَرِبَ الْوَقْفُ وَعَجَزَ الْمُتَوَلِّي عَنْ عِمَارَتِهِ أَجَّرَهَا الْقَاضِي وَعَمَّرَهَا مِنْ أُجْرَتِهِ، فَإِذَا صَارَ مَعْمُورًا يَرُدُّهَا إلَى الْمُتَوَلِّي، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُتَوَلِّي أَجِيرًا بِدِرْهَمٍ وَدَانِقٍ وَأَجْرُ مِثْلِهِ دِرْهَمٌ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ وَنَقْدُ الْأُجْرَةِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ يَضْمَنُ جَمِيعَ مَا نَقَدَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا تَجُوزُ إعَارَةُ الْوَقْفِ وَالْإِسْكَانُ فِيهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا أَسْكَنَ رَجُلًا بِغَيْرِ أُجْرَةٍ ذَكَرَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى السَّاكِنِ وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ عَلَيْهِ أَجْرَ الْمِثْلِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ لَمْ تَكُنْ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَكَذَا قَالُوا فِيمَنْ سَكَنَ دَارَ الْوَقْفِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَيِّمِ: كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. الْمُتَوَلِّي إذَا رَهَنَ الْوَقْفَ بِدَيْنٍ لَا يَصِحُّ، وَكَذَا إذَا رَهَنُوا وَقْفَ الْمَسْجِدِ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَلَوْ سَكَنَ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ مُعَدَّةً كَانَتْ لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ لَمْ تَكُنْ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا بَاعَ مَنْزِلًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمَسْجِدِ فَسَكَنَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عُزِلَ هَذَا الْمُتَوَلِّي وَوَلِيَ غَيْرُهُ فَادَّعَى الثَّانِي الْمَنْزِلَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَبْطَلَ الْقَاضِي بَيْعَ الْمُتَوَلِّي وَسَلَّمَ الدَّارَ إلَى الْمُتَوَلِّي الثَّانِي فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَجْرُ الْمِثْلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ آجَرَ الْقَيِّمُ الدَّارَ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ حَتَّى لَمْ تَجُزْ فَسَكَنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ، كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ

الْمُتَأَخِّرُونَ وَكَذَا إذَا آجَرَهُ إجَارَةً فَاسِدَةً، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِذَا آجَرَ الْقَائِمُ بِأَمْرِ الْوَقْفِ إجَارَةً صَحِيحَةً فَغَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ سَقَطَ الْأَجْرُ فَإِنْ قَبَضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَلَمْ يَزْرَعْهَا فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فَقَبَضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ لَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ أَوْ لَمْ يَسْكُنْ الدَّارَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَفْتَى بَعْضُ الْمَشَايِخِ بِوُجُوبِ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي الْوَقْفِ بِغَيْرِ عَقْدٍ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْمُتَوَلِّي لَوْ آجَرَ دَارَ الْوَقْفِ مِنْ ابْنِهِ الْبَالِغِ أَوْ أَبِيهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَكَذَا مُتَوَلٍّ آجَرَ مِنْ نَفْسِهِ لَوْ خَيْرًا صَحَّ وَإِلَّا لَا وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ آجَرَ الْقَيِّمُ دَارَ الْوَقْفِ بِعَرَضٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: إنَّمَا يَجُوزُ فِي الْوَقْفِ مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ ثَمَنًا وَأُجْرَةً مِنْ الْعَرُوضِ فِي الْبِيَاعَاتِ وَالْإِجَارَاتِ، مِثْلُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ فَأَمَّا الْعَبِيدُ وَالثِّيَابُ وَنَحْوُهَا فَلَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ ثُمَّ إذَا جَازَتْ إجَارَةُ الْوَقْفِ بِالْعَرَضِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ فَالْقَيِّمُ يَبِيعُ الْعَرَضَ الَّذِي هُوَ أَجْرُهُ وَيَجْعَلُ ثَمَنَهُ فِي سَبِيلِ الْوَقْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلِلْقَائِمِ بِأَمْرِ الْوَقْفِ أَنْ يَزْرَعَهَا بِنَفْسِهِ وَيَسْتَأْجِرَ فِيهَا الْأُجَرَاءَ وَيُؤَدِّيَ الْأَجْرَ مِنْ الْغَلَّةِ كَذَا فِي الْحَاوِي إذَا آجَرَ الْقَيِّمُ الْوَقْفَ وَشَرَطَ الْمَرَمَّةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً وَيَأْمُرَهُ أَنْ يَصْرِفَهَا فِي الْمَرَمَّةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا يَجُوزُ لِمُسْتَأْجِرِ السَّبِيلِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ غُرْفَةً لِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ فِي الْأُجْرَةِ وَلَا يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَ مُعَطَّلًا غَالِبًا وَلَا يَرْغَبُ الْمُسْتَأْجِرُ إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَازَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فِي الْأُجْرَةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَآجَرَ الْمُتَوَلِّي الدَّارَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ جَازَتْ الْإِجَارَةُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ إلَّا أَنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا فَقِيرٌ يَسْكُنُ فِي الْوَقْفِ لِلْفُقَرَاءِ بِأَجْرٍ فَتَرَكَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِحِسَابِ مَالِهِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ مَحْفُوظَةٌ عَنْ عُلَمَائِنَا أَنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَتَرَكَ عَلَيْهِ خَرَاجُ أَرْضِهِ لِمَكَانِ حَقِّهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ يَجُوزُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إذَا آجَرَ الْوَقْفَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ كُلُّ الْأَجْرِ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ مُحْتَاجًا إلَى الْعِمَارَةِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَرِيكٌ فِي الْوَقْفِ كَانَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ الدُّورَ وَالْحَوَانِيتَ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ أَرْضًا أَنْ كَانَ

الْوَاقِفُ شَرَطَ الْبِدَايَةِ بِالْخَرَاجِ وَالْعُشْرِ وَجَعَلَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَا فَضَلَ مِنْ الْعِمَارَةِ وَالْمُؤْنَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَاجِرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ بِدَايَةً الْخَرَاجَ وَالْمُؤَنَ يَجِبُ أَنْ تَجُوزَ إجَارَتُهُ وَيَكُونُ الْخَرَاجُ وَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَتَهَايُؤَا وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ يَزْرَعُهَا لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ عُشْرِيَّةً جَازَتْ مُهَايَأَتُهُمْ وَإِنْ كَانَتْ خَرَاجِيَّةً لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: وَقَدْ احْتَالَ بَعْضُ الصَّكَّاكِينَ فِي زَمَانِنَا فِي الصُّكُوكِ فِي إجَارَةِ الْوَقْفِ لَمَّا كَانَتْ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ إجَارَةَ الْوَقْفِ لَا تَجُوزُ فِي السِّنِينَ الْكَثِيرَةِ فَذَكَرُوا فِي الصَّكِّ أَنَّ الْوَاقِفَ وَكَّلَ فُلَانًا بِإِجَارَةِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ مِنْ فُلَانٍ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا وَمَتَى أَخْرَجَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ فَهُوَ وَكِيلُهُ وَأَرَادُوا بِذَلِكَ بَقَاءَ الْوَقْفِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إلَّا أَنَّا نُبْطِلُ هَذِهِ الْوَكَالَةَ فِي الْوَقْفِ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَجُوزَ تَحَرِّيًا مِنَّا صَلَاحَ الْوَقْفِ كَمَا نُبْطِلُ الْإِجَارَةَ الطَّوِيلَةَ، وَلَمَّا جَازَ الْوَكَالَةُ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ يَجُوزُ إبْطَالُ هَذِهِ الْعُقُودِ الْمُخْتَلِفَةِ أَيْضًا صِيَانَةً لِلْوَقْفِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مَوْقُوفَةً وَبَنَى حَانُوتًا وَسَكَنَهَا فَأَرَادَ غَيْرُهُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْغَلَّةِ وَيُخْرِجَهُ مِنْ الْحَانُوتِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ آجَرَهُ مُشَاهَرَةً، فَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ كَانَ لِلْقَيِّمِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فَبَعْدَ ذَلِكَ رَفْعُ الْبِنَاءِ إنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْوَقْفِ فَلِلِبَانِي رَفْعُهُ وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ لَيْسَ لَهُ رَفْعُهُ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ الْقَيِّمُ بِقِيمَتِهِ مَبْنِيًّا أَوْ مَنْزُوعًا أَيُّهُمَا كَانَ أَقَلَّ فَبِهَا وَإِلَّا فَلِيَتْرُكْ إلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مِلْكُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْبِنَاءُ مِنْ الْبَانِي بِغَيْرِ إذْنِ الْمُتَوَلِّي فَأَمَّا إذَا كَانَ الْبِنَاءُ بِأَمْرِ الْمُتَوَلِّي كَانَ الْبِنَاءُ لِلْوَقْفِ وَيَرْجِعُ الْبَانِي عَلَى الْمُتَوَلِّي بِمَا أَنْفَقَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَذُكِرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَنْ أَرْضِ وَقْفٍ عَلَيْهَا بِنَاءٌ مَمْلُوكٌ وَكَانَ صَاحِبُ السُّكْنَى قَدْ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَهِيَ أَجْرُ مِثْلِهَا يَوْمئِذٍ وَبَعْدَ زَمَانٍ تَبَدَّلَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ وَالْمُتَوَلِّي وَيُرِيدُ صَاحِبُ الْبِنَاءِ أَنْ يُؤَدِّيَ مِثْلَ تِلْكَ الْأُجْرَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْمَاضِي، وَالْمُتَوَلِّي الْجَدِيدُ لَا يَرْضَى إلَّا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ الْآنَ هَلْ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ،

قَالَ: نَعَمْ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا آجَرَ دَارَ الْوَقْفِ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْتَالَ بِالْغَلَّةِ عَلَى مَدْيُونِ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ مَلِيًّا وَإِنْ أَخَذَ كَفِيلًا بِالْأَجْرِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي آخِرِ إجَارَاتِ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ الْمُتَوَلِّي إذَا بَاعَ الْأَشْجَارَ الَّتِي فِي أَرْضِ الْوَقْفِ ثُمَّ آجَرَ مِنْهُ الْأَرْضَ فَإِنْ بَاعَ الْأَشْجَارَ بِعُرُوقِهَا دُونَ الْأَرْضِ يَجُوزُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْإِجَارَةُ طَوِيلَةً وَإِنْ بَاعَ الْأَشْجَارَ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَ الْأَشْجَارَ مِنْهُ مُعَامَلَةَ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ آجَرَ الْأَرْضَ مِنْهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْمُعَامَلَةُ جَائِزَةٌ، فَجَازَتْ الْإِجَارَةُ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَبِيعَ الْأَشْجَارَ بِعُرُوقِهَا ثُمَّ يَكُونُ يُؤَاجِرُ الْأَرْضَ لِيَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلِلْقَائِمِ بِأَمْرِ الْوَقْفِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأُجَرَاءَ فِي عَمَلِهَا وَحَفْرِ سَوَاقِيهَا وَسَائِرِ مَا يَرْجِعُ إلَى مَصَالِحِهَا إذَا كَانَتْ تَحْتَاجُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا دَفَعَ أَرْضَ الْوَقْفِ مُزَارَعَةً يَجُوزُ إذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ مُحَابَاةٌ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ مَا فِيهَا مِنْ النَّخِيلِ مُعَامَلَةً يَجُوزُ، فَإِنْ مَاتَ الْقَيِّمُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ لَا تَبْطُلُ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ وَإِنْ مَاتَ الْمُزَارِعُ وَالْمُعَامِلُ فَإِنَّ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُعَامَلَةَ تَبْطُلَانِ وَإِنْ دَفَعَ الْقَيِّمُ أَرْضَ الْوَقْفِ مُزَارَعَةً سِنِينَ مَعْلُومَةً فَهُوَ جَائِزٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَنْفَعَ وَأَصْلَحَ فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ فَقَدْ جُوِّزَتْ الْمُزَارَعَةُ سِنِينَ مَعْلُومَةً مِنْ غَيْرِ التَّقْدِيرِ بِالثَّلَاثِ وَأَنَّهُ صَحِيحٌ فَالْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ اسْتَحْسَنَ الْمَشَايِخُ أَنْ لَا تَجُوزَ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ عَلَى الْوَقْفِ، وَهُوَ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى إبْطَالِ الْوَقْفِ عَسَى لَا يَتَأَتَّى فِي الْمُزَارَعَةِ وَإِذَا دَفَعَ أَرْضَ الْوَقْفِ مُزَارَعَةً أَوْ دَفَعَ نَخِيلَ الْوَقْفِ مُعَامَلَةً وَلَا حَظَّ فِيهِ لِلْوَقْفِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْوَقْفِ وَيَصِيرُ غَاصِبًا لِلْأَرْضِ، فَإِنْ سَلِمَتْ الْأَرْضُ مِنْ النُّقْصَانِ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ نَقَصَتْ فَالضَّمَانُ وَاجِبٌ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الدَّافِعِ وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْآخِذِ وَلَا شَيْءَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ أَمَّا الثِّمَارُ فَهِيَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَلَا شَيْءَ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ مِنْ الثِّمَارِ إنَّمَا حَقُّهُ فِي أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ عَلَى الدَّافِعِ فِي مَالِهِ خَاصَّةً، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآخِذِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَرْضُ وَقْفٍ بِنَاحِيَةٍ اسْتَأْجَرَهَا رَجُلٌ مِنْ حَاكِمِهَا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ فَزَرَعَهَا فَلَمَّا حَصَلَتْ الْغَلَّةُ طَلَبَ الْمُتَوَلِّي مِنْ الْحِصَّةِ الْغَلَّةَ كَمَا جَرَى الْعُرْفُ فِي الْمُزَارَعَةِ

عَلَى النِّصْفِ أَوْ عَلَى الثُّلُثِ وَقَالَ الرَّجُلُ: عَلَى الْأَجْرِ، كَانَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَأْخُذَ الْحِصَّةَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ: أَرْضُ الْوَقْفِ إذَا كَانَتْ عُشْرِيَّةً دَفَعَهَا الْقَيِّمُ مُزَارَعَةً أَوْ مُعَامَلَةً فَعُشْرُ جَمِيعِ الْخَارِجِ فِي نَصِيبِ الدَّافِعِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ عِنْدَهُ فِي الْإِجَارَةِ بِالدَّرَاهِمِ الْعُشْرُ عَلَى الْأَجْرِ كَالْخَرَاجِ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ فِي الْخَارِجِ، فَكَذَلِكَ فِي الْمُزَارَعَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَقْفِهِ: إذَا اسْتَرَمَّتْ الصَّدَقَةُ وَلَيْسَ فِي يَدِ الْقَيِّمِ مَا يَرُمُّهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَيْهَا وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقِيَاسَ هَكَذَا لَكِنْ يُتْرَكُ الْقِيَاسُ فِيمَا فِيهِ ضَرُورَةٌ، نَحْوُ أَنْ يَكُونَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ زَرْعٌ يَأْكُلُهُ الْجَرَادُ وَيَحْتَاجُ الْقَيِّمُ إلَى النَّفَقَةِ أَوْ طَالَبَهُ السُّلْطَانُ بِالْخَرَاجِ جَازَتْ لَهُ الِاسْتِدَانَةُ، وَالْأَحْوَطُ فِي هَذِهِ الضَّرُورِيَّاتِ أَنْ يَسْتَدِينَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُهُ الْحُضُورُ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَدِينَ بِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ غَلَّةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ فَفَرَّقَ الْقَيِّمُ الْغَلَّةَ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُمْسِكْ لِلْخَرَاجِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ الْخَرَاجِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَيِّمُ وَقْفٍ طُلِبَ مِنْهُ الْخَرَاجُ وَالْجِبَايَاتُ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَدِينَ قَالَ: إنْ أَمَرَ الْوَاقِفُ بِالِاسْتِدَانَةِ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْهُ يَرْفَعُ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَأْمُرَ بِالِاسْتِدَانَةِ كَذَا قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ يَرْجِعُ فِي الْغَلَّةِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَالْعِمَارَةُ لَا بُدَّ مِنْهَا فَيَسْتَدِينُ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَأَمَّا غَيْرُ الْعِمَارَةِ فَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ لَا تَجُوزُ الِاسْتِدَانَةُ وَلَوْ بِإِذْنِ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ اسْتَدَانَ عَلَى الْوَقْفِ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ فِي ثَمَنِ الْبَذْرِ بِأَمْرِ الْقَاضِي يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ فَعَلَ لَا بِأَمْرِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ الْمُتَوَلِّي إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْوَقْفِ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ فِي ثَمَنِ الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي يَمْلِكُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَتَفْسِيرُ الِاسْتِدَانَةِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَرْضِ وَالِاسْتِدَانَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فَأَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِإِصْلَاحِ الْوَقْفِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَرْضٌ مَوْقُوفَةٌ فِي يَدَيْ أَكَّارٍ وَكَانَ فِيهَا قُطْنٌ فَسُرِقَ الْقُطْنَ

فَوَجَدَهُ الْأَكَّارُ فِي مَنْزِلِ رَجُلٍ فَأَخَذَ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ وَخَاصَمَهُ فَقَالَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ: ضَمِنْتُ لَك أَنْ أُعْطِيَك مِائَةً مَنٍّ مِنْ الْقُطْنِ أَيَحِلُّ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْهُ؟ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ يُعْطِي خَوْفًا مِنْ هَتْكِ السِّتْرِ، أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهُ سَرَقَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ، أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ سَرَقَ لَكِنْ أَقَلَّ مِمَّا يُعْطَى. فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي جَازَ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ لَا يَجُوزُ إلَّا مِقْدَارُ مَا يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ سُرِقَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَكَّارٌ أَكَلَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَصَالَحَهُ الْمُتَوَلِّي عَلَى شَيْءٍ إنْ وَجَدَ الْمُتَوَلِّي بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى أَوْ كَانَ الْأَكَّارُ مُقِرٌّ لَا يَمْلِكُ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَحُطَّ شَيْئًا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْأَكَّارُ غَنِيًّا وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا جَازَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَا عَلَى الْأَكَّارِ غَبْنًا فَاحِشًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا جَعَلَ الْوَاقِفُ لِلْقَائِمِ بِأَمْرِ الْوَقْفِ مَالًا مَعْلُومًا كُلَّ سَنَةٍ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ الْوَقْفِ جَازَ وَيُكَلَّفُ الْقَائِمُ مَا يَفْعَلُهُ مِثْلَهُ وَجَاءَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ عِمَارَةِ الْوَقْفِ وَاسْتِغْلَالِهِ وَرَفْعِ غَلَّاتِهِ وَتَفْرِيقِهَا فِي وُجُوهِ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَصِّرَ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا كَانَ يَفْعَلُهُ الْوُكَلَاءُ أَوْ الْأُجَرَاءُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ حَتَّى وَلَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ إلَى امْرَأَةٍ وَجَعَلَ لَهَا أَجْرًا مَعْلُومًا مَالًا تُكَلَّفُ الْأَمْثَلُ مَا تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ عُرْفًا. وَلَوْ نَازَعَ أَهْلُ الْوَقْفِ الْقَيِّمَ وَقَالُوا لِلْحَاكِمِ: إنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا جَعَلَ هَذَا فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ وَلَا يَعْمَلُ شَيْئًا لَا يُكَلِّفُهُ الْحَاكِمُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا تَفْعَلُهُ الْوُلَاةُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. . وَإِنْ حَدَثَ لِلْمُتَوَلِّي أَفَّةٌ مِثْلُ الْجُنُونِ أَوْ الْعَمَى أَوْ الْخَرَسِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ مَعَ ذَلِكَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ فَالْأَجْرُ قَائِمٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ شَيْءٌ، فَإِنْ طَعَنَ فِي الْوَالِي طَاعِنٌ لَمْ يُخْرِجْهُ الْقَاضِي مِنْ الْوِلَايَةِ إلَّا بِخِيَانَةٍ ظَاهِرَةٍ فَإِنْ أَخْرَجَهُ قَطَعَ عَنْهُ الْأَجْرَ الَّذِي جَعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ لِقِيَامِهِ، وَإِنْ صَلُحَ مَنْ أَخْرَجَهُ الْقَاضِي رَدَّ عَلَيْهِ وِلَايَةَ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ رَأَى أَنْ يُدْخِلَ آخَرَ وَيَكُونَ بَعْضُ هَذَا الْمَالِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَالُ الَّذِي سَمَّى قَلِيلًا ضَيِّقًا فَرَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَجْعَلَ لِلرَّجُلِ الَّذِي أُدْخِلَ مَعَهُ رِزْقًا مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَ لَهُ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ مَالًا مَعْلُومًا فِي كُلِّ سَنَةٍ وَكَانَ الْمَالُ الَّذِي سَمَّاهُ الْوَاقِفُ لِهَذَا الرَّجُلِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ عَلَى الْقِيَامِ بِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى أَجْرِ مِثْلِهِ وَلِلنَّاظِرِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقُومُ بِمَا كَانَ إلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ وَيَجْعَلَ

لَهُ مَنْ جَعَلَهُ شَيْئًا وَأَنْ يَسْتَبْدِلَهُ بِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا جَعَلَ الْوَاقِفُ لِقَيِّمٍ بِأَمْرِ الْوَقْفِ مَالًا فَنَصَّبَ الْقَيِّمُ قَيِّمًا وَجَعَلَ ذَلِكَ الْمَالَ لَهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ جَعَلَ ذَلِكَ إلَيْهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ وَكَّلَ هَذَا الْقَيِّمُ وَكِيلًا فِي الْوَقْفِ أَوْ أَوْصَى بِهِ إلَى رَجُلٍ وَجَعَلَ لَهُ كُلَّ الْمَعْلُومِ أَوْ بَعْضَهُ ثُمَّ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا يَبْطُلُ تَوْكِيلُهُ وَوَصِيَّتُهُ وَمَا جَعَلَ لِلْوَصِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ مِنْ الْمَالِ يَرْجِعُ إلَى غَلَّةِ الْوَقْفِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ عَيَّنَهُ لِجِهَةٍ أُخْرَى عِنْدَ انْقِطَاعِهِ عَنْ الْقَيِّمِ فَيُنْفَقُ فِيهَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْإِسْعَافِ وَيُرْجَعُ إلَى الْقَاضِي فِي النَّصْبِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْجُنُونُ الْمُطْبِقُ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ زَالَ عَقْلُهُ سَنَةً وَعَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ عَقْلُهُ وَصَحَّ يَعُودُ إلَى مَا كَانَ مِنْ الْقِيَامِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ صَحَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ هَذَا الْقَيِّمَ لَا يَصْلُحُ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ فَأَخْرَجَهُ وَجَعَلَ مَكَانَهُ آخَرَ، ثُمَّ جَاءَ حَاكِمٌ آخَرُ فَادَّعَى أَنَّ الْحَاكِمَ الَّذِي كَانَ قَبْلَك إنَّمَا أَخْرَجَنِي مِنْ الْقِيَامِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِحَّ عَلَيَّ عِنْدَهُ شَيْءٌ أَسْتَحِقُّ بِهِ إخْرَاجِي عَنْ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا دَعْوَاهُ وَلَكِنْ يَقُولُ لَهُ: صَحِيحٌ عِنْدِي أَنَّك مَوْضِعٌ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ حَتَّى أَرُدّكَ إلَى الْقِيَامِ بِذَلِكَ، فَإِنْ صَحَّ عِنْدَ هَذَا الْحَاكِمِ أَنَّهُ مَوْضِعٌ لِذَلِكَ رَدَّهُ وَأَجْرَى ذَلِكَ الْمَالَ لَهُ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَهُ لِفِسْقٍ وَخِيَانَةٍ فَبَعْدَ مُدَّةٍ تَابَ إلَى اللَّهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ صَارَ أَهْلًا لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعِيدُهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ أَخْرَجَ هَذَا الْقَيِّمَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَأَقَامَ غَيْرَهُ مَقَامَهُ فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُجْرِيَ لِهَذَا الرَّجُلِ شَيْئًا بِالْمَعْرُوفِ وَيَرُدَّ الْبَاقِيَ إلَى غَلَّةِ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ قَالَ الْوَاقِفُ: يَجْرِي لِلْقَيِّمِ هَذَا الْمُسَمَّى، وَإِنْ أَخْرَجَهُ الْقَاضِي مِنْ الْوَقْفِ أَوْ قَالَ: يَجْرِي عَلَى ذَلِكَ لِأَوْلَادِهِ وَلِأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ إذَا مَاتَ صَحَّ الشَّرْطُ كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى مَوَالِيهِ وَقْفًا صَحِيحًا فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَجَعَلَ الْقَاضِي الْوَقْفَ فِي يَدِ قَيِّمٍ وَجَعَلَ لِلْقَيِّمِ عُشْرَ الْغَلَّاتِ وَفِي الْوَقْفِ طَاحُونَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ بِالْمُقَاطَعَةِ لَا حَاجَةَ فِيهَا إلَى الْقَيِّمِ، وَأَصْحَابُ هَذِهِ الطَّاحُونَةِ يَقْبِضُونَ غَلَّتَهَا لَا يَجِبُ لِلْقَيِّمِ عُشْرُ غَلَّةِ هَذِهِ الطَّاحُونَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. عُزِلَ الْقَاضِي فَادَّعَى الْقَيِّمُ أَنَّهُ قَدْ أَجْرَى لَهُ كَذَا مُشَاهِرَةً أَوْ مُسَانَهَةً فَصَدَّقَهُ الْمَعْزُولُ فِيهِ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ إنْ كَانَ مَا عَيَّنَهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ أَوْ دُونَهُ

فصل كيفية قسمة الغلة وفيما إذا أقبل البعض دون البعض أو مات البعض

يُعْطِيهِ الثَّانِيَ وَإِلَّا يَحُطَّ الزِّيَادَةَ وَيُعْطِيهِ الْبَاقِيَ الْقَيِّمُ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ مِثْلِ سَعْيِهِ سَوَاءٌ شَرَطَ الْقَاضِي أَوْ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَجْرًا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْقِوَامَةَ ظَاهِرًا إلَّا بِأَجْرٍ وَالْمَعْهُودُ كَالْمَشْرُوطِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي لِيَعْزِلَهُ وَيُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَهُ هَلْ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مُتَوَلِّيًا؟ قَالَ نَجْمُ الدِّينِ: لَا. وَإِنْ امْتَنَعَ عَنْ تَقَاضِي مَا عَلَى الْمُتَقَبَّلِينَ زَمَانًا هَلْ يَأْثَمُ بِذَلِكَ؟ قَالَ نَجْمُ الدِّينِ: فَإِنْ هَرَبَ بَعْضُ الْمُتَقَبَّلِينَ بَعْدَ مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مَالٌ كَثِيرٌ بِحَقِّ الْقَبَالَةِ هَلْ يَضْمَنُ الْمُتَوَلِّي؟ قَالَ نَجْمُ الدِّينِ: لَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا أَخَذَ الْغَلَّةَ وَمَاتَ فَلَمْ يُبَيِّنْ مَا صَنَعَ لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. [فَصْلٌ كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الْغَلَّةِ وَفِيمَا إذَا أَقْبَلَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ أَوْ مَاتَ الْبَعْضُ] (فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الْغَلَّةِ وَفِيمَا إذَا أَقْبَلَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ أَوْ مَاتَ الْبَعْضُ وَالْبَعْضُ حَيٌّ) وَلَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَزَيْدٍ فَالْغَلَّةُ لَهُمَا، وَلَوْ مَاتَا كَانَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْفُقَرَاءِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَانَ النِّصْفُ لِلْفُقَرَاءِ، وَإِنْ سَمَّى جَمَاعَةٌ قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ فَحِصَّتُهُ لِلْفُقَرَاءِ وَمَا بَقِيَ مِنْهُمْ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ وَلَمْ يُسَمِّ عَدَدًا فَمَا بَقِيَ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ أَحَدٌ لَمْ يَكُنْ لِلْفُقَرَاءِ شَيْءٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ سَمَّى زَيْدًا أَوْ عَمْرًا وَجَعَلَ النِّصْفَ لِزَيْدٍ وَالثُّلُثَيْنِ لِعَمْرٍو وَسَكَتَ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى سَبْعَةٍ عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ لِزَيْدٍ ثَلَاثَةٌ وَلِعَمْرٍو أَرْبَعَةٌ. وَلَوْ قَالَ: لِزَيْدٍ النِّصْفُ وَلِعَمْرٍو الثُّلُثُ. وَسَكَتَ يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مَا سَمَّى وَالْبَاقِي نِصْفَيْنِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلِعَمْرٍو مِنْهَا الثُّلُثُ، أَوْ قَالَ: لِعَمْرٍو مِنْهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ فَلِعَمْرٍو مَا سَمَّى وَالْبَاقِي لِمَنْ سَكَتَ عَنْهُ وَهَكَذَا السَّبِيلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُسَمِّيهِ يُعْطَى صَاحِبُ التَّسْمِيَةِ مَا سَمَّى لَهُ وَالْبَاقِي لِلَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ، فَإِنْ قَالَ: لِزَيْدٍ مِنْهَا مِائَةٌ وَلِعَمْرٍو مِنْهَا مِائَتَانِ. فَنَقَصَتْ الْغَلَّةُ قُسِّمَ الْحَاصِلُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، فَإِنْ زَادَتْ الْغَلَّةُ عَلَى الْمُسَمَّى كَانَ الزَّائِدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ لَا عَلَى الْمُسَمَّى، فَإِنْ قَالَ: هِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِزَيْدٍ مِنْهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَلِعَمْرٍو مِائَتَانِ أُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا سُمِّيَ لَهُ وَالْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنَّ لِزَيْدٍ مِائَةً وَلِعَمْرٍو مَا بَقِيَ، فَلَمْ تَكُنْ الْغَلَّةُ إلَّا

مِائَةً لَمْ يَكُنْ لِعَمْرٍو شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: لِزَيْدٍ مِائَةٌ. وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا لِعَمْرٍو فَإِذَا الْغَلَّةُ مِائَةٌ فَلَا شَيْءَ لِعَمْرٍو. وَلَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ نِصْفُهَا وَلِزَيْدٍ مِنْهَا مِائَةٌ يُعْطَى عَبْدُ اللَّهِ نِصْفَهَا وَيُعْطَى زَيْدٌ مِنْ النِّصْفِ الْبَاقِي مِائَةً وَالْفَضْلُ لِلْفُقَرَاءِ. وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْغَلَّةُ إلَّا مِائَةً فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لِزَيْدٍ وَلَا شَيْءَ لِعَبْدِ اللَّهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْغَلَّةُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَلِعَبْدِ اللَّهِ مِائَةٌ وَلِزَيْدٍ مِائَةٌ وَلَا شَيْءَ لِلْفُقَرَاءِ، وَلَوْ كَانَتْ الْغَلَّةُ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَلِزَيْدٍ مِائَةٌ وَمَا بَقِيَ فَلِعَبْدِ اللَّهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِي يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ مَا يَكْفِيهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَتَحَاصُّونَ فِي ذَلِكَ يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِمَا يَكْفِيهِ وَإِنْ وَفَّتْ الْغَلَّةُ بِكِفَايَتِهِمْ يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كِفَايَتَهُ وَإِنْ نَقَصَتْ يَتَضَارَبُونَ بِذَلِكَ وَإِنْ فَضَلَتْ الْغَلَّةُ عَلَى الْكِفَايَةِ كَانَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَلَّاتِهَا أُعْطِيَ مِنْ ذَلِكَ كُلُّ فَقِيرٍ مِنْ قَرَابَتِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا يَكْفِيهِ مِنْ طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَفَضَلَتْ الْغَلَّةُ عَلَى ذَلِكَ فَالْفَضْلُ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ، فَمَا يَخْرُجُ مِنْ غَلَّتِهَا فَلِزَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِعَبْدِ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ فَخَرَجَ مِنْ غَلَّتِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ وَالْبَاقِي لِزَيْدٍ، فَإِنْ خَرَجَتْ خَمْسُمِائَةٍ قُسِّمَتْ الْخَمْسُمِائَةِ بَيْنَهُمْ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ، وَلَوْ قَالَ: مَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَلَّاتِهَا يَخْرُجُ مِنْهَا كُلَّ سَنَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ يُعْطَى مِنْهَا عَبْدُ اللَّهِ مِائَةً وَلِزَيْدٍ مَا بَقِيَ فَنَقَصَتْ الْغَلَّةُ عَنْ أَلْفٍ يُبْدَأُ بِعَبْدِ اللَّهِ فَيُعْطَى مِنْهَا مِائَةٌ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِزَيْدٍ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لِزَيْدٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ قَالَ: لِعَبْدِ اللَّهِ وَلِلْمَسَاكِينِ فَنِصْفٌ لِعَبْدِ اللَّهِ وَنِصْفٌ لِلْمَسَاكِينِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ، فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَلَّتِهَا فَهِيَ لِعَبْدِ اللَّهِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: النِّصْفُ لِعَبْدِ اللَّه وَالنِّصْفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فَثُلُثُ الْغَلَّةِ لِعَبْدِ اللَّهِ وَالثُّلُثُ لِلْفُقَرَاءِ وَالثُّلُثُ لِلْمَسَاكِينِ. وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فَالْغَلَّةُ تَكُونُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لِعَبْدِ اللَّه، وَسَهْمَانِ لِلْفُقَرَاءِ، وَسَهْمَانِ لِلْمَسَاكِينِ، وَنَظِيرُهُ فِي الْجَامِعِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: لِقَرَابَتِي وَجِيرَانِي وَمَوَالِي وَالْمَسَاكِينِ

يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَرَابَةِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْجِيرَانِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوَالِي بِسَهْمٍ وَالْمَسَاكِينُ بِأَسْرِهِمْ بِسَهْمٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ قَالَ: لِقَرَابَتِي وَلِلْمَسَاكِينِ ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَرَابَةِ بِسَهْمٍ، وَالْمَسَاكِينُ بِسَهْمٍ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ قَالَ: لِلْفُقَرَاءِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي الرِّقَابِ يَضْرِبُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْ هَؤُلَاءِ بِسَهْمَيْنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِسَهْمٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ فِي وُجُوهِ الصَّدَقَاتِ وَالْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي آيَةِ الزَّكَاةِ إلَّا أَنَّ فِي الْوَقْفِ لَا يُعْطَى الْعَامِلُونَ وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ قَدْ ذَهَبُوا فَيُقَسَّمُ الْآنَ عَلَى مَا عَدَاهُمْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَإِنْ قَالَ: عَلَى وُجُوهِ الصَّدَقَاتِ وَوُجُوهِ الْبِرِّ يُضْرَبُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ بِسَهْمٍ وَلِلرِّقَابِ بِسَهْمٍ وَلِلْغَارِمِينَ بِسَهْمٍ وَلِسَبِيلِ اللَّهِ بِسَهْمٍ وَابْنِ السَّبِيلِ بِسَهْمٍ وَلِوُجُوهِ الْبِرِّ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، فَإِنْ قَالَ: لِلْفُقَرَاءِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجِّ وَسَمَّى لِكُلِّ وَجْهٍ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً فَزَادَتْ الْغَلَّةُ قُسِّمَتْ عَلَى عَدَدِ الْوُجُوهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى رَجُلٍ وَشَرَطَ أَنْ يُعْطَى كِفَايَتَهُ كُلَّ شَهْرٍ وَلَيْسَ لَهُ عِيَالٌ فَصَارَ لَهُ عِيَالٌ فَإِنَّهُ يُعْطَى لَهُ وَلِعِيَالِهِ كِفَايَتَهُمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وَقَفَ عَلَى قَوْمٍ فَلَمْ يَقْبَلُوا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَرُدَّ كُلَّهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ فَإِنْ رَدَّ كُلَّهُمْ كَانَ الْوَقْفُ جَائِزًا وَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ، وَإِذَا رَدَّ الْبَعْضُ فَإِنْ كَانَ الِاسْمُ يَنْطَلِقُ عَلَى الْبَاقِينَ فَالْغَلَّةُ تَكُونُ لِلْبَاقِينَ، وَإِنْ كَانَ الِاسْمُ لَا يَنْطَلِقُ عَلَى الْبَاقِينَ فَنَصِيبُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَبَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: لِوَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ فَرَدَّ بَعْضُهُمْ كَانَ جَمِيعُ الْغَلَّةِ لِلْبَاقِينَ وَلَوْ قَالَ: لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو فَلَمْ يَقْبَلْ زَيْدٌ صُرِفَ نَصِيبُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ وَنَسْلِهِ، فَلَمْ يَقْبَلُوا جُمْلَةً وَكَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ فَحَدَثَتْ الْغَلَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَبِلُوا كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُمْ، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَبِلَ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ أَخَذَ الْغَلَّةَ سَنَةً ثُمَّ قَالَ: لَا أَقْبَلُ، لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَعْمَلُ رَدَّهُ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ فِي حَقِّ الْغَلَّةِ الْمَأْخُوذَةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِلْكًا لَهُ فَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُ وَأَمَّا الْغَلَّةُ الَّتِي تَحْدُثُ بَعْدَ هَذَا فَلَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا إنَّمَا الثَّابِتُ فِيهَا مُجَرَّدُ الْحَقِّ وَمُجَرَّدُ الْحَقِّ يَقْبَلُ الرَّدَّ، كَذَا فِي

الباب السادس في الدعوى والشهادة وفيه فصلان

الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ: لَا أَقْبَلُ لِنَفْسِي وَلَا نَسْلِي جَازَ رَدُّهُ فِي حَقِّهِ وَلَمْ يَجُزْ فِي حَقِّ نَسْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ قَالَ: أَقْبَلُ سَنَةً وَلَا أَقْبَلُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَعَمِلَ قَبُولُهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَحْدَهَا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: لَا أَقْبَلُ سَنَةً وَأَقْبَلُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ كَمَا قَالَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَقْبَلُ نِصْفَ الْغَلَّةِ وَلَا أَقْبَلُ النِّصْفَ، فَإِنْ قَالَ: عَلَى زَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ مَا عَاشَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِحَالِهِ. وَقَوْلُهُ: " مَا عَاشَا " لَا يُبْطِلُ حِصَّةَ الْبَاقِي، فَإِنْ قَالَ: لِعَبْدِ اللَّهِ وَمِنْ بَعْدِهِ لِزَيْدٍ، فَأَبَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَقْبَلَ فَهُوَ لِزَيْدٍ فَإِنْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَبِلْت، وَقَالَ زَيْدٌ: لَا أَقْبَلُ، فَهُوَ لِعَبْدِ اللَّهِ. وَإِذَا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ كَانَ لِلْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَفِيهِ فَصْلَانِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الدَّعْوَى] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَفِيهِ فَصْلَانِ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الدَّعْوَى) وَمَنْ بَاعَ أَرْضًا ثُمَّ قَالَ: كُنْت وَقَفْتهَا، أَوْ قَالَ: هِيَ وَقْفٌ عَلَيَّ إنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ سَبْقَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ شَرْطُ التَّحْلِيفِ وَقَدْ انْعَدَمَ لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ مِنْهُ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا تُسْمَعُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى إنْ بَطَلَتْ لِلتَّنَاقُضِ بَقِيَتْ الشَّهَادَةُ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَمَتَى قُبِلَتْ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْوَقْفِ صَحِيحَةٌ بِدُونِ الدَّعْوَى مُطْلَقًا وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرُ صَحِيحٍ، إنَّمَا الصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ وَقْفٍ هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ صَحِيحَةٌ بِدُونِ الدَّعْوَى وَكُلُّ وَقْفٍ هُوَ حَقُّ الْعِبَادِ فَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ بِدُونِ الدَّعْوَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ رَشِيدُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا التَّفْصِيلَ وَقَالَ: هَكَذَا فَصَّلَ الْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَهُوَ فَتْوَى الْإِمَامِ أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيِّ

كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الْأَرْضَ بِالثَّمَنِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّجْنِيسِ. لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهَا وَقْفٌ فِي مَسْجِدِ كَذَا وَبَرْهَنَ يُقْبَلُ وَيُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَقِيلَ: لَا لِكَوْنِ الْبَائِعِ مُتَنَاقِضًا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ: هِيَ وَقْفٌ عَلَيَّ، ذَكَرَ النَّسَفِيُّ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى أَصْلًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: هَذِهِ الضَّيْعَةُ وَقْفٌ عَلَيْك ثُمَّ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الضَّيْعَةَ مِلْكِي وَرِثْتُهَا مِنْ أَبِي ثُمَّ ادَّعَى إنَّ أَبِي وَقَفَ عَلَيَّ لَا تُسْمَعُ لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ، وَلَوْ قَبِلَ التَّوْلِيَةَ فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ أَوْ قَبِلَ الْوِصَايَةَ فِي تَرِكَةٍ بَعْدَ الْعِلْمِ وَالتَّيَقُّنِ أَنَّ هَذَا تَرِكَةٌ أَوْ وَقْفٌ، فَلَوْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ لَا تُقْبَلُ وَلَوْ ادَّعَى الْوَقْفَ أَوَّلًا ثُمَّ ادَّعَى الْمِيرَاثَ لَا تُقْبَلُ أَيْضًا إلَّا إذَا وَفَّقَ، وَقَالَ: وَقَفَ أَبِي، لَكِنْ لَمْ يَقَعْ لَازِمًا فَمَاتَ أَبِي فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَحْدُودَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقْفٌ الصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ إنْ كَانَتْ دَعْوَى الْوَقْفِيَّةِ بِسَبَبِ التَّوْلِيَةِ يُحْتَمَلُ التَّوْفِيقُ؛ لِأَنَّ فِي الْعَادَةِ يُضَافُ إلَيْهِ بِاعْتِبَارِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ وَالْخُصُومَةِ. إذَا ادَّعَى الدَّارَ مِلْكًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ وَقَفَهَا فُلَانٌ عَلَى مَسْجِدِ، كَذَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْوَقْفِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَهَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ ادَّعَى مُشْتَرِي الْأَرْضِ عَلَى بَائِعِهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ وَقْفٌ وَقَدْ بِعْتَهَا مِنِّي أَيُّهَا الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ قَالَ: لَيْسَ لَهُ هَذِهِ الْمُخَاصَمَةُ إنَّمَا ذَلِكَ إلَى الْمُتَوَلِّي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ مُتَوَلٍّ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ مُتَوَلِّيًا فَيُخَاصِمُهُ وَيُثْبِتُ الْوَقْفِيَّةَ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ ظَهَرَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ فَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ بَائِعِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى مُتَوَلٍّ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِ فُلَانٍ وَأَثْبَتَ الِاسْتِحْقَاقَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ فَقَالَ الْبَائِعُ: كَانَ وَقَفَ فُلَانٌ عَلَى أَوْلَادِ فُلَانٍ لَكِنْ لَمَّا مَاتَ الْوَاقِفُ رَفَعَ وَرَثَتُهُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى قَضَى بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ وَكُنْت وَارِثًا لِلْوَاقِفِ فَقَسَمْنَا التَّرِكَةَ وَوَقَعَتْ الدَّارُ فِي نَصِيبِي وَبَيْعِي وَقَعَ صَحِيحًا، تَنْدَفِعُ بِهَذَا دَعْوَى الْوَقْفِ وَيَبْقَى فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِنْ ادَّعَى وَقْفًا أَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى وَقْفٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْوَاقِفَ ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ قَبْضِ الْمَحَاضِرِ مِنْ دُيُونِ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ عَلَى أَنَّ دَعْوَى الْوَقْفِ وَالشَّهَادَةَ عَلَى الْوَقْفِ

تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْوَاقِفِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ وَقْفٌ عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ وَإِنَّمَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مِنْ الْمُتَوَلِّي، وَفِي الْفَتَاوَى قَالَ: تَصِحُّ، وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَذَكَرَ رَشِيدُ الدِّينِ فِي الْفَتَاوَى ادَّعَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا وَقْفٌ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي صَحَّتْ بِالِاتِّفَاقِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْغَلَّةِ لَا غَيْرُ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا فِي شَيْءٍ آخَرَ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ جَمَاعَةً فَادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ وَقْفٌ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي لَا تَصِحُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَذَكَرَ فِيهَا أَيْضًا أَنَّ مُسْتَحِقَّ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا يَمْلِكُ دَعْوَى غَلَّةِ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. صَاحِبُ الْأَوْقَافِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْمَعَ الدَّعْوَى فِي أُمُورِ الْأَوْقَافِ وَيَقْضِيَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالنُّكُولِ يُنْظَرُ إنْ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ ذَلِكَ نَصًّا أَوْ عُرِفَ دَلَالَةً جَازَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. ضَيْعَةٌ فِي يَدِ حَاضِرٍ وَضِيعَةٌ أُخْرَى فِي يَدِ غَائِبٍ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْحَاضِرِ أَنَّ هَاتَيْنِ الضَّيْعَتَيْنِ وَقْفٌ عَلَيْهِ وَقَفَهُمَا جَدُّهُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّ هَاتَيْنِ الضَّيْعَتَيْنِ كَانَتَا لِلْوَاقِفِ وَقَفَهُمَا جَمِيعًا وَقْفًا وَاحِدًا يُقْضَى بِوَقْفِ الضَّيْعَتَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى وَقْفَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ لَا يُقْضَى إلَّا بِوَقْفِيَّةِ الضَّيْعَةِ الَّتِي فِي يَدِ الْحَاضِرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقْفٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ فِي يَدِ الْحَيِّ وَأَوْلَادِ الْمَيِّتِ ثُمَّ الْحَيُّ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْأَخِ أَنَّ الْوَقْفَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَالْبَاقِي غَيْبٌ وَالْوَاقِفُ وَاحِدٌ وَالْوَقْفُ وَاحِدٌ تُقْبَلُ وَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ وَلَوْ أَقَامَ أَوْلَادُ الْأَخِ بَيِّنَةً أَنَّ الْوَقْفَ مُطْلَقٌ عَلَيْنَا وَعَلَيْك فَبَيِّنَةُ الْمُدَّعِي الْوَقْفَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْلَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. ادَّعَى كَرْمًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقَفَ الْكَرْمَ بِشَرَائِطِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي فَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ إنْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ لِيَأْخُذَ الْكَرْمَ لَوْ نَكَلَ فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ يَمِينٌ، وَإِنْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ لِيَأْخُذَ الْقِيمَةَ إنْ نَكَلَ لَهُ عَلَيْهِ يَمِينٌ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. بَيْتٌ فَوْقَهُ بَيْتٌ وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِالْمَسْجِدِ يَتَّصِلُ صَفُّ الْمَسْجِدِ بِصَفِّ الْبَيْتِ الْأَسْفَلِ وَيُصَلَّى فِي الْبَيْتِ الْأَسْفَلِ فِي الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ، اخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ وَأَرْبَابُ الْبَيْتِ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ الْعُلُوَّ، قَالَ الْأَرْبَابُ: إنَّ ذَلِكَ مِيرَاثٌ لَنَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا مِلْكُهُ بِأَصْلِهَا

وَبِنَائِهَا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى مَصَالِحِ مَسْجِدِ كَذَا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ وَقُضِيَ لَهُ بِذَلِكَ وَكُتِبَ لَهُ السِّجِلُّ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ أَنَّ أَصْلَ الدَّارِ وَقْفٌ وَالْبِنَاءَ لَهُ بَطَلَتْ دَعْوَاهُ وَالْحُكْمُ وَالسِّجِلُّ، هَكَذَا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا وَقُضِيَ لَهُ بِهَا، ثُمَّ ادَّعَى الْمُتَوَلِّي أَنَّ الْعَرْصَةَ وَقْفٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ إنْ كَانَ ادَّعَى الْمُدَّعِي الدَّارَ بِبِنَائِهَا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُتَوَلِّي، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدَّعِ الدَّارَ بِبِنَائِهَا تَبْقَى الْعَرْصَةُ وَقْفًا وَإِنْ كَانَ ادَّعَى دَارًا وَقَبَضَ ثُمَّ إنَّ الْمُتَوَلِّيَ اسْتَحَقَّ الْعَرْصَةَ يَبْقَى الْبِنَاءُ عَلَى مِلْكِ الْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. دَارٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَخَوَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَقَبَضَ الْحَاضِرُ غَلَّتَهَا تِسْعَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ الْحَاضِرُ وَتَرَكَ وَصِيًّا ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ وَطَالَبَ الْوَصِيَّ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْغَلَّةِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ الْحَاضِرُ الَّذِي قَبَضَ الْغَلَّةَ هُوَ الْقَيِّمُ لِهَذَا الْوَقْفِ كَانَ لِلْغَائِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْغَلَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَاضِرُ قَيِّمًا لِهَذَا الْوَقْفِ إلَّا أَنَّ الْأَخَوَيْنِ آجَرَا جَمِيعًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ آجَرَهُ الْحَاضِرُ كَانَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْحَاضِرِ فِي الْحُكْمِ وَلَا يَطِيبُ لَهُ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِمَا قَبَضَ مِنْ حِصَّةِ الْغَائِبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ نِصْفُ دَارٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَقَفَهَا وَكَانَتْ لَهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِوَقْفِ جَمِيعِ الدَّارِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى وَقْفَ جَمِيعِ الدَّارِ غَيْرَ أَنَّهُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا فِي يَدِهِ فَهُوَ كَذَا فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ فِي الْوَقْفِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى أَرْبَابِ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عَلَى الْقَيِّمِ أَوْ عَلَى الْوَاقِفِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. لَوْ أَقَامَ الْمُتَوَلِّي بَيِّنَةً عَلَى الْوَقْفِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْمِلْكِ وَذُو الْيَدِ هُوَ الْمُتَوَلِّي، لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَيُقْضَى بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ، فَلَوْ أَقَامَ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى الْوَقْفِ لَا تُسْمَعُ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى الْوَقْفِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى الْمَالِكِ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ نَاقِلًا عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ. رَجُلٌ ادَّعَى الْمِلْكَ فِي دَارٍ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْمُتَوَلِّي يَقُولُ: وَقَفَهَا زَيْدٌ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا، وَقَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي فَلَوْ جَاءَ مُتَوَلٍّ آخَرُ وَادَّعَى عَلَى هَذَا الْمُدَّعِي أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا فِي جِهَةِ عَمْرٍو تُقْبَلُ، وَالْقَاضِي لَوْ أَمَرَ إنْسَانًا أَنْ يُؤَاجِرَ دَارَ الْوَقْفِ فَهُوَ لَيْسَ بِخَصْمٍ، وَكَذَا لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَى أَكَّارِ الْوَقْفِ وَغَيْرِ الْوَقْفِ وَكَذَا عَلَى

الفصل الثاني في الشهادة

غَلَّةِ دَارِ الْوَقْفِ إذَا ثَبَتَ لَهُ أَكَّارٌ أَوْ غَلَّةُ دَارٍ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الشَّهَادَةِ] إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَقَفَ أَرْضَهُ وَلَمْ يُحَدِّدْهَا الشَّاهِدَانِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ إنْ حَدَّدَهَا أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بَاطِلَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ وَقَفَ أَرْضَهُ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَقَالَا: لَمْ يُحَدِّدْهَا لَنَا فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ قَالَ الْخَصَّافُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرْضًا مَشْهُورَةً تُغْنِي شُهْرَتُهَا عَنْ تَحْدِيدِهَا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ قَضَيْت بِأَنَّهَا وَقْفٌ، وَإِنْ حَدَّدَاهَا بِحَدَّيْنِ فَالْمَشْهُورُ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ، وَإِنْ حَدَّدَاهَا بِثَلَاثَةِ حُدُودٍ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ حَدَّدَاهَا بِثَلَاثَةِ حُدُودٍ وَقَالَا: إنَّمَا أَقَرَّ لَنَا بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ كَذَا فِي الْحَاوِي سُئِلَ الْخَصَّافُ فَقِيلَ: إذَا قَبِلْنَا هَذِهِ الشَّهَادَةَ بِثَلَاثَةِ حُدُودٍ كَيْفَ تَحْكُمُ بِالْحَدِّ الرَّابِعِ؟ قَالَ: أَجْعَلُ الْحَدَّ الرَّابِعَ بِإِزَاءِ الْحَدِّ الثَّالِثِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى مَبْدَأِ الْحَدِّ الْأَوَّلِ أَيْ بِإِزَاءِ الْحَدِّ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ وَقَفَ أَرْضَهُ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَحَدَّدَهَا لَنَا إلَّا أَنَّا نَسِينَاهُ، لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَقَفَ أَرْضَهُ وَلَمْ يُحَدِّدْهَا لَنَا وَلَكِنَّا نَعْرِفُ الْحُدُودَ ذَكَرَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَأْوِيلُ هَذَا أَنَّهُمَا لَمْ يُبَيِّنَا لِلْقَاضِي، أَمَّا إذَا بَيَّنَا وَعَرَّفَا يُقْبَلُ ذَلِكَ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ إنِّي أُجِيزُ الشَّهَادَةَ وَأَقْضِي بِالْأَرْضِ بِحُدُودِهَا وَقْفًا وَأَقُولُ لِلشُّهُودِ: سَمُّوا الْحُدُودَ، فَأَقْضِي بِمَا يُسَمُّونَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَا: لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْمِصْرِ إلَّا تِلْكَ الْأَرْضُ لَمْ تُقْبَلْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ وَقَفَ أَرْضَهُ وَلَمْ يُحَدِّدْهَا وَلَكِنَّا نَعْرِفُ أَرْضَهُ، لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لَعَلَّ لِلْوَاقِفِ أَرْضًا أُخْرَى سِوَى الَّتِي يَعْرِفُ الشَّاهِدَانِ، وَكَذَا لَوْ قَالَا: لَا نَعْرِفُ لَهُ أَرْضًا أُخْرَى لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لَعَلَّ لَهُ أَرْضًا أُخْرَى وَهَذَانِ لَا يَعْلَمَانِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَا: أَشْهَدْنَا أَنَّهُ وَقَفَ أَرْضَهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَلَمْ يَذْكُرْ حُدُودَهَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ قَالَ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَأْوِيلُ هَذَا إذَا بَيَّنَا لِلْقَاضِي وَعَرَّفَا فَأَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ حَدَّدَهَا لَنَا وَلَكِنَّا لَا نَذْكُرُ الْحُدُودَ الَّتِي

حَدَّدَهَا لَنَا فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ الْوَاقِفَ وَقَفَ أَرْضَهُ وَذَكَرَ حُدُودَ الْأَرْضِ، وَلَكِنَّا لَا نَعْرِفُ تِلْكَ الْأَرْضَ فِي أَيِّ مَكَانٍ هِيَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَيُكَلَّفُ الْمُدَّعِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي يَدَّعِيهَا هَذِهِ الْأَرْضُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا لَوْ قَالَا: أَدَارَنَا عَلَى حُدُودِهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَنَا فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، فَإِنْ شَهِدَا عَلَى الْحُدُودِ وَقَالَا: لَا نَعْرِفُ، فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ وَيُكَلَّفُ الْمُدَّعِي الْوَقْفَ أَنْ يَأْتِيَ بِشُهُودٍ يَعْرِفُونَ تِلْكَ الْحُدُودَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَهُمَا أَنَّهُ جَعَلَ حِصَّتَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا، حُدُودُهَا كَذَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهِيَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْأَرْضِ عَلَى كَذَا وَجَعَلَ آخِرَهَا لِلْمَسَاكِينِ فَنَظَرَ الْحَاكِمُ فَوَجَدَ حِصَّتَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ قَالَ الْخَصَّافُ: يَجْعَلُ جَمِيعَ حِصَّتِهِ وَقْفًا عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي سَبَّلَهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ جَعَلَ غَلَّةَ ذَلِكَ عَلَى قَوْمٍ سَمَّاهُمْ وَمَنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَصَدَّقَهُ الْقَوْمُ الَّذِينَ وَقَفَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا: إنَّمَا قَصَدَ وَقْفَ الثُّلُثِ عَلَيْنَا، قَالَ الْخَصَّافُ: تَصْدِيقُهُمْ وَسُكُوتُهُمْ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَيُقْضَى بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَقْفًا وَأَجْعَلُ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ غَلَّةَ الثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ وَأَجْعَلُ فَضْلَ مَا بَيْنَ الثُّلُثِ إلَى النِّصْفِ لِلْمَسَاكِينِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا شَهِدَا أَنَّهُ وَقَفَ حِصَّتَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ مَا وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَلَا يَدْرِيَانِ مَا هِيَ لَمْ تَجُزْ قِيَاسًا وَجَازَتْ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ شَهِدَا عَلَى الْوَاقِفِ بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يَعْرِفُوا مَا لَهُ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ مِنْ الدَّارِ أَخَذَهُ الْقَاضِي بِأَنْ يُسَمِّيَ مَا لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَمَا سَمَّى مِنْ شَيْءٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِوَقْفِيَّةِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ قَدْ مَاتَ فَوَارِثُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ فَمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ عِنْدَ الْقَاضِي غَيْرُ ذَلِكَ فَيَحْكُمُ بِمَا يَصِحُّ عِنْدَهُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَقَفَ أَرْضَهُ وَاخْتَلَفَا فِيمَا بَيْنَهُمَا فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَقَفَ أَرْضَهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَقَفَ أَرْضَهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَسَمَّى مَوْضِعًا آخَرَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَقَفَ تِلْكَ الْأَرْضَ وَأَرْضًا أُخْرَى قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَقَفَ هَذِهِ الْأَرْضَ كُلَّهَا وَشَهِدَا الْآخَرُ أَنَّهُ وَقَفَ نِصْفَهَا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى النِّصْفِ وَقُضِيَ بِوَقْفِيَّةِ نِصْفِ هَذِهِ الْأَرْضِ هَكَذَا ذَكَرَ هِلَالٌ وَالْخَصَّافُ رَحِمَهُمَا

اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ ثُلُثَ الْغَلَّةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ نِصْفَهَا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ عِنْدَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَقَفَ نِصْفَهَا مُشَاعًا وَشَهِدَ الْآخِرُ أَنَّهُ وَقَفَ نِصْفَهَا مُفْرَزًا مُمَيَّزًا فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَقَفَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَقَفَ يَوْمَ الْخَمِيس أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَقَفَ بِالْكُوفَةِ، وَقَالَ الْآخَرُ: بِالْبَصْرَةِ، فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَ أَرْضَهُ مَوْقُوفَةً بَعْدَ وَفَاتِهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَقَفَهَا وَقْفًا صَحِيحًا بَاتًّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بَاطِلَةً، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَقَفَهَا فِي صِحَّتِهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَقَفَهَا فِي مَرَضِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ جَعَلَهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ، قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى كَوْنِهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً وَتَفَرَّدَ أَحَدُهُمَا بِزِيَادَةِ شَيْءٍ لَا تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ وَيَثْبُتُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَهُوَ كَوْنُهَا وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَعَنْ هَذَا قُلْنَا: إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ جَعَلَهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى زَيْدٍ، يَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَهَا وَقْفًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَوَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ جَعَلَهَا وَقْفًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ جَعَلْتهَا وَقْفًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ: إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَزَيْدٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ جَعَلَهَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ خَاصَّةً قَضَيْنَا بِالنِّصْفِ لِعَبْدِ اللَّهِ وَالنِّصْفِ الْآخَرِ لِلْفُقَرَاءِ، قَالَ مَشَايِخُنَا: وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ أَنَّهُ يُقْضَى لِعَبْدِ اللَّهِ بِالنِّصْفِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ الْكُلِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ جَازَتْ الشَّهَادَةُ وَالْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي الْحَاوِي قَالَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ: لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ الْمَسَاكِينِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ جَعَلَهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَأَبْوَابِ الْبِرِّ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ. قَالَ: وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَ أَرْضَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينٍ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ جَعَلَ أَرْضَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَفُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ قَالَ: هَذَا لَا يُشْبِهُ أَبْوَابَ الْبِرِّ؛ لِأَنَّ الَّذِي شَهِدَ

لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ لَمْ يَشْهَدْ بِجَمِيعِ الْغَلَّةِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا شَهِدَا أَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَوْ عَلَى نِسَائِهِمَا أَوْ عَلَى أَبَوَيْهِمَا أَوْ عَلَى قَرَابَتِهِ وَهُمَا مِنْ الْقَرَابَةِ أَوْ عَلَى آلِ عَبَّاسٍ وَهُمَا مِنْ آلِ عَبَّاسٍ أَوْ عَلَى مَوَالِيهِ وَهُمَا مِنْ الْمَوَالِي فَالشَّهَادَةُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهِمَا وَعَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ فَالشَّهَادَةُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ، فَإِنْ قَالَا: لَا نَقْبَلُ مَا جَعَلَ لَنَا فِيهَا، فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ لِلْبَاقِينَ بِمَا سُمِّيَ لَهُمْ وَيُجْعَلُ حِصَّةُ الشَّاهِدَيْنِ لِلْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ شَهِدَا لِقَرَابَةِ الْوَاقِفِ وَهُمَا مِنْ قَرَابَتِهِ وَقَالَا: لَمْ نَقْبَلْ ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَوْلَادٌ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ فِي الْوَقْفِ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهَا صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُقَرَاءِ جِيرَانِهِ وَالشَّاهِدَانِ مِنْ فُقَرَاءِ جِيرَانِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فِي ضَيْعَةٍ أَنَّهَا صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ وَهُمَا مِنْ فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ وَهُمَا غَنِيَّانِ مِنْ الْقَرَابَةِ يَوْمَ شَهِدَا لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ افْتَقَرَا كَانَ لَهُمَا حِصَّةٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَى فُقَرَاءِ مَسْجِدِهِ وَهُمَا مِنْ فُقَرَاءِ مَسْجِدِهِ، جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا. وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَهْلُ الْمَدْرَسَةِ بِوَقْفِ الْمَدْرَسَةِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. وَلَوْ وَقَفَ رَجُلٌ كُرَّاسَةً عَلَى مَسْجِدٍ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَشَهِدَ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ عَلَى وَقْفِ الْكُرَّاسَةِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْمَدْرَسَةِ عَلَى وَقْفِ تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ وَشَهَادَةِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ عَلَى وَقْفِ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ وَالْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَصَّلُوا الْجَوَابَ فِيهَا فَقَالُوا فِي شَهَادَةِ أَهْلِ الْمَدْرَسَةِ: إنْ كَانُوا يَأْخُذُونَ الْوَظَائِفَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْفِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَأْخُذُونَ تُقْبَلُ وَكَذَا قَالُوا فِي أَهْلِ الْمَحَلَّةِ هَكَذَا، وَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ عَلَى وَقْفِ مَكْتَبٍ وَلِلشَّاهِدِ صَبِيٌّ فِي الْمَكْتَبِ لَا تُقْبَلُ وَقِيلَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا: تُقْبَلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَقَفَ هَذِهِ الْأَرْضَ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَهُوَ يَجْحَدُ ذَلِكَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ حَكَمْت عَلَيْهِ بِالْوَقْفِ لِلْمَسَاكِينِ وَأَخْرَجْت الْأَرْضَ مِنْ يَدِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَقَفَ صَحِيحٌ عَلَى مَكْتَبٍ وَمُعَلِّمٍ فِي الْقَرَابَةِ فَغَصَبَهُ رَجُلٌ فَشَهِدَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ فِي الْمَكْتَبِ أَنَّ هَذَا وَقْفُ فُلَانِ

بْنِ فُلَانٍ عَلَى كَذَا صَحَّتْ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. شَاهِدَانِ شَهِدَا عَلَى أَرْضٍ أَنَّ فُلَانًا جَعَلَهَا مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً أَوْ خَانًا لِلْمَارَّةِ ثُمَّ رَجَعَا فَالْمَشْهُودُ بِهِ وَقْفٌ عَلَى حَالِهِ وَيَضْمَنُ الشَّاهِدَانِ قِيمَةَ الْأَرْضِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ يَوْمَ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ ثُمَّ رَجَعَا، كَذَا فِي الْحَاوِي. الشَّهَادَةُ عَلَى الْوَقْفِ بِالشُّهْرَةِ تَجُوزُ وَعَلَى شَرَائِطِهِ لَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يَقُولُ: لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْجِهَةِ، بِأَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّ هَذَا وَقْفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى الْمَقْبَرَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ، وَمَعْنَى قَوْلِ الْمَشَايِخِ: لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَرَائِطِهِ، أَنَّ بَعْدَمَا بَيَّنُوا الْجِهَةَ، وَقَالُوا: هَذَا وَقَفَ عَلَى كَذَا لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ غَلَّتِهِ فَيُصْرَفُ إلَى كَذَا ثُمَّ إلَى كَذَا وَلَوْ ذَكَرُوا ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْوَقْفِ وَكَذَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَذَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فَلَوْ أَنَّهُمَا شَهِدَا بِالتَّسَامُعِ وَقَالَا: نَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ صَرَّحَا بِهِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ رُبَّمَا يَكُونُ سِنُّهُ عِشْرِينَ سَنَةً وَتَارِيخُ الْوَقْفِ مِائَةَ سَنَةٍ، فَيَتَيَقَّنُ الْقَاضِي أَنَّ الشَّاهِدَ يَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ لَا بِالْعِيَانِ، فَإِذَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ السُّكُوتِ وَالْإِفْصَاحِ، أَشَارَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ إلَى هَذَا الْمَعْنَى وَهَذَا بِخِلَافِ مَا تَجُوزُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فَإِنَّهُمَا إذَا صَرَّحَا أَنَّهُمَا شَهِدَا بِالتَّسَامُعِ لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ صَدَقَةٍ مَوْقُوفَةٍ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا ظَالِمٌ وَأَنْكَرَ الْوَقْفَ هَلْ يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ لِلْفُقَرَاءِ؟ قَالَ: مَنْ سَمِعَ مِنْ الْوَاقِفِ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. أَرْضٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهَا لَهُ أَقَامَ قَوْمٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا وَقَفَهَا عَلَيْهِمْ لَمْ يَسْتَحِقُّوا شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقِفُ مَا لَا يَمْلِكُ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ وَقَفَهَا وَكَانَتْ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَكُونُ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً أَوْ غَصْبًا وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا وَقَفَهَا وَهُوَ يَمْلِكُهَا قُضِيَ بِهَا وَلَا يُحْتَاجُ إلَى إحْضَارِ وَارِثِ الْوَاقِفِ وَلَا وَصِيِّهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) . رَجُلٌ جَاءَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ وَقَالَ: إنِّي كُنْت أَمِينًا لِلْقَاضِي الَّذِي كَانَ قَبْلَك هُنَا وَفِي يَدَيَّ ضَيْعَةٌ كَانَتْ لِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَقَفَهَا عَلَى قَوْمٍ مَعْلُومِينَ

سَمَّاهُمْ قُبِلَ قَوْلُهُ إذَا لَمْ تَكُنْ لِلْوَاقِفِ وَرَثَةٌ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَمْرِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ غَيْرُ مَا أَقَرَّ بِهِ هَذَا الرَّجُلُ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَرَثَةٌ فَقَالُوا: هُوَ مِيرَاثٌ بَيْنَنَا وَلَيْسَ بِوَقْفٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ وَيَكُونُ مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ، وَإِنْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ: هِيَ وَقْفٌ عَلَيْنَا وَعَلَى نَسْلِنَا وَمِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَقَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الضَّيْعَةُ: هِيَ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ دُونَكُمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الضَّيْعَةُ: هِيَ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَلَمْ يَقُلْ: وَقَفَهَا فُلَانٌ، وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ وَقْفٌ عَلَيْنَا وَعَلَى نَسْلِنَا وَقَفَهَا أَبُونَا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْوَقْفِ وَلَا يَنْظُرُ إلَى قَوْلِ الْوَرَثَةِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْوُقُوفُ الَّتِي تَقَادَمَ أَمْرُهَا وَمَاتَ وَارِثُهَا وَمَاتَ الشُّهُودُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهَا رُسُومٌ فِي دَوَاوِينِ الْقَضَاءِ يُعْمَلُ عَلَيْهَا فَإِذَا تَنَازَعَ أَهْلُهَا فِيهَا أُجْرِيَتْ عَلَى الرُّسُومِ الْمَوْجُودَةِ فِي دِيوَانِهِمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا رُسُومٌ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ يُعْمَلُ عَلَيْهَا تُجْعَلُ مَوْقُوفَةً فَمَنْ أَثْبَتَ فِي ذَلِكَ حَقًّا قُضِيَ لَهُ بِهِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَبْقَ وَرَثَةُ الْوَاقِفِ فَإِنْ بَقِيَتْ وَتَنَازَعَ قَوْمٌ يُرْجَعُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، فَإِذَا أَقَرُّوا بِشَيْءٍ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِمْ فَإِنْ تَعَذَّرَ يُرْجَعُ إلَى الرُّسُومِ فَإِنْ تَعَذَّرَ تُجْعَلُ مَوْقُوفَةً إلَى قِيَامِ الدَّلِيلِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فَإِنْ اصْطَلَحُوا وَأَرَادُوا أَخْذَ ذَلِكَ كَانَ لِلْقَاضِي فِي الِاسْتِحْسَانِ أَنْ يُقَسِّمَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فِي يَدِ رَجُلٍ وَهُوَ يَقُولُ: إنَّهَا كَانَتْ لِفُلَانٍ وَقَفَهَا عَلَى كَذَا، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: بَلْ وَقَفَهَا الْمَيِّتُ عَلَيْنَا وَعَلَى نَسْلِنَا وَمِنْ بَعْدِنَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَاَلَّذِي قَالَتْهُ الْوَرَثَةُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الرَّجُلُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُمْضِيهِ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ الْوَرَثَةُ إذَا لَمْ يَجِدْ الْقَاضِي فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ الَّذِي قَبْلَهُ كُتُبًا مِنْ الصَّكِّ فِيهَا رُسُومُ الْوُقُوفِ فِي يَدِ الْأُمَنَاءِ بَلْ وَجَدَ إقْرَارَ مَنْ فِي يَدِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوُقُوفُ فِي يَدِ الْأُمَنَاءِ وَلَهَا رُسُومٌ فِي دِيوَانِ مَنْ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ قَوْلَ الْوَرَثَةِ فِيمَا لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ وَقْفٍ مَشْهُورٍ اشْتَبَهَتْ مَصَارِفُهُ وَقَدْرُ مَا يُصْرَفُ إلَى مُسْتَحَقِّيهِ قَالَ: يُنْظَرُ إلَى الْمَعْهُودِ مِنْ حَالِهِ فِيمَا سَبَقَ مِنْ الزَّمَانِ أَنَّ قُوَّامَهَا كَيْفَ يَعْمَلُونَ فِيهِ وَإِلَى مَنْ يَصْرِفُونَ وَكَمْ يُعْطُونَ فَيُبْنَى عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ وَقْفٌ فِي يَدِ صَاحِبِ الْأَوْقَافِ فَوَجَدَ فِي صَكِّ ذَلِكَ الْوَقْفِ أَنَّ الْفَاضِلَ مِنْ نَفَقَتِهِ يُصْرَفُ إلَى فُقَرَاءِ

الباب السابع في المسائل التي تتعلق بالصك

أَهْلِ السِّكَّةِ الَّتِي فِيهَا الْوَقْفُ وَغَيْرِهِمْ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ يُصْرَفُ الْفَاضِلُ إلَى أَعْيَانِ فُقَرَاءِ السِّكَّةِ الْمَوْجُودِينَ يَوْمَ الْوَقْفِ يُضْرَبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ وَلِسَائِرِ الْفُقَرَاءِ بِسَهْمٍ وَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ سَقَطَ سَهْمُهُ وَقُسِّمَ بَيْنَ الْبَاقِينَ مِنْهُمْ عَلَى مَا وَصَفْت، فَإِذَا انْقَرَضَ فُقَرَاءُ السِّكَّةِ الْمَوْجُودِينَ يَوْمَ الْوَقْفِ كَانَ فُقَرَاءُ أَهْلِ السِّكَّةِ وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ سَوَاءً، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي وَقْفِ الْخَصَّافِ رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ فَقَالَ: قَدْ جَعَلْت ضَيْعَتِي الْمَعْرُوفَةَ بِكَذَا وَهِيَ مَشْهُورَةٌ مُسْتَغْنِيَةٌ بِشُهْرَتِهَا عَنْ تَحْدِيدِهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى وُجُوهٍ سَمَّاهَا وَجَعَلَ آخِرَهَا لِلْمَسَاكِينِ جَازَ فَإِنْ ادَّعَى الْوَاقِفُ أَنَّ قَرَاحًا مِنْهَا لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الْوَقْفِ، قَالَ: إنْ كَانَتْ حُدُودُ هَذِهِ الضَّيْعَةِ مَشْهُورَةً مَعْرُوفَةً وَكَانَ هَذَا الْقَرَاحُ دَاخِلًا فِي حُدُودِهَا فِي دَاخِلٍ فِي الْوَقْفِ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ هَذِهِ الضَّيْعَةُ مَعْرُوفَةً عِنْدَ الصُّلَحَاءِ مِنْ جِيرَانِهَا وَكَانَ هَذَا الْقَرَاحُ مَنْسُوبًا إلَيْهَا وَمَعْرُوفًا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْوَقْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاقِفِ، وَلَا يَكُونُ هَذَا الْقَرَاحُ دَاخِلًا فِي الْوَقْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالصَّكِّ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالصَّكِّ) سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ ذِكْرِ وَقْفٍ كَانَ فِيهِ وَقَفَ فُلَانٌ كَذَا عَلَى مَوَالِيهِ وَمُدَرِّسِ مَدْرَسَةٍ مَعْلُومَةٍ وَكَانَ فِيهِ بَيَانُ الْمَقَادِيرِ وَشَرَائِطُ الصِّحَّةِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَأَجَابَ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ وَكَتَبَ صَكًّا وَأَشْهَدَ شُهُودًا عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ الْوَاقِفُ: إنِّي وَقَفْت عَلَى أَنْ يَكُونَ بَيْعِي فِيهِ جَائِزًا، وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الْكَاتِبَ كَتَبَ أَوْ لَمْ يَكْتُبْ فِي الصَّكِّ هَذَا الشَّرْطَ إنْ كَانَ الْوَاقِفُ رَجُلًا فَصِيحًا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ وَقُرِئَ عَلَيْهِ الصَّكُّ وَكُتِبَ وَقْفٌ صَحِيحٌ وَأَقَرَّ هُوَ بِجَمِيعِ مَا فِيهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ أَعْجَمِيًّا لَا يَفْهَمُ الْعَرَبِيَّةَ فَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ قُرِئَ عَلَيْهِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَأَقَرَّ بِجَمِيعِ مَا فِيهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَهَذَا شَيْءٌ لَا يُخَصُّ بِصَكِّ الْوَقْفِ بَلْ يَعُمُّ الصُّكُوكَ بِأَسْرِهَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ امْرَأَةٍ قَالَ لَهَا جِيرَانُهَا: اجْعَلِي هَذِهِ الدَّارَ وَقْفًا عَلَى أَنَّكَ مَتَى احْتَجْتِ إلَى بَيْعِهَا

تَبِيعِينَهَا، فَكَتَبُوا صَكًّا بِغَيْرِ هَذَا الشَّرْطِ وَقَالُوا: قَدْ فَعَلْنَا، وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهِ. وَقَالَ: إنْ قُرِئَ الصَّكُّ عَلَيْهَا بِالْفَارِسِيَّةِ وَهِيَ تَسْمَعُ وَأَشْهَدَتْ عَلَى ذَلِكَ صَارَتْ الدَّارُ وَقْفًا وَإِنْ لَمْ يُقْرَأْ عَلَيْهَا لَا تَصِيرُ وَقْفًا، وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَأْتِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ وَأَمَرَ بِكِتَابَةِ صَكِّ الْوَقْفِ فَغَلِطَ الْكَاتِبُ فِي حَدَّيْنِ وَأَصَابَ فِي حَدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْحَدَّانِ اللَّذَانِ غَلِطَ فِيهِمَا فِي تِلْكَ النَّوَاحِي لَكِنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَحْدُودِ أَرْضٌ أَوْ كَرْمٌ أَوْ دَارٌ لِلْغَيْرِ يَصِحُّ الْوَقْفُ، وَإِنْ كَانَ الْحَدَّانِ اللَّذَانِ غَلِطَ فِيهِمَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ إلَّا إذَا كَانَتْ الضَّيْعَةُ مَشْهُورَةً مُتَعَيَّنَةً مُسْتَغْنِيَةً عَنْ التَّحْدِيدِ لِشُهْرَتِهَا فَيَجُوزُ الْوَقْفُ حِينَئِذٍ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَقِفَ جَمِيعَ ضَيْعَةٍ لَهُ فِي قَرْيَةٍ مِنْ الْقُرَى عَلَى قَوْمٍ وَأَمَرَ بِكِتَابَةِ الصَّكِّ فِي مَرَضِهِ فَنَسِيَ الْكَاتِبُ أَنْ يَكْتُبَ بَعْضَ أَقْرِحَةٍ مِنْ الْأَرَاضِيِ وَالْكُرُومِ ثُمَّ قُرِئَ الصَّكُّ عَلَى الْوَاقِفِ، وَكَانَ الْمَكْتُوبُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَقَفَ جَمِيعَ ضَيْعَةٍ لَهُ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا قَرَاحًا عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَبَيَّنَ حُدُودَهَا وَلَمْ يُقْرَأْ عَلَيْهِ الْقَرَاحُ الَّذِي نَسِيَ الْكَاتِبُ، فَأَقَرَّ الْوَاقِفُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو النَّصْرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ الْوَقْفُ فِي صِحَّتِهِ وَأَخْبَرَ الْوَاقِفُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ جَمِيعَ مَالِهِ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِ الْمَذْكُورَةِ فَذَلِكَ عَلَى الْجَمِيعِ الَّذِي أَرَادَهُ، كَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْوَاقِفُ وَقَدْ أَخْبَرَ الْوَاقِفُ عَنْ نَفْسِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَالْأَمْرُ كَمَا تَكَلَّمَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كُتِبَ صَكُّ الْمُتَوَلِّي وَالْوَصِيِّ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ جِهَةُ وِصَايَتِهِ وَتَوْلِيَتِهِ، لَا يَصِحُّ هَذَا الصَّكُّ، فَإِنْ كَتَبَ أَنَّهُ وَصِيٌّ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَمُتَوَلٍّ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يُسَمِّ الْقَاضِيَ الَّذِي نَصَّبَهُ وَاَلَّذِي وَلَّاهُ جَازَ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ مِنْ مُتَوَلِّي وَقْفٍ عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ وَكَتَبَ فِي الصَّكِّ: اسْتَأْجَرَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي فِي الْأَوْقَافِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى فُلَانٍ الْمَعْرُوفِ بِكَذَا وَلَمْ يَكْتُبْ اسْمَ أَبِي الْوَاقِفِ وَجَدِّهِ وَلَمْ يُعْرَفْ جَازَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي فِي كَذَا وَهُوَ وَقْفٌ عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْوَاقِفَ فَهَذَا أَحَقُّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ فِي يَدِهِ ضَيْعَةٌ جَاءَ رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ وَجَاءَ بِصَكٍّ فِيهِ

الباب الثامن في الإقرار

خُطُوطُ عُدُولٍ وَقُضَاةٍ قَدْ انْقَرَضُوا وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي الْقَضَاءَ بِهِ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ الصَّكِّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَوْحٌ مَضْرُوبٌ عَلَى بَابِ دَارٍ يَنْطِقُ بِالْوَقْفِ لَا يُقْضَى بِهِ مَا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ الشُّهُودُ بِالْوَقْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْإِقْرَارِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْإِقْرَارِ) قَوْلُ: مَنْ الْأَرْضُ فِي يَدَيْهِ، هَذِهِ الْأَرْضُ وَقْفٌ، إقْرَارٌ بِالْوَقْفِ وَلَيْسَ بِابْتِدَاءِ وَقْفٍ حَتَّى لَا تُشْتَرَطَ لَهُ شَرَائِطُ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَرَّ بِوَقْفِيَّةِ أَرْضٍ فِي يَدِهِ وَلَمْ يُسَمِّ وَاقِفَهَا وَلَا مُسْتَحِقَّهَا صَحَّ إقْرَارُهُ، وَصَارَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَا أَجْعَلُ الْمُقِرَّ هُوَ الْوَاقِفُ لَهُ وَلَا غَيْرَهُ، إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ كَانَتْ لِهَذَا الْمُقِرِّ حِينَ أَقَرَّ فَيُجْعَلُ الْمُقِرُّ وَاقِفًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْوِلَايَةُ لِلْمُقِرِّ اسْتِحْسَانًا حَتَّى يُقَسِّمَ الْغَلَّةَ بَيْنَ الْفُقَرَاءِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَتَأْوِيلُ قَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ جَاءَ رَجُلٌ غَيْرُ الْمُقِرِّ وَادَّعَى أَنَّهُ هُوَ الْوَاقِفُ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ يَدِ الْمُقِرِّ فَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ هُوَ الْوَاقِفُ فَيَدْفَعُ خُصُومَةَ الْمُدَّعِي وَيُثْبِتُ لِنَفْسِهِ وِلَايَةً لَا يَرِدُ عَلَيْهَا الْعَزْلُ، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ بَعْدَ هَذَا الْإِقْرَارِ أَقَرَّ أَنَّ الْوَاقِفَ فُلَانٌ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ: أَنَا وَاقِفُهَا قُبِلَ قَوْلُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَقَرَّ بِالْوَقْفِ وَسَمَّى وَاقِفَهُ وَلَمْ يُسَمِّ مُسْتَحِقَّهُ بِأَنْ قَالَ: هَذِهِ الْأَرْضُ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ مِنْ أَبِي وَأَبُوهُ مَيِّتٌ فَإِنْ كَانَ عَلَى أَبِيهِ دَيْنٌ يُبَاعُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَصِيَّةٌ تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ مِنْ ثُلُثِهِ وَمَا فَضَلَ مِنْهُمَا يَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ جَازَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَدَّعِ لِنَفْسِهِ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ وَلِلْقَاضِي أَنْ يُوَلِّيَ أَمْرَهُ مَنْ شَاءَ، وَإِنْ ادَّعَى الْوِلَايَةَ قُبِلَ قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا حَمْلًا لِأَمْرِهِ عَلَى الصَّلَاحِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُقِرِّ وَارِثٌ آخَرُ يَجْحَدُ ذَلِكَ كَانَ نَصِيبُ الْجَاحِدِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ لِلْجَاحِدِ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وَنَصِيبُ الْمُقِرِّ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا إذَا قَالَ: هِيَ مَوْقُوفَةٌ مِنْ جَدِّي، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الْأَرْضُ مَوْقُوفَةٌ

عَنْ أَبِي فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِأَبِيهِ وَلَا يَجُوزُ الْوَقْفُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْأَبِ دَيْنٌ أَوْ لَهُ وَصِيَّةٌ أَوْ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ أَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَا يُجْعَلُ الْوَاقِفُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ وَكَانَتْ الْوِلَايَةُ لَهُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَمَّا إذَا أَضَافَ الْوَقْفَ إلَى رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ ذَكَرَ رَجُلًا مَعْرُوفًا سَمَّاهُ بِعَيْنِهِ وَكَانَتْ الْإِضَافَةُ بِحَرْفِ " مِنْ " فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فِي الْأَحْيَاءِ وَكَانَ حَاضِرًا يُرْجَعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ لَهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِالْوَقْفِ فَإِنْ صَدَّقَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ يَثْبُتُ جَمِيعُ ذَلِكَ بِتَصَادُقِهِمَا وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْمِلْكِ وَكَذَّبَهُ فِي الْوَقْفِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِتَصَادُقِهِمَا، وَلَمْ يَثْبُتْ الْوَقْفُ لِكَوْنِ الشَّاهِدِ وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَالْأَمْرُ إلَى وَرَثَتِهِ فِي التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ عَلَى مَا ذُكِرَ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَعْضُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الْبَعْضُ فِي الْوَقْفِيَّةِ فَنَصِيبُ الْمُصَدِّقِ وَقْفٌ وَنَصِيبُ الْجَاحِدِ مِلْكٌ يَتَصَرَّفُ فِيهِ مَا شَاءَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ صَدَّقُوهُ جَمِيعًا فَالْوِلَايَةُ لَهُ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ قِيَاسًا. وَقَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَبِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ. وَكَذَلِكَ إذَا صَدَّقُوهُ فِي الْوَقْفِ وَكَذَّبَهُ الْبَعْضُ فِي الْوِلَايَةِ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ قِيَاسًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ: إلَّا أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ بِالْوِلَايَةِ عَلَى الْجَاحِدِينَ وَشَهَادَةُ الْوَارِثِينَ فِي ذَلِكَ مَقْبُولَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِضَافَةُ بِحَرْفِ " عَنْ " فَهَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالْمِلْكِ لِفُلَانٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ بِأَنْ قَالَ: هَذِهِ الْأَرْضُ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ أَوْ عَنْ مُحَمَّدٍ، صَارَتْ وَقْفًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَإِنْ سَمَّى بَعْدَ ذَلِكَ رَجُلًا لَمْ يُصَدَّقْ إذَا كَانَ مَفْصُولًا وَكَانَتْ الْإِضَافَةُ بِحَرْفِ " مِنْ " وَإِنْ كَانَتْ الْإِضَافَةُ بِحَرْفِ " عَنْ " صَدَقَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ سَمَّى الْوَاقِفَ وَالْمُسْتَحِقَّ فَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ يُرْجَعَ فِيهِ إلَى ذَلِكَ الْوَاقِفِ إنْ كَانَ حَيًّا وَإِلَى وَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا، فَإِنْ صَدَّقَهُ أَوْ صَدَّقُوهُ فِي الْوَقْفِيَّةِ فِي الشُّرُوطِ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ أَوْ كَذَّبُوهُ لَا يَثْبُتُ الْوَقْفُ وَلَا الشُّرُوطُ، كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. لَوْ أَقَرَّ بِالْوَقْفِيَّةِ وَلَمْ يُسَمِّ وَاقِفَهُ وَسَمَّى مُسْتَحِقَّهُ بِأَنْ قَالَ: هَذِهِ الْأَرْضُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى نَفْسِي وَعَلَى وَلَدِي وَنَسْلِي فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْوِلَايَةُ إلَيْهِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ دُونَ الْقِيَاسِ، فَإِنْ ادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهِ وَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ فِي حِصَّتِهِ دُونَ حِصَّةِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِأَرْضٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى قَوْمٍ

مَعْلُومِينَ سَمَّاهُمْ ثُمَّ يُقِرُّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى غَيْرِهِمْ أَوْ زَادَ مَعَهُمْ أَوْ نَقَّصَ عَنْهُمْ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ وَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَجْهٍ سَمَّاهُ ثُمَّ بَيَّنَ وَجْهًا آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ الثَّانِي قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَيَكُونُ عَلَى مَا بَيَّنَ أَوَّلًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِأَرْضٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: إنَّهَا وَقْفٌ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَسَمَّى عَدَدًا مَعْلُومًا فِي الْقِيَاسِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ الْآخَرُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُقْبَلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لَوْ قَالَ: عَلَى فُلَانٍ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَفْصُولًا، يُبْدَأُ أَوَّلًا بِفُلَانٍ بِعَيْنِهِ لَا يُقْبَلُ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ مَوْصُولًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْبَلُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ الثَّانِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ أَقَرَّ بِأَرْضٍ فِي يَدِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ فُلَانًا وَلَّاهُ هَذِهِ الْأَرْضَ وَهِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ فِي الْقِيَاسِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي التَّوْلِيَةِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَتَلَوَّمُ الْقَاضِي زَمَانًا فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عِنْدَهُ غَيْرَ مَا أَقَرَّ بِهِ جَوَّزَ إقْرَارَهُ عَلَى سَبِيلِ مَا أَقَرَّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الْأَرْضُ وَلَّاهَا الْقَاضِي وَالِدِي ثُمَّ تُوُفِّيَ وَالِدِي وَأَوْصَى إلَيَّ وَهِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى كَذَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: هَذِهِ الْأَرْضُ كَانَتْ فِي يَدِ وَالِدِي، أَوْ قَالَ: كَانَتْ فِي يَدِ فُلَانٍ فَأَوْصَى إلَيَّ وَهِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ، لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: كَانَتْ فِي يَدِ فُلَانٍ وَقَدْ أَوْصَى بِهَا إلَيَّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى وَارِثِ فُلَانٍ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِهِ وَأَوْصَى إلَى الَّذِي أَوْصَى إلَيَّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ لِأَرْضِ غَيْرِهِ: هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ ثُمَّ مَلَكَهَا صَارَتْ وَقْفًا، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. أَرْضٌ فِي يَدِ وَرَثَةٍ أَقَرُّوا أَنَّ أَبَاهُمْ وَقَفَهَا وَسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَجْهًا غَيْرَ مَا سَمَّى صَاحِبُهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ إقْرَارَهُمْ وَيَصْرِفَ غَلَّةَ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَقَرَّ وَتَكُونُ وِلَايَةُ هَذَا الْوَقْفِ لِلْقَاضِي يُوَلِّيهَا مَنْ شَاءَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ وَقَفَ نَصِيبُ الصَّغِيرِ حَتَّى يُدْرِكَ وَنَصِيبُ الْغَائِبِ حَتَّى يَعُودَ فَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَنَّ وَالِدَهُمْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ فَنَصِيبُ مَنْ أَقَرَّ لِلْوَقْفِ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ وَنَصِيبُ الْجَاحِدِينَ مِلْكٌ لَهُمْ وَلَا يَدْخُلُ الْجَاحِدُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ مِنْ الْغَلَّةِ فَإِنْ بَاعَ الْجَاحِدُونَ بَعْضَ حِصَصِهِمْ وَرَجَعُوا إلَى تَصْدِيقِ الْمُقِرِّينَ صُدِّقُوا فِيمَا بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ وَلَا يَقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِيمَا بَاعُوا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُمْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ

كَذَّبَهُمْ غَرِمَ الْبَاعَةُ قِيمَةَ مَا بَاعُوا وَتُشْتَرَى أَرْضٌ فَتَكُونُ مَوْقُوفَةً مَعَ الْبَاقِي عَلَى مَا أَقَرُّوا بِهِ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْبَاعَةِ دَخَلَ مَعَ الْبَاقِينَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُمْ أَقَرُّوا بِهِ وَرَجَعَ هُوَ إلَى تَصْدِيقِهِمْ فَلَا يَصِيرُ الْمُقَدَّمُ مِنْ الْغَلَّةِ قِصَاصًا بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْقِيمَةِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. قَالَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى زَيْدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَقَالَ زَيْدٌ: إنَّ الْوَاقِفَ جَعَلَ هَذَا الْوَقْفَ عَلَيَّ وَعَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَعَلَى عَمْرٍو فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى غَيْرِهِ، يُنْظَرُ إلَى الْغَلَّةِ عِنْدَ قِسْمَتِهَا فَيُقَسَّمُ عَلَى زَيْدٍ وَعَلَى مَنْ كَانَ مَوْجُودًا مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ فَمَا أَصَابَ زَيْدًا مِنْهَا دَخَلَ عَمْرٌو مَعَهُ فِي ذَلِكَ؛ فَتَكُونُ حِصَّةُ زَيْدٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَبَيْنَ عَمْرٍو أَبَدًا مَا كَانَ زَيْدٌ فِي الْأَحْيَاءِ، فَإِذَا مَاتَ زَيْدٌ بَطَلَ إقْرَارُهُ وَلَمْ يَكُنْ لِعَمْرٍو حَقٌّ فِي هَذِهِ الصَّدَقَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ وَقَفَهَا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ بَعْدَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَأَقَرَّ زَيْدٌ لِعَمْرٍو عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا كَانَ لِعَمْرٍو أَنْ يُشَارِكَ زَيْدًا فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ مَا دَامَ زَيْدٌ فِي الْأَحْيَاءِ فَإِذَا مَاتَ كَانَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْمَسَاكِينِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا ضَيْعَةٌ زَعَمَ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ مِنْ أَبِيهِ وَالِابْنُ الْآخَرُ يَقُولُ: هِيَ وَقْفٌ عَلَيْنَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَهِيَ وَقْفٌ عَلَيْهِمَا، هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. قَالَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ: رَجُلٌ فِي يَدِهِ أَرْضٌ أَوْ دَارٌ ادَّعَاهَا رَجُلٌ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهَا لَهُ وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ يَقُولُ: هَذِهِ الْأَرْضُ وَقَفَهَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَدَفَعَهَا إلَيَّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ الْأَرْضَ وَقْفًا عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ، وَلَكِنْ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْ صَاحِبِ الْيَدِ بِذَلِكَ، حَتَّى أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ قَالَ لِلْقَاضِي: حَلِّفْهُ مَا هَذِهِ الْأَرْضُ لِي، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفَهُ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا لِهَذَا الرَّجُلِ فَالْقَاضِي يُضَمِّنُهُ قِيمَةَ الْأَرْضِ وَلَا يَبْطُلُ مَا قَضَى بِهِ مِنْ الْوَقْفِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ حَكَمَ لَهُ وَبَطَلَ الْإِقْرَارُ بِالْوَقْفِ فَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّ رَجُلًا مَعْرُوفًا وَقَفَهَا وَحَضَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَأَقَرَّ بِالْوَقْفِ كَانَ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي، فَإِنْ سَمَّى صَاحِبُ الْيَدِ قَوْمًا وَقَالَ: هِيَ وَقْفٌ عَلَيْهِمْ كَانُوا خُصَمَاءَ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ أَقَرَّ الْقَوْمُ لِلْمُدَّعِي بِأَنَّهَا مِلْكٌ لَهُ قَبِلَ إقْرَارَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِي الْغَلَّةِ فَإِذَا مَاتُوا كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْمَسَاكِينِ دُونَ الْمُدَّعِي، فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فِي يَدِ قَيِّمٍ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا فَهُوَ خَصْمٌ لِلْمُدَّعِي تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ

وَلَا يُسْتَحْلَفُ الْقَيِّمُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَمْ يَصِحَّ وَكَذَلِكَ أَمِينُ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْحَاوِي فَلَوْ أَنَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ بَعْدَ مَا أَقَرَّ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَأَوْلَادِهِمْ وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَقَرَّ أَنَّ الدَّارَ لِلْمُدَّعِي، ثُمَّ إنَّ هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمِينَ حَضَرُوا وَكَذَّبُوا صَاحِبَ الْيَدِ فِي إقْرَارِهِ بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي، وَقَالُوا: هَذِهِ الدَّارُ وَقْفٌ عَلَيْنَا فَهُمْ الْخُصَمَاءُ لِلْمُدَّعِي فِيمَا يَدَّعِي فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى مِلْكِيَّةِ الدَّارِ قَضَى بِالدَّارِ وَبَطَلَ إقْرَارُ الَّذِي كَانَتْ فِي يَدِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَى كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى دَعْوَاهُمْ، فَإِنْ أَقَرُّوا بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي أَوْ نَكَلُوا عَنْ الْيَمِينِ كَانَ إقْرَارُهُمْ جَائِزًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ دُونَ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَالْمَسَاكِينِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُمْ عَلَى الْغَيْرِ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَقَرَّ بِوَقْفٍ صَحِيحٍ وَأَقَرَّ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَوَارِثُهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ قَالُوا: إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ جَائِزٌ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوهُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ فِي الْقَضَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَادَّعَى أَنَّ الضَّيْعَةَ لَهُ وَأَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ، لَمْ يَبْطُلْ الْوَقْفُ فَيَضْمَنُونَ قِيمَةَ الضَّيْعَةِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ الْفَقِيهُ: يَجِبُ الضَّمَانُ بِلَا خِلَافٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ فَإِنْ أَنْكَرَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ فَأَرَادَ تَحْلِيفَهُمْ إنْ أَرَادَ أَخْذَ الضَّيْعَةِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ الْقِيمَةِ إنْ نَكَلُوا فَلَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ أَقَرَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ وَقَفَ وَقْفَهَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي أَبْوَابِ الْخَيْرِ وَالْمَسَاكِينِ، وَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَوَلَّاهُ الْقِيَامَ بِهَا ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَقَدَّمَ صَاحِبَ الْيَدِ إلَى الْقَاضِي وَقَالَ: أَنَا وَقَفْت هَذَا الْوَقْفَ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ وَالسَّبِيلِ وَدَفَعْته إلَى هَذَا وَوَلَّيْته الْقِيَامَ بِأَمْرِهَا، وَأَرَادَ أَنْ يَقْبِضَهَا مِنْ يَدِ الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ هَذِهِ الْأَرْضُ صَدَّقَهُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَقَفَهَا فَلَهُ أَنْ يَقْبِضَهَا مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ: إنَّمَا دَفَعْتُهَا إلَيْهِ وَدِيعَةً، وَصَاحِبُ الْيَدِ يَقُولُ: إنَّهَا كَانَتْ لَهُ وَقَفَهَا عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْيَدِ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الْأَرْضَ لِهَذَا الْمُدَّعِي، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَرْضٌ فِي يَدِ رَجُلٍ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَنَسْلِهِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ إنْ عُرِفَ أَيُّ

الباب التاسع في غصب الوقف

الْإِقْرَارَيْنِ كَانَ أَوَّلًا جَازَ الْأَوَّلُ وَيَبْطُلُ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الْأَوَّلُ مِنْ الْآخِرِ يُقْضَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ذِمِّيٌّ فِي يَدِهِ أَرْضٌ أَقَرَّ بِأَنَّ مُسْلِمًا وَقَفَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ فِي الْحَجِّ أَوْ فِي الْغَزْوِ أَوْ سَمَّى وَجْهًا آخَرَ مِمَّا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، جَازَ إقْرَارُهُ وَيَجْرِي عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي سَمَّاهَا، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ الْمُسْلِمَ وَقَفَهَا عَلَى الْبِيَعِ أَوْ سَمَّى وَجْهًا لَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ، بَطَلَ إقْرَارُهُ وَأُخْرِجَتْ الْأَرْضُ مِنْ يَدِهِ وَجُعِلَتْ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي الْحَاوِي. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي غَصْبِ الْوَقْفِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي غَصْبِ الْوَقْفِ) رَجُلٌ وَقَفَ أَرْضًا أَوْ دَارًا وَدَفَعَهَا إلَى رَجُلٍ وَوَلَّاهُ الْقِيَامَ بِذَلِكَ فَجَحَدَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَهُوَ غَاصِبٌ يُخْرِجُ الْأَرْضَ مِنْ يَدِهِ وَالْخَصْمُ فِيهِ الْوَاقِفُ، فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ مَيِّتًا وَجَاءَ أَهْلُ الْوَقْفِ يُطَالِبُونَ بِهِ نَصَّبَ الْقَاضِي قَيِّمًا يُخَاصِمُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ دَخَلَهَا نَقْصٌ ضَمِنَ مَا كَانَ مِنْ نُقْصَانٍ بَعْدَ جُحُودِهِ وَيُعَمَّرُ بِهِ مَا انْهَدَمَ مِنْهُ، وَلَوْ غَصَبَهَا مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ مِنْ وَالِيهَا غَاصِبٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى الْوَاقِفِ فَإِنْ أَبَى وَثَبَتَ غَصْبُهُ عِنْدَ الْقَاضِي حَبَسَهُ حَتَّى رَدَّ فَإِنْ كَانَ دَخَلَ الْوَقْفَ نَقْصٌ غَرِمَ النُّقْصَانَ وَيُصْرَفُ إلَى مَرَمَّةِ الْوَقْفِ وَيُعَمَّرُ بِهِ مَا انْهَدَمَ مِنْهُ وَلَا يُقَسَّمُ بَيْنَ أَهْلِ الْوَقْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ زَادَ فِي الْأَرْضِ مِنْ عِنْدِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مَالًا مُتَقَوِّمًا بِأَنْ كَرَبَ الْأَرْضَ أَوْ حَفَرَ النَّهْرَ أَوْ أَلْقَى فِي ذَلِكَ السِّرْقِينَ وَاخْتَلَطَ ذَلِكَ بِالتُّرَابِ وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَهْلَكِ فَإِنَّ الْقَيِّمَ يَسْتَرِدُّ الْأَرْضَ مِنْ الْغَاصِبِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مَالًا مُتَقَوِّمًا كَالْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ يُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ وَقَلْعِ الْأَشْجَارِ وَرَدِّ الْأَرْضِ إنْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ أَضَرَّ بِالْوَقْفِ بِأَنْ خَرَّبَ الْأَرْضَ بِقَلْعِ الْأَشْجَارِ وَالدَّارَ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ لَمْ يَكُنْ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَرْفَعَ الْبِنَاءَ أَوْ يَقْلَعَ الشَّجَرَ إلَّا أَنَّ الْقَيِّمَ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْغِرَاسِ مَقْلُوعًا وَقِيمَةَ الْبِنَاءِ مَرْفُوعًا إنْ كَانَ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فِي يَدِ الْمُتَوَلِّي يَكْفِي لِذَلِكَ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فَيُعْطَى الضَّمَانُ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ أَرَادَ الْغَاصِبُ قَطْعَ الْأَشْجَارِ مِنْ أَقْصَى مَوْضِعٍ لَا يُخَرِّبُ الْأَرْضَ كَانَ

لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ يَضْمَنُ الْقَيِّمُ لَهُ قِيمَةَ مَا بَقِيَ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ إنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ صَالَحَ الْمُتَوَلِّي مِنْ الْغَرْسِ عَلَى شَيْءٍ جَازَ إذَا كَانَ فِيهِ صَلَاحُ الْوَقْفِ وَكَذَا فِي الْعِمَارَةِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ غَصَبَ الْأَرْضَ الْمَوْقُوفَةَ رَجُلٌ قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ غَصَبَهَا مِنْ الْغَاصِبِ رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ مَا صَارَتْ قِيمَتُهَا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَالْقَيِّمُ لَا يَتْبَعُ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ إنَّمَا يَتْبَعُ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ إذَا كَانَ الثَّانِي مَلِيًّا يُرِيدُ بِهِ إذَا غَصَبَهَا رَجُلٌ آخَرُ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهَا مِنْ يَدِ ثَالِثٍ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَمْلَى مِنْ الثَّانِي يَتْبَعُ الْأَوَّلَ وَإِذَا اتَّبَعَ الْقَيِّمُ أَحَدَهُمَا بِالضَّمَانِ بَرِئَ الْآخَرُ إذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ أَحَدِهِمَا يَشْتَرِي بِهَا أَرْضًا أُخْرَى فَيَقِفُهَا مَكَانَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْأَرْضُ رَدَّ الْقِيمَةَ وَكَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَى حَالِهَا وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَبْسُهَا إلَى أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ الْقِيمَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْغَاصِبِ فَضَاعَتْ مِنْ يَدِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ ضَاعَتْ الْقِيمَةُ فِي يَدِ الْقَيِّمِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا أَرْضًا أُخْرَى ثُمَّ رُدَّتْ أَرْضُ الْوَقْفِ عَلَيْهِ كَانَتْ وَقْفًا عَلَى مَا كَانَتْ وَضَمِنَ الْقَيِّمُ الْقِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ الْقَيِّمُ بِذَلِكَ فِي غَلَّاتِ الْوَقْفِ اسْتِحْسَانًا وَلَكِنْ يَرْجِعُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ سِوَى غَلَّةِ الْوَقْفِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ كَانَ الْقَيِّمُ حِينَ أَخَذَ الْقِيمَةَ اشْتَرَى بِهَا أَرْضًا أُخْرَى لِلْوَقْفِ ثُمَّ رُدَّتْ الْأَرْضُ الْأُولَى عَلَيْهِ كَانَتْ وَقْفًا عَلَى حَالِهَا وَخَرَجَتْ الْأَرْضُ عَنْ الْوَقْفِيَّةِ وَكَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبِيعَهَا وَيُوفِيَ مِنْ ثَمَنِهَا الْقِيمَةَ الَّتِي قَبَضَهَا فَإِنْ كَانَ فِيهَا نُقْصَانٌ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْقَيِّمِ فِي مَالِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ فِي غَلَّاتِ الْوَقْفِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ بِهَا فَبَاعَهَا الْقَيِّمُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَضَاعَ ثُمَّ رُدَّتْ الدَّارُ الْأُولَى عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ ضَمِنَ الْقَيِّمُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ يَبِيعُ أَرْضَ الْوَقْفِ الَّتِي رُدَّتْ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي غَرِمَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا غَصَبَ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ أَوَالْأَرْضَ الْمَوْقُوفَةَ فَهَدَمَ بِنَاءَ الدَّارِ وَقَلَعَ الْأَشْجَارَ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ الْأَشْجَارِ وَالنَّخِيلِ وَالْبِنَاءِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ الْغَاصِبُ عَلَى رَدِّهَا وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا وَقِيمَةَ الْأَشْجَارِ وَالنَّخِيلِ ثَانِيًا فِي الْأَرْضِ، فَإِنْ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَتْ الدَّارُ وَالْأَرْضُ وَالنَّقْصُ وَالْأَشْجَارُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ظَهَرَتْ الدَّارُ، قَدَرَ

الْغَاصِبُ عَلَى رَدِّ الدَّارِ وَالنَّقْضِ وَالْأَشْجَارِ فَالْغَاصِبُ يَرُدُّ الْعَرْصَةَ عَلَى الْوَاقِفِ وَأَمَّا النَّقْصُ وَالشَّجَرُ فَيَكُونُ لِلْغَاصِبِ وَيَرُدُّ الْقَيِّمُ عَلَى الْغَاصِبِ حِصَّةَ الْعَرْصَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ جَنَى عَلَى الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ جَانٍ وَأَخَذَ الْغَاصِبُ مِنْهُ قِيمَتَهُ وَالْغَاصِبُ مُعْدِمٌ لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُضَمِّنَ الْجَانِيَ، فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ زَرَعَ الْأَرْضَ فَالزَّرْعُ لَهُ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ يُجْعَلُ فِي عِمَارَتِهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا كَانَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ نَخِيلٌ وَأَشْجَارٌ اسْتَغَلَّهَا الْغَاصِبُ سِنِينَ يَعْنِي الْأَشْجَارَ وَالنَّخِيلَ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّ الْأَرْضِ وَالنَّخِيلِ وَالْأَشْجَارِ رَدَّ الْغَلَّةَ مَعَهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً ضَمِنَ مِثْلَهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمَا أُخِذَ مِنْ الْغَاصِبِ مِنْ بَدَلِ الْغَلَّةِ فُرِّقَ فِي الْوُجُوهِ الَّتِي سَبَّلَهَا عَلَيْهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. غَصَبَ أَرْضَ الْوَقْفِ وَفِيهَا نَخِيلٌ وَأَشْجَارٌ فَقَلَعَ الْأَشْجَارَ وَالنَّخِيلَ رَجُلٌ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ فَالْقَيِّمُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الْأَشْجَارِ وَالنَّخِيلُ ثَابِتًا فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَالِعَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى الْقَالِعِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْقَالِعَ لَمْ يَرْجِعْ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ لَمْ يُضَمِّنْ الْقَيِّمُ أَحَدَهَا حَتَّى ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْقَالِعَ وَأَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ مَا قَلَعَ فَجَاءَ الْقَيِّمُ وَأَرَادَ تَضْمِينَ الْقَالِعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ غَصَبَ ضَيْعَةً مَوْقُوفَةً فَخَاصَمَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَتُرَدُّ عَلَيْهِ الضَّيْعَةُ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ غَصَبَ الْوَقْفَ أَحَدٌ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ حَقُّ الْخُصُومَةِ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَقْفٌ عَلَى نَفَرٍ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ ظَالِمٌ لَا يُمْكِنُ انْتِزَاعُهُ مِنْ يَدِهِ فَادَّعَى الْمَوْقُوفُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ هَذَا الظَّالِمِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَأَرَادُوا تَحْلِيفَهُمْ ذَلِكَ فَإِذَا أَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ فَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَامَتْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّ الْفَتْوَى فِي غَصْبِ الدُّورِ وَالْعَقَارِ الْمَوْقُوفَةِ بِالضَّمَانِ نَظَرًا لِلْوَقْفِ، كَمَا أَنَّ الْفَتْوَى فِي غَصْبِ مَنَافِعِ الْوَقْفِ بِالضَّمَانِ نَظَرًا لِلْوَقْفِ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِنَا وَمَتَى قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ فَيُشْتَرَى بِهَا ضَيْعَةٌ أُخْرَى فَتَكُونُ وَقْفًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَقَفَ مَوْضِعًا فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ غَاصِبٌ وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُؤْخَذُ مِنْ الْغَاصِبِ قِيمَتُهُ وَيُشْتَرَى بِهَا مَوْضِعٌ آخَرَ فَيُوقَفُ عَلَى

شَرَائِطِهِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا جَحَدَ صَارَ مُسْتَهْلَكًا، وَالشَّيْءُ الْمُسَبَّلُ إذَا صَارَ مُسْتَهْلَكًا وَجَبَ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ كَالْفَرَسِ الْمُسَبَّلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إذَا قُتِلَ فَهَذَا اسْتِحْسَانٌ أَخَذَ بِهِ الْمَشَايِخُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ ثُمَّ إنَّ الْوَاقِفَ زَرَعَهَا وَأَنْفَقَ فِيهَا وَأَخْرَجَتْ زَرْعًا وَالْبُذُورُ مِنْ قِبَلِ الْوَاقِفِ فَقَالَ: أَنَا زَرَعْتُهَا لِنَفْسِي بِبَذْرِي، وَقَالَ أَهْلُ الْوَقْفِ: زَرَعْتَهَا لِلْوَقْفِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاقِفِ الزَّارِعِ وَالزَّرْعُ لَهُ فَإِنْ سَأَلَ أَهْلُ الْوَقْفِ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ وَقَدْ زَرَعَهَا لِنَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْ يَدِهِ وَلَكِنْ يَتَقَدَّمُ فِي زِرَاعَتِهَا لِلْوَقْفِ فَإِنْ احْتَجَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَقْفِ عِنْدَهُ مَالٌ وَلَا بَذْرٌ، قَالَ الْقَاضِي: اسْتَدِنْ عَلَى الْوَقْفِ وَاجْعَلْ مَا تَسْتَدِينُ بِهِ فِي الْبُذُورِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الزَّرْعِ، فَإِنْ قَالَ: لَا يُمْكِنُنِي؛ قَالَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ: اسْتَدِينُوا أَنْتُمْ مَا تَشْتَرُونَ بِهِ بَذْرًا وَمَا يَكُونُ فِي النَّفَقَةِ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَأْخُذُوا ذَلِكَ مِمَّا يَجِيءُ بِهِ مِنْ الْغَلَّةِ، فَإِنْ قَالُوا: لَا نَأْمَنُ أَنْ نَسْتَدِينَ نَحْنُ وَنَشْتَرِيَ الْبَذْرَ، وَكَمَا صَارَ فِي يَدِ الْوَاقِفِ جَحَدَ ذَلِكَ، لَكِنْ نَحْنُ نَزْرَعُ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُطْلَقَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي وَقَفَ أَحَقُّ بِالْقِيَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَخُوفًا عَلَيْهِ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُتْلِفَهُ فَإِنْ زَرَعَ الْوَاقِفُ الْأَرْضَ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَأَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ مِنْ غَرَقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَذَهَبَ الزَّرْعُ فَقَالَ: اسْتَدَنْت وَزَرَعْت هَذَا الزَّرْعَ الَّذِي عَطِبَ لِلْوَقْفِ وَجَاءَتْ غَلَّةٌ أُخْرَى فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّةِ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ اسْتَدَانَهُ لِذَلِكَ، وَقَالَ أَهْلُ الْوَقْفِ: إنَّمَا زَرَعَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْوَاقِفِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّةِ مَا اسْتَدَانَ لِهَذَا الزَّرْعِ فَإِنْ قَالَ الْوَاقِفُ: اسْتَدَنْت أَلْفَ دِرْهَمٍ وَاشْتَرَيْت بِهَا بَذْرًا وَأَنْفَقْت عَلَيْهِ، وَقَالَ أَهْلُ الْوَقْفِ: إنَّمَا أَنْفَقْتَ مِنْ ثَمَنِ الْبَذْرِ، وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّرْعِ خَمْسُمِائَةٍ، قَالَ: يُصَدَّقُ الْوَاقِفُ فِي مِقْدَارِ مَا يُنْفَقُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنْ اخْتَلَفَ وَالِي الْوَقْفِ يَعْنِي الْقَيِّمَ وَأَهْلُ الْوَقْفِ فِي الزَّرْعِ فَقَالَ الْوَالِي: زَرَعْتُهَا لِنَفْسِي بِبَذْرِي وَنَفَقَتِي، وَقَالَ أَهْلُ الْوَقْفِ: بَلْ زَرَعْتَهَا لَنَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَالِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الباب العاشر في وقف المريض

[الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي وَقْفِ الْمَرِيضِ] ِ) مَرِيضٌ وَقَفَ دَارًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَخْرُجْ فَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا بَطَلَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَإِنْ أَجَازَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ جَازَ بِقَدْرِ مَا أَجَازُوا وَبَطَلَ فِي الْبَاقِي إلَّا أَنْ يَظْهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ غَيْرُ ذَلِكَ فَيُنَفَّذُ الْوَقْفُ فِي الْكُلِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ أَبْطَلَ الْقَاضِي الْوَقْفَ فِي الثُّلُثَيْنِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ يَخْرُجُ الْكُلُّ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ تَصِيرُ كُلُّهَا وَقْفًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَاعَ الْوَارِثُ لَا يُنْقَضُ بَيْعُهُ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ قَدْرَ مَا بَاعَ، وَيَشْتَرِي بِهِ أَرْضًا أُخْرَى فَتُوقَفُ مَكَانَهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ حَصَلَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ بِأَنْ قُتِلَ عَمْدًا ثُمَّ إنَّ الْوَرَثَةَ صَالَحُوا الْقَاتِلَ عَلَى مَالٍ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ بَاعَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ دُونَ الْبَعْضِ فَمَا لَمْ يُبَعْ يَعُودُ وَقْفًا وَمَا بِيعَ يُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ أَرْضٌ وَتُوقَفُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْقَاضِي الْأَرْضَ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ فِيهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ تَخْرُجُ الْأَرْضُ مِنْ ثُلُثِهِ، لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَلَكِنْ يُرْفَعُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ مِقْدَارُ ثَمَنِ الْأَرْضِ وَتُشْتَرَى بِهِ أَرْضٌ أُخْرَى وَتُوقَفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا جَعَلَ أَرْضَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ صَارَتْ مَوْقُوفَةً تُسْتَغَلُّ ثُمَّ تُقَسَّمُ غَلَّتُهَا عَلَى جَمِيعِ وَرَثَتِهِ عَلَى سِهَامِ الْمِيرَاثِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ وَأَوْلَادٌ تُعْطَى الزَّوْجَةُ الثُّمُنَ، وَإِنْ كَانَ أَبَوَانِ وَأَوْلَادٌ فَالْأَبَوَانِ يُعْطَيَانِ السُّدُسَيْنِ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَهَذَا إذَا كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ صُلْبِيَّةٌ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَإِنَّهُ تُقَسَّمُ الْغَلَّةُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْأَوْلَادِ الصُّلْبِيَّةِ وَعَلَى عَدَدِ رُءُوسِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، فَمَا أَصَابَ أَوْلَادَهُ لِصُلْبِهِ مِنْ ذَلِكَ قُسِّمَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا أَصَابَ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الصُّلْبِ قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ فَلَا يَكُونُ لِزَوْجَتِهِ وَلَا لِأَبَوَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ لَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَقْفَ جَازَ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لَا يُفَضَّلُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى وَلَا يَكُونُ لِلْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا الْوَقْفَ جَازَ الْوَقْفُ مِنْ الثُّلُثِ

فَصَارَ ثُلُثُ الرَّقَبَةِ وَقْفًا لِلْفُقَرَاءِ وَتُقَسَّمُ الْغَلَّةُ بَيْنَ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا قَوْلُ هِلَالٍ وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْخَصَّافِ وَالْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْمَشِيِّ وَالْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى قَرَابَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ قَرَابَتُهُ وَرَثَةً لَهُ فَهَذَا وَمَا لَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْوَلَدِ سَوَاءٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا وَرَثَةً لَهُ جَازَ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ وَيَسْتَحِقُّونَ الْغَلَّةَ بِجِهَةِ الْوَقْفِيَّةِ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ دُونَ الْبَعْضِ فَإِنْ أَجَازُوا جَازَ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا صَارَتْ وَقْفًا لِلْفُقَرَاءِ مِنْ الثُّلُثِ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ عَلَى قَوْلِ هِلَالٍ وَمَنْ تَابَعَهُ لِلْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، فَإِنْ مَاتَ الْوَارِثُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْضُ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ إلَّا أَنَّ الْوَارِثَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ حَيٌّ فَالْغَلَّةُ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَمَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ يَصِيرُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِي وَآخِرُهُ لِلْفُقَرَاءِ، أَوْ أَوْصَى بِذَلِكَ وَالْأَرْضُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ فَإِنْ أَجَازُوا قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَ الْوَارِثِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ عَلَى وَلَدِ الصُّلْبِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، ثُمَّ مَا أَصَابَ وَلَدَ الْوَلَدِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَمَا أَصَابَ وَلَدَ الصُّلْبِ فَهُوَ مِيرَاثٌ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ هَلَكَ بَعْضُ وَلَدِ الصُّلْبِ وَبَعْضُ وَلَدِ الْوَلَدِ وَحَدَثَ بَعْضُ وَلَدِ الْوَلَدِ يُنْظَرُ إلَى عَدَدِهِمْ يَوْمَ تَحْدُثُ الْغَلَّةُ ثُمَّ مَا أَصَابَ وَلَدَ الصُّلْبِ يُقَسَّمُ عَلَى جَمِيعِ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ يَوْمَ مَاتَ الْوَاقِفُ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ، ثُمَّ حِصَّةُ الْمَيِّتِ مِنْهُمْ تَكُونُ لِوَرَثَتِهِ فَإِنْ انْقَرَضَ وَلَدُ الصُّلْبِ كُلُّهُمْ فَالْغَلَّةُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ وَالنَّسْلِ وَلَا شَيْءَ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ الْمَرِيضُ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَنْ احْتَاجَ مِنْ وَلَدِي وَنَسْلِي يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَسَعُ نَفَقَتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ فَقِيرٌ فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْفُقَرَاءِ، فَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ وَنَسْلُهُ فُقَرَاءَ قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ يُقَدَّرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَكْفِيهِ لِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ وَلَدِهِ وَامْرَأَتِهِ وَخَادِمِهِ بِالْمَعْرُوفِ لِطَعَامِهِمْ وَإِدَامِهِمْ وَكِسْوَةِ سَنَةٍ ثُمَّ مَا أَصَابَ وَلَدَهُ لِصُلْبِهِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ جَمِيعِ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا أُخِذَ مِنْهُ بَعْضُ مَا أَصَابَهُ وَالْبَاقِي لَا يَكْفِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا أَصَابَ وَلَدَ الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ أَغْنِيَاءُ لَا يُعْطَى مَنْ كَانَ غَنِيًّا مِنْ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ شَيْئًا وَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ وَقَفَ

أَرْضَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَأَوْصَى بِوَصَايَا قُسِّمَ ثُلُثُ مَالِهِ بَيْنَ الْوَقْفِ وَبَيْنَ سَائِرِ الْوَصَايَا، فَيُضْرَبُ لِأَهْلِ الْوَصَايَا بِوَصَايَاهُمْ وَلِأَهْلِ الْوَقْفِ بِقِيمَةِ هَذِهِ الْأَرْضِ فَمَا أَصَابَ أَهْلَ الْوَصَايَا أَخَذُوهُ وَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الْوَقْفِ أُخْرِجَ مِنْ الْأَرْضِ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ فَصَارَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَكُونُ الْوَقْفُ الْمُنَفَّذُ أَوْلَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَيْسَ الْوَقْفُ كَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ حَيْثُ يُبْدَأُ بِهِمَا كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ تُعْطَى غَلَّتُهَا بَعْدَ وَفَاتِي لِوَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ وَنَسْلِهِ يَكُونُ وَصِيَّةً بِالْغَلَّةِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: أَرْضِي بَعْدَ وَفَاتِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ وَنَسْلِهِ لَا تُبَاعُ فَهَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ تَكُونُ وَصِيَّةً بِالْغَلَّةِ، وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي بَعْدَ وَفَاتِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ حَبْسٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَهَذَا وَقْفٌ جَائِزٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا جَعَلَ أَرْضَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى قَوْمٍ وَمِنْ بَعْدِهِمْ جَعَلَ الْغَلَّةَ لِلْوَرَثَةِ فَالْغَلَّةُ تَكُونُ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ جَعَلَ لَهُمْ فَإِذَا انْقَرَضُوا كَانَتْ لِلْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ فَإِذَا مَاتُوا كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالْمُحِيطِ. إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِي فَمَنْ هَلَكَ مِنْ وَلَدِي لِصُلْبِي فَمَا كَانَ نَصِيبُهُ بِالْإِرْثِ فَهُوَ وَقْفٌ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي، فَهُوَ جَائِزٌ وَتُقَسَّمُ الْغَلَّةُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ وَلَدِ الْوَلَدِ وَعَلَى عَدَدِ رُءُوسِ وَلَدِ الصُّلْبِ الْأَحْيَاءِ وَمَنْ هَلَكَ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ فَمَا أَصَابَ الْوَلَدَ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ ثُمَّ مَا يُصِيبُ الْأَحْيَاءَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَمْوَاتِ وَمَا أَصَابَ الْأَمْوَاتَ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِمْ بِالْإِرْثِ عَنْهُمْ فَإِنْ أَرَادَ الْوَاقِفُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ وَنَسْلِهِ، فَقَالَ: وَمَا يُصِيبُ الْمَيِّتَ مِنْهُمْ مِنْ حِصَّةِ وَلَدِي الْأَحْيَاءِ فَهُوَ وَقْفٌ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي فَهَذَا لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَقَفَ أَرْضَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَى الْأَرْضِ، فَثُلُثُ الْأَرْضِ وَقْفٌ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ أَوْ لَمْ يُجِيزُوا وَأَمَّا الثُّلُثَانِ فَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ذَاكَ فَذَاكَ مِلْكُ الْوَرَثَةِ فَإِنْ أَجَازُوا فَذَاكَ بَيْنَ وَلَدِ الصُّلْبِ وَبَيْنَ وَلَدِ الْوَلَدِ لِمَكَانِ التَّسْوِيَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَقَفَ أَرْضَهُ فِي مَرَضِهِ وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَتَلِفَ الْمَالُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَصَارَتْ لَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْوَرَثَةِ فَثُلُثُهَا لِلْوَرَثَةِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُوقَفَ أَرْضَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ

الباب الحادي عشر في المسجد وما يتعلق به وفيه فصلان

أَوْ لَمْ تَخْرُجْ وَلَكِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهَا تُوقَفُ كُلُّهَا، وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَمِقْدَارُ الثُّلُثِ يُوقَفُ، وَإِنْ خَرَجَتْ كُلُّهَا مِنْ ثُلُثِهِ وَفِيهَا نَخِيلٌ فَأَثْمَرَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ قَبْلَ وَقْفِ الْأَرْضِ دَخَلَتْ الثَّمَرَةُ فِي الْوَقْفِ، وَإِنْ أَثْمَرَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ فَتِلْكَ الثَّمَرَةُ تَكُونُ مِيرَاثًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَقَفَ الْأَرْضَ فِي مَرَضِهِ وَقْفًا صَحِيحًا وَحَدَثَتْ فِيهَا ثَمَرَةٌ قَبْلَ وَفَاتِهِ، فَإِنَّ الثَّمَرَةَ تَكُونُ وَقْفًا مَعَ الْأَرْضِ، وَلَوْ كَانَتْ فِيهَا ثَمَرَةٌ يَوْمَ وَقَفَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ فَالثَّمَرَةُ مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ الْمَرِيضُ: جَعَلْت أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا عَلَى زَيْدٍ وَعَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَإِنْ احْتَاجَ وَلَدِي أَوْ وَلَدُ وَلَدِي كَانَتْ غَلَّةُ هَذِهِ الْأَرْضِ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا مَا كَانُوا مَحَاوِيجَ إلَيْهَا فَاحْتَاجَ إلَيْهَا وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَإِنَّهُ يُرَدُّ جَمِيعُ الْغَلَّةِ إلَيْهِمْ وَإِنْ مَاتَ بَعْضُ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ ثُمَّ احْتَاجَ إلَيْهَا وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ رُدَّتْ الْغَلَّةُ إلَيْهِمْ وَقُسِّمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَ الْمُحْتَاجِينَ مِنْ وَلَدِهِ وَبَيْنَ مَنْ كَانَ بَاقِيًا مِنْ الْوَرَثَةِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ كَانَ قَالَ: فَإِنْ احْتَاجَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِي لِصُلْبِي أُجْرِيَ عَلَى مَنْ احْتَاجَ مِنْهُمْ مِنْ غَلَّةِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُهُ لِنَفَقَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَكَانَ الْبَاقِي مِنْ غَلَّةِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ مَقْسُومًا بَيْنَ أَهْلِ الْوَقْفِ فَهُوَ جَائِزٌ، فَإِنْ احْتَاجَ خَمْسَةُ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِهِ نُظِرَ إلَى مَا يَسَعُهُمْ لِنَفَقَاتِهِمْ لِسَنَةٍ إلَى إدْرَاكِ الْغَلَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، فَإِنْ بَلَغَ ذَلِكَ مَثَلًا مِائَةَ دِينَارٍ تُقَسَّمُ هَذِهِ الْمِائَةُ الدِّينَارِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سَائِرِ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ فَإِذَا قَسَّمْنَا ذَلِكَ أَصَابَ الْمُحْتَاجِينَ مِنْهُمْ أَقَلُّ مِمَّا يَسَعُهُمْ بِنَفَقَةِ سَنَةٍ فَيُرَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ مَا يُصِيبُهُمْ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارُ مِائَةِ دِينَارٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَفِيهِ فَصْلَانِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ مَسْجِدًا وَفِي أَحْكَامِهِ وَأَحْكَامِ مَا فِيهِ] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَفِيهِ فَصْلَانِ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ مَسْجِدًا وَفِي أَحْكَامِهِ وَأَحْكَامِ مَا فِيهِ) : مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يُفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِطَرِيقَةٍ وَيَأْذَنَ بِالصَّلَاةِ أَمَّا الْإِفْرَازُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُصُ لِلَّهِ تَعَالَى إلَّا بِهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فَلَوْ جَعَلَ وَسَطَ دَارِهِ مَسْجِدًا وَأَذِنَ لِلنَّاسِ فِي الدُّخُولِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ إنْ شَرَطَ مَعَهُ الطَّرِيقَ صَارَ مَسْجِدًا

فِي قَوْلِهِمْ وَإِلَّا فَلَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَا: يَصِيرُ مَسْجِدًا وَتَصِيرُ الطَّرِيقُ مِنْ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِي السِّغْنَاقِيِّ وَلَوْ عَزَلَ بَابَهُ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ يَصِيرُ مَسْجِدًا، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَمَنْ جَعَلَ مَسْجِدًا تَحْتَهُ سِرْدَابٌ أَوْ فَوْقَهُ بَيْتٌ وَجَعَلَ بَابَ الْمَسْجِدِ إلَى الطَّرِيقِ وَعَزَلَهُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ مَاتَ يُورَثُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ السِّرْدَابُ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ جَازَ كَمَا فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا أَرَادَ إنْسَانٌ أَنْ يَتَّخِذَ تَحْتَ الْمَسْجِدِ حَوَانِيتَ غَلَّةً لِمَرَمَّةِ الْمَسْجِدِ أَوْ فَوْقَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ التَّسْلِيمُ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ جَمَاعَةٌ بِإِذْنِهِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ يُشْتَرَطُ أَدَاءُ الصَّلَاةِ فِيهِ بِالْجَمَاعَةِ بِإِذْنِهِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا، كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَةُ الْحَسَنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ جَهْرًا لَا سِرًّا، حَتَّى لَوْ صَلَّى جَمَاعَةٌ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ سِرًّا لَا جَهْرًا لَا يَصِيرُ مَسْجِدًا عِنْدَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْكِفَايَةِ. وَلَوْ جَعَلَ رَجُلًا وَاحِدًا مُؤَذِّنًا وَإِمَامًا وَأَقَامَ وَصَلَّى وَحْدَهُ صَارَ مَسْجِدًا بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا سَلَّمَ الْمَسْجِدَ إلَى مُتَوَلٍّ يَقُومُ بِمَصَالِحِهِ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا إذَا سَلَّمَهُ إلَى الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالْإِضَافَةُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصَيْرُورَةِ الْمَكَانِ مَسْجِدًا صِحَّةً وَلُزُومًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَوْقَافِ عَلَى مَذْهَبِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْوَاقِعَاتِ فِي بَابِ الْعَيْنِ مِنْ كِتَابِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ. رَجُلٌ لَهُ سَاحَةٌ لَا بِنَاءَ فِيهَا أَمَرَ قَوْمًا أَنْ يُصَلُّونَ فِيهَا بِجَمَاعَةٍ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا إمَّا أَنْ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ فِيهَا أَبَدًا نَصًّا، بِأَنْ قَالَ: صَلُّوا فِيهَا أَبَدًا. أَوْ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَنَوَى الْأَبَدَ. فَفِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ صَارَتْ السَّاحَةُ مَسْجِدًا لَوْ مَاتَ لَا يُورَثُ عَنْهُ، وَإِمَّا أَنْ وَقَّتَ الْأَمْرَ بِالْيَوْمِ أَوْ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ. فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا تَصِيرُ السَّاحَةُ مَسْجِدًا لَوْ مَاتَ يُورَثُ عَنْهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مُتَوَلِّي

مَسْجِدٍ جَعَلَ مَنْزِلًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمَسْجِدِ مَسْجِدًا وَصَلَّى النَّاسُ فِيهِ سِنِينَ ثُمَّ تَرَكَ النَّاسُ الصَّلَاةَ فِيهِ فَأُعِيدَ مَنْزِلًا مُسْتَغَلًّا جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ جَعْلُ الْمُتَوَلِّي إيَّاهُ مَسْجِدًا، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. مَرِيضٌ جَعَلَ دَارِهِ مَسْجِدًا وَمَاتَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ صَارَ كُلُّهُ مِيرَاثًا وَبَطَلَ جَعْلُهُ مَسْجِدًا؛ لِأَنَّ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ حَقًّا فَلَمْ يَكُنْ مُفْرَزًا عَنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَقَدْ جُعِلَ الْمَسْجِدُ جُزْءًا شَائِعًا فَيَبْطُلُ كَمَا لَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَسْجِدًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ شِقْصٌ مِنْهَا شَائِعًا يَعُودُ الْبَاقِي إلَى مِلْكِهِ بِخِلَافِ مَا أَوْصَى بِأَنْ يَجْعَلَ ثُلُثَ دَارِهِ مَسْجِدًا حَيْثُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ وُجِدَ الْإِفْرَازُ؛ لِأَنَّ الدَّارَ تُقَسَّمُ وَيُفْرَزُ الثُّلُثُ ثُمَّ يُجْعَلُ مَسْجِدًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ الْمُتَّخَذُ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ حَتَّى يُجَنَّبَ مَا يُجَنَّبُ الْمَسْجِدُ كَذَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا الْمُتَّخَذُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ مَسْجِدٌ فِي حَقِّ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ وَإِنْ انْفَصَلَتْ الصُّفُوفُ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَلَا رِفْقًا بِالنَّاسِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ عَلَى النَّاسِ وَبِجَنْبِهِ أَرْضٌ لِرَجُلٍ تُؤْخَذُ أَرْضُهُ بِالْقِيمَةِ كَرْهًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَرْضُ وَقْفٍ عَلَى مَسْجِدٍ وَالْأَرْضُ بِجَنْبِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَأَرَادُوا أَنْ يَزِيدُوا فِي الْمَسْجِدِ شَيْئًا مِنْ الْأَرْضِ جَازَ لَكِنْ يَرْفَعُوا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْذَنَ لَهُمْ، وَمُسْتَغَلُّ الْوَقْفِ كَالدَّارِ، وَالْحَانُوتُ عَلَى هَذَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي الْكُبْرَى مَسْجِدًا أَرَادَ أَهْلُهُ أَنْ يَجْعَلُوا الرَّحْبَةَ مَسْجِدًا وَالْمَسْجِدَ رَحْبَةً وَأَرَادُوا أَنْ يُحْدِثُوا لَهُ بَابًا وَأَرَادُوا أَنْ يُحَوِّلُوا الْبَابَ عَنْ مَوْضِعِهِ فَلَهُمْ ذَلِكَ فَإِنْ اخْتَلَفُوا نُظِرَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَأَفْضَلُ فَلَهُمْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ فِيهِ بَنَى أَهْلُ الْمَحَلَّةِ مَسْجِدًا وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُمْ رَجُلٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْنُوا، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَفِي الْأَجْنَاسِ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ: سَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ عَنْ نَهْرِ قَرْيَةٍ كَثِيرَةِ الْأَهْلِ لَا يُحْصَى عَدَدُهُمْ وَهُوَ نَهْرُ قَنَاةٍ أَوْ نَهْرُ وَادٍ لَهُمْ خَاصَّةً، وَأَرَادَ قَوْمٌ أَنْ يُعَمِّرُوا بَعْضَ هَذَا النَّهْرِ وَيَبْنُوا عَلَيْهِ مَسْجِدًا وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ بِالنَّهْرِ وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ النَّهْرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَسَعُهُمْ أَنْ يَبْنُوا ذَلِكَ الْمَسْجِدَ لِلْعَامَّةِ أَوْ الْمَحَلَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَوْمٌ بَنَوْا مَسْجِدًا وَاحْتَاجُوا إلَى مَكَانٍ لِيَتَّسِعَ الْمَسْجِدُ وَأَخَذُوا مِنْ الطَّرِيقِ وَأَدْخَلُوهُ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ يَضُرُّ بِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ

لَا يَضُرُّ بِهِمْ رَجَوْتُ أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إنْ أَرَادُوا أَنْ يَجْعَلُوا شَيْئًا مِنْ الْمَسْجِدِ طَرِيقًا لِلْمُسْلِمِينَ فَقَدْ قِيلَ: لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ صَحِيحٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا جُعِلَ فِي الْمَسْجِدِ مَمَرًّا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِتَعَارُفِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فِي الْجَوَامِعِ وَجَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَمُرَّ فِيهِ حَتَّى الْكَافِرُ، إلَّا الْجُنُبَ وَالْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا فِيهِ الدَّوَابَّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. سُلْطَانٌ أَذِنَ لِقَوْمٍ أَنْ يَجْعَلُوا أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْبَلْدَةِ حَوَانِيتَ مَوْقُوفَةً عَلَى مَسْجِدٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا فِي مَسَاجِدِهِمْ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ فُتِحَتْ عَنْوَةً يَجُوزُ أَمْرُهُ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ؛ لِأَنَّ الْبَلْدَةَ إذَا فُتِحَتْ عَنْوَةً صَارَتْ مِلْكًا لِلْغُزَاةِ فَجَازَ أَمْرُ السُّلْطَانِ فِيهَا، وَإِنْ فُتِحَتْ صُلْحًا بَقِيَتْ الْبَلْدَةُ فِي مِلْكِهِمْ فَلَمْ يَجُزْ أَمْرُ السُّلْطَانِ فِيهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ مَسْجِدٌ فِي مَحَلَّةٍ ضَاقَ عَلَى أَهْلِهِ وَلَا يَسَعُهُمْ أَنْ يَزِيدُوا فِيهِ فَسَأَلَهُمْ بَعْضُ الْجِيرَانِ أَنْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ الْمَسْجِدَ لَهُ لِيُدْخِلَهُ فِي دَارِهِ وَيُعْطِيَهُمْ مَكَانَهُ عِوَضًا مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ فَيَسَعُ فِيهِ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَسَعُهُمْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي الْكُبْرَى مَسْجِدٌ مَبْنِيٌّ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَنْقُضَهُ وَيَبْنِيَهُ ثَانِيًا أَحْكَمَ مِنْ الْبِنَاءِ الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةٌ لَهُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَفِي النَّوَازِلِ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَنْهَدِمَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَتَأْوِيلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَانِي مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ وَأَمَّا أَهْلُ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ فَلَهُمْ أَنْ يَهْدِمُوا وَيُجَدِّدُوا بِنَاءَهُ وَيَفْرِشُوا الْحَصِيرَ وَيُعَلِّقُوا الْقَنَادِيلَ لَكِنْ مِنْ مَالِ أَنْفُسِهِمْ أَمَّا مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا لَهُمْ أَنْ يَضَعُوا فِيهِ حَبَابَ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ وَالْوُضُوءِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ لِلْمَسْجِدِ بَانٍ، فَإِنْ عُرِفَ فَالْبَانِي أَوْلَى، كَذَا فِي الْوَجِيزِ. ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ بَنَى مَسْجِدًا، ثُمَّ مَاتَ فَأَرَادَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ أَنْ يَنْقُضُوهُ وَيَزِيدُوا فِيهِ فَلَهُمْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ مَنْعُهُمْ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَزِيدُوا مِنْ الطَّرِيقِ لَمْ آذَنْ لَهُمْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا جَعَلَ أَرْضًا لَهُ مَسْجِدًا وَشَرَطَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا لِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ اتَّخَذَ مَسْجِدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ جَازَ الْوَقْفُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى. فِي وَقْفِ الْخَصَّافِ إذَا جَعَلَ أَرْضَهُ مَسْجِدًا وَبَنَاهُ وَأَشْهَدَ أَنَّ لَهُ إبْطَالَهُ وَبَيْعَهُ فَهُوَ شَرْطٌ بَاطِلٌ وَيَكُونُ مَسْجِدًا، كَمَا لَوْ بَنَى

مَسْجِدًا لِأَهْلِ مَحَلَّةٍ وَقَالَ: جَعَلْت هَذَا الْمَسْجِدَ، وَقَالَ: هَذَا الْمَسْجِدُ لِأَهْلِ هَذِهِ الْمَحَلَّةِ خَاصَّةً، كَانَ لِغَيْرِ أَهْلِ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا خَرِبَ الْمَسْجِدُ وَاسْتَغْنَى أَهْلُهُ وَصَارَ بِحَيْثُ لَا يُصَلَّى فِيهِ عَادَ مِلْكًا لِوَاقِفِهِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ حَتَّى جَازَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ أَوْ يَبْنُوهُ دَارًا وَقِيلَ: هُوَ مَسْجِدٌ أَبَدًا وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ فِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ لَوْ صَارَ أَحَدُ الْمَسْجِدَيْنِ قَدِيمًا وَتَدَاعَى إلَى الْخَرَابِ فَأَرَادَ أَهْلُ السِّكَّةِ بَيْعَ الْقَدِيمِ وَصَرْفَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَدِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلِأَنَّ الْمَسْجِدَ وَإِنْ خَرِبَ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ أَهْلُهُ لَا يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْبَانِي، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِنْ عَادَ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ وَلَكِنْ إلَى مِلْكِ الْبَانِي وَوَرَثَتِهِ، فَلَا يَكُونُ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ وِلَايَةُ الْبَيْعِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى مِلْكِ مَالِكٍ أَبَدًا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. فِي الْحَاوِي سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ عَمَّنْ بَنَى لِنَفْسِهِ مَسْجِدًا عَلَى بَابِ دَارِهِ وَوَقَفَ أَرْضًا عَلَى عِمَارَتِهِ فَمَاتَ هُوَ وَخَرِبَ الْمَسْجِدُ وَاسْتَفْتَى الْوَرَثَةُ فِي بَيْعِهَا فَأُفْتُوا بِالْبَيْعِ ثُمَّ إنَّ أَقْوَامًا بَنَوْا ذَلِكَ الْمَسْجِدَ فَطَالَبُوا بِتِلْكَ الْأَرَاضِي، قَالَ: لَيْسَ لَهُمْ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ بَسَطَ مِنْ مَالِهِ حَصِيرًا فِي الْمَسْجِدِ فَخَرِبَ الْمَسْجِدُ وَوَقَعَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَهُ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَارِثِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُبَاعُ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ إلَى حَوَائِجِ الْمَسْجِدِ فَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ هَذَا الْمَسْجِدُ يُحَوَّلُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَفَّنَ مَيِّتًا فَافْتَرَسَهُ سَبُعٌ فَإِنَّ الْكَفَنَ يَكُونُ لِلْمُكَفِّنِ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ فِي نَوَازِلِهِ حَصِيرُ الْمَسْجِدِ إذَا صَارَ خَلَقًا وَاسْتَغْنَى أَهْلُ الْمَسْجِدِ عَنْهُ وَقَدْ طَرَحَهُ إنْسَانٌ إنْ كَانَ الطَّارِحُ حَيًّا فَهُوَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا وَلَمْ يَدَّعِ لَهُ وَارِثًا أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْفَعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ إلَى فَقِيرٍ أَوْ يَنْتَفِعُوا بِهِ فِي شِرَاءِ حَصِيرٍ آخَرَ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْمُنْتَقَى بَوَارِي الْمَسْجِدِ إذَا خَلَقَتْ فَصَارَتْ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا فَأَرَادَ الَّذِي بَسَطَهَا أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِهَا أَوْ يَشْتَرِيَ مَكَانَهَا أُخْرَى فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَأَرَادَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَأْخُذُوا الْبَوَارِيَ وَيَتَصَدَّقُوا بِهَا بَعْدَمَا خَلَقَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ لَهَا قِيمَةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ لَا بَأْسَ

الفصل الثاني في الوقف وتصرف القيم وغيره في مال الوقف عليه

بِذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. حَشِيشُ الْمَسْجِدِ إذَا أُخْرِجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَيَّامَ الرَّبِيعِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ لَا بَأْسَ بِطَرْحِهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلِمَنْ رَفَعَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ حَشِيشُ الْمَسْجِدِ إذَا كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ فَلِأَهْلِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَبِيعُوهُ وَإِنْ رَفَعُوا إلَى الْحَاكِمِ فَهُوَ أَحَبُّ ثُمَّ يَبِيعُوهُ بِأَمْرِهِ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ رَفَعَ إنْسَانٌ مِنْ حَشِيشِ الْمَسْجِدِ وَجَعَلَهُ قِطَعًا قِطَعًا بِالسَّوَادِ قَالُوا: عَلَيْهِ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ قِيمَةٌ حَتَّى أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَفْصٍ السفكردري أَوْصَى فِي آخِرِ عُمْرِهِ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا لِحَشِيشِ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. جِنَازَةٌ أَوْ نَعْشٌ لِمَسْجِدٍ فَسَدَ بَاعَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ قَالُوا: الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَالصَّحِيحُ أَنَّ بَيْعَهُمْ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دِيبَاجُ الْكَعْبَةِ إذَا صَارَ خَلَقًا لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ لَكِنْ يَبِيعُهُ السُّلْطَانُ وَيَسْتَعِينُ عَلَى أَمْرِ الْكَعْبَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى دُهْنِ السِّرَاجِ لِلْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ وَضْعُهُ جَمِيعَ اللَّيْلِ بَلْ بِقَدْرِ حَاجَةِ الْمُصَلِّينَ وَيَجُوزُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ فِيهِ كُلَّ اللَّيْلِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِذَلِكَ كَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَرْكَهُ فِيهِ كُلَّ اللَّيْلِ كَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِي زَمَانِنَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إنْ أَرَادَ الْإِنْسَانُ أَنْ يَدْرُسَ الْكِتَابَ بِسِرَاجِ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ سِرَاجُ الْمَسْجِدِ مَوْضُوعًا فِي الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ قِيلَ: لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعًا فِي الْمَسْجِدِ لَا لِلصَّلَاةِ بِأَنْ فَرَغَ الْقَوْمُ مِنْ صَلَاتِهِمْ وَذَهَبُوا إلَى بُيُوتِهِمْ وَبَقِيَ السِّرَاجُ فِي الْمَسْجِدِ قَالُوا: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْرُسَ بِهِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ التَّدْرِيسِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْوَقْفِ وَتَصَرُّفُ الْقَيِّمِ وَغَيْرِهِ فِي مَالِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْوَقْفِ وَتَصَرُّفُ الْقَيِّمِ وَغَيْرِهِ فِي مَالِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ) وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقِفَ أَرْضَهُ عَلَى الْمَسْجِدِ وَعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الدُّهْنِ وَالْحَصِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْإِبْطَالُ، يَقُولُ:

وَقَفْتُ أَرْضِي هَذِهِ وَيُبَيِّنُ حُدُودَهَا بِحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا وَقْفًا مُؤَبَّدًا فِي حَيَاتِي وَبَعْدَ وَفَاتِي عَلَى أَنْ يُسْتَغَلَّ وَيُبْدَأَ مِنْ غَلَّاتِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ عِمَارَتِهَا وَأُجُورِ الْقُوَّامِ عَلَيْهَا وَأَدَاءِ مُؤَنِهَا فَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يُصْرَفُ إلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَرَهْنِهِ وَحَصِيرِهِ وَمَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْمَسْجِدِ عَلَى أَنَّ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَرَى وَإِذَا اسْتَغْنَى هَذَا الْمَسْجِدُ يُصْرَفُ إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَيَجُوزُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ وَقَفَ أَرْضًا لَهُ عَلَى مَسْجِدٍ وَلَمْ يَجْعَلْ آخِرَهُ لِلْمَسَاكِينِ تَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَى عِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ أَوْ عَلَى مَرَمَّةِ الْمَقَابِرِ جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقَفَ عَقَارًا عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ وَهَيَّأَ مَكَانًا لِبِنَائِهَا قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَهَا اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهَا إلَى الْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ تُبْنَى فَإِذَا بُنِيَتْ رُدَّتْ الْغَلَّةُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَابِ الْوَاوِ: إذَا تَصَدَّقَ بِدَارِهِ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ عَلَى طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ كَالْوَقْفِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ أَعْطَى دِرْهَمًا فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ نَفَقَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ تَمْلِيكًا بِالْهِبَةِ لِلْمَسْجِدِ فَإِثْبَاتُ الْمِلْكِ لِلْمَسْجِدِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحٌ فَيَتِمُّ بِالْقَبْضِ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي لِلْمَسْجِدِ، لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقُولَ: يُنْفَقُ عَلَى الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ: أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي لِسِرَاجِ الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَقُولَ: يُسْرَجُ بِهَا فِي الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ دَارِي لِلْمَسْجِدِ أَوْ أَعْطَيْتُهَا لَهُ، صَحَّ وَيَكُونُ تَمْلِيكًا فَيُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ، كَمَا لَوْ قَالَ: وَقَفْتُ هَذِهِ الْمِائَةَ لِلْمَسْجِدِ يَصِحُّ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ إذَا سَلَّمَهُ لِلْقَيِّمِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ لَوْ قَالَ: هَذِهِ الشَّجَرَةُ لِلْمَسْجِدِ لَا تَصِيرُ لِلْمَسْجِدِ حَتَّى تُسَلَّمَ إلَى قَيِّمِ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى مَسْجِدٍ عَلَى أَنَّ مَا فَضَلَ مِنْ الْعِمَارَةِ فَهُوَ لِلْفُقَرَاءِ فَاجْتَمَعَتْ الْغَلَّةُ وَالْمَسْجِدُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْعِمَارَةِ لِلْحَالِ هَلْ تُصْرَفُ تِلْكَ الْغَلَّةُ إلَى الْفُقَرَاءِ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا لَوْ احْتَاجَ الْمَسْجِدُ وَالضَّيْعَةُ إلَى الْعِمَارَةِ تُمْكِنُ الْعِمَارَةُ مِنْهَا وَزِيَادَةٌ صُرِفَتْ الزِّيَادَةِ إلَى الْفُقَرَاءِ لِيَكُونَ جَمْعًا بَيْنَ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَصِيَانَةِ الْوَقْفِ، كَذَا فِي

مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَسْجِدٌ انْهَدَمَ وَقَدْ اجْتَمَعَ مِنْ غَلَّتِهِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْبِنَاءُ قَالَ الْخَصَّافُ: لَا تُنْفَقُ الْغَلَّةُ فِي الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ وَقَفَهُ عَلَى مَرَمَّتِهَا وَلَمْ يَأْمُرْ بِأَنْ يُبْنَى هَذَا الْمَسْجِدُ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْبِنَاءُ بِتِلْكَ الْغَلَّةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَعْمَالِ الْبِرِّ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْرِجَ فِي الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: يَجُوزُ. قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ عَلَى سِرَاجِ الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: وَلَا يُزَيَّنُ بِهِ الْمَسْجِدُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَسْجِدٌ بَابُهُ عَلَى مَهَبِّ الرِّيحِ فَيُصِيبُ الْمَطَرُ بَابَ الْمَسْجِدِ فَيَفْسُدُ الْبَابُ وَيَشُقُّ عَلَى النَّاسِ الدُّخُولُ فِي الْمَسْجِدِ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَتَّخِذَ ظُلَّةً عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِأَهْلِ الطَّرِيقِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ قَيِّمِ مَسْجِدٍ جَعَلَهُ الْقَاضِي قَيِّمًا عَلَى غَلَّاتِهَا وَجَعَلَ لَهُ شَيْئًا مَعْلُومًا يَأْخُذُهُ كُلَّ سَنَةٍ حَلَّ لَهُ الْأَخْذُ إنْ كَانَ مِقْدَارَ أَجْرِ مِثْلِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ نَصَّبَ الْقَاضِي خَادِمًا لِلْمَسْجِدِ إنْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ ذَلِكَ فِي وَقْفِهِ جَازَ وَحَلَّ لَهُ الْأَخْذُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْوَاقِعَاتِ. وَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَخْدُمُ الْمَسْجِدَ يَكْنُسُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ بِأَجْرِ مِثْلِهِ أَوْ زِيَادَةٍ يُتَغَابَنُ فِيهَا فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَالْإِجَارَةُ لَهُ وَعَلَيْهِ الدَّفْعُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَيَضْمَنُ لَوْ دَفَعَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَإِنْ عَلِمَ الْأَجِيرُ أَنَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ لَا يَحِلُّ لَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَمُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْحِسَابُ بِسَبَبِ أَنَّهُ أُمِّيٌّ فَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَكْتُبُ لَهُ ذَلِكَ بِمَالِ الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ لَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. مَسْجِدٌ لَهُ مُسْتَغَلَّاتٌ وَأَوْقَافٌ أَرَادَ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لِلْمَسْجِدِ دُهْنًا أَوْ حَصِيرًا أَوْ حَشِيشًا أَوْ آجُرًّا أَوْ جِصًّا لِفَرْشِ الْمَسْجِدِ أَوْ حَصًى قَالُوا: إنْ وَسَّعَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ لِلْقَيِّمِ وَقَالَ: تَفْعَلُ مَا تَرَى مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ كَانَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْمَسْجِدِ مَا شَاءَ وَإِنْ لَمْ يُوَسِّعْ وَلَكِنَّهُ وَقْفٌ لِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ لَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ شَرْطَ الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ يَنْظُرُ هَذَا الْقَيِّمُ إلَى مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانُوا يَشْتَرُونَ مِنْ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ الدُّهْنَ وَالْحَصِيرَ وَالْحَشِيشَ وَالْآجُرَّ وَمَا ذَكَرْنَا كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَفْعَلَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى عِمَارَتِهِ يُصْرَفُ إلَى بِنَائِهِ وَتَطْيِينِهِ دُونَ تَزْيِينِهِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى مَصَالِحِهِ يَجُوزُ فِي دَهْنِهِ وَبِوَارِيهِ أَيْضًا، كَذَا فِي

خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ مُشْرِفًا مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ فَعَلَ يَكُونُ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الْمُتَوَلِّي إذَا أَنْفَقَ عَلَى قَنَادِيلِ الْمَسْجِدِ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ جَازَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ هَلْ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ سُلَّمًا لِيَرْتَقِيَ عَلَى السَّطْحِ لِكَنْسِ السَّطْحِ وَتَطْيِينِهِ أَوْ يُعْطِيَ مِنْ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ أَجْرَ مَنْ يَكْنُسُ السَّطْحَ وَيَطْرَحُ الثَّلْجَ وَيُخْرِجُ التُّرَابَ الْمُجْتَمِعَ مِنْ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ أَبُو نَصْرٍ: لِلْقَيِّمِ أَنْ يَفْعَلَ مَا فِي تَرْكِهِ خَرَابُ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَبْنِيَ مَنَارَةً مِنْ غَلَّةِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهَا؛ لِيَكُونَ لِلْجِيرَانِ وَإِنْ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْآذَانَ بِدُونِ الْمَنَارَةِ فَلَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. مَسْجِدٌ بِجَنْبِهِ فَارِقِينَ يَضُرُّ بِحَائِطِ الْمَسْجِدِ ضَرَرًا بَيِّنًا، فَأَرَادَ الْقَيِّمُ وَأَهْلُ الْمَسْجِدِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ حِصْنًا بِجَنْبِ حَائِطِ الْمَسْجِدِ لِيَمْنَعَ الضَّرَرَ عَنْ الْمَسْجِدِ قَالُوا: إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ جَازَ لِلْقَيِّمِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْأَصَحُّ مَا قَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ: إنَّ الْوَقْفَ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَعَلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ سِرَاجَ الْمَسْجِدِ إلَى بَيْتِهِ وَلَهُ أَنْ يَحْمِلَهُ مِنْ الْبَيْتِ إلَى الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَيْسَ لِقَيِّمِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَشْتَرِيَ جِنَازَةً وَإِنْ ذَكَرَ الْوَاقِفُ أَنَّ الْقَيِّمُ يَشْتَرِي جِنَازَةً، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْقَيِّمُ بِغَلَّةِ الْمَسْجِدِ ثَوْبًا وَدَفَعَ إلَى الْمَسَاكِينِ لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا نَقَدَ مِنْ مَالِ الْوَاقِفِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْقَيِّمُ إذَا اشْتَرَى مِنْ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ حَانُوتًا أَوْ دَارًا وَأَرَادَ أَنْ يُسْتَغَلَّ وَيُبَاعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ جَازَ إنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ الشِّرَاءِ وَإِذًا جَازَ أَنْ يَبِيعَهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَيِّمُ الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ حَوَانِيتَ فِي حَدِّ الْمَسْجِدِ أَوْ فِي فِنَائِهِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا جُعِلَ حَانُوتًا وَمَسْكَنًا تَسْقُطُ حُرْمَتُهُ وَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَالْفِنَاءُ تَبَعُ الْمَسْجِدِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا اشْتَرَى بِالْغَلَّةِ الَّتِي اجْتَمَعَتْ عِنْدَهُ مِنْ الْوَقْفِ مَنْزِلًا وَدَفَعَ الْمَنْزِلَ إلَى الْمُؤَذِّنِ لِيَسْكُنَ فِيهِ إنْ عَلِمَ الْمُؤَذِّنُ ذَلِكَ كُرِهَ أَنْ يَسْكُنَ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَنْزِلَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنُ أَنْ

يَسْكُنَ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ أَوْ إلَى مُؤَذِّنِ الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، إلَّا إنْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ فِي الْوَقْفِ الصَّرْفَ إلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ وَبَيَّنَ قَدْرَهُ يُصْرَفُ إلَيْهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا لَا يَحِلُّ وَكَذَا الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَهَاءِ الْمُؤَذِّنِينَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. أَهْلُ الْمَسْجِدِ لَوْ بَاعُوا غَلَّةَ الْمَسْجِدِ أَوْ نُقِضَ الْمَسْجِدُ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. مَسْجِدٌ انْكَسَرَ حَائِطُهُ مِنْ مَاءٍ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ فِي الشَّارِعِ وَهُوَ مَاءُ الشَّفَةِ أَوْ انْكَسَرَتْ ضِفَّتُهُ هَلْ يُصْرَفُ مِنْ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ إلَى عِمَارَةِ النَّهْرِ وَمَرَمَّتِهِ؟ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ مَا يُصْرَفُ إلَى عِمَارَةِ النَّهْرِ وَمَرَمَّتِهِ لَا يَزِيدُ عَلَى عِمَارَةِ الْقَائِمِ فِيهِ جَازَ وَلِأَهْلِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَمْنَعُوا أَهْلَ النَّهْرِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالنَّهْرِ وَمَرَمَّتِهِ حَتَّى يُعْطِيَهُمْ قِيمَةَ الْعِمَارَةِ فَيُصْرَفُ ذَلِكَ إلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ شَاءَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ تَقَدَّمُوا إلَى أَهْلِ النَّهْرِ بِإِصْلَاحِ النَّهْرِ فَإِنْ لَمْ يُصْلِحُوا حَتَّى انْهَدَمَ حَائِطُ الْمَسْجِدِ وَانْكَسَرَ ضَمِنُوا قِيمَةَ مَا انْهَدَمَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَفَقَاتِهِ عَنْ مَشَايِخِ بَلْخٍ أَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا كَانَتْ لَهُ أَوْقَافٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مُتَوَلٍّ فَقَامَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَافِ وَأَنْفَقَ عَلَى الْمَسْجِدِ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْحَصِيرِ وَالْحَشِيشِ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا فَعَلَ اسْتِحْسَانًا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَمَّا إذَا أَخْبَرَ الْحَاكِمَ بِذَلِكَ وَأَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ ضَمَّنَهُ الْحَاكِمُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْفَاضِلُ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ هَلْ يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ؟ قِيلَ: لَا يُصْرَفُ وَأَنَّهُ صَحِيحٌ وَلَكِنْ يَشْتَرِي بِهِ مُسْتَغَلًّا لِلْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ الْقَاضِي الْإِمَامُ شَمْسُ الْإِسْلَامِ مَحْمُودٌ الْأُوزْجَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ تَصَرَّفُوا فِي أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ يَعْنِي آجَرُوا الْمُسْتَغَلَّ وَلَهُ مُتَوَلٍّ، قَالَ: لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُمْ وَلَكِنْ الْحَاكِمُ يُمْضِي مَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْمَسْجِدِ، قِيلَ: هَلْ يُفَرَّقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَرِّفُ وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ قَالَ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَرِّفُ مِنْ الْأَمَاثِلِ رَئِيسِ الْمَحَلَّةِ وَمُتَصَرِّفِهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى النَّسَفِيَّةِ سُئِلَ عَنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بَاعُوا وَقْفَ الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ

الباب الثاني عشر في الرباطات والمقابر والخانات والحياض

عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ قَالَ: لَا يَجُوزُ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي فَوَائِدِ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَهْلُ مَسْجِدٍ اشْتَرَوْا عَقَارًا بِغَلَّةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ بَاعُوا الْعِمَارَةَ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي جَوَازِ بَيْعِهِمْ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا بَنَوْا مَسْجِدًا وَفَضَلَ مِنْ خَشَبِهِمْ شَيْءٌ، قَالُوا: يُصْرَفُ الْفَاضِلُ فِي بِنَائِهِ وَلَا يُصْرَفُ إلَى الدَّهْنِ وَالْحَصِيرِ، هَذَا إذَا سَلَّمُوهُ إلَى الْمُتَوَلِّي لِيَبْنِيَ بِهِ الْمَسْجِدَ وَإِلَّا يَكُونَ الْفَاضِلُ لَهُمْ يَصْنَعُونَ بِهِ مَا شَاءُوا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْإِسْعَافِ. أَرْضُ وَقْفٍ عَلَى مَسْجِدٍ صَارَتْ بِحَالٍ لَا تُزْرَعُ فَجَعَلَهَا رَجُلٌ حَوْضًا لِلْعَامَّةِ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ انْتِفَاعٌ بِمَاءِ ذَلِكَ الْحَوْضِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. مَالٌ مَوْقُوفٌ عَلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ وَعَلَى الْفُقَرَاءِ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ وَمَالٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَاجْتَمَعَتْ مِنْ غَلَّاتِهَا، ثُمَّ نَابَتْ الْإِسْلَامَ نَائِبَةٌ مِثْلُ حَادِثَةِ الرُّومِ وَاحْتِيجَ إلَى النَّفَقَةِ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ، أَمَّا الْمَالُ الْمَوْقُوفُ عَلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ إنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمَسْجِدِ حَاجَةٌ لِلْحَالِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَصْرِفَ فِي ذَلِكَ لَكِنْ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ فَيَكُونُ دَيْنًا فِي مَالِ الْفَيْءِ، وَأَمَّا الْمَالُ الْمَوْقُوفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يُصْرَفَ إلَى الْمُحْتَاجِينَ، أَوْ إلَى الْأَغْنِيَاءِ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ، أَوْ إلَى الْأَغْنِيَاءِ مِنْ غَيْرِ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ. فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي جَازَ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: إمَّا أَنْ رَأَى قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ جَوَازَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرَ فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ جَازَ الصَّرْفُ لَا بِطَرِيقِ الْقَرْضِ، وَفِي الْقِسْمِ الثَّانِي يُصْرَفُ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ فَيَصِيرُ دَيْنًا فِي مَالِ الْفَيْءِ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. [الْبَاب الثَّانِي عَشْر فِي الرِّبَاطَات وَالْمَقَابِر وَالْخَانَات وَالْحِيَاض] (الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الرِّبَاطَاتِ وَالْمَقَابِرِ وَالْخَانَاتِ وَالْحِيَاضِ وَالطُّرُقِ وَالسِّقَايَاتِ وَفِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَعُودُ إلَى الْأَشْجَارِ الَّتِي فِي الْمَقْبَرَةِ وَأَرَاضِي الْوَقْفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ) مَنْ بَنَى سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ خَانًا يَسْكُنُهُ بَنُو السَّبِيلِ أَوْ رِبَاطًا أَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَقْبَرَةً لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى يَحْكُمَ

بِهِ الْحَاكِمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ أَوْ الْإِضَافَةُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِيَكُونَ وَصِيَّةً فَيَلْزَمُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَزُولُ مِلْكُهُ بِالْقَوْلِ وَأَصْلُهُ وَعِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَقَى النَّاسُ مِنْ السِّقَايَةِ وَسَكَنُوا الْخَانَ وَالرِّبَاطَ وَدَفَنُوا فِي الْمَقْبَرَةِ زَالَ الْمِلْكُ وَيُكْتَفَى بِالْوَاحِدِ لِتَعَذُّرِ فِعْلِ الْجِنْسِ كُلِّهِ، وَعَلَى هَذَا الْبِئْرُ وَالْحَوْضُ، وَلَوْ سُلِّمَ إلَى الْمُتَوَلِّي صَحَّ التَّسْلِيمُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَعَلَى إجْمَاعِ الْأُمَّةِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْرَبَ مِنْ الْبِئْرِ وَالْحَوْضِ وَيَسْقِيَ دَابَّتَهُ وَبَعِيرَهُ وَيَتَوَضَّأَ مِنْهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا جَعَلَ السِّقَايَةَ لِلشُّرْبِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْهَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَإِذَا وَقَفَ لِلْوُضُوءِ لَا يَجُوزُ الشُّرْبُ مِنْهُ وَكُلُّ مَا أُعِدَّ لِلشُّرْبِ حَتَّى الْحِيَاضُ لَا يَجُوزُ مِنْهَا التَّوَضُّؤُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَ دَارِهِ مَسْكَنًا لِلْمَسَاكِينِ وَدَفَعَهَا إلَى وَالٍ يَقُومُ بِذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الدَّارُ بِمَكَّةَ فَجَعَلَهَا مَسْكَنًا لِلْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِينَ وَدَفَعَهَا إلَى وَالٍ يَقُومُ عَلَيْهَا

وَيُسْكِنُ فِيهَا مَنْ رَأَى فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَ دَارِهِ فِي ثَغْرٍ مَسْكَنًا لِلْغُزَاةِ وَالْمُرَابِطِينَ وَدَفَعَهَا إلَى وَالٍ يَقُومُ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَإِنْ مَاتَ لَمْ تَكُنْ مِيرَاثًا عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا أَحَدٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الِانْتِفَاعِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ حَتَّى جَازَ لِلْكُلِّ النُّزُولُ فِي الْخَانِ وَالرِّبَاطِ وَالشُّرْبِ مِنْ السِّقَايَةِ وَالدَّفْنِ فِي الْمَقْبَرَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَغَلَّةُ الدَّارِ وَالْأَرْضِ إذَا جُعِلَتْ لِلْغُزَاةِ لَا يَأْخُذُ مِنْهَا إلَّا مَنْ هُوَ فِي عِدَادِ الْمَحَاوِيجِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ: إذَا جَعَلَ الرَّجُلُ دَارِهِ سُكْنَى لِلْغُزَاةِ فَسَكَنَ بَعْضُ الْغُزَاةِ بَعْضَ الدَّارِ وَالْبَعْضُ فَارِغٌ لَا يَسْكُنُهَا أَحَدٌ؛ يَنْبَغِي لِلْقَيِّمِ بِأَمْرِ هَذَا الْوَقْفِ أَنْ يُكْرِيَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ مَالًا يَحْتَاجُ إلَى سُكْنَاهُ وَيَجْعَلَ أُجْرَةَ ذَلِكَ فِي عِمَارَةِ هَذِهِ الدَّارِ فَمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ يَصْرِفُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي النَّوَادِرِ إذَا بَنَى خَانًا وَاحْتَاجَ إلَى الْمَرَمَّةِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَعْزِلُ مِنْهَا نَاحِيَةً بَيْتًا أَوْ بَيْتَيْنِ فَتُؤَاجَرُ وَيُنْفِقُ مِنْ غَلَّتِهَا عَلَيْهَا، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ يُؤْذِنُ النَّاسَ بِالنُّزُولِ سَنَةً وَيُؤَاجِرُهُ سَنَةً أُخْرَى وَيَرُمُّ مِنْ أُجْرَتِهِ، وَهَكَذَا إذَا جَعَلَ فَرَسَهُ

حَبِيسًا فَإِنْ كَانَ يَرْكَبُ عَلَيْهِ مُجَاهِدٌ يَرْكَبُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْهُ أَحَدٌ يُؤَاجِرُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْمُنْتَقَى فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ يَبِيعُهُ الْإِمَامُ وَيُوقِفُ ثَمَنَهُ حَتَّى إذَا اُحْتِيجَ إلَى ظَهْرٍ يَشْتَرِي بِثَمَنِهِ فَرَسًا وَيَغْزُو عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ: إذَا جَعَلَ دَارِهِ سُكْنَى لِلْحَاجِّ فَلَيْسَ لِلْمُجَاوِرِينَ أَنْ يَسْكُنُوهَا وَإِذَا مَضَى يَوْمُ الْمَوْسِمِ يُؤَاجِرُهَا وَيُنْفِقُ غَلَّتَهَا وَمَا فَضَلَ عَنْ ذَلِكَ فَرَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ بَنَى رِبَاطًا لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ مَا دَامَ حَيًّا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُخْرِجَهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ أَمْرٌ يَسْتَوْجِبُ الْإِخْرَاجَ مِنْ يَدِهِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْفِسْقِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَرْضٌ لِأَهْلِ قَرْيَةٍ جَعَلُوهَا مَقْبَرَةً وَأَقْبَرُوا فِيهَا ثُمَّ إنَّ وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ بَنَى فِيهَا بِنَاءً لِوَضْعِ اللَّبَنِ وَآلَاتِ الْقَبْرِ وَأَجْلَسَ فِيهَا مَنْ يَحْفَظُ الْمَتَاعَ بِغَيْرِ رِضَا أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَوْ رِضَا بَعْضِهِمْ بِذَلِكَ قَالُوا: إنْ كَانَ فِي الْمَقْبَرَةِ سَعَةٌ بِحَيْثُ لَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَلَا

بَأْسَ بِهِ وَبَعْدَ مَا بَنَى لَوْ احْتَاجُوا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ رُفِعَ الْبِنَاءُ حَتَّى يُقْبَرَ فِيهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُخْرَجَ ثُلُثُ مَالِهِ وَيُعْطَى رُبْعُ الثُّلُثِ لِفُلَانٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِأَقْرِبَائِهِ وَلِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ قَالَ: لَا تَتْرُكُوا حَظَّ الرِّبَاطِيِّينَ وَهُمْ فُقَرَاءُ السَّاكِنِينَ فِي رِبَاطٍ بِعَيْنِهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا إنْ كَانَتْ الْقَرَابَةُ يُحْصَوْنَ، أَوْ لَا يُحْصَوْنَ. فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ جَعَلَ عَدَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جُزْءًا وَالْفُقَرَاءَ جُزْءًا وَالرِّبَاطِيِّينَ جُزْءًا، حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْقَرَابَةُ عَشَرَةَ نَفَرٍ جَعَلَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا عَشَرَةٌ لِلْقَرَابَةِ وَوَاحِدٌ لِلْفُقَرَاءِ وَوَاحِدٌ لِلرِّبَاطِيِّينَ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي جَعَلَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِكُلِّ فَرِيقٍ سَهْمٌ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مَوْضِعًا وَجَعَلَهُ طَرِيقًا لِلْمُسْلِمِينَ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيُشْتَرَطُ لِتَمَامِهِ مُرُورُ أَحَدِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَشْتَرِطُ التَّسْلِيمَ فِي الْأَوْقَافِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَكَذَلِكَ الْقَنْطَرَةُ يَتَّخِذُهَا الرَّجُلُ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَتَطَرَّقُونَ فِيهَا وَلَا يَكُونُ بِنَاؤُهَا مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ وَقَدْ صَارَ وَقْفًا فَقَدْ خُصَّ بِنَاءُ الْقَنْطَرَةِ بِإِبْطَالِ الْمِيرَاثِ فِيهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَحُكِيَ عَنْ الْحَاكِمِ الْمَعْرُوفِ بِمَهْرَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: وَجَدْتُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ أَجَازَ وَقْفَ الْمَقْبَرَةِ وَالطَّرِيقِ كَمَا أَجَازَ الْمَسْجِدَ وَكَذَا الْقَنْطَرَةُ يَتَّخِذُهَا الرَّجُلُ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَتَطَرَّقُونَ فِيهَا وَلَا يَكُونُ بِنَاؤُهَا لِوَرَثَتِهِ خُصَّ بِنَاءُ الْقَنْطَرَةِ فِي بُطْلَانِ الْمِيرَاثِ قَالُوا: تَأْوِيلُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعُ الْقَنْطَرَةِ مِلْكَ الْبَانِي، وَهُوَ الْمُعْتَادُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَّخِذُ الْقَنْطَرَةَ عَلَى النَّهْرِ الْعَامِّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ وَقْفِ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَصْلِ مَعَ أَنَّ وَقْفَ الْبِنَاءِ بِدُونِ أَصْلٍ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَقْبَرَةٌ كَانَتْ لِلْمُشْرِكِينَ أَرَادُوا أَنْ يَجْعَلُوهَا مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ كَانَتْ آثَارُهُمْ قَدْ انْدَرَسَتْ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ بَقِيَتْ آثَارُهُمْ بِأَنْ بَقِيَ مِنْ عِظَامِهِمْ شَيْءٌ يُنْبَشُ وَيُقْبَرُ ثُمَّ يُجْعَلُ مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مَقْبَرَةً لِلْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ وَاِتَّخَذَهَا مَسْجِدًا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. رَجُلٌ جَاءَ إلَى الْمُفْتِي فَقَالَ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَبْنِي رِبَاطًا لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ أَعْتِقُ الْعَبِيدَ. أَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِدَارِهِ فَقَالَ: أَبِيعُهَا وَأَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا أَوْ أَشْتَرِي بِثَمَنِهَا عَبِيدًا فَأُعْتِقُهُمْ أَوْ أَجْعَلُهَا دَارًا لِلْمُسْلِمِينَ أَيُّ ذَلِكَ يَكُونُ أَفْضَلَ قَالُوا: يُقَالُ لَهُ: إنْ بَنَيْتَ رِبَاطًا وَتَجْعَلُ لَهُ وَقْفًا وَمُسْتَغَلًّا لِعِمَارَتِهِ فَالرِّبَاطُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ أَدْوَمُ وَأَعَمُّ نَفْعًا، وَإِنْ لَمْ تَجْعَلْ الرِّبَاطَ وَقْفًا

وَمُسْتَغَلًّا لِلْعِمَارَةِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ تَبِيعَهُ وَتَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَدُونَ ذَلِكَ فِي الْفَضْلِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا عَبِيدًا فَيُعْتِقَهُمْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَقْفُ الضَّيْعَةِ أَوْلَى مِنْ بَيْعِهَا وَالتَّصَدُّقُ بِثَمَنِهَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الْمَيِّتُ بَعْدَ مَا دُفِنَ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ أَوْ قَلِيلَةٍ لَا يَسَعُ إخْرَاجُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَيَجُوزُ إخْرَاجُهُ بِالْعُذْرِ، وَالْعُذْرُ أَنْ يَظْهَرَ أَنَّ الْأَرْضَ مَغْصُوبَةٌ أَوْ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. رِبَاطٌ كَثُرَتْ دَوَابُّهُ وَعَظُمَتْ مُؤَنُهَا هَلْ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْهَا وَيُنْفِقَ ثَمَنَهَا فِي عَلَفِهَا أَوْ مَرَمَّةِ الرِّبَاطِ؟ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ بَلَغَ سِنَّ الْبَعْضِ إلَى حَدٍّ لَا يَصْلُحُ لَمَا رُبِطَتْ لَهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَمَا لَا فَلَا وَلَكِنْ يُمْسَكُ فِي هَذَا الرِّبَاطِ مِقْدَارُ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا وَيُرْبَطُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فِي أَدْنَى رِبَاطٍ إلَى هَذَا الرِّبَاطِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سُئِلَ الْقَاضِي الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مَحْمُودٌ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَنْ مَسْجِدٍ لَمْ يَبْقَ لَهُ قَوْمٌ وَخَرِبَ مَا حَوْلَهُ وَاسْتَغْنَى النَّاسُ عَنْهُ هَلْ يَجُوزُ جَعْلُهُ مَقْبَرَةً؟ قَالَ: لَا. وَسُئِلَ هُوَ أَيْضًا عَنْ الْمَقْبَرَةِ فِي الْقُرَى إذَا انْدَرَسَتْ وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا أَثَرَ الْمَوْتَى لَا الْعَظْمُ

وَلَا غَيْرُهُ هَلْ يَجُوزُ زَرْعُهَا وَاسْتِغْلَالُهَا؟ قَالَ: لَا، وَلَهَا حُكْمُ الْمَقْبَرَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَلَوْ كَانَ فِيهَا حَشِيشٌ يُحَشُّ وَيُرْسَلُ إلَى الدَّوَابِّ وَلَا تُرْسَلُ الدَّوَابُّ فِيهَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. رَجُلٌ جَعَلَ أَرْضَهُ مَقْبَرَةً أَوْ خَانًا لِلْغَلَّةِ أَوْ مَسْكَنًا سَقَطَ الْخَرَاجُ عَنْهُ إنْ كَانَتْ خَرَاجِيَّةً وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. امْرَأَةٌ جَعَلَتْ قِطْعَةَ أَرْضٍ لَهَا مَقْبَرَةً وَأَخْرَجَتْهَا مِنْ يَدِهَا وَدَفَنَتْ فِيهَا ابْنَهَا وَتِلْكَ الْقِطْعَةُ لَا تَصْلُحُ لِلْمَقْبَرَةِ لِغَلَبَةِ الْمَاءِ عِنْدَهَا فَيُصِيبُهَا فَسَادٌ فَأَرَادَتْ بَيْعَهَا، إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَالٍ لَا يَرْغَبُ النَّاسُ عَنْ دَفْنِ الْمَوْتَى لِقِلَّةِ الْفَسَادِ لَيْسَ لَهَا الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَتْ يَرْغَبُ النَّاسُ عَنْ دَفْنِ الْمَوْتَى فِيهَا لِكَثْرَةِ الْفَسَادِ فَلَهَا الْبَيْعُ، فَإِذَا بَاعَتْهَا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْمُرَهَا بِرَفْعِ ابْنِهَا عَنْهَا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ نَاقِلًا عَنْ الْكُبْرَى. رَجُلٌ حَفَرَ لِنَفْسِهِ قَبْرًا فِي مَقْبَرَةٍ هَلْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُقْبِرَ فِيهِ مَيِّتَهُ؟ قَالُوا: إنْ كَانَتْ فِي الْمَقْبَرَةِ سَعَةٌ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يُوحِشَ الَّذِي حَفَرَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الْمَكَانِ سَعَةٌ كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَدْفِنَ مَيِّتَهُ وَهُوَ

كَرَجُلٍ بَسَطَ الْمُصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ أَوْ نَزَلَ فِي الرِّبَاطِ فَجَاءَ آخَرُ فَإِنْ كَانَتْ فِي سَعَةٍ لَا يُوحِشُ الْأَوَّلَ، وَلَوْ أَنَّ الثَّانِيَ دَفَنَ مَيِّتَهُ فِي هَذَا الْقَبْرِ؛ قَالَ أَبُو نَصْرٍ: لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مَيِّتٌ دُفِنَ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ الْمَيِّتِ وَإِنْ شَاءَ سَوَّى الْأَرْضَ وَزَرَعَ فَوْقَهَا، وَإِذَا حَفَرَ الرَّجُلُ قَبْرًا فِي الْمَقْبَرَةِ الَّتِي يُبَاحُ لَهُ الْحَفْرُ فَدَفَنَ فِيهِ غَيْرُهُ مَيِّتًا؛ لَا يُنْبَشُ الْقَبْرُ وَلَكِنْ يَضْمَنُ قِيمَةَ حَفْرِهِ لِيَكُونَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَوْمٌ عَمَّرُوا أَرْضَ مَوَاتٍ عَلَى شَطِّ جَيْحُونَ وَكَانَ السُّلْطَانُ يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنْهُمْ وَبِقُرْبِ ذَلِكَ رِبَاطٌ فَقَامَ مُتَوَلِّي الرِّبَاطِ إلَى السُّلْطَانِ وَأَطْلَقَ السُّلْطَانُ لَهُ ذَلِكَ الْعُشْرَ هَلْ يَكُونُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ الْعُشْرَ إلَى مُؤَذِّنٍ يُؤَذِّنُ فِي هَذَا الرِّبَاطِ يَسْتَعِينُ بِهَذَا فِي طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ، وَهَلْ يَكُونُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْعُشْرَ الَّذِي أَبَاحَ السُّلْطَانُ؟ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ مُحْتَاجًا يَطِيبُ لَهُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ الْعُشْرَ إلَى عِمَارَةِ الرِّبَاطِ وَإِنَّمَا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ لَا غَيْرُ وَلَوْ صُرِفَ إلَى الْمُحْتَاجِينَ ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَى عِمَارَةِ الرِّبَاطِ جَازَ وَيَكُونُ ذَلِكَ حَسَنًا، كَذَا فِي

فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَلِكَ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لَوْ أَرَادَ صَرْفَهَا إلَى بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَوْ الْقَنْطَرَةِ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ أَرَادَ الْحِيلَةَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْفُقَرَاءِ، ثُمَّ الْفُقَرَاءُ يَدْفَعُونَهُ إلَى الْمُتَوَلِّي ثُمَّ الْمُتَوَلِّي يَصْرِفُ إلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رِبَاطٌ فِيهِ ثِمَارٌ أَيَجُوزُ لِلنَّازِلِينَ فِيهَا أَنْ يَتَنَاوَلُوا مِنْهَا؟ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا إنْ كَانَتْ ثِمَارًا لَا قِيمَةَ لَهَا، نَحْوُ التُّوتِ وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ أَوْ ثِمَارًا لَهَا قِيمَةٌ. فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا بَأْسَ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي الِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ أَحْوَطُ لِدِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ وَقْفًا لِلْفُقَرَاءِ دُونَ النَّازِلِينَ وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا يَحِلُّ لِغَيْرِ الْفُقَرَاءِ أَنْ يَتَنَاوَلُوا مِنْهَا، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَفَعَ إلَى خَادِمِ دَارِ عِمْرَانَ وَهِيَ دَارٌ يَسْكُنُهَا الْفُقَرَاءُ دَرَاهِمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا خُبْزًا وَلَحْمًا وَيُنْفِقَ عَلَى الْمُقِيمِينَ فِيهَا فَلَمْ يَحْتَجْ الْخَادِمُ الْيَوْمَ إلَى الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَقَدْ اشْتَرَى قَبْلَ ذَلِكَ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ بِالنَّسِيئَةِ فَقَضَى ذَلِكَ الدَّيْنَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمَ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَقْبَرَةٌ عَلَيْهَا أَشْجَارٌ عَظِيمَةٌ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا إنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ نَابِتَةً قَبْلَ اتِّخَاذِ الْأَرْضِ أَوْ نَبَتَتْ بَعْدَ

اتِّخَاذِ الْأَرْضِ مَقْبَرَةً. فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: إمَّا إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَمْلُوكَةً لَهَا مَالِكٌ، أَوْ كَانَتْ مَوَاتًا لَا مَالِكَ لَهَا وَاِتَّخَذَهَا أَهْلُ الْقَرْيَةِ مَقْبَرَةً، فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْأَشْجَارُ بِأَصْلِهَا عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْأَرْضِ يَصْنَعُ بِالْأَشْجَارِ وَأَصْلِهَا مَا شَاءَ، وَفِي الْقِسْمِ الثَّانِي الْأَشْجَارُ بِأَصْلِهَا عَلَى حَالِهَا الْقَدِيمِ. وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي الْمَسْأَلَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: إمَّا إنْ عُلِمَ لَهَا غَارِسٌ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ، فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ كَانَتْ لِلْغَارِسِ، وَفِي الْقِسْمِ الثَّانِي الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي إنْ رَأَى بَيْعَهَا وَصَرْفَ ثَمَنِهَا إلَى عِمَارَةِ الْمَقْبَرَةِ فَلَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. وَإِذَا غَرَسَ شَجَرًا فِي الْمَسْجِدِ فَالشَّجَرُ لِلْمَسْجِدِ وَإِذَا غَرَسَ شَجَرًا فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الرِّبَاطِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْغَارِسُ وَلِيَ تَعَاهُدَ هَذِهِ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الرِّبَاطِ فَالشَّجَرُ لِلْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يُولِ ذَلِكَ فَالشَّجَرَةُ لَهُ، وَلَهُ قَلْعُهَا وَإِذَا غَرَسَ شَجَرًا فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَالْحُكْمُ أَنَّ الشَّجَرَ لِلْغَارِسِ، وَإِذَا غَرَسَ شَجَرًا عَلَى شَطِّ نَهْرِ الْعَامَّةِ أَوْ عَلَى شَطِّ حَوْضِ الْقَرْيَةِ فَهُوَ لِلْغَارِسِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَطَعَهَا فَنَبَتَتْ مِنْ عُرُوقِهَا أَشْجَارٌ فَهِيَ لِلْغَارِسِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. أَشْجَارٌ عَلَى حَافَّتَيْ النَّهْرِ فِي الشَّارِعِ اخْتَصَمَ فِيهَا الشَّرَبَةُ وَلَمْ يُعْرَفْ الْغَارِسُ وَهَذَا النَّهْرُ يَجْرِي أَمَامَ بَابِ رَجُلٍ فِي الشَّارِعِ

قَالُوا: إنْ كَانَ مَوْضِعُ الْأَشْجَارِ مِلْكًا لِلشَّرَبَةِ فَمَا نَبَتَ فِي مِلْكِهِمْ وَلَمْ يُعْرَفْ غَارِسُهُ يَكُونُ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ الْأَشْجَارِ مِلْكًا لِلشَّرَبَةِ بَلْ هِيَ لِلْعَامَّةِ وَلِلشَّرَبَةِ فِيهَا حَقُّ سَبِيلِ الْمَاءِ إنْ عُلِمَ أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ حِينَ اشْتَرَى الدَّارَ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْجَارُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّ الْأَشْجَارَ لَا تَكُونُ لِصَاحِبِ الدَّارِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ كَانَتْ الْأَشْجَارُ لَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَجْرَى فِي فِنَاءِ دَارِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَفَ شَجَرَةً يُنْتَفَعُ بِأَوْرَاقِهَا أَوْ بِثِمَارِهَا أَوْ بِأَصْلِهَا فَالْوَقْفُ جَائِزٌ إذَا جَازَ لَا يُقْطَعُ أَصْلُهَا إلَّا إذَا كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِأَصْلِهَا بِأَنْ فَسَدَتْ أَغْصَانُهَا أَوْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ لَا يُنْتَفَعُ إلَّا بِأَصْلِهَا فَيَقْطَعُهَا أَيْضًا وَيَتَصَدَّقُ، وَإِذَا كَانَ يُنْتَفَعُ بِثِمَارِهَا أَوْ بِأَوْرَاقِهَا لَا تُقْطَعُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ شَجَرَةً بِأَصْلِهَا عَلَى مَسْجِدٍ فَيَبِسَتْ أَوْ يَبِسَ بَعْضُهَا يُقْطَعُ الْيَابِسُ وَيُتْرَكُ الْبَاقِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَرَاضٍ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمُتَوَلِّي رَجُلٌ وَطَرَحَ فِيهَا السِّرْقِينَ وَغَرَسَ الْأَشْجَارَ ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ؛ فَهَذِهِ الْأَشْجَارُ مِيرَاثٌ لِلْوَرَثَةِ وَيُؤْخَذُونَ بِقِلْعِهَا، فَلَوْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ أَنْ يَرْجِعُوا فِي الْوَقْفِ بِمَا زَادَ السِّرْقِينَ فِي الْأَرَاضِي لَيْسَ لَهُمْ

ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ غَرَسَ شَجَرًا فِي الشَّارِعِ فَمَاتَ الْغَارِسُ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِلْمَسْجِدِ لَا تَكُونُ لِلْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. رَجُلٌ غَرَسَ أَشْجَارًا لَهُ فِي ضَيْعَتِهِ وَقَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي صِحَّتِهِ: إذَا مِتُّ فَبِيعِي هَذِهِ الْأَشْجَارَ وَاصْرِفِي ثَمَنَهَا فِي كَفَنِي وَثَمَنَ الْخُبْزِ لِلْفُقَرَاءِ وَثَمَنَ الدُّهْنِ لِسِرَاجِ الْمَسْجِدِ الَّذِي فِي كَذَا، ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ امْرَأَتَهُ هَذِهِ وَوَرَثَةً كِبَارًا فَاشْتَرَى الْوَرَثَةُ الْكَفَنَ مِنْ الْمِيرَاثِ وَجَهَّزُوهُ تُبَاعُ الْأَشْجَارُ وَيُحَطُّ مِنْ ثَمَنِ الْأَشْجَارِ مِقْدَارُ الْكَفَنِ وَتَصْرِفُ الْمَرْأَةُ الْبَاقِيَ إلَى الْخُبْزِ وَدُهْنِ السِّرَاجِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَتَهُ عَلَى جِهَةٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ عَلَى قَوْمٍ مَعْلُومِينَ ثُمَّ إنَّ الْوَاقِفَ غَرَسَ شَجَرًا قَالُوا: إنْ غَرَسَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَكِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ غَرَسَ لِلْوَقْفِ يَكُونُ لِلْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا وَقَدْ غَرَسَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَكُونُ لَهُ وَوَرَثَتُهُ بَعْدَهُ وَلَا يَكُونُ وَقْفًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ فِي مَقْبَرَةٍ فِيهَا أَشْجَارٌ هَلْ يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: نَعَمْ، إنْ لَمْ تَكُنْ وَقْفًا عَلَى وَجْهٍ آخَرَ قِيلَ لَهُ: فَإِنْ تَدَاعَتْ حِيطَانُ الْمَقْبَرَةِ إلَى خَرَابٍ يُصْرَفُ إلَيْهَا أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ قَالَ: إلَى مَا هِيَ وَقْفٌ عَلَيْهِ إنْ عُرِفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ مُتَوَلٍّ وَلَا لِلْمَقْبَرَةِ فَلَيْسَ

لِلْعَامَّةِ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَنْ رَجُلٍ غَرَسَ تَالَّةً فِي مَسْجِدٍ فَكَبُرَتْ بَعْدَ سِنِينَ فَأَرَادَ مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ أَنْ يَصْرِفَ هَذِهِ الشَّجَرَةَ إلَى عِمَارَةِ بِئْرٍ فِي هَذِهِ السِّكَّةِ وَالْغَارِسُ يَقُولُ: هِيَ لِي فَإِنِّي مَا وَقَفْتهَا عَلَى الْمَسْجِدِ، قَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْغَارِسَ جَعَلَهَا لِلْمَسْجِدِ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى الْبِئْرِ وَلَا يَجُوزُ لِلْغَارِسِ صَرْفُهَا إلَى حَاجَةِ نَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ مَسْجِدٌ فِيهِ شَجَرَةُ تُفَّاحٍ يُبَاحُ لِلْقَوْمِ أَنْ يُفْطِرُوا بِهَذَا التُّفَّاحِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. شَجَرَةٌ عَلَى طَرِيقِ الْمَارَّةِ جُعِلَتْ وَقْفًا عَلَى الْمَارَّةِ يُبَاحُ تَنَاوُلُ ثَمَرِهَا لِلْمَارَّةِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، وَكَذَا الْمَاءُ الْمَوْضُوعُ فِي الْفَلَوَاتِ وَمَاءُ السِّقَايَةِ وَسَرِيرُ الْجِنَازَةِ وَثِيَابُهَا وَمُصْحَفُ الْوَقْفِ يَسْتَوِي الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الباب الثالث عشر في الأوقاف التي يستغنى عنها

[الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْأَوْقَافِ الَّتِي يُسْتَغْنَى عَنْهَا] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْأَوْقَافِ الَّتِي يُسْتَغْنَى عَنْهَا وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ صَرْفِ غَلَّةِ الْأَوْقَافِ إلَى وُجُوهٍ أُخَرَ وَفِي وَقْفِ الْكُفَّارِ) أَوْقَافٌ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَيَبِسَ الْوَادِي وَصَارَ إلَى شِعْبٍ أُخْرَى مِنْ أَرْضِ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ وَاحْتِيجَ إلَى عِمَارَةِ قَنْطَرَةِ هَذَا الْوَادِي الْجَدِيدِ هَلْ يَجُوزُ صَرْفُ غَلَّاتِ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ؟ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْقَنْطَرَةُ الثَّانِيَةُ لِلْعَامَّةِ وَلَيْسَ هُنَاكَ قَنْطَرَةٌ أُخْرَى لِلْعَامَّةِ أَقْرَبُ إلَيْهَا جَازَ صَرْفُ الْغَلَّةِ إلَيْهَا، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. سُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ مَسْجِدٍ أَوْ حَوْضٍ خَرِبَ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِتُفَرِّقْ النَّاسِ هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَصْرِفَ أَوْقَافَهُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ أَوْ حَوْضٍ آخَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَوْ لَمْ يَتَفَرَّقْ النَّاسُ وَلَكِنْ اسْتَغْنَى الْحَوْضُ عَنْ الْعِمَارَةِ وَهُنَاكَ مَسْجِدٌ مُحْتَاجٌ إلَى الْعِمَارَةِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ هَلْ يَجُوزُ لِلْقَاضِي صَرْفُ وَقْفِ مَا اسْتَغْنَى عَنْ الْعِمَارَةِ إلَى عِمَارَةِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى الْعِمَارَةِ؟ قَالَ: لَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رِبَاطٌ يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَلَهُ غَلَّةٌ فَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ رِبَاطٌ صُرِفَتْ الْغَلَّةُ إلَى ذَلِكَ الرِّبَاطِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِقُرْبِهِ رِبَاطٌ يُرْجَعُ إلَى وَرَثَةِ الَّذِي بَنَى الرِّبَاطَ، هَكَذَا ذِكْرُ الْمَسْأَلَةِ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَاقِعَاتِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ افْتَرَقُوا وَتَدَاعَى مَسْجِدُ الْقَرْيَةِ إلَى الْخَرَابِ وَبَعْضُ الْمُتَغَلِّبَةِ يَسْتَوْلُونَ عَلَى

خَشَبِ الْمَسْجِدِ وَيَنْقُلُونَهُ إلَى دِيَارِهِمْ هَلْ لِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَنْ يَبِيعَ الْخَشَبَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَيُمْسِكَ الثَّمَنَ لِيَصْرِفَهُ إلَى بَعْضِ الْمَسَاجِدِ أَوْ إلَى هَذَا الْمَسْجِدِ قَالَ: نَعَمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ رَبَطَ دَابَّةً أَوْ سَيْفًا فِي رِبَاطٍ وَقْفًا عَلَى الرِّبَاطِ وَخَرِبَ الرِّبَاطُ وَاسْتَغْنَى النَّاسُ عَنْهُ يُرْبَطُ فِي رِبَاطٍ آخَرَ هُوَ أَقْرَبُ الرِّبَاطِ إلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي النَّوَادِرِ عُلُوُّ وَقْفٍ انْهَدَمَ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ مَا يُمْكِنُ عِمَارَةُ الْعُلُوِّ بَطَلَ الْوَقْفُ وَعَادَ حَقُّ الْبِنَاءِ إلَى الْوَاقِفِ إنْ كَانَ حَيًّا وَإِلَى وَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ حَوْضٌ فِي مَحَلَّةٍ خَرِبَ فَصَارَ بِحَيْثُ لَا تُمْكِنُ عِمَارَتُهُ وَاسْتَغْنَى أَهْلُ الْمَحَلَّةِ عَنْهُ إنْ كَانَ يُعْرَفُ وَاقِفُهُ يَكُونُ لَهُ إنْ كَانَ حَيًّا وَإِلَى وَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ وَاقِفُهُ فَهُوَ كَاللُّقَطَةِ فِي أَيْدِيهِمْ يَتَصَدَّقُونَ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ يَبِيعُهُ الْفَقِيرُ فَيَنْتَفِعُ بِالثَّمَنِ. وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ حَانُوتٌ هُوَ وَقْفٌ صَحِيحٌ احْتَرَقَ السُّوقُ وَالْحَانُوتُ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا يُسْتَأْجَرُ بِشَيْءٍ أَلْبَتَّةَ يَخْرُجُ مِنْ الْوَقْفِيَّةِ. وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ الرِّبَاطُ إذَا احْتَرَقَ يَبْطُلُ الْوَقْفُ مِيرَاثًا. وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَنْزِلٌ مَوْقُوفٌ وَقْفًا صَحِيحًا فَخَرِبَ هَذَا الْمَنْزِلُ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَعَمَّرَهُ وَبَنَى فِيهِ بِنَاءً

مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِ أَحَدٍ فَالْأَصْلُ لِوَرَثَةِ الْوَاقِفِ وَالْبِنَاءُ لِوَرَثَةِ الْبَانِي، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَكَذَلِكَ وَقْفٌ صَحِيحٌ عَلَى أَقْوَامٍ مُسْلِمِينَ خَرِبَ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ الْقَرْيَةِ لَا يَرْغَبُ أَحَدٌ فِي عِمَارَتِهِ وَلَا يَسْتَأْجِرُ أَصْلَهُ يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ يُسْتَأْجَرُ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ يَبْقَى أَصْلُهُ وَقْفًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ مَا صَحَّ بِشَرَائِطِهِ لَا يَبْطُلُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ جَمَعَ مَالًا مِنْ النَّاسِ لِيُنْفِقَهُ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَأَنْفَقَ مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ فِي حَاجَتِهِ ثُمَّ رَدَّ بَدَلَهَا فِي نَفَقَةِ الْمَسْجِدِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ فَإِنْ عَرَفَ صَاحِبَ ذَلِكَ الْمَالِ رَدَّ عَلَيْهِ أَوْ سَأَلَهُ تَجْدِيدَ الْإِذْنِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَ الْمَالِ اسْتَأْذَنَ الْحَاكِمَ فِيمَا يَسْتَعْمِلُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ رَجَوْت لَهُ فِي الِاسْتِحْسَانِ أَنْ يُنْفِقَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْمَسْجِدِ فَيَجُوزُ، لَكِنْ هَذَا وَاسْتِثْمَارُ الْحَاكِم يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي رَفْعِ الْوَبَالِ أَمَّا الضَّمَانُ فَوَاجِبٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيُبْتَنَى عَلَى هَذَا مَسَائِلُ اُبْتُلِيَ بِهَا أَهْلُ الْعِلْمِ وَالصُّلَحَاءُ: مِنْهَا الْعَالِمُ إذَا

الباب الرابع عشر في المتفرقات

سَأَلَ لِلْفُقَرَاءِ أَشْيَاءَ وَاخْتَلَطَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ يَصِيرُ ضَامِنًا لِجَمِيعِ ذَلِكَ وَإِذَا أَدَّى صَارَ مُؤَدِّيَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَيَصِيرُ ضَامِنًا لَهُمْ وَلَا يَجْزِيهِمْ عَنْ زَكَاتِهِمْ فَيَجِبُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْفَقِيرَ لِيَأْذَنَ لَهُ بِالْقَبْضِ فَيَصِيرُ خَالِطًا مَالَهُ بِمَالِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمِنْهَا نَادَى مُرْد إذَا أَقَامَ وَسَأَلَ لِلْفَقِيرِ شَيْئًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهُوَ أَمِينٌ فَإِنْ اخْتَلَطَ مَالُ الْبَعْضِ بِمَالِ الْبَعْضِ يَصِيرُ مُؤَدِّيًا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَيَصِيرُ ضَامِنًا لَهُمْ وَلَا يَجْزِيهِمْ عَنْ زَكَاتِهِمْ فَيَجِبُ أَنْ يَأْمُرَهُ الْفَقِيرُ أَوَّلًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمَرَ صَارَ وَكِيلًا بِقَبْضِهِ وَبِالتَّصَرُّفِ لَهُ فَيَصِيرُ خَالِطًا مَالَهُ بِمَالِهِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. [الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ مَالَهُ فِي وَجْهِ الْقُرْبَةِ فَبِنَاءُ الرِّبَاطِ لِلْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ الرِّقَابِ؛ لِأَنَّهُ أَدْوَمُ وَقِيلَ: التَّصَدُّقُ

عَلَى الْمَسَاكِينِ قُلْت: وَقَدْ كُنَّا قُلْنَا لِمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ الْكُتُبَ وَيَضَعَ فِي دَارِ الْكُتُبِ لِيُكْتَبَ الْعِلْمُ؛ لِأَنَّهُ أَدْوَمُ فَإِنَّهُ يَبْقَى إلَى آخِرِ الدَّهْرِ فَكَانَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ دَارًا لَهُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالتَّصَدُّقُ بِثَمَنِهَا أَفْضَلُ وَلَوْ كَانَ مَكَانُ الدَّارِ ضَيْعَةً فَالْوَقْفُ أَفْضَلُ. أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْمَسْجِدِ دُهْنًا أَوْ حَصِيرًا فَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ مُسْتَغْنِيًا عَنْ الدُّهْنِ مُحْتَاجًا إلَى الْحَصِيرِ فَالْحَصِيرُ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَشِرَاءُ الدُّهْنِ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ سَوَاءً فَهُمَا فِي الْفَضْلِ سَوَاءٌ فَيُنْظَرُ فِي الْفَضِيلَةِ وَنُقْصَانِهَا وَزِيَادَةٍ عَلَى حَاجَتِهَا وَقُوَّتِهَا وَضَعْفِهَا، وَدَوَامِهَا فَعَلَى هَذَا الصَّرْفُ إلَى الْمُتَعَلِّمِ وَوُجُوهُ التَّعَلُّمِ مِنْ الْفِقْهِ وَكِتَابَتِهِ وَجَمْعِهِ أَوْلَى مِنْ الِاشْتِغَالِ بِأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ مِنْ النَّوَافِلِ، وَكَذَا الْحَدِيثُ وَالتَّفْسِيرُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ نَفْعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَدْوَمُ فَكَانَ أَوْلَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَقَفَ وَقْفًا صَحِيحًا عَلَى سَاكِنِي مَدْرَسَةِ كَذَا مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ فَسَكَنَ فِيهَا إنْسَانٌ لَا يَبِيتُ فِيهَا وَيَشْتَغِلُ بِالْحِرَاسَةِ لَيْلًا لَا يُحْرَمُ مِنْ ذَلِكَ إنْ

كَانَ يَأْوِي إلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهِ وَلَهُ آلَةُ السُّكْنَى؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ سَاكِنَ هَذَا الْمَوْضِعِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِاللَّيْلِ بِالْحِرَاسَةِ وَبِالنَّهَارِ يُقَصِّرُ فِي التَّعْلِيمِ يُنْظَرُ إنْ اشْتَغَلَ فِي النَّهَارِ بِعَمَلٍ آخَرَ حَتَّى لَا يُعَدَّ مِنْ جُمْلَةِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ فَلَا وَظِيفَةَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَغِلْ حَتَّى يُعَدَّ مِنْ جُمْلَةِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ فَلَهُ الْوَظِيفَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ هَذَا إذَا قَالَ: عَلَى سَاكِنِي مَدْرَسَةِ كَذَا مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ، أَمَّا إذَا قَالَ: عَلَى سَاكِنِي مَدْرَسَةِ كَذَا، وَلَمْ يَقُلْ: مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ؛ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ حَتَّى لَا يَكُونَ لِسَاكِنِي الْمَدْرَسَةِ مِنْ غَيْرِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ شَيْءٌ مِنْ الْوَظِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَفْهُومُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمُتَعَلِّمُ إذَا كَانَ لَا يَخْتَلِفُ إلَى الْفُقَهَاءِ لِلتَّعَلُّمِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ وَقَدْ اشْتَغَلَ بِكِتَابَةِ شَيْءٍ مِنْ الْفِقْهِ لِنَفْسِهِ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَا بَأْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْوَظِيفَةَ وَإِنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ وَقَدْ اشْتَغَلَ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَأْخُذُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. إنْ غَابَ الْمُتَعَلِّمُ عَنْ الْبَلَدِ أَيَّامًا ثُمَّ رَجَعَ وَطَلَبَ فَإِنْ خَرَجَ مَسِيرَةَ سَفَرٍ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ مَا مَضَى، وَكَذَا إذَا خَرَجَ

وَأَقَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لِأَمْرٍ لَا بُدَّ كَطَلَبِ الْقُوتِ وَالرِّزْقِ فَهُوَ عَفْوٌ وَلَا يَحِلُّ لِغَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ حُجْرَتَهُ وَوَظِيفَتُهُ عَلَى حَالِهَا إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ مِقْدَارَ شَهْرٍ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا زَادَتْ كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ حُجْرَتَهُ وَوَظِيفَتَهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. قَالَ الْفَقِيهُ: مَنْ يَأْخُذُ الْأَجْرَ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ فِي يَوْمٍ لَا دَرْسَ فِيهِ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ جَائِزًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. غَابَ الْمُتَفَقِّهُ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُ الْمَرْسُومِ بِلَا خِلَافٍ إنْ كَانَ مُشَاهَرَةً، وَإِنْ كَانَ مُسَانَهَةً وَحَضَرَ وَقْتَ الْقِسْمَةِ وَقَدْ أَقَامَ أَكْثَرَ السَّنَةِ يَحِلُّ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ الْوَقْفِ عَلَى الْعَلَوِيَّةِ السَّاكِنِينَ بِبَلْخٍ قَالَ: مَنْ غَابَ مِنْهُمْ وَلَمْ يَبِعْ مَسْكَنَهُ وَلَمْ يَتَّخِذْ مَسْكَنًا آخَرَ فَهُوَ مِنْ سُكَّانِ بَلْخٍ وَلَمْ تَبْطُلْ وَظِيفَتُهُ وَلَا وَقْفُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا شِرَاءً فَاسِدًا فَقَبَضَهَا وَاِتَّخَذَهَا مَسْجِدًا وَصَلَّى النَّاسُ فِيهِ، ذَكَرَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَقْفِهِ أَنَّهُ مَسْجِدٌ وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهَا وَلَا تُرَدُّ إلَى الْبَائِعِ

قَالَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا فِي الْمَسْجِدِ، وَالْوَقْفُ عَلَى قِيَاسِهِ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ: إذَا اشْتَرَى أَرْضًا شِرَاءً فَاسِدًا وَاِتَّخَذَهَا مَسْجِدًا وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَصِيرُ مُسْتَهْلِكًا بِالْبِنَاءِ وَعِنْدَهُمَا يُنْتَقَضُ الْبِنَاءُ وَتُرَدُّ الْأَرْضُ عَلَى الْبَائِعِ فَاشْتِرَاطُ الْبِنَاءِ عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْنِ لَا يَصِيرُ بِمُجَرَّدِ اتِّخَاذِهِ مَسْجِدًا بِلَا خِلَافٍ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ الْبِنَاءِ فِي رِوَايَةِ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَصِيرُ مَسْجِدًا بِلَا خِلَافٍ بِدُونِ الْبِنَاءِ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ: رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا شِرَاءً صَحِيحًا وَقَبَضَهَا وَوَقَفَهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَا يَرُدُّهَا وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى أَرْضًا وَاِتَّخَذَهَا مَسْجِدًا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا تَبَايَعَا دَارًا بِعَبْدٍ وَتَقَابَضَا فَوَقَفَ الدَّارَ ثُمَّ

اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ فَالْوَقْفُ جَائِزٌ وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْأَرْضِ يَوْمَ قَبْضِهَا لِبَائِعِهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ وَجَدَ الْعَبْدَ حُرًّا بَطَلَ الْوَقْفُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَيِّمٌ وَقَفَ جَمِيعَ الْغَلَّةِ وَقَسَّمَهَا عَلَى أَرْبَابِهَا وَحَرَمَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَصَرَفَ نَصِيبَهُ إلَى حَاجَةِ نَفْسِهِ فَلَمَّا خَرَجَتْ الْغَلَّةُ الثَّانِيَةُ أَرَادَ الْمَحْرُومُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ نَصِيبَهُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى أَوْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْقَيِّمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ ذَلِكَ وَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ الشُّرَكَاءِ وَالشَّرِكَةِ فِيمَا أَخَذُوا فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْصِبَائِهِمْ مِنْ الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ فَمَتَى أَخَذَ رَجَعُوا جَمِيعًا عَلَى الْقَيِّمِ بِمَا اسْتَهْلَكَ مِنْ حِصَّةِ الْمَحْرُومِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. إمَامُ الْمَسْجِدِ رَفَعَ الْغَلَّةَ وَذَهَبَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ لَا تُسْتَرَدُّ مِنْهُ غَلَّةُ بَعْضِ السَّنَةِ وَالْعِبْرَةُ لِوَقْتِ الْحَصَادِ فَإِنْ كَانَ يَؤُمُّ فِي الْمَسْجِدِ وَقْتَ الْحَصَادِ يَسْتَحِقُّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَهَلْ يَحِلُّ لِلْإِمَامِ أَكْلُ حِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ إنْ كَانَ فَقِيرًا يَحِلُّ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي طَلَبَةِ الْعِلْمِ يُعْطَوْنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَيْئًا مُقَدَّرًا

مِنْ الْغَلَّةِ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ فَأَخَذَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قِسْطَهُ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ فَتَحَوَّلَ عَنْ تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُوقَفَ مِنْ مَالِهِ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا لِدَيْنٍ يَظْهَرُ عَلَيَّ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَقَّتَ وَقْتًا أَوْ لَمْ يُوَقِّتْ فَإِنْ قَالَ: إنْ رَأَى الْوَصِيُّ ذَلِكَ الْآنَ يُوقَفُ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى الْوَصِيُّ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُعْطِي الْوَصِيُّ ذَلِكَ الْقَدْرَ مَنْ شَاءَ وَلَوْ نَصَّ عَلَى هَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. . رَجُلٌ فِي يَدِهِ أَرْضٌ وَمَاءٌ لِلْفُقَرَاءِ وَفَضَلَ الْمَاءُ فِي النَّهْرِ عَنْ الْأَرْضِ لَا يُعْطِي أَحَدًا بَلْ يُرْسِلُهُ فِي النَّهْرِ لِيَصِلَ إلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ إلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ. مَرِيضٌ قَالَ: إنِّي كُنْت مُتَوَلِّي حَانُوتِ وَقْفٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَكُنْتُ اسْتَهْلَكْتُ مِنْ غَلَّتِهِ، أَوْ قَالَ: لَمْ أُؤَدِّ زَكَاتِي؛ فَأَدُّوا ذَلِكَ مِنْ مَالِي بَعْدَ مَوْتِي، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي ذَلِكَ يُعْطَى الْوَقْفُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَالزَّكَاةُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ الْوَرَثَةُ يُعْطَى الْوَقْفُ وَالزَّكَاةُ مِنْ الثُّلُثِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُحَلِّفَ الْوَرَثَةَ عَلَى الْعِلْمِ يُرِيدُ بِالْوَصِيِّ قَيِّمَ

الْوَقْفِ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ حَقٌّ فَإِنْ حَلَفُوا جَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا قَبْلَ الْحَلِفِ، وَإِنْ نَكَلُوا جَعَلَ الزَّكَاةَ مِنْ الثُّلُثِ وَالْوَقْفُ مِنْ الْجَمِيعِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْوَرَثَةُ ابْتِدَاءً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ (جَامِعُ الْجَوَامِعِ) . وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ وَقَفَ فِي الصِّحَّةِ وَأُخْرِجَ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ لِوَصِيِّهِ: أَعْطِ مِنْ غَلَّتِهِ لِفُلَانٍ خَمْسِينَ وَلِفُلَانٍ مِائَةً، وَمَاتَ وَلَهُ ابْنٌ مُحْتَاجٌ وَقَدْ قَالَ لِلْوَصِيِّ: افْعَلْ مَا رَأَيْت فَالدَّفْعُ إلَى الِابْنِ أَفْضَلُ دُونَ هَؤُلَاءِ وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْوَقْفِ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ شَاءَ فَلِلْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. مَرِيضٌ قَالَ: أَخْرِجُوا نَصِيبِي مِنْ مَالِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا يَخْرُجُ الثُّلُثُ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَصِيبُهُ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ فِي آخِرِ أَعْمَارِكُمْ زِيَادَةً عَلَى أَعْمَالِكُمْ» ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. فِي الْجَامِعِ الْكِسَائِيُّ إذَا جَعَلَتْ امْرَأَةٌ مُصْحَفًا حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَتَحَرَّقَ الْمُصْحَفُ وَبَقِيَتْ الْفِضَّةُ الَّتِي عَلَيْهِ دُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِهِ

مُصْحَفًا مُسْتَقِلًّا فَيَجْعَلَهُ حَبِيسًا وَلَوْ جَعَلَ فَرَسًا حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَصَابَهُ عَيْبٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُغْزَى عَلَيْهِ لَا بَأْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ يُرِيدُ بِهِ الْقَيِّمَ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ فَرَسًا آخَرَ يُغْزَى عَلَيْهِ وَبَيْعُ الْوَكِيلِ جَائِزٌ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ إذَا خَرِبَتْ الْقَرْيَةُ كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَبِيعَهُ (فَرْعٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُصْحَفِ) لَوْ صَارَ الْمُصْحَفُ لَا يُعْطَى بِثَمَنِهِ مُصْحَفٌ يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَيَقْتَسِمُونَهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْوَصَايَا رِوَايَةُ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ إذَا جَعَلَ أَرْضَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً بِمَا فِيهِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْبَقَرِ وَالْآلَةِ فَتَغَيَّرَتْ عَنْ حَالِهَا حَتَّى لَا يُنْتَفَعَ بِهَا فِي الصَّدَقَةِ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَائِطٌ بَيْنَ دَارَيْنِ إحْدَاهُمَا وَقْفٌ انْهَدَمَ الْحَائِطُ فَبَنَى صَاحِبُ الدَّارِ فِي حَدٍّ دَارًا لِوَقْفٍ؛ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالنَّقْضِ فَإِنْ أَرَادَ الْقَيِّمُ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ لِيَكُونَ الْبِنَاءُ لِلْوَقْفِ لَا يَكُونُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ وَكَذَا لَوْ أَعْطَاهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ بِرِضَاهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ ضَيْعَةٌ تُسَاوِي عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فَوَقَفَ الضَّيْعَةَ وَشَرَطَ صَرْفَ غَلَّاتِهَا إلَى نَفْسِهِ قَصْدًا مِنْهُ إلَى الْمُمَاطَلَةِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إفْلَاسِهِ جَازَ الْوَقْفُ وَالشَّهَادَةُ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّاتِ فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. إذَا أَطْلَقَ الْقَاضِي وَأَجَازَ بَيْعَ وَقْفٍ غَيْرِ مَسْجِدٍ هَلْ يُوجِبُ نَقْضَ الْوَقْفِ؟ أَجَابَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ أَنَّهُ إنْ أَطْلَقَ لِوَارِثِ الْوَاقِفِ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَكُونُ حُكْمًا بِنَقْضِ الْوَقْفِ، وَإِنْ أَطْلَقَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ لَا، أَمَّا إذَا بِيعَ الْوَقْفُ فَقَضَى الْقَاضِي بِصِحَّةِ الْبَيْعِ كَانَ حُكْمًا بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. سُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ مَحْمُودٌ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ بَاعَ مَحْدُودًا قَدْ وَقَفَهُ وَكَتَبَ الْقَاضِي الشَّهَادَةَ عَلَى

الصَّكِّ لَا يَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَهَذَا صَحِيحٌ ظَاهِرٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ: إذَا كَتَبَ الْقَاضِي الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ كَتَبَ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ، أَمَّا إذَا كَتَبَ شَهِدَ بِذَلِكَ وَفِي الصَّكِّ بَاعَ بَيْعًا جَائِزًا صَحِيحًا كَانَ حُكْمًا بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. أَرَادَ الْمُتَوَلِّي أَنْ يُقْرِضَ مَا فَضَلَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ ذُكِرَ فِي وَصَايَا فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجَوْت أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وُسْعًا إذَا كَانَ ذَلِكَ أَصْلَحَ وَأَجْرَى لِلْغَلَّةِ مِنْ إمْسَاكِ الْغَلَّةِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ فَضْلَ الْغَلَّةِ إلَى حَوَائِجِهِ عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ إذَا اُحْتِيجَ إلَى الْعِمَارَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَنَزَّهَ غَايَةَ التَّنَزُّهِ فَإِنْ فَعَلَ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ أَنْفَقَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْعِمَارَةِ أَجَزْت أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَبْرِيئًا لَهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مُطْلَقًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ جَاءَ بِمِثْلِ مَا أَنْفَقَ وَخَلَطَهُ بِدَرَاهِمِ الْوَقْفِ ضَمِنَ الْكُلَّ إلَّا إذَا صَرَفَ الْكُلَّ إلَى الْعِمَارَةِ فَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ أَوْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَأْمُرُ رَجُلًا بِقَبْضِ الْكُلِّ مِنْهُ ثُمَّ يُدْفَعُ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ الْوَقْفِ عَنْ هَيْئَتِهِ فَلَا يَجْعَلُ الدَّارَ بُسْتَانًا وَلَا الْخَانَ حَمَّامًا وَلَا الرِّبَاطَ دُكَّانًا، إلَّا إذَا جَعَلَ الْوَاقِفُ إلَى النَّاظِرِ مَا يَرَى فِيهِ مَصْلَحَةَ الْوَقْفِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. سُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ مَحْمُودٌ الْأُوزْجَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ وَقَفَ ثُمَّ افْتَقَرَ وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ قَالَ: يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَفْسَخَ الْقَاضِي الْوَقْفَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى إذَا بَاعَ كَرْمًا فِيهِ مَسْجِدٌ قَدِيمٌ فَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ عَامِرًا فَسَدَ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ خَرَابًا لَا يَفْسُدُ، كَذَا فِي

التَّتَارْخَانِيَّة. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ إذَا وَقَفَ بَيْتًا مِنْ دَارِ فُلَانٍ وَقْفًا بِطَرِيقِهِ جَازَ الْوَقْفُ وَإِنْ لَمْ يَقِفْ بِطَرِيقِهِ لَمْ يَجُزْ الْوَقْفُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ بَنَى مَسْجِدًا وَاِتَّخَذَ أَرْضَهُ مُقْبَرَهُ أَوْ بَنَى خَانًا يَنْزِلُ فِيهِ النَّاسُ فَادَّعَى رَجُلٌ دَعْوَى فِيهِ وَالْبَانِي غَائِبٌ فَمَتَى قَضَى عَلَى بَعْضِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَقَدْ قَضَى عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَأَمَّا الْخَانُ فَلَا حَتَّى يَحْضُرَ بَانِيهِ أَوْ نَائِبُهُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فِي الْمُلْتَقَطِ رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَسْجِدٍ وَفِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ لِأَحَدٍ لَهُ ذَلِكَ وَيَجُوزُ، كَذَا فِي الْحَمَّادِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ. تَمَّ

كتاب البيوع وفيه عشرون بابا

[كِتَابُ الْبُيُوعِ وَفِيهِ عِشْرُونَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الْبَيْعِ وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ وَأَنْوَاعِهِ] (كِتَابُ الْبُيُوعِ وَفِيهِ عِشْرُونَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الْبَيْعِ وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ وَأَنْوَاعِهِ) أَمَّا تَعْرِيفُهُ فَمُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِالتَّرَاضِي كَذَا فِي الْكَافِي وَأَمَّا رُكْنُهُ فَنَوْعَانِ أَحَدُهُمَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَالثَّانِي التَّعَاطِي وَهُوَ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَمَّا شَرْطُهُ فَأَنْوَاعٌ أَرْبَعَةٌ شَرْطُ الِانْعِقَادِ وَشَرْطُ النَّفَاذِ وَشَرْطُ الصِّحَّةِ وَشَرْطُ اللُّزُومِ. أَمَّا شَرَائِطُ الِانْعِقَادِ فَأَنْوَاعٌ مِنْهَا فِي الْعَاقِدِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا مُمَيِّزًا كَذَا فِي الْكَافِي وَالنِّهَايَةِ فَيَصِحُّ بَيْعُ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ اللَّذَيْنِ يَعْقِلَانِ الْبَيْعَ وَأَثَرَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّدًا فَلَا يَصْلُحُ الْوَاحِدُ عَاقِدًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ إلَّا الْأَبُ وَوَصِيُّهُ وَالْقَاضِي إذَا بَاعُوا أَمْوَالَهُمْ مِنْ الصَّغِيرِ أَوْ اشْتَرَوْا مِنْهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيِّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ لِلْيَتِيمِ وَإِلَّا لِرَسُولٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِلَّا الْعَبْدُ يَشْتَرِي نَفْسَهُ مِنْ مَوْلَاهُ بِأَمْرِهِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَمِنْهَا فِي الْعَقْدِ وَهُوَ مُوَافَقَةُ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ بِأَنْ يَقْبَلَ الْمُشْتَرِي مَا أَوْجَبَهُ الْبَائِعُ بِمَا أَوْجَبَهُ فَإِنْ خَالَفَهُ بِأَنْ قَبِلَ غَيْرَ مَا أَوْجَبَهُ أَوْ بَعْضَ مَا أَوْجَبَهُ أَوْ بِغَيْرِ مَا أَوْجَبَهُ أَوْ بِبَعْضِ مَا أَوْجَبَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَقَبِلَ الْبَائِعُ بِأَنْقَصَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي بِأَزْيَدَ انْعَقَدَ فَإِنْ قَبِلَ الْبَائِعُ الزِّيَادَةَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَتْ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَمِنْهَا فِي الْبَدَلَيْنِ وَهُوَ قِيَامُ الْمَالِيَّةِ حَتَّى لَا يَنْعَقِدَ مَتَى عَدِمَتْ الْمَالِيَّةُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَمِنْهَا فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ الْمَعْدُومِ وَمَا لَهُ خَطَرُ الْعَدَمِ كَبَيْعِ نِتَاجِ النِّتَاجِ وَالْحَمْلِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَأَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا فِي نَفْسِهِ وَأَنْ يَكُونَ مِلْكَ الْبَائِعِ

فِيمَا يَبِيعُهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ الْكَلَإِ وَلَوْ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ مَمْلُوكًا لَهُ وَإِنْ مَلَكَهُ بَعْدَهُ إلَّا السَّلَمَ، وَالْمَغْضُوبُ لَوْ بَاعَهُ الْغَاضِبُ ثُمَّ ضَمِنَهُ نَفَذَ بَيْعُهُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَنْ يَكُونَ مَالًا مُتَقَوِّمًا شَرْعًا مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ فِي الْحَالِ أَوْ فِي تَالِي الْحَالِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِنْهَا سَمَاعُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَلَامَهُمَا وَهُوَ شَرْطُ انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت وَلَمْ يَسْمَعْ الْبَائِعُ كَلَامَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى فَإِنْ سَمِعَ أَهْلُ الْمَجْلِسِ كَلَامَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ يَقُولُ لَمْ أَسْمَعْ وَلَا وَقَرَ فِي أُذُنِي لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَمِنْهَا فِي الْمَكَانِ وَهُوَ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ بِأَنْ كَانَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَإِنْ اخْتَلَفَ لَا يَنْعَقِدُ وَأَمَّا شَرَائِطُ النَّفَاذِ فَنَوْعَانِ أَحَدُهُمَا الْمِلْكُ أَوْ الْوِلَايَةُ وَالثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَبِيعِ حَقٌّ لِغَيْرِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ لَا يَنْفُذُ كَالْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. . وَأَمَّا شَرَائِطُ الصِّحَّةِ فَعَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ فَالْعَامَّةُ لِكُلِّ بَيْعٍ مَا هُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ لِأَنَّ مَا لَا يَنْعَقِدُ لَمْ يَصِحَّ وَلَا يَنْعَكِسُ فَإِنَّ الْفَاسِدَ عِنْدَنَا مُنْعَقِدٌ نَافِذٌ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مُؤَقَّتًا فَإِنْ أَقَّتَهُ لَمْ يَصِحَّ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا وَالثَّمَنُ مَعْلُومًا عِلْمًا يَمْنَعُ مِنْ الْمُنَازَعَةِ فَبَيْعُ الْمَجْهُولِ جَهَالَةً تُفْضِي إلَيْهَا غَيْرُ صَحِيحٍ كَبَيْعِ شَاةٍ مِنْ هَذَا الْقَطِيعِ وَبَيْعِ شَيْءٍ بِقِيمَتِهِ وَبِحُكْمِ فُلَانٍ وَمِنْهَا الْفَائِدَةُ فَبَيْعُ مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَشِرَاؤُهُ فَاسِدٌ كَبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ (1) اسْتَوَيَا وَزْنًا وَصِفَةً كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَمِنْهَا الْخُلُوُّ عَنْ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ مِنْهَا شَرْطٌ فِي وُجُودِهِ غَرَرٌ كَمَا إذَا اشْتَرَى نَاقَةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ وَأَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ مَحْظُورًا وَشَرْطُ مَا لَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْمَبِيعِ إنْ كَانَ مِنْ بَنِي آدَمَ وَلَيْسَ بِمُلَائِمٍ لِلْعَقْدِ وَلَا مِمَّا جَرَى بِهِ التَّعَامُلُ بَيْنَ النَّاسِ وَشَرْطُ الْأَجَلِ فِي الْمَبِيعِ الْعَيْنُ وَالثَّمَنِ الْعَيْنُ وَيَجُوزُ فِي الْمَبِيعِ الدَّيْنُ وَالثَّمَنِ الدَّيْنُ وَشَرْطُ خِيَارٍ مُؤَبَّدٍ وَشَرْطُ خِيَارٍ مُؤَقَّتٍ بِوَقْتٍ مَجْهُولٍ جَهَالَةً مُتَفَاحِشَةً كَهُبُوبِ الرِّيحِ وَمَجِيءِ الْمَطَرِ وَقُدُومِ فُلَانٍ أَوْ مُتَقَارِبَةً كَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ وَشَرْطُ خِيَارٍ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ أَصْلًا وَشَرْطُ خِيَارٍ مُؤَقَّتٌ بِالزَّائِدِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَأَمَّا الْخَاصَّةُ فَمِنْهَا مَعْلُومِيَّةُ الْأَجَلِ فِي الْبَيْعِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَيَفْسُدَانِ كَانَ مَجْهُولًا وَمِنْهَا الْقَبْضُ فِي بَيْعِ الْمُشْتَرَى الْمَنْقُولِ وَفِي الدَّيْنِ فَبَيْعُ الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَاسِدٌ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَبَيْعُ شَيْءٍ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْبَائِعِ وَمِنْهَا الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الْبَدَلَيْنِ فِي أَمْوَالِ الرِّبَا وَمِنْهَا الْخُلُوُّ عَنْ شُبْهَةِ الرِّبَا وَمِنْهَا الْقَبْضُ فِي الصَّرْفِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ مَعْلُومًا فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالِاشْتِرَاكِ وَالْوَضِيعَةِ. وَأَمَّا شَرْطُ اللُّزُومِ فَخُلُوُّهُ عَنْ الْخِيَارَاتِ الْأَرْبَعَةِ الْمَشْهُورَةِ وَغَيْرِهَا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَأَمَّا حُكْمُهُ فَثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَفِي الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا فَثُبُوتُ الْمِلْكِ فِيهِمَا عِنْدَ الْإِجَازَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا أَنْوَاعُهُ فَبِالنَّظَرِ إلَى مُطْلَقِ الْبَيْعِ أَرْبَعَةٌ نَافِذٌ وَمَوْقُوفٌ وَفَاسِدٌ وَبَاطِلٌ فَالنَّافِذُ مَا أَفَادَ الْحُكْمَ لِلْحَالِ وَالْمَوْقُوفُ مَا أَفَادَهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ وَالْفَاسِدُ مَا أَفَادَهُ عِنْدَ الْقَبْضِ وَالْبَاطِلُ مَا لَمْ يُفِدْهُ أَصْلًا وَبِالنَّظَرِ إلَى الْمَبِيعِ أَرْبَعَةٌ بَيْعُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ وَهِيَ الْمُقَابَضَةُ وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ الصَّرْفُ وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ وَهُوَ السَّلَمُ وَعَكْسُهُ هُوَ بَيْعُ الْعَيْنِ بِالدَّيْنِ كَأَكْثَرِ الْمَبِيعَاتِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَا بِاعْتِبَارِ تَسْمِيَةِ الْبَدَلِ يَتَنَوَّعُ إلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ مُسَاوَمَةٌ وَهُوَ بَيْعٌ بِالثَّمَنِ

الباب الثاني فيما يرجع إلى انعقاد البيع وفيه ثلاثة فصول

الَّذِي يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ وَمُرَابَحَةٌ وَهُوَ بَيْعٌ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَزِيَادَةٍ وَتَوْلِيَةٌ وَهُوَ بَيْعٌ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَا غَيْرُ وَوَضِيعَةٌ وَهُوَ بَيْعٌ بِأَنْقَصَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَرْجِعُ إلَى انْعِقَادِ الْبَيْعِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى انْعِقَادِ الْبَيْعِ] الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَرْجِعُ إلَى انْعِقَادِ الْبَيْعِ وَفِي حُكْمِ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى انْعِقَادِ الْبَيْعِ) قَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - كُلُّ لَفْظَيْنِ يُنْبِئَانِ عَنْ التَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكِ عَلَى صِيغَةِ الْمَاضِي أَوْ الْحَالِ يَنْعَقِدُ بِهِمَا الْبَيْعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَارِسِيَّةً كَانَتْ أَوْ عَرَبِيَّةً أَوْ نَحْوَهُمَا هَكَذَا فِي التَّتَار خَانِيَّةِ وَيَنْعَقِدُ بِالْمَاضِي بِلَا نِيَّةٍ وَبِالْمُضَارِعِ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ أَبِيعُ مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ أَوْ أَبْذُلُهُ أَوْ أُعْطِيكَهُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَشْتَرِيه مِنْك أَوْ آخُذُهُ وَنَوَيَا الْإِيجَابَ لِلْحَالِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِلَفْظِ الْمَاضِي وَالْآخَرُ بِالْمُسْتَقْبَلِ مَعَ نِيَّةِ الْإِيجَابِ لِلْحَالِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَا يَنْعَقِدُ هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَأَمَّا مَا تَمَحَّضَ لِلْحَالِ كَأَبِيعُكَ الْآنَ فَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا وَأَمَّا مَا تَمَحَّضَ لِلِاسْتِقْبَالِ كَالْمَقْرُونِ بِالسِّينِ وَسَوْفَ أَوْ الْأَمْرِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ إلَّا إذَا دَلَّ الْأَمْرُ عَلَى الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ كَخُذْهُ بِكَذَا فَقَالَ أَخَذْته فَإِنَّهُ كَالْمَاضِي كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ سُئِلَ أَبُو اللَّيْثِ الْكَبِيرُ عَمَّنْ قَالَ لِآخَرَ خُذْ هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ أَخَذْت ثُمَّ الْبَائِعُ قَالَ لَا أُعْطِيك قَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ بَعْدَ قَوْلِهِ أَخَذْتُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ كَمَا إذَا قَالَ الْبَائِعُ اشْتَرِ مِنِّي فَقَالَ اشْتَرَيْت فَلَا يَنْعَقِدُ مَا لَمْ يَقُلْ الْبَائِعُ بِعْتُ أَوْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي بِعْ مِنِّي فَيَقُولُ: بِعْتُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقُولَ ثَانِيًا: اشْتَرَيْتُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. . وَلَا يَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ بِالِاتِّفَاقِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَتَبِيعُ هَذَا الشَّيْءَ مِنِّي بِكَذَا أَوْ ابْتَعْتَهُ مِنِّي بِكَذَا فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُ لَا يَنْعَقِدُ مَا لَمْ يَقُلْ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ (2) خريدي أَيْنَ جيزراز مِنْ بِكَذَا وَقَالَ الْآخَرُ اشْتَرَيْتُهُ وَلَمْ يَقُلْ هُوَ بِعْتُ لَا يَتِمُّ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَحَكَى الْإِمَامُ الْأَجَلُّ ظَهِيرُ الدِّينِ عَنْ عَمِّهِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الأوزجندي وَأُسْتَاذِهِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ لِأَنَّ (3) فروختم مُضْمَرٌ فِي قَوْلِ الْبَائِعِ وَمَعْنَاهُ (4) خريدي لَهُ فروختم كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَلَوْ قَالَ أَقَلْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْآخَرُ قَبِلْت اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِلَفْظَةِ الْإِقَالَةِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَنْعَقِدُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَنْعَقِد الْبَيْعُ بِلَفْظِ السَّلَمِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِآخَرَ وَهَبْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْآخَرُ قَبِلْتُ صَحَّ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَصِحُّ الْإِيجَابُ بِلَفْظِ الْجَعْلِ كَقَوْلِهِ جَعَلْتُ لَك هَذَا بِكَذَا لِمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْقَاضِي إذَا قَالَ لِلدَّائِنِ جَعَلْت لَك هَذَا بِدَيْنِك كَانَ بَيْعًا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِقَوْلِهِ رَضِيتُ وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ أَجَزْتُ بَعْدَ قَوْلِهِ بِعْتُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت بِكَذَا فَقَالَ الْبَائِعُ رَضِيتُ أَوْ أَمْضَيْتُ أَوْ أَجَزْت كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَكَذَا لَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ بَيْعٌ لَك بِدَيْنِك فَقَبِلَ الْآخَرُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرَيْتُ عَبْدَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْبَائِعُ قَدْ فَعَلْت أَوْ قَالَ نَعَمْ أَوْ قَالَ هَاتِ الثَّمَنَ صَحَّ

الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْته بِكَذَا فَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ لَك أَوْ عَبْدُك أَوْ فِدَاك تَمَّ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ بِعْت مِنْك كَذَا بِكَذَا فَقَالَ أَخَذْت تَمَّ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ عَوَّضْتُ فَرَسِي بِفَرَسِك فَقَالَ وَأَنَا فَعَلْتُ أَيْضًا فَهَذَا بَيْعٌ وَعَلَيْهِ فَتْوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيِّ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ هَذَا الْعَبْدُ عَلَيْك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْآخَرُ قَبِلْت يَكُونُ بَيْعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ بِعْتُ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَوَهَبْت الثَّمَنَ مِنْك وَقَالَ الْآخَرُ اشْتَرَيْت لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَأَمَّا إذَا بَاعَ بِكَذَا مِنْ الثَّمَنِ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ صَحَّ وَلَوْ بَاعَهُ وَسَكَتَ عَنْ الثَّمَنِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَلْزَمُ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْعَبْدِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك بِغَيْرِ ثَمَنٍ لَمْ يَمْلِكْ الْمَبِيعَ وَإِنْ قَبَضَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته بِغَيْرِ شَيْءٍ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا أَضَافَ الْبَيْعَ إلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْمَمْلُوكِ إنْ أَضَافَهُ إلَى عُضْوٍ إذَا أَضَافَ الْعِتْقَ إلَيْهِ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ وَمَا لَا فَلَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي تَجْنِيسِ النَّاصِرِيِّ لَوْ قَالَ (1) مِنْ فروختم أَيْنَ بندة بهزاردم توخريدي فَقَالَ مُجِيبًا لَهُ خريدم تَمَّ الْبَيْعُ أَمَّا لَوْ قَالَ (2) مِنْ فروختم ابْن بنده رابهزاردرم فَقَالَ الْمُشْتَرِي خريدم وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا لَا يَكُونُ بَيْعًا لِعَدَمِ الْإِضَافَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِكَذَا بَعْدَ وُجُودِ مُقَدِّمَاتِ الْبَيْعِ فَقَالَ اشْتَرَيْت وَلَمْ يَقُلْ مِنْك صَحَّ وَكَذَا عَلَى الْعَكْسِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ قَالَ لِآخَرَ عَبْدِي هَذَا لَك بِأَلْفٍ إنْ أَعْجَبَك فَقَالَ أَعْجَبَنِي فَهَذَا بَيْعٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ إنْ وَافَقَك فَقُلْ وَافَقَنِي وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ إنْ أَرَدْتَ أَوْ هَوَيْتَ فَقَالَ أَرَدْتُ أَوْ هَوَيْتُ (3) فَهَذَا بَيْعٌ كُلُّهُ فِي الْجَوَابِ وَأَمَّا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا الْمُصْمَتُ خَمْسَمِائَةِ مَنٍّ فَزِنْ فَقَدْ بِعْتُهُ مِنْك بِكَذَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي فَقَدْ اشْتَرَيْتُهُ ثُمَّ وَزَنَهُ فَكَانَ كَمَا قَالَ الْبَائِعُ فَلَيْسَ بِبَيْعٍ إلَّا إذَا عَرَفَ الْبَائِعُ وَزْنَهُ قَبْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ تَحْقِيقٌ وَلَيْسَ بِتَعْلِيقٍ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ اذْهَبْ بِهَذِهِ السِّلْعَةِ وَانْظُرْ إلَيْهَا الْيَوْمَ فَإِنْ رَضِيتهَا فَهِيَ لَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَذَهَبَ بِهَا جَازَ وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ رَضِيتهَا الْيَوْمَ فَهِيَ لَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ جَازَ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّك بِالْخِيَارِ الْيَوْمَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ أَخَذَ بِهِ عُلَمَاؤُنَا الثَّلَاثَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ بِعْتُ مِنْك بِأَلْفٍ إنْ شِئْت يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ كَانَ ذَلِكَ تَنْجِيزًا لَا تَعْلِيقًا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ بِعْته بِأَلْفٍ إنْ رَضِيَ فُلَانٌ إنْ وَقَّتَ لِلرِّضَا وَقْتًا جَازَ إنْ رَضِيَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَإِنْ اشْتَرَى ثَوْبًا شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ لَقِيَهُ غَدًا فَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ بِعْتنِي ثَوْبَك هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ بَلَى فَقَالَ قَدْ أَخَذْته فَهُوَ بَاطِلٌ وَهَذَا عَلَى مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنْ كَانَا تَتَارَكَا الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فَهُوَ جَائِزٌ الْيَوْمَ. رَجُلٌ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ إنْ لَمْ تَجِئْنِي الْيَوْمَ بِالثَّمَنِ فَلَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَك فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَأْتِهِ بِالثَّمَنِ وَلَقِيَهُ غَدًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ بِعْتنِي عَبْدَك هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ قَدْ أَخَذْته فَهَذَا شِرَاءُ السَّاعَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ الشِّرَاءَ قَدْ انْتَقَضَ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْبَيْعَ الْفَاسِدَ كَذَا فِي

فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَإِنْ لَمْ تَأْتِنِي بِالثَّمَنِ إلَى سَنَةٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَك فَهَذَا فَاسِدٌ وَلَيْسَ هَذَا كَالْخِيَارِ وَإِنْ شَرَطَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَالَ إنْ لَمْ تَأْتِنِي بِالثَّمَنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَك جَازَ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ إلَى أَرْبَعَةٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ جَاءَ بِهِ فِي الثَّلَاثَةِ فَقَالَ لَا أُرِيدُ تَأْخِيرَهُ فَإِنِّي أُجِيزُهُ إذَا جَاءَ بِهِ فِي الثَّلَاثِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا قَالَ الْآخَرُ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا فِي هَذَا الثَّوْبِ فَقَدْ بِعْته مِنْك فَأَدَّى الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ فَهَذَا بَيْعٌ صَحِيحٌ اسْتِحْسَانًا قِيلَ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ ذُكِرَ فِي السِّيَرِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ (فروختم جون بِهَا بِمِنْ رسد) فَأَعْطَاهُ الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ فَهَذَا بَيْعٌ صَحِيحٌ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. اشْتَرَيْت جَارِيَتَك هَذِهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ (فروختي) فَقَالَ (فروخته كِير) صَحَّ إنْ كَانَ مُرَادُهُ تَحْقِيقَ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ رَجُلٍ سَاوَمَ وَكِيلَ بَائِعِ السِّلْعَةِ بِاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَأَبَى الْوَكِيلُ إلَّا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اُتْرُكْ لِي هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الدَّنَانِيرَ وَرَضِيَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ قَوْلٌ وَهُنَاكَ شُهُودٌ عَلَى أَنَّهُ رَضِيَ فَطَابَتْ نَفْسُهُ بِذَلِكَ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا فَقَالَ هَذَا الْقَدْرُ لَيْسَ بِبَيْعٍ إلَّا أَنْ يُوجَدَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ الْفِعْلِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنَادِيَهُ مِنْ بَعِيدٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ رَجُلٌ فِي الْبَيْتِ فَقَالَ لِلَّذِي فِي السَّطْحِ بِعْته مِنْك بِكَذَا فَقَالَ اشْتَرَيْت صَحَّ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرَى صَاحِبَهُ وَلَا يَلْتَبِسُ الْكَلَامُ لِلْبُعْدِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْبُعْدُ إنْ كَانَ بِحَالٍ يُوجِبُ الِالْتِبَاسَ بِقَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُمْنَعُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ إنَّ النَّاسَ يَشْتَرُونَ كَرْمَك هَذَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَقَالَ بِعْت مِنْك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ اشْتَرَيْته بِهِ صَحَّ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِ الْهَزْلِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْهَزْلِ وَالْجَدِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْهَزْلَ فَإِنْ أَعْطَاهُ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ لَا يُسْمَعُ دَعْوَى الْهَزْلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الدَّلَّالُ لِلْبَائِعِ (فروختي بِدِينِ بِهَا فَقَالَ فروخته شَدَّ) ثُمَّ قَالَ لِلْمُشْتَرِي (خريدي فَقَالَ خريده شَدَّ) فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُمَا تَحْقِيقَ الْبَيْعِ يَنْعَقِدُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ إذَا قَالَ لِآخَرَ بِعْتُك عَبْدِي هَذَا بِكَذَا فَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ قَالَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. اشْتَرَيْت مِنْك طَعَامًا بِأَلْفٍ فَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَفَعَلَ فِي الْمَجْلِسِ تَمَّ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ لِدَلَالَةِ الْقَبُولِ بِخِلَافِ التَّصَدُّقِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ لِوُجُودِ الْإِعْرَاضِ قَبْلَ الْقَبُولِ وَكَذَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِأَلْفٍ فَاقْطَعْهُ قَمِيصًا فَفَعَلَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ يَتِمُّ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَفِي الْفَتَاوَى لَوْ قَالَ لِآخَرَ بِعْت مِنْك عَبْدِي هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ الْآخَرُ هُوَ حُرٌّ لَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي دَعْوَى الْجَامِعِ أَنَّ هَذَا جَوَابٌ وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ فَهُوَ حُرٌّ عَتَقَ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ رَوَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْنِي غُلَامَك هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ بِعْتُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي هُوَ حُرٌّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَوْلُهُ هُوَ حُرٌّ قَبْضٌ مِنْهُ لَهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَعْتِقُ فَلَا يَكُونُ قَابِضًا بِالْعِتْقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْأَكْلُ وَالرُّكُوبُ وَاللُّبْسُ بَعْدَ قَوْلِ الْبَائِعِ بِعْت رِضًا بِالْبَيْعِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ بِدِرْهَمٍ لِي عَلَيْك فَأَكَلَهُ كَانَ هَذَا بَيْعًا وَكَانَ مَا أَكَلَ حَلَالًا لَهُ ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ

السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ كَانَ يُبَايِعُ رَجُلًا وَيَشْتَرِي مِنْهُ الثِّيَابَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي كُلُّ ثَوْبٍ آخُذُهُ مِنْك فَلَكَ فِيهِ رِبْحُ دِرْهَمٍ وَكَانَ يَأْخُذُ مِنْهُ الثِّيَابَ وَالْبَائِعُ يُجِيزُهُ بِالشِّرَاءِ حَتَّى اجْتَمَعَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثَمَنُ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ أَوْ أَكْثَرَ فَحَاسَبَهُ وَأَعْطَاهُ لِكُلِّ ثَوْبٍ الثَّمَنَ وَرِبْحَ دِرْهَمٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ رَابَحَهُ وَالثِّيَابُ عِنْدَهُ عَلَى حَالِهَا فَالرِّبْحُ جَائِزٌ وَالشِّرَاءُ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الثِّيَابُ عِنْدَهُ عَلَى حَالِهَا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَا يَجُوزُ الرِّبْحُ. رَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا بِثَوْبٍ فَقَالَ الْبَائِعُ أَبِيعُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا آخُذُهُ إلَّا بِعَشَرَةٍ فَذَهَبَ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ الْبَائِعُ شَيْئًا فَهُوَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حِينَ سَاوَمَهُ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَأَخَذَهُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْبَائِعُ فَهُوَ بِعَشَرَةٍ وَلَوْ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ لَا آخُذُهُ إلَّا بِعَشَرَةٍ وَقَالَ الْبَائِعُ لَا أَبِيعُهُ إلَّا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَنَاوَلَهُ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ فَدَفَعَهُ الْبَائِعُ إلَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَذَهَبَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ بِعَشَرَةٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْمُجْتَبَى إذَا مَضَيَا عَلَى الْعَقْدِ بَعْدَ اخْتِلَافِ كَلِمَتَيْهِمَا يُنْظَرُ إلَى آخِرِهِمَا كَلَامًا فَيُحْكَمُ بِذَلِكَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. . وَلَوْ قَالَ بِعْتُ مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ بِعْتُ مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت كَانَ الْبَيْعُ بِالثَّمَنِ الثَّانِي وَلَوْ قَالَ بِعْتُ مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ الثَّانِي وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بِجِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ نَحْوَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِتِسْعَةٍ أَوْ بِأَحَدَ عَشَرَ فَإِنْ بَاعَهُ بِعَشْرَةٍ لَا يَنْعَقِدُ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ يَبْقَى بِحَالِهِ لِخُلُوِّ الثَّانِي عَنْ الْفَائِدَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ بِعْتُ مِنْك عَبْدِي هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت مِنْك بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فَإِنْ قَبِلَ الزِّيَادَةَ فِي الْمَجْلِسِ فَالْبَيْعُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ صَحَّ بِأَلْفٍ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفَيْنِ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت مِنْك بِأَلْفٍ جَازَ الْبَيْعُ بِأَلْفٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ بِعْتُكَهُ بِأَلْفَيْنِ فَقَالَ قَبِلْت الْأَوَّلَ بِأَلْفٍ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ قَالَ قَبِلْت الْبَيْعَيْنِ جَمِيعًا بِثَلَاثَةِ آلَافٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ قَبِلْتُ الْأَخِيرَ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ يَعْنِي يَكُونُ الْبَيْعُ بِأَلْفَيْنِ وَالْأَلْفُ زِيَادَةٌ إنْ شَاءَ قَبِلَهَا فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَكَذَا بِأَلْفٍ وَبِمِائَةِ دِينَارٍ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الثَّانِي وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ وَالْأَوَّلُ فِي الزِّيَادَاتِ وَهُوَ أَوْجَهُ وَإِذَا قَبِلَ الزِّيَادَةَ فِي الْمَجْلِسِ لَزِمَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. . رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْتُك هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ لَا أَقْبَلُ بَلْ أَعْطَيْته بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ قَدْ أَخَذْته بِأَلْفٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَهُوَ رِضًا وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَوْجَبَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الْبَيْعَ فَالْآخَرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَهَذَا يُسَمَّى خِيَارَ الْقَبُولِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْرُوثٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَخِيَارُ الْقَبُولِ يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ كَذَا فِي الْكَافِي وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْقَبُولِ حَيَاةُ الْمُوجِبِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ بَطَلَ الْإِيجَابُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَأَيُّهُمَا قَامَ مِنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ الْإِيجَابُ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُمْ وَلَكِنَّهُ تَشَاغَلَ فِي الْمَجْلِسِ بِشَيْءٍ غَيْرِ الْبَيْعِ بَطَلَ الْإِيجَابُ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَقَعَدَ ثُمَّ قَبِلَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَسُئِلَ نُصَيْرٌ عَمَّنْ قَالَ لِآخَرَ بِعْتُ مِنْك هَذَا الْعَبْدَ وَفِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَدَحُ مَاءٍ فَشَرِبَهُ ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْت قَالَ كَانَ بَيْعًا تَامًّا وَكَذَا لَوْ أَكَلَ لُقْمَةً ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْت كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَمَّا إذَا اشْتَغَلَ بِالْأَكْلِ يَتَبَدَّلُ الْمَجْلِسُ فَلَوْ نَامَا أَوْ نَامَ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَ مُضْطَجِعًا فَهِيَ فُرْقَةٌ وَأَمَّا إذَا نَامَا جَالِسَيْنِ لَا يَكُونُ فُرْقَةً كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ أَفَاقَا وَقَبِلَ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا طَالَ يَبْطُلُ كَذَا فِي

التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ أَعْطَيْتُك هَذَا بِكَذَا فَلَمْ يَقُلْ الْمُشْتَرِي شَيْئًا حَتَّى كَلَّمَ الْبَائِعُ إنْسَانًا فِي حَاجَةٍ لَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ وَقَبِلَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا جَازَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَوْ أَضَافَ رَكْعَةً فِي النَّفْلِ ثُمَّ قَبِلَ جَازَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ فَخَرَجَ ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْت لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ تَعَاقَدَا عَقْدَ الْبَيْعِ وَهُمَا يَمْشِيَانِ أَوْ يَسِيرَانِ عَلَى دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ دَابَّتَيْنِ فَإِنْ أَخْرَجَ الْمُخَاطَبُ جَوَابَهُ مُتَّصِلًا بِخِطَابِ صَاحِبِهِ تَمَّ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ فَصَلَ عَنْهُ وَإِنْ قَلَّ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ النَّوَازِلِ إذَا أَجَابَ بَعْدَمَا مَشَى خُطْوَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ جَازَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ نَاقِلًا عَنْ جَمْعِ التَّفَارِيقِ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْفَتَاوَى فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ أَوْجَبَ أَحَدُهُمَا وَهُمَا وَاقِفَانِ فَسَارَا أَوْ سَارَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ خِطَابِ صَاحِبِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ الْإِيجَابُ وَإِنْ تَبَايَعَا فِي السَّفِينَةِ فِي حَالِ سَيْرِهَا فَوُجِدَتْ سِكَّةٌ بَيْنَ الْخِطَابَيْنِ لَا تَمْنَعُ ذَلِكَ الِانْعِقَادَ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْتِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِذَا قَالَ بِعْت مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَحَضَرَ فِي الْمَجْلِسِ فُلَانٌ وَقَالَ اشْتَرَيْتُ يَصِحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مَعًا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ هَكَذَا كَانَ يَقُولُ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. . وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْقَبُولِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الْمَبِيعِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فَلَوْ بَاعَ عَصِيرًا فَلَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي حَتَّى تَخَمَّرَ ثُمَّ تَحَلَّلَ ثُمَّ قَبِلَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ ثُمَّ قَبِلَ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ فَلَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي حَتَّى قُتِلَ أَحَدُهُمَا فَقَبَضَ الْبَائِعُ الدِّيَةَ ثُمَّ قَبِلَ الْمُشْتَرِي هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ بِعْتُك هَذِهِ الْأَمَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي حَتَّى قَطَعَ رَجُلٌ يَدَيْهَا وَدَفَعَ أَرْشَ الْيَدِ إلَى الْبَائِعِ أَوْ لَمْ يَدْفَعْ فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْته لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ مَسْأَلَةً تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْتُ مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَقُلْ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ أَجَزْت وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَهَذَا لِأَنَّ الْبَائِعَ حِينَ قَالَ بِعْت مِنْك فَقَدْ مَلَكَ الْعَبْدَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ فَقَدْ تَمَلَّكَ الْعَبْدَ وَمَلَّكَهُ الثَّمَنَ فَلَا بُدَّ مِنْ إجَازَةِ الْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ لِيَتَمَلَّكَ الثَّمَنَ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلِلْمُوجِبِ أَيًّا كَانَ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ قَبُولِ الْآخَرِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ الْآخَرِ رُجُوعَ الْمُوجِبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي الْيَتِيمَةِ يَصِحُّ الرُّجُوعُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْآخَرُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ لَوْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا ثُمَّ قَالَ رَجَعْتُ وَلَمْ يَسْمَعْ الْمُشْتَرِي رُجُوعَ الْبَائِعِ وَقَالَ اشْتَرَيْت يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ بِعْت وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ وَقَارَنَهُ الْآخَرُ بِرَجَعْت إنْ كَانَا مَعًا لَا يَتِمُّ الْبَيْعُ وَإِنْ عَاقَبَهُ الْبَائِعُ بِرَجَعْت تَمَّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا حَصَلَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَزِمَ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا مِنْ عَيْبٍ أَوْ عَدَمِ رُؤْيَةٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي تَمَامِ الْعَقْدِ إلَى إجَازَةِ الْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الْعَامَّةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أُرِيدُهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ قَالَ لِآخَرَ بِعْت مِنِّي هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَقَالَ لَهُ بِعْت فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أُرِيدُهُ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ رَجُلٌ اسْتَبَاعَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا بِتِسْعَةِ دَرَاهِمَ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ بِالْفَارِسِيَّةِ (1) (بده درم

كم ندهم ستدى) فَقَالَ الْآخَرُ رَضِيت فَقَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ لَا أَبِيعُ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَالْكِتَابُ كَالْخِطَابِ وَكَذَا الْإِرْسَالُ حَتَّى اُعْتُبِرَ مَجْلِسُ بُلُوغِ الْكِتَابِ وَأَدَاءِ الرِّسَالَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ وَصُورَةُ الْكِتَابَةِ أَنْ يَكْتُبَ إلَى رَجُلٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بِعْتُ عَبْدِي فُلَانًا مِنْك بِكَذَا فَلَمَّا بَلَغَهُ الْكِتَابُ وَقَرَأَهُ وَفَهِمَ مَا فِيهِ قَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَالرِّسَالَةُ أَنْ يَقُولَ اذْهَبْ إلَى فُلَانٍ وَقُلْ إنَّ فُلَانًا بَاعَ عَبْدَهُ فُلَانًا مِنْك بِكَذَا فَجَاءَ فَأَخْبَرَهُ فَأَجَابَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ بِالْقَبُولِ وَكَذَا إذَا قَالَ بِعْتُ عَبْدِي فُلَانًا مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا فَاذْهَبْ يَا فُلَانُ فَأَخْبِرْهُ فَذَهَبَ فَأَخْبَرَهُ فَقَبِلَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا قَالَ بِعْت هَذَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَقَبِلَ لَا يَصِحُّ وَلَوْ قَبِلَ عَنْهُ إنْسَانٌ فِي الْمَجْلِسِ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَلَوْ قَالَ بِعْته مِنْهُ فَبَلِّغْهُ يَا فُلَانٌ فَبَلَّغَهُ رَجُلٌ آخَرُ جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . رَجُلٌ كَتَبَ إلَى رَجُلٍ اشْتَرَيْتُ عَبْدَك هَذَا فَكَتَبَ إلَيْهِ رَبُّ الْعَبْدِ بِعْته مِنْك كَانَ بَيْعًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَتَبَ إلَيْهِ بِعْنِي بِكَذَا فَوَصَلَ إلَيْهِ فَكَتَبَ بِعْتُكَهُ لَمْ يَتِمَّ مَا لَمْ يَقُلْ الْكَاتِبُ اشْتَرَيْت كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ كَتَبَ رَجُلٌ إلَى آخَرَ بِعْت عَبْدَك هَذَا مِنِّي بِكَذَا فَكَتَبَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِعْت مِنْك عَبْدِي هَذَا فَهَذَا لَيْسَ بِبَيْعٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَبَعْدَمَا كَتَبَ شَطْرَ الْعَقْدِ أَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا إذَا رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ صَحَّ رُجُوعُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الرَّسُولُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَيَصِحُّ رُجُوعُ الْكَاتِبِ وَالْمُرْسِلِ عَنْ الْإِيجَابِ الَّذِي كَتَبَهُ وَأَرْسَلَهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْآخَرِ وَقَبُولِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْآخَرُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى لَوْ قَبِلَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَتِمُّ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. . إذَا قَالَ لِآخَرَ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا فَقَالَ الْآخَرُ لِرَجُلٍ آخَرَ قُلْ اشْتَرَيْت فَقَالَ الرَّجُلُ اشْتَرَيْت يُنْظَرُ إنْ أَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ صَحَّ الشِّرَاءُ وَإِنْ أَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَدْ يَكُونُ الْبَيْعُ بِالْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ وَيُسَمَّى هَذَا الْبَيْعُ بَيْعَ التَّعَاطِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ خَسِيسًا أَوْ نَفِيسًا وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالشَّرْطُ فِي بَيْعِ التَّعَاطِي الْإِعْطَاءُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عِنْدَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ هُوَ الْمُخْتَارِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ قَبْضَ أَحَدِهِمَا كَافٍ لِنَصِّ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى أَنَّ بَيْعَ التَّعَاطِي يَثْبُتُ بِقَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ وَهَذَا يَنْتَظِمُ الثَّمَنُ وَالْمَبِيعُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَهَذَا الْقَائِلُ يَشْتَرِطُ بَيَانَ الثَّمَنِ لِانْعِقَادِ هَذَا الْبَيْعِ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ هَكَذَا حَكَى فَتْوَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَذَا فِيمَا ثَمَنُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَأَمَّا الْخُبْزُ وَاللَّحْمُ فَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيَانِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا بِشَيْءٍ أَرَادَ شِرَاءَهُ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ وِعَاءٌ يَأْخُذُهُ فِيهِ ثُمَّ فَارَقَهُ ثُمَّ جَاءَ بِالْوِعَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَعْطَاهُ الدَّرَاهِمَ فَهَذَا جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فِي الْمُنْتَقَى لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ لِلَّذِي لَهُ الْمَالُ أُعْطِيك بِمَالِك دَنَانِيرَ فَسَاوَمَهُ بِالدَّنَانِيرِ وَلَمْ يَقَعْ بَيْعٌ وَفَارَقَهُ فَجَاءَهُ بِهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِ يُرِيدُ الَّذِي كَانَ سَاوَمَ عَلَيْهِ ثُمَّ فَارَقَهُ وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ بَيْعًا جَازَ السَّاعَةَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. رَجُلٌ اشْتَرَى وِقْرًا مِنْ آخَرَ بِثَمَانِيَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ قَالَ لِلْبَائِعِ ائْتِ بِوِقْرٍ آخَرَ بِهَذَا الثَّمَنِ وَأَلْقِهِ هُنَا فَجَاءَ الْبَائِعُ بِوِقْرٍ آخَرَ وَأَلْقَى فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَهَذَا بَيْعٌ وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ بِثَمَانِيَةِ دَرَاهِمَ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. فِي الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِلَّحَّامِ كَيْفَ تَبِيعُ اللَّحْمَ قَالَ كُلُّ ثَلَاثَةِ أَرْطَالٍ بِدِرْهَمٍ قَالَ قَدْ أَخَذْت مِنْك زَنِّ إلَيَّ ثُمَّ بَدَا لِلَّحَّامِ أَنْ لَا يَزِنَ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ وَزَنَ فَقَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ فَإِنْ قَبَضَهُ

الْمُشْتَرِي أَوْ جَعَلَهَا الْبَائِعُ فِي وِعَاءِ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ تَمَّ الْبَيْعُ وَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِقَصَّابٍ زِنْ لِي مَا عِنْدك مِنْ اللَّحْمِ أَوْ قَالَ زِنْ لِي مِنْ هَذَا الْجَنْبِ أَوْ قَالَ مِنْ هَذِهِ الرِّجْلِ عَلَى حِسَابِ ثَلَاثَةِ أَرْطَالٍ بِدِرْهَمٍ فَوَزَنَ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ لِمَنْ جَاءَ بِوِقْرِ بِطِّيخٍ فِيهِ الْكِبَارُ وَالصِّغَارُ بِكَمْ عَشَرَةٍ مِنْ هَذِهِ فَقَالَ بِدِرْهَمٍ فَعَزَلَ عَشَرَةً اخْتَارَهَا فَذَهَبَ بِهَا وَالْبَائِعُ يَنْظُرُ أَوْ عَزَلَ الْبَائِعُ عَشَرَةً فَقَبِلَهَا الْمُشْتَرِي تَمَّ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ دَفَعَ إلَى بَائِعِ الْحِنْطَةِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ لِيَأْخُذَ مِنْهُ حِنْطَةً وَقَالَ لَهُ بِكَمْ تَبِيعُهَا فَقَالَ مِائَةٌ بِدِينَارٍ فَسَكَتَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ لِيَأْخُذَهَا فَقَالَ الْبَائِعُ غَدًا أَدْفَعُ إلَيْك وَلَمْ يَجُزْ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ وَذَهَبَ الْمُشْتَرِي فَجَاءَ غَدًا لِيَأْخُذَ الْحِنْطَةَ وَقَدْ تَغَيَّرَ السِّعْرُ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهَا بِالسِّعْرِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. . اشْتَرَى وَسَائِدَ وَطَنَافِسَ لَمْ تُنْسَجْ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ لَا يَصِحُّ وَلَوْ نَسَجَ الْوَسَائِدَ وَسَلَّمَهَا لَا يَصِحُّ وَالتَّعَاطِي إنَّمَا يَكُونُ بَيْعًا إنْ لَمْ يَكُنْ بِنَاءً عَلَى بَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ بَاطِلٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ بِنَاءً عَلَيْهِ فَلَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَالَ لِآخَرَ بِكَمْ هَذَا الْوِقْرُ مِنْ الْحَطَبِ فَقَالَ بِكَذَا فَقَالَ سُقْ الْحِمَارَ فَسَاقَهُ لَمْ يَكُنْ بَيْعًا إلَّا إذَا سَلَّمَ الْحَطَبَ وَانْتَقَدَ الثَّمَنَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ قَالَ لِقَصَّابٍ كَمْ مِنْ هَذَا اللَّحْمِ بِدِرْهَمٍ فَقَالَ مَنْوَيْنِ قَالَ زَنِّ فَأَعْطَى دِرْهَمًا فَأَخَذَهُ فَهُوَ بَيْعٌ جَائِزٌ وَلَا يُعِيدُ الْوَزْنَ وَإِنْ وَزَنَهُ فَوَجَدَهُ أَنْقَصَ رَجَعَ بِقَدْرِهِ مِنْ الدِّرْهَمِ لَا مِنْ اللَّحْمِ لِأَنَّ الِانْعِقَادَ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ الْمُعْطَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ أَتَى قَصَّابًا كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ وَالْقَصَّابُ يَقْطَعُ اللَّحْمَ لَهُ وَيَزِنُهُ وَصَاحِبُ الدَّرَاهِمِ يَظُنُّ أَنَّهُ مَنٌّ وَثَمَنُ اللَّحْمِ فِي الْبَلَدِ هَكَذَا ثُمَّ وَزَنَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْتِ يَوْمًا فَوَجَدَ اللَّحْمَ ثَلَاثِينَ إسْتَارًا يَرْجِعُ عَلَى الْقَصَّابِ بِمَا يَخُصُّ قَدْرَ النُّقْصَانِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَا يَرْجِعُ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ مِنْ اللَّحْمِ هَذَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَلْدَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْبَيْعُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ بِأَنْ كَانَ غَرِيبًا وَقَدْ اصْطَلَحَ أَهْلُ الْبَلْدَةِ عَلَى سِعْرِ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَشَاعَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَفَاوَتُ فَقَالَ هَذَا الْغَرِيبُ لِخَبَّازٍ أَوْ قَصَّابٍ أَعْطِنِي بِدِرْهَمٍ خُبْزًا أَوْ أَعْطِنِي لَحْمًا بِدِرْهَمٍ فَأَعْطَاهُ أَقَلَّ مِمَّا شَاعَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ ثُمَّ عَلِمَ فَفِي الْخُبْزِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ كَمَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَفِي اللَّحْمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ لِأَنَّ الِاصْطِلَاحَ وَالتَّسْعِيرَ فِي الْخُبْزِ مُتَعَارَفٌ فَظَهَرَ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَفِي اللَّحْمِ مِنْ الْغَرَائِبِ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ غَيْرِ أَهْلِ الْبَلْدَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ وَطَالَبَهُ فَجَاءَ الْمَطْلُوبُ بِشَعِيرٍ قَدْرًا مَعْلُومًا وَقَالَ لِلطَّالِبِ خُذْهُ بِسِعْرِ الْبَلَدِ قَالَ إنْ كَانَ سِعْرُ الْبَلَدِ مَعْلُومًا وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ كَانَ بَيْعًا تَامًّا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ سِعْرُ الْبَلَدِ مَعْلُومًا أَوْ كَانَ مَعْلُومًا إلَّا أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ لَا يَكُونُ بَيْعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمِنْ بَيْعِ التَّعَاطِي تَسْلِيمُ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى إلَى مَنْ يَطْلُبُهُ بِالشُّفْعَةِ فِي مَوْضِعٍ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَكَذَا تَسْلِيمُ الْوَكِيلِ بَعْدَ مَا صَارَ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ إذَا قَبَضَهُ الْآمِرُ وَأَنْكَرَ الْآمِرُ وَقَدْ اشْتَرَى لَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْمُجْتَبَى وَمِنْ صُوَرِهِ مَا إذَا جَاءَ الْمُودِعُ بِأَمَةٍ غَيْرِ الْمُودَعَةِ وَقَالَ هَذِهِ أَمَتُك وَالْمُودِعُ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ هِيَ وَحَلَفَ فَأَخَذَهَا حَلَّ الْوَطْءُ لِلْمُودِعِ وَلِلْأَمَةِ التَّمْكِينُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ قَالَ لِلْخَيَّاطِ لَيْسَتْ هَذِهِ بِطَانَتِي وَحَلَفَ الْخَيَّاطُ أَنَّهَا هِيَ وَسِعَهُ أَخْذُهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ رَدَّ أَمَةً بِخِيَارِ عَيْبٍ وَالْبَائِعُ مُتَيَقِّنٌ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ فَأَخَذَهَا وَرَضِيَ فَهُوَ بَيْعٌ بِالتَّعَاطِي هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَا الْقَصَّارُ إذَا رَدَّ ثَوْبًا آخَرَ عَلَى رَبِّ الثَّوْبِ وَكَذَا الْإِسْكَافُ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ الْبَطَاطِيخَ الْمُعَيَّنَةَ فَأَخَذَهَا وَيَقُولُ لَا أُعْطِيهَا بِهَا وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ الْبَطَاطِيخَ فَلَمْ يَسْتَرِدَّهَا وَيَعْلَمُ عَادَةً السُّوقَةُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا لَمْ يَرْضَ يَرُدُّ الثَّمَنَ أَوْ يَسْتَرِدُّ الْمَتَاعَ وَإِلَّا يَكُونُ رَاضِيًا وَيَصِيحُ خَلْفَهُ

الفصل الثاني في حكم المقبوض على سوم الشراء

لَا أُعْطِيهَا تَطْيِيبًا لِقَلْبِ الْمُشْتَرِي فَقَالَ مَعَ هَذَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ قَالَ خَلَفٌ سَأَلْت أَسَدًا عَمَّنْ قَالَ فِي السُّوقِ مَنْ عِنْدَهُ ثَوْبٌ هَرَوِيٌّ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَنَا فَأَعْطَاهُ قَالَ هَذَا لَيْسَ بِبَيْعٍ إلَّا أَنْ يَقُولَ حِينَ أَخَذَهُ أَخَذْته بِعَشَرَةٍ فَاذْهَبْ وَانْظُرْ إلَيْهِ وَسَأَلْت الْحَسَنَ عَنْ هَذَا فَقَالَ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقُّ نَقْضِ هَذَا الْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ] رَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا بِثَوْبٍ فَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ لَك بِعِشْرِينَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا بَلْ بِعَشَرَةٍ فَذَهَبَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِعَشَرَةٍ فَلَيْسَ هَذَا بِبَيْعٍ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ اسْتَهْلَكَ الثَّوْبَ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ مَا لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِالْعُرْفِ وَيَلْزَمُهُ عِشْرُونَ وَإِذَا أَخَذَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِ الْمُسَاوَمَةِ بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَ وَارِثٌ الْمُشْتَرَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا وَقَالَ اذْهَبْ بِهِ فَإِنْ رَضِيته اشْتَرَيْته فَذَهَبَ بِهِ وَضَاعَ الثَّوْبُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ إنْ رَضِيته أَخَذْته بِعَشَرَةٍ فَضَاعَ فَهُوَ ضَامِنٌ قِيمَتَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا بِثَوْبٍ فَأَخَذَهُ عَلَى الْمُسَاوَمَةِ أَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَهُوَ يُسَاوِمُهُ وَقَالَ هُوَ بِعَشَرَةٍ فَذَهَبَ بِهِ الْمُشْتَرِي قَالَ هُوَ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي قَالَهُ الْبَائِعُ أَبَدًا حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لَا آخُذُ إلَّا بِتِسْعَةٍ أَوْ لَا أَرْضَى إلَّا بِتِسْعَةٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ بِعِشْرِينَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَخَذْته بِعَشَرَةٍ فَذَهَبَ بِالثَّوْبِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا أَنْقُصُهُ مِنْ عِشْرِينَ فَذَهَبَ بِهِ وَهَلَكَ فَعَلَيْهِ عِشْرُونَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ هَذَا الثَّوْبُ لَك بِعَشَرَةٍ فَقَالَ هَاتِهِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ أَوْ حَتَّى أُرِيَهُ غَيْرِي فَضَاعَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا شَيْءَ عَلَيْهِ يَعْنِي يَهْلَكُ أَمَانَةً وَإِنْ قَالَ هَاتِهِ فَإِنْ رَضِيتُهُ أَخَذْتُهُ فَضَاعَ كَانَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ أَمَرَ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ أَوْ لِيُرِيَهُ غَيْرَهُ وَذَلِكَ لَيْسَ بِبَيْعٍ وَفِي الثَّانِي أَمَرَهُ بِالْإِيتَانِ بِهِ لِيَرْضَاهُ وَيَأْخُذَهُ وَذَلِكَ بَيْعٌ بِدُونِ الْأَمْرِ فَمَعَ الْأَمْرِ أَوْلَى كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَإِنْ أَخَذَهُ لَا عَلَى النَّظَرِ ثُمَّ قَالَ اُنْظُرْ فَضَاعَ لَا يُخْرِجُهُ الْكَلَام إلَّا خُيِّرَ عَنْ الضَّمَانِ الْوَاجِبِ بِأَوَّلِ مَرَّةٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. طَلَبَ مِنْ الْبَزَّازِ ثَوْبًا فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ وَقَالَ هَذَا بِعَشَرَةٍ وَالثَّانِي بِعِشْرِينَ وَالثَّالِثُ بِثَلَاثِينَ وَاحْمِلْهَا إلَى مَنْزِلِك أَيَّ ثَوْبٍ تَرْضَى بِهِ بِعْت مِنْك فَحَمَلَ الثِّيَابَ فَاحْتَرَقَتْ فِي مَنْزِلِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ هَلَكَ الْكُلُّ جُمْلَةً وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا هَلَكَتْ عَلَى التَّعَاقُبِ أَوْ عَلِمَ أَنَّهَا هَلَكَتْ عَلَى التَّعَاقُبِ لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلَ هَلَاكًا وَلَا الثَّانِي وَلَا الثَّالِثَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي ثُلُثَ قِيمَةِ كُلِّ ثَوْبٍ وَإِنْ عَلِمَ الْأَوَّلَ لَزِمَهُ قِيمَةُ ذَلِكَ وَالْآخَرَانِ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ وَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبَانِ وَبَقِيَ الثَّالِثُ لَزِمَهُ قِيمَةُ نِصْفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّهُمَا هَلَكَ أَوَّلًا وَرَدَّ الثَّالِثَ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَإِنْ هَلَكَ وَاحِدٌ وَبَقِيَ اثْنَانِ لَزِمَهُ قِيمَةُ الْهَالِكِ وَيَرُدُّ الثَّوْبَيْنِ فَإِنْ احْتَرَقَ ثَوْبَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ وَلَا يَدْرِي أَيَّهُمَا احْتَرَقَ أَوَّلًا رَدَّ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّالِثِ وَلَا يَضْمَنُ نُقْصَانَ الْحَرْقِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّوْبَيْنِ كَذَا فِي الصُّغْرَى وَإِنْ احْتَرَقَ أَحَدُهُمَا وَنِصْفُ الْآخَرِ مَعًا يَرُدُّ النِّصْفَ الْبَاقِي وَيَلْزَمُهُ الْآخَرُ وَلَا يَمْلِكُ جَعْلَ الْأَمَانَةِ فِي الْهَالِكِ وَإِمْسَاكَ النِّصْفِ الْبَاقِي بِكُلِّ الثَّمَنِ وَكَذَا لَوْ بَقِيَ مِنْ الثِّيَابِ شَيْءٌ لَيْسَ لَهُ ثَمَنٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَعَثَ رَسُولًا إلَى بَزَّازٍ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ بِثَوْبِ كَذَا فَبَعَثَ إلَيْهِ الْبَزَّازُ مَعَ رَسُولِهِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَضَاعَ الثَّوْبُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْآمِرِ وَتَصَادَقُوا عَلَى ذَلِكَ

الفصل الثالث في معرفة المبيع والثمن والتصرف فيهما قبل القبض

فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ هُوَ رَسُولُ الْآمِرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ كَانَ رَسُولَ رَبِّ الثَّوْبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ الثَّوْبُ وَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ دَفَعَ سِلْعَةً إلَى مُنَادٍ لِيُنَادِيَ عَلَيْهَا فَطُولِبَ مِنْهُ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ فَوَضَعَهَا عِنْدَ الَّذِي طَالَبَهُ بِهَا فَقَالَ ضَاعَتْ مِنِّي أَوْ وَقَعَتْ مِنِّي كَانَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا قَالُوا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُنَادِي وَهَذَا إذَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الدَّفْعِ إلَى مَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَخَذَ الثَّوْبَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَأَرَاهُ الْمُوَكِّلَ فَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُوَكِّلُ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَهَلَكَ عِنْدَ الْوَكِيلِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ قِيمَتَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالْأَخْذِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَحِينَئِذٍ إذَا ضَمِنَ الْوَكِيلُ رَجَعَ الْمُوَكِّلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي تَجْنِيسِ النَّاصِرِيِّ ثَوْبٌ غَابَ عَنْ دَلَّالٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ غَابَ عَنْ صَاحِبِ الْحَانُوتِ وَقَدْ سَاوَمَ وَاتَّفَقَا عَلَى ثَمَنٍ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الثَّوْبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة اسْتَبَاعَ قَوْسًا وَتَقَرَّرَ الثَّمَنُ فَمَدَّهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ قَالَ لَهُ إنْ انْكَسَرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك فَمَدَّهُ فَانْكَسَرَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَقَرَّرْ الثَّمَنُ لَا ضَمَانَ لَوْ بِالْإِذْنِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَرَاهُ الدِّرْهَمَ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ فَغَمَزَهُ أَوْ قَوْسًا فَمَدَّهُ فَانْكَسَرَ أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ فَتَخَرَّقَ ضَمِنَ إنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْغَمْزِ وَالْمَدِّ وَالْمَلْبَسِ وَقِيلَ إنْ كَانَ لَا يُرَى إلَّا بِالْغَمْزِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ وَيَصْدُقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزْ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ جَاءَ إلَى زَجَّاجٍ فَقَالَ لَهُ ادْفَعْ إلَيَّ هَذِهِ الْقَارُورَةَ فَأَرَاهَا إيَّاهُ فَقَالَ الزَّجَّاجُ ارْفَعْهَا فَرَفَعَهَا فَوَقَعَتْ فَانْكَسَرَتْ لَا يَضْمَنُ الرَّافِعُ لِأَنَّهُ رَفَعَهَا بِإِذْنِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَالثَّمَنُ لَيْسَ بِمَذْكُورٍ وَالْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ لَا يُضْمَنُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنْ كَانَ الْقَابِضُ قَالَ لِلزَّجَّاجِ: بِكَمْ هَذِهِ الْقَارُورَةُ؟ فَقَالَ الزَّجَّاجُ: بِكَذَا فَقَالَ: آخُذُهَا؟ فَقَالَ الزَّجَّاجُ: نَعَمْ، فَأَخَذَهَا فَوَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَتْ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا هَذَا إذَا أَخَذَهَا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا وَإِنْ أَخَذَهَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا كَانَ ضَامِنًا بَيَّنَ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا بِقَدَحٍ فَقَالَ لِصَاحِبِ الْقَدَحِ أَرِنِي قَدَحَك هَذَا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَنَظَرَ إلَيْهِ الرَّجُلُ فَوَقَعَ مِنْهُ عَلَى أَقْدَاحٍ لِصَاحِبِ الزُّجَاجِ فَانْكَسَرَ الْقَدَحُ وَالْأَقْدَاحُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ الْقَدَحَ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَيَضْمَنُ سَائِرَ الْأَقْدَاحِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَأَعْطَاهُ الْبَائِعُ غَيْرَ الْمَبِيعِ غَلَطًا فَهَلَكَ ضَمِنَ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى جِهَةِ الْبَيْعِ وَهُوَ سَوْمٌ وَلَوْ قَالَ لِغُلَامِهِ اقْبِضْ فَقَبَضَ غَلَطًا فَهَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ] قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ مَا يَتَعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ فَهُوَ مَبِيعٌ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ فَهُوَ ثَمَنٌ إلَّا أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ لَفْظُ الْبَيْعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ الْأَعْيَانُ ثَلَاثَةٌ أَثْمَانٌ أَبَدًا وَمَبِيعٌ أَبَدًا وَمَا هُوَ بَيْنَ مَبِيعٍ وَثَمَنٍ أَمَّا مَا هُوَ ثَمَنٌ أَبَدًا فَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ قَابِلُهَا أَمْثَالُهَا أَوْ أَعْيَانٌ أُخَرُ صَحِبَهَا حَرْفُ الْبَاءِ أَمْ لَا وَالْفُلُوسُ أَثْمَانٌ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالدَّرَاهِمِ وَأَمَّا مَا هُوَ مَبِيعٌ أَبَدًا فَهِيَ الْأَعْيَانُ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ إلَّا الثِّيَابَ إذَا وُصِفَتْ وَضُرِبَ لَهَا أَجَلٌ لِتَصِيرَ ثَمَنًا حَتَّى لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَضْرِبْ لِلثَّوْبِ أَجَلًا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا جَازَ وَلَوْ افْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِ الْعَبْدِ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْأَعْيَانِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ إلَّا عَيْنًا كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَأَمَّا مَا هُوَ مَبِيعٌ وَثَمَنٌ فَهِيَ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ فَإِنْ قَابَلَهَا الْأَثْمَانُ فَهِيَ مَبِيعَةٌ وَإِنْ قَابَلَهَا أَمْثَالُهَا مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ أَوْ عَدَدِيٌّ مُتَقَارِبٌ يُنْظَرُ إنْ كَانَ كِلَاهُمَا

عَيْنًا جَازَ وَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَيْنًا وَالْآخَرُ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ جَعَلَ الْعَيْنَ مِنْهُمَا مَبِيعًا وَالدَّيْنَ ثَمَنًا جَازَ وَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الدَّيْنِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَإِنْ جَعَلَ الدَّيْنَ مِنْهُمَا مَبِيعًا وَالْعَيْنَ ثَمَنًا لَا يَجُوزُ وَإِنْ قَبَضَ الدَّيْنَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَائِعًا مَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِجِهَةِ السَّلَمِ وَعَلَامَةُ الثَّمَنِ أَنْ يَصْحَبَهُ الْبَاءُ وَعَلَامَةُ الْمَبِيعِ أَنْ لَا يَصْحَبَهُ الْبَاءُ وَإِنْ كَانَ كِلَاهُمَا دَيْنًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا عَرَفْت الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ فَنَقُولُ مِنْ حُكْمِ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ مَنْقُولًا أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته فِي الْمُشْتَرِي فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْأُجْرَةِ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا وَقَدْ شُرِطَ تَعْجِيلُهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَا بَدَلُ الصُّلْحِ عَنْ الدَّيْنِ إذَا كَانَ عَيْنًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَأَمَّا الْمَهْرُ وَبَدَلُ الْخُلْعْ وَبَدَلُ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ إذَا كَانَ كَانَ عَيْنًا فَبَيْعُهَا جَائِزٌ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ إجَازَتُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَقْرَضَهُ أَوْ رَهَنَهُ مِنْ غَيْرِ بَائِعِهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ زَوَّجَ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَجُوزُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ هَذَا إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَنْقُولِ الْمُشْتَرَى قَبْلَ الْقَبْضِ مَعَ أَجْنَبِيٍّ وَأَمَّا إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ مَعَ بَائِعِهِ فَإِنْ بَاعَهُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ أَصْلًا قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وَهَبَهُ مِنْ الْبَائِعِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ رَهَنَهُ مِنْهُ فَقَبِلَهُ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ الْهِبَةَ بَطَلَتْ الْهِبَةُ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ كُلُّ تَصَرُّفٍ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ إذَا فَعَلَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ وَكُلُّ مَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا إذَا فَعَلَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِعْهُ لِنَفْسِك فَقَبِلَ فَهُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَلَوْ قَالَ بِعْهُ لِي لَا يَكُونُ نَقْضًا وَلَوْ بَاعَهُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَلَوْ قَالَ بِعْهُ وَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لِنَفْسِك فَقَبِلَ فَهُوَ نَقْضٌ لِلْأَوَّلِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ نَقْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ بِعْهُ مِمَّنْ شِئْت فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَعْتِقْهُ فَأَعْتَقَهُ الْبَائِعُ جَازَ الْعِتْقُ عَنْ الْبَائِعِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعِتْقُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَلَمْ يَقْبِضْهَا فَقَالَ لِلْبَائِعِ بِعْهَا أَوْ طَأْهَا أَوْ كَانَ طَعَامًا فَقَالَ كُلْهُ فَفَعَلَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فَسْخًا لِلْبَيْعِ وَمَا لَا يَفْعَلُ الْبَائِعُ ذَلِكَ لَا يَكُونُ فَسْخًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ مَلَكَ الْمَنْقُولَ بِالْوَصِيَّةِ أَوْ الْمِيرَاثِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ اشْتَرَى دَارًا أَوْ عَقَارًا فَوَهَبَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ يَجُوزُ عِنْدَ الْكُلِّ وَلَوْ بَاعَ يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ آجَرَهَا قَبْلَ الْقَبْضَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْكُلِّ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ يَزْرَعُهَا وَالزَّرْعُ بَقْلٌ وَدَفَعَهَا إلَى الْبَائِعِ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي النَّوَازِلِ إذَا اشْتَرَى دَارًا وَوَقَفَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ فَالْأَمْرُ مَوْقُوفٌ إنْ أَدَّى الثَّمَنَ وَقَبَضَهَا جَازَ الْوَقْفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالتَّصَرُّفُ فِي الْأَثْمَانِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالدُّيُونِ اسْتِبْدَالًا سِوَى الصَّرْفِ وَالسَّلَمُ جَائِزٌ عِنْدَنَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْقَرْضِ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ هَذَا سَهْوٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إذَا أَسَرَ الْعَدُوُّ عَبْدًا لِمُسْلِمٍ وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ فَدَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَهُمْ وَاشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْهُمْ وَأَخْرَجَهُ إلَى

الباب الثالث في الاختلاف الواقع بين الإيجاب والقبول

دَارِ الْإِسْلَامِ فَحَضَرَ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْعَبْدِ بِالثَّمَنِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ حَتَّى بَاعَهُ إنْ بَاعَهُ مِنْ الَّذِي فِي يَدِهِ يَجُوزُ وَإِنْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ قَالَ وَهُوَ نَظِيرُ مَا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِرَدِّ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى بِالْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ الْبَائِعُ حَتَّى بَاعَهُ إنْ بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي يَجُوزُ وَإِنْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ] إذَا أَوْجَبَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فِي شَيْئَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبَلَ الْعَقْدَ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ إنْ كَانَتْ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا إذَا أَوْجَبَ الْمُشْتَرِي وَأَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَقْبَلَ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إنْ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ وَإِنْ تَفَرَّقَتْ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فِي نِصْفِهِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْآخَرُ فِي الْمَجْلِسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ الْقُدُورِيُّ وَإِنَّمَا يَصِحُّ مِثْلُ هَذَا إذَا كَانَ لِلْبَعْضِ الَّذِي قَبِلَهُ الْمُشْتَرِي حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ يَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ نَحْوَ أَنْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى عَبْدَيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ إذَا قَبِلَ الْمُشْتَرِي فِي أَحَدِهِمَا وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ وَتَفَرُّقِهَا فَنَقُولُ إذَا اتَّحَدَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالثَّمَنُ بِأَنْ ذُكِرَ الثَّمَنُ جُمْلَةً وَالْبَائِعُ وَاحِدٌ وَالْمُشْتَرِي وَاحِدٌ فَالصَّفْقَةُ مُتَّحِدَةٌ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ إنْ تَفَرَّقَ الثَّمَنُ بِأَنْ سَمَّى لِكُلِّ بَعْضٍ مِنْ الْمَبِيعِ ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ وَاتَّحَدَ الْبَاقِي بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك هَذِهِ الْأَثْوَابَ الْعَشَرَةَ كُلَّ ثَوْبٍ مِنْهَا بِعَشَرَةٍ كَانَتْ الصَّفْقَةُ مُتَّحِدَةً أَيْضًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي اثْنَيْنِ وَالثَّمَنُ ذُكِرَ جُمْلَةً بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ لِرَجُلَيْنِ بِعْت هَذَا مِنْكُمَا بِكَذَا وَقَالَ الْمُشْتَرِيَانِ اشْتَرَيْنَا هَذَا مِنْك بِكَذَا كَانَتْ الصَّفْقَةُ مُتَّحِدَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . هَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي الِاتِّحَادِ وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي جَانِبِ التَّفَرُّقِ فَنَقُولُ إنْ تَفَرَّقَتْ التَّسْمِيَةُ بِأَنْ سَمَّى لِكُلِّ بَعْضٍ ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ وَتَكَرَّرَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي اثْنَانِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا اثْنَيْنِ فَالصَّفْقَةُ مُتَفَرِّقَةٌ، وَكَذَلِكَ إذَا تَفَرَّقَ الثَّمَنُ وَتَكَرَّرَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَاحِدٌ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ لِرَجُلٍ بِعْت مِنْك هَذِهِ الْأَثْوَابَ بِعْتُك هَذَا بِعَشَرَةٍ بِعْتُك هَذَا بِخَمْسَةٍ أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت مِنْك هَذِهِ الْأَثْوَابَ اشْتَرَيْت هَذَا بِعَشَرَةٍ اشْتَرَيْت هَذَا بِخَمْسَةٍ كَانَتْ الصَّفْقَةُ مُتَفَرِّقَةً بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِنْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ وَتَعَدَّدَ الْعَاقِدُ وَالثَّمَنُ فِي الْقِيَاسِ يَتَعَدَّدُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لَا يَتَعَدَّدُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ إذَا اشْتَرَى شَيْئَيْنِ أَوْ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً أَوْ شَيْئًا وَاحِدً وَنَقَدَ بَعْضَ الثَّمَنِ وَأَرَادَ أَنْ يَقْبِضَ بَعْضَ الْمَبِيعِ فَإِنْ كَانَتْ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الصَّفْقَةُ مُتَفَرِّقَةً فَلَهُ ذَلِكَ فَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ يَهُودِيَّةٍ كُلَّ ثَوْبٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَنَقَدَ الْمُشْتَرِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ هَذِهِ الْعَشَرَةُ ثَمَنُ هَذَا الثَّوْبِ بِعَيْنِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ مُتَّحِدَةٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي عَنْ ثَمَنِ أَحَدِ هَذِهِ الْأَثْوَابِ بِعَيْنِهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا آخُذُ ذَلِكَ الثَّوْبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَّرَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ عَنْ ثَمَنِ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ شَهْرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ أَخَّرَ عَنْهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ إلَّا دِرْهَمًا. وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ الشِّرَاءُ عَلَى أَنَّ ثَمَنَ ثَوْبٍ مِنْهَا بِعَيْنِهِ حَالٌّ وَثَمَنَ الْبَاقِيَةِ مُؤَجَّلٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ شَيْئًا حَتَّى يَنْقُدَ الْحَالَّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً وَلِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ تِسْعُونَ دِرْهَمًا فَصَارَ ذَلِكَ قِصَاصًا

الباب الرابع في حبس المبيع بالثمن وقبضه وفيه ستة فصول

بِمَا وَجَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَمْلِكْ الْمُشْتَرِي قَبْضَ شَيْءٍ مِنْ الثِّيَابِ حَتَّى يَنْقُدَ الْعَشَرَةَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ ثَمَنُ أَحَدِ الْأَثْوَابِ بِعَيْنِهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَثَمَنُ الْبَاقِيَةِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَنَقَدَ الدَّنَانِيرَ أَوْ نَقَدَ الدَّرَاهِمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ شَيْئًا مِنْهَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلَانِ اشْتَرَيَا مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَحَضَرَ الْآخَرُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ شَيْئًا مِنْ الْعَبْدِ مَا لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ جُمْلَةً فَإِنْ أَوْفَى جَمِيعَ الثَّمَنِ قَبَضَ الْعَبْدَ كُلَّهُ وَلَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ حِصَّتَهُ حَتَّى يَدْفَعَ إلَى الْحَاضِرِ مَا نَقَدَهُ مِنْ حِصَّتِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ قَبَضَ نَصِيبَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الَّذِي قَبَضَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ الْغَائِبُ أَوْ بَعْدَ مَا حَضَرَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَهُ هَلَكَ أَمَانَةً حَتَّى رَجَعَ الَّذِي قَبَضَ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَطَلَبَ نَصِيبَهُ فَمَنَعَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا نَقَدَ عَنْهُ ثُمَّ هَلَكَ هَلَكَ بِمَا نَقَدَ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ يَهْلِكُ فِي يَدِ الْبَائِعِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَبْرَأَ أَحَدَ الْمُشْتَرِيَيْنِ عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَخَّرَ عَنْهُ شَهْرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَبْدِ حَتَّى يَنْقُدَ الْآخَرُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الصَّفْقَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ انْعَكَسَتْ الْأَحْكَامُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ وَقَبْضِهِ وَفِيهِ سِتَّةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ وَقَبْضِهِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَغَيْرِ إذْنِهِ وَفِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَفِيمَا يَكُونُ قَبْضًا وَمَا لَا يَكُونُ وَنِيَابَةُ أَحَدِ الْقَبْضَيْنِ عَنْ الْآخَرِ وَالتَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَفِيمَا يَلْزَمُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِنْ الْمُؤْنَةِ فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ وَفِيهِ سِتَّةُ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ) قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ إذَا كَانَ حَالًّا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَا بَعْدَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الثَّمَنِ حَالًّا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَلَهُ حَبْسُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْحَالَّ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ قَلِيلٌ كَانَ لَهُ حَبْسُ جَمِيعِ الْمَبِيعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي التَّفْرِيدِ لِلْمُشْتَرِي أَنْ لَا يُسَلِّمَ الثَّمَنَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا حَتَّى يُحْضِرَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة سَوَاءٌ كَانَ هَذَا فِي الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ الْمَبِيعُ أَوْ فِي مِصْرٍ آخَرَ وَيَلْحَقُهُ الْمُؤْنَةُ بِإِحْضَارِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا اسْتَوْفَى الثَّمَنَ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ أَوْ سَلَّمَ بِغَيْرِ قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي بِإِجَازَةِ الْبَائِعِ لَفْظًا أَوْ قَبَضَهُ وَهُوَ يَرَاهُ وَلَا يَنْهَاهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ لِيَحْبِسَهُ بِالثَّمَنِ وَإِنْ قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ قَبْضَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ دَفَعَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا أَوْ كَفَلَ بِهِ كَفِيلٌ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الْحَبْسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الزِّيَادَاتِ لَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ غَرِيمًا عَلَى الْمُشْتَرِي سَقَطَ حَقُّهُ وَلَوْ أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى إنْسَانٍ لَمْ يَسْقُطُ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْقُطُ حَقُّ الْحَبْسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي الْفَتَاوَى لَوْ أَعَارَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَوْدَعَهُ سَقَطَ حَقُّ الْحَبْسِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ اسْتِرْدَادَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا فَلَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ كَانَ لَهُ قَبْضُهُ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مَنْعُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَجَّلَهُ بِالثَّمَنِ سَنَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلَمْ يَحْضُرْ الْمُشْتَرِي حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ فَالْأَجَلُ سَنَةٌ مِنْ حِينِ يَقْبِضُ الْمَبِيعَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ سَنَةً بِعَيْنِهَا صَارَ الثَّمَنُ حَالًّا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الثَّمَنُ حَالٌّ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَحِلُّ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ التَّسْلِيمِ أَمَّا إذَا لَمْ يَمْتَنِعْ فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ

الفصل الثاني في تسليم المبيع وفيما يكون قبضا وفيما لا يكون قبضا

وَلَوْ كَانَ فِي الْبَيْعِ خِيَارٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَالْأَجَلُ مُطْلَقٌ فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ حِينِ يَلْزَمُ الْعَقْدُ وَفِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ يُعْتَبَرُ الْأَجَلُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا أَخَّرَ الثَّمَنَ بَعْدَ الْعَقْدِ بَطَلَ حَقُّ الْحَبْسِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ مُفْلِسٌ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَهُ وَنَفَذَ الْعِتْقُ وَلَا يَسْعَى الْغُلَامُ فِي قِيمَتِهِ لِلْبَائِعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ كَاتَبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ آجَرَهُ أَوْ رَهَنَهُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُبْطِلَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فَإِنْ لَمْ يُبْطِلْ حَتَّى نَقَدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ جَازَتْ الْكِتَابَةُ وَبَطَلَ الرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُشْتَرِي إذَا نَقَدَ الثَّمَنَ كُلَّهُ أَوْ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْ كُلِّهِ بَطَلَ حَقُّ الْحَبْسِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَى بَابًا فَقَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ وَسَمَّرَهُ بِمَسَامِيرَ حَدِيدٍ أَوْ كَانَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَوْ أَرْضًا فَبَنَاهَا أَوْ غَرَسَهَا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَحْبِسَهَا فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أَنْزِعُ الْمِسْمَارَ وَأَقْلَعُ الْكَرْمَ لِتَصِيرَ الْأَرْضُ كَمَا كَانَتْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِهِ ضَرَرٌ فَلَهُ أَنْ يَنْزِعَهُ وَإِنْ كَانَ فَلَا فَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ ضَمِنَ الْبَائِعُ قِيمَةَ الْمِسْمَارِ وَالصَّبْغِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي فَإِنْ عَلِقَتْ وَوَلَدَتْ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَهَا وَإِنْ لَمْ تَعْلَقْ وَلَمْ تَلِدْ فَلَهُ أَنْ يَحْبِسَهَا فَلَوْ مَاتَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ أَحْدَثَ الْبَائِعُ مَنْعًا بَعْدَ الْوَطْءِ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي هَكَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. فِي الرَّوْضَةِ عَبْدٌ قَالَ لِمَوْلَاهُ اشْتَرَيْت نَفْسِي مِنْك بِكَذَا فَقَالَ الْمَوْلَى بِعْت لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ أَجْنَبِيٌّ الْعَبْدَ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْ مَوْلَاهُ لَهُ فَأَعْلَمَ الْمَوْلَى وَاشْتَرَى نَفْسَهُ لَهُ لَا يَمْلِكُ الْبَائِعُ حَبْسَهُ لِلثَّمَنِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَفِيمَا يَكُونُ قَبْضًا وَفِيمَا لَا يَكُونُ قَبْضًا] مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي ادْفَعْ الثَّمَنَ أَوَّلًا وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ أَوْ ثَمَنًا بِثَمَنٍ قِيلَ لَهُمَا سَلِّمَا مَعًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ هُوَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهٍ يَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْضِهِ بِغَيْرِ حَائِلٍ وَكَذَا التَّسْلِيمُ فِي جَانِبِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَشُرِطَ فِي الْأَجْنَاسِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَ الْمَبِيعِ فَاقْبِضْهُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَيُشِيرُ فِي التَّسْلِيمِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُفْرَزًا غَيْرَ مَشْغُولٍ بِحَقِّ غَيْرِهِ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ التَّخْلِيَةَ فِي الْبَيْعِ الْجَائِزِ تَكُونُ قَبْضًا وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا قَبْضٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالتَّخْلِيَةُ فِي بَيْتِ الْبَائِعِ صَحِيحَةٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ بَاعَ خَلًّا فِي دِنٍّ فِي بَيْتِهِ فَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي فَخَتَمَ الْمُشْتَرِي عَلَى الدَّنِّ وَتَرَكَهُ فِي بَيْتِ الْبَائِعِ فَهَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الصُّغْرَى. رَجُلٌ بَاعَ مَكِيلًا فِي بَيْتٍ مُكَايَلَةً أَوْ مَوْزُونًا مُوَازَنَةً وَقَالَ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمِفْتَاحَ وَلَمْ يَكِلْهُ وَلَمْ يَزِنْهُ صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَلَوْ أَنَّهُ دَفَعَ إلَى الْمُشْتَرِي الْمِفْتَاحَ وَلَمْ يَقُلْ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقَبْضُ الْمِفْتَاحِ قَبْضٌ لِلدَّارِ إذَا تَهَيَّأَ لَهُ فَتْحُهَا بِلَا كُلْفَةٍ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِقَبْضٍ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَلَوْ بَاعَ الدَّارَ وَسَلَّمَ الْمِفْتَاحَ فَقَبَضَ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الدَّارِ يَكُونُ قَابِضًا قِيلَ هَذَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ مِفْتَاحَ هَذَا الْغَلْقِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ دَفَعَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَسْلِيمًا وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ الْمِفْتَاحَ وَلَمْ يَقُلْ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَ الدَّارِ فَاقْبِضْهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَبْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ خُذْ لَا يَكُونُ قَبْضًا وَلَوْ قَالَ خُذْهُ فَهُوَ قَبْضٌ إذَا كَانَ يَصِلُ إلَى أَخْذِهِ وَيَرَاهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْت مِنْك هَذِهِ السِّلْعَةَ وَسَلَّمْتهَا إلَيْك فَقَالَ ذَلِكَ الْغَيْرُ قَبِلْت لَمْ يَكُنْ هَذَا تَسْلِيمًا حَتَّى يُسَلِّمَهُ بَعْدَ

الْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اشْتَرَى غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً وَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْغُلَامِ تَعَالَ مَعِي أَوْ امْشِ فَتَخَطَّى مَعَهُ فَهُوَ قَبْضٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَتِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ بَاعَ دَارًا غَائِبَةً فَقَالَ سَلَّمْتهَا إلَيْك فَقَالَ قَبَضْتهَا لَمْ يَكُنْ قَبْضًا وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً كَانَ قَبْضًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْقَرِيبَةُ أَنْ تَكُونَ بِحَالٍ يَقْدِرُ عَلَى إغْلَاقِهَا وَإِلَّا فَهِيَ بَعِيدَةٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ إذَا بَاعَ دَارًا مِنْ إنْسَانٍ بِبَلْدَةٍ أُخْرَى وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ إلَّا بِاللَّفْظِ ثُمَّ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي عَنْ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى عَبْدًا فِي مَنْزِلِ الْبَائِعِ فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي قَدْ خَلَّيْتُك فَأَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبِضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَأَمَرَهُ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى غَصَبَهُ إنْسَانٌ فَإِنْ كَانَ حِينَ أَمَرَهُ الْبَائِعُ بِالْقَبْضِ أَمْكَنَهُ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ وَيَقْبِضَ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ صَحَّ التَّسْلِيمُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سَاجَةً مُلْقَاةً فِي الطَّرِيقِ وَالْمُشْتَرِي قَائِمٌ عَلَيْهَا فَخَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فَلَمْ يُحَرِّكْهَا الْمُشْتَرِي مِنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ وَأَحْرَقَهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَهُ فَإِنْ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ كَانَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُحْرِقَ وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا بَاعَ دَارًا وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَفِيهَا مَتَاعٌ قَلِيلٌ لِلْبَائِعِ لَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ حَتَّى يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ فَارِغَةً فَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الدَّارِ وَالْمَتَاعِ صَحَّ التَّسْلِيمُ لِأَنَّ الْمَتَاعَ صَارَ وَدِيعَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لِلْبَائِعِ وَسَلَّمَ الْأَرْضَ إلَى الْمُشْتَرِي لَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ قُطْنًا فِي فِرَاشٍ أَوْ حِنْطَةً فِي سُنْبُلٍ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَإِنْ أَمْكَنَ الْمُشْتَرِي قَبْضُ الْقُطْنِ أَوْ الْحِنْطَةِ مِنْ غَيْرِ فَتْقِ الْفِرَاشِ وَدَقِّ السُّنْبُلِ صَارَ قَابِضًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا بِالْفَتْقِ وَالدَّقِّ لَا لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ بَاعَ الثَّمَرَ عَلَى الشَّجَرِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ صَارَ قَابِضًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْجِذَاذُ مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ اشْتَرَى دَابَّةً وَالْبَائِعُ رَاكِبُهَا فَقَالَ احْمِلْنِي مَعَك فَحَمَلَهُ فَعَطِبَتْ هَلَكَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّابَّةِ سَرْجٌ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا سَرْجٌ وَرَكِبَ الْمُشْتَرِي فِي السَّرْجِ يَكُونُ قَابِضًا وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ كَانَا رَاكِبَيْنِ فَبَاعَ الْمَالِكُ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا كَمَا إذَا بَاعَ الدَّارَ وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِيهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. رَجُلٌ بَاعَ فَصًّا فِي خَاتَمٍ بِدِينَارٍ وَدَفَعَ الْخَاتَمَ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْزِعَ الْفَصَّ فَهَلَكَ الْخَاتَمُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى نَزْعِهِ بِغَيْرِ ضَرَرٍ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي ثَمَنُ الْفَصِّ لَا غَيْرُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى نَزْعِ الْفَصِّ إلَّا بِضَرَرٍ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ لَمْ يَهْلِكْ الْخَاتَمُ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ تَرَبَّصَ حَتَّى يَنْزِعَهُ الْبَائِعُ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ بَاعَ حِبَابًا فِي بَيْتٍ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِقَلْعِ الْبَابِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا خَارِجَ الْبَيْتِ فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا إلَّا بِضَرَرٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَذُكِرَ فِي الْهَارُونِيَّاتِ لَوْ بَاعَ الْأَبُ دَارًا مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي عِيَالِهِ وَهُوَ فِيهَا سَاكِنٌ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا يَصِيرُ الِابْنُ قَابِضًا حَتَّى يُفْرِغَ الْأَبُ فَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ وَالْأَبُ فِيهَا سَاكِنٌ يَكُونُ مِنْ مَالِ الْأَبِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِيهَا مَتَاعُ الْأَبِ وَعِيَالِهِ وَلَيْسَ هُوَ بِسَاكِنٍ فِيهَا وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ جُبَّةً هِيَ عَلَى الْأَبِ أَوْ طَيْلَسَانًا هُوَ لَابِسُهُ أَوْ خَاتَمًا فِي أُصْبُعِهِ لَا يَصِيرُ الِابْنُ قَابِضًا حَتَّى يَنْزِعَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي الدَّابَّةِ وَالْأَبُ رَاكِبُهَا حَتَّى يَنْزِلَ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا حُمُولَةٌ حَتَّى يَحُطَّ عَنْهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ الرِّمَاكُ فِي حَظِيرَةٍ عَلَيْهَا بَابٌ مُغْلَقٌ لَا تَقْدِرُ الرِّمَاكُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ وَخَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي

فَفَتَحَ الْمُشْتَرِي الْبَابَ فَغَلَبَتْهُ الرِّمَاكُ فَانْفَلَتَتْ كَانَ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الرِّمَاكِ أَوْ لَا وَإِنْ لَمْ يَفْتَحْ الْمُشْتَرِي الْبَابَ وَإِنَّمَا فَتَحَهُ رَجُلٌ آخَرُ أَوْ فَتَحَهُ الرِّيحُ حَتَّى خَرَجَتْ الرِّمَاكُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَوْ دَخَلَ الْحَظِيرَةَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا يَكُونُ قَابِضًا وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ رِمَاكٌ فِي حَظِيرَةٍ فَبَاعَ مِنْهَا وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَ مِنْهُ الثَّمَنَ وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي اُدْخُلْ الْحَظِيرَةَ وَاقْبِضْهَا فَقَدْ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهَا فَدَخَلَ لِيَقْبِضَهَا فَعَالَجَهَا فَانْفَلَتَتْ وَخَرَجَتْ مِنْ بَابِ الْحَظِيرَةِ وَذَهَبَتْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ سَلَّمَ الرَّمَكَةَ إلَى الْمُشْتَرِي فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا (1) بِوَهَقٍ وَمَعَهُ وَهَقٌ وَالرَّمَكَةُ لَا تَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَهُوَ قَبْضٌ وَإِنْ كَانَتْ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَنْفَلِتَ مِنْهُ وَلَا يَضْبِطُهَا الْبَائِعُ فَلَيْسَ بِقَبْضٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا بِوَهَقٍ وَلَا يَقْدِرُ بِغَيْرِ وَهَقٍ وَلَيْسَ مَعَهُ وَهَقٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا وَحْدَهُ وَيَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا لَوْ كَانَ مَعَهُ أَعْوَانٌ أَوْ فَرَسٌ يَنْظُرُ إنْ كَانَ الْأَعْوَانُ أَوْ الْفَرَسُ مَعَهُ يَصِيرُ قَابِضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَعْوَانُ أَوْ الْفَرَسُ مَعَهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَتْ الرَّمَكَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَهُوَ مُمْسِكٌ لَهَا فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي هَاكَ الرَّمَكَةَ فَأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي يَدَهُ عَلَيْهَا أَيْضًا حَتَّى صَارَتْ الرَّمَكَةُ فِي أَيْدِيهِمَا وَالْبَائِعُ يَقُولُ لِلْمُشْتَرِي خَلَّيْت بَيْنَهَا وَبَيْنَك وَأَنَا لَا أُمْسِكُهَا مَنْعًا لَهَا مِنْك وَإِنَّمَا أُمْسِكُهَا حَتَّى تَضْبِطَهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْ أَيْدِيهِمَا فَالْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ الرَّمَكَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ تَصِلْ إلَيْهَا يَدُ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي قَدْ خَلَّيْت بَيْنَهَا وَبَيْنَك فَاقْبِضْهَا فَإِنِّي إنَّمَا أَمْسَكْتهَا لَك فَانْفَلَتَتْ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا مِنْ الْبَائِعِ وَضَبَطَهَا كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ اشْتَرَى طَيْرًا يَطِيرُ فِي بَيْتٍ عَظِيمٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ إلَّا بِفَتْحِ الْبَابِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ لِطَيَرَانِهِ وَخَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَفَتَحَ الْمُشْتَرِي الْبَابَ فَخَرَجَ الطَّيْرُ ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ أَنَّهُ يَكُونُ قَابِضًا لِلطَّيْرِ وَلَوْ فَتَحَ الْبَابَ غَيْرُ الْمُشْتَرِي أَوْ فَتَحَتْهُ الرِّيحُ لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ سُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَنْ فَرَسٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ فِي الْمَرْعَى بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي اذْهَبْ وَاقْبِضْهُ فَهَلَكَ الْفَرَسُ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ قَالَ الْهَلَاكُ عَلَيْهِمَا وَوَقَعَتْ فِي زَمَانِنَا أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى بَقَرَةً مِنْ رَجُلٍ وَهِيَ فِي الْمَرْعَى فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ اذْهَبْ وَاقْبِضْ الْبَقَرَةَ فَأَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْبَقَرَةَ إنْ كَانَتْ بِرَأْيِ الْعَيْنِ بِحَيْثُ تُمْكِنُ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا فَهَذَا قَبْضٌ وَمَا لَا فَلَا وَهَذَا الْجَوَابُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْبَقَرَةَ إنْ كَانَتْ بِقُرْبِهِمَا بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْضِهَا لَوْ أَرَادَ فَهُوَ قَابِضٌ لَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى مِنْ آخَر دُهْنًا مُعَيَّنًا وَدَفَعَ إلَيْهِ قَارُورَةً لِيَزِنَهُ فِيهَا فَوَزَنَ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَإِنْ كَانَ فِي دُكَّانِ الْبَائِعِ أَوْ فِي بَيْتِهِ وَإِنْ كَانَ وُزِنَ بِغَيْبَةِ الْمُشْتَرِي قِيلَ يَصِيرُ قَابِضًا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا كُلُّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ الْوِعَاءَ فَكَالَهُ أَوْ وَزَنَهُ فِي وِعَائِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ كَانَ الدُّهْنُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَا يَصِيرُ قَابِضًا وَلَا مُشْتَرِيًا سَوَاءٌ وَزَنَ بِغَيْبَتِهِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِيهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَلَوْ قَبَضَ بَعْدَ ذَلِكَ حَقِيقَةً إلَّا أَنْ يَصِيرَ مُشْتَرِيًا قَابِضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ هَلَكَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ الْوَزْنِ ثَانِيًا وَعِنْدَ الْبَعْضِ يَحِلُّ

التَّصَرُّفُ قَبْلَ إعَادَةِ الْوَزْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَشَرَةَ أَرْطَالِ دُهْنٍ بِدِرْهَمٍ فَجَاءَ بِقَارُورَةٍ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَ لَهُ فِيهَا وَالدُّهْنُ مُعَيَّنٌ فَلَمَّا وَزَنَ فِيهَا رَطْلًا انْكَسَرَتْ الْقَارُورَةُ وَسَالَ الدُّهْنُ وَوَزَنَ الْبَاقِي وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ بِالِانْكِسَارِ فَمَا وُزِنَ قَبْلَ الِانْكِسَارِ فَهَلَاكُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَمَا وُزِنَ بَعْدَ الِانْكِسَارِ فَهَلَاكُهُ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ الِانْكِسَارِ شَيْءٌ مِمَّا وُزِنَ قَبْلَ الِانْكِسَارِ وَصَبَّ الْبَائِعُ فِيهِ دُهْنًا آخَرَ كَانَ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ وَضَمِنَ مِثْلَهُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ دَفَعَ الْقَارُورَةَ مُنْكَسِرَةً إلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يَعْلَمَا بِذَلِكَ وَصَبَّ فِيهَا بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي فَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِي أَمْسَكَ الْقَارُورَةَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَدْفَعْهَا إلَى الْبَائِعِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ الْهَلَاكُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى سَمْنًا وَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ ظَرْفًا وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَزِنَ فِيهِ وَفِي الظَّرْفِ خَرْقٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ بِهِ فَتَلِفَ كَانَ التَّلَفُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِذَلِكَ وَالْبَائِعُ لَا يَعْلَمُ أَوْ كَانَا يَعْلَمَانِ جَمِيعًا كَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلْمَبِيعِ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ اشْتَرَى كُرًّا مِنْ صُبْرَةٍ وَقَالَ لِلْبَائِعِ كِلْهُ فِي جُوَالِقِي وَدَفَعَ إلَيْهِ الْجُوَالِقَ فَفَعَلَ كَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا اشْتَرَى حِنْطَةً بِعَيْنِهَا فَاسْتَعَارَ مِنْ الْبَائِعِ جَوَالِقَ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَكِيلَ فِيهَا فَفَعَلَ الْبَائِعُ فَإِنْ كَانَ الْجَوَالِقُ بِعَيْنِهَا صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِكَيْلِ الْبَائِعِ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِأَنْ قَالَ أَعِرْنِي جُوَالِقًا وَكِلْهَا فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا فَهُوَ قَبْضٌ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ قَبْضًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ قَبْضًا عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي فِي الْوَجْهَيْنِ حَتَّى يَقْبِضَ الْجُوَالِقَ فَيُسَلِّمَهُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى قَالَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ شَيْئًا وَأَمَرَهُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَجْعَلَهُ فِي وِعَاءِ الْمُشْتَرِي فَجَعَلَهُ فِيهِ لِيَزِنَهُ عَلَيْهِ فَانْكَسَرَ الْإِنَاءُ وَتَوَى مَا فِيهِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَهُ لِيَزِنَهُ فَيَعْلَمَ وَزْنَهُ لَا لِلتَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ وَزَنَهُ ثُمَّ انْكَسَرَ الْإِنَاءُ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ أَيْضًا وَإِنْ وَزَنَهُ فِي شَنِّ الْبَائِعِ أَيْضًا ثُمَّ جَعَلَهُ فِي إنَاءِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ انْكَسَرَ الْإِنَاءُ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى دُهْنًا وَدَفَعَ الْقَارُورَةَ إلَى الدَّهَّانِ وَقَالَ لِلدَّهَّانِ ابْعَثْ الْقَارُورَةَ إلَى مَنْزِلِي فَبَعَثَ فَانْكَسَرَتْ فِي الطَّرِيقِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ قَالَ لِلدَّهَّانِ ابْعَثْ عَلَى يَدِ غُلَامِي فَفَعَلَ فَانْكَسَرَتْ الْقَارُورَةُ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهَا تَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ قَالَ ابْعَثْ عَلَى يَدِ غُلَامِك فَبَعَثَهُ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ فَالْهَلَاكُ يَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ حَضْرَةَ غُلَامِ الْمُشْتَرِي تَكُونُ كَحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا غُلَامُ الْبَائِعِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ زَنِّ لِي فِي هَذَا الْإِنَاءِ كَذَا وَكَذَا وَابْعَثْ بِهِ مَعَ غُلَامِك أَوْ قَالَ مَعَ غُلَامِي فَفَعَلَ فَانْكَسَرَ الْإِنَاءُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ هُوَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ حَتَّى يَقُولَ ادْفَعْهُ إلَى غُلَامِك أَوْ قَالَ إلَى غُلَامِي فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَهُوَ وَكِيلٌ فَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ الْهَلَاكُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ ابْعَثْ إلَى ابْنِي وَاسْتَأْجَرَ الْبَائِعُ رَجُلًا يَحْمِلُهُ إلَى ابْنِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِقَبْضٍ وَالْأَجْرُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَقُولَ اسْتَأْجِرْ عَلَيَّ مَنْ يَحْمِلُهُ فَقَبَضَ الْأَجِيرُ يَكُونُ قَبَضَ الْمُشْتَرَى إنْ صَدَقَهُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ وَدَفَعَ إلَيْهِ وَإِنْ أَنْكَرَ اسْتِئْجَارَهُ وَالدَّفْعَ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَوْ اشْتَرَى (1) وِعَاءَ هُدَبِدٍ مِنْ قَرَوِيٍّ فِي السُّوقِ وَأَمَرَهُ بِنَقْلِهِ إلَى حَانُوتِهِ فَسَقَطَ فِي الطَّرِيقِ هَلَكَ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى وِقْرَ التِّبْنِ أَوْ الْحَطَبِ فِي الْمِصْرِ فَعَلَى الْبَائِع أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى بَيْتِهِ وَلَوْ هَلَكَ فِي الطَّرِيقِ

هَلَكَ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ اشْتَرَى بَقَرَةً فَقَالَ لِلْبَائِعِ سُقْهَا إلَى مَنْزِلِك حَتَّى أَجِيءَ خَلْفَك إلَى مَنْزِلِك وَأَسُوقَهَا إلَى مَنْزِلِي فَمَاتَتْ الْبَقَرَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّهَا تَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ فَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ تَسْلِيمَ الْبَقَرَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ. اشْتَرَى دَابَّةً مَرِيضَةً فِي إصْطَبْلِ الْبَائِعِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي تَكُونُ هُنَا اللَّيْلَةَ فَإِنْ مَاتَتْ مَاتَتْ لِي فَهَلَكَتْ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ لَا مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ بَاعَ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً وَوَضَعَهَا عِنْدَ مُتَوَسِّطٍ لِيُوفِيَهُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَضَاعَتْ عِنْدَهُ فَهُوَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ قَبَضَ الْمُتَوَسِّطُ بَعْضَ الثَّمَنِ وَسَلَّمَ الْجَارِيَةَ إلَى الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ عِلْمِ الْبَائِعِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا وَمَتَى اسْتَرَدَّهَا فَلَهُ أَنْ لَا يَضَعَهَا عَلَى يَدِ الْمُتَوَسِّطِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُتَوَسِّطُ عَدْلًا فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْجَارِيَةِ ضَمِنَ الْعَدْلُ قِيمَتَهَا لِلْبَائِعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ فَقَالَ لِلْبَائِعِ لَا آتَمِنُك عَلَيْهِ ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ فَيَكُونُ عِنْدَهُ حَتَّى أَدْفَعَ إلَيْك الثَّمَنَ فَدَفَعَهُ الْبَائِعُ إلَى فُلَانٍ فَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ يُمْسِكُهُ بِالثَّمَنِ لِأَجْلِ الْبَائِعِ فَتَكُونُ يَدُهُ كَيَدِ الْبَائِعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْبَائِعُ إذَا دَفَعَ الْمَبِيعَ إلَى مَنْ فِي عِيَالِ الْمُشْتَرِي لَا يَصِيرُ قَابِضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَنَقَدَ بَعْضَ الثَّمَنِ ثُمَّ قَالَ لِلْبَائِعِ تَرَكْته رَهْنًا عِنْدَك بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ أَوْ قَالَ تَرَكْته وَدِيعَةً عِنْدَك لَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ أَحْدَثَ فِيهِ عَيْبًا فَهُوَ قَبْضٌ مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ الْبَائِعُ بِأَمْرِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ الْجَارِيَةَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ الْبَائِعُ بِأَمْرِهِ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِهَا حَبَلٌ فَأَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَصِحَّ إعْتَاقُهُ فَلَمْ يَصِرْ مُتْلِفًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ لَمْ يَكُنْ كَقَبْضِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْوَجِيزِ. وَفِي التَّفْرِيدِ إذَا جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي اتِّبَاعَ الْجَانِي بِنَفْسِ الِاخْتِيَارِ يَكُونُ قَابِضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قُتِلَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَعَفَا الْمُشْتَرِي عَنْ الدَّمِ فَهَذَا اخْتِيَارٌ مِنْهُ لِلْمَبِيعِ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْقَاتِلِ فَتَكُونُ رَهْنًا فِي يَدِهِ فَإِذَا أَدَّى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ رَدَّ الْقِيمَةَ عَلَى الْقَاتِلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِطَحْنِ الْحِنْطَةِ فَطَحَنَ صَارَ قَابِضًا وَالدَّقِيقُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ أَوْدَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ أَوْ أَعَارَ مِنْهُ أَوْ آجَرَهُ لَمْ يَكُنْ قَابِضًا وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَلَوْ أَوْدَعَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ أَعَارَ مِنْهُ فَأَمَرَ الْبَائِعَ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ يَصِيرُ قَابِضًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ قُلْ لِلْعَبْدِ يَعْمَلُ لِي كَذَا فَأَمَرَهُ الْبَائِعُ فَعَمِلَ صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَأَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يَهَبَهُ مِنْ فُلَانٍ فَفَعَلَ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَدَفَعَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ جَازَتْ الْهِبَةُ وَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَكَذَا لَوْ أَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يُؤَاجِرَ مِنْ فُلَانٍ فَعَيَّنَ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ فَفَعَلَ جَازَ وَصَارَ الْمُسْتَأْجِرُ قَابِضًا لِلْمُشْتَرَى أَوَّلًا ثُمَّ يَصِيرُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ وَالْأَجْرُ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ يُحْتَسَبُ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَكَذَا لَوْ أَعَارَ الْبَائِعُ الْعَبْدَ مِنْ رَجُلٍ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي أَوْ وَهَبَ أَوْ رَهَنَ فَأَجَازَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ جَازَ وَيَصِيرُ قَابِضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْهُ فَأَعْتَقَهُ الْبَائِعُ عَنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ جَازَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْمَبِيعِ عَمَلًا لَا يُنْقِصُهُ كَالْقِصَارَةِ وَالْغَسْلِ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ لَا يَصِيرُ قَابِضًا وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ بِأَجْرٍ وَإِنْ كَانَ عَمَلًا يُنْقِصُهُ يَصِيرُ قَابِضًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ لِتَعْلِيمِ الْعَبْدِ أَوْ حَلْقِ رَأْسِهِ أَوْ قَصِّ شَارِبِهِ أَوْ ظُفْرِهِ لَا يَصِيرُ

الفصل الثالث في قبض المبيع بغير إذن البائع

قَابِضًا وَلَهُ الْأَجْرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يُحْدِثُ نُقْصَانًا وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْبَائِعُ لِيَحْفَظَهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ زَوَّجَ الْمُشْتَرِي أَوْ أَقَرَّ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا مِنْهُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهُوَ قَبْضٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْحَاوِي اشْتَرَى جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَبَّلَهَا الزَّوْجُ أَوْ لَمَسَهَا قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِيرَ قَابِضًا كَمَا لَوْ وَطِئَهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَى جَارِيَةً وَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَتَمُوتُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَيَكُونُ الْمَهْرُ الَّذِي عَلَى الزَّوْجِ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى الْمَهْرِ وَعَلَى قِيمَةِ الْجَارِيَةِ فَمَا أَصَابَ الْمَهْرَ مِنْ الثَّمَنِ لَزِمَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ إنْ كَانَ فِي الْمَهْر فَضْلٌ وَالْمَهْرُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ قَالَ ثَمَّةَ أَيْضًا اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ فَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى زَوَّجَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ مِنْ إنْسَانٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى مُشْتَرِي الْعَبْدِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَنْتَقِضُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَرَجَعَتْ الْجَارِيَةُ إلَى الَّذِي كَانَتْ لَهُ وَمَهْرُهَا لَهُ وَيَرْجِعُ عَلَى مُشْتَرِيهَا بِقَدْرِ النُّقْصَانِ. وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُنْتَقَى وَزَادَ فِي وَضْعِهَا وَقَالَ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً بِعَبْدٍ فَقَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ زَوَّجَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ رَجُلٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَدْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَبْلَ التَّزْوِيجِ تُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَنَقَصَهَا التَّزْوِيجُ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ وَطِئَهَا الزَّوْجُ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى مُشْتَرِيه قَالَ الْمَهْرُ لِلَّذِي بَاعَهَا وَيَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ جَارِيَتَهُ نَاقِصَةً وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ مُشْتَرِيهَا قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطِئَهَا الزَّوْجُ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي زَوَّجَهَا مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَإِنَّ بَائِعَ الْجَارِيَةِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ الْجَارِيَةَ لِمُشْتَرِيهَا وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطِئَهَا هُوَ بِحُكْمِ النِّكَاحِ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ فِيهَا وَأَخَذَ جَارِيَتَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَفَسَدَ النِّكَاحُ وَبَطَلَ الْمَهْرُ وَالْخِيَارُ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ فِيهَا وَتَرَكَهُ إلَى بَائِعِهَا دُونَ مُشْتَرِيهَا وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ بِنَقْضِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُضْهُ الْقَاضِي وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي زَوَّجَهَا إيَّاهُ بَعْدَمَا قَبَضَهَا بِأَمْرِهِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ سَبِيلٌ عَلَى الْجَارِيَةِ وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبَضَهَا وَتُسَلَّمُ هِيَ لِلْمُشْتَرِي وَيَكُونُ الْمَهْرُ عَلَى الْبَائِعَ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْبَائِعِ ثُمَّ لَقِيَ الْبَائِعَ فَزَوَّجَهَا إيَّاهُ وَقَدْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ لَهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ إيَّاهَا قَبْلَ الْقَبْضِ صَحِيحٌ فَإِنْ وَطِئَهَا الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ النِّكَاحِ فَإِنَّ هَذَا تَسْلِيمٌ مِنْ الْبَائِعِ بِقَبْضِهِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ عَلَى الْأَمَةِ سَبِيلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ] لَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ فَإِنْ خَلَّى الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْمَبِيعِ وَبَيْنَ الْبَائِعِ لَا يَصِيرُ الْبَائِعُ قَابِضًا مَا لَمْ يَقْبِضْهُ حَقِيقَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ تَصَرُّفًا يَلْحَقُهُ النَّقْضُ بِأَنْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ رَهَنَ أَوْ آجَرَ أَوْ تَصَدَّقَ نُقِضَ التَّصَرُّفُ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ كَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ لَمْ يَمْلِكْ الْبَائِعُ رَدَّهُ إلَى يَدِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ نَقَدَ الْمُشْتَرِي بَائِعَهُ الثَّمَنَ فَوَجَدَهُ الْبَائِعُ زُيُوفًا أَوْ سَتُّوقَةً أَوْ مُسْتَحَقًّا أَوْ وَجَدَ بَعْضَهُ كَذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْمَبِيعَ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ بَعْدَمَا نَقَدَ الزُّيُوفَ أَوْ السَّتُّوقَةَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَنْقُضَ قَبْضَهُ وَلَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي نُقِضَ تَصَرُّفُهُ إذَا كَانَ تَصَرُّفًا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ يُنْظَرُ إنْ وَجَدَهُ زُيُوفًا فَرَدَّهُ لَا يَمْلِكُ اسْتِرْدَادَهُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ وَإِنْ وَجَدَهُ سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا

الفصل الرابع فيما ينوب قبضه عن قبض الشراء وما لا ينوب

أَوْ مُسْتَحَقًّا وَأَخَذَ مِنْهُ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي تَصَرُّفٌ فِيهِ فَلَا سَبِيلَ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ تَصَرُّفًا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ أَوْ لَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْبَائِعُ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَا فِي الثَّمَنِ حَتَّى بَاعَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ أَوْ آجَرَهُ أَوْ رَهَنَهُ وَسَلَّمَ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ وَجَدَ فِي الثَّمَنِ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَا فَجَمِيعُ مَا صَنَعَ الْمُشْتَرِي فِي الْعَبْدِ جَائِزٌ لَا يَقْدِرُ الْبَائِعُ عَلَى رَدِّهِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِصْرَاعَيْ بَابٍ أَوْ خُفَّيْنِ أَوْ نَعْلَيْنِ فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْآخَرَ حَتَّى هَلَكَ مَا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ فَلَمْ يُجْعَلْ قَبْضُ أَحَدِهِمَا قَبْضًا لِلْآخَرِ ثُمَّ قَالَ وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي الْمَقْبُوضِ فَقَدْ جَعَلَهُمَا فِي حَقِّ الْخِيَارِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَحْدَثَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ يَصِيرُ قَابِضًا لَهُمَا جَمِيعًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَبَضَ أَحَدَهُمَا فَاسْتَهْلَكَهُ أَوْ عَيَّبَهُ صَارَ قَابِضًا لِلْآخَرِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْآخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ الْبَائِعُ فِيهِ حَبْسًا أَوْ مَنْعًا هَلَكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ مَنَعَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ هَلَكَ هَلَكَ عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى سَقَطَ مِنْ الثَّمَنِ بِحِصَّتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ جَنَى الْبَائِعُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي صَارَ قَابِضًا لَهُمَا حَتَّى لَوْ هَلَكَا بَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَا مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ مَنَعَ الْبَائِعُ أَحَدَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ مَنَعَهُمَا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا هَلَكَ وَلَوْ أَذِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي فِي قَبْضِ أَحَدِهِمَا كَانَ إذْنًا فِي قَبْضِهِمَا حَتَّى لَوْ قَبَضَهُمَا ثُمَّ اسْتَرَدَّ الْبَائِعُ أَحَدَهُمَا لِيَحْبِسَهُ بِالثَّمَنِ صَارَ غَاصِبًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهَا حَتَّى قَبَضَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ وَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَتَقَابَضَا وَغَابَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَحَضَرَ بَائِعُهُ وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَ الْجَارِيَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا وَصَفَهُ الْبَائِعُ كَانَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا وَإِذَا اسْتَرَدَّهَا بَطَلَ الْبَيْعُ الثَّانِي وَإِنْ كَذَّبَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ فِيمَا قَالَ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي أَحَقٌّ مَا قَالَ أَمْ بَاطِلٌ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ فِيمَا قَالَ لَا يُصَدَّقُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْآخَرِ وَإِنْ كَذَّبَهُ يُقَالُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَيْت فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي رَدَّهَا الْقَاضِي عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ الثَّانِي إلَّا إذَا نَقَدَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ الثَّمَنَ قَبْلَ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَحِينَئِذٍ لَا يَرُدُّهَا الْقَاضِي عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ نَقَدَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ الثَّمَنَ بَعْدَمَا أَخَذَهَا الْبَائِعُ الْأَوَّلُ سُلِّمَتْ الْجَارِيَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي الْآخَرِ عَلَيْهَا سَبِيلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ كَانَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِيَ الْآخَرَ قِيمَتَهَا وَتَكُونُ الْقِيمَةُ الْمَرْدُودَةُ عَلَى الْبَائِعِ قَائِمَةً مَقَامَ الْجَارِيَةِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ انْتَقَضَ الْبَيْعَانِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَا نَقَدَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ الِاسْتِرْدَادِ فِي يَدِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَلَوْ لَمْ تَهْلِكَ الْقِيمَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ حَتَّى نَقَدَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ الثَّمَنَ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ بَائِعِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْقِيمَةِ سَبِيلٌ كَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْجَارِيَةِ سَبِيلٌ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ الَّذِي نَقَدَهُ وَإِذَا سُلِّمَتْ الْقِيمَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ إنْ كَانَ ثَمَّةَ فَضْلٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يَنُوبُ قَبْضُهُ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ وَمَا لَا يَنُوبُ] الْأَصْلُ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا وَقَعَ وَالْمَبِيعُ مَقْبُوضٌ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ يَنُوبُ قَبْضُهُ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِالشِّرَاءِ لِأَنَّ قَبْضَ

الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي السَّرَخْسِيِّ إذَا تَجَانَسَ الْقَبْضَانِ بِأَنْ كَانَا قَبْضَ أَمَانَةٍ أَوْ ضَمَانٍ تَنَاوَبَا وَإِنْ اخْتَلَفَا نَابَ الْمَضْمُونُ عَنْ غَيْرِهِ لَا غَيْرُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فَإِذَا كَانَ الشَّيْءُ فِي يَدِهِ بِغَصْبٍ أَوْ مَقْبُوضًا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَاشْتَرَاهُ مِنْ الْمَالِكِ عَقْدًا صَحِيحًا يَنُوبُ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ عَنْ الثَّانِي حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ إلَى بَيْتِهِ وَيَصِلَ إلَيْهِ أَوْ يَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ جَعَلَ الْمَغْصُوبَ بَدَلَ الصَّرْفِ وَافْتَرَقَا لَا يَبْطُلُ وَكَذَا لَوْ افْتَرَقَا عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى الْقَابِضُ مَا قَبَضَ يَصِيرُ قَابِضًا لِلْحَالِ لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ عَلَى حُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ كَانَ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ فَنَابَ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ عَارِيَّةٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ رَهْنٌ لَمْ يَصِرْ قَابِضًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ يَرْجِعَ إلَيْهِ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَبْضِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ فَعَلَ الْمُشْتَرِي فِي فَصْلِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ مَا يَكُونُ قَبْضًا مِنْهُ ثُمَّ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَحْبِسَهَا بِالثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَخَذَهَا الْبَائِعُ مِنْ بَيْتِ الْمُودِعِ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ يَدُ الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بِحَضْرَتِهِمَا فَبَاعَهُ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ حَبْسُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَرْسَلَ غُلَامًا فِي حَاجَتِهِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ جَازَ فَإِنْ هَلَكَ الْغُلَامُ قَبْلَ الرُّجُوعِ مَاتَ مِنْ مَالِ الْأَبِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ قَائِمَةٌ لَكِنَّهَا يَدُ أَمَانَةٍ فَلَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ وَلَوْ رَجَعَ وَتَمَكَّنَ الْأَبُ مِنْ قَبْضِهِ صَارَ قَابِضًا لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ بُلُوغِ الِابْنِ لَمْ يَصِرْ الْأَبُ قَابِضًا وَيَقْبِضُ الِابْنُ بِنَفْسِهِ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ غَيْرِهِ لِلِابْنِ ثُمَّ بَلَغَ الِابْنُ فَحَقُّ الْقَبْضِ لِلْأَبِ كَمَا كَانَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اشْتَرَى إبْرِيقَ فِضَّةٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْإِبْرِيقَ وَلَمْ يَنْقُدْ الدَّنَانِيرَ حَتَّى افْتَرَقَا وَبَطَلَ الصَّرْفُ لِعَدَمِ قَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ كَانَا عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْإِبْرِيقِ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ وَضَعَ الْمُشْتَرِي الْإِبْرِيقَ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ ثُمَّ لَقِيَ الْبَائِعَ فَاشْتَرَى الْإِبْرِيقَ مِنْهُ شِرَاءً مُسْتَقْبَلًا بِدَنَانِيرَ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ ثُمَّ افْتَرَقَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَيَصِيرُ قَابِضًا لِلْإِبْرِيقِ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَنَقَدَ الثَّمَنَ ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ ثَانِيًا وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي صَحَّ الشِّرَاءُ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَصِحَّ وَلَا يَصِيرُ قَابِضًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ هَلَكَ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَبَطَلَتْ الْإِقَالَةُ وَالْعَقْدُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ مَضْمُونٌ بِغَيْرِهِ وَهُوَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ أَمَانَةً فِي نَفْسِهِ فَشَابَهَ الْمَرْهُونَ فَلَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ الْأَخِيرُ جِنْسًا آخَرَ سِوَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ غُلَامًا بِجَارِيَةٍ وَتَقَابَضَا وَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا اشْتَرَى فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ مَا أَقَالَهُ إيَّاهُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ حَتَّى جَازَ الشِّرَاءُ صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لَهُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ يَدُهُ إلَيْهِ هَلَكَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ الثَّانِي وَلَا تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ الْإِقَالَةِ مَضْمُونٌ عَلَى قَابِضِهِ بِالْقِيمَةِ هَذَا إذَا تَقَايَلَا وَالْعَبْدُ مَعَ الْجَارِيَةِ قَائِمَانِ أَمَّا إذَا تَقَايَلَا بَعْدَمَا هَلَكَ الْعَبْدُ بَعْدَ التَّقَابُضِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَوَجَبَ عَلَى مُشْتَرِي الْعَبْدِ قِيمَتُهُ فَإِنْ اشْتَرَى الَّذِي فِي يَدِهِ الْجَارِيَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْجَارِيَةَ مِنْ بَائِعِهَا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ وَلَيْسَتْ الْجَارِيَةُ بِحَضْرَتِهِمَا ثُمَّ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ الشِّرَاءِ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُجَدِّدَ الْمُشْتَرِي لَهَا قَبْضًا هَلَكَتْ بِالشِّرَاءِ الْأَوَّلِ فَبَطَلَتْ الْإِقَالَةُ وَالشِّرَاءُ الثَّانِي لِأَنَّ الْجَارِيَةَ بَعْدَ هَلَاكِ الْعَبْدِ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِغَيْرِهَا وَهُوَ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَمِثْلُ هَذَا الْقَبْضِ لَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ وَلَوْ كَانَا قَائِمَيْنِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ ثُمَّ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ مَا فِي يَدِهِ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ هَلَكَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ هَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ مَالِ مَنْ اشْتَرَاهُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَضْمُونٌ بِضَمَانِ نَفْسِهِ وَلِهَذَا لَوْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ تَجِبُ قِيمَتُهُ

الفصل الخامس في خلط المبيع والجناية عليه

وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِدَرَاهِمَ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَقَابَضَا ثُمَّ فَسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَلَمْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى اشْتَرَاهَا مِنْهُ شِرَاءً مُسْتَقْبَلًا صَحَّ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ شِرَاءُ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الْبَائِعِ فَلَوْ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَيْهَا يَدُ الْمُشْتَرِي بَطَلَ الشِّرَاءُ الثَّانِي وَانْفَسَخَ وَهَلَكَتْ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ بَعْدَ الْفَسْخِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِغَيْرِهِ وَهُوَ الثَّمَنُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا صَحَّ الشِّرَاءُ الثَّانِي وَإِذَا هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ هَلَكَتْ بِالشِّرَاءِ الثَّانِي وَالْجَوَابُ فِي الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَبِخِيَارِ الْعَيْبِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْمَنْقُولِ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي حَقِّ النَّاسِ كَافَّةً فَبَاعَهُ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي يَصِحُّ بَيْعُهُ بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِسَبَبِ هُوَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَقْدٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي يَصِحُّ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَا يَصِحُّ وَهَذَا أَصْلٌ كَبِيرٌ حَسَنٌ أَشَارَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي بُيُوعِ الْجَامِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اشْتَرَى إبْرِيقَ فِضَّةٍ بِإِبْرِيقِ فِضَّةٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ تَبَايَعَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا وَلَمْ يَتَقَابَضَا ثَانِيًا وَافْتَرَقَا بَطَلَ الْبَيْعُ الثَّانِي وَالْإِقَالَةُ وَعَادَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ فِي الْمُصَارَفَةِ كُلَّ بَدَلٍ مَضْمُونٌ بَعْدَ الْإِقَالَةِ بِصَاحِبِهِ لَا بِنَفْسِهِ اشْتَرَى إبْرِيقَ فِضَّةٍ بِدَنَانِيرَ وَتَقَابَضَا ثُمَّ أَنَّهُ زَادَ فِي الدَّنَانِيرِ صَحَّ إذَا قَبَضَهَا الْبَائِعُ فِي مَجْلِسِ الزِّيَادَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ قَبْضٍ فِيمَا يُقَابِلُ الزِّيَادَةَ وَلَوْ لَمْ يَزِدْ وَلَكِنْ جَدَّدَ الْبَيْعَ عَلَى الْإِبْرِيقِ بِزِيَادَةٍ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ يَجِبُ قَبْضُ الْإِبْرِيقِ وَالثَّمَنِ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَقْبِضَا انْتَقَضَ وَعَادَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي خَلْطِ الْمَبِيعِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ] فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ كُرَّ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهِ وَكُرَّ شَعِيرٍ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُمَا الْمُشْتَرِي حَتَّى خَلَطَهُمَا الْبَائِعُ قَالَ يُقَوَّمُ كُرٌّ مِنْ هَذَا الْمَخْلُوطِ وَتُقَوَّمُ الْحِنْطَةُ قَبْلَ الْخَلْطِ ثُمَّ يُقْسَمُ ثَمَنُ الْحِنْطَةِ عَلَى ذَلِكَ وَيُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي مَا دَخَلَ الْحِنْطَةَ مِنْ النُّقْصَانِ وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الْكُرَّ وَيَأْخُذُ الشَّعِيرَ بِثَمَنِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ رِطْلًا (1) مِنْ زَنْبَقٍ وَرِطْلًا مِنْ بَنَفْسَجٍ فَخَلَطَهُمَا وَلَوْ بَاعَ رِطْلًا مِنْ زَنْبَقٍ وَمِائَةَ رِطْلٍ مِنْ زَيْتٍ وَخَلَطَ الزَّنْبَقَ بِالزَّيْتِ فَقَدْ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الزَّنْبَقِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الزَّيْتَ إنْ أَحَبَّ فَيَأْخُذَ مِنْهُ مِائَةَ رِطْلٍ وَلَهُ الْخِيَارُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يُنْقِصْهُ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَالَ مِنْ خَابِيَةِ زَيْتٍ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ رَجُلٌ فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى خَلَطَهَا الْبَائِعُ بِمَا فِي الْخَابِيَةِ كَانَ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِهِ بِالْخِيَارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى رَهَنَهُ الْبَائِعُ بِمِائَةٍ أَوْ آجَرَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ فَمَاتَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ضَمِنَهُمْ رَجَعُوا عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ أَعَارَهُ أَوْ وَهَبَهُ فَمَاتَ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ فَاسْتَعْمَلَهُ الْمُودِعُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْبَيْعَ وَضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُودِعُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ وَلَيْسَ لِلضَّامِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُسْتَوْدِعَ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُسْتَعِيرَ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ بِأَمْرِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى قَطَعَ الْبَائِعُ يَدَهُ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ فَإِنْ اخْتَارَ فَسْخَ

الْعَقْدِ سَقَطَ عَنْهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَ الْأَقْطَعِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الثَّمَنِ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَهُ الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ يَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي عِنْدَنَا وَإِنْ شَلَّتْ يَدُ الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ قَطَعَ أَجْنَبِيٌّ يَدَ الْعَبْدِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَإِنْ اخْتَارَ إمْضَاءَ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَأَتْبَعَ الْقَاطِعَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْقَاطِعِ نِصْفَ الْقِيمَةِ تَصَدَّقَ بِمَا زَادَ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي فَسْخَ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَتْبَعَ الْجَانِي بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَيَتَصَدَّقُ أَيْضًا بِمَا زَادَ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ لِأَنَّ أَصْلَ الْجِنَايَةِ حَصَلَتْ لَا عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ الْمَالِ يُجْعَلُ كَالْحَاصِلِ عَلَى مِلْكِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ قَطَعَ الْبَائِعُ يَدَهُ ثُمَّ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَاتَ مِنْ جِنَايَةِ الْبَائِعِ سَقَطَ نِصْفُ الثَّمَنِ وَلَزِمَهُ نِصْفُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْهُ لِأَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي مُشَابِهٌ بِالْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ التَّصَرُّفِ وَيُؤَكِّدُ مِلْكَ الْعَيْنِ فَقَدْ تَخَلَّلَ بَيْنَ جِنَايَةِ الْبَائِعِ وَسِرَايَتِهَا مِلْكُ التَّصَرُّفِ لِلْمُشْتَرِي فَيَقْطَعُ إضَافَةُ السِّرَايَةِ إلَيْهَا لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمِلْكِ يَمْنَعُ إضَافَةَ السِّرَايَةِ إلَيْهَا كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ إنْسَانٌ ثُمَّ بَاعَهُ مَوْلَاهُ وَمَاتَ مِنْهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَضْمَنْ الْجَانِي إلَّا فِي قَطْعِ الْيَدِ بِخِلَافِ قَبْضِ الْبَائِعِ لِلْحَبْسِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ قَبْضَهُ لَا يُفِيدُ لَهُ مِلْكًا تَامًّا فَلَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ جِنَايَتِهِ وَسِرَايَتِهَا مِلْكٌ فَبَقِيَتْ السِّرَايَةُ مُضَافَةً إلَى جِنَايَتِهِ وَلَوْ قَبَضَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَقَطَعَ الْبَائِعُ يَدَهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَمَاتَ مِنْهُ سَقَطَ كُلُّ الثَّمَنِ وَإِنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِهِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي نِصْفُ الثَّمَنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَتَلَهُ إنْسَانٌ عَمْدًا قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ اخْتَارَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ كَانَ الْقِصَاصُ لَهُ وَإِنْ اخْتَارَ نَقْضَ الْبَيْعِ كَانَ الْقِصَاصُ لِلْبَائِعِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ اخْتَارَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ كَانَ الْقِصَاصُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ اخْتَارَ نَقْضَ الْبَيْعِ فَلَا قِصَاصَ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ لِلْبَائِعِ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَحْسَنَ فَقَالَ تَجِبُ الْقِيمَةُ فِي الْحَالَيْنِ وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى عَبْدًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَأَمَرَ الْبَائِعُ رَجُلًا أَنْ يَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَاتِلَ قِيمَتَهُ وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ فَإِنْ ضَمِنَ الْقَاتِلُ فَالْقَاتِلُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ كَانَ مَكَانُ الْعَبْدِ ثَوْبٌ فَقَالَ الْبَائِعُ لِخَيَّاطٍ اقْطَعْهُ لِي قَمِيصًا بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَ الْخَيَّاطَ وَيَرْجِعَ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ اشْتَرَى شَاةً فَأَمَرَ الْبَائِعُ إنْسَانًا بِذَبْحِهَا إنْ عَلِمَ الذَّابِحُ بِالْبَيْعِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَهُ إلَّا أَنَّهُ لَوْ ضَمَّنَهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ الذَّابِحُ بِالْبَيْعِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ شَاةٌ أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَذْبَحَهَا ثُمَّ بَاعَ الشَّاةَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ ثُمَّ ذَبَحَهَا الْمَأْمُورُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَ الذَّابِحَ وَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُورُ بِالْبَيْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي قَطَعَ يَدَ الْعَبْدِ صَارَ قَابِضًا لِجَمِيعِ الْعَبْدِ فَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ مِنْ الْقَطْعِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَمْنَعَهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَعَلَى الْمُشْتَرِي جَمِيعُ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مَنَعَهُ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْقَطْعِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي جَمِيعُ الثَّمَنِ أَيْضًا فَإِنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ الْقَطْعِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي نِصْفُ الثَّمَنِ فَإِنْ قَطَعَ الْبَائِعُ أَوَّلًا يَدَهُ ثُمَّ قَطَعَ الْمُشْتَرِي رِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ بَرَأَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَالْعَبْدُ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي قَطَعَ يَدَهُ أَوَّلًا ثُمَّ قَطَعَ الْبَائِعُ رِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ فَبَرَأَ مِنْهُمَا كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ وَأَعْطَى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي نَقَدَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضْ

الْعَبْدَ حَتَّى قَطَعَ الْمُشْتَرِي يَدَهُ ثُمَّ قَطَعَ الْبَائِعُ رِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ فَبَرَأَ مِنْهُمَا فَالْعَبْدُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا خِيَارَ لَهُ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَعَلَى الْبَائِعِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ مَقْطُوعِ الْيَدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَوَّلًا قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ قَطَعَ الْمُشْتَرِي رِجْلَهُ فَالْعَبْدُ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي أَعْطَاهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ هَذَا كُلُّهُ إذَا بَرَأَتْ جِنَايَتُهُمَا وَإِنْ سَرَتْ جِنَايَتُهُمَا وَمَاتَ مِنْهُمَا فَإِنْ بَدَأَ الْبَائِعُ وَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ قَطَعَ الْمُشْتَرِي رِجْلَهُ وَمَاتَ مِنْهُمَا فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَنْقُودًا أُلْزِمَ الْمُشْتَرِي بِثَلَاثَةِ أَثْمَانِ الثَّمَنِ لِأَنَّ بِقَطْعِ الْبَائِعِ سَقَطَ نِصْفُ الثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي بِالْقَطْعِ أَتْلَفَ نِصْفَ الْبَاقِي فَبَقِيَ رُبْعُ الْمَبِيعِ تَلِفَ بِسِرَايَةِ الْجِنَايَتَيْنِ فَكَانَ الرُّبْعُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ لِإِتْلَافِهِ النِّصْفَ أَوَّلًا وَبِثَمَنِ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ ثَمَنَهُ تَلِفَ بِسِرَايَةِ جِنَايَتِهِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا إذَا بَدَأَ الْمُشْتَرِي فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ الْبَائِعُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَعَلَيْهِ خَمْسَةُ أَثْمَانِ الثَّمَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَنْقُودًا وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا فَعَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَعَلَى الْبَائِعِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الْقِيمَةِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَنْقُدْهُ الثَّمَنَ حَتَّى قَطَعَ الْبَائِعُ يَدَهُ ثُمَّ قَطَعَ الْمُشْتَرِي يَدَهُ الْأُخْرَى أَوْ قَطَعَ الرِّجْلَ الَّتِي فِي جَانِبِ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَقَدْ بَطَلَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِقَطْعِ الْبَائِعِ يَدَ الْعَبْدِ نِصْفُ الثَّمَنِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى مَا نَقَصَ الْعَبْدَ مِنْ جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ فِي قَطْعِ يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْجِنَايَةُ نَقَصَتْهُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ مَا بَقِيَ فَقَدْ تَقَرَّرَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ نِصْفِ الثَّمَنِ ثُمَّ الْبَاقِي وَهُوَ خُمْسُ النِّصْفِ تَلِفَ بِجِنَايَتِهِمَا فَيَكُونُ نِصْفُ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَصَارَ حَاصِلُ مَا عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ أَرْبَعَةَ أَعْشَارِ الثَّمَنِ وَنِصْفَ عُشْرِ الثَّمَنِ وَسَقَطَ عَنْهُ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ وَسِرَايَةِ جِنَايَتِهِ خَمْسَةُ أَعْشَارٍ وَنِصْفُ عُشْرٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ قَطَعَ الْبَائِعُ يَدَهُ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُشْتَرِي وَآخَرُ رِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَمَاتَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الثَّمَنِ وَثُلُثُ ثَمَنِهِ حِصَّةُ جِنَايَتِهِ وَجِنَايَةُ الْأَجْنَبِيِّ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِثَمَنِ الْقِيمَةِ وَثُلُثَيْ ثَمَنِهَا لِأَنَّ نِصْفَ الْعَبْدِ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ فَسَقَطَ نِصْفُ الثَّمَنِ وَنِصْفُهُ الْبَاقِي تَلِفَ بِجِنَايَتِهِمَا فَتَقَرَّرَ عَلَى الْمُشْتَرِي رُبْعُ الثَّمَنِ ثُمَّ الرُّبْعُ الْبَاقِي تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْكُلِّ فَتَلِفَ بِجِنَايَةِ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ وَيَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ رُبْعٌ وَلِرُبْعِهِ نِصْفٌ وَثُلُثٌ وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ رِبْحٌ حَصَلَ فِي مِلْكِهِ وَضَمَانِهِ. وَلَوْ قَطَعَ الْبَائِعُ وَالْأَجْنَبِيُّ يَدَهُ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُشْتَرِي رِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ وَمَاتَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي بِجِنَايَتِهِ رُبْعُ الثَّمَنِ وَبِالنَّفْسِ ثُلُثَا ثَمَنِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِرِبْحِ الْقِيمَةِ بِالْيَدِ وَثُلُثَيْ ثَمَنِهَا بِالنَّفْسِ يَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ثُمَّ مَا يَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَمَّا جَنَى بَعْدَهُ صَارَ مُخْتَارًا اتِّبَاعَ الْجَانِي ثُمَّ مَا يَأْخُذهُ عَنْ الْيَدِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ رُبْعِ الثَّمَنِ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِجِنَايَةٍ قَبْلَ الْقَبْضِ فَكَانَ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَلَا يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ مِمَّا يَأْخُذُهُ عَنْ النَّفْسِ لِأَنَّهُ رِبْحُ مَا قَدْ ضَمِنَ لِأَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ دُخُولِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَطَعَ الْمُشْتَرِي وَأَجْنَبِيٌّ يَدَهُ مَعًا ثُمَّ قَطَعَ الْبَائِعُ رِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَإِنْ اخْتَارَ الْبَيْعَ فَعَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ خَمْسَةُ أَثْمَانٍ وَثُلُثُ ثَمَنِهِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ ثُمُنَا الثَّمَنِ وَثُلُثَا ثُمُنِهِ حِصَّةُ مَا تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ وَبِسِرَايَةِ جِنَايَتِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِثُمُنَيْ الْقِيمَةِ وَثُلُثَيْ ثَمَنِ الْقِيمَةِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِفَضْلٍ إنْ كَانَ فِي ذَلِكَ فَضْلٌ وَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي نَقْضَ الْبَيْعِ لَزِمَهُ مِنْ الثَّمَنِ حِصَّةُ مَا تَلِفَ بِجِنَايَتِهِ وَبِسَرَايَةِ جِنَايَتِهِ وَذَلِكَ ثُمُنَا الثَّمَنِ وَثُلُثَا ثُمُنِ الثَّمَنِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا سِوَى ذَلِكَ وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِثَمَنِ الْقِيمَةِ وَثُلُثَيْ ثُمُنِ الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ

الفصل السادس فيما يلزم المتعاقدين من المؤنة في تسليم المبيع والثمن

وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ عَبْدًا وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ فَقَطَعَ أَحَدُ الْبَائِعَيْنِ يَدَهُ ثُمَّ الْآخَرُ رِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ فَقَأَ الْمُشْتَرِي عَيْنَهُ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي لِلْقَاطِعِ الْأَوَّلِ ثُمْنُ الثَّمَنِ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ ثَمَنِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِثُمُنَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَسُدُسِ ثَمَنِهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَعَلَيْهِ لِلْقَاطِعِ الثَّانِي ثُمُنَا الثَّمَنِ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ ثَمَنِهِ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِثَمَنِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَسُدُسِ ثَمَنِ الْقِيمَةِ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى مَا غَرِمَ إلَّا فَضْلَ مَا أَخَذَ عَنْ النَّفْسِ فَإِنَّهُ يَطِيبُ لَهُ وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلَانِ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا ثُمَّ قَطَعَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ يَدَهُ ثُمَّ الْآخَرُ رِجْلَهُ ثُمَّ الْبَائِعُ فَقَأَ عَيْنَهُ وَمَاتَ فَإِنْ نَقَضَا الْبَيْعَ فَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْبَائِعِ ثُمُنَا الثَّمَنِ وَسُدُسُ ثَمَنِهِ وَعَلَى الثَّانِي ثُمُنُ الثَّمَنِ وَسُدُسُ ثَمَنِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِثُمُنَيْ الْقِيمَةِ وَسُدُسِ ثَمَنِهَا وَعَلَى الثَّانِي بِثُمُنِ الْقِيمَةِ وَسُدُسِ ثَمَنِهَا وَإِنْ أَمْضَيَا الْبَيْعَ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ وَثُلُثُ ثَمَنِهِ وَيَرْجِعُ الْقَاطِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِثُمُنَيْ الْقِيمَةِ وَسُدُسِ ثَمَنِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى شَاتَيْنِ فَنَطَحَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى قَبْلَ الْقَبْضِ فَهَلَكَتْ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَاقِيَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى حِمَارًا وَشَعِيرًا فَأَكَلَ الْحِمَارُ الشَّعِيرَ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ فِعْلَ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ فَصَارَ كَأَنَّهَا هَلَكَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ قَبْلَ الْقَبْضِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَطَعَامًا فَأَكَلَ الْعَبْدُ الطَّعَامَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ فِعْلَ الْآدَمِيِّ مُعْتَبَرٌ فَصَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلْهَالِكِ بِفِعْلِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ أَخَذَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ. وَلَوْ اشْتَرَى دَابَّتَيْنِ وَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَإِنْ أَخَذَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا رَدَّهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا بِرَغِيفٍ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى أَكَلَ الْعَبْدُ الرَّغِيفَ يَصِيرُ الْبَائِعُ مُسْتَوْفِيًا الثَّمَنَ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ فِي يَدِ الْبَائِعِ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ بَاعَ حِمَارًا بِشَعِيرٍ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى أَكَلَ الْحِمَارُ الشَّعِيرَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَا يَكُونُ الْبَائِعُ مُسْتَوْفِيًا الثَّمَنَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ فَمَنَعَهَا الْبَائِعُ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْعُقْرُ بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُوَفِّقُ وَالْمُعِينُ [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِنْ الْمُؤْنَةِ فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ] الْأَصْلُ أَنَّ مُطْلَقَ الْعَقْدِ يَقْتَضِي تَسْلِيمَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَا يَقْتَضِي تَسْلِيمَهُ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً وَهُوَ فِي الْمِصْرِ وَالْحِنْطَةُ فِي السِّوَادِ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا فِي السَّوَادِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً فِي سُنْبُلِهَا فَعَلَى الْبَائِعِ تَخْلِيصُهَا بِالْكُدْسِ وَالدَّوْسِ وَالتَّذْرِيَةِ وَدَفْعُهَا إلَى الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالتِّبْنُ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. . وَلَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً مُكَايَلَةً فَالْكَيْلُ عَلَى الْبَائِعِ وَصَبَّهَا فِي وِعَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَيْضًا هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مَاءً مِنْ سَقَّاءٍ فِي قِرْبَةٍ كَانَ صَبُّ الْمَاءِ عَلَى السَّقَّاءِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْعُرْفُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكُلُّ مَا بَاعَ مُجَازَفَةً

الباب الخامس فيما يدخل تحت البيع وما لا يدخل وفيه ثلاثة فصول

مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ كَالتَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَالثُّومِ وَالْجَزَرِ فَقَلْعُهَا وَقَطْعُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ وَإِنْ شُرِطَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ فَعَلَى الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ الْبَائِعَ وَيَقُولَ إنَّهَا بِالْوَزْنِ كَذَا فَأَمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا حَاجَةَ إلَى الْوَزْنِ أَوْ يُكَذِّبَهُ فَيَزِنَ بِنَفْسِهِ وَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ أَنَّ الْوَزْنَ عَلَى الْبَائِعِ مُطْلَقًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا اشْتَرَى حِنْطَةً فِي سَفِينَةٍ فَالْإِخْرَاجُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِذَا كَانَتْ فِي بَيْتٍ فَفَتْحُ الْبَابِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْإِخْرَاجُ مِنْ الْبَيْتِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَذَا إذَا بَاعَ حِنْطَةً أَوْ ثَوْبًا فِي جِرَابٍ وَبَاعَ الْحِنْطَةَ وَالثَّوْبَ دُونَ الْجِرَابِ فَفَتْحُ الْجِرَابِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْإِخْرَاجُ مِنْ الْجِرَابِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأُجْرَةُ الْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ وَالذَّرَّاعِ وَالْعَدَّادِ عَلَى الْبَائِعِ إذَا بَاعَهُ بِشَرْطِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالذَّرْعِ وَالْعَدِّ كَذَا فِي الْكَافِي وَأُجْرَةِ وَزَّانِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَأُجْرَةُ نَاقِدِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ إنْ زَعَمَ الْمُشْتَرِي جَوْدَةَ الثَّمَنِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ هَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَمَّا بَعْدَهُ فَعَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنْ يُوفِيَهُ فِي مَنْزِلِهِ جَازَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ اشْتَرَى حَطَبًا فِي قَرْيَةٍ وَقَالَ مَوْصُولًا بِالشِّرَاءِ احْمِلْهُ إلَى مَنْزِلِي لَا يَفْسُدُ وَهُوَ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إذَا اشْتَرَى وِقْرَ حَطَبٍ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إلَى مَنْزِلِ الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَفِي صُلْحِ النَّوَازِلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُبَاعُ عَلَى ظَهْرِ الدَّوَابِّ كَالْحَطَبِ وَالْفَحْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ إذَا امْتَنَعَ الْبَائِعُ عَنْ الْحَمْلِ إلَى مَنْزِلِ الْمُشْتَرِي أَجْبَرْته عَلَى ذَلِكَ وَكَذَا الْحِنْطَةُ إذَا اشْتَرَاهَا عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَإِنْ كَانَتْ صُبْرَةً اشْتَرَاهَا عَلَى أَنْ يَحْمِلَهَا إلَى مَنْزِلِهِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. رَجُلُ اشْتَرَى صُوفًا فِي فِرَاشٍ فَأَبَى الْبَائِعُ فَتْقَهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ كَانَ فِي فَتْقِهِ ضَرَرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يُجْبَرُ لَكِنْ مِقْدَارَ مَا يَنْظُرُ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي فَإِذَا رَضِيَهُ أُجْبِرَ عَلَى فَتْقِهِ كُلِّهِ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ فِي النِّصَابِ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا فَطَلَبَ مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يَكْتُبَ صَكًّا عَلَى الشِّرَاءِ فَأَبَى الْبَائِعُ مِنْ ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَتَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَمَرَهُ بِالْإِشْهَادِ وَامْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ ذَلِكَ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُشْهِدَ شَاهِدَيْنِ هُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُحْتَاجٌ إلَى الْإِشْهَادِ لَكِنْ إنَّمَا يُؤْمَرُ إذَا أَتَى الْمُشْتَرِي بِشَاهِدَيْنِ إلَيْهِ يُشْهِدُهُمَا عَلَى الْبَيْعِ وَلَا يُكَلَّفُ بِالْخُرُوجِ إلَى الشُّهُودِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فَإِنْ أَبَى الْبَائِعُ يَرْفَعُ الْمُشْتَرِي الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَإِنْ أَقَرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي كَتَبَ لَهُ سِجِلًّا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الصَّكِّ الْقَدِيمِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَكِنْ يُؤْمَرُ بِإِحْضَارِ الصَّكِّ حَتَّى يُنْسَخَ مِنْ تِلْكَ النُّسْخَةِ فَيَكُونَ حُجَّةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَالصَّكُّ الْقَدِيمُ فِي يَدِ الْبَائِعِ حُجَّةٌ لَهُ أَيْضًا كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى فَإِنْ أَبَى الْبَائِعُ أَنْ يَعْرِضَ الصَّكَّ الْقَدِيمَ لِيَكْتُبَ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ صَكًّا هَلْ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا يَدْخُلُ تَحْت الْبَيْع وَمَا لَا يَدْخُل وَفِيهِ ثَلَاثَة فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا] الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهِ صَرِيحًا وَمَا لَا يَدْخُلُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَجُلٌ اشْتَرَى مَنْزِلًا فَوْقَهُ مَنْزِلٌ فَلَيْسَ لَهُ الْأَعْلَى إلَّا إذَا قَالَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ قَالَ بِمَرَافِقِهِ أَوْ قَالَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ وَفِي بَيْعِ الدَّارِ يَدْخُلُ

الْعُلْوُ تَحْتَ الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ كُلَّ حَقٍّ هُوَ لَهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَمَا يَدْخُلُ السُّفْلُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ كُلَّ حَقٍّ هُوَ لَهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اشْتَرَى بَيْتًا لَا يَدْخُلُ عُلْوُهُ وَإِنْ ذَكَرَ الْحُقُوقَ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْعُلْوِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عُلْوٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ عُلْوًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالُوا هَذَا الْجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ بِنَاءً عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَفِي عُرْفِنَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ فِي الْكُلِّ سَوَاءٌ بَاعَ بِاسْمِ الْبَيْتِ أَوْ الْمَنْزِلِ أَوْ الدَّارِ لِأَنَّ كُلَّ مَسْكَنٍ يُسَمَّى حَانَةً سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إلَّا دَارَ السُّلْطَانِ فَإِنَّهَا تُسَمَّى سَرَاي كَذَا فِي الْكَافِي وَالْجَنَاحُ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَالظُّلَّةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الطَّرِيقِ وَهِيَ السَّابَاطُ الَّذِي أَحَدُ طَرَفَيْهِ عَلَى جِدَارِ هَذِهِ الدَّارِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ عَلَى جِدَارِ دَارٍ أُخْرَى أَوْ عَلَى الْأُسْطُوَانَاتِ خَارِجَ الدَّارِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ بَيْعِ الدَّارِ إلَّا بِذِكْرِ كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ تَدْخُلُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ كُلَّ حَقٍّ هُوَ لَهَا إذَا كَانَ مِفْتَحُهَا إلَى هَذِهِ الدَّارِ وَإِذَا ذَكَرَ الْحُقُوقَ أَوْ الْمَرَافِقَ تَدْخُلُ الظُّلَّةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْبَيْعِ إذَا كَانَ مِفْتَحُهَا فِي الدَّارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِفْتَحُهَا إلَى الدَّارِ لَا تَدْخُلُ وَإِنْ ذَكَرَ الْحُقُوقَ أَوْ الْمَرَافِقَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَنْ بَاعَ دَارًا دَخَلَ بِنَاؤُهَا فِي الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. اشْتَرَى بَيْتًا فِي دَارٍ لَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَلَوْ ذَكَرَ بِحُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ يَدْخُلُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَمَنْ اشْتَرَى مَنْزِلًا فِي دَارٍ أَوْ مَسْكَنًا فِيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الطَّرِيقُ فِي هَذِهِ الدَّارِ إلَى ذَلِكَ الْمُشْتَرَى إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِكُلِّ حَقٍّ أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَكَذَا الْمَسِيلُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ اشْتَرَى دَارًا لَا يَدْخُلُ فِيهِ الطَّرِيقُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَإِنْ بَاعَ دَارًا وَقَالَ بِحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا أَوْ قَالَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ دَاخِلٍ فِيهَا وَخَارِجٍ عَنْهَا كَانَ لَهُ الطَّرِيقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالطَّرِيقُ ثَلَاثَةٌ طَرِيقٌ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَطَرِيقٌ إلَى سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَطَرِيقٌ خَاصٌّ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ فَالطَّرِيقُ الْخَاصُّ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ إمَّا نَصًّا وَإِمَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ وَالطَّرِيقَانِ الْآخَرَانِ يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَكَذَا حَقُّ مَسِيلِ الْمَاءِ فِي مِلْكٍ خَاصٍّ وَحَقُّ إلْقَاءِ الثَّلْجِ فِي مِلْكٍ خَاصٍّ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إلَّا بِالذِّكْرِ إمَّا نَصًّا أَوْ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلِلشُّرْبِ وَالْمَمَرِّ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ بَاعَ دَارًا مَعَ مَمَرِّهِ فَاسْتَحَقَّتْ الدَّارُ دُونَ الْمَمَرِّ يَنْقَسِمُ الثَّمَنُ عَلَى الدَّارِ وَالْمَمَرِّ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا لَمْ يَدْخُل الطَّرِيقُ وَلَيْسَ لَهُ مِفْتَحٌ إلَى الشَّارِعِ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحَالِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ كَانَ فِي الْبَيْتِ بَابٌ مَوْضُوعٌ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْحَطَبُ وَالتِّبْنُ الْمَوْضُوعُ فِي الْبَيْتِ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَبَيْع الْعُلْوِ دُونَ السُّفْلِ جَائِزٌ إذَا كَانَ مَبْنِيًّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَبْنِيًّا لَا يَجُوزُ ثُمَّ إذَا كَانَ مَبْنِيًّا لَا يَدْخُلُ طَرِيقُهُ فِي الدَّارِ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيَكُونُ سَطْحُ السُّفْلِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْقَرَارِ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ انْهَدَمَ هَذَا الْعُلْوُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ عُلْوًا آخَرَ مِثْلَ الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بِيعَ السُّفْلُ يَجُوزُ الْبَيْعُ مَبْنِيًّا كَانَ أَوْ مُنْهَدِمًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ اشْتَرَى عُلْوَ الْمَنْزِلِ وَاسْتَثْنَى الطَّرِيقَ صَحَّ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ بَاعَ دَارًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْحُقُوقَ وَالْمَرَافِقَ وَكُلَّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ جَمِيعُ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ بُيُوتٍ وَمَنَازِلَ وَعُلْوٍ وَسُفْلٍ وَجَمِيعِ مَا يَجْمَعُهَا وَيَشْتَمِلُ عَلَيْهَا حُدُودُهَا الْأَرْبَعَةُ مِنْ الْمَطْبَخِ وَالْمَخْبَزِ وَالْكَنِيفِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمَخْرَجُ وَالْمِرْبَطُ وَالْبِئْرُ ذَكَرَ الْحُقُوقَ وَالْمَرَافِقَ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ وَفِي بَيْعِ مَنْزِلٍ مِنْ الدَّارِ أَوْ بَيْتٍ مِنْهَا لَا تَدْخُلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إلَّا بِالذِّكْرِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَخْرَجُ وَالْمِرْبَطُ فِي الدَّارِ

الْمَبِيعَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي دَارٍ أُخْرَى مُتَّصِلًا بِالدَّارِ الْمَبِيعَةِ لَا تَدْخُلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَمَّا إذَا بَاعَ بَيْتًا فَاسْمُ الْبَيْتِ يَقَعُ عَلَى مَبْنَى مُسَقَّفٍ عَلَيْهِ بَابٌ فَيَدْخُلُ حِيطَانُهُ وَسَقْفُهُ وَالْبَابُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْقَرْيَةُ مِثْلُ الدَّارِ فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ أَوْ فِي الْقَرْيَةِ بَابٌ مَوْضُوعٌ أَوْ خَشَبٌ أَوْ لَبِنٌ أَوْ جَصٌّ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ ذَكَرَ الْحُقُوقَ وَالْمَرَافِقَ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا وَقَالَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا أَوْ مِنْهَا لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ بَاعَ دَارًا وَكَانَ لَهَا طَرِيقٌ قَدْ سَدَّ صَاحِبُهَا وَجَعَلَ لَهَا طَرِيقًا آخَرَ فَبَاعَهَا بِحُقُوقِهَا فَلَهُ الطَّرِيقُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ بَاعَ بَيْتًا بِعَيْنِهِ مِنْ الْمَنْزِلِ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْخُلَ الْمَنْزِلَ وَصَاحِبُ الْمَنْزِلِ يَمْنَعُهُ مِنْ الدُّخُولِ وَيَأْمُرُهُ بِفَتْحِ الْبَابِ إلَى السِّكَّةِ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ بَيَّنَ لِلْبَيْتِ الَّذِي بَاعَهُ طَرِيقًا مَعْلُومًا فِي الْمَنْزِل لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ قَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. امْرَأَةٌ لَهَا حُجْرَتَانِ وَمُسْتَرَاحٌ إحْدَى الْحُجْرَتَيْنِ فِي الْحُجْرَةِ الْأُخْرَى وَمِفْتَحُ الْمُسْتَرَاحِ وَرَأْسُهُ مِنْ الْحُجْرَةِ الثَّانِيَةِ فَبَاعَتْ الْحُجْرَةَ الَّتِي فِيهَا الْمُسْتَرَاحُ وَلَيْسَ رَأْسُ الْمُسْتَرَاحِ فِيهَا ثُمَّ بَاعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْحُجْرَةَ الْأُخْرَى الَّتِي رَأْسُ الْمُسْتَرَاحِ فِيهَا وَقَدْ كَتَبَتْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَكًّا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ كَانَتْ كَتَبَتْ فِي الصَّكِّ الْأَوَّلِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِسُفْلِهَا وَعُلْوِهَا وَلَمْ تَكْتُبْ فِيهِ دُونَ الْمُسْتَرَاحِ الَّذِي رَأْسُهُ فِي الْحُجْرَةِ الْأُخْرَى فَالْمُسْتَرَاحُ فِي هَذِهِ الْحُجْرَةِ لِمُشْتَرِيهَا عَلَى حَالِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ فِي الصَّكِّ الْأَوَّلِ دُونَ الْمُسْتَرَاحِ الَّذِي رَأْسُهُ فِي الْحُجْرَةِ الْأُخْرَى فَلِمُشْتَرِي الْحُجْرَةِ الْأُخْرَى أَنْ يَرْفَعَ الْمُسْتَرَاحَ عَنْ حُجْرَتِهِ أَوْ يَسُدَّ مِفْتَحَهُ وَالْمُشْتَرِي الثَّانِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ حُجْرَتَهُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ إنْ كَانَتْ الْبَائِعَةُ شَرَطَتْ لَهُ الْمُسْتَرَاحَ فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ امْرَأَةٍ لَهَا حُجْرَتَانِ وَمُسْتَرَاحٌ إحْدَى الْحُجْرَتَيْنِ فِي الْحُجْرَةِ الْأُخْرَى وَمِفْتَحُهُ مِنْ الْحُجْرَةِ الثَّانِيَةِ فَبَاعَتْ الْحُجْرَةَ الَّتِي مِفْتَحُ الْمُسْتَرَاحِ فِيهَا ثُمَّ بَاعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْحُجْرَةَ الْأُخْرَى وَقَدْ كَتَبَتْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَكًّا قَالَ إنْ كَانَتْ كَتَبَتْ فِي الصَّكِّ الْأَوَّلِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِسُفْلِهَا وَعُلْوِهَا وَلَمْ تَكْتُبْ فِيهِ دُونَ الْمُسْتَرَاحِ الَّذِي فِي الْحُجْرَةِ الْأُخْرَى فَالْمُسْتَرَاحُ الَّذِي فِي الْحُجْرَةِ الْأُخْرَى لِلْحُجْرَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ فِي الصَّكِّ الْأَوَّلِ دُونَ الْمُسْتَرَاحِ الَّذِي فِي الْحُجْرَةِ الْأُولَى فَلِمُشْتَرِي الْحُجْرَةِ الْأُخْرَى أَنْ يَرْفَعَ الْمُسْتَرَاحَ مِنْ حُجْرَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ فَلَهُ أَنْ يَسُدَّ مِفْتَحَهُ وَالْمُشْتَرِي الثَّانِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ حُجْرَتَهُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ إنْ اشْتَرَطَتْ لَهُ الْبَائِعَةُ الْمُسْتَرَاحَ فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحَاوِي دَارٌ فِيهَا بُيُوتٌ بَاعَ بَعْضَ الْبُيُوتِ بِعَيْنِهَا بِمَرَافِقِهَا ثُمَّ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَرْفَعَ بَابَ الدَّارِ الْأَعْظَمَ وَأَبَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْفَعَ وَكَذَا لَوْ بَاعَ بَعْضَ الْبُيُوتِ بِمَرَافِقِهَا وَحُقُوقِهَا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ مَسِيلُ أَوْ طَرِيقٌ لِدَارٍ لَهُ أُخْرَى بِجَنْبِهَا وَقَالَ بِكُلِّ حَقٍّ فَذَلِكَ كُلِّهِ لِلْمُشْتَرِي وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ وَكَذَلِكَ يُؤْمَرُ بِرَفْعِ خَشَبٍ عَلَى حَائِطِ الْمَبِيعَةِ وَكَذَلِكَ السِّرْدَابُ الَّذِي تَحْتَهُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ الْبَائِعُ وَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِهِ وَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ وَالْخَشَبُ وَالسِّرْدَابُ لِأَجْنَبِيٍّ بِحَقٍّ لَازِمٍ بِمِلْكٍ أَوْ إجَارَةٍ فَهُوَ عَيْبٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ وَإِنْ كَانَ بِإِعَارَةٍ لَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ اسْتَثْنَيْت ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي التَّتَار خَانِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا فِيهَا بُسْتَانٌ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا فَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَنْهَا لَا يَدْخُلُ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَابٌ فِي الدَّارِ كَذَا قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رَجُلٌ بَاعَ دَارًا وَلِآخَرَ فِيهَا مَسِيلُ مَاءٍ فَرَضِيَ صَاحِبُ الْمَسِيلِ بِبَيْعِ الدَّارِ قَالُوا إنْ كَانَ لَهُ رَقَبَةُ الْمَسِيلِ كَانَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَن وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ جَرْيِ الْمَاءِ فَقَطْ فَلَا قِسْطَ لَهُ مِنْ

الثَّمَنِ وَبَطَلَ حَقُّهُ إذَا رَضِيَ بِالْبَيْعِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْعُيُونِ إذَا بَاعَ دَارًا لَا بِنَاءَ فِيهَا وَفِيهَا بِئْرُ مَاءٍ وَآجُرٌّ مَطْوِيٌّ فِي الْبِئْرِ وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كُلُّهَا مُتَّصِلَةٌ بِالْبِئْرِ دَخَلَ تَحْتَ الْبَيْعِ وَفِي النَّوَازِلِ إذَا بَاعَ دَارًا وَفِيهَا بِئْرُ مَاءٍ وَعَلَيْهَا بَكَرَةٌ وَدَلْوٌ وَحَبْلٌ فَإِنْ بَاعَهَا بِمَرَافِقِهَا دَخَلَ الْحَبْلُ وَالدَّلْوُ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْمَرَافِقِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَرَافِقَ لَا يَدْخُلَانِ وَالْبَكَرَةُ تَدْخُلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا كَانَ فِي الدَّارِ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ مَا كَانَ مُتَّصِلًا بِالْبِنَاءِ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَمَا لَا يَكُونُ مُتَّصِلًا بِالْبِنَاءِ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ إلَّا إنْ كَانَ شَيْئًا جَرَى الْعُرْفُ فِيهِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَضِنُّ بِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ عَنْ الْمُشْتَرِي فَحِينَئِذٍ يَدْخُلُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْبَيْعِ وَمِنْ هَذَا قُلْنَا إنَّ الْغَلْقَ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لِكَوْنِهِ مُتَّصِلًا بِالْبِنَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَدْخُلُ الْقُفْلُ فِي بَيْعِ الْحَانُوتِ وَالدُّورِ وَالْبُيُوتِ وَإِنْ كَانَ الْبَابُ مُقْفَلًا ذَكَرَ الْحُقُوقَ وَالْمَرَافِقَ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ وَيَدْخُلُ مِفْتَاحُ الْغَلْقِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَمِفْتَاحُ الْقُفْلِ لَا يَدْخُلُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَدْخُلُ السَّلَالِمُ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَالْبَيْتِ إنْ كَانَتْ مُرَكَّبَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُرَكَّبَةً اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالسُّرُرُ نَظِيرُ السَّلَالِمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْإِجَارُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ قَصَبٍ أَوْ لَبِنٍ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ وَالْإِجَّارُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ السَّطْحُ غَيْرَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ هُنَا السُّتْرَةُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَى السَّطْحِ وَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبَيْتِ كَمَا لَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالتَّنُّورُ تَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ إنْ كَانَتْ مُرَكَّبَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُرَكَّبَةً لَا تَدْخُلُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ وَفِي الْعُيُونِ إذَا اشْتَرَى دَارًا وَفِيهَا رَحَى الْإِبِلِ وَقَدْ اشْتَرَاهَا بِحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا لَا تَكُونُ رَحَى الْإِبِلِ وَلَا مَتَاعُهَا لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ ضَيْعَةً وَفِيهَا رَحَى مَاءٍ فَبَاعَهَا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا حَيْثُ كَانَ الرَّحَى لِلْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ دُولَابُ الضَّيْعَةِ لِلْمُشْتَرِي بِمَنْزِلَةِ الرَّحَى وَالدَّالِيَةُ لِلْبَائِعِ وَكَذَلِكَ جُذُوعُهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ اشْتَرَى بَيْتَ الرَّحَى بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الشُّرُوطِ أَنَّ لَهُ الْحَجَرَ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ دِهْلِيزِهِ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ غَيْرِهِ يَدْخُلُ نِصْفُ الْبَابِ الْخَارِجِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَإِذَا كَانَ دَرَجٌ فِي الدَّارِ مِنْ خَشَبٍ أَوْ سَاجٍ أَصْلُهَا فِي الْبِنَاءِ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي بِنَاءٍ بَلْ تُحَوَّلُ وَتُنْصَبُ فَهِيَ لِلْبَائِعِ وَهَذَا مِثْلُ السُّلَّمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا السَّلَاسِلُ وَالْقَنَادِيلُ الْمَسْمُورَةُ فِي السَّقْفِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ اشْتَرَى دَارًا وَاخْتَلَفَا فِي بَابِ الدَّارِ فَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ لِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا بَلْ هُوَ لِي فَإِنْ كَانَ الْبَابُ مُرَكَّبًا مُتَّصِلًا بِالْبِنَاءِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَكَّبًا وَكَانَ مَقْلُوعًا

فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْتُ هَذَا الْبَيْتَ وَمَا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُهُ فَلَيْسَ مَا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُهُ مِنْ الْمَتَاعِ لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا يَقَعُ عَلَى حُقُوقِهِ كَأَنَّهُ قَالَ بِعْتُك بِحُقُوقِهِ قَالَ هِشَامٌ قُلْت لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ قَالَ لَهُ بِعْتُك بِمَا فِيهِ مِنْ شَيْءٍ قَالَ هَذَا عَلَى حُقُوقِهِ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْمَتَاعِ فَهَذَا جَائِزٌ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْمَتَاعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ دَارَانِ وَفِي إحْدَى الدَّارَيْنِ سِرْدَابٌ مَفْتَحُهَا فِي الدَّارِ الْأُخْرَى فَبَاعَ الَّتِي مَفْتَحُهَا إلَيْهَا ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ الثَّانِيَةَ قَالَ السِّرْدَابُ الَّذِي مَفْتَحُهَا إلَيْهِ وَإِنْ بَاعَ الدَّارَ الَّتِي السِّرْدَابُ تَحْتَهَا أَوَّلًا ثُمَّ بَاعَ الثَّانِيَةَ لَمْ يَكُنْ لِلَّذِي مَفْتَحُهَا إلَيْهِ شَيْءٌ وَسُئِلَ أَبُو النَّصْرِ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى دَارًا وَفِيهَا سِرْدَابٌ مَفْتَحُهَا إلَى دَارِ الْمُشْتَرِي وَأَسْفَلُهَا إلَى دَارِ جَارِهِ أَوْ كَنِيفٍ مِثْلَ ذَلِكَ فَتَنَازَعَ الَّذِي الْمَفْتَحُ إلَيْهِ وَاَلَّذِي إلَيْهِ أَسْفَلُهَا قَالَ السِّرْدَابُ لِمَنْ الْمَفْتَحُ إلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَ الَّذِي أَسْفَلُهَا إلَيْهِ الْبَيِّنَةَ قَضَى بِهِ لَهُ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهُ بِحُقُوقِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. . رَجُلٌ لَهُ دَارَانِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ أَسْكَنَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَجُلًا فَبَنَى أَحَدُ السَّاكِنَيْنِ سَابَاطًا وَوَضَعَ خَشَبَهُ عَلَى حَائِطِ الدَّارِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَعَلَى حَائِطِ الدَّارِ الَّتِي يَسْكُنُهَا السَّاكِنُ الْآخَرُ وَجَعَلَ بَابَ السَّابَاطِ فِي الدَّارِ الَّتِي هُوَ فِيهَا لَا غَيْرُ وَرَبُّ الدَّارِ يَعْلَمُ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ الْبَانِيَ طَلَبَ مِنْ رَبِّ الدَّارِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَبَاعَهَا بِحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا ثُمَّ طَلَبَ السَّاكِنُ الثَّانِي مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ الدَّارَ الَّتِي هُوَ فِيهَا كَذَلِكَ فَبَاعَ ثُمَّ اخْتَصَمَ الْمُشْتَرِيَانِ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي أَنْ يَرْفَعَ خَشَبَ السَّابَاطِ عَنْ حَائِطِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَى حَائِطًا يَدْخُلُ مَا تَحْتَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَكَذَا ذُكِرَ فِي التُّحْفَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ وَفِي الْمُحِيطِ جَعْلُهُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَدْخُلُ وَأَمَّا أَسَاسُهُ فَقِيلَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إذَا اشْتَرَى دَارًا أَوْ حَانُوتًا فَانْهَدَمَ حَائِطٌ فَوَجَدَ فِيهِ رَصَاصًا أَوْ خَشَبًا أَوْ سَاجًا إنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْبِنَاءِ كَالْخَشَبِ الَّذِي تَحْتَ الدَّارِ يُوضَعُ لِيُبْنَى عَلَيْهِ وَيُسَمَّى سنج بِالْفَارِسِيَّةِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ مُودَعًا فِيهِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَفِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ بَاعَ حَانُوتًا دَخَلَ أَلْوَاحُ الْحَانُوتِ فِي الْبَيْعِ سَوَاءٌ بَاعَ الْحَانُوتَ بِمَرَافِقِهِ أَوْ لَا هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ عَلَى الْحَانُوتِ ظُلَّةٌ كَمَا يَكُونُ فِي الْأَسْوَاقِ إنْ ذَكَرَ الْمَرَافِقَ تَدْخُلُ وَإِلَّا لَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ بَاعَ الْحَدَّادُ حَانُوتَهُ يَدْخُلُ كُورُ الْحَدَّادِ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَرَافِقَ وَكُورُ الصَّائِغِ لَا يَدْخُلُ وَإِنْ ذَكَرَ الْمَرَافِقَ لِأَنَّ كُورَ الْحَدَّادِ مُرَكَّبٌ مُتَّصِلٌ وَكُورَ الصَّائِغِ لَا يَكُونُ مُرَكَّبًا وَزِقُّ الْحَدَّادِ الَّذِي يَنْفُخُ فِيهِ لَا يَدْخُلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَقِدَرٌ مِنْ النُّحَاسِ يُطْبَخُ لِأَصْحَابِ السَّوِيقِ فِيهِ الْحِنْطَةُ أَوْ لِلصَّبَّاغِينَ يُطْبَخُ فِيهِ الصِّبْغُ أَوْ لِلْقَصَّارِينَ يُوضَعُ فِيهِ الثِّيَابُ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَجِذْعُ الْقَصَّارِ الَّذِي يَدُقُّ عَلَيْهِ الثِّيَابَ لَا يَدْخُلُ وَإِنْ ذَكَرَ الْمَرَافِقَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَمِقْلَاةُ السَّوَّاقِينَ وَهِيَ الَّتِي يُقْلَى فِيهَا السَّوِيقُ إذَا كَانَتْ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ نُحَاسٍ فَهِيَ لِلْبَائِعِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبِنَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ طِينٍ دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالصُّنْدُوقُ

الفصل الثاني فيما يدخل في بيع الأراضي والكروم

الْمُثَبَّتُ فِي الْبِنَاءِ وَأَجَاجِينُ الْغَسَّالِينَ وَخَوَابِي الزَّيَّاتِينَ وَحِبَابُهُمْ وَدِنَانُهُمْ وخمهافر وَبِرِدِّهِ بزمين أَوْ الْمُثَبَّتُ فِي الْبِنَاءِ لَا تَدْخُلُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْ مَتَاعِ الدَّارِ وَلَا مِنْ حُقُوقِهَا وَيَسْتَوِي فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ ذِكْرَ الْحَانُوتِ مُطْلَقًا أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ حُقُوقِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَاعَ الْحَمَّامَ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْقِصَاعُ وَالْفَنَجَاتُ وَإِنْ بَاعَهُ بِالْمَرَافِقِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْبَكَرَةُ وَالدَّلْوُ الَّذِي فِي الْحَمَّامِ لَا يَدْخُلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَقَالَ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ فِي عُرْفِنَا لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَتَدْخُلُ الْقُدُورُ فِي بَيْعِ الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْحَاوِي سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ مَصَابِيحِ الْحَمَّامِ هَلْ تَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْحَمَّامِ قَالَ لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة [الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرَاضِي وَالْكُرُومِ] إذَا بَاعَ أَرْضًا أَوْ كَرْمًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْحُقُوقَ وَلَا الْمَرَافِقَ وَلَا كُلَّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ مَا رُكِّبَ فِيهَا لِلتَّأْبِيدِ نَحْوَ الْغِرَاسِ وَالْأَشْجَارِ وَالْأَبْنِيَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ أَنَّ الشَّجَرَ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرَضِينَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْمُثْمِرَةِ وَغَيْرِ الْمُثْمِرَةِ وَلَا بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْكُلَّ يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى سَوَاءٌ كَانَتْ لِلْحَطَبِ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا تَدْخُلُ الْيَابِسَةُ فَإِنَّهَا عَلَى شَرَفِ الْقَطْعِ فَهِيَ كَحَطَبٍ مَوْضُوعٍ فِيهَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَالَ مَشَايِخُنَا إنْ كَانَ الشَّجَرُ يُغْرَسُ لِلْقَطْعِ كَشَجَرِ الْحَطَبِ لَا يَدْخُلُ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ كَذَا فِي الصُّغْرَى وَالزَّرْعُ وَالثَّمَرُ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ اسْتِحْسَانًا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ بَاعَ الْأَرْضَ وَقَالَ بِمَرَافِقِهَا لَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ فِي الْبَيْعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهَا مِنْ حُقُوقِهَا أَوْ مَرَافِقِهَا لَمْ يَدْخُلَا أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ حُقُوقِهَا أَوْ مَرَافِقِهَا يَدْخُلَانِ فِيهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا يَدْخُلُ مَا فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ وَالْبَقْلِ وَالرَّيَاحِينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَا كَانَ مَوْضُوعًا فِيهَا كَالثِّمَارِ الْمَجْذُوذَةِ وَالزُّرُوعِ الْمَحْصُودَةِ وَالْحَطَبِ وَاللَّبِنِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ صَرِيحًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا مَقَابِرُ صَحَّ الْبَيْعُ فِيمَا وَرَاءَ الْمَقَابِرِ وَمَطْرَحُ الْحَصَائِدِ لَيْسَ مِنْ مَرَافِقِ الْأَرْضِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِذِكْرِ الْمَرَافِقِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ إذَا بَاعَ الْأَرْضَ وَالْكَرْمَ وَقَالَ بِعْت مِنْك بِحُقُوقِهَا أَوْ قَالَ بِمَرَافِقِهَا دَخَلَ فِي الْبَيْعِ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ مَا كَانَ غَيْرَ دَاخِلٍ بِدُونِهِمَا وَذَلِكَ الشِّرْبُ وَالْمَسِيلُ وَالطَّرِيقُ الْخَاصُّ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَلَوْ اشْتَرَى نَخْلَةً بِطَرِيقِهَا مِنْ الْأَرْضِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الطَّرِيقِ وَلَيْسَ لَهَا طَرِيقٌ مَعْرُوفٌ مِنْ نَاحِيَةٍ مَعْلُومَةٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَأْخُذُ لِلنَّخْلَةِ طَرِيقًا مِنْ أَيِّ نَوَاحٍ شَاءَ لِأَنَّهُ لَا يَتَفَاوَتُ فَإِنْ كَانَ مُتَفَاوِتًا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَوَرَقُ التُّوتِ

وَالْآسُ وَالزَّعْفَرَانُ وَالْوَرْدُ بِمَنْزِلَةِ الثِّمَارِ وَأَشْجَارُهَا بِمَنْزِلَةِ النَّخْلِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. بَاعَ أَرْضًا وَفِيهَا قُطْنٌ لَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَهُوَ كَالثَّمَرِ وَأَمَّا أَصْلُ الْقُطْنِ فَقَدْ قَالُوا لَا يَدْخُلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَشَجَرُ الْبَاذِنْجَانِ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ هَكَذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَحْمَدُ السَّمَرْقَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ الطَّرْفَاءُ وَشَجَرَةُ الْحِلَافِ تَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ وَكَذَا الْغَيْضَةُ وَكُلُّ مَا لَهُ سَاقٌ وَالْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ جَعَلَ قَوَائِمَ الْخِلَافِ كَالتَّمْرِ بَلَغَ أَوَانَ الْقَطْعِ أَوَّلًا وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ اشْتَرَى أَشْجَارَ الْفِرْصَادِ لَا تَدْخُلُ الْأَوْرَاقُ إلَّا بِالشَّرْطِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ كُرَّاثٌ فَبِيعَتْ مُطْلَقًا فَمَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ وَمَا كَانَ مَغِيبًا مِنْهُ فِي الْأَرْضِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَدْخُلُ لِأَنَّهُ يَبْقَى سِنِينَ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الشَّجَرِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَأَمَّا الْقَتُّ وَفَارِسِيَّتُهُ اسيست وَالرَّطْبَةُ فَمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ كَالزَّرْعِ وَالثَّمَرِ وَأَمَّا أُصُولُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَهِيَ مَا كَانَ مَغِيبًا فِي الْأَرْضِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَدْخُلُ لِأَنَّ لِنِهَايَةِ الْأُصُولِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ فَيَكُونُ كَالزَّرْعِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَدْخُلُ لِأَنَّ نِهَايَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَتَفَاوَتُ تَفَاوُتًا فَاحِشًا بِتَفَاوُتِ الْأَرَاضِي فَيَكُونُ كَالْأَشْجَارِ وَصَارَ الْأَصْلُ أَنَّ مَا كَانَ لِقَطْعِهِ مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ وَنِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَرِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَمَا لَيْسَ لِقَطْعِهِ مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّجَرِ فَيَدْخُلُ تَحْتَ بَيْعِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَالزَّعْفَرَانُ لَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَكَذَلِكَ أَصْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَيْسَ لِلْبَقَاءِ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ كَالْقَصَبِ وَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكُلُّ مَا لَهُ سَاقٌ وَلَا يُقْطَعُ أَصْلُهُ حَتَّى كَانَ شَجَرًا يَدْخُلُ تَحْتَ بَيْعِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَمَا لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ بَيْعِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَرِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَذَرَ أَرْضِهِ وَبَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَنْبُتْ لَا يَصِيرُ تَبَعًا وَلَوْ نَبَتَ وَلَمْ يَصِرْ لَهُ قِيمَةٌ ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَدْخُلُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي حَاشِيَةِ فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا بَاعَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لَمْ يَنْبُتْ إنْ كَانَ الْبَذْرُ قَدْ عَفِنَ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَهُوَ لِلْبَائِعِ فَإِنْ سَقَاهُ الْمُشْتَرِي حَتَّى نَبَتَ وَلَمْ يَكُنْ عَفِنَ عِنْدَ الْبَيْعِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مُتَطَوَّعٌ فِيمَا فَعَلَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمَنْ بَاعَ أَرْضًا دَخَلَ مَا فِيهَا مِنْ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ فَإِنْ كَانَتْ النَّخِيلُ مُثْمِرَةً وَقْتَ الْعَقْدِ وَشُرِطَ الثَّمَرُ لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ خَمْسَمِائَةٍ وَقِيمَةُ النَّخِيلِ كَذَلِكَ وَقِيمَةُ الثَّمَرِ كَذَلِكَ فَإِنَّ الثَّمَنَ يَنْقَسِمُ أَثْلَاثًا إجْمَاعًا فَلَوْ فَاتَتْ الثَّمَرَةُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ أَكَلَهُ الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ يَطْرَحُ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُلُثَ الثَّمَنِ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ثُمَّ يَعْتَبِرُ فِي الْقِسْمَةِ قِيمَةَ الثِّمَارِ حِينَ أَكَلَهَا الْبَائِعُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْعَقْدِ وَأَثْمَرَتْ بَعْدَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّ الثَّمَرَةَ لِلْمُشْتَرِي وَتَكُونُ الثَّمَرَةُ زِيَادَةً عَلَى الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى النَّخْلِ خَاصَّةً وَبَيَانُهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ خَمْسَمِائَةٍ وَقِيمَةُ النَّخْلِ كَذَلِكَ وَالثَّمَرَةِ كَذَلِكَ فَأَكَلَ الْبَائِعُ الثَّمَرَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ طُرِحَ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُلُثُ الثَّمَنِ عِنْدَهُمَا وَيَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَلَا خِيَارَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ

الْخِيَارُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُطْرَحُ عَنْهُ رُبْعُ الثَّمَنِ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ كَانَتْ أَثْمَرَتْ النَّخِيلُ مَرَّتَيْنِ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْأَرْضَ وَالنَّخِيلَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُهُمَا بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَإِنْ أَثْمَرَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَخَذَ الْأَرْضَ وَالنَّخِيلَ بِخُمْسَيْ الثَّمَنِ وَسَقَطَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ حِصَّةُ الثَّمَرِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَأْخُذُهُمَا بِخَمْسَةِ أَثْمَانِ الثَّمَنِ وَإِنْ أَثْمَرَتْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ يَأْخُذُهُمَا بِثُلُثِ الثَّمَنِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَأْخُذُهُمَا بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ وَإِنْ أَثْمَرَتْ خَمْسَ مَرَّاتٍ أَخَذَهُمَا بِسُبْعَيْ الثَّمَنِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِسَبْعَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ اثْنَيْ عَشْرَ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ فَاتَتْ الثَّمَرَةُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَا يُطْرَحُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ سَمَّى لِلنَّخِيلِ خَمْسَمِائَةٍ وَلِلْأَرْضِ كَذَلِكَ فَإِنَّ الثَّمَرَةَ فِي هَذَا الْفَصْلِ زِيَادَةٌ عَلَى النَّخِيلِ خَاصَّةً إجْمَاعًا فَإِذَا أَكَلَهُ الْبَائِعُ طُرِحَ عَنْ الْمُشْتَرِي رُبْعُهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَهُ الْخِيَارُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ اشْتَرَى تَالَّةً صَغِيرَةً وَتَرَكَهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ حَتَّى كَبِرَتْ وَصَارَتْ عَظِيمَةً كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْمُرَ بِقَلْعِهَا وَيَكُونُ الْكُلُّ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ تَرَكَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ حَتَّى أَثْمَرَتْ يَتَصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اشْتَرَى أَرْضًا وَنَخْلًا وَلَيْسَ لَهَا شِرْبٌ وَهُوَ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَلَهُ الْخِيَارُ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا بِشِرْبِهَا وَلِلْبَائِعِ فِي الْقَنَاةِ الَّتِي يَسْقِي مِنْهَا الْأَرْضَ مَاءٌ كَثِيرٌ ذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ يَقْضِي لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْمَاءِ بِقَدْرِ مَا يَكْفِي هَذِهِ الْأَرْضَ فَيَكُونُ ذَلِكَ شِرَاءً مَعَ الْأَرْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى أَرْضًا إلَى جَنْبِهَا أَفَدَقّ وَبَيْنَ الْأَرْضِ والأفدق مُسَنَّاةٌ وَعَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ وَجُعِلَ أَحَدُ حُدُودِ الْأَرْضِ الأفدق دَخَلَ الْمُسَنَّاةُ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ الْأَشْجَارِ تَحْتَ الْبَيْعِ وَهَذَا ظَاهِرٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مَنْ بَاعَ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا فِيهِ ثَمَرٌ فَثَمَرَتُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت هَذَا الشَّجَرَ مَعَ ثَمَرِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً أَوْ لَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ لِلثَّمَرِ قِيمَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ فِي الصَّحِيحِ وَيَكُونُ فِي الْحَالَيْنِ لِلْبَائِعِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلٌ اشْتَرَى شَجَرَةً بِشَرْطِ أَنْ يَقْلَعَهَا تَكَلَّمُوا فِي جَوَازِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْلَعَهَا مِنْ أَصْلِهَا وَإِنْ اشْتَرَى بِشَرْطِ الْقَطْعِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ بَيَّنَ مَوْضِعَ الْقَطْعِ أَوْ كَانَ مَوْضِعُ الْقَطْعِ مَعْلُومًا عِنْدَ النَّاسِ جَازَ الْبَيْعُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ الْبَيْعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَهُ أَنْ يَقْطَعَهَا مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ فَأَمَّا عُرُوقُهَا فِي الْأَرْضِ لَا تَكُونُ لَهُ إلَّا بِالشَّرْطِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاعْلَمْ بِأَنَّ شِرَاءَ الشَّجَرِ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِلْقَلْعِ بِدُونِ الْأَرْضِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي بِقَلْعِهَا وَلَهُ أَنْ يَقْلَعَهَا بِعُرُوقِهَا وَأَصْلُهَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْفِرَ الْأَرْضَ إلَى مَا يَتَنَاهَى إلَيْهِ الْعُرُوقُ لَكِنْ يَقْلَعَهَا عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ إلَّا إذَا شَرَطَ الْبَائِعُ الْقَطْعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَوْ يَكُونُ فِي الْقَطْعِ مَضَرَّةٌ لِلْبَائِعِ نَحْوَ أَنْ يَكُونَ بِقُرْبٍ مِنْ الْحَائِطِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَحِينَئِذٍ يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَقْطَعَهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنْ قَلَعَهَا أَوْ قَطَعَهَا ثُمَّ نَبَتَتْ مِنْ أَصْلِهَا أَوْ عُرُوقِهَا شَجَرَةٌ فَإِنَّهَا لِلْبَائِعِ وَإِنْ قَطَعَ مِنْ أَعْلَى الشَّجَرَةِ فَمَا نَبَتَ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا مَعَ قَرَارِهَا مِنْ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَا يَأْمُرُ الْمُشْتَرِي بِقَلْعِهَا وَلَوْ قَلَعَهَا فَلَهُ أَنْ يَغْرِسَ مَكَانَهَا أُخْرَى وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَرْضُ لَا تَدْخُل فِي الْبَيْعِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَلَهُ الشَّجَرَةُ مَعَ قَرَارِهَا مِنْ الْأَرْضِ

قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ تَدْخُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا لِلْقَطْعِ لَمْ يَدْخُلُ مَا تَحْتَهَا مِنْ الْأَرْضِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَإِنْ اشْتَرَاهَا لِلْقَرَارِ تَدْخُلُ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ دَخَلَ مَا تَحْتَ الْأَرْضِ مِنْ الشَّجَرِ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ بِقَدْرِ غِلَظِ الشَّجَرَةِ وَقْتَ مُبَاشَرَةِ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ حَتَّى لَوْ زَادَتْ الشَّجَرَةُ غِلَظًا بَعْدَ الْبَيْعِ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَنْحِتَ وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ مَا يَتَنَاهَى إلَيْهِ الْعُرُوقُ وَالْأَغْصَانُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ اشْتَرَى شَجَرَةً بِعُرُوقِهَا وَقَدْ نَبَتَ مِنْ عُرُوقِهَا أَشْجَارًا فَإِنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ النَّابِتَةُ بِحَيْثُ لَوْ قُطِعَتْ شَجَرَةُ الْأَصْلِ يَبِسَتْ صَارَتْ مَبِيعَةً وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ يَبِسَتْ بِقَطْعِ الشَّجَرَةِ كَانَتْ نَابِتَةً مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَكَانَتْ مَبِيعَةً كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ اشْتَرَى كَرْمًا تَدْخُلُ الْوَثَائِلُ الْمَشْدُودَةُ عَلَى الْأَوْتَادِ الْمَضْرُوبَةِ فِي الْأَرْضِ وَكَذَا عُمَدُ الزَّرَاجِينِ الْمَدْفُونَةِ أُصُولُهَا فِي الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ بَيْضَاءُ وَلِآخَرَ فِيهَا نَخْلٌ فَبَاعَهُمَا رَبُّ الْأَرْضِ بِإِذْنِ الْآخَرِ بِأَلْفٍ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنْ هَلَكَ النَّخْلُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّرْكِ وَأَخْذِ الْأَرْضِ بِكُلِّ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي مَلَكَ النَّخْلَ وَصْفًا وَتَبَعًا وَالثَّمَنُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ فِي حَقِّ النَّخْلِ فَلَمْ يُسَلَّمْ لِلْمُشْتَرِي إلَّا الْأَرْضُ وَالثَّمَنُ بِمُقَابَلَةِ مَا يُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي دُونَ مَا فَاتَ وَإِنْ هَلَكَ نِصْفُ النَّخْلِ فَلِرَبِّ النَّخْلِ رُبْعُهُ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَوْ أَثْمَرَ النَّخْلُ مَا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةِ فَثُلُثَا الثَّمَنِ لِرَبِّ النَّخْلِ وَثُلُثُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ نِصْفُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَإِنْ بَاعَ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَمَنًا وَالْأَرْضَ وَالنَّخْلَ لِوَاحِدٍ أَوْ لِرَجُلَيْنِ ثُمَّ هَلَكَ النَّخْلُ سَقَطَ نِصْفُ الثَّمَنِ لِأَنَّ النَّخْلَ أَصْلٌ مِنْ وَجْهٍ وَوَصْفٌ مِنْ وَجْهٍ فَإِذَا لَمْ يُسَمِّ لَهَا ثَمَنًا تَكُونُ تَبَعًا وَإِذَا سَمَّى لَهَا صَارَتْ أَصْلًا فَإِذَا هَلَكَتْ هَلَكَتْ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ لَمْ يَهْلَكْ النَّخْلُ وَلَكِنَّهَا أَثْمَرَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ ثَمَرًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَالْأَرْضُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَالنَّخْلُ وَالثَّمَرُ بِخَمْسِمِائَةٍ عِنْدَهُمْ كَذَا فِي الْكَافِي لَوْ اشْتَرَى أَشْجَارًا لِلْقَطْعِ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَفِي الْقَطْعِ ضَرَرٌ بِالْأَرْضِ وَأُصُولِ الشَّجَرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الضَّرَرَ وَيُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ التَّسْلِيمِ مَعْنَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ وَمَنْ اشْتَرَى أَشْجَارًا لِيَقْطَعَهَا مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَتَى عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ وَجَاءَ أَوَانُ الصَّيْفِ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَقْطَعَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَطْعِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ بِالْأَرْضِ وَأُصُولِ الْأَشْجَارِ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَأُصُولِ الْأَشْجَارِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي وِلَايَةُ الْقَطْعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَاذَا يَصْنَعُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قِيلَ يَدْفَعُ صَاحِبُ الْأَرْضِ قِيمَةَ الْأَشْجَارِ إلَى مُشْتَرِيهَا وَتَصِيرُ الْأَشْجَارُ لَهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمَا أَنَّهُ يَدْفَعُ قِيمَتَهَا مَقْطُوعَةً أَوْ قِيمَتَهَا قَائِمَةً عَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَدْفَعُ قِيمَتَهَا قَائِمَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْأَشْجَارِ وَيَرُدُّ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ الْأَشْجَارِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ طَلَبَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ أَشْجَارًا فِي أَرْضِهِ لِلْحَطَبِ فَاتَّفَقَا عَلَى رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ لِيَنْظُرُوا إلَى الْأَشْجَارِ كَمْ يَكُونُ مِنْهَا مِنْ الْأَوْقَارِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْجَارَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وِقْرًا مِنْ الْحَطَبِ فَاشْتَرَاهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا قَطَعَهَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وِقْرًا فَأَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَمْنَعَ الزِّيَادَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ رَجُلٌ بَاعَ كَرْمًا بِمَجْرَى مَائِهِ

الفصل الثالث فيما يدخل في بيع المنقول من غير ذكر

وَبِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ وَمَجْرَى مَائِهِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلَيْنِ وَعَلَى ضِفَّةِ النَّهْرِ أَشْجَارٌ فَإِنْ كَانَ رَقَبَةُ الْمَجْرَى مِلْكَ الْبَائِعِ كَانَتْ الْأَشْجَارُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَقَبَةُ الْمَجْرَى مِلْكَ الْبَائِعِ بَلْ كَانَ لَهُ حَقُّ تَسْيِيلِ الْمَاءِ فَالْأَشْجَارُ لِلْبَائِعِ هَذَا إذَا كَانَ الْغَارِسُ هُوَ الْبَائِعُ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْغَارِسُ مَعْلُومًا فَإِنْ كَانَ الْغَارِسُ غَيْرَ الْبَائِعِ كَانَتْ الْأَشْجَارُ لِلْغَارِسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ بَاعَ قَرْيَةً وَلَمْ يُسَمِّ حُدُودَهَا فَهُوَ عَلَى مَوْضِعِ الْقَرْيَةِ الْبُيُوتِ وَالْبِنَاءِ دُونَ الْمَحْرَثِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ بَاعَ قَرْيَةً بِأَرْضِهَا وَلِلْبَائِعِ قَرْيَةٌ أُخْرَى بِجَنْبِهَا فَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْقَرْيَةَ أَحَدَ حُدُودِهَا أَوْ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ أَوْ الرَّابِعِ قَرْيَةُ الْبَائِعِ تَدْخُلُ أَرْضَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الَّتِي لَمْ يَبِعْهَا فِي أَرْضِ الْقَرْيَةِ الَّتِي بَاعَهَا مِمَّا يَلِيهَا وَإِنْ قَالَ أَحَدٌ حُدُودُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ أَرْضُ قَرْيَةِ كَذَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ أَرْضُ الْقَرْيَةِ الَّتِي لَمْ يَبِعْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْمَنْقُولِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ] رَجُلٌ بَاعَ غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً كَانَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ الْكِسْوَةِ قَدْرُ مَا يُوَارِي عَوْرَتَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ثِيَابُ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِغَيْرِ شَرْطٍ لِلْعُرْفِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ثِيَابًا مُرْتَفِعَةً تُلْبَسُ لِلْعَرْضِ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ لِعَدَمِ الْعُرْفِ إذْ الْعُرْفُ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَالْمَهْنَةِ ثُمَّ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَى الَّذِي عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى غَيْرَهُ لِأَنَّ الدَّاخِلَ بِحَسَبِ الْعُرْفِ كِسْوَةُ مِثْلِهِمَا لَا بِعَيْنِهَا وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّ ثَوْبٌ مِنْهَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ وَكَذَا إذَا وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ هَلَكَتْ الثِّيَابُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ تَعَيَّبَتْ ثُمَّ رَدَّ الْجَارِيَةَ بِعَيْبٍ رَدَّهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ وَجَدَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِدُونِ تِلْكَ الثِّيَابِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ هَذَا إذَا هَلَكَتْ وَأَمَّا مَعَ قِيَامِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ رَدِّهَا وَإِنْ كَانَ تَبَعًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. هِشَامُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ بَاعَ جَارِيَةً وَعَلَيْهَا قَلْبُ فِضَّةٍ وَقُرْطَانِ وَلَمْ يَشْتَرِطَا ذَلِكَ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُ قَالَ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ الْحُلِيِّ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْحُلِيَّ لَهَا فَهُوَ لَهَا وَإِنْ سَكَتَ عَنْ طَلَبِهَا وَهُوَ يَرَاهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ إنْ لَمْ يُذْكَرْ الْمَالُ فِي الْبَيْعِ فَمَالُهُ لِمَوْلَاهُ الَّذِي بَاعَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَإِنْ بَاعَ الْعَبْدَ مَعَ مَالِهِ فَقَالَ بِعْته مَعَ مَالِهِ بِكَذَا وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَالَ فَسَدَ الْبَيْعُ وَكَذَا لَوْ سَمَّى الْمَالَ وَهُوَ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ أَوْ بَعْضُهُ دَيْنٌ فَسَدَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ عَيْنًا جَازَ الْبَيْعُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَثْمَانِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَثْمَانِ فَإِنْ كَانَ مَالُ الْعَبْدِ دَرَاهِمَ وَالثَّمَنُ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ جَازَ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْعَبْدِ بِأَنْ كَانَ ثَمَنُ الْعَبْدِ دَرَاهِمَ وَمَالُ الْعَبْدِ دَنَانِيرَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ جَازَ إذَا تَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ وَكَذَا لَوْ قَبَضَ مَالَ الْعَبْدِ وَنَقَدَ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي مَالِ الْعَبْدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَدْخُلُ الْعِذَارُ فِي بَيْعِ الْفَرَسِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَكَذَا الزِّمَامُ فِي بَيْعِ الْبَعِيرِ وَلَا يَدْخُلُ الْمِقْوَدُ فِي بَيْعِ الْحِمَارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لِأَنَّ الْفَرَسَ لَا يَنْقَادُ إلَّا بِمِقْوَدٍ وَكَذَا الْبَعِيرُ بِخِلَافِ الْحِمَارِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْحَبْلُ الْمَشْدُودُ فِي عُنُقِ الْحِمَارِ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْحِمَارِ لِلْعُرْفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ بِخِلَافِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ بَاعَ حِمَارًا مُوكَفًا يَدْخُلُ الْإِكَافُ وَالْبَرْذَعَةُ تَحْتَ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُوكَفٍ فَكَذَلِكَ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ كَذَا اخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْإِكَافُ بِعَيْنِهِ كَثَوْبِ الْعَبْدِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ لَا يَدْخُلُ الْإِكَافُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ عَلَى

الباب السادس في خيار الشرط وفيه سبعة فصول

الْبَائِعِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْحِمَارُ مُوكَفًا أَوْ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْحِمَارَ إذَا بِيعَ مَعَ الْإِكَافِ يُقَالُ بإجامه ميفر وشم كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتَدْخُلُ الْأَقْتَابُ فِي بَيْعِ الْجَمَالِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ إذَا بَاعَ فَرَسًا وَعَلَيْهِ سَرْجٌ فَلَا رِوَايَةَ لِهَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ قَالُوا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَدْخُلَ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ أَوْ يَكُونَ الثَّمَنُ كَثِيرًا لَا يَشْتَرِي ذَلِكَ الْفَرَسَ عَارِيًّا بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلِجَامُ الدَّابَّةِ وَالْحَبْلُ الْمَشْدُودُ عَلَى قَرْنِ الْبَقَرِ وَالْجَلُّ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ لِعَدَمِ الْعُرْفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ بِخِلَافِهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفَصِيلُ النَّاقَةِ وَفِلْوُ الرَّمَكَةِ وَجَحْشُ الْأَتَانِ وَالْعِجَّوْلُ وَالْحَمَلُ إنْ ذَهَبَ بِهِ مَعَ الْأُمِّ إلَى مَوْضِعِ الْبَيْعِ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ بِدَلَالَةِ الْحَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ بِخِلَافِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا اللُّؤْلُؤَةَ فَإِنْ كَانَتْ فِي الصَّدَفِ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الصَّدَفِ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ اصْطَادَ السَّمَكَةَ يَرُدُّهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَتَكُونُ عِنْدَ الْبَائِعِ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ يُعَرِّفُهَا حَوْلًا ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَكُونُ غِذَاءً لِلسَّمَكَةِ فَلِلْبَائِعِ وَمَا يَكُونُ غِذَاءً لِلسَّمَكَةِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا سَمَكَةً تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ فِيهِ عَنْبَرٌ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى دَجَاجَةً فَوَجَدَ فِيهَا لُؤْلُؤَةً فَهِيَ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي التَّجْرِيدِ وَكُلُّ شَيْءٍ يُوجَدُ فِي حَوْصَلَةِ الطَّيْرِ مِمَّا يَأْكُلُهُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ وَجَدَ لُؤْلُؤَةً فِي بَطْنِ السَّمَكَةِ الَّتِي فِي بَطْنِ السَّمَكَةِ فَهِيَ لِلْبَائِعِ وَلَوْ وَجَدَ فِي بَطْنِهَا صَدَفًا فِيهِ لَحْمٌ وَفِي اللَّحْمِ لُؤْلُؤَةٌ كَمَا تَكُونُ اللُّؤْلُؤَةُ فِي الْأَصْدَافِ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى أَصْدَافًا لِيَأْكُلَ مَا فِيهَا مِنْ اللَّحْمِ فَوَجَدَ فِي بَعْضِهَا لُؤْلُؤَةً فِي اللَّحْمِ فَهِيَ لَهُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَ تَبَعًا لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَلِذَا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ اشْتَرَى دَارًا فَذَهَبَ بِنَاؤُهَا لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ اسْتَحَقَّ أَخَذَ الدَّارَ بِالْحِصَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ صُوفِ الشَّاةِ لَا يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَصِحُّ مِنْهُ وَمَا لَا يَصِحُّ] الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوَّلُهُمَا جَمِيعًا عِنْدَنَا وَكَذَا خِيَارُ الشَّرْطِ لِأَجْنَبِيٍّ جَائِزٌ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ مَوْضُوعٌ لِلْفَسْخِ لَا لِلْإِجَارَةِ عِنْدَنَا فَإِذَا فَاتَ الْفَسْخُ بِمُضِيِّ وَقْتِهِ تَمَّ الْعَقْدُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَهُوَ عَلَى أَنْوَاعٍ فَاسِدٌ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا إذَا قَالَ اشْتَرَيْت عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ أَوْ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ أَيَّامًا أَوْ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ أَبَدًا وَجَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَائِزٌ عِنْد أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْعِنَايَةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إذَا سُمِّيَ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْإِمَامِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَبَدًا حَتَّى فَسَدَ الْعَقْدُ فَإِنْ أَجَازَ فِي الثَّلَاثِ صَحَّ الْعَقْدُ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ وَقْتًا أَوْ ذَكَرَ وَقْتًا مَجْهُولًا فَأَجَازَ فِي الثَّلَاثِ أَوْ سَقَطَ الْخِيَارُ بِمَوْتِهِ أَوْ بِمَوْتِ الْعَبْدِ أَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ أَحْدَثَ

فِيهِ مَا يُوجِبُ لُزُومَ الْعَقْدِ يَنْقَلِبُ جَائِزًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي حُكْمِ هَذَا الْعَقْدِ فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هُوَ فَاسِدٌ ثُمَّ يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالْإِسْقَاطِ قَبْلَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْعِرَاقِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ قِيلَ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَإِذَا مَضَى جُزْءٌ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَسَدَ الْعَقْدُ الْآنَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ خُرَاسَانَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ مَشَايِخِ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ كَمَا فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا لَمْ يُوَقِّتْ لِلْخِيَارِ وَقْتًا وَأَبْطَلَ صَاحِبُ الْخِيَارِ خِيَارَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الثَّلَاثِ لَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي الْفَتَاوَى إذَا اُشْتُرِطَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارٌ يَوْمَيْنِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَالشِّرَاءُ فِي آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ وَلَهُ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ الْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ وَلَوْ قَالَ لَا خِيَارَ لَهُ فِي رَمَضَانَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فِي رَمَضَانَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَسَدَ الْعَقْدُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فَقَالَ لَا خِيَارَ لَك فِي رَمَضَانَ وَلَك الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ رَمَضَانَ أَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَسَدَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا بَاعَ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ أَنَّ الْبَائِعَ قَالَ لِلْمُشْتَرِي لِي عَلَيْك الثَّوْبُ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا عِنْدَنَا خِيَارٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ خِيَارُ الشَّرْطِ يَثْبُتُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَمَا يَثْبُتُ فِي الْبَيْعِ الْجَائِزِ حَتَّى لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَأَعْتَقَهُ لَا يَجُوزُ لَا نَافِذًا وَلَا مَوْقُوفًا كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. إذَا بَاعَ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَكَذَا الشَّرْطُ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إمَّا أَنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْوَقْتَ أَصْلًا بِأَنْ قَالَ عَلَى أَنَّك إنْ لَمْ تَنْقُدْ الثَّمَنَ فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا أَوْ بَيَّنَ وَقْتًا مَجْهُولًا بِأَنْ قَالَ عَلَى أَنَّك إنْ لَمْ تَنْقُدْ الثَّمَنَ أَيَّامًا وَفِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْعَقْدُ فَاسِدٌ وَإِنْ بَيَّنَ وَقْتًا مَعْلُومًا إنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ مُقَدَّرًا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ دُونَ ذَلِكَ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ بَيَّنَ الْمُدَّةَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ فَاسِدٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ نَقَدَ فِي الثَّلَاثِ جَازَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ نَفَذَ إعْتَاقُهُ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَفْسُدُ وَلَا يَنْفَسِخُ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ نَفَذَ إعْتَاقُهُ إنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ وَإِذَا بَاعَ عَبْدًا وَنَقَدَ الثَّمَنَ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ إنْ رَدَّ الثَّمَنَ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا كَانَ جَائِزًا وَهُوَ بِمَعْنَى شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ حَتَّى إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْبَائِعُ نَفَذَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَيَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ بَعْدَ الْبَيْعِ كَمَا يَجُوزُ شَرْطُهُ وَقْتَ الْبَيْعِ حَتَّى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَالَ لِلْبَائِعِ أَوْ الْبَائِعَ قَالَ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ جَعَلْتُك بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ صَحَّ وَكَانَ الْخِيَارُ كَمَا شَرَطَ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ فَاسِدًا فَسَدَ بِهِ الْعَقْدُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَا يَفْسُدُ وَمَنْ بَاعَ مِنْ آخَرَ شَيْئًا وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَمَضَى

الفصل الثاني في بيان عمل الخيار وحكمه

أَيَّامٌ فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَنْتَ بِالْخِيَارِ فَلَهُ الْخِيَارُ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَك الْإِقَالَةُ وَلَوْ قَالَ أَنْتَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَهُ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا سُمِّيَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ قَالَ جَعَلْتُك بِالْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ الَّذِي نَعْقِدُهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مُطْلَقًا لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمَبِيعِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ إلَى اللَّيْلِ أَوْ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي جَمِيعِ اللَّيْلِ وَوَقْتِ الظُّهْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَا يَنْتَهِي الْخِيَارُ مَا لَمْ تَمْضِ الْغَايَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَا تَدْخُلُ الْغَايَةُ فِي الْخِيَارِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ فَقَالَ إذَا بَاعَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ إلَى اللَّيْلِ فَلَهُ الْخِيَارُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ فَإِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ بَطَلَ خِيَارُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ شَرَطَ خِيَارَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ أَسْقَطَ مِنْهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ سَقَطَ مَا أَسْقَطَهُ مِنْ ذَلِكَ وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ إلَّا يَوْمًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَغِلَّهُ وَيَسْتَخْدِمَهُ جَازَ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَلَوْ بَاعَ كَرْمًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَرِهِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ شَيْئًا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ تَمَّ الْبَيْعُ وَبَطَلَ الْخِيَارُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْخِيَارُ إلَى الصَّبِيِّ فَإِذَا أَجَازَ الْبَيْعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ جَازَ وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ عَمَلِ الْخِيَارِ وَحُكْمِهِ] إذَا كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لِلْبَائِعِ فَالْمَبِيعُ لَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَالثَّمَنُ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِالِاتِّفَاقِ وَهَلْ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَدْخُلُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَدْخُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لَهُمَا جَمِيعًا لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْعَقْدِ أَصْلًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لِلْمُشْتَرِي فَالثَّمَنُ لَا يَزُولُ عَنْ مِلْكِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَالْمَبِيعُ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ بِالِاتِّفَاقِ وَهَلْ يَدْخُلُ الْمَبِيعُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَدْخُلُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَدْخُلُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَيُبْتَنَى عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْمُخْتَلِفِ مَسَائِلُ (مِنْهَا) أَنَّ مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَفْسُدُ فَإِنْ وَطِئَهَا فِي الْمُدَّةِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا سَقَطَ الْخِيَارُ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ وَلَهُ رَدُّهَا عِنْدَهُمَا يَصِيرُ مُخْتَارًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ فَإِنْ نَقَصَهَا وَلَوْ ثَيِّبًا امْتَنَعَ الرَّدُّ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَتَهُ فَوَطِئَهَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُخْتَارًا سَوَاءٌ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ سَوَاءٌ نَقَصَهَا الْوَطْءُ أَوْ لَمْ يَنْقُصْهَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ (وَمِنْهَا) إذَا وَلَدَتْ الْمُشْتَرَاةُ فِي الْمُدَّةِ مِنْهُ بِالنِّكَاحِ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا إذَا وَلَدَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَهِيَ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَقْبُوضَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ يَسْقُطُ الْخِيَارُ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهَا تَعَيَّبَتْ بِالْوِلَادَةِ هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً قَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَعِنْدَهُ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَخِيَارُهُ عَلَى حَالِهِ إلَّا إذَا اخْتَارَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ وَعِنْدَهُمَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَيَبْطُلُ خِيَارُهُ وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَمِنْهَا) لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي

قَرِيبَهُ لَمْ يَعْتِقْ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَمِنْهَا) أَنَّ مَنْ قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ أَمَّا لَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِالِاتِّفَاقِ. (وَمِنْهَا) إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَقَبَضَهَا فَحَاضَتْ عِنْدَهُ فِي الْمُدَّةِ فَاخْتَارَهَا لَا يَكْتَفِي بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَكْتَفِي بِهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَا إذَا وَجَدَ بَعْضَ الْحَيْضَةِ فِيهَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا فَسَخَ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ وَرَدَّ الْجَارِيَةَ عَلَى الْبَائِعِ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ الِاسْتِبْرَاءُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ حَصَلَ الْفَسْخُ وَالرَّدُّ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ الْفَسْخُ وَالرَّدُّ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ الِاسْتِبْرَاءُ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِب وَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ وَالرَّدُّ بَعْدَ الْقَبْضِ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ الِاسْتِبْرَاءُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ لَوْ كَانَ بَاتًّا ثُمَّ فُسِخَ الْعَقْدُ بِإِقَالَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ يَجِبُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَفُسِخَ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بَعْدَ جَوَازِ الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ بِحَيْضَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ إجْمَاعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَمِنْهَا) إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَهَلَكَ عِنْدَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ بَعْدَهَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْفَسِخُ وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِي أَوْدَعَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ الْبَائِعَ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ نَفَاذِ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ كَانَ بَاتًّا فَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالثَّمَنُ مَنْقُودٌ أَوْ مُؤَجَّلٌ وَلَهُ فِيهِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ أَوْ خِيَارُ عَيْبٍ فَأَوْدَعَهُ الْبَائِعَ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ هَلَكَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَزِمَهُ الثَّمَنُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. (وَمِنْهَا) إذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ سِلْعَةً وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنَّ خِيَارَهُ عَلَى حَالِهِ إنْ شَاءَ اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ لَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَعَادَ إلَى الْبَائِعِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَعِنْدَهُمَا نَفَذَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ خِيَارُهُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعَقْدُ بَاتًّا فَبَرِئَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ مِنْ الثَّمَنِ بِإِبْرَاءِ الْبَائِعِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ السِّلْعَةَ لَا بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَلَا بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي حُرًّا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَهُ أَنْ يَرُدَّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَإِنْ بَرِئَ مِنْ الثَّمَنِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا لَهُ أَنْ يَرُدَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَيْضًا قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ بَرِئَ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَمَا بَرِئَ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (وَمِنْهَا) إذَا اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا فَأَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ بَاتًّا أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَلَوْ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ بَاتًّا جَازَ وَلَا يَبْطُلُ وَإِنْ كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ فَأَسْلَمَ الْبَائِعُ بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَوْ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي لَا يَبْطُلُ وَخِيَارُ الْبَائِعِ عَلَى حَالِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ عَادَتْ الْخَمْرُ إلَيْهِ وَإِنْ اخْتَارَ الْإِجَازَةَ صَارَتْ الْخَمْرُ لِلْمُشْتَرِي حُكْمًا وَالْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْخَمْرَ حُكْمًا وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَأَسْلَمَ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا تَمَّ الْعَقْدُ وَلَا يَبْطُلُ وَإِنْ أَسْلَمَ الْبَائِعُ لَا يَبْطُلُ بِالْإِجْمَاعِ وَخِيَارُ الْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ صَارَتْ لَهُ وَإِنْ فَسَخَ صَارَتْ لِلْبَائِعِ وَالْمُسْلِمُ مِنْ أَهْل أَنْ يَتَمَلَّكَ الْخَمْرَ حُكْمًا هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ (وَمِنْهَا) حَلَالٌ اشْتَرَى ظَبْيًا بِالْخِيَارِ فَقَبَضَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ وَالظَّبْيُ فِي يَدِهِ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ عِنْدَهُ وَيُرَدُّ إلَى الْبَائِعِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ يُنْتَقَضُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَأَحْرَمَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ

الفصل الثالث في بيان ما ينفذ به هذا البيع وما لا ينفذ

وَمِنْهَا) مُسْلِمٌ اشْتَرَى مِنْ مُسْلِمٍ عَصِيرًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَتَخَمَّرَ فِي الْمُدَّةِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَعِنْدَهُمَا تَمَّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (وَمِنْهَا) أَنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَفَسَخَ الْعَقْدَ فَالزَّوَائِدُ تُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَاعَ عَبْدًا بِجَارِيَةٍ عَلَى أَنَّ بَائِعَ الْعَبْدِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَعْتَقَ الْبَائِعُ الْعَبْدَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ نَفَذَ عِتْقُهُ فِي قَوْلِهِمْ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ وَإِنْ أَعْتَقَ الْجَارِيَةَ جَازَ وَيَكُونُ إسْقَاطًا لِلْخِيَارِ وَيَتِمُّ الْبَيْعُ وَلَوْ أَعْتَقَهُمَا فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ نَفَذَ عِتْقُهُ فِيهِمَا وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ وَلَا يَنْفُذُ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي لَا فِي الْعَبْدِ وَلَا فِي الْجَارِيَةِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَانَتْ الْأَحْكَامُ عَلَى عَكْسِ هَذَا وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ بِنْتًا لِبَائِعِ الْعَبْدِ وَالْخِيَارُ لِبَائِعٍ الْعَبْدِ لَا تَعْتِقُ الْجَارِيَةُ وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهَا نَفَذَ إعْتَاقُهُ فِيهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ إسْقَاطًا لِلْخِيَارِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ سُئِلَ عَمَّنْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ لَيْسَ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَمْضِ الثَّلَاثُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحَاوِي قَالَ بِشْرٌ سَمِعْت أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ لَمْ أُجْبِرْ الْبَائِعَ عَلَى دَفْعِ الْعَبْدِ إلَى الْمُشْتَرِي وَلَا أُجْبِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ أَجْبَرْتُ الْبَائِعَ عَلَى دَفْعِ الْعَبْدِ إلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَ الْبَائِعُ الْعَبْدَ إلَى الْمُشْتَرِي أَجْبَرْتُ الْمُشْتَرِي عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ وَلَهُ الْخِيَارُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَنَقَدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَأَرَادَ أَنْ يَقْبِضَ الْعَبْدَ فَمَنَعَهُ الْبَائِعُ فَلَهُ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ يُجْبِرُ الْبَائِعَ عَلَى رَدِّ الثَّمَنِ قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى خِيَارُ الشَّرْطِ يَمْنَعُ تَمَامَ الصَّفْقَةِ فَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعُ شَيْءٌ وَاحِدٌ أَوْ أَشْيَاءُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُجِيزَ الْعَقْدَ فِي الْبَعْضِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ مَقْبُوضًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ التَّمَامِ حَيْثُ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمَبِيعُ مَقْبُوضٌ فَهَلَكَ بَعْضُهُ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ إنْسَانٌ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ مِمَّا يَتَفَاوَتُ فَهَلَكَ الْبَعْضُ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُجِيزَ فِي الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا غَيْرَ مُتَفَاوِتٍ فَهَلَكَ بَعْضُهُ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَ الْبَيْعَ فِيمَا بَقِيَ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُسْتَهْلِكُ الْمَبِيعَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَهُ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَهُ إلَّا بِرِضَا الْمُشْتَرِي وَلَوْ هَلَكَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ الْبَاقِي إلَّا بِرِضَاهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَا يَنْفُذُ بِهِ هَذَا الْبَيْعُ وَمَا لَا يَنْفُذُ] ُ وَفِي بَيَانِ مَا يَنْفَسِخُ بِهِ وَمَا لَا يَنْفَسِخُ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا أَوْ أَجْنَبِيًّا لَهُ أَنْ يُجِيزَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ فَإِنْ أَجَازَ بِغَيْرِ حَضْرَةِ صَاحِبِهِ يُرِيدُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ جَازَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ شَرْطُ الْخِيَارِ إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ فَجَوَازُ الْبَيْعِ وَنُفُوذُهُ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ مَعَانٍ أَحَدُهَا أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ بِالْقَوْلِ فِي الْمُدَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ كَأَنْ يَقُولَ أَجَزْتُ الْبَيْعَ وَرَضِيتُهُ وَأَسْقَطْتُ خِيَارِي وَنَحْو ذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ هَوَيْت أَخْذَهُ أَوْ أَحْبَبْت أَوْ أَعْجَبَنِي أَوْ وَافَقَنِي لَا يَبْطُلُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالثَّانِي أَنْ يَمُوتَ الْبَائِعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَيَبْطُلُ خِيَارُهُ بِمَوْتِهِ وَنَفَذَ عَقْدُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالثَّالِثُ أَنْ يَمْضِيَ مُدَّةَ الْخِيَارِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ وَلَا إجَازَةٍ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَلِكَ إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ وَمَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ وَلَوْ أَنَّهُ أَفَاقَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ حُكِيَ

عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ أَحْمَدَ الطَّوَاوِيسِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى خِيَارِهِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ عَلَى خِيَارِهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْمَأْذُونِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ لَا يُسْقِطَانِ إنَّمَا الْمُسْقِطُ لَهُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَقِيَ نَائِمًا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ سَكِرَ مِنْ الْخَمْرِ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَإِنْ سَكِرَ مِنْ الْبَنْجِ فِي الْمُدَّةِ يَبْطُلُ خِيَارُهُ حَتَّى لَوْ زَالَ السُّكْرُ مِنْ الْبَنْجِ فِي الْمُدَّةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِحُكْمِ الْخِيَارِ وَهَكَذَا حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ أَحْمَدَ الطَّوَاوِيسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ ارْتَدَّ وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فِي الْمُدَّةِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ إجْمَاعًا وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ بَطَلَ خِيَارُهُ إجْمَاعًا وَإِنْ تَصَرَّفَ بِحُكْمِ الْخِيَارِ بَعْدَهَا تَوَقَّفَ تَصَرُّفُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَفَذَ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفَسْخُهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ أَمَّا بِالْقَوْلِ بِأَنْ يَقُولَ فَسَخْت فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا يَصِحُّ الْفَسْخُ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَضَاءٍ أَوْ رِضًا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يَصِحُّ الْفَسْخُ وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْفَسْخِ بِالْقَوْلِ أَمَّا إذَا فُسِخَ بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ حُكْمًا اتِّفَاقًا فِي الْحَضْرَةِ وَالْغَيْبَةِ وَالْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ عَدَمُ عِلْمِهِ وَبِالْحَضْرَةِ عِلْمُهُ فَلَوْ فُسِخَ فِي غَيْبَتِهِ فَبَلَغَهُ فِي الْمُدَّةِ تَمَّ الْفَسْخُ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِهِ وَلَوْ بَلَغَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ تَمَّ الْعَقْدُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْفَسْخِ وَكَذَا إذَا أَجَازَ الْبَائِعُ بَعْدُ فَسْخَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي جَازَ وَبَطَلَ فَسْخُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَمَّا الْفَسْخُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يَتَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ كَمَا إذَا أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَوْ وَهَبَ وَلَمْ يُسَلِّمْ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَإِذَا رَهَنَ وَسَلَّمَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا آجَرَ؛ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فَسْخًا مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ يَكُونُ فَسْخًا وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا سَلَّمَ الْمَبِيعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إلَى الْمُشْتَرِي قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ سَلَّمَهُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ سَلَّمَهُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ بَطَلَ خِيَارُهُ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا وُجِدَ مِنْ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ لَوْ وُجِدَ مِنْهُ فِي الثَّمَنِ لَكَانَ إجَازَةً لِلْبَيْعِ يَكُونُ فَسْخًا لِلْبَيْعِ دَلَالَةً. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ وَهَبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الثَّمَنِ أَوْ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي شَيْئًا بِذَلِكَ الثَّمَنِ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ وَإِبْرَاؤُهُ وَهِبَتُهُ وَيَبْطُلُ خِيَارُهُ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي الذِّمَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا لَوْ سَاوَمَهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ شَيْئًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي شَيْئًا بِذَلِكَ الثَّمَنِ بَطَلَ خِيَارُهُ وَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا فَأَوْفَاهُ الْمُشْتَرِي فَقَبَضَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَكَذَا لَوْ دَفَعَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَأَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ بِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ فِي الْمُدَّةِ يَنْفُذُ إبْرَاءُ الْبَائِعِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْحَاصِلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الثَّمَنَ إذَا كَانَ شَيْئًا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَإِذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ فَذَلِكَ إمْضَاءٌ لِلْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ شَيْئًا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالدَّرَاهِمِ فَتَصَرَّفَ فِيهِ بَعْدَمَا قَبَضَ مَعَ الْمُشْتَرِي أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَذَلِكَ لَيْسَ بِإِمْضَاءٍ لِلْبَيْعِ وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ

قَبْلَ الْقَبْضِ مَعَ الْمُشْتَرِي بِأَنْ اشْتَرَى مِنْهُ بِالثَّمَنِ ثَوْبًا أَوْ صَارَفَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَذَلِكَ اخْتِيَارُهُ لِلْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيهِمَا وَقَبَضَهُمَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ اُسْتُحِقَّ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى إجَازَةِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَإِذَا هَلَكَ أَحَدُهُمَا كَانَتْ الْإِجَازَةُ فِي الْبَاقِي بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ بِالْحِصَّةِ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ فِي حَيَاةِ الْعَبْدَيْنِ نَقَضْتُ الْبَيْعَ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ أَوْ قَالَ نَقَضْتُ الْبَيْعَ فِي أَحَدِهِمَا كَانَ نَقْضُهُ بَاطِلًا وَيَبْقَى الْخِيَارُ فِيهِمَا وَكَذَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا وَاحِدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ قَالَ نَقَضْتُ الْبَيْعَ فِي نِصْفِهِ كَانَ بَاطِلًا رَجُلٌ بَاعَ بَيْضًا أَوْ كُفُرَّى عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَخَرَجَ الْفَرْخُ مِنْ الْبَيْضِ أَوْ صَارَ الْكُفُرَّى تَمْرًا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا بَقِيَ خِيَارُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْعِ خِيَارٌ فَالْبَيْعُ بَاقٍ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ نَقَضَ الْبَيْعَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ تَبْقَى الْأَرْضُ مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَهَا لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَى الْبَائِعِ فَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي فِي زِرَاعَةِ هَذِهِ الْأَرْضِ سَنَةً فَزَرْعَهَا تَصِيرُ الْأَرْضُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي مَتَى شَاءَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَهَا لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ الَّذِي كَانَ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي زَرَعَ الْأَرْضَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُمْسِكَهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَيَمْنَعَ الْبَائِعَ عَنْهَا إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعَ وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَا زَرَعَهَا أَنْ يَمْنَعَ الْأَرْضَ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ فِي يَدِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى وَقْتِ إدْرَاكِ الزَّرْعِ وَكَرِهَ قَلْعَ الزَّرْعِ أَيْضًا وَأَرَادَ تَضْمِينَ رَبِّ الْأَرْضِ الزَّرْعَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي زَرْعِهَا إلَى أَنْ يُدْرِكَ الزَّرْعُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَتْرُكَ الزَّرْعَ فِيهَا حَتَّى يُسْتَحْصَدَ بِغَيْرِ شَيْءٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فِي عَبْدٍ بَاعَهُ فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْعَبْدِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ أَوْ قَالَ إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ لَمْ يَكُنْ هَذَا نَقْضًا لِلْبَيْعِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لِلْعَبْدِ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ هَذَا الْعَبْدُ الْآخَرُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُنْتَقَى وَرَوَى هِشَامٌ وَبِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا مَضَى أَجَلُ الْخِيَارِ قَبْلَ أَنْ يُنْتَقَضَ الْبَيْعُ وَجَبَ الْبَيْعُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ الْآخَرُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ فِي الرَّحَى فَطَحَنَ الْبَائِعُ كَانَ فَسْخًا وَإِنْ طَحَنَ الْمُشْتَرِي لِيَعْرِفَ مِقْدَارَ الطَّحْنِ لَا يَسْقُطُ وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ يُبْطِلُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ مَا زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَثِيرٌ وَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَكَذَلِكَ يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ صَارَ بِحَالٍ لَا يَحْتَمِلُ إنْشَاءَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ فَلَا يَحْتَمِلُ الْإِجَازَةَ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ ضَرُورَةً وَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ وَالْمِثْلُ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَلَكِنْ يَبْطُلُ الْخِيَارُ وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ بَاعَ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ وَدَفَعَهَا إلَى الْمُشْتَرِي فَأَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ زَوَّجَهَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ أَجَازَ الْبَيْعَ فِيهَا لَا يَجُوزُ عِتْقُ الْمُشْتَرِي وَلَا تَزْوِيجُهُ وَقَدْ نَقَضَ الْبَائِعُ التَّزْوِيجَ بِإِجَازَتِهِ الْبَيْعَ وَإِحْلَالِهِ فَرْجَهَا لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ

الزَّوْجُ وَطِئَهَا وَهِيَ بِكْرٌ ثُمَّ نَقَضَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فِيهَا وَقَدْ نَقَصَهَا الْوَطْءُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَعُقْرُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَتْبَعَ الزَّوْجَ بِالْعُقْرِ تَامًّا وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى أَحَدٍ وَإِنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْوَطْءِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الزَّوْجِ الْوَاطِئِ بِالْمِائَةِ الَّتِي ضَمِنَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ دَفَعَ الْأَمَةَ إلَى الْمُشْتَرِي وَزَوَّجَهَا الْمُشْتَرِي رَجُلًا وَهِيَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ أَجَازَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ وَلَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ لِأَنَّهَا ثَيِّبٌ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ إذَا فَسَخَهُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَبْطُلُ مَا لَمْ يَفْسَخْهُ لِأَنَّ فَرْجَهَا لَمْ يَحِلَّ لِلْمُشْتَرِي بِإِجَازَةِ الْبَائِعِ الْبَيْعَ وَلِلْمُشْتَرِي عَلَى الْوَاطِئِ مَهْرُ مِثْلِهَا إذَا فَسَخَ النِّكَاحَ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِي رَدِّ الْأَمَةِ بِالْوَطْءِ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْوَطْءَ لَمْ يُنْقِصْهَا وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ زِنًا كَانَ هَذَا عَيْبًا فَيَرُدُّ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَالَحَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ أَوْ عَلَى عَرَضٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يُسْقِطَ الْخِيَارَ وَيُمْضِيَ الْبَيْعَ جَازَ ذَلِكَ وَيَكُونُ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى أَنْ يُسْقِطَ الْخِيَارَ فَيَحُطَّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا أَوْ يَزِيدَهُ هَذَا الْعَرْضَ بِعَيْنِهِ فِي الْبَيْعِ جَازَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا بَاعَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ فِيهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَعْطَاهُ الْمُشْتَرِي بِهَا مِائَةَ دِينَارٍ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ نَقَضَ الْبَيْعَ فَالصَّرْفُ بَاطِلٌ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الدِّينَارَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ هِشَامٌ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ رَجُلٍ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَتَوَارَى الْمُشْتَرِي فِي بَيْتِهِ أَرَادَ أَنْ يَمْضِيَ لَهُ الثَّلَاثُ فَيَجِبُ لَهُ الْبَيْعُ هَلْ يُؤْخَذُ فِي هَذَا بِالْأَعْذَارِ قَالَ نَعَمْ أَبْعَثُ إلَيْهِ مَنْ يَعْذُرُهُ فَإِنْ ظَهَرَ وَإِلَّا أَبْطَلْتُ خِيَارَهُ إلَّا أَنْ يَجِيءَ فِي الثَّلَاثِ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْخَصْمُ فِي الْأَيَّامِ حَتَّى كَانَ آخِرُ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ أَتَاكَ فِي وَقْتٍ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَبْعَثَ إلَيْهِ مِنْ قِبَلَكَ الْأَعْذَارَ فَسَأَلَك أَنْ تُبْطِلَ الْخِيَارَ عَلَيْهِ قَالَ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ قُلْت فَإِنْ قَالَ الْخَصْمُ إنِّي أَعْذَرْتُ إلَيْهِ وَأَشْهَدْتُ فَاخْتَفَى مِنِّي فَأَشْهِدْ لِي بِذَلِكَ قَالَ أَقُولُ اشْهَدُوا أَنَّ هَذَا قَدْ زَعَمَ أَنَّهُ قَدْ أَعْذَرَ إلَى صَاحِبِهِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ يَوْمٍ فَيَعْذِرُ إلَيْهِ فَيَخْتَفِي مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ فَقَدْ أَبْطَلْتُ عَلَيْهِ الْخِيَارَ وَإِذَا ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ سَأَلْتُ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْخِيَارِ وَعَلَى إعْذَارِهِ كَمَا كَانَ ادَّعَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ اشْتَرَى شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَجَاءَ الْمُشْتَرِي فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ إلَى بَابِ الْبَائِعِ لِيَرُدَّ الْبَيْعَ فَاخْتَفَى الْبَائِعُ مِنْهُ فَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ خَصْمًا عَنْ الْبَائِعِ لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يُنَصِّبُ خَصْمًا نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ وَلَا يُنَصِّبُ خَصْمًا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا اشْتَرَى وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ وَكِيلًا مَعَ احْتِمَالِ الْغَيْبَةِ فَقَدْ تَرَكَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ فَلَا يُنْظَرُ لَهُ فَإِنْ لَمْ يُنَصِّبْ الْقَاضِي خَصْمًا وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَاضِي الْأَعْذَارَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ فَيَبْعَثُ مُنَادِيًا يُنَادِي عَلَى بَابِ الْبَائِعِ أَنَّ الْقَاضِي يَقُولُ إنَّ خَصْمَكَ فُلَانًا يُرِيدُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْك الْبَيْعَ فَإِنْ حَضَرْتَ وَإِلَّا نَقَضْتُ الْبَيْعَ فَلَا يَنْقُضُ الْقَاضِي الْبَيْعَ مِنْ غَيْرِ أَعْذَارٍ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى الْأَعْذَارِ أَيْضًا فَقِيلَ لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَيْفَ يَصْنَعُ الْمُشْتَرِي قَالَ يَنْبَغِي لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَوْثِقَ فَيَأْخُذَ مِنْهُ وَكِيلًا ثِقَةً إذَا خَافَ الْغَيْبَةَ حَتَّى إذَا غَابَ الْبَائِعُ يُرَدُّ عَلَى الْوَكِيلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ اشْتَرَى شَيْئًا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْقِيَاسِ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى شَيْءٍ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ تَفْسَخَ الْبَيْعَ وَإِمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْمَبِيعَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْك مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى تُجِيزَ الْبَيْعَ أَوْ يَفْسُدَ الْمَبِيعُ عِنْدَكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَذَا

فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ بَيْعًا بَاتًّا وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى غَابَ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ آخَرَ وَيَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَقَالَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا الْيَوْمَ أَبْطَلْتُ خِيَارِي لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ كَذَلِكَ وَلَكِنْ قَالَ أَبْطَلْتُ خِيَارِي غَدًا أَوْ قَالَ أَبْطَلْتُ خِيَارِي إذَا جَاءَ غَدٌ فَجَاءَ غَدٌ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَلَيْسَ هَذَا كَالْأَوَّلِ لِأَنَّ هَذَا وَقْتٌ يَجِيءُ لَا مَحَالَةَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً بِعَبْدٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي الْجَارِيَةِ فَهِبَةُ الْعَبْدِ أَوْ عَرْضُهُ عَلَى الْبَيْعِ إجَازَةٌ وَعَرْضُهَا عَلَى الْبَيْعِ فَسْخٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَرَدَّ غَيْرَهَا عَلَى الْبَائِعِ وَقَالَ هِيَ الَّتِي اشْتَرَيْتُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا وَيَطَأَهَا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُسْلِمٌ بَاعَ مِنْ مُسْلِمٍ عَصِيرًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَصَارَتْ فِي يَدِهِ خَمْرًا فَقَدْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُنْتَقَى قَالَ وَضَمِنَ الْعَصِيرَ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ إِنْ سَكَتَ حَتَّى مَضَى الثَّلَاثُ لَزِمَ الْبَيْعُ الْمُشْتَرِيَ ثُمَّ قَالَ عَلَى مَا ذَكَرَ بِشْرٌ إنَّ الْبَيْعَ يُنْتَقَضُ لَوْ لَمْ يَتَخَاصَمَا حَتَّى صَارَ خِلَافًا فَاخْتَارَ الْبَائِعُ إلْزَامَ الْبَيْعِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْمُشْتَرِي فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْمُنْتَقَى بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ فَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَا يَكُونُ هَذَا نَقْضًا لِلْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَلْحَقَهُ دَيْنٌ وَلَوْ أَمْضَاهُ بَعْدَ مَا لَحِقَهُ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ بَاعَ عَبْدَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ غَصَبَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَسْخًا لِلْبَيْعِ وَلَا إبْطَالًا لِلْخِيَارِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ. وَإِذَا بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَقَتَلَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَتِيلًا وَمَاتَ الْعَبْدُ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ لِلْبَائِعِ أَخَذَ أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ الْقِيمَةَ مِنْ الْبَائِعِ وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمِثْلِهَا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْغَصْبِ. رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ وَالْعَبْدُ فِي يَدِهِ فَقَالَ فِي الثَّلَاثِ قَدْ فَسَخْتُ الْبَيْعَ وَنَقَضْتُهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ أَجَزْتُ الْبَيْعَ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فَهَذَا جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ جَنَى الْبَائِعُ عَلَى الْمَبِيعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ جِنَايَةً وَنَقَصَهُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا آخُذُهُ كَذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْبَائِعُ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْمَبِيعَ أَجْنَبِيٌّ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَالْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَأَتْبَعَ الْجَانِي بِالضَّمَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَأَتْبَعَ الْمُشْتَرِي بِالضَّمَانِ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهُ وَاتَّبَعَهُ بِالثَّمَنِ وَلَوْ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمَبِيعِ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهُ فَإِنْ أَجَازَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ لِتَغَيُّرِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَأَتْبَعَ الْجَانِي بِالْأَرْشِ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ وَأَتْبَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي يَتْبَعُ الْجَانِي بِالْأَرْشِ وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَيَّبَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَالْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَأَتْبَعَ الْمُشْتَرِي بِالضَّمَانِ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهُ وَأَتْبَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَكَذَلِكَ إذَا تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَالْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهُ فَإِنْ أَجَازَ أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الثَّمَنِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّعَيُّبُ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُتْبِعَ

الْجَانِيَ بِالْأَرْشِ وَإِنْ فَسَخَ فَإِنْ كَانَ التَّعَيُّبُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَالْبَائِعُ يَأْخُذُ الْبَاقِي وَأَرْشَ الْجِنَايَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ التَّعَيُّبُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْجَانِي بِالْأَرْشِ وَإِنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَرَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَمَالِي إذَا جَنَى الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ جِنَايَةً وَالْخِيَارُ لَهُ فَإِنْ نَقَضَ الْبَيْعَ دَفَعَهُ الْبَائِعُ أَوْ فَدَاهُ فَإِنْ أَمْضَى الْبَيْعَ أَوْ سَكَتَ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ وَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي وَرَضِيَ بِعَيْبِ الْجِنَايَةِ دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ فَدَاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى ابْنَهُ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ ثُمَّ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ عَتَقَ الِابْنُ وَلَا يَرِثُ أَبَاهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْمَأْذُونُ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ فَعَجَزَ الْمُكَاتَبُ أَوْ حُجِرَ الْمَأْذُونُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَقَدْ لَزِمَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ الْخِيَارُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ بَاعَ شَاةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَجَزَّ الْبَائِعُ صُوفَهَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ يَكُونُ نَقْضًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْجَارِيَةُ عِنْدَهُ فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ انْتَقَضَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَاكْتَسَبَتْ اكْتِسَابًا عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ وَلَدَتْ أَوْلَادًا فَإِنَّ الْكُلَّ يَدُورُ مَعَ الْأَصْلِ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ انْفَسَخَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَنُفُوذُ هَذَا الْبَيْعِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ وَبِمَعْنًى آخَرَ سِوَاهَا وَهُوَ أَنْ يَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ وَالْأَصْلُ فِيهِ إنْ كَانَ كُلُّ فِعْلٍ بَاشَرَ الْمُشْتَرِي فِي الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ فِعْلًا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلِامْتِحَانِ وَيَحِلُّ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ بِحَالٍ فَالِاشْتِغَالُ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ لَا يَكُونُ دَلِيلَ الِاخْتِيَارِ حَتَّى لَا يَسْقُطَ خِيَارُهُ وَكُلُّ فِعْلٍ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلِامْتِحَانِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلِامْتِحَانِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ بِحَالٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ دَلِيلَ الِاخْتِيَارِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَبَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ وَهَبَهُ سَلَّمَ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ أَوْ آجَرَ فَهَذَا كُلُّهُ إجَازَةٌ مِنْهُ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ تَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَهُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ الْوَطْءُ وَالتَّقْبِيلُ بِشَهْوَةٍ وَالْمُبَاشَرَةُ بِشَهْوَةٍ وَالنَّظَرُ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ إجَازَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا اللَّمْسُ وَالنَّظَرُ إلَى فَرْجِهَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَا يَكُونُ إجَازَةً هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ نَظَرَ إلَى سَائِرِ أَعْضَائِهَا بِشَهْوَةٍ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلِامْتِحَانِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ لَوْ لَمَسَ سَائِرَ أَعْضَائِهَا أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا إلَّا عَنْ شَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَ إلَى سَائِرِ أَعْضَائِهَا عَنْ شَهْوَةٍ يَجِبُ أَنْ يَسْقُطَ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ لَا تَحِلُّ بِدُونِ الْمِلْكِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَحَدُّ الشَّهْوَةِ أَنْ تَنْتَشِرَ آلَتُهُ أَوْ يَزْدَادَ انْتِشَارُهَا وَقِيلَ أَنْ يَشْتَهِيَ بِقَلْبِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ الِانْتِشَارُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبَّلَهَا أَوْ لَمَسَهَا أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا وَقَالَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِشَهْوَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُنْتَقَى ثُمَّ قَالَ أَلَا يَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ أَوْ لَمَسَهَا أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا ثُمَّ قَالَ لَمْ يَكُنْ عَنْ شَهْوَةٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَذَا هَهُنَا وَلَوْ كَانَ مُبَاشَرَةً ثُمَّ قَالَ كَانَ ذَلِكَ مِنِّي بِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَكَانَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ يَقُولُ فِي الْقُبْلَةِ يُفْتَى بِحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ فَعَلَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَفِي اللَّمْسِ وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ كَانَ يَقُولُ لَا يُفْتَى بِالْحُرْمَةِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ فَعَلَ بِشَهْوَةِ فَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ ثَمَّةَ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَّلَهَا ثُمَّ قَالَ لَمْ يَكُنْ عَنْ شَهْوَةٍ أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ خِيَارُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَبَّلَهَا الْمُشْتَرِي فَقَالَ قَبَّلْتُهَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ إنْ كَانَ فِي الْفَمِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِي سَائِرِ الْبَدَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ

الْوَهَّاجِ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بُيُوعِهِ إذَا نَظَرَتْ الْجَارِيَةُ إلَى فَرْجِ الْمُشْتَرِي أَوْ قَبَّلَتْهُ أَوْ لَمَسْته بِشَهْوَةٍ فَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا فَعَلَتْهُ بِشَهْوَةٍ فَإِنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ بِتَمْكِينِ الْمُشْتَرِي سَقَطَ خِيَارُهُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَإِنْ اخْتَلَسَتْ اخْتِلَاسًا مِنْ غَيْرِ تَمْكِينِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَارِهٌ لِذَلِكَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إجَازَةً لِلْبَيْعِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ فِعْلُهَا إجَازَةً لِلْبَيْعِ كَيْفَمَا كَانَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَوْ بَاضَعَتْهُ وَهُوَ نَائِمٌ بِأَنْ أَدْخَلَتْ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ إذَا دَعَا الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ إلَى فِرَاشِهِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَكَذَا إذَا زَوَّجَهَا إلَّا إذَا وَطِئَهَا الزَّوْجُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَالسِّلْعَةُ مَقْبُوضَةٌ فَحَدَثَ بِهَا عَيْبٌ لَا يَرْتَفِعُ لَزِمَ الْعَقْدُ وَبَطَلَ الْخِيَارُ سَوَاءٌ كَانَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُف - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الِارْتِفَاعَ كَالْمَرَضِ فَالْمُشْتَرِي عَلَى خِيَارِهِ إنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ إلَّا أَنْ يَرْتَفِعَ الْعَيْبُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْعَيْبُ قَائِمٌ بَطَلَ حَقُّ الْفَسْخِ وَلَزِمَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ مَرِضَ الْعَبْدُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَلَقِيَ الْبَائِعَ وَقَالَ نَقَضْتُ الْبَيْعَ وَرَدَدْت الْعَبْدَ عَلَيْك فَلَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْعَبْدُ مَرِيضٌ لَزِمَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ صَحَّ فِيهَا فَلَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ الرَّدِّ الَّذِي كَانَ مِنْهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا زَادَ الْمَبِيعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي قَبْضِ الْمُشْتَرِي زِيَادَةً مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالسِّمَنِ وَالْبُرْءِ مِنْ الْمَرَضِ وَذَهَابِ الْبَيَاضِ مِنْ الْعَيْنِ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ الرَّدَّ وَالْفَسْخَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْهُ كَصَبْغِ الثَّوْبِ وَخِيَاطَتِهِ وَلَتِّ السَّوِيقِ بِالسَّمْنِ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فِي الْأَرْضِ فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَالْعُقْرِ وَالْأَرْشِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهَا تَمْنَعُ الرَّدَّ أَيْضًا كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَالْمُنْفَصِلَةُ الْغَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالْغَلَّةِ وَالْكَسْبِ لَا تَمْنَعُهُ اتِّفَاقًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ فَإِذَا اخْتَارَ الْبَيْعَ فَالزِّيَادَةُ لَهُ مَعَ الْأَصْلِ إجْمَاعًا وَإِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ يَرُدُّ الْأَصْلَ مَعَ الزِّيَادَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَرُدُّ الْأَصْلَ لَا غَيْرَ وَالزَّوَائِدُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ دَابَّةً فَرَكِبَهَا الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لَهُ لِيَنْظُرَ إلَى سَيْرِهَا أَوْ قُوَّتِهَا أَوْ كَانَ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ لِيَنْظُرَ إلَى مِقْدَارِهِ أَوْ كَانَتْ أَمَةً فَاسْتَخْدَمَهَا لِيَنْظُرَ ذَلِكَ مِنْهَا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى خِيَارِهِ فَإِذَا زَادَ فِي الرُّكُوبِ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِهِ فَهُوَ رِضًا وَسَقَطَ خِيَارُهُ فَإِنْ رَكِبَهَا لِحَاجَتِهِ فَهُوَ رِضًا هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ هَذَا إذَا كَانَ الِاسْتِخْدَامُ يَسِيرًا فَأَمَّا إذَا كَانَ كَثِيرًا يَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الِامْتِحَانِ وَالِاخْتِبَارِ يَكُونُ اخْتِيَارًا لِلْمِلْكِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَبِسَهُ لِيَسْتَدْفِئَ بِهِ وَهُوَ أَنْ يَلْبَسَهُ لِدَفْعِ عَادِيَةِ الْبَرْدِ بَطَلَ خِيَارُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ رَكِبَهَا لِيَسْقِيَهَا أَوْ لِيَشْتَرِيَ لَهَا عَلَفًا أَوْ لِيَرُدَّهَا عَلَى بَائِعِهَا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ إجَازَةً وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَكُونُ إجَازَةً وَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ قِيلَ هَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّدُّ وَالسَّقْيُ وَالْعَلَفُ إلَّا بِالرُّكُوبِ وَإِنْ أَمْكَنَ بِدُونِ الرُّكُوبِ يَبْطُلُ وَكَذَلِكَ الرُّكُوبُ لِحَمْلِ عَلَفٍ إنْ كَانَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ لَا يَبْطُلُ وَإِنْ كَانَ فِي عَدْلَيْنِ يَبْطُلُ ذَكَرَهُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ اسْتَخْدَمَهَا مَرَّةً أُخْرَى فَإِنْ كَانَ فِي النَّوْعِ الَّذِي اسْتَخْدَمَهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى كَانَ اخْتِيَارًا لِلْمِلْكِ وَإِنْ كَانَ فِي نَوْعٍ آخَرَ لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا وَالْإِكْرَاهُ عَلَى الِاسْتِخْدَامِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى اخْتِيَارٌ لِلْمِلْكِ فَسَّرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

الِاسْتِخْدَامَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ فَقَالَ بِأَنْ يَأْمُرَهَا بِحَمْلِ الْمَتَاعِ عَلَى السَّطْحِ أَوْ بِإِنْزَالِهِ عَنْ السَّطْحِ أَوْ بِتَقْدِيمِ النَّعْلِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ بِأَنْ تَغْمِزَ رِجْلَهُ بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ عَنْ شَهْوَةٍ أَوْ بِأَنْ تَطْبُخَ أَوْ تَخْبِزَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَسِيرًا وَإِنْ أَمَرَهَا بِالطَّبْخِ وَالْخَبْزِ فَوْقَ الْعَادَةِ فَذَلِكَ رِضَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ لِيَعْرِفَ سَيْرَهَا ثُمَّ رَكِبَهَا مَرَّةً أُخْرَى إنْ رَكِبَهَا لِمَعْرِفَةِ سَيْرٍ آخَرَ غَيْرَ الْأَوَّلِ بِأَنْ رَكِبَهَا أَوَّلًا لِيَعْرِفَ أَنَّهَا هِمْلَاجٌ ثُمَّ رَكِبَهَا ثَانِيًا لِيَعْرِفَ سُرْعَةَ عَدْوِهَا فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ وَالثَّوْبُ إذَا لَبِسَهُ مَرَّةً لِمَعْرِفَةِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ ثُمَّ لَبِسَهُ ثَانِيًا يَسْقُطُ خِيَارُهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا مَعَ حَرْثِهِ فَسَقَى الْحَرْثَ أَوْ قَصَلَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ حَصَدَهُ أَوْ عَرَضَ الْمَبِيعَ لِلْبَيْعِ بَطَلَ خِيَارُهُ لَا لَوْ عَرَضَهُ لِيُقَوَّمَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ نَخْلٌ فَصَرَمَ النَّخْلَ أَوْ الْقَمْحَ بَطَلَ خِيَارُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ زَرَعَ الْأَرْضَ أَوْ حَرَثَهَا فَهُوَ رِضًا مِنْ الْمُشْتَرِي وَمِنْ الْبَائِعِ فَسْخٌ وَلَوْ كَانَ النَّهْرُ عَارِيَّةً وَكَانَ يَسْقِي بِهِ كَمَا كَانَ يَسْقِي قَبْلَهُ سَقَطَ خِيَارُهُ وَكَذَا إذَا أَعَارَهُ أَوْ آجَرَهُ سَقَطَ خِيَارُهُ سَوَاءٌ سَقَى مِنْهُ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ لَمْ يَسْقِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَكَرْيُ النَّهْرِ وَكَبْسُ الْبِئْرِ يُسْقِطُ خِيَارَهُ وَلَوْ انْهَدَمَتْ الْبِئْرُ ثُمَّ بَنَاهَا لَمْ يُعَدَّ خِيَارُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ سَقَى مِنْ نَهْرِ الْأَرْضِ دَوَابَّهُ أَوْ شَرِبَ بِنَفْسِهِ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ وَلَوْ سَقَى مِنْ نَهْرِهَا أَرْضًا أُخْرَى فَهُوَ رِضًا بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَى مِنْهُ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، وَلَوْ رَعَتْ مَاشِيَةُ الْمُشْتَرِي الْكَلَأَ يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِخِلَافِ مَاشِيَةِ النَّاسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ نَهْرًا أَوْ بِئْرًا وَهُوَ بِالْخِيَارِ فَوَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ شَاةٌ فَمَاتَتْ أَوْ وَقَعَتْ فِيهَا عَذِرَةٌ أَوْ شَيْءٌ مِمَّا يَتَنَجَّسُ الْمَاءُ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا قَبْلَ النَّزْحِ وَأَمَّا إذَا نَزَحَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ حَتَّى طَهُرَ هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْبَائِعِ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا فِي الْكِتَابِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ لِأَنَّ الْعَيْبَ زَالَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي عَلَى خِيَارِهِ عَلَى قِيَاسِ مَا لَوْ حُمَّ الْعَبْدُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهُ الْحُمَّى فِي الْمُدَّةِ كَانَ الْمُشْتَرِي عَلَى خِيَارِهِ وَحَكَى الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أُسْتَاذِهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ أَيْضًا بَعْدَ النَّزْحِ لِأَنَّهُ بَقِيَ بَعْدَ النَّزْحِ نَوْعُ عَيْبٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ طَهُرَ عِنْدَنَا لَا يَطْهُرُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ لَوْ اسْتَقَى مِنْ الْبِئْرِ لِشُرْبِهِ وَوُضُوئِهِ وَدَوَابِّهِ لِيَنْظُرَ إلَى كَثْرَةِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ وَلَوْ سَقَى بِهَا زَرْعًا بَطَلَ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ الْمَاءِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَطَعَ حَوَافِرَ الدَّابَّةِ أَوْ أَخَذَ بَعْضَ عُرْفِهَا لَا يَبْطُلُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَإِنْ وَدَجَهَا أَوْ فَصَدَ حَنَكَهَا أَوْ بَزَغَهَا فَهُوَ رِضًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا عَلَفًا يَسْقُطُ خِيَارُهُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا حَمَلَ عَلَفًا لَهَا عَلَيْهَا لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ دَوَابُّ فَحَمَلَ عَلَفَ جَمِيعِ الدَّوَابِّ عَلَيْهَا فَذَلِكَ رِضًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى بَقَرَةً أَوْ شَاةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَحَلَبَ لَبَنَهَا بَطَلَ خِيَارُهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا سَكَنَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ أَوْ أَسْكَنَهَا رَجُلًا بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْ رَمَّ مِنْهَا شَيْئًا أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا بِنَاءً أَوْ جَصَّصَهَا أَوْ طَيَّنَهَا أَوْ هَدَمَ مِنْهَا شَيْئًا فَهُوَ إمْضَاءٌ لِلْبَيْعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ سَقَطَ حَائِطٌ مِنْهَا بِغَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ يَسْقُطُ الْخِيَارُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا وَهُوَ سَاكِنٌ فِيهَا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَدَامَ عَلَى السُّكْنَى لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ فِيهَا سَاكِنٌ بِأَجْرٍ فَبَاعَهَا الْبَائِعُ بِرِضَاهُ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَتَرَكَ الْمُشْتَرِي وَاسْتَأَدَّى الْغَلَّةَ فَهَذَا رِضًا كَذَا فِي الْحَاوِي

الْمُشْتَرِي بِخِيَارِ الشَّرْطِ إذَا بَاعَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَقِيلَ يَبْطُلُ الْخِيَارُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَلَوْ نَسَخَ مِنْ الْكِتَابِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ لَا يَبْطُلُ وَإِنْ قَلَّبَ الْأَوْرَاقَ بِالدَّرْسِ مِنْهُ يَبْطُلُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ قَالُوا وَلَوْ قِيلَ بِالِانْتِسَاخِ يَبْطُلُ الْخِيَارُ وَبِالدَّرْسِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ فَلَهُ وَجْهٌ وَيَجُوزُ الْأَخْذُ بِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ حَجَمَ الْغُلَامَ أَوْ سَقَاهُ دَوَاءً أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ فَهُوَ رِضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَمَرَ الْغُلَامَ بِجَزِّ رَأْسِهِ يَعْنِي رَأْسَ الْغُلَامِ فَهَذَا لَيْسَ بِرِضًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الدَّوَاءَ وَكَذَا الطَّلْيُ بِالنُّورَةِ لَا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الدَّوَاءَ وَكَذَا غَسْلُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا احْتَجَمَ الْخَادِمُ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ رِضًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى قِنًّا بِخِيَارٍ فَرَآهُ يَحْجُمُ النَّاسَ بِأَجْرٍ فَسَكَتَ كَانَ رِضًا لَا لَوْ بِلَا أَجْرٍ لِأَنَّهُ كَالِاسْتِخْدَامِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ اُحْجُمْنِي فَحَجَمَهُ لَمْ يَكُنْ رِضًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَفِي الْأَصْلِ اشْتَرَى جَارِيَةً فَأَمَرَهَا أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهُ لَا يَكُونُ رِضًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ أَمَرَ الْجَارِيَةَ بَعْدَمَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بِالْمَشْطِ وَالدُّهْنِ أَوْ اللُّبْسِ فَهَذَا لَيْسَ بِرِضًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اشْتَرَى بِشَرْطِ الْخِيَارِ شَيْئًا فَقَبَضَهُ أَوْ نَقَدَ ثَمَنَهُ لَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ خِيَارُهُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا وَقَبَضَهُ فَوَهَبَ لِلْعَبْدِ مَالًا وَاكْتَسَبَهُ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ الْعَبْدُ بِعِلْمِ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ وَهَبَ لِلْعَبْدِ ابْنَ الْمُشْتَرِي وَقَبَضَهُ الْعَبْدُ عَتَقَ الِابْنُ وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي فِي الْعَبْدِ وَلَوْ وَهَبَ لِلْعَبْدِ أُمَّ وَلَدِ الْمُشْتَرِي وَقَبَضَهَا الْعَبْدُ بَطَلَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي فِي الْعَبْدِ قَالَ وَلَا يُشْبِهُ الْوَلَدُ أُمَّ الْوَلَدِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ بَعْدُ بِحُكْمِ الْخِيَارِ وَالْوَلَدُ لَا يَبْقَى وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اسْتَهْلَكَ الْمَتَاعَ الْمَوْهُوبَ لِلْعَبْدِ بَطَلَ خِيَارُهُ فِي الْعَبْدِ هَكَذَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطَعَ الْبَائِعُ يَدَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَطَلَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَبْطُلُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ وَلَوْ قَطَعَ الْبَائِعُ يَدَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي لَا يَبْطُلُ الْخِيَارُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَلَوْ قَطَعَ أَجْنَبِيٌّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْخِيَارُ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا بِيعَتْ الدَّارُ بِجَنْبِ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَأَخَذَهَا الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ فَقَدْ سَقَطَ خِيَارُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْأَخْذُ لَيْسَ بِقَيْدٍ لِأَنَّهُ يَتِمُّ بِمُجَرَّدِ الطَّلَبِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ أَخْذٌ أَوْ لَا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْخِيَارِ إذَا رَهَنَ بِالثَّمَنِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ جَازَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَإِذَا بَاضَتْ الدَّجَاجَةُ فِي الْمُدَّةِ سَقَطَ الْخِيَارُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَذِرَةً وَإِذَا وَلَدَ الْحَيَوَانُ سَقَطَ الْخِيَارُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مَيِّتًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا وَلَدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَدًا مَيِّتًا إنْ لَمْ تُنْقِصْهَا بِالْوِلَادَةِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي جَمِيعًا بِالْخِيَارِ لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ بِإِجَازَةِ أَحَدِهِمَا حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا بِأَمَةٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ فِيمَا بَاعَ فَأَجَازَ بَائِعُ الْعَبْدِ الْبَيْعَ وَقَدْ تَقَابَضَا فَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَقَدْ لَزِمَهُ وَتَمَّ الْبَيْعُ، وَفِيهِ رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ وَشَرَطَ كُلُّ وَاحِدٍ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ فِيمَا بَاعَ ثُمَّ أَنَّهُمَا أَعْتَقَا مَعًا جَازَ عِتْقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي السِّلْعَةِ الَّتِي كَانَ يَمْلِكُهَا. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُمَا جَمِيعًا بِالْخِيَارِ فَقَالَ الْبَائِعُ قَدْ أَجَزْتُ الْبَيْعَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ فَسَخْتُ الْبَيْعَ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ فَالْبَيْعُ يَنْفَسِخُ فَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ فِي الْأَيَّامِ

الفصل الرابع في اختلاف المتبايعين في اشتراط الخيار

الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَعَلَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أُلْزِمَ الْبَيْعَ وَصَارَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ دُونَ الْبَائِعِ، وَلَوْ أَصَابَهُ عَيْبٌ قَبْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَهُوَ سَوَاءٌ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ وَلَا يَسْتَطِيعُ رَدَّهُ بَعْدَ الْعَيْبِ الَّذِي أَصَابَهُ، وَإِنْ بَدَأَ الْمُشْتَرِي فَفَسَخَ الْعَقْدَ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ أَجَازَ الْبَيْعَ ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَصَابَهُ عَيْبٌ نَقَصَهُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ فَالْبَيْعُ مُنْتَقَضٌ يُرَدُّ الْمَبِيعُ وَيُرَدُّ نُقْصَانُ الْعَيْبِ وَلَوْ أَصَابَ الْعَيْبُ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ ثُمَّ أَجَازَهُ الْبَائِعُ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَتَنَاقَضَا الْبَيْعَ ثُمَّ هَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْبَائِعُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ إذَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ وَالْقِيمَةُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ اشْتَرَيَا شَيْئًا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ وَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِالْبَيْعِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً لَا يَرُدُّهُ الْآخَرُ بَلْ يَبْطُلُ خِيَارُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا يَرُدُّ الْبَيْعَ فِي نَصِيبِهِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ رَجُلَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّ الْبَائِعَيْنِ بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِالْبَيْعِ وَلَمْ يَرْضَ الْآخَرُ لَزِمَهُمَا الْبَيْعُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُعِينُ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ] إذَا اخْتَلَفَا فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي يَنْفِيه وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ بِأَقْصَرِ الْوَقْتَيْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي يُنْكِرُ مُضِيَّهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ اخْتَلَفَا فِي شَرْطِ الْخِيَارِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ مُدَّعِي الْخِيَارِ أَوْلَى كَذَا فِي الْقُنْيَةِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا وَاخْتَلَفَا فِي الْإِجَازَةِ وَالنَّقْضِ فِي الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ ادَّعَى الْفَسْخَ أَوْ الْإِجَازَةَ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْإِجَازَةِ أَيُّهُمَا كَانَ وَالْبَيِّنَةُ لِمُدَّعِي النَّقْضِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَاخْتَلَفَا فِي النَّقْضِ وَالْإِجَازَةِ فِي الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي النَّقْضِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْآخَرِ وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْإِجَازَةِ وَالْبَيِّنَةُ لِمُدَّعِي النَّقْضِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِبَيِّنَتِهِمَا تَارِيخٌ وَلَوْ أُرِّخَتْ الْبَيِّنَتَانِ يُقْبَلُ بَيِّنَةُ أَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا أَيُّهُمَا كَانَ عَلَى الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ فِيهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَيُّهُمَا كَانَ إنَّ الْعَبْدُ مَاتَ فِي الثَّلَاثِ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ وَقَالَ الْآخَرُ لَا بَلْ هُوَ حَيٌّ آبِقٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ حَيٌّ آبِقٌ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ حَيٌّ آبِقٌ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَمَّا إذَا تَصَادَقَا عَلَى الْمَوْتِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا مَاتَ فِي الثَّلَاثِ وَقَالَ الْآخَرُ مَاتَ بَعْدَ الثَّلَاثِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ فِي الثَّلَاثِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْآخَرِ وَأَمَّا إذَا تَصَادَقَا عَلَى الْمَوْتِ بَعْدَ الثَّلَاثِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَاخْتَلَفَا فِي الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْبَائِعَ نَقَضَ فِي الثَّلَاثِ وَأَقَامَ آخَرُ أَنَّهُ أَجَازَ فِي الثَّلَاثِ فَالْبَيِّنَةُ لِمُدَّعِي النَّقْضِ وَقِيلَ هَذَا قِيَاسٌ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْبَيِّنَةُ لِمُدَّعِي الْإِجَازَةِ، وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْمَوْتِ فِي الثَّلَاثِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَبَيِّنَةُ مُدَّعِي الْإِجَازَةِ أَوْلَى، وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْمَوْتَ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَإِجَازَةِ الْبَائِعِ فِي الثَّلَاثِ وَادَّعَى الْآخَرُ الْمَوْتَ فِي الثَّلَاثِ وَنَقْضَ الْبَائِعُ قَبْلَهُ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي النَّقْضِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْآخَرِ، وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْمَوْتَ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَنَقْضَ الْبَائِعُ فِي الثَّلَاثِ وَالْآخَرُ الْمَوْتَ فِي الثَّلَاثِ وَإِجَازَةِ الْبَائِعِ قَبْلَهُ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي النَّقْضِ وَالْبَيِّنَةُ لِخَصْمِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَاخْتَلَفَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ أَيْضًا رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ

الفصل الخامس في شرط الخيار في البعض والخيار لغير العاقد

بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ فَصَارَتْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ فَأَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَتَلَهُ خَطَأً فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَمَا صَارَتْ قِيمَتُهٌ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَأَنْكَرَهُ الْمُشْتَرِي فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّ الْبَائِعَ قَتَلَهُ خَطَأً بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ، وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ مَنْ يَدَّعِي الْمَوْتَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَإِذَا قَضَيْنَا بِوُجُوبِ ضَمَانِ الْقَتْلِ لِلْبَائِعِ هُنَا كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُضَمِّنَ عَاقِلَةَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَةَ الْعَبْدِ يَوْمَ قَبَضَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ خَطَأً وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى وَيُقْضَى لِلْبَائِعِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَتْلِ وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَائِعِ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ قَتَلَهُ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَأَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُشْتَرِي قَتَلَهُ بَعْدَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ. وَلَوْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْأَجْنَبِيَّ قَتَلَهُ بَعْدَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَجْنَبِيَّ أَوْ غَيْرَهُ قَتَلَهُ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي فِي هَذَا الْوَجْهِ إثْبَاتَ الْقَتْلِ عَلَى الَّذِي أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَأَرَادَ تَضْمِينَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اتَّفَقَا أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ غَصَبَهُ فِي الثَّلَاثِ وَادَّعَى الْبَائِعُ الْمَوْتَ فِي الثَّلَاثِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْمَوْتَ بَعْدَ الثَّلَاثِ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ عَكَسَا فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْغَصْبُ مِنْ اثْنَيْنِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الَّذِي أَثْبَتَ الْغَصْبَ عَلَيْهِ بِضَمَانِهِ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ الْقَتْلِ وَالْمَوْتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْقَتْلَ وَالْمَوْتَ فِي الثَّلَاثِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ فِي الْبَعْضِ وَالْخِيَارِ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ] وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ دَابَّتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْهَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَفِي الْوَاحِدِ جَازَ فِيهِمَا جَمِيعًا، أَمَّا الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ: فَأَحَدُهَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ وَلَمْ يُبَيِّنْ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ، وَالثَّانِي إذَا عَيَّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الثَّمَنِ، وَالثَّالِثُ إذَا بَيَّنَ حِصَّتَهُمَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ وَالرَّابِعُ إذَا عَيَّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ وَبَيَّنَ حِصَّتَهُمَا مِنْ الثَّمَنِ فَإِنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ فِي أَحَدِهِمَا بَاتًّا وَفِي الْآخَرِ الْخِيَارُ فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ مَاتَ أَوْ مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ تَمَّ الْبَيْعُ فِيهِمَا وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي ثَمَنُهُمَا وَلَيْسَ لِلْآخَرِ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي أَحَدِهِمَا وَلَا فِي كِلَيْهِمَا حَتَّى يَنْقُدَ ثَمَنَهَا كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ اشْتَرَى كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَبْدًا وَاحِدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي نِصْفِهِ صَحَّ فَصْلُ الثَّمَنِ أَوَّلًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ النِّصْفَ الَّذِي شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهَذَا التَّفْرِيقِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ عَبْدَيْنِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَرَطَ الْخِيَارَ فِي أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ لِلْبَائِعِ حَتَّى جَازَ الْعَقْدُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا آخُذُ الَّذِي لَا خِيَارَ فِيهِ وَأَنْقُدُ ثَمَنَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَنْ يَنْقُدَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَأَبَى الْمُشْتَرِي لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يُسَلِّمَ

الَّذِي لَا خِيَارَ فِيهِ إلَى الْمُشْتَرِي وَيَقْبِضَ ثَمَنَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُوقِفَ الْعَبْدَ الْآخَرَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَقْبَلَ مِنْك وَلَا أُعْطِيك شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى تُجِيزَ الْبَيْعَ فِي الْآخَرِ فَآخُذُهُمَا أَوْ تَفْسَخَ الْعَقْدَ فِيهِ فَآخُذَ الْعَبْدَ الَّذِي تَمَّ الْبَيْعُ فِيهِ بِحِصَّتِهِ فَذَلِكَ إلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَدْفَعَ الْعَبْدَيْنِ إلَى الْمُشْتَرِي وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُمَا لَمْ يُجْبَرْ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا آخُذُ الْعَبْدَيْنِ وَأَنْقُدُ ثَمَنَهُمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ الَّذِي وَجَبَ الْبَيْعُ فِيهِ وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُ وَأَبَى الْبَائِعُ ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يُسَلِّمَ إلَى الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ الَّذِي وَجَبَ فِيهِ الْبَيْعُ وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُ وَأَبَى الْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَذَلِكَ كُلُّهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا آخُذُ الْعَبْدَيْنِ وَأَنْقُدُ ثَمَنَهُمَا وَأَبَى الْبَائِعُ ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أُعْطِيك الْعَبْدَيْنِ وَآخُذُ الثَّمَنَيْنِ وَأَنْتَ عَلَى خِيَارِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَيُّهُمَا أَجَازَ الْبَيْعَ جَازَ وَأَيُّهُمَا فَسَخَ الْبَيْعَ انْفَسَخَ فَالْبَيْعُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ صَحِيحٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا وَفَسَخَ الْآخَرُ فَإِنْ عَرَفَ السَّابِقُ مِنْهُمَا فَهُوَ أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَأَجَازَ الْآخَرُ مَعًا فَالْفَسْخُ أَوْلَى كَذَا فِي الْحَاوِي وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. رَجُلٌ أَمَرَ آخَرَ بِأَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْآمِرِ فَبَاعَهُ بَاتًّا بِغَيْرِ خِيَارٍ أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ تُوُقِّفَ، وَلَوْ امْتَثَلَ بِأَنْ شَرَطَ الْخِيَارِ لِلْآمِرِ ثَبَتَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَأَيُّهُمَا أَجَازَ أَوْ نَقَضَ صَحَّ غَيْرَ أَنَّ الْمَأْمُورَ إنْ أَجَازَ بَطَلَ خِيَارُهُ وَبَقِيَ الْآمِرُ عَلَى خِيَارِهِ وَيَكُونُ الْبَاقِي خِيَارَ الْإِجَازَةِ حَتَّى لَا يَتَوَقَّفَ بِمُدَّةٍ وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ فَبَاعَ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْآمِرِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ ثَبَتَ الْخِيَارُ لَهُمَا لِمَا مَرَّ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ اشْتِرَاطٌ لِنَفْسِهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَسَمَّى لَهُ ثَمَنًا وَجِنْسًا حَتَّى صَحَّ الْأَمْرُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ يَعْنِي لِلْمَأْمُورِ فَاشْتَرَى وَشَرَطَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْآمِرِ أَوْ لِأَجْنَبِيِّ نَفَذَ عَلَى الْآمِرِ، وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ لِلْآمِرِ فَاشْتَرَاهُ بِغَيْرِ خِيَارٍ أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ وَلَكِنْ يَلْزَمُ الْمَأْمُورَ وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ فَاشْتَرَاهُ بِغَيْرِ خِيَارٍ لِنَفْسِهِ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ، وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ لِلْآمِرِ فَاشْتَرَى وَشَرَطَ الْخِيَارَ لَهُ كَمَا أَمَرَهُ بِهِ حَتَّى نَفَذَ عَلَى الْآمِرِ ثُمَّ أَجَازَ الْمَأْمُورُ الْبَيْعَ بَطَلَ خِيَارُهُ وَالْآمِرُ عَلَى خِيَارِهِ فَإِنْ أَجَازَ الْعَقْدَ كَانَ الْعَبْدُ لَهُ وَإِنْ رَدَّ كَانَ لِلْوَكِيلِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْوَكِيلِ وَلَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ مِنْ الِابْتِدَاءِ حَتَّى قَالَ الْآمِرُ لَهُ رُدَّ الْعَبْدَ فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ فَهَلَكَ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ، فَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ بَعْدَمَا قَالَ لَهُ الْآمِرُ رُدَّ هَذَا الْعَبْدَ رَضِيت بِهَذَا الْعَقْدِ ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ، وَلَوْ بَاعَهُ الْمَأْمُورُ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالرَّدِّ مِنْ رَجُلٍ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْآمِرِ فَلَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ الثَّانِيَ نَفَذَ الْبَيْعُ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ وَيَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ إنْ كَانَ فِي الثَّمَنِ رِبْحٌ، وَإِنْ نَقَضَ الْبَيْعَ الثَّانِيَ صَارَ الْحَالُ بَعْدَ نَقْضِهِ كَالْحَالِ قَبْلَ وُجُودِهِ وَإِنْ نَقَضَ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ بَعْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي لَزِمَ الْعَبْدَ الْمَأْمُورَ لَكِنْ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهِ بَيْعُهُ الَّذِي كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ جَدَّدَ الْمَأْمُورُ بَيْعًا بَعْدَ ذَلِكَ نَفَذَ وَطَابَ لَهُ الرِّبْحُ إنْ كَانَ فِي الثَّمَنِ

الفصل السادس في خيار التعيين

رِبْحٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِأَمْرِهِ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْآمِرِ كَمَا أَمَرَهُ بِهِ حَتَّى يَثْبُتَ الْخِيَارُ لِلْآمِرِ وَلِلْوَكِيلِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ الْبَائِعُ إنَّ الْآمِرَ قَدْ رَضِيَ وَالْآمِرُ غَائِبٌ وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ بِلَا يَمِينٍ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِي اسْتِحْلَافِ الْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ وَعَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ اسْتَحْلَفَ الْوَكِيلَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ هَذَا إذَا لَمْ يُقِمْ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى فَأَمَّا إذَا أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْآمِرَ قَدْ رَضِيَ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ لِلْآمِرِ وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ غَائِبًا، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ لَهُ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ صَدَّقَهُ فِيمَا ادَّعَى مِنْ رِضَا الْآمِرِ ثُمَّ حَضَرَ الْآمِرُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَأَنْكَرَ الرِّضَا وَادَّعَى أَنَّهُ نَقَضَ الْبَيْعَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْبَائِعِ ذَكَرَ أَنَّ الشِّرَاءَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ بِالثَّمَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ هَذَا إذَا قَالَ الْآمِرُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَأَمَّا إذَا قَالَهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُهُ وَلَا يَكُونُ مُصَدَّقًا فِيمَا حَكَى لِأَنَّهُ حَكَى أَمْرًا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ لِلْحَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُضَارِبُ أَوْ الشَّرِيكُ أَوْ الْوَكِيلُ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلَّذِي عَاقَدَهُ جَازَ وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَطَلَ الْخِيَارُ وَتَمَّ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْخِيَارُ إلَى الصَّبِيِّ فَإِذَا أَجَازَ الْبَيْعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ جَازَ وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ كَذَا فِي الصُّغْرَى وَإِنْ مَضَى وَقْتُ الْخِيَارِ نُقِضَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ بَاعَ الْمُكَاتَبُ وَشَرْطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ فَعَجَزَ فِي الثَّلَاثِ تَمَّ الْبَيْعُ فِي قَوْلِهِمْ وَكَذَلِكَ الْمَأْذُونُ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ الْمَوْلَى فِي الثَّلَاثِ بَطَلَ الْخِيَارُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ شَيْئًا لِلصَّبِيِّ بِدَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ وَشُرِطَ الْخِيَارُ ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَأَجَازَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ جَازَ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا وَالصَّبِيُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ فَإِنْ أَجَازَ الصَّبِيُّ تَمَّ الْبَيْعُ فِي حَقِّهِ وَإِنْ فَسَخَ زَالَ حَقُّ الصَّغِيرِ فَيُصْبِحُ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ لِوُجُودِ الْإِجَازَةِ فَإِنْ لَمْ يُجِزْ الصَّبِيُّ شَيْئًا حَتَّى مَاتَ الْوَصِيُّ بَعْدَ مَا رَضِيَ بِالْبَيْعِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ فَالْيَتِيمُ عَلَى خِيَارِهِ، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْوَصِيُّ وَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَصِيِّ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّهِ أَوْ مَاتَ الْيَتِيمُ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ قَبْلَ رِضَا الْوَصِيِّ بِالْمُشْتَرَى أَوْ بَعْدَهُ فَالشِّرَاءُ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ] صَحَّ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ لَا فِي الْمِثْلِيَّاتِ فِيمَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَرْبَعَةِ كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةَ أَوْ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيَجُوزُ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِي جَانِبِ الْبَائِعِ كَمَا يَجُوزُ فِي جَانِبِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا فَقَبَضَهُمَا الْمُشْتَرِي فَأَحَدُهُمَا مِلْكُ الْمُشْتَرِي مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَالْآخَرُ مِلْكُ الْبَائِعِ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ هَكَذَا فِي الْحَاوِي ثُمَّ قِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْعَقْدِ خِيَارُ الشَّرْطِ مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى خِيَارِ الشَّرْطِ مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ ثَبَتَ حُكْمُهُ وَهُوَ جَوَازُ أَنْ يَرُدَّ كُلًّا مِنْ الثَّوْبَيْنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بَعْدَ تَعْيِينِ الثَّوْبِ الَّذِي فِيهِ الْبَيْعُ، وَلَوْ رَدَّ أَحَدَهُمَا كَانَ بِخِيَارِ التَّعْيِينِ وَثَبَتَ الْبَيْعُ فِي الْآخَرِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، وَلَوْ مَضَتْ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ رَدِّ شَيْءٍ وَتَعْيِينِهِ بَطَلَ خِيَارُ الشَّرْطِ وَانْبَرَمَ الْبَيْعُ فِي أَحَدِهِمَا وَعَلَيْهِ أَنْ يُعَيِّنَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ خِيَارَ الشَّرْطِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ

بِالثَّلَاثِ عِنْدَهُ وَبِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَيَّتُهَا كَانَتْ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا ذَكَرَ الْخِيَارَ مُطْلَقًا وَلَمْ يُوَقِّتْهُ كَانَ الْكَرْخِيُّ يَقُولُ لَا يَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَفِي الْمَأْذُونِ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَرَطَ مَعَهُ خِيَارَ الشَّرْطِ وَهَلَكَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَطَلَ خِيَارُ الشَّرْطِ وَثَبَتَ لِلْوَارِثِ خِيَارُ التَّعْيِينِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْوَارِثُ رَدَّهُمَا، وَإِذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا بَقِيَ الْآخَرُ أَمَانَةً فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَهَلَكَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ تَعَيَّنَ الْهَالِكُ لِلْأَمَانَةِ وَالْقَائِمُ لِلْبَيْعِ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْقَائِمِ يَأْخُذُهُ أَوْ يَرُدُّهُ، وَلَوْ هَلَكَا بَطَلَ الْبَيْعُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي اثْنَيْنِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُمَا، وَلَوْ هَلَكَ الْكُلُّ بَطَلَ الْبَيْعُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ تَعَيَّنَ الْهَالِكُ لِلْبَيْعِ وَالْقَائِمُ لِلْأَمَانَةِ فَيَرُدُّهُ، وَلَوْ هَلَكَا عَلَى التَّعَاقُبِ تَعَيَّنَ الْهَالِكُ أَوَّلًا لِلْبَيْعِ قَبْلَ الْهَلَاكِ وَلَزِمَهُ ثَمَنُهُ، وَلَوْ هَلَكَا مَعًا لَزِمَهُ نِصْفُ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَلِكَ لَوْ هَلَكَا عَلَى التَّعَاقُبِ وَلَكِنْ لَا يَدْرِي السَّابِقَ لَزِمَهُ نِصْفُ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ هَلَكَ أَغْلَاهُمَا ثَمَنًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا بَلْ أَرْخَصُهُمَا ثَمَنًا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الِانْفِرَادِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَسَقَطَ الْيَمِينُ وَلَوْ أَقَامَا جَمِيعًا فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى، وَلَوْ تَعَيَّبَ أَحَدُهُمَا فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْمُتَعَيِّبُ مِنْهُمَا لَا يَتَعَيَّنُ لِلْبَيْعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى خِيَارِهِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَعِيبَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْآخَرَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُمَا وَكَذَلِكَ إنْ تَعَيَّبَا جَمِيعًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ قَبَضَهُمَا ثُمَّ تَعَيَّبَ أَحَدُهُمَا فِي يَدِهِ تَعَيَّنَ ذَلِكَ لِلْبَيْعِ وَالْآخَرُ لِلْأَمَانَةِ، وَإِنْ تَعَيَّبَا جَمِيعًا إنْ كَانَ عَلَى التَّعَاقُبِ لَزِمَهُ الْأَوَّلُ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ إلَى بَائِعِهِ وَلَا يَضْمَنُ نُقْصَانَ مَا حَدَثَ بِهِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَوَّلِ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنْ تَعَيَّبَا مَعًا فَلَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا لِلْبَيْعِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِثَمَنِهِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُمَا جَمِيعًا وَبَطَلَ خِيَارُ الشَّرْطِ وَلَوْ ازْدَادَ عَيْبُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ آخَرُ تَعَيَّنَ ذَلِكَ لِلْبَيْعِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي أَحَدِهِمَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ جَازَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَيَكُونُ مُخْتَارًا لَهُ وَلَزِمَهُ ثَمَنُهُ وَتَعَيَّنَ الْآخَرُ لِلْأَمَانَةِ، وَلَوْ تَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِي أَحَدِهِمَا فَتَصَرُّفُهُ فِيهِ مَوْقُوفٌ إنْ تَعَيَّنَ ذَلِكَ لِلْبَيْعِ بَطَلَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَإِنْ تَعَيَّنَ ذَلِكَ لِلْأَمَانَةِ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِمَا وَهُمَا حَيَّانِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ فَيَرُدُّ الَّذِي لَمْ يَخْتَرْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ بَاعَهُمَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا صَحَّ بَيْعُهُ فِيهِ، وَلَوْ صَبَغَ الْمُشْتَرِي أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ تَعَيَّنَ هُوَ مَبِيعًا وَرَدَّ الْآخَرَ، وَلَوْ أَعْتَقَهُمَا الْبَائِعُ عَتَقَ الَّذِي يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَعْتَقَ مَا اخْتَارَهُ الْمُشْتَرِي لَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ وَإِنْ اسْتَوْلَدَهُمَا الْمُشْتَرِي تَعَيَّنَتْ الْأُولَى لِلْبَيْعِ وَضَمِنَ عُقْرَ الْأُخْرَى لِلْبَائِعِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْهُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَيُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي بِالْبَيَانِ أَيَّتُهُمَا اسْتَوْلَدَهَا أَوَّلًا فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَخِيَارُ التَّعْيِينِ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَرَثَةُ الْأُولَى مِنْهُمَا ضَمِنَ الْمُشْتَرِي نِصْفَ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَنِصْفَ عُقْرِهَا لِلْبَائِعِ وَتَسْعَيَانِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِمَا لِلْبَائِعِ وَرُوِيَ أَنَّ الْوَلَدَيْنِ يَسْعَيَانِ أَيْضًا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِمَا لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ وَطِئَهُمَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَوَلَدَتَا وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ الْوَلَدَيْنِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي فِي الَّتِي وَطِئَهَا أَوَّلًا وَضَمِنَ عُقْرَ الْأُخْرَى وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الْأُخْرَى مِنْ الْبَائِعِ وَيَضْمَنُ الْبَائِعُ عُقْرَ الْأُخْرَى لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ مَاتَا قَبْلَ الْبَيَانِ وَلَمْ يَعْلَمْ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي الْأُولَى مِنْهُمَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ

الْوَلَدَيْنِ مِنْ أَحَدٍ وَعَتَقُوا وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي نِصْفَ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا لِلْبَائِعِ وَالْبَائِعُ يَضْمَنُ نِصْفَ عُقْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِلْمُشْتَرِي وَيَتَقَاصَّانِ وَوَلَاؤُهُمْ بَيْنَهُمَا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِي أَيَّ ثَوْبٍ شَاءَ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ التَّرْكِ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ جَانِبِهِ بَاتٌّ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ لِأَنَّ لَهُ فِي الْمَبِيعِ مِنْهُمَا الْخِيَارَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُمَا جَمِيعًا لِأَنَّ الْمَبِيعَ أَحَدُهُمَا، وَلَوْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ هَلَكَ أَمَانَةً وَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَلْزَمَ الْبَاقِيَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْهَالِكَ، وَإِنْ هَلَكَا جَمِيعًا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِمَا وَلَوْ هَلَكَا بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُ قِيمَةِ الْهَالِكِ آخِرًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ هَلَكَ أَمَانَةً، وَإِنْ هَلَكَا مَعًا لَزِمَهُ نِصْفُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ تَعَيَّبَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَخِيَارُ الْبَائِعِ عَلَى حَالِهِ وَلَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ أَيَّهُمَا شَاءَ فَإِنْ أَلْزَمَهُ السَّلِيمَ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي تَرْكِهِ وَإِنْ أَلْزَمَهُ الْمَعِيبَ إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَإِنْ أَلْزَمَهُ الْمَعِيبَ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ الْآخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ شَاءَ الْبَائِعُ فَسَخَ الْبَيْعَ وَاسْتَرَدَّهُمَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنْ تَعَيَّبَ كِلَاهُمَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا لَا يَجُوزُ وَلَوْ تَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِي أَحَدِهِمَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَتَعَيَّنَ الْآخَرُ لِلْبَيْعِ وَلَهُ خِيَارُ الْإِلْزَامِ فِيهِ وَالْفَسْخُ، وَلَوْ تَصَرَّفَ فِيهِمَا جَمِيعًا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِمَا وَيَكُونُ فَسْخًا لِلْبَيْعِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَيَسْقُطُ خِيَارُ التَّعْيِينِ بِمَا يَسْقُطُ بِهِ خِيَارُ الشَّرْطِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ابْنِ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ إنْ شَاءَ أَخَذَ هَذَا بِعَشَرَةٍ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ هَذَا بِعِشْرِينَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا جَمِيعًا فَصَبَغَ أَحَدَهُمَا وَاخْتَارَهُ وَرَدَّ الْآخَرَ فَقَالَ الْبَائِعُ اخْتَرْتَ الَّذِي ثَمَنُهُ عِشْرُونَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اخْتَرْتُ الَّذِي ثَمَنُهُ عَشَرَةٌ فَالْقَوْلُ فِي الثَّمَنِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَطَعَ الثَّوْبَ قَمِيصًا وَلَمْ يَخِطْهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَإِنْ شَاءَ الْبَائِعُ أَخَذَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ مَقْطُوعًا وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ قَدْ زَادَ فِيهِ مِثْلُ الصَّبْغِ فَلَا سَبِيلَ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ وَلَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا بِثَمَنٍ مُسَمًّى فَضَاعَ أَحَدُهُمَا وَقَطَعَ الْآخَرَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اخْتَرْتُ الَّذِي قَطَعْتُهُ ثُمَّ ضَاعَ الْآخَرُ وَأَنَا فِيهِ أَمِينٌ وَقَالَ الْبَائِعُ لَا بَلْ اخْتَرْت الَّذِي ضَاعَ ثُمَّ قَطَعْتَ الْآخَرَ فَعَلَيْك قِيمَةُ الَّذِي قَطَعْت مَعَ ثَمَنِ الَّذِي ضَاعَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ ضَامِنٌ نِصْفَ ثَمَنِ الَّذِي ضَاعَ وَنِصْفَ قِيمَةِ الَّذِي قُطِعَ وَنِصْفَ ثَمَنِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجُوزُ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ هَهُنَا مَا يَتَعَيَّنُ لِلْبَيْعِ يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ وَالْبَاقِي كَمَا قُلْنَا فِي الْجَائِزِ، فَإِنْ مَاتَا مَعًا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ أَعْتَقَهُمَا الْمُشْتَرِي عَتَقَ أَحَدُهُمَا وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ، وَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ أَوْ بَاعَهُ جَازَ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَلَا يَجُوزُ إعْتَاقُ الْمُبْهَمِ لَا مِنْ الْبَائِعِ وَلَا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ أَعْتَقَ الْبَائِعُ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ ثُمَّ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ أَوْ عَيَّنَهُ لِلْبَيْعِ أَوْ مَاتَ فَعِتْقُ الْبَائِعِ بَاطِلٌ وَلَوْ رُدَّ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ صَحَّ عِتْقُهُ وَلَوْ كَانَ أَعْتَقَهُمَا وَرُدَّا عَلَيْهِ عَتَقَ أَحَدُهُمَا وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

الفصل السابع في الاختلاف في تعيين المشترى بشرط الخيار عند الرد

[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي تَعْيِينِ الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ الْخِيَارِ عِنْدَ الرَّدِّ] ِّ وَفِي جِنَايَةِ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ جَاءَ لِيَرُدَّ عَلَى الْبَائِعِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا هُوَ الَّذِي بِعْتُكَهُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: هُوَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ السِّلْعَةُ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي إجَازَةَ الْعَقْدِ فِي عَيْنٍ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَقَالَ الْبَائِعُ: مَا بِعْتُك هَذَا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا بَلْ بِعْتنِي هَذَا لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكِتَابِ، وَقَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ. هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ مَقْبُوضَةً فَجَاءَ الْمُشْتَرِي بِسِلْعَةٍ لِيَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا هُوَ الَّذِي بِعْتُك وَقَبَضْتَهُ مِنِّي، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: الَّذِي بِعْتَنِي أَوْ أَقْبَضْتَنِي هَذَا، فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ فَأَرَادَ الْبَائِعُ إلْزَامَ الْبَيْعَ فِي عَيْنٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: مَا اشْتَرَيْتُ هَذَا ذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. . قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ فِيهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَتَلَ الْعَبْدُ قَتِيلًا خَطَأً فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَعَلِمَ الْمَوْلَى ذَلِكَ فَأَجَازَ الْبَيْعَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْجِنَايَةِ لَمْ يَصِرْ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَصَحَّتْ الْإِجَازَةُ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ تَعَيَّبَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ فَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي أَخْذَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، وَإِنْ اخْتَارَ نَقْضَ الْبَيْعِ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ. هَذَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَالْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ فَإِنْ أَجَازَ جَازَ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي وَقْتَ الْعَقْدِ ثُمَّ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَجَنَى الْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ وَيَبْقَى خِيَارُ الشَّرْطِ أَيْضًا، فَإِنْ اخْتَارَ الْأَخْذَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَإِنْ اخْتَارَ النَّقْضَ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ، وَلَوْ جَنَى فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَحِينَئِذٍ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِزَوَالِ الْعَيْبِ، وَلَوْ لَمْ يَفْدِ وَاخْتَارَ الدَّفْعَ سَقَطَ خِيَارُ الشَّرْطِ وَتَقَرَّرَ الْعَبْدُ عَلَى مِلْكِهِ عِنْدَ الْإِقْدَامِ عَلَى الدَّفْعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا فَوُجِدَ فِي الدَّارِ قَتِيلٌ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِ الْيَدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا وَعَلَى عَاقِلَةِ مَنْ تَصِيرُ الدَّارُ لَهُ بِالْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ إنْ كَانَ فِيهِ الْخِيَارُ، ثُمَّ عِنْدَهُمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا وَالدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حَتَّى وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هَلْ يَتَخَيَّرُ؟ وَيَجِبُ أَنْ لَا يُخَيَّرَ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْقَتِيلِ فِي الدَّارِ لَيْسَ بِعَيْبٍ حَلَّ بِالدَّارِ لَا حَقِيقَةً وَلَا اعْتِبَارًا فَإِنَّ الدَّارَ لَا تَصِيرُ مُسْتَحَقَّةً بِضَمَانِ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . [الْبَابُ السَّابِعُ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَأَحْكَامِهِ] شِرَاءُ مَا لَمْ يَرَهُ جَائِزٌ كَذَا فِي الْحَاوِي وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ: بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الثَّوْبَ الَّذِي فِي كُمِّي هَذَا وَصِفَتُهُ كَذَا وَالدُّرَّةَ الَّتِي فِي كَفِّي هَذِهِ وَصِفَتُهَا كَذَا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ الصِّفَةَ، أَوْ يَقُولَ: بِعْت مِنْك هَذِهِ الْجَارِيَةَ الْمُنْتَقِبَةَ. وَأَمَّا إذَا قَالَ: بِعْتُ مِنْك مَا فِي كُمِّي هَذَا أَوْ مَا فِي كَفِّي هَذِهِ مِنْ شَيْءٍ هَلْ يَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ؟ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا: إطْلَاقُ الْجَوَابِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ سَوَاءٌ

رَآهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وُصِفَتْ لَهُ أَوْ عَلَى خِلَافِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هُوَ خِيَارٌ يَثْبُتُ حُكْمًا لَا بِالشَّرْطِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلَيْنِ وَلَكِنْ يَمْنَعُ اللُّزُومَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَسْقُطُ بِصَرِيحِ الْإِسْقَاطِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَلَا بَعْدَهَا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَإِنْ لَمْ يَرَ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَإِنْ أَجَازَهُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لَمْ يَجُزْ وَخِيَارُهُ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ فَإِذَا رَآهُ إنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَكَمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ إذَا كَانَ عَيْنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَشَرْطُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ لَا يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ إذَا كَانَ عَيْنًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْأَعْيَانِ وَكَذَا التِّبْرُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ وَالْأَوَانِي، وَلَا يَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِيمَا مَلَكَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ كَالسَّلَمِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا، وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ فِي كُلِّ عَقْدٍ يُفْسَخُ بِالرَّدِّ كَالْإِجَازَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى مَالٍ وَالْقِسْمَةِ وَالشِّرَاءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي تَنْفَسِخُ بِالرَّدِّ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَا يَثْبُتُ فِي كُلِّ عَقْدٍ لَا يَنْفَسِخُ بِالرَّدِّ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يَكُونُ الْمَرْدُودُ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ لَا بِمَا يُقَابِلُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الأستروشني فِي فَوَائِدِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ اسْتَفْتَيْت أَئِمَّةَ بُخَارَى أَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارَ الْعَيْبِ هَلْ يَثْبُتَانِ فِي الْفَاسِدِ؟ فَأَجَابُوا: أَنَّهُمَا يَثْبُتَانِ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ مُطْلَقٌ أَوْ مُوَقَّتٌ قِيلَ بِأَنَّهُ مُوَقَّتٌ بِوَقْتِ إمْكَانِ الْفَسْخِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ حَتَّى لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْفَسْخِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ وَلَمْ يُفْسَخْ يَسْقُطُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْإِجَازَةُ صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفْ بَلْ يَبْقَى إلَى أَنْ يُوجَدَ مَا يُبْطِلُهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ مَا لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ مِنْهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا يُورَثُ حَتَّى إنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ الرَّدُّ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا لَمْ يَرَهُ بِأَنْ وَرِثَ شَيْئًا لَمْ يَرَهُ حَتَّى بَاعَهُ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْآخَرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. . وَلَوْ بَاعَ عَيْنًا بِعَيْنٍ لَمْ يَرَهُ وَبِدَيْنٍ ثُمَّ رَآهُ فَرَدَّهُ يَنْتَقِضُ الْبَيْعُ بِحِصَّةِ الْعَيْنِ وَلَا يَنْتَقِضُ حِصَّةُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ فِي حِصَّتِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَنْ اشْتَرَى مَا رَأَى خُيِّرَ إنْ تَغَيَّرَ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَا يُخَيَّرُ إلَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ كَانَ رَآهُ مِنْ قَبْلُ فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّغَيُّرِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ تَغَيَّرَ وَقَالَ الْبَائِعُ: لَمْ يَتَغَيَّرْ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ. هَذَا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ قَرِيبَةً يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَإِنْ بَعُدَتْ الْمُدَّةُ بِأَنْ رَأَى أَمَةً شَابَّةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً وَزَعَمَ الْبَائِعُ أَنَّهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْكَافِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: رَأَيْتَهُ وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَمْ أَرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَى مَحْدُودًا وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الْمَحْدُودِ الْمُشْتَرَى ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لَمْ أَرَ جَمِيعَ الْمَحْدُودِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا مَا بِعْتُك، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: هُوَ مَا بِعْتَنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِقَوْلِ

الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِقَوْلِهِ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ أَوْ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي الْجَمِيعِ مِثْلُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَذَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْأَقْطَعِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ كَرِشَهَا قَبْلَ السَّلْخِ جَازَ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مِنْ الْبِطِّيخِ بِزْرَهُ قَبْلَ الْقَطْعِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِالْقَطْعِ، وَإِذَا جَازَ بَيْعُ الْكَرِشِ قَبْلَ السَّلْخِ كَانَ عَلَى الْبَائِعِ إخْرَاجُهَا وَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى قَبْلَ الذَّبْحِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَلَوْ نَظَرَ إلَى جِرَابٍ هَرَوِيٍّ فَقَلَبَهُ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْجِرَابِ قَطَعَ مِنْهُ ثَوْبًا ثُمَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَطَعَ مِنْهُ ثَوْبًا وَلَمْ يُرِهِ إيَّاهُ حَتَّى اشْتَرَى بَاقِيَ الْجِرَابِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَرَضَ رَجُلٌ ثَوْبَيْنِ ثُمَّ لَفَّ أَحَدَهُمَا فِي مِنْدِيلٍ وَجَاءَهُ وَلَمْ يَرَهُ وَاشْتَرَاهُ مِنْهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهُمَا هُوَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ أَتَاهُ بِالثَّوْبَيْنِ جَمِيعًا وَلَفَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مِنْدِيلٍ وَقَالَ: هَذَانِ الثَّوْبَانِ اللَّذَانِ عَرَضْتُ عَلَيْك أَمْسِ. فَقَالَ: أَخَذْتُ هَذَا الثَّوْبَ بِعَيْنِهِ بِعَشَرَةٍ وَهَذَا الثَّوْبَ بِعَيْنِهِ بِعَشَرَةٍ وَلَمْ يَرَهُ حَالَةَ الشِّرَاءِ لَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ اشْتَرَاهُمَا بِثَمَنٍ مُخْتَلِفٍ بِأَنْ قَالَ: أَخَذْت هَذَا بِعِشْرِينَ وَهَذَا بِعَشْرَةٍ فَلَهُ الْخِيَارُ، وَلَوْ قَالَ: أَخَذْت أَحَدَهُمَا بِعِشْرِينَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهمَا هُوَ فَهَذَا فَاسِدٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا عُرِضَ عَلَى رَجُلٍ جِرَابٌ هَرَوِيٌّ فَنَظَرَ إلَى كُلِّ ثَوْبٍ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ لَفَّ ثَوْبًا مِنْ الْجِرَابِ فِي مِنْدِيلٍ فَاشْتَرَاهُ الَّذِي عُرِضَ عَلَيْهِ الْجِرَابُ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ وَإِنْ كَانَ بَيَّنَ صَاحِبُ الْجِرَابِ أَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْجِرَابِ حَتَّى بَيَّنَهُ أَنَّهُ شَيْءٌ يَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا قَدْ كَانَ رَآهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ بِأَنْ رَأَى ثَوْبًا فِي يَدِ إنْسَانٍ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ لَفَّهُ فِي مِنْدِيلٍ وَبَاعَهُ مِنْهُ أَوْ رَأَى جَارِيَةً فِي يَدِ إنْسَانٍ ثُمَّ رَآهَا مُنْتَقِبَةً عِنْدَهُ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ ذَلِكَ الثَّوْبُ أَوْ تِلْكَ الْجَارِيَةُ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى رَاوِيَةٌ مَاءً فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمَاءِ أَطْيَبُ مِنْ بَعْضٍ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ مِنْ دِجْلَةَ وَهِيَ مِنْ دِجْلَةَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمَوَاضِعِ أَطْيَبُ مِنْ بَعْضٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ يَمْنَعُ تَمَامَ الصَّفْقَةِ حَتَّى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عِدْلَ زُطِّيٍّ فَلَمْ يَرَهُ فَقَبَضَهُ وَحَدَثَ بِثَوْبٍ مِنْهُ عَيْبٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مِنْهُ شَيْئًا بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَجَازَ الْعَقْدَ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ دُونَ الْبَعْضِ بِأَنْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَرَآهُمَا بَعْدَمَا قَبَضَهُمَا وَرَضِيَ بِأَحَدِهِمَا فَقَالَ: رَضِيتُ بِهَذَا - لَمْ يَجُزْ وَالْخِيَارُ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ وَرَآهُمَا ثُمَّ قَبَضَ أَحَدَهُمَا فَهُوَ رِضًا رَوَاهُ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَرُؤْيَةُ أَحَدِهِمَا لَا تَكُونُ كَرُؤْيَتِهِمَا إلَّا إذَا قَبَضَ الَّذِي رَآهُ فَأَتْلَفَهُ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ وَفِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلَانِ اشْتَرَيَا شَيْئًا لَمْ يَرَيَاهُ وَقَبَضَاهُ ثُمَّ نَظَرَا إلَيْهِ فَرَضِيَ بِهِ أَحَدُهُمَا وَأَرَادَ الْآخَرُ الرَّدَّ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ اثْنَيْنِ وَالْمُشْتَرِي وَاحِدًا وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعَيْنِ فَنَقَضَ أَحَدُهُمَا وَأَجَازَ الْآخَرُ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى الْإِجَازَةِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ اشْتَرَيَا جَارِيَةً قَدْ رَآهَا أَحَدُهُمَا فَقَبَضَاهَا فَنَظَرَ إلَيْهَا الَّذِي لَمْ يَرَهَا وَاجْتَمَعَا عَلَى رَدَّهَا فَلَهُمَا ذَلِكَ، وَلَوْ أَنَّ الَّذِي رَآهَا قَالَ: رَضِيتُ وَأَنْفَذْت الْبَيْعَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الَّذِي لَمْ يَرَهَا كَانَ لِلَّذِي لَمْ يَرَهَا أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ الْمَبِيعِ، وَرِضَا شَرِيكِهِ بِمَنْزِلَةِ رُؤْيَتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ رَأَى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ فَاشْتَرَاهُمَا ثُمَّ رَأَى الْآخَرَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا أَوْ يُمْسِكَهَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ اشْتَرَى عِدْلَ زُطِّيٍّ لَمْ يَرَهُ فَلَبِسَ مِنْهُ ثَوْبًا بَطَلَ خِيَارُهُ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي مُحِيطِ

السَّرَخْسِيِّ وَالرَّدُّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَسْخٌ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَضَاءٍ وَلَا رِضَا الْبَائِعِ وَيَنْفَسِخُ بِقَوْلِهِ: رَدَدْت، إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الرَّدُّ إلَّا بِعِلْمِ الْبَائِعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا قَبَضَهُ ثُمَّ رَآهُ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ مَا لَمْ يُجِزْ أَوْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالرِّضَا بِهِ يَصِحُّ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْبَائِعِ وَبِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْهُ بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ رِضًا بِالصَّرِيحِ وَرِضًا بِالدَّلَالَةِ، وَالرِّضَا بِالصَّرِيحِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ: رَضِيت، أَوْ يَقُولَ: أَجَزْت، وَالرِّضَا بِالدَّلَالَةِ أَنْ يَرَاهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَيَقْبِضَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الشَّرْطِ مِنْ تَعَيُّبٍ أَوْ تَصَرُّفٍ يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ ثُمَّ إنْ كَانَ تَصَرُّفًا لَا يُمْكِنُ فَسْخُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَنَفَاذِهِ كَالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ أَوْ تَصَرُّفًا يُوجِبُ حَقًّا لِلْغَيْرِ كَالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ وَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ يَبْطُلُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَبَعْدَهَا كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ بَاعَ بَعْدَ الْقَبْضِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ أَوْ بِمَا هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَفُكَّ الرَّهْنُ وَانْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ لَا يَعُودُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ بِأَنْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ أَوْ وَهَبَ وَلَمْ يُسَلِّمْ أَوْ عَرَضَ عَلَى الْبَيْعِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ فِيهِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ يَبْطُلُ خِيَارُهُ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَلَوْ عُرِضَ عَلَى الْبَيْعِ بَعْضُ الْمَبِيعِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ بَطَلَ خِيَارُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَبْطُلُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ عَجَزَ فَرَآهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْخِيَارِ كَذَا فِي الْحَاوِي لَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْمَبِيعِ مِنْ يَدِهِ أَوْ نَقَصَ فِي يَدِهِ أَوْ زَادَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً فَإِنَّهُ يَبْطُلُ خِيَارُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَا لَوْ كَانَ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا عَنْ شَهْوَةٍ أَوْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا لِحَاجَةِ نَفْسِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ كَالْمُطْلَقِ حَتَّى يَسْقُطَ بِهِ الْخِيَارُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَكَذَا إذَا بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَسَلَّمَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ قَبْل الرُّؤْيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا يَنْقُدُ الثَّمَنَ مَعَ الرُّؤْيَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْهُ بَطَلَ خِيَارُهُ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفًا يُنْقِصُهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ بَطَلَ خِيَارُهُ كَمَا إذَا جَزَّ صُوفَ الشَّاةِ الْمَبِيعَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا الْمَبِيعَةُ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الْمَبِيعُ وَنَقَصَ بِلُبْسِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً لَمْ يَرَهَا فَأَوْدَعَهَا الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا فَمَاتَتْ عِنْدَهُ فَهُوَ قَابِضٌ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ فِي ضَمَانِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ اسْتَوْدَعَهَا الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بَعْدَ مَا قَبَضَهَا فَمَاتَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْل أَنْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي فَهِيَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اشْتَرَى خِفَافًا فَأَلْبَسَهُ الْبَائِعُ وَهُوَ نَائِمٌ فَقَامَ فَمَشَى فِيهِ وَذَلِكَ يُنْقِصُهُ فَقَدْ بَطَلَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، وَإِنْ لَمْ يُنْقِصْهُ لَا يَبْطُلُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا لَمْ يَرَهَا فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ فِي الْكُبْرَى لَوْ اشْتَرَى لُؤْلُؤَةً فِي صَدَفٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْبَيْعُ بَاطِلٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ مَا فِي هَذَا الْجُوَالِقِ أَوْ مَا فِي الْبَيْتِ جَازَ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ مَا فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ مَا فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ مُتَفَاحِشَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. دَجَاجَةٌ ابْتَلَعَتْ لُؤْلُؤَةً فَبَاعَهَا مَعَ اللُّؤْلُؤَةِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي رَأَى اللُّؤْلُؤَةَ قَبْل الِابْتِلَاعِ، وَإِنْ بَاعَ اللُّؤْلُؤَةَ بَعْدَمَا مَاتَتْ الدَّجَاجَةُ

جَازَ الْبَيْعُ وَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي اللُّؤْلُؤَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ رَآهَا قَبْلَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ اشْتَرَى مَتَاعًا وَحَمَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ فَلَهُ رَدُّهُ بِعَيْبٍ أَوْ رُؤْيَةٍ لَوْ رَدَّهُ إلَى مَوْضِعِ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ سَوَاءٌ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ بِالْحَمْلِ أَوْ انْتَقَصَتْ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. . اشْتَرَى لَبَنًا عَلَى أَنْ يَحْمِلَهُ الْبَائِعُ إلَى مَنْزِلِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْبَيْعُ بِلَفْظِ الْفَارِسِيَّةِ جَازَ الْبَيْعُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَأَى اللَّبَنَ فَرَآهُ بَعْدَمَا حَمَلَهُ الْبَائِعُ إلَى مَنْزِلِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْحَمْلِ فَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ عَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بِعَيْبٍ أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ أَسْكَنَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ رَجُلًا لَا يَسْقُطُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إلَّا إنْ أَسْكَنَهُ بِأَجْرٍ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَأَذِنَ لِلْأَكَّارِ أَنْ يَزْرَعَهَا بَطَلَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ بِأَمْرِهِ كَفِعْلِهِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا وَلَهَا أَكَّارٌ فَزَرَعَهَا الْأَكَّارُ بِرِضَا الْمُشْتَرِي بِأَنْ تَرَكَهَا عَلَيْهِ عَلَى الْحَالَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ثُمَّ رَآهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. إذَا أَعَارَ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَرَاهَا لِيَزْرَعَهَا الْمُسْتَعِيرُ فَإِنَّ الْخِيَارَ لَا يَسْقُطُ قَبْل الزِّرَاعَةِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ ضَيْعَتَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُون لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ بِثَوْبٍ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ يَبِيعَ الثَّوْبَ مَعَ الضَّيْعَةِ ثُمَّ الْمُقَرُّ لَهُ يَسْتَحِقُّ الثَّوْبَ الْمُقَرَّ بِهِ فَيَبْطُلُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا لَمْ يَرَهَا فَرَآهَا وَلَمْ يَقُلْ بسندآمديانيامد، وَقَالَ لِقَوْمٍ: كَوَاهُ ياشيد برخر يُدَنِّ مِنْ اين خَانَهُ را، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. . رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا هِيَ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: سَلَّمْتُهَا إلَيْكَ، ثُمَّ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي عَنْ أَدَاءِ الثَّمَنِ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ وَعَدَمِ الْقَبْضِ حَقِيقَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهَا يُؤْمَرُ الْبَائِعُ بِأَنْ يَخْرُجَ مَعَ الْمُشْتَرِي إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ أَوْ يَبْعَثَ وَكِيلًا إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ فَيَقْبِضَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ وَيُسَلِّمَ الدَّارَ إلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ عَبْدًا فَوَجَدَهُ أَعْمَى فَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَهُ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي فَإِنْ أَجْزَأَ وَإِلَّا رَدَدْتُهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ اشْتَرَى كُرَّيْ حِنْطَةٍ وَلَمْ يَرَهُمَا فَأَقَالَ فِي أَحَدِهِمَا قَبْل الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِيمَا بَقِيَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ فَقَالَ لِلْبَائِعِ: بِعْهُ، أَوْ قَالَ: بِعْهُ لِنَفْسِك فَهَذَا رَدٌّ السَّاعَةَ بَاعَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَمْ يَبِعْهُ وَقَدْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَمَا رَآهُ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْفَصْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّاةِ فَقَالَ: إذَا اشْتَرَى شَاةً وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى قَالَ لِلْبَائِعِ: بِعْهَا أَوْ بِعْهَا لِنَفْسِكَ فَهُوَ سَوَاءٌ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَرَهَا فَهُوَ السَّاعَةَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَرَدٌّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ رَآهَا لَمْ يَكُنْ نَقْضًا حَتَّى يَقُولَ: قَدْ قَبِلْتُ ذَلِكَ وَأَنَا أَبِيعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . اشْتَرَى شَاةً لَمْ يَرَهَا فَقَالَ لِلْبَائِعِ: احْلِبْ لَبَنَهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ، أَوْ صُبَّهُ عَلَى الْأَرْضِ فَفَعَلَ بَطَلَ خِيَارُهُ فِي الشَّاةِ بِقَبْضِ اللَّبَنِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ إنْسَانٌ خَطَأً قَبْل الْقَبْضِ فَأَخَذَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ مِنْ قَاتِلِهِ وَإِنْفَاقِهِ لَا يُبْطِلُ خِيَارَهُ فِي الْآخَرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْأَصْلِ إذَا جُرِحَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي جُرْحًا لَهُ أَرْشٌ أَوْ كَانَتْ أَمَةً فَوَطِئَهَا غَيْرُ الْمُشْتَرِي بِشُبْهَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، فَإِنْ وَطِئَهَا غَيْرُ الْمُشْتَرِي بِطَرِيقِ الزِّنَا أَوْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ الْجُرْحُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ فِي الْمَسَائِلِ

الفصل الثاني فيما تكون رؤية بعضه كرؤية الكل في إبطال الخيار

الثَّلَاثِ، فَإِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا فَإِنْ بَقِيَ الْوَلَدُ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ إنْ أَوْجَبَتْ الْوِلَادَةُ نُقْصَانًا ظَاهِرًا فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ نُقْصَانًا ظَاهِرًا فَكَذَلِكَ عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَتْ دَابَّةً أَوْ شَاةً فَوَلَدَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَكَذَا لَوْ قَتَلَ وَلَدَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ جَرَحَ الْعَبْدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ قَتَلَهُ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ وَجَبَ الْبَيْعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَعَلَى الْبَائِعِ الْقِيمَةُ فِي الْقَتْلِ، وَالْأَرْشُ فِي الْجِرَاحَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَعَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانَ إذَا زَوَّجَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ قَبْل الْقَبْضِ ثُمَّ رَآهَا قَبْلَ دُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا فَلَهُ الرَّدُّ، وَالْمَهْرُ يُصْلَحُ بَدَلًا عَنْ عَيْبِ التَّزْوِيجِ، وَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْعَيْبِ أَكْثَرَ مِنْ الْمَهْرِ، وَقِيلَ: يَغْرَمُ الْبَاقِيَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. . وَلَوْ حُمَّ الْعَبْدُ ثُمَّ ذَهَبَ الْحُمَّى عَنْهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إذَا رَآهُ وَلَوْ خَاصَمَهُ إلَى الْقَاضِي وَهُوَ مَحْمُومٌ فَأَبَى الْبَائِعُ أَنْ يَقْبَلَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُ الرَّدَّ وَيُجِيزُ الْبَيْعَ فَإِنْ صَحَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي، وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى رَدِّهِ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ حُمَّ قَبْل أَنْ يَقْبِضَهُ ثُمَّ أَقْلَعَتْ عَنْهُ الْحُمَّى وَعَادَ إلَى الصِّحَّةِ فَهُوَ لَازِمٌ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الْحَاوِي. اشْتَرَى حِنْطَةً مُجَازَفَةً قَدَّرَاهَا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى جَفَّتْ وَنَقَصَتْ لَا خِيَارَ لَهُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. . ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ يَمْلِكُ الْفَسْخَ إلَّا ثَلَاثَةً لَا يَمْلِكُونَهُ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا اشْتَرَوْا شَيْئًا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهُ إذَا كَانَ خِيَارَ عَيْبٍ وَيَمْلِكُونَهُ إذَا كَانَ خِيَارَ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. . [الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا تَكُونُ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ كَرُؤْيَةِ الْكُلِّ فِي إبْطَالِ الْخِيَارِ] أَصْلُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ إنْ كَانَ تَبَعًا لِلْمَرْئِيِّ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي غَيْرِ الْمَرْئِيِّ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ أَصْلًا يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ رُؤْيَةُ مَا رَأَى لَمْ تُعَرِّفْهُ حَالَ مَا لَمْ يَرَهُ بَقِيَ خِيَارُهُ وَإِنْ كَانَتْ تُعَرِّفُهُ بَطَلَ خِيَارُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ عَبْدًا وَرَأَى وَجْهَهُ وَرَضِيَ بِهِ لَا يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا إذَا نَظَرَ إلَى أَكْثَرِ الْوَجْهِ فَهُوَ كَرُؤْيَةِ جَمِيعِهِ، وَلَوْ رَأَى مِنْ بَنِي آدَمَ إلَى جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ فَخِيَارُهُ بَاقٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ اشْتَرَى فَرَسًا أَوْ بَغْلًا أَوْ حِمَارًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَرَأَى وَجْهَهُ لَا غَيْرُ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ مَا لَمْ يَرَ وَجْهَهُ وَمُؤَخَّرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَقَدْ قَالُوا: إنْ قَالَ أَهْلُ الصَّنْعَةِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالدَّوَابِّ: إنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى النَّظَرِ إلَى الْقَوَائِمِ - كَانَ شَرْطًا فِي سُقُوطِ الْخِيَارِ أَيْضًا كَذَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْأَقْطَعِ وَرُؤْيَةُ الْحَافِرِ وَالنَّاصِيَةِ وَالذَّنَبِ لَا يَكْفِي هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ وَفِي شَاةِ الْقُنْيَةِ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى ضَرْعِهَا وَسَائِرِ جَسَدِهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ اشْتَرَى شَاةَ اللَّحْمِ لَا بُدَّ مِنْ الْجَسِّ حَتَّى لَوْ رَآهَا مِنْ بَعِيدٍ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً حَلُوبًا أَوْ نَاقَةً حَلُوبًا فَرَأَى كُلَّهَا وَلَمْ يَرَ ضَرْعَهَا فَلَهُ الْخِيَارُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِيمَا يُطْعَمُ لَا بُدَّ مِنْ الذَّوْقِ وَفِيمَا يُشَمُّ لَا بُدَّ مِنْ الشَّمِّ وَفِي دُفُوفِ الْمَغَازِي لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. اشْتَرَى مَا يُذَاقُ فَذَاقَهُ لَيْلًا وَلَمْ يَرَهُ سَقَطَ خِيَارُهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مَنْقُولًا لَيْسَ بِحَيَوَانٍ فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْهُ مَقْصُودًا كَالْوَجْهِ فِي الْمَعَافِرِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ مَا لَمْ يَرَ وَجْهَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهُ مَقْصُودًا كَالْكِرْبَاسِ إذَا رَأَى الْبَعْضَ وَرَضِيَ بِهِ بَطَلَ خِيَارُهُ إذَا وَجَدَ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ مِثْلَ الْمَرْئِيِّ فِي الصِّفَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ وَجَدَ دُونَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَاحِدًا فَرَأَى ظَاهِرَهُ مَطْوِيًّا وَلَمْ يَنْشُرْهُ

فَإِنْ كَانَ سَاذَجًا لَيْسَ بِمُنَقَّشٍ وَلَا بِذِي عَلَمٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُنَقَّشًا فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ مَا لَمْ يَنْشُرْهُ وَيَرَ نَقْشَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنَقَّشًا وَلَكِنَّهُ ذُو عَلَمٍ فَرَأَى عَلَمَهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَرَ عَلَمَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ ثُمَّ قِيلَ: هَذَا فِي عُرْفِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَمَا لَمْ يَرَ بَاطِنَ الثَّوْبِ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ اخْتِلَافُ الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ فِي الثِّيَابِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي الْمَبْسُوطِ الْجَوَابُ عَلَى مَا قَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا يَكْفِي أَنْ يَرَى ظَهْرَ الطُّنْفُسَةِ مَا لَمْ يَرَ وَجْهَهَا وَمَوْضِعَ الْوَشْيِ مِنْهَا وَمَا كَانَ لَهُ وَجْهَانِ مُخْتَلِفَانِ يُعْتَبَرُ رُؤْيَتُهُمَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقَالُوا فِي الْبِسَاطِ: لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِهِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَفِي الْوِسَادَةِ الْمَحْشُوَّةِ لَوْ رَأَى ظَاهِرَهَا فَإِنْ كَانَتْ مَحْشُوَّةً بِمَا يُحْشَى مِثْلُهَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَإِنْ كَانَتْ مَحْشُوَّةً بِمَا لَا يُحْشَى مِثْلُهَا فَلَهُ الْخِيَارُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْمِعْرَاجِ. وَلَوْ اشْتَرَى جُبَّةً مُبَطَّنَةً وَرَأَى بِطَانَتَهَا فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَأَى ظِهَارَتَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْبِطَانَةُ مَقْصُودَةً بِأَنْ كَانَ عَلَيْهَا فَرْوٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَةَ مَقْصُودَةٌ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا إذَا كَانَتْ الظِّهَارَةُ غَيْرَ مَقْصُودَةٍ بِأَنْ كَانَتْ شَيْئًا حَقِيرًا، وَلَوْ رَأَى ظِهَارَتَهَا فَلَيْسَ لَهُ الْخِيَارُ إذَا رَأَى بِطَانَتَهَا إلَّا إنْ كَانَتْ الْبِطَانَةُ مَقْصُودَةً بِأَنْ كَانَ عَلَيْهَا فَرْوٌ وَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْبُرْهَانِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ إذَا اشْتَرَى مَكَاعِبَ وَقَدْ جَعَلَ وُجُوهَ الْمَكَاعِبِ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ فَنَظَرَ الْمُشْتَرِي إلَى ظُهُورِهَا لَا يَبْطُلُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، وَلَوْ نَظَرَ إلَى وُجُوهِهَا وَلَمْ يَنْظُرْ إلَى الصَّرْمِ يَبْطُلُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَذَا فِي الصُّغْرَى وَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَى الصَّرْمِ فِي زَمَانِنَا لِتَفَاوُتِهِ وَكَوْنِهِ مَقْصُودًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي تُرَابِ الْمَعْدِنِ وَتُرَابِ الصَّوَّاغِينَ يُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ مَا يَخْرُجُ، وَلَوْ اشْتَرَى سَرْجًا بِأَدَاتِهِ وَقَبَضَهُ وَلَمْ يَرَ اللُّبَدَ ثُمَّ رَآهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْكُلَّ وَكَذَا الرَّحَى بِأَدَاتِهَا إذَا لَمْ يَرَ شَيْئًا مُبَايِنًا مِنْهَا ثُمَّ رَآهُ فَلَهُ الْخِيَارُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى خُفَّيْنِ أَوْ مِصْرَاعَيْنِ أَوْ نَعْلَيْنِ وَرَأَى أَحَدَهُمَا كَانَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إذَا رَأَى الْبَاقِيَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفَتَاوَى: وَإِذَا اشْتَرَى نَافِجَةَ مِسْكٍ وَأَخْرَجَ الْمِسْكَ مِنْهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا لِرُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ يُدْخِلُ فِيهِ عَيْبًا، حَتَّى لَوْ لَمْ يُدْخِلْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اشْتَرَى قَوْصَرَّةَ سُكَّرٍ لَمْ يَرَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ الْقَوْصَرَّةِ وَغَرْبَلَهُ سَقَطَ خِيَارُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ اشْتَرَى دُهْنًا فِي قَارُورَةٍ فَنَظَرَ إلَى الْقَارُورَةِ وَلَمْ يَصُبَّ الدُّهْنَ عَلَى رَاحَتِهِ أَوْ عَلَى أُصْبُعِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِرُؤْيَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ رَأَى مَا اشْتَرَاهُ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجَةٍ أَوْ فِي مِرْآةٍ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَلَى شَفَا حَوْضٍ فَنَظَرَهُ فِي الْمَاءِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِرُؤْيَةٍ وَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ اشْتَرَى سَمَكًا فِي الْمَاءِ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ اصْطِيَادٍ فَرَآهُ فِي الْمَاءِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ نَظَرَ إلَى الْمَبِيعِ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ رَقِيقٍ كَانَ رُؤْيَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا رَأَى عِنَبَ كَرْمٍ فَلَهُ الْخِيَارُ حَتَّى يَرَى مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا شَيْئًا وَفِي النَّخْلِ، إذَا رَأَى بَعْضَهُ وَرَضِيَ بِهِ بَطَلَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، وَجَعَلَ رُؤْيَةَ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ النَّخْلِ جَائِزًا عَلَى كُلِّهِ، وَإِذَا اشْتَرَى رُمَّانًا حُلْوًا أَوْ حَامِضًا وَرَأَى أَحَدَهُمَا فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَأَى الْآخَرَ، وَفِيهِ أَيْضًا إذَا اشْتَرَى حَمْلَ نَخْلٍ فَرَأَى بَعْضَهُ وَرَضِيَ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْبَيْعُ حَتَّى يَرَى كُلَّهُ فَيَرْضَى بِهِ وَكَذَلِكَ الثِّمَارُ الظَّاهِرَةُ كُلُّهَا مَا يَدْخُلُ مِنْهَا فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَمَا يَدْخُلُ فِي الْعَدِّ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي رَأْسِ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا ذَكَرَ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ إذَا رَأَى خَارِجَ الدَّارِ وَرَضِيَ بِهِ لَا يَبْقَى خِيَارُهُ، قَالُوا: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الدَّاخِلِ بِنَاءٌ فَإِنْ كَانَ فِيهَا بِنَاءٌ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الدَّاخِلِ أَوْ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ حَتَّى إذَا كَانَ

فِي الدَّارِ بَيْتَانِ شَتْوِيَّانِ وَبَيْتَانِ صَيْفِيَّانِ وَبَيْتَا طَابَقٍ يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْكُلِّ كَمَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ صَحْنِ الدَّارِ وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمَطْبَخِ وَالْمَزْبَلَةِ وَالْعُلُوِّ إلَّا فِي بَلَدٍ يَكُونُ الْعُلُوُّ مَقْصُودًا كَمَا فِي سَمَرْقَنْدَ وَبَعْضُهُمْ شَرَطَ رُؤْيَةَ الْكُلِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي بَيْتِ الْغَلَّةِ يُفْتَى بِجَوَابِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ الْجِدَارِ خَارِجَ الْبَيْتِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ كَانَ كَرْمًا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إذَا رَأَى رُءُوسَ الْأَشْجَارِ مِنْ خَارِجٍ وَرَأَى رَأْسَ كُلِّ شَجَرٍ وَرَضِيَ بِهِ لَا يَبْقَى خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَقَالُوا: لَا بُدَّ فِي الْبُسْتَانِ مِنْ رُؤْيَةِ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا كَانَ الْمُشْتَرَى أَشْيَاءَ فَرَأَى وَقْتَ الشِّرَاءِ بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ إنْ كَانَ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ فَإِنْ كَانَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ إلَّا إذَا وَجَدَ الْبَاقِيَ بِخِلَافِ مَا رَأَى فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ، لَكِنْ خِيَارُ الْعَيْبِ لَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَعَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ: لِخِيَارِ لَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ عَلَى صِفَتَيْنِ فَلَهُ الْخِيَارُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ الْعَدَدِيَّات الْمُتَفَاوِتَةِ نَحْوُ الثِّيَابِ الَّتِي اشْتَرَاهَا فِي جِرَابٍ وَالْبَطَاطِيخِ الَّتِي تَكُونُ فِي الشَّرِيجَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ وَإِذَا رَأَى الْبَعْضَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي الْبَاقِي وَلَكِنْ إذَا أَرَادَ الرَّدَّ يَرُدُّ الْكُلَّ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ نَحْوُ الْجَوْزِ وَالْبَيْضِ رُؤْيَةُ الْبَعْضِ تَكْفِي إذَا وَجَدَ الْبَاقِيَ مِثْلَ الْمَرْئِيِّ أَوْ فَوْقَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ لَكِنْ إذَا رَدَّهُ يَرُدُّ الْكُلَّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْفُصُولِ: لَمْ أَجِدْ الْبَاقِيَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي رَأَيْتُ الْمَرْئِيَّ بَلْ دُونَهُ، وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا بَلْ وَجَدْتَهُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مَغِيبًا فِي الْأَرْضِ كَالْبَصَلِ وَالثُّومِ وَالْجَزَرِ وَمَا أَشْبَهَهُ لَمْ يَكُنْ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ مُخْتَارًا وَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ مَا لَمْ يَرَ جَمِيعَهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا إذَا قَلَعَ شَيْئًا مِنْهُ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى الْبَاقِي وَإِذَا رَضِيَ بِهِ سَقَطَ خِيَارُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي الْأَمَالِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ الْمَغِيبُ فِي الْأَرْضِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ بَعْدَ الْقَلْعِ كَالثُّومِ وَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ فَقَلَعَ الْمُشْتَرِي شَيْئًا بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ قَلَعَ الْبَائِعُ إنْ كَانَ الْمَقْلُوعُ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ إذَا رَأَى الْمَقْلُوعَ وَرَضِيَ بِهِ لَزِمَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَتَكُونُ رُؤْيَةُ الْبَعْضِ كَرُؤْيَةِ الْكُلِّ إذَا وَجَدَ الْبَاقِيَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْلُوعُ شَيْئًا يَسِيرًا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَزْنِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ هَذَا إذَا قَلَعَ الْبَائِعُ أَوْ قَلَعَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ، فَإِنْ قَلَعَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ إنْ كَانَ الْمَقْلُوعُ شَيْئًا لَهُ ثَمَنٌ لَزِمَهُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ رَضِيَ بِهِ أَوْ لَمْ يَرْضَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَجَدَ فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ الْأَرْضِ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ لَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ الْمَقْلُوعُ قَلِيلًا لَا ثَمَنَ لَهُ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ، وَالْفَتْوَى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يُبَاعُ عَدَدًا كَالْفُجْلِ فَرُؤْيَةُ الْبَعْضِ لَا تُبْطِلُ خِيَارَهُ فِيمَا بَقِيَ إذَا حَصَلَ الْقَلْعُ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ، وَإِنْ قَلَعَ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ وَكَانَ الْمَقْلُوعُ شَيْئًا لَهُ ثَمَنٌ سَقَطَ خِيَارُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هَذَا إذَا كَانَ الْمَغِيبُ مَعْلُومًا وُجُودُهُ فِي الْأَرْضِ فَإِنْ بَاعَهُ قَبْل

الفصل الثالث في شراء الأعمى والوكيل والرسول

النَّبَاتِ أَوْ بَعْدَمَا نَبَتْ فِي الْأَرْضِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَدْرِي أَهُوَ نَابِتٌ فِي الْأَرْضِ أَوْ لَيْسَ بِنَابِتٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَوْ بَاعَ مَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْأَرْضِ مِثْلَ الْبَصَلِ وَنَحْوِهِ وَقَلَعَ الْبَائِعُ شَيْئًا مِنْ مَوْضِعٍ وَقَالَ: أَبِيعُكَ عَلَى أَنَّ فِي كُلِّ مَكَان مِثْلَ هَذَا فِي الْكَثْرَةِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ بَاعَ جَزَرًا فَقَالَ الْبَائِعُ: أَخَافُ أَنْ أَقْلَعَهُ فَلَا تَرْضَاهُ فَيَهْلِكَ عَلَيَّ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَخَافُ أَنْ أَقْلَعَهُ فَلَا يَصْلُحُ لِي فَلَا أَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ فَمَنْ تَطَوَّعَ مِنْهُمَا بِالْقَلْعِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَتَطَوَّعَا فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْأَقْطَعِ وَلَوْ اشْتَرَى كردجين مِنْ الْجَزَرِ فَقَلَعَ فَوَجَدَ فِي أَحَدِ الكردجين جَيِّدًا وَقَلَعَ الْآخَرَ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا لَا يُرَدُّ شَيْئًا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّبَ بِالْقَلْعِ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، وَلَوْ اشْتَرَى جَزَرًا فِي جُوَالِقَ فَوَجَدَ فِي أَعْلَاهُ جَزَرًا طَوِيلًا وَفِي أَسْفَلِهِ قَصِيرًا صَغِيرًا فَإِنْ كَانَ الْقَصِيرُ لَا يُشْتَرَى بِمَا يُشْتَرَى بِهِ الطَّوِيلُ كَانَ عَيْبًا فَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى عَشَرَةَ أَجْرِبَةِ جَزَرٍ فِي الْأَرْضِ فَقَبَضَ الْأَرْضَ وَبَعَثَ الْغُلَامَ وَأَمَرَهُ بِقَلْعِ الْجَزَرِ فَقَلَعَ كُلَّهُ ثُمَّ جَاءَ الْمُشْتَرِي هَلْ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: قَدْ نَقَصَهُ الْقَلْعُ ثُلُثَ الْقِيمَةِ، قَالَ: وَإِنْ نَقَصَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي شِرَاءِ الْأَعْمَى وَالْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ] بَيْعُ الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا اشْتَرَى وَلَا خِيَارَ لَهُ فِيمَا بَاعَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَتَقْلِيبُهُ وَجَسُّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّظَرِ مِنْ الصَّحِيحِ فِيمَا يُجَسُّ وَفِي الْمَشْمُومَاتِ يُعْتَبَرُ الشَّمُّ وَفِي الْمَذُوقِ يُعْتَبَرُ الذَّوْقُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْوَصْفِ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا فَلَا بُدَّ مِنْ صِفَةِ طُولِهِ وَعَرْضِهِ وَرِقَّتِهِ مَعَ الْجَسِّ، وَفِي الْحِنْطَةِ لَا بُدَّ مِنْ اللَّمْسِ وَالصِّفَةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى ثِمَارًا عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَصْفُ لَا غَيْرُهُ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ فِي الْعَقَارِ حَتَّى يُوصَفَ لَهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْأَقْطَعِ وَكَذَا الدَّابَّةُ وَالْعَبْدُ وَالْأَشْجَارُ وَجَمِيعُ مَا لَا يُعْرَفُ بِالْجَسِّ وَالشَّمِّ وَالذَّوْقِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ وَجَدَ هَذِهِ الْأَسْبَابَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا خِيَارَ كَذَا فِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ وَلَوْ وُصِفَ لَهُ ثُمَّ رَضِيَ بِهِ ثُمَّ أَبْصَرَ لَا يَعُودُ الْخِيَارُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْبَصِيرُ ثُمَّ عَمِيَ انْتَقَلَ الْخِيَارُ إلَى الْوَصْفِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ الْأَعْمَى قَبْل الْوَصْفِ: رَضِيتُ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا اشْتَرَى طَعَامًا وَلَمْ يَرَهُ وَوَكَّلَ وَكِيلًا بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ الْوَكِيلُ بَعْدَ مَا رَآهُ وَنَظَرَ إلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ، وَلَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا يَقْبِضُهُ فَقَبَضَهُ الرَّسُولُ بَعْدَمَا رَآهُ وَنَظَرَ إلَيْهِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَكِيلُ وَالرَّسُولُ سَوَاءٌ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْقَبْضِ يَمْلِكُ إبْطَالَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَإِنَّمَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ عِنْدَهُ إذَا قَبَضَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ، فَإِنْ قَبَضَهُ مَسْتُورًا ثُمَّ أَرَادَ بَعْدَمَا نَظَرَ إبْطَالَ الْخِيَارِ قَصْدًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي وَصُورَةُ الْوَكِيلِ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ: كُنْ وَكِيلِي فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ أَوْ وَكَّلْتُكَ بِقَبْضِهِ، وَصُورَةُ الرَّسُولِ أَنْ يَقُولَ: كُنْ رَسُولًا عَنِّي فِي قَبْضِهِ أَوْ أَمَرْتُكَ بِقَبْضِهِ أَوْ أَرْسَلْتُكَ لِتَقْبِضَهُ أَوْ قَالَ: قُلْ لِفُلَانٍ يَدْفَعُ إلَيْكَ الْمَبِيعَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْفَوَائِدِ. أَمَّا الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ فَرُؤْيَتُهُ كَرُؤْيَةِ الْمُوَكِّلِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ إذَا رَأَى أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ بِالشِّرَاءِ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْخِيَارِ وَلَا تَكُونُ

الباب الثامن في خيار العيب وفيه سبعة فصول

رُؤْيَتُهُ رُؤْيَةَ الْمُرْسِلِ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُرْسِلِ إذَا لَمْ يَرَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا وَكَّلَ إنْسَانًا أَوْ أَرْسَلَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ حَتَّى رَآهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْمُوَكِّلُ وَالْمُرْسِلُ بِنَفْسِهِ يَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. . الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا كَانَ رَآهُ الْمُوَكِّلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَكِيلُ كَانَ لِلْوَكِيلِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَذَا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَلَوْ كَانَ وَكِيلًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ قَدْ رَآهُ الْمُوَكِّلُ وَلَمْ يَرَهُ الْوَكِيلُ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إذَا اشْتَرَاهُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. التَّوْكِيلُ بِالرُّؤْيَةِ مَقْصُودًا لَا يَصِحُّ وَلَا تَصِيرُ رُؤْيَتُهُ كَرُؤْيَةِ مُوَكِّلِهِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ فَوَكَّلَ رَجُلًا بِرُؤْيَتِهِ وَقَالَ: إنْ رَضِيتَهُ فَخُذْهُ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِالنَّظَرِ إلَى مَا اشْتَرَى وَلَمْ يَرَهُ إنْ رَضِيَ يَلْزَمُ الْعَقْدُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِفَسْخِهِ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فَيَقُومُ نَظَرُهُ مَقَامَ نَظَرِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ النَّظَرَ وَالرَّأْيَ إلَيْهِ فَيَصِحُّ كَمَا لَوْ فَوَّضَ الْفَسْخَ وَالْإِجَازَةَ إلَيْهِ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَحُكْمِهِ وَشَرَائِطِهِ وَمَعْرِفَةِ الْعَيْبِ وَتَفْصِيلِهِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَحُكْمِهِ وَشَرَائِطِهِ وَمَعْرِفَةِ الْعَيْبِ وَتَفْصِيلِهِ) خِيَارُ الْعَيْبِ يَثْبُتُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَلَا عَلِمَهُ قَبْلَهُ وَالْعَيْبُ يَسِيرٌ أَوْ فَاحِشٌ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إزَالَتِهِ بِلَا مَشَقَّةٍ، فَإِنْ تَمَكَّنَ فَلَا كَإِحْرَامِ الْجَارِيَةِ فَإِنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ تَحْلِيلِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيَأْخُذَ النُّقْصَانَ كَذَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْأَقْطَعِ ثُمَّ يَنْظُر إنْ كَانَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الْعَيْبِ قَبْل الْقَبْضِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِقَوْلِهِ: رَدَدْتُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى رِضَا الْبَائِعِ وَلَا إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَنْفَسِخُ إلَّا بِرِضًا أَوْ قَضَاءٍ ثُمَّ إذَا رَدَّهُ بِرِضَا الْبَائِعِ كَانَ فَسْخًا فِي حَقِّهِمَا بَيْعًا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا، وَإِنْ رَدَّ بِقَضَاءٍ كَانَ فَسْخًا فِي حَقِّهِمَا وَفِي حَقِّ غَيْرِهِمَا هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي كُلِّ عَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِالرَّدِّ وَيَكُونُ مَضْمُونًا بِمَا يُقَابِلهُ يُرَدُّ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ وَالْفَاحِشِ، وَأَمَّا فِي كُلِّ عَقْدٍ لَا يَنْفَسِخُ بِالرَّدِّ وَيَكُونُ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ لَا بِمَا يُقَابِلُهُ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ وَإِنَّمَا يُرَدُّ بِالْعَيْبِ الْفَاحِشِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنَّمَا لَا يُرَدُّ الْمَهْرُ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، أَمَّا إذَا كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَيُرَدُّ بِالْيَسِيرِ أَيْضًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَالْفَاحِشُ مِنْ الْمَهْرِ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْجَيِّدِ إلَى الْوَسَطِ وَمِنْ الْوَسَطِ إلَى الرَّدِيءِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْحَدُّ الْفَاصِلُ فِيهِ كُلُّ عَيْبٍ يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ بِأَنْ يُقَوِّمَهُ مُقَوِّمٌ صَحِيحًا بِأَلْفٍ وَمَعَ الْعَيْبِ بِأَقَلَّ، وَيُقَوِّمَهُ مُقَوِّمٌ آخَرُ مَعَ هَذَا الْعَيْبِ بِأَلْفٍ فَهُوَ يَسِيرٌ، وَمَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ بِأَنْ اتَّفَقَ الْمُقَوِّمُونَ فِي تَقْوِيمِهِ صَحِيحًا بِأَلْفٍ وَاتَّفَقُوا فِي تَقْوِيمِهِ مَعَ هَذَا بِأَقَلَّ فَهُوَ فَاحِشٌ. هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. (وَأَمَّا حُكْمُهُ) فَهُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ لِلْحَالِ مِلْكًا غَيْرَ لَازِمٍ وَهَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَكُونُ مَوْرُوثًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَا يَتَوَقَّتُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. . (وَأَمَّا شَرَائِطُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ) فَمِنْهَا ثُبُوتُ الْعَيْبِ عِنْدَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْل التَّسْلِيمِ حَتَّى لَوْ حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ، وَمِنْهَا ثُبُوتُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَلَا يُكْتَفَى بِالثُّبُوتِ عِنْدَ الْبَائِعِ لِثُبُوتِ حَقِّ الرَّدِّ فِي جَمِيعِ الْعُيُوبِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ، وَمِنْهَا الْعَقْلُ فِي الْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ وَالْبَوْلِ عَلَى الْفِرَاشِ، وَمِنْهَا

اتِّحَادُ الْحَالَةِ فِي الْعُيُوبِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ لَمْ يَثْبُتْ حَقُّ الرَّدِّ، وَمِنْهَا جَهْلُ الْمُشْتَرِي بِوُجُودِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَمِنْهَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْبَرَاءَةِ عَنْ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ اُشْتُرِطَ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ: كُلُّ مَا يُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الثَّمَنِ فِي عَادَةِ التُّجَّارِ فَهُوَ عَيْبٌ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ مَا يُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْمُشَاهَدَةِ وَالْعِيَانِ كَالشَّلَلِ فِي أَطْرَافِ الْحَيَوَانِ، وَالْهَشْمِ فِي الْأَوَانِي أَوْ يُوجِبُ نُقْصَانًا فِي مَنَافِعِ الْعَيْنِ فَهُوَ عَيْبٌ وَمَا لَا يُوجِبُ نُقْصَانًا فِيهِمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ النَّاسِ إنْ عَدُّوهُ عَيْبًا كَانَ عَيْبًا وَإِلَّا لَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْمَرْجِعُ فِي كَوْنِهِ عَيْبًا أَوْ لَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ وَهُمْ التُّجَّارُ أَوْ أَرْبَابُ الصَّنَائِعِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ الْمَصْنُوعَاتِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْعَمَى وَالْعَوَرُ وَالْحَوَلُ وَالْأُصْبُعُ الزَّائِدَةُ وَالنَّاقِصَةُ عَيْبٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا الْقَبَلُ مَصْدَرُ الْأَقْبَلِ وَهُوَ الَّذِي كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى طَرَفِ أَنْفِهِ وَالْبَزَا وَهُوَ خُرُوجُ الصَّدْرِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَكَذَا الصَّمَمُ وَالْخَرَسُ وَسَائِرُ الْعُيُوبِ الَّتِي تَكُون فِي الْخِلْقَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَالنَّجَرُ وَالدَّفْرُ عَيْبٌ فِي الْأَمَةِ وَلَيْسَا بِعَيْبٍ فِي الْغُلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا؛ لِأَنَّ ذَا يَدُلُّ عَلَى دَاءٍ فِي الْبَاطِنِ وَالدَّاءُ فِي نَفْسِهِ عَيْبٌ كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْمَبْسُوطِ وَالتَّبْيِينِ وَالْبَجَرُ عَيْبٌ فِيهِمَا وَهُوَ انْتِفَاخُ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْقَرَنُ عَيْبٌ وَهُوَ عَظْمٌ يَنْبُتُ فِي الْفَرْجِ يَمْنَعُ الْوَطْءَ وَالْعَفَلُ عَيْبٌ وَهُوَ لَحْمٌ يَنْبُتُ فِي الْفَرْجِ يَمْنَعُ الْوَطْءَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَقِيلَ: أَنْ يَكُونَ الْمَأْتِيُّ مِنْهَا شَبِيهَ الْكِيسِ لَا يَلْتَذُّ الْوَاطِئُ بِوَطْئِهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً قَدْ كَانَتْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَا تُجْعَلُ نَفْسُ الْوِلَادَةِ عَيْبًا فَلَا تُرَدُّ إذَا لَمْ تُوجِبْ الْوِلَادَةُ نُقْصَانًا ظَاهِرًا فِيهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ نَفْسُ الْوِلَادَةِ فِي الْبَهَائِمِ لَيْسَ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ يُوجِبَ نُقْصَانًا وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَالْحَبَلُ عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ اشْتَرَى حُبْلَى فَوَلَدَتْ عِنْد الْمُشْتَرِي لَا خُصُومَةَ لَهُ مَعَ الْبَائِعِ فَإِنْ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْحَبَلِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ عِنْدَ الشِّرَاءِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَفِي النِّصَابِ الْحَمْلُ فِي الْبَهَائِمِ وَالدَّوَابِّ لَيْسَ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ يُوجِبَ نُقْصَانًا بَيِّنًا وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَالرَّتْقُ عَيْبٌ وَامْرَأَةٌ رَتْقَاءُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا خَرْقٌ إلَّا الْمَبَالَ، وَالْفَتْقُ عَيْبٌ وَهُوَ رِيحٌ فِي الْمَثَانَةِ وَرُبَّمَا يَهِيجُ بِالْمَرْءِ فَيَقْتُلُهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا لِدَاءٍ فِي الْبَدَنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْغِنَاءُ فِي الْجَارِيَةِ الَّتِي تُتَّخَذُ أُمَّ وَلَدٍ عَيْبٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْبَقَّالِيِّ لَوْ كَانَ أَبُوهَا أَوْ جَدُّهَا بِغَيْرِ رُشْدٍ فَهُوَ عَيْبٌ، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رَشِيدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ أَبُوهَا أَوْ جَدُّهَا بِغَيْرِ رُشْدٍ فَهُوَ عَيْبٌ عِنْدِي فِي الْجَوَارِي اللَّاتِي يُتَّخَذْنَ أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ أَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَيْبًا عِنْدَ النَّخَّاسِينَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالزِّنَا عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ وَفِي الْغُلَامِ إنْ كَانَ قَلِيلًا فَلَيْسَ بِعَيْبٍ وَإِنَّمَا هِيَ كَبِيرَةٌ ارْتَكَبَهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ، وَإِنْ كَانَ مُدْمِنًا عَلَى الزِّنَا بِحَيْثُ يُخِلُّ بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى فَهُوَ عَيْبٌ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَكَذَا إذَا ظَهَرَ وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَيْهِ فَهُوَ عَيْبٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ وَلَدَ الزِّنَا فَهُوَ عَيْبٌ وَلَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْغُلَامِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْعُيُوبُ كُلُّهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ الْمُعَاوَدَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَرُدَّ، إلَّا الزِّنَا فِي الْجَارِيَةِ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَمَالِي لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بَالِغَةً وَقَدْ كَانَتْ زَنَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا وَإِنْ لَمْ تَزْنِ عِنْدَهُ، وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً فَأَبَقَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ وَجَدَهَا وَاسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ بِبَيِّنَةٍ فَعَيْبُ الْإِبَاقِ

لَازِمٌ لَهَا أَبَدًا، وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْإِبَاقَ أَيْضًا لَا يُشْتَرَطُ مُعَاوَدَتُهُ عِنْدَهُ فَعَلَى هَذَا يَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُعَاوِدْهَا عِنْدَهُ وَكَذَا مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَاوَدَةٍ عِنْدَهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا يَعْمَلُ بِهِ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَإِنْ كَانَ مَجَّانًا فَهُوَ عَيْبٌ؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ الْأُبْنَةِ وَإِنْ كَانَ بِأَجْرٍ فَلَا بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَيْبًا كَيْفَمَا كَانَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ التَّخَنُّثُ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا بِمَعْنَى الرَّدِيءِ مِنْ الْأَفْعَالِ وَهُوَ عَيْبٌ، وَالثَّانِي الرُّعُونَةُ وَاللِّينُ فِي الصَّوْتِ وَالتَّكَسُّرُ فِي الْمَشْيِ فَإِنْ قَلَّ لَا يُرَدُّ وَإِنْ كَثُرَ رَدَّهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالْعُنَّةُ عَيْبٌ وَكَذَا الْخَصْيُ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَصِيٌّ فَوَجَدَهُ فَحْلًا لَا يُرَدُّ، وَلَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ فَحْلٌ فَإِذَا هُوَ خَصِيٌّ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْأُدْرَةُ عَيْبٌ وَهُوَ عِظَمُ الْخُصْيَتَيْنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالثُّؤْلُولُ عَيْبٌ إذَا كَانَ يُنْقِصُ الثَّمَنَ وَإِنْ كَانَ لَا يُنْقِصُهُ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ، وَالْخَالُ كَذَلِكَ فَقَدْ يَكُونُ الْخَالُ زِينَةً لَا يُنْقِصُ مِنْ الْمَالِيَّةِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْخَدِّ وَقَدْ يَشِينُهُ إذَا كَانَ عَلَى رَأْسِ الْأَرْنَبَةِ وَذَلِكَ يُنْقِصُ مِنْ الْمَالِيَّةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَعَدَمُ الْخِتَانِ فِي الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ لَيْسَ بِعَيْبٍ إذَا كَانَا جَلِيبَيْنِ أَوْ مَوْلُودَيْنِ صَغِيرَيْنِ، وَإِنْ كَانَا مَوْلُودَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ عَيْبٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهَذَا فِي عُرْفِ بِلَادِهِمْ، فَأَمَّا فِي دِيَارِنَا فَالْجَارِيَةُ لَا تُخْتَنُ فَعَدَمُ الْخِتَانِ فِيهَا لَا يَكُونُ عَيْبًا أَصْلًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالنِّكَاحُ عَيْبٌ فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ فَإِنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ الزَّوْجَةَ قَبْل الرَّدِّ سَقَطَ الرَّدُّ، وَإِنْ طَلَّقَ الْأَمَةَ زَوْجُهَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَلَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الرَّجْعِيَّةَ فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُرَاجِعَهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا سَقَطَ الرَّدُّ، قَالَ الْكَرْخِيُّ: إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ مُحَرَّمَةَ الْوَطْءِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِرَضَاعٍ أَوْ صُهُورِيَّةٍ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ أُمَّ امْرَأَتِهِ أَوْ ابْنَتَهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالدَّيْنُ فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَيْبٌ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْبَائِعُ أَوْ يُبْرِئَ الْغُرَمَاءَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْقُنْيَةِ الدَّيْنُ عَيْبٌ إلَّا إذَا كَانَ يَسِيرًا لَا يُعَدُّ مِثْلُهُ نُقْصَانًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَهُ مَرْهُونًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَفِي الْكَرْخِيِّ إذَا كَانَ فِي رَقَبَتِهِ جِنَايَةٌ فَهُوَ عَيْبٌ وَيُتَصَوَّرُ هَذَا فِيمَا إذَا حَدَثَتْ الْجِنَايَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمَّا إذَا كَانَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ فَبِالْبَيْعِ يَصِيرُ الْبَائِعُ مُخْتَارًا لِلْجِنَايَةِ فَإِنْ قَضَى الْمَوْلَى الدَّيْنَ قَبْلَ الرَّدِّ سَقَطَ الرَّدُّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَشُرْبُ الْخَمْرِ إنْ كَانَ يُنْقِصُ الثَّمَنَ يَكُونُ عَيْبًا فِي الْجَارِيَةِ وَفِي الْعَبْدِ لَيْسَ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرَدَ، وَهَذَا إذَا كَانَ فَاحِشًا لَا يَكُونُ لِلنَّاسِ مِثْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ عَيْبًا فِي الْجَارِيَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالسُّعَالُ الْقَدِيمُ عَيْبٌ إذَا كَانَ مِنْ دَاءٍ أَمَّا الْقَدْرُ الْمُعْتَادُ مِنْهُ فَلَا يُعَدُّ عَيْبًا وَالْبَرَصُ عَيْبٌ وَالْجُذَامُ عَيْبٌ وَهُوَ قَيْحٌ تَحْتَ الْجِلْدِ يُوجَدُ نَتَنُهُ مِنْ بَعِيدٍ وَرُبَّمَا تَنْقَطِعُ الْأَعْضَاءُ بِهِ هُوَ أَفْحَشُ الْعُيُوبِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالسِّنُّ السَّوْدَاءُ وَالْخَضْرَاءُ عَيْبٌ وَفِي الصَّفْرَاءِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالسِّنُّ السَّاقِطُ عَيْبٌ ضِرْسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَارْتِفَاعُ الْحَيْضِ عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ الْبَالِغَةِ وَهِيَ الَّتِي بَلَغَتْ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً فَهُوَ عَيْبٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْأَمَةِ، فَتُرَدُّ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ نُكُولُ الْبَائِعِ قَبْل الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالُوا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَمَةِ فِيهِ. كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ

اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ مُقَامِرًا إنْ كَانَ يُعَدُّ عَيْبًا كَالْقِمَارِ بِالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ وَنَحْوِهِمَا فَهُوَ عَيْبٌ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَدُّ عَيْبًا كَالْقِمَارِ بِالْجَوْزِ وَالْبِطِّيخِ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ كوز باختن وسته زدن وخربزه زدن لَا يَكُونُ عَيْبًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ وُجِدَ الْمَمْلُوكُ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ عَيْبٌ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ كَافِرٌ فَوَجَدَهُ مُسْلِمًا لَمْ يَرُدَّهُ وَعَلَى الْعَكْسِ يَرُدُّ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى نَصْرَانِيٌّ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ فَوَجَدَهُ مُسْلِمًا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ خِيَارٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالْعَسَرُ عَيْبٌ وَهُوَ الَّذِي يَعْمَلُ بِيَسَارِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْمَلَ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْسَرَ يَسْرًا وَهُوَ الْأَضْبَطُ الَّذِي يَعْمَلُ بِالْيَدَيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَالْعَشَا عَيْبٌ وَهُوَ ضَعْفٌ بِالْبَصَرِ حَتَّى لَا يَرَى عِنْدَ شِدَّةِ الظُّلْمَةِ أَوْ شِدَّةِ الضَّوْءِ وَالْعَسَمُ عَيْبٌ وَهُوَ يُبُوسَةُ وَتَشَنُّجٌ فِي الْأَعْصَابِ وَالسِّلْعَةُ بِالْكَسْرِ عَيْبٌ وَهِيَ زِيَادَةٌ تَحْدُثُ فِي الْجَسَدِ كَالْغُدَّةِ تَتَحَرَّكُ إذَا حُرِّكَتْ وَقَدْ تَكُونُ مِنْ حِمَّصَةٍ إلَى بِطِّيخَةٍ وَالسَّلْعَةُ بِالْفَتْحِ الشَّجَّةُ وَفَسَّرَهَا شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ بِالْقُرُوحِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْعُنُقِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْحَنْفُ عَيْبٌ وَهُوَ إقْبَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْإِبْهَامَيْنِ إلَى صَاحِبِهِ وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالصَّدَفُ عَيْبٌ وَهُوَ الْتِوَاءٌ فِي أَصْلِ الْعُنُقِ وَالشَّدَقُ عَيْبٌ وَهُوَ تَوَسُّعٌ مُفْرِطٌ فِي الْفَمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْكَيُّ عَيْبٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ سِمَةً كَمَا يَكُونُ فِي بَعْضِ الدَّوَابِّ، وَالْفَحَجُ عَيْبٌ وَهُوَ فِي الْآدَمِيِّ تَقَارُبُ صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَتَبَاعُدُ عَقِبَيْهِ وَالْفَدَعُ عَيْبٌ وَهُوَ الْمُعْوَجُّ الرُّسْغِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَثْرَةُ الدَّمْعِ فِي الْعَيْنِ عَيْبٌ إذَا كَانَ مِنْ دَاءٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالشَّتَرُ عَيْبٌ وَهُوَ انْقِلَابٌ فِي الْأَجْفَانِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رِيحُ السُّبُلِ عَيْبٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْجَرَبُ فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِ الْعَيْنِ عَيْبٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالظَّفَرُ عَيْبٌ وَهُوَ بَيَاضٌ يَبْدُو فِي إنْسَانِ الْعَيْنِ يُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ ناخنه وَالشَّعْرُ فِي جَوْفِ الْعَيْنِ عَيْبٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالصُّهُوبَةُ وَهِيَ لَوْنٌ بَيْنَ الصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ يُعَدُّ عَيْبًا فِي التُّرْكِيَّةِ وَالْهِنْدِيَّةِ لَا فِي الرُّومِيَّةِ وَالصَّقَالِبَةِ لِأَنَّ عَامَّةَ شُعُورِ أَهْلِ الرُّومِ تَكُونُ كَذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالشَّمَطُ عَيْبٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ اللَّحْمِ أَبْيَضَ وَالْبَعْضُ أَسْوَدَ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى ثُمَّ اللَّوْنُ الْمُسْتَوِي فِي الشَّعْرِ السَّوَادُ وَمَا سِوَى ذَلِكَ إذَا كَانَ يُنْقِصُ الثَّمَنَ وَيَعُدُّهُ التُّجَّارُ عَيْبًا فَهُوَ عَيْبٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْحَاوِي ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ مَخْضُوبَةَ الرَّأْسِ قَالَ: إنْ ظَهَرَ بِهَا شَمْطٌ رَدَّهَا وَإِنْ ظَهَرَ بِهَا شُقْرَةٌ لَا يَرُدُّهَا إلَّا إذَا كَانَ سَوَادُ الشَّعْرِ مَشْرُوطًا فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَالْإِبَاقُ وَالْبَوْلُ فِي الْفِرَاشِ وَالسَّرِقَةُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ بِأَنْ كَانَ لَا يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَلَا يَلْبَسُ وَحْدَهُ، فَأَمَّا إذَا كَانَ صَغِيرًا عَاقِلًا فَإِنَّهُ يَكُونُ بِهِ عَيْبًا وَلَكِنْ يُوجِبُ حَقَّ الرَّدِّ عِنْدَ اتِّحَادِ الْحَالَةِ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ نَاقِلًا عَنْ الزَّادِ فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْ الصَّغِيرِ عِنْدَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي حَالِ صِغَرِهِ فَهُوَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ وَإِذَا وُجِدَتْ عِنْدَهُمَا فِي حَالِ كِبَرِهِ فَكَذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ فَكَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي صِغَرِهِ وَعِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي كِبَرِهِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَفِيمَا عَدَا الْجُنُونِ مِنْ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَالْبَوْلِ عَلَى الْفِرَاشِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِهِ ظَاهِرَ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْمُعَاوَدَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: يُشْتَرَطُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبَعْضُهُمْ ذَكَرُوا فِي شُرُوحِهِمْ أَنَّ مُعَاوَدَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُشْرَطٌ بِلَا خِلَافٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ وُجِدَ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ زَالَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ بَطَلَ خِيَارُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَحَدُّ الْإِبَاقِ أَنَّهُ إذَا اسْتَخْفَى وَغَابَ مِنْ مَوْلَاهُ تَمَرُّدًا فَهُوَ إبَاقٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ الْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ هُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. الْإِبَاقُ مَا دُونَ السَّفَرِ

عَيْبٌ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. إذَا خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ يَكُونُ عَيْبًا بِالِاتِّفَاقِ إنْ أَبَقَ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ مِنْ رَجُلٍ كَانَ عِنْدَهُ بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ كَبِيرَةً مِثْلَ الْقَاهِرَةِ يَكُونُ عَيْبًا، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَهْلُهَا وَبُيُوتُهَا لَا يَكُونُ عَيْبًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَنْ الْقَرْيَةِ إلَى مِصْرَ إبَاقٌ وَكَذَا عَلَى الْعَكْسِ، وَلَوْ أَبَقَ مِنْ غَاصِبٍ إلَى مَوْلَاهُ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ وَلَوْ أَبَقَ مِنْهُ وَلَمْ يَرْجِعْ لَا إلَى الْمَوْلَى وَلَا إلَى الْغَاصِبِ فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ مَنْزِلَ مَوْلَاهُ وَيَقْوَى عَلَى الرُّجُوعِ إلَيْهِ فَهُوَ عَيْبٌ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ أَوْ لَا يَقْدِرُ فَلَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ أَبَقَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ الْمَغْنَمِ قَبْلَ أَنْ يُقَسَّمَ ثُمَّ رَدَّ إلَى الْمَغْنَمِ فَهُوَ لَيْسَ بِآبِقٍ، وَإِنْ بِيعَ فِي الْمَغْنَمِ أَوْ قُسِّمَ الْمَغْنَمُ فَوَقَعَ فِي سَهْمِ رَجُلٍ فَأَبَقَ فِي دَارِ الْحَرْبِ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إلَى أَهْلِهِ أَوْ لَا يُرِيدُ فَهُوَ آبِقٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالسَّرِقَةُ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَهِيَ عَيْبٌ، وَقِيلَ: مَا دُونَ الدِّرْهَمِ نَحْوُ فَلْسٍ أَوْ فَلْسَيْنِ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ وَالْعَيْبُ فِي السَّرِقَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا فِي الْمَأْكُولَاتِ فَإِنَّ سَرِقَتِهَا لِأَجْلِ الْأَكْلِ مِنْ الْمَوْلَى لَيْسَ عَيْبًا، وَمِنْ غَيْرِهِ عَيْبٌ وَسَرِقَتُهَا لِلْبَيْعِ مِنْ الْمَوْلَى وَغَيْرِهِ عَيْبٌ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ سَرَقَ بَصَلًا أَوْ بِطِّيخًا مِنْ الْغَلَّةِ أَوْ فَلْسًا كَمَا يَسْرِقُ التَّلَامِذَةُ لَمْ تَكُنْ عَيْبًا وَلَوْ سَرَقَ بِطِّيخًا مِنْ غَلَّةِ الْأَجْنَبِيِّ فَهُوَ عَيْبٌ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ الْمَأْكُولَاتِ لِلِادِّخَارِ يَكُونُ عَيْبًا، الْمَوْلَى وَالْأَجْنَبِيُّ فِيهِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَإِذَا نَقَبَ الْبَيْتَ وَلَمْ يَخْتَلِسْ شَيْئًا فَهُوَ عَيْبٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ: وَهُنَا مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا صَغِيرًا فَوَجَدَهُ يَبُولُ فِي الْفِرَاشِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الرَّدِّ حَتَّى تَعَيَّبَ عِنْدَهُ بِعَيْبٍ آخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فَإِذَا رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ ثُمَّ كَبُرَ الْعَبْدُ هَلْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا أَعْطَى مِنْ النُّقْصَانِ لِزَوَالِ ذَلِكَ الْعَيْبِ بِالْبُلُوغِ؟ لَا رِوَايَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْكُتُبِ ثُمَّ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَكَانَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَرِدَّهُ اسْتِدْلَالًا بِمَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا: أَنَّ الرَّجُلَ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَهَا ذَاتَ زَوْجٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا فَإِنْ تَعَيَّبَتْ عِنْدَهُ بِعَيْبٍ آخَرَ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ فَإِذَا رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ ثُمَّ أَبَانَهَا زَوْجُهَا كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ النُّقْصَانَ لِزَوَالِ ذَلِكَ الْعَيْبِ فَكَذَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ. وَالثَّانِيَةُ: إذَا اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ مَرِيضًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ فَإِنْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ بِعَيْبٍ آخَر رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ فَإِذَا رَجَعَ ثُمَّ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ هَلْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ النُّقْصَانَ؟ قَالُوا: إنْ كَانَ الْبُرْءُ بِالْمُدَاوَاةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ، وَالْبُلُوغُ هَهُنَا لَا بِالْمُدَاوَاةِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَعَدَمُ اسْتِمْسَاكِ الْبَوْلِ عَيْبٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالْجُنُونُ فِي الصِّغَرِ عَيْبٌ أَبَدًا وَمَعْنَاهُ إذَا جُنَّ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي الصِّغَرِ ثُمَّ جُنَّ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فِي الصِّغَرِ أَوْ فِي الْكِبَرِ يَرُدُّهُ، وَقِيلَ: إذَا اشْتَرَى عَبْدًا قَدْ جُنَّ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَإِنْ لَمْ يُجَنَّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَدُّ مَا لَمْ يُعَاوِدْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْكَافِي وَمِقْدَارُهُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا دُونَهُ لَا يَكُونُ عَيْبًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَالْجَامِعِ الْكَبِيرِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْمَحَاضِرِ أَنَّ الطَّرَّارَ وَالنَّبَّاشَ وَقَاطِعَ الطَّرِيقِ كَالسَّارِقِ عَيْبٌ فِي الْعَبْدِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا أَمْرَدَ فَوَجَدَهُ مَحْلُوقَ اللِّحْيَةِ أَوْ مَنْتُوفَ اللِّحْيَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إنْ ظَهَرَ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ بَعْدَ الشِّرَاءِ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً تُرْكِيَّةً لَا تَعْرِفُ التُّرْكِيَّةَ أَوْ لَا تُحْسِنُ وَالْمُشْتَرِي عَالِمٌ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ عَيْبٌ عِنْدَ التِّجَارَةِ فَقَبَضَهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ عَيْبٌ فَإِنْ كَانَ هَذَا عَيْبًا بَيِّنًا لَا يَخْفَى عَلَى النَّاسِ

الفصل الثاني في معرفة عيوب الدواب وغيرها

كَالْعَوَرِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنًا يَخْفَى عَلَى النَّاسِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً هِنْدِيَّةً لَا تَعْرِفُ الْهِنْدِيَّةَ يَنْظُرُ إنْ عَدَّهُ أَهْلُ الْبَصَرِ عَيْبًا فَلَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ لَمْ يَعُدُّوهُ عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَهَا لَا تُحْسِنُ الطَّبْخَ وَالْخَبْزَ أَصْلًا لَيْسَ بِعَيْبٍ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ وَكَذَا فِي الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَا يُحْسِنَانِ ثُمَّ نَسِيَاهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْكُبْرَى لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَ بِهَا وَجَعَ الْعَيْنِ يَأْتِي مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إنْ كَانَ حَدِيثًا لَا يُرَدُّ، وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا يُرَدُّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَ بِهَا وَجَعَ الضِّرْسِ يَأْتِي مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ حَدِيثًا فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا فَلَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي الْمُحِيطِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَاةُ إذَا قَالَتْ: بِي وَجَعُ الضِّرْسِ لَمْ تُرَدَّ بِقَوْلِهَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا كَانَتْ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ زَرْقَاءَ وَالْأُخْرَى غَيْرَ زَرْقَاءَ أَوْ إحْدَاهُمَا كَحْلَاءَ وَالْأُخْرَى بَيْضَاءَ فَهُوَ عَيْبٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. اشْتَرَى غُلَامًا فَظَهَرَ بِهِ حُمَّى فَهُوَ عَيْبٌ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً ثَيِّبًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَطَأَهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ وَطِئَهَا قَبْل الْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا عَذْرَاءُ فَقَبَضَهَا وَمَاتَتْ فِي يَدِهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ يُنْقِصُهَا أَوْ لَا يُنْقِصُهَا رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَرَوَى ابْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِقْدَارِ نُقْصَانِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا صَغِيرَةٌ فَإِذَا هِيَ بَالِغَةٌ لَا يَرُدُّهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَهَا دَمِيمَةً أَوْ سَوْدَاءَ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ إذَا كَانَتْ تَامَّةَ الْخِلْقَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَهَا مُحْتَرِقَةَ الْوَجْهِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَبِينُ لَهَا قُبْحٌ وَلَا جَمَالٌ كَانَ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ فَإِنْ امْتَنَعَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ قُوِّمَتْ مُحْتَرِقَةَ الْوَجْهِ كَمَا هِيَ وَقُوِّمَتْ صَحِيحَةً غَيْرَ مُحْتَرِقَةِ الْوَجْهِ وَلَكِنْ عَلَى الْقُبْحِ لَا عَلَى الْجَمَالِ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ نَاقِلًا عَنْ الزِّيَادَاتِ. إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا جَمِيلَةٌ فَوَجَدَهَا قَبِيحَةً تُرَدُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى غُلَامًا بِرُكْبَتَيْهِ وَرَمٌ فَقَالَ الْبَائِعُ: إنَّهُ وَرَمٌ حَدِيثٌ أَصَابَهُ ضَرْبٌ فَأَوْرَمَهُ، فَاشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ قَدِيمًا لَا يُرَدُّ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَهَذَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ، وَأَمَّا إذَا بَيَّنَ السَّبَبَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرَ الَّذِي بَيَّنَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَهُوَ مَحْمُومٌ فَقَالَ الْبَائِعُ: هُوَ حُمَّى غِبٍّ فَإِذَا هُوَ غَيْرُ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْبَائِعُ: إنْ كَانَ قَدِيمًا فَجَوَابُهُ عَلَيَّ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدِيمٌ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ فَإِذَا هُوَ قَدِيمٌ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اشْتَرَى غُلَامًا لَيْسَ لِأَحَدِ أُذُنَيْهِ ثُقْبٌ إلَى الدِّمَاغِ فَهُوَ عَيْبٌ، وَثُقْبُ الْأُذُنِ وَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فِي الْهِنْدِيَّةِ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَفِي التُّرْكِيَّةِ عَيْبٌ إنْ عَدُّوهُ عَيْبًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَثْرَةُ الْأَكْلِ تُعَدُّ عَيْبًا فِي الْجَارِيَةِ دُونَ الْغُلَامِ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَفِي صُلْحِ الْفَتَاوَى اشْتَرَى جَارِيَةً وَبِهَا قُرْحَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا عَيْبٌ فَلَهُ الرَّدُّ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْحَةِ إنْ كَانَ هَذَا عَيْبًا بَيِّنًا لَا يَخْفَى عَلَى النَّاسِ يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا عَيْبًا بَيِّنًا فَلَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ عُيُوبِ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ عُيُوبِ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا) اشْتَرَى بَقَرَةً فَوَجَدَهَا لَا تَحْلِبُ فَإِنْ كَانَ مِثْلُهَا يُشْتَرَى لِلْحَلْبِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهَا يُشْتَرَى لِلَّحْمِ لَا وَلَوْ كَانَتْ تَأْخُذُ بِضَرْعِهَا وَتَمُصُّ جَمِيعَ لَبَنِهَا فَهَذَا عَيْبٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَقِلَّةُ الْأَكْلِ فِي الدَّوَابِّ عَيْبٌ وَلَيْسَ بِعَيْبٍ فِي بَنِي آدَمَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي فَوَائِدِ شَمْسِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ أَكُولَةً خَارِجَةً عَنْ الْعَادَةِ لَيْسَ بِعَيْبٍ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اشْتَرَى حِمَارًا

لَا يَنْهَقُ فَهُوَ عَيْبٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْرًا فَإِذَا هُوَ يَنَامُ يَعْنِي كَاؤ بِوَقْتِ كَارِ كُرِدْنَ مي خسيد يَكُونُ عَيْبًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى حِمَارًا فَوَجَدَهُ بَطِيءَ الذَّهَابِ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ إلَّا إذَا اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ عَجُولٌ، وَإِنْ كَانَ يَعْثِرُ كَثِيرًا دَائِمًا فَهُوَ عَيْبٌ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَحَايِينِ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اشْتَرَى دِيكًا فَيَصِيحُ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ اشْتَرَى شَاةً فَوَجَدَهَا مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ إنْ اشْتَرَاهَا لِلْأُضْحِيَّةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا لِغَيْرِ الْأُضْحِيَّةِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَيْبًا عِنْدَ النَّاسِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ: الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتهَا لِلْأُضْحِيَّةِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي زَمَانِ الْأُضْحِيَّةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يُضَحِّيَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. كَاؤ يَا كوسفند بَلِيدِي مي خورد أَكَرٍ بيوسته خورد عَيْب بود وَأَكْرُ دَرِّ هِفَته يكبار يَا دو بَارّ خورد عَيْب نبود كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا اشْتَرَى دَابَّةً فَوَجَدَهَا تَأْكُلُ الذُّبَابَ إنْ كَثُرَ ذَلِكَ فَهُوَ عَيْبٌ وَإِنْ كَانَتْ تَأْكُلُ فِي الْأَحَايِينِ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا اشْتَرَى حِمَارًا فَنَزَا عَلَيْهِ حُمُرٌ هَلْ يَكُونُ هَذَا عَيْبًا يُرَدُّ بِهِ؟ حَكَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ صَارَتْ وَاقِعَةً بِبُخَارَى فَلَمْ يَتَّفِقْ أَجْوِبَةُ أَئِمَّةِ ذَلِكَ الْعَهْدِ، وَأَجَابَ الْقَاضِي الْإِمَامُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْحُسَيْنُ النَّسَفِيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَقْهُورًا فَهُوَ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَإِنْ سَلَّمَ نَفْسَهُ لِذَلِكَ فَهُوَ عَيْبٌ فَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالدَّخَسُ عَيْبٌ وَهُوَ وَرَمٌ يَكُونُ فِي أُطْرَةِ حَافِرِ الْفَرَسِ وَالْأُطْرَةُ دُونَ الْحَافِرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْعَزْلُ عَيْبٌ وَهُوَ مَيَلَانٌ فِي الذَّنَبِ وَالْمَشَشُ عَيْبٌ وَهُوَ شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْ سَاقِ الدَّابَّةِ يَكُونُ لَهُ حَجْمٌ وَلَيْسَ لَهُ صَلَابَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَبَلُّ الْمِخْلَاةِ عَيْبٌ إذَا نَقَصَ الثَّمَنُ لِأَجَلِهِ يَعْنِي إذَا كَانَ يَسِيلُ مِنْ مَاءِ فَمِهِ مَا تَبْتَلُّ بِهِ الْمِخْلَاةُ الَّتِي جُعِلَ فِيهَا الْعَلَفُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَخَلْعُ الرَّأْسِ عَيْبٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ حِيلَةٌ يَخْلَعُ رَأْسَهُ مِنْ الْمِقْوَدِ وَإِنْ شَدَّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْحَنَفُ عَيْبٌ وَهُوَ تَدَانِي الْقَدَمَيْنِ وَتُبَاعِدُ الْفَخِذَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْحَرْنُ وَهُوَ أَنْ يَقِفَ وَلَا يَنْقَادُ، وَالْجُمُوحُ وَهُوَ أَنْ لَا يَقِفَ عِنْدَ الْإِلْجَامِ عَيْبٌ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْجَرَذُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ عَيْبٌ وَهُوَ كُلُّ مَا يَحْدُثُ فِي عُرْقُوبِ الدَّابَّةِ مِنْ تَزَايُدٍ أَوْ انْتِفَاخِ عَصَبٍ، وَالزَّوَائِدُ عَيْبٌ وَهِيَ أَطْرَافُ عَصَبٍ تَتَفَرَّقُ عِنْدَ الْعُجَايَةِ وَتَنْقَطِعُ عِنْدَهَا وَتَلْصَقُ بِهَا وَالْعُجَايَةُ عَصَبٌ فِي فِرْسِنِ الْبَعِيرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالصَّكَكُ عَيْبٌ وَهُوَ أَنْ يَصْطَكَّ السَّاقَانِ أَوْ الرِّجْلَانِ عِنْدَ الْمَشْيِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمَهْقُوعُ مَعِيبٌ فَسَّرَهُ فِي الْأَصْلِ فَقَالَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْهَقْعَةِ وَهِيَ الدَّائِرَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي صَدْرِهِ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ وَيَكُونُ ذَلِكَ أَبْيَضَ يُتَشَاءَمُ بِهِ وَفَسَّرَهُ فِي الْمُنْتَقَى فَقَالَ الْمَهْقُوعُ الَّذِي إذَا سَارَ سُمِعَ مَا بَيْنَ خَاصِرَتِهِ وَفَرْجِهِ صَوْتٌ، وَالِانْتِشَارُ عَيْبٌ وَهُوَ انْتِفَاخٌ فِي الْعَصَبِ عِنْدَ الْإِتْعَابِ وَقِيلَ هُوَ اتِّسَاعُ سَوَادِ الْعَيْنِ حَتَّى كَادَ يَأْخُذُ الْبَيَاضَ كُلَّهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى فَرَسًا فَوَجَدَهُ كَبِيرَ السِّنِّ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُرَدَّ إلَّا إذَا شُرِطَ صِغَرُ السِّنِّ كَالْجَارِيَةِ إذَا وَجَدَهَا كَبِيرَةَ السِّنِّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَفِي فَتَاوَى آهُو اشْتَرَى بَقَرَةً تَذْهَبُ مِنْ مَكَانِ الْمُشْتَرِي إلَى مَكَانِ الْبَائِعِ قَالَ: لَا يَكُونُ عَيْبًا، وَفِي الْغُلَامِ بِمَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ كَذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَمَنْ اشْتَرَى نَاقَةً مُصَرَّاةً وَهِيَ الَّتِي شَدَّ الْبَائِعُ ضَرْعَهَا حَتَّى اجْتَمَعَ اللَّبَنُ فِيهِ فَصَارَ ضَرْعُهَا كَالصَّرَاةِ وَهِيَ الْحَوْضُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَالتَّصْرِيَةُ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ

عِنْدَنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ سَوَّدَ أَنَامِلَ عَبْدِهِ وَأَجْلَسَهُ عَلَى الْمَعْرِضِ حَتَّى ظَنَّهُ الْمُشْتَرِي كَاتِبًا أَوْ أَلْبَسَهُ ثِيَابَ الْخَبَّازِينَ حَتَّى ظَنَّهُ خَبَّازًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ اشْتَرَى خُفَّيْنِ فَوَجَدَهُمَا ضَيِّقَيْنِ لَا يَدْخُلُ رِجْلَاهُ فِيهِمَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ إنْ كَانَ لَا يَدْخُلُ رِجْلُهُ لِعِلَّةٍ فِي رِجْلِهِ لَا يُرَدُّ وَإِنْ كَانَ لَا يَدْخُلُ لَا لِعِلَّةٍ فِي رِجْلِهِ يُرَدُّ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ اشْتَرَاهُمَا لِيَلْبَسَهُمَا فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ اشْتَرَاهُمَا مُطْلَقًا لَا يَرُدُّ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ يُفْتَى بِالرَّدِّ اشْتَرَاهُمَا لِلُّبْسِ أَوْ لِغَيْرِ اللُّبْسِ فَإِنْ وَجَدَ أَحَدَهُمَا أَضْيَقَ مِنْ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَمَّا عَلَيْهِ خِفَافُ النَّاسِ فِي الْعَادَةِ يَرُدُّ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَ لَا يَدْخُلُ لَا لِعِلَّةٍ فِي رِجْلَيْهِ فَقَالَ الْبَائِعُ: در باي فِرَاخ شود فَأَخَذَ الْمُشْتَرِي وَلَبِسَ يَوْمًا فَلَمْ يَتَّسِعْ هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ؟ كَانَتْ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى وَأَجَابَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. اشْتَرَى مَسْحِيًّا لَا يَسَعُ الرِّجْلَ مَعَ اللِّفَافَةِ وَيَسَعُهَا بِدُونِهَا فَلَهُ الرَّدُّ إذَا اشْتَرَاهَا لِلُبْسِهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ اشْتَرَى جُبَّةً وَوَجَدَ فِيهَا فَأْرَةً مَيِّتَةً فَهُوَ عَيْبٌ وَتَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ إخْرَاجُهَا يُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الْجُبَّةِ فَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْخَرْقِ وَنُقْصَانِ الْجُبَّةِ لَا يَكُونُ عَيْبًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا نَجِسًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ ثُمَّ عَلِمَ وَكَانَ بِحَالٍ إذَا غُسِلَ لَا يَنْقُصُ الثَّوْبُ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ دُهْنٌ فَهُوَ عَيْبٌ؛ لِأَنَّ الدُّهْنَ قَلَّمَا يَزُولُ كُلُّهُ فَيُعَدُّ عَيْبًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى حَانُوتًا فَوَجَدَ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى بَابِهِ مَكْتُوبًا وَقْفٌ عَلَى مَسْجِدٍ كَذَا لَا يَرُدُّ؛ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ لَا تَنْبَنِي عَلَيْهَا الْأَحْكَامُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. بَاعَ سُكْنَى لَهُ فِي حَانُوتٍ لِغَيْرِهِ وَأَخْبَرَ الْمُشْتَرِيَ أَنْ أُجْرَةَ الْحَانُوتِ كَذَا فَظَهَرَ أَنْ أُجْرَةَ الْحَانُوتِ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالُوا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ السُّكْنَى بِهَذَا السَّبَبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَوْنُ نَقْبِ الْمِغْلَاقِ لِلْبَيْتِ الَّذِي بِيعَ فِي جِدَارِ الْغَيْرِ عَيْبٌ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي جِدَارِهِ نَقْبٌ كَبِيرٌ يُعَدُّ عَيْبًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ. اشْتَرَى أَرْضًا فَظَهَرَ أَنَّهَا مَشْئُومَةٌ يَنْبَغِي أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى حِنْطَةً مُشَارًا إلَيْهَا فَوَجَدَهَا رَدِيئَةً فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى إنَاءَ فِضَّةٍ بِعَيْنِهَا فَوَجَدَهَا رَدِيئَةً مِنْ غَيْرِ غِشٍّ وَلَا كَسْرٍ فَلَمْ يُعْتَبَرْ الرَّدَاءَةُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ عَيْبًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ وَجَدَ الْحِنْطَةَ مُسَوَّسَةً أَوْ عَفِنَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اشْتَرَى نُقْرَةً عَلَى أَنَّهَا زَخْمُ دَارٍ فَقَبَضَهَا وَإِذَا بِهَا فَلَمْ تَكُنْ زَخْمَ دَارٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا؛ لِأَنَّ فَوَاتَ الْمَشْرُوطِ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى روئين قَلْعِيّ فَوَجَدَ فِيهِ تُرَابًا يَرُدُّهُ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ. وَلَوْ اشْتَرَى بَاقَةً مِنْ بَقْلٍ فَوَجَدَ فِي جَوْفِهَا حَشِيشًا فَإِنْ كَانَ يُعَدُّ عَيْبًا فَلَهُ الرَّدُّ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى قُفَّةً أَوْ قُرْطَالًا مِنْ الثِّمَارِ فَوَجَدَ فِي أَسْفَلِهَا حَشِيشًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى صُبْرَةً فَوَجَدَ فِي أَسْفَلِهَا دُكَّانًا، وَالْبَاقَةُ الدَّسْتَجَةُ وَمَا يُنْسَجُ مِنْ سَعَفِ الطَّرْفَاءِ إنْ صَغُرَ فَهُوَ قُفَّةٌ وَإِنْ عَظُمَ فَهُوَ قِرْطَالٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا فَوَجَدَ فِيهَا طَرِيقًا يَمُرُّ فِيهِ النَّاسُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْحُجَّةِ وَلَوْ اشْتَرَى كَرْمًا فَوَجَدَ فِيهِ بُيُوتَ النَّمْلِ كَثِيرًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا لَوْ وَجَدَ فِي الْكَرْمِ مَمَرَّ الْغَيْرِ أَوْ مَسِيلَ مَاءِ الْغَيْرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى كَرْمًا فَظَهَرَ أَنَّ شُرْبَهُ عَلَى نَاوِقٍ يُوضَعُ عَلَى ظَهْرِ نَهْرٍ أَوْ عَلَى مَوْضِعٍ آخَرَ

فَلَهُ حَقُّ الرَّدِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُ سَقْيُهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْكُنَ النَّهْرُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَذَا لَوْ وَجَدَ حَائِطًا وَاحِدًا مُشْتَرَكًا فَهُوَ عَيْبٌ وَلَوْ وَجَدَ الْحَائِطَ رَهْصًا إنْ كَانُوا يَعُدُّونَهُ عَيْبًا فَهُوَ عَيْبٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اشْتَرَى دَارًا لَهَا مَسِيلُ مَاءٍ إلَى سَاحَةِ الْغَيْرِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَرَجَعَ بِنُقْصَانِهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. اشْتَرَى أَرْضًا وَنَخْلًا لَيْسَ لَهُمَا شِرْبٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَهُ الْخِيَارُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَى مُصْحَفًا فَوَجَدَ فِي حُرُوفِهِ سَقْطًا أَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ مَنْقُوطٌ بِالنَّحْوِ فَوَجَدَ فِي نَقْطِهِ سَقْطًا قَالَ: هَذَا عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا وَإِذًا اشْتَرَى مُصْحَفًا عَلَى أَنَّهُ جَامِعٌ فَإِذَا فِيهِ آيَتَانِ سَاقِطَتَانِ أَوْ آيَةٌ سَاقِطَةٌ قَالَ: هَذَا عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ، وَوَجَدْتُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: رَجُلٌ اشْتَرَى لِوَلَدِهِ مُصْحَفًا قَالَ الْمُعَلِّمُ: إنَّ فِيهِ خَطَأً كَثِيرًا. قَالَ: إنْ كَانَ فِيهِ خَطَأَ الْكِتَابَةِ يُرَدُّ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَنَزَّتْ عِنْدَهُ وَقَدْ كَانَتْ تَنِزُّ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ إلَّا إذَا رَفَعَ الْمُشْتَرِي وَجْهَ الْأَرْضِ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا نَزَّتْ لِرَفْعِ التُّرَابِ أَوْ جَاءَ الْمَاءُ الْغَالِبُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَرُدُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يُنْظَرُ أَنْ يَكُونَ النَّزُّ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ الْقَدْرِ بَلْ إذَا كَانَ بِعَيْنِ ذَلِكَ السَّبَبِ يَمْلِكُ الرَّدَّ كَيْفَمَا كَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى كَرْمًا وَقَدْ ظَهَرَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بهارى إنْ كَانَ بِالسَّبَبِ الَّذِي كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ يَمْلِكُ الرَّدَّ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. اشْتَرَى خُبْزًا عَلَى أَنَّهُ مَطْبُوخٌ بِالْمَاءِ الْفُرَاتِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ بِخِلَافِهِ فَلَهُ الرَّدُّ وَكَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الشَّرْطِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْحِنَّاءَ أَوْ نَحْوَهُ عَلَى أَنَّ الْكُلَّ مِثْلُ الجاشني وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا رَآهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ يُرَدُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اشْتَرَى خَمْسَمِائَةِ قَفِيزٍ حِنْطَةً فَوَجَدَ فِيهَا تُرَابًا إنْ كَانَ ذَلِكَ التُّرَابُ مِثْلَ مَا يَكُونُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحِنْطَةِ وَلَا يَعُدُّهُ النَّاسُ عَيْبًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ وَلَا أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ التُّرَابِ لَا يَكُونُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحِنْطَةِ وَيَعُدُّهُ النَّاسُ عَيْبًا فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ الْحِنْطَةَ كُلَّهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُمَيِّزَ التُّرَابَ فَيَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّةٍ مِنْ الثَّمَنِ وَيَحْبِسَ الْحِنْطَةَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ هَذَا إذَا لَمْ يُمَيَّزْ فَلَوْ مُيِّزَ فَوَجَدَهَا تُرَابًا كَثِيرًا وَيَعُدُّهُ النَّاسُ عَيْبًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كُلَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ الْكَيْلِ لَوْ خَلَطَ الْبَعْضَ بِالْبَعْضِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّدُّ بِذَلِكَ الْكَيْلِ لَوْ خَلَطَهُمَا بِأَنْ انْتَقَصَ بِالتَّنْقِيَةِ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ لَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَهُوَ نُقْصَانُ الْحِنْطَةِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا نَاقِصَةً فَيَكُونَ لَهُ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا كَانَ نَظِيرَ الْحِنْطَةِ كَالسِّمْسِمِ وَغَيْرِهِ لَوْ اشْتَرَاهُ فَوَجَدَ فِيهِ تُرَابًا فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى دُهْنًا فَوَجَدَ فِيهِ اللاي فَهُوَ كَذَلِكَ حَتَّى لَا يَرُدَّ اللاي وَحْدَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى مِسْكًا فَوَجَدَ فِيهِ رَصَاصًا يُمَيِّزُ الرَّصَاصَ وَيَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ جَعَلَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِجِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَصْلًا فَقَالَ: كُلُّ مَا يُسَامَحُ فِي قَلِيلِهِ لَا يُمَيَّزُ كَثِيرُهُ وَكُلُّ مَا لَا يُسَامَحُ فِي قَلِيلِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُمَيَّزَ كَثِيرُهُ. وَالرَّصَاصُ فِي الْمِسْكِ لَا يُسَامَحُ فِي قَلِيلِهِ فَيُمَيَّزُ كَثِيرُهُ وَيُسَامَحُ فِي قَلِيلِ التُّرَابِ فَلَا يُمَيَّزُ كَثِيرُهُ. عَامَّةُ الْمَشَايِخِ أَخَذُوا بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اشْتَرَى شَحْمًا قَدِيدًا وَوَجَدَ فِيهِ مِلْحًا كَثِيرًا فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْحِنْطَةِ يَجِدُ فِيهَا التُّرَابَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ لَوْ اشْتَرَى نُقْرَةً مِنْ نُحَاسٍ فَأَذَابَهَا فَخَرَجَ مِنْهَا حَجَرًا مِثْلَ مَا يَخْرُجُ مِنْ النُّحَاسِ فَلَهُ أَنْ يُمْسِكَ مِنْ الثَّمَنِ بِحِسَابِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا كَذَلِكَ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

الفصل الثالث فيما يمنع الرد بالعيب وما لا يمنع وما يرجع فيه بالنقصان وما لا يرجع

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَمَا لَا يَمْنَعُ وَمَا يَرْجِعُ فِيهِ بِالنُّقْصَانِ وَمَا لَا يَرْجِعُ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَمَا لَا يَمْنَعُ وَمَا يَرْجِعُ فِيهِ بِالنُّقْصَانِ وَمَا لَا يَرْجِعُ) الْأَصْلُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَتَى تَصَرَّفَ فِي الْمُشْتَرَى بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ بَطَل حَقُّهُ فِي الرَّدِّ وَإِذَا اشْتَرَى دَابَّةً فَوَجَدَ بِهَا جُرْحًا فَدَاوَاهَا أَوْ رَكِبَهَا لِحَاجَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَلَوْ دَاوَاهَا مِنْ عَيْبٍ قَدْ بَرِئَ إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِعَيْبٍ آخَرَ لَمْ يَبْرَأْ إلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الِاسْتِخْدَامُ مَرَّةً لَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى كُرْهٍ مِنْ الْعَبْدِ وَإِذَا اسْتَخْدَمَ مَرَّتَيْنِ يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَفَسَّرَ الِاسْتِخْدَامَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ فَقَالَ: بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِحَمْلِ الْمَتَاعِ عَلَى السَّطْحِ أَوْ بِإِنْزَالِهِ عَنْ السَّطْحِ أَوْ يَأْمُرَهَا بِأَنْ تَغْمِزَ رِجْلَهُ بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ عَنْ شَهْوَةٍ أَوْ يَأْمُرَ بِأَنْ تَطْبُخَ أَوْ تَخْبِزَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا، فَإِنْ أَمَرَ بِالطَّبْخِ وَالْخَبْزِ فَوْقَ الْعَادَةِ فَذَلِكَ يَكُونُ رِضًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ لِيَنْظُرَ إلَى سَيْرِهَا أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ لِيَنْظُرَ إلَى قَدْرِهِ فَهَذَا مِنْهُ رِضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا رَكِبَهَا لِيَرُدَّهَا أَوْ لِيَسْقِيَهَا أَوْ يَشْتَرِيَ لَهَا عَلَفًا فَلَيْسَ بِرِضًا إذَا لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ صَعْبَةً أَوْ هُوَ عَاجِزٌ عَنْ الْمَشْيِ أَوْ كَانَ الْعَلَفُ فِي وِعَاءٍ فَإِنْ كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الرُّكُوبِ فَكَانَ رِضًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا عَلَفَ دَابَّةٍ أُخْرَى وَرَكِبَهَا أَوْ لَمْ يَرْكَبْهَا فَهَذَا يَكُونُ رِضًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَى دَارًا فَسَكَنَهَا بَعْدَمَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ أَوْ رَمَّ مِنْهَا شَيْئًا أَوْ هَدَمَ يَسْقُطُ خِيَارُهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. اشْتَرَى ظِئْرًا فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَأَمَرَهَا أَنْ تُرْضِعَ صَبِيًّا لَا يَكُونُ رِضًا وَلَوْ حَلَبَ مِنْ لَبَنِهَا فَأَطْعَمَ صَبِيًّا أَوْ بَاعَ فَهُوَ رِضًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ حَلَبَ لَبَنَهَا وَلَمْ يَبِعْ وَلَمْ يَأْكُلْ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَفِي صُلْحِ الْفَتَاوَى أَنَّ الْحَلْبَ بِدُونِ الْبَيْعِ أَوْ الْأَكْلِ لَا يَكُونُ رِضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا لَهَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَلَوْ أَنَّهُ حَلَبَ لَبَنَهَا وَاسْتَهْلَكَهُ أَوْ شَرِبَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَمْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اشْتَرَى بَقَرَةً فَشَرِبَ مِنْ لَبَنِهَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَا يَرُدَّهَا، وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى شَاةً أَوْ بَقَرَةً مَعَ وَلَدِهَا فَعَلِمَ بِعَيْبٍ ثُمَّ ارْتَضَعَ مِنْهَا الْوَلَدُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رِضًا بِالْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَرْسَلَ الْوَلَدَ عَلَيْهَا، وَإِنْ احْتَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ لَبَنِهَا شَيْئًا فَشَرِبَهُ أَوْ سَقَاهُ وَلَدَهُ بَعْدَمَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ كَانَ ذَلِكَ رِضًا بِالْعَيْبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ جَزَّ صُوفَهَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْجَزُّ نُقْصَانًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْجَزُّ عِنْدِي لَيْسَ بِنُقْصَانٍ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُنْتَقَى إذَا جَزَّ صُوفَهَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَهُوَ رِضًا، وَلَوْ أَخَذَ مِنْ عُرْفِهَا فَلَيْسَ بِرِضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ قِيلَ لَهُ فَإِنْ اشْتَرَى كَرْمًا فَأَثْمَرَ عِنْدَهُ فَقَطَفَ ثِمَارَهُ وَوَضَعَهَا عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ وَجَدَ بِالْكَرْمِ عَيْبًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ قَالَ: إنْ كَانَ الْقَطْفُ لَمْ يُنْقِصْهُ شَيْئًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا صَنَّاجَةٌ جَازَ الْبَيْعُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَنَّاجَةً لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَضَرَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَثَرُ الضَّرْبِ فِيهِ لَا يَرُدُّهُ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَإِنْ لَطَمَهُ أَوْ ضَرَبَهُ سَوْطَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فِي عَيْنِهِ بَيَاضٌ فَسَأَلَ بَائِعَهُ عَنْهُ فَقَالَ: إنَّهُ مِنْ الضَّرْبِ وَيَزُولُ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَمَضَتْ الْعَشَرَةُ وَلَمْ يَزُلْ لَا يَرُدُّهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى غُلَامًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَنَّ بِهِ سُعَالًا وَبَقِيَ هَذَا الْغُلَامُ مُدَّةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ بَعْدَ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي يَدِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ادَّعَى عَلَيْهِ السُّعَالَ هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى ذَلِكَ الْعَيْبِ؟ فَقَالَ: إنْ اسْتَعْمَلَهُ بَعْدَمَا عَلِمَ بِعَيْبٍ فَهُوَ رِضًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. وَإِذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهَا لَمْ يَرُدَّهَا وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ

الْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ أَنَا أَقْبَلُهَا كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ وَإِنْ وَطِئَهَا أَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ بَعْدَمَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَلَا أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، وَإِذَا وَطِئَهَا غَيْرُ الْمُشْتَرِي فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِزِنًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا، كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ حَتَّى وَجَبَ الْعُقْرُ عَلَى الْوَاطِئِ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا لَا يَرُدُّهَا وَطِئَهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِالرَّدِّ أَوْ لَمْ يَرْضَ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ عِنْدَ الْبَائِعِ فَوَطِئَهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَإِنْ نَقَصَهَا الْوَطْءُ لَا يَرُدُّهَا إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يُنْقِصْهَا لَهُ الرَّدُّ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الثَّيِّبِ إذَا وَطِئَهَا فِي يَدِ الْبَائِعِ مَرَّةً ثُمَّ وَطِئَهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا عِنْدَ الْبَائِعِ وَإِنَّمَا وَطِئَهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَذْكُرْ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَرُدُّ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ نَاقِلًا عَنْ النِّصَابِ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا لَا يَرُدُّ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا أَقْبَلُهَا كَذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. اشْتَرَى خَشَبَةً لِيَتَّخِذَهَا مِدَقَّةً شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ فَقَطَعَهَا فِي اللَّيْلِ وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِهَا عَيْبٌ ثُمَّ جَدَّدَ الْعَقْدَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ شَرْطٍ فَنَظَرَ إلَيْهَا بِالنَّهَارِ فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى بِرْذَوْنًا فَخَصَاهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ إذَا لَمْ يُنْقِصْهُ الْخِصَاءُ كَذَا ذَكَرَهُ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يُفْتِي بِخِلَافِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى طَعَامًا فَأَكَلَ بَعْضَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا رَجَعَ بِنُقْصَانِ عَيْبِ مَا أَكَلَ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَكَذَا لَوْ عَرَضَ نِصْفَهُ عَلَى الْبَيْعِ يَرُدُّ الْبَاقِيَ وَكَذَا لَوْ بَاعَ، وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ عَيْبِ مَا بَاعَ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ اشْتَرَى دَقِيقًا فَخَبَزَ بَعْضَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الدَّقِيقَ كَانَ مُرًّا يَرُدُّ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ بِحِصَّةِ مَا اُسْتُهْلِكَ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هَذَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ فِي وِعَاءَيْنِ فَإِنْ كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فِي جُوَالِقَيْنِ أَوْ فِي قَوْصَرَّتَيْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَأَكَلَ مَا فِي أَحَدِهِمَا أَوْ بَاعَ ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَوَجَدَهُ صَغِيرًا لَا يُمْكِنُ قَطْعُهُ فَأَرَادَ رَدَّهُ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: أَرِهِ الْخَيَّاطَ فَإِنْ قَطَعَهُ وَإِلَّا رُدَّهُ عَلَيَّ. فَأَرَاهُ الْخَيَّاطَ فَإِذَا هُوَ صَغِيرٌ لَا يُقْطَعُ فَإِنَّ لَهُ رَدَّهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَلِكَ الْخُفُّ وَالْقَلَنْسُوَةُ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَكَذَا إذَا قَضَاهُ دَرَاهِمَ زُيُوفًا فَقَالَ لِلْقَابِضِ: أَنْفِقْهَا فَإِنْ رَاجَتْ عَلَيْك وَإِلَّا تَرُدُّهَا عَلَيَّ فَقَبِلَهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ تَرُجْ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا اسْتِحْسَانًا كَذَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ النَّوَازِلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْمُشْتَرِي إذَا وَجَدَ الْمَبِيعَ مَعِيبًا فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْهُ، فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَ رُدَّهُ عَلَيَّ فَعَرَضَ فَلَمْ يُشْتَرَ لَا يَرُدُّهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَقَالَ الْبَائِعُ فَأَبَى أَنْ يُقِيلَهُ قَالَ: هَذَا لَيْسَ بِعَرْضٍ عَلَى الْبَيْعِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ وَلَمْ يَخِطْ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ، فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا أَقْبَلُهُ كَذَلِكَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي صَارَ مُبْطِلًا حَقَّ الرَّدِّ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَإِنْ خَاطَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا كَانَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالْعَيْبِ، فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا أَقْبَلَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَكَذَلِكَ فِي السَّوِيقِ إذَا لَتَّهُ بِالسَّمْنِ أَوْ الْعَسَلِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَإِذَا عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ بَعْدَمَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ أَوْ آجَرَهُ أَوْ رَهَنَهُ فَذَلِكَ رِضًا بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْقُدُورِيِّ اشْتَرَى شَيْئًا وَآجَرَهُ ثُمَّ

اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَلَهُ أَنْ يُنْقِصَ الْإِجَارَةَ وَيَرُدَّ الْمُسْتَأْجَرَ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ إذَا وَهَبَ الْمَبِيعَ بَعْدَمَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَبْل الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ يَعْنِي الْعَرْضَ وَالْهِبَةَ بِدُونِ التَّسْلِيمِ فَهَذَا لَا يَكُونُ رِضًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ فَوَهَبَهُ لِرَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ كَانَ بِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اعْلَمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ نَوْعَانِ: مُتَّصِلَةٌ وَمُنْفَصِلَةٌ، وَالْمُتَّصِلَةُ نَوْعَانِ: غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْمَبِيعِ كَالصَّبْغِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَأَنَّهَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ بِالِاتِّفَاقِ سَوَاءٌ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أَقْبَلَهُ كَذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقُلْ، وَمُتَوَلِّدَةٌ مِنْ الْمَبِيعِ كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ وَانْجِلَاءِ الْبَيَاضِ وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي الرَّدَّ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا أُعْطِيك نُقْصَانَ الْعَيْبِ وَلَكِنْ رُدَّ عَلَيَّ الْمَبِيعَ حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْك جَمِيعَ الثَّمَنِ هَلْ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -؟ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ فَنَوْعَانِ أَيْضًا: مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ الْمَبِيعِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُمَا كَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ وَأَنَّهَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ، وَالْفَسْخَ بِسَائِرِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ عِنْدَنَا، وَغَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْمَبِيعِ كَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ وَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ، وَالْفَسْخَ بِسَائِرِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ، وَطَرِيقُهُ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ فِي الْأَصْلِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَيُسَلِّمَ الزِّيَادَةَ لِلْمُشْتَرِي مَجَّانًا بِغَيْرِ عِوَضٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ هَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَائِمَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ هَالِكَةً فَهَلَاكُهَا إنْ كَانَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْأَصْلَ بِالْعَيْبِ وَيَجْعَلَ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَ وَرَدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ، وَيَرُدُّ بِالْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَيَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ هَذَا إذَا حَدَثَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَمَّا إذَا حَدَّثَتْ قَبْل قَبْضِهِ وَكَانَتْ مُتَّصِلَةً حَادِثَةً مِنْهُ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً غَيْرَ حَادِثَةٍ مِنْهُ صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِذَلِكَ وَصَارَتْ الزَّوَائِدُ كَأَنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَتَمْنَعُ الرَّدَّ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً حَادِثَةً مِنْهُ كَالْوَلَدِ وَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ وَالثَّمَرِ وَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ فَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمَا جَمِيعًا وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ لَمْ يَجِدْ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا لَكِنْ وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ إلَّا إذَا كَانَ حُدُوثُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ قَبْل الْقَبْضِ يُورِثُ نُقْصَانًا فِي الْمَبِيعِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ لِأَجْلِ النُّقْصَانِ فِي الْمَبِيعِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ قَبَضَ الزِّيَادَةَ وَالْأَصْلَ ثُمَّ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا يَرُدُّهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لِلزِّيَادَةِ حِصَّةُ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِهَا، وَلَوْ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا يَرُدُّهَا خَاصَّةً بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ حَادِثَةٍ مِنْهُ كَالْكَسْبِ وَالْهِبَةِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ، فَإِذَا رَدَّهُ فَالزِّيَادَةُ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا تَطِيبُ لَهُ، وَعَنَدَهُمَا الزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ وَلَا تَطِيبُ لَهُ أَيْضًا، وَإِنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَاخْتَارَ الْمَبِيعَ فَالْمَبِيعُ مَعَ الزِّيَادَةِ لَهُ إجْمَاعًا وَلَكِنْ لَا تَطِيبُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ قَبَضَ الْمَبِيعَ مَعَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَوَجَدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرُدُّ الْمَبِيعَ خَاصَّةً بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَعِنْدَهُمَا يَرُدُّهُ مَعَ الزِّيَادَةِ وَلَوْ وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا لَا يَرُدُّهَا وَلَوْ هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ وَالْمَبِيعُ مَعِيبٌ يَرُدُّهُ خَاصَّةً بِجَمِيعِ الثَّمَنِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ رَجُلٌ اشْتَرَى حِنْطَةً فَذَهَبَ الْغُبَارُ عَنْهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَانْتَقَصَ كَيْلُهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِيهَا رُطُوبَةٌ فَجَفَّتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي

أَوْ اشْتَرَى خَشَبَةً رَطْبَةً فَيَبِسَتْ عِنْدَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا اشْتَرَى عَبْدًا كَاتِبًا أَوْ خَبَّازًا وَقَبَضَهُ فَنَسِيَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ تَمْرًا بِالرَّيِّ وَحَمَلَهُ إلَى الْكُوفَةِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ هُنَاكَ وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَى الرَّيِّ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ التَّمْرِ جَارِيَةٌ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ نَظِيرَ التَّمْرِ حَيْثُ قَالَ: أَرَى سِعْرَ هَذِهِ ثَمَّةَ وَهَهُنَا قَرِيبًا وَلَا أَرَى لِحَمْلِهَا تِلْكَ الْمُؤْنَةَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً بَيْضَاءَ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي رَدِّهَا، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى انْجَلَى الْبَيَاضُ ثُمَّ عَادَ الْبَيَاضُ فَهِيَ لَازِمَةٌ لِلْمُشْتَرِي وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي رَدِّهَا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَلَا يَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَثَنِيَّتَهَا سَاقِطَةٌ أَوْ سَوْدَاءُ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى نَبَتَتْ السَّاقِطَةُ وَذَهَبَ السَّوَادُ عَنْ ثَنِيَّتِهَا ثُمَّ سَقَطَتْ تِلْكَ الثَّنِيَّةُ أَوْ عَادَ السَّوَادُ فَالْجَارِيَةُ لَازِمَةٌ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَعْجِزْ عَنْ تَسْلِيمِ مَا الْتَزَمَ بِالْعَقْدِ كَمَا الْتَزَمَ، وَلَوْ قَبَضَهَا وَهِيَ بَيْضَاءُ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ أَوْ ثَنِيَّتُهَا سَاقِطَةٌ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ ثُمَّ انْجَلَى الْبَيَاضُ وَنَبَتَتْ الثَّنِيَّةُ ثُمَّ عَادَ الْبَيَاضُ وَسَقَطَتْ الثَّنِيَّةُ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا آخَرَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ يَرُدُّهَا بِذَلِكَ الْعَيْبِ، وَلَوْ لَمْ يَعُدْ الْبَيَاضُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي ذَهَبَ عَنْهَا الْبَيَاضُ لَكِنْ ابْيَضَّتْ الْعَيْنُ الْأُخْرَى لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْجَارِيَةَ بِعَيْبٍ أَبَدًا، وَلَوْ لَمْ تَبْيَضَّ الْعَيْنُ الْأُخْرَى وَلَكِنْ عَادَ الْبَيَاضُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي ذَهَبَ عَنْهَا الْبَيَاضُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي بِأَنْ ضَرَبَ الْمُشْتَرِي عَيْنَهَا فَابْيَضَّتْ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا آخَرَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا أَقْبَلُهَا كَذَلِكَ أَوْ أَرُدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ الْبَيَاضُ بِضَرْبِ الْأَجْنَبِيِّ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا بِالْعَيْبِ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ، هَذَا الَّذِي ذَكَرنَا كُلُّهُ إذَا اشْتَرَاهَا مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا بَيْضَاءُ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِكَوْنِهَا بَيْضَاءَ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ وَقَبَضَهَا ثُمَّ عَلِمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ فَإِنْ لَمْ يَرُدُّ حَتَّى انْجَلَى الْبَيَاضُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَحَقَّهَا سَلِيمَةً لَمَّا لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ لَهُ فَإِنْ عَادَ الْبَيَاضُ لَا يَكُونُ أَنْ يَرُدَّهَا أَيْضًا وَلَوْ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا آخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى جَارِيَةً وَهِيَ بَيْضَاءُ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى انْجَلَى الْبَيَاضُ عَنْ عَيْنِهَا ثُمَّ عَادَ بَيَاضُهَا فَعَلِمَ بِذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَلَوْ قَبَضَهَا وَهِيَ بَيْضَاءُ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى انْجَلَى الْبَيَاضُ ثُمَّ عَادَ بَيَاضُهَا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَفِي إحْدَى عَيْنَيْهَا بَيَاضٌ فَانْجَلَى الْبَيَاضُ ثُمَّ عَادَ فَقَبَضَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ ثُمَّ عَلِمَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي نَوْعِ مَعْرِفَةِ الْعُيُوبِ. وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً وَهِيَ سَاقِطَةُ الثَّنِيَّةِ أَوْ مُسْوَدَّةُ الثَّنِيَّةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَقَبَضَهَا ثُمَّ عَلِمَ بِذَلِكَ ثُمَّ زَالَ السَّوَادُ أَوْ نَبَتَتْ الثَّنِيَّةُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَكَذَلِكَ لَوْ سَقَطَتْ الثَّنِيَّةُ أَوْ عَادَ السَّوَادُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا آخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. نَتْفُ رِيشِ الطَّائِرِ الْمَذْبُوحِ يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ اشْتَرَى عَبْدًا وَبِهِ مَرَضٌ فَازْدَادَ الْمَرَضُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ لَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا كَانَ مَحْمُومًا عِنْدَ الْبَائِعِ كَأَنْ تَأْخُذَهُ الْحُمَّى كُلَّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي فَأَطْبَقَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ، وَلَوْ أَنَّهُ صَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ بِذَلِكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَهَذَا عَيْبٌ آخَرُ غَيْرُ الْحُمَّى فَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يُرَدُّ وَكَذَا لَوْ كَانَ بِهِ قُرْحَةٌ فَانْفَجَرَتْ أَوْ كَانَ جُدَرِيًّا فَانْفَجَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ، وَإِنْ كَانَ بِهِ جُرْحٌ

فَذَهَبَتْ يَدُهُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ كَانَتْ مُوضِحَةً فَصَارَتْ آمَّةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ فِي الْمُشْتَرَى حُمَّى غِبٍّ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَزَالَ ثُمَّ عَادَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إنْ عَادَ ثَانِيًا غِبًّا لَهُ الرَّدُّ لِاتِّحَادِ السَّبَبِ وَلَوْ كَانَ الثَّانِي رِبْعًا لَا يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى وَقَدْ ظَهَرَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مَرَضٌ فَهُوَ عَلَى هَذَا وَيَخْرُجُ مِنْ هَذَا جِنْسُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. اشْتَرَى عَبْدًا فَقَبَضَهُ فَحُمَّ عِنْدَهُ وَكَانَ يُحَمَّ عِنْدَ الْبَائِعِ قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ: الْمَسْأَلَةُ مَحْفُوظَةٌ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ إنْ حُمَّ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يُحَمُّ فِيهِ عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ أَوْ فِي غَيْرِهِ فَلَا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ لَوْ كَانَ بِالْمَبِيعِ أَثَرُ قُرْحَةٍ وَبَدَتْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَعَادَتْ الْقُرْحَةُ وَأَخْبَرَ الْجَرَّاحُونَ أَنْ عَوْدَهَا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، لَمْ يُرَدَّ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ. اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا وَخَاصَمَ الْبَائِعُ فِي عَيْبِ الْجَارِيَةِ ثُمَّ تَرَكَ الْخُصُومَةَ أَيَّامًا ثُمَّ خَاصَمَهُ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: لِمَ أَمْسَكْتهَا طُولَ الْمُدَّةِ بَعْدَمَا اطَّلَعْت عَلَى عَيْبٍ؟ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّمَا أَمْسَكْتهَا لِأَنْظُرَ أَنَّهُ هَلْ يَزُولُ الْعَيْبُ؟ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَرْكُ الْخُصُومَةِ لِهَذَا لَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَا إذَا أَرَادَ الرَّدَّ فَلَمْ يَجِدْ الْبَائِعَ وَأَطْعَمَهُ وَأَمْسَكَهُ أَيَّامًا وَلَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهَا تَصَرُّفًا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَى هَذَا أَدْرَكْت مَشَايِخَ زَمَانِي رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِهِ ثُمَّ عَلِمَ الْآمِرُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ بِهِ عَيْبًا قَالَ: إنْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَقُلْ الْمُوَكِّلُ شَيْئًا فَهَذَا مِنْهُ رِضًا بِالْعَيْبِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَتَّفِقْ الْبَيْعُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْعَبْدَ عَلَى بَائِعِهِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ أَعْلَمَهُ الْوَكِيلُ أَنَّهُ يَذْهَبُ مِنْ فَوْرِهِ لِيَبِيعَهُ فَلَمْ يَنْهَهُ فَهَذَا مِنْهُ رِضًا أَوْ أَخْبَرَ الْآمِرُ أَنَّ الْوَكِيلَ سَاوَمَ بِهِ وَهُوَ يَعْرِضُهُ لِيَبِيعَهُ فَلَمْ يَنْهَهُ فَهَذَا مِنْهُ رِضًا بِالْعَيْبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى سِنْجَابًا وَجُلُودَ الثَّعَالِبِ فَبَلَّهَا لِلدَّبْغِ وَظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى إبْرَيْسَمًا وَبَلَّهُ فَظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا لَيْسَ عَلَيْهَا خَرَاجٌ فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا ثُمَّ وَضَعَ عَلَيْهَا الْخَرَاجَ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِخِيَارِ الشُّرُوطِ أَوْ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ الْعَيْبِ ثُمَّ ذَهَبَتْ عَيْنُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ضَمِنَ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَنِ وَإِنْ ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا فَبَاعَ بَعْضَهَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُف رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَرُدُّ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى كَرْمًا فَأَكَلَ الثِّمَارَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اشْتَرَى فَيْلَقًا فَشَمَّهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. اشْتَرَى قَدُومًا وَأَدْخَلَهُ فِي النَّارِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَرُدَّهُ، وَلَوْ اشْتَرَى ذَهَبًا فَأَدْخَلَهُ فِي النَّارِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ رَدَّهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. . اشْتَرَى حَدِيدًا لِيَتَّخِذَ آلَاتِ النَّجَّارِينَ وَجَعَلَهُ فِي الْكُورِ لِيَجُرَّ بِهِ بِالنَّارِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَلَا يَصْلُحُ لِتِلْكَ الْآلَاتِ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَرُدُّهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى مِنْشَارًا وَحَدَّدَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ لَمْ يَرُدَّهُ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ كَذَا فِي الصُّغْرَى وَلَوْ اشْتَرَى سِكِّينًا فَحَدَّدَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا إنْ حَدَّدَهُ بِالْمِبْرَدِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا؛ لِأَنَّهُ يُنْتَقَصُ مِنْهُ وَإِنْ حَدَّدَهُ بِالْحَجَرِ لَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. اشْتَرَى بُرْمَةً جَدِيدَةً فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: اُطْبُخْهَا فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ أَقْبَلُهَا بَعْدَ الطَّبْخِ وَأَرُدُّ الثَّمَنَ فَطَبَخَهَا فَظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ لَا يَرُدُّ بِدُونِ الرِّضَا وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فَلَوْ عَلِمَ الْعَيْبَ لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَدِيمٌ فَتَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ ثُمَّ عَلِمَ قِدَمَهُ لَمْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ مُبَاحَ الدَّمِ بِقَوَدٍ أَوْ بِرِدَّةٍ أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ بِقَتْلٍ فَقُتِلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِكُلِّ الثَّمَنِ عِنْدَهُ وَقَالَا: لَا يَرُدُّهُ

وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ عَيْبِهِ فَيُقَوَّمُ صَادِفًا وَغَيْرَ صَادِفٍ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا قَدْ سَرَقَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي فَقُطِعَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ عِنْدَهُ وَقَالَا: لَا يَرُدُّهُ وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ عَيْبِهِ فَيُقَوَّمُ صَادِفًا وَغَيْرَ صَادِفٍ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا وَلَوْ سَرَقَ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَقُطِعَ بِهِمَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَهُمَا كَمَا بَيَّنَّا وَعِنْدَهُ لَا يَرُدُّهُ بِلَا رِضَا الْبَائِعِ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ وَيَرْجِعُ بِرُبْعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ وَقَدْ تَلِفَتْ بِجِنَايَتَيْنِ وَإِنْ قَتَلَهُ الْبَائِعُ كَذَلِكَ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ فَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْبُيُوعُ وَالْأَيْدِي ثُمَّ قُطِعَ أَوْ قُتِلَ عِنْدَ الْأَخِيرِ يَرْجِعُ الْبَاعَةُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عِنْدَهُ كَمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَعِنْدَهُمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ فَيَرْجِعُ الْأَخِيرُ عَلَى بَائِعِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِهِ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ يَرْجِعُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَهُ وَالْعِلْمُ بِالِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَهُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي بِمَالٍ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ قُطِعَ فَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِالْعَيْبِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا؟ وَإِنْ أَعْتَقَهُ بِلَا مَالٍ يَرْجِعُ بِهِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ فَوَجَدَ بِهِ الْبَائِعُ عَيْبًا قَدِيمًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دِينَارًا بِدَرَاهِمَ وَتَقَابَضَا ثُمَّ إنَّ مُشْتَرِيَ الدِّينَارِ بَاعَ الدِّينَارَ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ عَيْبًا وَرَدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ وَعَلَى هَذَا إذَا قَبَضَ رَجُلٌ دَرَاهِمَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ وَقَضَاهَا مِنْ غَرِيمِهِ فَوَجَدَهَا الْغَرِيمُ زُيُوفًا فَرَدَّهَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ أَعْمَى فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: أُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَهُ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي فَإِنْ جَازَ عَنِّي وَإِلَّا رَدَدْته فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى جِرَابَ ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالثِّيَابِ عَيْبًا وَقَدْ كَانَ أَتْلَفَ الْجِرَابَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الثِّيَابَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي الْجَارِيَةِ وَالْعَبْدِ إذَا وَجَدَ بِهِمَا عَيْبًا مَا أَتْلَفَ ثَوْبَهُمَا كَذَلِكَ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا بِكُلِّ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُشْتَرِي فِي خِيَارِ الْعَيْبِ إذَا قَالَ لِلْبَائِعِ: إنْ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْك الْيَوْمَ فَقَدْ رَضِيتُ بِالْعَيْبِ فَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ وَلَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَارًا فَادَّعَى رَجُلٌ فِيهَا مَسِيلَ مَاءٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَمْسَكَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا فَإِنْ كَانَ قَدْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً فَلَهُ أَنْ يُنْقِصَ بِنَاءَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا وَقَدْ كَانَ أَبْرَأهُ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ أَوْ وَهَبَ لَهُ الثَّمَنَ وَقَبِلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ لَا يَمْلِكُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ حُرٌّ إنْ وُجِدَ بِهِ الْعَيْبُ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَمْلِكُ الرَّدَّ وَإِنْ وُجِدَ الْعَيْبُ قَبْل الْقَبْضِ فَلَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بَعْدَمَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ أَوْ قَبْلَهُ أَنَّ الْمَبِيعَ كَانَ لِفُلَانٍ غَيْرِ الْبَائِعِ وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ لَهُ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ، وَبِالْعَوْدِ إلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ عَالِمًا بِالْعَيْبِ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ فَسْخًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ بَاعَ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِكُرٍّ مَوْصُوفٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ بَائِعُ الْعَبْدِ بِالْكُرِّ عَيْبًا وَحَدَثَ بِهِ عِنْدَهُ عَيْبٌ آخَرُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ الْكُرُّ بِعَيْنِهِ عِنْدَ الشِّرَاءِ رَجَعَ فِي الْعَبْدِ بِمِثْلِ نُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي الْكُرِّ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ وَهُوَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ أَنْ يَأْخُذَ

الْكُرَّ بِعَيْنِهِ وَيَرُدَّ الْعَبْدَ. رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ كُرَّ حِنْطَةٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ يَعْنِي الْمُسْتَقْرِضُ اشْتَرَى الْكُرَّ الْمُسْتَقْرَضَ مِنْ الْمُقْرِضِ ثُمَّ وَجَدَ بِالْكُرِّ عَيْبًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ وَلَا يَرُدَّهُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْقَرْضُ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى الْمُقْرِضُ بِهَا دَنَانِيرَ وَقَبَضَ الدَّنَانِيرَ ثُمَّ وَجَدَ الْمُسْتَقْرِضُ الدَّرَاهِمَ الْقَرْضَ زُيُوفًا فَلَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الرَّدِّ إذَا قَالَ فِي وَجْهِ الْبَائِعِ: قَدْ أَبْطَلْت الْبَيْعَ إنْ كَانَ قَبْل الْقَبْضِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ قَبِلَ الْبَائِعِ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ قَبِلَ الْبَائِعُ فَكَذَلِكَ يَنْتَقِضُ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلُ لَا يَنْتَقِضُ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْبَائِعِ لَا يَنْتَقِضُ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ قَبْل الْقَبْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اشْتَرَى كَرْمًا مَعَ غَلَّاتِهَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَإِنْ أَرَادَ الرَّدَّ رَدَّهَا سَاعَةَ وَجَدَهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَمَعَ الْغَلَّاتِ أَوْ تَرَكَهَا يَمْتَنِعُ الرَّدُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. . مَنْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ بِالْآخَرِ الَّذِي لَمْ يَقْبِضْ عَيْبًا فَإِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ السَّلِيمَ وَيَرُدَّ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ فِي الْمَقْبُوضِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، يُرْوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَرُدُّهُ خَاصَّةً وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُمَا أَوْ يَرُدُّهُمَا، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: أَنَا أُمْسِكُ الْمَعِيبَ وَآخُذُ النُّقْصَانَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَأَمَّا لَوْ كَانَ قَبَضَهُمَا أَعْنِي الْعَبْدَيْنِ ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ خَاصَّةً كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ هَذَا فِيمَا يُمْكِنُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فِي الِانْتِفَاعِ كَالْعَبْدَيْنِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ فِي الْعَادَةِ كَنَعْلَيْنِ أَوْ خُفَّيْنِ أَوْ مِصْرَاعَيْ بَابٍ فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا فَإِنَّهُ يَرُدُّهُمَا أَوْ يُمْسِكُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا اشْتَرَى زَوْجَ ثَوْرٍ ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بَعْدَ الْقَبْضِ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً فَظَاهِرُ الْجَوَابِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ مَشَايِخُنَا: إنْ أَلِفَ أَحَدُهُمَا الْعَمَلَ مَعَ صَاحِبِهِ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَعْمَلُ إلَّا مَعَ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ شَيْءٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اشْتَرَى جَارِيَتَيْنِ وَلَمْ يَقْبِضْهُمَا حَتَّى وَجَدَ بِإِحْدَاهُمَا عَيْبًا فَقَبَضَ الْمَعِيبَةَ لَزِمَتَاهُ جَمِيعًا وَإِنْ قَبَضَ الَّتِي لَا عَيْبَ بِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا، وَإِنْ بَاعَ السَّلِيمَةَ بَعْدَمَا قَبَضَهُمَا أَوْ أَعْتَقَهُمَا قَبْل الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَتْهُ الْمَعِيبَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اشْتَرَى جِرَابَ ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ وَأَخَذَ ثَوْبًا مِنْهُ فَقَطَعَهُ وَخَاطَهُ أَوْ بَاعَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِثَوْبٍ مِنْ الْجِرَابِ عَيْبًا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ مَا بَقِيَ مِنْ الثِّيَابِ وَيَرُدَّ الَّذِي بِهِ الْعَيْبُ خَاصَّةً وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: لَا أُسَلِّمُ. أَنَا أَرْضَى أَنْ يَرُدَّ الْجِرَابَ كُلَّهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ قَطَعَ الثَّوْبَ وَلَمْ يَخِطْهُ فَرَضِيَ الْبَائِعُ أَنْ يُمْسِكَ الْجِرَابَ وَيَأْخُذَ الثَّوْبَ الْمَقْطُوعَ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى نَخِيلًا فَأَثْمَرَتْ عِنْدَهُ فَهَلَكَ الثَّمَرُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ يُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَإِنْ أَكَلَهُ الْبَائِعُ لَا يُرَدُّ بِالْعَيْبِ كَذَا فِي الْكَافِي اشْتَرَى نَخِيلًا فِيهِ ثَمَرٌ بِمَوْضِعِهِ فِي الْأَرْضِ وَثَمَرِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي حَتَّى جَذَّ الْبَائِعُ الثَّمَرَ فَإِنْ كَانَ جُذَاذُهُ نَقَصَ النَّخْلَةَ أَوْ الثَّمَرَ بِأَنْ كَانَ لَمْ يَبْلُغْ الْجُذَاذُ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُنْقِصْ النَّخْلَةَ وَالثَّمَرَ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَإِذَا قَبَضَهُمَا الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا رَدَّهُ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ ذَلِكَ كُلَّهُ قَبْل الْجُذَاذِ ثُمَّ جَذَّهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُنْقِصْهُ الْجُذَاذُ شَيْئًا وَلَمْ يَنْتَقِصْ النَّخْلُ أَيْضًا ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا جَمِيعًا بِالْعَيْبِ الَّذِي وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا، وَلَوْ كَانَ جُذَاذُ الْمُشْتَرِي نَقَصَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ الْعَيْبَ لَمْ يَرُدَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَرَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ

إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ مَعَ الْعَيْبِ فَحِينَئِذٍ يُرَدُّ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى شَاةً عَلَى ظَهْرِهَا صُوفٌ فَجَزَّ الْبَائِعُ الصُّوفَ قَبْل الْقَبْض أَوْ جَزَّهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الثَّمَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى شَاةً حَامِلًا فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ وَلَمْ تُنْقِصْهَا الْوِلَادَةُ لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ قَبَضَهُمَا وَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا رَدَّهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يُرَدُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا اشْتَرَى شَاةً وَفِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ فَحَلَبَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي لَبَنَهَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ حَالَةَ الِاتِّصَالِ كَمَا فِي الْوَلَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اشْتَرَى فُجْلًا أَوْ سَلْجَمًا مَغِيبًا فِي الْأَرْضِ فَقَلَعَهُ الْمُشْتَرِي كُلَّهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا بَعْدَمَا قَلَعَهُ كُلَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الرَّدَّ لَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ اشْتَرَى مَشْجَرَةً فَوَجَدَ بَعْضَ أَشْجَارِهَا مَعِيبًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَرُدُّ الْكُلَّ أَوْ يَأْخُذُ الْكُلَّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ مُتَبَايِنَةً قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْل الْقَبْضِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَاشْتَرَى الْمَشْجَرَةَ بِأَرْضِهَا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ اشْتَرَى الْأَشْجَارَ خَاصَّةً رَدَّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَجَاءَ أَجْنَبِيٌّ وَزَادَ لِلْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ ثَوْبًا فَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فَهَذَا مُتَطَوِّعٌ وَلِلثَّوْبِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ وَقَدْ رَضِيَ صَاحِبُ الثَّوْبِ أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ ثَوْبِهِ لِلْبَائِعِ فَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا رَدَّهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَتَكُونُ حِصَّةُ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ فَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالثَّوْبِ عَيْبًا بَعْدَ ذَلِكَ رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَأَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ تِلْكَ الْحِصَّةَ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ بِالْعَبْدِ عَيْبًا إنَّمَا وَجَدَ بِالثَّوْبِ عَيْبًا رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ بِحِصَّتِهِ فَإِنْ وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اشْتَرَى مِصْرَاعَيْ بَابٍ فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَهَلَكَ الْآخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ عَلَى الْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْآخَرَ إنْ شَاءَ وَلَا يَجْعَلُ قَبْضَ أَحَدِهِمَا كَقَبْضِهِمَا جَمِيعًا، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبَضَ أَحَدَهُمَا فَعَيَّبَهُ وَهَلَكَ الْآخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ يَهْلَكُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى خَاتَمًا فِيهِ فَصٌّ وَقَلَعَ الْفَصَّ لَا يَضُرُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بَعْدَ الْقَبْضِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ مِنْهُمَا وَكَذَا فِي السَّيْفِ الْمُحَلَّى وَالْمِنْطَقَةِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَى شَيْئًا وَاحِدًا فَوَجَدَ بِبَعْضِهِ عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِنْ ضَرْبٍ وَاحِدٍ فَوَجَدَ بِبَعْضِهِ عَيْبًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْل الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ حَكَى الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَحْمَدُ الطَّوَاوِيسِيُّ أَنَّهُ كَانَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ يَرُدَّ بَعْضَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِالْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ مُجْتَمِعًا إذَا كَانَ التَّمْيِيزُ لَا يُزِيدُ بِالْمَعِيبِ عَيْبًا، وَكَذَلِكَ إذَا وَجَدَ الْبَعْضَ صِغَارًا فَأَرَادَ أَنْ يُغَرْبِلَ وَيَرُدَّ الصِّغَارَ مِنْ الْحَبِّ الَّذِي هُوَ مِنْ تَحْتِ الْغِرْبَالِ وَيُمْسِكَ الْبَاقِيَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى الْجَوْزَ أَوْ الْبَيْضَ فَوَجَدَ الْبَعْضَ صِغَارًا فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ الصِّغَارَ خَاصَّةً وَيُمْسِكَ الْبَاقِيَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْكُلُّ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي أَوْعِيَةٍ مُخْتَلِفَةٍ فَوُجِدَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ مَعِيبًا فَإِنَّهُ يَرُدُّ ذَلِكَ وَحْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الثَّوْبَيْنِ وَالصِّنْفَيْنِ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَكَانَ يُفْتِي بِهِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَصْحَابِنَا وَبِهِ أَخَذَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْكُلُّ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ أَوْ أَوْعِيَةٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَعْضَ بِالْعَيْبِ، وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ الْفَقِيهُ

أَبُو جَعْفَرٍ فِيمَا إذَا اشْتَرَى لَفَائِفَ إبْرَيْسَمَ فَوَجَدَ بَعْضَ مَا فِي كُلِّ لِفَافَةٍ مَعِيبًا فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ خَاصَّةً بِأَنْ يُمَيِّزَ الْمَعِيبَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ وَجَدَ لِفَافَةً مِنْهَا كُلَّهَا مَعِيبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ وَيُمْسِكَ مَا لَا عَيْبَ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى عَدَدًا مِنْ كُبَّةِ الْغَزْلِ فَوَجَدَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ شَيْئًا مَعِيبًا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُمَيِّزَ ذَلِكَ وَيَرُدَّهُ خَاصَّةً، وَإِنْ وَجَدَ بَعْضَ الْغَزْلِ مَعِيبًا لَهُ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ وَيُمْسِكَ مَا لَا عَيْبَ بِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لَا خِيَارَ لَهُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ، هَذَا إذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرَى ثَوْبًا وَقَدْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَإِذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِعَيْبِهِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ ذَلِكَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَمْتَنِعَ أَخْذُهُ إيَّاهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَيْفِيَّةُ الرُّجُوعِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَبِيعُ وَلَا عَيْبَ بِهِ وَيُقَوَّمَ وَبِهِ ذَلِكَ الْعَيْبُ فَإِنْ كَانَ تَفَاوُتُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ النِّصْفَ فَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَعْدَمَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَأَمْكَنَهُ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ إمَّا بِالرِّضَا أَوْ بِدُونِ الرِّضَا فَإِذَا أَزَالَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا عَلَى مِلْكِهِ فَإِذَا أَزَالَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِعَيْبٍ حَتَّى قَتَلَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ قَتَلَهُ بِنَفْسِهِ فَكَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي شَرْحِ التَّكْمِلَةِ. وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَحَرَّرَهُ بِلَا مَالٍ أَوْ مَاتَ عِنْدَهُ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، وَالتَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ كَالْإِعْتَاقِ وَلَوْ حَرَّرَهُ بِمَالٍ أَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى جُبَّةً فَلَبِسَهَا وَانْتَقَضَتْ بِاللُّبْسِ ثُمَّ عَلِمَ بِفَأْرَةٍ مَيِّتَةٍ فِيهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْبَائِعُ وَيَرْضَى بِنُقْصَانِ اللُّبْسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً وَغَابَ الْبَائِعُ وَلَوْ انْتَظَرَ حُضُورَهُ تَفْسُدُ فَشَوَاهَا وَبَاعَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ فِي دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. . اشْتَرَى جِدَارًا مَائِلًا فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى سَقَطَ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ قَالَ فِي الْقُدُورِيِّ: إذَا اشْتَرَى طَعَامًا أَوْ ثَوْبًا وَخُرِقَ الثَّوْبُ أَوْ اُسْتُهْلِكَ الطَّعَامُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ بِهِ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ مِنْ اللُّبْسِ أَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا وَبَاعَ بَعْضَهُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ لَمْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ بِحِصَّةِ مَا بَاعَ بِلَا خِلَافٍ وَهَلْ يَرْجِعُ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ؟ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَرْجِعُ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ لَوْ اشْتَرَى دَقِيقًا فَلَمَّا خَبَزَ بَعْضَهُ وَجَدَهُ مُرًّا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ مَا خُبِزَ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ اشْتَرَى طَعَامًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَقَدْ أَكَلَ بَعْضَهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ عَيْبِ مَا أَكَلَ وَيَرُدُّ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ كَانَ يُفْتَى الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ، وَإِنْ بَاعَ نِصْفَهُ يَرُدُّ مَا بَقِيَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا بَاعَ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ هَذَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي وِعَاءٍ فَإِنْ كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فِي جُوَالِقَيْنِ أَوْ فِي قَوْصَرَّتَيْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَأَكَلَ مَا فِي أَحَدِهِمَا أَوْ بَاعَ ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى سَمْنًا ذَائِبًا فَأَكَلَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ وَمَاتَتْ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. اشْتَرَى خُبْزًا فَوَجَدَهُ أَقَلَّ مِنْ السِّعْرِ الْمَعْهُودِ رَجَعَ بِالْبَاقِي وَكَذَا كُلُّ مَا ظَهَرَ سِعْرُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَمَنْ اشْتَرَى بَيْضًا أَوْ بِطِّيخًا أَوْ قِثَّاءً أَوْ خِيَارًا أَوْ جَوْزًا أَوْ قَرْعًا أَوْ فَاكِهَةً فَكَسَرَهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْعَيْبِ فَوَجَدَهُ فَاسِدًا فَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ كَالْقَرْعِ الْمُرِّ وَالْبَيْضِ الْمَذِرِ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَيَكُونُ بَيْعُهُ بَاطِلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَسَرَهُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ لَا يَرُدُّهُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْجَوْزِ صَلَاحُ قِشْرِهِ وَإِنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ فَسَادِهِ بِأَنْ يَأْكُلَهُ الْفُقَرَاءُ وَيَصْلُحُ لِلْعَلَفِ يَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَّا إذَا رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ هَذَا إذَا لَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ تَنَاوَلَ بَعْدَمَا ذَاقَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَلَوْ وَجَدَ الْبَعْضَ فَاسِدًا وَهُوَ قَلِيلٌ جَازَ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا وَالْقَلِيلُ مَا لَا يَخْلُو الْجَوْزُ عَنْهُ عَادَةً كَالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ فِي الْمِائَةِ وَإِنْ كَانَ الْفَاسِدُ كَثِيرًا لَا يَجُوزُ وَيَرْجِعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى بَيْضَ النَّعَامَةِ فَكَسَرَهَا وَوَجَدَهَا مَذِرَةً ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَا يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِقِشْرِهَا فَكَوْنُهَا مَذِرَةً يَكُونُ عَيْبًا فِيهَا وَهَذَا الْفَصْلُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا إذَا كَسَرَ بَيْضَ النَّعَامَةِ فَوَجَدَ فِيهَا فَرْخًا مَيِّتًا اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ وَأَحَدُهُمَا مَيِّتٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ فِي مَعْدِنِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَجَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي حِصَّةِ الصَّحِيحِ مِنْهُ، وَفِي النِّهَايَةِ هُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. اشْتَرَى بَعِيرًا فَلَمَّا أَدْخَلَهُ دَارِهِ سَقَطَ فَذَبَحَهُ إنْسَانٌ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي فَظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ أَخَذَ الْمَشَايِخُ، هَذَا إذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الذَّبْحِ أَمَّا إذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ ثُمَّ ذَبَحَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى حَيَوَانًا فَذَبَحَهُ بِنَفْسِهِ فَإِذَا أَمْعَاؤُهُ فَاسِدَةٌ فَسَادًا قَدِيمًا رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ أَكَلَ بَعْضَهُ ثُمَّ عَلِمَ رَجَعَ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِذَا اشْتَرَى جَمَلًا فَظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ فَوَقَعَ فَانْكَسَرَ عُنُقُهُ فَنَحَرَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى بَعِيرًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَذَهَبَ بِهِ إلَى الْبَائِعِ لِيَرُدَّهُ فَعَطِبَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ الْمُشْتَرِي إنْ أَثْبَتَ الْعَيْبَ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى جَارِيَةً فَقَبَضَهَا فَأَبِقَتْ ثُمَّ عَلِمَ بِهَا عَيْبًا لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مَا دَامَتْ حَيَّةً وَإِنْ مَاتَتْ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ وَتَقَابَضَا فَوَطِئَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ ثُمَّ رَأَى صَاحِبَ الْعَبْدَ فَلَمْ يَرْضَ أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ إنْ شَاءَ ضَمِنَ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِ مُشْتَرِيهَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَلَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَلَا الْعُقْرَ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا كَذَا فِي

الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَمَةٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ مُشْتَرِي الْأَمَةِ أُصْبُعًا زَائِدَةً رَدَّهَا عَلَيْهِ بِقَضَاءِ قَاضٍ وَأَخَذَ الْعَبْدَ ثُمَّ إنَّ مَوْلَى الْأَمَةِ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّ مُشْتَرِيَ الْأَمَةِ قَدْ كَانَ وَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا وَالْوَطْءُ لَا يُنْقِصُهَا شَيْئًا وَذَلِكَ بَعْدَمَا مَاتَتْ الْأَمَةُ فِي يَدِ الَّذِي رُدَّتْ إلَيْهِ أَوْ بَعْدَمَا بَاعَهَا فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ حِمْيَرٌ الْوَبَرِيُّ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعُمَرُ بْنُ الْحَافِظِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَمَّنْ قَايَضَ ثَوْرًا بِبَقَرَةٍ وَهِيَ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَوَجَدَ الْآخَرُ بِالثَّوْرِ عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَاذَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الثَّوْرِ أَمْ بِقِيمَةِ الْبَقَرَةِ؟ قَالُوا: يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبَقَرَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَجَعَلَهَا مَسْجِدًا ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ فِي قَوْلِهِمْ، وَاخْتَلَفُوا فِي الرُّجُوعِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ يَرْجِعُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَوَقَفَهَا ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ ذَكَرَ هِلَالٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى ثَوْبًا وَكَفَّنَ بِهِ مَيِّتًا فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَارِثَ الْمَيِّتِ وَقَدْ اشْتَرَى بِشَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ رَجَعَ بِالْأَرْشِ وَلَوْ تَبَرَّعَ بِالتَّكْفِينِ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَرْجِعْ بِأَرْشِ الْعَيْبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى شَجَرَةً فَقَطَعَهَا فَوَجَدَهَا لَا تَصْلُحُ إلَّا لِلْحَطَبِ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْبَائِعُ مَقْطُوعَةً قَالُوا وَهَذَا إذَا اشْتَرَاهَا لَا لَأَجْلِ الْحَطَبِ أَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا لِأَجْلِ الْحَطَبِ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: مُسْلِمٌ اشْتَرَى عَصِيرًا وَقَبَضَهُ وَتَخَمَّرَ فِي يَدِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَرُدَّهُ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا آخُذُ الْخَمْرَ بِعَيْنِهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الرَّدِّ لِحَقِّ الشَّرْعِ، فَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْهُ فِي الْعَيْبِ حَتَّى صَارَتْ خَلًّا رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَا يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَ الْبَائِعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا اشْتَرَى مِنْ نَصْرَانِيٍّ خَمْرًا وَتَقَابَضَا ثُمَّ أَسْلَمَا ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْخَمْرِ عَيْبًا لَا يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ وَإِنْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ كَذَلِكَ وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ حَتَّى صَارَ الْخَمْرُ خَلًّا لَمْ يَرُدَّهُ الْبَائِعُ بِالْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ اشْتَرَى خَلًّا فَلَمَّا صُبَّ فِي خَابِيَةِ الْمُشْتَرِي ظَهَرَ أَنَّهُ مُنْتِنٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ قَالَ: هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ هَلَكَ أَوْ فَسَدَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَهْرَقَهُ الْمُشْتَرِي بِفَسَادِهِ قَالَ: إنْ كَانَ بِحَالٍ لَا قِيمَةَ لَهُ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة الْمُشْتَرِي الثَّانِي إذَا وَجَدَ الْمَبِيعَ مَعِيبًا وَقَدْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ فَرَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ لِبَائِعِهِ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي الصُّغْرَى. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَمَاتَ عِنْدَ الثَّانِي ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي، وَالْبَائِعُ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الثَّانِيَ لَا يَنْفَسِخُ بِالرُّجُوعِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَمَعَ بَقَاءِ الْبَيْعِ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَانَتْ أَمَةً فَأَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَوْلَدَهَا وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَحَلَفَ لَا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَيَكُونُ الْعَبْدُ حُرًّا فِي الْإِقْرَارِ بِالْعِتْقِ وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ وَصَارَ مُدَبَّرًا مَوْقُوفًا فِي مَسْأَلَةِ التَّدْبِيرِ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِيلَادِ، وَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ عَيْبًا عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَقَرَّ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ

الفصل الرابع في دعوى العيب والخصومة فيه وإقامة البينة

كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ وَهُوَ مِلْكٌ لِفُلَانٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَأَخَذَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ وَلَوْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَلَهُ رَدُّهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِفُلَانٍ وَكَذَّبَهُ رَدَّهُ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ وَجَدَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَيْبًا قَدِيمًا وَقَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ آخَرُ حَتَّى امْتَنَعَ رَدُّهُ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَرَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي لِلْمُقَرِّ لَهُ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ قَالَ: بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ بَعْدَمَا اشْتَرَيْتُهُ وَأَعْتَقَهُ فُلَانٌ وَكَذَّبَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَا قَالَ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِإِقْرَارِهِ فَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَهُ وَجَحَدَ فُلَانٌ ذَلِكَ وَحَلَفَ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّهُ يُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا فَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْعَبْدَ كَانَ لِفُلَانٍ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ أَشْتَرِيَهُ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ كُلَّهُ فَأَمَّا إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْمِلْكِ وَالْإِعْتَاقِ أَوْ صَدَّقَهُ فِي الْمِلْكِ دُونَ الْإِعْتَاقِ أَوْ كَذَّبَهُ فِيهِمَا جَمِيعًا فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ كَانَ الْعَبْدُ مَوْلًى لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا قَدِيمًا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي دَفَعَ الْعَبْدَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَكَانَ عَبْدًا لَهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ عَتَقَ الْعَبْدُ عَلَى الْمُقِرِّ وَكَانَ الْوَلَاءُ مَوْقُوفًا وَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا قَدِيمًا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ عَادَ فُلَانٌ إلَى تَصْدِيقِهِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَ مِنْ الْعَيْبِ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ لِفُلَانٍ فَأَعْتَقَهُ بَعْدَمَا اشْتَرَيْته لَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْ كَذَّبَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي دَعْوَى الْعَيْبِ وَالْخُصُومَةِ فِيهِ وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ] يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْعَيْبَ نَوْعَانِ: ظَاهِرٌ يَعْرِفُهُ الْقَاضِي بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْعِيَانِ كَالْقُرُوحِ وَالْعَمَى وَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ وَأَشْبَاهِهَا، وَبَاطِنٌ لَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْعِيَانِ، وَالظَّاهِرُ أَنْوَاعٌ: قَدِيمٌ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ وَنَحْوِهَا، وَحَدِيثٌ لَا يَحْتَمِلُ الْحُدُوثَ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ إلَى وَقْتِ الْخُصُومَةِ كَأَثَرِ الْجُدَرِيِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَحَادِثٌ يَحْتَمِلُ الْحُدُوثَ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ إلَى وَقْتِ الْخُصُومَةِ كَالْجِرَاحَاتِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَحَادِثٌ لَا يَحْتَمِلُ التَّقَدُّمَ عَلَى مُدَّةِ الْبَيْعِ، وَأَمَّا الْبَاطِنُ فَنَوْعَانِ: نَوْعٌ يُعْرَفُ بِآثَارٍ قَائِمَةٍ كَالثِّيَابَةِ وَالْحَبَلِ وَالدَّاءِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، وَنَوْعٌ لَا يُعْرَفُ بِآثَارٍ قَائِمَةٍ كَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَالْجُنُونِ فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي عَيْبٍ ظَاهِرٍ يَعْرِفُهُ الْقَاضِي بِالْمُشَاهَدَةِ يُنْظَرُ إلَيْهِ فَإِنْ وَجَدَهُ سَمِعَ الْخُصُومَةَ وَمَا لَا فَلَا، فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ قَدِيمًا أَوْ حَدِيثًا لَا يَحْدُثُ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ إلَى وَقْتِ الْخُصُومَةِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّا عَرَفْنَا قِيَامَهُ لِلْحَالِ بِالْمُعَايَنَةِ وَتَيَقَّنَّا بِوُجُودِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ إذَا كَانَ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ أَوْ لَا يَحْدُثُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْبَائِعُ سُقُوطَ حَقِّ الْمُشْتَرِي فِي الرَّدِّ بِالرِّضَا أَوْ غَيْرِهِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي فِيهِ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ عِنْدَ طَلَبِ الْبَائِعِ يَمِينَ الْمُشْتَرِي يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَعِنْدَ عَدَمِ طَلَبِهِ هَلْ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي؟ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، ثُمَّ كَيْفَ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي؟ أَكْثَرُ الْقُضَاةِ عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا سَقَطَ حَقُّك فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِيه لَا نَصَّا وَلَا دَلَالَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ وَإِنْ كَانَ عَيْبًا يَحْتَمِلُ الْحُدُوثَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَيَحْتَمِلُ التَّقَدُّمَ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ مُشْكِلًا فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الْبَائِعَ أَكَانَ بِهِ هَذَا الْعَيْبُ فِي يَدِهِ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الرَّدِّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْبَائِعُ سُقُوطَ حَقِّ الْمُشْتَرِي فِي الرَّدِّ وَيَثْبُتُ ذَلِكَ بِنُكُولِهِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي

بَيِّنَةٌ عَلَى كَوْنِ هَذَا الْعَيْبِ عِنْدَ الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتَكَلَّمُوا فِي تَحْلِيفِهِ قَالَ مَشَايِخُنَا الصَّحِيحُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا لَهُ حَقُّ الرَّدِّ عَلَيْك بِهَذَا الْعَيْبِ الَّذِي يَدَّعِيه كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ كَانَ عَيْبًا لَا يَحْتَمِلُ التَّقَدُّمَ عَلَى مُدَّةِ الْبَيْعِ فَالْقَاضِي لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَيْبُ بَاطِنًا فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ بِآثَارٍ قَائِمَةٍ فِي الْبَدَنِ وَكَانَ فِي مَوْضِعٍ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ فَإِنْ كَانَ لِلْقَاضِي بَصَارَةٌ بِمَعْرِفَةِ الْأَمْرَاضِ يَنْظُرُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَصَارَةٌ يَسْأَلُ عَمَّنْ لَهُ بَصَارَةٌ وَيَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِ عَدْلَيْنِ وَهَذَا أَحْوَطُ وَالْوَاحِدُ يَكْفِي فَإِذَا أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ عَدْلٌ بِذَلِكَ يَثْبُتُ الْعَيْبُ بِقَوْلِهِ فِي تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ وَلَا يَرُدُّ بِقَوْلِ هَذَا الْوَاحِدِ. هَكَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ وَفِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ هَذَا الْعَيْبُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْحُدُوثَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ عُرِفَ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ أَوْ الْمُثَنَّى أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ بَلْ يَحْلِفُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَيْبُ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْحُدُوثَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ إنَّ عُرِفَ وُجُودُهُ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ لَا يَرُدُّ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ، وَإِنْ عُرِفَ وُجُودُهُ بِقَوْلِ الْمُثَنَّى ذَكَرَ فِي الْأَقْضِيَةِ وَفِي الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ يَرُدُّ بِقَوْلِهِمَا وَهَكَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ كَانَ عَيْبًا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا النِّسَاءُ كَالْحَبَلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَالْقَاضِي يُرِيهَا النِّسَاءَ، الْوَاحِدَةُ الْعَدْلَةُ تَكْفِي وَاثْنَتَانِ أَحْوَطُ، فَإِذَا قَالَتْ وَاحِدَةٌ عَدْلَةٌ: إنَّهَا حُبْلَى أَوْ قَالَتْ ثِنْتَانِ ذَلِكَ يَثْبُتُ الْعَيْبُ فِي حَقِّ تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ قَالَتْ أَوْ قَالَتَا حَدَثَ فِي مُدَّةِ الْبَيْعِ لَا يُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَكِنْ حُلِّفَ الْبَائِعُ فَإِنْ نَكِلَ الْآنَ يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَتْ أَوْ قَالَتَا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يُرَدُّ وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْبَائِعُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَكَذَلِكَ لَا يُرَدُّ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ، وَهَلْ يُرَدُّ بِقَوْلِ الْمُثَنَّى؟ ذَكَرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُرَدُّ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا يُرَدُّ ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يُرَدُّ فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا وَفِي الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ فَإِذَا نَكِلَ فَقَدْ تَأَكَّدَتْ شَهَادَتُهُنَّ بِنُكُولِهِ فَيَثْبُتُ الرَّدُّ. ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي بُيُوعِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَفِي دَعْوَى الْحَبَلِ لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ إنَّهَا حُبْلَى وَقَالَتْ امْرَأَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ لَيْسَ بِهَا حَبَلٌ تَتَوَجَّهُ الْخُصُومَةُ عَلَى الْبَائِعِ بِقَوْلِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَلَا يُعَارِضُهَا قَوْلُ الْمَرْأَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فِي أَنَّهَا لَيْسَ بِهَا حَبَلٌ وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْقَاضِي الْمَرْأَةُ الَّتِي تَقُولُ إنَّهَا حَامِلٌ جَاهِلَةٌ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَخْتَارَ لِذَلِكَ امْرَأَةً عَالِمَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً قَدْ بَلَغَتْ فَادَّعَى أَنَّهَا خُنْثَى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَحْلِفَ الْبَائِعُ أَلْبَتَّةَ مَا هِيَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْجَوَابُ فِي دَعْوَى الِاسْتِحَاضَةِ فِي حَقِّ حُكْمِ الرُّجُوعِ إلَى النِّسَاءِ لِتَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ وَفِي الرَّدِّ بِشَهَادَتِهِنَّ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ كَالْجَوَابِ فِي دَعْوَى الْحَبَلِ وَلَكِنْ إذَا شَهِدَ الرِّجَالُ عَلَى الِاسْتِحَاضَةِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ دُرُورَ الدَّمِ يَرَاهُ الرِّجَالُ فَجَازَ أَنْ يَثْبُتَ بِشَهَادَتِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ قَالَ إنَّهَا لَا تَحِيضُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِالْحَبَلِ أَوْ بِسَبَبِ الدَّاءِ، فَإِنْ ادَّعَى بِسَبَبِ الْحَبَلِ تُسْتَمَعُ دَعْوَاهُ وَيُرِيهَا الْقَاضِي النِّسَاءَ إنْ قُلْنَ هِيَ حُبْلَى يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ، وَإِنْ قُلْنَ لَيْسَتْ بِحُبْلَى فَلَا يَمِينَ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْمَرْجِعُ فِي الدَّاءِ إلَى قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ ادَّعَى بِسَبَبِ الْحَبَلَ عَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ إنْ كَانَ مِنْ وَقْتِ شِرَاءِ الْجَارِيَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ يَسْمَعُ الدَّعْوَى

وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا وَفِي رِوَايَةٍ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى فَإِذَا سَمِعَ الْقَاضِي الدَّعْوَى سَأَلَ الْبَائِعَ أَهِيَ كَمَا يَقُولُ الْمُشْتَرِي؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ قَالَ هِيَ كَذَلِكَ لِلْحَالِ وَمَا كَانَتْ كَذَلِكَ عِنْدِي تَوَجَّهَتْ الْخُصُومَةُ عَلَى الْبَائِعِ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى قِيَامِهِ لِلْحَالِ، فَإِنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي يَمِينَهُ حَلَفَ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكِل رُدَّتْ عَلَيْهِ وَإِنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً لَمْ تُقْبَلْ عَلَى الِانْقِطَاعِ وَتُقْبَلُ عَلَى الِاسْتِحَاضَةِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ الِانْقِطَاعَ فِي الْحَالِ هَلْ يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ الْإِمَامِ؟ لَا، وَعِنْدَهُمَا يُسْتَحْلَفُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ اشْتَرَى جَارِيَةً وَطَعَنَ الْمُشْتَرِي بِشَجَّةٍ كَانَتْ بِهَا عِنْدَ الْبَائِعِ وَحَلَّفَ الْقَاضِي الْبَائِعَ فَنَكَلَ فَرَدَّهَا الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ فَادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا حَبِلَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَهِيَ حُبْلَى فِي هَذِهِ السَّاعَةِ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الْمُشْتَرِي عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ مَا لِي بِهَا عِلْمٌ فَالْقَاضِي يُرِيهَا النِّسَاءَ فَإِنْ قُلْنَ هِيَ حُبْلَى لَا يَثْبُتُ الرَّدُّ بِقَوْلِهِنَّ وَلَكِنْ تَتَوَجَّهُ الْخُصُومَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا حَدَثَ هَذَا الْحَبَلُ عِنْدَك فَإِنْ حَلَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالرَّدُّ مَاضٍ وَإِنْ نَكَلَ يَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَيَرُدُّهَا عَلَى الْمُشْتَرِي مَعَ نُقْصَانِ عَيْبِ الشَّجَّةِ فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أُمْسِكُ الْجَارِيَةَ مَعَ الْحَبَلِ وَلَا أَضْمَنُ نُقْصَانَ عَيْبِ الشَّجَّةِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ حِين سَأَلَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الْحَبَلِ قَالَ هَذَا الْحَبَلُ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَلَمْ أَعْلَمْ بِهِ سَمِعَ دَعْوَاهُ فَيُحَلِّفُ الْبَائِعَ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَثْبُتْ وُجُودُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَقَدْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِوُجُودِهِ عِنْدَهُ فَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ الْجَارِيَةَ عَلَيْهِ وَيَرُدَّ مَعَهَا نُقْصَانَ الشَّجَّةِ، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ ظَهَرَ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَظَهَرَ أَنَّ الرَّدَّ كَانَ صَحِيحًا. قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي حِينَ قَضَى بِرَدِّ الْجَارِيَةِ عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْبِ الشَّجَّةِ فَقَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ عَلَى الْبَائِعِ قَالَ الْبَائِعُ: إنَّهَا حُبْلَى وَإِنَّهُ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا بَلْ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَالْقَاضِي لَا يُعَجِّلُ فِي الرَّدِّ وَيُحَلِّفُ الْبَائِعَ مَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ أَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي هُنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ الْعَيْبُ بَاطِنًا لَا يُعْرَفُ بِآثَارٍ قَائِمَةٍ بِالْبَدَنِ نَحْوُ الْإِبَاقِ وَالْجُنُونِ وَالسَّرِقَةِ وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهِ فِي الْحَالِ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ثُبُوتِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ أَنْ يَسْأَلَ الْقَاضِي الْبَائِعَ أَبِهِ هَذَا الْعَيْبُ فِي الْحَالِ؟ قَالُوا: إنَّمَا يَسْأَلُ الْبَائِعَ عَنْ ذَلِكَ إذَا صَحَّ دَعْوَى الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا يَصِحُّ دَعْوَى الْمُشْتَرِي إذَا ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الْعُيُوبَ كَانَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَقَدْ وُجِدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ فِي الْجُنُونِ يَصِحُّ دَعْوَى الْمُشْتَرِي بِهَذَا الْقَدْرِ وَفِي الْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ لَا بُدَّ لِصِحَّتِهَا مِنْ زِيَادَةِ شَيْءٍ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي هَذِهِ الْعُيُوبُ كَانَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَقَدْ وُجِدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَالْحَالَةُ مُتَّحِدَةٌ، وَيَعْنِي بِالِاتِّحَادِ أَنْ يَكُونَ وُجُودُهَا فِي يَدِ الْبَائِعِ وَفِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَوُجِدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبُلُوغِ فَهَذَا لَا يَكْفِي لِصِحَّةِ الدَّعْوَى وَلِسُؤَالِ الْبَائِعِ، وَفِي الْجُنُونِ سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ كَانَ فِي أَيِّدِيهِمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَفِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبُلُوغِ فَهَذَا يَكْفِي لِصِحَّةِ الدَّعْوَى وَلِسُؤَالِ الْبَائِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إنَّ ادَّعَى إبَاقًا وَنَحْوَهُ مِمَّا يَتَوَقَّفُ الرَّدُّ فِيهِ عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ عِنْدَهُمَا كَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ وَالسَّرِقَةِ وَالْجُنُونِ لَمْ يُحَلِّفْ الْبَائِعَ إذَا أَنْكَرَ قِيَامَهُ لِلْحَالِ حَتَّى يُبَرْهِنَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَهُ أَمَّا لَوْ اعْتَرَفَ بِقِيَامِهِ لِلْحَالِ فَإِنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ وُجُودِهِ عِنْدَهُ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِالْتِمَاسٍ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ أَنْكَرَ طُولِبَ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّ الْإِبَاقَ وُجِدَ عِنْدَ الْبَائِعِ، فَإِنْ أَقَامَهَا رَدَّهُ وَإِلَّا حُلِّفَ بِاَللَّهِ لَقَدْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ وَمَا أَبَقَ

عِنْدَهُ قَطُّ فَإِنْ بَرْهَنَ الْمُشْتَرِي عَلَى قِيَامِهِ لِلْحَالِ حُلِّفَ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ عِنْدَك قَطُّ وَإِنْ لَمْ يُبَرْهِنْ وَلَمْ يُقِرَّ الْبَائِعُ فَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَحْلِفُ خِلَافًا لَهُمَا هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي عَلَى الرِّضَا مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الْبَائِعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، ثُمَّ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ كَيْفَ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي؟ أَكْثَرُ الْقُضَاةِ عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا سَقَطَ حَقُّك فِي الرَّدِّ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِيه الْبَائِعُ لَا صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَهُ وَبِهِ هَذَا الْعَيْبُ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ لَا يُقْبَلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ ابْتَاعَ فِي صَفْقَتَيْنِ بِأَنْ اشْتَرَى نِصْفَهُ بِخَمْسِينَ دِينَارًا ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ النِّصْفَ الْآخَرَ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَعَلِمَ بِعَيَبٍ فِيهِ وَقَالَ: كَانَ قَبْلَ الْبَيْعَيْنِ. وَقَالَ الْبَائِعُ: حَدَثَ عِنْدَك بَعْدَهُمَا، فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: أُحَلِّفُهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَأَتَوَقَّفُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ لِأَنِّي أَتَيَقَّنُ بِالْعَيْبِ عِنْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي وَأَشُكُّ فِيهِ عِنْدَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ لَزِمَ وَإِلَّا يُرَدُّ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ بَعْدَهُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ خَاصَمَ الْمُشْتَرِي فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يُخَاصِمَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي فَنَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ فَرَدَّ عَلَيْهِ النِّصْفَ الْأَوَّلَ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّ النِّصْفِ الثَّانِي بِذَلِكَ النُّكُولِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُخَاصِمَ فِيهِ خُصُومَةً مُسْتَقْبِلَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ خَاصَمَهُ فِي النِّصْفَيْنِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِقْرَارُهُ بِالْعَيْبِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ إقْرَارٌ بِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَنُكُولُهُ فِي أَحَدِهِمَا لَيْسَ بِنُكُولٍ فِي الْآخَرِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا خَاصَمَهُ فِي النِّصْفَيْنِ جَمِيعًا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَاحِدِ إلَّا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الدَّعْوَتَيْنِ فَيُكْتَفَى بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الدُّيُونِ فِي الدَّعْوَى وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ كُلُّ الْعَبْدِ وَإِنْ حَلَفَ فِي النِّصْفِ وَنَكَلَ فِي النِّصْفِ لَزِمَهُ مَا نَكَلَ لَا غَيْرُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ اثْنَيْنِ فَبَاعَا عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ صَفْقَةً أَوْ صَفْقَتَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَوَرِثَهُ الْآخَرُ ثُمَّ طَعَنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فِيهِ إنْ شَاءَ خَاصَمَهُ فِي أَحَدِ النِّصْفَيْنِ وَإِنْ شَاءَ فِيهِمَا، فَإِنْ خَاصَمَهُ فِي أَحَدِ النِّصْفَيْنِ حَلَّفَهُ فِيمَا بَاعَهُ عَلَى الْبَتَاتِ وَفِيمَا بَاعَ مُورِثُهُ عَلَى الْعِلْمِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ حَلَفَ فِي أَحَدِهِمَا لَمْ يَقَعْ بِهِ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ الْيَمِينِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ، وَإِنْ نَكَلَ فِي أَحَدِهِمَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَازِمًا فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ النِّصْفَيْنِ فِي الْخُصُومَةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ صَفْقَةً أَوْ صَفْقَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ صَفْقَتَيْنِ حَلَّفَهُ عَلَى النِّصْفَيْنِ وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ لَقَدْ بِعْته النِّصْفَ وَسَلَّمْته وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ وَلَقَدْ بَاعَهُ صَاحِبُك نِصْفَهُ وَسَلَّمَهُ وَمَا يَعْلَمُ بِهِ هَذَا الْعَيْبَ وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً فَكَذَا الْجَوَابُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتَفِي بِالْيَمِينِ عَلَى نَصِيبِهِ خَاصَّةً عَلَى الْبَتَاتِ وَتَنُوبُ تِلْكَ عَنْ يَمِينِهِ فِي النِّصْفِ الَّذِي بَاعَهُ مُورِثُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا فَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ بَاعَهَا الثَّانِي مِنْ ثَالِثٍ ثُمَّ ادَّعَتْ الْجَارِيَةُ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَرَدَّهَا الثَّالِثُ عَلَى بَائِعِهِ بِقَوْلِهَا وَقَبِلَ الْبَائِعُ الثَّانِي مِنْهُ ثُمَّ الثَّانِي رَدَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ فَلَمْ يَقْبَلْ الْأَوَّلُ قَالُوا: إنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ ادَّعَتْ الْعِتْقَ كَانَ لِلْأَوَّلِ أَنْ لَا يَقْبَلَ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ ادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَتْ حِينَ بِيعَتْ وَسَلَّمَتْ انْقَادَتْ لِذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ دَعْوَى الْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ انْقَادَتْ ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَقْبَلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا مَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالرِّقِّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى

جَارِيَةً وَالْجَارِيَةُ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ تُقِرَّ بِالرِّقِّ ثُمَّ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ وَالْجَارِيَةُ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً عِنْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي الثَّانِي ثُمَّ قَالَتْ الْجَارِيَةُ أَنَا حُرَّةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ قَوْلَهَا وَيَرْجِعُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضِ بِالثَّمَنِ فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ إنَّ الْجَارِيَةَ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهَا بِالرِّقِّ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِي يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى إقْرَارَ الْجَارِيَةِ بِالرِّقِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الظَّهِيرِيَّةِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ حَالَّةٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ إلَى سَنَةٍ صَفْقَةً أَوْ صَفْقَتَيْنِ فَرَدَّ أَحَدَهُمَا بِعَيْبٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْبَائِعُ رَدَدْت مُؤَجَّلَ الثَّمَنِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ مُعَجَّلَهُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ سَوَاءٌ هَلَكَ مَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ لَا وَلَا تَحَالُفَ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنَيْنِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ ثَمَنَ الْمَرْدُودِ كَذَا وَعَكَسَ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. بَاعَهُ عَبْدًا وَوَهَبَ لَهُ عَبْدًا آخَرَ وَقَبَضَهُمَا وَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَأَرَادَ رَدَّ الْحَيِّ بِعَيْبٍ وَقَالَ الْمَبِيعُ هَذَا وَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ مَوْهُوبٌ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ إنَّهُ مَوْهُوبٌ، وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْحَيِّ وَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَوْهُوبَ مَيِّتٌ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَلَكِنْ إنَّمَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ فِي الْحَيِّ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا بَاعَهُ الْحَيَّ وَكَذَا الْمُشْتَرِي إنَّمَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا اشْتَرَى الْمَيِّتَ وَرَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَأَرَادَ رَدَّ الْحَيِّ بِالْعَيْبِ وَقَالَ: ثَمَنُهُ دَرَاهِمُ، وَقَالَ الْبَائِعُ: دَنَانِيرُ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ وَاحِدًا وَأَرَادَ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ وَقَالَ الْبَائِعُ: الْمَبِيعُ غَيْرُهُ فَالْقَوْلُ لَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِمْلَاءِ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ عَبْدَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بَعْدَمَا قَبَضَهُمَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِمَا يَوْمَ وَقَعَ الْبَيْعُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: كَانَ قِيمَةُ الْمَعِيبِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْآخَرِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ: الْبَائِعُ عَلَى عَكْسِ هَذَا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْعَبْدَيْنِ وَيَخْتَصِمَانِ فِيهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمَ الْخُصُومَةِ أَلْفَ دِرْهَمٍ رَدَّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً بِنِصْفِ الثَّمَنِ بَعْدَمَا حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَيَا أَخَذَ بِبَيِّنَتِهِمَا جَمِيعًا فِيمَا ادَّعَيَا مِنْ الْفَضْلِ فَيَجْعَلُ قِيمَةَ الْمَرْدُودِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ شُهُودُ الْمُشْتَرِي وَيَجْعَلُ قِيمَةَ الْآخَرِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ شُهُودُ الْبَائِعِ فَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَعِيبَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ قَائِمٌ وَوَجَدَ بِالْقَائِمِ عَيْبًا وَاخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْقَائِمِ وَفِي قِيمَةِ الْمَيِّتِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ وَيَقُومُ الْبَاقِي عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ اخْتَصَمَا وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى قِيمَةِ الْهَالِكِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَيْضًا، وَلَوْ لَمْ يُقِيمَا بَيِّنَةً عَلَى قِيمَةِ الْهَالِكِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَيِّ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ اشْتَرَى خَلًّا فِي خَابِيَةٍ وَحَمَلَهُ فِي جَرَّةٍ لَهُ فَوَجَدَ فِيهَا فَأْرَةً مَيِّتَةً فَقَالَ الْبَائِعُ: هَذِهِ الْفَأْرَةُ كَانَتْ فِي جَرَّتِك وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا بَلْ كَانَتْ فِي خَابِيَتِك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ اشْتَرَى دُهْنًا بِعَيْنِهِ فِي آنِيَةِ بِعَيْنِهَا وَأَتَى عَلَى ذَلِكَ أَيَّامٌ فَلَمَّا فَتَحَ رَأْسَ الْآنِيَةِ وَكَانَ رَأْسُهَا مَشْدُودًا مُنْذُ قَبَضَهَا وَجَدَ فِيهَا فَأْرَةً مَيِّتَةً وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْعَيْبَ، وَتَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ رَأْسُهَا مَشْدُودًا وَقْتَ الْقَبْضِ وَلَمْ يَعْلَمْ انْفِتَاحَهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى أَنْ وَجَدَ فِيهَا الْفَأْرَةَ وَلَا عَدَمَهُ أَمَّا لَوْ عَرَفَ اسْتِمْرَارَ الشَّدِّ وَعَدَمَ انْفِتَاحِ رَأْسِ الْآنِيَةِ إلَى أَنْ وَجَدَ فِيهَا الْفَأْرَةَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَلَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ جَاءَ بِهِ وَقَالَ: وَجَدْته مَحْلُوقَ اللِّحْيَةِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فَإِنْ

أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَحْلُوقُ اللِّحْيَةِ الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَتَى عَلَى الْبَيْعِ وَقْتٌ يُتَوَهَّمُ فِيهِ خُرُوجُ اللِّحْيَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَإِنْ كَانَ أَتَى عَلَى الْبَيْعِ مِثْلُ ذَلِكَ لَمْ يَرُدَّ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ مَحْلُوقَ اللِّحْيَةِ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ اسْتَحْلَفَهُ فَنَكَلَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ بَاعَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَطَعَنَ فِيهِ بِعَيْبٍ وَقَالَ: اشْتَرَيْته الْيَوْمَ وَمِثْلُهُ لَا يَحْدُثُ فِي الْيَوْمِ، وَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْته مُنْذُ شُهُورٍ وَمِثْلُهُ يَحْدُثُ فِي الشَّهْرِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ. اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً وَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَخَاصَمَ الْبَائِعَ إلَى صَاحِبِ الشُّرَطِ وَالسُّلْطَانُ لَمْ يُوَلِّهِ الْحُكْمَ فَقَضَى عَلَى الْبَائِعِ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَقَضَى لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ كُلِّهِ وَسِعَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْهُ. اشْتَرَى دَابَّةً وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا بِعَيْبٍ وَقَالَ الْبَائِعُ: قَدْ رَكِبْتَهَا فِي حَوَائِجِك بَعْدَمَا عَلِمْت الْعَيْبَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا بَلْ رَكِبْتهَا لِأَرُدَّهَا عَلَيْك فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَتَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ إلَّا بِالرُّكُوبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: رَكِبْتهَا لِلسَّقْيِ بِلَا حَاجَةٍ، يَنْبَغِي أَنْ يَسْمَعَ قَوْلَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَيْبًا بِالْمَبِيعِ وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ بِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَسِعَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ حَتَّى يَقْضِيَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ، وَكَانَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: هَذَا إذَا اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَبِلَهُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ لَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَا يَكُونُ فِي سَعَةٍ مِنْ الِامْتِنَاعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا فَعَلِمَ بِعَيْبٍ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَالَ أَبْطَلْتُ الْبَيْعَ بَطَلَ الْبَيْعُ إنْ كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ، وَإِنْ عَلِمَ بِعَيْبٍ بَعْدَ الْقَبْضِ فَقَالَ: أَبْطَلْتُ الْبَيْعَ، الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ إلَّا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ بَاعَ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً فَقَالَ: بِعْتهَا وَبِهَا قُرْحَةٌ فِي مَوْضِعِ كَذَا، وَجَاءَ الْمُشْتَرِي بِالْجَارِيَةِ وَبِهَا قُرْحَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَأَرَادَ رَدَّهَا، وَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَتْ هَذِهِ الْقُرْحَةُ تِلْكَ الْقُرْحَةَ وَالْقُرْحَةُ الَّتِي أَقْرَرْتُ بِهَا قَدْ بَرَأَتْ وَهَذِهِ قُرْحَةٌ حَادِثَةٌ عِنْدَك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: بِعْتُهَا وَإِحْدَى عَيْنَيْهَا بَيْضَاءُ وَجَاءَ الْمُشْتَرِي بِالْجَارِيَةِ وَعَيْنُهَا الْيُسْرَى بَيْضَاءُ وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا فَقَالَ الْبَائِعُ: كَانَ الْبَيَاضُ بِعَيْنِهَا الْيُمْنَى وَقَدْ ذَهَبَ وَهَذَا بَيَاضٌ حَادِثٌ بِعَيْنِهَا الْيُسْرَى فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتهَا وَبِرَأْسِهَا شَجَّةٌ إلَى آخَرِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ فِي فَصْلِ الشَّجَّةِ: كَانَتْ الشَّجَّةُ مُوضِحَةً فَصَارَتْ مُنَقِّلَةً عِنْدَك، فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي هَذَا وَكَذَلِكَ فِي فَصْلِ بَيَاضِ الْعَيْنِ، لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: كَانَتْ بِعَيْنِهَا نُكْتَةُ بَيَاضٍ وَقَدْ ازْدَادَ عِنْدَك وَالْعَيْنُ مُبْيَضَّةٌ كُلُّهَا أَوْ عَامَّتُهَا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَإِنْ كَانَتْ بِعَيْنِهَا نُكْتَةُ بَيَاضٍ فَقَالَ الْبَائِعُ: كَانَ الْبَيَاضُ مِثْلَ الْخَرْدَلِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ هَذَا، قَالَ: إذَا جَاءَ مِنْ هَذَا أَمْرٌ مُتَقَارِبٌ جَعَلَ الْقَوْلَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ تَفَاوَتَ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ قَالَ: بِعْتهَا وَبِهَا حُمَّى فَجَاءَ الْمُشْتَرِي بِهَا مَحْمُومَةً يُرِيدُ رَدَّهَا، فَقَالَ الْبَائِعُ: زَادَتْ الْحُمَّى لَا يُصَدَّقُ الْبَائِعُ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا. وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتهَا وَبِهَا عَيْبٌ وَجَاءَ الْمُشْتَرِي وَبِهَا عَيْبٌ وَأَرَادَ رَدَّهَا فَقَالَ الْبَائِعُ: لَمْ يَكُنْ بِهَا هَذَا الْعَيْبُ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَا وَكَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ: بِعْته وَبِهِ عَيْبٌ فِي رَأْسِهِ فَجَاءَ بِهِ لِيَرُدَّهُ وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ بِعَيْبٍ بِرَأْسِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي إنَّهُ هَذَا الْعَيْبُ وَإِنْ كَذَّبَهُ الْبَائِعُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا نَسَبَ الْعَيْبَ إلَى مَوْضِعٍ وَسَمَّاهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَنْسُبْهُ إلَى مَوْضِعٍ بَلْ ذَكَرَهُ مُطْلَقًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَقَبَضَهَا ثُمَّ جَاءَ يَرُدُّهَا وَقَالَ وَجَدْتهَا ذَاتَ زَوْجٍ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَلَكِنَّهُ مَاتَ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي قِيَامَ الزَّوْجِيَّةِ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ وَلَهُ أَنْ يُخَلِّفَ الْبَائِعَ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا زَوْجُهَا وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى بَيِّنَتِهِ إلَّا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالنِّكَاحِ

فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، وَلَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ فُلَانًا وَلَكِنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي قِيَامَ الزَّوْجِيَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فَإِنْ حَضَرَ الزَّوْجُ وَادَّعَى النِّكَاحَ وَأَنْكَرَ الطَّلَاقَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا، وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتهَا مِنْك وَلَهَا زَوْجٌ وَلَكِنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ أُسَلِّمَهَا إلَيْك أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَسَلَّمَتْهَا إلَيْك وَلَا زَوْجَ لَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ: كَانَ لَهَا زَوْجٌ عِنْدِي غَيْرُ هَذَا الرَّجُلِ أَبَانَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ الْبَيْعِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اشْتَرَى خَادِمًا وَقَبَضَهُ فَطَعَنَ بِعَيْبٍ بِهِ فَجَاءَ بِالْخَادِمِ لِيَرُدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعُ مَا هَذَا خَادِمِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي هَذَا خَادِمُك الَّذِي اشْتَرَيْتُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهُ اثْنَانِ كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ ذِي الْيَدِ بِكَذَا وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ وَبَرْهَنَا، سُلِّمَ الْمَبِيعُ لِذِي الْيَدِ بِالثَّمَنَيْنِ فَيَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ بِثَمَنٍ ادَّعَاهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَا إنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي يَدِهِ وَبَاعَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى فِي الثَّمَنِ وَالْكُلُّ فِيهِ سَوَاءٌ فَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا رَدَّهُ بِالْعَيْبِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا وَإِنْ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى أَحَدِهِمَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْآخَرِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ مَعِيبًا، وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ بِهِ رَجَعَ عَلَيْهِمَا بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَمُتْ وَلَكِنْ قُطِعَ يَدُهُ وَأُخِذَ أَرْشَهَا وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا رَجَعَ بِنُقْصَانِهِ عَلَيْهِمَا وَلَا يَمْلِكُ الرَّدَّ عَلَيْهِمَا وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا أَخْذَهُ وَلَوْ أَرَّخَا وَسَبَقَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا رَدَّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْآخَرِ كَأَنَّ ذَا الْيَدِ اشْتَرَاهُ مِنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الثَّانِي ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ كَذَا فِي الْكَافِي رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ إنَّ عَبْدِي هَذَا آبِقٌ فَاشْتَرِهِ مِنِّي فَقَالَ الْآخَرُ: بِكَمْ تَبِيعُهُ؟ فَقَالَ: بِكَذَا، فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ الْمُشْتَرِي آبِقًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ فَوَجَدَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي آبِقًا فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ آبِقًا فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بَيِّنَةً عَلَى مَقَالَةِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِهِ شَيْئًا، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ أَوْ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ إبَاقِهِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْآخَرِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِعْته عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِبَاقِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ إبَاقِهِ لَمْ يَرُدَّهُ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ بَاعَهُ وَهُوَ آبِقٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ أَقَرَّ عَلَى عَبْدِهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ الدَّيْنَ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ الدَّيْنَ فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي الْآخَرِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ الَّذِي كَانَ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَازِمٌ وَلِلْغَرِيمِ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ فِيهِ وَلَيْسَ هَذَا كَالْإِقْرَارِ بِالْإِبَاقِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبَعْدَهُ فِي حَقِّ فَسْخِ الْبَيْعِ الْآخَرِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ بَائِعِهِ الَّذِي لَمْ يُقِرَّ بِالْإِبَاقِ، وَالْإِقْرَارُ بِالزَّوْجِ كَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْآخَرَ يَرُدُّ عَلَى بَائِعِهِ بِالْإِقْرَارِ الَّذِي كَانَ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ فَسَاوَمَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا عَيْبَ بِهِ فَلَمْ يَتَّفِقْ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا يَحْدُثُ مِثْلُهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنْ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ، وَقَوْلُ الْمُشْتَرِي لِلَّذِي سَاوَمَهُ لَيْسَ بِهِ عَيْبٌ لَا يُبْطِلَ حَقّه فِي الرَّدِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِلَّذِي سَاوَمَهُ اشْتَرِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِهِ عَيْبُ كَذَا فَلَمْ يَتَّفِقْ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ ادَّعَى ذَلِكَ الْعَيْبَ وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْعَبْدِ ثَوْبٌ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَلَوْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ أَصْلًا أَوْ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ يَرُدُّ الْقَاضِي الْعَبْدَ عَلَى بَائِعِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَقَرَّ أَنَّ أَمَتَهُ أَبَقَتْ ثُمَّ وَكَّلَ وَكِيلًا أَنْ يَبِيعَهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا آبِقَةٌ فَبَاعَهَا مَأْمُورُهُ وَتَقَابَضَا ثُمَّ عَلِمَ الْمُشْتَرِي

بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَأَرَادَ رَدَّهَا بِهِ عَلَى بَائِعِهِ وَكَذَّبَهُ بَائِعُهُ وَقَالَ لَمْ تَأْبَقْ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَالَ لِلْوَكِيلِ إنَّ عَبْدِي آبِقٌ فَبِعْهُ وَتَبَرَّأْ مِنْ إبَاقِهِ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ وَلَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْ إبَاقِهِ ثُمَّ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِمَقَالَةِ الْمُوَكِّلِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مِنْ الْفُصُولِ جَاءَ بِأَمَةٍ وَلَهَا أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ لِيَرُدَّهَا عَلَى رَجُلٍ فَأَنْكَرَ الرَّجُلُ بَيْعَهَا مِنْهُ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى شِرَائِهَا ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ اشْتَرَيْت مَعَ بَرَاءَةٍ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لَا يُقْبَلُ كَذَا فِي الْحَمَّادِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ وَأَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ بَاعَ الْعَبْدَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ وَلَوْ أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٌ حَاضِرٌ يَجْحَدُ وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يَجْحَدُ أَيْضًا كَانَ جُحُودُهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ وَلَا يُرَدُّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ يَا سَارِقَةُ أَوْ يَا آبِقَةُ أَوْ يَا زَانِيَةُ أَوْ يَا مَجْنُونَةُ أَوْ قَالَ هَذِهِ السَّارِقَةُ فَعَلَتْ كَذَا وَنَحْوَهَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ بِقِيَامِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ حَتَّى لَوْ بَاعَهَا ثُمَّ وَجَدَهَا الْمُشْتَرِي كَذَلِكَ لَمْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. إذَا بَاعَ عَبْدًا وَأَقَرَّ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي بِإِبَاقِهِ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ وَكَتَمَ إبَاقَهُ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مِنْ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مَأْمُونٌ وَلَيْسَ بِآبِقٍ ثُمَّ عَلِمَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ بِالْإِبَاقِ وَبِمَا جَرَى بَيْنَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مِنْ إقْرَارِهِمَا بِالْإِبَاقِ وَقْتَ جَرَيَانِ الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ، وَلَا يَكُونُ إقْرَارُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِإِبَاقِهِ نَافِذًا عَلَى مَنْ لَمْ يَشْتَرِ مِنْهُ مِنْ الْبَاعَةِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ مِنْهُ وَمِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِإِبَاقِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بَيِّنَةً عَلَى إبَاقِهِ وَرَدَّهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ بَاعَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ رَجُلٍ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مِنْ رَجُلٍ آخَرَ ثُمَّ عَلِمَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ بِالْإِبَاقِ وَبِمَا جَرَى بَيْنَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَبَائِعِهِ مِنْ رَدِّ الْقَاضِي الْعَبْدَ عَلَيْهِ بِالْإِبَاقِ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا آبِقَةٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إبَاقِهَا، وَرَدَّهَا الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا أَمَتُهُ وُلِدَتْ فِي مِلْكِهِ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْجَارِيَةِ ثُمَّ بَاعَهَا هُوَ مِنْهُ فَخَاصَمَهُ الْمُشْتَرِي فِي إبَاقِهَا وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْإِبَاقِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. بَاعَ الْإِمَامُ أَوْ أَمِينُهُ غَنِيمَةً مُحْرَزَةً وَوَجَدَ الْمُشْتَرِي عَيْبًا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الْكَافِي وَلَكِنْ يُنَصِّبُ الْإِمَامُ رَجُلًا لِلْخُصُومَةِ مَعَهُ وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْعَيْبِ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لَوْ أَنْكَرَ وَإِنَّمَا هُوَ خَصْمٌ لِإِتْيَانِهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِذَا أَقَرَّ مَنْصُوبُ الْإِمَامِ بِالْعَيْبِ انْعَزَلَ ثُمَّ إذَا رَدَّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَنْضَمُّ إلَى الْغَنِيمَةِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يُبَاعُ بِالثَّمَنِ وَإِنْ نَقَصَ الثَّمَنُ أَوْ زَادَ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. اشْتَرَى عَبْدًا وَبَاعَهُ مِنْ ابْنِهِ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَوَرِثَهُ الِابْنُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ ثُمَّ وَجَدَ بِالْمُشْتَرِي عَيْبًا قَدِيمًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ إلَّا أَنَّهُ يَسْأَلُ الْقَاضِيَ حَتَّى يُنَصِّبَ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ فَيَرُدَّهُ الِابْنُ عَلَى ذَلِكَ الْخَصْمِ ثُمَّ الِابْنُ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِ أَبِيهِ، فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ آخَرُ يَرُدُّهُ الِابْنُ عَلَى ذَلِكَ الْوَارِثِ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَفْصِلْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ اسْتَوْفَى الثَّمَنَ وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يَسْتَوْفِ وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ دَلِيلٌ عَلَى التَّسْوِيَةِ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ بَاعَ الْوَارِثُ مِنْ مُوَرِّثِهِ فَمَاتَ الْمُشْتَرِي وَوَرِثَهُ الْبَائِعُ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا رَدَّ إلَى الْوَارِثِ الْآخَرَ إنْ كَانَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَاهُ لَا يَرُدُّ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا وَقَبَضَهُ وَأَشْهَدَ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُنَصِّبَ عَنْ ابْنِهِ خَصْمًا يَرُدُّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَرُدُّهُ الْأَبُ لِابْنِهِ عَلَى بَائِعِهِ وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْأَبُ مِنْ ابْنِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ

الفصل الخامس في البراءة من العيوب والضمان عنها

لِلْكَرْدَرِيِّ. مُكَاتَبٌ اشْتَرَى أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ لَا يَرُدُّ بِالْعَيْبِ وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَمَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ يَرُدُّهُ الْمَوْلَى وَيَتَوَلَّاهُ الْمُكَاتِبُ، فَإِنْ بَاعَ الْمَوْلَى الْمُكَاتَبَ أَوْ مَاتَ يَرُدُّهُ الْمَوْلَى بِنَفْسِهِ، فَإِنْ أَبْرَأهُ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الْعَجْزِ لَا يَرُدُّهُ الْمَوْلَى وَإِنْ أَبْرَأهُ الْمَوْلَى قَبْلَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ جَازَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى أَمَةً، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى أَخَاهُ أَوْ عَمَّهُ أَوْ أُخْتَهُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَؤُلَاءِ يَتَكَاتَبُونَ مَعَهُ فَصَارَ الْجَوَابُ فِيهِمْ، وَالْجَوَابُ فِي الِابْنِ وَالْأَبِ عَلَى السَّوَاءِ وَعَلَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَؤُلَاءِ لَا يَتَكَاتَبُونَ مَعَهُ فَيَمْلِكُ رَدَّهُمْ بِالْعَيْبِ كَمَا يَمْلِكُ بَيْعَهُمْ فَإِنْ أَبْرَأ الْمَوْلَى الْبَائِعَ عَنْ الْعَيْبِ قَبْلَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ عِنْدَهُ، وَإِذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أُمَّ وَلَدِهِ وَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا إنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ لَا يَمْلِكُ رَدَّهَا كَمَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَهَا وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَالْمُكَاتَبُ هُوَ الَّذِي يَلِي الرُّجُوعَ، فَإِنْ أَبْرَأَ الْمُكَاتَبُ الْبَائِعَ عَنْ الْعَيْبِ قَبْلَ الْعَجْزِ صَحَّ وَإِنْ أَبْرَأ الْمَوْلَى لَا يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى مِنْ مُكَاتَبِهِ عَبْدًا لَا يَرُدُّهُ الْمَوْلَى بِالْعَيْبِ وَلَا يُخَاصِمُ بَائِعَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مُكَاتَبٌ أَوْ حُرٌّ اشْتَرَى عَبْدًا وَكَاتَبَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّهُ بِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ أَيْضًا فَإِنْ أَبْرَأَ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْحُرُّ الْبَائِعَ مِنْ الْعَيْبِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ حَتَّى لَا يَكُونَ لِمَوْلَى الْمُكَاتَب بَعْدَ الْعَجْزِ وَلَا لِوَارِثِ الْحُرِّ وِلَايَةُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَوْ أَبْرَأ الْمَوْلَى الْبَائِعَ قَبْلَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَكَذَلِكَ وَارِثُ الْحُرِّ إذَا أَبْرَأَ الْبَائِعَ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْحُرِّ، وَلَوْ أَنَّ الْمَوْلَى أَبْرَأ الْبَائِعَ بَعْدَمَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ قَبْلَ عَجْزِ الثَّانِي أَوْ بَعْدَ عَجْزِ الثَّانِي صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَكَذَا وَارِثُ الْحُرِّ إذَا أَبْرَأ الْبَائِعَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ ثُمَّ مَاتَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ ثُمَّ ظَهَرَ بِالْعَبْدِ عَيْبٌ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَأَبْرَأ وَارِثُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الْبَائِعَ عَنْ الْعَيْبِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ حَتَّى لَوْ رَدَّ الْعَبْدَ عَلَيْهِ لَا يَسْتَطِيعُ هُوَ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ مُمْتَنِعًا فِي الْحَالِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى اشْتَرَى الْعَبْدَ أَوَّلًا مِنْ الرَّجُلِ وَبَاعَهُ مِنْ مُكَاتَبِهِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ ثُمَّ وَجَدَ الْمَوْلَى بِالْعَبْدِ عَيْبًا وَأَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ قَالَ مَشَايِخُنَا: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدٌ مَأْذُونٌ مَدْيُونٌ بَاعَ عَبْدَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ وَقَبَضَهُ فَعَلِمَ الْمَوْلَى بِعَيْبٍ فِي الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا أَوْ كَانَ دَيْنًا بِأَنْ كَانَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا غَيْرَ عَيْنٍ أَوْ كَانَ عَرَضًا لَكِنَّهُ هَلَكَ فِي يَدِ الْعَبْدِ حَتَّى صَارَ دَيْنًا لَا يَرُدُّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَنْقُودًا أَوْ كَانَ مَنْقُودًا وَلَكِنَّهُ عَرَضٌ قَائِمٌ فِي يَدِ الْعَبْدِ رَدَّهُ وَرَدَّ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا كَذَا فِي الْكَافِي. مَأْذُونٌ مَدْيُونٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَبَاعَهُ مِنْ مَوْلَاهُ وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَبْرَأهُ الْغُرَمَاءُ عَنْ الدَّيْنِ فَوَجَدَ الْمَوْلَى بِالْعَبْدِ عَيْبًا لَا يَرُدُّهُ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ يَرُدُّهُ. بَاعَ شَيْئًا مِنْ آخَرَ وَلَمْ يَقْبِضْ فَوَهَبَ مِنْهُ الثَّمَنَ لَا يَرُدُّ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ قَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ ذَهَبَ مِنْهُ يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. بَاعَ عَبْدًا وَوَهَبَ ثَمَنَهُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ أَبْرَأهُ ثُمَّ وَجَدَ عَيْبًا رَدَّ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا بَعْدَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَالضَّمَانِ عَنْهَا] الْبَيْعُ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ جَائِزٌ فِي الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ وَيَدْخُلُ فِي الْبَرَاءَةِ مَا عَلِمَهُ الْبَائِعُ وَمَا لَمْ يَعْلَمْهُ وَمَا وَقَفَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي وَمَا لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى سَوَاءٌ سُمِّيَ جِنْسُ الْعُيُوبِ أَوْ لَمْ يُسَمَّ أَشَارَ إلَيْهِ أَوْ لَمْ يُشِرْ، وَيَبْرَأُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ مَوْجُودٍ بِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ إلَى وَقْتِ التَّسْلِيمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُف - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَبْرَأُ عَنْ الْعَيْبِ الْحَادِثِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ شَرْط أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهِ لَمْ يَنْصَرِفْ إلَى

الْحَادِثِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ إذَا خَصَّ ضَرْبًا مِنْ الْعُيُوبِ صَحَّ التَّخْصِيصُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهِ وَمَا يَحْدُثُ فَالْبَيْعُ بِهَذَا الشَّرْطِ فَاسِدٌ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ أَنَّهُ حَادِثٌ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ لَا أَثَرَ لِهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُف - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعِلْمِ أَنَّهُ حَادِثٌ هَذَا إذَا أَطْلَقَ، أَمَّا إذَا أَبْرَأهُ مُقَيِّدًا بِعَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَيْعِ ثُمَّ اخْتَلَفَا عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرنَا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ فِي جَارِيَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِغَيْرِ الْبَرَاءَةِ فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْإِبَاقِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَحَدُهُمَا فَوَجَدَهَا آبِقَةً فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ بَرِئَ مِنْ إبَاقِهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ فَوَجَدَهَا آبِقَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ تَبَرَّأَ الْبَائِعُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ يَدْخُلُ فِيهِ الْعُيُوبُ وَالْأَدْوَاءُ وَإِنْ تَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ فَهُوَ عَلَى الْمَرَضِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْكَيُّ وَالْأُصْبُعُ الزَّائِدَةُ وَلَا أَثَرُ قُرْحٍ قَدْ بَرَأَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ تَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ غَائِلَةٍ فَالْغَائِلَةُ السَّرِقَةُ وَالْإِبَاقُ وَالْفُجُورُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ تَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ سِنٍّ سَوْدَاءَ يَدْخُلُ الْحَمْرَاءُ وَالْخَضْرَاءُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا وَتَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ قُرْحٍ بِهِ دَخَلَ تَحْتَهُ الْقُرُوحُ الدَّامِيَةُ وَآثَارُ قُرُوحٍ قَدْ بَرِئَتْ وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ آثَارُ الْكَيِّ؛ لِأَنَّ الْكَيَّ غَيْرُ الْقُرْحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَبْرَأَ مِنْ كُلِّ آمَّةٍ بِرَأْسِهِ فَإِذَا بِرَأْسِهِ مُوضِحَةٌ لَا آمَّةٌ لَا يَبْرَأُ مِنْ الْمُوضِحَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لِي قَبْلَك دَخَلَ الْعَيْبُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَلَا يَدْخُلُ الدَّرْكُ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا فَأَرَاهُ الْبَائِعُ فِيهِ خَرْقًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ أَبْرَأَتْك عَنْ هَذَا الْخَرْقِ ثُمَّ جَاءَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ يُرِيدُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّوْبَ مِنْ الْبَائِعِ فَرَأَى الْخَرْقَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَيْسَ هَذَا مِثْلَ مَا أَبْرَأْتُك كَانَ ذَلِكَ شِبْرًا وَهَذَا ذِرَاعٌ كَانَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلَ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا فِي زِيَادَةِ بَيَاضِ الْعَيْنِ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأهُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهَا أَوْ أَبْرَأهُ عَنْ عُيُوبِهَا ثُمَّ قَالَ الْمُشْتَرِي: هَذَا حَدَثَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك عَنْ هَذَا الْبَرَصِ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا غَيْرُ ذَلِكَ حَدَثَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: بَرِئْتُ إلَيْك مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِعَيْنِهِ فَإِذَا هُوَ أَعْوَرُ لَا يَبْرَأُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بَرِئْتُ إلَيْك مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِيَدِهِ فَإِذَا يَدُهُ مَقْطُوعَةٌ لَا يَبْرَأُ وَإِنْ كَانَ أُصْبُعٌ وَاحِدَةٌ مَقْطُوعَةً أَوْ أُصْبُعَانِ مَقْطُوعَتَيْنِ بَرِئَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَ مَقْطُوعَةَ أُصْبُعَيْنِ فَهُمَا عَيْبَانِ وَلَا يَبْرَأُ إذَا كَانَتْ الْبَرَاءَةُ مِنْ عَيْبٍ وَاحِدٍ بِالْيَدِ وَإِنْ كَانَ الْأَصَابِعُ كُلُّهَا مَقْطُوعَةً مَعَ نِصْفِ الْكَفِّ فَهُوَ عَيْبٌ وَاحِدٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهَذَا الْعَبْدِ إلَّا إبَاقَهُ فَوَجَدَهُ آبِقًا فَهُوَ بَرِيءٌ عَنْهُ، وَلَوْ قَالَ: إلَّا الْإِبَاقَ فَلَهُ الرَّدُّ بِالْإِبَاقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . رَجُلٌ بَاعَ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بِهِ مِنْ الْخَرْقِ وَكَانَتْ فِيهِ خُرُوقٌ قَدْ خَاطَهَا أَوْ رَقَّعَهَا أَوْ رَفَأَهَا فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ فِيهِ خُرُوقٌ مِنْ حَرْقِ نَارٍ أَوْ عُفُونَةٍ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّ بِهِ عَيْبًا وَاحِدًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبَيْنِ وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِمَوْتٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْخِيَارُ إلَى الْبَائِعِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْخِيَارُ إلَى الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ أَيِّ الْعَيْبَيْنِ شَاءَ فَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ وَبِهِ الْعَيْبَانِ، وَيُقَوَّمُ وَبِهِ الْعَيْبُ الَّذِي لَا يُرِيدُ الرُّجُوعَ بِنُقْصَانِهِ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ إذَا وَجَدَ بِهِ ثَلَاثَةَ عُيُوبٍ وَتَعَيَّبَ عِنْدَهُ بِعَيْبٍ زَائِدٍ حَتَّى تَعَذَّرَ الرَّدُّ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبَيْنِ

مِنْ الثَّلَاثَةِ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَيُقَوَّمُ وَبِهِ الْعَيْبُ الَّذِي لَا يُرِيدُ الرُّجُوعَ بِنُقْصَانِهِ وَيُقَوَّمُ وَبِهِ الْعُيُوبُ الثَّلَاثَةُ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ وَلَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبَيْنِ فَلَهُ حَقُّ الرَّدِّ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَيْبًا فَلَهُ حَقُّ الرَّدِّ، فَبَعْدَ ذَلِكَ يَنْظُرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ رَدَّهُمَا جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ يَرُدُّ أَيَّهمَا شَاءَ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْخِيَارُ إلَى الْمُشْتَرِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ كَانَ قَبَضَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ فِيهِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ بِالْعَبْدِ الْآخَرِ وَقَبَضَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فِيهِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ بِاَلَّذِي قَبَضَهُ أَوَّلًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ أَيَّهمَا شَاءَ، فَإِنْ أَرَادَ رَدَّ الَّذِي قَبَضَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَقَالَ الْبَائِعُ لَيْسَ لَك أَنْ تَرُدَّهُ؛ لِأَنَّك رَضِيتَ بِعَيْبِهِ حِينَ قَبَضْتُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْبَائِعِ، وَإِنْ عَلِمَ بِقِيَامِ الْعَيْبِ بِالْعَبْدَيْنِ ثُمَّ قَبَضَهُمَا أَوْ قَبَضَ أَحَدَهُمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ اخْتِيَارًا لَهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ بَاعَ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَنْ عَيْبٍ وَاحِدٍ أَوْ عَنْ عَيْبَيْنِ كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا بِذَلِكَ الْعَيْبِ. بَيَانُهُ: إذَا بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهَذَا الْعَبْدِ بِعَيْنِهِ وَسَلَّمَهُمَا إلَى الْمُشْتَرِي فَاسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْآخَرِ عَيْبًا لَزِمَهُ الْمَعِيبُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى الْعَبْدَيْنِ وَهُمَا صَحِيحَانِ لَا عَيْبَ بِهِمَا، فَإِذَا عُرِفَتْ حِصَّةُ الْمُسْتَحِقِّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ عَنْ عَيْبٍ وَاحِدٍ بِهَذَا الْعَبْدِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا فَوَجَدَ بِاَلَّذِي بَرِئَ عَنْ عَيْبٍ وَاحِدٍ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا عَلَى قِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ صَحِيحًا وَعَلَى قِيمَةِ الْآخَرِ وَبِهِ عَيْبٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا عُرِفَتْ حِصَّةُ الْمُسْتَحَقِّ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا بَاعَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا عَلَى أَنْ لَا عَيْبَ بِهِ وَلَكِنْ تَبَرَّأَ إلَيْهِ عَنْ عَيْبٍ وَاحِدٍ فَاشْتَرَاهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبَيْنِ وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ أَيِّ الْعَيْبَيْنِ شَاءَ مِنْ قِيمَتِهِ صَحِيحًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ فِي الِابْتِدَاءِ لَا عَيْبَ بِهِ فَإِنَّهُ هُنَاكَ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ أَيِّ الْعَيْبَيْنِ شَاءَ مِنْ قِيمَتِهِ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْآخَرِ، وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِأَحَدِهِمَا فَقَبَضَهُمَا وَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عُيُوبًا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ فَإِنْ اسْتَحَقَّ الْآخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا وَهُمَا صَحِيحَانِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ ثَلَاثِ شِجَاجٍ بِأَحَدِهِمَا فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا ثَلَاثَ شِجَاجٍ وَاسْتَحَقَّ الْآخَرَ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَهُوَ صَحِيحٌ وَعَلَى الْآخَرِ وَهُوَ مَشْجُوجٌ بِثَلَاثِ شِجَاجٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا وَضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ عُيُوبَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَرَدَّهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا عَلَى الْعُهْدَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ ضَمَانٌ لِلْعُيُوبِ وَهَذَا مِثْلُ ضَمَانِ الدَّرْكِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ ضَمَانَ السَّرِقَةِ وَالْعَتَاقِ فَوَجَدَهُ حُرًّا أَوْ مَسْرُوقًا ضَمِنَ وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمِنَ رَجُلٌ الْعَمَى وَالْجُنُونَ فَوَجَدَهُ كَذَلِكَ رَجَعَ عَلَى الضَّامِنِ بِالثَّمَنِ وَلَوْ مَاتَ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ وَقَضَى عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الضَّامِنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَضَمِنَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي بِحِصَّةِ مَا يَجِدُ فِيهِ مِنْ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: يَجُوزُ ذَلِكَ، فَإِذَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الضَّامِنِ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الفصل السادس في الصلح عن العيوب

[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعُيُوبِ] قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: إذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ بَاعَهُ وَبِهِ ذَلِكَ الْعَيْبُ ثُمَّ صَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً حَالَّةً أَوْ إلَى أَجَلٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ الْعَيْبِ عَلَى دِينَارٍ فَإِنْ نَقَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهُ بَطَلَ الصُّلْحُ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَهُ وَانْتَقَدَ الثَّمَنَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ فَصَالَحَهُ بَائِعُهُ مِنْهُ عَلَى دَرَاهِمَ لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَرَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ الثَّانِيَ صَالَحَ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ عَلَى صُلْحٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الصُّلْحُ بَاطِلٌ وَعِنْدَهُمَا صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَبَيْنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَصَالَحَ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ الثَّمَنِ مِنْ جِنْسِهِ فَهُوَ اسْتِيفَاءٌ لَا اسْتِبْدَالٌ فَيَجُوزُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ مُسْتَهْلَكًا، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى خِلَافِ جِنْسِ الثَّمَنِ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ حَصَلَ الِافْتِرَاقُ فِيهِ عَنْ عَيْنٍ بِدَيْنٍ يَجُوزُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ حَصَلَ الِافْتِرَاقُ فِيهِ عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا بِعَيْنِهِ وَتَقَابَضَا وَصَالَحَهُ عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ مُؤَجَّلًا أَوْ بِعَيْنِهِ فَهُوَ جَائِزٌ إنْ كَانَ الَّذِي أَخَذَهُ عِوَضًا عَنْ الْعَبْدِ مُسْتَهْلَكًا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي هُوَ ثَمَنٌ قَائِمًا بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ الثَّمَنِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ مُؤَجَّلًا وَجَازَ حَالًّا إذَا أَوْفَاهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا أَوْ كَانَ بِعَيْنِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَزَوَالُ الْعَيْبِ يُبْطِلُ الصُّلْحَ فَيُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ مَا بَدَّلَهُ أَوْ حَطَّ إذَا زَالَ وَلَوْ زَالَ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ لَا يُرَدُّ وَلَوْ صَالَحَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِدِرْهَمٍ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِهِ عَيْبًا، وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك الْعُيُوبَ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ طَعَنَ بِعَيْبٍ فِي عَيْنِهَا ثُمَّ صَالَحَهُ الْبَائِعُ مِنْ عَيْنِهَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْعَيْبَ وَجَعَلَ تَسْمِيَةَ مَحَلِّ الْعَيْبِ بِمَنْزِلَةِ تَسْمِيَةِ الْعَيْبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحُطَّ كُلٌّ عَشَرَةً وَيَأْخُذَ الْأَجْنَبِيُّ بِمَا وَرَاءَ الْمَحْطُوطِ وَرَضِيَ الْأَجْنَبِيُّ بِذَلِكَ جَازَ وَجَازَ حَطُّ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ، وَلَوْ قَصَّرَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ فَإِذَا هُوَ مُتَخَرِّقٌ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَدْرِي تَخَرَّقَ عِنْدَ الْقَصَّارِ أَوْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَقْبَلَهُ الْمُشْتَرِي وَيَرُدَّ عَلَيْهِ الْقَصَّارُ دِرْهَمًا وَالْبَائِعُ دِرْهَمًا جَازَ، وَكَذَلِكَ لَوْ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَقْبَلَهُ الْبَائِعُ وَيَدْفَعَ إلَيْهِ الْقَصَّارُ دِرْهَمًا وَالْمُشْتَرِي دِرْهَمًا قِيلَ هَذَا غَلَطٌ، وَتَأْوِيلُهُ أَنْ يَضْمَنَ الْقَصَّارُ أَوَّلًا لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ إلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً وَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَاصْطَلَحَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ كَذَا دِرْهَمًا وَالْجَارِيَةُ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ وَالْجَارِيَةُ لِلْبَائِعِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا بَاعَهَا مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ كُلَّهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ قَمِيصًا وَلَمْ يَخِطْهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى أَنْ قَبِلَ الْبَائِعُ الثَّوْبَ وَحَطَّ الْمُشْتَرِي عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ مِقْدَارَ دِرْهَمَيْنِ كَانَ هَذَا جَائِزًا وَيُجْعَلُ مَا احْتَبَسَ عِنْدَ الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ مَا اُنْتُقِصَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . قَالَ فِي الْأَصْلِ: اشْتَرَى أَمَةً بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَقَبَضَهَا وَطَعَنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بِهَا فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ قَبِلَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ وَرَدَّ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ دِينَارًا فَالرَّدُّ جَائِزٌ، وَهَلْ يَطِيبُ لِلْبَائِعِ مَا اسْتَفْضَلَ مِنْ الدِّينَارِ؟ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُقِرًّا أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَطِيبُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ جَاحِدًا أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَهُ إنْ كَانَ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَكَذَلِكَ

الْجَوَابُ، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثَ مِثْلُهُ طَابَ الْفَضْلُ لِلْبَائِعِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ بَلْ سَكَتَ فَهُوَ وَمَا لَوْ أَنْكَرَ سَوَاءٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ كَانَ أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثَوْبًا وَقَبِلَ مِنْهُ السِّلْعَةَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ كُلَّهُ فَهَذَا وَحَبْسُهُ الدِّينَارَ سَوَاءٌ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الثَّوْبِ دَرَاهِمُ فَإِنْ قُبِضَتْ فِي الْمَجْلِسِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ عَلَى وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الدَّرَاهِمِ طَعَامٌ مَوْصُوفٌ إلَى أَجَلٍ وَهُوَ يُنْكِرُ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ وَتَقَابَضَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا وَالْعَيْبُ يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهُ الثَّمَنَ بَطَلَ الطَّعَامُ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَقُسِّمَتْ الدَّنَانِيرُ عَلَى قِيمَةِ السِّلْعَةِ الصَّحِيحَةِ وَقِيمَتِهَا وَبِهَا الْعَيْبُ وَيُرَدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا أَصَابَ السِّلْعَةَ وَأَمْسَكَ مَا أَصَابَ النُّقْصَانَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ مِنْ الْعَيْبِ عَلَى جَارِيَةٍ كَانَتْ الْجَارِيَةُ زِيَادَةً فِي الْمَبِيعِ فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ عَلَى الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا، حَتَّى لَوْ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا رَدَّهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ بَعْد مَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَدَلًا عَنْ الْعَيْبِ حَتَّى لَوْ وَجَدَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا رَدَّهَا بِحِصَّةِ عَيْبِ الْعَبْدِ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَصَالَحَهُ مِنْ الْعَيْبِ عَلَى عَبْدٍ آخَرَ وَقَبَضَهُمَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِحِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ الثَّمَنِ أَيَّهُمَا كَانَ، كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُمَا جَمِيعًا، وَلَوْ قَبَضَ الْعَبْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى عَبْدٍ وَدَفَعَ الثَّمَنَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرِي يَبْطُلُ الصُّلْحُ فِي الْعَبْدِ الثَّانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. صَالَحَهُ مِنْ الْعَيْبِ عَلَى رُكُوبِ دَابَّتِهِ فِي حَوَائِجِهِ شَهْرًا فَهُوَ جَائِزٌ، قَالُوا: تَأْوِيلُهُ إذَا شَرَطَ رُكُوبَهُ فِي الْمِصْرِ، أَمَّا إذَا شَرَطَ رُكُوبَهُ خَارِجَ الْمِصْرِ أَوْ أَطْلَقَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ فَصَالَحَهُ بَائِعُهُ عَلَى مَالٍ قَلِيلٍ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الصُّغْرَى فِي مَسَائِلِ الِاسْتِحْقَاقِ. ادَّعَى عَيْبًا فِي جَارِيَةٍ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَاصْطَلَحَا عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ يُبْرِئَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا هَذَا الْعَيْبُ أَوْ كَانَ بِهَا لَكِنْ بَرِئَتْ وَصَحَّتْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَأْخُذَ مَا أَدَّى مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَلَوْ طَعَنَ فِي بَيَاضٍ بِعَيْنِهَا فَصَالَحَ الْبَائِعَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ حَطَّ عَنْهُ دِرْهَمًا كَانَ جَائِزًا فَلَوْ أَنَّهُ انْجَلَى الْبَيَاضُ بَعْدَ ذَلِكَ رَدَّ الدِّرْهَمَ عَلَى الْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ طَعَنَ بِحَبَلٍ فِيهَا فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى أَنْ حَطَّ عَنْهُ دِرْهَمًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَبَلٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الدِّرْهَمَ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَوَجَدَهَا مَنْكُوحَةً فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى دَرَاهِمَ ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ طَلَاقًا بَائِنًا كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الدَّرَاهِمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ قَمِيصًا وَخَاطَهُ فَبَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ أَوْ كَانَ الْبَيْعُ بَعْدَ ظُهُورِ الْعَيْبِ ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ الْعَيْبِ عَلَى دَرَاهِمَ كَانَ جَائِزًا وَكَذَلِكَ إذَا صَبَغَهُ بِصِبْغٍ أَحْمَرَ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى صَالَحَهُ مِنْ الْعَيْبِ وَلَوْ قَطَعَهُ وَلَمْ يَخِطْهُ حَتَّى بَاعَهُ ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ الْعَيْبِ لَمْ يَصِحَّ، وَالسَّوَادُ بِمَنْزِلَةِ الْقَطْعِ الْمُفْرَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْقَطْعِ مَعَ الْخِيَاطَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اشْتَرَى حِمَارًا وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا فَأَرَادَ الرَّدَّ فَصُولِحَ بَيْنَهُمَا بِدِينَارٍ وَأَخَذَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا آخَرَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ مَعَ الدِّينَارِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ كُرَّ حِنْطَةٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَبَضَ الْكُرَّ وَلَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ حَتَّى وَجَدَ بِالْكُرِّ عَيْبًا يُنْقِصُ الْعُشْرَ فَأَرَادَ رَدَّهُ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ مِنْ الْعَيْبِ عَلَى كُرِّ شَعِيرٍ بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَحِصَّةُ الشَّعِيرِ نُقْصَانُ الْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ

الفصل السابع في أحكام الوصي والوكيل والمريض

وَوَصَفَهُ وَسَمَّى أَجَلَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ سَلَمٍ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ رَأْسَ مَالِهِ فَإِنْ دَفَعَ عُشْرَ الثَّمَنِ وَقَالَ هَذَا حِصَّةُ كُرِّ الشَّعِيرِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالشَّعِيرُ سَلَمٌ، وَكَذَلِكَ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ كُلَّ الثَّمَنِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عُشْرَ الثَّمَنِ وَلَمْ يَقُلْ هَذَا حِصَّةُ الشَّعِيرِ فَإِنَّ الَّذِي نَقَدَهُ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ فَيَثْبُتُ عُشْرُ كُرِّ الشَّعِيرِ وَيَبْطُلُ تِسْعَةُ أَعْشَارِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي أَحْكَامِ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ وَالْمَرِيضِ] وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الْمَيِّتِ يَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ، وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ وَقَبَضَهُ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ فَمَاتَ الْمُشْتَرِي عَنْ دَيْنِ أَلْفٍ سِوَى الثَّمَنِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَى الْعَبْدِ فَوَجَدَ الْوَصِيُّ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَا يَنْقُضُهُ الْغَرِيمُ وَيَأْخُذُ الْوَصِيُّ مِنْ الْبَائِعِ نِصْفَ الثَّمَنِ وَيَدْفَعُهُ إلَى الْغَرِيمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَالَ بِغَيْرِ عَيْبٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَقْبَلْ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ الْوَصِيِّ حَتَّى خَاصَمَهُ إلَى الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي عَلِمَ بِدَيْنِ الْغَرِيمِ الْآخَرِ لَا يَرُدُّهُ بَلْ يَبِيعُهُ وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَضْمَنُ الْبَائِعُ نُقْصَانَ الْعَيْبِ لَا قَبْلَ بَيْعِ الْقَاضِي وَلَا بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِدَيْنِ الْغَرِيمِ الْآخَرِ وَخَاصَمَ الْوَصِيُّ الْبَائِعَ فِي الْعَيْبِ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ وَيَبْطُلُ الثَّمَنُ الَّذِي لِلْبَائِعِ عَلَى الْمَيِّتِ، فَإِنْ أَقَامَ الْغَرِيمُ بَيِّنَةً عَلَى دَيْنِهِ خُيِّرَ الْبَائِعُ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الرَّدَّ وَضَمِنَ الْغَرِيمُ الْآخَرُ نِصْفَ ثَمَنِ الْعَبْدِ فَيَصِيرُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الرَّدَّ وَرَدَّ الْعَبْدَ حَتَّى يُبَاعَ فِي دَيْنِهِمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَاتَ أَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ آخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَ بَعْدَ رَدِّ الْقَاضِي تَعَيَّنَ عَلَيْهِ ضَمَانُ نِصْفِ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الرَّدِّ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ مِمَّا يُتَغَابَنُ فِيهِ جُعِلَ ذَلِكَ عَفْوًا، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ لَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ عَفْوًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عَبْدًا فِي صِحَّتِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الْعَبْدَ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى مَرِضَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَوَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ اسْتَقَالَ الْبَيْعَ الْبَائِعُ فَأَقَالَهُ فَإِنْ بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ فَجَمِيعُ مَا صَنَعَ صَحِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ مَرَضِهِ وَمَاتَ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِثْلُ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْوَصِيِّ إذَا رَدَّ الْعَبْدَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ أَقَالَهُ الْبَيْعَ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِثْلُ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ وَلَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ الْعَبْدَ حَتَّى خَاصَمَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ إلَى الْقَاضِي فِي الْعَيْبِ فِي مَرَضِ الْمُشْتَرِي فَالْقَاضِي يَرُدُّ الْعَيْبَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِدَيْنِ الْغَرِيمِ الْآخَرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، فَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي مِنْ مَرَضِهِ بَعْدَمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْوَصِيِّ إذَا رَدَّهُ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِدَيْنِ الْغَرِيمِ الْآخَرِ إلَّا أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَا يُخَيَّرُ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بَلْ يَنْقُصُ الرَّدُّ وَيُبَاعُ الْعَبْدُ وَيُقَسَّمُ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: أَنَا أُمْسِكُ الْعَبْدَ وَأَرُدُّ نِصْفَ الْقِيمَةِ حَتَّى تَزُولَ الْمُحَابَاةُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ ثُمَّ خُوصِمَ فِي عَيْبٍ فَقَبِلَ الْمَبِيعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَزِمَ الْوَكِيلَ وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ وَيَكُونُ الْمَبِيعُ لِلْوَكِيلِ وَلَا يَكُونُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ، فَإِنْ خَاصَمَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، هَذَا إذَا كَانَ عَيْبًا يَحْدُثُ مِثْلُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا لَا يَحْدُثُ ذُكِرَ فِي عَامَّةِ رِوَايَاتِ الْبُيُوعِ وَالرَّهْنِ وَالْوَكَالَةِ وَالْمَأْذُونِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ بِالْبَيِّنَةِ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ قَدِيمًا كَانَ الْعَيْبُ أَوْ حَدِيثًا، وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ بِنُكُولِ الْوَكِيلِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَإِنْ رُدَّ عَلَى الْوَكِيلِ بِإِقْرَارِهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي إنْ كَانَ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ كَانَ ذَلِكَ رَدًّا عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا يَحْدُثُ مِثْلُهُ لَزِمَ الْوَكِيلَ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ فَإِنْ أَقَامَ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ رَدَّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُوَكِّلَ فَإِنْ نَكَلَ رَدَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ حَلَفَ لَزِمَ الْوَكِيلَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ

حُرًّا عَاقِلًا فَإِنْ كَانَ مُكَاتَبًا أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا فَالْخُصُومَةُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مَعَهُمَا وَلَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْمَوْلَى وَلَكِنْ يُبَاعُ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَيَلْزَمُ الدَّيْنُ الْمُكَاتَبَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الرَّدُّ بِالْعَيْبِ يَكُونُ لِلْوَكِيلِ وَعَلَيْهِ مَا دَامَ حَيًّا عَاقِلًا مِنْ أَهْلِ لُزُومِ الْعُهْدَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الْعُهْدَةِ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا مَحْجُورًا أَوْ صَبِيًّا مَحْجُورًا كَانَ الرَّدُّ إلَى الْمُوَكِّلِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الْعَهْدِ فَمَاتَ الْوَكِيلُ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا وَلَا صَبِيًّا كَانَ الرَّدُّ إلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَنْ أَمَرَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ لِلْآمِرِ مِنْ مَوْلَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ: نَعَمْ، فَأَتَى مَوْلَاهُ وَقَالَ: بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ فَهُوَ لِلْآمِرِ فَإِنْ وَجَدَ الْآمِرُ بِالْعَبْدِ عَيْبًا وَأَرَادَ خُصُومَةَ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مَعْلُومًا لِلْعَبْدِ يَوْمَ اشْتَرَى نَفْسَهُ لَمْ يُرَدَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ عَالِمًا بِذَلِكَ فَلَهُ الرَّدُّ، وَاَلَّذِي يَلِي الْخُصُومَةَ فِي ذَلِكَ الْعَبْدُ وَكَانَ لِلْعَبْدِ الرَّدُّ مِنْ غَيْرِ اسْتِطْلَاعِ رَأْيِ الْآمِرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً لَلْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ حَتَّى وَجَدَ بِهَا عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا، وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُوَكِّلِ لَا يَمْلِكُ الرَّدَّ إلَّا بِأَمْرِ الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَالْمُوَكِّلُ غَائِبٌ وَطَلَب يَمِينَ الْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا لَمْ يَسْتَحْلِفْ وَرَدَّ الْوَكِيلُ الْجَارِيَةَ عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَادَّعَى الرِّضَا فَأَرَادَ اسْتِرْدَادَ الْجَارِيَةِ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِالْعَيْبِ صَحَّ إقْرَارُهُ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ الْخُصُومَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّهُ أَبْرَأهُ الْآمِرُ صُدِّقَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَزِمَهُ الْمَبِيعُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْآمِرُ أَوْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَيَلْزَمُ الْآمِرَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ فِي الْعَيْبِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَضِيَ بِهَذَا الْعَيْبِ لَا يَمْلِكُ رَدَّهُ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ فَيَحْلِفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى وَسَلَّمَ إلَى الْمُوَكِّلِ فَوَجَدَ الْمُوَكِّلُ بِهِ عَيْبًا رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ ثُمَّ الْوَكِيلُ يَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى وَوَجَدَ بِالْمُشْتَرَى عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَبْرَأ الْبَائِعُ عَنْ الْعَيْبِ جَازَ وَلَزِمَ الْآمِرَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَزِمَهُ دُونَ الْآمِرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ يَرُدُّ بِالْعَيْبِ عَلَيْهِ وَإِنْ وَصَلَ الثَّمَنُ إلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى الْعَبْدَ الَّذِي وُكِّلَ بِشِرَائِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُخَيَّرُ الْوَكِيلُ يَسِيرًا كَانَ الْعَيْبُ أَوْ فَاحِشًا، فَإِنْ رَدَّهُ ارْتَدَّ وَإِنْ رَضِيَ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ يَسِيرًا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا فَعَلَى الْوَكِيلِ اسْتِحْسَانًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْآمِرُ كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَذَكَرَ الْمُنْتَقَى أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَعَ الْعَيْبِ يُسَاوِي بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ فَرَضِيَ بِهِ الْوَكِيلُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْآمِرَ، وَفِي الزِّيَادَاتِ الْوَكِيلُ إذَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَزِمَ الْآمِرَ وَإِنْ رَضِيَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ، وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْفَاحِشِ، وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَر فِي الْمُنْتَقَى سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ الْآمِرُ لِلْمُشْتَرِي حِينَ رَأَى الْعَيْبَ: لَا أَرْضَى بِهِ، فَرَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَلِلْآمِرِ أَنْ يُلْزِمَهُ الْمَأْمُورَ كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ لَهُ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّهُ آبِقٌ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الْوَكَالَةِ أَوْ بَعْدَ الْوَكَالَةِ ثُمَّ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ رَجُلٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى مَقَالَةِ الْوَكِيلِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي سَمِعَ إقْرَارَ الْوَكِيلِ بِذَلِكَ قَبْلَ الْبَيْعِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ عَيْبًا أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْوَكِيلِ إنْ كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ إلَيْهِ وَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ لِلْمُوَكِّلِ فَمِنْ الْمُوَكِّلِ

كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إنْ رَدَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِرِضًا فَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ قَبَضَ الْعَبْدَ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِقَضَاءٍ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِنُكُولِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ بِالْعَيْبِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَمَعْنَى الْقَضَاءِ بِالْإِقْرَارِ أَنَّهُ أَنْكَرَ الْإِقْرَارَ فَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَإِنْ رَدَّهُ بِرِضَا الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لَا يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ، وَالْجَوَابُ فِيمَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ كَالْمَرَضِ وَفِيمَا لَا يَحْدُثُ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ سَوَاءٌ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا وَأَسْلَمَهَا إلَى إنْسَانٍ ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ رَأَى الْمُشْتَرِي بِالدَّارِ عَيْبًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى بَائِعِهَا وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى تَنَاقَضَا السَّلَمَ فَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى بَائِعِهَا وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ لَقِيَ بَائِعَهُ وَزَادَ فِي الثَّمَنِ خَمْسِينَ دِينَارًا حَتَّى صَحَّتْ الزِّيَادَةُ وَدَفَعَ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ إلَى الْبَائِعِ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِقَضَاءِ قَاضٍ اسْتَرَدَّ الثَّمَنَ وَالزِّيَادَةَ جَمِيعًا وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ مَعَ الْمُشْتَرِي جَدَّدَا بَيْعًا ثَابِتًا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِأَكْثَرَ ثُمَّ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ الثَّانِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ يَحْدُثُ مِثْلُهُ أَوْ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي زَادَ فِي الثَّمَنِ عَرَضًا بِعَيْنِهِ ثُمَّ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا وَرَدَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا لَكِنَّهُ هَلَكَ الْعَرَضُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْبَائِعُ الثَّانِي وَقِيمَةُ الْعَرَضِ خَمْسُونَ دِينَارًا فَإِنَّهُ يَنْتَقِضُ الْعَقْدُ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ وَيَعُودُ ذَلِكَ الثُّلُثُ إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي، فَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا وَرَدَّ الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي بِقَضَاءٍ فَإِنَّ لِلْبَائِعِ الثَّانِي أَنْ يَرُدَّ الْعَبْدَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُهْلِك الْعَرَضَ لَكِنْ أَقَالَهُ الْبَيْعَ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ ثُمَّ وَجَدَ بِالْبَاقِي عَيْبًا لَا يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَجَحَدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الْبَيْعَ وَحَلَفَ وَعَزَمَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ وَأَمْسَكَ الْعَبْدَ ثُمَّ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَوْ جَحَدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الْبَيْعَ وَحَلَفَ وَعَزَمَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ثُمَّ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْمُشْتَرِي مَتَى عَلِمَ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ لَا يَسَعُهُ الرَّدُّ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا إذَا عَزَمَ أَنْ لَا يُخَاصِمَ الثَّانِيَ إذَا وَجَدَ بَيِّنَةً يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَحِينَئِذٍ يَسَعُهُ الرَّدُّ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ صَدَّقَهُ فِي الْبَيْعِ ثُمَّ قَالَ: إنَّهُ كَانَ تَلْجِئَةً أَوْ كَانَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ أَوْ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ أَوْ كَانَ بَيْعًا فَاسِدًا فَيَنْتَقِضُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَوْ تَصَادَقَا بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُمَا أَلْحَقَا بِهِ الْخِيَارَ ثُمَّ نَقَضَهُ صَاحِبُ الْخِيَارِ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ أَقَرَّا عِنْدَ الْقَاضِي بِالْبَيْعِ ثُمَّ جَحَدَا أَنَّهُمَا أَقَرَّا عِنْدَهُ بِشَيْءٍ جَعَلَ الْقَاضِي جُحُودَهُمَا فَسْخًا حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْآخَرُ إمْسَاكَهُ أَوْ إعْتَاقَهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَرُدُّهُ الثَّانِي بِالْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ فَأَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ سَوَاءٌ كَانَ فُلَانٌ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَهُوَ حَاضِرٌ لَكِنَّهُمَا يَجْحَدَانِ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لَمْ يَرُدَّهُ

الباب التاسع فيما يجوز بيعه وما لا يجوز وفيه عشرة فصول

الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سَاوَمَهُ غُلَامًا بِاثْنَيْ عَشَرَ فَأَبَى وَقَالَ: وَهَبْتُهُ لَك وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَوَهَبَ لَهُ الدَّنَانِيرَ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَقَبَضَهَا ثُمَّ وَجَدَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْعَبْدِ عَيْبًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ وَفِيهِ عَشَرَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ وَبَيْعِ الْأَثْمَانِ وَبُطْلَانِ الْعَقْدِ بِسَبَبِ الِافْتِرَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ] (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ وَبَيْعِ الْأَثْمَانِ وَبُطْلَانِ الْعَقْدِ بِسَبَبِ الِافْتِرَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ) بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ جَائِزٌ إذَا تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ بَعْدَ قَبْضِ الْبَدَلَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا أَوْ بَعْدَ قَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ حَقِيقَةً وَالْآخَرُ حُكْمًا سَوَاءٌ كَانَ عَقْدَ صَرْفٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَمَّا بَعْدَ قَبْضِ الْبَدَلَيْنِ حَقِيقَةً بِأَنْ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ حَتَّى كَانَ الْعَقْدُ صَرْفًا وَلَمْ تَكُنْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ بِحَضْرَتِهِمَا ثُمَّ نَقَدَا فِي الْمَجْلِسِ وَتَفَرَّقَا جَازَ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى فُلُوسًا أَوْ طَعَامًا بِدَرَاهِمَ حَتَّى لَمْ يَكُنْ صَرْفًا وَلَمْ يَكُنْ الْكُلُّ بِحَضْرَتِهِمَا ثُمَّ نَقَدَ فِي الْمَجْلِسِ وَتَفَرَّقَا جَازَ وَأَمَّا بَعْدَ قَبْضِ الْبَدَلَيْنِ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ دِينَارٌ فَاشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهِ بِمَا لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى كَانَ الْعَقْدُ صَرْفًا أَوْ لَمْ يَكُنْ صَرْفًا بِأَنْ كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ فُلُوسٌ أَوْ طَعَامٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَاشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهِ بِمَالِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَتَفَرَّقَا كَانَ الْعَقْدُ جَائِزًا وَأَمَّا بَعْدَ قَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ حَقِيقَةً وَالْآخَرُ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّرَاهِمُ الدَّرَاهِمَ بِدِينَارٍ وَنَقَدَ الدِّينَارَ وَتَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ حِنْطَةٌ فَاشْتَرَى مَنْ عَلَيْهِ الْحِنْطَةُ الْحِنْطَةَ بِالدَّرَاهِمِ وَنَقَدَهَا فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَذَكَرَ فِي صُلْحِ الْفَتَاوَى مَسْأَلَةَ الْحِنْطَةِ وَقَالَ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَإِنْ نَقَدَ الدَّرَاهِمَ فِي الْمَجْلِسِ. قَالُوا وَمَا ذُكِرَ فِي صُلْحِ الْفَتَاوَى مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْحِنْطَةُ مُسْلَمًا فِيهَا أَمَّا إذَا كَانَتْ الْحِنْطَةُ قَرْضًا أَوْ ثَمَنَ بَيْعٍ جَازَ الْبَيْعُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَمَّا إذَا حَصَلَ الِافْتِرَاقُ بَعْدَ قَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ لَا غَيْرُ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَإِنْ حَصَلَ الِافْتِرَاقُ بَعْدَ قَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ حَقِيقَةً جَازَ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ وَلَمْ يَجُزْ فِي الصَّرْفِ بَيَانُهُ. فِيمَنْ اشْتَرَى دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ حَتَّى كَانَ الْعَقْدُ صَرْفًا فَانْقَبَضَ الدِّينَارُ وَلَمْ يُسْلِمْ الْعَشَرَةَ أَوْ قَبَضَ الْعَشَرَةَ وَلَمْ يُسْلِمْ الدِّينَارَ حَتَّى تَفَرَّقَا كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا. وَلَوْ اشْتَرَى فُلُوسًا أَوْ طَعَامًا بِدَرَاهِمَ حَتَّى لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ صَرْفًا وَتَفَرَّقَا بَعْدَ قَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ حَقِيقَةً يَجُوزُ أَمَّا إذَا حَصَلَ الِافْتِرَاقُ بَعْدَ قَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ حُكْمًا لَا غَيْرُ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ صَرْفًا أَوْ لَمْ يَكُنْ بَيَانُهُ. فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دِينَارٌ فَاشْتَرَى مَنْ عَلَيْهِ الدِّينَارُ الدِّينَارَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ حَتَّى كَانَ الْعَقْدُ صَرْفًا وَتَفَرَّقَا قَبْلَ نَقْدِ الْعَشَرَةِ كَانَ بَاطِلًا كَذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ فُلُوسٌ أَوْ طَعَامٌ فَاشْتَرَى مَنْ عَلَيْهِ الْفُلُوسُ أَوْ الطَّعَامُ الْفُلُوسَ أَوْ الطَّعَامَ بِدَرَاهِمَ وَتَفَرَّقَا قَبْلَ نَقْدِ الدَّرَاهِمِ كَانَ الْعَقْدُ بَاطِلًا وَهَذَا فَصْلٌ يَجِبُ حِفْظُهُ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. . وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَنَقَدَ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمِ الدَّنَانِيرَ وَلَمْ يَنْقُدْ بَائِعُ الدَّرَاهِمِ الدَّرَاهِمَ وَقَدْ كَانَ لِبَائِعِ الدَّرَاهِمِ عَلَى مُشْتَرِيهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا قَبْلَ عَقْدِ الصَّرْفِ فَقَالَ بَائِعُ الدَّرَاهِمِ لِمُشْتَرِيهَا اجْعَلْ الْأَلْفَ الَّتِي لِي عَلَيْك بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي وَجَبَتْ لَك عَلَيَّ بِعَقْدِ الصَّرْفِ فَرَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي جَازَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْمُقَاصَّةُ بِدَيْنٍ وَجَبَ بِالشِّرَاءِ بَعْدَ عَقْدِ الصَّرْفِ بِأَنْ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ وَنَقَدَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الدَّرَاهِمَ حَتَّى اشْتَرَى مُشْتَرِي الدَّرَاهِمِ مِنْ بَائِعِهَا بِهَا ثَوْبًا فَقَالَ بَائِعُهَا لِمُشْتَرِيهَا اجْعَلْ الدَّرَاهِمَ الَّتِي لِي عَلَيْك بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي لَك عَلَيَّ بِعَقْدِ الصَّرْفِ وَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ يَجُوزُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الزِّيَادَاتِ وَذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ

تَبَايَعَا فَلْسًا بِعَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا جَازَ الْبَيْعُ وَيَتَعَيَّنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى لَوْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَدْفَعَ مِثْلَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ بَاعَ فَلْسًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ تَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَوْ بَاعَ فَلْسًا بِعَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا أَوْ عَلَى الْعَكْسِ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يَقْبِضْ مَا كَانَ دَيْنًا فِي الْمَجْلِسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ كُلُّ جَوَابٍ فِي الْفُلُوسِ فَهُوَ جَوَابٌ فِي الدَّرَاهِمِ الْبُخَارِيَّةِ أَعْنِي بِهَا الْغَطَارِفَ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الرَّصَاصِ وَالسَّتُّوقِ قَالُوا وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَدَالِي كَذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ حَتَّى لَوْ بَاعَ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِاثْنَيْنِ يَجُوزُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ تَبَايَعَا فُلُوسًا بِدَرَاهِمَ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ وَتَقَابَضَا وَافْتَرَقَا بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ أَيْضًا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا اشْتَرَى فُلُوسًا بِفُلُوسٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ وَتَقَابَضَا وَتَفَرَّقَا عَلَى ذَلِكَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِالْخِيَارِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ بَاعَ فَلْسًا بِعَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَيَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ اشْتَرَى بِفُلُوسٍ كَاسِدَةٍ فِي مَوْضِعٍ لَا تُنْفَقُ فَإِنْ كَانَتْ بِأَعْيَانِهِمَا جَازَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً لَا يَجُوزُ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ وَإِذَا اسْتَقْرَضَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَقْرِضَ اشْتَرَى مِنْ الْمُقْرِضِ الْكُرَّ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ جَازَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ لِلْمُسْتَقْرِضِ كَرٌّ مِثْلُهُ فَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى غَيْرُ مَنْ عَلَيْهِ الْكُرُّ حَيْثُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا جَازَ الشِّرَاءُ إنْ نَقَدَ الْمِائَةَ فِي الْمَجْلِسِ فَالشِّرَاءُ مَاضٍ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِنْ افْتَرَقَا مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ بَطَلَ الشِّرَاءُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَبَ لِلْمُسْتَقْرِضِ عَلَى الْمُقْرِضِ كَرُّ حِنْطَةٍ ثُمَّ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اشْتَرَى مَا عَلَيْهِ لِصَاحِبِهِ بِمَالِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَتَفَرَّقَا حَيْثُ يَجُوزُ قَالُوا وَهَذَا الْجَوَابُ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْمُسْتَقْرِضُ لَا يَصِيرُ مَالِكًا لِلْمُسْتَقْرَضِ إلَّا بِالِاسْتِهْلَاكِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَمْ يَجِبْ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ لِلْحَالِ شَيْءٌ فَلَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ فَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْآنَ يَصِحُّ الشِّرَاءُ بِلَا خِلَافٍ ثُمَّ إذَا نَقَدَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْمُسْتَقْرِضُ لِلْمِائَةِ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ وَجَدَ بِالْكُرِّ الْقَرْضِ عَيْبًا لَمْ يَرُدَّهُ وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ الْقَرْضُ الْمَقْبُوضُ مُسْتَهْلَكًا كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْنَا إلَّا أَنَّ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ يَكُونُ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَالْفَصْلَ الثَّانِيَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ غَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ إذَا كَانَ قَرْضًا، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ اشْتَرَى الْكُرَّ الَّذِي عَلَيْهِ بِالْقَرْضِ بِكُرٍّ مِثْلِهِ جَازَ إذَا كَانَ عَيْنًا وَإِنْ كَانَ دَيْنًا لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا قَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ وَجَدَ الْمُسْتَقْرِضُ بِالْقَرْضِ عَيْبًا لَمْ يَرُدَّهُ وَلَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَلَوْ اشْتَرَى الْمُسْتَقْرِضُ الْكُرَّ الْمُسْتَقْرَضَ بِعَيْنِهِ وَهُوَ مَقْبُوضٌ لَمْ يَصِحَّ شِرَاؤُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُقْرِضُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ عَيْنَ الْقَرْضِ صَحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَقْرَضَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهَا جِيَادٌ وَقَبَضَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا

الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْمُقْرِضِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ صَحَّ ثُمَّ إذَا صَحَّ الشِّرَاءُ هَهُنَا بِالِاتِّفَاقِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الدَّنَانِيرَ فِي الْمَجْلِسِ وَافْتَرَقَا بَطَلَ الْعَقْدُ فَإِنْ قَبَضَ الدَّنَانِيرَ فِي الْمَجْلِسِ فَالْعَقْدُ مَاضٍ عَلَى الصِّحَّةِ فَإِنْ وَجَدَ الْمُسْتَقْرِضُ الدَّرَاهِمَ الْقَرْضَ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةَ لَمْ يَرُدَّهَا وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ هَهُنَا أَيْضًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ لَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ صِحَاحٍ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ مِنْ إنْسَانٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا مُكَسَّرَةً لَا يَجُوزُ فَإِنْ أَرَادَ الْحِيلَةَ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مِنْهُ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا مُكَسَّرَةً فَيُقْبِضُهُ الْعَشَرَةَ ثُمَّ يُبْرِئُهُ مِنْ دِرْهَمَيْنِ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى غَيْرِهِ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ فَاشْتَرَاهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّعِي بِمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ تَفَرَّقَا أَوْ لَمْ يَتَفَرَّقَا وَلَوْ ادَّعَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسًا فَاشْتَرَاهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَرَاهِمَ وَنَقَدَ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَفِي مَسْأَلَةِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ إنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا وَرَجَعَ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى فِي الْمَجْلِسِ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَلَوْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَفِي الْفُلُوسِ لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ وَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ قَبْضِ مَا اشْتَرَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا بَاعَ دِرْهَمًا كَبِيرًا بِدِرْهَمٍ صَغِيرٍ أَوْ دِرْهَمًا جَيِّدًا بِدِرْهَمٍ رَدِيءٍ يَجُوزُ لِأَنَّ لَهُمَا فِيهِ غَرَضًا صَحِيحًا فَأَمَّا إذَا كَانَا مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ فَبَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْحَاكِمُ الْإِمَامُ أَبُو أَحْمَدَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ ثُلُثَاهَا صُفْرًا وَثُلُثُهَا فِضَّةً أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا صُفْرًا وَرُبْعُهَا فِضَّةً أَوْ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا صُفْرًا وَسُدُسُهَا فِضَّةً أَوْ كَانَ الصُّفْرُ هُوَ الْغَالِبَ وَنَوْعٌ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ ثُلُثَاهَا فِضَّةً وَثُلُثُهَا صُفْرًا أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا فِضَّةً وَرُبْعُهَا صُفْرًا أَوْ كَانَتْ الْفِضَّةُ هِيَ الْغَالِبَةَ وَنَوْعٌ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الصُّفْرُ مَعَ الْفِضَّةِ سَوَاءً النِّصْفُ مِنْ هَذَا وَالنِّصْفُ مِنْ هَذَا وَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ مِنْ الدَّرَاهِمِ يُجْعَلُ فِي الْحُكْمِ كَشَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ صُفْرٍ وَفِضَّةٍ وَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا مَغْلُوبًا لِصَاحِبِهِ وَيُعْتَبَرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ، وَإِنْ اشْتَرَى بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فِضَّةً خَالِصَةً أَوْ مَا لَهُ حُكْمُ الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ فَإِنْ كَانَ وَزْنُ الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِ الْفِضَّةِ الَّتِي فِي الدَّرَاهِمِ أَوْ يَكُونُ وَزْنُ الْفِضَّةِ الْمُنْفَرِدَةِ مِثْلَ وَزْنِ الْفِضَّةِ الَّتِي فِي الدَّرَاهِمِ أَوْ كَانَ لَا يَدْرِي وَزْنَهَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَإِنْ كَانَ وَزْنُ الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِ الْفِضَّةِ الَّتِي فِي الدَّرَاهِمِ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَتَكُونُ الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالزِّيَادَةُ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ بِإِزَاءِ الصُّفْرِ وَيُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ الصَّرْفِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَخَلَّ بِشَرْطٍ مِنْ شَرَائِطِهِ فَسَدَ الصَّرْفُ وَبَطَلَ فِي الصُّفْرِ أَيْضًا وَلَوْ اشْتَرَى بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الدَّرَاهِمِ ذَهَبًا يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ وَلَوْ أَخَلَّ بِشَرْطٍ مِنْ شَرَائِطِهِ بَطَلَ الصَّرْفُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ فِي الصُّفْرِ أَيْضًا وَلَوْ تَبَايَعَا هَذَا النَّوْعَ مِنْ الدَّرَاهِمِ بَعْضًا بِبَعْضٍ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ مُتَفَاضِلًا أَوْ مُتَسَاوِيًا وَالتَّقَابُضُ فِيهِمَا جَمِيعًا مِنْ شَرْطِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا اشْتَرَى دَرَاهِمَ أَكْثَرُهَا غِشٌّ وَأَقَلُّهَا فِضَّةٌ بِدَرَاهِمَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَأَحَدُهُمَا نَسِيئَةٌ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ رَائِجَةً وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا جِنْسًا لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا نَسِيئَةً وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَنْقُودُ رَائِجًا وَالنَّسِيئَةُ كَاسِدَةً مَرْدُودَةً كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْفِضَّةُ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ غَالِبَةً بِأَنْ كَانَ ثُلُثَاهَا فِضَّةً وَثُلُثُهَا صُفْرًا فَبِيعَتْ بِالْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ لَمْ يَجُزْ إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَا فِي بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ لَا يَجُوزُ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَا عَلَى

السَّوَاءِ بِأَنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمَغْشُوشَةُ نِصْفُهَا فِضَّةً وَنِصْفُهَا صُفْرًا فَبِيعَتْ بِالْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ الَّتِي فِي الدَّرَاهِمِ غَالِبَةً عَلَى الصُّفْرِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَالِبَةً بِأَنْ كَانَا عَلَى السَّوَاءِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهَا وَلَا إقْرَاضُهَا إلَّا وَزْنًا إلَّا إذَا أَشَارَ إلَيْهَا فِي الْمُبَايَعَةِ فَيَكُونُ بَيَانًا لِقَدْرِهَا وَوَصْفِهَا كَمَا لَوْ أَشَارَ إلَى الْجِيَادِ وَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ بِهَلَاكِهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَفِي الصَّرْفِ كَغَالِبِ الْمُغَشِّ حَتَّى لَوْ بَاعَهَا بِجِنْسِهَا جَازَ عَلَى وَجْهِ الِاعْتِبَارِ وَلَوْ بَاعَهَا بِالْخَالِصَةِ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِمَّا فِيهِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. قَالَ فِي الْجَامِعِ وَإِذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ ثُلُثَاهَا صُفْرًا وَثُلُثُهَا فِضَّةً فَاشْتَرَى بِهَا رَجُلٌ مَتَاعًا وَزْنًا جَازَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا تَتَعَيَّنُ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ وَإِنْ اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ بِغَيْرِ عَيْنِهَا عَدَدًا وَهِيَ بَيْنَهُمْ وَزْنِيَّةٌ، فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِهَا عَدَدًا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ تَعَامُلُ النَّاسِ الْمُبَايَعَةَ بِهَا وَزْنًا فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَدَّى مِنْ غَيْرِهَا يَحْتَاجُ إلَى وَزْنِ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الْمُشَارِ إلَيْهَا وَإِنْ أَدَّى عَيْنَهَا صَحَّ مِنْ غَيْرِ وَزْنٍ كَمَا فِي الدَّرَاهِمِ الْخَالِصَةِ وَلَوْ عَيَّنَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَسَمَّاهَا وَقَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْمَتَاعَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَهِيَ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا أَرَادَ بِهِ تَسْمِيَةَ الْوَزْنِ وَكَانَتْ تُبَاعُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ وَزْنًا وَقَعَ ذَلِكَ عَلَى الْوَزْنِ هَذَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَزْنًا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ عَدَدًا فَإِذَا اشْتَرَى بِهَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا عَدَدًا جَازَ وَإِنْ كَانَ فِيهَا الْخِفَافُ وَالثِّقَالُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ ثُلُثَاهَا فِضَّةً وَثُلُثُهَا صُفْرًا فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ الزُّيُوفِ وَالْمُبَهْرَجَةِ إنْ اشْتَرَى بِهَا شَيْئًا إنْ لَمْ تَكُنْ مُشَارًا إلَيْهَا لَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ إلَّا وَزْنًا كَمَا لَوْ كَانَ الْكُلُّ فِضَّةً زَيْفًا وَإِنْ كَانَتْ مُشَارًا إلَيْهَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ بِهَا مِنْ غَيْرِ وَزْنٍ وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ نِصْفُهَا فِضَّةً وَنِصْفُهَا صُفْرًا فَالْجَوَابُ فِيهَا كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ ثُلُثَاهَا فِضَّةً وَثُلُثُهَا صُفْرًا سَوَاءً كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَنْ اشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً فَكَسَدَتْ وَتَرَكَ النَّاسُ الْمُعَامَلَةَ بِهَا بَطَلَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ الْبَائِعُ وَإِنْ كَانَ هَالِكًا ضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَقَالَا الْبَيْعُ جَائِزٌ إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرُ مَا يَتَعَامَلُ النَّاسُ بِهَا وَإِذَا اشْتَرَى بِالْفُلُوسِ ثُمَّ كَسَدَتْ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَشَرَطَ فِي الْعُيُونِ أَنْ يَكُونَ الْكَسَادُ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ فَلَوْ كَسَدَتْ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ دُونَ الْبَعْضِ لَا يَبْطُلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَالُوا وَمَا ذُكِرَ فِي الْعُيُونِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْتَفِيَ الْبَيْعُ بِالْكَسَادِ وَعَلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْبَيْعُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ بِعَيْنِهَا مِنْ الَّتِي ثُلُثُهَا فِضَّةٌ وَثُلُثَاهَا صُفْرٌ وَهِيَ عِنْدَهُمْ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا فَلَمْ يَنْقُدْهَا حَتَّى ضَاعَتْ لَمْ يُنْتَقَضْ الْبَيْعُ حَتَّى يُعْطِيَهُ مِثْلَهَا وَهَذَا إذَا عَلِمَ عَدَدَهَا أَوْ وَزْنَهَا حَتَّى يَتَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ إعْطَاءِ مِثْلِهَا عَدَدًا أَوْ وَزْنًا كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ ثُلُثَاهَا فِضَّةً وَثُلُثُهَا صُفْرًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ الْمُبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ بِهَلَاكِهَا وَيَرُدُّ مِثْلَهَا وَزْنًا إنْ عَلِمَ وَزْنَ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يُنْتَقَضْ الْبَيْعُ. وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ نِصْفُهَا فِضَّةً وَنِصْفُهَا صُفْرًا وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ ثُلُثَاهَا صُفْرًا وَبِيعَتْ وَزْنًا بَيْعَ السِّلَعِ يَجِبُ أَنْ تَتَعَيَّنَ بِالتَّعْيِينِ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ بِهَلَاكِهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَذَا قَالَهُ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَسَدَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَصَارَتْ لَا تَرُوجُ بَيْنَ النَّاسِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْفُلُوسِ الْكَاسِدَةِ وَالزُّيُوفِ وَالرَّصَاصِ حَتَّى تَتَعَيَّنَ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا وَيَتَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا حَتَّى يَبْطُلَ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهَا قَبْلَ النَّقْدِ لَكِنْ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ الْعَاقِدَانِ عَالِمَيْنِ بِحَالِ هَذِهِ وَيَعْلَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الْآخَرَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ وَأَمَّا إذَا كَانَا

الفصل الثاني في بيع الثمار وإنزال الكروم والأوراق والمبطخة

لَا يَعْلَمَانِ أَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا وَلَا يَعْلَمُ الْآخَرُ أَوْ يَعْلَمَانِ لَكِنْ لَا يَعْلَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ يَعْلَمُ فَإِنَّ الْعَقْدَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ وَلَا بِجِنْسِهَا وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالدَّرَاهِمِ الرَّائِجَةِ الَّتِي عَلَيْهَا تَعَامُلُ النَّاسِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ هَذَا إذَا صَارَتْ بِحَيْثُ لَا تَرُوجُ أَصْلًا فَأَمَّا إذَا كَانَتْ يَقْبَلُهَا الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الدَّرَاهِمِ الزَّيْفَةِ فَيَجُوزُ الشِّرَاءُ بِهَا وَلَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا بَلْ يَتَعَلَّقُ بِجِنْسِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الزُّيُوفِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ بِحَالِهَا خَاصَّةً وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَا يَعْلَمُ لَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِجِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَيِّدِ مِنْ نَقْدِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْمُنْتَقَى غَلَتْ الْفُلُوسُ أَوْ رَخُصَتْ فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَوَّلًا لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا وَقَالَ الثَّانِي ثَانِيًا عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى انْتَهَى. أَيْ يَوْمَ الْبَيْعِ فِي الْبَيْعِ وَيَوْمَ الْقَبْضِ فِي الْقَرْضِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ صُنُوفًا مُخْتَلِفَةً مِنْهَا مَا ثُلُثُهَا فِضَّةٌ وَثُلُثَاهَا صُفْرٌ وَمِنْهَا مَا ثُلُثَاهَا فِضَّةٌ وَثُلُثُهَا صُفْرٌ وَمِنْهَا مَا نِصْفُهَا فِضَّةٌ وَنِصْفُهَا صُفْرٌ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ إحْدَى هَذِهِ الصُّنُوفِ بِالصِّنْفِ الْآخَرِ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ وَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ نَسِيئَةً فَأَمَّا إذَا بَاعَ جِنْسًا مِنْهَا بِذَلِكَ الْجِنْسِ مُتَفَاضِلًا فَفِيمَا إذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ غَالِبَةً لَا يَجُوزُ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَفِيمَا إذَا كَانَ الصُّفْرُ غَالِبًا أَوْ كَانَا عَلَى السَّوَاءِ يَجُوزُ مُتَسَاوِيًا وَمُتَفَاضِلًا وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ بِاعْتِبَارِ صُورَةِ الْفِضَّةِ وَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالُوا إذَا بَاعَ مِنْ الْعَدَالِي الَّتِي فِي زَمَانِنَا وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ يَجُوزُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ: وَمَشَايِخُنَا لَمْ يُفْتُوا بِجَوَازِ ذَلِكَ فِي الْعَدَالِي وَالْغَطَارِفَةِ لِأَنَّهَا أَعَزُّ الْأَمْوَالِ فِي دِيَارِنَا فَلَوْ أُبِيحَ التَّفَاضُلُ فِيهِ يُفْتَحُ بَابُ الرِّبَا. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَإِنْزَالِ الْكُرُومِ وَالْأَوْرَاقِ وَالْمَبْطَخَةِ] ِ وَفِي بَيْعِ الزَّرْعِ وَالرَّطْبَةِ وَالْحَشِيشِ بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ الظُّهُورِ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا فَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ أَنْ تَصِيرَ مُنْتَفَعًا بِهَا يَصِحُّ وَإِنْ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ مُنْتَفَعًا بِهَا بِأَنْ لَمْ تَصْلُحْ لِتَنَاوُلِ بَنِي آدَمَ وَعَلَفِ الدَّوَابِّ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَعَلَى الْمُشْتَرِي قَطْعُهَا فِي الْحَالِ هَذَا إذَا بَاعَ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَإِنْ بَاعَ بِشَرْطِ التَّرْكِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهَا فَإِنْ تَنَاهَى عِظَمُهَا فَبَاعَهَا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ صَحَّ وَإِنْ بَاعَ بِشَرْطِ التَّرْكِ لَمْ يَصِحَّ قِيَاسًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَصَحَّ اسْتِحْسَانًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْأَسْرَارِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي التُّحْفَةِ الصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ بَاعَ كُلَّ الثِّمَارِ وَقَدْ ظَهَرَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَكَانَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَالْفَضْلِيُّ يُفْتِيَانِ بِالْجَوَازِ فِي الثِّمَارِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيَجْعَلَانِ الْمَوْجُودَ أَصْلًا فِي الْعَقْدِ وَالْمَعْدُومُ تَبَعًا اسْتِحْسَانًا لِتَعَامُلِ النَّاسِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا وَتَرَكَهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ طَابَ لَهُ الْفَضْلُ وَإِنْ تَرَكَهَا بِلَا إذْنِهِ وَزَادَ ذَاتًا تَصَدَّقَ بِمَا زَادَ فِي ذَاتِهِ وَإِنْ تَرَكَهَا بَعْدَمَا تَنَاهَى لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ وَإِنْ بَاعَ مُطْلَقًا وَتَرَكَهَا عَلَى النَّخِيلِ وَآجَرَ النَّخِيلَ مُدَّةً مَعْلُومَةً بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ وَطَابَ لَهُ الْفَضْلُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا عَنْ الْقَطْعِ وَأَثْمَرَتْ ثَمَرَةً فَإِنْ كَانَ قَبْلَ تَخْلِيَةِ الْبَائِعِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالثِّمَارِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا لَمْ يَفْسُدْ وَيَشْتَرِكَانِ وَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ الزَّائِدِ مَعَ يَمِينِهِ وَكَذَا فِي الْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ وَالْحِيلَةُ فِي كَوْنِ الْحَادِثِ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِيَ أُصُولَ الْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ وَالرُّطَبَةِ لِيَكُونَ الْحَادِثُ عَلَى مِلْكِهِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. اشْتَرَى أَنْزَالَ الْكُرُومِ وَبَعْضُهَا نِيءٌ وَبَعْضُهَا قَدْ نَضِجَ فَإِنْ كَانَ كُلُّ نَوْعٍ بَعْضُهُ نِيءٌ وَبَعْضُهُ قَدْ نَضِجَ جَازَ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَنْوَاعِ نِيئًا وَالْبَعْضُ قَدْ نَضِجَ

لَا يَجُوزُ وَالصَّحِيحُ أَنْ يَجُوزَ فِي الْوَجْهَيْنِ وَهَذَا إذَا بَاعَ الْكُلَّ فَإِنْ بَاعَ الْبَعْضَ وَبَعْضُهَا نِيءٌ وَبَعْضُهَا قَدْ نَضِجَ أَوْ الْكُلُّ نِيءٌ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَبَعْضُهُ نِيءٌ أَوْ الْكُلُّ نِيءٌ لَا يَجُوزُ وَهَذَا إذَا بَاعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ بَاعَ مِنْ شَرِيكِهِ أَفْتَى رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ الْكُلَّ ثُمَّ يَفْسَخَ الْبَيْعَ فِي النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَوْ بَاعَ نَزْلَ الْكَرْمِ بَعْدَمَا نَضِجَ وَأَدْرَكَ مَشَاعًا أَوْ غَيْرَ مَشَاعٍ جَازَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. اشْتَرَى الْكَرْمَ مَعَ الْغَلَّةِ وَقَبَضَهُ إنْ رَضِيَ الْأَكَّارَ جَازَ الْبَيْعُ وَلَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهَا وَصَلَاحُ الْبَاقِي يَتَقَارَبُ وَشَرَطَ التَّرْكَ جَازَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ يَتَأَخَّرُ إدْرَاكُ الْبَعْضِ تَأَخُّرًا كَثِيرًا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فِيمَا أَدْرَكَ وَلَمْ يَجُزْ فِي الْبَاقِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ اشْتَرَى الرَّجُلُ عِنَبَ كَرْمٍ عَلَى أَنَّهُ أَلْفُ مَنٍّ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إلَّا قَدْرَ تِسْعِمِائَةِ مَنٍّ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الْبَائِعَ بِحِصَّةِ مِائَةِ مَنٍّ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي. اشْتَرَى أَوْرَاقَ التُّوتِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الْقَطْعِ لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ عُرْفًا صَحَّ وَلَوْ تَرَكَ الْأَغْصَانَ فَلَهُ أَنْ يَقْطَعَهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَلَوْ تَرَكَهَا مُدَّةً ثُمَّ أَرَادَ قَطْعَهَا فَلَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالشَّجَرَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَوْرَاقَ فِرْصَادٍ بَعْدَمَا ظَهَرَتْ عَلَى الشَّجَرَةِ وَلَمْ يَقْطَعْهَا حَتَّى ذَهَبَ وَقْتُهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ اشْتَرَى الْأَوْرَاقَ بِأَغْصَانِهَا وَبَيَّنَ مَوْضِعَ الْقَطْعِ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ بِحُكْمِ ذَهَابِ الْوَقْتِ وَيُجِيزَ عَلَى جَزِّهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَطْعُ الْأَغْصَانِ يَضُرُّ بِالشَّجَرَةِ فَحِينَئِذٍ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِالْقَطْعِ وَإِنْ اشْتَرَى الْأَوْرَاقَ بِدُونِ الْأَغْصَانِ إنْ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ سَاعَتِهِ جَازَ وَإِنْ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَهَا شَيْئًا فَشَيْئًا لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنْ يَتْرُكَهَا عَلَى الشَّجَرَةِ وَإِنْ اشْتَرَاهَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا فَإِنْ أَخَذَهَا فِي الْيَوْمِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ فَسَدَ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ الشَّجَرَةَ بِأَصْلِهَا فَيَأْخُذَ الْأَوْرَاقَ ثُمَّ يَبِيعَ الشَّجَرَةَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ يَهَبَهَا لَهُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَبَيْعُ قَوَائِمِ الْخِلَافِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ تَنْمُو سَاعَةً فَسَاعَةً وَبَيْعُ الْكُرَّاثِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ تَنْمُو مِنْ الْأَسْفَلِ لِمَكَانِ التَّعَامُلِ فَأَمَّا مَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ وَهُوَ يَنْمُو سَاعَةً فَسَاعَةً لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقَالَ الْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ بَيْعَ قَوَائِمِ الْخِلَافِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ كَانَتْ الْمَبْطَخَةُ لِوَاحِدٍ فَبَاعَ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَ الْحَدَجَةَ بِهَذَا اللَّفْظِ: أَيْنَ خِيَار زر صنصنرافر وختم يَجُوزُ الْبَيْعُ عَلَى شَجَرَةِ الْبِطِّيخِ دُونَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَدَجَةِ ثُمَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَدَجَةِ يَخْرُجُ عَلَى مِلْكِهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَ فِي الْأَرْضِ وَيَكُونَ لَهُ الْوِلَايَةُ الشَّرْعِيَّةُ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْحَشِيشَ وَأَشْجَارَ الْبِطِّيخِ بِبَعْضِ الثَّمَنِ وَيَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ بَيْعَ الْأَشْجَارِ أَوْ الثِّمَارِ أَوْ الْحَشِيشِ وَيُؤَخِّرَ الْإِجَازَةَ فَإِنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الْإِجَارَةَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ بَاعَ أَشْجَارَ الْبَطَاطِيخِ وَأَعَارَ الْأَرْضَ يَجُوزُ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْإِعَارَةَ لَا تَكُونُ لَازِمَةً وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَبْطَخَةٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ إنْسَانٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِي قَلْعِهِ ضَرَرًا يَلْحَقُ غَيْرَ الْبَائِعِ وَالْإِنْسَانُ لَا يُجْبَرُ عَلَى

تَحَمُّلِ الضَّرَرِ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ كُلَّ الْمَبْطَخَةِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ ثُمَّ يَفْسَخَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَيْنَ خِيَار زَارَ بنوفر وختم يَدِهِ درم فَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَ الْحَدَجَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَيَكُونُ الْبَيْعُ عَلَى شَجَرَةِ الْبِطِّيخِ دُونَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَدَجَةِ فَإِنْ خَرَجَتْ الْحَدَجَةُ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ الْحَدَجَةُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ التَّرْكِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فَإِنْ كَانَتْ الْمَبْطَخَةُ مُشْتَرَكَةً فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهَا لَا يَجُوزُ فَإِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَبْطَخَةِ وَسَلَّمَ إلَى الْمُشْتَرِي كَانَ نَصِيبُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي مَا لَمْ يُنْقَضْ الْبَيْعُ وَلَوْ أَجَازَ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَبِعْ بَيْعَ صَاحِبِهِ وَرَضِيَ بِهِ كَانَ لَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. بَاعَ الزَّرْعَ وَهُوَ بَقْلٌ إنْ بَاعَهُ عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ يُرْسِلَ فِيهِ دَابَّتَهُ لِتَأْكُلَهُ جَازَ وَإِنْ بَاعَهُ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ حَتَّى يُدْرِكَ لَا يَجُوزُ وَكَذَا بَيْعُ الرُّطَبَةِ وَفَارِسِيَّتُهَا (سبست زار) عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَهُوَ مَأْخُوذُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِيهَا زَرْعٌ لَهُمَا بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ الزَّرْعِ الَّذِي هُوَ نَصِيبُهُ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ بِدُونِ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ مُدْرَكًا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدْرَكٍ لَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ بَاعَ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ بَاعَ بِشَرْطِ التَّرْكِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ صَاحِبُهُ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ الزَّرْعِ مَعَ نِصْفِ أَرْضِهِ جَازَ وَقَامَ الْمُشْتَرِي مَقَامَ الْبَائِعِ ثُمَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ نِصْفِ الزَّرْعِ لَوْ لَمْ يُفْسَخْ الْعَقْدُ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعَ انْقَلَبَ الْعَقْدُ جَائِزًا وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مَعَ الْأَرْضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الزَّرْعِ مِنْ شَرِيكِهِ بِدُونِ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُدْرَكًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَعَلَى هَذَا الْقُطْنُ وَسَائِرُ أَنْوَاعِ الزَّرْعِ إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ بِدُونِ الْأَرْضِ وَأَمَّا إذَا بَاعَ نِصْفَ الزَّرْعِ مَعَ نِصْفِ الْأَرْضِ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ رِضَا شَرِيكِهِ جَازَ وَفِي الْأَجْنَاسِ إذَا بَاعَ النِّصْفَ مِنْ الزَّرْعِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ شَرِيكِهِ يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا كَانَتْ الشَّجَرَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ بَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ أَحَدِ صَاحِبَيْهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ بَاعَ مِنْهُمَا جَازَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْأَكَّارِ فَبَاعَ رَبُّ الْأَرْضِ مِنْ الْأَكَّارِ نَصِيبَهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ بَاعَ الْأَكَّارُ نَصِيبَهُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ جَازَ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي التَّسْلِيمِ إلَى الْقِسْمَةِ وَلَوْ كَانَ مُدْرَكًا جَازَ بَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ وَفِي مُزَارَعَةِ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ قَالَ نُصَيْرٌ مُزَارِعٌ بِالثُّلُثِ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الزَّرْعِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ وَفِي الْأَصْلِ إذَا بَاعَ رَبُّ الْأَرْضِ الْأَرْضَ وَفِيهَا زَرْعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَكَّارِ جُعِلَتْ عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ بَقْلًا وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَتَوَقَّفُ الْبَيْعُ عَلَى إجَازَةِ الْمُزَارِعِ سَوَاءٌ بَاعَ الْأَرْضَ مَعَ الزَّرْعِ أَوْ بِدُونِ الزَّرْعِ فَإِنْ كَانَ بَاعَ الْأَرْضَ مَعَ جَمِيعِ الزَّرْعِ وَأَجَازَ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ فِي الْأَرْضِ وَالزَّرْعِ جَمِيعًا نَفَذَ الْبَيْعُ وَانْقَسَمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ وَعَلَى قِيمَةِ الزَّرْعِ فَمَا أَصَابَ الْأَرْضَ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَمَا أَصَابَ الزَّرْعَ فَهُوَ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ نِصْفَانِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَبَّصَ حَتَّى يُدْرِكَ الزَّرْعُ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَاعَ الْأَرْضَ وَحْدَهَا فَإِنْ أَجَازَ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ فَالْأَرْضُ لِلْمُشْتَرِي وَالزَّرْعُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ

بَاعَ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ وَأَجَازَ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْأَرْضَ وَحِصَّةَ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ وَإِنْ أَرَادَ الْمُزَارِعُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الزَّرْعُ مُدْرِكًا وَقْتَ الْبَيْعِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ بَاعَ الْأَرْضَ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ نَصِيبِهِ مِنْ الزَّرْعِ جَازَ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ وَإِنْ بَاعَ الْأَرْضَ مَعَ جَمِيعِ الزَّرْعِ يَنْفُذُ الْبَيْعُ فِي الْأَرْضِ وَنَصِيبِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ وَيَتَوَقَّفُ فِي نَصِيبِ الْمُزَارِعِ فَإِنْ أَجَازَ الْمُزَارِعُ ذَلِكَ يَنْفُذُ الْبَيْعُ فِي حِصَّتِهِ أَيْضًا وَكَانَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ حِصَّةُ نَصِيبِهِ مِنْ الزَّرْعِ وَالْبَاقِي مِنْ الثَّمَنِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْمُزَارَعَةِ وَقْتَ الشِّرَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ فَبَاعَ الْأَرْضَ بِدُونِ الزَّرْعِ أَوْ الزَّرْعَ بِدُونِ الْأَرْضِ جَازَ وَكَذَا لَوْ بَاعَ نِصْفَ الْأَرْضِ بِدُونِ الزَّرْعِ وَإِنْ بَاعَ نِصْفَ الزَّرْعِ بِدُونِ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَكَّارِ فَبَيْعُ الْأَكَّارِ نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ جَائِزٌ وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَكَّارِ لَا يَجُوزُ، هَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْأَكَّارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ مُدْرِكًا لَجَازَ بَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ وَفِي مُزَارَعَةِ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ مُزَارِعٌ بِالثُّلُثِ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الزَّرْعِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الزَّرْعِ بِدُونِ الْأَرْضِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بَاعَ الْمُزَارِعُ نَصِيبَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالزَّرْعُ لَمْ يُدْرِكْ حَتَّى لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَهُ بَاعَ نَصِيبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي انْقَلَبَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ جَائِزًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ ثُمَّ بَيْعُ نِصْفِ الزَّرْعِ بِدُونِ الْأَرْضِ إنَّمَا لَا يَجُوزُ فِي مَوْضِعٍ كَانَ لِصَاحِبِ الزَّرْعِ حَقُّ الْقَرَارِ بِأَنْ زَرَعَ فِي مِلْكِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ بِأَنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي الزِّرَاعَةِ كَالْغَاصِبِ جَازَ بَيْعُ نِصْفِ الزَّرْعِ وَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ نِصْفَ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ إنْ كَانَ مُحِقًّا فِي الْبِنَاءِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْيَتِيمَةِ ذَكَرَ الْبَقَّالِيُّ مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا فَزَرَعَهَا فَأَشْرَكَ فِي الزَّرْعِ وَالْأَرْضِ جَازَ وَلَوْ أَشْرَكَ فِي الزَّرْعِ وَحْدَهُ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اشْتَرَى غُصْنًا عَلَى شَجَرَةٍ يَجُوزُ وَلَوْ اشْتَرَى بَقْلًا فِي مَبْقَلَةٍ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَوْ اشْتَرَى رُطَبًا عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِتَمْرٍ عَلَى الْأَرْضِ جُزَافًا مِنْ غَيْرِ الْكَيْلِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. دَفَعَ أَرْضَهُ إلَى رَجُلٍ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا فَغَرَسَ تُوتًا ثُمَّ بَاعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَرْضَهُ وَنَصِيبَهُ مِنْ الْأَغْرَاسِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ صَحَّ فَلَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ فَسَدَ الْبَيْعُ وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَيَصِحُّ لِأَنَّ بَيْعَ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِذَا بَاعَ جِزَّةً مِنْ الْكُرَّاثِ بَعْدَمَا عَلَا يَجُوزُ وَإِنْ بَاعَ كَذَا وَكَذَا جِزَّةً لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي سَائِرِ الْبُقُولِ إذَا بَاعَ مِنْهُ جِزَّةً بَعْدَمَا عَلَا يَجُوزُ وَإِنْ بَاعَ كَذَا وَكَذَا جِزَّةً لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ فِي الْقَصِيلِ إذَا بَاعَهُ بَعْدَمَا عَلَا الْقَصِيلُ فِي الْحَالِ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْأَشْجَارِ إذَا بَاعَهَا وَهِيَ ثَابِتَةٌ لِيَقْطَعَ أَوْ لِيَقْلَعَ فِي الْحَالِ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْكَلَأِ وَإِجَارَتُهُ وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ غَيْرَ أَنَّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَمْنَعَ الدُّخُولَ فِي أَرْضِهِ وَإِذَا امْتَنَعَ فَلِغَيْرِهِ أَنْ يَقُولَ إنَّ لِي فِي أَرْضِك حَقًّا فَإِمَّا أَنْ تُوصِلَنِي إلَيْهِ أَوْ تَحُشَّهُ وَتَدْفَعَهُ لِي، هَذَا إذَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ سَقَى الْأَرْضَ وَأَعَدَّهَا لِلْإِنْبَاتِ فَنَبَتَ فَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَالنَّوَازِلِ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَهُوَ مُخْتَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَمِنْهُ لَوْ خَنْدَقَ حَوْلَ أَرْضِهِ وَهَيَّأَهَا لِلْإِنْبَاتِ حَتَّى نَبَتَ الْقَصَبُ صَارَ مِلْكًا لَهُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ احْتَشَّهُ إنْسَانٌ بِلَا إذْنِهِ كَانَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ

الفصل الثالث في بيع المرهون والمستأجر والمغصوب والآبق وأرض القطيعة

الْأَخْلَاطِيِّ وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِ إجَارَتِهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ لِإِيقَافِ الدَّوَابِّ فِيهَا أَوْ لِمَنْفَعَةٍ أُخْرَى بِقَدْرِ مَا يُرِيدُ صَاحِبُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ فَيَحْصُلُ بِهِ غَرَضُهُمَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيَدْخُلُ فِي الْكَلَإِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ مَا تَرْعَاهُ الدَّوَابُّ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا بِخِلَافِ الْأَشْجَارِ لِأَنَّ الْكَلَأَ مَا لَا سَاقَ لَهُ وَالْأَشْجَارُ لَهَا سَاقٌ فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ حَتَّى جَازَ بَيْعُهَا إذَا نَبَتَتْ فِي أَرْضِهِ وَالْكَمْأَةُ كَالْكَلَإِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَبَيْعُ بَيْضِ صَيْدٍ فِي أَرْضِهِ لَمْ يُؤْخَذْ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي الْحَاوِي. [الْفَصْل الثَّالِث فِي بَيْع الْمَرْهُون وَالْمُسْتَأْجَر والمغصوب وَالْآبِق وَأَرْض الْقَطِيعَة] ِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِكَارَةِ اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ عَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّ بَيْعَهُ مَوْقُوفٌ هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ حَتَّى لَوْ قَضَى الرَّاهِنُ الدَّيْنَ أَوْ أَبْرَأَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ رَدَّ الرَّهْنَ عَلَيْهِ أَوْ أَجَازَ وَرَضِيَ بِهِ تَمَّ الْبَيْعُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَهُ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَاضِي التَّسْلِيمَ فَالْقَاضِي يَفْسَخُ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَبَيْعُ الْمُسْتَأْجَرِ نَظِيرَ بَيْعِ الْمَرْهُونِ مَوْقُوفٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّ الْمُشْتَرَى مَرْهُونٌ أَوْ مُسْتَأْجَرٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الصَّحِيحُ أَنَّ جَوَابَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ فَسْخَ الْبَيْعِ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ طَوِيلَةً فَبَاعَ ثُمَّ جَاءَ أَيَّامَ الْفَسْخِ نَفَذَ بَيْعُهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرْتَهِنِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ ثُمَّ إذَا لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا نَفَذَ الْبَيْعُ السَّابِقُ وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إذَا لَمْ يَنْفَسِخْ حَتَّى قَضَى الدَّيْنَ نَفَذَ الْبَيْعُ السَّابِقُ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ وَالْآجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ أَصْلًا فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ نَفَذَ وَلَا يَنْزِعُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ مَالُهُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْهَلَاكَ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ الْحَبْسِ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. بَاعَ الدَّارَ الْمُؤَجَّرَةَ بِغَيْرِ رِضَا الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ زَادَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْأُجْرَةِ وَجَدَّدَ الْعَقْدَ يَنْفُذُ الْبَيْعُ الْمَوْقُوفُ لِأَنَّ تَجْدِيدَ الْإِجَارَةِ يَتَضَمَّنُ فَسْخَ الْأُولَى فَيَنْفُذُ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا بَاعَ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ مِنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ الْبَيْعُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ فَأَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي نَفَذَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ الثَّانِي كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَلَوْ بَاعَ عَبْدَهُ الْمُؤَاجَرَ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَعَيَّبَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُضَمِّنَهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ لَمْ يُضَمِّنْهُ قِيمَتَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. سَمِعَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي فِي إجَارَتِي وَلَكِنْ مِنْ كَرَمِك أَنْ تَتْرُكَنِي حَتَّى آخُذَ الْأُجْرَةَ الَّتِي دَفَعْتهَا إلَيْهِ فَهُوَ إجَازَةٌ يَنْفُذُ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَالْمُشْتَرِي مِنْ الرَّاهِنِ إذَا بَاعَ أَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ نَفَذَ بَيْعُهُ وَعِتْقُهُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ جَازَ الْبَيْعُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ مِنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ أَحَدَ الْبَيْعَيْنِ نَفَذَ الْبَيْعُ الَّذِي لَحِقَتْهُ الْإِجَازَةُ وَالثَّمَنُ لِلْمُرْتَهِنِ يَسْتَوْفِي مِنْهُ حَقَّهُ كَذَا فِي الصُّغْرَى وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْبَيْعِ الثَّانِي رَهْنٌ أَوْ إجَارَةٍ وَأَجَازَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ أَوْ الْإِجَارَةَ يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ كَذَا فِي

الذَّخِيرَةِ. بَاعَ عَبْدًا مَرْهُونًا فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ عَتَقَ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَلَا ثَمَنَ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ قَبْلَ الْفَكِّ ثُمَّ افْتَكَّهُ فَالسَّابِقُ أَوْلَى كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبُ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ هُوَ الصَّحِيحُ فَإِنْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ تَمَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَهُ وَإِنْ جَحَدَ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَيِّنَةٌ فَكَذَلِكَ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ حَتَّى هَلَكَ انْتَقَضَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمَنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَسَلَّمَ إلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ وَيَكُونُ بَاطِلًا لَا فَاسِدًا وَإِنَّمَا يَجُوزُ إذَا تَقَدَّمَ سَبَبُ مِلْكِهِ عَلَى بَيْعِهِ حَتَّى أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ ضَمِنَهُ الْمَالِكُ جَازَ بَيْعُهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْغَاصِبُ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ أَوْ وَرِثَهُ مِنْهُ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ آخَرَ طَعَامًا وَتَصَدَّقَ بِهِ وَكَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْمَسَاكِينِ حَتَّى اشْتَرَاهُ الْغَاصِبُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ جَازَ شِرَاؤُهُ وَيَرْجِعُ فِي صَدَقَتِهِ وَلَا يَجُوزُ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْمَسَاكِينُ الطَّعَامَ بَعْدَ الشِّرَاءِ ضَمِنُوا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرُوا ضَمِنَ قِيمَتَهُ جَازَتْ صَدَقَتُهُ وَأَجْزَأَتْ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ فِيهَا وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ مُسْتَهْلَكًا حَالَ مَا اشْتَرَاهُ الْغَاصِبُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي أَيْدِي الْمَسَاكِينِ فَالشِّرَاءُ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَشْتَرِي مِنْك مَا لَك عَلَيَّ مِنْ الطَّعَامِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ الشِّرَاءُ وَجَازَتْ الصَّدَقَةُ لِلْمَسَاكِينِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا ثُمَّ إنَّ الْغَاصِبَ أَمَرَ رَجُلًا حَتَّى يَشْتَرِيَهُ لَهُ مِنْ مَوْلَاهُ فَاشْتَرَى صَحَّ الشِّرَاءُ وَصَارَ الْآمِرُ قَابِضًا لَهُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ الْغَاصِبَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لَهُ فَفَعَلَ صَحَّ وَصَارَ الْآمِرُ قَابِضًا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا وَبَاعَهُ الْغَاصِبُ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْغَاصِبَ صَالَحَ مَوْلَاهُ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ قَالَ إنْ صَالَحَهُ عَلَى الْقِيمَةِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ جَازَ بَيْعُ الْغَاصِبِ وَإِنْ صَالَحَ عَلَى عَرْضٍ مِنْ الْعُرُوضِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعٍ مُسْتَأْنَفٍ مُسْتَقْبَلٍ وَبَطَلَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ ضَمِنَ الْقِيمَةَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا أَعْتَقَ ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ قِيَاسًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَنْفُذُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ بَاعَهُ ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ لَا يَنْفُذُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي بِلَا خِلَافٍ الْغَاصِبُ إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبَ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْآخَرِ حَتَّى تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي ثُمَّ إنَّ الْمَالِكَ أَجَازَ عَقْدًا مِنْ الْعُقُودِ جَازَ ذَلِكَ الْعَقْدُ غَصَبَ عَبْدًا وَبَاعَهُ مِنْ إنْسَانٍ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ ثُمَّ إنَّ الْمَالِكَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَيَبْطُلُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَهَا ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى بَيْعَ الْغَاصِبِ كَانَ الْأَرْشُ لِلْمُشْتَرِي وَيَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ. وَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ قُتِلَ ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى لَا تَصِحُّ إجَازَتُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَ الْعَبْدَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى بَيْعَ الْغَاصِبِ كَانَ الْأَرْشُ لِلْعَبْدِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا وَبَاعَهُ ثُمَّ جَاءَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَأَجَازَ الْبَيْعَ قَالَ إنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الْعَبْدِ فَإِجَازَتُهُ جَائِزَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ اغْتَصَبَهُ بِالرَّيِّ وَالْعَبْدُ بِالْكُوفَةِ وَالْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ كِلَاهُمَا بِالرَّيِّ فَأَجَازَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْبَيْعَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إمْضَاؤُهُ جَائِزٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا عُلِمَ أَنَّهُ فِي الْأَحْيَاءِ فَإِمْضَاؤُهُ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ فَإِمْضَاؤُهُ بَاطِلٌ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ خَاصَمَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ وَقَضَى

لَهُ ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ يَصِحُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ قِيَامَ الْمَغْصُوبِ بِأَنْ أَبَقَ فَأَجَازَهُ تَصِحُّ الْإِجَازَةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَكُلُّ مَا حَدَثَ مِنْ كَسْبٍ وَوَلَدٍ وَعُقْرٍ وَأَرْشٍ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَلِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً وَغَصَبَ آخَرُ مِنْ رَبِّ الْجَارِيَةِ عَبْدًا وَتَبَايَعَا الْعَبْدَ بِالْجَارِيَةِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَلَغَ الْمَالِكَ فَأَجَازَهُ كَانَ بَاطِلًا وَلَوْ كَانَ مَالِكُهُمَا رَجُلَيْنِ فَبَلَغَهُمَا فَأَجَازَا كَانَ جَائِزًا وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ لِغَاصِبِ الْغُلَامِ وَالْغُلَامُ لِغَاصِبِ الْجَارِيَةِ وَعَلَى غَاصِبِ الْغُلَامِ قِيمَةُ الْغُلَامِ لِمَوْلَاهُ وَعَلَى غَاصِبِ الْجَارِيَةِ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ لِمَوْلَاهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَمَّا إذَا غَصَبَ أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَ وَالْآخَرُ دَنَانِيرَ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَتَبَايَعَا وَتَقَابَضَا وَافْتَرَقَا فَأَجَازَ الْمَالِكُ جَازَ وَيَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِثْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَطَلَ وَالْفُلُوسُ مِثْلُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَأَمَّا إذَا غَصَبَ أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَ وَالْآخَرُ مِنْهُ جَارِيَةً أَيْضًا وَتَبَايَعَا فَأَجَازَ الْمَالِكُ جَازَ فَإِنْ أَخَذَ غَاصِبُ الْجَارِيَةِ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ وَهَلَكَ عِنْدَهُ هَلَكَ أَمَانَةً وَلَكِنْ يُضَمِّنُ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ مِثْلَ دَرَاهِمِهِ فَإِنْ أَجَازَ قَبْلَ قَبْضِ غَاصِبِ الْجَارِيَةِ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ قَبَضَ وَهَلَكَتْ عِنْدَهُ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ ضَمَّنَ الْبَائِعَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمِثْلِهَا فَكَانَ لَهُ وَإِذَا رَجَعَ بِهَا سَلَّمَ لَهُ مَا أَخَذَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. بَيْعُ الْآبِقِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ عَادَ مِنْ الْإِبَاقِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ وَبِهِ أَخَذَ الْكَرْخِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِنَا وَهَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي الْإِسْبِيجَابِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ وَالْمَذْكُورُ فِي شَرْحِهِ إذَا ظَهَرَ الْآبِقُ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي يَجُوزُ الْبَيْعُ وَأَيُّهُمَا امْتَنَعَ إمَّا الْبَائِعُ عَنْ التَّسْلِيمِ أَوْ الْمُشْتَرِي عَنْ الْقَبْضِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى بَيْعٍ جَدِيدٍ إلَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَطَلَبَ التَّسْلِيمَ مِنْ الْبَائِعِ وَظَهَرَ عَجْزُهُ عَنْ التَّسْلِيمِ عِنْدَ الْقَاضِي وَفُسِخَ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ حِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إلَى بَيْعٍ جَدِيدٍ وَرُوِيَ عَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَيَحْتَاجُ إلَى بَيْعٍ جَدِيدٍ وَبِهِ أَخَذَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِنَا وَبِهِ كَانَ يُفْتِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيّ وَهَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي بَابِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالُوا وَالْمُخْتَارُ هَذَا، وَتَأْوِيلُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُمَا يَتَرَاضَيَانِ عِنْدَ عَوْدِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ إلَى مَوْلَى الْآبِقِ وَقَالَ إنَّ عَبْدَك الْآبِقَ عِنْدِي وَقَدْ أَخَذْته فَبِعْهُ مِنِّي فَبَاعَهُ جَازَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِذَا جَازَ بَيْعُهُ فَإِنْ كَانَ حِينَ قَبْضِهِ أَشْهَدَ أَنَّهُ قَبَضَ هَذَا لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ يَصِيرُ قَابِضًا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ هُوَ عِنْدَ فُلَانٍ وَقَدْ أَخَذَهُ فَبِعْهُ مِنِّي فَصَدَّقَهُ فَبَاعَهُ لَا يَجُوزُ لَكِنَّهُ فَاسِدٌ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي مَلَكَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا اشْتَرَى عَبْدًا وَأَبَقَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ فِي فَسْخِ ذَلِكَ الْعَقْدِ وَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْعَبْدُ الْآبِقُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ بَاعَ الْآبِقَ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ لِيَتِيمٍ فِي حِجْرِهِ جَازَ، وَإِعْتَاقُ الْآبِقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ جَائِزٌ إذَا عَلِمَ حَيَاتَهُ وَمَكَانَهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا أَبَقَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ إنَّ الْمَالِكَ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ الْغَاصِبِ وَهُوَ آبِقٌ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَبَيْعُ أَرْضِ الْخَرَاجِ جَائِزٌ يُرِيدُ بِهِ أَرْضَ السَّوَادِ وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْقَطِيعَةِ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَهِيَ الَّتِي أَقْطَعَهَا الْإِمَامُ لِقَوْمٍ وَخَصَّهُمْ بِهَا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَأَمَّا بَيْعُ أَرْضِ الْإِخَارَةِ وَالْإِكَارَةِ فَالْإِخَارَةُ هِيَ الْأَرْضُ الْخَرَابُ يَأْخُذُهَا الْإِنْسَانُ بِأَمْرِ صَاحِبِهَا فَيُعَمِّرُهَا وَيَزْرَعُهَا وَالْإِكَارَةُ الْأَرْضُ الَّتِي فِي يَدِ الْأُكْرَةِ فَنَقُولُ إنْ بَاعَهَا صَاحِبُهَا جَازَ وَإِنْ بَاعَ الَّذِي لَهُ إخَارَتُهَا وَإِكَارَتُهَا لَا يَجُوزُ وَإِذَا بَاعَ الْأَرْضَ وَهِيَ

الفصل الرابع في بيع الحيوانات

فِي عَقْدِ مُزَارَعَةٍ آخَرَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ الْمُزَارِعُ أَوْلَى فِي مُدَّتِهِ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ فَإِنْ أَجَازَ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ فَلَا أَجْرَ لِعَمَلِهِ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ إنَّ إجَازَةَ الْمُزَارِعِ يَكُونُ كُلُّ النَّصِيبَيْنِ لِلْمُشْتَرِي يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ غَلَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَكَذَا فِي الْكَرْمِ سَوَاءٌ ظَهَرَتْ الثِّمَارُ أَوْ لَمْ تَظْهَرْ. وَقِيلَ الْجَوَابُ فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ لَا يَجُوزُ فِي حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَقَدْ أَلْقَى الْبَذْرَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فَارِغَةً يَجُوزُ وَكَذَا فِي الْكَرْمِ إنْ لَمْ تَظْهَرْ الثِّمَارُ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْ وَلَكِنَّ الْمُزَارِعَ كَرَبَ الْأَرْضَ وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ وَغَيْرَ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَنْفُذُ بَيْعُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ بَاعَ الْكَرْمَ لَمْ يَنْفُذْ فِي حَقِّ الْعَامِلِ سَوَاءٌ عَمِلَ فِي الْكَرْمِ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى قَرْيَةً وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهَا الْمَسْجِدَ وَالْمَقْبَرَةَ فَسَدَ الْبَيْعُ هَذَا إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ مَعْمُورًا فَإِنْ خَرِبَ مَا حَوْلَهُ وَاسْتَغْنَى النَّاسُ عَنْهُ لَا يَفْسُدُ. وَإِنْ اشْتَرَى ضَيْعَةً وَفِيهَا قِطْعَةٌ مِنْ الْوَقْفِ لَا يَجُوزُ كَالْمَسْجِدِ ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَفِي التَّفْرِيدِ ذَكَرَ رُجُوعَهُمَا إلَى قَوْلِ رُكْنِ الْإِسْلَامِ هُوَ الْمُخْتَارُ. وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا مَمْلُوكَةً مَعَ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ حِصَّةَ الْمَمْلُوكَةِ مِنْ الْمَوْقُوفَةِ مِنْ الثَّمَنِ يَجُوزُ فِي الْمَمْلُوكَةِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ. وَلَوْ اشْتَرَى مِلْكًا وَفِيهِ طَرِيقُ الْعَامَّةِ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَالطَّرِيقُ عَيْبٌ وَفِي الْمُنْتَقَى الطَّرِيقُ إنْ كَانَ لَيْسَ بِمَحْدُودٍ وَلَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ، فَسَدَ الْبَيْعُ. وَلَوْ بَاعَ قَرْيَةً وَفِيهَا مَسْجِدٌ وَاسْتَثْنَى الْمَسْجِدَ فِي بَيْعِ الْقَرْيَةِ هَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْحُدُودِ فِي الْمَسْجِدِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَبِهِ يُفْتَى وَاسْتِثْنَاءُ الْحِيَاضِ وَطَرِيقِ الْعَامَّةِ عَلَى هَذَا وَفِي الْمَقْبَرَةِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ إلَّا إذَا كَانَتْ رَبْوَةً كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. جَبَلٌ فِيهِ كِبْرِيتٌ فَحَمْلٌ مِنْهُ وَبَيْعٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَمَلَ مِنْ حَجَرِهِ فَبَاعَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِيهِ أَشْجَارُ فُسْتُقٍ فَحَمَلَ الْفُسْتُقَ فَبَاعَ وَكَذَلِكَ الْمِلْحُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَكَانُ مِلْكًا لِأَحَدٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيْعِ الْحَيَوَانَاتِ] بَيْعُ السَّمَكِ فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبِئْرِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَظِيرَةٌ فَدَخَلَهَا السَّمَكُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَعَدَّهَا لِذَلِكَ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ أَعَدَّهَا لِذَلِكَ فَمَا دَخَلَهَا مِلْكُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ حِيلَةِ اصْطِيَادٍ جَازَ بَيْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُؤْخَذْ إلَّا بِحِيلَةٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعَدَّهَا لِذَلِكَ لَا يَمْلِكُ مَا يَدْخُلُ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَسُدَّ الْحَظِيرَةَ وَإِذَا دَخَلَ فَحِينَئِذٍ يَمْلِكُهُ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ يُؤْخَذُ بِلَا حِيلَةٍ جَازَ بَيْعُهُ وَإِلَّا لَا يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يُعِدَّهَا لِذَلِكَ وَلَكِنْ أَخَذَهُ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي الْحَظِيرَةِ مَلَكَهُ فَإِنْ كَانَ يُؤْخَذُ بِلَا حِيلَةٍ جَازَ بَيْعُهُ أَوْ بِحِيلَةٍ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ بَيْعُ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَرَآهُ فَلَهُ الْخِيَارُ وَإِذَا أَخَذَ سَمَكَةً وَجَعَلَهَا فِي جُبِّ مَاءٍ فَالْجَوَابُ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا فِي الْحَظِيرَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَتْ فِي نَهْرٍ عَظِيمٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِحَالٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّسْلِيمِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَكَ السَّمَكَةَ ثُمَّ انْفَلَتَتْ مِنْ يَدِهِ فَوَقَعَتْ فِي النَّهْرِ غَيْرَ أَنَّ هَهُنَا إنْ قَدَرَ عَلَى التَّسْلِيمِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَقَبْلَ أَنْ يَفْسَخَا الْعَقْدَ جَازَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ سَوَاءٌ رَآهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرَهَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخٍ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّسْلِيمِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْحَظِيرَةِ سَمَكٌ وَقَصَبٌ وَبَاعَ السَّمَكَ وَالْقَصَبَ جُمْلَةً فَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ أَخْذُ السَّمَكِ إلَّا بِصَيْدٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي الْكُلِّ اصْطَادَ السَّمَكَ

الفصل الخامس في بيع المحرم الصيد وفي بيع المحرمات

قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَا وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَخْذُ السَّمَكِ مِنْ غَيْرِ صَيْدٍ إنْ لَمْ يَكُنْ اصْطَادَ السَّمَكَ قَبْلَ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي السَّمَكِ وَهَلْ يَفْسُدُ فِي الْقَصَبِ قَالُوا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَفْسُدُ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا لَا يَفْسُدُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي الْقَصَبِ وَإِنْ كَانَ اصْطَادَ السَّمَكَ قَبْلَ ذَلِكَ يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ عِنْدَهُمْ جَمِيعُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالْحَمَامُ إذَا عُلِمَ عَدَدُهَا وَأَمْكَنَ تَسْلِيمُهَا جَازَ بَيْعُهَا وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي بُرُوجِهَا وَمَخَارِجُهَا مَسْدُودَةٌ فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي حَالَةِ طَيَرَانِهَا وَمَعْلُومٌ بِالْعَادَةِ أَنَّهَا تَجِيءُ فَكَذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَبِيعَ بُرْجَ حَمَامٍ مَعَ الْحَمَامِ إنْ بَاعَ لَيْلًا جَازَ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا بَاعَ طَيْرًا فِي الْمَاءِ أَوْ سَمَكًا فِيهِ وَهِيَ مِمَّا يَرْجِعُ إلَيْهِ أَوْ طَيْرًا يَطِيرُ فِي السَّمَاءِ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَيُسَلِّمُ إذَا رَجَعَ وَكَذَلِكَ الظَّبْيُ الَّذِي أَلِفَ وَهُوَ دَاجِنٌ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ وَإِنْ تَوَحَّشَ بَعْدَ الْإِلْفِ وَلَا يُؤْخَذُ إلَّا بِصَيْدٍ فَبَاعَهُ، لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. بَيْعُ فَرَسٍ عَانِدٍ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ إلَّا بِحِيلَةٍ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ النَّحْلِ إذَا كَانَ مَجْمُوعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا إذَا كَانَ فِي كِوَارَاتِهَا عَسَلٌ فَاشْتَرَى الْكِوَارَاتِ بِمَا فِيهَا مِنْ النَّحْلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ إذَا كَانَ مَجْمُوعًا كَذَا فِي الْحَاوِي بَيْعُ النَّحْلِ يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا اشْتَرَى الْعَلَقَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ مرغك يَجُوزُ وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِيُرْسِلَ عَلَيْهِ الْعَلَقَ جَازَ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَبَيْعُ بَذْرِ الْقَزِّ وَهُوَ بَيْعُ بَذْرِ الْفُلَّيْقِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَبَيْعُ دُودِ الْقَزِّ وَهُوَ دُودُ الْفَيْلَقِ يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ هَوَامِّ الْأَرْضِ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْوَزَغِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا يَكُونُ فِي الْبَحْرِ كَالضُّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ وَغَيْرِهِ إلَّا السَّمَكَ وَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ أَوْ عَظْمِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي النَّوَازِلِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَّاتِ إذَا كَانَ يُنْتَفَعُ بِهَا فِي الْأَوْدِيَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا لَا يَجُوزُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ كُلِّ شَيْءٍ يُنْتَفَعُ بِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. بَيْعُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ عِنْدَنَا جَائِزٌ وَكَذَلِكَ بَيْعُ السِّنَّوْرِ وَسِبَاعِ الْوَحْشِ وَالطَّيْرِ جَائِزٌ عِنْدَنَا مُعَلَّمًا كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَبَيْعُ الْكَلْبِ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ يَجُوزُ إذَا كَانَ قَابِلًا لِلتَّعْلِيمِ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَكَذَا نَقُولُ فِي الْأَسَدِ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَيُصَادُ بِهِ أَنْ يَجُوزَ الْبَيْعُ فَإِنَّ الْفَهْدَ وَالْبَازِيَ يَقْبَلَانِ التَّعْلِيمَ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَيَجُوزُ بَيْعُ الذِّئْبِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَغِيرُهُ وَكَبِيرُهُ سَوَاءٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَبَيْعُ الْفِيلِ جَائِزٌ. وَفِي بَيْعِ الْقِرَدَةِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ وَهِيَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَجُوزُ بَيْعُ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ سِوَى الْخِنْزِيرِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَيَجُوزُ بَيْعُ بِنَاءِ بُيُوتِ مَكَّةَ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ أَرَاضِيِهَا كَذَا فِي الْحَاوِي دُورُ بَغْدَادَ وَحَوَانِيتُ السُّوقِ الَّتِي لِلسُّلْطَانِ لَا يَجُوزُ وَلَا شُفْعَةَ فِيهَا كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي بَيْعِ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ وَفِي بَيْعِ الْمُحَرَّمَاتِ] بَيْعُ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ بَيْعُ صَيْدِ الْحَرَمِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ مُحْرِمٌ بَاعَ أَوْ حَلَالٌ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. حَلَالَانِ

فِي الْحَرَمِ تَبَايَعَا صَيْدًا فِي الْحِلِّ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنْ يُسَلِّمُهُ بَعْدَمَا خَرَجَ مِنْهُ إلَى الْحِلِّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَحْرَمَ وَفِي يَدِهِ صَيْدٌ لِغَيْرِهِ فَبَاعَهُ مَالِكُهُ وَهُوَ حَلَالٌ جَازَ وَيُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ إنْ تَلِفَ وَلَوْ وَكَّلَ مُحْرِمٌ حَلَالًا بِبَيْعِ صَيْدٍ فَبَاعَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا الْبَيْعُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ وَكَّلَ الْحَلَالُ مُحْرِمًا بِبَيْعِ صَيْدٍ أَوْ شِرَائِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا بِبَيْعِ صَيْدٍ فَأَحْرَمَ الْآمِرُ وَبَاعَ الْمَأْمُورُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى حَلَالٌ مِنْ حَلَالٍ صَيْدًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أَحْرَمَ أَحَدُهُمَا اُنْتُقِضَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ذَبِيحَةِ الْمَجُوسِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَغَيْرِ الْكِتَابِيِّ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا تُرِكَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ عَمْدًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي التَّجْرِيدِ وَكَذَلِكَ ذَبِيحَةُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْمَجْنُونِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا ذَبَحَ الْمُحْرِمُ مِنْ الصَّيْدِ وَمَا ذَبَحَ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ مِنْ الصَّيْدِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَيَجُوزُ بَيْعُ ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَهْلُ الْكُفْرِ إذَا بَاعُوا الْمَيْتَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا يَجُوزُ وَلَوْ بَاعُوا ذَبِيحَتَهُمْ وَذَبِيحَتُهُمْ أَنْ يَخْنُقُوا الشَّاةَ أَوْ يَضْرِبُوهَا حَتَّى مَاتَتْ جَازَ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ. وَلَوْ تَبَايَعَ الذِّمِّيَّانِ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ اُنْتُقِضَ الْبَيْعُ يُرِيدُ بِهِ إثْبَاتَ حَقِّ الْفَسْخِ وَلَوْ تَقَابَضَا الْخَمْرَ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا جَازَ الْبَيْعُ، قَبَضَ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا اشْتَرَى الذِّمِّيُّ عَبْدًا مُسْلِمًا جَازَ وَأُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ صَغِيرًا كَانَ الْبَائِعُ أَوْ كَبِيرًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّجْنِيسِ. وَلَوْ اشْتَرَى كَافِرٌ مِنْ كَافِرٍ عَبْدًا مُسْلِمًا شِرَاءً فَاسِدًا أُجْبِرَ عَلَى رَدِّهِ وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِهِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الذِّمِّيُّ أَوْ دَبَّرَهُ جَازَ وَيَسْعَى الْمُدَبَّرُ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَمَةٌ يَسْتَوْلِدُهَا وَيُوجَعُ الذِّمِّيُّ ضَرْبًا وَلَوْ كَاتَبَهَا جَازَتْ الْكِتَابَةُ وَلَا يُنْتَقَضُ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى الذِّمِّيُّ مُصْحَفًا وَكَذَلِكَ إذَا مَلَكَ الذِّمِّيُّ شِقْصًا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ فَالْحُكْمُ فِي الْبَعْضِ كَالْحُكْمِ فِي الْكُلِّ وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا لَمْ يَجُزْ بَيْنَهُمَا إلَّا مَا يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ وَكَّلَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا بِبَيْعِ الْخَمْرِ أَوْ شِرَائِهِ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَا يَجُوزُ. وَلَوْ أَنَّ يَتَامَى النَّصَارَى أَسْلَمَ عَبْدٌ لَهُمْ أُجْبِرُوا عَلَى بَيْعِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ وَصِيٌّ بَاعَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَعَلَ الْقَاضِي لَهُمْ وَصِيًّا فَبَاعَهُ لَهُمْ. وَلَوْ وَهَبَ مُسْلِمٌ عَبْدًا مُسْلِمًا لِكَافِرٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ جَازَ وَأُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ هَكَذَا فِي الْحَاوِي. وَفِي الْعُيُونِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ عِظَامِ الْفِيلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَيْتَاتِ إلَّا عَظْمَ الْآدَمِيِّ وَالْخِنْزِيرِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى عَظْمِ الْفِيلِ وَأَشْبَاهِهِ دُسُومَةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ فَهُوَ نَجِسٌ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إذَا ذَبَحَ كَلْبَهُ وَبَاعَ لَحْمَهُ جَازَ. وَكَذَا إذَا ذَبَحَ حِمَارَهُ وَبَاعَ لَحْمَهُ وَهَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي طَهَارَةِ هَذَا اللَّحْمِ بَعْدَ الذَّبْحِ وَاخْتِيَارِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ عَلَى طَهَارَتِهِ. وَلَوْ ذَبَحَ الْخِنْزِيرَ وَبَاعَ لَحْمَهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيَجُوزُ بَيْعُ لُحُومِ السِّبَاعِ وَالْحُمُرِ الْمَذْبُوحَةِ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ لُحُومِ السِّبَاعِ الْمَيِّتَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا جُلُودُ السِّبَاعِ وَالْحُمُرِ وَالْبِغَالِ فَمَا كَانَتْ مَذْبُوحَةً أَوْ مَدْبُوغَةً جَازَ بَيْعُهَا وَمَا لَا فَلَا وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجُلُودَ كُلَّهَا تَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ أَوْ بِالدِّبَاغِ إلَّا جِلْدَ الْإِنْسَانِ وَالْخِنْزِيرِ وَإِذَا طَهُرَتْ بِالذَّكَاةِ جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهَا فَتَكُونُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ وَأَمَّا شَعْرُ الْمَيْتَةِ وَعَظْمُهَا وَصُوفُهَا وَقَرْنُهَا فَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا وَبَيْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ جَائِزٌ وَأَمَّا الْعَصَبُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَبَيْعُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلْخَرَّازِينَ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شُعُورِ الْإِنْسَانِ وَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا

وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَلَوْ أَخَذَ شَعْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّنْ عِنْدَهُ وَأَعْطَاهُ هَدِيَّةً عَظِيمَةً لَا عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُ لَبَنِ امْرَأَةٍ وَلَوْ فِي قَدَحٍ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَلَمْ يَضْمَنْ مُتْلِفُهُ كَذَا فِي الْكَافِي وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِ الْأَمَةِ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ الْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ. وَالْمَلْقُوحُ مَا فِي رَحِمِ الْأُنْثَى، وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ بَيْعُ عَسْبِ الْفَحْلِ وَالْحَمْلِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحُرِّ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَيَجُوزُ بَيْعُ السِّرْقِينِ وَالْبَعْرِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِمَا وَأَمَّا الْعَذِرَةُ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَا لَمْ تَخْتَلِطْ بِالتُّرَابِ وَيَكُونُ التُّرَابُ غَالِبًا وَكَذَا بَيْعُ الْعَذِرَةِ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ تَخْتَلِطْ بِالتُّرَابِ وَيَكُونُ التُّرَابُ غَالِبًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَيْعُ سِرْقِينِ الرِّبَاطَاتِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا جَمَعَهُ رَجُلٌ فَبَاعَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَيَجُوزُ بَيْعُ خُرْءِ الْحَمَامِ إنْ كَانَ كَثِيرًا وَهِبَتُهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَالْحَلَالُ إذَا اخْتَلَطَ بِالْحَرَامِ كَالْخَمْرِ وَالْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ وَالْعَجِينِ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ إذَا بَيَّنَ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ أَوْ اسْتَوَيَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ غَيْرِ الْأَكْلِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَإِذَا وَقَعَتْ قَطْرَةٌ مِنْ الْبَوْلِ أَوْ الدَّمِ فِي خَلٍّ أَوْ زَيْتٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَمَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْحَرَامُ وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَكَذَلِكَ الزَّيْتُ إذَا وَقَعَ فِيهِ وَدَكُ الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ الزَّيْتُ غَالِبًا جَازَ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ الْوَدَكُ غَالِبًا لَمْ يَجُزْ وَالْمُرَادُ مِنْ الِانْتِفَاعِ حَالَ غَلَبَةِ الْحَلَالِ الِانْتِفَاعُ فِي غَيْرِ الْأَبْدَانِ وَأَمَّا فِي الْأَبْدَانِ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَرْبَطِ وَالطَّبْلِ وَالْمِزْمَارِ وَالدُّفِّ وَالنَّرْدِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ الْكَسْرِ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي إجَارَاتِ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ تَفْصِيلًا عَلَى قَوْلِهِمَا فَقَالَ إنْ بَاعَهَا مِمَّنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا وَلَا يَبِيعُ هَذَا الْمُشْتَرِي مِمَّنْ يَسْتَعْمِلُهَا فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا قَبْلَ الْكَسْرِ فَإِنْ بَاعَهَا مِمَّنْ يَسْتَعْمِلُهَا أَوْ يَبِيعُهَا هَذَا الْمُشْتَرِي مِمَّنْ يَسْتَعْمِلُهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ الْكَسْرِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي الْأَصْلِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي السِّيَرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ أَتْلَفَهَا إنْسَانٌ فَإِنْ كَانَ الْإِتْلَافُ بِأَمْرِ الْقَاضِي لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا بِمَا يَرْعَى إبِلَهُ فِي أَرْضِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِمَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ بِئْرِهِ جَازَ وَكَذَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِجَارِيَةٍ مِنْ جِوَارِي الْبَائِعِ أَوْ مِنْ جِوَارِي الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُعَيِّنْهَا يَنْعَقِدُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ بَيْعُ الْأَشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ كُلِّهَا إلَّا الْخَمْرَ وَعَلَى مُسْتَهْلِكِهَا الضَّمَانُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى مُسْتَهْلِكِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا خَمْرًا وَلَا بِبَيْعِ الْأَرْضِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ بَاعَ أُمَّ الْوَلَدِ وَسَلَّمَهَا لَا يَمْلِكُهَا الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ مُعْتِقُ الْبَعْضِ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ رَضِيَ الْمُكَاتَبُ بِالْبَيْعِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْمَجْمَعِ الْمُكَاتَبُ إذَا جَازَ بَيْعُهُ لَا يَفْسُدُ هُوَ الْمُخْتَارُ مِنْ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ هَلَكَ الْحُرُّ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَضْمَنْ وَقَالَا يَضْمَنُ فِي الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ قِيمَتَهُمَا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ

الفصل السادس في تفسير الربا وأحكامه

فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَهُ وَمَاتَ عِنْدَهُ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ بَاعَ مَالًا مُتَقَوِّمًا بِمُكَاتَبٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ وَقَبَضَ الْمَالَ مَلَكَهُ مِلْكًا فَاسِدًا وَيَجُوزُ بَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ نَفْسِهَا وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ مِنْ نَفْسِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ لَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ لِعَدَمِ تَمَوُّلِهِمَا فَعَلَى هَذَا لَوْ اشْتَرَى بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ وَذَلِكَ جِلْدٌ يُمْسِكُهُ النَّاسُ لِلدِّبَاغَةِ يَنْعَقِدُ، وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ وَقَبَضَهُ وَهَلَكَ هَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَضْمَنُ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانِ وَأَوْلَادُ الْإِمَاءِ مِنْ أُولَئِكَ بِمَنْزِلَةِ الْأُصُولِ وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الْمُشْتَرَى فِي حَالِ الْكِتَابَةِ وَالْوَالِدَانِ وَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَلَا يَدْخُلُونَ فِي الْكِتَابَةِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُمْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْحَاوِي. [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي تَفْسِيرِ الرِّبَا وَأَحْكَامِهِ] (الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي تَفْسِيرِ الرِّبَا وَأَحْكَامِهِ) وَهُوَ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ فَضْلِ مَالٍ لَا يُقَابِلُهُ عِوَضٌ فِي مُعَاوَضَةِ مَالٍ بِمَالٍ وَهُوَ مُحَرَّمٌ فِي كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ بِيعَ مَعَ جِنْسِهِ وَعِلَّتُهُ الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ وَنَعْنِي بِالْقَدْرِ الْكَيْلَ فِيمَا يُكَالُ وَالْوَزْنَ فِيمَا يُوزَنُ فَإِذَا بِيعَ الْمَكِيلُ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ أَوْ الْمَوْزُونُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمَا يُبَاعُ بِالْأَوَاقِيِ بِجِنْسِهِ مِثْلًا بِمِثْلٍ صَحَّ وَإِنْ تَفَاضَلَ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ وَجَيِّدُهُ وَرَدِيئُهُ سَوَاءٌ حَتَّى لَا يَصِحَّ بَيْعُ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيءِ مِمَّا فِيهِ الرِّبَا إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ وَالتُّفَّاحَةِ بِالتُّفَّاحَتَيْنِ وَمَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ فِي حُكْمِ الْحَفْنَةِ وَلَوْ تَبَايَعَا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا غَيْرَ مَطْعُومٍ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا كَالْجَصِّ وَالْحَدِيدِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَنَا وَإِنْ وُجِدَ الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ حُرِّمَ الْفَضْلُ وَالنَّسَاءُ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا وَعُدِمَ الْآخَرُ حَلَّ الْفَضْلُ وَحُرِّمَ النَّسَاءُ وَإِنْ عُدِمَا حَلَّ الْفَضْلُ وَالنَّسَاءُ كَذَا فِي الْكَافِي وَكُلُّ شَيْءٍ نَصَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِيهِ كَيْلًا فَهُوَ مَكِيلٌ أَبَدًا وَإِنْ تَرَكَ النَّاسُ الْكَيْلَ فِيهِ مِثْلُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ وَكُلِّ شَيْءٍ نُصَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَزْنًا فَهُوَ مَوْزُونٌ أَبَدًا وَإِنْ تَرَكَ النَّاسُ الْوَزْنَ فِيهِ مِثْلُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ وَلَكِنْ عُرِفَ كَوْنُهُ كَيْلًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ مَكِيلٌ أَبَدًا وَإِنْ اعْتَادَ النَّاسُ بَيْعَهُ وَزْنًا فِي زَمَانِنَا وَمَا عُرِفَ كَوْنُهُ مَوْزُونًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَهُوَ مَوْزُونٌ أَبَدًا وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ وَلَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ النَّاسِ فَإِنْ تَعَارَفُوا كَيْلَهُ فَهُوَ كَيْلِيٌّ وَإِنْ تَعَارَفُوا وَزْنَهُ فَهُوَ وَزْنِيٌّ وَإِنْ تَعَارَفُوا كَيْلَهُ وَوَزْنَهُ فَهُوَ كَيْلِيٌّ وَوَزْنِيٌّ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ الْبُرَّ بِجِنْسِهِ مُتَسَاوِيًا وَزْنًا أَوْ الذَّهَبَ بِجِنْسِهِ مُتَسَاوِيًا كَيْلًا لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا وَإِنْ تَعَارَفُوا ذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي. فَلَوْ بَاعَ الْمَكِيلَ وَزْنًا أَوْ الْمَوْزُونَ كَيْلًا لَا يَجُوزُ وَإِنْ تُسَاوَيَا فِيمَا بِيعَا بِهِ حَتَّى يُعْلَمَ تُسَاوِيهِمَا بِالْأَصَالَةِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَا ثَبَتَ كَيْلُهُ بِالنَّصِّ إذَا بِيعَ وَزْنًا بِالدَّرَاهِمِ يَجُوزُ وَكَذَلِكَ مَا ثَبَتَ وَزْنُهُ بِالنَّصِّ إذَا بِيعَ كَيْلًا بِالدَّرَاهِمِ يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكُلُّ مَا يُبَاعُ بِالْأَمْنَاءِ أَوْ بِالْأَوَاقِيِ كَالدُّهْنِ وَنَحْوِهِ فَوَزْنِيٌّ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى فَلَوْ بِيعَ مَا يُنْسَبُ إلَى الرِّطْلِ وَالْأُوقِيَّةِ كَيْلًا بِكَيْلٍ مُتَسَاوِيَيْنِ يُعْرَفُ قَدْرُهُمَا كَيْلًا وَلَا يُعْرَفُ وَزْنُ مَا يَحِلُّهُمَا لَا يَجُوزُ وَلَوْ تَبَايَعَا كَيْلًا مُتَفَاضِلًا وَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الْوَزْنِ صَحَّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي الْمَبْسُوطِ الْحِنْطَةُ الْعَفِنَةُ مَعَ الْحِنْطَةِ الْجَيِّدَةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ السَّقْيُ مَعَ النَّجَسِيِّ وَالْفَارِسِيِّ مَعَ الدَّقَلِ فِي التَّمْرِ جِنْسٌ وَاحِدٌ مَعَ اخْتِلَافِ الْوَصْفِ وَكَذَلِكَ الْعِلْكَةُ مَعَ الرَّخْوَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقَدْ اعْتَبَرُوا الْجَوْدَةَ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فِي مَالِ

الْيَتِيمِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ جَيِّدِهِ بِرَدِيءٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ كَذَلِكَ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَصَحَّ بَيْعُ الْبَيْضَةِ بِالْبَيْضَتَيْنِ وَالتَّمْرَةِ بِالتَّمْرَتَيْنِ وَالْجَوْزَةِ بِالْجَوْزَتَيْنِ وَصَحَّ بَيْعُ الْفَلْسِ بِالْفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَصَحَّ بَيْعُ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ مُتَمَاثِلًا كَيْلًا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَكَذَا كُلُّ ثَمَرَةٍ لَهَا حَالُ جَفَافٍ كَالتِّينِ وَالْمِشْمِشِ وَالْجَوْزِ وَالْكُمَّثْرَى وَالرُّمَّانِ وَالْإِجَّاصِ يَجُوزُ بَيْعُ رَطْبِهَا بِرَطْبِهَا وَيَابِسِهَا بِيَابِسِهَا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ النَّاطِفِ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ يُبَاعُ التَّمْرُ فِيهِ وَزْنًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ نَسِيئَةً وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يُبَاعُ التَّمْرُ فِيهِ كَيْلًا جَازَتْ النَّسِيئَةُ أَيْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ أَنَّ ثِمَارَ النَّخِيلِ كُلَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَأَمَّا بَقِيَّةُ الثِّمَارِ كُلُّ نَوْعٍ مِنْ الشَّجَرِ جِنْسٌ وَاحِدٌ كَالْعِنَبِ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا وَكَذَلِكَ الْكُمَّثْرَى كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا وَكَذَلِكَ التُّفَّاحُ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ حَتَّى لَمْ يَجُزْ بَيْعُ نَوْعٍ مِنْ الْعِنَبِ بِنَوْعٍ آخَرَ مُتَفَاضِلًا وَعَلَى هَذَا التُّفَّاحُ وَالْكُمَّثْرَى وَيَجُوزُ بَيْعُ الْكُمَّثْرَى بِالتُّفَّاحِ مُتَفَاضِلًا وَكَذَا بَيْعُ التُّفَّاحِ بِالْعِنَبِ مُتَفَاضِلًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ بَيْعُ الْعِنَبِ بِالدِّبْسِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ كَيْفَمَا كَانَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ بِالْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ وَالْمَبْلُولَةِ بِالْيَابِسَةِ وَالرَّطْبَةِ بِالرَّطْبَةِ وَالرَّطْبَةِ بِالْيَابِسَةِ وَالْبَاقِلَاءِ الرَّطْبِ بِالْبَاقِلَاءِ الرَّطْبِ وَالزَّبِيبِ الْمُنْقَعِ بِالزَّبِيبِ الْمُنْقَعِ وَالْمُنْقَعِ بِغَيْرِ الْمُنْقَعِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُمَا إذَا جَفَّا كَانَا سَوَاءً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي بَيْعِ الْحِنْطَةِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ تَسَاوَيَا كَيْلًا وَأَمَّا بَيْعُ الْمَقْلِيَّةِ بِالْمَقْلِيَّةِ فَيَجُوزُ إذَا تَسَاوَيَا كَيْلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاضِلًا وَصَحَّ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ مُتَسَاوِيًا كَيْلًا عِنْدَنَا وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالسَّوِيقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاضِلًا كَذَا فِي الْكَافِي بَيْعُ النُّخَالَةِ بِالدَّقِيقِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ عَلَى طَرِيقِ الِاعْتِبَارِ بِأَنْ كَانَتْ النُّخَالَةُ الْخَالِصَةُ أَكْثَرَ مِنْ النُّخَالَةِ فِي الدَّقِيقِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ عَلَى طَرِيقِ الِاعْتِبَارِ بَلْ إذَا تُسَاوَيَا كَيْلًا كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَإِذَا بَاعَ الدَّقِيقَ بِالدَّقِيقِ وَزْنًا لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ وَزْنًا وَبَيْعُ السَّوِيقِ بِالسَّوِيقِ وَبَيْعُ النُّخَالَةِ بِالسَّوِيقِ نَظِيرَ بَيْعِ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ وَإِذَا بَاعَ دَقِيقًا مَنْخُولًا بِدَقِيقٍ غَيْرِ مَنْخُولٍ جَازَ إذَا تُسَاوَيَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَبَيْعُ الدَّقِيقِ بِالْخَبِيصِ يَجُوزُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَبَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالْخُبْزِ وَالْخُبْزِ بِالْحِنْطَةِ وَبَيْعُ الْخُبْزِ بِالدَّقِيقِ وَالدَّقِيقِ بِالْخُبْزِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ مُتَسَاوِيًا وَمُتَفَاضِلًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ الْحِنْطَةَ كَيْلِيَّةً وَكَذَا الدَّقِيقُ وَالْخُبْزُ وَزْنِيَّانِ فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَمُتَسَاوِيًا إذَا كَانَا نَقْدَيْنِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَسِيئَةً إذَا كَانَ الْخُبْزُ نَقْدًا جَازَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَإِنْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ أَوْ الدَّقِيقُ نَقْدًا وَالْخُبْزُ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِالْخُبْزِ قُرْصٌ بِقُرْصَيْنِ يَدًا بِيَدٍ وَإِنْ تَفَاوَتَا كِبْرًا فَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْخُبْزِ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ عِنْدَهُمْ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي الْمُجْتَبَى بَاعَ رَغِيفًا نَقْدًا بِرَغِيفَيْنِ نَسِيئَةً يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الرَّغِيفَانِ نَقْدًا وَالرَّغِيفُ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ وَلَوْ بَاعَ كِسْرَاتِ الْخُبْزِ يَجُوزُ نَقْدًا وَنَسِيئَةً كَيْفَمَا كَانَ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الْخُبْزِ وَزْنًا وَلَا عَدَدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ بِالْوَزْنِ وَالْعَدَدِ جَمِيعًا لِلتَّعَامُلِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ بِالْوَزْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَبَيْعُ الدَّقِيقِ بِالسَّوِيقِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَسَاوِيًا أَوْ تَفَاضُلًا وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ تَسَاوِيًا أَوْ تَفَاضُلًا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْأَصْلِ وَلَا خَيْرَ فِي بَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ مُجَازَفَةً قَالُوا وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْحِنْطَةُ بِحَيْثُ تُكَالُ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ قَلِيلَةً فَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَعْضِ بِالْبَعْضِ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَإِنْ بِيعَتْ الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مُجَازَفَةً ثُمَّ كِيلَتَا فَكَانَتَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ لَا يَجُوزُ وَالْأَصْلُ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ اُعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمِعْيَارِ الشَّرْعِيِّ شَرْطًا لِجَوَازِ الْعَقْدِ، يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْمُمَاثَلَةِ فِي الْمِعْيَارِ وَقْتَ مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إنْ اشْتَرَى طَعَامًا بِطَعَامٍ مِثْلِهِ فَجَعَلَهُ لَهُ وَتَرَكَ الَّذِي اشْتَرَى وَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى افْتَرَقَا فَلَا بَأْسَ عِنْدَنَا وَالتَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ بَاعَ الْحِنْطَةَ بِالشَّعِيرِ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ جَازَ وَإِنْ كَانَ فِي الشَّعِيرِ حَبَّاتُ الْحِنْطَةِ قَدْرَ مَا يَكُونُ فِي الشَّعِيرِ وَكَذَا لَوْ بِيعَتْ الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ لَا يَجُوزُ إلَّا مُتَسَاوِيًا وَإِنْ كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَبَّاتُ الشَّعِيرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً فِي سُنْبُلِهَا بِحِنْطَةٍ مُذَرَّاةٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمُذَرَّاةَ أَكْثَرُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ بَاعَ قَصِيلٌ بِحِنْطَةٍ كَيْلًا وَجُزَافًا جَازَ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ التَّرْكُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فِي الْأَصْلِ لَوْ بَاعَ الزَّيْتَ بِالزَّيْتُونِ أَوْ دُهْنَ السِّمْسِمِ بِالسِّمْسِمِ أَوْ شَاةً عَلَى ظَهْرِهَا صُوفٌ بِصُوفٍ أَوْ شَاةً فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ بِلَبَنٍ أَوْ الْعَصِيرَ بِالْعِنَبِ أَوْ الرُّطَبَ بِالدِّبْسِ أَوْ اللَّبَنَ بِالسَّمْنِ أَوْ الْقُطْنَ بِحَبِّ الْقُطْنِ أَوْ النَّوَى بِالتَّمْرِ أَوْ دَارًا فِيهَا صَفَائِحُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ سَيْفًا مُفَضَّضًا بِفِضَّةٍ أَوْ الْحِنْطَةُ الْمُنَقَّاةُ بِحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلِهَا إذَا كَانَ الْخَالِصُ أَوْ الْمَفْصُولُ أَكْثَرَ مِنْ الْمَكْنُونِ وَالْمَضْمُونِ جَازَ عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَ الْمَفْصُولُ أَقَلَّ أَوْ مِثْلَهُ وَلَا يَدْرِي لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْإِجْمَاعِ وَهَذَا إذَا كَانَ الثُّفْلُ فِي الْبَدَلِ مُتَقَوِّمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَقَوِّمًا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ كَمَا إذَا بَاعَ السَّمْنَ بِالزُّبْدِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ السَّمْنَ الْخَالِصَ مِثْلُ مَا فِيهِ فَيَجُوزُ هَذَا التَّقْيِيدُ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَصًّا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ بَاعَ الْقُطْنَ بِغَزْلِهِ جَازَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ أَظْهَرُ وَلَوْ بَاعَ الْمَحْلُوجَ بِغَيْرِهِ جَازَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْخَالِصَ أَكْثَرُ مِمَّا فِي الْآخَرِ وَلَوْ بَاعَ غَيْرَ الْمَحْلُوجِ بِحَبِّ الْقُطْنِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِنْ الَّذِي فِي الْقُطْنِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَالْكِرْبَاسُ بِالْقُطْنِ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا بَأْسَ بِغَزْلِ قُطْنٍ بِثِيَابِ قُطْنٍ يَدًا بِيَدٍ وَكَذَا غَزْلُ كُلِّ جِنْسٍ بِثِيَابِهِ إذَا كَانَتْ لَا تُوزَنُ تِلْكَ الثِّيَابُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَيَجُوزُ بَيْعُ قَفِيزِ سِمْسِمٍ مُرَبًّى بِقَفِيزَيْ سِمْسِمٍ غَيْرِ مُرَبًّى وَالزِّيَادَةُ بِإِزَاءِ الرَّائِحَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا تُعْتَبَرُ الرَّائِحَةُ إذَا كَانَتْ تَزِيدُ فِي وَزْنِهِ بِحَيْثُ لَوْ خَلَصَ نَقَصَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَدُهْنُ الْبَنَفْسَجِ وَالْحَيْرَى جِنْسَانِ وَالْأَدْهَانُ الْمُخْتَلِفَةُ أُصُولَهَا أَجْنَاسٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْخَلُّ وَالزَّيْتُ جِنْسَانِ وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَتْ الْأَدْهَانُ بِمَا يَطِيبُ بِهِ الدُّهْنُ يَجْعَلُ جِنْسَيْنِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا وَاحِدًا فَقَالُوا يَجُوزُ بَيْعُ قَفِيزِ دُهْنِ سِمْسِمٍ مُرَبًّى بِقَفِيزَيْ دُهْنِ سِمْسِمٍ غَيْرِ مُرَبًّى وَجَعَلُوا الرَّائِحَةَ الَّتِي فِيهِ بِإِزَاءِ الزِّيَادَةِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ رِطْلِ زَيْتٍ مُطَيَّبٍ بِرِطْلِ زَيْتٍ غَيْرِ مُطَيَّبٍ لِأَنَّ الرَّائِحَةَ زِيَادَةٌ فَكَأَنَّهُ بَاعَ زَيْتًا بِزَيْتٍ وَفَضْلٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي الْمُنْتَقَى وَإِذَا بَاعَ مَكُّوكَ سِمْسِمٍ مُرَبًّى بَنَفْسَجٍ بِخَمْسِ مَكَاكِيكَ سِمْسِمٍ غَيْرِ مُرَبًّى يَدًا بِيَدٍ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْمُرَبَّى مِثْلَهُ فِي الْكَيْلِ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ سَوِيقٌ مَلْتُوتٌ بِسَمْنٍ وَمُحَلًّى بِسُكَّرٍ بِسَوِيقٍ غَيْرِ

مَلْتُوتٍ وَغَيْرِ مُحَلًّى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً بِلَحْمِهَا فَإِنْ اشْتَرَى بِلَحْمٍ شَاةً مَذْبُوحَةً مَسْلُوخَةً اُسْتُخْرِجَ شَحْمُهَا أَوْ أَمْعَاؤُهَا إنْ تَسَاوَيَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ اشْتَرَى بِلَحْمٍ شَاةً مَذْبُوحَةً غَيْرَ مَسْلُوخَةٍ إنْ كَانَ اللَّحْمُ أَقَلَّ مِمَّا فِي الْمَذْبُوحَةِ أَوْ مِثْلَهُ لَا يَدْرِي لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ اللَّحْمُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الْمَذْبُوحَةِ جَازَ وَإِنْ اشْتَرَى بِاللَّحْمِ شَاةً حَيَّةً فِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّحْمَ أَكْثَرُ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهُوَ قَوْلُهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ، أَمَّا النَّسِيئَةُ فَلَا هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً مَذْبُوحَةً بِشَاةٍ حَيَّةٍ يَجُوزُ إجْمَاعًا وَلَوْ اشْتَرَى شَاتَيْنِ حَيَّتَيْنِ بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ غَيْرِ مَسْلُوخَةٍ جَازَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ اشْتَرَى شَاتَيْنِ مَذْبُوحَتَيْنِ مَسْلُوخَتَيْنِ بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ غَيْرِ مَسْلُوخَةٍ جَازَ لِأَنَّهُ لَحْمٌ بِلَحْمٍ وَزِيَادَةُ اللَّحْمِ فِي الشَّاتَيْنِ الْمَسْلُوخَتَيْنِ بِإِزَاءِ سَقْطِ الْآخَرِ وَلَوْ اشْتَرَى شَاتَيْنِ مَذْبُوحَتَيْنِ غَيْرَ مَسْلُوخَتَيْنِ بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ مَسْلُوخَةٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ زِيَادَةَ اللَّحْمِ مَعَ السَّقْطِ رِبًا وَلَوْ اشْتَرَى شَاتَيْنِ مَسْلُوخَتَيْنِ بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ مَسْلُوخَةٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا لَحْمٌ وَالزِّيَادَةُ رِبًا إلَّا إذَا كَانَا مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْوَزْنِ يَجُوزُ حِينَئِذٍ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَاللُّحُومُ مُعْتَبَرَةٌ بِأُصُولِهَا فَالْبَقَرُ وَالْجَوَامِيسُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَالْإِبِلُ جِنْسٌ وَاحِدٌ عِرَابُهَا وَبُخْتُهَا وَكَذَلِكَ الْغَنَمُ جِنْسٌ وَاحِدٌ ضَأْنُهَا وَمَعْزُهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ اللَّحْمُ النِّيءُ بِالْمَطْبُوخِ يَجُوزُ سَوَاءٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَحْرُمُ التَّفَاضُلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَطْبُوخِ شَيْءٌ مِنْ التَّوَابِلِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة لَحْمُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَأَلْبَانُهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ يَجُوزُ بَيْعُ الْبَعْضِ بِالْبَعْضِ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ وَلَا خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً وَكَذَا الْأَلْيَةُ وَاللَّحْمُ وَشَحْمُ الْبَطْنِ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ يَجُوزُ بَيْعُ الْبَعْضِ بِالْبَعْضِ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ وَلَا خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَأَمَّا شَحْمُ الْجَنْبِ وَنَحْوُهُ فَتُبَاعُ اللَّحْمُ وَهُوَ مَعَ شَحْمِ الْبَطْنِ وَالْأَلْيَةِ جِنْسَانِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَجُوزُ نَسِيئَةً وَأَمَّا الرُّءُوسُ وَالْأَكَارِعُ وَالْجُلُودُ فَيَجُوزُ يَدًا بِيَدٍ كَيْفَمَا كَانَ إلَّا نَسِيئَةً كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَيَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ الْخَمْرِ بِخَلِّ السُّكَّرِ مُتَفَاضِلًا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَصَحَّ أَيْضًا بَيْعُ خَلٍّ الدَّقْلِ بِخَلِّ الْعِنَبِ مُتَفَاضِلًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ بَاعَ الْخَلَّ بِالْعَصِيرِ مُتَفَاضِلًا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْعَصِيرَ يَصِيرُ خَلًّا فِي الثَّانِي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي لَبَنِ الْمَخِيضِ مَعَ لَبَنِ الْحَلِيبِ إذَا كَانَ الْمَخِيضُ اثْنَيْنِ وَالْحَلِيبُ وَاحِدًا لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَخِيضُ وَاحِدًا وَالْحَلِيبُ اثْنَيْنِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحَلِيبَ فِيهِ زِيَادَةُ زُبْدٍ وَقِيلَ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ الْحَلِيبُ اثْنَيْنِ إنْ كَانَ الْحَلِيبُ بِحَيْثُ لَوْ أَخْرَجَ زُبْدَهُ نَقَصَ مِنْ رِطْلٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْقُصُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ لُحُومِ الطَّيْرِ وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ يَدًا بِيَدٍ وَلَا خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ جَوَّزَ بَيْعَ الطَّيْرِ بِلَحْمِ الطَّيْرِ مُتَفَاضِلًا وَإِنْ كَانَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَ دَجَاجَةً بِدَجَاجَتَيْنِ مَذْبُوحَاتٍ مَشْوِيَّاتٍ كُنَّ أَوْ نِيئَاتٍ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَلَا بَأْسَ بِالسَّمَكِ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُوزَنُ فَإِنْ كَانَ جِنْسٌ مِنْهُ يُوزَنُ فَلَا خَيْرَ فِيمَا يُوزَنُ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكُلُّ مِصْرٍ لَا يُوزَنُ فِيهِ اللَّحْمُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُبَاعَ طَابَقٌ بِطَابَقَيْنِ وَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى حَالِ أَهْلِ الْبَلْدَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ كُوزَ مَاءٍ بِكُوزَيْ مَاءٍ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْمَاءَ عِنْدَهُمَا لَيْسَ بِكَيْلِيٍّ وَلَا وَزْنِيٍّ فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَالْجَمَدُ إنْ كَانَ يُبَاعَ وَزْنًا فَبِيعَ بِالْجَمَدِ يَجُوزُ مُقَيَّدًا بِشَرْطِ التَّسَاوِي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْحَدِيدُ وَالرَّصَاصُ

الفصل السابع في بيع الماء والجمد

وَالشَّبَهُ أَجْنَاسٌ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِذَا بَاعَ ثَوْبًا مَنْسُوجًا بِالذَّهَبِ الْخَالِصِ لَا بُدَّ لِجَوَازِهِ مِنْ الِاعْتِبَارِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ الْمُنْفَصِلُ أَكْثَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالثِّيَابُ تَتَجَنَّسُ بِأُصُولِهَا وَصِفَاتِهَا وَإِنْ جَمَعَهَا الِاسْمُ كَالْهَرَوِيِّ مَعَ الَمَرْوِيِّ وَالْمَرْوِيُّ الَّذِي يُنْسَخُ بِبَغْدَادَ غَيْرُ الَّذِي يُنْسَخُ بِخُرَاسَانَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَكَذَا الْمُتَّخَذُ مِنْ الْكَتَّانِ مَعَ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْقُطْنِ وَكَذَلِكَ الزَّنْدَنْجِيُّ مَعَ الْوَذَارِيِّ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَاللَّبَدُ الْأَرْمَنِيُّ وَالطَّالَقَانِيُّ جِنْسَانِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ غَزْلِ الْقُطْنِ بِالْكَتَّانِ أَوْ الصُّوفِ بِالشَّعْرِ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ لِمَكَانِ الْوَزْنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَذَا غَزْلُ خَزٍّ بِغَزْلِ قُطْنٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْمُنْتَقَى وَلَا يَصِحُّ غَزْلُ قُطْنٍ لَيِّنٍ بِغَزْلِ قُطْنٍ خَشِنٍ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ التَّمْرِ الْمُفْلَقِ الَّذِي اُسْتُخْرِجَ مِنْهُ النَّوَى بِغَيْرِ الْمُفْلَقِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ بَاعَ لَبَدًا بِصُوفٍ إنْ كَانَ اللَّبَدُ بِحَالٍ لَوْ نَقَضَ يَعُودُ صُوفًا يُعْتَبَرُ الْمُسَاوَاةُ فِي الْوَزْنِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعُودُ لَا يُعْتَبَرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَجُوزُ بَيْعُ الصَّابُونِ بِالصَّابُونِ مِثْلًا بِمِثْلٍ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا رِبَا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ رَقَبَتَهُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ وَفِي الْمُحِيطِ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ لَا رِبَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْعَبْدِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالْمُتَفَاوِضَانِ لَا رِبَا بَيْنَهُمَا وَكَذَا شَرِيكَا الْعِنَانِ إذَا تَبَايَعَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ هَذَا قَوْلُهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ بَيْنَهُمَا الرِّبَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَكَذَا إذَا دَخَلَ إلَيْهِمْ مُسْلِمٌ بِأَمَانٍ فَبَاعَ مِنْ مُسْلِمٍ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا جَازَ الرِّبَا مَعَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ وَأَمَّا إذَا هَاجَرَ إلَيْنَا ثُمَّ عَادَ إلَى دَارِهِمْ لَمْ يَجُزْ الرِّبَا مَعَهُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَا وَلَمْ يُهَاجِرَا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَإِذَا تَبَايَعَا بَيْعًا فَاسِدًا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ جَائِزٌ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. - [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي بَيْعِ الْمَاءِ وَالْجَمَدِ] لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَاءِ فِي بِئْرِهِ وَنَهْرِهِ هَكَذَا فِي الْحَاوِي وَحِيلَتُهُ أَنْ يُؤَاجِرَ الدَّلْوَ وَالرِّشَاءَ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِذَا أَخَذَهُ وَجَعَلَهُ فِي جَرَّةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْأَوْعِيَةِ فَقَدْ أَحْرَزَهُ فَصَارَ أَحَقَّ بِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ كَالصَّيْدِ الَّذِي يَأْخُذُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَلِكَ مَاءُ الْمَطَرِ يُمْلَكُ بِالْحِيَازَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا بَيْعُ مَاءٍ جَمَعَهُ الْإِنْسَانُ فِي حَوْضِهِ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِ كِتَابِ الشُّرْبِ أَنَّ الْحَوْضَ إذَا كَانَ مُجَصَّصًا أَوْ كَانَ الْحَوْضُ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ صُفْرٍ جَازَ الْبَيْعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَكَأَنَّهُ جَعَلَ صَاحِبَ الْحَوْضِ مُحْرِزَ الْمَاءِ بِجَعْلِهِ فِي حَوْضِهِ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْقَطِعَ الْجَرْيُ حَتَّى لَا يَخْتَلِطَ الْمَبِيعُ بِغَيْرِ الْمَبِيعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَوْضُ مِنْ الصُّفْرِ أَوْ النُّحَاسِ وَلَمْ يَكُنْ مُجَصَّصًا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ حَسَبَ اخْتِلَافِهِمْ فِي بَيْعِ الْجَمَدِ فِي الْمُجَمَّدَةِ فِي الصَّيْفِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُخْتَارُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ سَلَّمَ أَوَّلًا عَلَى سَوْمِ الْبَيْعِ ثُمَّ بَاعَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ جَازَ وَإِنْ بَاعَ أَوَّلًا ثُمَّ سَلَّمَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ إنْ سَلَّمَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ بَاعَ الْمُجَمَّدَةَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ سَلَّمَ أَوَّلًا ثُمَّ بَاعَ أَوْ بَاعَ أَوَّلًا ثُمَّ سَلَّمَ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ

الفصل الثامن في جهالة المبيع أو الثمن

وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُسَلِّمَ أَوَّلًا ثُمَّ يَبِيعَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو النَّصْرِ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْبَلْخِيّ يُجَوِّزُ الْبَيْعَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَقَبْلَهُ إذَا لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ بِأَنْ سَلَّمَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَلَوْ سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَجُوزُ وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ مَشَايِخِ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ ثُمَّ إذَا جَازَ الْبَيْعُ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إذَا رَآهَا حِينَ وَقَعَ التَّسْلِيمُ فَإِنْ رَآهَا بَعْدَمَا وَقَعَ التَّسْلِيمُ فَإِنْ وَقَعَ لِتَمَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ وَقَعَ التَّسْلِيمُ قَبْلَ ذَلِكَ يَبْقَى لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إلَى تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا بَاعَ الشِّرْبَ وَحْدَهُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا بَاعَ الشِّرْبَ مَعَ الْأَرْضِ يَجُوزُ وَإِذَا بَاعَ أَرْضًا مَعَ شِرْبِ أَرْضٍ أُخْرَى لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ وَحَكَى عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي نَصْرِ بْنِ سَلَّامٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ السِّقَاءِ كَذَا وَكَذَا قِرْبَةً مِنْ مَاءٍ الْفُرَاتِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ الْقِرْبَةُ بِعَيْنِهَا جَازَ لِمَكَانِ التَّعَامُلِ وَكَذَا الرِّوَايَةُ وَالْجَرَّةُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ اسْقِ دَوَابِّي كَذَا شَهْرًا بِدِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ قَالَ كُلُّ شَهْرٍ كَذَا قِرْبَةً فَهُوَ جَائِزٌ إذَا أَرَاهُ الْقِرْبَةَ وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَسْقِيك مِلْءَ قَرَاحِك مَاءً فَفَتَحَ لَهُ مِنْ نَهْرٍ وَسَقَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ قَالَ اسْقِ دَوَابَّك مِنْ نَهْرِي أَوْ مِنْ حَوْضِي كَذَا فَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي جَهَالَةِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ] وَمَنْ أَطْلَقَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ بِأَنْ ذَكَرَ الْقَدْرَ دُونَ الصِّفَةِ كَانَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَتْ النُّقُودُ مُخْتَلِفَةً فَسَدَ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَحَدَهَا أَوْ يَكُونَ أَرْوَجَ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي الْمَالِيَّةِ فَإِنْ كَانَتْ سَوَاءً فِيهَا جَازَ الْبَيْعُ إذَا أَطْلَقَ اسْمَ الدَّرَاهِمِ وَيَنْصَرِفُ إلَى مَا قُدِّرَ بِهِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ شَاءَ وَذَا بِأَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ أُحَادِيًّا وَالْآخَرُ ثُنَائِيًّا أَوْ ثُلَاثِيًّا فَمَالِيَّةُ الِاثْنَيْنِ أَوْ الثَّلَاثِ كَمَالِيَّةِ الْوَاحِدِ مِنْ الْأُحَادِيِّ وَلَا يُسَمَّى الْوَاحِدُ مِنْ الثُّنَائِيِّ أَوْ الثُّلَاثِيِّ دِرْهَمًا بَلْ يَنْصَرِفُ الدِّرْهَمُ فِي عُرْفِهِمْ إلَى أَحَدِ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ الْوَاحِدُ مِنْ الْأُحَادِيِّ الِاثْنَانِ مِنْ الثُّنَائِيِّ وَالثَّلَاثُ مِنْ الثُّلَاثِيِّ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَنًا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِلَا ثَمَنٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْته كَانَ الْمَبِيعُ بَاطِلًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ الَّذِي عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِعْتنِي هَذَا الثَّوْبَ بِبَعْضِ الْعَشَرَةِ وَبِعْتنِي هَذَا الثَّوْبَ الْآخَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ فَقَالَ نَعَمْ قَدْ بِعْتُك فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ قَالَ بِعْتَنِي هَذَا بِبَعْضِ الْعَشَرَةِ وَبِعْتَنِي هَذَا الْآخَرَ بِبَعْضِ الْعَشَرَةِ فَقَالَ نَعَمْ قَدْ بِعْتُك كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّهُ بَقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ شَيْءٌ مَجْهُولٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْعَشَرَةِ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. جَهَالَةُ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ مَانِعُهُ جَوَازُ الْبَيْعِ إذَا كَانَ يَتَعَذَّرُ مَعَهَا التَّسْلِيمُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَذَّرُ لَمْ يَفْسُدْ الْعَقْدُ كَجَهَالَةِ كَيْلِ الصُّبْرَةِ بِأَنْ بَاعَ صُبْرَةً مُعَيَّنَةً وَلَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ كَيْلِهَا وَكَجَهَالَةِ عَدَدِ الثِّيَابِ الْمُعَيَّنَةِ بِأَنْ بَاعَ أَثْوَابًا مُعَيَّنَةً وَلَمْ يَعْرِفْ عَدَدَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ بِعْتُ مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ قَفِيزٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي قَفِيزٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ وَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي إلَّا إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي جُمْلَةَ الْقُفْزَانِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ بِدِرْهَمٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِ الصُّبْرَةِ كُلُّ قَفِيزٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ سَوَاءٌ عَلِمَ الْجُمْلَةَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ بِعْتُ مِنْكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلُّ قَفِيزَيْنِ مِنْهَا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ كُلُّ ثَلَاثَةِ أَقْفِزَةٍ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ كَذَا فِي شَرْحِ

الطَّحَاوِيِّ فَإِنْ لَمْ يَتَنَازَعَا حَتَّى كَالَهَا الْبَائِعُ أَوْ بَعْضَهَا وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي لَزِمَ فِي جَمِيعِ مَا يُسَلِّمُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَبْطُلُ فِي الْبَاقِي وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ كُلُّ وَزْنِيٍّ لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ كَالْعَسَلِ وَالزَّيْتِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمَوْزُونَاتِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَأَمَّا الْحُكْمُ فِي الذَّرْعِيِّ إذَا قَالَ بِعْتُ مِنْكَ هَذِهِ الْأَرْضَ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْهَا بِكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ لَا فِي الذِّرَاعِ الْوَاحِدِ وَلَا فِي الْبَاقِي إلَّا إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي جُمْلَةَ الذَّرِعَانِ فِي الْمَجْلِسِ فَلَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْعِلْمِ تَأَكَّدَ الْفَسَادُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ كُلُّ ذِرَاعٍ بِمَا سُمِّيَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا خِيَارَ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ بِعْتُ مِنْك هَذَا الثَّوْبَ كُلُّ ذِرَاعَيْنِ بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ قَالَ كُلُّ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْوَزْنِيِّ الَّذِي فِي تَبْعِيضِهِ مَضَرَّةٌ لِلْبَائِعِ وَأَمَّا الْحُكْمُ فِي الْعَدَدِيِّ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مُتَقَارِبًا فَالْحُكْمُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَإِنْ كَانَ عَدَدِيًّا مُتَفَاوِتًا نَحْوَ أَنْ يَقُولَ بِعْت مِنْك هَذَا الْقَطِيعَ مِنْ الْغَنَمِ كُلُّ شَاةٍ مِنْهَا بِعَشَرَةٍ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الذَّرْعِيِّ وَلَوْ قَالَ بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الْقَطِيعَ كُلَّ شَاتَيْنِ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ عَلِمَ الْجُمْلَةَ فِي الْمَجْلِسِ وَاخْتَارَ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ بَاعَ الصُّبْرَةَ إلَّا قَفِيزًا مِنْهَا جَازَ فِي جَمِيعِهَا إلَّا قَفِيزًا مِنْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ هَذَا الْقَطِيعَ مِنْ الْغَنَمِ إلَّا شَاةً مِنْهُ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ بَاعَ لُؤْلُؤَةً عَلَى أَنَّهَا تَزِنُ مِثْقَالًا فَوَجَدَهَا أَكْثَرَ سُلِّمَتْ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ هَذِهِ الْحِنْطَةَ وَهَذَا الشَّعِيرَ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ وَلَمْ يُسَمِّ جُمْلَتَهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي الْكُلِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَعْلَمَ الْكُلَّ فَإِذَا عَلِمَ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ كُلَّ قَفِيزٍ مِنْ الْحِنْطَةِ بِدِرْهَمٍ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ فِي الْكُلِّ وَلَوْ قَالَ قَفِيزٌ مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ جَازَ الْبَيْعُ عَلَى قَفِيزٍ وَاحِدٍ نِصْفُهُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَنِصْفُهُ مِنْ الشَّعِيرِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْبَاقِي فَإِذَا عُلِمَ كُلُّهُ فَلَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ بَاعَهُمَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ لَزِمَهُ كُلُّ وَاحِدٍ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ عَشَرَةٌ حَتَّى لَوْ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بَعْدَ الْقَبْضِ رَدَّهُ خَاصَّةً بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَلَوْ بَاعَ قَفِيزًا مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا رَدَّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحِنْطَةِ ضِعْفَ قِيمَةِ الشَّعِيرِ رَدَّ الشَّعِيرَ بِثُلُثِ الثَّمَنِ وَالْحِنْطَةَ بِثُلُثَيْهِ وَلَوْ قَالَ الْقَفِيزُ مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ قَفِيزٌ مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ. وَلَوْ بَاعَ صُبْرَةً حِنْطَةً وَقَطِيعَ غَنَمٍ عَلَى أَنَّ الصُّبْرَةَ عَشَرَةٌ وَالْقَطِيعَ عَشَرَةٌ كُلُّ شَاةٍ وَقَفِيزٍ بِعَشَرَةٍ إنْ وَجَدَ كُلَّ وَاحِدٍ عَشَرَةً جَازَ الْبَيْعُ وَإِنْ وَجَدَ الْقَطِيعَ أَحَدَ عَشَرَ فَسَدَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَإِنْ وَجَدَ الْقَطِيعَ عَشَرَةً وَالصُّبْرَةَ أَحَدَ عَشَرَ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَوْ وَجَدَ كُلَّ وَاحِدٍ تِسْعَةً جَازَ وَيَطْرَحُ مِنْهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَلَهُ الْخِيَارُ وَلَوْ وَجَدَ الْقَطِيعَ عَشَرَةً وَالصُّبْرَةَ تِسْعَةً جَازَ الْبَيْعُ وَيَقْسِمُ كُلَّ عَشَرَةٍ عَلَى شَاةٍ وَقَفِيزٍ وَالشَّاةُ الزَّائِدَةُ يُضَمُّ إلَيْهَا قَفِيزٌ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَإِذَا تَبَيَّنَ حِصَّةَ جُمْلَةِ الْحِنْطَةِ يَطْرَحُ مِنْهَا عَشَرَةً وَيُخَيَّرُ فِي الْكُلِّ بَيْنَ الْأَخْذِ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ تَرْكِهِ وَإِنْ وَجَدَ الْقَطِيعَ تِسْعَةً وَالصُّبْرَةَ عَشَرَةً فَسَدَ الْبَيْعُ فِي قَفِيزٍ مِنْ الصُّبْرَةِ لِجَهَالَةِ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ ثَمَنَهُ إلَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى الشَّاةِ الْفَائِتَةِ وَالصَّفْقَةُ مَتَى فَسَدَتْ فِي الْبَعْضِ فَسَدَتْ فِي الْكُلِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا تَفْسُدُ فِي الْكُلِّ فَيَجُوزُ فِي تِسْعَةِ أَغْنَامٍ وَتِسْعَةِ أَقْفِزَةٍ وَلَهُ الْخِيَارُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْقُدُورِيِّ إذَا قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا اللَّحْمَ كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي الْكُلِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا الْبَيْعُ جَائِزٌ فِي الْجَمِيعِ وَلَا خِيَارَ لَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى الْعِنَبَ كُلُّ وَقْرٍ بِكَذَا وَالْوَقْرُ عِنْدَهُمْ

مَعْرُوفٌ إنْ كَانَ الْعِنَبُ عِنْدَهُمْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ فِي وَقْرٍ وَاحِدٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي بَيْعِ الصُّبْرَةِ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ وَإِنْ كَانَ الْعِنَبُ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ أَصْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَبَيْعِ قَطِيعِ الْغَنَمِ وَعِنْدَهُمَا إذَا كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا جَازَ فِي كُلِّ الْعِنَبِ كُلُّ وَقْرٍ بِمَا قَالَ وَكَذَا إذَا كَانَ الْجِنْسُ مُخْتَلِفًا هَكَذَا أَوْرَدَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْفَتَاوَى وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ جَعَلَ الْجَوَابَ بِالْجَوَازِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعِنَبُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مُتَّفِقًا وَإِنْ كَانَ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفًا قَالَ الْفَقِيهُ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا تَيْسِيرًا لِلْأَمْرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ بِعْتُك هَذِهِ السَّفِينَةَ الْآجُرَّ كُلُّ أَلْفٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ بِعْتُك مِنْهُ أَلْفًا بِعَشَرَةٍ فَإِنْ عَدَّ لَهُ الْأَلْفَ تَمَّ الْبَيْعُ فِيهَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُمْنَعَ مِنْ الْبَيْعِ مَا لَمْ يُعَدَّ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ اشْتَرَى عِنَبَ كَرْمٍ عَلَى أَنَّهَا أَلْفُ مَنٍّ فَظَهَرَ تِسْعُمِائَةٍ طَابَ لِلْبَائِعِ بِحِصَّةِ مِائَةِ مَنٍّ مِنْ الثَّمَنِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ كَيْلِيًّا وَسَمَّى جُمْلَةً كَيْلَهُ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِمَا سَمَّى مِنْهُ كَمَا إذَا قَالَ بِعْت مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ قَفِيزٍ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ قَفِيزٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَسَمَّى لِكُلِّ قَفِيزٍ ثَمَنًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ فَإِنْ وُجِدَ كَمَا سَمَّى فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ وَجَدَهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ قَفِيزٍ فَالزِّيَادَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا مِقْدَارَ مَا سَمَّى مِنْهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا خِيَارَ لَهُ أَيْضًا وَإِنْ وَجَدَهَا أَقَلَّ مِنْ مِائَةِ قَفِيزٍ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَيَطْرَحُ حِصَّةَ النُّقْصَانِ سَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ قَفِيزٍ ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ أَوْ سَمَّى لِلْكُلِّ ثَمَنًا وَاحِدًا وَتَعَيَّنَ الْمَقْصُودُ بِأَوَّلِ الْكَيْلِ وَلَا عِبْرَةَ لِلْكَيْلِ الَّذِي بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الْكَيْلِيَّاتِ وَفِي جَمِيعِ الْكَيْلِيَّاتِ وَفِي جَمِيعِ الْوَزْنِيَّاتِ الَّتِي لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهَا مَضَرَّةٌ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ بِعَشَرَةٍ أَوْ أَرْضًا عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ بِمِائَةٍ فَوَجَدَهَا أَقَلَّ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ وَجَدَهَا أَكْثَرَ مِنْ الذِّرَاعِ الَّذِي سَمَّاهُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ وَإِنْ نَقَصَ فَقَدْ فَاتَ الْوَصْفُ الْمَرْغُوبُ فَيَخْتَلُّ رِضَاهُ فَيُخَيَّرُ وَلَا يُحَطُّ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا الثَّوْبَ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضَ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَوَجَدَهَا عَشَرَةً لَزِمَتْهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ وَجَدَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَمِيعَ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَإِنْ وَجَدَهَا تِسْعَةَ أَذْرُعٍ أَوْ أَقَلَّ أَخَذَهَا بِحِصَّتِهَا إنْ شَاءَ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَوَجَدَهُ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ وَنِصْفًا أَخَذَهُ بِعَشَرَةٍ إنْ شَاءَ وَإِنْ وَجَدَهُ تِسْعَةً وَنِصْفًا أَخَذَهُ بِتِسْعَةٍ إنْ شَاءَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ وَجَدَهُ عَشَرَةً وَنِصْفًا أَخَذَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ وَإِنْ وَجَدَهُ تِسْعَةً وَنِصْفًا أَخَذَهُ بِعَشَرَةٍ إنْ شَاءَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ وَجَدَهُ عَشَرَةً وَنِصْفًا أَخَذَهُ بِعَشَرَةٍ وَنِصْفٍ وَإِنْ وَجَدَهُ تِسْعَةً وَنِصْفًا أَخَذَهُ بِتِسْعَةٍ وَنِصْفٍ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا هَذَا فِي مَذْرُوعٍ يَتَفَاوَتُ جَوَانِبُهُ فَأَمَّا فِي مَذْرُوعٍ لَا يَتَفَاوَتُ جَوَانِبُهُ كَالْكِرْبَاسِ إذَا اُشْتُرِيَ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ بِكَذَا فَوَجَدَهُ زَائِدًا لَا تُسَلَّمُ لَهُ الزِّيَادَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الذَّرْعِيَّاتِ كَالْخَشَبِ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ وَزْنِيٍّ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ كَالْإِنَاءِ الْمَصُوغِ مِنْ الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَغَيْرِهِمَا نَحْوَ أَنْ يَقُولَ بِعْت هَذَا الْإِنَاءَ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَمْنَاءٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَوَجَدَهُ نَاقِصًا أَوْ زَائِدًا سَمَّى لِكُلِّ مَنٍّ ثَمَنًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. رَجُلٌ قَالَ أَبِيعُك هَذَا الثَّوْبَ مِنْ هَذَا الطَّرَفِ إلَى هَذَا الطَّرَفِ وَهُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا

فَإِذَا هُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فَقَالَ الْبَائِعُ غَلِطْت لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى قَضَاءً وَفِي الدِّيَانَةِ لَا يُسَلَّمُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ بَاعَ مَصُوغًا مِنْ الْفِضَّةِ عَلَى أَنَّ وَزْنَهُ مِائَةٌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَتَقَابَضَا وَافْتَرَقَا ثُمَّ وُجِدَ وَزْنُ مِائَتَيْنِ فَهُوَ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَلَا يُزَادُ فِي الثَّمَنِ شَيْءٌ وَإِنْ وَجَدَهُ ثَمَانِينَ أَوْ تِسْعِينَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ وَلَوْ سَمَّى لِكُلِّ عَشَرَةٍ ثَمَنًا فَقَالَ بِعْت مِنْك عَلَى أَنَّهَا مِائَةٌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ كُلُّ وَزْنِ عَشَرَةٍ بِدِينَارٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ وَزْنَهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ زَادَ فِي الثَّمَنِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَأَخَذَ كُلَّهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي ثُلُثِ الْمَصُوغِ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي فَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِثُلُثَيْهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْكُلَّ وَاسْتَرَدَّ الدَّنَانِيرَ وَإِنْ وَجَدَ خَمْسِينَ وَعَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَدَّهُ وَيَسْتَرِدُّ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ وَاسْتَرَدَّ مِنْ الثَّمَنِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ مَصُوغًا مِنْ ذَهَبٍ بِدَرَاهِمَ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ بَاعَ مَصُوغًا بِجِنْسِهِ مِثْلَ وَزْنِهِ فَوَجَدَهُ أَزْيَدَ فَإِنْ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ زَادَ فِي الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ عَلِمَ بِهَا بَعْدَ التَّفَرُّقِ بَطَلَ لِفَقْدِ الْقَبْضِ فِي قَدْرِهَا فَإِنْ وَجَدَ أَقَلَّ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِهَا وَاسْتَرَدَّ الْفَضْلَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْكُلَّ سَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ وَزْنِ دِرْهَمٍ دِرْهَمًا أَوْ لَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَأَمَّا الْحُكْمُ فِي الْعَدَدِيِّ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِمِقْدَارِهِ إذَا سَمَّى لِلْكُلِّ ثَمَنًا وَاحِدًا أَوْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ وَإِنْ كَانَ عَدَدِيًّا مُتَفَاوِتًا كَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا كَمَا إذَا قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا الْقَطِيعَ مِنْ الْغَنَمِ عَلَى أَنَّهُ مِائَةٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ سَمَّى كَمَا إذَا قَالَ كُلُّ شَاةٍ بِعَشَرَةٍ فَإِنْ وَجَدَهُ مِائَةً كَمَا سَمَّى فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَإِنْ وَجَدَهُ زِيَادَةً فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي الْكُلِّ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ فَإِنْ وَجَدَهُ أَقَلَّ إنْ لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ أَيْضًا وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَكِنْ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِمَا سَمَّى مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا الْقَطِيعَ مِنْ الْغَنَمِ كُلُّ شَاتَيْنِ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَسَمَّى جُمْلَتَهُ مِائَةً فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَإِنْ وَجَدَهُ كَمَا سَمَّى كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ فَوَجَدَهَا أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ جَازَ وَإِنْ وَجَدَهَا عَشَرَةً أَوْ أَقَلَّ لَا يَجُوزُ وَإِنْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةٍ فَوَجَدَهَا أَقَلَّ جَازَ وَإِنْ وَجَدَهَا عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ وَفِي الدَّارِ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَأَمَّا إذَا بَاعَ الْحِنْطَةَ عَلَى أَنَّهَا أَقَلَّ مِنْ كُرٍّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ كُرٍّ فَوَجَدَهَا أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ وَإِنْ وَجَدَهَا كُرًّا تَامًّا فَسَدَ الْبَيْعُ وَأَمَّا إذَا بَاعَهَا عَلَى أَنَّهَا كُرٌّ أَوْ أَقَلُّ جَازَ كَيْفَمَا كَانَ وَلَزِمَهُ لِأَنَّهُ إنْ وَجَدَ كُرًّا أَوْ أَقَلَّ فَهُوَ الْمُسَمَّى وَإِنْ وَجَدَ أَكْثَرَ فَالزِّيَادَةُ لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْبَيْعِ فَيَرُدُّهَا وَلَهُ الْكُرُّ بِمِائَةٍ وَكَذَا لَوْ بَاعَهَا عَلَى أَنَّهَا كُرٌّ أَوْ أَكْثَرُ إلَّا أَنَّهُ إذَا وَجَدَ أَقَلَّ يَطْرَحُ حِصَّةَ النُّقْصَانِ وَيُخَيَّرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اشْتَرَى حِنْطَةً عَلَى أَنَّهَا كُرٌّ فَوَجَدَهَا تَنْقُصُ قَفِيزًا يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى مِائَةَ جَوْزَةٍ كُلُّ جَوْزَةٍ بِفَلْسٍ فَوَجَدَ بَعْضَ الْجَوْزِ خَاوِيًا فَإِنَّ الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْحَاوِي وَيَتَعَدَّى الْفَسَادُ إلَى الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى مِائَةَ بَيْضَةٍ كُلُّ بَيْضَةٍ بِدَانَقٍ فَوَجَدَ الْبَعْضَ مَذِرَةً فَإِنَّ الْعَقْدَ فَاسِدٌ فِي الْمَذِرَةِ وَيَتَعَدَّى الْفَسَادُ إلَى الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ يُخَرَّجُ مَا إذَا اشْتَرَى عِنَبًا مُعَيَّنًا فِي كَرْمٍ مُعَيَّنٍ عَلَى أَنَّهُ كَذَا مَنًّا فَوَجَدَهُ كَذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ

أَوْ أَكْثَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ عَدْلًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَثْوَابٍ فَنَقَصَ ثَوْبًا أَوْ زَادَ ثَوْبًا فَسَدَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ بَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ ثَوْبٍ وَنَقَصَ صَحَّ بِقَدْرِهِ وَخُيِّرَ وَإِنْ زَادَ فَسَدَ وَقِيلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَفْسُدُ فِي فَصْلِ النُّقْصَانِ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلٌ عِنْدَهُ حِنْطَةٌ أَوْ مَكِيلٌ آخَرُ أَوْ مَوْزُونٌ ظَنَّ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ مَنٍّ فَبَاعَهَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَلْفُ مَنٍّ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ وَجَدَهُ نَاقِصًا قَالَ بَعْضُهُمْ لَهُمْ الْخِيَارُ إنْ شَاءُوا أَخَذُوا مِنْ الْمَوْجُودِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءُوا تَرَكُوا وَالصَّحِيحُ مَا قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الْجَوَابَ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ بَاعَ مِنْهُمْ جُمْلَةً فَكَذَلِكَ وَإِنْ بَاعَ مِنْهُمْ عَلَى التَّعَاقُبِ فَالنُّقْصَانُ عَلَى الْأَخِيرِ دُونَ الْأَوَّلِينَ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ مَا يُوجَدُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِهِ زِقَّ زَيْتٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ لَهُ الزِّقَّ وَمَا فِيهِ مِنْ الزَّيْتِ عَلَى أَنَّ وَزْنَ ذَلِكَ كُلِّهِ مِائَةُ رِطْلٍ فَوَزَنَ ذَلِكَ فَوَجَدَهُ كُلَّهُ تِسْعِينَ رِطْلًا الزِّقُّ مِنْ ذَلِكَ عِشْرُونَ رِطْلًا وَالزَّيْتُ سَبْعُونَ فَإِنَّ النُّقْصَانَ مِنْ الزَّيْتِ خَاصَّةً فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الظَّرْفِ وَعَلَى قِيمَةِ ثَمَانِينَ رِطْلًا مِنْ زَيْتٍ فَمَا أَصَابَ الزَّيْتَ يُطْرَحُ ثَمَنُهُ وَيَجِبُ الْبَاقِي وَكَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِيمَا بَقِيَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِمَا قُلْنَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَقَالَ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يَفْسُدَ الْعَقْدُ فِي الْكُلِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي الزِّقَّ سِتِّينَ رِطْلًا وَالزَّيْتَ أَرْبَعِينَ رِطْلًا فَإِنْ كَانَ الزِّقُّ لَا يَبْلُغُ ذَلِكَ الْقَدْرَ فِي مُبَايَعَاتِ النَّاسِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْكُلَّ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي الزِّقَّ مِائَةَ رِطْلٍ وَالزَّيْتَ خَمْسِينَ رِطْلًا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَلَوْ وَجَدَ وَزْنَ الزِّقَّ عِشْرِينَ رِطْلًا وَوَزْنَ الزَّيْتِ مِائَةَ رِطْلٍ لَزِمَ الْمُشْتَرِي الزِّقَّ وَثَمَانُونَ رِطْلًا مِنْ الزَّيْتِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الزِّقُّ عَلَى حِدَةٍ وَالزَّيْتُ عَلَى حِدَةٍ فَاشْتَرَاهُمَا جُمْلَةً كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى زَيْتًا عَلَى أَنْ يَزِنَهُ بِظَرْفِهِ وَيَطْرَحَ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ ظَرْفٍ خَمْسِينَ رِطْلًا فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنْ يَطْرَحَ عَنْهُ بِوَزْنِ الظَّرْفِ جَازَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَوْ اشْتَرَى زَيْتًا فِي ظَرْفٍ وَسَمْنًا فِي ظَرْفٍ آخَرَ فَاشْتَرَاهُمَا بِغَيْرِ ظَرْفٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِائَةَ رِطْلٍ فَوَجَدَ السَّمْنَ أَرْبَعِينَ رِطْلًا وَالزَّيْتَ سِتِّينَ رِطْلًا فَإِنَّهُ يَرُدُّ مِنْ الزَّيْتِ عَلَى الْبَائِعِ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ وَيَطْرَحُ مِنْ ثَمَنِ السَّمْنِ مِقْدَارَ عَشَرَةِ أَرْطَالٍ مِنْ السَّمْنِ. وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى حِنْطَةً فِي جُوَالِقٍ وَشَعِيرًا فِي جُوَالِقٍ آخَرَ بِغَيْرِ الْجُوَالِقِ عَلَى أَنَّ الْكُلَّ مِائَةُ مَنٍّ فَهُوَ عَلَى هَذَا وَكَذَلِكَ إذَا أَضَافَ الْمِائَةَ إلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ مِنْ الْمَكِيلَاتِ دَخَلَ تَحْتَ الْعَقْدِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ ثُلُثُ الْمِائَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِإِنَاءٍ بِعَيْنِهِ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ وَبِوَزْنِ حَجَرٍ بِعَيْنِهِ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي الْكَافِي وَهَذَا إذَا كَانَ الْإِنَاءُ لَا يَنْكَبِسُ بِالْكَبْسِ وَلَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ كَالْقَصْعَةِ وَالْخَزَفِ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَنْكَبِسُ كَالزِّنْبِيلِ وَالْقُفَّةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا فِي قِرَبِ الْمَاءِ اسْتِحْسَانًا بِالتَّعَامُلِ فِيهِ وَكَذَا إذَا كَانَ الْحَجَرُ يَتَفَتَّتُ وَكَذَا إذَا بَاعَهُ بِوَزْنِ شَيْءٍ يَخِفُّ إذَا جَفَّ كَالْخِيَارِ وَالْبِطِّيخِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُشْتَرَطُ لِبَقَاءِ عَقْدِ الْبَيْعِ عَلَى الصِّحَّةِ بَقَاءُ الْإِنَاءِ وَالْحَجَرِ عَلَى حَالِهِمَا فَلَوْ تَلِفَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَسَدَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ مَعَهُ دِرْهَمٌ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الثَّوْبَ مَثَلًا بِهَذَا وَأَشَارَ إلَى مَا مَعَهُ مِنْ الدِّرْهَمِ فَوَجَدَهُ سُتُّوقًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً فَجَاءَ بِصُرَّةٍ فَقَالَ اشْتَرَيْت هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِهَذِهِ الصُّرَّةِ أَوْ قَالَ بِمَا فِي هَذِهِ الصُّرَّةِ أَوْ قَالَ بِمَا فِي هَذِهِ الصُّرَّةِ فَوَجَدَ الْبَائِعُ مَا فِيهَا خِلَافَ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَرْجِعَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ

وَإِنْ وَجَدَهَا نَقْدَ الْبَلَدِ جَازَ وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ اشْتَرَيْت هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِمَا فِي هَذِهِ الْخَابِيَةِ ثُمَّ رَأَى الدَّرَاهِمَ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ وَيُسَمَّى هَذَا خِيَارَ الْكَمِّيَّةِ لَا خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَثْبُتُ فِي النُّقُودِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا بِرَقْمِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي رَقْمَهُ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ عَلِمَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ الْعَقْدُ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ وَإِنْ عَلِمَ بِالرَّقْمِ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا وَلَكِنْ إنْ كَانَ الْبَائِعُ دَائِمًا عَلَى ذَلِكَ الرِّضَا وَرَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي يَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا عَقْدُ ابْتِدَاءٍ بِالتَّرَاضِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْعِلْمِ بَطَلَ وَكَذَا لَوْ بَاعَ بِمَا بَاعَ فُلَانٌ وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَإِلَّا بَطَلَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ بَاعَ ثَوْبًا بِرَقْمِهِ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ الثَّمَنَ جَازَ بَيْعُهُ مِنْ الثَّانِي وَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ أَخْبَرَ الْأَوَّلَ بِالثَّمَنِ فَلَمْ يُجِزْهُ حَتَّى بَاعَهُ الْبَائِعُ مِنْ آخَرَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ مِنْ الثَّانِي وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالثَّمَنِ كَانَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ. وَالرَّقْمُ بِسُكُونِ الْقَافِ عَلَامَةٌ يُعْلَمُ بِهَا مِقْدَارُ مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ أَخَذْت هَذَا مِنْك بِمِثْلِ مَا يَبِيعُ النَّاسُ فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَوْ قَالَ بِمِثْلِ مَا أَخَذَ بِهِ فُلَانٌ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ عَلِمَا مِقْدَارَ ذَلِكَ وَقْتَ الْعَقْدِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ فَإِنْ عَلِمَا بَعْدَ ذَلِكَ إنْ عَلِمَا وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ جَائِزًا وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ مَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ إنَّمَا ظَهَرَ فِي الْحَالِ وَهَذَا يُسَمَّى خِيَارَ تَكَشُّفِ الْحَالِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي شَرْحِ الشَّافِي لَوْ بَاعَ بِمِثْلِ مَا بَاعَ فُلَانٌ إنْ كَانَ شَيْئًا لَا يَتَفَاوَتُ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ يَجُوزُ. وَلَوْ اشْتَرَى عِدْلَ زُطِّيٍّ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِحُكْمِهِ لَمْ يَجُزْ لِلْجَهَالَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا بِرِبْحٍ دَهٍ يازده وَلَمْ يَعْلَمْ مَا اشْتَرَى بِهِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ حَتَّى يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي فَيَخْتَارَ أَوْ يَدَعَ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا عَلِمَ وَرَضِيَ بِهِ جَازَ الْبَيْعُ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ وَلَوْ قَبَضَ وَأَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ أَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَالْعِتْقُ وَالْبَيْعُ جَائِزَانِ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَلَوْ كَانَ عَتَقَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْقَرَابَةِ وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِالثَّمَنِ حَتَّى قَبَضَهُ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفَسَدَ بَيْعُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ دَارٍ أَوْ حَمَّامٍ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الدَّارُ مِائَةً وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ مِنْ مِائَةٍ أَوْ لَا فِي الْأَصَحِّ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِمَا فِيمَا إذَا لَمْ يُسَمِّ جُمْلَتَهَا وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ سَهْمًا مِنْ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ قَالَ ذِرَاعًا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ إنْ عَيَّنَ مَوْضِعَهُ بِأَنْ قَالَ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُمَيِّزْهُ بَعْدُ فَالْعَقْدُ مُنْعَقِدٌ غَيْرُ نَافِذٍ حَتَّى لَا يُجْبِرَ الْبَائِعَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَ الذِّرَاعِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ أَصْلًا وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَجُوزُ وَتُذْرَعُ الدَّارُ فَإِنْ كَانَتْ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ صَارَ شَرِيكًا بِمِقْدَارِ عُشْرِ الدَّارِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَإِذَا بَاعَ سَهْمًا مِنْ الدَّارِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهُ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك ذِرَاعًا مِنْ هَذَا الثَّوْبِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهُ أَوْ قَالَ مِنْ هَذِهِ الْخَشَبَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهُ ذَكَرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي مَسْأَلَةِ الدَّارِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ اشْتَرَى ذِرَاعًا مِنْ خَشَبَةٍ أَوْ ثَوْبٍ مِنْ جَانِبٍ مَعْلُومٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ قَطَعَهُ وَسَلَّمَهُ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ جَائِزٌ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ فَاسِدٌ وَلَكِنْ لَوْ قَطَعَ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْ أَخْذِهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ قَالَ بِعْت مِنْك نَصِيبِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ بِكَذَا جَازَ إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِنَصِيبِهِ مِنْ

الفصل التاسع في بيع الأشياء المتصلة بغيرها والبيوع التي فيها استثناء

الدَّارِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ فِيمَا يَقُولُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِنَصِيبِهِ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَلِمَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ جُزْءًا مِنْ خَمْسَةِ أَسْهُمٍ أَوْ سَهْمَيْنِ مِنْهَا أَوْ نَصِيبِي مِنْهَا أَوْ مِنْ خَمْسَةِ أَنْصِبَاءَ أَوْ جُزْءًا أَوْ نَصِيبًا فِيهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِحْسَانًا بِالْقِيَاسِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ سَاحَةً أَوْ أَرْضًا وَذَكَرَ حُدُودَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ ذَرْعَهَا لَا طُولًا وَلَا عَرْضًا جَازَ الْمُشْتَرِي إذَا عَرَفَ الْحُدُودَ وَلَمْ يَعْرِفْ الْجِيرَانَ يَجُوزُ فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْحُدُودَ وَلَمْ يَعْرِفْ الْمُشْتَرِي الْحُدُودَ جَازَ الْبَيْعُ إذَا لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا تَجَاحُدٌ وَقَدْ عَرَفَا جَمِيعَ الْمَبِيعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ بَاعَ حِنْطَةً مَجْمُوعَةً فِي مَحْفُورَةٍ مِنْ أَرْضٍ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ مَبْلَغَهَا وَلَا مُنْتَهَى الْمَحْفُورَةِ قَالُوا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ مُنْتَهَى الْمَحْفُورَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مَبْلَغَ الْحِنْطَةِ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لَهُ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ تَحْتَهَا كَانَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ بِعْت مِنْك هَذِهِ الْمِائَةَ الشَّاةَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ الشَّاةُ مِنْهَا بِشَاةٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ بِعْت مِنْك هَذِهِ الْبَقَرَةَ وَهِيَ حَيَّةٌ كُلُّ رِطْلٍ بِدِرْهَمٍ فَقَبَضَهَا فَضَاعَتْ مِنْهُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. فِيمَنْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الشَّاةَ كُلُّ ثَلَاثَةِ أَرْطَالٍ بِدِرْهَمٍ بِوَزْنِهَا حَيَّةً فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَزْنُهَا خَمْسُونَ رِطْلًا فَاشْتَرَى مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَرْطَالٍ بِدِرْهَمٍ وَكَذَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الرُّمَّانَةَ بِوَزْنِهَا دَرَاهِمَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْت مِنْك عَبْدًا بِكَذَا وَلَمْ يُسَمِّهِ وَلَمْ يَرَهُ الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَجْهُولٌ بِسَبَبِ عَبْدِ الْغَيْرِ وَعَبْدٍ آخَرَ لَهُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ بِعْتُك عَبْدًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إذَا كَانَ لَهُ عَبْدٌ آخَرُ فَإِنْ اتَّفَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَبِيعَ هَذَا الْعَبْدُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ الْبَيْعُ جَائِزٌ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ يَجُوزُ إذَا اتَّفَقَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ آخَرُ بِالتَّعَاطِي لَا أَنْ يَنْقَلِبَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ جَائِزًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي شَرْحِ كِتَابِ الْعَتَاقِ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْت مِنْك عَبْدًا لِي بِكَذَا وَلَهُ عَبْدٌ وَاحِدٌ إنْ قَالَ عَبْدًا لِي فِي مَكَانِ كَذَا جَازَ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي مَكَانِ كَذَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ صَحِيحٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْت مِنْك جَمِيعَ مَا فِي هَذِهِ الدَّارِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ بِمَا تَحْوِيهِ الدَّارُ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الدَّارِ بَيْتٌ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ مَا فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ وَالْجُوَالِقِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْفَصْل التَّاسِع فِي بَيْع الْأَشْيَاء الْمُتَّصِلَة بِغَيْرِهَا والبيوع الَّتِي فِيهَا اسْتِثْنَاء] الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الْبُيُوعِ الْأَشْيَاءُ الْمُتَّصِلَةُ بِغَيْرِهَا وَفِي الْبُيُوعِ الَّتِي فِيهَا اسْتِثْنَاءٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنٍ فِي ضَرْعٍ وَلَا وَلَدٍ فِي بَطْنٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ صُوفٍ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ سَلَّمَ الصُّوفَ وَاللَّبَنَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا وَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَا بَيْعُ عَسْبِ الْفَحْلِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا مُكَايَلَةً وَمُوَازَنَةً وَإِنْ لَمْ تَشْتَدَّ الْحُبُوبُ بَعْدُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْمُزَابَنَةِ وَهُوَ بَيْعُ التَّمْرِ عَلَى النَّخْلِ بِتَمْرٍ مَجْذُوذٍ مِثْلَ كَيْلِ مَا عَلَى النَّخْلِ مِنْ التَّمْرِ حَزْرًا وَظَنًّا، وَالْمُحَاقَلَةُ وَهُوَ بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا بِحِنْطَةٍ مِثْلِ كَيْلِهَا خَرْصًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَوْ اشْتَرَى تِبْنَ تِلْكَ الْحِنْطَةِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اشْتَرَى التِّبْنَ بَعْدَ الْكَدْسِ قَبْلَ النَّذْرِ بِهِ جَازَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَمْ يَجُزْ أَيْضًا بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَهِيَ أَنْ يَتَسَاوَمَا سِلْعَةً وَيَتَّفِقَا عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمَسَهَا الْمُشْتَرِي فَقَدْ بَاعَهَا مِنْهُ وَلَمْ يَجُزْ أَيْضًا بَيْعُ إلْقَاءِ الْحَجَرِ وَهُوَ أَنْ يُلْقِيَ حَصَاةً وَثَمَّةَ أَثْوَابٌ فَأَيُّ ثَوْبٍ وَقَعَتْ عَلَيْهِ كَانَ هُوَ الْمَبِيعُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ

مُعَيَّنٍ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَسْبِقَ تَرَاضِيَهُمَا عَلَى الثَّمَنِ وَكَذَا الْمُنَابَذَةُ وَهُوَ أَنْ يَنْبِذَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَوْبَهُ إلَى الْآخَرِ وَلَمْ يَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى ثَوْبِ صَاحِبِهِ عَلَى جَعْلِ النَّبْذِ بَيْعًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ بَاعَ الْجُلَّ دُونَ الْحِنْطَةِ جَازَ وَالْجُلُّ سَاقُ الْحِنْطَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى الصَّدَفَ وَلَمْ يُسَمِّ اللُّؤْلُؤَةَ جَازَ وَلَهُ اللُّؤْلُؤُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا بَاعَ الْبَذْرَ الَّذِي فِي الْبِطِّيخِ مِمَّنْ يُرِيدُ الْبَذْرَ وَرَضِيَ صَاحِبُ الْبِطِّيخِ أَنْ يَقْطَعَ لَهُ الْبِطِّيخَ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَمْ يَجُزْ أَصْلًا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَكَذَا بَيْعُ النَّوَى فِي التَّمْرِ وَجُلِّ السِّمْسِمِ وَزَيْتِ الزَّيْتُونِ وَإِنْ سَلَّمَ الْبَائِعُ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْحَاوِي. دَفَعَ إلَيْهِ غَزْلًا لِيَنْسِجَ عِمَامَةً مِنْ سَدَاهُ فَنَسَجَهَا ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ الْإِبْرَيْسَمَ الَّذِي نَسَجَهُ فِيهِ جَازَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي الْعُيُونِ لَوْ بَاعَ حَبًّا فِي بَيْتٍ لَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ إلَّا بِقَلْعِ الْبَابِ يَجُوزُ وَأَجْبَرَهُ عَلَى تَسْلِيمِهِ خَارِجَ الْبَيْتِ وَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَقْدِرَ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ الْبَائِعُ فِي الْبَيْتِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا بِالْكَسْرِ كَسَرَهُ وَأَخْرَجَهُ وَقِيلَ الْبَيْعُ بَاطِلٌ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ بَاعَ حَبَّ هَذَا الْقُطْنِ لَا يَجُوزُ وَفِي الْمُنْتَقَى وَاخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ بَاعَ الْجِلْدَ وَالْكِرْشَ قَبْلَ الذَّبْحِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ ذَبَحَ بَعْدَ ذَلِكَ وَنَزَعَ الْجِلْدَ وَالْكِرْشَ وَسَلَّمَ لَا يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ جَائِزًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ بَاعَ جِذْعًا فِي سَقْفٍ أَوْ ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ مِنْ طَرَفٍ مِنْهُ مَعْلُومٍ أَوْ ذِرَاعًا مِنْ خَشَبَةٍ مِنْ مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ أَوْ حِلْيَةَ سَيْفٍ لَا يَتَخَلَّصُ إلَّا بِضَرَرٍ وَنِصْفَ زَرْعٍ لَمْ يُدْرِكْ أَوْ كَانَ ذَلِكَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ أَنْ يَقْلَعَ الْجِذْعَ أَوْ يَقْطَعَ الذِّرَاعَ مِنْ الثَّوْبِ أَوْ الْخَشَبَةِ أَوْ الْحِلْيَةِ مِنْ السَّيْفِ أَوْ يَحْصُدَ الزَّرْعَ إذَا كَانَ كُلُّهُ لَهُ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَفْسَخَ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ الْعَقْدُ وَلَا خِيَارَ لَهُ كَذَا فِي الْحَاوِي وَبَيْعُ مَوْضِعِ الْجِذْعِ مِنْ الْحَائِطِ وَهِبَتُهُ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَبَيْعُ الْفَصِّ فِي الْخَاتَمِ عَلَى هَذَا إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ لَا يَجُوزُ وَالْخَاتَمُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ جَازَ وَعَلَيْهِ ثَمَنُ الْفَصِّ إنْ هَلَكَ الْخَاتَمُ فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ هَلَكَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ قَالَ سَأَلْت مُحَمَّدًا عَمَّنْ بَاعَ فَصًّا فِي خَاتَمٍ أَوْ جِذْعًا فِي سَقْفٍ وَلَا يَنْزِعُ ذَلِكَ إلَّا بِضَرَرٍ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي أَوْ هُوَ مَوْقُوفٌ قَالَ هُوَ مَوْقُوفٌ لَا يَمْلِكُهُ مَا دَامَ لِلْبَائِعِ فِيهِ خِيَارٌ إنْ شَاءَ سَلَّمَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُسَلِّمْ أَشَارَ إلَى مَا قَبْلَ الْقَلْعِ فَإِذَا صَارَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ الْبَائِعُ فِيهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ دَفْعِهِ يَمْلِكُهُ مَنْ دَفَعَهُ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ حَتَّى بَاعَ الْبَائِعُ الْخَاتَمَ بِأَسْرِهِ أَوْ بَاعَ الْبَيْتَ مِنْ إنْسَانٍ آخَرَ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْعُ الْبَائِعِ ثَانِيًا يَنْقُضُ بَيْعَهُ أَوَّلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَصْلًا فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَقَالَ كُلُّ مَا أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى دَفْعِهِ إلَى الْمُشْتَرِي فَقَبَضَهُ عَلَى ذَلِكَ الْبَيْعِ فَضَاعَ لَزِمَهُ وَكُلُّ مَا لَمْ أُجْبِرُهُ عَلَى دَفْعِهِ إلَى الْمُشْتَرِي فَدَفَعَهُ إلَيْهِ لَا يَكُونُ قَابِضًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ بَاعَ صُوفًا فِي فِرَاشِهِ فَأَبَى الْبَائِعُ فَتْقَهُ إنْ كَانَ فِي فَتْقِهِ ضَرَرٌ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي فَتْقِهِ ضَرَرٌ يَجُوزُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْفَتْقِ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَفْتُقَ شَيْئًا حَتَّى يَنْظُرَ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي فَإِذَا رَآهُ وَرَضِيَ بِهِ أُجْبِرَ عَلَى فَتْقِ الْبَاقِي وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْجَزَرِ فِي الْأَرْضِ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ بَيْعِ الْعِمَارَةِ فِي الْحَانُوتِ وَالْأَشْجَارِ فِي الْأَرْضِ أَنْ لَا يَلْحَقَهَا ضَرَرٌ بِالْقَلْعِ فِي الْأَمْلَاكِ لِلْبَاعَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ قُلْت لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَأَيْت إنْ اغْتَصَبْت جِذْعًا فَسَقَفْت بِهِ أَوْ اغْتَصَبْت آجُرًّا فَبَنَيْت دَارًا أَوْ اغْتَصَبْت مِسْمَارًا فَجَعَلْته فِي بَابٍ ثُمَّ إنِّي بِعْت الْبَيْتَ وَالْبَابَ وَالدَّارَ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ وَإِذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ

فِي رَدِّ الدَّارِ وَالْبَيْتِ وَالْبَابِ قَالَ: الْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ خِيَارٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَكَّارٌ لَهُ عِمَارَةٌ فِي ضَيْعَةِ رَجُلٍ فَبَاعَ الْعِمَارَةَ إنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ بِنَاءً أَوْ شَجَرًا جَازَ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ التَّرْكُ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَتْ كِرَابًا أَوْ كَرَى أَنْهَارٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ دَارًا أَوْ أَرْضًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ بَيْتًا مِنْهَا بِعَيْنِهِ أَوْ قِطْعَةً بِعَيْنِهَا فَالْبَيْعُ لَا يَجُوزُ لَا فِي نَصِيبِهِ وَلَا فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ جَمِيعَ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّارِ وَالْأَرْضِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَسِيلِ وَهِبَتُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الطَّرِيقِ وَهِبَتُهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ بَاعَ أَمَةً فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ مُوصًى بِهِ لِآخَرَ فَأَجَازَ الْمُوصَى لَهُ ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا حِصَّةَ لَهُ وَإِنْ وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَمْ يُجِزْ الْمُوصَى لَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ بِحَالٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَوْ اسْتَثْنَى مِنْ الْمَبِيعِ مَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ جَازَ الِاسْتِثْنَاءُ كَمَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً إلَّا صَاعًا مِنْهَا أَوْ دَنًّا مِنْ خَلٍّ أَوْ دُهْنٍ إلَّا عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا جَازَ الْبَيْعُ وَلَوْ اسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا أَوْ شَاةً إلَّا عُضْوًا مِنْهَا أَوْ قَطِيعًا مِنْ الْغَنَمِ إلَّا شَاةً أَوْ سَيْفًا مُحَلَّى إلَّا حِلْيَتَهُ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ بَاعَ بِنَاءً أَوْ دَارًا وَاسْتَثْنَى مَا فِيهِ مِنْ الْخَشَبِ أَوْ اسْتَثْنَى مَا فِيهِ مِنْ اللَّبِنِ وَالْآجُرِّ وَالتُّرَابِ يَجُوزُ إذَا اشْتَرَاهُ لِلنَّقْضِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ التَّمْرَ وَيَسْتَثْنِيَ مِنْهَا أَرْطَالًا مَعْلُومَةً هَذَا إذَا بَاعَهَا عَلَى رَأْسِ الشَّجَرِ أَمَّا إذَا كَانَ مَجْذُوذًا فَبَاعَ الْكُلَّ إلَّا صَاعًا مِنْهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَالُوا وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ وَهُوَ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ وَأَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ وَلَوْ بَاعَ نَخِيلًا وَاسْتَثْنَى مِنْهَا نَخْلًا مَعْلُومًا جَازَ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ بَاعَ صُبْرَةً بِمِائَةٍ إلَّا عُشْرَهَا فَلَهُ تِسْعَةُ أَعْشَارِهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ عُشْرَهَا لِي فَلَهُ تِسْعَةُ أَعْشَارِهَا بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ الثَّمَنِ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فِيهَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ أَبِيعُك هَذِهِ - الْمِائَةَ الشَّاةَ - بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّ هَذِهِ لِي أَوْ لِي هَذِهِ فَسَدَ وَلَوْ قَالَ إلَّا هَذِهِ كَانَ مَا بَقِيَ لِي بِمِائَةٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الْمِائَةُ لَك بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَّا نِصْفَهَا فَإِنَّ النِّصْفَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَوْ قَالَ وَلِي نِصْفُهَا كَانَ النِّصْفُ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ أَغْنَامًا أَوْ عِدْلَ بُنٍّ وَاسْتَثْنَى وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلَوْ اسْتَثْنَى مُعَيَّنًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَلِكَ الْحَالُ فِي كُلِّ عَدَدِيٍّ مُتَفَاوِتٍ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ جَارِيَةٍ أُعْتِقَ مَا فِي بَطْنِهَا وَنَظِيرُهَا إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً إحْدَاهَا يَجُوزُ الْعَقْدُ وَالِاسْتِثْنَاءُ وَهِيَ مَا لَوْ أَوْصَى بِالْأُمِّ وَاسْتَثْنَى الْجَنِينَ أَوْ أَوْصَى بِالْحَمْلِ وَاسْتَثْنَى الْأُمَّ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَالِاسْتِثْنَاءُ وَهِيَ مَا لَوْ بَاعَ أَمَةً أَوْ كَاتَبَهَا أَوْ اسْتَأْجَرَهَا أَوْ صَالَحَ عَلَيْهَا مِنْ دَيْنٍ وَاسْتَثْنَى الْجَنِينَ فَسَدَتْ هَذِهِ الْعُقُودُ وَسِتَّةٌ يَجُوزُ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ وَهِيَ مَا لَوْ وَهَبَ الْأُمَّ أَوْ تَصَدَّقَ وَسَلَّمَهَا أَوْ أَمْهَرَهَا أَوْ صَالَحَ عَلَيْهَا مِنْ دَمِ الْعَمْدِ أَوْ خَالَعَ عَلَيْهَا أَوْ أَعْتَقَ الْأُمَّ وَاسْتَثْنَى الْجَنِينَ فَفِي هَذِهِ الْعُقُودِ بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ وَنَفَذَتْ الْعُقُودُ عَلَيْهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْأَمَالِي عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ دِرْهَمٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَكَذَا لَوْ قَالَ إلَّا نِصْفَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَالْعَبْدُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي بِأَلْفٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ. وَفِي الْأَمَالِي عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَهُ بِثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ سِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ بِثُلُثِ الثَّمَنِ أَوْ قَالَ بِمِائَةِ دِينَارٍ

الفصل العاشر في بيع شيئين إحداهما لا يجوز البيع فيه

فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي هَذَا كُلِّهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ بَاعَ رَقَبَةَ الطَّرِيقِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْبَائِعِ فِيهَا حَقُّ الْمُرُورِ جَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ صَاحِبُ الدَّارِ السُّفْلَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْبَائِعِ حَقُّ قَرَارِ الْعُلْوِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَبِيعُك هَذِهِ الدَّارَ إلَّا طَرِيقًا مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إلَى بَابِ الدَّارِ وَوَصَفَ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَشَرَطَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَالثَّمَنُ الَّذِي سَمَّى كُلَّهُ ثَمَنُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ سِوَى الطَّرِيقِ. وَلَوْ قَالَ فِي بَيْعِ الدَّارِ عَلَى أَنَّ لِلْبَائِعِ فِيهَا طَرِيقًا وَوَصَفَ طُولَهُ وَعَرْضَهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَبِيعُك دَارِي هَذِهِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِي هَذَا الْبَيْتَ بِعَيْنِهِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ قَالَ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ جَازَ الْبَيْعُ. وَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الدَّارَ إلَّا بِنَاءَهَا جَازَ الْبَيْعُ وَلَا يَدْخُلُ الْبِنَاءُ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا إلَّا هَذِهِ الشَّجَرَةَ بِعَيْنِهَا بِقَرَازِهَا جَازَ الْبَيْعُ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَدَلِّي أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ فِي مِلْكِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ فِي كِتَابِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةَ ذِرَاعٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إذَا عَلِمَ ذِرَاعَ الدَّارِ فَإِنْ شَاءَ كَانَ الْبَائِعُ شَرِيكًا مَعَهُ فِي الدَّارِ بِالْمِائَةِ الذِّرَاعِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَبِيعُك هَذَا الطَّعَامَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ مِنْهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ جَائِزٌ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا عَزَلَ مِنْهُ الْعَشَرَةَ الْأَقْفِزَةَ وَلَوْ بَاعَ بِمِائَةٍ إلَّا دِينَارًا كَانَ بِتِسْعٍ وَتِسْعِينَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. [الْفَصْل الْعَاشِر فِي بَيْع شَيْئَيْنِ إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ الْبَيْع فِيهِ] (الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِي بَيْعِ شَيْئَيْنِ إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِيهِ وَشِرَاءُ مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ) وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ أَوْ شَاةٍ ذَكِيَّةٍ وَمَيْتَةٍ وَبَاعَهُمَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِمَا سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا إذَا سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنًا صَحَّ فِي الْعَبْدِ وَالذَّكِيَّةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى شَاتَيْنِ مَسْلُوخَتَيْنِ فَإِذَا أَحَدُهُمَا ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ أَوْ ذَبِيحَةُ مُسْلِمٍ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَلَيْهَا عَمْدًا فَإِنَّ ذَلِكَ وَالْمَيْتَةَ سَوَاءٌ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ قِنٍّ وَمُدَبَّرٍ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ بَيْنَ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ صَحَّ فِي الْقِنِّ وَعَبْدِهِ بِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ وَقْفٍ وَمِلْكٍ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ فِي الْمِلْكِ فِي الْأَصَحِّ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ اشْتَرَى دَنَّيْنِ مِنْ خَلٍّ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا خَمْرٌ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ حِصَّةَ كُلِّ دَنٍّ مِنْ الثَّمَنِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ فِي الْكُلِّ وَإِنْ بَيَّنَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ الْعَقْدُ فِي الْخَلِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يَقْبِضْ الْآخَرَ حَتَّى بَاعَهُمَا جَمِيعًا بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بِخَمْسِمِائَةٍ جَازَ الْبَيْعُ فِيمَا قَبَضَ وَلَمْ يَجُزْ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مَمْلُوكًا فَبَاعَهُ مَعَ مَمْلُوكِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مَا اشْتَرَى جَازَ الْبَيْعُ فِي الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الْعَبْدَ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى بَاعَهُ مَعَ آخَرَ لَهُ مِنْ الْبَائِعِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كُلُّ وَاحِدٍ بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي عَبْدِهِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْعَبْدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَطَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ مَحْدُودَةً مَعْلُومَةً يَعْنِي جَمَعَ بَيْنَ الدَّارِ وَبَيْنَ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْبَيْعِ فَاسْتَحَقَّ الطَّرِيقَ بَعْدَمَا قَبَضَهُمَا الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الدَّارَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا بِحِصَّتِهَا إذَا كَانَ الطَّرِيقُ مُخْتَلِطًا بِالدَّارِ فَإِنْ كَانَ مُمَيَّزًا لَزِمَتْهُ الدَّارُ بِحِصَّتِهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ لَيْسَ بِمَحْدُودٍ وَلَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ فَسَدَ الْبَيْعُ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الطَّرِيقِ مَسْجِدٌ خَاصٌّ

يُجَمَّعُ فِيهِ فَالْقَوْلُ فِيهِ مِثْلُ الطَّرِيقِ الْمَعْلُومِ فَإِنْ كَانَ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَسَدَ الْبَيْعُ كُلُّهُ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَحِلُّ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَهْدُومًا أَوْ أَرْضًا سَاحَةً لَا بِنَاءَ فِيهَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَصْلِ مَسْجِدٌ جَامِعٌ وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الْأَرْضِ مِنْ صَاحِبِهِ كَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ بِفَسَادِ الْبَيْعِ وَكَذَا كَانَ يَقُولُ فِيمَا إذَا صَالَحَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ الْمُدَّعِي عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِخَمْسِمِائَةٍ نَقْدًا وَخَمْسِمِائَةٍ لَهُ عَلَى فُلَانٍ أَوْ بِخَمْسِمِائَةٍ إلَى الْعَطَاءِ فَسَدَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ مَحْدُودًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأَلْفٍ مَنٍّ مِنْ الْحِنْطَةِ وَبَيَّنَ أَوْصَافَهَا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مَكَانَ الْإِيفَاءِ لِلْحِنْطَةِ حَتَّى فَسَدَ الْبَيْعُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حِصَّةِ الْحِنْطَةِ هَلْ يَتَعَدَّى الْفَسَادُ إلَى الْبَاقِي عَلَى قَوْلِهِ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَعَدَّى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُ وَشِرَاءُ مَنْ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ لَهُ مَا بَاعَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِيعَ لَهُ بِأَنْ بَاعَ وَكِيلُهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ مُشْتَرِيهِ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ لَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُوصَى لَهُ وَالْمَبِيعُ لَمْ يُنْقَصْ ذَاتًا وَاِتَّحَدَ الثَّمَنَانِ جِنْسًا وَالدَّنَانِيرُ جِنْسُ الدَّرَاهِمِ هَهُنَا وَفِي الشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَلِكَ إنْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ بَاعَهُ بِدَنَانِيرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ بِأَقَلَّ لَا يَجُوزُ وَلَوْ بَاعَهُ بِدَنَانِيرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِتِبْرِ الْفِضَّةِ بِأَقَلَّ جَازَ وَإِذَا اشْتَرَاهُ بِالْفُلُوسِ بِأَقَلَّ قِيلَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا يَجُوزُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اشْتَرَى بِجِنْسٍ آخَرَ أَوْ بَعْدَمَا تَعَيَّبَ يَجُوزُ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْدَهُ جَازَ وَلَوْ رَخُصَ السِّعْرُ فَانْتَقَصَ مِنْ حَيْثُ السِّعْرُ فَاشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ لَمْ يَجُزْ وَلَا عِبْرَةَ لِلسِّعْرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَبَضَ نَفْسَ الثَّمَنِ ثُمَّ اشْتَرَى النِّصْفَ بِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ وَكَذَا لَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ جَازَ فَإِنْ عَادَ الْمُشْتَرِي إلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إنْ عَادَ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ فِي حَقِّ النَّاسِ كَافَّةً لَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ فِي حَقِّهِمَا بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الثَّالِثِ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ جَازَ وَلَوْ وَجَدَهَا زُيُوفًا فَرَدَّهَا لَمْ يَبْطُلْ الْجَوَازُ وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى ثَوْبٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ ثُمَّ وَجَدَ بِالثَّوْبِ عَيْبًا فَرَدَّهُ لَا يَفْسُدُ الشِّرَاءُ وَلَوْ وَجَدَ الدَّرَاهِمَ سُتُّوقًا فَسَدَ الشِّرَاءُ وَلَوْ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ بِأَقَلَّ جَازَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ وَإِذَا بَاعَ الْمُضَارِبُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ رَبُّ الْمَالِ بِأَقَلَّ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِمِائَةٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَ مِنْ الْبَائِعِ أَمَةً بِثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَمَةَ بِالْعَبْدِ وَبِمِائَةٍ جَازَ فِي نِصْفِ الْأَمَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. بَاعَ عَبْدًا بِأَلْفٍ نَسِيئَةً وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِأَجْنَبِيٍّ فَأَجَازَ الْمَشْرُوطُ لَهُ الْخِيَارَ وَالْبَيْعَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْأَجْنَبِيُّ بِخَمْسِمِائَةٍ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ جَازَ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَهَبَ السِّلْعَةَ مِنْ إنْسَانٍ وَوَهَبَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الْوَاهِبِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَهَا مِنْ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ جَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ إنْسَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ جَازَ. وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَهَبَهُ مِنْ إنْسَانٍ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ لَا يَجُوزُ. إذَا وَكَّلَ بِبَيْعِ عَبْدٍ لَهُ بِأَلْفٍ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ ثُمَّ أَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِأَمْرِهِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ بَاعَ الْمُدَبَّرَ أَوْ الْمُكَاتَبَ أَوْ الْعَبْدَ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَقَلَّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ

الباب العاشر في الشروط التي تفسد البيع والتي لا تفسده

وَلَوْ بَاعَ ثُمَّ وَكَّلَ آخَرَ حَتَّى اشْتَرَى بِأَقَلَّ جَازَ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَضْمُونِ إلَى شِرَاءٍ بَاعَهُ بِأَقَلَّ قَبْلَ النَّقْدِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ بَاعَهَا وَمَعَهَا أُخْرَى مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بِخَمْسِمِائَةٍ جَازَ الْبَيْعُ فِي الَّتِي لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْهُ وَفَسَدَ فِي الْأُخْرَى كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَفِي الْقُدُورِيِّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ حَالٍّ ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا بِذَلِكَ الثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ. وَلَوْ بَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً إلَى سَنَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَتَيْنِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّمَنِ دِرْهَمًا أَوْ أَكْثَرَ جَازَ وَتُجْعَلُ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ الثَّانِي بِمُقَابَلَةِ النُّقْصَانِ الْمُتَمَكِّنِ بِزِيَادَةِ الْأَجَلِ فَيَنْعَدِمُ النُّقْصَانُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الشُّرُوطِ الَّتِي تُفْسِدُ الْبَيْعَ وَاَلَّتِي لَا تُفْسِدُهُ] يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ شَرْطًا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَجِبَ بِالْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ كَشَرْطِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ وَشَرْطِ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِمَّا أَنْ كَانَ شَرْطًا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا إلَّا أَنَّهُ يُلَائِمُ ذَلِكَ الْعَقْدَ وَنَعْنِي بِهِ أَنَّهُ يُؤَكِّدُ مُوجَبَ الْعَقْدِ وَذَلِكَ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَ الْمُشْتَرِي كَفِيلًا بِالثَّمَنِ وَالْكَفِيلُ مَعْلُومٌ بِالْإِشَارَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ حَاضِرٌ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَقَبِلَ الْكَفَالَةَ أَوْ كَانَ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَحَضَرَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا قَبْلَ الْكَفَالَةِ جَازَ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا وَكَذَا الْبَيْعُ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ رَهْنًا وَالرَّهْنُ مَعْلُومٌ بِالْإِشَارَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ جَازَ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ إلَّا أَنَّ الرَّهْنَ يُؤَكِّدُ مُوجِبَ الْعَقْدِ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ مُعَيَّنًا وَلَكِنْ كَانَ مُسَمًّى إنْ كَانَ عَرْضًا لَمْ يَجُزْ فَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا مَوْصُوفًا فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ مُعَيَّنًا وَلَا مُسَمًّى وَإِنَّمَا شَرَطَا أَنْ يَرْهَنَهُ بِالثَّمَنِ رَهْنًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إلَّا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى تَعْيِينِ الرَّهْنِ فِي الْمَجْلِسِ وَدَفَعَهُ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا أَوْ تَعَجَّلَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَيَبْطُلُ الْأَجَلُ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْكَفِيلُ مُعَيَّنًا وَلَا مُسَمًّى فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ الْكَفَالَةَ أَوْ لَمْ يَأْبَ وَلَكِنْ لَمْ يَقْبَلْ حَتَّى افْتَرَقَا أَوْ أَخَذَ فِي عَمَلٍ آخَرَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ اسْتِحْسَانًا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَرْهَنَ كُرَّ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ جَازَ لِأَنَّ هَذِهِ الْجَهَالَةَ لَا تُفْسِدُ الْبَيْعَ وَلَوْ شَرَطَ فِيهِ رَهْنًا مُعَيَّنًا ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِ الرَّهْنِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ تَدْفَعَ الرَّهْنَ أَوْ قِيمَتَهُ أَوْ الثَّمَنَ أَوْ يُفْسَخَ الْعَقْدَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ يَكْفُلَ فُلَانٌ بِالدَّرْكِ فَهُوَ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا أَوْ بِنَفْسِهِ كَفِيلًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذَا كَانَ الْكَفِيلُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَكَفَلَ كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنْ يُحِيلَ الْبَائِعُ رَجُلًا بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَسَدَ الْبَيْعُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنْ يُحِيلَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى غَيْرِهِ بِالثَّمَنِ فَسَدَ قِيَاسًا وَجَازَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَقِيلَ فِي الْحَوَالَةِ إنْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يُحِيلَ الْمُشْتَرِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى غَرِيمِهِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يُحِيلَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ عَلَى غَرِيمِهِ جَازَ، ذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ شَرْطًا لَا يُلَائِمُ الْعَقْدَ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِجَوَازِهِ كَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ أَوْ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِجَوَازِهِ وَلَكِنَّهُ مُتَعَارَفٌ كَمَا إذَا اشْتَرَى نَعْلًا وَشِرَاكًا عَلَى أَنْ يَحْذُوَهُ الْبَائِعُ جَازَ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ اشْتَرَى صَرْمًا أَنْ يُخَرِّزَ الْبَائِعُ لَهُ خُفًّا أَوْ قَلَنْسُوَةً بِشَرْطِ أَنْ يُبَطِّنَ لَهُ الْبَائِعُ مِنْ عِنْدِهِ فَالْبَيْعُ بِهَذَا الشَّرْطِ جَائِزٌ لِلتَّعَامُلِ كَذَا

فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى خُفًّا بِهِ خَرْقٌ عَلَى أَنْ يُخَرِّزَ الْبَائِعُ أَوْ ثَوْبًا مِنْ خَلَقَانِيٍّ وَبِهِ خَرْقٌ عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ وَيَجْعَلَ عَلَيْهِ الرُّقْعَةَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى كِرْبَاسًا بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَالْخِيَاطَةِ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الْعُرْفِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ شَرْطًا لَمْ يُعْرَفْ وُرُودُ الشَّرْعِ بِجَوَازِهِ فِي صُورَتِهِ وَهُوَ لَيْسَ بِمُتَعَارَفٍ إنْ كَانَ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ أَوْ كَانَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَنْفَعَةٌ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَسْتَحِقَّ حَقًّا عَلَى الْغَيْرِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ الْمُشْتَرِيَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْتُك عَبْدِي هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي عَبْدَك هَذَا أَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تَجْعَلَ لِي عَبْدَك هَذَا فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ شَرَطَ الْهِبَةَ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي عَبْدَكَ هَذَا زِيَادَةً جَازَ وَيَكُونُ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَتَى بَاعَهُ فَالْبَائِعُ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. بِعْت مِنْك هَذَا الْحِمَارَ عَلَى أَنَّك مَا لَمْ تُجَاوِزْ بِهِ هَذَا النَّهْرَ فَرَدَدْته عَلَيَّ أَقْبَلُهُ مِنْك وَإِلَّا فَلَا لَا يَصِحُّ وَكَذَا إذَا قَالَ مَا لَمْ تُجَاوِزْ بِهِ إلَى الْغَدِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا لِيَبِيعَهُ مِنْ الْبَائِعِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلَوْ اشْتَرَى ثَمَرًا لِيَجُذَّهُ الْبَائِعُ أَوْ يُقْرِضَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ أَلْفًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَهَبَ لَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَوْ يَبِيعَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ يُقْرِضَهُ كَانَ فَاسِدًا وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنْ يُقْرِضَ فُلَانًا الْأَجْنَبِيَّ كَانَ جَائِزًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ثُمَّ إنَّ شَرْطَ مَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إنَّمَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَسْتَحِقَّ حَقًّا عَلَى الْغَيْرِ وَذَلِكَ هُوَ الرَّقِيقُ فَأَمَّا مَا سِوَى الرَّقِيقِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لَا تَسْتَحِقُّ عَلَى الْغَيْرِ حَقًّا فَاشْتِرَاطُ مَنْفَعَتِهِ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ سِوَى الرَّقِيقِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ أَوْ لَا يَهَبَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ فِي هَذَا الشَّرْطِ مَنْفَعَةٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ وَأَنْ لَا يَهَبَهُ وَلَا يُخْرِجَهُ عَنْ مِلْكِهِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنْ يُطْعِمَهُ الْمُشْتَرِي جَازَ وَإِنْ بَاعَ عَلَى أَنْ يُطْعِمَهُ خَبِيصًا أَوْ لَحْمًا كَانَ فَاسِدًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ أَنْ يُعْتِقَهُ الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَلَوْ قَبَضَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ جَائِزًا اسْتِحْسَانًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَلْزَمَهُ الثَّمَنُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا حَتَّى تَلْزَمَهُ الْقِيمَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ وَهَبَهُ مِنْ رَجُلٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنْ يَكْسُوَهَا الْقَزَّ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَضْرِبَهَا أَوْ عَلَى أَنْ لَا يُؤْذِيَهَا فَسَدَ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً عَلَى أَنْ يُدَبِّرَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى أَنْ يَسْتَوْلِدَهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ كَانَ شَرْطُ الْمَنْفَعَةِ جَرَى بَيْنَ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ بِأَنْ اشْتَرَى عَلَى أَنْ يُقْرِضَ الْبَائِعَ فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ كَذَا وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الْجَامِعِ فِي بَابِ الزِّيَادَةِ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَفْسُدُ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْعَقْدَ يَفْسُدُ وَصُورَةُ مَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي أَوْ عَلَى أَنْ تُقْرِضَ فُلَانًا وَذَكَرَ أَنَّ الْعَقْدَ فَاسِدٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ شَيْءٍ يُشْتَرَطُ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ يُفْسِدُ الْعَقْدَ فَإِذَا شُرِطَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَهُوَ بَاطِلٌ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ إذَا اشْتَرَى دَابَّةً عَلَى أَنْ يَهَبَ هُوَ لَهُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَهُوَ

بَاطِلٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَهَبَ لِي فُلَانٌ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَكُلُّ شَرْطٍ يُشْتَرَطُ عَلَى الْبَائِعِ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ فَإِذَا شُرِطَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ بِالْخِيَارِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا عَلَى أَنْ يَحُطَّ فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ كَذَا عَنْهُ جَازَ الْبَيْعُ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَهَبَ الْبَائِعُ لِابْنِ الْمُشْتَرِي أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فَسَدَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا بَاعَ ثَوْبًا عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ لَا يَهَبَهُ أَوْ دَابَّةً عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهَا أَوْ يَهَبَهَا أَوْ طَعَامًا لَا عَلَى أَنْ لَا يَأْكُلَهُ وَلَا يَبِيعَهُ ذَكَرَ فِي الْمُزَارَعَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ وَهَكَذَا رَوَى الْحَسَنُ فِي الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَابَّةً عَلَى أَنْ لَا يَعْلِفَهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ عَلَى أَنْ يَنْحَرَهَا وَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهَا مِنْهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ يَهَبَهَا وَلَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى وَهَكَذَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ اشْتَرَى عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَ إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ أَوْ اشْتَرَى دَارًا عَلَى أَنْ لَا يَهْدِمَهَا أَوْ لَا يَبْنِيَهَا إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ بَاعَ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ سُحْتًا وَرِشْوَةً جَازَ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ مِنْ بَيْعِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا مَسْجِدًا لِلْمُسْلِمِينَ فَسَدَ الْبَيْعُ وَكَذَا لَوْ بَاعَ طَعَامًا عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَكَذَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يَجْعَلَهَا سِقَايَةً أَوْ مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ فَسَدَ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَتَّخِذَهُ بِيعَةً أَوْ يَتَّخِذَ الْعَصِيرَ خَمْرًا جَازَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ أَبِيعُك هَذَا بِثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَعَلَى أَنْ يَخْدُمَنِي سَنَةً أَوْ قَالَ بِثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَخْدُمَنِي سَنَةً أَوْ قَالَ بِثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَخْدُمَك سَنَةً كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ شُرِطَ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَبِيعُك عَبْدِي هَذَا بِخِدْمَتِك سَنَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَخْرِقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ دَارًا عَلَى أَنْ يُخَرِّبَهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ كَانَ شَرْطًا لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلَا مَضَرَّةٌ نَحْوَ أَنْ يَبِيعَ طَعَامًا بِشَرْطِ أَنْ يَأْكُلَهُ أَوْ ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَلْبَسَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِشَرْطِ أَنْ يَطَأَهَا أَوْ لَا يَطَأَهَا فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَك عَلَى فُلَانٍ قَضَاءً مِنِّي لَك عَنْ فُلَانٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ عَنْ فُلَانٍ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا بَاعَ الرَّجُلُ عَبْدًا لَهُ مِنْ رَجُلٍ بِالدَّيْنِ الَّذِي لِلْمُشْتَرِي عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ أَلْفٌ وَرَضِيَ بِهِ فُلَانٌ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْمَالُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْغَرِيمِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا بَاعَ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ إلَى الْغَرِيمِ لِلْبَائِعِ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ عَبْدَهُ مِنْ إنْسَانٍ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ الْمُشْتَرِي عَنْهُ أَلْفًا لِغَرِيمٍ لَهُ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ عَلَى أَنْ أَجْعَلَ لَك مِائَةَ دِرْهَمٍ جُعْلًا عَلَى ذَلِكَ فَبَاعَهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّرْطَ فِي الْبَيْعِ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْجُعْلُ وَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ عَلَى أَنْ أَهَبَ لَك مِائَةَ دِرْهَمٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَشْتَرِي مِنْك هَذَا بِالْمِائَةِ الَّتِي عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ فَاسِدٌ وَإِنْ قَالَ أَبِيعُك

ثَوْبِي بِمِائَةٍ لَك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنْ يَبْرَأَ فُلَانٌ الْغَرِيمُ عَمَّا عَلَيْهِ لَك فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ بَاعَ شَيْئًا وَقَالَ بِعْت مِنْك بِكَذَا عَلَى أَنْ أَحُطَّ مِنْ ثَمَنِهِ كَذَا جَازَ الْبَيْعُ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ أَهَبَ لَك مِنْ ثَمَنِهِ كَذَا لَا يَجُوزُ وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك بِكَذَا عَلَى أَنْ حَطَطْت عَنْك كَذَا أَوْ قَالَ عَلَى أَنْ وَهَبْت لَك كَذَا جَازَ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْهِبَةَ قَبْلَ الْوُجُوبِ حَطٌّ وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ شَرَطَ الْهِبَةَ بَعْدَ الْوُجُوبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا اشْتَرَى عَبْدًا وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ شَهْرًا عَلَى أَنَّهُ إنْ عَرَضَهُ عَلَى بَيْعٍ أَوْ اسْتَخْدَمَهُ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَاشْتَرَى مِنْهُ ثَوْبًا عَلَى أَنْ لَا يُقَاصَّهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ جَائِزًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِحْسَانًا حَتَّى يَلْزَمَهُ الثَّمَنُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا حَتَّى تَلْزَمَهُ الْقِيمَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَنْزَالَ كَرْمٍ بِشَرْطِ أَنْ يَبْنِيَ الْبَائِعُ حِيطَانَهُ فَسَدَ الْبَيْعُ وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ اشْتَرِ حَتَّى أَبْنِيَ الْحَوَائِطَ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ وَلَكِنْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَبْنِ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. بَاعَ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِالتَّفَارِيقِ إنْ كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْبَيْعِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا وَلَكِنْ ذُكِرَ بَعْدَ الْبَيْعِ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ جُمْلَةً كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ اشْتَرَى بِشَرْطِ أَنْ يُوفِيَهُ فِي مَنْزِلِهِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي فِي الْمِصْرِ وَمَنْزِلُهُ أَيْضًا فِيهِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ بِهَذَا الشَّرْطِ اسْتِحْسَانًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ مَنْزِلُهُ خَارِجَ الْمِصْرِ وَالْمُشْتَرِي خَارِجَ الْمِصْرِ وَمَنْزِلُهُ فِي الْمِصْرِ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ كِلَاهُمَا فِي غَيْرِ الْمِصْرِ وَلَوْ كَانَ بِشَرْطِ الْحَمْلِ إلَى مَنْزِلِهِ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ اشْتَرَى حَطَبًا فِي قَرْيَةٍ شِرَاءً صَحِيحًا وَقَالَ مَوْصُولًا بِالْبَيْعِ وَاحْمِلْهُ إلَى مَنْزِلِي جَازَ الْبَيْعُ لِأَنَّ هَذِهِ مَشُورَةٌ وَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ إنْ شَاءَ حَمَلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَحْمِلْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ فُلَانٌ الْمَبِيعَ لَهُ وَعَلِمَ أَنَّ لِفُلَانٍ فِيهَا شَيْئًا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَقَالَ الْحَسَنُ إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ فِيهَا شَيْئًا فَإِنْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ جَازَ وَإِلَّا كَانَ بِالْخِيَارِ فِي حِصَّةِ الْبَائِعِ فَإِنْ شَاءَ أَجَازَ وَإِنْ شَاءَ أَبْطَلَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي زِدْتُك فِي الثَّمَنِ مِائَةً عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ جَازَ الْبَيْعُ وَكَانَ الْبَيْعُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَهَبُ لَك زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ الثَّمَنَ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَسَدَ الْبَيْعُ، هَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا فَإِنْ بَاعَ بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ الثَّمَنَ فِي بَلَدٍ آخَرَ جَازَ الْبَيْعُ بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ وَيَبْطُلُ شَرْطُ الْإِيفَاءِ فِي بَلَدٍ آخَرَ لِأَنَّهُ بَاعَ بِأَلْفٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْإِيفَاءَ فِي بَلَدٍ آخَرَ لِتَعْيِينِ مَكَانِ الْإِيفَاءِ، وَتَعْيِينُ مَكَانِهِ فِيمَا لَا حَمْلَ لَهُ وَلَا مُؤْنَةَ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ يَصِحُّ تَعْيِينُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ أَيْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ بَاعَ عَلَى أَنَّهُ بِالنَّقْدِ بِكَذَا وَبِالنَّسِيئَةِ بِكَذَا وَإِلَى شَهْرٍ بِكَذَا وَإِلَى شَهْرَيْنِ بِكَذَا لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَبِيعُك هَذَا الزِّقَّ وَهَذَا الزَّيْتَ الَّذِي فِيهِ عَلَى أَنَّ الزِّقَّ خَمْسُونَ رِطْلًا وَالزَّيْتَ خَمْسُونَ كُلُّ رِطْلٍ مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ فَوَجَدَ الزِّقَّ سِتِّينَ رِطْلًا وَالزَّيْتَ أَرْبَعِينَ فَإِنَّ الثَّمَنَ يَنْقَسِمُ عَلَى قِيمَةِ الزَّيْتِ وَعَلَى قِيمَةِ الزِّقِّ ثُمَّ يُزَادُ عَلَى الثَّمَنِ حِصَّةَ الْعَشَرَةِ الْأَرْطَالِ الَّتِي وَجَدَهَا زَائِدَةً فِي الزِّقِّ وَيَنْقُصُ عَنْ الثَّمَنِ حِصَّةَ عَشَرَةِ الْأَرْطَالِ الَّتِي وَجَدَهَا نَاقِصَةً عَنْ الزَّيْتِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ إنْ شِئْت فَخُذْ وَإِنْ شِئْت فَدَعْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا بَاعَ بِرْذَوْنًا عَلَى أَنَّهُ هِمْلَاجٌ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَإِذَا اشْتَرَى شَاةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ اشْتَرَى نَاقَةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ بَاعَهَا عَلَى أَنَّ مَعَهَا وَلَدًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِبُخَارَى عَلَى أَنْ

يُوفِيَهُ مِثْلَهَا بِسَمَرْقَنْدَ أَوْ اسْتَقْرَضَ بِبُخَارَى أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنْ يُوفِيَهُ بِسَمَرْقَنْدَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ شَاةً عَلَى أَنَّهَا حُبْلَى فَسَدَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ فَقَدْ ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمَشَايِخَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ هَذَا الْبَيْعِ بَعْضُهُمْ قَالُوا لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ شَرَطَ الْحَمْلَ فِي الْبَهَائِمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْبَيْعُ جَائِزٌ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ عِنْدِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَرُوِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ هَذَا الشَّرْطُ إذَا كَانَ مِنْ الْبَائِعِ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَجُوزُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً لِلظُّؤْرَةِ عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً وَتَبَرَّأَ مِنْ الْحَبَلِ وَكَانَ لَهَا حَبَلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً عَلَى أَنَّهَا حَلُوبٌ أَوْ لَبُونٌ قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَا يَجُوزُ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. بَاعَ جَارِيَةً ظِئْرًا عَلَى أَنَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ وَذَكَرَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّ هَذِهِ بِمَنْزِلَةِ الصِّنَاعَةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ خَبَّازٌ وَثَمَّةَ يَجُوزُ كَذَا هَاهُنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. لَوْ اشْتَرَى بِطِّيخَةً عَلَى أَنَّهَا حُلْوَةٌ أَوْ زَيْتًا أَوْ سِمْسِمًا عَلَى أَنَّ فِيهِ كَذَا مَنًّا مِنْ الدُّهْنِ أَوْ أُرْزًا خَامًا عَلَى أَنَّهُ يَخْرُجُ الْأُرْزُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْمِائَةِ كَذَا مَنًّا، أَوْ شَاةً أَوْ ثَوْرًا حَيًّا عَلَى أَنَّ فِيهِ كَذَا مَنًّا مِنْ اللَّحْمِ فَسَدَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَتِهِ قَبْلَ الْعَمَلِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ بَاعَ شَاةً عَلَى أَنَّهَا تَحْلِبُ كَذَا كَذَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا تَضَعُ بَعْدَ شَهْرٍ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ أَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الْبَقَرَةَ عَلَى أَنَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ وَقَالَ الْبَائِعُ أَنَا أَبِيعُهَا كَذَلِكَ ثُمَّ بَاشَرَا الْعَقْدَ مُرْسَلًا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ثُمَّ وَجَدَهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا تُغَنِّي كَذَا كَذَا صَوْتًا فَإِذَا هِيَ لَا تُغَنِّي جَازَ وَلَا خِيَارَ لَهُ قَالُوا وَهَذَا إذَا ذَكَرَ هَذِهِ الصِّفَةَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرِّي عَنْ الْعَيْبِ وَفِي الْفَتَاوَى أَنَّ الْبَيْعَ بِهَذَا الشَّرْطِ فَاسِدٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمَأْخُوذُ بِهِ هُوَ الْأَوَّلُ وَعَلَى هَذَا بَيْعُ الْكَبْشِ النَّطَّاحِ وَالدِّيكِ الْمُقَاتِلِ إذَا كَانَ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرِّي عَنْهُ يَجُوزُ أَيْضًا كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. اشْتَرَى جَوْزًا عَلَى أَنَّهُ فَاسِدٌ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا يَشْتَرِي مِثْلَهُ لِلْحَطَبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى حَمَامَةً عَلَى أَنَّهَا تُصَوِّتُ كَذَا كَذَا صَوْتًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إجْبَارُ الْحَمَامِ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَشْرُوطُ لَا يُمْكِنُ التَّعَرُّفُ عَنْهُ لِلْحَالِ فَيَفْسُدُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْأَصْلِ إذَا بَاعَ كَلْبًا عَلَى أَنَّهُ عَقُورٌ وَحَمَامَةً عَلَى أَنَّهَا

دَوَّارَةٌ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْعَيْبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا وَاشْتَرَطَ مَعَ الدَّارِ الْفِنَاءَ لَا يَجُوزُ. بَاعَ أَرْضًا وَشَرَطَ إنْ أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي فِيهَا حَدَثًا فَاسْتَحَقَّتْ فَالْبَائِعُ ضَامِنٌ لِلْمُشْتَرِي بِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَضْمَنُ الْحَفْرَ وَمَا شَاكَلَهُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ وَالزَّرْعَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا تَخْبِزُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا أَوْ تَكْتُبُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. بَاعَ زَرْعًا وَهُوَ بَقْلٌ عَلَى أَنْ يُرْسِلَ الْمُشْتَرِي فِيهِ دَوَابَّهُ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الْقِيَاسِ يَفْسُدُ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى أَرْضًا عَلَى أَنَّ خَرَاجَهَا عَلَى الْبَائِعِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلَوْ شَرَطَ الْبَعْضَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ خَرَاجِ الْأَصْلِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ زَائِدًا عَلَى خَرَاجِ الْأَصْلِ جَازَ. اشْتَرَى أَرْضًا عَلَى أَنَّ خَرَاجَهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَرْبَعَةٌ أَوْ قَالَ أَرْبَعَةٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ ثَلَاثَةٌ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، هَذَا إذَا كَانَ عَلِمَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَهَا بِخَرَاجِهَا كُلِّهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا. وَلَوْ اشْتَرَى الْأَرْضَ الْخَرَاجِيَّةَ بِغَيْرِ خَرَاجٍ أَوْ أَرْضًا بِغَيْرِ خَرَاجٍ اشْتَرَاهَا مَعَ الْخَرَاجِ بِأَنْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَرْضٌ خَرَاجِيَّةٌ وَضَعَ خَرَاجَهَا عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ فَبَاعَهَا وَعَلِمَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنْ تَكُونَ سَرِقَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ أَبَدًا أَوْ جُنُونُهُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَسْتَهِلَّ الْهِلَالُ فَجُنَّ قَبْلَ أَنْ يَسْتَهِلَّ الْهِلَالُ فَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ الْبَائِعُ فَهَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَالُوا الْبَيْعُ بِهَذَا الشَّرْطِ فَاسِدٌ فَإِذَا رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهُ فَقَدْ بَرِئَ مِنْهُ وَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سُئِلَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ عَنْ أَرْضٍ خَرَاجُهَا عَشَرَةٌ بَاعَهَا مَالِكُهَا مَعَ خَرَاجِ خَمْسَةَ عَشَرَ زَادَ عَلَيْهَا مِنْ خَرَاجِ أَرْضٍ أُخْرَى قَالَ: الْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَكَذَا فِي جَانِبِ النُّقْصَانِ فَسُئِلَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارَ أَصْلِ الْخَرَاجِ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ وَاخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْمِقْدَارِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَقَلَّ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَكْثَرَ هَلْ يُنْظَرُ إلَى خَرَاجِ مِثْلِ هَذِهِ الْأَرْضِ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَإِذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ مَا يَعْلَمُ أَنَّ أَصْلَ خَرَاجِ هَذِهِ الْأَرْضِ كَذَا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ الْخَصْمُ فِي الْخَرَاجِ نَائِبُ السُّلْطَانِ فَسُئِلَ وَمَا قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ خَرَاجِيَّةً إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ وُضِعَ أَصْلُ الْخَرَاجِ غَيْرَ أَنَّهُمْ يُوَزِّعُونَ الْخَرَاجَ عَلَى الشِّرْبِ بِذَلِكَ جَرَى الْعُرْفُ بَيْنَهُمْ فِي الْقَدِيمِ فَبَاعَ رَجُلٌ أَرْضًا بِغَيْرِ خَرَاجٍ أَوْ بِخَرَاجٍ قَلِيلٍ هَلْ يَجُوزُ فَقَالَ هَذَا عُرْفٌ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اشْتَرَى أَرْضًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ يَتَحَمَّلُ خَرَاجَهَا فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ الْبَيْعَ بِهَذَا الشَّرْطِ جَائِزٌ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ فَاسِدًا قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ فَاسِدٌ وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ مَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ، فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ أَخَذَهَا بِتَرَاضِيهِمَا كَانَ ذَلِكَ بَيْعًا مُبْتَدَأً فَإِنْ شَرَطَا فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَتَحَمَّلَ الْبَائِعُ خَرَاجَهَا كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَرُدَّ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ

وَلَوْ اشْتَرَى بِشَرْطِ آنَكِهَ هَمْسًا يُكَان باركشند الْبَيْعُ فَاسِدٌ. وَكَذَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ الْجِبَايَةُ وَلَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّ الْجِبَايَةَ الْأُولَى لَيْسَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي وَاتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ جَازَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا بَاعَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْخَرَاجَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ شَرْطًا فِي الْبَيْعِ جَازَ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ خَرَاجُهَا كَثِيرًا مِثْلَ مَا يُعَدُّ ذَلِكَ عَيْبًا فِي النَّاسِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ الْعَيْبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا بَاعَ أَرْضًا وَقَالَ إنَّ خَرَاجَهَا كَذَا ثُمَّ ظَهَرَتْ الزِّيَادَةُ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ شَيْئًا يَعُدُّهُ النَّاسُ عَيْبًا فَلَهُ الرَّدُّ إذَا اشْتَرَى دَارًا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ عَنْ النَّوَائِبِ فَإِذًا يُطَالَبُ الْمُشْتَرِي بِالنَّوَائِبِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى بَائِعِهَا إنْ كَانَ حَيًّا وَعَلَى وَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّ قَانُونَهَا نِصْفُ دَانِقٍ فَإِذَا هُوَ أَكْثَرُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا. وَإِذَا بَاعَ حَانُوتًا عَلَى أَنَّ غَلَّتَهَا عِشْرُونَ فَإِذَا هِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ تُغَلُّ فِيمَا مَضَى كَذَا فَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهَا تُغَلُّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُفَسِّرْ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ شَيْئًا فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَاعَ أَرْضًا عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا كَذَا نَخْلَةً فَوَجَدَهَا الْمُشْتَرِي نَاقِصَةً جَازَ الْبَيْعُ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ. وَلَوْ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا كَذَا بَيْتًا فَوَجَدَهَا الْمُشْتَرِي نَاقِصَةً جَازَ الْبَيْعُ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا كَذَا نَخْلَةً عَلَيْهَا ثِمَارُهَا فَبَاعَ الْكُلَّ بِثِمَارِهَا فَإِنْ كَانَ نَخْلٌ فِيهَا غَيْرُ مُثْمِرٍ فَسَدَ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ بَاعَ شَاةً مَذْبُوحَةً فَإِذَا رِجْلُهَا مِنْ الْفَخِذِ مَقْطُوعَةً فَسَدَ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا بَاعَ أَرْضًا عَلَى أَنَّ فِيهَا نَخِيلًا وَأَشْجَارًا فَإِذَا لَيْسَ فِيهَا نَخِيلٌ وَأَشْجَارٌ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا بَاعَ بِنَخِيلِهَا وَأَشْجَارِهَا فَهَذَا وَمَا لَوْ بَاعَهَا عَلَى أَنَّ فِيهَا نَخِيلًا وَأَشْجَارًا سَوَاءٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ دَارًا بِسُفْلِهَا وَعُلْوِهَا فَإِذَا لَا عُلْوَ لَهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ. . وَإِذَا قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِأَجْذَاعِهَا وَأَبْوَابِهَا وَخَشَبِهَا فَإِذَا لَيْسَ فِيهَا أَجْذَاعٌ وَلَا أَبْوَابٌ وَلَا خَشَبٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا بَابَانِ وَجِذْعَانِ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهَا بَابٌ وَاحِدٌ أَوْ جِذْعٌ وَاحِدٌ فَلَهُ الْخِيَارُ وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَهَا بِمَا فِيهَا مِنْ الْأَجْذَاعِ وَالْأَبْوَابِ وَالْخَشَبِ وَالنَّخِيلِ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ. إذَا اشْتَرَى سَيْفًا عَلَى أَنَّهُ مُحَلَّى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةً أَوْ نَعْلًا عَلَى أَنَّهَا مُشَرَّكَةً بِشِرَاكٍ أَوْ خَاتَمًا عَلَى أَنَّ فَصَّهُ يَاقُوتٌ أَوْ فَصًّا عَلَى أَنَّهُ مُرَكَّبٌ فِيهِ حَلْقَةُ ذَهَبٍ فَإِذَا لَا شِرَاكَ إلَى آخِرِهِ أَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ كَمَا شُرِطَتْ فَتَلِفَ الشِّرَاكُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ إلَّا إذَا اشْتَرَى فَصًّا عَلَى أَنَّهُ مُرَكَّبٌ فِي حَلْقَةِ ذَهَبٍ فَلَمْ تُوجَدْ الْحَلْقَةُ فَإِنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْبَيْعَ فَاسِدٌ وَالْجُمْلَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُبَاعُ وَيُدْخَلُ غَيْرُهُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا لَهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَإِذَا بِيعَ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَشَرَطَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مَعَهُ فِي الْبَيْعِ

وَوُجِدَ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْغَيْرُ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَكُلُّ شَيْءٍ يُبَاعُ وَلَا يُدْخَلُ غَيْرُهُ فِي بَيْعِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ فَإِنْ بِيعَ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَشُرِطَ غَيْرُهُ مَعَهُ فِي الْبَيْعِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْغَيْرُ فَالْمُشْتَرِي يَأْخُذُ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِحِصَّتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ بَاعَ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ مَصْبُوغٌ بِالصُّفْرِ فَإِذَا هُوَ أَبْيَضُ جَازَ الْبَيْعُ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنَّ فِيهَا بِنَاءً فَإِذَا لَا بِنَاءَ فِيهَا جَازَ الْبَيْعُ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ أَبْيَضُ فَإِذَا هُوَ مَصْبُوغٌ بِالصُّفْرِ كَانَ فَاسِدًا كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنْ لَا بِنَاءَ فِيهَا وَكَانَ فِيهَا بِنَاءٌ يَفْسُدُ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنَّ بِنَاءَهَا آجُرٌّ فَإِذَا هُوَ لَبِنٌ ذَكَرَ فِي التَّجْرِيدِ أَنَّهُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ مَصْبُوغٌ بِالْعُصْفُرِ فَإِذَا هُوَ مَصْبُوغٌ بِالزَّعْفَرَانِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَلَوْ اشْتَرَى كِرْبَاسًا عَلَى أَنَّ سَدَاهُ أَلْفٌ فَإِذَا هُوَ أَلْفٌ وَمِائَةٌ يُسَلَّمُ إلَيْهِ الثَّوْبُ وَلَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ سُدَاسِيٌّ فَإِذَا هُوَ خُمَاسِيٌّ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ الْقَزَّ وَالْخَزَّ وَكَانَ مُخْتَلِطًا فَإِنْ كَانَ السَّدَى مِمَّا شُرِطَ وَاللُّحْمَةُ مِنْ غَيْرِهِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَتْ اللُّحْمَةُ مِمَّا شُرِطَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي فَصْلِ الْقَزِّ وَفِي الْخَزِّ لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إنْ كَانَتْ اللُّحْمَةُ خَزًّا وَالسَّدَى مِنْ غَيْرِهِ. قَالَ بِشْرٌ سَأَلْت أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ كَتَّانٌ فَإِذَا ثُلُثُهُ قُطْنٌ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَإِنْ قَطَعَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرُهُ قُطْنًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى سَوِيقًا عَلَى أَنَّهُ لَتَّهُ بِمَنٍّ مِنْ السَّمْنِ وَتَقَابَضَا وَالْمُشْتَرِي يَنْظُرُ إلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَتَّهُ بِنِصْفِ مَنٍّ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ اشْتَرَى صَابُونًا عَلَى أَنَّهُ مُتَّخَذٌ مِنْ كَذَا كَذَا جَرَّةً مِنْ الدُّهْنِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ اُتُّخِذَ مِنْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَالْمُشْتَرِي كَانَ يَنْظُرُ إلَى الصَّابُونِ وَقْتَ الشِّرَاءِ جَازَ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى قَمِيصًا عَلَى أَنَّهُ مُتَّخَذٌ مِنْ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ فَإِذَا هُوَ مِنْ تِسْعَةٍ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي. وَلَوْ بَاعَ مِنْ آخَرَ بِرْسِيمًا فَوَزَنَهُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَذَهَبَ بِهِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ مُدَّةٍ قَالَ وَجَدْته نَاقِصًا إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ انْتَقَصَ مِنْ الْهَوَاءِ لَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَا لَوْ كَانَ النُّقْصَانُ مِمَّا يَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النُّقْصَانُ مِنْ الْهَوَاءِ وَلَا مِمَّا يَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي أَقَرَّ أَنَّهُ كَذَا مَنًّا فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ حِصَّةَ النُّقْصَانِ إنْ كَانَ لَمْ يَنْقُدْهُ الثَّمَنَ وَإِنْ كَانَ نَقَدَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ كَذَا مَنًّا ثُمَّ قَالَ وَجَدْته أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ الْبَائِعِ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَسْتَرِدَّهُ. رَجُلٌ بَاعَ حَبًّا مِنْ طَعَامٍ ثُمَّ ظَهَرَ النِّصْفُ تِبْنًا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى بِئْرًا مِنْ حِنْطَةٍ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَوَجَدَهُ أَقَلَّ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ. وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى كِتَابًا عَلَى أَنَّهُ كِتَابُ النِّكَاحِ مِنْ تَأْلِيفِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا هُوَ كِتَابُ الطَّلَاقِ أَوْ كِتَابُ الطِّبِّ أَوْ كِتَابُ النِّكَاحِ لَا مِنْ تَأْلِيفِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

قَالُوا: يَجُوزُ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْكِتَابَ هُوَ السَّوَادُ عَلَى الْبَيَاضِ وَذَلِكَ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ أَنْوَاعُهُ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ. وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً عَلَى أَنَّهَا نَعْجَةٌ فَإِذَا هِيَ مَعْزٌ جَازَ الْبَيْعُ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ اشْتَرَى بَعِيرًا عَلَى أَنَّهُ خُرَاسِيٌّ فَلَمْ يَجِدْهُ خُرَاسِيًّا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا بَاعَ شَخْصًا عَلَى أَنَّهُ جَارِيَةٌ فَإِذَا هُوَ غُلَامٌ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ أَخَذَ بِهِ عُلَمَاؤُنَا وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا يُجَانِسُهَا أَنَّ الْإِشَارَةَ مَعَ التَّسْمِيَةِ مَتَى اجْتَمَعَتَا فِي الْعَقْدِ فَوُجِدَ الْمُشَارُ إلَيْهِ عَلَى خِلَافِ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ الْخِلَافُ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ حَتَّى أَنَّ مَنْ بَاعَ فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَإِنْ كَانَ الْمُشَارُ إلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى إلَّا أَنَّهُ يُخَالِفُهُ فِي الصِّفَةِ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا رَآهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَإِذَا هُوَ أَصْفَرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى قَلَنْسُوَةً عَلَى أَنَّ حَشْوَهَا قُطْنٌ فَفَتَقَهَا الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي صُوفًا اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَفْسُدُ الْبَيْعُ فَيَرُدُّهَا الْمُشْتَرِي وَيَرُدُّ مَعَهَا نُقْصَانَ الْفَتْقِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَهَذَا أَصَحُّ، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ بَاعَ جُبَّةً عَلَى أَنَّ ظِهَارَتَهَا كَذَا وَبِطَانَتَهَا كَذَا وَحَشْوَهَا كَذَا فَوَجَدَ الظِّهَارَةَ عَلَى مَا شَرَطَ وَالْبِطَانَةَ وَالْحَشْوَ عَلَى خِلَافِهِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ الظِّهَارَةُ مِنْ غَيْرِ مَا شَرَطَ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ. وَإِذَا بَاعَ قَبَاءً عَلَى أَنَّ بِطَانَتَهُ هَرَوِيٌّ فَإِذَا هِيَ مَرْوِيٌّ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ حَشْوُهُ قَزٌّ فَإِذَا هُوَ قُطْنٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى أَرْضًا ثُمَّ امْتَنَعَ عَنْ إيفَاءِ الثَّمَنِ وَقَالَ اشْتَرَيْتهَا عَلَى أَنَّهَا جَرِيبَانِ فَإِذَا هِيَ أَنْقَصُ وَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُهَا كَمَا هِيَ وَمَا شَرَطْتُ لَك شَيْئًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ فِي إنْكَارِ الشَّرْطِ مَعَ يَمِينِهِ. بَاعَ حِمَارًا وَقَالَ: بِآنِ شَرْط ميفروشم كه غَارَتِي است كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَبِيعُك عَلَى أَنْ لَا تَرْجِعَ عَلَيَّ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً ثَيِّبًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا ثُمَّ بَانَ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ وَطِئَهَا لَزِمَ الْبَيْعُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وِلَايَةُ الرَّدِّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَإِذَا هِيَ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ أَجِدْهَا بِكْرًا وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتهَا وَسَلَّمْتهَا وَهِيَ بِكْرٌ فَذَهَبَتْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ الْيَمِينِ وَيَحْلِفُ لَقَدْ بِعْتهَا وَسَلَّمْتهَا وَهِيَ بِكْرٌ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يُرِيهَا النِّسَاءَ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ يُرِيهَا النِّسَاءَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ سَمَكَةً عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَرْطَالٍ وَوَزَنَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا حَجَرًا وَزْنُهُ ثَلَاثَةُ أَرْطَالٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَالسَّمَكَةُ عَلَى حَالِهَا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ كَانَ قَدْ شَوَاهَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ فَإِنِّي أُقَوِّمُ السَّمَكَةَ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَرْطَالٍ وَأُقَوِّمُهَا وَهِيَ سَبْعَةُ أَرْطَالٍ فَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ مَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ وَجَدَ فِي بَطْنِهَا طِينًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا تَأْكُلُ السَّمَكَةُ لَزِمَهُ

الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ طَسْتًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَمْنَاءٍ فَقَبَضَهُ فَإِذَا هُوَ خَمْسَةُ أَمْنَاءٍ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَأَبَى الْبَائِعُ قَبُولَهُ لِأَجْلِ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إلَى الطَّسْتِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَلَى عَشَرَةِ أَمْنَاءٍ عِشْرِينَ وَعَلَى خَمْسَةِ أَمْنَاءٍ عَشَرَةً وَالْعَيْبُ نَقَصَهُ عَنْ قِيمَتِهِ خَمْسَةَ أَمْنَاءٍ دِرْهَمًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ لِنُقْصَانِ الْوَزْنِ وَيَرْجِعُ أَيْضًا بِعُشْرِ الثَّمَنِ لِأَجْلِ الْعَيْبِ وَذَلِكَ دِرْهَمٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى بَعِيرًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِيحُ فَوَجَدَهُ يَصِيحُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَهَذَا الْجَوَابُ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ يَصِيحُ زِيَادَةً عَلَى الْعَادَةِ بِحَيْثُ يُعَدُّ ذَلِكَ عَيْبًا عِنْدَ النَّاسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَلِدْ فَظَهَرَ أَنَّهَا كَانَتْ وَلَدَتْ وَلَدًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَلَيَّ وَالْعَبْدُ لِفُلَانٍ الْمُشْتَرِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ. وَلَوْ قَالَ: بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ نَيْسَابُورِيٌّ فَإِذَا هُوَ بُخَارِيٌّ أَوْ عِمَامَةً عَلَى أَنَّهَا شِهْرِسْتَانِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ سَمَرْقَنْدِيَّةٌ الْبَيْعُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا مُوَلَّدَةُ الْكُوفَةِ فَإِذَا هِيَ مُوَلَّدَةُ الْبَصْرَةُ يَرُدُّهَا. اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ هَرَوِيٌّ فَإِذَا هُوَ بَلْخِيٌّ الْبَيْعُ فَاسِدٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ. وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَى سَفِينَةً عَلَى أَنَّهَا سَاجٌ فَإِذَا فِيهَا غَيْرُ السَّاجِ قَالَ: إنْ كَانَ شَيْئًا لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَهِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ السَّاجِ لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ الشَّيْءُ إلَّا مِنْ غَيْرِ السَّاجِ، وَلَوْ كَانَ كُلُّ السَّفِينَةِ مِنْ غَيْرِ السَّاجِ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا. وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ لِغَيْرِهِ بِكَمْ هَذَا الثَّوْبُ الْهَرَوِيُّ وَالثَّوْبُ مَصْنُوعٌ صُنْعَ الْهَرَوِيِّ فَقَالَ بِكَذَا فَبَاعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ مِثْلُ الشَّرْطِ أَنَّهُ هَرَوِيٌّ وَهُوَ قَوْلِي يُرِيدُ بِهَذَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا شُرِطَ الْأَجَلُ فِي الْمَبِيعِ الْعَيْنِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَإِنْ شُرِطَ الْأَجَلُ فِي الثَّمَنِ وَالثَّمَنُ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا جَازَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا فَسَدَ الْبَيْعُ وَمِنْ جُمْلَةِ الْآجَالِ الْمَجْهُولَةِ الْبَيْعُ إلَى النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَسْأَلَةَ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَأَجَابَ بِالْفَسَادِ مُطْلَقًا وَالصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنَا نَيْرُوزَ الْمَجُوسِ أَوْ نَيْرُوزَ السُّلْطَانِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ وَإِذَا بَيَّنَا أَحَدَهُمَا وَكَانَ يَعْرِفَانِ وَقْتَهُ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَمْ يَجُزْ بَيْعٌ إلَى قُدُومِ الْحَاجِّ وَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالْقِطَافِ وَالْجَذَاذِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ اشْتَرَى إلَى فِطْرِ النَّصَارَى وَقَدْ دَخَلُوا فِي الصَّوْمِ جَازَ وَقَبْلَ دُخُولِهِمْ فِي الصَّوْمِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ أَسْقَطَ الْأَجَلَ الْفَاسِدَ قَبْلَ مُضِيِّهِ يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ جَائِزًا اسْتِحْسَانًا وَعِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا وَالصَّحِيحُ قَوْلُنَا لِأَنَّ

مَشَايِخَنَا قَالُوا الْعَقْدُ مَوْقُوفٌ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ جَائِزًا بِإِسْقَاطِ الْمُفْسِدِ وَهَكَذَا رَوَى الْكَرْخِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَصًّا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَأَمَّا سَائِرُ الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ فَرَوَى الْكَرْخِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَنْقَلِبُ جَائِزًا بِحَذْفِ الْمُفْسِدِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ بَاعَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَجَّلَ الثَّمَنَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ جَازَ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَإِنْ أَجَّلَهُ إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ قَالَ فِي رَجَبٍ أَجَّلْتُك إلَى رَجَبٍ فَهُوَ عَلَى الرَّجَبِ الْقَابِلِ وَإِنْ قَالَ إلَى انْسِلَاخِهِ فَإِلَى انْسِلَاخِ هَذَا الرَّجَبِ وَالْبَيْعُ إلَى الْمِيلَادِ فَاسِدٌ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِيلَادَ الْبَهَائِمِ فَالْجَوَابُ عَلَى مَا أَطْلَقَ فِي الْكِتَابِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِيلَادَ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْرِفَا وَقْتَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةِ أَشْهُرٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الثَّمَنَ أَيْ نَقْدٍ كَانَ يَوْمَئِذٍ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا. رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يَنْقُدَهُ كُلَّ أُسْبُوعٍ بَعْضَ الثَّمَنِ حَتَّى يَنْقُدَهُ خَمْسَمِائَةٍ عِنْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ كَانَ فَاسِدًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا اشْتَرَى مِسْكًا وَزْنًا فَوَجَدَ فِيهِ الرَّصَاصَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الرَّصَاصَ وَحَطَّ عَنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ وَزْنِ الرَّصَاصِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِذَا اشْتَرَى سَمْنًا وَزْنًا فَوَجَدَ فِيهِ رُبًّا قَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ رُبًّا قَدْ يَكُونُ مِثْلُهُ فِي السَّمْنِ وَلَا يُعَدُّ عَيْبًا لَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ عَيْبًا فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَكُونُ مِثْلُهُ فِي السَّمْنِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جِرَابَ ثِيَابٍ هَرَوِيَّةٍ أَوْ غَيْرَهَا أَوْ اشْتَرَى قَوْصَرَةَ تَمْرٍ فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى عَمَدَ الْبَائِعُ وَأَخْرَجَ الثِّيَابَ مِنْ الْجِرَابِ أَوْ أَخْرَجَ التَّمْرَ مِنْ الْقَوْصَرَةِ ثُمَّ بَاعَ الْجِرَابَ أَوْ الْقَوْصَرَةَ وَتَرَكَ الثِّيَابَ أَوْ لَمْ يَبِعْ الْجِرَابَ أَوْ الْقَوْصَرَةَ لَكِنَّهُ انْتَفَعَ بِهَا قَالَ: الْمَتَاعُ وَالتَّمْرُ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الثِّيَابِ وَالتَّمْرِ لِمَكَانِ الْجِرَابِ وَالْقَوْصَرَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى حَبَّةَ لُؤْلُؤٍ وَشَرَطَ لَهَا وَزْنًا وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَهَا نَاقِصَةً وَقَدْ اسْتَهْلَكَهَا قَالَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنَّهُ اسْتَقْبَحَ ذَلِكَ وَتَرَكَ قِيَاسَهُ فِيهِ لِأَنَّ نُقْصَانَ اللُّؤْلُؤِ يَحُطُّ مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا كَثِيرًا وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ وَفِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَفِي آخِرِ كِتَابِ الصَّرْفِ إذَا بَاعَ عَلَى أَنَّ وَزْنَهَا مِثْقَالٌ فَإِذَا هُوَ مِثْقَالَانِ فَالزِّيَادَةُ تُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ ثَمَنٍ لِأَنَّ الْوَزْنَ فِيمَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصْفِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اشْتَرَى بُسْتَانًا فِيهِ نَخْلٌ وَشَجَرٌ وَشَرَطَ أَنَّهُ عَشَرَةُ أَجْرِبَةٍ وَقَبَضَهُ بِغَيْرِ مِسَاحَةٍ فَأَكَلَ ثَمَرَهُ سِنِينَ ثُمَّ وَجَدَهُ تِسْعَةَ أَجْرِبَةٍ لَمْ يَرُدَّ وَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ وَكَرْمٌ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَجْرِبَةٍ وَأَكَلَ ثَمَرَهَا سِنِينَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا خَمْسَةُ أَجْرِبَةٍ قَالَ تُقَوَّمُ هَذِهِ الْأَرْضُ وَهِيَ خَمْسَةُ أَجْرِبَةٍ بِكَمْ تُسَاوِي وَلَوْ كَانَتْ عَشَرَةَ أَجْرِبَةٍ فِي مِثْلِ حَالِهَا بِكَمْ تُسَاوِي فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ مَعَهُ قَفِيزَانِ مِنْ حِنْطَةٍ فِي زِنْبِيلٍ فَبَاعَ قَفِيزًا مِنْ رَجُلٍ

بِدِرْهَمٍ وَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى بَاعَ مِنْ آخَرَ قَفِيزًا مِنْهُ بِدِرْهَمٍ ثُمَّ هَلَكَ أَحَدُ الْقَفِيزَيْنِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِيهِ إنْ شَاءَ أَخَذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ الْقَفِيزِ الْبَاقِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يَأْخُذَ الْقَفِيزَ كُلَّهُ بِدِرْهَمٍ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ فَإِنْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ قَفِيزًا وَلَمْ يَقْبِضْ الْأَوَّلُ شَيْئًا ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الْآخَرَ رَدَّ ذَلِكَ الْقَفِيزَ عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْبٍ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فِي الْقَفِيزِ الْمَرْدُودِ شَيْءٌ إنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْقَفِيزَ الْبَاقِيَ أَوْ يَتْرُكَ فَإِنْ خَلَطَ الْبَائِعُ أَحَدَ الْقَفِيزَيْنِ بِالْآخَرِ اُنْتُقِضَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَخْلِطْ الْبَائِعُ وَكَانَ قَدْ رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ وَلَيْسَ بِالْقَفِيزِ الْبَاقِي عَيْبٌ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ دُونَ الْمَرْدُودِ وَأَبَى الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَذَلِكَ لِلْبَائِعِ فَلَوْ هَلَكَ الْقَفِيزُ الْبَاقِي عِنْدَهُ وَبَقِيَ الْمَرْدُودُ الَّذِي بِهِ عَيْبٌ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ تَرْكَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَهُ كُلَّهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ وَيَتْرُكَ نِصْفَهُ فَعَلَ وَلَوْ كَانَ الْقَفِيزُ الْهَالِكُ هُوَ الْمَرْدُودَ الَّذِي بِهِ عَيْبٌ وَالْقَفِيزُ الْبَاقِي هُوَ الْأَوَّلُ وَاَلَّذِي لَمْ يَكُنْ بِهِ عَيْبٌ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّهُ فَإِنْ سَلَّمَ الْبَائِعُ كُلَّهُ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا بِشِرْبِهَا فَإِذَا لَا شِرْبَ لَهَا فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا وَيَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّةِ الشِّرْبِ مِنْ الثَّمَنِ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا اشْتَرَى طَعَامًا مُكَايَلَةً وَقَبَضَهُ فَإِنَّهُ لَا يَأْكُلُهُ وَلَا يَبِيعُهُ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ حَتَّى يَكِيلَهُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ ابْتَاعَهُ وَاكْتَالَهُ مِنْ بَائِعِهِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ الْكَيْلِ وَلَا يَبِيعَ وَلَا يَأْكُلَ حَتَّى يَكْتَالَهُ ثَانِيًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ حَمَلُوا فِيمَا إذَا كَالَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْمُشْتَرِي يَرَاهُ أَمَّا إذَا كَالَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَإِنْ كَالَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ الْبَيْعِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَيْلٌ آخَرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ غَيْرِهِ حِنْطَةً مُجَازَفَةً وَبَاعَهَا بَعْدَ قَبْضِهَا مِنْ غَيْرِ مُكَايَلَةٍ فَلَا يَكْفِي فِيهِ كَيْلٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ كُرَّ حِنْطَةٍ عَلَى أَنَّهُ كُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ مُكَايَلَةً فَإِنَّهُ يَكْفِي وَاحِدٌ إمَّا كَيْلُ الْمُشْتَرِي وَإِمَّا كَيْلُ الْبَائِعِ الْمُسْتَقْرِضِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي. وَلَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً مُجَازَفَةً وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَمَا قَبَضَهَا مُجَازَفَةً أَوْ اسْتَفَادَ حِنْطَةً مِنْ أَرْضِهِ أَوْ بِالْهِبَةِ وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ مُجَازَفَةً أَوْ مَلَكَ حِنْطَةً ثَمَنًا عَلَى أَنَّهَا كُرٌّ وَقَبَضَهَا وَبَاعَهَا مُجَازَفَةً قَبْلَ الْكَيْلِ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا رَوَاهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا اشْتَرَى مُكَايَلَةً وَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ مُجَازَفَةً قَبْلَ أَنْ يَكِيلَ هَلْ يَجُوزُ؟ ظَاهِرُ مَا أَطْلَقَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ مُجَازَفَةً قَبْلَ أَنْ يَكِيلَهُ جَازَ وَلَوْ بَاعَهُ مُكَايَلَةً قَبْلَ أَنْ يَكِيلَهُ لَا يَجُوزُ فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته فِي الْمَكِيلَاتِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْمَوْزُونَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ

كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَأَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ الذَّرْعِ وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَدَدِيًّا بِشَرْطِ الْعَدِّ هَلْ يَجِبُ إعَادَةُ الْعَدِّ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكُتُبِ الظَّاهِرَةِ قَالُوا وَقَدْ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُشْتَرَطُ إعَادَةُ الْعَدِّ لِإِبَاحَةِ التَّصَرُّفَاتِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يُشْتَرَطُ وَفِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ أَمَّا الْمَعْدُودَاتُ فَيَجِبُ إعَادَةُ الْعَدِّ فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَجِبُ وَصَحَّحَ الْقُدُورِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ. اشْتَرَى طَعَامًا مُكَايَلَةً أَوْ مُوَازَنَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَ بِغَيْرِ كَيْلٍ ثُمَّ بَاعَهُ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ الثَّانِي جَائِزٌ وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ إعَادَةُ الْكَيْلِ فِي الْبَيْعَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَى كُرًّا مِنْ طَعَامٍ مُكَايَلَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَاكْتَالَهُ مِنْ الْبَائِعِ لِنَفْسِهِ ثُمَّ إنَّهُ وَلَّى رَجُلًا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبِضَهُ إلَّا بِكَيْلٍ مُسْتَقْبَلٍ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ الَّذِي بَاعَ مِنْ هَذَا الثَّانِي اكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِنْ اكْتَالَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَوَجَدَهُ يَزِيدُ قَفِيزًا رَدَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ زِيَادَةً تَجْرِي بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ أَوْ زِيَادَةً لَا تَجْرِي فَإِنْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ يَنْظُرُ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِمَّا يَدْخُلُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لَا يَرُدُّهَا عَلَى بَائِعِهِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَا تَدْخُلُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ فَإِنْ وَجَدَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي نَاقِصًا كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ بِحِصَّتِهِ سَوَاءٌ كَانَ النُّقْصَانُ يَدْخُلُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ أَوْ لَا يَدْخُلُ فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ مِمَّا يَدْخُلُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَدْخُلُ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ يَرْجِعُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي مُرَابَحَةً وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بَاعَ مِنْ الطَّعَامِ قَفِيزًا أَوْ دَفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ بَاعَ الْبَاقِيَ عَلَى أَنَّهُ كُرٌّ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهُ تَوْلِيَةً فَاكْتَالَهُ الثَّانِي فَوَجَدَهُ كُرًّا تَامًّا فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا خِيَارَ لَهُ لَكِنَّ ثَمَنَ الْكُرِّ يَنْقَسِمُ عَلَى أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ قَفِيزًا فَمَا أَصَابَ الْقَفِيزُ يَسْقُطَ عَنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَذَلِكَ جُزْءٌ مِنْ أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ وَلَزِمَهُ الْبَاقِي، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْكُلَّ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ الثَّانِي مُرَابَحَةً وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ رَدَّهُ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى كُرًّا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهُ أَرْبَعُونَ قَفِيزًا فَاكْتَالَهُ وَتَقَابَضَا فَابْتَلَّ فَصَارَ خَمْسِينَ فَأَفْسَدَهُ الْمَاءُ ثُمَّ بَاعَ مُرَابَحَةً أَوْ تَوْلِيَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ جَازَ وَلِلْمُشْتَرِي مِنْهُ أَرْبَعُونَ قَفِيزًا وَبَقِيَتْ لَهُ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ وَإِنْ بَاعَ هَذِهِ الْعَشَرَةَ الزَّائِدَةَ مُرَابَحَةً أَوْ تَوْلِيَةً بَاعَهَا عَلَى خُمْسِ الثَّمَنِ وَهَذَا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَبِيعُ هَذِهِ الْعَشَرَةَ مُرَابَحَةً وَلَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ بَعْدَ الْكَيْلِ الثَّانِي قَبْلَ الْقَبْضِ أَخَذَ الْمُشْتَرَى كُلَّهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى كُرَّ حِنْطَةٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهُ أَرْبَعُونَ قَفِيزًا وَكَالَهُ فَإِذَا هُوَ أَرْبَعُونَ قَفِيزًا فَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ ثُمَّ اكْتَالَهُ الْبَائِعُ فَإِذَا

الباب الحادي عشر في أحكام البيع الغير جائز

هُوَ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ قَفِيزًا وَتَصَادَقَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ الْكَيْلِ أَوْ مِنْ زِيَادَةِ الْكَيْلِ فَالزِّيَادَةُ مَعَ الْأَصْلِ لِلْبَائِعِ وَالنُّقْصَانُ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يُحَطَّ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ فَازْدَادَ قَفِيزًا وَرَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ فَذَلِكَ كُلُّهُ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ وَتَبْطُلُ الْإِقَالَةُ وَيَعُودُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ رَطْبًا وَقْتَ الْبَيْعِ وَهُوَ كُرٌّ تَامٌّ ثُمَّ جَفَّ وَانْتَقَصَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَاكْتَالَهُ فَانْتَقَصَ وَعَلِمَ أَنَّهُ مِنْ الْجَفَافِ أَوْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ فَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ وَلَا يُحَطُّ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْأَصْلُ أَنَّ الْمَبِيعَ إنْ كَانَ عَيْنًا مُشَارًا إلَيْهِ بِيعَ بِشَرْطِ الْكَيْلِ فَالزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ قَبْلَ الْكَيْلِ لِلْبَائِعِ وَبَعْدَهُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ عَيْنًا مُشَارًا إلَيْهِ فَالزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْكَيْلِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُشْتَرِي. وَإِذَا اشْتَرَى طَعَامًا عَلَى أَنَّهُ قَفِيزٌ بِدِرْهَمٍ فَابْتَلَّ قَبْلَ الْكَيْلِ ثُمَّ كَالَهُ فَإِذَا هُوَ قَفِيزٌ وَرُبْعٌ بِسَبَبِ الْبَلَلِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُ قَفِيزًا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ ازْدَادَ بَعْدَ الْكَيْلِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ فَالزِّيَادَةُ لَهُ وَيُخَيَّرُ لِمَكَانِ الْبَلَلِ وَإِنْ انْتَقَصَ بَعْدَ الْكَيْلِ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَوْ انْتَقَصَ قَبْلَهُ أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَالَهُ لِلْمُشْتَرِي بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُشْتَرِي فَكَانَ قَفِيزًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي حَتَّى أُعِيدَ عَلَيْهِ الْكَيْلُ فَإِذَا هُوَ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ قَدْرَ مَا يَكُونُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَزِمَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ تَعَيَّنَ بِالْكَيْلِ وَلَمْ يَظْهَرْ خَطَأُ الْكَيْلِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ قَدْرَ مَا لَا يَجْرِي بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ إنْ كَانَ زَائِدًا رَدَّ الزِّيَادَةَ عَلَى بَائِعِهِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ بِدِرْهَمٍ فَعَزَلَ الْبَائِعُ مِنْهَا قَفِيزًا وَكَالَهُ لِلْمُشْتَرِي وَلَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ فَأَصَابَ الصُّبْرَةَ وَالْمَعْزُولَ مَاءٌ وَزَادَ كُلُّ قَفِيزٍ رُبْعًا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُعْطِيَ الْمُشْتَرِيَ قَفِيزًا لَا غَيْرُ مِنْ أَيِّ الطَّعَامَيْنِ شَاءَ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي قَبُولِهِ وَلَوْ نَقَصَ الصُّبْرَةُ وَالْمَعْزُولُ بِأَنْ كَانَ نَدِيًّا فَجَفَّ كَانَ لَهُ قَفِيزٌ تَامٌّ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ اشْتَرَى قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ فَقَبَضَ قَفِيزًا مِنْ جُمْلَتِهَا ثُمَّ رَدَّهُ بِعَيْبٍ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَإِذَا تَبَايَعَا قَفِيزًا بِأَعْيَانِهِمَا فَابْتَلَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْكَيْلِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَزَادَ رُبْعًا فَذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي وَيُخَيَّرُ وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِمَكَانِ الزِّيَادَةِ وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْكَيْلِ يُخَيَّرُ صَاحِبُ الطَّعَامِ الْيَابِسِ بَيْنَ أَخْذِ قَفِيزِهِ وَبَيْنَ التَّرْكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. وَإِذَا تَبَايَعَا قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ بِقَفِيزٍ بِعَيْنِهِ وَكَالَ صَاحِبُ الصُّبْرَةِ قَفِيزًا مِنْهَا وَلَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ حَتَّى أَصَابَهَا وَالْمَعْزُولَ مَاءٌ فَصَاحِبُ الْقَفِيزِ الْيَابِسِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ قَفِيزًا رَطْبًا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَوْ ابْتَلَّ الْمَعْزُولُ خَاصَّةً فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ قَفِيزٍ مِنْ الْيَابِسِ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْغَيْرِ جَائِزٍ] الْبَيْعُ نَوْعَانِ بَاطِلٌ وَفَاسِدٌ فَالْبَاطِلُ مَا لَمْ يَكُنْ مَحَلُّهُ مَالًا مُتَقَوِّمًا كَمَا لَوْ اشْتَرَى خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ صَيْدَ الْحَرَمِ أَوْ الْمَيْتَةَ أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا فَهُوَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ وَأَمَّا

الْفَاسِدُ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ بَدَّلَاهُ مَالًا كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ صَيْدِ الْحَرَمِ أَوْ مُدَبَّرَةٍ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ أُمِّ الْوَلَدِ أَوْ أَدْخَلَ فِيهِ شَرْطًا فَاسِدًا أَوْ نَحْوَهُ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ وَيَمْلِكُ عِنْدَ الْقَبْضِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ أَنَّهُ مَضْمُونٌ أَمْ أَمَانَةٌ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ أَمَانَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَمَا قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَهُوَ كَمَا لَمْ يَقْبِضْ وَفِي الزِّيَادَاتِ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ وَنَهْيِهِ فَإِنْ قَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ يَصِحُّ الْقَبْضُ اسْتِحْسَانًا وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ قَبَضَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ لَا قِيَاسًا وَلَا اسْتِحْسَانًا وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي وَإِذَا أَذِنَ لَهُ بِالْقَبْضِ فَقَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ صَحَّ قَبْضُهُ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا إلَّا أَنَّ هَذَا الْمِلْكَ يَسْتَحِقُّ النَّقْضَ وَيُكْرَهُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا بِتَمْلِيكٍ أَوْ انْتِفَاعٍ لَكِنْ مَعَ هَذَا لَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفًا نَفَذَ تَصَرُّفُهُ وَلَا يُنْقَضُ تَصَرُّفُهُ وَيَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ سَوَاءٌ كَانَ تَصَرُّفًا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ كَالْبَيْعِ وَأَشْبَاهِهِ أَوْ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ كَالْإِعْتَاقِ وَأَشْبَاهِهِ إلَّا الْإِجَارَةُ وَالنِّكَاحُ فَإِنَّهُمَا لَا يُبْطِلَانِ حَقَّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ دَبَّرَهُ بَطَلَ حَقُّ الْفَسْخِ وَكَذَا لَوْ اسْتَوْلَدَهَا وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْجَارِيَةِ وَهَلْ يَغْرَمُ الْعُقْرَ ذَكَرَ فِي الْبُيُوعِ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ وَفِي الشِّرْبِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْعَقْدَ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ فَإِنْ أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَعَتَقَ تَقَرَّرَ عَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُ الْقِيمَةِ وَإِنْ عَجَزَ رُدَّ فِي الرِّقِّ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لَا سَبِيلَ عَلَى الْعَبْدِ لِلْبَائِعِ وَلَوْ أَوْصَى بِهِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُوصِي حَيًّا فَلِلْبَائِعِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ وَإِنْ مَاتَ بَطَلَ حَقُّهُ فَإِنَّ الثَّابِتَ لِلْمُوصَى لَهُ مِلْكٌ جَدِيدٌ بِخِلَافِ الثَّابِتِ لِلْوَارِثِ بِأَنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ وَرَثَتِهِ وَكَذَا إذَا مَاتَ الْبَائِعُ فَلِوَرَثَتِهِ وِلَايَةُ الِاسْتِرْدَادِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ قَطَعَ الثَّوْبَ وَخَاطَهُ أَوْ بَطَّنَهُ وَحَشَاهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الْفَسْخِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ وَقَطَعَهُ وَلَمْ يَخِيطُهُ حَتَّى أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهَلَكَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي نُقْصَانَ الْقَطْعِ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الثَّوْبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ فَضَاءً فَبَنَى الْمُشْتَرِي فِيهِ بِنَاءً أَوْ غَرَسَ أَشْجَارًا بَطَلَ حَقُّ الْفَسْخِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَبْطُلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْوَاجِبُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الْقِيمَةُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَالْمِثْلُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَهَذَا إذَا هَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ اسْتَهْلَكَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ وَيَنْقَطِعُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ لِلْبَائِعِ وَكَذَا لَوْ رَهَنَ أَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ فَلَوْ افْتَكَّ الرَّهْنَ وَرَجَعَ فِي الْهِبَةِ وَعَادَ الْمَبِيعُ إلَى الْبَائِعِ بِمَا يَكُونُ فَسْخًا لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقْضِ

الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ فَإِنْ قَضَى لَيْسَ لَهُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ وَيَفْسَخُ الْمَبِيعَ فِيهِ إلَّا أَنَّ الْفَسَادَ إنْ كَانَ قَوِيًّا دَخَلَ فِي صُلْبِهِ وَهُوَ الْبَدَلُ أَوْ الْمُبْدَلُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْلِكُ فَسْخَهُ فِي حَضْرَةِ صَاحِبِهِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَمْلِكُ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ وَبِغَيْرِ حَضْرَةِ صَاحِبِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْفَسَادُ قَوِيًّا دَخَلَ فِي صُلْبِهِ وَإِنَّمَا دَخَلَ الْفَسَادُ بِشَرْطٍ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْلِكُ فَسْخَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَاَلَّذِي لَهُ الشَّرْطُ يَمْلِكُ فَسْخَهُ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْآخَرُ وَلَوْ ازْدَادَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى ضَرْبَيْنِ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً كَالْحُسْنِ وَالْجَمَالِ وَانْجِلَاءِ بَيَاضٍ أَوْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ كَالصِّبْغِ فِي الثَّوْبِ وَالسَّمْنِ فِي السَّوِيقِ وَالْبِنَاءِ فِي السَّاحَةِ وَالْمُنْفَصِلَةُ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ الْأَصْلِ كَالْوَلَدِ وَالْعُقْرِ وَالْأَرْشِ وَالثَّمَرِ وَالصُّوفِ أَوْ غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْبَائِعِ عَنْهُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالصِّبْغِ وَغَيْرِهِ انْقَطَعَ حَقُّ الْبَائِعِ عَنْهُ وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلُ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قُطْنًا فَغَزَلَهُ أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ أَوْ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا انْقَطَعَ حَقُّ الْبَائِعِ عَنْهُ وَتَحَوَّلَ إلَى الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً إنْ كَانَتْ مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا جَمِيعًا وَلَوْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ نَقَصَتْهَا يُجْبَرُ النَّقْصُ الْوَاقِعُ فِيهَا بِالْحَادِثِ مِنْهَا. وَلَوْ هَلَكَتْ هَذِهِ الزَّوَائِدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ نُقْصَانَ الْوِلَادَةِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ هَذِهِ الزَّوَائِدَ يَضْمَنُ وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ وَالزِّيَادَةُ قَائِمَةٌ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الزِّيَادَةَ وَيَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْقَبْضِ وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مَعَ هَذِهِ الزَّوَائِدِ وَلَا يَطِيبُ لَهُ فَإِنْ هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ اسْتَهْلَكَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَغْرَمُ. وَلَوْ اُسْتُهْلِكَ الْمَبِيعُ وَالزَّوَائِدُ قَائِمَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تَقَرَّرَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ وَتَثْبُتُ الزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ انْتَقَصَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ النُّقْصَانُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَبِيعَ مَعَ أَرْشِ النُّقْصَانِ وَكَذَلِكَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِفِعْلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَأَمَّا إنْ كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ فِي الْأَرْشِ إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْجَانِي وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْمُشْتَرِيَ ثُمَّ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي وَلَوْ قَتَلَهُ الْأَجْنَبِيُّ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهُ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ بِالْقِيمَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَوْ كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْبَائِعِ صَارَ مُسْتَرَدًّا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ حَبْسٌ مِنْ الْبَائِعِ صَارَ مُسْتَرَدًّا وَيَكُونُ هَلَاكُهُ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ حَبْسٌ ثُمَّ هَلَكَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ هَلَكَ مِنْ سِرَايَةِ جِنَايَةِ الْبَائِعِ صَارَ مُسْتَرَدًّا أَيْضًا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي

وَإِنْ هَلَكَ لَا مِنْ سِرَايَةِ جِنَايَتِهِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ وَيَطْرَحُ حِصَّةَ النُّقْصَانِ بِالْجِنَايَةِ وَلَوْ قَتَلَهُ الْبَائِعُ أَوْ سَقَطَ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا الْبَائِعُ صَارَ مُسْتَرَدًّا وَبَطَلَ عَنْهُ الضَّمَانُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهَا وَبَاعَهَا وَرَبِحَ فِيهَا تَصَدَّقَ بِالرِّبْحِ وَلَوْ اشْتَرَى بِثَمَنِهَا شَيْئًا آخَرَ فَرَبِحَ فِيهِ طَابَ الرِّبْحُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهَا فَخَرِبَتْ خَرَابًا فَاحِشًا ثُمَّ خَاصَمَ الْبَائِعُ إلَى الْقَاضِي فَقَضَى الْقَاضِي لِلْبَائِعِ بِقِيمَةِ الدَّارِ يَوْمَ قَبَضَ الْمُشْتَرِي كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِتِلْكَ الْقِيمَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَوْ قَتَلَهُ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَتْلِ وَالْإِعْتَاقِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِمُكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ بِأُمِّ وَلَدٍ وَتَقَابَضَا مَلَكَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ الْعَبْدَ وَمُشْتَرِي الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبِّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لَا يَمْلِكُهُ وَإِنْ قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ. وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِمَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ مَلَكَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ الْعَبْدَ وَلَا يَمْلِكُ الْآخَرُ مَا قَبَضَ حَتَّى يُجِيزَ مَالِكُهُ الْبَيْعَ. وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِشِرْبٍ أَوْ بِمَاءٍ غَيْرِ مَرْفُوعٍ فِي حَوْضٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ اشْتَرَى بَذْرًا غَيْرَ مَحْصُودٍ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا فَإِنْ وَطِئَهَا وَلَمْ يُعَلِّقْهَا كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا فَإِذَا اسْتَرَدَّهَا ضَمِنَ الْمُشْتَرِي عُقْرَهَا لِلْبَائِعِ وَإِذَا أَعْلَقَهَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا فَإِذَا وَجَبَتْ الْقِيمَةُ فَعَلَى قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ لَا عُقْرَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْبُيُوعِ لَا عُقْرَ عَلَيْهِ وَعَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الشُّرْبِ عَلَيْهِ الْعُقْرُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً شِرَاءً فَاسِدًا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى أَعْتَقَهَا فَأَجَازَ الْبَائِعُ اعْتَاقَهُ عَتَقَتْ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا فَقَالَ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَعْتِقْهُ عَنِّي فَأَعْتَقَهُ الْبَائِعُ عَنْهُ كَانَ الْعِتْقُ عَنْ الْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ هُوَ حُرٌّ لَمْ يُعْتَقْ فَإِنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ حُرٌّ لَمْ يُعْتَقْ أَيْضًا إنْ كَانَ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي عَتَقَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى

حِنْطَةً شِرَاءً فَاسِدًا فَأَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يَطْحَنَهَا فَطَحَنَهَا كَانَ الدَّقِيقُ لِلْبَائِعِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ شَاةً فَأَمَرَ الْبَائِعَ بِذَبْحِهَا فَذَبَحَهَا. وَلَوْ اشْتَرَى قَفِيزَ حِنْطَةٍ شِرَاءً فَاسِدًا وَأَمَرَ الْبَائِعَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَنْ يَخْلِطَهَا بِطَعَامِ الْمُشْتَرِي فَفَعَلَ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ قَبْضًا مِنْ الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا لِلْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَزَوَّجَهَا بِمَهْرٍ مُسَمًّى فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ وَقَدْ كَانَتْ بِكْرًا ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ خَاصَمَ فِيهَا وَأَخَذَهَا فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَالْمَهْرُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ إنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ بِمَا نَقَصَهَا مِنْ ذَهَابِ الْعُذْرَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ أَكْثَرَ مِنْ الْمَهْرِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ جَارِيَةٍ بِجَارِيَتَيْنِ إلَى أَجَلٍ فَإِنْ قَبَضَهَا وَذَهَبَتْ عَيْنُهَا عِنْدَهُ رَدَّهَا وَنِصْفَ قِيمَتِهَا وَلَوْ فَقَأَهَا غَيْرُ الْمُشْتَرِي كَانَ لِلْبَائِعِ خِيَارٌ أَنْ يُضَمِّنَ الْفَاقِئَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْفَاقِئِ وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَالْوَلَدَ الْبَاقِيَ وَلَمْ يُضَمِّنْهُ قِيمَةَ الْمَيِّتِ وَيَضْمَنُ نُقْصَانَ الْوِلَادَةِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْوَلَدِ وَفَاءٌ وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ بِجِنَايَتِهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَلَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ وَحْدَهَا أَخَذَ الْوَلَدَيْنِ وَقِيمَةَ الْأُمِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ اشْتَرَى عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ ثُمَّ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ عَبْدَهُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الْعَبْدَ مِنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ فَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ الْعَبْدِ كَانَ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِالْعَبْدِ مِنْ غُرَمَاءِ الْبَائِعِ فَيُبَاعُ بِحَقِّهِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مِثْلَ الْأَوَّلِ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ فَضَلَ فَالْفَضْلُ لِغُرَمَاءِ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَقَلَّ كَانَ هُوَ أُسْوَةً لِسَائِرِ غُرَمَاءِ الْبَائِعِ يَضْرِبُ هُوَ مَعَهُمْ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ التَّرِكَةِ وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ دَيْنٍ كَانَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ قَبْلَ الشِّرَاءِ شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ أَرَادَ اسْتِرْدَادَ الْمَبِيعِ بِحُكْمِ فَسَادِ الْبَيْعِ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي حَبْسَهُ بِمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَإِذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ وَالْعَبْدُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَفِيمَا إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ فَاسِدًا لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِالْعَبْدِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ تَنَاقَضَا الْبَيْعَ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ مِنْ الْقِيمَةِ ثُمَّ مَاتَ الْغُلَامُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْغُلَامِ وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك عَنْ الْغُلَامِ ثُمَّ هَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَانَ بَرِيئًا عَنْ الْغُلَامِ لِأَنَّهُ إذَا أَبْرَأَهُ عَنْ الْغُلَامِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا وَصَارَ أَمَانَةً فَلَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْهَلَاكِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اشْتَرَى غُلَامًا بِخَمْسِمِائَةٍ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ فَازْدَادَتْ قِيمَتُهُ مِنْ قِبَلِ السِّعْرِ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي أَلْفًا فَبَاعَهُ فَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ لَا غَيْرُ اعْتِبَارًا لِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَازْدَادَتْ قِيمَتُهُ حَتَّى صَارَتْ أَلْفَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمَالِكِ شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَإِنْ وَصَلَ إلَى الْغَاصِبِ بَعْدَمَا اشْتَرَاهُ فَعَلَيْهِ أَلْفَانِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهِ أَلْفٌ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْغَصْبِ أَمَانَةٌ وَإِنَّمَا تَصِيرُ مَضْمُونَةً فِي الشِّرَاءِ بِالْقَبْضِ وَالْقَبْضُ لَمْ يُوجَدْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. غَاصِبُ الْعَبْدِ إذَا اشْتَرَاهُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ شِرَاءً فَاسِدًا وَأَعْتَقَهُ نَفَذَ

إعْتَاقُهُ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى بَائِعِهِ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ رَدَّ عَلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بِعَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ مِنْ وَكِيلِ الْبَائِعِ بِالشِّرَاءِ وَسَلَّمَ إلَيْهِ بَرِيءَ مِنْ ضَمَانِهِ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ عَبْدِ الْبَائِعِ وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ وَلَكِنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ يَنْفَسِخُ عَلَيْهِ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ حَتَّى يَصِلَ الْمَبِيعُ إلَى الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ صَحَّ الْبَيْعُ وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ لِلْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَبَضَهُ بِإِذْنِهِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ سَيِّدِهِ جَازَ بَيْعُهُ مِنْ السَّيِّدِ وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ لِلْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ الثَّانِي وَلَكِنْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَيَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهِ بِالرَّدِّ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ رَدَّهُ عَلَى مَوْلَى الْعَبْدِ كَرَدِّهِ عَلَى الْعَبْدِ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ مُضَارِبِ الْبَائِعِ صَحَّ الْبَيْعُ وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ بِالشِّرَاءِ فَاشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرَى مِنْهُ لِمُوَكِّلِهِ صَحَّ الْبَيْعُ الثَّانِي وَيَثْبُتُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي وَتَقَرَّرَ لَهُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا إلَّا إذَا كَانَ فِي أَحَدِهِمَا فَضْلٌ يَرُدُّ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ الْمُشْتَرِي بِصِبْغٍ يَزِيدُ مِنْ الِاحْمِرَارِ وَالِاصْفِرَارِ وَنَحْوِهِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصِّبْغُ فِيهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا بَيْعًا فَاسِدًا فَجَعَلَهَا الْمُشْتَرِي مَسْجِدًا لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْفَسْخِ مَا لَمْ يَبْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنْ بَنَاهَا بَطَلَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَغَرْسُ الْأَشْجَارِ كَالْبِنَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ خَاصَمَ الْمُشْتَرِيَ فِي اسْتِرْدَادِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ إلَيْهِ وَلَا سَبِيلَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَمِنْ الدَّيْنِ لِلْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ إنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ فَسَادِ الْبَيْعِ فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِيهِ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا وَإِنْ كَذَّبَهُ فِيمَا قَالَ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْهُ فَإِنْ اسْتَرَدَّ الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ الْمُشْتَرِيَ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْجَارِيَةَ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ صَدَّقَ الْمُشْتَرِيَ فِيمَا قَالَ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ اسْتِرْدَادُ الْجَارِيَةِ سَوَاءٌ صَدَّقَ الَّذِي حَضَرَ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ أَوْ كَذَّبَهُ وَلَوْ قَالَ بِعْتهَا مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا فَإِنْ اسْتَرَدَّ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ الْمُشْتَرِي عَنَيْت هَذَا فَإِنْ كَذَّبَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُشْتَرِيَ فَالِاسْتِرْدَادُ مَاضٍ وَإِنْ صَدَّقَ فَكَذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ. إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ أَحَدُهُمَا يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْفَسَادَ كَأَنْ يَدَّعِيَ الْفَسَادَ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ أَوْ أَجَلٍ فَاسِدٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ مُدَّعِي الْفَسَادِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ ادَّعَى الْفَسَادَ لِمَعْنًى فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَلْفِ

الباب الثاني عشر في أحكام البيع الموقوف وبيع أحد الشريكين

دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْبَيْعَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ أَيْضًا وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ كَمَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ وَبَيْعِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ] إذَا بَاعَ الرَّجُلُ مَالَ الْغَيْرِ عِنْدَنَا يَتَوَقَّفُ الْبَيْعُ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ قِيَامُ الْعَاقِدَيْنِ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَا يُشْتَرَطُ قِيَامُ الثَّمَنِ إنْ كَانَ مِنْ النُّقُودِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ يُشْتَرَطُ قِيَامُهُ أَيْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ثُمَّ إذَا صَحَّتْ الْإِجَازَةُ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ شَيْئًا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَكَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا فَالثَّمَنُ يَكُونُ لِلْبَائِعِ دُونَ الْمُجِيزِ وَيَرْجِعُ الْمُجِيزُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ مَالِهِ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ هَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ أَوْ بَعْدَهَا هَلَكَ أَمَانَةً وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ إنْ نَقَدَهُ وَإِنْ ضَمِنَ الْبَائِعُ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مَضْمُونًا عِنْدَهُ نَفَذَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ أَمَانَةً عِنْدَهُ فَإِنْ سَلَّمَ أَوَّلًا ثُمَّ بَاعَ نَفَذَ الْبَيْعُ وَإِنْ بَاعَ أَوَّلًا ثُمَّ سَلَّمَ لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا مَاتَ الْمَالِكُ لَا يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ وَعِنْدَ إجَازَةِ الْمَالِكِ يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي مَعَ الزِّيَادَةِ الَّتِي حَدَثَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ نَفَذَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي صَبِيًّا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَيَتَوَقَّفُ هَذَا إذَا لَمْ يُضِفْ الْفُضُولِيُّ إلَى غَيْرِهِ فَإِنْ أَضَافَهُ بِأَنْ قَالَ بِعْ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْته لِفُلَانٍ تَوَقَّفَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّوَقُّفِ أَنْ يُضَافَ فِي أَحَدِ الْكَلَامَيْنِ إلَى فُلَانٍ. وَفِي. فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ بِكَذَا وَالْبَائِعُ يَقُولُ بِعْت مِنْك بَطَلَ الْعَقْدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْفُضُولِيِّ بِعْت هَذَا مِنْك لِأَجْلِ فُلَانٍ فَيَقُولُ الْفُضُولِيُّ قَبِلْت أَوْ اشْتَرَيْت أَوْ يَقُولُ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا لِأَجْلِ فُلَانٍ فَيَقُولُ بِعْت يَنْفُذُ الْعَقْدُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا يَتَوَقَّفُ. وَرَأَيْت فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْعَبْدِ لِلْفُضُولِيِّ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا وَقَالَ الْفُضُولِيُّ قَبِلْت لِفُلَانٍ أَوْ قَالَ اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ أَوْ بَدَأَ الْفُضُولِيُّ فَقَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت مِنْك فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ يَتَوَقَّفُ وَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْفُضُولِيِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرَيْت عَبْدَك هَذَا مِنْ نَفْسِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَوْلَى الْعَبْدِ حَاضِرٌ فَقَالَ الْمَوْلَى: قَدْ أَجَزْت وَسَلَّمْت قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجْعَلُ كَلَامُ الْمَوْلَى بَيْعًا السَّاعَةَ. رَجُلٌ بَاعَ عَبْدَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَقَالَ الْمَوْلَى قَدْ أَحْسَنْت وَأَصَبْت وَوُفِّقْت لَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ إجَازَةً لِلْبَيْعِ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَإِنْ قَبَضَ الثَّمَنَ يَكُونُ إجَازَةً وَكَذَا لَوْ قَالَ كَفَيْتنِي مُؤْنَةَ الْبَيْعِ أَحْسَنْت فَجَزَاك اللَّهُ خَيْرًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إجَازَةَ الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ قَوْلُهُ أَحْسَنْت وَأَصَبْت يَكُونُ إجَازَةً اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. بَاعَ أَرْضَ ابْنِهِ فَقَالَ الِابْنُ مَا دُمْت حَيًّا فَأَنَا رَاضٍ

بِالْبَيْعِ أَوْ أَجَزْته مَادُمْت حَيًّا فَهُوَ إجَازَةٌ وَلَوْ قَالَ امْسِكْهَا مَادُمْت حَيًّا لَا يَكُونُ إجَازَةً كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَفِي الْمُنْتَقَى أَنَّ قَوْلَهُ بِئْسَ مَا صَنَعَتْ إجَازَةٌ. بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ بَاعَ عَبْدَ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَقَالَ لِلْبَائِعِ قَدْ وَهَبْت لَك الثَّمَنَ أَوْ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيْك فَهَذَا إجَازَةٌ إنْ كَانَ قَائِمًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. بَلَغَ الْمَالِكُ أَنَّ فُضُولِيًّا بَاعَ مِلْكَهُ فَسَكَتَ لَا يَكُونُ إجَازَةً وَلَوْ بَلَغَهُ الْبَيْعُ فَأَجَازَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِمِقْدَارِ ثَمَنِهِ ثُمَّ عَلِمَ الْمِقْدَارَ وَرَدَّ الْبَيْعَ فَالْمُعْتَبَرُ إجَازَتُهُ لَا رَدُّهُ. بَاعَ الْفُضُولِيُّ أَوْ الْمُودَعُ بِلَا إذْنِ الْمُودِعِ فَبَرْهَنَ الْمَالِكُ عَلَى إجَازَةِ الْبَيْعِ حَالَ قِيَامِ الْمَبِيعِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا مِنْ الْفُضُولِيِّ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ. بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَمَاتَ الْعَبْدُ ثُمَّ ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ كَانَ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ يُصَدَّقُ وَإِنْ قَالَ بَلَغَنِي الْبَيْعُ وَأَجَزْته لَا يُصَدَّقُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ بَاعَ عَبْدَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَجَاءَ الْمُشْتَرِي إلَى مَوْلَاهُ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ فُلَانًا بَاعَ عَبْدَهُ بِكَذَا فَقَالَ الْمَوْلَى إنْ كَانَ بَاعَك بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَدْ أَجَزْت قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ فُلَانًا بَاعَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ لَا يَجُوزُ وَإِجَازَتُهُ تَكُونُ عَلَى الصِّنْفِ الَّذِي ذَكَرَ وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ بَاعَك بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَهُوَ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَلَوْ قَالَ إنْ بَاعَك بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَجَزْت ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إجَازَةً بَلْ يَكُونُ عِدَةً فَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ أَجَازَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُجِزْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. بَاعَ ثَوْبَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَصَبَغَهُ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ رَبُّ الثَّوْبِ الْبَيْعَ جَازَ وَلَوْ قَطَعَهُ وَخَاطَهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ هَلَكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى الْفُضُولِيُّ شَيْئًا لِغَيْرِهِ وَلَمْ يُضِفْ إلَى غَيْرِهِ حَتَّى كَانَ الشِّرَاءُ لَهُ فَظَنَّ الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرَى لَهُ أَنَّ الْمُشْتَرَى لَهُ فَسَلَّمَ إلَيْهِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَقَبِلَ الْمُشْتَرَى لَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ صَاحِبِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُشْتَرَى لَهُ كُنْت أَمَرْتُك بِالشِّرَاءِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته لَك بِغَيْرِ أَمْرِك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرَى لَهُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا قَالَ اشْتَرَيْته لَك كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْهُ بِأَمْرِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ بِمِائَةِ دِينَارٍ إنْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ كَانَ ذَلِكَ فَسْخًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَمَا لَمْ يَقْبِضْهُ لَمْ يَنْفَسِخْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي وَبَاعَهُ آخَرُ مِنْ آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ فَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي تَوَقَّفَ الْعَقْدَانِ وَإِذَا بَلَغَ الْمَوْلَى ذَلِكَ فَأَجَازَهُمَا يُنَصَّفُ الْعَقْدَانِ وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ الْخِيَارُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْفُضُولِيُّ وَاحِدًا بَاعَهُ مِنْهُمَا وَقَالَ الْكَرْخِيُّ مَسْأَلَةُ الْفُضُولِيِّ فِيمَا إذَا بَاعَهُ مِنْهُمَا مَعًا لِأَنَّهُ لَوْ عَاقَبَ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ كَانَ الثَّانِي فَسْخًا لِلْأَوَّلِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ لَا يَجْعَلُ الثَّانِيَ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ بَاعَ ثَوْبَ غَيْرِهِ مِنْ ابْن نَفْسِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ مَالِكِهِ وَالِابْنُ صَغِيرٌ مَأْذُونٌ أَوْ بَاعَهُ مِنْ عَبْدِهِ

الْمَأْذُونِ لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ أَعْلَمَ رَبَّ الثَّوْبِ أَنَّهُ قَدْ بَاعَ ثَوْبَهُ وَلَمْ يُعْلِمْهُ مِمَّنْ بَاعَهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا فِي عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَالْبَيْعُ أَحَقُّ مِنْ النِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ حَتَّى لَوْ بَاعَ فُضُولِيٌّ أَمَةَ رَجُلٍ وَزَوَّجَهَا فُضُولِيٌّ آخَرُ مِنْ آخَرَ أَوْ آجَرَهَا أَوْ رَهَنَهَا فَأَجَازَهُمَا الْمَوْلَى مَعًا جَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ غَيْرُهُ وَالْعِتْقُ وَالْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهَا وَالْهِبَةُ وَالْإِجَارَةُ أَحَقُّ مِنْ الرَّهْنِ وَالْهِبَةُ أَحَقُّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعُ أَحَقُّ مِنْ الْهِبَةِ فِي الدَّارِ وَاسْتَوَيَا فِي الْعَبْدِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت عَبْدَك هَذَا مِنْ نَفْسِي وَمِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَعْنِي أَمْسِ فَقَالَ الْمَوْلَى قَدْ رَضِيت لَمْ يَجُزْ فِي شَيْءٍ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت عَبْدَك هَذَا أَمْسِ اشْتَرَيْت نِصْفَهُ مِنْ نَفْسِي بِخَمْسِمِائَةٍ وَنِصْفَهُ مِنْ فُلَانٍ بِخَمْسِمِائَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ فِي النِّصْفِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ إذَا قَالَ الْمَوْلَى أَجَزْت كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَكَذَا الْفُضُولِيُّ قَبْلَهَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَمِنْ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ بَيْعُ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ يَتَوَقَّفُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ عَلَى إجَازَةِ وَالِدِهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ الْقَاضِي وَكَذَا الْمَعْتُوهُ وَالصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ إذَا بَلَغَ سَفِيهًا يَتَوَقَّفُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ عَلَى إجَازَةِ الْوَصِيِّ أَوْ الْقَاضِي وَالْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمَوْلَى أَوْ مِنْ مَالٍ وَهَبَ لَهُ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى إذَا بَاعَ رَجُلٌ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْغُرَمَاءِ وَإِذَا بَاعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ ثُمَّ أَجَازَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهُ صَحَّتْ وَيَهْلَكُ الثَّمَنُ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَإِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ الْبَيْعَ وَنَقَضَ بَعْضُهُمْ بِحَضْرَةِ الْعَبْدِ وَالْمُشْتَرِي لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ وَمِنْ الْمَوْقُوفِ إذَا بَاعَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مِنْ وَارِثِهِ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهٍ إنْ صَحَّ جَازَ بَيْعُهُ وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ بَطَلَ الْبَيْعُ وَمِنْهُ الْمُرْتَدُّ إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ إنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَ تَصَرُّفُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ نَفَذَ بَيْعُهُ إذَا دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَزَرَعَهَا الْعَامِلُ أَوْ لَمْ يَزْرَعْ فَبَاعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُزَارِعِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا فَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ بِفَضْلِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ أَجَازَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ الْإِجَازَةُ كَذَا فِي الْحَاوِي. جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَأَعْتَقَهَا ثُمَّ أَجَازَ الشَّرِيكُ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ فِي حِصَّتِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نِصْفَ الدَّارِ مُشَاعًا يَنْصَرِفُ ذَلِكَ إلَى نَصِيبِهِ وَلَوْ بَاعَ فُضُولِيٌّ نِصْفَ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَنْصَرِفُ الْبَيْعُ إلَى نَصِيبِهِمَا فَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا صَحَّ فِي النِّصْفِ الَّذِي هُوَ نَصِيبُ الْمُجِيزِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ جَائِزٌ فِي رُبْعِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا صُبْرَةٌ مِنْ طَعَامٍ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا قَفِيزًا مِنْ الصُّبْرَةِ وَكَالَهُ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ فَأَجَازَ الشَّرِيكُ بَيْعَهُ أَوْ لَمْ يُجِزْ جَازَ الْبَيْعُ

وَيَكُونُ جَمِيعُ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ وَإِنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا قَفِيزًا فَأَجَازَ الشَّرِيكُ ثُمَّ كَالَهُ لِلْمُشْتَرِي فَضَاعَ مَا بَقِيَ كَانَ لِلشَّرِيكِ عَلَى الْبَائِعِ نِصْفُ قَفِيزٍ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الشَّرِيكُ أَجَازَ الْبَيْعَ حَتَّى ضَاعَ مَا بَقِيَ مِنْ الطَّعَامِ أَخَذَ الشَّرِيكُ مِنْ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الطَّعَامِ الَّذِي بَاعَ وَلَوْ عَزَلَ أَحَدُهُمَا قَفِيزًا مِنْ الصُّبْرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَبَاعَ ذَلِكَ الْقَفِيزَ فَأَجَازَ الشَّرِيكُ بَيْعَهُ كَانَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الشَّرِيكُ بَيْعَهُ وَأَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي نِصْفَ مَا بَاعَ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِتَمَامِ الْقَفِيزِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَرْيَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا بَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا دُورًا أَوْ قَرَاحَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا جَازَ فِي النِّصْف وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ قَرَاحٍ لَمْ يَجُزْ وَكَذَا إذَا بَاعَ حُجْرَةً مِنْهَا لَمْ يَجُزْ وَكَذَا بَيْعُ طَرِيقٍ فِي أَرْضٍ بَيْنَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَاهُ وَلَوْ بَاعَ الْبَيْتَ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ جَازَ فِي النِّصْفِ وَإِذَا بَاعَ نِصْفَ بِنَاءٍ مِنْ غَيْرِ أَرْضِهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَتْ الْحِنْطَةُ أَوْ الْمَوْزُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَنَقُولُ إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ فِي الْمَالِ بِسَبَبِ الْخَلْطِ مِنْهُمَا بِاخْتِيَارِهِمَا أَوْ بِالِاخْتِلَاطِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِمَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ وَلَا يَجُوزُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَإِذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ بِسَبَبِ الْمِيرَاثِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ بَعْدَ إذْنِ شَرِيكِهِ وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. ذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ بَاعَ نَصِيبَهُ لَهُ مِنْ الْمُشَجَّرَةِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ بِغَيْرِ أَرْضٍ إنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ بَلَغَتْ أَوَانَ الْقَطْعَ جَازَ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. فِي الْوَاقِعَاتِ نَخِيلٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَعَلَيْهَا ثَمَرٌ أَوْ أَرْضٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَفِيهَا زَرْعٌ قَالَ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الْكِتَابِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ لِآخَرَ بِعْتُ مِنْك نَصِيبِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ بِكَذَا وَعَلِمَ الْمُشْتَرِي بِنَصِيبِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ جَازَ بَعْدَ أَنْ يُقِرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ كَمَا قَالَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ عَلِمَ الْبَائِعُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ عَلِمَ الْبَائِعُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَلَوْ كَانَ ثِيَابٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَوْ غَنَمٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَنْقَسِمُ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ شَاةٍ أَوْ ثَوْبٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُبْطِلَهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ شَرِيكِهِ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحْطَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بِئْرٌ وَأَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْبِئْرِ بِطَرِيقِهِ فِي الْأَرْضِ جَازَ الْبَيْعُ فِي الْبِئْرِ وَلَا يَجُوزُ فِي الطَّرِيقِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ صَاحِبِهِ

الباب الثالث عشر في الإقالة

فَلَوْ أَجَازَ شَرِيكُهُ جَازَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَإِنْ بَاعَ نِصْفَ الْبِئْرِ بِغَيْرِ الطَّرِيقِ جَازَ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. بَاعَ نِصْفَ الْبِنَاءِ مَعَ نِصْفِ الْأَرْضِ جَازَ سَوَاءٌ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ شَرِيكِهِ وَإِنْ بَاعَ نِصْفَ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ شَرِيكِهِ لَا يَجُوزُ قَالُوا وَهَذَا إذَا كَانَ الْبِنَاءُ بِحَقٍّ أَمَّا إذَا كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ جَازَ بَيْعُ نِصْفِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَمِنْ شَرِيكِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَنْ بَاعَ عَبْدَ رَجُلٍ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْعَبْدِ وَقَالَ إنَّك بِعْتنِي بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ وَجَحَدَ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَقَالَ بَلْ بِعْتُك بِأَمْرِ صَاحِبِهِ فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ صَاحِبِ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِبَيْعِهِ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ عِنْدَ الْقَاضِي بِأَنَّ رَبَّ الْعَبْدِ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْبَيْعِ بَطَلَ الْبَيْعُ إنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ وَلَوْ جَحَدَ رَبُّ الْعَبْدِ أَمْرَهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَابَ وَطَلَبَ بَائِعُهُ الْفَسْخَ فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي تَأْخِيرَ الْفَسْخِ لِيَحْلِفَ الْآمِرُ عَلَى عَدَمِ الْأَمْرِ لَمْ يُؤَخَّرْ فَلَوْ حَضَرَ الْآمِرُ وَحَلَفَ أَخَذَ الْعَبْدَ وَإِنْ نَكَلَ عَادَ الْبَيْعُ وَلَوْ حَضَرَ وَجَحَدَ الْأَمْرَ عِنْدَ الْقَاضِي وَالْمُشْتَرِي غَائِبٌ لَمْ يَأْخُذْ الْعَبْدَ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُحَلِّفَ رَبَّ الْعَبْدِ بِاَللَّهِ مَا أَمَرْتَنِي بِبَيْعِهِ فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ أَمْرُهُ وَإِنْ حَلَفَ ضَمِنَ الْبَائِعُ وَنَفَذَ بَيْعُهُ وَلَوْ مَاتَ رَبُّ الْعَبْدِ قَبْلَ حُضُورِهِ وَوَرِثَهُ بَائِعُهُ وَجَحَدَ الْأَمْرَ وَبَرْهَنَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِ مُشْتَرِيهِ بِعَدَمِ الْأَمْرِ بَعْدَ مَوْتِهِ تُقْبَلُ وَلَوْ وَرِثَهُ الْبَائِعُ وَغَيْرُهُ فَإِنْ ادَّعَى غَيْرُهُ جُحُودَ الْأَمْرِ يُسْمَعُ وَلِمُشْتَرِيهِ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْلَى مَا أَمَرَهُ يَبِيعُهُ فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الْأَمْرُ وَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ نِصْفَ الْعَبْدِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَخُيِّرَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ هَذَا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْعَبْدَ مِلْكُ الْآمِرِ فَلَوْ جَحَدَ لَغَا قَوْلُ الْآمِرِ حَتَّى يُبَرْهِنَ عَلَى مِلْكِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. [الْبَابُ الثَّالِثَ عَشْرَ فِي الْإِقَالَةِ] قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هِيَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ جَعْلُهَا فَسْخًا بِأَنْ وَلَدَتْ الْمَبِيعَةُ فَيَبْطُلَ، كَذَا فِي الْكَافِي بَاعَ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَقَايَلَا الْعَقْدَ فِيهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَإِنْ تَقَايَلَا بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ بِأَلْفٍ وَيَلْغُو ذِكْرُ الْخَمْسِمِائَةِ، وَإِنْ تَقَايَلَا بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ لَمْ يَدْخُلْهُ عَيْبٌ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ بِالْأَلْفِ وَيَلْغُو ذِكْرُ الْخَمْسِمِائَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الْأَلْفِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ دَخَلَهُ عَيْبٌ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَيَصِيرُ الْمَحْطُوطُ بِإِزَاءِ النُّقْصَانِ وَلَوْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بِجِنْسٍ آخَرَ ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَيَلْغُو ذِكْرُ جِنْسٍ آخَرَ وَإِنْ ازْدَادَ الْمَبِيعُ ثُمَّ تَقَايَلَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً صَحَّتْ الْإِقَالَةُ عِنْدَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ أَقِلْنِي حَتَّى أُؤَخِّرَك الثَّمَنَ سَنَةً أَوْ أَقِلْنِي حَتَّى أَضَعَ عَنْك خَمْسِينَ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ لَا التَّأْخِيرُ وَالْحَطُّ

وَقَالَ الثَّانِي جَازَ أَيْضًا أَصْلُهُ أَنَّ الْإِقَالَةَ تَصِحُّ عِنْدَ الثَّانِي بِلَفْظَيْنِ أَحَدُهُمَا مَاضٍ وَالْآخَرُ مُسْتَقْبَلٌ كَقَوْلِهِ أَقِلْنِي فَقَالَ الْآخَرُ أَقَلْت وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَصِحُّ إلَّا بِمَاضِيَيْنِ كَالْبَيْعِ وَاخْتَارَ فِي الْفَتَاوَى قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ لِلْمُشْتَرِي أَقِلْنِي الْبَيْعَ فَقَالَ قَدْ أَقَلْتُك لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إقَالَةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ حَتَّى يَقُولَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبِلْت كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي تَرَكْت الْبَيْعَ وَقَالَ الْبَائِعُ رَضِيت أَوْ أَجَزْت يَكُونُ إقَالَةً كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. بَيْعٌ بِمِنْ بازده فَقَالَ دادم لَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ مَا لَمْ يَقُلْ بذيرفتم وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ طَلَبَ الْبَائِعُ الْإِقَالَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي هَاتِ الثَّمَنَ وَقَبِلَ الْبَائِعُ فَهُوَ كَقَوْلِ الْبَائِعِ أَقِلْنِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. جَاءَ الدَّلَّالُ بِالثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ بَعْدَمَا بَاعَهُ بِالْأَمْرِ الْمُطْلَقِ فَقَالَ الْبَائِعُ لَا أَدْفَعُهُ بِهَذَا الثَّمَنِ فَأَخْبَرَ بِهِ الْمُشْتَرِيَ فَقَالَ أَنَا لَا أُرِيدُ أَيْضًا لَا يَنْفَسِخُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَتَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. قَبَضَ الطَّعَامَ وَسَلَّمَ بَعْضَ الثَّمَنِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَيَّامٍ إنَّ الثَّمَنَ غَالٍ فَرَدَّ الْبَائِعُ بَعْضَ الثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ فَمَنْ قَالَ: الْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ جَعَلَهُ إقَالَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. اشْتَرَى إبْرَيْسَمًا فَأَخَذَهُ ثُمَّ قَالَ لِلْبَائِعِ لَا يَصْلُحُ لِعَمَلِي فَخُذْهُ وَادْفَعْ إلَيَّ الثَّمَنَ فَأَبَى الْبَائِعُ فَقَالَ تَرَكْت كَذَا مِنْ الثَّمَنِ وَادْفَعْ إلَيَّ الْبَاقِيَ فَفَعَلَ فَهُوَ إقَالَةٌ لَا بَيْعٌ مُبْتَدَأٌ. طَلَبَ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَسْخَ الْبَيْعِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي ادْفَعْ إلَيَّ الثَّمَنَ فَكَتَبَهُ قَبَالَةً وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَرَدَّ الْمَبِيعِ فَهُوَ فَسْخٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. بَاعَ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي قَدْ أَقَلْتُك الْبَيْعَ فِي هَذَا الثَّوْبِ فَاقْطَعْهُ قَمِيصًا فَقَطَعَ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ كَانَ إقَالَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَشَرْطُ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ رِضَا الْمُتَقَائِلَيْنِ وَالْمَجْلِسُ وَتَقَابُضُ بَدَلِ الصَّرْفِ فِي إقَالَتِهِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَحَلَّ الْفَسْخِ بِسَائِرِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ كَالرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ ازْدَادَ زِيَادَةً تَمْنَعُ الْفَسْخَ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ لَا تَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيَامُ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْإِقَالَةِ فَإِنْ كَانَ هَالِكًا وَقْتَ الْإِقَالَةِ لَمْ تَصِحَّ وَأَمَّا قِيَامُ الثَّمَنِ وَقْتَ الْإِقَالَةِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ. إذَا تَبَايَعَا عَيْنًا بِدَيْنٍ كَالدِّرْهَمِ وَالدَّنَانِيرِ عَيَّنَا أَوْ لَمْ يُعَيِّنَا وَالْفُلُوسِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمَوْصُوفَةِ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ تَقَايَلَا وَالْعَيْنُ قَائِمَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ الْإِقَالَةُ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا أَمْ هَالِكًا وَإِنْ تَقَايَلَا بَعْدَ هَلَاكِ الْعَيْنِ لَمْ تَصِحَّ وَكَذَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَقْتَ الْإِقَالَةِ ثُمَّ هَلَكَتْ قَبْلَ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدَيْنِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ هَلَكَا ثُمَّ تَقَايَلَا لَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا هَالِكًا وَقْتَ الْإِقَالَةِ وَالْآخَرُ قَائِمًا

وَصَحَّتْ الْإِقَالَةُ ثُمَّ هَلَكَ الْقَائِمُ قَبْلَ الرَّدِّ بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ. وَلَوْ تَبَايَعَا عَيْنًا بِعَيْنٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ هَلَكَ أَحَدُهُمَا فِي يَدِ مُشْتَرِيهِ ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَعَلَى مُشْتَرِي الْهَالِكِ قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ فَلْيُسَلِّمْهُ إلَى صَاحِبِهِ وَيَسْتَرِدَّ مِنْهُ الْعَيْنَ وَكَذَلِكَ لَوْ تَقَايَلَا وَالْعَيْنَانِ قَائِمَانِ ثُمَّ هَلَكَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ الرَّدِّ لَا تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ هَلَكَا قَبْلَ التَّرَادِّ بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ بَاعَ مِنْ آخَرَ كَرْمًا وَسَلَّمَ فَأَكَلَ الْمُشْتَرِي نُزُلَهُ سَنَةً ثُمَّ تَقَايَلَا لَا تَصِحُّ وَكَذَا لَوْ هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً أَوْ اسْتَهْلَكَهَا أَجْنَبِيٌّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ فِي طَعَامٍ فَقَبَضَ الطَّعَامَ فَمَاتَ الْعَبْدُ ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِنُقْرَةٍ أَوْ بِمَصُوغٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَقَايَلَا وَالْفِضَّةُ قَائِمَةٌ فِي يَدِ الْبَائِعِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الْفِضَّةِ وَيَسْتَرِدُّ مِنْ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْعَبْدِ ذَهَبًا لَا فِضَّةً وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ وَقْتَ الْإِقَالَةِ ثُمَّ هَلَكَ قَبْلَ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْفِضَّةَ وَيَسْتَرِدَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ إنْ شَاءَ ذَهَبًا وَإِنْ شَاءَ فِضَّةً كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ اشْتَرَى صَابُونًا رَطْبًا وَقَبَضَهُ فَجَفَّ عِنْدَهُ وَانْتَقَصَ وَزْنُهُ بِالْجَفَافِ ثُمَّ تَفَاسَخَا الْبَيْعَ صَحَّ الْفَسْخُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ لِأَجْلِ النُّقْصَانِ. رَجُلٌ اشْتَرَى لَحْمًا أَوْ سَمَكًا أَوْ شَيْئًا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ فَذَهَبَ الْمُشْتَرِي إلَى بَيْتِهِ لِيَجِيءَ بِالثَّمَنِ فَطَالَ مُكْثُهُ وَخَافَ الْبَائِعُ أَنْ يَفْسُدَ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ اسْتِحْسَانًا وَلِلْمُشْتَرِي الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ يَنْظُرَ إنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالزِّيَادَةِ وَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ فَالنُّقْصَانُ يَكُونُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَلَا يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اشْتَرَى حِمَارًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ جَاءَ بِالْحِمَارِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ صَرِيحًا وَاسْتَعْمَلَ الْحِمَارَ أَيَّامًا ثُمَّ امْتَنَعَ عَنْ رَدِّ الثَّمَنِ وَقَبُولِ الْإِقَالَةِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. بَاعَ أَمَةً وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ لَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطَأَهَا مَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى تِلْكَ الْخُصُومَةِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْفَسِخُ بِجُحُودِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ عَزَمَ الْبَائِعُ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ حَلَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَكَذَا لَوْ بَاعَ جَارِيَةً ثُمَّ أَنْكَرَ الْبَيْعَ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي لَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطَأَهَا فَإِنْ تَرَكَ الْمُشْتَرِي الدَّعْوَى وَسَمِعَ الْبَائِعُ أَنَّهُ تَرَكَ الْخُصُومَةَ حَلَّ لَهُ الْوَطْءُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَمَةٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَ نِصْفَهُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ فِي الْأَمَةِ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَتْ الْإِقَالَةُ وَكَانَ عَلَيْهِ لِبَائِعِ الْعَبْدِ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَبِعْ لَكِنْ قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ وَأَخَذَ الْأَرْشَ ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ فِي الْأَمَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْعَبْدَ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ بَعْدَمَا لَقِيَهُ وَهَبْت لَك الْعَبْدَ وَالثَّمَنَ كَانَ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْبَيْعِ وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ الثَّمَن كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَوْمٌ فِي السَّفِينَةِ وَقَدْ اشْتَرَى قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي السَّفِينَةِ أَمْتِعَةً فَخِيفَ الْغَرَقُ وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى إلْقَاءِ بَعْضِ

الْأَمْتِعَةِ عَلَى السَّفِينَةِ حَتَّى تَخِفَّ السَّفِينَةُ فَقَالَ بَائِعُ الْأَمْتِعَةِ مَنْ طَرَحَ مِنْكُمْ الْمَتَاعَ الَّذِي اشْتَرَى مِنِّي فَقَدْ أَقَلْته الْبَيْعَ فَطَرَحُوا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَاهُ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَفَسَدَ الْبَيْعُ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ أَقَالَ الْبَيْعَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي فِي إنْكَارِ الْإِقَالَةِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ يَدَّعِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي الْإِقَالَةَ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ فَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفِ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتَصِحُّ إقَالَةُ الْمُوَكِّلِ مَعَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَإِقَالَةِ الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ جَائِزَةٌ وَلَا تَجُوزُ إقَالَةُ الْمُوصَى لَهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي الْمَكِيلِ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِقَالَةِ بِالشَّرْطِ بِأَنْ بَاعَ ثَوْبًا مِنْ زَيْدٍ فَقَالَ زَيْدٌ اشْتَرَيْته رَخِيصًا فَقَالَ إنْ وَجَدْت مُشْتَرِيًا بِالزِّيَادَةِ فَبِعْهُ مِنْهُ فَوَجَدَ فَبَاعَهُ بِأَزْيَدَ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ الثَّانِي كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَالْإِقَالَةُ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهَا فَسْخٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَنْ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ إذَا اشْتَرَى بِذَلِكَ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ شَيْئًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ تَقَايَلَا لَا يَعُودُ الْأَجَلُ وَلَوْ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءٍ كَانَ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَعُودُ الْأَجَلُ وَلَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ كَفِيلٌ لَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. بَاعَ بَقَرَةً ثُمَّ قَالَ لِمُشْتَرِيهَا بِعْتهَا مِنْك رَخِيصَةً فَقَالَ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَتْ رَخِيصَةً فَبِعْهَا وَاسْتَرْبِحْ فِيهَا لِنَفْسِك وَأَوْصِلْ إلَيَّ ثَمَنَ بَقَرَتِي الَّتِي بِعْتهَا مِنِّي فَبَاعَهَا وَرَبِحَ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ لَهُ مُشْتَرِيهَا بِعْهَا لِنَفْسِك فَهُوَ فَسْخٌ وَالرِّبْحُ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ تَوْكِيلٌ وَالرِّبْحُ لِلْمُوَكِّلِ. بَاعَتْ ضَيْعَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ ابْنِهَا الْبَالِغِ وَأَجَازَ الِابْنُ الْبَيْعَ ثُمَّ أَقَالَتْ الْأُمُّ وَأَجَازَ الِابْنُ الْإِقَالَةَ ثُمَّ بَاعَتْهَا ثَانِيًا بِغَيْرِ إجَازَتِهِ يَجُوزُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ لِأَنَّهُ بِالْإِقَالَةِ يَعُودُ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِ الْعَاقِدِ إلَى مِلْكِ الْمُوَكِّلِ وَالْمُجِيزِ. اشْتَرَى كَرْمًا بِالذَّهَبِ وَدَفَعَ مَكَانَهُ حِنْطَةً ثُمَّ تَفَاسَخَا الْبَيْعَ قِيلَ: لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْحِنْطَةَ. اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ وَدَفَعَ زُيُوفًا مَكَانَهَا وَتَجَوَّزَ بِهَا الْبَائِعُ ثُمَّ تَقَايَلَا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالْجِيَادِ. اشْتَرَى شَيْئًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَنَقَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ. اشْتَرَى بَقَرَةً وَتَقَابَضَا وَالْبَقَرَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَحْلُبُهَا أَوْ يَأْكُلُ لَبَنَهَا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ مِثْلَ اللَّبَنِ وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ وَلَا يَسْقُطُ ضَمَانُ اللَّبَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِظُهُورِ الْإِقَالَةِ فِي حَقِّ الْقَائِمِ دُونَ الْهَالِكِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا مَعَ زَرْعِهَا وَحَصَدَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّتْ فِي الْأَرْضِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ إدْرَاكِهِ فَإِنَّهَا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا وَتَقَابَضَا ثُمَّ كَسَدَتْ الدَّرَاهِمُ ثُمَّ تَقَايَلَا فَإِنَّهُ يَرُدُّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ الْكَاسِدَةَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى

الباب الرابع عشر في المرابحة والتولية والوضيعة

أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ فَقَطَعَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ مِنْ قِيمَةِ الْأَشْجَارِ وَيُسَلِّمُ الْأَشْجَارَ لِلْمُشْتَرِي هَذَا إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ بِقَطْعِ الْأَشْجَارِ وَإِذَا عَلِمَ بِهِ وَقْتَ الْإِقَالَةِ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إقَالَةٌ الْإِقَالَةِ جَائِزَةٌ لَا إقَالَةُ إقَالَةِ السَّلَمِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَوْ بَاعَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي جَازَ وَلَوْ بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ أَقَالَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ ثُمَّ أَقَالَ الْبَائِعُ بَائِعَهُ الْأَوَّلَ جَازَ وَكَذَا بَيْعُهُ مِنْ بَائِعِهِ يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْوَضِيعَةِ] الْمُرَابَحَةُ بَيْعٌ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَزِيَادَةُ رِبْحٍ وَالتَّوْلِيَةُ بَيْعٌ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ شَيْءٍ وَالْوَضِيعَةُ بَيْعٌ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مَعَ نُقْصَانٍ مَعْلُومٍ وَالْكُلُّ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا مُرَابَحَةً إنْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ جَازَ الْبَيْعُ إذَا كَانَ الرِّبْحُ مَعْلُومًا سَوَاءٌ كَانَ الرِّبْحُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَمْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا كَالْعُرُوضِ إنْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً مِمَّنْ لَا يَمْلِكُ الْعَرْضَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ بَاعَهُ مِمَّنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ الْعَرْضَ إنْ بَاعَهُ بِالْعَرْضِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَرَبِحَ عَشَرَةً جَازَ وَإِنْ بَاعَهُ بِرِبْحِ دَهٍ يازده لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا عَلِمَ الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ فَيَجُوزُ وَلَهُ الْخِيَارُ فَإِذَا اخْتَارَ الْعَقْدَ يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ اسْتِحْسَانًا وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ تَوْلِيَةً وَلَا يَعْلَمُ الْمُشْتَرِي بِكَمْ يَقُومُ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا عَلِمَ الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ فَيَجُوزُ وَلَهُ الْخِيَارُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ فَأَعْطَى بِهَا دِينَارًا أَوْ ثَوْبًا فَرَأْسُ الْمَالِ الْعَشَرَةُ حَتَّى لَوْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ عَشَرَةٌ وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ خِلَافَ نَقْدِ الْبَلَدِ فَبَاعَهُ بِرِبْحِ دِرْهَمٍ فَالْعَشَرَةُ مِثْلُ مَا نَقَدَ وَالرِّبْحُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَلَوْ نَسَبَ الرِّبْحَ إلَى رَأْسِ الْمَالِ فَقَالَ أَبِيعُك بِرِبْحِ دَهٍ يازده فَالرِّبْحُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَعْطَى الزُّيُوفَ مَكَانَ الْجِيَادِ وَتَجَوَّزَ بِهَا الْبَائِعُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً عَلَى الْجِيَادِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَعْطَاهُ بِالثَّمَنِ عَرْضًا أَوْ رَهْنًا فَهَلَكَ يَبِيعُ مُرَابَحَةً عَلَى الدَّرَاهِمِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. بَاعَ مَتَاعًا مُرَابَحَةً وَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَأْسَ مَالِهِ مِائَةُ دِينَارٍ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ قَالَ اشْتَرَيْته بِدَنَانِيرَ شَامِيَّةٍ وَالْبَيْعُ بِبَغْدَادَ قَالَ لَيْسَ لَهُ إلَّا نَقْدُ بَغْدَادَ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِدَنَانِيرَ شَامِيَّةٍ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ إنْسَانٍ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارٍ أَوْ إقَالَةٍ فَلَوْ تَمَّ الْبَيْعُ فِيهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ جُمْلَةً مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ وَهُوَ غَيْرُ مُتَفَاوِتٍ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ تِلْكَ الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَ جُمْلَةً مِمَّا يَخْتَلِفُ أَوْ عَدَدِيًّا مُتَفَاوِتًا فَإِنْ بَاعَ بَعْضَهَا مُشَاعًا مُرَابَحَةً جَازَ وَإِنْ بَاعَ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ جُمْلَةً لَمْ يَجُزْ وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنًا جَازَ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى مَا سَمَّى لَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ

وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي ثَوْبَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَبَيَّنَ جِنْسَهُمَا وَنَوْعَهُمَا وَصِفَتَهُمَا وَذَرْعَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ وَقَبَضَهُمَا عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُمَا مُرَابَحَةً عَلَى خَمْسَةٍ يُكْرَهُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ وَقَالَا لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا وَاحِدًا وَاحْتَرَقَ نِصْفُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي نِصْفَ الثَّوْبِ بِاعْتِبَارِ الذُّرْعَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. غَاصِبُ الْعَبْدِ إذَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَةٍ الْعَبْدِ عِنْدَ الْإِبَاقِ ثُمَّ عَادَ الْعَبْدُ مِنْ الْإِبَاقِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِخَمْرٍ فَقَبَضَهُ فَأَبَقَ يَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا عَلَى عِوَضٍ اشْتَرَطَهُ وَتَقَابَضَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي الصُّلْحِ وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ الْعِوَضَ مِثْلُ قِيمَةِ الْهِبَةِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقُولَ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَلَا يَقُولُ اشْتَرَيْته. رَجُلٌ وَرِثَ عَبْدًا فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ بَعْدَ التَّقَابُضِ أَوْ قَبْلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً لَمْ يَبِعْهُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ اشْتَرَى مَخْتُومَ حِنْطَةٍ بِمَخْتُومَيْ شَعِيرٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِمَا ثُمَّ تَقَابَضَا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَ الْحِنْطَةَ مُرَابَحَةً وَكَذَلِكَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِصِفَةِ آخَرَ وَلَوْ اشْتَرَى قَفِيزًا مِنْ الْحِنْطَةِ بِقَفِيزَيْ شَعِيرٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِمَا ثُمَّ بَاعَ الْحِنْطَةَ بِرِبْحِ رُبْعِ الْحِنْطَةِ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِرِبْحِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنًا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا مُرَابَحَةً وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا جَازَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ. وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَأَغْلَى فِي ثَمَنِهِ فَبَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى ذَلِكَ جَازَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا زَادَ زِيَادَةً لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهَا فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ. رَجُلَانِ اشْتَرَيَا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا مُتَقَارِبًا وَاقْتَسَمَاهُ جَازَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ مُرَابَحَةً وَلَوْ كَانَ ثِيَابًا أَوْ نَحْوَهَا فَاقْتَسَمَاهَا لَمْ يَجُزْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْعُ حِصَّتِهِ مُرَابَحَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. اشْتَرَى دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الدَّنَانِيرَ مُرَابَحَةً لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اشْتَرَى مَتَاعًا وَرَقَّمَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ فَبَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الرَّقْمِ جَازَ وَلَا يَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَكَذَا لَوْ وَرِثَ أَوْ اتَّهَبَ مَالًا وَبَاعَ بِرَقْمِهِ وَهَذَا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَعْلَمُ أَنَّ الرَّقْمَ غَيْرُ الثَّمَنِ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَعْلَمُ أَنَّ الرَّقْمَ وَالثَّمَنَ سَوَاءٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ خِيَانَةً فَلَهُ الْخِيَارُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى نِصْفَ عَبْدٍ فَبَاعَهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى النِّصْفَ الْآخَرَ بِمِائَتَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ أَيَّ النِّصْفَيْنِ شَاءَ مُرَابَحَةً عَلَى مَا اشْتَرَاهُ فَإِنْ شَاءَ الْكُلَّ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ مُرَابَحَةً كَذَا فِي الْحَاوِي. وَيَجُوزُ أَنْ يَضُمَّ إلَى رَأْسِ الْمَالِ أَجْرَ الْقِصَارِ وَالصَّبْغِ وَالطِّرَازِ وَالْفَتْلِ وَالْحَمْلِ وَسَوْقِ الْغَنَمِ وَالْأَصْلُ أَنَّ عُرْفَ التُّجَّارِ مُعْتَبَرٌ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ فَمَا جَرَى الْعُرْفُ بِإِلْحَاقِهِ

بِرَأْسِ الْمَالِ يُلْحَقْ بِهِ وَمَا لَا فَلَا، كَذَا فِي الْكَافِي وَلَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ فِي سَفَرِهِ مِنْ طَعَامٍ وَلَا كِرَاءٍ وَلَا مُؤْنَةٍ لِانْعِدَامِ الْعُرْفِ فِيهِ ظَاهِرًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا يَضُمُّ أُجْرَةَ الرَّاعِي وَالتَّعْلِيمِ لِلْعَبْدِ صِنَاعَةً أَوْ قُرْآنًا أَوْ عِلْمًا أَوْ شِعْرًا أَوْ كِرَاءَ بَيْتِ الْحِفْظِ وَعَلَى هَذَا لَا يَضُمُّ أُجْرَةَ سَائِقِ الرَّقِيقِ وَحَافِظِهِمْ وَكَذَا حَافِظُ الطَّعَامِ وَكَذَا لَا يَضُمُّ أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَالرَّائِضِ وَالْبَيْطَارِ وَجُعْلَ الْآبِقِ وَأَجْرَ الْحَفَّانِ وَالْفِدَاءَ فِي الْجِنَايَةِ وَمَا يُؤْخَذُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ الظُّلْمِ إلَّا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِضَمِّهِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَا يَلْحَقُ أُجْرَةُ الْحِجَامَةِ وَلَا يَزِيدُ أَجْرُ الْكَيَّالِينَ فِي ثَمَنِ الطَّعَامِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَيَضُمُّ أُجْرَةَ السِّمْسَارِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَا يَضُمُّ ثَمَنَ الْجَلَّالِ وَنَحْوِهَا فِي الدَّوَابِّ وَيَضُمُّ الثِّيَابَ فِي الرَّقِيقِ وَطَعَامَهُمْ إلَّا مَا كَانَ سَرَفًا وَزِيَادَةً وَيَضُمُّ عَلَفَ الدَّوَابِّ إلَّا أَنْ يَعُودَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مُتَوَلِّدٌ مِنْهَا كَأَلْبَانِهَا وَصُوفِهَا وَثَمَنِهَا فَيُسْقِطُ قَدْرَ مَا نَالَ وَيَضُمُّ مَا زَادَ بِخِلَافِ مَا إذَا آجَرَ الدَّابَّةَ أَوْ الْعَبْدَ أَوْ الدَّارَ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ فَإِنَّهُ يُرَابِحُ مَعَ ضَمِّ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَيْسَتْ مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْعَيْنِ وَكَذَا دَجَاجَةٌ أَصَابَ مِنْ بَيْضِهَا يَحْتَسِبُ بِمَا نَالَ وَمَا أَنْفَقَ وَيَضُمُّ الْبَاقِي وَيَضُمُّ أُجْرَةَ التَّجْصِيصِ وَالتَّطْيِينِ وَحَفْرِ الْبِئْرِ فِي الدَّارِ مَا بَقِيَتْ هَذِهِ فَإِنْ زَالَتْ لَا يَضُمُّ وَكَذَا سَقْيُ الزَّرْعِ وَالْكَرْمِ وَكَشْحُهُ وَلَوْ قَصَّرَ الثَّوْبَ بِنَفْسِهِ أَوْ طَيَّنَ أَوْ عَمِلَ هَذِهِ الْأَعْمَالَ لَا يُضَمُّ شَيْءٌ مِنْهَا وَكَذَا لَوْ تَطَوَّعَ مُتَطَوِّعٌ بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ أَوْ بِإِعَارَةٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَضُمُّ نَفَقَةَ كَرْيِ الْأَنْهَارِ وَجَعْلِ الْقَنَاةَ وَالْمُسَنَّاةِ وَالْكِرَابِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ مَا دَامَتْ بَاقِيَةً وَكَذَا نَفَقَةُ أَجْرِ الْجَازِّ لِلثَّمَرِ وَاللَّقَّاطِ وَلَا يَضُمُّ أَجْرَ الْحَافِظِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا اشْتَرَى شَاةً وَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَذْبَحُهَا وَيَسْلُخُهَا وَيُمَلِّحُهَا فَإِنَّهُ يَضُمُّ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَى رَأْسِ مَالِهِ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى نُحَاسًا وَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَضْرِبُهُ آنِيَةً يَحْتَسِبُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْخَشَبُ يَنْحِتُهُ أَبْوَابًا وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى حَطَبًا فَاتَّخَذَ مِنْهُ فَحْمًا فَإِنَّهُ يَحْتَسِبُ أَجْرَ الْمُوقِدِ وَالْأَتُّونِ وَالنَّقَّالِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ لَمْ يَلْحَقْ مَهْرُهُ بِرَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ لَمْ يَحُطَّ مَهْرَهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ اشْتَرَى لُؤْلُؤَةً فَثَقَبَهَا بِأَجْرٍ يَضُمُّ أَجْرَهُ إلَى الثَّمَنِ وَأَمَّا الْيَاقُوتَةُ فَإِنْ كَانَ ثَقْبُهَا يُنْقِصُهَا فَلَا يَضُمُّ وَإِنْ كَانَ يَزِيدُهَا خَيْرًا أَوْ لَا بُدَّ مِنْهُ يَضُمُّ وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَبِطَانَةً فَاِتَّخَذَهُمَا جُبَّةً وَحَشَاهَا قُطْنًا وَرِثَهُ أَوْ وَهَبَ لَهُ يَضُمُّ أُجْرَةَ الْقُطْنِ وَالْخِيَاطَةِ إلَى ثَمَنِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَرِثَ الثَّوْبَ وَبَطَّنَهُ بِالْفَرْوِ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ الْفَرْوُ مِيرَاثًا وَالظِّهَارَةُ شِرَاءً يَضُمُّ ثَمَنَ الْفَرْوِ وَالْخِيَاطَةِ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ ثَوْبَانِ أَحَدُهُمَا شِرَاءٌ وَالْآخَرُ مِيرَاثٌ فَبَاعَهُمَا مُرَابَحَةً وَقَالَ يَقُومَانِ عَلَيَّ بِعَشَرَةٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الثَّوْبَ الْمَوْرُوثَ لَمْ يَشْتَرِهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ الْمَوْرُوثَ بِعُصْفُرٍ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ دِرْهَمًا ثُمَّ بَاعَهُمَا مُرَابَحَةً وَقَالَ يَقُومَانِ عَلَيَّ بِكَذَا جَازَ فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ خَانَ فِي الْمُرَابَحَةِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ خَانَ فِي التَّوْلِيَةِ حَطَّهَا مِنْ الثَّمَنِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

فَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ أَوْ حَدَثَ بِهِ مَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ عِنْدَ ظُهُورِ الْخِيَانَةِ لَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَسَقَطَ خِيَارُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا كَانَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ فَدَلَّسَ فَلَمَّا عَلِمَ رَضِيَ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهُ مُرَابَحَةً فَجَاءَ بِهِ صَاحِبُهُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى مَا أَخَذَ بِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِفِعْلِ الْمَبِيعِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً بِجَمِيعِ الثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَلَوْ كَانَ الْحَادِثُ مِنْ فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَبِعْهُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ وَكَذَلِكَ إذَا حَدَثَ مِنْ الْمَبِيعِ نَمَاءٌ وَهُوَ قَائِمٌ فِي يَدِهِ كَالثَّمَرَةِ وَالْوَلَدِ وَالصُّوفِ أَوْ هَلَكَ بِفِعْلِهِ أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَبِعْهُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ وَلَوْ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً ثَيِّبًا فَوَطِئَهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا لَمْ يَبِعْهَا مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا فَأَصَابَهُ قَرْضُ فَأْرٍ أَوْ حَرْقُ نَارٍ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِلَا بَيَانٍ وَإِنْ تَكَسَّرَ الثَّوْبُ بِنَشْرِهِ وَطَيِّهِ فَانْتَقَصَ لَزِمَهُ الْبَيَانُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ اسْتَغَلَّ الدَّارَ أَوْ الْأَرْضَ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ دَخَلَ فِيهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَلَوْ اشْتَرَى نَسِيئَةً لَمْ يَبِعْهُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ وَهَذَا فِي الْأَجَلِ الْمَشْرُوطِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا إلَّا أَنَّهُ مُتَعَارَفٌ مَرْسُومٌ فِيمَا بَيْنَ التُّجَّارِ مِثْلَ الْبَيَّاعِ يَبِيعُ الشَّيْءَ وَلَا يُطَالِبُهُ بِالثَّمَنِ جُمْلَةً بَلْ يَأْخُذُهُ مِنْهُ مُنَجَّمًا فِي كُلِّ شَهْرٍ أَوْ كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ثُمَّ فِي الْأَجَلِ الْمَشْرُوطِ إذَا بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَعَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ أَوْ أَمْسَكَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ أَوْ هَلَكَ فَعَلِمَ بِالْأَجَلِ لَزِمَ الْبَيْعُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَوْ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ شَيْئًا وَهُوَ لَا يَشْتَرِي ذَلِكَ الشَّيْءَ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَإِنْ كَانَ يَشْتَرِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً سَوَاءٌ أَخَذَهُ بِلَفْظِ الشِّرَاءِ أَوْ بِلَفْظِ الصُّلْحِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الصُّلْحِ وَالشِّرَاءِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَبَ الْبَيَانُ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَإِذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْبَيْعَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْمَبِيعَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ قَائِمًا فِي يَدِهِ لَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَلَا خِيَارَ لَهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا حَطَّ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الثَّمَنِ بَاعَهُ مُرَابَحَةً بِمَا بَقِيَ بَعْدَ الْحَطِّ وَكَذَلِكَ لَوْ حَطَّ عَنْهُ بَعْدَمَا بَاعَ حَطَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مَعَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَلَوْ كَانَ وَلَّاهُ حَطَّ ذَلِكَ عَنْ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ وَلَوْ زَادَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ جَمِيعًا وَهَذَا مَذْهَبُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا لَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهُ مُرَابَحَةً ثُمَّ بَاعَهُ جَازَ فَإِنْ أَخَّرَ الثَّمَنَ عَنْهُ شَهْرًا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُؤَخِّرَ عَنْ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وَهَبَ الثَّمَنَ كُلَّهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى مَا اشْتَرَى كَذَا فِي الْحَاوِي. وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَبَاعَ بِرِبْحٍ ثُمَّ اشْتَرَى طَرَحَ كُلَّ مَا رَبِحَ إنْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً وَإِنْ أَحَاطَ بِثَمَنِهِ لَمْ يَبِعْهُ

مُرَابَحَةً وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِالثَّمَنِ الْأَخِيرِ فَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِخَمْسَةٍ وَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِخَمْسَةٍ وَلَا يَقُولُ اشْتَرَيْته بِخَمْسَةٍ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ بِعِشْرِينَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً أَصْلًا. عَبْدٌ مَأْذُونٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ بَاعَهُ سَيِّدُهُ مُرَابَحَةً عَلَى عَشَرَةٍ وَإِذَا اشْتَرَاهُ سَيِّدُهُ بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ مِنْ الْعَبْدِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ بَاعَهُ الْعَبْدُ مُرَابَحَةً عَلَى عَشَرَةٍ وَالْمُكَاتَبُ كَالْمَأْذُونِ وَلَوْ بَيَّنَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ أَوْ مِنْ مُكَاتَبِهِ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ اشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ مِنْ الْمُضَارِبِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ شَرِيكٍ لَهُ شَرِكَةَ عِنَانٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً وَكَذَا إذَا كَانَ الشَّيْءُ لِشَرِيكِهِ خَاصَّةً وَاشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الشَّيْءُ مِنْ الشَّرِكَةِ وَاشْتَرَاهُ لِخَاصَّةِ نَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مُرَابَحَةً عَلَى مَا اشْتَرَاهُ وَيَبِيعَ نَصِيبَ نَفْسِهِ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَدْ تَقَابَضَا ثُمَّ بَلَغَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي أَنَّ الشِّرَاءَ الْأَوَّلَ كَانَ بِأَلْفٍ فَخَاصَمَهُ فِي ذَلِكَ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَقَالَ بَائِعُهُ: قَدْ كُنْت اشْتَرَيْته بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَهَبْته لَهُ ثُمَّ اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ، لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ طَلَبَ يَمِينَ الْمُشْتَرِي عَلَى عِلْمِهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: شَهِدَنِي حِينَ وَهَبْته وَاشْتَرَيْته بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ اسْتَحْلَفَهُ عَلَى عِلْمِهِ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ بَيْعَهُ هَذَا وَلَكِنَّهُ قَالَ هَذِهِ الْمِائَةُ الزَّائِدَةُ أَنْفَقْتهَا عَلَيْهِ فِي طَعَامِهِ وَفِي حُمُولَتِهِ مِنْ الَّذِي قَدْ اشْتَرَيْته فِيهِ إلَى هَذَا الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ إنَّمَا بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى مَا قَامَ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ قَالَ قَدْ اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ فَبَاعَهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمِائَةِ أَنَّهَا نَفَقَةٌ. رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَنَقَدَ الثَّمَنَ ثُمَّ بَاعَهُ بِرِبْحِ دَهٍ يازده وَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَامَ عَلَيَّ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ انْتَقَدَ عَشَرَةً وَرَبِحَهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ غَلِطْت قَامَ عَلَيَّ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ قِيلَ لَهُ أَعْطِهِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفًا أَوْ رُدَّ الْمَبِيعَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يُؤْخَذُ الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةٍ إنَّمَا يُقَالُ لِلْبَائِعِ: إنْ شِئْت فَافْسَخْ الْبَيْعَ وَخُذْ الثَّوْبَ وَرُدَّ مَا انْتَقَدْت وَإِنْ شِئْت فَسَلِّمْ الْمَبِيعَ بِاَلَّذِي انْتَقَدْت لَا يُزَادُ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّمَا اشْتَرَيْته بِخَمْسَةٍ فَخُنْت وَسَمَّيْت رَأْسَ مَالِكِ عَشَرَةً وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْبَائِعِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ رَأْسَ مَالِهِ خَمْسَةٌ أَوْ قَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَرُدُّ شَيْئًا فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْمَبِيعَ وَإِنْ

الباب الخامس عشر في الاستحقاق

شَاءَ أَمْسَكَ بِالثَّمَنِ الَّذِي نَقَدَ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ تَوْلِيَةً فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا فَإِنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النُّقْصَانِ وَكَذَلِكَ قِيَاسُ قَوْلِهِ فِي الزِّيَادَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ ابْتَاعَهُ بِرِبْحِ دِرْهَمٍ عَلَى عَشَرَةٍ فَهُوَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ فِي دَهٍ زِيَاده كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ الْمَتَاعَ بِرِبْحِ دَهٍ يازده أَوْ مَا شَاكَلَ ذَلِكَ فَإِذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ عَلِمَ بِالثَّمَنِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ ثَوْبًا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَاشْتَرَى آخَرُ ثَوْبًا بِسِتَّةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ بَاعَهُمَا جَمِيعًا صَفْقَةً وَاحِدَةً مُرَابَحَةً أَوْ مُوَاضَعَةً فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةً بِعَشَرَةٍ وَاشْتَرَى آخَرُ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ يُسَاوِي عِشْرِينَ وَأَمَرَهُ بِبَيْعِهِ مَعَ ثَوْبِهِ فَقَالَ قَامَ عَلَيَّ بِعِشْرِينَ وَأَبِيعُك بِرِبْحِ عَشَرَةٍ فَاشْتَرَاهُمَا وَقَبَضَهُمَا وَوَجَدَ بِثَوْبِ الْآمِرِ عَيْبًا وَأَرَادَ رَدَّهُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً بِعِشْرِينَ وَانْقَسَمَ الثَّمَنُ وَالرِّبْحُ أَثْلَاثًا فَأَرُدُّهُ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ، وَقَالَ الْبَائِعُ بِصَفْقَتَيْنِ، فَرَدَّهُ بِالنِّصْفِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَ الْبَائِعُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُ مِنْ الْبَائِعِ ثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَيَغْرَمُ خَمْسَةً فِي مَالِهِ وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي صَفْقَتَيْنِ وَادَّعَى صَفْقَةً فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ بِثَوْبِ الْمَأْمُورِ رَدَّهُ بِعَشَرَةٍ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ وَجَدَ الْعَيْبَ بِثَوْبِ الْأَمْرِ رَدَّهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ ادَّعَى فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَقَدْ أَقَرَّ لَهُ الْبَائِعُ بِخَمْسَةٍ زَائِدَةٍ فَإِنْ شَاءَ صَدَّقَهُ وَأَخَذَ مِنْهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُصِرًّا عَلَى إقْرَارِهِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُصِرًّا عَلَى إقْرَارِهِ فَلَا يَأْخُذُ بِتِلْكَ الْخَمْسَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَنْ وَلَّى رَجُلًا شَيْئًا بِمَا قَامَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِكَمْ قَامَ عَلَيْهِ فَسَدَ الْبَيْعُ فَإِنْ أَعْلَمَهُ الْبَائِعُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ الْبَيْعُ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهُ بِوَضِيعَةِ دَهٍ يازده يَجْعَلُ كُلَّ دِرْهَمٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ مِائَةً وَعَشَرَةً فَيَسْقُطُ مِنْهَا جُزْءٌ وَاحِدٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ وَذَلِكَ عَشَرَةٌ وَعَلَى هَذَا يَجْرِي هَذَا الْبَابُ حَتَّى لَوْ بَاعَهُ بِوَضِيعَةِ ده وازده يَجْعَلُ كُلَّ دِرْهَمٍ اثْنَيْ عَشَرَ فَيَكُونُ مِائَةً وَعِشْرِينَ وَيَسْقُطُ مِنْهَا عِشْرُونَ وَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ] اسْتِحْقَاقُ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي يُوجِبُ تَوَقُّفَ الْعَقْدِ السَّابِقِ عَلَى إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ وَلَا يُوجِبُ نَقْضَهُ وَفَسْخَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاخْتُلِفَ فِي الْبَيْعِ مَتَى يَنْفَسِخُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ حَتَّى لَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَمَا قَضَى لَهُ أَوْ بَعْدَمَا قَبَضَهُ قَبْلَ

أَنْ يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ يَصِحُّ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. إذَا كَانَ الْمُشْتَرَى شَيْئًا وَاحِدًا كَالثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَالْعَبْدِ فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِالْحِصَّةِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي شَيْئَيْنِ كَالثَّوْبَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ فَلَمْ يَقْبِضْهُمَا حَتَّى اسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا أَوْ قَبَضَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْآخَرَ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي الْآخَرِ وَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْآخَرِ وَإِنْ تَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَى مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ لَهُ ثَلَاثَةُ أَقْفِزَةِ حِنْطَةٍ بَاعَ مِنْهَا قَفِيزًا ثُمَّ بَاعَ مِنْهَا قَفِيزًا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ ثُمَّ بَاعَ مِنْهَا قَفِيزًا مِنْ ثَالِثٍ ثُمَّ كَالَهُمْ الْأَقْفِزَةَ الثَّلَاثَةَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ مِنْ الْكُلِّ قَفِيزًا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْقَفِيزَ الثَّالِثَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ أَوْ الْمَغْصُوبَ مُذْ بَاعَ أَوْ غَصَبَ رَجَعَ بِثَمَنِهِ وَبَرِئَ الْغَاصِبُ. اشْتَرَى ثَوْبًا أَوْ غَصَبَهُ وَخَاطَهُ قَمِيصًا أَوْ بُرًّا وَطَحَنَهُ أَوْ شَاةً وَشَوَاهَا فَاسْتَحَقَّ لَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ وَلَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بَلْ لِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ وَلَوْ لَمْ يَخِطْ وَلَمْ يَشْوِ رَجَعَ بِالثَّمَنِ وَبَرِئَ الْغَاصِبُ وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّ الرَّأْسَ لَهُ وَآخَرُ أَنَّ اللَّحْمَ لَهُ وَآخَرُ أَنَّ الْجِلْدَ لَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ وَلَمْ يَخِطْهُ وَبَرْهَنَ رَجُلٌ أَنَّ الْكُمَّيْنِ لَهُ وَآخَرُ أَنَّ الدِّخْرِيصَ لَهُ وَآخَرُ أَنَّ الْبَدَنَ لَهُ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَادَّعَى الْمُتَبَايِعَانِ أَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً فَنَقَضَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا وَرَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً لَا يَنْقُضُ النَّقْضَ وَلَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ نُقِضَ النَّقْضُ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرَ فَإِنْ كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ نَقَضَاهُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ بِأَنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْهُ فَأَعْطَاهُ لَا يَرْتَفِعُ نَقْضُهُمَا بِحَالِ وَإِنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ لَا يُنْتَقَضُ حَتَّى يَنْقُضَهُ الْقَاضِي كَذَا فِي الْحَاوِي. وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَوَهَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ فَلَا سَبِيلَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ أَجَازَ مُسْتَحِقُّ الْعَبْدِ الْعَقْدَ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى لَهُ بِالْعَبْدِ فَإِنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ وَالْهِبَةَ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَيَضْمَنُ الْبَائِعُ مِثْلَهُ لِرَبِّ الْعَبْدِ وَلَا تَجُوزُ الْهِبَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَيُؤَدِّيهِ الْمُشْتَرِي وَيَكُونُ لِرَبِّ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا ثُمَّ وَهَبَهُ لِرَجُلٍ ثُمَّ بَاعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ رَجُلٍ فَاسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَإِذَا رَجَعَ رَجَعَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ فَوَهَبَهُ مِنْ آخَرَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَاسْتَحَقَّهُ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ مِنْ يَدِ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا

وَبَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَ فَاسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا بِاسْتِيلَادِهِ فَاسْتَحَقَّتْ بِبَيِّنَةٍ تَبِعَهَا وَلَدُهَا وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا الرَّجُلُ لَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا وَإِذَا قَضَى بِالْأَصْلِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالزَّوَائِدِ لَا تَدْخُلُ الزَّوَائِدُ تَحْتَ الْقَضَاءِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ الزَّوَائِدُ فِي يَدِ آخَرَ وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ تَدْخُلْ الزَّوَائِدُ تَحْتَ الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا قَالَ عَبْدٌ لِمُشْتَرٍ اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ فَاشْتَرَاهُ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً مَعْرُوفَةً فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا غَيْبَةً غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ بِأَنْ لَمْ يَدْرِ مَكَانَهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ بِمَا دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ بَاعَهُ بِمَا رَجَعَ الْمُشْتَرَى بِهِ عَلَيْهِ إنْ قَدَرَ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَمَنْ ادَّعَى حَقًّا مَجْهُولًا فِي دَارٍ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَصُولِحَ مِنْهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَخَذَهَا الْمُدَّعِي فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَوْ ادَّعَى كُلَّهَا فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْضِ الصُّلْحِ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ إلَّا إذَا ادَّعَى إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ الدَّعْوَى فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ ادَّعَى قَدْرًا مَعْلُومًا كَرُبْعِهَا لَمْ يَرْجِعْ مَادَامَ فِي يَدِهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْهُ رَجَعَ بِحِسَابِ مَا اسْتَحَقَّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. اشْتَرَى أَمَةً وَقَبَضَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ أَوْ مِلْكُ فُلَانٍ أَوْ مُعْتَقَةٌ أَوْ مُدَبَّرَةٌ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ وَصَدَّقَهَا فُلَانٌ أَوْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي فَنَكَلَ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ لَا تُقْبَلُ وَعَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ تُقْبَلُ وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ وَهِيَ تَدَّعِي أَوْ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُ فُلَانٍ وَهُوَ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ شِرَائِهِ تُقْبَلُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الْكَافِي. اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا فَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ بَاعَهَا الثَّانِي مِنْ ثَالِثٍ ثُمَّ ادَّعَتْ الْجَارِيَةُ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَرَدَّهَا الثَّالِثُ عَلَى بَائِعِهِ بِقَوْلِهَا وَقَبِلَ الْبَائِعُ الثَّانِي مِنْهُ ثُمَّ الثَّانِي رَدَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ فَلَمْ يَقْبَلْ الْأَوَّلُ قَالُوا: إنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ ادَّعَتْ الْعِتْقَ كَانَ لِلْأَوَّلِ أَنْ لَا يَقْبَلَ وَإِنْ كَانَتْ ادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَتْ حِينَ بِيعَتْ وَسَلَّمَتْ انْقَادَتْ لِذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ دَعْوَى الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ انْقَادَتْ ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَقْبَلَ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَهِيَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ الْبَيْعِ فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ تُقِرَّ بِالرِّقِّ ثُمَّ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ وَهِيَ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً عِنْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَتْ: أَنَا حُرَّةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ قَوْلَهَا وَيَرْجِعُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالثَّمَنِ فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي إنَّ الْجَارِيَةَ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهَا بِالرِّقِّ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ فِي يَدِهِ عَبْدٌ بَاعَ نِصْفَهُ مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى بَاعَ نِصْفَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَ النِّصْفَ إلَيْهِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الْعَبْدِ بِبَيِّنَةٍ

كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْ الْبَيْعَيْنِ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ قَبَضَ الْعَبْدَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّانِيَ يَنْصَرِفُ الِاسْتِحْقَاقُ إلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَإِنْ قَبَضَاهُ جَمِيعًا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُمَا. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُمَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ الْعَبْدَ الثَّانِيَ يَكُونُ لَازِمًا لِلْمُشْتَرِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْعَبْدِ الَّذِي اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ بَاعَهُ نِصْفَهُ أَوْدَعَهُ النِّصْفَ أَوْ بَاعَ النِّصْفَ ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهُ بِمَيْتَةٍ أَوَ دَمٍ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي خَصْمًا لِلْمُسْتَحِقِّ وَلَوْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ نِصْفَهُ وَأَوْدَعَ مِنْ آخَرَ نِصْفَهُ قَضَى بِنِصْفِ مَا اشْتَرَى وَهُوَ الرُّبْعُ كَذَا فِي الْكَافِي. اشْتَرَى أَرْضًا وَعَمَّرَهَا فَاسْتَحَقَّتْ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِمَا أَنْفَقَ فِي عِمَارَتِهَا لَا رِوَايَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قِيلَ لَا يَرْجِعُ. سُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَظَهَرَ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَقَدْ مَاتَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا وَلَا وَارِثَ لَهُ وَلَا وَصِيَّ غَيْرَ أَنَّ بَائِعَ الْمَيِّتِ حَاضِرٌ قَالَ الْقَاضِي يُجْعَلُ لِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا فَاسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ ثُمَّ وَصَلَ الْمَبِيعُ إلَى الْمُشْتَرِي بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ لَا يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْبَائِعِ. وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ ثُمَّ وَصَلَ إلَيْهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهِ إلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً وَقَبَضَهَا وَنَقَدَ الثَّمَنَ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بِالْبَيِّنَةِ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ الشُّهُودَ شُهُودُ زُورٍ وَأَنَّ الْأَمَةَ كَانَتْ لِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّ الْأَمَةَ كَانَتْ لَك وَأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِزُورٍ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُشْتَرِي فِي الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ إلَّا أَنَّ الْجَارِيَةَ لَوْ وَصَلَتْ إلَيْهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اشْتَرَى أَمَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ أَهْلُ الْحَرْبِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا هَذَا الرَّجُلُ مِنْهُمْ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِالْبَيِّنَةِ وَقَضَى الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَهَا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهَا الْأَوَّلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى جَارِيَةً وَضَمِنَ لَهُ آخَرُ بِالدَّرْكِ فَبَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَذَلِكَ مِنْ آخَرَ وَتَقَابَضُوا ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ حَتَّى يَقْضِيَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْكَفِيلُ لَا يَرْجِعُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْضِيَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْعَبْدَ عَبْدُ الْبَائِعِ بَعْدَمَا قَضَى بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ لَمْ تُقْبَلْ بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لَمْ يَسْتَحِقَّ وَلَكِنَّهُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ وَأَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لِفُلَانٍ فَأَعْتَقَهُ أَوْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ دَبَّرَهُ فَقَضَى بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْكَفِيلِ قَبْلَ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. اشْتَرَى أَمَةً وَقَبَضَهَا فَادَّعَاهَا آخَرُ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ أَيْضًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَقَدْ وَلَدَتْ لِلْمُشْتَرِي قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ بِالثَّمَنَيْنِ عَلَى الْبَائِعَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ أَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْآخَرِ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الَّتِي يَغْرَمُهَا

لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْبَائِعِ الْآخَرِ وَإِنْ جَاءَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَضْمَنُ الْبَائِعُ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَاةِ إذَا اسْتَحَقَّتْ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ وَالزَّرْعَ وَضَمَانُ الزَّرْعِ أَنْ يَنْظُرَ مَا قِيمَتُهُ فَيَضْمَنُهُ الْبَائِعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَهَا ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَلَمْ يُوَقِّتْ لِذَلِكَ وَقْتًا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا فَادَّعَاهَا آخَرُ فَاشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُدَّعِي أَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ وَلَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِمْلَاءِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا بَيْضَاءَ وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الْمُشْتَرِي بِهَدْمِ الْبِنَاءِ فَهَدَمَهُ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَهَذَا اخْتِيَارٌ مِنْهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ وَلَكِنَّ الْمَطَرَ أَفْسَدَهُ (1) كَانَ الْبِنَاءُ صَحِيحًا فَصَارَ طِينًا أَوْ كَسَرَهُ رَجُلٌ فَعَلَى الْبَائِعِ فَضْلُ مَا بَيْنَ النَّقْضِ وَالْبِنَاءِ وَإِنْ شَاءَ الْبَائِعُ أَخَذَ النَّقْضَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَأَعْطَاهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا وَيَدْفَعُ عَنْهُ مَا حَدَثَ فِي النَّقْضِ مِنْ النُّقْصَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِنْ اخْتَارَ هَذَا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ وَكَذَلِكَ كُلُّ فَسَادٍ يَدْخُلُهُ بِجِنَايَةِ أَحَدٍ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ وَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَجْهٍ مِنْ ذَلِكَ أَمْضَى بَيْنَهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَا تُرِكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَضَمِنَ الْبَائِعُ فَضْلَ مَا بَيْنَ النَّقْضِ إلَى الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةِ أَحَدٍ فَهُوَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُمْسِكَهُ وَيَرْجِعَ بِفَضْلِ مَا بَيْنَ الْهَدْمِ إلَى الْبِنَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا وَغَابَ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَنَقَضَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ بِنَاءَ الْأَوَّلِ وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ جَاءَ الْأَوَّلُ وَاسْتَحَقَّهَا فَإِنْ كَانَ الثَّانِي بَنَاهَا بِآلَاتٍ هِيَ مِلْكُهُ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ حِصَّةَ بِنَاءِ الْأَوَّلِ مِنْ الدَّارِ الْعَامِرَةِ وَنَقَضَ الْبِنَاءَ الْأَوَّلَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَإِنْ كَانَ الثَّانِي اسْتَهْلَكَهُ ضَمِنَ قِيمَةَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَإِنْ بَنَى بِنَقْضِ الْأَوَّلِ فَالْمُشْتَرِي الثَّانِي يَضْمَنُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ حِصَّةَ الْبِنَاءِ مِنْ الدَّارِ الْعَامِرَةِ وَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يُمْسِكَ الْبِنَاءَ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي دَفْعُهُ فَإِنْ زَادَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فِي ذَلِكَ زِيَادَةً أَعْطَاهُ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَعْطَاهُ أَجْرَ الْعَامِلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا آخَرَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا عُقْرٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَكِنَّهُ زَنَى بِهَا وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا ثُمَّ إنَّهَا اُسْتُحِقَّتْ

الباب السادس عشر في الزيادة في الثمن والمثمن والحط والإبراء عن الثمن

لَمْ يَغْرَمْ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا عُقْرًا وَاحِدًا وَصَارَ ذَلِكَ الْعِتْقُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَثَبَتَ نَسَبُ الْأَوْلَادِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُمْ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْأَوْلَادِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ الْعِتْقِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْأَوْلَادِ الَّذِينَ كَانُوا بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى أَمَةً مِنْ إنْسَانٍ فَاسْتَحَقَّتْ مِنْ يَدِهِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْأَمَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَقَصَرَ يَدَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْأَمَةِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ وُلِدَتْ فِي مِلْكِهِ مِنْ أَمَتِهِ وَأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ وَقَعَ بَاطِلًا وَلَيْسَ لَك حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيَّ بِالثَّمَنِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ إذَا أَقَامَهَا بِحَضْرَةِ الْمُسْتَحِقِّ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا أَبَوْا ذَلِكَ فَقَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُشْتَرَطَ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ وَهَكَذَا حَكَى فِي فَتَاوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ بِفَرْغَانَةَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اشْتَرَيَاهَا مِنْ رَجُلٍ وَاسْتَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا وَضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا ثَانِيًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْجَارِيَةِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدَيْنِ وَبِالْعُقْرِ عَلَى الْمُسْتَوْلِدِ فَإِنَّ الْمُسْتَوْلَدَ يَرْجِعُ عَلَى الشَّرِيكِ بِمَا ضَمِنَ لَهُ ثُمَّ يَرْجِعَانِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الشِّرَاءِ وَلَا يَرْجِعُ بِالنِّصْفِ الثَّانِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سَاجَةً مُلْقَاةً فِي الطَّرِيقِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَخَلَّى بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ السَّاجَةِ وَلَمْ يُحَرِّكْهَا الْمُشْتَرِي مِنْ مَوْضِعِهَا فَقَدْ صَارَ قَابِضًا لَهَا فَإِنْ أَحْرَقَهَا رَجُلٌ فَهِيَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ اسْتَحَقَّهَا بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُحْرِقَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ إنْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي أَلْقَاهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَا سَبِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي حَرَّكَهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَحَقَّ حِمَارًا مِنْ يَدِ رَجُلٍ بِبُخَارَى وَقَبَضَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ السِّجِلَّ وَبَائِعُهُ بِسَمَرْقَنْدَ فَقَدَّمَهُ إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَأَظْهَرَ سِجِلَّ قَاضِي بُخَارَى فَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ وَلَكِنَّهُ أَنْكَرَ الِاسْتِحْقَاقَ وَكَوْنُ السِّجِلِّ سِجِلَّ قَاضِي بُخَارَى فَأَقَامَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا السِّجِلَّ سِجِلُّ قَاضِي بُخَارَى لَا يَجُوزُ لِقَاضِي سَمَرْقَنْدَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ وَيُقْضَى لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ مَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ أَنَّ قَاضِيَ بُخَارَى قَضَى لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ بِالْحِمَارِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ هَذَا الْبَائِعِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ فِي الدَّفْعِ إنَّ الْحِمَارَ نَتَجَ فِي مِلْكِ بَائِعِي وَلَيْسَ لَك الرُّجُوعُ عَلَيَّ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ إنْ كَانَتْ بِحَضْرَةِ الْمُسْتَحَقِّ وَتُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْحِمَارِ وَقَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْحِمَارِ وَكَذَا فِي دَعْوَى الْعَبْدِ الْحُرِّيَّةَ إذَا رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ فِي الْحِمَارِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى. [الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ وَالْحَطِّ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الثَّمَنِ] ِ (1) الزِّيَادَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنْ الْبَيْعِ

كَالْوَلَدِ وَالْعُقْرِ وَالْأَرْشِ وَالتَّمْرِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَغَيْرِهَا مَبِيعَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ حَدَثَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَتْ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ كَانَتْ مَبِيعَةً تَبَعًا وَلَا حِصَّةَ لَهَا مِنْ الثَّمَنِ أَصْلًا وَلَوْ أَتْلَفَ الْبَائِعُ النَّمَاءَ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْم الْعَقْدِ وَعَلَى قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَهُ الْخِيَارُ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ النَّمَاءَ أَجْنَبِيٌّ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَكَانَ مَعَ الْأَصْلِ مَبِيعًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ جَائِزَةٌ حَالَ قِيَامِهِمَا سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَتَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ. وَلَوْ نَدِمَ الْمُشْتَرِي بَعْدَمَا زَادَ يُجْبَرُ إذَا امْتَنَعَ وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَغَيْرِهِ تُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ كَأَنَّهُ بَاعَهُ مَعَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَإِذَا زَادَ فِي الثَّمَنِ لَا بُدَّ أَنْ يَقْبَلَ الْآخَرَ فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَتَفَرَّقَا بِطَلَبٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنَّمَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَحَلًّا لِلْعَقْدِ فَلَوْ أَجَرَ الْمُشْتَرِي أَوْ رَهَنَ أَوْ ذَبَحَ أَوْ خَاطَ أَوْ اتَّخَذَ سَيْفًا أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَهَا صَحَّتْ الزِّيَادَةُ إلَّا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بَاعَ بَعْدَ الذَّبْحِ وَالْخِيَاطَةِ وَغَيْرِهِمَا لَا تَصِحُّ وَلَوْ أَعْتَقَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ اسْتَوْلَدَ أَوْ مَاتَ أَوْ قَتَلَ أَوْ وَهَبَ أَوْ بَاعَ أَوْ طَحَنَ أَوْ نَسَجَ أَوْ تَخَمَّرَ أَوْ أَسْلَمَ مُشْتَرِي الْخَمْرِ لَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ كَانَ دَقِيقًا فَخَبَزَهُ أَوْ اتَّخَذَ اللَّحْمَ قَلِيَّةً أَوْ سِكْبَاجًا أَوْ شَاةً فَجَعَلَهَا إرْبًا إرْبًا ثُمَّ زَادَ فِي الثَّمَنِ لَا تَصِحُّ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ زَادَ بَعْدَمَا صَارَ الْخَمْرُ خَلًّا صَحَّتْ الزِّيَادَةُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ فَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَزَادَ الْآخَرُ خَمْسِينَ دِينَارًا وَرَدَّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ رَجَعَ بِالثَّمَنِ وَالزِّيَادَةِ وَلَوْ زَادَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَرْضًا يُسَاوِي خَمْسِينَ دِينَارًا نِصْفَ الثَّمَنِ فَهَلَكَ الْعَرْضُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ وَلَوْ رَدَّ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ رَدَّ كُلَّ الْعَبْدِ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ وَلَوْ تَقَايَلَا فِي الثُّلُثِ ثُمَّ رَدَّ ثُلُثَيْهِ بِقَضَاءٍ لَا يَرُدُّ شَيْئًا كَذَا فِي الْكَافِي. ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَصِحُّ الزِّيَادَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي تَصِحُّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ زَادَ الْأَجْنَبِيُّ إنْ زَادَ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي تَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا تَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ زَادَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ إنْ أَجَازَ الْمُشْتَرِي لَزِمَتْهُ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ بَطَلَتْ وَلَوْ كَانَ حِينَ زَادَ ضَمِنَ عَنْ الْمُشْتَرِي أَوَأَضَافَهَا إلَى مَالِ نَفْسِهِ لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ الزِّيَادَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ لَا تُزَاحِمُ الْمَبِيعَ فِي الزِّيَادَةِ الْمَشْرُوطَةِ مَادَامَ الْمَبِيعُ قَائِمًا حَتَّى كَانَتْ الزِّيَادَةُ الْمَشْرُوطَةُ زِيَادَةً عَلَى الْمَبِيعِ دُونَ الْوَلَدِ وَالثَّمَنُ يَنْقَسِمُ أَوَّلًا عَلَى الْمَبِيعِ وَعَلَى الزِّيَادَةِ الْمَشْرُوطَةِ ثُمَّ مَا أَصَابَ الْمَبِيعَ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْوَلَدِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْأَصْلِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَقِيمَةُ الزِّيَادَةِ الْمَشْرُوطَةِ يَوْمَ الزِّيَادَةِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ قَبْضِهِ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَوَلَدَتْ الْجَارِيَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَدًا قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ زَادَ الْمُشْتَرِي غُلَامًا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ ازْدَادَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ فَصَارَتْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَبَضَهُمْ الْمُشْتَرِي وَنَقَدَ الْأَلْفَ

ثُمَّ وَجَدَ بِالْوَلَدِ عَيْبًا بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَإِنْ وَجَدَ بِالْأُمِّ عَيْبًا رَدَّهَا بِسُدُسِ الْأَلْفِ وَإِنْ وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا رَدَّهَا بِنِصْفِ الْأَلْفِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ تَلِدْ الْجَارِيَةُ لَكِنْ عَيْنُهَا بَيْضَاءُ وَقْتَ الْعَقْدِ فَذَهَبَ الْبَيَاضُ عَنْ عَيْنِهَا ثُمَّ إنَّ عَبْدًا فَقَأَ عَيْنَهَا عِنْدَ الْبَائِعِ فَدَفَعَهُ مَوْلَاهُ بِالْجِنَايَةِ إلَى الْبَائِعِ ثُمَّ زَادَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ إذَا قَبَضَهُمْ الْمُشْتَرِي يَنْقَسِمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ زَادَ ثُمَّ مَا أَصَابَ الْجَارِيَةَ يَنْقَسِمُ عَلَى قِيمَتِهَا وَقْتَ الْعَقْدِ وَعَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ بِأَلْفَيْنِ يَوْمَ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فَإِذَا وَجَدَ بِأَحَدِهِمْ عَيْبًا رَدَّهُ بِالْحِصَّةِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَيْنَاهَا صَحِيحَتَيْنِ عِنْدَ الْبَيْعِ وَقِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَضَرَبَ عَبْدٌ عَيْنَهَا عِنْدَ الْبَائِعِ حَتَّى ابْيَضَّتْ فَدَفَعَهُ مَوْلَاهُ إلَى الْبَائِعِ ثُمَّ زَادَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَبَضَهُمْ الْمُشْتَرِي فَيَنْقَسِمُ الثَّمَنُ أَوَّلًا عَلَى قِيمَةِ الْجَارِيَةِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ نِصْفَيْنِ ثُمَّ مَا أَصَابَ الْجَارِيَةَ يَنْقَسِمُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ نِصْفَيْنِ قَلَّتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوْ كَثُرَتْ وَلَوْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ بِسَبَبٍ غَيْرِ فَقْءِ الْعَيْنِ ثُمَّ زَادَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ دَابَّةً تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَرَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ الزِّيَادَةُ فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي يَقْسِمُ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْجَارِيَةِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَعَلَى قِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ يَوْمَ قَبَضَ الْمُشْتَرِي فَحِصَّةُ الْجَارِيَةِ تَسْقُطُ بِهَلَاكِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَحِصَّةُ الْوَلَدِ أَوْ الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ تُقْسَمُ عَلَيْهِ وَعَلَى الزِّيَادَةِ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الزِّيَادَةِ يَوْمَ الزِّيَادَةِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ وَالْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ يَوْمَ قَبَضَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ هَلَكَتْ بِحِصَّتِهَا وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَ الْوَلَدَ أَوْ الْعَبْدَ الْمَدْفُوعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ. وَهَذَا الْخِيَارُ غَيْرُ الْخِيَارِ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ بِهَلَاكِ الْجَارِيَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ هَلَكَ الْوَلَدُ أَوْ الْعَبْدُ الْمَدْفُوعُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَقِيَتْ الزِّيَادَةُ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُمْسِكَ الزِّيَادَةَ عَنْ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَمَتَيْنِ بِأَلْفٍ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا وَلَدًا فَمَاتَتْ فَزَادَ الْبَائِعُ عَبْدًا وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ أَلْفٌ وَازْدَادَ الْوَلَدُ أَلْفًا فَقَبَضَهُمْ قَسَمَ الثَّمَنَ أَوَّلًا عَلَى الْأَمَتَيْنِ نِصْفَيْنِ فَمَا أَصَابَ الْأُمَّ قُسِمَ عَلَى الْأُمِّ وَوَلَدِهَا أَثْلَاثًا اعْتِبَارًا لَقِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَقِيمَةِ الْأُمِّ يَوْمَ الْعَقْدِ وَسَقَطَ قِسْطُهَا بِهَلَاكِهَا وَثُلُثُ الثَّمَنِ لِلْوَلَدِ ثُمَّ قُسِمَ الْعَبْدُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا فِي الْوَلَدِ وَالْحَيَّةِ مِنْ الثَّمَنِ فَيَسْتَتْبِعُ الْوَلَدَ خُمُسَيْ الْعَبْدِ وَالْحَيَّةَ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهِ وَقَسَمَ مَا فِي الْوَلَدِ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ ثُلُثُ الْأَلْفِ عَلَيْهِ وَعَلَى خُمُسَيْ الزِّيَادَةِ أَسْدَاسًا بِقَدْرِ قِيمَتِهَا وَقِيمَةُ خُمُسَيْ الزِّيَادَةِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ أَلْفَانِ يُجْعَلُ كُلُّ أَرْبَعِمِائَةٍ سَهْمًا فَصَارَ خُمُسَا الزِّيَادَةِ سَهْمًا وَصَارَ الْوَلَدُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ وَمَا فِي الْحَيَّةِ عَلَيْهَا وَعَلَى ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ أَثْمَانًا بِقَدْرِ قِيمَتِهَا وَقِيمَةُ الْحَيَّةِ أَلْفٌ وَقِيمَةُ ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الزِّيَادَةِ سِتُّمِائَةٍ فَجَعَلَ كُلَّ مِائَتَيْنِ سَهْمًا فَتَكُونُ الْأَمَةُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الزِّيَادَةِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ فَيَكُونُ الْكُلُّ ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ فَلَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ قَبْضَةِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ وَأَنَّ الْأُمَّ هَلَكَتْ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَالنِّصْفُ فِي الْحَيَّةِ وَالزِّيَادَةُ تَتْبَعُ الْحَيَّةَ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي لِتَغَيُّرِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ بَقِيَ

الباب السابع عشر في بيع الأب والوصي والقاضي مال الصغير وشرائهم له

وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ سَقَطَ بِمَوْتِ الْأُمِّ الرُّبْعُ وَفِيهِ رُبْعٌ فَيَنْقَسِمُ مَا فِيهِ عَلَيْهِ وَعَلَى ثُلُثِ الْعَبْدِ الزِّيَادَةُ لِأَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْحَيَّةِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ تَبَعٌ لَهَا وَثُلُثُهُ تَبَعٌ لِلْوَلَدِ أَرْبَاعًا بِقَدْرِ قِيمَتِهَا رُبْعُهُ فِي ثُلُثِ الزِّيَادَةِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فِي الْوَلَدِ وَمَا فِي الْحَيَّةِ عَلَيْهَا وَعَلَى ثُلُثَيْ الْعَبْدِ أَخْمَاسًا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ فِي الْحَيَّةِ وَخُمُسَاهُ فِي ثُلُثَيْ الزِّيَادَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. اشْتَرَى عَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَلْفٌ وَقِيمَةُ الْآخَرِ خَمْسُمِائَةٍ ثُمَّ صَارَتْ قِيمَةُ الْأَوَّلِ أَلْفًا ثُمَّ زَادَ الْمُشْتَرِي تُقْسَمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا يَوْمَ الْبَيْعِ أَثْلَاثًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا هَالِكًا يَوْمَ الزِّيَادَةِ صَحَّتْ الزِّيَادَةُ بِقَدْرِ الْقَائِمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا أَوْ لَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى زَادَ الْمُشْتَرِي مِائَةً فِي ثَمَنِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ بِعَيْنِهِ أَوْ قَالَ فِي ثَمَنِ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنٌ عَلَى حِدَةٍ وَزَادَ فِي ثَمَنِ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ جَازَتْ وَكَذَا إذَا زَادَ فِي ثَمَنِ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ وَجَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَ الْمُشْتَرِي فِي إضَافَةِ الزِّيَادَةِ إلَى أَحَدِ الثَّمَنَيْنِ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ زَادَ الْمُشْتَرِي فِي ثَمَنِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ بِعَيْنِهِ الْقِيَاسُ أَنْ تَجُوزَ وَيُقْسَمَ الثَّمَنُ عَلَى الْعَبْدَيْنِ ثُمَّ تَدْخُلُ الزِّيَادَةُ فِي حِصَّةِ الْعَبْدِ الَّذِي زِيدَ فِيهِ وَكَذَلِكَ إذَا زَادَ جَارِيَةً فِي ثَمَنِ أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ عَيْنِهِ جَازَتْ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضِيفَهَا إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَكَذَلِكَ إذَا زَادَ عَرْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَاعَ أَمَةً فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى زَادَ الْبَائِعُ أَمَةً أُخْرَى ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأُولَى يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الْبَاقِيَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ حَطُّ بَعْضِ الثَّمَنِ صَحِيحٌ وَيَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ عِنْدَنَا كَالزِّيَادَةِ سَوَاءٌ بَقِيَ مَحَلًّا لِلْمُقَابَلَةِ وَقْتَ الْحَطِّ أَوْ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وَهَبَ بَعْضَ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ فَهُوَ حَطٌّ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ حَطَّ الْبَعْضَ أَوْ وَهَبَ بِأَنْ قَالَ وَهَبْت مِنْك بَعْضَ الثَّمَنِ أَوْ قَالَ حَطَطْت بَعْضَ الثَّمَنِ عَنْك صَحَّ وَوَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا حَطَّ كُلَّ الثَّمَنِ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ صَحَّ الْكُلُّ وَلَكِنْ لَا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ صَحَّ الْحَطُّ وَالْهِبَةُ وَلَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْإِبْرَاءِ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ يَجُوزُ وَالْمَبِيعُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. بَاعَ غُلَامًا بَيْعًا فَاسِدًا وَتَقَابَضَا ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ مِنْ الْقِيمَةِ ثُمَّ مَاتَ الْغُلَامُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك مِنْ الْغُلَامِ فَهُوَ بَرِيءٌ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ [الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي بَيْعِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْقَاضِي مَالَ الصَّغِيرِ وَشِرَائِهِمْ لَهُ] يَجُوزُ بَيْعُ الْأَبِ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَشِرَاؤُهُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ اسْتِحْسَانًا وَتَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَى الصَّبِيِّ وَيَقُومُ الْأَبُ مَقَامَهُ فِيهَا وَلِهَذَا لَوْ بَلَغَ مَلَكَ مُطَالَبَةَ الْأَبِ بِالثَّمَنِ وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ مِنْ غَيْرِهِ فَبَلَغَ لَا يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاخْتَلَفَ

الْمَشَايِخُ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ لِتَمَامِ هَذَا الْعَقْدِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حَتَّى إنَّ الْأَبَ لَوْ قَالَ بِعْت هَذَا مِنْ وَلَدِي فُلَانٍ بِكَذَا أَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْ مَالِ وَلَدِي هَذَا بِكَذَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ الْعَقْدَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ بِعْت هَذَا مِنْ وَلَدِي وَاشْتَرَيْت وَيَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ مِنْ الْأَبِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَبِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ عِنْدَ انْعِدَامِ الْأَبِ بِمَنْزِلَتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَاعَ الْأَبُ ضَيْعَةً أَوْ عَقَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مَحْمُودًا أَوْ مَسْتُورًا عِنْدَ النَّاسِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مُفْسِدًا لَا يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ بَاعَ مَنْقُولًا وَهُوَ مُفْسِدٌ فِي رِوَايَةٍ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ خَيْرًا لِلصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبَيْعُ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ الْمَجْنُونِ جُنُونًا طَوِيلًا يَجُوزُ وَقَصِيرًا لَا يَجُوزُ وَالْجُنُونُ الطَّوِيلُ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ فَصَاعِدًا وَالْقَصِيرُ بِمَا دُونَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ عَقَارًا لِلصَّغِيرِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ رَأَى الْقَاضِي نَقْضَ الْبَيْعِ خَيْرًا لِلصَّبِيِّ كَانَ لَهُ نَقْضُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. بَاعَ الْأَبُ مِنْ الصَّغِيرِ شَيْئًا بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَأَجَازَ الْقَاضِي نَفَذَ وَكَذَا لَوْ جَعَلَ الْبَائِعُ وَصِيًّا فَأَجَازَ هُوَ يَنْفُذُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَمَنْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ صَغِيرَانِ فَبَاعَ مَالَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ بِأَنْ قَالَ بِعْت عَبْدَ ابْنِي فُلَانٍ مِنْ ابْنِي فُلَانٍ جَازَ وَإِذَا بَلَغَا فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِمَا فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْأَبُ إذَا بَاعَ مَالَهُ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا بِنَفْسِ الْبَيْعِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ بِحَالٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَبْضِ حَقِيقَةً هَلَكَ عَلَى الْوَالِدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالثَّمَنُ الَّذِي لَزِمَ بِشِرَاءِ مَالِ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ حَتَّى يُنَصِّبَ الْقَاضِي وَكِيلًا عَنْ الصَّغِيرِ فَيَقْبِضَهُ مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ يَرُدَّهُ إلَيْهِ فَيَكُونَ وَدِيعَةً مِنْ ابْنِهِ فِي يَدِهِ، وَفِيمَا لَوْ بَاعَ دَارِهِ مِنْ ابْنِهِ وَهُوَ فِيهَا سَاكِنٌ لَا يَصِيرُ الِابْنُ قَابِضًا حَتَّى يُفْرِغَهَا الْأَبُ وَيَشْتَرِطُ تَسْلِيمَهَا إلَى الْأَمِينِ الْقَاضِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ عَادَ الْأَبُ بَعْدَمَا تَحَوَّلَ عَنْهَا فَسَكَنَهَا أَوْ جَعَلَ فِيهَا مَتَاعَهُ أَوْ أَسْكَنَهَا عِيَالَهُ وَكَانَ غَنِيًّا صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثَوْبًا أَوْ خَادِمًا وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى وَلَدِهِ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِوَلَدِهِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ يُؤْخَذُ الثَّمَنُ مِنْ تَرِكَتِهِ ثُمَّ لَا تَرْجِعُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَلَدِ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ لَمْ يَشْهَدْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِوَلَدِهِ وَإِنْ اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَضَمِنَ الثَّمَنَ ثُمَّ نَقَدَ الثَّمَنَ فِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ عَلَى الْوَلَدِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ قَالَ حِينَ نَقَدَ الثَّمَنَ نَقَدْته لِأَرْجِعَ عَلَى الْوَلَدِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَلَدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى لِوَلَدِهِ الْكِسْوَةَ أَوْ الطَّعَامَ يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ غَيْرُ مُتَطَوِّعٍ فِيهِ بِخِلَافِ شِرَاءِ الدَّارِ وَالْعَقَارِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْأَبُ إذَا بَاعَ مَالَ الصَّبِيِّ وَسَلَّمَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ يَمْلِكُ اسْتِرْدَادَ الْمَبِيعِ لِيَحْبِسَهُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. امْرَأَةٌ اشْتَرَتْ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ ضَيْعَةً بِمَالِهَا عَلَى أَنْ لَا تَرْجِعَ عَلَى الْوَلَدِ بِالثَّمَنِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَتَكُونُ الْأُمُّ مُشْتَرِيَةً لِنَفْسِهَا ثُمَّ تَصِيرُ هِبَةٌ مِنْهَا لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ وَصِلَةً وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ الضَّيْعَةَ

عَنْ وَلَدِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَارٌ لِرَجُلٍ وَلَهُ امْرَأَةٌ بَيْنَهُمَا ابْنُ صَغِيرٌ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: اشْتَرَيْت مِنْك هَذِهِ الدَّارَ لِابْنِنَا بِمَالِهِ وَقَالَ الْأَبُ: بِعْتهَا، يَجُوزُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْأَبِ وَالْأَجْنَبِيِّ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَهُمَا: اشْتَرَيْت مِنْكُمَا هَذِهِ الدَّارَ لِابْنِي بِمَالِهِ، فَقَالَا: بِعْنَا، جَازَ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا جَوَّزَ شِرَاءَهَا جُمْلَةَ الدَّارِ فَقَدْ أَذِنَ لَهُمَا فِي شِرَاءِ الْجُمْلَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ذَكَرَ هِشَامٌ أَنَّ الْأَبَ إذَا اشْتَرَى عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ شِرَاءً فَاسِدًا فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ الْأَبُ أَوْ يَقْبِضَهُ أَوْ يَأْمُرَهُ بِعَمَلٍ مَاتَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْأَبُ جَازَ عِتْقُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْأَبُ مَالَ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ فَبَلَغَ الصَّبِيُّ كَانَتْ الْعُهْدَةُ مِنْ قِبَلِ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَّلَ الْأَبُ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِ الْأَبِ مِنْ ابْنِهِ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ إلَّا إذَا قَبِلَ الْأَبُ الْعَقْدَ مِنْ الْوَكِيلِ فَيَجُوزُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَثْبُتُ لِلْوَكِيلِ وَتَكَلَّمُوا فِي أَنَّ الْآمِرَ يَكُونُ مُتَصَرِّفًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِلصَّغِيرِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ لِلصَّغِيرِ نَائِبٌ عَنْهُ وَمَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ مِنْ جَانِبِ الِابْنِ فَعَلَى الْأَبِ وَمَا كَانَ مِنْ جَانِبِ الْأَبِ فَعَلَى الْوَكِيلِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ مَالِ أَحَدِ ابْنَيْهِ مِنْ آخَرَ فَبَاعَ لَا يَجُوزُ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ فَتَبَايَعَا جَازَ. وَكَّلَ الْأَبُ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِ ابْنِهِ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الْأَبِ جَازَ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ فِيمَنْ بَاعَ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ فِي مَرَضِهِ قَدْ قَبَضْت مِنْ فُلَانٍ الثَّمَنَ ثُمَّ مَاتَ فِي مَرَضِهِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ، وَلَوْ قَالَ فِي مَرَضِهِ قَدْ قَبَضْتهَا مِنْ فُلَانٍ فَضَاعَتْ كَانَ مُصَدَّقًا وَلَوْ قَالَ قَبَضْتهَا وَاسْتَهْلَكْتهَا لَمْ يَكُنْ مُصَدَّقًا وَلَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي مِنْهَا وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إذَا أَخَذَ الثَّمَنَ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْأَبِ أَوْ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اشْتَرَى الْأَبُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ نَفَذَ عَلَى الْأَبِ دُونَ الصَّغِيرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ اشْتَرَى لِلْمَعْتُوهِ أَمَةً اسْتَوْلَدَهَا بِالنِّكَاحِ يَلْزَمُ الْأَبَ قِيَاسًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ عَلَى الْمَعْتُوهِ شِرَاءُ وَاحِدَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَالْأَصَحُّ هُوَ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى لِابْنِهِ الْكَبِيرِ الْمَعْتُوهِ مِنْ مَالِهِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهِ وَيَنْفُذُ عَلَى الْأَبِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَرِيبًا مِنْ الْأَبِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ كَأُمِّ الصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ أَوْ أَخِيهِمَا أَوْ أُخْتِهِمَا لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَاعَ الْأَبُ مِلْكَ ابْنِهِ فَقَالَ الِابْنُ: كُنْت بَالِغًا حِينَ بَاعَهُ بِغَيْرِ إذْنِي، وَقَالَ الْأَبُ: كُنْتَ صَغِيرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ. وَلَوْ مَاتَتْ وَخَلَّفَتْ أَوْلَادًا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا فَبَاعَ أَبُو الصَّغِيرِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ يَصِحُّ فِي حِصَّةِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ، وَالْخَيْرِيَّةُ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ مَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ نَفْسِهِ مَا يُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ بِعَشَرَةٍ وَأَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَتَفْسِيرُ الْخَيْرِيَّةِ فِي الْعَقَارِ عِنْدَ الْبَعْضِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ بِضِعْفِ الْقِيمَةِ وَأَنْ يَبِيعَ مِنْ

الْيَتِيمِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ثُمَّ إذَا جَازَ بَيْعُ الْوَصِيِّ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ بِعْت أَوْ اشْتَرَيْت كَمَا فِي الْأَبِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الشَّطْرَيْنِ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي وَاقِعَاتِهِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الشَّطْرَيْنِ بِخِلَافِ الْأَبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ يَجُوزُ، وَقِيلَ: إنَّمَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ بِأَحَدِ شُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا أَنْ يَبِيعَ بِضِعْفِ قِيمَتِهِ أَوْ لِلصَّغِيرِ حَاجَةٌ إلَى ثَمَنِهِ أَوْ يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ إلَّا بِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَمَرَ الْوَصِيُّ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَاشْتَرَى لِمُوَكِّلِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ إذَا بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ الْوَصِيِّ فَإِنَّهُ كَبَيْعِ الْوَصِيِّ بِنَفْسِهِ وَلَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَصِيٌّ بَاعَ عَقَارَ الْيَتِيمِ وَمَصْلَحَةُ الْيَتِيمِ فِي بَيْعِهِ إلَّا أَنَّهُ يَبِيعُ لِيُنْفِقَ الثَّمَنَ عَلَى نَفْسِهِ قَالُوا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ لِلْيَتِيمِ إذَا أَنْفَقَ الثَّمَنَ لِنَفْسِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ لِأَحَدِ الْيَتِيمَيْنِ مِنْ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ إنْ أَذِنَ لَهُمَا بِالتِّجَارَةِ لِيَتَبَايَعَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ بَاشَرَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ فَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَفَادَ التَّصَرُّفَ مِنْ جِهَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَذِنَ لِعَبْدَيْهِمَا فِي التِّجَارَةِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ لَا يَجُوزُ وَفِي الْأَبِ يَجُوزُ فِي الِابْنَيْنِ وَعَبْدَيْهِمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْقَاضِي إذَا بَاعَ مَالَهُ مِنْ الْيَتِيمِ أَوْ اشْتَرَى مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْقَاضِي إذَا اشْتَرَى مِنْ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ جَازَ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَاضِي جَعَلَهُ وَصِيًّا كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ إذَا بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ الْوَصِيِّ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَصِيٌّ اشْتَرَى لِلْيَتِيمِ مِنْ مَدْيُونِ الْيَتِيمِ دَارًا بِعِشْرِينَ قِيمَتُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا فَلَمَّا اسْتَوْفَى الدَّيْنَ أَقَالَ بَيْعَهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِالنَّسِيئَةِ إذَا كَانَ التَّأْجِيلُ فَاحِشًا بِأَنْ لَا يُبَاعَ هَذَا الْمَالُ بِهَذَا الْأَجَلِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكِنْ يَخَافُ عَلَيْهِ الْجُحُودَ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ هَلَاكِ الثَّمَنِ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْجُحُودَ وَلَا هَلَاكَ الثَّمَنِ عَلَيْهِ جَازَ بَيْعُ الْوَصِيِّ. رَجُلٌ اسْتِبَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ الْوَصِيِّ بِأَلْفٍ وَرَجُلٌ آخَرُ اسْتَبَاعَهُ بِمِائَةٍ وَأَلْفٍ وَالْأَوَّلُ أَمْلَى مِنْ الثَّانِي قَالُوا يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ مِنْ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ التَّرِكَةَ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا جَازَ بَيْعُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ ضَيَاعًا كَانَ أَوْ عَقَارًا أَوْ عُرُوضًا سَوَاءٌ كَانُوا حُضُورًا أَوْ غِيَابًا عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ لَا لَكِنْ إنَّمَا يَبِيعُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ هَذَا جَوَابُ السَّلَفِ وَجَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَقَارِ بِإِحْدَى الشَّرَائِطِ الثَّلَاثِ إمَّا أَنْ يَرْغَبَ الْمُشْتَرِي بِضِعْفِ قِيمَتِهِ أَوْ لِلصَّغِيرِ حَاجَةٌ إلَى ثَمَنِهِ أَوْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا بِهِ فَلَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ

كُلُّهُمْ كِبَارًا وَكَانُوا حُضُورًا وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي التَّرِكَةِ أَصْلًا لَكِنْ يَتَقَاضَى دُيُونَ الْمَيِّتِ وَيَدْفَعُ إلَى الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ إنْ كَانَ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ أَجْمَعُوا أَنَّهُ يَبِيعُ كُلَّ التَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا يَبِيعُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ يَبِيعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا وَعِنْدَهُمَا لَا يَبِيعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ لَكِنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِوَصَايَا إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ أَوْ دُونَهُ أَنْفَذَهَا وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ أَنْفَذَ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَمَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ. وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ أَجْمَعُوا أَنَّهُ يَبِيعُ بِقَدْرِ الْوَصِيَّةِ وَمَا زَادَ عَلَى الْوَصِيَّةِ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَقْضِ الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ وَلَمْ يُنْفِذُوا الْوَصِيَّةَ مِنْ خَالِصِ مِلْكِهِمْ أَمَّا إذَا فَعَلُوا لَمْ يَبْقَ لِلْوَصِيِّ وِلَايَةُ بَيْعِ التَّرِكَةِ أَصْلًا وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ غُيَّبًا وَحَدُّهُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَبِيعُ الْمَنْقُولَ وَلَا يَبِيعُ الْعَقَارَ، وَلَوْ خِيفَ هَلَاكُ الْعَقَارِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مَشْغُولَةً بِالدَّيْنِ فِي الْعُرُوضِ يَبِيعُهَا مُطْلَقًا بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَزِيَادَةٍ عَلَى الدَّيْنِ وَفِي الْعَقَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ بَعْضُهُمْ صِغَارًا وَالْبَعْضُ كِبَارًا إنْ كَانَ الْكِبَارُ غُيَّبًا وَالتَّرِكَةُ خَالِيَةً عَنْ الدَّيْنِ وَعَنْ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهُ يَبِيعُ الْمَنْقُولَ وَمِنْ الْعَقَارِ يَبِيعُ حِصَّةَ الصِّغَارِ وَبَيْعُ حِصَّةِ الْكِبَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرِقَةً يَبِيعُ الْعَقَارَ وَالْمَنْقُولَ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقَةٍ يَبِيعُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ مِنْ الْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ بِالْإِجْمَاعِ وَبَيْعُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ وَإِنْ كَانَ الْكِبَارُ حُضُورًا إنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ خَالِيَةً يَبِيعُ حِصَّةَ الصِّغَارِ مِنْ الْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ بِالْإِجْمَاعِ وَبَيْعُ حِصَّةِ الْكِبَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مَشْغُولَةً بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا يَبِيعُ الْكُلَّ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ يَبِيعُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَفِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْخِلَافِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا فِي وَصِيِّ الْأَبِ فَكَذَلِكَ فِي وَصِيِّ وَصِيِّهِ وَوَصِيِّ الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ وَوَصِيِّ وَصِيِّهِ وَوَصِيِّ الْقَاضِي وَوَصِيِّ وَصِيِّهِ فَوَصِيُّ الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ وَصِيِّ الْأَبِ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا جَعَلَ أَحَدًا وَصِيًّا فِي نَوْعٍ كَانَ وَصِيًّا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً وَالْأَبُ إذَا جَعَلَ أَحَدًا وَصِيًّا فِي نَوْعٍ كَانَ وَصِيًّا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصِيُّ يَتِيمٍ بَاعَ غُلَامًا لِلْيَتِيمِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ بِالْخِيَارِ فَازْدَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَصَارَتْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُنْفِذَ الْبَيْعُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ بَاعَتْ مَتَاعَ زَوْجِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَزَعَمَتْ أَنَّهَا وَصِيَّتُهُ وَلِزَوْجِهَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ ثُمَّ قَالَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ أَكُنْ وَصِيَّةً قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَبَيْعُهَا مَوْقُوفٌ إلَى بُلُوغِ الصِّغَارِ فَإِنْ صَدَّقُوهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ أَنَّهَا كَانَتْ وَصِيَّةً جَازَ بَيْعُهَا وَإِنْ كَذَّبُوهَا بَطَلَ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي سَرْقَنَ الْأَرْضَ الْمُشْتَرَاةَ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي

الباب الثامن عشر في السلم وفيه ستة فصول

عَلَى الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ هَذَا إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً وَإِنْ ادَّعَى الصَّبِيُّ أَنَّهَا بَاعَتْ وَلَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً تُسْمَعُ دَعْوَى الصَّبِيِّ إذَا كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ أَوْ فِي الْخُصُومَةِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْخُصُومَةِ كَالْقَاضِي وَالْوَصِيِّ وَمَا نَحْوَهُمَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِرْدَادِ الضَّيْعَةِ تَضْمَنُ الْمَرْأَةُ قِيمَةَ مَا بَاعَتْ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي يَضْمَنُ الْبَائِعُ قِيمَةَ الْعَقَارِ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ جَدٌّ صَحِيحٌ فَأَذِنَ الْقَاضِي لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ فِي التِّجَارَةِ وَأَبَى أَبُوهُ فَإِذْنُهُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَتْ وِلَايَةُ الْقَاضِي مُؤَخَّرَةً عَنْ وِلَايَةِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ [الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي السَّلَمِ وَفِيهِ سِتَّةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير السَّلَم وَرُكْنِهِ وَشَرَائِطِهِ وَحُكْمِهِ] أَمَّا تَفْسِيرُهُ فَالسَّلَمُ عَقْدٌ يَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ فِي الثَّمَنِ عَاجِلًا وَفِي الْمُثَمَّنِ آجِلًا. وَأَمَّا أَرْكَانُهُ فَبِأَنْ تَقُولَ لِآخَرَ: أَسْلَمْتُ إلَيْك عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ أَوْ أَسْلَفْتُ وَيَقُولَ الْآخَرُ: قَبِلْتُ، وَيَنْعَقِدُ السَّلَمُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا شَرَائِطُهُ فَنَوْعَانِ نَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْعَقْدِ وَنَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى الْبَدَلِ (أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْعَقْدِ فَوَاحِدٌ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ عَارِيًّا عَنْ شَرَائِطِ الْخِيَارِ لِلْعَاقِدَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا بِخِلَافِ خِيَارِ الْمُسْتَحَقِّ فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ السَّلَمَ حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّ رَأْسَ الْمَالِ وَقَدْ افْتَرَقَا عَلَى الْقَبْضِ وَأَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ فَالسَّلَمُ صَحِيحٌ وَلَوْ أَبْطَلَ صَاحِبُ الْخِيَارِ خِيَارَهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ بِأَبْدَانِهِمَا وَرَأْسُ الْمَالِ قَائِمٌ فِي يَدِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ جَائِزًا عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَ هَالِكًا أَوْ مُسْتَهْلَكًا لَا يَنْقَلِبُ إلَى الْجَوَازِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْبَدَلِ فَسِتَّةَ عَشَرَ سِتَّةٌ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَعَشَرَةٌ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ أَمَّا السِّتَّةُ الَّتِي فِي رَأْسِ الْمَالِ (فَأَحْدُهَا) بَيَانُ الْجِنْسِ أَنَّهُ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ أَوْ مِنْ الْمَكِيلِ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (وَالثَّانِي) بَيَانُ النَّوْعِ أَنَّهُ دَرَاهِمُ غِطْرِيفِيِّةٌ أَوْ عَدَالِيَّةٌ أَوْ دَنَانِيرُ مَحْمُودِيَّةٌ أَوْ هَرَوِيِّةٌ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ فَذِكْرُ الْجِنْسِ كَافٍ (وَالثَّالِثُ) بَيَانُ الصِّفَةِ أَنَّهُ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ أَوْ وَسَطٌ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (وَالرَّابِعُ) بَيَانُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ مُشَارًا إلَيْهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ عَلَى مِقْدَارِهِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ بَعْدَ التَّعْيِينِ بِالْإِشَارَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَسْلَمْت إلَيْك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فِي كُرِّ بُرٍّ، وَلَمْ يَدْرِ يَصِحُّ، كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِقَدْرٍ مِنْ الذَّرْعِيَّاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ لَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُ قَدْرِهِ وَيُكْتَفَى بِالْإِشَارَةِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَرَأْسُ الْمَالِ

مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُبَيِّنَ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّفْصِيلِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لَوْ أَسْلَمَ جِنْسَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَ أَحَدِهِمَا بِأَنْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ فِي مِقْدَارٍ مَعْلُومٍ فِي الْبُرِّ فَبَيَّنَ قَدْرَ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُبَيِّنْ الْآخَرَ لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِيهِمَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ (وَالْخَامِسُ) كَوْنُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مُنْتَقَدَةً وَهُوَ شَرْطُ الْجَوَازِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا مَعَ إعْلَامِ الْقَدْرِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ (وَالسَّادِسُ) أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضًا فِي مَجْلِسِ السَّلَمِ سَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ اسْتِحْسَانًا وَسَوَاءٌ قَبَضَ فِي أَوَّلِ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي آخِرِهِ لِأَنَّ سَاعَاتِ الْمَجْلِسِ لَهَا حُكْمُ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى قَامَا يَمْشِيَانِ فَقَبَضَ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا بِأَبْدَانِهِمَا جَازَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي النَّوَادِرِ لَوْ تَعَاقَدَا عَقْدَ السَّلَمِ وَمَشَيَا مِيلًا أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يَغِبْ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ قَبَضَ رَأْسَ الْمَالِ فَافْتَرَقَا جَازَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ نَامَا أَوْ نَامَ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَا جَالِسَيْنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فُرْقَةً لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَإِنْ كَانَا مُضْطَجِعَيْنِ فَهُوَ فُرْقَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ أَسْلَمَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فِي عَشْرَةِ أَقْفِزَةِ حِنْطَةٍ وَلَمْ تَكُنْ الدَّرَاهِمُ عِنْدَهُ فَدَخَلَ بَيْتَهُ لِيَخْرُجَ الدَّرَاهِمَ إنْ دَخَلَ حَيْثُ يَرَاهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ لَا يَبْطُلُ السَّلَمُ وَإِنْ تَوَارَى عَنْهُ بَطَلَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ خَاضَ أَحَدُهُمَا فِي الْمَاءِ وَغُمِسَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ صَافِيًا بِحَيْثُ يُرَى بَعْدَ الْغَمْسِ لَمْ يَثْبُتْ الِافْتِرَاقُ وَإِنْ كَانَ كَدِرًا لَا يُرَى بَعْدَ الْغَمْسِ يَثْبُتُ الِافْتِرَاقُ، كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَلَوْ أَبَى الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ قَبْضَ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ (وَأَمَّا الشُّرُوطُ الَّتِي فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ) (فَأَحَدُهَا) بَيَانُ جِنْسِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ (وَالثَّانِي) بَيَانُ نَوْعِهِ حِنْطَةٍ سَقِيَّةٍ أَوْ بَخْسِيَّةٍ أَوْ جَبَلِيَّةٍ أَوْ سَهْلِيَّةٍ (وَالثَّالِثُ) بَيَانُ الصِّفَةِ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ أَوْ رَدِيئَةٍ أَوْ وَسَطٍ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ أَسْلَمَ فِي كندم نيكؤا، وَقَالَ: نيك أَوْ قَالَ: سره، يَجُوزُ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَالْمَأْخُوذُ بِهِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ (وَالرَّابِعُ) أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ أَوْ الذَّرْعِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ قَدْرَهُ بِمِقْدَارٍ يُؤْمَنُ فَقْدُهُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ وَلَوْ عُلِمَ قَدْرُهُ بِمِكْيَالٍ بِعَيْنِهِ كَقَوْلِهِ بِهَذَا الْإِنَاءِ بِعَيْنِهِ أَوْ بِهَذَا الزِّنْبِيلِ أَوْ بِوَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ لَا يَجُوزُ إنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ كَمْ يَسَعُ فِي الْإِنَاءِ وَلَا يَعْرِفُ وَزْنَ الْحَجَرِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَكَذَا فِي الذَّرْعِيَّاتِ يَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ قَدْرَهُ بِذَرْعٍ يُؤْمَنُ فَقْدُهُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ وَإِنْ أَعْلَمَهُ بِخَشَبَةٍ بِعَيْنِهَا وَلَا يَدْرِي كَمْ هِيَ أَوْ بِذِرَاعِ يَدِهِ أَوْ يَدِ فُلَانٍ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يَصِحُّ بِمِكْيَالِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَلَا بِذِرَاعِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ إذَا كَانَ كَيْلُ الرَّجُلِ وَذِرَاعُهُ مُغَايِرَيْنِ لِكَيْلِ الْعَامَّةِ وَذِرَاعِهِمْ وَأَمَّا إذَا كَانَا مُوَافِقَيْنِ لِكَيْلِ الْعَامَّةِ وَذِرَاعِهِمْ فَتَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ يَكُونُ لَغْوًا وَالسَّلَمُ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ مِمَّا لَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ كَالْقِصَاعِ مَثَلًا

فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْكَبِسُ بِالْكَبْسِ كَالزِّنْبِيلِ وَالْجِرَابِ لَا يَجُوزُ لِلْمُنَازَعَةِ إلَّا فِي قِرَبِ الْمَاءِ لِلتَّعَامُلِ فِيهِ كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ (الْخَامِسُ) أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ حَتَّى إنْ سَلَّمَ الْحَالَّ لَا يَجُوزُ وَاخْتُلِفَ فِي أَدْنَى الْأَجَلِ الَّذِي يَجُوزُ السَّلَمُ بِدُونِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَدَّرَ أَدْنَاهُ بِشَهْرٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ بِمَوْتِ رَبِّ السَّلَمِ وَيَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ حَتَّى يُؤْخَذَ السَّلَمُ مِنْ تَرِكَتِهِ حَالًّا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ (السَّادِسُ) أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَوْجُودًا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الْمَحَلِّ حَتَّى لَوْ كَانَ مُنْقَطِعًا عِنْدَ الْعَقْدِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمَحَلِّ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ أَوْ مُنْقَطِعًا فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَهُوَ مَوْجُودٌ عِنْدَ الْعَقْدِ وَالْمَحَلُّ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَحَدُّ الْوُجُودِ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ مِنْ السُّوقِ وَحَدُّ الِانْقِطَاعِ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي السُّوقِ وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ فِي الْبُيُوتِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِذَا أَسْلَمَ فِيمَا يُوجَدُ إلَى حِينِ الْمَحَلِّ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى انْقَطَعَ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ فَالسَّلَمُ صَحِيحٌ عَلَى حَالِهِ وَرَبُّ السَّلَمِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْعَقْدَ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ لِوُجُودِهِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ (السَّابِعُ) أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ حَتَّى لَا يَجُوزَ السَّلَمُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَأَمَّا التِّبْرُ هَلْ يَجُوزُ فِيهِ السَّلَمُ فَعَلَى قِيَاسِ رِوَايَةِ الصَّرْفِ لَا يَجُوزُ وَعَلَى قِيَاسِ رِوَايَةِ كِتَابِ الشَّرِكَةِ يَجُوزُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ (الثَّامِنُ) أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مِنْ الْأَجْنَاسِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ وَالذَّرْعِيَّاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ وَلَا أَطْرَافِهِ مِنْ الرُّءُوسِ وَالْأَكَارِعِ وَكَذَا لَا يَجُوزُ فِي الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْعَقْلِ وَالْأَخْلَاقِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ (التَّاسِعُ) بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ فِيمَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ كَالْبُرِّ وَنَحْوِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ بِشَرْطٍ وَلَكِنْ إنْ شَرَطَاهُ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَشْرُطَاهُ يَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا شَرَطَ رَبُّ السَّلَمِ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيَهُ السَّلَمَ فِي مِصْرٍ كَذَا فَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْمِصْرِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِرَبِّ السَّلَمِ أَنْ يُكَلِّفَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ قِيلَ: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمِصْرُ عَظِيمًا فَإِنْ كَانَ عَظِيمًا بَيْنَ نَوَاحِيهِ فَرْسَخٌ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ نَاحِيَةً مِنْهُ لِأَنَّ جَهَالَتَهَا مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِيمَا لَا حَمْلَ لَهُ وَلَا مُؤْنَةَ كَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ بِالْإِجْمَاعِ وَهَلْ يَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْعَقْدِ لِلْإِيفَاءِ؟ فِي رِوَايَةِ الْبُيُوعِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ يَتَعَيَّنُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ قَوْلُهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْيَنَابِيعِ وَذَكَرَ فِي الْإِجَارَاتِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ وَيُوَفِّيهِ فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْكَافِي وَالْهِدَايَةِ فَلَوْ عَيَّنَ مَكَانًا قِيلَ: لَا يَتَعَيَّنُ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ حَيْثُ لَا يَلْزَمُ بِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَا تَخْتَلِفُ مَالِيَّتُهُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَلَوْ عَقَدَ السَّلَمَ فِي الْبَحْرِ أَوْ عَلَى شَاهِقِ الْجَبَلِ فِيمَا لَهُ حَمْلُ مُؤْنَةٍ سَلَّمَ إلَيْهِ فِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ مِنْهَا، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ (الْعَاشِرُ) أَنْ لَا يَشْمَلَ الْبَدَلَيْنِ أَحَدُ وَصْفَيْ عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ

الفصل الثاني في بيان ما يجوز السلم فيه وما لا يجوز

وَهُوَ الْقَدْرُ أَوْ الْجِنْسُ وَهَذَا مُطَّرِدٌ إلَّا فِي الْأَثْمَانِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إسْلَامُهَا فِي الْمَوْزُونَاتِ لِحَاجَةِ النَّاسِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَمَّا بَيَانُ حُكْمِ السَّلَمِ فَهُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لِرَبِّ السَّلَمِ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ مُؤَجَّلًا بِمُقَابِلَةِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ فِي رَأْسِ الْمَالِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الْمَوْصُوفِ مُعَجَّلًا لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَإِذَا صَحَّ السَّلَمُ فَأَحْضَرَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ الْمُسَلَّمَ فِيهِ لَا خِيَارَ لِرَبِّ السَّلَمِ فِيهِ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ عَلَى خِلَافِ الْمَشْرُوطِ فَيُجْبَرُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِإِحْضَارِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ وَمَا لَا يَجُوزُ] إذَا أَسْلَمَ ثَوْبًا هَرَوِيًّا فِي ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ لَا يَجُوزُ وَإِذَا بَاعَ قَفِيزَ حِنْطَةٍ فِي قَفِيزِ شَعِيرٍ لَا يَجُوزُ أَيْضًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ مَا يُكَالُ فِيمَا يُوزَنُ إذَا كَانَ الْمَوْزُونُ مِمَّا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُسَلَّمًا فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ مَبِيعًا مَضْبُوطًا بِالصُّوفِ حَتَّى إذَا أَسْلَمَ الْحِنْطَةَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا وَيَكُونُ عَقْدًا بَاطِلًا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ مَا يُوزَنُ فِيمَا يُكَالُ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَا يُسَلِّمُ مَا يُوزَنُ فِيمَا يُوزَنُ إذَا كَانَا مِمَّا يَتَعَيَّنَانِ فِي الْعَقْدِ كَالْحَدِيدِ فِي الزَّعْفَرَانِ وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ فِي الْوَزْنِيَّاتِ فَيَجُوزُ وَلَوْ أَسْلَمَ نُقْرَةَ فِضَّةٍ أَوْ تِبْرًا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْمَصُوغَ فِي الزَّعْفَرَانِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجُوزُ، وَلَوْ أَسْلَمَ الْفُلُوسَ فِي الْوَزْنِيِّ يَجُوزُ إلَّا إذَا أَسْلَمَهَا فِي جِنْسِهَا وَلَوْ أَسْلَمَ أَوَانِي الصُّفْرِ فِي الْوَزْنِيَّاتِ إنْ كَانَتْ الْأَوَانِي تُبَاعُ وَزْنًا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ تُبَاعُ عَدَدًا يَجُوزُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا قُلْنَا فِي الْفُلُوسِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَا يَجُوزُ إسْلَامُ الْمَكِيلِ فِي الْمَكِيلِ وَإِذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ مِمَّا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ يَدًا بِيَدٍ وَلَا بَأْسَ بِهِ نَسِيئَةً إذَا كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَضْبُوطًا بِالْوَصْفِ عَلَى وَجْهٍ يَلْتَحِقُ بِذِكْرِ الْوَصْفِ بِذَوَاتِ الْأَمْثَالِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ ثَوْبًا هَرَوِيًّا فِي جَوْهَرَةٍ أَوْ دُرَّةٍ لَا يَجُوزُ وَكَذَا فِي الْحَيَوَانِ عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ مِمَّا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَلَا بَأْسَ بِهِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ وَلَا خَيْرَ فِي نَسِيئَةٍ عَلَى قَوْلِ عُلَمَائِنَا حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ هَرَوِيَّيْنِ فِي ثَوْبٍ هَرَوِيٌّ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَسْلَمَ مَكِيلًا فِي مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ شَيْئًا فِي جِنْسِهِ وَغَيْرِ جِنْسِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي جَمِيعِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَصِحُّ فِي حِصَّةِ الْمَوْزُونِ وَخِلَافُ الْجِنْسِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ مِمَّا يُكَالُ وَيُوزَنُ عَلَى أَنْ يَكُونَ حُلُولُ بَعْضِهِ فِي وَقْتٍ وَحُلُولِ بَعْضِهِ فِي وَقْتٍ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِذَا لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى فَاتَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ وَصَارَ مِثْلُهُ غَيْرَ مَوْجُودٍ لَا يَبْطُلُ السَّلَمُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَلَكِنَّ رَبَّ السَّلَمِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ انْتَظَرَ إلَى وَقْتِ وُجُودِ مِثْلِهِ

فَيَأْخُذُ مِنْهُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَنْتَظِرْ وَلَمْ يَصْبِرْ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَخَذَ رَأْسَ مَالِهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِذَا أَسْلَمَ الدَّرَاهِمَ فِي الزَّعْفَرَانِ يَجُوزُ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُسْلِمَ الْفُلُوسَ فِي الْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَإِذَا أَسْلَمَ الْفُلُوسَ فِي الصُّفْرِ لَا يَجُوزُ وَالْمُرَادُ مِنْ الْفُلُوسِ الرَّائِجَةِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ كَاسِدَةً فَلَا يَجُوزُ إسْلَامُهَا فِي الْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَلَوْ أَسْلَمَ النَّصْلَ فِي الْحَدِيدِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا السَّيْفُ فِي الْحَدِيدِ وَإِنْ أَسْلَمَ السَّيْفَ فِي الصُّفْرِ يَجُوزُ إذَا كَانَ السَّيْفُ يُبَاعُ عَدَدًا وَإِنْ كَانَ يُبَاعُ وَزْنًا لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ إسْلَامُ الْحِنْطَةِ فِي الدَّرَاهِمِ الْمُؤَجَّلَةِ عِنْدَنَا وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ سَلَمُهَا قَالَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَبْطُلُ الْعَقْدُ أَصْلًا، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَسْلَمَ فِي الْمَكِيلِ وَزْنًا كَمَا إذَا أَسْلَمَ فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ بِالْمِيزَانِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ أَسْلَمَ فِي الْمَوْزُونِ كَيْلًا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا أَسْلَمَ فِي اللَّبَنِ فِي حِينِهِ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا مَعْلُومًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ جَازَ وَكَذَلِكَ الْخَلُّ وَالْعَصِيرُ نَظِيرَ اللَّبَنِ ثُمَّ ذَكَرَ اللَّبَنَ فِي حِينِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا فِي دِيَارِهِمْ لِأَنَّ اللَّبَنَ كَانَ يَنْقَطِعُ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ فِي بَعْضِ الْوَقْتِ أَمَّا فِي دِيَارِنَا فَلَا يَنْقَطِعُ فَيَجُوزُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَالْخَلُّ يُوجَدُ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَلَا يُشْتَرَطُ الْحِينُ وَالْعَصِيرُ لَا يُوجَدُ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَيُشْتَرَطُ السَّلَمُ فِي حِينِهِ أَيْضًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي السَّمْنِ كَيْلًا وَوَزْنًا إلَّا رِوَايَةً عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ وَزْنًا وَكَذَا كُلُّ مَا يُكَالُ بِالرِّطْلِ يَجُوزُ كَيْلًا وَوَزْنًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ أَسْلَمَ فِي حِنْطَةٍ حَدِيثَةٍ قَبْلَ حُدُوثِهَا لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ أَسْلَمَ فِي الْمُنْقَطِعِ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ إذَا مَا أَسْلَمَ فِي حِنْطَةِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُتَوَهَّمُ انْقِطَاعِ طَعَامِهِ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ كَمَا إذَا أَسْلَمَ فِي حِنْطَةِ خُرَاسَانَ أَوْ الْعِرَاقِ أَوْ فَرْغَانَةَ وَكَذَا إذَا أَسْلَمَ فِي طَعَامِ بَلْدَةٍ كَبِيرَةٍ كَسَمَرْقَنْدَ وَبُخَارَى أَوْ كَاشَانَ جَازَ وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي طَعَامِ وِلَايَةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَوْضِعَ الْمُضَافَ إلَيْهِ الطَّعَامُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَنْفُذُ طَعَامُهُ غَالِبًا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ وِلَايَةً أَوْ بَلْدَةً كَبِيرَةً وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ أَنْ يَنْقَطِعَ طَعَامُهُ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ كَأَرْضٍ بِعَيْنِهَا أَوْ قَرْيَةٍ بِعَيْنِهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ كَانَتْ النِّسْبَةُ إلَى قَرْيَةٍ لِبَيَانِ الصِّفَةِ لَا لِتَعْيِينِ الْمَكَانِ كالخشمراني بِبُخَارَى يَصِحُّ لِأَنَّ ذِكْرَهُ لِبَيَانِ الْجَوْدَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَسْلَمَ فِي حِنْطَةِ هَرَاةَ لَا يَجُوزُ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي ثَوْبِ هَرَاةَ يَجُوزُ إذَا أَتَى بِجَمِيعِ شَرَائِطِ السَّلَمِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ الْمَرْوِيُّ الْبَغْدَادِيَّ فِي مَرْوِيِّ مَرْوَ وَكَذَلِكَ الْمَرْوِيُّ الْبَغْدَادِيَّ فِي مَرْوِيِّ الْأَهْوَازِ وَمَرْوِيِّ الْوَاسِطِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَسْلَمَ قُطْنًا هَرَوِيًّا فِي ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَسْلَمَ شَعْرًا فِي مِسْحٍ مِنْ شَعْرٍ أَوْ صُوفًا فِي لِبْدٍ أَوْ خَزًّا فِي ثَوْبِ خَزٍّ فَإِنْ كَانَ لَا يَنْقُضُ شَعْرًا جَازَ وَإِنْ كَانَ يَنْقُضُ وَيَعُودُ شَعْرًا كَاللِّبَدِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ أَسْلَمَ غَزْلًا فِي ثَوْبِ غَزْلٍ جَازَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكُلُّ مَعْدُودٍ تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ كَالْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ

لَمْ يَجُزْ السَّلَمُ فِيهِ عَدَدًا، كَذَا فِي الْحَاوِي وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ حَتَّى يَجُوزَ فِي الْجَوْزِ وَالْبَيْضِ عَدَدًا أَوْ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا وَذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجَوْزِ وَالْبَيْضِ مَتَى بَيَّنَ بَيْضَ الدَّجَاجَةِ وَالْإِوَزِّ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ وَسَطًا وَلَا جَيِّدًا لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ التَّفَاوُتُ مِنْ حَيْثُ الْقَدْرُ فَلَأَنْ يَسْقُطَ مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ أَوْلَى، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ مَا تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فِي الْقِيمَةِ فَهُوَ عَدَدِيٌّ مُتَفَاوِتٌ وَكُلُّ مَا لَا تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فِي الْقِيمَةِ فَهُوَ عَدَدِيٌّ مُتَقَارِبٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَسْلَمَ بَيْضَ الْإِوَزِّ فِي بَيْضِ الدَّجَاجِ أَوْ بَيْضِ النَّعَامِ فِي بَيْضِ الدَّجَاجِ جَازَ وَإِنْ أَسْلَمَ بَيْضَ الدَّجَاجِ فِي بَيْضِ النَّعَامِ أَوْ أَسْلَمَ بَيْضَ الدَّجَاجِ فِي بَيْضِ الْإِوَزِّ إنْ كَانَ فِي حِينِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ جَازَ وَإِنْ كَانَ فِي حِينِ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْكَاغَدِ عَدَدًا وَلَوْ أَسْلَمَ بِالْوَزْنِ رَأَيْت فِي جَوَابِ الْفَتَاوَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْفُلُوسِ عَدَدًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْبَاذِنْجَانِ عَدَدًا وَكَذَا الْكُمَّثْرَى وَالْمِشْمِشِ، ذَكَرَهُ الزَّنْدَوَسْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَرَوَى الْحَسَنُ أَنَّ السَّلَمَ فِي الْبَصَلِ وَالثُّومِ يَجُوزُ كَيْلًا وَعَدَدًا لِأَنَّهُ عَدَدِيٌّ مُتَقَارِبٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي الزُّجَاجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَكْسُورًا فَيَشْتَرِطُ وَزْنًا مَعْلُومًا وَكَذَلِكَ جَوْهَرُ الزُّجَاجِ فَإِنَّهُ مَوْزُونٌ مَعْلُومٌ عَلَى وَجْهٍ لَا تَفَاوُتَ فِيهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي الْيَتِيمَةِ إذَا أَسْلَمَ فِي أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَجَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ ذَهَبًا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الزُّجَاجِ لِأَنَّهَا عَدَدِيَّةٌ مُتَفَاوِتَةٌ وَيَجُوزُ فِي الطَّوَابِيقِ إذَا بَيَّنَ نَوْعًا مَعْلُومًا وَفِي الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْخَزَفِ إنْ بَيَّنَ نَوْعًا مَعْلُومًا عِنْدَ النَّاسِ يَجُوزُ وَكَذَا الْكِيزَانُ عَلَى هَذَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا بَأْسَ فِي اللَّبِنِ وَالْآجُرِّ إذَا سَمَّى مَلْبَنًا مَعْلُومًا وَإِنَّمَا يَصِيرُ الْمَلْبَنُ مَعْلُومًا إذَا نُسِبَ طُولُهُ وَعَرْضُهُ وَعُمْقُهُ إلَى ذِرَاعِ الْعَامَّةِ فَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْبَلْدَةِ اصْطَلَحُوا عَلَى مَلْبَنٍ وَاحِدٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ الْمَلْبَنِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَكَذَا السَّلَمُ فِي الثِّيَابِ بَعْدَ بَيَانِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ بِالذُّرْعَانِ الْمَعْلُومَةِ كِرْبَاسًا كَانَ أَوْ حَرِيرًا وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْوَزْنِ فِي الْكِرْبَاسِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَرِيرِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ بَيَّنَ الْوَزْنَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الذَّرْعَ لَا يَجُوزُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِهِ إذَا شُرِطَ الْوَزْنُ فِي الْحَرِيرِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الذُّرْعَانِ إنَّمَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا وَأَمَّا إذَا بَيَّنَ لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا فَيَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَسْلَمَ فِي ثَوْبِ الْخَزِّ إنْ بَيَّنَ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالرُّقْعَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَزْنَ جَازَ وَإِنْ ذَكَرَ الْوَزْنَ وَلَمْ يَذْكُرْ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالرُّقْعَةَ لَا يَجُوزُ وَرَوَى أَنَّهُ إذَا بَيَّنَ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالرُّقْعَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَزْنَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا اشْتَرَطَ كَذَا ذِرَاعًا مُطْلَقًا فَلَهُ ذِرَاعٌ وَسَطٌ اعْتِبَارًا لِلنَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ فَلَهُ ذِرَاعُ وَسَطٍ بَعْضُهُمْ قَالُوا: أَرَادَ بِهِ الْمَصْدَرَ وَهُوَ فِعْلُ الذَّرْعِ

لَا الِاسْمُ وَهُوَ الْخَشَبُ يَعْنِي لَا يُمَدُّ كُلَّ الْمَدِّ وَلَا يُرْخَى كُلَّ الْإِرْخَاءِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِهِ الْخَشَبَ لِأَنَّ الْخَشَبَ الذَّرْعَ يَتَفَاوَتُ فِي الْأَسْوَاقِ فَمِنْهَا مَا يَكُونُ أَقْصَرَ وَمِنْهَا مَا يَكُونُ أَطْوَلَ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا إذَا اشْتَرَطَ مُطْلَقًا فَيَكُونُ لَهُ الْوَسَطُ مِنْهُمَا نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي التِّبْنِ كَيْلًا مَعْلُومًا وَوَزْنًا مَعْلُومًا وَكَيْلُهُ الْغِرَارَةُ إذَا كَانَتْ مَعْلُومَةً جَازَ وَإِلَّا فَلَا خَيْرَ فِيهِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مَكِيلٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ تَعَارَفَ النَّاسُ وَزْنَهُ فَهُوَ مَوْزُونٌ وَإِنْ تَعَارَفُوا كَيْلَهُ فَهُوَ مَكِيلٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ وَالْمَعَادِنِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْبُسُطِ وَالْحُصُرِ وَالْبَوَارِي إذَا اشْتَرَطَ مِنْ ذَلِكَ ذِرَاعًا مَعْلُومًا وَصِفَةً مَعْلُومَةً وَصَنْعَةً مَعْلُومَةً كَذَا فِي الْحَاوِي وَيَجُوزُ فِي الْجَوَالِقِ وَالْمُسُوحِ وَالْأَكْسِيَةِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ طُولًا وَعَرْضًا وَرُقْعَةً لِأَنَّهُ يُمْكِنُ ضَبْطُهَا بِالْوَصْفِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْفِرَاءِ لِأَنَّهَا مُتَفَاوِتَةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي جُلُودِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَإِنْ بَيَّنَ مِنْ ذَلِكَ ضَرْبًا مَعْلُومًا يَجُوزُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْمَبْسُوطِ وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْأَدَمِ وَالْوَرَقِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ مِنْ الْوَرَقِ وَالْأَدَمِ ضَرْبًا مَعْلُومَ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْجَوْدَةِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ كَالثِّيَابِ وَكَذَلِكَ الْأَدَمُ إذَا كَانَتْ تُبَاعُ وَزْنًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا بِذِكْرِ الْوَزْنِ عَلَى وَجْهٍ لَا تَتَمَكَّنُ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ فِي الرُّءُوسِ وَالْأَكَارِعِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَجُوزُ إذَا بَيَّنَ جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ وَسِنَّهُ وَمَوْضِعَهُ وَصِفَتَهُ وَقَدْرَهُ كَشَاةٍ خَصِيٍّ ثَنِيٍّ مِنْ الْجَنْبِ أَوْ الْفَخِذِ سَمِينٍ مِائَةِ رِطْلٍ وَفِي مَنْزُوعِ الْعَظْمِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُهُ وَفِي الْحَقَائِقِ وَالْعُيُونِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِجَوَازِهِ صَحَّ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْأَلْيَةِ وَالشَّحْمِ عِنْدَ الْكُلِّ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالسَّلَمُ فِي السَّمَكِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ طَرِيًّا أَوْ مَالِحًا وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُسْلِمَ فِيهِ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا فَإِنْ أَسْلَمَ فِيهِ عَدَدًا لَا يَجُوزُ طَرِيًّا كَانَ أَوْ مَالِحًا وَإِنْ أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا إنْ كَانَ مَالِحًا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ طَرِيًّا فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فِي حِينِهِ وَالْأَجَلُ فِي حِينِهِ وَلَا يَنْقَطِعُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي السَّمَكِ الصِّغَارِ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الصِّغَارِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَفِي الْكِبَارِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّيُورِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لَا تَتَفَاوَتُ كَالْعَصَافِيرِ قِيلَ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَا يَجُوزُ فِي لُحُومِ الطُّيُورِ قِيلَ هَذَا فِي لُحُومِ طُيُورٍ لَا تُقْتَنَى وَلَا تُحْبَسُ لِلتَّوَالُدِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمُنْقَطِعِ فَأَمَّا مَا تُقْتَنَى وَتُحْبَسُ لِلتَّوَالُدِ فَقِيلَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا وَقِيلَ يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ

وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْخُبْزِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا وَزْنًا وَلَا عَدَدًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَزْنًا. وَاخْتَارَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْفَتْوَى قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَتَى بِشَرَائِطِهِ لِحَاجَةِ النَّاسِ لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَحْتَاطَ وَقْتَ الْقَبْضِ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي سَمَّى حَتَّى لَا يَصِيرَ اسْتِبْدَالًا بِالْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ إسْلَامُ الْخُبْزِ فِي الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الدَّقِيقِ كَيْلًا وَوَزْنًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْجَوَاهِرِ وَاللُّؤْلُؤِ أَمَّا الصِّغَارُ مِنْ اللَّآلِئِ الَّتِي تُبَاعُ وَزْنًا وَتُجْعَلُ فِي الْأَدْوِيَةِ فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا وَزْنًا وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْجِصِّ وَالنُّورَةِ كَيْلًا لِأَنَّهُ مَكِيلٌ مَعْلُومٌ وَهُوَ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الدُّهْنِ إذَا اشْتَرَطَ مِنْ ذَلِكَ ضَرْبًا مَعْلُومًا قِيلَ الْمُرَبَّى وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الصُّوفِ وَزْنًا وَإِنْ اشْتَرَطَ كَذَا كَذَا جِزَّةً بِغَيْرِ وَزْنٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي صُوفِ غَنَمٍ بِعَيْنِهَا لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ أَلْبَانُهَا وَسُمُونُهَا وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي السَّمْنِ الْحَدِيثِ وَالزَّيْتِ الْحَدِيثِ وَالْحِنْطَةِ الْحَدِيثَةِ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي هَذَا الْعَامِ وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي نَصْلِ السَّيْفِ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ مَعْلُومَ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالصِّفَةِ وَلَا يَجُوزُ إسْلَامُ الصُّوفِ فِي الشَّعْرِ لِأَنَّهُ يَجْمَعُهُمَا الْوَزْنُ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ. هَذَا إذَا كَانَ الشَّعْرُ يُبَاعُ وَزْنًا وَإِنْ كَانَ لَا يُبَاعُ وَزْنًا فَلَا يَحْرُمُ النَّسَاءُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجُوزُ سَلَمُ الذِّمِّيَّيْنِ فِي الْخَمْرِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْخِنْزِيرِ فَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدَهُمَا بَطَلَ وَالْمُسْلِمُ وَالنَّصْرَانِيُّ سَوَاءٌ فِي أَحْكَامِ السَّلَمِ مَا خَلَا الْخَمْرَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالْإِبْرَيْسَمِ وَالنُّحَاسِ وَالتِّبْرِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَالصُّفْرِ وَالشَّبَّةِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَالْحِنَّاءِ وَالْوَسْمَةِ وَالرَّيَاحِينِ الْيَابِسَةِ الَّتِي تُكَالُ نَظِيرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَأَمَّا الرَّيَاحِينُ الرَّطْبَةُ وَالْبُقُولُ وَالْحَطَبُ فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْجُبْنِ وَالْمَصْلِ إذَا كَانَا مَعْلُومَيْنِ عِنْدَ أَهْلِ الصَّنْعَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَفَاوَتُ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَسْلَمَ فِي الْجُذُوعِ ضَرْبًا مَعْلُومًا وَسَمَّى طُولَهُ وَغِلَظَهُ وَأَجَلَهُ وَالْمَكَانَ الَّذِي يُوَفِّيهِ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ السَّاجُ وَصُنُوفُ الْعِيدَانِ وَالْخَشَبُ وَالْقَصَبُ وَإِعْلَامِ الْغِلَظِ فِي الْقَصَبِ بِإِعْلَامِ مَا يُشَدُّ بِهِ الطن بِشِبْرٍ أَوْ ذِرَاعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَعِنْدَ ذَلِكَ لَا تَجْرِي الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي الرَّطْبَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْغَزْلُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَذَكَرَ الطَّحْطَاوِيُّ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مَوْزُونًا فَهُوَ مِثْلِيٌّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي طَسْتٍ أَوْ قُمْقُمَةٍ أَوْ خُفَّيْنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ إذَا كَانَ يُعْرَفُ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْقَتِّ وَزْنًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا أَسْلَمَ فِي الْمَاءِ وَزْنًا وَبَيَّنَ الْمَشَارِعَ جَازَ وَإِذَا جَازَ فِي الْمَاءِ جَازَ فِي الْجَمَدِ أَيْضًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الفصل الثالث فيما يتعلق بقبض رأس المال والمسلم فيه

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِقَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسَلَّمِ فِيهِ] لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنْ يُبْرِئَ رَبَّ السَّلَمِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ أَبْرَأَهُ وَقَبِلَ رَبُّ السَّلَمِ الْبَرَاءَةَ بَطَلَ عَقْدُ السَّلَمِ وَإِنْ رَدَّ الْبَرَاءَةَ لَمْ يَبْطُلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عِوَضَ رَأْسِ الْمَالِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْ جِنْسٍ أَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأَ فِي الصِّفَةِ فَرَضِيَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْأَرْدَإِ جَازَ وَإِنْ أَعْطَاهُ أَجْوَدَ مِنْ حَقِّهِ أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِهِ وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُجْبَرُ وَلَا يَأْخُذُ إلَّا بِرِضَاهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَوْ أَعْطَاهُ السَّلَمَ جَيِّدًا مَكَانَ الرَّدِيءِ يُجْبَرُ رَبُّ السَّلَمِ عَلَى الْقَبُولِ عِنْدَنَا، وَإِنْ أَعْطَاهُ رَدِيئًا مَكَانَ الْجَيِّدِ لَا يُجْبَرُ وَلَوْ كَانَ السَّلَمِ ثَوْبًا جَيِّدًا فَجَاءَ بِثَوْبٍ رَدِيءٍ وَقَالَ: خُذْ هَذَا وَأَرُدُّ عَلَيْك دِرْهَمًا فَهَذِهِ ثَمَانِي مَسَائِلَ أَرْبَعَةٌ فِي الْمَذْرُوعَاتِ وَأَرْبَعَةٌ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ. أَمَّا الْمَذْرُوعَاتُ إذَا كَانَ السَّلَمُ ثَوْبًا فَجَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِأَزْيَدَ وَصْفًا أَوْ ذِرَاعًا وَقَالَ: خُذْ هَذَا وَزِدْ لِي فِيهِ دِرْهَمًا جَازَ وَتَكُونُ زِيَادَةُ الدِّرْهَمِ بِمُقَابَلَةِ الْجَوْدَةِ وَالذِّرَاعِ الزَّائِدِ. وَلَوْ جَاءَ بِثَوْبٍ رَدِيءٍ أَوْ بِمَا هُوَ أَنْقَصُ ذِرَاعًا وَقَالَ: خُذْ هَذَا وَأَرُدُّ عَلَيْك دِرْهَمًا فَفَعَلَ لَا يَجُوزُ. وَلَوْ أَعْطَاهُ الرَّدِيءَ وَقَالَ: خُذْ هَذَا وَلَمْ يَقُلْ وَأَرُدُّ عَلَيْك دِرْهَمًا فَقَبِلَ جَازَ وَيَكُونُ ذَلِكَ إبْرَاءً عَنْ الصِّفَةِ وَإِنْ كَانَ السَّلَمُ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ بِأَنْ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ مِنْ الْحِنْطَةِ فَأَتَى بِحِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ وَقَالَ: خُذْ هَذَا وَزِدْ لِي دِرْهَمًا لَا يَجُوزُ وَلَوْ جَاءَ بِأَحَدَ عَشَرَ قَفِيزًا وَقَالَ: خُذْ هَذَا وَزِدْ لِي دِرْهَمًا أَوْ جَاءَ بِتِسْعَةِ أَقْفِزَةٍ وَقَالَ: خُذْ هَذَا وَأَرُدُّ عَلَيْكَ دِرْهَمًا فَقَبِلَ جَازَ. وَلَوْ جَاءَ بِعَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ رَدِيئَةٍ وَقَالَ: خُذْ هَذَا وَأَرُدُّ عَلَيْكَ دِرْهَمًا لَا يَجُوزُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالِارْتِهَانُ بِرَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ فَارَقَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ وَالْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يَضُرُّهُمَا افْتِرَاقُ الْكَفِيلِ وَالْمُحْتَالِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي الْمَجْلِسِ. وَلَوْ أَخَذَ بِهِ رَهْنًا فَافْتَرَقَا وَالرَّهْنُ قَائِمٌ انْتَقَضَ الْعَقْدُ، وَلَوْ هَلَكَ فِي الْمَجْلِسِ مَضَى الْعَقْدُ عَلَى الصِّحَّةِ وَلَوْ أَخَذَ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ رَهْنًا فَهَلَكَ الرَّهْنُ صَارَ مُسْتَوْفِيًا وَلَوْ لَمْ يَهْلَكْ الرَّهْنُ وَلَكِنْ مَاتَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ فَصَاحِبُ السَّلَمِ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجْعَلُ الرَّهْنَ بِدَيْنِهِ بَلْ يُبَاعُ بِجِنْسِ حَقِّهِ حَتَّى لَا يَصِيرَ مُسْتَبْدِلًا بِالْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا جَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ فَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّلَمِ يَصِيرُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ كَمَا فِي دَيْنٍ آخَرَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْكَفَالَةُ إلَّا أَنَّ فِي الْحَوَالَةِ يَبْرَأُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَفِي الْكَفَالَةِ لَا يَبْرَأُ وَرَبُّ السَّلَمِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْكَفِيلَ وَلَا يَجُوزُ لِرَبِّ السَّلَمِ الِاسْتِبْدَالُ مَعَ الْكَفِيلِ وَيَجُوزُ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَسْتَبْدِلَ مَعَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عِنْدَ الرُّجُوعِ فَيَأْخُذُ بَدَلَ مَا أَدَّى إلَى رَبِّ السَّلَمِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ كَانَ بِالسَّلَمِ كَفِيلٌ فَاسْتَوْفَى الْكَفِيلُ السَّلَمَ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ ثُمَّ بَاعَهُ وَرَبِحَ فِيهِ فَذَلِكَ حَلَالٌ لَهُ إذَا

قَضَى رَبُّ السَّلَمِ طَعَامًا مِثْلَهُ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا إذَا تَقَرَّرَ مِلْكُهُ بِأَدَاءِ طَعَامِ السَّلَمِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ الَّذِي قَضَى رَبَّ السَّلَمِ طَعَامَ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ بِطَعَامٍ مِثْلَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَمَا رَبِحَ يَطِيبُ لِلْكَفِيلِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الَّذِي قَضَاهُ وَلَا أُجْبِرُهُ عَلَيْهِ فِي الْقَضَاءِ. وَفِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ قَالَ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ. هَذَا إذَا قَبَضَهُ الْكَفِيلُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ فَأَمَّا إذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ بِأَنْ يُسْلِمَ إلَيْهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ طَعَامَ السَّلَمِ لِيَكُونَ رَسُولَهُ فِي تَبْلِيغِهِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ فَتَصَرَّفَ فِيهِ وَرَبِحَ فَالرِّبْحُ لَا يَطِيبُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ قَالَ رَبُّ السَّلَمِ: كِلْ مَا لِي عَلَيْكَ فِي غَرَائِرِكَ أَوْ قَالَ: كِلْهُ وَاعْزِلْهُ فِي بَيْتِكَ فَفَعَلَ لَا يَصِيرُ رَبُّ السَّلَمِ قَابِضًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ أَسْلَمَ فِي كُرٍّ فَأَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ أَنْ يَكِيلَ لَهُ فِي غَرَائِرِ رَبِّ السَّلَمِ فَفَعَلَ وَرَبُّ السَّلَمِ غَائِبٌ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَ رَبُّ السَّلَمِ حَاضِرًا يَصِيرُ قَابِضًا بِالِاتِّفَاقِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْغَرَائِرُ لَهُ أَمْ لِلْبَائِعِ، هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَلَوْ دَفَعَ رَبُّ السَّلَمِ غَرَائِرَهُ إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَفِيهَا طَعَامُهُ، وَقَالَ: كُلْ مَا لِي عَلَيْكَ فِي الْغَرَائِرِ فَفَعَلَ وَرَبُّ السَّلَمِ غَائِبٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ طَحَنَهُ بِأَمْرِ رَبِّ السَّلَمِ لَمْ يَصِرْ قَابِضًا، كَذَا فِي الْحَاوِي فَإِذَا أَخَذَ رَبُّ السَّلَمِ الدَّقِيقَ كَانَ حَرَامًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّهُ فِي الْبَحْرِ فِي السَّلَمِ فَفَعَلَ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَلَوْ أَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ غُلَامَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ ابْنَهُ بِقَبْضِ السَّلَمِ فَفَعَلَ كَانَ جَائِزًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا وَكَّلَ رَبُّ السَّلَمِ وَكِيلًا بِدَفْعِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ صَحَّ فَإِنْ دَفَعَ الْوَكِيلُ وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ بَعْدُ صَحَّ وَإِنْ قَامَ الْوَكِيلُ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ الدَّفْعِ وَذَهَبَ وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ بَعْدُ لَا يَبْطُلُ السَّلَمُ وَإِنْ ذَهَبَ رَبُّ السَّلَمِ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ دَفْعِ الْوَكِيلِ بَطَلَ السَّلَمُ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَكَّلَ رَجُلًا بِالْقَبْضِ إنْ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ إنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ حِنْطَةً عَلَى أَنَّهَا كُرٌّ وَأَوْفَى رَبَّ السَّلَمِ عَنْ كُرِّ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ لِإِبَاحَةِ التَّصَرُّفِ فِيهِ مِنْ الْأَكْلِ وَالْبَيْعِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ إلَى كَيْلَيْنِ كَيْلٍ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَكَيْلٍ لِرَبِّ السَّلَمِ وَلَا يَكْفِي لِرَبِّ السَّلَمِ كَيْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ رَبُّ السَّلَمِ حَاضِرًا حِينَ اكْتَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ أَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَكِيلَهُ مَرَّتَيْنِ أَوَّلًا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ عَنْهُ ثُمَّ يَكِيلُهُ لِنَفْسِهِ وَلَا يُكْتَفَى بِكَيْلٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ دَفَعَ إلَى رَبِّ السَّلَمِ دَرَاهِمَ حَتَّى يَشْتَرِيَ لَهُ حِنْطَةً بِشَرْطِ الْكَيْلِ وَقَبَضَهُ وَكَالَةً ثُمَّ قَبَضَهُ

قَضَاءً بِحَقِّهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَكِيلَهُ ثَانِيًا لِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ حِنْطَةً مُجَازَفَةً أَوْ اسْتَفَادَ مِنْ أَرْضِهِ أَوْ بِمِيرَاثٍ أَوْ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَأَوْفَاهُ رَبُّ السَّلَمِ وَكَالَةً بِمَحْضَرٍ مِنْهُ فَيُكْتَفَى بِكَيْلٍ وَاحِدٍ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ اسْتَقْرَضَ الطَّعَامَ بِكَيْلٍ وَسَلَّمَهُ إلَى رَبِّ السَّلَمِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَةِ الْكَيْلِ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته فِي الْمَكِيلَاتِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْمَوْزُونَاتِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا فَوَجَدَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا فَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْعَيْبِ بَطَلَ السَّلَمُ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَوْ قَبْلَهُ وَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ رَضِيَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْعَيْبِ جَازَ السَّلَمُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ عَنْ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ أَمْ لَا وَلَا سَبِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمَقْبُوضِ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى النَّاقِدِ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَيْنًا وَقَبَضَهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُوجَدَ مُسْتَحِقًّا أَوْ سَتُّوقَةً أَوْ زُيُوفًا وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُوجَدَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَإِنْ وَجَدَهُ مُسْتَحَقًّا فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ جَازَ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ قَائِمًا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْجَامِعِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ انْتَقَضَ الْقَبْضُ بِقَدْرِهِ مِنْ الْأَصْلِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ فَإِنْ قَبَضَ مِثْلَهُ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ وَجَدَهَا سَتُّوقَةً إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَإِنْ تَجَوَّزَ بِهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَا يَجُوزُ فَأَمَّا إذَا رَدَّهُ وَقَبَضَ الْجَيِّدَ مَكَانَهُ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ وَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَإِنْ تَجَوَّزَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ جَازَ وَإِنْ رَدَّهُ وَاسْتَبْدَلَ بِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ يَجُوزُ وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ الِاسْتِبْدَالِ بَطَلَ السَّلَمُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَمَّا إذَا وَجَدَ شَيْئًا مِنْهَا مُسْتَحَقًّا وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ إنْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ قَائِمًا جَازَ وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ السَّلَمُ بِقَدْرِهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَأَمَّا إذَا وَجَدَ شَيْئًا مِنْهَا سَتُّوقَةً وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ بَطَلَ السَّلَمُ بِقَدْرِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ تَجَوَّزَ بِهِ أَوْ رَدَّهُ اسْتَبْدَلَ مَكَانَهُ أَوْ لَمْ يَسْتَبْدِلْ وَلَا يَعُودُ جَائِزًا بِالْقَبْضِ بَعْدَ الْمَجْلِسِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَمَّا إذَا وَجَدَ شَيْئًا مِنْهَا زُيُوفًا وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَإِنْ تَجَوَّزَ بِهِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَتَجَوَّزْ بِهِ وَرَدَّهُ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَبْدِلْ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ فَإِنَّ السَّلَمَ يَبْطُلُ بِقَدْرِ مَا رَدَّ وَأَمَّا إذَا اسْتَبْدَلَ مَكَانَهُ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ فَفِي رِوَايَةِ الِاسْتِحْسَانِ لَا يَبْطُلُ مَتَى كَانَ الْمَرْدُودُ قَلِيلًا وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْطُلُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَبْطُلُ اسْتِحْسَانًا، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ ثُمَّ اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ الظَّاهِرَةُ الْمَشْهُورَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ كَثِيرٌ وَأَمَّا النِّصْفُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَفِي رِوَايَةٍ الثُّلُثُ كَثِيرٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْأَحْوَطُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْحَاوِي قَالَ نُصَيْرٌ كَانَ شَدَّادٌ يَقُولُ: الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إذَا وَجَدَ فِي الدَّرَاهِمِ زُيُوفًا بَعْدَمَا افْتَرَقَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ الْبَدَلَ أَوَّلًا ثُمَّ يَرُدَّ الزُّيُوفَ، قَالَ الْفَقِيهُ: هَذَا احْتِيَاطٌ فَلَوْ رَدَّ الزُّيُوفَ وَأَخَذَ الْبَدَلَ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ يَجُوزُ أَيْضًا فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلَ

رَأْسِ الْمَالِ هَلْ يَصِيرُ رَأْسُ الْمَالِ قِصَاصًا بِذَلِكَ الدَّيْنِ أَمْ لَا فَهَذَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ وَجَبَ دَيْنٌ آخَرُ بِالْعَقْدِ وَإِمَّا أَنْ وَجَبَ بِالْقَبْضِ فَإِنْ وَجَبَ بِالْعَقْدِ فَإِمَّا إنْ وَجَبَ بِعَقْدٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى عَقْدِ السَّلَمِ وَإِمَّا وَجَبَ بِعَقْدٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ فَإِنْ وَجَبَ بِعَقْدٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى السَّلَمِ بِأَنْ كَانَ رَبُّ السَّلَمِ بَاعَ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْعَشَرَةَ حَتَّى أَسْلَمَ إلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي حِنْطَةٍ فَإِنْ جَعَلَ الدَّيْنَيْنِ قِصَاصًا أَوْ تَرَاضَيَا بِالْمُقَاصَّةِ يَصِيرُ قِصَاصًا، وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا لَا يَصِيرُ قِصَاصًا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَإِنْ وَجَبَ بِعَقْدٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ السَّلَمِ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا، وَإِنْ جَعَلَاهُ قِصَاصًا هَذَا إذَا وَجَبَ الدَّيْنُ بِالْعَقْدِ فَأَمَّا إذَا وَجَبَ بِالْقَبْضِ كَالْغَصْبِ وَالْقَرْضِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ قِصَاصًا سَوَاءٌ جَعَلَاهُ قِصَاصًا أَمْ لَا بَعْدَ أَنْ كَانَ وُجُوبُ الدَّيْنِ الْآخَرِ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْعَقْدِ هَذَا إنْ تَسَاوَى الدَّيْنَانِ فَأَمَّا إذَا تَفَاضَلَا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ وَالْآخَرُ أَدْوَنَ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِالنُّقْصَانِ وَأَبَى الْآخَرُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ أَبَى صَاحِبُ الْأَفْضَلِ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا، وَإِنْ أَبَى صَاحِبُ الْأَدْوَنِ يَصِيرُ قِصَاصًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ. رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ ثُمَّ إنَّ رَبَّ السَّلَمِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَبْدًا بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ مِثْلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَقَبَضَ الْكُرَّ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْعَبْدَ إلَيْهِ حَتَّى انْتَقَضَ الْعَقْدُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ أَوْ بِالرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ حَتَّى انْفَسَخَ الْعَقْدُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي حَقِّ النَّاسِ كَافَّةً كَانَ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ أَنْ يَرُدَّ الْكُرَّ الَّذِي هُوَ ثَمَنُ الْعَبْدِ حُكْمًا لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ فِي الْعَبْدِ فَإِنْ قَالَ بَائِعُ الْعَبْدِ وَهُوَ رَبُّ السَّلَمِ أَنَا أُمْسِكُ الْكُرَّ الْمَقْبُوضَ وَأَرُدُّ مِثْلَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ رَبُّ السَّلَمِ الْكُرَّ الَّذِي هُوَ ثَمَنٌ حَتَّى حَلَّ السَّلَمُ صَارَ قِصَاصًا بِكُرِّ السَّلَمِ تَقَاصَّا أَوْ لَمْ يَتَقَاصَّا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَقْدُ الْبَيْعِ بَيْنَهُمَا قَبْلَ السَّلَمِ وَلَكِنَّ قَبْضَ الْكُرِّ الَّذِي هُوَ ثَمَنٌ كَانَ بَعْدَ السَّلَمِ ثُمَّ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِالْأَسْبَابِ الَّتِي ذَكَرْنَا صَارَ الْكُرُّ الَّذِي هُوَ ثَمَنٌ قِصَاصًا بِالسَّلَمِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَوْ كَانَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ وَهُوَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدَّ الْعَبْدَ بَعْدَ الْقَبْضِ بِالتَّرَاضِي أَوْ تَقَايَلَا الْعَقْدَ فِي الْعَبْدِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَإِنَّ الْكُرَّ الَّذِي هُوَ ثَمَنٌ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا بِالسَّلَمِ فِي الْفَصْلَيْنِ تَقَاصَّا أَمْ لَمْ يَتَقَاصَّا وَلَوْ كَانَ عَقْدُ الْبَيْعِ وَقَبْضُ الْكُرِّ قَبْلَ عَقْدِ السَّلَمِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَإِنَّ الْكُرَّ الَّذِي هُوَ ثَمَنُ الْعَبْدِ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا بِكُرِّ السَّلَمِ، وَإِنْ تَقَاصَّا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَجَبَ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ دَيْنٌ بِقَبْضٍ مَضْمُونٍ نَحْوَ أَنْ يُغْصَبَ مِنْهُ أَوْ يُسْتَقْرَضَ بَعْدَ السَّلَمِ يَصِيرُ قِصَاصًا وَلَوْ كَانَ غُصِبَ مِنْهُ كُرٌّ قَبْلَ الْعَقْدِ وَهُوَ قَائِمٌ فِي يَدِهِ حَتَّى حَلَّ السَّلَمُ فَجَعَلَهُ قِصَاصًا صَارَ قِصَاصًا سَوَاءٌ كَانَ بِحَضْرَتِهِمَا أَمْ لَمْ يَكُنْ وَلَوْ كَانَ الْكُرُّ وَدِيعَةً عِنْدَ رَبِّ السَّلَمِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فَجَعَلَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قِصَاصًا لَمْ يَكُنْ قِصَاصًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْكُرُّ بِحَضْرَتِهِمَا أَوْ يَرْجِعَ رَبُّ السَّلَمِ فَيُخَلِّيَ بِهِ وَلَوْ غَصَبَ مِنْهُ كُرًّا بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ حُلُولِ السَّلَمِ ثُمَّ حَلَّ صَارَ قِصَاصًا وَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ وَاقِعًا قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَجْعَلَهُ قِصَاصًا

وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْغَصْبُ فِي مِثْلِ الْحَقِّ فَإِنْ كَانَ فِي أَجْوَدَ أَوْ أَدْوَنَ لَمْ يَصِرْ قِصَاصًا فِي الْجَيِّدِ إلَّا بِرِضَا الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَفِي الرَّدِيءِ إلَّا بِرِضَا رَبِّ السَّلَمِ هَكَذَا فِي الْحَاوِي. أَسْلَمَ إلَى آخَرَ مِائَةً فِي كُرٍّ فَاشْتَرَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ مِنْهُ كُرًّا مِثْلُهُ بِمِائَتَيْنِ مُؤَجَّلًا وَقَبَضَهُ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِهِ فَأَرَادَ رَبُّ السَّلَمِ أَنْ يَقْبِضَهُ عَنْ كُرِّ السَّلَمِ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ قَبَضَهُ وَطَحَنَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ وَلَا يَصِيرُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ قِصَاصًا بِالسَّلَمِ، وَإِنْ رَضِيَا بِهِ فَإِنْ قَبَضَ الضَّمَانَ ثُمَّ قَضَاهُ إيَّاهُ عَنْ كُرِّ السَّلَمِ جَازَ وَلَوْ لَمْ يُطْحَنْ وَلَكِنْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ فَإِنْ شَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ فَإِنْ ضَمَّنَهُ مِثْلَهُ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا، وَإِنْ أَخَذَهُ ثُمَّ قَضَاهُ جَازَ فَإِنْ اخْتَارَ أَخَذَ الْكُرَّ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَجَعَلَهُ قِصَاصًا جَازَ إذَا رَضِيَا بِهِ جَمِيعًا وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ وَقَدْ قَالُوا إنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْهُ قِصَاصًا وَاسْتَرَدَّ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْكُرَّ الْمَعِيبَ ثُمَّ غَصَبَهُ رَبُّ السَّلَمِ وَرَضِيَ بِهِ فَهُوَ قِصَاصٌ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى رِضَا الْمُسْلَمِ إلَيْهِ إذَا غَصَبَ الْكُرَّ الْمَبِيعَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ثُمَّ أَحَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَبَّ السَّلَمِ عَلَى الْغَاصِبِ لِيَقْبِضَهُ عَلَى سَلَمِهِ لَمْ يَجُزْ وَالْحَوَالَةُ بَاطِلَةٌ فَإِنْ تَعَيَّبَ عِنْدَ الْأَجْنَبِيِّ وَرَضِيَ بِهِ رَبُّ السَّلَمِ جَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدِ الْأَجْنَبِيِّ وَرَضِيَ بِهِ رَبُّ السَّلَمِ إلَّا أَنَّهُ إذَا هَلَكَ الْكُرُّ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي الْغَصْبِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَفِي الْوَدِيعَةِ تَبْطُلُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ فِي قَفِيزٍ مِنْ رُطَبٍ وَجَعَلَ أَجَلَهُ فِي حِينِهِ حَتَّى كَانَ جَائِزًا فَأَعْطَاهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَكَانَهُ قَفِيزًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزٍ مِنْ تَمْرٍ فَأَعْطَاهُ مَكَانَهُ قَفِيزًا مِنْ الرُّطَبِ وَتَجَوَّزَ بِهِ رَبُّ السَّلَمِ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ قَفِيزُ رُطَبٍ فَأَعْطَاهُ مَكَانَهُ تَمْرًا لَا يَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَصَارَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قَفِيزِ تَمْرٍ ثُمَّ أَسْتَوْفَى قَفِيزًا مِنْ تَمْرٍ، وَإِنْ كَانَ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِهِ مِنْ تَمْرٍ فَأَعْطَاهُ قَفِيزًا مِنْ رُطَبٍ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ عِنْدَهُمَا إمَّا أَنْ يَقْبِضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِيفَاءِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِرَبِّ السَّلَمِ خُذْهُ بِحَقِّكَ أَوْ قَضَاءً لِحَقِّكَ أَوْ قَضَاءً مِنْ حَقِّكَ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَارَاتِ أَوْ يُقَيِّضُهُ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ بِأَنْ يَقُولَ خُذْهُ صُلْحًا بِحَقِّكَ أَوْ قَضَاءً مِنْ حَقِّكَ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا كَانَ لَك قِبَلِي فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ هُوَ بَاطِلٌ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ إذَا مَا كَانَ عَلَى طَرِيقِ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ يُنْظَرُ إلَى هَذَا الرُّطَبِ كَمْ يَنْقُصُ إذَا جَفَّ فَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ يُبْنَى عَلَى مَا يُعْلَمُ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى أَكْثَرَ مَا لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ النُّقْصَانُ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ إذَا جَفَّ يَنْقُصُ مِقْدَارَ الرُّبْعِ أَوْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ النُّقْصَانُ عَلَى الرُّبْعِ وَيَبْقَى ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ يُنْظَرُ بَعْدَ هَذَا إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَفِيزِ مِنْ الرُّطَبِ مِثْلَ قِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قَفِيزٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ أَقَلَّ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ قَفِيزٍ مِنْ الرُّطَبِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ تَمْرِ السَّلَمَ بَطَلَ الصُّلْحُ رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ فِي قَفِيزٍ مِنْ حِنْطَةٍ فَأَعْطَاهُ مَكَانَهُ قَفِيزَ حِنْطَةِ مَقْلِيَّةٍ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِ بُسْرٍ أَخْضَرَ أَوْ أَصْفَرَ فِي حِينِهِ وَأَعْطَاهُ مَكَانَهُ قَفِيزَ بُسْرٍ مَطْبُوخٍ أَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ

الفصل الرابع في الاختلاف الواقع بين رب السلم والمسلم إليه

فَأَعْطَاهُ مَكَانَهُ قَفِيزَ حِنْطَةٍ مَطْبُوخَةٍ أَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ فَأَعْطَاهُ مَكَانَهُ قَفِيزَ دَقِيقٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ فَأَعْطَاهُ قَفِيزَ حِنْطَةٍ قَدْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ حَتَّى انْتَفَخَ فَهَذَا جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي زَيْتُونٍ فَأَخَذَ مَكَانَهُ زَيْتًا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَقَلَّ مِمَّا فِي الزُّيُوتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ رَبِّ السَّلَمِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ] إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِأَنْ قَالَ رَبُّ السَّلَمِ أَسْلَمْتَ إلَيْكَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَسْلَمْتَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ شَعِيرٍ تَحَالَفَا اسْتِحْسَانًا إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ يُبْدَأُ بِيَمِينِ رَبِّ السَّلَمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا تَحَالَفَا فَالْقَاضِي يَقُولُ لَهُمَا مَاذَا تُرِيدَانِ فَإِنْ قَالَا نَفْسَخُ الْعَقْدَ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ قَالَا لَا نَفْسَخُ تَرَكَهُمَا رَجَاءَ أَنْ يَعُودَ أَحَدُهُمَا إلَى تَصْدِيقِ صَاحِبِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ قَضَى عَلَيْهِ بِمَا ادَّعَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ إنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ بَعْدُ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ يُقْضَى عَلَى رَبِّ السَّلَمِ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَعَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَكُرِّ شَعِيرٍ، وَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ وَنَقَدَ رَبُّ السَّلَمِ عَشَرَةً لَا غَيْرُ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِبَيِّنَةِ رَبِّ السَّلَمِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِبَيِّنَةِ رَبِّ السَّلَمِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَهَذَا وَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ سَوَاءٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقِيَاسُ أَنْ يَتَحَالَفَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَتَحَالَفَانِ وَبِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ فَإِنْ قَامَتْ لَأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَأَنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا فَإِنْ أَقَامَ جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا شَكَّ أَنَّهُ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِبَيِّنَةِ رَبِّ السَّلَمِ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَذَكَرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ وَأَنَّهُ قِيَاسٌ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ شَرَطْتُ رَدِيئًا وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ لَمْ تَشْتَرِطْ شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَفِي عَكْسِهِ قَالُوا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ وَرَأْسُ الْمَالِ شَيْءٌ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ إنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ بِأَنْ قَالَ رَبُّ السَّلَمِ أَسْلَمْتَ إلَيْكَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَا بَلْ أَسْلَمْت إلَيَّ دِينَارًا فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا لَا يَتَحَالَفَانِ قِيَاسًا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ السَّلَمِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَتَحَالَفَانِ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ بِدِينَارٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَيُقْضَى عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِكُرَّيْ حِنْطَةٍ إنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ

وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْهُمَا أَنَّهُ يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِبَيِّنَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ صِفَتِهِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي صِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ قَدْرِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْأَصْلُ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ فِي رَأْسِ الْمَالِ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ مَا أَمْكَنَ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبِعَقْدَيْنِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبِعَقْدٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ وَفِي رَأْسِ الْمَالِ، وَرَأْسُ الْمَالِ شَيْءٌ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ إنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَفِي جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا يَتَحَالَفَانِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِالْعَقْدَيْنِ إنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَفِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَإِذَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ قَضَى بِعَقْدَيْنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ فَالْجَوَابُ فِي حَقِّ التَّحَالُفِ أَنْ يَتَحَالَفَا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا. وَالْجَوَابُ فِي الْبَيِّنَةِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ فِي صِفَةِ رَأْسِ الْمَالِ لَا غَيْرُ فَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته ثَمَّةَ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَهُمْ فَهُوَ الْجَوَابُ هُنَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا بِأَنْ كَانَ عَرْضًا إنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنَّ الْجَوَابَ فِي التَّحَالُفِ أَنْ لَا يَتَحَالَفَا قِيَاسًا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَكِنْ فِي الِاسْتِحْسَانِ يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ الْجَوَابُ إلَى آخِرِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَإِنْ قَامَتْ لَأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَالْجَوَابُ فِي حَقِّ التَّحَالُفِ وَالْبَيِّنَةُ كَالْجَوَابِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ إنْ لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَالْقِيَاسُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ الِاسْتِحْسَانِ أَنْ يَتَحَالَفَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَتَحَالَفَانِ وَبِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ يُقْضَى بِهَا، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ وَلَمْ تَقُمْ لَأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَتَحَالَفَا وَيَكُونُ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ

وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ عَلَى رِوَايَةِ الْكَرْخِيِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ إنْ لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ إلَّا أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ اسْتِحْسَانًا بِالْأَثَرِ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ إنْ لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمَا لَا يَتَحَالَفَانِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَيَكُونُ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ فَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا إنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ وَجِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ إنْ لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ إنْ لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ. فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَكَانِ الْإِيفَاءِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ وَقَالَ صَاحِبَاهُ يَتَحَالَفَانِ وَقِيلَ الْخِلَافُ عَلَى الْعَكْسِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَذَا إذَا لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ ذَكَرَ أَنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الطَّالِبِ وَيُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَجَلِ السَّلَمِ فَالِاخْتِلَافُ فِيهِ لَا يُوجِبُ التَّحَالُفَ وَالتَّرَادَّ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْأَجَلِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي لِلْأَجَلِ رَبَّ السَّلَمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَاهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَأَنْكَرَهُ رَبُّ السَّلَمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ اسْتِحْسَانًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ وَالْعَقْدُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْحَاوِي هَذَا إذَا لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْأَجَلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى شَرْطِ الْأَجَلِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَطْلُوبِ وَلَا يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ عِنْدَهُمَا جَمِيعًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّ الْأَجَلِ بَعْدَمَا اتَّفَقَا أَنَّهُ شَهْرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَطْلُوبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اخْتَلَفَا

فِي قَدْرِهِ وَمُضِيِّهِ فَالْقَوْلُ فِي الْقَدْرِ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ وَالْقَوْلُ فِي الْمُضِيِّ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَوْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى إثْبَاتِ زِيَادَةٍ أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ فَأَقَامَ رَبُّ السَّلَمِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمَا تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ وَأَقَامَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَبَضَ رَأْسَ الْمَالِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالسَّلَمُ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِ رَبِّ السَّلَمِ بِأَعْيَانِهَا فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْدَعْتُهَا إيَّاهُ أَوْ غَصَبْتهَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْقَبْضِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيُقْضَى بِالدَّرَاهِمِ كَذَا فِي الْحَاوِي، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنْ قَامَتْ لِرَبِّ السَّلَمِ لَا تُقْبَلُ وَبَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ تُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِ الْمَطْلُوبِ إنْ كَانَ الطَّالِبُ لَا يَدَّعِي عَلَيْهِ غَصْبًا وَلَا وَدِيعَةً، وَإِنَّمَا يَقُولُ مَا قَبَضْت رَأْسَ الْمَالِ فَإِنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ ادَّعَى الطَّالِبُ الْغَصْبَ مِنْهُ أَوْ الْوَدِيعَةَ بَعْدَمَا أَنْكَرَ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِ رَبِّ السَّلَمِ فَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ ادَّعَى الْقَبْضَ وَلَمْ يَدَّعِ عَلَى الطَّالِبِ غَصْبًا وَلَا وَدِيعَةً بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِذَا ادَّعَى الْمَطْلُوبُ الْغَصْبَ أَوْ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ مَا ادَّعَى قَبْضَ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ فَمِنْ مَشَايِخُنَا مَنْ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ مَعَ يَمِينِهِ فَيَحْلِفُ وَيُجَوِّزُ السَّلَمَ وَيَأْخُذُ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ رَبِّ السَّلَمِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِأَنَّ هَذَا هَكَذَا إذَا قَالَ الطَّالِبُ لَمْ تَقْبِضْ مَفْصُولًا بِأَنْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ إلَّا أَنَّكَ لَمْ تَقْبِضْ أَوْ قَالَ أَسْلَمْتُ إلَيْكَ وَلَمْ تَقْبِضْ بِالْعَطْفِ لَا بِالِاسْتِثْنَاءِ. فَأَمَّا إذَا قَالَ مَوْصُولًا لَمْ تَقْبِضْ وَالْمَطْلُوبُ يَقُولُ قَبَضْت يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الطَّالِبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَطْلُوبِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ - إذَا جَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَعْدَمَا تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِس بِنِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ وَقَالَ وَجَدْتُهُ زُيُوفًا إنْ صَدَّقَهُ بِذَلِكَ رَبُّ السَّلَمِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مِنْ دَرَاهِمِهِ وَادَّعَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ دَرَاهِمِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَقَرَّ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ قَبَضْت الْجِيَادَ أَوْ قَالَ قَبَضْت حَقِّي أَوْ قَالَ قَبَضْت رَأْسَ الْمَالِ أَوْ قَالَ اسْتَوْفَيْت الدَّرَاهِمَ فَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الزِّيَافَةَ حَتَّى لَا يَسْتَحْلِفَ رَبَّ السَّلَمِ أَمَّا إذَا قَالَ قَبَضْت الدَّرَاهِمَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ وَالِاسْتِحْسَانُ الْقَوْلُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ. وَأَمَّا إذَا قَالَ قَبَضْت فَالْقَوْلُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا سَتُّوقَةً لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ قَبَضَ وَلَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا سَتُّوقَةٌ قَبْلَ قَوْلِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا وَجَدَ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ نَبَهْرَجَةً أَوَمُسْتَحَقَّةً فَاخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ هُوَ ثُلُثُ رَأْسِ الْمَالِ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ النِّصْفُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِذَا شَرَطَ فِي السَّلَمِ فِي الثَّوْبِ الْجَيِّدِ فَجَاءَ بِثَوْبٍ وَادَّعَى أَنَّهُ جَيِّدٌ

الفصل الخامس في الإقالة في السلم والصلح فيه وخيار العيب

وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ فَالْقَاضِي يُرِيهِ اثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ وَهَذَا أَحْوَطُ وَالْوَاحِدُ يَكْفِي فَإِنْ قَالَ جَيِّدٌ أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَسْلَمْتَ إلَيَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهَا أَوْ قَالَ أَسْلَفْتَنِي إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهَا فَإِنْ ذَكَرَ قَوْلَهُ إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهَا مَوْصُولًا لِكَلَامِهِ صُدِّقَ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ ذَكَرَ مَفْصُولًا بِأَنْ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهَا صُدِّقَ قِيَاسًا وَلَمْ يُصَدَّقْ اسْتِحْسَانًا ثُمَّ إذَا لَمْ يَصْدُقْ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ ذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الطَّالِبِ مَعَ يَمِينِهِ هَذَا إذَا قَالَ أَسْلَمْتَ إلَيَّ أَمَّا إذَا قَالَ دَفَعْتَ إلَيَّ عَشَرَةً أَوْ قَالَ نَقَدْتنِي لَكِنْ لَمْ أَقْبِضْهَا فَقَدْ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُصَدَّقُ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ كَمَا لَوْ قَالَ قَبَضْت ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُصَدَّقُ إنْ وَصَلَ، وَإِنْ فَصَلَ لَا يُصَدَّقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ شَرَطْتَ لِي أَنْ تُوَفِّيَنِي فِي مَحَلَّةِ كَذَا وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أُعْطِيكَ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى غَيْرَ تِلْكَ أُجْبِرَ رَبُّ السَّلَمِ عَلَى الْقَبُولِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا كَانَ الشَّرْطُ فِي عَقْدِ السَّلَمِ أَنْ يُوَفِّيَهُ فِي مَكَانِ كَذَا فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ خُذْهُ فِي مَكَانٍ آخَرَ وَخُذْ مِنِّي الْكِرَاءَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَقَبَضَهُ كَانَ جَائِزًا وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْكِرَاءِ وَعَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْ الْكِرَاءِ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِقَبْضِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ حَتَّى يُوَفِّيَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي شَرَطَ لَهُ فَإِنْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يُوَفِّيَهُ إيَّاهُ فِي مَنْزِلِهِ بَعْدَمَا يُوفِيهِ فِي مَحَلَّةِ كَذَا بِأَنْ قَالَ عَلَى أَنْ تُوَفِّيَنِي فِي دَرْبِ سَمَرْقَنْدَ ثُمَّ تُوَفِّيَنِي بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَنْزِلِي بِكَلَابَاذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ يَقُولُ يَجُوزُ السَّلَمُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يُوَفِّيَهُ إيَّاهُ فِي مَنْزِلِهِ ابْتِدَاءً مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَقَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ هَذَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِيمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَنْزِلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَنَّهُ فِي أَيِّ مَحَلَّةٍ أَمَّا إذَا بَيَّنَ أَوْ عَلِمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ذَلِكَ فَيَجُوزُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَقَّى رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي شَرَطَ الْإِيفَاءَ فِيهِ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مِثْلَ قِيمَتِهِ فِي الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ أَوْ دُونِهِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَفْتَى بَعْضُ مُفْتِي زَمَانِنَا بِأَنَّهُ لَا يُتَمَكَّنُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ وَهَذَا الْجَوَابُ أَحَبُّ إلَيَّ إلَّا فِي مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ وَهُوَ أَنْ يُقِيمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَيَعْجِزُ رَبُّ السَّلَمِ عَنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ وَالصُّلْحِ فِيهِ وَخِيَارِ الْعَيْبِ] يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِي السَّلَمِ جَائِزَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ تَقَايَلَا فِي كُلِّ الْمُسْلَمِ فِيهِ جَازَتْ الْإِقَالَةُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ سَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ هَالِكًا ثُمَّ إذَا أَجَازَتْ الْإِقَالَةُ فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَهُوَ قَائِمٌ فَعَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ عَيْنِهِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ فَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ

مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ فَعَلَيْهِ رَدُّ قِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهِ هَالِكًا أَوْ قَائِمًا وَكَذَلِكَ إذَا قَبَضَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ فِيهِ ثُمَّ تَقَايَلَا وَالْمَقْبُوضُ قَائِمٌ فِي يَدِهِ جَازَتْ الْإِقَالَةُ وَعَلَى رَبِّ السَّلَمِ رَدُّ عَيْنِ مَا قَبَضَ، وَإِنْ تَقَايَلَا السَّلَمَ فِي بَعْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ جَازَتْ الْإِقَالَةُ بِقَدْرِهِ إذَا كَانَ الْبَاقِي جُزْءًا مَعْلُومًا مِنْ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ الْمَعْلُومَةِ وَالسَّلَمُ فِي الْبَاقِي إلَى حُلُولِ أَجَلِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْإِقَالَةِ تَعْجِيلُ الْبَاقِي جَازَتْ الْإِقَالَةُ أَيْضًا وَالسَّلَمُ فِي الْبَاقِي إلَى حُلُولِ أَجَلِهِ، وَإِنْ اشْتَرَطَ فِيهَا تَعْجِيلَ الْبَاقِي لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ وَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَهَذَا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْإِقَالَةَ عِنْدَهُمَا فَسْخٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ أَرَادَ رَبُّ السَّلَمِ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِرَأْسِ الْمَالِ شَيْئًا بَعْدَ الْإِقَالَةِ لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا الثَّلَاثَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ قَبْضَ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فِي بَابِ السَّلَمِ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْإِقَالَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ السِّغْنَاقِيِّ - رَجُلٌ أَسْلَمَ جَارِيَةً فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَقَبَضَهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ثُمَّ تَقَايَلَا فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِهَا وَلَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ هَلَاكِ الْجَارِيَةِ جَازَ أَيْضًا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَبِّ السَّلَمِ إذَا اشْتَرَى الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِرَأْسِ الْمَالِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ إقَالَةً لِلسَّلَمِ فَقَالَ لَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ وَلَا يَكُونُ إقَالَةً كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة بَاعَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِرَأْسِ الْمَالِ لَا يَصِحُّ وَلَا يَكُونُ إقَالَةً كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. تَقَايَلَا السَّلَمَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ فَالْقَوْلُ لِلْمَطْلُوبِ وَلَوْ تَقَايَلَا السَّلَمَ بَعْدَمَا قَبَضَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ فِيهِ وَهُوَ قَائِمٌ فِي يَدِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ يَتَحَالَفَانِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ كُرَّ حِنْطَةٍ فَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَبْرَأْتُكَ مِنْ نِصْفِ السَّلَمِ وَقَبْلَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ نِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ هَذِهِ إقَالَةٌ فِي نِصْفِ السَّلَمِ هَكَذَا قَالَهُ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ وَالْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَبُّ السَّلَمِ إذَا وَهَبَ الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ كَانَتْ إقَالَةٌ لِلسَّلَمِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّ رَأْسِ الْمَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ تَفَاسَخَا وَرَأْسُ الْمَالِ عَرَضٌ فَبَاعَهُ رَبُّ السَّلَمِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ جَازَ وَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِهِ وَفِيهِ أَيْضًا نَصْرَانِيٌّ أَسْلَمَ فِي خَمْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ كَالْإِقَالَةِ حَتَّى لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ بِرَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْفَسْخِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَلَهُ عَلَيْهِ أَيْضًا كُرٌّ إلَى سَنَةٍ فَأَقَالَهُ السَّلَمَ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ الْكُرَّ النَّسِيئَةَ قَالَ الْإِقَالَةُ جَائِزَةٌ وَالْكُرُّ إلَى أَجَلِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ السَّلَمُ حِنْطَةً وَرَأْسُ الْمَالِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ كَانَ بَاطِلًا. فَأَمَّا إذَا قَالَ صَالَحْتُكَ مِنْ السَّلَمِ عَلَى مِائَةٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ

كَانَ جَائِزًا وَكَذَا إذَا قَالَ عَلَى خَمْسِينَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فِي بَابِ السَّلَمِ إقَالَةٌ وَبَعْدَ هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَوْلِهِ صَالَحْتُكَ مِنْ السَّلَمِ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَنَّهُ هَلْ يَصِيرُ إقَالَةً فِي جَمِيعِ السَّلَمِ أَوْ فِي نِصْفِ السَّلَمِ، وَإِنْ قَالَ صَالَحْتُكَ مِنْ السَّلَمِ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا يَجُوزُ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ وَتَقَعُ الْإِقَالَةُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ وَأَشَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِهِ إلَى أَنَّهُ تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَصْلًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلَانِ إلَى رَجُلٍ فِي طَعَامٍ فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى رَأْسِ مَالِهِ فَالصَّالِحُ مَوْقُوفٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ أَجَازَهُ الْآخَرُ جَازَ وَكَانَ الْمَقْبُوضُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَمَا بَقِيَ مِنْ طَعَامِ السَّلَمِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُصَالِحِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بِالسَّلَمِ كَفِيلٌ فَصَالَحَ أَحَدُ صَاحِبَيْ السَّلَمِ مَعَ الْكَفِيلِ عَلَى رَأْسِ مَالِهِ فَهُوَ كَالصُّلْحِ مَعَ الْأَصِيلِ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَهَذَا إذَا أَسْلَمَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مُشْتَرَكَةٍ إلَى رَجُلٍ فِي كُرٍّ مِنْ طَعَامٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَشَرَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا لَكِنْ أَسْلَمَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ نَقَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْبَيْعَ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الْبُيُوعِ أَنَّهُ يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ فِي حِصَّةِ الْمُصَالِحِ بِالْإِجْمَاعِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَقَدْ ذُكِرَ فِي صُلْحِ الْأَصْلِ هَذَا الْفَصْلُ وَذُكِرَ فِيهِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى حَسَبِ مَا ذُكِرَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ مَا إذَا أَقَالَ أَحَدُ رَبَّيْ السَّلَمِ عَقْدَ السَّلَمِ بِحِصَّتِهِ قَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْفَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا أَسْلَمَ رَجُلٌ وَأَخَذَ بِالسَّلَمِ كَفِيلًا ثُمَّ صَالَحَ الْكَفِيلُ رَبَّ السَّلَمِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إنْ أَجَازَ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَطَلَ وَيَبْقَى السَّلَمُ عَلَى حَالِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ الْأَجْنَبِيُّ رَبَّ السَّلَمِ عَلَى ذَلِكَ هَذَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ النُّقُودِ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا كَالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِمَا يَتَوَقَّفُ الصُّلْحُ عَلَى إجَازَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ أَقَالَ الْكَفِيلُ وَقَبِلَ رَبُّ السَّلَمِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ وَالصُّلْحُ سَوَاءٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَبَضَ الْبُرَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ وَتَعَيَّبَ عِنْدَهُ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ قَبِلَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَعَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عَادَ السَّلَمُ، وَإِنْ أَبَى فَلَهُ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مَعِيبًا رُدَّ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا قَبَضَ وَيَرْجِعُ بِمَا شُرِطَ فِي السَّلَمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ كَذَا فِي الْكَافِي مَنْ قَبَضَ مَا أَسْلَمَ فِيهِ ثُمَّ أَصَابَ فِيهِ عَيْبًا رَدَّهُ، وَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا آخَرَ فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِزِيَادَةِ الْعَيْبِ وَقَبِلَهُ وَسَلِمَ

الفصل السادس في الوكالة في السلم

إلَيْهِ سَلَمُهُ غَيْرَ مَعِيبٍ، وَإِنْ أَبَى قَبُولَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَطَلَ حَقُّ رَبِّ السَّلَمِ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ وَلَا الرُّجُوعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ هَذَا إذَا كَانَتْ زِيَادَةُ الْعَيْبِ عِنْدَ رَبِّ السَّلَمِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ رَبِّ السَّلَمِ. فَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَأَخَذَ رَبُّ السَّلَمِ قِيمَةَ النُّقْصَانِ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبُولُهُ بِزِيَادَةِ الْعَيْبِ لِأَجَلِ الْأَرْشِ وَبَطَلَ حَقُّهُ فِي الْعَيْبِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. قَالَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ سَأَلْت أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي ثَوْبٍ فَأَخَذَهُ وَقَطَعَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ دِرْهَمَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي الْحِنْطَةِ وَالْآخَرُ فِي الْأَرُزِّ وَدَفَعَهُمَا إلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا سَتُّوقَةً قَالَ إنْ كَانَ دَفَعَهُمَا إلَيْهِ مَعًا فَسَدَ فِي نِصْفِ الْحِنْطَةِ وَنِصْفِ الْأَرُزِّ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ كُلَّ دِرْهَمٍ عَلَى حِدَةٍ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الَّذِي أَسْلَمَ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا وَفَسَدَ السَّلَمُ كُلُّهُ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فِي خَمْسَةِ أَقْفِزَةِ حِنْطَةٍ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي خَمْسَةِ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ خَمْسَةٌ لِلْحِنْطَةِ عَلَى حِدَةٍ وَخَمْسَةٌ لِلشَّعِيرِ عَلَى حِدَةٍ فَأَصَابَ دِرْهَمًا سَتُّوقَةً يَعْنِي بَعْدَمَا تَفَرَّقَا فَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ هُوَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ مِنْ الشَّعِيرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ، وَإِنْ تَصَادَقَا إنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّهِمَا قَالَ يُرَدُّ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ دِرْهَمًا آخَرَ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ وَيَنْقُصُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ. وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ شَعِيرٍ فَأَعْطَاهُ عَشَرَةً لِلْحِنْطَةِ ثُمَّ أَعْطَاهُ خَمْسَةً لِلشَّعِيرِ ثُمَّ وَجَدَ دِرْهَمًا سَتُّوقَةً بَعْدَمَا تَفَرَّقَا فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ مِنْ دَرَاهِمِ الْحِنْطَةِ وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ هُوَ مِنْ دَرَاهِمِ الشَّعِيرِ قَالَ إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّهُمَا لَا يَدْرِيَانِ مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ قَالَ يَكُونُ نِصْفُهُ مِنْ الْعَشَرَةِ وَنِصْفُهُ مِنْ الْخَمْسَةِ فَيُنْقِصُ عُشْرَ الْحِنْطَةِ وَنِصْفَ عُشْرِ الشَّعِيرِ، وَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يُنْقِصُ ثُلُثَا عُشْرِ الْحِنْطَةِ وَثُلُثُ خُمْسِ الشَّعِيرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ السَّادِسِ فِي الْوَكَالَةِ فِي السَّلَمِ] مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا لِيُسْلِمَ لَهُ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَأَسْلَمَهَا الْوَكِيلُ بِشُرُوطِ السَّلَمِ جَازَ كَذَا فِي شَرْحِ التَّكْمِلَةِ وَالْوَكِيلُ هُوَ الَّذِي يُطَالِبُ بِتَسْلِيمِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ وَهُوَ الَّذِي يُسَلِّمُ رَأْسَ الْمَالِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ نَقَدَ دَرَاهِمَ الْمُوَكِّلِ أَخَذَ الْمُسْلَمَ فِيهِ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ كَانَ نَقَدَ دَرَاهِمَ نَفْسِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الَّذِي وَكَّلَهُ شَيْئًا يَرْجِعُ بِمَا نَقَدَ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلِهَذَا الْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ السَّلَمَ فَإِذَا قَبَضَ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ عَنْ الْآمِرِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الدَّرَاهِمَ فَإِنْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ إنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَحْبِسَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ يُهْلِكُ أَمَانَةً، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَبْسِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَهْلِكُ هَلَاكَ الرَّهْنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْقُطُ الدَّيْنُ قَلَّتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَوْ كَثُرَتْ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ كَانَ دَفَعَ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَأَخَذَ بِالسَّلَمِ كَفِيلًا أَوْ رَهْنًا جَازَ فَإِذَا حَلَّ السَّلَمِ فَأَخَّرَ الْوَكِيلَ أَوْ أَبْرَأَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ جَازَ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ وَكَذَا إنْ أَحَالَ بِهِ عَلَى مَلِيءٍ أَوْ غَيْرِ مَلِيءٍ وَأَبْرَأَ الْأَوَّلُ جَازَ عَلَيْهِ خَاصَّةً وَيَضْمَنُ الْآمِرُ بِطَعَامِهِ، وَإِنْ أَقْتَضَى الطَّعَامُ أَدْوَنَ مِنْ شَرْطِهِ جَازَ وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَضْمَنَهُ مِثْلَ طَعَامِهِ، وَإِنْ تَارَكَ الْوَكِيلُ السَّلَمَ جَازَ وَيَضْمَنُ الطَّعَامَ لِلْمُوَكِّلِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْحَاوِي، وَإِنْ أَقَالَ السَّلَمَ جَازَ وَيَكُونُ ضَامِنًا لِلْمُوَكِّلِ مِثْلَ السَّلَمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا عَقَدَ الْوَكِيلُ عَقْدَ السَّلَمِ ثُمَّ أَمَرَ الْمُوَكِّلُ بِأَدَاءِ رَأْسِ الْمَالِ وَذَهَبَ الْوَكِيلُ فَقَدْ بَطَلَ السَّلَمُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ وَذَهَبَ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ وَكِيلُهُ رَأْسَ الْمَالِ بَطَلَ السَّلَمُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا خَالَفَ الْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ فَأَسْلَمَ فِي غَيْرِ مَا أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالسَّلَمِ فِيهِ كَانَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ دَرَاهِمَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَإِنْ ضَمِنَ الْوَكِيلُ بَقِيَ السَّلَمُ صَحِيحًا عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إنْ ضَمِنَهُ وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ يَعْنِي الْوَكِيلَ وَالْمُسْلَمَ إلَيْهِ وَنَقَدَ الْوَكِيلُ دَرَاهِمَ أُخَرَ فَالسَّلَمُ جَائِزٌ، وَإِنْ ضَمِنَهُ بَعْدَمَا تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ فَإِنَّ السَّلَمَ يَبْطُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لِيُسْلِمْهَا فِي طَعَامٍ فَنَاوَلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا فَبَاعَهُ فَإِنْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى دَرَاهِمِ الْآمِرِ كَانَ الْعَقْدُ لِلْآمِرِ، وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى دَرَاهِمِ نَفْسِهِ كَانَ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ عَقَدَ الْعَقْدَ بِعَشَرَةٍ مُطْلَقَةٍ ثُمَّ نَوَاهَا لِلْآمِرِ فَالْعَقْدُ لَهُ، وَإِنْ نَوَى لِنَفْسِهِ فَالْعَقْدُ لَهُ فَإِنْ لَمْ تَحْضُرْهُ نِيَّةٌ فَإِنْ دَفَعَ دَرَاهِمَ نَفْسِهِ فَالْعَقْدُ لَهُ، وَإِنْ دَفَعَ دَرَاهِمَ الْآمِرِ فَهُوَ لِلْآمِرِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ عَاقِدٌ لِنَفْسِهِ مَا لَمْ يَنْوِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ لِلْآمِرِ، وَإِنْ تَكَاذَبَا فِي النِّيَّةِ فَقَالَ الْآمِرُ نَوَيْته لِي وَقَالَ الْمَأْمُورُ نَوَيْته لِنَفْسِي فَالطَّعَامُ لِلَّذِي نَقَدَ دَرَاهِمَهُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَأْخُذَ لَهُ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ فَأَخَذَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى الْمُوَكِّلِ فَالطَّعَامُ لِلسَّلَمِ عَلَى الْوَكِيلِ وَلِلْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلُهُ دَرَاهِمَ قَرْضٍ وَلَوْ أَسْلَمَ وَكِيلُهُ فِي طَعَامٍ فَقَبَضَ الْمُوَكِّلُ السَّلَمَ أَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ مَعَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَلِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ دَفْعِهِ إلَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلَيْنِ لَيُسْلِمَا لَهُ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَسْلَمَا ثُمَّ تَارَكَ أَحَدُهُمَا الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ وَكَّلَهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ فَأَسْلَمَ لَهُمَا فِي عَقْدٍ جَازَ، وَإِنْ خَلَطَ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ أَسْلَمَ كَانَ السَّلَمُ لَهُ وَيَكُونُ ضَامِنًا مَالَهُمَا بِالْخَلْطِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ إلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ ثُمَّ أَقْتَضَى شَيْئًا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْآمِرَيْنِ أَنَّهُ مِنْ حَقِّهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ هُوَ غَائِبًا

فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ فَإِذَا قَدِمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَكَذَّبَ الْوَكِيلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِثَوْبٍ يَبِيعُهُ بِدَرَاهِمَ فَأَسْلَمَهُ فِي طَعَامٍ إلَى أَجَلٍ فَهُوَ عَاقِدٌ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ أُمِرَ بِبَيْعِهِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ الثَّمَنَ فَأَسْلَمَ فِي طَعَامٍ إلَى أَجَلٍ جَازَ عَلَى الْآمِرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِهِمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يُسَلِّمَ دَرَاهِمَهُ إلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَأَسْلَمَ إلَى غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِالسَّلَمِ فَأَدْخَلَ الْوَكِيلَ فِي عَقْدِ السَّلَمِ شَرْطًا أَفْسَدَهُ لَمْ يَضْمَنْ الْوَكِيلُ كَذَا فِي الْحَاوِي. قَالَ وَإِذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ فَالطَّعَامُ الدَّقِيقُ وَالْحِنْطَةُ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا قَالُوا هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ كَثِيرَةً. فَأَمَّا إذَا كَانَتْ قَلِيلَةً فَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْخُبْزِ. فَأَمَّا الدَّقِيقُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ رِوَايَةٌ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحِنْطَةِ وَفِي رِوَايَةٍ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخُبْزِ وَهَذَا الْقِيَاسُ ثَابِتٌ فِي الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ فَإِذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُسْلِمَ لَهُ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ فَأَسْلَمَ فِي شَعِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ دَرَاهِمَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَكَّلَ ذِمِّيًّا بِعَقْدِ السَّلَمِ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. الْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ إذَا أَسْلَمَ وَتَحَمَّلَ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا وَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا بِقَبْضِ السَّلَمِ مِمَّنْ عَلَيْهِ فَقَبَضَهُ بَرِئَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ فَإِنْ كَانَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ عَبْدَهُ أَوْ ابْنَهُ الَّذِي فِي عِيَالِهِ أَوْ أَجِيرَهُ فَهُوَ جَائِزُ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَالْوَكِيلُ الْأَوَّلُ يَكُونُ ضَامِنًا لِلطَّعَامِ إنْ ضَاعَ فِي يَدَيْ وَكِيلِهِ، وَإِنْ وَصَلَ إلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بَرِئَ هُوَ وَوَكِيلُهُ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالسَّلَمِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ اصْنَعْ مَا شِئْت كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ الْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ إذَا أَسْلَمَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى مُفَاوِضِهِ أَوْ عَبْدِهِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ أَسْلَمَ إلَى شَرِيكٍ لَهُ شَرِكَةُ عِنَانٍ جَازَ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا، وَإِنْ أَسْلَمَ إلَى وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ أَسْلِمْ مَالِي عَلَيْك فِي كُرِّ حِنْطَةٍ إنْ عَيَّنَ رَجُلًا بِعَيْنِهِ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ رَجُلًا فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ قَالَ وَإِذَا دَفَعَ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ مُسْلِمًا عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ الْآمِرُ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالِاسْتِيفَاءِ ثُمَّ جَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِدَرَاهِمَ زُيُوفٍ لِيَرُدَّهَا عَلَيْهِ فَقَالَ وَجَدْتهَا زُيُوفًا فَهُوَ مُصَدَّقٌ، وَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُصَدَّقْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى ادِّعَائِهِ أَنَّهُ زَيْفٌ مَعَنَا إذَا أَقَرَّ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِاسْتِيفَاءِ الْجِيَادِ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ رَأْسِ الْمَالِ فَهُوَ مُنَاقِضٌ بَعْدَ ذَلِكَ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهَا زُيُوفٌ فَلَا يُسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ وَلَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى خَصْمِهِ. فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الدَّرَاهِمِ فَاسْمُ الدَّرَاهِمِ يَتَنَاوَلُ الزُّيُوفَ وَالْجِيَادَ فَلَا يَكُونُ مُنَاقِضًا فِي قَوْلِهِ وَجَدْتهَا زُيُوفًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَسْلَمَ فِي الْقُطْنِ لَا يُعْطِي فِيهِ الورام كَمَا فِي الْبَيْعِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ

الباب التاسع عشر في القرض والاستقراض والاستصناع

مَشَايِخُ زَمَانِنَا بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِمْلَاءِ رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ عَبْدًا فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدَ ثُمَّ إنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِي وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا وَرَدَّهُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِغَيْرِ حُكْمٍ ثُمَّ إنَّ رَبَّ السَّلَمِ مَعَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَرَادَا أَنْ يَتَقَايَلَا السَّلَمَ فَإِنْ قَالَ رَبُّ السَّلَمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رُدَّ عَلَيَّ الْعَبْدَ وَأَبْرَأْتُك مِنْ السَّلَمِ أَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك مِنْ السَّلَمِ بِهَذَا الْعَبْدِ أَوْ قَالَ أَقِلْنِي السَّلَمَ بِهَذَا الْعَبْدِ فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ، وَإِنْ قَالَ أَقِلْنِي السَّلَمَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَبْدَ أَوْ قَالَ أَبْرِئْنِي مِنْ السَّلَمِ وَخُذْ رَأْسَ مَالِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَبْدَ فَقَدْ انْتَقَضَ السَّلَمُ وَلَهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ رَأْسِ مَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ بَاعَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ لَمْ يَضْرِبْ فِي الثَّوْبِ أَجَلًا أَوْ ضَرَبَ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي جَازَ فَلَوْ أَفْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ، وَإِنْ زَادَ رَبُّ السَّلَمِ فِي رَأْسِ الْمَالِ جَازَ عَاجِلًا وَلَا يَجُوزُ آجِلًا فَإِنْ نَقَدَهَا فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الزِّيَادَةِ بَطَلَ مِنْ السَّلَمِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ زَادَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا وَهُوَ قَائِمٌ جَازَ عَاجِلًا وَآجِلًا، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَيْنًا إنْ زَادَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَيْنًا جَازَ عَاجِلًا وَآجِلًا، وَإِنْ زَادَ دَيْنًا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الزِّيَادَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْقَرْضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَالِاسْتِصْنَاعِ] وَيَجُوزُ الْقَرْضُ فِيمَا هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ كَالْبَيْضِ وَلَا يَجُوزُ فِيمَا لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ وَيُمْلَكُ الْمَقْبُوضُ بِالْقَرْضِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ الْفَاسِدَ تَمْلِيكٌ بِمِثْلٍ مَجْهُولٍ فَيُفْسِدُ وَمِلْكُهُ بِالْقَبْضِ كَالْمَقْبُوضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ قَرْضٍ فَاسِدٍ يَتَعَيَّنُ لِلرَّدِّ. فَأَمَّا فِي الْقَرْضِ الْجَائِزِ إذَا كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الرَّدِّ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ مِثْلَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ الْقَرْضُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لَكِنْ يَجُوزُ بَيْعُهُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَيَصِحُّ اسْتِقْرَاضِ الْخُبْزِ وَزْنًا لَا عَدَدًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ لَا ضَرُورَةَ وَلَا خَيْرَ فِي قَرْضِ الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ بِالْوَزْنِ وَكَذَلِكَ التَّمْرُ، وَإِنْ كَانَ حَيْثُ يُوزَنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ إذَا اسْتَقْرَضَ الدَّقِيقَ وَزْنًا لَا يَرُدُّهُ وَزْنًا وَلَكِنْ يَصْطَلِحَانِ عَلَى الْقِيمَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ وَزْنًا اسْتِحْسَانًا إذَا تَعَارَفَ النَّاسُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الْحَطَبِ وَالْخَشَبِ وَالْقَصَبِ وَسَائِرِ الرَّيَاحِينِ الرَّطْبَةِ وَالْبُقُولِ. فَأَمَّا الْحِنَّاءُ وَالْوَسْمَةُ وَالرَّيَاحِينُ الْيَابِسَةُ الَّتِي تُكَالُ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِقْرَاضِهَا هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَاسْتِقْرَاضُ الْقِرْطَاسِ عَدَدًا جَائِزٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَجُوزُ

اسْتِقْرَاضُ الْجَوْزِ كَيْلًا وَكَذَا اسْتِقْرَاضُ الْبَاذِنْجَانِ عَدَدًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ عَنْ ابْنِ سَلَّامٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَرْضُ اللَّبِنِ وَالْآجُرُّ عَدَدًا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَتَفَاوَتْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ اللَّحْمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَاسْتِقْرَاضُ اللَّحْمِ وَزْنًا يَجُوزُ كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَاسْتِقْرَاضُ الْعَجِينِ فِي بِلَادِنَا يَجُوزُ وَزْنًا هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَاسْتِقْرَاضُ الزَّعْفَرَانِ يَجُوزُ وَزْنًا وَلَا يَجُوزُ كَيْلًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَاسْتِقْرَاضُ الْجَمْدِ وَزْنًا يَجُوزُ وَلَوْ اسْتَقْرَضَ فِي الصَّيْفِ وَسَلَّمَ فِي الشِّتَاءِ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ وَالْجَمْدُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الْجَمْدِ لَا آخُذُ الْعَامَ مِنْك قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ لَا أَعْلَمُ هَهُنَا بَدِيلُهُ سِوَى أَنْ يَدْفَعَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمْدُ مِثْلَ وَزْنِهِ جَمْدًا وَيَطْرَحُ فِي مُجَمَّدَةِ صَاحِبِهِ حَتَّى يَبْرَأَ عَمَّا عَلَيْهِ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُخْرَجُ عِنْدِي أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُجْبِرَهُ عَلَى قَبُولِ مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ حِنْطَةً فَأَعْطَى مِثْلَهَا بَعْدَمَا تَغَيَّرَ سِعْرُهَا فَإِنَّهُ يُجْبِرُ الْمُقْرِضَ عَلَى الْقَبُولِ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. وَيَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَزْنًا وَلَا يَجُوزُ عَدَدًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ ثُلُثُهَا فِضَّةً وَثُلُثَاهَا صُفْرًا فَاسْتَقْرَضَ رَجُلٌ مِنْهَا عَدَدًا وَهِيَ جَارِيَةٌ بَيْنَ النَّاسِ عَدَدًا فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَجُزْ بَيْنَ النَّاسِ إلَّا وَزْنًا لَمْ يَجُزْ اسْتِقْرَاضُهَا إلَّا وَزْنًا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ ثُلُثَاهَا فِضَّةً وَثُلُثُهَا صُفْرًا لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهَا إلَّا وَزْنًا، وَإِنْ تَعَامَلَ النَّاسُ التَّبَايُعَ بِهَا عَدَدًا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ نِصْفُهَا فِضَّةً وَنِصْفُهَا صُفْرًا لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهَا إلَّا وَزْنًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ عَنْ السِّرْقِينِ الَّذِي يَجُوزُ بَيْعُهُ هَلْ يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ أَمْ هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَقَالَ الَّذِي يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ وَذَكَرَ فِي وَاقِعَاتِ حُسَامِ الدِّينِ السِّرْقِينُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ تَجِبُ عَلَى مُتْلِفِهِ الْقِيمَةُ وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ وَفِي التَّجْرِيدِ لَوْ أَقْرَضَ مُؤَجَّلًا أَوْ شَرَطَ التَّأْجِيلَ بَعْدَ الْقَرْضِ فَالْأَجَلُ بَاطِلٌ وَالْمَالُ حَالٌّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِقَرْضٍ مِنْ مَالِهِ فُلَانًا إلَى شَهْرِ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُؤَجِّلَ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِ الْقَرْضِ أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْحِيلَةُ فِي لُزُومِ تَأْجِيلِ الْقَرْضِ أَنْ يُحِيلَ الْمُسْتَقْرِضَ عَلَى أَحَدٍ بِدَيْنِهِ فَيُؤَجِّلَ الْمُقْرِضُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الصَّرْفِ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَكْرَهُ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةٍ قَالَ الْكَرْخِيُّ هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ بِأَنْ أَقْرَضَ غَلَّةً لِيَرُدَّ عَلَيْهِ صِحَاحًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ فَأَعْطَاهُ الْمُسْتَقْرِضُ أَجْوَدَ مِمَّا عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَلِكَ إذَا أَقْرَضَ رَجُلًا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ

لِيَشْتَرِيَ الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْمُقْرِضِ مَتَاعًا بِثَمَنٍ غَالٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شِرَاءُ الْمَتَاعِ مَشْرُوطًا فِي الْقَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُسْتَقْرِضَ اشْتَرَى مِنْ الْمُقْرِضِ بَعْدَ الْقَرْضِ بِثَمَنٍ غَالٍ فَعَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِهِ وَقَالَ مَا أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّهُ حَرَامٌ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الصَّرْفِ أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْخَصَّافَ لَمْ يَذْكُرْ الْكَرَاهَةَ إنَّمَا قَالَ لَا أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْكَرَاهَةِ لَكِنَّهُ دُونَ الْكَرَاهَةِ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ الْمُسْتَقْرِضُ إذَا أَهْدَى لِلْمُقْرِضِ شَيْئًا لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رَفَضَ قَوْلَ السَّلَفِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا نُقِلَ عَنْ السَّلَفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ شِرَاءُ الْمَتَاعِ بِثَمَنٍ غَالٍ مَشْرُوطَةً فِي الِاسْتِقْرَاضِ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ بِلَا خِلَافٍ وَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَحْمُولٌ عَلَى إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ الْهَدِيَّةُ مَشْرُوطَةً فِي الْقَرْضِ وَذَلِكَ لَا يُكْرَهُ بِلَا خِلَافٍ هَذَا إذَا تَقَدَّمَ الْقَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ. فَأَمَّا إذَا تَقَدَّمَ الْبَيْعُ عَلَى الْقَرْضِ (وَصُورَةُ ذَلِكَ) رَجُلٌ طَلَبَ مِنْ رَجُلٍ أَنْ يُعَامِلَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَبَاعَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ الْمُعَامَلَةَ مِنْ الطَّالِبِ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا ثُمَّ أَقْرَضَ سِتِّينَ دِينَارًا حَتَّى صَارَ لِلْمُقْرِضِ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ مِائَةَ دِينَارٍ وَحَصَلَ لِلْمُسْتَقْرِضِ ثَمَانُونَ دِينَارًا فَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ هَذَا جَائِزٌ وَهَذَا مَذْهَبُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ إمَامِ بَلْخٍ فَإِنَّهُ رَوَى أَنَّهُ كَانَ لَهُ سِلَعٌ وَكَانَ إذَا اسْتَقْرَضَ إنْسَانًا مِنْهُ شَيْئًا كَأَنْ يَبِيعَهُ أَوَّلًا سِلْعَةً بِثَمَنٍ غَالٍ ثُمَّ يُقْرِضُهُ بَعْضَ الدَّنَانِيرِ إلَى تَمَامِ حَاجَتِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ كَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَكَانُوا يَقُولُونَ هَذَا قَرْضٌ جَرَّ نَفْعًا وَمَنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ إنْ كَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ يُكْرَهُ، وَإِنْ كَانَا فِي مَجْلِسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَانَ الشَّيْخُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يُفْتِي بِقَوْلِ الْخَصَّافِ وَبِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا بَأْسَ بِهَدِيَّةِ مَنْ عَلَيْهِ الْقَرْضُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَوَرَّعَ مِنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُعْطِيه لِأَجْلِ الْقَرْضِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُعْطِيه لَا لِأَجْلِ الْقَرْضِ بَلْ لِقَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ بَيْنَهُمَا لَا يَتَوَرَّعُ عَنْهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ مَعْرُوفًا بِالْجُودِ وَالسَّخَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَالْحَالَةُ حَالَةُ الْإِشْكَالِ فَيَتَوَرَّعُ عَنْهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَهْدَى لَا لِأَجْلِ الدَّيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِأَنْ يُجِيبَ دَعْوَةَ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا جَوَابُ الْحُكْمِ. فَأَمَّا الْأَفْضَلُ فَأَنْ يَتَوَرَّعَ عَنْ الْإِجَابَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لِأَجْلِ الدَّيْنِ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْحَالُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَدْعُوهُ قَبْلَ الْإِقْرَاضِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَدْعُوهُ أَوْ كَانَ يَدْعُوهُ قَبْلَهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْدَ الْإِقْرَاضِ جَعَلَ يَدْعُوهُ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ زَادَ فِي الْبَاجَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ وَيَكُونُ خَبِيثًا وَإِذَا رَجَحَ فِي بَدَلِ الْقَرْضِ وَلَمْ يَكُنْ الرُّجْحَانُ مَشْرُوطًا فِي الْقَرْضِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَرَاهِمُ فَظَفِرَ بِدَرَاهِمَ مَدْيُونِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ دَرَاهِمَ الْمَدْيُونِ إذَا لَمْ تَكُنْ دَرَاهِمُ الْمَدْيُونِ

أَجْوَدَ أَوْ لَمْ تَكُنْ مُؤَجَّلَةً، وَإِنْ ظَفَرَ بِدَنَانِيرِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَدْيُونُ إذَا قَضَى الدَّيْنَ أَجْوَدَ مِمَّا عَلَيْهِ لَا يُجْبَرُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَنْقَصَ مِمَّا عَلَيْهِ، وَإِنْ قَبِلَ جَازَ كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ خِلَافَ الْجِنْسِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَقَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ، وَإِنْ أَعْطَاهُ الْمَدْيُونَ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ وَزْنًا فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ زِيَادَةً تَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ جَازَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الدَّانَقَ فِي الْمِائَةِ يَسِيرٌ يَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ وَقَدْرُ الدِّرْهَمِ وَالدِّرْهَمَيْنِ كَثِيرٌ لَا يَجُوزُ وَاخْتَلَفُوا فِي نِصْفِ الدِّرْهَمِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نِصْفُ الدِّرْهَمِ فِي الْمِائَةِ كَثِيرٌ يُرَدُّ عَلَى صَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ كَثِيرَةً لَا تَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَدْيُونُ بِالزِّيَادَةِ يَرُدُّ الزِّيَادَةَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَإِنْ عَلِمَ الْمَدْيُونُ بِالزِّيَادَةِ فَأَعْطَاهُ الزِّيَادَةَ اخْتِيَارًا هَلْ تَحِلُّ الزِّيَادَةُ لِلْقَابِضِ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمَدْفُوعَةَ مُكَسَّرَةً أَوْ صِحَاحًا لَا يَضُرُّهَا التَّبْعِيضُ لَا يَجُوزُ إذَا عَلِمَ الدَّافِعُ وَالْقَابِضُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ صِحَاحًا يَضُرُّهَا الْكَسْرُ فَإِنْ كَانَ الرُّجْحَانُ زِيَادَةً يُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا بِدُونِ الْكَسْرِ بِأَنْ كَانَ يُوجَدُ بِهَا دِرْهَمٌ خَفِيفٌ يَكُونُ مِقْدَارُ الزِّيَادَةِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الرُّجْحَانُ زِيَادَةً لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا بِدُونِ الْكَسْرِ يَجُوزُ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ وَلَوْ أَقْرَضَهُ بِالْكُوفَةِ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ بِالْبَصْرَةِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتُكْرَهُ السَّفْتَجَةُ إلَّا أَنْ يَسْتَقْرِضَ مُطْلَقًا وَيُوفِيَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَقْرِضْنِي أَلْفًا عَلَى أَنْ أُعِيرَك أَرْضِي هَذِهِ تَزْرَعُهَا مَادَامَ الدَّرَاهِمُ فِي يَدَيْ فَزَرَعَ الْمُقْرِضُ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَأَكْرَهُ لَهُ هَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَقْرَضَ الْفُلُوسَ أَوْ الْعَدَالِي فَكَسَدَتْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ مِثْلُهَا كَاسِدَةٌ وَلَا يَغْرَمُ قِيمَتَهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ قِيمَتُهَا فِي آخِرِ يَوْمٍ كَانَتْ رَائِحَةٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَبَعْضُ مَشَايِخِ زَمَانِنَا أَفْتَوْا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلُهُ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ فِي زَمَانِنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ أَقْرَضَ الدَّرَاهِمَ الْبُخَارِيَّةِ بِبُخَارَى ثُمَّ لَقِيَ الْمُسْتَقْرِضَ فِي بَلْدَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى تِلْكَ الدَّرَاهِمَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُمْهِلُهُ قَدْرُ الْمَسَافَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَيَسْتَوْثِقُ مِنْهُ بِكَفِيلٍ وَلَا يَأْخُذُ قِيمَتَهَا وَقِيلَ هَذَا إذَا لَقِيَهُ فِي بَلَدٍ تُنْفِقُ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ لَكِنَّهَا لَا تُوجَدُ فَإِنَّهُ يُؤَجِّلُهُ قَدْرَ الْمَسَافَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُنْفِقُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ أَقْرَضَ النَّصْرَانِيُّ نَصْرَانِيًّا خَمْرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُقْرِضُ سَقَطَتْ الْخَمْرُ وَلَوْ أَسْلَمَ الْمُسْتَقْرِضُ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُقُوطُهَا وَعَنْهُ أَنْ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. اسْتَقْرَضَ وَزْنِيًّا أَوْ كَيْلِيَّا فَانْقَطَعَ ذَلِكَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ يُجْبَرُ الْمُقْرِضُ عَلَى التَّأْخِيرِ حَتَّى يُدْرِكَ الْحَرْثَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ يُفْتَى

كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ جِيَادٌ فَأَخَذَ مِنْهُ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ سَتُّوقَةً وَرَضِيَ بِهَا جَازَ فَإِنْ أَنْفَقَهَا كُرِهَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَكْرَهُ اسْتِقْرَاضَ الْمُزَيَّفَةِ وَالنَّبَهْرَجَةِ وَعَلَى الْمُسْتَقْرِضِ مِثْلُهَا فَإِنْ كَسَدَتْ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا. رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا فِي بَلَدٍ الطَّعَامُ فِيهِ رَخِيصٌ فَلَقِيَهُ الْمُقْرِضُ فِي بَلَدٍ الطَّعَامُ فِيهِ غَالٍ فَأَخَذَهُ الطَّالِبُ بِحَقِّهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَطْلُوبَ وَيُؤْمَرُ الْمَطْلُوبُ بِأَنْ يُوَثِّقَ لَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ طَعَامَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي اسْتَقْرَضَ فِيهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ أَقْرَضَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهَا الْمُسْتَقْرِضُ ثُمَّ إنَّ الْمُقْرِضَ قَالَ لِلْمُسْتَقْرِضِ اصْرِفْ الدَّرَاهِمَ الَّتِي لِي عَلَيْك بِالدَّنَانِيرِ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ شَخْصًا بِأَنْ قَالَ لَهُ مَعَ فُلَانٍ فَفَعَلَ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ شَخْصًا فَفَعَلَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُقْرِضِ وَقَالَ يَجُوزُ فَإِنْ أَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّنَانِيرَ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمُسْتَقْرِضُ بِاخْتِيَارِهِ جَازَ ذَلِكَ وَهَذَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَرْضًا فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةٍ مِنْهَا إلَى الْأَجَلِ صَحَّ الْحَطُّ وَالْمِائَةُ حَالَّةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ جَاحِدًا لِلْقَرْضِ فَالْمِائَةُ إلَى الْأَجَلِ رَجُلٌ أَقْرَضَ رَجُلًا كُرًّا مِنْ الْحِنْطَةِ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَقْرِضَ اشْتَرَى الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ بِدَرَاهِمَ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ الْقَرْضُ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ أَمْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا جَازَ الشِّرَاءُ إنْ نَقَدَ الدَّرَاهِمَ فِي الْمَجْلِسِ فَالشِّرَاءُ مَاضٍ عَلَى صِحَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْهَا فِي الْمَجْلِسِ بَطَلَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَبَ لِلْمُسْتَقْرِضِ عَلَى الْمُقْرِضِ كُرُّ حِنْطَةٍ ثُمَّ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاعَ مَالَهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ حَيْثُ يَجُوزُ، وَإِنْ افْتَرَقَا ثُمَّ إذَا نَقَدَ الْمُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ وَجَدَ بِالْكُرِّ عَيْبًا لَمْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ مِثْلُ الْمَقْبُوضِ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ الْقَرْضُ الْمَقْبُوضُ مُسْتَهْلَكًا كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْنَا عِنْدَ الْكُلِّ وَكَذَا الْجَوَابُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالْفُلُوسِ إذَا كَانَ قَرْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى مَا عَلَيْهِ بِكُرٍّ مِثْلُهُ جَازَ إنْ كَانَ عَيْنًا وَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ دَيْنًا إلَّا إذَا قَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ وَجَدَ بِالْقَرْضِ عَيْبًا لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَقْرَضَ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ فَقَبَضَهُ الْمُسْتَقْرِضُ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُسْتَقْرِضُ هَذَا الْكُرَّ بِعَيْنِهِ مِنْ الْمُقْرِضِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَا يَتَضَمَّنُ نَقْضَ الْإِقْرَاضِ أَمَّا لَوْ بَاعَ الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْمُقْرِضِ كُرَّ الْقَرْضِ بِعَيْنِهِ صَحَّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. رَجُلٌ أَقْرَضَ رَجُلًا مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهَا جِيَادٌ فَقَبَضَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْمُقْرِضِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ صَحَّ ثُمَّ إذَا صَحَّ الشِّرَاءُ هُنَا لَوْ افْتَرَقَا عَنْ الْمَجْلِسِ مِنْ غَيْرِ قَبْضِ الْبَدَلِ وَهُوَ الدَّنَانِيرُ يُبْطِلُ الصَّرْفُ، وَإِنْ قَبَضَ الدَّنَانِيرَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَالْعَقْدُ مَاضٍ عَلَى الصِّحَّةِ فَإِنْ وَجَدَ الْمُسْتَقْرِضُ الدَّرَاهِمَ الْقَرْضَ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً لَمْ يَرُدَّهَا وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَوْ وَجَدَهَا سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا يَرُدُّهَا عَلَى الْمُقْرِض وَبَعْدَ هَذَا إنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ وَقَدْ نَقَضَ الدَّنَانِيرَ وَاسْتَوْفَى مِائَةَ دِرْهَمٍ جِيَادٍ فِي الْمَجْلِسِ يَصِحُّ الْعَقْدُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ بَطَل الصَّرْفُ وَكَانَ

لِلْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يَسْتَرِدَّ دَنَانِيرَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسًا اشْتَرَاهَا بِدَرَاهِمَ ثُمَّ وَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ سَتُّوقَةً فَفِي الدَّنَانِيرِ الْجَوَابُ مَا ذُكِرَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْفُلُوسِ إنْ كَانَتْ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَمَّا إذَا وَجَدَ الْفُلُوسَ سَتُّوقَةً وَقَدْ تَفَرَّقَا بَعْدَ قَبْضِ الدَّرَاهِمِ كَانَ الْعَقْدُ جَائِزًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْفَتَاوَى الْخُلَاصَةِ التَّصَرُّفُ فِي الْقَرْضِ قَبْلَ الْقَبْضِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي التتارخانية. وَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْعَبْدِ التَّاجِرِ وَالْمُكَاتَبِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَهَؤُلَاءِ لَا يَمْلِكُونَ التَّبَرُّعَ وَإِذَا أَقْرَضَ الرَّجُلُ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا فَاسْتَهْلَكَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ هَكَذَا أُطْلِقَ فِي نُسَخِ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي نُسَخِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا اُسْتُهْلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ أَقْرَضَ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَاسْتَهْلَكَهُ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ حَتَّى يَعْتِقَ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ، وَإِنْ وَجَدَ الْمُقْرِضُ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اسْتَقْرِضْ لِي مِنْ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَاسْتَقْرَضَ الْمَأْمُورُ وَقَبَضَ وَقَالَ دَفَعْتهَا إلَى الْآمِرِ وَجَحَدَ الْآمِرُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَالَ يَكُونُ عَلَى الْمَأْمُورِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَلَوْ بَعَثَ رَجُلٌ بِكِتَابٍ مَعَ رَسُولٍ إلَى رَجُلٍ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا قَرْضًا لَك عَلَيَّ فَبَعَثَ مَعَ الَّذِي أَوْصَلَ الْكِتَابَ رَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ وَلَوْ أَرْسَلَ رَجُلٌ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ وَقَالَ ابْعَثْ إلَيَّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ قَرْضًا قَالَ نَعَمْ وَبَعَثَ بِهَا مَعَ رَسُولِهِ كَانَ الْآمِرُ ضَامِنًا لَهَا إذَا أَقَرَّ أَنَّ رَسُولَهُ قَبَضَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَعَثَ رَجُلًا لِيَسْتَقْرِضَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقْرَضَهُ فَضَاعَ فِي يَدِهِ إنْ قَالَ الرَّسُولُ أَقْرِضْ فُلَانًا الْمُرْسِلَ فَهِيَ لِلْمُرْسِلِ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَوْ قَالَ الرَّسُولُ أَقْرِضْنِي لِفُلَانٍ الْمُرْسِلِ فَأَقْرَضَهُ وَضَاعَ فِي يَدِهِ فَعَلَى الرَّسُولِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِقْرَاضِ يَجُوزُ بِالِاسْتِقْرَاضِ لَا يَجُوزُ وَالرِّسَالَةُ بِالِاسْتِقْرَاضِ لِلْآمِرِ جَائِزَةٌ، وَإِنْ أَخْرَجَ الْوَكِيلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ يَقَعُ الْقَرْضُ لِلْآمِرِ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ يَصِيرُ مُسْتَقْرِضًا لِنَفْسِهِ وَيَكُونُ مَا اسْتَقْرَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَهُ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ دَفَعَ الْمُوَكِّلُ إلَيْهِ شَيْئًا لِيَرْهَنَ يَصِيرُ الْوَكِيلُ رَاهِنًا بِدَيْنِهِ وَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا لِلرَّهْنِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. اسْتَقْرَضَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَرْسَلَ عَبْدَهُ لِيَأْخُذَهَا مِنْ الْمُقْرِضِ فَقَالَ الْمُقْرِضُ دَفَعْتهَا إلَيْهِ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِهِ وَقَالَ دَفَعْتهَا إلَى مَوْلَايَ وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى قَبْضَ الْعَبْدِ الْعَشَرَةَ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُقْرِضُ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. اسْتَقْرَضَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ كُرَّ حِنْطَةٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَزْرَعَهُ فِي أَرْضِ الْمُسْتَقْرِضِ فَقَدْ صَحَّ الْقَرْضُ وَصَارَ الْمُسْتَقْرِضُ قَابِضًا بِإِيصَالِهِ إلَى مِلْكِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ

دَرَاهِمَ فَأَتَاهُ الْمُقْرِضُ بِالدَّرَاهِمِ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَقْرِضُ أَلْقِهَا فِي الْمَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَقْرَضَ عَلَى أَنْ يَكْفُلَ فُلَانٌ جَازَ حَاضِرًا كَانَ أَوَغَائِبًا كَفَلَ أَوْ لَمْ يَكْفُلْ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ أَقَرَّ فَقَالَ اسْتَقْرَضْت مِنْ فُلَانٍ أَلْفًا زُيُوفًا أَوْ قَالَ أَلْفًا نَبَهْرَجَةً وَأَنْفَقَهَا وَادَّعَى الْمُقْرِضُ أَنَّهَا كَانَتْ جِيَادًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَقْرِضِ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ إذَا وَصَلَ وَلَا يُصَدَّقُ إذَا فَصَلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ اشْتَرَى كُرَّ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ قَالَ لِلْبَائِعِ أَقْرِضْنِي قَفِيزَ حِنْطَةٍ أَوْ قَالَ أَقْرِضْنِي هَذَا الْقَفِيزَ وَأَخْلِطْ بِهِ الْكُرَّ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْك فَفَعَلَ وَصَبَّ الشِّرَاءَ عَلَى الْقَرْضِ أَوْ الْقَرْضِ عَلَى الشِّرَاءِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ قَابِضًا بِهِمَا جَمِيعًا وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَعَارِيَّةُ كُلِّ شَيْءٍ يَجُوزُ قَرْضُهُ قَرْضٌ وَعَارِيَّةُ كُلِّ شَيْءٍ لَا يَجُوزُ قَرْضُهُ عَارِيَّةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ فَدَفَعَ إلَى الطَّالِبِ دَنَانِيرَ فَقَالَ اصْرِفْهَا وَخُذْ حَقَّك مِنْهَا فَأَخَذَهَا فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهَا هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ وَكَذَا لَوْ صَرَفَهَا وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَقَّهُ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا حَقَّهُ ثُمَّ ضَاعَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ الدَّنَانِيرَ وَقَالَ خُذْهَا قَضَاءً لِحَقِّك فَأَخَذَ كَانَ دَاخِلًا فِي ضَمَانِهِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ الدَّنَانِيرَ وَقَالَ بِعْهَا بِحَقِّك فَبَاعَهَا بِدَرَاهِمَ مِثْلَ حَقِّهِ وَأَخَذَهَا يَصِيرُ قَابِضًا حَقَّهُ بِالْقَبْضِ بَعْدَ الْبَيْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَرَادَ الْمُقْرِضُ أَنْ يَأْخُذَ كُرَّهُ بِعَيْنِهِ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلِلْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يُعْطِيَهُ غَيْرَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. عِشْرُونَ رَجُلًا جَاءُوا وَاسْتَقْرَضُوا مِنْ رَجُلٍ وَأَمَرُوهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَدَفَعَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ إلَّا حِصَّتَهُ وَحَصَلَ بِهَذَا رِوَايَةَ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى أَنَّ التَّوْكِيلَ بِقَبْضِ الْقَرْضِ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ الِاسْتِصْنَاعُ جَائِزٌ فِي كُلِّ مَا جَرَى التَّعَامُلُ فِيهِ كَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْخُفِّ وَالْأَوَانِي الْمُتَّخِذَةُ مِنْ الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ إنْ جَازَ الِاسْتِصْنَاعُ فِيمَا لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ إذَا بَيَّنَ وَصْفًا عَلَى وَجْهٍ يَحْصُلُ التَّعْرِيفُ أَمَّا فِيمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ كَالِاسْتِصْنَاعِ فِي الثِّيَابِ بِأَنْ يَأْمُرَ حَائِكًا لِيَحِيكَ لَهُ ثَوْبًا بِغَزْلٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ لِلْخَفَّافِ اصْنَعْ لِي خُفًّا مِنْ أَدِيمِك يُوَافِقُ رِجْلِي وَيُرِيهِ رِجْلَهُ بِكَذَا أَوْ يَقُولُ لِلصَّائِغِ صُغْ لِي خَاتَمًا مِنْ فِضَّتِك وَبَيَّنَ وَزْنَهُ وَصِفَتَهُ بِكَذَا وَكَذَا لَوْ قَالَ لِسَقَّاءٍ أَعْطِنِي شَرْبَةَ مَاءٍ بِفَلْسٍ أَوْ احْتَجَمَ بِأَجْرٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِتَعَامُلِ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْرُ مَا يَشْرَبُ وَمَا يَحْتَجِمُ مِنْ ظَهْرِهِ مَعْلُومًا كَذَا فِي الْكَافِي الِاسْتِصْنَاعُ يَنْعَقِدُ إجَارَةً ابْتِدَاءً وَيَصِيرُ بَيْعًا انْتِهَاءً قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِسَاعَةٍ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَلَا خِيَارَ لِلصَّانِعِ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ لَهُ الْخِيَارَ كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الْمُخْتَارُ

الباب العشرون في البياعات المكروهة والأرباح الفاسدة

هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَالْمُسْتَصْنِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَلَا خِيَارَ لِلصَّانِعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمُسْتَصْنِعُ فِيهِ وَلِهَذَا لَوْ جَاءَ بِهِ مَفْرُوغًا عَنْهُ لَا مِنْ صَنْعَتِهِ أَوْ مِنْ صَنْعَتِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ جَازَ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالِاخْتِيَارِ حَتَّى لَوْ بَاعَهُ الصَّانِعُ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ الْمُسْتَصْنِعُ جَازَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ ضُرِبَ الْأَجَلُ فِيمَا لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ صَارَ سَلَمًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرَائِطِ السَّلَمِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ وَعِنْدَهُمَا يَبْقَى اسْتِصْنَاعًا وَيَكُونُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ لِلتَّعْجِيلِ، وَإِنْ ضُرِبَ الْأَجَلُ فِيمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ صَارَ سَلَمًا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ هَذَا إذَا كَانَ ضَرَبَ الْمُدَّةَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِمْهَالِ بِأَنْ قَالَ شَهْرًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْجَالِ بِأَنْ قَالَ عَلَى أَنْ تَفْرُغَ مِنْهُ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ لَا يَصِيرُ سَلَمًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الصُّغْرَى رَجُلٌ اسْتَصْنَعَ رَجُلًا فِي شَيْءٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمَصْنُوعِ فَقَالَ الْمُسْتَصْنِعُ لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرْتُك وَقَالَ الصَّانِعُ بَلْ فَعَلْت قَالُوا لَا يَمِينَ فِيهِ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَوْ ادَّعَى الصَّانِعُ عَلَى رَجُلٍ أَنَّك اسْتَصْنَعْت إلَيَّ فِي كَذَا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَحْلِفُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. [الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي الْبِيَاعَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَالْأَرْبَاحِ الْفَاسِدَةِ] الْعَرِيَّةُ الَّتِي فِيهَا الرُّخْصَةُ هِيَ الْعَطِيَّةُ دُونَ الْبَيْعِ وَتَفْسِيرُ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ ثَمَرَةَ نَخْلَةٍ مِنْ بُسْتَانِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ يَشُقُّ عَلَى الْمُعْرِي دُخُولَ الْمُعَرَّى لَهُ فِي بُسْتَانِهِ كُلَّ يَوْمٍ لِكَوْنِ أَهْلِهِ فِي الْبُسْتَانِ وَلَا يَرْضَى مِنْ نَفْسِهِ خَلْفَ الْوَعْدِ وَالرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ فَيُعْطِيَهُ مَكَانَ ذَلِكَ تَمْرًا مَجْذُوذًا بِالْخَرْصِ لِيَدْفَعَ ضَرَرَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ مُخْلِفًا لِلْوَعْدِ وَهِيَ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي تَفْسِيرِ الْعِينَةِ الَّتِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهَا قَالَ بَعْضُهُمْ تَفْسِيرُهَا أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ الْمُحْتَاجُ إلَى آخَرَ وَيَسْتَقْرِضَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَلَا يَرْغَبُ الْمُقْرِضُ فِي الْإِقْرَاضِ طَمَعًا فِي الْفَضْلِ الَّذِي لَا يَنَالُهُ فِي الْقَرْضِ فَيَقُولُ لَيْسَ يَتَيَسَّرُ عَلَيَّ الْإِقْرَاضُ وَلَكِنْ أَبِيعُك هَذَا الثَّوْبَ إنْ شِئْت بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَقِيمَتُهُ فِي السُّوقِ عَشَرَةٌ لِتَبِيعَ فِي السُّوقِ بِعَشَرَةٍ فَيَرْضَى بِهَا الْمُسْتَقْرِضُ فَيَبِيعُهُ الْمُقْرِضُ مِنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا ثُمَّ يَبِيعُهُ الْمُشْتَرِي فِي السُّوقِ بِعَشَرَةٍ لِيَحْصُلَ لِرَبِّ الثَّوْبِ رِبْحُ دِرْهَمَيْنِ بِهَذِهِ التِّجَارَةِ وَيَحْصُلُ لِلْمُسْتَقْرِضِ قَرْضُ عَشَرَةٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَفْسِيرُهَا أَنْ يُدْخِلَا بَيْنَهُمَا ثَالِثًا فَيَبِيعَ الْمُقْرِضُ ثَوْبَهُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَيُسَلِّمَ إلَيْهِ ثُمَّ يَبِيعَ الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الثَّالِثِ الَّذِي أَدْخَلَاهُ بَيْنَهُمَا بِعَشَرَةٍ وَيُسَلِّمَ الثَّوْبَ إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الثَّالِثَ يَبِيعُ الثَّوْبَ مِنْ صَاحِبِ الثَّوْبِ وَهُوَ الْمُقْرِضُ بِعَشَرَةٍ وَيُسَلِّمُ الثَّوْبَ إلَيْهِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْعَشَرَةَ وَيَدْفَعُهَا إلَى طَالِبِ الْقَرْضِ فَيَحْصُلُ لِطَالِبِ الْقَرْضِ عَشَرَةَ دَرَاهِمِ وَيَحْصُلُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ عَلَيْهِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعِينَةُ جَائِزَةٌ مَأْجُورٌ مَنْ عَمِلَ بِهَا كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى الْبَيْعُ الَّذِي تَعَارَفَ

أَهْلُ زَمَانِنَا احْتِيَالًا لَلرِّبَا وَسَمَّوْهُ بَيْعَ الْوَفَاءِ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ رَهْنٌ وَهَذَا الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَالرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا يُطْلِقُ لَهُ الِانْتِفَاعَ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَكَلَ مِنْ ثَمَرَةٍ وَاسْتَهْلَكَ مِنْ شَجَرَةٍ وَالدَّيْنُ سَاقِطٌ بِهَلَاكِهِ فِي يَدِهِ إذَا كَانَ بِهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ إذَا هَلَكَتْ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُهُ إذَا قَضَى دَيْنَهُ وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّهْنِ فِي حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَعَلَيْهِ فَتْوَى السَّيِّدِ أَبِي شُجَاعٍ السَّمَرْقَنْدِيِّ وَفَتْوَى الْقَاضِي عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ بِبُخَارَى وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْت مِنْك هَذَا الْعَيْنَ بِدَيْنٍ لَك عَلَيَّ عَلَى أَنِّي مَتَى قَضَيْت الدَّيْنَ فَهُوَ لِي أَوْ يَقُولُ الْبَائِعُ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا عَلَى أَنِّي مَتَى دَفَعْت لَك الثَّمَنَ تَدْفَعُ الْعَيْنَ إلَيَّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ رَهْنًا ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ ذَكَرَا شَرْطَ الْفَسْخِ فِي الْبَيْعِ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَتَلَفَّظَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ أَوْ تَلَفَّظَا بِالْبَيْعِ الْجَائِزِ وَعِنْدَهُمَا هَذَا الْبَيْعُ عِبَارَةٌ عَنْ بَيْعٍ غَيْرِ لَازِمٍ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ ذَكَرَا الْبَيْعَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ثُمَّ ذَكَرَا الشَّرْطَ عَلَى وَجْهِ الْمُوَاعَدَةِ جَازَ الْبَيْعُ وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي النَّسَفِيَّةِ سُئِلَ عَمَّنْ بَاعَ دَارِهِ مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بَيْعَ الْوَفَاءِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي مَعَ شَرَائِطِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَقَبَضَهَا وَمَضَتْ الْمُدَّةُ هَلْ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ قَالَ لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. بَاعَ كَرْمَهُ مِنْ آخَرَ بَيْعَ الْوَفَاءِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ بَيْعًا بَاتًّا وَسَلَّمَ وَغَابَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ وَيَسْتَرِدَّ مِنْهُ الْكَرْمَ وَكَذَا إذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِيَانِ وَلِكُلٍّ وَرَثَةٌ فَلِوَرَثَةِ الْمَالِكِ أَنْ يَسْتَخْلِصُوهُ مِنْ أَيْدِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَلِوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي أَنْ يَرْجِعُوا بِمَا أَدَّى مِنْ الثَّمَنِ إلَى بَائِعِهِ فِي تَرِكَتِهِ الَّتِي فِي أَيْدِي وَرَثَتِهِ وَلِوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَسْتَرِدُّوهُ وَيَحْبِسُوهُ بِدَيْنِ مُورِثِهِمْ إلَى أَنْ يَقْضُوا الدَّيْنَ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. فِي فَتَاوَى أَبِي الْفَضْلِ سُئِلَ عَنْ كَرْمٍ بِيَدِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ بَاعَتْ الْمَرْأَةُ نَصِيبَهَا مِنْ الرَّجُلِ وَاشْتَرَطَتْ أَنَّهَا مَتَى جَاءَتْ بِالثَّمَنِ رُدَّ عَلَيْهَا نَصِيبُهَا ثُمَّ بَاعَ الرَّجُلُ نَصِيبَهُ هَلْ لِلْمَرْأَةِ فِيهِ شُفْعَةٌ قَالَ إنْ كَانَ الْبَيْعُ بَيْعَ مُعَامَلَةٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِلْمَرْأَةِ سَوَاءٌ كَانَ نَصِيبُهَا مِنْ الْكَرْمِ فِي يَدِهَا أَوْ فِي يَدِ الرَّجُلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ بَيْعُ الْوَفَاءِ وَبَيْعُ الْمُعَامَلَةِ وَاحِدٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. التَّلْجِئَةُ هِيَ الْعَقْدُ الَّذِي يُنْشِئُهُ لِضَرُورَةِ أَمْرٍ فَيَصِيرُ كَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لِرَجُلٍ إنِّي أُظْهِرُ أَنِّي بِعْت دَارِي مِنْك وَلَيْسَ بِبَيْعٍ فِي الْحَقِيقَةِ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يَبِيعُ فِي الظَّاهِرِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ التَّلْجِئَةُ فِي الْبَدَلِ نَحْوَ أَنْ يَتَّفِقَا فِي السِّرِّ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفٌ وَيَتَبَايَعَانِ فِي الظَّاهِرِ بِأَلْفَيْنِ فَالثَّمَنُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي السِّرِّ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُمَا هَزَلَا فِي الزِّيَادَةِ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الثَّمَنَ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الظَّاهِرِ وَالثَّالِثِ أَنْ يَتَّفِقَا فِي الْبَاطِنِ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ

وَيَتَبَايَعَانِ فِي الظَّاهِرِ بِمِائَةِ دِينَارٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقِيَاسُ أَنْ يَبْطُلَ الْعَقْدُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَصِحُّ بِمِائَةِ دِينَارٍ كَذَا فِي الْحَاوِي وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْعُ التَّلْجِئَةِ مَوْقُوفٌ إنْ أَجَازَاهُ جَازَ، وَإِنْ رَدَّاهُ بَطَلَ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَلَوْ اتَّفَقَا أَنْ يُقِرَّا بِبَيْعٍ لَمْ يَكُنْ فَأَقَرَّا بِذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا يَجُوزُ بِإِجَازَتِهِمَا كَذَا فِي الْحَاوِي. ادَّعَى أَحَدُهُمَا التَّلْجِئَةَ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. بَيْعُ الزُّنَّارِ مِنْ النَّصَارَى وَالْقَلَنْسُوَةِ مِنْ الْمَجُوسِ لَا يُكْرَهُ وَبَيْعُ الْمُكَعَّبِ الْمُفَضَّضِ مِنْ الرَّجُلِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِلُبْسٍ يُكْرَهُ وَبَيْعُ الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى يُكْرَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. مَنْ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي عَلَى الطَّرِيقِ وَلَمْ يَضُرَّ قُعُودِهِ لِلنَّاسِ لَسَعَةِ الطَّرِيقَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِمْ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَى مِنْهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مُشْتَرِيًا لَا يَقْعُدُ فَكَانَ الشِّرَاءُ مِنْهُ إعَانَةً عَلَى الْمَعْصِيَةِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ التَّاجِرِ شَيْئًا هَلْ يَلْزَمُهُ السُّؤَالُ أَنَّهُ حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ قَالُوا يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِي بَلَدٍ وَزَمَانٍ كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ هُوَ الْحَلَالَ فِي أَسْوَاقِهِمْ لَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَسْأَلَ أَنَّهُ حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ وَيُبْنَى الْحُكْمُ عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْحَرَامَ أَوْ كَانَ الْبَائِعُ رَجُلًا يَبِيعُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ يُحْتَاطُ وَيَسْأَلُ أَنَّهُ حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ. رَجُلٌ مَاتَ وَكَسْبُهُ مِنْ الْحَرَامِ يَنْبَغِي لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَتَعَرَّفُوا فَإِنْ عَرَفُوا أَرْبَابَهَا رَدُّوا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا تَصَدَّقُوا بِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ الْمَعِيبَةَ وَهُوَ يَعْلَمُ يَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَهَا فَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَصِيرُ فَاسِقًا مَرْدُودَ الشَّهَادَةِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ لَا نَأْخُذُ بِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ صِغَارَ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْعَشَرَةَ وَبَعْضُهَا كِبَارٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَصْرِفَهَا إلَى حَوَائِجِهِ. سُئِلَ مَشَايِخُ بَلْخٍ عَنْ بَيْعِ الطِّينِ الَّذِي يُؤْكَلُ قَالَ لَا يُعْجِبُنِي بَيْعُهُ إذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ إلَّا لِلْأَكْلِ لِأَنَّهُ يَضُرُّ وَيَقْتُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْأَشْرِبَةِ لِلْأَمَامِ السَّرَخْسِيِّ بَيْعُ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُ خَمْرًا لَا يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُكْرَهُ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَبَيْعُ الْعِنَبِ مِمَّنْ يَتَّخِذُ الْخَمْرَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ بَاعَ شَاةً مِنْ كَافِرٍ يَقْتُلُهُ خَنْقًا أَوْ يَضْرِبُ عَلَى الرَّأْسِ حَتَّى يَمُوتَ قَالُوا لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ. رَجُلٌ اسْتَامَ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَزَادَ رَجُلٌ آخَرَ فِي الثَّمَنِ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ وَأَنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيُرَغِّبَ الْمُشْتَرِيَ فِي الزِّيَادَةِ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَهُوَ النَّجْشُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي اسْتَامَ يَطْلُبُ الشِّرَاءَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَا بَأْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَزِيدَ حَتَّى يُرَغِّبَ الْمُشْتَرِيَ فِي الزِّيَادَةِ إلَى تَمَامِ قِيمَتِهِ وَهُوَ مَأْجُورٌ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ لِحَاجَتِهِ فَطَلَبَ مِنْهُ بِدُونِ قِيمَتِهِ فَزَادَ رَجُلٌ إلَى تَمَامِ قِيمَتِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَهَذَا مَحْمُودٌ غَيْرُ مَذْمُومٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ مَنْ يَزِيدُ وَهُوَ بَيْعُ الْفُقَرَاءِ وَبَيْعُ مَنْ كَسَدَتْ بِضَاعَتُهُ. وَالِاسْتِيَامُ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ مَكْرُوهٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُزَايَدَةِ وَالِاسْتِيَامِ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ إذَا كَانَ يُنَادِي عَلَى

سِلْعَتِهِ فَطَلَبَهَا إنْسَانٌ بِثَمَنٍ فَكَفَّ عَنْ النِّدَاءِ وَرَكَنَ إلَى مَا طَلَبَ مِنْهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَلَيْسَ لِلْغَيْرِ أَنْ يَزِيدَ ذَلِكَ وَهَذَا اسْتِيَامٌ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُفَّ عَنْ النِّدَاءِ فَلَا بَأْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَزِيدَ وَيَكُونُ هَذَا بَيْعُ الْمُزَايَدَةِ وَلَا يَكُونُ اسْتِيَامًا عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ، وَإِنْ كَانَ الدَّلَّالُ هُوَ الَّذِي يُنَادِي عَلَى السِّلْعَةِ وَطَلَبَهَا إنْسَانٌ بِثَمَنٍ فَقَالَ الدَّلَّالُ حَتَّى أَسْأَلَ الْمَالِكَ فَلَا بَأْسَ لِلْغَيْرِ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنْ أَخْبَرَ الدَّلَّالُ الْمَالِكَ فَقَالَ بِعْهُ بِذَلِكَ وَاقْبِضْ الثَّمَنَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا اسْتِيَامٌ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكُرِهَ بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي وَهَذَا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلْدَةِ فِي قَحْطٍ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ رَغْبَةً فِي الثَّمَنِ الْغَالِي فَيُكْرَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَقِيلَ صُورَتُهُ أَنْ يَجِيءَ الْبَادِي بِالطَّعَامِ إلَى مِصْرٍ فَيَتَوَكَّلَ الْحَاضِرُ عَنْ الْبَادِي وَيَبِيعَ الطَّعَامَ وَيُغَالِيَ السِّعْرَ وَفِي الْمُجْتَبَى هَذَا التَّفْسِيرُ أَصَحُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَكُرِهَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ وَالْمُعْتَبَرُ الْأَذَانُ بَعْدَ الزَّوَالِ كَذَا فِي الْكَافِي. مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بَيْعًا فَاسِدًا وَتَقَابَضَا وَبَاعَهَا وَرَبِحَ فِيهَا يَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ، وَإِنْ اشْتَرَى الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ شَيْئًا وَرَبِحَ فِيهِ طَابَ لَهُ الرِّبْحُ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِهَا فَيُؤَثِّرُ الْخُبْثُ فِي الرِّبْحِ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لَا تَتَعَيَّنَانِ فِي الْعُقُودِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْعَقْدُ الثَّانِي بِعَيْنِهَا فَلَمْ يُؤَثِّرْ الْخُبْثُ فِيهِ وَهَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ وَهِيَ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ هَذَا فِي الْخُبْثِ الَّذِي لِفَسَادِ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ الْخُبْثُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ كَالْغُصُوبِ وَالْأَمَانَاتِ إذَا خَانَ فِيهَا الْمُؤْتَمَنُ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ مَا يَتَعَيَّنُ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَضَاهُ الْأَلْفَ وَتَصَرَّفَ الْقَابِضُ فِيهِ وَرَبِحَ ثُمَّ تَصَادَقَا إنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ طَابَ لَهُ رِبْحُهُ كَذَا فِي الْكَافِي. مَنْ اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ أَلْفًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْمُقْرِضَ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَبَضَ الْأَلْفَ وَرَبِحَ فِيهَا طَابَ لَهُ الرِّبْحُ. فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ بَاعَ مِنْ آخَرَ حِنْطَةً ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَاسْتَهْلَكَهَا فَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّانِي فَإِنْ أَخَذَ بِمِثْلِهَا فَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ طَابَ لَهُ الْفَضْلُ قُلْت إنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ فَأَبَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّمَا يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ إذَا أَخَذَ قِيمَتَهُ دَرَاهِمَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَمَاتَ عِنْدَهُ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَى قَبْلَهُ قَالَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ قِيمَتَهُ وَيَتَصَدَّقَ بِفَضْلِ الْقِيمَةِ عَلَى الثَّمَنِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ فَأَعْطَاهُ الْآمِرُ وَضَحًا وَنَقَدَ الْمُشْتَرِي فِي ثَمَنِ الْمَتَاعِ غَلَّةً هَلْ يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ قَالَ إنْ عَلِمَ الْآمِرُ بِذَلِكَ وَحَلَّلَهُ مِنْهُ فَهُوَ طَيِّبٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّ فِي نَفْسِي

مَا فِيهَا مِنْ هَذَا وَلَمْ يَجِبْ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا وَبَاعَهُ بِعَبْدٍ ثُمَّ بَاعَ الْعَبْدَ الثَّانِيَ بِعَرْضٍ ثُمَّ بَاعَ الْعَرْضَ بِدِرْهَمٍ فَعَلَى قَوْلِ الْأَمَامِ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ عَمَّا ضَمِنَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ وَكَذَا لَوْ اغْتَصَبَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِمَا عَرْضًا وَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً شِرَاءً فَاسِدًا أَوْ بَاعَهَا بِأَمَةٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ هَذِهِ الْأَمَةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَطْءُ الْأَمَةِ الْأُولَى قَالَ الْقَاضِي لَوْ بَاعَ هَذِهِ الْأَمَةَ الثَّانِيَةَ يَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْأُولَى الَّتِي ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَوَافَقَ الْإِمَامُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَوْ بَاعَ الْمَبِيعَةَ بَيْعًا فَاسِدًا بِعَرْضٍ ثُمَّ بَاعَ ذَلِكَ الْعَرْضَ بِفَضْلٍ عَمَّا ضَمِنَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ وَجَعَلَ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ أَشَدَّ مِنْ الْغَصْبِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ اشْتَرَى دَارًا وَقَدْ أَجَّرَهَا الْبَائِعُ مِنْ رَجُلٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي إنِّي أَسْكُنُ حَتَّى تَتِمَّ الْإِجَارَةُ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْأَجْرُ لِلْبَائِعِ يَتَصَدَّقُ بِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي فِي الْأَرْبَاحِ الْفَاسِدَةِ اشْتَرَى دَجَاجَةً بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ بِعَيْنِهَا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى بَاضَتْ الدَّجَاجَةُ خَمْسَ بَيْضَاتٍ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الدَّجَاجَةَ وَالْبَيْضَاتِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْبَائِعُ الْبَيْضَاتِ وَقِيمَةُ الدَّجَاجَةِ تَبْلُغُ عَشْرَ بَيْضَاتٍ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الدَّجَاجَةَ بِثَلَاثِ بَيْضَاتٍ وَثُلُثِ بَيْضَةٍ وَلَوْ اشْتَرَى الدَّجَاجَةَ بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا وَبَاضَتْ خَمْسًا قَبْلَ الْقَبْضِ يَتَصَدَّقُ بِالزِّيَادَةِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْبَائِعُ الْبَيْضَاتِ يَأْخُذُ الدَّجَاجَةَ بِثَلَاثِ بَيْضَاتٍ وَثُلُثِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ اشْتَرَى نَخْلًا بِمُدٍّ مِنْ رُطَبٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ النَّخْلَ حَتَّى حَمَلَتْ رُطَبًا فَإِنَّ الثَّمَنَ يُقَسَّمُ عَلَى قِيمَةِ النَّخْلِ وَالرُّطَبُ الْحَادِثُ يُسَلَّمُ لَهُ مِنْ الرُّطَبِ الْحَادِثِ قَدْرَ مَا يُصِيبُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَتَصَدَّقُ بِالزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى النَّخْلَ بِرُطَبٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ بَاعَ دِرْهَمًا مِنْ نَصْرَانِيٍّ بِدِرْهَمَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَ قَالَ إنْ عَرَفَ صَاحِبَهُ فَلْيَرُدَّ عَلَيْهِ الْفَضْلَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ يَتَصَدَّقُ بِهِ رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهَا فَبَاعَهَا ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَأَدَّاهَا إلَيْهِ وَرَدَّهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي الثَّمَنِ الثَّانِي فَضَلَ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي أَدَّاهَا فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ الْفَضْلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنَّمَا طَابَ لِلْمَسَاكِينِ عَلَى قِيَاسِ اللُّقَطَةِ قَالَ وَهَذَا الرِّبْحُ لَا يَطِيبُ لِهَذَا الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لِأَنَّهُ يَكْتَسِبُهُ بِمَعْصِيَةٍ وَيَطِيبُ لِلْمَسَاكِينِ وَهُوَ أَطْيَبُ لَهُمْ مِنْ اللُّقَطَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِالرِّبْحِ حَتَّى عَمِلَ الثَّمَنَ وَرَبِحَ رِبْحًا وَبِيعَتْ فِيهَا بُيُوعٌ كُلُّهَا رِبْحٌ قَالَ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَوْ غَصَبَ مَالًا أَوْ عَمِلَ بِوَدِيعَةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ وَخَالَفَ فِيهَا وَرَبِحَ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ وَلَوْ اشْتَرَى بِغَيْرِ الْغَصْبِ وَنَقَدَ الْغَصْبَ أَوْ اشْتَرَى بِالْغَصْبِ وَنَقَدَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

فصل في الاحتكار

لَا يَتَصَدَّقُ فِي هَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ اشْتَرَى أَمَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَوَلَدَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَدًا ثُمَّ قَبَضَهُمَا وَفِيهِمَا زِيَادَةٌ وَفَضْلٌ كَثِيرٌ عَلَى الثَّمَنِ فَذَلِكَ لَهُ طَيِّبٌ وَلَوْ قُتِلَا فِي يَدِ الْبَائِعِ فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَتْبَعَ الْقِيمَةَ وَيَنْقُدَ الثَّمَنَ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ وَلَوْ قُتِلَ الْوَلَدَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَصَدَّقُ بِفَضْلِ قِيمَتِهِ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْفَضْلَ لَمْ يَقَعْ فِي ضَمَانِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَتَلَهُ عَبْدٌ قَبْلَ الْقَبْضِ فَدَفَعَ بِهِ وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي وَفِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَلَى الثَّمَنِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ لَوْ بَاعَ هَذَا الْعَبْدُ بِفَضْلٍ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ فِيهِ أَوْ أَقَلَّ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ وَلَا يُجَاوِزُ مَا كَانَ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَتَصَدَّقُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي صَارَ فِيهِ مِنْ الْفَضْلِ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ قَبْضِ هَذَا الْعَبْدِ وَلَوْ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ بِعَرْضٍ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ فَإِنْ بَاعَ ذَلِكَ الْعَرْضَ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ دَنَانِيرَ فِيهَا فَضْلٌ فَإِنِّي أَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ بِالْجِنَايَةِ يَوْمَ قَبْضِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ يَوْمئِذٍ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ فِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ يَوْمئِذٍ نَظَرَ إلَى ذَلِكَ الْفَضْلِ وَإِلَى هَذَا الرِّبْحِ الَّذِي صَارَ فِي يَدِهِ فَيَتَصَدَّقُ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبُيُوعِ غَصَبَ مِنْ آخَرَ كُرَّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي خَمْسِينَ وَبَاعَهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ ضَمَّنَهُ صَاحِبُ الْكُرِّ مِثْلَهُ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبًا طَابَ لَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَقُتِلَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ الْقِيمَةِ وَهِيَ أَلْفَا دِرْهَمٍ وَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِأَحَدِ الْأَلْفَيْنِ حَتَّى ضَاعَ أَحَدُ الْأَلْفَيْنِ بَقِيَ الْأَلْفُ الْآخَرُ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَلَوْ لَمْ يَضَعْ حَتَّى اشْتَرَى بِمَا رَبِحَ تَصَدَّقَ بِأَحَدِ الْأَلْفَيْنِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَتَصَدَّقُ بِرِبْحِ الْأَلْفِ فَإِنْ هَلَكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْهُمَا بَعْدَمَا تَصَرَّفَ فِيهَا فَعَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْأَلْفِ وَلَوْ كَانَ صَالَحَ مَعَ الْقَاتِلِ عَنْ الْقِيمَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَأَعْتَقَ الْعَبْدَ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ فَإِنْ كَانَ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَالٍ فَكَذَلِكَ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ إلَّا فِي خَصْلَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ يَوْمَ قَبْضِهِ يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَيَكُونُ الَّذِي أَعْتَقَهُ عَلَيْهِ مَثَلَ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ فَيَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ الْفَضْلِ الَّذِي فِي الْقِيمَةِ عَلَى رَأْسِ مَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [فَصْلٌ فِي الِاحْتِكَارِ] الِاحْتِكَارُ مَكْرُوهٌ وَذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ طَعَامًا فِي مِصْرٍ وَيَمْتَنِعَ مِنْ بَيْعِهِ وَذَلِكَ يَضُرُّ بِالنَّاسِ كَذَا فِي الْحَاوِي، وَإِنْ اشْتَرَى فِي ذَلِكَ الْمِصْرِ وَحَبَسَهُ وَلَا يَضُرُّ بِأَهْلِ الْمِصْرِ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّجْنِيسِ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ مِنْ الْمِصْرِ فَحَمَلَ طَعَامًا إلَى الْمِصْرِ وَحَبَسَهُ وَذَلِكَ يَضُرُّ بِأَهْلِهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْجَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَفِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ فَإِنْ جَلَبَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ وَاحْتَكَرَ لَمْ يُمْنَعْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ اشْتَرَى طَعَامًا فِي مِصْرٍ وَجَلَبَهُ إلَى مِصْرٍ آخَرَ وَاحْتَكَرَ فِيهِ فَإِنَّهُ

لَا يُكْرَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَلِكَ لَوْ زَرَعَ أَرْضَهُ وَادَّخَرَ طَعَامَهُ فَلَيْسَ بِمُحْتَكِرٍ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَبِيعَ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ إذَا أَشْتَدَّتْ حَاجَةُ النَّاسِ إلَيْهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْمُضْمَرَاتِ وَإِذَا قَلَّتْ الْمُدَّةُ لَا يَكُونُ احْتِكَارًا وَإِذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ يَكُونُ احْتِكَارًا وَعَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ قَدَّرُوا الطَّوِيلَةَ بِالشَّهْرِ فَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ ثُمَّ يَقَعُ التَّفَاوُتُ فِي الِاحْتِكَارِ بَيْنَ أَنْ يَتَرَبَّصَ لِلْغَلَاءِ وَبَيْنَ أَنْ يَتَرَبَّصَ لِلْقَحْطِ فَوَبَالُ الثَّانِي أَعْظَمُ مِنْ وَبَالِ الْأَوَّلِ وَفِي الْجُمْلَةِ التِّجَارَةُ فِي الطَّعَامِ غَيْرُ مَحْمُودَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالِاحْتِكَارُ فِي كُلِّ مَا يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الِاحْتِكَارُ بِمَا يَتَقَوَّتُ بِهِ النَّاسُ وَالْبَهَائِمُ كَذَا فِي الْحَاوِي قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْإِمَامِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُحْتَكِرَ عَلَى الْبَيْعِ إذَا خَافَ الْهَلَاكُ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ وَيَقُولُ لِلْمُحْتَكِرِ بِعْ بِمَا يَبِيعُ النَّاسُ وَبِزِيَادَةٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يُسَعِّرُ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا إذَا كَانَ أَرْبَابُ الطَّعَامِ يَتَحَمَّلُونَ وَيَتَعَدَّوْنَ عَنْ الْقِيمَةِ وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ صِيَانَةِ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا بِالتَّسْعِيرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إلَّا بِمَشُورَةِ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْبَصَرِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فَإِنْ سَعَّرَ فَبَاعَ الْخَبَّازُ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَعَّرَ جَازَ بَيْعُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَمَنْ بَاعَ مِنْهُمْ بِمَا قَدَّرَ الْإِمَامُ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ بَيْعُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِذَا رُفِعَ أَمْرُ الْمُحْتَكِرِ إلَى الْحَاكِمِ فَالْحَاكِمُ يَأْمُرُهُ بِبَيْعِ مَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ أَهْلِهِ عَلَى اعْتِبَارِ السَّعَةِ وَيَنْهَاهُ عَنْ الِاحْتِكَارِ فَإِنْ انْتَهَى فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ وَرُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي مَرَّةً أُخْرَى وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى عَادَتِهِ وَعَظَهُ وَهَدَّدَهُ فَإِنْ رُفِعَ إلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى حَبَسَهُ وَعَزَّرَهُ عَلَى مَا يَرَى ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَإِذَا خَافَ الْإِمَامُ الْهَلَاكَ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ أَخَذَ الطَّعَامَ مِنْ الْمُحْتَكِرِينَ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَحَاوِيجِ فَإِذَا وَجَدُوا رَدُّوا مِثْلَهُ وَهَذَا صَحِيحٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْمُضْمَرَاتِ وَهَلْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ عَلَى الْمُحْتَكِرِ طَعَامَهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ قِيلَ هُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَقِيلَ يَبِيعُ بِالِاتِّفَاقِ فِي الْمُلْتَقَطِ لَوْ خِيفَ الْهَلَاكُ عَلَى النَّاسِ أَمَرَ الْجَالِبَ أَنْ يَبِيعَ مِثْلَ مَا أَمَرَ الْمُحْتَكِرَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَالتَّلَقِّي إذَا كَانَ يَضُرُّ بِأَهْلِ الْبَلَدِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ فَلَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ لَا يَلْبَسُ عَلَى أَهْلِ الْقَافِلَةِ سِعْرَ أَهْلِ الْبَلْدَةِ وَلَا يَغُرَّهُمْ بِأَنْ أَخْبَرَهُمْ أَنْ قِيمَةَ الطَّعَامِ فِي الْمِصْرِ كَذَا وَصَدَقَ وَإِذَا لَبِسَ عَلَيْهِمْ سِعْرُ أَهْلِ الْبَلْدَةِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ أَعْرَابًا قَدِمُوا الْكُوفَةَ وَأَرَادُوا أَنْ يَمْتَارُوا مِنْهَا وَيَضُرُّ ذَلِكَ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ يَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَمْنَعُ أَهْلَ الْبَلَدِ مِنْ الشِّرَاءِ. السُّلْطَانُ إذَا قَالَ لِلْخَبَّازِينَ بِيعُوا عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ بِدِرْهَمٍ وَلَا تُنْقِصُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَاشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ أَحَدِهِمْ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ وَالْخَبَّازُ يَخَافُ إنْ نَقَصَ يَضُرُّ بِهِ السُّلْطَانُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُكْرَهِ وَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلْخَبَّازِ بِعْنِي الْخُبْزَ كَمَا تُحِبُّ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَحِلُّ الْأَكْلَ فَلَوْ اشْتَرَى عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ كَمَا أَمَرَ بِهِ السُّلْطَانُ ثُمَّ قَالَ الْخَبَّازُ أَجَزْت ذَلِكَ الْبَيْعَ جَازَ وَحَلَّ لِلْمُشْتَرِي

أَكْلُهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَيُكْرَهُ أَنْ يُلْقِيَ فِي النُّحَاسِ دَوَاءً فَيُبَيِّضَهُ وَيَبِيعُهُ بِحِسَابِ الْفِضَّةِ وَكَذَا ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ فِي غَيْرِ دَارِ الضَّرْبِ، وَإِنْ كَانَتْ جِيَادًا. وَأَمَّا لَوْ صَاغَ الْفِضَّةَ لِأَهْلِهَا وَيُلْقِي فِيهَا النُّحَاسُ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَرُشَّ الْبَزَّازُ الثَّوْبَ لِيُلَيِّنَهُ كَمَنْ غَسَلَ وَجْهَ جَارِيَتِهِ وَيُزَيِّنَهَا لِيَبِيعَهَا. وَيُكْرَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْجَيِّدَ بِالرَّدِيءِ وَأَنْ يَصْبُغَ اللَّحْمَ بِالزَّعْفَرَانِ وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْمَغْشُوشِ إذَا كَانَ الْغِشُّ ظَاهِرًا كَالْحِنْطَةِ بِالتُّرَابِ، وَإِنْ طَحَنَهُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُبَيِّنَهُ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَضَعَ عِنْدَ الْخَبَّازِ أَوْ الْقَصَّابِ أَوْ نَحْوِهِ دَرَاهِمَ لِيَأْخُذَ مِنْهُ مَا شَاءَ وَلَكِنْ يُودِعُهُ وَيَأْخُذُ مِنْهُ مَا شَاءَ بِشَيْءٍ مُسَمًّى مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ ضَمِنَ. وَلَا يَحْلِفُ لِتَرْوِيجِ السِّلْعَةِ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ يَأْثَمُ الْفَقَّاعِي بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ فَتْحِ الْفُقَّاعِ وَكَذَا الْحَارِسُ بِقَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ عِنْدَ الْحِرَاسَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. صَبِيٌّ جَاءَ إلَى الْفَامِيِّ بِفَلْسٍ أَوْ بِخُبْزٍ وَطَلَبَ مِنْهُ شَيْئًا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْبَيْتِ كَالْمِلْحِ وَالْأُشْنَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ جَازَ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَإِنْ طَلَب مِنْهُ جَوْزًا أَوْ فُسْتُقًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِي الصَّبِيُّ لِنَفْسِهِ عَادَةً لَا يَبِيعُ. صَبِيٌّ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَقَالَ أَنَا بَالِغٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَسْت بِبَالِغٍ فَإِنْ كَانَ حِينَ أَخْبَرَ عَنْ الْبُلُوغِ يَحْتَمِلُ الْبُلُوغَ بِأَنْ كَانَ سِنُّهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ أَكْثَرَ لَا يُعْتَبَرُ جُحُودُهُ، وَإِنْ كَانَ سِنُّهُ دُونَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ إخْبَارُهُ بِالْبُلُوغِ فَيَصِحُّ جُحُودُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ ثَوْبٌ قَالَ وَكَّلَنِي فُلَانٌ بِبَيْعِهِ وَأَنْ لَا أَنْقُصَ مِنْ عَشَرَةٍ فَطَلَبَ إنْسَانٌ بِتِسْعَةٍ إنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِيُرَوِّجَ السِّلْعَةَ بِعَشَرَةٍ وَسِعَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ لَا يَسَعُهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اشْتَرَى ثَوْرًا أَوْ فَرَسًا مِنْ خَزَفٍ لِاسْتِئْنَاسِ الصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ وَلَا قِيمَةَ لَهُ وَلَا يَضْمَنُ مُتْلِفُهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. اكْتَسَبَ مَالًا مِنْ حَرَامٍ ثُمَّ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْهُ فَإِنْ دَفَعَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ إلَى الْبَائِعِ أَوَّلًا ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَإِنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ، وَإِنْ اشْتَرَى قَبْلَ الدَّفْعِ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ وَدَفَعَهَا فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ الْكَرْخِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ خِلَافًا لِأَبِي نَصْرٍ، وَإِنْ اشْتَرَى قَبْلَ الدَّفْعِ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ وَدَفَعَ غَيْرَهَا أَوْ اشْتَرَى مُطْلَقًا وَدَفَعَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ أَوْ اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ أُخْرَى وَدَفَعَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ قَالَ أَبُو نَصْرٍ يَطِيبُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ وَهُوَ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ إلَّا أَنَّ الْيَوْمَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا فَوَجَدَ فِي جُذُوعِهَا دَرَاهِمَ قَالَ بَعْضُهُمْ يَرُدُّهَا عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ يَتَصَدَّقُ بِهَا وَهَذَا أَصْوَبُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اشْتَرَى سِتْرَ الْكَعْبَةِ مِنْ بَعْضِ السَّدَنَةِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ نَقَلَهُ إلَى بَلَدِهِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ. حَصِيرُ الْمَسْجِدِ إذَا صَارَ خَلَقًا جَازَ أَنْ يُبَاعَ وَيُزَادَ فِي ثَمَنِهِ وَيُشْتَرَى بِهِ آخَرُ رَجُلٌ دَخَلَ كَرْمَ صَدِيقِهِ فَأَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا وَكَانَ صَدِيقُهُ بَاعَ الْكَرْمَ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ قَالُوا الْإِثْمُ عَنْهُ مَوْضُوعٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِلَّ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ يَضْمَنَ

لَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُعْجِبُنَا أَنْ يَدْخُلَ الرَّجُلُ السُّوقَ لِيَشْتَرِيَ فَاكِهَةً أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا مَالَهُ قِيمَةٌ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. التَّفْرِيقُ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَبَيْنَ الصَّغِيرَيْنِ مِنْ الْمَحَارِمِ بِالرَّحِمِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا مَكْرُوهٌ وَالْبَيْعُ جَائِزٌ فِي الْحُكْمِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَهُ وَالْآخَرُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِعَبْدِهِ أَوْ لِمَكَاتِبِهِ لَا يُكْرَهُ وَلَوْ كَانَ كِلَاهُمَا لَهُ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ يُكْرَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِوَلَدٍ مِنْ أَوْلَادِهِ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بِالْبَيْعِ وَلَوْ كَانَ لَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شِقْصٌ لَمْ أَكْرَهْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ شِقْصَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا يُكْرَهُ إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ كَابْنَيْ عَمٍّ وَابْنَيْ خَالٍ أَوْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَالصِّهْرِيَّةِ وَلَا يُكْرَهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَلَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا بِالْعَيْبِ وَالدَّفْعِ بِالْجِنَايَةِ وَالدَّيْنِ فَإِنْ اسْتَوْلَدَ أَحَدَهُمَا أَوْ دَبَّرَهُ لَا يُكْرَهُ بَيْعُ الْآخَرِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُكَاتِبَ أَحَدَهُمَا أَوْ يَبِيعَهُ نَفْسَهُ بِأَنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ مِنْهُ جَازَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْمَمْلُوكَيْنِ لَهُ وَالْآخَرُ لِزَوْجَتِهِ أَوْ لِمَكَاتِبِهِ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِعَبْدٍ لَهُ تَاجَرَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَإِنْ كَانَ لِمُضَارِبِهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَ الْمُضَارِبُ مَنْ عِنْدَهُ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ بَاعَ الْأُمَّ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ اشْتَرَى الْوَلَدَ يُكْرَهُ التَّفْرِيقُ وَلَوْ اشْتَرَى الْأُمَّ بِالْخِيَارِ وَالْوَلَدُ فِي مِلْكِهِ كَانَ لَهُ رَدُّهَا اتِّفَاقًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ حَرْبِيٌّ أَخْرَجَ أَخَوَيْنِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فَلَهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا مِنْ ذِمِّيٍّ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّفْرِيقُ وَأُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِمَا مَعًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ كَانَ مَالِكُهُمَا كَافِرًا لَا يُكْرَهُ التَّفْرِيقُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مَأْذُونًا عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَمْلُوكَانِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا مُسْلِمًا. وَلَوْ دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَمَعَهُ عَبْدَانِ صَغِيرَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ وَالْآخَرُ كَبِيرٌ أَوْ اشْتَرَاهُمَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي دَخَلَ مَعَهُ بِأَمَانٍ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ أَحَدَهُمَا فَلَا بَأْسَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا مِنْ مُسْلِمٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ حَرْبِيٍّ دَخَلَ بِأَمَانٍ مِنْ وِلَايَةٍ أُخْرَى غَيْرِ وِلَايَتِهِ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدَهُمَا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهُمْ صَغِيرٌ جَازَ بَيْعُ أَحَدِ الْكَبِيرَيْنِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَوْ اجْتَمَعَ مَعَ الصَّغِيرِ قَرِيبَانِ لَهُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْجِهَةِ كَالْأَبَوَيْنِ وَكَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ لَا يَبِيعُهُمْ إلَّا جَمِيعًا كُفَّارًا كَانُوا أَوْ مُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ الْأُخْتُ لِأَبٍ وَالْأُخْتُ لِأُمٍّ، وَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْقُرْبِ وَالْجِهَةِ كَالْأَخَوَيْنِ وَالْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ جَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا اسْتِحْسَانًا. وَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ كَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ أَوْ أُمٍّ وَعَمَّةٍ أَوْ خَالَةٍ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْأَبْعَدِ وَهُوَ غَيْرُ الْأُمِّ وَغَيْرُ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَكَذَا جَدَّتُهُ وَعَمَّتُهُ وَخَالَتُهُ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ. ادَّعَيَا وَلَدَ جَارِيَةٍ بَيْنَهُمَا وَهُمْ كُفَّارٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ

كتاب الصرف وفيه ستة أبواب

ثُمَّ أَسَرُّوا وَمَلَكُوا لَا يُبَاعُ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ. امْرَأَةٌ مَعَهَا صَبِيَّةٌ فَقَالَتْ هِيَ وَلَدِي كُرِهَ التَّفْرِيقُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُكْرَهُ لِلْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ التَّاجِرِ مِنْ التَّفْرِيقِ مَا يُكْرَهُ لِلْحُرِّ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِذَا كَانَ الْمَالِكُ كَافِرًا فَلَا يُكْرَهُ التَّفْرِيقُ هَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ. [كِتَابُ الصَّرْفِ وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيف الصَّرْف وَرُكْنِهِ وَحُكْمِهِ وَشَرَائِطِهِ] أَمَّا تَعْرِيفُهُ فَهُوَ بَيْعُ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَأَمَّا رُكْنُهُ) فَمَا هُوَ رُكْنُ كُلِّ بَيْعٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (. وَأَمَّا حُكْمُهُ) شَرِيعَةٌ فَوُقُوعُ الْمِلْكِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَصَارِفَيْنِ فِيمَا اشْتَرَى مِنْ صَاحِبِهِ ابْتِدَاءً كَمَا فِي بَيْعِ الْعَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَأَمَّا شَرَائِطُهُ) فَمِنْهَا قَبْضُ الْبَدَلَيْنِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ سَوَاءٌ كَانَا يَتَعَيَّنَانِ كَالْمَصُوغِ أَوْ لَا يَتَعَيَّنَانِ كَالْمَضْرُوبِ أَوْ يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا وَلَا يَتَعَيَّنُ الْآخَرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي فَوَائِدِ الْقُدُورِيِّ الْمُرَادُ بِالْقَبْضِ هَهُنَا الْقَبْضُ بِالْبَرَاجِمِ لَا بِالتَّخْلِيَةِ يُرِيدُ بِالْيَدِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَتَفْسِيرُ الِافْتِرَاقِ هُوَ أَنْ يَفْتَرِقَ الْعَاقِدَانِ بِأَبْدَانِهِمَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا بِأَنْ يَأْخُذَ هَذَا فِي جِهَةٍ وَهَذَا فِي جِهَةٍ أَوْ يَذْهَبَ أَحَدُهُمَا وَيَبْقَى الْآخَرُ حَتَّى لَوْ كَانَا فِي مَجْلِسِهِمَا لَمْ يَبْرَحَا عَنْهُ لَمْ يَكُونَا مُتَفَرِّقَيْنِ، وَإِنْ طَالَ مَجْلِسُهُمَا إلَّا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ بِأَبْدَانِهِمَا وَكَذَا إذَا نَامَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِمَا وَكَذَا إذَا قَامَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا مَعًا وَذَهَبَا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَطَرِيقٍ وَاحِدٍ وَمَشَيَا مِيلًا أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يُفَارِقْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَلَيْسَا بِمُتَفَرِّقَيْنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ فَنَادَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ مِنْ وَرَاءِ الْجِدَارِ أَوْ مِنْ بَعِيدٍ فَقَالَ بِعْتُك مَا لِي عَلَيْك بِمَا لَك عَلَيَّ لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ لَوْ تَصَارَفَا بِالرِّسَالَةِ لِأَنَّهُمَا مُتَفَرِّقَانِ بِأَبْدَانِهِمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا اعْتِبَارَ بِالْمَجْلِسِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَهِيَ مَا إذَا قَالَ الْأَبُ اشْهَدُوا أَنِّي اشْتَرَيْت هَذَا الدِّينَارَ مِنْ ابْنِي الصَّغِيرِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ قَامَ قَبْلَ أَنْ يَزِنَ الْعَشَرَةَ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْأَبَ هُوَ الْعَاقِدُ وَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ فَيُعْتَبَرُ الْمَجْلِسُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ بَيْعِ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِالدَّنَانِيرِ وَبَيْنَ بَيْعِ الْفُلُوسِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالدَّنَانِيرِ حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي بَيْعِ الْفُلُوسِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالدَّنَانِيرِ قَبْضُ الْبَدَلَيْنِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَيُكْتَفَى بِقَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونَ فِي هَذَا الْعَقْدِ خِيَارُ الشَّرْطِ لِأَحَدِهِمَا (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونَ فِي هَذَا الْعَقْدِ أَجَلٌ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَإِذَا شَرَطَا الْأَجَلَ ثُمَّ تَقَابَضَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ كَانَ ذَلِكَ إسْقَاطًا لِلْأَجَلِ وَصَحَّ

الباب الثاني في أحكام العقد بالنظر إلى المعقود عليه وفيه خمسة فصول

وَلَوْ شَرَطَا الْخِيَارَ ثُمَّ أَبْطَلَاهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَوْ أَبْطَلَهُ الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ جَازَ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ كَانَ فِيهِ أَجَلٌ فَأَبْطَلَهُ صَاحِبُ الْأَجَلِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ شُرِطَ النَّسَاءُ فِي أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ فِي بَيْعِ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ النَّسِيئَةُ نَقَدَ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ فَسَدَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى شَهْرٍ فَنَقَدَ خَمْسَةً ثُمَّ افْتَرَقَا لَا يَجُوزُ بِحِصَّةِ الْخَمْسَةِ فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ نَقْدًا وَخَمْسَةٍ نَسِيئَةً فَنَقَدَ الْخَمْسَةَ فَافْتَرَقَا فَالصَّرْفُ فَاسِدٌ كُلُّهُ وَلَوْ نَقَدَ الْعَشَرَةَ جَازَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ ثُمَّ شَرَطَ الْخِيَارُ وَالْأَجَلَ يَفْسُدُ الصَّرْفُ مِنْ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ فَسَادٌ مُقْتَرِنٌ بِالْعَقْدِ وَفَوَاتُ الْقَبْضِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ بَعْدَ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ عَلَى الصِّحَّةِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ شَرْطُ الصِّحَّةِ ابْتِدَاءً وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا فَسَدَ الْعَقْدُ فِيمَا هُوَ صَرْفٌ لِعَدَمِ الْقَبْضِ يَفْسُدُ فِيمَا لَيْسَ بِصَرْفٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى قَوْلِ الْآخَرِينَ وَلَا يَفْسُدُ عَلَى قَوْلِ الْأَوَّلِينَ وَهُوَ الْأَصَحُّ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَفِي عُنُقِهَا طَوْقُ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ وَتَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي حِصَّةِ الصَّرْفِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ وَلَمْ يُفْسِدْ فِي الْجَارِيَةِ وَلَوْ اشْتَرَاهَا مَعَ طَوْقِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَالْأَجَلِ فَسَدَ الصَّرْفُ وَالْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا فَسَدَ الصَّرْفُ بِسَبَبِ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَخْرُجُ الْمُشْتَرَى عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ (وَبَيَانُهُ) فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ اشْتَرَى إبْرِيقَ فِضَّةٍ بِدِينَارَيْنِ وَقَبَضَ الْإِبْرِيقَ وَنَقَدَ دِينَارًا وَاحِدًا ثُمَّ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الدِّينَارَ الْآخَرَ فَسَدَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْإِبْرِيقِ وَلَا يَتَعَدَّى الْفَسَادُ إلَى النِّصْفِ الْآخَرِ فَإِنْ غَابَ الْبَائِعُ فَادَّعَى إنْسَانٌ نِصْفَ الْإِبْرِيقِ لِنَفْسِهِ كَانَ الْمُشْتَرِي خَصْمًا لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ وَيَحْتَاجُ إلَى شَرْطٍ رَابِعٍ فِي عَقْدِ الصَّرْفِ إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ وَاحِدٍ وَهُوَ التَّسَاوِي فِي الْوَزْنِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ بِأَنْ بَاعَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ فِيهِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي كَذَا فِي التَّبْيِينِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْعَقْدِ بِالنَّظَرِ إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ] ِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لَا تَتَعَيَّنَانِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ عِنْدَنَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَلَا الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ تِبْرًا كَانَ أَوْ مَصْنُوعًا أَوْ مَضْرُوبًا وَلَوْ بِيعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِجِنْسِهِ وَلَمْ يَعْرِفَا وَزْنَهُمَا أَوْ عَرَفَا وَزْنَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ عَرَفَ أَحَدُ الْمُتَصَارِفَيْنِ دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ تَفَرَّقَا ثُمَّ وَزَنَا وَكَانَا سَوَاءً فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. فَأَمَّا إذَا وَزَنَا فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَكَانَا سَوَاءً جَازَ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْحَاوِي

وَيَجُوزُ بَيْعُ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إذَا اعْتَدَلَ الْبَدَلَانِ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَيَجُوزُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ مُجَازَفَةً وَمُفَاضَلَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اشْتَرَى مِنْ آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَصَدَّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبُهُ بِالْوَزْنِ وَتَقَابَضَا يَعْنِي قَبْلَ الْوَزْنِ فَهَذَا جَائِزٌ وَيَنْتَفِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا اشْتَرَاهُ وَلَوْ قَالَ بِعْنِي هَذِهِ الدَّرَاهِمَ الَّتِي فِي يَدِك بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ الَّتِي فِي يَدَيَّ وَلَمْ يُسَمِّيَا عَدَدًا وَلَا وَزْنًا وَتَقَابَضَا جَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا اشْتَرَى قَبْلَ الْوَزْنِ وَالْعَدَدِ (هَذَا بَيْعُ مُجَازَفَةٍ) ، وَإِنْ قَالَ بِعْنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَبَاعَهُ وَتَقَابَضَا بِغَيْرِ وَزْنٍ وَصَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ أَنَّ هَذَا الْمَقْبُوضَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَزَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ فَوَاجِدَاهُمَا سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ فَهَذَا جَائِزٌ وَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا آخَرُ وَتَفَرَّقَا ثُمَّ وَزَنَا فَكَانَا سَوَاءً لَمْ يَجُزْ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُمَا قَدْ تَفَرَّقَا عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ بِأَنَّهُمَا قَدْ اسْتَوْفَيَاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَلَوْ بَاعَ قَلْبَ فِضَّةٍ مَحْشُوًّا بِدَرَاهِمَ لَمْ يَعْلَمْ وَزْنَهَا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَبَيْعُ النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ بِالْجِيَادِ لَا يَجُوزُ إلَّا مُتَسَاوِيًا وَلَوْ بَاعَ السَّتُّوقَةَ بِالْجِيَادِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْجِيَادُ أَكْثَرَ مِنْ الْفِضَّةِ فِي السَّتُّوقَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا بِيعَتْ الْفِضَّةُ السَّوْدَاءُ أَوْ الْحَمْرَاءُ بِالْبَيْضَاءِ كَانَتْ الْمُمَاثَلَةُ شَرْطًا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الدَّرَاهِمِ الْفِضَّةَ فَهِيَ فِضَّةٌ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ غَلَى الدَّنَانِيرِ الذَّهَبَ فَهِيَ ذَهَبٌ وَيُعْتَبَرُ فِيهِمَا مِنْ تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْجِيَادِ حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُ الْخَالِصَةِ بِهَا وَلَا بَيْعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ إلَّا مُتَسَاوِيًا فِي الْوَزْنِ وَكَذَا لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهَا إلَّا وَزْنًا لَا عَدَدًا، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِمَا الْغِشُّ فَلَيْسَا فِي حُكْمِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَكَانَا فِي حُكْمِ الْعُرُوضِ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى وَهَذَا إذَا كَانَتْ لَا تَخْلُصُ مِنْ الْغِشِّ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُسْتَهْلَكَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ تَخْلُصُ مِنْهُ فَلَيْسَتْ بِمُسْتَهْلَكَةٍ فَإِذَا بِيعَتْ بِفِضَّةٍ خَالِصَةٍ فَهُوَ كَبَيْعِ نُحَاسٍ وَفِضَّةٍ فَيَجُوزُ عَلَى وَجْهِ الِاعْتِبَارِ فَإِذَا بِيعَتْ بِجِنْسِهَا مُتَفَاضِلًا جَازَ وَهِيَ فِي حُكْمِ شَيْئَيْنِ فِضَّةٍ وَصُفْرٍ وَلَكِنَّهُ صَرْفٌ حَتَّى يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ لِوُجُودِ الْفِضَّةِ فَإِذَا شُرِطَ الْقَبْضُ فِي الْفِضَّةِ شُرِطَ فِي الصُّفْرِ، وَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ أَوْ الْغِشُّ سَوَاءٌ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا بِالْفِضَّةِ إلَّا وَزْنًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ اشْتَرَى دِينَارًا وَدِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمَيْنِ وَدِينَارَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَكُونُ الدِّينَارُ بِالدِّرْهَمَيْنِ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ وَالدِّينَارَانِ بِالدِّرْهَمَيْنِ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَيَجُوزُ بَيْعُ دِرْهَمٍ صَحِيحٍ وَدِرْهَمَيْنِ غَلَّةٍ بِدِرْهَمَيْنِ صَحِيحَيْنِ وَدِرْهَمِ غَلَّةٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَمَنْ بَاعَ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدِينَارٍ جَازَ وَكَانَتْ الْعَشَرَةُ بِمِثْلِهَا وَالدِّينَارُ بِالدِّرْهَمِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَنُقْرَةَ فِضَّةٍ بِثَوْبٍ وَنُقْرَةِ فِضَّةٍ فَالثَّوْبُ بِالثَّوْبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ فَإِنْ كَانَ فِي إحْدَى النَّقْرَتَيْنِ فَضْلٌ فَهُوَ مَعَ ثَوْبٍ بِذَلِكَ الثَّوْبِ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ انْتَقَضَ مِنْ ذَلِكَ حِصَّةُ الصَّرْفِ وَجَازَ مِنْ الثَّوْبِ بِمَا

يُقَابِلُهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. اشْتَرَى ثَوْبًا وَدِينَارًا بِثَوْبٍ وَدِرْهَمٍ ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطَلَ فِي الصَّرْفِ وَجَازَ فِيمَا بَقِيَ لِأَنَّهَا أَشْيَاءُ مُخْتَلِفَةٌ فَلَمْ يَجِبْ اعْتِبَارُ الْمُمَاثَلَةِ فَانْقَسَمَ الدِّينَارُ وَالثَّوْبُ عَلَى الدِّرْهَمِ وَالثَّوْبِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فَمَا أَصَابَ الدِّينَارُ مِنْ الدِّرْهَمِ يَكُونُ صَرْفًا وَبَطَلَ لِعَدَمِ الْقَبْضِ وَالْبَاقِي يَكُونُ بَيْعًا فَلَمْ يَفْسُدْ بِتَرْكِ الْقَبْضِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ بَاعَ سَيْفًا مُحَلَّى بِفِضَّةٍ بِثَوْبٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَبَضَ الْعَشَرَةَ وَالثَّوْبَ وَلَمْ يَقْبِضْ السَّيْفَ حَتَّى افْتَرَقَا بَطَلَ الْبَيْعُ كُلُّهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلَيْسَ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِرْهَمٌ وَلَا دِينَارٌ ثُمَّ اسْتَقْرَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِثْلُ مَا سَمَّى وَدَفَعَهُ إلَى صَاحِبِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ. وَكَذَلِكَ شِرَاءُ تِبْرِ الذَّهَبِ بِتِبْرِ الْفِضَّةِ أَوْ تِبْرِ الْفِضَّةِ بِتِبْرِ الذَّهَبِ وَهَذَا إذَا كَانَ التِّبْرُ يَرُوجُ بَيْنَ النَّاسِ رَوَاجَ النُّقُودِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اشْتَرَى دِينَارًا بِدَرَاهِمَ وَلَيْسَ عِنْدَهُمَا دَرَاهِمُ وَلَا دِينَارُ فَنَقَدَ أَحَدُهُمَا وَتَفَرَّقَا لَمْ يَجُزْ. وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِدَيْنٍ وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ وَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَلَوْ اشْتَرَى بِدَيْنٍ مَظْنُونٍ ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَالشِّرَاءُ صَحِيحٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَالدَّرَاهِمُ بِيضٌ فَأَعْطَاهُ مَكَانَهَا سُودًا وَرَضِيَ بِهَا الْبَائِعُ جَازَ وَكَذَا لَوْ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَأَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ ضَرْبًا آخَرَ مِنْ الدَّنَانِيرِ سِوَى مَا عَيَّنَهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ تَصَارَفَا وَلَمْ يُذْكَرْ النَّقْدُ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ يُصْرَفُ إلَى نَقْدِ الْبَلَدِ وَوَزْنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ نَقُودُ الْبَلَدِ مُخْتَلِفَةً فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ فِي الرَّوَاجِ سَوَاءٌ وَلَا صَرْفَ لِبَعْضِهَا عَلَى الْبَعْضِ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَ لِبَعْضِهَا صَرْفٌ عَلَى الْبَعْضِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَ لِبَعْضِهَا فَضْلٌ عَلَى الْبَعْضِ إلَّا أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا أَرْوَجُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ كَانَ نَقْدٌ مِنْ ذَلِكَ مَعْرُوفًا وَشَرَطَا فِي الْعَقْدِ نَقْدًا آخَرَ فَالْعَقْدُ يَنْعَقِدُ عَلَى النَّقْدِ الْمَشْرُوطِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا شَرَطْت لِي كَذَا أَفْضَلَ مِنْ النَّقْدِ الْمَعْرُوفِ وَقَالَ الْآخَرُ لَمْ أَشْتَرِطْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِمَا الْيَمِينُ فَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَتْهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ تَحَالَفَا تَرَادَّا، وَإِنْ قَامَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ أُخِذَتْ بَيِّنَةُ الَّذِي يَدَّعِي الْفَضْلَ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْفَصْلِ بَيْعُ الْحَدِيدِ بِالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ بِالصُّفْرِ) وَمَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا بِمَنْزِلَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ لَا فِي وُجُوبِ التَّقَابُضِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْحَدِيدُ كُلُّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ جَيِّدُهُ وَرَدِيئُهُ سَوَاءٌ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ فَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا بِعَيْنٍ وَكَذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الْمَوْزُونَاتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالرَّصَاصُ وَالْقَلْعِيّ وَالْأُسْرُبُّ رَصَاصٌ كُلُّهُ مِنْ الْوَزْنِيِّ وَلَكِنَّ الْبَعْضَ أَجْوَدُ مِنْ الْبَعْضِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبَعْضِ بِالْبَعْضِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا بَأْسَ

الفصل الثاني في بيع السيوف المحلاة وما شابهها

بِالنُّحَاسِ الْأَحْمَرِ بِالشَّبَهِ الشَّبَهُ وَاحِدٌ وَالنُّحَاسُ اثْنَانِ يَدًا بِيَدٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الشَّبَهَ قَدْ زَادَ فِيهِ الصُّنْعُ فَتُجْعَلُ زِيَادَةُ النُّحَاسِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ بِزِيَادَةِ الصُّنْعِ الَّذِي فِي الشَّبَهِ وَلَا خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً لِأَنَّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ وَبِزِيَادَةِ الصُّنْعِ فِي الشَّبَهِ لَا يَتَبَدَّلُ الْجِنْسُ وَلِأَنَّهُ مَوْزُونٌ فِي الْمَعْنَى مُتَّفِقٌ وَالْوَزْنُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ وَلَا بَأْسَ بِالشَّبَهِ بِالصُّفْرِ الْأَبْيَضِ يَدًا بِيَدٍ الشَّبَهُ وَاحِدٌ وَالصُّفْرُ اثْنَانِ لِمَا فِي الشَّبَهِ مِنْ الصُّنْعِ وَلَا خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِالصُّفْرِ الْأَبْيَضِ بِالنُّحَاسِ الْأَحْمَرِ الصُّفْرُ وَاحِدٌ وَالنُّحَاسُ اثْنَانِ يَدًا بِيَدٍ وَلَا خَيْرَ فِي هَذَا نَسِيئَةً لِأَنَّ الْجِنْسَ وَالْوَزْنَ يَجْمَعُهُمَا وَبِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ يَحْرُمُ النَّسَاءُ فَبِمَجْمُوعِهِمَا أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى مِثْقَالَيْ فِضَّةٍ وَمِثْقَالَ نُحَاسٍ بِمِثْقَالِ فِضَّةٍ وَثَلَاثَةِ مَثَاقِيلَ حَدِيدٍ كَانَ جَائِزًا بِطَرِيقِ أَنَّ الْفِضَّةَ بِمِثْلِهَا وَزْنًا وَمَا بَقِيَ مِنْ الْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ بِالْحَدِيدِ فَلَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ الرِّبَا وَكَذَلِكَ مِثْقَالُ صُفْرٍ وَمِثْقَالُ حَدِيدٍ بِمِثْقَالِ صُفْرٍ وَمِثْقَالِ رَصَاصٍ فَالصُّفْرُ بِمِثْلِهِ وَالرَّصَاصُ بِمَا بَقِيَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي التَّجْرِيدِ الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الصُّفْرِ وَالْحَدِيدِ تَصِيرُ عَادَةً عَدَدِيَّةً بِالتَّعَامُلِ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ كَيْفَمَا كَانَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ تَعَارَفُوا بَيْعَ هَذِهِ الْأَوَانِي بِالْوَزْنِ لَا بِالْعَدِّ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِجِنْسِهَا إلَّا مُتَسَاوِيًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِنْ اشْتَرَى إنَاءً مِنْ نُحَاسٍ بِرِطْلٍ مِنْ حَدِيدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَمْ يَضْرِبْ لَهُ أَجَلًا وَقَبَضَ الْإِنَاءَ فَهُوَ جَائِزٌ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ الْحَدِيدَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْحَدِيدَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْإِنَاءُ لَا يُبَاعُ فِي الْعَادَةِ وَزْنًا فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْإِنَاءُ يُوزَنُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَلَوْ قَبَضَ الْحَدِيدَ فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْإِنَاءَ حَتَّى تَفَرَّقَا لَمْ يَفْسُدْ الْعَقْدُ وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَى رِطْلًا مِنْ حَدِيدٍ بِعَيْنِهِ بِرِطْلَيْنِ مِنْ رَصَاصٍ جَيِّدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَقَبَضَ الْحَدِيدَ وَتَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الرَّصَاصِ فَسَدَ الْبَيْعُ فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ تَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ لَمْ يَتَقَابَضَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيْعِ السُّيُوفِ الْمُحَلَّاةِ وَمَا شَابَهَهَا] مِمَّا بِيعَ فِيهِ الْفِضَّةُ أَوْ الذَّهَبُ مَعَ غَيْرِهِ وَفِي بَيْعِ مَا يُبَاعُ وَزْنًا فَيَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ لَوْ اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلًّى بِالْفِضَّةِ أَوْ لِجَامًا مُفَضَّضًا بِفِضَّةٍ خَالِصَةٍ وَزْنُهَا أَكْثَرُ مِنْ الْحِلْيَةِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ وَزْنُهَا أَقَلَّ مِنْ الْحِلْيَةِ أَوْ مِثْلَهَا أَوْ لَا يَدْرِي لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارَ الدَّرَاهِمِ وَقْتَ الْبَيْعِ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الْفِضَّةِ الَّتِي فِي السَّيْفِ فَإِنْ عَلِمَ وَهُمَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَمَا افْتَرَقَا عَنْ الْمَجْلِسِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ قَالَ الْقَرْوَرِيُّ وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الثَّمَنُ أَكْثَرُ مِنْ الْفِضَّةِ الَّتِي فِي السَّيْفِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بَلْ هُوَ مِثْلُهَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ أَكْثَرَ فَافْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ فَإِنْ كَانَتْ الْحِلْيَةُ لَا تَتَخَلَّصُ مِنْ السَّيْفِ إلَّا بِضَرَرٍ انْتَقَضَ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَتْ تَتَخَلَّصُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ بَطَلَ فِي الْحِلْيَةِ وَجَازَ فِي السَّيْفِ، وَإِنْ كَانَتْ الْحِلْيَةُ ذَهَبًا وَالثَّمَنُ دَرَاهِمَ جَازَ الْبَيْعُ كَيْفَمَا كَانَ وَلَوْ شُرِطَ تَأْجِيلُ الثَّمَنِ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْحِلْيَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا بَطَلَ الْبَيْعُ

فِي السَّيْفِ كُلِّهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْحِيلَةُ تَتَمَيَّزُ بِضَرَرٍ أَوْ بِغَيْرِ ضَرَرٍ وَكَذَلِكَ لَوْ تَفَرَّقَا وَلِأَحَدِهِمَا خِيَارُ الشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَيْعِ فَنَقَدَ الْمُشْتَرِي قَدْرَ الْحِلْيَةِ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ أَنَّ الْمَقْبُوضَ مِنْ حِصَّةِ الْحِلْيَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَالدَّارُ فِيهَا صَفَائِحُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَبِيعُهَا بِجِنْسِهَا كَالسَّيْفِ الْمُحَلَّى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ حُلِيَّ ذَهَبٍ فِيهِ لُؤْلُؤٌ وَجَوْهَرٌ بِدَنَانِيرَ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْحُلِيَّ فَإِنْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ مِثْلَ الذَّهَبِ الَّذِي فِي الْحُلِيِّ أَوْ أَقَلَّ أَوْ لَا يَدْرِي لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ أَصْلًا لَا فِي الذَّهَبِ وَلَا فِي الْجَوَاهِرِ سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَخْلِيصُ الْجَوْهَرِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الدَّنَانِيرُ الَّتِي هِيَ ثَمَنٌ أَكْثَرَ مِنْ الذَّهَبِ الْحُلِيِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الذَّهَبِ وَالْجَوْهَرِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ نَقَدَ الثَّمَنَ كُلَّهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَالْعَقْدُ مَاضٍ عَلَى الصِّحَّةِ وَكَذَلِكَ إنْ نَقَدَ حِصَّةَ الذَّهَبِ الَّذِي فِي الْحُلِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ شَيْئًا حَتَّى تَفَرَّقَا فَالْعَقْدُ فِيمَا يَخُصُّ الْحُلِيَّ مِنْ الذَّهَبِ يَفْسُدُ وَفِيمَا يَخُصُّ الْجَوْهَرَ إنْ كَانَ الْجَوْهَرُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ تَخْلِيصُهُ إلَّا بِضَرَرٍ يُفْسِدُ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَخْلِيصُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ فِي الْجَوْهَرِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ بَاعَهُ بِدِينَارٍ نَسِيئَةً لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ فِي حِصَّةِ الْحِلْيَةِ الْعَقْدَ صَرْفٌ فَيُفْسِدُ بِشَرْطِ الْأَجَلِ وَاللُّؤْلُؤُ وَالْجَوْهَرُ لَا يُمْكِنُ تَخْلِيصُهُ وَتَسْلِيمُهُ إلَّا بِضَرَرٍ فَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ فِي بَعْضِهِ فَسَدَ فِي كُلِّهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَخْلِيصُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْجَوْهَرِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي حِصَّةِ الْجَوْهَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلًّى بِفِضَّةٍ وَزْنُهَا أَكْثَرُ مِنْ الْحِلْيَةِ وَنَقَدَ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرَ حِصَّةِ الْحِلْيَةِ وَقَالَ هَذَا مِنْ ثَمَنِهِمَا أَوْ مِنْ ثَمَنِ السَّيْفِ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ مِنْ ثَمَنِ الْحِلْيَةِ وَجَازَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ هَذَا مِنْ ثَمَنِ النَّصْلِ خَاصَّةً يُنْظَرُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّمْيِيزُ إلَّا بِضَرَرٍ يَكُونُ الْمَنْقُودُ ثَمَنَ الصَّرْفِ وَيَصِحَّانِ جَمِيعًا، وَإِنْ أَمْكَنَ تَمْيِيزُهَا بِغَيْرِ ضَرَرٍ بَطَلَ الصَّرْفُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا نِصْفُهُ مِنْ ثَمَنِ الْحِلْيَةِ وَنِصْفُهُ مِنْ ثَمَنِ السَّيْفِ لَا يَبْطُلُ أَيْضًا وَيُجْعَلُ الْمَقْبُوضُ مِنْ ثَمَنِ الْحِلْيَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. هِشَامٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا بَاعَ حِلْيَةَ السَّيْفِ بِدُونِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ عَلَى أَنْ يَقْلَعَهُ الْمُشْتَرِي فَيَقْلَعَهُ قَبْل أَنْ يَتَفَرَّقَا، وَإِنْ بَاعَهُ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ يَقْلَعَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا قَدْ أَذِنْت لَك فِي قَلْعِهِ فَاقْلَعْهُ قَالَ إنْ قَلَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَقْلَعَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ قَالَ قُلْت لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ السَّيْفَ قَالَ، وَإِنْ كَانَ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا لِحِلْيَتِهِ حَتَّى يَقْلَعَهَا مِنْ السَّيْفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ بَاعَ جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَلْفُ مِثْقَالِ فِضَّةٍ وَفِي عُنُقِهَا طَوْقُ فِضَّةٍ فِيهِ أَلْفَ مِثْقَالِ فِضَّةٍ بِأَلْفَيْ مِثْقَالٍ فِضَّةٍ وَنَقَدَ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفَ مِثْقَالٍ ثُمَّ افْتَرَقَا فَاَلَّذِي نَقَدَ ثَمَنَ الْفِضَّةِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا بِأَلْفَيْ مِثْقَالٍ أَلْفًا نَسِيئَةً وَأَلْفًا نَقْدًا فَالنَّقْدُ ثَمَنُ الطَّوْقِ وَكَذَا لَوْ قَالَ خُذْ مِنْهُمَا صَرْفًا إلَى الطَّوْقِ وَصَحَّ الْبَيْعُ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ صَرَّحَ فَقَالَ خُذْ هَذِهِ الْأَلْفَ مِنْ ثَمَنِ الْجَارِيَةِ فَإِذَا

قَبَضَهُ ثُمَّ افْتَرَقَا بَطَلَ فِي الطَّوْقِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْقَلْبَ مَعَ ثَوْبٍ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَقَبَضَ الْقَلْبَ وَنَقَدَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ افْتَرَقَا كَانَ الْمَنْقُودُ ثَمَنَ الْقَلْبِ خَاصَّةً اسْتِحْسَانًا وَلَوْ نَقَدَهُ الْعَشَرَةَ وَقَالَ مِنْ ثَمَنِهِمَا جَمِيعًا فَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ، وَإِنْ قَالَ هِيَ مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ خَاصَّةً وَقَالَ الْآخَرُ نَعَمْ أَوْ قَالَ لَا وَتَفَرَّقَا عَلَى ذَلِكَ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِي الْقَلْبِ، وَإِنْ كَانَ قَلْبُ فِضَّةٍ لِرَجُلٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَثَوْبٌ لِآخَرَ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَبَاعَا مِنْ رَجُلِ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَبَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الَّذِي لَهُ إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ صَفْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ نَقَدَ الْمُشْتَرِي صَاحِبَ الْقَلْبِ عَشَرَةً فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً وَلَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَقْبُوضِ وَلَوْ بَاعَا جَمِيعًا الثَّوْبَ وَبَاعَا جَمِيعًا الْقَلْبَ فَنَقَدَ صَاحِبُ الْقَلْبِ عَشَرَةً ثُمَّ تَفَرَّقَا انْتَقَضَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْقَلْبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلَّى بِدَنَانِيرَ وَقَبَضَهُ وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهُ الدَّنَانِيرُ وَقَبَضَهُ الثَّانِي وَلَمْ يُنْقَدْ الثَّمَنَ حَتَّى افْتَرَقُوا بَطَلَ الْبَيْعَانِ وَرَجَعَ السَّيْفُ إلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ تَقَابَضَ الْأَوْسَطُ وَالثَّالِثُ دُونَ الْأَوَّلِ صَحَّ الْبَيْعُ الثَّانِي وَغَرِمَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لِبَائِعِهِ قِيمَةَ السَّيْفِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْأَوْسَطُ نِصْفَهُ صَحَّ فِي نِصْفِهِ وَرَدَّ نِصْفَهُ إلَى الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْقَبُولِ بِعَيْبِ التَّبْعِيضِ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ النِّصْفِ الثَّانِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ كَانَ السَّيْفُ الْمُحَلَّى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ النِّصْفُ بِدِينَارٍ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَتَقَابَضَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ بَاعَهُ مِنْ شَرِيكِهِ وَنَقَدَهُ الدِّينَارَ وَالسَّيْفُ فِي الْبَيْتِ ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ السَّيْفَ انْتَقَضَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلًّى فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ مِنْ الْحِلْيَةِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ عَلِمَ أَنْ فِيهِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ بَعْدَمَا تَقَابَضَا وَتَفَرَّقَا بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ زَادَ فِي الثَّمَنِ مِائَةً أُخْرَى، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْعَقْدَ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ عَلِمَا فِي الِابْتِدَاءِ أَنَّ وَزْنَ الْحِلْيَةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَقَدْ تَبَايَعَا السَّيْفَ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَزِيدَ مِائَةً أُخْرَى قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَإِنَّ الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا بَاعَ قَلْبَ فِضَّةٍ عَلَى أَنَّهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ بِمِائَةٍ فَوَزَنُوهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فَوَجَدُوهُ أَكْثَرَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ زَادَ فِي الدَّرَاهِمِ فَأَخَذَ بِمِثْلِ وَزْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَكَذَلِكَ وَلَوْ افْتَرَقَا فَوَجَدُوهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ ثُلُثَيْهِ بِمِائَةٍ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ نَاقِصًا إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِمِثْلِ وَزْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ اشْتَرَى نُقْرَةَ فِضَّةٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ فِيهَا مِائَةً وَتَقَابَضَا فَإِذَا فِيهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ كَانَ لَلْمُشْتَرَى نِصْفُهَا لَا خِيَارَ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ هَذَا إذَا حَصَلَ الشِّرَاءُ بِالْجِنْسِ أَمَّا إذَا حَصَلَ بِخِلَافِ الْجِنْسِ بِأَنْ اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلًّى عَلَى أَنَّ حِلْيَتَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ اشْتَرَى إبْرِيقَ فِضَّةٍ عَلَى أَنَّ فِيهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَإِذَا فِيهِ أَلْفَانِ أَوْ اشْتَرَى نُقْرَةَ فِضَّةٍ عَلَى أَنَّهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَإِذَا فِيهِ أَلْفَانِ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا وَإِذَا جَازَ الْعَقْدُ فَالزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسَمَّى مِنْ الْوَزْنِ فِي مَسْأَلَةِ النُّقْرَةِ لَا تُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ

الفصل الثالث في بيع الفلوس

وَفِي مَسْأَلَةِ الْإِبْرِيقِ تُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَنَانِيرَ فَوَجَدَ الْإِنَاءَ نَاقِصًا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ بِكُلِّ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ هَكَذَا فِي الْحَاوِي. اشْتَرَى لُؤْلُؤَةً بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ وَزْنَهَا مِثْقَالٌ فَزَادَتْ فَهِيَ سَالِمَةٌ لَهُ وَلَوْ بَاعَ كُلَّ مِثْقَالٍ بِكَذَا فَزَادَتْ رَدَّ الْكُلَّ أَوْ أَخَذَ الزِّيَادَةَ بِحِصَّتِهَا كَالذِّرَاعِ فِي الثَّوْبِ وَالدَّارِ وَلَوْ بَاعَ قَلْبَ فِضَّةٍ بِدَرَاهِمَ وَقَالَ كُلُّ دِرْهَمٍ بِكَذَا أَوْ لَمْ يَقُلْ فَزَادَ وَلَمْ يَتَفَرَّقَا فَلَهُ الْخِيَارُ فِي أَخْذِ الزِّيَادَةِ بِحِصَّتِهَا وَلَمْ تُسَلَّمْ لَهُ الزِّيَادَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ السَّيْفُ مُمَوَّهًا بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فَاشْتَرَاهُ بِجِنْسِهِ جَازَ الْبَيْعُ بِكُلِّ حَالٍ وَلَا عِبْرَةَ لِلتَّمْوِيهِ لِكَوْنِهِ مُسْتَهْلَكًا فِيهِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِذَا اشْتَرَى لِجَامًا مُمَوَّهًا بِفِضَّةٍ بِدَرَاهِمَ بِأَقَلَّ مِمَّا فِيهِ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى دَارًا مُمَوَّهَةً بِالذَّهَبِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ لِسُقُوفِهَا مِنْ التَّمْوِيهِ بِالذَّهَبِ أَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْحَاوِي. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيْعِ الْفُلُوسِ] ِ الْفُلُوسُ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ إذَا جُعِلَتْ ثَمَنًا لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ، وَإِنْ عُيِّنَتْ وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهَا كَذَا فِي الْحَاوِي إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ فُلُوسًا بِدَرَاهِمَ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَلَمْ تَكُنْ الْفُلُوسُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَإِنْ اسْتَقْرَضَ الْفُلُوسَ مِنْ رَجُلٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا كَانَ قَدْ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ فِي الْمَجْلِسِ وَكَذَلِكَ لَوْ افْتَرَقَا بَعْدَ قَبْضِ الْفُلُوسِ قَبْلَ قَبْضِ الدَّرَاهِمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَى فُلُوسًا بِدَرَاهِمَ وَلَيْسَ عِنْدَ هَذَا فُلُوسٌ وَلَا عِنْدَ الْآخَرِ دَرَاهِمُ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا دَفَعَ وَتَفَرَّقَا جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَتَّى تَفَرَّقَا لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ بَاعَ الْفُلُوسَ بِالْفُلُوسِ ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَقْبِضْ الْآخَرُ أَوْ تَقَابَضَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مَا فِي يَدِي أَحَدِهِمَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ اشْتَرَى خَاتَمَ فِضَّةٍ أَوْ خَاتَمَ ذَهَبٍ فِيهِ فَصٌّ أَوْ لَيْسَ فِيهِ فَصٌّ بِكَذَا فَلْسًا وَلَيْسَتْ الْفُلُوسُ عِنْدَهُ فَهُوَ جَائِزٌ تَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ لَمْ يَتَقَابَضَا لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ وَلَيْسَ بِصَرْفٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ بَاعَ تِبْرَ فِضَّةٍ بِفُلُوسٍ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا وَتَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التِّبْرُ عِنْدَهُ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فُلُوسٍ صَحَّ وَعَلَيْهِ فُلُوسٌ تُبَاعُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ بِثُلُثِ دِرْهَمٍ أَوْ بِرُبْعِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِذَا اشْتَرَى بِدَانَقٍ فَلْسًا أَوْ بِقِيرَاطٍ فَلْسًا فَهَذَا جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا كَانَ الدَّانَقُ وَالْقِيرَاطُ مَعْلُومَيْنِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي مُعَامَلَاتِهِمْ، وَإِنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ يَأْخُذُ بَعْضُهُمْ عَشَرَةً وَبَعْضُهُمْ تِسْعَةً لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ لِمَكَانِ الْمُنَازَعَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا التَّفْصِيلَ فِي شَرْحَيْهِمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ بِدِرْهَمٍ فُلُوسًا أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ فُلُوسًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ فِيمَا دُونَ الدِّرْهَمِ قَالُوا وَقَوْلُ

أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَصَحُّ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا أَعْطَى رَجُلٌ رَجُلًا دِرْهَمًا وَقَالَ أَعْطِنِي بِنِصْفِهِ كَذَا فَلْسًا وَبِنِصْفِهِ دِرْهَمًا صَغِيرًا فَهَذَا جَائِزٌ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الدِّرْهَمَ الصَّغِيرَ وَالْفُلُوسَ فَالْعَقْدُ قَائِمٌ فِي الْفُلُوسِ مُنْتَقِضٌ فِي حِصَّةِ الدِّرْهَمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ الدِّرْهَمَ الْكَبِيرَ حَتَّى افْتَرَقَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَالَ أَعْطِنِي بِنِصْفِهِ كَذَا فُلُوسًا وَبِنِصْفِهِ الْبَاقِي دِرْهَمًا صَغِيرًا وَزْنُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ إلَّا حَبَّةً فَسَدَ الْكُلُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا بَطَلَ فِي الدِّرْهَمِ الصَّغِيرِ خَاصَّةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَرَّرَ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ كَانَ جَوَابُهُ كَجَوَابِهِمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ بَاعَ دِرْهَمًا زَائِفًا لَا يُنْفَقُ مِنْ رَجُلٍ وَقَدْ عَلِمَ عَيْنَهُ بِخَمْسَةِ دَوَانِقَ فَلْسٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَهُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فُلُوسٍ وَدِرْهَمٍ صَغِيرٍ وَزْنُهُ دَانَقَانِ إذَا تَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَارُقِ، وَإِنْ بَاعَهُ إيَّاهُ بِخَمْسَةِ دَوَانِقِ فِضَّةٍ أَوْ بِدِرْهَمٍ غَيْرِ قِيرَاطِ فِضَّةٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ قَالَ بِعْنِي بِهَذِهِ الْفِضَّةِ كَذَا فَلْسًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ بَاعَهُ إيَّاهُ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ دِرْهَمٍ أَوْ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ اشْتَرَى مِائَةَ فَلْسٍ بِدِرْهَمٍ فَقَبَضَ الدِّرْهَمَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْفُلُوسَ حَتَّى كَسَدَتْ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ قِيَاسًا وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ قَبَضَهَا كَاسِدَةً، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَبَضَ خَمْسِينَ فَلْسًا فَكَسَدَتْ الْفُلُوسُ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ وَرَدَّ نِصْفَ الدِّرْهَمِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ لَمْ تَكْسُدْ وَلَكِنَّهَا رَخُصَتْ أَوْ غَلَتْ لَمْ يَفْسُدْ الْبَيْعُ وَلِلْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ مِنْ الْفُلُوسِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ اشْتَرَى بِدِرْهَمٍ فُلُوسًا وَقَبَضَهَا وَلَمْ يَنْقُدْ الدِّرْهَمَ حَتَّى كَسَدَتْ الْفُلُوسُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَالدِّرْهَمُ دَيْنٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي غَلَبَ عَلَيْهَا الْغِشُّ أَوْ بِالْفُلُوسِ وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَافِقًا حَتَّى جَازَ الْبَيْعُ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ ثُمَّ كَسَدَ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالِانْقِطَاعُ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ كَالْكَسَادِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَمِثْلِهِ إنْ كَانَ هَالِكًا وَكَانَ مِثْلِيًّا وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الْبَيْعِ أَصْلًا وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَتَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ لَكِنْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَوْمَ الْبَيْعِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَوْمَ الْكَسَادِ وَهُوَ آخِرُ مَا يَتَعَامَلُ النَّاسُ بِهَا وَفِي الذَّخِيرَةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْمُحِيطِ وَالْيَتِيمَةِ وَالْحَقَائِقِ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتَى رِفْقًا بِالنَّاسِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ اشْتَرَى مَتَاعًا بِعَيْنِهِ أَوْ عَرْضًا بِعَيْنِهِ أَوْ فَاكِهَةً بِعَيْنِهَا بِفُلُوسٍ لَيْسَتْ عِنْدَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِذَا اشْتَرَى مَتَاعًا بِعَيْنِهِ بِفُلُوسٍ بِعَيْنِهَا فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهَا مِمَّا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ وَلَوْ أَعْطَى تِلْكَ الْفُلُوسِ وَافْتَرَقَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا فَلْسًا لَا يُنْفَقُ فَرَدَّهُ فَاسْتَبْدَلَهُ هَلْ يُنْتَقَضُ الْعَقْدُ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ إذَا مَا كَانَتْ الْفُلُوسُ ثَمَنَ مَتَاعٍ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَرْدُودُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا اُسْتُبْدِلَ أَوْ لَمْ يُسْتَبْدَلْ، وَإِنْ كَانَتْ الْفُلُوسُ ثَمَنَ الدَّرَاهِمِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مَقْبُوضَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ مَقْبُوضَةً

الفصل الرابع في الصرف في المعادن وتراب الصواغين

فَإِنْ كَانَتْ مَقْبُوضَةً فَرُدَّ الَّذِي لَا يُنْفَقُ وَاسْتُبْدِلَ أَوْ لَمْ يُسْتَبْدَلْ فَالْعَقْدُ بَاقٍ عَلَى الصِّحَّةِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَ الْكُلَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُنْفِقُ وَرَدَّهَا وَاسْتَبْدَلَ أَوْ لَمْ يَسْتَبْدِلْ فَالْعَقْدُ بَاقٍ عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّرَاهِمُ مَقْبُوضَةً إنْ وَجَدَ كُلَّ الْفُلُوسِ لَا يُنْفَقُ فَرَدَّهَا بَطَلَ الْعَقْدُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - اُسْتُبْدِلَ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ أَوْ لَمْ يُسْتَبْدَلْ وَقَالَا إنْ اُسْتُبْدِلَ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ فَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسْتَبْدَلْ انْتَقَضَ الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ لَا يُنْفَقُ فَرَدَّهَا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَنْتَقِضَ الْعَقْدُ بِقَدْرِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوَكَثِيرًا اُسْتُبْدِلَ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ أَوْ لَمْ يُسْتَبْدَلْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَكِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَحْسَنَ فِي الْقَلِيلِ إذَا رَدَّهُ وَاسْتَبْدَلَ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ أَنْ لَا يَنْتَقِضَ الْعَقْدُ أَصْلًا وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَحْدِيدِ الْقَلِيلِ فَقَالَ فِي رِوَايَةٍ إذَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ فَهُوَ كَثِيرٌ وَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ وَفِي رِوَايَةٍ إذَا بَلَغَ النِّصْفُ فَهُوَ كَثِيرٌ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ إذَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَقَالَ إذَا رَدَّهَا وَاسْتَبْدَلَ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ لَا يُنْتَقَضُ الْعَقْدُ قَلِيلًا كَانَ الْمَرْدُودُ أَوْ كَثِيرًا وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْفُلُوسُ فُلُوسًا قَدْ تَرُوجُ وَقَدْ لَا تَرُوجُ. فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْفُلُوسُ فُلُوسًا لَا تَرُوجُ بِحَالٍ وَقَدْ تَفَرَّقَا فَرَدَّ الْفُلُوسَ يُنْتَقَضُ الْعَقْدُ اسْتَبْدَلَ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ أَوْ لَمْ يَسْتَبْدِلْ فَإِنْ وَجَدَ بَعْضَ الْفُلُوسِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَرَدَّهُ يُنْتَقَضُ الْعَقْدُ بِقَدْرِهِ اسْتَبْدَلَ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ أَوْ لَمْ يَسْتَبْدِل كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى فُلُوسًا بِدِرْهَمٍ وَافْتَرَقَا ثُمَّ وَجَدَ شَيْئًا مِنْ الْفُلُوسِ مُسْتَحَقًّا وَلَمْ يَجُزْهُ الْمُسْتَحَقُّ فَإِنْ كَانَ مُشْتَرِي الْفُلُوسَ نَقَدَ الدِّرْهَمَ فَإِنَّهُ يَسْتَبْدِلُ مِثْلَهُ وَيَجُوزُ الْعَقْدُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقَدَ الدِّرْهَمَ فَالْعَقْدُ يُنْتَقَضُ بِقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ إنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ بَعْضَ الْفُلُوسِ وَفِي الْكُلِّ إنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ جَمِيعَ الْفُلُوسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الصَّرْفِ فِي الْمَعَادِنِ وَتُرَابِ الصَّوَّاغِينَ] َ وَيَدْخُلُ فِيهِ الِاسْتِئْجَارُ لِتَخْلِيصِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ تُرَابِ الْمَعْدِنِ لَوْ اشْتَرَى تُرَابَ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ تُرَابِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ مَا فِيهِ مِثْلَ مَا يُعْطِي وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اشْتَرَى تُرَابَ الذَّهَبِ بِفِضَّةٍ أَوْ الْفِضَّةَ بِذَهَبٍ جَازَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَأَى مَا فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُصْ شَيْءٌ مِنْ الذَّهَبِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ اشْتَرَى قَفِيزًا مِنْ التُّرَابِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِعَرْضٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ اشْتَرَى عَرْضًا بِقَفِيزٍ مِنْ التُّرَابِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ اشْتَرَى نِصْفَهُ أَوْ رُبْعَهُ جَازَ وَيَكُونُ مَا خَلَصَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إنْ كَانَ التُّرَابُ تُرَابَ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ إنْ بِيعَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ بِيعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ يَجُوزُ وَيُصْرَفُ الْجِنْسُ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّ فِيهِ ذَهَبٌ أَوْ لَا يَدْرِي أَنَّ فِيهِ كِلَيْهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا إنْ بِيعَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ

هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِتُرَابٍ مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِتُرَابٍ خِلَافَ جِنْسِهِ جَازَ وَيَكُونُ صَرْفًا إنْ خَلَصَ مِنْهُمَا شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُصْ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ بَطَلَ الْبَيْعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِثَوْبٍ أَوْ بِعَرْضٍ مِنْ الْعُرُوضِ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ وَلَا يُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ الصَّرْفِ كَذَا فِي شَرْح الطَّحَاوِيِّ. وَكَذَلِكَ تُرَابُ الصَّوَّاغِينَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ لَا خَيْرَ فِي بَيْعِ تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ وَهُوَ غَرَرٌ مِثْلُ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَبِهِ نَأْخُذُ وَلَكِنَّ هَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ هَلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَوْ لَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَى تُرَابَ الصَّوَّاغِينَ بِعَرْضٍ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ اشْتَرَى مَا فِيهِ وَلَيْسَ الْبَيْعُ عَلَى التُّرَابِ بِدُونِ مَا فِيهِ وَإِذَا كَانَ فِيهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ جَازَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِلصَّائِغِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَنِ مَا بَاعَ مِنْ تُرَابِ الصِّيَاغَةِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ مَا فِيهِ مَتَاعُ النَّاسِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ زَادَ فِي مَتَاعِهِمْ حِينَ أَوْفَاهُمْ بِقَدْرِ مَا سَقَطَ مِنْ مَالِهِمْ فِي التُّرَابِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ طَابَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ ثَمَنِهِ قَالَ وَأَكْرَهُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِيَهُ حَتَّى يُخْبِرَهُ الصَّائِغُ أَنَّهُ قَدْ أَوْفَى النَّاسُ مَتَاعَهُمْ مِنْ قِبَلِ أَنَّ عِلْمَ الْمُشْتَرِي مُحِيطٌ بِأَنَّ الصَّائِغَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. اشْتَرَى دَارًا فِيهَا مَعْدِنُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ لَا يَجُوزُ وَبِفِضَّةٍ جَازَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ تُرَابُ مَعْدِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَاقْتَسَمَا مُجَازَفَةً بَيْنَهُمَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ كَالْبَيْعِ لَا يَدْرِي تَسَاوِيهِمَا مَا لَمْ يَخْلُصْ فَإِذَا خَلِصَ فَاقْتَسَمَا بِالْوَزْنِ جَازَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَأَعْطَاهُ تُرَابًا بِعَيْنِهِ يَدًا بِيَدٍ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ فِضَّةً وَأَعْطَاهُ تُرَابَ الْفِضَّةِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَعْطَاهُ تُرَابَ ذَهَبٍ جَازَ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَأَى مَا فِيهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا اسْتَقْرَضَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ تُرَابَ ذَهَبٍ أَوْ تُرَابَ فِضَّةٍ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مِثْلُ مَا خَرَجَ مِنْ التُّرَابِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَقْرِضِ فِي مِقْدَارِ مَا خَرَجَ وَلَوْ اسْتَقْرَضَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ تُرَابًا مِثْلَهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَفَرَ فِي الْمَعْدِنِ ثُمَّ بَاعَ تِلْكَ الْحَفِيرَةَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَ تِلْكَ الْحَفِيرَةِ بَلْ قَصْدَ تَمَلُّكَ مَا فِيهَا فَلَمْ تَصِرْ الْحَفِيرَةُ مِلْكًا لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ احْتَفَرَ حَفِيرَةً فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا فَإِنَّهُ بِالِاحْتِفَارِ قَصَدَ تَمَلُّكَهَا. اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِتُرَابِ مَعْدِنٍ بِعَيْنِهِ جَازَ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا عَلِمَ مَا فِيهِ فَإِنْ رَدَّهُ رَجَعَ إلَى الْمُؤَاجِرِ بِأَجْرِ مِثْلِهِ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ بِوَزْنٍ مِنْ التُّرَابِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَا يَجُوزُ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ لَهُ فِي الْمَعْدِنِ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَنْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا يُخَلِّصُ لَهُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مِنْ تُرَابِ الْمَعَادِنِ أَوْ مِنْ تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَقُولَ اسْتَأْجَرْتُك لِتُخَلِّصَ لِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ مِنْ هَذَا التُّرَابِ أَوْ قَالَ أَلْفَ مِثْقَالٍ ذَهَبٍ مِنْ هَذَا التُّرَابِ وَلَا يَدْرِي أَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ هَلْ يَخْرُجُ مِنْ هَذَا التُّرَابِ الْمُشَارِ إلَيْهِ أَوْ لَا يَخْرُجُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ اسْتَأْجَرْتُك لِتُخَلِّصَ لِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مِنْ هَذَا التُّرَابِ بِكَذَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ اسْتَأْجَرْتُك

الفصل الخامس في استهلاك المشتري في عقد الصرف قبل القبض

لِتُخَلِّصَ لِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ مِنْ التُّرَابِ وَلَمْ يُشِرْ إلَى التُّرَابِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَخِيطَ لَهُ قَمِيصًا بِدِرْهَمٍ وَلَمْ يُعِنْ الْكِرْبَاسَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا دَفَعَ لِجَامًا أَوْ جُزُرٌ إلَى رَجُلٍ لِيُمَوِّهَهُ بِفِضَّةٍ وَزْنًا مَعْلُومًا يَكُونُ قَرْضًا عَلَى الدَّافِعِ وَيُعْطِيه أَجْرًا مَعْلُومًا فَهُوَ جَائِزٌ وَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ وَالْقَرْضُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ مَا صُنِعَ مِنْ الْفِضَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ اللِّجَامِ مَعَ يَمِينِهِ وَيَحْلِفُ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ قَالَ مَوِّهْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ عَلَى أَنْ أُعْطِيَك عَنْهَا وَأَجْرُ عَمَلِك ذَهَبًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَتَفَرَّقَا عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ فَاسِدٌ وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهَا فَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهَا وَكَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي اسْتِهْلَاكِ الْمُشْتَرِي فِي عَقْدِ الصَّرْفِ قَبْلَ الْقَبْضِ] اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ وَهَشَّمَهُ إنْسَانٌ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَقَالَ أَنَا آخُذُ الْقَلْبَ وَأَتْبَعُ الْمُفْسِدَ بِضَمَانِ الْقَلْبِ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ وَدَفَعَ الدِّينَارَ ثُمَّ إنَّ رَجُلًا أَحْرَقَ الْقَلْبَ فِي الْمَجْلِسِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فَإِنْ اخْتَارَ إمْضَاءَ الْعَقْدِ وَإِتْبَاعَ الْمُحْرِقِ بِقِيمَةِ الْقَلْبِ مِنْ الذَّهَبِ فَإِنْ قَبَضَهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ عَلَى الدِّينَارِ إنْ كَانَ فِيهِ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْقِيمَةَ بَطَلَ الصَّرْفُ وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الدِّينَارِ وَإِتْبَاعُ الْمُحْرِقِ بِقِيمَةِ الْقَلْبِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا يَبْطُلُ الصَّرْفُ بِافْتِرَاقِهِمَا بَعْدَ اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي تَضْمِينَ الْمُحْرِقِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْهُ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخِرُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلَّى فِيهِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضْ السَّيْفَ حَتَّى أَفْسَدَ إنْسَانٌ شَيْئًا مِنْ حَمَائِلِهِ أَوْ جَفْنِهِ فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ السَّيْفِ وَتَضْمِينَ الْمُفْسِدِ قِيمَةَ مَا أَفْسَدَ فَلَهُ ذَلِكَ فَإِنْ قَبَضَ السَّيْفَ ثُمَّ فَارَقَ الْبَائِعَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ الْمُفْسِدِ ضَمَانَ مَا أَفْسَدَهُ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ السَّيْفَ وَفَارَقَ الْبَائِعَ فَالْعَقْدُ يَفْسُدُ فِي الْكُلِّ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا هَذَا إذَا أَفْسَدَ شَيْئًا مِنْهُ. وَأَمَّا إذَا أَفْسَدَ الْكُلَّ بِأَنْ أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي إتْبَاعَ الْمُحْرِقِ أَنْ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ الْكُلِّ أَوْ قِيمَةَ حِصَّةِ الْحِلْيَةِ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْبَائِعَ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ قِيمَةَ الْحِلْيَةِ حَتَّى فَارَقَ الْبَائِعَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ أَصْلًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْطُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلًّى فِيهِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا فِضَّةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَحْرَقَ رَجُلٌ بَكْرَةً مِنْ حِلْيَتِهِ فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي إمْضَاءَ الْبَيْعِ وَتَضْمِينَ الْمُحْرِقِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَقَبَضَ السَّيْفَ ثُمَّ فَارَقَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ قِيمَةَ الْبَكْرَةِ فَالْبَيْعُ يُنْتَقَضُ فِي الْبَكْرَةِ خَاصَّةً دُونَ السَّيْفِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِي الْبَكْرَةِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

الباب الثالث في أحكام تصرفات المتصارفين بعد العقد وفيه أربعة فصول

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ تَصَرُّفَاتِ الْمُتَصَارِفَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي التَّصْرِيفِ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ قَبْلَ الْقَبْضِ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي التَّصْرِيفِ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَفِيمَا يَكُونُ قِصَاصًا بِبَدَلِهِ وَمَا لَا يَكُونُ اشْتَرَى بِبَدَلِ الصَّرْفِ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْره أَوْ اسْتَبْدَلَ بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَجُوز وَبَقِيَ الصَّرْفُ عَلَى حَالِهِ يَقْبِضُهُ وَيُتِمُّ الْعَقْدَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ وَتَقَابَضَا إلَّا دِرْهَمًا وَاحِدًا بَقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ وَلَيْسَ عِنْدَ بَائِعِهَا الدِّرْهَمُ الْعَاشِرُ فَارَاد الَّذِي اشْتَرَى الدَّرَاهِمَ أَنْ يَأْخُذَ عُشْرَ الدِّينَارِ فَلَهُ ذَلِكَ وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ الَّذِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْتَقِيمُ بَعْدَمَا تَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَبْلَ نَقْدِ الدِّرْهَمِ الْعَاشِرِ. فَأَمَّا قَبْلَ التَّفَرُّقِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ عُشْرَ دِينَارِهِ مِنْ مُشْتَرِيه فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِهِ مُشْتَرِي الدِّينَارِ. فَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ بِعْنِي بِعُشْرِ الدِّينَارِ فُلُوسًا مُسَمَّاةً أَوْ عَرْضًا مُسَمًّى فَبَاعَهُ بِهِ كَانَ جَائِزًا سَوَاءٌ بَاعَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَمْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بَائِعُ الدِّينَارِ بِعْنِي بِالدِّرْهَمِ شَيْئًا فَبَاعَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَمْ بَعْدَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَالدَّرَاهِمُ بِيضٌ فَأَعْطَاهُ مَكَانَهَا سُودًا وَرَضِيَ بِهَا الْبَائِعُ جَازَ ذَلِكَ وَمُرَادُهُ مِنْ السُّودِ الْمَضْرُوبِ مِنْ النُّقْرَةِ السَّوْدَاءِ لَا الدَّرَاهِمِ الْبُخَارِيَّةِ حَتَّى لَوْ بَاعَ دِينَارًا بِدَرَاهِمَ بِيضٍ وَقَبَضَ مَكَانَ الدَّرَاهِمِ الْبِيضِ الْبُخَارِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَأَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ ضَرْبًا آخَرَ مِنْ الدَّنَانِيرِ سِوَى مَا عَيَّنَهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَاهُ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ كَانَ مُسْتَوْفِيًا لَا مُسْتَبْدِلًا قِيلَ هَذَا إذَا أَعْطَاهُ ضَرْبًا دُونَ الْمُسَمَّى فَإِنْ أَعْطَاهُ ضَرْبًا هُوَ فَوْقُ الْمُسَمَّى فَلَا حَاجَةَ إلَى رِضَا مُشْتَرِي الدِّينَارَ بِهِ لِأَنَّهُ أَوْفَاهُ حَقَّهُ وَزِيَادَةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أَخَذَ الدَّرَاهِمَ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ مِمَّا يُخَالِفُهُ فِي الْوَصْفِ وَذَلِكَ الْمَقْبُوضُ يَجْرِي مَجْرَى الدَّرَاهِمِ الْوَاجِبَةِ بِالْعَقْدِ فِي مُعَامَلَاتِ النَّاسِ جَازَ وَكَانَ اقْتِضَاءً لَا اسْتِبْدَالًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي كِتَابِ الصَّرْفِ إذَا اشْتَرَى أَلْفَ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَالدَّرَاهِمُ بِيضٌ فَأَرَادَ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ أَنْ يَتَبَرَّعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالْجَوْدَةِ وَأَبَى بَائِعُهُ بِتَبَرُّعِهِ فَلَهُ ذَلِكَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْمِقْدَارِ وَرَدَّ مَنْ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْضًا وَهُوَ نَظِيرُ مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَتَاهُ بِأَلْفٍ جِيَادٍ وَأَبَى صَاحِبُ الدَّيْنِ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَتَى بِجِنْسِ حَقِّهِ وَزِيَادَةٍ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ تَبَرُّعَهُ وَمِنَّتَهُ فَكَذَا هَهُنَا قَالَ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ ضَرْبًا مِنْ الدَّنَانِيرِ وَقَالَ لِلْبَائِعِ أَعْطِنِي دِينَارًا غَيْرَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَا طَلَبَ دُونَ حَقِّهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْآخَرُ وَفِي الْمُنْتَقَى وَلِلَّذِي عَلَيْهِ السُّودُ أَنْ يُؤَدِّيَ بِيضًا هِيَ مِثْلُ السُّودُ أَوْ أَجْوَدُ مِنْهَا وَيُجْبَرُ مَنْ لَهُ عَلَى الْقَبُولِ وَكَذَا مَنْ عَلَيْهِ الْبِيضُ إذَا أَدَّى سُودًا مِثْلَهَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا

الفصل الثاني في المرابحة في الصرف

فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَبْرَأَ أَحَدُ الْمُتَصَارِفَيْنِ صَاحِبَهُ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ فَقَبِلَ انْتَقَضَ الصَّرْفُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَنْفَسِخْ وَلَوْ وَهَبَ فَلَمْ يَقْبَلْ وَأَبَى الْوَاهِبُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَوْهُوبَ أُجْبِرَ عَلَى الْقَبْضِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ بَاعَ مِنْ آخَرَ قَلْبَ فِضَّةٍ وَزْنُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَدَفَعَ الْقَلْبَ وَلَمْ يَقْبِضْ الدَّرَاهِمَ حَتَّى وَهَبَ مُشْتَرِي الْقَلْبَ الْقَلْبَ مِنْهُ يُنْظَرُ إنْ دَفَعَ مُشْتَرِي الْقَلْبَ ثَمَنَ الْقَلْبِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا صَحَّ الْبَيْعُ وَجَازَتْ الْهِبَةُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَدْفَع ثَمَنَهُ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ وَرَجَعَ الْقَلْبُ إلَى بَائِعِهِ وَصَارَ ذَلِكَ مُنَاقَضَةً. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دِينَارًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَقَبَضَ الدِّينَارَ وَلَمْ يَدْفَعْ الدَّرَاهِمَ حَتَّى وَهَبَ الدِّينَارَ لِبَائِعِهِ ثُمَّ فَارَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الدَّرَاهِمَ قَالَ الْهِبَةُ فِي الدِّينَارِ جَائِزَةً وَلِبَائِعِ الدِّينَارِ عَلَى مُشْتَرِيه دِينَارٌ مِثْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى دِينَارًا وَلَهُ عَلَى بَائِعِ الدِّينَارِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَجَعَلَاهُ قِصَاصًا جَازَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إذَا بَاعَ بِعَشَرَةٍ مُطْلَقَةٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ حَدَثَ الدَّيْنُ بَعْدَ الصَّرْفِ فَإِنْ لَمْ يَتَقَاصَّا لَمْ تَقَعْ الْمُقَاصَّةُ، وَإِنْ تَقَاصًّا لَا تَصِحُّ فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ تَصِحُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْكَافِي الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى مِنْهُ مِائَةَ دِينَارٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ تَقَاصَّا بِمَا عَلَيْهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ تَقَاصَّا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَتَقَاصَّا بَطَلَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا اسْتَقْرَضَ بَائِعُ الدِّينَارِ عَشَرَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ غُصِبَ مِنْهُ فَقَدْ صَارَ قِصَاصًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّرَاضِي لِأَنَّهُ قَدْ وَجَدَ مِنْهُ الْقَبْضُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْمُقَاصَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى) وَصُورَتُهَا رَجُلٌ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ وَلِلْمُودِعِ عَلَى صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ دَيْنٌ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْوَدِيعَةِ لَمْ تَصِرْ الْوَدِيعَةُ قِصَاصًا بِدَيْنٍ قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ وَبَعْدَمَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ لَا تَصِيرُ قِصَاصًا أَيْضًا مَا لَمْ يَرْجِعْ إلَى أَهْلِهِ فَيَأْخُذَهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ فَاجْتَمَعَا عَلَى جَعْلِهَا قِصَاصًا لَا يَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ غَيْرَ ذَلِكَ وَمَتَى صَارَ دِينًا صَارَ قِصَاصًا بِهِ. وَحُكْمُ الْمَغْصُوبِ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ قَائِمًا فِي يَدِ رَبِّ الدَّيْنِ وَحُكْمُ الْوَدِيعَةُ سَوَاءٌ وَحُكْمُ الدَّيْنَيْنِ إذَا كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ أَنَّهُ لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَهُمَا إذَا لَمْ يَتَقَاصَّا وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُؤَجَّلًا وَالْأُخَرُ حَالًّا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَلَّةً وَالْأُخَرُ صَحِيحًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُرَابَحَةِ فِي الصَّرْفِ] إذَا اشْتَرَى ذَهَبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَبَاعَهُ بِرِبْحٍ دِرْهَمٍ جَازَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا بَاعَ قَلْبَ فِضَّةٍ وَزْنُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَاعَهُ بِرِبْحٍ دِرْهَمٍ أَوْ بِرِبْحٍ نِصْفِ دِينَارٍ جَازَ أَمَّا إذَا بَاعَهُ بِرِبْحٍ نِصْفِ دِينَارٍ فَلِأَنَّهُ يَصِيرُ بَائِعًا قَلْبَ فِضَّةٍ وَزْنُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ وَنِصْفِ دِينَارٍ لِأَنَّ الْجِنْسَ

مُخْتَلِفٌ فَلَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ. وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بِرِبْحٍ دِرْهَمٍ فَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَائِعًا لِلْقَلْبِ بِدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ وَأَنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ بِإِزَاءِ الدِّرْهَمِ مِنْ الْقَلْبِ مِثْلَهُ وَالْبَاقِي مِنْ الْقَلْبِ بِإِزَاءِ الدِّينَارِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ يُقَابِلُهُ مِثْلُ وَزْنِهِ مِنْ الْقَلْبِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَلَوْ جَوَّزْنَا ذَلِكَ كَانَ الدِّينَارُ بِمُقَابَلَةِ تِسْعَةِ أَعْشَارِ الْقَلْبِ وَالدِّرْهَمُ بِمُقَابَلَةِ عُشْرِ الْقَلْبِ فَيَكُونُ بَعْضُ مَا سَمَّيَاهُ رَأْسُ الْمَالِ رِبْحًا فِي تِسْعَةِ أَعْشَارِ الْقَلْبِ وَبَعْضُ مَا سَمَّيَاهُ رِبْحًا رَأْسَ الْمَالِ فِي عُشْرِ الْقَلْبِ وَذَلِكَ تَصْحِيحٌ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي صَرَّحَا بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي مُخْتَصَرِ خُوَاهَرْ زَادَهْ، وَإِنْ اشْتَرَى ذَهَبًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةً بِفِضَّةٍ لَمْ يَجُزْ مُرَابَحَةٌ أَصْلًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ فِيهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِعَشَرَةٍ وَضَمَّ مَعَهُ ثَوْبًا قَدْ قَامَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَ يَقُومُ عَلَيَّ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَبَاعَهَا بِرِبْحٍ دِرْهَمٍ أَوْ بِرِبْحٍ دَهٍ يازده فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي الثَّوْبِ بِحِصَّتِهِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْقَلْبِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَطَوْقَ فِضَّةٍ فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَاعَهُمَا مُرَابَحَةً بِرِبْحٍ دَهٍ يازده فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ فِي الْجَارِيَةِ دُونَ الطَّوْقِ وَقَدْ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ رُجُوعَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَسْأَلَةِ الطَّوْقِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى رُجُوعِهِ فِي نَظَائِرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلَّى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَحِلْيَتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مُرَابَحَةً بِرِبْحٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ بِرِبْحٍ دَهٍ يازده أَوْ بِرِبْحِ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِوَضِيعَةٍ نَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ بَاعَ السَّيْفَ بِرِبْحٍ دِرْهَمٍ فِيمَا سِوَى الْحِلْيَةُ جَازَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا اللِّجَامُ الْمُمَوَّهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ بِالْمُرَابَحَةِ فِيهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ فِيهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِعَشَرَةٍ وَاشْتَرَى هُوَ أَوْ غَيْرُهُ ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ بَاعَهُمَا بِرِبْحٍ دَهٍ يازده جَازَتْ حِصَّةُ الثَّوْبِ وَلَا تَجُوزُ حِصَّةُ الْقَلْبِ وَهَذَا قَوْلُهُمَا أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيُفْسِدُ الْعَقْدُ كُلُّهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ بَاعَهُمَا بِوَضِيعَةٍ دَهٍ زيازده فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا بَاعَهُمَا مُرَابَحَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى فِضَّةً بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَزْنُهَا كَذَلِكَ وَاشْتَرَى سَيْفًا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا بِجَفْنِهِ وَحَمَائِلِهِ ثُمَّ أَنْفَقَ عَلَيْهِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَعَلَى الصِّيَاغَةِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ قَالَ يَقُومُ عَلَيَّ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً بِرِبْحِ ده زياده أَوْ بِرِبْحٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فَاسِدًا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ اشْتَرَى فِضَّةً بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَاشْتَرَى سَيْفًا وَجَفْنًا وَحَمَائِلَ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَأَنْفَقَ عَلَى صِيَاغَتِهِ وَتَرْكِيبِهِ دِينَارًا ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى ذَلِكَ بِرِبْحِ دَهٍ يازده وَتَقَابَضَا كَانَ جَائِزًا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قَلْبُ فِضَّةً يَقُومُ عَلَيْهِ بِدِينَارِ وَثَوْبٍ

الفصل الثالث في الزيادة والحط في الصرف

لِآخَرَ يَقُومُ بِدِينَارَيْنِ فَبَاعَهُمَا بِرِبْحِ دِينَارٍ فَإِنَّ الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِي الصَّرْفِ] وَلَوْ ابْتَاعَ قَلْبَ فِضَّةٍ وَزْنُهُ عَشَرَةٌ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَتَقَابَضَا ثُمَّ حَطَّ عَنْهُ دِرْهَمًا فَقَبِلَ الْحَطَّ وَقَبَضَهُ بَعْدَمَا افْتَرَقَا مِنْ مَقَامِ الْبَيْعِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا فَسَدَ الْبَيْعُ كُلُّهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحَطُّ بَاطِلٌ وَيَرُدُّ الدِّرْهَمَ عَلَيْهِ وَالْعَقْدُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعَقْدُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ وَالْحَطُّ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ الْمُبْتَدَأَةِ فَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهُ مَا لَمْ يُسْلِمْ وَلَوْ زَادَهُ فِي الثَّمَنِ دِرْهَمًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَسَدَ الْعَقْدُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا الزِّيَادَةُ بَاطِلَةٌ وَالْعَقْدُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ وَثَوْبًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَفِي الْقَلْبِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَتَقَابَضَا ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ دِرْهَمًا مِنْ ثَمَنِهَا جَمِيعًا فَإِنَّ الْمَحْطُوطَ يَكُونُ عَنْهُمَا نِصْفُهُ فِي الثَّوْبِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الثَّوْبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْعِشْرِينَ وَيَحُطُّ عَنْ ثَمَنِهِ نِصْفَ دِرْهَمٍ وَهَذَا بِلَا بِخِلَافٍ وَكَذَلِكَ يَصِحُّ نِصْفُ الْحَطِّ فِي حِصَّةِ الْقَلْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَفْسُدَ الْعَقْدُ فِي كُلِّ الْقَلْبِ إلَّا أَنَّ هَذَا فَاسِدٌ طَارِئٌ فَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ فِي حِصَّةِ الثَّوْبِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَصِحُّ الْحَطُّ فِي حِصَّةِ الْقَلْبِ إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجْعَلُهُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ حَطَطْتُك دِرْهَمًا عَنْ ثَمَنِهِمَا وَلَمْ يَقُلْ جَمِيعًا فَإِنَّ الْحَطَّ صَحَّ كُلُّهُ وَيُصْرَفُ إلَى الثَّوْبِ وَيَبْقَى الْعَقْدُ فِي الْقَلْبِ جَائِزًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ سَيْفًا مُحَلًّى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَحِلْيَتُهُ خَمْسُونَ وَتَقَابَضَا ثُمَّ إنَّ بَائِعَ السَّيْفِ حَطَّ عَنْ ثَمَنِهِ دِرْهَمًا جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَبَايَعَا الْجِنْسَ بِخِلَافِ الْجِنْسِ بِأَنْ تَصَارَفَا دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ زَادَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دِرْهَمًا وَقَبِلَ الْآخَرُ أَوْ حَطَّ عَنْهُ دِرْهَمًا مِنْ ثَمَنِ الدِّينَارِ جَازَتْ الزِّيَادَةُ، وَالْحَطُّ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا أَنَّ فِي الزِّيَادَةِ يُشْتَرَطُ قَبْضُهُمَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ حَتَّى لَوْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي حِصَّةِ الزِّيَادَةِ، وَأَمَّا الْحَطُّ فَجَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْمَحْطُوطِ وَلَوْ حَطَّ مُشْتَرِي الدِّينَارَ قِيرَاطًا مِنْهُ فَبَائِعُ الدِّينَارِ يَكُونُ شَرِيكًا لَهُ فِي الدِّينَارِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ فِيهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا زَادَ صَاحِبَهُ شَيْئًا يُنْظَرُ إنْ زَادَ بَائِعُ الْقَلْبِ وَكَانَتْ الزِّيَادَةُ ثَوْبًا وَرَضِيَ بِهِ مُشْتَرِي الْقَلْبِ فَالزِّيَادَةُ جَائِزَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الثَّمَنِ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ ذَهَبًا وَكَانَتْ مِنْ قِبَلِ الْبَائِعِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ دِينَارًا أَوْ أَكْثَرَ صَحَّتْ الزِّيَادَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَطَلَ الْعَقْدُ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ وَيَبْقَى الْعَقْدُ عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ نِصْفَ دِينَارٍ فَهُوَ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الزِّيَادَةِ فِي مَجْلِسِ الزِّيَادَةِ هَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ بَائِعِ الْقَلْبِ ثَوْبًا أَوْ ذَهَبًا، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ بَائِعِ الْقَلْبِ فِضَّةً فَإِنَّهُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ كَثُرَتْ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ قِبَلِ مُشْتَرِي الْقَلْبِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ ثَوْبًا تَصِحُّ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ ذَهَبًا فَإِنْ كَانَتْ دِينَارًا أَوْ أَكْثَرَ جَازَتْ الزِّيَادَةُ إلَّا أَنَّهُ

الفصل الرابع في الصلح في الصرف

يُشْتَرَطُ قَبْضُ الزِّيَادَةِ فِي مَجْلِسِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْقَلْبِ بِحِصَّةِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرِي الْقَلْبِ زَادَ فِضَّةً فَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ مِثْلَ الْقَلْبِ أَوْ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ أَقَلَّ مِنْ الْقَلْبِ يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلَّى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَحِلْيَتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَتَقَابَضَا ثُمَّ زَادَ مُشْتَرِي السَّيْفِ دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ كَانَ بَائِعُ السَّيْفِ زَادَ دِينَارًا أَوْ فِضَّةً قَبْلَ الِافْتِرَاقِ جَازَ، وَإِنْ فَارَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ انْتَقَضَ مِنْ الثَّمَنِ بِحِصَّةِ الدِّينَارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أَنَّهُ حَطَّ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَالْحَطُّ لَيْسَ مِنْ الْفِضَّةِ كَذَا فِي الْحَاوِي. قَالَ فِي الْجَامِعِ: وَإِنْ اشْتَرَى إبْرِيقَ فِضَّةٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَتَقَابَضَا وَتَفَرَّقَا ثُمَّ الْتَقَيَا فَزَادَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي الثَّمَنِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ تَصِحُّ الزِّيَادَةُ وَيُشْتَرَطُ قَبْضُهَا فِي مَجْلِسِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْإِبْرِيقِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ تُقَابِلَ الْإِبْرِيقَ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّهَا لَا تُقَابِلُ الْإِبْرِيقَ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا تَقَابُلُهُ تَسْمِيَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الصُّلْحِ فِي الصَّرْفِ] اشْتَرَى إبْرِيقَ فِضَّةٍ وَزْنُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَتَقَابَضَا فَوَجَدَ بِالْإِبْرِيقِ عَيْبًا وَأَنَّهُ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ حَتَّى كَانَ لَهُ رَدُّهُ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى دَنَانِيرَ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى تَفَرَّقَا فَالصُّلْحُ مَاضٍ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ، وَهُوَ عَلَى قَوْلِهِمَا مُسْتَقِيمٌ وَكَذَلِكَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ مِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ عَنْ حِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ حِصَّتَهُ مِنْهُ دَنَانِيرُ وَبَدَلُ الصُّلْحِ دِينَارٌ أَيْضًا فَيَكُونُ هَذَا الصُّلْحُ وَاقِعًا عَلَى جِنْسِ حَقِّهِ فَلَا يَكُونُ صَرْفًا، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِنْ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَالصُّلْحُ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى تَفَرَّقَا بَطَلَ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى خِلَافِ جِنْسِ الْحَقِّ فَيُعْتَبَرُ صَرْفًا فَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الصُّلْحُ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّةِ الْعَيْبِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ عَنْ حِصَّةِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْكُلِّ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَحِصَّةُ الْعَيْبِ دِينَارٌ وَشِرَاءُ الدِّينَارِ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الدِّينَارِ جَائِزٌ وَعِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِ الصُّلْحِ وَقَعَ عَلَى الْجُزْءِ الْفَائِتِ وَشِرَاءُ الْجُزْءِ الْفَائِتِ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى إبْرِيقَ فِضَّةٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَصَالَحَ مِنْ الْعَيْبِ عَلَى دِينَارٍ وَقِيمَةُ الْعَيْبِ أَقَلُّ مِنْهُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. اشْتَرَى عَبْدًا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا وَخَاصَمَ بَائِعَهُ فِيهِ فَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْعَيْبِ أَوْ جَحَدَهُ وَصَالَحَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْعَيْبِ عَلَى دِينَارٍ فَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الصُّلْحِ أَقَلَّ مِنْ حِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ بِأَنْ كَانَتْ حِصَّةُ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَوَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَافْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَمَنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ قَالَ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ عَلَى قَوْلِهِمَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ الصُّلْحُ إذَا افْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: لَا بَلْ مَا ذُكِرَ هَهُنَا قَوْلُ الْكُلِّ، وَالثَّانِي أَنْ يَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ حِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا تَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا بِأَنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا تَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَقَبَضَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ، وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ انْتَقَضَ الصُّلْحُ فَإِذَا بَطَلَ الصُّلْحُ اسْتَقْبَلَ الْخُصُومَةَ فِي الْعَيْبِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الصُّلْحِ وَكَذَلِكَ إنْ ضَرَبَ لِلدَّرَاهِمِ أَجَلًا ثُمَّ فَارَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا أَوْ شَرَطَ فِي الصُّلْحِ خِيَارًا ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يُبْطِلَ صَاحِبُ الْخِيَارِ خِيَارَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ أَقَرَّ ثُمَّ صَالَحَ مِنْهَا عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ حَالَّةٍ أَوْ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَافْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ لَا يُبْطِلُ الصُّلْحُ، وَإِنْ كَانَ صَالَحَهُ عَلَى خَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَافْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطَلَ الصُّلْحُ، وَإِنْ افْتَرَقَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ فَارَقَهُ بَعْدَمَا نَقَدَ الْبَعْضَ بَرِئَ مِنْ حِصَّةِ مَا نَقَدَ وَتَلْزَمُهُ حِصَّةُ مَا بَقِيَ. وَإِنْ صَالَحَهُ مِنْ الْمِائَةِ عَلَى ذَهَبٍ تِبْرًا وَمَصُوغٍ لَا يُعْلَمُ وَزْنُهُ جَازَ إنْ قَبَضَهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ كَذَا فِي الْحَاوِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ فِي الْقَرْضِ، وَالصَّرْفِ فِيهِ. وَإِذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَتَرَكَتْ مِيرَاثًا مِنْ رَقِيقٍ وَثِيَابٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحُلِيٍّ فِيهِ جَوَاهِرُ وَلَآلٍ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأَبَاهَا وَمِيرَاثُهَا كُلُّهُ عِنْدَ أَبِيهَا فَصَالَحَ الْأَبُ زَوْجَهَا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يُعْلَمَ نَصِيبُ الزَّوْجِ مِنْ الذَّهَبِ الْمَتْرُوكِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِ الزَّوْجِ مِنْ الذَّهَبِ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَقَلَّ لَا يَجُوزُ الثَّانِي أَنْ لَا يُعْلَمَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَكَذَلِكَ إذَا صَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَهُوَ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ صَالَحَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا جَازَ الصُّلْحُ كَيْفَمَا كَانَ فَإِنْ وَجَدَ التَّقَابُضَ بَقِيَ الصُّلْحُ فِي الْكُلِّ عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ التَّقَابُضُ يَبْطُلُ الصُّلْحُ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ وَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ الصُّلْحَ فِي حِصَّةِ الصَّرْفِ يَبْطُلُ وَكَذَلِكَ فِي حِصَّةِ اللَّآلِئِ، وَالْجَوَاهِرِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ نَزْعُهَا إلَّا بِضَرَرٍ، وَأَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الثِّيَابِ، وَالْمَتَاعِ، وَالْعُرُوضِ فَالصُّلْحُ يَبْقَى عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنْ قَبَضَ الزَّوْجُ الدَّرَاهِمَ، وَالدَّنَانِيرَ الَّتِي هِيَ بَدَلُ الصُّلْحِ وَكَانَ الْمِيرَاثُ فِي بَيْتِ الْأَبِ وَلَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ فَإِنَّ الصُّلْحَ يَبْطُلُ بِحِصَّةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْأَبُ مُقِرًّا لِلزَّوْجِ بِمَا عِنْدَهُ حَتَّى يَكُونَ نَصِيبُ الزَّوْجِ أَمَانَةً فِي يَدِهِ وَقَبْضُ الْأَمَانَةِ لَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ فَيَحْصُلُ الِافْتِرَاقُ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ فَتَبْطُلُ حِصَّةُ الصَّرْفِ وَحِصَّةُ مَا لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِضَرَرٍ كَالْجَوْهَرِ الْمُرَصَّعِ فَأَمَّا إذَا كَانَ جَاحِدًا لِلزَّوْجِ مَا عِنْدَهُ كَانَ الْأَبُ غَاصِبًا نَصِيبَ الزَّوْجِ وَقَبْضُ الْغَصْبِ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ فَإِذَا قَبَضَ بَدَلَ الصُّلْحِ فَالِافْتِرَاقُ حَصَلَ بَعْدَ

الباب الرابع في أنواع الخيارات في الصرف

التَّقَابُضِ فَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ فِي حِصَّةِ الصَّرْفِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْأَبُ مُقِرًّا لِلزَّوْجِ بِمَا عِنْدَهُ إلَّا أَنَّ الْمِيرَاثَ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ فِي الْكُلِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ سَيْفًا مُحَلًّى بِفِضَّةٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَقَبَضَ مِنْهَا خَمْسَةَ دَنَانِيرِ ثُمَّ افْتَرَقَا أَوْ اشْتَرَى بِالْبَاقِي مِنْهُ ثَوْبًا قَبْل أَنْ يَتَفَرَّقَا وَقَبَضَهُ فَإِنْ كَانَ نَقَدَ مِنْ الدَّنَانِيرِ بِقَدْرِ الْحِلْيَةِ وَحِصَّتِهَا فَالصُّلْحُ مَاضٍ، وَإِنْ كَانَ نَقَدَ أَقَلَّ مِنْ حِصَّةِ الْحِلْيَةِ فَالصُّلْحُ فَاسِدٌ وَشِرَاءُ الثَّوْبِ فَاسِدٌ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَقَرَّ ثُمَّ صَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى خَمْسَةِ دَرَاهِمَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَهَذَا جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ اشْتَرَى قَلْبَ ذَهَبٍ فِيهِ عَشَرَةُ مَثَاقِيلَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا وَاسْتَهْلَكَ الْقَلْبَ أَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدْ دَلَّسَهُ لَهُ فَصَالَحَهُ عَلَى عَشَرَةٍ نَسِيئَةً فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى دِينَارٍ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ فِيهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ فِي الْقَلْبِ هَشْمًا يَنْقُصُهُ فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى قِيرَاطَيْ ذَهَبٍ مِنْ الدِّينَارِ عَلَى إنْ زَادَهُ مُشْتَرِي الْقَلْبِ رُبْعَ كُرِّ حِنْطَةٍ وَتَقَابَضَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ بِعَيْنِهَا وَتَفَرَّقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا، وَإِنْ تَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ بِالْحِنْطَةِ عَيْبًا رَدَّهَا وَرَجَعَ بِثَمَنِهَا وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقْسِمَ الْقِيرَاطَانِ عَلَى قِيمَةِ الْحِنْطَةِ وَقِيمَةُ الْعَيْبِ فَمَا يَخُصُّ قِيمَةَ الْحِنْطَةِ يَرْجِعُ بِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ بُخَارِيَّةٍ وَاصْطَلَحَا مِنْهَا عَلَى دَرَاهِمَ لَا يَعْرِفُ وَزْنَهَا قَالَ إنِّي أَنْظُرُ الْبُخَارِيَّةَ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهَا النُّحَاسَ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهَا الْفِضَّةَ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ إلَّا عَلَى مِثْلِ وَزْنِهَا، وَإِنْ صَالَحَ عَلَى أَقَلَّ لَا يَجُوزُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْحَطِّ أَلَا يَرَى لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ غَلَّةً صَالَحَ مِنْهَا عَلَى تِسْعِمِائَةٍ بِيضٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَلْفًا بِيضًا فَصَالَحَ عَلَى تِسْعِمِائَةٍ سُودٍ جَازَ وَكَانَ هَذَا حَطًّا وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى تِسْعِمِائَةٍ وَلَمْ يُشْتَرَطْ بِيضًا فَأَعْطَاهُ بِيضًا جَازَ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ السُّودُ أَفْضَلَ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ عَلَى سُودٍ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِ الْبِيضِ، وَإِنْ كَانَ سَوَاءٌ جَازَ الصُّلْحُ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِأَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي أَنْوَاعِ الْخِيَارَاتِ فِي الصَّرْفِ] إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ يَوْمًا فَإِنْ أَبْطَلَ الْخِيَارَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يُبْطِلَهُ وَقَدْ تَقَابَضَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ قَصُرَتْ وَكَذَلِكَ الْإِنَاءُ الْمَصُوغُ، وَالسَّيْفُ الْمُحَلَّى، وَالطَّوْقُ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ لُؤْلُؤٌ وَجَوْهَرٌ لَا يَتَخَلَّصُ إلَّا بِكَسْرِ الطَّوْقِ، وَأَمَّا اللِّجَامُ الْمُمَوَّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ فَإِنْ شُرِطَ الْخِيَارُ فِي بَيْعِهِ فَصَحِيحٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً وَطَوْقَ ذَهَبٍ فِيهِ خَمْسُونَ دِينَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَاشْتُرِطَ

الْخِيَارُ فِيهِمَا يَوْمًا فَسَدَ فِي الْكُلِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ فِي الْجَارِيَةِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهُمَا بِمِائَةِ دِينَارٍ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَشَرَطَ الْأَجَلَ فَاشْتِرَاطُ الْأَجَلِ كَاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُمَا بِحِنْطَةٍ أَوْ عَرْضٍ جَازَ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ اشْتَرَى رِطْلًا مِنْ نُحَاسٍ بِدِرْهَمٍ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَرْفٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَى فُلُوسًا بِدَرَاهِمَ عَلَى أَنَّ بَائِعَ الدَّرَاهِمِ بِالْخِيَارِ فَدَفَعَ الدَّرَاهِمَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْفُلُوسَ حَتَّى افْتَرَقَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِبَائِعِ الْفُلُوسِ وَقَدْ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ هَذَا الْعَقْدُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَلَيْسَ فِي الدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ كَالتِّبْرِ، وَالْحُلِيِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا خِيَارُ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ وَرَدَ عَلَى الدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ نَحْوَ أَنْ يَشْتَرِيَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الدِّينَارِ رَجَعَ بِنِصْفِ الدَّرَاهِمِ وَلَهُ نِصْفُ الدِّينَارِ وَلَا خِيَارَ لَهُ كَذَا فِي الْحَاوِي، وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّرَاهِمُ وَأَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ بَطَلَ الْقَبْضُ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمِثْلِهَا وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ، وَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ حَصَلَتْ إجَازَتُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ جَازَ الْقَبْضُ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمَقْبُوضِ سَبِيلٌ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى النَّاقِدِ، وَإِنْ حَصَلَتْ إجَازَتُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَوُجُودُ الْإِجَازَةِ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ دَرَاهِمَهُ وَلَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَهَا هَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَأَمَّا إذَا وَجَدَهَا أَوْ بَعْضَهَا مُسْتَحَقَّةً وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ بِأَبْدَانِهِمَا إنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ وَكَانَتْ الدَّرَاهِمُ قَائِمَةً جَازَ وَإِذَا رَدَّ بَطَلَ الصَّرْفُ كُلُّهُ إنْ كَانَ الْكُلُّ مُسْتَحَقًّا، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ مُسْتَحَقًّا بَطَلَ الصَّرْفُ بِقَدْرِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ زُيُوفًا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَاسْتَبْدَلَ فَاسْتُحِقَّتْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ الزُّيُوفُ لَمْ يُنْتَقَضْ الصَّرْفُ عِنْدَهُمَا وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الزُّيُوفُ قَلِيلَةً وَلَوْ وَجَدَ الْكُلَّ زُيُوفًا انْتَقَضَ الصَّرْفُ اسْتَبْدَلَ أَمْ لَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ وَرَدَ الْعَقْدُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ نَحْوَ أَنْ يَشْتَرِي قَلْبًا فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهُ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الْبَاقِيَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ بِحِصَّتِهِ فَإِنْ اسْتَحَقَّ فَلَمْ يُحْكَمْ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ حَتَّى أَجَازَ الْبَيْعَ جَازَ الْبَيْعُ وَكَانَ الثَّمَنُ فِيمَا أَجَازَ لِلْمُسْتَحِقِّ يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ وَيُسَلِّمُهُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. لَوْ اشْتَرَى إنَاءً مَصُوغًا أَوْ قَلْبَ فِضَّةٍ بِذَهَبٍ أَوْ بِفِضَّةِ تِبْرٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْإِنَاءَ أَوْ الْقَلْبَ بَطَلَ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الْعَقْدَ، وَأَمَّا إذَا أَجَازَهُ جَازَ الْعَقْدُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ غَلَّةً فَأَخَذَ بِهَا تِسْعَمِائَةِ وَضَحَ وَدِينَارًا فَافْتَرَقَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الدِّينَارَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ غَلَّةً، وَإِنْ اسْتَحَقَّ الدِّينَارَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِدِينَارٍ

مِثْلِهِ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ مَكَانُ الدِّينَارِ مِائَةَ فَلْسٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَأَمَّا خِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِمَنْ يَجِدُ عَيْبًا فِيمَا صَارَ لَهُ بِعَقْدِ الصَّرْفِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا بَاعَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَصُوغًا مِنْ الذَّهَبِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ إنَّ قَابِضَ الدَّرَاهِمِ وَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا فَإِنْ رَدَّهَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ بَطَلَ الصَّرْفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَبْدَلَهَا فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ جَازَ، وَإِنْ اسْتَبْدَلَهَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ جَازَ إجْمَاعًا، وَإِنْ وَجَدَ الْبَعْضَ زُيُوفًا إنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ وَجَدَهَا سَتُّوقَةً وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَوَّزَ بِهَا فَإِنْ رَدَّهَا وَقَبَضَ الْجِيَادَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَجُعِلَ كَأَنَّهُ أَخَّرَ الْقَبْضَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ وَقْتَ الْقَبْضِ وَقَبَضَهَا لَا يَجُوزُ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَأْخُذَ الدَّرَاهِمَ الْجِيَادَ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ وَقْتَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ عَلِمَ بِالْبَيَانِ وَالتَّسْمِيَةِ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذِهِ الدَّنَانِيرَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ السَّتُّوقَةِ، وَالرَّصَاصِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ أَنَّهَا سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصٌ لَكِنَّهُ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذِهِ الدَّنَانِيرَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَأَشَارَ إلَى السَّتُّوقَةِ وَالرَّصَاصِ فَإِنْ كَانَا يَعْلَمَانِ أَنَّهَا سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصٌ وَيَعْلَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ يَعْلَمُ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَتَعَلَّقُ بِهَا بِعَيْنِهَا، وَإِنْ كَانَا لَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ أَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا وَلَا يَعْلَمُ الْآخَرُ أَوْ يَعْلَمَانِ جَمِيعًا وَلَا يَعْلَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَالْعَقْدُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا بِعَيْنِهَا وَلَكِنْ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْجِيَادِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَأَمَّا إذَا وَجَدَهَا أَوْ بَعْضَهَا سَتُّوقَةً وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ بِأَبْدَانِهِمَا إنْ وَجَدَ الْكُلَّ سَتُّوقَةً بَطَلَ الصَّرْفُ كُلُّهُ، وَإِنْ وَجَدَ الْبَعْضَ سَتُّوقَةً بَطَلَ الصَّرْفُ بِقَدْرِهِ تَجُوزُ بِهِ أَوْ رَدَّهُ وَاسْتَبْدَلَ مَكَانَهُ آخَرَ أَوْ لَمْ يَسْتَبْدِلْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَجَدَ الدَّرَاهِمَ سَتُّوقَةً بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَقَدْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَالصَّرْفُ بَاطِلٌ وَيَرْجِعُ الدَّنَانِيرَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّجْرِيدِ. هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ بَدَلُ الدِّينَارِ دَرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ لِلْعَقْدِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَدَلُهُ مِمَّا يَتَعَيَّنُ الْعَقْدُ نَحْوَ أَنْ يَشْتَرِيَ قَلْبَ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ أَوْ إنَاءَ فِضَّةٍ أَوْ تِبْرًا مِنْ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ فَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ الْمَصُوغَ أَوْ التِّبْرَ مَعِيبًا فَإِنْ رَضِيَ بِتَعَيُّنِهِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ وَرَدَّهُ بَطَلَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَابِضُ الدِّينَارِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ عَيْنَ الْمَقْبُوضِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ مِثْلَهُ إلَّا إذَا ظَهَرَ فَسَادُ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ نَحْوَ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْمَبِيعَ أَوْ وَجَدَهُ بِخِلَافِ جِنْسِ مَا سَمَّاهُ فَلَمَّا فَسَدَ الْعَقْدُ اسْتَرَدَّ مِنْهُ عَيْنَ الدِّينَارِ إذَا كَانَ قَائِمًا وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ هَالِكًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلَّى بِدَرَاهِمَ فَوَجَدَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ عَيْبًا يَرُدُّ الْكُلَّ دُونَ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَالْعَيْبُ فِي الْبَعْضِ يُؤَثِّرُ فِي الْكُلِّ فَإِنْ رَدَّ الْكُلَّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالتَّرَاضِي بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقٍّ ثَالِثٍ، وَالْقَبْضُ فِي الصَّرْفِ وَجَبَ حَقًّا لِلشَّرْعِ، وَهُوَ ثَالِثٌ فَكَانَ افْتِرَاقًا

لَا عَنْ قَبْضٍ فِي حَقِّهِ وَبِقَضَاءٍ لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ تَقَايَلَا، وَالْمَبِيعُ إنَاءً فَبَاعَهُ الَّذِي مَلَكَهُ بِالْإِقَالَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إنْ بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي جَازَ، وَإِنْ بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ اشْتَرَى إبْرِيقَ فِضَّةٍ فِيهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَتَقَابَضَا وَتَفَرَّقَا ثُمَّ وَجَدَ الدَّرَاهِمَ رَصَاصًا أَوْ سَتُّوقَةً فَرَدَّهَا عَلَيْهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَقَبْلَ اسْتِرْدَادِ الْإِبْرِيقِ وَكَذَلِكَ الزُّيُوفُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا فِي الزُّيُوفِ يَسْتَبْدِلُهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا مِنْ مَجْلِسِ الرَّدِّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ اشْتَرَى حُلِيَّ ذَهَبٍ فِيهِ جَوْهَرٌ فَوَجَدَ بِالْجَوْهَرِ عَيْبًا فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ دُونَ الْحُلِيِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ كُلَّهُ أَوْ يَأْخُذَ كُلَّهُ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى خَاتَمَ فِضَّةٍ فِيهِ فَصُّ يَاقُوتٍ فَوَجَدَ بِالْفَصِّ أَوْ بِالْفِضَّةِ عَيْبًا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ طَسْتًا أَوْ إنَاءً لَا يَدْرِي مَا هُوَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ صَاحِبُهُ شَيْئًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ اشْتَرَى إنَاءِ فِضَّةٍ فَإِذَا هُوَ غَيْرُ فِضَّةٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَ فِضَّةً سَوْدَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ فِيهَا رَصَاصٌ أَوْ صُفْرٌ، وَهُوَ الَّذِي أَفْسَدَهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ بِذَهَبٍ فَوَجَدَ فِيهِ عَيْبًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ آخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَقْبَلُهُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِضَّةً لَمْ يَرْجِعْ بِالنُّقْصَانِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِهِ عَيْبًا وَلَكِنْ اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ وَلَمْ يَرُدَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ حَتَّى انْكَسَرَ لَزِمَهُ النِّصْفُ الْبَاقِي وَرَجَعَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَتَقَابَضَا، وَالدَّرَاهِمُ زُيُوفٌ فَأَنْفَقَهَا الْمُشْتَرِي، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرُدُّ مِثْلَ مَا قَبَضَ وَيَرْجِعُ بِالْجِيَادِ وَقَالَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ مَعَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ أَنَّ قَوْلَهُمَا قِيَاسٌ وَقَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا كَانَتْ الْعَشَرَةُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ ثَمَنٍ مَبِيعٍ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ اشْتَرَى فِضَّةً فَوَجَدَهَا رَدِيئَةً بِغَيْرِ عَيْبٍ لَا يَرُدُّهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ بَائِعُ الدَّرَاهِمِ لِمُشْتَرِيهَا بَرِئْتُ إلَيْك مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ثُمَّ وَجَدَهَا سَتُّوقَةً لَمْ يَبْرَأْ، وَإِنْ وَجَدَهَا زُيُوفًا بَرِئَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ أَبِيعُكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَأَرَاهُ إيَّاهَا ثُمَّ وَجَدَهَا زُيُوفًا قَالَ يُبَدِّلُهَا إلَّا أَنْ يَقُولَ هِيَ زُيُوفٌ أَوْ يَبْرَأُ عَنْ عَيْبِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اشْتَرَى دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ وَقَبَضَ الدَّنَانِيرَ فَبَاعَهَا مِنْ ثَالِثٍ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَرَدَّهَا عَلَى الْأَوْسَطِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ لِلْأَوْسَطِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْعُرُوضَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ اشْتَرَى خَاتَمًا

الباب الخامس في أحكام العقد بالنظر إلى أحوال العاقدين وفيه ستة فصول

مِنْ فِضَّةٍ فِيهِ فَصٌّ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَتَقَابَضَا ثُمَّ قَلَعَ الْمُشْتَرِي الْفَصَّ مِنْ الْفِضَّةِ، وَالْقَلْعُ لَا يَضُرُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا رَدَّهُ وَأَخَذَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا قَبْلَ أَنْ يَقْلَعَ الْفَصَّ مِنْ الْفِضَّةِ وَأَرَادَ رَدَّهُمَا جَمِيعًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يَقْلَعُ الْفَصَّ مِنْ الْفِضَّةِ ثُمَّ يَرُدُّ الَّذِي بِهِ الْعَيْبَ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَهُمَا وَلَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ حَتَّى وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا وَلَكِنَّهُمَا افْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْفِضَّةِ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْفَصُّ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي بَطَلَ فِيهِ الْبَيْعُ إنَّمَا بَطَلَ بِتَرْكِ الْمُشْتَرِي دَفْعَ الثَّمَنِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارُ، ثُمَّ قَالَ: وَالْفَصُّ، وَالْفِضَّةُ إذَا كَانَا مُيِّزَا لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةِ السَّمْنِ فِي الزِّقِّ يُبَاعَانِ جَمِيعًا وَبِمَنْزِلَةِ الدَّقِيقِ فِي الْجِرَابِ وَكَذَلِكَ السَّيْفُ الْمُحَلَّى، وَالْمِنْطَقَةُ الْمُحَلَّاةُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْجَوْهَرِ يَكُونُ فِي الذَّهَبِ فَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ نَزْعُهُ لَا يَضُرُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَكَأَنَّهُمَا شَيْئَانِ مُتَبَايِنَانِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْت لَك كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْبَابِ إذَا اشْتَرَى دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ جَاءَ بَائِعُ الدِّينَارِ بِدَرَاهِمَ زُيُوفٍ وَقَالَ: وَجَدْتهَا فِي تِلْكَ الدَّرَاهِمِ وَأَنْكَرَ مُشْتَرِي الدِّينَارَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ مِنْ دَرَاهِمِهِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إمَّا إنْ أَقَرَّ بَائِعُ الدِّينَارِ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ: قَبَضْت الْجِيَادَ أَوْ قَبَضْت حَقِّي أَوْ قَالَ قَبَضْت رَأْسَ الْمَالِ أَوْ قَالَ اسْتَوْفَيْت الدَّرَاهِمَ أَوْ قَالَ: قَبَضْت الدَّرَاهِمَ أَوْ قَالَ: قَبَضْت وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي، وَالثَّالِثِ، وَالرَّابِعِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى بَائِعِ الدِّينَارِ حَتَّى لَا يَسْتَحْلِفَ مُشْتَرِي الدِّينَارِ عَلَى ذَلِكَ وَفِي الْوَجْهِ الْخَامِسِ، وَهُوَ مَا إذَا قَالَ قَبَضْت الدَّرَاهِمَ الْقَوْلُ قَوْلُ بَائِعِ الدِّينَارِ وَعَلَى مُشْتَرِي الدِّينَارِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ الْجِيَادَ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْوَجْهِ السَّادِسِ، وَهُوَ مَا إذَا قَالَ قَبَضْت وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَلَوْ قَالَ وَجَدْتهَا سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا لَا شَكَّ أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِي الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ وَكَذَا فِي الْوَجْهِ الْخَامِسِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَفِي الْوَجْهِ السَّادِسِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي أَحْكَامِ الْعَقْدِ بِالنَّظَرِ إلَى أَحْوَالِ الْعَاقِدِينَ وَفِيهِ سِتَّةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الصَّرْفِ فِي الْمَرَضِ] قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا بَاعَ الْمَرِيضُ مِنْ وَارِثِهِ دِينَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا بِإِجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَتُعْتَبَرُ وَصِيَّتُهُ لِلْوَارِثِ بِالْعَيْنِ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ وَعِنْدَهُمَا إذَا بَاعَهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَلَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ مِنْ ابْنِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ وَتَقَابَضَا وَلَهُ وَرَثَةٌ كِبَارٌ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ دَنَانِيرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَتْ قِيمَةُ دَنَانِيرِهِ

أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ دَنَانِيرِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ ذَلِكَ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا يُخَيَّرُ ابْنُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَرَدَّ الدَّنَانِيرَ وَأَخَذَ دَرَاهِمَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الدَّنَانِيرِ مِثْلَ قِيمَةِ دَرَاهِمِهِ وَرَدَّ الْفَضْلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا بَاعَ الْمَرِيضُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِدِينَارٍ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ، وَالدِّينَارُ عِنْدَهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَرُدُّوا مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِذَا رَدُّوا كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ دِينَارَهُ وَرَدَّ الْأَلْفَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْأَلْفِ قِيمَةَ الدِّينَارِ وَأَخَذَ أَيْضًا ثُلُثَ الْأَلْفِ كَامِلًا، وَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ قَدْ اسْتَهْلَكَ الدِّينَارَ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ الدِّينَارِ مِنْ الْأَلْفِ وَثُلُثَ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ كَذَا فِي الْحَاوِي، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَيَّرَ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمِ بَعْدَ هَلَاكِ الدِّينَارِ فِي يَدِ الْمَرِيضِ وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا هَلَكَ الْأَلْفُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ مَا صَنَعَهُ الْمَرِيضُ فَإِنَّ هُنَاكَ لَا يُخَيَّرُ مُشْتَرِي الْأَلْفِ بَيْنَ الْفَسْخِ، وَالْإِجَازَةِ بَلْ يَأْخُذُ قَدْرَ قِيمَةِ الدِّينَارِ وَثُلُثُ جَمِيعِ الْأَلْفِ وَيَرُدُّ الْبَاقِي عَلَى الْوَرَثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَ الْمَرِيضُ سَيْفًا قِيمَتُهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَفِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ عِشْرُونَ دِينَارًا بِدِينَارٍ وَتَقَابَضَا فَأَبَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ قَدْرَ قِيمَةِ الدِّينَارِ مِنْ السَّيْفِ وَحِلْيَتِهِ وَثُلُثَ السَّيْفِ تَامًّا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ كُلَّهُ وَأَخَذَ دِينَارَهُ وَهَذَا وَمَا سَبَقَ فِي التَّخْرِيجِ سَوَاءٌ وَمَا تَخْتَصُّ بِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَنَّ قِيمَةَ الدِّينَارِ لَهُ مِنْ السَّيْفِ، وَالْحِلْيَةِ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ قَدْ اسْتَهْلَكَ الدِّينَارَ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ هَهُنَا إنْ شَاءَ أَخَذَ دِينَارًا مِثْلَ دِينَارِهِ وَرَدَّ الْبَيْعَ وَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ يُبَاعُ السَّيْفُ حَتَّى يَنْقُدَ الدِّينَارَ، وَإِنْ شَاءَ كَانَ لَهُ مِنْ السَّيْفِ وَحِلْيَتِهِ قِيمَةُ الدِّينَارِ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا قَدْ اسْتَهْلَكَ مَا قَبَضَهُ جَازَ لَهُ مِنْهُ قِيمَةُ الدِّينَارِ وَثُلُثُ الْبَاقِي وَغَرِمَ ثُلُثَ الْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مَرِيضٌ لَهُ تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا بَاعَهَا بِدِينَارٍ قِيمَتُهُ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الدِّينَارَ وَقَبَضَ الْآخَرُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَافْتَرَقَا، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ، وَالدِّينَارُ قَائِمٌ فِي يَدِهِ، وَالدَّرَاهِمُ كَذَلِكَ فَإِجَازَةُ الْوَرَثَةِ هَهُنَا وَعَدَمُ إجَازَتِهِمْ سَوَاءٌ وَيُسَلَّمُ الْمُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ مِائَةَ دِرْهَمٍ بِتُسْعِ الدِّينَارِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمِائَةِ أَكْثَرَ مِنْ تُسْعِ الدِّينَارِ، وَتَرُدُّ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ أَتْسَاعِ الدِّينَارِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ قَبَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِجَازَةُ الْوَرَثَةُ وَعَدَمُ إجَازَتِهِمْ سَوَاءٌ وَيُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي مِائَتَا دِرْهَمٍ بِتُسْعِ الدِّينَارِ أَوْ ثَلَثُمِائَةٍ بِثَلَاثَةِ أَتْسَاعِ الدِّينَارِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ قَبَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَرْبَعَمِائَةٍ فَهَهُنَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ سَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَسَلَّمَ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ أَتْسَاعِ الدِّينَارِ وَلَزِمَ الْوَرَثَةَ رَدُّ خَمْسَةِ أَتْسَاعِ الدِّينَارِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَرَدَّ مَا قَبَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَخَذَ دِينَارَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِمَّا قَبَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَدْرَ أَرْبَعَةِ أَتْسَاعِ الدِّينَارِ وَثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ وَذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ وَرَدَّ الْبَاقِي عَلَى

الفصل الثاني في الصرف مع مملوكه وقرابته وشريكه

الْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ شَيْئًا مِنْ الدَّرَاهِمِ تَرُدُّ الْوَرَثَةُ دِينَارَهُ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ ذَلِكَ الدِّينَارِ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا، فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَتَفَرَّقَا وَلَمْ يَمُتْ الْمَرِيضُ فَزَادَهُ الْمُشْتَرِي تِسْعَةً وَخَمْسِينَ دِينَارًا وَتَقَابَضَا فَهُوَ جَائِزٌ كُلُّهُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ دِينَارٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ. وَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ وَكَّلَ وَكِيلًا فَبَاعَهَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ بِدِينَارٍ، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَنَا آخُذُ تِسْعَمِائَةٍ بِتِسْعِينَ دِينَارًا فَهُوَ جَائِزٌ إذَا رَضِيَ بِهِ الْوَكِيلُ قَالُوا تَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرِيضَ وَكَّلَ هَذَا الرَّجُلَ بِبَيْعِ الدَّرَاهِمِ وَفَوَّضَ الرَّأْيَ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: اعْمَلْ فِيهَا بِرَأْيِك أَوْ قَالَ مَا صَنَعْت فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ حَتَّى يَكُونَ بَيْعُ الْوَكِيلِ جَائِزًا عَلَى الْمَرِيضِ مَعَ الْمُحَابَاةِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلِهِ بَيْعِ الْمَرِيضِ فَإِذَا زَادَ الْمُشْتَرِي وَرَفَعَ الْمُحَابَاةَ يَجُوزُ فَأَمَّا إذَا لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ الرَّأْيَ لَمْ يُجِزْ، وَإِنْ زَادَ الْمُشْتَرِي عَلَى اخْتِلَاف الْمَذْهَبَيْنِ أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالصَّرْفِ وَكِيلٌ بِالْبَيْعِ مِنْ وَجْهٍ وَبِالشِّرَاءِ مِنْ وَجْهٍ وَبِأَيِّ ذَلِكَ اعْتَبَرْنَاهُ لَا تُتَحَمَّلُ مِنْهُ الْمُحَابَاةُ الْفَاحِشَةُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الْمَرِيضِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْبَيْعِ مِنْ وَجْهٍ وَبِالشِّرَاءِ مِنْ وَجْهٍ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَكِيلٌ بِالْبَيْعِ إنْ جَازَ تَصَرُّفُهُ مَعَ الْمُحَابَاةِ عَلَى الْمَرِيضِ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَكِيلٌ بِالشِّرَاءِ لَمْ يُجِزْ تَصَرُّفُهُ مَعَ الْمُحَابَاةِ عَلَى الْمَرِيضِ فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ عَلَى الْمَرِيضِ فَلَا يَجُوزُ بِالشَّكِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ الْمَرِيضِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ مِنْ مَرَضِهِ فَهَذَا رِبًا، وَهُوَ بَاطِلٌ مِنْ الصَّحِيحِ، وَالْمَرِيضِ جَمِيعًا وَلِلَّذِي أَعْطَى الْمِائَةَ أَنْ يُمْسِكَ الْمِائَةَ مِنْ الْأَلْفِ بِمِائَتِهِ وَيَرُدَّ الْفَضْلَ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ هُنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ قَالُوا وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا: إنَّ الْمَقْبُوضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يَتَعَيَّنُ لِلرَّدِّ فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا إنَّ الْمَقْبُوضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ يَتَعَيَّنُ لِلرَّدِّ فَعَلَى الَّذِي أَعْطَى الْمِائَةَ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ الْأَلْفِ الْمَقْبُوضَةِ عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِمِائَتِهِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ كَانَ أَعْطَى مِنْ الْمِائَةِ ثَوْبًا أَوْ دِينَارًا كَانَ ذَلِكَ بَيْعًا صَحِيحًا فَإِنْ مَاتَ الْمَرِيضُ وَأَبَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا يُخَيَّرُ صَاحِبُ الدِّينَارِ، وَالثَّوْبِ فَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ كَانَ لَهُ مِنْ الْأَلْفِ مِائَةُ مَكَان مِائَتِهِ وَقِيمَةُ الدِّينَارِ أَوْ الْعَرْضِ بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ وَثُلُثُ الْأَلْفِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ إذَا كَانَ الدِّينَارُ، وَالْأَلْفُ قَائِمَيْنِ فِي أَيْدِي الْوَرَثَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ إنْ كَانَا هَالِكَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ لِلْمَرِيضِ إبْرِيقُ فِضَّةٍ فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ بِالدَّنَانِيرِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَبَاعَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ قِيمَتُهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ وَأَبَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثُلُثَيْ الْإِبْرِيقِ بِثُلُثَيْ الْمِائَةِ وَثُلُثَهُ لِلْوَرَثَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الصَّرْفِ مَعَ مَمْلُوكِهِ وَقَرَابَتِهِ وَشَرِيكِهِ] ِ وَمُضَارِبِهِ وَصَرْفُ الْقَاضِي وَأَمِينِهِ وَوَكِيلِهِ وَصَرْفِ الْوَصِيِّ لَيْسَ بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ رِبًا فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا رِبًا أَيْضًا وَلَكِنْ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّ

الفصل الثالث في الوكالة في الصرف

مَا أَخَذَهُ عَلَى الْعَبْدِ سَوَاءٌ كَانَ اشْتَرَى مِنْهُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُدَبَّرُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ بَاعَ مِنْ مُكَاتِبِهِ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ لَا يَجُوزُ وَكَانَ رِبًا وَمُعْتِقُ الْبَعْضِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتِبِ وَعِنْدَهُمَا بِمَنْزِلَةِ حُرٍّ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْوَالِدَانِ، وَالزَّوْجَانِ، وَالْقَرَابَةُ وَشَرِيكُ الْعِنَانِ فِيمَا لَيْسَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا مَا فِي الرِّبَا بِمَنْزِلَةِ الْأَجَانِبِ، وَالْمَمَالِيكِ بِمَنْزِلَةِ الْأَحْرَارِ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا الْمُتَفَاوِضَانِ إذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ مِنْ صَاحِبِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْهُمَا بَيْعًا، وَهُوَ مَالَهُمَا كَمَا كَانَ قَبْلَ هَذَا الْبَيْعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ الْقُدُورِيُّ وَلَا يَجُوزُ فِعْلُ الْقَاضِي وَأَمِينِهِ لِلْيَتِيمِ وَفِعْلُ الْأَبِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَالْوَصِيِّ إلَّا مَا يَجُوزُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى الْأَبُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ الْمُضَارِبِ بَاعَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ لَمْ يُجِزْ إلَّا مَا يَجُوزُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ لِلْيَتِيمِ دَرَاهِمَ فَصَرَفَهَا الْوَصِيُّ بِدَنَانِيرَ مِنْ نَفْسِهِ بِسِعْرِ السُّوقِ لَمْ يُجِزْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ إنَاءَ فِضَّةٍ فَبَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِوَزْنِهِ وَلَوْ كَانَ فِي حِجْرِهِ يَتِيمَانِ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ وَلِلْآخَرِ دَنَانِيرُ فَصَرَفَهَا الْوَصِيُّ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ شَيْئًا لِنَفْسِهِ نَظَرْت فِيهِ إنْ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ أَمْضَيْت الْبَيْعَ فِيهِ وَإِلَّا فَهُوَ بَاطِلٌ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ أَصْلًا لِلْأَثَرِ الَّذِي رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ وَحُكْمُ الْقَاضِي فِي الصَّرْفِ وَحُكْمُ وَكِيلِهِ وَأَمِينِهِ كَحُكْمِ سَائِرِ النَّاسِ يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَيَكُونُ التَّقَابُضُ إلَيْهِ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَالِ الْغَائِبِ أَوْ الْيَتِيمِ وَلَوْ بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ صَرَفَ دَرَاهِمَهُ مِنْ دَرَاهِمَ نَفْسِهِ أَوْ بِدَنَانِيرَ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْحَاوِي. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْوَكَالَةِ فِي الصَّرْفِ] إذَا تَصَارَفَ الْوَكِيلَانِ لَمْ يَسْعَ لَهُمَا أَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَتَقَابَضَا وَلَا يَضُرُّهُمَا غَيْبَةُ الْمُوَكَّلَيْنِ عَنْهُمَا كَذَا فِي الْحَاوِي. تَصَارَفَا وَوَكَّلَا بِقَبْضِهِ فَتَقَابَضَ الْوَكِيلَانِ قَبْلَ افْتِرَاقِ الْمُوَكَّلَيْنِ جَازَ وَبَعْدَ افْتِرَاقِهِمَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلَيْنِ بِدَرَاهِمَ يَصْرِفَانِهَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَصْرِفَ دُونَ الْآخَرِ، وَإِنْ عَقَدَا جَمِيعًا، ثُمَّ ذَهَبَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَتْ حِصَّةُ الذَّاهِبِ، وَهُوَ النِّصْفُ وَبَقِيَتْ حِصَّةُ الْبَاقِي، وَهُوَ النِّصْفُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ وَكَّلَا جَمِيعًا رَبَّ الْمَالِ بِالْقَبْضِ أَوْ الْأَدَاءِ وَذَهَبَا بَطَلَ الصَّرْفُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَصْرِفَ لَهُ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ فَصَرَفَهَا وَتَقَابَضَا وَأَقَرَّ الَّذِي قَبَضَ الدَّرَاهِمَ بِالِاسْتِيفَاءِ، ثُمَّ وَجَدَ فِيهَا دِرْهَمًا زَيْفًا فَقَبِلَهُ الْوَكِيلُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ مِنْ دَرَاهِمِهِ وَجَحَدَ الْمُوَكِّلُ فَهُوَ لَازِمٌ عَلَى الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ جَحَدَ الْوَكِيلُ أَنَّ هَذَا مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَأَقَامَ مُشْتَرِيهَا بَيِّنَةً أَنَّهُ مِنْهَا وَلَمْ يَكُنْ أَقَرَّ هُوَ بِالِاسْتِيفَاءِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُرَدُّ الدَّرَاهِمُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَلْزَمُ الْآمِرُ

فَمِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ قَالَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ خَطَأً؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصُّوَرَ لَيْسَتْ مَوْضِعَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَالْقَوْلُ لِمُشْتَرِي الدَّرَاهِمِ اسْتِحْسَانًا كَمَا إذَا جَاءَ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ بِدِرْهَمِ زَيْفٍ يَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ وَكَمَا فِي بَيْعِ الْعَيْنِ إذَا جَاءَ الْبَائِعُ بِزَيْفٍ يَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا فَكَذَا هَهُنَا وَإِلَى هَذَا مَالَ شَمْسُ الْآئِمَةِ السَّرَخْسِيِّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَحَّحَ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ وَقَالَ بَلْ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي اسْتِحْسَانًا وَلَكِنْ مَعَ الْيَمِينِ فَهُوَ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ أَسْقَطَ الْيَمِينَ، وَالْبَيِّنَةَ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ مَقْبُولَةٌ كَمَا إذَا أَقَامَهَا الْمُودِعُ عَلَى الرَّدِّ أَوْ الْهَلَاكِ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ لَيْسَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ مُشْتَرِيَ الدَّرَاهِمِ يُكَلَّفُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَهُمَا قُبِلَتْ وَلَعَلَّهُ أَقَامَهَا لِدَفْعِ الْيَمِينِ عَنْ نَفْسِهِ فَكَانَ كَالْمُودِعِ قَالَ وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَحْلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى ذَلِكَ فَنَكِلَ فَرَدَّ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ لَزِمَ الْمُوَكِّلُ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا هَذَا خَطَأٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنَّمَا الْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ شَرْعًا وَمَنْ جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ شَرْعًا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَهُوَ إنَّمَا يُرَدُّ إذَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ أَمَّا أَنَّهُ يُحَلِّفُ الْوَكِيلَ فَلَا وَإِنَّمَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمِ رَدَّ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَكُونُ ذَلِكَ رَدًّا عَلَى الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ عَلَى الْوَكِيلِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بِمَا هُوَ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْآمِرِ فَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ، وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمْ صَحَّحُوا الْمَذْكُورَ فِي الْكِتَابِ وَقَالُوا هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُمْ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْسَانِ وَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى طَرِيقِ الْقِيَاسِ فَإِنَّ الْقِيَاسَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الْعَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِأَنْ يَصْرِفَ لَهُ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ فَصَرَفَهَا فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الدَّنَانِيرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ إبْرِيقَ فِضَّةٍ بِعَيْنِهِ بِدَرَاهِمَ فَاشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ كَمَا أَمَرَهُ وَنَوَى أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى لِنَفْسِهِ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْآمِرِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ عَرْضٍ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ وَلَوْ كَانَ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ الثَّمَنَ فَاشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ فَالْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ فِضَّةٍ بِعَيْنِهَا وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَبَاعَهَا بِفِضَّةٍ أَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَضْمَنْ الْوَكِيلُ، وَالْمُوَكِّلُ أَحَقُّ بِهَذِهِ الْفِضَّةِ مِنْ الْوَكِيلِ يَقْبِضُ مِنْهَا بِوَزْنِ فِضَّتِهِ، وَالْبَاقِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ قَالُوا: تَأْوِيلُ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَحَقُّ بِالْفِضَّةِ الَّتِي قَبَضَهَا الْوَكِيلُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ فِضَّتِهِ بِعَيْنِهَا بِأَنْ غَابَ قَابِضُهَا أَوْ كَانَ حَاضِرًا وَقَدْ اسْتَهْلَكَهَا فَمَتَى كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِمَّا فِي يَدِ الْوَكِيلِ مِثْلَ فِضَّتِهِ وَزْنًا فَأَمَّا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَخْذِ فِضَّتِهِ بِعَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذَهَا لَا غَيْرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا

بِبَيْعِ تُرَابٍ فِضَّةٍ فَبَاعَهُ بِفِضَّةٍ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْفِضَّةَ الَّتِي فِي التُّرَابِ مِثْلَ الثَّمَنِ فَرَضِيَ جَازَ ذَلِكَ وَلَهُ الْخِيَارُ فِيهِ فَإِنْ رَدَّهُ بِغَيْرِ حُكْمٍ جَازَ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ بَاعَهُ بِعَرْضٍ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ فِي التُّرَابِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ كِلَيْهِمَا جَازَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِيهِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَبَاعَهُ بِالْعَرْضِ جَازَ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ لَهُ سَيْفًا مُحَلًّى فَبَاعَهُ نَسِيئَةً فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَطَ فِيهِ الْخِيَارَ أَوْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِمَّا فِيهِ نَقْدًا فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِحُلِيِّ ذَهَبٍ فِيهِ لُؤْلُؤٌ وَيَاقُوتٌ يَبِيعُهُ لَهُ فَبَاعَهُ لَهُ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ اللُّؤْلُؤُ، وَالْيَاقُوتُ يُنْزَعُ مِنْهُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي حِصَّةِ الصَّرْفِ وَجَازَ فِي حِصَّةِ اللُّؤْلُؤِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنْزَعُ إلَّا بِضَرَرٍ لَمْ يَجُزْ شَيْءٌ مِنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ فُلُوسًا بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهَا وَقَبَضَهَا فَكَسَدَتْ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى الْآمِرِ فَهِيَ لِلْآمِرِ، وَإِنْ كَسَدَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْوَكِيلُ كَانَ الْوَكِيلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا فَإِنْ أَخَذَهَا فَهِيَ لَازِمَةٌ لَهُ دُونَ الْآمِرِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْآمِرُ أَنْ يَأْخُذَهَا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ طَوْقَ ذَهَبٍ بِعَيْنِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْأَلْفَ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ الطَّوْقَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْوَكِيلُ الطَّوْقَ كَسَرَ رَجُلٌ الطَّوْقِ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَانَ لِلْوَكِيلِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْعَقْدَ وَأَتْبَعَ الْكَاسِرَ بِقِيمَةِ الطَّوْقِ مَصُوغًا مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْعَقْدَ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْبَائِعَ إنْ شَاءَ عَيْنَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ شَاءَ مِثْلَهَا فَإِنْ أَمْضَى الْوَكِيلُ الْعَقْدَ وَأَخَذَ مِنْ الْكَاسِرِ قِيمَةَ الطَّوْقِ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَأْخُذَ تِلْكَ الْقِيمَةَ مِنْ الْوَكِيلِ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِنْهُ مِثْلَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي دَفَعَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِذَا أَخَذَ الْوَكِيلُ الضَّمَانَ مِنْ الْكَاسِرِ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ إنْ كَانَ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ بِطَوْقٍ ذَهَبٍ يَبِيعُهُ فَبَاعَهُ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَسَلَّمَ الطَّوْقَ إلَى الْمُشْتَرِي فَجَاءَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ وَجَدْت الطَّوْقَ صُفْرًا مُمَوَّهًا بِالذَّهَبِ فَأَنْكَرَ الْآمِرُ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَجْحَدَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُشْتَرِي بَيِّنَةٌ فَحَلَفَ الْوَكِيلُ فَنَكَلَ وَرَدَّ الْقَاضِي الطَّوْقَ عَلَيْهِ وَفِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الطَّوْقُ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُقِرَّ الْوَكِيلُ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا إنْ رَدَّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ ذَلِكَ رَدًّا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ قَاضٍ لَزِمَ الْوَكِيلُ أَيْضًا وَلَكِنْ لِلْوَكِيلِ حَقُّ مُخَاصَمَةِ الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأُكْرِهَ لِلْمُسْلِمِ تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ أَوْ الْحَرْبِيِّ بِأَنْ يَصْرِفَ لَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَأُجِيزَهُ إنْ فَعَلَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِدَرَاهِمَ يَصْرِفُهَا لَهُ فَصَرَفَهَا مَعَ عَبْدٍ لِلْمُوَكِّلِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَجُوزُ صَرْفُ الْوَكِيلِ مَعَ الْعَبْدِ كَمَا لَوْ فَعَلَ الْمُوَكِّلُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَكِنْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ كَانَ

عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ يَجُوزُ كَمَا لَوْ فَعَلَ الْمَوْلَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَكِنْ لَا يُسَلِّمُ الْوَكِيلُ الْمَبِيعَ إلَى الْعَبْدِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الثَّمَنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَصْرِفُهَا لَهُ فَبَاعَهَا بِدَنَانِيرَ وَحَطَّ عَنْهُ مَا لَا يَتَغَابَنُ فِي مِثْلِهِ لَمْ يُجِزْ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ صَرَفَهَا بِسِعْرِهَا عِنْدَ مُفَاوِضٍ لِلْوَكِيلِ أَوْ شَرِيكٍ لَهُ فِي الصَّرْفِ أَوْ مُضَارِبٍ لَهُ فِي الْمُضَارَبَةِ لَمْ يُجِزْ، وَإِنْ صَرَفَهَا عِنْدَ مُفَاوِضِ الْآمِرِ لَمْ يُجِزْ كَمَا لَوْ صَرَفَهَا الْآمِرُ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ صَرَفَهَا عِنْدَ شَرِيكِ الْآمِرِ فِي الصَّرْفِ غَيْرِ مُفَاوِضٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ مُضَارِبُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَصْرِفُهَا وَهُمَا بِالْكُوفَةِ وَلَمْ يُسَمِّ مَكَانًا فَفِي أَيِّ نَاحِيَةٍ مِنْ الْكُوفَةِ صَرَفَهَا جَازَ، وَإِنْ خَرَجَ بِهَا إلَى الْحِيرَةِ وَصَرَفَهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِمَا وَكَّلَ بِهِ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ كَالْعَبْدِ، وَالطَّعَامِ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ فَبَاعَهَا فِي بَلَدٍ آخَرَ غَيْرِ الْكُوفَةِ إنْ لَمْ يَنْقُلْهَا إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ جَازَ الْبَيْعُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ نَقَلَهَا إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَبَاعَ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا نُقِلَ إلَى مَكَّةَ وَاسْتَأْجَرَ بِذَلِكَ فَإِنْ ضَاعَ أَوْ سُرِقَ مِنْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ سَلَّمَ حَتَّى بَاعَ أَجَزْت الْبَيْعَ وَلَمْ أُلْزِمْ الْآمِرَ مِنْ الْأَجْرِ شَيْئًا وَذَكَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ أَجَزْت الْبَيْعَ إذَا بَاعَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَمَرَهُ فِيهِ بِبَيْعِهِ وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَقَالَ أَسْتَحْسِنُ أَنْ أَضْمَنَهُ وَلَا أُجِيزُ الْبَيْعَ اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَرِوَايَةُ أَبِي حَفْصٍ فَكَانَ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ إنَّهُ إذَا سَلَّمَ حَتَّى بَاعَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ جَوَابَ الْقِيَاسِ لَا جَوَابَ الِاسْتِحْسَانِ فَصَارَ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ فِيمَا لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ إذَا بَاعَهُ الْوَكِيلُ فِي مِصْرٍ آخَرَ جَازَ قِيَاسًا وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَمَنْ وَكَّلَ غَيْرَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَصْرِفُهَا لَهُ، ثُمَّ إنَّ الْمُوَكِّلَ صَرَفَ تِلْكَ الْأَلْفِ فَجَاءَ الْوَكِيلُ إلَى بَيْتِ الْمُوَكِّلِ فَأَخَذَ أَلْفًا غَيْرَهَا وَصَرَفَهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْأُوَلُ بَاقِيَةً فَأَخَذَ الْوَكِيلُ غَيْرَهَا وَصَرَفَهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ، وَالْفُلُوسُ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ دَفَعَ الْمُوَكِّلُ تِلْكَ الْأَلْفَ إلَى الْوَكِيلِ فَسُرِقَتْ مِنْهُ أَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ فِضَّةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ ذَهَبٍ بِعَيْنِهِ فَبَاعَ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يُجِزْ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِدَرَاهِمَ يَصْرِفُهَا لَهُ بِدَنَانِيرَ وَهُمَا بِالْكُوفَةِ فَصَرَفَهَا بِدَنَانِيرَ كُوفِيَّةٍ مُقَطَّعَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا صَرَفَهَا بِدَنَانِيرَ شَامِيَّةٍ وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَنْصَرِفُ إلَى نَقْدِ الْبَلَدِ وَقَدْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ فِي زَمَنِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْكُوفِيَّةَ الْمُقَطَّعَةَ، وَالشَّامِيَّةَ فَأَفْتَى عَلَى مَا شَاهَدَ فِي زَمَنِهِ وَفِي زَمَنِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ الشَّامِيَّةِ لَا غَيْرَ فَأَفْتَيَا عَلَى مَا شَاهَدَا فِي زَمَنِهِمَا فَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ. وَإِذَا وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ غَلَّةً وَلَمْ يُسَمِّ غَلَّةَ الْكُوفَةِ أَوْ غَلَّةَ بَغْدَادَ فَهَذَا عَلَى غَلَّةِ الْكُوفَةِ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ

الفصل الرابع في الرهن والحوالة والكفالة في الصرف

التَّوْكِيلُ بِالْكُوفَةِ فَإِنْ اشْتَرَى بِهَا غَلَّةَ بَغْدَادَ أَوْ غَلَّةَ الْبَصْرَةِ فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ غَلَّةِ الْكُوفَةِ أَوْ فَوْقَهَا جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ دُونَ غَلَّةِ الْكُوفَةِ لَا يَجُوزُ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِكَذَا دَنَانِيرَ شَامِيَّةٍ فَبَاعَ بِدَنَانِيرَ كُوفِيَّةٍ فَإِنْ كَانَتْ الْكُوفِيَّةُ غَيْرُ مُقَطَّعَةٍ وَكَانَ وَزْنُهَا مِثْلَ وَزْنِ الشَّامِيَّةِ يَجُوزُ عَلَى الْآمِرِ قَالَ وَلَيْسَتْ الدَّنَانِيرُ فِي هَذَا كَالدَّرَاهِمِ يُرِيدُ أَنَّ فِي الدَّرَاهِمِ لَا تُعْتَبَرُ زِيَادَةُ الْوَزْنِ بِزِيَادَةِ جَوْدَةٍ وَفِي الدَّنَانِيرِ تُعْتَبَرُ زِيَادَةُ الْوَزْنِ بِزِيَادَةِ جَوْدَةٍ حَتَّى قَالَ لَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِكَذَا دِينَارًا شَامِيَّةً فَبَاعَ بِكَذَا دِينَارًا كُوفِيَّةً فَإِنْ كَانَتْ الْكُوفِيَّةُ وَزْنُهَا مِثْلَ وَزْنِ الشَّامِيَّةِ جَازَ عَلَى الْآمِرِ وَمَالًا فَلَا. وَقَالَ فِيمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ بِكَذَا دَرَاهِمَ غَلَّةَ الْكُوفَةِ فَبَاعَهَا بِغَلَّةِ بَغْدَادَ أَوْ بِغَلَّةِ الْبَصْرَةِ قَالَ: إنْ كَانَتْ غَلَّةُ الْبَصْرَةِ مِثْلُ غَلَّةِ الْكُوفَةِ جَازَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ وَزْنِ غَلَّةِ الْكُوفَةِ. وَلَوْ قَالَ بِعْهَا بِدَنَانِيرَ عِتْقٍ فَبَاعَهَا بِشَامِيَّةٍ لَا يَجُوزُ عَلَى الْآمِرِ. وَإِذَا أَقْرَضَ الرَّجُلُ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهَا الْمُسْتَقْرِضُ، ثُمَّ إنَّ الْمُقْرِضَ قَالَ لِلْمُسْتَقْرِضِ اصْرِفْ الدَّرَاهِمَ الَّتِي لِي عَلَيْك وَلَمْ يُبَيِّنْ مَعَ مَنْ يَصْرِفُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَقَعُ الصَّرْفُ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَيَقَعُ الصَّرْفُ لِلْمُقْرِضِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ: اصْرِفْهَا وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ فَدَفَعَ إلَى الطَّالِبِ دَنَانِيرَ فَقَالَ: اصْرِفْهَا وَخُذْ حَقَّك مِنْهَا فَأَخَذَهَا فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهَا هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ وَكَذَا لَوْ صَرَفَهَا وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَقَّهُ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا حَقَّهُ، ثُمَّ ضَاعَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبَ إلَى الطَّالِبِ دَنَانِيرَ، وَقَالَ خُذْهَا قَضَاءً لِحَقِّكَ فَأَخَذَ كَانَ دَاخِلًا فِي ضَمَانِهِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ دَنَانِيرَ، فَقَالَ بِعْهَا بِحَقِّك فَبَاعَهَا بِدَرَاهِمَ مِثْلَ حَقِّهِ وَأَخَذَهَا يَصِيرُ قَابِضًا حَقَّهُ بِالْقَبْضِ بَعْدَ الْبَيْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ قَلْبٍ لَهُ وَوَكَّلَهُ آخَرُ بِبَيْعِ ثَوْبٍ لَهُ فَبَاعَهُمَا جَمِيعًا صَفْقَةً وَاحِدَةً بِدَنَانِيرَ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنَّ الدَّنَانِيرَ ثَمَنُ الْقَلْبِ، وَالدَّرَاهِمَ ثَمَنُ الثَّوْبِ كَانَ جَائِزًا فَإِنْ دَفَعَ الْقَلْبَ وَدَفَعَ ثَمَنَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا يُشْرِكُهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ وَلَوْ بَاعَهُمَا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، ثُمَّ نَقَدَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ كَانَتْ مِنْ ثَمَنِ الْقَلْبِ وَكَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَيَجُوزُ كُلُّهَا لِصَاحِبِ الْقَلْبِ وَلَا يُشْرِكُهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ فِيهَا كَذَا فِي الْحَاوِي. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الرَّهْنِ وَالْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ فِي الصَّرْفِ] قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ فَنَقَدَ الدِّينَارَ وَأَخَذَ بِالدِّرْهَمِ رَهْنًا فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ هَلَكَ، وَهُوَ فِي الْمَجْلِسِ هَلَكَ بِمَا فِيهِ وَجَازَ الْعَقْدُ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ بَطَلَ الصَّرْفُ وَلَا يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ افْتَرَقَ الْمُتَعَاقِدَانِ، وَالرَّهْنُ قَائِمٌ بَطَلَ الصَّرْفُ وَإِذَا بَطَلَ الصَّرْفُ بِالِافْتِرَاقِ بَقِيَ الرَّهْنُ مَضْمُونًا

الفصل الخامس في الصرف في الغصب الوديعة

عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمَنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ بَرِئَ الرَّاهِنُ عَنْ الدَّيْنِ لِمَا فَسَدَ الرَّهْنُ بِالِافْتِرَاقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ عَنْ الدَّيْنِ حَيْثُ يَبْطُلُ ضَمَانُ الرَّهْنِ. قَالَ وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ سَيْفًا مُحَلَّى بِدِينَارٍ وَقَبَضَ السَّيْفَ وَدَفَعَ بِالدِّينَارِ رَهْنًا فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّهُ إنْ هَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا بَقِيَ الصَّرْفُ عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنْ افْتَرَقَا، وَالرَّهْنُ قَائِمٌ بَطَلَ الصَّرْفُ وَبَقِيَ الرَّهْنُ مَضْمُونًا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمَنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ حَصَلَ الِارْتِهَانُ بِالسَّيْفِ بِأَنْ نَقَدَ الْمُشْتَرِي الدِّينَارَ وَأَخَذَ بِالسَّيْفِ رَهْنًا فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَإِنَّ بَائِعَ السَّيْفِ يُؤْمَرُ بِرَدِّ السَّيْفِ عَلَى مُشْتَرِي السَّيْفِ وَلَا يَصِيرُ مُشْتَرِي السَّيْفِ مُسْتَوْفِيًا لِلسَّيْفِ بِالْهَلَاكِ وَيَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ السَّيْفِ وَمِنْ الرَّهْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكَانَ السَّيْفِ مِنْطَقَةٌ أَوْ سَرْجٌ مُفَضَّضٌ أَوْ إنَاءٌ مَصُوغٌ أَوْ فِضَّةُ تِبْرٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَتَجُوزُ الْحَوَالَةُ، وَالْكَفَالَةُ بِثَمَنِ الصَّرْفِ فَإِنْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُحِيلُ أَوْ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ قَبْل افْتِرَاقِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ صَحَّ الْعَقْدُ، وَإِنْ افْتَرَقَ الْمُتَعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ الْكَفِيلُ أَوْ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ بَطَلَ الصَّرْفُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الصَّرْفِ فِي الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ] رَجُلٌ غَصَبَ رَجُلًا قَلْبَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ فَاسْتَهْلَكَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَصُوغًا مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ عِنْدَنَا، وَالْقَوْلُ فِي الْوَزْنِ، وَالْقِيمَةِ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، ثُمَّ إذَا ضَمَّنَهُ الْقَاضِي قِيمَتَهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ صَارَ الْقَلْبُ مِلْكًا لَهُ بِالضَّمَانِ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ قَبَضَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ الْقِيمَةَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا بَقِيَ التَّضْمِينُ صَحِيحًا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الْقِيمَةِ فَكَذَلِكَ لَا يَبْطُلُ التَّضْمِينُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَكَذَلِكَ إذَا اصْطَلَحَا عَلَى الْقِيمَةِ وَلَوْ أُخِّرَتْ الْقِيمَةُ عَنْهُ شَهْرًا أَجَازَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ أَيْضًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَكْسِرُ إنَاءَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ لِرَجُلٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ سَوَاءٌ قَلَّ النُّقْصَانُ بِالْكَسْرِ أَوْ أَكْثَرَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا غَصَبَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَبَضَ الْمِائَةَ الدِّينَارَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَكَذَلِكَ إنْ صَالَحَ مِنْهَا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَقَبَضَ مِائَةَ دِينَارٍ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا، ثُمَّ يَسْتَوِي فِي هَذَا أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ قَائِمَةً فِي مَنْزِلِ الْغَاصِبِ أَوْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً فَفِي الْحَالَتَيْنِ جَمِيعًا يَجُوزُ الشِّرَاءُ بِالْمِائَةِ الدِّينَارِ إذَا قَبَضَ الْمِائَةَ فِي الْمَجْلِسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الَّذِي غَصَبَهُ إنَاءَ فِضَّةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْغَاصِبُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ صَالَحَهُ عَلَى جِنْسِ حَقِّهِ أَوْ عَلَى خِلَافِ جِنْسِ حَقِّهِ وَقَبَضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْبَدَلَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، وَأَمَّا إنْ افْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمِائَةَ الدِّينَارَ فَالشِّرَاءُ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا أَوْ اسْتِحْسَانًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَغْصُوبُ قَائِمًا أَوْ مُسْتَهْلَكًا، وَأَمَّا الصُّلْحُ فَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مُسْتَهْلَكًا حَقِيقَةً بِأَنْ أَحْرَقَهُ الْغَاصِبُ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ

الفصل السادس في الصرف في دار الحرب

مَعِيبًا وَحَلَفَ الْغَاصِبُ وَتَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الْبَدَلِ الْقِيَاسُ أَنْ يُبْطِلَ الصُّلْحُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَبْطُلُ وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ قَائِمًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَهُوَ مَقْرَبَةٌ وَلَا يَمْنَعُ الْمَالِكُ مِنْ أَخْذِهِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ اشْتَرَى الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ بِخِلَافِ جِنْسِهَا وَتَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يُجَدِّدَ الْمُودِعُ قَبْضًا فِي الْوَدِيعَةِ يُبْطِلُ الصَّرْفُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَإِنْ أَوْدَعَهُ سَيْفًا مُحَلَّى فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ الْتَقَيَا فِي السُّوقِ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ بِثَوْبٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّوْبَ، وَالْعَشَرَةَ، ثُمَّ افْتَرَقَا انْتَقَضَ الْبَيْعُ كُلُّهُ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهُ بِسَيْفٍ مُحَلًّى فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْوَدِيعَةَ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى افْتَرَقَا، وَإِنْ تَقَابَضَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ وَكَانَتْ فِضَّةُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِفِضَّةِ الْآخَرِ وَحَمَائِلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَنَصْلُهُ بِحَمَائِلِ الْآخَرِ وَنَصْلِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي فَإِنْ كَانَ فِي الْحِلْيَةِ فَضْلٌ أُضِيفَ الْفَضْلُ إلَى الْحَمَائِلِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَالنَّصْلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عِنْدَ آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَاشْتَرَى الْمُودِعُ بِهَا مِائَةَ دِينَارٍ وَأَجَازَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ الشِّرَاءَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ وَلَهُ عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَإِنْ أَجَازَهُ بَعْدَمَا افْتَرَقَا فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ ضَمِنَ مَالَهُ الْمُسْتَوْدِعُ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ بَائِعُ الدِّينَارِ وَانْتَقَضَ الصَّرْفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَإِذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ، وَالدَّنَانِيرُ وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ فَبَاعَ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ، وَالدَّنَانِيرَ بِالدَّرَاهِمِ وَتَقَابَضَا فَجَاءَ صَاحِبُهَا فَأَخَذَهَا مِنْ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَا لَمْ يَتَفَرَّقَا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُهَا، وَإِنْ كَانَا قَدْ افْتَرَقَا يَبْطُلُ الصَّرْفُ إذَا أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُسْتَحِقُّ وَلَكِنَّهُ أَجَازَ الْبَيْعَ جَازَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَكَانَ لَهُ مِثْلُهَا عَلَى الْمُودِعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الصَّرْفِ فِي دَارِ الْحَرْبِ] دَخَلَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَعَقَدَ مَعَ الْحَرْبِيِّ عَقْدَ الرِّبَا بِأَنْ اشْتَرَى دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ بَاعَ مِنْهُمْ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَيْتَةً أَوْ دَمًا بِمَالٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ وَقَالَ الْقَاضِي لَا يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ، وَالْحَرْبِيِّ ثَمَّةَ إلَّا مَا يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ فِيمَا إذَا اشْتَرَى مِنْهُمْ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ أَمَّا إذَا اشْتَرَى مِنْهُمْ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ فَلَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ دَخَلَ حَرْبِيٌّ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَبَاعَهُ مُسْلِمٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ عَاقَدَ الْمُسْلِمُ الَّذِي دَخَلَ بِأَمَانٍ رَجُلًا أَسْلَمَ هُنَاكَ وَلَمْ يُهَاجِرْ فَبَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَأَمَّا التَّاجِرَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا يَجُوزُ بَيْنَهُمَا إلَّا مَا يَجُوزُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَسْلَمَ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَتَبَايَعَا بِالرِّبَا أَوْ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ جَازَ وَيُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ وَيُرَدُّ الْفَضْلُ، وَإِنْ خَرَجَا إلَيْنَا قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَصَحَّ فِيمَا كَانَ مَقْبُوضًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ تَاجِرًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَعْطَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً كَانَ جَائِزًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الباب السادس في المتفرقات

لَوْ دَخَلَ تُجَّارُ أَهْلِ الْحَرْبِ دَارَنَا بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمْ مِنْ صَاحِبِهِ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ لَمْ أُجِزْ إلَّا مَا أُجِيزَ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَكَذَا الْأَسِيرَانِ مِنَّا فِي دَارِهِمْ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا بَاعَ مِنْ حَرْبِيٍّ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ وَاخْتَصَمَا إلَى الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ التَّقَابُضِ فَالْقَاضِي لَا يَتَعَرَّضُ لِذَلِكَ وَلَا يُبْطِلُهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ عَاقِدًا عَقَدَ الرِّبَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ خَرَجَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا، ثُمَّ تَقَابَضَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَتَرَافَعَا إلَى الْقَاضِي فَالْقَاضِي يَرُدُّ ذَلِكَ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ إذَا تَبَايَعَ مَعَ الْحَرْبِيِّ بِذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ وَخَرَجَ إلَى دَارِنَا قَبْلَ التَّقَابُضِ فَإِنْ خَاصَمَهُ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي أَبْطَلَهُ، وَإِنْ كَانَا تَقَابَضَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ اخْتَصَمَا لَمْ أَنْظُرْ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ صَارَفَ غَيْرَهُ دِينَارًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَتَقَابَضَا، ثُمَّ إنَّ بَائِعَ الدَّرَاهِمِ وَجَدَ الدِّينَارَ الَّذِي قَبَضَهُ يَنْقُصُ قِيرَاطًا قَالَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِدِرْهَمٍ حِصَّةَ الْقِيرَاطِ؛ لِأَنَّ كُلَّ دِينَارٍ عِشْرُونَ قِيرَاطًا قَالَ: وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الدِّينَارَ وَيَأْخُذَ دَرَاهِمَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّبَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَ الدِّينَارِ بِعَيْنِهِ، وَأَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الدِّينَارِ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ الدِّينَارَ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِتِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ دِينَارٍ فَيَكُونُ لِبَائِعِ الدِّينَارِ جُزْءٌ وَلِهَذَا تِسْعَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ الدِّينَارُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِضَّةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَزَادَ عَلَيْهَا دَانَقًا فَوَهَبَهُ لَهُ وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِي الْبَيْعِ فَهُوَ جَائِزٌ، يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: لَمْ يُدْخِلْهُ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْهِبَةَ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً فِي الشِّرَاءِ إذْ لَوْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِي الشِّرَاءِ لَأَفْسَدَتْ الشِّرَاءَ قَالُوا وَإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْهُ هِبَةُ الدَّانَقِ إذَا كَانَ الدِّرْهَمُ بِحَيْثُ يَضُرُّهُ الْكَسْرُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الدِّرْهَمُ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّهُ فَلَا تَجُوزُ الْهِبَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا تَصَارَفَ الرَّجُلَانِ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ وَتَقَابَضَا وَتَفَرَّقَا فَوَجَدَتْ الدَّرَاهِمَ مِنْ صِنْفٍ غَيْرِ الَّذِي اُشْتُرِطَ لَهُ فَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا إذَا كَانَتْ دُونَ شَرْطِهِ، وَإِنْ كَانَتْ خَيْرًا مِنْ شَرْطِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ مِثْلَ الَّذِي شُرِطَ تُنْفَقُ فِي جَمِيعِ الْبُلْدَانِ، وَالْبُيُوعِ كَمَا يُنْفَقُ الَّذِي شُرِطَ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُنْفَقُ فِي بَعْضِ الْبُيُوعِ أَوْ فِي بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا، وَإِنْ شَاءَ تَجُوزُ بِهَا، وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ فِيهَا هَذَا النُّقْصَانُ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُبَهْرَجَةِ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ انْتَقَضَ بِحِسَابِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. هِشَامٌ قَالَ سَأَلْت أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

عَمَّنْ بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ فَرَجَّحَ أَحَدَهُمَا فَحَلَّلَهُ صَاحِبُ الرُّجْحَانِ قَالَ هَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْسَمُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا اشْتَرَى خَاتَمَ فِضَّةٍ فِيهِ فَصٌّ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَنَانِيرَ، ثُمَّ قَبَضَهُمَا وَمَيَّزَهُمَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَوْ بَعْدَهُ، وَالتَّمْيِيزُ يَضُرُّ بِهِ وَافْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ الْفَصَّ وَمَا نَقَصَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ نَقَصَتْ مَعَ ذَلِكَ أَوْ نَقَصَتْ هِيَ وَحْدَهَا لَا يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى رَدِّهَا وَلَكِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا مَصُوغَةً مِنْ الذَّهَبِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَحْدَهَا وَلَا يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي نُقْصَانَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اشْتَرَى خَاتَمَ فِضَّةٍ فَصُّهُ يَاقُوتٌ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَذَهَبَ الْفَصُّ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْحَلْقَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَلْقَةَ بِوَزْنِهَا مِنْ الْفِضَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقْرَضَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَخَذَ بِهَا كَفِيلًا، ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ صَالَحَ الطَّالِبَ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَقَبَضَهَا فَهُوَ جَائِزٌ فَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ بِالدَّرَاهِمِ وَلَوْ أَنَّ الْكَفِيلَ صَالَحَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ إلَّا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ مَعَ الطَّالِبِ، وَأَمَّا إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ مَعَ الْأَصِيلِ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْكَفِيلُ شَيْئًا إلَى الطَّالِبِ صَحَّ الصُّلْحُ إذَا قَبَضَ الْكَفِيلُ الدَّنَانِيرَ مِنْ الْأَصِيلِ، ثُمَّ صُلْحُ الْكَفِيلِ مَعَ الْأَصِيلِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ مُطَالَبَةِ الطَّالِبِ لَا عَنْ الْكَفِيلِ وَلَا عَنْ الْأَصِيلِ فَيُطَالِبُ الطَّالِبُ إنْ شَاءَ الْأَصِيلَ، وَإِنْ شَاءَ الْكَفِيلَ فَإِنْ طَالَبَ الْكَفِيلَ وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَلْفَ لَا يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ، وَإِنْ طَالَبَ الْأَصِيلَ وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَلْفَ كَانَ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْكَفِيلِ بِالْأَلْفِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْكَفِيلُ أَنْ يُعْطِيَ الْأَصِيلُ الدَّنَانِيرَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْكَفِيلُ مَعْنَاهُ إذَا قَالَ الْكَفِيلُ لِلْأَصِيلِ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَنَا أُعْطِيكَ الدَّنَانِيرَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنْك وَلَا أُعْطِيك أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلِلْكَفِيلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَقُولُ لِلْأَصِيلِ أَنَا أَخَذْتُ مِنْك الدَّنَانِيرَ بِطَرِيقِ الصُّلْحِ وَمَبْنَى الصُّلْحِ عَلَى الْإِغْمَاضِ، وَالتَّجَوُّزُ بِدُونِ الْحَقِّ وَإِنَّمَا رَضِيت أَنَا بِالتَّجَوُّزِ بِدُونِ حَقِّي بِشَرْطِ أَنْ أَكُونَ أَنَا الْمُبَاشِرُ لِقَضَاءِ دَيْنِ الطَّالِبِ لِعِلْمِي أَنَّ الطَّالِبَ يَرْضَى عَنِّي بِدُونِ الْحَقِّ فَإِذَا بَاشَرْت أَنْتَ وَأَرَدْت الرُّجُوعَ عَلَيَّ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ فَقَدْ فَاتَ غَرَضِي مِنْ هَذَا الصُّلْحِ فَلَا أَرْضَى بِهِ وَهَذَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلْكَفِيلِ فَلِهَذَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ الطَّالِبَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَبَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي النَّوَادِرِ بَاعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ صِحَاحٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا مَكْسُورَةً لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ رِبًا، وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مِنْهُ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا مُكَسَّرَةً فَيَقْضِيَهُ عَشَرَةً صِحَاحًا، ثُمَّ يُبَرِّئُهُ مِنْ دِرْهَمَيْنِ. وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ مَكْسُورَةٍ إلَى أَجَلٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ جَاءَ الْمُشْتَرِي بِتِسْعَةٍ صَحِيحَةٍ وَقَالَ: خُذْ هَذِهِ بِتِلْكَ الْعَشَرَةِ لَا يَجُوزُ وَحِيلَتُهُ أَنْ يَدْفَعَ هَذِهِ التِّسْعَةَ، ثُمَّ يُبَرِّئُهُ الْبَائِعُ عَنْ الدِّرْهَمِ الْبَاقِي فَإِنْ خَافَ الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَفْعَلَ الْبَائِغُ ذَلِكَ فَحِيلَتُهُ أَنْ يَدْفَعَ هَذِهِ التِّسْعَةَ وَفَلْسًا أَوْ شَيْئًا قَلِيلًا وَصَالَحَهُ عَلَى ذَلِكَ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: لَوْ بَاعَ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمِ وَفِي أَحَدِهِمَا فَضْلٌ مِنْ حَيْثُ الْوَزْنُ وَفِي الْآخَرِ فُلُوسًا جَازَ وَلَكِنْ أَكْرَهُهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْتَادُونَ التَّعَامُلَ بِمِثْلِ هَذَا وَيَسْتَعْمِلُونَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بِأَنْ يَجْعَلَ الْفَضْلَ بِإِزَاءِ الْفُلُوسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْطَقَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ فِيهَا خَمْسِينَ دِرْهَمًا حِلْيَتَهَا وَتَقَابَضَا وَقَدْ شَرَطَ لَهُ أَنَّ حِلْيَتَهَا فِضَّةٌ بَيْضَاءُ فَكُسِرَتْ الْحِلْيَةُ فَإِذَا هِيَ سَوْدَاءُ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدَ بَعْضَ الْحِلْيَةِ رَصَاصًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَ الْحِلْيَةَ ضَمِنَ قِيمَتَهَا مِنْ الذَّهَبِ وَضَمِنَ قِيمَةَ الرَّصَاصِ وَرَدَّ السَّيْرَ، وَإِنْ كَانَ نَقْصُ السَّيْرِ رَدَّ مَا نَقَصَ السَّيْرَ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ فِيهَا رَصَاصًا وَلَكِنْ وَجَدَ فِيهَا أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا حِلْيَتَهَا فَإِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَإِنْ وَجَدَ فِيهَا سِتِّينَ دِرْهَمًا حِلْيَتَهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إذَا كَانَا قَدْ تَفَرَّقَا، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي زَادَ الْعَشَرَةَ وَجَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَنَانِيرَ فَتَفَرَّقَا، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ كَأَنَّهُ بَاعَ قَلْبَ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَإِذَا هُوَ عِشْرُونَ دِرْهَمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمُجَرَّدِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَيْرَفِيٌّ بَاعَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلَيْسَ عِنْدَ الصَّيْرَفِيِّ دَرَاهِمُ أَجْبَرْنَا الصَّيْرَفِيَّ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أَوْ يَسْتَقْرِضَ لَهُ أَلْفَيْنِ حَيْثُ شَاءَ حَتَّى يُوَفِّيَهُ إيَّاهُ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْآخَرِ الدَّنَانِيرُ أَجْبَرْنَاهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَى الصَّيْرَفِيِّ مِائَةَ دِينَارٍ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَأَمَّا إذَا تَفَرَّقَا بَطَلَ الصَّرْفُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ صَيْرَفِيٍّ أَلْفَ دِرْهَمٍ غَلَّةً بِتِسْعِمِائَةِ وَضَحَ وَمِائَةِ فَلْسٍ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَلْفُ الْغَلَّةُ مِنْ يَدَيْ الصَّيْرَفِيِّ بَعْدَمَا تَفَرَّقَا رَجَعَ الصَّيْرَفِيُّ عَلَى الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْغَلَّةَ بِالتِّسْعِمِائَةِ الْوَضَحِ الَّذِي أَعْطَاهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ غَلَّةٍ ثَمَنِ الْمِائَةِ الْفَلْسِ الَّذِي أَعْطَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى اُسْتُحِقَّتْ الْغَلَّةُ رَجَعَ الصَّيْرَفِيُّ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ غَلَّةٍ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى افْتَرَقَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْمِائَةُ الْفَلْسِ رَجَعَ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ بِمِائَةِ فَلْسٍ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ تَسْتَحِقَّ الْفُلُوسُ وَلَكِنْ اُسْتُحِقَّتْ التِّسْعُمِائَةِ الْوَضَحِ بَعْدَ مَا افْتَرَقَا رَجَعَ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ بِتِسْعِمِائَةٍ غَلَّةٍ ثَمَنِ الْوَضَحِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ التِّسْعُمِائَةِ الْوَضَحِ، وَالْمِائَةُ الْفَلْسِ بَعْدَمَا افْتَرَقَا رَجَعَ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ بِتِسْعِمِائَةٍ غَلَّةٍ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِائَةِ فَلْسٍ بَدَلَ الَّذِي اسْتَحَقَّ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ مَا فِي يَدِ الرَّجُلِ مِنْ الْوَضَحِ وَالْفُلُوسِ وَاسْتَحَقَّ مَا فِي يَدِ الصَّيْرَفِيِّ مِنْ الْغَلَّةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا افْتَرَقَا فَقَدْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا فِي جَمِيعِ الدَّرَاهِمِ، وَالْفُلُوسِ، وَإِنْ كَانَا لَمْ يَفْتَرِقَا يَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِمِثْلِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ، وَالْبَيْعُ تَامٌّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِبَيْعِ خَاتَمٍ فِيهِ فَصٌّ بِخَاتَمَيْنِ فِيهِمَا فَصَّانِ وَكَذَلِكَ السَّيْفُ الْمُحَلَّى بِسَيْفَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا بَاعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَضَحَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مُكَحَّلَةٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تَنْقُصُ وَمَا فِيهَا مِنْ الْكُحْلِ لَيْسَ لَهُ ثَمَنٌ فَيَكُونُ بِمَا زَادَ مِنْ وَزْنِ الْبِيضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

كتاب الكفالة وفيه خمسة أبواب

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْمَغْشُوشِ إذَا بَيَّنَهُ أَوْ كَانَ ظَاهِرًا يُرَى، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ فِي رَجُلٍ حَمَلَ الْفِضَّةَ عَلَى النُّحَاسِ لَا يَبِيعُهَا حَتَّى يُبَيِّنَ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِسَتُّوقَةٍ إذَا بَيَّنَ وَأَرَى لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَكْسِرَهَا فَلَعَلَّهَا تَقَعُ فِي يَدِ مَنْ لَا يُبَيِّنُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ بِشْرٌ فِي الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ الزُّيُوفَ، وَالْبَهْرَجَةَ، وَالسَّتُّوقَةَ، وَالْمُكَحِّلَةَ، وَالْبُخَارِيَّةَ، وَإِنْ بَيَّنَ ذَلِكَ وَتَجَوَّزُ بِهَا عِنْدَ الْأَخْذِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ إنْفَاقَهَا ضَرَرٌ بِالْعَوَامِّ وَمَا كَانَ ضَرَرًا عَامًّا فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ يُصْلِحُهُ تَرَاضِي هَذَيْنِ الْحَاضِرَيْنِ مِنْ قِبَلِ مَا يَتَجَوَّزُ فِيهِ مِنْ الدُّلْسَةِ عَلَى الْجَاهِلِ بِهِ وَمِنْ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَتَحَرَّجُ قَالَ فَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَجُوزُ بَيْنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ وَيُعَاقِبَ صَاحِبَهُ إذَا أَنْفَقَهُ، وَهُوَ يَعْرِفُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْكَفَالَةِ وَفِيهِ خَمْسَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الْكَفَالَةِ وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِهَا] أَمَّا تَعْرِيفُهَا فَقِيلَ هِيَ ضَمُّ الذِّمَّةِ إلَى الذِّمَّةِ فِي الْمُطَالَبَةِ وَقِيلَ فِي الدَّيْنِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَأَمَّا رُكْنُهَا فَالْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا حَتَّى إنَّ الْكَفَالَةَ لَا تَتِمُّ بِالْكَفِيلِ وَحْدَهُ سَوَاءٌ كَفَلَ بِالْمَالِ أَوْ بِالنَّفْسِ مَا لَمْ يُوجَدْ قَبُولُ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ قَبُولُ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ خِطَابِ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ خِطَابِ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ بِأَنْ قَالَ الطَّالِبُ لِآخَرَ اُكْفُلْ بِنَفْسِ فُلَانٍ لِي فَقَالَ كَفَلْت أَوْ قَالَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ لِغَيْرِهِ اُكْفُلْ بِنَفْسِ فُلَانٍ أَوْ بِمَالٍ عَنْ فُلَانٍ لِفُلَانٍ فَيَقُولُ ذَلِكَ الْغَيْرُ كَفَلْت تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَتَقِفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ عَلَى إجَازَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَلِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الْغَائِبُ كَفَالَتَهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ الْكَفِيلُ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ لِفُلَانٍ أَوْ بِمَا لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهَا لَا تَقِفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الطَّالِبُ فَقَبِلَ لَمْ تَصِحَّ، ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ الْكَفَالَةُ تَتِمُّ بِالْكَفِيلِ وَحْدَهُ وُجِدَ الْقَبُولُ أَوْ الْخِطَابُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقِيلَ عِنْدَهُ تَجُوزُ بِوَصْفِ التَّوَقُّفِ حَتَّى لَوْ رَضِيَ بِهَا الطَّالِبُ تَنْفُذُ وَإِلَّا تَبْطُلُ وَقِيلَ هِيَ جَائِزَةٌ عِنْدَهُ بِوَصْفِ النَّفَاذِ وَرِضَا الطَّالِبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْكَافِي، وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَهَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ وَجَدَ الْخِطَابَ أَوْ الْقَبُولَ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِأَنْ قَالَ الْمَطْلُوبُ لِرَجُلٍ: اُكْفُلْ عَنِّي لِفُلَانٍ بِنَفْسِي أَوْ بِمَالِهِ عَلَيَّ أَوْ كَفَلَ رَجُلٌ بِمَالِهِ عَنْ مَطْلُوبٍ أَوْ بِنَفْسِهِ وَقَبِلَ عَنْهُ الْمَطْلُوبُ إنْ وَجَدَ الْخِطَابَ أَوْ الْقَبُولَ مِنْ

الْمَطْلُوبِ فِي صِحَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا وَيَكُونُ خِطَابُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَوْ قَبُولُهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ مِنْ الْمَطْلُوبِ فِي مَرَضِهِ إنْ خَاطَبَ وَارِثَهُ بِذَلِكَ بِأَنْ تَكَفَّلَ عَنْهُ بِالْمَالِ الَّذِي لِفُلَانٍ عَلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْكَفَالَةُ عِنْدَهُمَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَصِحُّ حَتَّى إذَا مَاتَ أَخَذَتْ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ غَائِبًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ مَاتَ لَا عَنْ تَرِكَةٍ لَا تُؤَاخَذُ الْوَرَثَةُ بِأَدَائِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ فَضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ بِدُونِ الْتِزَامٍ فَكَانَ الْمَرِيضُ وَالصَّحِيحُ فِي حَقِّهِ سَوَاءٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ قَصَدَ بِهِ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ، وَالْأَجْنَبِيُّ إذَا قَضَى الدَّيْنَ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُ فِي تَرِكَتِهِ فَيَصِحُّ هَذَا مِنْ الْمَرِيضِ عَلَى أَنْ يُجْعَلَ قَائِمًا مَقَامَ الطَّالِبِ لِضِيقِ الْحَالِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ عَلَى شَرَفِ الْهَلَاكِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُوجَدُ مِنْ الصَّحِيحِ فَيُؤْخَذُ فِيهِ بِالْقِيَاسِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَالتَّبْيِينِ، وَالنِّهَايَةِ، وَالْعَيْنِيِّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ لِلْمَرِيضِ ضَمِنَّا لِلنَّاسِ كُلَّ دَيْنٍ لَهُمْ عَلَيْك وَلَمْ يَطْلُبْ الْمَرِيضُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَالْغُرَمَاءُ غُيَّبٌ لَمْ تَصِحَّ وَلَوْ قَالُوا ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَأَقْسَامٌ أَرْبَعَةٌ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مَا يَرْجِعُ إلَى الْكَفِيلِ فَمِنْهُ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَإِنَّهُمَا مِنْ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ فَلَا تَنْعَقِدُ كَفَالَةُ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ إلَّا إذَا اسْتَدَانَ الْوَلِيُّ دَيْنًا فِي نَفَقَةِ الْيَتِيمِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ عَنْهُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَلَوْ أَمَرَهُ بِكَفَالَةِ نَفْسِهِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا كَفَلَ الصَّبِيُّ بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ ثُمَّ بَلَغَ وَأَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ لَا يُؤْخَذُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِكَفَالَةٍ بَاطِلَةٍ فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَبَيْنَ الطَّالِبِ فَقَالَ الطَّالِبُ: كَفَلْتَ وَأَنْتَ رَجُلٌ، وَقَالَ الصَّبِيُّ كَفَلْتُ وَأَنَا صَبِيٌّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ وَلَوْ قَالَ كَفَلْتُ وَأَنَا مَجْنُونٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيَّ أَوْ مُبَرْسَمٌ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ ذَلِكَ وَقَالَ كَفَلْتَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْهُودًا مِنْ الْمُقِرِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَعْهُودًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمِنْهُ الْحُرِّيَّةُ وَهِيَ شَرْطُ نَفَاذِ هَذَا التَّصَرُّفِ فَلَا تَجُوزُ كَفَالَةُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ أَوْ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَكِنَّهَا تَنْعَقِدُ حَتَّى يُؤَاخَذَ بِهِ بَعْدَ الْعَتَاقِ، وَأَمَّا صِحَّةُ بَدَلِ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْكَفَالَةِ فَتَصِحُّ كَفَالَةُ الْمَرِيضِ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ . الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يَرْجِعُ إلَى الْأَصِيلِ فَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ إمَّا بِنَفْسِهِ وَإِمَّا بِنَائِبِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تَصِحُّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الزَّادِ وَلَوْ تَرَكَ مَالًا جَازَ بِمِقْدَارِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ مُضَافَةً حَتَّى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ كَفَلْتُ لَك بِمَا بَايَعْت أَحَدًا مِنْ

النَّاسِ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بَاطِلَةً وَلَوْ قَالَ كَفَلْتَ لَك بِمَا لَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ بِمَا لَك عَلَى فُلَانٍ آخَرَ جَازَ وَيَكُونُ لِلْكَفِيلِ الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ مَجْهُولًا لِعَدَمِ كَوْنِهَا مُضَافَةً هَكَذَا فُهِمَ مِنْ الذَّخِيرَةِ، وَالْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْكَفَالَةِ مَعَ الْجَهَالَةِ وَمَنْ النِّهَايَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ شَيْئًا وَكَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَإِنَّهُ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ وَسَوَاءٌ كَانَ عَاقِلًا أَوْ غَيْرَ عَاقِلٍ فَإِنْ أَخَذَ الْكَفِيلُ بِإِحْضَارِهِ فَأَرَادَ الْكَفِيلُ أَنْ يَحْضُرَ الصَّبِيُّ فَإِنْ حَصَلَتْ الْكَفَالَةُ بِإِذْنِ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ يُجْبَرُ، وَإِنْ حَصَلَتْ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ وَمَنْ غَيْرِ إذْنِ الصَّبِيِّ لَا يُجْبَرُ الصَّبِيُّ عَلَى الْحُضُورِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ هُوَ الَّذِي طَلَبَ ذَلِكَ مِنْ الْكَفِيلِ هَلْ يُؤْمَرُ بِالْحُضُورِ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ يُؤْمَرُ وَإِذَا كَفَلَ عَنْهُ بِمَالِ وَأَدَّى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا لَا يُجْبَرُ الصَّبِيُّ عَلَى الْحُضُورِ وَإِذَا أَدَّى الْكَفِيلُ مَا كَفِلَ بِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الصَّبِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا يَرْجِعُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ فَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِرَجُلَيْنِ كَفَلْت هَذَا بِمَا لَهُ عَلَى فُلَانٍ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ لِهَذَا بِمَا لَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ قَالَ لِقَوْمٍ مَا بَايَعْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَغَيْرُكُمْ فَعَلَيَّ صَحَّ فِي حَقِّ الْمُخَاطَبِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيُّ. وَلَوْ قَالَ مَنْ بَايَعَك مِنْ هَؤُلَاءِ وَأَشَارَ إلَى قَوْمٍ مَعْدُودِينَ فَأَنَا كَفِيلٌ عَنْك بِثَمَنِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ مَعْلُومٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَمِنْهُ، وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَلَا يَصِحُّ قَبُولُ الْمَجْنُونِ، وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَلَا يَجُوزُ قَبُولُ وَلِيِّهِمَا عَنْهُ، وَأَمَّا حُرِّيَّةُ الْمَكْفُولِ لَهُ فَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. . الْقِسْمُ الرَّابِعُ مَا يَرْجِعُ إلَى الْمَكْفُولِ بِهِ فَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ بِحَيْثُ يُجْبَرُ الْأَصِيلُ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَبِالدُّيُونِ، وَالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ كَالْغُصُوبِ وَالْمُهُورِ فِي يَدِ الزَّوْجِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَالْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُسَمًّى وَإِلَّا فَهُوَ أَمَانَةٌ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الرَّائِقِ. وَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِالْأَمَانَاتِ كَالْوَدَائِعِ وَأَمْوَالِ الْمُضَارَبَاتِ، وَالشَّرِكَاتِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ لَا عَيْنُهَا وَلَا تَسْلِيمُهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَا بِعَيْنِ الْمَرْهُونِ، وَالْمُسْتَعَارِ، وَالْمُسْتَأْجِرَ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَأَمَّا الْكَفَالَةُ بِتَمْكِينِ الْمُودِعِ مِنْ الْأَخْذِ فَصَحِيحَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَا بِتَسْلِيمِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَبِتَسْلِيمِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى الْمُسْتَأْجَرِ هَكَذَا فِي الْكَافِي. أَمَّا الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ الْعَارِيَّةِ فَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِهِ صَحِيحَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ الشَّاهِدِ لَيَحْضُرَ مَجْلِسَ الْقَاضِي فَيَشْهَدَ لَا تَجُوزُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ مِنْ الْكَفِيلِ وَعَنْ هَذَا قُلْنَا إنَّ مَنْ يَقْبَلُ مِنْ رَجُلٍ بِنَاءَ دَارٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ كَرَابِ

الباب الثاني في ألفاظ الكفالة وأقسامها وأحكامها وما يتعلق بها وفيه خمسة فصول

أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ وَأَعْطَاهُ كَفِيلًا بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ شَرَطَ الْعَمَلَ مُطْلَقًا جَازَتْ الْكَفَالَةُ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ فَإِنْ كَفَلَ بِنَفْسِ الْعَمَلِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَفَلَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَا إذَا تَكَارَى إبِلًا إلَى بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ وَأَخَذَ مِنْ الْمُكَارَى كَفِيلًا فَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ بِالتَّسْلِيمِ وَلَا تَصِحُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَا مَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فَكَفَلَ لَهُ رَجُلٌ خِدْمَتَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَكَذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْقِصَاصِ، وَالْحُدُودِ وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ غَائِبٍ لَا يَعْرِفُ مَكَانَهُ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ صَحِيحًا فَلَا تَجُوزُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَبَدَلُ السِّعَايَةِ كَبَدَلِ الْكِتَابَةِ فَلَا تَصِحُّ كَفَالَةُ أَحَدٍ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا هُوَ حُرٌّ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَتَصِحُّ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. [الْبَاب الثَّانِي فِي أَلْفَاظ الْكِفَالَة وَأَقْسَامهَا وَأَحْكَامهَا وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَقَعُ بِهَا الْكَفَالَةُ وَمَا لَا تَقَعُ] الْبَابُ الثَّانِي فِي أَلْفَاظِ الْكَفَالَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَقَعُ بِهَا الْكَفَالَةُ وَمَا لَا تَقَعُ وَلِلْكَفَالَةِ أَلْفَاظٌ ضَمَانٌ وَكَفَالَةٌ وَحَمَالَةٌ وَزَعَامَةٌ وَغَرَامَةٌ أَوْ يَقُولُ عَلَيَّ أَوْ إلَيَّ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَلْفَاظُ الْكَفَالَةِ كُلُّ مَا يُنَبِّئُ عَنْ الْعُهْدَةِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّفْرِيدِ وَتَصْلُحُ بِكَفَلْت عَنْهُ وَبِمَا عَبَّرَ عَنْ الْبَدَنِ حَقِيقَةً كَنَفْسِهِ وَجَسَدِهِ أَوْ عُرْفًا كَرُوحِهِ وَرَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَبِجُزْءٍ شَائِعٍ كَنِصْفِهِ وَثُلُثِهِ وَجُزْئِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ كَفَلْت بِيَدِهِ وَرِجْلِهِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا تَصِحُّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ لَا تَصِحُّ بِهِ الْكَفَالَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَفَلَ بِعَيْنِهِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ وَحَكَى الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ قَالَ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَلَوْ نَوَى الْبَدَنَ صَحَّتْ النِّيَّةُ، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ فَيُصْرَفُ إلَى الْعُضْوِ الْفَرْدِ، وَهُوَ عَيْنُ الْبَاصِرَةِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَذَكَرَ فَصْلَ الْفَرْجِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَذْكُرْ هَهُنَا قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ إضَافَةُ الْكَفَالَةِ إلَيْهِ مَتَى كَانَ الْفَرْجُ مُضَافًا إلَى الْمَرْأَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا أَضَافَ الْجُزْءَ إلَى الْكَفِيلِ بِأَنْ قَالَ الْكَفِيلُ كَفَلَ لَك نِصْفِي أَوْ ثُلُثِي فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ فِي بَابِ الرَّهْنِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أُوَافِيك بِهِ صَارَ كَفِيلًا فَهَذَا وَمَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أُسْلِمَ نَفْسَهُ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ عَلَيَّ أَنْ أَلْقَاك بِهِ صَارَ كَفِيلًا وَهَذَا وَمَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ آتِيَك بِهِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لَك عِنْدِي هَذَا الرَّجُلِ أَوْ قَالَ دَعْهُ إلَيَّ فَهَذَا كَفَالَةٌ رَأَيْت فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعِنْدِي لَك هَذَا الْمَالُ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا لَزِمَهُ الْمَالُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ هُوَ لَدَيَّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَفِيلًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَدَيَّ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ عِنْدِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَدَفَعَهُ إلَى الطَّالِبِ وَبَرِئَ مِنْهُ، ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ

لَزِمَ الْمَطْلُوبَ فَقَالَ لَهُ الْكَفِيلُ دَعْهُ وَأَنَا عَلَى كَفَالَتِي أَوْ قَالَ: دَعْهُ وَأَنَا عَلَى مِثْلِ كَفَالَتِي فَفَعَلَ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ، وَهُوَ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَهَذِهِ كَفَالَةٌ مُبْتَدَأَةٌ لِوُجُودِ الْقَبُولِ مِنْهُ دَلَالَةً؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْمُلَازَمَةَ بَعْد قَوْلِهِ دَعْهُ وَأَنَا كَفِيلٌ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ الطَّالِبُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كَفِيلًا؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَا تَصِحُّ بِدُونِ الطَّالِبِ وَلَمْ يُوجَدْ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مَا بَايَعْت فُلَانًا فَهُوَ عَلَيَّ جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْكَفَالَةَ إلَى سَبَبِ الْوُجُودِ، وَهُوَ الْمُبَايَعَةُ. وَالْكَفَالَةُ الْمُضَافَةُ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ جَائِزَةٌ لِتَعَامُلِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ ادَّعَى فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَالَ رَجُلٌ مَا ادَّعَيْتَ عَلَى فُلَانٍ فَعَلَيَّ فَضَامِنٌ وَلَوْ قَالَ مَا تَدَّعِي فَلَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمًا فَأَنَا ضَامِنٌ لَك فَأَعْطَاهُ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مَالٌ كَثِيرٌ فَقَالَ الْآمِرُ لَمْ أُرِدْ هَذَا كُلَّهُ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ ذَلِكَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ هُوَ عَلَيَّ حَتَّى يَجْتَمِعَا أَوْ يُوَافِيَا فَهُوَ كَفِيلٌ إلَى الْغَايَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ أَنَا ضَامِنٌ حَتَّى يَجْتَمِعَا أَوْ قَالَ يَلْتَقِيَا لَا يَكُونُ كَفَالَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَضْمُونُ أَنَّهُ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ (1) (آشنايء فُلَان بَرَمْنَ) قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَكُونُ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لَا يَكُونُ كَفِيلًا وَمَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَقْرَبُ إلَى عُرْفِ النَّاسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَصِيرُ كَفِيلًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ فُلَانٌ (2) (أشناى مِنْ است) أَوْ قَالَ (فُلَان آشَنًّا است) قَالُوا يَكُونُ كَفَالَةً بِالنَّفْسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْكُبْرَى وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَوْ قَالَ أَنَا ضَامِنٌ لِمَعْرِفَتِهِ أَوْ بِمَعْرِفَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ كَفِيلًا وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ أَنَا ضَامِنٌ لَك عَلَى أَنْ أَدُلَّك عَلَيْهِ أَوْ أُوقِفَكَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ مَعْرِفَةُ فُلَانٍ عَلَيَّ قَالُوا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ (3) (آنَجْه ترابرفلان است مِنْ بُدّهمْ) فَهَذَا وَعْدٌ لَا كَفَالَةٌ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا فِي قَوْلِهِ (4) (آنجه ترابر فُلَان است مِنْ جَواب كويم) إنَّ هَذِهِ كَفَالَةٌ بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ يُفْتِي بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ كَفَالَةً وَكَذَا كَانَ يُفْتِي فِي قَوْلِهِ جَوَابُ (5) (مَال توبر مِنْ أَوْ جَواب مَال تومن بكويم) أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَفَالَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ (6) (بذيرفتم) هَذَا ضَمَانٌ صَحِيحٌ. وَلَوْ قَالَ (7) (قَبُول كردم) قَدْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ قِيلَ لَا يَكُونُ كَفَالَةً وَقِيلَ إنْ أَرَادَ بِهِ الْكَفَالَةَ يَكُونُ كَفَالَةً، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ يَكُونُ وَعْدًا لَا ضَمَانًا. وَلَوْ قَالَ (8) (هرجه ترابروى آيدبر مِنْ) لَا يَكُونُ كَفَالَةً. وَلَوْ قَالَ (9) (هرجه ترابر فُلَان

بشكند) فَهُوَ عَلَيَّ لَا تَصِحُّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ قَالَ (يذيرفتم فُلَان راكه فردابتوتسليم كنم) هَذِهِ كَفَالَةٌ مُطْلَقَةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ (بذيرفتم فُلَان را) كَفَالَةٌ تَامَّةٌ وَقَوْلُهُ (فردايتو تَسْلِيم كنم) لَمْ يَدْخُلْ فِي الْكَفَالَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ غَدًا فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ قَالَ (يذيرفتم تن فُلَان راكه هركاه كنى بتو تَسْلِيم كنم) يَكُونُ كِفَالَةً مُطَلَّقَةً لَوْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْهُ يَبْرَأُ وَلَوْ قَالَ (هركاه كه طَلَب كنى فُلَان راتن أُورًا يذير فُتُّمْ) قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونُ كَفِيلًا قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْهُ وَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ هَذِهِ كَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى لَوْ قَالَ (اكر مَالْ توبر فُلَان فرورود مِنْ جَوَّاب كويم) لَا يَكُونُ كَفَالَةً لَوْ قَالَ (اكرفلان آن وَقْت مَالْ تونكذارد مِنْ جَوَّاب كويم) أَوْ قَالَ (تانتواند كذاردن مِنْ جَواب كويم) لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَعَنْ الْقَاضِي الْإِمَامِ رُكْنِ الْإِسْلَامِ عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ أَنَّهُ قَالَ إذَا قَالَ (اكرمن فُلَان كَسَّ راحاضرنتوانم كُرِدْنَ جَوَّاب آن مَالْ برمن) هَذَا لَا يَكُونُ كَفَالَةً وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ أَنَّهُ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ أَنَا أَدْفَعُهُ إلَيْك أَنَا أُسَلِّمُهُ إلَيْك أَنَا أَقْضِيهِ لَا يَصِيرُ كَفِيلًا مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ نَحْوَ قَوْلِهِ كَفَلْت ضَمِنْت عَلَيَّ إلَيَّ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَرْغِينَانِيُّ يَقُولُ إذَا أَتَى بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ مُنَجِّزًا لَا يَكُونُ كَفَالَةً وَإِذَا أَتَى بِهَا مُعَلِّقًا بِأَنْ قَالَ: إنْ لَمْ يُؤَدِّ فُلَانٌ مَا لَك عَلَيْهِ فَأَنَا أُؤَدِّي فَأَنَا أَدْفَعُ يَصِيرُ كَفِيلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ لِأَقْوَامٍ بِأَعْيَانِهِمْ (هرجه شمارااز فُلَان آيدبر مِنْ) لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِهَذَا الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ (ازفلان آيد) لَفْظٌ مُجْمَلٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَقَالَ رَجُلٌ لِلطَّالِبِ ضَمِنْت لَك مَا عَلَى فُلَانٍ أَنَا أَقْبِضُهُ مِنْهُ وَأَدْفَعُهُ إلَيْك قَالَ لَيْسَ هَذَا عَلَى ضَمَانِ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَهُ مَنْ عِنْدَهُ إنَّمَا هَذَا عَلَى أَنْ يَتَقَاضَاهُ وَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَعَلَى هَذَا مَعَانِي كَلَامِ النَّاسِ. وَفِيهِ رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَاتَلَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا مِثْلَهُ فَقَالَ رَجُلٌ لَا تُقَاتِلُهُ فَأَنَا ضَامِنٌ بِهَا آخُذُهَا وَأَدْفَعُهَا إلَيْك لَزِمَهُ ذَلِكَ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الدَّيْنَ وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ اسْتَهْلَكَ الْأَلْفَ وَصَارَتْ دَيْنًا كَانَ هَذَا الضَّمَانُ بَاطِلًا وَكَانَ عَلَى ضَمَانِ التَّقَاضِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ أَنَّهُ غَصَبَ عَبْدًا فَقَالَ رَجُلٌ

الفصل الثاني في الكفالة بالنفس وبالمال

أَنَا ضَامِنٌ بِالْعَبْدِ الَّذِي تَدَّعِي قَالَ هُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْعَبْدِ فَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَاسْتَحَقَّهُ بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ ضَامِنٌ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَهُ عَبْدًا وَمَاتَ فِي يَدِهِ فَقَالَ: خَلِّهِ فَأَنَا ضَامِنٌ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ ضَامِنٌ يَأْخُذُهُ بِهِ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِثْبَاتِ بِالْبَيِّنَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَبِالْمَالِ] الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ بِطَرِيقِهِ بِأَنْ يَعْلَمَ الطَّالِبُ مَكَانَهُ فَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ أَوْ يُوَافِقُهُ إذَا ادَّعَاهُ أَوْ يُكْرِهُهُ بِالْحُضُورِ إلَى مَجْلِسِ الْحَاكِمِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ اسْتَعَانَ بِأَعْوَانِ الْقَاضِي كَذَا فِي التَّبْيِينِ. مَنْ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ فَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا آخَرَ فَهُمَا كَفِيلَانِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمَضْمُونُ بِهَا إحْضَارُ الْمَكْفُولِ بِهِ فَإِنْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ تَسْلِيمَ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ إنْ طَالَبَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ رِعَايَةً لِمَا الْتَزَمَهُ فَإِنْ أَحْضَرَهُ فَبِهَا، وَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ الْحَاكِمُ كَذَا فِي الْكَافِي هَذَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ عَجْزُهُ، وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ عَجْزُهُ فَلَا مَعْنَى لِحَبْسِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفِيلِ فَيُلَازِمُهُ وَيُطَالِبُهُ وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَشْغَالِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ مُلَازَمَتُهُ اسْتَوْثَقَ مِنْهُ بِكَفِيلٍ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَا يَحْبِسُهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ إنَّمَا يَحْبِسُهُ بَعْدَ الدَّفْعِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هَذَا إذَا كَانَ مُقِرًّا بِالْكَفَالَةِ أَمَّا إذَا كَانَ مُنْكِرًا فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ أَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي فَنَكَلَ يَحْبِسُهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَيْسَ هَذَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ خَاصَّةً بَلْ فِي عَامَّةِ الْحُقُوقِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ يَحْبِسُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ غَابَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ لَا يُطَالِبُ بِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْكَفِيلُ لَا أَعْرِفُ مَكَانَهُ وَقَالَ الطَّالِبُ تَعْرِفُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ خُرْجَةً مَعْرُوفَةً يَخْرُجُ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ لِلتِّجَارَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ وَيُؤْمَرُ الْكَفِيلُ بِالذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْكَفِيلِ، وَإِنْ أَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا أُمِرَ الْكَفِيلُ بِالذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِحْضَارِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَوْ لَحِقَ الْمَكْفُولُ بِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ قَادِرًا عَلَى رَدِّهِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مُوَاعَدَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَحِقَ بِهِمْ مُرْتَدًّا يَرُدُّونَهُ إلَيْنَا إذَا طَلَبَنَا فَيُمْهِلُ الْكَفِيلُ قَدْرَ ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى رَدِّهِ بِأَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مُوَاعَدَةٌ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا فَالْكَفِيلُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ قُلْنَا إنَّهُ يُؤْمَرُ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ لِلطَّالِبِ أَنْ يَسْتَوْثِقَ الْكَفِيلَ بِكَفِيلٍ آخَرَ حَتَّى لَا يَغِيبَ الْآخَرُ فَيُضَيِّعَ حَقَّهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَجَازَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فِي الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَالسَّرِقَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ بَلْ إذَا سَمَحَتْ وَطَابَتْ نَفْسُهُ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا الْحُدُودُ الْخَالِصَةُ لِلَّهِ تَعَالَى - كَحَدِّ الشُّرْبِ، وَالزِّنَا وَكَحَدِّ السَّرِقَةِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ فِيهَا، وَإِنْ طَابَتْ

الفصل الثالث في البراءة عن الكفالة

نَفْسُهُ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَإِذَا لَمْ يُجْبِرْهُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ فَالْمُدَّعِي يُلَازِمُهُ إلَى أَنْ يَقُومَ الْقَاضِي مِنْ مَجْلِسِهِ فَإِنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا خَلَّى سَبِيلَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ فِي دَعْوَى جِرَاحَةِ الْخَطَأِ وَقَتْلِ الْخَطَأِ وَشَيْءٍ مِنْ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا وَكُلِّ شَيْءٍ يَجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ يُجْبَرُ الْمَطْلُوبُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ فَإِنَّ هَذِهِ الدَّعَاوَى وَدَعْوَى الْمَالِ عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَا يُحْبَسُ فِي الْحُدُودِ، وَالْقِصَاصِ حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ مَسْتُورَانِ أَوْ شَاهِدُ عَدْلٍ يَعْرِفُهُ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ جَائِزَةٌ مَعْلُومًا كَانَ الْمَالُ أَوْ مَجْهُولًا بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَالطَّالِبُ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ، وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْكَفِيلَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَلَوْ طَالَبَ أَحَدَهُمَا لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْبَرَاءَةِ عَنْ الْكَفَالَةِ] قَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ مَتَى صَحَّتْ فَالْبَرَاءَةُ عَنْهَا إنَّمَا تَكُونُ بِأَحَدِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ إمَّا بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الطَّالِبِ وَإِمَّا بِإِبْرَاءِ الْمَكْفُولِ لَهُ إيَّاهُ عَنْهَا وَإِمَّا بِمَوْتِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا أَحْضَرَهُ وَسَلَّمَهُ فِي مَكَان يَقْدِرُ الْمَكْفُولُ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ كَمِصْرٍ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ كَذَا فِي الْكَافِي سَوَاءٌ قَبِلَهُ الطَّالِبُ أَوْ لَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ سَلَّمَهُ فِي بَرٍّ أَوْ سَوَادٍ لَمْ يَبْرَأْ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَفَلَ بِهِ فِي مِصْرَ فَسَلَّمَ فِي مِصْرٍ آخَرَ بَرِئَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَبْرَأُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَوْلُهُمَا أَوْجَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ التَّسْلِيمُ فِي مِصْرَ كَفَلَ فِيهِ، وَإِنْ شُرِطَ فَلَا يَبْرَأُ عِنْدَهُمَا وَعَلَى قَوْلِهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَلَوْ كَفَلَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي وَسَلَّمَهُ فِي السُّوقِ بَرِئَ كَذَا فِي الْكَافِي قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا قَالُوا هَذَا بِنَاءً عَلَى عَادَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَمَّا فِي زَمَانِنَا إذَا شَرَطَ التَّسْلِيمَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي لَا يَبْرَأُ بِالتَّسْلِيمِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَفِي الْكُبْرَى وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ شَرَطَ عَلَى الْكَفِيلِ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ عِنْدَ الْأَمِيرِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ شَرَطَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي فَدَفَعَهُ إلَيْهِ عِنْدَ الْأَمِيرِ أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الدَّفْعَ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي فَاسْتَعْمَلَ قَاضٍ آخَرَ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ عِنْدَ الثَّانِي بَرِئَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سَأَلْت أَبَا حَامِدٍ عَنْ رَجُلٍ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَكَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ جَالِسًا مَعَ قَوْمِهِ فِي خَانِقَاهُ فَجَاءَ الْكَفِيلُ بِالْمَكْفُولِ عَنْهُ وَسَلَّمَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقَالَ لَهُ الْكَفِيلُ هَذَا هُوَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَلَمْ يَجْلِسْ الْمَكْفُولُ بَلْ مَرَّ وَخَرَجَ إلَى بَابٍ آخَرَ هَلْ يَكُونُ هَذَا الْقَدْرُ تَسْلِيمًا قَالَ نَعَمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ فِي وَقْتِ كَذَا فَعَلَيْهِ الْمَالُ الَّذِي لِلطَّالِبِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَشَرَطَ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّهُ بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ إذَا وَافَاهُ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فَوَافَاهُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ يَوْمَئِذٍ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَتَغَيَّبَ الطَّالِبُ

بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ جَمِيعًا وَكَذَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَحْدَهَا. وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى الْغَدِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فِي الْمَسْجِدِ فَعَلَيْهِ الْمَالُ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ وَشَرَطَ الْكَفِيلُ عَلَى الطَّالِبِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ الطَّالِبَ غَدًا فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فَيَقْبِضَهُ مِنْهُ فَهُوَ مِنْهُ بَرِيءٌ، ثُمَّ الْتَقَيَا بَعْدَ الْغَدِ فَقَالَ الْكَفِيلُ قَدْ تَغَيَّبَتْ وَقَالَ الطَّالِبُ قَدْ وَافَيْتُ لَا يُصَدَّقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَالْكَفَالَةُ عَلَى الْكَفِيلِ عَلَى حَالِهَا، وَالْمَالُ لَازِمٌ عَلَى الْكَفِيلِ، وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُوَافَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ الْكَفِيلَ دَفَعَ الْمَكْفُولَ بِهِ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ عَلَى حَالِهَا وَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَوْ أَقَامَ الْكَفِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُوَافَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُقِمْ الطَّالِبُ بَيِّنَةً بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْمَالِ وَالنَّفْسِ وَلَا يُصَدَّقُ الطَّالِبُ عَلَى الْمُوَافَاةِ. رَجُلٌ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ، وَالْمَكْفُولُ بِهِ مَحْبُوسٌ عِنْدَ الْقَاضِي فَدَفَعَ الْكَفِيلُ إلَى الطَّالِبِ فِي السِّجْنِ بَرِئَ الْكَفِيلُ، وَإِنْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ، ثُمَّ أُطْلِقَ، ثُمَّ أُعِيدَ إلَى الْحَبْسِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ قَالُوا إنْ كَانَ الْحَبْسُ الثَّانِي بِشَيْءٍ مِنْ التِّجَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا صَحَّ الدَّفْعُ وَبَرِئَ الْكَفِيلُ، وَإِنْ كَانَ الْحَبْسُ الثَّانِي بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ السُّلْطَانِ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا حُبِسَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ بِدَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ يُؤَاخَذُ بِهِ الْكَفِيلُ هَكَذَا أَطْلَقَ فِي الْأَصْلِ قَالُوا وَهَذَا إذَا كَانَ مَحْبُوسًا فِي مِصْرٍ آخَرَ فَأَمَّا إذَا كَانَ مَحْبُوسًا فِي الْمِصْرِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْكَفَالَةُ فِي سِجْنِ الْقَاضِي الَّذِي تَخَاصَمَا إلَيْهِ لَا يُطَالِبُ بِالتَّسْلِيمِ وَلَكِنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُهُ مِنْ السِّجْنِ حَتَّى يُجِيبَ خَصْمَهُ، ثُمَّ يُعِيدُهُ إلَى السِّجْنِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مَحْبُوسًا فِي الْمِصْرِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْكَفَالَةُ وَلَكِنْ فِي سِجْنِ قَاضٍ آخَرَ بِأَنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ قَاضِيَانِ أَوْ حُبِسَ فِي سِجْنِ الْوَالِي فَالْقِيَاسُ أَنْ يُؤَاخَذَ الْكَفِيلُ بِالتَّسْلِيمِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ وَيَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِيمَا كَانَ فِي سِجْنِ هَذَا الْقَاضِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ بِالنَّفْسِ مَحْبُوسًا فِي سِجْنِ قَاضٍ آخَرَ فِي هَذَا الْمِصْرِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الطَّالِبَ أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْقَاضِي الَّذِي حَبَسَهُ وَتَكُونُ خُصُومَتُهُ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا حُبِسَ الْمَكْفُولُ بِالنَّفْسِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ وَسَلَّمَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِنَفْسِهِ فِي السِّجْنِ لَا يَبْرَأُ قَالَ مَشَايِخُنَا هَذَا إذَا كَانَ مَحْبُوسًا فِي سِجْنِ قَاضٍ آخَرَ أَمَّا إذَا كَانَ مَحْبُوسًا فِي سِجْنِ الْقَاضِي الَّذِي وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَبْرَأُ وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَبْرَأُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَبْرَأَ إذَا كَانَ مَحْبُوسًا فِي الْمِصْرِ الَّذِي وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ فِيهِ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي سِجْنِ قَاضٍ آخَرَ أَوْ فِي سِجْنِ الْوَالِي وَقَالُوا أَيْضًا وَهَذَا إذَا كَانَ مَحْبُوسًا مِنْ جِهَةٍ غَيْرِ الطَّالِبِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مَحْبُوسًا مِنْ جِهَةِ الطَّالِبِ فَيَبْرَأُ بِالتَّسْلِيمِ فِي الْحَالَيْنِ لَا مَحَالَةَ وَفِي الْفَتَاوَى إذَا سَلَّمَهُ فِي السِّجْنِ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ الطَّالِبِ يَبْرَأُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ، وَهُوَ غَيْرُ مَحْبُوسٍ، ثُمَّ حَبَسَ فَخَاصَمَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ إلَى الْقَاضِي الَّذِي حَبَسَهُ فَقَالَ الْكَفِيلُ كَفَلْت

بِهِ، وَأَنْتَ حَبَسْتَهُ بِدَيْنِ فُلَانٍ آخَرَ عَلَيْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُ بِإِحْضَارِ الْمَطْلُوبِ حَتَّى يُسْلِمَ الْكَفِيلُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ، ثُمَّ يُعَادُ إلَى الْحَبْسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمَكْفُولُ بِهِ مَحْبُوسٌ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَأَخْرَجَهُ الْقَاضِي لِخُصُومَةِ الطَّالِبِ فَقَالَ الْكَفِيلُ قَدْ دَفَعْته إلَيْك فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ قُدَّامَ الْقَاضِي بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَإِنْ قَالَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ مَعَ رَسُولِ الْقَاضِي لَا يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ مَعَ مَنْ أَحْضَرَهُ مِنْ الْحَبْسِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي لَا يَبْرَأُ وَلَوْ حَبَسَ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ فَلَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ مَحْبُوسًا فِي الدَّمِ فَلَا سَبِيلَ عَلَى الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ وَلَوْ حَبَسَ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ غَائِبٌ بِبَعْضِ الْأَمْصَارِ يَأْمُرُ الْقَاضِي الطَّالِبَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَيُخْرِجُهُ مِنْ السِّجْنِ حَتَّى يَجِيءَ بِالْمَكْفُولِ بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَبَسَهُ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَسَأَلَ عَنْهُ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ فِي هَذَا الْمِصْرِ مَالٌ وَكَانَ مَالُهُ بِخُرَاسَانَ فَإِنَّهُ يُخْرِجُهُ وَيَأْمُرُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ عَلَى قَدْرِ الْمَسَافَةِ فَيَبِيعُ مَالَهُ وَيَقْضِي دَيْنَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَنْ كَفَلَ بِنَفْسٍ آخَرَ وَلَمْ يَقُلْ إذَا دَفَعْت إلَيْك فَأَنَا بَرِيءٌ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَهُوَ بَرِيءٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، ثُمَّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْدَ طَلَبِ الطَّالِبِ مِنْهُ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ بَعْدَمَا طَلَبَ مِنْهُ يَبْرَأُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ سَلَّمْت إلَيْك بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ، وَإِنْ سَلَّمَهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ الطَّالِبِ لَا يَبْرَأُ مَا لَمْ يَقُلْ سَلَّمْت إلَيْك بِجِهَةِ الْكَفَالَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ سَلَّمَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ إلَى الطَّالِبِ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ إلَى شَهْرٍ، ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ قَبْلَ الشَّهْرِ بَرِئَ، وَإِنْ أَبَى الْمَكْفُولُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَبَرِئَ بِتَسْلِيمِ الْمَطْلُوبِ نَفْسِهِ مِنْ كَفَالَتِهِ وَبِتَسْلِيمِ كَفِيلِ الْكَفِيلِ وَرَسُولِهِ كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَشَرْطُ بَرَاءَتِهِ أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ سَلَّمْت إلَيْك بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرَطَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ التَّسْلِيمَ مِنْ كَفَالَةِ فُلَانٍ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفِ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ قَالَ مَشَايِخُنَا شَرْطُ التَّسْلِيمِ مِنْ الْكَفَالَةِ شَرْطٌ لَازِمٌ فَأَمَّا شَرْطُ التَّسْلِيمِ مِنْ كَفَالَةِ فُلَانٍ فَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا كَانَ بِنَفْسِهِ كَفِيلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِنَفْسِهِ كَفِيلٌ وَاحِدٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ فُلَانٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا لَيْسَ بِمَأْمُورٍ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى الطَّالِبِ وَقَالَ سَلَّمْت عَنْ الْكَفِيلِ إنْ قَبِلَ الطَّالِبُ بَرِئَ الْكَفِيلُ، وَإِنْ سَكَتَ الطَّالِبُ وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَلَوْ أَخَذَ الْقَاضِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَمِينِ الْقَاضِي كَفِيلًا بِالنَّفْسِ بِطَلَبِ الْمُدَّعَى أَوْ بِغَيْرِ طَلَبِهِ وَسَلَّمَ الْكَفِيلَ إلَى الْقَاضِي بَرِئَ، وَإِنْ سَلَّمَهُ إلَى الطَّالِبِ لَا يَبْرَأُ هَذَا إذَا لَمْ يُضِفْ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ الْكَفَالَةَ إلَى الطَّالِبِ فَإِنْ أَضَافَ وَقَالَ لَهُ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ إنَّ الْمُدَّعَى يَطْلُبُ مِنْك كَفِيلًا بِالنَّفْسِ فَأَعْطِهِ كَفِيلًا بِنَفْسِك فَسَلَّمَ الْكَفِيلَ إلَى الْقَاضِي أَوْ إلَى أَمِينِهِ لَا يَبْرَأُ، وَإِنْ سَلَّمَهُ إلَى الطَّالِبِ بَرِئَ

كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا وَكَّلَ الطَّالِبُ رَجُلًا بِأَنْ يَأْخُذَ لَهُ كَفِيلًا مِنْ الْمَطْلُوبِ بِنَفْسِهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ أَضَافَ الْوَكِيلُ الْكَفَالَةَ إلَى نَفْسِهِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ لِلْوَكِيلِ وَأَمَّا إنْ أَضَافَ الْكَفَالَةَ إلَى الْمُوَكَّلِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ لِلْمُوَكِّلِ فَإِنْ دَفَعَ الْكَفِيلُ الْمَطْلُوبَ إلَى الْمُوَكِّلِ بَرِئَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ أَمَّا إذَا سَلَّمَهُ إلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ بَرِئَ، وَإِنْ أَضَافَ إلَى الْمُوَكِّلِ لَا كَذَا فِي التتار خانية. لَوْ كَفَلَ جَمَاعَةٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ كَفَالَةً وَاحِدَةً فَأَحْضَرَهُ أَحَدُهُمْ بَرِئُوا جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ مُتَفَرِّقَةً لَمْ يَبْرَأْ الْبَاقُونَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَأَمَّا إذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ فَقَدْ بَرِئَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مِنْ الْكَفَالَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَكْفُولِ بِهِ حُرًّا أَوْ عَبْدًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَكَذَا إذَا مَاتَ الْكَفِيلُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ إذَا أَعْطَى الطَّالِبَ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ فَمَاتَ الْأَصِيلُ بَرِئَ الْكَفِيلَانِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ الْأَوَّلُ بَرِئَ الْكَفِيلُ الثَّانِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ فَمَاتَ الطَّالِبُ فَالْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ عَلَى حَالِهَا فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ دَفَعَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ دَفَعَ إلَى وَارِثِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ لَا يَبْرَأُ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا أَمْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ يَبْرَأُ عَنْ حِصَّةِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ خَاصَّةً وَلَوْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ عَلَى الدَّيْنِ وَقَدْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَدَفَعَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى الْوَارِثِ أَوْ إلَى الْمُوصَى لَهُ أَوْ إلَى الْغَرِيمِ لَا يَبْرَأُ وَلَوْ دَفَعَ إلَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ هَلْ يَبْرَأُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَإِنْ أَدَّى الْوَارِثُ الدَّيْنَ، وَالْوَصِيَّةَ جَازَ ذَلِكَ الدَّفْعُ إلَى الْوَرَثَةِ وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ كَفَلَ لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ مَاتَ الطَّالِبُ وَالْكَفِيلُ وَارِثُهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ عَنْ الْكَفَالَةِ وَيَبْقَى الْمَالُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ بَرِئَ الْمَطْلُوبُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ الطَّالِبُ صَارَ ذَلِكَ الْمَالُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ مَلَكَ الْكَفِيلُ الْمَالَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ بِالْقَضَاءِ أَوْ بِالْهِبَةِ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَكَذَا إذَا مَلَكَ الْكَفِيلُ الْمَالَ بِالْإِرْثِ هَذَا إذَا مَاتَ الطَّالِبُ وَالْكَفِيلُ وَارِثُهُ، وَإِنْ مَاتَ الطَّالِبُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ وَارِثُهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ وَهُوَ الْأَصِيلُ مَلَكَ مَا فِي ذِمَّتِهِ فَيَبْرَأُ وَبَرَاءَةُ الْأَصِيلِ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ فَإِنْ كَانَ لِلطَّالِبِ ابْنٌ آخَرُ مَعَ الْمَطْلُوبِ بَرِئَ الْكَفِيلُ عَنْ حِصَّةِ الْمَطْلُوبِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ حِصَّةُ الِابْنِ الْآخَرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَبَرِئَ الْكَفِيلُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ وَبِإِبْرَاءِ الطَّالِبِ الْأَصِيلِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْأَصِيلِ وَمَوْتُهُ قَبْلَ الْقَبُولِ، وَالرَّدِّ يَقُومُ مَقَامَ الْقَبُولِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَوْ رَدَّهُ ارْتَدَّ وَدَيْنُ الطَّالِبِ عَلَى حَالِهِ وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ الدَّيْنَ هَلْ يَعُودُ إلَى الْكَفِيلِ

أَمْ لَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَعُودُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَعُودُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ وَهَبَ الطَّالِبُ الْمَالَ مِنْ الْمَطْلُوبِ فَمَاتَ قَبْلَ الرَّدِّ فَهُوَ بَرِيءٌ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ فَرَدَّ الْهِبَةَ فَرَدُّهُ صَحِيحٌ، وَالْمَالُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَعَلَى الْكَفِيلِ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْإِبْرَاءُ وَالْهِبَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَبِلَ وَرَثَتُهُ صَحَّ وَلَوْ رَدَّ وَرَثَتُهُ ارْتَدَّ وَبَطَلَ الْإِبْرَاء فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ الْمَوْتِ إبْرَاءٌ لِلْوَرَثَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ كَمَا لَوْ أَبْرَأَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْقَبُولِ، وَالرَّدِّ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ أَبْرَأ الْكَفِيلُ صَحَّ الْإِبْرَاءُ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فَإِذَا قَبِلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ فَفِي الْكَفِيلِ حُكْمُ إبْرَائِهِ، وَالْهِبَةُ لَهُ مُخْتَلَفٌ فَفِي الْإِبْرَاءِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ وَفِي الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ وَفِي الْأَصِيلِ اتَّفَقَ حُكْمُ الْإِبْرَاءِ، وَالْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ أَبْرَأَ الْمَرِيضُ وَارِثَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضَ الْمَوْتِ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ فِيمَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ وَحَقُّهُمْ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ أَجْنَبِيًّا فَأَبْرَأَهُ الْمَرِيضُ لَمْ يُعْتَبَرْ مِنْ الثُّلُثِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ غَيْرُ وَارِثٍ وَعَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَأَبْرَأَ الْكَفِيلَ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيلُ بَرِئَ هُوَ لَا الْأَصِيلُ. لَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ عَمَّا اسْتَوْجَبَ بِالْكَفَالَةِ لَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ أَوْ الْأَصِيلُ الطَّالِبَ عَلَى خَمْسِمِائَةِ عَنْ الْأَلْفِ الَّتِي عَلَيْهِ فَإِمَّا أَنْ يَذْكُرَ فِي الصُّلْحِ بَرَاءَتَهُمَا فَيَبْرَآنِ جَمِيعًا أَوْ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ فَكَذَلِكَ أَوْ شَرَطَ أَنْ يَبْرَأَ الْكَفِيلُ لَا غَيْرَ فَيَبْرَأُ هُوَ وَحْدُهُ عَنْ خَمْسِمِائَةِ، وَالْأَلْفِ عَلَى الْأَصِيلِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَالطَّالِبُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ جَمِيعَ دَيْنِهِ مِنْ الْأَصِيلِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْكَفِيلِ خَمْسَمِائَةِ وَمَنْ الْأَصِيلِ خَمْسَمِائَةِ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ بِمَا أَدَّى إنْ اصْطَلَحَا بِأَمْرِهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. لَوْ أَنَّ الْكَفِيلَ أَحَالَ الْمَكْفُولَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ فَقَبِلَ الْمَكْفُولُ لَهُ، وَالْمُحْتَالُ عَلَيْهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ، ثُمَّ أَقَرَّ الطَّالِبُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قَبْلَ الْمَكْفُولِ بِهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ وَلَا يَبْرَأُ وَلَوْ أَقَرَّ وَقَالَ لَا حَقَّ قَبْلَ الْمَكْفُولِ بِهِ لَا مِنْ جِهَتِهِ وَلَا مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ وَلَا بِوِلَايَةٍ وَلَا بِوِصَايَةٍ وَلَا بِوَكَالَةٍ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لَا حَقَّ لِي قَبْلَ الْكَفِيلِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَصَارَ الْمَنْفِيِّ بِهَذَا الْإِقْرَارِ الْحُقُوقُ الثَّابِتَةُ كُلِّهَا لِلطَّالِبِ قَبْلَ الْكَفِيلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ضَمِنَ لَهُ أَلْفًا عَلَى فُلَانٍ فَبَرْهَنَ فُلَانٌ أَنَّهُ كَانَ قَضَاهُ إيَّاهَا قَبْلَ الْكَفَالَةِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ الْأَصِيلُ دُونَ الْكَفِيلِ وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ قَضَاهُ بَعْدَهَا يَبْرَآنِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. لَوْ أَبْرَأ الْكَفِيلُ الْأَصِيلُ قَبْلَ الْأَدَاءِ إلَى

الطَّالِبِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ يَجُوزُ حَتَّى لَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ، وَالْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ إذَا قَضَى الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَفَعَلَ جَازَ الْقَضَاءُ وَجَازَتْ الْبَرَاءَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَضَى الْمَطْلُوبُ دَيْنَ الطَّالِبِ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ إذَا كَانَ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا آخَرَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَالْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ إذَا صَالَحَ عَلَى مَالٍ لِإِسْقَاطِ الْكَفَالَةِ لَا يَصِحُّ أَخْذُ الْمَالِ وَهَلْ تَسْقُطُ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ تَسْقُطُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الأسروشنية وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ، وَالْمَالِ فَصَالَحَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ بَرِئَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الأسروشنية. وَلَوْ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ لِلْكَفِيلِ بَرِئْت إلَيَّ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْإِيفَاءِ حَتَّى يَرْجِعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ إذَا كَفَلَ بِأَمْرِهِ وَلَوْ قَالَ لِلْكَفِيلِ أَبْرَأْتُك فَهُوَ إبْرَاءٌ لِإِقْرَارٍ مِنْهُ بِالْقَبْضِ مِنْ الْكَفِيلِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْمَالِ عَلَى الْأَصِيلِ، وَإِنْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ بَرِئْت وَلَمْ يَقُلْ إلَيَّ فَهُوَ إبْرَاءٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ كَذَا فِي الْكَافِي وَقِيلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ مُخْتَارُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَهُوَ أَقْرَبُ الِاحْتِمَالَيْنِ فَالْمَصِيرُ إلَيْهِ أَوْلَى كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَلَا خِلَافَ بَيْنهمْ أَنَّهُ لَوْ كَتَبَ فِي الصَّكِّ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي كَفَلَ بِهَا كَانَ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ أَنْتِ فِي حِلِّ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَبْرَأْتُك بِإِجْمَاعٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْحِلِّ يُسْتَعْمَلُ فِي الْبَرَاءَةِ بِالْإِبْرَاءِ دُونَ الْبَرَاءَةِ بِالْقَبْضِ كَذَا ذَكَرَهُ الْمَحْبُوبِيُّ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. لَوْ كَفَلَ بِالثَّمَنِ فَاسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَكَذَا لَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَبِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ وَلَوْ كَفَلَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ لِغَرِيمِ الْبَائِعِ، ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَلَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَكَفَلَ بِالْمَهْرِ رَجُلٌ عَنْ الزَّوْجِ، ثُمَّ سَقَطَ كُلُّ الْمَهْرِ بِالْفُرْقَةِ الْكَائِنَةِ مِنْ قَبْلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ سَقَطَ نِصْفُ الْمَهْرِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا بَرِئَ الْكَفِيلُ عَنْ كُلِّ الْمَهْرِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَعَنْ نِصْفِ الْمَهْرِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي حُكْمًا لِبَرَاءَةِ الزَّوْجِ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَمَرَتْ زَوْجَهَا حَتَّى يَضْمَنَهَا لِغَرِيمٍ أَوْ أَحَالَتْهُ بِهَا عَلَيْهِ أَوْ كَفَلَ بِهَا عَنْهُ، ثُمَّ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَتِهَا فُرْقَةٌ قَبْل الدُّخُولِ بِهَا حَتَّى سَقَطَ كُلُّ الْمَهْرِ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ وَإِذَا بَقِيَتْ الْكَفَالَةُ حَتَّى أَدَّى الزَّوْجُ رَجَعَ بِمَا أَدَّى عَلَى الْمَرْأَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ضَمِنَ مِثْلَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِقَدْرِ النِّصْفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَيُرْوَى أَنَّهُ يَصِحُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ

وَهَذَا أَوْجَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قِيلَ فِي وَجْهِ اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ إنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الشَّرْطُ شَرْطًا مَحْضًا لَا مَنْفَعَةَ لِلطَّالِبِ فِيهِ أَصْلًا كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ غَدٌ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الشَّرْطُ فِيهِ نَفْعٌ لِلطَّالِبِ وَلَهُ تَعَامُلٌ فَتَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ بِهِ صَحِيحٌ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ بِالشَّرْطِ فَلَوْ قَالَ لِلْمَطْلُوبِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ الطَّالِبُ لِلْمَطْلُوبِ إنْ لَمْ أَقْبِضْ مَالِي عَلَيْك حَتَّى تَمُوتَ فَأَنْت فِي حِلٍّ فَمَاتَ الْمَطْلُوبُ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بَاطِلَةً. وَلَوْ قَالَ الطَّالِبُ إنْ مِتّ أَنَا فَأَنْت فِي حِلٍّ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْمَطْلُوبِ إذَا خَرَجَ فُلَانٌ مِنْ السِّجْنِ أَوْ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ فَهَذَا بَاطِلٌ وَلَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ كَفِيلًا بِالْأَلْفِ عَنْ الْمَسْجُونِ جَازَ الْإِبْرَاءُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ فَقَالَ الْكَفِيلُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ إنْ وَافَيْتُك بِنَفْسِهِ غَدًا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ جَازَ وَبَرِئَ عَنْ الْمَالِ لِمَكَانِ التَّعَامُلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَوَى هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ضَمِنَ مَهْرَ امْرَأَةِ ابْنِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ الِابْنُ أَوْ امْرَأَتُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهُوَ بَرِيءٌ وَالضَّمَانُ لَازِمٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ أَنَا بَرِيءٌ مَتَى مَا رَآهُ الطَّالِبُ أَوْ لَقِيَهُ فَهَذَا جَائِزٌ وَيَبْرَأُ إذَا رَآهُ الطَّالِبُ أَوْ لَقِيَهُ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى طَلَبِ حَقِّهِ فِيهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ أَنَا كَفِيلٌ لَك بِنَفْسِ هَذَا الْيَوْمِ فَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ فَأَنَا بَرِيءٌ قَالَ إذَا مَضَى الْيَوْمُ فَقَدْ بَرِئَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. كَفَلَ بِمَالٍ عَلَى رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى سَلَّمَ نَفْسَ الْمَطْلُوبِ إلَى الطَّالِبِ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ، وَإِنْ أَخَذَ الطَّالِبُ الْمَالَ مِنْ الضَّامِنِ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الضَّامِنُ إلَيْهِ نَفْسَ الْمَطْلُوبِ رَجَعَ، ثُمَّ إنَّ الضَّامِنَ جَاءَ بِنَفْسِ الْمَطْلُوبِ وَدَفَعَ إلَى الطَّالِبِ رَجَعَ الضَّامِنُ عَلَى الطَّالِبِ بِالْمَالِ الَّذِي دُفِعَ إلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الطَّالِبُ إذَا عَلَّقَ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ بِشَرْطٍ فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ فِي وَجْهٍ تَجُوزُ الْبَرَاءَةُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ نَحْوَ أَنْ يَكْفُلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ فَأَبْرَأَهُ الطَّالِبُ عَنْ الْكَفَالَةِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْكَفِيلُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ جَازَتْ الْبَرَاءَةُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ، وَإِنْ صَالَحَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ لَهُ عَلَى مَالٍ لِيُبَرِّئَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ عَنْ الْكَفَالَةِ فِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ وَإِحْدَى رِوَايَتَيْ الْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ وَفِي وَجْهٍ تَجُوزُ الْبَرَاءَةُ، وَالشَّرْطُ وَصُورَةُ ذَلِكَ الرَّجُلُ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَبِمَا عَلَيْهِ مِنْ مَالٍ فَشَرْطُ الطَّالِبِ عَلَى الْكَفِيلِ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ إلَى الطَّالِبِ وَيُبْرِئُهُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ جَازَتْ الْبَرَاءَةُ، وَالشَّرْطُ وَفِي وَجْهٍ لَا يَجُوزُ كِلَاهُمَا وَصُورَةُ ذَلِكَ الرَّجُلُ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ خَاصَّةً فَشَرَطَ الطَّالِبُ عَلَى الْكَفِيلِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَاطِلًا كَذَا فِي

الفصل الرابع في الرجوع

فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الرُّجُوعِ] رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اُكْفُلْ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَنِّي، أَوْ قَالَ اُنْقُدْ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ عَنِّي، أَوْ قَالَ اضْمَنْ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ قَالَ اضْمَنْ لَهُ الْأَلْفَ الَّتِي عَلَيَّ، أَوْ قَالَ اقْضِهِ مَا لَهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ اقْضِهِ عَنِّي، أَوْ قَالَ أَعْطِهِ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ أَعْطِهِ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ أَوْفِهِ عَنِّي، أَوْ قَالَ ادْفَعْ إلَيْهِ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ ادْفَعْ لَهُ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِمَا دَفَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. كُلُّ مَوْضِعٍ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ فِيهِ لَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ مَا كَفَلَ بِهِ مِنْ عِنْدِهِ رَجَعَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ قَبْلَ الْأَدَاءِ، وَإِذَا أَدَّى الْمَالَ مِنْ عِنْدِهِ رَجَعَ بِمَا كَفَلَ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى حَتَّى لَوْ أَدَّى الزُّيُوفَ وَقَدْ كَفَلَ بِالْجِيَادِ يَرْجِعُ بِالْجِيَادِ وَلَوْ أَدَّى مَكَانَ الدَّنَانِيرِ الدَّرَاهِمَ، وَقَدْ كَفَلَ بِالدَّنَانِيرِ، أَوْ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ، أَوْ يُوزَنُ عَلَى سَبِيلِ الصُّلْحِ رَجَعَ بِمَا كَفَلَ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْآمِرُ مِمَّنْ يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالدُّيُونِ حَتَّى أَنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ إذَا كَانَ صَبِيًّا مَحْجُورًا وَأَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَكْفُلَ عَنْهُ فَكَفَلَ وَأَدَّى لَا يَرْجِعُ وَكَذَا الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إذَا أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَكْفُلَ عَنْهُ فَكَفَلَ وَأَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِذَا كَفَلَ عَنْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ بِأَمْرِهِ وَأَدَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ. لَوْ قَالَ ادْفَعْ أَوْ اضْمَنْ، أَوْ اُكْفُلْ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي، أَوْ لَهُ عَلَيَّ فَإِنْ كَانَ خَلِيطًا لَهُ بِأَنْ كَانَ يَأْخُذُ الرَّجُلُ مِنْهُ وَيُدَايِنُهُ وَيَضَعُ عِنْدَهُ الْمَالَ، أَوْ يَكُونُ فِي عِيَالِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ إذَا أَمَرَ حَرِيفًا لَهُ مِنْ الصَّيَارِفَةِ أَنْ يُعْطِيَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ قَضَاءً عَنْهُ، أَوْ لَمْ يَذْكُرْ قَضَاءً عَنْهُ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الصَّيْرَفِيُّ عَلَى الْآمِرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرِيفًا لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَنِّي ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ بِخَلِيطٍ لَهُ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ لَكِنْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْقَاضِي قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ دَفْعُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَان. لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ حَاضِرٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَقَالَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ: قَدْ رَضِيت بِكَفَالَتِك إنْ كَانَ رِضَاهُ قَبْلَ قَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ كَانَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ قَبْلَ الْكَفَالَةِ أَنْ يَكْفُلَ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ رِضَاهُ بَعْدَ قَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ لَا يَكُونُ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَا يَكُونُ لِرِضَاهُ عِبْرَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. كَفَلَ عَبْدٌ عَنْ سَيِّدِهِ فَعَتَقَ فَأَدَّاهُ، أَوْ كَفَلَ سَيِّدُهُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ فَأَدَّاهُ بَعْدَ عِتْقِهِ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَالْمَرْأَةُ سَاكِنَةٌ فِي مَنْزِلِ بَعْلِهَا فَنَزَلَ بِهَا وَضَمِنَ عَنْهَا الْأَجْرَ فَإِذًا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهَا، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهَا نَظِيرَ هَذَا مَا لَوْ ضَمِنَ الْأَبُ الْمَهْرَ عَنْ الِابْنِ الصَّغِيرِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ، وَالرِّوَايَةُ مَحْفُوظَةٌ فِي الْأَبِ إذَا شَرَطَ وَقْتَ الضَّمَانِ، وَالْأَدَاءِ

أَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَ وَأَدَّى لِيَرْجِعَ عَلَى الِابْنِ إنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الِابْنِ فَفِي الْمَرْأَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَفَلَ لِلْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَوَهَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ مِنْ الْكَفِيلِ فَقَبَضَهُ الْكَفِيلُ مِنْ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ عَيْبًا قَالَ رُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْكَفِيلِ سَبِيلٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ الثِّيَابَ فِي السَّلَمِ رَجَعَ بِقِيمَتِهَا وَلَوْ شَرَطَ فِي السَّلَمِ التَّسْلِيمَ فِي الْمِصْرِ وَبِهِ كَفِيلٌ فَسَلَّمَ الْكَفِيلُ الْمُسْلَمَ فِيهِ خَارِجَ الْمِصْرِ بِرِضَا رَبِّ السَّلَمِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي الْمِصْرِ كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَضَمِنَهَا رَجُلٌ بِأَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدَفَعَهَا الضَّامِنُ إلَى الْمُدَّعِي، ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ فَالْمُدَّعِي يَدْفَعُ مَا قَبَضَ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ الضَّامِنُ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَمَرَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ أَنْ يَضْمَنَ عَنْهُ لِرَجُلٍ أَلْفًا حَالَّةً، أَوْ إلَى أَجَلٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ الْأَلْفُ الَّتِي لِلْآمِرِ عَلَى الْمَأْمُورِ حَالَّةً وَضَمِنَ الْمَأْمُورُ عَنْهُ أَلْفًا إلَى أَجَلٍ فَلِلْآمِرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ حَلَّتْ، أَوْ لَمْ تَحِلَّ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَلْفُ الَّتِي لِلْآمِرِ مُؤَجَّلَةً فَضَمِنَ عَنْهُ أَلْفًا مُؤَجَّلَةً إلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْأَجَلِ، ثُمَّ حَلَّتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَأَمَرَهُ أَنْ يَضْمَنَ لِغَرِيمِهِ عَنْهُ أَلْفًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ الْمُعِيرُ إذَا أَخَذَ كَفِيلًا بِرَدِّ الْمُسْتَعَارِ، أَوْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إذَا أَخَذَ كَفِيلًا بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ، ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ حَمَلَ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى الْمَالِكِ كَانَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَالْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْحَمْلِ، وَهُوَ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْكَفَالَةِ وَكَالَةٌ بِأَنْ وَكَّلَ الْمُسْتَعِيرُ، أَوْ الْغَاصِبُ وَكِيلًا يُوَافِي ذَلِكَ فِي مَنْزِلِ الْمُعِيرِ، أَوْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، أَوْ حَيْثُ وَقَعَ الْغَصْبُ، أَوْ الْعَارِيَّةُ فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى النَّقْلِ بِخِلَافِ الْكَفِيلِ فَإِنَّ الْكَفِيلَ يُجْبَرُ عَلَى النَّقْلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ كَفَلَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَنْ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ أَدَّاهَا بِمَحْضَرٍ مِنْ الْكَفِيلِ، ثُمَّ جَحَدَ الطَّالِبُ ذَلِكَ وَحَلَفَ فَأَخَذَ مِنْ الْكَفِيلِ فَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ هُوَ الَّذِي دَفَعَ بِمَحْضَرٍ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْأَصْلُ، ثُمَّ جَحَدَ الطَّالِبُ الْقَبْضَ وَحَلَفَ وَأَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى عَلَى الْأَصِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ضَمِنَ الْوَصِيُّ دَيْنَ الْمَيِّتِ يَرْجِعُ فِي تَرِكَتِهِ كَذَا فِي التَّتَارِ خَانِيَّةِ نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَفَلَ رَجُلٌ بِالثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي فَنَقَدَ الْكَفِيلُ الْبَائِعَ الثَّمَنَ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ، ثُمَّ غَابَ الْكَفِيلُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمُشْتَرِي بِمَا نَقَدَهُ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ، ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ فَاسْتَحَقَّ الْعَبْدَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى

يَحْضُرَ الْكَفِيلُ. ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْكَفِيلُ كَانَ لِلْكَفِيلِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَجَعَ بِمَا أَدَّى عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْآخَرَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْبَائِعَ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دَفَعَ وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ حِينَ نَقَدَ الثَّمَنَ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَغَابَ، ثُمَّ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْعَبْدُ وَلَكِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ كَانَ الْمُشْتَرَى جَارِيَةً وَظَهَرَ أَنَّهَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَفَلَ بِالثَّمَنِ كَفِيلٌ عَنْ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَغَابَ فَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ سَوَاءٌ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، أَوْ لَمْ يَرْجِعْ فَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَلَكِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا وَرَدَّهُ بِقَضَاءٍ. أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ رَدَّهُ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَا سَبِيلَ لِلْكَفِيلِ عَلَيْهِ قَالَ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَفَلَ رَجُلٌ بِالثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ صَالَحَ الْبَائِعَ عَنْ الْأَلْفِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا فَالْكَفِيلُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالدَّرَاهِمِ دُونَ الدَّنَانِيرِ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ، وَالْكَفِيلُ غَائِبٌ فَالْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ حَضَرَ الْكَفِيلُ أَتْبَعَ الْبَائِعَ بِالدَّنَانِيرِ وَلَوْ أَرَادَ الْكَفِيلُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ الدَّرَاهِمَ فَإِنَّ هُنَاكَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الصُّلْحِ بَيْعٌ بِأَنْ بَاعَ الْكَفِيلُ خَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ الْبَائِعِ بِأَلْفٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ كَانَ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ وَالصُّلْحُ سَوَاءً، وَأَرَادَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِهَذِهِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالصُّلْحِ التَّسْوِيَةَ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّ بِهِ الْعَبْدُ بَعْدَ افْتِرَاقِهِمَا فَإِنَّ هُنَاكَ الْبَيْعُ يَبْطُلُ كَمَا أَنَّ الصُّلْحَ يَبْطُلُ. وَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الدَّرَاهِمُ وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ بَعْدُ فَالْبَيْعُ لَا يَبْطُلُ، وَالصُّلْحُ يَبْطُلُ وَلَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْعَبْدُ وَلَكِنَّهُ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قِبَلَ التَّسْلِيمِ وَقَدْ كَانَ الْكَفِيلُ بَاعَ مِنْ الْبَائِعِ خَمْسِينَ دِينَارًا بِالدَّرَاهِمِ وَقَبَضَ الْبَائِعُ الدِّينَارَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالدَّرَاهِمِ وَلَا سَبِيلَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْبَيْعِ صُلْحٌ بِأَنْ صَالَحَ الْكَفِيلُ الْبَائِعَ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي فَهُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ إلَّا أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الصُّلْحِ، وَالْبَيْعِ فَفِي الصُّلْحِ لِبَائِعِ الْعَبْدِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَدَّ خَمْسِينَ دِينَارًا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَفِي الْبَيْعِ لَا يَتَخَيَّرُ بَلْ يَرُدُّ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا مَحَالَةَ، ثُمَّ فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ إذَا اخْتَارَ الْبَائِعُ الدَّنَانِيرَ فَالْكَفِيلُ هُوَ الَّذِي يَقْبِضُ الدَّنَانِيرَ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ اخْتَارَ رَدَّ الدَّرَاهِمَ فَالْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي يَقْبِضُهَا مِنْ الْبَائِعِ فَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ مَأْمُورًا مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي بِأَنْ يَقْضِيَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَبَاعَ الْمَأْمُورُ مِنْ الْبَائِعِ خَمْسِينَ دِينَارًا بِالثَّمَنِ أَوَصَالَحَهُ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ كَفَلَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ بَاعَ مِنْ

الْبَائِعِ خَمْسِينَ دِينَارًا بِالثَّمَنِ أَوْ صَالَحَهُ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا فَالْبَيْعُ لَا يَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَأَمَّا الصُّلْحُ إنْ صَالَحَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الَّذِي لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِلْمُتَبَرِّعِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ أَيْضًا، وَإِنْ صَالَحَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ جَازَ الصُّلْحُ وَإِنْ أُطْلِقَ الصُّلْحُ إطْلَاقًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا صَحَّ الصُّلْحُ فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ اُسْتُحِقَّ فَفِيمَا إذَا أُطْلِقَ الصُّلْحُ إطْلَاقًا لَا سَبِيلَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَلَكِنَّ الْكَفِيلَ هُوَ الَّذِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ إعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ وَبَيْنَ إعْطَاءِ الدَّنَانِيرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إنْ قَضَى نَائِبُهُ غَيْرَهُ بِأَمْرِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هَذَا إذَا أَمَرَهُ بِهِ لَا عَنْ إكْرَاهٍ أَمَّا إذَا كَانَ مُكْرَهًا فِي الْأَمْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ أَمْرُهُ فِي الرُّجُوعِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْمُسْلِمِ إذَا كَانَ أَسِيرًا فِي يَدِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ إنْ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْأَسِيرِ فَيُخَلَّى سَبِيلُهُ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِأَمْرِهِ فِي الْقِيَاسِ لَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرْجِعُ سَوَاءٌ أَمَرَهُ الْأَسِيرُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيَّ، وَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ أَنْفِقْ مِنْ مَالِك عَلَى عِيَالِي، أَوْ أَنْفِقْ فِي بِنَاءِ دَارِي فَأَنْفَقَ الْمَأْمُورُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَنْفَقَ وَكَذَا الْأَسِيرُ إذَا أَمَرَ رَجُلًا لِيَدْفَعَ الْفِدَاءَ وَيَأْخُذَ مِنْهُمْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلُ تَكَارَى إبِلًا بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا مَحَامِلَ وَزَوَامِلَ وَأَخَذَ بِهَا كَفِيلًا، ثُمَّ غَابَ الْحَمَّالُ وَحَمَلَ الْكَفِيلُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُكَارِي بِأَجْرِ مِثْلِهِ يَوْمَ ضَمِنَ وَكَذَلِكَ فِي الْكَفَالَةِ بِالْخِيَاطَةِ وَإِذَا أَحَالَ الْكَفِيلُ صَاحِبَ الْحَقِّ بِدَيْنِهِ وَأَبْرَأَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ كَانَ لِلْمُحِيلِ، وَهُوَ الْكَفِيلُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَمَرَ رَجُلًا حَتَّى كَفَلَ بِهَا عَنْهُ لِلطَّالِبِ، ثُمَّ قَالَ مَنْ عَلَيْهِ الْأَصْلُ لِرَجُلٍ اُكْفُلْ بِنَفْسِ هَذَا الْكَفِيلِ فَفَعَلَ، ثُمَّ أَخَذَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ بِالنَّفْسِ لَمْ يَكُنْ لِلْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ عَلَى الَّذِي أَمَرَهُ بِذَلِكَ سَبِيلٌ وَلَوْ كَانَ أَمَرَ رَجُلًا حَتَّى كَفَلَ عَنْ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ، ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ أَخَذَ الْكَفِيلَ الثَّانِيَ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الَّذِي أَمَرَهُ بِذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ هَبْ لِفُلَانٍ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَوَهَبَ الْمَأْمُورُ كَمَا أَمَرَ كَانَتْ الْهِبَةُ عَنْ الْآمِرِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَلَا عَلَى الْقَابِضِ وَلِلْآمِرِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ، وَالدَّافِعُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَوْ قَالَ هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَفَعَلَ جَازَتْ الْهِبَةُ وَيَضْمَنُ الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ وَلِلْآمِرِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْهُ عَنِّي، أَوْ أَعْطِهِ عَنِّي حَيْثُ يَرْجِعُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ وَلَوْ أَعْطَى غَيْرَ مَا أَمَرَهُ لَمْ يَرْجِعْ كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقْرَضَهُ لَمْ يَضْمَنْ الْآمِرُ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ خَلِيطًا لَهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَلَوْ وَهَبَ رَجُلٌ مَالًا لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ

لَهُ أَمَرَ رَجُلًا لِيُعَوِّضَ الْوَاهِبَ عَنْ هِبَتِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ جَازَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ الْآمِرُ فِي الْأَمْرِ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيَّ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ وَكَذَا لَوْ قَالَ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِي بِطَعَامِك، أَوْ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي بِمَالِ نَفْسِك، أَوْ أَحْجِجْ عَنِّي رَجُلًا بِكَذَا أَوْ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا عَنْ ظِهَارِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ هَبْ لِي أَلْفًا عَلَى أَنَّ فُلَانًا ضَامِنٌ لَهَا وَفُلَانٌ حَاضِرٌ فَقَالَ نَعَمْ، ثُمَّ وَهَبَهُ الْمَأْمُورُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالْهِبَةُ مِنْ الضَّامِنِ وَيَكُونُ الْمَالُ قَرْضًا لِلدَّافِعِ عَلَى الضَّامِنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ فَأَمَرَ الْغَرِيمُ رَجُلًا أَنْ يَقْضِيَ صَاحِبَ الْمَالِ مَالَهُ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ قَضَيْت صَاحِبَ الْمَالِ مَالَهُ فَأَنَا أَرْجِعُ إلَيْك فَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ مَا قَضَيْت شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْآمِرُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَقَالَ الْكَفِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ قَضَيْت صَاحِبَ الْمَالِ مَالِهِ وَصَدَّقَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِذَلِكَ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُ الْمَالِ وَحَلَفَ وَأَخَذَ مَالَهُ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لَمْ يَرْجِعْ الْكَفِيلُ عَنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ جَحَدَ الْقَضَاءَ أَيْضًا فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَضَاهُ صَاحِبَ الْمَالِ رَجَعَ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَتُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الطَّالِبِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ غَائِبًا وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ قَالَ لِلْمَأْمُورِ إنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفًا فَبِعْهُ عَبْدَك بِهَا كَانَ هَذَا جَائِزًا فَإِنْ بَاعَهُ الْعَبْدَ بِهَا، ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ بَاعَنِي إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْ الْعَبْدَ حَتَّى هَلَكَ فِي يَدِهِ وَقَالَ الْآمِرُ، وَالْبَائِعُ لَا بَلْ قَبَضْتُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ ثَبَتَ هَلَاكُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَذَلِكَ يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ فَيَبْطُلُ بِهِ حُكْمُ الْمُقَاصَّةِ وَكَانَ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى غَرِيمِهِ، وَهُوَ الْآمِرُ وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ، وَإِنْ جَحَدَ الْآمِرُ قَبْضَ الطَّالِبِ فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ بَيِّنَةً عَلَى الْآمِرِ عَلَى قَبْضِ الطَّالِبِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَكُونُ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ قَالَ لَهُ صَالِحْ فُلَانًا مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي لَهُ عَلَيَّ عَلَى عَبْدِك هَذَا فَصَالَحَهُ فَقَالَ الطَّالِبُ: لَمْ أَقْبِضْ فَهَذَا، وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْعَبْدِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَفِي فَصْلِ الْبَيْعِ يَرْجِعُ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَهُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا وَشَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ وَشَهِدَا أَنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ أَمَرَ الْكَفِيلَ بِذَلِكَ، وَالْكَفِيلُ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ يُنْكِرَانِ الْمَالَ، وَالْأَمْرَ فَقَضَى الْقَاضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَأَخَذَ الْمَالَ وَأَدَّاهُ فَإِنَّ الْكَفِيلَ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْأَصِيلِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا كَفَالَةٌ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. أَوْدَعَهُ أَلْفًا، أَوْ عَبْدًا وَأَذِنَ الْمُودِعُ لِلْمُودَعِ أَنْ يَقْضِيَ بِأَلْفِ الْوَدِيعَةِ دَيْنَهُ، أَوْ يُصَالِحَ غَرِيمَهُ مِنْ دَيْنِهِ عَلَى الْعَبْدِ فَقَالَ فَعَلْت وَكَذَّبَهُ غَرِيمُهُ وَأَخَذَ حَقَّهُ مِنْ الْمَدْيُونِ بَعْدَمَا حَلَفَ ضَمِنَ الْمَدْيُونُ الْوَدِيعَةَ وَلَوْ أَذِنَ رَبُّ الْعَبْدِ

الفصل الخامس في التعليق والتعجيل

لِلْغَرِيمِ أَنْ يَبِيعَهُ بِدَيْنِهِ فَقَالَ بِعْت وَسَلَّمْت وَكَذَّبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُودِعَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْيُونِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمَدْيُونُ لِرَجُلٍ ادْفَعْ إلَى هَذَا الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِيَقْبِضَهَا مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي لَهُ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك فَقَالَ الْمَأْمُورُ: دَفَعْت وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ بِذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الطَّالِبُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الطَّالِبِ وَيَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ بِالْأَلْفِ وَلَوْ كَانَ الْمَدْيُونُ قَالَ لَهُ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَضَاءً مِمَّا لَهُ عَلَيَّ إنِّي ضَامِنٌ بِمَا تَدْفَعُ فَقَالَ الْمَأْمُورُ دَفَعْت وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ بِذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الطَّالِبُ وَحَلَفَ وَرَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ بِدَيْنِهِ لَمْ يَرْجِعْ الْمَأْمُورُ عَلَى الْغَرِيمِ وَلَوْ جَحَدَ الْآمِرُ، وَالطَّالِبُ الدَّفْعَ وَأَقَامَ الْمَأْمُورُ بَيِّنَةً عَلَى الدَّفْعِ، وَالْقَضَاءِ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا دَفَعَ وَيَرْجِعُ الطَّالِبُ عَلَى الْآمِرِ بِدَيْنِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بَرِئَ الْآمِرُ عَنْ دَيْنِ الطَّالِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّعْلِيقِ وَالتَّعْجِيلِ] يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشُّرُوطِ كَمَا لَوْ قَالَ مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ وَمَا ذَابَ لَك عَلَيْهِ فَعَلَيَّ وَمَا غَصَبَك فُلَانٌ فَعَلَيَّ، ثُمَّ إنْ كَانَ الشَّرْطُ مُلَائِمًا بِأَنْ كَانَ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْحَقِّ كَقَوْلِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوَّلًا مَكَانَ الِاسْتِيفَاءِ كَقَوْلِهِ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ، وَهُوَ مَكْفُولٌ عَنْهُ، أَوْ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ كَقَوْلِهِ إذَا غَابَ عَنْ الْبَلَدِ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُلَائِمًا كَقَوْلِهِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ، أَوْ إنْ جَاءَ الْمَطَرُ، أَوْ إنْ دَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ لَا يَصِحُّ، وَالْكَفَالَةُ مِمَّا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ فَلَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ إذَا بِعْت فُلَانًا شَيْئًا فَهُوَ عَلَيَّ فَبَاعَهُ شَيْئًا، ثُمَّ بَاعَهُ شَيْئًا آخَرَ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْمَالُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ بَايِعْ فُلَانًا فَمَا بَايَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ عَلَيَّ فَهَذَا جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا فَإِذَا بَاعَهُ شَيْئًا بِأَيِّ جِنْسٍ بَاعَهُ وَبِأَيِّ قَدْرٍ بَاعَهُ لَزِمَ الْكَفِيلَ ذَلِكَ فَإِنْ جَحَدَ الْكَفِيلُ وَقَالَ لَمْ تَبِعْ شَيْئًا وَقَالَ الطَّالِبُ بِعْته مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ مِنِّي وَصَدَّقَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ هَلْ يَلْزَمُ الْكَفِيلَ هَذَا الْمَالُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ قَائِمًا فِي يَدِهِ، أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَفِي هَذَا، الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْكَفِيلَ شَيْءٌ وَهَكَذَا رَوَى أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَلْزَمُهُ وَيَثْبُتُ فِي حَقِّهِ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ هَالِكًا، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ مَا لَمْ يُقِمْ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَيْعِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ الْكَفِيلُ بِعْته بِخَمْسِمِائَةٍ وَقَالَ الطَّالِبُ بِعْته بِأَلْفٍ وَأَقَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهَذَا عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ وَلَوْ قَالَ مَا بَايَعْته الْيَوْمَ فَهُوَ عَلَيَّ فَبَاعَهُ الْمَبِيعَيْنِ الْيَوْمَ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْمَالَانِ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ كُلَّمَا بِعْته وَلَوْ قَالَ إنْ بِعْته مَتَاعًا، أَوْ إذَا بِعْته مَتَاعًا فَأَنَا ضَامِنٌ لِثَمَنِهِ فَبَاعَهُ مَتَاعًا نِصْفَيْنِ كُلَّ نِصْفٍ بِخَمْسِمِائَةٍ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي وَلَوْ قَالَ مَا بِعْته مِنْ زُطِّيٍّ فَهُوَ عَلَيَّ فَبَاعَ ثِيَابًا هُودِيَّةً، أَوْ كُرَّ حِنْطَةٍ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ

لِآخَرَ بَايِعْ فُلَانًا عَلَى أَنَّ مَا أَصَابَك مِنْ خُسْرَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ إنْ هَلَكَ عَبْدُك هَذَا فَأَنَا ضَامِنٌ بِهِ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ مَنْ بَايَعَ فُلَانًا الْيَوْمَ بِبَيْعٍ فَهُوَ عَلَيَّ فَبَاعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ. رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْ خَادِمَك فُلَانًا هَذَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لِهَذَا الْأَلْفِ فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ الْكَفِيلُ إلَّا أَلْفًا وَلَوْ بَاعَهُ إيَّاهُ بِخَمْسِمِائَةٍ ضَمِنَ الْخَمْسَمِائَةِ وَلَوْ بَاعَ نِصْفَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ قَالَ مَا دَايَنْته فَهُوَ عَلَيَّ الْقَرْضُ، وَالْمُبَايَعَةُ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ الضَّمَانِ قَبْلَ الْمُبَايَعَةِ أَوْ نَهَاهُ عَنْ الْمُبَايَعَةِ مَعَهُ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ مَا أَقْرَضْته الْيَوْمَ فَهُوَ عَلَيَّ فَبَاعَهُ مَتَاعًا لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ثَمَنُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ قَالَ تَكَفَّلْت لَك بِمَا عَلَيْهِ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَلْفٍ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ الْكَفِيلُ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ مَعَ يَمِينِهِ فِي قَدْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ فَإِنْ أَقَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى كَفِيلِهِ وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ كَفَلَ فِي صِحَّتِهِ فَقَالَ: مَا أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ لِفُلَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ، ثُمَّ مَرِضَ الْكَفِيلُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَأَقَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَزِمَ الْمَرِيضَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَالِهِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِذَلِكَ بَعْدَمَا مَاتَ الْكَفِيلُ لَزِمَ الْكَفِيلَ وَيُخَاصِمُ الْمَكْفُولُ لَهُ غُرَمَاءَ الْكَفِيلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ قَالَ مَا ذَابَ لَك عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ، أَوْ مَا ثَبَتَ أَوْ مَا قُضِيَ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِمَالٍ لَزِمَ الْكَفِيلَ إلَّا فِي قَوْلِهِ مَا قُضِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي وَلَوْ قَالَ مَا لَك، أَوْ مَا أَقَرَّ لَك بِهِ أَمْسِ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ أَقْرَرْت لَهُ بِأَلْفٍ لَمْ يَلْزَمْ الْكَفِيلَ فَإِنْ قَالَ مَا أَقَرَّ فَأَقَرَّ فِي الْحَالِ يَلْزَمُهُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ قَبْلَ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مَا كَانَ أَقَرَّ لَك وَلَوْ أَبَى الْمَطْلُوبُ الْيَمِينُ فَأَلْزَمَهُ الْقَاضِي لَمْ يَلْزَمْ الْكَفِيلَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ مَا ذَابَ لَك عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ وَرَضِيَ بِهِ الطَّالِبُ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ لِلطَّالِبِ عَلَيَّ أَلْفٌ وَقَالَ الطَّالِبُ لِي عَلَيْهِ أَلْفَا دِرْهَمٍ وَقَالَ الْكَفِيلُ مَا لِلطَّالِبِ عَلَى الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ وَيَجِبُ الْأَلْفُ عَلَى الْكَفِيلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ كَفَلَ بِأَمْرِهِ بِمَا ذَابَ عَلَيْهِ فَقُضِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ الْكَفِيلِ أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ وَضَرَبَ الطَّالِبُ مَعَ غُرَمَائِهِ إنْ كَانَ الْأَصِيلُ مَيِّتًا وَمَا أَخَذَ وَارِثُ الطَّالِبِ مِنْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ يَضْرِبُ فِيهِ الطَّالِبُ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ الطَّالِبُ ضَرَبَ فِي تَرِكَةِ الْأَصِيلِ مَعَ غُرَمَائِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ فِي تَرِكَةِ الْكَفِيلِ كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِأَمْرِهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ هَذَا الْعَبْدَ رَهْنًا وَلَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ عَلَى الطَّالِبِ، ثُمَّ إنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ أَبَى أَنْ يَدْفَعَ الْعَبْدَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَتَخَيَّرُ الْكَفِيلُ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ فِي الْكَفَالَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ، وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ جَرَى بَيْنَ الْكَفِيلِ وَبَيْنَ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّالِبِ فَلَوْ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ إذَا لَمْ يَسْلَمْ لَهُ شَرْطٌ لَثَبَتَ

لَهُ هَذَا الْخِيَارُ مِنْ جِهَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ لَيْسَ لَهُ هَذَا الْخِيَارُ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الطَّالِبِ بِأَنْ قَالَ لِلطَّالِبِ اُكْفُلْ لَك بِهَذَا الْمَالِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَنِي الْمَطْلُوبُ بِهَذَا الْمَالِ عَبْدَهُ هَذَا رَهْنًا فَكَفَلَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَأَبَى الْمَطْلُوبُ أَنْ يُعْطِيَهُ الرَّهْنَ فَإِنَّ الْكَفِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ فِي الْكَفَالَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَهَا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ جَانِبِ الطَّالِبِ وَلِلطَّالِبِ هَذَا الْخِيَارُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُبْرِئَهُ فَيَفْسَخَ الْكَفَالَةَ وَلَهُ أَنْ لَا يُبْرِئَهُ فَتَبْقَى الْكَفَالَةُ فَجَازَ أَنْ يَثْبُتَ لِلْكَفِيلِ فِي الْخِيَارِ هَذَا الْخِيَارُ مِنْ جِهَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِلطَّالِبِ أَكْفُلُ لَك بِهَذَا الْمَالِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَنِي الْمَطْلُوبُ عَبْدَهُ هَذَا رَهْنًا فَإِنْ لَمْ يُعْطِنِي فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ وَكَفَلَ بِهَذَا الشَّرْطِ فَأَبَى الْمَطْلُوبُ أَنْ يُعْطِيَهُ الرَّهْنَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ. إذَا قَالَ لِلْمَطْلُوبِ أَكْفُلُ عَنْك بِهَذَا الْمَالِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَفِيلًا لَا يَتَخَيَّرُ الْكَفِيلُ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ فِي الْكَفَالَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَهَا وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الطَّالِبِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِنِي كَفِيلًا بِالْمَالِ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ فَلَمْ يُعْطِهِ كَفِيلًا فَهُوَ بَرِيءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا إيَّاهُ مِنْ وَدِيعَةِ الْمَطْلُوبِ عِنْدَهُ فَالضَّمَانُ جَائِزٌ وَيُجْبَرُ الْمُودَعُ عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ الْوَدِيعَةِ فَهَذَا اسْتِحْسَانٌ فَإِنْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْكَفِيلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ طَلَبَ مِنْ الْمُودَعِ أَنْ يَضْمَنَ الْوَدِيعَةَ حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَى فُلَانٍ قَضَاءً بِدَيْنِهِ هَذَا فَفَعَلَ كَانَ جَائِزًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى سَوَاءٌ. وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ أَنَّ هَذَا الضَّامِنَ رَدَّ دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ عَلَى صَاحِبِهَا، أَوْ أَخَذَهَا صَاحِبُهَا مِنْهُ فَالْمَالُ عَلَى الضَّامِنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا إيَّاهُ مِنْ ثَمَنِ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَلَمْ يَبِعْهَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْكَفِيلِ ضَمَانٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ لَوْ ضَمِنَهَا عَلَى أَنْ يَقْضِيَهَا مِنْ ثَمَنِ هَذِهِ الدَّارِ فَبَاعَ الدَّارَ بِعَبْدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَالُ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى بَيْعِ الْعَبْدِ فِي الضَّمَانِ فَإِنْ بَاعَ الْعَبْدَ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَرَاهِمَ جُعِلَتْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَهُ مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ اُسْتُحْسِنَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ضَمِنَ عَنْ رَجُلٍ مَالًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ لِلْكَفِيلِ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ بَطَلَ الضَّمَانُ عَنْ الْكَفِيلِ، وَإِنْ بَاعَ الْعَبْدَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَهِيَ قِيمَتُهُ، وَالدَّيْنُ أَلْفٌ لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا بِقَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ضَمِنَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ وَلَيْسَ الْعَبْدُ لَهُ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ وَلَوْ ضَمِنَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ ثَمَنِ عَبْدِهِ وَلَا عَبْدَ لَهُ فَالضَّمَانُ لَازِمٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ضَمِنَ لِرَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَهَا هَهُنَا وَنِصْفَهَا بِالرَّيِّ وَلَمْ يُوَقِّتْ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ حَيْثُ شَاءَ، وَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ شَيْئًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ يَأْخُذُهُ حَيْثُمَا شَرَطَ، وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ ضَمِنْت لَك أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ لَا يُؤَدِّيَهَا إلَيْك فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ لَا يُؤَدِّيَهَا إلَيْك فِي حَيَاتِي فَهُوَ جَائِزٌ يُؤْخَذُ الْمَالُ مِنْ مِيرَاثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لِمَا قُضِيَ عَلَيْهِ قَاضِي الْكُوفَةِ وَقَضَى عَلَيْهِ قَاضٍ غَيْرُ قَاضِيهَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ قَالَ مَا وَجَبَ لَك عَلَى فُلَانٍ بِحُكْمِ فُلَانٍ

الْحَكَمِ فَهُوَ عَلَيَّ فَوَجَبَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ كِلَا الْقَاضِيَيْنِ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَذْكُورُ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ فَقَضَى بِهِ قَاضٍ شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ، وَفِي زَمَانِنَا يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ التَّعْيِينُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا فَأَخَذَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَقَالَ لِلْكَفِيلِ إنْ لَمْ تَرُدَّهُ عَلَيَّ غَدًا فَعَلَيْك مِنْ قِيمَةِ الثَّوْبِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَالَ الْكَفِيلُ لَا بَلْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَسَكَتَ الْمَكْفُولُ لَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلُنَا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَكَفَلَ بِنَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ الْمِائَةُ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ صَحَّتْ الْكَفَالَتَانِ، ثُمَّ إذَا لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا يَصِيرُ كَفِيلًا بِالْمِائَةِ وَتَبْقَى الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ عَلَى حَالِهَا فَإِنْ أَدَّى الْكَفِيلُ الْمِائَةَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الطَّالِبِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَجَاءَ آخَرُ وَكَفَلَ بِنَفْسِ الْكَفِيلِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِنَفْسِ الْكَفِيلِ فِي وَقْتِ كَذَا فَالْمَالُ الَّذِي لِلطَّالِبِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ صَحَّتْ الْكَفَالَتَانِ بِلَا خِلَافٍ. إذَا كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَالْأَلْفُ الَّتِي لِلطَّالِبِ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ عَلَيَّ، وَالطَّالِبُ يَدَّعِي عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ مِائَةَ دِينَارٍ وَلَا يُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّرَاهِمُ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا لَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّ الْمَكْفُولَ بِنَفْسِهِ إنْ غَابَ عَنْهُ الْكَفِيلُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ فَغَابَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ إلَى الْكُوفَةِ، ثُمَّ رَجَعَ وَدَفَعَهُ الْكَفِيلُ إلَى الطَّالِبِ فَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مَا ادَّعَى الطَّالِبُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا وَادَّعَى الطَّالِبُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَصَدَّقَهُ الْمَطْلُوبُ وَجَحَدَهَا الْكَفِيلُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْكَفِيلِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى الْعِلْمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَقَامَ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ نَكَلَ الْكَفِيلُ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْأَلْفُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ الْغَدَ وَأَقَرَّ الْمَطْلُوبُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ الْكَفِيلُ ضَامِنًا لِمَا أَقَرَّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ الْكَفَالَةُ أُضِيفَتْ إلَى مَا هُوَ سَبَبُ الْوُجُودِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهِيَ جَائِزَةٌ لِلتَّعَامُلِ أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الدَّعْوَى فَالْكَفَالَةُ أُضِيفَتْ إلَى مَا هُوَ سَبَبُ الْوُجُوبِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى إنْ كَانَتْ سَبَبَ الْوُجُوبِ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي لَيْسَتْ بِسَبَبِ الْوُجُوبِ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا تَعَامُلَ فِي إضَافَةِ الْكَفَالَةِ إلَى مَا هُوَ سَبَبُ الْوُجُوبِ مِنْ وَجْهٍ فَيُرَدُّ إلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ وَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ هَذِهِ الْكَفَالَةِ لَوْ جَعَلْنَاهَا مُضَافَةً إلَى مُجَرَّدِ الدَّعْوَى فَجَعَلْنَاهَا مُضَافَةً إلَى دَعْوَى يُثْبِتُهَا الطَّالِبُ بِالْحُجَّةِ حَتَّى تَصِيرَ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى لَا تَغْلُو هَذِهِ الْإِضَافَةُ أَصْلًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ

رَجُلٍ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ فَلَقِيَ الطَّالِبُ الرَّجُلَ فَخَاصَمَهُ الطَّالِبُ وَلَازَمَهُ فَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ، وَإِنْ لَازَمَهُ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْكَفِيلِ الْمُوَافَاةُ بِهِ وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِلطَّالِبِ قَدْ دَفَعْت نَفْسِي إلَيْك مِنْ كَفَالَةِ فُلَانٍ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ بِأَمْرِهِ، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مَا لَك عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ وَلَمْ يُسَمِّ مِقْدَارَ الْمَالِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ أَيْضًا فَإِذَا لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا إنْ تَوَافَقُوا عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الْمَالِ، أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ لَزِمَ الْكَفِيلَ ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا عَلَى الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ مِنْ الْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ. إذَا شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ فَعَلَيَّ الْمِائَةُ الَّتِي عَلَيْهِ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا يُنْظَرُ إنْ أَقَرَّ الْكَفِيلُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَدْ كَفَلَ عَنْهُ بِذَلِكَ يَصِيرُ كَفِيلًا وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَإِنْ قَالَ الْكَفِيلُ لَمْ يَكُنْ لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَكَانَ هَذَا مِنِّي إقْرَارٌ لِلطَّالِبِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الطَّالِبُ: كَانَ لِي عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَقَدْ كَفَلْت لِي عَنْهُ بِذَلِكَ مُعَلِّقًا بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْكَفِيلَ شَيْءٌ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْكَفِيلِ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْمَالُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخِرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ مَتَى دَعَاهُ بِهِ فَعَلَيَّ الْأَلْفُ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ دَعَاهُ بِهِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ مَكَانَهُ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعْنَى قَوْلِهِ دَفَعَهُ إلَيْهِ مَكَانَهُ سَلَّمَهُ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي دَعَاهُ بِهِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَمَا دَعَاهُ بِهِ اشْتَغَلَ بِإِحْضَارِهِ وَبِمَا هُوَ أَسْبَابُ تَسْلِيمِهِ حَتَّى دَفَعَ إلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ إنْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَالَك فَهُوَ عَلَيَّ فَتَقَاضَاهُ الطَّالِبُ فَلَمْ يُعْطِهِ الْمَطْلُوبَ سَاعَةَ تَقَاضَاهُ لَزِمَ الْكَفِيلَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ سِوَى الْمِائَةِ الَّتِي لَك عَلَيْهِ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنَّمَا تَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِهِمَا وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهَا عَلَى قَوْلِهِمَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَصِيرُ كَفِيلًا عَنْ غَرِيمٍ آخَرَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ أَصْلًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِيرُ كَفِيلًا عَنْ غَرِيمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَالْمِائَةُ الدَّرَاهِمُ الَّتِي لَك عَلَى فُلَانٍ آخَرَ عَلَيَّ فَالْكَفَالَةُ ثَابِتَةٌ جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ شَرِيكَ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ فِي الدَّيْنِ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ وَجَبَ عَلَيْهِمَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ فَالْكَفَالَةُ ثَابِتَةٌ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَوْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا لَزِمَهُ الْمَالُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَالْمَالُ الَّذِي لَك عَلَيْهِ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٌ حَاضِرٌ وَقَبِلَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا قَالَ إذَا لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ الْمِائَةُ الدِّرْهَمِ الَّتِي لَك عَلَيْهِ

وَالطَّالِبُ يَدَّعِي عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ لَا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَالْمَالُ الَّذِي لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ آخَرَ عَلَيَّ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَالْمَالُ الَّذِي لِفُلَانٍ آخَرَ عَلَى هَذَا الْمَكْفُولِ عَنْهُ عَلَيَّ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ غَدًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ وَسَمَّى رَجُلًا آخَرَ لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ حَقٌّ فَالْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ جَائِزَةٌ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا يَصِيرُ كَفِيلًا بِنَفْسِ الثَّانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ فِي وَقْتِ كَذَا فَعَلَيْهِ الْمَالُ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَتَغَيَّبَ الطَّالِبُ عِنْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ فَطَلَبَهُ الْكَفِيلُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الطَّالِبِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَالْمَالُ لَازِمٌ عَلَى الْكَفِيلِ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ عَلَى الْكَفِيلِ مَكَانًا فَجَاءَ الْكَفِيلُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فَطَلَبَ الطَّالِبُ لِيَدْفَعَهُ إلَيْهِ فَتَغَيَّبَ الطَّالِبُ كَانَ الْمَالُ لَازِمًا عَلَى الْكَفِيلِ وَعَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمَشَايِخِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا تَغَيَّبَ الطَّالِبُ يَرْفَعُ الْكَفِيلُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُنَصِّبَ الْقَاضِي وَكِيلًا لِلْغَائِبِ وَيُسَلِّمَ الْكَفِيلَ إلَى الْوَكِيلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ لَزِمَ رَجُلًا وَادَّعَى عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ، أَوْ لَمْ يَدَّعِ الْمِائَةَ دِينَارٍ بَلْ ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا مُطْلَقًا، أَوْ مَالًا مُطْلَقًا أَوْ دَنَانِيرَ مُطْلَقَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَهَا فَقَالَ رَجُلٌ: دَعْهُ وَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ وَرَضِيَ بِهِ الطَّالِبُ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ فِي الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ادَّعَى صَاحِبُ الْحَقِّ الْمِائَةَ دِينَارٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَالْمَالُ الَّذِي عَلَيْهِ لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ فَمَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْغَدِ، ثُمَّ مَضَى الْغَدُ يَصِيرُ كَفِيلًا بِالْمَالِ، فَإِنْ مَاتَ الْكَفِيلُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ فَإِنْ وَافَى وَرَثَةُ الْكَفِيلِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الطَّالِبِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ الْمَالُ وَكَذَا إذَا دَفَعَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ نَفْسَهُ إلَى الطَّالِبِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ الْمَالُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يُوَافُوا بِهِ حَتَّى مَضَى الْغَدُ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْمَالُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ لِرَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى طَالَبَهُ بِتَسْلِيمِهِ سَلَّمَهُ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ فَعَلَيْهِ مَا لَهُ عَلَيْهِ فَمَاتَ الْمَكْفُولُ بِالنَّفْسِ فَطَالَبَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ لَهُ بِالتَّسْلِيمِ حَتَّى عَجَزَ عَنْ التَّسْلِيمِ هَلْ يَلْزَمُهُ الْمَالُ قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ، وَالِدِي يَقُولُ لَا رِوَايَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالتَّسْلِيمِ بَعْدَ الْمَوْتِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فَلَمْ تُتَنَجَّزْ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ إنْ قَتَلَك فُلَانٌ فَأَنَا ضَامِنٌ لِدِيَتِك وَقَالَ الْمَضْمُونُ لَهُ قَدْ رَضِيت فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ شَجَّك أَوْ قَطَعَ يَدَك، أَوْ قَتَلَ عَبْدَك، أَوْ غَصَبَك فَأَنَا ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ وَرَضِيَ الْمَضْمُونُ لَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ مَنْ قَتَلَك مِنْ النَّاسِ، أَوْ مَنْ غَصَبَك فَأَنَا ضَامِنٌ لِدِيَتِك فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَهُوَ وَكِيلٌ بِخُصُومَتِهِ ضَامِنٌ لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ وَرَضِيَ بِهِ الْمَطْلُوبُ فَذَلِكَ جَائِزٌ كُلُّهُ فَإِنْ وَافَى بِهِ فِي الْغَدِ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ فِي الْغَدِ صَارَ كَفِيلًا بِالْمَالِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ، فَإِنْ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَهَلْ يَبْرَأُ عَنْ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَعَنْ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ بَرَاءَتَهُ عَنْهُمَا مَتَى وَافَى بِهِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ، وَإِذَا شَرَطَ بَرَاءَتَهُ عَنْهُمَا يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَفُلَانٌ رَجُلٌ آخَرُ وَكِيلٌ فِي خُصُومَتِهِ فَمَا قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ فَفُلَانٌ رَجُلٌ آخَرُ ضَامِنٌ لَهُ وَرَضُوا بِهِ فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ اتَّحَدَ الطَّالِبُ، وَالْمَطْلُوبُ فِي الْكَفَالَتَيْنِ إنَّمَا اخْتَلَفَ الْكَفِيلُ وَذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ. وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَهُوَ وَكِيلٌ فِي خُصُومَتِهِ وَرَضِيَ الطَّالِبُ بِذَلِكَ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ فِي الْغَدِ، وَهُوَ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ فَإِنْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ فَإِنْ قَضَى الْكَفِيلُ الطَّالِبَ حَقَّهُ فَلِلطَّالِبِ أَنْ لَا يَقْبَلَ ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِي الْأَدَاءِ وَمَتَى قَبِلَ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِذَلِكَ وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ وَوَكِيلٌ فِي الْخُصُومَةِ وَرَضِيَ الطَّالِبُ بِذَلِكَ فَأَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ أَيْضًا وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَجَعَلَ الْمَكْفُولَ بِهِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ ضَامِنًا لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ وَرَضِيَ الْكَفِيلُ بِذَلِكَ، ثُمَّ مَاتَ الْكَفِيلُ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَ الطَّالِبِ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الْكَفِيلِ فَإِنْ وَجَدَ الطَّالِبُ الْمَكْفُولَ بِهِ وَخَاصَمَهُ إلَى الْقَاضِي فَمَا قُضِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَانَ فِي مَالِ الْكَفِيلِ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ خُصُومَةِ الطَّالِبِ مَعَ الْمَطْلُوبِ فِي إثْبَاتِ الطَّالِبِ حَقَّهُ بِالْحُجَّةِ وَقَضَاءِ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَيَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَطْلُوبَ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ تَرِكَةَ الْكَفِيلِ فَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ الْمَطْلُوبِ فَأَدَّى الْمَطْلُوبُ الْمَالَ فَالْمَطْلُوبُ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَى أَحَدٍ. وَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ تَرِكَةِ الْكَفِيلِ وَأَدَّوْا رَجَعُوا بِمَا أَدَّوْا عَلَى الطَّالِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ إنْ عَجَزَ غَرِيمُك عَنْ الْأَدَاءِ فَهُوَ عَلَيَّ فَالْعَجْزُ يَظْهَرُ بِالْحَبْسِ إنْ حَبَسَهُ وَلَمْ يُؤَدِّ لَزِمَ الْكَفِيلَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا قَالَ الْمَطْلُوبُ لِلطَّالِبِ إنْ لَمْ أُوَافِك بِنَفْسِي غَدًا فَعَلَيَّ الْمَالُ الَّذِي تَدَّعِي فَلَمْ يُوَافِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنْ أُخِذَ مَالُك فَأَنَا ضَامِنٌ فَسَلَكَهُ فَأُخِذَ مَالُهُ كَانَ الضَّمَانُ صَحِيحًا، وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ مَجْهُولٌ وَمَعَ هَذَا جُوِّزَ الضَّمَانُ وَلَوْ قَالَ لَهُ: إنْ أَكَلَ ابْنَك سَبُعٌ أَوْ أَتْلَفَ مَالَك سَبُعٌ فَأَنَا ضَامِنٌ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْفُصُولِ الأُسْتُروشَنِيَّة. رَجُلٌ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِدَيْنٍ عَلَى أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَكْفُلَانِ عَنْهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ هَذَا الْمَالِ فَأَبَى الْآخَرَانِ أَنْ يَكْفُلَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ الْكَفَالَةُ الْأُولَى لَازِمَةٌ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي تَرْكِهِ الْكَفَالَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْمَطْلُوبِ

أَحِلْنِي عَلَى فُلَانٍ بِمَا لِي عَلَيْك عَلَى أَنَّك كَذَلِكَ ضَامِنٌ فَفَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهمَا شَاءَ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ وَلَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ الضَّمَانِ عَلَى الْأَصِيلِ تَنْقَلِبُ كَفَالَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ ضَمِنْتُ لَك مَا لَك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُحِيلَك بِهِ عَلَى فُلَانٍ فَرَضِيَ الطَّالِبُ فَإِنْ أَحَالَهُ الضَّامِنُ عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ أَبَى فُلَانٌ أَنْ يَقْبَلَ الْحَوَالَةَ فَالضَّامِنُ ضَامِنٌ عَلَى حَالِهِ إنْ شَاءَ الطَّالِبُ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ آخَذَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَلَوْ قَالَ ضَمِنْت لَك مَا لَك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُحِيلَك بِهِ عَلَى فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ فَهَذَا عَلَى أَنْ يُحِيلَهُ بِهِ فُلَانٌ مَتَى شَاءَ وَيَكُونُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ إلَى شَهْرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَجُوزُ تَأْجِيلُهَا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَالْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ فِيهَا مُحْتَمَلَةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَجَمِيعُ الْآجَالِ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ وَهَلْ يَثْبُتُ الْأَجَلُ إنْ كَانَ مِنْ الْآجَالِ الْمُتَعَارَفَةِ يَثْبُتُ سَوَاءٌ كَانَ أَجَلًا يُتَوَهَّمُ حُلُولُهُ لِلْحَالِّ أَوْ لَا يُتَوَهَّمُ كَمَا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى أَنْ يَقْدَمَ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ سَفَرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْآجَالِ الْمُتَعَارَفَةِ إنْ لَمْ يُتَوَهَّمْ حُلُولُهُ لِلْحَالِّ أَصْلًا كَمَا لَوْ كَفَلَ إلَى الْقِطَافِ، أَوْ إلَى النَّيْرُوزِ، أَوْ إلَى الْحَصَادِ، أَوْ إلَى الدِّيَاسِ جَازَ وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ، وَإِنْ كَانَ يُتَوَهَّمُ حُلُولُهُ لِلْحَالِّ لَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ كَمَا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى أَنْ تَهُبَّ الرِّيحُ، أَوْ إلَى أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى شَهْرٍ، أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِذَا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ فَإِنَّمَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ وَلَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الْحَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَفِي الصُّغْرَى وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ. لَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ إلَى شَهْرٍ تَنْتَهِي الْكَفَالَةُ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ شَهْرًا، أَوْ قَالَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا وَمَا لَوْ قَالَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سَوَاءٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّ الْكَفِيلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُطَالَبُ فِي الْمُدَّةِ وَيَبْرَأُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَبْدُ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَالْمُحِيطِ. رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ كَفَلْت لَك بِمَا لَك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنَّك مَتَى طَلَبْته فَلِي أَجَلُ شَهْرٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَمَتَى طُلِبَ مِنْهُ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَتَى شَاءَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ شَرَطَ هَذَا الشَّرْطَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ فَهُوَ بَاطِلٌ فَلَا يُطَالِبُهُ مَتَى شَاءَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْمُنْتَقَى كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا طَالَبَهُ مِنْهُ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ فَمَتَى طُلِبَ مِنْهُ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ مِنْ يَوْمِ طَلَبِهِ، وَإِذَا مَضَى شَهْرٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مَتَى شَاءَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ لَهُ بِالطَّلَبِ الثَّانِي أَجَلُ شَهْرٍ آخَرَ، وَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ إنْ قَالَ حِينَ دَفَعَهُ إلَيْهِ بَرِئْتُ إلَيْك مِنْهُ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ وَلَوْ دَفَعَهُ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ مِنْهُ ثَانِيًا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بَرَاءَةً لَهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ فَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ مَرَّةً وَلَمْ يَبْرَأْ فَطَالَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلْكَفِيلِ

أَجَلُ شَهْرٍ آخَرَ أَيْضًا مِنْ يَوْمِ طَلَبِهِ مِنْهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى آخَرَ فَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا ثَبَتَ عَلَى الْكَفِيلِ مُؤَجَّلًا وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ حَالًّا وَكَفَلَ بِهِ رَجُلٌ مُؤَجَّلًا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَتَأَخَّرَ عَنْهُمَا جَمِيعًا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الطَّالِبُ وَقْتَ الْكَفَالَةِ الْأَجَلَ لِأَجْلِ الْكَفِيلِ خَاصَّةً فَلَا يَتَأَخَّرُ الدَّيْنُ حِينَئِذٍ عَنْ الْأَصِيلِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا تَكَفَّلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ فَمَاتَ الْكَفِيلُ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ حَالًّا وَلَا تَرْجِعُ وَرَثَتُهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ إلَّا بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَإِنْ مَاتَ الْأَصِيلُ حَلَّ الدَّيْنُ فِي حَقِّهِ وَيَبْقَى مُؤَجَّلًا فِي حَقِّ الْكَفِيلِ حَتَّى لَوْ اخْتَارَ الْمَكْفُولُ لَهُ مُتَابَعَةَ الْكَفِيلِ دُونَ وَرَثَةِ الْأَصِيلِ يُنْتَظَرُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَّةٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَكَفَلَ بِهَا رَجُلٌ إلَى سَنَةٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَضَافَ الْكَفِيلُ الْأَجَلَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ أَجِّلْنِي يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَحْدَهُ وَإِنْ لَمْ يُضِفْ الْأَجَلَ إلَى نَفْسِهِ بَلْ ذُكِرَ مُطْلَقًا وَرَضِيَ بِهِ الطَّالِبُ يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ، وَالْأَصِيلِ جَمِيعًا. وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلَةٌ فَكَفَلَ بِهَا كَفِيلٌ إلَى أَجَلٍ مِثْلِ ذَلِكَ الْأَجَلِ، أَوْ دُونَهُ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي سَمَّى. وَلَوْ كَانَ الْمَالُ حَالًّا عَلَى الْأَصِيلِ فَأَخَّرَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ إلَى أَجَلٍ صَحَّ التَّأْخِيرُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الطَّالِبِ، وَإِنْ أَخَّرَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ إلَى أَجَلٍ صَحَّ التَّأْخِيرُ فِي حَقِّ الْمَطْلُوبِ وَالْكَفِيلِ جَمِيعًا، وَإِذَا أَخَّرَ الْكَفِيلَ إلَى أَجَلٍ صَحَّ التَّأْخِيرُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ خَاصَّةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ رَدَّ الْكَفِيلُ التَّأْخِيرَ ارْتَدَّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فَإِنْ أَدَّى الْكَفِيلُ فِيمَا إذَا أَخَّرَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ خَاصَّةً قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ مَا لَمْ يَمْضِ الْأَجَلُ كَذَا ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِذَا كَانَ الْمَالُ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، أَوْ غَصْبٍ وَبِهِ كَفِيلٌ فَأَخَّرَ الطَّالِبُ عَنْ الْأَصِيلِ إلَى سَنَةٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ فَالْمَالُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْكَفِيلِ حَالٌّ كَمَا كَانَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا كَفَلَ بِالْمَالِ رَجُلٌ فَكَفَلَ عَنْ الْكَفِيلِ رَجُلٌ آخَرُ، ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ أَخَّرَ الْمَالَ عَنْ الْأَصِيلِ كَانَ ذَلِكَ تَأْخِيرًا عَنْ الْكَفِيلَيْنِ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ عَنْ الْكَفِيلِ الْآخَرِ، وَالْمَالُ عَلَى الْأَصِيلِ حَالٌّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ، ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ بَاعَ الطَّالِبَ بِهَا عَبْدًا قَبْلَ الْأَجَلِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ فَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى أَجَلِهِ وَكَذَا لَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِعَيْبٍ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، أَوْ تَقَايَلَا الْبَيْعَ لَا يَعُودُ الْأَجَلُ، وَلَوْ لَمْ يَبِعْهُ الْكَفِيلُ عَبْدًا وَلَكِنْ قَضَاهَا وَعَجَّلَهَا فَوَجَدَهَا سَتُّوقَةً فَرَدَّهَا كَانَ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى أَجَلِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً وَرَدَّهَا بِقَضَاءٍ، أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَإِنْ كَانَ حِينَ أَعْطَاهُ الْمَالَ أَعْلَمَهُ أَنَّهَا زُيُوفٌ وَقَبَضَ مَعَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا كَفَلَ الرَّجُلُ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ وَبَاعَ الْأَصِيلُ مِنْ الطَّالِبِ عَبْدًا بِذَلِكَ الْمَالِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ حَتَّى بَرِئَ الْكَفِيلُ عَنْ

الباب الثالث في الدعوى والخصومة

الْكَفَالَةِ حُكْمًا بِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ الطَّالِبِ أَوْ رَدَّهُ الطَّالِبُ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَادَ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَوْ رَدَّهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَا يَعُودُ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَفَلَ بِالْقَرْضِ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ، وَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي سَمَّاهُ وَعَلَى الْأَصِيلِ حَالٌّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا أَخَّرَ الْكَفِيلَ، وَالْأَصِيلَ شَهْرًا، ثُمَّ أَخَّرَهُ سَنَةً دَخَلَ الشَّهْرُ فِي السَّنَةِ فَالْآجَالُ إذَا اجْتَمَعَتْ انْقَضَتْ بِمُدَّةٍ وَاحِدَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي إقْرَارِ الْأَصْلِ فِي بَابِ الْخِيَارِ فِي الْكَفَالَةِ، وَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْكَفَالَةِ صَحِيحٌ. صُورَةُ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ كَفَلَ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ صَدَّقَهُ الطَّالِبُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ، وَإِنْ جَحَدَ الطَّالِبُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ] رَجُلٌ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ، ثُمَّ ادَّعَى الْكَفِيلُ أَنَّ الْأَلْفَ الَّتِي كَفَلَ بِهَا قِمَارٌ، أَوْ ثَمَنُ خَمْرٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكُونُ وَاجِبًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَكْفُولِ لَهُ بِذَلِكَ، وَالْمَكْفُولُ لَهُ يَجْحَدُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَقَامَ الْكَفِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الطَّالِبِ بِذَلِكَ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ أَدَّى الْمَالَ إلَى الطَّالِبِ وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَالطَّالِبُ غَائِبٌ فَقَالَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ كَانَ الْمَالُ قِمَارًا، أَوْ ثَمَنَ مَيْتَةٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكَفِيلِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُؤْمَرُ بِأَدَاءِ الْمَالِ إلَى الْكَفِيلِ وَيُقَالُ لَهُ اُطْلُبْ خَصْمَك وَخَاصِمْهُ فَإِنْ حَضَرَ الطَّالِبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ الْكَفِيلِ فَأَقَرَّ الطَّالِبُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الْمَالَ كَانَ ثَمَنَ خَمْرٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بَرِئَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ جَمِيعًا فَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبْرَأَ الْكَفِيلَ، ثُمَّ حَضَرَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَأَقَرَّ أَنَّ الْمَالَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَصَدَّقَهُ الطَّالِبُ لَزِمَهُ الْمَالُ وَلَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْكَفِيلِ، وَالْحَوَالَةُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى رَجُلٍ أَلْفٌ غَيْرُ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ لِلثَّالِثِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ الْمَطْلُوبِ تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ كَفَالَةً بِنَفْسٍ، أَوْ مَالٍ وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا وَاخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ، أَوْ الْمَكَانِ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ، وَإِنْ أَتَّفَقَا فِي الزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ وَاخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ وَكَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: كَفَلَ بِهِ إلَى شَهْرٍ وَقَالَ الْآخَرُ: إلَى شَهْرَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي أَقْرَبَ الْأَجَلَيْنِ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي أَبْعَدَ الْأَجَلَيْنِ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ بِهَذَا

عَنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ غَيْرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ إلَى سَنَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ هِيَ حَالَّةٌ، وَالطَّالِبُ يَدَّعِي أَنَّهَا حَالَّةٌ وَجَحَدَ الْكَفِيلُ الْكَفَالَةَ، أَوْ أَقَرَّ بِهَا وَادَّعَى الْأَجَلَ فَالْمَالُ عَلَيْهِ حَالٌّ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَجَلِ شَهْرٍ، وَالْآخَرُ بِأَجَلِ شَهْرَيْنِ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى التَّفْصِيلِ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي أَقْرَبَ الْأَجَلَيْنِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي أَبْعَدَ الْأَجَلَيْنِ لَا تُقْبَلُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ مَقْبُولَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى الْكَفَالَةِ مُعَايَنَةً وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْكَفِيلِ بِالْكَفَالَةِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْكَفَالَةِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَاخْتَلَفَا فِي اللَّفْظِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا كَفَلَ بِهَا وَقَالَ الْآخَرُ ضَمِنَهَا أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا إنَّهُ قَالَ هِيَ إلَيَّ وَقَالَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ هِيَ عَلَيَّ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا مُعَيَّنًا بِسَبَبِ كَفَالَتِهِ لَهُ عَنْ رَجُلٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ نَسَبَ الْمَكْفُولِ عَنْهُ هَلْ تَصِحُّ دَعْوَاهُ حَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَهَكَذَا كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَابِ الشَّهَادَةِ فِي الْكَفَالَةِ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَفَلَ لِهَذَا الرَّجُلِ بِنَفْسِ رَجُلٍ لَا نَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَلَكِنَّا نَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَيُؤَاخَذُ بِهِ الْكَفِيلُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَا نَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ أَيْضًا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ وَيُقَالُ لِلْكَفِيلِ بَيِّنْ فَإِنْ أَحْضَرَ الْكَفِيلُ رَجُلًا وَقَالَ الْمَكْفُولُ بِهِ هَذَا وَصَدَّقَهُ الطَّالِبُ فِي ذَلِكَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ يَمِينٌ، وَإِنْ كَذَّبَهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي دَعْوَى الْكَفَالَةِ لَا يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَذِكْرُ نَسَبِهِ وَقَدْ قِيلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تَصْلُحُ دَلِيلًا؛ لِأَنَّ وَضْعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْكَفَالَةَ وَقَعَتْ عَنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ إلَّا أَنَّ الشُّهُودَ لَا يَعْرِفُونَهُ وَلَا يَذْكُرُونَ نَسَبَهُ فَتَكُونُ هَذِهِ الْكَفَالَةُ وَاقِعَةً عَنْ شَخْصٍ مَعْلُومٍ فِي نَفْسِهِ وَمَوْضُوعُ مَا حُكِيَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَالَ إنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ فَتَكُونُ الْكَفَالَةُ عَنْ شَخْصٍ مَجْهُولٍ فِي نَفْسِهِ فَلَا تَصِحُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ غَيْرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ زَيْدٌ وَقَالَ الْآخَرُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ عَمْرٌو لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ ادَّعَى الطَّالِبُ كَفَالَةَ أَحَدِهِمَا أَوْ كَفَالَتَهُمَا، وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ قَبْلَ رَجُلٍ كَفَالَةً بِنَفْسِ رَجُلَيْنِ وَأَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ فَشَهِدَا عَلَى كَفَالَةِ أَحَدِهِمَا وَاخْتَلَفَا فِي الْآخَرِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى كَفَالَتِهِ وَشَكَّ الْآخَرُ فِيهِ فَقَالَ لَا نَدْرِي أَهُوَ أَمْ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْكَفِيلَ يُؤْخَذُ بِكَفَالَةِ الَّذِي أَجْمَعَا عَلَى كَفَالَتِهِ وَلَا يُقْضَى بِكَفَالَةِ الْآخَرِ. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ لِأَبِيهِمَا وَلِفُلَانٍ بِنَفْسِ فُلَانٍ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بَاطِلَةً؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَقَدْ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ أَبِيهِمَا فَبَطَلَتْ فِي حَقِّ الْآخَرِ أَيْضًا. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ

كَفَلَ لِفُلَانٍ بِنَفْسِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ فَإِنْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ بِالْإِيفَاءِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَهُوَ بَرِيءٌ عَنْ الْكَفَالَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمَالِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَاتَّفَقَا عَلَى الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِيهَا، وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ اخْتَلَفَا وَاخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ ادَّعَى الطَّالِبُ أَقَلَّ الْمَالَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَهُمَا فَإِنْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ بِالْمَالِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِدَرَاهِمَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِدَنَانِيرَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ادَّعَى الطَّالِبُ أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ أَوْ جَمِيعًا، وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْمَالِ أَنَّهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ ثَمَنُ مَبِيعٍ وَادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ ثَمَنُ مَبِيعٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي لَهُ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يُوَفَّقَ وَيَقُولَ كَانَ لِي عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ إلَّا أَنَّهُ أَقَرَّ بَيْنَ يَدَيْ شَاهِدٍ آخَرَ أَنَّهُ مِنْ قَرْضِ هَذَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ، وَإِنْ ادَّعَى الصِّنْفَيْنِ جَمِيعًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَقُضِيَ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدَانِ كَفِيلَيْنِ بِالْمَالِ عَنْ صَاحِبِ الْأَقَلِّ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. هِشَامٌ قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ فَأَنْكَرَهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْكَفِيلِ أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِهِ وَأَلْزَمَهُ الْكَفَالَةَ، ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِهِ بِأَمْرِهِ قَالَ لَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ ضَمِنَ عَنْ رَجُلٍ بِمَا قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ غَابَ الْمَكْفُولُ بِهِ فَأَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً عَلَى الْكَفِيلِ أَنَّ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ لَا عَلَى الْكَفِيلِ وَلَا عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى كَفَالَةً غَيْرَ لَازِمَةٍ؛ لِأَنَّ لُزُومَهَا مُعَلَّقٌ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بَعْدُ حَتَّى لَوْ قَالَ الطَّالِبُ إنِّي قَدَّمْتُ الْمَطْلُوبَ إلَى فُلَانٍ الْقَاضِي وَأَقَمْت عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بَعْدَ الْكَفَالَةِ وَقَضَى لِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْكَفِيلُ فَأَقَامَ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ بَرْهَنَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ هَذَا كَفَلَ لِي عَنْهُ بِأَمْرِهِ يَقْضِي الْقَاضِي بِالْمَالِ عَلَى الْكَفِيلِ وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ وَثَبَتَ أَمْرُهُ فَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ ادَّعَى الْكَفَالَةَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ قَضَى الْقَاضِي بِالْمَالِ عَلَى الْكَفِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ، وَلَوْ قَالَ كَفَلْتَ لِي عَنْ فُلَانٍ بِكُلِّ مَا لِي عَلَيْهِ وَأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَبَرْهَنَ عَلَى الْمَالِ وَالْكَفَالَةِ قَضَى عَلَيْهِ وَعَلَى الْغَائِبِ ادَّعَى الْأَمْرَ أَمْ لَا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ بِأَمْرٍ يَرْجِعُ، وَإِلَّا لَا كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْكَفَالَةِ وَقَالَا لَا نَعْرِفُ الْكَفِيلَ وَالْمَكْفُولَ عَنْهُ وَلَكِنْ أَشْهَدْنَا فُلَانٌ عَلَى شَهَادَتِهِمَا أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ كَفَلَ لِهَذَا الرَّجُلِ بِنَفْسِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْكَفَالَةُ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ يُؤَاخَذُ بِهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ يَحْتَاجُ الْمُدَّعِي إلَى شُهُودٍ يَشْهَدُونَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

الباب الرابع في كفالة الرجلين

فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ] رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ ثَمَنُ مَتَاعٍ أَوْ قَرْضٌ وَكَفَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ فَمَا أَدَّى أَحَدُهُمَا فَهُوَ عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ حَتَّى يَزِيدَ مَا يُؤَدِّيهِ عَلَى النِّصْفِ فَإِنْ زَادَ الْمُؤَدَّى عَلَى النِّصْفِ رَجَعَ بِالزِّيَادَةِ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ قَالَ هَذَا مِمَّا كَفَلْت عَنْ صَاحِبِي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْمُؤَدَّى حِصَّتَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ أَلْفٌ فَتَكَفَّلَ رَجُلٌ عَنْهُ بِالْأَلْفِ كُلِّهِ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَتَكَفَّلَ عَنْهُ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ أَيْضًا، ثُمَّ تَكَفَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَفِيلَيْنِ عَنْ الْآخَرِ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ فَمَا أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا وَقَعَ شَائِعًا عَنْهُمَا فَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِهِ كَذَا فِي شَرْحِ النَّافِعِ ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْأَصِيلِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِالْجَمِيعِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَإِذَا أَبْرَأَ رَبُّ الْمَالِ أَحَدَهُمَا أَخَذَ الْآخَرَ بِالْجَمِيعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا وَجَبَ عَلَى رَجُلَيْنِ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِالشِّرَاءِ فَكَفَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ وَلَمْ يَكْفُلْ الْآخَرُ عَنْهُ فَأَدَّى الْكَفِيلُ شَيْئًا وَقَالَ هَذَا مِمَّا كَفَلْت بِهِ عَنْ صَاحِبِي قُبِلَ قَوْلُهُ. رَجُلَانِ اشْتَرَيَا مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ، ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ أَخَّرَ مَا عَلَى أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ خَاصَّةً، ثُمَّ إنَّ هَذَا الَّذِي أَخَّرَ عَنْهُ أَدَّى نِصْفَ الْمَالِ وَقَالَ هَذَا مِمَّا كَفَلْت بِهِ عَنْ صَاحِبِي قُبِلَ قَوْلُهُ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ قَرْضٍ أَقْرَضَهُ، أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاعَهُ وَكَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِنِصْفِ الْمَالِ وَكَفَلَ رَجُلٌ آخَرُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ كَفَالَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ، أَوْ كَفَالَةً وَاحِدَةً فَأَدَّى الْأَصِيلُ خَمْسَمِائَةٍ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا كَانَ الْمُؤَدَّى عَنْهُمَا، وَلَوْ قَالَ هَذَا مِمَّا كَفَلَ فُلَانٌ فَهُوَ عَلَى مَا قَالَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْأَلْفُ مُتَفَرِّقًا عَلَى الْأَصِيلِ بِأَنْ كَانَ مِنْ قَرْضَيْنِ، أَوْ بَيْعَيْنِ أَوْ كَانَا مَالَيْنِ وَجَبَا بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضِ الْآخَرِ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَكَفَلَ أَحَدُ الْكَفِيلَيْنِ بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ وَكَفَلَ الْكَفِيلُ الْآخَرُ بِالْمَالِ الْآخَرِ فَأَدَّى الْأَصِيلُ خَمْسَمِائَةٍ وَقَالَ هِيَ مِنْ الَّتِي كَفَلَ بِهَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَهُوَ عَلَى مَا قَالَ، وَإِذَا كَانَ بِإِحْدَى الخَمْسِمِائَتَيْن كَفِيلٌ فَأَدَّى الْأَصِيلُ خَمْسَمِائَةٍ وَقَالَ أَدَّيْتهَا عَنْ الْكَفَالَةِ قُبِلَ قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْأَلْفُ مِنْ بَيْعٍ، ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْمَالِ جَعَلَ نِصْفَ الْمَالِ إلَى سَنَةٍ، أَوْ وَجَبَ نِصْفُ الْأَلْفِ مِنْ الِابْتِدَاءِ حَالًّا وَوَجَبَ النِّصْفُ الْآخَرُ مِنْ الِابْتِدَاءِ مُؤَجَّلًا إلَى سَنَةٍ وَكَفَلَ بِكُلِّ نِصْفٍ كَفِيلٌ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ إنَّ الْأَصِيلَ أَدَّى خَمْسَمِائَةٍ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَهُوَ عَنْ الْكَفِيلِ الَّذِي كَفَلَ عَنْ الْحَالِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا قَالَ هِيَ عَنْ الْكَفِيلِ الَّذِي كَفَلَ بِالْمُؤَجَّلِ قُبِلَ قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَفَلَ رَجُلَانِ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ عَلَى أَنَّ الْمَالَ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَى سَنَةٍ وَعَلَى الْآخَرِ إلَى سَنَتَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ حَلَّ عَلَى صَاحِبِ السَّنَةِ فَأَدَّاهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَا

الباب الخامس في كفالة العبد والذمي

يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمُتَفَاوِضَانِ إذَا افْتَرَقَا فَلِأَصْحَابِ الدُّيُونِ أَنْ يَأْخُذُوا أَيَّهمَا شَاءُوا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَيَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ. الْمُكَاتَبَانِ كِتَابَةً وَاحِدَةً إذَا كَفَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَصِحُّ، ثُمَّ لَوْ أَدَّى أَحَدُهُمَا شَيْئًا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِهِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا حَتَّى أَعْتَقَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا جَازَ الْعِتْقُ وَبَرِئَ عَنْ النِّصْفِ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ بِحِصَّةِ الَّذِي لَمْ يُعْتَقْ أَيَّهُمَا شَاءَ فَإِنْ أَخَذَ الَّذِي أُعْتِقَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ أَخَذَ الْآخَرَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُعْتَقِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ. كَفَلَ ثَلَاثَةٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا بَرِئُوا جَمِيعًا وَلَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فَأَدَّاهَا أَحَدُهُمْ رَجَعَ الْمُؤَدِّي عَلَيْهِمَا بِالثُّلُثَيْنِ وَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُطَالِبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِأَلْفٍ هَذَا إذَا ظَفِرَ بِالْكَفِيلَيْنِ فَإِنْ ظَفِرَ بِأَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ، ثُمَّ رَجَعَا عَلَى الثَّالِثِ بِالثُّلُثِ فَإِنْ ظَفِرَا بِالْغَائِبِ رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ بِالسُّدُسِ، ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا عَلَى الْأَصِيلِ بِالْأَلْفِ فَإِنْ ظَفِرَ بِالْأَصِيلِ قَبْلَ أَنْ يَظْفَرَ بِصَاحِبِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ. قَالَ أَبُو يُوسُف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَقَرَّ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِهَذَا الْمَالِ أَيَّهمَا شَاءَ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ كَفَالَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِأَمْرِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي كَفَالَةِ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ] لَا تَجُوزُ كَفَالَةُ الْعَبْدِ بِالنَّفْسِ، وَالْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يُعْتَقَ فَيُؤْخَذَ بِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَالْإِذْنُ بِالتِّجَارَةِ لَا يَكُونُ إذْنًا بِالْكَفَالَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا أَذِنَ الْمَوْلَى فِي الْكَفَالَةِ فَكَفَلَ عَنْ الْمَوْلَى، أَوْ عَنْ أَجْنَبِيٍّ بِمَالٍ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ تَاجِرًا، أَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ، وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَتُبَاعُ رَقَبَتُهُ بِالْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ قَدْ كَفَلَ عَنْ الْمَوْلَى، أَوْ عَنْ أَجْنَبِيٍّ بِمَالٍ بِإِذْنِ الْمَوْلَى لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مَادَامَ رَقِيقًا فَإِذَا أُعْتِقَ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَّا كَفَالَةُ الْمَوْلَى عَنْ الْعَبْدِ فَتَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ، أَوْ بِالْمَالِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَا تَجُوزُ كَفَالَةُ الْمُكَاتَبِ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَكِنَّهَا تَنْعَقِدُ حَتَّى يُطَالَبَ بَعْدَ الْعَتَاقِ وَلَوْ كَفَلَ الْمُكَاتَبُ عَنْ الْمَوْلَى جَازَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. مَنْ ضَمِنَ عَنْ عَبْدٍ مَالًا يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِ مَالٍ وَكَذَّبَهُ سَيِّدُهُ، أَوْ أَقْرَضَهُ سَيِّدُهُ، أَوْ بَاعَهُ، وَهُوَ مَحْجُورٌ وَلَمْ يُسَمِّ حَالًّا، أَوْ غَيْرَ حَالٍّ يُؤْخَذُ بِهِ الْكَفِيلُ حَالًّا كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَا إذَا أَوْدَعَهُ شَيْئًا فَاسْتَهْلَكَهُ، أَوْ وَطِئَ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ، وَإِذَا ضَمِنَهُ إنْسَانٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ حَالٌّ وَلَا غَيْرُهُ كَانَ عَلَى الْكَفِيلِ

حَالًّا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ ثُمَّ إذَا أَدَّى عَنْهُ يَرْجِعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ إنْ كَانَ بِأَمْرِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ادَّعَى عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ دَيْنًا وَكَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ الْعَبْدِ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ بَرِئَ الْكَفِيلُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ ادَّعَى عَلَى ذِي الْيَدِ رَقَبَةَ الْعَبْدِ فَكَفَلَ بِنَفْسِ الْعَبْدِ رَجُلٌ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ ضَمِنَ الْكَفِيلُ قِيمَتَهُ، وَلَوْ ثَبَتَ مِلْكُ الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ الْحَلِفِ وَقَدْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ قُضِيَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ مِمَّا يَلْزَمُ عَلَى الْأَصِيلِ إلَّا إذَا أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْأَصِيلُ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَلَا يُصَدَّقُ ذُو الْيَدِ فِي مَوْتِ الْعَبْدِ وَيُحْبَسُ هُوَ، وَالْكَفِيلُ فَإِنْ طَالَ الْحَبْسُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ وَأَهْلَ الْإِسْلَامِ فِي حُكْمِ الْكَفَالَةِ عَلَى السَّوَاءِ إلَّا فِي الْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ فَإِذَا كَانَ لِلذِّمِّيِّ خَمْرٌ عَلَى ذِمِّيٍّ مِنْ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ فَكَفَلَ بِهِ ذِمِّيٌّ جَازَ فَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمْ (فَهَذَا عَلَى وُجُوهٍ) أَمَّا إنْ أَسْلَمَ الطَّالِبُ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ عَنْ الْخَمْرِ وَعَنْ قِيمَتِهَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَ الْمَطْلُوبُ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَبْرَأُ عَنْ الْخَمْرِ وَعَنْ قِيمَتِهَا وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِبَرَاءَتِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى زُفَرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ عَلَى الْمَطْلُوبِ قِيمَةَ الْخَمْرِ، وَالْكَفِيلُ عَلَى كَفَالَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَ الْكَفِيلُ خَاصَّةً فَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَسْقُطُ الْخَمْرُ أَصْلًا عَنْ الْكَفِيلِ لَا إلَى بَدَلٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الطَّالِبُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْكَفِيلِ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِعَيْنِ الْخَمْرِ، وَإِنْ أَسْلَمُوا جَمِيعًا سَقَطَ الْخَمْرُ لَا إلَى بَدَلٍ وَكَذَلِكَ إنْ أَسْلَمَ الطَّالِبُ وَالْكَفِيلُ وَأَسْلَمَ الطَّالِبُ وَالْأَصِيلُ سَقَطَ الْخَمْرُ لَا إلَى بَدَلٍ وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَفِيلُ وَالْأَصِيلُ سَقَطَ الْخَمْرُ لَا إلَى بَدَلٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَ أَيَّهمَا شَاءَ، وَإِذَا كَانَ الْخَمْرُ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَأَسْلَمَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ فَقَدْ بَرِئَ الْكَفِيلُ عَنْ الْخَمْرِ وَقِيمَتِهَا بِالْإِجْمَاعِ. وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَفِيلُ فَالطَّالِبُ يُطَالِبُ الْمَطْلُوبَ بِعَيْنِ الْخَمْرِ وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ عَنْ الْخَمْرِ وَقِيمَتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَحَوَّلُ الْخَمْرُ إلَى الْقِيمَةِ فِي حَقِّهِ وَكَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ، وَإِنْ كَانَ الْخَمْرُ وَاجِبًا بِسَبَبِ السَّلَمِ. ثُمَّ أَسْلَمَ الطَّالِبُ أَوْ الْمَطْلُوبُ بَطَلَ السَّلَمُ، وَإِذَا انْفَسَخَ السَّلَمُ بَرِئَ الْأَصِيلُ وَبَرَاءَةُ الْأَصِيلِ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَفِيلُ بَرِئَ الْكَفِيلُ بِلَا خِلَافٍ وَبَقِيَ الْخَمْرُ لِلطَّالِبِ قِبَلَ الْمَطْلُوبِ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْأَصْلُ أَنَّ إسْلَامَ الطَّالِبِ يُبْطِلُ الْخَمْرَ أَصْلًا؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ التَّسْلِيمِ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ لِإِسْلَامِهِ، وَإِسْلَامُ الْمَطْلُوبِ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَبْطُلُ بَلْ يُحَوِّلُهُ إلَى الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ

مسائل شتى

مَا جَاءَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْحَقِّ بَلْ جَاءَ مِنْ قِبَلِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِإِسْلَامِهِ، وَالْكَفِيلُ مَطْلُوبٌ فِي حَقِّ الطَّالِبِ طَالِبٌ فِي حَقِّ الْمَطْلُوبِ. نَصْرَانِيٌّ خَالَعَ نَصْرَانِيَّتَيْنِ عَلَى خَمْرٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ كَفِيلَةٌ فَأَسْلَمَ، أَوْ أَسْلَمُوا مَعًا بَرِئَتَا عَنْ الْكَفَالَةِ وَيَتَحَوَّلُ مَا عَلَيْهِمَا إلَى الْقِيمَةِ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ إحْدَاهُمَا يَتَحَوَّلُ مَا عَلَيْهَا قِيمَةً وَبَقِيَ مَا عَلَى الْآخَرِ خَمْرًا فَإِنْ أَدَّتْ الْمُسْلِمَةُ الْقِيمَةَ لَا تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا بِشَيْءٍ. وَإِنْ أَدَّتْ الْكَافِرَةُ جَمِيعَ الْخَمْرِ تَرْجِعُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ بِقِيمَةِ مَا أَدَّتْ عَنْهَا مِنْ الْخَمْرِ، فَإِنْ أَسْلَمَتَا مَعًا وَلَمْ يُسْلِمْ الزَّوْجُ يَتَحَوَّلُ مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ قِيمَةً لِلْكَفَالَةِ وَالْأَصَالَةِ جَمِيعًا وَأَيَّتُهُمَا أَدَّتْ كُلَّ الْقِيمَةَ لَا تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا بِشَيْءٍ، وَلَوْ تَعَاقَبَتَا يَتَحَوَّلُ مَا عَلَيْهِمَا قِيمَةً، وَإِنْ أَدَّتْ الْمُسْلِمَةُ الثَّانِيَةُ تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا بِمَا أَدَّتْ عَنْهَا، وَإِنْ أَدَّتْ الْمُسْلِمَةُ الْأُولَى فَلَا تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا، وَلَوْ أَسْلَمَتْ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ الزَّوْجُ، ثُمَّ الْأُخْرَى تَحَوَّلَ كُلُّ مَا عَلَى الْأُولَى قِيمَةً وَلَا تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا بِشَيْءٍ وَتَحَوَّلَ قِيمَةُ مَا عَلَى الْأُخْرَى أَصَالَةً وَبَطَلَ حَقُّ الزَّوْجِ فِيمَا عَلَيْهَا كَفَالَةً. نَصْرَانِيٌّ صَالَحَ نَصْرَانِيَّتَيْنِ عَنْ دَمٍ لَهُ عَلَيْهِمَا عَلَى خَمْرٍ وَكَفَلَتْ كُلٌّ عَنْ الْأُخْرَى فَهِيَ كَالْخُلْعِ فِيمَا مَرَّ بِلَا تَفَاوُتٍ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَنَّ ذِمِّيًّا ادَّعَى عَلَى ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا وَكَفَلَ بِنَفْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسْلِمٌ وَجَعَلَهُ وَكِيلًا فِي خُصُومَتِهِ ضَامِنًا لِمَا قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ وَجَازَتْ الْوَكَالَةُ أَيْضًا وَلَكِنْ يُكْرَهُ فَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَقُضِيَ بِالْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ هَلْ يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ إنْ كَفَلَ بِهِ قَبْلَ هَلَاكِ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ، وَإِنْ كَفَلَ بَعْدَ هَلَاكِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَفِي الْخَمْرِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَفِي الْخِنْزِيرِ إنْ قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْأَصِيلِ بِقِيمَتِهِ دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ لَزِمَ الْكَفِيلَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْعَيْنِ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَيَصِيرُ كَفِيلًا بِالْخِنْزِيرِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا الْحَقُّ يَنْتَقِلُ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ بِنَفْسِ الِاسْتِهْلَاكِ فَيَصِيرُ كَفِيلًا بِالْقِيمَةِ وَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَفَالَةُ الْمُرْتَدِّ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ مَوْقُوفَةٌ، وَالْمُرْتَدَّةُ كَفَالَتُهَا جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهَا فَإِنْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَسُبِيَتْ فَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ تَبْطُلُ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْمَالِ وَلَهَا مَالٌ تَنْتَقِلُ إلَى الْمَالِ. كَفَلَ حَرْبِيٌّ بِمَالٍ، أَوْ نَفْسٍ، ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ خَرَجَ مُسْتَأْمَنًا لَزِمَهُ. كَفَلَ مُسْلِمٌ لِمُرْتَدٍّ بِنَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، ثُمَّ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ فَوَرَثَتُهُ عَلَى حَقِّهِ فِي الْكَفَالَةِ، وَإِنْ رَجَعَ وَاسْتَوْفَى وَرَثَتُهُ بِقَضَاءٍ فَالْكَفِيلُ يَبْرَأُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [مَسَائِلُ شَتَّى] الْكَفَالَةُ بِالدَّرَكِ جَائِزَةٌ وَهِيَ الْتِزَامُ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ وَلَوْ كَفَلَ بِالدَّرَكِ فَاسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ لَمْ يُؤَاخَذْ

الْكَفِيلُ حَتَّى يَقْضِيَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِ الْبَائِعِ فِي الدَّرَكِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ بَاطِلٌ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَصُورَتُهَا أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ مَثَلًا فَضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي رَجُلٌ بِالْعُهْدَةِ وَإِنَّمَا لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعُهْدَةَ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ قَدْ يَقَعُ عَلَى الصَّكِّ الْقَدِيمِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى حُقُوقِ الْعَقْدِ وَعَلَى الدَّرَكِ وَعَلَى خِيَارِ الشَّرْطِ فَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهَا قَبْلَ الْبَيَانِ فَبَطَلَ الضَّمَانُ لِلْجَهَالَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَضَمَانُ الْخَلَاصِ بَاطِلٌ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ تَفْسِيرَهُ عِنْدَهُ تَخْلِيصُ الْمَبِيعِ عَنْ الْمُسْتَحِقِّ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْمُشْتَرِي لَا مَحَالَةَ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ، وَلَوْ ضَمِنَ تَخْلِيصَ الْمَبِيعِ أَوْ رَدَّ الثَّمَنِ صَحَّ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِمَا يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ، وَهُوَ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ إنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ وَرَدُّ الثَّمَنَ إنْ لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا بَاعَ رَجُلٌ دَارًا مَثَلًا وَكَفَلَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي عَنْ الْبَائِعِ بِالدَّرَكِ فَكَفَالَتُهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ وَإِقْرَارٌ مِنْهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنَّ الدَّارَ مِلْكُهُ، أَوْ ادَّعَى الشُّفْعَةَ، أَوْ الْإِجَارَةَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ شَهِدَ وَخَتَمَ وَلَمْ يَكْفُلْ لَمْ يَكُنْ تَسْلِيمًا، وَهُوَ عَلَى دَعْوَاهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ مَشَايِخُنَا مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كُتِبَ شَهِدَ فُلَانٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، أَوْ كُتِبَ جَرَى الْبَيْعُ بِمَشْهَدِي، أَوْ كُتِبَ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عِنْدِي أَمَّا إذَا كُتِبَ فِي الشَّهَادَةِ مَا يُوجِبُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَنَفَاذَهُ بِأَنْ كَانَ فِي صَكِّ الْبَيْعِ بَاعَ فُلَانٌ كَذَا، وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَكَتَبَ هُوَ شَهِدَ بِذَلِكَ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا أَخَذَ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ رَهْنًا فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ وَلَا ضَمَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ بِأَمْرِهِ فَأَمَرَهُ الْأَصِيلُ أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ حَرِيرًا فَفَعَلَ فَالشِّرَاءُ لِلْكَفِيلِ، وَالرِّبْحُ الَّذِي رَبِحَهُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ بِبَيْعِ الْعَيِّنَةِ مِثْلَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مِنْ تَاجِرٍ عَشَرَةً فَيَتَأَبَّى عَلَيْهِ وَيَبِيعُ مِنْهُ ثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةَ عَشَرَ مَثَلًا لِيَبِيعَهُ الْمُسْتَقْرِضُ بِعَشَرَةٍ وَيَتَحَمَّلُ خَمْسَةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ بِأَلْفٍ عَلَيْهِ فَقَضَى الْأَصِيلُ الْكَفِيلَ فَلَا يَخْلُو إمَّا إنْ قَضَاهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ بِأَنْ دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ وَقَالَ: إنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَأْخُذَ الطَّالِبُ مِنْك حَقَّهُ فَخُذْهَا قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ فَقَبَضَهُ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْأَصِيلُ لِلْكَفِيلِ خُذْ هَذَا الْمَالَ وَادْفَعْ إلَى الطَّالِبِ فَلَيْسَ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَسْتَرِدَّ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ، فَإِنْ تَصَرَّفَ الْكَفِيلُ فِيمَا قَبَضَ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ وَرَبِحَ فِيهِ فَالرِّبْحُ لَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ إلَّا أَنَّ فِيهِ نَوْعَ خُبْثٍ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَدَّى الْأَصِيلُ الدَّيْنَ، وَأَمَّا إذَا قَضَاهُ الْكَفِيلُ فَلَا خُبْثَ فِيهِ أَصْلًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَإِذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ فَالرِّبْحُ لَا يَطِيبُ لَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَطِيبُ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ فِيمَا يَتَعَيَّنُ كَكُرِّ حِنْطَةٍ قَبَضَهُ الْكَفِيلُ مِنْ الْأَصِيلِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الطَّالِبِ وَتَصَرَّفَ

فِيهِ فَالرِّبْحُ لَهُ فِي الْقَضَاءِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُرَدَّ إلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَهَذَا أَصَحُّ إذْ رُدَّ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا طَابَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْأَشْبَهُ أَنْ يَطِيبَ لَهُ هَذَا إذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ، وَإِذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَطِيبُ لَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَطِيبُ لَهُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. إذَا أَرَادَ إنْسَانٌ أَنْ يَكْفُلَ بِنَفْسِ إنْسَانٍ وَلَا يَصِيرُ كَفِيلًا أَصْلًا فَالْحِيلَةُ فِيهِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنْ يَقُولَ الْكَفِيلُ عِنْدَ الْكَفَالَةِ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنْ لَا أَكُونَ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَفِيلًا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ لِنَفْيِهَا فِيمَا وَرَاءَ الشَّهْرِ فَلَا يَكُونُ كَفِيلًا لِلْحَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَفَلَ إلَى شَهْرٍ يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ فَإِذَا كَفَلَ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ لَا يَكُونُ كَفِيلًا أَصْلًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَكَفَلَ بِهَا كَفِيلٌ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ لِلطَّالِبِ إنَّ فُلَانًا قَدْ كَفَلَ لَك عَنِّي بِهَذِهِ الْأَلْفِ فَأَبْرِئْنِي عَنْهَا لِأَخْرُجَ مِنْ الْبَيْنِ وَتَبْقَى لَك الْخُصُومَةُ مَعَ الْكَفِيلِ فَأَبْرَأَهُ مِنْهَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ وَهَذَا ضَرْبٌ مِنْ الْحِيَلِ فَيُجِبْ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ حَتَّى لَا يُبْطِلَ حَقَّهُ، وَإِذَا كَفَلَ الرَّجُلُ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ بِأَمْرِهِ وَرَهَنَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَهْنًا فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْكَفِيلِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِمَا وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ حُكْمًا بِهَلَاكِ الرَّهْنِ، وَيَكُونُ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا اسْتَوْفَاهُ حَقِيقَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ إلَى سَنَةٍ فَعَلَيْهِ الْمَالُ الَّذِي عَلَيْهِ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِالْمَالِ رَهْنًا إلَى سَنَةٍ كَانَ الرَّهْنُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ الْمَالُ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ بَعْدُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْكَفِيلُ قَالَ لِلطَّالِبِ فِي الْكَفَالَةِ إنْ مَاتَ فُلَانٌ وَلَمْ يُؤَدِّك الْمَالَ فَهُوَ عَلَيَّ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَهْنًا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الطَّالِبُ عَنْ هَذِهِ الْكَفَالَةِ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ الْإِبْرَاءُ عَلَى الْأَصِيلِ وَكُلُّ حَقٍّ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِهِ لَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ عَنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُعْطِيَ فُلَانًا كَفِيلًا بِنَفْسِ الْمُوَكِّلِ ضَامِنًا لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ فَأَعْطَى فَقُضِيَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِمَالٍ لِلطَّالِبِ فَلِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَكِيلَ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إيجَابُ الْعَقْدِ وَلَا قَبُولُهُ، وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْأَمْرِ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الْمَطْلُوبِ، وَالْآمِرُ بِالْعَقْدِ لَا يُؤَاخَذُ بِحُقُوقِ الْعَقْدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْضِيَ الْمَأْمُورَ بِدَيْنِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَامْتَنَعَ الْمَأْمُورُ عَنْ الْقَضَاءِ لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَأْمُورِ كَانَ وَعْدًا، وَالْوَعْدُ غَيْرُ لَازِمٍ إلَّا إذَا قَبِلَ وَكَفَلَ فَحِينَئِذٍ يُجْبَرُ عَلَى الْقَضَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِرِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ إذَا قَالَ ضَمِنْت لِفُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ أَوْ قَالَ مَا فِي كِتَابِ الْقَاضِي فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَ ضَمِنْت لِفُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ مَا عَلَيْهِ فِي هَذَا

الْكِتَابِ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ بَاعَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا وَضَمِنَ لَهُ الثَّمَنَ، أَوْ مُضَارِبٌ ضَمِنَ ثَمَنَ مَتَاعٍ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْتِزَامُ الْمُطَالَبَةِ وَهِيَ إلَيْهِمَا فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِنَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الرَّجُلَانِ بَاعَا عَبْدًا صَفْقَةً وَاحِدَةَ وَضَمِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ بَاعَا صَفْقَتَيْنِ بِأَنْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ ضَمِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ صَحَّ الضَّمَانُ، وَالْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ إذَا ضَمِنَ الْمَهْرَ لِلْمَرْأَةِ، وَالرَّسُولُ فِي بَابِ الْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَضَمِنَ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي صَحَّ الضَّمَانُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ ضَمِنَ لِامْرَأَةٍ مِنْ زَوْجِهَا بِنَفَقَةِ كُلِّ شَهْرٍ جَازَ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الضَّمَانِ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ وَلَوْ ضَمِنَ أُجْرَةَ كُلِّ شَهْرٍ فِي الْإِجَارَةِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّبَبَ فِي النَّفَقَةِ لَمْ يَتَجَدَّدْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ بَلْ يَجِبُ فِي الشُّهُورِ كُلِّهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَسَبَبُ الْأَجْرِ فِي الْإِجَارَةِ يَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ شَهْرٍ لِتَجَدُّدِ الْعَقْدِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْكَفَالَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. فَإِنْ مَاتَ الْكَفِيلُ، ثُمَّ سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ شَهْرًا بَعْدَ ذَلِكَ فَمَا لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ لَزِمَ تَرِكَةَ الْكَفِيلِ وَلَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ بِالْمَوْتِ كَمَا لَا تَبْطُلُ كَفَالَةُ الدَّرَكِ بِخِلَافِ النَّفْسِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ بِالْأَجْرِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُسْتَأْجِرَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ فَإِذَا أَدَّى الْكَفِيلُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَقَالَ لَهُ أَنْفِقْهَا عَلَى نَفْسِك فَجَاءَ إنْسَانٌ وَضَمِنَ لِلدَّافِعِ هَذِهِ الْعَشَرَةَ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ عَنْ الصَّبِيّ مَا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ عَلَيْهِ وَلَوْ ضَمِنَ قَبْلَ الدَّفْعِ إلَى الصَّبِيِّ فَقَالَ ادْفَعْ إلَى هَذَا الصَّبِيِّ هَذِهِ الْعَشَرَةَ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك عَنْهُ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ صَحَّ ذَلِكَ وَيَكُونُ الضَّامِنُ مُسْتَقْرِضًا لِلْعَشَرَةِ مِنْ الدَّافِعِ آمِرًا لَهُ بِدَفْعِهَا إلَى الصَّبِيِّ وَيَصِيرُ الصَّبِيِّ نَائِبًا عَنْهُ فِي الْقَبْضِ أَوَّلًا وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ إذَا بَاعَ شَيْئًا وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَكَفَلَ لِلْمُشْتَرِي بِالدَّرَكِ إنْ كَفَلَ بَعْدَ مَا قَبَضَ الصَّبِيُّ الثَّمَنَ لَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ، وَإِنْ كَفَلَ قَبْلَ ذَلِكَ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ أَخْرَسُ يَكْتُبُ وَيَعْقِلُ وَكَتَبَ كَفَالَةً عَلَى نَفْسٍ بِنَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ كَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَبِلَ هُوَ فِي كِتَابٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. كَفَلَ بِرُطَبٍ وَقَضَى بِالْقِيمَةِ عَلَى أَصِيلِهِ لِانْقِطَاعٍ، أَوْ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَى الْكَفِيلِ عَيْنُ الرُّطَبِ وَلَا يَتَحَوَّلُ عَنْهُ لِعَدَمِ الْمُغَيِّرِ، وَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْأَصِيلِ بَرِئَ الْكَفِيلُ، وَإِنْ أَدَّى الرُّطَبَ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ كَذَا فِي الْكَافِي. الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ إذَا كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَالْكَفَالَةُ بِكُلِّهَا بَاطِلَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَفَلَ لِوَارِثٍ، أَوْ عَنْ وَارِثٍ لَا يَصِحُّ أَصْلًا، وَإِنْ كَفَلَ الْمَرِيضُ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ يُحِيطُ بِمَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ مَاتَ الْكَفِيلُ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْلَى بِتَرْكِهِ الْكَفِيلَ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ صَحَّتْ كُلُّهَا، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ كُلُّهَا مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ صَحَّتْ

بِقَدْرِ ثُلُثِ مَا بَقِيَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ عَمَّنْ ضَمِنَ مَالَ الْإِجَارَةِ، ثُمَّ انْفَسَخَتْ وَتَعَاقَدَا عَقْدًا جَدِيدًا بِذَلِكَ الْمَالِ قَالَ لَا يَبْقَى كَفِيلًا كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلٍ وَطَلَبَ بِالدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ كَفِيلًا فَالْقَاضِي لَا يُجْبِرُهُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنْ يُطَالِبَهُ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا أَنَّ فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ لَوْ أَخَذَ الْقَاضِي كَفِيلًا مِنْ الْخَصْمِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَغِيبَ يَنْفُذُ اسْتِدْلَالًا بِالْمَرْأَةِ إذَا طَالَبَتْ الْكَفِيلَ بِنَفَقَتِهَا عِنْدَ إرَادَةِ الزَّوْجِ السَّفَرَ فَالْقَاضِي يَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفَقَةِ شَهْرٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِحْسَانًا رِفْقًا بِالنَّاسِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ الْفَتْوَى فِي مَسْأَلَةِ النَّفَقَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِفْقًا بِالنَّاسِ فَفِي سَائِرِ الدُّيُونِ لَوْ أَفْتَى مُفْتٍ بِذَلِكَ كَانَ حَسَنًا رِفْقًا بِالنَّاسِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ عَلَيْهِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْكَفِيلُ، وَالْمَكْفُولُ لَهُ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ فَأَقَرَّ الْكَفِيلُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَادَّعَى الْمَكْفُولُ لَهُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَأَقَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِكُرِّ حِنْطَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ، وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ حَلَفَا بَرِئَا عَنْ الدَّعْوَى، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ فَاَلَّذِي نَكَلَ يَلْزَمُهُ، وَاَلَّذِي يَحْلِفُ يَبْرَأُ عَنْ الْغُرْمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ الْآخَرُ كُنْتُ كَفَلْتُ لَك بِالدَّيْنِ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ وَبَعْدَ الشَّهْرِ لَا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْمُطَالَبَةِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ بَلْ تَكَلَّفْت بِأَنْ لَا أُطَالِبَك إلَى شَهْرٍ وَبَعْدَ الشَّهْرِ أُطَالِبُك بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ كَفَلْتُ لَك بِنَفْسِ فُلَانٍ وَلَمْ يَكُنْ الْمَكْفُولُ لَهُ يَدَّعِي عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ شَيْئًا فَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ وَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ حُضُورُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ لِلطَّالِبِ فَتَكُونُ الْكَفَالَةُ وَاقِعَةً بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ عَلَى الْأَصِيلِ فِي زَعْمِ الْكَفِيلِ، وَالْمُدَّعِي وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ يُنْكِرُ الْمَالَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ وَاجِبٌ فِي زَعْمِ الْكَفِيلِ، وَالْمُدَّعِي فَإِنْ خَاصَمَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ بِالنَّفْسِ إلَى الْقَاضِي فَقَالَ الْكَفِيلُ إنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ الْمَكْفُولِ بِهِ فَالْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْضِيَ الْمَأْمُورَ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَامْتَنَعَ الْمَأْمُورُ عَنْ الْقَضَاءِ لَا يُجْبَرُ إلَّا إذَا قَبِلَ وَكَفَلَ فَحِينَئِذٍ يُجْبَرُ عَلَى الْقَضَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَضَى رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي كِيسٍ فَخَافَ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ الْأَلْفِ فَضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ مَا نَقَصَ مِنْ الْأَلْفِ فَوَجَدَهَا وَافِيَةً إلَّا أَنَّهَا زُيُوفًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ أَلْفًا جِيَادًا وَيَرُدُّ الزُّيُوفَ عَلَى الْغَرِيمِ. إذَا كَانَ الدَّيْنُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَكَفَلَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ لِشَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ فَالْكَفَالَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ عَلَى زَوْجِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ صَدَاقِهَا فَكَفَلَ لَهَا رَجُلٌ عَنْ

الزَّوْجِ، ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَوَرِثَهَا زَوْجُهَا وَأَخُوهَا فَإِنَّهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ النِّصْفِ وَبَقِيَ كَفِيلًا بِنِصْفِ الْأَخِ. وَإِذَا ادَّعَى مُسْلِمٌ عَلَى مُسْلِمٍ مَالًا وَجَحَدَهُ وَادَّعَى الطَّالِبُ كَفَالَةَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَنْهُ بِالْمَالِ بِأَمْرِهِ وَجَحَدَهُ الْكَفِيلُ فَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ ذِمِّيَّانِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الذِّمِّيِّ وَلَمْ تَجُزْ عَلَى الْمُسْلِمِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْكَفِيلُ الْمَالَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي عَامَّةِ رِوَايَاتِ كَفَالَةِ الْأَصْلِ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ أَصْلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ، أَوْ الْمَالِ إذَا أَخْرَجَ نَفْسَهُ عَنْ عُهْدَةِ الْكَفَالَةِ بِحَضْرَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ لَا يَخْرُجُ وَيَبْقَى كَفِيلًا كَمَا كَانَ، وَالْوَكِيلُ إذَا أَخْرَجَ نَفْسَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُوَكِّلِ يَخْرُجُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَأَشَارَ فِي كِتَابِ الْحِيَلِ إلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ وَصُورَةُ مَا ذَكَرَ ثَمَّةَ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ مُؤَجَّلٌ، أَوْ مُنَجَّمٌ قَالَ رَجُلٌ لِلطَّالِبِ إذَا حَلَّ مَا لَك عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا كَفِيلٌ لَك بِنَفْسِهِ، أَوْ قَالَ كُلُّ مَا لَك نَجْمٌ مِنْ هَذِهِ النُّجُومِ عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ لَك عِنْدَ كُلِّ نَجْمٍ، ثُمَّ أَرَادَ الْكَفِيلُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْكَفَالَةِ قَبْلَ حُلُولِ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا قَبْلَ حُلُولِ الْمَالِ فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَالَ لَوْ كَانَ حَالًّا لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْكَفَالَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ، وَالْكَفَالَةُ، وَالرَّهْنُ جَائِزَانِ فِي الْخَرَاجِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْخَرَاجُ الْمُوَظَّفُ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ، وَأَمَّا النَّوَائِبُ فَإِنْ أَرَادَ بِهَا مَا يَكُونُ بِحَقٍّ كَكَرْيِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ لِلْعَامَّةِ وَأَجْرِ الْحَارِسِ لِلْمَحَلَّةِ، وَالْمُوَظَّفِ لِتَجْهِيزِ الْجَيْشِ، وَفِي حَقِّ فِدَاءِ الْأَسَارَى إذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ فَالْكَفَالَةُ بِهِ جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا مَا لَيْسَ بِحَقٍّ كَالْجِبَايَاتِ الْمُوَظَّفَةِ فِي زَمَانِنَا عَلَى الْخَيَّاطِ، وَالصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِمَا لِلسُّلْطَانِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ فَإِنَّهَا ظُلْمٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْفَتْوَى عَلَى الصِّحَّةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَمِمَّنْ يَمِيلُ إلَى الصِّحَّةِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ النَّسَفِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَقَاضِي خَانْ مِثْلَ قَوْلِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا فِي حَقِّ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ فَوْقَ سَائِرِ الدُّيُونِ، وَالْعِبْرَةُ فِي بَابِ الْكَفَالَةِ لِلْمُطَالَبَةِ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِالْتِزَامِهَا وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ مَنْ قَامَ بِتَوْزِيعِ هَذِهِ النَّوَائِبِ بِالْقِسْطِ يُؤْجَرُ، وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ فِي الْأَخْذِ ظَالِمًا كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. (الْعُقُودُ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِيهَا الْكَفَالَةُ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ) قِسْمٌ إذَا كَانَ الْكَفِيلُ غَائِبًا، قَبِلَ الْكَفَالَةَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ، أَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَمْ يَقْبَلْ وَأَنَّهُ يَفْسُدُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِذَا كَانَ حَاضِرًا وَقَبِلَ يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا وَذَلِكَ كُلُّ عَقْدٍ تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ نَحْوَ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالسَّلَمِ وَقِسْمٌ لَا يَفْسُدُ شَرْطُ الْكَفَالَةِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ الْكَفِيلُ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا قَبِلَ، أَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَذَلِكَ كُلُّ عَقْدٍ لَا تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ نَحْوَ الْقَرْضِ، وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ، وَالنِّكَاحِ، وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْكَفِيلُ الْكَفَالَةَ لَمْ تَثْبُتْ الْكَفَالَةُ، وَإِذَا قَبِلَ تَثْبُتُ، فَأَمَّا الْعَقْدُ فَلَا يَفْسُدُ بِاشْتِرَاطِ الْكَفَالَةِ فِي الْأَحْوَالِ، كُلِّهَا وَقِسْمٌ إذَا شَرَطَ فِيهِ الْكَفَالَةَ وَقَبِلَ الْكَفِيلُ يَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ الْكَفِيلُ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا، وَأَمَّا

إذَا لَمْ يَقْبَلْ فَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَّةٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ سَلَمٍ وَسَأَلَهُ أَنْ يُنَجِّمَهُ نُجُومًا عَلَى أَنْ يَكْفُلَ لَهُ فُلَانٌ فَقَبِلَ إنْ قَبِلَ الْكَفِيلُ صَحَّ التَّأْخِيرُ سَوَاءٌ كَانَ الْكَفِيلُ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَا يَصِحُّ التَّأْخِيرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ فِي سَفِينَةٍ انْتَهَيَا إلَى مَكَانٍ قَلِيلِ الْمَاءِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْمَاءِ عَلَى أَنَّ مَتَاعِي بَيْنِي وَبَيْنَك فَهُوَ فَاسِدٌ وَيَضْمَنُ لِصَاحِبِهِ نِصْفَ قِيمَةِ مَتَاعِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَطَرِيقُهُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا مَتَاعَ الْمُلْقِي بِنِصْفِ مَتَاعِهِ كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ نَاقِلًا عَنْ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ. لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ (1) (كه غُلَام توكه بِمِنْ بضاعت دادى وَكَفَتَى كه اكروى خِيَانَتِي كَنِدِّ درمال توكه بضاعت كيرنده مِنْ درضمانم وَعَهْده آن برمن است ووى جندين ازمال مِنْ خيانت كَرِدِّهِ است برتو وَاجِب است كه بِدَهِي) تَصِحُّ هَذِهِ الدَّعْوَى كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ طَلَبَ الْمُدَّعِي أَنْ يَأْتِيَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا بِالْمُدَّعَى بِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْقُولًا، أَوْ عَقَارًا أَوْ دَيْنًا فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا يُنْظَرُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَالْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ لَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ بِالْمُدَّعَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إحْضَارُهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا كَالْعَبْدِ، وَالدَّابَّةِ، وَالثَّوْبِ يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ بِالْمُدَّعَى بِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا، أَوْ دَيْنًا لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ كَفِيلًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَنَّ رَجُلًا ذَبَحَ شَاةً لِرَجُلٍ فَأَكَلَهَا فَضَمِنَ رَجُلٌ تِلْكَ الشَّاةَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تِلْكَ الشَّاةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَاةٌ إنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَقْرَضَ رَجُلٌ رَجُلًا شَاةً وَقَبَضَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا فَضَمِنَهَا رَجُلٌ عَنْهُ لَمْ يَلْزَمْ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ الشَّاةُ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ لَمْ يَتَعَاوَضْهُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَهُوَ مِثْلُ الشَّاةِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ نَصٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ حَقَّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ الْهَلَاكِ الْمَغْصُوبُ فِي الْقِيمَةِ لَا فِي الْعَيْنِ، وَفِي صُلْحِ الْأَصْلِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ حَقَّ الْمُسْتَهْلِكِ عَلَيْهِ فِي الْعَيْنِ حَتَّى قَالَ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ الْمَغْصُوبِ بَعْدُ لِلْهَلَاكِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ إذَا غَصَبَ شَاةَ غَيْرِهِ وَذَبَحَهَا فَضَمِنَهَا لَهُ آخَرُ عَنْهُ أَنَا أُلْزِمُهُ الضَّمَانَ وَأُودِعُ فِيهِ الْقِيَاسَ قَالَ وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ كُلُّهُ وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ عَبْدًا وَمَاتَ عِنْدَهُ فَضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ أُضَمِّنُهُ إيَّاهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ عَبْدِهِ بَرِئَ مِنْ قِيمَتِهِ فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ نَصٌّ مِنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ حَقَّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ الْهَلَاكِ الْعَيْنُ فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ لَا فِي قِيمَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ إذَا غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ أَوْ أَمَةً، أَوْ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ، أَوْ مِنْ الْمَعْرُوضِ وَكَفَلَ بِهِ كَفِيلٌ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ وَوَجَبَ عَلَى الْكَفِيلِ رَدُّ عَيْنِهِ مَادَامَ

قَائِمًا وَرَدُّ قِيمَتِهِ إنْ هَلَكَ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْأَصِيلِ، وَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ قِيمَتِهِ إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيمَا بَيْنَ الطَّالِبِ، وَالْكَفِيلِ قَوْلُ الْكَفِيلِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِقِيمَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ الْكَفِيلُ لَزِمَهُ وَلَمْ يَلْزَمْ الْكَفِيلَ، وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى زِيَادَةِ الْقِيمَةِ أُخِذَ الْكَفِيلُ بِالزِّيَادَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْأَصِيلَ إذَا حَلَفَ وَنَكَلَ حَتَّى لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ هَلْ تَلْزَمْ الزِّيَادَةُ الْكَفِيلَ قَالُوا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ سَبَقَ مِنْ الْأَصِيلِ إقْرَارٌ بِخِلَافِهِ بِأَنْ قَالَ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ، وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَقُولُ لَا بَلْ كَانَتْ أَلْفًا فَاسْتُحْلِفَ الْأَصِيلُ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ حَتَّى لَزِمَهُ الْأَلْفُ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ الْأَلْفُ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِخِلَافِهِ بِأَنْ كَانَ سَاكِنًا حِينَ ادَّعَى الْمَغْصُوبَ مِنْهُ أَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاسْتُحْلِفَ فَأَبَى فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْكَفِيلَ الْأَلْفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْقَاضِي يَأْخُذُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا ثِقَةً إذَا طَلَبَ وَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ وَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْلِسُونَ لِلْقَضَاءِ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ إعْطَاءِ الْكَفِيلِ يَأْمُرُ الْقَاضِي بِالْمُلَازَمَةِ وَلَا يَحْبِسُهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالثِّقَةُ مَنْ يَكُونُ مَعْرُوفَ الدَّارِ، أَوْ مَعْرُوفَ الْحَانُوتِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُخْفِيَ نَفْسَهُ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِ الْكَفِيلِ تَاجِرًا، أَوْ مَا أَشْبَهَ مِنْ شَهَوَاتِ النَّفْسِ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ الْقَاضِي وَمَنْ يَسْكُنُ بَيْتًا، أَوْ حُجْرَةً بِكِرَاءٍ فَلَيْسَ بِثِقَةٍ فَلَوْ قَالَ لَا أَجِدُ كَفِيلًا ثِقَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ أَنْ يُلَازِمَهُ كَمَا يُلَازِمُ الْغَرِيمُ غَرِيمَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ بَيِّنَتِي غَيْبٌ، أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا، أَوْ قَالَ الْآخَرُ غَائِبٌ لَا يَأْخُذُ الْكَفِيلَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِيمًا فِي الْمِصْرِ أَمَّا إذَا كَانَ مُسَافِرًا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ لَكِنْ يُؤَجِّلُهُ إلَى وَقْتِ قِيَامِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَإِنْ أَتَى الْمُدَّعِي بِبَيِّنَتِهِ، وَإِلَّا خُلِّيَ سَبِيلُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ ادَّعَى الْخَصْمُ أَنَّهُ مُسَافِرٌ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِي الْأَمْصَارِ أَصْلٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ أَنَا أَخْرُجُ غَدًا، أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَكْفُلُهُ إلَى وَقْتِ الْخُرُوجِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الطَّالِبُ خُرُوجَهُ يُنْظَرُ إلَى زِيِّهِ، أَوْ يَبْعَثُ مَنْ يَثِقُ بِهِ إلَى رُفَقَائِهِ يَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ أَعَدَّ لِلْخُرُوجِ مَعَنَا يَكْفُلُهُ إلَى وَقْتِ الْخُرُوجِ كَذَا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِعُذْرِ السَّفَرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. شَرَطَ فِي الْكِتَابِ لِأَخْذِ الْكَفِيلِ طَلَبَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ عَالِمًا يَهْتَدِي إلَى الْخُصُومَاتِ أَمَّا إذَا كَانَ جَاهِلًا فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمُدَّعِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَعْطَى كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَامْتَنَعَ عَنْ التَّوْكِيلِ لَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي وَلَا يَأْمُرُ بِالْمُلَازَمَةِ، وَإِنْ أَعْطَاهُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ وَامْتَنَعَ عَنْ إعْطَاءِ الْكَفِيلِ يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ وَكَفِيلٌ كَفَلَ بِإِذْنِ الْمَدْيُونِ فَقَضَى الْكَفِيلُ دَيْنَ الطَّالِبِ، ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الطَّالِبِ ذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّ الْكَفِيلَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِمَا كَفَلَ، وَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا وَأَخَذَ بِالثَّمَنِ كَفِيلًا بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي فَأَدَّى الْكَفِيلُ الثَّمَنَ، ثُمَّ هَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنَّ الْكَفِيلَ لَا يُخَاصِمُ الْبَائِعَ وَلَا يَرْجِعُ

عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُخَاصِمُ الْمُشْتَرِيَ، ثُمَّ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دَفَعَ الْكَفِيلُ إلَيْهِ. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ وَبِهِ كَفِيلٌ فَأَخَذَ الطَّالِبُ مِنْ الْكَفِيلِ رَهْنًا وَمَنْ الْأَصِيلِ رَهْنًا أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ وَبِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّهْنَيْنِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُ الرَّهْنَيْنِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ هَلَكَ الرَّهْنُ الثَّانِي إنْ كَانَ الرَّاهِنُ الثَّانِي عَلِمَ بِرَهْنِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَهْلَكُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ يَهْلَكُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ الثَّانِيَ يَهْلَكُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِلْمَ، وَالْجَهْلَ، وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي كِتَابِ الرَّهْنِ عَبْدٌ بَيْنَ نَصْرَانِيَّيْنِ كَاتَبَاهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً عَلَى خَمْرٍ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا صَارَ الْكُلُّ قِيمَتَهُ وَبَقِيَتْ الْكِتَابَةُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ لِوَاحِدٍ فَمَاتَ وَأَسْلَمَ أَحَدُ وَرَثَتِهِ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَ عَبْدَيْهِ كِتَابَةً وَاحِدَةً وَكَفَلَ كُلٌّ عَنْ صَاحِبِهِ فَأَسْلَمَ الْمَوْلَى أَوْ أَحَدُهُمَا نَظِيرُهُ كَاتَبَهُمَا، أَوْ كَاتَبَا عَبْدًا لَهُمَا عَلَى رُطَبٍ فَانْقَطَعَ أَوَانُهُ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا صَارَ مَا عَلَى الْآخَرِ قِيمَةً إذْ لَوْ بَقِيَ رُطَبًا لَتَفَرَّقَتْ الْكِتَابَةُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَكُرِهَ السَّفَاتِجُ وَهُوَ قَرْضٌ اسْتَفَادَ بِهِ الْمُقْرِضُ سُقُوطَ خَطَرِ الطَّرِيقِ وَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا» وَصُورَتُهُ دَفَعَ إلَى تَاجِرٍ عَشَرَةً لِيَدْفَعَهَا إلَى صَدِيقِهِ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ لِيَسْتَفِيدَ بِهِ سُقُوطَ خَطَرِ الطَّرِيقِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً وَلَا كَانَ فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْكَافِي فِي كِتَابِ الْحَوَالَةِ. لَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ اُكْتُبْ لِي سَفْتَجَةً إلَى مَوْضِعِ كَذَا عَلَى أَنْ أُعْطِيَك هُنَا إلَى أَيَّامٍ فَلَا خَيْرَ فِيهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ جَاءَ بِكِتَابِ سَفْتَجَةٍ إلَى رَجُلٍ مِنْ شَرِيكِهِ، أَوْ خَلِيطِهِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَقَرَأَهُ، ثُمَّ قَالَ كَتَبَهَا لَك عِنْدِي أَوْ قَالَ لَهُ الدَّافِعُ اضْمَنْهَا لِي فَقَالَ قَدْ أَثْبَتّهَا لَك عِنْدِي، أَوْ قَالَ كَتَبْتهَا لَك عِنْدِي فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إنْ شَاءَ دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَدْفَعْ ذَكَرَ الطَّحْطَاوِيُّ إذَا قَبِلَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ كِتَابَ السَّفْتَجَةِ وَقَرَأَ مَا فِيهِ لَزِمَهُ الْمَالُ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ مَا لَمْ يَضْمَنْ، أَوْ يَقُولُ كَتَبْتهَا لَك عَلَيَّ، أَوْ قَالَ أَثْبَتّهَا لَك عَلَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَالْفَتْوَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَعَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْفَذَ أَجِيرًا لَهُ إلَى مَدِينَةٍ مِنْ الْمَدَائِنِ، ثُمَّ أَنْفَذَ إلَى الْأَجِيرِ بَعْدَ خُرُوجِ الْأَجِيرِ مِنْ الْمَدِينَةِ شَيْئًا مِنْ (1) (السودزيان) ، ثُمَّ كَتَبَ الرَّجُلُ إلَى أَجِيرِهِ سَفْتَجَةً بِاسْمِ رَجُلٍ فَلَمَّا وَصَلَتْ السَّفْتَجَةِ إلَى الْأَجِيرِ قَبِلَهَا وَأَدَّى بَعْضَ الْمَالِ وَبَذَلَ إلَى صَاحِبِ السَّفْتَجَةِ خِطَابًا بِالْبَاقِي، ثُمَّ وَرَدَ إلَى الْأَجِيرِ كِتَابٌ مِنْ الْأُسْتَاذِ أَنْ لَا تَقْبَلَ السَّفْتَجَةِ الَّتِي كَتَبْتهَا إلَيْك بِاسْمِ فُلَانٍ، وَإِنْ كُنْتَ قَبِلْتهَا فَلَا تُوَفِّهِ الْمَالَ وَرُدَّ عَلَيْهِ كِتَابَ السَّفْتَجَةِ فَقَدْ بَدَا لِي إلَيَّ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ وَقَدْ تَبَدَّلَ الْأَمْرُ فَهَلْ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ أَدَاءِ الْبَاقِي قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ لَهُ، وَهُوَ صَاحِبُ السَّفْتَجَةِ دَفَعَ الْمَالَ إلَى الَّذِي كَتَبَ لَهُ السَّفْتَجَةَ وَضَمِنَ لَهُ

كتاب الحوالة وهي مشتملة على ثلاثة أبواب

الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ صَحَّ ضَمَانُ الْأَجِيرِ عَنْهُ وَلَا يَكُونُ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ أَدَاءِ الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ السَّفْتَجَةِ دَفَعَ الْمَالَ إلَى الْكَاتِبِ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْأَجِيرِ عَنْهُ وَكَانَ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ أَدَاءِ الْبَاقِي وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ الْأَجِيرُ ضَمِنَ الْمَالَ لِصَاحِبِ السَّفْتَجَةِ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ كَانَ. لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِ الْمَالِ إلَى صَاحِبِ السَّفْتَجَةِ فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَ وَبَذْلُ الْخَطِّ بِالْبَاقِي لَا يَكُونُ ضَمَانًا مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِاللِّسَانِ، أَوْ يَكْتُبَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِنْ الْمَالِ كَيْتُ وَكَيْتُ وَيُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي دَعْوَى الْفُضْلَى أَوْرَدَ سَفْتَجَةً مِنْ آخَرَ إلَى بَعْضِ التُّجَّارِ فَوَفَّى عَلَيْهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ بَعْضَهُ وَبَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّتُهُ إنْ كَانَ لِلَّذِي كَتَبَ مَالٌ قَبِلَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى صَاحِبِ الْكِتَابِ وَأَقَرَّ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِالْكِتَابِ، وَأَنَّ الْمَالَ دَيْنٌ عَلَيْهِ أُجْبِرَ عَلَى دَفْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ لَا يُجْبَرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلَّذِي كَتَبَ قِبَلَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مَالٌ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَمِنَ الْمَالَ لِصَاحِبِ الْكِتَابِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْحَوَالَةِ وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيف الْحَوَالَةِ وَرُكْنهَا وَشَرَائِطِهَا] (كِتَابُ الْحَوَالَةِ) وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِهَا وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِهَا وَأَحْكَامِهَا) أَمَّا التَّعْرِيفُ فَهُوَ نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَأَمَّا رُكْنُهَا فَهُوَ الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ وَالْإِيجَابُ مِنْ الْمُحِيلِ، وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، وَالْمُحْتَالِ لَهُ جَمِيعًا فَالْإِيجَابُ أَنْ يَقُولَ الْمُحِيلُ لِلطَّالِبِ أَحَلْتُك عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا، وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، وَالْمُحْتَالِ لَهُ أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبِلْتُ وَرَضِيتُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ، وَالرِّضَا وَهَذَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُحِيلِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُحْتَالِ لَهُ وَبَعْضُهَا إلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَبَعْضُهَا إلَى الْمُحْتَالِ بِهِ أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ (فَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا) فَلَا تَصِحُّ حَوَالَةُ الْمَجْنُونِ، وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ (وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا) ، وَهُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ دُونَ الِانْعِقَادِ فَتَنْعَقِدُ حَوَالَةُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ مَوْقُوفًا فَإِنْفَاذُهَا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ، وَأَمَّا حُرِّيَّةُ الْمُحِيلِ فَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ حَتَّى تَصِحَّ حَوَالَةُ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ إذَا أَدَّى وَلَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ عَلَيْهِ دَيْنُ مِثْلِهِ وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَكَذَا الصِّحَّةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ فَتَصِحُّ مِنْ الْمَرِيضِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَأَمَّا رِضَا مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَأَمْرُهُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ حَتَّى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ إنَّ لَك عَلَى فُلَانٍ كَذَا مِنْ الدَّيْنِ فَاحْتَالَ بِهِ عَلَيَّ وَرَضِيَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الدَّيْنِ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ فَإِنْ أَدَّى الْمَالَ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَيَبْرَأُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُحْتَالِ لَهُ (فَمِنْهُ الْعَقْلُ) ؛ لِأَنَّ قَبُولَهُ رُكْنٌ وَغَيْرُ الْعَاقِلِ لَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْقَبُولِ (وَمِنْهُ الْبُلُوغُ) وَإِنَّهُ شَرْطُ النَّفَاذِ دُونَ الِانْعِقَادِ فَيَنْعَقِدُ احْتِيَالُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ إنْ كَانَ الثَّانِي أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيَجُوزُ قَبُولُ الْحَوَالَةِ بِمَالِ الْيَتِيمِ مِنْ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ عَلَى أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الْمَلْأَةِ اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْمُحِيطِ. (وَمِنْهُ الرِّضَا) حَتَّى لَوْ احْتَالَ مُكْرَهًا لَا يَصِحُّ (وَمِنْهُ مَجْلِسُ الْحَوَالَةِ) ، وَهُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَة وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرْطُ النَّفَاذِ حَتَّى أَنَّ الْمُحْتَالَ لَهُ لَوْ كَانَ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَأَجَازَ لَا يَنْفُذُ عِنْدَهُمَا، وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَ الرَّجُلُ الْحَوَالَةَ لِلْغَائِبِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. .، وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ (فَمِنْهُ الْعَقْلُ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَجْنُونِ، وَالصَّبَى الَّذِي لَا يَعْقِلُ قَبُولُ الْحَوَالَةِ أَصْلًا (وَمِنْهُ الْبُلُوغُ) وَأَنَّهُ شَرْطُ الِانْعِقَادِ أَيْضًا فَلَا يَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ قَبُولُ الْحَوَالَةِ أَصْلًا، وَإِنْ كَانَ عَاقِلًا سَوَاءٌ كَانَ مَحْجُورًا، أَوْ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُحِيلِ أَوْ بِأَمْرِهِ، وَإِنْ قَبِلَ وَلِيُّهُ عَنْهُ لَا يَصِحُّ أَيْضًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (وَمِنْهُ رِضَاهُ وَقَبُولُ الْحَوَالَةِ) سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ حَتَّى لَوْ أَحَالَهُ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ، ثُمَّ عَلِمَ الْغَائِبُ فَقَبِلَ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. .، وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُحْتَالِ بِهِ (فَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا لَازِمًا) فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِالْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ وَلَا بِدَيْنٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ دَيْنٍ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَأَمَّا أَحْكَامُهَا (فَمِنْهُ بَرَاءَةُ الْمُحِيلِ عَنْ الدَّيْنِ) كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحِيلَ عَنْ الدَّيْنِ، أَوْ وَهَبَهُ لَهُ لَا يَصِحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا أَحَالَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِالدَّيْنِ عَلَى غَيْرِهِ يَسْتَرِدُّ الرَّهْنَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا لَوْ أَحَالَ بِدَيْنِهِ فَرَهَنَ لَا يَصِحُّ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَحَالَ الزَّوْجُ الْمَرْأَةَ بِصَدَاقِهَا لَمْ تَحْبِسْ نَفْسَهَا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَمْ يَرْجِعْ الْمُحْتَالُ عَلَى الْمُحِيلِ إلَّا أَنْ يُتْوَى حَقُّهُ فَإِذَا تَوِيَ عَلَيْهِ عَادَ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَالتَّوَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَجْحَدَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ وَيَحْلِفَ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُحِيلِ وَلَا لِلْمُحْتَالِ لَهُ أَوْ يَمُوتَ مُفْلِسًا بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا عَيْنًا وَلَا دَيْنًا وَلَا كَفِيلًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِهِ، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ أَحَالَ الْمُحِيلُ الطَّالِبَ عَلَى الْأَصِيلِ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ بِالتَّوَى كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ. وَلَوْ مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا وَعِنْدَ الْمُحْتَالِ لَهُ رَهْنٌ بِالْمَالِ لِغَيْرِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِأَنْ اسْتَعَارَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مِنْ آخَرَ عَيْنًا فَرَهَنَهَا عِنْدَ الْمُحْتَالِ لَهُ، أَوْ رَهَنَ رَجُلٌ عِنْدَ الْمُحْتَالِ لَهُ رَهْنًا بِالْمَالِ تَبَرُّعًا وَجَعَلَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ مُسَلَّطًا عَلَى بَيْعِهِ، أَوْ لَمْ يَجْعَلْ يَعُودُ الْمَالُ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الرَّهْنِ لَمْ يَأْخُذْ الرَّهْنَ بَعْدَمَا مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا حَتَّى هَلَكَ فِي يَدِهِ

الباب الثاني في تقسيم الحوالة

الرَّهْنُ هَلَكَ بِدَيْنِ الَّذِي هُوَ مَضْمُونٌ بِهِ، وَإِنْ سَقَطَ الرَّهْنُ عَنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ مُفْلِسًا، ثُمَّ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ بِدَيْنِ الَّذِي هُوَ مَضْمُونٌ بِهِ يُنْظَرُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ تَطَوَّعَ فِي الرَّهْنِ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ وَإِنْ رَهَنَ بِأَمْرِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ أَوْ اسْتَعَارَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ شَيْئًا وَرَهَنَهُ اتَّبَعَ صَاحِبُ الرَّهْنِ الْمُحِيلَ بِالْمَالِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ وَصَارَ ذَلِكَ تَرِكَةً لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَيُقْضَى مِنْهَا دَيْنُ غُرَمَائِهِ، وَالرَّاهِنُ مِنْ جُمْلَةِ غُرَمَائِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْمُحْتَالُ لَهُ مَاتَ مُفْلِسًا وَقَالَ الْمُحِيلُ بِخِلَافِهِ فَفِي الشَّافِي الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحْتَالِ لَهُ مَعَ يَمِينٍ عَلَى الْعِلْمِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ كَمَا فِي الشَّافِي كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ كَانَ لَهُ كَدَيْنٍ لَهُ عَلَى مَلِيءٍ، أَوْ وَدِيعَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ، أَوْ مَدْفُونٌ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِهِ يَوْمَ مَوْتِهِ حَتَّى قَضَى بِبُطْلَانِ الْحَوَالَةِ وَبِعَوْدِ الدَّيْنِ إلَى الْمُحِيلِ رَدَّ الْقَاضِي قَضَاءَهُ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُحْتَالُ لَهُ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ الْمُحِيلِ رَجَعَ بِدَيْنِهِ فِي الْمَالِ الَّذِي ظَهَرَ لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ الْمُحِيلِ رَدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذَهُ وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي يَعْلَمُ أَنَّ لِلْمَيِّتِ دَيْنًا عَلَى الْمُفْلِسِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْضَى بِبُطْلَانِ الْحَوَالَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَحَالَ رَجُلًا بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَغَابَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ عَنْ الْبَلَدِ بِحَيْثُ لَا يُدْرَى أَيْنَ هُوَ لِعُسْرَتِهِ وَعَجْزِهِ فَأَرَادَ الْمُحْتَالُ أَنْ يَرْجِعَ لِحَقِّهِ عَلَى الْمُحِيلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالدَّيْنِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى الْجَوَاهِرِ. وَإِذَا أَدَّى الْمُحِيلُ وَلَمْ يَقْبَلْ الْمُحْتَالُ لَهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا إذْ الْمُتَبَرِّعُ مَنْ يَقْصِدُ الْإِحْسَانَ إلَى الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدَ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ وَبِهَذَا الْأَدَاءِ قَصَدَ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ أَسْقَطَ عَنْ نَفْسِهِ الْمُطَالَبَةَ، وَالْحَبْسَ حَالَ إعْسَارِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. (وَمِنْهَا) ثُبُوتُ وِلَايَةِ الْمُطَالَبَةِ لِلْمُحْتَالِ لَهُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ (وَمِنْهَا) ثُبُوتُ حَقِّ الْمُلَازَمَةِ لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ إذَا لَازَمَهُ الْمُحْتَالُ لَهُ فَكُلَّمَا لَازَمَهُ الْمُحْتَالُ لَهُ فَلَهُ أَنْ يُلَازِمَ الْمُحِيلَ لِيُخَلِّصَهُ عَنْ مُلَازَمَةِ الْمُحْتَالِ لَهُ، وَإِذَا حَبَسَهُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ إذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ لِلْمُحِيلِ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، أَوْ كَانَ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ، أَوْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةٌ بِالدَّيْنِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ أَنْ يُلَازِمَ الْمُحِيلَ إذَا لُوزِمَ وَلَا أَنْ يَحْبِسَهُ إذَا حَبَسَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي تَقْسِيمِ الْحَوَالَة] (الْبَابُ الثَّانِي فِي تَقْسِيمِ الْحَوَالَة) وَهِيَ نَوْعَانِ مُطْلَقَةٌ وَمُقَيَّدَةٌ (فَالْمُطْلَقَةُ) مِنْهَا أَنْ يُرْسِلَ الْحَوَالَةَ وَلَا يُقَيِّدُهَا بِشَيْءٍ مِمَّا عِنْدَهُ مِنْ وَدِيعَةٍ، أَوْ غَصْبٍ أَوْ دَيْنٍ، أَوْ يُحِيلُهُ عَلَى رَجُلٍ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَلَوْ أَحَالَ مُطْلَقَةً لَا يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُحْتَالِ لَهُ بِالدَّيْنِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَلَا الْوَدِيعَةِ وَلَا بِالْغَصْبِ اللَّذَيْنِ عِنْدَهُ بَلْ بِذِمَّةِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَيُجِبْ عَلَيْهِ أَدَاءُ دَيْنِ الْمُحْتَالِ لَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلِلْمُحِيلِ أَنْ يَقْبِضَ دَيْنَهُ وَوَدِيعَتَهُ وَغَصْبَهُ مِنْهُ وَلَا يُبْطِلُ الْحَوَالَةَ بِأَخْذِهِ

فَلَوْ مَاتَ الْمُحِيلُ قُسِّمَ دَيْنُهُ وَوَدِيعَتُهُ وَغَصْبُهُ الَّذِي قِبَلَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ دُونَ الْمُحْتَالِ لَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. (ثُمَّ الْمُطْلَقَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ حَالَّةٌ وَمُؤَجَّلَةٌ) فَالْحَالَّةُ مِنْهَا أَنْ يُحِيلَ الْمَدْيُونَ إلَى الطَّالِبِ عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَيَجُوزُ وَتَكُونُ الْأَلْفُ عَلَى الْمُحِيلِ حَالَّةً وَالْمُؤَجَّلَةُ مِنْهَا رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ إلَى سَنَةٍ فَأَحَالَهُ بِهَا عَلَى رَجُلٍ إلَى سَنَةٍ فَالْحَوَالَةُ جَائِزَةٌ وَيَكُونُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ إلَى سَنَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا إذَا حَصَلَتْ الْحَوَالَةُ مُبْهَمَةً هَلْ يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ قَالُوا وَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ فَإِنْ مَاتَ الْمُحِيلُ لَمْ يَحِلَّ الْمَالُ عَلَى الْمُحْتَالِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ هِيَ حِلُّ الْمَالِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَفَاءٌ رَجَعَ الْمُحْتَالُ لَهُ بِالْمَالِ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ إلَى أَجَلِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا كَانَ الْمَالُ حَالًّا عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ مِنْ قَرْضٍ فَالْحَالَّةُ بِهَا عَلَى رَجُلٍ إلَى سَنَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ هَذَا تَأْجِيلًا فِي الْقَرْضِ فَإِنْ مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ مُفْلِسًا عَادَ الْمَالُ إلَى الْمُحِيلِ حَالًّا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَالُ حَالًّا عَلَى الْمُحِيلِ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، أَوْ غَصْبٍ فَأَحَالَهُ بِهَا عَلَى رَجُلٍ إلَى سَنَةٍ وَمَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ مُفْلِسًا فَإِنَّهُ يَعُودُ الْمَالُ إلَى الْمُحِيلِ حَالًّا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفٌ حَالَّةٌ لِرَجُلٍ، وَالْمَدْيُونُ لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَّةٌ فَأَحَالَ الْمَدْيُونُ الْأَوَّلُ صَاحِبَ دَيْنِهِ عَلَى الْمَدْيُونِ الثَّانِي حَوَالَةً مُقَيَّدَةً بِمَا عَلَيْهِ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ فَلَوْ أَنَّ الْمُحْتَالَ لَهُ أَخَّرَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ إلَى سَنَةٍ لَا يَكُونُ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَدْيُونِهِ مِمَّا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فَلَوْ أَنَّ الْمُحْتَالَ لَهُ بَعْدَ التَّأْخِيرِ أَبْرَأَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ عَنْ دَيْنِ الْحَوَالَةِ كَانَ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَدْيُونِهِ بِدَيْنِهِ حَالًّا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَحَالَ عَلَيْهِ غَرِيمًا لَهُ إلَى سَنَةٍ، ثُمَّ أَدَّى الْمُحِيلُ الْمَالَ إلَى الْمُحْتَالِ لَهُ قَبْلَ السَّنَةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ حَالًّا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا احْتَالَ رَجُلٌ بِالْمَالِ إلَى رَجُلٍ، ثُمَّ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ أَحَالَهُ عَلَى آخَرَ إلَى أَجَلٍ مِثْلِ ذَلِكَ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَصِيلِ حَتَّى يَقْبِضَ الطَّالِبُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ احْتَالَ الْأَبُ، وَالْوَصِيُّ بِدَيْنِ الصَّبِيِّ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ لِكَوْنِهِ إبْرَاءً مُوَقَّتًا فَيُعْتَبَرُ بِالْإِبْرَاءِ الْمُؤَبَّدِ إذَا كَانَ دَيْنًا وَرِثَهُ الصَّغِيرُ، وَإِنْ وَجَبَ بِعَقْدِهِمَا جَازَ التَّأْجِيلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَيْسَ لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ لَكِنْ إذَا لُوزِمَ فَلَهُ أَنْ يُلَازِمَ وَإِذَا حُبِسَ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْأَصِيلَ حَتَّى يُخَلِّصَهُ عَنْ ذَلِكَ كَمَا فِي الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَدَّى الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ إلَى الْمُحْتَالِ لَهُ، أَوْ وَهَبَهُ لَهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ مَاتَ الْمُحْتَالُ لَهُ فَوَرِثَهُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ لَهُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ بَرِئَ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُحِيلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا قَالَ لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ قَدْ تَرَكْته لَك كَانَ لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ فَأَحَالَ الطَّالِبَ عَلَى رَجُلٍ لَيْسَ لِلْمُحِيلِ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَجَاءَ فُضُولِيٌّ وَقَضَى الْمَالَ مِنْ الْمُحْتَالِ

عَلَيْهِ تَبَرُّعًا كَانَ لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ كَمَا لَوْ أَدَّى مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَوْ كَانَ لِلْمُحِيلِ دَيْنٌ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَأَحَالَ الطَّالِبَ عَلَى مَدْيُونِهِ بِذَلِكَ الْمَالِ، ثُمَّ جَاءَ فُضُولِيٌّ وَقَضَى دَيْنَ الْمُحْتَالِ لَهُ عَنْ الْمُحِيلِ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْلُ الْمَالِ كَانَ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِدَيْنِهِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُحِيلُ، وَالْمُحْتَالُ عَلَيْهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّ الْفُضُولِيَّ قَضَى عَنْهُ، وَالْفُضُولِيُّ لَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ الْقَضَاءِ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ يُرْجَعُ إلَى قَوْلِ الْفُضُولِيِّ عَنْ أَيِّهِمَا قَضَيْتَ فَإِنْ مَاتَ الْفُضُولِيُّ قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ غَابَ كَانَ الْقَضَاءُ عَنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَرْجِعُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ بِالْمُحْتَالِ بِهِ لَا بِالْمُؤَدَّى حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُحْتَالُ بِهِ دَرَاهِمَ فَنَقَدَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ دَنَانِيرَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَتَصَارَفَا وَتَرَاعَيَا شَرَائِطَ الصَّرْفِ وَصَحَّتْ الْمُصَارَفَةُ فَالْمُحْتَالُ عَلَيْهِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ بِمَالِ الْحَوَالَةِ لَا بِالْمُؤَدَّى وَكَذَا إذَا بَاعَهُ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ عَرْضًا يَرْجِعُ بِمَالِ الْحَوَالَةِ لَا بِالْمُؤَدَّى وَكَذَا إذَا أَعْطَاهُ زُيُوفًا مَكَانَ الْجِيَادِ وَجَوَّزَ الْمُحْتَالُ لَهُ رَجَعَ ذَلِكَ عَلَى الْمُحِيلِ بِالْجِيَادِ وَلَوْ صَالَحَ الْمُحْتَالُ لَهُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ فَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى جِنْسِ حَقِّهِ وَأَبْرَأَهُ عَنْ الْبَاقِي رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِالْقَدْرِ الْمُؤَدَّى؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ الدَّيْنِ فَيَرْجِعُ بِهِ، وَإِنْ صَالَحَ عَلَى خِلَافِ جِنْسِهِ بِأَنْ صَالَحَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى الدَّنَانِيرِ أَوْ عَلَى مَالٍ آخَرَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ بِكُلِّ الدَّيْنِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَالْمُقَيَّدَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ) أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَيِّدَ الْمُحِيلُ الْحَوَالَةَ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنْ يُقَيِّدَ الْحَوَالَةَ بِالْعَيْنِ الَّتِي لَهُ فِي يَدِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ، أَوْ الْوَدِيعَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ أَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِالْعَيْنِ فَصُورَتُهَا رَجُلٌ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً، أَوْ غَصْبًا وَعَلَى صَاحِبِ الْوَدِيعَة، أَوْ الْغَصْبِ لِرَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا أَحَالَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ، أَوْ الْغَصْبِ الطَّالِبَ عَلَى الْمُودَعِ، وَالْغَاصِبِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي هِيَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً، أَوْ غَصْبًا فَلَيْسَ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ فَإِنْ دَفَعَهَا الْمُودَعُ إلَى الْمُحِيلِ صَارَ ضَامِنًا لَهَا فَإِنْ أَخَذَ الْمُحِيلُ مَالَهُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ الْمُحْتَالَ لَهُ أَخَذَ مَالَهُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ كَانَ لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً الْوَدِيعَةِ فَقَالَ الْمُودَعُ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ وَلَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِالْغَصْبِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْوَدِيعَةَ، أَوْ الْغَصْبَ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ أَمَّا الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِالدَّيْنِ الَّذِي كَانَ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَصُورَتُهَا رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَحَالَ الْمَطْلُوبُ الطَّالِبَ بِالْأَلْفِ عَلَى رَجُلٍ لِلْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي لِلْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَإِذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً بِالْعَيْنِ الَّتِي هِيَ لِلْمُحِيلِ فِي يَدِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ الْمُحْتَالَ وَهَبَ لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مَلَكَهَا عَلَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ لَهُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَقَدْ أَحَالَهُ بِدَيْنِهِ مُقَيَّدًا لِلْمُحِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَلَوْ وَهَبَ مِنْ الْمُحْتَالِ لَيْسَ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، وَالْهِبَةُ كَالِاسْتِيفَاءِ وَلَوْ وَرِثَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُحْتَالِ لَهُ

لَا يَرْجِعُ الْمُحِيلُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِدَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَفِي الْهِبَةِ، وَالْإِرْثِ يَرْجِعُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ كَذَا فِي الْكَافِي. الْمُحْتَالُ إذَا أَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْمُحِيلِ بِطَرِيقِ التَّغَلُّبِ وَقَالَ إنَّ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ مُفْلِسٌ، وَالْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةٌ بِالدَّيْنِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ الصَّحِيحُ أَنْ يَرْجِعَ الْمُحِيلُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ مَاتَ الْمُحِيلُ فِيمَا إذَا كَانَ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، أَوْ بِالْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ وَلَمْ يَدَّعِ شَيْئًا سِوَى الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، أَوْ الْعَيْنِ الَّتِي لَهُ فِي يَدِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَالْمُحْتَالُ لَهُ لَا يَكُونُ أَخَصَّ بِذَلِكَ اسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَيَكُونُ أُسْوَةً لِغُرَمَاءِ الْمُحِيلِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً بِوَدِيعَةٍ كَانَتْ عِنْدَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَمَرِضَ الْمُحِيلُ فَدَفَعَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْوَدِيعَةَ إلَى الْمُحْتَالِ لَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْمُحِيلُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ شَيْئًا لِغُرَمَاءِ الْمُحِيلِ وَلَا يُسَلِّمُ الْوَدِيعَةَ لِلْمُحْتَالِ لَهُ بَلْ تَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرَمَاءِ الْمُحِيلِ بِالْحِصَصِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا حَبَسَ الْمُودَعِ الْوَدِيعَةَ وَأَدَّى مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا فَأَحَالَ الطَّالِبَ بِهَا عَلَى رَجُلٍ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يُؤَدِّ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ حَتَّى مَرِضَ الْمُحِيلُ فَأَدَّى الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُحِيلُ مِنْ مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَى تِلْكَ الْأَلْفِ الَّتِي عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ سُلِّمَ الْأَلْفُ لِلْمُحْتَالِ لَهُ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ فِي ذَلِكَ حَقٌّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً بِثَمَنِ عَبْدٍ كَانَ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، ثُمَّ انْفَسَخَ بَيْعُ الْعَبْدِ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ، أَوْ شَرْطٍ، أَوْ عَيْبٍ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَضَاءِ قَاضٍ، أَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَ الثَّمَنُ عَنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَلَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ أَوْ اُسْتُحِقَّ الدَّيْنُ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ الْحَوَالَةَ مِنْ جِهَةِ الْغُرَمَاءِ، أَوْ ظَهَرَ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ كَانَ حُرًّا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا أَحَالَ الْمَوْلَى غَرِيمًا مِنْ غُرَمَائِهِ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَإِنْ أَطْلَقَ الْحَوَالَةَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعَبْدِ بَاطِلٌ، وَإِنْ قَيَّدَ الْحَوَالَةَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ يَجُوزُ بِأَنْ يَصِيرَ غَرِيمُ الْمَوْلَى وَكِيلًا عَنْ الْمَوْلَى، وَالتَّوْكِيلُ بِقَبْضٍ بَدَلَ الْكِتَابَةِ جَائِزٌ وَلَا يُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْأَدَاءِ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ فَالْمُحْتَالُ لَهُ يُحَاصُّ سَائِرَ الْغُرَمَاءِ فِيمَا عَلَى الْمُكَاتَبِ وَلَوْ أَنَّ الْمَوْلَى أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ حَتَّى سَقَطَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ اسْتِحْسَانًا وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا الثَّلَاثَةُ، وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ وَأَدَّى الْمُكَاتَبُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ إلَى الْمُحْتَالِ لَهُ رُجِعَ بِهَا عَلَى الْمَوْلَى هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَاتِبَ الْمَوْلَى أُمَّ وَلَدِهِ، ثُمَّ أَحَالَ غَرِيمًا مِنْ غُرَمَائِهِ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى تُعْتَقُ أُمُّ الْوَلَدِ وَلَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مُكَاتَبٌ أَحَالَ سَيِّدُهُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ عَلَى رَجُلٍ مُطْلَقَةً بَطَلَتْ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَا يُعْتَقُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً بِدَيْنٍ، أَوْ وَدِيعَةٍ، أَوْ غَصْبٍ

صَحَّتْ وَيَكُونُ تَوْكِيلًا لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِأَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ مِنْ مَالِ الْمُكَاتَبِ الَّذِي عِنْدَهُ، أَوْ عَلَيْهِ وَإِذَا صَحَّتْ الْحَوَالَةُ بَرِئَ الْمُكَاتَبُ وَعَتَقَ فَإِنْ تَوِيَ مَا عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، أَوْ عِنْدَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ وَعَادَ بَدَلُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَبَقِيَ الْعِتْقُ كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ أَحَالَ الطَّالِبُ غَرِيمَهُ بِالْمَالِ عَلَى الْكَفِيلِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الطَّالِبِ وَلِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ وَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ حَتَّى يُخَلِّصَهُ مِنْ الْحَوَالَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ اسْتَوْفَى الْمُحْتَالُ لَهُ الْمَالَ مِنْ الْكَفِيلِ بَرِئَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْمُحِيلِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَدَّى الْمَكْفُولُ عَنْهُ الْمَالَ إلَى الْمُحِيلِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْكَفِيلُ إلَى الْمُحْتَالِ لَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ سَبِيلٌ لَكِنَّهُ يَأْخُذُ الْمُحِيلَ حَتَّى يُخَلِّصَهُ مِنْ الْحَوَالَةِ وَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ حَقِّ الْمُحْتَالِ لَهُ فَإِنْ أَدَّى الْكَفِيلُ إلَى الْمُحْتَالِ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا أَحَالَ الطَّالِبُ غَرِيمَهُ عَلَى الْأَصِيلِ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً جَازَتْ الْحَوَالَةُ وَلَا سَبِيلَ لِلْمُحْتَالِ لَهُ عَلَى الْكَفِيلِ وَبَرِئَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ عَنْ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ فَإِنْ أَرَادَ الطَّالِبُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُحِيلَ غَرِيمًا مِنْ غُرَمَائِهِ عَلَى الْكَفِيلِ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً بِذَلِكَ الدَّيْنِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَبِهَا كَفِيلٌ وَعَلَى رَبِّ الدَّيْنِ لِرَجُلَيْنِ أَلْفَا دِرْهَمٍ وَدَيْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ أَحَالَ رَبُّ الدَّيْنِ أَحَدَ غَرِيمَيْهِ عَلَى الْكَفِيلِ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً بِذَلِكَ الدَّيْنِ وَأَحَالَ غَرِيمَهُ الْآخَرَ عَلَى الْأَصِيلِ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً بِذَلِكَ الدَّيْنِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا إنْ حَصَلَتْ الْحَوَالَتَانِ عَلَى التَّعَاقُبِ وَأَنَّهُمَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا إنْ بَدَأَ بِالْحَوَالَةِ عَلَى الْكَفِيلِ، أَوْ بَدَأَ بِالْحَوَالَةِ عَلَى الْأَصِيلِ فَإِنْ بَدَأَ بِالْحَوَالَةِ عَلَى الْكَفِيلِ صَحَّتْ، الْحَوَالَتَانِ فَإِذَا أَدَّى الْكَفِيلُ شَيْئًا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ بِمَا أَدَّى وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ فَلَوْ أَنَّ الْكَفِيلَ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا وَلَكِنْ أَدَّى الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ بَرِئَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِالْأَدَاءِ وَبَرِئَ الْكَفِيلُ عَنْ دَيْنِ الْكَفَالَةِ وَصَارَتْ الْحَوَالَةُ مُطْلَقَةً عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَإِذَا أَدَّى الْكَفِيلُ الْمَالَ إلَى الْمُحْتَالِ لَهُ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ وَلَكِنْ يُطَالِبُ الْمُحِيلَ، وَإِنْ بَدَأَ بِالْحَوَالَةِ عَلَى الْأَصِيلِ، ثُمَّ بِالْحَوَالَةِ عَلَى الْكَفِيلِ فَالْحَوَالَةُ عَلَى الْأَصِيلِ صَحِيحَةٌ وَعَلَى الْكَفِيلِ بَاطِلَةٌ وَلَوْ وَقَعَتْ، الْحَوَالَتَانِ مَعًا جَازَتَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ وَبِهِ كَفِيلٌ فَأَحَالَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ بِالْمَالِ عَلَى رَجُلٍ وَقَبِلَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ بَرِئَ الْأَصِيلُ، وَالْكَفِيلُ جَمِيعًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ تَوَى الْمَالُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ مُفْلِسًا عَادَ الْأَمْرُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَعَلَى الْكَفِيلِ وَيَأْخُذُ أَيَّهمَا شَاءَ وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ أَحَالَ الطَّالِبَ بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْهَا فَلِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَالْمُحْتَالَ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ أَيْضًا. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلطَّالِبِ مُتَطَوِّعًا احْتَلْ عَلَيَّ بِهَذَا الْمَالِ فَفَعَلَ فَالْحَوَالَةُ عَنْ الْأَصِيلِ، وَالْكَفِيلِ

جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ احْتَلْ عَلَيَّ عَلَى أَنْ يَبْرَأَ الْكَفِيلُ كَانَتْ الْحَوَالَةُ عَنْ الْكَفِيلِ فَلَا يَبْرَأُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَحَالَ الطَّالِبَ بِدَيْنِهِ عَلَى رَجُلٍ وَقَبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ، ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ أَحَالَهُ عَلَى رَجُلٍ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَبِلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ انْتَقَضَتْ الْحَوَالَةُ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ وَلَا يَبْقَى لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلِلثَّانِي أَنْ يُطَالِبَ بِدَيْنِهِ عَلَى مُقْتَضَى الْحَوَالَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. أَحَالَ بِمَالٍ عَنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ ثَمَنِ دَارِهِ هَذِهِ فَالْحَوَالَةُ جَائِزَةٌ وَلَا يُجْبَرُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ عَلَى بَيْعِ دَارِهِ وَلَا عَلَى إعْطَاءِ مَالِهِ حَتَّى يَبِيعَ دَارِهِ، وَإِذَا بَاعَ دَارِهِ أُجْبِرَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مَالَهُ مِنْهَا وَلَوْ أَحَالَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مَالَهُ مِنْ ثَمَنِ دَارِ الْمُحِيلِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَالْحَوَالَةُ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ أَمَرَ الْمُحِيلُ بِذَلِكَ حَتَّى جَازَتْ لَا يُجْبَرُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْإِعْطَاءِ قَبْلَ بَيْعِ الدَّارِ وَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْبَيْعُ مَشْرُوطًا فِي الْحَوَالَةِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَوْ بَاعَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ دَارَ نَفْسِهِ فِي الْأَوَّلِ وَدَارَ الْمُحِيلِ فِي الثَّانِي وَأَدَّى الثَّمَنَ فَلَا ضَمَانَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْأَدَاءَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَدْ أَدَّى الثَّمَنَ بِكَمَالِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلَيْنِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَأَحَالَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْمُحْتَالُ لَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ وَمِنْ الَّذِي لَمْ يُحِلْهُ خَمْسَمِائَةٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاخِذَ الَّذِي لَمْ يُحِلْهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَرَجَعَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ الْأَلْفَ كُلَّهَا رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ، ثُمَّ الْمُحِيلُ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ ذَلِكَ. قَالَ فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ نَبَهْرَجَةً وَلِلْمَدْيُونِ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ جِيَادٍ فَأَحَالَ الَّذِي عَلَيْهِ النَّبَهْرَجَةُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْجِيَادُ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ مَكَانَ الدَّرَاهِمِ النَّبَهْرَجَةِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْجِيَادِ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ بِدَرَاهِمَ النَّبَهْرَجَةِ، وَالْمُحْتَالُ عَلَيْهِ غَائِبٌ فَبَلَغَتْهُ الْحَوَالَةُ فَأَجَازَهَا فَالْحَوَالَةُ بَاطِلَةٌ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ حَاضِرًا وَقَبِلَ الْحَوَالَةَ جَازَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ دَفَعَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمُحْتَالِ لَهُ مِنْ الْمُحِيلِ جَازَ، وَإِلَّا بَطَلَ وَتُنْتَقَضُ الْحَوَالَةُ وَعَادَتْ الدَّرَاهِمُ النَّبَهْرَجَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ افْتَرَقَا، ثُمَّ أَدَّى الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْجِيَادَ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ، وَإِنْ بَطَلَتْ بَقِيَ الْأَمْرُ بِالْأَدَاءِ وَبَرِئَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ عَنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ لِلْمُقَاصَّةِ وَيَرْجِعُ الْمُحِيلُ عَلَى الْمُحْتَالِ لَهُ بِالْجِيَادِ بِقَبْضِهِ بَعْدَ فَسَادِ الصَّرْفِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُحْتَالُ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ بِدَيْنِهِ وَهِيَ النَّبَهْرَجَةُ كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا إذَا قَضَى الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْمُحْتَالَ لَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْجِيَادِ فِي الْحَوَالَةِ الْأُولَى بَرِئَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ وَلِلْمُحِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحْتَالِ لَهُ فَيَأْخُذَ الْجِيَادَ وَيُعْطِيَهُ النَّبَهْرَجَةَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمِائَةُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَلِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِالْمِائَةِ الْجِيَادِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ نَقْدَ بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَيْهِ زُيُوفٌ فَأَحَالَ رَبَّ الزُّيُوفِ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْجِيَادُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْجِيَادَ، أَوْ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الزُّيُوفَ، وَالْجِيَادَ لَهُ بَطَلَتْ

الباب الثالث في الدعوى في الحوالة والشهادة

كَذَا فِي الْكَافِي سَوَاءٌ كَانَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَقُبِلَ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ أَدَّى رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى بِأَمْرِهِ، أَوْ عَلَى الْمُحْتَالِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى عَلَيْهِ بِحُكْمِ حَوَالَةٍ فَاسِدَةٍ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا رَجَعَ عَلَى الْمُحْتَالِ لَهُ بِالنَّبَهْرَجَةِ فَالْمُحِيلُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْجِيَادِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ صَالَحَ الْمُحِيلُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ مِنْ الْجِيَادِ عَلَى زُيُوفٍ عَلَى أَنْ يُحِيلَ بِهَا عَلَيْهِ صَاحِبَ الزُّيُوفِ صَحَّ كَذَا فِي الْكَافِي وَبَرِئَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مِنْ الْجِيَادِ وَصَارَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ نَبَهْرَجَةً لِلْمُحْتَالِ لَهُ فَإِنْ مَاتَ الْمُحِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ سِوَى دَيْنِ الْمُحْتَالِ لَهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ الْأَلْفُ النَّبَهْرَجَةُ وَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُحْتَالِ لَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ. لَوْ كَانَتْ الْجِيَادُ عِنْدَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ غَصْبًا، أَوْ وَدِيعَةً وَهِيَ قَائِمَةٌ فَأَحَالَ الْمُحِيلُ صَاحِبَ النَّبَهْرَجَةِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ، أَوْ عَلَى الْغَاصِبِ فَقَالَ الْمُحِيلُ لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ أَحَلْته عَلَيْك بِالْجِيَادِ وَتُعْطِيهَا لَهُ بِالنَّبَهْرَجَةِ فَالْحَوَالَةُ جَائِزَةٌ إنْ قَبَضَهَا الْمُحْتَالُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْمُحِيلَ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُحِيلُ لِلْمُحْتَالِ لَهُ قَدْ أَحَلْتُك بِدَرَاهِمِك النَّبَهْرَجَةِ عَلَى فُلَانٍ لِيُعْطِيَك بِهَا دَرَاهِمَ جِيَادًا عِنْدَهُ فَالْحَوَالَةُ جَائِزَةٌ إنْ قَبَضَهَا الْمُحْتَالُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْمُحِيلَ، وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَتْ الْمُصَارَفَةُ، وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا وَلَكِنْ فَارَقَهُمَا الْمُودَعُ، أَوْ الْغَاصِبُ فَالْحَوَالَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَهُ زُيُوفٌ وَعَلَيْهِ جِيَادٌ فَأَحَالَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الزَّيْفَ صَحَّ وَكَذَا لَوْ صَالَحَ الْمُحِيلُ الْمُحْتَالَ لَهُ مِنْ الْجِيَادِ عَلَى الزُّيُوفِ عَلَى أَنْ يُحِيلَ بِهَا عَلَى فُلَانٍ جَازَ فَإِنْ مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا رَجَعَ بِالزُّيُوفِ إلَى الْمُحِيلِ عَلَى الْمُحِيلِ دَرَاهِمُ وَدَيْنُ الْمُحِيلِ دَنَانِيرُ فَأَحَالَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الدَّنَانِيرَ أَوْ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ مِنْ الدَّنَانِيرِ الَّتِي عَلَيْهِ بَطَلَتْ إلَّا أَنْ تَكُونُ وَدِيعَةً، أَوْ غَصْبًا وَهِيَ قَائِمَةٌ كَذَا فِي الْكَافِي. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الدَّعْوَى فِي الْحَوَالَةُ وَالشَّهَادَةِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الدَّعْوَى فِي الْحَوَالَةُ وَالشَّهَادَةِ) زَعَمَ الْمَدْيُونُ أَنَّهُ كَانَ أَحَالَ الدَّائِنَ عَلَى فُلَانٍ وَقَبِلَهُ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ، ثُمَّ سُئِلَ الْمَدْيُونُ عَنْ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْحَوَالَةِ إنْ أَحْضَرَهَا، وَالْمُحْتَالُ عَلَيْهِ حَاضِرٌ قُبِلَتْ وَبَرِئَ الْمَدْيُونُ، وَإِنْ غَابَ قُبِلَتْ فِي حَقِّ التَّوْقِيتِ إلَى حُضُورِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَإِنْ حَضَرَ وَأَقَرَّ بِمَا قَالَ الْمَدْيُونُ بَرِئَ، وَإِلَّا أُمِرَ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ غَابُوا، أَوْ مَاتُوا حَلَفَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمَدْيُونِ بَيِّنَةٌ وَطَلَبَ حَلِفًا حَلَفَ بِاَللَّهِ مَا احْتَالَ عَلَى فُلَانٍ بِالْمَالِ فَإِنْ نَكَلَ بَرِئَ الْمَطْلُوبُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. غَابَ الْمُحِيلُ وَزَعَمَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ أَنَّ مَا عَلَى الْمُحِيلِ كَانَ ثَمَنَ خَمْرٍ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ، وَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَالَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ إلَى الْمُحْتَالِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ فَقَالَ الْمُحِيلُ الْمَالُ الْمُحْتَالُ بِهِ كَانَ ثَمَنَ خَمْرٍ لَا يُسْمَعُ، وَإِنْ بَرْهَنَ وَيُقَالُ لِلْمُحِيلِ أَدِّهِ إلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، ثُمَّ خَاصَمَ الْمُحْتَالَ فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى الْمُحْتَالِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ ثَمَنَ خَمْرٍ تُقْبَلُ، ثُمَّ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَالْمُحْتَالِ

كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ أَنَّ الْمُحْتَالَ أَقَرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي أَنَّ مَالَهُ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَلَا خُصُومَةَ لِلْمُحْتَالِ لَهُ مَعَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَإِنْ حَضَرَ الْمُحِيلُ وَقَالَ لَا بَلْ الْمَالُ قَرْضٌ لَزِمَهُ الْمَالُ إنْ صَدَّقَهُ الْمُحْتَالُ فِي ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَحَالَ امْرَأَتَهُ بِصَدَاقِهَا وَقَبِلَ الْحَوَالَةَ، ثُمَّ غَابَ الزَّوْجُ فَأَقَامَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ نِكَاحَهَا كَانَ فَاسِدًا وَبَيَّنَ لِذَلِكَ وَجْهًا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا عَنْ صَدَاقِهَا، أَوْ أَنَّ الزَّوْجَ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ، أَوْ بَاعَ صَدَاقَهَا مِنْهَا شَيْئًا وَقَبَضَتْ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ الْمَقْبُوضِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ أَنَّ مُسْلِمًا بَاعَ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ أَحَالَ مُسْلِمًا عَلَى الْمُشْتَرِي حَوَالَةً مُقَيَّدَةً بِأَنْ قَالَ أَحَلْت فُلَانًا عَلَيْك بِالْأَلْفِ الَّتِي عَلَيْك، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَلْفُ كَانَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ وَقَالَ الْمُحِيلُ، وَهُوَ الْبَائِعُ كَانَ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ الْمُحِيلِ فَإِنْ أَقَامَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى الْمُحِيلِ بِذَلِكَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً بَلْ كَانَتْ مُطْلَقَةً بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَحَلْت فُلَانًا عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ، وَإِنْ أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُحِيلِ أَنَّ الْأَلْفَ عَلَيْهِ كَانَ ثَمَنَ خَمْرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَحَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ رَجُلًا عَلَى الْمَدْيُونِ بِالْأَلْفِ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ فَقَبَضَ الْمُحْتَالُ لَهُ الْمَالَ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُحِيلُ لِلْقَابِضِ مَا كَانَ لَك عَلَى شَيْءٌ، وَإِنَّمَا أَمَرْتُك لِتَقْبِضَ الْمَالَ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ وَطَالَبَهُ بِدَفْعِ الْمَقْبُوضِ إلَيْهِ وَقَالَ الْقَابِضُ بَلْ كَانَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَأَحَلْتنِي بِهَا عَلَيْهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُحِيلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَدَّى الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُحِيلُ أَحَلْت بِمَا لِي عَلَيْك فَقَالَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ لَيْسَ لَك عَلَيَّ دَيْنٌ فَأَرْجِعُ عَلَيْك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَانَ الْمُحْتَالُ لَهُ غَائِبًا فَأَرَادَ الْمُحِيلُ أَنْ يَقْبِضَ مَالَهُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَقَالَ أَحَلْته بِوَكَالَةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيَّ دَيْنٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا أُصَدِّقُهُ وَلَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءُ الْغَائِبِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَحَالَ بِمَا لَهُ عَلَى رَجُلٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ عَلَى إبْرَاءِ الْأَصِيلِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَرَاءَةَ، وَالطَّالِبُ يَدَّعِي الْحَوَالَةَ بَرِئَ الْأَصِيلُ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى كَوْنِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ ضَامِنًا بِشَهَادَتِهِمَا إلَّا أَنَّ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ تَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الطَّالِبِ بِالْحَوَالَةِ فَإِنْ قَالَ الطَّالِبُ ضَمِنَ بِغَيْرِ حَوَالَةٍ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ وَيَأْخُذُ أَيَّهمَا شَاءَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلَيْنِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَحَالَا بِهَا عَلَى رَجُلٍ لَهُمَا عَلَيْهِ مَالٌ فَجَحَدَ الطَّالِبُ الْحَوَالَةَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ ابْنَاهُ، أَوْ أَبَوَاهُ بِالْحَوَالَةِ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ، وَإِنْ شَهِدَ ابْنَا الْمَطْلُوبَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا إذَا ادَّعَى الْمَطْلُوبَانِ ذَلِكَ، وَإِنْ جَحَدَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

مسائل شتى

[مَسَائِلُ شَتَّى] ) الْكَفَالَةُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ حَوَالَةٌ، وَالْحَوَالَةُ بِشَرْطِ مُطَالَبَةِ الْأَصِيلِ كَفَالَةٌ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَبُّ الدَّيْنِ إذَا أَحَالَ رَجُلًا عَلَى غَرِيمِهِ وَلَيْسَ لِلْمُحْتَالِ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ دَيْنٌ فَهَذِهِ وَكَالَةٌ وَلَيْسَتْ بِحَوَالَةٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. أَحَالَ عَلَيْهِ بِمِائَةِ مَنٍّ مِنْ الْحِنْطَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا لِلْمُحْتَالِ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ فَقَبِلَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. دَفَعَ السِّمْسَارُ دَرَاهِمَ نَفْسِهِ إلَى الرُّسْتَاقِيِّ ثَمَنَ دِبْسٍ، أَوْ قُطْنٍ، أَوْ حِنْطَةٍ لِيَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَعَجَزَ السِّمْسَارُ عَنْ أَخْذِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي لِإِفْلَاسِهِ يَسْتَرِدُّهَا مِنْ الْآخِذِ اسْتِحْسَانًا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي بِلَادِنَا أَنَّ السِّمْسَارَ يَدْفَعُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَتَّى يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَصَارَ كَمَا لَوْ أَحَالَ الْبَائِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي نَصًّا قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَالسَّمَاسِرَةُ فِي بُخَارَى قَوْمٌ لَهُمْ حَوَانِيتُ مُعَدَّةٌ لِلسَّمْسَرَةِ يَضَعُ فِيهَا أَهْلُ الرَّسَاتِيقِ مَا يُرِيدُونَ بَيْعَهُ مِنْ الْحُبُوبِ، وَالْفَوَاكِهِ وَيَتْرُكُونَهَا فَيَبِيعُهَا السِّمْسَارُ، ثُمَّ قَدْ يَتَعَجَّلُ الرُّسْتَاقِيُّ الرُّجُوعَ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ السِّمْسَارُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ لِيَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ أَحَالَ عَلَى آخَرَ بِقَدْرٍ مِنْ الْغَلَّةِ، ثُمَّ بَاعَ الْمُحْتَالُ لَهُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ الْغَلَّةَ إنْ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. لَوْ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدَفَعَ بَائِعُ الدِّينَارِ إلَيْهِ الدِّينَارَ وَلَمْ يَقْبِضْ الدَّرَاهِمَ حَتَّى كَفَلَ بِالدَّرَاهِمِ رَجُلٌ بِأَمْرِهِ، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ جَازَتْ الْكَفَالَةُ فَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى أَبْرَأَهُمَا صَاحِبُ الْعَشَرَةِ مِنْ الْعَشَرَةِ بَرِئَ الْكَفِيلُ سَوَاءٌ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّهِ إبْرَاءٌ مَحْضٌ، وَأَمَّا الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَإِنْ قَبِلَ الْإِبْرَاءَ يَصِحُّ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ لَمْ يَتَكَفَّلْ أَحَدٌ لَكِنْ بَائِعُ الْعَشَرَةِ أَحَالَ بِهَا صَاحِبَهُ عَلَى رَجُلٍ حَاضِرٍ وَقَبِلَ يَجُوزُ وَشُرِطَ الْقَبْضُ فِي مَجْلِسِ الْعَاقِدَيْنِ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقُوا حَتَّى أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ عَنْ الدَّيْنِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَانْتَقَضَ الصَّرْفُ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ، أَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَوْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّرَاهِمُ بَرِئَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّهِ إبْرَاءٌ مَحْضٌ وَيَتَوَقَّفُ فِي حَقِّ بَائِعِ الْعَشَرَةِ عَلَى رِضَاهُ وَقَبُولِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ الْحَوَالَةُ فَاسِدَةً إذَا أَدَّى الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْمَالَ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا أَحَالَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِمَا عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْمُحْتَالَ لَهُ بِالْخِيَارِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ مَضَى عَلَى الْحَوَالَةِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ وَكَذَلِكَ إنْ أَحَالَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْمُحْتَالَ لَهُ مَتَى شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلِلْمُحْتَالِ لَهُ الْخِيَارُ يَرْجِعُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يُحِيلَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ غَرِيمًا لَهُ بَطَلَ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَحْتَالَ بِالثَّمَنِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ يُؤَكِّدُ مُوجَبَ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْكَافِي. الْبَائِعُ إذَا أَحَالَ غَرِيمَهُ بِمَالِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي حَوَالَةً مُقَيَّدَةً بِالثَّمَنِ لَا يَبْقَى لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ، وَالْمُشْتَرِي إذَا أَحَالَ الْبَائِعَ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ

كتاب أدب القاضي وهو مشتمل على أحد وثلاثين بابا

دَابَّةً بِمِائَةٍ وَقَبَضَهَا فَأَحَالَ الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى رَجُلٍ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ وَجَدَ عَيْبًا بِالدَّابَّةِ فَرَدَّهَا بِقَضَاءِ قَاضٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالْمِائَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَكِنْ الْبَائِعُ يُحِيلُهُ بِهَا عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ شَاهِدًا كَانَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ، أَوْ غَائِبًا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ الْمِائَةَ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ رَدَّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ الْمَالُ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فَأَبْطَلَهُ الْقَاضِي وَرَدَّ الدَّابَّةَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِمَا كَانَ لَهُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا أَخَذَ الْخَطَّ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بَعْدَمَا قَبِلَ الْحَوَالَةَ، ثُمَّ قَالَ لِلْمُحِيلِ: إنَّهُ مُفْلِسٌ فَقَالَ لَهُ الْمُحِيلُ: ابْعَثْ إلَيَّ الْخَطَّ الَّذِي أَخَذْته مِنْهُ وَاتْرُكْ الْحَوَالَةَ، فَبَعَثَ بِالْخَطِّ وَلَمْ يَقْبَلْ بِلِسَانِهِ شَيْئًا انْفَسَخَتْ الْحَوَالَةُ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ: ابْعَثْ الْخَطَّ لَكِنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ بِالتَّغَلُّبِ لَوْ أَدَّى الْمُحِيلُ بِاخْتِيَارِهِ يَرْجِعُ الْمُحِيلُ بِمَالِهِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى رَجُلٍ لَمْ يَمْلِكْ حَبْسَ الْمَبِيعِ، وَكَذَا لَوْ أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لَا يَحْبِسُ الرَّهْنَ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الْمُشْتَرِي إذَا أَعْطَى بِالثَّمَنِ كَفِيلًا، ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ أَحَالَ الْبَائِعُ بِالْمَالِ عَلَى إنْسَانٍ فَأَرَادَ الْبَائِعُ أَخْذَ الْمَالِ مِنْ الْمُشْتَرِي دُونَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ مَعْنَى الْأَدَبِ وَالْقَضَاءِ وَأَقْسَامِهِ وَشَرَائِطِهِ] (كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي) وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ بَابًا (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ مَعْنَى الْأَدَبِ وَالْقَضَاءِ وَأَقْسَامِهِ وَشَرَائِطِهِ وَمَعْرِفَةِ مَنْ يَجُوزُ التَّقَلُّدُ مِنْهُ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) الْأَدَبُ هُوَ التَّخَلُّقُ بِالْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ وَالْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ فِي مُعَاشَرَةِ النَّاسِ وَمُعَامَلَتِهِمْ وَأَدَبُ الْقَاضِي الْتِزَامُهُ لِمَا نَدَبَ إلَيْهِ الشَّرْعُ مِنْ بَسْطِ الْعَدْلِ وَدَفْعِ الظُّلْمِ وَتَرْكِ الْمَيْلِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى حُدُودِ الشَّرْعِ، وَالْجَرْيِ عَلَى سُنَنِ السُّنَّةِ. وَالْقَضَاءُ لُغَةً بِمَعْنَى الْإِلْزَامِ وَبِمَعْنَى الْإِخْبَارِ وَبِمَعْنَى الْفَرَاغِ وَبِمَعْنَى التَّقْدِيرِ وَفِي الشَّرْعِ قَوْلٌ مُلْزِمٌ يَصْدُرُ عَنْ وِلَايَةٍ عَامَّةٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَالْأَصْلُ أَنَّ الْقَضَاءَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ قَدْ بَاشَرَهُ الصَّحَابَةُ، وَالتَّابِعُونَ، وَمَضَى عَلَيْهِ الصَّالِحُونَ وَلَكِنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَذَا فِي الْكَافِي. ، وَالْقَضَاءُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ. وَاجِبٍ، وَهُوَ أَنْ يَتَعَيَّنَ لَهُ وَلَا يُوجَدَ مَنْ يَصْلُحُ غَيْرُهُ. وَمُسْتَحَبٍّ، وَهُوَ أَنْ يُوجَدَ مَنْ يَصْلُحُ لَكِنَّهُ هُوَ أَصْلَحُ وَأَقْوَمُ بِهِ. وَمُخَيَّرٍ فِيهِ، وَهُوَ أَنْ يَسْتَوِيَ هُوَ وَغَيْرُهُ فِي الصَّلَاحِيَّةِ، وَالْقِيَامِ بِهِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ قَبِلَهُ، وَإِنْ شَاءَ لَا. وَمَكْرُوهٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ لَكِنَّ غَيْرَهُ أَصْلَحُ. وَحَرَامٍ، وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ مِنْ نَفْسِهِ الْعَجْزَ عَنْهُ وَعَدَمَ الْإِنْصَافِ فِيهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ بَاطِنِهِ مِنْ اتِّبَاعِ الْهَوَى مَا لَا يَعْرِفُونَهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ

وَلَا تَصِحُّ وِلَايَةُ الْقَاضِي حَتَّى يَجْتَمِعَ فِي الْمُوَلَّى شَرَائِطُ الشَّهَادَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْإِسْلَامِ، وَالتَّكْلِيفِ، وَالْحُرِّيَّةِ وَكَوْنِهِ غَيْرَ أَعْمَى وَلَا مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ وَلَا أَصَمَّ وَلَا أَخْرَسَ، وَأَمَّا الْأَطْرَشُ، وَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْقَوِيَّ مِنْ الْأَصْوَاتِ فَالْأَصَحُّ جَوَازُ تَوْلِيَتِهِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ أَهْلِيَّةَ الِاجْتِهَادِ شَرْطُ الْأَوْلَوِيَّةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. حَتَّى لَوْ قُلِّدَ جَاهِلٌ، وَقَضَى هَذَا الْجَاهِلُ بِفَتْوَى غَيْرِهِ يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ لَكِنْ مَعَ هَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَلَّدَ الْجَاهِلُ بِالْأَحْكَامِ وَكَذَلِكَ الْعَدَالَةُ عِنْدَنَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي جَوَازِ التَّقْلِيدِ لَكِنَّهَا شَرْطُ الْكَمَالِ فَيَجُوزُ تَقْلِيدُ الْفَاسِقِ وَتَنْفُذُ قَضَايَاهُ إذَا لَمْ يُجَاوِزْ فِيهَا حَدَّ الشَّرْعِ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَلَّدَ الْفَاسِقُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قُلِّدَ، وَهُوَ عَدْلٌ، ثُمَّ فُسِّقَ يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ، وَلَكِنْ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَيَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يَعْزِلَهُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ شَرَطَ السُّلْطَانُ أَنَّهُ مَتَى فُسِّقَ يَنْعَزِلُ انْعَزَلَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَيَجُوزُ تَقَلُّدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ، وَالْجَائِرُ وَلَكِنْ إنَّمَا يَجُوزُ تَقَلُّدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ الْجَائِرِ إذَا كَانَ يُمَكِّنُهُ مِنْ الْقَضَاءِ بِحَقٍّ، وَلَا يَخُوضُ فِي قَضَايَاهُ بِشَرٍّ وَلَا يَنْهَاهُ عَنْ تَنْفِيذِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ كَمَا يَنْبَغِي أَمَّا إذَا كَانَ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ الْقَضَاءِ بِحَقٍّ وَيَخُوضُ فِي قَضَايَاهُ بِشَرٍّ وَلَا يُمَكِّنُهُ مِنْ تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ كَمَا يَنْبَغِي لَا يُتَقَلَّدُ مِنْهُ وَفِي السِّغْنَاقِيِّ: وَلَا تَجُوزُ طَاعَتُهُ فِي الْجَوْرِ وَذَكَرَ فِي الْمُلْتَقَطِ: وَالْإِسْلَامُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهِ أَيْ فِي السُّلْطَانِ الَّذِي يُقَلِّدُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيَجُوزُ تَقَلُّدُ الْقَضَاءِ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي بَابِ الْخَوَارِجِ مِنْ سِيَرِ الْأَصْلِ إذَا غَلَبَ أَهْلُ الْبَغْيِ عَلَى مَدِينَةٍ وَاسْتَعْمَلُوا عَلَيْهَا قَاضِيًا فَقَضَى بِأَشْيَاءَ، ثُمَّ ظَهَرَ أَهْلُ الْعَدْلِ عَلَى تِلْكَ الْمَدِينَةِ فَرُفِعَتْ قَضَايَاهُ إلَى قَاضِي أَهْلِ الْعَدْلِ فَإِنَّهُ يُنْفِذُ مِنْهَا مَا كَانَ عَدْلًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَضَى بِشَيْءٍ مِمَّا رَآهُ الْفُقَهَاءُ يُمْضِيهِ إذَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَمَا فِي سَائِرِ الْقُضَاةِ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي إذَا كَانَ الْقَاضِي مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ أَيْضًا لَا يُنْفِذُ قَاضِي أَهْلِ الْعَدْلِ قَضَايَاهُ، وَأَشَارَ فِي الْأَقْضِيَةِ إلَى أَنَّهُ يُنْفِذُ، فَإِنَّهُ قَالَ: هُمْ بِمَنْزِلَةِ فُسَّاقِ أَهْلِ الْعَدْلِ، وَالْفَاسِقُ يَصْلُحُ قَاضِيًا عَلَى أَصَحِّ الْأَقَاوِيلِ. وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي مِنْ النَّوَازِلِ: الْمُتَغَلِّبُ إذَا وَلَّى رَجُلًا قَضَاءَ بَلْدَةٍ، وَقَضَى ذَلِكَ الْقَاضِي فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ وَافَقَ رَأْيَهُ أَمْضَاهُ، وَإِنْ خَالَفَ أَبْطَلَهُ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حُكْمِ الْمُحَكَّمِ. وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى: وَالتَّقْلِيدُ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ يَصِحُّ وَبِمُجَرَّدِ اسْتِيلَاءِ الْبَاغِي لَا تَنْعَزِلُ قُضَاةُ أَهْلِ الْعَدْلِ وَيَصِحُّ عَزْلُ الْبَاغِي لَهُمْ حَتَّى لَوْ انْهَزَمَ الْبَاغِي لَا تَنْفُذُ قَضَايَاهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يُقَلِّدْهُمْ السُّلْطَانُ الْعَدْلُ ثَانِيًا. وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى أَيْضًا تَجُوزُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ خَلْفَ الْمُتَغَلِّبِ الَّذِي لَا عَهْدَ لَهُ أَيْ لَا مَنْشُورَ لَهُ مِنْ الْخَلِيفَةِ إذَا كَانَتْ سِيرَتُهُ فِي رَعِيَّتِهِ سِيرَةَ الْأُمَرَاءِ يَحْكُمُ فِيمَا بَيْنَ رَعِيَّتِهِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّ بِهَذَا تَثْبُتُ السَّلْطَنَةُ فَيَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ. ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْبَغْيِ هُمْ الْخَارِجُونَ عَنْ الْإِمَامِ الْحَقِّ بِغَيْرِ حَقٍّ بَيَانُهُ أَنَّ

الْمُسْلِمِينَ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى إمَامٍ وَصَارُوا آمِنِينَ بِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ كَانَ خُرُوجُهُمْ عَلَيْهِ بِظُلْمٍ ظَلَمَهُمْ فَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ الظُّلْمَ وَيُنْصِفَهُمْ وَلَا يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يُعِينُوا الْإِمَامَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى الظُّلْمِ وَلَا أَنْ يُعِينُوا تِلْكَ الطَّائِفَةَ عَلَى الْإِمَامِ أَيْضًا لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً لَهُمْ عَلَى خُرُوجِهِمْ عَلَى الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خُرُوجُهُمْ عَلَيْهِ بِظُلْمٍ ظَلَمَهُمْ وَلَكِنْ ادَّعَوْا الْحَقَّ وَالْوِلَايَةَ فَقَالُوا الْحَقُّ مَعَنَا فَهُمْ أَهْلُ الْبَغْيِ فَعَلَى كُلِّ مَنْ يَقْوَى عَلَى الْقِتَالِ أَنْ يَنْصُرَ إمَامَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْخَارِجِينَ لِأَنَّهُمْ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ صَاحِبِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْفِتْنَةُ نَائِمَةٌ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَيْقَظَهَا» فَإِنْ كَانُوا تَكَلَّمُوا بِالْخُرُوجِ لَكِنْ لَمْ يَعْزِمُوا عَلَى الْخُرُوجِ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُمْ وَفِي زَمَانِنَا الْحُكْمُ لِلْغَلَبَةِ وَلَا يُدْرَى الْعَادِلَةُ وَالْبَاغِيَةُ لِأَنَّ كُلَّهُمْ يَطْلُبُونَ الدُّنْيَا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. نَصْبُ الْقَاضِي فَرْضٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهُوَ مِنْ أَهَمِّ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَأَقْوَى وَأَوْجَبُ عَلَيْهِمْ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَعْرَفَ وَأَقْدَرَ وَأَوْجَهَ وَأَهْيَبَ وَأَصْبَرَ عَلَى مَا أَصَابَهُ مِنْ النَّاسِ كَانَ أَوْلَى. وَيَنْبَغِي لِلْمُوَلِّي أَنْ يَتَمَحَّضَ فِي ذَلِكَ وَيُوَلِّيَ مَنْ هُوَ أَوْلَى لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ قَلَّدَ إنْسَانًا عَمَلًا، وَفِي رَعِيَّتِهِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ» كَذَا فِي التَّبْيِينِ. قَالُوا: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقَلِّدَ الْقَضَاءَ مَنْ لَهُ ثَرْوَةٌ وَغُنْيَةٌ لِكَيْ لَا يَطْمَعَ فِي، أَمْوَالِ النَّاسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ صَاحِبُ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ بَعْدَمَا بَيَّنَ أَهْلَ الْقَضَاءِ -: وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُفْتِيَ إلَّا مَنْ كَانَ هَكَذَا. وَيُرِيدُ أَنَّ الْمُفْتِيَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَدْلًا عَالِمًا بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ وَاجْتِهَادِ الرَّأْيِ إلَّا أَنْ يُفْتِيَ بِشَيْءٍ قَدْ سَمِعَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَدِلَّةِ؛ لِأَنَّهُ حَاكٍ بِمَا سَمِعَ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الرَّاوِي فِي بَابِ الْحَدِيثِ، فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّاوِي مِنْ الْعَقْلِ، وَالضَّبْطِ، وَالْعَدَالَةِ، وَالْفَهْمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَدْ اسْتَقَرَّ رَأْيُ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى أَنَّ الْمُفْتِيَ هُوَ الْمُجْتَهِدُ فَأَمَّا غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ مِمَّنْ يَحْفَظُ أَقْوَالَ الْمُجْتَهِدِ فَلَيْسَ بِمُفْتٍ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ إذَا سُئِلَ أَنْ يَذْكُرَ قَوْلَ الْمُجْتَهِدِ كَأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى جِهَةِ الْحِكَايَةِ، فَعُرِفَ أَنَّ مَا يَكُونُ فِي زَمَانِنَا مِنْ فَتْوَى الْمَوْجُودِينَ لَيْسَ بِفَتْوًى بَلْ هُوَ نَقْلُ كَلَامِ الْمُفْتِي لِيَأْخُذَ بِهِ الْمُسْتَفْتِي. وَطَرِيقُ نَقْلِهِ لِذَلِكَ عَنْ الْمُجْتَهِدِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ سَنَدٌ فِيهِ، أَوْ يَأْخُذَ مِنْ كِتَابٍ مَعْرُوفٍ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي، نَحْوُ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَحْوِهَا مِنْ التَّصَانِيفِ الْمَشْهُورَةِ لِلْمُجْتَهِدِينَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ، أَوْ الْمَشْهُورِ هَكَذَا ذَكَرَ الرَّازِيّ فَعَلَى هَذَا لَوْ وَجَدَ بَعْضَ نُسَخِ النَّوَادِرِ فِي زَمَانِنَا لَا يَحِلُّ عَزْوُ مَا فِيهَا إلَى مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا إلَى أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَعَمْ إذَا وَجَدَ النَّقْلَ عَنْ النَّوَادِرِ مَثَلًا فِي كِتَابٍ مَشْهُورٍ مَعْرُوفٍ كَالْهِدَايَةِ، وَالْمَبْسُوطِ كَانَ ذَلِكَ تَعْوِيلًا عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُفْتِيَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ذَكَرَ فِي الْمُلْتَقَطِ: وَإِذَا كَانَ صَوَابُهُ أَكْثَرَ مِنْ خَطَئِهِ حَلَّ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ إلَّا بِطَرِيقِ الْحِكَايَةِ فَيَحْكِيَ مَا يَحْفَظُ مِنْ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَالْفَاسِقُ يَصْلُحُ مُفْتِيًا، وَقِيلَ: لَا يَصْلُحُ قَالَ الْعَيْنِيُّ: وَاخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ وَلَا اخْتِلَافَ فِي اشْتِرَاطِ إسْلَامِ الْمُفْتِي وَعَقْلِهِ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ تَيَقُّظَهُ، نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا وَلَا ذَكَرًا وَلَا نَاطِقًا فَيَصِحُّ إفْتَاءُ الْأَخْرَسِ حَيْثُ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ بَلْ النَّاطِقُ إنْ قِيلَ لَهُ: أَيَجُوزُ هَذَا، فَحَرَّكَ رَأْسَهُ أَيْ نَعَمْ جَازَ أَنْ يُعْمَلَ بِإِشَارَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُتَنَزِّهًا عَنْ خَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ، فَقِيهَ النَّفْسِ، سَلِيمَ الذِّهْنِ حَسَنَ التَّصَرُّفِ. ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْإِفْتَاءَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِمَنْ كَانَ أَهْلًا وَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَبْحَثَ عَمَّنْ يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى وَيَمْنَعَ مَنْ لَا يَصْلُحُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَمِنْ شَرَائِطِ الْفَتْوَى كَوْنُ الْمُفْتِي حَافِظًا لِلتَّرْتِيبِ، وَالْعَدْلِ بَيْنَ الْمُسْتَفْتِينَ لَا يَمِيلُ إلَى الْأَغْنِيَاءِ، وَأَعْوَانِ السُّلْطَانِ، وَالْأُمَرَاءِ بَلْ يَكْتُبُ جَوَابَ مَنْ يَسْبِقُ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا حَتَّى يَكُونَ أَبْعَدَ مِنْ الْمَيْلِ. وَمِنْ آدَابِهِ أَنْ يَأْخُذَ الْكِتَابَ بِالْحُرْمَةِ وَيَقْرَأَ الْمَسْأَلَةَ بِالْبَصِيرَةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يَتَّضِحَ لَهُ السُّؤَالُ، ثُمَّ يُجِيبَ. وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَرْمِيَ بِالْكَاغَدِ كَمَا اعْتَادَهُ بَعْضُ النَّاسِ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمُ اسْمِهِ - تَعَالَى - وَاجِبٌ، وَإِذَا أَجَابَ الْمُفْتِي يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ عَقِيبَ جَوَابِهِ: وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. وَقِيلَ: فِي الْمَسَائِلِ الدِّينِيَّةِ الَّتِي أَجْمَعَ عَلَيْهَا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ: وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ، أَوْ يَكْتُبَ: وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ، أَوْ يَكْتُبَ: وَبِاَللَّهِ الْعِصْمَةُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَكَانَ بَعْضُهُمْ لَا يَأْخُذُ الرُّقْعَةَ مِنْ يَدِ امْرَأَةٍ وَلَا صَبِيٍّ وَكَانَ لَهُ تِلْمِيذٌ يَأْخُذُ مِنْهُمْ وَيَجْمَعُهَا وَيَرْفَعُهَا فَيَكْتُبُهَا تَعْظِيمًا لِلْعِلْمِ. وَالْأَحْسَنُ أَخْذُ الْمُفْتِي مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ تَوَاضُعًا. وَيَجُوزُ لِلشَّابِّ الْفَتْوَى إذَا كَانَ حَافِظًا لِلرِّوَايَاتِ وَاقِفًا عَلَى الدِّرَايَاتِ مُحَافِظًا عَلَى الطَّاعَاتِ مُجَانِبًا لِلشَّهَوَاتِ، وَالشُّبُهَاتِ، وَالْعَالِمُ كَبِيرٌ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، وَالْجَاهِلُ صَغِيرٌ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُفْتِي حَلِيمًا رَزِينًا لَيِّنَ الْقَوْلِ مُنْبَسِطَ الْوَجْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْتَجَّ لِلْفَتْوَى إذَا لَمْ يُسْأَلْ عَنْهُ، وَإِذَا أَخْطَأَ رَجَعَ وَلَا يَسْتَحِي وَلَا يَأْنَفُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَفِي اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْحِسَابِ لِتَصْحِيحِ مَسَائِلِهِ وَجْهَانِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَحْفَظَ مَذْهَبَ إمَامِهِ وَيَعْرِفَ قَوَاعِدَهُ وَأَسَالِيبَهُ، وَلَيْسَ لِلْأُصُولِيِّ الْمَاهِرِ وَكَذَا الْبَاحِثُ فِي الْخِلَافِ مِنْ أَئِمَّةِ الْفِقْهِ وَفُحُولِ الْمُنَاظِرِينَ أَنْ يُفْتِيَ فِي الْفُرُوعِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَا يَجِبُ الْإِفْتَاءُ فِيمَا لَمْ يَقَعْ، وَيَحْرُمُ التَّسَاهُلُ فِي الْفَتْوَى وَاتِّبَاعُ الْحِيَلِ إنْ فَسَدَتْ الْأَغْرَاضُ، وَسُؤَالُ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ. وَلَا يُفْتِي فِي حَالِ تَغَيُّرِ أَخْلَاقِهِ وَخُرُوجِهِ عَنْ الِاعْتِدَالِ، وَلَوْ بِفَرَحٍ وَمُدَافَعَةِ أَخْبَثَيْنِ فَإِنْ أَفْتَى مُعْتَقِدًا أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَمْنَعْهُ عَنْ دَرْكِ الصَّوَابِ صَحَّتْ فَتْوَاهُ، وَإِنْ خَاطَرَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَبَرَّعَ بِالْفَتْوَى وَلَا يَأْخُذَ أُجْرَةً مِمَّنْ يَسْتَفْتِي فَإِنْ جَعَلَ لَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ رِزْقًا جَازَ، وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ جَازَ، وَالْأَوْلَى كَوْنُهَا بِأُجْرَةٍ مِثْلَ كُتُبِهِ مَعَ كَرَاهَةٍ، وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْرِضَ لِمُدَرِّسٍ وَمُفْتٍ كِفَايَتَهُمَا، وَلِكُلِّ أَهْلِ بَلَدٍ

الباب الثاني في الدخول في القضاء

اصْطِلَاحٌ فِي اللَّفْظِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفْتِيَ أَهْلَ بَلَدٍ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِاللَّفْظِ مَنْ لَا يَعْرِفُ اصْطِلَاحَهُمْ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ (1) ، ثُمَّ الْفَتْوَى مُطْلَقًا بِقَوْلِ الْإِمَامِ، ثُمَّ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، ثُمَّ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ بِقَوْلِ زُفَرَ، ثُمَّ بِقَوْلِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -. وَقِيلَ: إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي جَانِبٍ وَصَاحِبَاهُ فِي جَانِبٍ فَالْمُفْتِي بِالْخِيَارِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُفْتِي مُجْتَهِدًا. وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: الْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِقُوَّةِ الْمُدْرِكِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلِلْمُفْتِي وَالْإِمَامِ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَى الْخَاصَّةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ اُسْتُفْتِيَ فِي مَسْأَلَةٍ فَاسْتَوَى وَارْتَدَى وَتَعَمَّمَ، ثُمَّ أَفْتَى تَعْظِيمًا لِأَمْرِ الْإِفْتَاءِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الدُّخُولِ فِي الْقَضَاءِ] أَوْرَدَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَحَادِيثَ فِي كَرَاهَةِ الدُّخُولِ فِي الْقَضَاءِ، وَفِي الرُّخْصَةِ فِيهِ، قَالَ: وَقَدْ دَخَلَ فِيهِ قَوْمٌ صَالِحُونَ وَامْتَنَعَ عَنْهُ قَوْمٌ صَالِحُونَ، وَتَرْكُ الدُّخُولِ أَمْثَلُ وَأَسْلَمُ وَأَصْلَحُ فِي الدِّينِ وَهَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ أَنَّ بَعْدَ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الْقَضَاءِ فِي شَخْصٍ هَلْ يَجُوزُ لَهُ تَقَلُّدُ الْقَضَاءِ.؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ لَهُ التَّقَلُّدُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ فَكَأَنَّمَا ذُبِحَ بِلَا سِكِّينٍ» وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ اُسْتُقْضِيَ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَتَجَانَّ، وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، وَكَانَ كُلُّ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ يَخْدِشُ وَجْهَهُ وَيُمَزِّقُ ثِيَابَهُ فَجَاءَ وَاحِدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ رَأْسِ الْكُوَّةِ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: لَوْ قَبِلْتَ الْقَضَاءَ وَعَدَلْتَ كَانَ خَيْرًا، فَقَالَ يَا هَذَا أَوَعَقْلُكَ هَذَا؟ أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «الْقُضَاةُ يُحْشَرُونَ مَعَ السَّلَاطِينِ، وَالْعُلَمَاءُ يُحْشَرُونَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ» ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلِّفَ الْقَضَاءَ فَأَبَى حَتَّى ضُرِبَ تِسْعِينَ سَوْطًا، فَلَمَّا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ شَاوَرَ أَصْحَابَهُ، فَسَوَّغَ لَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ: لَوْ تَقَلَّدْتَ لَنَفَعْتَ النَّاسَ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُرَ الْبَحْرَ سِبَاحَةً لَكُنْتُ أَقْدَرَ عَلَيْهِ وَكَأَنِّي بِك قَاضِيًا فَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَلَمْ يَنْظُرْ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَدُعِيَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى الْقَضَاءِ فَأَبَى حَتَّى قُيِّدَ وَحُبِسَ فَاضْطُرَّ، ثُمَّ تَقَلَّدَ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. قَالَ الْكَرْخِيُّ وَالْخَصَّافُ وَعُلَمَاءُ الْعِرَاقِ - وَعَلَيْهِ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمُذْهَبِ -: إنَّهُ لَا يَسُوغُ مَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ قَالَ مَشَايِخُ دِيَارِنَا: لَا بَأْسَ بِقَبُولِهِ لِمَنْ كَانَ صَالِحًا يَأْمَنُ مِنْ نَفْسِهِ الْجَوْرَ، وَالِامْتِنَاعُ لِغَيْرِهِ أَوْلَى فَإِنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَمَنْ تَلَاهُمْ قَبِلُوهُ بِلَا كُرْهٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَكُرِهَ التَّقَلُّدُ لِمَنْ يَخَافُ الْحَيْفَ فِيهِ، وَإِنْ أَمِنَ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الْيَنَابِيعِ.

الباب الثالث في ترتيب الدلائل للعمل بها

وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ الْوِلَايَةَ وَلَا يَسْأَلَهَا، فَالطَّالِبُ أَنْ يَقُولَ لِلْإِمَامِ: وَلِّنِي الْقَضَاءَ، وَالسُّؤَالُ أَنْ يَقُولَ لِلنَّاسِ: لَوْ وَلَّانِي الْإِمَامُ قَضَاءَ مَدِينَةِ كَذَا لَأَجَبْته إلَى ذَلِكَ، وَهُوَ يَطْمَعُ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ فَيُقَلِّدَهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَنْ قُلِّدَ بِغَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَلَا بَأْسَ بِالْقَبُولِ وَمَنْ سَأَلَ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الدُّخُولَ فِي الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ، وَالِامْتِنَاعَ عَنْهُ عَزِيمَةٌ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يَطْلُبُ الْقَضَاءَ لَا بِقَلْبِهِ وَلَا بِلِسَانِهِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ فَإِنَّهُ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ صِيَانَةً لِحُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ. إذَا كَانَ فِي بَلَدِ قَوْمٍ يَصْلُحُونَ لِلْقَضَاءِ وَامْتَنَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَا يَأْثَمُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ امْتَنَعَ الْكُلُّ حَتَّى قُلِّدَ جَاهِلٌ اشْتَرَكُوا فِي الْإِثْمِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْيَنَابِيعِ: وَإِنْ وُجِدَ اثْنَانِ وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْقَضَاءِ وَلَكِنَّ أَحَدَهُمَا أَفْقَهُ، وَالْآخَرَ أَوْرَعُ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْأَفْقَهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَلَّدَ السُّلْطَانُ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَفِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ كَانَ الْإِثْمُ عَلَى السُّلْطَانِ كَذَا فِي شَرْحِ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ الْقَاضِي إذَا أَخَذَ الْقَضَاءَ بِالرِّشْوَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ قَاضِيًا وَلَوْ قَضَى لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ. مَنْ تَقَلَّدَ الْقَضَاءَ بِالرِّشْوَةِ، أَوْ بِالشُّفَعَاءِ إذَا قَضَى فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ وَافَقَ رَأْيَهُ أَمْضَاهُ، وَإِنْ خَالَفَ رَأْيَهُ أَبْطَلَهُ بِمَنْزِلَةِ حُكْمِ الْمُحَكَّمِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الَّذِي طَلَبَ الْقَضَاءَ بِالشُّفَعَاءِ فَهُوَ وَاَلَّذِي قُلِّدَ سَوَاءٌ فِي حَقِّ نَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ، وَالْقَاضِي إذَا ارْتَشَى وَحَكَمَ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِيمَا ارْتَشَى وَنَفَذَ فِيمَا لَمْ يَرْتَشِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ السَّرَخْسِيِّ وَالْخَصَّافِ وَإِنْ ارْتَشَى وَلَدُ الْقَاضِي، أَوْ كَاتِبُهُ، أَوْ بَعْضُ أَعْوَانِهِ فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِهِ وَرِضَاهُ فَهُوَ وَمَا لَوْ ارْتَشَى الْقَاضِي سَوَاءٌ، يَكُونُ قَضَاؤُهُ مَرْدُودًا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عِلْمِ الْقَاضِي نَفَذَ قَضَاؤُهُ وَكَانَ عَلَى الْمُرْتَشِي رَدُّ مَا قَبَضَ مِنْهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَرْتِيبِ الدَّلَائِلِ لِلْعَمَلِ بِهَا] قَالَ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى -، وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى - مِنْ النَّاسِخِ، وَالْمَنْسُوخِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ مِنْ النَّاسِخِ مَا هُوَ مُحْكَمٌ وَمَا هُوَ مُتَشَابِهٌ فِي تَأْوِيلِهِ اخْتِلَافٌ كَالْأَقْرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى - يَقْضِي بِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ النَّاسِخَ، وَالْمَنْسُوخَ مِنْ الْأَخْبَارِ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَخْبَارُ يَأْخُذُ بِمَا هُوَ الْأَشْبَهُ وَيَمِيلُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ، وَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ الْمُتَوَاتِرَ، وَالْمَشْهُورَ وَمَا كَانَ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ، وَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ مَرَاتِبَ الرُّوَاةِ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ عُرِفَ بِالْفِقْهِ، وَالْعَدَالَةِ كَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَالْعَبَادِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ عُرِفَ بِطُولِ الصُّحْبَةِ وَحُسْنِ الضَّبْطِ، وَالْأَخْذُ بِرِوَايَةِ مَنْ عُرِفَ بِالْفِقْهِ أَوْلَى مِنْ الْأَخْذِ بِرِوَايَةِ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْفِقْهِ، وَكَذَلِكَ الْأَخْذُ بِرِوَايَةِ مَنْ عُرِفَ بِطُولِ الصُّحْبَةِ أَوْلَى مِنْ

الْأَخْذِ بِرِوَايَةِ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِطُولِ الصُّحْبَةِ، وَإِنْ كَانَتْ حَادِثَةٌ لَمْ يَرِدْ فِيهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَقْضِي فِيهَا بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَاجِبٌ فَإِنْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ فِيهَا مُخْتَلِفِينَ يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ وَيُرَجِّحُ قَوْلَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِاجْتِهَادِهِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَالِفَهُمْ جَمِيعًا بِاخْتِرَاعِ قَوْلٍ ثَالِثٍ؛ لِأَنَّهُمْ مَعَ اخْتِلَافِهِمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَا عَدَا الْقَوْلَيْنِ بَاطِلٌ وَكَانَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَجَالًا، وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ اجْتَمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى حُكْمٍ وَخَالَفَهُمْ وَاحِدٌ مِنْ التَّابِعِينَ إنْ كَانَ الْمُخَالِفُ مِمَّنْ لَمْ يُدْرِكْ عَهْدَ الصَّحَابَةِ لَا يُعْتَبَرُ خِلَافُهُ حَتَّى لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ كَانَ بَاطِلًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ أَدْرَكَ عَهْدَ الصَّحَابَةِ وَزَاحَمَهُمْ فِي الْفَتْوَى وَسَوَّغُوا لَهُ الِاجْتِهَادَ كَشُرَيْحٍ وَالشَّعْبِيِّ لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ لِمُخَالَفَتِهِ، وَإِنْ جَاءَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ غَيْرِهِمْ فِيهِ شَيْءٌ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ قَالَ: لَا أُقَلِّدُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ قَالَ: مَنْ كَانَ مِنْهُمْ أَفْتَى فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَسَوَّغُوا لَهُ الِاجْتِهَادَ مِثْلُ شُرَيْحٍ وَمَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، وَالْحَسَنِ فَأَنَا أُقَلِّدُهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ لَمْ يَأْتِ فِيهِ مِنْ الصَّحَابَةِ قَوْلٌ وَكَانَ فِيهِ إجْمَاعُ التَّابِعِينَ قَضَى بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَهُمْ رَجَّحَ قَوْلَ بَعْضِهِمْ وَقَضَى بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِئْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ قَاسَهُ عَلَى مَا يُشْبِهُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ وَاجْتَهَدَ فِيهِ بِرَأْيِهِ فِيهِ وَتَحَرَّى الصَّوَابَ، ثُمَّ يَقْضِي بِهِ بِرَأْيِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ يَسْتَفْتِي فِي ذَلِكَ فَيَأْخُذُ بِفَتْوَى الْمُفْتِي وَلَا يَقْضِي بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا يَسْتَحْيِي مِنْ السُّؤَالِ، ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ فَصْلَيْنِ. أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا فِي شَيْءٍ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُخَالِفَهُمْ بِرَأْيِهِ. وَالثَّانِي إذَا اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: يُؤْخَذُ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ التَّابِعِينَ وَزَاحَمَهُمْ فِي الْفَتْوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَوُجِدَتْ عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ يَقْضِي بِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ يَخْتَارُ وَاحِدًا مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ يَجْتَهِدُ فِيهِ بِرَأْيِهِ إذَا كَانَ يَعْرِفُ وُجُوهَ الْفِقْهِ وَيُشَاوِرُ أَهْلَ الْفِقْهِ فِيهِ. وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: ثُمَّ إذَا قَضَى بِالِاجْتِهَادِ فَإِنْ خَالَفَ النَّصَّ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ، وَإِنْ لَمْ يُخَالِفْ النَّصَّ لَكِنَّهُ رَأَى بَعْدَ ذَلِكَ رَأْيًا آخَرَ لَا يُبْطِلُ مَا مَضَى وَيَقْضِي فِي الْمُسْتَأْنَفِ بِمَا يَرَاهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ قَضَى فِي أَوَّلِ الْمَرَّةِ بِالِاجْتِهَادِ، ثُمَّ رَأَى غَيْرَهُ خَيْرًا مِنْهُ كَانَ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُتَقَدِّمُونَ عَلَى قَوْلَيْنِ، ثُمَّ أَجْمَعَ مَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فَهَذَا الْإِجْمَاعُ هَلْ يَرْفَعُ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ.؟ فَقَدْ قِيلَ: عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرْفَعُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْفَعُ، وَذَكَرَ

شَيْخُ الْإِسْلَامِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَرْفَعُ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -. وَإِنَّمَا يُخَالِفَانِ فِي ذَلِكَ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ، وَإِنْ اتَّفَقَ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى قَوْلٍ وَانْقَرَضُوا فَخَرَجَ هَذَا الْقَاضِي عَنْ قَوْلِهِمْ وَقَضَى بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ لَمَّا رَأَى الصَّوَابَ بِخِلَافِهِ فَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ هَذَا الِاتِّفَاقَ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يَسَعُهُ الْخِلَافُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَسَعُهُ الْخِلَافُ فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ هَذَا الِاتِّفَاقَ اخْتِلَافٌ لَا يَسَعُهُ الْخِلَافُ بِالِاتِّفَاقِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ قَاضٍ اُسْتُفْتِيَ فِي حَادِثَةٍ وَأَفْتَى وَرَأْيُهُ بِخِلَافِ رَأْيِ الْمُفْتِي فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِرَأْيِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ فَإِنْ تَرَكَ رَأْيَهُ وَقَضَى بِرَأْيِ الْمُفْتِي لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي التَّحَرِّي وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْفُذُ لِمُصَادَفَتِهِ فَصْلًا مُجْتَهَدًا فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ وَقْتَ الْقَضَاءِ وَقَضَى بِرَأْيِ الْمُفْتِي، ثُمَّ حَدَثَ لَهُ رَأْيٌ بِخِلَافِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْقُضُهُ هُوَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْقُضُهُ كَمَا لَوْ قَضَى بِرَأْيِهِ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ رَأْيٌ آخَرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ يُخَالِفُهُ وَلَا إجْمَاعَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَإِمَّا أَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَأَفْضَى رَأْيُهُ إلَى شَيْءٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِرَأْيِهِ، وَإِنْ خَالَفَ رَأْيَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالرَّأْيِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْبَعَ رَأْيَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ هُوَ الْحَقُّ عِنْدَ اللَّهِ ظَاهِرًا وَلَوْ أَفْضَى رَأْيُهُ إلَى شَيْءٍ وَهُنَاكَ مُجْتَهِدٌ آخَرُ أَفْقَهُ مِنْهُ لَهُ رَأْيٌ آخَرُ فَأَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ بِرَأْيِهِ مِنْ غَيْرِ النَّظَرِ فِيهِ وَيُرَجِّحَ رَأْيَهُ لِكَوْنِهِ أَفْقَهَ مِنْهُ هَلْ يَسَعُهُ ذَلِكَ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسَعُهُ ذَلِكَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسَعُهُ إلَّا أَنْ يَعْمَلَ بِرَأْيِ نَفْسِهِ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ هَذَا الِاخْتِلَافُ عَلَى الْعَكْسِ، وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْحَادِثَةِ اسْتَعْمَلَ رَأْيَهُ فِي ذَلِكَ وَعَمِلَ بِهِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُشَاوِرَ أَهْلَ الْفِقْهِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْحَادِثَةِ نَظَرَ فِي ذَلِكَ فَأَخَذَ بِمَا يُؤَدِّي إلَى الْحَقِّ ظَاهِرًا. وَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى رَأْيٍ يُخَالِفُ رَأْيَهُ عَمِلَ بِرَأْيِ نَفْسِهِ أَيْضًا لَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْجَلَ بِالْقَضَاءِ مَا لَمْ يَقْضِ حَقَّ التَّأْوِيلِ وَالِاجْتِهَادِ. وَيَنْكَشِفْ لَهُ وَجْهُ الْحَقِّ فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ الْحَقُّ بِاجْتِهَادِهِ قَضَى بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَلَا يَكُونُ خَائِفًا فِي اجْتِهَادِهِ بَعْدَمَا بَذَلَ مَجْهُودَهُ لِإِصَابَةِ الْحَقِّ حَتَّى لَوْ قَضَى مُجَازِفًا لَمْ يَصِحَّ قَضَاؤُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى -. وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَدْرِي يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَضَى بِرَأْيِهِ وَيَحْكُمُ بِالصِّحَّةِ حَمْلًا لِأَمْرِ الْمُسْلِمِ عَلَى الصِّحَّةِ، وَالسَّدَادِ مَا أَمْكَنَ هَذَا إذَا كَانَ الْقَاضِي مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَإِنْ عَرَفَ أَقَاوِيلَ أَصْحَابِنَا وَحَفِظَهَا عَلَى الْإِحْكَامِ، وَالْإِتْقَانِ عَمِلَ بِقَوْلِ مَنْ يَعْتَقِدُ قَوْلَهُ حَقًّا عَلَى التَّقْلِيدِ، وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ أَقَاوِيلَهُمْ عَمِلَ بِفَتْوَى أَهْلِ الْفِقْهِ فِي بَلَدِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إلَّا فَقِيهٌ وَاحِدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يَسَعُهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِ وَنَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالِاجْتِهَادُ

الباب الرابع في اختلاف العلماء في اجتهاد الصحابة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم

بَذْلُ الْمَجْهُودِ لِنَيْلِ الْمَقْصُودِ. وَشَرْطُ صَيْرُورَةِ الْمَرْءِ مُجْتَهِدًا أَنْ يَعْلَمَ مِنْ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ مِقْدَارَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ دُونَ الْمَوَاعِظِ، وَقِيلَ: إذَا كَانَ صَوَابُهُ أَكْثَرَ مِنْ خَطَئِهِ حَلَّ لَهُ الِاجْتِهَادُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِي حَدِّ الْمُجْتَهِدِ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَوَى عِلْمَ الْكِتَابِ، وَوُجُوهَ مَعَانِيهِ، وَعِلْمَ السُّنَّةِ بِطُرُقِهَا وَمُتُونِهَا، وَوُجُوهَ مَعَانِيهَا، وَأَنْ يَكُونَ مُصِيبًا فِي الْقِيَاسِ عَالِمًا بِعُرْفِ النَّاسِ كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ: وَإِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ شَاوَرَهُمْ فِي ذَلِكَ فَإِذَا شَاوَرَهُمْ وَاتَّفَقَ رَأْيُهُ وَرَأْيُهُمْ عَلَى شَيْءٍ حَكَمَ بِهِ، وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ شَاوَرَهُمْ نَظَرَ إلَى أَقْرَبِ الْأَقَاوِيلِ عِنْدَهُ مِنْ الْحَقِّ، وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ كِبَرُ السِّنِّ، وَكَذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ كَثْرَةُ الْعَدَدِ فَالْوَاحِدُ قَدْ يُوَفَّقُ لِلصَّوَابِ مَا لَا تُوَفَّقُ لَهُ الْجَمَاعَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَتُعْتَبَرُ كَثْرَةُ الْعَدَدِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ اجْتِهَادٌ عَلَى شَيْءٍ وَبَقِيَتْ الْحَادِثَةُ مُخْتَلِفَةً وَمُشْكِلَةً عَلَيْهِ كَتَبَ إلَى فُقَهَاءِ غَيْرِ الْمِصْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَالْمُشَاوَرَةُ بِالْكِتَابِ سُنَّةٌ قَدِيمَةٌ فِي الْحَوَادِثِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنْ اتَّفَقَ الَّذِينَ كَتَبَ إلَيْهِمْ الْقَاضِي عَلَى شَيْءٍ - وَرَأْيُ الْقَاضِي يُوَافِقُ رَأْيَهُمْ -، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ، وَالِاجْتِهَادِ أَمْضَى ذَلِكَ بِرَأْيِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا أَيْضًا فِيمَا بَيْنَهُمْ نَظَرَ إلَى أَقْرَبِ الْأَقْوَالِ عِنْدَهُ مِنْ الْحَقِّ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَقَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ أَهْلِ الْفِقْهِ أَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ هُوَ أَفْقَهُ وَأَوْرَعُ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي شَاوَرَ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ فَاتَّفَقُوا عَلَى شَيْءٍ، وَرَأْيُ الْقَاضِي بِخِلَافِ رَأْيِهِمْ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتْرُكَ رَأْيَ نَفْسِهِ وَيَقْضِيَ بِرَأْيِهِمْ، وَإِنْ شَاوَرَ الْقَاضِي رَجُلًا وَاحِدًا كَفَى، وَلَكِنَّ مُشَاوَرَةَ الْفُقَهَاءِ أَحْوَطُ، وَإِنْ أَشَارَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إلَى شَيْءٍ وَرَأْيُ الْقَاضِي بِخِلَافِ رَأْيِهِ فَالْقَاضِي لَا يَتْرُكُ رَأْيَ نَفْسِهِ فَإِنْ اهْتَمَّ الْقَاضِي بِرَأْيِهِ لِمَا أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ أَفْضَلُ وَأَفْقَهُ عِنْدَهُ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَقَالَ: لَوْ قَضَى بِرَأْيِ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَهْتَمَّ الْقَاضِي بِرَأْيِهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتْرُكَ رَأْيَ نَفْسِهِ وَيَقْضِيَ بِرَأْيِ غَيْرِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي اجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] هَلْ يَجُوزُ لِلصَّحَابِيِّ الْمُجْتَهِدِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ؟ قِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ وَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: يَجُوزُ لِمَنْ كَانَ يَبْعُدُ مِنْهُ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ كَانَ يَقْرُبُ مِنْهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. اخْتَلَفُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ كَانَ يَجْتَهِدُ فِيمَا لَمْ يُوحَ إلَيْهِ وَيُفَصِّلُ الْحُكْمَ بِاجْتِهَادِهِ.؟ بَعْضُهُمْ قَالُوا: مَا كَانَ يَجْتَهِدُ بَلْ كَانَ يَنْتَظِرُ الْوَحْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: كَانَ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى شَرِيعَةِ مَنْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ شَرِيعَتَهُ شَرِيعَةٌ لَنَا مَا لَمْ يُعْرَفْ

الباب الخامس في التقليد والعزل

نَسْخُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: كَانَ لَا يَعْمَلُ بِالِاجْتِهَادِ إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ طَمَعُهُ عَنْ الْوَحْيِ فَإِذَا انْقَطَعَ حِينَئِذٍ كَانَ يَجْتَهِدُ فَإِذَا اجْتَهَدَ صَارَ ذَلِكَ شَرِيعَةً لَهُ فَإِذَا أُنْزِلَ الْوَحْيُ بِخِلَافِهِ يَصِيرُ نَاسِخًا لَهُ وَنَسْخُ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ جَائِزٌ عِنْدَنَا وَكَانَ لَا يَنْقُضُ مَا أَمْضَى بِالِاجْتِهَادِ وَكَانَ يَسْتَأْنِفُ الْقَضَاءَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي التَّقْلِيدِ وَالْعَزْلِ] إذَا قَلَّدَ السُّلْطَانُ رَجُلًا قَضَاءَ بَلْدَةِ كَذَا لَا يَصِيرُ قَاضِيًا فِي سَوَادِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ مَا لَمْ يُقَلَّدْ قَضَاءَ الْبَلْدَةِ وَنَوَاحِيهَا، وَهَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ؛ لِأَنَّ - عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ - الْمِصْرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ. أَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَالْمِصْرُ شَرْطٌ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ فَلَا يَصِيرُ مُقَلَّدًا عَلَى الْقُرَى، وَإِنْ كُتِبَ فِي مَنْشُورِهِ ذَلِكَ. إذَا عَلَّقَ السُّلْطَانُ الْإِمَارَةَ، وَالْقَضَاءَ بِالشَّرْطِ أَوْ أَضَافَهَا إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ قَالَ: إذَا قَدِمْت بَلْدَةَ كَذَا فَأَنْت قَاضِيهَا، إذَا أَتَيْت مَكَّةَ فَأَنْتَ إمَامٌ لِمَكَّةَ، أَوْ قَالَ جَعَلْتُك قَاضِيًا رَأْسَ الشَّهْرِ جَعَلْتُك أَمِيرًا رَأْسَ الشَّهْرِ فَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ عَزْلِ الْقَاضِي بِالشَّرْطِ أَيْضًا. وَإِذَا قَلَّدَ السُّلْطَانُ رَجُلًا قَضَاءَ يَوْمٍ يَجُوزُ وَيَتَأَقَّتُ، وَإِذَا قَيَّدَهُ بِالْمَكَانِ يَجُوزُ، وَيَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ الْمَكَانِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَيَّدَ الْقَاضِي إنَابَةَ نَائِبِهِ فِي مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ لَا يَكُونُ لِلنَّائِبِ أَنْ يَقْضِيَ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَتَعْلِيقُ التَّحْكِيمِ لِإِنْسَانٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَالْإِضَافَةُ إلَى وَقْتِ الْمُسْتَقْبَلِ لَا يَصِحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَكَذَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ سَمَاعِ بَعْضِ الْحُكُومَاتِ كَدَعْوَى التَّلْجِئَةِ فِي زَمَانِنَا، أَوْ دَعْوَى شَيْءٍ سَأَلَهُ، أَوْ سَمَاعِ خُصُومَةِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَلَا يَصِيرُ قَاضِيًا فِي الْمُسْتَثْنَى وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا تَسْمَعْ خُصُومَةَ فُلَانٍ حَتَّى أَرْجِعَ مِنْ سَفَرِي لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ وَيَقْضِيَ حَتَّى يَرْجِعَ وَلَوْ قَضَى لَا يَنْفُذُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْقَاضِي إذَا قَضَى فِي حَادِثَةٍ فِي حَقٍّ، ثُمَّ أَمَرَ السُّلْطَانُ أَنْ يَسْمَعَ هَذِهِ الْحَادِثَةَ ثَانِيًا بِمَشْهَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَا يُفْتَرَضُ عَلَى الْقَاضِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمِصْرُ شَرْطٌ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي النَّوَادِرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ السُّلْطَانُ إذَا قَالَ: جَعَلْتُك قَاضِيًا وَلَمْ يَذْكُرْ فِي أَيِّ بَلْدَةٍ لَا يَصِيرُ قَاضِيًا فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَصِيرُ قَاضِيًا لِجَمِيعِ بِلَادِ السُّلْطَانِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَالْأَشْبَهُ. وَإِذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ بَلْدَةٍ عَلَى رَجُلٍ وَجَعَلُوهُ قَاضِيًا يَقْضِي فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا يَصِيرُ قَاضِيًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَعَقَدُوا مَعَهُ عَقْدَ السَّلْطَنَةِ، أَوْ عَقْدَ الْخِلَافَةِ يَصِيرُ خَلِيفَةً وَسُلْطَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. السُّلْطَانُ إذَا قَالَ لِرَجُلٍ: جَعَلْتُك قَاضِيًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ صَرِيحًا، أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: جَعَلْتُك قَاضِيَ الْقُضَاةِ؛ لِأَنَّ قَاضِيَ الْقُضَاةِ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي الْقُضَاةِ تَقْلِيدًا وَعَزْلًا كَذَا ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ. وَأَجَابَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ مَحْضَرٍ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِيهِ أَنَّ هَذَا الْقَاضِيَ

مُقَلَّدٌ مِنْ جِهَةِ قَاضِي الْقُضَاةِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ قَاضِيَ الْقُضَاةِ مَأْذُونٌ بِالِاسْتِخْلَافِ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ يَقُولُ: إذَا كُتِبَ السِّجِلُّ مِنْ الْحَاكِمِ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ فِيهِ: خَلِيفَةُ الْحُكْمِ قِبَلَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مَأْذُونٌ بِالِاسْتِخْلَافِ بِحُكْمِ الْمِثَالِ الصَّحِيحِ مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ. إذَا قَالَ السُّلْطَانُ لِرَجُلٍ: جَعَلْتُك نَائِبِي فِي الْقَضَاءِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَرْتَشِيَ وَلَا تَشْرَبَ الْخَمْرَ وَلَا تَمْتَثِلَ أَمْرَ أَحَدٍ عَلَى خِلَافِ الشَّرْعِ فَالتَّقْلِيدُ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطُ صَحِيحٌ، وَإِذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا يَبْقَى قَاضِيًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قُلِّدَ، ثُمَّ وَصَلَ إلَيْهِ أَنْ لَا تَسْمَعَ خُصُومَةَ فُلَانٍ انْعَزَلَ فِي حَقِّ فُلَانٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ أَنَّ الْإِمَامَ قَلَّدَ رَجُلًا لِلْقَضَاءِ وَأَذِنَ لَهُ بِالِاسْتِخْلَافِ فَأَمَرَ الْقَاضِي رَجُلًا لِيَسْمَعَ الدَّعْوَى، وَالشَّهَادَةَ فِي حَادِثَةٍ، وَيَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ وَيَسْمَعَ الْإِقْرَارَ وَلَا يَحْكُمَ هُوَ بِذَلِكَ لَكِنْ يَكْتُبَ إلَى الْقَاضِي وَيُنْهِيَ إلَيْهِ حَتَّى يَقْضِيَ الْقَاضِي بِنَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْخَلِيفَةِ أَنْ يَحْكُمَ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ مَا أَمَرَهُ الْقَاضِي، وَإِذَا رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ وَلَا بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ بَلْ يَجْمَعُ الْمُدَّعِيَ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَأْمُرُ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا شَهِدُوا ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْخَصْمَيْنِ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي الْقَاضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ. قَالَ: وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ يَغْلَطُ فِيهَا الْقُضَاةُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَخْلِفُ رَجُلًا لِيَسْمَعَ الشَّهَادَةَ فِي حَادِثَةٍ، ثُمَّ يَكْتُبَ إلَيْهِ بِكِتَابٍ فَيَفْعَلَ الْخَلِيفَةُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكْتُبَ إلَى الْقَاضِي أَنَّهُمْ شَهِدُوا عِنْدِي بِكَذَا وَيَكْتُبَ أَلْفَاظَ الشَّهَادَةِ أَوْ يَكْتُبَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا فَيَقْضِيَ الْقَاضِي بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَهُ فَلَا يَصِحُّ هَذَا الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ فَكَيْفَ يَقْضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ وَبِذَلِكَ الْإِقْرَارِ بِإِخْبَارِ الْخَلِيفَةِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الْخَلِيفَةُ مَعَ آخَرَ عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى إقْرَارِهِ وَيَكُونَ فَائِدَةُ هَذَا الِاسْتِخْلَافِ أَنْ يَنْظُرَ الْخَلِيفَةُ هَلْ لِلْمُدَّعِي شُهُودٌ، أَوْ يَكْذِبُ؟ فَلَعَلَّ لَهُ شُهُودًا إلَّا أَنَّهُمْ غَيْرُ عُدُولٍ وَقَدْ لَا تَتَّفِقُ أَلْفَاظُهُمْ فَيُفَوِّضُ الْقَاضِي النَّظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى الْخَلِيفَةِ. السُّلْطَانُ إذَا قَالَ: قَلَّدْت قَضَاءَ بَلْدَةِ كَذَا زَيْدًا، أَوْ عَمْرًا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ هَذَا تَقْلِيدٌ لِلْمَجْهُولِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْقَاضِي إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِي الِاسْتِخْلَافِ وَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ لَا يَنْفُذُ قَضَاءُ خَلِيفَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِخْلَافُ فِي صِحَّتِهِ، أَوْ مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ، وَإِنْ اسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ يَكُونُ خَلِيفَتُهُ قَاضِيًا مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْقَاضِي عَزْلَهُ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ الْخَلِيفَةُ وَلِّ مَنْ شِئْت وَاسْتَبْدِلْ مَنْ شِئْت فَحِينَئِذٍ يَمْلِكُ عَزْلَهُ بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ غَيْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ. الْقَاضِي إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِالِاسْتِخْلَافِ فَاسْتَخْلَفَ فَحَكَمَ الْخَلِيفَةُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي بَيْنَ يَدَيْهِ جَازَ وَلَوْ أَنَّ الْخَلِيفَةَ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي وَحَكَمَ فِي غَيْبَتِهِ فَرُفِعَ قَضَاؤُهُ إلَى الْقَاضِي فَأَجَازَهُ نَفَذَ قَضَاؤُهُ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَلِكَ الْقَاضِي إذَا أَجَازَ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا اُسْتُقْضِيَ الصَّبِيُّ، ثُمَّ أَدْرَكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ الْأَمْرِ، وَالْعَبْدُ إذَا اُسْتُقْضِيَ، ثُمَّ عَتَقَ كَانَ لَهُ

أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ الْأَمْرِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ سُئِلَ عَنْ سُلْطَانٍ مَاتَ وَاتَّفَقَتْ الرَّعِيَّةُ عَلَى ابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ وَجَعَلُوهُ سُلْطَانًا مَا حَالُ الْقُضَاةِ، وَالْخُطَبَاءِ، وَتَقْلِيدِهِ إيَّاهُمْ مَعَ عَدَمِ وِلَايَتِهِ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِاتِّفَاقُ عَلَى وَالٍ عَظِيمٍ فَيَصِيرَ سُلْطَانًا لَهُمْ وَيَكُونَ التَّقْلِيدُ مِنْهُ، وَهُوَ يَعُدُّ نَفْسَهُ تَبَعًا لِابْنِ السُّلْطَانِ وَيُعَظِّمُهُ لِشَرَفِهِ وَيَكُونُ السُّلْطَانُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْوَالِيَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ السُّلْطَانُ أَمَرَ عَبْدَهُ بِنَصْبِ الْقَاضِي فِي بَلْدَةٍ وَنَصَبَ يَصِحُّ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ مِنْ السُّلْطَانِ وَلَوْ حَكَمَ بِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَإِذَا قَالَ الْخَلِيفَةُ، لِوَالِي بَلْدَةٍ (هِرّ كرامي بايدت قضا تَقْلِيد كُنَّ) وَعَرَبِيَّتُهُ: قَلِّدْ مَنْ شِئْت صَحَّ وَلَوْ قَالَ: (كسى را قضا تَقْلِيد كُنَّ) عَرَبِيَّتُهُ: قَلِّدْ أَحَدًا لَا يَصِحُّ. إذَا قَالَ السُّلْطَانُ لِأَمِيرٍ مِنْ أُمَرَائِهِ: (فُلَان ولايت بتودادم) ، أَوْ قَالَ (ترادادم) لَا يَمْلِكُ تَقْلِيدَ الْقَضَاءِ، وَإِنْ جَعَلَهُ أَمِيرًا عَلَى بَلْدَةٍ وَجَعَلَ خَرَاجَهَا لَهُ فَأَطْلَقَ لَهُ التَّصَرُّفَ فِي الرَّعِيَّةِ عَلَى الْعُمُومِ كَمَا تَقْتَضِيهِ الْإِمَارَةُ فَلَهُ أَنْ يُقَلِّدَ وَأَنْ يَعْزِلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْإِمَامُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَدْلًا جَازَ أَحْكَامُهُ وَحُكَّامُهُ وَلَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ السُّلْطَانِ إذَا كَانَ صَغِيرًا (1) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ قُرَشِيًّا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ هَاشِمِيًّا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ قُرَيْشٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ عَدْلًا أَمِينًا عَالِمًا بِشَرَائِطِ الْقَاضِي. السُّلْطَانُ الْمُوَلَّى إذَا كَانَ صَبِيًّا فَبَلَغَ هَلْ يَبْقَى سُلْطَانًا أَمْ يُحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدٍ؟ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدٍ. السُّلْطَانُ إذَا قَلَّدَ رَجُلًا قَضَاءَ بَلْدَةٍ، وَفِيهَا قَاضٍ وَلَمْ يَعْزِلْهُ صَرِيحًا الْأَشْبَهُ أَنْ لَا يَصِيرَ الْأَوَّلُ مَعْزُولًا كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. السُّلْطَانُ إذَا قَلَّدَ قَضَاءَ نَاحِيَةٍ إلَى رَجُلَيْنِ فَقَضَى أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ كَالْوَكِيلَيْنِ وَلَوْ قَلَّدَهُمَا عَلَى أَنْ يَتَفَرَّدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْقَضَاءِ يَجُوزُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يَعْزِلَ وَيَسْتَبْدِلَ مَكَانَهُ آخَرَ بِرِيبَةٍ وَبِغَيْرِ رِيبَةٍ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: لَا يُتْرَكُ الْقَاضِي عَلَى الْقَضَاءِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَمِنْ حَقِّ السُّلْطَانِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى هَذَا الْقَاضِي إذَا مَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ فَيَقُولَ: لَا فَسَادَ فِيك وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْك أَنْ تَنْسَى الْعِلْمَ فَعُدْ وَادْرُسْ الْعِلْمَ، ثُمَّ عُدْ إلَيْنَا حَتَّى نُقَلِّدَك ثَانِيًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ. السُّلْطَانُ إذَا عَزَلَ قَاضِيًا لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الْخَبَرُ حَتَّى لَوْ قَضَى بِقَضَايَا بَعْدَ الْعَزْلِ قَبْلَ وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهِ جَازَتْ قَضَايَاهُ، وَهُوَ نَظِيرُ الْوَكِيلِ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْعَزِلُ، وَإِنْ عَلِمَ بِعَزْلِهِ حَتَّى يَتَقَلَّدَ غَيْرُهُ مَكَانَهُ صِيَانَةً لِحُقُوقِ الْعِبَادِ وَاعْتَبَرَهُ بِإِمَامِ الْجُمُعَةِ إذَا عُزِلَ وَهَذَا إذَا حَصَلَ الْعَزْلُ مُطْلَقًا، فَأَمَّا إذَا حَصَلَ الْعَزْلُ مُعَلَّقًا بِشَرْطِ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الْكِتَابُ عَلِمَ الْعَزْلَ قَبْلَ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا مَاتَ الْخَلِيفَةُ وَلَهُ قُضَاةٌ وَوُلَاةٌ فَهُمْ عَلَى حَالِهِمْ وَلَيْسَ هَذَا كَالْوَكَالَةِ. وَفِي هِدَايَةِ النَّاطِفِيِّ لَوْ مَاتَ الْقَاضِي، أَوْ عُزِلَ

الباب السادس في حكم السلطان والأمراء وما يقع للقاضي لنفسه

تَنْعَزِلُ خُلَفَاؤُهُ مِنْ الْقُضَاةِ وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ أَمِيرُ النَّاحِيَةِ انْعَزَلَ قُضَاتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْخَلِيفَةُ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى إذَا وَرَدَ الْكِتَابُ مِنْ الْإِمَامِ إلَى عَامِلِ خُرَاسَانَ أَنْ يَجْمَعَ الْفُقَهَاءَ، أَوْ قَوْمًا سَمَّاهُمْ لِيَنْظُرُوا فِي أَمْرِ الْقَاضِي فَإِنْ رَضُوهُ فَأَقْرِرْهُ، وَإِلَّا فَاعْزِلْهُ فَاجْتَمَعُوا فَلَمْ يَرْضَوْا فَأَخَذَ الْعَامِلُ الرِّشْوَةَ وَكَتَبَ أَنَّهُمْ رَضُوهُ وَتُرِكَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَحْكُمَ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْزِلْهُ وَلَوْ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ التَّقْلِيدِ إذَا قَلَّدَهُ فَكَتَبَ أَنَّهُمْ قَدْ رَضُوا وَقَلَّدَهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْقَاضِي إذَا عَمِيَ، ثُمَّ أَبْصَرَ فَهُوَ عَلَى قَضَائِهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الرِّدَّةِ وَلَكِنْ قَضَاؤُهُ لَا يَنْفُذُ فِي حَالِ عَمَاهُ وَرِدَّتِهِ. أَرْبَعَةُ خِصَالٍ إذَا حَصَلَتْ بِالْقَاضِي صَارَ مَعْزُولًا ذَهَابُ الْبَصَرِ، وَذَهَابُ السَّمْعِ، وَذَهَابُ الْعَقْلِ، وَالرِّدَّةُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا عُزِلَ الْقَاضِي قِيلَ: يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ، وَإِذَا مَاتَ لَا، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ مِنْ السُّلْطَانِ، أَوْ الْعَامَّةِ وَبِعَزْلِ نَائِبِ الْقَاضِي لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. السُّلْطَانُ إذَا قَلَّدَ رَجُلًا فَرَدَّ الْقَاضِي ذَلِكَ إنْ قَلَّدَهُ مُشَافَهَةً لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ بَعْدَمَا رَدَّ، وَإِنْ قَلَّدَهُ مُغَايَبَةً بِأَنْ بَعَثَ إلَيْهِ مَنْشُورَهُ فَرَدَّهُ، ثُمَّ قَبِلَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ التَّقْلِيدُ بِالرِّسَالَةِ فَرَدَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمْ السُّلْطَانُ بِالرَّدِّ. الْقَاضِي إذَا قَالَ: عَزَلْت نَفْسِي، أَوْ أَخْرَجْت نَفْسِي عَنْ الْقَضَاءِ وَسَمِعَ السُّلْطَانَ يَنْعَزِلُ أَمَّا بِدُونِ سَمَاعِ السُّلْطَانِ فَلَا وَكَذَلِكَ إذَا كَتَبَ كِتَابًا إلَى السُّلْطَانِ: إنِّي عَزَلْت نَفْسِي، وَأَتَى الْكِتَابُ السُّلْطَانَ صَارَ الْقَاضِي مَعْزُولًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي حُكْمِ السُّلْطَانِ وَالْأُمَرَاءِ وَمَا يَقَعُ لِلْقَاضِي لِنَفْسِهِ] فِي النَّوَازِلِ السُّلْطَانُ إذَا حَكَمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ لَا يَنْفُذُ، وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ يَنْفُذُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا كَانَ الْقَاضِي مِنْ قِبَلِ الْخَلِيفَةِ لَا مِنْ قِبَلِ الْأَمِيرِ فَلَيْسَ لِلْأَمِيرِ أَنْ يَقْضِيَ وَلَوْ قَضَى لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ قَالَ هِشَامٌ سَمِعْت أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إذَا كَانَ الْقَاضِي مِنْ الْأَصِيلِ يَعْنِي مِنْ الْخَلِيفَةِ، ثُمَّ مَاتَ فَلَيْسَ لِلْأَمِيرِ أَنْ يُوَلِّيَ قَاضِيًا، وَإِنْ كَانَ أَمِيرًا بِعُشْرِهَا وَخَرَاجِهَا، وَإِنْ حَكَمَ هَذَا الْأَمِيرُ لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ وَكَذَا إنْ وَلَّى هَذَا الْأَمِيرُ قَاضِيًا مِنْ قِبَلِهِ لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ فَإِنْ جَاءَ هَذَا الْقَاضِيَ الَّذِي وَلَّاهُ هَذَا الْأَمِيرُ كِتَابُ الْخَلِيفَةِ مِنْ الْأَصِيلِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إمْضَاءً لِلْقَضَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ لَهُ خُصُومَةٌ عَلَى إنْسَانٍ فَخَاصَمَ عِنْدَ خَلِيفَتِهِ فِي الْحُكْمِ فَقَضَى لَهُ هَلْ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ قَالَ لَا؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْخَلِيفَةِ لَهُ كَقَضَاءٍ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِمِثْلِ هَذَا أَنْ يَطْلُبَ مِنْ السُّلْطَانِ الَّذِي وَلَّاهُ أَنْ يُوَلِّيَ قَاضِيًا آخَرَ حَتَّى يَخْتَصِمَا إلَيْهِ فَيَقْضِيَ بَيْنَهُمَا، أَوْ يَتَحَاكَمَا إلَى حَاكِمٍ يَحْكُمُ وَيَتَرَاضَيَا بِقَضَائِهِ فَيَقْضِيَ بَيْنَهُمَا وَيَنْفُذَ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ، وَقَالَ بِنَفَاذِ حُكْمِ

الباب السابع في جلوس القاضي ومكان جلوسه

خَلِيفَتِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَفِي النَّوَازِلِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَقَدْ ذَكَرَ ثَمَّةَ: رَجُلٌ خَاصَمَ السُّلْطَانَ إلَى الْقَاضِي فَجَلَسَ السُّلْطَانُ مَعَ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِهِ، وَالْخَصْمُ عَلَى الْأَرْضِ قَالَ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقُومَ مِنْ مَكَانِهِ وَيُجْلِسَ خَصْمَ السُّلْطَانِ فِيهِ وَيَقْعُدَ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَقْضِيَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ صَحَّ أَنَّ يَهُودِيًّا ادَّعَى عَلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ دَعْوَى فِي زَمَنِ أَبِي يُوسُفَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَسَمِعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خُصُومَتَهُ عَلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَلَّدَ شُرَيْحًا وَخَاصَمَ عِنْدَهُ فِي حَادِثَةٍ قَالَ الْخَصَّافُ لَوْ أَنَّ قَاضِيًا قَضَى لِلْإِمَامِ الَّذِي وَلَّاهُ بِقَضِيَّةٍ، أَوْ قَضَى عَلَيْهِ بِقَضِيَّةٍ جَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَضَى لِوَلَدِ الْإِمَامِ، أَوْ وَالِدِهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ، وَكَذَلِكَ قَاضِي الْقُضَاةِ لَوْ خَاصَمَ إلَى قَاضٍ وَلَّاهُ فَقَضَى لَهُ، أَوْ عَلَيْهِ جَازَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْإِمَامَ وَلَّى الْقَاضِيَ عَلَى مِثْلِ خُرَاسَانَ فَأَمَرَ أَنْ يُوَلِّيَ قُضَاةً عَلَى الْكُوَرِ فَفَعَلَ، ثُمَّ خَاصَمَ الْقَاضِي الْأَعْلَى بَعْضَ مَنْ وَلَّاهُ فَقَضَاؤُهُ جَائِزٌ لَهُ وَعَلَيْهِ. وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا ذَكَرَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ قَالَ سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَاضٍ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةُ جِوَارٍ قِبَلَ رَجُلٍ فَلَمْ يُعْطِهَا إيَّاهُ وَجَحَدَ، وَالْوَالِي الَّذِي فِي بَلَدِهِ لَيْسَ مِمَّنْ يُوَلَّى الْقَضَاءَ كَيْفَ يَصْنَعُ.؟ قَالَ: يَنْبَغِي، لِلْوَالِي أَنْ يَقُولَ لَهُمَا: اخْتَارَا رَجُلًا لِيَحْكُمَ بَيْنَكُمَا قُلْت: فَإِنْ أَبَى الرَّجُلُ ذَلِكَ أَيُجْبَرُ عَلَيْهِ.؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَدْ أَشَارَ إلَى التَّحْكِيمِ وَلَمْ يَقُلْ بِأَنَّ خَلِيفَةَ الْقَاضِي يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا، وَجَوَازُ التَّحْكِيمِ مِنْ الْقَاضِي عُرِفَ بِأَثَرِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ فَإِنَّهُ حَكَّمَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فِي خُصُومَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَحَكَّمَ شُرَيْحًا فِي خُصُومَةٍ أُخْرَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَاضِي الْبَلْدَةِ إذَا مَاتَ - وَوَالِيهَا مِمَّنْ لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ - أَيُجْبَرُ الْخُصُومُ عَلَى رَجُلٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ.؟ قَالَ: أَمَّا كُلُّ شَيْءٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ إلَى آخَرَ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا خَاصَمَ ابْنُ الْقَاضِي غَيْرَهُ إلَيْهِ، أَوْ خَاصَمَ غَيْرُهُ ابْنَهُ إلَيْهِ يَنْظُرُ فِيهِ فَإِنْ تَوَجَّهَ الْقَضَاءُ عَلَى ابْنِهِ يَقْضِي عَلَى ابْنِهِ، وَإِنْ تَوَجَّهَ لِابْنِهِ يَتْرُكُهُمَا وَيَقُولُ لَهُمَا: اخْتَصِمَا إلَى غَيْرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجُوزُ قَضَاءُ الْقَاضِي لِلْأَمِيرِ الَّذِي وَلَّاهُ وَكَذَلِكَ قَضَاءُ الْقَاضِي الْأَسْفَلِ لِلْقَاضِي الْأَعْلَى وَلِلْقَاضِي الْأَسْفَلِ. وَيَجُوزُ قَضَاءُ الْقَاضِي لِأُمِّ امْرَأَتِهِ بَعْدَمَا مَاتَتْ امْرَأَتُهُ وَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ حَيَّةً، وَكَذَا لَوْ قَضَى لِامْرَأَةِ أَبِيهِ بَعْدَمَا مَاتَ الْأَبُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْإِمَامُ يَقْضِي بِعِلْمِهِ بِحَدِّ الْقَذْفِ، وَالْقِصَاصِ، وَالتَّعْزِيرِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي جُلُوسِ الْقَاضِي وَمَكَانِ جُلُوسِهِ] ِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ. الْحَاكِمُ يَجْلِسُ لِلْقَضَاءِ جُلُوسًا ظَاهِرًا فِي الْمَسْجِدِ كَيْ لَا يَشْتَبِهَ مَكَانُهُ عَلَى الْغُرَبَاءِ وَبَعْضِ الْمُقِيمِينَ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ

وَالْمَسْجِدُ الْجَامِعُ أَوْلَى، ثُمَّ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَاتُ، وَإِنْ لَمْ تُصَلَّ فِيهِ الْجُمُعَةُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ قَالَ الشَّيْخُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا إذَا كَانَ الْجَامِعُ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي طَرَفٍ مِنْ الْبَلْدَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ مَسْجِدًا آخَرَ فِي وَسَطِ الْبَلْدَةِ كَيْ لَا يَلْحَقَ لِبَعْضِ الْخُصُومِ مَشَقَّةُ الذَّهَابِ إلَى طَرَفِ الْبَلْدَةِ، وَإِنْ جَلَسَ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْلِسُونَ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِمْ، قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: هَذَا إذَا كَانَ مَسْجِدُ حَيِّهِ فِي وَسَطِ الْبَلْدَةِ وَيَخْتَارُ مَسْجِدَ السُّوقِ؛ لِأَنَّهُ أَشْهَرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِذَا دَخَلَ الْقَاضِي الْمَسْجِدَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْدَأَ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا - وَالْأَرْبَعُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةُ النَّهَارِ - ثُمَّ يَدْعُوَ اللَّهَ - تَعَالَى - أَنْ يُوَفِّقَهُ وَيُسَدِّدَهُ لِلْحَقِّ وَيَعْصِمَهُ مِنْ مَعَاصِيهِ، ثُمَّ يَجْلِسَ لِلْحُكْمِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُجْلِسَ مَعَهُ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ، وَالْكَرَامَةِ أَجْلَسَهُمْ قَرِيبًا مِنْهُ وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْأَمَانَةِ يَكُونُونَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَجْلِسَ وَحْدَهُ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْقَضَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُقْعِدَ مَعَهُ أَهْلَ الْعِلْمِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُشَاوِرُهُمْ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَا يُشَاوِرُهُمْ عِنْدَ الْخُصُومَةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَيَضَعُ الْقِمَطْرَ إلَى جَانِبِهِ عَنْ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ السِّجِلَّاتِ، وَالْمُحَاضِرَ، وَالصُّكُوكَ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُعَدًّا بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُجْلِسُ كَاتِبَهُ فِي نَاحِيَةٍ عَنْهُ حَيْثُ يَرَاهُ حَتَّى لَا يُخْدَعَ بِالرِّشْوَةِ فَيَزِيدَ فِي أَلْفَاظِ الشَّهَادَةِ أَوْ يَنْقُصَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ جَلَسَ فِي دَارِهِ لَا بَأْسَ بِهِ وَيَأْذَنُ لِلنَّاسِ بِالدُّخُولِ فِيهَا وَيَجْلِسُ مَعَهُ مَنْ كَانَ يَجْلِسُ قَبْلَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الدَّارُ فِي وَسَطِ الْبَلْدَةِ كَالْمَسْجِدِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْضِيَ فِي مَنْزِلِهِ، أَوْ حَيْثُ أَحَبَّ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْقَضَاءِ لَا يَخْتَصُّ بِمَكَانٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَنَا لَوْ كَانَ فِي وَسَطِ الْبَلْدَةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ فَإِذَا جَلَسَ الْقَاضِي فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ فِي دَارِهِ يَأْخُذُ بَوَّابًا لِيَمْنَعَ الْخُصُومَ مِنْ الِازْدِحَامِ وَلَا يُبَاحُ لِلْبَوَّابِ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا لِيَأْذَنَ بِالدُّخُولِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة ثُمَّ إذَا قَضَى فِي الْمَسْجِدِ خَرَجَ لِلْحَائِضِ، وَالدَّابَّةِ وَلَا يَضْرِبُ فِي الْمَسْجِدِ حَدًّا وَلَا تَعْزِيرًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْعُدَ عَلَى الطَّرِيقِ إذَا كَانَ لَا يَضِيقُ بِالْمَارَّةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا دَخَلَ الْقَاضِي الْمَسْجِدَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الْخُصُومِ يُرِيدُ بِهِ تَسْلِيمًا عَامًّا، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ تَرَكَ وَسِعَهُ لِتَبْقَى الْهَيْبَةُ وَيَكْثُرَ الْحِشْمَةُ وَلِهَذَا جَرَى الرَّسْمُ أَنَّ الْوُلَاةَ، وَالْأُمَرَاءَ إذَا دَخَلُوا لَا يُسَلِّمُونَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ وَلَا يَسَعَهُ التَّرْكُ وَهَكَذَا، الْوَالِي، وَالْأَمِيرُ إذَا دَخَلَا عَلَيْهِمَا أَنْ يُسَلِّمَا وَلَا يَسَعَهُمَا التَّرْكُ هَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي وَقْتِ الدُّخُولِ فَأَمَّا إذَا جَلَسَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلْفَصْلِ، وَالْحُكْمِ لَا يُسَلِّمُ عَلَى الْخُصُومِ وَلَا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَعَنْ هَذَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: مِنْ هَذَا جَرَى الرَّسْمُ أَنَّ النَّاسَ مَتَى دَخَلُوا عَلَى الْوُلَاةِ، وَالْأُمَرَاءِ لَا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ لَا يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَتَى جَلَسَ لِلْحُكْمِ لَا يُسَلِّمُ

وَلَا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَالْوَالِي، وَالْأَمِيرُ أَوْلَى وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ظَنُّوا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ النَّاسَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّاسِ بِخِلَافِ الْقَاضِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَالِيَ، وَالْأَمِيرَ إنَّمَا جَلَسَا لِلزِّيَارَةِ لَا لِلْفَصْلِ، وَالْحُكْمِ، وَالسَّلَامُ تَحِيَّةُ الزَّائِرِينَ فَأَمَّا الْقَاضِي فَإِنَّمَا جَلَسَ لِلْفَصْلِ، وَالْحُكْمِ لَا لِلزِّيَارَةِ فَلَا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَلَّمُوا مَعَ هَذَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ السَّلَامَ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ السَّلَامِ بَلْ يَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ رَدَّ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرُدَّ كَذَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. ، وَإِنْ أَرَادَ الْقَاضِي جَوَابَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى قَوْلِهِ " وَعَلَيْكُمْ "، وَيُسَلِّمُ الشَّاهِدُ عَلَى الْقَاضِي وَيَرُدُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبُخَارِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ جَلَسَ لِتَفَقُّهِ تَلَامِيذِهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ وَسَلَّمَ وَسِعَهُ أَنْ لَا يَرُدَّ السَّلَامَ، وَكَذَا كَانَ يَقُولُ فِيمَنْ جَلَسَ لِلذِّكْرِ أَيَّ ذِكْرٍ كَانَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ وَسَلَّمَ وَسِعَهُ أَنْ لَا يَرُدَّ السَّلَامَ، وَإِذَا جَلَسَ الْقَاضِي لِفَصْلِ الْخُصُومَاتِ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلٌ يَمْنَعُ النَّاسَ عَنْ التَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِمْ، يَمْنَعُهُمْ عَنْ إسَاءَةِ الْأَدَبِ، وَيُقَالُ لَهُ صَاحِبُ الْمَجْلِسِ وَلَهُ أَسَامٍ: الشُّرْطِيُّ، وَالْعَرِيفُ، وَالْجِلْوَازُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَهُ سَوْطُ الْأَدَبِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَمِينًا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ طَمَّاعًا حَتَّى لَا يَرْتَشِيَ فَلَا يَمِيلَ إلَى بَعْضِ الْخُصُومِ وَلَا يَتْرُكَ تَأْدِيبَهُ إذَا أَسَاءَ الْأَدَبَ، وَإِذَا جَلَسَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي وَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ صَاحِبَ الْمَجْلِسِ لِيَقُومَ بِبُعْدٍ مِنْهُ حَتَّى لَا يَعْرِفَ مَا يَدُورُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَبَيْنَ الْقَاضِي - وَلَا يَعْلَمُ بِهِ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ - وَلَا يُلَقِّنَهُ شَيْئًا فَعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُونًا وَتَرَكَهُ بِقُرْبٍ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَعْمَلُ مَا فِيهِ النَّظَرُ، وَالِاحْتِيَاطُ فِي أُمُورِ النَّاسِ وَلَا يَنْبَغِي لِهَذَا الرَّجُلِ أَنْ يُسَارَّ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْعَثَ أَمِينًا إلَى مَوْضِعِ جُلُوسِهِ قَبْلَ مَجِيئِهِ فَيَحْفَظَ مَنْ جَاءَ أَوَّلًا فَأَوَّلًا فَيُقَدِّمَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُقَدِّمَ وَاحِدًا عَلَى مَنْ جَاءَ قَبْلَهُ لِفَضْلِ مَنْزِلَتِهِ، أَوْ سَلْطَنَتِهِ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَبْدَأَ بِالْغُرَبَاءِ فَعَلَ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِمْ كَثْرَةٌ بِحَيْثُ يَشْغَلُونَهُ عَنْ أَهْلِ الْمِصْرِ قَدَّمَهُمْ عَلَى مَنَازِلِهِمْ مَعَ النَّاسِ وَيُقَدِّمُ النِّسَاءَ عَلَى حِدَةٍ، وَالرِّجَالَ عَلَى حِدَةٍ، وَإِنْ جَعَلَ لِلنِّسَاءِ يَوْمًا عَلَى حِدَةٍ فَهُوَ أَسْتَرُ لَهُنَّ كَذَا فِي الْحَاوِي. (1) (فِقْهٌ حَنَفِيٌّ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الَّذِي يَرْجِعُ مِنْ لَيْلِهِ إلَى أَهْلِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُقِيمِ، وَاَلَّذِي يَبِيتُ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ بِمَنْزِلَةِ الْغَرِيبِ إلَّا أَنَّ الْغَرِيبَ - يَعْنِي الْمُسَافِرَ - أَشَدُّ حَالًا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا رَأَى التَّقْدِيمَ لِأَجْلِ الْغُرْبَةِ لَا يُصَدِّقُهُ فِي قَوْلِهِ: إنِّي غَرِيبٌ عَازِمٌ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِي لَكِنَّهُ يَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ غَرِيبٌ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَكِنْ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَشَهَادَةُ الْمَسْتُورِ تَكْفِي، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: إنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُهُ مَعَ مَنْ يُرِيدُ السَّفَرَ فَيَسْأَلُ الرُّفْقَةَ أَنَّهُمْ مَتَى يَخْرُجُونَ، وَأَنَّ فُلَانًا هَلْ يَخْرُجُ مَعَهُمْ.؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ حِينَئِذٍ

يَتَحَقَّقُ الْعُذْرُ، وَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَى بَابِ الْقَاضِي أَرْبَابُ الشُّهُودِ وَالْأَيْمَانِ، وَالْغُرَبَاءُ، وَالنِّسَاءُ فَقَدَّمَ الْقَاضِي أَرْبَابَ الشُّهُودِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ قَدَّمَ أَرْبَابَ الْأَيْمَانِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ قَدَّمَ الْغُرَبَاءَ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ قَدَّمَ النِّسَاءَ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا تَقَدَّمَ إلَيْهِ الْخَصْمَانِ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ وَيُجْلِسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي النَّظَرِ، وَالْكَلَامِ وَلَا يُسَارُّ أَحَدَهُمَا وَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. بِيَدِهِ وَلَا بِرَأْسِهِ وَلَا بِحَاجِبِهِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَلَا يَضْحَكُ فِي وَجْهِ أَحَدِهِمَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَيَجْتَنِبُ الْمُزَاحَ مُطْلَقًا مَعَهُمَا، أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا، أَوْ مَعَ غَيْرِهِمَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَلَا يُكْثِرُ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ بِالْمَهَابَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطْلُقَ بِوَجْهِهِ إلَى أَحَدِهِمَا فِي شَيْءٍ مِنْ النُّطْقِ مَا لَا يَفْعَلُ بِالْآخَرِ مِثْلَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ مَيْلُ قَلْبِهِ إلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَأَحَبَّ أَنْ يُظْهِرَ حُجَّتَهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِالتَّسْوِيَةِ فِيمَا يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى التَّسْوِيَةِ، وَفِيمَا فِي وُسْعِهِ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَقْدِرُ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِيهِ لَا يُعْذَرُ بِتَرْكِهَا فِيهِ، وَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّسْوِيَةِ فِيهِ لَا يُؤَاخَذُ بِتَرْكِ التَّسْوِيَةِ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا سُلْطَانًا أَوْ عَالِمًا فَجَلَسَ السُّلْطَانُ مَجْلِسَهُ، وَالْخَصْمُ عَلَى الْأَرْضِ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقُومَ مِنْ مَكَانِهِ وَيَجْلِسَ عَلَى الْأَرْضِ وَيُجْلِسَ خَصْمَهُ فِي مَكَانِهِ كَيْ لَا يَكُونَ تَفْضِيلًا عَلَى الْآخَرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يُضَيِّفُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَصْمُهُ مَعَهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَا يُكَلِّمُ أَحَدَهُمَا بِلِسَانٍ لَا يَعْرِفُهُ الْآخَرُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَفِي مُخْتَصَرِ خُوَاهَرْ زَادَهْ: وَلَا يَخْلُو بِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ فِي مَنْزِلِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَفْعَلَ مَا يُؤَدِّي إلَى التُّهْمَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَيْ يُعْرِضَ عَنْهُ بَعْدَمَا كَانَ مُقْبِلًا عَلَيْهِمَا، وَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا. وَيُكْرَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ بِأَنْ يَدْخُلَ مَنْزِلَهُ. وَمَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ خُصُومَةٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْقَاضِي بِالدُّخُولِ عَلَيْهِ لِلسَّلَامِ، أَوْ لِحَاجَةٍ تَعْرِضُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يُقْعِدُ أَحَدَهُمَا مِنْ جَانِبِ الْيَمِينِ، وَالْآخَرَ مِنْ جَانِبِ الْيَسَارِ؛ لِأَنَّ جَانِبَ الْيَمِينِ أَفْضَلُ فَيَكُونُ تَقْدِيمًا لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ بَيْنَ الْكَبِيرِ، وَالصَّغِيرِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَوِّيَ فِيهِ بَيْنَ الْأَبِ، وَالِابْنِ وَبَيْنَ الْخَلِيفَةِ، وَالرَّعِيَّةِ (1) وَبَيْنَ الذِّمِّيِّ، وَالشَّرِيفِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. قَالَ صَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جُلُوسُهُمَا بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي عَلَى قَدْرِ ذِرَاعَيْنِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ كَلَامَهُمَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَا أَصْوَاتَهُمَا. وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا جَلَسَ فِي الْمَجْلِسِ أَنْ يَسْتَنِدَ ظَهْرُهُ إلَى الْمِحْرَابِ وَكَانَ الرَّسْمُ فِي زَمَنِ الْخَصَّافِ وَغَيْرِهِ أَنْ يَجْلِسَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ، وَرَسْمُ زَمَانِنَا أَحْسَنُ وَتَقِفُ أَعْوَانُ الْقَاضِي بَيْنَ

يَدَيْ الْقَاضِي لِيَكُونَ أَهْيَبَ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ قِيَامُهُمْ بِبُعْدٍ مِنْ الْقَاضِي حَتَّى لَا يَسْمَعُوا مَا يَدُورُ بَيْنَ الْقَاضِي وَبَيْنَ مَنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ مِنْ الْخُصُومِ، وَلَا يَعْرِفُوا رَأْيَ الْقَاضِي فِي بَعْضِ مَا يَقَعُ لَهُمْ مِنْ الْمَسَائِلِ وَلَا يَحْتَالُونَ لِإِبْطَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا تَقَدَّمَ خَصْمَانِ سَأَلَ الْمُدَّعِيَ عَنْ دَعْوَاهُ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصَاحِبُ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ أَبُو جَعْفَرٍ وَهَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالَ: لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعِيَ عَنْ دَعْوَاهُ وَلَكِنْ يَسْكُتُ وَيَسْمَعُ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْأَلُ وَبِهِ أَخَذَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصَاحِبُ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي مَحَاضِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى، وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَاضِي يَسْأَلُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْأَلُ بَلْ يَسْكُتُ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَإِذَا جَلَسَ الْخُصُومُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَسْتَنْطِقُهُمْ فَيَقُولُ أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي فَإِذَا عَرَفَ الْمُدَّعِيَ يَقُولُ لَهُ: مَاذَا تَدَّعِي، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرْفَقُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فَإِذَا حَضَرَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ بَدَأَهُمَا بِالْكَلَامِ فَقَالَ: مَا لَكُمَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُمَا حَتَّى يَبْدَآهُ بِالنُّطْقِ، وَهُوَ أَحْسَنُ كَيْ لَا يَكُونَ مُهَيِّجًا لِلْخُصُومَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. ثُمَّ إذَا سَأَلَهُ، أَوْ لَمْ يَسْأَلْهُ وَلَكِنْ ادَّعَى بِنَفْسِهِ سَأَلَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ دَعْوَى الْمُدَّعِي هَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَكْتُبُ دَعْوَى الْمُدَّعِي فِي الصَّحِيفَةِ وَيَنْظُرُ فِيهِ أَصَحِيحٌ هُوَ أَمْ فَاسِدٌ.؟ فَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لَا يُقْبِلُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: قُمْ فَصَحِّحْ دَعْوَاك هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ أَدَبِ الْقَاضِي، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقُولُ لَهُ ذَلِكَ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنْ يَقُولُ: دَعْوَاك هَذِهِ فَاسِدَةٌ فَلَا يَلْزَمُنِي سَمَاعُهَا، وَهَذَا لَيْسَ بِتَلْقِينٍ بَلْ فَتْوَى بِالْفَسَادِ، وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ صَحِيحَةً فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَقُولُ: إنَّ خَصْمَك ادَّعَى عَلَيْك كَذَا وَكَذَا فَمَاذَا تَقُولُ.؟ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصَاحِبُ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ، وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي، فَإِنَّ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْأَلُهُ الْقَاضِي الْجَوَابَ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَيْهِ لِيَأْتِيَ بِالْجَوَابِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِذَا تَكَلَّمَ صَاحِبُ الدَّعْوَى أَسْكَتَ الْآخَرَ وَاسْتَمَعَ مِنْ صَاحِبِ الدَّعْوَى حَتَّى يَفْهَمَ حُجَّتَهُ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا تَكَلَّمَا مَعًا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَفْهَمَ كَلَامَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِالسُّكُوتِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَسْتَنْطِقُ الْآخَرَ وَهَذَا اللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَنْطِقُ الْآخَرَ، وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ الْمُدَّعِيَ ذَلِكَ، وَاخْتَارَ بَعْضُ الْقُضَاةِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ سُؤَالِ الْمُدَّعِي، وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَسْتَنْطِقُ الْآخَرَ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَمِسْ الْمُدَّعِي ذَلِكَ كَذَا فِي السِّغْنَاقِيِّ. وَلَا يُلَقِّنُ الشُّهُودَ بِقَوْلِهِ أَتَشْهَدُ بِكَذَا وَاسْتَحْسَنَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ كَمَا إذَا كَانَ

أَمِينًا عَادِلًا لَا يَكْسِبُ بِتَلْقِينِهِ عِلْمًا، وَرُبَّمَا يَحْصَرُ عَنْ الْكَلَامِ لِحِشْمَةِ الْقَاضِي وَمَهَابَةِ الْمَجْلِسِ فَكَانَ فِي تَلْقِينِهِ إحْيَاءُ حَقِّ الْمُسْلِمِ. فِي الْقُنْيَةِ، وَالْخِزَانَةِ: إنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ الْفَتْوَى فِيهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ حَصَلَ لَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ بِالتَّجْرِبَةِ كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُلَقِّنَ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ حُجَّةً وَلَكِنْ إذَا طُلِبَ يَمِينُهُ فَحِينَئِذٍ جَاءَ، أَوْ أَنَّ الِاسْتِحْلَافَ إنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فَيَسْأَلُهُ عِنْدَ ذَلِكَ أَلَك بَيِّنَةٌ.؟ وَفِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو نَصْرٍ عَنْ رَجُلَيْنِ تَقَدَّمَا إلَى الْقَاضِي فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّ لِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، قَالَ: سَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَقَدَّمَ رَجُلَانِ إلَى يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّ لِي عَلَى هَذَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: قَدْ أَخْبَرْتنِي خَبَرًا فَمَا تَشَاءُ، يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ مَا لَمْ يَقُلْ: مُرْهُ لِيُعْطِيَنِي حَقِّي، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، قَالَ أَبُو نَصْرٍ: وَهَذَا عِنْدَنَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَهَذَا مِمَّا لَا يُجْحَدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَقَدَّمَا إلَّا لِلطَّلَبِ، ثُمَّ إذَا سَمِعَ جَوَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَتَبَ جَوَابَهُ فِي قِرْطَاسٍ أَوْ أَمَرَ الْكَاتِبَ أَنْ يَكْتُبَ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حَضَرَ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ يَوْمَ كَذَا بِكَذَا لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا، ثُمَّ إنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْمُدَّعِيَ أَثْبَتَهُمَا فِي رُقْعَةٍ مُعَرِّفَةٍ، وَكَتَبَ: حَضَرَ فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانًا، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُمَا أَرْسَلَ الْكِتَابَةَ إرْسَالًا وَكَتَبَ حَضَرَ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ يَنْسُبُهُ إلَى أَبِيهِ وَجَدِّهِ أَوْ إلَى مَوَالِيهِ فَيَكْتُبُ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانٌ مَوْلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ تِجَارَةٌ، أَوْ صِنَاعَةٌ يُعْرَفُ بِهَا يُنْسَبُ إلَيْهَا زِيَادَةً فِي التَّعْرِيفِ، وَكَذَلِكَ يُحَلِّيهِ زِيَادَةً فِي التَّعْرِيفِ وَلَكِنْ يُحَلِّيهِ بِمَا يَزِينُهُ لَا بِمَا يَشِينُهُ وَأَحْضَرَ رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانٌ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي، ثُمَّ يَكْتُبُ: فَادَّعَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُدَّعِيَ الَّذِي حَضَرَ - عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ - كَذَا وَكَذَا يَكْتُبُ دَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ، ثُمَّ يَكْتُبُ فَيَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ عَمَّا ادَّعَى عَلَيْهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ الدَّعْوَى الْمَوْصُوفَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَإِنْ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِهِ كَتَبَ إقْرَارَهُ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَيَأْمُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِيفَاءِ الْحَقِّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ كَانَ قَدْ جَحَدَ يَكْتُبُ جُحُودَهُ لِيُعْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ هَلْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْأَلَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ أَمْ لَا.؟ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ الْجُحُودَ بِلَفْظِهِ وَلَا يُحَوِّلَهُ إلَى لِسَانِ الْعَرَبِيَّةِ إلَّا إذَا أَمْكَنَ أَنْ يُحَوَّلَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ وَمَنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ كَلِمَةٌ مُبْهَمَةٌ مُشْتَرَكَةٌ فَإِنَّ الْجُحُودَ يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ فَإِنَّ الْمُودَعَ إذَا جَحَدَ الْإِيدَاعَ أَصْلًا، ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ، أَوْ الْهَلَاكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ عَلَيَّ تَسْلِيمُ مَا ادَّعَيْت وَلَا قِيمَتُهَا، ثُمَّ ادَّعَى الْهَلَاكَ، أَوْ الرَّدَّ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَيَكْتُبُ عِبَارَتَهُ بِلِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ حَتَّى يَبْنِيَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا رَسْمُ قُضَاةِ دِيَارِ الْخَصَّافِ وَصَاحِبِ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَعُرْفُ زَمَانِهِمَا. وَالْقُضَاةُ فِي زَمَانِنَا عَلَى رَسْمٍ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ فِي زَمَانِنَا يَأْتِي كَاتِبَ بَابِ الْقَاضِي حَتَّى يَكْتُبَ دَعْوَاهُ فِي بَيَاضٍ فَيَكْتُبَ: حَضَرَ

الْقَاضِي، يَكْتُبُ اسْمَ الْقَاضِي الَّذِي يَرْفَعُ إلَيْهِ الْحَادِثَةَ وَيَتْرُكُ مَوْضِعَ التَّارِيخِ، ثُمَّ يَكْتُبُ اسْمَ الْمُدَّعِي وَنَسَبَهُ، وَيَكْتُبُ اسْمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَسَبَهُ وَيَكْتُبُ دَعْوَاهُ بِشَرَائِطِهَا، ثُمَّ يَتْرُكُ مَوْضِعَ الْجَوَابِ فَإِذَا جَلَسَ الْمُدَّعِي أَوْ وَكِيلُهُ لِلْخُصُومَةِ - يُدْعَى وَكِيلَهُ مِنْ ذَلِكَ الْكِتَابِ - وَيَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابَ عَنْ دَعْوَاهُ فَإِذَا أَجَابَهُ بِالْإِقْرَارِ، أَوْ بِالْإِنْكَارِ دَفَعَ الْبَيَاضَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَكْتُبَ التَّارِيخَ فِي أَوَّلِهِ، وَالْجَوَابَ فِي آخِرِهِ بِعِبَارَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْجَوَابُ بِالْإِقْرَارِ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِالْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ بِالْجُحُودِ فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: إنَّ خَصْمَك قَدْ جَحَدَ دَعْوَاك فَمَاذَا تُرِيدُ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَصَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ. وَإِنَّهُ عَلَى اخْتِلَافٍ فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: حَلِّفْهُ، فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: أَلَكَ بَيِّنَةٌ، عَلَى مَا هُوَ رَأْيُ الْخَصَّافِ وَصَاحِبِ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ. وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ فَإِنْ قَالَ: لَا، حَلَّفَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: نَعَمْ لِي بَيِّنَةٌ، فَالْقَاضِي يَأْمُرُهُ بِإِحْضَارِهَا وَيَكْتُبُ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ فِيهِ وَأَنْسَابَهُمْ وَحِلَاهُمْ وَمَحَالَّهُمْ، أَوْ يَأْمُرُ الْكَاتِبَ حَتَّى يَكْتُبَ ذَلِكَ فَإِذَا أَحْضَرَ الْمُدَّعِي شُهُودَهُ يَكْتُبُ الْكَاتِبُ لَفْظَ شَهَادَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ فَإِذَا جَلَسَ الشُّهُودُ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي، وَجَاءَ أَوَانُ الشَّهَادَةِ أَخَذَ الْقَاضِي الْبَيَاضَ وَسَأَلَهُمْ عَنْ شَهَادَتِهِمْ، وَإِنْ كَتَبَ الْقَاضِي لَفْظَ شَهَادَتِهِمْ بِنَفْسِهِ فَهُوَ أَوْثَقُ وَأَحْوَطُ، ثُمَّ يُقَابِلُ الْقَاضِي لَفْظَ شَهَادَتِهِمْ بِالدَّعْوَى فَإِنْ كَانَتْ مُوَافِقَةً لِلدَّعْوَى، وَعَرَفَ الْقَاضِي الشُّهُودَ بِالْعَدَالَةِ يَقُولُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هَلْ لَك دَفْعٌ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ أَمْهِلْنِي حَتَّى آتِيَ بِهِ أَمْهَلَهُ. وَإِنْ قَالَ: لَا وَجَّهَ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ يَتَوَقَّفُ. وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ إلَّا أَنِّي أَطْلُبُ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ إنْ قَالَ: حَاضِرَةٌ فِي الْمَجْلِسِ فَالْقَاضِي لَا يُجِيبُهُ وَلَا يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَإِنْ قَالَ: حَاضِرَةٌ فِي بَلْدَتِهِ فَالْقَاضِي لَا يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجِيبُهُ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ، وَإِذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلِفَةً فَإِنْ كَانَ يَرَى اسْتِحْلَافَهُ حَلَّفَهُ. وَإِذَا حَلَّفَهُ وَحَلَفَ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُعْطِيَهُ رُقْعَةً أَنَّ فُلَانًا ادَّعَى عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَحَلَّفَهُ وَحَلَفَ حَتَّى لَا يُقَدِّمَهُ إلَى هَذَا الْقَاضِي ثَانِيًا، أَوْ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَيُحَلِّفَهُ مَرَّةً أُخْرَى أَعْطَاهُ نَظَرًا لَهُ، وَالْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ كَتَبَ ذَلِكَ فِي رُقْعَةٍ عَلَى حِدَةٍ، وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ ذَلِكَ فِي الْبَيَاضِ الَّذِي كَتَبَ فِيهِ الدَّعْوَى، وَالْإِنْكَارَ وَكَتَبَ فِيهِ التَّارِيخَ وَأَعْطَاهُ. ثُمَّ الدَّعْوَى لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَقَعَ فِي الْعَيْنِ، أَوْ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ وَقَعَتْ فِي الدَّيْنِ، وَالْمُدَّعَى مَكِيلٌ فَإِنَّمَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إذَا ذَكَرَ الْمُدَّعِي جِنْسَهُ أَيْ أَنَّهُ حِنْطَةٌ، أَوْ شَعِيرٌ فَيَذْكُرُ نَوْعَهُ أَنَّهُ سَقِيٌّ، أَوْ بَرِّيٌّ، أَوْ خَرِيفِيٌّ أَوْ رَبِيعِيٌّ وَصِفَتَهُ أَنَّهُ وَسَطٌ، أَوْ جَيِّدٌ، أَوْ رَدِيءٌ، وَيَذْكُرُ الْحَمْرَاءَ، وَالْبَيْضَاءَ فِي الْحِنْطَةِ، وَيَذْكُرُ قَدْرَهُ فَيَقُولُ كَذَا قَفِيزًا؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ تُكْتَالُ بِالْقَفِيزِ وَيَذْكُرُ بِقَفِيزِ كَذَا؛ لِأَنَّ الْقُفْزَانَ تَتَفَاوَتُ فِي ذَاتِهَا وَيَذْكُرُ سَبَبَ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الدُّيُونِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا فَإِنَّهُ إذَا كَانَ

بِسَبَبِ السَّلَمِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ وَيُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ مَكَانِ الْإِيفَاءِ لِيَقَعَ التَّحَرُّزُ عَنْ مَوْضِعِ الْخِلَافِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ جَازَ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ، وَبَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ فِيهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قَرْضٍ لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ فِيهِ بِمَعْنَى لَا يَلْزَمُ، وَيَذْكُرُ فِي السَّلَمِ شَرَائِطَ صِحَّتِهِ مِنْ إعْلَامِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ، وَوَزْنِهِ إنْ كَانَ وَزْنِيًّا، وَانْتِقَادِهِ فِي الْمَجْلِسِ - حَتَّى يَصِحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَتَأْجِيلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ حَدِّ الِاخْتِلَافِ وَكَذَا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ شَرَائِطِ السَّلَمِ وَيَذْكُرُ فِي الْقَرْضِ الْقَبْضَ، وَصَرْفَ الْمُسْتَقْرِضِ إلَى حَاجَتِهِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ إلَّا بِالِاسْتِهْلَاكِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ فِي دَعْوَى الْقَرْضِ أَيْضًا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ كَذَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي الْإِقْرَاضِ. وَالْوَكِيلُ فِي الْإِقْرَاضِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ وَلَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ وَلَا حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِالْأَدَاءِ وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ يَذْكُرُ شَرَائِطَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يَهْتَدِي إلَى الْعِلْمِ بِشَرَائِطِ الْأَخْذِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ لِلْقَاضِي حَتَّى يَتَأَمَّلَ فِيهِ الْقَاضِي، إنْ وَجَدَهُ صَحِيحًا عَمِلَ بِهِ، وَإِلَّا رَدَّهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ وَزْنِيًّا يَذْكُرُ جِنْسَهُ فَإِنْ كَانَ ذَهَبًا وَكَانَ مَضْرُوبًا يَذْكُرُ كَذَا دِينَارًا وَيَذْكُرُ نَوْعَهُ أَنَّهُ نَيْسَابُورِيُّ الضَّرْبِ، أَوْ بُخَارِيُّ الضَّرْبِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَيَذْكُرُ صِفَتَهُ أَنَّهُ جَيِّدٌ، أَوْ رَدِيءٌ أَوْ وَسَطٌ. وَإِذَا ذَكَرَ الْبُخَارِيَّ، أَوْ النَّيْسَابُورِيَّ لَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْأَحْمَرِ؛ لِأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَوْ النَّيْسَابُورِيَّ لَا يَكُونُ إلَّا أَحْمَرَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَيِّدِ عَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ إذَا ذَكَرَ أَحْمَرَ خَالِصًا كَفَى وَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْجَيِّدِ وَلَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ مِنْ ضَرْبِ أَيِّ وَالٍ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ، وَإِنَّهُ أَوْسَعُ، وَيَذْكُرُ الْمِثْقَالَ مَعَ ذَلِكَ وَيَذْكُرُ نَوْعَ الْمِثْقَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَضْرُوبًا لَا يَذْكُرُ كَذَا دِينَارًا بَلْ يَذْكُرُ كَذَا مِثْقَالًا فَإِنْ كَانَ خَالِصًا مِنْ الْغِشِّ يَذْكُرُ كَذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ فِيهِ غِشٌّ ذَكَرَ كَذَلِكَ نَحْوُ (1) (الده نوهي، أَوْ الده هشتي أَوْ الده ششى) وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ نُقْرَةً، وَكَانَ مَضْرُوبًا ذَكَرَ نَوْعَهَا - وَهُوَ مَا يُضَافُ إلَيْهِ - وَصِفَتَهَا أَنَّهَا جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ وَكَذَا ذَكَرَ قَدْرَهَا كَذَا دِرْهَمًا وَزْنَ سَبْعَةٍ، وَهُوَ الَّذِي كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ، وَإِنْ كَانَتْ فِضَّةً غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ ذَكَرَ فِضَّةً خَالِصَةً مِنْ الْغِشِّ إنْ كَانَتْ خَالِيَةً وَيَذْكُرُ نَوْعَهَا كَنُقْرَةِ (طمغاجي) وَيَذْكُرُ صِفَتَهَا أَنَّهَا جَيِّدٌ، أَوْ رَدِيءٌ أَوْ وَسَطٌ وَيَذْكُرُ قَدْرَهَا كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، وَقِيلَ: إذَا ذَكَرَ كَذَا طمغاجي كَفَى وَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْجَيِّدِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةً، وَالْغِشُّ فِيهَا غَالِبٌ فَإِنْ كَانَ يُعَامَلُ بِهَا وَزْنًا يَذْكُرُ نَوْعَهَا وَصِفَتَهَا وَمِقْدَارَ وَزْنِهَا، وَإِنْ كَانَ يُعَامَلُ عَدَدًا يَذْكُرُ عَدَدَهَا. وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَنْقُولًا وَهُوَ هَالِكٌ فَفِي الْحَقِيقَةِ الدَّعْوَى فِي الدَّيْنِ وَهُوَ الْقِيمَةُ فَيُشْتَرَطُ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَالنَّوْعِ وَالْجِنْسِ عَلَى مَا بَيَّنَّا. وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يُمْكِنُ إحْضَارُهُ

الباب الثامن في أفعال القاضي وصفاته

مَجْلِسَ الْحُكْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِحْضَارِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ. وَإِنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي عَيْنٍ غَائِبَةٍ لَا يُعْرَفُ مَكَانَهَا بِأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ ثَوْبًا أَوْ جَارِيَةً لَا يَدْرِي أَنَّهُ قَائِمٌ أَوْ هَالِكٌ فَإِنْ بَيَّنَ الْجِنْسَ وَالصِّفَةَ وَالْقِيمَةَ فَدَعْوَاهُ مَسْمُوعَةٌ وَبَيِّنَتُهُ مَقْبُولَةٌ. وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْقِيمَةَ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ قِيمَتَهُ أَشَارَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ إلَى أَنَّهَا مَسْمُوعَةٌ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَهُ ثَوْبًا وَهُوَ يُنْكِرُ قَالَ: تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ: رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جَارِيَةً وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالَ: إنَّمَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا ذَكَرَ الْقِيمَةَ، وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ هَذَا وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَعْمَشُ يَقُولُ: تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ فَيَثْبُتُ غَصْبُ الْجَارِيَةِ بِإِقْرَارٍ فِي حَقِّ الْحَبْسِ وَالْقَضَاءِ جَمِيعًا، وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى صَحِيحَةٌ، وَالْبَيِّنَةَ مَقْبُولَةٌ، وَلَكِنْ فِي حَقِّ الْحَبْسِ، وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ. قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ: إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُكَلِّفَ الْمُدَّعِيَ بَيَانَ الْقِيمَةِ فَإِذَا كَلَّفَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَهَذَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ لَا يَعْرِفُ مَا لَهُ فَلَوْ كَلَّفَهُ بَيَانَ الْقِيمَةِ فَقَدْ أَضَرَّ بِهِ، أَوْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْوُصُولُ إلَى حَقِّهِ، وَإِذَا سَقَطَ بَيَانُ الْقِيمَةِ عَنْ الْمُدَّعِي سَقَطَ عَنْ الشُّهُودِ مِنْ الطَّرِيقِ الْأَوْلَى. ، وَإِنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْبَلْدَةِ الَّتِي فِيهَا الدَّارُ الْمُدَّعَى بِهَا، ثُمَّ مِنْ ذِكْرِ الْمَحَلَّةِ، ثُمَّ مِنْ ذِكْرِ السِّكَّةِ، بَدَأَ بِالْأَعَمِّ - وَهُوَ الْبَلَدُ - أَوْ بِالْأَخَصِّ، وَهَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الشُّرُوطِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَبْدَأُ بِالْأَعَمِّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَبْدَأُ بِالْأَخَصِّ، وَعِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ بَدَأَ بِالْأَعَمِّ، وَإِنْ شَاءَ بَدَأَ بِالْأَخَصِّ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ حُدُودِ الدَّارِ بَعْدَ هَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ: يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ فِي الْحَدِّ لَزِيقَ دَارِ فُلَانٍ وَلَا يَذْكُرَ دَارَ فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَصِيرُ دَارُ فُلَانٍ مُدَّعًى بِهَا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يَدْخُلُ فِي الْمَحْدُودِ، وَعِنْدَنَا كِلَا اللَّفْظَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنْ ذَكَرَ حَدَّيْنِ لَا يَكْفِي فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا، وَإِنْ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ حُدُودٍ كَفَاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي أَفْعَالِ الْقَاضِي وَصِفَاتِهِ] وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ وَيَقْضِيَ بِالْحَقِّ وَلَا يَقْضِيَ لِهَوًى يُضِلُّهُ وَلَا لِرَغْبَةٍ تُغَيِّرُهُ وَلَا لِرَهْبَةٍ تَزْجُرُهُ بَلْ يُؤْثِرُ طَاعَةَ رَبِّهِ وَيَعْمَلُ طَمَعًا فِي جَزِيلِ ثَوَابِهِ وَهَرَبًا مِنْ أَلِيمِ عَذَابِهِ فَيَتْبَعُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْقَاضِي هَلْ يُفْتِي.؟ فِيهِ أَقَاوِيلُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَالدِّيَانَاتِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُفْتِي لِلْخُصُومِ حَتَّى لَا يَقِفُوا عَلَى رَأْيِهِ فَيَشْتَغِلُوا بِالتَّلْبِيسِ

وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلَيْنِ تَقَدَّمَا إلَى الْقَاضِي فِي أَمْرٍ وَظَنَّ الْقَاضِي أَنَّهُمَا تَقَدَّمَا إلَيْهِ لِيَعْلَمَا مَا يَقْضِي بِهِ فِي ذَلِكَ أَقَامَهُمَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لِنَفْسِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فَفِي قَوْلِهِ " لِنَفْسِهِ " إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ لِيَتِيمٍ، أَوْ مَيِّتٍ مَدْيُونٍ، وَلَوْ بَاعَ وَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَنَا، وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ لَا فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَلَا فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُسَاهِلُونَهُ لِأَجْلِ الْقَضَاءِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُوَلِّيَ لِذَلِكَ غَيْرَهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ إلَّا مِنْ صَدِيقٍ أَوْ خَلِيطٍ لَهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقْضِيَ فَلَا يُخَاصِمُ إلَيْهِ وَلَا يَتَّهِمُهُ أَنَّهُ يُعِينُ خَصْمًا، وَكَذَلِكَ الِاسْتِعَارَةُ، وَيُشَيِّعُ الْجِنَازَةَ وَيَعُودُ الْمَرِيضَ، وَلَكِنْ لَا يُطِيلُ مُكْثَهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، وَلَا يُمَكِّنُ أَحَدًا مِنْ الْخُصُومِ يَتَكَلَّمُ مَعَهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِشَيْءٍ مِنْ الْخُصُومَاتِ. وَفِي السِّغْنَاقِيِّ، وَإِنَّمَا يَعُودُ الْمَرِيضَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَرِيضُ مِنْ الْمُتَخَاصِمِينَ، أَمَّا إذَا كَانَ مِنْهُمْ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكُونَ فَظًّا غَلِيظًا جَبَّارًا عَنِيدًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْثُوقًا بِهِ فِي عَفَافِهِ وَعَقْلِهِ وَصَلَاحِهِ وَفَهْمِهِ وَعِلْمِهِ بِالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ وَوُجُوهِ الْفِقْهِ، وَيَكُونَ شَدِيدًا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ لَيِّنًا مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَأْمُرُ أَعْوَانَهُ بِالرِّفْقِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَفِي الْيَنَابِيعِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ النَّاسِ وَهُوَ غَضْبَانُ كَذَلِكَ لَا يَقْضِي إذَا دَخَلَهُ نُعَاسٌ وَلَا يَقْضِي وَهُوَ جَائِعٌ أَوْ عَطْشَانُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَجْهُ الْقَضَاءِ بَيِّنًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ وَجْهُ الْقَضَاءِ بَيِّنًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْضِيَ، وَعَنْ هَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُرِيدُ فِيهِ الْجُلُوسَ لِلْقَضَاءِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يَقْضِي حَالَ شَغْلِ قَلْبِهِ بِفَرَحٍ أَوْ حَاجَةٍ إلَى الْجِمَاعِ أَوْ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ شَدِيدٍ أَوْ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَجْلِسَ لِلْقَضَاءِ، وَهُوَ ضَجِرٌ أَوْ كَظِيظٌ مِنْ الطَّعَامِ فَإِنْ عَرَضَ لَهُ هَمٌّ، أَوْ غَضَبٌ، أَوْ نُعَاسٌ كَفَّ حَتَّى يَذْهَبَ ذَلِكَ عَنْهُ فَيَكُونَ جُلُوسُهُ عِنْدَ اعْتِدَالِ أَمْرِهِ وَيَجْعَلَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَفَهْمَهُ وَقَلْبَهُ إلَى الْخُصُومِ غَيْرَ مُعَجِّلٍ لَهُمْ (1) ، وَلَا يُخَوِّفُ إيَّاهُمْ فَإِنَّ الْخَوْفَ يَقْطَعُ حُجَّةَ الرَّجُلِ كَذَا فِي الْكَافِي (2) . (فِقْهٌ حَنَفِيٌّ) وَيَخْرُجُ فِي أَحْسَنِ ثِيَابِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَيَقْضِي، وَهُوَ جَالِسٌ مُتَّكِئًا، أَوْ مُتَرَبِّعًا كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَلَكِنَّ الْقَضَاءَ مُسْتَوِيًا أَفْضَلُ تَعْظِيمًا لِأَمْرِ الْقَضَاءِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ فِي طُولِ

الباب التاسع في رزق القاضي وهديته ودعوته وما يتصل بذلك

الْمَجْلِسِ وَلَكِنْ يَجْلِسُ فِي طَرَفَيْ النَّهَارِ أَوْ مَا أَطَاقَ وَكَذَلِكَ الْفَقِيهُ وَالْمُفْتِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي شَابًّا يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ شَهْوَتَهُ مِنْ أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ لِلْقَضَاءِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَا يَقْضِي وَهُوَ يَمْشِي، أَوْ يَسِيرُ عَلَى الدَّابَّةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُفْتِي: لَا يَنْبَغِي لَهُ بِأَنْ يُفْتِيَ، وَهُوَ يَمْشِي لَكِنْ يَجْلِسَ فِي مَوْضِعٍ، وَإِذَا اسْتَقَرَّ فِيهِ أَفْتَى وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُفْتِيَ فِي الطَّرِيقِ إذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ وَاضِحَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْعُيُونِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا اخْتَصَمَ إلَيْهِ الْإِخْوَةُ أَوْ بَنُو الْعَمِّ أَنْ لَا يَعْجَلَ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَهُمْ وَيُدَافِعَهُمْ قَلِيلًا لَعَلَّهُمْ يَصْطَلِحُونَ. وَفِي الْكُبْرَى، وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَقَارِبِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْأَجَانِبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي رِزْقِ الْقَاضِي وَهَدِيَّتِهِ وَدَعْوَتِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ] إنْ كَانَ الْقَاضِي فَقِيرًا مُحْتَاجًا الْأَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ رِزْقَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بَلْ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَأْخُذُ الرِّزْقَ إلَّا مِنْ بَيْتِ مَالِ الْكُورَةِ الَّتِي يَعْمَلُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ لِأَهْلِ هَذِهِ الْكُورَةِ فَيَكُونُ رِزْقُهُ فِي مَالِ بَيْتِ الْكُورَةِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. كَمَا تَجُوزُ كِفَايَةُ الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ تُجْعَلُ كِفَايَةُ عِيَالِهِ وَمَنْ يَمُونُهُ مِنْ أَهْلِهِ وَأَعْوَانِهِ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ هَلْ يَأْخُذُ الرِّزْقَ فِي يَوْمِ الْعُطْلَةِ.؟ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَأْخُذُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْقَاضِي إذَا كَانَ يَأْخُذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ شَيْئًا لَا يَكُونُ عَامِلًا بِالْأَجْرِ بَلْ يَكُونُ عَامِلًا لِلَّهِ تَعَالَى - وَيَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى - وَكَذَا الْفُقَهَاءُ، وَالْعُلَمَاءُ، وَالْمُعَلِّمُونَ الَّذِينَ يُعَلِّمُونَ الْقُرْآنَ. (1) وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا اُسْتُخْلِفَ كَانَ يَأْخُذُ الرِّزْقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَا عُمَرُ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَأَمَّا عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَكَانَ صَاحِبَ ثَرْوَةٍ وَيَسَارٍ فَكَانَ يَحْتَسِبُ وَلَا يَأْخُذُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَنْبَغِي لِلْأَمَامِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَيْهِ وَعَلَى عِيَالِهِ كَيْ لَا يَطْمَعَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ. وَرُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا بَعَثَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ إلَى مَكَّةَ وَوَلَّاهُ أَمْرَهَا رَزَقَهُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ عَامٍ» وَرُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَجْرَوْا لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كُلَّ يَوْمٍ قَصْعَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَرَضَ لَهُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَأَمَّا أَجْرُ كُتَّابِ الْقَاضِي وَأَجْرُ قُسَّامِهِ فَإِنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَلَى الْخُصُومِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، وَفِيهِ سَعَةٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَعَلَى

هَذَا الصَّحِيفَةُ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا دَعْوَى الْمُدَّعِينَ وَشَهَادَتُهُمْ إنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ مِنْ الْمُدَّعِي فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ وَرَأَى أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَفِي النَّوَازِلِ قَالَ إبْرَاهِيمُ: سَمِعْت أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُئِلَ عَنْ الْقَاضِي إذَا أُجْرِيَ لَهُ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فِي أَرْزَاقِ كَاتِبِهِ وَثَمَنِ صَحِيفَتِهِ وَقَرَاطِيسِهِ، وَأَعْطَى الْكَاتِبَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَجَعَلَ عَشَرَةً لِرَجُلٍ يَقُومُ مَعَهُ وَكَلَّفَ الْخُصُومَ الصُّحُفَ أَيَسَعُهُ ذَلِكَ.؟ قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ يَصْرِفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي سَمَّى لَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْهَدِيَّةُ مَالٌ يُعْطِيهِ وَلَا يَكُونُ مَعَهُ شَرْطٌ وَالرِّشْوَةُ مَالٌ يُعْطِيهِ بِشَرْطِ أَنْ يُعِينَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا يَقْبَلُ هَدِيَّةً إلَّا مِنْ ذِي رَحِمٍ مُحْرِمٍ، أَوْ مِمَّنْ جَرَتْ عَادَتُهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِمُهَادَاتِهِ لَكِنْ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لِلْقَرِيبِ، أَوْ لِمَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِمُهَادَاتِهِ خُصُومَةٌ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ هَدَايَا الْقَاضِي أَنْوَاعٌ. هَدِيَّةٌ لِمَنْ لَهُ خُصُومَةٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بَيْنَ الْقَاضِي وَبَيْنَ الْمُهْدِي مُهَادَاةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ لَمْ تَكُنْ وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَهَدِيَّةٌ مِمَّنْ لَا خُصُومَةَ لَهُ وَإِنَّهَا عَلَى نَوْعَيْنِ إمَّا أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا مُهَادَاةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِسَبَبِ قَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ لَمْ تَكُنْ، إنْ لَمْ تَكُنْ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا، وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُهَادَاةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَإِنْ أَهْدَاهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِمِثْلِ مَا كَانَ يُهْدِيهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْبَلَهَا فَيُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى الْمُبَاسَطَةِ السَّابِقَةِ بَيْنَهُمَا حَمْلًا لِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى السَّدَادِ وَالصَّلَاحِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ، وَإِنْ كَانَ أَهْدَاهُ زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَ يُهْدِيهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ الزِّيَادَةَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُهْدِي قَدْ ازْدَادَ فَبِقَدْرِ مَا ازْدَادَ مَالُهُ إذَا ازْدَادَ فِي الْهَدِيَّةِ فَلَا بَأْسَ بِقَبُولِهَا، ثُمَّ إذَا أَخَذَ الْهَدِيَّةَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالَ: يَضَعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَعَامَّتُهُمْ قَالُوا بِأَنَّهُ يَرُدُّهَا عَلَى أَرْبَابِهَا إنْ عَرَفَهُمْ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مُهْدِيَهَا، أَوْ عَرَفَهُ إلَّا أَنَّهُ كَانَ بَعِيدًا حَتَّى تَعَذَّرَ الرَّدُّ عَلَيْهِ يَضَعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ اللُّقَطَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. فَإِنْ كَانَ الْمُهْدِي يَتَأَذَّى بِالرَّدِّ يَقْبَلُ وَيُعْطِيهِ مِثْلَ قِيمَةِ هَدِيَّتِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ مِنْ الْوَالِي الَّذِي وَلَّاهُ، وَلَوْ كَانَتْ لِلْخَلِيفَةِ خُصُومَةٌ لَا يَقْبَلُ هَدِيَّتَهُ إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ أَهْدَى الرَّجُلُ إلَى وَاعِظٍ شَيْئًا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ وَيَخْتَصَّ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَالْمُفْتِي قَبُولُ الْهَدِيَّةِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَى الْخَاصَّةِ. (وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي دَعْوَةِ الْقَاضِي) فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: لَا بَأْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُجِيبَ الدَّعْوَةَ الْعَامَّةَ وَلَا يُجِيبَ الدَّعْوَةَ الْخَاصَّةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُضَيِّفَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْضُرُهَا لَا يَتَّخِذُهَا فَهِيَ خَاصَّةٌ، وَإِنْ كَانَ يَتَّخِذُهَا فَهِيَ عَامَّةٌ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَمْ يَفْصِلْ فِي الدَّعْوَى الْخَاصَّةِ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ، وَكَذَا لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَمَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْقَاضِي وَبَيْنَ صَاحِبِ الدَّعْوَى مُبَاسَطَةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَكَانَ يَتَّخِذُ الدَّعْوَةَ لِأَجْلِهِ

أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ الْقَاضِيَ يُجِيبُ الدَّعْوَى الْخَاصَّةَ فِي الْمَحْرَمِ وَهَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي. وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُجِيبُ الدَّعْوَى الْخَاصَّةَ مِنْ الْقَرِيبِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجِيبُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّعْوَةِ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَّخِذُ الدَّعْوَةَ لِلْقَاضِي قَبْلَ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ لَا يُجِيبُ دَعْوَتَهُ، الْقَرِيبُ وَالْأَجْنَبِيُّ فِيهِ سَوَاءٌ، وَإِذَا كَانَ يَتَّخِذُ الدَّعْوَةَ قَبْلَ الْقَضَاءِ فِي شَهْرٍ مَرَّةً وَبَعْدَ الْقَضَاءِ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً فَالْقَاضِي لَا يُجِيبُ دَعْوَتَهُ إلَّا فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ زَادَ فِي الْبَاجَاتِ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَلَى مَا كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَالْقَاضِي لَا يُجِيبُ الدَّعْوَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَالُ صَاحِبِ الدَّعْوَى قَدْ ازْدَادَ فَبِقَدْرِ مَا ازْدَادَ مِنْ مَالِهِ ازْدَادَ فِي الْبَاجَاتِ فَالْقَاضِي يُجِيبُهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ لِصَاحِبِ الدَّعْوَى خُصُومَةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ لِصَاحِبِ الدَّعْوَى خُصُومَةٌ لَا يُجِيبُ دَعْوَتَهُ وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ أَوْ مُبَاسَطَةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَمَّا الدَّعْوَةُ الْعَامَّةُ إنْ كَانَتْ بِدْعَةً كَدَعْوَةِ الْمُبَارَأَةِ وَنَحْوِهَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُحْضِرَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِغَيْرِ الْقَاضِي إجَابَتُهَا فَالْقَاضِي أَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ سُنَّةً كَوَلِيمَةِ الْعُرْسِ، وَالْخِتَانِ فَإِنَّهُ يُجِيبُهَا؛ لِأَنَّهُ إجَابَةُ السُّنَّةِ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْفَصْلِ الرِّشْوَةُ) وَاعْلَمْ بِأَنَّ الرِّشْوَةَ أَنْوَاعٌ. مِنْهَا أَنْ يُهْدِيَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ مَالًا لَا لِابْتِغَاءِ التَّوَدُّدِ وَالتَّحَبُّبِ وَهَذَا النَّوْعُ حَلَالٌ مِنْ جَانِبِ الْمُهْدِي وَالْمُهْدَى إلَيْهِ. وَنَوْعٌ مِنْهَا أَنْ يُهْدِيَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ مَالًا بِسَبَبِ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ قَدْ خَوَّفَهُ فَيُهْدِي إلَيْهِ مَالًا لِيَدْفَعَ الْخَوْفَ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ يُهْدِي إلَى السُّلْطَانِ مَالًا لِيَدْفَعَ الظُّلْمَ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ عَنْ مَالِهِ وَهَذَا نَوْعٌ لَا يَحِلُّ الْأَخْذُ لِأَحَدٍ، وَإِذَا أَخَذَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَهَلْ يَحِلُّ لِلْمُعْطِي الْإِعْطَاءُ.؟ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ مَالَهُ وِقَايَةً لِنَفْسِهِ، أَوْ يَجْعَلُ بَعْضَ مَالِهِ وِقَايَةً لِلْبَاقِي. وَنَوْعٌ مِنْهَا أَنْ يُهْدِيَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ مَالًا لِيُسَوِّيَ أَمْرَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّلْطَانِ وَيُعِينُهُ فِي حَاجَتِهِ، وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ حَاجَتُهُ حَرَامًا، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَحِلُّ لِلْمُهْدِي الْإِعْطَاءُ وَلَا لِلْمُهْدَى إلَيْهِ الْأَخْذُ. الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ حَاجَتُهُ مُبَاحَةً وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّهُ إنَّمَا يُهْدِي إلَيْهِ لِيُعِينَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ الْأَخْذُ وَهَلْ يَحِلُّ لِلْمُعْطِي الْإِعْطَاءُ.؟ تَكَلَّمُوا فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَحِلُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَحِلُّ، وَالْحِيلَةُ فِي الْأَخْذِ وَحِلِّ الْإِعْطَاءِ عِنْدَ الْكُلِّ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ صَاحِبُ الْحَادِثَةِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ لِيَقُومَ بِعَمَلِهِ بِالْمَالِ الَّذِي يُرِيدُ الدَّفْعَ إلَيْهِ فَتَصِحَّ الْإِجَارَةُ وَيَسْتَحِقَّ الْأَجِيرُ الْأَجْرَ، ثُمَّ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اسْتَعْمَلَهُ فِي هَذَا الْعَمَلِ وَإِنْ شَاءَ اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلٍ آخَرَ، قَالُوا: وَهَذِهِ الْحِيلَةُ إنَّمَا تَصِحُّ إذَا كَانَ الْعَمَلُ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ عَمَلًا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ كَتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَلْ يَحِلُّ لِلْمُعْطِي الْإِعْطَاءُ بِدُونِ هَذِهِ

الباب العاشر في بيان ما يكون حكما وما لا يكون

الْحِيلَةِ تَكَلَّمُوا فِيهِ قِيلَ: لَا يَحِلُّ، وَقِيلَ: يَحِلُّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَذَا إذَا أَعْطَاهُ قَبْلَ أَنْ يُسَوِّيَ أَمْرَهُ أَمَّا إذَا أَعْطَاهُ بَعْدَ أَنْ سَوَّى أَمْرَهُ وَنَجَّاهُ عَنْ ظُلْمِهِ فَيَحِلُّ لِلْمُعْطِي الْإِعْطَاءُ، وَيَحِلُّ لِلْآخِذِ الْأَخْذُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَجْهُ الثَّانِي إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ صَرِيحًا وَلَكِنْ إنَّمَا يُهْدِي إلَيْهِ لِيُعِينَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَادَاةٌ قَبْلَ ذَلِكَ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُهَادَاةٌ قَبْلَ ذَلِكَ بِسَبَبِ صَدَاقَةٍ أَوْ قَرَابَةٍ فَأَهْدَى إلَيْهِ كَمَا كَانَ يُهْدِي قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ الْمُهْدَى إلَيْهِ قَامَ لِإِصْلَاحِ أَمْرِهِ فَهَذَا أَمْرٌ حَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ مُجَازَاةُ الْإِحْسَانِ بِالْإِحْسَانِ، وَمُقَابَلَةُ الْكَرَمِ بِالْكَرَمِ. وَنَوْعٌ آخَرُ أَنْ يُهْدِيَ الرَّجُلُ إلَى سُلْطَانٍ فَيُقَلِّدَ الْقَضَاءَ لَهُ، أَوْ عَمَلًا آخَرَ وَهَذَا النَّوْعُ لَا يَحِلُّ لِلْآخِذِ الْأَخْذُ وَلَا لِلْمُعْطِي الْإِعْطَاءُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي بَيَانِ مَا يَكُونُ حُكْمًا وَمَا لَا يَكُونُ] ُ، وَمَا يَبْطُلُ بِهِ الْحُكْمُ بَعْدَ وُقُوعِهِ صَحِيحًا، وَمَا لَا يَبْطُلُ. قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا أَرَادَ الْحُكْمَ أَنْ يَقُولَ لِلْخَصْمَيْنِ: أَحْكُمُ بَيْنَكُمَا وَهَذَا عَلَى وَجْهِ الِاحْتِيَاطِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي التَّقْلِيدِ خَلَلٌ يَصِيرُ حُكْمًا بِتَحْكِيمِهَا، وَإِذَا قَالَ الْقَاضِي: ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّ لِهَذَا عَلَى هَذَا كَذَا وَكَذَا؛ هَلْ يَكُونُ هَذَا حُكْمًا مِنْ الْقَاضِي؟ كَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَامِرِيُّ يُفْتِي بِأَنَّهُ حُكْمٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ وَاخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْخَانِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَانَ الْقَاضِي شَمْسُ الْإِسْلَامِ مَحْمُودٌ الْأُوزْجَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا بُدَّ وَأَنْ يَقُولَ الْقَاضِي: قَضَيْت، أَوْ يَقُولَ: حَكَمْت، أَوْ يَقُولَ: أَنَفَذْت عَلَيْك الْقَضَاءَ. وَهَكَذَا ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي وَاقِعَاتِهِ وَالْمَذْكُورُ ثَمَّةَ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لَا أَرَى لَك حَقًّا فِي هَذِهِ الدَّارِ فَهَذَا لَا يَكُونُ حُكْمًا، وَهَكَذَا كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَانَ يَقُولُ: إذَا ظَهَرَتْ عَدَالَةُ الشُّهُودِ فِي دَعْوَى عَيْنٍ مَحْدُودَةٍ فَقَالَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: (أَيْنَ محدود باين مُدَّعَى ده.) فَهَذَا لَا يَكُونُ حُكْمًا مِنْ الْقَاضِي وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: (حُكْم كردم باين محدود مراين مُدَّعَى را) وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُ: حَكَمْت وَقَضَيْت، لَيْسَ بِشَرْطٍ وَأَنَّ قَوْلَهُ: ثَبَتَ عِنْدِي؛ يَكْفِي. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: ظَهَرَ عِنْدِي، أَوْ قَالَ: صَحَّ عِنْدِي، أَوْ قَالَ: عَلِمْت، فَهَذَا كُلُّهُ حُكْمٌ. وَإِذَا قَالَ الْقَاضِي بَعْدَمَا قَضَى فِي حَادِثَةٍ: رَجَعْت عَنْ قَضَائِي أَوْ بَدَا لِي غَيْرُ ذَلِكَ. وَفِي الْخُلَاصَةِ أَوْ قَالَ: أَبْطَلْت حُكْمِي وَفِي الْمُحِيطِ أَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى تَلْبِيسِ الشُّهُودِ وَأَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ حُكْمَهُ لَا يُعْتَبَرُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْهُ وَالْقَضَاءُ مَاضٍ عَلَى

حَالِهِ إذَا كَانَ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ وَعَدَالَةُ الشُّهُودِ ظَاهِرَةً. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَبْدٌ ادَّعَى حُرِّيَّةَ نَفْسِهِ وَقَضَى الْقَاضِي بِهَا بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الْعَبْدُ ثُمَّ قَالَ الْعَبْدُ: كَذَبْت أَنَا عَبْدُ هَذَا الرَّجُلِ. هَلْ يَبْطُلُ الْقَضَاءُ بِالْحُرِّيَّةِ؟ فَلَا رِوَايَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ. قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ الْقَضَاءُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ مَالًا وَقَضَى الْقَاضِي بِالْمَالِ لِلْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ، ثُمَّ قَالَ الْمُدَّعِي: كُنْت كَاذِبًا فِيمَا ادَّعَيْت حَيْثُ يَبْطُلُ الْقَضَاءُ. وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ الْقَضَاءِ الْمَقْضِيِّ بِهِ: لَيْسَ مِلْكِي؛ لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِلْكِي؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَيْسَ مِلْكِي، يَتَنَاوَلُ الْحَالَ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةٍ فِي الْمِلْكِ لِلْحَالِ انْتِفَاؤُهُ مِنْ الْأَصْلِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لَمْ يَكُنْ مِلْكِي. الْمَقْضِيُّ لَهُ إذَا قَالَ: مَا قُضِيَ بِهِ لِي فَهُوَ حَرَامٌ لِي، وَأَمَرَ إنْسَانًا أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ لَهُ مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَهَذَا يُبْطِلُ الْحُكْمَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ لَهُ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ وَالْإِرْثِ ثُمَّ قَالَ: لَمْ تَكُنْ لِي قَطُّ، أَوْ لَمْ يَقُلْ: قَطُّ؛ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ وَيَبْطُلُ الْقَضَاءُ. أَمَّا لَوْ قَالَ: هَذِهِ لَيْسَتْ مِلْكِي لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. تَكْذِيبُ الْمَشْهُودِ لَهُ الشُّهُودَ وَتَفْسِيقُهُ إيَّاهُمْ قَبْلَ الْقَضَاءِ يَمْنَعُ الْقَضَاءَ وَتَكْذِيبُهُ وَتَفْسِيقُهُ إيَّاهُمْ بَعْدَ الْقَضَاءِ يُبْطِلُ الْقَضَاءَ عَلَى مَا هُوَ إشَارَاتُ الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ، وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: تَفْسِيقُ الْمَشْهُودِ لَهُ الشُّهُودَ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا يُبْطِلُ الْقَضَاءَ، وَظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مَا قَالَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ مُخَالِفٌ لِإِشَارَاتِ الْجَامِعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ تَفْسِيقٌ يَنْشَأُ مِنْ تَكْذِيبِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَأَنَّهُ يُوجِبُ بُطْلَانَ الْقَضَاءِ كَمَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْقَضَاءِ، وَالْمُرَادُ مِمَّا قَالَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ نَفْسُ التَّفْسِيقِ بِأَنْ قَالَ: هُمْ زُنَاةٌ، هُمْ شَارِبُوا الْخَمْرِ، لَا تَفْسِيقٌ يَنْشَأُ مِنْ التَّكْذِيبِ، وَنَفْسُ التَّفْسِيقِ لَا يَمْنَعُ الْقَضَاءَ كَمَا لَا يُبْطِلُ الْقَضَاءَ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا فَأَقَرَّ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالدَّارِ أَنَّ الدَّارَ دَارُ فُلَانٍ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ: قَدْ أَكَذَبْتَ شَاهِدَيْك حِينَ أَقْرَرْت أَنَّهَا لِفُلَانٍ لَا حَقَّ لَك فِيهَا وَأَقْرَرْتَ بِخَطَأِ الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ فَرُدَّ الدَّارَ عَلَيَّ أَوْ قِيمَتَهَا فَالْقَضَاءُ مَاضٍ عَلَى حَالِهِ وَلَا سَبِيلَ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ لَا عَلَى الدَّارِ وَلَا عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ. وَلَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ قَالَ بَعْدَ الْقَضَاءِ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَلَمْ تَكُنْ لِي قَطُّ بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ لِفُلَانٍ ثُمَّ بِالنَّفْيِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ بَدَأَ بِالنَّفْيِ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ بِالْإِقْرَارِ لِفُلَانٍ بِأَنْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لَمْ تَكُنْ لِي قَطُّ وَإِنَّمَا هِيَ لِفُلَانٍ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ يَرُدُّ الدَّارَ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقِرِّ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَأَمَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْإِقْرَارِ وَكَذَّبَهُ فِي النَّفْيِ بِأَنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: الدَّارُ كَانَتْ لِلْمُقِرِّ وَهَبَهَا لِي بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَبَضْتُهَا مِنْهُ، ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الدَّارَ تُدْفَعُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ. وَهَذَا الْجَوَابُ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ ثُمَّ بِالنَّفْيِ؛ لِأَنَّهُ

الباب الحادي عشر في العدوى وتسمير الباب والهجوم على الخصوم

يَدَّعِي بُطْلَانَ الْإِقْرَارِ بَعْدَ صِحَّتِهِ ظَاهِرًا وَالْمُقَرُّ لَهُ كَذَّبَهُ فِي بُطْلَانِ إقْرَارِهِ فَلَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الدَّارِ فِي هَذَا الْوَجْهِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ صَاحِبُ الدَّارِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِهَا بِسَبَبِ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا، كَمَا لَوْ انْهَدَمَتْ مُشْكِلٌ فِيمَا إذَا بَدَأَ بِالنَّفْيِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَدَأَ بِالنَّفْيِ فَقَدْ أَكْذَبَ شُهُودَهُ فِيمَا شَهِدُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا أَنَّ الدَّارَ مِنْ الْأَصْلِ لَهُ، وَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ مِنْ الْأَصْلِ وَأَقَرَّ بِبُطْلَانِ الْقَضَاءِ وَأَنَّ الدَّارَ مِلْكٌ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَلَكِنَّهَا لِفُلَانٍ جُعِلَ مُقِرًّا بِمِلْكِ الْغَيْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ تَصْحِيحَ إقْرَارِهِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ، وَأَمْكَنَ تَصْحِيحُ إقْرَارِهِ بِتَقْدِيمِ إقْرَارِهِ عَلَى النَّفْيِ وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ شَائِعٌ فِي الْكَلَامِ فَقَدَّمْنَا إقْرَارَهُ تَصْحِيحًا وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهَا لِفُلَانٍ مَوْصُولًا بِالنَّفْيِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَدَّمُ الْإِقْرَارُ وَيُؤَخَّرُ تَصْحِيحًا إذَا كَانَ الْكَلَامُ بَعْضُهُ مَوْصُولًا بِالْبَعْضِ، قَالُوا مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ إذَا قَالَ: وَهَبَهَا لِي بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَبَضْتهَا مِنْهُ فَهِيَ لِي بِالْهِبَةِ إنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إذَا غَابَ عَنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ حَتَّى أَمْكَنَ لِلْقَاضِي تَصْدِيقُ الْمُقَرِّ لَهُ فِيمَا ادَّعَى مِنْ الْهِبَةِ. فَأَمَّا إذَا قَالَ هَذَا فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَقَدْ عَلِمَ الْقَاضِي بِكِذْبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَجْرِ بَيْنَهُمَا هِبَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ إقْرَارُ الْمُقِرِّ فِي هَذَا الْوَجْهِ، قَالُوا أَيْضًا: قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِقِيمَةِ الدَّارِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ الْكُلِّ. وَلَوْ قَالَ الْمَقْضِيُّ لَهُ: هَذِهِ الدَّارُ لَيْسَتْ لِي إنَّمَا هِيَ لِفُلَانٍ، فَهَذَا، وَمَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ لَا حَقَّ لِي فِيهَا سَوَاءٌ حَتَّى لَا يَبْطُلُ قَضَاءُ الْقَاضِي بِالدَّارِ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ، وَفِي الْجَامِعِ أَيْضًا رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالدَّارِ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهَا دَارُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِي الْمَقْضِيِّ لَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَصَدَّقَهُ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِذَلِكَ، فَإِنَّ الدَّارَ تُرَدُّ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَيَبْطُلُ الْقَضَاءُ وَيُقَالُ لِمُدَّعِي الشِّرَاءَ: أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِي الْمَقْضِيِّ لَهُ وَأَنَّكَ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَضَى بِالدَّارِ لَهُ وَمَا لَا فَلَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْعَدْوَى وَتَسْمِيرِ الْبَابِ وَالْهُجُومِ عَلَى الْخُصُومِ] ِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ. وَإِذَا تَقَدَّمَ رَجُلٌ إلَى الْقَاضِي وَادَّعَى عَلَى رَجُلٍ حَقًّا وَالْقَاضِي لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ مُحِقٌّ أَوْ مُبْطِلٌ فَأَرَادَ الْإِعْدَاءَ عَلَى خَصْمِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحْضِرَ خَصْمَهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

فِي الْمِصْرِ وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَجُلًا صَحِيحًا أَوْ امْرَأَةً صَحِيحَةً بَرْزَةً تُخَالِطُ الرِّجَالَ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يُعَدِّيَهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُعَدِّيهِ وَالْأَعْدَاءُ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَذْهَبَ الْقَاضِي بِنَفْسِهِ. وَالثَّانِي أَنْ يَبْعَثَ مِنْ يُحْضِرُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ كِلَا النَّوْعَيْنِ إلَّا أَنَّ فِي زَمَانِنَا الْقَاضِي لَا يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ. الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمِصْرِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَرِيضًا أَوْ امْرَأَةً مُخَدَّرَةً وَهِيَ الَّتِي لَمْ يُعْهَدْ لَهَا الْخُرُوجُ فَالْقَاضِي لَا يُعَدِّيهِمَا، وَتَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ فِي مِقْدَارِ الْمَرَضِ الَّذِي لَا يُعَدِّيهِ الْقَاضِي قَالَ بَعْضُهُمْ: أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ الْحُضُورُ بِنَفْسِهِ وَالْمَشْيُ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَلَوْ حُمِلَ أَوْ رَكِبَ عَلَى أَيْدِي النَّاسِ يَزْدَادُ مَرَضُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ الْحُضُورُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْحُضُورُ بِالرُّكُوبِ وَحَمْلِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزْدَادَ مَرَضُهُ وَهَذَا الْقَوْلُ أَرْفَقُ وَأَصَحُّ، ثُمَّ إذَا لَمْ يُحْضِرْهُمَا يَعْنِي: الْمَرِيضَ، وَالْمُخَدَّرَةَ مَاذَا يَصْنَعُ الْقَاضِي؟ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِالِاسْتِحْلَافِ يَبْعَثُ خَلِيفَتَهُ إلَيْهِمَا فَيَقْضِي بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ خُصُومِهِمَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِالِاسْتِخْلَافِ؛ يَبْعَثُ الْقَاضِي إلَيْهِ أَمِينًا مِنْ أُمَنَائِهِ فَقِيهًا، وَيَبْعَثُ مَعَهُ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ حَتَّى يُخْبِرَا الْقَاضِيَ بِمَا جَرَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنَّمَا يَبْعَثُ شَاهِدَيْنِ مِمَّنْ يَعْرِفَانِ الْمَرْأَةَ وَالْمَرِيضَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا بَعَثَ الْأَمِينَ بَيَّنَ لَهُ صُورَةَ الِاسْتِحْلَافِ وَكَيْفِيَّتَهُ حَتَّى إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَّفَهُ عَلَى مَا هُوَ رَأْيُ الْقَاضِي، وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِحْلَافِ وَلِهَذَا قَالَ: يُبَيِّنُ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ إذَا ذَهَبُوا إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْأَمِينُ يُخْبِرُهُ بِمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ بِمَا أَقَرَّ بِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يَحْضُرَ مَعَهُ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ لِيَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِمَا أَقَرَّ بِهِ بِحَضْرَةِ وَكِيلِهِ فَيَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ وَكِيلِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ فَالْأَمِينُ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: أَلَكَ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ يَأْمُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يَحْضُرَ مَعَ خَصْمِهِ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِحَضْرَةِ وَكِيلِهِ، وَإِنْ قَالَ: لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ فَالْأَمِينُ يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ أَخْبَرَ الشَّاهِدَانِ الْقَاضِيَ بِذَلِكَ حَتَّى يَمْنَعَ الْمُدَّعِيَ مِنْ الدَّعْوَى إلَى أَنْ يَجِدَ بَيِّنَةً وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَمَرَهُ الْأَمِينُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يَحْضُرَ مَعَ خَصْمِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ الشَّاهِدَيْنِ بِنُكُولِهِ وَيَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي. هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمِصْرِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَارِجَ الْمِصْرِ وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْفَصْلِ وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْ الْمِصْرِ، وَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْمِصْرِ فَيُعَدِّيهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا عَنْ الْمِصْرِ وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعَدِّيهِ وَالْفَاصِلُ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ ابْتَكَرَ

مِنْ أَهْلِهِ أَمْكَنَهُ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَيُجِيبَ خَصْمَهُ وَيَبِيتَ فِي مَنْزِلِهِ، فَهَذَا قَرِيبٌ فَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَبِيتَ فِي الطَّرِيقِ فَهَذَا بَعِيدٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ثُمَّ إذَا كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي كَيْفَ يَصْنَعُ الْقَاضِي اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مُوَافَقَةِ دَعْوَاهُ وَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ لِأَجْلِ الْقَضَاءِ وَإِنَّمَا تَكُونُ لِأَجْلِ الْإِحْضَارِ، وَالْمَسْتُورُ فِي هَذَا يَكْفِي فَإِذَا أَقَامَ أَمَرَ إنْسَانًا أَنْ يُحْضِرَ خَصْمَهُ فَإِذَا أَحْضَرَهُ أَمَرَ الْمُدَّعِيَ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، فَإِذَا أَعَادَ فَظَهَرَتْ عَدَالَةُ الشُّهُودِ قَضَى بِهَا عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي، فَإِنْ نَكَلَ أَقَامَهُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَإِنْ حَلَفَ أَمَرَ إنْسَانًا أَنْ يُحْضِرَ خَصْمَهُ؛ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْقُضَاةِ، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. وَإِنْ أَرْسَلَ الْقَاضِي إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُحْضِرُهُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَقَالَ الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي: إنَّهُ تَوَارَى عَنِّي وَسَأَلَ التَّسْمِيرَ وَالْخَتْمَ عَلَى بَابِ دَارِهِ، فَالْقَاضِي يُكَلِّفُهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ فِي مَنْزِلِهِ فَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّهُ فِي مَنْزِلِهِ فَالْقَاضِي يَسْأَلُهُمَا: مِنْ أَيْنَ عَلِمْتُمَا؟ فَإِنْ قَالَا: رَأَيْنَاهُ فِيهِ الْيَوْمَ أَوْ أَمْسِ أَوْ مُنْذُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَبِلَ الْقَاضِي ذَلِكَ وَيُسَمِّرُ وَيَأْمُرُ بِالْخَتْمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَجْعَلُ بَيْتَهُ عَلَيْهِ سِجْنًا وَيَسُدُّ عَلَيْهِ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ حَتَّى يُضَيِّقَ عَلَيْهِ الْأَمْرَ فَيَخْرُجُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَتْ الرُّؤْيَةُ قَدْ تَقَادَمَتْ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمَا، ثُمَّ جَعَلَ مَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَقَادِمًا، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي، وَإِنْ تَقَادَمَتْ رُؤْيَةُ الشَّاهِدَيْنِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ لَا يُمْكِنُ لِلْمُدَّعِي الدَّعْوَى لِتَأْخِيرِ خُرُوجِ قُرْعَتِهِ بِأَنْ كَانَ الْقَاضِي أَقْرَعَ بَيْنَ الْخُصُومِ لِيَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ نَوْبَةَ دَعْوَاهُ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَإِنْ قَالَ الْخَصْمُ لِلْقَاضِي بَعْدَمَا خَتَمَ الْبَابَ وَمَضَى أَيَّامٌ إنَّهُ قَدْ جَلَسَ فِي الدَّارِ وَلَا يَحْضُرُ: فَانْصِبْ لِي عَنْهُ وَكِيلًا أُقِيمُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: الْقَاضِي يَبْعَثُ رَسُولًا يُنَادِي عَلَى بَابِهِ وَمَعَهُ شَاهِدَانِ فَيُنَادِي الرَّسُولُ عَلَى بَابِ الْخَصْمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ، إنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ: احْضَرْ مَعَ خَصْمِك فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَإِلَّا نَصَبْتُ عَنْك وَكِيلًا وَقَبِلْتُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْك بِحَضْرَةِ وَكِيلِك. فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَحْضُرْ نَصَبَ الْقَاضِي عَنْهُ وَكِيلًا وَسَمِعَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَأَمْضَى الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ وَكِيلِهِ، قَالَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي وَقَالَ غَيْرُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أَرَى أَنْ أَنْصِبَ عَنْهُ وَكِيلًا فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ هُنَاكَ مُخَالِفًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُخَالِفَ، فَقِيلَ: الْمُخَالِفُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِثْلَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: رَأَيْت فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِثْلَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَفِي الْكُبْرَى وَكَانَ هَذَا فَصْلًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ لَهُ وَكِيلًا وَيَقْضِي بِمَحْضَرٍ مِنْ وَكِيلِهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَكَذَا لَوْ كَتَبَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي كِتَابًا

فِي حَادِثَةٍ فَلَمْ يَقْدِرْ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ عَلَى الْخَصْمِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُوَكِّلُ عَنْهُ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا تَقُولُ فِي سُلْطَانٍ لِإِنْسَانٍ قِبَلَهُ حَقٌّ وَلَا يُجِيبُهُ إلَى الْقَاضِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَعْمَلُ بِالْإِعْدَاءِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ: وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي رَسُولًا إلَيْهِ مِنْ قِبَلِهِ يُنَادِي عَلَى بَابِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ: أَجِبْ خَصْمَك، يُنَادِي بِذَلِكَ أَيَّامًا فَإِنْ أَجَابَ وَإِلَّا جَعَلَ الْقَاضِي لِذَلِكَ السُّلْطَانِ الَّذِي أَبَى أَنْ يُجِيبَ وَكِيلًا فَيُخَاصِمُ هَذَا الْمُدَّعِيَ، فَقُلْت لَهُ: فَهَلْ أَنْتَ تَجْعَلُ لَهُ وَكِيلًا؟ قَالَ: نَعَمْ؛ فَقُلْت: أَفَلَا تَكُونُ قَضَيْت عَلَى الْغَائِبِ؟ فَقَالَ: لَا وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَعْمَلُ بِالْإِعْدَاءِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَأَمَّا الْهُجُومُ عَلَى الْخَصْمِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَتَوَارَى الْمَدْيُونُ فِي مَنْزِلِهِ وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ لِلْقَاضِي فَيَبْعَثُ أَمِينَيْنِ مِنْ أُمَنَائِهِ وَمَعَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْوَانِ الْقَاضِي وَمِنْ النِّسَاءِ إلَى مَنْزِلِهِ بَغْتَةً حَتَّى يَهْجُمُوا عَلَى مَنْزِلِهِ، وَيَقِفَ الْأَعْوَانُ بِالْبَابِ وَحَوْلَ الْمَنْزِلِ وَعَلَى السَّطْحِ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ الْهَرَبُ، ثُمَّ تَدْخُلُ النِّسَاءُ الْمَنْزِلَ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَحِشْمَةٍ فَيَأْمُرْنَ حَرَمَ الْمَطْلُوبِ حَتَّى يَدْخُلْنَ فِي زَاوِيَةٍ ثُمَّ يَدْخُلُ أَعْوَانُ الْقَاضِي وَيُفَتِّشُونَ الدَّارَ غُرَفَهَا وَمَا تَحْتَ السُّرُرِ حَتَّى إذَا وَجَدُوهُ أَخْرَجُوهُ وَإِذَا لَمْ يَجِدُوهُ يَأْمُرُونَ النِّسَاءَ حَتَّى تُفَتِّشْنَ النِّسَاءَ فَرُبَّمَا تَزَيَّا بِزِيِّ النِّسَاءِ فَهَذَا هُوَ صُورَةُ الْهُجُومِ فَإِذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي هَلْ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي؟ قَالَ صَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ: وَسَّعَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: أَرَادَ بِهِ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي زَمَنِ قَضَائِهِ، وَقَدْ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِثْلَ هَذَا أَيْضًا. وَأَصْلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ هَجَمَ عَلَى بَيْتِ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا قُرَشِيٌّ وَالْآخَرُ ثَقَفِيٌّ بَلَغَهُ أَنَّ فِي بَيْتِهِمَا شَرَابًا فَوَجَدَ فِي بَيْتِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَعَنْ هَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: لَا بَأْسَ بِالْهُجُومِ عَلَى بَيْتِ الْمُفْسِدِينَ وَالدُّخُولِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ إذَا سُمِعَ مِنْهُ صَوْتُ فَسَادٍ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْهُجُومُ لِلْقَاضِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يُعْطِيَ الْمُدَّعِيَ طِينَةً أَوْ خَاتَمًا أَوْ قِطْعَةَ قِرْطَاسٍ لِإِحْضَارِ الْخَصْمِ جَازَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهَذَا فِي خَارِجِ الْمِصْرِ، وَفِي الْمِصْرِ يَبْعَثُ الْأَشْخَاصَ وَقَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَى قَلْبِ هَذَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْقُضَاةُ فِي هَذَا مُخْتَلِفُونَ بَعْضُهُمْ اخْتَارَ دَفْعَ طِينَةٍ وَبَعْضُهُمْ اخْتَارَ قِطْعَةَ قِرْطَاسٍ وَبَعْضُهُمْ اخْتَارَ دَفْعَ الْخَاتَمِ، وَلَوْ أَعْطَاهُ الْقَاضِي طِينَةً أَوَخَاتَمًا وَذَهَبَ بِهِ إلَى الْخَصْمِ وَأَرَاهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْخَصْمِ: هَذَا خَاتَمُ الْقَاضِي فُلَانٌ يَدْعُوك أَتَعْرِفُهُ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ أَعْرِفُهُ، وَلَكِنْ لَا أَحْضُرُ أَشْهَدَ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ حَتَّى يَشْهَدَا عِنْدَ الْقَاضِي بِتَمَرُّدِهِ، فَإِذَا شَهِدَا بِذَلِكَ بَعَثَ الْقَاضِي مَنْ يُحْضِرُهُ أَوْ يَسْتَعِينُ فِي ذَلِكَ بِالْوَالِي وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أُجْرَةِ الْمُشَخَّصِ بَعْضُهُمْ قَالَ: هِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: عَلَى الْمُتَمَرِّدِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ هُوَ الصَّحِيحُ

الباب الثاني عشر فيما يقضي القاضي فيه بعلمه وما لا يقضي فيه بعلمه

كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَمَّا مُؤْنَةُ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ الْمُشَخَّصُ الَّذِي أَمَرَهُ الْقَاضِي بِمُلَازَمَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِإِخْرَاجِهِ، ذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ بَعْضُ الْقُضَاةِ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي وَهُوَ الْأَصَحُّ ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى تَمَرُّدِهِ، فَإِذَا أَعَادَ الْبَيِّنَةَ عَاقَبَهُ عَلَى مَا صَنَعَ مِنْ التَّمَرُّدِ وَإِسَاءَةِ الْأَدَبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ قَالَ: أَحْضُرُ، ثُمَّ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا أَنَّهُ يُعَاقِبُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ دُونَ مَا يُعَاقِبُهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ثُمَّ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْدِيلُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ يَعْنِي فِي الشَّهَادَةِ عَلَى التَّمَرُّدِ وَالْمَسْتُورُ يَكْفِي وَهَذَا قَوْلُ الْخَصَّافِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّعْدِيلُ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَكَذَا إذَا سَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ مَا رَأَى الْخَصْمَ وَلَمْ يُجِبْ وَلَمْ يَرُدَّ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ تَعَنُّتُهُ، وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَإِذَا حَضَرَ عَزَّرَهُ بِضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ عَلَى مَا يَرَى، وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي مِنْ الِابْتِدَاءِ أَمَرَ الْمُدَّعِيَ أَنَّهُ يَأْخُذُ طِينَةً مِنْ عِنْدِ الْأَمِيرِ لِإِحْضَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَفِي الْفَتَاوَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ فِي بَابِ السُّلْطَانِ وَلَا يَذْهَبَ إلَى بَابِ الْقَاضِي فَهُوَ مُطْلَقٌ فِيهِ شَرْعًا، وَلَكِنْ لَا يُفْتَى بِهِ وَبَعْضُ مَشَايِخِ زَمَانِنَا عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُطْلَقُ لَهُ فِي ذَلِكَ إذَا ذَهَبَ إلَى الْقَاضِي أَوَّلًا وَعَجَزَ عَنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنْ جِهَتِهِ، أَمَّا لَوْ أَرَادَ الذَّهَابَ إلَى بَابِ السُّلْطَانِ أَوَّلًا لَا يُطْلَقُ لَهُ فِي ذَلِكَ وَبِهِ يُفْتَى. وَإِذَا ذَهَبَ إلَى بَابِ السُّلْطَانِ وَالْتَمَسَ جَوْبَ دَارٍ لِإِحْضَارِ خَصْمِهِ وَأَخَذَ جَوْبَ دَارٍ مِنْ خَصْمِهِ زِيَادَةً عَلَى الرَّسْمِ هَلْ لِلْخَصْمِ أَنْ يَرْجِعَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمُدَّعِي؟ يُنْظَرُ إنْ ذَهَبَ إلَى الْقَاضِي أَوَّلًا وَعَجَزَ عَنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي لَا يَرْجِعُ الْخَصْمُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ إلَى الْقَاضِي أَوَّلًا يَرْجِعُ وَإِذَا كَانَ الْمَدْيُونُ يَسْكُنُ فِي دَارٍ بِأَجْرٍ وَطَالَبَهُ الْغَرِيمُ بِالْخُرُوجِ إلَى بَابِ الْحُكْمِ فَامْتَنَعَ فَالْقَاضِي هَلْ يُسَمِّرُ الْبَابَ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُسَمِّرُ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَإِذَا كَانَ الْمَدْيُونُ يَسْكُنُ فِي دَارِ زَوْجَتِهِ وَأَبَى الْخُرُوجَ إلَى الْحَاكِمِ فَالْقَاضِي يُسَمِّرُ الْبَابَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ لِلْمُسَاكَنَةِ حَتَّى لَوْ ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ نَقَلَ الْأَمْتِعَةَ عَنْهَا وَلَمْ يَبْقَ سَاكِنًا فِيهَا لَا يُسَمِّرُ الْبَابَ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَسُئِلَ عَنْ دَارٍ بِالشَّرِكَةِ بَيْنَ وَرَثَةٍ وَلِآخَرَ دَعْوَى عَلَى أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فَاسْتَغَاثَ الطَّالِبُ بِالسُّلْطَانِ حَتَّى سَمَّرَ الْبَابَ هَلْ لِسَائِرِ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَرْفَعُوا إلَى الْحَاكِمِ لِيَرْفَعَ الْمِسْمَارَ؟ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ: يَرْفَعُ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيرَ عَلَى بَابِ دَارٍ مُشْتَرَكٍ لِأَجْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَعْزِلٍ عَنْ الْعَدْلِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ حَقًّا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَى لَا يُحْضِرُهُ الْقَاضِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِيمَا يَقْضِي الْقَاضِي فِيهِ بِعِلْمِهِ وَمَا لَا يَقْضِي فِيهِ بِعِلْمِهِ] ِ وَفِي الْقَضَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ شَهَادَةِ الِاثْنَيْنِ

الْقَاضِي إذَا عَلِمَ بِحَادِثَةٍ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا قَاضٍ فِي حَالِ قَضَائِهِ، ثُمَّ رُفِعَتْ إلَيْهِ تِلْكَ الْحَادِثَةُ وَهُوَ فِي قَضَائِهِ بَعْدُ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا فِي الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْأَقْضِيَةِ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا عَلِمَ بِحَادِثَةٍ فِي حَالِ قَضَائِهِ وَفِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ، مِصْرَهُ لَا الْمَكَانَ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ لَا مَحَالَةَ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا عَلِمَ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا قَاضٍ فِي حَالِ قَضَائِهِ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ أَوْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَأَرَادَ بِمَجْلِسِ قَضَائِهِ الْمَكَانَ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ وَبِغَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ الْمَكَانَ الَّذِي لَا يَقْضِي فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَمَّا فِي الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ نَحْوُ حَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ فَيَقْضِي بِعِلْمِهِ قِيَاسًا وَلَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ اسْتِحْسَانًا وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إلَّا فِي السَّرِقَةِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْمَالِ دُونَ الْقَطْعِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ يَقْضِي بِعِلْمِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أُتِيَ بِالسَّكْرَانِ فَالْقَاضِي يُعَزِّرُهُ لِأَجْلِ التُّهْمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ أَمَارَاتِ السُّكْرِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ حَدًّا. وَأَمَّا إذَا عَلِمَ بِحَادِثَةٍ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ ثُمَّ اُسْتُقْضِيَ وَرُفِعَتْ إلَيْهِ تِلْكَ الْحَادِثَةُ وَهُوَ قَاضٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقْضِي بِذَلِكَ الْعِلْمِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَقْضِي وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ عَلِمَ بِحَادِثَةٍ وَهُوَ قَاضٍ وَلَكِنْ هُوَ فِي مِصْرٍ هُوَ لَيْسَ بِقَاضٍ فِيهِ ثُمَّ حَضَرَ مِصْرَهُ الَّذِي هُوَ قَاضٍ فِيهِ ثُمَّ رُفِعَتْ إلَيْهِ تِلْكَ الْحَادِثَةُ وَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ الْعِلْمِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي مَرَّ. وَلَوْ عَلِمَ بِحَادِثَةٍ وَهُوَ قَاضٍ وَلَكِنْ فِي رَسَاتِيقِ الْمِصْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ قَاضٍ ثُمَّ دَخَلَ الْمِصْرَ وَرُفِعَتْ إلَيْهِ تِلْكَ الْحَادِثَةُ لَا شَكَّ أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا يَقْضِي بِذَلِكَ الْعِلْمِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالَ: إذَا لَمْ يَكُنْ مُقَلَّدًا عَلَى الْقُرَى حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي الْمِصْرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي الْقُرَى لَا يَقْضِي بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ عَلِمَ بِحَادِثَةٍ فِي مِصْرٍ هُوَ لَيْسَ بِقَاضٍ فِيهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِصْرِهِ الَّذِي هُوَ قَاضٍ فِيهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُقَلَّدًا عَلَى الْقُرَى بِأَنْ كَانَ فِي مَنْشُورِ تَقْلِيدِ الْبَلْدَةِ وَنَوَاحِيهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ، وَهَذَا الْقَوْلُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْمِصْرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنْ كَانَ مُقَلَّدًا عَلَى الْقُرَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ الْعِلْمِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا الْقَوْلُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْمِصْرَ شَرْطٌ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْمُنْتَقَى. وَمَا سَمِعَ خَارِجًا مِنْ الْمِصْرِ فِي أَيِّ وَجْهٍ خَرَجَ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَرَجَ لِلْعِيدَيْنِ، وَكَأَنَّهُ سَمِعَ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَهَذَا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا إذَا عَلِمَ وَهُوَ قَاضٍ فِي مِصْرٍ ثُمَّ عُزِلَ عَنْ الْقَضَاءِ ثُمَّ أُعِيدَ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَقْضِي بِذَلِكَ الْعِلْمِ لَا شَكّ أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا يَقْضِي، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَقْضِي وَفِي

الباب الثالث عشر في القاضي يجد في ديوانه شيئا لا يحفظه

نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حَاكِمٍ أَخْبَرَ بِإِعْتَاقِ رَجُلٍ عَبْدَهُ، أَوْ بِطَلَاقِ رَجُلٍ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَالَ: إنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ عَدْلَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْتَهِدَ فِي طَلَبِ ذَلِكَ أَشَدَّ الطَّلَبِ حَتَّى يَظْفَرَ بِهِ وَيَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ يُرِيدُ بِهَذَا إذَا أَخْبَرَ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ اسْتَرَقَّهُ، أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَلَا يُعْزَلُ عَنْهَا وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ وَاحِدًا عَدْلًا وَكَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ فَالْأَفْضَلُ فِي ذَلِكَ طَلَبُهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ فِي سِعَةٍ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْقَاضِي يَجِدُ فِي دِيوَانِهِ شَيْئًا لَا يَحْفَظُهُ] ُ وَفِي نِسْيَانِهِ قَضَاءَهُ وَفِي الشَّاهِدِ يَرَى شَهَادَتَهُ وَلَا يَحْفَظُ. إذَا قَضَى الْقَاضِي بِقَضِيَّةٍ وَأَتَى عَلَى ذَلِكَ زَمَانٌ ثُمَّ احْتَاجَ الْمَقْضِيُّ لَهُ إلَى تِلْكَ الْقَضِيَّةِ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي إنَّك قَدْ قَضَيْت لِهَذَا عَلَى هَذَا بِكَذَا وَالْقَاضِي لَا يَتَذَكَّرُ ذَلِكَ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَلَا يَقْضِي إلَّا بِمَا حَفِظَ، وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا يَقُولُ: الْقَاضِي يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ: لَا يَقْبَلُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنَا الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِأَنْ شَهِدَا عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّك قَضَيْت لِهَذَا بِكَذَا وَلَمْ يَقُولَا عَلَى مَنْ قَضَيْت: إنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. إذَا وَجَدَ الْقَاضِي شَهَادَةَ شُهُودٍ فِي دِيوَانِهِ أَيْ فِي خَرِيطَةٍ مَخْتُومَةٍ بِخَتْمِ الْقَاضِي وَالشَّهَادَةُ مَكْتُوبَةٌ بِخَطِّهِ أَوْ بِخَطِّ نَائِبِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَذَكَّرُ تِلْكَ الشَّهَادَةَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقْضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَقْضِي وَكَذَلِكَ إذَا وَجَدَ سِجِلًّا فِي خَرِيطَةٍ وَالْخَرِيطَةُ مَخْتُومَةٌ بِخَتْمِهِ وَالسِّجِلُّ مَكْتُوبٌ بِخَطِّهِ أَوْ بِخَطِّ نَائِبِهِ؛ فَالْقَاضِي لَا يُمْضِي ذَلِكَ السِّجِلَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُمْضِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ تَقَدَّمَ رَجُلٌ إلَى الْقَاضِي وَمَعَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إنَّك قَضَيْت لِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ بِكَذَا مِنْ الْمَالِ أَوْ بِضَيْعَةِ كَذَا أَوْ بِحَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْقَاضِي لَمْ يَذْكُرْ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ شُهُودًا عُدُولًا يَشْهَدُونَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ قَضَى لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي مَعَهُ بِالْحَقِّ الَّذِي ادَّعَاهُ لَا يَنْفُذُ ذَلِكَ وَلَا يَقْضِي بِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَوَاهُ عَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا وَجَدَ الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ مَكْتُوبَةً بِخَطِّهِ وَلَا يَتَذَكَّرُ الْحَادِثَةَ فَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ هَذَا الْفَصْلَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي مَرَّ ذِكْرُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ وَعَلَى قَوْل مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُخَالِفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَفِي النَّوَازِلِ

الباب الرابع عشر في القاضي يقضي بقضية ثم بدا له أن يرجع عنها

وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ شَاهِدٍ عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ يَقُولُ: أَعْرِفُ خَطِّيَّ وَأَعْرِفُ الرَّجُلَ غَيْرَ أَنِّي لَا أَذْكُرُ الْوَقْتَ وَالْمَكَانَ قَالَ: إذَا عَلِمَ أَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى ذَلِكَ وَعَرَفَ الْمُقِرَّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ كَانَ أُمِّيًّا وَكَتَبَ لَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ رِوَايَةُ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا وَجَدَ الرَّجُلُ سَمَاعَهُ مَكْتُوبًا فِي مَوْضِعٍ لَكِنْ لَا يَتَذَكَّرُ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَهُ أَنْ يَرْوِيَ فَشَرْطُ الرِّوَايَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَحْفَظَ الْحَدِيثَ مِنْ حِينِ سَمِعَ إلَى أَنْ يَرْوِيَ وَعِنْدَهُمَا الْحِفْظُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. ذَكَرَ الْخَصَّافُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ ضَاعَ مَحْضَرُ رَجُلٍ مِنْ دِيوَانِ الْقَاضِي وَفِيهِ شَهَادَةُ شُهُودٍ لَهُ بِحَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْقَاضِي لَا يَذْكُرُ ذَلِكَ فَشَهِدَ كَاتِبَاهُ عَلَى قَضَائِهِ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ شَهِدُوا عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ. فَرْقٌ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا إذَا ضَاعَ سِجِلٌّ مِنْ دِيوَانِ الْقَضَاءِ فَشَهِدَ كَاتِبَاهُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ أَمْضَى ذَلِكَ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ لِرَجُلٍ فَشَهِدَ الْكَاتِبَانِ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ هَذَا أَقَرَّ عِنْدَك لِهَذَا بِكَذَا وَقَدْ سَمِعْنَاهُ قَبِلَ الْقَاضِي وَقَضَى بِشَهَادَتِهِمَا وَمَا وَجَدَ الْقَاضِي فِي دِيوَانِ قَاضٍ كَانَ قَبْلَهُ مِنْ إقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَعْمَلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُنَفِّذُهُ حَتَّى يَسْتَقْبِلُوا الْخُصُومَةَ عِنْدَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِمَا يَجِدُ فِي دِيوَانِ قَاضٍ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ مَخْتُومًا، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا عُزِلَ عَنْ الْقَضَاءِ ثُمَّ رُدَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ فِي دِيوَانِهِ الْأَوَّلِ مِنْ الْقَضَاءِ لِإِنْسَانٍ عَلَى إنْسَانٍ إذَا لَمْ يَذْكُرْ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ ذَكَرَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، فَأَمَّا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِحَقٍّ عِنْدَهُ لِإِنْسَانٍ عَلَى إنْسَانٍ فَقَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِهَا عُزِلَ ثُمَّ أُعِيدَ إلَى الْقَضَاءِ فَرُفِعَتْ إلَيْهِ تِلْكَ الْخُصُومَةُ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يُكَلَّفُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ تَذَكَّرَ أَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْقَاضِي يَقْضِي بِقَضِيَّةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا] وَفِي وُقُوعِ الْقَضَاءِ بِغَيْرِ حَقٍّ. إذَا قَضَى الْقَاضِي بِقَضِيَّةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا فَإِنْ كَانَ الَّذِي قَضَى بِهِ خَطَأً لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْفُقَهَاءُ رَدَّهُ لَا مَحَالَةَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْفُقَهَاءُ أَمْضَاهُ لَا مَحَالَةَ وَقَضَى فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِمَا يَرَى، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَاعْلَمْ بِأَنَّ التَّحَوُّلَ مِنْ رَأْيٍ إلَى رَأْيٍ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ جَائِزٌ. ثُمَّ قَضَاءُ الْقَاضِي إذَا وَقَعَ بِخِلَافِ الْحَقِّ لَا يَخْلُو عَنْ وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ أَخْطَأَ فِيمَا قَضَى أَوْ تَعَمَّدَ الْجَوْرَ فِيمَا يَقْضِي وَأَقَرَّ بِذَلِكَ فَإِنْ أَخْطَأَ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، فَإِنْ أَخْطَأَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ إنْ أَمْكَنَ التَّدَارُكُ وَالرَّدُّ بِأَنْ قَضَى بِمَالٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ ثُمَّ ظَهَرَ خَطَؤُهُ بِأَنْ ظَهَرَ بِأَنَّ الشُّهُودَ عَبِيدٌ أَوْ كُفَّارٌ أَوْ مَحْدُودُونَ

الباب الخامس عشر في أقوال القاضي وما ينبغي للقاضي أن يفعل

فِي الْقَذْفِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ ذَلِكَ الْقَضَاءُ وَيَرُدُّ الْعَبْدَ رَقِيقًا وَيَرُدُّ الْمَرْأَةَ إلَى زَوْجِهَا وَيَرُدُّ الْمَالَ إلَى مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ وَإِنْ أَخْطَأَ فِيمَا لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنْ كَانَ قَضَى بِالْقِصَاصِ وَاسْتُوْفِيَ لَا يَقْتُلُ الْمَقْضِيَّ لَهُ بِالْقِصَاصِ وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ قُتِلَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَتَصِيرُ صُورَةُ الْقَضَاءِ شُبْهَةً مَانِعَةً مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَلَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْمَقْضِيِّ، لَهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا ظَهَرَ خَطَأُ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارٍ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ فَأَمَّا إذَا ظَهَرَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الْقَاضِي لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَقْضِيِّ لَهُ حَتَّى لَا يَبْطُلَ قَضَاؤُهُ فِي حَقِّ الْمَقْضِيِّ لَهُ، وَهُوَ نَظِيرُ الشَّاهِدِ إذَا رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ لَا يَعْمَلُ رُجُوعُهُ فِي حَقِّ الْمَقْضِيِّ لَهُ حَتَّى لَا يَنْقُضَ الْقَضَاءَ وَلَكِنَّ الشَّاهِدَ يَضْمَنُ كَذَا هُنَا، وَإِنْ أَخْطَأَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ قَضَى بِحَدِّ الزِّنَا أَوْ بِحَدِّ السَّرِقَةِ أَوْ بِحَدِّ شُرْبِ الْخَمْرِ وَاسْتُوْفِيَ الْقَطْعُ وَالرَّجْمُ وَالْحَدُّ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ عَبِيدٌ أَوْ كُفَّارٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي الْقَذْفِ فَضَمَانُ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي تَعَمَّدَ الْجَوْرَ فِيمَا قَضَى وَأَقَرَّ بِهِ فَالضَّمَانُ فِي مَالِهِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا بِالْجِنَايَةِ وَالْإِتْلَافِ، وَيُعَزَّرُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ لِارْتِكَابِهِ الْجَرِيمَةَ الْعَظِيمَةَ، قَالَ: وَيُعْزَلُ عَنْ الْقَضَاءِ. وَلَمْ يَقُلْ: وَيَنْعَزِلُ عَنْ الْقَضَاءِ فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَاضِيَ بِمُجَرَّدِ الْفِسْقِ لَا يَنْعَزِلُ وَلَكِنْ يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي أَقْوَالِ الْقَاضِي وَمَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَفْعَلَ] َ وَمَا لَا يَفْعَلُ. ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ: أَقَرَّ فُلَانٌ عِنْدِي بِكَذَا لِيَقْضِيَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ مَالٍ أَوْ طَلَاقٍ حَتَّى يَشْهَدَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ رَجُلٌ عَدْلٌ، قَالَ: وَلَا أُقِيمُ حَدًّا عَلَى أَحَدٍ بِقَوْلِ قَاضٍ أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا حَتَّى يَقُولَ مَعَهُ الرَّجُلُ الْعَدْلُ، فَإِذَا كَانَ الْقَاضِي عِنْدِي عَدْلًا وَالشَّاهِدُ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ عَدْلًا وَسِعَنِي أَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَا غَيْرَ عَادِلَيْنِ لَمْ نُصَدِّقْ قَوْلَهُمَا وَلَوْ كَانَ هَذَا الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي وَلِيَ قَطْعَ يَدِ هَذَا بِإِقْرَارٍ زَعَمَ مِنْهُ عِنْدَهُ كَانَ فِي الْقِيَاسِ أَنْ أَقْطَعَ يَدَهُ بِيَدِهِ وَلَكِنِّي أَدْرَأُ عَنْهُ الْقِصَاصَ لِاخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي: أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا، نَافِذٌ عَلَيْهِ، قَالَ: وَأَجْعَلُ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ عَلَيْهِ هَذَا جُمْلَةُ مَا ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَاعْلَمْ أَنَّ إخْبَارَ الْقَاضِي عَنْ إقْرَارِ رَجُلٍ بِشَيْءٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْإِخْبَارُ عَنْ إقْرَارِهِ بِشَيْءٍ يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ كَالْحَدِّ فِي بَابِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاضِي بِالْإِجْمَاعِ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْإِخْبَارُ عَنْ إقْرَارِهِ بِشَيْءٍ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ الَّتِي هِيَ لِلْعِبَادِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ قَبْلَ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: مَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَوَّلًا، وَمَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ فَهُوَ قَوْلُهُ آخِرًا ثُمَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقَعَتْ رِوَايَةُ

ابْنِ سِمَاعَةَ مُطْلَقَةً وَفِي بَعْضِهَا مُقَيَّدَةً فَفِي بَعْضِهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَفِي بَعْضِهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ عَدْلٌ آخَرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا أَخَذُوا بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي زَمَانِنَا وَذَكَرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رُجُوعَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَكَانَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الزَّاهِدُ إمَامُ الْهُدَى أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ يَجْعَلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وُجُوهٍ: إنْ كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا عَدْلًا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا غَيْرَ عَالِمٍ يَسْتَفْسِرُ إنْ أَحْسَنَ ذَلِكَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَاسِقًا أَوْ فَاسِقًا غَيْرَ جَاهِلٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعَايِنَ السَّبَبَ. وَأَنْكَرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ. وَقَالَ: مَعَ جَهْلِهِ أَوْ فِسْقِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ أَصْلًا هَذَا إذَا أَخْبَرَ الْقَاضِي عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ بِالْإِقْرَارِ وَأَمَّا إذَا أَخْبَرَ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ بِالْبَيِّنَةِ بِأَنْ قَالَ: قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ عِنْدِي، وَعَدَلُوا وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهَا بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الْخَصْمِ ثَمَّةَ يَعْمَلُ وَهَهُنَا رُجُوعُ الْخَصْمِ لَا يَعْمَلُ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا أَخْبَرَ الْقَاضِي عَنْ شَيْءٍ وَهُوَ قَاضٍ، فَأَمَّا إذَا أَخْبَرَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَ الْعَزْلِ وَصُورَتُهُ إذَا عُزِلَ الْقَاضِي فَجَاءَ رَجُلٌ وَخَاصَمَهُ إلَى الْقَاضِي الْمُقَلَّدِ، وَقَالَ إنَّهُ دَفَعَ مَالِي وَذَلِكَ كَذَا وَكَذَا إلَى هَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ قَالَ: إنَّهُ قَتَلَ وَلِيِّي فُلَانًا وَهُوَ قَاضٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَالَ الْمَعْزُولُ: فَعَلْت مَا فَعَلْت بِقَضَاءٍ قَضَيْته عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ فَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَهُوَ قَاضٍ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ بَعْدَ الْعَزْلِ، وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ كَانَتْ الْعَيْنُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا الْخُصُومَةُ قَائِمَةً، أَوْ هَالِكَةً. وَفِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا لَا ضَمَانَ عَلَى الْقَاضِي، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ لِرَجُلٍ: قَضَيْتُ عَلَيْك لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ وَأَخَذْتهَا مِنْك وَدَفَعْتهَا إلَيْهِ حِينَ مَا كُنْت قَاضِيًا، وَقَالَ الرَّجُلُ: لَا بَلْ أَخَذْتهَا بَعْدَ الْعَزْلِ ظُلْمًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاضِي عَلَى الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَهَلْ يُنْزَعُ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِنْ يَدِ الْمَقْضِيِّ لَهُ إنْ كَانَ قَائِمًا فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ يَقُولُ: هَذِهِ الْعَيْنُ مِلْكِي مِنْ الْأَصْلِ لَمْ آخُذْهَا مِنْ هَذَا وَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ لِي بِهَا لَا تُنْزَعُ مِنْ يَدِهِ. وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ يَقُولُ: هَذِهِ الْعَيْنُ مِلْكِي؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْمَعْزُولَ قَضَى لِي بِهَا عَلَى هَذَا الرَّجُلِ حَالَ كَوْنِهِ قَاضِيًا تُنْزَعُ مِنْ يَدِهِ وَتُسَلَّمُ إلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي: وَلِلْقَاضِي أَنْ يُقْرِضَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى، وَهَذَا مَذْهَبُنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْرِضَ قَوْمًا ثِقَاتٍ قَالَ: وَشَرْطُ الثِّقَةِ شَيْئَانِ الْمُلَاءَةُ وَحُسْنُ الْخُرُوجِ عَنْ مُعَامَلَةِ النَّاسِ وَحُقُوقِهِمْ وَأَنْ لَا يَكُونَ لَجُوجًا، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا شَرَطُوا شَرْطًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ وَلَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا، وَلَا يَكُونُ غَرِيبًا صَاحِبَ حُجْرَةٍ وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْقَاضِي الْإِقْرَاضَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِي بِهِ لِلْيَتِيمِ مَا يَكُونُ لِلْيَتِيمِ مِنْهُ غَلَّةٌ، أَمَّا إذَا وَجَدَ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ إذَا وَجَدَ مَنْ يَدْفَعُ إلَيْهِ مَالَهُ مُضَارَبَةً قَالَ هِشَامٌ: فَذَكَرْنَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَمْوَالٍ تَجْتَمِعُ لِلْأَيْتَامِ عِنْدَ الْقَاضِي أَيُّ ذَلِكَ أَفْضَلُ لِلْقَاضِي

دَفْعُهَا بِوَدِيعَةٍ أَوْ بِضَمَانٍ. فَأَخْبَرَنَا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى وَأَبَا يُوسُفَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَانُوا يَرَوْنَ أَنْ يَدْفَعَهَا بِضَمَانٍ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الَّذِي يَضْمَنُ يُوَفِّي فِي الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَقْرِضَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَا يَشْتَرِيهِ، وَرَوَى أَنَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ خَيْرٌ جَازَ وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ أَنَّ قَاضِيًا بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِنَفْسِهِ أَوْ أَوْدَعَ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ بَاعَ أَمِينُهُ بِأَمْرِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ هَذَا الْقَاضِي وَاسْتَقْضَى غَيْرَهُ فَشَهِدَ عِنْدَهُ قَوْمٌ أَنَّهُمْ سَمِعُوا الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ يَقُولُ: اسْتَوْدَعْتُ فُلَانًا مَالَ فُلَانٍ الْيَتِيمِ، أَوْ يَقُولُ: بِعْتُ فُلَانًا مَالَ فُلَانٍ الْيَتِيمِ بِكَذَا وَكَذَا فَجَحَدَ فُلَانٌ ذَلِكَ؛ قَالَ: يَقْبَلُ الْقَاضِي الثَّانِي هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَيُؤَاخَذُ الْمُسْتَوْدَعُ وَالْمُشْتَرِي بِالْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ أَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ قَضَى بِذَلِكَ قَضَاؤُهُ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ. وَفِي مُخْتَصَرِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَلَوْ دَفَعَ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ إلَى تَاجِرٍ فَجَحَدَهُ التَّاجِرُ قَضَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَصَدَّقَ الْقَاضِي عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ مَالَ مَيِّتٍ فَجَحَدَهُ الْمُشْتَرِي أَمْضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ وَإِذَا قَبَضَ الْقَاضِي مَالَ يَتِيمٍ أَوْ غَائِبٍ وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ وَلَا يَعْلَمُ أَيْنَ هُوَ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى قَوْمٍ وَلَا يَدْرِي إلَى مَنْ دَفَعَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْقَاضِي: دَفَعْتُ إلَى وَلِيٍّ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْأَيْتَامِ، وَلَا أَدْرِي إلَى مَنْ دَفَعْتُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا مِنْ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ: أَوْدَعْتُ مَالَ الْيَتِيمِ فُلَانًا أَوْ بِعْتُهُ مِنْهُ بِكَذَا؛ أَخَذَهُ بِهِ. وَلَوْ ادَّعَى الْمُودَعُ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْقَاضِي فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَكَذَا فِي الْبَيْعِ إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ بِعَيْبٍ فَادَّعَى الْقَاضِي الْبَرَاءَةَ يُصَدَّقُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَلَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ وَضَمِنَ لَهُ الْقَاضِي ثَمَنَ مَا بَاعَ جَازَ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ أَمِينُهُ وَضَمِنَ الثَّمَنَ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ تَرْجِعُ إلَيْهِ وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ وَضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْقَاضِي أَوْ الْيَتِيمِ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَفِي الْقُنْيَةِ الْقَاضِي إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ لَا يَضْمَنُ، وَقَالَ (قض) لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ مِنْ وَالِدِهِ إذَا كَانَ مُسْرِفًا وَيَضَعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ إلَى أَنْ يَبْلُغَ، كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ ذَكَرَ أَوَّلَ كِتَابِ اللُّقَطَةِ أَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ إقْرَاضِ اللُّقَطَةِ مِنْ الْمُلْتَقَطِ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ إقْرَاضِ مَالِ الْغَائِبِ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةَ بَيْعِ مَالِ الْغَائِبِ إذَا خَافَ التَّلَفَ، وَلَكِنْ إنَّمَا يَبِيعُهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَكَانِ الْغَائِبِ وَفِي الْإِبَانَةِ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا، وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْقَاضِي يَبِيعُ عَبْدَ الْمَفْقُودِ وَمَنْقُولَهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَ عَقَارَهُ، وَلَوْ بَاعَ جَازَ. وَالْقَاضِي إذَا بَاعَ عَلَى الْأَيْتَامِ مَا يُسَاوِي خَمْسَةَ آلَافٍ بِأَلْفٍ وَكَبِرَ الْوَرَثَةُ وَرَفَعُوا إلَى آخَرَ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ يُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَلَوْ فُسِخَ وَكَتَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي الْأَوَّلُ أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْبَيْعِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ الْفَسْخِ، وَلَوْ كَانَ الْكِتَابُ قَبْلَ الْفَسْخِ وَهُوَ قَاضٍ يَقْبَلُ وَلَا تُعْتَبَرُ بَيِّنَةُ الْأَيْتَامِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَفِي النَّاصِرِيِّ وَلَوْ مَاتَ وَلَا يُعْلَمُ لَهُ وَارِثٌ فَبَاعَ الْقَاضِي دَارِهِ يَجُوزُ وَلَوْ ظَهَرَ الْوَارِثُ فَالْبَيْعُ مَاضٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا وَكَّلَ الْقَاضِي رَجُلًا بِبَيْعِ دَارِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ

فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي لِوَكِيلِهِ وَلَا لِوَكِيلِ وَكِيلِهِ وَلَا لِوَكِيلِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَالْقَضَاءُ لِنَفْسِهِ وَعَلَى نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ وَسَبِيلُ الْقَاضِي أَنْ يَرُدَّ الْخُصُومَةَ إلَى الصُّلْحِ إذَا لَمْ يَسْتَبِنْ لَهُ فَصْلُ الْقَضَاءِ وَإِذَا اسْتَبَانَ لَهُ فَصْلُ الْقَضَاءِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَقْضِي وَلَا يَرُدُّهُمْ إلَى الصُّلْحِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ إذَا طَمِعَ فِي الصُّلْحِ حَالَ اسْتِبَانَةِ وَجْهَ الْقَضَاءِ رَدَّهُمْ إلَى الصُّلْحِ وَلَا يَقْضِي مَا لَمْ يَيْأَسْ عَنْ الصُّلْحِ. وَذَكَرَ آخِرَ أَدَبِ الْقَاضِي: وَإِذَا طَمِعَ الْقَاضِي فِي إصْلَاحِ الْخَصْمَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَرُدَّهُمْ وَلَا يُنَفِّذَ الْحُكْمَ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّهُمْ بِأَكْثَرَ مِنْ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِي الصُّلْحِ أَنْفَذَ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ أَنْفَذَ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرُدَّهُمْ فَهُوَ فِي سِعَةٍ مِنْهُ يُرِيدُ بِهِ وَإِنْ طَمِعَ فِي الصُّلْحِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ إذَا كَانَ الْقَاضِي يَتَوَلَّى الْقِسْمَةَ بِنَفْسِهِ حَلَّ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ وَكُلُّ نِكَاحٍ بَاشَرَهُ الْقَاضِي وَقَدْ وَجَبَتْ مُبَاشَرَتُهُ عَلَيْهِ كَنِكَاحِ الصِّغَارِ وَالصَّغَائِرِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ، وَمَا لَمْ تَجِبْ مُبَاشَرَتُهُ عَلَيْهِ حَلَّ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِهِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا عَقَدَ بِكْرًا يَأْخُذُ دِينَارًا وَفِي الثَّيِّبِ نِصْفَ دِينَارٍ وَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ هَكَذَا قَالُوا، كَذَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ. وَإِذَا أَذِنَ بِبَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ لِمَصْلَحَةِ الْيَتِيمِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ لِأَجْلِ هَذَا الْإِذْنِ، وَلَوْ أَخَذَ وَأَذِنَ بِالْبَيْعِ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ. غَرِيبٌ مَاتَ فِي بَلْدَةٍ وَتَرَكَ أَمْوَالًا فَقَاضِي الْبَلْدَةِ يَتَرَبَّصُ مُدَّةً يَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ لَحَضَرَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، فَإِذَا تَرَبَّصَ مِثْلَ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَحْضُرْ لَهُ وَارِثٌ يَضَعْهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَيَصْرِفْهَا إلَى الْقَنَاطِرِ وَنَفَقَةِ الْأَيْتَامِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَإِذَا حَضَرَ الْوَارِثُ بَعْدَمَا صَرَفَهَا إلَى هَذِهِ الْمَصَارِفِ يَقْضِي حَقَّهُ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: إذَا ارْتَابَ الْقَاضِي فِي أَمْرِ الشُّهُودِ فَرَّقَ بَيْنَهُمْ وَلَا يَسَعُهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَيَسْأَلُهُمْ أَيْضًا أَيْنَ كَانَ هَذَا وَمَتَى كَانَ هَذَا؟ وَيَكُونُ هَذَا السُّؤَالُ بِطَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ هَذَا عَلَى الشُّهُودِ فِي الْأَصْلِ فَإِذَا فَرَّقَهُمْ فَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا يُفْسِدُ الشَّهَادَةَ رَدَّهَا وَإِنْ كَانَ لَا يُفْسِدُهَا لَا يَرُدَّهَا، وَإِنْ كَانَ يَتَّهِمُهُمْ فَالشَّهَادَةُ لَا تُرَدُّ بِمُجَرَّدِ التُّهْمَةِ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا اتَّهَمْتُ الشُّهُودَ فَرَّقْتُ بَيْنَهُمْ وَلَا أَلْتَفِتُ إلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ وَعَدَدِ مَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَلَا إلَى اخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ فِي الْأَقْوَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْأَفْعَالِ فَالِاخْتِلَافُ فِي الْمَوَاضِعِ اخْتِلَافٌ فِي الشَّهَادَةِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَتَّهَمْتُهُمْ وَرَأَيْتُ الرِّيبَةَ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ شُهُودُ الزُّورِ أُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ وَأَسْأَلُهُمْ عَنْ الْمَوَاضِعِ وَالثِّيَابِ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَهَذَا عِنْدِي اخْتِلَافٌ أُبْطِلُ بِهِ الشَّهَادَةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ

الباب السادس عشر في قبض المحاضر من ديوان القاضي المعزول

[الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي قَبْضِ الْمَحَاضِرِ مِنْ دِيوَانِ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ] ِ. وَمَنْ قُلِّدَ الْقَضَاءَ يَسْأَلُ، أَيْ أَوَّلَ مَا يَبْدَأُ بِهِ مِنْ الْأَعْمَالِ هَذَا وَهُوَ أَنْ يَسْأَلَ أَيْ يَطْلُبَ مِنْ الْقَاضِي الْمُنْعَزِلِ دِيوَانَهُ وَيَنْظُرَ فِي حَالِ الْمَحْبُوسِينَ وَيَبْعَثَ إلَى السِّجْنِ مَنْ يُحْصِيهِمْ وَيَأْتِيهِ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَخْبَارِهِمْ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْقَاضِي الْمُقَلَّدُ يَبْعَثُ رَجُلَيْنِ مِنْ ثِقَاتِهِ وَوَاحِدٌ يَكْفِي وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ فَيَقْبِضَانِ مِنْ الْمَعْزُولِ دِيوَانَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَدِيوَانُ الْقَاضِي خَرِيطَتُهُ الَّتِي فِيهَا الصُّكُوكُ وَالْمَحَاضِرُ وَنُصَبُ الْأَوْصِيَاءِ وَالْقِوَامُ فِي الْأَوْقَافِ وَتَقْدِيرُ النَّفَقَاتِ وَمَا يُشَاكِلُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ إذَا قُبِضَ دِيوَانُ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ فَنُسَخُ السِّجِلَّاتِ تُجْمَعُ فِي خَرِيطَةٍ وَالصُّكُوكُ تُجْمَعُ فِي خَرِيطَةٍ وَالْمَحَاضِرُ فِي خَرِيطَةٍ، وَكَذَلِكَ نُصُبُ الْأَوْصِيَاءِ وَنُسْخَةُ قِيَمِ الْأَوْقَاتِ فَيَجْمَعَانِ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ فِي خَرِيطَةٍ وَيَسْأَلَانِ الْقَاضِيَ الْمَعْزُولَ شَيْئًا فَشَيْئًا لِيَنْكَشِفَ لَهُمَا مَا أُشْكِلَ عَلَيْهِمَا وَمَتَى قُبِضَ ذَلِكَ يَجْمَعَانِ عَلَى ذَلِكَ احْتِرَازًا عَنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَيَأْخُذَانِ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ يَبْعَثُ أَمِينَيْنِ لِيُسَلِّمَا الدِّيوَانَ إلَى أَمِينَيْ الْمُقَلَّدِ وَسَأَلَ أَمِينَا الْمُقَلَّدِ مِنْ أَمِينَيْ الْمَعْزُولِ شَيْئًا فَشَيْئًا لِيَنْكَشِفَ لَهُمَا مَا أُشْكِلَ عَلَيْهِمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا قَبَضَا دِيوَانَهُ يَقْبِضَانِ الْوَدَائِعَ وَأَمْوَالَ الْيَتَامَى أَيْضًا، وَيَكُونُ عِنْدَ الْمُقَلَّدِ وَيَأْخُذَانِ أَسْمَاءَ الْمَحْبُوسِينَ أَيْضًا فَالْقَاضِي إذَا حَبَسَ رَجُلًا بِحَقٍّ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَالسَّبَبَ الَّذِي لِأَجْلِهِ حَبَسَهُ وَتَارِيخَ الْحَبْسِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ فِي تَذْكِرَتِهِ تَارِيخَ الْحَبْسِ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ لَا مِنْ وَقْتِ عَمَلِهِ وَيَسْأَلَانِ الْقَاضِيَ الْمَعْزُولَ عَنْ الْمَحْبُوسِينَ وَأَسْبَابِ الْحَبْسِ، وَيَسْأَلُ الْمَحْبُوسِينَ عَنْ أَسْبَابِ الْحَبْسِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خُصُومِهِمْ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَحْبُوسِينَ جَمَاعَةٌ لَمْ يَحْضُرْ لَهُمْ خَصْمٌ. وَقَالُوا: حُبِسْنَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَالْقَاضِي الْمُقَلَّدُ لَا يُطْلِقُهُمْ وَيَأْمُرُ مُنَادِيًا بِالنِّدَاءِ إنَّا وَجَدْنَا فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا مَحْبُوسِينَ فَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلْيَأْتِنَا فَإِنْ حَضَرَ رَجُلٌ فَصَلَ الْخُصُومَةَ بَيْنَهُمْ عَلَى وَجْهِهَا وَإِلَّا أَطْلَقَهُمْ بِكَفِيلٍ وَتَقْدِيرُ مُدَّةِ النِّدَاءِ وَالْمُدَّةِ الَّتِي يَسَعُ فِيهَا الطَّلَاقُ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي قِيلَ: مَا ذُكِرَ هَهُنَا مِنْ أَخْذِ الْكَفِيلِ قَوْلَهُمْ. أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَأْخُذُ، قَالَ: الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: يَأْخُذُ الْكَفِيلَ هَهُنَا عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ الصَّحِيحُ أَنَّ أَخْذَ الْكَفِيلِ هَهُنَا بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. ثُمَّ اعْلَمْ بِأَنَّ الْحَبْسَ (أَنْوَاعٌ) أَحَدُهَا الْحَبْسُ بِالدَّيْنِ وَأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى فُصُولٍ: (الْأَوَّلُ) إذَا قَالَ الْمَحْبُوسُ: حُبِسْتُ بِدَيْنِ فُلَانٍ أَقْرَرْتُ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ، فَالْقَاضِي الْمُقَلَّدُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَحْبُوسِ وَبَيْنَ خَصْمِهِ فَإِنْ صَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ أَعَادَهُ إلَى الْحَبْسِ إذَا طَلَبَ خَصْمُهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْمَحْبُوسُ الدَّيْنَ وَقَالَ: إنَّ هَذَا يَدَّعِي عَلَيَّ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَدْ حَبَسَنِي ظُلْمًا، وَخَصْمُهُ يَقُولُ: لِي عَلَيْهِ كَذَا

وَقَدْ حَبَسَهُ بِحَقٍّ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ خَصْمَهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ادَّعَى، فَإِذَا أَقَامَ وَعَرَفَهُمْ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ أَدَامَ حَبْسَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ بِالْعَدَالَةِ وَاحْتَاجَ إلَى السُّؤَالِ أَخَذَ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَيُطْلِقُهُ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمَحْبُوسِينَ: أَنَا مَحْبُوسٌ بِدَيْنِ فُلَانٍ فَمُرْهُ يَأْخُذُ مِنِّي كَفِيلًا وَيُطْلِقُنِي؛ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ بِإِحْضَارِ خَصْمِهِ فَإِذَا حَضَرَ وَصَدَّقَ الْمَحْبُوسَ فِي إقْرَارِهِ وَالْقَاضِي يَعْرِفُ الْمُقَرَّ لَهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ وَلَكِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ بِذَلِكَ، وَفِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا الْقَاضِي يَأْمُرُ الْمَحْبُوسَ بِأَدَاءِ الْمَالِ إلَيْهِ وَلَا يُطْلِقُهُ لِتُهْمَةِ الْمُوَاضَعَةِ وَيَأْمُرُ مُنَادِيًا بِالنِّدَاءِ عَلَى مَا بَيَّنَا فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ لَهُ خَصْمٌ آخَرُ أَطْلَقَهُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْخَصَّافُ أَخْذَ الْكَفِيلِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَذَكَرَهُ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا ذَكَرُوا أَخْذَ الْكَفِيلِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَجِئْ الْمَحْبُوسُ بِالْمَالِ لَكِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: أَنَا أَخْتَارُ الرِّفْقَ وَأُمْهِلُهُ وَأُطْلِقُهُ فَالْقَاضِي لَا يُطْلِقُهُ وَيُحْتَاطُ بِالطَّرِيقِ الَّذِي قُلْنَا، ثُمَّ يُطْلِقُهُ بِكَفِيلٍ وَإِنْ قَالَ: لَا كَفِيلَ لِي أَوْ قَالَ: لَا يَجِبُ عَلَيَّ إعْطَاءُ الْكَفِيلِ إذْ لَيْسَ لِي خَصْمٌ يَطْلُبُ مِنِّي الْكَفِيلَ فَالْقَاضِي يَتَأَنَّى فِي ذَلِكَ وَلَا يُعَجِّلُ بِإِطْلَاقِهِ حَتَّى يُنَادِيَ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ لَهُ خَصْمٌ بَعْدَ ذَلِكَ أَطْلَقَهُ. (النَّوْعُ الثَّانِي) الْحَبْسُ بِسَبَبِ الْعُقُوبَاتِ الْخَالِصَةِ حَقًّا لِلْعَبْدِ كَالْقِصَاصِ إذَا قَالَ بَعْضُ الْمَحْبُوسِينَ: إنَّمَا حُبِسْتُ لِأَنِّي أَقْرَرْتُ بِالْقِصَاصِ لِفُلَانٍ وَجَمَعَ الْقَاضِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ وَصَدَّقَهُ خَصْمُهُ فِيمَا أَقَرَّ وَلَا يَخْلُو ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ أَوْ فِي الطَّرَفِ. فَإِنْ كَانَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ يُخْرِجُهُ الْقَاضِي مِنْ السِّجْنِ وَيُمَكِّنُ خَصْمَهُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَلَا يَتَأَنَّى وَإِنْ كَانَ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ يُخْرِجُهُ الْقَاضِي مِنْ السِّجْنِ أَيْضًا وَيُمَكِّنُ خَصْمَهُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَلَكِنْ لَا يُعَجِّلُ فِي إطْلَاقِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ آخَرَ عَلَيْهِ حَقٌّ فِي نَفْسِهِ فَيُوَاضِعُ مَعَ هَذَا الرَّجُلِ فَيُقِرُّ لَهُ بِطَرَفِهِ لِيَتَخَلَّصَ عَنْ السِّجْنِ فَيُبْطِلُ حَقَّ الْآخَرِ فِي النَّفْسِ. (الثَّالِثُ) الْحَبْسُ بِسَبَبِ الْعُقُوبَاتِ الْخَالِصَةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، نَحْوُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ إذَا قَالَ بَعْضُ الْمَحْبُوسِينَ: إنَّمَا حُبِسْتُ؛ لِأَنِّي أَقْرَرْت بِالزِّنَا عِنْدَ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي أَرْبَعِ مَجَالِسَ فَحَبَسَنِي لِيُقِيمَ عَلَيَّ الْحَدَّ، فَالْقَاضِي الْمُقَلَّدُ لَا يُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ بِتِلْكَ الْأَقَارِيرِ فَإِنْ أَقَرَّ عِنْدَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي أَرْبَعِ مَجَالِسَ أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ تَقَادَمَ الْعَهْدُ أَوْ لَمْ يَتَقَادَمْ فَيَرْجُمُهُ إنْ مُحْصَنًا وَيَجْلِدُهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ، وَلَكِنْ لَا يُعَجِّلُ فِي إطْلَاقِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَجِيءَ خَصْمٌ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ صَحَّ رُجُوعُهُ، كَمَا لَوْ رَجَعَ عِنْدَ الْقَاضِي الْأَوَّلِ وَلَكِنْ لَا يُعَجِّلُ الْقَاضِي فِي إطْلَاقِهِ لِتَوَهُّمِ الْحِيلَةِ وَإِنْ قَالَ: إنَّمَا حُبِسْت؛ لِأَنَّهُ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيَّ بِالزِّنَا فَحَبَسَنِي الْقَاضِي الْمَعْزُولُ لِيُقِيمَ عَلَيَّ الْحَدَّ فَقَوْلُ الْبَيِّنَةِ الْقَائِمَةِ عِنْدَ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ هَذَا الْقَاضِي فَلَا يُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي بِزِنَاهُ لَا يُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ أَيْضًا إذَا كَانَ الْعَهْدُ قَدْ تَقَادَمَ وَلَا يُعَجِّلُ فِي إطْلَاقِهِ لِتَوَهُّمِ الْحِيلَةِ بَلْ يَتَأَنَّى وَيُطْلِقُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِكَفِيلٍ لِمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمَحْبُوسِينَ:

إنَّمَا حُبِسْتُ لِأَنِّي أَقْرَرْتُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ عِنْدَهُ أَوْ لِأَنَّهُ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيَّ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فَحَبَسَنِي لِيُقِيمَ عَلَيَّ الْحَدَّ فَهَذَا الْقَاضِي لَا يُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ قَالَ: إنَّمَا حُبِسْتُ لِأَنِّي قَدْ أَقْرَرْتُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ فُلَانٍ أَوْ لِأَنَّهُ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيَّ بِالسَّرِقَةِ مِنْ فُلَانٍ فَهَذَا الْقَاضِي يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ وَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ لَا بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَلَا بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ، وَلَكِنْ لَوْ أَقَرَّ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ تَقَادَمَ الْعَهْدُ أَوْ لَمْ يَتَقَادَمْ وَلَا يُعَجِّلُ فِي إطْلَاقِهِ وَلَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ثَانِيًا لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ إذَا تَقَادَمَ الْعَهْدُ فَحَدُّ الزِّنَا وَحَدُّ السَّرِقَةِ فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى السَّوَاءِ. (وَالرَّابِعُ) الْحَبْسُ بِسَبَبِ عُقُوبَةٍ هِيَ بَيْنَ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ حُقُوقِ الْعِبَادِ وَهُوَ حَدُّ الْقَذْفِ إذَا قَالَ بَعْضُ الْمَحْبُوسِينَ: إنَّمَا حُبِسْتُ؛ لِأَنِّي قَدْ قَذَفْتُ هَذَا الرَّجُلَ بِالزِّنَا وَصَدَّقَهُ هَذَا الرَّجُلُ فِي إقْرَارِهِ اسْتَوْفَى مِنْهُ حَدَّ الْقَذْفِ وَلَا يُعَجِّلُ الْقَاضِي فِي إطْلَاقِهِ وَلَوْ رَجَعَ عَمَّا أَقَرَّ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ بِخِلَافِ الرُّجُوعِ عَنْ الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى إذَا قَالَ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ عَلَى يَدِي فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا مِنْ الْمَالِ دَفَعْته إلَيْهِ وَهُوَ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أُمِرَ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ قَالَ: دَفَعَ إلَى فُلَانٍ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الْمَالِ لَكِنَّهُ لَا أَدْرِي أَنَّهُ لِمَنْ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ أُمِرَ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَأَيْضًا وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ كَذَّبَ الْقَاضِيَ الْمَعْزُولَ فِي جَمِيعِ مَا قَالَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ أَيْضًا. وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ قَالَ: دَفَعَ إلَيَّ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الْمَالِ وَهُوَ لِفُلَانٍ آخَرَ غَيْرَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْقَاضِي فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْقَاضِي. (الْوَجْهُ الثَّانِي) إذَا بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ بِالْمِلْكِ بِأَنْ قَالَ: الْمَالُ الَّذِي فِي يَدَيَّ لِفُلَانٍ غَيْرُ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ دَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي الْمَعْزُولِ أُمِرَ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الَّذِي أَقَرَّ لَهُ صَاحِبُ الْيَدِ فَإِنْ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ لِلثَّانِي وَإِنْ دَفَعَ بِقَضَاءٍ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ: فِي يَدِ فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَصَابَهُ فُلَانٌ الْيَتِيمُ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ، وَصَدَّقَهُ ذُو الْيَدِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ مِنْ بَاقِي الْوَرَثَةِ ذَلِكَ الْمَالَ فَهُوَ لِلْيَتِيمِ. وَإِنْ قَالَ بَاقِي الْوَرَثَةُ: لَمْ يَسْتَوْفِ مِنَّا أَحَدٌ حَقَّهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، وَالْيَتِيمُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي الْمُقَلَّدِ أَنْ يَنْظُرَ لِلْيَتِيمِ وَيُحَلِّفَ بَاقِيَ الْوَرَثَةِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَوْفَيْتُمْ حُقُوقَكُمْ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدَكُمْ فُلَانٌ، وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ: هَذَا الْمَالُ لِفُلَانٍ الْيَتِيمِ، وَلَمْ يَقُلْ: أَصَابَهُ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِ وَادَّعَى بَاقِي الْوَرَثَةُ أَنَّهُ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِمْ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَوْفُوا حُقُوقَهُمْ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِمْ فَالْمَالُ لِلْيَتِيمِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْمَعْزُولَ هُنَا مَا أَقَرَّ بِالْمِلْكِ لِوَالِدِ الْيَتِيمِ لِيَصِيرَ مُقِرًّا بِكَوْنِهِ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ، بَلْ أَقَرَّ لِلْيَتِيمِ بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةٍ كَوْنُهُ مَمْلُوكًا لِلْيَتِيمِ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِ فَبَعْدَ ذَلِكَ بَاقِي الْوَرَثَةِ يَدَّعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ حَقًّا فِي هَذَا الْمَالِ وَلَا يَصَدَّقُونَ إلَّا بِحُجَّةٍ، وَإِنْ كَانَ مَالًا بِصَكٍّ عَلَى رَجُلٍ

قَدْ كَانَ الْقَاضِي بَيَّنَ فِي الصَّكِّ سَبَبَهُ وَأَشْهَدَ فِي الصَّكِّ أَنَّهُ لِفُلَانٍ الْيَتِيمِ وَأَصَابَهُ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِ فُلَانٌ وَأَنَّ سَائِرَ الْوَرَثَةِ اسْتَوْفَوْا حُقُوقَهُمْ فَنَقُولُ: مُجَرَّدُ الصَّكِّ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ عَلَى اسْتِيفَاءِ بَاقِي الْوَرَثَةِ حُقُوقَهُمْ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ شَهَادَةُ شُهُودٍ يَشْهَدُونَ عَلَى إشْهَادِ الْقَاضِي عَلَيْهِمْ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِمْ بِالِاسْتِيفَاءِ، فَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ كَانَ هَذَا الْمَالُ لِلْيَتِيمِ وَإِلَّا فَهُوَ كَسَائِرِ الْوَرَثَةِ، وَإِذَا قَالَ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ: ثَبَتَ عِنْدِي بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ أَنَّ فُلَانًا وَقَفَ ضَيْعَةَ كَذَا عَلَى كَذَا وَحَكَمْت بِذَلِكَ وَوَضَعْتهَا عَلَى يَدَيْ فُلَانٍ وَأَمَرْته بِصَرْفِ غَلَّاتِهَا إلَى السَّبِيلِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْوَقْفِ وَصَدَّقَهُ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْيَدِ، فَإِنْ كَانَتْ أَقَرَّتْ وَرَثَةُ الْوَاقِفِ بِذَلِكَ أَنْفَذَ الْقَاضِي الْمُقَلَّدُ هَذَا الْوَقْفَ. وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ قَدْ جَحَدُوا ذَلِكَ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةٌ كَانَ مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ وَلَكِنْ تُسْتَحْلَفُ الْوَرَثَةُ عَلَى عِلْمِهِمْ فَإِنْ حَلَفُوا فَالْأَمْرُ مَاضٍ وَإِنْ نَكَلُوا قَضَى عَلَيْهِمْ بِالْوَقْفِيَّةِ بِإِقْرَارِهِمْ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِمْ بِالْوَقْفِيَّةِ كَمَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَاقِفِ حَالَ حَيَاتِهِ، وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ: إنَّهُ وَقَفَ عَلَى الْأَرْبَابِ أَوْ قَالَ عَلَى الْمَسْجِدِ أَوْ بَيَّنَ وَجْهًا آخَرَ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ وَلَمْ يَقُلْ: وَقَفَهَا عَلَى فُلَانٍ فَالْقَاضِي الْمُقَلَّدُ يُنَفِّذُهُ وَلَا يَسْأَلُهُ عَنْ التَّفْصِيلِ وَهَذَا هُوَ السَّبِيلُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَقَعُ الِاسْتِفْسَارُ ضَارًّا فَالْقَاضِي الْمُقَلَّدُ يَتْرُكُهُ وَيَكْتَفِي بِالْإِجْمَالِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُحَاسِبَ الْأُمَنَاءَ مَا جَرَى عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَغَلَّاتِهِمْ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ كُلَّ سَنَةٍ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَى، حَتَّى يَنْظُرَ هَلْ أَدَّى الْأَمَانَةَ فِيمَا فُوِّضَ إلَيْهِ أَوْ خَانَ فَإِنْ أَدَّى الْأَمَانَةَ قَرَّرَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ خَانَ اسْتَبْدَلَهُ بِغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ يُحَاسِبُ الْقُوَّامُ عَلَى الْأَوْقَافِ وَيَقْبَلُ قَوْلَهُمْ فِي مِقْدَارِ مَا حَصَلَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ الْغَلَّاتِ وَالْأَمْوَالِ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ. قَالَ وَالْأَصْلُ فِي الشَّرْعِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَابِضِ فِي مِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ وَفِيمَا يُخْبِرُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ أَوْ عَلَى الضَّيْعَةِ وَمَا صَرَفَ مِنْهَا فِي مُؤْنَاتِ الْأَرَاضِيِ إنْ كَانَ وَصِيًّا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْمُحْتَمَلِ وَإِنْ كَانَ فِيمَا لَا يُحْتَمَلُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي. وَفَرْقٌ بَيْنَ الْوَصِيِّ وَبَيْنَ الْقَيِّمِ فَالْوَصِيُّ مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ الْحِفْظُ وَالتَّصَرُّفُ وَالْقَيِّمُ مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ الْحِفْظُ دُونَ التَّصَرُّفِ وَإِذَا عَرَفْتُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَصِيِّ وَبَيْنَ الْقَيِّمِ فَإِذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ الْإِنْفَاقَ فَقَدْ ادَّعَى مَا دَخَلَ تَحْتَ وِلَايَتِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْمُحْتَمَلِ. وَإِذَا ادَّعَى الْقَيِّمُ ذَلِكَ فَقَدْ ادَّعَى مَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ وِلَايَتِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا سَوَّوْا بَيْنَ الْوَصِيِّ وَبَيْنَ الْقَيِّمِ فِيمَا لَمْ يَكُنْ لِلضَّيْعَةِ مِنْهُ بُدٌّ قَالُوا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَيِّمِ فِي ذَلِكَ كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَقَاسُوا عَلَى قَيِّمِ الْمَسْجِدِ أَوْ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ إذَا اشْتَرَى لِلْمَسْجِدِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ نَحْوَ الْحَصِيرِ وَالْحَشِيشِ وَالدُّهْنِ أَوْ صَرَفَ شَيْئًا مِنْ غَلَّاتِ الْمَسْجِدِ إلَى أَجْرِ الْخَادِمِ لَا يَضْمَنُ لِكَوْنِهِ مَأْذُونًا فِيهِ دَلَالَةً فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَتَعَطَّلُ الْمَسْجِدُ كَذَا هَهُنَا وَمَشَايِخُ زَمَانِنَا قَالُوا: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ فِي زَمَانِنَا فَالْقَيِّمُ فِي زَمَانِنَا مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ التَّصَرُّفُ

الباب السابع عشر فيما إذا وقع القضاء بشهادة الزور ولم يعلم القاضي به

وَالْحِفْظُ جَمِيعًا كَالْوَصِيِّ قَالَ: وَإِنْ اتَّهَمَ الْقَاضِي وَاحِدًا مِنْهُمْ يُرِيدُ بِهِ وَاحِدًا مِنْ الْأَوْصِيَاءِ فِيمَا ادَّعَى مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ أَوْ عَلَى الْوَقْفِ حَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَمِينًا كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ أَوْ رَدَّهَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إنَّمَا يُسْتَحْلَفُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ يَصِحُّ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَدَعْوَى الْمَجْهُولِ لَا تَصِحُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْلِفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ نَظَرًا لِلْيَتِيمِ وَاحْتِيَاطًا لَهُ وَفِي مِثْلِهِ يُسْتَحْلَفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ أَخْبَرُوا أَنَّهُمْ أَنْفَقُوا عَلَى الضَّيْعَةِ وَالْيَتِيمِ مِنْ أَمْوَالِ الْأَرَاضِيِ وَغَلَّاتِهَا كَذَا وَبَقِيَ فِي أَيْدِينَا هَذَا الْقَدْرُ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَعْرُوفًا بِالْأَمَانَةِ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ مِنْهُ الْإِجْمَالَ وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ. وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُتَّهَمًا فَالْقَاضِي يُجْبِرُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ الْإِجْمَالَ وَلَيْسَ تَفْسِيرُ الْجَبْرِ هَهُنَا الْحَبْسَ وَإِنَّمَا تَفْسِيرُهُ أَنْ يُحْضِرَهُ الْقَاضِي الْمُقَلَّدُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً يُخَوِّفُهُ وَيُهَدِّدُهُ إنْ لَمْ يُفَسِّرْ احْتِيَاطًا فِي حَقِّ الْيَتِيمِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَمَعَ هَذَا لَمْ يُفَسِّرْ فَالْقَاضِي يَكْتَفِي مِنْهُ بِالْيَمِينِ وَبِنُكُولِهِ قَالَ: وَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ لِلْقَاضِي الْمُقَلَّدِ: إنَّ الْقَاضِيَ الْمَعْزُولَ حَاسَبَنِي فَالْقَاضِي الْمُقَلَّدُ لَا يَدَعُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ أَوْ الْقَيِّمُ: أَنْفَقْت عَلَى الْيَتِيمِ، أَوْ قَالَ: عَلَى الْوَقْفِ كَذَا مِنْ مَالِي وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِحُجَّةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْإِنْفَاقَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ أَوْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ حَيْثُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْمُحْتَمَلِ قَالَ: وَإِذَا ادَّعَى الْقَيِّمُ أَوْ الْوَصِيُّ أَنَّ الْقَاضِيَ الْمَعْزُولَ آجَرَنِي مُشَاهَرَةً فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا وَكَذَا أَوْ مُسَانَهَةً فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَكَذَا وَصَدَّقَهُ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَالْقَاضِي الْمُقَلَّدُ لَا يُنَفِّذُ ذَلِكَ فَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى فِعْلِ الْقَاضِي فِي حَالِ قَضَائِهِ قُبِلَتْ وَنَفَّذَ الْقَاضِي الْمُقَلَّدُ ذَلِكَ فَبَعْدَ هَذَا الْقَاضِي الْمُقَلَّدُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِقْدَارَ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ أَوْ دُونِهِ أَنْفَذَ ذَلِكَ كُلَّهُ. وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ أَنْفَذَ مِقْدَارَ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَأَبْطَلَ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ كَانَ الْقَيِّمُ قَدْ اسْتَوْفَى الزِّيَادَةَ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِالرَّدِّ عَلَى الْيَتِيمِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَمَا وَجَدَهُ الْقَاضِي فِي دِيوَانِ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ مِنْ شَهَادَةٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ إقْرَارٍ فَهُوَ بَاطِلٌ لَا يَعْمَلُ بِهِ الْقَاضِي الْمُقَلَّدُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَضَى بِهِ وَأَنْفَذَهُ وَهُوَ قَاضٍ يَوْمَئِذٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِيمَا إذَا وَقَعَ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِهِ] ِ. الْكَلَامُ فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ وَفِيهِمَا اخْتِلَافٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ: قَضَاءُ الْقَاضِي فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا صُوَرُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعُقُودِ كَثِيرَةٌ (مِنْ جُمْلَتِهَا) رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا وَهِيَ تَجْحَدُ، وَأَقَامَ عَلَيْهَا شَاهِدَيْ زُورٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا حَلَّ لِلرَّجُلِ وَطْؤُهَا وَحَلَّ لِلْمَرْأَةِ التَّمْكِينُ مِنْهُ

عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ لَا يَحِلُّ لَهُمَا ذَلِكَ عَنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ: إنَّمَا يَثْبُتُ نِكَاحٌ مُبْتَدَأٌ بِقَضَاءِ الْقَاضِي إذَا كَانَ الْقَضَاءُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: حَضْرَةُ الشُّهُودِ وَقْتَ الْقَضَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِالنِّكَاحِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ فِي مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ وَمَنْكُوحَتِهِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَصُوَرُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْفَسْخِ كَثِيرَةٌ (مِنْ جُمْلَتِهَا) امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شُهُودَ زُورٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ لَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَطْؤُهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَيَحِلُّ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَطْؤُهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عَلِمَ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ أَنَّ الزَّوْجَ الْأَوَّلَ لَمْ يُطَلِّقْهَا بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ الثَّانِي أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ الثَّانِي أَجْنَبِيًّا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَحِلُّ لِلثَّانِي وَطْؤُهَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا. هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي كِتَابِ الرُّجُوعِ وَهَلْ يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ وَطْؤُهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ لَا يَحِلُّ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ عِنْدَهُ بَاطِنًا، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي كِتَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَاتِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ وَطْؤُهَا سِرًّا وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ وَطْؤُهَا مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الثَّانِي، فَإِذَا دَخَلَ بِهَا الثَّانِي الْآنَ لَا يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ وَطْؤُهَا سَوَاءٌ كَانَ الثَّانِي يَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى رَأْيِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِحَقِيقَةِ الْحَالِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ فِي الْبَاطِنِ مَنْكُوحَةُ الْأَوَّلِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَكَانَ نِكَاحُ الزَّوْجِ الثَّانِي فَاسِدًا عِنْدَهُ فَإِذَا دَخَلَ بِهَا الثَّانِي وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ مِنْ الثَّانِي فَلَا يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ وَطْؤُهَا. وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةَ الْأَوَّلِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ الثَّانِي مُشْكِلٌ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّانِي عَالِمًا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَالِمًا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ مِنْ الثَّانِي بِهَذَا الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مَنْكُوحَةُ الْأَوَّلِ فَوَقَعَ نِكَاحُهُ بَاطِلًا وَكَانَ هَذَا الْوَطْءُ زِنًا وَمَنْكُوحَةُ الْإِنْسَانِ إذَا زَنَتْ لَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ وَطْؤُهَا. (وَمِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْفَسْخِ) صَبِيٌّ وَصَبِيَّةٌ سُبِيَا وَهُمَا صَغِيرَانِ فَكَبِرَا وَأَعْتَقَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ثُمَّ جَاءَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُمَا وَلَدَاهُ فَالْقَاضِي يَقْضِي بَيْنَهُمَا وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا حَتَّى تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا شَهِدَا بِزُورٍ لَا يَسَعُ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ مَقْضِيٌّ عَلَيْهِ بِالْحُرْمَةِ وَقَدْ نَفَذَ الْقَضَاءُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَكَذَلِكَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَسَعُ الزَّوْجُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ كِذْبِ الشُّهُودِ. (وَمِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْعَقْدِ) إذَا قَضَى الْقَاضِي

بِالْبَيْعِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي بِأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى غَيْرِهِ أَنَّك بِعْتَ مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِكَذَا، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودَ زُورٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْجَارِيَةِ لِلْمُشْتَرِي نَفَذَ قَضَاؤُهُ بَاطِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَحِلَّ لِلْمُشْتَرِي وَطْؤُهَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَةُ الْبَيْعِ عَلَى التَّفْصِيلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ مِثْلَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ أَوْ أَقَلَّ مِقْدَارَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بَاطِنًا. وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى نَصًّا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِقْدَارَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بَاطِنًا؛ لِأَنَّ طَرِيقَ تَصْحِيحِ الْقَضَاءِ بَاطِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ أَنَّ الْقَاضِيَ بِقَضَائِهِ يَصِيرُ مُنْشِئًا لِذَلِكَ التَّصَرُّفِ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ الْقَاضِي مُنْشِئًا فِيمَا لَهُ وِلَايَةُ الْإِنْشَاءِ لِلْبَيْعِ وَلَهُ وِلَايَةُ الْإِنْشَاءِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ مِقْدَارَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْبَيْعِ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِمِقْدَارِ الْغَبْنِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ إنْشَاءِ التَّبَرُّعِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا بَلْ يَنْفُذُ الْقَضَاءُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَإِنْ كَانَ بِغَبْنٍ فَهُوَ مُبَادَلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ، وَصُورَتُهُ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّك اشْتَرَيْت مُنِيس هَذِهِ الْجَارِيَةَ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودَ زُورٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ؛ حَلَّ لِلْمُشْتَرِي وَطْءُ الْجَارِيَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ عَزَمَ الْمُشْتَرِي عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا هَذَا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شُهُودَ زُورٍ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْمُدَّعِي شُهُودًا وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي وَرَدَّ الْجَارِيَةَ عَلَى الْبَائِعِ، إنْ عَزَمَ الْبَائِعُ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي تَفْسِيرِ الْعَزْمِ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: مِنْ الْعَزْمِ بِالْقَلْبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسِيرُهُ أَنْ يَشْهَدَ بِلِسَانِهِ عَلَى الْعَزْمِ بِالْقَلْبِ وَلَا يُكْتَفَى بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ بِالْقَلْبِ. (وَمِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْعَقْدِ) رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ هِبَةً مَقْبُوضَةً فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودَ زُورٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ لِلْمُدَّعِي فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْفُذُ الْقَضَاءُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا حَتَّى لَا يَحِلَّ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةٍ لَا يَنْفُذُ إذْ لَيْسَ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ إنْشَاءِ التَّبَرُّعِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يَنْفُذُ بَاطِنًا؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ إنْشَاءِ التَّبَرُّعِ فِي الْجُمْلَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الصَّدَقَةِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْكَافِي (وَأَمَّا الْأَمْلَاكُ الْمُرْسَلَةُ) فَالْقَضَاءُ فِيهَا بِشَهَادَةِ الزُّورِ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَأَجْمَعُوا أَنَّ الشُّهُودَ لَوْ ظَهَرُوا عَبِيدًا أَوْ

الباب الثامن عشر في القضاء بخلاف ما يعتقده المحكوم له أو المحكوم عليه

مَحْدُودِينَ فِي قَذْفٍ أَوْ كُفَّارًا يَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ ثُمَّ أَنْكَرَ وَحَلَفَ وَقَضَى لَهُ بِهَا لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا، الْكُلُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْقَاضِي الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ قَاضِي خَانْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَأَمَّا قَضَاءُ الْقَاضِي بِالنَّسَبِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ) فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا بِلَا خِلَافٍ. صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَمَةٌ ادَّعَتْ عَلَى مَوْلَاهَا أَنَّهَا ابْنَتُهُ وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ، وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شُهُودَ زُورٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ حُرِّمَ عَلَى الْمَوْلَى وَطْؤُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا يَحْرُمُ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ وَتَرَكَ مِيرَاثًا هَلْ يَحِلُّ لَهَا أَكْلُهُ؟ ذُكِرَ فِي كِتَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ أَنَّهُ يَحِلُّ لَهَا أَكْلُهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: هَذَا عَلَى الْخِلَافِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يَحِلُّ لَهَا أَكْلُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَحِلُّ لَهَا أَكْلُ مِيرَاثِهِ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الرُّجُوعِ وَذَكَرَ أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ مِيرَاثِهَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْحَالَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَتْ أَمَتُهُ أَوْ ابْنَتُهُ، فَإِنْ كَانَتْ أَمَتُهُ فَهَذَا كَسْبُ أَمَتِهِ فَيَحِلُّ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَتْ ابْنَتُهُ كَانَ مِيرَاثُهَا حَلَالًا لَهُ بِالْإِجْمَاعِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ فِي شَوَّالٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي رَمَضَانَ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الشَّهَادَةِ أَلْفَا دِرْهَمٍ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ فِي رَمَضَانَ أَلْفًا فَلَمْ يَعْدِلَا حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ثُمَّ عَدَلَا فَقَضَى بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَةَ الْعَبْدِ يَوْمَ أَعْتَقَهُ الْقَاضِي وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَإِذَا قَضَى بِعِتْقِ أَمَةٍ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ فَالْعِتْقُ ثَابِتٌ وَلِأَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَفِي الْمُنْتَقَى شَرَطَ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ أَبَانَهَا بِثَلَاثٍ أَوْ بِوَاحِدَةٍ فَجَحَدَ الزَّوْجُ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَإِنْ عَلِمْت أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَتْ لَا تَسَعُهَا الْإِقَامَةُ مَعَهُ وَلَا أَنْ يَأْخُذَ مِيرَاثَهَا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. [الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْقَضَاءِ بِخِلَافِ مَا يَعْتَقِدُهُ الْمَحْكُومُ لَهُ أَوْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ] (الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْقَضَاءِ بِخِلَافِ مَا يَعْتَقِدُهُ الْمَحْكُومُ لَهُ أَوْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَفِيهِ بَعْضُ مَسَائِلِ الْفَتْوَى) رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ وَهُوَ يَرَاهَا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً فَرَاجَعَهَا وَرَافَعَتْهُ إلَى قَاضٍ يَرَاهَا ثَلَاثًا فَجَعَلَهَا ثَلَاثًا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَوْ كَانَ الزَّوْجُ يَرَاهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً فَتَزَوَّجَهَا وَرَافَعَتْهُ إلَى قَاضٍ يَرَاهَا ثَلَاثًا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا نَفَذَ هَذَا الْقَضَاءُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا حَتَّى لَا يَحِلَّ لَهُ الْمُقَامُ مَعَهَا وَلَا يَسَعُهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ يَرَاهَا ثَلَاثًا فَرَافَعَتْهُ إلَى قَاضٍ يَرَاهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً فَجَعَلَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ وَاحِدَةً

رَجْعِيَّةً نَفَذَ هَذَا الْقَضَاءُ بَاطِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَسَعَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا وَأَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْفُذُ هَذَا الْقَضَاءُ بَاطِنًا ذَكَرَ الْخِلَافَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي آخِرِ اسْتِحْسَانِ الْأَصْلِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُبْتَلَى بِالْحَادِثَةِ إنْ كَانَ عَامِّيًّا لَا رَأْيَ لَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتْبَعَ حُكْمَ الْقَاضِي فِيمَا يَقْضِي فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ سَوَاءٌ حَصَلَ الْحُكْمُ بِالْحِلِّ أَوْ حَصَلَ الْحُكْمُ بِالْحِلِّ أَوْ حَصَلَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَنْ حَصَلَ الْحُكْمُ بِالْحُرْمَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُبْتَلَى بِالْحَادِثَةِ فَقِيهًا لَهُ رَأْيٌ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِخِلَافِ رَأْيِهِ إنْ حَصَلَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ هُوَ يَعْتَقِدُ الْحِلَّ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْحُرْمَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتْبَعَ حُكْمَ الْحَاكِمِ وَيَتْرُكَ رَأْيَ نَفْسِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ حَصَلَ الْحُكْمُ لَهُ بِأَنْ كَانَ هُوَ يَعْتَقِدُ الْحُرْمَةَ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْحِلِّ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ يَتْبَعُ حُكْمَ الْقَاضِي وَيَتْرُكُ رَأْيَ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ. وَذَكَرَ فِي الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَتْرُكُ رَأْيَ نَفْسِهِ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى إبَاحَةِ الْقَاضِي فِيمَا يَعْتَقِدُهُ حَرَامًا، وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ الْمُبْتَلَى بِالْحَادِثَةِ إذَا كَانَ عَامِّيًّا وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فَكَذَا إذَا كَانَ عَالِمًا؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي مُلْزِمٌ فِي حَقِّ النَّاسِ كَافَّةً تَوْضِيحُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِأَمْرِ الشَّرْعِ وَمَا يَصِيرُ مُضَافًا إلَى الشَّرْعِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ فَلَا يُتْرَكُ ذَلِكَ بِالرَّأْيِ كَمَا لَا يُتْرَكُ النَّصُّ بِالِاجْتِهَادِ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: الْإِلْزَامُ فِي جَانِبِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَأَمَّا فِي حَقِّ الْمَقْضِيِّ لَهُ فَلَا إلْزَامَ، وَلِهَذَا لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِدُونِ طَلَبِهِ وَفِي زَعْمِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ مُخْطِئٌ فِي هَذَا الْقَضَاءِ فَلَا يَتْبَعُهُ فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ جُنَّ جُنُونًا مُطْبَقًا وَلَهُ وَالِدٌ فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ كَانَ حَلَفَ قَبْلَ التَّزَوُّجِ بِطَلَاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا ثَلَاثًا قَالَ: نَصَبَ الْقَاضِي وَالِدَهُ خَصْمًا فَإِنْ نَصَبَهُ وَرَأَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَأَبْطَلَهُ وَأَمْضَى النِّكَاحَ ثُمَّ يَبْرَأُ الزَّوْجُ وَهُوَ يَرَى وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهَذَا الْقَوْلِ هَلْ يَسَعُهُ الْمُقَامُ مَعَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ وَعَلَى قِيَاسِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسَعُهُ الْمُقَامُ مَعَهَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ وَقَعَ لَهُ وَفِي الْحَاوِي إنْ كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا وَنَوَى وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهَذَا الْقَوْلِ فَلَا يَسَعُهُ الْمُقَامُ مَعَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: الْعَالِمُ وَالْجَاهِلُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ يَتْبَعُ رَأْيَ الْقَاضِي وَفِي الْخَانِيَّةِ ثُمَّ شَرَطَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِكَوْنِ الْوَالِدِ خَصْمًا أَنْ يَكُونَ جُنُونُ الزَّوْجِ مُطْبَقًا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي الْمُطْبَقِ وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ الظَّاهِرَةُ أَنَّ الْجُنُونَ إذَا كَانَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ لَا يُعْتَبَرُ وَلَا يَصِيرُ غَيْرُهُ خَصْمًا عَنْهُ وَتَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ فِي حَالَةِ الْإِفَاقَةِ كَمَا فِي الْإِغْمَاءِ، وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ الْجُنُونَ الْمُطْبَقَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَنَّ فَقِيهًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ وَهُوَ يَرَاهَا ثَلَاثًا فَأَمْضَى رَأْيَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَعَزَمَ عَلَى أَنَّهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ رَأَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ أَمْضَى رَأْيَهُ

الَّذِي كَانَ عَزَمَ عَلَيْهِ وَلَا يَرُدُّهَا إلَى أَنْ تَكُونَ زَوْجَتُهُ بِرَأْيٍ حَدَثَ مِنْ بَعْدُ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِخِلَافِ رَأْيِهِ الَّذِي عَزَمَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ يَرَى تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً فَعَزَمَ عَلَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ ثُمَّ رَأَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ لَمْ يَعْزِمْ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْضِ رَأْيَهُ حَتَّى رَآهَا ثَلَاثًا لَمْ يَسَعْهُ الْمُقَامُ مَعَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ يَرَى أَنَّهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْضِ رَأْيَهُ حَتَّى رَآهَا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً بَعْدَ ذَلِكَ فَأَمْضَى رَأْيَهُ فِيهَا وَجَعَلَهَا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً وَسِعَهُ ذَلِكَ وَلَا يُحَرِّمُهَا رَأْيٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَفِي أَوَّلِ الْمُنْتَقَى لَوْ أَنَّ فَقِيهًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ وَيَرَى أَنَّهَا وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعِيَّةَ وَعَزَمَ عَلَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَرَاجَعَهَا ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَةٍ أُخْرَى لَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، وَهُوَ يَرَى يَوْمَ قَالَ ذَلِكَ أَنَّهَا ثَلَاثٌ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ الْأُخْرَى بِهَذَا الْقَوْلِ فَيَكُونُ لِلرَّجُلِ امْرَأَتَانِ قَدْ قَالَ لَهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا تَحِلُّ إحْدَاهُمَا لَهُ وَتُحَرَّمُ الْأُخْرَى عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ الْمُبْتَلَى فَقِيهًا لَهُ رَأْيٌ فَاسْتَفْتَى فَقِيهًا آخَرَ فَأَفْتَاهُ بِخِلَافِ رَأْيِهِ يَعْمَلُ بِرَأْيِ نَفْسِهِ، وَإِذَا كَانَ الْمُبْتَلَى جَاهِلًا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِفَتْوَى أَفْضَلِ الرِّجَالِ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الِاجْتِهَادِ لَهُ فَإِنْ أَفْتَاهُ مُفْتٍ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ وَهُوَ جَاهِلٌ وَقَضَى قَاضٍ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بِخِلَافِ الْفَتْوَى، وَالْحَادِثَةُ مُجْتَهِدٌ فِيهَا إنْ كَانَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ يَتْبَعُ رَأْيَ الْقَاضِي وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى فَتْوَى الْمُفْتِي، وَإِنْ كَانَ الْمُفْتِي أَعْلَمَ مِنْ الْقَاضِي فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ لَهُ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي مَرَّ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُفْتِي فِي حَقِّ الْجَاهِلِ بِمَنْزِلَةِ رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ فَصَارَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَيْنَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ. وَفِي نَوَادِرِ دَاوُد بْنِ رَشِيدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ اُبْتُلِيَ بِنَازِلَةٍ فِي امْرَأَةٍ فَسَأَلَ عَنْهَا فَقِيهًا فَأَفْتَاهُ بِأَمْرٍ مِنْ تَحْرِيمٍ أَوْ تَحْلِيلٍ فَعَزَمَ عَلَيْهِ وَأَمْضَاهُ ثُمَّ أَفْتَاهُ ذَلِكَ الْفَقِيهُ بِعَيْنِهِ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي امْرَأَةٍ أُخْرَى لَهُ فِي عَيْنِ تِلْكَ النَّازِلَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَأَخَذَ بِهِ وَعَزَمَ عَلَيْهِ وَسِعَهُ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا، وَلَوْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ سَأَلَ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ عَنْ نَازِلَةٍ فَأَفْتَاهُ بِحَلَالٍ أَوْ بِحَرَامٍ فَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى ذَلِكَ فِي زَوْجَتِهِ حَتَّى سَأَلَ فَقِيهًا آخَرَ فَأَفْتَى بِخِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ الْأَوَّلُ فَأَمْضَاهُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَتَرَكَ فَتْوَى الْأَوَّلِ وَسِعَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ أَمْضَى قَوْلَ الْأَوَّلِ فِي زَوْجَتِهِ وَعَزَمَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ أَفْتَاهُ فَقِيهٌ آخَرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَدَعَ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ وَيَأْخُذَ بِفَتْوَى الْآخَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلُنَا وَفِي الْقُدُورِيِّ: إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ الْمُبْتَلَى بِالْحَادِثَةِ فَقِيهًا وَاسْتَفْتَى إنْسَانًا وَأَفْتَاهُ بِحَلَالٍ أَوْ بِحَرَامٍ فَإِنْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَفْتَاهُ غَيْرُهُ بِخِلَافِهِ فَأَخَذَ بِقَوْلِ الثَّانِي وَأَمْضَاهُ فِي مَنْكُوحَتِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ مَا أَمْضَاهُ فِيهِ وَيَرْجِعَ إلَى مَا أَفْتَاهُ بِهِ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِطَلَاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ وَيَسْتَفْتِي فَقِيهًا عَدْلًا مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى وَأَفْتَاهُ بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ وَسِعَ اتِّبَاعَ فَتْوَاهُ وَإِمْسَاكَ الْمَرْأَةِ وَفِي النَّوَازِلِ إذَا اسْتَفْتَى فَقِيهًا فَأَفْتَاهُ بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ فَتَزَوَّجَ

الباب التاسع عشر في القضاء في المجتهدات

امْرَأَةً أُخْرَى ثُمَّ اسْتَفْتَى فَقِيهًا آخَرَ فَأَفْتَى بِصِحَّةِ الْيَمِينِ يُفَارِقُ الْأُخْرَى وَيُمْسِكُ الْأُولَى عَامِلًا بِقَوْلِهِمَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ] (الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ) قَضَاءُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ وَقَعَ فِي فَصْلٍ فِيهِ نَصٌّ مُفَسَّرٌ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ أَوْ إجْمَاعٌ وَإِمَّا أَنْ وَقَعَ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ مِنْ ظَوَاهِرِ النُّصُوصِ وَالْقِيَاسِ فَإِنْ وَقَعَ فِي فَصْلٍ فِيهِ نَصٌّ مُفَسَّرٌ مِنْ الْكِتَابِ وَالْخَبَرِ الْمُتَوَاتَرِ أَوْ إجْمَاعٌ فَإِنْ وَافَقَ قَضَاؤُهُ ذَلِكَ نَفَّذَهُ الثَّانِي وَلَا يَحِلُّ لَهُ النَّقْضُ وَإِنْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ رَدَّهُ وَإِنْ وَقَعَ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى كَوْنِهِ مُجْتَهَدًا فِيهِ، وَإِمَّا أَنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي كَوْنِهِ مُجْتَهَدًا فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى كَوْنِهِ مَحَلُّ الِاجْتِهَادِ فَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ هُوَ الْمَقْضِيُّ بِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ نَفْسُ الْقَضَاءِ فَإِنْ كَانَ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ هُوَ الْمَقْضِيُّ بِهِ فَرُفِعَ قَضَاؤُهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَمْ يَرُدَّهُ الثَّانِي بَلْ يُنْفِذُهُ، فَإِنْ رَدَّهُ الْقَاضِي الثَّانِي فَرَفَعَ إلَى قَاضٍ ثَالِثٍ نَفَذَ قَضَاءُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ وَأَبْطَلَ قَضَاءَ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ نَفْسُ الْقَضَاءِ مُجْتَهَدًا فِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَمْ لَا كَمَا لَوْ قَضَى بِالْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ أَوْ قَضَى عَلَى الْغَائِبِ يَجُوزُ لِلْقَاضِي الثَّانِي أَنْ يَنْقُضَ الْأَوَّلَ إذَا مَالَ اجْتِهَادُهُ إلَى خِلَافِ اجْتِهَادِ الْأَوَّلِ، هَذَا إذَا كَانَ الْقَضَاءُ فِي مَحَلٍّ أَجْمَعُوا عَلَى كَوْنِهِ مَحَلَّ الِاجْتِهَادِ فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي مَحَلٍّ اخْتَلَفُوا أَنَّهُ مَحَلُّ الِاجْتِهَادِ أَمْ لَا كَبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ أَنَّهُ هَلْ يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي؟ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاجْتِهَادِ عِنْدَهُمَا لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - فِي جَوَازِ بَيْعِهَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْفُذُ لِوُقُوعِ الِاتِّفَاقِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا فَخَرَجَ عَنْ مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ؛ فَيُنْظَرُ إنْ كَانَ مِنْ رَأْيِ الْقَاضِي الثَّانِي أَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَلَا يَرُدُّهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رَأْيِهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ حَدِّ الِاجْتِهَادِ وَصَارَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ لَا يَنْفُذُ بَلْ يَرُدُّهُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا كَانَ نَفْسُ الْقَضَاءِ مُخْتَلَفًا فِيهِ بِأَنْ قَضَى الْقَاضِي بِحَقٍّ عَلَى الْغَائِبِ أَوْ لِلْغَائِبِ هَلْ يَنْفُذُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي رِوَايَةٍ لَا يَنْفُذُ وَهَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَهُوَ صَحِيحٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ: كُلُّ أَمْرٍ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ فَعَلَ. وَجَاءَ عَنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ الْفِعْلِ أَوْ جَاءَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَجَاءَ عَنْ ذَلِكَ الْجُلِّ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ وَعَمِلَ النَّاسُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ دُونَ الْآخَرِ أَوْ عُمِلَ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَمْ يُعْمَلْ بِالْآخَرِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ أَحَدٌ فَهُوَ مَتْرُوكٌ مَنْسُوخٌ فَإِنْ حَكَمَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ زَمَانِنَا لَمْ يَجُزْ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ وَإِنْ قَضَى بِالنَّصِّ لَكِنْ ثَبَتَ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ انْتِسَاخُهُ، حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ وَالْعَمَلُ بِالْمَنْسُوخِ بَاطِلٌ غَيْرُ جَائِزٍ، قَالَ: وَإِنَّمَا يُجِيزُ مِنْ ذَلِكَ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ مِنْ

حُكَّامِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فَأَخَذَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ وَبَعْضُهُمْ بِقَوْلِ الْآخَرِ. يَعْنِي: بَعْضُ الْحُكَّامِ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ خِلَافِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَا يَصِيرُ الْمَحَلُّ مَحَلَّ الِاجْتِهَادِ مَا لَمْ يَعْتَبِرْ الْعُلَمَاءُ وَلَمْ يُسَوِّغُوا لَهُ الِاجْتِهَادَ فِيهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ ثُمَّ لَمَّا لَمْ يُسَوِّغُوا لَهُ الِاجْتِهَادَ فِي رِبَا النَّقْدِ حَتَّى أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ يَعْتَبِرْ خِلَافَهُ حَتَّى لَوْ قَضَى قَاضٍ بِجَوَازِ بَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ، ثُمَّ قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُجِيز مِنْ ذَلِكَ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ لِحَقِيقَةِ الِاخْتِلَافِ فِي صَيْرُورَةِ الْمَحَلِّ مُجْتَهَدًا فِيهِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخَصَّافِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ الْخِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ إنَّمَا اُعْتُبِرَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَالْمُرَادُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَمَنْ مَعَهُمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ السَّلَفِ، وَالْقَاضِي الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ اعْتَبَرَ خِلَافَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَسْأَلَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي آخِرِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَصُورَةُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَوْ أَنَّ إمَامًا رَأَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ فَسَبَاهُمْ وَقَسَمَهُمْ جَازَ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ الْآخَرِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُبْطِلَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مَوْضِعُ الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ بِجَوَازِ اسْتِرْقَاقِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَكَذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأَجَلُّ شَيْخُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ ذَكَرَ فِي قَضَاءِ الْجَمْعِ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَسْأَلَةٍ وَخِلَافَهُ وَاعْتَبَرَهُ. وَحُكْمُ الْقَاضِي فِي الْخُلْعِ أَنَّهُ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٌ نَظِيرُ حُكْمِهِ فِي سَائِرِ الْمُجْتَهِدَاتِ وَأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيمَا رَوَى الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَفِي الْمُنْتَقَى يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ لِاشْتِبَاهِ الدَّلِيلِ لَا لِحَقِيقَةِ الِاخْتِلَافِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ، وَهَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ صُورَةُ مَا ذَكَرَ فِي السَّيْرِ لَوْ رَأَى إمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْبَلَ الْجِزْيَةَ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَقَبِلَ جَازَ وَإِنْ كَانَ هَذَا خَطَأً عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الِاجْتِهَادِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَمَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ مُجْتَهَدًا فِيهَا لِوُقُوعِ الِاخْتِلَافِ كَذَلِكَ تَصِيرُ مُجْتَهَدًا فِيهَا لِوُقُوعِ الِاخْتِلَافِ فِي مِثْلِهَا، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. قَضَاءُ الْقَاضِي فِي الْمُجْتَهَدَاتِ نَافِذٌ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَوَاضِعِ الْخِلَافِ وَيَتْرُكَ قَوْلَ الْمُخَالِفِ وَيَقْضِي بِرَأْيِهِ حَتَّى يَصِحَّ عَلَى قَوْلِ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَوَاضِعَ الِاجْتِهَادِ وَالِاخْتِلَافِ فَفِي نَفَاذِ قَضَائِهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْفُذُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ عَنْ الْإِنْكَارِ بَدَلَ الصُّلْحِ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لَا يَلْزَمُنِي أَدَاؤُهُ بِسَبَبِ فَسَادِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا قَضَى عَلَيْهِ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ وَأَبْطَلَ قَوْلَ الْمُخَالِفِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ عَلَى قَوْلِهِمْ جَمِيعًا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، كَذَا ذَكَرَ ظَهِيرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِهِ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى الْقَاضِي إذَا لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا وَلَكِنَّهُ قَضَى بِتَقْلِيدِ فَقِيهٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِهِ يَنْفُذُ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ وَلَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْقُضَهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ

وَالْقَاضِي إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا وَهُوَ يَعْلَمُ بِرَأْيِ غَيْرِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَقَالَا: لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَإِذَا نَسِيَ رَأْيَهُ وَقَضَى بِرَأْيِ غَيْرِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ رَأْيَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَقَالَ: يُرَدُّ قَضَاؤُهُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْفَتْوَى، وَالْوَجْهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ التَّارِكَ لِمَذْهَبِهِ عَمْدًا لَا يَفْعَلُهُ إلَّا لِهَوًى بَاطِلٍ لَا لِقَصْدٍ جَمِيلٍ، هَذَا كُلُّهُ فِي الْقَاضِي الْمُجْتَهِدِ فَأَمَّا الْمُقَلَّدُ فَإِنَّمَا وَلَّاهُ لِيَحْكُمَ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَثَلًا فَلَا يَمْلِكُ الْمُخَالَفَةَ فَيَكُونُ مَعْزُولًا بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ، هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِنْ قَضَى فِي حَادِثَةٍ هِيَ مَحَلُّ الِاجْتِهَادِ بِرَأْيِهِ ثُمَّ رُفِعَتْ إلَيْهِ ثَانِيًا فَتَحَوَّلَ رَأْيُهُ يُعْمَلُ بِالرَّأْيِ الثَّانِي وَلَا يُوجِبُ هَذَا نَقْضَ الْحُكْمِ بِالرَّأْيِ الْأَوَّلِ. وَلَوْ رُفِعَتْ إلَيْهِ ثَالِثًا فَتَحَوَّلَ رَأْيُهُ إلَى الْأَوَّلِ يُعْمَلُ بِهِ وَلَا يَبْطُلُ قَضَاؤُهُ بِالرَّأْيِ الثَّانِي بِالْعَمَلِ بِالرَّأْيِ الْأَوَّلِ، كَمَا لَا يَبْطُلُ قَضَاؤُهُ الْأَوَّلُ بِالْعَمَلِ بِالرَّأْيِ الثَّانِي، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ صَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ: وَإِذَا زَنَى رَجُلٌ بِأُمِّ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَجَلَدَهُ الْقَاضِي وَرَأَى أَنْ لَا يُحَرِّمَهَا عَلَيْهِ فَأَقَرَّهَا مَعَهُ وَقَضَى بِذَلِكَ نَفَذَ قَضَاؤُهُ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً زَنَى بِهَا أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ وَقَضَى الْقَاضِي بِنَفَاذِ هَذَا النِّكَاحِ فِي نَفَاذِ هَذَا الْقَضَاءِ خِلَافٌ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْقَاضِي إذَا قَضَى بِجَوَازِ نِكَاحِ الَّتِي زَنَى بِأُمِّهَا أَوْ بِابْنَتِهَا نَفَذَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِذَا قَضَى قَاضٍ بِجَوَازِ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَاعْلَمْ بِأَنَّ جَوَازَ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، فَعُمَرُ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كَانَا لَا يُجَوِّزَانِ بَيْعَهَا وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - آخِرًا: يَجُوزُ بَيْعُهَا ثُمَّ أَجْمَعَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَتَرَكُوا قَوْلَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - آخِرًا بَعْدَ هَذَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ: إنَّهُ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ وَكَأَنَّهُ مَالٌ إلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ إذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ عَلَى قَوْلَيْنِ، ثُمَّ أَجْمَعَ مَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَهَذَا الْإِجْمَاعُ هَلْ يَرْفَعُ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ؟ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْفَعُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. وَإِذَا ارْتَفَعَ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَكُنْ قَضَاءُ هَذَا الْقَاضِي فِي مَحَلٍّ مُجْتَهَدٍ فِيهِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ كَانَ هَذَا قَضَاءً فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَيَنْفُذُ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ يَقُولُ: لَا خِلَافَ بَيْنَ

أَصْحَابِنَا أَنَّ الْإِجْمَاعَ الْمُتَأَخِّرَ يَرْفَعُ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فَكَانَ الْقَضَاءُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ عِنْدَ الْكُلِّ فَلَا يَنْفُذُ عِنْدَ الْكُلِّ، فَكَانَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ قَوْلَ الْكُلِّ، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ. وَفِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ أَقْضِيَةِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَإِنْ أَمْضَاهُ قَاضٍ آخَرُ بَعْدَهُ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ إبْطَالُهُ، وَإِنْ أَبْطَلَهُ قَاضٍ آخَرُ بَطَلَ وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ إمْضَاؤُهُ، وَكَذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ حَادِثَةٍ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ أَوْ لَيْسَتْ بِمُخْتَلِفَةٍ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي فِيهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ إنْ أَمْضَاهُ قَاضٍ آخَرُ يُنْفِذُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ إبْطَالُهُ وَإِنْ أَبْطَلَهُ قَاضٍ آخَرُ بَطَلَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ إمْضَاؤُهُ، وَفِي الزِّيَادَاتِ لَوْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَسَرُوا أَسَارَى مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَأَحْرَزُوهُمْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُشْرِكُونَ وَلَمْ يُحْرِزُوهُمْ بِدَارِ الْحَرْبِ حَتَّى ظَهَرَ عَلَيْهِمْ قَوْمٌ آخَرُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَخَذُوهُمْ مِنْ أَيْدِيهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُمْ يُرَدُّونَ عَلَى الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ اقْتَسَمَ الْفَرِيقُ الثَّانِي أَوْ لَمْ يَقْتَسِمُوا، قَالَ فِي الْكِتَابِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي قَسَمَ بَيْنَ الْفَرِيقِ الثَّانِي. أَمَّا مَا يَرَى مَا صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ تَمَلُّكًا وَإِحْرَازًا فَحِينَئِذٍ كَانَ الْفَرِيقُ الثَّانِي أَوْلَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إذَا اسْتَوْلَى الْمُشْرِكُونَ عَلَى مَتَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَحْرَزُوهُ بِعَسْكَرِهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ اسْتَنْقَذَهُ مِنْهُمْ جَيْشٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَذَلِكَ مَرْدُودٌ عَلَى صَاحِبِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْإِمَامُ بِذَلِكَ حَتَّى قَسَمَ الْمَتَاعَ بَيْنَ مَنْ أَصَابَهُ فَالْقِسْمَةُ بَاطِلَةٌ وَالْمَتَاعُ مَرْدُودٌ عَلَى صَاحِبِهِ، فَإِنْ عَلِمَ الْإِمَامُ الْحَالَ وَرَأَى إحْرَازَهُمْ بِالْعَسْكَرِ إحْرَازًا تَامًّا فَخَمَّسَهُ وَقَسَّمَهُ مَعَ غَنَائِمِ الْمُشْرِكِينَ بَيْنَ مَنْ أَصَابَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ يَرَى ذَلِكَ غَيْرَ إحْرَازٍ جَازَ مَا صَنَعَ الْأَوَّلُ وَلَمْ يُبْطِلْهُ وَنَظِيرُ هَذَا مَا قُلْنَا فِيمَنْ قَضَى بِشَهَادَةِ الْفُسَّاقِ عَلَى الْغَائِبِ أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بِالنِّكَاحِ عَلَى الْغَائِبِ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ مَنْ يُجَوِّزُ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ يَقُولُ: لَيْسَ لَلنِّسْوَانِ شَهَادَةٌ فِي بَابِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ لِلْفَاسِقِ شَهَادَةٌ أَصْلًا، وَلَكِنْ قِيلَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَصْلَيْنِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ مِنْ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ فِيهِمَا. وَمَا ذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ نَصٌّ عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِالْمِلْكِ لِلْكَافِرِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْحَرْبِ نَافِذٌ، قِيلَ: وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ: وَلَوْ قَضَى قَاضٍ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْفُذُ وَفِي أَقْضِيَةِ الْجَامِعِ مِنْ تَعْلِيقِي أَنَّ الْقَضَاءَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ، وَلَوْ قَضَى بِحِلِّ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا ذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَنْفُذُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْفُذُ. وَلَوْ قُضِيَ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى خِلَافَ رَأْيِهِ فَإِنَّهُ

يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَلَا يُبْطِلُهُ. وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ اشْتَرَى رَجُلٌ دَابَّةً وَغَزَا عَلَيْهَا فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مَعَهُ فِي الْعَسْكَرِ خَاصَمَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَرْكَبَهَا وَلَكِنْ يَسُوقَهَا مَعَهُ حَتَّى يُخْرِجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ رَكِبَهَا لِحَاجَةِ نَفْسِهِ أَوْ حَمْلِ أَمْتِعَتِهِ عَلَيْهَا سَقَطَ حَقُّهُ فِي الرَّدِّ، وَجَدَ دَابَّةً أُخْرَى أَوْ لَمْ يَجِدْ، فَإِنْ أَتَى الْإِمَامَ وَأَخْبَرَهُ فَأَمَرَهُ بِالرُّكُوبِ فَرَكِبَ سَقَطَ حَقُّهُ فِي الرَّدِّ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الرُّكُوبِ لِمَا أَنَّهُ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهَا الْهَلَاكَ فَرَكِبَ وَلَمْ يُنْقِصْهَا رُكُوبُهُ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ لَمْ يُكْرِهْهُ الْإِمَامُ عَلَى الرُّكُوبِ وَلَكِنْ قَالَ: ارْكَبْهَا وَأَنْتَ عَلَى رَدِّك فَرَكِبَهَا سَقَطَ حَقُّهُ فِي الرَّدِّ فَإِنْ ارْتَفَعَا إلَى قَاضٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَرَدَّهَا بِالْعَيْبِ عَلَى طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ لِمَا قَالَ لَهُ الْأَمِيرُ مِنْ ذَلِكَ. ثُمَّ رُفِعَتْ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى مَا صَنَعَ الْأَوَّلُ خَطَأً فَإِنَّهُ يُمْضِي قَضَاءَ الْأَوَّلِ وَلَوْ قَضَى بِإِبْطَالِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ. وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ، وَهَكَذَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَامَّتُهُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ فَقَدْ ذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ فِي أَبْوَابِ الْفِدَاءِ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ رَقِيقًا وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فَبَاعَ الْقَاضِي رَقِيقَهُ وَقَضَى دُيُونَهُ ثُمَّ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ لِبَعْضِهِمْ أَنَّ مَوْلَاهُ كَانَ دَبَّرَهُ كَانَ بَيْعُ الْقَاضِي فِيهِ بَاطِلًا. وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا بِتَدْبِيرِهِ فَاجْتَهَدَ وَأَبْطَلَ تَدْبِيرَهُ، ثُمَّ وَلِيَ قَاضٍ آخَرُ يَرَى ذَلِكَ خَطَأً يَنْفُذُ قَضَاءُ الْأَوَّلِ، وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَاتِ وَالْمَذْكُورُ ثَمَّةَ وَإِذَا شَهِدَ مَحْدُودَانِ فِي قَذْفٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِذَلِكَ حَتَّى قَضَى بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ عَلِمَ فَإِنْ كَانَ مِنْ رَأْيِهِ أَنَّ شَهَادَةَ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ بَعْدَ التَّوْبَةِ حُجَّةٌ أَمْضَى قَضَاءَهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ رَأْيِهِ ذَلِكَ نَقَضَ قَضَاءَهُ، وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِكَوْنِ الشَّاهِدِ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ فِي حَالِ ابْتِدَاءِ الشَّهَادَةِ إنْ كَانَ مِنْ رَأْيِهِ أَنَّهُ حُجَّةٌ يَقْضِي بِهَا وَمَا لَا فَلَا فَهَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي فِي الْمُجْتَهَدِ إنَّمَا يَنْفُذُ إذَا عَلِمَ بِكَوْنِهِ مُجْتَهَدًا فِيهِ وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ أَشَارَ فِي الْجَامِعِ أَيْضًا وَهَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَضَى الْقَاضِي فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ وَإِنَّمَا يَنْفُذُ إذَا عَلِمَ بِكَوْنِهِ مُجْتَهَدًا فِيهِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَعْنِي كَوْنَهُ عَالِمًا بِالِاخْتِلَافِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ لَكِنْ يُفْتَى بِخِلَافِهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَهُنَا شَرْطٌ آخَرُ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ أَنْ يَصِيرَ الْحُكْمُ حَادِثَةً فَتَجْرِي فِيهَا خُصُومَةٌ صَحِيحَةٌ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي مِنْ خَصْمٍ عَلَى خَصْمٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَهُوَ يَرَى أَنَّ شَهَادَتَهُ حُجَّةٌ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، وَفِي أَقْضِيَةِ الْجَامِعِ مِنْ تَعْلِيقِي عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَيْزَاخَزِيِّ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَرُفِعَ قَضَاؤُهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ إنَّمَا لَا يُبْطِلُ الثَّانِي قَضَاءَ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الْأَوَّلُ يَرَاهُ حَقًّا وَعَلِمَ الثَّانِي

أَنَّ الْأَوَّلَ يَرَاهُ حَقًّا بِأَنْ أَظْهَرَ الْأَوَّلُ ذَلِكَ لِلثَّانِي أَوْ لَمْ يَعْرِفْ الثَّانِي أَنَّ الْأَوَّلَ هَلْ يَرَاهُ حَقًّا أَمْ لَا، أَمَّا إذَا عَلِمَ الثَّانِي أَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَرَ ذَلِكَ حَقًّا بِأَنْ قَالَ الْأَوَّلُ: الصَّحِيحُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ تَابَ كَانَ لِلثَّانِي أَنْ يُبْطِلَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ إذَا قَضَى قَبْلَ التَّوْبَةِ فَالْقَاضِي الثَّانِي يُبْطِلُ قَضَاءَهُ لَا مَحَالَةَ حَتَّى لَوْ نَفَذَ ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ ثَالِثٍ فَلَهُ أَنْ يَنْقُصَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ قَاضِيًا بِالْإِجْمَاعِ فَكَانَ الْقَضَاءُ مِنْ الثَّانِي مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ فَكَانَ بَاطِلًا وَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ التَّوْبَةِ فَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ عِنْدَنَا لَكِنْ لِقَاضٍ آخَرَ أَنْ يُنْفِذَهُ حَتَّى لَوْ نَفَّذَهُ قَاضٍ آخَرُ ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ ثَالِثٍ لَيْسَ لِلثَّالِثِ أَنْ يُبْطِلَهُ، كَذَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. وَالْفَاسِقُ إذَا قَضَى فَرَفَعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَبْطَلَهُ لَيْسَ لِقَاضٍ ثَالِثٍ أَنْ يُنْفِذَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ لَوْ كَانَ الْقَاضِي أَعْمَى فَقَضَى يَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ، وَإِذَا أَمْضَى لَا يُبْطِلُهُ الثَّالِثُ وَإِنْ لَمْ يُمْضِهِ الثَّانِي لَكِنَّهُ أَبْطَلَهُ وَهُوَ يَرَى بُطْلَانَهُ بَطَلَ إذَا قَضَى بِشَهَادَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَعَ آخَرَ لِصَاحِبِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ أَوْ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ نَفَذَ حَتَّى لَا يَجُوزَ لِلثَّانِي إبْطَالُهُ، وَإِنْ رَأَى بُطْلَانَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِرَضَاعٍ يُرَدُّ قَضَاؤُهُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَالْقَاضِي الْمُطْلَقُ إذَا قَضَى بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَهُوَ يَرَى جَوَازَهُ نَفَذَ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي حُجَّةِ الْقَضَاءِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَوِّزُ ذَلِكَ، وَهُوَ شُرَيْحٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ نَفَذَ قَضَاؤُهُ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُبْطِلَهُ إذَا طُلِبَ مِنْهُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا قَضَى بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُمَا كَافِرَانِ يُرَدُّ قَضَاؤُهُ إذَا ظَهَرَ أَنَّ قَضَاءَهُ وَقَعَ بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُمَا عَبْدَانِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُمَا أَعْمَيَانِ فَقَدْ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الرُّجُوعِ أَنَّ الْجَوَابَ فِيهَا كَالْجَوَابِ فِي الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْجَوَابَ فِيهَا كَالْجَوَابِ فِي الْعَبْدَيْنِ، وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ فِي الْمُخْتَصَرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ. عَبْدٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ اُسْتُقْضِيَ وَقَضَى بِقَضِيَّةٍ ثُمَّ رُفِعَ قَضَاؤُهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَمْضَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إمْضَاؤُهُ وَهَذَا الْجَوَابُ ظَاهِرٌ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ مُشْكِلٌ فِي حَقِّ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْقَضَاءَ مُعْتَبَرٌ بِشَهَادَتِهِ وَالصَّبِيُّ لَا يَصْلُحُ شَاهِدًا أَصْلًا وَالنَّصْرَانِيُّ لَا يَصْلُحُ شَاهِدًا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَلَا يَصْلُحُ قَاضِيًا، فَأَمَّا الْعَبْدُ فَيَصْلُحُ شَاهِدًا عِنْدَ مَالِكٍ وَشُرَيْحٍ فَيَصْلُحُ قَاضِيًا فَإِذَا اتَّصَلَ بِهِ إمْضَاءُ قَاضٍ آخَرَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ، كَمَا فِي الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً اُسْتُقْضِيَتْ جَازَ قَضَاؤُهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ فَإِنْ قَضَتْ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ثُمَّ رُفِعَ قَضَاؤُهَا إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَمْضَاهُ نَفَذَ إمْضَاؤُهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَكُونُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُبْطِلَهُ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فَخْرُ

الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ فِي مُقَدِّمَةِ قَضَاءِ الْجَامِعِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ، وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي وَقْفِ فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا قَضَى الْقَاضِي بِقَتْلٍ فِي قَسَامَةٍ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ. وَصُورَتُهُ قَتِيلٌ وُجِدَ فِي مَحَلَّةٍ وَادَّعَى أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّك قَتَلْته قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ إذَا كَانَ بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْقَتِيلِ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ عَدَاوَةٌ مَعَ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيْنَ دُخُولِهِ فِي الْمَحَلَّةِ وَوُجُودِهِ قَتِيلًا مُدَّةً قَرِيبَةً، فَالْقَاضِي يُحَلِّفُ وَلِيَّ الْقَتِيلِ عَلَى دَعْوَاهُ فَإِذَا حَلَفَ قَضَى لَهُ بِالْقِصَاصِ وَعِنْدَنَا فِيهِ الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا قَضَى بِالْقَوَدِ ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَنْقُضُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَضَاءَ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي الصَّحَابَةِ فَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ مُعْتَبَرًا، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. وَذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْحَسَنِ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ غَابَ عَنْ امْرَأَتِهِ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَلَمْ يَخْلُفْ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ نَفَقَةً فَرَفَعَتْ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي، فَكَتَبَ الْقَاضِي إلَى عَالِمٍ يَرَى التَّفْرِيقَ بِالْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا هَلْ تَقَعُ الْفُرْقَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا تَحَقَّقَ الْعَجْزُ عَنْ النَّفَقَةِ قِيلَ لَهُ: فَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ هُنَا عَقَارٌ وَأَمْلَاكٌ هَلْ يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِلنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ قَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ: وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ، فَإِنْ رُفِعَ هَذَا الْقَضَاءُ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَجَازَ قَضَاءَهُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ. ذُكِرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَطَاءُ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ أَبِي الصَّغِيرَةِ زَوَّجَهَا مِنْ صَغِيرٍ وَقَبِلَ أَبُوهُ وَكَبِرَ الصَّغِيرَانِ وَبَيْنَهُمَا غَيْبَةٌ مُنْقَطِعَةٌ وَقَدْ كَانَ التَّزْوِيجُ بِشَهَادَةِ الْفَسَقَةِ هَلْ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ إلَى شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ لِيُبْطِلَ هَذَا النِّكَاحَ بِسَبَبِ أَنَّهُ كَانَ بِشَهَادَةِ الْفَسَقَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلِلْقَاضِي الْحَنَفِيِّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَخْذًا بِهَذَا الْمَذْهَبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْهَبُهُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْقَضَاءِ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِهِ، وَكَذَا فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ دُخُولِ الزَّوْجِ الْمُحَلِّلِ إذَا قَضَى بِصِحَّةِ هَذَا النِّكَاحِ، وَأَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ أَخْذًا بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: كَانَ أُسْتَاذِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرَى ذَلِكَ وَلَكِنْ لَوْ بَعَثَ إلَى شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ لِيَعْقِدَ بَيْنَهُمَا وَيَقْضِيَ بِالصِّحَّةِ يَجُوزُ إذَا لَمْ يَأْخُذْ الْكَاتِبُ وَالْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فِيهِ شَيْئًا وَبِهَذَا الْقَضَاءِ لَا يَظْهَرُ أَنَّ النِّكَاحَ الْأَوَّلَ حَرَامٌ أَوْ فِيهِ شُبْهَةٌ، وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ وَذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ نَفَذَ قَضَاؤُهُ وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى. ذُكِرَ فِي نِكَاحِ الْمُلْتَقِطِ لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ فِي مَحْفِلٍ (أَيْنَ شوي مِنْ است) وَقَالَ الرَّجُلُ: (أَيْنَ زَنِّ مِنْ است) اخْتَلَفُوا فِي انْعِقَادِ هَذَا النِّكَاحِ وَلَوْ قَضَى بِالنِّكَاحِ صَارَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَأَجَازَهُ قَاضٍ مِنْ الْقُضَاةِ جَازَ؛ لِأَنَّ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَى شَهْرٍ يَصِحُّ

وَيَبْطُلُ ذِكْرُ الْوَقْتِ فَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ هَذَا النِّكَاحِ يَنْفُذُ، وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ مُتْعَةِ النِّسَاءِ لَا يَجُوزُ، وَصُورَتُهُ إذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ: أَتَمَتَّعُ بِكِ كَذَا مُدَّةً بِكَذَا مِنْ الْمَالِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: بِلَفْظَةِ التَّزَوُّجِ بِأَنْ قَالَ: تَزَوَّجْتُك إلَى شَهْرٍ أَوْ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَإِنَّهُ لَوْ قَضَى بِذَلِكَ قَاضٍ يَجُوزُ وَلَوْ قَضَى بِرَدِّ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ بِعَيْبِ عَمًى أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ: يَرُدُّ الْمَرْأَةَ الزَّوْجُ بِعُيُوبٍ خَمْسَةٍ وَلَوْ قَضَى بِرَدِّ الْمَرْأَةِ الزَّوْجُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ نَفَذَ؛ لِأَنَّ هَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ بِالرَّدِّ، وَلَوْ قَضَى بِإِبْطَالِ الْمَهْرِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا إقْرَارٍ أَخْذًا بِقَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ إنْ قَدَّمَ النِّكَاحَ يُوجِبُ سُقُوطَ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ سُقُوطُهُ إمَّا بِالْإِبْقَاءِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ، فَهَذَا الْقَضَاءُ بَاطِلٌ وَلَوْ قَضَى بِأَنَّ الْعِنِّينَ لَا يُؤَجَّلُ يَبْطُلُ قَضَاؤُهُ وَيُؤَجَّلُ وَفِي الصُّغْرَى، وَحُكْمُ الْقَاضِي فِي الْخُلْعِ أَنَّهُ فَسْخٌ كَالْحُكْمِ فِي سَائِرِ الْمُجْتَهَدَاتِ فَإِنَّ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِيهِ اخْتِلَافَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - فَإِذَا قَضَى بِكَوْنِهِ فَسْخًا نَفَذَ قَضَاؤُهُ، وَلَوْ قَضَى بِبُطْلَانِ الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بِالسَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا رَاجَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَرُفِعَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ يَرَى رِضَا الْمَرْأَةِ شَرْطًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَبْطَلَ الرَّجْعَةَ هَلْ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَهَلْ يَكُونُ هَذَا الْفَصْلُ مُجْتَهَدًا فِيهِ؟ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفُذَ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ رِضَا الْمَرْأَةِ لَيْسَ ظَاهِرَ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يُذْكَرْ فِي كُتُبِهِمْ ذَلِكَ، وَأَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يَدَّعُونَ الْإِجْمَاعَ فِي أَنَّ رِضَا الْمَرْأَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَيَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ وَلَيْسَتْ بِإِنْشَاءٍ لِلنِّكَاحِ، إلَّا أَنَّ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُؤَالَاتِهِمْ يَمْنَعُونَ هَذَا الْفَصْلَ وَبِهَذَا لَا يَصِيرُ الْمَحَلُّ مُجْتَهَدًا فِيهِ فَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حُبْلَى أَوْ حَائِضٌ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَضَى قَاضٍ بِبُطْلَانِ طَلَاقِ الْحَامِلِ أَوْ الْحَائِضِ، وَبِبُطْلَانِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْبَعْضِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَكَذَا لَوْ قَضَى بِبُطْلَانِ طَلَاقِ مَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ فَقَضَاؤُهُ بَاطِلٌ وَلَوْ قَضَى بِبُطْلَانِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ، وَلَوْ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَمْضِي قَضَاءُ الْأَوَّلِ ذُكِرَ فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَضَى بِعَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ نَفَذَ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَذُكِرَ فِي بَابِ دَعْوَى النِّكَاحِ مِنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ الزَّوْجُ الثَّانِي إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَتَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ هَذَا النِّكَاحِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ لِلِاجْتِهَادِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَسَاغًا فَهُوَ مَذْهَبُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ خُلْعِ الْأَبِ عَلَى صَغِيرَتِهِ نَفَذَ، وَلَوْ قَضَى بِمُضِيِّ عِدَّةِ مُمْتَدَّةِ الطُّهْرِ بِالْأَشْهُرِ حُكِيَ فِي حَيْضِ مِنْهَاجِ الشَّرِيعَةِ عَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَرْأَةِ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَمَضَى عَلَيْهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ تَرَ فِيهَا الدَّمَ: يُحْكَمُ بِإِيَاسِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ

بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مِثْلُ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا مُمْتَدَّةُ الطُّهْرِ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ حَدَّ الْإِيَاسِ وَهُوَ خَمْسٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً إذَا انْقَطَعَ الدَّمُ عَلَى الْخَمْسِينَ أَوْ انْقَطَعَ قَبْلَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ أَوْ بِسَنَتَيْنِ فِيمَا اخْتَارَهُ جَدِّي شَيْخُ الْإِسْلَامِ بُرْهَانُ الدِّينِ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، وَمَضَى عَلَيْهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَقَضَى بِذَلِكَ قَاضٍ يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ فَإِنَّهَا كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَلَوْ قَضَى بِنِصْفِ الْجِهَازِ لِمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ قَبَضَتْ الْمَرْأَةُ الْمَهْرَ مِنْهُ وَتَجَهَّزَتْ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَلِأَنَّهُ خِلَافُ الْجُمْهُورِ، وَلَوْ قَضَى بِالْقُرْعَةِ فِي رَقِيقٍ أَعْتَقَ الْمَيِّتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ نَفَذَ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولَانِ بِالْقُرْعَةِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدِهِ أَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَقَضَى الْقَاضِي لِلْآخَرِ فِي بَيْعِ نَصِيبِهِ فَبَاعَ ثُمَّ اخْتَصَمَا إلَى قَاضٍ آخَرَ لَا يَرَى ذَلِكَ ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِيَ يُبْطِلُ الْبَيْعَ وَالْقَضَاءَ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ حَاكِيًا عَنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ قَوْلُ الْخَصَّافِ وَلَيْسَ فِي هَذَا شَيْءٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَلَوْلَا قَوْلُ الْخَصَّافِ لَقُلْنَا: إنَّهُ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ قَضَى فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْقَاضِي إذَا قَضَى فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَمَّسَةِ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ رَهْنِ الْمُشَاعِ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَكَذَا ذُكِرَ فِي شُرُوطِ أَبِي نَصْرٍ الدَّبُوسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِذَا وَقَعَ الرَّهْنُ مُشَاعًا يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ حُكْمُ حَاكِمٍ حَتَّى يَصِحَّ وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ بَيْعِ الْمَاءِ لَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُبْطِلَهُ، وَإِنْ أَبْطَلَهُ لَيْسَ لِغَيْرِهِ الْإِجَازَةَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ بَيْعٍ فَسَدَ بِسَبَبِ أَجَلٍ مَجْهُولٍ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ إذَا خُوصِمَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَحَلَّ لِلْمُشْتَرِي إمْسَاكُهُ وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَأَمَّا بَيْعُ الْمُكَاتَبِ بِرِضَاهُ فَيَصِحُّ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَوْ قَضَى فِي الْمَأْذُونِ فِي النَّوْعِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا يَنْفُذُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَمَا يَفْعَلُ الْقُضَاةُ مِنْ التَّفْوِيضِ إلَى شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ فِي فَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ وَبَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْمُفَوِّضُ يَرَى ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: لَاحَ لِي اجْتِهَادٌ فِي ذَلِكَ، أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَرَى ذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَفْوِيضُهُ وَقِيلَ: يَصِحُّ التَّفْوِيضُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرَى ذَلِكَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِنْ فَوَّضَ إلَى شَافِعِيٍّ لِيَقْضِيَ بِرَأْيِهِ أَوْ لِيَقْضِيَ بِمَا هُوَ حُكْمُ الشَّرْعِ يَنْفُذُ ذَلِكَ التَّفْوِيضُ عِنْدَ الْكُلِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا قَضَى بِخَلَاصٍ فِي دَارٍ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ الضَّامِنَ بِدَارٍ مِثْلِهَا ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ أَبْطَلَهُ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ رَجُلٌ بَاعَ دَارًا لَهُ وَضَمِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الْخَلَاصَ أَوْ ضَمِنَ أَجْنَبِيٌّ لَهُ الْخَلَاصَ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَقُولَ الضَّامِنُ لِلْمُشْتَرِي: إنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ الْمُشْتَرَاةُ مِنْ يَدِك فَأَنَا ضَامِنٌ لَك اسْتِخْلَاصَ الدَّارِ أَحْتَالُ حَتَّى أَسْتَخْلِصَ لَك الدَّارَ بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ وَأُسَلِّمُهَا إلَيْك، وَإِنْ عَجَزْت عَنْ تَسْلِيمِهِ وَاسْتِخْلَاصِهَا اشْتَرَيْت دَارًا مِثْلَهَا وَأُسَلِّمُهَا إلَيْك فَهَذَا الضَّمَانُ بَاطِلٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ بَعْضِ

النَّاسِ يَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ، ثُمَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَفْسِيرِ ضَمَانِ الْخَلَاصِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْأَقْضِيَةِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَتَفْسِيرُ ضَمَانِ الْخَلَاصِ وَالْعُهْدَةِ وَالدَّرْكِ وَاحِدٌ وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْسِيرُ ضَمَانِ الْخَلَاصِ مَا ذَكَرْنَا وَتَفْسِيرُ ضَمَانِ الدَّرْكِ مَا قَالَا وَتَفْسِيرُ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ ضَمَانُ الصَّكِّ الْقَدِيمِ الَّذِي عِنْدَ الْبَائِعِ، ثُمَّ عِنْدَهُمَا تَفْسِيرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إذَا كَانَ وَاحِدًا وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ كَانَ هَذَا الضَّمَانُ صَحِيحًا، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الضَّامِنِ فَمَتَى قَضَى قَاضٍ بِصِحَّةِ هَذَا الضَّمَانِ وَأَثْبَتَ لِلْمُشْتَرِي حَقَّ الْخُصُومَةِ مَعَ الْكَفِيلِ يَنْفُذُ هَذَا الْقَضَاءُ فَإِذَا رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَا يُبْطِلُهُ فَأَمَّا إذَا ضَمِنَ تَسْلِيمَ الدَّارِ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ فَلَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةَ رَجُلٍ أَوْ ابْنَتَهُ عَفَتْ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَأَبْطَلَ ذَلِكَ قَاضٍ لِمَا أَنَّ مِنْ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَا عَفْوَ لِلنِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُنَّ فِي الْقِصَاصِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَقَضَى بِالْقَوَدِ لِلرَّجُلِ، فَقَبْلَ أَنْ يُقَادَ الرَّجُلُ رُفِعَ إلَى قَاضٍ يَرَى عَفْوَ النِّسَاءِ صَحِيحًا فَالْقَاضِي يُنْفِذُ ذَلِكَ الْعَفْوَ وَيُبْطِلُ الْقَضَاءَ بِالْقَوَدِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ قَدْ قَتَلَ نَفَذَ، فَالْقَاضِي الثَّانِي لَا يَتَعَرَّضُ بِشَيْءٍ، هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَصَاحِبُ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْقِصَاصِ عَالِمًا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى وَالْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ بَيْعِ الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ يَنْفُذُ. وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ زُورٍ أَنَّ أَمَتَهُ ابْنَتُهُ وَقُضِيَ بِذَلِكَ فَإِنَّهَا ابْنَتُهُ فِي الْحُكْمِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مِيرَاثِهَا شَيْئًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْكُلَ مِيرَاثَهَا وَإِذَا قُضِيَ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِيمَا دُونَ مَسِيرَةِ سَفَرٍ نَفَذَ قَضَاؤُهُ، وَإِذَا قَضَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ عَلَى خَطِّ ابْنِهِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَإِذَا قُضِيَ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عَلَى وَصِيَّةٍ مَخْتُومَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ قُرِئَ عَلَيْهِمْ أَمْضَاهُ الْآخَرُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَضَى بِمَا فِي دِيوَانِهِ وَقَدْ نَسِيَ أَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عَلَى صَكٍّ لَا يَذْكُرُونَ مَا فِيهِ إلَّا أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ خُطُوطَهُمْ وَخَاتَمَهُمْ أَمْضَاهُ الْآخَرُ وَلَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لِلْأَوَّلِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَنْ لَا يَأْكُلَ لَحْمًا فَأَكَلَ سَمَكًا، فَرَافَعَتْ الْمَرْأَةُ إلَى الْقَاضِي فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَا يَرَى السَّمَكَ لَحْمًا فَإِنَّ الثَّانِيَ يُمْضِي قَضَاءَ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فَإِذَا قَالَ الْغَرِيمُ لِلطَّالِبِ: إنْ لَمْ أَقْضِكَ مَالَكَ الْيَوْمَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَوَارَى الطَّالِبُ وَخَشِيَ الْغَرِيمُ أَنْ لَا يَظْهَرَ الْيَوْمَ فَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ فَأَخْبَرَ الْقَاضِيَ بِالْقِصَّةِ فَنَصَبَ الْقَاضِي عَنْ الْغَائِبِ وَكِيلًا وَأَمَرَ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الْمَالِ مِنْ الْمَطْلُوبِ حَتَّى يَبْرَأَ بِقَبْضِ الْمَالِ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ آخَرُ فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لَا يَجُوزُ، كَذَا ذُكِرَ فِي الْأَقْضِيَةِ وَهَذَا قَوْلُهُمْ وَإِنْ خُصَّ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

الباب العشرون فيما يجوز فيه قضاء القاضي وما لا يجوز

وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ عَنْ الْغَائِبِ وَكِيلًا وَيَقْبِضُ مَا عَلَى الْمَطْلُوبِ فَلَا يَحْنَثُ قَالَ النَّاطِفِيُّ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِذَا ظَهَرَ الْإِمَامُ عَلَى بَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَأَرَادَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ فَلَهُ ذَلِكَ وَيَضَعُ عَلَى رُءُوسِهِمْ الْجِزْيَةَ وَعَلَى أَرَاضِيِهِمْ الْخَرَاجَ، وَلَا يُزَادُ عَلَى وَظِيفَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْأَرَاضِيِ بِزِيَادَةِ الطَّاقَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَنْقُصُ عَنْ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ بِنُقْصَانِ الطَّاقَةِ، وَبَعْدَمَا نَقَصَ عَنْ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ إذَا صَارَتْ الْأَرَاضِي بِحَالٍ تُطِيقُ تِلْكَ الْوَظِيفَةَ يُعَادُ إلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ وُظِّفَ عَلَى أَرَاضِيِهِمْ مِثْلَ وَظِيفَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى تِلْكَ الْوَظِيفَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرَاضِي تُطِيقُ الزِّيَادَة بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى وَظِيفَةٍ أُخْرَى بِأَنْ كَانَتْ الْوَظِيفَةُ الْأُولَى دَرَاهِمَ فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى الْمُقَاسَمَةِ أَوْ كَانَتْ الْوَظِيفَةُ الْأُولَى مُقَاسَمَةً فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى الدَّرَاهِمِ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِمْ تِلْكَ الْوَظِيفَةَ أَوْ حَوَّلَهُمْ إلَى وَظِيفَةٍ أُخْرَى وَحَكَمَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ مِنْ رَأْيِهِ ذَلِكَ ثُمَّ وَلِيَ بَعْدَهُ وَالٍ يَرَى خِلَافَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ صَنَعَ مَا صَنَعَ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ أَمْضَى الثَّانِي مَا فَعَلَهُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ صَنَعَ بِغَيْرِ طِيبِ أَنْفُسِهِمْ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ فُتِحَتْ الْأَرَاضِيُ عَنْوَةً ثُمَّ مَنَّ الْإِمَامُ بِهَا عَلَيْهِمْ أَمْضَى الثَّانِي مَا فَعَلَهُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ فُتِحَتْ الْأَرَاضِي بِالصُّلْحِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ فَحَوَّلَهُمْ الْإِمَامُ إلَى وَظِيفَةٍ أُخْرَى أَوْ زَادَ عَلَى تِلْكَ الْوَظِيفَةِ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ فَالثَّانِي يَنْقُضُ فِعْلَ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي وَمَا لَا يَجُوزُ] (الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي وَمَا لَا يَجُوزُ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَصْلُحُ قَاضِيًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ، فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي لِنَفْسِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ مِنْ وَجْهٍ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا قَضَى لِنَفْسِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَا يَنْفُذُ بِإِمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ وَإِذَا قَضَى لِنَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ يَنْفُذُ بِإِمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ، وَإِذَا قَضَى لِغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ قَاضِيًا بِيَقِينٍ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَإِنْ أَمْضَاهُ قَاضٍ آخَرُ وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاحِهِ اخْتِلَافٌ فَإِذَا أَمْضَاهُ قَاضٍ آخَرُ نَفَذَ قَضَاؤُهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي أَنَّهُ قَضَى لِغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ قَضَى لِغَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ لِنَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ، قَالَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ: وَإِذَا وَكَّلَ الْقَاضِي رَجُلًا بِبَيْعِ دَارٍ لَهُ أَوْ إجَارَتِهَا أَوْ بِالْخُصُومَةِ لَهُ فِي كُلِّ حَقٍّ يَطْلُبُهُ قِبَلَ رَجُلٍ أَوْ يَطْلُبُ حَقًّا قِبَلَهُ رَجُلٌ فَهُوَ جَائِزٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ لِوَكِيلِهِ وَلَا لِوَكِيلِ وَكِيلِهِ وَكَذَا لَا يَقْضِي لِوَكِيلِ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا وَلَا لِوَكِيلِ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ لِعَبْدِهِ وَلَا لِمُكَاتَبِهِ وَلَا لِعَبْدٍ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ وَلَا لِمُكَاتَبِهِمْ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ لِشَرِيكِهِ شَرِكَةَ

مُفَاوَضَةٍ أَوْ شَرِكَةَ عِنَانٍ إذَا كَانَتْ الْخُصُومَةُ فِي مَالِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاضِي لَهُ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ لَهُ كَالْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودَيْنِ وَالزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَأَوْصَى لِلْقَاضِي بِثُلُثِ مَالِهِ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ لِلْمَيِّتِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْقَاضِي أَحَدَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ لَا يَقْضِي لِلْمَيِّتِ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ ابْنَ الْقَاضِي أَوْ امْرَأَتَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ أَوْ كَانَ عَبْدَ هَؤُلَاءِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَاضِي وَكِيلَ الْوَصِيِّ فِي مِيرَاثِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَقَعُ لَهُ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْقَاضِي عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ لِلْمَيِّتِ بِشَيْءٍ، وَإِذَا وَكَّلَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ عَبْدَ الْقَاضِي أَوْ مُكَاتَبَهُ أَوْ بَعْضَ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ لِلْوَكِيلِ عَلَى خَصْمِهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ فَاسْتَقْضَى الْوَكِيلُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ وَكِيلًا مِنْ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَقَامَ بِحُكْمِ الْقَضَاءِ كَانَ هَذَا قَضَاءً لِلْغَائِبِ وَإِنْ أَقَامَ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ فَهَذَا وَكِيلٌ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ الْمُوَكِّلُ: مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ قَالَ لَهُ: مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَوَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ؛ جَازَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ لِهَذَا الْوَكِيلِ. قَالَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ بَعْضُهَا عَلَى الْقَاضِي وَبَعْضُهَا عَلَى مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ نَحْوُ امْرَأَتِهِ وَابْنِهِ فَادَّعَى رَجُلٌ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَيْهِ فَاعْلَمْ أَنَّ هُنَا ثَلَاثَ مَسَائِلَ (إحْدَاهَا هَذِهِ) وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى بِوِصَايَتِهِ صَحَّ قَضَاؤُهُ اسْتِحْسَانًا حَتَّى لَوْ قَضَى بَعْضُ مَنْ سَمَّيْنَا الدَّيْنَ إلَى هَذَا الْوَصِيِّ يَبْرَأُ وَلَوْ رُفِعَ قَضَاؤُهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ الْآخَرَ يُمْضِهِ وَلَا يَنْقُضُهُ، وَبِمِثْلِهِ لَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَقْضِ لَهُ بِالْوِصَايَةِ حَتَّى قَضَى هُوَ أَوْ بَعْضُ مَنْ سَمَّيْنَا الدَّيْنَ ثُمَّ قَضَى لَهُ بِوِصَايَتِهِ لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ حَتَّى كَانَ لِلْوَرَثَةِ مُطَالَبَتُهُ بِالدَّيْنِ، وَلَوْ رُفِعَ قَضَاؤُهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ أَبْطَلَهُ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَّى فِي الْفَصْلِ الثَّانِي بَيْنَ الْقَاضِي وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَابْنِهِ وَقَالَ: إذَا رُفِعَ قَضَاؤُهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ أَبْطَلَهُ، وَلَوْ أَمْضَاهُ كَانَ بَاطِلًا. بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي امْرَأَتِهِ وَابْنِهِ بِخِلَافِ الْجَوَابِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي حَقِّ ابْنِهِ مُسْتَقِيمٌ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي حَقِّ امْرَأَتِهِ فَغَيْرُ مُسْتَقِيمٍ أَصْلًا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي لِامْرَأَتِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ، وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ الْإِيصَاءَ حَتَّى جَعَلَ لَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا ثُمَّ إنَّ الْقَاضِيَ أَوْ بَعْضَ مَنْ سَمَّيْنَا دَفَعَ الدَّيْنَ إلَيْهِ يَجُوزُ الْإِيصَاءُ وَالنَّصْبُ وَيَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ وَبِمِثْلِهِ لَوْ قَضَى الدَّيْنَ إلَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ نَصَبَ وَصِيًّا عَنْ الْمَيِّتِ بِرَأْيِهِ لَا يَصِحُّ النَّصْبُ. (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) مَسْأَلَةُ دَعْوَى النَّسَبِ إذَا كَانَ مَكَانُ دَعْوَى الْوِصَايَةِ دَعْوَى النَّسَبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَوَارِثُهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَقَضَى الْقَاضِي بِنَسَبِهِ

إنْ كَانَ الْقَضَاءُ بِنَسَبِهِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ إلَيْهِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ يَنْفُذُ. (وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) إذَا كَانَ مَكَانَ دَعْوَى الْوِصَايَةِ وَالنَّسَبِ دَعْوَى الْوَكَالَةِ بِأَنْ غَابَ رَبُّ الدَّيْنِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْقَاضِي أَوْ عَلَى مَنْ سَمِينًا مِنْ قَرَابَتِهِ فَقَضَى الْقَاضِي بِوَكَالَتِهِ لَا يَجُوزُ، سَوَاءٌ كَانَ الْقَضَاءُ قَبْلَ دَفْعِ الدَّيْنِ إلَيْهِ أَوْ بَعْدَ دَفْعِ الدَّيْنِ إلَيْهِ، فَإِنْ رُفِعَ قَضَاؤُهُ بِالْوَكَالَةِ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ بِالْوَكَالَةِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ يَرُدُّهُ لَا مَحَالَةَ وَلَوْ أَمْضَاهُ لَا يَجُوزُ إمْضَاؤُهُ. وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ بِالْوَكَالَةِ مِنْ الْأَوَّلِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ إلَيْهِ فَأَمْضَاهُ الثَّانِي جَازَ إمْضَاؤُهُ. وَإِذَا نَصَبَ الْقَاضِي مُسَخَّرًا عَنْ غَائِبٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ حَكَمَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ عَلَيْهِ، وَتَفْسِيرُ الْمُسَخَّرِ أَنْ يَنْصِبَ الْقَاضِي وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبِ لِيُسْمِعَ الْخُصُومَةَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْضَرَ رَجُلٌ غَيْرَهُ عِنْدَ الْقَاضِي لِيُسْمِعَ الْخُصُومَةَ عَلَيْهِ وَالْقَاضِي يَعْلَمُ أَنَّ الْمُحْضَرَ لَيْسَ بِخَصْمٍ فَالْقَاضِي لَا يُسْمِعُ الْخُصُومَةَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَهَادَاتِ الْجَامِعِ رَجُلٌ غَابَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى عَلَى رَجُلٍ ذَكَرَ أَنَّهُ غَرِيمُ الْغَائِبِ وَأَنَّ الْغَائِبَ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ عَلَى غُرَمَائِهِ بِالْكُوفَةِ وَبِالْخُصُومَةِ فِيهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ وَكَالَتَهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى وَكَالَتِهِ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْحُكْمِ عَلَى الْمُسَخَّرِ فَإِنَّهُ قَالَ: ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ ذَكَرَ أَنَّهُ غَرِيمُ الْغَائِبِ. وَلَمْ يَقُلْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ هُوَ غَرِيمُ الْغَائِبِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مَشَايِخُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ: إنَّمَا تَجُوزُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُسَخَّرِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ مُسَخَّرٌ، أَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْأَجَلِّ بُرْهَانِ الْأَئِمَّةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الْحَاصِلِ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ وَفِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ رِوَايَتَانِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْقَضَاءِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْفُذُ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْقَضَاءِ لَيْسَ بِمُخْتَلَفٍ. وَإِلَى هَذَا مَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ: يُفْتَى بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَالنَّفَاذِ كَيْ لَا يَتَطَرَّقُوا إلَى هَدْمِ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ عَلَى الْمُسَخَّرِ وَأَمْضَاهُ قَاضٍ آخَرُ صَحَّ الْإِمْضَاءُ وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ إبْطَالُهُ. إذَا قَضَى الْقَاضِي بِعَيْنٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَالْمَقْضِيُّ بِهِ لَيْسَ فِي وِلَايَتِهِ صَحَّ الْقَضَاءُ وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ. صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ بُخَارِيٌّ ادَّعَى دَارًا عَلَى سَمَرْقَنْدِيٍّ عِنْدَ قَاضِي بُخَارَى أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدَيْهِ بِسَمَرْقَنْدَ فِي مَحَلِّهِ كَذَا إلَى آخِرِهِ مِلْكِي وَحَقِّي وَفِي يَدَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي وَيَصِحُّ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ لَهُ وَالْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ حَاضِرَانِ إلَّا أَنَّ التَّسْلِيمَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ فِي وِلَايَتِهِ فَيَكْتُبُ إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ لِأَجْلِ التَّسْلِيمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا خَافَ صَاحِبُ الدَّيْنِ غَيْبَةَ الشُّهُودِ أَوْ مَوْتَهُمْ وَأَرَادَ إثْبَاتَ الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُوَكِّلُ غَيْرَهُ بِإِثْبَاتِ حُقُوقِهِ عَلَى النَّاسِ وَجَعَلَ مَا يُرِيدُ إثْبَاتَهُ عَلَى الْغَائِبِ

مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ بَيْعٍ شَرْطًا لِلْوَكَالَةِ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَ فُلَانٌ بَاعَ عَبْدَهُ مِنْ فُلَانٍ أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَأَنْتَ وَكِيلِي فِي إثْبَاتِ حُقُوقِي عَلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ، فَقَالَ: إنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ قَدْ بَاعَ عَبْدَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَصِرْت وَكِيلًا فِي إثْبَاتِ حُقُوقِ مُوَكِّلِي وَإِنْ كَانَ لِمُوَكِّلِي هَذَا عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَيَقُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: بَلَى إنَّ فُلَانًا وَكَّلَك عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنِّي لَا أَعْلَمُ أَنَّ الشَّرْطَ قَدْ وُجِدَ فَيُقِيمُ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الشَّرْطِ فَيَقْضِي الْقَاضِي بِالشَّرْطِ إلَّا أَنَّ هَذَا فَصْلٌ يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْإِنْسَانَ هَلْ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَلَى الْغَائِبِ فِي إثْبَاتِ شَرْطِ حَقِّهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْتَصِبُ إذَا كَانَ شَرْطًا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْغَيْرُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَرَادَ إثْبَاتَ الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ يَنْبَغِي لِرَجُلٍ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ: كَفَلْت لَك بِكُلِّ مَالِكَ عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ. ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ يُحْضِرُ الْكَفِيلَ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي، وَيَقُولُ: إنَّ لِي عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَفِيلٌ بِجَمِيعِ مَالِي عَلَى فُلَانٍ، وَلِي عَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَبْلَ كَفَالَةِ هَذَا الرَّجُلِ فَيُقِرُّ الْكَفِيلُ بِالْكَفَالَةِ وَيُنْكِرُ الْمَالَ عَلَى الْغَائِبِ صَحَّ إنْكَارُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: كَفَلْتُ لَكَ بِكُلِّ مَالِكَ عَلَى فُلَانٍ، لَا يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْمَالِ فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْكَفَالَةِ يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ وَيَقْضِي لَهُ بِالْكَفَالَةِ وَالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَى الْغَائِبِ مَا هُوَ سَبَبٌ لِحَقِّهِ فِي الْحَاضِرِ فَيَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فَيَكُونُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ، حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ لَا يَلْتَفِتُ إلَى إنْكَارِهِ وَلَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْمُسَخَّرِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ فِيمَا ادَّعَى عَلَى الْكَفِيلِ صَادِقٌ ثُمَّ يُبَرِّئُ الْمُدَّعِي الْكَفِيلَ عَنْ الْمَالِ وَالْكَفَالَةِ وَيَبْقَى الْمَالُ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا دَعْوَى الْكَفَالَةِ عَنْ الْغَائِبِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَفَلَ لِي عَنْ الْغَائِبِ بِالْأَلْفِ الَّتِي لِي عَلَيْهِ بِأَمْرِهِ فَهَذِهِ وَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ يَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ وَيَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ. وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَفَلَ لِي عَنْهُ بِالْأَلْفِ الَّتِي عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ بِأَمْرِهِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْأَلْفِ عَلَى الْحَاضِرِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَخْذِ الْقِصَّةِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَأْخُذُ وَلَا يَقْرَأُ فِي أَيِّ حَالٍ كَانَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَأْخُذُ إذَا جَلَسَ لِلْقَضَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي دَارِهِ أَوْ فِي فِنَاءِ دَارِهِ فَيَأْخُذُ وَيَقْرَأُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا، فَإِنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَانُوا يَأْخُذُونَ الْقِصَّةَ وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْأُمَرَاءِ وَالْخُلَفَاءِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ الْخَصْمُ أَعْجَمِيًّا لَا يَعْرِفُ لِسَانَ الْقَاضِي وَلَا الْقَاضِي لِسَانَهُ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَسْتَعِينَ بِغَيْرِهِ لِيَكْتُبَهُ وَيَدْفَعَهُ إلَى الْقَاضِي فَتَصِيرُ الْحَادِثَةُ مَعْلُومَةً لِلْقَاضِي وَإِذَا أَخَذَ الْقِصَّةَ يَقُولُ لِلْخَصْمِ: أَهَذِهِ قِصَّتُك؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، يَقُولُ: أَأَنْت كَتَبْته؟ فَإِنْ

الباب الحادي والعشرون في الجرح والتعديل

قَالَ: نَعَمْ، يَقُولُ: أَهُوَ كَمَا فِيهِ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، يَقْرَأُ. فَإِنْ كَانَ فِيهِ إقْرَارٌ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ إلَّا إذَا أَعْلَمَهُ الْقَاضِي مَا فِيهِ فَإِنْ أَعْلَمَهُ وَاعْتَرَفَ بِهِ يَقْضِي عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ. وَنَظِيرُ هَذَا مَا قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ أَنَّ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ إذَا وَكَّلَ فَالْقَاضِي إنْ اتَّهَمَهُ بِالتَّلْبِيسِ وَالتَّدْلِيسِ وَالتَّغَلُّبِ عَلَى خَصْمِهِ لَا يَقْبَلُ مِنْهُ الْوَكَالَةَ، وَإِنْ عَرَفَ أَنَّهُ عَاجِزٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْبَيَانِ بِنَفْسِهِ يَقْبَلُ، وَكَذَا هَذَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. سُئِلَ الْقَاضِي الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَنْ الْقَاضِي إذَا سَمِعَ الدَّعْوَى وَسَمِعَ النَّائِبُ الشَّهَادَةَ لَهُ هَلْ يَقْضِي النَّائِبُ بِالشَّهَادَةِ بِدُونِ إعَادَةِ الدَّعْوَى؟ قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ يَأْمُرَ الْقَاضِي بِالْحُكْمِ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ. وَسُئِلَ عَنْ الْقَاضِي إذَا سَمِعَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ وَلَمْ يَحْكُمْ وَأَمَرَ نَائِبَهُ بِالْحُكْمِ وَهُوَ مَأْذُونٌ بِالِاسْتِخْلَافِ بِحُكْمِ الْمِثَالِ الصَّحِيحِ هَلْ يَصِحُّ هَذَا الْأَمْرُ؟ وَإِذَا حَكَمَ النَّائِبُ هَلْ يَصِحُّ حُكْمُهُ: قَالَ: نَعَمْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ وَفِي أَبْوَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّ قَاضِيَ بَلْدَةٍ حَكَمَ بِمَالٍ عَلَى رَجُلٍ وَسَجَّلَ ثُمَّ مَاتَ الْقَاضِي فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْقَاضِيَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْمَالِ الَّذِي فِي هَذَا السِّجِلِّ لِلْقَاضِي الثَّانِي أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى أَدَاءِ الْمَالِ إنْ كَانَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَقَعَ صَحِيحًا وَلَوْ قَالَتْ الشُّهُودُ عِنْدَ الْقَاضِي الثَّانِي: إنَّ قَاضِيًا مِنْ الْقُضَاةِ أَشْهَدَنَا عَلَى قَضَائِهِ بِالْمَالِ عَلَيْهِ لِهَذَا فَالْقَاضِي الثَّانِي لَا يُجْبِرُهُ، وَكَذَا فِي سَائِرِ الْأَفَاعِيلِ إذَا شَهِدُوا عَلَى فِعْلٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ الْفَاعِلِ وَنَسَبَهُ لَا يَقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ] (الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ) لَا يَسْأَلُ الْقَاضِي عَنْ الشُّهُودِ عِنْدَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْعَنَ الْخَصْمُ فِيهِمْ وَقَالَا: يَسْأَلُ، وَإِنْ لَمْ يَطْعَنْ الْخَصْمُ فِيهِمْ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَهَذَا فِي غَيْرِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ أَمَّا فِيهِمَا فَالْقَاضِي يَسْأَلُ عَنْهُمْ مِنْ غَيْرِ طَعْنِ الْخَصْمِ فِيهِمْ بِالْإِجْمَاعِ إذَا طَعَنَ الْخَصْمُ فِي الشُّهُودِ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. لَوْ أَنَّ الْخَصْمَ عَدَّلَ الشُّهُودَ بَعْدَمَا شَهِدُوا عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ، إنْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ صَدَقُوا فِيمَا شَهِدُوا بِهِ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ جَائِزَةٌ شَهَادَتُهُمْ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: شَهِدُوا عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: الَّذِي شَهِدُوا بِهِ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ حَقٌّ. فَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ الْقَاضِي يَقْضِي عَلَيْهِ بِمَا شَهِدُوا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْمَالِ وَيَكُونُ الْقَضَاءُ بِالْإِقْرَارِ لَا بِالشَّهَادَةِ. وَإِنْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ إلَّا أَنَّهُمْ أَخْطِئُوا أَوْ قَالَ هُمْ عُدُولٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَدْلًا مِنْ أَهْل التَّعْدِيلِ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الْمُزَكِّي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَدَدَ فِي الْمُزَكِّي لَيْسَ بِشَرْطٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا لَمْ يَسْأَلْ الْقَاضِي عَنْ الْمُزَكِّي لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَاسِقًا أَوْ مَسْتُورًا لَا يَصِحُّ تَعْدِيلُهُ وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي وَلَا يَجْعَلُ قَوْلَ الْخَصْمِ هُمْ عُدُولٌ إقْرَارًا عَلَى نَفْسِهِ بِالْحَقِّ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ تَعْدِيلُهُ إذَا كَانَ فَاسِقًا أَوْ مَسْتُورًا يَسْأَلُهُ الْقَاضِي أَصَدَقَ الشُّهُودُ أَمْ كَذَبُوا؟ فَإِنْ قَالَ: صَدَقُوا؛ كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا فَيَقْضِي الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ قَالَ: كَذَبُوا؛ لَا يَقْضِي. الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إذَا عَدَّلَ الشُّهُودَ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: هُمْ عُدُولٌ فَلَمَّا شَهِدُوا عَلَيْهِ أَنْكَرَ مَا شَهِدُوا بِهِ فَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ عَنْهُمْ وَقَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدُوا: هُمْ عُدُولٌ، لَا يُبْطِلُ حَقَّهُ فِي السُّؤَالِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ: كَانَ عَدْلًا قَبْلَ الشَّهَادَةِ إلَّا أَنَّهُ تَبَدَّلَ حَالُهُ. رَجُلٌ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِحَقٍّ فَعَدَلَ أَحَدُهُمَا فَقَالَ: هُوَ عَدْلٌ إلَّا أَنَّهُ غَلِطَ أَوْ أَوْهَمَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ عَنْ الشَّاهِدِ الْآخَرِ، فَإِنْ عَدَلَ الشَّاهِدُ الثَّانِي قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: غَلِطَ أَوْ أَوْهَمَ لَيْسَ بِجَرْحٍ فَإِذَا عُدِّلَ الشَّاهِدُ الثَّانِي ثَبَتَ عَدَالَتُهُمَا فَجَازَ الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ: الَّذِي شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ عَلَيَّ حَقٌّ، أَوْ قَالَ: الَّذِي شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ عَلَيَّ هُوَ الْحَقُّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي عَلَيْهِ وَلَا يَسْأَلُ عَنْ الشَّاهِدِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْحَقِّ عَلَى نَفْسِهِ فَيَقْضِي بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ: الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ فُلَانٌ عَلَيَّ حَقٌّ أَوْ قَالَ: الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ فُلَانٌ هَذَا عَلَيَّ هُوَ الْحَقُّ، فَلَمَّا شَهِدَا عَلَيْهِ قَالَ لِلْقَاضِي: سَلْ عَنْهُمَا فَإِنَّهُمَا شَهِدَا عَلَيَّ بِبَاطِلٍ وَمَا كُنْتُ أَظُنُّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَيَّ بِمَا شَهِدَا بِهِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَيَسْأَلُ الْقَاضِي عَنْهُمَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ عَنْ الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ عُدِّلَا قَضَى بِشَهَادَتِهِمَا وَإِنْ لَمْ يُعَدِّلَا لَا يَقْضِي؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ فُلَانُ عَلَيَّ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ إقْرَارٌ بَعْدَ الشَّهَادَةِ فَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ تَعْلِيقِ الْإِقْرَارِ بِالشَّرْطِ وَالْإِقْرَارِ، وَلَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ فَإِذَا لَمْ يَصِرْ إقْرَارًا لَمْ يُوجَدْ التَّعْدِيلُ فَإِذَا طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُمَا سَأَلَ وَلَا يَقْضِي قَبْلَ السُّؤَالِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. التَّزْكِيَةُ نَوْعَانِ: تَزْكِيَةُ السِّرِّ وَتَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ، فَتَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ: أَنْ يَحْضُرَ الْمُعَدِّلُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَيَسْأَلُهُ الْقَاضِي عَنْ الشُّهُودِ بِحَضْرَتِهِمْ فَيُزَكِّيهِمْ وَيَقُولُ بِحَضْرَتِهِمْ: هَؤُلَاءِ عُدُولٌ. وَالتَّزْكِيَةُ فِي السِّرِّ أَنْ يَسْأَلَ الْقَاضِي الْمُعَدِّلَ عَنْ الشَّاهِدِ فِي السِّرِّ فَيُعَدِّلَهُ أَوْ يَجْرَحَهُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمُزَكِّي: هُوَ عَدْلٌ جَائِزُ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَدْلٌ غَيْرُ جَائِزِ الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ قَوْلُهُ: هُوَ عَدْلٌ فِيمَا أَعْلَمُ لَمْ يَكُنْ تَعْدِيلًا وَقَوْلُهُ: فِي عِلْمِي أَوْ أَعْلَمُهُ عَدْلًا، يَصِحُّ قَالَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي: وَإِذَا قَالَ الْمُزَكِّي: هُمْ عُدُولٌ، فَهَذَا لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: هُمْ ثِقَاتٌ، فَالْقَاضِي لَا يَكْتَفِي بِهِ فَقَدْ يُطْلَقُ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى الْمَسْتُورِ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: إنَّهُ تَعْدِيلٌ وَلَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ مِنْهُ إلَّا خَيْرًا فَقَدْ ذُكِرَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّهُ تَعْدِيلٌ وَأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ

تَعَالَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَعْدِيلٌ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُزَكِّيَ إذَا كَانَ عَالِمًا بَصِيرًا يَكْتَفِي بِهِ مِنْهُ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ لَا يَكْتَفِي بِهِ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ مِنْهُ إلَّا خَصْلَةً مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ لَا يَكُونُ هَذَا تَعْدِيلًا، وَإِنْ قَالَ: هُوَ عَدْلٌ فِيمَا عَلِمْنَا، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّهُ تَعْدِيلٌ. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ، وَإِنْ قَالَ: هُوَ عَدْلٌ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَهَذَا لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ، وَإِنْ قَالَ: اللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، لَا يَكُونُ تَعْدِيلًا بَلْ يَكُونُ جَرْحًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَتَعْدِيلُ السِّرِّ أَنْ يَكْتُبَ الْقَاضِي فِي الرُّقْعَةِ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ وَأَنْسَابَهُمْ وَحِلَاهُمْ وَقَبَائِلَهُمْ وَمَحَالَّهُمْ وَسُوقَهُمْ إنْ كَانُوا مِنْ السُّوقِيَّةِ فَيَدْفَعُ إلَى الْمُزَكِّي فِي السِّرِّ فَيَسْأَلُ أَهْلَ الثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ مِنْ جِيرَانِهِمْ، وَأَمَّا الْعَلَانِيَةُ فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الطَّالِبَ فَيَأْتِي بِقَوْمٍ يُزَكِّيهِمْ فِي الْعَلَانِيَةِ بِلَفْظَةِ الشَّهَادَةِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَيُشْتَرَطُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ مِمَّنْ هُوَ لَيْسَ بِأَهْلِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَلَا بُدَّ فِي تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمُزَكِّي وَالشَّاهِدِ وَيَكْتَفِي بِتَزْكِيَةِ السِّرِّ فِي زَمَانِنَا؛ لِأَنَّ تَزْكِيَةَ الْعَلَانِيَةِ بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَخْتَارَ لِلْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ أَوْثَقَ النَّاسِ وَأَوْرَعَهُمْ وَأَعْظَمَهُمْ أَمَانَةً وَأَكْثَرَهُمْ بِالنَّاسِ خِبْرَةً وَأَعْلَمَهُمْ بِالتَّمْيِيزِ غَيْرَ مَعْرُوفِينَ بَيْنَ النَّاسِ كَيْ لَا يُقْصَدُوا بِسُوءٍ أَوْ يُخْدَعُوا. وَيَنْبَغِي لِلْمُزَكِّي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ أَحْوَالِ الشُّهُودِ وَيَتَعَرَّفَهَا مِنْ جِيرَانِهِمْ وَأَهْلِ سُوقِهِمْ، فَإِنْ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَهُ كَتَبَ ذَلِكَ فِي آخِرِ الرُّقْعَةِ هُوَ عَدْلٌ عِنْدِي جَائِزُ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا كَتَبَ أَنَّهُ غَيْرُ عَدْلٍ وَخَتَمَ الرُّقْعَةَ وَرَدَّهَا فَيَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي: زِدْ فِي شُهُودِك، وَلَا يَقُولُ: جُرِحُوا، أَوْ يَقُولُ: لَمْ تُحْمَدْ شُهُودُك عِنْدِي؛ لِأَنَّ هَذَا أَقْرَبُ إلَى السَّتْرِ وَالسَّتْرُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَاجِبٌ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ لَوْ جَمَعَ الْقَاضِي بَيْنَ تَزْكِيَةِ السِّرِّ وَتَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ فَذَلِكَ أَحْسَنُ وَتَفْسِيرُ الْجَمْعِ أَنَّ الْمُزَكِّيَ إذَا عَدَّلَ الشُّهُودَ فِي السِّرِّ فَالْقَاضِي يَجْمَعُ بَيْنَ الشُّهُودِ وَالْمُزَكِّي فِي مَجْلِسِهِ، وَيَقُولُ لِلْمُزَكِّي: أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَكَّيْتَهُمْ؟ قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُعَدِّلُ فِي الْعَلَانِيَةِ هُوَ الْمُعَدِّلُ فِي السِّرِّ وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا احْتَاطَ الْقَاضِي وَأَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ غَيْرَ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ مَعَ الثَّانِي كَمَا فَعَلَ مَعَ الْأَوَّلِ وَلَا يُعْلِمُهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ حَالِهِمْ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ جَرَّحَهُ الْأَوَّلُ وَقَدْ عَدَّلَهُ الثَّانِي تَعَارَضَا وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ أَحَدًا، فَإِنْ عَدَّلَهُ الثَّالِثُ فَالْعَدَالَةُ أَوْلَى وَإِنْ جَرَّحَهُ الثَّالِثُ صَارَ الْجَرْحُ أَوْلَى، وَالتَّعْرِيفُ كَالتَّعْدِيلِ وَيَصِحُّ كِلَاهُمَا مِنْ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. تَعْدِيلُ الْعَلَانِيَةِ لَا يَصِحُّ لِمَنْ لَا تَجُوزُ لَهُ شَهَادَتُهُ وَلَا يَصِحُّ تَعْدِيلُ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَلَا تَعْدِيلُ الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودَيْنِ، وَيَصِحُّ تَعْدِيلُ السِّرِّ مِنْ هَؤُلَاءِ وَيُشْتَرَطُ لِتَعْدِيلِ الْعَلَانِيَةِ مَا يُشْتَرَطُ لِلشَّهَادَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالشُّهُودُ الْكُفَّارُ يُعَدِّلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ الْمُسْلِمُونَ سَأَلَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ عُدُولِ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ يَسْأَلُ أُولَئِكَ الْمُشْرِكُونَ عَنْ الشُّهُودِ وَتَزْكِيَةُ الْمُدَّعِي لَيْسَتْ بِشَيْءٍ، وَلَوْ شَهِدَ جَمَاعَةٌ عَلَى التَّزْكِيَةِ وَاثْنَانِ عَلَى

الْجَرْحِ فَالْجَرْحُ أَوْلَى إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ تَعَصُّبٌ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ جَرْحُهُمْ. وَلَوْ عَرَفَ فِسْقَ الشَّاهِدِ فَغَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ قَدِمَ وَلَا يَدْرِي مِنْهُ إلَّا الصَّلَاحَ لَا يَنْبَغِي لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يُجَرِّحَهُ وَالشَّاهِدَانِ لَوْ عُدِّلَا بَعْدَمَا مَاتَا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا، وَكَذَا لَوْ غَابَا ثُمَّ عُدِّلَا وَلَوْ خَرِسَا أَوْ عَمِيَا ثُمَّ عُدِّلَا لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الْمُعَدِّلُ فَقِيرًا وَلَا طَمَّاعًا حَتَّى لَا يُخْدَعَ بِالْمَالِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا يَعْرِفُ أَسْبَابَ الْجَرْحِ وَأَسْبَابَ التَّعْدِيلِ، وَإِنْ وَجَدَ عَالِمًا فَقِيرًا وَغَنِيًّا غَيْرَ عَالِمٍ يَخْتَارُ الْعَالِمَ، وَإِنْ وَجَدَ عَالِمًا ثِقَةً لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَوَجَدَ ثِقَةً غَيْرَ عَالِمٍ يُخَالِطُ النَّاسَ يَخْتَارُ الْعَالِمَ؛ لِأَنَّ الْعَالِمَ لَا يَقْدَمُ فِي شَيْءٍ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَهُوَ بِعِلْمِهِ يَقْدِرُ عَلَى الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَغَيْرُ الْعَالِمِ لَا يَعْرِفُ الْعَدْلَ مِنْ غَيْرِ الْعَدْلِ فَكَانَ الْعَالِمُ أَوْلَى مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ الْمُزَكِّي مُغَفَّلًا وَلَا مُنْزَوِيًا لَا يُخَالِطُ النَّاسَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُغَفَّلًا أَوْ لَا يُخَالِطُ النَّاسَ لَا يَعْرِفُ مُعَامَلَتَهُمْ وَلَا يَنْكَشِفُ لَهُ حَالُهُمْ وَلَا يُمْكِنُهُ تَمْيِيزُ الْعَدْلِ مِنْ غَيْرِ الْعَدْلِ، وَالْعَدَدُ فِي الْمُزَكَّى وَرَسُولِ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكَّى وَفِي الْمُتَرْجِمِ عَنْ الْأَعْجَمِيِّ وَعَنْ الشَّاهِدِ أَوْ الْخَصْمِ الْأَعْجَمِيِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْوَاحِدُ يَكْفِي وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعَدَدُ شَرْطٌ وَالْوَاحِدُ لَا يَكْفِي وَيَكْفِيهِ الِاثْنَانِ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ حَقًّا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَا سِوَى الْعَدَدِ مِنْ سَائِرِ شَرَائِطِ الشَّهَادَةِ سِوَى التَّلَفُّظِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ مِنْ الْعَدَالَةِ وَالْبُلُوغِ وَالْبَصَرِ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ شَرْطٌ وَالْحُرِّيَّةُ شَرْطٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْإِسْلَامُ شَرْطٌ بِالْإِجْمَاعِ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ التَّلَفُّظَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ ثُمَّ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ فَأَمَّا فِي تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ فَالْعَدَدُ شَرْطٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَدَدَ فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ عِنْدَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ. التُّرْجُمَانُ إذَا كَانَ أَعْمَى ذُكِرَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَجُوزُ تَرْجَمَتُهُ؛ لِأَنَّ الْعَمَى جَرْحٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تَجُوزُ تَرْجَمَتُهُ وَالْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ إذَا كَانَتْ حُرَّةً ثِقَةً جَازَتْ تَرْجَمَتُهَا عِنْدَهُمَا كَالرَّجُلِ وَهَذَا فِي الْأَمْوَالِ وَمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهَا فِيهِ وَأَمَّا فِيمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهَا فِيهِ فَلَا يَجُوزُ تَرْجَمَتُهَا قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: إذَا أَرَادَ الْمُزَكَّى أَنْ يُعَدِّلَ الشُّهُودَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: إنَّهُمْ عُدُولٌ ثِقَاتٌ جَائِزُو الشَّهَادَةِ. قَالَ: هَذَا هُوَ أَبْلَغُ الْأَلْفَاظِ فِي التَّعْدِيلِ وَيَنْبَغِي لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يَخْتَارَ السُّؤَالَ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِالْأَوْصَافِ الَّتِي شَرَطْنَا فِي الْمُزَكَّى قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: إنَّهُ يَسْأَلُ مِنْ جِيرَانِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَا يَتَحَامَلُ هُوَ عَلَيْهِمْ يَعْنِي لَا تَكُونُ يَدُهُ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، نَحْوُ أَنْ لَا يُعْطِيَ الْجِبَايَةَ وَمَا أَشْبَهَهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ يَسْأَلُ عَنْهُ رَفِيقَ الشَّاهِدِ وَقَرِيبَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي جِيرَانِهِ وَأَهْلِ سُوقِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِلتَّعْدِيلِ يَسْأَلُ

أَهْلَ مَحَلَّتِهِ. وَإِنْ وَجَدَ كُلَّهُمْ غَيْرَ ثِقَاتٍ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ تَوَاتُرَ الْأَخْبَارِ، وَكَذَلِكَ إذَا سَأَلَ مِنْ غَيْرِ جِيرَانِهِ وَأَهْلِ مَحَلَّتِهِ وَهُمْ غَيْرُ ثِقَاتٍ فَاتَّفَقُوا عَلَى تَعْدِيلِهِ أَوْ جَرْحِهِ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمْ صَدُقَةٌ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ تَوَاتُرِ الْأَخْبَارِ، وَإِنْ أَخْبَرَ بَعْضُهُمْ بِعَدَالَتِهِ وَبَعْضُهُمْ بِجَرْحِهِ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي اخْتِلَافِ الْمُزَكَّى فِي التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ، وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ غَرِيبًا لَا يُعْرَفُ إذَا سُئِلَ عَنْهُ فِي السِّرِّ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الشَّاهِدَ عَنْ مَعَارِفِهِ فَإِذَا سَمَّاهُمْ سَأَلَ عَنْ مَعَارِفِهِ فِي السِّرِّ حَتَّى يَظْهَرَ عِنْدَهُ أَنَّهُمْ هَلْ يَصْلُحُونَ لِلتَّعْرِيفِ؟ فَإِذَا عُدِّلُوا سَأَلَهُمْ عَنْ الشَّاهِدِ وَاعْتَمَدَ عَلَى خَبَرِهِمْ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَإِلَّا تَوَقَّفَ فِيهِ وَسَأَلَ عَنْ الْمُعَدِّلِ الَّذِي فِي بَلْدَتِهِ إنْ كَانَ فِي وِلَايَةِ هَذَا الْقَاضِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَتَبَ إلَى قَاضِي وِلَايَتِهِ يَتَعَرَّفُ عَنْ حَالِهِ، قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي وَهُوَ عَلَى رَأْسِ خَمْسِينَ فَرْسَخًا، فَبَعَثَ الْقَاضِي أَمِينًا عَلَى جُعْلٍ فَسَأَلَ الْمُعَدِّلَ عَنْ الشَّاهِدِ فَالْجُعْلُ عَلَى مَنْ قَالَ: عَلَى الْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الشَّاهِدِ رَجُلًا لَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ مَالٌ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ مُفْلِسًا فَلَّسَهُ الْقَاضِي أَوْ مَيِّتًا أَقَامَ وَصِيُّهُ عَلَى غَيْرِهِ بَيِّنَةً، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّاهِدُ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ مَالٌ وَإِنَّهُ مُفْلِسٌ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لِهَذِهِ التُّهْمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفْلِسًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَيَصِحُّ تَعْدِيلُهُ لِلشُّهُودِ لِانْعِدَامِ هَذِهِ التُّهْمَةِ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ غَرِيبًا نَزَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ، وَشَهِدَ هَذَا الْغَرِيبُ عِنْدَ الْقَاضِي فِي حَادِثَةٍ فَسَأَلَهُمْ الْقَاضِي أَوْ الْمُعَدِّلُ عَنْ حَالِهِ وَقَدْ عَرَفُوهُ بِالصَّلَاحِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَا يُسْقِطُ عَدَالَتَهُ هَلْ يَسَعُهُمْ أَنْ يُعَدِّلُوهُ؟ كَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا يَقُولُ: إنْ مَكَثَ بَيْنَهُمْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَعْرِفُوا مِنْهُ إلَّا الصَّلَاحَ وَسِعَهُمْ أَنْ يُعَدِّلُوهُ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُعَدِّلُوهُ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: إذَا مَكَثَ بَيْنَهُمْ سَنَةً وَلَمْ يَعْرِفُوا مِنْهُ إلَّا الصَّلَاحَ جَازَ لَهُمْ أَنْ يُعَدِّلُوهُ وَمَا لَا فَلَا وَفِي الصُّغْرَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَقَعُ فِي الْقَلْبِ صَلَاحُهُ. وَرَوَى إبْرَاهِيمُ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ وَقَّتَ فِي التَّزْكِيَةِ فَهُوَ مُخْطِئٌ وَهَذَا عَلَى مَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ رُبَّمَا يَعْرِفُ رَجُلٌ الرَّجُلَ فِي شَهْرَيْنِ، وَآخَرُ لَا يُعْرَفُ فِي سَنَةٍ وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِالْفِقْهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَلِكَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أُوَقِّتُ فِيهِ وَقْتًا، وَهُوَ عَلَى مَا يَقَعُ فِي قُلُوبِهِمْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَنَّ صَبِيًّا بَلَغَ وَشَهِدَ بِشَهَادَةٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ هَذَا الْغَرِيبِ الَّذِي نَزَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ لَا يُعَدِّلُونَهُ حَتَّى يَظْهَرَ عِنْدَهُمْ صَلَاحُهُ وَعَدَالَتُهُ، وَالْمُدَّةُ الَّتِي يَظْهَرُ فِيهَا حَالُهُ عِنْدَهُمْ مُقَدَّرَةٌ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا بَيَّنَّا وَلَا تُقَدَّرُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَلْ هِيَ عَلَى مَا يَقَعُ فِي الْقَلْبِ وَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَسْلَمَ ثُمَّ شَهِدَ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي عَرَفَهُ عَدْلًا فِي النَّصْرَانِيَّةِ، يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ وَلَا يَتَأَنَّى وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِالْعَدَالَةِ يَسْأَلُ مِمَّنْ عَرَفَهُ بِالْعَدَالَةِ فِي النَّصْرَانِيَّةِ وَيَسَعُهُ أَنْ يُعَدِّلَهُ مِنْ غَيْرِ تَأَنٍّ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: الصَّبِيُّ إذَا رَاهَقَ الْحُلُمَ وَلَمْ يَزَلْ رَشِيدًا حَتَّى بَلَغَ

إنَّ شَهَادَتَهُ مَقْبُولَةٌ وَيَسَعُ لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يُعَدِّلَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ رُشْدًا إلَى أَنْ بَلَغَ فَإِنَّهُ يَتَأَنَّى فِيهِ وَيَتَرَبَّصُ مُدَّةً يَظْهَرُ صَلَاحُهُ وَيَقَعُ فِي الْقَلْبِ أَنَّهُ عَدْلٌ كَمَا ذُكِرَ فِي الْغَرِيبِ، وَهَذَا الْقَائِلُ سَوَّى بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ فِي اعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ السَّابِقَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ مَا ذَكَرْنَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَصْرَانِيَّيْنِ شَهِدَا عَلَى نَصْرَانِيٍّ وَعُدِّلَا فِي النَّصْرَانِيَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَسْلَمَ الشَّاهِدَانِ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُمَا كَافِرَانِ وَقْتَ الْأَدَاءِ فَإِنْ شَهِدَا بِذَلِكَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ يَعْنِي أَعَادَا شَهَادَتَهُمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الْمُعَدِّلَ الْمُسْلِمَ عَنْ حَالِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّعْدِيلَ لَمْ يُعْتَبَرْ حُجَّةً عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لِكَوْنِهِ تَعْدِيلَ الْكَافِرِ حَتَّى لَوْ كَانَ ذَلِكَ التَّعْدِيلُ السَّابِقُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّعْدِيلَ حُجَّةٌ وَقَعَ مُعْتَبَرًا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ ارْتَكَبَ مَا يَصِيرُ بِهِ سَاقِطَ الشَّهَادَةِ مِنْ الْكَبَائِرِ ثُمَّ تَابَ وَشَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ زَمَانٌ لَا يَنْبَغِي لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يُعَدِّلَهُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ زَمَانٌ وَهُوَ عَلَى تَوْبَتِهِ يَقَعُ فِي الْقَلْبِ أَنَّهُ صَحَّتْ تَوْبَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَدْ رَوَى ذَلِكَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَبَعْضُهُمْ قَدْ رَوَى بِسَنَةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَالْمُعَدِّلِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْفَاسِقُ شَهِدَ وَهُوَ فَاسِقٌ ثُمَّ تَابَ وَمَضَى عَلَيْهِ زَمَانٌ وَهُوَ عَلَى تَوْبَتِهِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ بَلْ يَأْمُرُ بِإِعَادَتِهَا فَإِنْ أَعَادَهَا وَعَدَّلَهُ الْمُعَدِّلُ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ إنْ كَانَ لَمْ يَرُدَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي شَهِدَ بِهَا فِي حَالِ فِسْقِهِ لِفِسْقِهِ. وَلَوْ أَنَّ فَاسِقًا مَعْرُوفًا غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ ثُمَّ قَدِمَ وَلَا يُرَى مِنْهُ إلَّا الصَّلَاحُ فَشَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي وَسَأَلَ الْقَاضِي الْمُعَدِّلَ عَنْهُ فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يَجْرَحَهُ لِمَا كَانَ رَأَى فِيهِ مِنْ قَبْلُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَدِّلَهُ أَيْضًا حَتَّى تَتَبَيَّنَ عَدَالَتُهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْغَرِيبِ الَّذِي نَزَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ وَكَذَلِكَ الَّذِي إذَا أَسْلَمَ وَقَدْ عُرِفَ مِنْهُ مَا هُوَ جَرْحٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَا يَنْبَغِي لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يُجَرِّحَهُ؛ لِمَا رَأَى فِيهِ مِنْ قَبْلُ وَلَا يُعَدِّلُهُ أَيْضًا حَتَّى تَظْهَرَ عَدَالَتُهُ. قَالَ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَدْلًا مَشْهُورًا بِالرِّضَا غَابَ ثُمَّ حَضَرَ وَشَهِدَ وَسُئِلَ الْمُعَدِّلُ عَنْهُ فَإِنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً كَانَ لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يُعَدِّلَهُ وَإِنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ مُنْقَطِعَةً مَسِيرَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ نَحْوَهُ فَإِنْ كَانَ رَجُلًا مَشْهُورًا بِالرِّضَا وَالْعَدَالَةِ كَشُهْرَةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَلَهُ أَنْ يُعَدِّلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَجُلًا مَشْهُورًا فَالْمُعَدِّلُ لَا يُعَدِّلُهُ وَإِذَا عَدَّلَ الشُّهُودَ عِنْدَ الْقَاضِي وَعَرَفَهُمْ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ فَشَهِدُوا عِنْدَهُ مَرَّةً أُخْرَى فَإِنْ كَانَ بَيْنَ التَّعْدِيلِ وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ الثَّانِيَةِ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَتَقَادَمَ الْعَهْدُ سَأَلَ الْقَاضِي عَنْهُمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتَكَلَّمُوا فِي الْقَرِيبِ قَالَ بَعْضُهُمْ: مُقَدَّرٌ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَرِيبٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا دُونَ السَّنَةِ قَرِيبٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُفَوَّضُ ذَلِكَ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ عَرَفَ الْمُزَكِّي الشُّهُودَ بِالْعَدَالَةِ غَيْرَ

أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي كَانَتْ بَاطِلَةً وَأَنَّ الشُّهُودَ وَهَمُوا فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ لِلْقَاضِي بِمَا صَحَّ عِنْدَهُ مِنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ وَهْمَهُمْ فِي الشَّهَادَةِ وَبُطْلَانِ دَعْوَى الْمُدَّعِي، ثُمَّ الْقَاضِي يَتَفَحَّصُ عَمَّا أَخْبَرَهُ الْمُزَكِّي غَايَةَ التَّفَحُّصِ فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ حَقِيقَةُ مَا أَخْبَرَهُ الْمُزَكِّي رَدَّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ حَقِيقَةُ مَا أَخْبَرَهُ الْمُزَكِّي قَبِلَ شَهَادَةَ الشُّهُودِ وَإِنْ عَرَفَ الْمُعَدِّلُ مِنْ الشُّهُودِ مَا هُوَ جَرْحٌ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَذْكُرَ جَرْحَهُ صَرِيحًا بَلْ يَذْكُرُهُ بِالتَّعْرِيضِ أَوْ بِالْكِنَايَةِ بِأَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَعْلَمُ، أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، تَحَرُّزًا عَنْ هَتْكِ السَّتْرِ عَنْ الْمُسْلِمِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: لَا بُدَّ وَأَنْ يَذْكُرَ الْجَرْحَ وَيَذْكُرَ سَبَبَهُ لِيَنْظُرَ الْقَاضِي فِيهِ فَإِنْ رَآهُ جَرْحًا رَدَّ شَهَادَتَهُ وَمَا لَا فَلَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ الْمُعَدِّلُ لَا يَعْرِفُ الشَّاهِدَ فَعَدَّلَهُ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ عِنْدَهُ وَسِعَهُ أَنْ يُعَدِّلَهُ؛ لِأَنَّ الْمُعَدِّلَ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ شَاهِدَانِ شَهِدَا عِنْدَ الْقَاضِي وَالْحَاكِمُ يَعْرِفُ أَحَدَهُمَا بِالْعَدَالَةِ وَلَا يَعْرِفُ الْآخَرَ فَزَكَّاهُ الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ؛ قَالَ نُصَيْرٌ: لَا يَقْبَلُ تَعْدِيلَهُ. وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ رِوَايَتَانِ وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ثَلَاثَةٍ شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَهُوَ يَعْرِفُ اثْنَيْنِ وَلَمْ يَعْرِفْ الثَّالِثَ فَعَدَّلَهُ الِاثْنَيْنِ قَالَ: يَجُوزُ تَعْدِيلُهُمَا إيَّاهُ فِي شَهَادَةٍ أُخْرَى، وَلَا يَجُوزُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ وَإِنَّهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ نُصَيْرٍ وَبِهِ يُفْتِي وَفِي النَّوَازِلِ إذَا سُئِلَ الْمُزَكِّي عَنْ حَالِ الشَّاهِدِ فَسَكَتَ فَهُوَ جَرْحٌ، وَفِيهِ أَيْضًا الشَّاهِدُ إذَا كَانَ فِي السِّرِّ فَاسِقًا وَفِي الظَّاهِرِ عَدْلًا فَأَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ فَأَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَدْلٍ صَحَّ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَكِنْ لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقِّ الْمُدَّعِي وَهَتْكَ سَتْرِ نَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَتْ الشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ سَأَلَ عَنْهُمْ وَعَنْ أَخْبَارِهِمْ وَيَبْحَثُ عَنْ ذَلِكَ بَحْثًا شَافِيًا حَتَّى يَسْتَقْصِيَ عَنْ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ فَإِذَا اسْتَقْصَى رُبَّمَا يَظْهَرُ سَبَبُ مَا يُوجِبُ إيقَافَ الْحَدِّ عَنْهُ وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ مَا جَرَّحَ الْمُزَكِّي شُهُودَهُ: أَنَا آتِي بِمَنْ يُعَدِّلُهُمْ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ، أَوْ قَالَ لِلْقَاضِي: أُسَمِّي لَك قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ فَاسْأَلْهُمْ عَنْهُمْ فَسَمَّى لَهُ قَوْمًا يَصْلُحُونَ لِلْمَسْأَلَةِ قَالَ: فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ قَوْلَهُ فَإِنْ جَاءَ بِقَوْمٍ وَعَدَّلُوا وَسَأَلَ أُولَئِكَ فَعَدَّلُوا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَعَنُوا فِيهِمْ بِمَا يَطْعَنُونَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا جُرِحُوا بِشَيْءٍ يَكُونُ جَرْحًا عِنْدَهُمْ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ جَرْحًا عِنْدَ الْقَاضِي وَعِنْدَ الْمُعَدِّلِينَ، فَإِنْ بَيَّنُوا جَرْحًا عِنْدَ الْكُلِّ فَالْجَرْحُ أَوْلَى، وَإِلَّا لَا يُلْتَفَتُ إلَى ذَلِكَ وَأَخَذَ بِقَوْلِ الَّذِينَ عَدَّلُوهُمْ. وَإِذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: هَذَانِ الشَّاهِدَانِ عَبْدَانِ، وَقَالَا: نَحْنُ حُرَّانِ لَمْ نُمْلَكْ قَطُّ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ عَرَفَهُمَا الْقَاضِي وَعَرَفَ حُرِّيَّتَهُمَا لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُهُمَا وَكَانَا مَجْهُولَيْنِ قَبِلَ قَوْلَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ إلَّا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: أَحَدُهَا هَذَا، إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَوْ هُمَا يُقِيمَانِ بَيِّنَةً أَنَّهُمَا حُرَّانِ فَحِينَئِذٍ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا فَإِنْ قَالَا: سَلْ عَنَّا لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمَا فَإِنْ سَأَلَ عَنْهُمَا فَأُخْبِرَ

الباب الثاني والعشرون ما يضعه القاضي على يدي عدل وما لا يضعه

أَنَّهُمَا حُرَّانِ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُمَا كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَذَكَرَ فِي شَهَادَاتِ الْأَصْلِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا اكْتَفَى بِالْأَخْبَارِ فَحَسَنٌ وَإِنْ طَلَبَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَهُوَ أَحَبُّ وَأَحْسَنُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ ذِكْرَ أَسَامِي مَنْ عَدَّلَ فِي السِّجِلِّ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ أَسْمَاءَ جَمِيعِ الشُّهُودِ أَوَّلًا ثُمَّ اسْمَ مَنْ عُدِّلَ وَالْعَدْلُ أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ الْفَوَاحِشِ الَّتِي فِيهَا الْحُدُودُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. [الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ مَا يَضَعَهُ الْقَاضِي عَلَى يَدِي عَدْلٍ وَمَا لَا يَضَعُهُ] (الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِيمَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَضَعَهُ عَلَى يَدِي عَدْلٍ وَمَا لَا يَضَعُهُ) إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الطَّلَاقَ عَلَى زَوْجِهَا وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ لِتَجِيءَ بِالشُّهُودِ فَالْقَاضِي لَا يَضَعُهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَإِنْ جَاءَتْ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَضَعَهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ حَتَّى تَأْتِيَ بِالشَّاهِدِ الْآخَرِ يَنْظُرَانِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لَا يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا إنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: شَاهِدِي الْآخَرُ غَائِبٌ وَلَيْسَ فِي الْمِصْرِ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ لَا يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَإِنْ قَالَتْ: شَاهِدِي الْآخَرُ فِي الْمِصْرِ، إنْ كَانَ الشَّاهِدُ الْحَاضِرُ فَاسِقًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ لَا يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَاسِقِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ أَصْلًا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا فِي حَقِّ الْعَبْدِ؛ فَصَارَ وُجُودُهَا وَالْعَدَمُ بِمَنْزِلَةٍ فَأَمَّا إذَا كَانَ عَدْلًا فَالْقَاضِي يُؤَجِّلُهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ حَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا فَحَسَنٌ، هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ بِخِلَافِهِ. قَالَ فِي الْجَامِعِ: إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ فَالْقَاضِي يَمْنَعُ الزَّوْجَ عَنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا اسْتِحْسَانًا، وَأَمَّا إذَا أَقَامَتْ شَاهِدَيْنِ شَاهِدًا عَلَى الطَّلَاقِ الْبَائِنِ أَوْ عَلَى الثَّلَاثِ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا الْفَصْلُ فِي الْأَصْلِ، وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَمْنَعُ الزَّوْجَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا وَالْخَلْوَةِ مَعَهَا مَا دَامَ مَشْغُولًا بِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَلَا يُخْرِجُهَا الْقَاضِي مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا، وَلَكِنْ يَجْعَلُ الْقَاضِي مَعَهَا امْرَأَةً أَمِينَةً تَمْنَعُ الزَّوْجَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عَدْلًا وَنَفَقَةُ الْأَمِينَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ زُكِّيَتْ الشُّهُودُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا رُدَّتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الزَّوْجِ، فَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ أَوْ كَانَتْ لَهَا نَفَقَةٌ مَفْرُوضَةٌ لِكُلِّ شَهْرٍ؛ فَالْقَاضِي يَفْرِضُ لَهَا النَّفَقَةَ وَيَأْمُرُ الزَّوْجَ بِإِعْطَاءِ الْمَفْرُوضِ. وَلَكِنْ إنَّمَا يَفْرِضُ لَهَا نَفَقَةَ مُدَّةِ الْعِدَّةِ لَا غَيْرَ، فَإِذَا أَخَذَتْ قَدْرَ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ إنْ عُدِّلَ الشُّهُودُ سَلَّمَ لَهَا مَا أَخَذَتْ، وَإِنْ رُدَّتْ الشَّهَادَةُ وَرُدَّتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي عَتَاقِ الْأَصْلِ: وَإِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ الْعِتْقَ عَلَى مَوْلَاهُ وَلَيْسَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فَإِنَّهُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَوْلَى، وَإِنْ أَقَامَا شَاهِدًا وَاحِدًا فَإِنْ قَالَا: الشَّاهِدُ الْآخَرُ غَائِبٌ عَنْ الْمِصْرِ

فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ. وَإِنْ قَالَا: الشَّاهِدُ الْآخَرُ حَاضِرٌ فِي الْمِصْرِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الشَّاهِدُ الَّذِي أَقَامَا فَاسِقًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ صَحِيحٌ فِي حَقِّ الْعَبْدِ، أَمَّا فِي الْأَمَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا فَحَسَنٌ عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ يُحَالُ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا إذَا أَقَامَا شَاهِدَيْنِ مَسْتُورَيْنِ فَيُحَالُ بَيْنَهُمَا جَمِيعًا إلَى أَنْ تَظْهَرَ عَدَالَةُ الشُّهُودِ، وَهَذَا الْجَوَابُ فِي الْأَمَةِ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْأَمَةِ يُحَالُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ فَاسِقًا فَشَهَادَةُ الْمَسْتُورَيْنِ أَوْلَى وَفِي الْعَبْدِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَوْلَى مَخُوفًا يَخَافُ مِنْهُ الِاسْتِهْلَاكَ وَتَغْيِيبَ الْعَبْدِ وَكَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ وَبِنَفْسِ الْعَبْدِ، ثُمَّ طَرِيقُ الْحَيْلُولَةِ فِي الْأَمَةِ الْوَضْعُ عَلَى يَدِي امْرَأَةٍ ثِقَةٍ، وَالْأَمَةُ تُخَالِفُ الْمَرْأَةَ فَإِنَّ هُنَاكَ طَرِيقُ الْحَيْلُولَةِ أَنْ تُجْعَلَ مَعَهَا امْرَأَةٌ ثِقَةٌ وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْ بَيْتِ الزَّوْجِ، فَإِذَا وَضَعَتْ الْجَارِيَةُ عَلَى يَدِي الْعَدْلِ وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي النَّفَقَةَ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الْمَوْلَى بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَخَذَتْ نَفَقَتَهَا شَهْرًا ثُمَّ لَمْ تُزَكَّ الشُّهُودُ وَرُدَّتْ الْأَمَةُ عَلَى مَوْلَاهَا لَا يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ، وَإِنْ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ أَنْفَقَ الْمَوْلَى عَلَيْهَا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ أَوْ أَكَلَتْ فِي بَيْتِ الْمَوْلَى فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهَا كَمَا فِي سَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ، وَإِنْ أَجْبَرَ الْقَاضِي الْمَوْلَى عَلَى ذَلِكَ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ فَاسِقَيْنِ فَلَا شَكَّ أَنَّ فِي الْأَمَةِ يُحَالُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَوْلَى، وَأَمَّا فِي الْعَبْدِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يُحَالُ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُحَالُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدِ رَجُلٍ وَادَّعَتْ الْأَمَةُ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ لَمْ يُقِمْ الشُّهُودَ، أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا، أَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ مَسْتُورَيْنِ. فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ وَسَأَلَ الْقَاضِي الْحَيْلُولَةَ إلَى أَنْ يُحْضِرَ شُهُودَهُ لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ وَإِنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا وَاحِدًا يَنْظُرَانِ قَالَ: لَا شَاهِدَ لِي سِوَى هَذَا الْوَاحِدِ لَا يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ذِي الْيَدِ. وَإِنْ قَالَ: لِي شَاهِدٌ آخَرُ فِي الْمِصْرِ آتِي بِهِ فِي الْمَجْلِسِ الثَّانِي لَا يَحُولُ بَيْنَهُمَا قِيَاسًا وَيَحُولُ بَيْنَهُمَا اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا وَأَمَّا إذَا أَقَامَ شَاهِدَيْنِ مَسْتُورَيْنِ فِيهِ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَضَعَ الْجَارِيَةَ عَلَى يَدِي امْرَأَةٍ ثِقَةٍ مَأْمُونَةٍ تَحْفَظُهَا حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ وَلَا يَتْرُكَهَا فِي يَدِي الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ، وَسَوَاءٌ فِيهِ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَدْلًا أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ وَهَذَا إذَا سَأَلَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَضَعَهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ، فَأَمَّا بِدُونِ سُؤَالِهِ فَلَا يَضَعُهَا، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ فِي يَدِي رَجُلٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ فِي يَدِي امْرَأَةٍ وَادَّعَاهَا رَجُلٌ فَلَا يَضَعُهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ وَإِنْ سَأَلَ. وَكَذَلِكَ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى أَيِّمٍ نِكَاحًا فَالْقَاضِي يَكْفُلُهَا وَلَا يَضَعُهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ مَالِكَةٌ نَفْسَهَا لَا يَخَافُ مِنْهَا الْوَطْءَ الْحَرَامَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً بِكْرًا فِي مَنْزِلِ أَبِيهَا فَالْقَاضِي لَا يَعْزِلُهَا. امْرَأَةٌ مَعَ رَجُلٍ ادَّعَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا صَحِيحًا

فَإِنَّهُ يَعْزِلُهَا وَيَضَعُهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ. وَكَذَلِكَ رَجُلٌ ادَّعَى أَمَةً فِي يَدِ رَجُلٍ وَقَالَ: بِعْتُهَا مِنْ هَذَا الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ بَيْعًا فَاسِدًا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، وَقَالَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ: اشْتَرَيْتُهَا شِرَاءً صَحِيحًا، أَوْ قَالَ: هِيَ جَارِيَتِي لَمْ أَشْتَرِهَا مِنْهُ فَالْقَاضِي يَعْزِلُهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَاهُ رَجُلٌ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ لَا يَعْرِفُهُمَا الْقَاضِي لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْقَاضِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَبِنَفْسِ الْعَبْدِ، ثُمَّ يَأْمُرُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ الْكَفِيلَ بِنَفْسِهِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ، حَتَّى أَنَّهُ إذَا غَابَ وَلَمْ يَقْدِرْ الْكَفِيلُ عَلَى إحْضَارِهِ فَالْمُدَّعِي يُخَاصِمُ الْكَفِيلَ وَيَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ وَلَكِنْ إنْ أَبَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ وَكِيلًا فَالْقَاضِي لَا يُجْبِرُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَى إعْطَاءَ الْكَفِيلِ حَيْثُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: الْزَمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْعَبْدَ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَخُوفًا عَلَى مَا فِي يَدِهِ بِالْإِتْلَافِ فَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يَضَعَ الْعَبْدَ عَلَى يَدِي عَدْلٍ يَضَعُهُ صِيَانَةً لِحَقِّ الْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَاسِقًا مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ مَعَ الْغِلْمَانِ فَالْقَاضِي يَضَعُهُ عَلَى يَدِي عَدْلٍ وَلَكِنْ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ بَلْ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ صَاحِبُ الْغُلَامِ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ مَعَ الْغِلْمَانِ يُخْرِجُهُ الْقَاضِي عَنْ يَدِهِ وَيَضَعُهُ عَلَى يَدِي عَدْلٍ بِطَرِيقِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، ثُمَّ إذَا وَضَعَهُ عَلَى يَدِي عَدْلٍ أَمَرَهُ أَنْ يَكْتَسِبَ وَيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ وَلَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ هَذَا فِي الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنْ الْكَسْبِ عَادَةً حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ قَادِرَةً عَلَى الْكَسْبِ بِأَنْ كَانَتْ غَسَّالَةً مَعْرُوفَةً بِذَلِكَ أَوْ خَبَّازَةً تُؤْمَرُ بِالْكَسْبِ أَيْضًا. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ لِمَرَضِهِ أَوْ صِغَرِهِ يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ. فَإِذَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْأَمَةِ، كَذَا حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ وَالْفَقِيهِ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَافِظِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ عَلَى دَعْوَاهُ بَيِّنَةً فَزُكِّيَتْ بَيِّنَتُهُ، وَقَدْ كَانَ الْقَاضِي وَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَهَرَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ: أَمَرْتُ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ يَعْنِي الْعَدْلَ أَنْ يُؤَاجِرَهَا وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ أَجْرِهَا، فَإِنْ كَانَ لَا يُؤَاجَرُ مِثْلُهَا أَمَرْته أَنْ يَسْتَدِينَ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، فَإِذَا حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ صَاحِبِهَا أَمَرْتُ بِبَيْعِهَا فَبَدَأْت مِنْ الثَّمَنِ بِالدَّيْنِ فَأَدَّيْته وَوَقَفْت الْبَاقِيَ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِذَا جَاءَ الَّذِي كَانَتْ فِي يَدِهِ قَضَيْتُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنِّي بِعْتهَا عَلَى الَّذِي هِيَ كَانَتْ فِي يَدَيْهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَمُسْتَحِقُّ الْجَارِيَةِ أَحَقُّ بِهَذَا الثَّمَنِ مِنْ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ حِينَ وَضَعَهَا الْقَاضِي عَلَى يَدِي عَدْلٍ. دَابَّةٌ أَوْ ثَوْبٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَاهُ آخَرُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ لَمْ يُجِبْهُ الْقَاضِي وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْقَاضِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَبِمَا وَقَعَ فِيهِ الدَّعْوَى، وَيَجْعَلُ الْكَفِيلَ بِالنَّفْسِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ إذَا طَابَتْ نَفْسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يُجْبَرُ ذُو الْيَدِ عَلَى النَّفَقَةِ عِنْدَنَا

بِخِلَافِ الرَّقِيقِ فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لَا كَفِيلَ لِي؛ قِيلَ لِلْمُدَّعِي: الْزَمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِيَصُونَ بِهِ حَقَّكَ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدِهِ فَاسِقًا مَخُوفًا عَلَى مَا فِي يَدِهِ وَأَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ كَفِيلًا وَكَانَ الْمُدَّعِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمُلَازَمَةِ؛ فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: أَنَا لَا أُجْبِرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الدَّابَّةِ لَكِنْ إنْ شِئْتَ أَنْ أَضَعَهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ فَأُنْفِقَ عَلَيْهَا وَإِلَّا لَا أَضَعَهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ فِي يَدِهِ رُطَبٌ أَوْ سَمَكٌ طَرِيٌّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَادَّعَاهُ إنْسَانٌ أَنَّهُ لَهُ وَقَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي وَهُوَ مِمَّا يَفْسُدُ إنْ تَرَكَهُ، وَقَالَ الْمُدَّعِي: بَيِّنَتِي فِي الْمِصْرِ أُحْضِرُهُمْ؛ قَالَ: لَا أُوقِفُ إلَى ذَلِكَ، وَلَكِنْ أَقُولُ لَهُ يَعْنِي لِلْمُدَّعِي: إنْ شِئْتَ أُحَلِّفُهُ، عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ وَإِنْ قَالَ: أَنَا أُحْضِرُ الْبَيِّنَةَ يَعْنِي الْيَوْمَ فَإِنِّي أُؤَجِّلُهُ إلَى قِيَامِ الْقَاضِي فَأَقُولُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تَبْرَحْ إلَى قِيَامِهِ، فَإِنْ فَسَدَ الشَّيْءُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا يَضْمَنُهُ الْمُدَّعِي بِحَبْسِهِ عَلَيْهِ. عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ سَمَكًا أَوْ لَحْمًا طَرِيًّا أَوْ فَاكِهَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، ثُمَّ جَحَدَ الْبَائِعُ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدًا وَاحِدًا وَاحْتَاجَ الْقَاضِي إلَى أَنْ يَسْأَلَ الشُّهُودَ فَقَالَ الْبَائِعُ هَذَا يَفْسُدُ إنْ تُرِكَ حَتَّى يُعَدَّلَ الشُّهُودُ، قَالَ: إنْ كَانَ شَهِدَ لِلْمُدَّعِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَقَالَ: الشَّاهِدُ الْآخَرُ حَاضِرٌ؛ أُجِّلَ فِي شَهَادَةِ الْآخَرِ مَا لَمْ يَخَفْ الْفَسَادَ فَإِنْ أَحْضَرَ شَاهِدَهُ الْآخَرَ وَإِلَّا خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ وَنَهَى الْمُشْتَرِيَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ أَمَرَ الْبَائِعَ بِدَفْعِهِ إلَى الْمُشْتَرِي إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي أَخَذَهُ الْقَاضِي وَأَمَرَ أَمِينًا بِبَيْعِهِ وَقَبْضِ ثَمَنِهِ وَوَضْعِ الثَّمَنِ عَلَى يَدِي عَدْلٍ، فَإِنْ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ قَضَى بِالثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَأَمَرَ الْعَدْلَ بِدَفْعِ الثَّمَنِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ تُزَكَّ الْبَيِّنَةُ سَلَّمَ الْقَاضِي ذَلِكَ الثَّمَنَ الَّذِي عَلَى يَدِي الْعَدْلِ إلَى الْبَائِعِ. ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَنْقُولًا وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَضَعَهُ عَلَى يَدِي عَدْلٍ وَلَمْ يَكْتَفِ بِإِعْطَاءِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَبِنَفْسِ الْمُدَّعَى بِهِ، فَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَالْقَاضِي لَا يُجِيبُهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا أَجَابَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى عَقَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً لَا يَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِالْوَضْعِ عَلَى يَدِي عَدْلٍ وَلَا بِالْكَفِيلِ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرْضًا فِيهَا شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ فَيُوضَعُ عَلَى يَدِي عَدْلٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ فِي بَابِ مَا لَا يَضَعُهُ الْقَاضِي عَلَى يَدِي عَدْلٍ. إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلْقَاضِي: لَسْتُ آمَنُ عَلَى نَفْسِي مِنْ زَوْجِي أَنْ يَقْرَبَنِي فِي حَالَةِ الْحَيْضِ فَضَعْنِي عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ؛ فَالْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ. أَمَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ خَافَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَيْهَا؛ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: تَكُونُ عِنْدَكَ يَوْمًا وَعِنْدِي يَوْمًا. وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ نَضَعُهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ؛ فَإِنِّي أَجْعَلُهَا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمًا فَلَا أَضَعُهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ، قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: وَيُحْتَاطُ فِي بَابِ الْفُرُوجِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ نَحْوَ الْعِتْقِ فِي الْجَوَارِي وَالطَّلَاقِ فِي النِّسَاءِ فِي الشَّهَادَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا فِي هَذَا

الباب الثالث والعشرون في كتاب القاضي إلى القاضي

الْمَوْضِعِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاطُ لِحِشْمَةِ مِلْكِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي] (الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي) إذَا تَقَدَّمَ رَجُلٌ إلَى الْقَاضِي فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ بَيِّنَةً عَلَى حَقٍّ عَلَى رَجُلٍ فِي بَلَدٍ آخَرَ لِيَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا إلَى قَاضِي ذَلِكَ الْبَلْدَةِ فَالْقَاضِي يَسْمَعُ شُهُودَهُ عَلَى حَقِّهِ الَّذِي يَدَّعِي، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَكْتُبُ عِنْدَ شَطْرِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ أَقَامَ رَجُلٌ عِنْدَ الْقَاضِي شَاهِدًا وَاحِدًا بِحَقٍّ لَهُ قِبَلَ رَجُلٍ أَوْ شَهِدَتْ لَهُ امْرَأَةٌ أَوْ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ فَالْقَاضِي يَكْتُبُ بِذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي صَارَ حُجَّةً شَرْعًا فِي الْمُعَامَلَاتِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ قَدْ يُفْتَعَلُ وَيُزَوَّرُ وَالْخَطُّ يُشْبِهُ الْخَطَّ وَالْخَاتَمُ يُشْبِهُ الْخَاتَمَ، وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ حُجَّةً بِالْإِجْمَاعِ وَلَكِنْ إنَّمَا يَقْبَلُهُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ عِنْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ وَمِنْ جُمْلَةِ الشَّرَائِطِ الْبَيِّنَةُ، حَتَّى أَنَّ الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ لَا يَقْبَلُ كِتَابَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا عُمِلَ فِيهِ بِالْقِيَاسِ الْحُدُودُ وَالْقِصَاصُ وَالْمَنْقُولَاتُ نَحْوُ الْعُرُوضِ وَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ وَالْجَوَارِي عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ، حَتَّى لَمْ يُجَوِّزُوا كِتَابَ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: يَجُوزُ فِي الْعَبِيدِ فِي الْإِبَاقِ وَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِمْ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ يَجُوزُ فِي جَمِيعِ الْمَنْقُولَاتِ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا، وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي الْإِمَامِ الْمُنْتَسِبِ إلَى إسْبِيجَابَ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي وَيُجَوِّزُ كِتَابَ الْقَاضِي فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَفِي كُلِّ حُكْمٍ يُمْكِنُ تَحَقُّقُ شَرَائِطِ كِتَابِ الْقَاضِي فِيهِ مِنْ إعْلَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي سَائِرِ النَّقْلِيَّاتِ إنَّمَا لَمْ يَجُزْ كِتَابُ الْقَاضِي عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ إعْلَامَ الْمَشْهُودِ بِهِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِالْإِشَارَةِ وَلَا إشَارَةَ عِنْدَ الْكِتَابِ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ فَلَمْ يَجُزْ الْكِتَابُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ: إنَّ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِبَلَدِ كَذَا زَوْجَتِي وَإِنَّهَا تَجْحَدُ نِكَاحِي وَإِنْ شُهُودِي عَلَى النِّكَاحِ هَهُنَا فَلَا يُمْكِنِّي الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ شُهُودِي؛ فَاكْتُبْ لِي فِي هَذَا كِتَابًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ شَهَادَةَ شُهُودِهِ وَيَكْتُبُ لَهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا امْرَأَةُ فُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْ ادَّعَى وَلَاءَ عَتَاقَةٍ أَوْ وَلَاءَ مُوَالَاةٍ. وَكَذَا لَوْ ادَّعَى نَسَبًا بِأَنْ قَالَ رَجُلٌ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَبِي وَهُوَ يُنْكِر نَسَبِي وَلِي بَيِّنَةٌ هَهُنَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمِّي وَأَنِّي قَدْ وُلِدْت عَلَى فِرَاشِهِ وَنُسِبْتُ إلَيْهِ فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يَكْتُبُ لَهُ كِتَابًا. وَكَذَا لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ: أَنَّهُ أَبُو فُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَطَلَبَ مِنْهُ الْكِتَابَ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُو فُلَانٍ الْغَائِبِ، أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ عَمُّهُ وَطَلَبَ الْكِتَابَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَكْتُبُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ إرْثًا أَوْ نَفَقَةً أَوْ يَدَّعِيَ مِنْ الْحَضَانَةِ وَالتَّرْبِيَةِ فِي اللَّقِيطِ أَوْ فِي الْأَبِ وَالِابْنِ يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَلَوْ أَنَّ

رَجُلًا وَامْرَأَةً ادَّعَيَا ابْنًا أَوْ ابْنَةً وَقَالَا: هُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ مِنَّا وَهُوَ فِي يَدِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْغَائِبِ فِي بَلْدَةِ كَذَا، وَهُوَ يَسْتَرِقُّهُ وَأَقَامَا عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَطَلَبَا فِي ذَلِكَ كِتَابًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَكْتُبُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ يَكْتُبُ فِي النَّسَبِ إلَّا أَنَّ هَهُنَا لَا يَكْتُبُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي دَعْوَى الْبُنُوَّةِ دَعْوَى الِاسْتِرْقَاقِ لَا يَكْتُبُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ فَيَقُولَ هُوَ ابْنِي غَصَبَهُ فُلَانٌ الْغَائِبُ فَإِنَّهُ يَكْتُبُ فِي قَوْلِهِمْ وَفِي الدَّارِ وَالْعَقَارِ يَكْتُبُ فِي قَوْلِهِمْ، سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى أَوْ فِي بَلْدَةِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ. وَإِذَا مَرِضَ شُهُودُ الْكِتَابِ فِي الطَّرِيقِ أَوْ بَدَا لَهُمْ الرُّجُوعُ إلَى وَطَنِهِمْ أَوْ أَرَادُوا السَّفَرَ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى فَأَشْهَدُوا قَوْمًا عَلَى شَهَادَتِهِمْ يَجُوزُ ذَلِكَ، كَمَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ كِتَابِ الْقَاضِي وَتَفْسِيرُ إشْهَادِهِمْ أَنْ يَقُولُوا: هَذَا كِتَابُ قَاضِي بَلَدِ كَذَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَى قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي هَذَا عَلَى غَائِبٍ هُوَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَرَأَهُ عَلَيْنَا وَخَتَمَهُ بِحَضْرَتِنَا وَأَشْهَدْنَا عَلَيْهِ فَاشْهَدُوا أَنْتُمْ عَلَى شَهَادَتِنَا هَذِهِ، وَكَذَا لَوْ أَشْهَدَ هَذِهِ الشُّهُودُ شُهُودًا أُخَرَ ثَالِثًا وَرَابِعًا وَعَاشِرًا وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْعُلُومُ الْخَمْسَةُ شَرْطُ جَوَازِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ مِنْ مَعْلُومٍ يَعْنِي الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ إلَى مَعْلُومٍ يَعْنِي الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ فِي مَعْلُومٍ يَعْنِي الْمُدَّعَى بِهِ لِمَعْلُومٍ يَعْنِي الْمُدَّعِيَ عَلَى مَعْلُومٍ يَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. أَمَّا الْقَاضِي الْكَاتِبُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَإِعْلَامُهُ إنَّمَا يَكُونُ بِكِتَابَةِ اسْمِ الْقَاضِي وَاسْمِ أَبِيهِ وَاسْمِ جَدِّهِ أَوْ قَبِيلَتِهِ فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ لَا يَحْصُلُ التَّعْرِيفُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ ذَكَرَ اسْمَ أَبِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ جَدِّهِ أَوْ قَبِيلَتِهِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْصُلُ التَّعْرِيفُ، وَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا اكْتَفَى بِالِاسْمِ الَّذِي كَانَ مَشْهُورًا بِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَتَبَ مِنْ أَبِي فُلَانٍ إذَا كَانَ مَشْهُورًا بِتِلْكَ الْكُنْيَةِ كَأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَكَذَلِكَ إذَا كَتَبَ مِنْ ابْنِ فُلَانٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِهِ كَابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتَفِي بِهِ وَلَا يَقْبَلُ شَهَادَةَ الشُّهُودِ عَلَى اسْمِ الْقَاضِي وَنَسَبِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَكْتُوبًا فِي الْكِتَابِ، وَكَذَلِكَ إعْلَامُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ شَرْطٌ وَإِنَّمَا يَصِيرُ مَعْلُومًا بِمَا يُوجِبُ تَعْرِيفَهُ مِنْ ذِكْرِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ وَلَا يُكْتَفَى بِالشَّهَادَةِ عَلَى الِاسْمِ وَالنَّسَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَكْتُوبًا، وَكَذَلِكَ إعْلَامُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَرْطٌ، ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْصُلُ التَّعْرِيفُ بِذِكْرِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ بَلْ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ ذِكْرُ الْجَدِّ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذِكْرُ الْجَدِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ. وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الِابْتِدَاءِ لَا يَشْتَرِطُ ذِكْرَ الْجَدِّ ثُمَّ رَجَعَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَكَانَ يَشْتَرِطُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ الْجَدِّ وَنَسَبَهُ إلَى الْقَبِيلَةِ فَإِنْ كَانَ أَدْنَى الْقَبَائِلِ وَالْأَفْخَاذِ الَّذِي يُعْرَفُ بِذَلِكَ فَقَدْ كَفَى بِلَا خِلَافٍ، وَيَقُومُ مَقَامَ اسْمِ الْجَدِّ لِحُصُولِ الْإِعْلَامِ بِهِ، فَإِنَّهُ قَلَّمَا يَتَّفِقُ اثْنَانِ فِي أَدْنَى الْأَفْخَاذِ فِي

اسْمِهِمَا وَاسْمِ أَبِيهِمَا وَإِنْ نَسَبَهُ إلَى أَعْلَى الْأَفْخَاذِ وَالْقَبَائِلِ بِأَنْ قَالَ: تَمِيمِيٌّ، أَوْ مَا أَشْبَهَهُ لَا يُكْتَفَى بِهِ. وَإِنْ نَسَبَهُ إلَى بَلَدِهِ وَلَمْ يَنْسُبْهُ إلَى جَدِّهِ وَلَا إلَى قَبِيلَتِهِ فَقَالَ: كُوفِيٌّ أَوْ مِصْرِيٌّ؛ فَذَلِكَ لَا يَكْفِي لَهُ وَإِنْ نَسَبَهُ إلَى حِرْفَتِهِ وَصِنَاعَتِهِ وَلَمْ يَنْسُبْهُ إلَى الْقَبِيلَةِ وَالْجَدِّ لَا يَكْفِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا إذَا كَانَتْ صِنَاعَةٌ يُعْرَفُ بِهَا لَا مَحَالَةَ يَكْفِي وَإِنْ ذَكَرَ اسْمَ أَبِيهِ وَلَقَبَهُ وَإِنَّهُ يُعْرَفُ بِذَلِكَ اللَّقَبِ لَا مَحَالَةَ فَإِنَّهُ يَكْفِي وَبِدُونِ ذَلِكَ لَا يَكْفِي، وَإِنْ ذَكَرَ اسْمَهُ وَاسْمَ جَدِّهِ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ أَبِيهِ لَا يَكْفِي وَإِنْ كَتَبَ مِنْ قَاضِي بَلَدِ كَذَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَى قَاضِي بَلَدِ كَذَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَذَلِكَ يَكْفِي بِلَا خِلَافٍ عِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ قَاضِيًا مِنْ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ فَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ ذِكْرِ الْجَدِّ. وَلَوْ كَتَبَ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَاضِي بَلَدِ كَذَا إلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابِي هَذَا مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ فَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَجُوزُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَوَسَّعَ حِينَ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ وَرَأَى أَحْوَالَ النَّاسِ وَاسْتَحْسَنَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ تَسْهِيلًا لِلْأَمْرِ عَلَى النَّاسِ مِنْ جُمْلَتِهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْم، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ كَتَبَ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ السِّنْدِيِّ غُلَامُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ كَذَا وَكَذَا جَازَ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمَمْلُوكِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَالِكِ فَإِذَا نَسَبَهُ إلَى مَالِكٍ مَعْرُوفٍ بِالشُّهْرَةِ أَوْ ذَكَرَ اسْمَ الْمَوْلَى وَنَسَبَهُ إلَى أَبِيهِ وَجَدِّهِ أَوْ إلَى قَبِيلَتِهِ، فَقَدْ تَمَّ تَعْرِيفُهُ بِذَلِكَ. وَإِنْ ذَكَرَ اسْمَ الْعَبْدِ وَاسْمَ أَبِي الْمَوْلَى وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ جَدِّ الْمَوْلَى وَلَا قَبِيلَتَهُ، ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي. وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَكْفِي؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ يَحْصُلُ بِذِكْرِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ كَمَا فِي الْحُرِّ، وَقَدْ وُجِدَ ذِكْرُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: وَهِيَ اسْمُ الْعَبْدِ، وَاسْمُ الْمَوْلَى، وَاسْمُ أَبِي الْمَوْلَى. وَإِنْ ذَكَرَ اسْمَ الْعَبْدِ وَاسْمَ الْمَوْلَى إنْ لَمْ يَنْسُبْ الْمَوْلَى إلَى قَبِيلَتِهِ الْخَاصَّةِ لَا يَكْفِي وَإِنْ نَسَبَهُ إلَى قَبِيلَتِهِ الْخَاصَّةِ فَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا يَكْفِي وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ يَكْفِي. وَإِنْ كَتَبَ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ الْعَبْدُ السِّنْدِيُّ الْحَائِكُ الَّذِي فِي يَدِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَوْ السَّاكِنُ فِي دَارِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ إنَّمَا يَقَعُ بِالنِّسْبَةِ اللَّازِمَةِ وَذَلِكَ بِالْمِلْكِ دُونَ الْيَدِ؛ لِأَنَّهَا عَسَى تَكُونُ بِغَيْرِ حَقٍّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَيَجِبُ أَنْ يَقْرَأَ الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ لِيَعْرِفُوا مَا فِيهِ أَوْ لِيُعْلِمَهُمْ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ إذْ لَا شَهَادَةَ بِلَا عِلْمٍ ثُمَّ يُخْتَمُ بِحَضْرَتِهِمْ وَيُسَلَّمُ إلَيْهِمْ؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ التَّغْيِيرُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِمَا أَنَّ عِلْمَ الشُّهُودِ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَالْخَتْمِ بِحَضْرَتِهِمْ شَرْطُ جَوَازِ الْقَضَاءِ بِذَلِكَ، وَكَذَا حِفْظُ مَا فِي الْكِتَابِ مِنْ وَقْتِ التَّحَمُّلِ إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ شَرْطٌ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِشَرْطٍ، وَالشَّرْطُ أَنْ يُشْهِدَهُمْ أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ وَخَاتَمُهُ. وَعَنْهُ أَنَّ الْخَتْمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ أَيْضًا

فَسَهَّلَ فِي ذَلِكَ حِينَ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ وَلَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ. وَاخْتَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْكَافِي ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَعَمَلُ الْقُضَاةِ الْيَوْمَ أَنَّهُمْ يُسَلِّمُونَ الْمَكْتُوبَ إلَى الْمُدَّعِي وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَإِذَا ثَبَتَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ بِمَا فِي الْكِتَابِ شَرْطٌ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي الْكَاتِبِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الشُّهُودِ نُسْخَةَ مَا فِي الْكِتَابِ لِيَكُونَ عِنْدَهُمْ فَتُمْكِنُهُمْ الشَّهَادَةُ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ قَبْلَ فَتْحِ الْكِتَابِ فَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى احْتِيَاطٌ. وَمَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَوَسُّعٌ، وَمِنْ الشَّرَائِطِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ مُعَنْوَنًا بِأَنْ يَكْتُبَ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْقَاضِي إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْقَاضِي. حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكْتُبْ فِيهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَتَبَ فِيهِ " عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ " فَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ لَا يَقْبَلُهُ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعِنْوَانُ لَيْسَ بِشَرْطٍ إنَّمَا الشَّرْطُ أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَيْك وَخَتْمُهُ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْعُنْوَانَ شَرْطٌ عِنْدَهُمَا فَنَقُولُ: إنْ كَانَ الْعُنْوَانُ فِي الْبَاطِنِ وَعَلَى الظَّاهِرِ فَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ يَعْمَلُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْعُنْوَانُ فِي الْبَاطِنِ لَا غَيْرُ يَعْمَلُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الظَّاهِرِ لَا غَيْرُ فَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ لَا يَعْمَلُ بِهِ. وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى اكْتَفَوْا بِعُنْوَانِ الظَّاهِرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَكْتُبُ الْأَسْمَاءَ وَالْأَنْسَابَ فِي الْعُنْوَانَيْنِ جَمِيعًا فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فِي الْعُنْوَانِ الْبَاطِنِ لَا يَصِحُّ، وَصُورَةُ الْعِنْوَانِ الظَّاهِرِ فِي زَمَانِنَا أَنْ يَكْتُبَ قَبْلَ كِتَابِ التَّسْمِيَةِ مِنْ جَانِبِ الْيَسَارِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَاضِي بَلَدِ كَذَا وَكَذَا، وَيَكْتُبُ فِي جَانِبِ الْيَمِينِ فَوْقَ كِتَابِ التَّسْمِيَةِ بِسْمِ اللَّهِ الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبِينِ وَنَحْوَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي الْإِمَامِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَاضِي بَلَدِ كَذَا، وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابِي هَذَا مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ أَدَامَ اللَّهُ تَوْفِيقَهُ وَتَوْفِيقَهُمْ. فَإِنْ كَتَبَ إلَى قَاضِي بَلَدِ كَذَا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْبَلْدَةِ إلَّا قَاضٍ وَاحِدٌ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزْدَوِيُّ: يَصِحُّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلْدَةِ قَاضِيَانِ لَمْ يَصِحَّ، ثُمَّ يَكْتُبُ عَلَى ظَهْرِ الْكِتَابِ مِنْ قِبَلِ الْيَسَارِ عَلَى الصَّدْرِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا وَنَوَاحِيهَا، وَيَكْتُبُ عَلَى الظَّهْرِ مِنْ قِبَلِ الْيَمِينِ بِسْمِ اللَّهِ الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبِينِ إلَى قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ أَدَامَ اللَّهُ تَوْفِيقَهُ وَتَوْفِيقَهُمْ، ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ كِتَابِي أَطَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَقَاءَ فُلَانٍ الْقَاضِي إلَى آخِرِهِ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ فِي الْكِتَابِ، ثُمَّ يَكْتُبُ أَمَّا بَعْدُ، ثُمَّ إذَا كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ الْمُدَّعِي بِوَجْهِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ يَكْتُبُ فِي كِتَابِهِ: حَضَرَ فِي مَجْلِسِ قَضَائِي فِي بَلْدَةِ كَذَا وَأَنَا مُقِيمٌ بِهَا نَافِذَ الْقَضَاءِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ وَيَذْكُرُ حِلْيَتَهُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَهُ: مَجْلِسُ قَضَائِي لَيْسَ بِأَمْرٍ لَازِمٍ بَلْ إذَا كَتَبَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فِي كُورَةِ كَذَا كَفَاهُ إلَّا إذَا كَانَ بَلْدَةٌ فِيهَا قَاضِيَانِ

كُلُّ قَاضٍ عَلَى نَاحِيَةٍ عَلَى حِدَةٍ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَعْرِفُهُ وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ يَسْأَلُ عَنْهُ الْبَيِّنَةَ وَيَذْكُرُ فِي كِتَابِهِ حَضَرَ رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ فَسَأَلْت عَنْهُ الْبَيِّنَةَ، وَيَذْكُرُ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ وَأَنْسَابَهُمْ وَحِلَاهُمْ وَمَسَاكِنَهُمْ إنْ كَتَبَ ذَلِكَ كَانَ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَسْمَاءَهُمْ وَأَنْسَابَهُمْ وَاكْتَفَى بِقَوْلِهِ: شُهُودٌ عُدُولٌ عَرَفَتْهُمْ بِالْعَدَالَةِ، أَوْ سَأَلْت عَنْهُمْ فَعُدِّلُوا وَعُرِفُوا بِالْعَدَالَةِ جَازَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَذْكُرُ بَعْد ذَلِكَ فَشَهِدُوا أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، وَيَسْتَقْصِي فِي تَعْرِيفِهِ فَإِنْ ذَكَرَ قَبِيلَتَهُ مَعَ ذَلِكَ كَانَ أَبْلَغَ وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ ثُمَّ يَكْتُبُ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ أَحْضَرَهُ وَلَا نَائِبٍ عَنْ خَصْمٍ حَضَرَ مَعَهُ وَادَّعَى لَهُ دَارًا فِي بَلْدَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا فِي يَدِ رَجُلٍ يُقَالُ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ يُعَرِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ التَّمَامِ وَإِنْ كَانَ رَجُلًا مَشْهُورًا لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا بَلْ يَكْتُبُ فَادَّعَى عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ غَائِبٌ عَنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ مَسِيرَةَ سَفَرٍ؛ لِأَنَّ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ اخْتِلَافًا فِي تَقْدِيرِ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَجُوزُ كِتَابُ الْقَاضِي فِيهَا وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا قَالُوا: لَا يَجُوزُ فِيمَا دُونَ مَسِيرَةِ السَّفَرِ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فِيمَا دُونَ مَسِيرَةِ سَفَرٍ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ غَدَا إلَى بَابِ الْقَاضِي لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إلَى مَنْزِلِهِ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ يُقْبَلُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَيَكْتُبُ: وَقَدْ ثَبَتَتْ غَيْبَتُهُ عِنْدِي بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ لِيُعْلِمَ الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ أَنَّ كِتَابَةَ الْكِتَابِ كَانَتْ بِشَرَائِطِهِ. ثُمَّ يَكْتُبُ: وَإِنَّهُ الْيَوْمَ مُقِيمٌ بِكُورَةِ كَذَا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ ثُمَّ يَكْتُبُ: وَهُوَ جَاحِدٌ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي هَذَا وَشُهُودُهُ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ هَهُنَا وَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَسَأَلَنِي الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمْ لَأَمْلَيْت بِمَا صَحَّ عِنْدِي مِنْ شَهَادَتِهِمْ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ فَأَجَبْته إلَيْهِ فَأَحْضَرَهُمْ وَهُمْ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، يَكْتُبُ اسْمَ كُلِّ وَاحِدٍ وَنَسَبَهُ وَقَبِيلَتَهُ وَتِجَارَتَهُ إنْ كَانَ تَاجِرًا وَمَسْكَنَهُ وَمُصَلَّاهُ وَمَحَلَّتَهُ بِتَمَامِ التَّعْرِيفِ، فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ بَعْدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي هَذَا. وَالِاسْتِشْهَادُ مِنْهُمْ شَهَادَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ مُتَّفِقَةُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْتَفِيَ بِهَذَا الْقَدْرِ بَلْ يُفَسِّرُ الشَّهَادَةَ وَيُبَيِّنُهَا فَيَكْتُبُ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَشَهِدَ بِكَذَا وَيُفَسِّرُ شَهَادَتَهُ وَيُصَحِّحُهَا، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا يَذْكُرُ مَوْضِعَهُ وَحُدُودَهُ الْأَرْبَعَةَ وَإِنْ كَانَ غُلَامًا يَذْكُرُ اسْمَ الْعَبْدِ وَحِلْيَتَهُ وَصِفَتَهُ وَحِرْفَتَهُ وَاسْمَ الْمَوْلَى وَاسْمَ أَبِيهِ وَاسْمَ جَدِّهِ، وَكَذَلِكَ فِي الدَّيْنِ يَذْكُرُ جِنْسَهُ وَقَدْرَهُ وَصِفَتَهُ كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ؛ فَيَكْتُبُ: شَهِدُوا أَنَّ لِفُلَانٍ الْمُدَّعِي هَذَا عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ هَذَا الَّذِي ذُكِرَ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي هَذَا، وَكَذَا يَذْكُرُ جِنْسَ الدَّيْنِ وَنَوْعَهُ وَصِفَتَهُ وَجَمِيعَ مَا ذَكَرْنَا فِي الدَّعْوَى. ثُمَّ

يَكْتُبُ فَوَاجِبٌ عَلَى فُلَانٍ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي ذُكِرَ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَدَاءُ هَذَا الْمَالِ لِيَقْبِضَهُ لِنَفْسِهِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ هَذَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ سَبَبِ الدَّيْنِ لِتَكُونَ الشَّهَادَةُ مُوَافِقَةً لِدَعْوَى الْمُدَّعِي، ثُمَّ يَكْتُبُ: وَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ بِمِثْلِ شَهَادَتِهِ هَذِهِ وَأَشَارَ فِي جَمِيعِ مَوَاضِعِ الْإِشَارَاتِ وَلَا يَكْتُبُ عَلَى مِثْلِ شَهَادَتِهِ، ثُمَّ يَكْتُبُ: فَأَتَوْا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا وَسَاقُوهَا عَلَى سُنَنِهَا وَسَمِعْتهَا وَأَثْبَتُّهَا فِي الْمَحْضَرِ الْمُخَلَّدِ فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ عَرَّفَ الْقَاضِي الشُّهُودَ أَثْبَتَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَهُمْ مَعْرُوفُونَ عِنْدِي بِالْعَدَالَةِ وَالرِّضَا، وَإِنْ لَمْ يُعَرِّفْهُمْ سَأَلَ الْمُزَكِّي عَنْ حَالِهِمْ وَالْوَاحِدُ يَكْفِي وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ فَإِنْ أَثْنَوْا عَلَيْهِمْ بِالْعَدَالَةِ؛ يَكْتُبُ: وَرَجَعْت فِي التَّعْرِيفِ عَنْ حَالِهِمْ إلَى مَنْ إلَيْهِ التَّزْكِيَةُ وَالتَّعْدِيلُ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَنَسَبَاهُمْ إلَى الْعَدَالَةِ وَالرِّضَا وَقَبُولِ الْقَوْلِ. ثُمَّ الْقَاضِي الْكَاتِبُ بَعْدَ مَا ظَهَرَتْ عِنْدَهُ عَدَالَةُ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا عِنْدَهُ بِالْحَقِّ لِلْمُدَّعِي يُحَلِّفُ الْمُدَّعِي بِاَللَّهِ مَا قَبَضْتَ هَذَا الْمَالَ مِنْهُ وَلَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَك أَوْ وَكِيلَك قَبَضَ مِنْهُ، وَإِذَا كَتَبَ الْكَاتِبُ الْكِتَابَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا يَكْتُبُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا: كُتِبَ هَذَا الْكِتَابُ عَنِّي بِأَمْرِي، إنْ كَانَ كَتَبَ الْكِتَابَ غَيْرُهُ وَجَرَى الْأَمْرُ عَلَى مَا بَيَّنَ فِيهِ مِنِّي وَعِنْدِي وَهُوَ كَمَا كَتَبَ فِيهِ وَهُوَ مُعَنْوَنٌ بِعُنْوَانَيْنِ عُنْوَانٍ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعُنْوَانٍ فِي بَاطِنِهِ وَهُوَ مَخْتُومٌ بِخَاتَمِي وَنَقْشِ خَاتَمِي كَذَا، وَهُوَ مَكْتُوبٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْصَافٍ مِنْ الْكَاغِدِ وَهُوَ مُوَقَّعٌ بِتَوْقِيعِي وَتَوْقِيعِي هَكَذَا كُتِبَ التَّوْقِيعُ عَلَى صَدْرِهِ، وَأَشْهَدْت عَلَيْهِ شُهُودًا وَهُمْ فُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ يَذْكُرُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَنْسَابَهُمْ وَحِلَاهُمْ وَقَرَأْتُ الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ وَأَعْلَمْتهمْ بِمَا فِيهِ وَخَتَمْت الْكِتَابَ بِمَحْضَرٍ مِنْهُمْ وَأَشْهَدْتهمْ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَكَتَبْت هَذِهِ الْأَسْطُرَ فِي آخِرِهِ وَهِيَ كَذَا خَطًّا بِخَطِّي فِي تَارِيخِ كَذَا. وَلَا يَكْتُبُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ نُسْخَتَيْنِ نُسْخَةً فِي يَدَيْ الْمُدَّعِي مَخْتُومًا بِتِلْكَ النُّسْخَةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ، وَنُسْخَةً أُخْرَى فِي يَدِ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِمَا فِي الْكِتَابِ شَرْطٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْمُغْنِي، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ لَمْ يَكْتُبْ فِي الْكِتَابِ تَارِيخًا لَمْ يَقْبَلْهُ وَإِنْ كَتَبَ فِيهِ تَارِيخًا يَنْظُرُ هَلْ هُوَ كَانَ قَاضِيًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَمْ لَا، وَلَا يَكْتَفِي بِالشَّهَادَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَكْتُوبًا وَكَذَا كَوْنُهُ كِتَابَ الْقَاضِي لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِمْ بِدُونِ الْكِتَابَةِ، وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى أَصْلِ الْحَادِثَةِ وَلَمْ يَكْتُبْ مَكْتُوبًا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ثُمَّ إذَا انْتَهَى الْكِتَابُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ يَنْبَغِي لِلْمَكْتُوبِ

إلَيْهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الَّذِي جَاءَ بِالْكِتَابِ وَبَيْنَ خَصْمِهِ بِطَلَبِهِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي إلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ ثُمَّ إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَالْمُدَّعِي يَدَّعِي حَقَّهُ عَلَيْهِ فَلْيَسْأَلْ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ دَعْوَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا أَلْزَمُهُ الْقَاضِي ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ وَوَقَعَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ الْكِتَابِ، وَإِنْ جَحَدَ دَعْوَاهُ حَتَّى احْتَاجَ الْمُدَّعِي إلَى إقَامَةِ الْحُجَّةِ يَعْرِضُ الْكِتَابَ عَلَى الْقَاضِي، فَإِذَا عَرَضَ فَالْقَاضِي يَقُولُ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَيَقُولُ: كِتَابُ الْقَاضِي فُلَانٍ؛ فَيَقُولُ لَهُ الْقَاضِي: هَاتِ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ هَذَا كِتَابُ ذَلِكَ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَلَوْ قَبِلَ الْكِتَابَ مِنْ غَيْرِ حَضْرَةِ خَصْمِهِ جَازَ، وَلَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ حَضْرَةِ خَصْمِهِ لَا يَجُوزُ، فَحَضْرَةُ الْخَصْمِ شَرْطُ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْكِتَابِ لَا شَرْطُ قَبُولِ الْكِتَابِ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الشُّرُوطِ وَإِنْ قَبِلَ ذَلِكَ وَلَيْسَ مَعَهُ خَصْمٌ جَازَ أَرَادَ بِهِ قَبُولَ الْكِتَابِ لَا قَبُولَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْكِتَابِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. فَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَيْك وَهُوَ مَخْتُومٌ بِخَاتَمِهِ فَحِينَئِذٍ يَقْبَلُ الْكِتَابَ وَيَقُولُ: هَلْ قَرَأَ عَلَيْكُمْ؟ وَهَلْ خَتَمَ بِحَضْرَتِكُمْ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا أَوْ قَرَأَ عَلَيْنَا وَلَمْ يَخْتِمْ بِحَضْرَتِنَا، أَوْ عَلَى الْعَكْسِ لَا يَأْخُذُ الْكِتَابَ، وَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ قَرَأَ عَلَيْنَا وَخَتَمَ بِحَضْرَتِنَا وَأَشْهَدَنَا يَفْتَحُ الْكِتَابَ. وَلَا يَكْتَفِي بِقَوْلِهِمْ: خُتِمَ عِنْدَنَا وَبِمَشْهَدِنَا، كَذَا فِي النِّهَايَة لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي وَخَاتَمُهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا فَتَحَ الْكِتَابَ يَنْظُرُ فِي الْكِتَابِ فَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ مُخَالِفَةً لِمَا فِي الْكِتَابِ رَدَّهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُوَافِقَةً إنْ كَانَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ عَدَالَةَ الشُّهُودِ أَوْ عَرَّفَهُمْ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِالْعَدَالَةِ يَقْضِي عَلَى الْخَصْمِ بِالْحَقِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ سَأَلَ الْقَاضِي عَنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ فَإِنْ عُدِّلُوا قَضَى بِشَهَادَتِهِمْ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْفَتْحُ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ وَإِنْ فَتَحَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْهُ جَازَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْكِتَابِ ظُهُورُ الْعَدَالَةِ لِلْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: فَإِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي سَلَّمَهُ إلَيْنَا فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ إلَى أَنْ قَالَ: فَتَحَهُ الْقَاضِي، فَلَمْ يَقُلْ: فَإِذَا شَهِدُوا وَعُدِّلُوا فَعَلِمَ بِهَذَا أَنَّهُ لَمْ يُشْتَرَطْ الْعَدَالَةُ لِلْفَتْحِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُفَضُّ الْكِتَابُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ لَكِنَّ هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ بِأَنْ يُفَضَّ الْكِتَابُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَمُخَالِفٌ لِمَا اخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي حَيْثُ قَالَ فِيهِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَفْتَحُ الْكِتَابَ قَبْلَ ظُهُورِ عَدَالَةِ الشُّهُودِ، ثُمَّ قَالَ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَصَحُّ أَيْ تَجْوِيزُ الْفَتْحِ عِنْدَ شَهَادَةِ الشُّهُودِ مُطْلَقًا بِأَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي وَخَتْمُهُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِعَدَالَةِ الشُّهُودِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا جَاءَ بِكِتَابٍ فِي حَقٍّ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُحْضِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا حَضَرَ سَأَلَ الَّذِي جَاءَ بِالْكِتَابِ أَهُوَ هَذَا الَّذِي تَدَّعِي عَلَيْهِ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ سَأَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوَكِيلٌ أَنْتَ

فِي الْكِتَابِ أَمْ صَاحِبُ الْكِتَابِ؟ فَإِنْ قَالَ صَاحِبُ الْكِتَابِ: سَأَلَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي، وَإِنْ قَالَ: أَنَا وَكِيلُ الطَّالِبِ وَأَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ؛ فَإِنَّهُ يُسْأَلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَأَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْكِتَابِ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ وَكَالَتِهِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُقْبَلُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ، قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا سَمِعَ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْكِتَابِ فَقَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ عَدَالَةُ الشُّهُودِ عَزَلَ الْكَاتِبَ ثُمَّ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُمْ قَضَى الْقَاضِي بِالْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا وَإِنْ عَدَلَتْ بَيِّنَةُ الْوَكَالَةِ وَلَمْ تَعْدِلْ بَيِّنَةُ الْكِتَابِ حَتَّى عَزَلَ الْقَاضِي الْكَاتِبَ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أُخْرَى عَلَى الْكِتَابِ وَالْخَتْمِ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِنْ عَدَلَتْ بَيِّنَةُ الْكِتَابِ وَلَمْ تَعْدِلْ بَيِّنَةُ الْوَكَالَةِ حَتَّى عَزَلَ الْكَاتِبَ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ فُلَانًا قَدْ كَانَ وَكَّلَهُ يَوْمَئِذٍ وَعَدَلَتْ الشُّهُودُ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ وَقَضَى بِالْوَكَالَةِ، وَهَذَا التَّفْرِيعُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ إنْ قَبِلَ الْقَاضِي الْكِتَابَ وَفَتَحَهُ وَأَتَى بِجَمِيعِ الشَّرَائِطِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا هَلْ يَقْضِي بِمَا فِي الْكِتَابِ؟ إنْ عَلِمَ الْقَاضِي إنَّ الَّذِي جَاءَ بِالْكِتَابِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ أَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ يَقْضِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا سَأَلَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَإِنْ سَأَلَ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ أَحْسَنُ قَصْرًا لِلْمَسَافَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْخَانِيَّةِ فَإِذَا جَاءَ الْمُدَّعِي بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَأَحْضَرَ خَصْمَهُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي وَخَاتَمِهِ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ وَفَتَحَ الْكِتَابَ وَقَرَأَهُ عَلَى الْخَصْمِ وَفَعَلَ كُلَّ مَا هُوَ شَرْطُ الْقَضَاءِ بِالْكِتَابِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ حَتَّى غَابَ الْخَصْمُ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ هَذَا الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ إلَى الْقَاضِي الَّذِي الْخَصْمُ فِي بَلَدِهِ لَا يَكْتُبُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَكْتُبُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَسْمَعُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ دَفْعَ الْخَصْمِ إذَا قَالَ: لِي دَفْعٌ. وَلَا تَجُوزُ الرِّسَالَةُ مَكَانَ الْكِتَابِ وَإِنْ وُجِدَتْ جَمِيعُ الشَّرَائِطِ وَيَجُوزُ اسْتِعَانَةُ الْقَاضِي مِنْ أَمِيرِ الْمِصْرِ الَّذِي وَلَّاهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْكِتَابِ بِكِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ يَبْعَثُ مَعَهُ أَمِينًا وَإِنْ كَانَ الْأَمِيرُ فِي مِصْرٍ آخَرَ يَعْتَبِرُ الشَّرَائِطَ مِنْ خَتْمِ الْكِتَابِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي وَإِذَا انْكَسَرَ خَاتَمُ الْقَاضِي الَّذِي عَلَى الْكِتَابِ أَوْ كَانَ الْكِتَابُ مَنْشُورًا وَفِي أَسْفَلِهِ خَاتَمُ الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ يَقْبَلُ الْكِتَابَ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي فُلَانٍ، وَأَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِمْ. قَالَ الْخَصَّافُ عُقَيْبَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ: هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ لَا يَقْبَلُ الْكِتَابَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُومًا غَيْرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إذَا كَانَ الْكِتَابُ غَيْرَ مَخْتُومٍ لَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى الْكِتَابِ مَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ بِمَا فِي الْكِتَابِ

ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ قَبُولَ الْكِتَابِ مَعَ كَسْرِ الْخَاتَمِ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ هَذَا مَا يُبْتَلَى بِهِ النَّاسُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قَوْلُ الْكُلِّ فِي الْكُبْرَى امْرَأَةٌ وَكَّلَتْ غَائِبًا وَأَشْهَدَتْ شُهُودًا بِذَلِكَ فَشَهِدُوا بَيْنَ يَدَيْ قَاضِي بَلْدَتِهَا لِيَكْتُبَ إلَى قَاضِي بَلْدَةِ الْوَكِيلِ لِيَحْكُمَ بِالْوَكَالَةِ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي دَارًا بِالْإِرْثِ فَالْقَاضِي الْكَاتِبُ يَكْتُبُ فِي كِتَابِهِ، وَذُكِرَ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مَاتَ ثُمَّ يَكْتُبُ وَتَرَكَ دَارًا فِي الْكُوفَةِ فِي بَنِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا، وَكَانَتْ هَذِهِ الدَّارُ مِلْكًا وَحَقًّا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفِي يَدِهِ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَخَلَّفَ فُلَانًا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَتَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ مِيرَاثًا لَهُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى بِذِكْرِ الْمُدَّعِي لَا أَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرِي ثُمَّ يَذْكُرُ وَأَتَانِي فُلَانٌ الْمُدَّعِي بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ فَشَهِدَا إنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَدْ تُوُفِّيَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا. وَإِذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ إلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ فِي بَلْدَةِ الْمُدَّعِي وَيَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ فِي بَلَدٍ آخَرَ غَيْرَ الْبَلْدَةِ الَّتِي فِيهَا الْمُدَّعِي وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي فِيهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ آخَرَ غَيْرَ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَفِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا الْقَاضِي يَكْتُبُ لَهُ بِذَلِكَ كِتَابًا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي هَذِهِ الْغَيْبَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَقَارُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَوَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَالْمَكْتُوبُ إلَيْهِ يَعْمَلُ بِهِ بِشَرَائِطِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَيَحْكُمُ بِهِ لِلْمُدَّعِي وَأَمَرَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ التَّسْلِيمِ فَالْقَاضِي يُسَلِّمُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ فِي وِلَايَتِهِ فَيَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَإِنْ كَانَ الْعَقَارُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعِي فَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ يَبْعَثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ وَكِيلَهُ مَعَ الْمُدَّعِي إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ، حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمَ الْعَقَارَ وَإِنْ شَاءَ حَكَمَ بِهِ لِوُجُودِ الْحُجَّةِ وَسَجَّلَ لَهُ وَكَتَبَ لَهُ الْقَاضِي قَضِيَّةَ الْعَقَارِ لِيَكُونَ فِي يَدِهِ، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ لَمْ يُسَلِّمْ الْعَقَارَ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَيْسَ فِي وِلَايَتِهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّسْلِيمِ. ثُمَّ إذَا أَوْرَدَ الْمُدَّعِي قَضِيَّةَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَضَائِهِ فَالْقَاضِي الْكَاتِبُ لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَنْفِيذِ ذَلِكَ الْقَضَاءِ، وَتَنْفِيذُ الْقَضَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْقَضَاءِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أَنَّهُ إذَا قَضَى لِلْمُدَّعِي وَسَجَّلَ لَهُ يَأْمُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ مَعَ الْمُدَّعِي أَمِينًا لِيُسَلِّمَ الدَّارَ إلَى الْمُدَّعِي، فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ كَتَبَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إلَى الْكَاتِبِ كِتَابًا وَيَحْكِي كَيْفِيَّةَ كِتَابِهِ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ وَيُخْبِرُهُ بِجَمِيعِ مَا جَرَى بَيْنَ الْمُدَّعِي وَبَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحُضُورِ الْمُدَّعِي وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْعَقَارِ وَأَمْرُهُ إيَّاهُ أَنْ يَبْعَثَ مَعَهُ أَحَدًا لِيُسَلِّمَ الْعَقَارَ إلَيْهِ وَامْتِنَاعُهُ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ يَكْتُبُ وَذَلِكَ قِبَلَك وَسَأَلَنِي الْمُدَّعِي الْكِتَابَ إلَيْك وَإِعْلَامَك بِحُكْمِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ بِذَلِكَ لِيُسَلِّمَ إلَيْهِ هَذَا الْعَقَارَ؛ فَاعْمَلْ فِي ذَلِكَ يَرْحَمُك اللَّهُ وَإِيَّانَا بِمَا

يَحِقُّ اللَّهُ عَلَيْك وَسَلِّمْ الْعَقَارَ الْمَحْدُودَ فِي الْكِتَابِ إلَى الْمُدَّعِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مُوصِلِ كِتَابِي هَذَا إلَيْك. فَإِذَا وَصَلَ هَذَا الْكِتَابُ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبُ سَلَّمَ الْعَقَارَ إلَى الْمُدَّعِي وَأَخْرَجَهُ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَقَارُ فِي بَلَدٍ آخَرَ غَيْرَ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ بَعَثَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ وَكِيلَهُ مَعَ الْمُدَّعِي إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْعَقَارُ، وَيَكْتُبُ إلَيْهِ كِتَابًا حَتَّى يَقْضِيَ لِلْمُدَّعِي بِالْعَقَارِ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ حَكَمَ بِهِ لِلْمُدَّعِي وَسَجَّلَ لَهُ وَلَكِنْ لَا يُسَلِّمُ الْعَقَارَ إلَيْهِ. وَإِذَا أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَيْفَ يَكْتُبُ صُورَتَهُ. إذَا كَانَ لِرَجُلِ بُخَارَى عَبْدٌ آبِقٌ إلَى سَمَرْقَنْدَ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ سَمَرْقَنْدِيٌّ فَأَخْبَرَ بِهِ الْمَوْلَى، وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى شُهُودٌ بِسَمَرْقَنْدَ إنَّمَا الشُّهُودُ بِبُخَارَى وَطَلَبَ الْمَوْلَى مِنْ قَاضِي بُخَارَى أَنْ يَكْتُبَ بِمَا شَهِدَ شُهُودُهُ عِنْدَهُ فَالْقَاضِي يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ، وَيَكْتُبُ لَهُ كِتَابًا إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الدُّيُونِ غَيْرَ أَنَّهُ يَكْتُبُ: شَهِدَ عِنْدِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَنَّ الْعَبْدَ السِّنْدِيَّ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: فُلَانٌ حِلْيَتُهُ كَذَا وَقَامَتُهُ كَذَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَسِنُّهُ كَذَا وَقِيمَتُهُ كَذَا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ مِلْكُ فُلَانٍ الْمُدَّعِي هَذَا وَقَدْ أَبَقَ إلَى سَمَرْقَنْدَ وَالْيَوْمُ فِي يَدِ فُلَانٍ بِسَمَرْقَنْدَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيُشْهِدُ عَلَى كِتَابِهِ شَاهِدَيْنِ يُشْخَصَانِ إلَى سَمَرْقَنْدَ وَيُعْلِمُهُمَا مَا فِي الْكِتَابِ حَتَّى يَشْهَدَا عِنْدَ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ بِالْكِتَابِ وَبِمَا فِيهِ، فَإِذَا انْتَهَى هَذَا الْكِتَابُ إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ يُحْضِرُ الْعَبْدَ مَعَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ حَتَّى يَشْهَدَا عِنْدَ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ بِالْكِتَابِ وَبِمَا فِيهِ حَتَّى يَقْبَلَ شَهَادَتَهُمَا بِالْإِجْمَاعِ. فَإِذَا قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا وَثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمَا عِنْدَهُ فَتَحَ الْكِتَابَ فَإِنْ وَجَدَ حِلْيَةَ الْعَبْدِ الْمَذْكُورِ مُخَالِفَةً لِمَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ عِنْدَ الْقَاضِي الْكَاتِبِ رَدَّ هَذَا الْكِتَابَ إذْ ظَهَرَ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ غَيْرُ الْمَشْهُودِ بِهِ فِي الْكِتَابِ، وَإِنْ كَانَتْ مُوَافِقَةً قَبِلَ الْكِتَابَ وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَى الْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْضِيَ لَهُ بِالْعَبْدِ وَيَأْخُذَ كَفِيلًا مِنْ الْمُدَّعِي بِنَفْسِ الْعَبْدِ وَيَجْعَلَ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ خَاتَمًا مِنْ رَصَاصٍ حَتَّى لَا يَتَعَرَّضَ لَهُ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ أَنَّهُ سَرَقَ، وَيَكْتُبَ كِتَابًا إلَى قَاضِي بُخَارَى بِذَلِكَ وَيُشْهِدَ شَاهِدَيْنِ عَلَى كِتَابِهِ وَخَتْمِهِ وَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ فَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى قَاضِي بُخَارَى وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ وَخَاتَمُهُ، أَمَرَ الْمُدَّعِيَ أَنْ يُحْضِرَ شُهُودَهُ الَّذِينَ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَيَشْهَدُونَ بِحَضْرَةِ الْعَبْدِ أَنَّهُ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي. فَإِذَا شَهِدُوا بِذَلِكَ مَاذَا يَصْنَعُ قَاضِي بُخَارَى؟ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ قَاضِيَ بُخَارَى لَا يَقْضِي لِلْمُدَّعِي بِالْعَبْدِ وَلَكِنْ يَكْتُبُ كِتَابًا آخَرَ إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ وَيَكْتُبُ فِيهِ مَا جَرَى عِنْدَهُ وَيُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ عَلَى كِتَابِهِ وَخَاتَمِهِ وَمَا فِيهِ وَيَبْعَثُ بِالْعَبْدِ مَعَهُ بِسَمَرْقَنْدَ حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ بِالْعَبْدِ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ وَشَهِدَ الشَّاهِدَانِ عِنْدَهُ بِالْكِتَابِ وَالْخَتْمِ وَبِمَا فِي الْكِتَابِ وَظَهَرَتْ عَدَالَةُ الشَّاهِدَيْنِ قَضَى لِلْمُدَّعِي بِالْعَبْدِ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَبْرَأَ كَفِيلَ الْمُدَّعِي. وَقَالَ

فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: قَالَ: إنَّ قَاضِيَ بُخَارَى يَقْضِي بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي وَيَكْتُبُ إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ حَتَّى يُبْرِئَ كَفِيلَ الْمُدَّعِي، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي جَوَّزَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كِتَابَ الْقَاضِي فِي الْإِمَاءِ صُورَتُهُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْعَبْدِ غَيْرَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا لَمْ يَكُنْ ثِقَةً مَأْمُونًا فَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ لَا يَدْفَعُهَا إلَيْهِ وَلَكِنْ يَأْمُرُ الْمُدَّعِي حَتَّى يَجِيءَ بِرَجُلٍ ثِقَةٍ مَأْمُونٍ فِي دِينِهِ وَعَقْلِهِ يَبْعَثُ بِهَا مَعَهُ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي بَابِ الْفُرُوجِ وَاجِبٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا مَاتَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْكِتَابُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَالْمَكْتُوبُ إلَيْهِ لَا يَعْمَلُ بِهَذَا الْكِتَابِ عِنْدَنَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَمَالِي: يَعْمَلُ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ قَبِلَهُ مَعَ هَذَا وَقَضَى بِهِ ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ أَمْضَاهُ؛ لِأَنَّ قَضَاءَهُ صَادَفَ الِاجْتِهَادَ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا مَاتَ بَعْدَ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَأَمَّا إذَا مَاتَ بَعْدَ وُصُولِ الْكِتَابِ وَالْقِرَاءَةِ فَإِنَّ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ يَعْمَلُ بِهِ، هَكَذَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ عَزَلَ الْقَاضِي الْكَاتِبَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا مَاتَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ لَوْ لَمْ يَبْقَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ قَبْلَ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ لَا يَقْبَلُهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَأَمَّا إذَا مَاتَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَوْ عُزِلَ وَاسْتُعْمِلَ مَكَانَهُ قَاضٍ آخَرُ فَوَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الَّذِي اُسْتُعْمِلَ فَهَلْ يَعْمَلُ بِهِ؟ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِي الْكِتَابِ وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ الْكِتَابُ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ يَعْمَلُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَابِ وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَعْمَلُ بِهِ عِنْدَنَا. قَالَ فِي كِتَابِ الْحَوَالَةِ: وَإِذَا جَاءَ الرَّجُلُ بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى قَاضٍ آخَرَ فَلَمْ يَجِدْ خَصْمَهُ ثَمَّةَ فَسَأَلَ الطَّالِبُ الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ بِمَا أَتَاهُ مِنْ الْقَاضِي الْأَوَّلِ فَعَلَ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَشَرَائِطُ الثُّبُوتِ مَا ذَكَرْنَا وَهَذَا؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي الْكَاتِبِ صَارَتْ مَنْقُولَةً إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ حُكْمًا فَيُعْتَبَرُ بِمَا لَوْ شَهِدُوا عِنْدَهُ حَقِيقَةً، وَلَوْ شَهِدُوا عِنْدَهُ حَقِيقَةً وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي خَصْمُهُ هُنَاكَ أَلَيْسَ أَنَّهُ يَكْتُبُ لَهُ كِتَابًا، كَذَا هُنَا إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ إنَّمَا يَكْتُبُ بِقَدْرِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ وَالثَّابِتُ عِنْدَهُ كِتَابُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ بِالْحَقِّ عَلَى الْغَائِبِ لَا نَفْسَ الْحَقِّ فَيَكْتُبُ وَيَنْسَخُ كِتَابَ الْقَاضِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ أَصْلُ الْحُجَّةِ وَإِنْ شَاءَ حَكَاهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي قَالَ لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ: إنِّي لَا أَجِدُ مِنْ الشُّهُودِ مَنْ يَصْحَبُنِي إلَى بَلَدِ الْخَصْمِ فَاكْتُبْ إلَى قَاضِي بَلَدِ كَذَا لِيَكْتُبَ ذَلِكَ الْقَاضِي إلَى قَاضِي بَلَدِ الْخَصْمِ أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي قَالَ لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ: اُكْتُبْ إلَى قَاضِي مَرْوَ وَإِلَى قَاضِي نَيْسَابُورَ حَتَّى أَذْهَبَ إلَى مَرْوَ فَإِنْ وَجَدْت خَصْمِي ثَمَّةَ وَإِلَّا ذَهَبْت إلَى قَاضِي نَيْسَابُورَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَاضِي يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَكْتُبُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنْ رَجَعَ الطَّالِبُ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ الْأَوَّلِ وَقَالَ: اُكْتُبْ إلَى قَاضِي بَلْدَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنِّي لَمْ أَجِدْ خَصْمِي فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ فَإِنَّهُ لَا يَكْتُبُ لَهُ فِي ذَلِكَ

حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْكِتَابَ فَإِذَا رُدَّ الْآنَ يَكْتُبُ وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ ثَانِيًا قَبْلَ رَدِّ ذَلِكَ الْكِتَابِ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ قَدْ كَتَبَ لَهُ مَرَّةً إلَى قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا بِهَذِهِ النُّسْخَةِ لِيَزُولَ بِهِ الِالْتِبَاسُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا كَتَبَ الْقَاضِي لِرَجُلٍ يَدَّعِي دَيْنًا عَلَى غَائِبٍ كِتَابًا وَخَتَمَ الْكِتَابَ ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي وَقَالَ: فَقَدْت الْكِتَابَ وَأَلْتَمِسُ كِتَابًا آخَرَ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَتَّهِمُهُ لَا يَكْتُبُ كِتَابًا آخَرَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَّهِمْهُ كَتَبَ لَكِنْ يَذْكُرُ فِي الْكِتَابِ الثَّانِي: إنِّي كَتَبْت إلَيْك فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ كِتَابًا فِي تَارِيخِ كَذَا ثُمَّ جَاءَنِي فَقَالَ: فَقَدْت ذَلِكَ الْكِتَابَ فَطَلَبَ مِنِّي وَكَتَبْت هَذَا الْكِتَابَ وَيَذْكُرُ التَّارِيخَ كَيْ لَا يَأْخُذَ الْحَقَّ مَرَّتَيْنِ بِكِتَابَيْنِ، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ مَا كَتَبَ لَهُ كِتَابًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ انْتَقَلَ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى فَاكْتُبْ لِي كِتَابًا إلَى قَاضِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ يَكْتُبُ وَيَذْكُرُ فِي كِتَابِهِ كُنْت كَتَبْت لَهُ إلَى قَاضِي بَلْدَةِ، كَذَا فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ كِتَابًا آخَرَ ثُمَّ قَالَ: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ انْتَقَلَ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ إلَى بَلَدِ كَذَا فَطَلَبَ هَذَا الْكِتَابَ احْتِيَاطًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَتَبَ كِتَابًا بِحَقٍّ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ فَلَمْ يَخْرُجْ الْكِتَابُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى حَضَرَ الْخَصْمُ الَّذِي أَخَذَ الْكِتَابَ عَلَيْهِ فَقَدَّمَهُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ حَتَّى يُعِيدَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِ. وَإِنْ كَتَبَ الْقَاضِي إلَى الْأَمِيرِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ وَهُوَ مَعَهُ فِي الْمِصْرِ " أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ " وَقَصَّ الْقِصَّةَ وَالشَّهَادَةَ وَبَعَثَ بِالْكِتَابِ مَعَ ثِقَةٍ يَعْرِفُهُ الْأَمِيرُ فَإِنْ أَمْضَاهُ الْأَمِيرُ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَنْوَنًا وَلَا مَخْتُومًا وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي وَخَتْمُهُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عُنْوَانٌ بِاسْمِ الْقَاضِي وَبِاسْمِ الْأَمِيرِ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمَا وَأَجْدَادِهِمَا وَلَا يَكُونُ مَخْتُومًا وَلَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ قَاضِي رُسْتَاقٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ عَامِلِهَا وَإِنَّمَا يُقْبَلُ كِتَابُ قَاضِي مَدِينَةٍ فِيهَا مِنْبَرٌ وَجَمَاعَةٌ، وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْمِصْرَ شَرْطٌ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ وَلِكِتَابِ الْقَاضِي حُكْمُ الْقَضَاءِ، أَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَمْ يُشْتَرَطْ الْمِصْرُ فِيهَا لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ فَيُقْبَلُ فِيهَا كِتَابُ عَامِلِهَا وَيُقْبَلُ كِتَابُ قَاضِي الرَّسَاتِيقِ وَقَاضِي الْقَرْيَةِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فِي يَدَيْهِ أَمَةٌ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ وَقَضَى بِهَا الْقَاضِي لَهُ فَقَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ: إنِّي اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ فِي بَلْدَةِ كَذَا وَقَدْ دَفَعْت إلَيْهِ الثَّمَنَ؛ فَاسْمَعْ شُهُودِي وَاكْتُبْ لِي فَإِنَّهُ يَكْتُبُ لَهُ ذَلِكَ بِمَا يَصِحُّ عِنْدَهُ، وَلَوْ أَنَّ جَارِيَةً فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ بَعْدَ مَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ وَقَضَى الْقَاضِي بِحُرِّيَّتِهَا. فَإِنْ أَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي الْكِتَابَ يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ وَأَنَّهُ دَيْنٌ وَلَوْ أَنَّهَا لَمْ تُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى حُرِّيَّتِهَا وَلَكِنْ ادَّعَتْ الْحُرِّيَّةَ وَأَنْكَرَتْ إقْرَارَهَا بِالرِّقِّ وَلَمْ يَكُنْ لِذِي الْيَدِ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهَا بِالرِّقِّ جَعَلَهَا الْقَاضِي حُرَّةً وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا فَإِنَّهُمَا يَجْعَلَانِ عَلَيْهَا الْيَمِينَ. وَإِنْ قَالَ ذُو الْيَدِ: إنِّي

اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ وَنَقَدْت الثَّمَنَ فَاسْمَعْ مِنْ شُهُودِي لِأَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لَا يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَتْ حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ بَعْدَ مَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ وَصَدَّقَهَا صَاحِبُ الْيَدِ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَنْكَرَتْ الرِّقَّ ابْتِدَاءً وَادَّعَتْ حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ حَتَّى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ فِي هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ يُرِيدُ بِهِ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ فَإِذَا أَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ فَإِنْ حَلَفَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَكَلَ فَقَدْ أَقَرَّ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي فَيَلْزَمُهُ رَدُّ جَمِيعِ الثَّمَنِ. وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ لَمْ يَطْلُبْ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى حُرِّيَّتِهَا يُرِيدُ بِهِ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْرَدَ عَلَى قَاضٍ كِتَابًا مِنْ قَاضٍ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ فَوَافَى الْبَلَدَ وَقَدْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ فَأَحْضَرَ الطَّالِبُ وَرَثَةَ الْمَطْلُوبِ أَوْ وَصِيَّهُ وَجَاءَ بِالْكِتَابِ إلَى قَاضٍ، وَأَحْضَرَ شُهُودَهُ عَلَى الْكِتَابِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ الْكِتَابَ وَيَسْمَعُ مِنْ شُهُودِهِ عَلَى الْكِتَابِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ وَيَنْفُذُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ تَارِيخُ الْكِتَابِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَطْلُوبِ أَوْ قَبْلَهُ وَإِذَا أَوْرَدَ عَلَى قَاضٍ كِتَابَ قَاضٍ آخَرَ بِشَيْءٍ لَا يَرَاهُ هَذَا الْقَاضِي، وَهُوَ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُهُ فَرْقًا بَيْنَ الْكِتَابِ وَبَيْنَ السِّجِلِّ، فَإِنَّهُ إذَا أَوْرَدَ السِّجِلَّ مِنْ قَاضٍ إلَى آخَرَ وَهُوَ لَا يَرَى ذَلِكَ وَهُوَ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُهُ وَيُمْضِيهِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْرَدَ عَلَى قَاضٍ كِتَابًا مِنْ قَاضٍ بِحَقٍّ عَلَى رَجُلٍ وَكَانَ فِي الْكِتَابِ اسْمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَسَبُهُ وَصِنَاعَتُهُ وَفَخِذُهُ وَفِي تِلْكَ الصِّنَاعَةِ أَوْ فِي ذَلِكَ الْفَخِذِ اثْنَانِ عَلَى ذَلِكَ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ لَمْ يَقْبَلْ الْقَاضِي الْكِتَابَ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَطْلُوبِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَتَبَ فِيهِ الْكِتَابَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ الْقَبِيلَةِ أَوْ الصِّنَاعَةِ اثْنَانِ عَلَى ذَلِكَ الِاسْمِ أَنْفَذَ الْقَاضِي عَلَيْهِ الْحُكْمَ فَإِنْ قَالَ: الْمَطْلُوبُ فِي هَذَا الْفَخِذِ أَوْ فِي هَذِهِ التِّجَارَةِ رَجُلٌ آخَرُ عَلَى هَذَا الِاسْمِ وَالنَّسَبِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَلَمْ تُدْفَعْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ. وَإِنْ قَالَ: الْمَطْلُوبُ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ فِي هَذَا الْفَخِذِ أَوْ فِي هَذِهِ التِّجَارَةِ رَجُلٌ عَلَى هَذَا الِاسْمِ وَالنَّسَبِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ قَالَ: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ فِي هَذَا الْفَخِذِ أَوْ فِي هَذِهِ التِّجَارَةِ رَجُلٌ عَلَى هَذَا الِاسْمِ وَالنَّسَبِ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةِ وَتَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ، وَإِنْ قَالَ: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي هَذَا الْفَخِذِ أَوْ فِي هَذِهِ التِّجَارَةِ رَجُلٌ عَلَى هَذَا الِاسْمِ وَالنَّسَبِ وَأَنَّهُ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْتُ فُلَانٍ بَعْدَ تَارِيخِ الْكِتَابِ وَشَهَادَةِ الشُّهُودِ بِالْحَقِّ فِي كِتَابِ الْقَاضِي الْآنَ يُقْبَلُ وَتَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ، وَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ عَلَى مَيِّتٍ أَحْضَرَ الْقَاضِي بَعْضَ وَرَثَتِهِ وَسَمِعَ مِنْ الشُّهُودِ وَقَبِلَ الْكِتَابَ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ مَالٌ مُؤَجَّلٌ وَسَأَلَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بِذَلِكَ كِتَابًا فَإِنَّهُ يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ وَيَكْتُبُ لَهُ وَيَذْكُرُ فِيهِ الْأَجَلَ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ قَالَ: وَإِذَا ادَّعَى الْمَطْلُوبُ

أَنَّ الطَّالِبَ قَدْ أَبْرَأَنِي عَنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، أَوْ قَالَ: قَضَيْت الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ عَلَيَّ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، وَقَالَ لِلْقَاضِي: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقْدُمَ الْبَلْدَةَ الَّتِي فِيهَا الطَّالِبُ وَأَخَافَ أَنْ يَأْخُذَنِي بِالْمَالِ وَيَجْحَدَ الْإِبْرَاءَ وَالِاسْتِيفَاءَ وَشُهُودِي هَهُنَا، فَاسْمَعْ مِنْ شُهُودِي وَاكْتُبْ لِي إلَى ذَلِكَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مِنْ شُهُودِهِ؛ وَلَا يَكْتُبُ لَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَكْتُبُ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: جَحَدَنِي الِاسْتِيفَاءَ مَرَّةً وَخَاصَمَنِي مَرَّةً فَأَنَا أَخَافُ أَنْ يُخَاصِمَنِي مَرَّةً أُخْرَى فَاسْمَعْ مِنْ شُهُودِي فَاكْتُبْ إلَى قَاضِي ذَلِكَ الْبَلَدِ أَنَّهُ يَكْتُبُ. وَمِنْ جِنْسِ مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مَسْأَلَتَانِ أُخْرَيَانِ: أَحَدُهُمَا مَسْأَلَةُ الشُّفْعَةِ. وَصُورَتُهَا رَجُلٌ قَالَ لِلْقَاضِي: إنِّي اشْتَرَيْت دَارًا وَفُلَانٌ الْغَائِبُ شَفِيعُهَا وَقَدْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ وَأَخَافُ أَنِّي إذَا ذَهَبْت ثَمَّةَ يَأْخُذُنِي بِالشُّفْعَةِ وَيُنْكِرُ التَّسْلِيمَ وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَيَكْتُبَ بِذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي قُلْنَا. الثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ الطَّلَاقِ. وَصُورَتُهَا امْرَأَةٌ قَالَتْ لِلْقَاضِي: طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا وَهُوَ فِي بَلْدَةِ كَذَا الْيَوْمَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَذْهَبَ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ، وَأَخَافُ أَنَّ زَوْجِي يُنْكِرُ طَلَاقِي فَاسْمَعْ مِنْ شُهُودِي وَاكْتُبْ لِي إلَى قَاضِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ، فَالْقَاضِي هَلْ يُجِيبُهَا؟ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا، فَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ الْقَاضِي أَخْبَرَهُ عَنْ الْجُحُودِ وَالْخُصُومَةِ مَرَّةً سَمِعَ بَيِّنَتَهُ وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ. وَلَوْ كَانَ الطَّالِبُ أَبْرَأَ الْمَطْلُوبَ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ كَانَ الشَّفِيعُ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ عِنْدَ الْقَاضِي يَكْتُبُ مَا سَمِعَ مِنْهُمْ وَهَذَا عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ظَاهِرٌ قَالُوا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْتُبَ. وَإِذَا أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ بِعِلْمِهِ فَاعْلَمْ بِأَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ بِمَنْزِلَةِ قَضَائِهِ بِعِلْمِهِ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَّا أَنَّ فِي فَصْلِ الْكِتَابَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي صُورَةٍ وَهُوَ مَا إذَا عَلِمَ بِالْحَادِثَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَقْضَى ثُمَّ اُسْتُقْضِيَ. بَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يَكْتُبُ بِذَلِكَ الْعِلْمِ كَمَا لَا يَقْضِي بِذَلِكَ الْعِلْمِ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَكْتُبُ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ فِي دَارٍ فِي غَيْرِ مِصْرِهِ وَبِقَبْضِهَا أَوْ بِإِجَارَتِهَا وَأَرَادَ كِتَابَ الْقَاضِي فَالْقَاضِي يَكْتُبُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْقَاضِي عَرَّفَ الْمُوَكِّلَ أَثْبَتَ مَعْرِفَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ يَكْتُبُ، وَقَدْ سَأَلْته الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا ثُمَّ يَكْتُبُ وَقَدْ وَكَّلَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ يَذْكُرُ اسْمَ الْوَكِيلِ وَنَسَبَهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ رَسْمِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّارِ يَكْتُبُ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّارِ الَّتِي بِالْكُوفَةِ فِي بَنِي فُلَانٍ، وَإِذَا وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِيهَا يَكْتُبُ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِي دَارِهِ الَّتِي بِالْكُوفَةِ (فَالْحَاصِلُ) أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَذْكُرَ فِي الْكِتَابِ مَا يُوَكِّلُهُ بِهِ. ثُمَّ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ حَاضِرًا حَلَّاهُ زِيَادَةً فِي التَّعْرِيفِ، وَإِنْ تَرَكَ لَا يَضُرُّهُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا بِالْكُوفَةِ يَكْتُبُ: وَكَّلَ رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ، فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَوْكِيلَ الْغَائِبِ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لِعُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ قَبْلَ قَبُولِهِ

دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ كَمَا فِي تَوْكِيلِ الْحَاضِرِ، ثُمَّ إذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَالْقَاضِي يُحْضِرُ الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّارُ وَيَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكِتَابِ وَالْخَاتَمِ بِحَضْرَتِهِ وَيَفْتَحُ الْكِتَابَ بَعْدَ مَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَيَقْرَؤُهُ عَلَى الشُّهُودِ حَتَّى يَشْهَدُوا عَلَى مَا فِيهِ، وَبَعْدَ مَا ذُكِرَ سَأَلَ الْوَكِيلَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَإِنْ أَقَامَهَا سَأَلَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ عَنْ الدَّارِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِلْمُوَكِّلِ أَمَرَ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ وَإِنْ سَأَلَ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكِتَابَةِ فَحَسَنٌ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَ الْوَكِيلَ أَوَّلًا بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ثُمَّ يَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكِتَابِ، وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْوَكَالَةِ فِي الدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ وَالْعُرُوضِ الْوَدِيعَةِ وَالدَّيْنِ. قَالَ: وَلِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ فِي الدَّارِ أَنْ يُخَاصِمَ مَنْ نَازَعَهُ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ التَّوْكِيلِ. وَلَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ سَمَّى رَجُلًا بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ غَيْرَهُ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ إلَّا أَنْ يُؤَاجِرَ الدَّارَ وَيَكُونَ خَصْمًا لِمَنْ أَجَّرَهَا مِنْهُ قَالَ: وَإِذَا وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ بِمَهْرِهَا وَنَفَقَتِهَا وَكِيلًا وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي كِتَابًا فِي ذَلِكَ فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَذْكُرَ فِي كِتَابِهِ: وَذَكَرَتْ أَنَّ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنْ الْمَهْرِ كَذَا، وَقَدْ وَكَّلَتْ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ بِقَبْضِ ذَلِكَ مِنْ زَوْجِهَا وَبِالْخُصُومَةِ فِيهِ إنْ أَنْكَرَ. وَإِنَّمَا يَكْتُبُ وَبِالْخُصُومَةِ فِيهِ؛ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ، وَيَكْتُبُ أَيْضًا: وَكَّلَتْهُ بَطَلَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ زَوْجِهَا وَبِالْخُصُومَةِ فِيهَا، فَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْقَاضِي يُحْضِرُ الزَّوْجَ وَيَسْأَلُ عَنْ الْمَهْرِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ، وَلَوْ كَانَتْ وَكَّلَتْهُ بِمَهْرِهَا وَبِالْخُصُومَةِ فِي نَفَقَتِهَا حَتَّى يَفْرِضَ لَهَا كُلَّ شَهْرٍ نَفَقَةً مُسَمَّاةً وَكُلَّ سَنَةٍ كِسْوَةً مُسَمَّاةً، فَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ لَمْ يَقْبَلْ الْبَيِّنَةَ إلَّا بِحَضْرَةِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْخَصْمُ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَهُ سَأَلَهُ عَنْ الْمَهْرِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَخَذَهُ مِنْهُ وَيَفْرِضُ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ مَا يَصْلُحُهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ بِكِتَابِ الْقَاضِي فَقَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ الْقَاضِي شَهَادَةَ الشُّهُودِ عَلَى الْكِتَابِ تَوَارَى الْخَصْمُ فِي الْبَلْدَةِ قِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَبْعَثُ مُنَادِيًا يُنَادِي عَلَى بَابِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ اُخْرُجْ فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ نَصَبْت عَلَيْك وَكِيلًا وَقَضَيْت عَلَى الْوَكِيلِ. وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يُصَحِّحُوا هَذَا الْقَوْلَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ فِي عَيْبِ خَادِمٍ اشْتَرَاهُ وَأَخَذَ بِذَلِكَ كِتَابَ الْقَاضِي لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْخَادِمَ لَا يُرَدُّ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْتَظِرْ يَمِينَ الْمُوَكِّلِ وَرَدَّ بِالْعَيْبِ يَلْحَقُ بِالْبَائِعِ ضَرَرٌ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَلَا يَقَعُ التَّدَارُكُ بِالنُّكُولِ بِخِلَافِ فَصْلِ الدَّيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ هَهُنَا أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَمْلِكُ الرَّدَّ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُشْتَرِي وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ. وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْبَائِعُ رِضَا الْمُشْتَرِي، وَهَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَالْجَصَّاصُ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ

أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْوَكِيلَ يَمْلِكُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ إلَّا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ رِضَا الْمُشْتَرِي. وَجْهُ مَا ذُكِرَ هُنَا أَنَّ عَلَى الْقَاضِي صِيَانَةَ قَضَائِهِ عَنْ النَّقْضِ وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الشُّبْهَةِ وَصِيَانَةَ حَقِّ الْعِبَادِ، وَذَلِكَ بِانْتِظَارِ يَمِينِ الْمُشْتَرِي وَاعْتَبَرَهُ بِمَا إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَحْلِفُ الْمُشْتَرِيَ بِاَللَّهِ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْوَارِثُ ذَلِكَ وَوَجْهُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْقَاضِيَ نُصِبَ لِفَصْلِ الْخُصُومَاتِ لَا لِإِنْشَائِهَا وَفِي الِاسْتِحْلَافِ بِدُونِ طَلَبِ الْمُدَّعِي إنْشَاءُ الْخُصُومَةِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ الْوَلِيُّ فِي بَابِ الْقِصَاصِ بِاَللَّهِ مَا عَفَا بِدُونِ طَلَبِ الْقَاتِلِ، وَالْقِصَاصُ مِمَّا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ فَلَأَنْ لَا يُسْتَحْلَفَ هَهُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ لِلنَّظَرِ لِلْبَائِعِ وَالْبَائِعُ قَادِرٌ عَلَى النَّظَرِ لِنَفْسِهِ بِأَنْ يَدَّعِيَ الرِّضَا عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ تَرَكَ الدَّعْوَى لَمْ يَنْظُرْ لِنَفْسِهِ فَلَا يُنْظَرُ لَهُ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي اُسْتُشْهِدَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ عَاجِزٌ عَنْ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ وَالْقَاضِي نُصِبَ نَاظِرًا لِكُلِّ مَنْ عَجَزَ عَنْ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ، فَلِهَذَا يُسْتَحْلَفُ لَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالْوَالِي عَلَى بَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى نَاحِيَةٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ الْكِتَابَ الْحُكْمِيَّ فَإِنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ قَدْ وَلَّاهُ الْقَضَاءَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُوَلِّهِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْوَالِي قَلَّدَ إنْسَانًا وَأَجَازَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ هَلْ يُقْبَلُ كِتَابُ هَذَا الْقَاضِي يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ أَذِنَ لِهَذَا الْوَالِي بِالتَّقْلِيدِ قُبِلَ كِتَابُهُ وَمَا لَا فَلَا. ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ إنْ كَتَبَ الْخَلِيفَةُ إلَى قُضَاتِهِ إذَا كَانَ الْكِتَابُ فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي لَا يُقْبَلُ إلَّا بِالشَّرَائِطِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. وَأَمَّا كِتَابُهُ أَنَّهُ وَلَّى فُلَانًا أَوْ عَزَلَ فُلَانًا فَيُقْبَلُ عَنْهُ بِدُونِ تِلْكَ الشَّرَائِطِ وَيَعْمَلُ بِهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إذَا وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ حَقٌّ وَيَمْضِي عَلَيْهِ، وَهُوَ نَظِيرُ كِتَابِ سَائِرِ الرَّعَايَا بِشَيْءٍ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ بِدُونِ تِلْكَ الشَّرَائِطِ وَيَعْمَلُ بِهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إذَا وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ حَقٌّ، كَذَا هُنَا. قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَا يُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى كِتَابِ قَاضِي الْمُسْلِمِينَ لِذِمِّيٍّ عَلَى ذِمِّيٍّ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ جَاءَ بِكِتَابِ قَاضٍ إلَى قَاضٍ آخَرَ وَقَبِلَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْكِتَابَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْكِتَابِ ثُمَّ قَدِمَ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْحَقِّ عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ مِصْرَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَإِنَّ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ لَا يَعْمَلُ بِالْكِتَابِ وَيَأْمُرُ الطَّالِبَ أَنْ يُحْضِرَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ. إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إذَا غَلَبَ الْخَوَارِجُ عَلَى بَلْدَةٍ وَاسْتَقْضَوْا عَلَيْهَا قَاضِيًا مِنْ أَهْلِ الْبَلْدَةِ فَكَتَبَ هَذَا الْقَاضِي كِتَابًا إلَى قَاضِي أَهْلِ الْعَدْلِ فَإِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ يَعْلَمُ أَنَّ الشُّهُودَ الَّذِينَ شَهِدُوا عِنْدَ الْكَاتِبِ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ لَا يَقْبَلُ الْكِتَابَ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الشُّهُودَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ قَبِلَ الْكِتَابَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الشُّهُودَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْخَوَارِجِ لَا يَقْبَلُ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الباب الرابع والعشرون في التحكيم

[الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي التَّحْكِيمِ] ِ) تَفْسِيرُهُ تَصْيِيرُ غَيْرِهِ حَاكِمًا فَيَكُونُ الْحَكَمُ فِيمَا بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ كَالْقَاضِي فِي حَقِّ كَافَّةِ النَّاسِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِمَا بِمَنْزِلَةِ الْمُصْلِحِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ التَّحْكِيمَ جَائِزٌ وَشَرْطُ جَوَازِهِ أَنْ يَكُونَ الْحَكَمُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَقْتَ التَّحْكِيمِ وَوَقْتَ الْحُكْمِ أَيْضًا حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ وَقْتَ التَّحْكِيمِ وَصَارَ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ وَقْتَ الْحُكْمِ بِأَنْ كَانَ الْحَكَمُ عَبْدًا فَأُعْتِقَ أَوْ ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ وَحَكَمَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ، وَحُكْمُ هَذَا الْحَكَمِ يُفَارِقُ حُكْمَ الْقَاضِي الْمُوَلَّى مِنْ حَيْثُ إنَّ حُكْمَ هَذَا الْحَكَمِ إنَّمَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْخَصْمَيْنِ وَمَنْ رَضِيَ بِحُكْمِهِ، وَلَا يَتَعَدَّى إلَى مَنْ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي الْمُوَلَّى، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ وَالْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَالْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ. وَالْفَاسِقُ إذَا حَكَمَ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ عِنْدَنَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحَكِّمَيْنِ أَنْ يَرْجِعَ مَا لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِمَا، فَإِذَا حَكَمَ لَزِمَهُمَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ الْمُرَادُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ تَحْكِيمِ الذِّمِّيِّ أَنْ لَوْ كَانَ الذِّمِّيُّ حَكَمًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، أَمَّا لَوْ كَانَ الذِّمِّيُّ حَكَمًا فِيمَا بَيْنَ الذِّمِّيِّينَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ. وَذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ حَكَمَ الذِّمِّيُّ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَهْلُ الشَّهَادَةِ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ دُونَ الْمُسْلِمِينَ وَيَكُونُ تَرَاضِيهِمَا عَلَيْهِ فِي حَقِّهِمَا كَتَقْلِيدِ السُّلْطَانِ إيَّاهُ وَتَقْلِيدِ حُكُومَةِ الذِّمِّيِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ صَحِيحٌ وَتَقْلِيدُهُ بِأَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ التَّحْكِيمُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيَصِحُّ التَّحْكِيمُ فِيمَا يَمْلِكَانِ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمَا وَهُوَ حُقُوقُ الْعِبَادِ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَمْلِكَانِ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمَا، وَهُوَ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَجُوزَ التَّحْكِيمُ فِي الْأَمْوَالِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْقِصَاصِ وَتَضْمِينِ السَّرِقَةِ، وَلَا يَجُوزُ فِي حَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ وَلَا يَجُوزُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ، وَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي الْقِصَاصِ وَيَنْفُذُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ فِي سَائِرِ الْمُجْتَهِدَاتِ نَحْوَ الْكِنَايَاتِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لَكِنَّ مَشَايِخَنَا امْتَنَعُوا عَنْ هَذَا لِلْفَتْوَى كَيْ لَا يَتَجَاسَرَ الْعَوَامُّ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ حُكْمُهُ فِي دَمِ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَمْ تَرْضَ بِهِ وَحُكْمُ الْمُحَكَّمِ إنَّمَا يَنْفُذُ عَلَى مَنْ رَضِيَ بِحُكْمِهِ. وَإِنْ قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْقَاتِلِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ خَطَأً فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ حُكْمُهُ بِالدِّيَةِ عَلَيْهِ. حَكَّمَ الذِّمِّيَّانِ ذِمِّيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ خَرَجَ مِنْ الْحُكُومَةِ فِيمَا بَيْنَهُمَا أَرَادَ بِهِ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْمُسْلِمِ لَا عَلَى الذِّمِّيِّ حَتَّى لَوْ حَكَمَ لِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ حَكَمَ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الذِّمِّيِّ يَجُوزُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ مِنْ الْمَبْسُوطِ فَإِنَّهُ قَالَ: مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ حَكَّمَا ذِمِّيًّا جَازَ حُكْمُهُ عَلَى الذِّمِّيِّ دُونَ الْمُسْلِمِ وَكَذَلِكَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ حَكَّمَا مُسْلِمًا وَذِمِّيًّا فَإِنْ حَكَمَا لِلْمُسْلِمِ عَلَى الذِّمِّيِّ جَازَ وَإِنْ حَكَمَا لِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ حَكَّمَا عَبْدًا وَحُرًّا فَحَكَمَا لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُمَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَبْدِ لَا يَجُوزُ فَبَقِيَ الْحُرُّ مُنْفَرِدًا بِالْحُكْمِ وَقَدْ رَضِيَا بِتَحْكِيمِهِمَا فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا

بِهِ. حَكَمَ ذِمِّيٌّ بَيْنَ الْمُسْلِمَيْنِ فَأَجَازَاهُ لَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ حَكَّمَاهُ فِي الِابْتِدَاءِ. ذِمِّيَّانِ حَكَّمَا ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ الْحَكَمُ قَبْلَ الْحُكْمِ فَهُوَ عَلَى حُكُومَتِهِ. مُسْلِمٌ وَمُرْتَدٌّ حَكَّمَا حَكَمًا بَيْنَهُمَا ثُمَّ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَسْلَمَ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا جَازَ بِكُلِّ حَالٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَا بَيْنَهُمَا امْرَأَةً يَعْنِي يَجُوزُ إذَا حَكَّمَا بَيْنَهُمَا امْرَأَةً وَأَرَادَ بِهِ فِيمَا سِوَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ التَّحْكِيمَ يُبْتَنَى عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْمَرْأَةُ تَصْلُحُ شَاهِدَةً فِيمَا سِوَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَتَصْلُحُ حَكَمًا وَلَا تَصْلُحُ شَاهِدَةً فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَلَا تَصْلُحُ حَكَمًا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ مُعَلَّقًا بِالْأَخْطَارِ وَلَا مُضَافًا إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَصِحُّ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ لَا يَصِحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة صُورَةُ التَّعْلِيقِ إذَا قَالَا لِلْعَبْدِ: إذَا أَعْتَقْت فَاحْكُمْ بَيْنَنَا. أَوْ قَالَا لِرَجُلٍ: إذَا أَهَلَّ الْهِلَالُ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا. وَصُورَةُ الْإِضَافَةِ إذَا قَالَا لِرَجُلٍ: جَعَلْنَاك حَكَمًا غَدًا، أَوْ قَالَا: رَأْسَ الشَّهْرِ. وَإِذَا اصْطَلَحَا عَلَى حَكَمٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَسْأَلَ فُلَانًا الْفَقِيهَ ثُمَّ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا جَازَ. وَكَذَا إذَا اصْطَلَحَا عَلَى حَكَمٍ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَسْأَلَ الْفُقَهَاءَ ثُمَّ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ جَازَ، فَإِنْ سَأَلَ ذَلِكَ الْفَقِيهَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَحَكَمَ بَيْنَهُمَا جَازَ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِذَا سَأَلَ فَقِيهًا وَاحِدًا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَحَكَمَ بِقَوْلِهِ: جَازَ أَيْضًا. وَإِذَا اصْطَلَحَا عَلَى حَكَمٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فِي يَوْمِهِ هَذَا أَوْ مَجْلِسِهِ هَذَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ مَضَى ذَلِكَ الْيَوْمُ وَقَامَ عَنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ لَا يَبْقَى حَكَمًا. وَإِذَا رُفِعَ حُكْمُ الْحَاكِمِ الْمُحَكَّمِ إلَى الْقَاضِي الْمُوَلَّى فَالْقَاضِي يَنْظُرُ فِي حُكْمِهِ فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِرَأْيِهِ نَفَذَهُ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِرَأْيِهِ أَبْطَلَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْفُقَهَاءُ. وَإِذَا اصْطَلَحَ الرَّجُلَانِ عَلَى حَكَمٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَعْلَمَاهُ وَلَكِنَّهُمَا قَدْ اخْتَصَمَا إلَيْهِ وَحَكَمَ بَيْنَهُمَا جَازَ. وَإِذَا اصْطَلَحَا عَلَى غَائِبٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فَقَدِمَ وَحَكَمَ بَيْنَهُمَا جَازَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ فَأَيُّهُمَا حَكَمَ بَيْنَهُمَا جَازَ وَإِذَا تَقَدَّمَا إلَى أَحَدِهِمَا فَقَدْ عَيَّنَاهُ لِلْخُصُومَةِ وَلَا يَبْقَى الْآخَرُ حَكَمًا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَإِذَا اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَذَلِكَ بَاطِلٌ. وَلَوْ سَافَرَ الْحَكَمُ أَوْ مَرِضَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ بَرِئَ وَحَكَمَ جَازَ. وَلَوْ عَمِيَ الْحَكَمُ ثُمَّ ذَهَبَ الْعَمَى وَحَكَمَ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَحَكَمَ لَا يَجُوزُ. وَلَوْ وَجَّهَ الْحَكَمُ الْقَضَاءَ عَلَى أَحَدِهِمَا يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْحَكَمَ قَالَ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ: قَامَتْ عِنْدِي الْحُجَّةُ بِمَا ادَّعَى عَلَيْك مِنْ الْحَقِّ، ثُمَّ إنَّ الَّذِي تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ عَزَلَهُ ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ عَلَيْهِ. وَإِذَا وَكَّلَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ الْحَكَمَ بِالْخُصُومَةِ وَقَبِلَ الْحَكَمُ الْوَكَالَةَ خَرَجَ عَنْ الْحُكُومَةِ. ذُكِرَ فِي الْأَقْضِيَةِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: هَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَلْ مَا ذَكَرْنَا هُنَا قَوْلُ الْكُلِّ. وَإِذَا اشْتَرَى الْحَكَمُ الْعَبْدَ

الَّذِي اخْتَصَمَا إلَيْهِ فِيهِ أَوْ اشْتَرَاهُ ابْنُهُ أَوْ أَحَدٌ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الْحُكُومَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أُخْبِرَ الْمُحَكَّمُ بِإِقْرَارِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ بِأَنْ يَقُولَ لِأَحَدِهِمَا: اعْتَرَفْت عِنْدِي لِهَذَا بِكَذَا أَوْ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: قَامَتْ عِنْدِي عَلَيْك بَيِّنَةٌ لِهَذَا بِكَذَا فَعُدِّلُوا عِنْدِي وَقَدْ أَلْزَمْتُك ذَلِكَ وَحَكَمْت بِهِ لِهَذَا عَلَيْك؛ فَأَنْكَرَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِشَيْءٍ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِشَيْءٍ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ وَمَضَى الْقَضَاءُ وَنَفَذَ. وَإِنْ أُخْبِرَ الْمُحَكَّمُ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: كُنْت حَكَمْت عَلَيْك لِهَذَا بِكَذَا لَمْ يُصَدَّقْ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَلَوْ حَكَّمَا رَجُلَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا حَتَّى لَوْ حَكَمَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَا يُصَدَّقَانِ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكُومَةِ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُمَا كَسَائِرِ الرَّعَايَا بَعْدَ الْقِيَامِ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكُومَةِ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى قَوْلٍ بَاشَرَاهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. حَكَّمَا رَجُلًا فَأَجَازَ الْقَاضِي حُكُومَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ ثُمَّ حَكَمَ بِخِلَافِ رَأْيِ الْقَاضِي لَمْ يَجُزْ. حَكَّمَا رَجُلًا فَقَضَى لِأَحَدِهِمَا ثُمَّ حَكَّمَا آخَرَ يَنْفُذُ حُكْمُ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ جَائِزًا عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ جَوْرًا أَبْطَلَهُ. حَكَّمَا رَجُلًا فَحَكَمَ ثُمَّ حَكَّمَا آخَرَ فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا بِسِوَى ذَلِكَ وَلَا يَعْلَمُ بِالْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَا إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ يُنَفِّذُ حُكْمَ الْمُوَافِقِ لِرَأْيِهِ. حَكَّمَا رَجُلًا مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ فَقَالَا: لَمْ تَحْكُمْ بَيْنَنَا، وَقَالَ: حَكَمْت؛ فَالْحُكْمُ مُصَدَّقٌ مَادَامَ فِي مَجْلِسِهِ وَلَا يُصَدَّقُ بَعْدَهُ. أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنَّهُ حَكَمَ لَهُ وَأَنَّهُ يَجْحَدُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ شَهِدَ الْحَكَمُ أَنَّهُ قَضَى بِالْبَيِّنَةِ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ؛ جَازَ كَمَا يَجُوزُ مِنْ الْقَاضِي. شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْحَكَمَ قَضَى لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ الْحَكَمَ أَبْرَأَهُ مِنْ الْأَلْفِ الْمُدَّعَاةِ وَالْحَكَمُ غَائِبٌ أَوْ حَاضِرٌ يُقِرُّ أَوْ يُنْكِرُ؛ يُقْضَى بِالْبَرَاءَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْخُصُومَةُ فِي دَارٍ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْحَكَمَ قَدْ قَضَى بِهَا لِهَذَا وَشَهِدَ آخَرَانِ لِلْآخَرَانِ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا يَقْضِي بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ أَحَدِهِمَا يَقْضِي لَهُ إنْ كَانَتْ فِي يَدَيْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَرْضَى بِحُكْمِهِ تُتْرَكُ فِي يَدِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّ الْحَكَمَ قَضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ عَنْ الْحُكُومَةِ قَبْلَ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ بَاطِلٌ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْحَكَمَ قَضَى لَهُ بِالْمَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْحَكَمَ أَبْرَأَهُ عَنْ الْمَالِ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْحَكَمَ أَبْرَأَهُ عَنْ الْمَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّ الْحَكَمَ قَضَى لَهُ بِالْمَالِ يَوْمَ السَّبْتِ فَإِنَّ الْقَضَاءَ الْأَوَّلَ نَافِذٌ وَالْقَضَاءَ الثَّانِيَ بَاطِلٌ. وَلَا يَجُوزُ كِتَابُ

الْحَكَمِ إلَى الْقَاضِي وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى حَكَمٍ حَكَّمَهُ رَجُلَانِ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ شَهِدُوا عِنْدَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَحْكُمُ الْحَكَمُ بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى قَاضٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكْتُبْ إلَيْهِ إلَّا إذَا أَرْضَى الْخَصْمَانِ أَنْ يُنْفِذَ الْحَكَمُ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمَا فَيَجُوزُ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُمَا رَضِيَا بِحُكْمِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا رَدَّ الْحَكَمُ شَهَادَةَ شُهُودٍ شَهِدُوا عِنْدَهُ بِتُهْمَةٍ ثُمَّ شَهِدَ أُولَئِكَ الشُّهُودُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ أَوْ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَسْأَلُ عَنْهُمْ فَإِنْ عُدِّلُوا أَجَازَهُمْ وَأَنْ جُرِّحُوا رَدَّهُمْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّ الْقَاضِي الْمُوَلَّى شَهَادَتَهُمْ، وَإِذَا اصْطَلَحَا عَلَى حَكَمٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا وَأَجَازَ الْقَاضِي حُكُومَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا؛ فَهَذِهِ الْإِجَازَةُ مِنْ الْقَاضِي لَغْوٌ حَتَّى لَوْ حَكَمَ الْحَكَمُ بِخِلَافِ رَأْيِ الْقَاضِي فَلِلْقَاضِي أَنْ يُبْطِلَهُ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي مَأْذُونًا فِي الِاسْتِخْلَافِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَأْذُونًا فِي الِاسْتِخْلَافِ فَيَجِبُ أَنْ تَجُوزَ إجَازَتُهُ وَتُجْعَلُ إجَازَةُ الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ اسْتِخْلَافِهِ إيَّاهُ فِي الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُبْطِلَ حُكْمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَيْسَ لِلْحَكَمِ أَنْ يُفَوِّضَ التَّحْكِيمَ إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَيْنِ لَمْ يَرْضَيَا بِتَحْكِيمِهِ غَيْرَهُ فَإِنْ فَوَّضَ وَحَكَمَ الثَّانِي بِغَيْرِ رِضَاهُمَا وَأَجَازَ الْحَكَمُ الْأَوَّلُ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْخَصْمَانِ. وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ بِأَنَّ قَوْلَهُ: فَإِنْ أَجَازَهُ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ؛ لَا يَجُوزُ مِمَّا لَا يَكَادُ يَصِحُّ فَإِنَّهُ كَالْوَكِيلِ الْأَوَّلِ إذَا أَجَازَ بَيْعَ الْوَكِيلِ الثَّانِي جَازَ وَكَالْقَاضِي إذَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ إذَا أَجَازَ حُكْمَ خَلِيفَتِهِ جَازَ وَذُكِرَ فِي السِّيَرِ إذَا نَزَلَ قَوْمٌ عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ فَحَكَمَ غَيْرُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ أَجَازَ الْأَوَّلُ حُكْمَهُ جَازَ، وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: إنَّ إجَازَتَهُ بَاطِلَةٌ أَيْ إجَازَتُهُ تَحْكِيمَهُ وَتَفْوِيضَهُ إلَى الثَّانِي بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مِنْهُ بِالتَّحْكِيمِ فِي الِابْتِدَاءِ لَا يَصِحُّ فَكَذَا فِي الِانْتِهَاءِ، فَأَمَّا إجَازَتُهُ حُكْمَ الثَّانِي فَتَجُوزُ كَأَنَّهُ بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالْعِبَارَةِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ تَنْفِيذُ الْحُكْمِ عَلَيْهِمَا بِعِبَارَةِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ إجَازَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بَيْعَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْفُذُ بِدُونِ الْعِبَارَةِ بِالتَّعَاطِي، فَكَانَ الْمَقْصُودُ بِالتَّوْكِيلِ حُضُورَ رَأْيِ الْوَكِيلِ عِنْدَ الْبَيْعِ لَا عِبَارَتَهُ فَإِذَا أَجَازَ بَيْعَ الثَّانِي فَقَدْ حَضَرَ رَأْيُهُ ذَلِكَ الْعَقْدَ فَصَحَّ، وَبِخِلَافِ إجَازَةِ الْقَاضِي حُكْمَ خَلِيفَتِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَمْلِكُ الْقَضَاءَ بِمَا قَضَى خَلِيفَتُهُ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْخَصْمَيْنِ أَفَلَا يَمْلِكُ أَيْضًا إجَازَةَ قَضَاءِ الْغَيْرِ عَلَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ رِضَاهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا حَكَمَ رَجُلٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَمْ يَكُونَا حَكَّمَاهُ فَقَالَا بَعْدَ حُكْمِهِ: رَضِينَا بِحُكْمِهِ وَأَجَزْنَاهُ عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِذَا اصْطَلَحَ رَجُلَانِ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِذَا قَضَى أَحَدُهُمَا عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَقَضَى الْآخَرُ عَلَى خَصْمِهِ لَا يَجُوزُ وَإِذَا حَلَفَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَقَضَى عَلَيْهِ فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ: لَا أُجِيزُ حُكْمَهُ عَلَيَّ وَأَحْلِفُ؛ فَحُكْمُهُ عَلَيْهِ مَاضٍ. وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي مِنْ الِابْتِدَاءِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ وَعُدِّلُوا وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَازَ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الْحُكْمَ وَأَنْكَرَ التَّحْكِيمَ وَادَّعَى الْمُدَّعِي

ذَلِكَ كَانَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَهُ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ. وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ التَّحْكِيمِ وَالْحُكْمِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى التَّحْكِيمِ غَيْرَ الَّذِينَ جَرَى الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ كَانُوا هُمْ الَّذِينَ جَرَى الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَفِي الزِّيَادَاتِ إذَا رُفِعَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ فِي الْمُجْتَهِدَاتِ إلَى قَاضٍ وَهُوَ يَرَى خِلَافَ مَا حَكَمَ فَنَفَّذَهُ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى رَدَّ حُكْمِ الْمُحَكَّمِ أَيْضًا فَالْقَاضِي الثَّانِي لَا يَرُدُّهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَازَعَهُ فِي ذَلِكَ فَادَّعَى أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ ضَمِنَهُ لَهُ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَحَكَّمَا بَيْنَهُمَا رَجُلًا وَالْكَفِيلُ غَائِبٌ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ عَلَى الْمَالِ وَعَلَى الْكَفَالَةِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَحَكَمَ الْمُحَكَّمُ بِالْمَالِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِالْكَفَالَةِ عَنْهُ فَحُكْمُهُ جَائِزٌ عَلَى الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِحُكْمِهِ وَالْكَفِيلُ لَمْ يَرْضَ فَصَحَّ التَّحْكِيمُ فِي حَقِّهِمَا دُونَ الْكَفِيلِ، وَكَذَلِكَ إنْ حَضَرَ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ غَائِبٌ فَتَرَاضَى الطَّالِبُ وَالْكَفِيلُ وَالْكَفَالَةُ بِذَلِكَ بِأَمْرِ الْمَطْلُوبِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَحَكَمَ الْمُحَكَّمُ بِذَلِكَ كَانَ حُكْمُهُ جَائِزًا عَلَى الْكَفِيلِ دُونَ الْمَكْفُولِ عَنْهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا حَكَّمَا رَجُلًا بَيْنَهُمَا فَقَضَى لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ قَضَائِهِ وَقَضَى لِلْآخَرِ فَإِنَّ الْقَضَاءَ الْأَوَّلَ مَاضٍ وَالْقَضَاءَ الثَّانِيَ بَاطِلٌ. وَإِذَا اصْطَلَحَ الرَّجُلَانِ عَلَى حَكَمٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عِنْدَ قَاضٍ أَنَّ الْحَكَمَ قَضَى لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ هَذَا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَجْحَدُ أَوْ يُقِرُّ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ، وَإِذَا اصْطَلَحَ الرَّجُلَانِ عَلَى حَكَمٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فَقَضَى لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي بَعْضِ الدَّعَاوَى الَّذِي حَكَّمَا فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ عَنْ تَحْكِيمِ هَذَا الْحَكَمِ فِيمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا مِنْ الدَّعَاوَى فَإِنَّ الْقَضَاءَ الْأَوَّلَ نَافِذٌ، وَمَا يُقْضَى بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنْفُذُ. وَإِذَا. اصْطَلَحَ الْخَصْمَانِ عَلَى حَكَمٍ بَيْنَهُمَا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ عِنْدَهُ أَنَّ لَهُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَعَلَى كَفِيلِهِ الْغَائِبِ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: الشَّاهِدَانِ عَبْدَانِ فَإِنَّهُ يَسْمَعُ طَعْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَامَ الشَّاهِدَانِ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ مَوْلَاهُمَا قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُمَا وَعُدِّلَتْ بَيِّنَةُ الْعِتْقِ فَالْحَكَمُ يَقْضِي بِعِتْقِهِمَا فِي حَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَيَقْضِي بِالْمَالِ عَلَيْهِ وَلَا يَقْضِي بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَا يَثْبُتُ الْعِتْقُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى بِحُكْمِ الْحَكَمِ، وَإِنْ كَانَ حَصَلَ هَذَا مِنْ الْقَاضِي الْمُوَلَّى يَثْبُتُ الْعِتْقُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَيَثْبُتُ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ فَإِنْ جَاءَ مَوْلَى الْعَبْدَيْنِ وَأَنْكَرَ الْعِتْقَ وَقَدَّمَهُمَا إلَى الْقَاضِي فَإِنْ شَهِدَ هَذَانِ الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ شَهِدَ بِعِتْقِهِمَا عِنْدَ الْحَكَمِ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ عَلَى الْعِتْقِ وَقَضَى الْقَاضِي بِرِقِّهِمَا لِلْمَوْلَى أَبْطَلَ حُكْمَ الْحَكَمِ. قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ قَبْلَ رَجُلَيْنِ أَنَّهُمَا غَصَبَاهُ ثَوْبًا أَوْ شَيْئًا مِنْ الْكَيْلِيِّ أَوْ الْوَزْنِيِّ فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَرَضِيَ الْحَاضِرُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَكَمٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى حَقِّهِ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْحَاضِرَ نِصْفُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْغَائِبَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى مَيِّتٍ دَيْنًا وَوَرَثَتُهُ غُيَّبٌ إلَّا وَاحِدًا

الباب الخامس والعشرون في إثبات الوكالة والوراثة وفي إثبات الدين

فَاصْطَلَحَ هَذَا الْوَارِثُ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى حَكَمٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْمَيِّتِ بِحَقِّهِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ لَا يَظْهَرُ حُكْمُهُ فِي حَقِّ الْغُيَّبِ، غَيْرَ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ يَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَيَسْتَوْفِي ذَلِكَ مِمَّا فِي يَدِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ يَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ بِالنِّصْفِ. وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَنَقَدَ الثَّمَنَ ثُمَّ طَعَنَ بِعَيْبٍ وَاصْطَلَحَا عَلَى حَكَمٍ فَقَضَى بِالرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ فِي ذَلِكَ الْعَيْبِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ اصْطَلَحُوا جَمِيعًا عَلَى حُكْمِ هَذَا الْمُحَكَّمِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَالْبَائِعُ الْأَوَّلُ، وَرَدَّ هُوَ الْعَبْدَ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي فَأَرَادَ الْبَائِعُ الثَّانِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قِيَاسًا، وَلَهُ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِخَصْمٍ لِلْحَالِ إذْ لَا خُصُومَةَ مَعَهُ فِي الْعَيْبِ قَبْلَ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ تَحْكِيمُهُ مَعْنًى فِي الْعَيْبِ قَبْلَ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ فَصَارَ وُجُودُ هَذَا التَّحْكِيمِ وَالْعَدَمُ بِمَنْزِلَةٍ. وَلَوْ نَقَضَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ الْحُكُومَةَ بَعْدَ مَا رَدَّ الْعَبْدَ عَلَى الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ صَحَّ النَّقْضُ، وَإِذَا صَحَّ الْعَزْلُ لَا يَمْلِكُ الْحَكَمُ رَدَّ الْعَبْدِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ خَاصَمَ الْبَائِعُ الثَّانِي الْبَائِعَ الْأَوَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَبَبِ هَذَا الْعَيْبِ عِنْدَ قَاضٍ مِنْ الْقُضَاةِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَرُدَّهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرُدُّهُ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ سِلْعَةَ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ فَطَعَنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فَحَكَّمَا بَيْنَهُمَا حَكَمًا بِرِضَا الْآمِرِ فَرَدَّهَا الْحَكَمُ عَلَى الْبَائِعِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَيْبِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ بِنُكُولِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ، فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِنُكُولِ الْوَكِيلِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمُوَكَّلِ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِإِقْرَارِهِ بِالْعَيْبِ وَذَلِكَ عَيْبٌ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ رَدَّهُ عَلَى الْمُوَكَّلِ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَ يَحْدُثُ مِثْلُهُ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمُوَكَّلِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْمُوَكَّلِ وَإِنْ كَانَتْ الْحُكُومَةُ بِغَيْرِ رِضَا الْآمِرِ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَانَ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ اشْتَرَى عَبْدًا لِرَجُلٍ بِأَمْرِهِ فَطَعَنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بِهِ وَحَكَّمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا رَجُلًا بِرِضَا الْآمِرِ وَرَدَّهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِنُكُولٍ؛ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا عَلَى الْآمِرِ وَهَذَا ظَاهِرٌ. وَلَوْ كَانَ التَّحْكِيمُ بِغَيْرِ رِضَا الْآمِرِ وَرُدَّ بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَا، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَكَانَ الرَّدُّ جَائِزًا عَلَى الْآمِرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْيَتِيمَةِ وَسُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ وَصِيِّ الصَّغِيرِ وَعَنْ غَرِيمِ أَبِي الصَّغِيرِ إذَا حَكَّمَا رَجُلًا فَأَقَامَ الْغَرِيمُ عَلَى وَصِيِّ الصَّغِيرِ بَيِّنَةً عِنْدَهُ هَلْ لِلْحَكَمِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى وَصِيِّ الصَّغِيرِ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ أَمْ يَكُونُ لِلْقَاضِي خَاصَّةً؟ فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِشَيْءٍ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الصَّغِيرِ. وَسُئِلَ عَنْهَا أَبُو حَامِدٍ فَقَالَ: لَا. وَسُئِلَ عَنْهَا حِمْيَرُ الْوَبَرِيُّ، فَقَالَ: إنْ كَانَ فِي حُكْمِ الْحَاكِمِ نَظَرٌ لِلصَّبِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ وَيَنْفُذَ حُكْمُهُ فَيَكُونَ بِمَنْزِلَةِ صُلْحِ الْوَصِيِّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ وَالْوِرَاثَةِ وَفِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ وَالْوِرَاثَةِ وَفِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ) قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ رَجُلًا وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ بِالْكُوفَةِ وَبِقَبْضِهِ وَالْخُصُومَةِ فِيهِ وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى

الْوَكَالَةِ وَالْمُوَكِّلُ غَائِبٌ وَلَمْ يُحْضِرْ الْوَكِيلُ أَحَدًا لِلْمُوَكِّلِ قِبَلَهُ حَقٌّ وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ الْوَكَالَةَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْمَعُ مِنْ شُهُودِهِ حَتَّى يُحْضِرَ خَصْمًا قَالَ: وَإِنْ أَحْضَرَ رَجُلًا فَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ مُقِرٌّ أَوْ جَاحِدٌ لَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ مِنْ شُهُودِ الْوَكِيلِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَيُنْفِذُ لَهُ الْوَكَالَةَ، قَالَ: فَإِنْ أَحْضَرَ غَرِيمًا آخَرَ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِالْوَكَالَةِ عَلَى كُلِّ خَصْمٍ يَحْضُرُ، وَيَدَّعِي قِبَلَهُ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ قَالَ: وَلَوْ كَانَ وَكَّلَهُ وَكَالَةً بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي مِنْ شُهُودِهِ عَلَى الْوَكَالَةِ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَلَوْ كَانَ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ حَضَرَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قِبَلَ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ حَضَرَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ ثُمَّ جَاءَ بِخَصْمٍ آخَرَ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ مَرَّةً أُخْرَى بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ الْمُوَكِّلَ حَضَرَ لِيُوَكِّلَ عِنْدَ الْقَاضِي هَذَا الْوَكِيلَ فَقَالَ: وَكَّلْت هَذَا الْوَكِيلَ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لِي بِالْكُوفَةِ وَبِالْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ مَعَهُمَا أَحَدٌ لِلْمُوَكِّلِ قِبَلَهُ حَقٌّ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ الْمُوَكَّلَ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ قَبِلَ الْقَاضِي وَكَالَتَهُ وَأَنْفَذَهَا لِلْوَكِيلِ، فَإِنْ أَحْضَرَ الْوَكِيلُ أَحَدًا يَدَّعِي عَلَيْهِ لِلْمُوَكِّلِ وَقَدْ غَابَ الْمُوَكِّلُ كَانَ الْوَكِيلُ خَصْمًا لَهُ قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَعْرِفُ الْمُوَكَّلَ لَا يَقْبَلُ الْوَكَالَةَ، كَذَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي وَادَّعَى أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِاسْمِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَأَنَّ هَذَا الْمَالَ لِي وَأَنَّ فُلَانًا الَّذِي بِاسْمِهِ الْمَالُ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْمَالَ لِي وَأَنَّ اسْمَهُ عَارِيَّةٌ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ قَدْ وَكَّلَنِي بِقَبْضِ ذَلِكَ مِنْهُ وَبِالْخُصُومَةِ فِيهِ؛ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَإِنْ أَقَرَّ بِجَمِيعِ ذَلِكَ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِدَفْعِ الْمَالِ إلَى الْمُدَّعِي وَهَذَا لَمَّا عُرِفَ أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ فَإِقْرَارُهُ مِنْهُ بِذَلِكَ تَصَرُّفٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَفِي مَالِهِ فَيَنْفُذُ، فَقَدْ شَرَطَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ فُلَانًا الَّذِي بِاسْمِهِ الْمَالُ وَكَّلَنِي بِقَبْضِ الْمَالِ وَجُعِلَ هَذَا جَوَابَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ إذَا أَقَرَّ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي عَلَيْهِ بِاسْمِ فُلَانٍ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، ثُمَّ إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِدَفْعِ الْمَالِ إلَى الْمُدَّعِي لَا يَكُونُ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ، حَتَّى إذَا جَاءَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ التَّوْكِيلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ جَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى كُلَّهَا فَقَالَ الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي: حَلِّفْهُ لِي؛ فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: أَلَك بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَيْت مِنْ إقْرَارِ الرَّجُلِ بِالْمَالِ لَك وَمِنْ تَوْكِيلِهِ إيَّاكَ بِقَبْضِ ذَلِكَ الْمَالِ؟ ثُمَّ شُرِطَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالْمَالِ وَعَلَى تَوْكِيلِهِ إيَّاهُ بِالْقَبْضِ. وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَالِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِثُبُوتِ حَقِّ الْخُصُومَةِ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ فَيَطْلُبُ الْقَاضِي مِنْهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَبَعْدَ هَذَا فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْوَكَالَةِ ثَبَتَ كَوْنُهُ

خَصْمًا فَيَطْلُبُ الْقَاضِي مِنْهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ عَلَى نَحْوِ مَا ادَّعَى فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ وَيَتَعَدَّى هَذَا الْقَضَاءُ إلَى الْغَائِبِ، حَتَّى لَوْ جَاءَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ التَّوْكِيلَ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى الْمَالِ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَلَا بِاسْمِهِ عَلَيْك هَذَا الْمَالُ الَّذِي سَمَّاهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، هَذَا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْوَكَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى الْوَكَالَةِ فَقَالَ لِلْقَاضِي: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْلَمُ أَنَّ فُلَانًا الَّذِي بِاسْمِهِ الْمَالُ قَدْ وَكَّلَنِي بِقَبْضِ هَذَا الْمَالِ فَاسْتَحْلِفْهُ لِي عَلَى ذَلِكَ؛ فَالْقَاضِي يَسْتَحْلِفُهُ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ، وَكَّلَ هَذَا بِقَبْضِ الْمَالِ عَلَى مَا ادَّعَى هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي. وَأَضَافَ هَذَا الْجَوَابَ إلَى أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: هَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ إلَّا أَنَّ الْخَصَّافَ خَصَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِمَا، وَإِلَى هَذَا مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُهُمَا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَإِلَى هَذَا مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ إذَا حَلَّفَهُ، أَمَّا عَلَى الِاتِّفَاقِ أَوْ عَلَى الِاخْتِلَافِ إنْ حَلَفَ انْتَهَى الْأَمْرُ وَإِنْ نَكَلَ صَارَ مُقِرًّا بِالْوَكَالَةِ فَيَقْضِي الْقَاضِي بِالْوَكَالَةِ بِحُكْمِ إقْرَارِهِ ثُمَّ سَأَلَهُ الْقَاضِي عَنْ الْمَالِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَى أَمْرَهُ بِالتَّسْلِيمِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَالَ صَارَ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي فِي حَقِّ اسْتِحْلَافِهِ عَلَى الْمَالِ وَأَخْذِ الْمَالِ، وَلَا يَصِيرُ خَصْمًا لَهُ فِي إثْبَاتِ الْمَالِ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِالْمَالِ، فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ مِنْ الِابْتِدَاءِ صَرِيحًا إلَّا أَنَّهُ أَنْكَرَ الْمَالَ صَارَ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي فِي حَقِّ الِاسْتِحْلَافِ وَأَخْذِ الْمَالِ لَا فِي حَقِّ إثْبَاتِ الْمَالِ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَجُلٍ ادَّعَى أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ هَذَا وَأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ وَأَنْكَرَ الْمَالَ فَقَالَ الْمُدَّعِي: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ خَصْمًا لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَكِنْ يَكُونُ خَصْمًا فِي حَقِّ اسْتِحْلَافِهِ وَفِي حَقِّ أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ إنْ أَقَرَّ بِالْمَالِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْمَالِ وَجَحَدَ الْوَكَالَةَ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ مِنْ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْوَكَالَةِ فَإِنْ أَقَامَ ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ بِالْبَيِّنَةِ وَصَارَ خَصْمًا مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْوَكَالَةِ حَلَّفَهُ وَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي قُلْنَا فَإِنْ حَلَفَ فَقَدْ انْتَهَى الْأَمْرُ وَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ، وَلَكِنْ فِي حَقِّ أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ لَا فِي حَقِّ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ. قَالَ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى الْقَاضِي وَأَحْضَرَ مَعَهُ رَجُلًا آخَرَ فَادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى هَذَا وَالْخُصُومَةِ فِيهِ وَبِقَبْضِ الْعَيْنِ الَّتِي لَهُ فِي يَدِ هَذَا وَدِيعَةً

وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الْمُدَّعِي وَلَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْعَيْنِ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي وَقَالَ: إنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ عَلَى هَذَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَدْ وَكَّلَنِي بِالْخُصُومَةِ فِيهِ وَفِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَبِقَبْضِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ جُمْلَةً؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالدَّيْنِ جُمْلَةً يَقْضِي بِالْوَكَالَةِ وَيُعِيدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكُلِّ جُمْلَةً يَقْضِي بِالْكُلِّ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّيْنِ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكُلِّ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْوَكَالَةِ أَوَّلًا ثُمَّ يَقْضِي بِالْمَالِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَالِ، وَيُرَاعِي الْقَاضِي التَّرْتِيبَ فِي الْقَضَاءِ لَا فِي الْبَيِّنَةِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: آخُذُ بِالْقِيَاسِ لِظُهُورِ وَجْهِ الْقِيَاسِ، وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذَ بِالِاسْتِحْسَانِ لِحَاجَةِ النَّاسِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْوَصِيُّ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ وَالْمُوصَى بِهِ جُمْلَةً، وَالْوَارِثُ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّسَبِ وَمَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَالدَّيْنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُشْتَرَطُ إثْبَاتُ الْخُصُومَةِ أَوَّلًا ثُمَّ يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَقِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْخُصُومَةِ وَجَحَدَ الْمَدْيُونُ الْوَكَالَةَ وَالْمَالَ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الْوَكِيلِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْمَالِ جَمِيعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْمَالِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ: رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ عَلَى النَّاسِ فَأَحْضَرَ الْوَكِيلُ رَجُلًا يَدَّعِي قِبَلَهُ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ جَاحِدٌ لِلْوَكَالَةِ مُقِرٌّ بِالْحَقِّ أَوْ جَاحِدٌ لِلْحَقِّ وَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِالْوَكَالَةِ، فَقَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ عَدَالَةُ الشُّهُودِ غَابَ الرَّجُلُ ثُمَّ عُدِّلَتْ الشُّهُودُ؛ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِالْوَكَالَةِ مَا لَمْ يَحْضُرْ فَإِنْ أَحْضَرَ رَجُلًا آخَرَ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ جَاحِدُ الْوَكَالَةِ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الْأُولَى كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُ خَصْمًا عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ فِي حَقِّ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِكَوْنِ الْوَكَالَةِ وَاحِدَةً وَانْتَصَبَ الَّذِي أَحْضَرَ خَصْمًا عَنْ النَّاسِ كَافَّةً وَصَارَتْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْكُلِّ، وَلَوْ أَقَامَ عَلَى الْكُلِّ وَغَابَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَلَيْسَ أَنَّهُ يَقْضِي بِهَا عَلَى الْحَاضِرِ؟ كَذَا هَهُنَا وَاعْتَبَرَهُ فِي الْكِتَابِ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَى الْوَكِيلِ فَغَابَ الْوَكِيلُ وَحَضَرَ الْمُوَكِّلُ، أَوْ قَامَتْ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَغَابَ الْمُوَكِّلُ وَحَضَرَ الْوَكِيلُ، أَوْ قَامَتْ عَلَى الْمُوَرِّثِ حَالَ حَيَاتِهِ فَمَاتَ وَحَضَرَ الْوَارِثُ، أَوْ قَامَتْ عَلَى وَارِثٍ فَغَابَ هَذَا الْوَارِثُ وَحَضَرَ وَارِثٌ آخَرُ - فَإِنَّ فِي هَذِهِ الْفُصُولِ يَقْضِي بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الَّذِي حَضَرَ ثَانِيًا. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي وَقَالَ؛ إنَّ أَبِي فُلَانًا مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا غَيْرِي وَلَهُ عَلَى هَذَا كَذَا وَكَذَا مِنْ الْمَالِ فَاعْلَمْ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا أَوْ يَدَّعِيَ عَيْنًا فِي يَدِهِ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ غَصَبَهَا هَذَا مِنْ أَبِيهِ

أَوْ أَوْدَعَهَا إيَّاهُ أَبُوهُ أَوْ لَا يَتَعَرَّضُ بِشَيْءٍ فَيَذْكُرُ أَنَّهَا لِأَبِيهِ مَاتَ أَبُوهُ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ أَقَرَّ بِجَمِيعِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي صَحَّ إقْرَارُهُ وَأَمَرَهُ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ إلَيْهِ، هَذَا إذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ. وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَأَمَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ جَمِيعًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا عَلَى الْمَوْتِ وَالنَّسَبِ حَتَّى يَصِيرَ خَصْمًا ثُمَّ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَى ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ قَالَ الْخَصَّافُ: وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْقَائِلُ. بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: الْأَوَّلُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالثَّانِي قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الرَّازِيّ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: الْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ يَحْلِفُ قَوْلُ الْكُلِّ أَيْضًا قَالَا: وَهُوَ الصَّحِيحُ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا لَا يُسْتَحْلَفُ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ يُسْتَحْلَفُ ثُمَّ إذَا اسْتَحْلَفَ اسْتَحْلَفَ عَلَى حَاصِلِ الدَّعْوَى بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْك هَذَا الْمَالُ الَّذِي يَدَّعِي مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِي وَأَنَّهُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى النَّسَبِ وَالْمَوْتِ دُونَ الْمَالِ اسْتَحْلَفَ عَلَى الْمَالِ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ دُونَ الْمَوْتِ وَالنَّسَبِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّسَبِ دُونَ الْمَوْتِ وَالْمَالِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، أَيْضًا إذَا أَقَرَّ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي كُلِّهَا وَأُمِرَ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ إلَى الْمُدَّعِي لَا يَكُونُ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْأَبِ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ الْأَبُ حَيًّا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَّبِعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَقِّهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَتَّبِعُ الِابْنَ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالْوِرَاثَةِ وَالْمَوْتِ وَأَنْكَرَ الْمَالَ يَحْلِفُ عَلَى الْمَالِ وَهَذَا الْجَوَابُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ. أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْعِلْمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي وَقَالَ: إنَّ أَبَا هَذَا قَدْ مَاتَ وَلِي عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ مَاتَ أَبُوهُ؟ وَلَا يَأْمُرُهُ بِجَوَابِ دَعْوَى الْمُدَّعِي أَوَّلًا فَبَعْدَ ذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ أَقَرَّ الِابْنُ فَقَالَ: نَعَمْ مَاتَ أَبِي، أَوْ أَنْكَرَ مَوْتَ الْأَبِ فَإِنْ أَقَرَّ وَقَالَ: نَعَمْ مَاتَ أَبِي؛ سَأَلَهُ الْقَاضِي عَنْ دَعْوَى الرَّجُلِ عَلَى أَبِيهِ فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِالدَّيْنِ عَلَى أَبِيهِ يُسْتَوْفَى الدَّيْنُ مِنْ نَصِيبِهِ، وَلَوْ أَنْكَرَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُضِيَ بِالدَّيْنِ وَيُسْتَوْفَى الدَّيْنُ مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ لَا مِنْ نَصِيبِ هَذَا الْوَارِثِ خَاصَّةً. ثُمَّ إنَّمَا يَقْضِي الْقَاضِي بِالدَّيْنِ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ مَا يَسْتَحْلِفُ الْمُدَّعِيَ عَلَى الْقَبْضِ وَالْإِبْرَاءِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْوَارِثُ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى الْحَيِّ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ

قَادِرٌ عَلَى الدَّعْوَى فَلَا يُسْتَحْلَفُ بِدُونِ دَعْوَاهُ لَهُ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ، هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي. وَذَكَرَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي مِنْ أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ فِي الْجِنْسِ الرَّابِعِ أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَالْقَاضِي لَا يُحَلِّفُ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ. وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُحَلِّفُ فَمَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي قَوْلُهُمَا وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخَصَّافِ، ثُمَّ إذَا أَرَادَ الِاسْتِحْلَافَ يَسْتَحْلِفُهُ مَا قَبَضْته وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا ارْتَهَنْت بِهِ مِنْهُ رَهْنًا وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ وَلَا احْتَلْت بِهِ عَلَى أَحَدٍ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ وَلَا نَعْلَمُ رَسُولًا أَوْ وَكِيلًا لَك قَبَضَ هَذَا الْمَالَ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ. وَإِنْ ذَكَرَ مَعَ ذَلِكَ وَلَا وَصَلَ إلَيْك بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَانَ أَحْوَطَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ هَذَا الْوَارِثِ يُسْتَحْلَفُ عَلَى الْعِلْمِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ لِهَذَا عَلَى أَبِيك هَذَا الْمَالَ الَّذِي ادَّعَى وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ. فَإِنْ حَلَفَ انْتَهَى الْأَمْرُ وَإِنْ نَكَلَ يُسْتَوْفَى الدَّيْنُ مِنْ نَصِيبِهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْوَارِثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ عَلَى الْأَبِ أَوْ أَنْكَرَ فَلَمَّا حَلَفَ نَكَلَ حَتَّى صَارَ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَصِلْ إلَيَّ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي فِي ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَذَّبَهُ وَقَالَ: لَا بَلْ وَصَلَ إلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرُ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ يُحَلِّفُهُ عَلَى الْبَتَاتِ بِاَللَّهِ مَا وَصَلَ إلَيْك مِنْ مَالِ أَبِيك هَذَا الْأَلْفُ وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ حَلَفَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. هَذَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى الدَّيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ حَلَّفَهُ عَلَى الْوُصُولِ فَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مِنْ الِابْتِدَاءِ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَ هَذَا الْوَارِثَ عَلَى الدَّيْنِ قَالَ لَهُ الْوَارِثُ: لَيْسَ لَك عَلَيَّ يَمِينٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيَّ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ شَيْءٌ وَكَذَّبَهُ الْمُدَّعِي وَقَالَ: لَا بَلْ وَصَلَ إلَيْك مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ كَذَا وَكَذَا أَوْ صَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ مَعَ هَذَا أَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ عَلَى الدَّيْنِ فَالْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِ الْوَارِثِ وَيُحَلِّفُهُ عَلَى الدَّيْنِ. وَفِي الْكُبْرَى وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي مِثْلِ هَذَا: لَا يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا يُسْتَحْلَفُ الْوَارِثُ قَبْلَ ظُهُورِ الْمَالِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ يُفْتِي فَإِنْ أَنْكَرَ الِابْنُ الدَّيْنَ وَوُصُولَ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ إلَى يَدِهِ وَكَذَّبَهُ الْمُدَّعِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ عَلَى الدَّيْنِ وَالْوُصُولِ جَمِيعًا لَمْ يَذْكُرْ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً بِاَللَّهِ مَا وَصَلَ إلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَا شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيك وَلَا تَعْلَمُ أَنَّ لِهَذَا الرَّجُلِ عَلَى أَبِيك دَيْنًا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَى؛ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْيَمِينِ عَلَى الْبَتَاتِ وَبَيْنَ الْيَمِينِ عَلَى الْعِلْمِ وَأَنَّهُ جَائِزٌ، كَمَا فِي حَدِيثِ الْقَسَامَةِ وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ مَرَّتَيْنِ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إنْ أَقَرَّ بِمَوْتِ الْأَبِ. وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ مَوْتَ الْأَبِ وَوُصُولَ التَّرِكَةِ إلَيْهِ وَأَرَادَ الْغَرِيمُ اسْتِحْلَافَهُ فَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَعْضِ نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ وَأَجَابَ فِيهَا أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْوُصُولِ وَالْمَوْتِ يَمِينًا وَاحِدَةً لَكِنْ عَلَى الْمَوْتِ عَلَى الْعِلْمِ وَعَلَى الْوُصُولِ عَلَى الْبَتَاتِ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ أَبَاك مَاتَ وَلَا وَصَلَ إلَيْك شَيْءٌ مِنْ مِيرَاثِهِ؛ وَبِهِ أَخَذَ

أُولَئِكَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَامَّةُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً عَلَى الْمَوْتِ عَلَى الْعِلْمِ وَمَرَّةً عَلَى الْوُصُولِ عَلَى الْبَتَاتِ، فَإِنْ نَكَلَ حَتَّى ثَبَتَ الْمَوْتُ وَثَبَتَ وُصُولُ الْمِيرَاثِ إلَيْهِ يَحْلِفُ عَلَى الدَّيْنِ عَلَى عِلْمِهِ، وَلَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَالْمَوْتِ وَأَنَّ هَذَا الْأَلْفَ تَرِكَةٌ إلَّا أَنَّهُ أَحْضَرَ جَمَاعَةً، وَقَالَ: هَؤُلَاءِ إخْوَتِي فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ بَدَأَ وَقَالَ: هَذَا الْأَلْفُ تَرِكَةٌ، ثُمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ إخْوَتِي وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى رَبِّ الدَّيْنِ وَإِنْ بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ بِالْإِخْوَةِ ثُمَّ بِالتَّرِكَةِ وَالدَّيْنِ فَقَدْ أَقَرَّ لَهُمْ بِالشَّرِكَةِ مَعَهُ فِي التَّرِكَةِ فَصَارَتْ التَّرِكَةُ مَقْسُومَةً بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ، وَإِذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَالتَّرِكَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ فِي حَقِّهِ وَيُسْتَوْفَى الدَّيْنُ مِنْ نَصِيبِهِ خَاصَّةً، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ فَادَّعَى وَارِثُهُ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَانَ لِأَبِيهِ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ وَصَارَ مِيرَاثًا لَهُ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ فَأَرَادَ الْوَارِثُ أَنْ يُحَلِّفَهُ حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ مَا كَانَ لِأَبِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَى. وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَ الِابْنُ بَيِّنَةً عَلَى الدَّيْنِ لَا يَحْلِفُ الِابْنُ عَلَى قَبْضِ الْأَبِ عِنْدَنَا وَإِنْ أَقَرَّ الْمَدْيُونُ بِالدَّيْنِ وَادَّعَى أَنَّ الْأَبَ قَبَضَ مِنْهُ الدَّيْنَ أَوْ عَرَّضَ الْمَدْيُونُ فَقَالَ: قَدْ يَكُونُ عَلَى الْإِنْسَانِ دَيْنٌ ثُمَّ لَا يَبْقَى بِاعْتِبَارِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ يَقْبِضُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَأَنَا لَا أُحِبُّ أَنْ أُقِرَّ بِشَيْءٍ مَخَافَةَ أَنْ يَلْزَمَنِي وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ يَحْلِفُ الِابْنُ حِينَئِذٍ عَلَى الْعِلْمِ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ أَبَاهُ قَدْ قَبَضَ هَذَا الْمَالَ. قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ: رَجُلٌ مَاتَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُ الْمَيِّتِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَنَّ قَاضِيَ بَلْدَةِ كَذَا قَضَى بِكَوْنِهِ وَارِثَ الْمَيِّتِ، وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا أَشْهَدَنَا عَلَى قَضَائِهِ أَنَّ هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ الْمَيِّتِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، وَقَالَ الشُّهُودُ: لَا نَدْرِي بِأَيِّ سَبَبٍ قَضَى فَإِنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِيَ يَجْعَلُهُ وَارِثًا وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي الثَّانِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعِيَ عَنْ نَسَبِهِ عَنْ الْمَيِّتِ، وَهَذَا السُّؤَالُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِتَنْفِيذِ الْقَضَاءِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّعِي سَبَبًا نَفَّذَ الْقَاضِي الثَّانِي قَضَاءَ الْأَوَّلِ، وَلَكِنَّ هَذَا السُّؤَالَ مِنْ الْقَاضِي عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ بِأَيِّ سَبَبٍ يُسْتَحْلَفُ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ وَارِثٌ آخَرُ يَعْرِفُ الْقَاضِي الثَّانِي أَنَّ أَيَّهُمَا أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ فَإِنْ أَخْبَرَ الْمُدَّعِي بِسَبَبٍ يَكُونُ بِهِ وَارِثًا عَلَى وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَمْضَى قَضَاءَ الْأَوَّلِ بِالْمِيرَاثِ وَدَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ وَلَكِنْ لَا يُقْضَى بِالسَّبَبِ الَّذِي ادَّعَى فَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ بَيَّنَ سَبَبًا لَا يَرِثُ مَعَ الْأَبِ، بِذَلِكَ السَّبَبِ جَعَلَ الْقَاضِي الْمِيرَاثَ كُلَّهُ لِلثَّانِي، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بَيَّنَ سَبَبًا يَرِثُ مَعَ الْأَبِ بِذَلِكَ بِأَنْ بَيَّنَ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ جَعَلَ الْقَاضِي الثَّانِي لِلْأَبِ سُدُسَ الْمِيرَاثِ وَإِنْ ذَكَرَ الْأَوَّلُ أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ، وَأَقَامَ الثَّانِي بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ يُعْطَى الثَّانِي خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ، وَإِنْ ذَكَرَ الْأَوَّلُ أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ وَادَّعَى الثَّانِي أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَقَضَى الْقَاضِي الثَّانِي بِأُبُوَّتِهِ جَعَلَ الْمِيرَاثَ لَهُ؛ لِأَنَّ أُبُوَّةَ الثَّانِي ثَبَتَتْ بِالْقَضَاءِ بِالْبَيِّنَةِ، وَأُبُوَّةُ الْأَوَّلِ لَمْ تَثْبُتْ إلَّا بِإِقْرَارِهِ. لَوْ جَاءَ رَجُلٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَبُو هَذَا الْمَيِّتِ وَقَضَى بِأُبُوَّتِهِ وَجَعَلَ الْمِيرَاثَ لَهُ وَأَقَامَ الثَّانِي بَيِّنَةً أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ

بَيِّنَتَهُ وَلَا يَدْخُلُ مَعَ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِيَ حِينَ قَضَى بِالْمِيرَاثِ لِلثَّانِي قَالَ الْأَوَّلُ: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عِنْدَك أَنِّي أَبُو الْمَيِّتِ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَإِنْ أَقَامَ الْأَوَّلُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ قَضَى بِأُبُوَّتِهِ جَعَلَ الْقَاضِي الثَّانِي الْمِيرَاثَ لِلْأَوَّلِ. وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَقْضِ بِأُبُوَّةِ الثَّانِي حَتَّى أَقَامَ الْأَوَّلُ بَيِّنَةً عَلَى أُبُوَّتِهِ قَضَى الْقَاضِي بِالْمِيرَاثِ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّعْوَى وَالْحُجَّةِ وَالْجَوَابُ فِي وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ كَالْجَوَابِ فِي الْأُبُوَّةِ بِأَنْ ادَّعَى الْأَوَّلُ أَنَّهُ مَوْلَى الْمَيِّتِ أَعْتَقَهُ وَأَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ إنَّمَا قَضَى بِالْمِيرَاثِ لِذَلِكَ وَادَّعَى الثَّانِي أَنَّهُ مَوْلَى الْمَيِّتِ أَعْتَقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ مُعْتَقًا مِنْ الِاثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْكَمَالِ كَمَا لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لِلِاثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْكَمَالِ فَصَارَ الْوَلَاءُ كَالنَّسَبِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَإِنْ سَبَقَ الْحُكْمُ لِأَحَدِهِمَا بِالْمِيرَاثِ بِسَبَبِ الْوَلَاءِ فَهُوَ أَوْلَى، وَإِنْ اجْتَمَعَا قَضَى بَيْنَهُمَا عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ زَعَمَ الْأَوَّلُ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَأَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ قَضَى بِالْمِيرَاثِ لِذَلِكَ، وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِمِثْلِهِ اشْتَرَكَا فِي الْمِيرَاثِ وَإِنْ سَبَقَ الْحُكْمُ لِأَحَدِهِمَا وَإِنْ زَعَمَ الْأَوَّلُ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَأَقَامَتْ امْرَأَةٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا بِنْتُ الْمَيِّتِ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَإِنْ تَقَدَّمَ الْحُكْمُ لِلْأَوَّلِ. وَلَوْ ادَّعَى الْأَوَّلُ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ أَوْ أَبُوهُ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لَا شَيْءَ لِلثَّانِي وَلَوْ كَانَ الْمَقْضِيُّ لَهُ امْرَأَةً زَعَمَتْ أَنَّهَا زَوْجَةُ الْمَيِّتِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ أَخَذَ مِنْهَا مَا زَادَ عَلَى الرُّبْعِ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ أَخَذَ مِنْهَا مَا زَادَ عَلَى الثُّمُنِ وَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ إذَا قَضَى بِوِرَاثَةِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ الْوِرَاثَةِ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً عِنْدَ الْقَاضِي الثَّانِي عَلَى نَسَبِهِ عَنْ الْمَيِّتِ يَسْأَلُ الْقَاضِي الثَّانِي الْأَوَّلَ عَنْ نَسَبِهِ إنْ ذَكَرَ نَسَبًا لَا يَرِثُ مَعَ الثَّانِي فَالْمِيرَاثُ كُلُّهُ لِلثَّانِي. وَإِنْ ذَكَرَ نَسَبًا لَا يَرِثُ الثَّانِي مَعَهُ فَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي، وَإِنْ ذَكَرَ نَسَبًا يَرِثُ الثَّانِي مَعَهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي الْمِيرَاثِ قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ لَهُ الْأَوَّلُ مَعْتُوهًا أَوْ صَغِيرًا لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَأَقَامَ بَعْضُ مَا ذَكَرْنَا بَيِّنَةً أَنَّهُ وَارِثُهُ وَبَيَّنَ نَسَبَهُ عَنْ الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي مِمَّنْ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِحَالٍ نَحْوِ الْأَخِ وَالْعَمِّ جَعَلَهُ الْقَاضِي سَاقِطًا بِالْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ لِلْأَوَّلِ أَفْضَلَ الْأَشْيَاءِ وَيَقْضِي لِلثَّانِي بِأَقَلَّ مَا يَكُونُ بَيَانُهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ ذَكَرًا يَجْعَلُ ابْنَ الْمَيِّتِ حَتَّى لَوْ كَانَ الثَّانِي أَبًا يُعْطِي لَهُ السُّدُسَ لِكَوْنِهِ أَقَلَّ. وَلَوْ كَانَ الثَّانِي زَوْجَةَ الْمَيِّتِ يُعْطِي لَهَا الثُّمُنَ لِكَوْنِهِ أَقَلَّ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا قَضَى بِأَنَّهَا وَارِثَةُ هَذَا الْمَيِّتِ، وَجَعَلَ كُلَّ الْمِيرَاثِ لَهَا نَفَّذَ الْقَاضِي الثَّانِي ذَلِكَ كَمَا يُنَفِّذُ لِلرَّجُلِ فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ أَوْ أَبُوهُ، أَوْ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا زَوْجَتُهُ سَأَلَ الْقَاضِي الثَّانِي الْمَرْأَةَ الْأُولَى عَنْ سَبَبِ الْقَضَاءِ لَهَا فَإِنْ زَعَمَتْ أَنَّهَا بِنْتُ الْمَيِّتِ عَامَلَ مَعَهَا بِزَعْمِهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ الْأُولَى صَغِيرَةً لَا تُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهَا أَوْ كَانَتْ مَعْتُوهَةً جَعَلَ الْقَاضِي لَهَا أَكْثَرَ مَا يَكُونُ لَهَا، وَجَعَلَ لِهَؤُلَاءِ أَقَلَّ مَا يَكُونُ لَهُمْ مَعَ الْمَرْأَةِ الْأُولَى حَتَّى لَا يَنْفُذَ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ إلَّا فِي الْقَدْرِ الْمُتَيَقَّنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى وَرَثَةِ رَجُلٍ دَيْنًا

عَلَى الْمَيِّتِ وَقَالَ: إنَّ أَبَا هَذَا قَدْ مَاتَ وَلِي عَلَيْهِ كَذَا وَقَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ طَائِعًا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُوفِيَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي يَدِ هَؤُلَاءِ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ وَزِيَادَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ أَعْيَانَ التَّرِكَةِ فَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنْ لَا يُشْتَرَطَ بَيَانُ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ لِإِثْبَاتِ الدَّيْنِ، وَلَكِنْ إنَّمَا يَأْمُرُ الْقَاضِي الْوَارِثَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا ثَبَتَ وُصُولُ التَّرِكَةِ إلَيْهِمْ وَعِنْدَ إنْكَارِهِمْ وُصُولَ التَّرِكَةِ إلَيْهِمْ لَا يُمْكِنُ الْمُدَّعِي إثْبَاتُهُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهِمْ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَقَالَ فِي دَعْوَاهُ: هَذِهِ الدَّارُ كَانَتْ لِأَبِي فُلَانٍ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِي وَلِأُخْتِي فُلَانَةَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُنَا وَتَرَكَ مَعَ هَذِهِ الدَّارِ ثِيَابًا أَوْ دَوَابَّ فَقَسَمْنَا الْمِيرَاثَ، وَوَقَعَتْ هَذِهِ الدَّارُ فِي نَصِيبِي بِالْقِسْمَةِ وَالْيَوْمَ جَمِيعُ هَذِهِ الدَّارِ مِلْكِي بِهَذَا السَّبَبِ وَفِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَدَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ وَلَكِنْ لَا بُدَّ وَأَنْ يَقُولَ: أَخَذَتْ أُخْتِي نَصِيبَهَا مِنْ تِلْكَ الْأَمْوَالِ حَتَّى يَصِحَّ مِنْهُ مُطَالَبَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ كُلِّ الدَّارِ إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ فِي دَعْوَاهُ: فَمَاتَ أَبِي وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِي وَأُخْتِي، ثُمَّ أَقَرَّتْ أُخْتِي بِجَمِيعِهَا لِي وَصَدَّقْتهَا فِي ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْمَعُ دَعْوَاهُ فِي الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ دَعْوَى الْمِلْكِ فِي الثُّلُثِ بِسَبَبِ الْإِقْرَارِ وَدَعْوَى الْمِلْكِ بِسَبَبِ الْإِقْرَارِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَعَلَيْهِ فَتْوَى عَامَّةِ الْمَشَايِخِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَمَنْ لَهُ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا أَرَادَ إثْبَاتَهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِالْأَدَاءِ فِي الْحَالِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إذَا أَرَادَتْ إثْبَاتَ بَقِيَّةِ مَهْرِهَا عَلَى الزَّوْجِ فَلَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِهِ فِي الْحَالِ. سُئِلَ الْقَاضِي الْإِمَامُ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ عَيْنًا فِي يَدِهِ، وَقَالَ: كَانَتْ هَذِهِ مِلْكَ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِي وَلِفُلَانٍ وَفُلَانٍ سَمَّى عَدَدَ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ حِصَّةَ نَفْسِهِ قَالَ: تَصِحُّ مِنْهُ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَإِذَا أَقَامَ عَلَى دَعْوَاهُ الْبَيِّنَةَ فَالْقَاضِي يَسْمَعُ، وَلَكِنْ إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْمُطَالَبَةِ بِالتَّسْلِيمِ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ حِصَّتَهُ، وَلَوْ كَانَ بَيَّنَ حِصَّتَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ عَدَدَ الْوَرَثَةِ بِأَنْ قَالَ: مَاتَ أَبِي وَتَرَكَ هَذِهِ الْعَيْنَ مِيرَاثًا لِي وَلِجَمَاعَةٍ سِوَايَ وَحِصَّتِي مِنْهُ كَذَا وَطَالَبَهُ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ قَالَ: لَا تَصِحُّ مِنْهُ هَذِهِ الدَّعْوَى وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ عَدَدِ الْوَرَثَةِ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ كَانَ نَصِيبُهُ أَنْقَصَ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَيْهِ، وَأَنَّ فِي يَدَيْك أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ وَطَالَبَهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ دَعْوَاهُ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَاتَ نَصْرَانِيٌّ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً فَقَالَتْ: أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ وَلِي الْمِيرَاثُ، وَقَالَتْ وَرَثَتُهُ: أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَا مِيرَاثَ لَك فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ. وَلَوْ مَاتَ الْمُسْلِمُ وَلَهُ امْرَأَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ فَجَاءَتْ مُسْلِمَةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ: أَسْلَمْت قَبْلَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ أَيْضًا، كَذَا فِي الْكَافِي وَلَا يُحَكَّمُ الْحَالُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلِاسْتِحْقَاقِ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إلَيْهِ، أَمَّا الْوَرَثَةُ فَهُمْ الدَّافِعُونَ وَيَشْهَدُ لَهُمْ ظَاهِرُ الْحُدُوثِ أَيْضًا. وَمَنْ مَاتَ وَلَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: هَذَا ابْنُ الْمَيِّتِ

لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ؛ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ أَنَّهُ وَكِيلُ الْمُودِعِ بِالْقَبْضِ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ حَيْثُ لَا يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقِيَامِ حَقِّ الْمُودِعِ إذْ هُوَ حَيٌّ؛ فَيَكُونُ إقْرَارًا عَلَى مَالِ الْغَيْرِ وَلَا كَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ بِخِلَافِ الْمَدْيُونِ إذَا أَقَرَّ بِتَوْكِيلِ غَيْرِهِ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَيَكُونُ إقْرَارًا عَلَى نَفْسِهِ فَيُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ لِآخَرَ: هَذَا ابْنُ الْمَيِّتِ أَيْضًا، وَقَالَ الْأَوَّلُ: لَيْسَ لِلْمَيِّتِ ابْنٌ غَيْرِي؛ قَضَى بِالْمَالِ لِلْأَوَّلِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ فِي فَصْلِ الْوَدِيعَةِ إذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالتَّسْلِيمِ، وَمَعَ هَذَا سَلَّمَ ثُمَّ أَرَادَ الِاسْتِرْدَادَ هَلْ لَهُ ذَلِكَ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِرْدَادَ. وَكَانَ وَالِدِي يَحْكِي عَنْ أُسْتَاذِهِ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَتَرَدَّدُ فِي جَوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي فَصْلِ الْوَدِيعَةِ إذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالتَّسْلِيمِ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى ضَاعَتْ فِي يَدِهِ هَلْ يَضْمَنُ؟ قِيلَ: لَا يَضْمَنُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ، وَإِذَا قُسِمَ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ أَوْ بَيْنَ الْوَرَثَةِ؛ قَالَ: لَا يَأْخُذُ مِنْ الْغَرِيمِ وَلَا مِنْ الْوَرَثَةِ كَفِيلًا وَهَذَا شَيْءٌ احْتَاطَ بِهِ بَعْضُ الْقُضَاةِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ ظُلْمٌ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَقَالَا: لَا يَأْخُذُ الْكَفِيلَ أَيْ لَا يُدْفَعُ الْمَالُ إلَيْهِمْ حَتَّى يَأْخُذَ الْكَفِيلَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ وَهُوَ يُدْفَعُ إلَى الْمُدَّعِي إنَّمَا يَصِحُّ أَنْ لَوْ كَانَ وَارِثًا مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ فَالْحُكْمُ بِخِلَافِهِ، ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: وَإِذَا حَضَرَ الرَّجُلُ وَادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَعْرِفُوهُمْ لَكِنْ قَالُوا: تَرَكَهَا مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ شَيْئًا حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مَا لَمْ يَشْهَدُوا لَا يَصِيرُ نَصِيبُ هَذَا الْوَاحِدِ مَعْلُومًا وَالْقَضَاءُ بِغَيْرِ الْمَعْلُومِ مُتَعَذِّرٌ (وَهَهُنَا ثَلَاثَةُ فُصُولٍ) الْأَوَّلُ هَذَا، وَالثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ ابْنُهُ وَوَارِثُهُ لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا غَيْرُهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ، وَالْفَصْلُ الثَّالِثُ إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ مَالِكِ هَذِهِ الدَّارِ وَلَمْ يَشْهَدُوا لَهُ عَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ: لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا غَيْرُهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَتَلَوَّمُ زَمَانًا عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى فَإِنْ حَضَرَ وَارِثٌ غَيْرُهُ قَسَمَ الْمَالَ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ دَفَعَ الدَّارَ إلَيْهِ وَهَلْ يَأْخُذُ كَفِيلًا بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَأْخُذُ ثُمَّ إنَّمَا يَدْفَعُ إلَى الْوَارِثِ الَّذِي حَضَرَ جَمِيعَ الْمَالِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ إذَا كَانَ هَذَا الْوَارِثُ مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ وَلَا يَخْتَلِفُ نَصِيبُهُ، فَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ وَلَكِنْ يَخْتَلِفُ نَصِيبُهُ كَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ هَلْ يُدْفَعُ إلَيْهِ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ أَوْ أَوْفَرُ النَّصِيبَيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَوْفَرُ

الباب السادس والعشرون في الحبس والملازمة

النَّصِيبَيْنِ وَهُوَ النِّصْفُ لِلزَّوْجِ وَالرُّبْعُ لِلْمَرْأَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ. وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ وَالْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ وَالْإِرْثُ بِالشَّهَادَةِ، أَمَّا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ وَالْإِرْثُ بِالْإِقْرَارِ فَيُؤْخَذُ الْكَفِيلُ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ فُلَانٍ الْغَائِبِ قَضَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَتَرَكَ النِّصْفَ الْآخَرَ فِي يَدِ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ وَلَا يَسْتَوْثِقُ مِنْهُ بِكَفِيلٍ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: إنْ كَانَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ جَاحِدًا أُخِذَ مِنْهُ وَجُعِلَ فِي يَدِ أَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يَجْحَدْ تُرِكَ فِي يَدِهِ. وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي مَنْقُولٍ فَقَدْ قِيلَ: يُؤْخَذُ مِنْهُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْحِفْظِ. وَالنِّزَاعُ أَبْلَغُ فِيهِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ مُحْصَنٌ بِنَفْسِهِ وَلِهَذَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ الْمَنْقُولِ عَلَى الْكَبِيرِ الْغَائِبِ دُونَ الْعَقَارِ، وَكَذَا حُكْمُ وَصِيِّ الْأُمِّ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ عَلَى الصَّغِيرِ وَقِيلَ: الْمَنْقُولُ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ أَظْهَرُ لِحَاجَتِهِ إلَى الْحِفْظِ، وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَيُسَلَّمُ النِّصْفُ إلَيْهِ بِذَلِكَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ فِيمَا يَسْتَحِقُّ لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ لَهُ وَعَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْمَيِّتُ فِي الْحَقِيقَةِ وَوَاحِدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ يَصْلُحُ خَلِيفَةً عَنْهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الِاسْتِيفَاءِ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ عَامَلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَصْلُحُ نَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ فَلِهَذَا لَا يَسْتَوْفِي الدَّارَ إلَّا نَصِيبَهُ، وَصَارَ كَمَا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِدَيْنِ الْمَيِّتِ إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ اسْتِحْقَاقُ الْكُلِّ عَلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ إذَا كَانَ الْكُلُّ فِي يَدِهِ ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. [الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ] (الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ) وَإِذَا جَاءَ رَجُلٌ بِرَجُلٍ إلَى الْقَاضِي وَأَثْبَتَ عَلَيْهِ مَالَهُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ أَقَرَّ الرَّجُلُ لَهُ فَالْقَاضِي لَا يَحْبِسُهُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْمُدَّعِي هَذَا هُوَ مَذْهَبُنَا. وَإِذَا سَأَلَ الْمُدَّعِيَ ذَلِكَ ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْبِسُهُ فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ وَلَكِنْ يَقُولُ لَهُ: قُمْ فَأَرْضِهِ، فَإِنْ عَادَ مَرَّةً أُخْرَى حَبَسَهُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الدَّيْنِ الثَّابِتِ بِالْإِقْرَارِ وَبَيْنَ الدَّيْنِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخَصَّافِ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّ فِي فَصْلِ الْبَيِّنَةِ يُحْبَسُ فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ. وَفِي فَصْلِ الْإِقْرَارِ لَا يُحْبَسُ فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ حَتَّى تَظْهَرَ مُمَاطَلَتُهُ ثُمَّ فِي فَصْلِ الْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يَحْبِسْهُ فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ هَلْ يَحْبِسُهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يَحْبِسُهُ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَا يَحْبِسُهُ، إنَّمَا يَحْبِسُهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ إذَا جَاءَ أَوَانُ الْحَبْسِ فَإِنْ عَرَفَ الْقَاضِي يَسَارَهُ حَبَسَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ يَسَارَهُ لَا يَسْأَلُهُ: أَلِك مَالٌ؟ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَلْ يَسْأَلُ الْمُدَّعِيَ أَلَهُ مَالٌ؟ فَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَسْأَلُ إلَّا إذَا طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَإِنْ سَأَلَ الْمَدْيُونَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ صَاحِبَ الدَّيْنِ

أَلَهُ مَالٌ؟ سَأَلَهُ الْقَاضِي بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ قَالَ الطَّالِبُ: هُوَ مُعْسِرٌ لَا يَحْبِسُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِعُسْرَتِهِ بَعْدَ الْحَبْسِ أَخْرَجَهُ وَقَبْلَ الْحَبْسِ لَا يَحْبِسُهُ، فَإِنْ قَالَ الطَّالِبُ: هُوَ مُوسِرٌ قَادِرٌ عَلَى الْقَضَاءِ. وَقَالَ الْمَدْيُونُ: أَنَا مُعْسِرٌ تَكَلَّمُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَدْيُونِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَ الدَّيْنُ وَاجِبًا بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ كَالْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْيَسَارِ مَرْوِيٌّ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ كَانَتْ ثَابِتَةً بِالْمُبْدَلِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي زَوَالِ تِلْكَ الْقُدْرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَدْيُونِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ مَا وَجَبَ بِعَقْدِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَدْيُونِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ إلَّا فِيمَا كَانَ بَدَلًا عَنْ مَالٍ فَلَا يُحْبَسُ فِي الْمَهْرِ، وَالْكَفَالَةُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَذَكَرَ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُفْتَى بِهِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ فِيمَا الْتَزَمَهُ بِعَقْدِهِ وَلَمْ يَكُنْ بَدَلَ مَالٍ وَالْعَمَلُ عَلَى مَا هُوَ فِي الْمُتُونِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ مَا فِي الْمُتُونِ وَالْفَتَاوَى فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمُتُونِ، وَكَذَا يُقَدَّمُ مَا فِي الشُّرُوحِ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْحَوَالَةِ: وَيَحْبِسُ فِي الدُّيُونِ كُلِّهَا كَائِنًا مَنْ كَانَ مِنْ أَخٍ أَوْ عَمٍّ أَوْ خَالٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا أَوْ صَحِيحًا أَوْ زَمِنًا أَوْ مُقْعَدًا أَوْ مَقْطُوعَ الْيَدِ، قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبًا أَوْ أُمًّا فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ وَاحِدٌ مِنْ الْأَبَوَيْنِ بِدَيْنِ الِابْنِ، وَكَذَلِكَ لَا يُحْبَسُ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَإِنْ عَلَوْا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُحْبَسُ. قَالَ: إلَّا أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِمَا نَفَقَتُهُ وَكُلُّ مَنْ أُجْبِرَ بِهِ عَلَى النَّفَقَةِ وَأَبَى؛ حَبَسَهُ أَبًا كَانَ أَوْ أُمًّا أَوْ جَدًّا أَوْ جَدَّةً أَوْ زَوْجًا وَالْمُكَاتَبُ وَالْعَبْدُ التَّاجِرُ فِي الْحَبْسِ بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْت لَك وَالْعَبْدُ لَا يُحْبَسُ لِمَوْلَاهُ، وَكَذَا لَا يُحْبَسُ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا حُبِسَ فِيهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَأَمَّا الصَّبِيُّ الْحُرُّ فَبَعْضُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَالُوا إلَى الْحَبْسِ وَجَعَلُوهُ كَالْبَالِغِ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: إذَا كَانَ لَهُ وَصِيٌّ يُحْبَسُ تَأْدِيبًا حَتَّى لَا يَعُودَ لِمِثْلِهِ وَلِيَضْجَرَ الْوَصِيُّ فَيَتَسَارَعُ إلَى إلْقَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ لَمْ يُحْبَسْ، فَأَمَّا إذَا كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَقَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ يُحْبَسُ بِدَيْنِهِ يَعْنِي الْأَبَ أَوْ الْوَصِيَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ نَصَبَ الْقَاضِي قَيِّمًا لِيَبِيعَ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَيُوفِي الْغُرَمَاءَ حَقَّهُمْ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَالْمُكَاتَبُ يَحْبِسُ مَوْلَاهُ إلَّا فِيمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْكِتَابَةِ وَالْمَوْلَى لَا يَحْبِسُ الْمُكَاتَبَ فِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ يَحْبِسُهُ فِي غَيْرِ مَالِ

الْكِتَابَةِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُحْبَسُ الْمُسْلِمُ بِدَيْنِ الذِّمِّيِّ وَالذِّمِّيُّ بِدَيْنِ الْمُسْلِمِ وَكَذَا الْمُسْتَأْمَنُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْكُبْرَى وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ وَيُحْبَسُ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ، فَأَمَّا قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْبِسُهُ، فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَدْلٌ بِذَلِكَ حَبَسَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَحْبِسُهُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي كَفَالَةِ الْأَصْلِ لَا تُحْبَسُ الْعَاقِلَةُ فِي دِيَةٍ وَلَا أَرْشٍ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ عَطَايَاهُمْ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْعَطَاءِ وَامْتَنَعُوا مِنْ الْأَدَاءِ يُحْبَسُونَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ فِي الْقِصَاصِ فَامْتَنَعَ عَنْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَكَلَ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ فِي الْيَمِينِ فِي الْقَسَامَةِ، وَيُحْبَسُ الدَّعَّارُونَ الَّذِينَ هُمْ مُخَوَّفُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلُ الْفَسَادِ حَتَّى تُعْرَفَ مِنْهُمْ التَّوْبَةُ وَالدَّعَّارُ مَنْ يَقْصِدُ إتْلَافَ أَمْوَالِ النَّاسِ أَوْ أَنْفُسَهُمْ أَوْ كِلَيْهِمَا، فَإِذَا كَانَ يُخَافُ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ حُبِسَ فِي السِّجْنِ حَتَّى تَظْهَرَ مِنْهُ التَّوْبَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلنِّسَاءِ مَحْبِسٌ عَلَى حِدَةٍ تَحَرُّزًا عَنْ الْفِتْنَةِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمَرْأَةَ تُحْبَسُ فِي مَحْبِسِ النِّسَاءِ وَلَكِنْ يَحْفَظُهَا الرَّجُلُ وَفِي مُخْتَصَرِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَيُحْبَسُ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ كَمَا يُحْبَسُ فِي الدَّيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَإِذَا حُبِسَ كَفِيلُ الرَّجُلِ بِأَمْرِهِ بِالْمَالِ فَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَحْبِسَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْكَفِيلَ إذَا طُولِبَ بِالْمَالِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْأَصِيلَ فَإِذَا لُوزِمَ كَانَ لَهُ أَنْ يُلَازِمَ الْأَصِيلَ، فَإِذَا أَخَذَ مِنْ الْكَفِيلِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْأَصِيلِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يَأْخُذُ الْمَالَ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْبِسَ الْكَفِيلَ وَالْأَصِيلُ لَهُ ذَلِكَ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى، وَكَذَا يُحْبَسُ كَفِيلُ الْكَفِيلِ وَإِنْ كَثُرُوا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَإِنْ حُبِسَ رَجُلٌ فِي دَيْنٍ وَجَاءَ آخَرُ يُطَالِبُهُ بِالدَّيْنِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُ الْمَطْلُوبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي، فَإِنْ قَامَتْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ أَقَرَّ أَعَادَهُ إلَى السِّجْنِ وَكَتَبَ فِي دِيوَانِهِ أَنَّهُ مَحْبُوسٌ بِحَقِّ هَذَا الْمُدَّعِي أَيْضًا مَعَ الْأَوَّلِ، حَتَّى إذَا قَضَى دَيْنَ أَحَدِهِمَا يَبْقَى مَحْبُوسًا بِدَيْنِ الْآخَرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ لِأَحَدِهِمَا الْقَلِيلُ وَلِلْآخَرِ الْأَكْثَرُ لِصَاحِبِ الْقَلِيلِ حَبْسُهُ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ إطْلَاقُهُ بِلَا رِضَاهُ، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا إطْلَاقَهُ بَعْدَ مَا رَضِيَا بِحَبْسِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَضْرِبَ مَحْبُوسًا فِي دَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ وَلَا يُصَفِّدَ وَلَا يُقَيِّدَ وَلَا يَغِلَّ وَلَا يَمُدَّ وَلَا يُجَرِّدَ وَلَا يُقِيمَهُ فِي الشَّمْسِ، وَإِذَا خَافَ الْقَاضِي عَلَى الْمَحْبُوسِ فِي السِّجْنِ أَنْ يَفِرَّ مِنْ حَبْسِهِ حَوَّلَهُ إلَى حَبْسِ اللُّصُوصِ، إلَّا إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللُّصُوصِ عَدَاوَةٌ، وَعَرَفَ لَوْ حَوَّلَهُ إلَيْهِمْ لَقَصَدُوهُ لَا يُحَوَّلُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يُقَامُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْحَقِّ إهَانَةً، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَحْبُوسُ لَا يَزَالُ يَهْرُبُ مِنْ السِّجْنِ يُؤَدِّبُهُ الْقَاضِي بِأَسْوَاطٍ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَمَتَى حَبَسَهُ الْقَاضِي يَكْتُبُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ فِي دِيوَانِهِ وَيَكْتُبُ مَنْ يُحْبَسُ لِأَجْلِهِ وَيَكْتُبُ

مِقْدَارَ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ وَيَكْتُبُ التَّارِيخَ فَيَكْتُبُ حُبِسَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا يَوْمَ كَذَا وَمِنْ شَهْرِ كَذَا فِي سَنَةِ كَذَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ: إذَا حُبِسَ الرَّجُلُ فِي الدَّيْنِ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً سَأَلَ الْقَاضِي عَنْهُ فِي السِّرِّ، وَإِنْ شَاءَ سَأَلَ عَنْهُ فِي السِّرِّ أَوَّلَ مَا يَحْبِسُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي تَقْدِيرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَدَّرَهَا بِشَهْرَيْنِ إلَى ثَلَاثَةٍ وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَدَّرَهَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِرِوَايَةِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَدَّرَهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَعَنْهُ بِرِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ قَدَّرَهَا بِشَهْرٍ، وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذُوا بِرِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: الْقَاضِي يَنْظُرُ إلَى الْمَحْبُوسِ إنْ رَأَى عَلَيْهِ زِيَّ الْفَقْرِ وَهُوَ صَاحِبُ عِيَالٍ تَشْكُو عِيَالُهُ إلَى الْقَاضِي الْبُؤْسَ وَضِيقَ النَّفَقَةِ وَكَانَ لَيِّنًا عِنْدَ جَوَابِ خَصْمِهِ حَبَسَهُ شَهْرًا ثُمَّ يَسْأَلُ، وَإِنْ كَانَ وَقَّاحًا عِنْدَ جَوَابِ خَصْمِهِ وَعَرَفَ تَمَرُّدَهُ وَرَأَى عَلَيْهِ أَمَارَةَ الْيَسَارِ حَبَسَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَسْأَلُ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ حَبَسَهُ شَهْرَيْنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَسْأَلُ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ وَهُوَ يَحْكِي عَنْ عَمِّهِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيِّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: لَيْسَ فِي هَذَا تَقْدِيرٌ لَازِمٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي فَإِنْ مَضَى سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَعَلِمَ تَعَنُّتَهُ يُدِيمُ الْحَبْسَ، وَإِنْ مَضَى شَهْرٌ وَظَهَرَ عَجْزُهُ وَعُسْرَتُهُ بِأَنْ شَهِدُوا بِإِفْلَاسِهِ خَلَّاهُ ثُمَّ إذَا سَأَلَ الْقَاضِي عَنْهُ فَإِنَّمَا يَسْأَلُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ مِنْ جِيرَانِهِ وَمَنْ يُخَالِطُهُمْ فِي الْمُعَامَلَةِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَإِنَّمَا يَسْأَلُ مِنْ جِيرَانِهِ وَأَصْدِقَائِهِ وَأَهْلِ سُوقِهِ مِنْ الثِّقَاتِ دُونَ الْفُسَّاقِ فَإِذَا قَالُوا: لَا نَعْرِفُ لَهُ مَالًا كَفَى ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا السُّوَالُ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ مَا حَبَسَهُ احْتِيَاطًا وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَإِذَا سَأَلَ عَنْهُ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى عُسْرَتِهِ أَخْرَجَهُ الْقَاضِي مِنْ الْحَبْسِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ بَلْ إذَا أُخْبِرَ بِذَلِكَ يَكْفِي، وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ ثِقَةٌ عَمِلَ بِقَوْلِهِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ السِّجْنِ وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ قَالُوا: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالُ حَالَ مُنَازَعَةٍ بِأَنْ لَمْ تَجْرِ بَيْنَ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ مُنَازَعَةٌ بِأَنْ ادَّعَى الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ أَعْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ الطَّالِبُ: إنَّهُ مُوسِرٌ، لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَمَتَى كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ خَلَّى سَبِيلَهُ وَلَا تَكُونُ هَذِهِ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ؛ لِأَنَّ الْعِسَارَ بَعْدَ الْيَسَارِ أَمْرٌ حَادِثٌ فَتَكُونُ شَهَادَةً بِأَمْرٍ حَادِثٍ لَا بِالنَّفْيِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ أَوْ اثْنَانِ بِإِعْسَارِهِ قَبْلَ الْحَبْسِ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَقْبَلُ وَلَا يَحْبِسُهُ، وَفِي رِوَايَةِ الْخَصَّافِ لَا يَقْبَلُ وَيَحْبِسُهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَبَعْدَ مَا خَلَّى سَبِيلَهُ هَلْ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يُلَازِمَهُ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُلَازِمَهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَحْسَنُ الْأَقَاوِيلِ فِي الْمُلَازَمَةِ

مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: يُلَازِمُهُ فِي مَشَيَاتِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ الدُّخُولِ إلَى أَهْلِهِ وَلَا مِنْ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ وَلَا مِنْ الْوُضُوءِ وَالْخَلَاءِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَيَجْلِسُ عَلَى بَابِ دَارِهِ حَتَّى يَخْرُجَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْلِسَهُ فِي مَوْضِعٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَبْسٌ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ. قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ كَانَتْ الْمُلَازَمَةُ تَضُرُّ بِعِيَالِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَكْتَسِبُ فِي سَقْيِ الْمَاءِ فِي طَوْفِهِ قَالَ: آمُرُ صَاحِبَ الْحَقِّ أَنْ يُوَكِّلَ غُلَامًا لَهُ يَكُونُ مَعَهُ وَلَا أَمْنَعُهُ عَنْ طَلَبِ قَدْرِ قُوتِ يَوْمِهِ لِنَفْسِهِ وَلِعِيَالِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَعْمَلُ فِي سُوقِهِ قَالَ: وَإِنْ شَاءَ تُرِكَ أَيَّامًا يَعْنِي هَذَا الْمُفْلِسَ ثُمَّ يُلَازِمُهُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ قُلْت لَهُ: فَإِنْ كَانَ عَامِلًا يَعْمَلُ بِيَدِهِ، قَالَ: إنْ كَانَ عَمَلًا يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَهُ حَيْثُ يُلَازِمُهُ أَيْ حَيْثُ يَجْلِسُ لَازَمَهُ وَيَعْمَلُ هُوَ ثَمَّةَ، وَإِنْ كَانَ عَمَلًا لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى الطَّلَبِ خَرَجَ وَطَلَبَ فَإِنْ كَانَ فِي مُلَازَمَتِهِ ذَهَابُ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ؛ أَمَرْته أَنْ يُقِيمَ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ يُخَلَّى سَبِيلُهُ فَلْيَسْتَرْزِقْ اللَّهَ تَعَالَى. وَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ إنْ كَانَ الْعَمَلُ سَقْيَ الْمَاءِ وَنَحْوَهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ أَمَّا أَنْ يَلْزَمَهُ أَوْ يَلْزَمَهُ نَائِبُهُ أَوْ أَجِيرُهُ أَوْ غُلَامُهُ إلَّا إذَا كَفَاهُ نَفَقَتُهُ أَوْ نَفَقَةُ عِيَالِهِ وَأَعْطَاهُ حِينَئِذٍ، كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَلْزُومِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِيهِ أَيْضًا لَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَمْنَعَ الْمَلْزُومَ أَنْ يَدْخُلَ فِي بَيْتِهِ لِغَائِطٍ أَوْ غَدَاءٍ إلَّا إذَا أَعْطَاهُ الْغَدَاءَ وَأَعَدَّ مَوْضِعًا آخَرَ لِأَجْلِ الْغَائِطِ حِينَئِذٍ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ وَفِي الْخَانِيَّةِ فَإِنْ قَالَ الْمَدْيُونُ: لَا أَجْلِسُ مَعَ غُلَامِك وَأَجْلِسُ مَعَك قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ فِي الْمُلَازَمَةِ الرَّأْيَ إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ لَا إلَى الْمَدْيُونِ إنْ شَاءَ لَازَمَهُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ لَازَمَهُ بِغَيْرِهِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّ الطَّالِبَ لَا يُلَازِمُ الْمَطْلُوبَ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ بُنِيَتْ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِلْمُلَازِمَةِ وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّ الطَّالِبَ لَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ بِاللَّيَالِيِ. وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ يَكْتَسِبُ بِاللَّيَالِيِ يُلَازَمُ فِي اللَّيَالِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ رَجُلٌ حَبَسَ غَرِيمًا لَهُ ثُمَّ غَابَ فَسَأَلَ الْقَاضِي عَنْ الْمَحْبُوسِ فَوَجَدَهُ مُعْسِرًا يَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا وَيُخَلِّي سَبِيلَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَغِيبُ الطَّالِبُ وَيُخْفِي نَفْسَهُ وَيُرِيدُ أَنْ يَطُولَ حَبْسُهُ فَيَتَضَرَّرُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لِلطَّالِبِ أَنْ يُلَازِمَ الْغَرِيمَ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْقَاضِي بِمُلَازَمَتِهِ وَلَا فَلَسِهِ إذَا كَانَ مُقِرًّا بِحَقِّهِ فَإِنْ قَالَ الْغَرِيمُ: احْبِسْنِي، وَأَبَى الطَّالِبُ إلَّا الْمُلَازَمَةَ؛ قَالَ: يُلَازِمُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَيْسَ لِلطَّالِبِ أَنْ يُقِيمَ فِي الشَّمْسِ أَوْ عَلَى الثَّلْجِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ يَضُرُّ بِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُئِلَ عَنْ مُلَازَمَةِ الْمَرْأَةِ قَالَ: آمُرُ غَرِيمَهَا أَنْ يَأْمُرَ امْرَأَةً حَتَّى تُلَازِمَهَا، فَقِيلَ لَهُ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ الْغَرِيمُ عَلَى امْرَأَةٍ تُلَازِمُهَا، قَالَ: أَقُولُ لِغَرِيمِهَا اجْعَلْ مَعَهَا امْرَأَةً، فَتَكُونَ فِي بَيْتِهَا وَتَكُونَ

أَنْتَ عَلَى الْبَابِ أَوْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ نَفْسِهَا وَحْدَهَا وَيَكُونُ الْغَرِيمُ عَلَى الْبَابِ، قِيلَ لَهُ: إذًا تَهْرُبُ الْمَرْأَةُ وَتَذْهَبُ قَالَ: لَيْسَ لَهُ إلَّا ذَلِكَ وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُلَازِمُهَا فِي مَوْضِعٍ لَا يُخَافُ عَلَيْهَا الْفِتْنَةُ كَالْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ إنْ شَاءَ بِرِجَالٍ وَإِنْ شَاءَ بِنِسَاءٍ وَهَذَا فِي النَّهَارِ، وَأَمَّا فِي اللَّيْلِ فَيُلَازِمُهَا بِالنِّسَاءِ لَا مَحَالَةَ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُلَازِمُ عَلَى وَجْهٍ يَقَعُ الْأَمْنُ مِنْ الْفِتْنَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ذَكَرَ هِلَالٌ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَنَّهُ فَقِيرٌ فَالْقَاضِي لَا يُخَلِّي سَبِيلَهُ حَتَّى يَسْأَلَ فِي السِّرِّ، وَأَنَّهُ حَسَنٌ فَإِنْ وَافَقَ خَبَرُ السِّرِّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ لَا يُخَلِّي سَبِيلَهُ أَيْضًا حَتَّى يَسْتَحْلِفَ الْمَحْبُوسَ، ثُمَّ يُخَلِّي سَبِيلَهُ وَإِنْ خَالَفَ خَبَرُ السِّرِّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ أَخَذَ بِخَبَرِ الْعُدُولِ فِي السِّرِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ بَعْدَ الْحَبْسِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِفْلَاسِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ بَعْدَ الْحَبْسِ مَقْبُولَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ أَقَامَ الْمَحْبُوسُ بَيِّنَةً عَلَى عُسْرَتِهِ وَأَقَامَ صَاحِبُ الْحَقِّ بَيِّنَةً عَلَى يَسَارِهِ أَخَذَ بِبَيِّنَةِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ كَيْفِيَّةَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِفْلَاسِ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْوَقْفِ كَيْفِيَّةَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِفْلَاسِ؛ فَقَالَ: يَنْبَغِي لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ فَقِيرٌ لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا وَلَا عَرْضًا مِنْ الْعُرُوضِ يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ حَدِّ الْفَقْرِ. وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَقُولُوا: إنَّهُ مُفْلِسٌ مُعْدِمٌ لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا سِوَى كِسْوَتِهِ الَّتِي عَلَيْهِ وَثِيَابِ لَيْلِهِ وَقَدْ اخْتَبَرْنَا أَمْرَهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَهَذَا أَتَمُّ وَأَبْلَغُ، ثُمَّ إذَا ثَبَتَتْ عُسْرَتُهُ فَالْقَاضِي لَا يَحْبِسُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْرِفْ لَهُ مَالًا وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى عُسْرَتِهِ بَعْدَ مَا مَضَتْ مُدَّةٌ فِي الْحَبْسِ وَكَانَ الطَّالِبُ غَائِبًا فَالْقَاضِي لَا يَنْتَظِرُ حُضُورَ الْغَائِبِ بَلْ يُخْرِجُهُ مِنْ السِّجْنِ وَلَكِنْ يَأْخُذُ كَفِيلًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إعْسَارِ الْمَحْبُوسِ فَقَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِإِفْلَاسِهِ أَطْلَقَ رَبُّ الدَّيْنِ الْمَحْبُوسَ فَطَلَبَ الْمَحْبُوسُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِعُسْرَتِهِ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا بِحَضْرَةِ رَبِّ الدَّيْنِ أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ فَائِدَةً حَتَّى لَا يَحْبِسَهُ رَبُّ الدَّيْنِ ثَانِيًا مِنْ سَاعَتِهِ وَحَتَّى لَا يَحْبِسَهُ دَائِنٌ آخَرُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مَحْبُوسًا بِدَيْنِ رَجُلَيْنِ فَأَدَّى إلَى أَحَدِهِمَا لَا يَخْرُجُ مِنْ السِّجْنِ حَتَّى يُؤَدِّيَ حَقَّ الْآخَرِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمَحْبُوسِ أَنْ يُؤْثِرَ بَعْضَ الْغُرَمَاءِ عَلَى الْبَعْضِ وَقَدْ نُصَّ فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ عَلَى ذَلِكَ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ ثَمَّةَ: رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسُمِائَةٍ وَلِوَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَثُمِائَةٍ وَلِوَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَتَانِ؛ فَاجْتَمَعَ الْغُرَمَاءُ وَحَبَسُوهُ بِدُيُونِهِمْ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَمَالُهُ خَمْسُمِائَةٍ كَيْفَ يَقْسِمُ مَالَهُ بَيْنَهُمْ؟ قَالَ: إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ حَاضِرًا فَإِنَّهُ يَقْضِي دُيُونَهُ بِنَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَ الْبَعْضَ عَلَى الْبَعْضِ فِي الْقَضَاءِ وَيُؤْثِرَ الْبَعْضَ عَلَى الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ أَحَدٍ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ عَلَى حَسَبِ مَشِيئَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ غَائِبًا وَالدَّيْنُ ثَابِتٌ

عِنْدَ الْقَاضِي فَالْقَاضِي يَقْسِمُ مَالَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ تَقْدِيمِ بَعْضِهِمْ عَلَى الْبَعْضِ. الْمَرْأَةُ إذَا حَبَسَتْ زَوْجَهَا لِمَهْرِهَا أَوْ بِدَيْنٍ آخَرَ فَقَالَ الزَّوْجُ لِلْقَاضِي: احْبِسْهَا مَعِي فَإِنَّ لِي مَوْضِعًا فِي السِّجْنِ لِتَكُونَ مَعِي. ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَهْرِ أَنَّهُ لَا يَحْبِسُهَا وَبَعْضُ قُضَاةِ زَمَانِنَا اخْتَارُوا الْحَبْسَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ سَدًّا لِبَابِ الْمَعْصِيَةِ عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا إذَا لَمْ تُحْبَسْ وَقَدْ حَبَسَتْ زَوْجَهَا تَذْهَبُ حَيْثُ تُرِيدُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَفِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ وَلِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَحَبَسَهُ الِابْنُ الْكَبِيرُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُطْلِقَهُ لَمْ يُطْلِقْهُ الْقَاضِي حَتَّى يَسْتَوْثِقَ لِلصِّغَارِ. وَلَا يَخْرُجُ الْمَحْبُوسُ فِي الدَّيْنِ مِنْ السِّجْنِ لِمَجِيءِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَا لِلْفِطْرِ وَلَا لِلْأَضْحَى وَلَا لِلْجُمُعَةِ وَلَا لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَلَا لِحَجَّةٍ فَرِيضَةٍ وَلَا لِحُضُورِ جِنَازَةِ بَعْضِ أَهْلِهِ وَإِنْ أَعْطَى كَفِيلًا بِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا مَاتَ لِلْمَحْبُوسِ وَالِدٌ أَوْ وَلَدٌ وَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ أَحَدٌ لِلْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ يُخْرِجُهُ الْقَاضِي مِنْ السِّجْنِ هُوَ الصَّحِيحُ أَمَّا إذَا كَانَ مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِإِخْرَاجِهِ مِنْ السِّجْنِ، قِيلَ: إنَّ الْمَحْبُوسَ يَخْرُجُ بِكَفِيلٍ كَانَ ثَمَّةَ لِجِنَازَةِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَالْأَوْلَادِ وَلَا يَخْرُجُ لِغَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَقِيلَ فِي الْوَالِدَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَالْوَلَدِ: لَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِهِ. أَمَّا فِي غَيْرِهِمْ فَلَا يَخْرُجُ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَخْرُجُ فِي قَرَابَةِ الْوِلَادِ بِكَفِيلٍ، كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَحْبُوسِ فِي السِّجْنِ: إذَا جُنَّ لَمْ يُخْرِجْهُ الْحَاكِمُ مِنْ السِّجْنِ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ الْمَحْبُوسَ فِي السِّجْنِ إذَا مَرِضَ مَرَضًا أَضْنَاهُ إنْ كَانَ لَهُ خَادِمٌ يَخْدُمُهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ السِّجْنِ وَلَا يَخْرُجُ لِلْمُعَالَجَةِ. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى قِيلَ لَهُ: وَإِنْ مَاتَ فِيهِ؟ قَالَ: وَإِنْ مَاتَ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ لَوْ مَرِضَ فِي الْحَبْسِ وَأَضْنَاهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَخْدُمُهُ يُخْرِجُهُ مِنْ السِّجْنِ، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْهَلَاكُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ وَالْهَلَاكُ مِنْ السِّجْنِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمَحْبُوسُ يُنَوَّرُ فِي السِّجْنِ وَلَا يَخْرُجُ إلَى الْحَمَّامِ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَى الْجِمَاعِ لَا بَأْسَ بِأَنْ تَدْخُلَ زَوْجَتُهُ أَوْ جَارِيَتُهُ فِي السِّجْنِ فَيَطَؤُهَا حَيْثُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا خَالِيًا لَا يُجَامِعُ. وَهَلْ يُتْرَكُ لِيَكْتَسِبَ فِي السِّجْنِ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُمْنَعُ مِنْ الِاكْتِسَابِ فِي السِّجْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُمْنَعُ عَنْ ذَلِكَ؛ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْكُبْرَى وَقَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ: الْفَتْوَى الْيَوْمُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الِاكْتِسَابِ وَلَا يُمْنَعُ الْمَسْجُونُ مِنْ دُخُولِ أَهْلِهِ وَجِيرَانِهِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ أَنْ يَمْكُثُوا ثَمَّةَ طَوِيلًا وَفِي السِّغْنَاقِيِّ قَالُوا:

وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْبَسَ فِي مَوْضِعٍ خَشِنٍ لَا يُبْسَطُ لَهُ فِرَاشٌ وَلَا وِطَاءٌ وَلَا أَحَدٌ يَدْخُلُ عَلَيْهِ لِيَسْتَأْنِسَ لِيَضْجَرَ قَلْبُهُ. الْمَحْبُوسُ فِي الدَّيْنِ إذَا امْتَنَعَ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَهُ مَالٌ فَإِنْ كَانَ مَالُهُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ بِأَنْ كَانَ مَالُهُ دَرَاهِمَ وَالدَّيْنُ دَرَاهِمَ فَالْقَاضِي يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ دَرَاهِمِهِ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ كَانَ مَالُهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ دَيْنِهِ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ دَرَاهِمَ وَمَالُهُ عُرُوضٌ أَوْ عَقَارٌ أَوْ دَنَانِيرُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَبِيعُ الْعُرُوضَ وَالْعَقَارَ. وَفِي بَيْعِ الدَّنَانِيرِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ وَلَكِنَّهُ يَسْتَدِيمُ حَبْسُهُ إلَى أَنْ يَبِيعَ بِنَفْسِهِ وَيَقْضِي الدَّيْنَ، وَعِنْدَهُمَا يَبِيعُ الْقَاضِي دَنَانِيرَهُ وَعُرُوضَهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَفِي الْعَقَارِ رِوَايَتَانِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَعِنْدَهُمَا فِي رِوَايَةٍ يَبِيعُ الْمَنْقُولَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيَكُونُ الْبَيْعُ عَلَى التَّرْتِيبِ يَبِيعُ الدَّنَانِيرَ أَوَّلًا ثُمَّ الْعُرُوضَ ثُمَّ وَثُمَّ وَيَقْضِي دَيْنَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّنَانِيرِ إذَا ظَفِرَ بِدَرَاهِمَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ، هَذَا بَيَانُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَالْقَاضِي يَبِيعُ مَالَ الْمَدْيُونِ بِدَيْنِهِ وَلَكِنْ يَبْدَأُ بِدَنَانِيرِهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ دَرَاهِمَ، فَإِنْ فَضَلَ الدَّيْنُ عَنْ ذَلِكَ يَبِيعُ الْعُرُوضَ أَوَّلًا دُونَ الْعَقَارِ، فَإِنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُهُ بِدِينِهِ وَفَضَلَ الدَّيْنُ عَنْهُ حِينَئِذٍ يَبِيعُ الْعَقَارَ أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يَبِيعُ الْعَقَارَ أَصْلًا، وَهَذَا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى قَوْلِهِمَا: يَبْدَأُ بِبَيْعِ مَا يَخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفَ وَالتَّوَى مِنْ عُرُوضِهِ، ثُمَّ يَبِيعُ مَا لَا يَخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفَ، ثُمَّ يَبِيعُ الْعَقَارَ وَإِذَا كَانَ لِلْمَدْيُونِ ثِيَابٌ يَلْبَسُهَا وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَجْزِيَ بِدُونِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَبِيعُ ثِيَابَهُ فَيَقْضِي الدَّيْنَ بِبَعْضِ ثَمَنِهَا وَيَشْتَرِي بِمَا يَبْقَى ثَوْبًا يَلْبَسُهُ. وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إذَا كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَجْزِيَ بِمَا دُونِ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ يَبِيعُ ذَلِكَ الْمَسْكَنَ وَيَصْرِفُ بَعْضَ الثَّمَنِ إلَى الْغُرَمَاءِ وَيَشْتَرِي بِالْبَاقِي مَسْكَنًا لِنَفْسِهِ، وَعَنْ هَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا: إنَّهُ يَبِيعُ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْحَالِ، حَتَّى إنَّهُ يَبِيعُ اللَّبَدَ فِي الصَّيْفِ وَالنَّطَعَ فِي الشِّتَاءِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ كَانُونٌ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ صُفْرٍ يَبِيعُهُ وَيَتَّخِذُ كَانُونًا مِنْ طِينٍ ثُمَّ أَيُّ قَدْرٍ يُتْرَكُ لِلْمَدْيُونِ مِنْ مَالِهِ وَيُبَاعُ مَا سِوَاهُ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: قَالَ: يُتْرَكُ ثِيَابُهُ وَمَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ وَمَرْكَبُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يُتْرَكُ ثِيَابُهُ وَمَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ، وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ أَخَذَ بَعْضُ الْقُضَاةِ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: يُبَاعُ جَمِيعُ مَالِهِ وَيُؤَاجَرُ وَيَصْرِفُ غَلَّتَهُ إلَى غُرَمَائِهِ، وَفِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُؤَاجَرُ، إلَّا رِوَايَةً رُوِيَتْ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنْ إنْ أَجَّرَ هُوَ نَفْسُهُ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ يُتْرَكُ لَهُ قُوتُ يَوْمِهِ وَعِيَالِهِ وَيُصْرَفُ مَا سِوَى ذَلِكَ إلَى رَبِّ الدَّيْنِ، وَمِنْ الْقُضَاةِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ إنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ الْحَرِّ يُبَاعُ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ الْبَرْدِ يُتْرَكُ لَهُ مَا يَدْفَعُ بِهِ مِنْ الْبَرْدِ حَتَّى لَا يُبَاعَ جُبَّتُهُ وَعِمَامَتُهُ وَيُبَاعُ مَا سِوَى ذَلِكَ. وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: يُتْرَكُ لَهُ دست مِنْ الثِّيَابِ وَيُبَاعُ مَا سِوَى ذَلِكَ. وَبِهِ أَخَذَ

الباب السابع والعشرون فيما يقضي به القاضي ويرد قضاؤه وما لا يرد

شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُتْرَكُ لَهُ دَسْتَانِ مِنْ الثِّيَابِ حَتَّى إذَا غَسَلَ أَحَدَهُمَا لَبِسَ الْآخَرَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا بَاعَ أَمِينُ الْقَاضِي عُرُوضَ الْمَدْيُونِ فِي دَيْنِهِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ، رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَرِيمِ وَيَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَيَجُوزُ إقْرَارُ الْمَحْبُوسِ بِالدَّيْنِ لِغَيْرِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى وَجْهِ التَّلْجِئَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا أَقَرَّ الْمَحْبُوسُ بِالْبَيْعِ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ صَحِيحًا وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ، وَمَا كَانَ ذَلِكَ تَلْجِئَةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يُرَوِّجُ الْمَدْيُونَةَ لِيَقْضِيَ دَيْنَهَا مِنْ مَهْرِهَا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ مَلِيءٍ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُجْبِرُ الْمُعْسِرَ حَتَّى يَتَقَاضَى مَا لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ الْمُوسِرِ فَإِنْ فَعَلَ وَحَبَسَ غَرِيمَهُ الْمُوسِرَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يَحْبِسُ الْمُعْسِرَ بِمَا عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا كَانَ لِلْمُعْسِرِ دَيْنٌ عَلَى غَرِيمِهِ أَخَذَ الْقَاضِي غَرِيمَهُ بِدَيْنِهِ وَقَضَى دَيْنَ غُرَمَائِهِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَحْبُوسِ بِالدَّيْنِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَلَهُ مَالٌ بِبَلْدَةٍ أُخْرَى، يُؤْمَرُ رَبُّ الدَّيْنِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ السِّجْنِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ عَلَى قَدْرِ الْمَسَافَةِ وَيَأْمُرُ أَنْ يَخْرُجَ وَيَبِيعَ مَالَهُ وَيَقْضِيَ دَيْنَهُ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ حَبَسَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمَالُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ فِي حَقِّ الْحَبْسِ حَتَّى أَنَّهُ يُحْبَسُ فِي الدِّرْهَمِ وَفِي أَقَلَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَانِعَ الدِّرْهَمِ وَمَا دُونَهُ ظَالِمٌ، كَذَا فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ مِنْ الْمَبْسُوطِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. تَشَاتَمَ الْخَصْمَانِ عِنْدَ الْقَاضِي إنْ شَاءَ حَبَسَهُمَا أَوْ عَزَّرَهُمَا حَتَّى لَا يَعُودَا إلَى مِثْلِهِ عِنْدَ الْقَاضِي، فَإِنْ عَفَا فَحَسَنٌ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ لَا يُعَزِّرُهُ بِلَا طَلَبِ خَصْمِهِ لَكِنْ يَمْنَعُهُ عَنْ ذَلِكَ رَجُلٌ يَشْتُمُ النَّاسَ إنْ كَانَ مَرَّةً يُوعَظُ، وَإِنْ كَانَ شَتَّى ضُرِبَ وَحُبِسَ حَتَّى يَتْرُكَ، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِيمَا يَقْضِي بِهِ الْقَاضِي وَيُرَدُّ قَضَاؤُهُ وَمَا لَا يُرَدُّ] (الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِيمَا يَقْضِي بِهِ الْقَاضِي وَيُرَدُّ قَضَاؤُهُ وَمَا لَا يُرَدُّ) مَا يَجِبُ اعْتِبَارُهُ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا - أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي مَتَى اعْتَمَدَ سَبَبًا صَحِيحًا ثُمَّ بَطَلَ السَّبَبُ مِنْ بَعْدُ لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ، وَإِذَا ثَبَتَ عَدَمُ السَّبَبِ مِنْ الْأَصْلِ بَعْدَ وُجُودِهِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَبْطُلُ الْقَضَاءُ. وَالثَّانِي - أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي يُوجِبُ تَوَقُّفَ الْبَيْعِ السَّابِقِ عَلَى إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ وَلَا يُوجِبُ نَقْضَهُ وَفَسْخَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بِالْبَيِّنَةِ وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي حَاضِرَانِ، وَقَضَى الْقَاضِي

بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَاعَهَا مِنْ هَذَا الْبَائِعِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهَا الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ فَقَدْ شَرَطَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ لِلْقَضَاءِ بِالْجَارِيَةِ، لِلْمُسْتَحِقِّ حَضْرَةُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَأَنَّهُ شَرْطٌ لَازِمٌ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْبَائِعُ دُونَ الْمُشْتَرِي أَوْ حَضَرَ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَيَا وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا لِعَجْزِ الْبَائِعِ عَنْ التَّسْلِيمِ أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً وَأَقَامَهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهَا وَقَبَضَهَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي قَضَى الْقَاضِي بِالْجَارِيَةِ لِلْبَائِعِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ الْمُشْتَرِيَ. وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ وَأَقَامَهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ يُشِيرُ إلَى أَنَّ شَرْطَ قَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ إقَامَتُهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ. وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ بِالْبَيِّنَةِ قَضَى بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ وَتُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُشْتَرِي لَا غَيْرُ، وَيَنْقُضُ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إذَا طَلَب الْمُشْتَرِي، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَقَبَضَهَا قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا قَضَى الْقَاضِي بِالْجَارِيَةِ لِلْبَائِعِ وَبَطَلَ قَضَاءُ الْقَاضِي حَتَّى كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرِيَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ لَا يَبْطُلُ قَضَاءُ الْقَاضِي بِالْفَسْخِ، وَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ ثُمَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْجَارِيَةَ، وَإِنْ أَبَى هَلْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْبَائِعِ إذَا أَبَى الْبَائِعُ ذَلِكَ؟ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْفَصْلَ هُنَا. قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ. وَإِلَيْهِ أَشَارَ بَعْدَ هَذَا فِي هَذَا الْبَابِ، هَذَا إذَا فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا فَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَفْسَخْ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا وَلَكِنَّ الْبَائِعَ مَعَ الْمُشْتَرِي اجْتَمَعَا عَلَى الْفَسْخِ حِينَ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ مِنْ يَدَيْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْجَارِيَةِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُنْقِضَ الْبَيْعَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ بِلَا قَضَاءٍ وَلَا رِضًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ النَّقْضِ هَهُنَا مِنْ قَضَاءٍ أَوْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَطْلُبْ مِنْ الْقَاضِي فَسْخَ الْعَقْدِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَكِنْ طَلَبَ مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَأَخَذَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ - لَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ إيَّاهَا. وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ لَمْ يَرُدَّ الثَّمَنَ حَتَّى خَاصَمَهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْقَاضِي فُسِخَ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا وَأُلْزِمَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي فَأَخَذَهُ أَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ عَلَى مَا قُلْنَا وَأَخَذَ الْجَارِيَةَ، كَانَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَبَضَهُ وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي، فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي

الثَّانِي بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ كَانَ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِكَذَا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَالْبَائِعُ الْأَوَّلُ بَاعَهُ مِنْ بَائِعِهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ خَاصَمَ بَائِعَهُ - وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ - فِي الثَّمَنِ وَقَضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَسَلَّمَهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ وَأَخَذَ الْغُلَامَ مِنْهُ هَلْ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ؟ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ لَهُ ذَلِكَ. وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ وَقَضَى لَهُ بِهِ عَلَيْهِ فَأَقَامَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَأَخَذَ الْعَبْدَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ كَانَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ. وَهَلْ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ؟ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ ذُكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ غُلَامًا وَقَبَضَهُ وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَجَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّهُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْغُلَامِ لِلْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَمَرَ الْبَائِعَ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ بِأَمْرِهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَرَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَقَضَى لَهُ بِهِ ثُمَّ إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ كَانَ أَمَرَ بِبَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ، يُنْظَرُ إنْ كَانَ مَا دُفِعَ إلَى الْمُشْتَرِي عَيْنُ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ أَوْ أَمْسَكَ الْمَقْبُوضَ وَرَدَّ مِثْلَهُ أَوْ اسْتَهْلَكَ الْمَقْبُوضَ وَضَمِنَ مِثْلَهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ قَدْ هَلَكَ عِنْدَ الْوَكِيلِ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ لِلْمُشْتَرِي مِثْلَهُ مِنْ مَالِهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ فَإِنْ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ يَسْتَرِدُّ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا دَفَعَ إلَيْهِ فَيَأْخُذُ الْغُلَامَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَيَدْفَعُهُ إلَى الْمُشْتَرِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ الْغُلَامَ مِنْ آخَرَ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَقَضَى لَهُ بِهِ فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بَيِّنَةً عَلَى أَمْرِ الْمُسْتَحِقِّ لِلْبَائِعِ بِالْبَيْعِ - قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَأْخُذُ الْعَبْدَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَحِقِّ وَيُلْزِمُ الْمُشْتَرِيَ الْآخَرَ. عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَخِيرُ فَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَأَقَامَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بَيِّنَةً عَلَى أَمْرِ الْمُسْتَحِقِّ - فَهُوَ عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ رَهَنَ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيْهِ لِلْمُرْتَهِنِ وَقَبَضَهَا الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ أَخَذَهَا الرَّاهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَبَاعَهَا مِنْ إنْسَانٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ الْمُرْتَهِنَ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الرَّهْنِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَهَلْ يَتَمَكَّنُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ فَسْخِ هَذَا الْبَيْعِ؟ رَوَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ حَتَّى يَفْتِكُهَا الرَّاهِنُ فَيَأْخُذُهَا فَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي فَسَخَ الْعَقْدَ وَفَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ وَقَضَى لَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ قَضَى الْمُرْتَهِنَ الْمَالَ وَاسْتَرَدَّهَا، لَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ. وَلَوْ كَانَ الرَّاهِنُ قَدْ قَضَى الدَّيْنَ وَقَبَضَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ هَذَا

الباب الثامن والعشرون في بيان حكم ما يحدث بعد إقامة البينة قبل القضاء

الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُرْتَهِنَ جَحَدَ الْقَضَاءَ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْجَارِيَةِ رَهْنًا وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ وَفَسَخَ وَرَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَاسْتِرْدَادِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَأَخَذَهَا وَأَرَادَ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ هَلْ لَهُ ذَلِكَ، وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى اسْتَحَقَّهَا الْمُرْتَهِنُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَهَا فَلَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، فَهَذَا الْإِطْلَاقُ يَدُلُّ عَلَى وِلَايَةِ الْإِلْزَامِ. عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجَارِيَةُ مُسَلَّمَةً إلَى الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ تَكُنْ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. [الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي بَيَانِ حُكْمِ مَا يَحْدُثُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي بَيَانِ حُكْمِ مَا يَحْدُثُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ جَاءَ وَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْيَدِ دَعْوَاهُ فَذَهَبَ الْمُدَّعِي لِيَأْتِيَ بِالشُّهُودِ فَبَاعَ صَاحِبُ الْيَدِ الْعَبْدَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ أَوْدَعَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ مِنْ الْبَائِعِ وَغَابَ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ أَعَادَ صَاحِبَ الْيَدِ عِنْدَ الْقَاضِي هَذَا لِيُقِيمَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِحَقِّهِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ أَمَّا إنْ عَلِمَ الْقَاضِي بِمَا صَنَعَ ذُو الْيَدِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَكِنْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي، وَفِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا لَا خُصُومَةَ لِلْمُدَّعِي مَعَ صَاحِبِ الْيَدِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ صَاحِبُ الْيَدِ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى مَا صَنَعَ فَذَكَرَ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ فِي يَدِهِ لِفُلَانٍ بِشِرَاءٍ كَانَ بَعْدَ الْخُصُومَةِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ وَلَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ، وَإِذَا لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي، لَوْ حَضَرَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ لَا يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ إذَا اتَّصَلَ بِهِمَا الْقَبْضُ، كَذَا فِي الْكُبْرَى وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي لَمْ يَقْضِ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْمُدَّعِي حَتَّى حَضَرَ الْمُشْتَرِي دَفَعَ ذُو الْيَدِ الْعَبْدَ إلَيْهِ، وَيَجْعَلُ الْقَاضِي الْمُشْتَرِيَ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي وَلَا يُكَلِّفُ الْمُدَّعِيَ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْمُشْتَرِي لِلْمُدَّعِي يَبْطُلُ الْبَيْعُ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذِي الْيَدِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ. وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ رَجُلٌ وَاحِدٌ ثُمَّ حَضَرَ الْمُشْتَرِي وَدَفَعَ الْعَبْدَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا آخَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَضَى لَهُ بِالْعَبْدِ وَلَا يُكَلِّفُ إعَادَةَ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ ذَا الْيَدِ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى حَضَرَ الْمُدَّعِي وَأَقَامَ فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ، وَيَكُونُ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ ثُمَّ الْإِيدَاعِ مِنْهُ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ اشْتَرَاهُ

مِنْ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ أَوْدَعَهُ فَإِنَّ الْخُصُومَةَ لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ وَيُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي، فَلَوْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي حَتَّى حَضَرَ الْمُقَرُّ لَهُ وَصَدَّقَ ذَا الْيَدِ فِيمَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ ذَا الْيَدِ بِدَفْعِ الْعَبْدِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ ثُمَّ يَقْضِي الْقَاضِي لِمُدَّعِي الشِّرَاءِ بِالْعَبْدِ وَلَا يُكَلِّفُهُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: أَنَا أُعِيدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْمُقَرَّ لَهُ لَا ذَا الْيَدِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: أَنَا لَا أُعِيدُ الْبَيِّنَةَ؛ فَإِنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ذُو الْيَدِ لَا الْمُقَرُّ لَهُ. وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَقْضِ بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي عَلَى الَّذِي حَضَرَ حَتَّى أَقَامَ الَّذِي حَضَرَ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدِي أَوْدَعْتُهُ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِيدَاعِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَبَطَلَتْ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الشِّرَاءِ، ثُمَّ إذَا أَعَادَ مُدَّعِي الشِّرَاءِ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَبِّ الْعَبْدِ أَنَّهُ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ أَعَادَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَبِّ الْعَبْدِ بَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي لِرَبِّ الْعَبْدِ بِبَيِّنَةٍ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ يَقْبَلُ بَيِّنَةَ مُدَّعِي الشِّرَاءِ مَتَى أَعَادَهَا عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ. (ثُمَّ هُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ) إحْدَاهَا مَا ذَكَرْنَا أَنَّ مُدَّعِيَ الشِّرَاءِ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَقَبْلَ الْقَضَاءِ لَهُ أَقَرَّ صَاحِبُ الْيَدِ بِالْعَبْدِ لِإِنْسَانٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ. وَثَانِيَتُهَا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ ذِي الْيَدِ فَأَقَرَّ ذُو الْيَدِ بِالْعَبْدِ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ، ثُمَّ حَضَرَ وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ فِي إقْرَارِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْعَبْدِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ أَقَامَ مُدَّعِي الشِّرَاءِ شَاهِدًا آخَرَ عَلَى الشِّرَاءِ قَضَى بِالْعَبْدِ لَهُ وَلَا يُكَلِّفُهُ الْقَاضِي إعَادَةَ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَيَكُونُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ دُونَ الْمُقَرِّ لَهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ مُدَّعِي الشِّرَاءِ إذَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذِي الْيَدِ حَتَّى أَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّ الْعَبْدَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ ثُمَّ حَضَرَ الْمُقَرُّ لَهُ وَصَدَّقَهُ وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَيْهِ، ثُمَّ أَقَامَ مُدَّعِي الشِّرَاءِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ، كَانَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمُقَرَّ لَهُ. وَفِي آخِرِ دَعْوَى الْجَامِعِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا دَارُهُ وَطَلَبَ الْقَاضِي مِنْ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فَقَامَا مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي وَبَاعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ حَتَّى لَوْ تَقَدَّمَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي وَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشُهُودٍ يَشْهَدُونَ أَنَّ الدَّارَ لَهُ وَقَدْ عَلِمَ الْقَاضِي بِبَيْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَاحِدًا ثُمَّ قَامَا مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي فَبَاعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ حَتَّى لَوْ تَقَدَّمَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي وَجَاءَ الْمُدَّعِي بِالشَّاهِدِ الْآخَرِ فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ خُصُومَةَ الْمُدَّعِي إذَا عَلِمَ الْقَاضِي بِالْبَيْعِ أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ. وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي أَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَعَدَلَا فَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ قَامَا مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي وَبَاعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّارَ مِنْ الْمُدَّعِي لَا يَصِحُّ حَتَّى لَوْ تَقَدَّمَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي، فَالْقَاضِي يَقْضِي بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِبَيْعِهِ أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَرَّقَ بَيْنَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَبَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ

عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَبَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ وَأَبْطَلَ بَيْعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيِّنَتَهُ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا. وَوَجْهُ الْفَرْقِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ بِإِقَامَةِ الشَّاهِدَيْنِ إنْ لَمْ تَثْبُتْ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي فِي الْمُدَّعَى بِهِ لَكِنْ ثَبَتَ حَقُّ الْمِلْكِ لِوُجُودِ الْحُجَّةِ بِكَمَالِهَا، وَحَقُّ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي فِي الْمُدَّعَى بِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ بَيْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صِيَانَةً لِحَقِّ الْمُدَّعِي إنَّمَا أَقَرَّ بِبَيْعٍ بَاطِلٍ وَالْقَاضِي عَلِمَ بَيْعًا بَاطِلًا فَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ دَافِعًا خُصُومَةَ الْمُدَّعِي. أَمَّا بِإِقَامَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فَكَمَا لَمْ تَثْبُتْ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي لَمْ يَثْبُتْ حَقُّ الْمِلْكِ لِنُقْصَانٍ فِي الْحُجَّةِ، فَكَانَ تَصَرُّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاصِلًا فِي خَالِصِ مِلْكِهِ فَصَحَّ فَالْمُدَّعِي أَقَرَّ بِبَيْعٍ صَحِيحٍ وَالْقَاضِي عَلِمَ بَيْعًا صَحِيحًا فَصَلُحَ دَافِعًا خُصُومَةَ الْمُدَّعِي. قَالَ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْدَعَهُ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ وَذُو الْيَدِ يَجْحَدُ ذَلِكَ أَوْ لَا يَجْحَدُ وَلَا يُقِرُّ بَلْ يَسْكُتُ فَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ لِعَدَمِ ظُهُورِ عَدَالَتِهِمْ حَتَّى أَقَرَّ ذُو الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْدَعْنِيهِ - فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَدْفَعُ الْعَبْدَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِذَا عَدَلَتْ الشُّهُودُ قَضَى بِالْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ لِلَّذِي لَمْ يُقِرَّ لَهُ ذُو الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَمَّا صَدَّقَ ذَا الْيَدِ فِيمَا أَقَرَّ وَأَخَذَ الْعَبْدَ صَارَ الْعَبْدُ مِلْكًا لَهُ رَقَبَةً وَيَدًا فَصَارَ الْمُقَرُّ لَهُ مَعَ صَاحِبِهِ بِمَنْزِلَةِ الْخَارِجِ مَعَ ذِي الْيَدِ. أَمَّا إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَيَقْضِي بِكُلِّ الْعَبْدِ لِلْخَارِجِ وَاعْتَبَرَهُ بِمَا لَوْ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا قَبْلَ أَنْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ، ثُمَّ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لِلَّذِي لَمْ يُقِرَّ لَهُ ذُو الْيَدِ لِمَا قُلْنَا، فَهَهُنَا كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَبَيْنَهُمَا بَعْدَهَا أَنَّ التَّزْكِيَةَ لَا تَجْعَلُ الْبَيِّنَةَ حُجَّةً بَلْ يَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنَّ كَوْنَهَا حُجَّةً مُثْبِتَةً لِلِاسْتِحْقَاقِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَمَتَى كَانَ الْإِقْرَارُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَعِنْدَ ظُهُورِ الْعَدَالَةِ يَظْهَرُ الِاسْتِحْقَاقُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الْإِقْرَارَ كَانَ بَاطِلًا لِصُدُورِهِ عَنْ شَخْصٍ ظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَمَتَى بَطَلَ الْإِقْرَارُ بَطَلَ التَّصْدِيقُ ضَرُورَةً؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ فَصَارَ وُجُودُ الْإِقْرَارِ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَظُهُورُ الْعَدَالَةِ لَا يُظْهِرُ الِاسْتِحْقَاقَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَلَا يَتَعَيَّنُ بُطْلَانُ الْإِقْرَارِ. وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ الْإِقْرَارُ صَارَ الْمُقَرُّ لَهُ صَاحِبَ يَدٍ وَغَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ خَارِجًا فَيَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ، وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى مَا ادَّعَاهُ ثُمَّ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ بِالْعَبْدِ لِأَحَدِهِمَا يُدْفَعُ الْعَبْدُ إلَيْهِ وَلَا يَبْطُلُ مَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، فَإِنْ أَقَامَ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ شَاهِدًا آخَرَ قَضَى بِالْعَبْدِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَقْضِ لَهُ حَتَّى جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ بِشَاهِدٍ آخَرَ قَضَى بِالْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، إلَّا أَنْ يَقُولَ الَّذِي لَمْ يُقِرَّ لَهُ ذُو الْيَدِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِالْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ: إنِّي أُعِيدُ شَاهِدِي الْأَوَّلَ وَأُقِيمُهَا مَعَ شَاهِدِي الْآخَرِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ؛ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي بِكُلِّ الْعَبْدِ لَهُ. وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ: قَدْ مَاتَ شَاهِدِي الْأَوَّلُ أَوْ غَابَ، يُقَالُ لَهُ: هَاتِ بِشَاهِدٍ آخَرَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَيَقْضِي لَك بِكُلِّ الْعَبْدِ، فَإِذَا أَقَامَ شَاهِدًا آخَرَ يُضَمُّ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ فَيَقْضِي بِالْعَبْدِ كُلِّهِ لَهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُقَرُّ لَهُ شَاهِدًا آخَرَ مَعَ الشَّاهِدِ

الباب التاسع والعشرون في بيان من يشترط حضوره لسماع الخصومة والبينة

الْأَوَّلِ أَوْ يُقِيمَ شَاهِدَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا. عَبْدٌ بَيْنَ يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ وَذُو الْيَدِ جَاحِدٌ، أَوْ سَاكِتٌ فَقُضِيَ بِالْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، ثُمَّ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقَامَ عَلَى صَاحِبِهِ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ أَوْ غَيْرَهَا أَنَّ الْعَبْدَ عَبْدُهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ، وَلَا يُقْضَى لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ عَدَلَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا، وَلَمْ تَعْدِلْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ أَوْ لَمْ يُقِمْ الْآخَرُ شَاهِدًا أَصْلًا، أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَقُضِيَ بِهِ لِمَنْ عَدَلَتْ بَيِّنَتُهُ، ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ قُضِيَ لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِهِ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْمَقْضِيِّ بِهِ لَا حَقِيقَةُ الْمِلْكِ، وَلَا حَقُّ الْمِلْكِ؛ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْإِنْسَانِ بِإِزَالَةِ الِاسْتِحْقَاقِ الثَّابِتِ لَهُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْحَقُّ ثَابِتًا لَهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ إزَالَتُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ فَلَمْ تُزَكَّ بَيِّنَتُهُ حَتَّى أَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّ الْعَبْدَ لِلَّذِي لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ وَدَفَعَ الْقَاضِي الْعَبْدَ إلَى الْمَقَرِّ لَهُ، ثُمَّ زُكِّيَتْ بَيِّنَةُ الَّذِي أَقَامَهَا وَأَخَذَ صَاحِبُ الْبَيِّنَةِ الْعَبْدَ مِنْ الْمُقِرِّ لَهُ، ثُمَّ إنَّ الْمَقَرَّ لَهُ أَتَى بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُضِيَ لَهُ بِالْعَبْدِ، فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي - وَهُوَ غَيْرُ الْمَقَرِّ لَهُ -: أَنَا أُعِيدُ شُهُودِي عَلَى الْمَقَرِّ لَهُ، هَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؟ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَمَا قُضِيَ بِبَيِّنَتِهِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِبَيِّنَةِ الْمَقَرِّ لَهُ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعُشْرُونَ فِي بَيَانِ مَنْ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ لِسَمَاعِ الْخُصُومَةِ وَالْبَيِّنَةِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعُشْرُونَ فِي بَيَانِ مَنْ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ لِسَمَاعِ الْخُصُومَةِ وَالْبَيِّنَةِ وَحُكْمِ الْقَاضِي وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْعَبْدِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَقَصَرَ يَدَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْعَبْدِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ فَأَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ نَتَجَ فِي مِلْكِي مِنْ أَمَتِي وَأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ وَقَعَ بَاطِلًا وَلَيْسَ لَكَ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيَّ بِالثَّمَنِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ إذَا أَقَامَهَا بِحَضْرَةِ الْمُسْتَحِقِّ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَكَذَا إذَا أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ نَتَجَ فِي مِلْكِ بَائِعِي مِنْ أَمَتِهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ إذَا أَقَامَهَا بِحَضْرَةِ الْمُسْتَحِقِّ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، وَإِنَّ الْبَائِعَ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ عَلَى ذِي الْيَدِ قَضَاءٌ عَلَى مَنْ تَلَقَّى ذُو الْيَدِ الْمِلْكَ مِنْ جِهَتِهِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، الْبَائِعُ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ وَلَكِنْ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا بِالنَّتَاجِ، وَالْبَائِعُ هَهُنَا لَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، وَإِنَّمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّتَاجِ وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِجِهَةٍ إنَّمَا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ لَا فِي جِهَةٍ أُخْرَى. أَلَا يُرَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَابَّةً فِي يَدِ إنْسَانٍ مِلْكًا مُطْلَقًا وَصَاحِبُ الْيَدِ يَدَّعِي النَّتَاجَ فَلَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً عَلَى النَّتَاجِ حَتَّى قَضَى الْقَاضِي بِالدَّابَّةِ لِلْمُسْتَحِقِّ، ثُمَّ وَجَدَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى النَّتَاجِ وَأَقَامَهَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُضِيَ

بِالدَّابَّةِ لَهُ، وَإِنْ صَارَ ذُو الْيَدِ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا بِالنَّتَاجِ فَقُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ عَلَى النَّتَاجِ لِهَذَا إلَيْهِ أَشَارَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرَطَ حَضْرَةَ الْمُسْتَحِقِّ لِقَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْبَائِعِ، وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ أَبَوْا ذَلِكَ وَقَالُوا يَنْبَغِي أَنْ لَا تُشْتَرَطَ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ، وَهَكَذَا حَكَمَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِفَرْغَانَةَ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: لَا، بَلْ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ شَرْطٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَفِي الذَّخِيرَةِ وَقِيلَ: عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَأَشْبَهُ وَفِي دَعْوَى الْمُسْتَأْجِرِ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْآجِرِ وَالْيَدَ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَكَذَلِكَ فِي دَعْوَى الرَّهْنِ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلرَّاهِنِ وَالْيَدَ لِلْمُرْتَهِنِ وَإِذَا أَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لِلْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ، فَإِذَا اسْتَحَقَّ الْمُسْتَعَارَ رَجُلٌ بِالْبَيِّنَةِ يُشْتَرَطُ لِلْقَضَاءِ لَهُ حَضْرَةُ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ جَمِيعًا. وَفِي دَعْوَى الضِّيَاعِ هَلْ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُزَارِعِينَ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْضُهُمْ اشْتَرَطَ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَبَعْضُهُمْ قَالَ: إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِمْ تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُمْ. وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَلَهَا زَوْجٌ ظَاهِرٌ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الزَّوْجِ الظَّاهِرِ لِاسْتِمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَشْيَاءَ يُمْكِنُ نَقْلُهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِتَرِكَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ، وَلَا وَصِيٌّ فَالْقَاضِي يَنْصِبُ لَهُ وَصِيًّا لِيَبِيعَ تَرِكَتَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُ التَّرِكَةِ لِنَصْبِ الْوَصِيِّ وَهَلْ يُشْتَرَطُ إحْضَارُهَا لِإِثْبَاتِ التَّرِكَةِ؟ فَقَدْ قِيلَ: يُشْتَرَطُ، وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَإِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إفْلَاسِ الْمَحْبُوسِ لَا يُشْتَرَطُ لِسَمَاعِهَا حَضْرَةُ رَبِّ الدَّيْنِ وَلَكِنْ إنْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ حَاضِرًا، أَوْ وَكِيلُهُ فَالْقَاضِي يُطْلِقُهُ بِحَضْرَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا فَالْقَاضِي يُطْلِقُهُ بِكَفِيلٍ، وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى صَغِيرٍ شَيْئًا وَلَهُ وَصِيٌّ حَاضِرٌ - يُرِيدُ بِهِ الصَّغِيرَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ - لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الصَّغِيرِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ، وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا، أَوْ عَيْنًا وَجَبَ الدَّيْنُ بِمُبَاشَرَةِ هَذَا الْوَصِيِّ، أَوْ وَجَبَ لَا بِمُبَاشَرَتِهِ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي أَجْنَاسِهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ وَاجِبًا بِمُبَاشَرَةِ هَذَا الْوَصِيِّ لَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُ الصَّغِيرِ وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ إنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ لَا يَكُونُ لَهُ إحْضَارُ الصَّغِيرِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي الِاسْتِهْلَاكَ فَلَهُ حَقُّ إحْضَارِهِ وَلَكِنْ يَحْضُرُ مَعَهُ أَبُوهُ حَتَّى إذَا لَزِمَ الصَّبِيَّ شَيْءٌ يُؤَدِّي عَنْهُ أَبُوهُ مِنْ مَالِهِ. وَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: إنَّ إحْضَارَ الصَّبِيِّ فِي الدَّعْوَى شَرْطٌ، وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ شَرَطَ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الصَّغِيرُ مُدَّعِيًا، أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَى ذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ وَصِيٌّ

وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ عَنْهُ وَصِيًّا أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ وَتُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الصَّغِيرِ عِنْدَ نَصْبِ الْوَصِيِّ لِلْإِشَارَةِ إلَيْهِ، وَمِنْ مَشَايِخِ زَمَانِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ أَبَى ذَلِكَ وَقَالَ: لَوْ الصَّبِيُّ فِي الْمَهْدِ يُشْتَرَطُ إحْضَارُ الْمَهْدِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ وَأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى مَرِيضٍ، أَوْ عَلَى امْرَأَةٍ مُخَدَّرَةٍ لَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْمَأْذُونِ الْكَبِيرِ إذَا لَحِقَهُ دَيْنُ التِّجَارَةِ وَطَلَبَ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْقَاضِي بَيْعَ الْعَبْدِ فَالْقَاضِي لَا يَبِيعُ الْعَبْدَ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمَوْلَى وَفِي الْمَأْذُونِ الْكَبِيرِ أَيْضًا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِغَصْبٍ اغْتَصَبَهُ، أَوْ بِوَدِيعَةٍ اسْتَهْلَكَهَا، أَوْ جَحَدَهَا، أَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ، أَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِبَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ بِإِجَارَةٍ وَأَنْكَرَ الْعَبْدُ ذَلِكَ وَمَوْلَاهُ غَائِبٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمَوْلَى، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ عَبْدٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِاسْتِهْلَاكِ مَالٍ، أَوْ غَصْبٍ اغْتَصَبَهُ وَجَحَدَ الْعَبْدُ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمَوْلَى. وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ عَلَى الْمَوْلَى حَتَّى لَا يُخَاطَبَ الْمَوْلَى بِبَيْعِ الْعَبْدِ، أَمَّا عَلَى الْعَبْدِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَاخَذَ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَأْذُونِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا مَعَ الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي ادَّعَى اسْتِهْلَاكَ مَالٍ، أَوْ غَصْبٍ قَالَ فَالْقَاضِي يَقْضِي عَلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ ادَّعَى اسْتِهْلَاكَ وَدِيعَةٍ، أَوْ اسْتِهْلَاكَ بِضَاعَةٍ عَلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْقَاضِي لَا يَسْمَعُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَوْلَى، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَوْلَى. وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ الَّذِي أَذِنَ لَهُ أَبُوهُ، أَوْ وَصِيُّ أَبِيهِ فِي التِّجَارَةِ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ مِنْ ضَمَانِ التِّجَارَةِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ إنْ كَانَ الَّذِي أَذِنَ لَهُ غَائِبًا. وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِقَتْلٍ عَمْدًا أَوْ قَذْفِ امْرَأَةٍ، أَوْ زِنًا، أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ وَالْعَبْدُ يُنْكِرُ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا قُضِيَ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا وَالْمَوْلَى غَائِبًا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَاضِي لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَاضِي يَقْضِي لَهُ عَلَيْهِ بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ كَمَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِالْحَدِّ أَوْ الْقِصَاصِ قَبْلَ الْإِذْنِ، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ إنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ - تَعَالَى - كَحَدِّ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْقَذْفِ، أَوْ الْقَتْلِ الْعَمْدِ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ حَالَ حَضْرَةِ الْمَوْلَى وَيُقْضَى بِالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى غَائِبًا فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ. وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى صَبِيٍّ مَأْذُونٍ، أَوْ مَعْتُوهٍ مَأْذُونٍ لَهُ بِقَتْلِ عَمْدٍ، أَوْ قَذْفٍ، أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ زِنًا فَفِيمَا عَدَا الْقَتْلَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْآذِنُ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا وَفِيمَا إذَا شَهِدُوا بِالْقَتْلِ الْخَطَأِ إنْ كَانَ الْآذِنُ حَاضِرًا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى

الباب الثلاثون في نصب الوصي والقيم وإثبات الوصية عند القاضي

الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ كَانَ الْآذِنُ غَائِبًا لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، وَقِيلَ: لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى قَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً إنْ كَانَ الْآذِنُ حَاضِرًا قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ وَقُضِيَ بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَا لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْآذِنُ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْثَرَ، وَهُوَ يَجْحَدُ، فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا قُطِعَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَهَلْ يَضْمَنُ السَّرِقَةَ؟ إنْ كَانَ اسْتَهْلَكَهَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً رَدَّهَا عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى غَائِبًا لَا يُقْطَعُ الْعَبْدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَضْمَنُ السَّرِقَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِالْقَطْعِ. وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ شَهِدُوا بِسَرِقَةِ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ قَضَى الْقَاضِي بِالْمَالِ، وَلَا يَقْضِي بِالْقَطْعِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمَأْذُونِ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَالْمَوْلَى غَائِبٌ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْمَالِ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَا يَقْضِي بِالْقَطْعِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَقْضِي بِالْقَطْعِ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى عَبْدٍ مَحْجُورٍ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى غَائِبًا فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لَا بِالْقَطْعِ، وَلَا بِالْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ بِالسَّرِقَةِ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ أَصْلًا إنْ كَانَ الْمَوْلَى غَائِبًا، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَوْلَى حَتَّى لَا يُقْطَعَ الْعَبْدُ، وَلَا يُؤَاخَذُ الْمَوْلَى بِبَيْعِهِ لِأَجْلِ الْمَالِ وَلَكِنْ يُؤَاخَذُ الْعَبْدُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ الثَّلَاثُونَ فِي نَصْبِ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَإِثْبَاتِ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْقَاضِي] وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ مَالًا فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَوَرَثَتُهُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَادَّعَى عَلَيْهِ قَوْمٌ حُقُوقًا وَأَمْوَالًا هَلْ يَنْصِبُ الْقَاضِي عَنْ الْمَيِّتِ وَصِيًّا لِيُثْبِتَ لِلْغُرَمَاءِ الدُّيُونَ وَالْحُقُوقَ عَلَى الْمَيِّتِ؟ ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ إثْبَاتِ الْحُقُوقِ عَلَى الْمَيِّتِ أَنَّ هَذِهِ الْبَلْدَةَ إنْ كَانَتْ مُنْقَطِعَةً عَنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ، وَلَا تَذْهَبُ الْعِيرُ مِنْ هُنَا إلَى ثَمَّةَ، وَلَا يَأْتِي مِنْ ثَمَّةَ إلَى هُنَا يَعْنِي فِي الْغَالِبِ فَالْقَاضِي يَنْصِبُ عَنْهُ وَصِيًّا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُنْقَطِعَةً لَا يَنْصِبُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَفَقَاتِهِ فِي بَابِ نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ، وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ وَلَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ فَالْقَاضِي يَنْصِبُ وَصِيًّا فِي مَالِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ الْوَصِيَّ فِي مَالِ الْمَيِّتِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، أَوْ تَكُونَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا، أَوْ يَكُونَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِوَصَايَا فَيَنْصِبُ وَصِيًّا لِيُنَفِّذَ وَصَايَاهُ، وَإِنَّمَا يَنْصِبُ الْقَاضِي الْوَصِيَّ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَفِيمَا عَدَاهَا فَلَا، وَمَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ

الْقَاضِي لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِمَّا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ نَصْبُ الْوَصِيِّ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَالْمُرَادُ مِمَّا ذَكَرَ الْخَصَّافُ نَصْبُ الْوَصِيِّ لِإِثْبَاتِ الدَّيْنِ. وَإِذَا هَلَكَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ عُرُوضًا وَعَقَارًا وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَهُ وَرَثَةٌ كِبَارٌ فَامْتَنَعَتْ الْوَرَثَةُ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَعَنْ بَيْعِ التَّرِكَةِ وَقَالُوا لِرَبِّ الدَّيْنِ: سَلَّمْنَا التَّرِكَةَ إلَيْكَ فَأَنْت أَعْلَمُ بِهِ، فَالْقَاضِي هَلْ يَنْصِبُ وَصِيًّا لِلْمَيِّتِ؟ فَقَدْ قِيلَ: يَنْصِبُ، وَقَدْ قِيلَ: لَا يَنْصِبُ وَيَأْمُرُ الْوَرَثَةَ بِالْبَيْعِ، فَإِنْ أَبَوْا حَبَسَهُمْ حَتَّى يَبِيعُوا، فَإِذَا حَبَسَهُمْ الْقَاضِي، وَلَمْ يَبِيعُوا الْآنَ يَبِيعُ بِنَفْسِهِ، أَوْ يَنْصِبُ وَصِيًّا لِلْمَيِّتِ لِيَبِيعَ الْوَصِيُّ إيفَاءً لِصَاحِبِ الدَّيْنِ بِقَدْرِ الْمُمْكِنِ، وَإِذَا نَصَبَ الْقَاضِي وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ الْأَيْتَامِ وَالْأَيْتَامُ فِي وِلَايَتِهِ، وَلَمْ تَكُنْ التَّرِكَةُ فِي وِلَايَتِهِ، أَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ فِي وِلَايَتِهِ وَالْأَيْتَامُ لَمْ يَكُونُوا فِي وِلَايَتِهِ، أَوْ كَانَ بَعْضُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ وَالْبَعْضُ لَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَتِهِ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: يَصِحُّ النَّصْبُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَصِيرُ الْوَصِيُّ وَصِيًّا فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ أَيْنَمَا كَانَتْ التَّرِكَةُ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَا كَانَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ يَصِيرُ وَصِيًّا فِيهِ وَمَا لَا فَلَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْقَاضِي إذَا نَصَبَ مُتَوَلِّيًا فِي وَقْفٍ، وَلَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ فِي وِلَايَتِهِ حُكِيَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا وَقَعَتْ الْمُطَالَبَةُ فِي مَجْلِسِهِ صَحَّ النَّصْبُ وَقَالَ الْقَاضِي رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَصِحُّ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ فِي وِلَايَتِهِ، فَإِنْ كَانُوا طَلَبَةَ الْعِلْمِ أَوْ أَهْلَ قَرْيَةٍ، أَوْ أُنَاسًا مَعْدُودِينَ، أَوْ كَانَ خَانًا، أَوْ رِبَاطًا، أَوْ مَسْجِدًا، وَلَمْ تَكُنْ الضَّيْعَةُ الْمَوْقُوفَةُ فِي وِلَايَتِهِ فَنَصَبَ مُتَوَلِّيًا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَصِحُّ وَيُعْتَبَرُ التَّظَالُمُ وَالْمُرَافَعَةُ، وَقَالَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ حَاضِرًا لَا يَصِحُّ النَّصْبُ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا يَصِحُّ النَّصْبُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ جَاءَ إلَى قَاضٍ مِنْ الْقُضَاةِ وَقَالَ: إنَّ أَبَى فُلَانًا مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَتَرَكَ عُرُوضًا وَعَقَارًا، وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ وَأَنَا لَا أَسْتَطِيعُ بَيْعَ مَا تَرَكَ لِأَقْضِيَ دَيْنَهُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ النَّاحِيَةِ لَا يَعْرِفُونَنِي. لَا بَأْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ: إنْ كُنْت صَادِقًا فَبِعْ الْمَالَ وَاقْضِ الدَّيْنَ. إنْ كَانَ صَادِقًا وَقَعَ مَوْقِعَهُ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَا يَعْمَلُ أَمْرَ الْقَاضِي. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ، وَقَدْ كَانَ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ أَيْ جَعَلَهُ وَصِيًّا وَقَبِلَ الْوَصِيُّ الْوِصَايَةَ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَجَاءَ إلَى الْقَاضِي يُرِيدُ إثْبَاتَ وِصَايَتِهِ فَالْقَاضِي يَنْظُرُ فِيهِ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلْوِصَايَةِ يَسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا أَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ مِنْ يَصْلُحُ خَصْمًا حَتَّى أَنَّ الْمُدَّعِيَ إنْ كَانَ عَبْدًا، أَوْ صَبِيًّا فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ دَعْوَاهُمَا وَهَلْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُمَا؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ، فَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ فَالْقَاضِي يَسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَقْضِي بِوِصَايَتِهِ، وَإِنْ كَبِرَ الصَّبِيُّ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْمَعُ. وَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ وَارِثٌ، أَوْ مُوصًى لَهُ، أَوْ رَجُلٌ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ رَجُلٌ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ. هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى رِوَايَةُ إبْرَاهِيمَ

رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ، أَوْ بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ لِرَجُلٍ وَأَخَذَهَا الْمُوصَى لَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْغَرِيمُ، وَالْوَرَثَةُ شُهُودٌ أَوْ غُيَّبٌ، وَقَدَّمَ الْمُوصَى لَهُ إلَى الْقَاضِي فَالْمُوصَى لَهُ لَا يَكُونُ خَصْمًا لَهُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ مَتَى حَصَلَتْ بِقَدْرِ الثُّلُثِ فَالْمُوصَى لَهُ لَا يُعْتَبَرُ بِالْوَارِثِ، وَإِذَا حَصَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ وَارِثٍ فَالْمُوصَى لَهُ خَصْمُ الْغَرِيمِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيُعْتَبَرُ الْمُوصَى لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِالْوَارِثِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ خَصَائِصِ الْوَارِثِ وَالْوَارِثُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا لِلْغَرِيمِ فَفِي حَقِّ الْمُوصَى لَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ. وَصَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ ذَكَرَ الْمُوصَى لَهُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَمَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ، ثُمَّ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى بَعْضِ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَيْهِ، وَأَنَّهُ قَدْ قَبِلَ وِصَايَتَهُ نَظَرَ الْقَاضِي فِيهِ، فَإِنْ كَانَ عَدْلًا مَرَضِيَّ السِّيرَةِ مُهْتَدِيًا فِي التِّجَارَةِ جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا وَقَضَى بِوِصَايَتِهِ، وَإِنْ عَرَفَهُ بِالْفِسْقِ وَالْخِيَانَةِ لَا يُمْضِي إيصَاءَهُ، وَإِنْ عَرَفَ مِنْهُ ضَعْفَ رَأْيٍ وَقِلَّةَ هِدَايَةٍ فِي التَّصَرُّفِ يُمْضِي وِصَايَتَهُ وَلَكِنْ يَضُمُّ إلَيْهِ أَمِينًا مُهْتَدِيًا فِي التِّجَارَةِ حَتَّى يَتَظَاهَرَا فِي التِّجَارَةِ، وَلَا يُتْلِفَا مَالَ الصَّبِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ فِسْقٌ، وَلَمْ يُعْرَفْ بِذَلِكَ لَكِنْ اُتُّهِمَ بِهِ فَالْقَاضِي يَشُدُّهُ بِمُشْرِفٍ، أَوْ يَضُمُّ إلَيْهِ وَصِيًّا آخَرَ حَتَّى لَا يَتَفَرَّدَ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فَيَظْهَرُ النَّظَرُ لِلْيَتِيمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ثَبَتَتْ الْوِصَايَةُ بِالْبَيِّنَةِ. وَفِي كِتَابِ الْوِصَايَةِ إقْرَارُ الْمَيِّتِ لِأُنَاسٍ بِدُيُونٍ وَوَصَايَا بِأَنْوَاعِ الْبِرِّ وَحَضَرَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ وَقُضِيَ لَهُ بِحَقِّهِ، ثُمَّ حَضَرَ آخَرُ هَلْ يُقْضَى بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ فِي الْوَصِيَّةِ بِأَنْوَاعِ الْبِرِّ؟ يُكْتَفَى بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْغُرَمَاءِ وَالْوَصَايَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْضَى بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَضَرَ عِنْدَ الْقَاضِي وَادَّعَى أَنَّ أَخَاهُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مَاتَ وَتَرَكَ مِنْ الْوَرَثَةِ أَبَاهُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَأُمَّهُ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ، وَمِنْ الْبَنِينَ فُلَانًا وَفُلَانًا، وَمِنْ الْبَنَاتِ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ وَامْرَأَتَهُ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمْ، وَأَنَّهُ أَوْصَى إلَيَّ فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ وَأَنِّي قَبِلْت مِنْهُ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ وَتَوَلَّيْت الْقِيَامَ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ كَانَ لِأَخِي هَذَا عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي حَضَرَ كَذَا مِنْ الدَّيْنِ، وَأَنَّ أَخِي هَذَا مَاتَ قَبْلَ قَبْضِهِ شَيْئًا مِنْ هَذَا الدَّيْنِ، وَأَنَّ عَلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ قَضَاءَ هَذَا الدَّيْنِ إلَيَّ لِأَصْرِفَهُ إلَى وَرَثَتِهِ وَإِلَى مَا أَمَرَ بِهِ الْمَيِّتُ فَالْقَاضِي يَسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَسْأَلُ الْخَصْمَ أَوَّلًا عَنْ الْمَوْتِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَوْتِ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ كَانَ ثَابِتًا لِلْمَيِّتِ وَبِالْمَوْتِ تَحَوَّلَ إلَى الْوَصِيِّ، ثُمَّ يَسْأَلُهُ عَنْ الدَّيْنِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ حِينَئِذٍ يَسْأَلُهُ عَنْ الْوِصَايَةِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا أَيْضًا لَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ

حَتَّى يُثْبِتَ وِصَايَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا مَاتَ، وَأَنَّهُ كَانَ أَوْصَى إلَيْهِ بِقَبْضِ دَيْنِهِ الَّذِي لَهُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَالْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدَيْهِ وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أُمِرَ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ إلَيْهِ وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ إلَى الْوَصِيِّ دُونَ الْعَيْنِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ إلَيْهِ، وَلَا بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ فَمَا ذُكِرَ فِي الْأَقْضِيَةِ يُوَافِقُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ، وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ أَقَرَّ بِالْمَوْتِ وَأَنْكَرَ الْوِصَايَةَ وَالْمَالَ كُلِّفَ الْمُدَّعِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوِصَايَةِ أَوَّلًا، فَإِذَا ثَبَتَتْ الْوِصَايَةُ بِالْبَيِّنَةِ حِينَئِذٍ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ جَمِيعَ ذَلِكَ كُلِّفَ الْوَصِيُّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوِصَايَةِ وَالْمَوْتِ جَمِيعًا لِيَنْتَصِبَ خَصْمًا، فَإِذَا أَقَامَهَا حِينَئِذٍ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ مِنْهُ عَلَى الْمَالِ فَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا عَلَى الْمَالِ، ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوِصَايَةِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْمَالِ وَيُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ عَلَى الْوِصَايَةِ وَالْمَوْتِ وَالْمَالِ فَرِيقًا وَاحِدًا فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ جُمْلَةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْمَالِ وَيُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهَا، وَلَا يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ وَلَكِنْ إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْوِصَايَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ بِالْمَالِ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْقَاضِي لَا يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْبَلُ. قَالَ ثَمَّةَ: وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ، وَإِذَا أَقَرَّ بِالْوِصَايَةِ وَالْمَوْتِ وَأَنْكَرَ الْمَالَ، وَلَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى الْمَالِ أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَيْهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَالِ وَالْمَوْتِ وَأَنْكَرَ الْوِصَايَةَ كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ وَصِيًّا، وَلَوْ لَمْ يَنْصِبْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوِصَايَةِ وَالْمَالِ وَأَنْكَرَ الْمَوْتَ هَلْ يَسْتَحْلِفُهُ عَلَيْهِ؟ فَالْجَوَابُ فِيهِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الْوَارِثِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى الْوَصِيُّ، أَوْ الْقَيِّمُ أَنَّ الْقَاضِيَ الْمَعْزُولَ آجَرَهُمَا مُسَانَهَةً أَوْ مُشَاهَرَةً كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ الْمُوَلَّى لَا يُنَفِّذُ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ صَدَّقَهُ الْمَعْزُولُ، فَإِنْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ حَالَ كَوْنِهِ قَاضِيًا فَعَلَ ذَلِكَ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ، ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَدْرَ أَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ يُنَفِّذُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ يُنَفِّذُ بِقَدْرِ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَأَبْطَلَ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ اسْتَوْفَى ذَلِكَ أَمَرَهُ بِرَدِّ الزِّيَادَةِ عَلَى الْيَتِيمِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ كَانَ أَبُو الصَّغِيرِ مُبَذِّرًا مُتْلِفًا مَالَ الصَّغِيرِ يَنْصِبُ وَصِيًّا يَحْفَظُ مَالَهُ، وَلَوْ اشْتَرَى الْوَارِثُ مِنْ مُوَرِّثِهِ شَيْئًا، ثُمَّ اطَّلَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى عَيْبٍ نَصَبَ الْقَاضِي وَصِيًّا حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى الْأَبُ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا نَصَبَ الْقَاضِي وَصِيًّا حَتَّى يَرُدَّهُ الْأَبُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الباب الحادي والثلاثون في القضاء على الغائب

[الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ] (الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْقَضَاءِ الَّذِي يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَقِيَامِ بَعْضِ أَهْلِ الْحَقِّ عَنْ الْبَعْضِ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ) الْقَضَاءُ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْغَائِبِ وَلِلْغَائِبِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ عَنْهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ إمَّا قَصْدِيٌّ، وَذَلِكَ بِتَوْكِيلِ الْغَائِبِ إيَّاهُ، وَإِمَّا حُكْمِيٌّ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا لِثُبُوتِ الْمُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ لَا مَحَالَةَ أَوْ شَرْطًا لَهُ عَلَى مَا ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهَكَذَا كَانَ يُفْتِي الْقَاضِي الْإِمَامُ شَمْسُ الْإِسْلَامِ مَحْمُودْ عَبْدَ الْعَزِيزِ الْأُوزْجَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا لِثُبُوتِ الْمُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ لَا مَحَالَةَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكُتُبِ فِي الْمَوَاضِعِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. ثُمَّ سَوَّى الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ بَيْنَمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ شَيْئَيْنِ وَبَيْنَمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى شَيْئًا وَاحِدًا فَتُشْتَرَطُ السَّبَبِيَّةُ لِانْتِصَابِ الْحَاضِرِ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ فِي كَشْفِ الْمُشْكَلِ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ فِي شُرُوحِهِمْ أَنَّ السَّبَبِيَّةَ تُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى شَيْئَيْنِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ. وَالْأَقْرَبُ إلَى الْفِقْهِ بَيَانُ هَذَا الْأَصْلِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمَا وَاحِدًا. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا دَارُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ، وَهُوَ يَمْلِكُهَا، وَقَدْ غَصَبَهَا ذُو الْيَدِ مِنِّي، وَقَالَ ذُو الْيَدِ: الدَّارُ دَارِي فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَيَنْتَصِبُ الْحَاصِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، أَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فَلِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ سَبَبٌ لِثُبُوتِ الْمُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ لَا مَحَالَةَ، وَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ فَلِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ كَفَلَ عَنْ فُلَانٍ بِمَا يَذُوبُ لَهُ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ وَأَنْكَرَ الْحَقَّ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ذَابَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا فِي حَقِّ الْكَفِيلِ الْحَاضِرِ وَفِي حَقِّ الْغَائِبِ جَمِيعًا حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ إذَا ادَّعَى الشُّفْعَةَ فِي دَارٍ هِيَ فِي يَدِ إنْسَانٍ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: الدَّارُ دَارِي مَا اشْتَرَيْتُهَا مِنْ أَحَدٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَا الْيَدِ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَهُوَ يَمْلِكُهَا، وَأَنَّهُ شَفِيعُهَا يُقْضَى بِالشِّرَاءِ فِي حَقِّ ذِي الْيَدِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. بَيَانُ هَذَا الْأَصْلِ. فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمَا شَيْئَيْنِ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: هُمَا عَبْدَانِ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ فَأَقَامَ الْمَشْهُودُ لَهُ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ أَعْتَقَهُمَا، وَهُوَ يَمْلِكُهُمَا فَإِنَّهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَيَثْبُتُ الْعِتْقُ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا. وَالْمُدَّعَى شَيْئَانِ الْمَالُ عَلَى الْحَاضِرِ وَالْعِتْقُ عَلَى الْغَائِبِ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ سَبَبٌ لِثُبُوتِ الْمُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ ثُبُوتِ وِلَايَةِ الشَّهَادَةِ بِحَالٍ فَصَارَ الشَّيْءُ وَاحِدًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَيَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا وَيُقْضَى بِالْعِتْقِ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا قَذَفَ مُحْصَنًا حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَقَالَ الْقَاذِفُ: أَنَا عَبْدٌ

وَعَلَيَّ نِصْفُ حَدِّ الْقَذْفِ وَقَالَ الْمَقْذُوفُ: لَا، بَلْ أَعْتَقَكَ مَوْلَاكَ وَلِي عَلَيْكَ حَدُّ الْأَحْرَارِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِالْعِتْقِ حَقِّ فِي الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ الْعِتْقَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ، وَإِنْ ادَّعَى شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ حَدًّا كَامِلًا، وَعَلَى الْغَائِبِ الْعِتْقَ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْعِتْقُ سَبَبًا لِثُبُوتِ مَا يُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ قُضِيَ بِالْبَيِّنَةِ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا. وَإِذَا قُتِلَ رَجُلٌ عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَادَّعَى الْحَاضِرُ عَلَى الْقَاتِلِ أَنَّ الْغَائِبَ عَفَا عَنْ نَصِيبِهِ وَانْقَلَبَ نَصِيبِي مَالًا وَأَنْكَرَ الْقَاتِلُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِهَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى شَيْئَيْنِ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ لَيْسَ سَبَبًا لِثُبُوتِ الْمُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ لَا مَحَالَةَ بَلْ قَدْ لَا يَكُونُ سَبَبًا - لَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ. بَيَانُ هَذَا الْأَصْلِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَةِ رَجُلٍ غَائِبٍ: إنَّ زَوْجَكِ فُلَانًا الْغَائِبَ وَكَّلَنِي أَنْ أَحْمِلَكِ إلَيْهِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ إنَّهُ كَانَ قَدْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهَا فِي حَقِّ قَصْرِ يَدِ الْوَكِيلِ عَنْهَا لَا فِي حَقِّ إثْبَاتِ الطَّلَاقِ عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ الطَّلَاقَ فَالْمَرْأَةُ تَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَبْدِ إنْسَانٍ وَقَالَ مَوْلَاكَ وَكَّلَنِي بِنَقْلِي إيَّاكَ إلَيْهِ فَبَرْهَنَ الْعَبْدُ عَلَى أَنَّهُ حَرَّرَهُ تُقْبَلُ فِي قَصْرِ يَدِ الْحَاضِرِ لَا فِي حَقِّ ثُبُوتِ الْعِتْقِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمَا شَيْئَيْنِ، وَالْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ سَبَبٌ لِثُبُوتِ الْمُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ بِاعْتِبَارِ الْبَقَاءِ لَا بِنَفْسِهِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَلَا يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ لَا عَلَى الْحَاضِرِ، وَلَا عَلَى الْغَائِبِ. بَيَانُ هَذَا الْأَصْلِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ ادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ كَانَ زَوَّجَهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ قَبْلَ أَنْ أَشْتَرِيَهَا، وَقَدْ اشْتَرَيْتُهَا، وَلَمْ أَعْلَمْ بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ دَعْوَاهُ فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً يُرِيدُ رَدَّ الْجَارِيَةِ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ لَا عَلَى الْحَاضِرِ، وَلَا عَلَى الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى شَيْئَانِ النِّكَاحُ عَلَى الْغَائِبِ وَالرَّدُّ عَلَى الْحَاضِرِ، وَالْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ مِنْ النِّكَاحِ نَفْسِهِ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِمَا يَدَّعِيه عَلَى الْحَاضِرِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْبَقَاءِ فَإِنَّ الْبَائِعَ لَوْ كَانَ زَوَّجَهَا، ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ، وَإِنَّمَا السَّبَبُ بَقَاءُ النِّكَاحِ إلَى حَالَةِ الرَّدِّ، وَلَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَقَاءِ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَقَاءِ لَا تُقْبَلُ أَيْضًا، وَلَا يُقْضَى بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ تَبَعٌ لِلِابْتِدَاءِ، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَلَ خَصْمًا فِي نَفْسِ النِّكَاحِ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَلَ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ الْبَقَاءِ، وَكَذَا الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ يُرِيدُ إبْطَالَ حَقِّ الْبَائِعِ

فِي الِاسْتِرْدَادِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَلَا فِي حَقِّ الْغَائِبِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا فِي يَدَيْهِ دَارٌ بِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ فَأَرَادَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ أَنْ يَأْخُذَ الْمُشْتَرَاةَ بِالشُّفْعَةِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ: الدَّارُ الَّتِي فِي يَدَيْكَ لَيْسَتْ بِدَارٍ لَكَ إنَّمَا هِيَ لِفُلَانٍ وَأَقَامَ الشَّفِيعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدَيْهِ دَارُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ لَا يُقْضَى بِالشِّرَاءِ لَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ، وَلَا فِي حَقِّ الْغَائِبِ ذَكَرَ فِي طَلَاقِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ طَلَّقَ فُلَانٌ امْرَأَتَهُ فَأَنْت طَالِقٌ، ثُمَّ امْرَأَةُ الْحَالِفِ ادَّعَتْ عَلَى الْحَالِفِ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَفُلَانٌ غَائِبٌ وَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ لَا تُقْبَلُ مِنْهَا هَذِهِ الْبَيِّنَةُ، وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِقَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ وَبِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا دَخَلَ وَفُلَانٌ غَائِبٌ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا؟ قُلْنَا: ذَلِكَ لَيْسَ بِقَضَاءٍ عَلَى الْغَائِبِ إذْ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقٍّ عَلَى الْغَائِبِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالُ نِكَاحِ الْغَائِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى شَرْطِ حَقِّهِ بِإِثْبَاتِ فِعْلٍ عَلَى الْغَائِبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْغَائِبِ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْغَائِبِ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَيُقْضَى عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ، وَلَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَسْأَلَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ وَمَا يَفْعَلُهُ الْوُكَلَاءُ عَلَى بَابِ الْقُضَاةِ الْيَوْمَ مِنْ إثْبَاتِ الْبَيْعِ أَوْ الْوَقْفِ، أَوْ الطَّلَاقِ عَلَى الْغَائِبِ بِجَعْلِهِ شَرْطًا لِوَكَالَةِ الْحَاضِرِ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ زَيْدٌ مَثَلًا لِجَعْفَرٍ: إنْ كَانَ عَمْرٌو مَثَلًا بَاعَ دَارِهِ، أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، أَوْ وَقَفَ ضِيَاعَهُ عَلَى سَبِيلِ كَذَا فَأَنْتَ وَكِيلِي فِي إثْبَاتِ حُقُوقِي عَلَى النَّاسِ وَالْخُصُومَةِ فِيهَا وَقَبْضِهَا، ثُمَّ إنَّ جَعْفَرًا أَحْضَرَ رَجُلًا يَدَّعِي عَلَيْهِ مَالًا وَيَدَّعِي أَنَّ زَيْدًا قَدْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ حُقُوقِهِ عَلَى النَّاسِ وَإِثْبَاتِهَا وَالْخُصُومَةِ فِيهَا وَالْوَكَالَةُ مُعَلَّقَةٌ بِشَرْطٍ كَائِنٍ، وَهُوَ بَيْعُ عَمْرٍو ضِيَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ طَلَاقُ عَمْرٍو امْرَأَتَهُ، وَأَنَّ عَمْرًا قَدْ كَانَ بَاعَ ضِيَاعَهُ، أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ تَوْكِيلِ زَيْدٍ إيَّايَ. وَقَدْ صِرْت وَكِيلًا عَنْ زَيْدٍ بِالْخُصُومَةِ فِي حُقُوقِهِ وَقَبْضِهَا، وَأَنَّ لِزَيْدٍ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِجَعْفَرٍ: إنَّ زَيْدًا قَدْ كَانَ وَكَّلَكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْتَ، إنِّي لَا أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ هَلْ كَانَ؟ وَهَلْ صِرْتَ أَنْتَ وَكِيلًا؟ فَيُقِيمُ جَعْفَرٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى بَيْعِ عَمْرٍو دَارِهِ، أَوْ عَلَى طَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَيَقْضِي الْقَاضِي بِالْبَيْعِ عَلَى عَمْرٍو وَوَكَالَةِ الْحَاضِرِ فَهَذَا فَتْوَى بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَيْضًا، وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ لَا تُقْبَلُ لِمَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ الْغَيْرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَغَابَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَادَّعَى الْكَفِيلُ عَلَى الطَّالِبِ أَنَّ الْأَلْفَ الَّذِي كُفِلْتَ بِهِ عَنْ فُلَانٍ ثَمَنُ خَمْرٍ، وَقَالَ الطَّالِبُ: لَا، بَلْ كَانَ ثَمَنَ عَبْدٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ، فَإِنْ أَرَادَ الْكَفِيلُ

أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الطَّالِبِ بِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَلَا يَنْتَصِبُ الطَّالِبُ خَصْمًا لَهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ حَاضِرًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطَّالِبِ عَلَى أَنَّ الْأَلْفَ الَّذِي يُدَّعَى عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ حَيْثُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ، ثُمَّ جَحَدَ الْمَالَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْمَالِ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَالْكَفَالَةِ فَلَمْ يَأْخُذْ الطَّالِبُ شَيْئًا حَتَّى غَابَ، ثُمَّ قَدِمَ الْآخَرُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ بِخَمْسِمِائَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِنَفْسِهِ وَلِغَائِبٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ، أَوْ ثَوْبٍ بَاعَاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَقْضِي بِنَصِيبِ الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ كُلِّفَ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُقْضَى بِنَصِيبِ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا قَالَ صَاحِبُ شَرْحِ الْأَقْضِيَةِ وَذُكِرَ بَعْدَ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي الظَّاهِرِ، وَعَلَى مَا عَلَيْهِ عَامَّةُ الرِّوَايَاتِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: وَإِنْ كَانَ الْأَلْفُ مِيرَاثًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبِ لَا يُكَلَّفُ الْغَائِبُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ إذَا حَضَرَ بِلَا خِلَافٍ. ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ الْحَاضِرَ فِيمَا ادَّعَى كَانَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ يُشَارِكُ الْمُدَّعِي فِيمَا قَبَضَ، ثُمَّ يَتْبَعَانِ الْمَطْلُوبَ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَطْلُوبَ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْغَائِبُ حَتَّى رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْطُلُ حَقُّ الْغَائِبِ، وَلَا يُقْضَى لَهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ يُشَارِكُ الْغَائِبُ إذَا حَضَرَ الْحَاضِرَ فِيمَا قَبَضَ، ثُمَّ إذَا شَارَكَهُ فَالْحَاضِرُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِشَيْءٍ. وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَفُلَانًا الْغَائِبَ اشْتَرَيْنَا هَذِهِ الدَّارَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدْنَا لَهُ الثَّمَنَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِلْحَاضِرِ بِنِصْفِ الدَّارِ، فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ كُلِّفَ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِالدَّارِ كُلِّهَا لِلْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَيُدْفَعُ إلَى الْحَاضِرِ نِصْفُ الدَّارِ وَيُوضَعُ النِّصْفُ الثَّانِي عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ ثِقَةٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَا أَقْسِمُهَا حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ، قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ وَجَحَدَ الشِّرَاءَ بَطَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ وَجَازَ نَصِيبُ الْحَاضِرِ وَقَالَ: هَذَا بِلَا خِلَافٍ. وَذَكَرَ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُنْتَقَى عَلَى الْخِلَافِ وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَبْسُوطِ وَقَالَ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ، وَلَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا خِلَافًا وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْخِلَافِ عَلَى حَسَبِ مَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى وَذَكَرْنَا أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُنْزَعُ نَصِيبُ الْغَائِبِ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: هَذَا إذَا وَصَلَ الثَّمَنُ إلَى الْبَائِعِ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ

الْمُدَّعِيَ قَالَ: وَنَقَدْنَا لَهُ الثَّمَنَ، أَمَّا إذَا كَانَ لَمْ يَصِلْ لَا يُنْزَعُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: نَقْدُ الثَّمَنِ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلدَّفْعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَنَحْنُ لَا نَدْفَعُهُ إلَى الْمُشْتَرِي بَلْ نَضَعُهُ عَلَى يَدِ الْعَدْلِ وَيَدُ الْعَدْلِ فِي الْحَبْسِ نَظِيرُ يَدِ الْبَائِعِ كَمَا أَنَّ يَدَ الْعَدْلِ فِي الرَّهْنِ نَظِيرُ يَدِ الْمُرْتَهِنِ فِي الْحَبْسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذَكَرَ فِي دِيَاتِ الْمَبْسُوطِ أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقِصَاصِ عَلَى رَجُلٍ يَثْبُتُ ذَلِكَ فِي حَقِّ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ حَتَّى لَا يُكَلَّفَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ إذَا حَضَرُوا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ حَقُّ الْحَاضِرِ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ، وَلَا يَثْبُتُ حَقُّ الْغَائِبِ حَتَّى يُكَلَّفَ الْغَائِبُ إذَا حَضَرَ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَذَكَرَ فِي دَعْوَى الْمَبْسُوطِ: دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لَهُ وَلِأَخِيهِ فُلَانٍ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُمَا وَأَخُوهُ غَائِبٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِحِصَّةِ الْحَاضِرِ وَيَنْزِعُ نَصِيبَهُ مِنْ يَدِهِ وَيُسَلِّمُهُ إلَيْهِ، وَأَمَّا نَصِيبُ الْغَائِبِ فَيُتْرَكُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ مُنْكِرًا كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى اُحْتِيجَ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يُخْرِجُ نَصِيبَ الْغَائِبِ مِنْ يَدِهِ وَيَضَعُهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ، وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا يُتْرَكُ نَصِيبُ الْغَائِبِ فِي يَدَيْهِ، فَإِنْ تُرِكَ نَصِيبُ الْغَائِبِ فِي يَدَيْ ذِي الْيَدِ، ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ هَلْ يُكَلَّفُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُكَلِّفُهُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْقِصَاصِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يُكَلِّفُهُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ وَجَعَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْوِفَاقِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ: مَسْأَلَةُ دَعْوَى الدَّيْنِ بِالْإِرْثِ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا كَمَسْأَلَةِ الْقِصَاصِ وَصَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ ذَكَرَهَا مُطْلَقَةً مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَمِنْ جِنْسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. مَسْأَلَةُ الْهِبَةِ وَصُورَتُهَا رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَ لَهُ هِبَةً وَلِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ شَيْئًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ صَحَّتْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَقُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ أَيْضًا كَمَا فِي الشِّرَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ شَيْئًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِأَنْ كَانَ دَارًا لَمْ تَصِحَّ هَذِهِ الدَّعْوَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لِأَنَّ عِنْدَهُ هِبَةَ الدَّارِ مِنْ رَجُلَيْنِ فَاسِدَةٌ، وَعِنْدَهُمَا هِبَةُ الدَّارِ مِنْ رَجُلَيْنِ صَحِيحَةٌ فَتَصِحُّ هَذِهِ الدَّعْوَى وَمَنْ هَذَا الْجِنْسِ. مَسْأَلَةُ الرَّهْنِ وَصُورَتُهَا رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنِّي وَفُلَانًا الْغَائِبَ ارْتَهَنَّا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدَيْهِ بِدَيْنٍ لَنَا عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ إنَّمَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ فِي نَصِيبِ الْحَاضِرِ لَا غَيْرَ، وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ رَهْنَ الْمُشَاعِ وَرَهْنُ الْمُشَاعِ لَا يَجُوزُ وَمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَمَا لَا يَحْتَمِلُ فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ، وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ. مَسْأَلَةُ الْوَصِيَّةِ وَصُورَتُهَا رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى بِوَصَايَا

شَتَّى لِأُنَاسٍ مُخْتَلِفِينَ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ فَحَضَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِمَّنْ أَوْصَى لَهُ وَقَدَّمَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَصِيَّةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِنَصِيبِ الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِجَمِيعِ الْوَصِيَّةِ حَتَّى إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَا يُكَلَّفُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ ثَانِيًا. ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى رَجُلَيْنِ مَالًا فِي صَكٍّ وَأَحَدُهُمَا حَاضِرٌ يَجْحَدُ وَالْآخَرُ غَائِبٌ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: أَقْضِي بِالْمَالِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا الْجَوَابُ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ عِنْدَهُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَرَأَيْتُ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: أَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ بِنِصْفِ الْمَالِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ بِجَمِيعِ الْمَالِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي الْمَبْسُوطِ وَأَجَابَ فِي الْكُلِّ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَضَاءُ عَلَى الْحَاضِرِ وَلِلْحَاضِرِ، يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ. وَصَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْتَصِرُ الْقَضَاءُ عَلَى الْحَاضِرِ وَذَكَرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ يَتَعَدَّى الْقَضَاءُ إلَى الْغَائِبِ، وَتَارَةً ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَتَارَةً ذَكَرَ قَوْلَهُ بِخِلَافِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَتَارَةً ذَكَرَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَتَارَةً ذَكَرَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَكَانَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا، وَكَذَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ، وَكَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ، وَأَمَّا الْفَرْقُ فَلَا وَجْهَ لَهُ. رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا مِنْ رَجُلَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ، ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ لَقِيَ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ وَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ عَلَى هَذَا وَعَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ عَلَى الْحَاضِرِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ إلَّا بِخَمْسِمِائَةٍ وَهِيَ الْأَصْلِيَّةُ عَلَيْهِ، يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْبَائِعُ مِنْ الْحَاضِرِ شَيْئًا لَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ الَّذِي حَضَرَ إلَّا بِخَمْسِمِائَةٍ وَهِيَ الْأَصْلِيَّةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى كَفِيلِهِ بِهَا قَضَاءٌ عَلَيْهِ وَالْقَضَاءُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَبِهِ كَفِيلٌ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ لَقِيَ الْأَصِيلَ قَبْلَ أَنْ يَلْقَى الْكَفِيلَ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ لِي عَلَيْكَ أَلْفًا وَفُلَانٌ كَفِيلٌ بِهِ بِأَمْرِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَا يَكُونُ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْكَفِيلِ حَتَّى لَوْ لَقِيَ الْكَفِيلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يُعِيدَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَلَوْ لَقِيَ الْكَفِيلَ أَوَّلًا وَادَّعَى أَنَّ لِي عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا وَأَنْتَ كَفِيلٌ بِهِ لِي عَنْهُ بِأَمْرِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ يَثْبُتُ

الْمَالُ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْغَائِبِ وَيَنْتَصِبُ الْكَفِيلُ خَصْمًا عَنْ الْأَصِيلِ، أَمَّا الْأَصِيلُ فَلَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّكَ كَفَلْتَ لِي وَفُلَانٍ الْغَائِبِ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَقُضِيَ عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْغَائِبَ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ قُضِيَ بِهِ عَلَى الْحَاضِرِ قُضِيَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ كَفِيلٌ عَنْ الْمَطْلُوبِ وَعَنْ الْكَفِيلِ، أَلَا يُرَى أَنِّي لَوْ لَمْ أَجْعَلْهُ كَفِيلًا عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إذَا أَدَّى أَنْ يَرْجِعَ بِهِ كُلِّهِ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ؟ . وَفِي نَوَادِرِ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ ادَّعَى شِرَاءَ دَارٍ مِنْ نَفَرٍ، وَهِيَ فِي أَيْدِيهِمْ وَبَعْضُهُمْ حُضُورٌ وَبَعْضُهُمْ غُيَّبٌ وَالْحَاضِرُ مُقِرٌّ لِلْغَائِبِ بِنَصِيبِهِ جَاحِدٌ لِلْبَيْعِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي إلَّا عَلَى الْحَاضِرِ فِي حِصَّتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا هَذَا إذَا كَانَ الْحَاضِرُ مُقِرًّا بِنَصِيبِ الْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَ جَاحِدًا نَصِيبَ الْغَائِبِ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالدَّارِ كُلِّهَا لِلْمُدَّعِي، وَإِذَا ادَّعَى هِبَةً، أَوْ صَدَقَةً، أَوْ رَهْنًا مِنْ رَجُلَيْنِ وَأَحَدُ الرَّجُلَيْنِ غَائِبٌ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْحَاضِرِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ، أَوْ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالْقَبْضِ أَوْ عَلَى الرَّهْنِ وَالْقَبْضِ - فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ فِي فَصْلِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْقَضَاءَ يَقْتَصِرُ عَلَى نَصِيبِ الْحَاضِرِ، وَرَهْنُ الْمُشَاعِ بَاطِلٌ، فَأَمَّا فِي الْهِبَةِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِنَصِيبِ الْحَاضِرِ هَاهُنَا مُمْكِنٌ؛ لِأَنَّ الشُّيُوعَ فِيهِ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْهِبَةِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَفِي فَصْلِ الرَّهْنِ الْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ أَصْلًا، وَفِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ مِمَّا لَا يُقَسَّمُ يَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا حَتَّى إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَا يُكَلَّفُ الْمُدَّعِي إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ مِمَّا يُقَسَّمُ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِهِبَةِ الْكُلِّ وَلَكِنْ يُنَفِّذُ فِي النِّصْفِ فِي الْحَالِ، وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ يَتَوَقَّفُ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْغَائِبُ فَيُنَفِّذَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَقَضَى الْقَاضِي لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الْمُدَّعِي، ثُمَّ غَابَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ، أَوْ مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ وَلَهُ مَالٌ فِي الْمِصْرِ فِي يَدِ أَقْوَامٍ وَهُمْ مُقِرُّونَ بِهِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، قَالَ: لَا أَدْفَعُ إلَى الْمُدَّعِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا حَتَّى يَحْضُرَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ إنْ كَانَ غَائِبًا، أَوْ وَرَثَتُهُ إنْ كَانَ مَيِّتًا؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ نَصَبَ نَاظِرًا وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ فِي حَقِّ الْغَائِبِ دَفْعُ مَالِهِ إلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ فَلَعَلَّ أَنَّهُ قَضَى هَذَا الدَّيْنَ أَوْ وَارِثُهُ فَوَقَفْنَا الْأَمْرَ لِهَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا، وَإِذَا غَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ مَاتَ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي، وَقَدْ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ لَا يَقْضِي حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ، أَوْ نَائِبُهُ، أَوْ يَحْضُرَ وَارِثُ الْمَيِّتِ، فَإِذَا حَضَرَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْقَضَاءِ، وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِمَا ادَّعَاهُ

الْمُدَّعِي، ثُمَّ غَابَ فَالْقَاضِي يَقْضِي عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ، فَبَعْدَ هَذَا يُنْظَرُ: إنْ كَانَ الْمَقَرُّ بِهِ عَيْنًا فَالْقَاضِي يَأْمُرُ مَنْ فِي يَدَيْهِ بِالتَّسْلِيمِ إذَا كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ مُقِرًّا أَنَّهُ مِلْكُ الْمُقِرِّ. وَفِي الدَّيْنِ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ يَأْمُرُهُ بِالْأَخْذِ، وَلَا يَبِيعُ فِي ذَلِكَ الْعُرُوضَ وَالْعَقَارَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَقْضِي الْقَاضِي حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ فِي الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ جَمِيعًا، ذُكِرَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا، وَالْمَحْفُوظُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمَذْكُورُ عَنْهُ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ غَيْرُ هَذَا، فَالْمَذْكُورُ عَنْهُ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا إنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي فِي فَصْلِ الْبَيِّنَةِ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ، وَفِي فَصْلِ الْإِقْرَارِ يَقْضِي، حَتَّى اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ وَقَالَ: يَقْضِي فِيهِمَا جَمِيعًا اسْتَحْسَنَ ذَلِكَ حِفْظًا لِأَمْوَالِ النَّاسِ وَصِيَانَةً لِحُقُوقِهِمْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ: أَمَةٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ إبْرَاهِيمُ لِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ: يَا مُحَمَّدُ الْأَمَةُ الَّتِي فِي يَدِ عَبْدِ اللَّهِ كَانَتْ أَمَتِي بِعْتُهَا مِنْكَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَسَلَّمْتُهَا إلَيْكَ إلَّا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَدْ غَصَبَهَا مِنْكَ وَصَدَّقَهُ مُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ يُنْكِرُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيَقُولُ: الْجَارِيَةُ جَارِيَتِي، فَالْقَوْلُ فِي الْجَارِيَةِ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ وَيُقْضَى بِالثَّمَنِ لِإِبْرَاهِيم عَلَى مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَتَصَادُقُهُمَا حُجَّةٌ فِي حَقِّهِمَا، فَلَوْ اسْتَحَقَّ أَحَدٌ الْأَمَةَ فِي يَدِ عَبْدِ اللَّهِ بَعْدَ مَا أَخَذَ إبْرَاهِيمُ الثَّمَنَ مِنْ مُحَمَّدٍ فَأَرَادَ مُحَمَّدٌ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَقَالَ: الْجَارِيَةُ الَّتِي اشْتَرَيْتُهَا مِنْكَ وَرَدَ عَلَيْهَا الِاسْتِحْقَاقُ لَا يُلْتَفَتُ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالِاسْتِحْقَاقِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ اقْتَصَرَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَلَمْ يَتَعَدَّ إلَى مُحَمَّدٍ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ عَلَى ذِي الْيَدِ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى ذِي الْيَدِ، وَعَلَى مَنْ تَلَقَّى ذُو الْيَدِ الْمِلْكَ مِنْ جِهَتِهِ، وَلَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَذُو الْيَدِ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَدَّعِي تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنْ جِهَةِ مُحَمَّدٍ فَلَمْ يَصِرْ مُحَمَّدٌ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَمَا لَمْ يَصِرْ مُحَمَّدٌ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّ الْجَارِيَةَ جَارِيَتُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ إبْرَاهِيمَ، وَهُوَ يَمْلِكُهَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَلَوْ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ لَمَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الَّذِي اسْتَحَقَّهَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ اسْتَحَقَّهَا بِالنَّتَاجِ بِأَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا جَارِيَتُهُ وُلِدَتْ فِي مِلْكِهِ وَقَضَى الْقَاضِي بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ لَمْ يَرْجِعْ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَإِنْ ظَهَرَ بِبَيِّنَةِ الْمُسْتَحِقِّ أَنَّ إبْرَاهِيمَ بَاعَ جَارِيَةَ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالِاسْتِحْقَاقِ اقْتَصَرَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَلَمْ يَصِرْ مُحَمَّدٌ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ. (بَيَانُهُ) وَهُوَ أَنَّ النَّتَاجَ هَاهُنَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ خَارِجٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ قُبِلَتْ فَسَقَطَ اعْتِبَارُ دَعْوَى النَّتَاجِ وَبَقِيَ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ؟ وَفِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا يَصِيرُ مُحَمَّدٌ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَكَذَا هُنَا قَالَ فِي الْكِتَابِ: أَلَا يُرَى أَنَّ مُحَمَّدًا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّ الْجَارِيَةَ جَارِيَتُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ إبْرَاهِيمَ بِكَذَا، وَهُوَ يَمْلِكُهَا؟ أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِمُحَمَّدٍ، وَلَوْ صَارَ مُحَمَّدٌ مَقْضِيًّا

عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ لَمَا قُضِيَ لَهُ، وَلَوْ أَعَادَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُحَمَّدٍ أَنَّهَا أَمَتُهُ وُلِدَتْ فِي مِلْكِهِ قُضِيَ بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ وَتَرَجَّحَتْ بَيِّنَتُهُ عَلَى بَيِّنَةِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ النَّتَاجِ لَا تُعَارِضُهَا بَيِّنَةُ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ النَّتَاجِ أَكْثَرُ ثَبَاتًا وَيَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِهَذَا الْقَضَاءِ قَالَ: وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْجَارِيَةَ أَحَدٌ وَلَكِنْ أَقَامَتْ الْجَارِيَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ وَقَضَى الْقَاضِي بِحُرِّيَّتِهَا رَجَعَ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَالْقَضَاءُ بِالْحُرِّيَّةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا قَضَاءٌ عَلَى النَّاسِ كَافَّةً؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ تَعْلَقُ بِهَا أَحْكَامٌ مُتَعَدِّيَةٌ إلَى النَّاسِ مِنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ وَالْوِلَايَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَانْتَصَبَ ذُو الْيَدِ خَصْمًا عَنْ النَّاسِ كَافَّةً فَكَانَ الْقَضَاءُ عَلَى ذِي الْيَدِ قَضَاءً عَلَى النَّاسِ كَافَّةً، أَمَّا الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ أَحْكَامٌ مُتَعَدِّيَةٌ إلَى النَّاسِ كَافَّةً فَلَمْ يَنْتَصِبْ ذُو الْيَدِ خَصْمًا عَنْ النَّاسِ كَافَّةً، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَتَهُ أَعْتَقَهَا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ رَجَعَ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ فَهَذَا وَالْقَضَاءُ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَّا الْقَضَاءُ بِالْوَقْفِيَّةِ عَلَى ذِي الْيَدِ هَلْ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى النَّاسِ كَافَّةً؟ حُكِيَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ وَالْقَاضِي الْإِمَامِ رُكْنِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى النَّاسِ كَافَّةً حَتَّى لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ هَذِهِ الْأَرْضَ لِنَفْسِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، أَلْحَقَاهُ بِالْقَضَاءِ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى النَّاسِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَرْضَ لِنَفْسِهِ مِلْكًا مُطْلَقًا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَأَلْحَقَهُ بِالْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَلِأَخِيهِ فُلَانٍ، وَأَخُوهُ مُنْكِرٌ دَعْوَاهُ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الدَّارِ، فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ وَقُضِيَ لَهُ بِنِصْفِ الدَّارِ، ثُمَّ رَجَعَ أَخُوهُ إلَى تَصْدِيقِهِ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِشَيْءٍ، فَإِنْ جَاءَ الْغَرِيمُ لِلْمَيِّتِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَثْبَتَ دَيْنَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْوَارِثِ بِبَيِّنَتِهِ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ أَنْ يَقْضِيَ لِلْمَيِّتِ بِالدَّارِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَقْبِلُ الْقَضَاءَ فَيَقْضِي لِلْمَيِّتِ بِالدَّارِ كُلِّهَا بِالشَّهَادَةِ الْأُولَى وَتُبَاعُ الدَّارُ وَيَقْضِي الْغَرِيمَ حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ ثَمَنِهَا يَجْعَلُ نِصْفَهَا لِلِابْنِ الْمُدَّعِي وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ بِالدَّارِ، وَلَا أَجْعَلُ لِلِابْنِ الْمُنْكِرِ مِنْ الْفَضْلِ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذَكَرَ فِي شَهَادَاتِ الْجَامِعِ أَنَّ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ أَحَدُ الْوَرَثَةِ إنَّمَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ لِلْمُدَّعِي فِي عَيْنٍ هِيَ فِي يَدِ ذَلِكَ الْوَارِثِ لَا فِي عَيْنٍ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ حَتَّى أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ وَأَحْضَرَ وَارِثًا لَيْسَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ فِي يَدِ هَذَا الْوَارِثِ الَّذِي أَحْضَرَهُ لَا يَسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ وَفِي دَعْوَى الدَّيْنِ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ قَالَ: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى غَيْرِهِ أَنَّكَ كَفَلْتَ لِي عَنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِي عَلَيْهِ بِأَمْرِهِ وَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْكَفَالَةَ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْمَالِ عَلَى الْكَفِيلِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْأَصِيلُ وَأَنْكَرَ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي كَانَ لِلْكَفِيلِ

أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْمَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ قَبْلَ دَفْعِ الْكَفِيلِ الْمَالَ إلَى الْمُدَّعِي كَانَ لِلْمُدَّعِي الْخِيَارُ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْكَفِيلَ بِالْمَالِ، وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ، وَمَتَى أَدَّى الْكَفِيلُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِمَا أَدَّى، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَا يَكُونُ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَحْتَجَّ عَلَى الْكَفِيلِ بِإِنْكَارِ الْكَفَالَةِ، وَالْأَمْرُ بِبُطْلَانِ جُحُودِهِ لِجَرَيَانِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ. وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي ادَّعَى الْكَفَالَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَدَّعِ الْأَمْرَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الْكَفِيلِ بِالْمَالِ لَا يَتَعَدَّى ذَلِكَ الْقَضَاءُ إلَى الْغَائِبِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ سَبِيلٌ إلَّا بَعْدَ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ. هَذَا إذَا كَانَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الطَّالِبِ وَالْكَفِيلِ، وَقَدْ ادَّعَاهُ الطَّالِبُ كَفَالَةً مُفَسَّرَةً، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الطَّالِبِ وَالْكَفِيلِ، وَقَدْ ادَّعَاهُ كَفَالَةً مُبْهَمَةً بِأَنْ قَالَ: كَفَلْتَ لِي عَنْ فُلَانٍ بِكُلِّ مَالِي، وَلَمْ يُقَدِّرْهُ بِتَقْدِيرٍ بَلْ أَبْهَمَهُ وَأَطْلَقَهُ وَجَحَدَ الْكَفِيلُ ذَلِكَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَتْ قَبْلَ الْكَفَالَةِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُضِيَ بِالْمَالِ عَلَى الْكَفِيلِ وَتَعَدَّى الْقَضَاءُ إلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ الْغَائِبِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ كَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَهُ سَوَاءٌ ادَّعَى الطَّالِبُ الْكَفَالَةَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى الْكَفَالَةَ بِأَمْرِهِ فَالْكَفِيلُ يَرْجِعُ بِمَا ادَّعَى عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَإِنْ ادَّعَى الْكَفَالَةَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَالْكَفِيلُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى، أَمَّا فِي حَقِّ وُجُوبِ الْمَالِ لِلطَّالِبِ فَدَعْوَى الْأَمْرِ وَعَدَمِهِ عَلَى السَّوَاءِ. وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْتَهُ فِي الْكَفَالَةِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْحَوَالَةِ، هَذَا إذَا كَانَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الطَّالِبِ وَالْكَفِيلِ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ غَائِبٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْكَفِيلِ وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ وَالطَّالِبُ غَائِبٌ بِأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ وَقَالَ: إنِّي كَفَلْتُ عَنْكَ لِفُلَانٍ بِكَذَا بِأَمْرِكَ وَقَضَيْتُهُ ذَلِكَ عَنْكَ فَالْآنَ أَرْجِعُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ، وَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ ذَلِكَ كُلَّهُ، أَوْ أَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ وَلَكِنْ أَنْكَرَ الْقَضَاءَ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْمَالِ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ لِإِثْبَاتِهِ ذَلِكَ بِالْحُجَّةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الطَّالِبِ الْغَائِبِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ الْقَبْضَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ، وَالْجَوَابُ فِي الْحَوَالَةِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الْكَفَالَةِ. قَالَ: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ: اضْمَنْ لِفُلَانٍ عَنِّي ثَمَنَ مَا بَايَعَنِي بِهِ، أَوْ مَا دَايَنَنِي أَوْ مَا أَقْرَضَنِي فَفَعَلَ ذَلِكَ وَغَابَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ، ثُمَّ أَقَامَ الْمَكْفُولُ لَهُ بَيِّنَةً عَلَى مُبَايَعَتِهِ، أَوْ مُدَايَنَتِهِ، أَوْ إقْرَاضِهِ إيَّاهُ بَعْدَ كَفَالَةِ هَذَا الْكَفِيلِ وَالْكَفِيلُ يَجْحَدُ ذَلِكَ كُلَّهُ قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْكَفِيلِ بِالْمَالِ وَيَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ الْغَائِبِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَجَحَدَ مَا ادَّعَاهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَى جُحُودِهِ، وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَاجَ الْمَكْفُولُ لَهُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ غَابَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَحَضَرَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَادَّعَى الْكَفِيلُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ قَدْ دَايَنَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنِّي قَضَيْتُ عَنْكَ عَنْ الْكَفَالَةِ الَّتِي أَمَرْتَنِي بِهَا، وَجَحَدَ الْأَصِيلُ ذَلِكَ كُلَّهُ، أَوْ أَقَرَّ بِالْمُدَايَنَةِ وَلَكِنْ جَحَدَ الْقَضَاءَ وَأَقَامَ عَلَيْهِ الْكَفِيلُ الْبَيِّنَةَ بِذَلِكَ قَضَى الْقَاضِي بِالْمَالِ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ لِثُبُوتِ الْأَدَاءِ

الباب الثاني والثلاثون في المتفرقات

مِنْ الْكَفِيلِ بَعْدَ الْمُدَايَنَةِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ وَيَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْمَكْفُولِ لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ذَكَرَ فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ لَوْ طَالَبَ رَبُّ الدَّيْنِ الْكَفِيلَ بِالدَّيْنِ فَقَالَ الْكَفِيلُ إنَّ الْمَدْيُونَ أَدَّاهُ، وَالْمَدْيُونُ غَائِبٌ فَأَقَامَ الْكَفِيلُ بَيِّنَةً عَلَى أَدَاءِ مَالِ الْمَدْيُونِ تُقْبَلُ وَيَنْتَصِبُ الْكَفِيلُ خَصْمًا عَلَى الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ رَبِّ الْمَالِ إلَّا بِهَذَا فَيَنْتَصِبُ خَصْمًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَنَاةٍ فِي قَوْمٍ كَثِيرِينَ فِيهِمْ الشَّاهِدُ وَالْغَائِبُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى بَعْضِهِمْ أَنَّهُمْ احْتَفَرُوا هَذِهِ الْقَنَاةَ فِي أَرْضِهِ غَصْبًا وَهُمْ قَوْمٌ كَثِيرُونَ لَا نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نَجْمَعَهُمْ قَالَ جَعَلْتُ لَهُمْ وَكِيلًا وَقَضَيْتُ عَلَى وَكِيلِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ نِصْفَ الْعَبْدِ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَأَوْدَعَهُ نِصْفَهُ، ثُمَّ غَابَ الْبَائِعُ فَجَاءَ رَجُلٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ نِصْفَ الْعَبْدِ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي إذَا أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَائِعٍ فِي دَارِ الدُّنْيَا إذَا بَاعَ يَنْصَرِفُ بِبَيْعِهِ إلَى مِلْكِ نَفْسِهِ دُونَ مِلْكِ شَرِيكِهِ وَظَهَرَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ شَرِيكُ الْبَائِعِ وَالْإِيدَاعَ حَصَلَ فِي النِّصْفِ الْمَقْضِيِّ بِهِ، فَالِاسْتِحْقَاقُ وَرَدَ عَلَى الْوَدِيعَةِ، وَالْمُودِعُ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] وَإِذَا كَانَ عُلُوٌّ لِرَجُلٍ وَسُفْلٌ لِآخَرَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يَتِدَ فِيهِ وَتَدًا، وَلَا أَنْ يَنْقُبَ فِيهِ كُوَّةً بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِ الْعُلُوِّ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ أَنْ يَبْنِيَ فِي عُلُوِّهِ، وَلَا أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ جِذْعًا لَمْ يَكُنْ، وَلَا يُحْدِثَ كَنِيفًا إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ السُّفْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: جَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَصْنَعَ مَا لَا يَضُرُّ بِهِ، وَقِيلَ: هَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْنِي أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا مَنَعَ عَمَّا مَنَعَ إذَا كَانَ مُضِرًّا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَلَمْ يَمْنَعْ كَمَا هُوَ قَوْلُهُمَا فَكَانَ جَوَازُ التَّصَرُّفِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْآخَرُ فَصْلًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ حَصَلَ فِي مِلْكِهِ فَيَكُونُ الْمَنْعُ لِعِلَّةِ الضَّرَرِ لِصَاحِبِهِ، وَقِيلَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِتَفْسِيرٍ لَهُ، وَإِنَّمَا الْأَصْلُ عِنْدَهُمَا الْإِبَاحَةُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ وَالْمِلْكُ يَقْتَضِي الْإِطْلَاقَ فَلَا يُمْنَعُ عَنْهُ إلَّا بِعَارِضِ الضَّرَرِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ لَا يُمْنَعُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ إذَا أُشْكِلَ فَعِنْدَهُمَا لَمْ يَجُزْ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ مُتَيَقَّنٌ وَالْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ، وَالْأَصْلُ عِنْدَهُ الْحَظْرُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَحِلٍّ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ مُحْتَرَمٌ لِلْغَيْرِ، وَهُوَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ؛ لِأَنَّ قَرَارَهُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا يُمْنَعُ مِنْ الْهَدْمِ اتِّفَاقًا، وَتَعَلُّقُ حَقِّ الْغَيْرِ يَمْنَعُ الْمَالِكَ عَنْ التَّصَرُّفِ كَمَا مَنَعَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ الْمَالِكَ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ، وَالْإِطْلَاقُ بِعَارِضٍ، وَهُوَ الرِّضَا بِهِ دُونَ عَدَمِ الضَّرَرِ بِهِ، فَإِذَا أَشْكَلَ لَا يَزُولُ الْمَنْعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْرَى عَنْ نَوْعِ ضَرَرٍ بِالْعُلُوِّ مِنْ تَوْهِينِ بِنَاءٍ، أَوْ نَقْضِهِ فَيُمْنَعُ عَنْهُ كَذَا فِي

الْعِنَايَةِ. وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا أَشْكَلَ أَنَّهُ يَضُرُّ أَوْ لَا - يَمْلِكُ، وَإِذَا عُلِمَ أَنَّهُ يَضُرُّ لَا يَمْلِكُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا كَانَتْ زَائِغَةٌ مُسْتَطِيلَةٌ تَتَشَعَّبُ مِنْهَا زَائِغَةٌ مُسْتَطِيلَةٌ وَهِيَ غَيْرُ نَافِذَةٍ، وَكَذَلِكَ الزَّائِغَةُ الْأُولَى أَيْضًا غَيْرُ نَافِذَةٍ هَكَذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. فَلَيْسَ لِأَهْلِ الزَّائِغَةِ الْأُولَى أَنْ يَفْتَحُوا بَابًا فِي الزَّائِغَةِ الْقُصْوَى؛ لِأَنَّ فَتْحَهُ لِلْمُرُورِ، وَلَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْمُرُورِ إذْ هُوَ لِأَهْلِهَا خُصُوصًا حَتَّى لَا يَكُونَ لِأَهْلِ الْأُولَى فِيمَا بِيعَ فِيهَا حَقُّ الشُّفْعَةِ، بِخِلَافِ النَّافِذَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرُورَ فِيهَا حَقُّ الْعَامَّةِ قِيلَ: الْمَنْعُ مِنْ الْمُرُورِ لَا مِنْ فَتْحِ الْبَابِ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ جِدَارَهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْفَتْحِ؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْفَتْحِ لَا يُمْكِنُهُ الْمَنْعُ مِنْ الْمُرُورِ كُلَّ سَاعَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَدِيرَةً قَدْ لَزِقَ طَرَفَاهَا فَلَهُمْ أَنْ يَفْتَحُوا؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقُّ الْمُرُورِ فِي كُلِّهَا إذْ هِيَ سَاحَةٌ مُشْتَرَكَةٌ، وَلِهَذَا يَشْتَرِكُونَ فِي الشُّفْعَةِ إذَا بِيعَتْ دَارٌ مِنْهَا. وَمَنْ ادَّعَى فِي دَارٍ دَعْوَى وَأَنْكَرَهَا الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَالْمُدَّعَى وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا فَالصُّلْحُ عَلَى مَعْلُومٍ عَنْ مَجْهُولٍ جَائِزٌ عِنْدَنَا. وَمَنْ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ فِي وَقْتِ كَذَا فَسُئِلَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ: جَحَدَنِي الْهِبَةَ فَاشْتَرَيْتُهَا وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِي فِيهِ الْهِبَةَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِظُهُورِ التَّنَاقُضِ إذْ هُوَ يَدَّعِي الشِّرَاءَ بَعْدَ الْهِبَةِ وَهُمْ يَشْهَدُونَ بِهِ قَبْلَهَا، وَلَوْ شَهِدُوا بِهِ بَعْدَهُ تُقْبَلُ لِوُضُوحِ التَّوْفِيقِ، وَلَوْ كَانَ ادَّعَى الْهِبَةَ، ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ قَبْلَهَا، وَلَمْ يَقُلْ جَحَدَنِي الْهِبَةَ فَاشْتَرَيْتُهَا لَمْ تُقْبَلْ أَيْضًا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْهِبَةِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْمِلْكِ لِلْوَاهِبِ عِنْدَنَا وَدَعْوَى الشِّرَاءِ رُجُوعٌ مِنْهُ فَعُدَّ مُنَاقِضًا بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ بَعْدَ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ عِنْدَهَا. وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ: اشْتَرَيْتَ مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَأَنْكَرَ الْآخَرُ إنْ أَجْمَعَ الْبَائِعُ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ وَسِعَهُ أَنْ يَطَأَهَا. وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا زُيُوفٌ صُدِّقَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ الْجِيَادَ، أَوْ حَقَّهُ، أَوْ الثَّمَنَ، أَوْ اسْتَوْفَى لِإِقْرَارِهِ بِقَبْضِ الْجِيَادِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً، فَلَا يُصَدَّقُ وَالنَّبَهْرَجَةُ كَالزُّيُوفِ وَفِي السَّتُّوقَةِ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ. وَالزَّيْفُ مَا زَيَّفَهُ بَيْتُ الْمَالِ وَالنَّبَهْرَجُ مَا يَرُدُّهُ التُّجَّارُ وَالسَّتُّوقُ مَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْغِشُّ. وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ: لَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ: لَيْسَ لِي عَلَيْكَ شَيْءٌ، ثُمَّ قَالَ فِي مَكَانِهِ: بَلْ لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَقَدْ ارْتَدَّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ، وَالثَّانِي دَعْوَى فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُجَّةِ، أَوْ تَصْدِيقِ خَصْمِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرَيْتَ

وَأَنْكَرَ لَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُ. وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَقَالَ: مَا كَانَ لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ، فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْأَلْفِ وَأَقَامَ هُوَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَضَاءِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْإِبْرَاءِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَيْسَ لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ، وَلَوْ قَالَ: مَا كَانَ لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ، وَلَا أَعْرِفُكَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْقَضَاءِ، وَكَذَا عَلَى الْإِبْرَاءِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تُقْبَلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُحْتَجِبَ، أَوْ الْمُخَدَّرَةَ قَدْ يُؤْذَى بِالشَّغَبِ عَلَى بَابِهِ فَيَأْمُرُ بَعْضَ وُكَلَائِهِ بِإِرْضَائِهِ، وَلَا يَعْرِفُهُ، ثُمَّ يَعْرِفُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَمْكَنَ التَّوْفِيقُ. وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ بَاعَهُ جَارِيَةً وَقَالَ لَمْ أَبِعْهَا مِنْكَ قَطُّ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ فَوَجَدَ بِهَا أُصْبُعًا زَائِدَةً وَأَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَرِئَ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ. ذِكْرُ حَقٍّ كُتِبَ فِي أَسْفَلِهِ، وَمَنْ قَامَ بِهَذَا الذِّكْرِ الْحَقِّ فَهُوَ وَلِيُّ مَا فِيهِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -، أَوْ كُتِبَ فِي الشِّرَاءِ فَعَلَى فُلَانٍ خَلَاصُ ذَلِكَ وَتَسْلِيمُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - بَطَلَ الذِّكْرُ كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - هُوَ عَلَى الْخَلَاصِ، وَعَلَى مَنْ قَامَ بِذِكْرِ الْحَقِّ وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ ذَكَرَهُ فِي الْإِقْرَارِ، وَلَوْ تَرَكَ فُرْجَةً قَالُوا لَا يَلْتَحِقُ بِهِ وَيَصِيرُ كَفَاصِلِ السُّكُوتِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ فِي دَارِهِ تَنُّورًا لِلْخُبْزِ الدَّائِمِ كَمَا يَكُونُ فِي الدَّكَاكِينِ، أَوْ رَحًى لِلطَّحْنِ، أَوْ مِدْقَاقَ الْقَصَّارِينَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِجِيرَانِهِ ضَرَرًا فَاحِشًا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ وَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَ فِيهَا حَمَّامًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ إلَّا بِالنَّدَاوَةِ، وَالتَّحَرُّزُ عَنْهَا مُمْكِنٌ بِأَنْ يَبْنِيَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ جَارِهِ حَائِطًا بِنُورَةٍ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَالْجُمْلَةُ فِي هَذِهِ أَنَّ الْقِيَاسَ لَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ لَكِنْ تَرَكَ الْقِيَاسَ وَأَخَذَ بِالِاسْتِحْسَانِ لِأَجْلِ الْمَصْلَحَةِ قَالَ: وَكَانَ وَالِدِي يُفْتِي إذَا كَانَ ضَرَرًا بَيِّنًا يُمْنَعُ وَبِهِ يُفْتَى، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اتَّخَذَ دَارِهِ حَمَّامًا وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ مِنْ دُخَانِهَا فَلَهُمْ مَنْعُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ دُخَانُ الْحَمَّامِ مِثْلَ دُخَانِهِمْ، وَلَوْ اتَّخَذَ دَارِهِ حَظِيرَةَ غَنَمٍ وَالْجِيرَانُ يَتَأَذَّوْنَ مِنْ نَتْنِ السِّرْقِينِ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْحُكْمِ مَنْعُهُ، وَلَوْ حَفَرَ فِي دَارِهِ بِئْرًا نَزَّ مِنْهَا حَائِطُ جَارِهٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ، وَقِيلَ: إذَا كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَلَهُ مَنْعُهُ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا. سَقَطَ حَائِطٌ بَيْنَ دَارَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا عَوْرَاتٌ وَطَلَبَ مِنْ جَارِهِ أَنْ يُسَاعِدَهُ فِي الْبِنَاءِ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يُجْبَرُ وَقَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُجْبَرُ فِي زَمَانِنَا، وَقِيلَ: إنْ كَانَ يَقَعُ بَصَرُهُ فِي الصُّعُودِ فِي دَارِ جَارِهِ فَلَهُ مَنْعُهُ عَنْ الصُّعُودِ حَتَّى يَتَّخِذَ سُتْرَةً، وَإِنْ كَانَ يَقَعُ فِي سَطْحِهِ فَلَا كَذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ إذَا جَاءَ إلَى الْقَاضِي وَادَّعَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ فَالْقَاضِي هَلْ يَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ؟ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهَا بَعْضُهُمْ قَالُوا لَا يَقْضِي، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَقْضِي، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إذَا تَقَدَّمَ إلَى الْقَاضِي

فَالْقَاضِي يَقُولُ: هَلْ تَعْتَقِدُ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ؟ إنْ قَالَ نَعَمْ يَقْضِي لَهُ بِهَا، وَإِنْ قَالَ لَا أَقَامَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَلَمْ يَسْمَعْ كَلَامَهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا أَوْجَهُ الْأَقَاوِيلِ وَأَحْسَنُهَا. وَفِي الْمُنْتَقَى: قُضَاةٌ ثَلَاثَةٌ بِبَغْدَادَ كُلُّ قَاضٍ عَلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ دَعْوَى وَاخْتَلَفَا فِيمَنْ يَخْتَصِمَانِ إلَيْهِ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ مَنْزِلُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ يَخْتَصِمَانِ إلَى الْقَاضِي الَّذِي هُوَ فِي مَوْضِعِهِمَا، وَإِنْ كَانَ مَنْزِلَاهُمَا مُخْتَلِفَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ هَذَا الْجَانِبِ وَالْآخَرُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: ذَلِكَ إلَى الْمُدَّعِي حَيْثُ شَاءَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: ذَلِكَ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ عَسْكَرِيًّا فَقَالَ نَذْهَبُ إلَى قَاضِي الْعَسْكَرِ وَالْخَصْمُ الْآخَرُ كَانَ بَلَدِيًّا فَقَالَ نَذْهَبُ إلَى قَاضِي الْبَلْدَةِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ: إذَا قَالَ الْقَاضِي لِرَجُلٍ: قَدْ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّ هَذَا سَرَقَ فَاقْطَعْ يَدَهُ، أَوْ قَالَ إنَّهُ زَنَى فَحُدَّهُ، أَوْ قَالَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فَاقْتُلْهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ وَيَحُدَّهُ وَيَرْجُمَهُ وَيَسَعُهُ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ الْقَاضِي عِنْدَهُ عَدْلًا وَحَتَّى يَشْهَدَ مَعَهُ رَجُلٌ آخَرُ إنْ كَانَ فِي حَقٍّ تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ وَإِلَى ثَلَاثَةٍ أُخْرَى إنْ كَانَ هَذَا فِي الزِّنَا وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا هَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي عَالِمًا عَادِلًا، أَوْ عَالِمًا ظَالِمًا، أَوْ عَادِلًا جَاهِلًا، أَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا عَادِلًا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَفْسِرَ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا ظَالِمًا فَإِنَّهُ لَا يَأْتَمِرُ بِأَمْرِهِ سَوَاءٌ فَسَّرَهُ، أَوْ لَمْ يُفَسِّرْهُ، وَإِنْ كَانَ عَادِلًا جَاهِلًا فَإِنَّهُ لَا يَأْتَمِرُ بِأَمْرِهِ حَتَّى يُفَسِّرَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُخْطِئُ فِي الْقَضَاءِ فَيَسْأَلُهُ عَنْ الْحُجَّةِ. وَالْمَسْأَلَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مُصَوَّرَةٌ فِي الْقَاضِي الْعَالِمِ الْعَادِلِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْقَاضِي: أَقَرَّ هَذَا الرَّجُلُ عِنْدِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِهَذَا وَالْمُقِرُّ يُنْكِرُ فَقَوْلُ الْقَاضِي مَقْبُولٌ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا أَرَادَ إثْبَاتَ قَضَاءِ الْخَلِيفَةِ عِنْدَ قَاضِي الْأَصْلِ يَقُولُ النَّائِبُ عِنْدَ قَاضِي الْأَصْلِ: أَقَرَّ فُلَانٌ لِفُلَانٍ بِكَذَا حَكَمْتُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَثَبَتَ إقْرَارُ فُلَانٍ وَحُكْمُ النَّائِبِ وَجَمِيعُ مَا أَخْبَرَ النَّائِبُ عِنْدَ قَاضِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ النَّائِبَ قَاضٍ فِي الْمَكَانِ الَّذِي الْأَصْلُ فِيهِ قَاضٍ وَقَوْلُ الْقَاضِي فِي مَكَانِ قَضَائِهِ مَقْبُولٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِحَضْرَةِ وَكِيلِ الْغَائِبِ، أَوْ بِحَضْرَةِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ، وَعَلَى الْمَيِّتِ، وَلَا يَقْضِي عَلَى الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَيَكْتُبُ فِي السِّجِلِّ أَنَّهُ قَضَى عَلَى الْمَيِّتِ، وَعَلَى الْغَائِبِ وَلَكِنْ بِحَضْرَةِ وَكِيلِهِ وَبِحَضْرَةِ وَصِيِّهِ. ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ الْعَدْوَى: إذَا أَمَرَ الْقَاضِي رَجُلًا بِمُلَازَمَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِاسْتِخْرَاجِ الْمَالِ وَيُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ مُوَكَّلٌ فَمُؤْنَتُهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ وَعَلَيْهِ بَعْضُ الْقُضَاةِ. وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: هِيَ عَلَى الْمُدَّعِي، وَهُوَ الْأَصَحُّ

لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ تَعُودُ إلَى الْمُدَّعِي. وَإِذَا أَقَرَّ رَجُلٌ لِإِنْسَانٍ بِمَالٍ وَمَاتَ الْمُقِرُّ فَقَالَتْ وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ إنَّ أَبَانَا أَقَرَّ بِمَا أَقَرَّ كَذِبًا فَلَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ، وَأَنْتَ أَيُّهَا الْمُقِرُّ لَهُ عَالِمٌ بِذَلِكَ وَأَرَادُوا تَحْلِيفَهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُحَلِّفُوهُ، وَإِذَا قَالَ الْمَدْيُونُ أَبِيعُ عَبْدِي هَذَا وَأَقْضِي حَقَّهُ ذَكَرَ صَاحِبُ شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْعِصَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَوَّلِ مَكَاتِبِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْبِسُهُ بَلْ يُؤَجِّلُهُ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً. ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَنَّكَ اسْتَمْهَلْتَ مِنِّي هَذَا الْمَالَ وَصِرْتَ مُقِرًّا بِالْمَالِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ الْمَالَ وَالِاسْتِمْهَالَ جَمِيعًا فَالْقَاضِي يُحَلِّفُهُ عَلَى الْمَالِ، أَوْ عَلَى الِاسْتِمْهَالِ، وَقَدْ قِيلَ: يُحَلِّفُهُ عَلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِمْهَالِ يُعْتَبَرُ مُقِرًّا وَالْإِقْرَارُ حُجَّةُ الْمُدَّعِي، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَحْلِفُ عَلَى حُجَّةِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إنْ حَلَفْتَ أَنَّهَا لَكَ عَلَيَّ أَدَّيْتُهَا فَحَلَفَ الرَّجُلُ فَأَدَّاهَا إلَيْهِ إنْ أَدَّاهَا عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا دَفَعَ إلَيْهِ. رَجُلٌ أَخْرَجَ صَكًّا بِإِقْرَارِ رَجُلٍ فَقَالَ الْمُقِرُّ قَدْ أَقْرَرْتُ لَكَ بِهَذَا الْمَالِ إلَّا أَنَّكَ رَدَدْتَ إقْرَارِي يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ كَمَنْ ادَّعَى الْبَيْعَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُهُ مِنْكَ إلَّا أَنَّكَ أَقَلْتَنِي فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مُدَّعِي الشِّرَاءَ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَابْنَتَهَا فِي عُقْدَتَيْنِ وَقَالَ لَا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا الْأُولَى يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَا تَزَوَّجَهَا قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْقَاضِي يَبْدَأُ فِي التَّحْلِيفِ بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ، فَإِذَا حَلَّفَهُ لِإِحْدَاهُمَا وَحَلَفَ يَثْبُتُ نِكَاحُ الْأُخْرَى، وَإِنْ نَكِلَ لَزِمَهُ نِكَاحُ هَذِهِ وَبَطَلَ نِكَاحُ الْأُخْرَى، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قَوْلِهِمَا، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَجْرِي الِاسْتِحْلَافُ فِي النِّكَاحِ. الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّارِ إذَا قَالَ: أَنَا بَنَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ وَالْمُدَّعِي يَعْلَمُ بِذَلِكَ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعِي لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الْبَانِي وَيَكُونَ الْبِنَاءُ لِلْمُدَّعِي بِأَنْ يَبْنِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْمُدَّعِي حَتَّى لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَنَيْتُ الدَّارَ لِنَفْسِي بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُدَّعِي يُحَلِّفُ الْمُدَّعِيَ الْحَاكِمُ الْمُحَكَّمُ إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحَلَفَ، ثُمَّ تَرَافَعَا إلَى قَاضٍ مُوَلًّى فَالْقَاضِي الْمُوَلَّى لَا يُحَلِّفُهُ ثَانِيًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ فَاسِقًا عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَاهَا رَجُلٌ آخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هَذِهِ الدَّارُ كَانَتْ لِي وَقَفْتُهَا عَلَى كَذَا، وَكَذَا وَأَرَادَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ يَحْلِفُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ غَصْبَ الدَّارِ يَتَحَقَّقُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ فِي التَّحْلِيفِ فَائِدَةٌ حَتَّى لَوْ نَكِلَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى الْعَيْنِ لِيَأْخُذَ الْعَيْنَ لَا يَحْلِفُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ صَارَتْ مُسْتَهْلَكَةً لِصَيْرُورَتِهَا وَقْفًا، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَفْعًا لِلْحِيلَةِ، وَهَذَا كَرَجُلٍ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ قَالَ: هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ اغْتَصَبَهُ مِنْ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي إقْرَارِهِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهُ اغْتَصَبَهُ مِنْ فُلَانٍ وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى يَضْمَنَ قِيمَتَهُ لِلثَّانِي. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ ضَيْعَةٌ يَزْعُمُ أَنَّهَا وَقْفُ جَدِّهِ وَقَفَهَا عَلَيَّ وَعَلَى ابْنِهِ وَأَوْلَادِ ابْنِهِ خَاصَّةً

فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَاهَا وَقَالَ: إنَّ الْوَاقِفَ هَذَا وَقَفَهَا عَلَى جَمِيعِ أَوْلَادِهِ وَأَنَا مِنْ جُمْلَةِ أَوْلَادِهِ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ صَاحِبِ الْيَدِ لَا يُحَلَّفُ إلَّا إذَا كَانَ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ شَيْءٌ مِنْ غَلَّةِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ فَحِينَئِذٍ يُحَلِّفُهُ عَلَى نَصِيبِ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مِلْكَ ذَلِكَ الْقَدْرِ لِنَفْسِهِ وَذُو الْيَدِ يُنْكِرُ فَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا كَذَلِكَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ حَقُّ الْخُصُومَةِ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْخُصُومَةِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى مِنْ الْمُتَوَلَّى حَتَّى يَحْلِفَ الْمُدَّعِي فِي الْوَجْهِ الثَّانِي. قَاضِي الْعَسْكَرِ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى غَيْرِ الْعَسْكَرِ، وَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ إلَّا إذَا شُرِطَ ذَلِكَ عِنْدَ التَّقْلِيدِ، وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ، وَهُوَ يَعْمَلُ فِي السُّوقِ وَيَحْتَرِفُ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ. سُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى عُلَمَاءِ خُوَاقَنْدَ وَسَلَّمَ إلَى الْمُتَوَلِّي، ثُمَّ ادَّعَى عَلَى الْمُتَوَلِّي فَسَادَ الْوَقْفِيَّةِ بِسَبَبِ الشُّيُوعِ بَيْنَ يَدَيْ قَاضِي خُوَاقَنْدَ فَحُكِمَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِيَّةِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ وَقَاضِي خُوَاقَنْدَ مِنْ عُلَمَاءِ خُوَاقَنْدَ هَلْ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ؟ قَالَ: يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ شَاهِدًا فِي هَذَا فَيَصْلُحُ قَاضِيًا، وَإِنَّمَا يَصْلُحُ شَاهِدًا فِي هَذَا اسْتِدْلَالًا بِمَا ذَكَرَ هِلَالٌ فِي وَقْفِهِ إذَا وَقَفَ الرَّجُلُ عَلَى فُقَرَاءِ جِيرَانِهِ، ثُمَّ شَهِدَ بَعْضُ فُقَرَاءِ جِيرَانِهِ عَلَى الْوَقْفِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ الْجِوَارَ لَيْسَ بِلَازِمٍ. الْقَاضِي لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ الصِّغَارِ إلَّا إذَا كُتِبَ فِي مَنْشُورِهِ ذَلِكَ. إذَا مَاتَ الْقَاضِي قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الرِّزْقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ يَسْقُطُ رِزْقُهُ ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَوَّلِ بَابِ النَّفَقَةِ مِنْ أَدَبِ الْقَاضِي فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ. قَاضِي كَرْخَ وَقَاضِي خَيْبَرَ أَنَّهُ إذَا الْتَقَيَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ إنَّ فُلَانًا أَقَرَّ لِفُلَانٍ بِكَذَا لَا يَقْضِي بِهِ حَتَّى يَبْعَثَ إلَيْهِ الرُّقْعَةَ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، قَالُوا: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَمَانَ الْإِخْبَارِ فِي مَكَان هُوَ قَاضٍ فِيهِ، أَمَّا إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَكَان هُوَ قَاضٍ فِيهِ يَنْبَغِي أَنْ يُقْضَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ أَقْوَى مِنْ الرُّقْعَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَاضٍ بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِنَفْسِهِ، أَوْ أَوْدَعَهُ، أَوْ بَاعَ أَمِينُهُ بِأَمْرِهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ مَاتَ هَذَا الْقَاضِي وَاسْتَقْضَى غَيْرُهُ فَشَهِدَ قَوْمٌ عِنْدَهُ أَنَّهُمْ سَمِعُوا الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ يَقُولُ بِعْتُ فُلَانًا مَالَ الْيَتِيمِ بِكَذَا، وَكَذَا فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ تُقْبَلُ وَيُؤْخَذُ الْمُشْتَرَى بِالْمَالِ، وَكَذَا الْوَدِيعَةُ فِي الْمُلْتَقَطِ وَلَوْ مَاتَ أَحَدٌ، وَلَا يُعْلَمُ لَهُ وَارِثٌ فَبَاعَ الْقَاضِي دَارِهِ يَجُوزُ، وَلَوْ ظَهَرَ الْوَارِثُ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ مَاضٍ فِي الْفَتَاوَى الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ دَعَاوَى مُتَفَرِّقَةٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالضِّيَاعِ قَالَ: تُجْمَعُ دَعَاوَاهُ كُلُّهَا وَيَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَخْرَجَ الْمُدَّعِي خَطًّا بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ، وَقَالَ: هَذَا خَطُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ خَطَّهُ فَاسْتُكْتِبَ وَكَتَبَ وَكَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَقْضِي الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَقْضِي، وَهُوَ الصَّحِيحُ

وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هَذَا خَطِّي وَلَكِنْ لَيْسَ عَلَيَّ هَذَا الْمَالُ إنْ كَانَ الْخَطُّ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ مُصَدَّرًا مُعَنْوَنًا لَا يُصَدَّقُ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَخَطُّ الصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ حُجَّةٌ عُرْفًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخَطُّ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ وَلَكِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ يُكْتَبُ الصَّكُّ وَالْإِقْرَارُ، فَإِنْ شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا فِيهِ يَكُونُ إقْرَارًا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ كَتَبَ الْخَطَّ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كَانَ إقْرَارًا حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَالَ لَهُمْ اشْهَدُوا عَلَيَّ، أَوْ لَمْ يَقُلْ، فَإِنْ كَتَبَ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ، وَلَمْ يَقْرَأْ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ قَالَ لَهُمْ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ كَانَ إقْرَارًا حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا إنْ عَلِمُوا بِمَا فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا لَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ. الْعُيُونُ رَجُلٌ مَاتَ وَلَهُ غُلَامٌ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَعَلَى الْمَيِّتِ لِإِنْسَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَى الْمُكَاتَبُ الْغَرِيمَ قَضَاءً عَنْ دَيْنِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فِي الْقِيَاسِ بَاطِلٌ، وَلَا يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يُعْتِقَهُ الْقَاضِي الْخَانِيَّةُ. رَجُلٌ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَاسْتُحْلِفَ فَنَكَلَ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَشَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْ الْمُدَّعِي قَبْلَ ذَلِكَ مِنْهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَمَنْ قَالَ: مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ فَهُوَ عَلَى مَا فِيهِ الزَّكَاةُ. وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَهُوَ عَلَى ثُلُثِ كُلِّ شَيْءٍ وَتَدْخُلُ فِيهِ الْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَدْخُلُ، وَلَا تَدْخُلُ أَرْضُ الْخَرَاجِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ قَالَ: مَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ فَقَدْ قِيلَ: يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَالٍ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ لَفْظِ الْمَالِ وَالْمُقَيِّدُ إيجَابُ الشَّرْعِ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِلَفْظِ الْمَالِ، وَلَا مُخَصِّصَ فِي لَفْظِ الْمِلْكِ فَبَقِيَ عَلَى الْعُمُومِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَى مَا دَخَلَ تَحْتَ الْإِيجَابِ يُمْسِكُ مِنْ ذَلِكَ قُوتَهُ، ثُمَّ إذَا أَصَابَ شَيْئًا تَصَدَّقَ بِمَا أَمْسَكَ؛ لِأَنَّ حَاجَتَهُ هَذِهِ مُقَدَّمَةٌ، وَلَمْ يُقَدَّرْ بِشَيْءٍ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِيهِ، وَقِيلَ: الْمُحْتَرِفُ يُمْسِكُ قُوتَهُ لِيَوْمٍ وَصَاحِبُ الْغَلَّةِ لِشَهْرٍ وَصَاحِبُ الضِّيَاعِ لِسَنَةٍ عَلَى حَسَبِ التَّفَاوُتِ فِي مُدَّةِ وُصُولِهِمْ إلَى الْمَالِ، وَعَلَى هَذَا صَاحِبُ التِّجَارَةِ يُمْسِكُ بِقَدْرِ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ مَالُهُ، وَمَنْ أُوصِيَ إلَيْهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْوَصِيَّةِ حَتَّى بَاعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ فَهُوَ وَصِيٌّ وَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَكِيلِ حَتَّى يَعْلَمَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ أَيْضًا وَمَنْ أَعْلَمَهُ النَّاسُ بِالْوَكَالَةِ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ حَقٍّ لَا إلْزَامُ أَمْرٍ، وَلَا يَكْفِي النَّهْيُ عَنْ الْوَكَالَةِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ، أَوْ وَاحِدٌ عَدْلٌ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَا: هُوَ وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أُخْبِرَ الْمَوْلَى بِجِنَايَةِ عَبْدِهِ وَالشَّفِيعِ وَالْبِكْرِ وَالْمُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا، وَإِذَا بَاعَ الْقَاضِي، أَوْ أَمِينُهُ عَبْدًا لِلْغُرَمَاءِ وَأَخَذَ الْمَالَ فَضَاعَ وَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ لَمْ يَضْمَنْ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ أَمَرَ الْقَاضِي الْوَصِيَّ بِبَيْعِهِ لِلْغُرَمَاءِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَضَاعَ الْمَالُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَصِيِّ وَرَجَعَ الْوَصِيُّ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ يَرْجِعُ الْغَرِيمُ فِيهِ بِدَيْنِهِ قَالُوا وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يَرْجِعُ

كتاب الشهادات وهو مشتمل على أبواب

بِالْمِائَةِ الَّتِي غَرِمَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَحِقَهُ فِي أَمْرِ الْمَيِّتِ، وَالْوَارِثُ إذَا بِيعَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَرِيمِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [كِتَابُ الشَّهَادَاتِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيف الشَّهَادَة وَرُكْنهَا وَسَبَبِ أَدَائِهَا وَحُكْمِهَا وَشَرَائِطِهَا وَأَقْسَامِهَا] (كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَبْوَابٍ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِهَا وَرُكْنِهَا وَسَبَبِ أَدَائِهَا وَحُكْمِهَا وَشَرَائِطِهَا وَأَقْسَامِهَا أَمَّا التَّعْرِيفُ فَهُوَ إخْبَارُ صِدْقٍ لِإِثْبَاتِ حَقٍّ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَأَمَّا رُكْنُهَا فَلَفْظُ أَشْهَدُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ دُونَ الْقَسَمِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَأَمَّا سَبَبُ أَدَائِهَا فَإِمَّا طَلَبُ الْمُدَّعِي مِنْهُ الشَّهَادَةَ، أَوْ خَوْفُ فَوْتِ حَقِّ الْمُدَّعِي إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُدَّعِي كَوْنَهُ شَاهِدًا. وَأَمَّا حُكْمُهَا فَوُجُوبُ الْحُكْمِ عَلَى الْحَاكِمِ بِمُقْتَضَاهَا كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَأَمَّا الشَّرَائِطُ فَنَوْعَانِ نَوْعٌ هُوَ شَرْطُ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ، وَنَوْعٌ هُوَ شَرْطُ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا وَقْتَ التَّحَمُّلِ فَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُهَا مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ، وَأَنْ يَكُونَ بَصِيرًا فَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ مِنْ الْأَعْمَى، وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ التَّحَمُّلُ بِمُعَايَنَةِ الْمَشْهُودِ بِهِ بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ إلَّا فِي أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ يَصِحُّ التَّحَمُّلُ فِيهَا بِالتَّسَامُعِ مِنْ النَّاسِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِلتَّحَمُّلِ الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ حَتَّى لَوْ كَانَ وَقْتَ التَّحَمُّلِ صَبِيًّا عَاقِلًا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا، أَوْ فَاسِقًا، ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَأُعْتِقَ الْعَبْدُ وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ وَتَابَ الْفَاسِقُ فَشَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. أَمَّا الثَّانِي فَأَنْوَاعٌ: مِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى الشَّاهِدِ، وَهُوَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبَصَرُ وَالنُّطْقُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ عِنْدَنَا وَأَنْ يَشْهَدَ لِلَّهِ - تَعَالَى - وَلَا يَجُرُّ الشَّاهِدُ إلَى نَفْسِهِ مَغْنَمًا، وَلَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ مَغْرَمًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ خَصْمًا، وَأَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْمَشْهُودِ بِهِ وَقْتَ الْأَدَاءِ ذَاكِرًا لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا عِنْدَهُمَا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالْعَدَالَةُ وَهِيَ شَرْطُ وُجُوبِ الْقَبُولِ عَلَى الْقَاضِي لَا جَوَازُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالشَّرْطُ هُوَ الْعَدَالَةُ الظَّاهِرِيَّةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا الْحَقِيقِيَّةُ فَهِيَ الثَّابِتَةُ بِالسُّؤَالِ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ بِالتَّعْدِيلِ، وَالتَّزْكِيَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا شَرْطٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ: فِي تَفْسِيرِ الْعَدْلِ مَا نُقِلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْعَدْلَ فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يَكُونَ مُجْتَنِبًا عَنْ الْكَبَائِرِ وَلَا يَكُونَ مُصِرًّا عَلَى الصَّغَائِرِ وَيَكُونَ صَلَاحُهُ أَكْثَرَ مِنْ فَسَادِهِ وَصَوَابُهُ أَكْثَرَ مِنْ خَطَئِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الْكَبَائِرِ وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ مَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ مَا كَانَ شَنِيعًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ هَتْكُ حُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى

الباب الثاني في بيان تحمل الشهادة وحد أدائها والامتناع عن ذلك

وَالدِّينِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ وَكَذَلِكَ مَا فِيهِ نَبْذُ الْمُرُوءَةِ وَالْكَرَمِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ وَكَذَلِكَ الْإِعَانَةُ عَلَى الْمَعَاصِي وَالْفُجُورِ وَالْحَثُّ عَلَيْهَا مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ وَمَا عَدَاهَا فَمِنْ الصَّغَائِرِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الدَّعْوَى فِي الشَّهَادَةِ الْقَائِمَةِ عَلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ مِنْ الْمُدَّعِي، أَوْ نَائِبِهِ، وَأَنْ تَكُونَ مُوَافِقَةً لِلدَّعْوَى، وَالْعَدَدُ فِي الشَّهَادَةِ فِيمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَاتِّفَاقُ الشَّاهِدِينَ وَالذُّكُورَةُ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْحُدُودِ وَالْإِسْلَامُ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا وَعَدَمُ التَّقَادُمِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْحُدُودِ كُلِّهَا إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ حَتَّى لَا تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا إذَا تَقَادَمَ الْعَهْدُ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ لِمَا عُرِفَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَالْأَصَالَةُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَتَعَذُّرُ حُضُورِ الْأَصْلِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمَشْهُودِ بِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِمَعْلُومٍ، فَإِنْ كَانَ بِمَجْهُولٍ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْقَاضِي بِالْمَشْهُودِ بِهِ شَرْطُ صِحَّةِ قَضَائِهِ فَمَا لَمْ يَعْلَمْ لَا يُمْكِنُهُ الْقَضَاءُ بِهِ، وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ فُلَانًا وَارِثَ هَذَا الْمَيِّتِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِمَجْهُولٍ لِجَهَالَةِ أَسْبَابِ الْوِرَاثَةِ وَاخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. أَمَّا أَقْسَامُ الشَّهَادَةِ فَمِنْهَا الشَّهَادَةُ عَلَى الزِّنَا وَتُعْتَبَرُ فِيهَا أَرْبَعَةٌ مِنْ الرِّجَالِ، وَمِنْهَا الشَّهَادَةُ بِبَقِيَّةِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ، وَلَا تُقْبَلُ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. . وَمِنْهَا الشَّهَادَةُ فِي الْوِلَادَةِ وَالْبَكَارَةِ وَعُيُوبِ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَتُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مُسْلِمَةٍ حُرَّةٍ عَدْلَةٌ وَالثِّنْتَانِ أَحْوَطُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَهَلْ تُشْتَرَطُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ؟ قَالَ: مَشَايِخُ بَلْخٍ وَمَشَايِخُ بُخَارَى: تُشْتَرَطُ، وَقَالَ: مَشَايِخُ الْعِرَاقِ: لَا تُشْتَرَطُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْقُدُورِيُّ اعْتَمَدَ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ رَجُلٌ بِأَنْ قَالَ: فَاجَأْتُهَا فَاتَّفَقَ نَظَرِي إلَيْهَا فَالْجَوَابُ أَنْ لَا يَمْتَنِعَ قَبُولُ شَهَادَتِهِ إذَا كَانَ عَدْلًا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الرَّجُلِ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ فَلَمَّا ثَبَتَ الْمَشْهُودُ بِهِ هَهُنَا بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَبِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَوْلَى كَذَا فِي النِّهَايَةِ. . وَمِنْهَا الشَّهَادَةُ بِغَيْرِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَشُرِطَ فِيهَا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ مَالًا، أَوْ غَيْرَ مَالٍ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَمَالُ الْعُقُوبَةِ، وَهُوَ الْإِحْصَانُ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ حَتَّى يَثْبُتَ الْإِحْصَانُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَحَدِّ أَدَائِهَا وَالِامْتِنَاعِ عَنْ ذَلِكَ] لَا بَأْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَتَحَمُّلِهَا، وَفِي بَابِ الْعَيْنِ مِنْ كَرَاهِيَةِ الْوَاقِعَاتِ رَجُلٌ طُلِبَ مِنْهُ أَنْ

يَكْتُبَ شَهَادَتَهُ، أَوْ يَشْهَدَ عَلَى عَقْدٍ فَأَبَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ يَجِدُ غَيْرَهُ جَازَ لَهُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَسَعُهُ الِامْتِنَاعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَعَلَى هَذَا أَمْرُ التَّعْدِيلِ إذَا سُئِلَ مِنْ إنْسَانٍ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ سِوَاهُ مَنْ يُعَدِّلُهُ يَسَعُهُ أَنْ لَا يُجِيبَ وَإِلَّا لَمْ يَسَعْهُ أَنْ لَا يَقُولَ فِيهِ الْحَقَّ حَتَّى لَا يَكُونَ مُبْطِلًا لِلْحَقِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَلْزَمُ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ وَيَأْثَمُ بِكِتْمَانِهَا إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي، وَإِنَّمَا يَأْثَمُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ، أَوْ كَانُوا جَمَاعَةً فَأَدَّى غَيْرُهُ مِمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَقُبِلَتْ قَالُوا لَا يَأْثَمُ، وَإِنْ أَدَّى غَيْرُهُ، وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ يَأْثَمُ مَنْ لَمْ يُؤَدِّ إذَا كَانَ مِمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ كَانَ هُوَ أَسْرَعُ قَبُولًا مِنْ آخَرِينَ لَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ عَنْ الْأَدَاءِ فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا كَانَ مَوْضِعُ الشَّاهِدِ بَعِيدًا مِنْ مَوْضِعِ الْقَاضِي بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَغْدُوَ إلَى الْقَاضِي لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَيَرْجِعَ إلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ قَالُوا لَا يَأْثَمُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. سُئِلَ خَلَفٌ عَمَّنْ لَهُ شَهَادَةٌ وَوَقَعَتْ الْخُصُومَةُ عِنْدَ قَاضٍ غَيْرِ عَدْلٍ هَلْ يَسَعُهُ أَنْ يَكْتُمَ الشَّهَادَةَ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَ قَاضٍ عَدْلٍ قَالَ: لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالشَّهَادَةُ فِي الْحُدُودِ يُخَيَّرُ فِيهَا الشَّاهِدُ بَيْنَ السَّتْرِ وَالْإِظْهَارِ وَالسَّتْرُ أَفْضَلُ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمَالِ فِي السَّرِقَةِ فَيَقُولَ: أَخَذَ، وَلَا يَقُولَ: سَرَقَ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يَثْبُتُ حُكْمُهُ بِنَفْسِهِ بِلَا إشْهَادٍ كَالْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ وَحُكْمِ الْحَاكِمِ وَالْغَصْبِ وَالْقَتْلِ، فَإِذَا سَمِعَ شَاهِدٌ الْبَيْعَ وَالْإِقْرَارَ وَحُكْمَ الْحَاكِمِ، أَوْ رَأَى الْغَصْبَ وَالْقَتْلَ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَإِنْ لَمْ يُشْهَدْ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ بَاعَ، وَلَا يَقُولُ: أَشْهَدَنِي لِئَلَّا يَكُونَ كَاذِبًا. وَنَوْعٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ بِنَفْسِهِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، فَإِذَا سَمِعَ شَاهِدًا يَشْهَدُ بِشَيْءٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ إلَّا أَنْ يُشْهِدَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ سَمِعَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ، إذْ النَّغْمَةُ تُشْبِهُ النَّغْمَةَ إلَّا إذَا كَانَ فِي الدَّاخِلِ وَحْدَهُ وَدَخَلَ وَعَلِمَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَى الْمَسْلَكِ وَلَيْسَ لَهُ مَسْلَكٌ غَيْرُهُ فَسَمِعَ إقْرَارَ الدَّاخِلِ، وَلَا يَرَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا فَسَّرَ لَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي جَوَازِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ مُتَنَقِّبَةً: بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ عَلَيْهَا بِدُونِ رُؤْيَةِ وَجْهِهَا، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا تَوَسَّعُوا فِي هَذَا وَقَالُوا: يَصِحُّ عِنْدَ التَّعْرِيفِ، وَتَعْرِيفُ الْوَاحِدِ يَكْفِي وَالْمُثَنَّى أَحْوَطُ وَإِلَى هَذَا مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بخواهر زاده وَإِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ. وَضَرْبٌ مِنْ الْمَعْقُولِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا فَإِنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ فَذَلِكَ يَكْفِي، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَحِلُّ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّسَبِ مَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَمَاعَةٍ لَا يُتَصَوَّرُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ كَانَ يُفْتِي بِقَوْلِهِمَا فِي

هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. فَإِنْ عَرَفَهَا بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا عَدْلَانِ يَنْبَغِي لِلْعَدْلَيْنِ أَنْ يُشْهِدَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ كَمَا هُوَ طَرِيقُ الْإِشْهَادِ عَلَى الشَّهَادَةِ حَتَّى يَشْهَدُوا عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى شَهَادَتِهِمَا بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ وَيَشْهَدُوا بِأَصْلِ الْحَقِّ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ يَقُولُ: إذَا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ وَشَهِدَ عِنْدَهُ اثْنَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ سَمِعَ إقْرَارَهَا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهَا إلَّا إذَا رَأَى شَخْصًا يَعْنِي حَالَ مَا أَقَرَّتْ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهَا بِشَرْطِ رُؤْيَةِ شَخْصِهَا لَا رُؤْيَةِ وَجْهِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ كَشَفَتْ امْرَأَةٌ وَجْهَهَا، وَقَالَتْ: أَنَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ لَا يَحْتَاجُونَ إلَى شُهُودِ الْمَعْرِفَةِ، فَإِنْ مَاتَتْ يَحْتَاجُونَ إلَى شَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّهَا كَانَتْ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ وَإِذَا لَمْ تَسْفِرْ وَجْهَهَا وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ لَمْ يَحِلَّ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِذَلِكَ يَعْنِي عَلَى إقْرَارِ فُلَانَةَ أَمَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَا أَنَّ امْرَأَةً أَقَرَّتْ بِكَذَا وَشَهِدَ عِنْدَنَا شَاهِدَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ هَكَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. إذَا شَهِدَا عَلَى امْرَأَةٍ سَمَّيَاهَا وَنَسَبَاهَا وَكَانَتْ حَاضِرَةً فَقَالَ الْقَاضِي لِلشُّهُودِ: هَلْ تَعْرِفُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا فَقَالَا: لَا؟ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، وَلَوْ قَالَا: تَحَمَّلْنَا الشَّهَادَةَ عَنْ امْرَأَةٍ نَسَبُهَا وَاسْمُهَا كَذَا وَلَكِنْ لَا نَدْرِي أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ هَلْ هِيَ بِعَيْنِهَا أَمْ لَا؟ صَحَّتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْمُسَمَّاةِ وَكَانَ عَلَى الْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ أَنَّ هَذِهِ هِيَ الَّتِي سَمَّوْهَا وَبَيَّنُوا نَسَبَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَصِحُّ تَعْرِيفُ مَنْ لَا يَصْلُحُ شَاهِدًا لَهَا سَوَاءٌ كَانَ الْإِشْهَادُ لَهَا أَوْ عَلَيْهَا، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: إنْ كَانَ الْإِشْهَادُ لَهَا لَا يَصِحُّ التَّعْرِيفُ مِمَّنْ لَا يَصْلُحُ شَاهِدًا لَهَا وَاخْتَارَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَسُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ امْرَأَةٍ أَقَرَّتْ عِنْدَ رَجُلَيْنِ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ، وَلَمْ يَرَيَا وَجْهَ الْمُعْتِقَةِ هَلْ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِذَلِكَ؟ قَالَ: لَا مَا لَمْ يَعْرِفَاهَا، فَإِنْ لَمْ يُفَارِقَاهَا مُنْذُ أَعْتَقَتْهَا وَسِعَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهَا بِالْإِعْتَاقِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَيُقِرُّ فِي السِّرِّ وَيَجْحَدُ فِي الْعَلَانِيَةِ وَعَجَزَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَنْ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ فَاحْتَالَ ذَلِكَ وَأَخْفَى قَوْمًا مِنْ الْعُدُولِ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ اسْتَخْضَرَهُ وَطَلَبُهُ الْحَقَّ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ سِرًّا وَخَرَجَ فَسَمِعَ الشُّهُودُ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عِنْدَ عُلَمَائِنَا؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ قَدْ حَصَلَ، وَقِيلَ: لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَدْلِيسًا وَغَدْرًا وَلَكِنْ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الشُّهُودُ يَرَوْنَ وَجْهَهُ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ وَجْهَهُ وَلَكِنْ يَسْمَعُونَ كَلَامَهُ لَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا، وَإِنْ شَهِدُوا وَفَسَّرُوا لِلْقَاضِي لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتَهُمْ إلَّا إذَا أَحَاطُوا بِهِ عِلْمًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا عَايَنَ الْمِلْكَ دُونَ الْمَالِكِ بِأَنْ عَايَنَ مِلْكًا بِحُدُودِهِ يُنْسَبُ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَلَمْ يُعَايِنْهُ بِوَجْهِهِ، وَلَا عَرَفَهُ بِنَسَبِهِ فَعَلَى الْأَصَحِّ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَتُقْبَلُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ، وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْ الْمِلْكَ وَالْمَالِكَ وَلَكِنْ سَمِعَ مِنْ النَّاسِ قَالُوا: لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فِي قَرْيَةِ كَذَا ضَيْعَةٌ حُدُودُهَا كَذَا، وَهُوَ لَمْ يَعْرِفْ تِلْكَ الضَّيْعَةِ، وَلَا يَدُهُ عَلَيْهَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَإِنْ

عَايَنَ الْمَالِكَ دُونَ الْمِلْكَ بِأَنْ عَرَفَ الرَّجُلَ مَعْرِفَةً تَامَّةً وَسَمِعَ أَنَّ لَهُ فِي قَرْيَةِ كَذَا ضَيْعَةً، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ تِلْكَ الضَّيْعَةِ بِعَيْنِهَا لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ عَايَنَ الشَّاهِدُ الْمَالِكَ وَالْمِلْكَ بِأَنْ عَرَفَ الْمَالِكَ بِوَجْهِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَعَرَفَ الْمِلْكَ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَرَآهُ فِي يَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ وَيَدَّعِي أَنَّهُ لَهُ وَيَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَهُ - حَلَّ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِالْمِلْكِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا رَأَيْتَ فِي يَدِ رَجُلٍ مَتَاعًا، أَوْ دَارًا وَوَقَعَ فِي قَلْبِكَ أَنَّهُ لَهُ، ثُمَّ رَأَيْتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَسِعَكَ أَنْ تَشْهَدَ أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ، وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْهَدَ أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ فَشَهِدَ عِنْدَكَ شَاهِدَا عَدْلٍ أَنَّهُ لِلَّذِي فِي يَدِهِ الْيَوْمَ كَانَ هُوَ أَوْدَعَهُ الْأَوَّلَ بِحَضْرَتِهِمَا لَمْ يَسَعْكَ أَنْ تَشْهَدَ أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ بِهِ عَدْلٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِكَ أَنَّ هَذَا الْوَاحِدَ صَادِقٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ التَّصَرُّفَ مَعَ الْيَدِ وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى. وَكَذَلِكَ كُلُّ أَمْرٍ ظَاهِرٍ يَجُوزُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالسَّمَاعِ كَالْمَوْتِ وَالنِّكَاحِ وَالنَّسَبِ إذَا وَقَعَ فِي قَلْبِكَ أَنَّهُ حَقٌّ مَا سَمِعْتَهُ مِنْ الْخَبَرِ فَشَهِدَ عِنْدَكَ عَدْلَانِ بِخِلَافِ مَا وَقَعَ فِي قَلْبِكَ لَمْ يَسَعْكَ أَنْ تَشْهَدَ بِمَا وَقَعَ فِي قَلْبِكَ إلَّا أَنْ تَسْتَيْقِنَ أَنَّهُمَا كَاذِبَانِ، وَإِنْ شَهِدَ بِهِ عِنْدَكَ عَدْلٌ وَاحِدٌ وَسِعَكَ أَنْ تَشْهَدَ بِمَا وَقَعَ فِي قَلْبِكَ مِنْ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِكَ أَنَّ هَذَا الْوَاحِدَ صَادِقٌ فِيمَا يَشْهَدُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُبَيِّنَ بِمَا اسْتَفَادَ الْعِلْمَ بِهِ مِنْ مُعَايَنَةِ الْيَدِ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ ذَلِكَ تُرَدُّ كَذَا فِي الْكَافِي. وَالْقَاضِي الْإِمَامُ يَقُولُ: إذَا رَأَى شَيْئًا فِي يَدِ رَجُلٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَالنَّاسُ يَقُولُونَ إنَّهُ مِلْكُهُ إلَّا أَنَّهُ وَقَعَ فِي قَلْبِ الرَّائِي أَنَّهُ مِلْكُ غَيْرِهِ لَا مِلْكُهُ، وَأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِأَمْرِ ذَلِكَ الْغَيْرِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ وَعَلَيْهِ فَتْوَى كَثِيرٍ مِنْ مَشَايِخِنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا عَايَنَ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ فِي يَدِ إنْسَانٍ يَخْدُمَانِهِ، فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّهُمَا رَقِيقَانِ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُمَا مِلْكُهُ سَوَاءٌ كَانَا صَغِيرَيْنِ، أَوْ كَبِيرَيْنِ. وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ رَقَبَتَهُمَا، فَإِنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ لَا يُعَبِّرَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَا كَبِيرَيْنِ يُعَبِّرَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا سَوَاءٌ كَانَا صَبِيَّيْنِ عَاقِلَيْنِ أَوْ بَالِغَيْنِ لَا تَحِلُّ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِمَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي الْوَاقِعَاتِ إذَا عَلِمَ الشَّاهِدَانِ أَنَّ الدَّارَ لِلْمُدَّعِي فَشَهِدَ عِنْدَهُمَا شَاهِدَانِ عَدْلَانِ أَنَّ الْمُدَّعِي بَاعَ الدَّارَ مِنْ الَّذِي فِي يَدَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَشْهَدَانِ بِمَا عَلِمَا، وَلَا يَلْتَفِتَانِ إلَى شَاهِدَيْ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ عَايَنَا نِكَاحًا، أَوْ بَيْعًا، أَوْ قَتْلًا فَلَمَّا أَرَادَا أَنْ يَشْهَدَا شَهِدَ عِنْدَهُمَا عَدْلَانِ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، أَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَعْتَقَ الْعَبْدَ قَبْلَ بَيْعِهِ، أَوْ الْوَلِيُّ عَفَا عَنْهُ بَعْدَ الْقَتْلِ لَا يَحِلُّ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا عَدْلًا لَا يَسَعُهُ تَرْكُ الشَّهَادَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِمَالٍ بَيْنَ يَدَيْ رَجُلٍ لِرَجُلٍ آخَرَ، ثُمَّ أَنْكَرَ وَطَلَبَ الْمَقَرُّ لَهُ شَهَادَتَهُ وَأَخْبَرَ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ بِأَنَّ ذَلِكَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُقِرُّ قَدْ صَارَ لَهُ بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ قَالَ: يَشْهَدُ الشَّاهِدُ بِمَا كَانَ يَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ أَقَرَّ بَيْنَ يَدَيْ قَوْمٍ إقْرَارًا صَحِيحًا أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ جَاءَ عَدْلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ إلَى

هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ، وَقَالَا: لَا تَشْهَدُوا لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ قَضَى جَمِيعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ - كَانَ لَهُمْ الْخِيَارُ إنْ شَاءُوا امْتَنَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ شَاءُوا شَهِدُوا بِذَلِكَ وَذَكَرُوا الْقِصَّةَ لِلْقَاضِي كَيْ لَا يَقْضِيَ بِالْبَاطِلِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْهُ فِي رِوَايَةٍ يَشْهَدُونَ أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَا يَشْهَدُونَ أَنَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا شَهِدَ عَدْلَانِ عِنْدَ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ أَوْ أَنَّهُ أَبَرَّ الْمَطْلُوبَ عَنْ دَيْنِهِ لَا يَسَعُهُمَا أَنْ يَمْتَنِعَا عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَا سَمِعَا إقْرَارَ الطَّالِبِ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ بِالِاسْتِيفَاءِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَبَعْضُ مَشَايِخِ زَمَانِنَا اخْتَارُوا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا أَنَّهُ إنْ شَهِدَ عِنْدَ الشَّاهِدِ عَدْلَانِ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا صَادِقَانِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا عَلِمَ مِنْ أَصْلِ الْحَقِّ، وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ، أَوْ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُمَا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا عَلِمَ مِنْ أَصْلِ الْحَقِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا أَقَرَّ الزَّوْجُ عِنْدَ الشَّاهِدِ بِالطَّلَاقِ، أَوْ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِالْإِعْتَاقِ، ثُمَّ دَعَاهُ إلَى الشَّهَادَةِ عَلَى النِّكَاحِ، وَعَلَى الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَنْ الشَّهَادَةِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سُئِلَ ابْنُ مُقَاتِلٍ عَنْ اثْنَيْنِ تَحَاسَبَا بَيْنَ يَدَيْ جَمَاعَةٍ، وَقَالَا: لَهُمْ لَا تَشْهَدُوا عَلَيْنَا بِمَا تَسْمَعُونَ مِنَّا، ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَإِنَّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا سَمِعَ مِنْ إقْرَارِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ سُنُونَ وَوَلَدَتْ أَوْلَادًا وَمَضَى سُنُونَ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ، ثُمَّ إنَّهَا اسْتَشْهَدَتْ الشُّهُودَ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يَسَعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. مَنْ عَايَنَ دَابَّةً تَتْبَعُ دَابَّةً تَرْتَضِعُ مِنْهَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالدَّابَّةِ الْمُرْتَضِعَةِ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ الْأُخْرَى وَبِالنَّتَاجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالشَّهَادَةُ بِالنِّتَاجِ بِأَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ هَذَا كَانَ يَتْبَعُ هَذِهِ النَّاقَةَ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَنَابِيعِ. امْرَأَةٌ أَقَرَّتْ عَلَى نَفْسِهَا بِمَالٍ لِأَبِيهَا أَوْ لِأَخِيهَا تُرِيدُ بِهِ الْإِضْرَارَ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَالشُّهُودُ يَعْلَمُونَ بِذَلِكَ قَالُوا وَسِعَهُمْ أَنْ يَتَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ وَيَشْهَدُوا بِذَلِكَ وَيُكْرَهُ لَهَا أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَ الْمَقَرُّ لَهُ سُلْطَانًا، فَقَالَ الْمُقِرُّ: أَقْرَرْتُ خَوْفًا مِنْهُ إنْ وَقَفَ الشَّاهِدُ عَلَى خَوْفٍ لَا يَشْهَدُ، فَإِنْ لَمْ يَقِفْ شَهِدَ وَأَخْبَرَ الْقَاضِيَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ عَوْنٍ مِنْ أَعْوَانِ السُّلْطَانِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ أَخَذَ سُوقَ النَّخَّاسِينَ مُقَاطَعَةً مِنْ السُّلْطَانِ كُلَّ شَهْرٍ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ وَكَتَبَ بِذَلِكَ صَكًّا هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟ وَهَلْ يَحِلُّ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا بِذَلِكَ؟ قَالَ: قَدْ ضَلَّ الْمُقَاطِعُ وَالْمُقَاطَعُ عَنْ سَبِيلِ الرَّشَادِ، وَأَمَّا الشُّهُودُ فَلَوْ شَهِدُوا عَلَى ذَلِكَ حَلَّتْ بِهِمْ اللَّعْنَةُ قِيلَ: فَلَوْ أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالدَّرَاهِمِ وَلَكِنْ عَرَفُوا السَّبَبَ هَلْ تَجُوزُ لَهُمْ الشَّهَادَةُ؟ قَالَ: إنْ

شَهِدُوا عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ بِسَبَبِهِ فَهُمْ مَلْعُونُونَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدُوا بِمِثْلِ ذَلِكَ كَذَا فِي النَّوَازِلِ. كَذَا فِي كُلِّ إقْرَارٍ سَبَبُهُ حَرَامٌ وَبَاطِلٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ سَمِعَا قَاضِيًا يَقُولُ لِرَجُلٍ قَضَيْتُ عَلَيْكَ لِهَذَا الرَّجُلِ بِكَذَا وَشَهِدَا عَلَى قَضَائِهِ وَبَيَّنَا لِلْقَاضِي، وَقَالَا: سَمِعْنَا قَاضِيَ كَذَا قَالَ: قَضَيْتُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ بِكَذَا وَلَكِنْ لَمْ يُشْهِدْنَا عَلَى قَضَائِهِ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ خَلَلًا فِي شَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ بَيَّنَا أَنَّهُمَا سَمِعَا مِنْهُ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ قَاضٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَلَا يَنْبَغِي لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ وَأَبُو حَامِدٍ عَنْ الْقَاضِي إذَا أَشْهَدَ شُهُودًا أَنِّي قَدْ حَكَمَتْ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا، وَلَمْ يَحْضُرُوا مَجْلِسَهُ حِينَ حَكَمَ فَلَوْ شَهِدُوا عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؟ فَقَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ: هَذِهِ شَهَادَةٌ بَاطِلَةٌ فَلَا عِبْرَةَ بِهَا. قَالَ: أَبُو حَامِدٍ الْجَوَابُ كَذَلِكَ وَالْحُضُورُ شَرْطُ الْقَضَاءِ قَالَ: وَإِنَّهُ شَرْطُ الْإِشْهَادِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. رَأَى خَطَّهُ، وَلَمْ يَتَذَكَّرْ الْحَادِثَةَ أَوْ تَذَكَّرَ كِتَابَةَ الشَّهَادَةِ، وَلَمْ يَتَذَكَّرْ الْمَالَ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: يُفْتَى بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي النَّوَازِلِ إذَا عَرَفَ خَطَّهُ وَالْخَطُّ فِي حِرْزِهِ وَنَسِيَ الشَّهَادَةَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ كَانَ الْخَطُّ فِي يَدِ الْمُدَّعِي لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَهُوَ الْمُخْتَارِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا إذَا لَمْ تَكُنْ لِلشَّاهِدِ شُبْهَةٌ فِي الْخَطِّ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ الْحَادِثَةَ سَوَاءٌ كَانَ الصَّكُّ فِي يَدِ الْخَصْمِ أَوْ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. ثُمَّ إنَّ الشَّاهِدَ إذَا اعْتَمَدَ عَلَى خَطِّهِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ وَشَهِدَ وَقُلْنَا بِقَبُولِهِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَهُ هَلْ تَشْهَدُ عَنْ عِلْمٍ، أَوْ عَنْ الْخَطِّ؟ إنْ قَالَ: عَنْ عِلْمٍ قَبِلَهُ، وَإِنْ قَالَ: عَنْ الْخَطِّ لَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. . الشَّاهِدُ إذَا كَانَ يَعْرِفُ خَطَّهُ وَيَحْفَظُ إقْرَارَهُ وَيَعْرِفُ الْمَقَرَّ لَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْوَقْتَ وَالْمَكَانَ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. رَجُلٌ كَتَبَ صَكَّ وَصِيَّةٍ، وَقَالَ لِلشُّهُودِ: اشْهَدُوا بِمَا فِيهِ، وَلَمْ يَقْرَأْ وَصِيَّةً عَلَيْهِمْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِأَحَدِ مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ: إمَّا بِأَنْ يَقْرَأَ الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ، أَوْ كَتَبَ الْكِتَابَ غَيْرُهُ وَقَرَأَهُ عَلَيْهِ بَيْنَ أَيْدِي الشُّهُودِ فَيَقُولُ هُوَ لَهُمْ اشْهَدُوا بِمَا فِيهِ، أَوْ يَكْتُبُ هُوَ بَيْنَ أَيْدِي الشُّهُودِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ بِمَا فِيهِ فَيَقُولُ هُوَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ كَتَبَ بَيْنَ أَيْدِي الشُّهُودِ صَكًّا وَعَرَفَ الشَّاهِدُ مَا كَتَبَ فِيهِ، وَلَمْ يَقُلْ هُوَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ لَا يَسَعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْكِتَابُ مَكْتُوبًا عَلَى الرَّسْمِ، فَإِنْ كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى الرَّسْمِ وَكُتِبَ بَيْنَ أَيْدِي الشُّهُودِ وَالشَّاهِدُ يَعْلَمُ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ الْكَاتِبُ اشْهَدْ عَلَيَّ بِمَا فِيهِ، وَأَنَّهُ حَسَنٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْكِتَابَةُ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا مَا هُوَ مُسْتَبِينٌ مَرْسُومٌ، وَهُوَ أَنْ يَكْتُبَهَا عَلَى صَحِيفَةٍ وَصَدَّرَهَا وَعَنْوَنَ عَلَى وَجْهٍ يُكْتَبُ إلَى الْغَائِبِ، فَإِنْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ، أَوْ لَمْ أُرِدْ بِهِ

الْإِقْرَارَ دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى -، وَلَا يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ حَتَّى يَجُوزَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَعَلَى مَا فِيهِ سَوَاءٌ قَالَ لِلشَّاهِدِ اشْهَدْ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَقُلْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ كَتَبَ كِتَابَ رِسَالَةٍ إلَى رَجُلٍ فَكَتَبَ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٌ سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إلَيَّ بِتَقَاضِي الْأَلْفِ الَّتِي كَانَتْ لَكَ عَلَيَّ، وَقَدْ كُنْتَ قَبَضْتَ مِنْهَا خَمْسَمِائَةٍ وَبَقِيَ لَكَ عَلَيَّ مِنْهَا خَمْسُمِائَةٍ أَنَّهُ جَازَ لِمَنْ عَلِمَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَمَّا الْكِتَابُ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَرْسُومٍ نَحْوُ أَنْ كَتَبَ عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ صَحِيفَةٍ، أَوْ خِرْقَةٍ، أَوْ لَوْحٍ، أَوْ كَتَبَهُ بِغَيْرِ مِدَادٍ فِي صَحِيفَةٍ إلَّا أَنَّهُ يَسْتَبِينُ، وَقَالَ لَهُمْ اشْهَدُوا وَسِعَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ رَآهُ قَوْمٌ كَتَبَ ذِكْرَ حَقٍّ عَلَى نَفْسِهِ لِرَجُلٍ، وَلَمْ يُشْهِدْهُمْ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَازِمًا، وَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ عَلِمَ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّجْرِبَةِ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ الْمَرْسُومَةِ وَبِخِلَافِ خَطِّ السِّمْسَارِ وَالصَّرَّافِ فَإِنَّهُ حُجَّةٌ، فَإِنْ جَحَدَ الْكِتَابَ فَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَتَبَهُ، أَوْ أَمْلَاهُ جَازَ كَمَا لَوْ ادَّعَى إقْرَارَهُ وَجَحَدَ، وَكَذَا سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ عَلَى هَذَا بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، الْمَرْسُومُ وَغَيْرُ الْمَرْسُومِ فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ فِي كِتَابٍ مَرْسُومٍ يَضْمَنُ الْمَالَ، وَلَا يُقْطَعُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُسْتَبِينِ نَحْوُ أَنْ كَتَبَ عَلَى الْمَاءِ، أَوْ عَلَى الْهَوَاءِ، ثُمَّ قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِذَلِكَ لَا يَسَعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمُوا مَاذَا يَكْتُبُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ الَّذِي لَا يَسْتَبِينُ كَالْكَلَامِ الَّذِي لَا يُفْهَمُ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فِيهِ سَوَاءٌ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ كَتَبَ رِسَالَةً عِنْدَ أُمِّيَّيْنِ لَا يَقْرَآنِ، وَلَا يَكْتُبَانِ وَأَمْسَكَا الْكِتَابَ عِنْدَهُمَا وَشَهِدَا بِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ الْقَاضِي يَجُوزُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. اشْتَرَى عَيْنًا وَادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ أَنَّ بِهَا عَيْبًا فَلَمْ يَثْبُتْ فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَيْهِ هَذَا الْعَيْبَ فَأَنْكَرَ فَاَلَّذِينَ سَمِعُوا حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى الْعَيْبِ فِي الْحَالِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. صَبَّ زَيْتًا أَوَسَمْنًا، أَوْ خَلًّا لِغَيْرِهِ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ، وَقَالَ: مَاتَتْ فِيهَا فَأْرَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي إنْكَارِهِ اسْتِهْلَاكَ الطَّاهِرِ، وَلَا يَسَعُ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ صَبَّ غَيْرَ نَجِسٍ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَمَدَ إلَى طَوَّافِ لَحْمٍ فَاسْتَهْلَكَهُ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ، ثُمَّ قَالَ: كَانَتْ مَيْتَةً لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَيَسَعُ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ أَنَّهَا كَانَتْ ذَكِيَّةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ وَالتَّسَامُعِ تُقْبَلُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ بِالْإِجْمَاعِ: وَهِيَ النِّكَاحُ وَالنَّسَبُ وَالْمَوْتُ وَالْقَضَاءُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِذَا سَمِعَ الرَّجُلُ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، أَوْ رَأَى رَجُلًا يَدْخُلُ عَلَى امْرَأَةٍ وَسَمِعَ مِنْ النَّاسِ أَنَّ فُلَانَةَ زَوْجَةُ فُلَانٍ، أَوْ رَأَى رَجُلًا قَضَى لِرَجُلٍ بِحَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ وَسَمِعَ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ قَاضِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ، أَوْ سَمِعَ النَّاسَ يَقُولُونَ إنَّ فُلَانًا مَاتَ، أَوْ رَآهُمْ صَنَعُوا بِهِ مَا يُصْنَعُ بِالْمَوْتَى وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْ الْوِلَادَةَ عَلَى فِرَاشِهِ، أَوْ عَقْدَ النِّكَاحِ، أَوْ تَقْلِيدَ الْإِمَامِ إيَّاهُ قَضَاءَ هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَوْ الْمَوْتَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَا إذَا رَأَى رَجُلًا وَامْرَأَةً يَسْكُنَانِ بَيْتًا وَيَنْبَسِطُ كُلُّ وَاحِدٍ إلَى الْآخَرِ انْبِسَاطَ الْأَزْوَاجِ وَسِعَهُ

أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. أَمَّا الْوَقْفُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى أَصْلِهِ دُونَ شَرَائِطِهِ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَكُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ صِحَّةُ الْوَقْفِ فَهُوَ مِنْ أَصْلِهِ وَمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ فَهُوَ مِنْ شَرَائِطِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. قَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ: لَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ بَيَانِ الْجِهَةِ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَقْبَرَةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الدُّخُولِ بِالشُّهْرَةِ وَالتَّسَامُعِ فَتَجُوزُ كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. وَهَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَالْكَافِي؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَشْتَهِرُ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ مَشْهُورَةٌ مِنْ النَّسَبِ وَالْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الْإِحْصَانِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الْعِتْقِ بِالشُّهْرَةِ وَالتَّسَامُعِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي نِكَاحِ الْمُنْتَقَى أَنَّهُ تَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْعِتْقِ بِالشُّهْرَةِ وَالتَّسَامُعِ لَا تَحِلُّ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَّا الْوَلَاءُ فَالشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِيهِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: تُقْبَلُ وَالصَّحِيحُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُطْلِقَ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ، وَلَا يُفَسِّرَ حَتَّى لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ شَهِدَا عِنْدَ الْقَاضِي، وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ مِنْ نَثِقُ بِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا هُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْعُدَّةِ. إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِمَا تَجُوزُ بِهِ الشَّهَادَةُ بِالسَّمَاعِ وَقَالُوا لَمْ نُعَايِنْ ذَلِكَ لَكِنَّهُ اشْتَهَرَ عِنْدَنَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِي الْوَقْفِ بِالتَّسَامُعِ، وَإِنْ صَرَّحَا بِهِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ رُبَّمَا يَكُونُ سِنُّهُ عِشْرِينَ سَنَةً وَتَارِيخُ الْوَقْفِ مِائَةَ سَنَةٍ فَتَيَقَّنَ الْقَاضِي أَنَّ الشَّاهِدَ يَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ لَا بِالْعِيَانِ فَإِذًا لَا فَرْقَ بَيْنَ السُّكُوتِ وَالْإِفْصَاحِ أَشَارَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ إلَى هَذَا الْمَعْنَى كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ فِي النَّسَبِ وَغَيْرِهِ بِطَرِيقَتَيْنِ: الْحَقِيقَةُ وَالْحُكْمِيَّةُ. فَالْحَقِيقَةُ أَنْ تَشْتَهِرَ وَتُسْمَعَ مِنْ قَوْمٍ كَثِيرٍ لَا يُتَصَوَّرُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَلَا تُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْعَدَالَةُ، وَلَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ بَلْ يُشْتَرَطُ التَّوَاتُرُ. وَالْحُكْمِيَّةُ أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَهُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عُدُولٌ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. هَذَا إذَا شَهِدَا عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِشْهَادِ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّهُ إذَا لَقِيَ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَهُ عَلَى نَسَبِهِ وَعَرَفَا وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَلَوْ أَقَامَ هَذَا الرَّجُلُ عِنْدَهُ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا عَلَى نَسَبِهِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَزَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ قَالَ: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَالَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسَعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى نَسَبِهِ حَتَّى يَلْقَوْا مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ فَيَشْهَدَانِ عِنْدَهُمْ عَلَى نَسَبِهِ قَالَ الْجَصَّاصُ فِي شَرْحِ هَذَا الْكِتَابِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ

الباب الثالث في صفة أداء الشهادة والاستماع إلى الشهود

قِيلَ: فِي الْمَوْتِ يُكْتَفَى بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ، أَوْ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. مَنْ شَهِدَ أَنَّهُ حَضَرَ دَفْنَ فُلَانٍ أَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَتِهِ فَهُوَ مُعَايَنَةٌ حَتَّى لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي قَبِلَهُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. لَوْ جَاءَ خَبَرُ مَوْتِ إنْسَانٍ فَصَنَعُوا مَا يُصْنَعُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَسَعْكَ أَنْ تُخْبِرَ بِمَوْتِهِ حَتَّى يُخْبِرَكَ ثِقَةٌ أَنَّهُ عَايَنَ مَوْتَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مَشَايِخُنَا إذَا لَمْ يُعَايِنْ الْمَوْتَ إلَّا وَاحِدٌ، وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ، مَاذَا يَصْنَعُ؟ قَالُوا: يُخْبِرُ بِذَلِكَ عَدْلًا مِثْلَهُ، فَإِذَا سَمِعَ مِنْهُ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مَوْتِهِ فَشَهِدَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ حَتَّى يَقْضِيَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي صِفَةِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَالِاسْتِمَاعِ إلَى الشُّهُودِ] يُحْتَاجُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْحَاضِرِ إلَى الْإِشَارَةِ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعِي وَالْمَشْهُودِ بِهِ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ نَقْلِيًّا، وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَيِّتِ، أَوْ الْغَائِبِ، وَقَدْ حَضَرَ الْوَصِيُّ، أَوْ الْوَكِيلُ يُحْتَاجُ إلَى تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ اسْمَ الْمَيِّتِ وَاسْمَ الْغَائِبِ وَاسْمَ أَبِيهِمَا وَاسْمَ جَدِّهِمَا، شَرَطَ الْخَصَّافُ ذِكْرَ الْجَدِّ لِلتَّعْرِيفِ وَهَكَذَا فِي الشُّرُوطِ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَذِكْرُ الْأَبِ يَكْفِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ النِّسْبَةَ إلَى الْجَدِّ لَا بُدَّ مِنْهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فَإِذَا قَضَى قَاضٍ بِدُونِ ذِكْرِ الْجَدِّ يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالِاسْمِ الْمُجَرَّدِ مَشْهُورًا كَأَبِي حَنِيفَةَ يَكْفِي، وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالصِّنَاعَةُ لَا تَقُومُ مَقَامَ ذِكْرِ الْجَدِّ عَلَى قَوْلِ مَنْ شَرَطَ ذِكْرَ الْجَدِّ إلَّا إذَا كَانَتْ صِنَاعَةً يُعْرَفُ بِهَا لَا مَحَالَةَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ ذُكِرَ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ وَقَبِيلَتُهُ وَحِرْفَتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي مَحَلَّتِهِ رَجُلٌ بِهَذَا الِاسْمِ وَهَذِهِ الْحِرْفَةِ يَكْفِي، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ آخَرَ لَا يَكْفِي حَتَّى يَذْكُرَ شَيْئًا آخَرَ يَحْصُلُ بِهِ التَّمْيِيزُ كَذَا ذُكِرَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إنَّمَا هُوَ حُصُولُ الْمَعْرِفَةِ وَارْتِفَاعُ الِاشْتِرَاكِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ بِشِرَاءِ مَحْدُودٍ، أَوْ بَيْعِهِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا بُدَّ، وَأَنْ يَذْكُرُوا فِي الشَّهَادَةِ أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ يَقُولُوا أَقَرَّ بِشِرَائِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بَيْعِهِ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ دَوَابَّ لَهُ عَدَدًا مَعْلُومًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ الشُّهُودُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ أَخَافُ أَنْ تَبْطُلَ الشَّهَادَةُ، وَلَا يُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِشَيْءٍ مِنْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ بَيَّنُوا الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ اللَّوْنِ، وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ مَعَ ذِكْرِ الْأُنُوثَةِ وَالذُّكُورَةِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النَّوْعِ بِأَنْ يَقُولَ فَرَسٌ، أَوْ حِمَارٌ وَنَحْوُهُ، وَلَا يَكْفِي بِذِكْرِ اسْمِ الدَّابَّةِ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ أَبَى ذِكْرَ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَالْأَوَّلُ

أَصَحُّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ سَأَلَ الْقَاضِي الشُّهُودَ عَنْ لَوْنِ الدَّابَّةِ وَذَكَرُوا، ثُمَّ شَهِدُوا عِنْدَ الدَّعْوَى وَذَكَرُوا الصِّفَةَ عَلَى خِلَافِهِ تُقْبَلُ وَالتَّنَاقُضُ فِيمَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لَا يَضُرُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. شَهِدَا أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَهِيَ فُلَانَةُ حَرَامٌ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْكَفُّ عَنْهَا قَالَ: فِيهِ خَلَلٌ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْفِعْلِ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَقَعَ بِهِ الْحُرْمَةُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ فِي الشَّهَادَةِ إنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَكَذَا لَا يَكْتَفِي الشَّاهِدُ بِقَوْلِهِ: وَقَدْ كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَحَنِثَ فِيهَا حَتَّى يُفَسِّرَ لَفْظَ الْيَمِينِ وَالْحِنْثَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْحَاوِي. الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِفْلَاسِ أَنْ يَشْهَدَا وَيَقُولَا: لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا سِوَى ثِيَابِ لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَجُلٌ جَاءَ إلَى رَجُلٍ فَسَاوَمَهُ ثَوْبًا وَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ دَرَاهِمَ وَأَخَذَ الثَّوْبَ وَافْتَرَقَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْقِدَا بَيْعًا بِلِسَانِهِمَا جَازَ ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى الشَّهَادَةِ قَالُوا: يَنْبَغِي لِلشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا لَهُ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ وَقَبَضَ مِنْهُ الثَّوْبَ، وَلَا يَشْهَدَانِ عَلَى الْبَيْعِ إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُقَدِّمَاتٌ يَعْلَمُ الشُّهُودُ أَنَّ الْأَخْذَ وَالْإِعْطَاءَ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ وَالْقَاضِي الَّذِي وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ يَعْتَقِدُ جَوَازَ الْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِالتَّعَاطِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى الشَّهَادَةِ فَالشُّهُودُ كَيْفَ يَشْهَدُونَ قِيلَ: يَشْهَدُونَ عَلَى الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ، وَلَا يَشْهَدُونَ عَلَى الْبَيْعِ، وَقِيلَ: لَوْ شَهِدُوا عَلَى الْبَيْعِ يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالُوا فِي شَهَادَتِهِمْ (اين مدعا مُلْك اين مُدَّعِي است) ، وَلَمْ يَقُولُوا: (دردست اين مُدَّعَى عَلَيْهِ بنا حَقّ است) اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ، وَإِنْ طَلَبَ التَّسْلِيمَ لَا يَقْضِي بِهَا مَا لَمْ يَقُولُوا: (دردست اين مُدَّعَى عَلَيْهِ بنا حَقّ) كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَالْأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ، وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ لَوْ سَأَلَ الْقَاضِي مِنْ الشُّهُودِ أَهُوَ فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَقَالَ الشَّاهِدُ لَا أَدْرِي تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي وَفِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَمْ يَقُولُوا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْهَا وَتَسْلِيمُهَا إلَى هَذَا الْمُدَّعِي حُكِيَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بُدَّ وَأَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ يَعْنِي لِلْقَضَاءِ بِالتَّسْلِيمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ وَتَكُونُ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةً وَيُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى التَّسْلِيمِ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَدْرَكَنَا كَثِيرًا مِنْ مَشَايِخِنَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا وَأَنَا أُفْتِي أَنَّ فِي الشَّهَادَةِ قُصُورًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ يَنْبَغِي لِلشَّاهِدِ أَنْ يَقُولَ فِي شَهَادَتِهِ: (اين عَين مُلْك اين مُدَّعِي است

وَحَقّ وى است) حَتَّى لَا يُمْكِنَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ (وَحَقّ وى ني بِنَفْيِ) وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ يَقُولُ إذَا قَالَ الْمُدَّعِي (فُلَان جيز مُلْك مِنْ است وَحَقّ مَنْ لَا يُكْتَفَى بِهِ) . وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَحَقُّ مِنْ است وَيَقُولَ فِي قَوْلِهِ: (وبد سِتّ فُلَان بنا حَقّ بدست فُلَان بنا حَقّ است) ، وَكَذَلِكَ فِي نَظَائِرِهِ حَتَّى لَا يَلْحَقُ بِهِ كَلِمَةُ النَّفْيِ قَالَ: الِاحْتِيَاطُ فِي هَذَا وَلَكِنَّ هَذَا الِاحْتِيَاطَ فِي مَوْضِعٍ يُطَالَبُ بِالتَّسْلِيمِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَنْ الشُّهُودِ إذَا قَالُوا بِالْفَارِسِيَّةِ: (مَا كواهي دهيم كه اين عَيْن مُدَّعَى بِمُلْكِ اين مَدْعِيٌّ است) هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: (مَا كواهي دهيم) فِي الْعُرْفِ لِلِاسْتِقْبَالِ وَلِلْحَالِ (مَا كواهي ميدهيم) كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ سُئِلَ عَنْ شُهُودٍ كَانَ فِي لَفْظِ شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (مَا كواهي ميدهيم كه فُلَان جيزآن فُلَان است) هَلْ يَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ (مُلْك فُلَان است) ؟ قَالَ: نَعَمْ وَكَانَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يَقُولُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْسِرَهُمْ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الْمِلْكَ، أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ فَسَّرُوا أَخَذَ بِتَفْسِيرِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُفَسِّرُوا وَغَابُوا، أَوْ مَاتُوا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمْ بِالْمِلْكِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي فَتَاوَى شَمْسِ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ حَقُّ هَذَا الْمُدَّعِي، وَلَمْ يَقُولُوا مِلْكُهُ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ، وَقِيلَ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْسِرَ الشُّهُودَ عَنْ الْحَقِّ أَرَادُوا بِهِ الْمِلْكَ، أَوْ مَا هُوَ حَقِيقَةُ الْحَقِّ وَيَبْنِي الْأَمْرَ عَلَى مَا فَسَّرُوا، وَعَلَى هَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ حَقِّي، وَلَمْ يَقُلْ مِلْكِي هَلْ تَصِحُّ مِنْهُ هَذِهِ الدَّعْوَى؟ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ وَفَسَّرَ الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهِهَا، ثُمَّ شَهِدَ الْآخَرُ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِمِثْلِ شَهَادَةِ صَاحِبِي لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي حَتَّى يَتَكَلَّمَ كُلُّ شَاهِدٍ بِشَهَادَتِهِ قَالَ: الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا احْتِيَاطٌ مِنْ صَاحِبِ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ الشُّهُودِ الْإِجْمَالُ، وَهَذَا دَأْبُهُ فِي هَذَا الْبَابِ، أَمَّا عِنْدَنَا، فَإِذَا شَهِدَ الْأَوَّلُ وَفَسَّرَ، وَقَالَ: الثَّانِي أَشْهَدُ بِمَا شَهِدَ بِهِ هَذَا فَإِنَّهُ يَكْفِي، ثُمَّ قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُخْتَارُ أَنْ يُجْعَلَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ: إنْ كَانَ الشَّاهِدُ فَصِيحًا يُمْكِنُهُ بَيَانُ الشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْإِجْمَالُ كَمَا قَالَ: صَاحِبُ الْكِتَابِ، وَإِنْ كَانَ أَعْجَمِيًّا غَيْرَ فَصِيحٍ يُقْبَلُ مِنْهُ الْإِجْمَالُ إذَا كَانَ بِحَالٍ لَوْلَا حِشْمَةُ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَبِّرَ الشَّهَادَةَ بِلِسَانِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِلِسَانِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ أَيْضًا، وَقَالَ: الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُخْتَارُ أَنْ يُحَوِّلَ الْجَوَابَ عَلَى التَّفْصِيلِ: إنْ أَحَسَّ الْقَاضِي بِخِيَانَةٍ مِنْ الشُّهُودِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ كَلَّفَ كُلَّ شَاهِدٍ أَنْ

يُفَسِّرَ شَهَادَتَهُ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْكِتَابِ، وَإِنْ لَمْ يَحُسَّ بِشَيْءٍ مِنْ الْخِيَانَةِ لَا يُكَلِّفُ وَيُحَكِّمُ فِي ذَلِكَ رَأْيَهُ كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. وَقَالَ: شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ إنَّمَا يُقْبَلُ الْإِجْمَالُ مِنْ الشَّاهِدِ الْآخَرِ إذَا قَالَ فِي شَهَادَتِهِ: لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ثُمَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْأَقَاوِيلُ فِيمَا إذَا قَالَ الثَّانِي إنِّي أَشْهَدُ بِمَا شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلُ أَوْ قَالَ: أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلُ، أَمَّا إذَا قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ الْأَوَّلِ لَا تُقْبَلُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَيْسَتْ بِشَهَادَةٍ عَلَى الْحَقِّ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى مِثْلِ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى مِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمِثْلَ قَدْ يَكُونُ صِلَةً وَ " مَا " قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى " مَنْ " فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. إذَا كُتِبَ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ فِي بَيَاضٍ وَقُرِئَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي جَمِيعَ مَا سَمَّى وَوَصَفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ قَالَ: هَذَا الْمُدَّعَى بِهِ الَّذِي قُرِئَ وَوُصِفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي فَهَذِهِ شَهَادَةٌ صَحِيحَةٌ، وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ فِي رَجُلٍ ادَّعَى دَارًا مِنْ نُسْخَةٍ، أَوْ صَكٍّ قَرَأَهَا، فَقَالَ: الشُّهُودُ وَهُمْ أُمِّيُّونَ: (مَا همجنين كواهي ميدهيم) لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ صَحِيحَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي النَّوَازِلِ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِنُسْخَةٍ قَرَأَهَا بِلِسَانِهِ، ثُمَّ قَرَأَ رَجُلٌ آخَرُ مِنْ النُّسْخَةِ وَالشَّاهِدُ الْآخَرُ يَقْرَأُ مَعَهُ مُقَارِنًا بِقِرَاءَتِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ الشَّاهِدِ إذَا كَانَ يَصِفُ حُدُودَ الْمُدَّعَى حِينَ يَنْظُرُ فِي الصَّكِّ وَإِذَا لَمْ يَنْظُرْ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَجْهِهَا هَلْ تُقْبَلُ؟ قَالَ: إذَا كَانَ يَنْظُرُ وَيَنْقُلُهُ وَيَحْفَظُهُ عَنْ النَّظَرِ فَلَا تُقْبَلُ، وَإِذَا كَانَ يَسْتَعِينُ بِهِ نَوْعَ اسْتِعَانَةٍ كَقَارِئِ الْقُرْآنِ عَنْ الْمُصْحَفِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَبْلَغَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ قِيلَ: تُقْبَلُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى بِالْفَارِسِيَّةِ (دوازده درم) وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (ده دوازده درم) لَا تُقْبَلُ لِمَكَانِ الْجَهَالَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى (ده دوازده درم) لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ إذَا ذَكَرَ التَّارِيخَ فِي الدَّعْوَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِأَنْ قَالَ: (اين عَين مُلْك منست ازده دوازده سَالَ) فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ إذَا ذَكَرَ الشُّهُودُ التَّارِيخَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ قَبْضَ شَيْءٍ فَشَهِدُوا بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ (اين مُدَّعَى عَلَيْهِ جَنِين كَفَتْ كه اين

مُدَّعِي اين مَدْعِيٌّ بِهِ رابر مِنْ فرستاد) لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ثَلَاثَةٌ شَهِدُوا فِي حَادِثَةٍ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْقَضَاءِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ قَدْ كَذَبْتُ فِي شَهَادَتِي فَسَمِعَ الْقَاضِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهُمْ قَالَ ذَلِكَ فَسَأَلَهُمْ الْقَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالُوا كُلُّنَا عَلَى شَهَادَتِنَا قَالُوا لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ وَيُقِيمُهُمْ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ جَاءَ الْمُدَّعِي بِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي يَشْهَدَانِ بِذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا شَهِدَ فِي حَادِثَةٍ قَبْلَ الدَّعْوَى، ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ الدَّعْوَى قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ شَهِدَ، وَلَمْ يَبْرَحْ، ثُمَّ قَالَ: أَوْهَمْتُ بَعْضَ شَهَادَتِي يَعْنِي تَرَكْتُ مَا يَجِبُ عَلَيَّ ذِكْرُهُ، أَوْ أَتَيْتُ بِمَا لَا يَجُوزُ لِي: إنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا، قَالَهُ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ بَعْدَهُ فِي مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ، أَوْ غَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ عَدْلًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ مِثْلُ أَنْ يَدَعَ لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ، أَوْ أَنْ يَتْرُكَ ذِكْرَ اسْمِ الْمُدَّعِي، أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ الْإِشَارَةَ إلَى أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ، أَمَّا فِي مَوْضِعِ شُبْهَةِ التَّلْبِيسِ كَمَا إذَا شَهِدَ بِأَلْفٍ، ثُمَّ قَالَ: غَلِطْتُ بَلْ هِيَ خَمْسُمِائَةٍ، أَوْ بِالْعَكْسِ تُقْبَلُ إذَا قَالَ فِي الْمَجْلِسِ، وَيُقْضَى بِجَمِيعِ مَا شَهِدَ أَوَّلًا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَبِمَا نَفَى أَوْ زَادَ عِنْدَ آخَرِينَ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ، وَأَمَّا بَعْدَ مَا قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ فَلَمْ تُقْبَلْ، وَعَلَى هَذَا إذَا وَقَعَ الْغَلَطُ فِي بَعْضِ الْحُدُودِ فَذَكَرَ الشَّرْقِيَّ مَكَانَ الْغَرْبِيِّ، أَوْ فِي بَعْضِ النَّسَبِ كَأَنْ ذَكَرَ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ بَدَلَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ مَثَلًا، فَإِنْ تَدَارَكَهُ قَبْلَ الْبَرَاحِ عَنْ الْمَجْلِسِ قُبِلَتْ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا هَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَالْكَافِي وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ. عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِمَالٍ فَقَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا شَهِدَ عَلَيْهِمَا رَجُلَانِ بِأَنَّهُمَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا إنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَ عَنْ رُجُوعِهِمَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي وَيُعَدِّلُهُ وَقَفَ فِي أَمْرِهِمَا، وَلَمْ يُنَفِّذْ شَهَادَتَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَأَبْطَلَ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةٍ يَشْهَدُ أَنَّهَا لِآخَرَ فَشَهَادَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ لَا حَقَّ لِي فِيهَا، ثُمَّ شَهِدَ أَنَّهَا لِفُلَانٍ آخَرَ لَا يُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي لَا بَيِّنَةَ لِي وَحَلَّفَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي، ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: كُلُّ بَيِّنَةٍ آتِي بِهَا فَهُمْ شُهُودُ زُورٍ، ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ شَهَادَةٌ فِيمَا أَدَّعِي عَلَى هَذَا فَلَمَّا حَلَّفَهُ الْقَاضِي جَاءَ بِفُلَانٍ يَشْهَدُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ: مَا لِي عِنْدَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ شَهَادَةٌ عَلَى هَذَا، ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ شَهَادَتَهُمَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ: كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا فَهِيَ بَاطِلَةٌ، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَا تُسْمَعُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا وَأَشْهَرُ قَوْلَيْهِ مِثْلُ قَوْلِ الْحَسَنِ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ يَقُولُ: قَضَاؤُنَا الْيَوْمَ عَلَى مَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ، وَقَالَ: الْقَاضِي

الباب الرابع فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل وهو مشتمل على فصول

الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلَانِ قَالَا: لَا شَهَادَةَ لِفُلَانٍ عِنْدَنَا، ثُمَّ شَهِدَا لَهُ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ إذَا قَالَ: لَا شَهَادَةَ لِفُلَانٍ عِنْدِي فِي أَمْرٍ، أَوْ قَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهَذَا، ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَكَذَا لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ قَالَا: كُلُّ شَهَادَةٍ نَشْهَدُ بِهَا لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ فَهِيَ زُورٌ، ثُمَّ جَاءَا وَشَهِدَا، وَقَالَا: لَمْ نَتَذَكَّرْ حَيْثُ قُلْنَا: ثُمَّ تَذَكَّرْنَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ دَعْوَى فِي عَبْدٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَلَهُ عَلَى ذَلِكَ شُهُودٌ، فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْ الشُّهُودِ عِنْدَ الْقَاضِي لِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الْعَبْدُ لَيْسَ هُوَ الْعَبْدُ الَّذِي لِفُلَانٍ فِيهِ الدَّعْوَى، ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى ذَلِكَ الْعَبْدَ بِعَيْنِهِ لِنَفْسِهِ وَشَهِدَ لَهُ ذَلِكَ الشَّاهِدُ الَّذِي قَالَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي فَقَدْ قِيلَ: يَجِبُ أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ، وَقِيلَ: يَجِبُ أَنْ تُقْبَلَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ، وَقَالَ: بِعْتنِي هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدْتُكَ الثَّمَنَ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيْعَ وَقَبْضَ الثَّمَنِ فَشَهِدَ لِلْمُدَّعِي شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ، وَقَالَا: لَا نَعْرِفُ الْعَبْدَ وَلَكِنَّهُ قَالَ لَنَا: عَبْدِي زَيْدٌ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ آخَرَانِ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ اسْمُهُ زَيْدٌ، أَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ اسْمَهُ زَيْدٌ قَالَ: لَا يَتِمُّ الْبَيْعُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ، فَإِنْ حَلَفَ رَدَّ الثَّمَنَ، وَإِنْ نَكِلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ الْبَيْعُ بِنُكُولِهِ، وَإِنْ شَهِدَ الشَّاهِدَانِ أَنَّ الْبَائِعَ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ عَبْدَهُ زَيْدًا الْمُوَلَّدَ فَنَسَبُوهُ إلَى شَيْءٍ يُعْرَفُ مِنْ عَمَلٍ، أَوْ صِنَاعَةٍ أَوْ حِلْيَةٍ، أَوْ عَيْبٍ فَوَافَقَ ذَلِكَ هَذَا الْعَبْدَ، قَالَ: هَذَا وَالْأَوَّلُ فِي الْقِيَاسِ سَوَاءٌ إلَّا أَنِّي أَسْتَحْسِنُ إذَا نَسَبُوهُ إلَى مَعْرُوفٍ أَنْ أُجِيزَهُ، وَكَذَا الْأَمَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْمُنْتَقَى شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ لِهَذَا فِي هَذِهِ الدَّارِ أَلْفُ ذِرَاعٍ، فَإِذَا الدَّارُ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ، أَوْ شَهِدَا أَنَّ لَهُ فِي هَذَا الْقَرَاحِ عَشَرَةُ أَجْرِبَةٍ، فَإِذَا الْقَرَاحُ خَمْسَةُ أَجْرِبَةٍ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ بِذَلِكَ أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ كُلَّهَا، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ دَارِهِ فِي دَارِ هَذَا هَذِهِ، وَلَمْ يَحُدَّا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ إلَى أَيِّ مَوْضِعٍ هِيَ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَحَلَالُهُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا الْعَقْدَ - الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إنْ ادَّعَى أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَ هَذَا ثَوْبًا، أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ فَقَالُوا بِأَنَّا لَا نَعْرِفُ الثَّوْبَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَبَيَانُ الثَّوْبِ إلَى الْغَاصِبِ وَالْمُرْتَهِنِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. إذَا شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ اسْمَهُ عَارِيَّةٌ فِي هَذَا الدَّيْنِ وَالْمَالُ لِفُلَانٍ وَفُلَانٌ يَدَّعِيهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لَهَا] لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَبْلَ التَّحَمُّلِ، أَوْ بَعْدَهُ فِيمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ

بِالتَّسَامُعِ، أَوْ لَا تَجُوزُ، وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ فِيمَا طَرِيقُهُ السَّمَاعُ وَمَا لَا يَكْفِي فِيهِ السَّمَاعُ إذَا كَانَ بَصِيرًا وَقْتَ التَّحَمُّلِ أَعْمَى عِنْدَ الْأَدَاءِ إذَا كَانَ يَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى شَيْئًا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَقْتَ الْأَدَاءِ، أَمَّا إذَا كَانَ شَيْئًا يَحْتَاجُ إلَى الْإِشَارَةِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إجْمَاعًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ عَمِيَ بَعْدَ الْأَدَاءِ قَبْلَ الْقَضَاءِ يَمْتَنِعُ الْقَضَاءُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْكَافِي. الْأَعْمَى إذَا شَهِدَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ صَارَ بَصِيرًا فَشَهِدَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينَ، وَالْمَعْتُوهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْنُونِ. إذَا كَانَ الرَّجُلُ يُجَنُّ سَاعَةً وَيُفِيقُ سَاعَةً فَشَهِدَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَقَدَّرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ بِيَوْمَيْنِ، وَقَالَ: إذَا كَانَ جُنُونُهُ يَوْمَيْنِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يُفِيقُ هَكَذَا فَشَهِدَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ إلَّا شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ فِي حَقِّ النَّسَبِ دُونَ الْمِيرَاثِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِيمَا يَقَعُ فِي الْمَلَاعِبِ. وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامَاتِ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَلِكَ أَهْلُ السِّجْنِ إذَا شَهِدَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْبَعْضِ فِيمَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ فِي السِّجْنِ لَا تُقْبَلُ. أَمَّا شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِانْفِرَادِهِنَّ عَلَى اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ، وَهُوَ صِيَاحُ الْوَلَدِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ عَنْ الْأُمِّ، أَوْ عَلَى تَحَرُّكِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ عَنْ الْأُمِّ فَقَبُولُهُ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْمِيرَاثِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ وَاشْتَرَطَ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا كَانَتْ عَدْلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ أَرْجَحُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. أَمَّا شَهَادَتُهُنَّ عَلَى تَحَرُّكِ الْوَلَدِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ عِنْدَهُمَا وَشَهَادَةُ الرَّجُلِ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلَيْنِ عَلَى تَحَرُّكِ الْوَلَدِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ، أَوْ عَلَى تَحَرُّكِهِ حَالَةَ الِانْفِصَالِ عِنْدَ الْكُلِّ فَلَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَا شَهَادَةَ لِلنِّسَاءِ فِي السَّرِقَةِ فِي حَقِّ الْقَطْعِ وَتُقْبَلُ فِي حَقِّ الضَّمَانِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ شَرِبْتُ الْخَمْرَ فَمَمْلُوكِي هَذَا حُرٌّ فَشَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ يَعْتِقُ الْعَبْدُ، وَلَا يُحَدُّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ سَرَقْتُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ شَيْئًا فَشَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى هَذَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ، وَلَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَمْلُوكِ قِنًّا كَانَ، أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، وَكَذَلِكَ مُعْتَقُ الْبَعْضِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. كُلُّ مِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِلرِّقِّ، أَوْ لِلْكُفْرِ، أَوْ لَلصِّبَا، ثُمَّ زَالَتْ هَذِهِ الْمَوَانِعُ فَأَدَّاهَا قُبِلَتْ، وَلَوْ رُدَّتْ لِفِسْقٍ، أَوْ زَوْجِيَّةٍ، أَوْ الْعَبْدُ لِمَوْلَاهُ، أَوْ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ، ثُمَّ زَالَتْ فَأَدَّاهَا لَمْ تُقْبَلْ، وَلَوْ تَحَمَّلَ لِمَوْلَاهُ، أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ فَأَدَّاهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْبَيْنُونَةِ قُبِلَتْ، كَذَا إنْ تَحَمَّلَهَا، وَهُوَ عَبْدٌ، أَوْ كَافِرٌ، أَوْ صَبِيٌّ فَأَدَّاهَا بَعْدَ زَوَالِ هَذِهِ الْعَوَارِضِ قُبِلَتْ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الْأَدَاءِ، وَلَا مَانِعَ حِينَئِذٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ شَهِدَ لِصَاحِبَتِهِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ فَلَمْ

الفصل الثاني فيمن لا تقبل شهادته لفسقه

يَقْبَلْ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ، وَلَمْ يَرُدَّهَا حَتَّى وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْأَصْلِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ إلَّا أَنْ يُعِيدَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِفِسْقِهِ] اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْإِعْلَانَ بِكَبِيرَةٍ يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ وَفِي الصَّغَائِرِ إنْ كَانَ مُعْلِنًا بِنَوْعِ فِسْقٍ مُسْتَشْنَعٍ يُسَمِّيهِ النَّاسُ بِذَلِكَ فَاسِقًا مُطْلَقًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ صَلَاحُهُ أَكْثَرَ مِنْ فَسَادِهِ وَصَوَابُهُ أَغْلَبَ مِنْ خَطَئِهِ، وَلَا يَكُونُ سَلِيمَ الْقَلْبِ - يَكُونُ عَدْلًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْفَاسِقُ إذَا كَانَ وَجِيهًا فِي النَّاسِ ذَا مُرُوءَةٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْكَافِي. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ آكِلِ الرِّبَا الْمَشْهُورِ بِذَلِكَ الْمُقِيمِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ اشْتَهَرَ بِأَكْلِ الْحَرَامِ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. تُرَدُّ شَهَادَةُ آكِلِ مَالِ الْيَتِيمِ بِأَكْلِهِ مَرَّةً هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مُدْمِنِ الْخَمْرِ وَأَرَادَ بِهِ الْإِدْمَانَ فِي النِّيَّةِ يَعْنِي يَشْرَبُ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنَّهُ يَشْرَبُ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا وَجَدَهُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: وَيُشْتَرَطُ مَعَ الْإِدْمَانِ أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ لِلنَّاسِ أَوْ يَخْرُجَ سَكْرَانًا فَيَسْخَرَ مِنْهُ الصِّبْيَانُ حَتَّى إنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي السِّرِّ لَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مُدْمِنِ السُّكْرِ وَأَرَادَ بِهِ فِي سَائِرِ الْأَشْرِبَةِ سِوَى الْخَمْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ شَرِبَ لِلتَّدَاوِي لَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَجْلِسُ مَجْلِسَ الْفُجُورِ وَالْمَجَانَةِ وَالشُّرْبِ، وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَأْتِي بَابًا مِنْ الْكَبَائِرِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْحَدُّ لِلْفِسْقِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. كُلُّ فَرْضٍ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ إذَا أُخِّرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ وَمَا لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ كَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ تَأْخِيرَهُ لَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا أَخَّرَ الزَّكَاةَ وَالْحَجَّ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ذَهَبَتْ عَدَالَتُهُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ بِتَأْخِيرِ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَبِتَأْخِيرِ الْحَجِّ لَا تَسْقُطُ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَأْخِيرَ الزَّكَاةِ لَا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَإِنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَصِيرُ فَاسِقًا، كَذَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَبِهِ أَخَذَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَذَكَرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَلَمْ يُقَدِّرْ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَدَدَ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَهَذَا إذَا تَرَكَهَا مَجَانَةً وَرَغْبَةً عَنْهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ تَرَكَهَا بِعُذْرٍ كَالْمَرَضِ، أَوْ بُعْدِهِ مِنْ الْمِصْرِ، أَوْ بِتَأْوِيلٍ بِأَنْ كَانَ يُفَسِّقُ الْإِمَامَ، أَوْ مَا أَشْبَهَهُ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا تَرَكَ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ اسْتِخْفَافًا بِالْجَمَاعَةِ بِأَنْ لَا يَسْتَعْظِمَ تَفْوِيتَ الْجَمَاعَةِ كَمَا تَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ، أَوْ مَجَانَةً، أَوْ فِسْقًا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ تَرَكَهَا مُتَأَوِّلًا بِأَنْ كَانَ الْإِمَامُ فَاسِقًا فَكَرِهَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَصْرِفَهُ فَصَلَّى فِي بَيْتِهِ وَحْدَهُ أَوْ كَانَ

مِمَّنْ يُضَلِّلُ الْإِمَامَ، وَلَا يَرَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ جَائِزًا فَهَذَا مِمَّا لَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، وَهُوَ صَاحِبُ فِرَاشٍ، وَقَالَا: إنَّهُ أَشْهَدَنَا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: اُكْتُمَا فَكَتَمْنَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَقَرَّا عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِالْفِسْقِ، وَالْفَاسِقُ لَا قَوْلَ لَهُ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ. إذَا شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى طَلَاقِ امْرَأَةٍ، أَوْ عِتْقِ أَمَةٍ، وَقَالَا: كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ عَامٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَتَأْخِيرُهُمَا لَا يُوهِنُ شَهَادَتَهُمَا قَالَ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَهْنًا إذَا عَلِمُوا أَنَّهُ يُمْسِكُهَا إمْسَاكَ الزَّوْجَاتِ وَالْإِمَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، فَإِذَا أَخَّرُوهَا صَارُوا فَسَقَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ إنَّ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الشَّاهِدِ لِيَشْهَدَ لَهُ فَأَخَّرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ظَاهِرٍ، ثُمَّ أَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ هَذَا الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّ بِالتَّأْخِيرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ صَارَ فَاسِقًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُقَامِرِ قَامَرَ بِالشِّطْرَنْجِ، أَوْ بِأَيِّ شَيْءٍ، وَإِنْ لَعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ، وَلَمْ يُقَامِرْ - إنْ دَاوَمَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى شَغَلَهُ عَنْ الصَّلَاةِ، أَوْ كَانَ يَحْلِفُ بِالْيَمِينِ الْبَاطِلَةِ فِي ذَلِكَ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْقُنْيَةِ مَنْ لَعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ فِي الطَّرِيقِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَمَنْ يَلْعَبُ بِالنَّرْدِ فَهُوَ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. إذَا كَانَ الرَّجُلُ يَلْعَبُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَلَاهِي، وَذَلِكَ لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ الصَّلَاةِ، وَلَا عَمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ الْفَرَائِضِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ مُسْتَشْنَعَةً بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَزَامِيرِ وَالطَّنَابِيرِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَشْنَعَةً نَحْوَ الْحُدَاءِ وَضَرْبِ الْقَصَبِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ بِأَنْ يَرْقُصُوا بِهِ فَيَدْخُلَ فِي حَدِّ الْمَعَاصِي وَالْكَبَائِرِ وَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ بِهِ الْعَدَالَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ لَعِبَ بِالصَّوْلَجَانِ يُرِيدُ الْفُرُوسَةَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّقَّاصِ وَالْمُشَعْوِذِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَا شَهَادَةُ مَنْ يَلْعَبُ بِالْحَمَامِ يُطِيرُهُنَّ، فَأَمَّا إذَا كَانَ يُمْسِكُ الْحَمَامَ يَسْتَأْنِسُ بِهَا، وَلَا يُطَيِّرُهَا عَادَةً فَهُوَ عَدْلٌ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَهَكَذَا فِي الْكَافِي وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إلَّا إذَا كَانَتْ تَجُرُّ حَمَامَاتٍ أُخَرَ مَمْلُوكَةً لِغَيْرِهِ فَتُفَرِّخُ فِي وَكَرِهَا فَيَأْكُلُ وَيَبِيعُ مِنْهُ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يُغَنِّي لِلنَّاسِ وَيُسْمِعُهُمْ، أَمَّا لَوْ كَانَ لِإِسْمَاعِ نَفْسِهِ حَتَّى يُزِيلَ الْوَحْشَةَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ فِي الصَّحِيحِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُغَنِّيَةٍ تُسْمِعُ النَّاسَ صَوْتَهَا، وَإِنْ لَمْ تَتَغَنَّ لَهُمْ، كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النَّائِحَةِ الَّتِي تَنُوحُ فِي مُصِيبَةِ غَيْرِهَا وَاِتَّخَذَتْ ذَلِكَ مَكْسَبَةً هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَلَّتِي تَنُوحُ فِي مُصِيبَتِهَا فَشَهَادَتُهَا مَقْبُولَةٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُخَنَّثِ الَّذِي يُبَاشِرُ الرَّدِيَّ مِنْ الْأَفْعَالِ وَيُلَيِّنُ كَلَامَهُ عَمْدًا، أَمَّا إذَا كَانَ فِي كَلَامِهِ لِينٌ وَفِي أَعْضَائِهِ تَكَسُّرٌ خِلْقَةً، وَلَمْ يَشْتَهِرْ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَفْعَالِ الرَّدِيئَةِ فَهُوَ عَدْلٌ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الدَّاعِرِ وَهُوَ الْفَاسِقُ الْمُتَهَتِّكُ الَّذِي

لَا يُبَالِي بِمَا يَصْنَعُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ اشْتَدَّتْ غَفْلَتُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمَعْرُوفُ بِالْكَذِبِ لَا عَدَالَةَ لَهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا، وَإِنْ تَابَ بِخِلَافِ مَنْ وَقَعَ فِي الْكَذِبِ سَهْوًا أَوْ اُبْتُلِيَ بِهِ مَرَّةً، ثُمَّ تَابَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ إذَا شَهِدَ بِزُورٍ وَتَابَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ الْفَاسِقُ إذَا تَابَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يَمْضِ عَلَيْهِ زَمَانٌ يَظْهَرُ عَلَيْهِ أَثَرُ التَّوْبَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي، وَغَيْرُ الْعَدْلِ إذَا شَهِدَ بِزُورٍ، ثُمَّ تَابَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمَحْدُودُ فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ إذَا تَابَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ، وَإِنْ تَابَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَنَا أَنَّهُ أَقَامَ أَرْبَعَةً مِنْ الشُّهَدَاءِ عَلَى صِدْقِ مَقَالَتِهِ بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ تُقْبَلُ وَيَصِيرُ هُوَ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ ضُرِبَ بَعْضَ الْحَدِّ فَهَرَبَ قَبْلَ تَمَامِهِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَة تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يُضْرَبْ جَمِيعَهُ وَلَوْ حُدَّ الْكَافِرُ فِي قَذْفٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ إذَا حُدَّ ثُمَّ أُعْتِقَ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَذْفُ فِي حَالَةِ الْكُفْرِ وَحُدَّ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَلَوْ حَصَلَ بَعْضُ الْحَدِّ فِي حَالَةِ الْكُفْرِ وَبَعْضُهُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ حَتَّى لَوْ تَابَ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَالصَّحِيحُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَة، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. الشَّاعِرُ إنْ كَانَ يَهْجُو لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ كَانَ يَمْدَحُ وَكَانَ أَغْلَبُ مَدْحِهِ الصِّدْقَ قُبِلَتْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الرَّجُلُ الصَّالِحُ إذَا تَغَنَّى بِشِعْرٍ فِيهِ فُحْشٌ لَا تَبْطُلُ عَدَالَتُهُ؛ لِأَنَّهُ حَكَى فُحْشَ غَيْرِهِ، وَاَلَّذِي تَعَلَّمَ شِعْرَ الْعَرَبِ إنْ كَانَ تَعَلَّمَ لِأَجْلِ الْعَرَبِيَّةِ لَا تَبْطُلُ عَدَالَتُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فُحْشٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ كَانَ يَشْتُمُ أَهْلَهُ وَمَمَالِيكَهُ وَأَوْلَادَهُ إنْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ أَحْيَانًا لَا يُؤَثِّرُ فِي إسْقَاطِ الْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَلَّمَا يَخْلُو مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَادَةً سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. وَكَذَا الشَّتَّامُ لِلْحَيَوَانِ كَدَابَّتِهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يُظْهِرُ سَبَّ السَّلَفِ الَّذِينَ هُمْ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَكَذَا الْعُلَمَاءُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَمَنْ سُئِلَ عَنْهُ وَقَالُوا نَتَّهِمُهُ بِشَتْمِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لَمْ أَقْبَلْ ذَلِكَ وَأُجِيزُ شَهَادَتَهُ، وَلَوْ قَالُوا نَتَّهِمُهُ بِالْفِسْقِ وَالْفُجُورِ وَنَظُنُّ ذَلِكَ، وَلَمْ نَرَهُ قُبِلَتْ، وَلَمْ أُجِزْ شَهَادَتَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إلَّا الْخَطَّابِيَّةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: شَهَادَةُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مَقْبُولَةٌ عِنْدَنَا إذَا كَانَ هَوًى لَا يَكْفُرُ بِهِ صَاحِبُهُ، وَلَا يَكُونُ مَاجِنًا وَيَكُونُ عَدْلًا فِي تَعَاطِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَفْعَلُ الْأَفْعَالَ الْمُسْتَحْقَرَةَ كَالْبَوْلِ عَلَى الطَّرِيقِ وَالْأَكْلِ عَلَيْهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ، وَكَذَا مَنْ يَأْكُلُ فِي السُّوقِ بَيْنَ النَّاسِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. مَنْ أَكَلَ فَوْقَ الشِّبَعِ سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.

الفصل الثالث فيمن لا تقبل شهادته للتهمة

وَفِي مَنَاقِبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ شَهَادَةَ الْبَخِيلِ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَمْشِي فِي الطَّرِيقِ بِسَرَاوِيلَ وَحْدَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إزَارٍ إذَا لَمْ يُعْرَفْ رُجُوعُهُ عَنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حُكِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ شَيْخًا لَوْ صَارَعَ الْأَحْدَاثَ فِي الْمَجَامِعِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. تُرَدُّ شَهَادَةُ شَيْخٍ مَعْرُوفٍ بِالصَّلَاحِ بِمُحَاسَبَةِ ابْنِهِ فِي النَّفَقَةِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الطُّفَيْلِيِّ وَالْمُجَازِفِ فِي كَلَامِهِ وَالْمَسْخَرَةِ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. شَهَادَةُ بَائِعِ الْأَكْفَانِ لَا تُقْبَلُ قَالَ: شَمْسُ الْأَئِمَّةِ إنَّمَا لَا تُقْبَلُ إذَا ابْتَكَرَ لِذَلِكَ الْعَمَلِ وَتَرَصَّدَهُ، أَمَّا إذَا كَانَ يَبِيعُ الثِّيَابَ وَيُشْتَرَى مِنْهُ الْأَكْفَانُ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا كَانَ الرَّجُلُ يَبِيعُ الثِّيَابَ الْمُصَوَّرَةَ أَوْ يَنْسِجُهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْأَقْضِيَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَدِمَ الْأَمِيرُ بَلْدَةً فَخَرَجَ النَّاس وَجَلَسُوا فِي الطَّرِيقِ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ قَالَ خَلَفٌ بَطَلَتْ عَدَالَتُهُمْ إلَّا أَنْ يَذْهَبُونَ لِلِاعْتِبَارِ فَحِينَئِذٍ لَا تَبْطُلُ عَدَالَتُهُمْ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُمْ إذَا خَرَجُوا لَا لِتَعْظِيمِ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّعْظِيمَ، وَلَا لِلِاعْتِبَارِ تَبْطُلُ عَدَالَتُهُمْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَقْلَفِ إلَّا إذَا تَرَكَهُ اسْتِخْفَافًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَشَهَادَةُ الْخَصِيِّ مَقْبُولَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. تُقْبَلُ شَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَا فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ، هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. شَهَادَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ جَائِزَةٌ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ كَالنِّسَاءِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. الْعُمَّالُ إذَا كَانُوا عُدُولًا، وَلَا يَأْخُذُونَ مِنْ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ أَخَذُوا بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ النَّاسِ، وَلَمْ يَكُونُوا عُدُولًا فَالصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَّا شَهَادَةُ الصَّكَّاكِينَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تُقْبَلُ إذَا كَانَ غَالِبُ حَالِهِمْ الصَّلَاحَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْغِيَاثِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ. وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ فِي وَاقِعَاتِهِ أَنَّ شَهَادَةَ الرَّئِيسِ وَالْجَابِي فِي السِّكَّةِ أَوْ الْبَلْدَةِ الَّذِي يَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ فِي الْجِبَايَاتِ، وَالصَّرَّافِ الَّذِينَ يَجْمَعُونَ الدَّرَاهِمَ إلَيْهِ وَيَأْخُذُهَا طَوْعًا لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَّا شَهَادَةُ أَهْلِ الصِّنَاعَاتِ الدَّنِيَّةِ كَالْكَسَّاحِ وَالزَّبَّالِ وَالْحَائِكِ وَالْحَجَّامِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَوَلَّاهَا قَوْمٌ صَالِحُونَ فَمَا لَمْ يُعْلَمْ الْقَادِحُ لَا يَبْنِي عَلَى ظَاهِرِ الصِّنَاعَةِ، وَكَذَا النَّخَّاسُونَ وَالدَّلَّالُونَ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلتُّهْمَةِ] لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَالِدَيْنِ لِوَلَدِهِمَا وَوَلَدِ وَلَدِهِمَا، وَإِنْ سَفَلُوا، وَلَا شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدَيْهِ وَأَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ مِنْ قِبَلِهِمَا، وَإِنْ عَلَوْا، وَلَا شَهَادَةُ الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً أَيْضًا وَلَا شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا، وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا أَيْضًا، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِمُعْتَدَّتِهِ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا شَهِدَ رَجُلٌ لِامْرَأَةٍ بِحَقٍّ

ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِوَلَدِهِ وَلِوَالِدَيْهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّبِيبِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَخِ لِأُخْتِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. شَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ وَأَوْلَادِهِ جَائِزَةٌ، وَكَذَا الْأَعْمَامُ وَأَوْلَادُهُمْ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَالْعَمَّاتُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِأَمِّ امْرَأَتِهِ وَأَبِيهَا وَلِزَوْجِ ابْنَتِهِ وَلِامْرَأَةِ أَبِيهِ وَلِأُخْتِ امْرَأَتِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا شَهِدَ الرَّجُلُ لِابْنِ ابْنِهِ عَلَى ابْنِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. شَهَادَةُ وَلَدِ الْمُلَاعِنِ وَوَلَدِ أُمِّ وَلَدِهِ الْمَوْلُودِ عَلَى فِرَاشِهِ إذَا نَفَاهُ لَا تُقْبَلُ لِلنَّافِي؛ لِأَنَّ نَسَبَ هَذَا الْوَلَدِ كَانَ ثَابِتًا مِنْ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى قَبْلَ اللِّعَانِ وَالنَّفْيِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَبِاللِّعَانِ وَالنَّفْيِ، وَإِنْ انْقَطَعَ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ الْمِيرَاثُ وَالنَّفَقَةُ لَمْ يَنْقَطِعْ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ قَبُولُ الشَّهَادَةِ وَحُرْمَةُ الْمُنَاكَحَةِ وَوَضْعُ الزَّكَاةِ فِيهِ وَفَسَادُ دَعْوَةِ الْغَيْرِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ آخَرُ هَذَا الْوَلَدَ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَلَدُ الْمُلَاعَنُ، وَلَوْ ادَّعَاهُ الْمُلَاعِنُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا أَبْقَيْنَا النَّسَبَ فِي حَقِّ هَذِهِ الْأَحْكَامِ احْتِيَاطًا لِأَمْرِ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ مِمَّا يُحْتَاطُ فِيهَا، وَلِهَذَا تَبْطُلُ بِالشُّبُهَاتِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَوْلَادِ وَلَدِ الْمُلَاعِنِ لَهُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُلَاعِنِ لِوَلَدِهِ الَّذِي نَفَاهُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. بَاعَ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ وَحَرَّرَهُ مُشْتَرِيهِ فَشَهِدَ لِبَائِعِهِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ مُعْتِقِ الْإِنْسَانِ لَهُ جَائِزٌ فَشَهَادَةُ مُعْتِقِ غَيْرِهِ أَوْلَى، فَلَوْ ادَّعَى نَسَبَ الْوَلَدِ الَّذِي عِنْدَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا وَبَطَلَ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ وَالْقَضَاءُ، كَذَا فِي الْكَافِي. لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِمَمْلُوكِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَجِيرِ لِأُسْتَاذِهِ أَرَادَ بِهِ التِّلْمِيذَ الْخَاصَّ، وَهُوَ الَّذِي يَأْكُلُ مَعَهُ وَفِي عِيَالِهِ وَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ مَعْلُومَةٌ، أَمَّا الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ إذَا شَهِدَ لِلْمُسْتَأْجِرِ تُقْبَلُ، أَمَّا الْأَجِيرُ الْوَاحِدُ، وَهُوَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ مُيَاوَمَةً أَوْ مُشَاهَرَةً، أَوْ مُسَانَهَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَا تُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَشَهَادَةُ الْأُسْتَاذِ مَقْبُولَةٌ، وَكَذَا الْمُسْتَأْجِرُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْآجِرِ بِالْمُسْتَأْجَرِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِلْمُعِيرِ بِالْمُسْتَعَارِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرًا فَسَكَنَ الشَّهْرَ كُلَّهُ، ثُمَّ جَاءَ مُدَّعٍ آخَرُ فَشَهِدَ بِهَا الْمُسْتَأْجِرُ وَرَجُلٌ آخَرُ مَعَهُ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِجَارَةِ أَكَانَتْ بِأَمْرِهِ، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَإِنْ قَالَ: كَانَتْ بِأَمْرِي لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ شَهِدَ بِالْمُسْتَأْجَرِ لِلْآجِرِ، وَإِنْ قَالَ: كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَأْجِرٍ فِي حَقِّهِ، وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ الشَّهْرَ كُلَّهُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعِي أَنَّ الْإِجَارَةَ كَانَتْ بِأَمْرِهِ، وَلَوْ شَهِدَ الْمُسْتَأْجَرَانِ أَنَّ الْمُدَّعَى لِلَّذِي آجَرَهُمَا لِإِثْبَاتِ الْإِجَارَةِ، أَوْ لِإِنْسَانٍ آخَرَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ لِفَسْخِ الْإِجَارَةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ رَخِيصَةً، أَوْ غَالِيَةً، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا فِي فَسْخِهَا؛ لِأَنَّهُمَا يَدْفَعَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا الْأُجْرَةَ، وَإِنْ كَانَا سَاكِنَيْنِ فِي الدَّارِ بِغَيْرِ أَجْرٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي

مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا شَهِدَ الْأَجِيرُ لِأُسْتَاذِهِ، وَهُوَ أَجِيرٌ شَهْرًا فَلَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ، وَلَمْ يُعَدَّلْ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ، ثُمَّ عُدِّلَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَمَنْ شَهِدَ لِامْرَأَتِهِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ التَّعْدِيلِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ شَهِدَ وَلَمْ يَكُنْ أَجِيرًا، ثُمَّ صَارَ أَجِيرًا قَبْلَ الْقَضَاءِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ، وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَرُدَّ شَهَادَتَهُ، وَهُوَ غَيْرُ أَجِيرٍ، ثُمَّ صَارَ أَجِيرًا، ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ لَا يَقْضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَجِيرًا عِنْدَ الشَّهَادَةِ وَلَا عِنْدَ الْقَضَاءِ فَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يُبْطِلْ شَهَادَتَهُ، وَلَمْ يَقْبَلْ فَأَعَادَ الشَّهَادَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتُرَدُّ شَهَادَةُ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ فِيمَا هُوَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِنَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ، وَلَوْ شَهِدَ بِمَا لَيْسَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا تُقْبَلُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَلِكَ أَجِيرٌ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ لَهُمَا وَلِفُلَانٍ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَهَذَا عَلَى وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَنُصَّا عَلَى الشَّرِكَةِ بِأَنْ شَهِدَا أَنَّ لِفُلَانٍ وَلَهُمَا عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا أَصْلًا. الثَّانِي إذَا نَصَّا عَلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ بِأَنْ قَالَا: نَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى هَذَا خَمْسَمِائَةٍ وَجَبَتْ بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ، وَلَنَا عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ وَجَبَتْ بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ فُلَانٍ. الثَّالِثُ إذَا أَطْلَقَا الشَّهَادَةَ إطْلَاقًا وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ أَصْلًا. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى ثَلَاثَةِ نَفَرٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ أَبْرَأَهُمَا وَفُلَانًا عَنْ الْأَلْفِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ كَفِيلًا عَنْ الْبَعْضِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا أَصْلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَعْضُ كَفِيلًا عَنْ الْبَعْضِ، فَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَبْرَأَهُمَا وَفُلَانًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا أَصْلًا، وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَبْرَأَهُمَا عَلَى حِدَةٍ وَفُلَانًا عَلَى حِدَةٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ فُلَانٍ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ فُلَانًا قَذَفَ أُمَّهُمَا، وَهَذِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُمَا عَلَى حِدَةٍ، وَهَذِهِ عَلَى حِدَةٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ هَذِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لَهُمْ عَلَى رَجُلٍ أَلْفٌ فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى الثَّالِثِ أَنَّهُ أَبْرَأَ الْمَدْيُونَ عَنْ حِصَّتِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَا لَوْ قَبَضَا شَيْئًا مِنْ الْمَدْيُونِ، ثُمَّ شَهِدَا أَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ حِصَّتِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَشَهَادَةُ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ بَعْدَ الْعَزْلِ إنْ خَاصَمَ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْ تُقْبَلُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِكُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي فَخَاصَمَهُ فِي أَلْفٍ فَعُزِلَ، فَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ الْأَلْفِ رُدَّتْ، وَإِنْ شَهِدَ بِمَالٍ آخَرَ لَا تُرَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِوَكَالَتِهِ وَأَنْكَرَ فُلَانٌ وَكَالَتَهُ وَأَثْبَتَهَا بِالْبَيِّنَةِ، ثُمَّ عُزِلَ وَشَهِدَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِلْمُوَكِّلِ فِي كُلِّ حَقٍّ قَائِمٍ وَقْتَ التَّوْكِيلِ إلَّا إذَا شَهِدَ بِحَقٍّ حَادِثٍ بَعْدَ تَارِيخِ الْوَكَالَةِ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ ادَّعَى عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى رَجُلٍ أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقِبَلَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ بِالصِّفَةِ الَّتِي ادَّعَى وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَقْضِ

ثُمَّ عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ فَشَهِدَ الْمَعْزُولُ لِلْمُوَكِّلِ بِحَقٍّ قِبَلَ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ، أَوْ قِبَلَ الْآخَرَيْنِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِحَقٍّ حَادِثٍ بَعْدَ التَّوْكِيلِ، أَوْ عَلَى رَجُلٍ غَيْرِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي صِنْوَانِ الْقَضَاءِ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَقَبْضِهِ مِنْ النَّاسِ مُطْلَقًا، أَوْ فِي مِصْرٍ وَقَدَّمَ الْوَكِيلُ رَجُلًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَجَعَلَهُ الْقَاضِي خَصْمًا، ثُمَّ أَخْرَجَهُ الْمُوَكِّلُ مِنْ الْوَكَالَةِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ لَا عَلَى هَذَا الرَّجُلِ، وَلَا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ كَانَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ حَقٌّ يَوْمَ وَكَّلَهُ، وَلَا مَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ إلَى يَوْمِ أَخْرَجَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ شَهِدَ بِحَقٍّ حَدَثَ بَعْدَ الْعَزْلِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ بِالدَّيْنِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ وَكَّلَ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ فِي خُصُومَةٍ، وَقَالَ: أَيُّهُمْ خَاصَمَ فَهُوَ وَكِيلٌ فِيهَا فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ لِوَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْوَاحِدُ خَصْمًا بِشَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ وَكَّلَ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ جَازَتْ شَهَادَةُ الِاثْنَيْنِ لِصَاحِبِهِمَا بِالْوَكَالَةِ فِي الْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ. رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُمَا وَلِرَجُلٍ آخَرَ أَيُّكُمْ طَلَّقَ امْرَأَتِي فَهُوَ جَائِزٌ، أَوْ قَالَ: أَمْرُهَا فِي أَيْدِيكُمْ فَأَيُّكُمْ طَلَّقَهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَالزَّوْجُ يَجْحَدُ ذَلِكَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِالْأَمْرِ وَشَهِدَ اثْنَانِ عَلَى طَلَاقِ الثَّالِثِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي الْوَكَالَةِ، فَإِذَا اشْتَرَكُوا فِي الْوَكَالَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لَا لَهُ، وَلَا عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَكِيلَانِ بِالْبَيْعِ وَالدَّلَّالَانِ إذَا شَهِدَا، وَقَالَا: نَحْنُ بِعْنَا هَذَا الشَّيْءَ مِنْ فُلَانٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا أَمَرَهُمَا بِتَزْوِيجِ فُلَانَةَ مِنْهُ أَوْ بِخُلْعِهَا، أَوْ أَنْ يَشْتَرِيَا لَهُ عَبْدًا فَفَعَلْنَاهُ فَإِمَّا أَنْ يُنْكِرَ الْمُوَكِّلُ الْأَمْرَ وَالْعَقْدَ، أَوْ يُقِرَّ بِالْأَمْرِ لَا الْعَقْدِ، أَوْ يُقِرَّ بِهِمَا، وَكُلٌّ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْخَصْمُ الْعَقْدَ مَعَ الْوَكِيلِ، أَوْ يُنْكِرَ، فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ يُنْكِرُ لَا تُقْبَلُ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ يُقِرُّ بِهِمَا وَالْخَصْمُ يُقِرُّ بِالْعَقْدِ قُضِيَ بِالْإِقْرَارِ لَا بِشَهَادَتِهِمَا. الْخُلْعُ وَالنِّكَاحُ وَالْبَيْعُ فِيهِ سَوَاءٌ. وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ يُنْكِرُ الْعَقْدَ لَا يُقْضَى بِالنِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَيُقْضَى فِي الْخُلْعِ بِالطَّلَاقِ بِلَا مَالٍ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ لَا بِشَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ أَقَرَّ الْآمِرُ بِالْأَمْرِ وَلَكِنْ يَجْحَدُ الْعَقْدَ، فَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ مُقِرًّا يُقْضَى بِالْعُقُودِ كُلِّهَا إلَّا فِي النِّكَاحِ عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا أَمَرَنَا أَنْ نُبَلِّغَ فُلَانًا أَنَّهُ قَدْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ، وَقَدْ أَعْلَمْنَاهُ، أَوْ أَمَرَنَا أَنْ نُبَلِّغَ امْرَأَتَهُ أَنَّهُ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَبَلَّغْنَاهَا، وَقَدْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا - جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا. وَلَوْ قَالَا: نَشْهَدُ أَنَّهُ قَالَ لَنَا خَيِّرَا امْرَأَتِي فَخَيَّرْنَاهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. شَهَادَةُ ابْنَيْ الْوَكِيلِ عَلَى الْوَكَالَةِ لَا تُقْبَلُ، وَكَذَا شَهَادَةُ أَبَوَيْهِ وَأَجْدَادِهِ وَأَحْفَادِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا شَهِدَ ابْنَا الْوَكِيلِ عَلَى عَقْدِ الْوَكِيلِ، فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ يُقِرَّانِ بِالْأَمْرِ وَالْعَقْدِ جَمِيعًا، فَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ يَدَّعِي ذَلِكَ كُلَّهُ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْعُقُودِ كُلِّهَا وَلَكِنْ بِتَصَادُقِهِمْ لَا بِالشَّهَادَةِ، وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَعَلَى

قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَلَا يَقْضِي بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ إلَّا فِي الْخُلْعِ فَإِنَّ هُنَاكَ يَقْضِي بِالطَّلَاقِ بِغَيْرِ مَالٍ لِإِقْرَارِ الزَّوْجِ، وَهُوَ الْمُوَكِّلُ، وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ يَجْحَدَانِ ذَلِكَ كُلَّهُ، فَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ يَجْحَدُ أَيْضًا لَا يُلْتَفَتُ إلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ يَدَّعِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ يُقِرُّ بِكِلَا الْأَمْرَيْنِ وَالْمُوَكِّلُ يَدَّعِي الْأَمْرَ وَيَجْحَدُ الْعَقْدُ، فَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ يَدَّعِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْعُقُودِ كُلِّهَا إلَّا فِي النِّكَاحِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا الْقَاضِي يَقْضِي بِالْعُقُودِ كُلِّهَا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا جَعَلَ الرَّجُلُ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ وَطَلَّقَهَا فَشَهِدَ ابْنَا الْمُطَلِّقِ أَنَّ الزَّوْجَ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ أَبِيهِمَا، وَأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَالْأَبُ حَيٌّ يَدَّعِي ذَلِكَ، أَوْ مَيِّتٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ غَيْبَتَهُ بِمَنْزِلَةِ مَوْتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَهِدَ ابْنَا الْمُوَكِّلِ أَنَّ أَبَاهُمَا وَكَّلَ هَذَا الرَّجُلَ بِقَبْضِ دُيُونِهِ لَا تُقْبَلُ إذَا جَحَدَ الْمَطْلُوبُ الْوَكَالَةَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ فِي دَارٍ بِعَيْنِهَا وَقَبْضِهَا فَغَابَ فَشَهِدَ ابْنَا الْمُوَكِّلِ أَنَّ أَبَاهُمَا وَكَّلَ هَذَا الرَّجُلَ لِلْخُصُومَةِ فِي هَذِهِ وَقَبْضِهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ جَحَدَ الْمَطْلُوبُ الْوَكَالَةَ، أَوْ أَقَرَّ بِهَا، هَذَا إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ هُوَ الطَّالِبُ، فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ هُوَ الْمَطْلُوبُ، وَقَدْ ادَّعَى الطَّالِبُ فِي دَارِهِ فَشَهِدَ ابْنَا الْمَطْلُوبُ أَنَّ أَبَاهُمَا وَكَّلَ هَذَا الرَّجُلَ بِخُصُومَتِهِ، فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ يَجْحَدُ الْوَكَالَةَ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهَا خَلَتْ عَنْ الدَّعْوَى، وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ يَدَّعِي الْوَكَالَةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا أَيْضًا أَقَرَّ الطَّالِبُ بِالْوَكَالَةِ، أَوْ جَحَدَهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ بَيِّنَةٌ قَامَتْ عَلَى غَيْرِ الْخَصْمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ فِي شَهَادَةِ الرَّجُلِ عَلَى فِعْلٍ مَنْ أَفْعَالِ أَبِيهِ لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ اشْتَرَيَا ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ نَقَدَا الثَّمَنَ، أَوْ لَمْ يَنْقُدَاهُ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ الثَّوْبَ لَهُ فَشَهِدَ الْمُشْتَرِيَانِ لَهُ بِالثَّوْبِ، أَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّ الثَّوْبَ لَهُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَمَا لَا يَجُوزُ. الْمُشْتَرِيَانِ شِرَاءً فَاسِدًا إذَا شَهِدَا بِكَوْنِ الْمُشْتَرَى مِلْكًا لِلْمُدَّعِي بَعْدَ الْقَبْضِ لَا تُقْبَلُ، وَكَذَا لَوْ نَقَضَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا، أَوْ تَرَاضَوْا عَلَى ذَلِكَ وَالْعَيْنُ فِي يَدَيْهِمَا، فَإِنْ رَدَّا عَلَى الْبَائِعِ، ثُمَّ شَهِدَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً شِرَاءً صَحِيحًا وَتَقَابَضَا وَتَقَايَلَا الْبَيْعَ، أَوْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَقَبِلَهَا الْبَائِعُ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ الْجَارِيَةَ لَهُ فَشَهِدَ الْمُشْتَرِي وَرَجُلٌ آخَرُ أَنَّ الْجَارِيَةَ لِلْمُدَّعِي فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ هِيَ مَحْبُوسَةً بِالثَّمَنِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، أَوْ دَفَعَهَا إلَى الْبَائِعُ، وَلَوْ كَانَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ، أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ كَانَ الرَّدُّ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ، أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ، ثُمَّ شَهِدَا بِهَا لِلْمُدَّعِي مَعَ غَيْرِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِذَا حَبَسَهَا بِالثَّمَنِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَلَوْ حَبَسَهَا بِالثَّمَنِ فَمَاتَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ شَهِدَا بِالْجَارِيَةِ لِلْمُدَّعِي بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً بِعَبْدٍ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ وَجَدَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا فَرَدَّهَا بِقَضَاءٍ وَحَبَسَ الْجَارِيَةَ بِالْعَبْدِ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى الْجَارِيَةَ

بِحَضْرَةِ بَائِعِهَا فَشَهِدَ الْمُشْتَرِي مَعَ رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَهِدَ بَعْدَ مَا دَفَعَهَا إلَى بَائِعِهَا جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ هَلَكَ فِي يَدِ بَائِعِ الْجَارِيَةِ، ثُمَّ إنَّ مُشْتَرِيَ الْجَارِيَةِ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَرَدَّهَا بَعْدَ الْقَبْضِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي صَحَّ رَدُّهُ وَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهَا بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، فَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى الْجَارِيَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَشَهِدَ الْمُشْتَرِي مَعَ آخَرَ أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي جَازَتْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا وَتَبَرَّأَ الْبَائِعُ مِنْ عُيُوبِهِ فَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَدَلَّسَ الْعَيْبَ الَّذِي بِهِ فَخَاصَمَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ فِيهِ فَشَهِدَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَرَجُلٌ آخَرُ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ بِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ قَالَ: أَقْبَلُ شَهَادَةَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فِي رَدِّهِ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي، وَلَا أَقْبَلُ فِي تَبَرُّئِهِ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَشَهِدَ الْبَائِعُ لِلْمُدَّعِي بِمَا ادَّعَى مِنْ الشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٌ يَجْحَدُ فَشَهِدَ لَهُ الْبَائِعُ لَمْ تُقْبَلْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْبَائِعُ إذَا شَهِدَ لِغَيْرِهِ بِمَا بَاعَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَكَذَا الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. جَارِيَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ فُلَانٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَأَنَّ فُلَانًا ذَلِكَ اشْتَرَاهَا مِنْكَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهَا قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنِّي وَأَنْكَرَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَشَهِدَ ابْنَا الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ بِذَلِكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى أَبِيهِمَا، وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِالْبَيْعِ، وَإِذَا قُبِلَتْ قُضِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقُضِيَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ يَدَّعِي ذَلِكَ وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يُنْكِرُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَكَانَتْ الْجَارِيَةُ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي، وَلَا يُقْضَى لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِشَيْءٍ، وَلَا يَكُونُ لِذِي الْيَدِ أَنْ يَحْبِسَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ مِنْهُ سَوَاءٌ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْآخَرُ أَنَّهُ قَبَضَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَصَدَّقَهُ صَاحِبُ الْيَدِ فِي ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ حَتَّى كَانَ الثَّمَنَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يَجْحَدُ ذَلِكَ وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ صَدَّقَ الْمُشْتَرِيَ الْآخَرَ فِيمَا قَالَ. فَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْآخَرُ أَنَّهُ قَبَضَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِإِذْنِهِ وَصَدَّقَهُ ذُو الْيَدِ فِي ذَلِكَ لَا يَكُونُ لِذِي الْيَدِ أَنْ يَحْبِسَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ، وَلَا يُعْطِيهِ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا وَلَكِنَّ الْمُشْتَرِيَ الْآخَرَ إنْ خَلَّى بَيْنَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَبَيْنَ الثَّمَنِ حَتَّى صَارَ الثَّمَنُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِتَصَادُقِ ذِي الْيَدِ وَالْمُشْتَرِي الْآخَرِ كَانَ لِذِي الْيَدِ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلَّى لَا يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ بِالتَّخْلِيَةِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْآخَرَ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْجَارِيَةَ فِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْجَارِيَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ أَلْفًا إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ اشْتَرَاهَا بِأَلْفٍ، أَوْ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِخَمْسِمِائَةِ يَحْبِسُهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ

خَمْسَمِائَةٍ، وَلَوْ تَصَادَقَ ذُو الْيَدِ وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ عَلَى شِرَاءِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَتَسْلِيمِ الْجَارِيَةِ إلَيْهِ إلَّا أَنَّهُمَا جَحَدَا شِرَاءَ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ ابْنَيْ ذِي الْيَدِ وَشَهِدَا لَهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَيَثْبُتُ الْبَيْعُ الثَّانِي، ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ يَدَّعِي الْقَبْضَ يَأْخُذُ الْأَمَةَ، وَلَا يَكُونُ لِذِي الْيَدِ حَقُّ الْحَبْسِ. وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْقَبْضَ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَأَعْتَقَهُمَا، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الثَّمَنَ كَانَ أَلْفًا وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَانَ خَمْسَمِائَةٍ فَشَهِدَ الْمُعْتَقَانِ أَنَّ الثَّمَنَ كَانَ أَلْفًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِمَا يَوْمَ قَبْضِهِمَا فَشَهِدَ هَذَانِ الْعَبْدَانِ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى قِيمَتِهِمَا يَوْمَ قَبْضِهِمَا فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ لَمْ يَخْتَلِفَا فِي الثَّمَنِ وَلَكِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدَّعِي الْإِيفَاءَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَشَهِدَ الْمُعْتَقَانِ لِلْمُشْتَرِي، أَوْ شَهِدَا أَنَّ الْبَائِعَ أَبْرَأَهُ عَنْ الثَّمَنِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ عَبْدَيْنِ وَقَبَضَهُمَا وَأَعْتَقَهُمَا وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ عَيْبٍ قَدْ أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ فَشَهِدَ الْعَبْدَانِ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ بِهِمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الرَّجُلُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَانَ لَهُ نِصْفُهُمَا فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ كَانَ وَهَبَ نِصْفَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِرَجُلٍ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهُمَا لَمْ أَقْبَلْ شَهَادَتَهُمَا. وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدٍ لِرَجُلٍ مَاتَ عَنْهَا، أَوْ أَعْتَقَهَا فَشَهِدَتْ هِيَ وَامْرَأَةٌ وَرَجُلٌ أَنَّهَا كَانَتْ بَيْنَ الْمَيِّتِ وَرَجُلٍ آخَرَ لَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَاعَ عَبْدًا، أَوْ سَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَعْتَقَهُ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَشَهِدَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ أَبَاهُمَا بَاعَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، أَوْ قَالَا: هَذَا الْعَبْدَ وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ ادَّعَى الْأَبُ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَلَكِنْ يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَالْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْأَبُ وَادَّعَتْ الْجَارِيَةُ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا، وَهُوَ غَائِبٌ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ أَمَةً لِرَجُلٍ شَهِدَ ابْنَاهَا وَهُمَا حُرَّانِ مُسْلِمَانِ أَنَّ مَوْلَاهَا أَعْتَقَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَإِنْ ادَّعَى الْمَوْلَى ذَلِكَ فَالْعِتْقُ وَاقِعٌ بِإِقْرَارِهِ فَتَمَحَّضَتْ هَذِهِ شَهَادَةً عَلَى أُمِّهِمَا بِالْمَالِ فَقُبِلَتْ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَوْلَى، فَإِنْ ادَّعَتْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ أَنْكَرَتْ تُقْبَلُ، وَإِنْ شَهِدَ ابْنَا الْمَوْلَى بِذَلِكَ، فَإِنْ ادَّعَى الْمَوْلَى لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَوْلَى قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْجَارِيَةِ غُلَامٌ، وَقَدْ شَهِدَ ابْنَا الْمَوْلَى بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى وَالْغُلَامُ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ فَاشْتَرَى ذَلِكَ الْعَبْدُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ فَاشْتَرَى ذَلِكَ الْعَبْدُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ فَمَاتَ الْمَوْلَى الْأَسْفَلُ، وَالْأَوْسَطُ وَالْأَعْلَى حَيَّانِ

فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَيِّتَ عَبْدُهُ وَأَرَادَ أَخْذَ تَرِكَتِهِ فَشَهِدَ ابْنَا الْمَوْلَى الْأَعْلَى أَنَّ الْأَوْسَطَ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ فَأَعْتَقَهُ - جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِذَا كَانَ الْمَوْلَى الْأَوْسَطُ مَاتَ أَيْضًا، وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا إلَّا الْمَوْلَى الْأَعْلَى، ثُمَّ شَهِدَ ابْنَا الْمَوْلَى الْأَعْلَى بِمَا ذَكَرْنَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى الْأَوْسَطُ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى الْأَسْفَلُ أَيْضًا، وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا إلَّا بِنْتًا لَهُ وَالْمَوْلَى الْأَعْلَى، وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَوْلَى الْأَسْفَلَ كَانَ عَبْدًا لَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَادَّعَتْ الِابْنَةُ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا، وَأَنَّ الْمَوْلَى الْأَوْسَطُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَالْمَوْلَى الْأَعْلَى يُنْكِرُ ذَلِكَ فَشَهِدَ ابْنَا الْمَوْلَى الْأَعْلَى أَنَّ الْأَوْسَطَ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنِّي أُجِيزُ شَهَادَتَهُمَا وَأَجْعَلُهُ حُرًّا مِنْ الْمَوْلَى الْأَوْسَطِ وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَ ابْنَتِهِ وَالْمَوْلَى الْأَعْلَى نِصْفَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ لِرَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهُمَا ضَمِنَا لِلْمُشْتَرِي الدَّرْكَ قَالَ: إذَا كَانَ الضَّمَانُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الضَّمَانُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَ دَارِهِ مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهُمَا كَفِيلَانِ بِالثَّمَنِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ ضَمَانُهُمَا فِي أَصْلِ الْبَيْعِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَتِمُّ بِضَمَانِهِمَا فَكَأَنَّهُمَا بَاعَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الضَّمَانُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَكَفَلَ لَهُ رَجُلَانِ بِمَا يَلْحَقُهُ فِيهَا، ثُمَّ شَهِدَ الْكَفِيلَانِ أَنَّ الْبَائِعَ انْتَقَدَ الثَّمَنَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ الْبَائِعَ أَبْرَأَهُ عَنْ الثَّمَنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ ضَمِنَ لِرَجُلٍ مَا بَاعَ فُلَانًا مِنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: الطَّالِبُ قَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا بَيْعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَجَحَدَ الضَّامِنُ ذَلِكَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ ابْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ بَايَعَهُ بَيْعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمَا جَائِزَةٌ، وَكَذَلِكَ إذَا جَحَدَ الضَّامِنُ فَشَهِدَ ابْنَاهُ أَنَّ فُلَانًا أَمَرَكَ أَنْ تَضْمَنَ عَنْهُ، وَأَنَّكَ ضَمِنْتَ عَنْهُ لِفُلَانٍ مَا بَاعَهُ، وَقَدْ بَاعَهُ بَيْعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ: شَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ وَيُؤْخَذُ بِالْأَلْفِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الَّذِي أَمَرَهُ أَنْ يَضْمَنَ عَنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّفِيعَيْنِ بِالْبَيْعِ عَلَى الْبَائِعِ الْجَاحِدِ إنْ طَلَبَا الشُّفْعَةَ، وَإِنْ سَلَّمَاهَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ جَحَدَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَادَّعَى الْبَائِعُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا أَيْضًا وَإِنْ طَلَبَا الشُّفْعَةَ، غَيْرَ أَنَّهُمَا يَأْخُذَانِهَا بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ، وَشَهَادَةُ وَلَدِ الشَّفِيعِ وَوَالِدِهِ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَتِهِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ شَهِدَ وَلَدَا الشَّفِيعِ بِالتَّسْلِيمِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا. وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَوْلَى وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ عَلَى الْبَيْعِ لِلْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ يَطْلُبَانِ الشُّفْعَةَ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِمَا بِالتَّسْلِيمِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. ذَكَرَ فِي شُفْعَةِ الْأَصْلِ إذَا شَهِدَ لِلْبَائِعِ أَوْلَادُهُ أَنَّ الشَّفِيعَ قَدْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ بَاعَ دَارًا، وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى جَاءَ شَفِيعُ الدَّارِ وَخَاصَمَ فِيهَا فَشَهِدَ ابْنَا الْبَائِعِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ سَلَّمَ الدَّارَ

لِلشَّفِيعِ بِشُفْعَتِهِ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِالثَّمَنِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا أَنَّ الشَّفِيعَ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِي الدَّارِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَهَذَا إذَا ادَّعَى الْأَبُ مَا شَهِدَا بِهِ، أَمَّا إذَا جَحَدَ مَا شَهِدَا بِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الدَّارَ مِنْ الْبَائِعِ، ثُمَّ شَهِدَ ابْنَا الْبَائِعِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي الدَّارَ إلَى الشَّفِيعِ بِشُفْعَتِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ ادَّعَى الْبَائِعُ مَا شَهِدَا بِهِ أَوْ جَحَدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ لَوْ شَهِدَ ابْنَا الْبَائِعِ أَنَّ الشَّفِيعَ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ جَازَ، وَلَوْ شَهِدَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ لَمْ تَجُزْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا بَاعَ الرَّجُلُ دَارًا، وَعَبْدُهُ الْمَأْذُونُ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ شَفِيعُهَا فَشَهِدَ ابْنَا الْمَوْلَى أَنَّ الْعَبْدَ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ الْمَوْلَى الْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ، وَالْمَوْلَى شَفِيعُهَا فَشَهِدَ ابْنَا الْمَوْلَى عَلَى الْعَبْدِ أَنَّهُ سَلَّمَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ لِلْمَوْلَى لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا بَاعَ الْمَوْلَى دَارِهِ، وَمُكَاتَبُهُ شَفِيعُهَا، فَإِنْ شَهِدَ ابْنَا الْمَوْلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ. قِيلَ: تَأْوِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدَّارَ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدُ، أَمَّا إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالشَّهَادَةُ تُقْبَلُ لِخُلُوِّهَا عَنْ التُّهْمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ الْمُكَاتَبَ، وَمَوْلَاهُ شَفِيعُهَا وَالدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ، فَإِنْ شَهِدَ ابْنَا الْمَوْلَى أَنَّهُ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَانَ لِلدَّارِ شَفِيعَانِ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ أَحَدَهُمَا سَلَّمَ الشُّفْعَةَ، وَلَا يَعْلَمَانِ أَيُّهُمَا هُوَ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الشُّفَعَاءُ ثَلَاثَةً فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدِهِمْ أَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ، وَقَالَا: قَدْ سَلَّمْنَا مَعَهُ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ، وَإِنْ قَالَا: نَحْنُ نَطْلُبُهَا فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَا: سَلَّمْنَا مَعَهُ وَلِابْنِ أَحَدِهِمَا أَوْ لِأَبِيهِ، أَوْ لِمُكَاتَبِهِ، أَوْ لِزَوْجَتِهِ شُفْعَةً فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي. أَحَدُ الْوَرَثَةِ إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ، ثُمَّ شَهِدَ هُوَ وَرَجُلٌ آخَرُ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ وَتُسْمَعُ شَهَادَةُ هَذَا الْمُقِرِّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَهَادَةُ الْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ بِدَيْنٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا، أَوْ كِبَارًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي كِتَابِ الْإِيصَاءِ فِي النَّوْعِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ. وَلَوْ شَهِدَ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ شَهِدَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمَيِّتِ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ صَغِيرًا لَا تَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَ بَالِغًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا جَازَتْ، وَلَوْ شَهِدَ لِلْكَبِيرِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ تُقْبَلُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ شَهِدَ لِلْوَارِثِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ جَمِيعًا فِي غَيْرِ مِيرَاثٍ لَمْ تَجُزْ، وَلَوْ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ عَلَى إقْرَارِ الْمَيِّتِ بِدَارٍ مُعَيَّنَةٍ لِوَارِثٍ بَالِغٍ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْوَصِيُّ إذَا عُزِلَ فَشَهِدَ لِلْمَيِّتِ، أَوْ لِلْيَتِيمِ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ يُخَاصَمْ، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. وَلَوْ أَنَّ الْوَصِيَّ لَمْ يَقْبَلْ الْوِصَايَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَلَمْ يَرُدَّ حَتَّى شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي فَالْقَاضِي يَقُولُ لَهُ أَتَقْبَلُ الْوِصَايَةَ أَمْ تَرُدُّهَا، فَإِنْ قَبِلَ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ رَدَّ أَمْضَى شَهَادَتَهُ، وَإِنْ سَكَتَ، وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِشَيْءٍ تَوَقَّفَ الْقَاضِي فِي شَهَادَتِهِ هَكَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. الْغَرِيمَانِ اللَّذَانِ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ إذَا شَهِدَا

بِالْوِصَايَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ، أَوْ الْوِرَاثَةِ إنْ كَانَ الْخَصْمُ جَاحِدًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ يَدَّعِي ذَلِكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْتُ ظَاهِرًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَالْغَرِيمَانِ اللَّذَانِ لَهُمَا عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ إذَا شَهِدَا بِالْوِرَاثَةِ، أَوْ الْوِصَايَةِ، أَوْ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ غَيْرَ ظَاهِرٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ ظَاهِرًا، فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ لَا يَدَّعِي ذَلِكَ فَكَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ يَدَّعِي ذَلِكَ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا. وَالْوَارِثَانِ إذَا شَهِدَا بِالْمُوصَى إلَيْهِ وَكَانَ الْمَوْتُ غَيْرَ ظَاهِرٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ طَالِبًا لِذَلِكَ، أَوْ كَانَ جَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ ظَاهِرًا وَكَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ طَالِبًا لِذَلِكَ تُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا وَالْمُوصَى إلَيْهِمَا إذَا شَهِدَا بِوَصِيٍّ آخَرَ مَعَهُمَا، فَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ غَيْرَ ظَاهِرٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ ظَاهِرًا وَكَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ طَالِبًا لِذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا اسْتِحْسَانًا وَالْمُوصَى لَهُمَا إذَا شَهِدَا بِالْمُوصَى إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ ظَاهِرًا وَالْمَشْهُودُ لَهُ يَطْلُبُ ذَلِكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ غَيْرَ ظَاهِرٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلَيْنِ شَهِدَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى أَبِينَا وَوَرَثَةُ الْمَيِّتِ يُقِرُّونَ ذَلِكَ أَوْ يُنْكِرُونَ، فَإِنْ كَانَ أَبُوهُمَا يَدَّعِي الْوِصَايَةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ جَحَدَ الْوِصَايَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى هَذَا الرَّجُلِ وَقُضِيَ بِهِ، ثُمَّ شَهِدَ الْغَرِيمَانِ، أَوْ الْوَارِثَانِ، أَوْ الْمُوصَى لَهُمَا بِالْإِيصَاءِ إلَى رَجُلٍ آخَرَ، وَهُوَ يَدَّعِي ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْكَافِي. ، وَلَوْ شَهِدَا قَبْلَ الْقَضَاءِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ وَأَوْصَى إلَى هَذَا الثَّانِي قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا إذَا كَانَ الثَّانِي يَدَّعِي ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ قَيِّمَتُهُمْ سَوَاءٌ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِهَذَا الْعَبْدِ لِهَذَا الرَّجُلِ وَقَضَى بِالْعَبْدِ لَهُ وَشَهِدَ الْوَارِثَانِ بِغَيْرِهِ لِرَجُلٍ آخَرَ رُدَّتْ، وَإِنْ شَهِدَا لِلثَّانِي قَبْلَ الْقَضَاءِ تُقْبَلُ وَالْعَبْدُ لِلثَّانِي إنْ ذَكَرَا الرُّجُوعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى، وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا الرُّجُوعَ فَلِكُلٍّ نِصْفُ عَبْدِهِ هَذَا إذَا شَهِدَا لِلثَّانِي بِعَبْدٍ آخَرَ، فَإِنْ شَهِدَا بِعَيْنِ الْعَبْدِ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي بَعْدَ الْقَضَاءِ وَذَكَرَا الرُّجُوعَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الرُّجُوعِ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِالْوَصِيَّةِ لِلثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا الرُّجُوعَ لَا تُرَدُّ وَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا فِيهِمَا نِصْفَيْنِ هَذَا إذَا شَهِدَا بِالْوَصِيَّةِ لِلثَّانِي، فَإِنْ شَهِدَا بِالْعِتْقِ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْوَصِيَّةِ لِلْأَوَّلِ بِالْعَبْدِ، أَوْ بِالثُّلُثِ رُدَّتْ سَوَاءٌ شَهِدَا بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ آخَرَ، أَوْ بِذَلِكَ الْعَبْدِ ذَكَرَا الرُّجُوعَ، أَوْ لَمْ يَذْكُرَا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَكِنْ يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَتَجِبُ السِّعَايَةُ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ لِلْأَوَّلِ، ثُمَّ شَهِدَ الْوَارِثَانِ بِالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ لِلْآخَرِ بَعْدَ الْقَضَاءِ لِلْأَوَّلِ، وَلَمْ يَذْكُرَا الرُّجُوعَ تُقْبَلُ، وَإِنْ ذَكَرَا الرُّجُوعَ تُقْبَلُ عَلَى الْوَصِيَّةِ دُونَ الرُّجُوعِ، وَقِسْمَةُ الْقَاضِي وَتَسْلِيمُهُ كَقَضَائِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرَا الرُّجُوعَ وَلَكِنْ شَهِدَا بَعْدَ قِسْمَةِ الْقَاضِي الْمَالَ

بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ تُرَدُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَقْضَ قِسْمَةِ الْقَاضِي وَقِسْمَتُهُ قَضَاؤُهُ، وَكَذَا إنْ أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهٍ، أَوْ بِهَذَا الْعَبْدِ لِفُلَانٍ وَقَضَى بِهِ، ثُمَّ إنَّهُ شَهِدَ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ، أَوْ بِذَلِكَ الْعَبْدِ، أَوْ بِعَبْدٍ آخَرَ لَا تُقْبَلُ، وَكَذَا إنْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِدَيْنِ رَجُلٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَقُضِيَ بِهِ، ثُمَّ شَهِدَ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ بِالدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ لِرَجُلٍ آخَرَ، وَلَمْ تَفِ التَّرِكَةُ بِهِمَا لَا تُقْبَلُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْقَضَاءُ لِلْأَوَّلِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالدَّيْنِ لِلثَّانِي، وَلِهَذَا يَتَحَاصَّانِ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ لِلثَّانِي قَبْلَ الْقَضَاءِ لِلْأَوَّلِ تُقْبَلُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إلَّا إذَا أَقَرَّ الْوَارِث بِالثُّلُثِ، أَوْ بِالْعَبْدِ أَوْ بِالدَّيْنِ لِلْأَوَّلِ وَسَلَّمَ إلَى الْأَوَّلِ مَا أَقَرَّ بِهِ، ثُمَّ شَهِدَ بِهِ لِلثَّانِي لَا تُقْبَلُ، وَكَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلثَّانِي إذَا وُجِدَ التَّسْلِيمُ إلَى الْأَوَّلِ مِنْ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ شَهِدَ الْوَارِثُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ بِالثُّلُثِ وَصِيَّةً لِرَجُلٍ، ثُمَّ شَهِدَ بِالثُّلُثِ وَصِيَّةً لِرَجُلٍ آخَرَ قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا سَوَاءٌ شَهِدَ لِلثَّانِي قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي لِلْأَوَّلِ، أَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ. رَجُلَانِ شَهِدَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِهَذَا الرَّجُلِ، ثُمَّ شَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ رَجَعَ عَنْ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ لِوَارِثِهِ فُلَانٍ، وَأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ وَجَمِيعَ الْوَرَثَةِ أَجَازُوا ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَشَهَادَةُ الْوَارِثَيْنِ جَائِزَةٌ وَالثُّلُثُ لِذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ، وَعَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَهَادَةُ الْوَارِثَيْنِ عَلَى الرُّجُوعِ بَاطِلَةٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَأَخًا وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ ابْنُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَشَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُهُ لَا يَعْلَمُونَهُ تَرَكَ وَارِثًا غَيْرَهُ وَقُضِيَ لَهُ بِالْمَالِ فَأَقَرَّ الِابْنُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى لِلشَّاهِدَيْنِ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ أَقَرَّ لَهُمَا بِدَيْنٍ قَالَ: لَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُمَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُمَا بِذَلِكَ بَعْدَمَا شَهِدَا قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى لِفُقَرَاءِ جِيرَانِهِ بِشَيْءٍ وَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ وَصِيَّتَهُ فَشَهِدَ عَلَى الْوَصِيَّةِ رَجُلَانِ مِنْ جِيرَانِهِ لَهُمَا أَوْلَادٌ يَحْتَاجُونَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا أَصْلًا كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُمَا وَفُلَانَةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَإِذَا وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ جِيرَانِهِ فَشَهِدَ بِذَلِكَ فَقِيرَانِ مِنْ جِيرَانِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ فَخْرُ الدِّينِ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ لَهُ أَوْلَادٌ يَجْتَاحُونَ فِي جِوَارِ الْمُوصِي إذَا كَانَ الْجِيرَانُ مِمَّنْ يُحْصَوْنَ وَمَا ذُكِرَ فِي الْوَقْفِ فَتَأْوِيلُهُ إذَا كَانَ فُقَرَاءُ الْجِيرَانِ لَا يُحْصَوْنَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِفُقَرَاءِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُمَا فَقِيرَانِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْ وَلَدٌ لَهُمَا فَقِيرٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ لَهُمَا، وَلَا لِغَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَا غَنِيَّيْنِ، وَلَا وَلَدَ لَهُمَا فَقِيرٌ جَازَتْ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى مَكْتَبٍ فِي قَرْيَةٍ، وَعَلَى مُعَلِّمِ ذَلِكَ الْمَكْتَبِ فَغَصَبَ رَجُلٌ هَذَا الْوَقْفَ فَشَهِدَ بَعْضُ أَهْلِ الْقَرْيَة أَنَّ هَذَا وَقْفُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى مَكْتَبِ كَذَا وَلَيْسَ لِهَؤُلَاءِ الشُّهُودِ أَوْلَادٌ فِي الْمَكْتَبِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ صِبْيَانٌ فِي الْمَكْتَبِ فَكَذَلِكَ هُوَ الْأَصَحُّ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لِلْمَسْجِدِ بِشَيْءٍ، وَكَذَا شَهَادَةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى وَقْفِيَّةِ وَقْفٍ عَلَى مَدْرَسَةِ

كَذَا وَالشُّهُودُ مِنْ تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ تُقْبَلُ، وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَذَا مُصْحَفٌ وُقِفَ عَلَى هَذَا الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لِمَسْجِدِ حَيِّهِ وَأَنْكَرَ وَرَثَتُهُ ذَلِكَ فَشَهِدَ بِذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَسْجِدِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَكَذَا إذَا شَهِدُوا عَلَى وَقْفِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، أَوْ عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَهُمَا مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ شَهِدَ بَعْضُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِزِيَادَةِ الْخَرَاجِ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ خَرَاجُ كُلِّ أَرْضٍ مُعَيَّنًا، أَوْ لَا خَرَاجَ لِلشَّاهِدِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ أَهْلُ الْقَرْيَةِ، أَوْ أَهْلُ السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ شَهِدُوا عَلَى قِطْعَةِ أَرْضٍ أَنَّهَا مِنْ قَرْيَتِهِمْ، أَوْ سَكَنِهِمْ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَتْ نَافِذَةً إنْ ادَّعَى لِنَفْسِهِ حَقًّا لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ قَالَ: لَا آخُذُ شَيْئًا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلَانِ فِي أَيْدِيهمَا مَالٌ وَدِيعَةً لِرَجُلٍ فَادَّعَاهُ رَجُلٌ فَشَهِدَ الْمُودَعَانِ بِذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ سِوَى هَذَيْنِ الْمُودَعَيْنِ، ثُمَّ شَهِدَ الْمُودَعَانِ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ لِلْمُودِعِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ قَائِمَةً، أَوْ مُسْتَهْلَكَةً، وَلَوْ أَنَّهُمَا كَانَا رَدَّا الْوَدِيعَةَ عَلَى الْمُودِعِ، ثُمَّ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ مِلْكُ الْمُودِعِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا شَهِدَ الْمُودِعُ أَنَّ الَّذِي أَوْدَعَهُ أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدٌ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَكَذَلِكَ الْعَارِيَّةُ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّ الَّذِي اسْتَوْدَعَهَا أَوْ أَعَادَهَا بَاعَهَا مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ، وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ وَدِيعَةً فِي أَيْدِي رَجُلَيْنِ شَهِدَا أَنَّ الْمَوْلَى كَاتَبَهُ، أَوْ دَبَّرَهُ، أَوْ أَعْتَقَهُ وَالْعَبْدُ يَعِي ذَلِكَ جَازَ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ خُرُوجٌ عَنْ مِلْكٍ إلَى غَيْرِ الْمِلْكِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ فِي أَيْدِيهمَا رَهْنٌ لِرَجُلَيْنِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى الرَّهْنَ فَشَهِدَ لَهُ الْمُرْتَهِنَانِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ شَهِدَ الرَّاهِنَانِ لِغَيْرِهِمَا بِالرَّهْنِ وَالْمُرْتَهِنُ يُنْكِرُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّاهِنَيْنِ إلَّا أَنَّ الرَّاهِنَيْنِ يَضْمَنَانِ قِيمَةَ الرَّهْنِ لِلْمُدَّعِي، وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ جَارِيَةً فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنَيْنِ وَقِيمَتُهَا مِثْلُ الدَّيْنِ، أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَشَهِدَ بِهَا الْمُرْتَهِنَانِ لِلْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الرَّاهِنَيْنِ وَيَضْمَنَانِ قِيمَةَ الرَّهْنِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُمَا أَقَرَّا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَنَّهُمَا كَانَا غَاصِبَيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِكَوْنِ الْمَرْهُونِ مِلْكَ الرَّاهِنِ لَا تُقْبَلُ قَائِمًا كَانَ، أَوْ هَالِكًا إلَّا إذَا شَهِدَا بَعْدَ مَا رُدَّ الرَّهْنُ عَلَى الرَّاهِنِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ شَهِدَ الْغَاصِبَانِ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ وَبَعْدَ الرَّدِّ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ شَهِدَا بَعْدَ هَلَاكِ الْمَغْضُوبِ فِي أَيْدِيهمَا لَا تُقْبَلُ سَوَاءٌ قَضَى الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ، أَوْ لَمْ يَقْضِ وَسَوَاءٌ دَفَعَا الْقِيمَةَ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، أَوْ لَمْ يَدْفَعَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَ الْمُسْتَقْرِضَانِ بِكَوْنِ الْمُسْتَقْرَضِ مِلْكَ الْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ لَا قَبْلَ الدَّفْعِ، وَلَا بَعْدَهُ، وَكَذَا لَوْ رَدَّ عَيْنَهُ؛ لِأَنَّ رَدَّ عَيْنِهِ وَمِثْلَهُ سَوَاءٌ وَشَهَادَةُ الْغَرِيمَيْنِ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِمَا أَنَّ الدَّيْنَ لِلْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ، وَكَذَا لَوْ قَضَيَا الدَّيْنَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ عَلَيْهِ دَيْنٌ شَهِدَ رَجُلَانِ مِنْ غُرَمَاءِ

الْعَبْدِ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ وَالْمَوْلَى يُنْكِرُ فَإِمَّا أَنْ يَخْتَارَ الشَّاهِدَانِ اتِّبَاعَ الْمَوْلَى بِتَضْمِينِهِمَا الْقِيمَةَ إيَّاهُ، أَوْ يَخْتَارَانِ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ، فَإِنْ اخْتَارَا التَّضْمِينَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ أَبْرَآهُ عَنْ الْقِيمَةِ وَاخْتَارَا اتِّبَاعَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بِدَيْنِهِمَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. تَجُوزُ شَهَادَةُ رَبِّ الدَّيْنِ لِمَدْيُونِهِ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ، وَلَوْ شَهِدَ لِمَدْيُونِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِمَالٍ لَمْ تُقْبَلْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاسِمَيْنِ عَلَى قِسْمَتِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَاسِمَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. لَوْ أَنَّ الْقَاسِمَيْنِ حَزَرَا الْأَرْضَ وَقَوَّمَاهَا، ثُمَّ عَرَضَا ذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي، ثُمَّ حَضَرَتْ الْوَرَثَةُ وَأَقَرُّوا بِالتَّحْزِيرِ وَالْقِسْمَةِ فَأَقْرَعَ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ، ثُمَّ شَهِدَا بِالْقِسْمَةِ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ مَالًا عَلَى رَجُلَيْنِ وَتَرَكَ أَخًا فَشَهِدَ الرَّجُلَانِ لِغُلَامٍ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ أَنَّهُ ابْنُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ أَجَزْتُ شَهَادَتَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ مَاتَ وَلَهُ عَلَى رَجُلَيْنِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَشَهِدَ الْغَرِيمَانِ لِرَجُلٍ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ وَشَهِدَ آخَرَانِ سِوَاهُمَا لِرَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ وَوَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِشَهَادَةِ الْغَرِيمَيْنِ، فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الْأَخِ شَهِدُوا أَوَّلًا وَقَضَى الْقَاضِي لِلْأَخِ، ثُمَّ شَهِدَ الْغَرِيمَانِ لِرَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْغَرِيمَيْنِ، وَكَذَا لَوْ قَضَيَا الدَّيْنَ لِلْأَخِ بِأَمْرِ الْقَاضِي، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، ثُمَّ شَهِدَا لِلِابْنِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا لَوْ صَارَفَاهُ عَلَى دَنَانِيرَ، أَوْ كَانَ الْأَخُ وَهَبَ لَهُمَا الْمَالَ عَلَى عِوَضٍ، أَوْ كَانَا اشْتَرَيَا مِنْ الْأَخِ جَارِيَةً مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، أَوْ تَصَدَّقَ الْأَخُ عَلَيْهِمَا بِصَدَقَةٍ عَلَى عِوَضٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الدَّيْنِ عَبْدٌ غُصِبَ فِي أَيْدِيهمَا مِنْ الْمَيِّتِ، وَلَمْ يَدْفَعَا الْعَبْدَ إلَى الْأَخِ حَتَّى شَهِدَا أَنَّهُ لِلِابْنِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ دَفَعَاهُ إلَى الْأَخِ بِقَضَاءٍ، ثُمَّ شَهِدَا لِلِابْنِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ وَدِيعَةً فِي أَيْدِيهمَا لِلْمَيِّتِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِلِابْنِ دَفَعَا الْعَبْدَ إلَى الْأَخِ، أَوْ لَمْ يَدْفَعَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ مَاتَ عَنْ أَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَتَرَكَ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ فَأَبْرَأَ الْأَخُ غَرِيمَهُ، أَوْ وَهَبَ مَا عَلَيْهِ لَهُ، أَوْ عَيْنًا مِنْ تَرِكَتِهِ، ثُمَّ شَهِدَ الْمَدْيُونُ مَعَ آخَرَ لِآخَرَ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ لَهُ فِيهِ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ بِعَوْدِ الدَّيْنِ، أَوْ رَدِّ الْهِبَةِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ لِلرُّجُوعِ فِي الْعِوَضِ، كَذَا فِي الْكَافِي. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى، ثُمَّ إنَّ هَذَا الرَّجُلَ شَهِدَ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهَا أَمَةُ هَذَا الرَّجُلِ وَالرَّجُلُ يَدَّعِيهَا فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ شَهَادَةَ الزَّوْجِ سَوَاءٌ قَالَ الْمُدَّعِي أَمَرْتُهَا بِالتَّزَوُّجِ، أَوْ قَالَ: لَمْ آمُرْهَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ، أَوْ لَمْ يَدْخُلْ دَفَعَ إلَيْهَا الْمَهْرَ، أَوْ لَمْ يَدْفَعْ، وَإِنْ قَالَ: قَدْ كُنْتُ أَمَرْتُهَا بِالتَّزَوُّجِ وَأَذِنْتُ لَهَا فِي قَبْضِ الْمَهْرِ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهَا الْمَهْرَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ دَفَعَ الْمَهْرَ إلَيْهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا، أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ حُطَّتْ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَانَتْ مُخَالِفَةً

لِأَمْرِهِ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ، ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالنِّكَاحِ عِنْدَهُ يَمْلِكُ النِّكَاحَ بِأَيِّ مَهْرٍ شَاءَ، وَعِنْدَهُمَا يَتَقَيَّدُ التَّوْكِيلُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا قَوْلَ الْكُلِّ يَحْتَاجُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ أَمْرِ الْمَوْلَى عَبْدَهُ، أَوْ أَمَتَهُ بِالتَّزَوُّجِ وَبَيْنَ أَمْرِهِ أَجْنَبِيًّا وَالْفَرْقُ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَصَرُّفُ الْمَأْمُورِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ إنَّمَا يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ إذَا انْتَفَتْ التُّهْمَةُ وَالتُّهْمَةُ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ بِالنِّكَاحِ مُنْتَفِيَةٌ وَالْعَبْدُ وَالْأَمَةُ مُتَّهَمَانِ فَلَعَلَّهُمَا تَحَمَّلَا الْغَبْنَ لِتَحْصِيلِ نَفْعٍ يَعُودُ إلَيْهِمَا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، ثُمَّ شَهِدَ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ أَنَّ الْمَرْأَةَ أَقَرَّتْ أَنَّهَا أَمَةٌ لِفُلَانٍ يَدَّعِيهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الزَّوْجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ أَعْطَاهَا مَهْرَهَا وَالْمُدَّعِي يَقُولُ كُنْتُ أَذِنْتُ لَهَا فِي النِّكَاحِ وَقَبْضِ الْمَهْرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ بِالْمَهْرِ لِأُخْتِهِمَا بِسَبَبِ تَزْوِيجِهِمَا، وَقَالَا: إنَّا زَوَّجْنَا أُخْتَنَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالزَّوْجُ يَجْحَدُ النِّكَاحَ، أَوْ قَالَ: كَانَ الْمَهْرُ خَمْسَمِائَةٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِالْمَهْرِ وَالنِّكَاحِ وَادَّعَى الْبَرَاءَةَ وَالْأَدَاءَ فَشَهِدَا بِذَلِكَ لِلزَّوْجِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَتَهُ رَجُلًا بِشَهَادَةِ ابْنَيْهِ فَشَهِدَا عِنْدَ جُحُودِ الزَّوْجِ النِّكَاحَ وَدَعْوَى الْأَبِ أَنِّي زَوَّجْتُهَا إيَّاهُ رُدَّتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً هَكَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ شَهِدُوا عَلَى الزَّوْجِ لِلْمَرْأَتَيْنِ أَنَّهُ قَالَ لِنِسَائِهِ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ لَا عَلَى طَلَاقِهِمَا، وَلَا عَلَى طَلَاقِ غَيْرِهِمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ رَجُلَانِ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا طَلَّقَ أُمَّهُمَا، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ يَدَّعِي فَلَا حَاجَةَ إلَى الشَّهَادَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ يَجْحَدُ، فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ تَدَّعِي فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ تَجْحَدُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَفِي فَتَاوَى مَوْلَانَا شَمْسِ الدِّينِ الْأُوزْجَنْدِيِّ أَنَّ الْأُمَّ إذَا ادَّعَتْ الطَّلَاقَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ مَوْلَانَا وَعِنْدِي أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ أَصَحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا مَرَّةً أُخْرَى فَشَهِدَ ابْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَتَزَوَّجَهَا ثَانِيًا قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ، فَإِنْ ادَّعَى الْأَبُ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ تَثْبُتُ الْفُرْقَةُ وَسَقَطَ جَمِيعُ الْمَهْرِ بِتَصَادُقِهَا، وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ أَنْكَرَ الْأَبُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ، أَوْ أَنْكَرَتْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا أَنَّ امْرَأَةَ أَبِيهِمَا ارْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْمَرْأَةُ تُنْكِرُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُمَا حَيَّةً وَهِيَ فِي نِكَاحِ أَبِيهِمَا لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ ادَّعَى الْأَبُ ذَلِكَ أَوْ جَحَدَ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُمَا مَيِّتَةً، فَإِنْ ادَّعَى الْأَبُ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ جَحَدَ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ، وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا خَالَعَ أُمَّهُمَا عَلَى صَدَاقِهَا لَهُ، فَإِنْ ادَّعَى الْأَبُ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ جَحَدَ الْأَبُ، فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ تَدَّعِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ تَجْحَدُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا

خَالَعَ امْرَأَتَهُ وَأُمُّهُمَا مَيِّتَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ يَدَّعِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَ يَجْحَدُ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلْتَ دَارَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، أَوْ قَالَ: إنْ مَسِسْتَ ثَوْبَهُمَا فَأَنْت حُرٌّ فَفَعَلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ فَجَاءَ الرَّجُلَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى ذَلِكَ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ كَلَّمْتُمَا عَبْدِي، أَوْ مَسِسْتُمَا ثَوْبَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَشَهِدَا أَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا وَفُلَانًا فَشَهِدَا أَنَّهَا قَدْ كَلَّمَتْهُمَا كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ كَلَّمَكَ فُلَانٌ فَأَنْت حُرٌّ فَادَّعَى فُلَانٌ أَنَّهُ كَلَّمَ الْعَبْدَ وَشَهِدَ ابْنَاهُ بِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَلَّمْت أَبَاكُمَا فَعَبْدِي حُرٌّ، وَأَنَّهُ قَدْ كَلَّمَ أَبَاهُمَا قَالَ: إنْ كَانَ الْأَبُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا مُقِرًّا بِمَا يَشْهَدَانِ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُنْكِرًا لِلْكَلَامِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى الضَّرْبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ لِرَجُلَيْنِ إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ فَمَاتَا فَشَهِدَ ابْنَاهُمَا أَنَّ أَبَوَيْهِمَا قَدْ دَخَلَا الدَّارَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ أَنْكَرَ الْأَبَوَانِ وَهُمَا حَيَّانِ جَازَتْ شَهَادَةُ الِابْنَيْنِ عَلَى دُخُولِهِمَا بِلَا خِلَافٍ، وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ شَهِدَ الِابْنُ بِهِ وَأَثْبَتَ بِشَهَادَتِهِ فِعْلًا مِنْ أَبِيهِ مِنْ نِكَاحٍ، أَوْ طَلَاقٍ، أَوْ بَيْعٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إنْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا يَدَّعِي، أَوْ كَانَ مَيِّتًا عِنْدَهُمَا، وَإِنْ كَانَ حَيًّا، وَهُوَ يُنْكِرُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْعُيُونِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ ثَلَاثًا إنْ ضَرَبَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَضَرَبَهُمَا وَسِعَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ ثَلَاثًا، وَلَا يُخْبِرَانِ كَيْفَ كَانَ، وَإِنْ أَخْبَرَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَالَ: عَبْدِي حُرٌّ إنْ ضَرَبْتُكُمَا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ سِوَاهُمَا أَنَّهُ ضَرَبَهُمَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَا إنْ أَقَرَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِضَرْبِهِمَا وَأَنْكَرَ الْيَمِينَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ دَخَلَ دَارِي هَذِهِ أَحَدٌ فَعَبْدُهُ حُرٌّ فَشَهِدَ ثَلَاثَةٌ، أَوْ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُمْ دَخَلُوهَا قَالَ الْإِمَامُ الثَّانِي إنْ قَالُوا دَخَلْنَا وَدَخَلَ هُوَ مَعَنَا تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ لَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَالَ: إنْ مَسِسْتُ جَسَدَكُمَا فَامْرَأَتُهُ كَذَا، أَوْ عَبْدُهُ حُرٌّ وَمَسَّ جَسَدَنَا لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَالَ: إنْ مَسِسْتُ ثِيَابَكُمَا وَفَعَلَ تُقْبَلُ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي لَوْ أَرَادَ الشُّهُودُ أَنْ يَشْهَدُوا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَشْهَدُونَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ مُطْلَقًا بِلَا بَيَانِ السَّبَبِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَكَذَلِكَ رَجُلٌ لَهُ شَهَادَةٌ عَلَى كِتَابِ وَصِيَّةِ مَيِّتٍ وَلَهُ فِيهِ وَصِيَّةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ عَلَى جَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ إلَّا هَذَا وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَا أَوْصَى لَهُ. وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ إذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ مَهْرَهَا فَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ نِكَاحَهَا وَكَانَ الشَّاهِدُ تَوَلَّى تَزْوِيجَهَا قَالَ: يَشْهَدُ عَلَى النِّكَاحِ، وَلَا يَذْكُرُ الْعَقْدَ عَنْ نَفْسِهِ، كَذَا فِي

فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلَيْنِ إنْ رَأَيْتُمَا هِلَالَ رَمَضَانَ فَعَبْدِي حُرٌّ فَشَهِدَا أَنَّهُمَا قَدْ أَبْصَرَاهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ أَعْتِقْ الْعَبْدَ وَأَجَزْت شَهَادَتَهُمَا عَلَى الصَّوْمِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ: عَبْدِي هَذَا حُرٌّ إنْ كَانَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ رَأَيَانِي أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَشَهِدَا، وَقَالَا: رَأَيْنَاهُ دَخَلَ لَا تُقْبَلُ حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ سِوَاهُمَا عَلَى رُؤْيَتِهِمَا. وَفِي ثَلَاثَةِ نَفَرٍ قَتَلُوا رَجُلًا عَمْدًا، ثُمَّ شَهِدُوا أَنَّهُ قَدْ عَفَا عَنَّا لَا تَجُوزُ، وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُ عَفَا عَنَّا وَعَنْ هَذَا فَإِنِّي أَقْبَلُ عَنْ هَذَا الْوَاحِدِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ فِيمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ مَمَالِيكِهِ أَنْ لَا يَسْتَقْرِضَ أَبَدًا شَيْئًا فَشَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّهُمَا أَقْرَضَاهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ طَلَبَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُقْرِضَاهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَلَفَ، وَقَالَ: إنْ اسْتَقْرَضْتُ مِنْ فُلَانٍ دَرَاهِمَ فَعَبْدِي حُرٌّ، ثُمَّ ادَّعَى فُلَانٌ عَلَيْهِ الْقَرْضَ فَشَهِدَ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْعَبْدِ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ ذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّهُ يُقْضَى بِالْمَالِ لِلْمُدَّعِي، وَلَا يُقْضَى بِالْعِتْقِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ أَنْ لَا يُقْرِضَهُمَا فَشَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُمَا جَازَتْ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَهْدِمَ دَارَ هَذَيْنِ أَوْ لَا يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمَا فَشَهِدَا عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ هَذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَجَنَى الْعَبْدُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَفَقَأَ عَيْنَهُ وَالْمَوْلَى يُنْكِرُ الْعِتْقَ فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ بِهَا، وَأَنَّ الْمُدَّعِيَ اسْتَأْجَرَهُمَا عَلَى بِنَائِهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي ذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ قَالَا: اسْتَأْجَرَنَا عَلَى هَدْمِهَا فَهَدَمْنَاهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي وَيَضْمَنَانِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ فِي يَدِهِ شَاةٌ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الشَّاةُ لِلْمَارِّ اذْبَحْ هَذِهِ الشَّاةَ فَذَبَحَهَا، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا شَاتُه اغْتَصَبَهَا مِنْهُ الَّذِي كَانَتْ فِي يَدَيْهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ أَحَدُهُمَا الذَّابِحُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الذَّابِحِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ شَيْخًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْحُضُورُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ إلَّا رَاكِبًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ دَابَّةٌ، وَلَا مَا يُسْتَكْرَى بِهِ دَابَّةٌ فَبَعَثَ الْمَشْهُودُ لَهُ إلَيْهِ دَابَّةً فَرَكِبَهَا لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ، أَوْ كَانَ يَجِدُ دَابَّةً فَبَعَثَ الْمَشْهُودُ لَهُ دَابَّةً فَرَكِبَهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ أَكَلَ الشَّاهِدُ طَعَامًا لِلْمَشْهُودِ لَهُ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ، وَقَالَ: الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجَوَابُ فِي الرُّكُوبِ مَا قَالَ، أَمَّا فِي الطَّعَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَشْهُودُ لَهُ هَيَّأَ طَعَامًا لِلشَّاهِدِ بَلْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامٌ فَقَدَّمَهُ إلَيْهِمْ وَأَكَلُوهُ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ هَيَّأَ لَهُمْ طَعَامًا فَأَكَلُوهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ هَذَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ جَمَعَ النَّاسَ لِلِاسْتِشْهَادِ وَهَيَّأَ لَهُمْ طَعَامًا، أَوْ بَعَثَ إلَيْهِمْ دَوَابَّ وَأَخْرَجَهُمْ مِنْ الْمِصْرِ فَرَكِبُوا وَأَكَلُوا طَعَامَهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الرُّكُوبِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَتُقْبَلُ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ

الباب الخامس فيما يتعلق بالمحدود في الشهادة على المحدود

وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ فِيهِمَا الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ خُصُوصًا فِي الْأَنْكِحَةِ فَإِنَّهُمْ يَبْذُلُونَ السُّكَّرَ وَالْجَلَّابَ وَيَنْشُرُونَ الدَّرَاهِمَ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَدْحًا فِي الشَّهَادَةِ لَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَا يُحْسِنُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةَ فَأَمَرَ الْقَاضِي رَجُلَيْنِ فَعَلَّمَاهُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةَ، ثُمَّ شَهِدَا عَلَى تِلْكَ الدَّعْوَى جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا إنْ كَانَا عَدْلَيْنِ، وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي بَلْ هُوَ جَائِزٌ فِيمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُصُومَةِ، وَلَا يُحْسِنُ الدَّعْوَى خُصُوصًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. نَصَّ فِي الْخُلَاصَةِ شَهَادَةُ الْجُنْدِ لِلْأَمِيرِ لَا تُقْبَلُ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ، وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ تُقْبَلُ نَصَّ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ فِي حَدِّ الْإِحْصَاءِ مِائَةٌ وَمَا دُونَهُ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فَهَؤُلَاءِ لَا يُحْصَوْنَ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ لَوْ أَنَّ سَرِيَّةً رَجَعَتْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِأُسَارَى، وَقَالَتْ الْأُسَارَى نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَخَذَنَا هَؤُلَاءِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَقَالَتْ السَّرِيَّةُ أَخَذْنَاهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْأُسَارَى، فَإِنْ أَقَامَتْ السَّرِيَّةُ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُمْ إنْ كَانَ الشُّهُودُ مِنْ التُّجَّارِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ السَّرِيَّةِ لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْجُنْدِ فَشَهِدَ بَعْضُ الْجُنْدِ بِذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ السَّرِيَّةَ قَوْمٌ يُحْصَوْنَ فَكَانَتْ شَهَادَةُ الْبَعْضِ شَهَادَةً عَلَى حَقِّ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الْجَيْشُ فَجَمْعٌ عَظِيمٌ فَلَا يُعْتَبَرُ حَقُّهُمْ مَانِعًا مِنْ الشَّهَادَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَحْدُودِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَحْدُودِ] لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِحَضْرَةِ الْعَقَارِ لَا يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْحُدُودِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا ذَكَرَ الشُّهُودُ ثَلَاثَةَ حُدُودٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي. إنْ لَمْ يَكُنْ الْعَقَارُ مَشْهُورًا فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْحُدُودِ الثَّلَاثَةِ وَقَالُوا لَا نَعْرِفُ الرَّابِعَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ اسْتِحْسَانًا وَيُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي وَيُجْعَلُ الْحَدُّ الثَّالِثُ مُحَاذِيًا لِلْحَدِّ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى أَرْضًا مُثَلَّثَةً وَذَكَرَ حَدَّيْنِ لَا غَيْرَ وَالشُّهُودُ ذَكَرُوا حَدَّيْنِ لَا غَيْرَ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ذَكَرَ الْحُدُودَ الْأَرْبَعَةَ لَكِنَّ أَحَدَ الْحُدُودِ بَقِيَ مَجْهُولًا لَا يَضُرُّهُ، هُوَ وَالتَّرْكُ سَوَاءٌ، وَلَوْ غَلِطَ الشَّاهِدُ فِي أَحَدِ الْحُدُودِ لَا تُقْبَلُ هَكَذَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي مُطْلَقًا، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْبَعْضِ وَتُقْبَلُ عِنْدَ الْبَعْضِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْفَتْوَى عَلَى مَا أَوْرَدَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. . وَإِنَّمَا يَثْبُتُ غَلَطُ الشَّاهِدِ فِي ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الشَّاهِدِ أَنِّي قَدْ غَلِطْتُ فِي ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ غَلِطَ فِي الْحُدُودِ، أَوْ فِي بَعْضِهَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى

ذَلِكَ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ هَكَذَا حَكَى فَتْوَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَالشَّيْخِ الْإِمَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقْرَارَ الْمُدَّعِي بِغَلَطِ الشَّاهِدِ فِي الْحَدِّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَحُكِيَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: إذَا أَخْطَأَ الشَّاهِدُ فِي بَعْضِ الْحَدِّ، ثُمَّ تَدَارَكَ وَأَعَادَ الشَّهَادَةَ وَأَصَابَ فِي ذَلِكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عِنْدَ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ سَوَاءٌ تَدَارَكَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَتَفْسِيرُ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ صَاحِبُ الْحَدِّ فُلَانًا إلَّا أَنَّهُ بَاعَ دَارِهِ مِنْ فُلَانٍ وَنَحْنُ مَا عِلْمنَا بِهِ، أَوْ يَقُولُ كَانَ صَاحِبُ الْحَدِّ مَا قُلْنَا إلَّا أَنَّهُ سُمِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَذَا الِاسْمِ وَنَحْنُ مَا عِلْمنَا بِهِ، وَعَلَى هَذَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. شَهِدَ شُهُودٌ عَلَى رَجُلٍ بِمَحْدُودٍ وَبَيَّنُوا الْحُدُودَ وَذَكَرُوهَا وَقَالُوا إنَّا نَعْرِفُهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَشْهُودُ بِهِ فِي بَعْضِ الْقُرَى فَالْتَمَسَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ الشُّهُودَ بِالْخُرُوجِ إلَى تِلْكَ حَتَّى يُعَيِّنُوا الْمَحْدُودَ وَيُبَيِّنُوا الْحُدُودَ فَالْقَاضِي لَا يُلْزِمُ الشُّهُودَ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ لِرَجُلٍ بِدَارٍ وَقَالُوا نَعْرِفُ الدَّارَ وَنَقِفُ عَلَى حُدُودِهَا إذَا مَشَيْنَا إلَيْهَا لَكِنَّا لَا نَعْرِفُ أَسْمَاءَ الْحُدُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمَا إذَا عَدَلَا وَيَبْعَثُهُمَا مَعَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَمِينَيْنِ لَهُ لِيَقِفَ الشُّهُودُ عَلَى الْحُدُودِ بِحَضْرَةِ أَمِينَيْ الْقَاضِي، فَإِذَا وَقَفَا عَلَيْهَا، وَقَالَا: هَذِهِ حُدُودُ الدَّارِ الَّتِي شَهِدْنَا بِهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي يَرْجِعُونَ إلَى الْقَاضِي فَيَشْهَدُ الْأَمِينَانِ أَنَّهُمَا وَقَفَا عَلَى الدَّارِ وَشَهِدَا بِأَسْمَاءِ الْحُدُودِ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي الْقَاضِي بِالدَّارِ الَّتِي شَهِدَا بِهَا بِشَهَادَتِهِمَا، وَكَذَا هَذَا فِي الْقُرَى وَالْحَوَانِيتِ وَجَمِيعِ الضِّيَاعَاتِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَهَذَا أَظْهَرُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي بَلْدَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ فُلَانٍ تُلَاصِقُ دَارَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ، وَهِيَ فِي يَدِ فُلَانٍ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا لِهَذَا وَلَكِنْ لَا نَعْرِفُ حُدُودَهَا، وَلَا نَقِفُ عَلَيْهَا، فَقَالَ الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي أَنَا آتِيكَ بِشُهُودٍ آخَرِينَ يَعْرِفُونَ حُدُودَ هَذِهِ الدَّارِ وَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَنَّ حُدُودَهَا كَذَا وَكَذَا اخْتَلَفَ جَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي النُّسَخِ ذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ ذَلِكَ وَيَحْكُمُ بِهَا لِلْمُدَّعِي وَذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ، وَلَا يَحْكُمُ بِهَا لِلْمُدَّعِي، وَكَذَا الْقُرَى وَالضِّيَاعَاتُ وَالْحَوَانِيتُ وَجَمِيعُ الْعَقَارَاتِ عَلَى هَذَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ذَكَرَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي شُرُوطِهِ، وَقَالَ: اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ غَالِبًا يَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنَّهُ إذَا أَشْهَدَ الْبَائِعُ عَلَى الْبَيْعِ فِي الْبَلْدَةِ وَالْأَرْضِ، أَوْ الْكَرْمِ فِي السَّوَادِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الشُّهُودَ لَا يَعْرِفُونَ حُدُودَ الْمَبِيعِ لَكِنْ سَمِعُوا ذِكْرَ الْحُدُودِ فَيَشْهَدُونَ عَلَى تِلْكَ الْحُدُودِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَعْلَمُونَ الْحُدُودَ عَلَى الْحَقِيقَةِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْمُدَّعِي بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى أَنَّ الدَّارَ الْمُدَّعَى بِهَا عَلَى تِلْكَ الْحُدُودِ فَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِ أَمِينَيْنِ مِنْ أُمَنَائِهِ إلَى الدَّارِ حَتَّى يَتَعَرَّفَا عَلَى

حُدُودِهَا وَأَسْمَاءِ جِيرَانِهَا أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ، فَإِذَا بَعَثَهُمَا وَتَعَرَّفَا إنْ كَانَتْ حُدُودُ الدَّارِ وَأَسْمَاءُ جِيرَانِهَا تُوَافِقُ تِلْكَ الْحُدُودَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشُّهُودُ وَأَخْبَرَ الْأَمِينَانِ الْقَاضِيَ بِذَلِكَ قَضَى الْقَاضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي بِشَهَادَتِهِمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ مَشْهُورَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَشْهُورَةً بِاسْمِ رَجُلٍ نَحْوُ دَارِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ بِالْكُوفَةِ وَدَارِ الزُّبَيْرِ بِالْبَصْرَةِ وَشَهِدَ بِهَا الشَّاهِدَانِ لِإِنْسَانٍ، وَلَمْ يَذْكُرَا الْحُدُودَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتُقْبَلُ فِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ وَالضَّيْعَةُ إذَا كَانَتْ مَشْهُورَةً فَهِيَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَيْضًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ الشُّهُودُ نَحْنُ نَشْهَدُ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي كُورَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا تُلَاصِقُ مَسْجِدَ كَذَا مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي وَحَقُّهُ وَلَكِنَّا لَا نَعْلَمُ أَسْمَاءَ الْجِيرَانِ، فَقَالَ الْمُدَّعِي أَنَا آتِي بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى الْحُدُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَلْتَفِتُ إلَى هَذَا، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. الشُّهُودُ إذَا لَمْ يَعْرِفُوا الْحُدُودَ وَسَأَلُوا الثِّقَاتِ وَفَسَّرُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ تُقْبَلُ. شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّارِ وَفَسَّرُوا الْحُدُودَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا يَذْكُرُونَ إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحُدُودِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَحَدُ حُدُودِهَا لَزِيقُ أَرْضِ (ميان ديهي) لَا تَحْصُلُ الْمَعْرِفَةُ بِهَذَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ؛ لِأَنَّ ميان ديهي مَجْهُولٌ جَهَالَةً مُتَفَاحِشَةً فَالْأَرَاضِي الَّتِي غَابَ أَرْبَابُهَا أَوْ مَاتَ أَرْبَابُهَا وَلَا وَارِثَ لَهَا تُسَمَّى ميان ديهي وَكَذَلِكَ الْأَرَاضِي الَّتِي تَرَكَهَا مُلَّاكُهَا عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِالْخَرَاجِ تُسَمَّى ميان ديهي وَكَذَلِكَ الْأَرَاضِي الَّتِي تُرِكَتْ لِرَعْيِ الدَّوَابِّ وَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْقِسْمَةِ تُسَمَّى ميان ديهي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إنْ ذَكَرَ اسْمَ ذِي الْيَدِ وَنَسَبَهُ يُكْتَفَى بِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: أَحَدُ حُدُودِهَا لَزِيقُ أَرْضِ وَرَثَةِ فُلَانٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ قِيلَ: تُقْبَلُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَلَوْ قَالَ: لَزِيقُ أَرْضِ الْوَقْفِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْمَصْرِفِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: لَزِيقُ أَرْضِ الْمَمْلَكَةِ يُبَيِّنُ اسْمَ أَمِيرِ الْمَمْلَكَةِ وَنَسَبَهُ إنْ كَانَ الْأَمِيرُ اثْنَيْنِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ نَقَضَ حَائِطًا لِفُلَانٍ إنْ ذَكَرَا حُدُودَ الْحَائِطِ وَبَيَّنَا الطُّولَ وَالْعَرْضَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا قِيمَتَهُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعِنْدِي لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَذْكُرَا أَنَّهُ مِنْ الْمَدَرِ، أَوْ مِنْ الْخَشَبِ وَبَيَّنَا مَوْضِعَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ: إذَا كَانَ لِرَجُلِ بَابٌ فِي دَارِ رَجُلٍ فَأَرَادَ أَنْ يَمُرَّ فِي دَارِهِ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الدَّارِ فَصَاحِبُ الْبَابِ هُوَ الْمُدَّعِي لِلطَّرِيقِ فِي دَارِ الْغَيْرِ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُهُ بِالْبَيِّنَةِ وَرَبُّ الدَّارِ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَبِفَتْحِ الْبَابِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ فِي دَارِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُدَّعِي شَيْئًا إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ لَهُ طَرِيقًا تَامًّا فَحِينَئِذٍ الثَّابِتُ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ، وَإِنْ لَمْ يَحُدُّوا الطَّرِيقَ، وَلَمْ يُسَمُّوا أَذْرُعَ الْعَرْضِ وَالطُّولِ بَعْدَ أَنْ يَقُولُوا إنَّ لَهُ طَرِيقًا فِي هَذِهِ الدَّارِ مِنْ هَذَا الْبَابِ إلَى بَابِ الدَّارِ فَالشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ يَقُولُ تَأْوِيلُهُ إذَا شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْخَصْمِ بِذَلِكَ فَالْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ

الباب السادس في الشهادة في المواريث

صِحَّةَ الْإِقْرَارِ، فَأَمَّا إذَا شَهِدُوا عَلَى الْبَتَاتِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ وَيُجْعَلُ عَرْضُ الْبَابِ حُكْمًا فَيَكُونُ عَرْضُ الطَّرِيقِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ وَطُولُهُ إلَى بَابِ الدَّارِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى. وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا إذَا كَانَ لَهُ بَابٌ مَفْتُوحٌ مِنْ دَارِهِ عَلَى حَائِطٍ فِي زُقَاقٍ وَأَنْكَرَ أَهْلُ الزُّقَاقِ ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ مِيزَابٌ فِي دَارِ رَجُلٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا. وَكَذَا النَّهْرُ إذَا كَانَ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا زَمَانَ الْخُصُومَةِ فَحِينَئِذٍ الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ جَارِيًا زَمَانَ الْخُصُومَةِ إلَّا أَنَّهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ يَجْرِي إلَى أَرْضِ هَذَا الرَّجُلِ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا فِي الْمِيزَابِ زَمَانَ الْخُصُومَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَاءِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ لَهُ مَسِيلَ مَاءٍ فِيهَا مِنْ الْمِيزَابِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ لِمَاءِ الْمَطَرِ فَهُوَ لِمَاءِ الْمَطَرِ، وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ لِمَصَبِّ الْوُضُوءِ فِيهِ فَهُوَ لِذَلِكَ، وَإِنْ يُفَسِّرُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا فِي الْمِيزَابِ إذَا كَانَ تَصْوِيبَ سَطْحِ صَاحِبِ الْمِيزَابِ وَالتَّصْوِيبُ قَدِيمٌ يُجْعَلُ لَهُ حَقُّ تَسْيِيلِ الْمَاءِ، وَالتَّصْوِيبُ الْحُدُودُ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ (نشيب) ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا ذَكَرَ فِي الدَّعْوَى، أَوْ الشَّهَادَةِ أَحَدَ حُدُودِ الْأَرْضِ الْمُدَّعَاةِ لَزِيقُ أَرْضِ فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ فِي الْقَرْيَةِ الَّتِي فِيهَا الْأَرْضُ الْمُدَّعَاةُ أَرَاضٍ كَثِيرَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ صَحَّتْ الدَّعْوَى وَصَحَّتْ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ جَهَالَةٍ إلَّا أَنَّهَا تُحُمِّلَتْ لِلضَّرُورَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا شَهِدُوا بِمِلْكِيَّةِ أَرْضٍ وَبَيَّنُوا حُدُودَهَا وَقَالُوا هِيَ بِمِقْدَارِ خَمْسِ مَكَايِيلَ بَذْرٍ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي ذَلِكَ وَأَصَابُوا بَيَانَ الْحُدُودِ وَأَخْطَئُوا فِي بَيَانِ الْمِقْدَارِ فَظَهَرَ أَنَّهُ تَسَعُ قَدْرَ ثَلَاثَةِ مَكَايِيلَ بَذْرٍ حُكِيَ عَنْ شَمْسِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ السُّغْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: لَا تَبْطُلُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ وَأَجَابَ بَعْضُ مَشَايِخِ زَمَانِهِ بِبُطْلَانِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، وَقِيلَ: يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ شَهِدُوا بِحَضْرَةِ الْأَرْضِ الْمُدَّعَاةِ وَأَشَارُوا إلَيْهَا تُقْبَلُ، وَإِنْ شَهِدُوا بِغَيْبَةِ الْأَرْضِ لَا تَثْبُتُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ مِلْكِيَّةُ أَرْضٍ تَسَعُ فِيهَا خَمْسَةَ مَكَايِيلَ بَذْرٍ، وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْمَوَارِيثِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْمَوَارِيثِ) رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ الْمَيِّتِ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ الْمَيِّتِ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُهُمَا عَنْ السَّبَبِ، وَلَا يَقْضِي قَبْلَ السُّؤَالِ لِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا وَالْقَضَاءُ بِالْمَجْهُولِ مُتَعَذِّرٌ، فَإِنْ مَاتَ الشَّاهِدَانِ، أَوْ غَابَا قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُمَا لَا يَقْضِي بِشَيْءٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِهِ، أَوْ

أَخُوهُ، أَوْ جَدُّهُ أَوْ جَدَّتُهُ، أَوْ مَوْلَاهُ تُرَدُّ بِلَا بَيَانٍ وَذَا بِأَنْ يَقُولَا فِي الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ وَارِثُهُ وَفِي الْأَخِ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ، أَوْ لِأُمِّهِ وَوَارِثُهُ وَفِي الْجَدِّ أَبُو أَبِيهِ، أَوْ أَبُو أُمِّهِ وَفِي الْجَدَّةِ أُمُّ أُمِّهِ، أَوْ أُمُّ أَبِيهِ وَفِي الْمَوْلَى مُعْتَقُهُ، أَوْ مُعْتَقَتُهُ وَوَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ عَمُّهُ، أَوْ ابْنُ عَمِّهِ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَنْسُبُوا الْمَيِّتَ وَالْوَارِثَ حَتَّى يَلْتَقِيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَبَيَّنُوا أَنَّهُ عَمُّهُ، أَوْ ابْنُ عَمِّهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَأَنَّهُ وَارِثُهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَفِي الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ ابْنُهُ، أَوْ بِنْتُهُ، أَوْ أُمُّهُ أَوْ أَبُوهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَوْلِهِ وَوَارِثُهُ، كَذَا فِي الْكَافِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اسْمِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ وَوَارِثُهُ، وَلَمْ يُسَمُّوا الْمَيِّتَ تُقْبَلُ بِدُونِ ذِكْرِ اسْمِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ هَذَا الْمَيِّتَ، وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ عَصَبَةُ الَّذِي أَعْتَقَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا مَا لَمْ يُبَيِّنَا سَبَبَ الْعُصُوبَةِ أَنَّهُ ابْنُ الَّذِي أَعْتَقَ، أَوْ أَبُوهُ أَوْ أَخُوهُ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِوِرَاثَةِ رَجُلٍ وَبَيَّنُوا سَبَبَهَا، وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَيْهِ فَالشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ إلَى الْمَشْهُودِ لَهُ لِلْحَالِ بَلْ يَتَلَوَّمُ زَمَانًا لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ وَارِثٌ آخَرُ لِلْمَيِّتِ مُزَاحِمٌ لِلْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا شَهِدُوا بِوِرَاثَتِهِ وَبَيَّنُوا سَبَبَهَا وَقَالُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا آخَرَ فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ وَيَدْفَعُ الْقَاضِي الْمَالَ إلَيْهِ لِلْحَالِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ وَقَوْلُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَى هَذَا لَيْسَ مِنْ صُلْبِ الشَّهَادَةِ بَلْ هُوَ لِإِسْقَاطِ مُؤْنَةِ التَّلَوُّمِ عَنْ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَا: لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قُبِلَ اسْتِحْسَانًا وَحُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَا: لَا وَارِثَ لَهُ بِأَرْضِ كَذَا تُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ثُمَّ الشُّهُودُ إذَا شَهِدُوا عَلَى وِرَاثَةِ شَخْصٍ وَبَيَّنُوا سَبَبَهَا، وَهَذَا الشَّخْصُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمَالِ، وَلَا يَصِيرُ مَحْجُوبًا بِغَيْرِهِ كَالِابْنِ وَالِابْنَةِ وَالْأَبِ إنْ قَالُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَالْقَاضِي يَدْفَعُ جَمِيعَ الْمَالِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُهُ، وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى هَذَا فَالْقَاضِي لَا يَدْفَعُ جَمِيعَ الْمَالِ إلَيْهِ لِلْحَالِ بَلْ يَتَلَوَّمُ زَمَانًا يَقَعُ فِي غَالِبِ رَأْيِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ لَظَهَرَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا شَهِدَا أَنَّهُ زَوْجُهَا، أَوْ شَهِدَا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ دَفَعَ إلَى الزَّوْجِ النِّصْفَ وَإِلَى الْمَرْأَةِ الرُّبْعَ، وَأَمَّا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ زَوْجُهَا، أَوْ شَهِدَا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَلَمْ يَزِيدَا عَلَى هَذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَبْلَ التَّلَوُّمِ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ أَكْثَرُ النَّصِيبَيْنِ، وَأَمَّا إذَا تَلَوَّمَ زَمَانًا، وَلَمْ يَظْهَرْ وَارِثٌ آخَرُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي دَعْوَى الْأَصْلِ إنَّ الْقَاضِيَ يَدْفَعُ إلَيْهِ أَكْثَرَ النَّصِيبَيْنِ إنْ كَانَ زَوْجًا يَدْفَعُ إلَيْهِ النِّصْفَ، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً يَدْفَعُ إلَيْهَا الرُّبْعَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَدْفَعُ إلَيْهِ أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ إنْ كَانَ زَوْجًا الرُّبْعَ، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً الثُّمْنَ وَالطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْخَصَّافُ ذَكَرَ قَوْلَهُ مَعَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. شَهِدَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ

أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَوَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَقَضَى، ثُمَّ شَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ لَا تُقْبَلُ وَيَضْمَنَانِ لِلِابْنِ مَا أَخَذَ الْأَخُ، وَلَوْ شَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَوَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَغَيْرَ الْأَوَّلِ تُقْبَلُ وَيَدْخُلُ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ فِي الْمِيرَاثِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ لِلْأَوَّلِ، وَلَمْ يَغْرَمَا لِلثَّانِي شَيْئًا. شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَقَضَى، وَشَهِدَ آخَرَانِ لِلْآخَرِ أَنَّهُ ابْنُهُ يُنْقَضُ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ بِالْوِرَاثَةِ لِلْأَوَّلِ ضَرُورَةً، فَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا فِي يَدِهِ دَفَعَ إلَى الِابْنِ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَلِلِابْنِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَخَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَخَ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ رَجَعَا عَلَى الْأَخِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. شَهِدَ الرَّجُلُ أَنَّهُ جَدُّ الْمَيِّتِ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ يَقْضِي بِهِ، وَهُوَ أَحَقُّ بِالْمِيرَاثِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَجْعَلُ الْجَدَّ أَبًا لِهَذَا الَّذِي ادَّعَى الْأُبُوَّةَ، فَإِنْ قَالَ الْأَبُ لِلْقَاضِي إنَّ هَذَا الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ جَدٌّ لَيْسَ بِأَبٍ لِي فَمُرْهُ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ فَالْقَاضِي لَا يُكَلِّفُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا قَضَى بِأَنَّهُ وَارِثُ الْمَيِّتِ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَضَى بِإِرْثِهِ لَا بِالنَّسَبِ بَيَّنَ أَوْ لَا فَلَوْ بَيَّنَ وَبَرْهَنَ آخَرُ بِنَسَبٍ يَحْجُبُهُ أَوْ يُشَارِكُهُ قَبِلَ وَحَجَبَ، أَوْ شَارَكَ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ الْأَوَّلُ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَبَرْهَنَ الْآخَرُ أَنَّهُ ابْنُهُ فَالْإِرْثُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ بَرْهَنَ الثَّانِي أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ جَعَلَ لِلثَّانِي السُّدْسَ، وَالْبَاقِي لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ ذَكَرَ الْأَوَّلُ أَنَّهُ جَدُّ الْمَيِّتِ وَبَرْهَنَ الثَّانِي أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ فَالْإِرْثُ لِلثَّانِي، وَلَوْ ذَكَرَ الْأَوَّلُ أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ وَبَرْهَنَ الثَّانِي أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ جَعَلَ لِلثَّانِي خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْإِرْثِ وَلِلْأَوَّلِ السُّدُسُ، وَلَوْ بَرْهَنَ الثَّانِي أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ أَيْضًا فَالْإِرْثُ لِلثَّانِي وَالْجَوَابُ فِي الْمُعْتَقِ كَالْجَوَابِ فِي الْأَبِ وَرَدَّ بَيِّنَةَ الْأَوَّلِ عَلَى أُبُوَّتِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ لِلثَّانِي إلَّا إذَا بَرْهَنَ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى بِأَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ فَكَانَ أَوْلَى وَبَطَلَ نَسَبُ الثَّانِي، وَلَوْ بَرْهَنَ الْأَوَّلُ عَلَى أُبُوَّتِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ لِلثَّانِي اشْتَرَكَا فِي الْإِرْثِ حَتَّى لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ أَبًا وَالْحُكْمُ فِي الْوَلَاءِ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَعْتُوهًا، أَوْ صَغِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْبَيَانِ جَعَلَهُ الْقَاضِي ابْنًا لَوْ كَانَ ذَكَرًا، فَإِنْ جَاءَ الثَّانِي وَبَرْهَنَ أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ جَعَلَ لِلثَّانِي سُدُسَ الْمَالِ، وَإِنْ بَرْهَنَ أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ يَجْعَلُهُ مَحْجُوبًا بِالْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ امْرَأَةً جَعَلَهُ بِنْتًا لِلْمَيِّتِ وَجَعَلَ لَهَا جَمِيعَ الْمَالِ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ يُعْطِيهِ النِّصْفَ، وَإِنْ ذَكَرَ الثَّانِي أَنَّهُ ابْنُهُ يُعْطِيهِ الثُّلُثَيْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَمُّ الْمَيِّتِ وَوَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، ثُمَّ أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ وَوَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، ثُمَّ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَوَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ جَمِيعًا مَعًا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْمِيرَاثِ لِلِابْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا مَاتَ الرَّجُلُ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ، وَأَنَّ الْمَيِّتَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ حَتَّى الْتَقَيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ عَصَبَةُ الْمَيِّتِ وَوَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ قَضَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَصَبَةُ الْمَيِّتِ، فَإِنْ أَثْبَتَ الثَّانِي مِثْلَ

مَا أَثْبَتَهُ الْأَوَّلُ بِأَنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَالْمَيِّتُ فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ حَتَّى الْتَقَيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الثَّانِي إذَا الْتَقَيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانَا مِنْ قَبِيلَتَيْنِ بِأَنْ ادَّعَى الْأَوَّلُ أَنَّهُ مِنْ الْعَرَبِ وَادَّعَى الثَّانِي أَنَّهُ مِنْ الْعَجَمِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الثَّانِي، وَإِنْ أَثْبَتَ الثَّانِي نَسَبًا أَبْعَدَ مِنْ الْأَوَّلِ بِأَنْ أَثْبَتَ الثَّانِي أَنَّهُ ابْنُ ابْنِ عَمِّهِ فَالْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى بَيِّنَتِهِ، وَإِنْ الْتَقَيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ مِنْ قَبِيلَتَيْنِ، وَإِنْ أَثْبَتَ الثَّانِي نَسَبًا فَوْقَ الْأَوَّلِ بِأَنْ ادَّعَى الثَّانِي أَنَّ الْمَيِّتَ ابْنُهُ وَوُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَأَنَّهُ أَبُوهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ ادَّعَى الْأَبُ نَسَبَهُ مِنْ الْقَبِيلَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا ابْنُ الْعَمِّ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْأَبِ وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ الْمِيرَاثِ دُونَ النَّسَبِ حَتَّى يَبْقَى الْأَوَّلُ ابْنَ عَمٍّ لَهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ هَذَا الْأَبُ يَرِثُ الْأَوَّلُ مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَقْرَبُ مِنْهُ، وَإِنْ ادَّعَى نَسَبَهُ مِنْ قَبِيلَةٍ أُخْرَى قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الْأَبِ وَنُقِضَ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ النَّسَبِ وَالْمِيرَاثِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ إنْسَانِ أَنَّهَا لَهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ وَجَاءَ بِشُهُودٍ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ إلَى أَنْ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، أَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ يَوْمَ الْمَوْتِ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَيَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ تَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ، وَكَذَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ أَبِيهِ إلَى أَنْ مَاتَ، أَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ أَبِيهِ يَوْمَ الْمَوْتِ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَيَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَأَصَحُّ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَهُوَ سَاكِنٌ فِي هَذِهِ الدَّارِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ فِي هَذِهِ الدَّارِ، أَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ كَانَ فِي هَذِهِ الدَّارِ حَتَّى مَاتَ، أَوْ حَتَّى مَاتَ فِيهَا لَا تُقْبَلُ، وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ دَخَلَ بِهَذِهِ الدَّارِ وَمَاتَ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَهُوَ لَابِسٌ هَذَا الْقَمِيصَ، أَوْ لَابِسٌ هَذَا الْخَاتَمَ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَطْلَقَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَوَابِ فِي الْخَاتَمِ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الْهَيْثَمِ عَنْ الْقُضَاةِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْصِلُونَ وَيَقُولُونَ إنْ شَهِدُوا أَنَّ الْخَاتَمَ كَانَ فِي خِنْصَرِهِ، أَوْ بِنَصْرِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ فِي السَّبَّابَةِ، أَوْ فِي الْوُسْطَى، أَوْ فِي الْإِبْهَامِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنْ يُجْرَى عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ مَاتَ، وَهُوَ حَامِلٌ لِهَذَا الثَّوْبِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَهُوَ رَاكِبٌ هَذِهِ الدَّابَّةَ قَضَى بِالدَّابَّةِ لِلْوَارِثِ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ، أَوْ عَلَى هَذَا الْبِسَاطِ، أَوْ نَائِمٌ عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَهَذَا الثَّوْبُ مَوْضُوعٌ عَلَى رَأْسِهِ، وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ حَامِلٌ لَهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَلَا يَقْضِي لِلْوَارِثِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ هُوَ الْوَاضِعُ عَلَى رَأْسِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ تُقْبَلُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا عَلَى فِعْلٍ مِنْ الْمُوَرِّثِ فِي الْعَيْنِ عِنْدَ مَوْتِهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَشْهَدُوا بِفِعْلٍ هُوَ دَلِيلُ الْيَدِ، أَوْ بِفِعْلٍ لَيْسَ هُوَ بِدَلِيلِ الْيَدِ

فَاَلَّذِي هُوَ دَلِيلُ الْيَدِ فِي النَّقْلِيَّاتِ فِعْلٌ لَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهُ بِدُونِ النَّقْلِ كَاللُّبْسِ وَالْحَمْلِ، أَوْ فِعْلٌ يَحْصُلُ عَادَةً لِلنَّقْلِ كَالرُّكُوبِ فِي الدَّوَابِّ، وَفِي غَيْرِ النَّقْلِيَّاتِ دَلِيلُ الْيَدِ فِعْلٌ يُوجَدُ مِنْ الْمُلَّاكِ فِي الْغَالِبِ كَالسُّكْنَى فِي الدُّورِ فَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْفِعْلِ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى وُجُودِهِ مِنْ الْمُوَرِّثِ فِي الْعَيْنِ عِنْدَ مَوْتِهِ يَقْضِي بِالْمُدَّعَى لِلْمُدَّعِي وَاَلَّذِي لَيْسَ بِدَلِيلِ الْيَدِ فِي النَّقْلِيَّاتِ فِعْلٌ يَتَأَتَّى بِدُونِ النَّقْلِ، وَلَا يَحْصُلُ فِي الْغَالِبِ لِلنَّقْلِ كَالْجُلُوسِ عَلَى الْبِسَاطِ وَفِي غَيْرِ النَّقْلِيَّاتِ الَّذِي لَيْسَ بِدَلِيلِ الْيَدِ فِعْلٌ يُوجَدُ مِنْ غَيْرِ الْمُلَّاكِ فِي الْغَالِبِ كَالْجُلُوسِ وَالنَّوْمِ فِي الدَّارِ فَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْفِعْلِ إذَا قَامَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى وُجُودِهِ مِنْ الْمُوَرِّثِ فِي الْعَيْنِ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَقْضِي بِالْعَيْنِ لِلْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَ أَبِيهِ، أَوْ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ يَمْلِكُهَا، فَإِنْ جَرُّوا الْمِيرَاثَ فَقَالُوا مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَيَقْضِي لَهُ فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَجُرُّوا لَا تُقْبَلُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَتُقْبَلُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي وَيُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ، وَلَمْ يَجُرُّوا الْمِيرَاثَ إلَى الْمُدَّعِي فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ فِيهَا فَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا لِأَبِيهِ، وَلَمْ يَقُولُوا مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذَا أَيْضًا عَلَى الْخِلَافِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هَهُنَا لَا تُقْبَلُ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَضْلِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ. وَهَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا مَاتَ رَجُلٌ فَأَقَامَ وَارِثُهُ بَيِّنَةً عَلَى دَارٍ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ أَعَارَهَا، أَوْ آجَرَهَا، أَوْ أَوْدَعَهَا الَّذِي فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا، وَلَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لِفُلَانٍ ابْنِهِ هَذَا، وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، وَلَمْ يُدْرِكُوا فُلَانًا الْمَيِّتَ فَشَهَادَتُهُمْ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. هَذَا إذَا كَانَ نَسَبُ الْمُدَّعِي مَعْرُوفًا مِنْ الْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَسَبُهُ مَعْرُوفًا مِنْهُ فَشَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمَيِّتِ، وَأَنَّ فُلَانًا لِلْمَيِّتِ تَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لَهُ، وَلَمْ يُدْرِكَا الْمَيِّتَ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا الْفَصْلُ هَهُنَا وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى أُجِيزُ شَهَادَتَهُمَا فِي النَّسَبِ وَأُبْطِلُهَا فِي الْمِيرَاثِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَهِدُوا عَلَى دَارٍ فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا كَانَتْ لِفُلَانٍ جَدٌّ هَذَا الْمُدَّعِي وَخِطَّتَهُ، وَقَدْ أَدْرَكُوا الْجَدَّ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ، فَإِنْ جَرُّوا الْمِيرَاثَ بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ لِجَدِّ هَذَا الْمُدَّعِي فُلَانٍ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِأَبِي هَذَا الْمُدَّعِي، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِهَذَا الْمُدَّعِي تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يَجُرُّوا الْمِيرَاثَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَقَدُّمَ مَوْتِ الْجَدِّ عَلَى مَوْتِ الْأَبِ لَا يَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ عَلِمَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا، وَبَعْضُ

مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِجَدِّ هَذَا الْمُدَّعِي، وَلَمْ يَجُرُّوا الْمِيرَاثَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا شَهِدُوا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِجَدِّ هَذَا الْمُدَّعِي، وَلَمْ يَقُولُوا كَانَتْ لِجَدِّهِ، فَإِنْ جَرُّوا الْمِيرَاثَ تُقْبَلُ وَيَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يَجُرُّوا الْمِيرَاثَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا تُقْبَلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا تُقْبَلُ، وَلَا يَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي أَيْضًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ أَحَدٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَدْ مَاتَ أَبِي وَالْبَائِعُ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَإِنِّي لَا أُكَلِّفُهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا وَلَكِنْ أَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، فَإِنْ أَقَامَهَا أَمَرْتُهُ بِدَفْعِ الدَّارِ إلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ غَيْرِ الْبَائِعِ كَلَّفَ كِلَيْهِمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ فِي الْأَصْلِ دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ جَاءَ ابْنُ أَخِي صَاحِبِ الْيَدِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِجَدِّهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَ أَبِيهِ وَبَيْنَ عَمِّهِ هَذَا الَّذِي الدَّارُ فِي يَدَيْهِ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ وَتَرَكَ نَصِيبَهُ مِيرَاثًا لَهُ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ وَيَقْضِي بِالدَّارِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَبَيْنَ عَمِّهِ نِصْفَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِبَيِّنَةِ ابْنِ الْأَخِ حَتَّى أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ أَخَاهُ، وَهُوَ أَبُو هَذَا الْمُدَّعِي مَاتَ قَبْلَ مَوْتِ الْجَدِّ وَوَرِثَ الْجَدُّ مِنْهُ السُّدُسَ، ثُمَّ مَاتَ الْجَدُّ وَصَارَ جَمِيعُ الدَّارِ مِيرَاثًا لِي فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي يَدِ ابْنِ الْأَخِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ بَيِّنَةُ ابْنِ الْأَخِ أَوْلَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ ابْنِ الْأَخِ شَيْءٌ مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا وَفِي هَذَا الْوَجْهِ مِيرَاثُ الْجَدِّ كُلُّهُ لِلْعَمِّ وَمِيرَاثُ الْأَخِ كُلُّهُ لِابْنِ الْأَخِ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا مَاتَا مَعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَابْنِ أَخِيهِ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ قَالَ الْعَمُّ كَانَتْ بَيْنَ أَبِي وَأَخِي نِصْفَيْنِ وَصَدَّقَهُ ابْنُ الْأَخِ إلَّا أَنَّ الْعَمَّ قَالَ: مَاتَ أَخِي قَبْلَ مَوْتِ الْجَدِّ وَصَارَ النِّصْفُ الَّذِي لِأَخِي بَيْنَ الْجَدِّ وَبَيْنَكَ أَسْدَاسًا، ثُمَّ مَاتَ الْجَدُّ فَوَرِثْتُ السُّدُسَ مِنْهُ، وَقَالَ ابْنُ الْأَخِ مَاتَ الْجَدُّ أَوَّلًا وَصَارَ الَّذِي لِلْجَدِّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَبِي نِصْفَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ أَبِي فَوَرِثْتُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ، فَإِنْ حَلَفَا بَرِئَا وَصَارَ بَعْدَ الْحَلِفِ كَالْحَالِ قَبْلَهُ، وَقَبْلَ الْحَلِفِ كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكِلَ الْآخَرُ يَقْضِي لِلْحَالِفِ بِمَا نَكِلَ لَهُ صَاحِبُهُ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَحَدُهُمَا قَضَى لَهُ بِمَا شَهِدْتُ لَهُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ قَضَى بِالدَّارِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلَانِ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَأَحَدُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ ابْنُ أَخِي ذِي الْيَدِ وَوَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَلَمْ تُزَكَّ الْبَيِّنَاتُ حَتَّى مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَصَارَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ابْنِ أَخِيهِ، وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ، ثُمَّ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَتَانِ جَمِيعًا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِهَا بَيْنَهُمَا

الباب السابع في الاختلاف بين الدعوى والشهادة والتناقض بينهما وفيه فصول

نِصْفَيْنِ، وَإِنْ صَارَ ابْنُ الْأَخِ ذَا الْيَدِ فَلَوْ أَقَامَ الْأَجْنَبِيُّ الْبَيِّنَةَ عَلَى ابْنِ الْأَخِ أَنَّ الدَّارَ دَارُهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ لَمْ تُسْمَعْ، وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ زَكَّى شُهُودَ أَحَدِهِمَا بَعْدَ مَوْتِ الْعَمِّ، وَلَمْ يُزَكِّ شُهُودَ الْآخَرِ فَقَضَى بِالدَّارِ كُلِّهَا لَهُ، ثُمَّ زُكِّيَتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ لَمْ يَقْضِ لَهُ بِشَيْءٍ إلَّا إذَا أَعَادَ تِلْكَ الشُّهُودَ، أَوْ شُهُودًا أُخَرَ فَشَهِدُوا أَنَّ الدَّارَ دَارُهُ بِسَبَبِ الْإِرْثِ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي بِجَمِيعِ الدَّارِ لَهُ، فَإِنْ قَالَ الَّذِي قَضَى بِالدَّارِ لَهُ أَوَّلًا إنِّي أُعِيدُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ دَارُهُ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ، وَلَوْ أَقَامَ الْأَجْنَبِيُّ الْبَيِّنَةَ فِي حَيَاةِ الْعَمِّ وَابْنُ الْأَخِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَزُكِّيَتْ الْبَيِّنَتَانِ جَمِيعًا قَضَى بِالدَّارِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ أَنَّ ابْنَ الْأَخِ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ حَتَّى قَضَى الْقَاضِي بِهَا لِلْأَجْنَبِيِّ، ثُمَّ أَقَامَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ قَضَى بِهَا لِابْنِ الْأَخِ، وَلَوْ أَقَامَ ابْنُ الْأَخِ الْبَيِّنَةَ فِي حَيَاةِ الْعَمِّ وَالْأَجْنَبِيُّ بَعْدَ مَوْتِهِ فَزُكِّيَتْ الْبَيِّنَتَانِ يَقْضِي بِهَا لِلْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى الْعَمِّ فَمَاتَ الْعَمُّ فَوَرِثَهُ ابْنُ الْأَخِ، ثُمَّ أَحْضَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدًا آخَرَ فَزُكِّيَتْ الْبَيِّنَتَانِ يَقْضِي بِالدَّارِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَا قَضَى بِهَا بَيْنَهُمَا أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى صَاحِبِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ. وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى الْعَمِّ فَلَمَّا مَاتَ الْعَمُّ أَقَامَ الْأَجْنَبِيُّ شَاهِدًا آخَرَ فَزَكَّى شَاهِدَاهُ وَقَضَى لَهُ بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ جَاءَ ابْنُ الْأَخِ بِشَاهِدٍ آخَرَ لَا يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ أَعَادَ ابْنُ الْأَخِ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ قَضَى بِهَا لِابْنِ الْأَخِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ تُوُفِّيَ فَادَّعَى رَجُلَانِ مِيرَاثَهُ يَدَّعِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الْمَيِّتَ مَوْلَاهُ وَأَعْتَقَهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا اُدُّعِيَ، وَلَمْ يُوَقِّتُوا لِلْعِتْقِ وَقْتًا فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ وَقَّتُوا لِلْعِتْقِ وَقْتًا فَصَاحِبُ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ أَوْلَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلَانِ أَخَوَانِ لِأَبٍ فِي أَيْدِيهمَا دَارٌ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِأُمِّي مَاتَتْ وَتَرَكَتْهَا مِيرَاثًا بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي أَرْبَاعًا، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَتَرَكَ ذَلِكَ الرُّبْعَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِأَبِي مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنِي وَبَيْنَك قَالَ: آخُذُ بَيِّنَةَ الَّذِي ادَّعَى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الدَّارِ لِنَفْسِهِ، وَلَا أَقْبَلُ بَيِّنَةَ الْآخَرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَالتَّنَاقُضِ بَيْنَهُمَا وَفِيهِ فُصُولٌ] الْبَابُ السَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَالتَّنَاقُضِ بَيْنَهُمَا وَفِيمَا يَكُونُ إكْذَابًا لِلشُّهُودِ وَمَا لَا يَكُونُ. الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قُبِلَتْ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْكَنْزِ. ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي الِاتِّفَاقِ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى هُوَ الِاتِّفَاقُ فِي الْمَعْنَى، وَلَا عِبْرَةَ لِلَّفْظِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْغَصْبَ وَشَهِدَا بِالْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ تُقْبَلُ هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَالْمُوَافَقَةُ إمَّا الْمُطَابَقَةُ أَوْ كَوْنُ الْمَشْهُودِ بِهِ أَقَلَّ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَفِي هَذَا الْبَابِ فُصُولٌ) .

الفصل الأول فيما يكون المدعى به دينا

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَكُونُ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا] إذَا ادَّعَى أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ فَشَهِدُوا بِخَمْسِمِائَةٍ يَقْضِي بِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى التَّوْفِيقِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَلْفًا وَشَهِدُوا بِخَمْسِمِائَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ خَمْسَمِائَةٍ وَشَهِدَ لَهُ الشُّهُودُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إلَّا إذَا وَفَّقَ، فَقَالَ: كَانَ لِي عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا أَنَّهُ قَضَانِي خَمْسَمِائَةٍ، أَوْ أَبْرَأْته مِنْهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ الشُّهُودُ بِذَلِكَ فَتُقْبَلُ وَيَقْضِي بِالْخَمْسِمِائَةِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى التَّوْفِيقِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى خَمْسَمِائَةٍ فَشَهِدَ لَهُ الشُّهُودُ بِأَلْفٍ، فَقَالَ الطَّالِبُ إنَّمَا لِي عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ، وَقَدْ كَانَتْ أَلْفًا فَقَبَضْتُ مِنْهَا خَمْسَمِائَةٍ وَصَلَ الْكَلَامَ أَوْ فَصَلَ، فَشَهَادَتُهُمَا بِالْخَمْسِمِائَةِ جَائِزَةٌ، وَلَوْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِي إلَّا خَمْسُمِائَةٍ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ أَبْرَأَهُ، أَوْ حَلَّلَهُ وَجَاءَ بِشُهُودٍ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ صَاحِبِ الْمَالِ بِالِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الْغَرِيمَ عَنْ الْبَرَاءَةِ وَالتَّحْلِيلِ إنْ كَانَتْ بِالْإِسْقَاطِ، أَوْ الِاسْتِيفَاءِ، فَإِنْ قَالَ: كَانَتْ بِالِاسْتِيفَاءِ قُبِلَتْ، وَإِنْ قَالَ: كَانَتْ بِالْإِسْقَاطِ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ سَكَتَ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى الْبَيَانِ لَكِنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ مَا لَمْ يُوَفِّقْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ ادَّعَى الْغَرِيمُ الْإِيفَاءَ فَشَهِدَا أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ أَبْرَأَ جَازَتْ وَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْبَرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَيَكُونُ الثَّابِتُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بَرَاءَةَ الْغَرِيمِ بِالْإِسْقَاطِ لَا الْبَرَاءَةَ بِالِاسْتِيفَاءِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْغَرِيمُ كَفِيلًا كَفَلَ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَادَّعَى الْإِيفَاءَ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِالْإِبْرَاءِ كَانَ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَرْجِعَ بِدَيْنِهِ عَلَى الْأَصِيلِ، وَلَا يَكُونُ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِشَيْءٍ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ فَشَهِدَا بِالْهِبَةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ النِّحْلَةِ، أَوْ الْإِحْلَالِ، أَوْ ادَّعَى الْهِبَةَ، أَوْ الصَّدَقَةَ، أَوْ النِّحْلَةَ، أَوْ الْإِحْلَالَ فَشَهِدَا بِالِاسْتِيفَاءِ لَا تُقْبَلُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلَانِ شَهِدَا أَنَّ لِهَذَا عَلَى هَذَا أَلْفَ دِرْهَمٍ قَدْ اقْتَضَى مِنْهَا مِائَةً، وَقَالَ الطَّالِبُ لَمْ أَقْتَضِ مِنْهُ شَيْئًا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِأَلْفٍ وَيُجْعَلُ مُقْتَضِيًا لِلْمِائَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْعُيُونِ إذَا شَهِدَ الرَّجُلَانِ عَلَى آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَا أَنَّهُ قَضَاهُ خَمْسَمِائَةٍ، وَقَالَ الطَّالِبُ لِي عَلَيْهِ أَلْفٌ وَمَا قَضَانِي شَيْئًا وَالشُّهُودُ صَدَّقُوا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَلْفِ وَأَوْهَمُوا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْقَضَاءِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا إنْ عَدَلَا، وَلَوْ قَالَ: شَهَادَتُهُمْ بِالْأَلْفِ حَقٌّ وَبِالْقَضَاءِ بَاطِلٌ وَزُورٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُ نَسَبَهُمَا إلَى الْفِسْقِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَهِدَا أَنَّ لِهَذَا عَلَى هَذَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَكِنَّهُ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْهَا، وَقَالَ الْمُدَّعِي مَا أَبْرَأْته، وَقَالَ: الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَا كَانَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ، وَلَا أَبْرَأَنِي مِنْ شَيْءٍ قَالَ: إذَا لَمْ يَدَّعِ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْبَرَاءَةِ قَضَيْت عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي ذَلِكَ وَشَهِدَا أَيْضًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي بِمِائَةِ دِينَارٍ وَالْمُدَّعِي يُنْكِرُ ذَلِكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ آجَرَ دَارِهِ مِنْهُ وَقَبَضَ مَالَ الْإِجَارَةِ فَمَاتَ وَانْفَسَخَتْ

الفصل الثاني فيما إذا كان المدعى به ملكا

الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ وَطَلَبَ مَالَ الْإِجَارَةِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ الْآجِرَ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَالِ الْإِجَارَةِ تُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. شَاهِدَانِ شَهِدَا لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ جَارِيَةٍ، فَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ إنَّهُ قَدْ أَشْهَدَهُمَا هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَاَلَّذِي لِي عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ أَجَزْتُ شَهَادَتَهُمَا. قَالُوا تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ إذَا شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ مِنْ ثَمَنِ الْجَارِيَةِ فَالْمَسْأَلَةُ مَحْفُوظَةٌ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَشَهِدَ لَهُ الشُّهُودُ بِالْأَلْفِ مِنْ ضَمَانِ جَارِيَةٍ غَصَبَهَا، وَقَدْ هَلَكَتْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَبِمِثْلِهِ فِي الْإِقْرَارِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْخُلَاصَةِ وَالذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: لَمْ يُشْهِدْهُمَا لَمْ تُقْبَلْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ مِائَةَ قَفِيزِ حِنْطَةٍ بِسَبَبِ السَّلَمِ مُسْتَجْمِعًا لِشَرَائِطِهِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ مِائَةَ قَفِيزِ حِنْطَةٍ، وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى هَذَا فَقَدْ قِيلَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ادَّعَى قَرْضًا عَلَى رَجُلٍ وَشَهِدُوا أَنَّ الْمُدَّعِيَ دَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَلَمْ يَقُولُوا قَبَضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَثْبُتُ قَبْضُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ ذِي الْيَدِ إنِّي قَبَضْتُ بِجِهَةِ الْأَمَانَةِ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ بِجِهَةِ الْقَرْضِ يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْقَرْضِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ ادَّعَى دِينَارًا وَشَهِدُوا أَنَّ الْمُدَّعِيَ دَفَعَ الدِّينَارَ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. ادَّعَى الْقَرْضَ وَشَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْمَالِ تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ السَّبَبِ، وَلَوْ ادَّعَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قَرْضًا وَشَهِدُوا لَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَأَرَادَ (دادني است) لَا يَثْبُتُ الْقَرْضُ، وَلَوْ قَالَ: (دادني است) بِسَبَبِ الْقَرْضِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ دِينَارًا وَلَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِالسَّبَبِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ذَكَرَ فِي شَهَادَاتِ الْمُحِيطِ إذَا ادَّعَى الدَّيْنَ بِسَبَبِ الْقَرْضِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَشَهِدُوا لَهُ بِالدَّيْنِ الْمُطْلَقِ كَانَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَفِي شَهَادَاتِ الْمُحِيطِ أَيْضًا إذَا ادَّعَى أَلْفًا، وَقَالَ: خَمْسُمِائَةٍ مِنْهَا ثَمَنُ عَبْدٍ اشْتَرَاهُ مِنِّي وَقَبَضَهُ وَخَمْسُمِائَةٍ ثَمَنُ مَتَاعٍ اشْتَرَاهُ مِنِّي وَقَبَضَهُ وَشَهِدُوا بِخَمْسِمِائَةٍ مُطْلَقًا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَمْسِمِائَةِ، وَذِكْرُ السَّبَبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ قَالَ: وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ بِسَبَبٍ إذَا شَهِدُوا لَهُ مُطْلَقًا تُقْبَلُ وَذِكْرُ السَّبَبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكًا] إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى بِلَفْظِ الدَّارِ وَشَهِدُوا بِلَفْظِ الْبَيْتِ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ فِي عُرْفِنَا، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَالْأَظْهَرُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا ادَّعَى كُلَّ الدَّارِ فَشَهِدُوا لَهُ بِنِصْفِ الدَّارِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ وَيَقْضِي لَهُ بِالنِّصْفِ مِنْ غَيْرِ تَوْفِيقٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدُوا بِسَبَبٍ مُعَيَّنٍ تُقْبَلُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعِيَ أَتَدَّعِي الْمِلْكَ بِهَذَا السَّبَبِ

الَّذِي شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ، أَوْ تَدَّعِيهِ بِسَبَبٍ آخَرَ إنْ قَالَ: أَدَّعِيهِ بِهَذَا السَّبَبِ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ شَهَادَةَ شُهُودِهِ وَيَقْضِي لَهُ بِالْمِلْكِ، وَإِنْ قَالَ: أَدَّعِيهِ بِسَبَبٍ آخَرَ أَوْ قَالَ: لَا أَدَّعِيهِ بِهَذَا السَّبَبِ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ شَهَادَةَ شُهُودِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا وَشَهِدُوا عَلَى الْمِلْكِ بِسَبَبٍ، ثُمَّ شَهِدُوا عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، ثُمَّ شَهِدُوا عَلَى الْمِلْكِ بِسَبَبٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ لَوْ ادَّعَى النَّتَاجَ وَشَهِدُوا عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ تُقْبَلُ، وَلَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَشَهِدُوا عَلَى النَّتَاجِ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا ادَّعَى أَوَّلًا الْمِلْكَ فِي الدَّابَّةِ بِالنَّتَاجِ وَشَهِدَ لَهُ الشُّهُودُ أَنَّهَا لَهُ اشْتَرَاهَا مِنْ ذِي الْيَدِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ فَيَقُولَ نَتَجَتْ فِي مِلْكِي إلَّا أَنِّي بِعْتُهَا مِنْهُ، ثُمَّ اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ فَمَا لَمْ يَدَّعِ التَّوْفِيقَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا وَشَهِدُوا أَنَّهُ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ، أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٌ يَمْلِكُهُ، وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ مَلَكَهُ فِي الْحَالِ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَيَقْضِي بِالْعَيْنِ لِلْمُدَّعِي وَلَكِنْ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الشُّهُودَ هَلْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَهُ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ وَجَاءَ بِشُهُودٍ فَشَهِدُوا أَنَّهُ لَهُ وَلِأَخِيهِ الْغَائِبِ مِيرَاثٌ عَنْ أَبِيهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْمُنْتَقَى ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا مُؤَرَّخًا، وَقَالَ: قَبَضَهُ مِنِّي مُنْذُ شَهْرٍ وَشَهِدُوا عَلَى مُطْلَقِ الْمِلْكِ بِلَا تَارِيخٍ لَا تُقْبَلُ، وَعَلَى الْعَكْسِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُخْتَارِ. وَدَعْوَى الْمِلْكِ بِالْإِرْثِ كَدَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَالْخُلَاصَةِ. وَلَوْ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ فَلَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةٍ وَالشُّهُودُ شَهِدُوا مُنْذُ سَنَةٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ قَبَضَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ مُنْذُ شَهْرٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ لَهُ بِالْقَبْضِ مُطْلَقًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَكَذَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْقَبْضَ مُطْلَقًا وَشَهِدُوا لَهُ بِالْقَبْضِ مُنْذُ شَهْرٍ إلَّا إذَا وَفَّقَ وَقَالَ: أَرَدْتُ مِنْ الْمُطْلَقِ الْقَبْضَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ، وَقِيلَ: تُقْبَلُ فِي هَذَا مِنْ غَيْرِ تَوْفِيقٍ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. ادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ مَالِي، كَذَا قَبْضًا مُوجِبًا لِلرَّدِّ وَشَهِدَا أَنَّهُ قَبَضَهُ، وَلَمْ يَشْهَدَا أَنَّهُ قَبَضَ قَبْضًا مُوجِبًا لِلرَّدِّ تُقْبَلُ فِي أَصْلِ الْقَبْضِ فَيَجِبُ رَدُّهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَقْلًا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَكَذَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ تُقْبَلُ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ مَالِي كَذَا دِرْهَمًا قَبْضًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَشَهِدَ شُهُودُهُ أَنَّهُ قَبَضَهُ بِجِهَةِ الرِّبَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ ادَّعَى الْغَصْبَ فَشَهِدُوا عَلَى الْقَبْضِ بِجِهَةِ الرِّبَا لَا تُقْبَلُ. ادَّعَى أَنَّكَ قَبَضْتَ مِنْ مَالِي جَمَلًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَذَكَرَ قِيمَتَهُ وَشِيَتَهُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا الَّذِي هُوَ ذُو الْيَدِ قَبَضَ جَمَلًا مِنْ فُلَانٍ غَيْرِ الْمُدَّعِي تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ حَتَّى يُجْبَرَ عَلَى الْإِحْضَارِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا هَذَا غَصَبَ عَبْدَهُ وَلَكِنْ قَدْ رَدَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَاتَ عِنْدَ مَوْلَاهُ، وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ

لَمْ يَرُدَّهُ عَلَيَّ، وَإِنَّمَا مَاتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ، وَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَا غَصَبْتُهُ، وَلَا رَدَدْتُهُ عَلَيْهِ وَمَا كَانَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ أَيُّهَا الْقَاضِي قَالَ: ضَمَّنْتُهُ الْقِيمَةَ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَكَذَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ غَصَبَهُ عَبْدًا لَهُ، وَأَنَّ مَوْلَاهُ قَتَلَهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ، وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَا قَتَلْتُهُ وَلَكِنَّهُ قَدْ غَصَبَهُ وَمَاتَ عِنْدَهُ، وَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَا غَصَبْتُهُ عَبْدًا، وَلَا قَتَلَ هَذَا الْمُدَّعِي عَبْدًا لَهُ فِي يَدَيَّ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ ادَّعَى الِاسْتِهْلَاكَ وَشَهِدَ شُهُودُهُ عَلَى الْقَبْضِ تُقْبَلُ ادَّعَى أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ مِنْ مَالِي أَقْمِشَةَ كَذَا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ بَاعَ وَسَلَّمَ لِفُلَانٍ تُقْبَلُ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ بَاعَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا التَّسْلِيمَ لَا تَكُونُ شَهَادَةً عَلَى الِاسْتِهْلَاكِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَ حِمَارَهُ وَشَهِدَ شُهُودُهُ أَنَّ هَذَا الْحِمَارَ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَفِي يَدِ هَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ادَّعَى عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ مِنْ الدَّقِيقِ مَعَ النُّخَالَةِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الدَّقِيقِ مِنْ غَيْرِ نُخَالَةٍ لَا تُقْبَلُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى دَقِيقًا مَنْخُولًا فَشَهِدُوا عَلَى غَيْرِ الْمَنْخُولِ، وَلَوْ ادَّعَى النُّقْرَةَ الْجَيِّدَةَ وَبَيَّنَ الْوَزْنَ فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى النُّقْرَةِ وَالْوَزْنِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا الصِّفَةَ أَنَّهَا جَيِّدَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ، أَوْ وَسَطٌ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَيَقْضِي بِالرَّدِيءِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ذَكَرَ فِي دَعْوَى الْمُنْتَقَى دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ نِصْفَيْنِ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ وَجَحَدَ ذَلِكَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ وَادَّعَى أَنَّ كُلَّهَا لَهُ فَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشُهُودٍ شَهِدُوا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِأَبِي هَذَا الْمُدَّعِي مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ خَاصَّةً لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَالَ: إنْ لَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعِي أَنَّ النِّصْفَ خَرَجَ إلَى الَّذِي فِي يَدِهِ بِسَبَبٍ مِنْ قِبَلِهِ فَشَهَادَةُ شُهُودِهِ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ قَالَ: قَدْ كُنْتُ بِعْتُ نِصْفَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَيْعِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ مُكَذِّبًا لِشُهُودِهِ قَضَى لَهُ بِنِصْفِ الدَّارِ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ، وَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَتَهُ عَلَى أَنَّهُ بَاعَ النِّصْفَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ أَنَّهُ صَالَحَهُ مِنْ الدَّارِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ النِّصْفَ مِنْهَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَضَى بِالدَّارِ كُلِّهَا مِيرَاثًا لِلْمُدَّعِي مِنْ الْوَالِدِ وَقَضَى بِنِصْفِ الدَّارِ بَيْعًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ ادَّعَى الْبَيْعَ وَكَانَ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَإِنْ كَانَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الصُّلْحِ أَبْطَلْتُ الصُّلْحَ وَرَدَدْتُ الدَّارَ كُلَّهَا إلَى الْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمُنْتَقَى ادَّعَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ الدَّارِ مُشَاعًا وَالدَّارُ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ اقْتَسَمَاهَا وَغَابَ أَحَدُهُمَا فَخَاصَمَ الْحَاضِرَ وَفِي يَدِهِ نِصْفُهَا الْمَقْسُومُ فَشَهِدَا أَنَّ لَهُ هَذَا النِّصْفَ الْمَقْسُومَ فِي يَدِ الْحَاضِرِ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ إنْسَانٍ أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ قَالَ: هَذِهِ الْعَيْنُ لَمْ تَكُنْ لِي قَطُّ بَطَلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَلَمْ تُقْبَلْ وَيَبْطُلُ الْقَضَاءُ إنْ كَانَ قَدْ قَضَى لَهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَقُلْ قَطُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَشَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي تُقْبَلُ، وَلَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُدَّعِي، وَقَالَ الْمُدَّعِي إنَّهُ أَقَرَّ بِهَذَا لَكِنْ مَا بِعْتُ مِنْهُ يَأْخُذُهُ الْمُدَّعِي، وَكَذَا الِاسْتِيَامُ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ آجَرَهُ بِكَذَا، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ: بِعْتُهُ بِكَذَا، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْدَعَهُ، وَلَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ دَفَعَ إلَيْهِ

لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ، أَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ رَهَنَهُ تُقْبَلُ وَيَقْضِي بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ادَّعَى رَجُلٌ جَارِيَةً فِي يَدَيْ رَجُلٍ، وَقَالَ: كَانَتْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ لِي وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا لَهُ هَلْ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْكُتُبِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهَا بَعْضُهُمْ قَالَ: تُقْبَلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا تُقْبَلُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. لَوْ ادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ لَهُ وَشَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ لَهُ لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهَا لَهُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا كَانَتْ لَهُ تُقْبَلُ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَلَا يَقْضِي لِلْمُدَّعِي بِشَيْءٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى دَارًا وَاسْتَثْنَى بَيْتًا مِنْهَا وَمَدْخَلَهَا وَحُقُوقَهَا وَمَرَافِقَهَا فَشَهِدُوا بِالدَّارِ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا الْحُقُوقَ وَالْمَرَافِقَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا وَفَّقَ، وَقَالَ: كَانَ الْكُلُّ لِي إلَّا أَنِّي بِعْت الْبَيْتَ وَالْمَدْخَلَ مِنْهَا فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِدَارٍ لِرَجُلٍ، فَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ هَذَا الْبَيْتُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ لِرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ لِي فَقَدْ أَكْذَبَ شُهُودَهُ، إنْ قَالَ هَذَا قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا يَقْضِي لَهُ، وَلَا لِفُلَانٍ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ، فَقَالَ: هَذَا الْبَيْتُ لَمْ يَكُنْ لِي، وَإِنَّمَا هُوَ لِفُلَانٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَجَزْت إقْرَارَهُ لِفُلَانٍ وَجَعَلْتُ لَهُ الْبَيْتَ وَأَرُدُّ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْبَيْتِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ادَّعَى دَارًا وَبَرْهَنَ وَحَكَمَ بِالْبِنَاءِ تَبَعًا، ثُمَّ أَقَرَّ الْمَقْضِيُّ لَهُ أَنَّ الْبِنَاءَ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ بَرْهَنَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَالْبِنَاءُ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، وَلَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ فِي حَقِّ الْأَرْضِ، وَلَوْ نَصَّ الشُّهُودُ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْبِنَاءِ أَيْضًا وَاتَّصَلَ بِهِ الْقَضَاءُ، ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِالْبِنَاءِ لَهُ بَطَلَ، فَإِنْ بَرْهَنَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْبِنَاءَ لَهُ لَمْ يَقْضِ لَهُ بِهِ، كَذَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى. ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا شَهِدُوا عَلَى دَارٍ لِرَجُلٍ فَلَمَّا زُكُّوا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبِنَاءُ لِي أَنَا بَنَيْتُهُ وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الْمُدَّعِي حُضُورًا يَسْأَلُهُمْ الْقَاضِي عَنْ الْبِنَاءِ، فَإِنْ قَالُوا الْبِنَاءُ لِمُدَّعِي الدَّارِ لَا يَلْتَفِتُ الْقَاضِي إلَى قَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالُوا لَا نَدْرِي لِمَنْ الْبِنَاءُ إلَّا أَنَّا نَشْهَدُ أَنَّ الْأَرْضَ لِلْمُدَّعِي فَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِكْذَابٍ مِنْهُمْ لِشَهَادَتِهِمْ وَيَقْضِي الْقَاضِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً وَيُؤْمَرُ بِالْهَدْمِ وَتَسْلِيمِ الْأَرْضِ إلَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى الْبِنَاءِ قَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالْأَرْضِ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْمُدَّعِي وَأَتْبَعَ الْأَرْضَ الْبِنَاءَ، فَإِنْ جَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْبِنَاءَ بِنَاؤُهُ أَخَذَهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَقْضِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ شَهِدُوا بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي، ثُمَّ مَاتُوا أَوْ غَابُوا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِبِنَائِهَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْبِنَاءَ بِنَائِي أَنَا بَنَيْتُهُ لَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ وَقَضَى لِلْمُدَّعِي بِبِنَائِهَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْأَصْلِ الْأَوَّلِ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ مِنْ كِتَاب الدَّعْوَى. لَوْ شَهِدَ شُهُودُ الْمُدَّعِي أَنَّ الدَّارَ لَهُ، وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى

هَذَا، ثُمَّ مَاتُوا، أَوْ غَابُوا، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَادَّعَى بِنَاءَ هَذِهِ الدَّارِ لِنَفْسِهِ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ آخَرَانِ بِذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْأَرْضِ لِلْمُدَّعِي الَّذِي شَهِدَتْ لَهُ شُهُودُهُ بِالدَّارِ وَيَقْضِي بِالْبِنَاءِ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ نِصْفَيْنِ، فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْبِنَاءَ بِنَاؤُهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ لَمْ أَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَوْ أَنَّ شُهُودَ الْمُدَّعِي شَهِدُوا أَنَّ الْأَرْضَ لِلْمُدَّعِي وَقَالُوا لَا نَدْرِي لِمَنْ الْبِنَاءُ قَضَى بِالْأَرْضِ لَهُ وَقَضَى بِالْبِنَاءِ لِمُدَّعِي الْبِنَاءِ خَاصَّةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْأَرْضُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا النَّخِيلُ وَالْأَشْجَارُ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ إذَا لَمْ يُفَسِّرُوا فَالْقَاضِي يَقْضِي لِلْمُدَّعِي بِالْأَرْضِ وَيُتْبِعُهَا النَّخِيلَ وَالشَّجَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَهَادَةً بِالنَّخِيلِ وَالشَّجَرِ. وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدُوا أَنَّ هَذَا الْخَاتَمَ، أَوْ هَذَا السَّيْفَ لِفُلَانٍ، وَلَمْ يَذْكُرُوا الْفَصَّ وَالْحِلْيَةَ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالسَّيْفِ وَالْحِلْيَةِ وَبِالْخَاتَمِ وَالْفَصِّ لِلْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ الْحِلْيَةُ وَالْفَصُّ مَشْهُودًا بِهَا حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْفَصَّ وَالْحِلْيَةَ لَهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ قَضَى بِذَلِكَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي، أَوْ لَمْ يَقْضِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. أَمَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ وَابْنَتُهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ أَنَّ الْجَارِيَةَ لَهُ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْجَارِيَةِ لَهُ لَا يَكُونُ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الِابْنَةَ بِذَلِكَ الْقَضَاءِ، وَبِمِثْلِهِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا فِي يَدِهِ نَخْلَةٌ وَثَمَرَتُهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ جَاءَ رَجُلٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الَّذِي فِي يَدِهِ النَّخْلَةُ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِهَا كَانَ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَرَةَ بِذَلِكَ الْقَضَاءِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رَجُلٍ بِجَارِيَةٍ فِي يَدَيْهِ أَنَّهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِهَا، ثُمَّ غَابَ الشَّاهِدَانِ، أَوْ مَاتَا وَظَهَرَ لِلْجَارِيَةِ وَلَدٌ فِي يَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لَمْ يَرَهُ الشُّهُودُ أَخَذَهُ الْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ ظَاهِرًا وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِالْجَارِيَةِ لِلْمُدَّعِي، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْوَلَدِ فَالْقَاضِي يَقْضِي لِلْمُدَّعِي بِالْجَارِيَةِ وَبِالْوَلَدِ، فَإِنْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ أَنَا أُقِيمُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ لِي لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى بَيِّنَتِهِ وَيَقْضِي بِالْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا لِلْمُدَّعِي فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ، ثُمَّ حَضَرَ الشُّهُودُ وَقَالُوا لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ لِلْمُدَّعِي، وَإِنَّمَا كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِالْوَلَدِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَلَدِ، وَلَوْ كَانَ الشُّهُودُ حُضُورًا وَسَأَلَهُمْ الْقَاضِي عَنْ الْوَلَدِ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَقَالُوا هُوَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ قَالُوا لَا نَدْرِي لِمَنْ هُوَ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي فِي الْوَلَدِ بِشَيْءٍ وَيَقْضِي بِالْجَارِيَةِ لِلْمُدَّعِي، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَضَى لَهُ الْقَاضِي، ثُمَّ أَقَرَّ الْمَقْضِيُّ لَهُ أَنَّهَا دَارُ فُلَانٍ لِرَجُلٍ غَيْرِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِيهَا فَصَدَّقَهُ الْمَقَرُّ لَهُ أَوْ كَذَّبَهُ لَا يَبْطُلُ قَضَاءُ الْقَاضِي، كَذَا فِي فَتَاوَى

الفصل الثالث فيما يكون المدعى به عقدا أو يكون سببا من أسباب الملك

قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ الْمَقْضِيُّ لَهُ هَذِهِ الدَّارُ لَيْسَتْ لِي، وَإِنَّمَا هِيَ لِفُلَانٍ وَصَدَّقَهُ الْمَقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ فَالدَّارُ لِلْمَقَرِّ لَهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُقِرِّ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ لَمْ تَكُنْ لِي قَطُّ فَإِمَّا أَنْ بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ وَثَنَّى بِالنَّفْيِ، أَوْ بَدَأَ بِالنَّفْيِ وَثَنَّى بِالْإِقْرَارِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَقَرُّ لَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بَطَلَ قَضَاءُ الْقَاضِي وَتُرَدُّ الدَّارُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمَقَرِّ لَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي قَوْلِهِ مَا كَانَ لِي قَطُّ وَصَدَّقَهُ فِي الْإِقْرَارِ، فَقَالَ: كَانَتْ لِلْمُقِرِّ إلَّا أَنَّهُ مَلَكَهَا مِنِّي بَعْدَ الْقَضَاءِ بِسَبَبٍ وَهِيَ دَارِي تَكُونُ الدَّارُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَضْمَنُ الْمُقِرُّ قِيمَةَ الدَّارِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ بَدَأَ الْمُقِرُّ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالنَّفْيِ، كَذَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ. قَالُوا هَذَا إذَا بَدَأَ بِالنَّفْيِ وَثَنَّى بِالْإِقْرَارِ مَوْصُولًا فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ، أَمَّا إذَا ثَنَّى بِالْإِقْرَارِ مَفْصُولًا لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَقْضِ بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي حَتَّى قَالَ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِفُلَانٍ لَا حَقَّ لِي فِيهَا، أَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لَيْسَتْ لِي إنَّمَا هِيَ لِفُلَانٍ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي لَهُ بِالدَّارِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُقِرُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هِيَ دَارُ فُلَانٍ بِعْتُهَا مِنْهُ بَعْدَ شَهَادَةِ الشُّهُودِ، أَوْ يَقُولَ وَهَبْتُهَا مِنْهُ وَقَبَضَهَا مِنِّي بَعْدَمَا غَابَ عَنْ مَجْلِسِ الشَّهَادَةِ، قَالَ ذَلِكَ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ فَحِينَئِذٍ الْقَاضِي يَقْضِي لَهُ بِالدَّارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى قِبَلَ رَجُلٍ دَارًا، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَتْ فِي يَدَيَّ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً فَشَهِدُوا أَنَّ الدَّارَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفِي مِلْكِهِ قَالَ: يَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ، فَإِنْ قَالَ كَمَا شَهِدُوا إنَّهَا فِي يَدَيْهِ وَفِي مِلْكِهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالدَّارِ، وَإِنْ قَالَ صَدَقُوا أَنَّهَا فِي يَدَيْهِ، وَلَا أُصَدِّقُهُمْ أَنَّهَا فِي مِلْكِهِ فَلَهُ ذَلِكَ فَيَجْعَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَصْمًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَكُونُ الْمُدَّعَى بِهِ عَقْدًا أَوْ يَكُونُ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ] ادَّعَى دَارًا إرْثًا، أَوْ شِرَاءً فَشَهِدُوا بِمِلْكٍ مُطْلَقٍ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ دَعْوَى الْإِرْثِ كَدَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَجَزَمَ بِهِ الْبَزَّازِيَّةُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَفِي الْأَقْضِيَة لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ بِالشِّرَاءِ وَهُمْ شَهِدُوا عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ إنَّمَا لَا تُقْبَلُ إذَا ذَكَرَ فِي الدَّعْوَى رَجُلًا مَعْرُوفًا، فَقَالَ: مِلْكِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْ فُلَانِ بْن فُلَانٍ وَذَكَرَ شَرَائِطَ الْمَعْرِفَةِ، فَأَمَّا إذَا قَالَ: مِلْكِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْ رَجُلٍ، أَوْ قَالَ: مِنْ زَيْدٍ وَالشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَتُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ رَجُلٍ مَعْرُوفٍ وَنَسَبَهُ إلَى أَبِيهِ وَجَدِّهِ غَيْرَ أَنَّهُ ادَّعَى الشِّرَاءَ مَعَ الْقَبْضِ وَهُمْ شَهِدُوا عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ غَيْرِ ذِي الْيَدِ فَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ وَشَهِدَا أَنَّ فُلَانًا وَهَبَهَا لَهُ وَقَبَضَهَا مِنْهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهَا لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ حَتَّى يُوَفِّقَ فَيَقُولَ اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ فَجَحَدَنِي، ثُمَّ وَهَبَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهَا عَلَيْهِ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَقَالَ: لَمْ يَهَبْهَا لِي قَطُّ، وَقَدْ ادَّعَى الْهِبَةَ عِنْدَ الْقَاضِي فَهَذَا إكْذَابٌ مِنْهُ لِشَاهِدَيْهِ

وَتَنَاقُضٌ فِي الْكَلَامِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ ادَّعَاهَا هِبَةً، وَلَمْ يَقُلْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهَا عَلَيَّ قَطُّ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ بِشُهُودٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَقَالَ: لَمَّا جَحَدَنِي الْهِبَةَ سَأَلْتُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَيَّ فَفَعَلَ أَجَزْتُ هَذَا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ ادَّعَى الْوَدِيعَةَ وَشَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُودَعِ بِالْإِيدَاعِ تُقْبَلُ كَمَا فِي الْغَصْبِ، وَكَذَا الْعَارِيَّةُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مُنْذُ سَنَةٍ وَهُمْ شَهِدُوا عَلَى الشِّرَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا التَّارِيخَ تُقْبَلُ، وَعَلَى الْقَلْبِ لَا. مُدَّعِي الشِّرَاءِ لَوْ ذَكَرَ تَارِيخَ الشِّرَاءِ شَهْرَيْنِ وَالشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى الشِّرَاءِ مُنْذُ شَهْرٍ تُقْبَلُ، وَعَلَى الْقَلْبِ لَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ مُنْذُ سَنَةٍ وَقَبَضَهُ وَجَحَدَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ فَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشُهُودٍ فَشَهِدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ ذِي الْيَدِ مُنْذُ سَنَتَيْنِ لَا تُقْبَلُ إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ فَيَقُولُ اشْتَرَيْتُهُ، ثُمَّ بِعْتُهُ مِنْهُ، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيَّ مُنْذُ سَنَةٍ، فَإِذَا وَفَّقَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِالْبَيْعِ مِنْهُ ثُمَّ بِالصَّدَقَةِ يَقْضِي لَهُ، وَلَوْ ادَّعَى أَوَّلًا الشِّرَاءَ مِنْ ذِي الْيَدِ مُنْذُ سَنَةٍ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِالصَّدَقَةِ مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَادَّعَى الْمُدَّعِي ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ فَيَقُولَ: تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيَّ مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَقَبَضْته، ثُمَّ بِعْتُهُ مِنْهُ مُنْذُ سَنَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَيْته وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ، وَلَوْ ادَّعَى الصَّدَقَةَ مُنْذُ سَنَةٍ فَشَهِدَ شُهُودُهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ لَا تُقْبَلُ إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ فَيَقُولَ: تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيَّ مُنْذُ سَنَةٍ وَقَبَضْتُهُ، ثُمَّ وَصَلَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَجَحَدَ الصَّدَقَةَ فَاشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ، فَإِذَا وَفَّقَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ مُنْذُ شَهْرٍ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ ادَّعَى مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ مُنْذُ سَنَةٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ ذِي الْيَدِ بَعْدَمَا قَامَ مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي لَا تُقْبَلُ، فَإِنْ وَفَّقَ، وَقَالَ: جَحَدَنِي الْمِيرَاثَ فَاشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ الْآنَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ لَكِنْ إذَا أَعَادَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ. وَلَوْ ادَّعَى أَمَةً فِي يَدَيْ رَجُلٍ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ بِعَبْدِي هَذَا مُنْذُ شَهْرٍ فَجَحَدَ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشُهُودٍ فَشَهِدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَلْفٍ مُنْذُ قَامَ مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي لَا تُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُهَا بِالْعَبْدِ مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ، ثُمَّ جَحَدَنِي فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا وَفَّقَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَأَعَادَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ بِأَلْفٍ يَقْبَلُ ذَلِكَ. وَلَوْ ادَّعَى أَوَّلًا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِالْعَبْدِ مُنْذُ شَهْرٍ، ثُمَّ جَاءَ بِشُهُودٍ فَشَهِدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ مُنْذُ سَنَةٍ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ فَيَقُولَ اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ مُنْذُ سَنَةٍ كَمَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ، ثُمَّ بِعْتُهَا مِنْهُ، ثُمَّ اشْتَرَيْتُهَا مُنْذُ شَهْرٍ، فَإِذَا وَفَّقَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ يَصِحُّ التَّوْفِيقُ وَيَقْضِي لَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ ذِي الْيَد وَذُو الْيَدِ يَجْحَدُ فَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ، وَلَا نَدْرِي أَهُوَ لِلْبَائِعِ أَمْ لَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا. وَلَوْ جَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدَيْنِ، فَقَالَا لِلْقَاضِي الْعَبْدُ لَنَا بَاعَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا لِلْمُدَّعِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ادَّعَى شِرَاءَ دَارٍ مِنْ رَجُلٍ فَشَهِدُوا

الباب الثامن في الاختلاف بين الشاهدين

لَهُ بِالشِّرَاءِ مِنْ وَكِيلِهِ، أَوْ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا بَاعَ، وَهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَجَازَ بَيْعَهُ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ادَّعَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ بِسَبَبِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى كَذَا وَشَهِدَا أَنَّهَا مَنْكُوحَتُهُ، وَلَمْ يَذْكُرَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا تُقْبَلُ وَيَقْضِي بِمَهْرِ الْمِثْلِ إذَا كَانَ بِقَدْرِ الْمُسَمَّى، أَوْ قَلَّ، وَإِنْ كَانَ زَائِدًا لَا يَقْضِي بِالزِّيَادَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَالشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى النِّكَاحِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا الْمَهْرَ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إنْ قَالَ: هَذِهِ امْرَأَتِي، أَوْ قَالَ: هَذِهِ مَنْكُوحَتِي وَشَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَهَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْحَالِ بِأَنْ لَمْ يَقُولُوا بِأَنَّهَا مَنْكُوحَتُهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْخِزَانَةِ قَالَا: زَوْجُ الْكُبْرَى لَكِنْ لَا نَدْرِي الْكُبْرَى يُكَلِّفُهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْكُبْرَى هَذِهِ. شَهِدَا أَنَّهَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ، وَلَا نَعْلَمُ أَنَّهَا هَلْ فِي الْحَالِ امْرَأَتُهُ أَمْ لَا؟ أَوْ شَهِدَا أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ هَذِهِ الْعَيْنَ، وَلَا نَدْرِي هَلْ فِي مِلْكِهِ فِي الْحَالِ أَمْ لَا؟ يَقْضِي بِالنِّكَاحِ وَالْمِلْكِ فِي الْحَالِ بِالِاسْتِصْحَابِ وَالشَّاهِدُ عَلَى الْعَقْدِ شَاهِدٌ عَلَى الْحَالِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ادَّعَى أَنَّ مَوْلَايَ أَعْتَقَنِي وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ حُرٌّ لَا تُقْبَلُ، وَقِيلَ: تُقْبَلُ. وَالْأَمَةُ إذَا ادَّعَتْ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَنِي وَشَهِدُوا أَنَّهَا حُرَّةٌ تُقْبَلُ، وَلَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ وَشَهِدُوا لَهُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فُلَانٌ فَقَدْ قِيلَ: لَا تُقْبَلُ، وَقِيلَ: تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ] يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَقَالَا: الِاتِّفَاقُ فِي الْمَعْنَى هُوَ الْمُعْتَبَرُ لَا غَيْرُ، وَالْمُرَادُ بِالِاتِّفَاقِ فِي اللَّفْظِ تَطَابُقُ اللَّفْظَيْنِ عَلَى إفَادَةِ الْمَعْنَى بِطَرِيقِ الْوَضْعِ لَا بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْغَصْبَ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْغَصْبِ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَدِيعَةَ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْإِيدَاعِ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْإِيدَاعِ هَلْ تُقْبَلُ؟ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ، وَعَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْقَرْضِ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِ ذَلِكَ اللَّفْظِ، أَوْ بِمُرَادِفِهِ حَتَّى لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْهِبَةِ وَالْآخَرُ بِالْعَطِيَّةِ قُبِلَتْ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالنِّكَاحِ وَالْآخَرُ بِالتَّزْوِيجِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَهَا أَنْتِ خَلِيَّةٌ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ بَرِيَّةٌ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ، وَقَدْ دَخَلَتْ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا إنَّ كَلَّمَتْ فُلَانًا، وَقَدْ كَلَّمَتْ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ قَالَ لَهَا أَنْتِ حَرَامٌ وَنَوَى الثَّلَاثَ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْكُلِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ عَلَى الْأَلْفِ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الْأَلْفَيْنِ، وَعَلَى هَذَا الْمِائَةُ وَالْمِائَتَانِ وَالطَّلْقَةُ وَالطَّلْقَتَانِ وَالطَّلْقَةُ وَالثَّلَاثُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. لَوْ ادَّعَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَالْآخَرُ بِعَشَرَةٍ لَا يَقْضِي بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْأَلْفِ، وَنَظِيرُهُ الطَّلْقَةُ وَالطَّلْقَةُ وَالنِّصْفُ وَالْمِائَةُ وَالْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي لَمْ يَكُنْ إلَّا الْأَلْفُ فَشَهَادَةُ الَّذِي شَهِدَ بِالْأَلْفِ وَالْخَمْسِمِائَةِ بَاطِلَةٌ، وَكَذَا إذَا سَكَتَ إلَّا عَنْ دَعْوَى الْأَلْفِ، وَلَوْ وَفَّقَ وَقَالَ: كَانَ أَصْلُ حَقِّي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ كَمَا شَهِدَ بِهِ ذَلِكَ الشَّاهِدُ وَلَكِنِّي اسْتَوْفَيْتُ خَمْسَمِائَةٍ، أَوْ أَبْرَأْتُهُ عَنْهَا، وَلَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ الشَّاهِدُ قُبِلَتْ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى عِشْرِينَ وَالْآخَرُ عَلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ تُقْبَلُ عَلَى الْعِشْرِينَ بِالْإِجْمَاعِ هَذَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، أَمَّا إذَا ادَّعَى عِشْرِينَ لَا تُقْبَلُ بِالْإِجْمَاعِ فَلَوْ وَفَّقَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ، فَقَالَ: كَانَ لِي عَلَيْهِ أَلْفَانِ لَكِنِّي أَبْرَأْتُهُ عَنْ الْأَلْفِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ: إنَّهُ سُودٌ، وَقَالَ الْآخَرُ بِيضٌ وَلِلْبِيضِ فَضْلٌ عَلَى السُّودِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي السُّودَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا أَصْلًا إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ فَيَقُولَ كَانَ مَا شَهِدَ بِهِ هَذَا الشَّاهِدُ إلَّا أَنِّي أَبْرَأْتُهُ مِنْ صِفَةِ الْجَوْدَةِ عَلِمَ بِهِ ذَلِكَ الشَّاهِدُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ هَذَا الشَّاهِدُ الْآخَرُ، فَإِذَا وَفَّقَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى السُّودِ، وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي الْبِيضَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى السُّودِ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْأَقَلِّ لَفْظًا وَمَعْنًى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى قَدْرٍ، أَوْ وَصْفٍ وَاخْتَلَفَا فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ إنْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَفْضَلَهُمَا، وَإِنْ ادَّعَى أَقَلَّهُمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا أَصْلًا، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْجِنْسِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا إذَا اخْتَلَفَا كَيْفَمَا اخْتَلَفَا بِأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ وَالْآخَرُ عَلَى كُرِّ شَعِيرٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ شَهِدَا بِأَلْفٍ، وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَاهُ مِنْهَا خَمْسَمِائَةٍ تُقْبَلُ بِأَلْفٍ، وَلَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ إنَّهُ قَضَاهُ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ مَعَهُ آخَرُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَشْهَدَ بِالْأَلْفِ كُلِّهَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ قَضَاهُ مِنْهَا خَمْسَمِائَةٍ حَتَّى يُقِرَّ الْمُدَّعِي أَنَّهُ قَبَضَ خَمْسَمِائَةٍ كَيْ لَا يَصِيرَ مُعِينًا عَلَى الظُّلْمِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْكَافِي. لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ قَرْضَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَرْضِ وَالْآخَرُ عَلَى الْقَرْضِ وَالْقَضَاءِ يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى الْقَرْضِ، وَلَا يَقْضِي بِالْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى الْقَرْضِ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَة، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا ادَّعَى الْغَرِيمُ الْإِيفَاءَ فَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْإِقْرَارِ بِالِاسْتِيفَاءِ وَالْآخَرُ بِالْإِبْرَاءِ لَا تُقْبَلُ. وَلَوْ شَهِدَ الَّذِي شَهِدَ بِالْبَرَاءَةِ أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ أَقَرَّ أَنَّ الْغَرِيمَ بَرِئَ إلَيْهِ مِنْ الْمَالِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفٌ

لِرَجُلٍ فَادَّعَى أَنَّهُ أَوْفَاهُ دَيْنَهُ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِيفَاءِ وَالْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ صَاحِبِ الْمَالِ بِالِاسْتِيفَاءِ لَا تُقْبَلُ. لَوْ ادَّعَى الْغَرِيمُ الْإِيفَاءَ فَشَهِدَ أَحَدُ شَاهِدَيْهِ عَلَى إقْرَارِ صَاحِبِ الْمَالِ بِالِاسْتِيفَاءِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْهِبَةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ، أَوْ التَّحْلِيلِ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ ادَّعَى الْغَرِيمُ الْبَرَاءَةَ فَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِذَلِكَ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَهَبَ لَهُ الْحَقَّ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ، أَوْ نَحَلَهُ، أَوْ حَلَّلَهُ مِنْهُ، أَوْ أَحَلَّهُ لَهُ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى الْغَرِيمُ الْبَرَاءَةَ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْهِبَةِ وَالْآخَرُ بِالصَّدَقَةِ لَا تُقْبَلُ وَإِذَا ادَّعَى الْغَرِيمُ الْهِبَةَ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْهِبَةِ وَالْآخَرُ بِالصَّدَقَةِ لَمْ تُقْبَلْ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْبَرَاءَةِ وَالْآخَرُ بِالنِّحْلَةِ، أَوْ الْعَطِيَّةِ، أَوْ التَّحْلِيلِ، أَوْ الْإِحْلَالِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ادَّعَى الْغَرِيمُ الْإِيفَاءَ فَشَهِدَ أَحَدُ شَاهِدَيْهِ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ أَبْرَأَهُ فِي بَلَدِ كَذَا وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا. وَلَوْ ادَّعَى الْكَفِيلُ الْهِبَةَ وَشَهِدَ أَحَدُ شَاهِدَيْهِ بِالْهِبَةِ وَالْآخَرُ بِالْبَرَاءَةِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ادَّعَتْ الصَّدَاقَ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا وَهَبَتْ الصَّدَاقَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْهِبَةِ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِبْرَاءِ تُقْبَلُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ هَذَا إذَا لَمْ يَدَّعِ عَقْدًا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي دَعْوَى الْعَقْدِ فَهِيَ ثَمَانِي مَسَائِلَ: الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالرَّهْنُ وَالْعِتْقُ عَلَى مَالٍ وَالْخُلْعُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالنِّكَاحُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. مَنْ شَهِدَ لِرَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدَ فُلَانٍ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسَمِائَةٍ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْبَائِعُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي أَقَلَّ الْمَالَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَهُمَا، وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْعَبْدُ فَظَاهِرٌ، وَكَذَا إذَا كَانَ هُوَ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَكَانَ الْمَقْصُودُ إثْبَاتُ السَّبَبِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا طَلَبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَى بِأَلْفَيْنِ وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ اشْتَرَيْتُهَا بِثَلَاثَةِ آلَافٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالشِّرَاءِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِمِائَةِ دِينَارٍ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ آخَرَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْإِجَارَةُ إنْ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ فَهِيَ كَالْبَيْعِ ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ، أَوْ الْآجِرُ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ مُضِيِّهَا اسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةَ أَوْ لَمْ يَسْتَوْفِ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمُؤَجِّرُ فَهِيَ دَعْوَى الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ فَهِيَ دَعْوَى الْعَقْدِ بِالْإِجْمَاعِ. وَفِي الرَّهْنِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الرَّاهِنُ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ فَهُوَ كَدَعْوَى الدَّيْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْخُلْعِ، أَوْ فِي الطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ، أَوْ الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ، أَوْ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى مَالٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الزَّوْجَ، أَوْ الْمَوْلَى، أَوْ وَلِيَّ الْقِصَاصِ فَهُوَ دَعْوَى مَالٍ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْعَبْدَ، أَوْ الْمَرْأَةَ، أَوْ الْقَاتِلَ فَهُوَ دَعْوَى عَقْدٍ فَلَا تُقْبَلُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا

فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي النِّكَاحِ يَصِحُّ بِأَقَلِّ الْمَالَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّعْوَى مِنْ الزَّوْجِ، أَوْ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ، وَلَا يَقْضِي بِشَيْءٍ، وَقِيلَ: الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الزَّوْجَ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ، وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَيَسْتَوِي فِيهِ دَعْوَى أَقَلِّ الْمَالَيْنِ، أَوْ أَكْثَرِهِمَا فِي الصَّحِيحِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَافِي. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ آجَرَ عَبْدَهُ وَجَحَدَ رَبُّ الْعَبْدِ فَأَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ شَاهِدَيْنِ أَحَدُهُمَا شَهِدَ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِخَمْسَةٍ، وَهُوَ يَدَّعِي أَرْبَعَةً، أَوْ خَمْسَةً وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِسِتَّةٍ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ وَإِنْ ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ تَكَارَى دَابَّةً إلَى بَغْدَادَ بِعَشَرَةٍ لِيَرْكَبَهَا وَيَحْمِلَ عَلَيْهَا وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَكَارَاهَا لِيَرْكَبَهَا بِعَشَرَةٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ تَكَارَاهَا لِيَرْكَبَهَا وَيَحْمِلَ عَلَيْهَا هَذَا الْمَتَاعَ الْمَعْرُوفَ بِعَشَرَةٍ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ تَكَارَى دَابَّةً بِعَيْنِهَا بِأَجْرٍ مُسَمًّى إلَى بَغْدَادَ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ تَكَارَاهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حُمُولَةً مَعْرُوفَةً إلَى بَغْدَادَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ سَوَاءٌ ادَّعَاهَا الْمُسْتَأْجِرُ، أَوْ رَبُّ الدَّابَّةِ، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَكَارَاهَا لِيَرْكَبَهَا وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ تَكَارَاهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ سَلَّمَ الثَّوْبَ إلَى صَبَّاغٍ وَجَحَدَ الصَّبَّاغُ فَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ لِيَصْبُغَهُ أَحْمَرَ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ دَفَعَهُ لِيَصْبُغَهُ أَسْوَدَ، أَوْ أَصْفَرَ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ جَحَدَ رَبُّ الثَّوْبِ فَادَّعَاهُ الصَّبَّاغُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الشِّرَاءِ مَعَ الْعَيْبِ وَالْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ لَا تُقْبَلُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِفُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا إلَى شَهْرِ كَذَا، وَقَالَ الْآخَرُ حَالَّةً وَادَّعَى الطَّالِبُ الْحُلُولَ وَجَحَدَ الْكَفِيلُ ذَلِكَ كُلَّهُ، أَوْ أَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ وَادَّعَى الْأَجَلَ فَالْمَالُ حَالٌّ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَإِذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا أَنَّ فُلَانًا أَحَالَهُ عَلَى هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ شَاهِدًا آخَرَ أَنَّهُ أَحَالَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِينَارٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْأَلْفِ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ جُمْلَةً، أَمَّا إذَا كَانَ يَدَّعِي الدَّرَاهِمَ وَحْدَهَا لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى الْكَفَالَةَ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْكَفَالَةِ وَالْآخَرُ عَلَى الْحَوَالَةِ تُقْبَلُ عَلَى الْكَفَالَةِ وَيَحْكُمُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْكَفَالَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ (كواهي ميدهم كه فُلَان جَنِين كَفَتْ كه اكر فُلَان شش مَاهَ را اين مَالْ فُلَان ندهد مِنْ ضَمَانِ كَرٍ دَم مِنْ اين مَالْ رابدهم) وَشَهِدَ الْآخَرُ بِهَذَا (كواهي ميدهم كه فُلَان جَنِين كَفَتْ كه اين مَالْ راضمان كردم ابْن فُلَان

بْن فُلَان راتاشش مَاهَ) لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ذَكَرَ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ مِنْ وَكَالَةِ الْأَصْلِ لَوْ شَهِدَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ مَعَ فُلَانٍ فِي دَارٍ سَمَّاهَا وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِيهَا وَفِي شَيْءٍ آخَرَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي الدَّارِ الَّتِي اجْتَمَعَا عَلَيْهَا. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ فُلَانَةَ وَحْدَهَا وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِطَلَاقِهَا وَطَلَاقِ فُلَانَةَ الْأُخْرَى فَهُوَ وَكِيلُهُ فِي طَلَاقِ الَّتِي اجْتَمَعَا عَلَيْهَا، وَمِنْ جِنْسِ هَذَا صَارَتْ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى وَصُورَتُهَا ادَّعَى الْوَكَالَةَ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي خُصُومَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ مَعَ فُلَانٍ فِي هَذَا الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ وَكِيلًا مُطْلَقًا عَامًّا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ هَلْ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ فِي الْوَكَالَةِ الْمُعَيَّنَةِ يَنْبَغِي أَنْ تَثْبُتَ الْوَكَالَةُ الْمُعَيَّنَةُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا أَقَامَ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الطَّالِبَ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّ الطَّالِبَ جَرَّأَهُ فِي ذَلِكَ، أَوْ أَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، أَوْ أَنَّهُ جَعَلَهُ وَصِيًّا لَهُ فِي حَيَاتِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَيَصِيرُ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ وَالْخُصُومَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَى قَوْلِ صَاحِبَيْهِ يَكُونُ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ، وَلَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ فِي أَخْذِ دَيْنِهِ، أَوْ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ أَنَّهُ أَنَابَهُ مَنَابَ نَفْسِهِ أَوْ جَعَلَهُ نَائِبَ نَفْسِهِ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَا يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ عِنْدَ الْكُلِّ. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ جَعَلَهُ وَصِيًّا، وَلَمْ يَقُلْ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي حَيَاتِهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ جَعَلَهُ وَصِيًّا، وَلَمْ يَقُلْ فِي حَيَاتِهِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى وَصِيَّةٍ رَجُلٍ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ: جَمِيعُ مَالِي لِفُلَانٍ بَعْدَ مَوْتِي وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ: جَمِيعُ مَالِي صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ بَعْدَ مَوْتِي، وَذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ، أَوْ مَجْلِسَيْنِ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ شَهِدَا بِالْوَكَالَةِ وَزَادَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَزَلَهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْوَكَالَةِ، وَلَمْ تَجُزْ عَلَى الْعَزْلِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى مَوْلَى الْعَبْدِ أَنَّهُ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْإِذْنِ وَالْآخَرُ أَنَّ مَوْلَى الْعَبْدِ رَآهُ يَشْتَرِي وَيَبِيعُ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَأْذُونِ الْكَبِيرِ إذَا لَحِقَ الْعَبْدَ دَيْنٌ، فَقَالَ الْمَوْلَى عَبْدِي مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْغَرِيمُ هُوَ مَأْذُونٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، فَإِنْ جَاءَ الْغَرِيمُ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَوْلَى أَذِنَ لَهُ فِي شِرَاءِ الْبَزِّ، وَقَالَ الْآخَرُ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَاءِ الطَّعَامِ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَوْلَى قَالَ لَهُ اشْتَرِ الْبَزَّ وَبِعْ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّ الْمَوْلَى قَالَ لَهُ اشْتَرِ الطَّعَامَ وَبِعْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. شَاهِدَانِ شَهِدَا بِشَيْءٍ وَاخْتَلَفَا فِي الْوَقْتِ، أَوْ الْمَكَانِ، أَوْ فِي الْإِنْشَاءِ وَالْإِقْرَارِ، فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ قَوْلًا مَحْضًا

كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ وَصُورَةُ ذَلِكَ إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ بِأَلْفٍ وَشَهِدَا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِأَلْفٍ إلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْبُلْدَانِ، أَوْ فِي الْأَيَّامِ، أَوْ فِي السَّاعَاتِ، أَوْ فِي الشُّهُورِ، أَوْ شَهِدَا عَلَى الْبَيْعِ بِأَلْفٍ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا الْيَوْمَ وَاحِدَةً وَالْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَمْسِ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى إقْرَارِهِ بِأَلْفٍ الْيَوْمَ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ أَمْسِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَا تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ بِاخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي الْأَيَّامِ وَالْبُلْدَانِ إلَّا أَنْ يَقُولَا كُنَّا مَعَ الطَّالِبِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْأَيَّامِ وَالْمَوَاطِنِ وَالْبُلْدَانِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: أَنَا أُجِيزُ الشَّهَادَةَ وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَحْفَظُوا الشَّهَادَةَ دُونَ الْوَقْتِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَمْرُ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْقِيَاسِ وَأَنَا أَسْتَحْسِنُ وَأُبْطِلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ بِالتُّهْمَةِ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَا فِي السَّاعَتَيْنِ مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ بِتَفَاوُتٍ فَيَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ فَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَى بِشَرْطِ الْوَفَاءِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ شَاهِدَانِ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْبَصْرَةِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ بِالْكُوفَةِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ بِكَذِبِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ الْإِنْسَانَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ لَا يَكُونُ بِالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِالْكُوفَةِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِالْبَصْرَةِ، وَلَمْ يُوَقِّتَا وَقْتًا فَهُنَاكَ الشَّهَادَةُ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ فِي يَوْمَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ مِنْ الْأَيَّامِ وَبَيْنَهُمَا قَدْرُ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبِ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى مَكَّةَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. أَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى الصُّلْحِ فَأَلْجَأَهُمَا الْقَاضِي إلَى بَيَانِ التَّارِيخِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا إنَّهُ كَانَ مُنْذُ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، وَقَالَ الْآخَرُ أَظُنُّ أَنَّهُ كَانَ مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِينَ، أَوْ أَزْيَدَ لَا تُقْبَلُ لَمَّا اخْتَلَفَا هَذَا الِاخْتِلَافَ الْفَاحِشَ، وَإِنْ كَانَا لَا يَحْتَاجَانِ إلَى بَيَانِ التَّارِيخِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ قَوْلًا كَانَتْ صِيغَةُ الْإِنْشَاءِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ مُخْتَلِفَةً نَحْوُ الْقَذْفِ. قَالَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْقَذْفِ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْقَذْفِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْقَذْفِ وَاخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ، أَوْ الْمَكَانِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي فِعْلٍ مُلْحَقٍ بِالْقَوْلِ كَالْقَرْضِ فَهُوَ كَالطَّلَاقِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ فِعْلًا حَقِيقَةً وَحُكْمًا كَالْغَصْبِ وَالْجِنَايَةِ وَاخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي الْمَكَانِ، أَوْ فِي الزَّمَانِ، أَوْ فِي الْإِنْشَاءِ وَالْإِقْرَارِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ هَالِكًا فَشَهِدَا بِالْقِيمَةِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفٌ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ أَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي

الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى الْقَتْلَ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَتْلِ وَالْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي وَقْتَيْنِ، أَوْ مَكَانَيْنِ جَازَتْ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي آلَةِ الْقَتْلِ بِأَنْ شَهِدَا بِالْقَتْلِ غَيْرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا شَهِدَ بِالْقَتْلِ بِالْعَصَا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْقَتْلِ بِالسَّيْفِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ، وَقَالَ الْآخَرُ لَا أَحْفَظُ الَّذِي قَتَلَ بِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ قَوْلًا لَا يَتِمُّ إلَّا بِفِعْلٍ كَالنِّكَاحِ وَاخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي الْمَكَانِ، أَوْ الزَّمَانِ، أَوْ فِي الْإِنْشَاءِ وَالْإِقْرَارِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي عَقْدٍ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ إلَّا بِفِعْلِ الْقَبْضِ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالرَّهْنِ، فَإِنْ شَهِدُوا عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَبْضِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَيَّامِ، أَوْ الْبُلْدَانِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الرَّاهِنِ وَالْمُتَصَدِّقِ وَالْوَاهِبِ بِالْقَبْضِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ فِي قَوْلِهِمْ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ ادَّعَى الرَّهْنَ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَبْضِ وَالْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَا تُقْبَلُ وَالرَّهْنُ فِي هَذَا كَالْغَصْبِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ اخْتَلَفَا فِي الثِّيَابِ الَّتِي عَلَى الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ، أَوْ الْمَرْكَبِ، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا كَانَ مَعَنَا فُلَانٌ، وَقَالَ الْآخَرُ لَمْ يَكُنْ مَعَنَا فُلَانٌ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَلَا تَبْطُلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا شَهِدَا بِالْغَصْبِ وَاخْتَلَفَا فِي لَوْنِ الْبَقَرَةِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ بَقَرَةً وَاخْتَلَفَا فِي لَوْنِهَا قَطَعَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا قِيلَ: الْخِلَافُ فِي لَوْنَيْنِ يَتَشَابَهَانِ كَالسَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ، أَوْ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ لَا فِي لَوْنَيْنِ لَا يَتَشَابَهَانِ كَالْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي جَمِيعِ الْأَلْوَانِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ عَيَّنَ لَوْنًا كَحَمْرَاءَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا سَوْدَاءُ لَمْ يَقْطَعْ إجْمَاعًا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي ثَوْبٍ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا هَرَوِيٌّ، وَقَالَ الْآخَرُ مَرْوِيٌّ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ، أَوْ الْمَكَانِ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَ بَقَرَةً وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ ثَوْرًا، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَ بَقَرَةً وَالْآخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ حِمَارًا لَا تُقْبَلُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى الْمِلْكَ مُطْلَقًا وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِسَبَبٍ وَالْآخَرُ مُطْلَقًا تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِالْمِلْكِ الْحَادِثِ، وَإِنْ ادَّعَى بِسَبَبٍ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِهِ وَالْآخَرُ مُطْلَقًا لَا تُقْبَلُ كَذَا ذَكَرَهُ رَشِيدُ الدِّينِ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ وَالْآخَرُ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ إنْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُؤَرَّخَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ ادَّعَى الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِمِلْكٍ مُؤَرَّخٍ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ إذَا ادَّعَى مِلْكًا فَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مِلْكُهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الدَّيْنِ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي

الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَنَّ الْعَبْدَ لِلْمُدَّعِي وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَقُضِيَ بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَنَّ الْعَبْدَ لِلْمُدَّعِي وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَالْمُدَّعِي أَوْدَعَهُ إيَّاهُ قُضِيَ بِهِ لِلْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّ الْعَبْدَ لِلْمُدَّعِي وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ دَفَعَ إلَيْهِ لَا تُقْبَلُ، وَلَا يُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ، وَلَكِنْ يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ إلَى الْمُدَّعِي، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْغَصْبِ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ جَارِيَةً فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا جَارِيَتُهُ غَصَبَهَا مِنْهُ هَذَا وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهَا جَارِيَتُهُ، وَلَمْ يَقُلْ غَصَبَهَا مِنْهُ هَذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا جَارِيَتُهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهَا كَانَتْ جَارِيَتَهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهَا فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَنَّ الْعَبْدَ لِلْمُدَّعِي وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُدَّعِي، وَقَالَ الْمُدَّعِي صَاحِبُ الْيَدِ أُقِرُّ بِمَا قَالَ الشَّاهِدُ إلَّا أَنِّي لَمْ أَبِعْ مِنْهُ شَيْئًا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَيُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: صَاحِبُ الْيَدِ أَقَرَّ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَرْضًا وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ اشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ، وَقَالَ الطَّالِبُ إنَّمَا لِي عَلَيْهِ قَرْضٌ، وَلَمْ يَشْهَدْ لِي إلَّا بِالْقَرْضِ فَقَدْ أَكْذَبَ الشَّاهِدَ الَّذِي شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ ثَمَنُ مَتَاعٍ، وَلَوْ قَالَ: قَدْ أَشْهَدَ عَلَى هَاتَيْنِ الشَّهَادَتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ لَكِنَّ أَصْلَ مَا لِي كَانَ قَرْضًا قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَوْ قَالَ: مَا لِي مِنْ ثَمَنٍ بِعْته وَقَبَضَ مِنِّي، وَقَدْ أَشْهَدَ هَذَيْنِ عَلَى مَا شَهِدَا بِهِ لَا يُقْضَى لَهُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَأْتِيَ بِشَاهِدٍ آخَرَ يَشْهَدُ لَهُ بِمِثْلِ شَهَادَةِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ مِنْ ثَمَنِ الْمَتَاعِ إذَا أَقَرَّ الطَّالِبُ أَنَّ مَا لَهُ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ عَلَى قَبْضِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَرْضًا وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ ضَمَانٍ ضَمِنَ لَهُ عَنْ فُلَانٍ بِأَمْرِهِ، فَإِنْ قَالَ الطَّالِبُ: اشْهَدْ لِي بِهَاتَيْنِ الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى مَا وَصَفْنَا، وَأَنَّ مَا لِي عَلَيْهِ قَرْضٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالْمَالِ، وَإِنْ قَالَ: مَا لِي مِنْ ضَمَانٍ كَمَا شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ لَا يُقْضَى لَهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَالضَّمَانُ فِي هَذَا الْبَيْعِ سَوَاءٌ، وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْمَالُ لَازِمٌ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ وُهِبَ مِنْهُ هَذَا الْعَبْدُ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ يَأْخُذُهُ الْمُدَّعِي، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْعَبْدُ أَقَرَّ أَنَّ الْمُدَّعِيَ وَهَبَ الْعَبْدَ مِنْهُ

وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّ ذَا الْيَدِ أَقَرَّ أَنَّ الْمُدَّعِيَ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْمُدَّعِي: صَاحِبُ الْيَدِ أَقَرَّ بِالْأَمْرَيْنِ إلَّا أَنِّي مَا وَهَبْتُهُ مِنْهُ وَمَا تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَنَّهُ قَدْ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ الْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ ذَا الْيَدِ أَنَّهُ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: هَبْ هَذَا الْعَبْدَ مِنِّي، وَالْآخَرُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَيَّ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّ ذَا الْيَدِ قَالَ لِلْمُدَّعِي: بِعْنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ لِلْمُدَّعِي: بِعْنِي بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَقَالَ الْمُدَّعِي: أَقَرَّ ذُو الْيَدِ بِذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا أَنِّي مَا بِعْت مِنْهُ وَلَا أَجَّرْتُ، فَالْقَاضِي يَقْضِي فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَنَّ الْعَبْدَ لِلْمُدَّعِي وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ الْمُدَّعِي، أَوْ ارْتَهَنَهُ مِنْهُ، أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ قُضِيَ بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي، وَهَذَا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي إنَّ ذَا الْيَدِ أَقَرَّ بِمَا قَالَ الشَّاهِدَانِ إلَّا أَنِّي مَا بِعْته وَمَا آجَرْتُهُ وَمَا رَهَنْتُهُ وَمَا غَصَبَ مِنِّي كَيْ لَا يَصِيرَ مُكَذِّبًا أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ فِيمَا يَدَّعِي، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْعَبْدُ أَقَرَّ أَنَّ الْعَبْدَ كَانَ لِلْمُدَّعِي وَادَّعَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَعْطَاهُ صِلَةً وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهَذَا الْعَبْدِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْآخَرُ شَهِدَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِشَاهِدٍ آخَرَ يَشْهَدُ عَلَى الْهِبَةِ، أَوْ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَهُ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ وَقَبَضَهُ مِنْهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ نَحَلَهُ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ وَقَبَضَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ هَذَا الْعَبْدَ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لَهُ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ لَمْ يُقْضَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا حَتَّى يُؤْمَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِرَدِّ الْعَبْدِ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَكِنْ لَا يُقْضَى لَهُ بِالْمِلْكِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الَّذِي شَهِدَ الْوَدِيعَةِ إنَّمَا يَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ فُلَانٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَقَرَّ أَنَّهُ اغْتَصَبَهُ مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ، أَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَأُمِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالرَّدِّ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَكِنْ لَا يُقْضَى بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي وَبَقِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى حُجَّتِهِ فِي الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً أَنَّ الْعَيْنَ لَهُ قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْعَيْنِ. وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى عَيْنَ مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ وَوَضْعَهَا فِي الثَّوْبِ وَذَكَرَ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِ صَاحِبِ الْيَدِ أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْ الْمُدَّعِي وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ وَزَادَ هَهُنَا زِيَادَةً عَلَى مَا ذَكَرَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ، فَقَالَ: وَقَالَ الْمُدَّعِي قَدْ أَقَرَّ بِمَا قَالَا جَمِيعًا وَلَكِنَّهُ اغْتَصَبَ مِنِّي قَبِلْتُ الشَّهَادَةَ وَجَعَلْتُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الثَّوْبُ مُقِرًّا بِمِلْكِهِ لِلْمُدَّعِي، وَلَمْ أَقْبَلْ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى الثَّوْبِ

الباب التاسع في الشهادة على النفي والبينات يدفع بعضها بعضا

ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ اغْتَصَبَهُ مِنْ الْمُدَّعِي وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ قَضَيْتُ بِهِ لِلْمُدَّعِي وَجَعَلْتُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى حُجَّتِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ هَذَا الثَّوْبَ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ وَقَالَ الْمُدَّعِي: قَدْ أَقَرَّ بِمَا قَالَا لَكِنْ لَمْ أُودِعْهُ مِنْهُ قَالَ: لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَنَّ الْعَبْدَ لِلْمُدَّعِي وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ مِنْهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَقَضَى بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضٌ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ تُقْبَلُ. هَذَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْأَلْفَ مُطْلَقًا، أَمَّا إذَا ذَكَرَ أَحَدَ السَّبَبَيْنِ فِي الدَّعْوَى فَقَدْ كَذَّبَ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ فَلَا تُقْبَلُ هَذَا إذَا شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ وَاخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ، أَمَّا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَرْضًا وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ لَهُ عِنْدَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَلَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْبَيْعِ بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الثَّمَنِ وَشَهِدَ الْآخَرُ (كه بَائِع ازين مُشْتَرِي بهاي اين بِنِدِّهِ طَلَب ميكرد ده دِينَار) تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ. ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَرْضًا وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ مِلْكُهَا؛ لِأَنَّ زَوْجَهَا فُلَانًا دَفَعَ إلَيْهَا هَذِهِ الْأَرْضَ عِوَضًا عَنْ (الدستيمان) وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهَا مِلْكُهَا؛ لِأَنَّ زَوْجَهَا أَقَرَّ أَنَّهَا مِلْكُهَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ، أَمَّا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ زَوْجَهَا دَفَعَ إلَيْهَا بِجِهَةِ (الدستيمان) وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّ زَوْجَهَا أَقَرَّ أَنَّهُ دَفَعَهَا إلَيْهَا بِجِهَةِ (الدستيمان) تُقْبَلُ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. ادَّعَى الْعَقَارَ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ فَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّ هَذَا الْعَقَارَ مِلْكُهُ وَالْآخَرُ أَنَّ هَذِهِ الضَّيْعَةَ مِلْكُهُ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ اسْمٌ لِلْعَرْصَةِ الْمَبْنِيَّةِ وَالضَّيْعَةَ اسْمٌ لِلْعَرْصَةِ لَا غَيْرُ فَصَارَ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْعَقَارَ وَشَهِدَا عَلَى الْبُسْتَانِ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى النَّفْيِ وَالْبَيِّنَاتِ يَدْفَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا] شَاهِدَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِقَوْلٍ، أَوْ بِفِعْلٍ يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ إجَارَةٌ، أَوْ كِتَابَةٌ، أَوْ بَيْعٌ، أَوْ قِصَاصٌ، أَوْ مَالٌ، أَوْ طَلَاقٌ، أَوْ عَتَاقٌ فِي مَوْضِعٍ وَصَفَاهُ، أَوْ فِي يَوْمٍ سَمَّيَاهُ فَأَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، أَوْ لَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَصَفَاهُ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ كَانَ فِي مَكَانِ كَذَا ذَكَرَا مَكَانًا آخَرَ سِوَى الْمَكَانِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَوَّلَانِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَلِكَ كُلُّ بَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَى أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَقُلْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يُقِرَّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ

أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ لَمْ يَكُنْ لَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ دَيْنٌ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى حَقٍّ فَقُضِيَ لَهُ بِهِ فَيَقُولُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ: أَنَا أُقِيمُ بَيِّنَةً أَنَّهُ لِي فَهَذَا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. كُلُّ بَيِّنَتَيْنِ لَوْ اجْتَمَعَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ سَقَطَتَا لِوُجُودِ الْكَذِبِ فِي إحْدَاهُمَا، فَإِذَا بَدَأَ الْحَاكِمُ بِإِحْدَاهُمَا يَتَعَيَّنُ الْكَذِبُ فِي الْأُخْرَى. مِثَالُهُ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ طَلَّقَ عَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْكُوفَةِ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ زَيْنَبَ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِمَكَّةَ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، وَلَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِإِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ، ثُمَّ جَاءَتْ الْأُخْرَى لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الثَّانِيَةُ، وَلَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ فِي يَوْمَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ وَبَيْنَهُمَا مِنْ الْأَيَّامِ مِقْدَارُ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبُ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى مَكَّةَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالْكُوفَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالطَّلَاقِ بِالْوَقْتِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ اسْتَقَامَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَكَانَيْنِ جَمِيعًا بِأَسْرَعَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ السَّيْرِ قَضَى بِشَهَادَتِهِمْ جَمِيعًا وَإِلَّا بَطَلَ الْوَقْتُ الثَّانِي هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَيِّتَ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ وَقَضَى الْقَاضِي لَهَا، ثُمَّ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَى الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِخُرَاسَانَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَتَلَ زَيْدًا يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ قَتَلَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِكُوفَةَ وَاجْتَمَعُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَتَيْنِ فَإِنْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا وَقَضَى بِهَا، ثُمَّ حَضَرَتْ الْأُخْرَى لَمْ تُقْبَلْ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ جَرَحَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ هَذَا الْجُرْحَ وَقَضَيْتُ بِذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجِرَاحَةُ عَلَى أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ بَيِّنَةً أَنَّهُ جَرَحَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِكُوفَةَ لَمْ أَقْبَلْ بَيِّنَتَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَضَيْت بِالْأُولَى حَتَّى لَوْ اجْتَمَعَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَالدَّعْوَيَانِ أُبْطِلُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي النَّوَادِرِ لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا قَتَلَ أَبِي يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ وَأَقَامَ ابْنٌ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ قَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِكُوفَةَ قُبِلَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَيُحْكَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ اثْنَيْنِ وَالْقَاتِلُ وَاحِدًا بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ وَنَظِيرُهُ مَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ لَوْ أَقَامَ الِابْنُ الْأَكْبَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الِابْنَ الْأَوْسَطَ قَتَلَ أَبَاهُ وَالْأَوْسَطُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْأَصْغَرَ قَتَلَ أَبَاهُ وَالْأَصْغَرُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْأَكْبَرِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ فَهَذِهِ الْبَيِّنَاتُ مَقْبُولَةٌ وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَارٍ فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ أَبُوهُ يَوْمَ كَذَا وَوَرِثَهَا عَنْهُ الْمُدَّعِي لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ كَذَا لِيَوْمٍ بَعْدَ الْيَوْمِ الَّذِي ذَكَرَ الِابْنُ مَوْتَهُ فِيهِ وَوُلِدَ لَهُ هَذَا الْوَلَدُ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَالْمَهْرُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْمَهْرِ وَالْمِيرَاثِ سَوَاءٌ قَضَى الْقَاضِي بِبَيِّنَةِ الِابْنِ أَوْ لَمْ يَقْضِ فَإِنْ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَى الْبَيِّنَةَ بَعْدَمَا قَضَى الْقَاضِي بِبَيِّنَةِ الْأُولَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهَا أَيْضًا. وَلَوْ أَنَّ الْوَارِثَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَ كَذَا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا

بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا لِأَنَّ يَوْمَ الْقَتْلِ صَارَ مَقْضِيًّا بِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ الِابْنَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا بِالسَّيْفِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَنَّ هَؤُلَاءِ أَوْلَادُهُ مِنْهَا وَهُمْ وَرَثَتُهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ اسْتِحْسَانًا، وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الِابْنِ عَلَى الْقَتْلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ، وَلَمْ تَأْتِ بِوَلَدٍ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الِابْنِ وَالْمِيرَاثُ لِلِابْنِ دُونَ الْمَرْأَةِ وَيُقْتَلُ الْقَاتِلُ إنَّمَا اُسْتُحْسِنَ فِي النَّسَبِ خَاصَّةً، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْأَصْلِ إذَا أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمْ رَأَوْا أَبَاهُ حَيًّا بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا وَأَقْرَضَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَأَنَّهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ أَقَامَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَقْرَضَ فُلَانًا أَبَاهُ أَمْسِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَنَّهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَوْ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ رَجُلَيْنِ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْكُوفَةِ وَأَقَامَ فُلَانٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ الْيَوْمَ حَاجًّا بِمِنًى فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ الْعَامَّةُ وَتَشْهَدُ بِذَلِكَ فَيُؤْخَذُ بِشَهَادَتِهِمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ عَامَ أَوَّلٍ عَمْدًا وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَاعَهُ أَمْسِ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقْضَى بِالْقَوَدِ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ الَّذِي هُوَ الْأَحْدَثُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ بِالزِّنَا فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ أُخْرَى عَلَى هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ أَنَّهُمْ زُنَاةٌ فَهَذَا بَاطِلٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يُحَدُّ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ بِشَهَادَةِ الْفَرِيقِ الثَّانِي وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ لَا يُحَدُّ اتِّفَاقًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ أَيَّتُكُمَا أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ فَهِيَ طَالِقٌ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ هَذِهِ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ الْأُخْرَى أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ قُضِيَ بِشَهَادَةِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَرِيقِ الثَّانِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ رَدَّ الْقَاضِي الشُّهُودَ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ، ثُمَّ شَهِدَ الْفَرِيقُ الثَّانِي بِمَا شَهِدُوا بِهِ وَأَعَادُوا شَهَادَتَهُمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، فَإِنْ جَاءَتْ الْأُخْرَى بِشَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي فَأَنْت حُرٌّ، وَقَالَا: لَا نَدْرِي أَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ أَمْ لَا، وَقَالَ الْعَبْدُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ لَا بَلْ بَرِئَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَرَثَةِ مَعَ الْيَمِينِ، وَإِنْ قَامَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ أَخَذْتُ بِبَيِّنَةِ الْعَبْدِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَفُلَانٌ حُرٌّ، وَإِنْ بَرِئْتُ فَفُلَانٌ الْآخَرُ حُرٌّ، فَقَالَ الْعَبْدُ الَّذِي قَالَ لَهُ إنَّ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْت حُرٌّ مَاتَ مِنْهُ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَرِئَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ مَعَ أَيْمَانِهِمْ وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ الْآخَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، فَإِنْ أَقَامَ الْعَبْدُ الَّذِي قَالَ

لَهُ: " إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ " الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيُقْضَى بِعِتْقِهِ فَيَعْتِقُ ثُلُثَاهُ وَيَسْعَى فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ سِوَى الْعَبْدَيْنِ وَكَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً، فَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَتَانِ جَمِيعًا أَخَذْتُ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي شَهِدَتْ عَلَى مَوْتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ، وَلَا أَقْبَلُ بَيِّنَةَ الْآخَرِ، فَإِنْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ: مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ قَبْلَ أَنْ يَبْرَأَ يَعْتِقُ الْعَبْدُ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ بَعْدَ عِتْقِ الْآخَرِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُ مَجَّانًا وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ غَيْرُ الْعَبْدَيْنِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ دَبَّرَ عَبْدَهُ فُلَانًا إنْ قُتِلَ، وَأَنَّهُ قُتِلَ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ مَاتَ مَوْتًا فَإِنِّي أُجِيزُ الْعِتْقَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ إنْ حَدَثَ بِهِ حَادِثٌ فِي مَرَضِهِ، أَوْ سَفَرِهِ هَذَا، وَأَنَّهُ قَدْ مَاتَ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ، أَوْ الْمَرَضِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ رَجَعَ مِنْ ذَلِكَ السَّفَرِ وَمَاتَ فِي أَهْلِهِ فَإِنِّي أُجِيزُ شَهَادَةَ شُهُودِ الْعِتْقِ، وَإِنْ شَهِدَ هَذَانِ الْآخَرَانِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ رَجَعْتُ مِنْ سَفَرِي هَذَا فَمُتُّ فِي أَهْلِي فَفُلَانٌ حُرٌّ، وَأَنَّهُ رَجَعَ فَمَاتَ فِي أَهْلِهِ وَجَاءُوا جَمِيعًا إلَى الْقَاضِي فَإِنِّي لَا أُجِيزُ شَهَادَةَ اللَّذَيْنِ شَهِدَا عَلَى الرُّجُوعِ وَأُجِيزُ شَهَادَةَ اللَّذَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ مَاتَ فِي سَفَرِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ فِي الْعِتْقِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا. إنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا يَوْمَ النَّحْرِ بِالرَّقَّةِ وَأَقَامَ عَبْدُهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِمِنًى وَجَاءَتْ الْبَيِّنَتَانِ جَمِيعًا وَالرَّجُلُ يَجْحَدُ ذَلِكَ كُلَّهُ فَالْبَيِّنَتَانِ بَاطِلَتَانِ، فَإِنْ صَدَّقَ الرَّجُلُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ وَجَحَدَ الْأُخْرَى قُضِيَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ شُهُودَ الْمُدَّعِي مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ حَدَّهُمْ قَاضِي بَلَدِ كَذَا فُلَانٌ فِي وَقْتِ كَذَا وَذَكَرُوا وَقْتًا كَانَ فُلَانٌ قَاضِيًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِحَدِّ الْقَذْفِ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ ذَلِكَ الْقَاضِي أَنَّهُ مَا أَجْرَى حَدَّ الْقَذْفِ، وَلَمْ تُوَقِّتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ وَقْتًا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِكَوْنِهِ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ، وَلَا يَمْتَنِعُ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ بِكَوْنِهِ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ بِسَبَبِ بَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ، فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الْقَذْفِ قَدْ وَقَّتُوا وَقْتًا بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّ قَاضِيَ كَذَا حَدَّهُ فِي الْقَذْفِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ مَثَلًا فَأَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ ذَلِكَ الْقَاضِيَ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا فِي أَرْضِ كَذَا سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِكَوْنِهِ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ، وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى بَيِّنَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْتُ الْقَاضِي قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي شَهِدَ الشُّهُودُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ فِيهِ، أَوْ كَوْنُ الْقَاضِي غَائِبًا فِي أَرْضِ كَذَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي شَهِدَ الشُّهُودُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ فِيهِ مُسْتَفِيضًا ظَاهِرًا فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ عَلِمَهُ كُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَعَالِمٍ وَجَاهِلٍ فَحِينَئِذٍ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِكَوْنِ الشَّاهِدِ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ وَيَقْضِي عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَعَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اسْتَخْرَجْنَا جَوَابَ مَسْأَلَةٍ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى (صُورَتُهَا) : رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَانَ لِأَبِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَيْكَ مِائَةُ دِينَارٍ، وَقَدْ مَاتَ أَبِي قَبْلَ اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا وَصَارَتْ الْمِائَةُ الدِّينَارِ مِيرَاثًا لِي بِمَوْتِهِ لِمَا أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي وَطَالَبَهُ

بِتَسْلِيمِ الْمِائَةِ الدِّينَارِ، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ كَانَ لِأَبِيكَ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ كَمَا ادَّعَيْتَ إلَّا أَنِّي أَدَّيْتُ مِنْهَا ثَمَانِينَ دِينَارًا إلَى أَبِيكَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَقَدْ أَقَرَّ أَبُوكَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ بِقَبْضِ مَا ادَّعَيْتُ بِبَلَدِهِ سَمَرْقَنْدَ فِي بَيْتِي فِي يَوْمِ كَذَا، فَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ مُخَاطَبًا لِي (آن صد دِينَار كه مرا ازتومي بايست هشتاد دِينَار قبض كرده أُمّ ازتو ومر ابر توجز بيست دِينَار نما نده است) وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، فَقَالَ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّكَ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاكَ إقْرَارَ أَبِي بِقَبْضِ ثَمَانِينَ دِينَارًا مِنْكَ لِمَا أَنَّ أَبِي كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلْدَةِ سَمَرْقَنْدَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي ادَّعَيْت إقْرَارَهُ فِيهِ وَكَانَ بِبَلْدَةٍ كَبِيرَةٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً هَلْ تَنْدَفِعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي؟ فَقِيلَ: لَا إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْبَةُ أَبِي الْمُدَّعِي عَنْ سَمَرْقَنْدَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي شَهِدَ شُهُودُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ بِسَمَرْقَنْدَ وَكَوْنُهُ بِبَلْدَةٍ كَبِيرَةٍ ظَاهِرًا مُسْتَفِيضًا يَعْرِفُهُ كُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَكُلُّ عَالِمٍ وَجَاهِلٍ فَحِينَئِذٍ الْقَاضِي يَدْفَعُ بِبَيِّنَتِهِ بَيِّنَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ذَكَرَ فِي بَابِ الْيَمِينِ بِالْحَجِّ مِنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ، فَقَالَ: حَجَجْتُ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ ضَحَّى الْعَامَ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتِقُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْجَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرٌّ وَأَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا تُقْبَلُ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ، ثُمَّ ضَرَبَهَا، وَقَالَ: ضَرَبْتُهَا بِجِنَايَةٍ، وَقَدْ أَقَامَتْ هِيَ بَيِّنَةً أَنَّهُ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ مِنْهَا بَيِّنَتُهَا، وَإِنْ قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ لِكَوْنِهَا قَائِمَةً عَلَى الشَّرْطِ. حَلَفَ إنْ لَمْ تَجِئْنِي صِهْرَتِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ، أَوْ لَمْ أُكَلِّمْهَا فِي كَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ حَلَفَ بِكَذَا، وَلَمْ تَجِئْهُ صِهْرَتُهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، أَوْ لَمْ يُكَلِّمْهَا فِي ذَلِكَ، وَقَدْ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ بِحُكْمِ هَذِهِ الْيَمِينِ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَاسْتَثْنَى فِي إسْلَامِهِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِي إيمَانِهِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى إثْبَاتِ الْإِسْلَامِ. حُكِيَ أَنَّ مَشَايِخَ بُخَارَى سُئِلُوا عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى أَنَّ أَرْضَهُ لَيْسَتْ بِخَرَاجِيَّةٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ أَرْضَ هَذَا حُرَّةٌ فَأَجَابَ أَكْثَرُهُمْ بِقَبُولِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُمْ مِنْ هَذِهِ الشَّهَادَةِ نَفْيُ الْخَرَاجِ فَرَجَعُوا إلَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ادَّعَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَأَتَتْ بِالدَّفْعِ أَنِّي مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ بِثَلَاثِ طَلْقَاتٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: (اكر فُلَان روز بكذ رِدّ وَآن قماشات بنزديك تونيارم) فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ الْيَوْمُ، وَلَمْ يُسَلِّمْ الْقُمَاشَاتِ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ انْدَفَعَتْ عَنْهَا خُصُومَةُ الزَّوْجِ. رَبُّ السَّلَمِ

الباب العاشر في شهادة أهل الكفر

يَدَّعِي السَّلَمَ الصَّحِيحَ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ يَقُولُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. ادَّعَى النِّتَاجَ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ، وَقَدْ نَتَجَ عَلَى مِلْكِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَى مِلْكِهِ، وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ قِيلَ: لَا تُقْبَلُ، وَقِيلَ: تُقْبَلُ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. إذَا شَرَطَ عَلَى الظِّئْرِ الْإِرْضَاعَ بِنَفْسِهَا فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ الشَّاةِ فَلَا أَجْرَ لَهَا فَإِنْ جَحَدَتْ ذَلِكَ، وَقَالَتْ مَا أَرْضَعْته بِلَبَنِ الْبَهَائِمِ، وَإِنَّمَا أَرْضَعْته بِلَبَنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ قَامَتْ لِأَهْلِ الصَّبِيِّ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَوْا فَلَا أَجْرَ لَهَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا أَنَّهَا أَرْضَعْتُهُ بِلَبَنِ الشَّاةِ وَمَا أَرْضَعْتُهُ بِلَبَنِ نَفْسِهَا، أَمَّا لَوْ اكْتَفَوْا بِقَوْلِهِمْ مَا أَرْضَعْته بِلَبَنِ نَفْسِهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَخَذْتُ بِبَيِّنَةِ الظِّئْرِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّا سَمِعْنَاهُ يَقُولُ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَلَمْ يَقُلْ: " قَوْلُ النَّصَارَى " فَبَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ وَالرَّجُلُ يَقُولُ وَصَلْتُ بِقَوْلِي " قَوْلُ النَّصَارَى " تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ، وَلَوْ قَالَا: سَمِعْنَاهُ يَقُولُ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَلَمْ نَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَمَرَ صَبِيًّا لِيَضْرِبَ حِمَارَهُ وَيُخْرِجَهُ عَنْ كَرْمِهِ فَضَرَبَهُ الصَّبِيُّ حَتَّى مَاتَ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ ذَلِكَ الْحِمَارَ حَيٌّ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ مَقْصُودًا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي شَهَادَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ] لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ بَعْدَ أَنْ كَانُوا عُدُولًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِينَ جَائِزَةٌ بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْمُسْتَأْمَنِينَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَشَهَادَةُ الْمُسْتَأْمَنِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ تُقْبَلُ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ دَارٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ دَارَيْنِ كَالرُّومِ وَالتُّرْكِ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. أَمَّا شَهَادَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهَا، فَقَالَ: بَعْضُهُمْ تُقْبَلُ عَلَى الْكُفَّارِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ تُقْبَلُ عَلَى مُرْتَدٍّ مِثْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا شَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى شَهَادَةِ مُسْلِمَيْنِ لِكَافِرٍ عَلَى كَافِرٍ بِحَقٍّ، أَوْ عَلَى قَضَاءِ قَاضِي الْمُسْلِمِينَ عَلَى كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ شَهِدَ مُسْلِمَانِ عَلَى شَهَادَةِ كَافِرٍ جَازَتْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. كَافِرٌ فِي يَدِهِ أَمَةٌ اشْتَرَاهَا مِنْ مُسْلِمٍ فَشَهِدَ عَلَيْهِ كَافِرَانِ أَنَّهَا لِكَافِرٍ، أَوْ مُسْلِمٍ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ هِبَةٌ، أَوْ صَدَقَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ: أَقْضِي بِهَا عَلَى الْكَافِرِ خَاصَّةً، وَلَا أَقْضِي بِهَا عَلَى غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَالْمَبْسُوطِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ذِمِّيَّيْنِ عَلَى ذِمِّيٍّ أَنَّهُ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهُمَا يَزْعُمَانِ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ وَشَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي

مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَهُوَ يَجْحَدُ يُجْبِرُهُ الْإِمَامُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَيَحْبِسُهُ، وَلَا يَقْتُلُهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ذِمِّيٌّ مَاتَ فَشَهِدَ عَشَرَةٌ مِنْ النَّصَارَى أَنَّهُ أَسْلَمَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمْ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ فُسَّاقٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ كَانَ لِهَذَا الْمَيِّتِ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ وَبَقِيَّةُ أَوْلِيَائِهِ كُفَّارٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ فَادَّعَى الْوَلِيُّ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَأَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِيرَاثَهُ وَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِذَلِكَ يَأْخُذُ الْوَلِيُّ الْمُسْلِمُ مِيرَاثَهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ الْوَلِيِّ الْمُسْلِمِ إنْ كَانَ عَدْلًا، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى إسْلَامِهِ غَيْرُ الْوَلِيِّ الْمُسْلِمِ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِقَوْلِ وَلِيِّهِ الْمُسْلِمِ، وَلَا يَكُونُ لَهُ الْمِيرَاثُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ: فِي الْمُنْتَقَى إذَا شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى امْرَأَتِهِ مَعَ رَجُلٍ أَنَّهَا ارْتَدَّتْ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - وَهِيَ تَجْحَدُ وَتُقِرُّ بِالْإِسْلَامِ فَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا وَجَعَلْت عَلَيْهِ نِصْفَ الْمَهْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَأَجْعَلُ جُحُودَهَا الرِّدَّةَ وَإِقْرَارَهَا بِالْإِسْلَامِ تَوْبَةً، وَلَوْ شَهِدَا عَلَى أَنَّهَا أَسْلَمَتْ وَهِيَ تَجْحَدُ وَأَصْلُ دِينِهَا كَانَ هُوَ النَّصْرَانِيَّةَ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَجْعَلُ جُحُودَهَا وَثَبَاتَهَا عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ رِدَّةً، وَلَا يَبْرَأُ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَوَى عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِمْلَاءِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَاتَ فَشَهِدَ مُسْلِمٌ عَدْلٌ، أَوْ مُسْلِمَةٌ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَأَنْكَرَ أَوْلِيَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ ذَلِكَ فَمِيرَاثُهُ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِحَالِهِ وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُغَسِّلُوهُ وَيُكَفِّنُوهُ وَيُصَلُّوا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. نَصْرَانِيٌّ مَاتَ وَلَهُ ابْنَانِ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ وَالْآخَرُ نَصْرَانِيٌّ فَأَقَامَ الْمُسْلِمُ نَصْرَانِيَّيْنِ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا وَأَقَامَ النَّصْرَانِيُّ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا يُقْضَى بِالْإِرْثِ لِلْمُسْلِمِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا لَوْ أَقَامَ النَّصْرَانِيُّ نَصْرَانِيَّيْنِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ بِقَوْلِ ابْنِهِ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا لَا بِشَهَادَةِ النَّصْرَانِيِّينَ، وَلَوْ قَالَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ أَسْلَمَ أَبِي قَبْلَ مَوْتِهِ وَأَنَا وَارِثُهُ، وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ أَبِي لَمْ يُسْلِمْ فَالْقَوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ فِي الْمِيرَاثِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِقَوْلِ ابْنِهِ الْمُسْلِمِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ فِي الْمُنْتَقَى فَلَوْ لَمْ يُقِمْ الِابْنُ الْمُسْلِمُ بَيِّنَةً عَلَى إسْلَامِ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ حَتَّى ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا فَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى يُقْضَى لَهُ بِالْمَالِ، ثُمَّ إنَّ الِابْنَ الْمُسْلِمَ أَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى عَلَى إسْلَامِ الْأَبِ قَبْلَ مَوْتِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْغَرِيمُ مُسْلِمًا لَمْ أُبْطِلْ دَيْنَهُ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَمْ أَرُدَّ الْقَضَاءَ، وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا رَدَدْت الْقَضَاءَ وَأَنْفَذْتُ لِلِابْنِ الْمُسْلِمِ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ، وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ الْمَيِّتُ مَالًا وَأَقَامَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ شَهَادَةً مِنْ النَّصَارَى عَلَى أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا وَأَرَادَ أَخْذَ إخْوَتِهِ الصِّغَارِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا الْحُكْمُ لَا يُخَصُّ بِهَذَا الْمَوْضِعِ بَلْ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ شَهِدَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى إسْلَامِ مَيِّتٍ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا تُقَامُ الْبَيِّنَةُ لِأَجْلِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ. قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ قُلْت لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الْغَرِيمِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَقَضَيْتُ بِشَهَادَتِهِمْ بِحَضْرَةِ الِابْنِ

النَّصْرَانِيِّ، ثُمَّ جَاءَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ بِبَيِّنَتِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّ الْأَبَ مَاتَ مُسْلِمًا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الْوَارِثُ فِيمَا كَانَ لِلنَّصْرَانِيِّ الْمَيِّتِ مِنْ الْمَالِ، وَلَا يُقْضَى عَلَى الْغَرِيمِ بِشَيْءٍ قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ قُلْتُ لِمُحَمَّدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ وَالِابْنُ الْمُسْلِمُ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ ذِمِّيَّيْنِ قَالَ: فَإِذَا جَاءُوا مَعًا فَالْخَصْمُ هُوَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ؛ لِأَنَّهُ تَثْبُتُ وِرَاثَتُهُ بِمَا أَقَامَ مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْغَرِيمِ عَلَى الْوَارِثِ، فَإِذَا كَانَ الْوَارِثُ مُسْلِمًا فَشَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْغَرِيمُ بِهَا شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا كَانَ أَبِي مُسْلِمًا وَأَنَا أَيْضًا، وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ وَأَنَا أَسْلَمْتُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَالْمِيرَاثُ لِلْمُتَّفَقِ عَلَى إسْلَامِهِ فِي حَالِ حَيَاةِ أَبِيهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ لَمْ يَزَلْ أَبِي كَانَ مُسْلِمًا، وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ لَمْ يَزَلْ أَبِي كَانَ نَصْرَانِيًّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ لِلِابْنِ الْمُسْلِمِ أَيْضًا، وَلَوْ أَنَّ الْمُسْلِمَ أَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى إسْلَامِ الْأَبِ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ أَقْبَلْ ذَلِكَ حَتَّى يَصِفُوا الْإِسْلَامَ، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ أَسْلَمَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا حَتَّى يَصِفُوا الْإِسْلَامَ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ كِتَابِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا كَانَ فَقِيهًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِفَ الْإِسْلَامَ، وَإِذَا كَانَ جَاهِلًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يَصِفْ الْإِسْلَامَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. مُسْلِمَةٌ قَالَتْ كَانَ زَوْجِي مُسْلِمًا، وَقَالَ أَوْلَادُهُ الْكُفَّارُ لَا بَلْ كَانَ كَافِرًا وَلِلْمُسْلِمِ أَخٌ مُسْلِمٌ يُصَدِّقُ الْمَرْأَةَ فَالْمِيرَاثُ لِلْأَخِ وَالْمَرْأَةِ، وَلَوْ تَرَكَ ابْنًا كَافِرًا وَابْنَةً مُسْلِمَةً، فَقَالَتْ الِابْنَةُ مَاتَ أَبِي مُسْلِمًا وَصَدَّقَهَا الْأَخُ، وَقَالَ الِابْنُ كَانَ أَبِي كَافِرًا فَالْقَوْلُ لِلْبِنْتِ. وَلَوْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً وَلَكِنْ أَخٌ وَابْنٌ وَالْأَخُ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ دُونَ الِابْنِ فَالْمِيرَاثُ لِلِابْنِ. بِنْتٌ وَأَخٌ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ مَعَ الِابْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ دَارًا، فَقَالَ ابْنُ الْمَيِّتِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ مَاتَ أَبِي، وَهُوَ مُسْلِمٌ وَتَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لِي وَجَاءَ أَخُو الْمَيِّتِ، وَهُوَ ذِمِّيٌّ، فَقَالَ: مَاتَ أَخِي، وَهُوَ كَافِرٌ عَلَى دِينِي وَابْنُهُ هَذَا مُسْلِمٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ وَلَهُ الْمِيرَاثُ، وَلَوْ أَقَامَا جَمِيعًا عَلَى مَقَالَتِهِمَا بَيِّنَةً أَخَذْتُ بِبَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ أَقَامَ الْأَخُ بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى مَا قَالَ وَلَمْ يُقِمْ الِابْنُ الْبَيِّنَةَ لَمْ أُجِزْ بَيِّنَةَ الْأَخِ، فَأَمَّا إذَا أَقَامَ الْأَخُ مُسْلِمَيْنِ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ كُفْرِ الْمَيِّتِ يُقْضَى بِالْمِيرَاثِ لِلْأَخِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَصْرَانِيٌّ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ أَقَامَ نَصْرَانِيٌّ بَيِّنَةً نَصْرَانِيَّةً أَنَّهُ ابْنُهُ فَإِنِّي أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ عَلَى النَّسَبِ وَأَجْعَلُهُ شَرِيكَ ابْنِهِ النَّصْرَانِيِّ فِي الْمِيرَاثِ، وَلَا يُشَارِكُ ابْنَهُ الْمُسْلِمَ فِي نَصِيبِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ ابْنًا وَاحِدًا نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، ثُمَّ جَاءَ نَصْرَانِيٌّ وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى فَإِنِّي أَقْضِي بِنَسَبِهِ مِنْ الْمَيِّتِ، وَلَا أُعْطِيهِ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِ الِابْنِ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ خَرَجَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُسْلِمِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُسْلِمُ وَرَّثْتُ أَخَاهُ، يُرِيدُ بِهِ أَنَّ بَعْدَمَا مَاتَ الِابْنُ الْمُسْلِمُ فَمِيرَاثُ الْمَيِّتِ الذِّمِّيِّ لِلِابْنِ الذِّمِّيِّ

قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ إنَّمَا لَا يَكُونُ لِلِابْنِ الذِّمِّيِّ حَقُّ الْمُزَاحَمَةِ مَعَ الِابْنِ الْمُسْلِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُ الِابْنِ الذِّمِّيِّ، أَمَّا لَوْ ثَبَتَ نَسَبُهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ كَانَتْ لَهُ مُزَاحَمَةُ الِابْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. نَصْرَانِيٌّ مَاتَ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ وَهِيَ مُسْلِمَةٌ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ وَلِي الْمِيرَاثُ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَلْ قَبْلَهُ، وَلَا مِيرَاثَ لَكِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ عَنْ نَصْرَانِيَّةٍ، وَهِيَ مُسْلِمَةٌ يَوْمَ الْخُصُومَةِ، فَقَالَتْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لَهُمْ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. ادَّعَى خَارِجَانِ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ دَارًا فِي يَدِ ذِمِّيٍّ وَادَّعَيَا الْمِيرَاثَ وَبَرْهَنَا قَضَى بِهَا بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمَيْنِ وَإِلَّا قَضَى بِهَا لِلْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ شُهُودُهُ كُفَّارًا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْمُحِيطَيْنِ. كُلُّ شَهَادَةٍ شَهِدَ بِهَا ذِمِّيٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ فَلَمْ يُنَفِّذْ الْحَاكِمُ الشَّهَادَةَ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا حَتَّى أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تَبْطُلُ فَإِنْ أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَالْحُكْمُ مَاضٍ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ بِالْحُقُوقِ كُلِّهَا إلَّا فِي الْحُدُودِ، وَأَمَّا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَ النَّفْسِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُنَفِّذَ الْقَاضِي وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُنَفِّذُ، وَأَمَّا فِي السَّرِقَةِ إذَا أَسْلَمَ السَّارِقُ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْقَطْعِ فَالْقَاضِي يُضَمِّنُهُ الْمَالَ وَيَدْرَأُ عَنْهُ الْقَطْعَ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الشَّاهِدَانِ، أَوْ أَسْلَمَ الشَّاهِدَانِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُجَدِّدَا الشَّهَادَةَ لَمْ يَقْضِ بِهَا فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ، وَإِنْ جَدَّدَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي بَعْدَ إسْلَامِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَضَى بِهَا فِي الْأَمْوَالِ وَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَلَمْ يَقْضِ بِهَا فِي الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى - هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. لَوْ شَهِدَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَرْبَعَةٌ مِنْ النَّصَارَى أَنَّهُ زَنَى بِأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ، فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا حُدَّ الرَّجُلُ، وَإِنْ قَالُوا طَاوَعَتْهُ دُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُمَا وَيُعَزَّرُ الشُّهُودُ لِحَقِّ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَصْرَانِيَّيْنِ شَهِدَا عَلَى مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ أَنَّهُمَا قَتَلَا مُسْلِمًا عَمْدًا قَالَ: لَا أُجَوِّزُ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْمُسْلِمِ وَأَدْرَأُ عَنْ النَّصْرَانِيِّ الْقَتْلَ وَأَجْعَلُ عَلَيْهِ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ سَمِعْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ فِي مُسْلِمٍ قَطَعَ يَدَ نَصْرَانِيٍّ عَمْدًا وَزَعَمَ الْقَاطِعُ أَنَّهُ عَبْدٌ لِنَصْرَانِيٍّ وَادَّعَى الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ أَنَّهُ حُرٌّ فَأَقَامَ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ مُنْذُ سَنَةٍ قَالَ: أَجْعَلُهُ حُرًّا وَأَقْتَصُّ مِنْهُ، وَإِنْ أَقَامَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ نَصْرَانِيَّيْنِ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ مُنْذُ شَهْرٍ وَأَرَادَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَلَا أَقْتَصُّ مِنْ الْقَاطِعِ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ بِالْعِتْقِ قَوْلَهُمَا لَا قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَرَى قَبُولَ الشَّهَادَةِ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ بِدُونِ دَعْوَاهُ، وَلَمْ تُوجَدْ هُنَا دَعْوَى الْعَبْدِ فَإِنَّهُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ: لَوْ أَنَّ مُسْلِمًا قَالَ: إنْ طَلَّقَ فُلَانٌ النَّصْرَانِيُّ امْرَأَتَهُ فَعَبْدِي حُرٌّ فَشَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ - إنِّي أُطَلِّقُ امْرَأَةَ النَّصْرَانِيِّ، وَلَا أُعْتِقُ عَبْدَ الْمُسْلِمِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُسْلِمٌ قَالَ: إنْ دَخَلَ عَبْدِي هَذِهِ الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلَ الْعَبْدُ

الدَّارَ، ثُمَّ شَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ أَنَّهُ دَخَلَ الدَّارَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ نَصْرَانِيًّا فَشَهَادَتُهُمَا عَلَى طَلَاقِ النَّصْرَانِيِّ جَائِزَةٌ، وَعَلَى الْعِتْقِ لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. نَصْرَانِيٌّ فِي يَدِهِ طَيْلَسَانٌ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ نَصْرَانِيَّيْنِ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ أَقَرَّ بِالطَّيْلَسَانِ لَهُ قَالَ: إنِّي أَقْضِي بِهِ لِلْمُسْلِمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. نَصْرَانِيٌّ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى امْرَأَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي وَقْتِ، كَذَا فَقَضَيْتُ بِهَا لَهُ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُسْلِمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي وَقْتٍ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَقْضِي بِهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْضِي بِهَا لَهُ فَلَوْ أَقَامَا مَعًا قَضَى لِلْمُسْلِمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْضِي لِلنَّصْرَانِيِّ. نَصْرَانِيٌّ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِمُسْلِمٍ بِشَهَادَةِ نَصْرَانِيٍّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِنَصْرَانِيٍّ بِشَهَادَةِ نَصْرَانِيٍّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بُدِئَ بِدَيْنِ الْمُسْلِمِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ ذَلِكَ لِلنَّصْرَانِيِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ النَّصْرَانِيُّ حَيًّا وَفِي يَدِهِ عَبْدٌ فَادَّعَاهُ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ وَأَقَامَ كُلٌّ شَاهِدَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ مَاتَ ذِمِّيٌّ عَنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَقَامَ مُسْلِمٌ ذِمِّيَّيْنِ بِدَيْنِ مِائَةٍ عَلَيْهِ وَأَقَامَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ ذِمِّيَّيْنِ بِمِائَةٍ فَثُلُثًا الْمِائَةِ لِلْمُنْفَرِدِ وَثُلُثُهَا لِلشَّرِيكَيْنِ، وَلَوْ أَقَامَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّيْنِ وَأَقَامَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ ذِمِّيَّيْنِ فَالْمِائَةُ الْمَتْرُوكَةُ بَيْنَهُمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهَا، وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الشَّرِيكَانِ مُسْلِمَيْنِ وَأَقَامَ الذِّمِّيُّ الْمُنْفَرِدُ ذِمِّيَّيْنِ قَسَّمَ أَثْلَاثًا، وَلَوْ أَقَامَ الذِّمِّيُّ الْمُنْفَرِدُ مُسْلِمَيْنِ وَالشَّرِيكَانِ ذِمِّيَّيْنِ، أَوْ مُسْلِمَيْنِ فَنِصْفُ الْمِائَةِ لِلْمُنْفَرِدِ وَالنِّصْفُ لَهُمَا، كَذَا فِي الْكَافِي. نَصْرَانِيٌّ مَاتَ وَتَرَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِذَلِكَ فِي نَصِيبِ الْكَافِرِ، وَلَا يُدْخِلُ الِابْنَ النَّصْرَانِيَّ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فِي نَصِيبِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَصْرَانِيٌّ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مَمْلُوكًا فَأَسْلَمَ الْمَمْلُوكُ بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ شَهِدَ لَهُ نَصْرَانِيَّانِ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَ مُسْلِمٌ شَاهِدَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ: أَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا جَمِيعًا فَأُعْتِقُهُ وَيَسْعَى الْغُلَامُ لِلْمُسْلِمِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الرَّهْنِ ذِمِّيٌّ مَاتَ فَادَّعَى ذِمِّيٌّ بَعْضَ مَتَاعِهِ رَهْنًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَادَّعَى مُسْلِمٌ عَلَيْهِ دَيْنًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنِّي آخُذُ بِبَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ فَأَبْدَأُ بِدَيْنِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمُسْلِمُ مَالَهُ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِلذِّمِّيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمُسْلِمُ دَيْنَهُ، فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمِينَ وَشُهُودُ الْمُسْلِمِ ذِمِّيِّينَ، أَوْ مُسْلِمِينَ كَانَ الذِّمِّيُّ أَحَقَّ بِالرَّهْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى مُسْلِمٌ عَلَى كَافِرٍ مَالًا وَادَّعَى كَفَالَةَ مُسْلِمٍ بِذَلِكَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ الْكُفَّارِ ثَبَتَ الْمَالُ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْأَصِيلِ دُونَ الْكَفِيلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَصْلُ الْمَالِ عَلَى كَافِرٍ فَشَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ أَنَّهُمَا كَفَلَا عَنْهُ بِهَذَا الْمَالِ وَبَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ جَازَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْأَصِيلِ، وَعَلَى الْكَفِيلِ الْكَافِرِ، وَلَا تَجُوزُ عَلَى الْكَفِيلِ

الْمُسْلِمِ. وَإِذَا ادَّعَى مُسْلِمٌ عَلَى مُسْلِمٍ مَالًا وَجَحَدَهُ الْمَطْلُوبُ وَادَّعَى الطَّالِبُ كَفَالَةَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَنْهُ بِالْمَالِ بِأَمْرِهِ وَجَحَدَهُ الْكَفِيلُ وَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ ذِمِّيَّانِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْكَفِيلِ، وَلَمْ تَجُزْ عَلَى الْمُسْلِمِ حَتَّى أَنَّ الْكَفِيلَ إذَا أَدَّى لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَالُ عَلَيْهِمَا فِي الصَّكِّ وَالْمُسْلِمُ فِي صَدْرِ الصَّكِّ وَالذِّمِّيُّ كَفِيلٌ بَعْدَهُ، أَوْ كَانَ الصَّكُّ عَلَيْهِمَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَهَذِهِ الْبَيِّنَةُ حُجَّةٌ عَلَى الْكَافِرِ دُونَ الْمُسْلِمِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مُسْلِمًا كَفَلَ لِكَافِرٍ عَنْ كَافِرٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الْكَافِرُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ لَمْ آمُرْهُ أَنْ يَضْمَنَ عَنِّي فَجَاءَ الْمُسْلِمُ بِشَاهِدَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ أَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُ بِالضَّمَانِ وَأَقَرَّ الطَّالِبُ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مِنْهُ الْمَالَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَفَلَ مُسْلِمٌ بِنَفْسِ ذِمِّيٍّ، أَوْ بِمَالٍ عَلَيْهِ لِمُسْلِمٍ، أَوْ لِذِمِّيٍّ وَشَهِدَ عَلَيْهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ، فَإِنْ جَحَدَ الْمُسْلِمُ الْكَفَالَةَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ، فَإِنْ أَدَّى الْمَالَ وَشَهِدَ شُهُودٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّهُ كَفَلَ بِأَمْرِهِ رَجَعَ بِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. تَجُوزُ شَهَادَةُ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْكَافِرِ، وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ مُسْلِمًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ شَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ النَّصْرَانِيِّ لِلْمُسْلِمِ أَنَّهُ قَتَلَ هَذَا الرَّجُلَ، أَوْ فَرَسَهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى قَتْلِ الرَّجُلِ وَتَجُوزُ عَلَى قَتْلِ الْفَرَسِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ فِي الْقِصَاصِ دُونَ الْمَالِ فِي الْخَطَأِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ مُسْلِمًا وَمَوْلَاهُ كَافِرًا لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الْكُفَّارِ عَلَى الْعَبْدِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَنَّ كَافِرًا وَكَّلَ مُسْلِمًا بِشِرَاءٍ، أَوْ بَيْعٍ لَمْ أُجِزْ عَلَى الْوَكِيلِ الشُّهُودَ إلَّا مُسْلِمِينَ، وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا وَكَّلَ كَافِرًا بِذَلِكَ أَجَزْتُ عَلَى الْوَكِيلِ الشُّهُودَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ مَاتَ الْكَافِرُ وَأَوْصَى إلَى مُسْلِمٍ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا وَأَقَامَ شُهُودًا مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ مُسْلِمًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ مُسْلِمٌ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا النَّصْرَانِيَّ مَاتَ وَأَوْصَى إلَيْهِ وَأَقَامَ شُهُودًا مِنْ النَّصَارَى، فَإِنْ أَحْضَرَ غَرِيمًا نَصْرَانِيًّا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَيَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ. وَأَمَّا إذَا أَحْضَرَ غَرِيمًا مُسْلِمًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ. . وَكَذَا لَوْ أَقَامَ النَّصْرَانِيُّ بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى أَنَّ فُلَانًا مَاتَ، وَأَنَّهُ ابْنُهُ وَوَارِثُهُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَأَحْضَرَ غَرِيمًا لِلْمَيِّتِ كَافِرًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ أَحْضَرَ غَرِيمًا مُسْلِمًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ أَنَّ مُسْلِمًا ادَّعَى وَكَالَةً مِنْ النَّصْرَانِيِّ بِكُلِّ حَقٍّ لَهُ بِالْكُوفَةِ وَأَحْضَرَ غَرِيمًا مُسْلِمًا وَأَقَامَ عَلَيْهِ شُهُودًا نَصْرَانِيِّينَ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ أَحْضَرَ نَصْرَانِيًّا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِذَا قَبِلَ الْقَاضِي هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَقَضَى لَهُ بِالْوَكَالَةِ كَانَ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى لَوْ أَحْضَرَ غَرِيمًا مُسْلِمًا بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ يَجْحَدُ وَكَالَتَهُ لَمْ يُكَلِّفْهُ الْقَاضِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الباب الحادي عشر في الشهادة على الشهادة

مُسْلِمٌ بَاعَ عَبْدَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ فَاسْتَحَقَّهُ نَصْرَانِيٌّ بِشَهَادَةِ نَصْرَانِيَّيْنِ لَا يَقْضِي لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَضَى لَرَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُسْلِمِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَصْرَانِيٍّ اشْتَرَى مِنْ مُسْلِمٍ عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَبَاعَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ آخَرَ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا بَعْدَمَا قَبَضَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْمُسْلِمِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ النَّصْرَانِيِّ، وَإِنْ كَانَ بَائِعُهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ عَلَى بَائِعِهِ الْمُسْلِمِ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ فِي الْمُنْتَقَى عَبْدٌ بَاعَهُ نَصْرَانِيٌّ مِنْ نَصْرَانِيٍّ، ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ نَصْرَانِيٍّ آخَرَ، ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى تَدَاوَلَتْهُ عَشْرُ أَيْدٍ مِنْ الْبَاعَةِ كُلُّهُمْ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، ثُمَّ ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا مِنْ النَّصَارَى قَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَوَّلُهُمْ، أَوْ آخِرُهُمْ، أَوْ أَوْسَطُهُمْ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْآخِرُ هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَسْلَمَ قُضِيَ بِعِتْقِهِ وَتَرَادُّوا الثَّمَنَ فِيمَا بَيْنَهُمْ حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى الْمُسْلِمِ فَلَا يُؤْخَذُ بِرَدِّ الثَّمَنِ، وَلَا مَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْبَاعَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِعْتَاقِ، فَإِنْ كَانَ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ قَدْ أَعْتَقَهُ، وَقَدْ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ وَالشُّهُودُ نَصَارَى لَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْأَوْسَطُ هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لَا عَلَى عِتْقِ الْأَوْسَطِ، وَلَا عَلَى عِتْقِ مَنْ بَعْدَهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى عِتْقِ مَنْ قَبْلَهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيُّ الْبَاعَةِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ مِنْ النَّصَارَى أَنَّهُ أَعْتَقَهُ الَّذِي قَبْلَ الْمُسْلِمِ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ سَوَاءٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَقُضِيَ بِعِتْقِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَلَا تُقْبَلُ وَإِذَا أَقَامَ عَلَى غَيْرِهِ يُرَاجَعُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى الْمُسْلِمِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى مَنْ قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُ وَيَتَرَادُّونَ الثَّمَنَ حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ] الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ جَائِزَةٌ فِي كُلِّ حَقٍّ لَا يَسْقُطُ بِشُبْهَةٍ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ فَلَا تُقْبَلُ فِيمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي شَهَادَاتِ الْأَصْلِ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَنَّ قَاضِيَ كَذَا ضَرَبَ فُلَانًا حَدًّا فِي قَذْفٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَذَكَرَ فِي دِيَاتِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَّا التَّعْزِيرُ فَفِي الْأَجْنَاسِ مِنْ نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ فِي التَّعْزِيرِ لِشَهَادَةٍ عَلَى الشَّهَادَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَكَمَا تَجُوزُ فِي دَرَجَةٍ تَجُوزُ فِي دَرَجَاتٍ حَتَّى تَجُوزَ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَةِ الْفُرُوعِ، ثُمَّ وَثُمَّ صِيَانَةً لِحُقُوقِهِمْ عَنْ الْإِتْوَاءِ، كَذَا فِي الْكَافِي. لَا تَجُوزُ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ أَقَلُّ مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَكَذَا عَلَى شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ، وَهَذَا عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، أَوْ عَلَى شَهَادَةِ

قَوْمٍ جَازَ عِنْدَنَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ وَشَهِدَ آخَرَانِ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ بِمَا يَشْهَدُ بِنَفْسِهِ أَيْضًا لَمْ تَجُزْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَصِفَةُ الْإِشْهَادِ) أَنْ يَقُولَ شَاهِدُ الْأَصْلِ لِشَاهِدِ الْفَرْعِ: أَشْهَدُ أَنَّ لِزَيْدٍ عَلَى بَكْرٍ كَذَا فَاشْهَدْ أَنْتَ عَلَى شَهَادَتِي بِذَلِكَ، أَوْ يَقُولَ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا، أَوْ يَقُولَ اشْهَدْ أَنِّي سَمِعْتُ فُلَانًا يُقِرُّ لِفُلَانٍ بِكَذَا فَاشْهَدْ أَنْتَ عَلَى شَهَادَتِي بِذَلِكَ، وَلَا يَقُولُ اشْهَدَا عَلَيَّ بِذَلِكَ، وَكَذَا لَا يَقُولُ فَاشْهَدْ بِشَهَادَتِي، وَلَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدَ كَمَا يَشْهَدُ عِنْدَ الْقَاضِي لِيُنْقَلَ إلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَلَا يَحْتَاجُ الْأَصْلَ إلَى أَنْ يَقُولَ أَشْهَدَنِي فُلَانٌ عَلَى نَفْسِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ أَنَّ أَصْلَيْنِ قَالَا لِرَجُلَيْنِ اشْهَدَا أَنَّا سَمِعْنَا فُلَانًا يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْهَدَا عَلَيْنَا بِذَلِكَ فَشَهِدَ الْفَرْعَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْأَصْلَانِ نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْهَدَا أَنَّا نَشْهَدُ بِذَلِكَ، أَوْ قَالَا: فَاشْهَدَا عَلَيْهِ أَنَّا نَشْهَدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، أَوْ قَالَا: فَاشْهَدَا عَلَيْنَا بِمَا شَهِدْنَا، أَوْ قَالَا: لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاشْهَدَا أَنَّا شَهِدْنَا عَلَيْهِ، أَوْ قَالَا: فَاشْهَدَا عَلَى مَا شَهِدْنَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْأَصْلُ لِلْفَرْعِ اشْهَدْ أَنِّي أَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمٍ لَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُشْهِدَ غَيْرَهُ عَلَى شَهَادَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْضِرَ الطَّالِبَ وَالْمَطْلُوبَ وَيُشِيرَ إلَيْهِمَا وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُشْهِدَ عِنْدَ غَيْبَتِهِمَا يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ اسْمَهُمَا وَنَسَبَهُمَا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ غَائِبًا فَذَكَرَ الِاسْمَ وَالنَّسَبَ يَجُوزُ لِلْإِشْهَادِ، وَلَا يَكْفِي هَذَا الْقَدْرُ لِلْقَضَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَقُولُ شَاهِدُ الْفَرْعِ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا، وَقَالَ لِي اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَتِهِ وَذِكْرِهِ شَهَادَةَ الْأَصْلِ وَذِكْرِهِ التَّحْمِيلَ، وَلَهَا لَفْظٌ أَطْوَلُ مِنْ هَذَا وَأَقْصَرُ مِنْهُ وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. لَوْ شَهِدَ الْفُرُوعُ وَلَمْ يَقُولُوا نَحْنُ نَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ هَذِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ الْفَرْعُ اسْمَ الشَّاهِدِ الْأَصْلِ وَاسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ حَتَّى لَوْ تُرِكَ ذَلِكَ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ شُهُودِ الْفَرْعِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ شُهُودُ الْأَصْلِ، أَوْ يَمْرَضُوا مَرَضًا لَا يَسْتَطِيعُونَ حُضُورَ مَجْلِسِ الْقَاضِي أَوْ يَغِيبُوا مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا فَصَاعِدًا، كَذَا فِي الْكَافِي. هَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي مَكَانٍ لَوْ غَدَا لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبِيتَ فِي أَهْلِهِ صَحَّ الْإِشْهَادُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالْهِدَايَةِ. وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا أَخَذُوا بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ خَرَجَ وَشَيَّعَهُ قَوْمٌ، وَهُوَ يُرِيدُ مَكَّةَ، أَوْ سَفَرًا آخَرَ سَمَّاهُ، ثُمَّ وَدَّعَهُ الْقَوْمُ وَانْصَرَفُوا، ثُمَّ شَهِدَ قَوْمٌ عَلَى شَهَادَتِهِ وَادَّعَى

الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَاضِرٌ فَقَدْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَا سَمَّى، وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ هَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي قَوْلِ مَنْ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى حَاضِرٍ؟ قَالَ: بَلَى؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ تَكُونُ هَكَذَا، فَإِنْ كَانَ وَدَّعَهُمْ، وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَرَوْهُ حِينَ خَرَجَ لَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ مِنْ الْأَمِيرِ وَالسُّلْطَانِ إذَا كَانَا فِي الْبَلْدَةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الِابْنِ عَلَى شَهَادَةِ الْأَبِ دُونَ قَضَائِهِ فِي رِوَايَةٍ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ فِيهِمَا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إنْ كَانَ الْأَصْلُ مَحْبُوسًا فِي الْمِصْرِ فَأَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ هَلْ يَجُوزُ لِلْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِذَا شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي فَالْقَاضِي هَلْ يَعْمَلُ بِشَهَادَتِهِ؟ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ مَشَايِخُ زَمَانِنَا بَعْضُهُمْ قَالُوا: إنْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي سِجْنِ هَذَا الْقَاضِي لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي سِجْنِ الْوَالِي وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْحَبْسِ يَجُوزُ، وَقَدْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْأَصْلُ فِي الشَّاهِدِ إذَا كَانَ امْرَأَةً مُخَدَّرَةً يَجُوزُ إشْهَادُهَا عَلَى شَهَادَتِهَا وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا وَلِأَجْلِ الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ تَكُونُ مُخَدَّرَةً بِشَرْطِ أَنْ لَا تُخَالِطَ الرِّجَالَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إنْ كَانَ الْأَصْلُ مُعْتَكِفًا قَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ مَنْذُورًا، أَوْ غَيْرَ مَنْذُورٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ يَجُوزُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِالْأُصُولِ عُذْرٌ حَتَّى لَوْ حَلَّ بِهِمْ الْعُذْرُ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ، أَوْ مَوْتٍ يَشْهَدُ الْفُرُوعُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ أَنَّ فُرُوعًا شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ الْأُصُولِ، ثُمَّ حَضَرَ الْأُصُولُ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا يُقْضَى بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. شَاهِدُ الْأَصْلِ أَشْهَدَ غَيْرَهُ عَلَى شَهَادَتِهِ، وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا، وَقَالَ لَا أَقْبَلُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِيرَ شَاهِدًا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ أَشْهَدَ رَجُلًا عَلَى شَهَادَتِهِ، ثُمَّ نَهَاهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ بَعْدَ النَّهْيِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَلَمْ يَقْضِ بِشَهَادَتِهِمَا حَتَّى حَضَرَ الْأَصْلَانِ وَنَهَيَا الْفُرُوعَ عَنْ الشَّهَادَةِ صَحَّ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَصِحُّ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ أَنْكَرَ شُهُودُ الْأَصْلِ الشَّهَادَةَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ شُهُودِ الْفَرْعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. لَوْ أَنَّ فَرْعَيْنِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ فَخَرِسَ الْمَشْهُودُ عَلَى شَهَادَتِهِ، أَوْ عَمِيَ، أَوْ ارْتَدَّ، أَوْ فَسَقَ، أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ وَصَارَ بِحَالٍ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ بَطَلَ إشْهَادُهُ عَلَى شَهَادَتِهِ، وَإِذَا شَهِدَ الْفَرْعُ عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِفِسْقٍ الْأَصْلِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمَبْسُوطِ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا أَشْهَدَ الرَّجُلُ رَجُلًا عَلَى شَهَادَتِهِ، ثُمَّ صَارَ الْأَصْلُ بِحَالٍ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ صَارَ بِحَالٍ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ بِأَنْ فَسَقَ، ثُمَّ تَابَ، ثُمَّ إنَّ الْفَرْعَ شَهِدَ عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ أَشْهَدَا رَجُلَيْنِ عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَالْفَرْعَانِ عَدْلَانِ، ثُمَّ صَارَا فَاسِقَيْنِ، ثُمَّ صَارَا عَدْلَيْنِ فَشَهِدَا، أَوْ أَشْهَدَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ

كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ شَهِدَ الْفَرْعَانِ عِنْدَ الْقَاضِي فَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا لِلتُّهْمَةِ فِي الْأَوَّلَيْنِ لَا يَقْبَلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا مِنْ الْأَوَّلَيْنِ، وَلَا مِمَّنْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ كَانَ رَدَّ شَهَادَةَ الْفَرْعَيْنِ لِتُهْمَةٍ فِيهِمَا فَشَهَادَةُ الْأَوَّلَيْنِ جَائِزَةٌ إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَشْهَدَا رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ آخَرَيْنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ عَبْدَيْنِ، أَوْ مُكَاتَبَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ عَلَى مُسْلِمٍ فَرَدَّهَا الْقَاضِي بِذَلِكَ، ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدَانِ وَالْمُكَاتَبَانِ وَأَسْلَمَ الْكَافِرَانِ وَشَهِدَا بِذَلِكَ، أَوْ أَشْهَدَاهُمَا، أَوْ غَيْرَهُمَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا جَازَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ كَانَ الْأَصْلُ فَاسِقًا عِنْدَ الْإِشْهَادِ، ثُمَّ تَابَ لَمْ يَشْهَدْ الْفَرْعُ إلَّا أَنْ يُعَادَ الْإِشْهَادُ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. لَوْ أَنْ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ ارْتَدَّا، ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الْفَرْعَيْنِ عَلَى شَهَادَتِهِمَا، وَلَوْ شَهِدَ الْأَصْلَانِ بِأَنْفُسِهِمَا بَعْدَمَا أَسْلَمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا قَالَ الْفُرُوعُ: أَشْهَدَنَا الْأُصُولُ عَلَى شَهَادَتِهِمْ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِكَذَا إلَّا أَنَّا لَا نَعْرِفُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِكَذَا فَالْقَاضِي يَقْبَلُ الشَّهَادَةَ وَيَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّ الَّذِي أَحْضَرَهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَرْعَانِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَصْلَيْنِ إنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ الْأُصُولَ وَالْفُرُوعَ بِالْعَدَالَةِ قَضَى بِشَهَادَتِهِمْ، وَإِنْ عَرَفَ الْأُصُولَ بِالْعَدَالَةِ، وَلَمْ يَعْرِفْ الْفُرُوعَ يَسْأَلُ عَنْ الْفُرُوعِ، وَإِنْ عَرَفَ الْفُرُوعَ بِالْعَدَالَةِ، وَلَمْ يَعْرِفْ الْأُصُولَ ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الْفُرُوعَ عَنْ أُصُولِهِمْ، وَلَا يَقْضِي قَبْلَ السُّؤَالِ، فَإِنْ عَدَّلَا الْأُصُولُ تَثْبُتُ عَدَالَةُ الْأُصُولِ بِشَهَادَتِهِمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَة وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ عَدَالَةُ الْأُصُولِ بِتَعْدِيلِ الْفُرُوعِ وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ قَالَ الْفَرْعَانِ لِلْقَاضِي: لَا نُخْبِرُكَ، لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا، فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي أَنَا آتِيك بِمَنْ يُعَدِّلُهُمَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ، وَلَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي سَلْ عَنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ عَدْلٌ لَا يَقْبَلُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ الْفَرْعَانِ لَا نَعْرِفُ الْأَصْلَ أَعَدْلٌ أَمْ لَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا يَرُدُّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا وَيَسْأَلُ عَنْ الْأُصُولِ غَيْرَهُمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. لَوْ قَالَ الْفَرْعُ لِلْقَاضِي أَنَا أَتَّهِمُهُ فِي الشَّهَادَةِ لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَةَ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَتِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ سَكَتَ الْفُرُوعُ عَنْ تَعْدِيلِهِمْ صَحَّ وَيَتَعَرَّفُ الْقَاضِي عَدَالَةَ شُهُودِ الْأَصْلِ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّزْكِيَةِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقْبَلُ هَكَذَا فِي الْكَافِي. ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي عَدْلٍ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ شَاهِدَيْنِ، ثُمَّ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً نَحْوَ عِشْرِينَ سَنَةٍ، وَلَا يَدْرِي أَهُوَ عَلَى عَدَالَتِهِ أَمْ لَا فَشَهِدَا عَلَى تِلْكَ الشَّهَادَةِ، وَلَمْ يَجِدْ الْحَاكِمُ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ إنْ كَانَ الْأَصْلُ مَشْهُورًا كَأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَضَى بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ عِشْرَةَ الْمَشْهُورِ

الباب الثاني عشر في الجرح والتعديل

يُتَحَدَّثُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَشْهُورٍ لَا يَقْضِي بِهَا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. قَالَ فِي الْجَامِعِ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْقَتْلِ خَطَأً وَقَضَى الْقَاضِي بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، ثُمَّ جَاءَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفُرُوعِ وَلَكِنْ يَرُدُّ الْوَلِيُّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَوْ جَاءَ الشَّاهِدَانِ الْأَصْلَانِ وَأَنْكَرَا الشَّهَادَةَ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُمَا فِي حَقِّ الْفَرْعَيْنِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِمَا الضَّمَانُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَصْلَيْنِ أَيْضًا، وَإِنْ قَالَ الْأُصُولُ إنَّا قَدْ أَشْهَدْنَاهُمَا بِبَاطِلٍ وَنَحْنُ نَعْلَمُ يَوْمَئِذٍ أَنَّا كُنَّا كَاذِبَيْنِ لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعَاقِلَةُ بِالْخِيَارِ إذَا شَاءُوا ضَمَّنُوا الْأُصُولَ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ، فَإِنْ ضَمَّنُوا الْأَصْلَيْنِ رَجَعَا عَلَى الْوَلِيِّ، وَإِنْ ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَصْلَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ] لَا بُدَّ أَنْ يَسْأَلَ الْقَاضِي عَنْ الشُّهُودِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ طَعَنَ الْخَصْمُ أَمْ لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْتَصِرُ عَلَى ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ فِي الْمُسْلِمِ حَتَّى يَطْعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ يَسْأَلُ فِي السِّرِّ وَيُزَكِّي فِي الْعَلَانِيَةِ فِيهِمَا بِالْإِجْمَاعِ طَعَنَ الْخَصْمُ، أَوْ لَمْ يَطْعَنْ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ هَكَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ لَمْ يَطْعَنْ الْخَصْمُ فِي الشُّهُودِ بَلْ عَدَّلَهُمْ بِأَنْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ صَدَقُوا فِيمَا شَهِدُوا عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ جَائِزَةٌ شَهَادَتُهُمْ لِي وَعَلَيَّ فَالْقَاضِي يَقْضِي عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي، وَلَا يَسْأَلُ عَنْ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْحَقِّ، وَإِنْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ، وَلَمْ يَزِدْ، أَوْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ إلَّا أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا فِي الشَّهَادَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَدْلًا لَا يَصْلُحُ لِلتَّزْكِيَةِ، يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَجْحَدْ دَعْوَى الْمُدَّعِي عِنْدَ الْجَوَابِ بَلْ سَكَتَ حَتَّى شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ، ثُمَّ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْقَاضِي يَقْضِي لِلْمُدَّعِي بِشَهَادَتِهِمْ، وَلَا يَسْأَلُ عَنْهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ حَقًّا يَثْبُتُ مَعَ الشُّبُهَاتِ، أَوْ لَا يَثْبُتُ مَعَهَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَاضِي لَا يَقْضِي قَبْلَ السُّؤَالِ بَلْ يَسْأَلُ عَنْهُمْ، وَإِنْ جَحَدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَلَمَّا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ، فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ جُعِلَ هَذَا عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي تَقَدَّمَ عِنْدَهُمَا يَقْضِي الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقْضِي مَا لَمْ يَسْأَلْ مِنْ غَيْرِهِ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ فِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِحُّ تَعْدِيلُ الْخَصْمِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَكُونُ تَعْدِيلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا الْوَجْهِ يَقُولُ الْقَاضِي لِلْخَصْمِ مَاذَا تَقُولُ أَصَدَقُوا فِي الشَّهَادَةِ أَمْ كَذَبُوا إنْ قَالَ: صَدَقُوا فَقَدْ أَقَرَّ بِمَا ادَّعَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ قَالَ: كَذَبُوا لَا يَقْضِي، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا، أَوْ مَسْتُورًا لَا يَصِحُّ تَعْدِيلُهُ، وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي، وَلَا يَجْعَلُ قَوْلَ الْخَصْمِ هُمْ عُدُولٌ إقْرَارًا عَلَى نَفْسِهِ بِالْحَقِّ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ تَعْدِيلُهُ إذَا كَانَ فَاسِقًا

أَوْ مَسْتُورًا يَسْأَلُهُ الْقَاضِي أَصَدَقَ الشُّهُودُ أَمْ كَذَبُوا، فَإِنْ قَالَ: صَدَقُوا كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا فَيَقْضِي الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ قَالَ: كَذَبُوا لَا يَقْضِي هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا عَدَّلَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ، ثُمَّ شَهِدَا عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَا شَهِدَا بِهِ فَالْقَاضِي لَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ التَّعْدِيلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِحَقٍّ فَعَدَّلَ أَحَدَهُمَا، فَقَالَ: هُوَ عَدْلٌ إلَّا أَنَّهُ غَلِطَ، أَوْ وَهَمَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ عَنْ الشَّاهِدِ الْآخَرِ، فَإِنْ عَدَّلَ الشَّاهِدَ الثَّانِيَ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنَّ قَوْلَهُ غَلِطَ، أَوْ وَهَمَ لَيْسَ بِجَرْحٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْدَمَا شَهِدَ عَلَيْهِ: الَّذِي شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ عَلَيَّ حَقٌّ، أَوْ قَالَ: الَّذِي شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ عَلَيَّ هُوَ الْحَقُّ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي، وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ الْآخَرِ، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ فُلَانٌ عَلَيَّ حَقٌّ، أَوْ قَالَ: الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ فُلَانٌ عَلَيَّ هُوَ الْحَقُّ فَلَمَّا شَهِدَا عَلَيْهِ قَالَ لِلْقَاضِي سَلْ عَنْهُمَا فَإِنَّهُمَا شَهِدَا عَلَيَّ بِبَاطِلٍ وَمَا كُنْت أَظُنُّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَيَّ بِمَا شَهِدَا بِهِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيَسْأَلُ الْقَاضِي عَنْهُمَا فَإِنْ عُدِّلَا أَمْضَى شَهَادَتَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُعَدَّلَا لَا، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ شَاهِدَانِ شَهِدَا عِنْدَ الْقَاضِي وَالْحَاكِمُ يَعْرِفُ أَحَدَهُمَا بِالْعَدَالَةِ، وَلَا يَعْرِفُ الْآخَرَ فَزَكَّاهُ الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ قَالَ نُصَيْرٌ لَا يَقْبَلُ تَعْدِيلَهُ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ رِوَايَتَانِ وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ فِي ثَلَاثَةٍ شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَهُوَ يَعْرِفُ اثْنَيْنِ، وَلَمْ يَعْرِفْ الثَّالِثَ فَعَدَّلَهُ الِاثْنَانِ قَالَ: يَجُوزُ تَعْدِيلُهُمَا إيَّاهُ فِي شَهَادَةٍ أُخْرَى، وَلَا يَجُوزُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَإِنَّهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ نُصَيْرٍ وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْوَاحِدُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُزَكِّيًا وَرَسُولًا مِنْ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكَّى وَمُتَرْجِمًا عَنْ الشَّاهِدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ، وَهَذَا فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ، أَمَّا فِي تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ فَالْعَدَدُ شَرْطٌ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْكَافِي أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ مِنْ الْعَدَالَةِ وَالْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْبَصَرِ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْمُزَكَّى فِي تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتَزْكِيَةُ السِّرِّ تُقْبَلُ مِنْ الْعَبْدِ وَالْأَعْمَى وَالصَّبِيِّ وَالْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالتُّرْجُمَان إذَا كَانَ أَعْمَى فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ إذَا كَانَتْ ثِقَةً حُرَّةً جَازَتْ تَرْجَمَتُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَالرَّجُلِ، وَهَذَا فِي الْأَمْوَالِ وَمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهَا فِيهِ، أَمَّا فِيمَا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهَا فِيهِ فَلَا تَجُوزُ تَرْجَمَتُهَا فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتَصِحُّ تَزْكِيَةُ السِّرِّ مِنْ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَالْفَاسِقِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا كُلُّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُقْبَلُ تَعْدِيلُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا وَغَيْرِهِ إذَا كَانَتْ امْرَأَةً بَرْزَةً تُخَالِطُ النَّاسَ وَتُعَامِلُهُمْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ إسْلَامَ

الْمُزَكَّى شَرْطٌ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ فِي تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَخْتَارَ لِلْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ مَنْ كَانَ عَدْلًا صَاحِبَ خِبْرَةٍ بِالنَّاسِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ طَمَّاعًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا يَعْرِفُ أَسْبَابَ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَأَنْ يَكُونَ غَنِيًّا، وَإِنْ وَجَدَ عَالِمًا فَقِيرًا وَغَنِيًّا ثِقَةً غَيْرَ عَالِمٍ، أَوْ عَالِمًا ثِقَةً لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَثِقَةً غَيْرَ عَالِمٍ يُخَالِطُ النَّاسَ اخْتَارَ الْعَالِمَ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ الْمُزَكِّي مُغَفَّلًا، وَلَا يَكُونَ مُنْزَوِيًا لَا يُخَالِطُ النَّاسَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُعَدِّلُ فِي الْعَلَانِيَةِ هُوَ الْمُعَدِّلُ فِي السِّرِّ، وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَصُورَةُ تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ أَنْ يَجْمَعَ الْقَاضِي بَيْنَ الْمُعَدِّلِ وَالشَّاهِدِ وَيَقُولَ لِلْمُعَدِّلِ أَهَذَا الَّذِي عَدَّلْتَهُ؟ أَوْ يَقُولَ لِلْمُزَكِّي بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ أَهَؤُلَاءِ عُدُولٌ مَقْبُولُو الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَصُورَةُ تَزْكِيَةِ السِّرِّ أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي رَسُولًا إلَى الْمُزَكِّي، أَوْ يَكْتُبَ إلَيْهِ كِتَابًا فِيهِ أَسْمَاءُ الشُّهُودِ وَأَنْسَابُهُمْ وَحِلَاهُمْ وَمَحَالُّهُمْ وَسُوقُهُمْ إنْ كَانَ سُوقِيًّا حَتَّى يَتَعَرَّفَ الْمُزَكِّي فَيَسْأَلَ مِنْ جِيرَانِهِمْ وَأَصْدِقَائِهِمْ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيُنْفِذُ عَلَى يَدَيْ أَمِينِهِ مَخْتُومًا بِخَتْمِهِ إلَى ذَلِكَ الْمُزَكِّي، وَلَا يُطْلِعُ أَحَدًا عَلَى مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ حَتَّى لَا يُعْلَمَ فَيُخْدَعَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ثُمَّ الْقَاضِي إنْ شَاءَ يَجْمَعُ بَيْنَ تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ وَبَيْنَ تَزْكِيَةِ السِّرِّ، وَإِنْ شَاءَ اكْتَفَى بِتَزْكِيَةِ السِّرِّ وَفِي زَمَانِنَا تَرَكُوا تَزْكِيَةَ الْعَلَانِيَةِ وَاكْتَفَوْا بِتَزْكِيَةِ السِّرِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقَدْ كَانَتْ الْعَلَانِيَةُ وَحْدَهَا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَوَقَعَ الِاكْتِفَاءُ بِالسِّرِّ فِي زَمَانِنَا تَحَرُّزًا عَنْ الْفِتْنَةِ وَيُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: " تَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ "، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيَنْبَغِي لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يَخْتَارَ لِلسُّؤَالِ عَنْ الشُّهُودِ مَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْأَوْصَافِ الَّتِي شُرِطَتْ فِي الْمُزَكَّى، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ إنَّمَا يَسْأَلُ مِنْ جِيرَانِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَلَا يَتَحَامَلُ هُوَ عَلَيْهِمْ نَحْوُ أَنْ لَا يُعْطِيَ الْجِبَايَةَ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي جِيرَانِهِ وَأَهْلِ سُوقِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِلتَّعْدِيلِ يَسْأَلُ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ، وَإِنْ وَجَدَ كُلَّهُمْ غَيْرَ ثِقَاتٍ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى تَوَاتُرِ الْأَخْبَارِ، وَكَذَلِكَ إذَا سَأَلَ جِيرَانَهُ وَأَهْلَ مَحَلَّتِهِ وَهُمْ غَيْرُ ثِقَاتٍ فَاتَّفَقُوا عَلَى تَعْدِيلِهِ، أَوْ جَرْحِهِ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمْ صَدَقُوا كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ تَوَاتُرِ الْأَخْبَارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ الْمُعَدِّلُ لَا يَعْرِفُ الشَّاهِدَ فَعَدَّلَهُ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ عِنْدَهُ وَسِعَهُ أَنْ يُعَدِّلَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَمَنْ عَرَفَهُ بِالْعَدَالَةِ يَكْتُبُ تَحْتَ اسْمِهِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَيْهِ عَدْلٌ جَائِزُ الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيَكُونُ تَعْدِيلًا وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ تَحْتَ اسْمِهِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَيْهِ هُوَ عِنْدِي عَدْلٌ مَرْضِيٌّ جَائِزُ الشَّهَادَةِ وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا اللَّفْظُ لَا يَكُونُ تَعْدِيلًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عِنْدِي لَفْظٌ مُوهِمٌ أَلَا يُرَى أَنَّ الشَّاهِدَ

إذَا قَالَ الْحَقُّ عِنْدِي لِهَذَا الْمُدَّعِي يَكُونُ بَاطِلًا؟ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - زَيَّفَ هَذَا الْقَوْلَ، وَقَالَ: هَذَا عِنْدِي لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْعَالِمَ بِالْحَقَائِقِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنَّمَا يُخْبِرُ الْمُكَلَّفُ عَمَّا عِنْدَهُ وَوَقَعَ اجْتِهَادُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ عَرَفَهُ بِالْفِسْقِ لَا يَكْتُبُ شَيْئًا احْتِرَازًا عَنْ الْهَتْكِ، أَوْ يَقُولُ اللَّهُ أَعْلَمُ. إلَّا إذَا عَدَّلَهُ غَيْرُهُ وَخَافَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ يَقْضِي الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ فَحِينَئِذٍ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِعَدَالَةٍ، وَلَا فِسْقٍ يَكْتُبُ تَحْتَ اسْمِهِ مَسْتُورٌ، ثُمَّ يَرُدُّ الْمَسْتُورَةَ مَعَ أَمِينِ الْقَاضِي إلَيْهِ فِي السِّرِّ كَيْ لَا يُظْهَرَ فَيُخْدَعَ الْمُزَكِّي، أَوْ يُقْصَدَ بِالْأَذَى، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَدِّلَهُ قَطْعًا، وَلَا يَقُولُ إنَّهُمْ عُدُولٌ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الثِّقَاتِ أَخْبَرُونِي بِعَدَالَتِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ مِنْهُمْ إلَّا خَيْرًا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَعْدِيلٌ، وَلَوْ قَالَ: هُمْ فِيمَا عَلِمْنَاهُمْ عُدُولٌ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي إذَا قَالَ الْمُزَكِّي هُمْ عُدُولٌ فَهَذَا لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: هُمْ ثِقَاتٌ فَالْقَاضِي لَا يَكْتَفِي بِهِ، وَلَوْ قَالَ: إنَّهُ مُزَكًّى يُكْتَفَى بِهِ، وَإِنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ مِنْهُ إلَّا خَصْلَةً مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ لَا يَكُونُ هَذَا تَعْدِيلًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقِيلَ: يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ، وَهُوَ عَدْلٌ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ ثَابِتَةٌ بِالدَّارِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا فَلَا تَلْزَمُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ، وَهَذَا أَصَحُّ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَهَكَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ قَالَ: هُوَ عَدْلٌ إنْ لَمْ يَكُنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فَهَذَا لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إنْ عَرَفَ الْمُزَكِّي الشُّهُودَ بِالْعَدَالَةِ غَيْرَ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي كَانَ بَاطِلًا، أَوْ أَنَّ الشُّهُودَ أَوْهَمُوا فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ لِلْقَاضِي مَا صَحَّ عِنْدَهُ مِنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ وَإِيهَامِهِمْ فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ، أَوْ بُطْلَانِ دَعْوَى الْمُدَّعِي، ثُمَّ الْقَاضِي يَتَفَحَّصُ عَمَّا أَخْبَرَ بِهِ الْمُزَكِّي غَايَةَ التَّفَحُّصِ، فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ حَقِيقَةُ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْمُزَكِّي رَدَّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ قَبِلَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ غَرِيبٌ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لَهُ مَنْ مَعَارِفُكَ، فَإِنْ سَمَّاهُمْ وَهُمْ يَصْلُحُونَ لِلْمَسْأَلَةِ مِنْهُمْ سَأَلَ مِنْهُمْ فِي السِّرِّ، فَإِنْ عَدَّلُوا سَأَلَ مِنْهُمْ فِي الْعَلَانِيَةِ، فَإِنْ عَدَّلُوهُ قَبِلَ تَعْدِيلَهُمْ إذَا كَانَ الْقَاضِي يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ تَزْكِيَةِ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ لَمْ يَصْلُحُوا تَوَقَّفَ فِيهِ وَسَأَلَ عَنْ الْمُعَدِّلِ الَّذِي فِي بَلْدَتِهِ إنْ كَانَ فِي وِلَايَةِ هَذَا الْقَاضِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَتَبَ إلَى قَاضِي وِلَايَتِهِ يَتَعَرَّفُ عَنْ حَالِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَهُوَ عَلَى رَأْسِ خَمْسِينَ فَرْسَخًا مِنْ بَلَدٍ فِيهِ الْقَاضِي فَبَعَثَ أَمِينًا عَلَى جُعْلٍ لِيَسْأَلَ الْمُعَدِّلَ عَنْ الشَّاهِدِ فَالْجُعْلُ عَلَى الْمُدَّعِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ كَانَتْ الشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى حَدٍّ، أَوْ قِصَاصٍ سَأَلَ عَنْهُمْ أَحْيَاءَهُمْ وَيَبْحَثُ عَنْ ذَلِكَ بَحْثًا شَافِيًا حَتَّى يَسْتَقْصِيَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَقْصَى رُبَّمَا ظَهَرَ شَيْءٌ يُوجِبُ سُقُوطَ الْحَدِّ عَنْهُ هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. إذَا أَتَاهُ كِتَابُ التَّعْدِيلِ وَاحْتَاطَ الْقَاضِي وَأَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ غَيْرِهِ أَيْضًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ، وَلَا يُعْلِمُهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ حَالِهِمْ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَتَى الثَّانِي بِمِثْلِ مَا جَاءَ بِهِ الْأَوَّلُ فَقَدْ أَنْفَذَ ذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ عَدَّلَهُمْ

أَحَدُهُمَا وَجَرَحَهُمْ الْآخَرُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْجَرْحُ أَوْلَى كَمَا لَوْ عَدَّلَهُمْ اثْنَانِ وَجَرَحَهُمْ اثْنَانِ كَانَ الْجَرْحُ أَوْلَى فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ جَرَحَهُمْ وَاحِدٌ وَعَدَّلَهُمْ اثْنَانِ تَثْبُتُ الْعَدَالَةُ فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ جَرَحَهُمْ اثْنَانِ وَعَدَّلَهُمْ عَشَرَةٌ كَانَ الْجَرْحِ أَوْلَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا سَأَلَ الْقَاضِي عَنْ الشُّهُودِ وَطُعِنَ فِيهِمْ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُصَرِّحَ لِلْمُدَّعِي بِأَنَّ شُهُودَكَ جُرِحُوا بَلْ يَقُولُ لَهُ زِدْ فِي شُهُودِكَ، أَوْ يَقُولُ لَهُ لَمْ يُحْمَدْ شُهُودُكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي أَنَا آتِي بِمَنْ يُعَدِّلُهُمْ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ، أَوْ قَالَ لِلْقَاضِي أُسَمِّي لَكَ أَقْوَامًا مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ فَاسْأَلْ عَنْهُمْ بِذَلِكَ فَسَمَّى لَهُ قَوْمًا يَصْلُحُونَ لِلْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ قَوْلَهُ، فَإِنْ جَاءَ بِقَوْمٍ وَعَدَّلُوا، أَوْ سَأَلَ أُولَئِكَ فَعَدَّلُوا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَعَنُوا فِيهِمْ بِمَ تَطْعَنُونَ فِيهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا جَرَحُوهُمْ بِشَيْءٍ يَكُونُ جَرْحًا عِنْدَهُمْ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ جَرْحًا عِنْدَ الْقَاضِي وَعِنْدَ الْمُعَدِّلِينَ فَبَعْدَ ذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يُبَيِّنُوا كَذَلِكَ، أَوْ يُبَيِّنُوا بِمَا يَكُونُ جَرْحًا عِنْدَ الْكُلِّ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ وَيَأْخُذُ بِقَوْلِ الَّذِينَ عَدَّلُوا وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي الْجَرْحُ أَوْلَى، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَالْوَاقِعَاتِ وَالْمُحِيطِ نَقْلًا عَنْ الْعُيُونِ. وَكَذَا لَوْ عَدَّلَ الْمُزَكِّي الشُّهُودَ وَطَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، وَقَالَ لِلْقَاضِي سَلْ عَنْهُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا وَسَمَّى قَوْمًا يَصْلُحُونَ لِلْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ عَنْهُمْ، فَإِنْ جَرَحُوا، أَوْ بَيَّنُوا جَرْحًا صَالِحًا كَانَ الْجَرْحُ أَوْلَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ نَقْلًا عَنْ الْعُيُونِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْمَشْهُودَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَنْ يُعَدِّلُ شُهُودَهُ؟ قَالَ: لَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ لَوْ ثَبَتَتْ عَدَالَةُ الشُّهُودِ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَضَى بِشَهَادَتِهِمْ، ثُمَّ شَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي فِي حَادِثَةٍ أُخْرَى إذَا كَانَ الْعَهْدُ قَرِيبًا لَا يَشْتَغِلُ بِتَعْدِيلِهِمْ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا يَشْتَغِلُ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا وَالصَّحِيحُ فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُفَوَّضُ ذَلِكَ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالشَّاهِدَانِ لَوْ عُدِّلَا بَعْدَمَا مَاتَا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا، وَكَذَا لَوْ غَابَا ثُمَّ عُدِّلَا، وَلَوْ خَرِسَا، أَوْ عَمِيَا، ثُمَّ عُدِّلَا لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَدْلًا مَشْهُورًا بِالرِّضَا غَابَ، ثُمَّ حَضَرَ وَشَهِدَ وَسُئِلَ الْمُعَدِّلُ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً كَانَ لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يُعَدِّلَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْقَطِعَةً مَسِيرَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَوْ نَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مَشْهُورًا بِالرِّضَا كَأَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى فَلَهُ أَنْ يُعَدِّلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا فَالْمُعَدِّلُ لَا يُعَدِّلُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ نَزَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ لَا يَعْرِفُونَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَقَامَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ مِنْهُ إلَّا الصَّلَاحُ وَالِاسْتِقَامَةُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا أُوَقِّتُ فِيهِ وَقْتًا، وَهُوَ عَلَى مَا يَقَعُ فِي قُلُوبِهِمْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ أَنَّ صَبِيًّا بَلَغَ وَشَهِدَ شَهَادَةً فَحُكْمُهُ

حُكْمُ الْغَرِيبِ الَّذِي نَزَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ. . وَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَسْلَمَ، ثُمَّ شَهِدَ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي عَرَفَهُ عَدْلًا فِي النَّصْرَانِيَّةِ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ، وَلَا يَتَأَنَّى، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِالْعَدَالَةِ يَسْأَلُ مَنْ عَرَفَهُ بِالْعَدَالَةِ فِي النَّصْرَانِيَّة وَيَسَعُهُ أَنْ يُعَدِّلَهُ مِنْ غَيْرِ تَأَنٍّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَصْرَانِيَّيْنِ شَهِدَا عَلَى نَصْرَانِيٍّ وَعَدَّلَا فِي النَّصْرَانِيَّةِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الشَّاهِدَانِ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ أَعَادَا شَهَادَتَهُمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الْمُعَدِّلَ الْمُسْلِمَ عَنْ حَالِهِمَا، وَلَوْ كَانَ التَّعْدِيلُ السَّابِقُ مِنْ الْمُسْلِمَيْنِ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّعْدِيلَ وَقَعَ مُعْتَبَرًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ عَرَفَ فِسْقَ الشَّاهِدِ فَغَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً بِسَنَةٍ، أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ قَدِمَ، وَلَا يَدْرِي مِنْهُ إلَّا الصَّلَاحَ لَا يَنْبَغِي لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يَجْرَحَهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدِّلَهُ أَيْضًا حَتَّى تَتَبَيَّنَ عَدَالَتُهُ. وَكَذَلِكَ الذِّمِّيُّ لَوْ أَسْلَمَ وَعَرَفَ مِنْهُ مَا هُوَ جَرْحٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَا يَنْبَغِي لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يَجْرَحَهُ، وَلَا يُعَدِّلَهُ حَتَّى تَظْهَرَ عَدَالَتُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ ارْتَكَبَ مَا يَصِيرُ بِهِ سَاقِطَ الشَّهَادَةِ مِنْ الْكَبَائِرِ، ثُمَّ تَابَ وَشَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ زَمَانٌ لَا يَنْبَغِي لِلْمُعَدِّلِ أَنْ يُعَدِّلَهُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ زَمَانٌ وَهُوَ عَلَى تَوْبَتِهِ، يَقَعُ فِي الْقَلْبِ أَنَّهُ صَحَّتْ تَوْبَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَسْمَعُ الْقَاضِي الشَّهَادَةَ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ عَنْ حَقِّ الشَّرْعِ، أَوْ الْعَبْدِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ الشُّهُودَ فَسَقَةٌ، أَوْ زُنَاةٌ، أَوْ أَكَلَةُ الرِّبَا، أَوْ شَرَبَةُ الْخَمْرِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِهِمْ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالزُّورِ، أَوْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِهِمْ أَنَّهُمْ أُجَرَاءُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ، أَوْ إقْرَارِهِمْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى، أَوْ إقْرَارِهِمْ عَلَى أَنْ لَا شَهَادَةَ لَهُمْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَرْحٍ فِيهِ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ، أَوْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الشَّرْعِ بِأَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمْ زَنَوْا وَوَصَفُوا الزِّنَا، أَوْ شَرِبُوا الْخَمْرَ، أَوْ سَرَقُوا مِنِّي، وَلَمْ يَتَقَادَمْ الْعَهْدُ، أَوْ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ، أَوْ أَحَدَهُمْ عَبْدٌ، أَوْ شَرِيكُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى مَالٌ، أَوْ قَاذِفٌ وَالْمَقْذُوفُ يَدَّعِيهِ، أَوْ مَحْدُودُونَ فِي الْقَذْفِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمْ عَلَى أَدَاءِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ تُقْبَلُ كَذَا فِي الْكَافِي. ثُمَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ شَاهِدَ الْمُدَّعِي مَحْدُودٌ فِي الْقَذْفِ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الشُّهُودَ مَنْ حَدَّهُ؟ هَكَذَا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ إنْ حَصَلَ مِنْ السُّلْطَانِ، أَوْ مِنْ نَائِبِهِ تُبْطِلُ شَهَادَتَهُ، وَإِنْ حَصَلَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ الرَّعَايَا لَا تُبْطِلُ شَهَادَتَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ السُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ: حَدَّهُ قَاضِي كُورَةِ كَذَا فَالْقَاضِي هَلْ يَسْأَلُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ حَدَّهُ؟ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ وَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ هَلْ كَانَ قَاضِيًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؟ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ ذَلِكَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَمْ يَحُدَّهُ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي شَهِدُوا، أَوْ عَلَى إقْرَارِ ذَلِكَ الْقَاضِي أَنِّي كُنْتُ غَائِبًا عَنْ الْمِصْرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا يَقْبَلُ الْكُلَّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ شَهِدُوا أَنَّ الْمُدَّعِيَ اسْتَأْجَرَهُمْ بِعَشَرَةٍ وَأَعْطَاهُمُوهَا مِنْ مَالِي الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ، أَوْ أَنِّي صَالَحْتُهُمْ عَلَى كَذَا مِنْ

الْمَالِ وَدَفَعْتُ إلَيْهِمْ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدُوا عَلَيَّ بِالْبَاطِلِ، وَقَدْ شَهِدُوا وَطَالَبَهُمْ بِرَدِّ الْمَالِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْضُرُوا ذَلِكَ الْمَجْلِسَ الَّذِي كَانَ فِيهِ ذَلِكَ الْأَمْرُ، أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُمْ فَسَقَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ إقْرَارِهِ بِمَا يُبْطِلُ شَهَادَتَهُمْ تُقْبَلُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا، أَوْ أَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ شُهُودًا أَنَّ هَذَا الشَّاهِدَ كَانَ يَدَّعِيهَا وَيَزْعُمُ أَنَّهَا لَهُ فَهَذَا جَرْحٌ إنْ عُدِّلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الشَّاهِدَ كَانَ يَدَّعِي الشَّرِكَةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ وَكَّلَ الشَّاهِدَ فِي هَذِهِ الْخُصُومَةِ قَبْلَ شَهَادَتِهِمْ، وَقَدْ خَاصَمَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إنَّ الشَّاهِدَيْنِ عَبْدَانِ، وَقَالَا: نَحْنُ حُرَّانِ لَمْ نُمْلَكْ قَطُّ، فَإِنْ عَرَفَهُمَا الْقَاضِي وَعَرَفَ حُرِّيَّتَهُمَا لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُهُمَا وَكَانَا مَجْهُولَيْنِ قَبِلَ قَوْلَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَلَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي أَوْ هُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُمَا حُرَّانِ فَحِينَئِذٍ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، فَإِنْ قَالَا: سَلْ عَنَّا. لَا يَقْبَلُ ذَلِكَ، فَإِنْ سَأَلَ عَنْهُمَا فَأُخْبِرَ أَنَّهُمَا حُرَّانِ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُمَا كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ طَلَب عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَهُوَ أَحَبُّ وَأَحْسَنُ، وَلَوْ جَاءَ إنْسَانٌ وَادَّعَى رِقِّيَّةَ هَذَا الشَّاهِدِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْكُتُبِ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ وَفِيهِ شُبْهَةٌ يَجِبُ أَنْ لَا يَسْمَعَ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى حُرِّيَّتِهِ وَيَسْمَعَ إنْ لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ الشُّهُودُ كُنَّا عَبِيدًا لَكِنَّا عَتَقْنَا لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَتْ الشُّهُودُ نَحْنُ أَحْرَارُ الْأَصْلِ، وَقَالَ الْمُزَكُّونَ كَانُوا عَبِيدًا لِفُلَانٍ أَعْتَقَهُمْ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمْ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْعِتْقِ، وَإِنْ أَقَامَ الْمَشْهُودُ لَهُ بَيِّنَةً عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَهُمْ، وَهُوَ يَمْلِكُهُمْ وَقَضَى الْقَاضِي بِعِتْقِهِمْ كَانَ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْعِتْقِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ الْإِعْتَاقَ لَا يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ انْتَصَبَ خَصْمًا عَنْ الْمَوْلَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) قَالَ صَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ وَشَاهِدُ الزُّورِ عِنْدَنَا الْمُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ فَيَقُولُ كَذَبْت فِيمَا شَهِدْتُ مُتَعَمِّدًا، أَوْ يَشْهَدُ بِقَتْلِ رَجُلٍ، أَوْ بِمَوْتِهِ فَيَجِيءُ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ، أَوْ بِمَوْتِهِ حَيًّا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَحْكُمُ بِهِ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ بِمُخَالَفَةِ الدَّعْوَى، أَوْ الشَّاهِدِ الْآخَرِ، أَوْ تَكْذِيبِ الْمُدَّعِي لَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا إذَا قَالَ: غَلِطْتُ، أَوْ أَخْطَأْتُ، أَوْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِتُهْمَةٍ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. شَاهِدُ الزُّورِ يُعَزَّرُ إجْمَاعًا اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِ، أَوْ لَمْ يَتَّصِلْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَعْزِيرُهُ تَشْهِيرٌ فَقَطْ هَكَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ كَانَ سُوقِيًّا يَبْعَثُ بِهِ الْقَاضِي إلَى أَهْلِ سُوقِهِ وَقْتَ الضَّحْوَةِ أَجْمَعَ مَا كَانُوا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُوقِيًّا يَبْعَثُ إلَى مَحَلَّتِهِ أَجْمَعَ مَا كَانُوا وَيَقُولُ أَمِينُ الْقَاضِي إنَّ الْقَاضِيَ يُقْرِئُكُمْ السَّلَامَ وَيَقُولُ إنَّا وَجَدْنَا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ فَاحْذَرُوهُ وَحَذِّرُوا النَّاسَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا

كتاب الرجوع عن الشهادة وهو مشتمل على أبواب

يُضْرَبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَقَالَا: يُضْرَبُ وَجِيعًا وَيُحْبَسُ تَأْدِيبًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يُشَهَّرُ عِنْدَهُمَا أَيْضًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ الْحَاكِمُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ إنْ رَجَعَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ وَالنَّدَامَةِ لَا يُعَزَّرُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَلَوْ رَجَعَ عَلَى سَبِيلِ الْإِصْرَارِ يُعَزَّرُ بِالضَّرْبِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْلَمُ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير الرُّجُوع وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ] (كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ) (وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَبْوَابٍ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي تَفْسِيرِهِ وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ) أَمَّا تَفْسِيرُهُ فَهُوَ مَا أَثْبَتَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا رُكْنُهُ فَهُوَ قَوْلُ الشَّاهِدِ رَجَعْتُ عَمَّا شَهِدْتُ بِهِ، أَوْ شَهِدْتُ بِزُورٍ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَأَمَّا شَرْطُهُ فَأَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ عِنْدَ الْقَاضِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْقَاضِيَ الْمَشْهُودَ عِنْدَهُ، أَوْ غَيْرَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَثَمَرَتُهُ تَظْهَرُ إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي رُجُوعَ الشَّاهِدِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَأَنْكَرَ الشَّاهِدُ ذَلِكَ وَأَرَادَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إثْبَاتَهُ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ اسْتِحْلَافِ الشَّاهِدِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَكَذَا إذَا ادَّعَى الرُّجُوعَ مُطْلَقًا لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَلَا يُسْتَحْلَفُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَجَعَ عِنْدَ قَاضِي كَذَا وَضَمَّنَهُ الْمَالَ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي. رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ يُضَمِّنُهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا أَقَرَّ الشَّاهِدُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ رَجَعَ عِنْدَ غَيْرِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَيَجْعَلُ هَذَا رُجُوعًا مُبْتَدَأً مِنْ الشَّاهِدِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ رَجَعَا عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ وَضَمِنَا الْمَالَ وَكَتَبَا بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا صَكًّا وَنَسَبَا الْمَالَ إلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ لَهُ، ثُمَّ جَحَدَا ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي لَمْ يَقْضِ بِذَلِكَ عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّا بِذَلِكَ عِنْدَ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ، أَوْ عَامِلِ كُورَةٍ لَيْسَ الْقَضَاءُ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا تَصَادَقَا عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ بِهَذَا السَّبَبِ فَالْقَاضِي لَا يُلْزِمُهُمَا الضَّمَانَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَأَمَّا حُكْمُهُ فَإِيجَابُ التَّعْزِيرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ رَجَعَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِشَهَادَتِهِ، أَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِهَا وَالضَّمَانُ مَعَ التَّعْزِيرِ إنْ رَجَعَ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَكَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مَالًا، وَقَدْ أَزَالَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَشْهُودُ بِهِ مَالًا بِأَنْ كَانَ قِصَاصًا، أَوْ نِكَاحًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشَّاهِدِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا، وَإِنْ صَارَ الشَّاهِدُ مُتْلِفًا بِشَهَادَتِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَالًا وَكَانَ الْإِتْلَافُ بِعِوَضٍ يُعَادِلُهُ، وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ لَا يُعَادِلُهُ فَبِقَدْرِ الْعِوَضِ لَا ضَمَانَ وَيَجِبُ فِيمَا وَرَاءَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنَّمَا يَضْمَنَانِ إذَا قَبَضَ

الباب الثاني في رجوع بعض الشهود

الْمُدَّعِي الْمَالَ دَيْنًا كَانَ، أَوْ عَيْنًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي. وَفِي الذَّخِيرَةِ وَمَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ عَيْنًا فَلِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَنْ يُضَمِّنَ الشَّاهِدَ بَعْدَ الرُّجُوعِ قَبَضَ الْمَشْهُودُ لَهُ الْعَيْنَ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ دَيْنًا، كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ الْبَزَّازِيُّ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى الضَّمَانُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالشَّهَادَةِ قَبَضَ الْمَالَ أَوْ لَا، وَكَذَا الْعَقَارُ يُضْمَنُ بَعْدَ الرُّجُوعِ إنْ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِالشَّهَادَةِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ الْمَشْهُودِ بِهِ يَوْمَ الْقَضَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا، وَلَمْ يَضْمَنَا، وَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَنْقُضْ الْحُكْمَ، كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ عَنْ شَهَادَتِهِ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي الَّذِي شَهِدَا عِنْدَهُ فَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالرُّجُوعِ وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ فَهَذَا الْقَاضِي يُنَفِّذُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَيَأْمُرُهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ الشَّاهِدَانِ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ رَجَعَ عِنْدَ قَاضٍ مِنْ الْقُضَاةِ وَقَضَى عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ فَهَذَا الْقَاضِي يَقْضِي بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَيُلْزِمُهُ الضَّمَانَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . [الْبَابُ الثَّانِي فِي رُجُوعِ بَعْضِ الشُّهُودِ] إنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ النِّصْفَ وَالْعِبْرَةُ لِمَنْ بَقِيَ لَا لِمَنْ رَجَعَ، فَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ وَرَجَعَ وَاحِدٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ رَجَعَ آخَرُ ضَمِنَا النِّصْفَ، كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ، ثُمَّ رَجَعُوا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَتَانِ ثُمَّ رَجَعَتْ الْمَرْأَتَانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ رَجَعَ الرَّجُلَانِ يَضْمَنَانِ نِصْفَ الْمَالِ، وَلَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَاحِدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِمَا رُبْعُ الْمَالِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ عَلَى الرَّجُلِ وَثُلُثُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلَوْ رَجَعُوا جَمِيعًا فَالضَّمَانُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ عَلَى الرَّجُلَيْنِ وَثُلُثُهُ عَلَى الْمَرْأَتَيْنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، ثُمَّ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ فَعَلَيْهَا رُبْعُ الْمَالِ، وَإِنْ رَجَعَتْ الْمَرْأَتَانِ فَعَلَيْهِمَا النِّصْفُ، وَإِنْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَالِ، وَإِنْ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ، عَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ، وَعَلَى الْمَرْأَةِ الرُّبْعُ، وَإِنْ رَجَعُوا فَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفُ الْمَالِ، وَعَلَى الْمَرْأَتَيْنِ النِّصْفُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ، ثُمَّ رَجَعُوا فَعِنْدَهُمَا عَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ، وَعَلَى النِّسْوَةِ النِّصْفُ، وَعِنْدَهُ عَلَيْهِ خُمُسَانِ وَعَلَيْهِنَّ ثَلَاثَةُ الْأَخْمَاسِ، وَلَوْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ كُلُّهُ عِنْدَهُمَا، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ شَيْءٌ، وَعِنْدَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّاجِعَةِ أَثْلَاثًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ ثَمَانٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِنَّ، فَإِنْ رَجَعَتْ أُخْرَى كَانَ عَلَيْهِنَّ رُبُعُ الْحَقِّ، وَإِنْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَالنِّسَاءُ فَعَلَى الرَّجُلِ سُدُسُ الْحَقِّ وَعَلَى النِّسْوَةِ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا عَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ وَعَلَى النِّسْوَةِ النِّصْفُ، فَإِنْ

الباب الثالث في الرجوع عن الشهادة في الأموال

رَجَعَتْ النِّسْوَةُ الْعَشْرُ دُونَ الرَّجُلِ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ الْحَقِّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ رَجَعَ مَعَ الرَّجُلِ ثَمَانِي نِسْوَةٍ فَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفُ الْحَقِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى النِّسْوَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ رَجَعَ الرَّجُلُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِمَا نِصْفُ الْمَالِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ عَلَى الرَّجُلِ وَالثُّلُثُ عَلَى الْمَرْأَةِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ فِي الْأَمْوَالِ] ِ. فِي الْجَامِعِ أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى آخَرَ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَقُضِيَ بِهَا فَرَجَعَ وَاحِدٌ عَنْ مِائَةٍ وَآخَرُ عَنْ تِلْكَ الْمِائَةِ وَمِائَةٍ أُخْرَى وَالْآخَرُ عَنْ تَيْنِكَ الْمِائَتَيْنِ وَمِائَةٍ أُخْرَى فَعَلَى الرَّاجِعِينَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَثْلَاثًا، فَإِنْ رَجَعَ الرَّابِعُ عَنْ الْجَمِيعِ ضَمِنُوا الْمِائَةَ أَرْبَاعًا، وَضَمِنُوا سِوَى الْأَوَّلِ خَمْسِينَ أَيْضًا أَثْلَاثًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَادَّعَى رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْمَيِّتِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْوَارِثِ وَقَضَى الْقَاضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقُسِمَتْ الْمِائَةُ الْمَتْرُوكَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، ثُمَّ رَجَعَ شَاهِدَا أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ عَنْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَقَالَا: لَمْ يَكُنْ إلَّا خَمْسُونَ دِرْهَمًا غَرِمَا لِلْغَرِيمِ الْآخَرِ ثُلُثَ الْخَمْسِينَ، وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ. وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، وَادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَيْضًا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، وَقَضَى الْقَاضِي بِالْأَلْفِ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ ثُمَّ رَجَعُوا، ضَمِنَ كُلُّ شَاهِدَيْنِ خَمْسَمِائَةٍ، وَإِنْ رَجَعَ شَاهِدَا أَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ لَمْ يَضْمَنَا لِلْوَرَثَةِ شَيْئًا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ هَلْ يَضْمَنَانِ لِلْمُدَّعِي الْآخَرِ؟ عَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَا، وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ شَاهِدَا الْمُدَّعِي الْآخَرِ فَهَذَا وَمَا لَوْ رَجَعُوا جُمْلَةً سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَيْهِ وَعَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَى الدَّرَاهِمِ دُونَ الدَّنَانِيرِ لَمْ يَضْمَنُوا شَيْئًا، وَلَوْ رَجَعُوا جَمِيعًا عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَضَمَانُ الدَّنَانِيرِ عَلَى الَّذِينَ شَهِدُوا بِهَا خَاصَّةً، وَضَمَانُ الدَّرَاهِمِ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرْبَاعًا عَلَى كُلِّ امْرَأَتَيْنِ رُبُعٌ وَعَلَى كُلِّ رَجُلٍ رُبُعٌ وَعِنْدَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى كُلِّ رَجُلٍ الثُّلُثُ وَعَلَى النِّسْوَةِ الثُّلُثُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ فَشَهِدَ اثْنَانِ عَلَيْهِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَشَهِدَ اثْنَانِ بِأَلْفٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ، ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الْأَلْفِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ رُبُعَ الْأَلْفِ، وَإِنْ رَجَعَ مَعَهُ شَاهِدُ الْخَمْسِمِائَةِ فَعَلَيْهِ رُبُعُ الْأَلْفِ خَاصَّةً وَعَلَيْهِ وَعَلَى شَاهِدَيْ الْخَمْسِمِائَةِ رُبُعُ الْأَلْفِ أَثْلَاثًا، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الْخَمْسِمِائَةِ وَحْدَهُ أَوْ رَجَعَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ رَجَعُوا جُمْلَةً فَعَلَى شَاهِدَيْ الْأَلْفِ ضَمَانُ الْخَمْسِمِائَةِ الَّتِي تَفَرَّدَا بِإِيجَابِهَا، وَالْخَمْسُمِائَةِ الْأُخْرَى ضَمَانُهُمَا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ أَرْبَاعًا، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيْ

الباب الرابع في الرجوع عن الشهادة في البيع والهبة والرهن

الْخَمْسِمِائَةِ وَشَاهِدُ الْأَلْفِ، فَإِنَّ عَلَى شَاهِدَيْ الْأَلْفِ نِصْفَ الْأَلْفِ خَمْسُمِائَةٍ، وَعَلَيْهِمَا وَعَلَى شَاهِدَيْ الْخَمْسِمِائَةِ رُبُعُ الْأَلْفِ أَثْلَاثًا، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الْأَلْفِ وَأَحَدُ شَاهِدَيْ الْخَمْسِمِائَةِ كَانَ عَلَى أَحَدِ شَاهِدَيْ الْأَلْفِ وَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدِ شَاهِدَيْ الْخَمْسِمِائَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَشَهِدَا أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَبْرَأَهُ، ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ضَمِنَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَوْفَاهُ، ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقَامَ بِهِ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ وَأَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهُ، أَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ يَدَّعِي عَلَيْهِ فَعَدَلُوا وَاجْتَمَعَتْ الْبَيِّنَتَانِ عِنْدَ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَسْمَعَ مِنْ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمَالِ، فَإِنْ أَخَذَ بِشَهَادَةِ الْبَرَاءَةِ فَقَضَى بِهَا، ثُمَّ رَجَعُوا يُكَلَّفُ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْأَلْفِ الْبَيِّنَةَ ثَانِيًا، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا مَضَى إذَا أَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَ شُهُودَ الْبَرَاءَةِ، فَإِنْ أَعَادَهُمْ فَخَصْمُهُ فِي ذَلِكَ شُهُودُ الْبَرَاءَةِ الَّذِينَ رَجَعُوا، فَإِنَّ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْأَلْفِ أَنَّهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ قَضَى بِهِ عَلَى شُهُودِ الْبَرَاءَةِ وَلَا يَرْجِعَانِ بِهِ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ بِالْبَرَاءَةِ، وَإِنَّمَا يَأْمُرُ الْقَاضِي مُدَّعِيَ الْمَالِ بِإِعَادَةِ شُهُودِهِ بَعْدَ رُجُوعِ شَاهِدَيْ الْبَرَاءَةِ بِمَحْضَرٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا سَاعَةَ رَجَعَا وَهُوَ مَالٌ حَادِثٌ وَجَبَ عَلَيْهِمَا، فَلَا يَجْتَزِي بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِهِ قَبْلَ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا كَأَنَّهُمَا غَصَبَا الْمَالَ سَاعَةَ يَقْضِي الْقَاضِي لَهُ وَرَجَعَا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَجَّلَهُ سَنَةً، ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ ضَمِنَا الْمَالَ لِلطَّالِبِ وَرَجَعَا عَلَى الْمَطْلُوبِ إلَى أَجَلِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، ثُمَّ هَذَا يَتَّضِحُ فِي رُجُوعِهِمَا قَبْلَ حَلِّ الْأَجَلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَجَعَا بَعْدَ حَلِّ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا وَجَبَ بِسَبَبِ أَنَّهُمَا بِشَهَادَتِهِمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ حَقَّ الْقَبْضِ. وَبِحُلُولِ الْأَجَلِ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إتْلَافًا، فَلِهَذَا كَانَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِمَا وَكَانَ الْخِيَارُ لَهُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَطْلُوبَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الشَّاهِدَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فَإِنْ نَوَى مَا عَلَى الْمَطْلُوبِ بِمَوْتِهِ مُفْلِسًا لَمْ يَرْجِعَا عَلَى الطَّالِبِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَسْقَطَ الْمَدْيُونُ الْأَجَلَ لَمْ يَضْمَنَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ،. وَإِذَا كَانَ الرُّجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ فِي مَرَضِ الشَّاهِدَيْنِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالضَّمَانِ عَلَيْهِمَا فَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِمَا بِالدَّيْنِ فِي الْمَرَضِ، حَتَّى لَوْ مَاتَا فِي مَرَضِهِمَا وَعَلَيْهِمَا دُيُونُ الصِّحَّةِ يُبْدَأُ بِدُيُونِ الصِّحَّةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ شَهِدَا عَلَى عَبْدٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهُ لِهَذَا الرَّجُلِ وَقُضِيَ بِهِ لَهُ وَهُوَ أَبْيَضُ الْعَيْنِ، ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ عَنْهُ وَازْدَادَ خَيْرًا أَوْ مَاتَ عِنْدَ الْمَقْضِيِّ لَهُ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ضَمِنَا قِيمَتَهُ يَوْمَ قُضِيَ بِهِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا كَانَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا فِي الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ] ِ وَالْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْإِجَارَةِ

إنْ شَهِدَا بِبَيْعِ شَيْءٍ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا، وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ ضَمِنَا النُّقْصَانَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَوْ فِيهِ خِيَارُ الْبَائِعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ بَاعَ مِنْ هَذَا عَبْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَانِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْبَيْعِ، ثُمَّ رَجَعُوا إنْ فَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فِي الثَّلَاثَةِ أَوْ أَجَازَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ وَلَا أَجَازَهُ حَتَّى مَضَتْ الثَّلَاثَةُ وَاسْتَقَرَّ الْبَيْعُ ضَمِنُوا إلَى تَمَامِ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِالشِّرَاءِ فَقُضِيَ بِهِ، ثُمَّ رَجَعَا، فَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ لَمْ يَضْمَنَا لِلْمُشْتَرِي شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ ضَمِنَا مَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ لِلْمُشْتَرِي، وَكَذَا إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي، وَجَازَ الْبَيْعُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَإِنْ جَازَ بِإِجَازَتِهِ لَا يَضْمَنَانِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ أَمَةٌ قِيمَتُهَا مِائَةٌ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ بِخَمْسِمِائَةٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ، وَالْبَائِعُ يَجْحَدُ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي فَقَضَى بِهِ، ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَتَهَا مِائَةً لِلْبَائِعِ، وَلَوْ شَهِدَا بِالْبَيْعِ أَوَّلًا فَقَضَى بِهِ وَبِالثَّمَنِ، ثُمَّ شَهِدَا بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَقَضَى بِهِ، ثَمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ ضَمِنَا الثَّمَنَ خَمْسَمِائَةٍ كَذَا فِي الْكَافِي. ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدَ هَذَا بِأَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعُوا، فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ بِأَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الشُّهُودَ بِأَلْفٍ حَالَّةٍ وَأَيَّهُمَا اخْتَارَ تَضْمِينَهُ بَرِئَ الْآخَرُ، فَإِنْ اتَّبَعَ الشُّهُودَ رَجَعُوا عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَيَطِيبُ لَهُمْ الْأَلْفُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِأَلْفٍ آخَرَ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ بَيْعٍ جَدِيدٍ فَيَأْخُذُ مِنْ الْبَائِعِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي يَرُدُّ الْعَبْدَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَأْخُذُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ مَا دَفَعَ إلَيْهِمَا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَيَرْجِعُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دَفَعَا إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ شَهِدَا بِبَيْعِ عَبْدٍ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ شَهِدَا أَنَّ الْبَائِعَ أَجَّلَ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنَ إلَى سَنَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْأَجَلِ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ جَمِيعًا ضَمِنَا الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالتَّأْجِيلِ مَعَ الشَّهَادَةِ بِالْعَقْدِ بِدُفْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ، كَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ قِيمَةَ الْعَبْدِ خَمْسَمِائَةٍ حَالَّةً، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَهِدَا عَلَى الْبَيْعِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَاتَّصَلَ بِهِ الْقَضَاءُ، ثُمَّ شَهِدَا أَنَّ الْبَائِعَ أَخَّرَ الثَّمَنَ سَنَةً وَاتَّصَلَ بِهِ الْقَضَاءُ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ ضَمِنَا الثَّمَنَ خَمْسَمِائَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّانِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ لَوْ شَهِدَا عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لَهُ قِبَلَهُ وَقَضَى بِهِ، ثُمَّ شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ بَاعَهُ هَذَا الْعَبْدَ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَخَذَ الْعَبْدَ، فَإِنْ رَجَعَا عَنْ الْبَيْعِ ضَمِنَا الْقِيمَةَ، وَإِنْ رَجَعَ عَنْ الْبَرَاءَةِ ضَمِنَا الثَّمَنَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلَانِ شَهِدَا لِرَجُلٍ بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفَيْنِ وَالْمُشْتَرِي يَجْحَدُ فَقُضِيَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَدْرِ مَا فَعَلَ الْعَبْدُ، فَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ

الْمُشْتَرِيَ قَبَضَ الْعَبْدَ فَقَضَى لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَلْفَيْنِ، ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا، فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي ضَمَّنَ الثَّمَنَ شَاهِدَيْ الْقَبْضِ وَبَرِئَ شَاهِدَا الْبَيْعِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَاهِدَيْ الْبَيْعِ قِيمَةَ الْعَبْدِ أَلْفًا فَأَخَذَهَا وَرَجَعَ عَلَى شَاهِدَيْ الْقَبْضِ بِأَلْفَيْنِ فَسَلَّمَ لَهُ أَلْفًا مِنْهُمَا وَيَرُدُّ عَلَى شَاهِدَيْ الْبَيْعِ أَلْفًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَضَى بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعًا أَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ الْبَيْعِ أَوَّلًا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. فَإِنْ مَاتَ الْمَبِيعُ وَقْتَ الْخُصُومَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى شُهُودِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى عَقْدٍ مُنْتَقَضٍ إلَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْعَقْدِ فَيَغْرَمُونَ الزِّيَادَةَ هَكَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ جَارِيَتَهُ هَذِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْمُشْتَرِي يَجْحَدُ ذَلِكَ فَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ فَأَلْزَمَهُ الْقَاضِي الْبَيْعَ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِهَا، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لَمْ يُصَدَّقَا عَلَى نَقْضِ الْبَيْعِ، وَالْمُشْتَرِي فِي حِلٍّ مِنْ وَطْئِهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. شَهِدَا أَنَّهُ وَهَبَ عَبْدَهُ مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ، فَإِنْ ضَمَّنَهُمَا قِيمَةَ الْعَبْدِ لَمْ يَرْجِعْ فِي هِبَتِهِ وَلَا يَرْجِعُ الشَّاهِدَانِ فِي الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَ أَبْيَضَ الْعَيْنِ يَوْمَ الْقَضَاءِ بِالْهِبَةِ، ثُمَّ رَجَعَا وَالْبَيَاضُ زَائِلٌ ضَمِنَا قِيمَتَهُ أَبْيَضَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ لَمْ يُضَمِّنْ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ الشَّاهِدَ الْقِيمَةَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَبْدِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْتَهُ فِي الْهِبَةِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الصَّدَقَةِ إلَّا فِي فَصْلِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ فِي الصَّدَقَةِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ وَسَلَّمَ إلَيْهِ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ، وَادَّعَى آخَرُ عَلَيْهِ مِثْلَهُ وَشَهِدَ آخَرَانِ لَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يُدْرَ التَّارِيخُ، قَضَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ رَجَعَ الْفَرِيقَانِ ضَمِنَ كُلُّ فَرِيقٍ لِلْوَاهِبِ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَلَا يَضْمَنُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ شَيْئًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ شَهِدَا بِالْهِبَةِ لِرَجُلٍ وَآخَرَانِ بِالْهِبَةِ لِآخَرَ فَرَجَعَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ ضَمِنَا نِصْفَهُ لِلْوَاهِبِ وَنِصْفَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. ادَّعَى مَنْ لَهُ أَلْفٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ رَهَنَهُ عَبْدًا بِهِ قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَالْمَطْلُوبُ مُقِرٌّ بِالدَّيْنِ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِالرَّهْنِ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا، وَلَوْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَلَى الدَّيْنِ لَمْ يَضْمَنَا مَا دَامَ الْعَبْدُ حَيًّا، فَإِنْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ضَمِنَا الْفَضْلَ عَلَى الدَّيْنِ، فَلَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ الرَّهْنَ وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَضْمَنَا الْفَضْلَ وَيَضْمَنَانِ قَدْرَ الدَّيْنِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ رَجَعَا عَنْ الرَّهْنِ دُونَ التَّسْلِيمِ بِأَنْ قَالَا سَلَّمَ إلَيْهِ هَذَا الْعَبْدَ وَمَا رَهَنَهُ لَا يَضْمَنَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفٌ دِرْهَمٍ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ وَفِي يَدِ الطَّالِبِ ثَوْبٌ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ يَدَّعِي أَنَّهُ لَهُ، فَأَقَامَ الْمَطْلُوبُ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ لَهُ رَهَنَهُ إيَّاهُ بِالْمَالِ وَقَضَى بِهِ، ثُمَّ هَلَكَ الثَّوْبُ فَذَهَبَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا مِائَةَ دِرْهَمٍ لِلطَّالِبِ، وَلَوْ كَانَ ذُو الْيَدِ مُقِرًّا بِالثَّوْبِ لِلرَّاهِنِ غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ: هُوَ عِنْدِي وَدِيعَةً، وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ هُوَ رَهْنٌ عِنْدَكَ، وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَيْهِ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ هَلَكَ ثُمَّ رَجَعَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِوَدِيعَةٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَالْمُودَعُ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَقَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ ثُمَّ

الباب الخامس في الرجوع عن الشهادة في النكاح والطلاق والدخول والخلع

رَجَعَا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْبِضَاعَةُ وَالْعَارِيَّةُ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى الْمُضَارِبُ نِصْفَ الرِّبْحِ فَشَهِدَا بِهِ وَرَبُّ الْمَالِ مُقِرٌّ بِالثُّلُثِ، ثُمَّ رَجَعَا وَالرِّبْحُ لَمْ يُقْبَضْ لَمْ يَضْمَنَا، فَإِنْ قَبَضَاهُ وَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا سُدُسَ الرِّبْحِ قِيلَ: هَذَا فِي كُلِّ رِبْحٍ حَصَلَ قَبْلَ رُجُوعِهِمَا، فَأَمَّا رِبْحٌ حَصَلَ بَعْدَ رُجُوعِهِمَا، فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرَضًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ نَقْدًا فَرَبُّ الْمَالِ يَمْلِكُ فَسْخَهَا، فَكَانَ رَاضِيًا بِاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْطَاهُ بِالثُّلُثِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا فِي هَذَا الْوَجْهِ إذَا رَجَعَا؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ بِغَيْرِ شُهُودٍ فَلَمْ يُتْلِفَا عَلَى الْمُضَارِبِ شَيْئًا بِشَهَادَتِهِمَا، وَلَوْ تَوِيَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي يَدِ رَجُلٍ مَالٌ فَشَهِدَا لِرَجُلٍ أَنَّهُ شَرِيكُهُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ، فَقَضَى لَهُ بِنِصْفِ مَا فِي يَدِهِ ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا ذَلِكَ النِّصْفَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا وَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَصَاحِبُ الثُّلُثِ يَدَّعِي النِّصْفَ، وَقَدْ رَبِحَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ فَقَسَمَهُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ضَمِنَا لِصَاحِبِ الثُّلُثِ مَا بَيْنَ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ، وَمَا رَبِحَا فِيمَا اشْتَرَيَا بَعْدَ الشَّهَادَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا فِيهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ آجَرَ دَارِهِ مِنْهُ شَهْرًا بِعَشَرَةٍ وَالْمُسْتَأْجِرُ يُنْكِرُ، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا، فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ أُجْرَةُ مِثْلِ الدَّارِ مِثْلَ الْمُسَمَّى فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ دُونَهُ يَضْمَنَانِ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ يَضْمَنَانِ الْأُجْرَةَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ هَذِهِ الدَّابَّةَ مِنْ فُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأُجْرَةُ مِثْلِهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَالْمُؤَاجِرُ يُنْكِرُ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ وَقَضَى الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا، لَمْ يَضْمَنَا لِلْمُؤَاجِرِ شَيْئًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ رَكِبَ رَجُلٌ بَعِيرًا إلَى مَكَّةَ فَعَطَبَ فَقَالَ رَبُّ الْبَعِيرِ: غَصَبْتَنِي وَقَالَ الرَّاكِبُ: اسْتَأْجَرْتُهُ مِنْكَ بِكَذَا، وَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ فَأَبْرَأَهُ الْقَاضِي مِنْ الضَّمَانِ وَأَنْفَذَ عَلَيْهِ مَا وَجَبَ مِنْ الْأَجْرِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، ضَمِنَا قِيمَةَ الْبَعِيرِ إلَّا مِقْدَارَ مَا أَخَذَهُ صَاحِبُهُ مِنْ الْأَجْرِ، وَلَوْ كَانَ الْبَعِيرُ أَوَّلَ يَوْمٍ رَكِبَهُ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَآخِرَ يَوْمٍ عَطَبَ فِيهِ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ لِزِيَادَةٍ فِي بَدَنِهِ وَالْأَجْرُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا بِحِسَابِ قِيمَتِهِ يَوْمَ عَطَبَ، مِنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يَقُولُ هَذَا فِي قَوْلِهِمَا، أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنَّمَا يَضْمَنَانِ بِحِسَابِ قِيمَتِهِ يَوْمَ رَكِبَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الْخَامِس فِي الرُّجُوع عَنْ الشَّهَادَة فِي النِّكَاح والطلاق وَالدُّخُول والخلع] ِ إذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ نِكَاحَهَا عَلَى رَجُلٍ وَأَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةً وَقَضَى بِالنِّكَاحِ، ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ، فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى ضَمِنَا الزِّيَادَةَ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ النِّكَاحَ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَالْمَرْأَةُ جَاحِدَةٌ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِمَا بِالنِّكَاحِ بِالْبَيِّنَةِ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنَّهُمَا لَا يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَمَّى مِثْلَ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَا بَلْ تَزَوَّجْتَنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ تِسْعَمِائَةٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ رَجَعَا بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ شَيْئًا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا فَيَجِبُ تَحْكِيمُ الْمُتْعَةِ حَتَّى لَوْ زَادَ ضَمِنَا لَهَا الزِّيَادَةَ عَلَى خَمْسِينَ عِنْدَهُمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَهِدَا عَلَيْهَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُمِائَةٍ وَأَنَّهَا قَبَضَتْ الْأَلْفَ وَهِيَ تُنْكِرُ فَقَضَى بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ شَهِدَا بِالنِّكَاحِ بِأَلْفٍ وَلَمْ يَشْهَدَا بِقَبْضِ الْأَلْفِ حَتَّى قَضَى بِالنِّكَاحِ، ثُمَّ شَهِدَا بِقَبْضِ الْأَلْفِ وَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ، ضَمِنَا الْمُسَمَّى لَهَا وَهُوَ الْأَلْفُ كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ لِامْرَأَةٍ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ وَقَبَضَتْ الْمَرْأَةُ أَلْفَيْنِ، ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ الزَّوْجَ دَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَالزَّوْجُ يَجْحَدُ فَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ جَمِيعًا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، فَالزَّوْجُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ شُهُودَ النِّكَاحَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شُهُودَ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَإِنْ ضَمَّنَ شُهُودَ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ لَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ شُهُودِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ لِشُهُودِ الطَّلَاقِ وَالدُّخُولِ أَيْضًا أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ، وَإِنْ ضَمَّنَ شُهُودَ النِّكَاحِ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَرْجِعُ عَلَى شُهُودِ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ بِأَلْفٍ آخَرَ، وَكَانَ لِشُهُودِ النِّكَاحِ أَنْ يَرْجِعُوا بِالْأَلْفِ الَّذِي ضَمِنُوا لِلزَّوْجِ عَلَى شُهُودِ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي حَقِّ قَبْضِ ذَلِكَ الْأَلْفِ ذُكِرَ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّ شُهُودَ النِّكَاحِ هُمْ الَّذِينَ يَقْبِضُونَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي يَقْبِضُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَدْفَعُهُ إلَى شُهُودِ النِّكَاحِ، وَلَوْ جَاءَ شُهُودُ النِّكَاحِ وَشُهُودُ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ وَشَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي مَعًا كَانَتْ الْعِبْرَةُ بِحَالَةِ الْقَضَاءِ، فَإِنْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ شُهُودِ النِّكَاحِ أَوَّلًا بِأَنْ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُمْ أَوَّلًا فَهَذَا وَالْفَصْلُ الْأَوَّلُ سَوَاءٌ، وَإِنْ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَوَّلًا بِأَنْ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُمْ أَوَّلًا، وَصُورَتُهُ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ دَخَلَ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ أَمْسِ بِحُكْمِ النِّكَاحِ وَطَلَّقَهَا، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ أَوَّلَ مِنْ أَمْسِ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَعَدَلَتْ شُهُودُ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَوَّلًا، فَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الزَّوْجِ بِضَمَانِ الْبُضْعِ وَذَلِكَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ. ثُمَّ عَدَلَتْ شُهُودُ النِّكَاحِ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِأَلْفٍ آخَرَ، ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا لَمْ يَضْمَنْ شُهُودُ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ

إلَّا أَلْفًا، وَيَضْمَنُ شُهُودُ النِّكَاحِ أَيْضًا أَلْفًا آخَرَ وَلَا يَرْجِعُ كُلُّ فَرِيقٍ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ بِشَيْءٍ وَإِنْ ظَهَرَتْ عَدَالَةُ الْفَرِيقَيْنِ مَعًا فَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ مَعًا، ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا، فَهَذَا وَمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ شُهُودِ النِّكَاحِ أَوَّلًا سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ شُهُودُ النِّكَاحِ وَالدُّخُولِ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَدَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الزَّوْجِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا اعْتِبَارًا لِلْإِقْرَارِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ بِالثَّابِتِ عَيَانًا، فَلَوْ جَاءَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْفَضْلِ لِلْمَرْأَةِ، ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ جَمِيعًا عَنْ شَهَادَتِهِ، فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا شَهِدُوا عَلَى مُعَايَنَةِ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ وَعَلَى مُعَايَنَةِ النِّكَاحِ، فَلَوْ أَنَّ شُهُودَ النِّكَاحِ وَشُهُودَ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ زُكُّوا مَعًا، وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ مَعًا ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ النِّكَاحِ، ضَمَّنَهُمْ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَهُوَ الْأَلْفُ الزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الدُّخُولِ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمَّنَهُمْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَلْفٌ مِنْ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ وَأَلْفٌ آخَرُ يُعْطِيهَا الزَّوْجُ إلَى شُهُودِ النِّكَاحِ، وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الدُّخُولِ أَوَّلًا ضَمَّنَهُمْ الزَّوْجُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا الزَّوْجُ حَتَّى رَجَعَ شُهُودُ النِّكَاحِ فَلَا ضَمَانَ لِلزَّوْجِ عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ. امْرَأَةٌ مُرْتَدَّةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي حَالِ إسْلَامِهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا، ثُمَّ كَانَتْ الرِّدَّةُ، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ، فَشَهِدَ لَهَا شَاهِدَانِ بِالنِّكَاحِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا، وَشَهِدَ آخَرَانِ عَلَى الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَمْسِ وَأَنَّهَا ارْتَدَّتْ الْيَوْمَ، وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَشُهُودُ النِّكَاحِ لَا يَضْمَنُونَ لِلزَّوْجِ شَيْئًا وَشُهُودُ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ يَضْمَنُونَ لِلزَّوْجِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَلَوْ وَقَعَ الْقَضَاءُ بِالشَّهَادَتَيْنِ جَمِيعًا فَهَذَا وَمَا لَوْ وَقَعَ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ شُهُودِ النِّكَاحِ أَوَّلًا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ شُهُودَ النِّكَاحِ يُجْعَلُ مُتَقَدِّمًا وَشُهُودَ الدُّخُولِ يُجْعَلُ مُتَأَخِّرًا كَمَا هُوَ الْأَصْلُ إلَّا إذَا وُجِدَ دَلِيلٌ مُغَيِّرٌ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ شُهُودِ الدُّخُولِ أَوَّلًا، ثُمَّ قَضَى بِشَهَادَةِ شُهُودِ النِّكَاحِ، ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، ضَمِنَ شُهُودُ الدُّخُولِ مَهْرَ مِثْلِهَا، وَيَضْمَنُ شُهُودُ النِّكَاحِ أَلْفًا آخَرَ وَهُوَ الْأَلْفُ الزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْآخَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ، ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالزَّوْجُ مُقِرٌّ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَضَى بِنِصْفِ الْمَهْرِ أَوْ الْمُتْعَةِ ثُمَّ رَجَعَا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ لِلزَّوْجِ ذَلِكَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَقَضَى بِنِصْفِ الْمَهْرِ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ، ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ نِصْفَ الْمَهْرِ، وَلَا يَغْرَمَانِ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ قِيمَةَ مَنَافِعِ بُضْعِهَا، وَلَا يَغْرَمَانِ لِلْمَرْأَةِ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الْمَهْرِ وَلَا مِيرَاثَ لِلْمَرْأَةِ، وَيَسْتَوِي فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا

كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَهِدَا بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي حَيَاتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثُمَّ رَجَعَا، لَمْ يَضْمَنَا لِلْوَرَثَةِ، وَضَمِنَا لِلْمَرْأَةِ نِصْفَ الْمَهْرِ وَالْمِيرَاثَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى طَلَاقِ امْرَأَةٍ، وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى دُخُولِهِ بِهَا، فَقَضَى الْقَاضِي بِالصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى شُهُودِ الدُّخُولِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَهْرِ وَعَلَى شُهُودِ الطَّلَاقِ رُبُعُ الْمَهْرِ، وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الدُّخُولِ وَحْدَهُ ضَمِنَ رُبُعَ الْمَهْرِ، وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الطَّلَاقِ وَحْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا، وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الدُّخُولِ كُلُّهُمْ ضَمِنُوا النِّصْفَ، وَلَوْ كَانَ شُهُودُ الطَّلَاقِ هُمْ الَّذِينَ رَجَعُوا لَمْ يَضْمَنُوا شَيْئًا، وَلَوْ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ شُهُودِ الطَّلَاقِ وَامْرَأَةٌ مِنْ شُهُودِ الدُّخُولِ فَعَلَى الرَّاجِعَةِ مِنْ شُهُودِ الدُّخُولِ ثُمُنُ الْمَهْرِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى شَاهِدَةِ الطَّلَاقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى الطَّلَاقِ وَرَجُلَانِ عَلَى الدُّخُولِ وَقَضَى بِذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ، ضَمِنَ رُبُعَ الْمَهْرِ، فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا، وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الطَّلَاقِ وَأَحَدُ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ، ضَمِنُوا جَمِيعًا نِصْفَ الْمَهْرِ، عَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ مِنْ ذَلِكَ نِصْفُهُ وَالْبَاقِي عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً وَآخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَقَضَى بِالْفُرْقَةِ وَبِنِصْفِ الْمَهْرِ لَهَا ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا، فَضَمَانُ نِصْفِ الْمَهْرِ عَلَى شُهُودِ الثَّلَاثِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى شُهُودِ الْوَاحِدَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَامَ أَوَّلَ فِي رَمَضَانَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَأَجَازَ الْقَاضِي ذَلِكَ وَأَلْزَمَهُ نِصْفَ الْمَهْرِ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَضَمَّنَهُمَا الْقَاضِي نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ لَمْ يُضَمِّنْهُمَا حَتَّى شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا عَامَ أَوَّلَ فِي شَوَّالٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الْفَرِيقِ الثَّانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِذَلِكَ يُرَدُّ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مَا ضَمِنَا قِيلَ: هَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ شَهِدَ الْفَرِيقُ الثَّانِي بِالطَّلَاقِ فِي وَقْتٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الطَّلَاقِ وَشَاهِدَانِ عَلَى الدُّخُولِ وَلَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَقَضَى بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعُوا، ضَمِنَ شَاهِدَا الطَّلَاقِ نِصْفَ الْمُتْعَةِ وَشَاهِدَا الدُّخُولِ بَقِيَّةَ الْمَهْرِ كَذَا فِي الْحَاوِي. شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ عَلَى أَلْفٍ وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَقَالَ الزَّوْجُ بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ، فَقَضَى ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَجَعَا، فَعَلَيْهِمَا فَضْلُ مَا بَيْنَ الْمُتْعَةِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، وَلَوْ شَهِدَ آخَرَانِ عَلَى الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ خَمْسُمِائَةٍ خَاصَّةً وَعَلَيْهِمَا وَعَلَى شَاهِدَيْ التَّسْمِيَةِ فَضْلُ مَا بَيْنَ الْمُتْعَةِ وَالْخَمْسِمِائَةِ نِصْفَانِ، وَلَوْ شَهِدَ آخَرَانِ عَلَى الطَّلَاقِ فَقَضَى ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ خَمْسُمِائَةٍ وَعَلَيْهِمَا وَعَلَى شَاهِدَيْ التَّسْمِيَةِ مَا بَيْنَ الْمُتْعَةِ إلَى نِصْفِ الْمَهْرِ وَعَلَى الْفِرَقِ الثَّلَاثِ قَدْرُ الْمُتْعَةِ أَثْلَاثًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَالزَّوْجُ يَجْحَدُ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ

الباب السادس في الرجوع عن الشهادة في العتق والتدبير والكتابة

الدُّخُولِ بِهَا، فَقَضَى بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى شَاهِدَيْ النِّكَاحِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَعَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، وَلَوْ شَهِدَ آخَرَانِ أَيْضًا بِالدُّخُولِ فَأَلْزَمَهُ الْقَاضِي أَلْفَ دِرْهَمٍ قَبْلَ رُجُوعِ الْأَرْبَعَةِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى شَاهِدَيْ النِّكَاحِ خَمْسُمِائَةٍ الْفَضْلُ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَعَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْخَمْسِمِائَةِ الْأُخْرَى، وَعَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ رُبُعُهَا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا يَوْمَ النَّحْرِ وَآخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا يَوْمَ النَّحْرِ، فَأَبَانَهَا الْقَاضِي مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَأَلْزَمَهُ نِصْفَ الْمَهْرِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الطَّلَاقِ دُونَ شُهُودِ الْإِيلَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى امْرَأَةٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ الْمَهْرِ، وَالْمَرْأَةُ تَجْحَدُ وَالزَّوْجُ يَدَّعِي، وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ نِصْفَ الْمَهْرِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ دَخَلَ بِهَا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ضَمِنَا لِلْمَرْأَةِ جَمِيعَ الْمَهْرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ تُنْكِرُ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعُوا، ضَمِنُوا لَهَا الْأَلْفَ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب السَّادِس فِي الرُّجُوع عَنْ الشَّهَادَة فِي الْعِتْق وَالتَّدْبِير وَالْكِتَابَة] ِ إذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَقَضَى بِالْعِتْقِ ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا قِيمَتَهُ سَوَاءٌ كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ وَالْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. إذَا شَهِدَا شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَمَتَهُ هَذِهِ فَأَجَازَ الْقَاضِي ذَلِكَ وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَتْ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، ضَمِنَا قِيمَتَهَا لِلْمَوْلَى وَلَمْ يَسَعْ الْمَوْلَى وَطْؤُهَا كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا شَهِدَا شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ فِي شَوَّالٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي رَمَضَانَ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الشَّهَادَةِ أَلْفَا دِرْهَمٍ، وَكَانَتْ قِيمَتُهُ فِي رَمَضَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يَعْدِلَا حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ ثُمَّ عَدَّلَا، وَقَضَى بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا قِيمَةَ الْعَبْدِ يَوْمَ أَعْتَقَهُ الْقَاضِي وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَحُكْمُهُ فِي حُدُودِهِ وَجَزَاءِ جِنَايَتِهِ فِيمَا بَيْنَ رَمَضَانَ إلَى أَنْ أَعْتَقَهُ الْقَاضِي حُكْمُ الْحُرِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا شَهِدَا شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي رَمَضَانَ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا، وَجَبَ عَلَيْهِمَا الضَّمَانُ، ثُمَّ إنَّهُمَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي شَعْبَانَ لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَسْقُطُ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي شَوَّالٍ لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ دَبَّرَهُ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا مَا نَقَصَهُ التَّدْبِيرُ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى وَيَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ وَضَمِنَ الشَّاهِدَانِ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا، وَيَضْمَنُ الشَّاهِدَانِ ثُلُثَ الْقِيمَةِ إذَا عَجَّلَ الْعَبْدُ الثُّلُثَيْنِ وَلَا يَرْجِعَانِ بِذَلِكَ الثُّلُثِ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِذَا لَمْ يُعَجِّلْ الْعَبْدُ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْقِيمَةِ وَعَجَزَ عَنْهُمَا فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَرْجِعُوا بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَيَرْجِعُ الشَّاهِدَانِ بِذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَلْبَتَّةَ، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ، وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا، فَالضَّمَانُ عَلَى شَاهِدَيْ الْإِعْتَاقِ لَا عَلَى شَاهِدَيْ التَّدْبِيرِ، وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَا التَّدْبِيرِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ، ثُمَّ شَهِدَ شَاهِدَا الْإِعْتَاقِ بِالْإِعْتَاقِ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعُوا، فَإِنَّ شَاهِدَيْ التَّدْبِيرِ يَضْمَنَانِ مَا نَقَصَهُ التَّدْبِيرُ وَيَضْمَنُ شَاهِدَا الْعِتْقِ الْبَاتِّ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا، وَإِنْ كَانَ شَاهِدَا الْعِتْقِ الْبَاتِّ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَأَعْتَقَهُ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ ضَمِنَ شَاهِدَا الْعِتْقِ قِيمَتَهُ وَلَمْ يَضْمَنْ شَاهِدَا التَّدْبِيرِ قَالُوا: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْضِيَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ فَقَضَى بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفًا أَوْ أَلْفَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ قِيمَتَهُ وَيَتْبَعَانِ الْعَبْدَ بِالْكِتَابَةِ عَلَى نَحْوِهِمَا وَلَا يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يُؤَدِّيَ وَالْوَلَاءُ لِلَّذِي كَاتَبَهُ، وَإِنْ عَجَزَ فَرُدَّ فِي الرِّقِّ كَانَ لِمَوْلَاهُ، وَيَرُدُّ الْمَوْلَى مَا أَخَذَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسُمِائَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْكِتَابَةِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُخَيِّرُ الْمَوْلَى، فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الشَّاهِدَيْنِ لَا يَكُونُ لَهُ اخْتِيَارُ اتِّبَاعِ الْمُكَاتَبِ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ أَبَدًا، فَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الشَّاهِدَانِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَطِيبُ لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَيَتَصَدَّقَانِ بِالزِّيَادَةِ هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ الْمُكَاتَبِ أَوْ تَقَاضَاهُ بِلَا تَخْيِيرِ الْقَاضِي لَا يَكُونُ لَهُ تَضْمِينُ الشَّاهِدَيْنِ أَبَدًا وَيَرْجِعُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِالْفَضْلِ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ إلَى تَمَامِ قِيمَتِهِ، عَلِمَ الْمَوْلَى بِرُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمُكَاتَبَةُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِالْفَضْلِ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ إلَى تَمَامِ قِيمَتِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَعْتَقَهُ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا، فَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ الْأَلْفَ وَيَرْجِعَانِ عَلَى الْعَبْدِ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْعَبْدِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَأَيَّهُمَا اخْتَارَ ضَمَانَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآخَرِ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ أَبَدًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا ادَّعَى عَبْدٌ أَنَّ مَوْلَاهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ قِيمَتُهُ، وَادَّعَى الْمَوْلَى أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَقَضَى الْقَاضِي بِأَلْفَيْنِ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَأَدَّاهُمَا ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ، يَضْمَنَانِ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِلْمُكَاتَبِ، وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ لَمْ يَدَّعِ الْمُكَاتَبَةَ وَقَالَ الْمَوْلَى: كَاتَبْتُكَ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَجَحَدَ الْمُكَاتَبُ فَأَقَامَ الْمَوْلَى عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِالْكِتَابَةِ بِبَيِّنَةِ الْمَوْلَى وَيُقَالُ لِلْمُكَاتَبِ: إنْ شِئْتَ فَامْضِ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْهَا وَكُنْ رَقِيقًا، فَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ ادَّعَى أَنَّهُ حُرٌّ فَجَاءَ الْمَوْلَى بِشَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَأَدَّى الْمَالَ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ لِلْمُكَاتَبِ أَلْفَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

الباب السابع في الرجوع عن الشهادة في الولاء والنسب والولادة والمواريث

[الْبَاب السَّابِع فِي الرُّجُوع عَنْ الشَّهَادَة فِي الْوَلَاء وَالنَّسَب وَالْوِلَادَة وَالْمَوَارِيث] ِ) إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنِّي ابْنُكَ وَالرَّجُلُ يَجْحَدُ دَعْوَاهُ فَأَقَامَ الِابْنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ وَأَثْبَتَ نَسَبَهُ ثُمَّ رَجَعُوا، فَإِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ شَيْئًا لِلْأَبِ سَوَاءٌ رَجَعُوا حَالَ حَيَاةِ الْأَبِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَضْمَنُونَ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ مَا وَرِثَهُ الِابْنُ الْمَشْهُودُ لَهُ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ وَلَاءَ رَجُلٍ وَقَالَ: إنِّي أَعْتَقْتُكَ وَالْمُعْتَقُ يَجْحَدُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ ثُمَّ رَجَعُوا لَا يَضْمَنُونَ شَيْئًا سَوَاءٌ رَجَعُوا حَالَ حَيَاةِ الْمُعْتِقِ أَوْ بَعْدِ وَفَاتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُ هَذَا الْقَتِيلِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، وَالْقَاتِلُ يُقِرُّ بِالْقَتْلِ عَمْدًا فَقَضَى بِالْقِصَاصِ وَقَتَلَهُ الِابْنُ ثُمَّ رَجَعُوا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِي الْقِصَاصِ وَيَضْمَنُونَ مَا وَرِثَهُ هَذَا الِابْنُ مِنْ الْقَتِيلِ لِوَرَثَتِهِ الْمَعْرُوفِينَ وَعَلَيْهِمْ التَّعْزِيرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا شَهِدُوا بِالْوَلَاءِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ جَمِيعَ مَا وَرِثَهُ الْمُعْتَقُ لِوَرَثَتِهِ الْمَعْرُوفِينَ. وَإِذَا شَهِدُوا بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ وَمَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالنِّكَاحِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ أَوْ كَانَ الرُّجُوعُ مِنْهُمْ حَالَ حَيَاةِ الزَّوْجِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ شَهِدُوا بِالنِّكَاحِ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ ثُمَّ رَجَعُوا، ضَمِنُوا حِصَّتَهَا مِنْ الْمِيرَاثِ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدُوا لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ كَانَ أَبُوهُ كَافِرًا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُسْلِمًا وَلِلْمَيِّتِ ابْنٌ كَافِرٌ فَقَضَى الْقَاضِي بِمَالِ أَبِيهِ لِلْمُسْلِمِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، يَضْمَنُونَ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ لِلْكَافِرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَسْلَمَ كَافِرٌ ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ ابْنَانِ مُسْلِمَانِ كُلُّ وَاحِدٍ يَدَّعِي أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ أَبِيهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ فَوَرَّثَهُمَا الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَ شَاهِدَا أَحَدِهِمَا، ضَمِنَا جَمِيعَ مَا وَرِثَهُ لِلْآخَرِ. وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ رَجُلٌ عَنْ أَخٍ مَعْرُوفٍ فَادَّعَى أَخٌ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ وَحَكَمَ لَهُ بِالْمِيرَاثِ ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا جَمِيعَ ذَلِكَ لِلْأَخِ. وَلَوْ كَانَ صَبِيٌّ فِي يَدَيْ رَجُلٍ لَا يَعْرِفُ أَحُرٌّ أَمْ عَبْدٌ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ فَأَثْبَتَ الْقَاضِي نَسَبَهُ، ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ وَقَضَى لَهُ بِمِيرَاثِهِ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لَهُ لَمْ يَضْمَنَا لَهُ شَيْئًا، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَنَّ صَبِيًّا وَصَبِيَّةً سُبِيَا وَكَبُرَا وَعَتَقَا وَتَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، ثُمَّ جَاءَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُمَا وَلَدَاهُ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ أَنْ يَطَأَهَا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُمَا شَهِدَا بِزُورٍ، وَلَا يَضْمَنُ الشَّاهِدَانِ شَيْئًا عِنْدَنَا. وَلَوْ كَانَتْ صَبِيَّةٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّهَا أَمَتُهُ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهَا ابْنَتُهُ وَقَضَى بِذَلِكَ الْقَاضِي لَمْ يَسَعْ الْمَوْلَى أَنْ يَطَأَهَا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُمَا شَهِدَا بِزُورٍ، فَإِنْ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَتَهَا، وَلَوْ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ مِيرَاثًا وَسِعَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِيرَاثَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْأَبُ كَانَتْ فِي سَعَةٍ مِنْ أَكْلِ مِيرَاثِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ عَبْدَيْنِ وَأَمَةً وَأَمْوَالًا فَشَهِدَا شَاهِدَانِ لِرَجُلٍ أَنَّهُ أَخُو هَذَا الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَوَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَقَضَى لَهُ بِالْعَبْدَيْنِ وَالْأَمَةِ

وَالْأَمْوَالِ، ثُمَّ شَهِدَ شَاهِدَانِ لِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَأَجَازَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا وَأَعْطَاهُ الْمِيرَاثَ وَحَرَمَ الْأَخَ، ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ الْعَبْدَ الثَّانِيَ ابْنُ الْمَيِّتِ وَأَجَازَ الْقَاضِي ذَلِكَ وَجَعَلَهُ وَارِثًا مَعَ الْأَوَّلِ وَقَسَمَ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، ثُمَّ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَعْتَقَ هَذِهِ الْأَمَةَ فِي صِحَّتِهِ وَتَزَوَّجَهَا وَقَضَى بِنِكَاحِهَا وَبِالْمَهْرِ وَجَعَلَ لَهَا الثُّمُنَ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَجْحَدُ صَاحِبَهُ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا ثُمَّ رَجَعَ شَاهِدَا الِابْنِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ جَمِيعَ قِيمَةِ الِابْنِ الْأَوَّلِ لِلِابْنِ الثَّانِي، وَالْمَرْأَةُ بَيْنَهُمَا أَثْمَانًا سَبْعَةُ أَثْمَانِهَا لِلِابْنِ الثَّانِي وَثُمْنُهَا لِلْمَرْأَةِ وَيَضْمَنَانِ جَمِيعَ مَا وَرِثَهُ الِابْنُ الْأَوَّلُ لِلِابْنِ الثَّانِي وَلَا يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ مِنْ مِيرَاثِ الِابْنِ الْأَوَّلِ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ لَا يَضْمَنَانِ لِلْأَخِ شَيْئًا،، وَكَذَا إنْ رَجَعَ شَاهِدَا الِابْنِ الثَّانِي أَيْضًا، وَإِنْ رَجَعَ شَاهِدَا الْمَرْأَةِ أَيْضًا ضَمِنَا قِيمَةَ الْمَرْأَةِ وَالْمَهْرَ وَمَا وَرِثَتْهُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ، هَذَا إذَا كَانَ يُكَذِّبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يَزْعُمُ أَنَّهُ هُوَ الْوَارِثُ دُونَ غَيْرِهِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ يُصَدِّقُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي كَوْنِهِ وَارِثًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إذَا ثَبَتَ وِرَاثَةُ الْكُلِّ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ، سَوَاءٌ شَهِدَا بِذَلِكَ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بَعْدَ أَنْ شَهِدَا بِنَسَبِ كُلِّ ابْنٍ بِدَعْوَةٍ عَلَى حِدَةٍ بِأَنْ شَهِدَا أَنَّهُ ادَّعَى هَذَا، ثُمَّ ادَّعَى الْآخَرُ فَقَضَى ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ وَالْفَرِيقِ الْوَاحِدِ فِي حَقِّ الضَّمَانِ لِلِابْنَيْنِ وَالْمَرْأَةِ، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي ضَمَانِ الْأَخِ، فَفِيمَا إذَا كَانَ الشُّهُودُ فِرَقًا لَا يَضْمَنُ الرَّاجِعَانِ لِلْأَخِ شَيْئًا، وَإِنْ أَقَرَّ الرَّاجِعَانِ بِوِرَاثَةِ الْأَخِ وَفِيمَا إذَا كَانَ الْفَرِيقُ وَاحِدًا ضَمِنَا لِلْأَخِ إذَا أَقَرَّ بِوِرَاثَتِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ كَانَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ عَبْدٌ صَغِيرٌ وَأَمَةٌ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذِهِ الْأَمَةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَهُوَ يَجْحَدُ فَقَضَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ، ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ بَنِينَ سِوَى الصَّبِيِّ، فَقَضَى لِلْمَرْأَةِ بِالْمَهْرِ وَقَسَّمَ الْمَالَ بَيْنَهُمْ عَلَى الْمِيرَاثِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَشُهُودُ الِابْنِ يَضْمَنُونَ قِيمَتَهُ إلَّا نَصِيبَهُ مِنْهَا، وَيَضْمَنُ شُهُودُ الْأَمَةِ قِيمَتَهَا إلَّا مِيرَاثَهَا مِنْهَا، وَلَا يَضْمَنُونَ غَيْرَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَيَضْمَنُونَ الْفَضْلَ، وَلَكِنْ يُطْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مِيرَاثُهَا مِنْهُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ لَهُ جَارِيَتَانِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدٌ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ لِأَحَدِ الْوَلَدَيْنِ أَنَّهُ ادَّعَاهُ وَهُوَ يُنْكِرُ وَآخَرَانِ لِلْآخَرِ بِمِثْلِهِ فَقَضَى بِالْبُنُوَّةِ وَأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ وَالرُّجُوعُ حَالَ حَيَاةِ الْوَالِدِ ضَمِنَ كُلُّ شَاهِدَيْنِ قِيمَةَ الْوَلَدِ الَّذِي شَهِدَا بِهِ وَنُقْصَانَ قِيمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ، فَإِذَا غَرِمَا وَاسْتَهْلَكَ الْأَبُ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ يَجْحَدُ صَاحِبَهُ ضَمِنَ كُلُّ شَاهِدَيْنِ لِلْوَلَدِ الْآخَرِ نِصْفَ قِيمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ الَّذِي شَهِدَا بِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَضْمَنُ كُلُّ فَرِيقٍ قِيمَةَ الْوَلَدِ الَّذِي شَهِدُوا لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَرْجِعُ شَاهِدُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي مِيرَاثِهِ الَّذِي وَرِثَهُ بِجَمِيعِ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ الْوَالِدُ فِي حَيَاتِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَرْجِعُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْ الشُّهُودِ عَلَى الِابْنِ الْمَشْهُودِ لَهُ بِمَا غَرِمَ لِأَخِيهِ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ أُمِّهِ بَعْدَ النُّقْصَانِ، وَلَا يَضْمَنُ كُلُّ فَرِيقٍ مَا وَرِثَهُ الِابْنُ الَّذِي شَهِدُوا لَهُ لِلِابْنِ الْآخَرِ. وَإِذَا صَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ

فَالشُّهُودُ لَا يَضْمَنُونَ شَيْئًا لِلِابْنَيْنِ وَيَأْخُذُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْ الشُّهُودِ مَا ضَمِنَ لِلْمَيِّتِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَمِنْ نُقْصَانِ قِيمَةِ أُمِّهِ مِمَّا وَرِثَا عَنْ أَبِيهِمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ حَالَ حَيَاةِ الْوَالِدِ وَالرُّجُوعُ بَعْدَ وَفَاتِهِ ضَمِنَ كُلُّ شَاهِدٍ لِمَنْ لَمْ يَشْهَدَا لَهُ نِصْفَ قِيمَةِ أُمِّهِ غَيْرَ أُمِّ الْوَلَدِ، وَلَمْ يَضْمَنَا الْمِيرَاثَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يَرْجِعُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْ الشُّهُودِ بِمَا ضَمِنَ لِلِابْنِ الَّذِي لَمْ يَشْهَدْ لَهُ عَلَى الِابْنِ الْمَشْهُودِ لَهُ، هَذَا إذَا كَانَ كُلُّ ابْنٍ يَجْحَدُ صَاحِبَهُ، فَأَمَّا إذَا صَدَّقَ كُلُّ ابْنٍ صَاحِبَهُ فَالشُّهُودُ لَا يَضْمَنُونَ لِلِابْنِ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ كِلَاهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَهُ أَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ ضَمِنَ كُلُّ فَرِيقٍ لِلَّذِي لَمْ يَشْهَدُوا لَهُ قِيمَةَ الْوَلَدِ الْآخَرِ وَقِيمَةَ أُمِّهِ وَجَمِيعَ مَا وَرِثَا وَلَمْ يَضْمَنُوا لِلْأَخِ شَيْئًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يَرْجِعُ كُلُّ فَرِيقٍ بِمَا ضَمِنَ فِي مِيرَاثِ الْمَشْهُودِ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَتَانِ مِنْ فَرِيقٍ وَاحِدٍ بِأَنْ شَهِدَا أَنَّ الْمَوْلَى قَالَ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ: هَذَانِ ابْنَايَ مِنْ هَاتَيْنِ الْجَارِيَتَيْنِ وَالِابْنَانِ كَبِيرَانِ يَدَّعِيَانِ ذَلِكَ مَعَ الْجَارِيَتَيْنِ فَقَضَى ثُمَّ رَجَعُوا، فَإِنْ كَانَتَا فِي حَيَاةِ الْمَوْلَى ضَمِنَ الْمَشْهُودُ لَهُ قِيمَةَ الْوَلَدَيْنِ وَنُقْصَانَ الِاسْتِيلَادِ، فَإِذَا أَخَذَ ذَلِكَ وَاسْتَهْلَكَهُ، ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَغْرَمْ الشُّهُودُ شَيْئًا مِنْ قِيمَةِ الِابْنَيْنِ وَيَرْجِعُ الشُّهُودُ بِمَا ضَمِنُوا لِلْمَوْلَى فِيمَا وَرِثَ الْوَلَدَانِ عَنْ أَبِيهِمَا، وَلَا يَضْمَنُ الشُّهُودُ لِلْأَخِ شَيْئًا مِمَّا وَرِثَهُ الِابْنَانِ إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَخٌ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي حَيَاةِ الْمَوْلَى وَالرُّجُوعُ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَمْ يَغْرَمْ الشُّهُودُ شَيْئًا لِلِابْنَيْنِ وَلَا لِلْأَخِ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ وَالرُّجُوعُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَالشُّهُودُ لَا يَغْرَمُونَ لِلِابْنِ شَيْئًا وَيَغْرَمُونَ لِلْأَخِ قِيمَةَ الْجَارِيَتَيْنِ وَقِيمَةَ الِابْنَيْنِ وَمَا وَرِثَهُ الِابْنَانِ، وَإِذَا كَانَ الشُّهُودُ فَرِيقًا وَاحِدًا وَالْوَلَدَانِ صَغِيرَيْنِ وَقْتَ الشَّهَادَةِ يَنْتَظِرُ بُلُوغَهُمَا، فَإِذَا بَلَغَا فَإِنْ صَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الشُّهُودَ فِي جَمِيعِ مَا شَهِدُوا بِهِ فَهَذَا، وَمَا لَوْ كَانَا كَبِيرَيْنِ وَقْتَ الشَّهَادَةِ وَادَّعَيَا جَمِيعَ مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ سَوَاءٌ. فَإِنْ صَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الشُّهُودَ فِيمَا شَهِدُوا لَهُ بِهِ وَكَذَّبَهُمْ فِيمَا شَهِدُوا لِصَاحِبِهِ فَهَذَا وَمَا لَوْ شَهِدَا لِكُلِّ ابْنٍ فَرِيقٌ عَلَى حِدَةٍ وَجَحَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ سَوَاءٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكَبِيرَيْنِ هَذَا الْفَصْلَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الشُّهُودُ فَرِيقًا وَاحِدًا، وَصَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ الشُّهُودَ فِيمَا شَهِدُوا لَهُ وَكَذَّبَهُمْ فِيمَا شَهِدُوا لِصَاحِبِهِ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي الْإِمَامِ أَبِي عَلِيٍّ الْحُسَيْنِ بْنِ الْخَضِرِ النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ قَالُوا: لَا بَلْ الْجَوَابُ فِي حَقِّ الْكَبِيرَيْنِ وَالصَّغِيرَيْنِ وَاحِدٌ حَتَّى يَجُوزَ الْقَضَاءُ لِلْكَبِيرَيْنِ بِهَذَا الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَبِيرَيْنِ وَإِنْ كَذَّبَ الشُّهُودَ وَلَكِنْ كَذَّبَهُمْ فِيمَا شَهِدُوا عَلَيْهِ لَا فِيمَا شَهِدُوا لَهُ وَهَذَا لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الشَّهَادَةِ، إذْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَبَدًا يُكَذِّبُ الشُّهُودَ فِيمَا يَشْهَدُونَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا ابْنُهُ مِنْ أَمَتِهِ هَذِهِ، وَالرَّجُلُ يَجْحَدُ وَقَضَى الْقَاضِي بِهِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِصَبِيٍّ كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ أَمَةٍ لَهُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَقَرَّ عِنْدَنَا فِي حَالِ

حَيَاتِهِ أَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ ابْنُهُ مِنْ أَمَتِهِ هَذِهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الِابْنِ الْأَوَّلِ وَيُثْبِتُ نَسَبَهُ وَيَعْتِقُ أُمَّهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَيُعْطِيهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الِابْنِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ رَجَعَ الشُّهُودُ بَعْدَ هَذَا عَنْ شَهَادَتِهِمْ ضَمِنَ شَاهِدَا الِابْنِ الْأَوَّلِ جَمِيعَ قِيمَةِ الِابْنِ الثَّانِي وَقِيمَةَ أُمِّهِ وَمَا أَخَذَ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَيَضْمَنُ شَاهِدَا الِابْنِ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي نِصْفَ قِيمَةِ الْأَوَّلِ وَنِصْفَ قِيمَةِ أُمِّهِ وَلَا يَضْمَنَانِ لَهُ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْئًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي الْبَدَائِعِ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْمَوْلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ وَلَدَتْ مِنْهُ وَهُوَ يُنْكِرُ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا وَلَدٌ فَرَجَعَا فِي حَيَاتِهِ ضَمِنَا نُقْصَانَ قِيمَتِهِمَا بِأَنْ تُقَوَّمَ قِنَّةً وَأُمَّ وَلَدٍ جَازَ بَيْعُهَا فَيَضْمَنَانِ النُّقْصَانَ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ وَضَمِنَا بَقِيَّةَ قِيمَتِهَا لِلْوَرَثَةِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ فَرَجَعَا فِي حَيَاتِهِ ضَمِنَا قِيمَةَ الْوَلَدِ مَعَ ضَمَانِ نُقْصَانِهَا، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْوَلَدِ شَرِيكٌ فِي الْمِيرَاثِ لَمْ يَضْمَنَا لَهُ شَيْئًا وَرَجَعَا عَلَى الْوَلَدِ بِمَا قَبَضَ الْأَبُ مِنْهُمَا مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ كَانَتْ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَخٌ ضَمِنَا لَهُ نِصْفَ الْبَقِيَّةِ مِنْ قِيمَتِهَا وَيَرْجِعَانِ عَلَى الْوَلَدِ بِمَا أَخَذَ الْأَبُ مِنْهُمَا لَا بِمَا قَبَضَ الْأَخُ وَلَا يَضْمَنَانِ لِلْأَخِ مَا أَخَذَهُ الْوَلَدُ مِنْ الْمِيرَاثِ فَإِنْ رَجَعَا بَعْدَ وَفَاةِ الْمَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْوَلَدِ شَرِيكٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَإِلَّا ضَمِنَا لِلْأَخِ نِصْفَ الْبَقِيَّةِ مِنْ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ لَا مِيرَاثَهُ، وَلَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْوَلَدِ هُنَا، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى بِأَنْ تَرَكَ وَلَدًا وَعَبْدًا وَأُمَّهُ وَتَرَكَهُ فَشَهِدَا أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ وَلَدَتْهُ هَذِهِ الْأَمَةُ مِنْ الْمَيِّتِ وَصَدَّقَهُمَا الْوَلَدُ وَالْأَمَةُ لَا الِابْنُ وَقَضَى ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا قِيمَةَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَنِصْفَ الْمِيرَاثِ، انْتَهَى كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. ذَكَرَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ فِي نَوَادِرِهِ: رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ لَا يُعْلَمُ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَشَاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَخٌ لِأُمِّهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَإِنْ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ ضَمِنَ اللَّذَانِ شَهِدَا أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ ثُلْثَيْ الْمِيرَاثِ وَالْآخَرَانِ الثُّلُثَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْمُحِيطَيْنِ. وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ وَأَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ ضَمِنَا النِّصْفَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ فَقَضَى الْقَاضِي وَأَعْطَاهُ نِصْفَ الْمِيرَاثِ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ فَقَضَى بِهِ وَأَعْطَاهُ نِصْفَهُ الْبَاقِيَ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ يَضْمَنُ كُلُّ فَرِيقٍ نِصْفَ الْمَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِسُدُسِ الْمِيرَاثِ، ثُمَّ شَهِدَ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ، وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِبَاقِي الْمِيرَاثِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى اللَّذَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ سُدُسُ الْمَالِ، وَعَلَى اللَّذَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْمَالِ، وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدُوا مَعًا وَعَدَلَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ، ثُمَّ عَدَلَ الْفَرِيقُ الثَّانِي وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ فِي هَذَا الْقَضَاءِ، فَمَنْ قَضَى بِشَهَادَتِهِ أَوَّلًا فَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا قَضَى بِشَهَادَتِهِ وَالْبَاقِي عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ، وَلَوْ أَنَّ الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَشَهِدَ

لَهُ شَاهِدٌ آخَرُ أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ آخَرُ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ، وَقَضَى الْقَاضِي بِالْمِيرَاثِ ثُمَّ رَجَعَ الَّذِي شَهِدَ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ، فَعَلَيْهِ ضَمَانُ نِصْفِ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ هُوَ وَلَكِنْ رَجَعَ الَّذِي شَهِدَ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ ثُلُثِ الْمَالِ، وَإِنْ رَجَعَ الَّذِي شَهِدَ أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ سُدُسِ الْمَالِ، وَإِنْ رَجَعُوا جُمْلَةً فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ كَذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي نَوَادِرِ عِيسَى بْنِ أَبَانَ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَخًا مَعْرُوفًا وَعَبْدَيْنِ وَأَمَةً فَشَهِدَ شَاهِدَانِ لِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ، وَشَهِدَ آخَرَانِ لِلْآخَرِ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ، وَشَهِدَ آخَرَانِ لِلْأَمَةِ أَنَّهَا ابْنَةُ الْمَيِّتِ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ وَجَعَلَ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، لَمْ يَضْمَنُوا لِلْأَخِ شَيْئًا، وَيَضْمَنُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْ الشُّهُودِ قِيمَةَ الَّذِي شَهِدُوا لَهُ، وَمِيرَاثُهُ لِلْآخَرَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ أَخًا مَعْرُوفًا وَعَبْدًا وَأَمَةً فَشَهِدَ شَاهِدَانِ لِلْعَبْدِ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَشَهِدَ آخَرَانِ لِلْأَمَةِ أَنَّهَا ابْنَتُهُ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ وَجَعَلَ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ بَيْنَ الِابْنِ وَالِابْنَةِ، ثُمَّ رَجَعُوا جُمْلَةً عَنْ شَهَادَتِهِمْ، فَإِنَّ شَاهِدَيْ الِابْنِ يَضْمَنَانِ لِلْأَخِ نِصْفَ الْمِيرَاثِ وَنِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَلِلِابْنَةِ سُدُسَ الْمِيرَاثِ وَنِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَيَضْمَنُ شَاهِدَيْ الْأَمَةِ قِيمَتَهَا وَمِيرَاثَهَا لِلِابْنِ خَاصَّةً كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي نَوَادِرِ عِيسَى أَيْضًا رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَةً وَأَخًا لِأَبٍ فَأَعْطَى الْقَاضِي الْبِنْتَ النِّصْفَ وَالْأَخَ النِّصْفَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبٍ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأُمٍّ، وَقَضَى الْقَاضِي بِنِصْفِ الْمِيرَاثِ لَهُ ثُمَّ رَجَعَ الَّذِي شَهِدَ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ ضَمَانَ نِصْفِ مَا صَارَ لَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ رَجَعَ الَّذِي شَهِدَ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ ثَلَاثَةِ أَثْمَانِ مَا صَارَ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ رَجَعَ الَّذِي شَهِدَ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ ثَمَنِ مَا صَارَ لَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَ عَمٍّ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي يَدَيْ ابْنِ الْعَمِّ فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَخُوهُ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْأَلْفِ، ثُمَّ أَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ أَنَّهُ ابْنُهُ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْأَلْفِ، ثُمَّ رَجَعَ شَاهِدَا الْأَخِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَلَيْسَ لِابْنِ الْعَمِّ أَنْ يُضَمِّنَهُمَا، وَإِنْ رَجَعَ شَاهِدَا الِابْنِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلْأَخِ أَنْ يُضَمِّنَ شَاهِدَيْ الِابْنِ فَإِذَا أَخَذَ الْأَلْفَ مِنْ شَاهِدَيْ الِابْنِ فَلِابْنِ الْعَمِّ أَنْ يُضَمِّنَ شَاهِدَيْ الْأَخِ الْأَلْفَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَأَخَذَ مِيرَاثَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ، وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَأَرَادَ أَنْ يُشَارِكَ الِابْنَ الْمَعْرُوفَ، فَأَنْكَرَ الِابْنُ الْمَعْرُوفُ نَسَبَهُ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ وَصَلَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمِيرَاثِ، فَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِنَسَبِهِ، ثُمَّ بِشَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ كَذَا وَكَذَا، فَقَضَى الْقَاضِي لَهُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ ذَلِكَ لِلِابْنِ الْمُدَّعِي ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ شَهِدَا بِالنَّسَبِ، ضَمِنَا مَا وَصَلَ إلَى الْمُدَّعِي مِنْ الْمَالِ، فَإِنْ ضَمِنَا ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ الْآخَرَانِ رَجَعَ شَاهِدَا النَّسَبِ عَلَيْهِمَا بِمَا ضَمِنَا، وَلَوْ كَانُوا رَجَعُوا جَمِيعًا فَالِابْنُ الْمَعْرُوفُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَاهِدَيْ النَّسَبِ فَيَرْجِعَانِ عَلَى شَاهِدَيْ الْمَالِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَاهِدَيْ الْمَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْجَامِعِ: مَاتَ

رَجُلٌ عَنْ وَدِيعَةِ أَلْفٍ عِنْدَ رَجُلٍ مُقِرٍّ بِهَا فَأَقَامَ رَجُلٌ شَاهِدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ عَمُّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ لَا يَعْلَمَانِ وَارِثًا غَيْرَهُ، فَقَضَى بِهِ لَهُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ وَيُسْتَرَدُّ الْمَالُ مِنْ الْعَمِّ فَيُدْفَعُ إلَيْهِ، فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَهُ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ لَا يَعْلَمَانِ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ يَقْضِي لَهُ وَيَرُدُّهُ الْأَخُ عَلَى الِابْنِ، فَإِنْ رَجَعُوا جَمِيعًا ضَمِنَ شُهُودُ الِابْنِ لِلْأَخِ، وَلَا يَضْمَنُ شُهُودُ الْأَخِ لِلْعَمِّ، وَشُهُودُ الْعَمِّ لَا يَضْمَنُونَ لِلْمُودِعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءُوا جَمِيعًا وَشَهِدُوا جُمْلَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ بِنْتًا وَأَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأَخَذَتْ الْبِنْتُ نِصْفَ الْمِيرَاثِ وَأَخَذَ الْأَخُ نِصْفَ الْمِيرَاثِ، فَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِذَلِكَ، وَقَضَى الْقَاضِي بِنَسَبِهِ وَأَشْرَكَهُ مَعَ الْأَخِ الْمَعْرُوفِ فِي الْمِيرَاثِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ وَثَبَتَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ، ضَمِنَا نِصْفَ مَا صَارَ فِي يَدِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ وَلَا يَضْمَنَانِ جَمِيعَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ، وَثَبَتَ عَلَى شَهَادَتِهِ أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ وَرَجَعَ الْآخَرُ عَنْ شَهَادَتِهِ أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ وَثَبَتَ عَلَى شَهَادَتِهِ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ، ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّبُعَ مِمَّا صَارَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُمَا رَجَعَا عَنْ نِصْفِ الشَّهَادَةِ، وَثَبَتَا عَلَى نِصْفِ الشَّهَادَةِ وَالشَّاهِدَانِ فِي هَذَا عَلَى النَّسَبَيْنِ، وَالْفَرِيقَانِ إذَا شَهِدَ كُلُّ فَرِيقٍ عَلَى أَحَدِ النَّسَبَيْنِ سَوَاءٌ، وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ فَرِيقٍ عَلَى نَسَبٍ بِأَنْ شَهِدَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ، وَشَهِدَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ ضَمِنَ نِصْفَ الْمَالِ كَذَا هَهُنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَأَخًا لِأَبٍ، وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ وَشَاهِدَانِ أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ، فَقَضَى بِهِ وَأَخَذَ الثُّلُثَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي يَدِ الْأَخِ لِأَبٍ ثُمَّ رَجَعُوا، ضَمِنَ اللَّذَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ مَا أَخَذَ وَالْآخَرَانِ رُبُعَهُ، وَلَوْ تَرَكَ أَخًا لِأُمٍّ مَكَانَ الْأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ، ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ وَشَاهِدَانِ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ وَأَخَذَ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْمِيرَاثِ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ، فَعَلَى اللَّذَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ ثَلَاثَةُ أَسْدَاسِ الْمِيرَاثِ وَرُبُعُ سُدُسِهِ، وَعَلَى الْآخَرَيْنِ سُدُسُ الْمَالِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ سُدُسِهِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَأَخًا لِأَبٍ فَأَعْطَى الْقَاضِي الْأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ الثُّلُثَ وَأَعْطَى الْأَخَ لِأَبٍ الثُّلُثَيْنِ، ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ، وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ، وَقَالَ: شَاهِدَايَ عَلَى النَّسَبِ مِنْ الْأَبِ غَائِبَانِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِأَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ وَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ أَخَوَيْهِ لِأُمٍّ، فَإِنْ قَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ وَأَشْرَكَهُ مَعَ الْأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ، ثُمَّ قَدِمَ الشَّاهِدَانِ الْآخَرَانِ فَشَهِدَا أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِأَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَيَرْجِعُ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأُمِّ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ بِمَا أَخَذَ مِنْهُمْ، فَيَسْتَكْمِلُ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأُمِّ الثُّلُثَ، وَيَأْخُذُ الْأَخُ لِأَبٍ وَأُمٍّ الْبَاقِيَ مِنْ الْأَخِ لِأَبٍ فَيَسْتَكْمِلُ الْأَخُ لِأَبٍ وَأُمٍّ الثُّلُثَ، فَإِنْ رَجَعَتْ الشُّهُودُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى اللَّذَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ، وَيَضْمَنُ اللَّذَانِ شَهِدَا أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ جَمِيعَ الثُّلُثَيْنِ لِلْأَخِ لِأَبِ، وَلَوْ كَانَ

الباب الثامن في الرجوع عن الشهادة في الوصية

أَقَامَ أَوَّلًا شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِذَلِكَ وَأَخَذَ نِصْفَ مَا فِي يَدَيْ الْأَخِ لِأَبٍ، ثُمَّ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ وَأَخَذَ مَا بَقِيَ مِنْ يَدَيْ الْأَخِ لِأَبٍ ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا، فَعَلَى كُلِّ فَرِيقٍ نِصْفُ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ فِي الْوَصِيَّةِ] ِ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَقَضَى لَهُ ثُمَّ رَجَعُوا، ضَمِنُوا جَمِيعَ الثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فِي حَيَاةِ الْمَيِّتِ، فَلَمْ يَخْتَصِمُوا حَتَّى مَاتَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ شَهِدُوا بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ أَوْصَى بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِهَذَا الْمُدَّعِي وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ فَقَضَى لَهُ فَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ ضَمِنَا قِيمَتَهَا يَوْمَ قَضَى بِهَا وَلَمْ يَضْمَنَا الْعُقْرَ وَلَا قِيمَةَ الْوَلَدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنَا لِلْوَرَثَةِ شَيْئًا مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَمِنْ الْعُقْرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الشُّهُودِ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي قِيمَةِ الْجَارِيَةِ يَوْمَ الْقَضَاءِ فَقَالَتْ الشُّهُودُ: كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَضَاءِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: لَا بَلْ كَانَتْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ مَيِّتَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشُّهُودِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَائِمَةً يَحْكُمُ الْحَالُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي الْحَالِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي الْحَالِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشُّهُودِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي الْحَالِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ الشُّهُودُ بَيِّنَةً أَنَّ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْقَضَاءِ كَانَتْ أَلْفَ دِرْهَمٍ أُخِذَ بِبَيِّنَتِهِمْ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي الْحَالِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَقَامَتْ الْوَرَثَةُ بَيِّنَةً أَنَّ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْقَضَاءِ كَانَتْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أُخِذَ بِبَيِّنَتِهِمْ، وَإِنْ أَقَامُوا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْوَرَثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَاتَ رَجُلٌ عَنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَابْنٍ، فَشَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَا الرَّجُلِ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَآخَرَانِ لِآخَرَ بِمِثْلِهِ، وَآخَرَانِ لِلثَّالِثِ بِمِثْلِهِ، وَالِابْنُ جَاحِدٌ وَالْمُوصَى لَهُمْ بَعْضُهُمْ يَجْحَدُ بَعْضًا فَقَضَى الْقَاضِي بِالثُّلُثِ بَيْنَهُمْ ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا، لَمْ يَضْمَنُوا لِلِابْنِ شَيْئًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَضْمَنُ كُلُّ فَرِيقٍ لِلْمُوصَى لَهُمَا اللَّذَيْنِ لَمْ يَشْهَدْ لَهُمَا هَذَا الْفَرِيقُ ثُلُثَ الثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَدَلَتْ شُهُودُ الْأَوَّلِ أَوَّلًا وَقَضَى لَهُ بِكُلِّ الثُّلُثِ، ثُمَّ عَدَلَتْ شُهُودُ الْآخَرِ وَقَضَى لَهُ بِنِصْفِ مَا أَخَذَ الْأَوَّلُ، ثُمَّ عَدَلَتْ شُهُودُ الثَّالِثِ وَقَضَى لَهُ بِثُلُثِ مَا أَخَذَ الْأَوَّلُ ثُمَّ رَجَعُوا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَهِدَا بِالْوَصِيَّةِ لِوَاحِدٍ فَقَضَى لَهُ، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ لِهَذَا وَقَضَى بِهِ وَاسْتَرَدَّ مِنْ الْأَوَّلِ، ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ لِهَذَا فَقَضَى بِهِ وَاسْتَرَدَّ مِنْ الْأَوْسَطِ ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا، ضَمِنَ الْأَخِيرَانِ لِلْأَوْسَطِ كُلَّ الثُّلُثِ، وَضَمِنَ الْأَوْسَطَانِ لِلْأَوَّلِ نِصْفَ الثُّلُثِ، وَلَا يَضْمَنُ شَاهِدَا الْأَوَّلِ شَيْئًا، وَلَمْ يَضْمَنَا لِلْوَارِثِ شَيْئًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ لَمْ يَرْجِعُوا وَلَكِنْ وَجَدَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الْأَوْسَطِ عَبْدًا فَالثُّلُثُ بَيْنَ الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ نِصْفَانِ كَذَا

فِي الْمُحِيطِ. مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ، فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَقَضَى بِهِ لِلْوَرَثَةِ، ثُمَّ شَهِدَ هَذَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِآخَرَ وَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ، ضَمِنَا الثُّلُثَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً لِلْوَرَثَةِ وَمَرَّةً لِلْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلِ، وَلَوْ شَهِدَا بِالرُّجُوعِ وَالْوَصِيَّةِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، أَوْ شَهِدَ بِالرُّجُوعِ وَحْدَهُ وَلَمْ يَقْضِ بِهِ حَتَّى شَهِدَا بِالثُّلُثِ لِلثَّانِي ضَمِنَا لِلْأَوَّلِ لَا لِلْوَارِثِ، وَلَوْ شَهِدَا بِهِمَا مَعًا وَقَضَى لِلْآخَرِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الرُّجُوعِ عَنْ الْأُولَى، سُئِلَا لِيَنْكَشِفَ وَجْهُ الْحُكْمِ أَتَرْجِعَانِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِالرُّجُوعِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ سَكَتَا أَوْ ثَبَتَا عَلَى الرُّجُوعِ ضَمِنَا الثُّلُثَ لِلْوَارِثِ، فَإِنْ رَجَعَا بَعْدَهُ عَنْ الشَّهَادَةِ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى ضَمِنَا لِلْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلِ ثُلُثًا آخَرَ، وَسُلِّمَ لِلْوَارِثِ مَا أُخِذَ مِنْهُمَا، وَإِنْ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِالرُّجُوعِ حِينَ سُئِلَا ضَمِنَا الثُّلُثَ لِلْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلِ دُونَ الْوَارِثِ، وَلَوْ رَجَعَا أَوَّلًا عَنْ الرُّجُوعِ دُونَ الْوَصِيَّةِ ضَمِنَا نِصْفَ الثُّلُثِ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ رَجَعَا بَعْدَهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ ضَمِنَا لِلْأَوَّلِ بَقِيَّتَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِهَذَا الْعَبْدِ لِهَذَا وَقَضَى لَهُ، ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ وَبِالْوَصِيَّةِ بِهَذَا الْعَبْدِ الْآخَرِ لِهَذَا الْآخَرِ وَقَضَى بِهِ وَرُدَّ الْعَبْدُ الْأَوَّلُ إلَى الْوَرَثَةِ، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِهَذَا الْعَبْدِ الثَّالِثِ، وَرَجَعَ عَنْ الثَّانِي وَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَلَا ضَمَانَ عَلَى شُهُودِ الْأَوَّلِ لِأَحَدٍ، وَيَضْمَنُ شُهُودُ الثَّانِي نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِلْأَوَّلِ، وَيَضْمَنُ شُهُودُ الثَّالِثِ لِلثَّانِي قِيمَةَ عَبْدِهِ وَلَا ضَمَانَ لِلْوَارِثِ عَلَى أَحَدٍ، وَلَوْ شَهِدُوا جُمْلَةً وَعَدَلُوا جُمْلَةً وَقَضَى لِلثَّالِثِ، فَإِنْ رَجَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنَ شُهُودُ الثَّالِثِ لِلْوَارِثِ وَلَا شَيْءَ عَلَى شُهُودِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، فَإِنْ أَرَادَ الْأَوْسَطُ تَضْمِينَ شُهُودِ الثَّالِثِ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِمْ بِالْوَصِيَّةِ فَيُضَمِّنَهُمْ ثُمَّ يَرْجِعُ الشُّهُودُ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلُ تَضْمِينَ شُهُودِ الثَّانِي يُقِيمُ بَيِّنَةً عَلَى الْوَصِيَّةِ فَيُقْضَى لَهُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ تَرَكَ عَبْدَيْنِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ أَلْفٌ وَثُلُثُ مَالِهِ أَلْفٌ، فَشَهِدَ كُلُّ فَرِيقٍ لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ وَصِيَّةً، وَقَضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ بِنِصْفِ عَبْدِهِ وَرَجَعَا، لَا ضَمَانَ لِلْوَارِثِ عَلَيْهِمْ، وَضَمِنَ كُلُّ فَرِيقٍ لِلْمُوصَى لَهُ الْآخَرِ نِصْفَ قِيمَةِ عَبْدِهِ، وَإِنْ خَرَجَا مِنْ ثُلُثِهِ ضَمِنَ كُلُّ فَرِيقٍ لِلْوَارِثِ قِيمَةَ الْعَبْدِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ثُلُثُ مَالِهِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ قَضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ عَبْدِهِ، فَإِنْ رَجَعَا ضَمِنَ كُلُّ فَرِيقٍ خَمْسَمِائَةٍ لِلْوَرَثَةِ وَضَمِنَ كُلُّ فَرِيقٍ لِلْمُوصَى لَهُ الْآخَرِ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ قِيمَةَ رُبُعِ الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَ ثُلُثُهُ أَلْفَيْنِ وَقِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَلْفَانِ وَقِيمَةُ الْآخَرِ أَلْفٌ قَضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ بِثُلْثَيْ عَبْدِهِ، فَإِنْ رَجَعُوا ضَمِنَ فَرِيقُ الْأَلْفَيْنِ أَلْفًا لِلْوَرَثَةِ وَضَمِنَ ثُلُثَ الْأَلْفِ لِلْمُوصَى لَهُ الْآخَرِ، وَضَمِنَ فَرِيقُ الْأَلْفِ ثُلْثَيْ الْأَلْفِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ الْأَرْفَعِ وَلَا شَيْءَ لِلْوَرَثَةِ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يُسَاوِي أَلْفًا وَثُلُثُ مَالِهِ أَلْفٌ، وَشَهِدَ الْفَرِيقُ الثَّانِي بِالرُّجُوعِ وَالْوَصِيَّةِ ضَمِنَا لِلْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلِ قِيمَةَ عَبْدِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْوَرَثَةِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا عَلَى الثَّانِي، وَلَوْ خَرَجَا مِنْ ثُلُثِهِ

الباب التاسع في الرجوع عن الشهادة في الحدود والجنايات

وَثُلُثُهُ أَلْفَانِ ضَمِنَ شُهُودُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ قِيمَةَ عَبْدِهِ وَلِلْوَرَثَةِ قِيمَةَ الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ ثُلُثُهُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ ضَمِنَ شُهُودُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ قِيمَةَ عَبْدِهِ وَلِلْوَرَثَةِ نِصْفَ قِيمَةِ الثَّانِي كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ شَهِدَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى هَذَا فِي تَرِكَتِهِ فَقَضَى الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا إنْ اسْتَهْلَكَ الْوَصِيُّ شَيْئًا إنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الْوَصِيِّ كَذَا فِي الْحَاوِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب التَّاسِع فِي الرُّجُوع عَنْ الشَّهَادَة فِي الْحُدُود وَالْجِنَايَات] ِ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِسَرِقَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا فَقُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا دِيَةَ الْيَدِ فِي مَالِهِمَا وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا عِنْدَنَا، وَضَمِنَا الْأَلْفَ أَيْضًا لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ قِصَاصٍ فِي نَفْسٍ أَوْ دُونَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِسَرِقَتَيْنِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ أَحَدِهِمَا فَلَا ضَمَانَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا، وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَيْهِ بِالْإِحْصَانِ فَأَجَازَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ وَأَمَرَ بِرَجْمِهِ ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، فَإِنَّ شُهُودَ الزِّنَا يَضْمَنُونَ الدِّيَةَ وَيُحَدُّونَ حَدَّ الْقَذْفِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى شُهُودِ الْإِحْصَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَلَمْ يُحْصَنْ فَجَلَدَهُ الْإِمَامُ وَجَرَحَتْهُ السِّيَاطُ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَرْشُ الْجِرَاحَةِ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ لَمْ تَجْرَحْهُ السِّيَاطُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ بِالِاتِّفَاقِ، وَعَلَى هَذَا حَدُّ الْقَذْفِ وَحَدُّ الْخَمْرِ وَالتَّعْزِيرُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْ الشُّهُودِ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ بِهَا حُدُّوا، وَلَوْ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَعْدَ الْحُكْمِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يُحَدُّونَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُحَدُّ الرَّاجِعُ، وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْجَلْدِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ خَاصَّةً كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَالْإِحْصَانِ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ وَأَمَرَ بِرَجْمِهِ فَرَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ وَجَرَحَتْهُ الْحِجَارَةُ وَهُوَ حَيٌّ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَدْرَأُ عَنْهُ الرَّجْمَ وَهُمْ ضَامِنُونَ أَرْشَ جِرَاحَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَالْإِحْصَانِ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ وَأَعْتَقَهُ وَرَجَمَهُ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، فَإِنَّ عَلَى شُهُودِ الْعِتْقِ قِيمَتَهُ لِمَوْلَاهُ وَعَلَى شُهُودِ الزِّنَا الدِّيَةَ وَتَكُونُ الدِّيَةُ لِلْمَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْجُومِ وَارِثٌ آخَرُ مِنْ الْعَصَبَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الْعِتْقِ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ ضَمِنَ حِصَّتَهُ مِنْ الدِّيَةِ مَعَ حِصَّتِهِ مِنْ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى الْعِتْقِ وَالزِّنَا وَالْإِحْصَانِ فَأَمْضَى الْقَاضِي ذَلِكَ كُلَّهُ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ الْعِتْقِ، ضَمِنُوا الْقِيمَةَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مِنْ الدِّيَةِ، وَلَوْ رَجَعَ اثْنَانِ عَنْ الزِّنَا وَاثْنَانِ آخَرَانِ عَنْ الْعِتْقِ لَا شَيْءَ عَلَى اللَّذَيْنِ رَجَعَا عَنْ الْعِتْقِ، وَعَلَى اللَّذَيْنِ رَجَعَا عَنْ الزِّنَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَحَدُّ الْقَذْفِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. شَهِدُوا عَلَى مُوَرِّثِهِمْ أَيْ أَبِيهِمْ أَوْ أَخِيهِمْ أَوْ عَمِّهِمْ أَوْ ابْنِ عَمِّهِمْ الْمُحْصَنِ بِالزِّنَا رُجِمَ وَلَا تُعْتَبَرُ تُهْمَةُ اسْتِعْجَالِ الْإِرْثِ

فَإِنْ رُجِمَ وَلَمْ يُصِيبُوا مَقْتَلَهُ فَرَجَعَ وَاحِدٌ غَرِمَ رُبُعَ دِيَتِهِ وَوَرِثَ الرَّاجِعُ، فَإِنْ أَصَابُوا مَقْتَلًا فَرَجَعَ وَاحِدٌ فَكَذَّبُوهُ فِي الرُّجُوعِ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا وَوَرِثَ، وَإِنْ قَالُوا شَهِدْتَ بِبَاطِلٍ لِأَنَّكَ مَا رَأَيْتَ زِنَاهُ وَرَأَيْنَاهُ غَرِمَ رُبُعَ الدِّيَةِ لَهُمْ وَلَا يَرِثُ، وَإِنْ كَذَّبُوهُ فِي الشَّهَادَةِ وَصَدَّقُوهُ فِي الرُّجُوعِ غَرِمُوا دِيَتَهُ وَحُدُّوا لِلْقَذْفِ وَحُرِمُوا عَنْ الْإِرْثِ وَصُرِفَ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا شَهِدَا بِقِصَاصٍ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَتْلِ ضَمِنَا الدِّيَةَ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا خَطَأً ثُمَّ رَجِعَا ضَمِنَا الدِّيَةَ وَيَكُونُ فِي مَالِهِمَا وَكَذَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ فُلَانٍ خَطَأً وَقَضَى الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا دِيَةَ الْيَدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ ثَلَاثَةٌ شَهِدُوا بِالْقَتْلِ عَمْدًا فَقَضَى لِلْوَلِيِّ بِالْقَوَدِ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَالْقَوَدُ عَلَى حَالِهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ الْوَلِيُّ ثُمَّ رَجَعَ آخَرُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ وَيَضْمَنُ الرَّاجِعُ الْأَوَّلُ رُبُعَ دِيَةِ الْيَدِ فِي مَالِهِ ثُلُثَا ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَثُلُثُهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَيَضْمَنُ الرَّاجِعُ الثَّانِي نِصْفَ دِيَةِ النَّفْسِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثَهُ، فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ مَعَ ذَلِكَ غَرِمَ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثَهُ، وَيَضْمَنُ الرَّاجِعُ الْأَوَّلُ فَضْلَ مَا بَيْنَ رُبُعِ دِيَةِ الْيَدِ إلَى ثُلُثِهَا، فَإِنْ وَجَدَ الشَّاهِدُ الثَّالِثُ عَبْدًا كَانَتْ دِيَةُ الْيَدِ كَامِلَةً عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَدِيَةُ النَّفْسِ عَلَى عَاقِلَةِ الْوَلِيِّ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ. ثَلَاثَةٌ شَهِدُوا بِالْقَتْلِ الْعَمْدِ فَقَضَى فَقَطَعَ الْوَلِيُّ يَدَهُ، ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ فَقَطَعَ رِجْلَهُ، ثُمَّ رَجَعَ آخَرُ بَطَلَ الْقَوَدُ عَلَى عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ، فَإِنْ بَرِئَ مِنْ الْجِرَاحَتَيْنِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ رُبُعُ الدِّيَةِ وَعَلَى الثَّانِي رُبُعُ الدِّيَةِ وَنِصْفُ أَرْشِ الرِّجْلِ، فَإِنْ كَانَ الثَّالِثُ عَبْدًا كَانَتْ دِيَةُ الرِّجْلِ عَلَى الْوَلِيِّ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا وَالثَّالِثُ عَبْدٌ، فَعَلَى الرَّاجِعَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَنِصْفُهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْوَلِيِّ، فَإِنْ رَجَعَ الثَّالِثُ وَلَمْ يَظْهَرْ أَنَّهُ عَبْدٌ، فَإِنْ بَرِئَ مِنْهُمَا فَأَرْشُ الْيَدِ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا، وَأَرْشُ الرِّجْلِ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ نِصْفَانِ، فَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ وَلِيِّهِ خَطَأً وَمَاتَ مِنْهَا وَجَاءَ بِبَيِّنَةٍ شَهِدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ وَلِيِّهِ خَطَأً، وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ مَاتَ مِنْهَا، وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الْيَدِ وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى الْقَطْعِ، فَقَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ عَلَى الْقَطْعِ خَاصَّةً، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ جَمِيعَ الدِّيَةِ، ثُمَّ إنْ رَجَعَ شَاهِدَا الْمَوْتِ فَشُهُودُ الْقَطْعِ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَطَعَ أُصْبُعًا مِنْهُ مِنْ الْمِفْصَلِ خَطَأً وَأَنَّ كَفَّهُ شُلَّتْ مِنْهَا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا عَلَى الْقَطْعِ وَلَمْ يَشْهَدَا عَلَى الشَّلَلِ، وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ شَهِدَا عَلَى أَنَّ كَفَّهُ شُلَّتْ مِنْهَا فَقَضَى عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاطِعِ بِدِيَةِ الْكَفِّ ثُمَّ رَجَعَ شَاهِدَا الْقَطْعِ، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ جَمِيعَ أَرْشِ الْكَفِّ، ثُمَّ إنْ رَجَعَ اللَّذَانِ شَهِدَا عَلَى الشَّلَلِ، فَإِنَّ شَاهِدَيْ الْقَطْعِ يَرْجِعَانِ عَلَى شَاهِدَيْ الشَّلَلِ بِجَمِيعِ أَرْشِ الْكَفِّ إلَّا أَرْشَ الْأُصْبُعِ فَيَكُونُ عَلَى اللَّذَيْنِ شَهِدَا بِالضَّرْبَةِ خَاصَّةً هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. شَهِدَا بِقَتْلِ عَبْدِهِ رَجُلًا خَطَأً، وَآخَرَانِ بِإِعْتَاقِهِ، فَقَضَى بِهِمَا مَعًا أَوْ بِالْقَتْلِ أَوَّلًا فَرَجَعُوا، ضَمِنَ شُهُودُ الْقَتْلِ أَلْفًا قِيمَتَهُ، وَشُهُودُ الْعِتْقِ عَشَرَةَ

الباب العاشر في الرجوع عن الشهادة على الشهادة

آلَافٍ أَلْفٌ قِيمَتُهُ وَتِسْعَةُ آلَافٍ تَمَامُ الدِّيَةِ، فَإِنْ شَهِدُوا بِعِتْقِهِ أَوَّلًا وَقَضَى بِهِ، ثُمَّ شَهِدَا آخَرَانِ أَنَّهُ قَتَلَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالْمَوْلَى يَعْلَمُ بِهِ ثُمَّ رَجَعُوا، ضَمِنَ شُهُودُ الْعِتْقِ قِيمَتَهُ، وَشُهُودُ الْجِنَايَةِ عَشَرَةَ آلَافٍ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا شَهِدَا بِعِتْقٍ مُعَلَّقٍ بِأَنْ شَهِدَا أَنَّ عَبْدَهُ قَتَلَ وَلِيَّ هَذَا الرَّجُلِ أَوَّلَ مِنْ أَمْسِ وَهُوَ يَعْلَمُ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَآخَرَانِ أَنَّهُ قَالَ أَمْسِ: إنْ دَخَلَ عَبْدِي الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ، وَآخَرَانِ أَنَّهُ دَخَلَ الدَّارَ الْيَوْمَ، وَقَضَى بِهَا ثُمَّ رَجَعُوا، ضَمِنَ شُهُودُ الْيَمِينِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ، وَضَمِنَ شُهُودُ الْجِنَايَةِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَا شَيْءَ عَلَى شُهُودِ الدُّخُولِ كَذَا فِي مُحِيط السَّرَخْسِيِّ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِمْلَاءِ: شَاهِدَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ ابْنَ هَذَا الرَّجُلِ عَمْدًا، وَشَهِدَ هَذَانِ الشَّاهِدَانِ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَيْضًا أَنَّهُ قَتَلَ ابْنَ هَذَا الرَّجُلِ الْآخَرِ عَمْدًا، وَالْأَبَوَانِ يَدَّعِيَانِ وَلَا وَارِثَ لِهَذَيْنِ الْمَقْتُولَيْنِ غَيْرُ هَذَيْنِ الْأَبَوَيْنِ، فَقَضَى الْقَاضِي بِالْقِصَاصِ وَقَتَلَهُ الْأَبَوَانِ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ أَحَدِ الِابْنَيْنِ وَقَالَا: لَمْ يَقْتُلْ ابْنَ هَذَا ضَمِنَا نِصْفَ الدِّيَةِ، وَلَوْ لَمْ يَرْجِعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَلَكِنْ جَاءَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ حَيًّا فَلِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَنْ يُضَمِّنَ نِصْفَ الدِّيَةِ - إنْ شَاءَ - الشَّاهِدَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ الْأَبَ الْقَاتِلَ الَّذِي جَاءَ ابْنُهُ حَيًّا، وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولَانِ ابْنَيْ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْقِصَاصِ، وَقَتَلَهُ الْأَبُ بِابْنَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ قَتْلِ أَحَدِ الِابْنَيْنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ] ِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ لِرَجُلٍ ثُمَّ رَجَعَ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ جَمِيعًا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَا ضَمَانَ عَلَى الْأُصُولِ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الْفُرُوعِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأُصُولَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْفُرُوعَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْفُرُوعَ فَالْفُرُوعُ لَا يَرْجِعُونَ عَلَى الْأُصُولِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْأُصُولَ فَالْأُصُولُ لَا يَرْجِعُونَ عَلَى الْفُرُوعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ رَجَعَ الْفُرُوعُ وَحْدَهُمْ فَعَلَيْهِمْ الضَّمَانُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ قَالَ شُهُودُ الْفُرُوعِ: كَذَبَ شُهُودُ الْأَصْلِ أَوْ غَلِطُوا فِي شَهَادَاتِهِمْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ شُهُودُ الْفُرُوعِ: رَجَعْنَا عَنْ شَهَادَاتِنَا، وَقَالَ شُهُودُ الْأَصْلِ: قَدْ غَلِطْنَا فِي شَهَادَاتِنَا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الْفُرُوعِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ قَالَ الْفَرْعَانِ لِلْقَاضِي: قَدْ كَانَا أَشْهَدَانَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا هَذِهِ وَلَكِنَّهُمَا رَجَعَا عَنْ هَذِهِ الشَّهَادَةِ، أَوْ قَالَا: قَدْ أَخْبَرَانَا أَنَّهُمَا قَدْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَلَوْ رَجَعَ الْأُصُولُ فَقَالُوا لَمْ نُشْهِدْ الْفُرُوعَ عَلَى شَهَادَتِنَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأُصُولِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ قَالُوا: أَشْهَدْنَاهُمْ غَالِطِينَ أَوْ رَجَعْنَا عَنْ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ

الباب الحادي عشر في المتفرقات

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: ضَمِنُوا. هَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ وَشَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ بِحَقٍّ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ الثُّلُثَانِ، وَعَلَى الشَّاهِدَيْنِ الْآخَرَيْنِ الثُّلُثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الضَّمَانُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَانِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ، وَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ فَقَضَى الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ رَجَعُوا أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَانِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَشَهِدَ آخَرَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ بِذَلِكَ الْأَلْفِ بِعَيْنِهِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِالْأَلْفِ بِالشَّهَادَتَيْنِ جَمِيعًا ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَوَاحِدٌ مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي كَانَ عَلَيْهِمَا ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الْمَالِ، الثُّمُنَانِ عَلَى أَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ وَالثُّمُنُ عَلَى أَحَدِ الْآخَرَيْنِ، وَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا أَحَدُ الْأَوَّلَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ رُبُعُ الْحَقِّ، وَلَوْ رَجَعَ الْآخَرَانِ مَعَ أَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ ضَمِنُوا نِصْفَ الْمَالِ، يَكُونُ نِصْفُهُ عَلَى الرَّاجِعِ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ وَنِصْفُهُ عَلَى الْآخَرَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ فَرِيقٍ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَرَجَعَ وَاحِدٌ مِنْ هَذَا وَوَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَا ثُمُنَيْنِ وَنِصْفًا، وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ النِّصْفَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْمَبْسُوطِ جَوَابُ الْقِيَاسِ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ جَوَابُ الِاسْتِحْسَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. . إذَا رَجَعَ الْمُزَكُّونَ عَنْ التَّزْكِيَةِ، ضَمِنُوا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ صَالَحَهَا مِنْ نَفَقَتِهَا عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ، وَقَالَ الزَّوْجُ: صَالَحْتُكِ عَلَى خَمْسَةٍ، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ صَالَحَهَا عَلَى عَشَرَةٍ، فَقَضَى بِهَا ثُمَّ رَجَعَا، فَإِنْ كَانَتْ نَفَقَةُ مِثْلِهَا عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ ضَمِنَا الْفَضْلَ لِلزَّوْجِ فِيمَا مَضَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا فَرَضَ الْقَاضِي عَلَى الزَّوْجِ كُلَّ شَهْرٍ لِامْرَأَتِهِ نَفَقَةً مُسَمَّاةً وَمَضَتْ لِذَلِكَ سَنَةٌ، ثُمَّ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَدْ أَوْفَاهَا النَّفَقَةَ وَأَجَازَ ذَلِكَ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ، وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ وَكُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِمَّنْ فَرَضَ الْقَاضِي لَهُ نَفَقَةً كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا مَهْرًا، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ صَالَحَهَا مِنْ الْمُتْعَةِ عَلَى عَبْدِهِ وَدَفَعَهُ إلَيْهَا وَقَبَضَتْهُ، وَهِيَ تُنْكِرُ ذَلِكَ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ الْمُتْعَةَ لَا قِيمَةَ الْعَبْدِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ صَالَحَهَا مِنْ الْمُتْعَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَلَمْ يَشْهَدَا عَلَى قَبْضِ الْعَبْدِ، وَقَضَى الْقَاضِي لَهَا بِالْعَبْدِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ لَهَا قِيمَةَ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ صَالَحَهُ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ رَجَعَا، لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا أَيَّهُمَا كَانَ الْمُنْكِرُ لِلصُّلْحِ، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ صَالَحَهُ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفًا وَالْقَاتِلُ يَجْحَدُ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَعَلَيْهِمَا الْفَضْلُ عَلَى الدِّيَةِ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَفَا عَنْ دَمٍ خَطَأً أَوْ جِرَاحَةٍ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فِيهَا أَرْشٌ، وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، ضَمِنَا الدِّيَةَ وَأَرْشَ الْجِرَاحَةِ، وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَيْهِمَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَمَا بَلَغَ مِنْ أَرْشِ الْجِرَاحَةِ خَمْسَمِائَةٍ فَصَاعِدًا إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ فَفِي سَنَةٍ، وَمَا زَادَ إلَى الثُّلُثَيْنِ فَفِي سَنَةٍ أُخْرَى وَمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ ضَمِنَاهُ حَالًّا، وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ وَجَبَتْ حَالًّا وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهَا شَيْءٌ، وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهَا وَقَضَى بِالْبَرَاءَةِ ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا ذَلِكَ حَالًّا كَذَا فِي الْحَاوِي. شَاهِدَانِ شَهِدَا بِمَالٍ ثُمَّ دَعَاهُمَا الْقَاضِي إلَى الصُّلْحِ فَاصْطَلَحَا عَلَى بَعْضِهِ، ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَبْدٌ لِهَذَا الرَّجُلِ وَقَضَى بِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَضْمَنَا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ شَيْئًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى عَبْدٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ لِرَجُلٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ إنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ الشُّهُودُ عَنْ الشَّهَادَةِ، فَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَرْجِعُ عَلَى الشُّهُودِ بِالْمِائَةِ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُمَا أَنَّ شَهَادَتَهُمَا حَقٌّ بَعْدَ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى عَبْدٍ فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ لِفُلَانٍ فَقَضَى بِهِ، وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ الْعَبْدُ يَجْحَدُ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، وَضَمَّنَهُمَا الْقَاضِي الْقِيمَةَ فَأَدَّيَاهَا، أَوْ لَمْ يُؤَدِّيَاهَا حَتَّى وَهَبَ الْمَشْهُودُ لَهُ الْعَبْدَ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَبَضَهُ، فَإِنَّ الشَّاهِدَيْنِ يَبْرَآنِ مِنْ الضَّمَانِ وَيَرْجِعَانِ فِيمَا أَدَّيَاهُ، فَإِنْ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي الْعَبْدِ وَقَبَضَهُ رَجَعَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ، وَلَوْ مَاتَ الْمَشْهُودُ لَهُ فَوَرِثَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْعَبْدَ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّيَاهُ إلَيْهِ مِنْ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَكَذَا إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ وَقَضَى لِلْمَشْهُودِ لَهُ بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، ثُمَّ مَاتَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَوَرِثَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَقَدْ بَرِئَ الشَّاهِدَانِ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ قُتِلَ فَأَخَذَ الْمَشْهُودُ لَهُ قِيمَتَهُ فَوَرِثَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَنْهُ تِلْكَ الْقِيمَةَ أَوْ مِثْلَهَا مِنْ مِيرَاثِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ وَفِي حِصَّتِهِ مِنْ مِيرَاثِهِ وَفَاءٌ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَفِي نَوَادِرِ عِيسَى بْنِ أَبَانَ رَجُلٌ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَبِنْتًا لَهَا أَنَّهُمَا جَارِيَتَاهُ، وَأَنْكَرَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ أَنْ تَكُونَ الْجَارِيَةُ لِلْمُدَّعِي وَأَنْ تَكُونَ الصَّبِيَّةُ بِنْتًا لِلْجَارِيَةِ، فَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَنَّ الْجَارِيَةَ لِلْمُدَّعِي وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ أَنَّ الصَّبِيَّةَ بِنْتُ الْجَارِيَةِ، فَقَضَى بِالْجَارِيَةِ وَبِنْتِهَا لِلْمُدَّعِي ثُمَّ رَجَعَ اللَّذَانِ شَهِدَا أَنَّ الْجَارِيَةَ لِلْمُدَّعِي، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُضَمِّنُهُمَا قِيمَةَ الْأَمَةِ وَقِيمَةَ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا قَضَى بِالْوَلَدِ بِشَهَادَتِهِمْ أَنَّ الْجَارِيَةَ جَارِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ مِنْ الْأَصْلِ فَكُلُّ مَا كَانَ مَعَهَا مِنْ مَالٍ أَوْ وَلَدٍ فَهُوَ

تَبَعٌ لَهَا، فَكَأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالْوَلَدِ كَمَا شَهِدُوا بِالْجَارِيَةِ قَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ تَاجِرٌ كَثِيرُ الْمَالِ، مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ مَالًا كَثِيرًا، فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ عَبْدُهُ لِيَأْخُذَ مَا تَرَكَهُ الْعَبْدُ، وَأَنْكَرَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ لِلْمُدَّعِي وَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ لِلْعَبْدِ، فَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَنَّ الْعَبْدَ مِلْكُ الْمُدَّعِي أَوْدَعَهُ الَّذِي كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ، وَجَاءَ بِشُهُودٍ كَثِيرَةٍ شَهِدُوا أَنَّ الْمَالَ لِلْعَبْدِ، وَقَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي بِالْعَبْدِ وَالْمَالِ، ثُمَّ رَجَعَ الَّذِينَ شَهِدُوا أَنَّ الْعَبْدَ لِلْمُدَّعِي، فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ الْمَالَ لِلَّذِي كَانَ الْعَبْدُ وَالْمَالُ فِي يَدِهِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ رَجَعَ الَّذِينَ شَهِدُوا أَنَّ الصَّبِيَّةَ بِنْتُ الْأَمَةِ فَشُهُودُ الْأَمَةِ يَرْجِعُونَ عَلَى شُهُودِ الْوَلَدِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ. وَفِي الْمُنْتَقَى: رَجُلٌ ادَّعَى أَمَةً فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْأَمَةِ، وَقَدْ كَانَتْ لِلْأَمَةِ ابْنَةٌ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِهَا، فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً أَنَّهَا ابْنَتُهَا، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي لَهُ بِالِابْنَةِ أَيْضًا تَبَعًا لِلْأُمِّ، فَإِنْ قَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْأُمِّ أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي عَنْ شَهَادَتِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ قِيمَةَ الْأَمَةِ وَوَلَدِهَا، وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ قَبْلُ، قَالَ: وَيَسْتَوِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي قَضَى بِذَلِكَ مَعًا أَوْ قَضَى بِالْأُمِّ ثُمَّ بِالْوَلَدِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يُوجِبُ الْفَصْلَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ فِي يَدِهِ عَبْدٌ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ لِرَجُلٍ آخَرَ وَقَضَى بِهِ لَهُ، ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِالْعَبْدِ لِرَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ لَهُ وَقَضَى لَهُ، ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ الثَّانِي أَنَّ الْعَبْدَ لِهَذَا الثَّالِثِ وَقَضَى لِلثَّالِثِ ثُمَّ رَجَعُوا، ضَمِنَ كُلُّ فَرِيقٍ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ جَمِيعَ قِيمَةِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ قِيمَتُهَا وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ شَفِيعُهَا بِدَارٍ تَلْزَقُ هَذِهِ الدَّارَ الْمُشْتَرَاةَ فَقَضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ رَجَعَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً فَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِنَقْضِهِ ضَمِنَ لَهُ الشَّاهِدَانِ قِيمَةَ بِنَائِهِ حِينَ رَجَعَا، وَيَكُونُ النَّقْضُ لَهُمَا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَفِي الْمُنْتَقَى: شَاهِدَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي أَمْسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ وَقَبَضَهُ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَلَمَّا أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يُضَمِّنَهُمَا الْأَلْفَ قَالَا: نَحْنُ نَجِيئُكَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّ هَذَا الَّذِي قَضَيْتَ عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ لِفُلَانٍ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهَذَا الْأَلْفِ مُنْذُ سَنَةٍ، قَالَ: لَا أَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمَا وَأُضَمِّنُهُمَا الْأَلْفَ. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ بِعِتْقِ عَبْدِهِ مُنْذُ شَهْرٍ، وَشَهِدَ رَجُلُ آخَرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَقَرَّ بِعِتْقِ عَبْدِهِ مُنْذُ سَنَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِعِتْقِ الْعَبْدِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَأَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يُضَمِّنَهُمَا قِيمَةَ الْعَبْدِ فَقَالَا نَحْنُ نَجِيءُ بِشَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ بِعِتْقِ عَبْدِهِ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ قَالَ: أَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهَا اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَكَّلَ هَذَا الرَّجُلَ بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٌ يُقِرُّ بِالدَّيْنِ، فَقَضَى الْقَاضِي بِهِ لِلْوَكِيلِ وَقَبَضَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ، ثُمَّ قَدِمَ صَاحِبُهُ فَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا، وَالْوَكِيلُ ضَامِنٌ لِمَا اسْتَهْلَكَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ أَوْ غَلَّةٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ ذِمِّيَّانِ لِلذِّمِّيِّ عَلَى ذِمِّيٍّ بِمَالٍ أَوْ بِخَمْرٍ

كتاب الوكالة وهو مشتمل على أبواب

أَوْ خِنْزِيرٍ، فَقَضَى بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ضَمِنَا الْمَالَ وَقِيمَةَ الْخِنْزِيرِ وَمِثْلَ الْخَمْرِ، وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ أَسْلَمَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ضَمِنَا قِيمَةَ الْخِنْزِيرِ، وَفِي الْخَمْرِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنَانِ الْقِيمَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنَانِ شَيْئًا، وَلَوْ لَمْ يُسْلِمْ الشَّاهِدَانِ وَأَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا قِيمَةَ الْخِنْزِيرِ وَلَمْ يَضْمَنَا الْخَمْرَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ، أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا، وَشَهِدَ آخَرُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ وَرَجَعَ الْفَرِيقَانِ بَعْدَ الْحُكْمِ، فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الْيَمِينِ دُونَ الشَّرْطِ وَهُوَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوْ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الشَّرْطِ وَحْدَهُمْ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ بِحَالٍ، وَلَوْ شَهِدَا بِالتَّفْوِيضِ وَآخَرَانِ بِأَنَّهَا طَلُقَتْ أَوْ أَعْتَقَ، فَالتَّفْوِيضُ كَالشَّرْطِ هَكَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالتَّعْلِيقِ وَآخَرَانِ أَنَّ الْمَأْمُورَ عَلَّقَ وَآخَرَانِ عَلَّقَ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ التَّعْلِيقِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ شَهِدُوا بِالْإِحْصَانِ ثُمَّ رَجَعُوا لَمْ يَضْمَنُوا عِنْدَنَا كَذَا فِي الْكَافِي وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْوَكَالَةِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَبْوَابٍ] [الْبَاب الْأَوَّل فِي مَعْنَى الْوَكَالَة وَرُكْنهَا وَشَرْطهَا وَأَلْفَاظهَا وَحُكْمهَا وَصِفَّتهَا] (كِتَابُ الْوَكَالَةِ) (وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَبْوَابٍ) الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ مَعْنَاهَا شَرْعًا وَرُكْنِهَا وَشَرْطِهَا وَأَلْفَاظِهَا وَحُكْمِهَا وَصِفَتِهَا وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ. أَمَّا مَعْنَاهَا شَرْعًا: فَهُوَ إقَامَةُ الْإِنْسَانِ غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ حَتَّى إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا يَثْبُتُ بِهِ أَدْنَى تَصَرُّفَاتِ الْوَكِيلِ وَهُوَ الْحِفْظُ، وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ: وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا فِيمَنْ قَالَ لِآخَرَ: وَكَّلْتُكَ بِمَالِي: إنَّهُ يَمْتَلِكُ بِهَذَا اللَّفْظِ الْحِفْظَ فَقَطْ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. (وَأَمَّا رُكْنُهَا) : فَالْأَلْفَاظُ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْوَكَالَةُ مِنْ قَوْلِهِ: وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ أَوْ شِرَائِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَقَبُولُ الْوَكِيلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ اسْتِحْسَانًا، وَلَكِنْ إذَا رَدَّ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ تَرْتَدُّ، هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَالَ: شِئْتَ تَبِيعُ كَذَا فَسَكَتَ وَبَاعَ جَازَ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَقْبَلُ بَطَلَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ مَا تَقَعُ بِهِ الْوَكَالَةُ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَاقٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا يَقَعُ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ وَلَمْ يَقْبَلْ صَرِيحًا وَلَكِنْ طَلَّقَهَا يَصِحُّ

اسْتِحْسَانًا، وَيُجْعَلُ إقْدَامُهُ عَلَى الطَّلَاقِ قَبُولًا لِلْوَكَالَةِ دَلَالَةً هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا غَائِبًا وَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ بِالْوَكَالَةِ يَصِيرُ وَكِيلًا، سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا أَخْبَرَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الرِّسَالَةِ صَدَّقَهُ الْوَكِيلُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. . (وَأَمَّا شَرْطُهَا) فَأَنْوَاعٌ: مِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَمْلِكُ فِعْلَ مَا وُكِّلَ بِهِ بِنَفْسِهِ، فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ أَصْلًا، وَكَذَا مِنْ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ بِمَا لَا يَمْلِكُهُ بِنَفْسِهِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الضَّارَّةِ الْمَحْضَةِ، وَيَصِحُّ بِالتَّصَرُّفَاتِ النَّافِعَةِ كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ، وَأَمَّا التَّصَرُّفَاتُ الدَّائِرَةُ بَيْنَ الضَّرَرِ وَالنَّفْعِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ أَوْ عَلَى إذْنِ وَلِيِّهِ بِالتِّجَارَةِ كَمَا إذَا فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَكَّلَ الْيَتِيمَ وَأَجَازَ وَصِيُّهُ جَازَ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْمَجْنُونُ الَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ إذَا وُكِّلَ فِي حَالِ جُنُونِهِ لَا يَصِحُّ وَإِنْ وُكِّلَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ يَجُوزُ، قَالُوا: هَذَا إذَا كَانَ لِإِفَاقَتِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ حَتَّى تُعْرَفَ إفَاقَتُهُ مِنْ جُنُونِهِ بِيَقِينٍ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِإِفَاقَتِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ فَلَا يَجُوزُ، وَالْمَعْتُوهُ الْمَغْلُوبُ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا أَوْ يَبِيعَ لَهُ شَيْئًا لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ مِنْ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَكُلُّ مَا جَازَ لِلْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَاهُ جَازَ لَهُمَا أَنْ يُوَكِّلَا بِهِ مَنْ يَفْعَلُهُ، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَلَا يُكَاتِبَ عَبْدَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ وَكَّلَ الْمَأْذُونُ مَوْلَاهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ جَازَ وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ غَيْرَهُ، فَإِنْ وَكَّلَ غَيْرَهُ وَأَنْفَذَهُ الْوَكِيلُ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا بِخُصُومَةِ أَحَدٍ يَدَّعِي رَقَبَتَهُ أَوْ يَدَّعِي جِرَاحَةً جَرَحَهَا الْعَبْدُ إيَّاهُ أَوْ جَرَحَ هُوَ الْعَبْدَ، وَلَا بِالصُّلْحِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَوْلَاهُ، وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي خُصُومَتِهِ لِآخَرَ جَنَى عَلَى عَبْدِهِ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ جَنَى عَبْدُهُ عَلَيْهِ أَوْ يَدَّعِي رَقَبَتَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي كَسْبِهِ خَصْمٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ وَكَالَةِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، فَوَكَّلَ الْمُكَاتَبُ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ الْخُصُومَةِ فَهُوَ جَائِزٌ فِي نَصِيبِ الَّذِي كَاتَبَهُ، فَإِنْ كَاتَبَهُ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ فِعْلُ الْوَكِيلِ فِي نَصِيبِهِمَا جَمِيعًا اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَ مُكَاتِبًا لَهُمَا فَوَكَّلَ وَكِيلًا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ عَجَزَ عَنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَفَعَلَ ذَلِكَ، جَازَ فِي نَصِيبِهِمَا جَمِيعًا كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَكَّلَ أَحَدُهُمَا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى آخَرَ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ الْآخَرِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إنْ وَكَّلَهُ أَحَدُهُمَا بِبَيْعِ عَبْدٍ مِنْ الْآخَرِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ بِالْخُصُومَةِ مَعَ الْآخَرِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْلَيَيْهِ جَمِيعًا فَوَكَّلَ ابْنَ أَحَدِهِمَا بِذَلِكَ أَوْ عَبْدَهُ أَوْ مُكَاتَبَهُ أَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ فَهُوَ جَائِزٌ، كَمَا يَجُوزُ مَعَ سَائِرِ الْأَجَانِبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَأَمَّا تَوْكِيلُ الْمُرْتَدِّ فَمَوْقُوفٌ إنْ أَسْلَمَ

نَفَذَ وَإِلَّا فَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فَلَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَ مُسْلِمًا، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى بِلِحَاقِهِ وَكِيلَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ، وَإِنْ عَادَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ فَالْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي، وَإِنْ وَكَّلَ الْمُرْتَدُّ وَهُوَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَكِيلًا بِبَيْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ بِلُحُوقِهِ بِالدَّارِ زَالَ مَالُهُ مِنْ مِلْكِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَأَمَّا الْمُرْتَدَّةُ فَتَوْكِيلُهَا جَائِزٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ رِدَّتَهَا لَا تُعْتَبَرُ فِي حُكْمِ مِلْكِهَا فَهِيَ كَالْمُسْلِمَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَا إنْ كَانَ التَّوْكِيلُ قَبْلَ رِدَّتِهَا يَبْقَى بَعْدَ الرِّدَّةِ، إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ بِتَزْوِيجِهَا وَهِيَ مُرْتَدَّةٌ فَذَلِكَ بَاطِلٌ حَتَّى لَوْ زَوَّجَهَا الْوَكِيلُ فِي حَالِ الرِّدَّةِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ لَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى أَسْلَمَتْ ثُمَّ زَوَّجَهَا جَازَ وَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ وَكَّلَتْهُ بِالتَّزْوِيجِ وَهِيَ مُسْلِمَةٌ ثُمَّ ارْتَدَّتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَزَوَّجَهَا لَمْ يَجُزْ وَارْتِدَادُهَا إخْرَاجٌ لَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَيَجُوزُ مِنْ الذِّمِّيِّ كَمَا يَجُوزُ مِنْ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ حُقُوقَهُمْ مَرْعِيَّةٌ مَصُونَةٌ مِنْ الضَّيَاعِ كَحُقُوقِنَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا وَكَّلَ الذِّمِّيُّ الْمُسْلِمَ بِتَقَاضِي خَمْرٍ لَهُ عَلَى ذِمِّيٍّ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَقْبِضَ فَإِنْ فَعَلَ بَرِئَ الْمَطْلُوبُ كَذَا فِي الْحَاوِي فِي فَصْلِ الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَإِذَا وَكَّلَ الذِّمِّيُّ الْمُسْلِمَ أَنْ يَرْهَنَ لَهُ عِنْدَ ذِمِّيٍّ بِخَمْرٍ أَوْ يَرْهَنَ لَهُ خَمْرًا بِدَرَاهِمَ، فَإِنْ أَضَافَ الْوَكِيلُ إلَى الْآمِرِ وَأَخْبَرَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ صَحَّ، وَإِنْ قَالَ أَقْرِضْنِي لَمْ يَكُنْ رَهْنًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي الْوَكَالَةِ بِالرَّهْنِ. الْأَبُ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ شَيْءٍ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ بِشِرَاءِ شَيْءٍ لَهُ أَوْ بِالْخُصُومَةِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَوَصِيُّ الْأَبِ كَالْأَبِ فِي جَوَازِ التَّوْكِيلِ مِنْهُ لِلصَّبِيِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجُوزُ لِوَصِيِّ الْيَتِيمِ أَنْ يُوَكِّلَ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَهُ بِنَفْسِهِ مِنْ أَمْرِ الْيَتِيمِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ فَإِنْ كَانَ لِلْيَتِيمِ وَصِيَّانِ فَوَكَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ رَجُلًا عَلَى حِدَةٍ بِشَيْءٍ قَامَ وَكِيلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَكِيلَيْنِ مَقَامَ مُوَكِّلِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا فِي أَشْيَاءَ مَعْدُودَةٍ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. (وَمِنْهَا) : مَا يَرْجِعُ إلَى الْوَكِيلِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَلَا تَصِحُّ وَكَالَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ فَلَيْسَا بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ فَتَصِحُّ وَكَالَةُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ وَالْعَبْدِ مَأْذُونَيْنِ كَانَا أَوْ مَحْجُورَيْنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ وَكَّلَ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ غَيْرِ مَالٍ أَوْ يُكَاتِبَهُ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ فِي الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ. الْوَكِيلُ إذَا اخْتَلَطَ عَقْلُهُ بِشُرْبِ نَبِيذٍ وَيَعْرِفُ الشِّرَاءَ وَالْقَبْضَ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ، وَلَوْ اخْتَلَطَ عَقْلُهُ بِشُرْبِ الْبَنْجِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْتُوهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَأَمَّا الْعِلْمُ بِالتَّوْكِيلِ فِي الْجُمْلَةِ فَشَرْطٌ بِلَا خِلَافٍ إمَّا عِلْمُ الْوَكِيلِ وَإِمَّا عِلْمُ مَنْ يُعَامِلُهُ حَتَّى لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ مِنْ رَجُلٍ قَبْلَ عِلْمِهِ وَعِلْمِ الرَّجُلِ بِالتَّوْكِيلِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يُجِيزَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ الْوَكِيلُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْوَكَالَةِ، وَأَمَّا عِلْمُ الْوَكِيلِ عَلَى التَّعْيِينِ بِالتَّوْكِيلِ فَهَلْ هُوَ شَرْطٌ، ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ شَرْطٌ وَذَكَرَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ: اذْهَبْ بِثَوْبِي هَذَا إلَى فُلَانٍ حَتَّى يَبِيعَهُ أَوْ اذْهَبْ إلَى فُلَانٍ حَتَّى

يَبِيعَكَ ثَوْبِي الَّذِي عِنْدَهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَهُوَ إذْنٌ مِنْهُ لِفُلَانٍ فِي بَيْعِ ذَلِكَ الثَّوْبِ إنْ أَعْلَمَهُ الْمُخَاطَبُ بِمَا قَالَهُ الْمَالِكُ جَازَ بَيْعُهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَلَوْ قَالَ: اذْهَبْ بِهَذَا الثَّوْبِ إلَى الْقَصَّارِ حَتَّى يُقَصِّرَهُ أَوْ إلَى الْخَيَّاطِ حَتَّى يَخِيطَهُ قَمِيصًا فَهُوَ إذْنٌ مِنْهُ لِلْقَصَّارِ وَالْخَيَّاطِ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ، حَتَّى لَا يَصِيرَ ضَامِنًا بِعَمَلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ الْوَكَالَةُ. وَفِي وَكَالَةِ الْأَصْلِ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: اذْهَبْ إلَى فُلَانٍ حَتَّى يُعْتِقَكَ أَوْ حَتَّى يُكَاتِبَكَ فَأَعْتَقَهُ فُلَانٌ جَازَ، وَيَصِيرُ فُلَانٌ وَكِيلًا بِالْعَتَاقِ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: انْطَلِقِي إلَى فُلَانٍ حَتَّى يُطَلِّقَكِ فَطَلَّقَهَا فُلَانٌ وَلَمْ يَعْلَمْ يَقَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ مَا تَقَعُ بِهِ الْوَكَالَةُ. وَعِلْمُ الْوَكِيلِ بِالْوَكَالَةِ شَرْطُ عَمَلِ الْوَكَالَةِ، حَتَّى إنَّ مَنْ وَكَّلَ غَيْرَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ أَوْ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ وَالْوَكِيلُ لَا يَعْلَمُ فَطَلَّقَ أَوْ بَاعَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا طَلَاقُهُ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ إذَا وَكَّلَ إنْسَانًا لَا يَصِيرُ وَكِيلًا قَبْلَ الْعِلْمِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. إنْ وَكَّلَ مُسْلِمٌ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِذَا وَكَّلَ الْحَرْبِيُّ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا بِتَقَاضِي دَيْنٍ لَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَخَرَجَ وَكِيلُهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ بِطَلَبِ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَا إذَا وُكِّلَ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ قَبْضِ وَدِيعَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَإِذَا وَكَّلَ الْمُسْلِمُ أَوْ الذِّمِّيُّ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِخُصُومَةٍ أَوْ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ جَازَ، وَإِذَا الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ وَكَالَتُهُ وَكَذَا فِي الْحَاوِي. وَتَجُوزُ وَكَالَةُ الْمُرْتَدِّ بِأَنْ وَكَّلَ مُسْلِمٌ مُرْتَدًّا، وَكَذَا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَقْتَ التَّوْكِيلِ ثُمَّ ارْتَدَّ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ إلَّا أَنْ يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَتَبْطُلُ وَكَالَتُهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا بَاعَ الْمُضَارِبُ عَبْدًا اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ مِنْ رَجُلٍ فَوَكَّلَ الْمُشْتَرِي رَبَّ الْمَالِ بِقَبْضِهِ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ الْمُشْتَرِي شَرِيكَ الْبَائِعِ بِقَبْضِهِ مِنْهُ وَهُوَ مُفَاوَضَةٌ، أَوْ وَكَّلَ شَرِيكَ عِنَانٍ وَهُوَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا قَالَ ثَمَّةَ: كُلُّ مَنْ كُنْتُ أُجِيزَ بَيْعَهُ فِي الْعَبْدِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا لِمُشْتَرِيهِ فِي قَبْضِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَكَّلَ الْمُسْتَأْمَنُ مُسْتَأْمَنًا بِخُصُومَةٍ، ثُمَّ لَحِقَ الْمُوَكِّلُ بِالدَّارِ وَبَقِيَ الْوَكِيلُ يُخَاصِمُ، فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ هُوَ الَّذِي يَدَّعِي لِلْحَرْبِيِّ الْحَقَّ قُبِلَتْ الْخُصُومَةُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَفِي الْقِيَاسِ تَنْقَطِعُ الْوَكَالَةُ حِينَ يَلْحَقُ بِالدَّارِ وَبِهِ نَأْخُذُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْخُصُومَةِ الْقَضَاءُ، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ إلْزَامٍ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ، وَلَوْ وَكَّلَ الْمُسْتَأْمَنُ ذِمِّيًّا بِبَيْعِ مَتَاعٍ أَوْ تَقَاضِي دَيْنٍ سِوَى الْخُصُومَةِ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ جَائِزٌ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. (وَمِنْهَا) مَا يَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ بِهِ: اعْلَمْ أَنَّ الْحُقُوقَ نَوْعَانِ: حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْعَبْدِ، وَحَقُّ اللَّهِ نَوْعَانِ: نَوْعٌ مِنْهُ تَكُونُ الدَّعْوَى فِيهِ شَرْطًا كَحَدِّ الْقَذْفِ وَحَدِّ السَّرِقَةِ، فَهَذَا النَّوْعُ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِثْبَاتِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَيَجُوزُ فِي الِاسْتِيفَاءِ

إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا، وَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَ غَائِبًا. وَنَوْعٌ مِنْهُ لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى فِيهِ شَرْطًا كَحَدِّ الزِّنَا وَحَدِّ الشُّرْبِ، فَهَذَا النَّوْعُ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي إثْبَاتِهِ وَلَا فِي اسْتِيفَائِهِ، ثُمَّ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ إثْبَاتِ الْحَدِّ. أَمَّا التَّوْكِيلُ بِإِثْبَاتِ الْمَالِ فِي السَّرِقَةِ فَمَقْبُولٌ بِالْإِجْمَاعِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَأَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ فَعَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهُ مَعَ الشُّبْهَةِ كَالْقِصَاصِ، فَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِإِثْبَاتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا التَّوْكِيلُ بِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ، فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ وَهُوَ الْوَلِيُّ حَاضِرًا جَازَ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يَجُوزُ. وَنَوْعٌ يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهُ مَعَ الشُّبْهَةِ كَالدُّيُونِ وَالْأَعْيَانِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ، فَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ فِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ سِوَى الْقِصَاصِ بِرِضَا الْخَصْمِ بِلَا خِلَافٍ، وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالتَّعْزِيرِ إثْبَاتًا وَاسْتِيفَاءً بِالِاتِّفَاقِ، وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْبِيَاعَاتِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالْإِجَارَاتِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ وَالْإِعَارَةِ وَالِاسْتِعَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِيدَاعِ وَقَبْضِ الْحُقُوقِ وَالْخُصُومَاتِ وَتَقَاضِي الدُّيُونِ وَالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِي الْمُبَاحَاتِ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَالِاسْتِقَاءِ وَاسْتِخْرَاجِ الْجَوَاهِرِ مِنْ الْمَعَادِنِ فَمَا أَصَابَ الْوَكِيلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ، وَكَذَا التَّوْكِيلُ بِالتَّكَدِّي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ فَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيمَا اسْتَقْرَضَ لِلْمُوَكِّلِ إلَّا إذَا بَلَغَ عَلَى سَبِيلِ الرِّسَالَةِ فَيَقُولُ: أَرْسَلَنِي إلَيْكَ فُلَانٌ يَسْتَقْرِضُ كَذَا فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَمَا اسْتَقْرَضَهُ لِلْوَكِيلِ، وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْأَمْرِ وَلَوْ هَلَكَ مِنْ مَالِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيَجُوزُ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْقِسْمَةِ وَالِاسْتِيهَابِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ فِي الْهِبَةِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَلَا أَنْ يَقْبِضَ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُودِعِ وَلَا الْعَارِيَّةَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا الْقَرْضَ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَا الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ مِنْ الْمُلْتَمِسِ لِذَلِكَ مِنْ الْمَالِكِ فَوَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَرْتَهِنَ عَبْدَ فُلَانٍ بِدَيْنِهِ أَوْ يَسْتَعِيرَهُ لَهُ أَوْ يَسْتَوْهِبَهُ، فَإِنَّ الْوَكِيلَ فِي ذَلِكَ يُضِيفُ إلَى مُوَكِّلِهِ وَلَا يُضِيفُ إلَى نَفْسِهِ فَيَقُولُ: إنَّ زَيْدًا يَسْتَوْهِبَكَ عَبْدَكَ أَوْ يَسْتَرْهِنَكَ بِمَا لَهُ عَلَيْكَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ يَسْتَعِيرَ مِنْكَ، وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ فَقَالَ: هَبْ لِي أَوْ أَعِرْنِي أَوْ أَقْرِضْنِي فَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَأَمَّا أَلْفَاظُهَا) : فَكُلُّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَقَوْلِهِ: وَكَّلْتُكَ أَوْ هَوَيْتُ أَوْ أَحْبَبْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ شِئْتُ أَوْ أَرَدْتُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَنْهَاكَ عَنْ طَلَاقِ الْمَرْأَةِ لَا يَكُونُ تَوْكِيلًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَوْ قَالَ: وَافِقْنِي فَهَذَا تَوْكِيلٌ وَأَمْرٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: أَجَزْتُ لَكَ بَيْعَ عَبْدِي فَهَذَا تَوْكِيلٌ صَحِيحٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي قَبْضِ هَذَا الدَّيْنِ يَصِيرُ وَكِيلًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتَ حَرِيِّي، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتَ وَصِيٌّ فِي حَيَاتِي، وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ وَصِيٌّ لَا يَكُونُ وَكِيلًا، وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ يَكُونُ وَكِيلًا بِحِفْظِ الْمَالِ لَا غَيْرُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ أَمْرُكَ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِعْتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَقْفِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَمْلِكُ إلَّا إذَا دَلَّ دَلِيلُ سَابِقَةِ الْكَلَامِ وَنَحْوُهُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ فِي جَمِيعِ أُمُورِي فَقَالَ لَهُ: طَلَّقْتُ امْرَأَتَكَ أَوْ وَقَفْتُ جَمِيعَ أَرْضِكَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ أَنْفَقَ مَالَهُ فِي عِمَارَةِ أَمْلَاكِهِ أَوْ فِي نَفَقَةِ عِيَالِهِ هَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِمَا أَنْفَقَ فِي عِمَارَةِ أَمْلَاكِهِ وَبِمَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ إنْ كَانَ قَالَ لَهُ جَائِزٌ مَا صَنَعْتَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ لِغَيْرِهِ: وَكَّلْتُكَ فِي جَمِيعِ أُمُورِي وَأَقَمْتُكَ مَقَامَ نَفْسِي لَا تَكُونُ الْوَكَالَةُ عَامَّةً، وَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ فِي جَمِيعِ أُمُورِي الَّتِي يَجُوزُ بِهَا التَّوْكِيلُ كَانَتْ الْوَكَالَةُ عَامَّةً تَتَنَاوَلُ الْبِيَاعَاتِ وَالْأَنْكِحَةَ، وَفِي الْأَوَّلِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَامَّةً يُنْظَرُ إنْ كَانَ أَمْرُ الرَّجُلِ مُخْتَلِفًا لَيْسَتْ لَهُ صِنَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ تَاجِرًا بِتِجَارَةٍ مَعْرُوفَةٍ تَنْصَرِفُ الْوَكَالَةُ إلَيْهَا. رَجُلٌ لَهُ عَبِيدٌ قَالَ لِرَجُلٍ: مَا صَنَعْتَ فِي عَبِيدِي فَهُوَ جَائِزٌ فَأَعْتَقَ الْكُلَّ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا أَكْرَهَ السُّلْطَانُ رَجُلًا أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَقَالَ الْمُكْرَهُ لِذَلِكَ الْغَيْرِ: أَنْتَ وَكِيلِي فَطَلَّقَ الْوَكِيلُ امْرَأَتَهُ وَالزَّوْجُ قَالَ: لَمْ أُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ ابْتِدَاءً: أَنْتَ وَكِيلِي وَقَالَ: لَمْ أُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ (تووكيل منى هرجه خواهى كُنَّ) فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: (اكرمن وَكَيْل توام خويشتن رادست بازدا شتم بِهِ الطَّلَاق) فَقَالَ الزَّوْجُ: لَمْ أُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ، فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْ كَلَامِ الطَّلَاقِ مَا يَكُونُ هَذَا جَوَابًا فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ وَيَسَعُهَا تَصْدِيقُهُ إذَا حَلَفَ، وَإِنْ سَبَقَ يَقَعُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا، قَالُوا: إنَّمَا يَقَعُ وَاحِدَةً إذَا لَمْ يَكُنْ السَّابِقُ دَلِيلًا عَلَى إرَادَةِ الثَّلَاثِ وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا لَمْ يَكُنْ السَّابِقُ دَلِيلًا عَلَى إرَادَةِ الثَّلَاثِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ سَابِقَةُ الْكَلَامِ دَلِيلًا يَقَعُ الثَّلَاثُ عِنْدَ الْكُلِّ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: هَلْ أُخَالِعُكِ مِنْ زَوْجِكِ.؟ فَقَالَتْ: (توداني) أَوْ قَالَ: هَلْ أُزَوِّجُكِ مِنْ فُلَانٍ.؟ أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: هَلْ أُبَايِعُ مَتَاعَكَ؟ فَأَجَابَا لَهُ (توداني) فَهُوَ إذْنٌ وَتَوْكِيلٌ بِالْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْبَيْعِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. قَالَ لِآخَرَ: خُذْ هَذَا الْمَالَ

(وَهَرْجه مصلحت بَيْنِيّ بِكُنْ) لَا يَكُونُ تَوْكِيلًا، وَلَوْ قَالَ: (هرجه مصلحت است بِكُنْ روصاست) فَهَذَا تَوْكِيلٌ يُمَلِّكُ الْأَبْضَاعَ وَغَيْرَهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا فِي حَالَةِ الْغَضَبِ: (ناكردني ميلنم) فَقَالَ الزَّوْجُ: (جه توانى كُرِدْنَ) فَقَالَتْ: (كنم بِدُسْتُورِيِّ تَوّ) فَقَالَ الزَّوْجُ: (بِكُنْ) فَقَالَتْ: (خويشتن رَاسّه طَلَاق دادم) لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهَذَا الطَّلَاقِ عُرْفًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ لِغَيْرِهِ: اشْتَرِ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ اشْتَرِ جَارِيَةً لَا يَصِيرُ وَكِيلًا وَيَكُونُ ذَلِكَ مَشُورَةً، وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَكَ عَلَى شِرَائِكَ دِرْهَمٌ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ وَكِيلًا، وَيَكُونُ لِلْوَكِيلِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَا يُزَادُ عَلَى دِرْهَمٍ. رَجُلٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ: اشْتَرِ لِي بِمَا عَلَيْكَ جَارِيَةً لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي بِمَا لِي عَلَيْكَ جَارِيَةَ فُلَانٍ، أَوْ قَالَ: هَذِهِ الْجَارِيَةَ صَحَّ التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَسْلِمْ مَا لِي عَلَيْكَ فِي كَذَا لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ قَالَ: أَسْلِمْ مَا لِي عَلَيْكَ إلَى فُلَانٍ فِي كَذَا صَحَّ التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ لَمْ تَبِعْ عَبْدِي هَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ يَصِيرُ ذَلِكَ الْغَيْرُ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: سَلَّطْتُكَ عَلَى كَذَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَكَّلْتُكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ مَالِكُ الْمُسْتَغَلَّاتِ: فَوَّضْتُ إلَيْكَ أَمْرَ مُسْتَغَلَّاتِي وَكَانَ آجَرَهَا مِنْ إنْسَانٍ مَلَكَ تَقَاضِيَ الْأُجْرَةِ وَقَبْضَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إلَيْكَ أُمُورُ دُيُونِي مَلَكَ التَّقَاضِيَ، وَلَوْ قَالَ: فَوَّضْتُ إلَيْكَ أَمْرَ دَوَابِّي وَأَمْرَ مَمَالِيكِي مَلَكَ الْحِفْظَ وَالرَّعْيَ وَالتَّعْلِيفَ وَالنَّفَقَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ قَالَ: فَوَّضْتُ إلَيْكَ أَمْرَ امْرَأَتِي مَلَكَ طَلَاقَهَا، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْمَجْلِسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مَلَّكْتُكَ حَيْثُ لَا يُقْتَصَرُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (وَأَمَّا حُكْمُهَا) فَمِنْهُ قِيَامُ الْوَكِيلِ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ فِيمَا وَكَّلَهُ بِهِ، وَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ فِي إتْيَانِ مَا وُكِّلَ بِهِ إلَّا فِي دَفْعِ الْوَدِيعَةِ بِأَنْ قَالَ لَهُ: ادْفَعْ هَذَا الثَّوْبَ إلَى فُلَانٍ فَقَبِلَهُ وَغَابَ الْآمِرُ، يُجْبَرُ الْمَأْمُورُ عَلَى دَفْعِهِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ وَكَّلَهُ بِالْعِتْقِ فَقَبِلَ ثُمَّ أَبَى أَنْ يَعْتِقَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْحَاوِي، وَمِنْهُ أَنْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِمَا وُكِّلَ إلَّا أَنْ يُطْلِقَ لَهُ الَّذِي وَكَّلَهُ أَوْ يُجِيزَ أَمْرَهُ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ فَيَكُونَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ وَقَالَ: مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ غَيْرَهُ جَازَ تَوْكِيلُهُ، وَيَكُونُ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ لَا وَكِيلَ الْوَكِيلِ، حَتَّى لَوْ مَاتَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ أَوْ عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ جُنَّ أَوْ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي، وَلَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ أَوْ جُنَّ أَوْ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلَانِ، وَلَوْ عَزَلَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ جَازَ عَزْلُهُ، وَلَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ وَكَّلَ غَيْرَهُ وَقَالَ لَهُ مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ

فَهُوَ جَائِزٌ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَّلَ الْعَبْدُ التَّاجِرُ مَوْلَاهُ بِقَبْضِ دُيُونِهِ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ، فَإِنْ وَكَّلَ الْمَوْلَى مَعَ هَذَا وَبَاشَرَ وَكِيلُهُ هَلْ يَجُوزُ؟ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي تَوْكِيلِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ. (وَأَمَّا صِفَتُهَا) : فَإِنَّهَا مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ الْغَيْرِ اللَّازِمَةِ حَتَّى مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ الْعَزْلَ بِدُونِ صَاحِبِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِنْهُ أَنَّهُ أَمِينٌ فِيمَا فِي يَدِهِ كَالْمُودَعِ فَيَضْمَنُ بِمَا يَضْمَنُ بِهِ الْمُودَعُ وَيَبْرَأُ بِهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ: اقْضِهِ فُلَانًا عَنْ دَيْنِي فَقَالَ: قَضَيْتُهُ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَلِلدَّائِنِ فِي عَدَمِ قَبْضِهِ فَلَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَا تَجِبُ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا، وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى الَّذِي كَذَّبَهُ دُونَ الَّذِي صَدَّقَهُ، فَإِنْ صُدِّقَ الْمَأْمُورُ فِي الدَّفْعِ، فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ الْآخَرَ بِاَللَّهِ مَا قَبَضَ، فَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْقَبْضُ، وَإِنْ نَكَلَ ظَهَرَ قَبْضُهُ وَيَسْقُطُ عَنْ الْآمِرِ دَيْنُهُ، وَإِنْ صَدَّقَ الْآمِرُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَكَذَّبَ الْمَأْمُورَ، فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ الْمَأْمُورَ خَاصَّةً لَقَدْ دَفَعَهُ إلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا دَفَعَ إلَيْهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. (وَأَمَّا مَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) : فَمِنْهُ أَنَّهُ يَتَحَمَّلُ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ فِي الْوَكَالَةِ وَلَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ أَيَّ شَرْطٍ كَانَ، وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهَا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ شُرِعَ فِي لَازِمٍ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، وَالْوَكَالَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ حَتَّى أَنَّ مَنْ قَالَ: أَنْتَ وَكِيلٌ فِي طَلَاقِ امْرَأَتِي عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ عَلَى أَنَّهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَالْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي أَنْوَاعِ الْخِيَارِ فِي الْوَكَالَةِ. وَمِنْهُ صِحَّةُ إضَافَتِهَا فَتَقْبَلُ التَّقْيِيدَ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، فَلَوْ قَالَ: بِعْهُ غَدًا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ الْيَوْمَ، وَلَوْ قَالَ: اعْتِقْ عَبْدِي هَذَا أَوْ طَلِّقْ امْرَأَتِي غَدًا لَا يَمْلِكُهُ الْيَوْمَ، وَلَوْ قَالَ: بِعْ عَبْدِي الْيَوْمَ أَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدًا الْيَوْمَ أَوْ قَالَ: اعْتِقْ عَبْدِي الْيَوْمَ فَفَعَلَ ذَلِكَ غَدًا فِيهِ رِوَايَتَانِ بَعْضُهُمْ قَالُوا الصَّحِيحُ أَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَبْقَى بَعْدَ الْيَوْمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ وَكَّلَهُ يَتَقَاضَى دَيْنَهُ بِالشَّامِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَقَاضَاهُ بِالْكُوفَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَمِنْهُ صِحَّةُ تَعْلِيقِهَا، وَلَوْ قَالَ: إذَا حَلَّ مَالِي فَاقْبِضْ، أَوْ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَتَقَاضَى، أَوْ إذَا أَثْبَتَ شَيْئًا فَأَنْتَ وَكِيلِي فِي قَبْضِهِ، أَوْ إذَا قَدِمَ الْحَاجُّ فَاقْبِضْ دُيُونِي صَحَّتْ الْوَكَالَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمِنْهُ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ الْوَكِيلُ إلَى إضَافَتِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَيُكْتَفَى بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ كَالْبِيَاعَاتِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالْإِجَارَاتِ وَالصُّلْحِ الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ فَحُقُوقُهُ رَاجِعَةٌ إلَى الْوَكِيلِ، وَيَكُونُ الْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الْحُقُوقِ كَالْمَالِكِ، وَالْمَالِكُ كَالْأَجْنَبِيِّ كَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَقَبْضِهِ وَمُطَالَبَةِ الثَّمَنِ وَقَبْضِهِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ وَالْمُخَاصَمَةِ فِي الْعَيْبِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ خِلَافُهُ عَنْ الْوَكِيلِ ابْتِدَاءً وَهُوَ الصَّحِيحُ، حَتَّى لَوْ اشْتَرَى ذَوِي مَحَارِمِهِ لَا يَعْتِقُونَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا تَنْتَقِلُ الْحُقُوقُ إلَى الْمُوَكِّلِ فِيمَا يُضَافُ إلَى الْوَكِيلِ مَادَامَ

الْوَكِيلُ حَيًّا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكِيلُ الْبَائِعِ هُوَ الَّذِي يُطَالِبُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إذَا نَقَدَهُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَلَا يُطَالِبُ الْمُوَكِّلُ بِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِذَا طَلَبَ الْمُوَكِّلُ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ إيَّاهُ، فَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ جَازَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَالِبَهُ ثَانِيًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ نَقَدَهُ إلَيْهِ، وَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكِّلِ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْمَبِيعُ وَلَكِنَّ الْمُشْتَرِيَ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْوَكِيلَ، وَإِذَا ثَبَتَ الْعَيْبُ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ قَاضٍ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْوَكِيلِ إذَا نَقَدَهُ إلَيْهِ، وَإِنْ نَقَدَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ أَخَذَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ. وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ هُوَ الْمُطَالَبُ بِالثَّمَنِ دُونَ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ الَّذِي يَقْبِضُ الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ دُونَ الْمُوَكِّلِ، وَإِذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ فَهُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ دُونَ الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ وَقَالَ الْبَائِعُ إنَّهُ وَكِيلٌ فَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْبَائِعِ. عَبْدٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا فَقَالَ الْبَائِعُ: لَا أُسَلِّمُ إلَيْكَ الْمَبِيعَ؛ لِأَنَّكَ مَحْجُورٌ، وَقَالَ الْعَبْدُ: أَنَا مَأْذُونٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَبْدِ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ أَقَرَّ أَنَّهُ مَحْجُورٌ قَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى الْقَضَاءِ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَبْدٌ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: هَذَا الَّذِي بِعْتُكَ لِمَوْلَايَ وَأَنَا مَحْجُورٌ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ أَنْتَ مَأْذُونٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَبْدِ، وَلِلْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ الْمُخَاصَمَةُ فِي إثْبَاتِهَا وَقَبْضُ الْأَجْرِ وَحَبْسُ الْمُسْتَأْجَرِ بِهِ، وَإِنْ وَهَبَ الْأَجْرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ أَبْرَأَهُ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ لَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَمِنْهُ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى إضَافَتِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ فَحُقُوقُهُ تَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ وَالْعَتَاقِ عَلَيْهِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْكِتَابَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَا يُطَالَبُ وَكِيلُ الزَّوْجِ بِالصَّدَاقِ وَلَا يَلْزَمُ وَكِيلَ الْمَرْأَةِ تَسْلِيمُهَا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ وَكِيلُ الْمَرْأَةِ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ الْمَهْرِ، وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْكِتَابَةِ لَيْسَ لَهُ قَبْضُ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْخُلْعِ إنْ كَانَ وَكِيلَ الزَّوْجِ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ بَدَلِ الْخُلْعِ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلَ الْمَرْأَةِ فَلَا يُؤْخَذُ بِبَدَلِ الْخُلْعِ إلَّا إذَا ضَمِنَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ مِنْ أَهْلِ الْعُهْدَةِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا وَكَّلَ صَبِيًّا مَحْجُورًا بِأَنْ يَبِيعَ لَهُ، أَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا فَبَاعَ شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى جَازَ إذَا كَانَ يَعْقِلُ ذَلِكَ وَلَا عُهْدَةَ عَلَى الصَّبِيِّ، وَإِنَّمَا الْعُهْدَةُ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا لِلْبَائِعِ سَوَاءٌ عَلِمَا بِكَوْنِهِ مَحْجُورًا أَوْ لَمْ يَعْلَمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، فَإِنْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَبَاعَ جَازَ

فصل في إثبات الوكالة والشهادة عليها وما يتعلق به

وَلَزِمَتْهُ الْعُهْدَةُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لَا تَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، بَلْ تَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى أَنَّ الْبَائِعَ يُطَالِبُ الْآمِرَ بِالثَّمَنِ دُونَ الصَّبِيِّ، وَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ الْحَالِّ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَلْزَمُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا وَكَّلَ الْحُرُّ عَبْدًا مَأْذُونًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً أَوْ طَعَامًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ بِأَلْفِ نَقْدٍ وَلَمْ يَدْفَعْ الْأَلْفَ أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ، فَاشْتَرَى لَهُ الْعَبْدُ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْمَأْذُونِ، وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ أَمَرَ الْعَبْدَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ نَسِيئَةً فَاشْتَرَى الْعَبْدُ ذَلِكَ كَمَا أَمَرَهُ الْآمِرُ كَانَ جَمِيعُ مَا اشْتَرَاهُ الْعَبْدُ لِلْعَبْدِ وَلَا شَيْءَ لِلْآمِرِ، وَإِنْ وَكَّلَ الْمَأْذُونُ رَجُلًا بِبَيْعِ شَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ أَوْ شِرَائِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ مُرْتَدًّا جَازَ بَيْعُهُ، وَلَكِنْ يُتَوَقَّفُ حُكْمُ الْعُهْدَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ أَسْلَمَ كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [فَصَلِّ فِي إثْبَات الْوَكَالَة والشهادة عَلَيْهَا وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ] ِ. حَضَرَ مَجْلِسَ الْحُكْمِ بِخُوَارِزْمَ عِنْدَ حَاكِمِهَا وَوَكَّلَ بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ بِخُوَارِزْمَ، فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ يَعْرِفُ الْمُوَكِّلَ اسْمًا وَنَسَبًا يَجْعَلُهُ وَكِيلًا، فَإِذَا أَحْضَرَ عِنْدَ هَذَا الْحَاكِمِ رَجُلًا، وَادَّعَى حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ وَبَرْهَنَ عَلَى الْحَقِّ حُكِمَ بِهِ بِلَا احْتِيَاجٍ إلَى إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ الْمُوَكِّلَ لَا يَجْعَلُهُ وَكِيلًا؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْمَقْضِيِّ لَهُ وَقْتَ الْقَضَاءِ شَرْطٌ لِيَعْلَمَ أَنَّ الْحُكْمَ لِمَنْ يَكُونُ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُوَكِّلُ أَنْ يُبَرْهِنَ أَنَّهُ فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ حَتَّى يَحْصُلَ الْعِلْمُ لِلْقَاضِي فَلَا لِعَدَمِ الْخَصْمِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَيْهِ لِيَكْتُبَ إلَى قَاضِي الدَّشْتِ بِذَلِكَ يَعْنِي أَنَّ فُلَانًا بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ وَكَّلَ فُلَانًا بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ بِكَذَا يَقْبَلُهُ وَيَكْتُبُ بِهِ؛ لِأَنَّ حَضْرَةَ الْخَصْمِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لِلْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ بِالْكُوفَةِ وَقَبْضِهِ وَالْخُصُومَةِ، وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْمُوَكِّلُ غَائِبٌ وَلَمْ يُحْضِرْ أَحَدًا قِبَلَهُ لِلْمُوَكِّلِ حَقٌّ، فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ مِنْ شُهُودِهِ حَتَّى يُحْضِرَ خَصْمًا جَاحِدًا لِذَلِكَ أَوْ مُقِرًّا بِهِ فَحِينَئِذٍ يَسْمَعُ وَتَنْفُذُ لَهُ الْوَكَالَةُ، فَإِنْ أَحْضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ غَرِيمًا آخَرَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَكَالَةَ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ بِعَيْنِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ بِحُضُورِهِ فَجَاءَ بِخَصْمٍ آخَرَ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ مَرَّةً أُخْرَى، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ. وَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى الْوَكَالَةِ عَلَى إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ فِي حَقٍّ، ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ لِمُوَكِّلِهِ حَقًّا آخَرَ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَكَالَتِهِ بِخِلَافِ دَعْوَاهُ الْوَكَالَةَ عَنْ مُوَكِّلٍ آخَرَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ وَفُلَانًا بْنَ فُلَانٍ بِقَبْضِ الْمَالِ الَّذِي لَهُ عَلَى هَذَا، فَأَقَرَّ الْغَرِيمُ بِالدَّيْنِ وَجَحَدَ الْوَكَالَةَ أَوْ جَحَدَهُمَا جَمِيعًا، فَأَقَامَ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَعَلَى الدَّيْنِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِوَكَالَةِ الْوَكِيلَيْنِ جَمِيعًا وَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَقْبِضَ الدَّيْنَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ هَهُنَا انْتَصَبَ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ حَقًّا مُتَّصِلًا بِحَقِّ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَكِيلَيْنِ بِالْقَبْضِ لَا يَنْفَرِدُ بِالْقَبْضِ

فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ قَبَضَا الدَّيْنَ وَلَا يَحْتَاجُ الَّذِي حَضَرَ إلَى إثْبَاتِ وَكَالَتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ. ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ بِقَبْضِ دَيْنِهِ الَّذِي عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ، وَبَرْهَنَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالدَّيْنِ بُرْهَانًا وَاحِدًا، قَالَ الْإِمَامُ: يُقْبَلُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَيُحْكَمُ بِهَا، ثُمَّ تُعَادُ الْبَيِّنَةُ ثَانِيًا عَلَى الدَّيْنِ بَعْدَهُ، هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَقَامَهَا عَلَى الْكُلِّ جُمْلَةً يُقْضَى بِالْكُلِّ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّيْنِ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يُثْبِتَ وَكَالَتَهُ بِالْبَيْعِ عِنْدَ الْقَاضِي، حَتَّى لَوْ جَاءَ الْمُوَكِّلُ وَأَنْكَرَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ فَلَهُ وُجُوهٌ (أَحَدُهَا) : أَنْ يُسَلِّمَ الْوَكِيلُ الْعَيْنَ إلَى رَجُلٍ، ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ مَالِكِهَا بِالْقَبْضِ وَالْبَيْعِ فَسَلِّمْهَا لِي، فَيَقُولُ ذُو الْيَدِ: لَا عِلْمَ لِي بِالْوَكَالَةِ، فَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلُهُ بِالْقَبْضِ وَالْبَيْعِ، فَيَسْتَمِعُ الْقَاضِي ذَلِكَ وَيَأْمُرُهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ فَيَبِيعُهَا. (وَثَانِيهَا) : أَنْ يَقُولَ: هَذَا مِلْكُ فُلَانٍ أَبِيعُهُ مِنْكَ، فَإِذَا بَاعَهُ مِنْهُ يَأْمُرُهُ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: لَا أَقْبِضُ مِنْكَ؛ لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَجِيءَ الْمَالِكُ وَيُنْكِرُ الْوَكَالَةَ، وَرُبَّمَا يَكُونُ الْمَقْبُوضُ هَالِكًا فِي يَدِي أَوْ يَحْصُلُ فِيهِ نُقْصَانٌ فَيُضَمِّنَنِي فَيُقِيمُ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ، وَيُجْبِرُهُ عَلَى الْقَبْضِ. (وَثَالِثُهَا) : رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِكَ مِلْكُ فُلَانٍ، وَأَنْتَ وَكِيلُهُ بِالْبَيْعِ وَقَدْ بِعْتَ مِنِّي فَقَالَ: بِعْتُ مِنْكَ وَلَكِنْ لَسْتُ بِوَكِيلٍ عَنْ فُلَانٍ وَلَمْ يُوَكِّلْنِي بِالْبَيْعِ، فَأَقَامَ مُدَّعِي الشِّرَاءِ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٌ بِالْبَيْعِ، فَهُوَ خَصْمٌ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ كَوْنُهُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دُيُونِهِ مِنْ فُلَانٍ وَالْخُصُومَةِ فِيهَا، فَأَحْضَرَ الْوَكِيلُ الْمَدْيُونَ، فَأَقَرَّ الْمَدْيُونُ بِالْوَكَالَةِ وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ، فَأَقَامَ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ لَا تُقْبَلُ إلَّا مِنْ الْخَصْمِ وَبِإِقْرَارِ الْمَدْيُونِ لَمْ تَثْبُتْ الْوَكَالَةُ فَلَمْ يَكُنْ خَصْمًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَدْيُونَ لَوْ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ فَقَالَ الْوَكِيلُ: أَنَا أُثْبِتُ الْوَكَالَةَ مَخَافَةَ أَنْ يَحْضُرَ الطَّالِبُ وَيُنْكِرَ الْوَكَالَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ قَائِمَةً عَلَى الْمُقِرِّ؟ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ حَقًّا لِغَائِبٍ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْغَائِبَ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ حَقِّهِ وَخُصُومَتِهِ فِي ذَلِكَ، فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَخْرَجَ هَذَا عَنْ الْوَكَالَةِ بِمَحْضَرٍ أَوْ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْهُ، قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْوَكِيلِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَخْرَجَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ. وَلَوْ دَفَعَ الْغَرِيمُ الْمَالَ إلَى الْوَكِيلِ، ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَكِيلٍ، أَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّ الطَّالِبَ مَا وَكَّلَهُ لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ عَلَى ذَلِكَ لَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَقَامَ الْغَرِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الطَّالِبَ جَحَدَ الْوَكَالَةَ وَقَبَضَ الْمَالَ مِنِّي تُقْبَلُ كَذَا فِي الْكَافِي فِي بَابِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ. الْوَكِيلُ يَقْبِضُ الدَّيْنَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الدَّيْنِ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الْغَرِيمِ

بِذَلِكَ، وَأَمَرَ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَى الْوَكِيلِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ وَضَاعَ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ أَقَامَ الْغَرِيمُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ قَضَاهُ إلَى رَبِّ الْمَالِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ إنَّمَا سَبِيلُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ يَدُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِخُصُومَةِ كُلِّ أَحَدٍ فَأَحْضَرَ الْوَكِيلُ رَجُلًا يَدَّعِي عَلَيْهِ مَالًا لِمُوَكِّلِهِ، فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِوَكَالَةِ الْمُدَّعِي، فَقَالَ الْوَكِيلُ: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ لِتَكُونَ حُجَّةً لِي عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ بِبَيِّنَتِهِ، وَيَجْعَلُهُ وَكِيلًا مَعَ الْمُقِرِّ وَمَعَ غَيْرِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّكَ وَكِيلُ فُلَانٍ بِالْخُصُومَةِ وَلِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: مَا وَكَّلَنِي فُلَانٌ بِالْخُصُومَةِ، وَبَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ تُقْبَلُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَإِنْ شَهِدَا بِالْوَكَالَةِ وَالْوَكِيلُ لَا يَدْرِي أَنَّهُ وَكَّلَهُ أَمْ لَا، وَقَالَ: أَخْبَرَنِي الشُّهُودُ أَنَّهُ وَكَّلَنِي، فَأَنَا أَطْلُبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ بِخَبَرِ الشَّاهِدَيْنِ يَثْبُتُ الْعِلْمُ لِلْقَاضِي فَلَأَنْ يَثْبُتَ الْعِلْمُ لِلْوَكِيلِ أَوْلَى، وَإِنْ شَهِدَا عَلَى وَكَالَتِهِ وَهُوَ يَجْحَدُ، فَإِنْ كَانَ وَكِيلَ الطَّالِبِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَ شُهُودَهُ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلَ الْمَطْلُوبِ، فَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ قَبِلَ الْوَكَالَةَ لَزِمَتْهُ؛ لِأَنَّ وَكِيلَ الْمَطْلُوبِ بَعْدَ قَبُولِهِ يُجْبَرُ عَلَى جَوَابِ الْخَصْمِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا عَلَى قَبُولِهِ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ مِنْ التَّوْكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ غَائِبًا فَادَّعَى الطَّالِبُ فِي دَارِهِ حَقًّا، وَجَاءَ بِابْنَيْ الْمَطْلُوبِ فَشَهِدَا أَنَّ الْمَطْلُوبَ وَكَّلَ هَذَا بِالْخُصُومَةِ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَالْوَكِيلُ يَجْحَدُ أَوْ الطَّالِبُ بَطَلَتْ، وَالْمَطْلُوبُ إذَا دَفَعَ الْمَالَ إلَى إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الطَّالِبِ بِقَبْضِهِ، ثُمَّ قَدِمَ الطَّالِبُ فَجَحَدَ وَشَهِدَ لِلْمَطْلُوبِ ابْنَا الطَّالِبِ بِالْوَكَالَةِ جَازَتْ، وَلَوْ كَانَ وَكِيلُ الطَّالِبِ يَدَّعِي الْوَكَالَةَ وَالْمَطْلُوبُ يَجْحَدُ فَشَهِدَ ابْنَا الطَّالِبِ بِالْوَكَالَةِ لَمْ تُقْبَلْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ أَوْ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَوْ بِقَبْضِ الْعَيْنِ، فَإِنْ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِالْوَكَالَةِ فِي الدَّيْنِ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الْوَكِيلِ لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ بِالْخُصُومَةِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا تَوَافَقَا لِيُقِرَّ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ فِي قَبْضِ الْعَيْنِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُ، وَلَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ مُسْلِمٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ ادَّعَى ذِمِّيٌّ فِيهَا دَعْوَى، وَوَكَّلَ وَكِيلًا بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْوَكَالَةِ أَقَرَّ الْمُسْلِمُ بِالْوَكَالَةِ أَوْ أَنْكَرَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْوَكَالَةِ لَا يُلْزِمُهُ الْجَوَابُ؛ لِأَنَّهُ يُصَادِقُ حَقَّ الْغَيْرِ، فَإِذَنْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ فُلَانٍ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ إثْبَاتَ الْوَكَالَةِ بِالْبَيِّنَةِ، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ فُلَانٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ وَالْخُصُومَةِ، وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ أَرْسَلَهُ فِي أَخْذِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فِي قَوْلِهِمْ، وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَمَرَ بِأَخْذِ دَيْنِهِ مِنْهُ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ، وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ أَنَابَهُ مَنَابَ نَفْسِهِ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَالَ لَهُ: جَعَلْتُكَ حَرِيًّا فِي قَبْضِ دَيْنِي مِنْ فُلَانٍ أَوْ قَالَ: جَعَلْتُكَ وَصِيِّي

فِي حَيَاتِي فِي قَبْضِ دَيْنِي مِنْ فُلَانٍ يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ وَقَبْضِ الدَّيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكِيلُهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِقَبْضِهِ أَوْ أَرْسَلَهُ لِيَقْبِضَهُ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالدَّيْنِ، فَلَهُ أَخْذُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ إذَا أَنْكَرَ الدَّيْنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِقَبْضِهِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِتَقَاضِيهِ أَوْ بِطَلَبِهِ مِنْهُ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ. وَعَلَى مَا اسْتَحْسَنَ أَصْحَابُنَا يَجِبُ أَنْ لَا تُقْبَلَ، هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ مُطْلَقًا، وَالْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ وَقَالَ لَا تَبِعْ حَتَّى تَسْتَأْمِرَنِي فَبَاعَ الْوَكِيلُ جَازَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِاشْتِرَاطِ الِاسْتِئْمَارِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَكَّلَ هَذَا بِبَيْعِهِ، وَقَالَ الْآخَرُ: وَكَّلَ هَذَا وَهَذَا بِبَيْعِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَبِيعَهُ، وَكَذَا فِي قَبْضِ الْعَيْنِ وَلَوْ كَانَ فِي الْخُصُومَةِ، فَاَلَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ أَنْ يُخَاصِمَهُ لَكِنْ لَا يَقْبِضُ هَذَا وَحْدَهُ إذَا قَضَى لَهُ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَنْتَ وَكِيلٌ فِي قَبْضِهِ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ قَالَ: أَنْتَ حَرِيٌّ فِي قَبْضِهِ قَضَى بِهِ، وَكَذَا هَذَا فِي الْخُصُومَةِ وَقَبْضِ الْعَيْنِ. وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَكِيلٌ وَقَالَ الْآخَرُ: وَصِيٌّ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَصِيٌّ فِي حَيَاتِي، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِي هَذِهِ الدَّارِ إلَى قَاضِي بَلَدِ كَذَا، وَقَالَ الْآخَرُ: إلَى قَاضِي بَلَدٍ آخَرَ، فَهُوَ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي الْفَقِيهَيْنِ لِلتَّحْكِيمِ لَمْ تُقْبَلْ، وَكَذَا لَوْ ذَكَرَ أَحَدُهُمَا قَاضِيَ كَذَا وَذَكَرَ الْآخَرُ فَقِيهًا لِلتَّحْكِيمِ، وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِتَوْكِيلِهِ بِطَلَاقِ فُلَانَةَ وَالْآخَرُ بِطَلَاقِ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْأُولَى، وَكَذَا فِي الْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَكَّلَهُ بِقَبْضِهِ وَقَالَ الْآخَرُ: سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ شَهِدَا عَلَى الْوَكَالَةِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَقَدْ كَانَ عَزَلَهُ عَنْهَا، جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَلَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْعَزْلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ شَهِدَا بِوَكَالَةِ إنْسَانٍ وَقَضَى بِهَا ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَبْطُلْ الْقَضَاءُ بِالْوَكَالَةِ وَلَمْ يَضْمَنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِتَقَاضِي دَيْنٍ لَهُ بِشُهُودٍ، ثُمَّ غَابَ فَشَهِدَ ابْنَا الطَّالِبِ أَنَّ أَبَاهُمَا قَدْ عَزَلَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ، وَادَّعَى الْمَطْلُوبُ شَهَادَتَهُمَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمَطْلُوبُ شَهَادَتَهُمَا أَجْبَرْتُهُ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الْأَجْنَبِيَّيْنِ فِي هَذَا، فَإِنْ جَاءَ الطَّالِبُ بَعْدَ دَفْعِ الْمَالِ فَقَالَ: كُنْتُ أَخْرَجْتُهُ مِنْ الْوَكَالَةِ فَأَنَا أَضْمَنُ الْمَطْلُوبَ، فَإِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ ابْنَيْ الطَّالِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا الْآنَ لِأَبِيهِمَا فِي بَقَاءِ دَيْنِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ أَجْنَبِيَّيْنِ فَقَدْ ثَبَتَ الْعَزْلُ بِشَهَادَتِهِمَا، وَكَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَالِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ شَهِدَ ابْنَا الطَّالِبِ قَبْلَ قُدُومِ أَبِيهِمَا أَنَّ أَبَاهُمَا وَكَّلَ هَذَا بِهِ وَعَزَلَ الْأَوَّلَ، فَإِنْ جَحَدَ الْمَطْلُوبُ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ لَا عَلَى عَزْلِ هَذَا وَلَا عَلَى وَكَالَةِ هَذَا وَبَقِيَ الْأَوَّلُ وَكِيلًا فَيُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِذَلِكَ يَثْبُتُ الْعَزْلُ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى أَبِيهِمَا وَيَدْفَعُ الْمَالَ إلَى الثَّانِي بِإِقْرَارِ الْمَطْلُوبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ دَعْوَى فِي يَدَيْ رَجُلٍ

الباب الثاني في التوكيل بالشراء

لِمُوَكِّلِهِ فَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ الْوَكَالَةَ وَالدَّعْوَى فَشَهِدَ ابْنَا ذِي الْيَدِ عَلَى الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى أَبِيهِمَا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ شَهِدَ ابْنَا الْوَكِيلِ أَنَّ الطَّالِبَ عَزَلَ أَبَاهُمَا وَوَكَّلَ هَذَا الْآخَرَ بِقَبْضِهِ جَازَ، فَإِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ ابْنَيْ الْوَكِيلِ الثَّانِي لَمْ تُقْبَلْ عَلَى وَكَالَةِ أَبِيهِمَا وَتُقْبَلُ عَلَى عَزْلِ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ ذِمِّيًّا فَشَهِدَ مُسْلِمَانِ أَنَّهُ وَكَّلَ هَذَا الْمُسْلِمَ بِقَبْضِ دَيْنِهِ عَلَى هَذَا وَالْمَطْلُوبُ مُقِرٌّ، وَشَهِدَ الذِّمِّيَّانِ أَنَّهُ عَزَلَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَوَكَّلَ هَذَا الْآخَرَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ ذِمِّيًّا جَازَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ) . الْأَصْلُ أَنَّ الْجَهَالَةَ إذَا كَانَتْ تَمْنَعُ الِامْتِثَالَ وَلَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُمَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَكَالَةِ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْجَهَالَةُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: فَاحِشَةٌ وَهِيَ جَهَالَةُ الْجِنْسِ كَالتَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ وَالرَّقِيقِ، وَهِيَ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَكَالَةِ وَإِنْ بَيَّنَ الثَّمَنَ، وَيَسِيرَةٌ وَهِيَ جَهَالَةُ النَّوْعِ كَالتَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ وَالْفَرَسِ وَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ وَالْمَرْوِيِّ، فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَكَالَةِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ. وَمُتَوَسِّطَةٌ وَهِيَ بَيْنَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ كَالتَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ دَارٍ، فَإِنْ بَيَّنَ الثَّمَنَ أَوْ النَّوْعَ تَصِحُّ وَتَلْحَقُ بِجَهَالَةِ النَّوْعِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ أَوْ النَّوْعَ لَا تَصِحُّ وَتَلْحَقُ بِجَهَالَةِ الْجِنْسِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ أَوْ فَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ صَحَّ سَمَّى ثَمَنًا أَوْ لَا، وَبِشِرَاءِ عَبْدٍ جَازَ إنْ سَمَّى ثَمَنًا، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ لَمْ يَجُزْ، وَبِشِرَاءِ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ لَا يَصِحُّ وَإِنْ سَمَّى ثَمَنًا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْعُمُومِ، فَإِنْ قَالَ: ابْتَعْ لِي مَا رَأَيْتَ جَازَتْ الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى رَأْيِهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي بِأَلْفٍ ثِيَابًا أَوْ دَوَابَّ أَوْ أَشْيَاءَ أَوْ مَا شِئْتَ أَوْ مَا رَأَيْتَ أَوْ أَدْنَى شَيْءٍ حَضَرَكَ أَوْ مَا يُوجَدُ أَوْ مَا يَتَّفِقُ صَحَّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ أَوْ بِعْ أَوْ اجْعَلْ أَلْفًا مِنْ مَالِكِ بِضَاعَةً؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا إذَا قَالَ: أَيَّ ثَوْبٍ شِئْتَ أَوْ أَيَّ دَابَّةٍ شِئْتَ أَوْ مَا يُسِّرَ لَكَ مِنْ الثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ صَحَّ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي أَثْوَابًا أَوْ الْأَثْوَابَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأَثْوَابَ اسْمُ جَمْعٍ وَأَدْنَاهُ ثَلَاثَةٌ وَاللَّامُ تَدُلُّ عَلَى التَّكْثِيرِ، وَأَكْثَرُ مَا يَتَنَاوَلُ اسْمُ الْجَمْعِ بِهَذَا اللَّفْظِ عَشَرَةً، فَإِذَا لَمْ يَجُزْ فِي الْوَاحِدِ فَلَأَنْ لَا يَجُوزَ فِي هَذَا اللَّفْظِ أَوْلَى، إذْ الْجَهَالَةُ فِيهِ أَكْثَرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي دَارًا لَا يَصِحُّ مَا لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ، وَعِنْدَ بَيَانِهِ يَنْصَرِفُ التَّوْكِيلُ إلَى دَارٍ فِي الْمِصْرِ الَّذِي هُمَا فِيهِ، وَقِيلَ مَعَ بَيَانِ الثَّمَنِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْمَحِلَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي دَارًا بِالْكُوفَةِ بِأَلْفٍ صَحَّتْ اتِّفَاقًا، وَلَوْ قَالَ: دَارًا بِالْكُوفَةِ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَسَمَّى مَوْضِعًا مُتَقَارِبًا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ جَازَتْ ذَكَرَ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ، وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ دَارٍ بِبَلْخٍ فَاشْتَرَى خَارِجَهَا إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ

مِنْ أَهْلِ الرُّسْتَاقِ جَازَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي دَارًا بِالشَّامِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَفَاوِتٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي حَبَّةَ لُؤْلُؤٍ أَوْ فَصَّ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ وَلَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ كَانَ لِلْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ حِنْطَةٍ أَوْ مِقْدَارٍ آخَرَ وَلَمْ يُسَمِّ مِقْدَارًا وَلَا ثَمَنًا لَا، وَلَوْ سَمَّى كَيْلًا مَعْرُوفًا صَحَّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَزِيَادَةٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا قَالَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ: هَذَا فِيمَا لَيْسَتْ لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَأَمَّا مَا لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ عِنْدَهُمْ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ إذَا زَادَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ أَوْ كَثُرَتْ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً حَبَشِيَّةً أَوْ مُوَلَّدَةً أَوْ هِنْدِيَّةً وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا ثَمَنًا جَازَ شِرَاؤُهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا إذَا كَانَ بِثَمَنِ مِثْلِهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرِ لِي جَارِيَةً مِنْ جِنْسِ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا يَتَعَامَلُ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْجِنْسِ، فَإِنْ جَاءَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مُسْتَشْنَعٌ كَثِيرُ الثَّمَنِ لَا يَتَعَامَلُ عَلَيْهِ الْعَامَّةُ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْآمِرِ. إذَا قَالَ اشْتَرِ لِي ثَوْبَ خَزٍّ كُوفِيٍّ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا جَازَ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: اشْتَرِ لِي ثَوْبَ خَزٍّ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يُسَمِّ الْجِنْسَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً حَبَشِيَّةً وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا جَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الضَّرْبِ الَّذِي يَشْتَرِي أَهْلُ الْبَادِيَةِ وَيُشْتَرَى لَهُمْ، وَإِنْ تَعَدَّى ذَلِكَ إلَى مَا لَا يَشْتَرِي أَهْلُ الْبَوَادِي لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَفَعَ إلَى سِمْسَارٍ أَلْفًا وَقَالَ: اشْتَرِ لِي بِهِ شَيْئًا إنْ كَانَ السِّمْسَارُ مَعْرُوفًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَهُوَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَفَاسِدٌ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. التَّوْكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا كَانَ مُقَيَّدًا يُرَاعَى فِيهِ الْقَيْدُ إجْمَاعًا، سَوَاءٌ كَانَ الْقَيْدُ رَاجِعًا إلَى الْمُشْتَرَى أَوْ إلَى الثَّمَنِ، حَتَّى إنَّهُ إذَا خَالَفَ يَلْزَمُهُ الشِّرَاءُ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ خِلَافًا إلَى خَيْرٍ فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ، وَإِذَا قَالَ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً أَطَؤُهَا أَوْ أَتَّخِذُهَا أُمَّ وَلَدٍ، فَاشْتَرَى جَارِيَةً مَجُوسِيَّةً أَوْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ مُرْتَدَّةً لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَيَنْفُذُ عَلَى الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً بِكَذَا فَأَطَؤُهَا فَاشْتَرَى أُخْتَ امْرَأَتِهِ أَوْ عَمَّتَهَا أَوْخَالَتَهَا مِنْ رَضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، وَيَكُونُ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً لَهَا زَوْجٌ أَوْ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ أَوْ وَفَاةٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ اشْتَرَى رَتْقَاءَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا الْوَكِيلُ جَازَ عَلَى الْآمِرِ وَلَهُ حَقُّ الرَّدِّ، وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ عَلِمَ بِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً يَطَؤُهَا فَاشْتَرَى صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَهُوَ مُخَالِفٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ يَجُوزُ عَلَى الْآمِرِ وَالصَّابِئِيَّةُ يَجُوزُ عَلَى الْآمِرِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِذَا اشْتَرَى أُخْتَ أَمَةٍ هِيَ عِنْدَ الْآمِرِ، وَقَدْ وَطِئَهَا الْآمِرُ يَلْزَمُ الْآمِرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي جَارِيَتَيْنِ أَطَؤُهُمَا فَاشْتَرَى أُخْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَعَمَّتَهَا أَوْ خَالَتَهَا مِنْ رَضَاعٍ

أَوْ نَسَبٍ فِي عُقْدَةٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ عِنْدَنَا، وَلَوْ اشْتَرَى فِي صَفْقَتَيْنِ لَزِمَ الْآمِرَ عِنْدَهُمْ، وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ اشْتَرَى هَذَا الْوَكِيلُ لَهُ جَارِيَةً وَابْنَتَهَا لَزِمَ الْآمِرَ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى وَطْءِ إحْدَاهُمَا فِي الْحَالِ، إنَّمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأُخْرَى بَعْدَ وَطْءِ الْأُولَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً تَخْدُمُنِي أَوْ لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِلْخَبْزِ، أَوْ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِعَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَالِ فَاشْتَرَى جَارِيَةً عَمْيَاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ لَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ إجْمَاعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ دَابَّةً يَرْكَبُهَا فَاشْتَرَى مُهْرًا أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدِ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا وَقَالَ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً أَعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِي فَاشْتَرَى عَمْيَاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ لَزِمَ الْآمِرَ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَلَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَالَ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً تُرْكِيَّةً فَاشْتَرَى جَارِيَةً حَبَشِيَّةً لَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ وَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا يَهُودِيًّا يَقْطَعُهُ قَمِيصًا فَاشْتَرَى ثَوْبًا لَا يَكْفِيهِ قَمِيصًا لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ وَيَشْتَرِطَ الْخِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ فَاشْتَرَى بِغَيْرِ خِيَارٍ لَزِمَ الْوَكِيلَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ اشْتَرِ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي أَوْ بِهَذَا الْأَلْفِ، وَأَضَافَ إلَى مَالِ نَفْسِهِ يَكُونُ تَوْكِيلًا حَتَّى لَوْ اشْتَرَى الْمَأْمُورُ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِأَلْفٍ لَا يَكُونُ تَوْكِيلًا وَيَكُونُ الْمَأْمُورُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ. قَالَ لِغَيْرِهِ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً بِهَذِهِ الْأَلْفِ الدَّرَاهِمِ وَأَشَارَ إلَى الدَّنَانِيرِ، كَانَ التَّوْكِيلُ بِالدَّنَانِيرِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَاهُ بِالدَّرَاهِمِ كَانَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَكِيلُ إذَا خَالَفَ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْتِيُّ بِهِ أَنْفَعَ مِنْ الْمَأْمُورِ بِهِ كَمَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفُ أَوْ الْقَدْرُ إنْ كَانَ الْمَأْتِيُّ أَنْفَعَ يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ، كَمَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَضَرَّ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ، كَمَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِتِسْعِمِائَةِ دِرْهَمٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا قَالَ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ دُونَ الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَاشْتَرَى جَارِيَةً بِمَا سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ إجْمَاعًا، كَذَا إذَا وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِأَلْفٍ نَسِيئَةً فَاشْتَرَى بِأَلْفٍ حَالَّةً لَزِمَ الْمُوَكِّلَ، وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَلْفٍ حَالَّةٍ فَاشْتَرَى بِأَلْفٍ نَسِيئَةً لَزِمَ الْوَكِيلَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى جَارِيَةً بِثَمَانِمِائَةٍ، وَمِثْلُهَا يُشْتَرَى بِأَلْفٍ فَهُوَ لِلْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَاشْتَرَاهَا بِدَرَاهِمَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِينَارٍ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ فِي قَوْلِهِمْ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الرِّوَايَةِ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَلْزَمُ الْآمِرَ كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدَ فُلَانٍ بِأَلْفٍ، وَقُطِعَتْ يَدُهُ فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ

كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ وَسَمَّى جِنْسَهَا وَثَمَنَهَا فَاشْتَرَى لَهُ جَارِيَةً عَمْيَاءَ أَوَمَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ أَوْ مُقْعَدَةً أَوْ مَجْنُونَةً جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ، وَالْعَوْرَاءُ وَمَقْطُوعَةُ إحْدَى الْيَدَيْنِ أَوْ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ تَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً مَقْطُوعَةَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي رَقَبَةً لَمْ يَجُزْ شِرَاءُ الْعَمْيَاءِ وَلَا الْمَقْطُوعَةِ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ إجْمَاعًا، وَلَوْ اشْتَرَى الْعَوْرَاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ لَزِمَتْ الْمُوَكِّلَ إجْمَاعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ وَبَيَّنَ ثَمَنَهَا وَجِنْسَهَا فَاشْتَرَى ذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَوْ جَارِيَةً حَلَفَ الْمُوَكِّلُ بِعِتْقِهَا إنْ مَلَكَهَا صَحَّ وَعَتَقَتْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ وَصِيفَةٍ أَوْ شِرَائِهَا فَصَارَتْ عَجُوزًا فَبَاعَ ذَلِكَ أَوْ اشْتَرَى يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ الْحَمَلُ وَالْجَدْيُ إذَا كَبِرَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْعَزْلِ. إذَا قَالَ: اشْتَرِ لِي خَادِمًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْخَادِمَ يَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ لَحْمًا بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَى لَهُ لَحْمَ ضَأْنٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ إبِلٍ لَزِمَ الْآمِرَ، وَإِنْ اشْتَرَى كِرْشًا أَوْ بُطُونًا أَوْ أَكْبَادًا أَوْ رُءُوسًا أَوْ أَكَارِعَ أَوْ لَحْمًا قَدِيدًا أَوْ لَحْمَ الطُّيُورِ أَوْ الْوُحُوشِ أَوْ مَذْبُوحَةً غَيْرَ مَسْلُوخَةٍ لَزِمَ الْآمِرَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَدْفُوعُ قَلِيلًا، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ لَحْمًا بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَى شَحْمَ الْبَطْنِ أَوْ الْأَلْيَةِ، أَوْ أَلْيَةً فَاشْتَرَى لَهُ شَحْمًا، أَوْ شَحْمًا فَاشْتَرَى لَهُ أَلْيَةً لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ لَحْمًا فَاشْتَرَى مَشْوِيًّا أَوْ مَطْبُوخًا لَمْ يَجُزْ عَلَى الْآمِرِ إلَّا إذَا كَانَ مُسَافِرًا نَزَلَ خَانًا، وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ سَمَكًا بِدِرْهَمٍ فَهُوَ عَلَى الطَّرِيِّ الْكِبَارِ، وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رَأْسًا فَهُوَ عَلَى رُءُوسِ الْغَنَمِ دُونُ غَيْرِهَا مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَهُوَ عَلَى الْمَشْوِيِّ مِنْهَا دُونَ النِّيءِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالتَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ الْبَيْضِ يَنْصَرِفُ إلَى بَيْضِ الدَّجَاجِ خَاصَّةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ لَبَنًا فَهَذَا عَلَى الْمُتَعَارَفِ فِي الْبَلَدِ مِنْ لَبَنِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَكَذَلِكَ السَّمْنُ، وَإِنْ تَسَاوَيَا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ دُهْنٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ دُهْنٍ يُبَاعُ فِي السُّوقِ، وَكَذَا إذَا قَالَ: فَاكِهَةٌ فَهُوَ عَلَى كُلِّ فَاكِهَةٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا طَعَامًا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ التَّوْكِيلَ يَنْصَرِفُ إلَى الْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ: إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ كَثِيرَةً بِحَيْثُ إنْ تُشْتَرَى بِهَا الْحِنْطَةُ لَا غَيْرُ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ، وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً بِحَيْثُ لَا يُشْتَرَى بِهَا الدَّقِيقُ وَالْحِنْطَةُ فَهُوَ عَلَى الْخُبْزِ لَا غَيْرُ، وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَهُوَ عَلَى الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ وَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الْخُبْزِ، قَالُوا: هَذَا فِي عُرْفِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَاسْمُ الطَّعَامِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمَطْبُوخِ كَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ وَمَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ أَوْ وَحْدَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَإِذَا لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ دَرَاهِمَ وَقَالَ: اشْتَرِ لِي طَعَامًا لَمْ يَجُزْ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَكِيلًا وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ الْكَبْشِ لَا يَمْلِكُ شِرَاءَ النَّعْجَةِ، حَتَّى لَوْ اشْتَرَى لَا يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عِنَاقٍ فَاشْتَرَى جَدْيًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ فَرَسًا أَوْ بِرْذَوْنًا وَسَمَّى لَهُ ثَمَنًا فَاشْتَرَى لَهُ رَمَكَةً مِنْ الْخَيْلِ أَوْ الْبَرَاذِينِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ، وَيَجُوزُ فِي الْبُلْدَانِ الَّتِي يُتَّخَذُ فِيهَا الْحُجُورُ وَالرِّمَاكُ، وَأَمَّا الْبِغَالُ فَيَجُوزُ فِيهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي الْأَمْصَارِ وَغَيْرِهَا، مَا لَمْ يُسَمِّ أُنْثَى فَيُخَالِفُ إلَى ذَكَرٍ أَوْ ذَكَرًا فَيُخَالِفُ إلَى أُنْثَى، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْبَقَرُ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَكَذَا الْبَقَرَةُ فِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالدَّجَاجُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالدَّجَاجَةُ عَلَى الْأُنْثَى، وَالْبَعِيرُ عَلَى الذَّكَرِ، وَالنَّاقَةُ عَلَى الْأُنْثَى، وَلَا يَقَعُ اسْمُ الْبَقَرِ عَلَى الْجَامُوسِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْبَقَرِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَنَّ فاليزيا وَكَّلَ آخَرَ بِشِرَاءِ حِمَارٍ فَاشْتَرَى لَهُ حِمَارًا مِصْرِيًّا يَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ دُونَ الْعَمَلِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ، فَإِنْ كَانَ سَمَّى لَهُ ثَمَنًا فَاشْتَرَى حِمَارًا بِذَلِكَ الْمُسَمَّى مِنْ الثَّمَنِ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ قَدْرُ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ جَازَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ذَلِكَ جَازَ عَلَى الْوَكِيلِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ يَتَقَيَّدُ بِأَيَّامِ النَّحْرِ، وَبِشِرَاءِ الْفَحْمِ وَالْجَمْدِ بِوَقْتِهِ مِنْ السَّنَةِ الْأُولَى، حَتَّى لَوْ اشْتَرَاهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِهِ لَا يَجُوزُ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ بَقَرَةِ الْأُضْحِيَّةِ سَوْدَاءَ فَاشْتَرَى بَيْضَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ لَزِمَ الْآمِرَ، وَلَوْ بِأُنْثَى فَاشْتَرَى ذَكَرًا لَا، وَكَذَا الشَّاةُ، وَلَوْ بَقَرًا وَلَمْ يَقُلْ أُنْثَى لَزِمَ الْمُوَكِّلَ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ كَبْشٍ أَقْرَنَ لِيُضَحِّيَ فَاشْتَرَى كَبْشًا لَيْسَ بِأَقْرَنَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا حِنْطَةً يَزْرَعُهَا، وَدَفَعَ إلَيْهِ الدَّرَاهِمَ لِيَزْرَعَهَا، فَاشْتَرَى الْمَأْمُورُ حِنْطَةً قَالُوا: إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ فِي أَوَانِ الزِّرَاعَةِ وَزَرَعَهَا فِي غَيْرِ أَوَانِهَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ عَلَى الْآمِرِ وَعَلَى الْمَأْمُورِ مِثْلُ تِلْكَ الْحِنْطَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ اشْتَرَى الْحِنْطَةَ فِي غَيْرِ أَوَانِ الزِّرَاعَةِ كَانَ الْمَأْمُورُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ فَيَضْمَنُ دَرَاهِمَ الْآمِرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَمَرَ إنْسَانًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ حِمَارًا يَنْصَرِفُ الْأَمْرُ إلَى مَا يَرْكَبُهُ الْآمِرُ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْآمِرُ هُوَ الْقَاضِيَ فَاشْتَرَى الْمَأْمُورُ حِمَارًا مَقْطُوعَ الْأُذُنَيْنِ أَوْ مَقْطُوعَ الذَّنَبِ لَا يَجُوزُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْآمِرُ هُوَ الفاليزى حَيْثُ يَجُوزُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ حَبَشِيٍّ إذَا أَنْفَقَ الدَّرَاهِمَ عَلَى نَفْسِهِ وَاشْتَرَى بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ عِنْدِهِ يَكُونُ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ دُونَ الْآمِرِ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَلَوْ اشْتَرَى مَا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ أَنْفَقَ الدَّرَاهِمَ بَعْدَمَا سَلَّمَ مَا اشْتَرَى إلَى الْآمِرِ، ثُمَّ نَقَدَ الْبَائِعَ غَيْرَهَا جَازَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي فَصْلِ التَّوَكُّلِ بِالْبَيْعِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ دَارًا بِعَيْنِهَا فَاشْتَرَى نِصْفَهَا ثُمَّ اشْتَرَى الْمُوَكِّلُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ، لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ النِّصْفَ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ، وَلَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ اشْتَرَى نِصْفَ الدَّارِ أَوَّلًا ثُمَّ اشْتَرَى الْوَكِيلُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ جَازَ، فَإِنْ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُوَكِّلُ أَوَّلًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْوَكِيلِ كَشِرَاءِ الْمُوَكِّلِ

وَلَوْ اشْتَرَى الْمُوَكِّلُ كُلَّ الدَّارِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ إذَا اشْتَرَى نِصْفَهُ فَالشِّرَاءُ مَوْقُوفٌ، إنْ اشْتَرَى بَاقِيَهُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ لَزِمَ الْوَكِيلَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ خَاصَمَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ إلَى الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيلُ وَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْوَكِيلَ، ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ اشْتَرَى الْبَاقِيَ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ إجْمَاعًا، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي كُلِّ مَا فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ وَفِي تَشْقِيصِهِ عَيْبٌ، كَالْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَإِنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءٍ لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ وَلَا فِي تَشْقِيصِهِ عَيْبٌ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ، وَلَا يَقِفُ لُزُومُهُ عَلَى شِرَاءِ الْبَاقِي، نَحْوَ إنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ كُرِّ حِنْطَةٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى نِصْفَ الْكُرِّ بِخَمْسِينَ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ إجْمَاعًا، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعَبِيدِ فَاشْتَرَى وَاحِدًا مِنْهَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِسِتِّمِائَةٍ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْآمِرِ إذَا اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الْأَلْفِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ أَوْ بِأَقَلَّ جَازَ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى الْبَاقِيَ بِالْبَاقِي جَازَ الْكُلُّ عَلَى الْآمِرِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ دَارًا بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى نِصْفَ دَارٍ وَرِثَهَا الْمُوَكِّلُ مَعَ أَخِيهِ جَازَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ نِصْفَ دَارٍ غَيْرِ مَقْسُومَةٍ بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى، وَقَاسَمَ الْوَكِيلُ الْبَائِعَ جَازَ شِرَاؤُهُ وَبَطَلَتْ قِسْمَتُهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ يَجُوزُ الشِّرَاءُ وَالْقِسْمَةُ جَمِيعًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ دَارٍ فَاشْتَرَى دَارًا لِأَبْنَاءٍ فِيهَا جَازَ؛ لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِلْعَرْصَةِ، هَذَا إذَا اشْتَرَى صَحْرَاء كَانَتْ مَبْنِيَّةً فِي الْأَصْلِ ثُمَّ خَرِبَتْ، فَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مَبْنِيَّةً فِي الْأَصْلِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ؛ لِأَنَّ مَا اشْتَرَى لَا يُسَمَّى دَارًا، وَفِي عُرْفِنَا لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي عُرْفِنَا لَا تُسَمَّى الصَّحْرَاءُ دَارًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَشَرَةِ أَرْطَالِ لَحْمٍ بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَى عِشْرِينَ رِطْلًا بِدِرْهَمٍ مِنْ لَحْمٍ يُبَاعُ مِثْلُهُ عَشَرَةٌ بِدِرْهَمٍ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ مِنْهُ عَشَرَةٌ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَتْ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ مِنْ ذَلِكَ اللَّحْمِ تُسَاوِي قِيمَتُهَا دِرْهَمًا، وَإِذَا كَانَتْ عَشَرَةٌ مِنْهُ لَا تُسَاوِيهِ نَفَذَ الْكُلُّ عَلَى الْوَكِيلِ إجْمَاعًا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَلْزَمُ الْعِشْرُونَ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دِرْهَمًا وَضَحَا وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِبَعْضِهِ لَحْمًا وَبِبَعْضِهِ خُبْزًا، قَالُوا: الْحِيلَةُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ الْقَصَّابَ لِيَشْتَرِيَ الْقَصَّابُ لِنَفْسِهِ خُبْزًا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ هَذَا الْوَكِيلُ مِنْهُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ لَحْمًا، وَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ خُبْزًا، وَيَدْفَعُ إلَيْهِ الدِّرْهَمَ الصَّحِيحَ، أَوْ يَأْمُرَ الْخَبَّازَ لِيَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ لَحْمًا، ثُمَّ يَفْعَلَ مَا قُلْنَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَمَرَهُ بِشِرَاءِ ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ بِعَشَرَةٍ فَاشْتَرَى ثَوْبَيْنِ هَرَوِيَّيْنِ بِعَشَرَةٍ كُلٌّ يُسَاوِي عَشَرَةً لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عِنْدَهُ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّرْجِيحِ وَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ الثَّوْبُ بِحِصَّتِهِ مِنْ عَشَرَةٍ وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. الْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ

مَتَى جَمَعَ بَيْنَ الْإِشَارَةِ وَالتَّسْمِيَةِ فِي ثَمَنِ مَا وَكَّلَ بِشِرَائِهِ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ خِلَافُ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا جَاهِلَيْنِ بِحَالِ الْمُشَارِ إلَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ كَانَا عَالِمَيْنِ وَلَا يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا بِعِلْمِ صَاحِبِهِ أَوْ عَالِمَيْنِ بِهِمَا فَفِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ تَتَعَلَّقُ الْوَكَالَةُ بِالْمُسَمَّى لِدَفْعِ الْغُرُورِ عَنْهُمَا أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا وَفِي الرَّابِعِ تَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ مِنْ التَّسْمِيَةِ مِنْ غَيْرِ مَانِعِ الْغُرُورِ وَإِنْ كَانَ الْمُشَارُ إلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَالْوَكَالَةُ تَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ بِالْوَكِيلِ بِأَنْ يَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ. قَالَ لِغَيْرِهِ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً بِمَا فِي هَذَا الْكِيسِ مِنْ الْأَلْفِ الدَّرَاهِمِ وَدَفَعَ الْكِيسَ إلَى الْوَكِيلِ فَاشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَمَا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ نَظَرَ إلَى الْكِيسِ فَإِذَا فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ أَلْفُ فَلْسٍ أَوْ تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ عَلَى الْآمِرِ إذَا كَانَا جَاهِلَيْنِ بِمَا فِي الْكِيسِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا جَاهِلًا أَوْ كَانَا عَالِمَيْنِ إلَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ يَعْلَمُ بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ نَظَرَ الْوَكِيلُ إلَى مَا فِي الْكِيسِ وَعَلِمَ بِهِ ثُمَّ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَ الشِّرَاءُ لَلْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ حَالَ وُجُودِهَا تَعَلَّقَتْ بِالْمُسَمَّى وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي الْكِيسِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فَاشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالشِّرَاءُ نَافِذٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَكَذَا إذَا قَالَ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ نَقْدَ بَيْتِ الْمَالِ الَّذِي فِي هَذَا الْكِيسِ. فَاشْتَرَى لَهُ كَمَا أَمَرَ فَإِذَا فِي الْكِيسِ أَلْفُ دِرْهَمٍ غَلَّةً. أَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ غَلَّةً الَّذِي فِي هَذَا الْكِيسِ. فَاشْتَرَى لَهُ كَمَا أَمَرَ بِهِ فَإِذَا فِي الْكِيسِ أَلْفُ دِرْهَمٍ نَقْدَ بَيْتِ الْمَالِ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ عَلَى الْآمِرِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ وَزَنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بَيْنَ يَدَيْ الْوَكِيلِ وَالْوَكِيلُ يَنْظُرُ إلَيْهَا فَقَالَ: اشْتَرِ لِي بِهَذِهِ الْمِائَةِ دِينَارٍ جَارِيَةً. فَاشْتَرَى جَارِيَةً كَمَا سَمَّى الْمُوَكِّلُ كَانَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَلَوْ اشْتَرَى بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ جَازَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَتَعَلَّقَتْ الْوَكَالَةُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ كِيسًا فَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِهَذِهِ الْأَلْفِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي هَذَا الْكِيسِ فَهَلَكَ الْكِيسُ بِمَا فِيهِ فِي يَدَيْ الْوَكِيلِ ثُمَّ اشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً لِلْآمِرِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا فَالشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ وَهَذَا إذَا كَانَا غَيْرَ عَالِمَيْنِ بِمَا فِي الْكِيسِ وَقْتَ الدَّفْعِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ أَوْ كَانَا عَالِمَيْنِ وَلَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعِلْمِ الْآخَرِ وَأَمَّا إذَا عَلِمَا بِمَا فِي الْكِيسِ وَعَلِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعِلْمِ صَاحِبِهِ تَعَلَّقَتْ الْوَكَالَةُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ وَكَانَتْ التَّسْمِيَةُ لِلْمَدْحِ وَالتَّرْوِيجِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى بَعْدَ هَلَاكِ الْمُشَارِ إلَيْهِ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَلَوْ أَنْكَرَ أَحَدُهُمَا الْعِلْمَ بِمَا فِي الْكِيسِ أَوْ الْعِلْمَ بِعِلْمِ صَاحِبِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَوْ تَصَادَقَا أَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَفِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمَا بِمَا فِي الْكِيسِ وَقْتَ الدَّفْعِ أَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ عَلِمَا وَلَمْ يَعْلَمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعِلْمِ صَاحِبِهِ فَالشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ وَلَوْ كَانَتْ الزُّيُوفُ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فِي يَدَيْ الْوَكِيلِ فَاشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ جِيَادٍ نَفِدَ الشِّرَاءُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَأَمَّا إذَا عَلِمَا وَعَلِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعِلْمِ صَاحِبِهِ تَعَلَّقَتْ الْوَكَالَةُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ وَالْمُشْتَرِي بَعْدَ الْهَلَاكِ لِلْوَكِيلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ لِغَيْرِهِ: اشْتَرِ هَذَا الْعَبْدَ وَدَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ فَهُوَ تَوْكِيلٌ بِشِرَائِهِ لَهُ عُرْفًا

وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي أَوْ بِهَذَا الْمَالِ وَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ نَوَاهُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لِلْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ شِرَاءِ جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا فَاشْتَرَاهُ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِعَيْنِهِ أَوْ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ بَيْن عُلَمَائِنَا وَلَوْ اشْتَرَى بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْفَصْلَ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وَكَّلَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا بِعَيْنِهِ بِثَمَنٍ مُسَمًّى وَقَبِلَ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ الْمُوَكِّلِ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ ثُمَّ اشْتَرَى الْعَبْدَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ فَهُوَ لِلْمُوَكِّلِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوَبِجِنْسٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ قَدْ وَكَّلَ هَذَا الْوَكِيلُ رَجُلًا آخَرَ بِشِرَاءِ هَذَا الشَّيْءِ فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ الثَّانِي فَهُوَ لِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ الثَّانِي وَهَذَا إذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنْ قَبِلَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي سَمَّى لَهُ جِنْسًا آخَرَ مِنْ الثَّمَنِ بِأَنْ سَمَّى الْأَوَّلُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَسَمَّى الثَّانِي مِائَةَ دِينَارٍ فَاشْتَرَاهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَهُوَ لِلثَّانِي هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ هَذَا الْعَبْدَ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ الثَّمَنَ إنْ اشْتَرَاهُ الْمَأْمُورُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ وَإِنْ كَانَ نَوَى الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ أَوْ صَرَّحَ بِهِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِشَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا. وَلَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ الثَّانِي اشْتَرَى ذَلِكَ الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ قَالُوا: إنَّمَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا قَالَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي: اشْتَرِ هَذَا الشَّيْءَ لِي، أَوْ قَالَ: اشْتَرِ هَذَا الشَّيْءَ. فَأَمَّا إذَا قَالَ: اشْتَرِ لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ الثَّانِي فَهُوَ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي لَا لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ التَّوْكِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ الْأَوَّلِ وَإِنْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِجِنْسٍ آخَرَ يَنْفُذُ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ هَذَا شِرَاءٌ حَضَرَهُ رَأْيُ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ كَانَ الْآمِرُ قَالَ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ: اعْمَلْ بِرَأْيِك فَوَكَّلَ الْأَوَّلُ آخَرَ فَاشْتَرَاهُ بِغَيْبَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ الْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ لِآخَرَ اشْتَرِ لِي جَارِيَةَ فُلَانٍ فَلَمْ يَقُلْ الْمَأْمُورُ نَعَمْ وَلَمْ يَقُلْ لَا، فَذَهَبَ فَاشْتَرَى إنْ قَالَ: اشْتَرَيْتهَا لِلْآمِرِ فَهِيَ لِلْآمِرِ وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي فَهِيَ لَهُ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت وَلَمْ يَقُلْ لِلْآمِرِ أَوْ لِنَفْسِي ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْتهَا لِفُلَانٍ إنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ تَهْلَكَ أَوْ يَحْدُثَ بِهَا عَيْبٌ يُصَدَّقُ وَإِنْ قَالَ بَعْدَ الْهَلَاكِ أَوْ حُدُوثِ الْعَيْبِ لَا يُصَدَّقُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ إذَا اشْتَرَى وَالْمُوَكِّلُ لَا يُرِيدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآمِرِ فَقَالَ الْمَأْمُورُ نَعَمْ ثُمَّ ذَهَبَ وَاشْتَرَاهُ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِآخَرَ: اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بَيْنِي وَبَيْنَك فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ لَقِيَ الْمَأْمُورَ رَجُلٌ آخَرُ وَقَالَ: اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بَيْنِي وَبَيْنَك فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ اشْتَرَاهُ

فصل في التوكيل بشراء شيء بغير عينه والاختلاف بين الموكل والوكيل

الْمَأْمُورُ فَهُوَ بَيْنَ الْآمِرَيْنِ وَلَا شَيْءَ لِلْمَأْمُورِ وَلَوْ لَقِيَهُ ثَالِثٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَقَالَ لَهُ: اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بَيْنِي وَبَيْنَك فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْمَأْمُورُ فَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ قَبِلَ الْوَكَالَةَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ فَالْعَبْدُ بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَالثَّالِثِ نِصْفَانِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلَيْنِ وَإِنْ كَانَ قَبِلَ الْوَكَالَةِ مِنْ الثَّالِثِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ فَالْعَبْدُ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ نِصْفَانِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. . وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ بِخَمْسِمِائَةٍ فَاشْتَرَاهُ مَعَ عَبْدٍ آخَرَ بِأَلْفٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً كَانَا جَمِيعًا لِلْوَكِيلِ وَلَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ مِنْهُمَا أَحَدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لِلْمُوَكِّلِ مَا عَيَّنَّهُ مِنْهُمَا إنْ كَانَ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ خَمْسَمِائَةٍ أَوْ أَقَلَّ هَذَا إذَا سَمَّى الثَّمَنَ عِنْدَ التَّوْكِيلِ أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّهِ فَيَجُوزُ إجْمَاعًا إذَا كَانَ حِصَّةُ الْمُشْتَرِي لِلْآمِرِ مِنْ الثَّمَنِ مِثْلَ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِعَيْنِهِ بِثَمَنٍ سُمِّيَ، فَاشْتَرَاهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ حَتَّى يَصِيرَ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ ثُمَّ وَجَدَ بِالْمُشْتَرَى عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بَعْدَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَا يَمْلِكُ الْوَكِيلُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ إلَّا إذَا اشْتَرَاهُ بِجِنْسٍ آخَرَ أَوْ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ وَلَكِنْ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بَعْدَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، كَانَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ وَيَصِيرُ الْمُشْتَرَى لَهُ بِأَيِّ ثَمَنٍ اشْتَرَاهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا بِعَيْنِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ الْمِائَةَ عَنْ الْمُشْتَرِي كَانَ الْعَبْدُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. [فَصَلِّ فِي التوكيل بِشِرَاءِ شَيْء بِغَيْرِ عَيْنه وَالِاخْتِلَاف بَيْن الْمُوَكَّل وَالْوَكِيل] (فَصْلٌ فِي التَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَالِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ) وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا وَوَكَّلَهُ آخَرُ بِمِثْلِهِ وَدَفَعَا الثَّمَنَ إلَيْهِ فَاشْتَرَاهُ فَقَالَ نَوَيْته لِفُلَانٍ يُقْبَلُ. وَكَّلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ نِصْفَ عَبْدٍ مِنْ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَاشْتَرَاهُ وَالثَّمَنَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَقَالَ نَوَيْته لِفُلَانٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ بِأَنْ وَكَّلَهُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَ نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَوَكَّلَهُ آخَرُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ نِصْفَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَاشْتَرَى نِصْفَ الْعَبْدِ بِمِائَةِ دِينَارٍ نَاوِيًا لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ فَالشِّرَاءُ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ . إنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَاشْتَرَى عَبْدًا فَإِمَّا أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ أَوْ إلَى مُطْلَقٍ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مُعَيَّنٍ كَانَ الْمُشْتَرَى لِصَاحِبِ ذَلِكَ الثَّمَنِ وَإِنْ نَوَى خِلَافَ ذَلِكَ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى ثَمَنٍ مُطْلَقٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَالَّا أَوْ مُؤَجَّلًا فَإِنْ كَانَ حَالًّا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتَصَادَقَا عَلَى وُجُودِ النِّيَّةِ لِأَحَدِهِمَا أَوْ عَلَى عَدَمِهَا أَوْ يَخْتَلِفَا فِيهِ فَإِنْ كَانَ حَالًّا وَاتَّفَقَا عَلَى وُجُودِ النِّيَّةِ لِأَحَدِهِمَا كَانَ لِمَنْ نَوَى لَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ يُحَكَّمُ النَّقْدُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ لِلْعَاقِدِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُحَكَّمُ النَّقْدُ فَمِنْ أَيِّ الْمَالَيْنِ نَقَدَ فَقَدْ عَيَّنَ الْمُحْتَمَلَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا فَهُوَ لِلْوَكِيلِ. الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا قَدْ رَآهُ الْمُوَكِّلُ وَلَمْ يَرَهُ الْوَكِيلُ فَلِلْوَكِيلِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ. وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَاشْتَرَى عَبْدًا قَدْ رَآهُ الْوَكِيلُ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ وَلَا لِلْمُوَكِّلِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ أَمَةٍ بِأَلْفٍ

دَفَعَهُ إلَيْهِ فَاشْتَرَاهَا فَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيْتَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ. وَقَالَ الْمَأْمُورُ: اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفٍ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ تُسَاوِي أَلْفًا وَإِنْ كَانَتْ تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ الْأَلْفَ إلَيْهِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ وَتَلْزَمُ الْجَارِيَةُ الْمَأْمُورَ بَعْدَمَا تَحَالَفَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِعَيْنِهَا فَاشْتَرَاهَا ثُمَّ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ فَقَالَ الْوَكِيلُ: أَمَرْتنِي بِالشِّرَاءِ بِأَلْفٍ وَقَدْ اشْتَرَيْتهَا بِأَلْفٍ كَمَا أَمَرْتنِي. وَقَالَ الْآمِرُ: أَمَرْتُك بِالشِّرَاءِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَقَدْ اشْتَرَيْتَهَا بِأَلْفٍ فَصِرْت مُشْتَرِيًا لِنَفْسِك. فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ هَذَا الْعَبْدِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ ثَمَنًا فَاشْتَرَاهُ فَقَالَ الْمَأْمُورُ: اشْتَرَيْتُهُ بِأَلْفٍ وَصَدَّقَ الْبَائِعُ الْمَأْمُورَ وَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيْتَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ تَحَالَفَا وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي مَنْصُورٍ وَقِيلَ لَا تَحَالُفَ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ وَكَانَ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحَ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أَخَاهُ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ: لَيْسَ هَذَا أَخِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَيُعْتَقُ الْعَبْدُ عَلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ أَخُو الْمُوَكِّلِ وَعَتَقَ عَلَى مُوَكِّلِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ هِنْدِيٍّ بِكَذَا فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ عَبْدًا هِنْدِيًّا كَمَا أَمَرَهُ بِهِ وَجَاءَ بِالْعَبْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ: هَذَا عَبْدِي وَقَدْ كَانَ فُلَانٌ غَصَبَهُ مِنِّي. وَقَالَ الْوَكِيلُ: هَذَا عَبْدُ فُلَانٍ وَقَدْ اشْتَرَيْته لَك. فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مَدْفُوعًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَدْفُوعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنْ لَا يَكُونَ لِلْوَكِيلِ حَقُّ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَإِنْ أَقَامَ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَقَدْ نَوَّرَ دَعْوَاهُ وَإِنْ أَقَامَ الْمُوَكِّلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْعَبْدَ عَبْدُهُ فَبَيِّنَةُ الْوَكِيلِ أَوْلَى. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ الْوَكِيلُ عَبْدًا فَجَاءَ بِعَبْدٍ وَقَالَ: اشْتَرَيْتُهُ مِنْ هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ الْآمِرُ: لَمْ تَشْتَرِهِ وَقَدْ أَخْرَجْتُك مِنْ الْوَكَالَةِ فَلَا تَشْتَرِ لِي شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: قَدْ اشْتَرَيْتُ لَكَ مِنْ هَذَا عَبْدًا وَقَبَضْتُهُ فَمَاتَ. فَهُوَ جَائِزٌ وَيَدْفَعُ إلَيْهِ الْأَلْفَ وَلَوْ قَالَ: قَدْ اشْتَرَيْتُ لَكَ بِالْأَلْفِ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يَنْسُبْهُ إلَى امْرِئٍ يُعْرَفُ وَقَالَ لَهُ الْآمِرُ لَمْ تَشْتَرِ لِي شَيْئًا وَقَدْ أَخْرَجْتُكَ مِنْ الْوَكَالَةِ فَلَا تَشْتَرِ لِي شَيْئًا كَانَ خَارِجًا مِنْ الْوَكَالَةِ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى أَنَّهُ يُقِرُّ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ هَذَا. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رَجُلٍ قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِ فُلَانٍ فَقَالَ فُلَانٌ: أَنَا أَمَرْتُكَ بِذَلِكَ، وَقَالَ الْمُقِرُّ: مَا أَمَرْتَنِي وَلَكِنْ غَصَبْتُكَ الْأَلْفَ وَاشْتَرَيْتُ هَذَا الْعَبْدَ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْأَلْفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أَمَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى أَمَةً بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَبَعَثَ بِهَا إلَى الْآمِرِ فَاسْتَوْلَدَهَا الْآمِرُ ثُمَّ قَالَ الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ: اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ حِينَ بَعَثَهَا إلَى الْآمِرِ قَالَ: هِيَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ الَّتِي أَمَرْتَنِي بِشِرَائِهَا فَاشْتَرَيْتُهَا لَكَ، ثُمَّ قَالَ: اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ، وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ حِينَ بَعَثَ بِهَا إلَيْهِ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْجَارِيَةَ

مِنْ الْآمِرِ وَعَقْرَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ فَقَالَ الْوَكِيلُ اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَقَالَ الْآمِرُ بِأَلْفٍ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْوَكِيلِ فَإِنْ حَلَفَ فَالْجَارِيَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِلْوَكِيلِ ثُلُثُهَا وَالْبَاقِي لِلْمُوَكِّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. . وَإِنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ لِلْآمِرِ، وَقَالَ الْآمِرُ: اشْتَرَيْتَ لِنَفْسِكَ فَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ أَخْبَرَهُ بِشِرَائِهِ وَالْعَبْدُ حَيٌّ قَائِمٌ فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ إجْمَاعًا مَنْقُودًا كَانَ الثَّمَنُ أَوْ غَيْرَ مَنْقُودٍ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَيِّتًا حِينَ أَخْبَرَهُ فَقَالَ: هَلَكَ عِنْدِي بَعْدَ الشِّرَاءِ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مَنْقُودٍ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَقَالَ الْمَأْمُورُ: اشْتَرَيْتُهُ لَكَ وَقَالَ الْآمِرُ: لَا بَلْ اشْتَرَيْتَهُ لِنَفْسِكَ فَإِنْ كَانَ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَيِّتًا فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْقُودٍ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ جَارِيَةً أَوْ شَيْئًا آخَرَ بِعَيْنِهِ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ نَفَذَ الشِّرَاءُ عَلَى الْوَكِيلِ وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهُ إنْ هَلَكَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَالشِّرَاءُ يَكُونُ وَاقِعًا لِلْمُوَكِّلِ وَيَرْجِعُ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْهَلَاكِ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ وَلَوْ لَمْ تَهْلِكْ الدَّرَاهِمُ حَتَّى نَقَدَهَا الْوَكِيلُ فَجَاءَ رَجُلٌ وَاسْتَحَقَّهَا مِنْ يَدِ الْبَائِعِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَرَجَعَ بِهَا عَلَى الْآمِرِ وَأَخَذَ مِنْهُ ثَانِيًا فَهَلَكَ الْمَأْخُوذُ ثَانِيًا فِي يَدِ الْوَكِيلِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ مِنْ الْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً بَعْدَ الشِّرَاءِ فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ وَيَنْقُدُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ عَبْدًا فَوَضَعَ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ فِي مَنْزِلِهِ وَخَرَجَ إلَى السُّوقِ وَاشْتَرَى لَهُ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَجَاءَ بِالْعَبْدِ إلَى مَنْزِلِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الدَّرَاهِمَ لِيَدْفَعَهَا إلَى الْبَائِعِ فَإِذَا الدَّرَاهِمُ قَدْ سُرِقَتْ وَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي مَنْزِلِهِ فَجَاءَ الْبَائِعُ وَطَلَبَ مِنْهُ الثَّمَنَ وَجَاءَ الْمُوَكِّلُ يَطْلُبُ مِنْهُ الْعَبْدَ قَالُوا يَأْخُذُ الْوَكِيلُ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَدْفَعُهُ إلَى الْبَائِعِ، وَالْعَبْدُ وَالدَّرَاهِمُ هَلَكَا فِي يَدِهِ عَلَى الْأَمَانَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا إذَا عُلِمَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ أَنَّهُ اشْتَرَى الْعَبْدَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ جَارِيَةً فَاشْتَرَى ثُمَّ وَجَدَ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا وَجَاءَ بِهَا إلَى الْبَائِعِ لِيَدْفَعَهَا إلَيْهِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا الْبَائِعُ وَضَاعَتْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ ضَاعَتْ مِنْ مَالِ الْآمِرِ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى

الْآمِرِ بِأَلْفٍ جِيَادٍ وَيَدْفَعُهَا إلَى الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ مِنْ الْوَكِيلِ ثُمَّ وَجَدَهَا عَلَى مَا وَصَفْنَا وَرَدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ فَضَاعَتْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَإِنْ وَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْوَكِيلِ فَيَغْرَمُ أَلْفًا جِيَادًا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا كَانَ الْهَلَاكُ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ فِي السَّتُّوقَةِ وَالرَّصَاصِ إذَا هَلَكَتْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِأَلْفٍ جِيَادٍ لِيَدْفَعَهَا إلَى الْبَائِعِ فَإِذَا قَبَضَهَا لَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ تَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْوَكِيلِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ وَلَمْ يَقْبِضْهَا وَلَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ حَتَّى أَعْطَى الْآمِرُ الْوَكِيلَ الثَّمَنَ لِيَنْقُدَهُ ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ اسْتَهْلَكَ الثَّمَنَ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَمْنَعَ جَارِيَتَهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ الْآمِرَ بِالثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ عَلَى الْآمِرِ سَبِيلٌ فَإِنْ نَقَدَ الْآمِرُ الثَّمَنَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَخْذُ الْجَارِيَةِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْبَى ثُمَّ رَجَعَ الْآمِرُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الْآمِرُ الثَّمَنَ فَالْقَاضِي يَبِيعُ الْجَارِيَةَ بِالثَّمَنِ إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ وَالْآمِرُ بِالْبَيْعِ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ الْآمِرُ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا بَاعَهَا الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ فِي الثَّمَنِ الثَّانِي فَضْلٌ عَلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ لِلْآمِرِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ فَالْبَائِعُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْوَكِيلِ لَا عَلَى الْآمِرِ ثُمَّ الْآمِرُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِمَا كَانَ قَبَضَ مِنْهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرِ لِي بِهَذَا الْأَلْفِ الدَّرَاهِمِ جَارِيَةً وَأَرَاهُ الدَّرَاهِمَ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَى الْوَكِيلِ حَتَّى سُرِقَتْ الدَّرَاهِمُ ثُمَّ اشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ تُسْرَقْ الدَّرَاهِمُ وَلَكِنْ صَرَفَهَا الْمُوَكِّلُ إلَى حَاجَتِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى الْوَكِيلِ فَسُرِقَتْ مِنْ يَدِ الْوَكِيلِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَفَذَ الشِّرَاءُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَسْتَوِي إنْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِهَلَاكِ الدَّرَاهِمِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ جَارِيَةً فَهَلَكَ مِنْهُ خَمْسُمِائَةٍ فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَبَقِيَ خَمْسُمِائَةٍ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِخَمْسِمِائَةٍ إنْ كَانَتْ تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَتْ تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ قَدْرَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ اشْتَرِ لِي نَفْسَكَ مِنْ مَوْلَاكَ فَقَالَ الْعَبْدُ نَعَمْ ثُمَّ ذَهَبَ إلَى مَوْلَاهُ وَاشْتَرَى نَفْسَهُ فَإِنْ قَالَ: بِعْنِي نَفْسِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ وَقَبِلَ الْعَبْدُ فَهُوَ حُرٌّ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَالْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى وَكَذَلِكَ لَوْ أَطْلَقَ الْكَلَامَ إطْلَاقًا فَأَمَّا إذَا أَضَافَ الشِّرَاءَ إلَى الْآمِرِ بِأَنْ قَالَ لِلْمَوْلَى بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ بِكَذَا فَفَعَلَهُ وَقَبِلَ الْعَبْدُ صَحَّ وَالْعَبْدُ لِلْآمِرِ وَالْمَالُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَحْبِسَ الْعَبْدَ حَتَّى يَأْخُذَ الثَّمَنَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ وَجَدَ الْآمِرُ بِهِ عَيْبًا فَأَرَادَ خُصُومَةَ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ مَعْلُومًا لِلْعَبْدِ يَوْمَ اشْتَرَى نَفْسَهُ لَمْ يُرَدَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ عَالِمًا بِذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِهِ وَهُوَ الَّذِي يَلِي الْخُصُومَةَ فِي ذَلِكَ الْعَبْدِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مِنْ غَيْرِ

اسْتِطْلَاعِ رَأْيِ الْآمِرِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى نَفْسَهُ لِلْآمِرِ بِأَلْفٍ إلَى الْعَطَاءِ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ عَقِيبَ الْعَقْدِ ضَمِنَ الْآمِرُ قِيمَتَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ حَتَّى اسْتَعْمَلَهُ الْبَائِعُ فِي بَعْضِ عَمَلِهِ فَهَذَا مِنْهُ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ حَتَّى لَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ يَمُوتُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ اشْتَرَى نَفْسَهُ لِلْآمِرِ بِأَلْفٍ وَعَشَرَةٍ إلَى الْعَطَاءِ أَوْ إلَى أَجَلٍ مَعْرُوفٍ وَالْآمِرُ كَانَ أَمَرَهُ بِأَلْفٍ فَهُوَ حُرٌّ حِينَ وَقَعَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَ الْعَبْدُ رَجُلًا بِشِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ سَيِّدِهِ بِأَلْفٍ وَدَفَعَ الْأَلْفَ إلَى الْوَكِيلِ فَقَالَ الْوَكِيلُ لِسَيِّدِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ: أَنَا أَشْتَرِي عَبْدَكَ لِنَفْسِهِ فَبَاعَهُ عَلَى هَذَا عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِ الْعَبْدِ كَانَ الْعَبْدُ مِلْكًا لِلْوَكِيلِ وَالْأَلْفُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْعَبْدِ كَانَ لِلْمَوْلَى فِيهِمَا مَجَّانًا وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الْمُعْتِقِ الْأَلْفُ ثَمَنًا أَوْ بَدَلَ الْعِتْقِ ثُمَّ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ وَالْمَالِكُ لِلْعَبْدِ وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لِلْعَبْدِ فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْعِتْقِ أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ وَالْمَالُ عَلَى الْعَبْدِ دُونَ الْوَكِيلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ كَانَ هَذَا الْعَبْدُ مُدَبَّرًا فَالْمُدَبَّرُ حُرٌّ حِينَ وَقَعَ الشِّرَاءُ سَوَاءٌ كَانَ اشْتَرَاهُ الْمَأْمُورُ مُطْلَقًا أَوْ أَضَافَ الشِّرَاءَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى الْمُدَبَّرِ وَلَوْ كَانَ سَمَّاهُ إلَى الْعَطَاءِ فَالْمَالُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَالْمَالُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا عَلَى الْمُدَبَّرِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ مِنْ ذَلِكَ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ مِمَّا لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَيَجُوزُ إعْتَاقُهُ فَعَمِلْنَا بِالْمَعْنَى فَصَارَ وَكِيلًا مِنْ جِهَةِ الْمُدَبَّرِ لِقَبُولِ الْإِعْتَاقِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا وَجَدَ بِالْمُشْتَرِي عَيْبًا لَهُ الرَّدُّ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْمَارِ الْآمِرِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا سَلَّمَ الْمُشْتَرَى إلَى الْآمِرِ ثُمَّ جَاءَ يُخَاصِمُ الْبَائِعَ فِي الْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَّا أَنْ يَجِيءَ بِبَيِّنَةِ أَنَّ الْآمِرَ أَمَرَهُ بِالرَّدِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْآمِرُ الْمَبِيعَ حَتَّى وَجَدَ بِهِ الْوَكِيلُ عَيْبًا فَأَمَرَ الْآمِرُ بِرَدِّهِ بِالْعَيْبِ فَرَضِيَ الْوَكِيلُ بِالْعَيْبِ وَأَبْرَأَ مِنْهُ الْبَائِعَ فَالْمُوَكِّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا وَإِنْ شَاءَ أَلْزَمَهَا الْوَكِيلَ بِالْعَيْبِ وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ الْآمِرُ أَخْذَ الْجَارِيَةِ وَلَا إلْزَامَهَا الْوَكِيلَ حَتَّى مَاتَتْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهَا تَمُوتُ مِنْ مَالِ الْوَكِيلِ وَيَرْجِعُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْوَكِيلِ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ لَمْ تَمُتْ الْجَارِيَةُ لَكِنَّهَا اعْوَرَّتْ لَزِمَ الْآمِرَ وَكَانَ لِلْآمِرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ الَّذِي رَضِيَ بِهِ، وَلَوْ لَمْ تَعْوَرَّ وَاخْتَارَ الْآمِرُ إلْزَامَ الْوَكِيلِ الْجَارِيَةَ فَأَلْزَمَهَا إيَّاهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ وَجَدَ الْوَكِيلُ بِهَا عَيْبًا آخَرَ غَيْرَ الْعَيْبِ الَّذِي رَضِيَ بِهِ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ عِنْدَ الْبَائِعِ لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّهَا بِذَلِكَ الْعَيْبِ عَلَى الْآمِرِ وَلَا عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا وَجَدَ بِالْمُشْتَرَى عَيْبًا وَرَضِيَ بِهِ وَقَبَضَهُ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ لَيْسَ بِاسْتِهْلَاكٍ مِثْلُ الْعَمَى وَغَيْرُهُ لَزِمَ الْآمِرَ وَإِنْ كَانَ اسْتِهْلَاكًا مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ وَكَانَ لِلْآمِرِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ وَهَذَا قَوْلُهُمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُمَا سَوَاءٌ وَيَلْزَمُ الْآمِرَ إذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ الْعَيْبِ يُسَاوِي الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ

أَوْ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى لِرَجُلٍ عَبْدًا بِأَمْرِهِ وَقَبَضَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَأَبْرَأَ الْبَائِعَ عَنْ الْعَيْبِ فَقَالَ لَهُ الْآمِرُ قَدْ أَلْزَمْتُكَ الْعَبْدَ بِإِبْرَائِكَ عَنْ الْعَيْبِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ الْمَأْمُورُ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَإِنْ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي ذَلِكَ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْآمِرِ فَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى يَرُدَّهُ عَلَى الْآمِرِ ثُمَّ يَدْفَعُ الْآمِرُ إلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا بِالْعَيْبِ فَادَّعَى الْبَائِعُ رِضَا الْآمِرِ بِهَذَا الْعَيْبِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ اسْتِحْلَافَ الْوَكِيلِ عَلَى عِلْمِهِ بِرِضَا الْآمِرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ بَيِّنَةٌ عَلَى رِضَا الْآمِرِ بِالْعَيْبِ وَرَدَّ الْوَكِيلُ الْجَارِيَةَ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ ثُمَّ حَضَرَ الْآمِرُ وَادَّعَى الرِّضَا وَأَرَادَ أَخْذَ الْجَارِيَةِ فَأَبَى الْبَائِعُ أَنْ يَدْفَعَهَا فَقَالَ: قَدْ نَقَضَ الْقَاضِي الْبَيْعَ فَلَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِ الْبَائِعِ وَيَرُدُّ الْجَارِيَةَ عَلَى الْآمِرِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا هَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَعْضُهُمْ قَالُوا لَا بَلْ هَذَا قَوْلُ الْكُلِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ حِينَ رَدَّ الْجَارِيَةَ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ فَضَاعَ الثَّمَنُ مِنْ يَدِهِ ضَاعَ مِنْ مَالِ الْوَكِيلِ وَيَغْرَمُ الْوَكِيلُ لِلْآمِرِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ إذَا صَدَّقَ الْآمِرُ الْبَائِعَ فِي الرِّضَا بِالْعَيْبِ وَقَبَضَ الْجَارِيَةَ يَدْفَعُ الْآمِرُ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَالْآمِرُ هُوَ الَّذِي يَلِي دَفْعَ الثَّمَنِ وَقَبْضَ الْجَارِيَةِ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَقُولَ لِلْبَائِعِ: إنَّكَ أَقْرَرْت مَرَّةً بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْوَكِيلِ فَلَيْسَ لَك أَنْ تَقْبِضَ مِنِّي مَرَّةً أُخْرَى فَإِنْ وَجَدَ الْآمِرُ بِهَا عَيْبًا آخَرَ كَانَ هُوَ الْخَصْمَ بِالرَّدِّ دُونَ الْوَكِيلِ وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ بَعْدَمَا رَدَّهَا بِالْعَيْبِ وَبَعْدَمَا فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ أَقَرَّ بِرِضَا الْآمِرِ بِالْعَيْبِ كَانَ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ الْجَارِيَةَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَوْ أَقَرَّ الْآمِرُ أَنَّهُ كَانَ رَضِيَ بِالْعَيْبِ كَانَتْ الْجَارِيَةُ لِلْآمِرِ يَأْخُذُهَا الْوَكِيلُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَدْفَعُهَا إلَى الْآمِرِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ حِينَ رَدَّ الْجَارِيَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ وَجَدَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا آخَرَ كَانَ هُوَ الْخَصْمَ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً فَاشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهَا فَرَضِيَ الْآمِرُ بِذَلِكَ الْعَيْبِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ نَقَضَ الْمُوَكِّلُ الْعَقْدَ لَا يُعْمَلُ نَقْضُهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي خِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ خِيَارِ شَرْطٍ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي نَوْعِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا. وَالْوَكِيلُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِهِ عَيْبٌ قَدْ عَلِمَهُ الْمُوَكِّلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَكِيلُ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي نَوْعِ الْخِيَارِ فِي الْوَكَالَةِ. الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا مَاتَ ثُمَّ وَجَدَ الْمُوَكِّلُ بِهِ عَيْبًا يَرُدُّ وَارِثُهُ أَوْ وَصِيُّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَوْ وَصِيٌّ يَرُدُّ الْمُوَكِّلُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِلْوَكِيلِ

أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالثَّمَنِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمُشْتَرَى مِنْ الْمُوَكِّلِ إلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا نَقَدَ وَإِنْ هَلَكَ الْمُشْتَرَى فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ الْحَبْسِ هَلَكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ عَلَى الْوَكِيلِ وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَبْسِ يَهْلِكُ بِالثَّمَنِ هَلَاكَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ وَالْبَائِعُ يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ إلَيْهِ هَلْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ عَنْ الْمُوَكِّلِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الدَّرَاهِمَ مِنْهُ؟ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ صَحِيحٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ نَقَدَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ لَقِيَهُ الْمُوَكِّلُ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَالْمُشْتَرَى لَيْسَ عِنْدَهُ وَطَلَبَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَأَبَى إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ الْمُشْتَرَى فَإِنْ كَانَ الْآمِرُ طَالَبَهُ بِتَسْلِيمِهِ حِينَ كَانَ الْمُشْتَرَى بِحَضْرَتِهِمَا وَلَمْ يُسَلِّمْهُ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ لَهُ أَنْ لَا يَدْفَعَ الثَّمَنَ حَتَّى يَقْبِضَ الْمُشْتَرَى وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ لَمْ يَطْلُبْهُ مِنْهُ حَالَ حَضْرَةِ الْمُشْتَرَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِالْأَلْفِ إذَا اشْتَرَاهَا بِالْأَلْفِ كَمَا أُمِرَ وَنَقَدَ الْأَلْفَ وَقَبَضَهَا وَلَمْ يَحْبِسْهَا عَنْ الْآمِرِ حَتَّى نَقَدَ الْآمِرُ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ طَلَبَهَا مِنْهُ فَمَنَعَهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ سَلَّمَ لِلْوَكِيلِ الْخَمْسَمِائَةِ الْمَقْبُوضَةَ وَبَطَلَتْ الْبَاقِيَةُ عَنْ الْآمِرِ وَلَوْ كَانَ حَبَسَهَا فِي الِابْتِدَاءِ فَعَلَيْهِ رَدُّ الْمَقْبُوضَةِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ذَهَبَتْ عَيْنُهُ عِنْدَهُ بَعْدَ حَبْسِهِ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الْوَكِيلُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ وَقَبَضَهُ فَلَمْ يُقْبِضْهُ الْآمِرُ حَتَّى حَلَّ الْمَالُ وَأَخَذَ الْبَائِعُ الْوَكِيلَ بِهِ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ مَنْعَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِالثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ مَنَعَهُ صَارَ ضَامِنًا وَلَوْ قَبَضَهُ الْآمِرُ ثُمَّ حَضَرَ الْوَكِيلُ وَأَخَذَهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْآمِرِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ الثَّمَنَ فَمَاتَ فِي يَدِهِ بَطَلَ الثَّمَنُ عَنْ الْآمِرِ وَجُعِلَ الْأَخْذُ مَنْعًا لِلْعَبْدِ كَأَنَّهُ مَنَعَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ الثَّمَنَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَتَيْنِ كُلُّ جَارِيَةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَمَرَ أَنْ يَشْتَرِيَهُمَا جَمِيعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهُمَا وَقَبَضَهُمَا ثُمَّ الْآمِرُ طَلَبَ مِنْهُ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا فَمَنَعَهَا إيَّاهُ حَتَّى مَاتَتْ بَطَلَ ثَمَنُهَا فَإِنْ قَالَ الْآمِرُ: لَا حَاجَةَ لِي فِي الْبَاقِيَةِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَتْهُ بِحِصَّتِهَا فَإِنْ لَمْ تَمُتْ الَّتِي مَنَعَهَا إيَّاهُ الْوَكِيلُ وَلَكِنْ مَاتَتْ الْأُخْرَى فَالْبَاقِيَةُ لَازِمَةٌ لِلْآمِرِ وَعَلَيْهِ ثَمَنُهُمَا جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِأَلْفٍ حَالٍّ وَالْأُخْرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَاشْتَرَاهُمَا كَمَا أَمَرَ بِهِ وَقَبَضَهُمَا وَطَلَبَهُمَا مِنْهُ الْآمِرُ فَمَنَعَهُمَا إيَّاهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ الثَّمَنَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيُعْطِيهِ الْجَارِيَةَ الَّتِي ثَمَنُهَا إلَى أَجَلٍ فَإِنْ مَنَعَهَا إيَّاهُ حَتَّى مَاتَتْ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْآمِرِ وَأَمَّا الْأُخْرَى فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا إيَّاهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ الثَّمَنَ فَإِنْ مَنَعَهَا إيَّاهُ حَتَّى مَاتَتْ فَقَالَ الْآمِرُ: لَا حَاجَةَ لِي بِاَلَّتِي ثَمَنُهَا إلَى أَجَلٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ وَيَلْزَمُهُ الَّتِي ثَمَنُهَا إلَى أَجَلٍ وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُمَا لَهُ بِأَلْفَيْنِ حَالَّيْنِ فَاشْتَرَاهُمَا كَذَلِكَ فَلَمْ يَمْنَعْهُمَا عَنْ الْآمِرِ حَتَّى أَخَذَ الْبَائِعُ

الباب الثالث في الوكالة بالبيع

الْمُشْتَرِيَ بِثَمَنِ إحْدَاهُمَا كَانَ هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءً فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْتُ لَكَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ دَفْعَ الثَّمَنِ مِنْ مَالِهِ وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ لَمْ يَرْجِعْ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ إذَا اشْتَرَى وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى أَخَّرَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ عَنْ الْوَكِيلِ صَحَّ وَثَبَتَ التَّأْخِيرُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَإِنْ حَطَّ الْبَائِعُ عَنْ الْوَكِيلِ بَعْضَ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَحُطُّهُ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ حَطَّ الْبَائِعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ حَتَّى كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ بَعْضَ الثَّمَنِ عَنْ الْوَكِيلِ يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ وَلَوْ وَهَبَ كُلَّ الثَّمَنِ لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ أَبْرَأهُ الْبَائِعُ عَنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي هِبَةِ جَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَ الْخَمْسَمِائَةِ الْبَاقِيَةَ لَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْخَمْسِمِائَةِ الْأُولَى وَيَرْجِعُ بِالْخَمْسِمِائَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ وَلَوْ وَهَبَ تِسْعَمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَ مِنْهُ الْمِائَةَ الْبَاقِيَةَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ إلَّا بِمِائَةٍ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ] الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالْعَرَضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيُفْتَى بِقَوْلِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْوَكِيلِ بِمَا عَزَّ وَهَانَ وَبِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. . وَالْخِلَافُ فِي الْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ أَمَّا إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ بِعْهُ بِأَلْفٍ أَوْ بِمِائَةٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ بِعَرَضٍ مَوْصُوفٍ إذَا بَاعَهُ بِعَرَضٍ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِالنَّسِيئَةِ وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ لِلْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ كَالْمَرْأَةِ إذَا دَفَعَتْ غَزْلًا إلَى رَجُلٍ لِيَبِيعَهُ لَهَا فَهَذَا عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ بِالنَّقْدِ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ إذَا بَاعَ بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ فِيمَا بَيْنَ التُّجَّارِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ جَازَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَإِنْ بَاعَ بِأَجَلٍ غَيْرِ مُتَعَارَفٍ فِيمَا بَيْنَ التُّجَّارِ بِأَنْ بَاعَ مَثَلًا إلَى خَمْسِينَ سَنَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ. قَالَ مَشَايِخُنَا: وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ وَإِذَا كَانَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ وَذَلِكَ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ بِعْ هَذَا الْعَبْدَ وَاقْضِ دَيْنِي أَوْ قَالَ بِعْ فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يُلَازِمُونَنِي أَوْ قَالَ بِعْ فَإِنِّي أَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةِ

عِيَالِي فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّسِيئَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. التَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً يَنْصَرِفُ إلَى التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ إلَى شَهْرٍ وَمَا فَوْقَهُ لِأَنَّ مَا دُونَ الشَّهْرِ عَاجِلٌ فَلَوْ أَنَّ هَذَا الْوَكِيلَ بَاعَهُ بِالنَّقْدِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ بَاعَهُ بِالنَّقْدِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُبَاعُ بِالنَّسِيئَةِ جَازَ وَإِنْ بَاعَ بِالنَّقْدِ بِأَقَلَّ مِمَّا يُبَاعُ بِالنَّسِيئَةِ لَا يَجُوزُ وَقَالَ غَيْرُهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا تَبِعْهُ إلَّا بِالنَّقْدِ. وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ مَالِهِ حِمْلٍ وَمُؤْنَةٍ فَهُوَ عَلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ إذَا كَانَا فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ خَرَجَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى فَسُرِقَ أَوْ ضَاعَ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ الْوَكِيلُ إلَى مَكَان آخَرَ أَوْ خَرَجَ هُوَ فَبَاعَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ كَانَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ فِي مَكَانِ الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَتَقَيَّدُ الْأَمْرُ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ إذَا بَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا لَا يَضْمَنُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَالْمَأْمُورُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا أَتَى بِالْبَيْعِ الْجَائِزِ جَازَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. . الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَا يَمْلِكُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ مُشْتَرِيًا وَبَائِعًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ يَشْتَرِيَ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ مِنْ ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ بَاعَ مِنْ عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. . الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ إنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ بَاعَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالْبَيْعِ مِنْ هَؤُلَاءِ أَوْ أَجَازَ لَهُ مَا صَنَعَ بِأَنْ قَالَ بِعْ مِمَّنْ شِئْتَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ هَؤُلَاءِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ قَطْعًا وَإِنْ صَرَّحَ لَهُ الْمُوَكِّلُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى مِنْ هَؤُلَاءِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي الزِّيَادَاتِ فِي الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ مِنْ أَبِي الْمُوَكِّلِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ جَازَ وَكَذَا وَكِيلُ الْعَبْدِ لَوْ بَاعَ مِنْ مَوْلَاهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَّلَهُ بِبَيْعِ مَتَاعِهِ فَقَالَ: بِكَمْ أَبِيعُهُ؟ فَقَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ وَبِثَمَنِهِ فَبَاعَهُ بِثَمَنٍ حَقِيرٍ فَلَهُ الرَّدُّ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْمُوَكِّلُ إذَا شَرَطَ عَلَى الْوَكِيلِ شَرْطًا مُفِيدًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِأَنْ كَانَ يَنْفَعُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ مُرَاعَاتُهُ أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ أَوْ لَمْ يُؤَكِّدْهُ كَمَا إذَا قَالَ بِعْهُ بِخِيَارٍ فَبَاعَهُ بِلَا خِيَارٍ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ لِلْآمِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْخِيَارَ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَإِنْ بَاعَهُ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْآمِرِ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ عَلَيْهِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهُ وَلِآمِرِهِ وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا فَبَاعَ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْآمِرِ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ صَحَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ شَرْطًا لَا يُفِيدُ أَصْلًا بَلْ يَضُرُّهُ لَا تَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ مُرَاعَاتُهُ أَكَّدَ بِالنَّفْيِ

أَوْ لَمْ يُؤَكِّدْ، كَمَا إذَا قَالَ بِعْهُ بِأَلْفٍ نَسِيئَةً أَوْ قَالَ لَا تَبِعْهُ إلَّا بِأَلْفٍ نَسِيئَةً فَبَاعَ بِأَلْفٍ نَقْدًا يَجُوزُ عَلَى الْآمِرِ وَإِذَا شَرَطَ شَرْطًا يُفِيدُ مِنْ وَجْهٍ وَلَا يُفِيدُ مِنْ وَجْهٍ إنْ أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ تَجِبُ مُرَاعَاتُهُ كَمَا إذَا قَالَ بِعْهُ فِي سُوقِ كَذَا فَبَاعَهُ فِي سُوقٍ آخَرَ فَإِنْ لَمْ يُؤَكِّدْهُ بِالنَّفْيِ يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ قَالَ: بِعْ عَبْدِي هَذَا وَأَشْهِدْ فَبَاعَ وَلَمْ يُشْهِدْ كَانَ جَائِزًا وَلَوْ قَالَ: لَا تَبِعْ إلَّا بِشُهُودٍ فَبَاعَ بِغَيْرٍ شُهُودٍ لَمْ يَجُزْ وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ عَلَى أَنْ تُشْهِدَ فَبَاعَهُ وَلَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: بِعْ بِشُهُودٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ وَنَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ إلَّا بِمَحْضَرِ فُلَانٍ لَا يَبِيعُ إلَّا بِحَضْرَتِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا أَمَرَ أَنْ يَبِيعَ بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ فَبَاعَ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ كَفِيلٍ لَمْ يَجُزْ أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ أَوْ لَمْ يُؤَكِّدْ وَإِذَا قَالَ بِرَهْنِ ثِقَةٍ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرَهْنٍ يَكُونُ بِقِيمَتِهِ وَفَاءً بِالثَّمَنِ أَوْ تَكُونُ قِيمَتُهُ أَقَلَّ بِمِقْدَارِ مَا يُتَغَابَنُ فِيهِ وَإِذَا أَطْلَقَ جَازَ بِالرَّهْنِ الْقَلِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: بِعْهُ وَخُذْ كَفِيلًا أَوْ قَالَ: بِعْهُ وَخُذْ رَهْنًا لَا يَجُوزُ إلَّا كَذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الِاشْتِرَاطِ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَمَرْتُكَ بِغَيْرِ هَذَا الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ لَهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ نَفَذَ الْبَيْعُ وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ لَمْ يَنْفُذْ وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ بَاعَ النِّصْفَ الْآخَرَ بِمِائَةِ دِينَارٍ جَازَ بَيْعُ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ النِّصْفِ الثَّانِي وَلَوْ بَاعَ كُلَّهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِينَارٍ جَازَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ بَاعَ نِصْفَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا دِرْهَمًا وَكُرَّ حِنْطَةٍ بَطَلَ وَإِنْ بَاعَ الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَكُرٍّ مِنْ الطَّعَامِ بِعَيْنِهِ كَانَ الْآمِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَبْطَلَ الْبَيْعَ كُلَّهُ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ وَيَصِيرُ الْكُرُّ لِلْوَكِيلِ وَعَلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ بَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ زَادَ الْمُشْتَرِي كُرًّا بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ جَازَ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ وَالْكُرُّ لِلْآمِرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَ نِصْفَهُ أَوْ جَزَّأَ مِنْهُ مَعْلُومًا جَازَ بَيْعُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ بَاعَ الْبَاقِيَ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَبِعْ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ الْبَاقِيَ وَكَذَلِكَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي كُلِّ شَيْءٍ فِي تَبْعِيضِهِ مَضَرَّةٌ وَيَكُونُ الِابْتِعَاضُ فِيهِ عَيْبًا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي تَبْعِيضِهِ مَضَرَّةٌ وَلَا يَكُونُ الِابْتِعَاضُ فِيهِ عَيْبًا كَالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ فَبَاعَ بَعْضَهُ جَازَ الْبَيْعُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ فَبَاعَ وَاحِدًا مِنْهَا جَازَ الْبَيْعُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَاذَا أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ بِثَمَنِ دَيْنٍ فَبَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بِثَمَنِ دَيْنٍ لَا يَجُوزُ وَإِنْ بَاعَهُ مِنْهُ وَمِنْ آخَرَ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ آخَرَ، وَيَجُوزُ الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ الْبَاقِيَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْوَكِيلُ بِبَيْعِ جَارِيَتَيْنِ بِأَلْفٍ إذَا بَاعَ إحْدَاهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَبِيعَ

الْأُخْرَى بِتَمَامِ الْأَلْفِ أَوْ أَكْثَرَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ بِعْهُ وَبِعْ مِنْ فُلَانٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ بِعْهُ بِأَلْفٍ نَسِيئَةً سَنَةً فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ أَوْ أَكْثَرَ بِالنَّقْدِ جَازَ وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ بِالنَّقْدِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ بَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ نَسِيئَةً سَنَةً وَشَهْرًا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا ثُمَّ قَالَ لَا تَبِعْ الْيَوْمَ فَبَاعَهُ غَدًا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ الْوَكَالَةِ جَازَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ لَهُ عَبْدًا وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَيْهِ وَنَهَاهُ الْآمِرُ عَنْ دَفْعِ الْعَبْدِ بَعْدَ الْبَيْعِ حَتَّى (1) لَا يَقْبِضَ الثَّمَنَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا النَّهْيُ بَاطِلٌ وَلَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي هَلَكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْوَكِيلُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى قَبْضَ الثَّمَنِ وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلَ الثَّمَنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ قَبْلَ قَبْضِهِ الثَّمَنَ وَنَوَى الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ دَفَعَ الْعَبْدَ إلَيْهِ وَقَالَ لَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَ الثَّمَنَ فَبَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا حَتَّى يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ يَدْفَعْ الْعَبْدَ إلَيْهِ فَبَاعَهُ فِي يَدِ الْآمِرِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَالٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْعَبْدَ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ سَوَاءٌ كَانَ الْآمِرُ نَهَاهُ عَنْ الدَّفْعِ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ لَمْ يَنْهَهُ وَلَوْ بَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً إلَى شَهْرٍ وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْآمِرِ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَحْبِسَهُ عَنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ الْأَمْرِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْآمِرِ بِنَفْسِهِ وَهُوَ يُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ بِبَيْعِهِ نَسِيئَةً هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ الْعَبْدِ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدَ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى أَخَذَهُ الْمُوَكِّلُ مِنْ بَيْتِهِ وَنَهَى الْوَكِيلَ عَنْ التَّسْلِيمِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ صَحَّ نَهْيُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ بَيْتِ الْآمِرِ وَيَدْفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ لَهُ وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْآمِرِ وَلَمْ يَأْمُرْ الْآمِرَ بِالْقَبْضِ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ ثُمَّ قَبَضَهُ مِنْ مَنْزِلِ الْآمِرِ لِيَدْفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمَأْمُورِ قَبْلَ الدَّفْعِ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَأْمُورِ لِأَنَّ لِلْمَأْمُورِ حَقَّ قَبْضِ الْعَبْدِ مِنْ مَنْزِلِ الْآمِرِ لِيُمْكِنَهُ التَّسْلِيمُ عِنْدَ نَقْدِ الثَّمَنِ إلَّا إذَا وُجِدَ الْمَنْعُ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُوجَدْ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَسَلَّمَ الْمَأْمُورُ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلِلْآمِرِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَنْقُدَ الثَّمَنَ فَإِنْ اسْتَرَدَّ الْآمِرُ الْعَبْدَ ثُمَّ أَحْضَرَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ، فَالْآمِرُ يَدْفَعُ الْعَبْدَ إلَى الْمَأْمُورِ وَيَأْمُرُهُ بِدَفْعِهِ إلَى الْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ لِلْآمِرِ عَلَى أَحَدٍ لَا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي

ضَمَانُ الْقِيمَةِ لَكِنَّ الْوَكِيلَ يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَدْفَعُ إلَى الْآمِرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ وَنَهَاهُ عَنْ قَبْضِهِ فَقَبَضَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَقِيمَتِهِ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ حَتَّى بَاعَهُ كَانَ بَيْعُهُ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ حَتَّى سَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَمَاتَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ الْبَائِعُ الْقِيمَةَ وَإِنْ صَارَ غَاصِبًا بِالْقَبْضِ قَبْلَ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْآمِرَ بِالْبَيْعِ بَعْدَ الْغَصْبِ بَاقٍ وَهَلْ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ لِلْآمِرِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ بَلْ يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَدْفَعُ إلَى الْآمِرِ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حَتَّى حَضَرَ الْآمِرُ وَأَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَخَذَ الْبَائِعُ مِنْ مَنْزِلِ الْآمِرِ لِيَدْفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ فَمَاتَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الْقَبْضِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ وَنَهَاهُ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ فُلَانٍ وَمِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَوْ بَاعَ الْآمِرُ الْعَبْدَ بِنَفْسِهِ وَوَكَّلَهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ الْقَبْضِ إلَّا بِمَحْضَرِ شُهُودٍ صَحَّ نَهْيُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَمَرَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا لَهُ مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِوَكِيلِهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ بِمَا بَاعَهُ فَقَالَ الْوَكِيلُ بِعْتُ الْعَبْدَ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ أَجَزْتُهُ جَازَ بِأَلْفٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ الْآمِرُ قَدْ أَجَزْتُ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِالدَّرَاهِمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الدِّينَارِ إذَا أَمْسَكَ الدِّينَارَ بِنَفْسِهِ وَبَاعَ دِينَارَهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَبْدًا فَقَالَ بِعْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَزْنَ سَبْعَةٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَزْنَ خَمْسَةٍ فَهَذَا جَائِزٌ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى لَهُ مِنْ جِنْسِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَتَغَيَّرَ السِّعْرُ وَصَارَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْنِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ بِأَلْفٍ وَلَوْ بَاعَهُ بِالْخِيَارِ فَازْدَادَتْ قِيمَتُهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ حَتَّى صَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ لَهُ أَنْ يُمْضِيَ الْبَيْعَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ لَمْ يَمْضِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَكِنَّهُ سَكَتَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ حَامِلًا فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَكَذَا إذَا أَثْمَرَ النَّخِيلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ خُذْ عَبْدِي هَذَا وَبِعْهُ بِعَبْدٍ أَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي بِهِ

عَبْدًا صَحَّ التَّوْكِيلُ فَإِنْ كَانَ قَدْ وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ فَاشْتَرَى عَبْدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى مِثْلَ قِيمَةِ هَذَا الْعَبْدِ أَوْ أَقَلَّ مِقْدَارَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مِقْدَارَ مَا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ فَبَاعَهُ بِعَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ بَاعَ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْعَبْدِ مِثْلَ قِيمَةِ هَذَا الْعَبْدِ أَوْ أَقَلَّ بِمِقْدَارِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ مِقْدَارَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ هَذَا بِكُرِّ حِنْطَةٍ أَوْ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ هَرَوِيَّةٍ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ بِمَا سَمَّاهُ مُعَيَّنَةً مَوْصُوفَةً فِي الذِّمَّةِ مُؤَجَّلًا وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْكُرُّ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ بِبَيْعِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ طَعَامٍ قَالَ بِعْهُ كُلَّ كُرٍّ بِخَمْسِينَ فَبَاعَهُ كُلَّهُ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ بِعْهُ بِمِثْلِ مَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ الْكُرَّ فَقَالَ فُلَانٌ بِعْتُ الْكُرَّ بِأَرْبَعِينَ فَبَاعَ بِهَا ثُمَّ وَجَدَ فُلَانًا بَاعَ بِخَمْسِينَ خَمْسِينَ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِمِثْلِ مَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ لَا بِمِثْلِ مَا أَخْبَرَهُ فَإِنْ كَانَ بَاعَ كُرًّا بِأَرْبَعِينَ وَكُرًّا بِخَمْسِينَ فَبَاعَ الْوَكِيلُ طَعَامَهُ كُلَّهُ بِأَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ أَجْزَاهُ اسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ جِرَابًا هَرَوِيًّا لِيَبِيعَهُ وَهُمَا بِالْكُوفَةِ فَبِأَيِّ أَسْوَاقِ الْكُوفَةِ بَاعَهُ جَازَ وَلَوْ نَقَلَهُ إلَى بَصْرَةَ يَصِيرُ مُخَالِفًا اسْتِحْسَانًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ هُنَاكَ يَضْمَنُ وَلَوْ لَمْ يَهْلِكْ حَتَّى بَاعَهُ بِالْبَصْرَةِ ذَكَرَ فِي وَكَالَةِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الْآمِرِ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ يَجُوزُ. قِيلَ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ جَوَابُ الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَإِلَيْهِ مَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ قَيَّدَ الْآمِرُ بِالْكُوفَةِ بِأَنْ قَالَ بِعْهُ بِالْكُوفَةِ فَنَقَلَ إلَى بَصْرَةَ ضَمِنَ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَاذَا بَاعَ بِالْبَصْرَةِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الْآمِرِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِعِدْلِ زُطِّيٍّ أَوْ جِرَابٍ هَرَوِيٍّ يَبِيعُهُ لَهُ فَإِنْ بَاعَ الْعِدْلَ جُمْلَةً صَفْقَةً وَاحِدَةً بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ يَجُوزُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِحَيْثُ لَا يُتَغَابَنُ فِي مِثْلِهِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَأَمَّا إذَا بَاعَ ثَوْبًا ثَوْبًا حَتَّى أَتَى عَلَى جَمِيعِ الْعِدْلِ إنْ كَانَ ثَمَنُ مَا بَاعَ بِصَفَقَاتٍ مُتَفَارِقَةٍ يَبْلُغُ ثَمَنَ جَمِيعِ الْعِدْلِ لَوْ بَاعَ الْعِدْلَ جُمْلَةً أَوْ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْكُلِّ لَوْ بَاعَ جُمْلَةً بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ ثَمَنُ مَا بَاعَ بِصَفَقَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ بَلَغَ ثَمَنَ جَمِيعِ الْعِدْلِ لَوْ بَاعَ الْعِدْلَ جُمْلَةً أَوْ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْكُلِّ لَوْ بَاعَ جُمْلَةً بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ لَا شَكَّ أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجُوزُ عَلَى قَوْلِهِمَا. وَأَمَّا إذَا بَاعَ ثَوْبًا وَاحِدًا وَلَمْ يَبِعْ الْبَاقِيَ ذَكَرَ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ سَوَاءٌ أَضَرَّ بِالْبَاقِي ضَرَرًا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ أَوْ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا إنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْبَاقِي أَوْ أَضَرَّ بِالْبَاقِي ضِرَارًا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ بِأَنْ

كَانَ يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الثِّيَابِ وَأَمَّا إذَا أَمَرَهُ بِبَيْعِ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ فَبَاعَ الْبَعْضَ وَلَمْ يَبِعْ الْبَاقِيَ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسُمِائَةٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ إلَى الْعَطَاءِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَمَاتَ فِي يَدِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ وَيَكُونُ حَقُّ قَبْضِ الْقِيمَةِ لِلْوَكِيلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ إلَى الْعَطَاءِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ أَوْ خَمْسُمِائَةٍ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي لَا يَمْلِكُهُ فَلَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ لِلْآمِرِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْوَكِيلِ فَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ ضَمِنَ الْوَكِيلُ رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ وَهُوَ الْقِيمَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى أَوَّلِ عَطَاءٍ يَكُونُ فَبَاعَ إلَى الْعَطَاءِ الثَّانِي وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فَمَاتَ فِي يَدِهِ لَمْ يَنْفُذْ عَلَى الْآمِرِ وَلَوْ بَاعَهُ إلَى أَجَلٍ دُونَ عَطَاءٍ نَفَذَ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى لَا يَضْمَنَ الْوَكِيلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاذَا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَمَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرِي ضَامِنٌ لِلْقِيمَةِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ بَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ بِعَيْنِهَا فَمَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ وَعِنْدَ ذَلِكَ يُقَسَّمُ الْعَبْدُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَى قِيمَةِ الْخَمْرِ فَمَا أَصَابَ الْأَلْفُ مِنْ الْعَبْدِ لَمْ يَضْمَنْهُ الْبَائِعُ وَلَكِنْ يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي وَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الْخَمْرِ فَإِنْ شَاءَ الْآمِرُ ضَمَّنَ الْبَائِعَ ذَلِكَ الْقَدْرَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ فَإِنْ ضُمِّنَ الْبَائِعُ يَرْجِعُ بِمَا ضَمَّنَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَلِلْمَالِكِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَلَوْ بَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخِنْزِيرٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْرٍ بِعَيْنِهَا وَلَوْ بَاعَهُ بِأَلْفٍ وَمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ أَوْ شَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ وَمَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبَائِعِ بِالِاتِّفَاقِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ وَالْوَكِيلُ هُوَ الَّذِي يَأْخُذُهَا وَيَدْفَعُهَا إلَى الْآمِرِ وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ كُرَّ حِنْطَةٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ بِعَيْنِهَا فَهَلَكَ الطَّعَامُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْجَوَابُ عِنْدَ الْكُلِّ كَالْجَوَابِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْعَبْدِ إذَا بَاعَهُ الْمَأْمُورُ بِأَلْفٍ وَخَمْرٍ بِعَيْنِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ بِمِائَةِ رِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ فَبَاعَهُ بِخِنْزِيرٍ أَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ بِخِنْزِيرٍ فَبَاعَهُ بِمِائَةِ رِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ لَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَمَا قَبَضَهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَلَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ الْآمِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ الْقِيمَةَ وَرَجَعَ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا لَهُ فَبَاعَهُ

فَوَجَدَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ فَرَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ فَقَبِلَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ وَلَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا بَعْدَ الْقَبْضِ فَرَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ وَقَبِلَ الْوَكِيلُ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا مَاتَ وَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ عَيْبًا رَدَّهُ عَلَى وَصِيِّ الْوَكِيلِ أَوْ عَلَى وَارِثِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ وَلَا وَارِثٌ يَرُدُّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الْوَكِيلُ إذَا كَانَ غَائِبًا مَادَامَ حَيًّا لَا تَنْتَقِلُ الْحُقُوقُ إلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي فَصْلِ الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ. وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدِ وَالسِّنِّ الزَّائِدَةِ فَرَدَّهُ بِقَضَاءٍ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِبَاءِ يَمِينٍ أَوْ بِإِقْرَارٍ مِنْ الْمَأْمُورِ فَلِلْمَأْمُورِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ كَانَ عَيْبًا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَإِنْ رَدَّهُ بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ لَازِمٌ لِلْمُوَكِّلِ وَكَذَا إنْ رَدَّهُ بِالنُّكُولِ وَإِنْ كَانَ رَدَّهُ بِإِقْرَارٍ لَزِمَ الْوَكِيلَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ بِنَفْسِهِ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي، وَالْعَيْبُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْحُدُوثَ لَزِمَ الْوَكِيلَ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ مُوَكِّلَهُ بِحَالٍ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ وَالرَّدُّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بِإِقْرَارِ الْوَكِيلِ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ بِلَا خُصُومَةٍ فِي رِوَايَةٍ وَفِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ بَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ ضَيْعَةٍ لَهُ فَبَاعَهَا الْوَكِيلُ فَظَهَرَ فِيهَا قِطْعَةُ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٌ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ ثُمَّ الْوَكِيلُ لَا يَرُدُّ عَلَى مُوَكِّلِهِ فَإِنْ رُدَّتْ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَهَلْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَمَا أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ وَتَقَايَضَا وَهَلَكَ الثَّمَنُ عِنْدَهُ أَوْ دَفَعَهُ إلَى الْآمِرِ ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا يَحْدُثُ مِثْلُهُ وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ وَهُوَ الْوَكِيلُ وَأَقَرَّ الْآمِرُ بِهِ لَمْ يُنْقَضْ الْبَيْعُ بِإِقْرَارِ الْآمِرِ وَلَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ وَلَا الْبَائِعَ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبٌ آخَرُ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ وَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِلْقَطْعِ بِقِيَامِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ أَمْكَنَ حُدُوثُ مِثْلِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ إلَّا بِبُرْهَانٍ عَلَى كَوْنِهِ عِنْدَ مُوَكِّلِهِ أَوْ يُحَلِّفُهُ فَإِنْ نَكَلَ رَدَّهُ وَإِلَّا لَزِمَ الْوَكِيلَ مَادَامَ حَيًّا عَاقِلًا فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ خَلَفًا أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ لُزُومِ الْعُهْدَةِ بِأَنْ كَانَ مَحْجُورًا يَرُدُّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ نَقَدَ الثَّمَنَ إلَيْهِ وَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكِّلِ رَجَعَ إلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَبِيعَ وَلَكِنَّ الْمُشْتَرِيَ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ مَعَ الْوَكِيلِ فَإِذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ الْعَيْبُ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْوَكِيلِ إذَا نَقَدَهُ إلَيْهِ وَلَوْ نَقَدَ الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكِّلِ أَخَذَ مِنْهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ عَلَى الْوَكِيلِ وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ وَأَقَرَّ بِهِ الْآمِرُ وَجَعَلَ

الْقَاضِي الْعُهْدَةَ عَلَى الْآمِرِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ عَادَ الْوَكِيلُ إلَى تَصْدِيقِهِمَا تَحَوَّلَتْ الْعُهْدَةُ مِنْ الْمُوَكِّلِ إلَى الْوَكِيلِ وَبَرِئَ الْمُوَكِّلُ مِنْهَا فَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ عَيْبًا قَدْ دَلَّسَهُ الْبَائِعُ وَجَحَدَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ دَلَّسَهُ شَيْئًا وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَصَدَّقَ الْآمِرُ الْمُشْتَرِيَ مَا ادَّعَى مِنْ الْعَيْبِ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ الْآمِرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَا يُطَالَبُ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّقَاضِي وَالِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ تَقَاضَى وَقَبَضَ فِيهَا وَإِلَّا يُقَالُ لَهُ أَحَلَّ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ وَكَّلَهُ بِالتَّقَاضِي فَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ أَنَا أَتَقَاضَى وَقَالَ الْمُوَكِّلُ أَنَا أَتَقَاضَى فَالتَّقَاضِي إلَى الْوَكِيلِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُحِيلَ الْمُوَكِّلَ عَلَى الْمُشْتَرِي هَذَا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِغَيْرِ أَجْرٍ فَأَمَّا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِأَجْرٍ نَحْوُ السِّمْسَارِ وَالدَّلَّالِ وَالْبَيَّاعِ فَيُجْبَرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ وَإِنْ كَتَبَ الصَّكَّ بِاسْمِ الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَكَفَلَ بِالثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي لَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ وَالْوَكِيلُ يَقْبِضُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا كَفَلَ بِالثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي جَازَتْ كَفَالَتُهُ وَاذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ الْمُوَكِّلَ احْتَالَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بَاطِلَةً وَلَوْ صَالَحَ الْآمِرُ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى عَبْدٍ لِلْوَكِيلِ بِعَيْنِهِ أَوْ قَضَى الْوَكِيلُ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا وَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي وَيَصِيرُ الْعَبْدُ لِلْمُوَكِّلِ وَلَا يَكُونُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِشَيْءٍ لَا عَلَى الْآمِرِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ الْجَارِيَةَ مِنْ الْآمِرِ بِالثَّمَنِ الَّذِي لِلْآمِرِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ الْوَكِيلُ الْآمِرَ عَلَى جَارِيَةِ نَفْسِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الَّذِي لِلْآمِرِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِلْوَكِيلِ فَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَضَى الْوَكِيلُ الثَّمَنَ لِلْآمِرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الَّذِي لِلْآمِرِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِلْوَكِيلِ كَانَ بَاطِلًا أَيْضًا وَلَوْ أَحَالَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَرَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي صَحَّ وَكَانَتْ هَذِهِ وَكَالَةً لَا حَوَالَةً فَإِنْ طَالَبَ الْآمِرُ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى أَدَائِهِ إلَيْهِ وَإِنْ طَالَبَ الْوَكِيلُ أُجْبِرَ عَلَى أَدَائِهِ أَيْضًا وَإِنْ نَهَى الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الدَّفْعِ إلَى الْآمِرِ صَحَّ نَهْيُهُ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى الْمُشْتَرِي دَفْعُهُ إلَى الْآمِرِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. . الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا أَخَّرَ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ قَبِلَ الْحَوَالَةَ أَوْ اقْتَضَى الزُّيُوفَ وَتَجَوَّزَ بِهِ جَازَ وَضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْآمِرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ إذَا كَانَ عَيْنًا فَوَهَبَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا فَقَبَضَهُ الْوَكِيلُ ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَقَالَ الْوَكِيلُ الْبَيْعَ صَحَّتْ إقَالَتُهُ عِنْدَهُمَا وَيَكُونُ ضَامِنًا لِلثَّمَنِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْإِقَالَةِ يَصِيرُ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَاذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ جَارِيَةً وَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهَا فَبَاعَهَا الْمَأْمُورُ مِنْ رَجُلٍ لَهُ عَلَى الْآمِرِ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَسَلَّمَ الْجَارِيَةَ إلَيْهِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَالثَّمَنُ يَصِيرُ قِصَاصًا بِهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الثَّمَنَ

يَصِيرُ قِصَاصًا بِدَيْنِ الْوَكِيلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنْ هَذَا الْوَكِيلَ لَمْ يُسَلِّمْ مَا بَاعَ حَتَّى هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ بَطَلَتْ الْمُقَاصَّةُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ لَهُ عَلَى الْمَأْمُورِ وَعَلَى الْآمِرِ دَيْنٌ صَارَ الثَّمَنُ قِصَاصًا بِدَيْنِ الْآمِرِ وَلَا يَصِيرُ قِصَاصًا بِدَيْنِ الْمَأْمُورِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ الْآمِرُ عَلَى الْمَأْمُورِ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْأَصْلُ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ مَتَى أَقَرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِمَا يُوجِبُ بَرَاءَةَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ شَيْئًا لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ وَلَمْ يَضْمَنْ لِلْمُوَكِّلِ شَيْئًا فَإِذَا أَقَرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ كَانَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ شَيْئًا لَوْ أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ صَحَّ وَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَضَمِنَ لِلْآمِرِ مِثْلَ ذَلِكَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَبْرَأُ فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَكِيلَ أَقَرَّ بِمَا يَمْلِكُهُ بِنَفْسِهِ مُضَافًا إلَى غَيْرِهِ وَإِقْرَارُ الْإِنْسَانِ بِمَا يَمْلِكُهُ مُضَافًا إلَى غَيْرِهِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ مَالِكٌ لَهُ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَقَرَّ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ لِلْحَالِ كَذَا هَهُنَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ إذَا بَاعَ ثُمَّ أَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ فَإِنْ حَلَفَ الْوَكِيلُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْمُوَكِّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّ الْآمِرَ اسْتَقْرَضَ أَلْفًا مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ اغْتَصَبَ مِنْهُ أَلْفًا قَبْلَ الشِّرَاءِ بَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ لِلْآمِرِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُوَكِّلُ عِنْدَهُمَا فَإِنْ أَبَى بَرِئَ الْوَكِيلُ وَإِنْ حَلَفَ ضَمِنَهُ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ الْآمِرَ اغْتَصَبَ أَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ بَعْدَ الشِّرَاءِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّ الْمُوَكِّلَ جَرَحَ الْمُشْتَرِيَ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَوْ قَبْلَهُ جِرَاحَةً أَرْشِهَا أَلْفٌ حَالٌّ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ عَمْدًا حَتَّى يَكُونَ الْأَرْشُ فِي مَالِهِ وَيَكُونَ حَالًّا فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ بِالْإِبْرَاءِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي امْرَأَةً فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ مِثْلِ الثَّمَنِ وَدَخَلَ بِهَا وَأَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْآمِرُ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّ الْآمِرَ اسْتَأْجَرَ الْمُشْتَرِيَ بِمَالٍ هُوَ مِثْلُ الثَّمَنِ وَأَوْفَاهُ الْمُشْتَرِي عَمَلَهُ حَتَّى صَارَ الثَّمَنُ قِصَاصًا بِالْأَجْرِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ عَلَى الْآمِرِ أَنَّهُ اشْتَرَى مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَأَنَّهُ قَبَضَ الدَّنَانِيرَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَكَّلَ أَحَدَهُمَا صَاحِبَهُ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا بِأَلْفٍ فَأَقَرَّ الَّذِي لَمْ يَبِعْ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ بَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ وَيَدْفَعُ نِصْفَ الثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِبَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ لَمَّا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْبَائِعِ الثَّمَنَ فَصَحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّهِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ مَا يُضَمَّنُ بِهِ الْوَكِيلُ وَمَا لَا يُضَمَّنُ. ثُمَّ يُحَلِّفُ الْآمِرُ الْمُقِرُّ الْمَأْمُورَ بِاَللَّهِ مَا قَبَضَ مَا ادَّعَاهُ الْآمِرُ فَإِنْ حَلَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ تَسْلِيمُ نَصِيبِ الْآمِرِ فَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ هُوَ الَّذِي أَقَرَّ عَلَى الْآمِرِ

أَنَّ الْآمِرَ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي وَأَنْكَرَ الْآمِرُ فَالْمُشْتَرِي يَبْرَأُ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ أَيْضًا وَيَأْخُذُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ النِّصْفَ فَلَا يُسَلِّمُ لَهُ بَلْ يُشَارِكُ الْآمِرَ فِيهِ وَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا لَمْ يَقُلْ لَهُ الْمُوَكِّلُ مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ لَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ فَإِنْ وَكَّلَ غَيْرَهُ فَبَاعَ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ جَازَ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْحُقُوقَ تَرْجِعُ إلَى الْوَكِيلِ الثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ بَاعَهُ رَجُلٌ غَيْرُ الْوَكِيلِ فَبَلَغَ الْوَكِيلَ فَسَلَّمَ الْبَيْعَ فَهُوَ جَائِزٌ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا بِبَيْعٍ وَقَالَ اعْمَلْ بِرَأْيِك فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ وَكِيلًا وَقَالَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي أَنْ يُوَكِّلَ الثَّالِثَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ وَسَمَّى لَهُ الثَّمَنَ وَأَمَرَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ وَسَمَّى لَهُ الثَّمَنَ كَانَ جَائِزًا لِأَنَّهُ وُجِدَ فِي عَقْدِ الثَّانِي مَا أَرَادَهُ الْمُوَكِّلُ وَهُوَ حُضُورُ رَأْيِ الْأَوَّلِ بِتَسْمِيَةِ الثَّمَنِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْعَدْلُ وَكَّلَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ فَبَاعَ بِمَحْضَرِ الْعَدْلِ جَازَ وَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ غَائِبًا لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِجَازَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ عَيَّنَ ثَمَنًا فَبَاعَهُ الثَّانِي بِهِ إنْ كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ بِغَيْبَتِهِ فَفِي رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ جَوَازُهُ بِحُضُورِ رَأْيِهِ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ لَا بِلَا إجَازَةٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ وَأَجَازَ أَمْرَهُ فِي ذَلِكَ وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِذَلِكَ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْ الْوَكِيلِ الثَّانِي جَازَ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ صَارَ وَكِيلًا لِمَوْلَى الْعَبْدِ. رَجُلٌ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْعَبْدِ قَالَ لِلْمُشْتَرِي وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ وَأَنْ تُوَكِّلَ بِذَلِكَ مَنْ أَحْبَبْتَ فَوَكَّلَ الْمُشْتَرِي رَجُلًا بِبَيْعِ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَأَجَازَ ذَلِكَ الْبَيْعَ كَانَ جَائِزًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَكُلِّ عَقْدٍ هُوَ مُعَاوَضَةٌ لَوْ فَعَلَ غَيْرُ الْوَكِيلِ بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ فَأَجَازَ فَهُوَ جَائِزٌ وَحَالَ غَيْبَتِهِ لَا يَجُوزُ وَالْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِغَيْرِ الْمُعَاوَضَةِ لَوْ فَعَلَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْوَكِيلِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَجَازَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلٍ: أَمَرْتُك أَنْ تَبِيعَ عَبْدِي بِنَقْدٍ فَبِعْتَهُ بِنَسِيئَةٍ وَقَالَ: أَمَرْتَنِي بِبَيْعِهِ وَلَمْ تَقُلْ شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: أَمَرْتُكَ أَنْ تَبِيعَ عَبْدِي عَلَى أَنَّ لِي فِيهِ الْخِيَارَ وَقَالَ الْمَأْمُورُ: لَمْ تَأْمُرْنِي أَنْ أَشْتَرِطَ لَكَ الْخِيَارَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَمَرْتُكَ أَنْ تَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَبِيعَ عَبْدًا لَهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ فَقَالَ: بِعْتُ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتُ الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدِي أَوْ قَالَ: دَفَعْتُهُ إلَى الْآمِرِ وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ فِي الْبَيْعِ أَوْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ لَكِنْ أَنْكَرَ قَبْضَ الثَّمَنِ مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيُسَلِّمُ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي وَالثَّمَنُ عَلَى الْوَكِيلِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ حَلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى مَا قَالَهُ بَرِئَ هُوَ أَيْضًا وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الثَّمَنَ لَلْمُوَكِّلِ فَإِنْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ مِنْ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى

الْمُوَكِّلِ وَلِلْوَكِيلِ تَحْلِيفُ مُوَكِّلِهِ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِقَبْضِهِ فَإِنْ نَكَلَ أَوْ أَقَرَّ بِالْقَبْضِ وَكَذَّبَهُ فِي الدَّفْعِ وَالْهَلَاكِ رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ هَذَا إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْوَكِيلِ أَمَّا إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمُوَكِّلِ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا وَرَدَّهُ عَلَى وَكِيلِهِ بِقَضَاءٍ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ الثَّمَنَ أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ وَرَجَعَ هُوَ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِهِ إنْ كَانَ صَدَّقَهُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعُ لِلْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَذَّبَهُ لَا يَرْجِعُ وَحَلَّفَ الْمُوَكِّلَ عَلَى الْعِلْمِ فَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ وَإِنْ حَلَفَ لَا، وَبَاعَ الْعَبْدَ وَاسْتَوْفَى ثَمَنَهُ فَإِنْ فَضَلَ رَدَّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَإِنْ نَقَصَ غَرِمَ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمُوَكِّلِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ وَحَلَّفَ الْمُوَكِّلَ بَاتًّا فَإِنْ نَكَلَ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَالْمَبِيعُ لَهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا، وَبَاعَ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ وَاسْتَوْفَى مِنْهُ الثَّمَنَ كَمَا مَرَّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ لَمْ يَدْفَعْ إلَى الْمَأْمُورِ فَادَّعَى الْمَأْمُورُ أَنَّهُ بَاعَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ أَوْ دَفَعَ إلَى الْآمِرِ وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إنْ شِئْتَ فَادْفَعْ إلَيْهِ أَلْفًا آخَرَ وَإِنْ شِئْتَ فَانْقُضْ الْبَيْعَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَ الْجَارِيَةِ وَأَدَّى إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَخَذَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْآمِرِ فَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ مَاتَ الْآمِرُ فَقَالَ وَرَثَتُهُ: لَمْ تَبِعْهُ وَقَالَ الْوَكِيلُ: بِعْتُهُ وَقَبَضْتُ الثَّمَنَ وَهَلَكَ وَصَدَّقَ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى الْبَيْعِ فِي حَيَاةِ الْآمِرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَقَالَ الْوَكِيلُ: بِعْتُهُ مِنْهُ وَصَدَّقَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ وَكَذَّبَهُمَا الْمُوَكِّلُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ وَلَا يُصَدِّقَ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ إنْ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الرَّجُلِ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ لَهُ فَقَالَ الْآمِرُ: قَدْ أَخْرَجْتُكَ عَنْ الْوَكَالَةِ فَقَالَ الْوَكِيلُ: قَدْ بِعْته أَمْسِ لَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ وَقَدْ خَرَجَ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ. قَالُوا: هَذَا إذَا كَانَ الشَّيْءُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ هَالِكًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بَاعَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ إنْ كَانَ الشَّيْءُ قَائِمًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِعَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ مِنْ قِبَلِ رَبِّ السَّلَمِ أَمَّا مِنْ قِبَلِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ فَارَقَ الْوَكِيلُ صَاحِبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَلَا يَعْتَبِرُ مُفَارَقَةَ الْمُوَكِّلِ إذَا جَاءَ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَمَّا إذَا جَاءَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ الْعَقْدُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَيَعْتَبِرُ مُفَارِقَتَهُ وَلَا يَصِحُّ الصَّرْفُ بِالرِّسَالَةِ. وَلَوْ تَعَاقَدَ الرَّجُلَانِ فِي الصَّرْفِ ثُمَّ أَمَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلًا أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ ثُمَّ قَامَ الْآمِرُ عَنْ الْمَجْلِسِ فَذَهَبَ بَطَلَ الصَّرْفُ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ حَاضِرًا مَعَ الْآخَرِ وَإِنْ قَامَ الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ لَمْ يَبْطُلْ الصَّرْفُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ إبْرِيقِ فِضَّةٍ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى بِوَزْنِهِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ يَجُوزُ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ إبْرِيقِ

فِضَّةٍ بِدَرَاهِمَ فَاشْتَرَاهُ بِدَنَانِيرَ كَانَ لِلْوَكِيلِ. وَكَّلَهُ بِبَيْعِ تُرَابِ الصَّاغَةِ فَبَاعَ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ جَازَ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ. وَكَّلَهُ بِصَرْفِ أَلْفٍ بِعَيْنِهِ فَأَخَذَ الْوَكِيلُ أَلْفًا آخَرَ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُعَيَّنِ فَصُرِفَ جَازَ وَإِنْ قَبَضَ الْأَلْفَ فَصَرَفَ أَلْفًا آخَرَ لَا يَجُوزُ. أَمَرَهُ بِبَيْعِ مَصُوغِ فِضَّةٍ بِعَيْنِهَا فَبَاعَ غَيْرَهَا لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ التِّبْرُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. أَمَرَهُ بِالْكُوفَةِ بِأَنْ يَصْرِفَ الدَّنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ فَصَرَفَهَا بِدَرَاهِمَ كُوفِيَّةٍ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ. وَلَوْ قَالَ بِعْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ شَامِيَّةٍ فَبَاعَهَا بِكُوفِيَّةٍ وَهِيَ فِي الْوَزْنِ كَهِيَ جَازَ. وَلَوْ صَارَفَ الْوَكِيلُ مَعَ عَبْدِ الْمُوَكِّلِ لَمْ يُضْمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَمْ لَا وَلَوْ صَرَفَ مَعَ مُفَاوِضِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ أَوْ شَرِيكِ الْوَكِيلِ أَوْ مُضَارِبِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ صَرَفَ مَعَ شَرِيكِ الْمُوَكِّلِ غَيْرُ مُفَاوِضٍ جَازَ وَلَوْ صَارَفَ أَوْ أَسْلَمَ إلَى أَبَوَيْهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَجُوزُ. وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ فُلُوسٍ فَكَسَدَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ لَزِمَ الْآمِرَ وَإِنْ كَسَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَبَضَ كَانَتْ لِلْوَكِيلِ لِأَنَّ الْكَسَادَ بِمَنْزِلَةِ الْهَلَاكِ فَانْتَقَضَ الْبَيْعُ فَإِذَا أَخَذَهَا الْوَكِيلُ انْعَقَدَ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ جَدِيدٌ بِالتَّعَاطِي فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ أَعْطَى الْآمِرَ انْعَقَدَ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ جَدِيدٌ. . وَكَّلَ رَجُلًا لِيُسَلِّمَ لَهُ عَشَرَةً فِي كُرِّ حِنْطَةٍ جَازَ وَإِنْ أَدَّاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ عَشَرَةً فِي طَعَامٍ فَفَعَلَ لَزِمَ الْوَكِيلَ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ. قَالَ أُسَلِّمُ مَالِي عَلَيْك فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَأَسْلَمَ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِتَمْلِيكِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أُسَلِّمُ مَالِي عَلَيْك إلَى فُلَانٍ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْإِجْمَاعِ وَكَّلَ الْمُضَارِبُ رَجُلًا لِيُسَلِّمَ لَهُ جَازَ. وَكَّلَهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِيُسَلِّمَ لَهُ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ فَخَلَطَ صَارَ مُسْتَهْلِكًا فَلَمْ يَبْقَ وَكِيلًا وَلَوْ لَمْ يَخْلِطْ فَأَسْلَمَ كُلَّهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ جَازَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ خَاتَمِ ذَهَبٍ فَصُّهُ يَاقُوتَةٌ فَبَاعَهُ بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا فِيهِ أَوْ بِخَاتَمِ ذَهَبٍ أَكْثَرَ وَزْنًا مِنْهُ وَلَيْسَ فِيهِ فَصٌّ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ وَلَوْ بَاعَهُ بِخَاتَمِ ذَهَبٍ أَكْثَرَ مِمَّا فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ أَقَلَّ وَفِيهِ فَصٌّ وَتَقَابَضَا جَازَ. وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ يُسَلِّمُهَا فِي ثَوْبٍ وَلَمْ يُسَمِّ جِنْسَهُ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ أَسْلَمَهَا الْوَكِيلُ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فَالسَّلَمُ لِلْوَكِيلِ ثُمَّ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُضَمِّنَ دَرَاهِمَهُ أَيَّهمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَهَا الْوَكِيلَ فَقَدْ مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ نَقَدَ دَرَاهِمَ نَفْسِهِ فَكَانَ السَّلَمُ لَهُ وَإِنْ ضَمَّنَهَا الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ بَعْدَمَا افْتَرَقَا بَطَلَ السَّلَمُ وَإِنْ سَمَّى ثَوْبًا يَهُودِيًّا جَازَ التَّوْكِيلُ لِبَيَانِ الْجِنْسِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَالْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (فَصْلٌ فِي التَّوْكِيلِ بِالْهِبَةِ) يَجُوزُ لِلْوَاهِبِ أَنْ يُوَكِّلَ بِالتَّسْلِيمِ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِالْقَبْضِ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَلَيْسَ لِوَكِيلِ الْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي وَهَبَهَا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَلَوْ أَرَادَ

الباب الرابع في الوكالة بالإجارة وغيرها وفيه ثلاثة فصول

الْوَاهِبُ أَنْ يَرْجِعَ وَهِيَ فِي يَدِ وَكِيلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْوَكِيلُ خَصْمًا لَهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا وَهَبَ الذِّمِّيُّ الذِّمِّيَّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا فَوَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِقَبْضِهَا مُسْلِمًا أَوْ وَكَّلَ الْوَاهِبُ بِدَفْعِهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ مُسْلِمًا جَازَ وَلَوْ وَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَجُلَيْنِ بِقَبْضِ الْهِبَةِ فَقَبَضَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ وَكَّلَهُمَا بِدَفْعِهَا فَدَفَعَهَا أَحَدُهُمَا جَازَ وَعَلَى هَذَا لَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ بِدَفْعِهَا جَازَ وَلَوْ وَكَّلَ وَكِيلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقَبْضِهَا لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ قَالَ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِذَلِكَ. وَإِذَا. وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَهَبَ الثَّوْبَ لِفُلَانٍ عَلَى عِوَضٍ يُقْبَضُ مِنْهُ فَفَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ الْعِوَضَ أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الْهِبَةِ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مِثْلَ الْمَوْهُوبِ أَوْ أَقَلَّ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَإِنْ قَالَ عَوِّضْ عَنِّي مِنْ مَالِكِ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَعَوَّضَهُ عِوَضًا جَازَ وَرَجَعَ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ وَبِقِيمَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يُعَوِّضَهُ مِنْ مِلْكِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الضَّمَانَ عَلَى نَفْسِهِ فَعَوَّضَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلِلْوَاهِبِ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَة. وَلَوْ وَهَبَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ عَبْدًا أَوْ دَارًا ثُمَّ وَكَّلَا رَجُلًا بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَا لَوْ وَكَّلَا رَجُلَيْنِ أَوْ وَكَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلًا عَلَى حِدَةٍ فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ أَحَدُهُمَا أَوْ قَبَضَ هُوَ مِنْ غَيْرِ دَفْعِهِمَا جَازَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِأَنْ يُعَوِّضَ وَلَمْ يُسَمِّ فَدَفَعَ عِوَضَهُ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ قَالَ عَوِّضْهُ مِنْ مَالِي مَا شِئْت جَازَ لِأَنَّهُ مَتَى فَوَّضَ إلَى مَشِيئَتِهِ فَإِذَا عَوَّضَهُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَقُولَ مَا عَنَيْت هَذَا فَيُمْكِنُهُ الِامْتِثَالُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِالرُّجُوعِ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِهِ دُونَ صَاحِبِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْوَكَالَةِ بِالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْل الْأَوَّل فِي الْوَكَالَة بِالْإِجَارَةِ وَالِاسْتِئْجَار وَالْمُزَارَعَة وَالْمُعَامَلَة] الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْوَكَالَةِ بِالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْوَكَالَةِ بِالْإِجَارَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ) الْوَكِيلُ بِإِجَارَةِ الدَّارِ خَصْمٌ فِي إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ فِي قَبْضِ الْأَجْرِ وَحَبْسِ الْمُسْتَأْجَرِ بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ عَقْدِهِ وَإِذَا أَبْرَأَ الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةٍ الْمُسْتَأْجِرَ عَنْ الْأُجْرَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا فَالْإِبْرَاءُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَتْ دَيْنًا فَإِنْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ بِأَنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ أَوْ شَرَطَ التَّعْجِيلَ فِي الْأُجْرَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَجُوزُ وَيَضْمَنُ مِثْلَ ذَلِكَ لِلْآمِرِ وَإِنْ أَبْرَأَهُ قَبْل الْوُجُوبِ ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْوَكِيلُ بِالْقِيَامِ عَلَى الدَّارِ وَإِجَارَتِهَا وَقَبْضِ غَلَّتِهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ وَأَنْ يَهْدِمَ مِنْهَا شَيْئًا وَلَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي خُصُومَتِهَا وَلَوْ هَدَمَ رَجُلٌ مِنْهَا بَيْتًا كَانَ وَكِيلًا فِي الْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا فِي يَدَيْهِ وَكَذَا لَوْ آجَرَهَا مِنْ

رَجُلٍ فَجَحَدَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْإِجَارَةَ، كَانَ خَصْمًا فِي إثْبَاتِهَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِالْإِجَارَةِ غَيْرَهُ وَإِنْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا لَيْسَ فِي عِيَالِهِ بِقَبْضِ الْأُجْرَةِ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَبْرَأُ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْوَكِيلُ الَّذِي أَجَّرَهُ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلْآجِرِ حَيْثُ قَبَضَهُ وَكِيلُهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلِلْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ أَنْ يُؤَاجِرَ بِعَرَضٍ أَوْ خَادِمٍ وَإِذَا وُكِّلَ بِإِجَارَةُ أَرْضٍ وَفِيهَا بُيُوتٌ أَوْ أَبْنِيَةٌ وَلَمْ يُسَمِّ الْبُيُوتَ وَالْأَبْنِيَةَ فَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ الْأَرْضَ مَعَ الْبُيُوتِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ فِيهَا رَحَى الْمَاءِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ أَرْضَهُ بِدَرَاهِمَ فَآجَرَهَا بِدَنَانِيرَ أَوْ دَفَعَهَا مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا وَلَمْ يُسَمِّ الْبَدَلَ فَدَفَعَهَا مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ وَآجَرَهَا بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لَا يَجُوزُ وَلَوْ آجَرَهَا بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ ذَكَرَ هَهُنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَذَكَرَ فِي الْمُزَارَعَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ إذَا كَانَ مَا آجَرَ بِهِ مِنْ الْحِنْطَةِ مِثْلَ نِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ يَمْلِكُ الِاسْتِئْجَارَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَا يَمْلِكُ الِاسْتِئْجَارَ بِعَرَضٍ بِعَيْنِهِ وَلَا بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِعَيْنِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ آجَرَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى لَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ جَازَ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ إذَا اسْتَأْجَرَهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ سَنَةً فَاسْتَأْجَرَ سَنَتَيْنِ فَالسَّنَةُ الْأُولَى لِلْآمِرِ وَالثَّانِيَةُ لِلْوَكِيلِ. وَإِذَا انْهَدَمَ بَعْضُ الدَّارِ قَبْلَ قَبْضِ الْوَكِيلِ الدَّارَ أَوْ بَعْدَهُ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَا لَا أَرْضَى بِهَا فَإِنَّهَا تَلْزَمُ الْوَكِيلَ دُونَ الْآمِرِ كَذَا فِي الْحَاوِي. أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَرْضًا بِعَيْنِهَا ثُمَّ إنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ صَاحِبِهَا بَعْدَمَا اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْإِجَارَةٍ ثُمَّ عَلِمَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَتَكُونَ فِي يَدِهِ بِالْإِجَارَةِ. أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ دَابَّةً بِعَشْرَةٍ إلَى الْكُوفَةِ فَاسْتَأْجَرَهَا بِخَمْسَةَ عَشْرَ ثُمَّ أَتَاهُ بِهَا فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرْتهَا بِعَشَرَةٍ فَرَكِبَهَا لَا أَجْرَ عَلَى الْآمِرِ وَعَلَى الْمَأْمُورِ الْأَجْرُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ. أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يُؤَاجِرَ دَارِهِ بِعَشَرَةٍ فَآجَرَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَيَتَصَدَّقُ بِالْخَمْسَةِ إنْ أَخَذَهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ دَارًا سَنَةً بِعَيْنِهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَسْتَأْجِرَهَا الْوَكِيلُ وَقَبَضَهَا وَمَنَعَهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ حَتَّى يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُطْلَقَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ مَنَعَهَا الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ كَانَتْ الْأُجْرَةُ لِلْآجِرِ عَلَى الْوَكِيلِ بِحُكْمِ الْعَقْدِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْأَجْرُ إلَى سَنَةٍ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ هَكَذَا وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْوَكِيلُ لَا يَرْجِعُ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ جَمَالُ الدِّينِ جَدِّي هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَا لَوْ قَبَضَ الْمُوَكِّلُ مِنْ الْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ ثُمَّ عَدَا عَلَيْهِ الْوَكِيلُ وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِ الْآمِرِ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ كَانَ لِلْآجِرِ أَنْ يُطَالِبَ الْوَكِيلَ بِالْأُجْرَةِ ثُمَّ الْوَكِيلُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ مِنْ سُكْنَى الْوَكِيلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ حَبَسَ الدَّارَ عَلَى الْمُوَكِّلِ ثُمَّ جَاءَ أَجْنَبِيٌّ وَغَصَبَ الدَّارَ مِنْ الْوَكِيلِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَى الْوَكِيلِ حَتَّى مَضَتْ

السَّنَةُ سَقَطَ الْأَجْرُ عَنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ جَمِيعًا وَإِذَا شَرَطَ الْوَكِيلُ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ صَحَّ عَلَيْهِ وَعَلَى الْآمِرِ فَإِنْ قَبَضَ الْوَكِيلُ الدَّارَ وَدَفَعَ الْأَجْرَ أَوْ لَمْ يَدْفَعْ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الدَّارَ مِنْ الْآمِرِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَجْرَ فَإِذَا مَنَعَ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَالْأَجْرُ لِلْآجِرِ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا يَكُونُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ هَهُنَا وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ الْآمِرُ الدَّارَ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ لَزِمَ الْوَكِيلَ الْأَجْرُ وَرَجَعَ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ مَضَى نِصْفُ السَّنَةِ ثُمَّ طَلَبَ الْآمِرُ الدَّارَ فَمَنَعَ الْوَكِيلُ مِنْهُ حَتَّى تَمَّتْ السَّنَةُ وَجَبَ الْأَجْرُ كُلُّهُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ مَا مَضَى مِنْ السَّنَةِ عَلَى الْآمِرِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلِلْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُوَكِّلَ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَهُ الْوَكِيلُ كَذَا فِي الْحَاوِي. لِلْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةٍ أَنْ يُؤَاجِرَ بِالْغَبَنِ الْفَاحِشِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةٍ إذَا آجَرَ الدَّارَ لِأَبِي الْمُوَكِّلِ أَوْ ابْنِهِ جَازَ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَلَوْ آجَرَ مِنْ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ يُطَالِبُ بِمَالِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ الْفَسْخِ وَإِنْ أَخَّرَ الْأَجْرَ عَنْ الْوَكِيلِ أَوْ أَبْرَأهُ صَحَّ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَوَكَّلَ أَحَدُهُمَا وَكِيلًا بِإِجَارَةِ نَصِيبِهِ فَآجَرَهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ جَازَ وَإِنْ آجَرَهُ مِنْ أَحَدِهِمْ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَجَازَ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ آجَرَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَجَازَ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَالْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةٍ إذَا نَاقَضَ الْإِجَارَةَ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ جَازَتْ مُنَاقَضَتُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْأَجْرُ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ قَبَضَ الْأَجْرَ فَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ مُنَاقَضَتُهُ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ صَارَ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ وَثَبَتَتْ عَلَيْهِ يَدُ الْمُوَكِّلِ بِيَدِ الْوَكِيلِ فَأَمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ كَانَ الْأَجْرُ عَيْنًا لَمْ يَصِرْ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَعِنْدَ اشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ لَمْ تَثْبُتْ عَلَيْهِ يَدُ الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ نَاقَضَ وَكِيلُ الْمُسْتَأْجِرِ رَبَّ الْأَرْضِ الْإِجَارَةَ وَالْأَرْضُ فِي يَدِ الْمُؤَاجَرِ جَازَ فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْوَكِيلِ أَوْ إلَى الْمُوَكِّلِ لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي فَصْلِ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ. الْوَكِيلُ بِدَفْعِ الْأَرَاضِيِ مُزَارَعَةً إذَا دَفَعَهَا إلَى رَجُلٍ يَزْرَعُ فِيهَا رُطَبَةً أَوْ شَيْئًا مِنْ الْحُبُوبِ يَجُوزُ وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى رَجُلٍ يَغْرِسُ فِيهَا الْأَشْجَارَ وَالنَّخِيلَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يَدْفَعَ أَرْضَهُ إلَى رَجُلٍ يَغْرِسُ فِيهَا النَّخِيلَ فَدَفَعَهَا إلَى رَجُلٍ يَغْرِسُ فِيهَا أَشْجَارًا أَوْ عَلَى الْعَكْسِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَدْفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً فَدَفَعَهَا بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ لَمْ يَجُزْ وَالْخَارِجُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمَزَارِعِ عَلَى شَرْطِهِمَا وَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ مِنْهُ وَيُضَمِّنُ رَبُّ الْأَرْضِ أَيَّهمَا شَاءَ نُقْصَانَ الْأَرْضِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ الزِّرَاعَةُ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَصًّا قَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا: الْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَالْخَارِجُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمَزَارِعِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُوَكِّلِ مِنْهُ فَإِنْ دَفَعَ بِمَا يُتَغَابَنُ فِيهِ جَازَ وَالْخَارِجُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمَزَارِعِ عَلَى الشَّرْطِ

الفصل الثاني في توكيل المضارب والشريك

وَلِلْوَكِيلِ قَبْضُ نَصِيبِ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَدَفَعَ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ فَرَبُّ الْأَرْضِ هُوَ الَّذِي يَلِي قَبْضَ حِصَّتِهِ فِي رِوَايَةِ الْمُزَارَعَةِ وَكَذَا فِي الْمُعَامَلَةِ صَاحِبُ النَّخِيلِ هُوَ الَّذِي يَلِي قَبْضَ حِصَّتِهِ وَفِي رِوَايَةِ الْوَكَالَةِ لِلْوَكِيلِ حَقُّ الْقَبْضِ وَلَوْ دَفَعَ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فَالْوَكِيلُ غَاصِبٌ لِلْأَرْضِ وَالْبَذْرِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ تَضْمِينُ نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَلَا يَتَصَدَّقُ الْمَزَارِعُ بِشَيْءٍ مِمَّا أَصَابَهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَيَتَصَدَّقُ الْوَكِيلُ بِالْفَضْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلِلْوَكِيلِ بِالْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ أَنْ يَقْبِضَ نَصِيبَ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الْخَارِجِ وَلَوْ وَهَبَهُ لِلْعَامِلِ أَوْ أَبْرَأهُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ الْمُعَامَلَةَ وَالْمُزَارَعَةَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَدْفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ الْوَقْتَ لِلْوَكِيلِ جَازَ عَلَى أَوَّلِ سَنَةٍ وَأَوَّلِ مُزَارَعَةٍ فَإِنْ دَفَعَهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ غَيْرَ هَذِهِ السَّنَةِ وَلَمْ يَدْفَعْهَا هَذِهِ السَّنَةَ لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ لَهُ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً هَذِهِ السَّنَةَ عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَأَخَذَ بِمَا يُتَغَابَنُ فِيهِ جَازَ وَبِمَا لَا يُتَغَابَنُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُوَكِّلُ بِهِ وَيَزْرَعَهَا فَيَجُوزُ وَالْوَكِيلُ هُوَ الْمَأْخُوذُ بِحِصَّةِ رَبِّ الْأَرْضِ حَتَّى يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ فَإِنْ أَخَذَ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ وَلَمْ يُجِزْهُ حَتَّى زَرْعَهَا وَأَمَرَهُ الْوَكِيلُ بِالزِّرَاعَةِ فَالْخَارِجُ لِلْمُوَكِّلِ وَعَلَى الْوَكِيلِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا بِمَا أَخْرَجَتْ وَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَعَلَى الْمُزَارِعِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَ لَمْ يُجِزْهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالزِّرَاعَةِ فَزَرَعَ فَالْخَارِجُ لِلْمُزَارِعِ وَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى الْوَكِيلِ وَعَلَى الْمُزَارِعِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْوَكِيلِ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ أَرْضًا مُزَارَعَةً أَوْ نَخْلًا مُعَامَلَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ بَيَّنَ الْأَرْضَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْبَذْرَ جَازَ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَ مُزَارَعَةً أَوْ مُعَامَلَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ جَازَ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَجُلًا وَلَمْ يُبَيِّنْ الْأَجِيرَ. أَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً فِي الْحِنْطَةِ فَآجَرَهَا بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ جَازَ لِلْمَزَارِعِ أَنْ يَزْرَعَ مَا بَدَا لَهُ مِنْ الزِّرَاعَاتِ مِمَّا هُوَ مِثْلُ الْحِنْطَةِ أَوْ أَقَلُّ ضَرَرًا مِنْهَا وَإِنْ آجَرَهَا بِغَيْرِ الْحِنْطَةِ لَمْ يَجُزْ. وَكَّلَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً بِالثُّلُثِ فَآجَرَهَا بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ فَهُوَ مُخَالِفٌ فَإِنْ زَرَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَالْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ كُرُّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ لِلْمُؤَجِّرِ وَيَضْمَنُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ لِمَالِكِهَا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُؤَاجِرِ وَإِنْ شَاءَ رَبُّ الْأَرْضِ ضَمَّنَ الْمُؤَجِّرَ وَيَدْفَعُ الْمُؤَجِّرُ مِنْ الْكُرِّ الَّذِي آجَرَ بِهِ الْأَرْضَ مَا ضَمِنَ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ. وَكَّلَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً بِالثُّلُثِ فَأَسْتَأْجِرَهَا الْوَكِيلُ بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِهِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ هَذَا النَّخِيلَ مُعَامَلَةً وَأَخَذَهُ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ لِصَاحِبِ النَّخْلِ وَلِلْعَامِلِ كُرٌّ مِنْ تَمْرٍ فَارِسِيٍّ جَيِّدٍ جَازَ فَإِنْ شَرَطَ كُرَّ دَقَلٍ فَإِنْ كَانَ النَّخْلُ دَقَلًا جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ شَرَطَ لَهُ كُرَّ حِنْطَةٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ نَخْلَ فُلَانٍ مُعَامَلَةً بِالثُّلُثِ وَأَخَذَهُ بِكُرِّ تَمْرٍ فَارِسِيٍّ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِلَ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْكُرَّ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ مِثْلُهُ كَذَا فِي السَّرَخْسِيِّ. . [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي تَوْكِيلِ الْمُضَارِبِ وَالشَّرِيكِ] الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ تِجَارَةٍ لَوْ بَاشَرَهَا الْمُضَارِبُ صَحَّ عَلَى رَبِّ

الْمَالِ فَإِذَا وَكَّلَ بِذَلِكَ يَصِحُّ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَتَوْكِيلُ الْمُضَارِبِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ وَالْخُصُومَةِ جَائِزٌ. وَكَّلَ الْمُضَارِبُ غَيْرَهُ بِالْخُصُومَةِ فِي الدَّيْنِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّ الْمُضَارِبَ أَخَذَهُ جَازَ فَإِنْ قَالَ الْمُضَارِبُ لَمْ أَقْبِضْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقَدْ بَرِئَ الْغَرِيمُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالْقَبْضِ مِنْ الْمَطْلُوبِ فَأَنْكَرَ الْمُضَارِبُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا وَكَّلَ الْمُضَارِبُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا بِالْمُضَارَبَةِ فَاشْتَرَى أَخَا رَبِّ الْمَالِ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ عَلَى الْمُضَارِبِ دُونَ رَبِّ الْمَالِ وَإِنْ أَخَذَ الْمُضَارِبُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ جَازَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ جَازَ عَلَى الْمُضَارِبِ خَاصَّةً هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا وَكَّلَ الْمُضَارِبُ وَكِيلًا بِقَبْضِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ أَوْ بِدَفْعِ شَيْءٍ مِنْهُ إلَيْهِ كَانَ جَائِزًا. وَإِذَا أَمَرَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ فَوَكَّلَ الْمُضَارِبُ وَكِيلًا بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ أَنْفَقْت عَلَيْهِمْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي مُدَّةٍ يُنْفَقُ مِثْلُهَا عَلَى مِثْلِهِمْ وَقَالَ الْمُضَارِبُ أَنْفَقْت مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي مُدَّةٍ يُنْفَقُ مِثْلُهَا عَلَى مِثْلِهِمْ وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ مَا أَنْفَقْت شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ وَقَدْ ذَهَبَ مِنْ الْمَالِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ الْمُضَارِبُ لِأَنَّ الْمَالَ فِي يَدَيْهِ وَكَذَا كُلُّ وَكِيلٍ يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالٌ وَيُؤْمَرُ بِأَنْ يُنْفِقَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ كَانَ مُصَدَّقًا عَلَى ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ وَكَّلَ الْمُضَارِبُ وَكِيلًا يُنْفِقُ عَلَى رَقِيقٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ مَالًا فَقَالَ الْوَكِيلُ أَنْفَقْت عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا وَكَذَّبَهُ الْمُضَارِبُ فَإِنَّ الْوَكِيلَ لَا يُصَدَّقُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ فِي مَالِ نَفْسِهِ يُنْفِقُ عَلَى رَقَبَتِهِ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ. وَلَوْ وَكَّلَهُ الْمُضَارِبُ بِبَيْعِ عَبْدٍ مِنْ رَقِيقِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ إنَّ رَبَّ الْمَالِ نَهَى الْمُضَارِبَ عَنْ الْبَيْعِ وَنَقَضَ الْمُضَارَبَةَ ثُمَّ بَاعَهُ الْوَكِيلُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ لِأَنَّ الْمَالَ بَعْدَمَا صَارَ عُرُوضًا لَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ فِيهِ نَهْيَ الْمُضَارِبِ عَنْ الْبَيْعِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ رَبُّ الْمَالِ ثُمَّ بَاعَهُ الْوَكِيلُ أَوْ وَكَّلَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَبَاعَ جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا وَكَّلَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَكِيلًا بِشَيْءٍ هُوَ وَلِيُّهُ ثُمَّ تَفَرَّقَا وَاقْتَسَمَا وَأَشْهَدَا أَنَّهُ لَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ أَمْضَى الْوَكِيلُ مَا وَكَّلَهُ بِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَا وَكَّلَاهُ جَمِيعًا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا وَكَّلَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ وَكِيلًا بِبَيْعِ شَيْءٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا جَازَ عَلَيْهِ وَعَلَى صَاحِبِهِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حَقِّ صَاحِبِهِ بِمَنْزِلَةِ وَكِيلٍ فُوِّضَ إلَيْهِ الْأَمْرُ عَلَى الْعُمُومِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ أَوْ شِرَاءِ شَيْءٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ تَقَاضِي دَيْنٍ ثُمَّ أَخْرَجَهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مِنْ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الْوَكَالَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَّا فِي تَقَاضِي الدَّيْنِ فَإِنَّ الْمُوَكِّلَ لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَدَانَهُ فَإِخْرَاجُ هَذَا إيَّاهُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ لَمْ يُدِنْهُ لَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُ فِي التَّقَاضِي جَائِزًا كَذَا فِي الْحَاوِي. اشْتَرَى أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَبْدًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَوَكَّلَ وَكِيلًا فِي رَدِّهِ إذَا كَانَ شَرِيكُهُ هُوَ الَّذِي يُخَاصِمُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُحْضِرَ الَّذِي اشْتَرَاهُ حَتَّى يَحْلِفَ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَى حَاضِرًا يُخَاصِمُ وَطَلَبُ الْبَائِعِ يَمِينَ شَرِيكِهِ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَإِنْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فِي عَبْدٍ بَاعَهُ فَطَعَنَ الْمُشْتَرِي فِيهِ

الفصل الثالث في البضاعة

بِعَيْبٍ وَغَابَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَكِيلِ فِيهِ يَمِينٌ وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُخَاصِمَ الشَّرِيكَ الْآخَرَ وَيُحَلِّفَهُ عَلَى عِلْمِهِ فَعَلَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمُفَاوَضَةِ قَائِمٌ مَقَامَ صَاحِبِهِ فِيمَا يَدَّعِي عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْبِضَاعَةِ] إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى غَيْرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِضَاعَةً وَقَالَ اشْتَرِ لِي بِهِ ثَوْبًا أَوْ قَالَ أَثْوَابًا أَوْ قَالَ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ صَحَّ وَكَذَلِكَ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِضَاعَةً وَقَالَ اشْتَرِ لِي بِهِ شَيْئًا جَازَ وَلَوْ قَالَ لَهُ اجْعَلْ لِي مِنْ مَالِكِ بِضَاعَةً أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرِ لِي بِهِ شَيْئًا فَفَعَلَ كَانَ جَائِزًا وَأَيَّ شَيْء اشْتَرَى فَهُوَ لِلْآمِرِ وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ بِضَاعَةً جَازَ وَيَصِيرُ مَأْذُونًا بِالشِّرَاءِ وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الثَّوْبَ بِضَاعَةً جَازَ يَصِيرُ مَأْذُونًا بِالْبَيْعِ ثُمَّ فِي الثَّوْبِ يَنْفُذُ بَيْعُهُ بِمَا عَزَّ وَهَانَ وَبِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ وَفِي الدَّرَاهِمِ لَا يَنْفُذُ شِرَاؤُهُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ بِضَاعَةً وَاشْتَرِ لِي بِهِ وَبِعْ لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُنِي شَيْئًا كَانَ جَائِزًا وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ وَيَبِيعَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِغَيْرِهِ إنِّي أُرِيدُ أَنْ آتِيَ مِصْرًا فَأَشْتَرِي الرَّقِيقَ أَوْ الثِّيَابَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ بِضَاعَةً لِي أَوْ قَالَ اجْعَلْ لِي مِنْ مَالِكَ بِضَاعَةً أَلْفَ دِرْهَمٍ وَكَانَ جَائِزًا وَيَصِيرُ مَأْذُونًا بِشِرَاءِ الرَّقِيقِ وَالثِّيَابِ وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ بِضَاعَةً إلَى الرَّيِّ فِي الثِّيَابِ أَوْ قَالَ فِي الرَّقِيقِ أَوْ قَالَ فِي الطَّعَامِ فَاشْتَرَى الْمُسْتَبْضَعُ بِجَمِيعِ الْمَالِ مَا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ حَمَلَ ذَلِكَ وَأَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ صَاحِبَهُ كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي ذَلِكَ وَكَانَ الشِّرَاءُ جَائِزًا عَلَى رَبِّ الْمَالِ. وَلَوْ اشْتَرَى بِبَعْضِ الْمَالِ مَا أَمَرَ بِهِ وَحَمَلَ ذَلِكَ بِبَاقِي الْمَالِ وَأَنْفَقَ حَتَّى أَتَى بِهِ صَاحِبَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْبِضَاعَةِ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فِي الْمِصْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَاشْتَرَى بِالْبَعْضِ وَأَنْفَقَ الْبَعْضَ حَتَّى حَمَلَهَا إلَى مَنْزِلِ صَاحِبِ الْمَالِ جَازَ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِجَمِيعِ الْمَالِ فِي الْمِصْرِ وَأَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَتَّى حَمَلَهَا إلَى مَنْزِلِ صَاحِبِ الْمَالِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَلَوْ اشْتَرَى الْمُسْتَبْضِعُ بِبَعْضِ الْمَالِ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَأَمْسَكَ الْبَاقِيَ لِلْإِنْفَاقِ وَالْحَمْلِ وَلَمْ يُنْفِقْ حَتَّى مَاتَ صَاحِبُ الْمَالِ ثُمَّ أَنْفَقَ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِمَوْتِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَنْفَقَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ قَالَ لَا يَضْمَنُ وَلَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ الْمُسْتَبْضِعَ لَمْ يَشْتَرِ بِالْمَالِ شَيْئًا حَتَّى مَاتَ رَبُّ الْمَالِ ثُمَّ اشْتَرَى فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عَلِمَ بِمَوْتِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ثُمَّ فِي مَسْأَلَةِ الْبِضَاعَةِ إذَا عَلِمَ بِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ عَلِمَ بِالنَّهْيِ وَيَخَافُ الضَّيْعَةَ عَلَى الرَّقِيقِ لَوْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِمْ وَقَدْ اشْتَرَى بِبَعْضِ الْمَالِ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَهُ بِمَا رَأَى أَيْ الْمَصْلَحَةِ مِنْ الْبَيْعِ وَإِمْسَاكِ الثَّمَنِ عَلَى الْغَائِبِ أَوْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ فِي يَدِ الْمُسْتَبْضِعِ وَلَكِنْ لَا يَأْمُرُهُ بِشَيْءٍ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يُشْهِدَ لَهُ فَيَقُولُ إنَّ هَذَا الرَّجُلَ ذَكَرَ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ فَقَدْ أَذِنْت لَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ أَوْ فِي بَيْعِهِ كَانَ جَائِزًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

الباب الخامس في الوكالة بالرهن

وَلَوْ اشْتَرَى الْمُسْتَبْضِعُ بِبَعْضِ الْمَالِ ثُمَّ مَاتَ الْمُبَضَّعُ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْبَاقِي أَوْ أَنْفَقَ الْبَاقِيَ فِي الْكِرَاءِ أَوْ النَّفَقَةِ فَفِي الشِّرَاءِ يَضْمَنُ عَلِمَ بِمَوْتِ الْمُبَضَّعِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَفِي الْإِنْفَاقِ إنْ عَلِمَ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الصُّغْرَى. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِضَاعَةً يَشْتَرِي لَهُ بِهِ مَتَاعًا سَمَّاهُ وَأَنْ يُوَكِّلَ بِذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ فَدَفَعَ الْوَكِيلُ إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ الْمَتَاعَ الَّذِي أَمَرَهُ رَبُّ الْمَالِ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَلِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَنْ يَقْبِضَ الْمَتَاعَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ مَاتَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ لَا تَبْطُلُ وَكَالَةُ الثَّانِي وَلَوْ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ حِينَ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ قَالَ وَكَّلْتُك لِفُلَانٍ أَنْ تَشْتَرِيَ لَهُ بِهَذَا الْأَلْفِ كَذَا فَهَذَا وَكِيلُ رَبِّ الْمَالِ وَلَيْسَ لِلَّذِي دَفَعَ الدَّرَاهِمَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَتَاعَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الدَّرَاهِمَ وَقَالَ وَكَّلْتُك أَنْ تَشْتَرِي بِهَذَا الْأَلْفِ لِفُلَانٍ كَذَا وَلَمْ يَقُلْ وَكَّلْتُك لِفُلَانٍ وَكَذَا لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك بِأَنْ تَشْتَرِيَ بِهَذَا الْأَلْفِ كَذَا ثُمَّ تَصَادَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَالَ لِفُلَانٍ وَأَنَّهُ إنَّمَا وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لِفُلَانٍ وَأَنَّ فُلَانًا قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ أَحَبَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ بَيَانِ حُكْمِ وَكِيلِ الْوَكِيلِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِضَاعَةً لِيَشْتَرِيَ لَهُ مَتَاعًا فَدَفَعَ الْمَنْقُودُ إلَيْهِ الدَّرَاهِمَ إلَى سِمْسَارٍ وَاشْتَرَى السِّمْسَارُ الْمَتَاعَ وَبَعَثَ إلَى صَاحِبِهِ فَأُصِيبَ فِي الطَّرِيقِ لَا يَضْمَنُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَقُلْ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ إنَّهُ بِضَاعَةٌ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا يَضْمَنُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السِّمْسَارُ اشْتَرَى بِمَحْضَرٍ مِنْهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْوَكَالَةِ بِالرَّهْنِ] إذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَتَاعًا فَقَالَ بِعْهُ لِي وَارْتَهِنْ بِهِ رَهْنًا فَفَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ قَالَ بِعْهُ بِرَهْنِ ثِقَةٍ فَارْتَهِنْ رَهْنًا يَكُونُ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ جَازَ وَبِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ قَبَضَ الْوَكِيلُ الرَّهْنَ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ جَازَ (1) وَلَمْ يَضْمَنْهُ لِلْمُوَكِّلِ وَالْبَيْعُ بِحَالِهِ وَإِنْ وَضَعَ الْوَكِيلُ الرَّهْنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ كَانَ جَائِزًا وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ قَبْضُ الرَّهْنِ. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ وَقَالَ ائْتِ بِهَا فُلَانًا فَقُلْ لَهُ إنَّ فُلَانًا أَقْرَضَكهَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَهُ بِهَا رَهْنًا وَأَمَرَنِي أَنْ أَقْبِضَ الرَّهْنَ مِنْك فَآتِهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ وَقَبَضَ الرَّهْنَ جَازَ وَلِلْآمِرِ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْوَكِيلِ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْوَكِيلِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ. وَإِنْ قَالَ لَهُ خُذْ هَذِهِ الدِّرْهَمَ وَأَقْرِضْهَا وَخُذْ بِهَا رَهْنًا فَفَعَلَ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَقْبِضَ الرَّهْنَ مِنْ الْوَكِيلِ إنْ هَلَكَ فِي يَدَيْ الْوَكِيلِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَة دَرَاهِمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ لَهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ يَسْتَقْرِضُهَا لَهُ فَإِنْ أَخْرَجَ الْآمِرُ

الْكَلَامَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ بِأَنْ قَالَ اذْهَبْ إلَى فُلَانٍ وَقُلْ لَهُ إنَّ فُلَانًا يَسْتَقْرِضُ مِنْك عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَرْهَنُ مِنْك هَذَا الثَّوْبَ إنْ أَخْرَجَ الْمَأْمُورُ بَعْدَ ذَلِكَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ بِأَنْ أَضَافَ الْقَرْضَ وَالرَّهْنَ إلَى الْآمِرِ وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ وَدَفَعَ الرَّهْنَ يَكُونُ الْقَرْضُ لِلْآمِرِ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَخَذَهَا الرَّسُولُ مِنْ الْمُقْرِضِ وَتَكُونُ الْمُطَالَبَةُ بِالدَّيْنِ لِلْمُقْرِضِ عَلَى الْمُرْسِلِ لَا عَلَى الرَّسُولِ وَافْتِكَاكُ الرَّهْنِ يَكُونُ لِلْمُرْسِلِ لَا لِلرَّسُولِ فَإِنْ هَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ بَعْدَ مَا قَبَضَ الرَّسُولُ مِنْ الْمُقْرِضِ فَإِنَّهَا تَهْلِكُ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ أَخْرَجَ الرَّسُولُ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ أَضَافَ الْقَرْضَ وَالرَّهْنَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ أَقْرِضْنِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَارْتَهِنْ هَذَا الثَّوْبَ مِنِّي فَفَعَلَ الْمُقْرِضُ ذَلِكَ فَإِنَّ الرَّسُولَ يَصِيرُ مُسْتَقْرِضًا لِنَفْسِهِ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِلْآمِرِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّرَاهِمَ مِنْ يَدِهِ وَيَصِيرُ ضَامِنًا لِلثَّوْبِ الَّذِي دَفَعَ إلَى الْمُقْرِضِ فَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ فِي يَدِ الْمُقْرَضِ فَصَاحِبُ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُقْرِضَ قِيمَةَ ثَوْبِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فَإِنْ ضَمِنَ الرَّسُولُ جَازَ الرَّهْنُ وَسَقَطَ دَيْنُ الْمُقْرِضِ وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُقْرِضَ يَرْجِعُ الْمُقْرِضُ عَلَى الرَّسُولِ بِدَيْنِهِ وَبِقِيمَةِ الثَّوْبِ وَإِنْ أَخْرَجَ الْآمِرُ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ قَالَ وَكَّلْتُك بِأَنْ تَسْتَقْرِضَ لِي مِنْ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَتَرْهَنَ هَذَا الثَّوَابَ مِنْهُ فَإِنْ أَخْرَجَ الْكَلَامَ الْوَكِيلُ بَعْدَ هَذَا الْكَلَامِ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ إنَّ فُلَانًا أَرْسَلَنِي إلَيْك يَسْتَقْرِضُ مِنْك عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَرْهَنُ مِنْك هَذَا الثَّوْبَ بِالْعَشَرَةِ فَفَعَلَ الْمُقْرِضُ فَمَا اسْتَقْرَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ يَكُونُ لِلْآمِرِ حَتَّى لَا يَكُونُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَكُونُ رَهْنُهُ جَائِزًا عَلَى الْمُوَكِّلِ حَتَّى لَا يَصِيرَ ضَامِنًا لِلثَّوْبِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَيَكُونُ افْتِكَاكُ الرَّهْنِ لِلْآمِرِ وَإِنْ أَخْرَجَ الْوَكِيلُ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ قَالَ لِلْمُقْرِضِ أَقْرِضْنِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَارْتَهِنْ هَذَا الثَّوْبَ مِنِّي بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَالْعَشَرَةُ لِلْوَكِيلِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْآمِرِ وَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا لِلرَّهْنِ وَإِنْ صَارَ رَاهِنًا بِدَيْنِهِ فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَاذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَوْبًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْهَنَ لَهُ بِدَرَاهِمَ قَرْضًا وَسَمَّى لَهُ الدَّرَاهِمَ فَاسْتَزَادَ الْمَأْمُورُ عَلَى مَا سَمَّى أَوْ نَقَصَ فَإِنْ أَخْرَجَ الْآمِرُ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ بِأَنْ قَالَ ائْتِ فُلَانًا وَقُلْ لَهُ إنَّ فُلَانًا يَقُولُ لَك اقْبِضْ هَذَا الثَّوْبَ رَهْنًا وَأَعْطِهِ عَشَرَةً فَإِنْ أَخْرَجَ الْمَأْمُورُ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ وَأَضَافَ الْقَرْضَ وَالرَّهْنَ إلَى الْآمِرِ إلَّا أَنَّهُ زَادَ عَلَى مَا سَمَّاهُ الْمُرْسِلُ أَوْ نَقَصَ يَصِيرُ مُخَالِفًا وَكَانَ مَا يَسْتَقْرِضُ لَهُ وَلَا سَبِيلَ لِلْآمِرِ عَلَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي أَخَذَهَا الرَّسُولُ وَيَصِيرُ ضَامِنًا لِلرَّهْنِ وَكَانَ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّسُولَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَابِضَ قِيمَةَ الثَّوْبِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ زَادَ أَوْ نَقَصَ عَلَى مَا سَمَّاهُ فَإِنْ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ صَحَّ الرَّهْنُ وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ قِيمَةَ الثَّوْبِ فَالْمُرْتَهِنُ يَرْجِعُ بِمَا ضُمِّنَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَبِدَيْنِهِ عَلَى الرَّسُولِ. وَإِنْ أَخْرَجَ الْوَكِيلُ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ وَزَادَ أَوْ نَقَصَ يَصِيرُ مُخَالِفًا أَوْ ضَامِنًا لِلثَّوْبِ وَاذَا أَخْرَجَ الْآمِرُ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ قَالَ وَكَّلْتُك أَنْ تَسْتَقْرِضَ لِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ

وَتَرْتَهِنَ هَذَا الثَّوْبَ بِهَا إنْ أَخْرَجَ الْوَكِيلُ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَقْرَضَنِي وَارْتَهِنْ هَذَا الثَّوْبَ فَزَادَ عَلَى مَا سَمَّى أَوْ نَقَصَ فَمَا اسْتَقْرَضَ يَكُونُ لَهُ وَيَضْمَنُ مَتَى زَادَهُ عَلَى مَا سَمَّى لَهُ، وَكَانَ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ الْخِيَارُ مَتَى هَلَكَ الثَّوْبُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ مَلَكَ الثَّوْبَ بِالضَّمَانِ فَصَارَ رَاهِنًا مِلْكَ نَفْسِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا ضُمِّنَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ يَرْجِعُ بِدَيْنِهِ وَبِمَا ضُمِّنَ مِنْ قِيمَةِ الثَّوْبِ عَلَى الرَّاهِنِ وَأَمَّا إذَا نَقَصَ عَمَّا سَمَّى فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِثْلَ قِيمَةِ الثَّوْبِ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الثَّوْبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلِصَاحِبِ الثَّوْبِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُقْرِضَ، وَإِنْ أَخْرَجَ الْمَأْمُورُ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ فَزَادَ أَوْ نَقَصَ عَمَّا سَمَّى يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنْ جَاءَ الْوَكِيلُ إلَى الْمُوَكِّلِ بِدَرَاهِمَ مِثْلِ مَا سَمَّى الْمُوَكِّلُ فَأَعْطَاهَا إيَّاهُ فَهُوَ دَيْنٌ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ الثَّوْبُ رَهْنًا وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِمَا قَبَضَ مِنْهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ صَدَّقَهُ فِي الرِّسَالَةِ فَالْوَكِيلُ مُؤْتَمَنٌ فَإِنْ هَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِلْمُرْتَهِنِ شَيْئًا فَإِنْ قَالَ دَفَعْتهَا إلَى رَبِّ الثَّوْبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى رَبِّ الثَّوْبِ فَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ: إنَّمَا أَمَرْتنِي أَنْ أَرْهَنَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ. وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: أَمَرْتُك بِعَشَرَةٍ أَوْ بِعِشْرِينَ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ فِي الْوَجْهَيْنِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ كَانَ هَذَا وَالْفَصْلُ الْأَوَّلُ سَوَاءٌ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَرْهَنَ لَهُ شَيْئًا وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَرْهَنُهُ فَمَا رَهَنَهُ بِهِ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالرَّهْنِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ وَلَا أَنْ يُسَلِّطَ الْمُرْتَهِنَ عَلَى بَيْعِهِ وَإِنْ كَانَ قَالَ لِلْوَكِيلِ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ أَمَرَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ رَهَنَهُ الْوَكِيلُ بِنَفْسِهِ وَسَلَّطَ الْمُرْتَهِنَ عَلَى بَيْعِهِ جَازَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يَرْهَنَ لَهُ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ فَرَهَنَهُ عِنْدَ نَفْسِهِ وَدَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى الْآمِرِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ الْآمِرُ وَلَمْ يَكُنْ الثَّوْبُ رَهْنًا وَهُوَ أَمِينٌ فِي هَذَا الثَّوْبِ إنْ هَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ وَالدَّرَاهِمُ قَرْضٌ لَهُ عَلَى الْآمِرِ وَكَذَلِكَ إنْ رَهَنَهُ عِنْدَ ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ وَكَذَلِكَ إنْ رَهَنَهُ عِنْدَ عَبْدِهِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ رَهَنَهُ عِنْدَ ابْنِهِ وَهُوَ كَبِيرٌ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ عِنْدَ عَبْدٍ لَهُ تَاجِرٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَانَ جَائِزًا فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ فِي ذَلِكَ عَبْدًا تَاجِرًا أَوْ غَيْرَ تَاجِرٍ أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ صَبِيًّا فَإِنْ كَانَ قَالَ إنَّ فُلَانًا يَقُولُ لَك أَقْرِضْنِي كَذَا وَأَمْسِكْ كَذَا رَهْنًا فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ كَانَ قَالَ أَقْرِضْنِي وَأَمْسِكْ هَذَا رَهْنًا لَمْ يَجُزْ فِي الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَحْجُورِ وَجَازَ فِي غَيْرِهِمَا وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ تَاجِرًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَرَهَنَهُ عِنْدَ مَوْلَاهُ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ قَالَ لَهُ أَقْرِضْ فُلَانًا فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ قَالَ أَقْرِضْنِي وَأَمْسِكْ هَذَا رَهْنًا لَمْ يَكُنْ رَهْنًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا وَكَّلَهُ أَنْ يَرْهَنَ عَبْدًا لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَدْ رَهَنْته عِنْدَ فُلَانٍ وَقَبَضْت مِنْهُ الْمَالَ وَهَلَكَ وَقَدْ دَفَعْت إلَيْهِ الرَّهْنَ وَقَدْ قُلْت لَهُ أَقْرِضْ فُلَانًا فَإِنَّهُ أَرْسَلَنِي إلَيْك أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ لَمْ تُقَبِّضْ لِي هَذَا الْقَرْضَ وَلَمْ تَرْهَنْ الْعَبْدَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ هُوَ

الباب السادس في الوكالة بما يكون الوكيل فيه سفيرا وفيه فصلان

اسْتَقْرَضَ الْمَالَ فَرَهَنَ الْعَبْدَ وَبِذَلِكَ أَمَرَهُ رَبُّ الْعَبْدِ كَانَ الْمَالُ دَيْنًا عَلَيْهِ دُونَ الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَكَّلَهُ أَنْ يَرْهَنَ فَرَهَنَهُ وَكَتَبَ شِرَاءً وَالْوَكِيلُ وَالْمُشْتَرِي مُقِرٌّ أَنَّهُ رَهَنَ وَكَتَبَ الشِّرَاءَ سُمْعَةً فَهُوَ رَهْنٌ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ رَهْنٌ وَأَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ سُمْعَةً وَرِيَاءً وَالْعَقْدَ حَقُّهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُمَا فِي كَيْفِيَّةِ مَا عَقَدَا وَصَارَ الثَّابِتُ بِقَوْلِهِمَا كَالثَّابِتِ مُعَايَنَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَذِنَ الْوَكِيلَ الْمُرْتَهِنُ فِي رُكُوبِ الرَّهْنِ وَاسْتِخْدَامِهِ فَفَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ وَطَعَامُ الرَّهْنِ وَعَلَفُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ اسْتَقْرَضَ الْمَالَ لِنَفْسِهِ فَيُقَالُ لَهُ إمَّا أَنْ تُنْفِقَ لِتَنْتَفِعَ بِهِ أَوْ تَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ لِيُنْفِقَ عَلَى مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ سَقْيُ الْبُسْتَانِ وَأَجْرُ رَعْيِ الْغَنَمِ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ أَجْرِ الْحَافِظِ وَالْمَكَانِ الَّذِي يُحْفَظُ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . [الْبَاب السَّادِس فِي الْوَكَالَة بِمَا يَكُون الْوَكِيل فِيهِ سَفِيرًا وَفِيهِ فَصْلَانِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْوَكَالَةِ بِالنِّكَاحِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْوَكَالَةِ بِمَا يَكُونُ الْوَكِيلُ فِيهِ سَفِيرًا وَلَا تَرْجِعُ إلَيْهِ الْحُقُوقُ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ) وَفِيهِ فَصْلَانِ. (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْوَكَالَةِ بِالنِّكَاحِ) . مَنْكُوحَةُ رَجُلٍ قَالَتْ لِآخَرَ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْتَلِعَ نَفْسِي مِنْ زَوْجِي فَإِذَا اخْتَلَعْتُ وَانْقَضَتْ عِدَّتِي فَزَوِّجْنِي مِنْ فُلَانٍ صَحَّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْوَكِيلُ بِالتَّزْوِيجِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فَإِنْ وَكَّلَ فَزَوَّجَ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ جَازَ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ فَزَوَّجَهُ ثَلَاثًا فِي عُقْدَةٍ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ ذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ ثَلَاثًا فِي عُقْدَةٍ فَزَوَّجَهُ أَرْبَعًا فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ. . وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ امْرَأَةً عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا فِي يَدِهَا جَازَ النِّكَاحُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ. إذَا وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَأَجَازَتْ مَا صَنَعَ فَأَوْصَى الْوَكِيلُ إلَى رَجُلٍ أَنْ يُزَوِّجَهَا ثُمَّ مَاتَ الْوَكِيلُ كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَكَذَا فِي سَائِرِ الْوَكَالَاتِ. وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً مِنْ بَلْدَةِ فُلَانٍ أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ فُلَانٍ فَزَوَّجَهُ مِنْ بَلْدَةٍ أُخْرَى أَوْ مِنْ قَبِيلَةٍ أُخْرَى لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا وَكَّلَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَ لَهُ امْرَأَةً ثُمَّ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى فِي النِّكَاحِ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ صَارَ الْوَكِيلُ وَكِيلًا لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. . وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا ثُمَّ ارْتَدَّ الْآمِرُ وَلَحِقَ بِالدَّارِ فَقَالَ الْوَكِيلُ زَوَّجْت فِي إسْلَامِهِ وَكَذَّبَتْهُ الْوَرَثَةُ وَالْمُوَكِّلُ بَعْدَ مَا جَاءَ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ قَوْلَ الْوَكِيلِ وَالْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يُخْبِرُ بِمَا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ بَعْدَ مَا انْعَزَلَ بِرِدَّةِ الْآمِرِ وَإِنْ أَقَامُوا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بُنَيَّةٌ تُسْتَحْلَفُ الْوَرَثَةُ عَلَى عِلْمِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَوْ أَقَرُّوا بِمَا ادَّعَتْ لَزِمَهُمْ فَإِنْ قَضَى

الفصل الثاني في الوكالة بالطلاق والخلع

الْقَاضِي لَهُمْ بِالْمِيرَاثِ بَعْدَ مَا حَلَفُوا ثُمَّ رَجَعَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا فَأَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَسْتَحْلِفَهُ أَيْضًا فَلَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا تَدَّعِي الصَّدَاقَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ. . [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْوَكَالَةِ بِالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ] إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِلسُّنَّةِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ وَكَانَ التَّوْكِيلُ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ أَوْ طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ فَطَلَّقَهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ أَوْ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا تَبْطُلُ وَكَالَتُهُ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ السُّنَّةِ يَقَعُ طَلَاقُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا طَهُرْت فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَنْتِ طَالِقٌ إذَا حِضْت وَطَهُرْت فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِذَا طَهُرَتْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَوْ حَاضَتْ وَطَهُرَتْ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ طَلِّقْ امْرَأَتِي ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ فَقَالَ لَهَا الْوَكِيلُ فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ يَقَعُ لِلْحَالِ وَاحِدَةٌ ثُمَّ إذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ إلَّا إذَا جَدَّدَ الْإِيقَاعَ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ طَلِّقْ امْرَأَتِي لِلسُّنَّةِ وَقَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ مِثْلَ ذَلِكَ فَطَلَّقَاهَا مَعًا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ وَقَعَ وَاحِدَةٌ وَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ لَا تَطْلُقُ فِي الطُّهْرِ الثَّانِي حَتَّى يُطَلِّقَاهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ وَالزَّوْجُ مَعًا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ فِي الطُّهْرِ الثَّانِي يَقَعُ وَاحِدَةٌ أُخْرَى. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ طَلِّقْ امْرَأَتِي بَائِنًا لِلسُّنَّةِ وَقَالَ لِآخَرَ طَلِّقْهَا رَجْعِيًّا لِلسُّنَّةِ فَطَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ وَلِلزَّوْجِ الْخِيَارُ فِي تَعْيِينِ الْوَاقِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ فَإِنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ يَقَعُ عَلَيْهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا الْوَكِيلُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ وَلَوْ ارْتَدَّتْ أَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ فَإِنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ يَقَعُ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ لَحِقَ الزَّوْجُ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا ثُمَّ طَلَّقَ الْوَكِيلُ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ إنْ عَادَ مُسْلِمًا فَتَزَوَّجَهَا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً فَطَلَّقَ الْوَكِيلُ ثِنْتَيْنِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ صَاحِبَاهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ طَلِّقْ امْرَأَتِي فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ ثَلَاثًا فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ نَوَى الثَّلَاثَ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي قَوْلِ صَاحِبِيهِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ. وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً تَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَهَذَا إذَا قَالَ الْوَكِيلُ طَلَّقْتهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً فَإِنْ قَالَ أَبَنْتهَا قَالُوا لَا يَقَعُ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ إحْدَاهُمَا نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا ثَلَاثًا طَلُقَتَا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فِي مَجْلِسِهَا وَتَطْلِيقُ صَاحِبَتِهَا يَجُوزُ فِي مَجْلِسِهَا وَغَيْرِ مَجْلِسِهَا. إذَا وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُطَلِّقَ نِسَاءَهُ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا صَحَّ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَصْرِفَ الطَّلَاقَ إلَى

غَيْرِهَا وَلَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ لَا بِعَيْنِهَا صَحَّ وَيَكُونُ الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا فَإِنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى إحْدَى نِسَائِهِ جَازَ وَإِنْ طَلَّقَهُنَّ جَمِيعًا جَازَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَأَوْقَعَ الزَّوْجُ عَلَى أَيَّتِهِنَّ شَاءَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ لَهُمَا طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا ثَلَاثًا إنْ شِئْتُمَا فَطَلَّقَتْ إحْدَاهُمَا لَا يَقَعُ مَا لَمْ تَجْتَمِعَا عَلَى الثَّلَاثِ فِي الْمَجْلِسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَنْتَ وَكِيلِي فِي طَلَاقِ امْرَأَتِي إنْ شَاءَتْ أَوْ أَرَادَتْ أَوْ هَوِيَتْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا حَتَّى تَشَاءَ هِيَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِهَا فَإِنْ شَاءَتْ صَارَ وَكِيلًا وَإِنْ قَامَ الْوَكِيلُ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ وَلَوْ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي طَلَاقِهَا إنْ شِئْت فَإِنْ شَاءَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَإِنْ قَامَ قَبْلَ أَنْ يَشَاءَ فَلَا وَكَالَةَ لَهُ هَكَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ إذَا تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَطَلِّقْهَا فَتَزَوَّجَ فُلَانَةَ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ صَحَّ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ وَكَّلَ غَيْرَهُ فَطَلَّقَهَا الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ أَوْ طَلَّقَهَا أَجْنَبِيٌّ فَأَجَازَ الْوَكِيلُ لَا يَقَعُ طَلَاقُ الْفُضُولِيِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَةِ الْغَيْرِ إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَجَازَ الزَّوْجُ ذَلِكَ فَدَخَلَتْ بَعْدَ الْإِجَازَةِ طَلُقَتْ وَلَوْ دَخَلَتْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَا تَطْلُقُ فَإِنْ عَادَتْ بَعْدَ الْإِجَازَةِ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وَكَّلَ عَبْدَهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ ثُمَّ بَاعَ الْعَبْدَ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْ امْرَأَتِي قَدْ جَعَلْت ذَلِكَ إلَيْك يَقْتَصِرُ ذَلِكَ عَلَى الْمَجْلِسِ. وَكَّلَ رَجُلًا بِالطَّلَاقِ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْوَكَالَةِ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ إذَا خَالَعَ عَلَى مَالٍ إنْ كَانَتْ مَدْخُولَةً فَخِلَافٌ إلَى شَرٍّ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولَةٍ فَإِلَى خَيْرٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ وَاخْتَارَهُ الصَّفَّارُ وَقَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ لَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ مَدْخُولَةٍ أَيْضًا لِأَنَّهُ خِلَافٌ فِيهَا إلَى شَرٍّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَبِيعَ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ مِنْ الْمَرْأَةِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ وَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اشْتَرِي طَلَاقَك مِنِّي بِمَا شِئْت فَقَدْ وَكَّلْتُك بِذَلِكَ. فَقَالَتْ اشْتَرَيْت بِكَذَا وَكَذَا كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ لَمْ يَقَعْ وَإِنْ طَلَّقَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِالْخُلْعِ فَلَهُ أَنْ يَخْلَعَهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَفِي غَيْرِهِ مَا لَمْ يَعْزِلْهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. الْوَكِيلُ بِالْخُلْعِ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ الْبَدَلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَكِيلُ بِالْخُلْعِ الْمُطْلَقِ يَمْلِكُهُ بِقَلِيلٍ وَكَثِيرٍ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُلْعِ وَقَالَ لَهُ إنْ أَبَتْ تُطَلِّقُهَا فَأَبَتْ الْخُلْعَ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ قَالَتْ أَخْتَلِعُ فَإِنْ خَالَعَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ جَازَ الْخَلْعُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَخْلَعَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ خَلَعَهَا الزَّوْجُ أَوْ بَانَتْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا لَا يَكُونُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَخْلَعَ إذَا كَانَ الرَّجُلُ وَكِيلًا بِالْخَلْعِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَلِي الْعَقْدَ مِنْ

الْجَانِبَيْنِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَكِيلُ بِالْخَلْعِ إذَا خَالَعَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَأْمُرْهُ الْمَرْأَةُ بِالضَّمَانِ وَإِذَا أَدَّى الْوَكِيلُ رَجَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَكَذَا يَرْجِعُ أَيْضًا قَبْلَ الْأَدَاءِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ وَكَّلَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ أَنْ تَخْلَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ فَخَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِمَالٍ أَوْ عِوَضٍ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ بِهِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا إذَا جَاءَ غَدٌ فَاخْلَعْنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَ ذَلِكَ تَوْكِيلًا حَتَّى لَوْ نَهَتْهُ عَنْ ذَلِكَ صَحَّ نَهْيُهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وَكَّلَتْ الذِّمِّيَّةُ مُسْلِمًا بِخَلْعِهَا مِنْ الذِّمِّيِّ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ جَازَ. وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مُسْلِمًا وَالْوَكِيلُ كَافِرًا جَازَ الْخَلْعُ وَيَبْطُلُ الْجُعْلُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا وَكَّلَ الرَّجُلَ أَنْ يَخْلَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا بِغَيْرِ مَالٍ ثُمَّ ارْتَدَّ الزَّوْجُ وَلَحِقَ بِالدَّارِ أَوْ مَاتَ وَخَلَعَهَا الْوَكِيلُ أَوْ طَلَّقَهَا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ فَعَلْت ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِي أَوْ بَعْدَ لِحَاقِهِ وَقَالَ الْوَكِيلُ وَالْوَرَثَةُ كَانَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ وَإِسْلَامِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَالطَّلَاقُ بَاطِلٌ وَمَالُهَا مَرْدُودٌ عَلَيْهَا وَلَهَا الْمِيرَاثُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ. وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْعِتْقِ سَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ مَالٍ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ الْمَالَ إذَا أَعْتَقَ وَلَا يَقْتَصِرُ التَّوْكِيلُ عَلَى الْمَجْلِسِ الْوَكِيلُ بِالْإِعْتَاقِ مُطْلَقًا لَا يَمْلِكُ التَّدْبِيرَ وَالْكِتَابَةَ وَالْإِعْتَاقَ عَلَى مَالٍ وَكَذَلِكَ لَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ وَالْإِضَافَةِ إلَى الْأَوْقَاتِ فَلَا يَبْطُلُ التَّوْكِيلُ بِالْعِتْقِ بِتَدْبِيرِ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَ عَلَى دَيْنٍ أَوْ عَلَى مَالٍ أَوْ بِشَرْطٍ وَقَالَ إنْ شِئْت فَأَنْت حُرٌّ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بِالتَّنْجِيزِ وَهُوَ أَتَى بِالتَّعْلِيقِ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ جِنْسًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَ نِصْفَ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَ كُلَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا يُعْتَقُ شَيْءٌ وَقَالَا يَجُوزُ وَيُعْتَقُ كُلُّهُ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُعْتِقَ كُلَّ الْعَبْدِ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ عَتَقَ النِّصْفُ عِنْدَهُ وَالْكُلُّ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدٌ فَوَكَّلَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ وَوَكَّلَ الْآخَرُ هَذَا الْوَكِيلَ أَيْضًا أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ فَقَالَ الْوَكِيلُ أَعْتَقْت أَحَدَهُمَا ثُمَّ مَاتَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْبَيَانِ فِي الْقِيَاسِ لَا يُعْتَقُ أَحَدٌ مِنْهُمَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَتَقَا جَمِيعًا وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِعِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ أَعْتَقْته أَمْسِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ الْوَكِيلِ إذَا أَخْبَرَ عَنْ مُبَاشَرَةِ مَا وُكِّلَ بِهِ فِيمَا مَضَى. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِعِتْقِ أَمَتِهِ فَوَلَدَتْ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ وَلَدَهَا. وَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى جُعْلٍ فَأَعْتَقَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَالْعِتْقُ جَائِزٌ وَعَلَى الْعَبْدِ قِيمَةُ نَفْسِهِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ لَمْ يَجُزْ. وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْهُ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَأَعْتَقَهُ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ جَازَ الْعِتْقُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى عَبْدٍ فَاسْتَحَقَّ جَازَ الْعِتْقُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى شَاةٍ مَذْبُوحَةٍ فَإِذَا هِيَ مَيِّتَةٌ لَمْ يَجُزْ. وَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى جُعْلٍ فَأَعْتَقَهُ عَلَى أَلْفٍ جَازَ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يُعْتَقُ عَلَى

مِثْلِهِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَعْتِقْ نَفْسَك بِمَا شِئْت فَأَعْتَقَهُ عَلَى دَرَاهِمَ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا رَضِيَ بِهِ الْمَوْلَى لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَصْلُحُ وَكِيلًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَدَلُ مُسَمًّى وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَصْلُحُ وَكِيلًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَدَلُ مُسَمًّى وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا صَحَّحُوا رِوَايَةَ ابْنِ سِمَاعَةَ وَلَوْ كَانَ الْبَدَلُ مُسَمًّى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَالَ الْعَبْدُ أَعْتَقْت نَفْسِي عَلَى كَذَا جَازَ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ أَعْتِقْهُ عَلَى مَالٍ فَأَعْتَقَهُ عَلَى دِرْهَمٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى شَيْءٍ فَمَا أَعْتَقَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْوَكِيلُ وَالْمَوْلَى فِي جِنْسِ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ الْبَدَلِ أَوْ مِقْدَارِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ وَكَّلَ آخَرَ بِأَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ وَيَقْبِضَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ فَقَالَ الْوَكِيلُ كَاتَبْت وَقَبَضْت الْبَدَلَ وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي الْكِتَابَةِ دُونَ قَبْضِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَلَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ قَالَ قَبَضْت بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَدَفَعْت إلَيْك فَهُوَ مُصَدَّقٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَكَاتَبَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ الْمُكَاتَبَةَ لِأَنَّهُ فِي الْعَقْدِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ وَإِنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ الْمَكَاتِبُ لَمْ يَبْرَأْ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَكَاتَبَهُ عَلَى شَيْءٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى غَنَمٍ أَوْ وَصِيفٍ أَوْ صِنْفٍ مِنْ الثِّيَابِ أَوْ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ مِنْ الْمَوْزُونِ جَازَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَيْنِ لَهُ فَكَاتَبَ أَحَدَهُمَا جَازَ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُكَاتِبَهُمَا مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً وَيَجْعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا فَكَاتَبَ أَحَدَهُمَا لَمْ يَجُزْ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُكَاتِبَهُ أَوْ يَبِيعَهُ ثُمَّ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ فَعَلَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ جَازَ مَا صَنَعَهُ الْوَكِيلُ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْعَبْدِ بِجِنَايَةٍ لَا يَمْنَعُ الْمُوَكِّلَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ وَلَا يُوجِبُ عَزْلَ الْوَكِيلِ أَيْضًا وَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ بِعْ عَبْدِي هَذَا أَوْ كَاتِبْهُ أَوْ أَعْتِقْهُ عَلَى مَالٍ فَأَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ الْوَكِيلُ جَازَ. وَلَوْ قَالَ كَاتِبِ هَذَا أَوْ هَذَا فَلَهُ أَنْ يُكَاتِبَ أَيَّهمَا شَاءَ كَذَا فِي الْحَاوِي. فَإِنْ كَاتَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ جَازَتْ مُكَاتَبَةُ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَاتَبَهُمَا مَعًا فَكِتَابَتُهُمَا بَاطِلَةٌ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ الْوَكِيلُ يَوْمَ السَّبْتِ قَدْ كَاتَبْته أَمْسِ بَعْدَ الْوَكَالَةِ عَلَى كَذَا وَكَذَا وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى فِي الْقِيَاسِ، وَلَكِنَّهُ اُسْتُحْسِنَ، فَقَالَ يَجُوزُ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَى مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَقَدْ أَخْبَرَ بِمَا سَلَّطَهُ عَلَيْهِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُكَاتِبَهُ فَقَالَ الْوَكِيلُ وَكَّلْتنِي أَمْسِ وَكَاتَبْته آخِرَ النَّهَارِ بَعْدَ الْوَكَالَةِ وَقَالَ رَبُّ الْعَبْدِ إنَّمَا وَكَّلْتُك الْيَوْمَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ: أَيُّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ كَاتِبْهُ فَهُوَ جَائِزٌ فَأَيُّهُمَا كَاتَبَهُ جَازَ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَأَبَى الْعَبْدُ أَنْ يَقْبَلَ ثُمَّ بَدَا لَهُ قَبُولُ ذَلِكَ فَكَاتَبَهُ الْوَكِيلُ جَازَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ غَيْرِ مَالٍ أَوْ مُكَاتَبَةً ثُمَّ ارْتَدَّ الْمُوَكِّلُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ مَاتَ فَقَالَ الْوَكِيلُ

الباب السابع في التوكيل بالخصومة والصلح وما يناسبه

فَعَلِمْت ذَلِكَ فِي إسْلَامِهِ وَكَذَّبْته الْوَرَثَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ سَبَبَ مِلْكِهِمْ فِي الْعَبْدِ ظَاهِرٌ فَالْوَكِيلُ مُخْبِرٌ بِمَا يُبْطِلُ مِلْكَهُمْ عَنْ الْعَبْدِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فِي الْحَالِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . [الْبَابُ السَّابِعُ فِي التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ وَالصُّلْحِ وَمَا يُنَاسِبُهُ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ وَالصُّلْحِ وَمَا يُنَاسِبُهُ) التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ لَا يَلْزَمُ وَقَالَا يَلْزَمُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا رِضَا الْخَصْمِ لَيْسَ بِشَرْطِ لِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ بَلْ هُوَ شَرْطُ لُزُومِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. حَتَّى لَا يَلْزَمَ الْخَصْمَ الْحُضُورُ وَالْجَوَابُ بِخُصُومَةِ الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ اخْتَارَ قَوْلَهُمَا لِلْفَتْوَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَقَالَ الْعَتَّابِيُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ أَخَذَ الصَّفَّارُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَاَلَّذِي يُخْتَارُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْجَوَابِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَلِمَ بِالْمُدَّعِي التَّعَنُّتَ فِي إبَاءِ التَّوْكِيلِ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَقْبَلُ التَّوْكِيلَ مِنْ الْخَصْمِ وَاذَا عَلِمَ بِالْمُوَكِّلِ الْقَصْدَ إلَى الْإِضْرَارَ بِالْمُدَّعِي فِي التَّوْكِيلِ لَا يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَوْ كَانَ غَائِبًا أَدْنَى مُدَّةِ السَّفَرِ أَوْ كَانَ مَرِيضًا فِي الْمِصْرِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى قَدَمَيْهِ إلَى بَابِ الْقَاضِي كَانَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مُدَّعِيًا كَانَ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى قَدَمَيْهِ وَلَكِنَّهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ أَوْ ظَهْرِ إنْسَانٍ فَإِنْ ازْدَادَ مَرَضُهُ بِذَلِكَ صَحَّ التَّوْكِيلُ وَإِنْ كَانَ لَا يَزْدَادُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ وَأَرْفَقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ قَالَ أَنَا أُرِيدُ السَّفَرَ يَلْزَمُ مِنْهُ التَّوْكِيلُ طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا وَلَكِنْ يَكْفُلُ الْمَطْلُوبُ لِيَتَمَكَّنَ الطَّالِبُ مِنْ اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ الْخَصْمُ فِي إرَادَتِهِ السَّفَرَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ إنَّك تُرِيدُ السَّفَرَ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَسْأَلُ مِنْ رُفَقَائِهِ سِرًّا. وَمِنْ الْأَعْذَارِ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ إذَا كَانَ الْقَاضِي يَقْضِي فِي الْمَسْجِدِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ كَانَتْ طَالِبَةً أَوْ مَطْلُوبَةً إنْ كَانَتْ طَالِبَةً قَبِلَ مِنْهَا التَّوْكِيلَ وَإِنْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً إنْ أَخَّرَهَا الطَّالِبُ حَتَّى يَخْرُجَ الْقَاضِي مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يَقْبَلُ مِنْهَا التَّوْكِيلَ وَإِنْ لَمْ يُؤَخِّرْهَا قَبِلَ مِنْهَا التَّوْكِيلَ وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ مَحْبُوسًا فِي سِجْنِ هَذَا الْقَاضِي الَّذِي وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ عِنْدَهُ لَا يَقْبَلُ مِنْهَا التَّوْكِيلَ وَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي سِجْنِ الْوَالِي وَهُوَ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ لِلْخُصُومَةِ يَقْبَلُ مِنْهُ التَّوْكِيلَ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. . وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الْمُخَدَّرَةِ أَنْ تُوَكِّلَ وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُخَالِطْ الرَّجُلَ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا كَذَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ أَخَذُوا بِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ عَاجِزٌ عَنْ الْبَيَانِ فِي الْخُصُومَةِ بِنَفْسِهِ يَقْبَلُ مِنْهُ التَّوْكِيلَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. إنْ وَكَّلَتْ بِالْخُصُومَةِ فَوَجَبَتْ عَلَيْهَا الْيَمِينُ وَهِيَ لَمْ تُعْرَفْ بِخُرُوجٍ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَبْعَثُ إلَيْهَا بِثَلَاثَةٍ مِنْ الْعُدُولِ لِيَسْتَحْلِفَهَا

أَحَدُهُمْ وَيَشْهَدَ آخَرَانِ عَلَى حَلِفِهَا وَعَلَى هَذَا الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْحُضُورَ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مُخَدَّرَةً فَإِنْ كَانَتْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ فَالْقَوْلُ لَهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا لِأَنَّهُ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهَا وَفِي الْأَوْسَاطِ قَوْلُهَا لَوْ بِكْرًا وَفِي الْأَسَافِلِ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهَا فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْخُرُوجُ لِلْحَاجَةِ لَا يَقْدَحُ مَا لَمْ يَكْثُرْ بِأَنْ تَخْرُجَ بِغَيْرِ حَاجَةٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا عَلِمَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ عَاجِزٌ عَنْ الْبَيَانِ فِي الْخُصُومَةِ بِنَفْسِهِ يَقْبَلُ مِنْهُ التَّوْكِيلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ مِنْ الْأَشْرَافِ وَقَعَتْ خُصُومَتُهُ مَعَ رَجُلٍ وَضِيعٍ فَأَرَادَ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا وَلَا يَحْضُرَ بِنَفْسِهِ اخْتَلَفَ فِيهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ نَحْنُ نَرَى أَنْ تُقْبَلَ الْوَكَالَةُ كَانَ الْمُوَكِّلُ شَرِيفًا أَوْ وَضِيعًا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. امْرَأَةٌ مَسْتُورَةٌ فِي دَارِ زَوْجِهَا بِهَا عِلَّةٌ لَا يُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ مِنْ دَارِ زَوْجِهَا ادَّعَى عَلَيْهَا رَجُلٌ دَعْوَى مِنْ غَيْرِ شَاهِدَيْنِ لَيْسَ لِهَذَا الْمُدَّعِي أَنْ يُخَاصِمَ زَوْجَهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْخُصُومَةِ مَعَ وَكِيلِ الْمَرْأَةِ أَوْ مَعَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُك بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ حَقٍّ لِي قِبَلَ أَهْلِ بَلْدَةِ كَذَا فَهُوَ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ يَوْمَ التَّوْكِيلِ وَمَا يَحْدُثُ اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُك بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ حَقٍّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ حَقٍّ يَكُونُ مَوْجُودًا يَوْمَ التَّوْكِيلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ وَكَّلْتُك بِالْخُصُومَةِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا لَا يَصِيرُ وَكِيلًا وَأَمَّا إذَا قَالَ وَكَّلْتُك بِالْخُصُومَةِ الَّتِي بَيْنَنَا أَوْ جَعَلْتُك وَكِيلًا بِخُصُومَةٍ بَيْنَنَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الطَّوَاوِيسِيُّ أَنَّهُ يَصِيرُ وَكِيلًا وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ . وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ إجْمَاعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. . وَالْوَكِيلُ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْقِسْمَةِ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْحَاوِي. حَتَّى إنَّ الْوَكِيلَ يَأْخُذُ الشُّفْعَةَ وَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكِيلِ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ سَلَّمَهَا تُقْبَلُ وَكَذَا الْمُشْتَرِي لَوْ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا فَوَكَّلَ رَجُلًا بِالرَّدِّ فَقَالَ الْبَائِعُ قَدْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ فَأَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الرِّضَا تُقْبَلُ وَكَذَا الْوَكِيلُ بِاسْتِرْجَاعِ الْهِبَةِ إذَا أَقَامَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْوَاهِبَ أَخَذَ عِوَضًا أَوْ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ زَادَتْ قُبِلَتْ وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالْقِسْمَةِ إذَا قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُوَكِّلْ إنَّ شَرِيكِي قَدْ اسْتَوْفَى نَصِيبَهُ وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ فَأَقَامَ الشَّرِيكُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ تُقْبَلُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنٍ وَغَابَ الطَّالِبُ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْخَصْمِ بِالدَّيْنِ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ أُرِيدُ يَمِينَ الطَّالِبِ أَنَّهُ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنِّي يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ إلَى الْوَكِيلِ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ إذَا

ادَّعَى تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ عَلَى الْمُوَكِّلِ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ إلَى الْوَكِيلِ ثُمَّ يَحْلِفُ الشَّفِيعُ مَتَى حَضَرَ وَكَذَلِكَ وَكِيلُ الْمُسْتَحِقِّ بِقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْإِجَازَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهِ الْوَكِيلَ ثُمَّ يُحَلِّفُ الْمُشْتَرِي الْمُسْتَحِقَّ مَتَى حَضَرَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَوْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمُوَكِّلِ أَوْ إبْرَائِهِ تُقْبَلُ عِنْدَهُ وَقَالَا لَا يَكُونُ خَصْمًا وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا جَحَدَ الْغَرِيمُ الدَّيْنَ وَأَرَادَ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ هَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا تُقْبَلُ وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ التَّوْكِيلَ إذَا حَصَلَ بِقَبْضِ مَا هُوَ مِلْكُ الْمُوَكِّلِ فَالْوَكِيلُ لَا يَصِيرُ خَصْمًا فِي الْإِثْبَاتِ وَإِذَا حَصَلَ التَّوْكِيلُ بِقَبْضِ مَا هُوَ مِلْكُ الْغَيْرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِحَقٍّ لَلْمُوَكَّلِ عَلَيْهِ فَالْوَكِيلُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا فِي الْإِثْبَاتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْقَاضِي إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دُيُونِ الْغَائِبِ لَا يَكُونُ هَذَا الْوَكِيلُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ (الْأَوَّلُ) أَنْ يُوَكِّلَهُ بِالْخُصُومَةِ وَلَا يَتَعَرَّضَ لِشَيْءٍ آخَرَ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْإِنْكَارِ بِالْإِجْمَاعِ وَيَصِيرُ وَكِيلًا بِالْإِقْرَارِ أَيْضًا عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَبَعْدَ هَذَا اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ تَوْكِيلٌ بِالْإِقْرَارِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَوْ أَقَرَّ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ لَا يَصِحُّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ تَوْكِيلٌ بِالْإِقْرَارِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَغَيْرِ مَجْلِسِهِ غَيْرَ أَنَّ عِنْدَهُمَا إنْ أَقَرَّ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَلَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ لَا يَبْقَى وَكِيلًا حَتَّى يُمْنَعَ عَنْ الْخُصُومَةِ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَالثَّانِي) أَنْ يُوَكِّلَهُ بِالْخُصُومَةِ غَيْرَ جَائِزٍ الْإِقْرَارَ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْإِنْكَارِ (وَالثَّالِثُ) أَنْ يُوَكِّلَهُ بِالْخُصُومَةِ غَيْرَ جَائِزٍ الْإِنْكَارَ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْإِقْرَارِ وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ) أَنْ يُوَكِّلَهُ بِالْخُصُومَةِ، جَائِزٌ الْإِقْرَارَ عَلَيْهِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ وَالْإِقْرَارِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ صَحَّ إقْرَارُهُ عِنْدَنَا عَلَى الْمُوَكِّلِ (وَالْخَامِسُ) إذَا قَالَ وَكَّلْتُك بِالْخُصُومَةِ، غَيْرُ جَائِزٍ الْإِقْرَارَ وَالْإِنْكَارَ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ بَعْضُهُمْ قَالُوا لَا يَصِحُّ هَذَا التَّوْكِيلُ أَصْلًا وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي الْإِمَامِ صَاعِدٍ النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَيَصِيرُ الْوَكِيلُ وَكِيلَ السُّكُوتِ مَتَى حَضَرَ مَجْلِسَ الْحُكْمِ حَتَّى يَسْمَعَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالتَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَارِ جَائِزٌ وَلَا يَصِيرُ الْمُوَكِّلُ مُقِرًّا بِنَفْسِ التَّوْكِيلِ وَمَعْنَى التَّوْكِيلِ أَنْ يَقُولَ لِلْوَكِيلِ وَكَّلْتُك بِالْخُصُومَةِ وَبِالذَّبِّ عَنِّي فَإِذَا رَأَيْت مَذَمَّةً تَلْحَقُنِي بِالْإِنْكَارِ وَاسْتَصْوَبْت الْإِقْرَارَ فَأَقِرَّ عَلَيَّ فَإِنِّي قَدْ أَجَزْت ذَلِكَ. وَإِذَا وَكَّلَ بِخُصُومَاتِهِ وَأَخَذَ حُقُوقَهُ مِنْ النَّاسِ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ وَكِيلًا فِيمَا يَدَّعِي عَلَى الْمُوَكِّلِ فَهَذَا التَّوْكِيلُ جَائِزٌ كَذَا فِي

خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فَلَوْ أَثْبَتَ الْوَكِيلُ الْمَالَ لِمُوَكِّلِهِ ثُمَّ أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعَ لَا يُسْمَعُ عَلَى الْوَكِيلِ هَكَذَا فَتْوَى الصَّدْرِ الشَّهِيدِ بُرْهَانِ الدِّينِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ بِالْخُصُومَةِ هُوَ الْمَطْلُوبُ فَوَكَّلَ رَجُلًا بِخُصُومَةِ الطَّالِبِ وَقَالَ عَلَى أَنْ لَا يَجُوزَ إقْرَارُهُ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا وَكَّلَهُ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ هُوَ الَّذِي يُنَصِّبُ الْوَكِيلَ فَقَالَ الطَّالِبُ لَا أَرْضَى إلَّا أَنْ تُقِيمَ لِي رَجُلًا يَقُومُ مَقَامَك وَيَجُوزُ إقْرَارُهُ كَمَا يَجُوزُ إقْرَارُك وَإِلَّا فَاحْضُرْ وَخَاصِمْنِي فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمَطْلُوبِ خَاصِمْهُ أَوْ أَقِمْ رَجُلًا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَيْك وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ هُوَ الطَّالِبُ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ لَا أَرْضَى إلَّا أَنْ تُخَاصِمَنِي أَوْ تُوَكِّلَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَك لَا يَمْتَنِعُ عَنْ خُصُومَتِي وَحُجَّتِي إذَا جِئْت بِهَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَيْك بِقَبْضِ الْمَالِ فَلَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الطَّالِبُ حَاضِرًا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا وَوَكَّلَ وَكِيلًا لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ بِأَنْ اسْتَثْنَى الْإِقْرَارَ مِنْ الْمَطْلُوبِ بِدَفْعِ مَا وَجَبَ إلَى الْوَكِيلِ لَا يَكُونُ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ خُصُومَةِ الْوَكِيلِ بِأَنْ يَقُولَ لَا أُخَاصِمُك حَتَّى يَجُوزَ إقْرَارُك عَلَى الَّذِي وَكَّلَك كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ عَلَيْهِ لِرَجُلٍ دَعْوَى وَخُصُومَةٌ فَوَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي بِطَلَبِ خَصْمِهِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ وَالْوَكِيلُ حَاضِرٌ فَقَبِلَ فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي أَخْرَجْت الْأَوَّلَ مِنْ الْوَكَالَةِ وَوَكَّلْت فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فِي الْخُصُومَةِ مَعَ هَذَا الرَّجُلِ وَفُلَانٌ ذَلِكَ غَائِبٌ كَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ لَا يَقْبَلَ هَذِهِ الْوَكَالَةَ. وَكَّلَ رَجُلًا فِي خُصُومَةِ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمُوَكِّلَ مَعَ وَكِيلِهِ جَاءَ إلَى الْقَاضِي مَعَ رَجُلٍ آخَرَ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ لِلْقَاضِي قَدْ كُنْت وَكَّلْت هَذَا فِي خُصُومَةِ فُلَانٍ وَأَنَّ هَذَا الْوَكِيلَ يُرِيدُ السَّفَرَ أَوْ أَنَا أَتَّهِمُهُ بِأَنْ يُقِرَّ عَلَيَّ بِشَيْءٍ يَلْزَمُنِي فَأَخْرَجْته عَنْ الْوَكَالَةِ وَوَكَّلْت هَذَا الْآخَرَ فِي خُصُومَتِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ ذَلِكَ بَلْ يَأْمُرُهُ حَتَّى يَحْضُرَ الْخَصْمُ فَيَخْرُجُ الْوَكِيلُ بِحَضْرَتِهِ وَيُنَصِّبُ الْقَاضِي مِنْ أَعْوَانِهِ حَتَّى يَطْلُبَ الْخَصْمُ فَإِنْ لَمْ يَجِدُوهُ وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ يُخْرِجُ الْأَوَّلَ عَنْ الْوَكَالَةِ وَيُوَكِّلُ الثَّانِي وَيَسْتَوْثِقُ مِنْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَبِ حُقُوقِهِ وَقَبْضِهَا وَالْخُصُومَةِ فِيهَا عَلَى أَنْ لَا يَجُوزَ صُلْحُهُ وَلَا تَعْدِيلُهُ شَاهِدًا يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ يُبْطِلُ حَقًّا فَالْوَكَالَةُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ جَائِزَةٌ فَإِنْ أَقَرَّ هَذَا الْوَكِيلُ أَنَّ الطَّالِبَ قَبَضَ هَذَا الْحَقَّ مِنْ الْغَرِيمِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ قَدْ قَبَضْت أَنَا هَذَا الْحَقَّ مِنْ الْغَرِيمِ فَضَاعَ أَوْ قَالَ دَفَعْته إلَى الطَّالِبِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَبَرِئَ الْغَرِيمُ كَذَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. إذَا وَكَّلَ فِي خُصُومَتِهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَسْتَثْنِيَ إقْرَارَ الْوَكِيلِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الطَّالِبِ جَازَ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الطَّالِبِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَذِنَ الْمَطْلُوبُ لِوَكِيلِهِ أَنْ يُوَكِّلَ ثُمَّ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فِي حَقِّ هَذِهِ الزِّيَادَةِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ التَّوْكِيلَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ حَجْرُهُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الطَّالِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ فِي دَارِهِ وَبِقَبْضِهَا فَبَاعَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ

وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُشْتَرِيَ وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ مَعَ فُلَانٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَبَاعَهَا مِنْ آخَرَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُشْتَرِيَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا وَكَّلَ ذُو الْيَدِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ وَلَمْ يَبِعْهَا فَإِنَّ لِهَذَا الْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ وَكِيلَ ذِي الْيَدِ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُخَاصِمَ فُلَانًا فِي هَذِهِ الدَّارِ فَإِذَا الدَّارُ فِي يَدِ غَيْرِ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ غَيْرَ فُلَانٍ وَلَا فُلَانًا وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ أَحَدًا كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ مَنْ وُجِدَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ. وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ الْعَبْدِ فَوَكَّلَ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فِيهَا لِفُلَانٍ الْمُدَّعِي فَادَّعَاهَا آخَرُ لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ وَكِيلًا فِي خُصُومَةِ هَذَا الثَّانِي وَهُوَ وَكِيلٌ فِي خُصُومَةِ الْأَوَّلِ وَخُصُومَةِ وَكِيلِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ وَكَالَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ إلَى قَاضٍ آخَرَ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ إلَى فُلَانٍ الْفَقِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى فَقِيهٍ آخَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلٍ أَنْتَ وَكِيلِي فِي خُصُومَةِ كُلِّ ضَيْعَةٍ لِي بِخُرَاسَانَ فَقَدِمَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الضَّيْعَةُ مِنْ خُرَاسَانَ إلَى كُوفَةَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ بِالْكُوفَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ فِي دَيْنٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ بِالْكُوفَةِ لَوْ قَالَ فِي كُلِّ دَيْنٍ لِي بِالْكُوفَةِ فَقَدِمَ نَاسٌ مِنْ خُرَاسَانَ إلَى الْكُوفَةِ وَعَلَيْهِمْ دَيْنُ الْمُوَكِّلِ فَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُمْ بِالْكُوفَةِ. وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَبِالْخُصُومَةِ فِيهِ فَغَصَبَ إنْسَانٌ دَارًا مِنْ مُوَكِّلِهِ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ فِيهَا وَلَوْ بِيعَتْ دَارٌ وَفِيهَا شُفْعَةٌ لِلْمُوَكِّلِ لَمْ يَكُنْ هَذَا وَكِيلًا فِي طَلَبِهَا وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ شُفْعَةً قَدْ قُضِيَ بِهَا لِلْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْحَاوِي. عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يَقُولُ أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ وُلِدْت فِي مِلْكِهِ قَدْ وَكَّلَنِي بِخُصُومَتِك فِي نَفْسِي لَيْسَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ الْعَبْدُ أَنْ يَمْنَعَ الْعَبْدَ إذَا كَانَ لِلْعَبْدِ بَيِّنَةٌ عَلَى الْوَكَالَةِ وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ بَاعَنِي فُلَانٌ مِنْك وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ فَوَكَّلَنِي بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْك كَانَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ الْخُصُومَةِ لِأَنَّ هَذَا الْعَبْدَ مُقِرٌّ بِمِلْكِ ذِي الْيَدِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْعَبْدَ مِنْ صَرْفِ الْمَنَافِعِ إلَى غَيْرِهِ وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْعَبْدُ مُنْكِرٌ مِلْكَ ذِي الْيَدِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْخُصُومَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَّلَ الْمَطْلُوبُ وَكِيلًا فِي خُصُومَةِ فُلَانٍ هَذَا فِيمَا يَدَّعِي قِبَلَهُ مِنْ الْحُقُوقِ وَأَجَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِمِثْلِ مَا وَكَّلَهُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ رَأَى كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فَإِنْ وَكَّلَ الْأَوَّلُ وَكِيلًا فَأَثْبَتَ الطَّالِبُ حَقَّهُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُثْبِتْ حَتَّى يُخْرِجَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ مِنْ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الطَّالِبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ وَكَّلَ وَكِيلًا بِخُصُومَةِ هَذَا الطَّالِبِ عَنْ فُلَانٍ بِمَحْضَرٍ مِنْ الطَّالِبِ وَقَبِلَ الثَّانِي الْوَكَالَةَ مِنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ مَاتَ فَالْوَكِيلُ الثَّانِي وَكِيلٌ عَلَى حَالِهِ فِي خُصُومَةِ الطَّالِبِ وَكَذَا لَوْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَخْرَجَ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ مِنْ الْوَكَالَةِ كَانَ خَارِجًا مِنْهَا وَكَانَ الْوَكِيلُ الثَّانِي عَلَى حَالِهِ فِي خُصُومَةِ الطَّالِبِ كَذَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ عَلَى أَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ أَحَبَّ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَشْهَدَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ حَجَرَ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ جَازَ حَجْرُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمَنْ أَحْكَامِ

فصل في أحكام التوكيل بتقاضي الدين وقبضه

الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ) أَنَّ الْحَقَّ إذَا ثَبَتَ عَلَى مُوَكِّلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَا يُحْبَسُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا عَامًّا لِأَنَّهَا لَا تَنْتَظِمُ الْأَمْرَ بِالْأَدَاءِ وَالضَّمَانِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ وَقَالَ لَهُ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ غَيْرَهُ جَازَ تَوْكِيلُهُ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَكِيلَ الْأَوَّلِ لَا وَكِيلَ الْوَكِيلِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ أَوْ عُزِلَ أَوْ جُنَّ أَوْ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَلَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ أَوْ جُنَّ أَوْ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلَانِ وَلَوْ عَزَلَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ وَالْوَكِيلُ الثَّانِي جَازَ عَزْلُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ التَّوْكِيلِ بِتَقَاضِي الدَّيْنِ وَقَبْضِهِ] (فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ التَّوْكِيلِ بِتَقَاضِي الدَّيْنِ وَقَبْضِهِ) إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِتَقَاضِي دَيْنِهِ فَهُوَ جَائِزٌ رَضِيَ الْمَطْلُوبُ أَوْ لَمْ يَرْضَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَسَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ فَأَمَّا إذَا كَانَ جَاحِدًا لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ غَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ صَحِيحًا حَاضِرًا وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ التَّوْكِيلَ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْوَكِيلُ بِالتَّقَاضِي وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ لِأَنَّ التَّقَاضِيَ تَفَاعُلٌ مِنْ الِاقْتِضَاءِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْقَبْضِ وَكَانَ التَّوْكِيلُ بِالتَّقَاضِي تَوْكِيلًا بِالِاقْتِضَاءِ نَصًّا وَقَالَ مَشَايِخُنَا لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالتَّقَاضِي الْقَبْضُ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي بِلَادِنَا وَهَلْ يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَقِيلَ يَجِبُ أَنْ يَمْلِكَ الْخُصُومَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَصْوَبُ وَالْأَشْبَهُ فَإِنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ عَقِيبَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ الْوَكِيلُ بِالتَّقَاضِي وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ وَالْوَكِيلُ بِمُلَازَمَةِ غَيْرِهِ بِمَالٍ لَهُ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالتَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ تَوْكِيلٌ بِقَبْضِ الدَّيْنِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ تَوْكِيلًا بِالْقَبْضِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا يُفْتَى بِقَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي النَّوَازِلِ اخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ قَالَ وَهَكَذَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِتَقَاضِي كُلِّ دَيْنٍ لَهُ أَوْ وَكَّلَهُ بِكُلِّ حَقٍّ لَهُ عَلَى النَّاسِ أَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ فِي مِصْرِ كَذَا انْصَرَفَ التَّوْكِيلُ إلَى الْقَائِمِ وَالْحَادِثِ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى فُلَانٍ أَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ كُلِّ دَيْنٍ لَهُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْقَائِمِ لَا إلَى الْحَادِثِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي قَبْضِ كُلِّ دَيْنٍ لِي وَلَيْسَ لَهُ دَيْنٌ يَوْمئِذٍ ثُمَّ حَدَثَ لَهُ دَيْنٌ كَانَ وَكِيلًا فِي قَبْضِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ يَحْدُثُ لَهُ وَالْخُصُومَةِ فِيهِ جَائِزٌ أَمْرُهُ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الدَّيْنُ الْوَدِيعَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَكُلُّ حَقٍّ مَلَكَهُ الْمُوَكِّلُ أَمَّا النَّفَقَةُ فَمِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي لَا يَمْلِكُهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ

كُلِّ حَقٍّ لَهُ عَلَى النَّاسِ وَعِنْدَهُمْ وَمَعَهُمْ وَفِي أَيْدِيهِمْ وَبِقَبْضِ مَا يَحْدُثُ لَهُ وَبِالْمُقَاسَمَةِ بَيْنَ شُرَكَائِهِ وَبِحَبْسِ مَنْ يَرَى حَبْسَهُ وَبِالتَّخْلِيَةِ عَنْهُ إذَا رَأَى ذَلِكَ وَكَتَبَ فِي ذَلِكَ كِتَابًا وَكَتَبَ فِي آخِرِهِ أَنَّهُ مُخَاصِمٌ ثُمَّ إنَّ قَوْمًا يَدَّعُونَ قِبَلَ الْمُوَكِّلِ مَالًا وَالْمُوَكِّلُ غَائِبٌ وَأَقَرَّ الْوَكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ وَكِيلُهُ وَأَنْكَرَ الْمَالَ فَأَحْضَرَ الْخُصُومُ شُهُودَهُمْ عَلَى الْمُوَكِّلِ لَا يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَحْبِسُوا الْوَكِيلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَكَّلَ أَحَدَهُمَا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى آخَرَ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ الْآخَرِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إنْ وَكَّلَهُ أَحَدُهُمَا بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ بِالْخُصُومَةِ مَعَ الْآخَرِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُوَلِّيَيْهِ جَمِيعًا فَوَكَّلَ ابْنَ أَحَدِهِمَا بِذَلِكَ أَوْ عَبْدَهُ أَوَمُكَاتَبَهُ أَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْحَوَالَةَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَنْ يَهَبَ الدَّيْنَ لِلْغَرِيمِ أَوْ أَنْ يُؤَخِّرَهُ أَوْ أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْهُ أَوْ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا وَلَوْ أَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِالْمَالِ جَازَ فَإِنْ كَانَ أَخْذُ الْكَفِيلِ عَلَى أَنْ يَبْرَأَ الْغَرِيمُ لَمْ تَجُزْ الْبَرَاءَةُ وَلَوْ أَخَذَ الطَّالِبُ مِنْهُ كَفِيلًا لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَتَقَاضَى مِنْ الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْحَاوِي. فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ هَلْ لِلْمَطْلُوبِ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ الْوَكِيلُ أَمَرَنِي الطَّالِبُ بِقَبْضِ الرَّهْنِ فَدَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَيْهِ رَهْنًا فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ مُطْلَقًا وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ فَقَالَ إنْ كَذَّبَهُ الْمَطْلُوبُ فِي الْوَكَالَةِ أَوْ سَكَتَ أَوَصَدَّقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ وَإِنْ صَدَّقَهُ وَلَمْ يُضَمِّنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ. الْوَجْهُ الثَّانِي إذَا قَالَ الْوَكِيلُ لَمْ يَأْمُرْنِي بِقَبْضِ الرَّهْنِ وَمَعَ ذَلِكَ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَيْهِ رَهْنًا وَهَلَكَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وَجَبَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ بِأَيِّ وَجْهٍ وَجَبَ فَوَكَّلَ وَكِيلًا بِقَبْضِهِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِذَا قَبَضَهُ بَرِئَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَكَانَ مَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ وَأَمَانَةً فِي يَدِ الْوَكِيلِ يَضْمَنُهُ بِمَا يَضْمَنُ بِهِ الْوَدِيعَةَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا أَنْ يَقْبِضَ لَهُ دَيْنًا مِنْ فُلَانٍ فَيَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ هِبَةً لَهُ مِنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ قَالَ الْغَرِيمُ قَدْ دَفَعْته إلَيْهِ فَصَدَّقَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يَصْدُقْ الْغَرِيمُ وَلَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِقَبْضِهِ مِنْهُ وَدَفَعَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَقَالَ الْغَرِيمُ قَدْ دَفَعْته إلَى الْوَكِيلِ وَصَدَّقَهُ الْوَكِيلُ وَقَالَ الْوَكِيلُ قَدْ دَفَعْته إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَالْغَرِيمُ وَالْوَكِيلُ بَرِيئَانِ؛ الْغَرِيمُ بِتَصْدِيقِ الْوَكِيلِ لَهُ وَالْوَكِيلُ بِأَدَاءِ الْأَمَانَةِ. وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ حَتَّى لَا يَرْجِعَ الْوَاهِبُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَهَبُ مَا عَلَى مُكَاتَبِهِ وَيَأْمُرُ آخَرَ بِقَبْضِهِ وَدَفْعِهِ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا قَبَضَ الدَّيْنَ ثُمَّ حَضَرَ وَكِيلٌ آخَرُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ وَلَوْ وَكَّلَ الثَّانِي بِقَبْضِ كُلِّ شَيْءٍ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ يَدِ الْوَكِيلِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ الثَّانِي شَيْئًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ وَكَّلَ الْمُسْلِمُ مُرْتَدًّا بِقَبْضِ

دَيْنِهِ فَقَبَضَهُ أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ وَهَلَاكِهِ مِنْهُ ثُمَّ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ جَازَ قَبْضُهُ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ حَرْبِيًّا فَقَبَضَهُ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَكَّلَ الدَّائِنُ الْعَبْدَ الْمَدْيُونَ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ مَوْلَاهُ جَازَ وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِالْقَبْضِ وَالْهَلَاكِ بَرِئَ الْمَوْلَى وَلَوْ وَكَّلَ الْغَرِيمُ مَوْلَى الْعَبْدِ الْمَدْيُونِ بِالْقَبْضِ مِنْ عَبْدِهِ لَمْ يَجُزْ تَوْكِيلُهُ وَلَا قَبْضُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. الْمُحْتَالُ لَهُ إذَا وَكَّلَ الْمُحِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ وَكَذَلِكَ رَبُّ الدَّيْنِ إذَا وَكَّلَ الْمَدْيُونَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَصِحُّ. وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ إذَا كَانَ بِالْمَالِ كَفِيلٌ فَوَكَّلَهُ الطَّالِبُ بِقَبْضِهِ مِنْ الْمَطْلُوبِ فَقَبَضَ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ وَإِنْ هَلَكَ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. عَبْدٌ مَدْيُونٌ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ حَتَّى ضَمَّنَ قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ وَيُطَالَبُ الْعَبْدُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ إنْ وَكَّلَهُ الطَّالِبُ بِقَبْضِ الْمَالِ عَنْ الْعَبْدِ كَانَ بَاطِلًا هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلَيْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُلُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَوَكَّلَ رَبُّ الدَّيْنِ رَجُلًا بِقَبْضِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ فَقَبَضَهُ مِنْ الْآخَرِ جَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَبِهَا كَفِيلٌ فَوَكَّلَ الطَّالِبُ رَجُلًا بِقَبْضِ الْمَالِ مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ فَقَبَضَهُ مِنْ الْكَفِيلِ جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ فَأَبَى الْوَكِيلُ أَنْ يَقْبَلَ ثُمَّ ذَهَبَ الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَبَضَهُ فَإِنَّ الْغَرِيمَ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ وَالدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ وَصَارَ قَبْضُهُ كَقَبْضِ الْأَجْنَبِيِّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ فَقَبَضَهُ الْوَكِيلُ وَوَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ سَتُّوقَةً أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ رَصَاصًا فَرَدَّهَا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ وَالِاسْتِحْسَانَ فِيمَا إذَا وَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الرَّدُّ مِنْ غَيْرِ اسْتِطْلَاعِ رَأْيِ الْمُوَكِّلِ وَإِذَا رَدَّهَا ضَمِنَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُ الرَّدُّ مِنْ غَيْرِ اسْتِطْلَاعِ رَأْيِ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا رَدَّ لَا يَضْمَنُ وَأَمَّا فِي السَّتُّوقَةِ وَالرَّصَاصِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِطْلَاعِ رَأْيِ الْمُوَكِّلِ وَإِذَا رَدَّهَا لَا يَضْمَنُ قِيَاسًا وَلَا اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا أَخَذَ الْعُرُوضَ مِنْ الْغَرِيمِ وَالْمُوَكِّلُ لَا يَرْضَى وَلَا يَأْخُذُ الْعُرُوضَ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّ الْعُرُوضَ عَلَى الْغَرِيمِ وَيُطَالِبُهُ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَضَحَ فَوَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِهَا وَأَعْلَمَهُ أَنَّهَا وَضَحٌ فَقَبَضَ الْوَكِيلُ أَلْفَ دِرْهَمٍ غَلَّةٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا غَلَّةٌ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْآمِرِ فَإِنْ ضَاعَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَهَا الْوَكِيلُ وَلَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ شَيْءٌ وَلَوْ قَبَضَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا غَلَّةٌ فَقَبْضُهُ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَأْخُذَ وَضَحًا فَإِنْ ضَاعَتْ مِنْ يَدِهِ فَكَأَنَّهَا ضَاعَتْ مِنْ يَدِ الْآمِرِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرُدُّ مِثْلَهَا وَيَأْخُذُ الْوَضَحَ كَذَا فِي الْحَاوِي. الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا قَالَ قَبَضْت وَهَلَكَ عِنْدِي أَوْ قَالَ دَفَعْته إلَى الْمُوَكِّلِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ يَصْدُقُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ الْمَدْيُونِ لَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُوَكِّلِ عَلَى تَقْدِيرِ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّ إنْسَانٌ

مَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ وَضَمِنَ الْمُسْتَحِقُّ الْوَكِيلَ لَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمَدْيُونُ إذَا دَفَعَ إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ عَيْنًا فَقَالَ لَهُ بِعْهَا وَخُذْ حَقَّك مِنْهَا فَبَاعَهَا وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ مَا لَمْ يُحْدِثْ رَبُّ الدَّيْنِ فِيهَا قَبْضًا لِنَفْسِهِ وَلَوْ قَالَ بِعْهَا بِحَقِّكَ فَبَاعَهَا فَكَمَا قَبَضَ الثَّمَنَ يَصِيرُ قَابِضًا حَقَّهُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْقَابِضِ وَلَوْ وَكَّلَ الْمَدْيُونُ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ عَنْ الدَّيْنِ صَحَّ تَوْكِيلُهُ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَا يَكُونُ وَكِيلًا بِهِ وَمَا لَا يَكُونُ. وَإِذَا قَالَ لِمَدْيُونِهِ تَصَدَّقْ بِالْعَشَرَةِ الَّتِي لِي عَلَيْك عَلَى الْفُقَرَاءِ عَنِّي أَوْ قَالَ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِي بِمَا لِي عَلَيْك أَوْ قَالَ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي لِي عَلَيْك تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِالْإِجْمَاعِ هَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا مِنْ بَلْدَةٍ إلَى بَلْدَةٍ ثُمَّ إنَّ الْآجِرَ وَكَّلَ الْمُسْتَأْجِرَ بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ غُلَامًا لِيَسُوقَهَا إنَّ الْوَكَالَةَ صَحِيحَةٌ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَذَكَرَ ثُمَّ أَيْضًا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا ثُمَّ قَالَ الْآجِرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ رَمِّ الدَّارَ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي عَلَيْك أَنَّ الْوَكَالَةَ صَحِيحَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي نَوْعِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ وَكَّلَنِي فُلَانٌ بِقَبْضِ مَالِهِ عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُصَدِّقُهُ الْمَدْيُونُ أَوْ يُكَذِّبُهُ أَوْ يَسْكُتَ إنْ صَدَّقَهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ وَلَكِنْ لَوْ دَفَعَهُ مَعَ هَذَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ إنْ جَاءَ الْمُوَكِّلُ إنْ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ مَضَى الْأَمْرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ جَحَدَ الْوَكَالَةَ وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَرِيمِ فَادَّعَى الْغَرِيمُ عَلَى الطَّالِبِ تَوْكِيلَ الْقَابِضِ وَبَرْهَنَ أَوْ اسْتَحْلَفَ صَحَّ التَّوْكِيلُ فَإِنْ نَكَلَ بَرِئَ الْغَرِيمُ وَإِنْ حَلَفَ وَأَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْغَرِيمِ فَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلَ وَلَكِنْ يَسْتَرِدُّ الْمَدْفُوعَ إنْ بَقِيَ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ يَضْمَنُ مِثْلَهُ وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ إنْ صَدَّقَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ صَدَّقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ أَوْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَكِيلِ ثَانِيًا وَلَوْ أَرَادَ الْغَرِيمُ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ مَا وَكَّلْته كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ دَفَعَ عَنْ سُكُوتٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الطَّالِبَ إلَّا إذَا عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ وَإِنْ دَفَعَ عَنْ جُحُودٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الطَّالِبَ سَوَاءٌ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ أَوْ لَمْ يَعُدْ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُحَلِّفَ الْغَرِيمَ فِي الْجُحُودِ وَالسُّكُوتِ بِاَللَّهِ مَا نَعْلَمُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فَإِنْ حَلَفَ مَضَى الْأَمْرُ وَإِنْ نَكَلَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُحَلِّفْ الْغَرِيمَ وَلَكِنْ يُحَلِّفُ الطَّالِبَ بِاَللَّهِ مَا وَكَّلَهُ فَإِنْ حَلَفَ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَى الْوَكِيلِ وَإِنْ نَكَلَ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الطَّالِبِ هَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ فَإِنْ قَالَ لَمْ يُوَكِّلْنِي وَلَكِنْ ادْفَعْ الدَّيْنَ إلَيَّ فَإِنَّهُ سَيُجِيزُ قَبْضِي وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ

لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّيْنَ وَإِنْ دَفَعَ صَارَ ضَامِنًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْمُوَكِّلُ وَلَمْ يُعْرَفْ جُحُودُهُ حَتَّى تُوُفِّيَ فَوَرِثَهُ الْغَرِيمُ فَقَالَ الْغَرِيمُ لِلْوَكِيلِ إنَّ صَاحِبَ الْمَالِ لَمْ يَكُنْ وَكَّلَكَ وَقَدْ صِرْتَ وَارِثًا لَهُ قَائِمًا مَقَامَهُ وَكَانَ لَهُ تَكْذِيبُكَ فَأَنَا أُكَذِّبُكَ أَيْضًا وَأُضَمِّنُكَ الْمَالَ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ الْغَرِيمُ يَمِينَ الْوَكِيلِ بِاَللَّهِ لَقَدْ وَكَّلَك فُلَانٌ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ فُلَانًا لَمْ يُوَكِّلْهُ بِشَيْءٍ صَحَّ إقْرَارُهُ وَكَانَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْمَالَ وَإِنْ قَالَ الْغَرِيمُ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ فُلَانًا لَمْ يُوَكِّلْهُ بِالْخُصُومَةِ أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْوَكِيلِ بِذَلِكَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ وَهَبَهُ الْمُوَكِّلُ لِلْغَرِيمِ وَهُوَ قَائِمٌ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَخَذَهُ مِنْهُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَإِنْ كَانَ هَالِكًا ضَمِنَهُ إلَّا فِي صُورَةٍ وَهُوَ مَا إذَا صَدَّقَهُ فِي الْوَكَالَةِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ فَوَرِثَهُ الْغَرِيمُ وَرَجُلٌ آخَرُ نِصْفَيْنِ فَالْجَوَابُ فِي نِصْفِ الْأَجْنَبِيِّ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا حَضَرَ الطَّالِبُ وَجَحَدَ الْوَكَالَةَ فَيَأْخُذُ نِصْفَ الدَّيْنِ مِنْ الْغَرِيمِ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْجَوَابُ فِي نِصْفِ الْغَرِيمِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْكُلِّ وَلَوْ كَانَ هُوَ الْوَارِثَ وَحْدَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ فَإِنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ هَلَاكَهُ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ وَادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّهُ لَمْ يَهْلِكْ كَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْوَكِيلَ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ ذَلِكَ النِّصْفُ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْمُوَكِّلُ وَلَمْ يَهَبْ الْمَالَ مِنْ الْغَرِيمِ وَلَكِنْ حَضَرَ وَجَحَدَ الْوَكَالَةَ وَلَمْ يُقَدِّمْ الْغَرِيمَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى مَاتَ وَالْغَرِيمُ وَارِثُهُ أَوْ وَهَبَ الْمَالَ مِنْهُ فَأَقَامَ الْغَرِيمُ بَيِّنَةً عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى جُحُودِ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ لَا يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ تَضْمِينِ الْوَكِيلِ فَإِنْ وَجَدَ شَيْئًا مِمَّا دَفَعَ إلَى الْوَكِيلِ قَائِمًا فِي يَدِهِ بِعَيْنِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ جَحَدَ الْوَكَالَةَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي فَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي لَهُ عَلَى الْغَرِيمِ بِشَيْءٍ حَتَّى مَاتَ كَانَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَكِيلِ وَعَلَيْهِ رَدُّهُ عَلَى الْغَرِيمِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَرَدُّ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ هَالِكًا وَإِنْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَرِثَهُ الْغَرِيمُ أَوْ وَهَبَ الْمَالَ لِلْغَرِيمِ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ كَانَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَكِيلَ بِالْمَالِ كَمَا كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَكِنَّهُ يُحَلِّفُ الْغَرِيمَ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ الطَّالِبَ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ صَدَّقَ الْوَكِيلَ فِي دَعْوَى الْوَكَالَةِ وَضَمِنَهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ ثُمَّ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَجَحَدَ الْوَكَالَةَ وَحَلَفَ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَالِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَرِيمِ فَوَرِثَهُ الْغَرِيمُ أَوْ وَهَبَ الْمَالَ مِنْ الْغَرِيمِ لَا يَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَكِيلِ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْغَرِيمِ حِينَ حَضَرَ وَرَجَعَ بِهِ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَكِيلِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ وَوَرِثَهُ الْغَرِيمُ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ فَيَأْخُذَ مِنْ مِيرَاثِ الْمُوَكِّلِ مِثْلَ مَا غَرِمَهُ الْغَرِيمُ. وَلَوْ وَرِثَهُ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا الْغَرِيمُ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حِصَّةِ الْغَرِيمِ مِنْ الْمِيرَاثِ مِثْلَ مَا غَرِمَهُ الْوَكِيلُ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الطَّالِبُ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا ثُمَّ وَهَبَ الطَّالِبُ لِلْغَرِيمِ أَلْفًا إنْ وَهَبَهُ الْأَلْفَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْغَرِيمِ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا أَدَّى وَإِنْ وَهَبَهُ أَلْفًا آخَرَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ بِشَيْءٍ وَلَوْ مَاتَ

الطَّالِبُ وَأَوْصَى لِلْغَرِيمِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِقَبْضِ مَا لَهُ وَادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَدْ اسْتَوْفَاهُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْمَالَ إلَى الْوَكِيلِ وَيَتْبَعُ رَبَّ الْمَالِ فَيَسْتَحْلِفُهُ وَلَا يَسْتَحْلِفُ الْوَكِيلَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ مَا لَهُ عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ الْمُوَكِّلُ قَبَضَ بَعْضَ ذَلِكَ ثُمَّ الْوَكِيلُ خَاصَمَ الْغَرِيمَ فَادَّعَى الْغَرِيمُ قَضَاءَ بَعْضِ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَجَحَدَهُ الْوَكِيلُ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْغَرِيمِ عَلَى ذَلِكَ وَأَخَذَ الْوَكِيلُ مِنْهُ جَمِيعَ الْمَالِ ثُمَّ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ فَأَقَامَ الْغَرِيمُ بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الطَّالِبَ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَيَأْخُذُ مِنْ الْوَكِيلِ وَإِنْ كَانَ قَدْ ضَاعَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَوْ قَالَ الْوَكِيلُ قَدْ دَفَعْته إلَى الطَّالِبِ كَانَ لَهُ مُطَالَبَةُ الطَّالِبِ وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ الطَّالِبُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ قَبَضَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَكَّلَهُ بَعْدَ مَا قَبَضَ حَقَّهُ رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِذَلِكَ إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَضَى الطَّالِبَ قَبْلَ وَكَالَتِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الطَّالِبِ فِي قَوْلِهِمْ وَإِنْ أَقَرَّ الطَّالِبُ بِذَلِكَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ بِعَيْنِهِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَيَرُدُّهُ عَلَيْهِ إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ مَا لَهُ عَلَى فُلَانٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الصَّكَّ وَقَدْ كَانَ قَبَضَ مِنْ قَبْلُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا رَجَعَ بِهِ إنْ شَاءَ عَلَى الطَّالِبِ وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْوَكِيلِ رَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى الطَّالِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ احْتَالَ الطَّالِبُ بِالْمَالِ عَلَى آخَرَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَلَا مِنْ الْمُحِيلِ فَإِنْ نَوَى مَالَهُ وَعَادَ الدَّيْنُ عَلَى الْمُحِيلِ فَالْوَكِيلُ يَمْلِكُ الطَّلَبَ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْمُوَكِّلُ بِالْمَالِ عَبْدًا مِنْ الْمَطْلُوبِ فَاسْتُحِقَّ فِي يَدِهِ، أَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بِخِيَارٍ فَالْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ وَكَذَا لَوْ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. أَحَدُ رَبَّيْ الدَّيْنِ إذَا وَكَّلَ أَجْنَبِيًّا بِقَبْضِ نَصِيبِهِ فَقَبَضَ صَحَّ حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْآمِرِ وَلَكِنْ إذَا كَانَ قَائِمًا فَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ كَمَا لَوْ قَبَضَ أَحَدُ رَبَّيْ الدَّيْنِ بِنَفْسِهِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَ الْهَالِكُ مِنْ نَصِيبِهِ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ رَجُلٍ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ لِلْمَطْلُوبِ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِاقْتِضَاءِ دُيُونِهِ وَحَبَسَ الْغُرَمَاءُ وَكِيلًا مُخَاصِمًا وَمُخَاصَمًا فَحَبَسَ الْوَكِيلُ غَرِيمًا لِمُوَكِّلِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحَبْسِ وَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَكِيلُ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْقَاضِي حَتَّى يَأْمُرَ الْكَفِيلَ بِإِحْضَارِ نَفْسِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَالَ مَنْ لَهُ الْأَلْفُ لِمَنْ عَلَيْهِ الْأَلْفُ ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ مَنْ لَهُ الْأَلْفُ لَا تَدْفَعْهُ إلَيْهِ فَقَالَ مَنْ عَلَيْهِ الْأَلْفُ قَدْ كُنْت دَفَعْت إلَيْهِ وَصَدَّقَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْغَرِيمُ بَرِيءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَرَاهِمُ فَقَالَ لِغَيْرِهِ خُذْ زَكَاةَ مَالِي مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ فَأَخَذَ الْمَأْمُورُ مَكَانَ الدَّرَاهِمِ الدَّنَانِيرَ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ

فصل وكل إنسانا بقضاء دين عليه

وَهَبْت مِنْك الدَّرَاهِمَ الَّتِي لِي عَلَى فُلَانٍ فَاقْبِضْهَا مِنْهُ فَقَبَضَ مَكَانَهَا دَنَانِيرَ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ (فَصْلٌ) رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَبَعَثَ إلَى الْمَدْيُونِ رَسُولًا أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ بِالدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْك فَإِنْ بَعَثَ بِهِ مَعَ رَسُولِ الْآمِرِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ لِلْمَدْيُونِ ابْعَثْ بِهِ مَعَ فُلَانٍ أَوْ أَرْسِلْ بِهِ مَعَ ابْنِي أَوْ قَالَ مَعَ ابْنِك أَوْ مَعَ غُلَامِي أَوْ مَعَ غُلَامِك فَفَعَلَ الْمَدْيُونُ فَضَاعَ مِنْهُ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمَطْلُوبِ لِأَنَّهُ رَسُولُ الْمَطْلُوبِ وَقَوْلُهُ ابْعَثْ مَعَ فُلَانٍ لَيْسَ تَوْكِيلًا وَلَوْ قَالَ ادْفَعْ إلَى ابْنِي أَوْ ابْنِك أَوْ غُلَامِي، أَوْ غُلَامُك يَأْتِينِي بِهِ فَهَذَا تَوْكِيلٌ وَإِنْ ضَاعَ فَمَنْ مَالِ الطَّالِبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ لِيَقْبِضَ مِنْهُ الْمِائَةَ فَوَزَنَ لَهُ الْمَطْلُوبُ مِائَتَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَقَبَضَهَا الرَّسُولُ فَضَاعَتْ فَالْمَالُ عَلَى الْمَطْلُوبِ كَمَا هُوَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّسُولِ وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ مِائَةً أُخْرَى فَخَلَطَهُمَا الرَّسُولُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمِائَةِ وَبَرِئَ الْمَطْلُوبُ عَنْ الْمِائَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ ادْفَعْ إلَى رَسُولِ فُلَانٍ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ قَدْ دَفَعْت فَصَدَّقَهُ الرَّسُولُ فَقَالَ قَبَضْت إلَّا أَنَّهُ ضَاعَ وَكَذَّبَهُمَا الْمُوَكِّلُ فِي الدَّفْعِ وَالْقَبْضِ يَبْرَأُ الْغَرِيمُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ لِيَسْتَقْرِضَهُ فَقَالَ الرَّسُولُ قَبَضْته وَهَلَكَ فِي يَدَيَّ صُدِّقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ بَعَثَ رَسُولًا إلَى بَزَّازٍ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ بِثَوْبٍ كَذَا وَكَذَا بِثَمَنٍ كَذَا وَكَذَا فَبَعَثَ إلَيْهِ الْبَزَّازُ مَعَ رَسُولِهِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَضَاعَ الثَّوْبُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْآمِرِ وَتَصَادَقُوا عَلَى ذَلِكَ وَأَقَرُّوا بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ فِي شَيْءٍ وَإِنْ بَعَثَ الْبَزَّازُ مَعَ رَسُولِ الْآمِرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ كَانَ رَسُولُ رَبِّ الثَّوْبِ فَإِذَا وَصَلَ الثَّوْبُ إلَى الْآمِرِ يَكُونُ ضَامِنًا وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَعَثَ إلَى رَجُلٍ بِكِتَابٍ مَعَ رَسُولٍ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ بِثَوْبِ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا فَفَعَلَ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ الَّذِي أَتَاهُ بِالْكِتَابِ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ وَكَذَا الْقَرْضُ وَالِاقْتِضَاءُ فِي هَذَا إنَّمَا الرَّسُولُ رَسُولٌ بِالْكِتَابِ قَالَ لِآخَرَ إنَّ وَكِيلَك حَضَرَنِي وَأَدَّى رِسَالَتَك وَقَالَ إنَّ الْمُرْسِلَ يَقُولُ ابْعَثْ إلَيَّ ثَوْبَ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا وَبَيَّنَ ثَمَنَهُ فَبَعَثْته فَأَنْكَرَ الْمُرْسِلُ وُصُولَ الثَّوْبِ إلَيْهِ وَالْوَكِيلُ يَقُولُ أَوْصَلْتُ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: إنْ أَقَرَّ الْمُرْسِلُ بِقَبْضِ الرَّسُولِ الثَّوْبَ مِنْهُ وَأَنْكَرَ الْوُصُولَ إلَيْهِ يَضْمَنُ الْمُرْسِلُ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَإِنْ أَنْكَرَ قَبْضَ الرَّسُولِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. رَجُلٌ جَاءَ إلَى رَجُلٍ بِرِسَالَةٍ مِنْ آخَرَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ فَقَالَ لَا أَدْفَعُ حَتَّى أَلْقَى الْآمِرَ فَيَأْمُرَنِي بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ لِلرَّسُولِ قَدْ لَقِيته فَأْمَرْنِي بِدَفْعِهَا إلَيْك ثُمَّ امْتَنَعَ عَنْ الْأَدَاءِ وَقَالَ نَهَانِي عَنْ الدَّفْعِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ دَيْنًا عَلَيْهِ لِلْآمِرِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [فَصْلٌ وَكَّلَ إنْسَانًا بِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ] (فَصْلٌ) إذَا وَكَّلَ إنْسَانًا بِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا يُؤَدِّيه فَأَمَّا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَطْعِمْ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي أَوْ أَدِّ زَكَاتِي لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا قَالَ

لِغَيْرِهِ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَضَاءً لَهُ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي أَوْ قَالَ اقْضِ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ أَوْ عَلَى أَنَّهَا لَك عَلَيَّ فَدَفَعَهَا الْمَأْمُورُ إلَى فُلَانٍ إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ شَرِيكًا لِلْآمِرِ أَوْ كَانَ خَلِيطًا لَهُ وَتَفْسِيرُ الْخَلِيطِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ فِي السُّوقِ بَيْنَهُمَا أَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ وَبَيْنَهُمَا مُوَاضَعَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَتَى جَاءَ رَسُولُهُ أَوْ وَكِيلُهُ يَبِيعُ مِنْهُ أَوْ يُقْرِضُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ بَعْضَ مَنْ فِي عِيَالِ الْآمِرِ أَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ مَعُولُ الْآمِرِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ اُنْقُدْ فُلَانًا عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ اقْضِ أَوْ ادْفَعْ أَوْ أَعْطِ وَذَكَرَ عَنِّي وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَكِنْ قَالَ الْأَلْفُ الَّذِي لَهُ عَلَيَّ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْجُوعَ وَالضَّمَانَ وَإِذَا قَالَ لِآخَرَ أَدِّ عَنِّي زَكَاةَ مَالِي أَوْ قَالَ أَطْعِمْ عَنِّي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ أَوْ تَصَدَّقْ عَنِّي بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى الْمَسَاكِينٍ أَوْ قَالَ هَبْ فُلَانًا عَنِّي أَلْف دِرْهَمٍ فَفَعَلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا بِالشَّرْطِ أَوْ بِالضَّمَانِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ اقْضِ عَنِّي هَذَا الْأَلْفَ فُلَانًا أَوْ فُلَانًا فَأَيَّهمَا قَضَى فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْحَاوِي. قَالَا لَوْ وَكَّلَهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ فَجَاءَ الْوَكِيلُ وَزَعَمَ قَضَاءَهُ وَصَدَّقَهُ مُوَكِّلُهُ فِيهِ فَلَمَّا طَالَبَهُ وَكِيلُهُ بِرَدِّ مَا قَضَاهُ لِأَجَلِهِ قَالَ الْمُوَكِّلُ أَخَافُ أَنْ يَحْضُرَ الدَّائِنُ وَيُنْكِرَ قَضَاءَ وَكِيلِي وَيَأْخُذَهُ مِنِّي ثَانِيًا لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْمُوَكِّلِ وَيُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ عَنْ حَقِّ وَكِيلِهِ فَإِذَا حَضَرَ الدَّائِنُ وَأَخَذَ مِنْ الْمُوَكِّلِ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ صَدَّقَهُ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ جَحَدَ الْقَضَاءَ فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ بَيِّنَةً عَلَى الْقَضَاءِ لِيَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ وَرَبُّ الدَّيْنِ غَائِبٌ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ الْقَبْضَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ وَكِيلًا لِلْمَطْلُوبِ فِي الْقَضَاءِ وَوَكِيلًا لِلطَّالِبِ فِي الِاقْتِضَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا دَفَعَ الْوَكِيلُ الْمَالَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَمْ يَكْتُبْ بَرَاءَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ قَالَ لَا تَدْفَعْ إلَّا بِشُهُودٍ فَدَفَعَ بِغَيْرِ شُهُودٍ كَانَ ضَامِنًا فَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ قَدْ أَشْهَدْت وَجَحَدَ الطَّالِبُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ شُهُودٌ كَانَ الْوَكِيلُ بَرِيئًا عَنْ الضَّمَانِ إذَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لَا تَدْفَعُ إلَّا بِمَحْضَرِ فُلَانٍ فَدَفَعَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي الْحَاوِي. الْمَدْيُونُ إذَا دَفَعَ مَالَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ وَقَالَ لَهُ الْمَدْيُونُ ادْفَعْ هَذَا الْمَالَ إلَى فُلَانٍ قَضَاءً مِمَّا لَهُ عَلَيَّ وَخُذْ الصَّكَّ فَدَفَعَ وَلَمْ يَأْخُذْ الصَّكَّ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ كَانَ قَالَ لَا تَدْفَعْ هَذَا الْمَالَ حَتَّى تَأْخُذَ الصَّكَّ فَدَفَعَ قَبْلَ أَخْذِ الصَّكِّ فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ قَضَاءً عَنِّي فَدَفَعَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ وَاحْتَبَسَهُ عِنْدَهُ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَدْفَعَ الْأَلْفَ الَّذِي احْتَبَسَهُ عِنْدَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مَقْصُودَ الْآمِرِ تَحْصِيلُ الْبَرَاءَةِ لِنَفْسِهِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا الْمَقْصُودِ بَيْنَ الْأَلْفِ الْمَدْفُوعِ إلَى الْوَكِيلِ وَبَيْنَ مِثْلِهِ مِنْ مَالِ

الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ لِيَقْضِيَ بِهَا عَنْهُ دَيْنَ فُلَانٍ ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَضَى الْوَكِيلُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ وَمَاتَ الطَّالِبُ عَلَى الرِّدَّةِ إنْ عُلِمَ مِنْ الْفِقْهِ أَنَّ دَفْعَهُ إلَيْهِ لَا يَجُوزُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا دَفَعَ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَصِيرُ جَهْلُهُ عُذْرًا لِأَنَّ هَذَا يَشْتَبِهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَكَيْفَ لَا يَشْتَبِهُ عَلَى الْعَوَامّ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِعَلَامَةِ الْوَاوِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِقَضَاءِ دَيْنِهِ ثُمَّ إنَّ الْآمِرِ قَضَى الطَّالِبَ مَالَهُ ثُمَّ الْمَأْمُورُ دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ عَلَى الْقَابِضِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ فَقَدْ أَثْبَتَ الْعَزْلَ بِدَفْعِ الْآمِرِ حَتَّى لَمْ يَثْبُتْ لِلْمَأْمُورِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْآمِرِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عِلْمَ الْمَأْمُورِ بِدَفْعِ الْآمِرِ وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي وَكَالَةِ الْأَصْلِ وَشَرْطُ عِلْمِ الْمَأْمُورِ بِدَفْعِ الْآمِرِ وَإِنْ أَقَامَ الْمَأْمُورُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَضَاهُ بَعْدَ الْأَمْرِ قَبْلَ أَدَاءِ الْآمِرِ فَلِلدَّافِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَالِهِ إنْ شَاءَ عَلَى الْقَابِضِ وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمَأْمُورُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا قَضَى أَجْوَدَ مِمَّا أَمَرَ بِهِ يَرْجِعُ بِمِثْلِ مَا أَمَرَ بِهِ وَلَوْ قَضَى أَرْدَأَ مِمَّا أَمَرَ بِهِ يَرْجِعُ بِمِثْلِ مَا أَدَّى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ غَرِيمَهُ فَأَعْطَاهُ الْمَأْمُورُ غَيْرَهُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بَاعَهُ بِهِ ثَوْبًا أَوْ كَانَ لِلْمَأْمُورِ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَجَعَلَهُ قِصَاصًا مِنْهُ فَهَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ وَلَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا فِيمَا أَدَّى وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ غُلَامًا وَقَالَ بِعْهُ وَأَعْطِ فُلَانًا ثَمَنَهُ قَضَاءً لَهُ مِمَّا عَلَيَّ فَأَعْطَاهُ مِنْ عِنْدِهِ مِثْلَ ثَمَنِ الْغُلَامِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ قَضَاءً بِمَالِهِ عَلَى رَبِّ الْغُلَامِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي هَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ الَّذِي لِفُلَانٍ عَلَيْهِ فَقَضَاهُ ثُمَّ جَاءَ إلَى الْآمِرِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ مَا كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ وَلَا أَمَرْتُك أَنْ تَقْضِيَهُ وَلَا أَنْتَ قَضَيْت شَيْئًا وَاَلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ غَائِبٌ فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ وَالْآمِرِ بِالْقَضَاءِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْمَالِ عَلَى الْآمِرِ لِلْغَائِبِ وَبِالرُّجُوعِ لِلْمَأْمُورِ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبًا كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. إذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا يَدْفَعُهُ إلَى رَجُلٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَكَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ الْآمِرُ وَالْمَأْمُورُ لَهُ بِالْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخَرِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ وَلَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ عَنْ الْآمِرِ وَلَا تَجِبُ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى الَّذِي كَذَّبَهُ دُونَ الَّذِي صَدَّقَهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَأْمُورُ فِي الدَّفْعِ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ الْآخَرَ بِاَللَّهِ مَا قَبَضَ فَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ وَإِنْ نَكَلَ سَقَطَ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْآخَرُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَكَذَّبَ الْمَأْمُورَ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ الْمَأْمُورَ خَاصَّةً لَقَدْ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا دَفَعَ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مَضْمُونًا عَلَى رَجُلٍ كَالْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ الدَّيْنِ فَأَمَرَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَوْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِأَنْ يَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ فَعَلْت ذَلِكَ وَقَالَ فُلَانٌ لَمْ أَقْبِضْ لَا يُصَدَّقُ الْمَأْمُورُ عَلَى الدَّفْعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْآمِرُ فِي الدَّفْعِ فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْقَابِضِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ كَذَّبَ الْآمِرُ

فصل في الوكيل بقبض العين

الْمَأْمُورَ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ وَطَلَب الْمَأْمُورُ يَمِينَهُ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ دَفَعَ فَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ مِنْهُ الضَّمَانُ وَإِنْ نَكَلَ سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ وَكَّلَ الْمُكَاتَبُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَكِيلًا بِدَفْعِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا إلَيْهِ وَغَابَ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْوَكِيلِ شَيْئًا لِأَنَّهُ فِي نَصِيبِهِ لَيْسَ بِوَكِيلٍ مِنْ جِهَتِهِ فِي الدَّفْعِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ وَكَّلَ وَكِيلًا بِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ فَأَرَادَ مُوَلِّيَاهُ أَوْ غَيْرُهُمَا أَنْ يَقْبِضُوا ذَلِكَ مِنْ الْوَكِيلِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ وَكَالَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ. [فَصْلٌ فِي الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ] (فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ) الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ حَتَّى إنَّ مَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِقَبْضِ عَبْدٍ لَهُ فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ بَاعَهُ إيَّاهُ وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ اسْتِحْسَانًا حَتَّى لَوْ حَضَرَ تُعَادُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ عَلَى الْعَتَاقِ عَلَى الْوَكِيلِ بِنَقْلِهِمْ تُقْبَلُ فِي قَصْرِ يَدِهِ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ اسْتِحْسَانًا دُونَ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَّلَ إنْسَانًا بِقَبْضِ عَيْنٍ فَجَاءَ رَجُلٌ وَاسْتَهْلَكَ الْعَيْنَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُسْتَهْلِكَ بِقَبْضِ الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ قَبَضَ الْعَيْنَ فَاسْتَهْلَكَهَا رَجُلٌ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُسْتَهْلِكَ بِأَخْذِ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ أَمَانَةٍ لَهُ فِي يَدَيْ آخَرَ فَقَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ قَدْ دَفَعْتهَا إلَى الْمُوَكِّلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ دَفَعْتهَا إلَى الْوَكِيلِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا أَلْفًا ثُمَّ قَالَ فِي غِيبَةِ الْمُودَعِ أَمَرَتْ فُلَانًا أَنْ يَقْبِضَ الْأَلْفَ الَّذِي هُوَ وَدِيعَةٌ لِي عِنْدَ فُلَانٍ فَلَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُورُ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ قَبَضَ الْأَلْفَ مِنْ الْمُودَعِ فَضَاعَ فَلِرَبِّ الْوَدِيعَةِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَابِضَ وَلَوْ كَانَ الْمُودِعُ عَلِمَ بِالتَّوْكِيلِ وَالْآمِرِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَأْمُورُ فَدَفَعَ الْمُودِعُ الْمَالَ إلَى الْمَأْمُورِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْأَمْرِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدُهُمَا بِالْأَمْرِ فَقَالَ الْمَأْمُورُ لِلْمُودِعِ ادْفَعْ إلَيَّ وَدِيعَةَ فُلَانٍ. أَدْفَعُهَا إلَى صَاحِبِهَا أَوْ قَالَ ادْفَعْهَا إلَيَّ تَكُونُ عِنْدِي لِفُلَانٍ وَدِيعَةً فَدَفَعَ فَضَاعَتْ فَلِرَبِّ الْوَدِيعَةِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ فَقَبَضَ بَعْضَهَا جَازَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ أَنْ لَا يَقْبِضَهَا إلَّا جَمِيعًا فَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ بَعْضَهَا وَيَصِيرُ ضَامِنًا وَإِنْ قَبَضَ مَا بَقِيَ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكَ الْأَوَّلُ جَازَ الْقَبْضُ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَكَّلَ بِقَبْضٍ عَبْدٍ مِنْ الْمُودَعِ وَقُتِلَ الْعَبْدُ خَطَأً. لِلْمُودِعِ أَخْذُ الْقِيمَةِ دُونَ الْوَكِيلِ وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ وَأَخَذَ أَرْشَهَا لَهُ أَخْذُ الْعَبْدِ لَا الْأَرْشِ وَكَذَلِكَ مَهْرُهَا وَأُجْرَتُهَا وَلَوْ قَبَضَ الْوَكِيلُ ثُمَّ قُتِلَ فِي يَدِهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ أَمَةٍ أَوْ شَاةٍ فَوَلَدَتْ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ الْوَلَدَ مَعَ الْأُمِّ وَلَوْ وَلَدَتْ قَبْلَ أَنْ يُوَكِّلَهُ بِقَبْضِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُ الْوَلَدِ وَثَمَرَةُ الْبُسْتَانِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَوْدِعُ بَاعَ الثَّمَرَةَ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ بِأَمْرِ رَبِّ الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَهَا

وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْجَارِيَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَقَبَضَهَا الْمُوَكِّلُ ثُمَّ اسْتَوْدَعَهَا إيَّاهُ ثَانِيًا لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا بِقَبْضِهَا عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَهَا الْوَكِيلُ أَوَّلًا وَدَفَعَهَا إلَى الْمُوَكِّلِ ثُمَّ اسْتَوْدَعَهَا الْأَوَّلُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَهَا مِنْهُ فَلِرَبِّ الْوَدِيعَةِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَوْدِعَ رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وُكِّلَ بِقَبْضِ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ وَدِيعَةً فَاسْتَهْلَكَهُ رَجُلٌ وَقَبَضَ الْمُسْتَوْدِعُ مِثْلَهُ يَأْخُذُهُ الْوَكِيلُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فِي الْيَوْمِ فَلَهُ أَنْ يَقْبِضَهَا غَدًا وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَقْبِضَهَا غَدًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ الْيَوْمَ وَكَذَا لَوْ قَالَ اقْبِضْهَا السَّاعَةَ فَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ بَعْدَ السَّاعَةِ وَلَوْ قَالَ اقْبِضْهَا بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ فَقَبَضَهَا وَهُوَ غَيْرُ حَاضِرٍ جَازَ وَكَذَا لَوْ قَالَ اقْبِضْهَا بِشُهُودٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ بِغَيْرِ شُهُودٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَا تَقْبِضْهَا إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ حَيْثُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَقْبِضَ بِغَيْرِ مَحْضَرِهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ. رَجُلٌ قَالَ أَنَا وَكِيلُ فُلَانٍ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ مِنْك فَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْوَكَالَةِ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ أَبَى أَنْ يَدْفَعَ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا قَبَضَ رَجُلٌ وَدِيعَةَ رَجُلٍ فَقَالَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ مَا وَكَّلْته وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَضَمَّنَ مَالَهُ الْمُسْتَوْدِعَ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ إنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَإِنْ قَالَ قَدْ هَلَكَ مِنِّي أَوْ قَالَ دَفَعْته إلَى الْمُوَكِّلِ إنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَوْدِعُ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَذَّبَهُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ أَوْ صَدَّقَهُ وَضَمَّنَهُ الْمَالَ كَانَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ وَإِذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالتَّسْلِيمِ وَمَعَ هَذَا سَلَّمَ أَوْ أَرَادَ اسْتِرْدَادَهَا بَعْدَ مَا دَفَعَهَا إلَيْهِ لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ سَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ وَلَوْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدَهُ بَعْدَ مَا مَنَعَ قِيلَ لَا يَضْمَنُ وَكَانَ يَنْبَغِي التَّضْمِينُ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ وَكِيلِ الْمُودِعِ فِي زَعْمِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَنْعِ مِنْ الْمُودَعِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. رَجُلٌ اسْتَوْدَعَ رَجُلًا مَتَاعًا ثُمَّ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِهِ فَدَفَعَ الْمُسْتَوْدِعُ إلَى الْوَكِيلِ غَيْرَ مَتَاعِ الْمُوَكِّلِ فَدَفَعَهُ الْوَكِيلُ إلَى الْمُوَكِّلِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ فَضَمَانُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دَابَّةٍ اسْتَعَارَهَا مِنْ رَجُلٍ فَقَبَضَهَا الْوَكِيلُ وَرَكِبَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ فِي الرُّكُوبِ مَا كَانَ عَامِلًا لَهُ وَلَا مَأْمُورًا مِنْ جِهَتِهِ، قَالُوا وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ بِحَيْثُ تَنْقَادُ لِلسُّوقِ مِنْ غَيْرِ رُكُوبٍ فَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقَادُ إلَّا بِالرُّكُوبِ فَقَدْ صَارَ رَاضِيًا بِرُكُوبِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَ لِلْمَدْيُونِ فِي يَدِ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ فَجَاءَ الْمُودِعُ إلَى صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ فَقَالَ لَهُ اجْعَلْ وَدِيعَتَك قَضَاءً لِفُلَانٍ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي عَلَيْك فَإِنَّهُ سَيُجِيزُ قَبْضِي لِذَلِكَ فَفَعَلَ الْمَدْيُونُ ذَلِكَ وَجَعَلَهَا قَضَاءً لِفُلَانٍ بِدَيْنِهِ وَأَمَرَ الْمُودِعَ بِقَبْضِهَا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ ثُمَّ قَدِمَ الطَّالِبُ وَأَجَازَ ذَلِكَ وَقَالَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ لِلْمُودَعِ لَا تَدْفَعْهَا إلَى الطَّالِبِ وَلَا تَقْبِضْهَا لَهُ صَحَّ نَهْيُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُودَعُ قَبَضَهَا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمُودَعُ قَبَضَهَا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ فَقَدْ صَارَتْ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ قَبَضَهَا مِنْ الْمُودَعِ كَذَا فِي

فصل الوكيل بالصلح لا يكون وكيلا بالخصومة

فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ دَفَعَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى رَجُلٍ وَادَّعَى أَنَّهُ قَدْ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ الْأَمْرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَكَّلَهُ بِدَفْعِ عَبْدِهِ إلَى فُلَانٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إنَّ فُلَانًا اسْتَوْدَعَك هَذَا فَقَبِلَ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ ثُمَّ هَلَكَ عِنْدَهُ فَلِرَبِّ الْعَبْدِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ إنَّ فُلَانًا أَمَرَك أَنْ تَسْتَخْدِمَهُ أَوْ تَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ فَفَعَلَ وَهَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْوَكِيلِ إلَّا مُجَرَّدُ الْغُرُورِ بِالْقَوْلِ كَذِبًا، وَمُجَرَّدُ الْغُرُورِ مِنْ غَيْرِ أَخْذِ الْبَدَلِ لَا يُوجِبُ ضَمَانًا عَلَى الْغَارِّ وَالْمُسْتَخْدِمُ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ اسْتَخْدَمَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [فَصْل الْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ] (فَصْل) الْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِالصُّلْحِ فَإِنْ وَكَّلَ وَصَالَحَ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ فَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مِنْ مَالِ الْآمِرِ رَجَعَ بِهَا وَإِنْ كَانَ دَفَعَ الْمَالَ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ الْأَوَّلَ شَيْءٌ وَجَازَ الصُّلْحُ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ اثْنَيْنِ بِالصُّلْحِ فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ دُونَ مَالِ الْمُوَكِّلِ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِيهِ وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُصَالِحَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَيَضْمَنُ الْمَالَ فَصَالَحَ بِأَلْفَيْنِ أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَنَقَدَهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ صَالَحَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ مِنْ عِنْدِهِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِشَيْءٍ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَضَمِنَهُ جَازَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَكُلَّمَا خَالَفَ الْوَكِيلُ فِي جِنْسِ مَا أَمَرَهُ بِالصُّلْحِ أَوْ وَصْفِهِ جَازَ عَلَى الْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا أَنْ يُصَالِحَ عَنْهُ رَجُلًا ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَأَنْ يَعْمَلَ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ فَصَالَحَهُ الْوَكِيلُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْمَالُ عَلَى الْآمِرِ دُونَ الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا ضَمِنَ بَدَلَ الصُّلْحِ أَوْ أَضَافَ الصُّلْحَ إلَى مَالِهِ حَتَّى لَزِمَهُ بَدَلُ الصُّلْحِ لَوْ أَدَّى يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى إلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْآمِرِ الْوَكِيلِ بِالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ مِنْ جَانِبِ الْمَطْلُوبِ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ النَّفْسِ إنْ صَالَحَ عَلَى بَدَلٍ فَهُوَ مِثْلُ قِيمَةِ النَّفْسِ أَوْ أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ النَّفْسِ أَوْ أَكْثَرُ مِقْدَارُ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ صَالَحَ عَلَى بَدَلٍ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ النَّفْسِ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ وَالْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ مِنْ جَانِبِ الطَّالِبِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَكِيلٌ بِبَيْعِ النَّفْسِ إنْ صَالَحَ عَلَى بَدَلٍ هُوَ مِثْلُ قِيمَةِ النَّفْسِ أَوْ أَقَلُّ مِقْدَارَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ صَالَحَ عَلَى بَدَلٍ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ النَّفْسِ مِقْدَارُ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَعَلَى الْخِلَافِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَكَّلَ بِالصُّلْحِ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ فَصَالَحَ عَلَى أَيِّ جِنْسٍ كَانَ مِمَّا يُؤْخَذُ فِي الدِّيَةِ جَازَ ذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَلَوْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّيَةِ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَضَمِنَ ذَلِكَ جَازَ عَلَيْهِ دُونَ الْآمِرِ وَلَوْ وَكَّلَهُ الطَّالِبُ بِالدَّمِ بِالصُّلْحِ فَصَالَحَ عَلَى جِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسِ الدِّيَةِ جَازَ فَإِنْ صَالَحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ جَازَ عَلَى الطَّالِبِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا نَقَضَ بِقَدْرِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ كَذَا

فِي الْحَاوِي وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ فَصَالَحَهُ عَلَى كُرِّ شَعِيرٍ أَوْ دَرَاهِمَ جَازَ عَلَى الْوَكِيلِ دُونَ الْآمِرِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالصُّلْحِ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَصَالَحَ عَلَى أَمَةٍ لِلْوَكِيلِ جَازَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَضْمَنَ أَوْ يَدْفَعَ أَوْ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَلَوْ وَكَّلَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى بَيْتٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ بِعَيْنِهِ فَصَالَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى بَيْتٍ آخَرَ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ هَذَا الْبَيْتِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَصَالَحَ عَنْهُ وَعَنْ بَيْتٍ آخَرَ وَالْوَكِيلُ مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَازَ فِي حِصَّةِ ذَلِكَ الْبَيْتِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهِ فَصَالَحَهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ صِنْفِهِ أَجْوَدَ مِنْهُ وَضَمِنَهُ جَازَ عَلَى الْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ وَالْكُرُّ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ وَسَطٌ أَجْزَتْ عَلَى الْمُوَكِّلِ اسْتِحْسَانًا وَاذَا وَكَّلَهُ بِأَنْ يُصَالِحَ فِي دَعْوَى دَارٍ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ شَيْئًا فَصَالَحَ عَلَى مَالٍ كَثِيرٍ وَضَمِنَهُ فَهُوَ لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ زَادَ قَدْرَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ جَازَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ عَلَى رَبِّ الدَّارِ كَذَا فِي الْحَاوِي. فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ وَكِيلَ الْمُدَّعِي فَصَالَحَ عَلَى شَيْءٍ يَسِيرٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْمُدَّعِي فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ فِيمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الدَّعْوَى فَالصُّلْحُ جَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ الْخَصْمُ مُنْكِرًا وَلَا حُجَّةَ لِلْمُدَّعِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا أَقَرَّ وَكِيلُ الْمَطْلُوبِ بِالدَّمِ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الطَّالِبَ يُطَالِبُ مُوَكِّلَهُ بِحَقٍّ جَازَ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ قِيَاسًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا وَطَعَنَ فِيهِ بِالْعَيْبِ وَكَّلَ رَجُلًا بِالصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَبْطَلَ الْعَيْبَ وَرَضِيَ بِهِ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَلَوْ صَالَحَ وَكِيلُ الْمَطْلُوبِ عَلَى عَبْدِ الْمَطْلُوبِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَطْلُوبُ سَمَّى شَيْئًا جَازَ وَالْمَطْلُوبُ بِالْخِيَارَاتِ إنْ شَاءَ أَعْطَى عَيْنَ الْعَبْدِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى قِيمَتَهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ عَيْنٍ لَا مِثْلَ لَهَا وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى عَيْنٍ لَهَا مِثْلٌ فَإِنْ شَاءَ الْمَطْلُوبُ أَعْطَى عَيْنَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدَّى مِثْلَهُ وَاذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَوَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَجُلًا بِالصُّلْحِ مَعَ الْمُدَّعِي وَأَمَرَهُ بِالضَّمَانِ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ وَضَمِنَ فَهُوَ لِلْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّل مُؤَجَّلًا وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى مَالٍ حَالٍّ فَلِلْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُوَكِّلَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ وَإِذَا صَالَحَ الْوَكِيلُ الطَّالِبَ عَلَى مَالٍ عَلَى أَنَّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ صَحَّ وَلَوْ أَنَّ الطَّالِبَ وَكَّلَ وَكِيلًا بِالصُّلْحِ وَالْقَبْضِ فَلَهُ الْقَبْضُ وَلَوْ وَكَّلَ الطَّالِبُ رَجُلًا يُصَالِحُ الْمَطْلُوبَ وَالْمَطْلُوبُ وَكَّلَ رَجُلًا يُصَالِحُ الطَّالِبَ فَالْتَقَى الْوَكِيلَانِ وَاصْطَلَحَا جَازَ وَلَوْ كَانَ دَمُ الْخَطَأِ بَيْنَ وَرَثَةٍ فَوَكَّلَ أَحَدُهُمْ بِالصُّلْحِ فِي حِصَّتِهِ فَصَالَحَ عَلَى دَرَاهِمَ فَقَبَضَهَا فَلِسَائِرِهِمْ أَنْ يُشَارِكُوهُ فِيمَا قَبَضَ بِالْحِصَصِ وَلَوْ هَلَكَ الْمَالُ فِي الْخَطَأِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَهُوَ كَهَلَاكِهِ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الْمُوَكِّلَ بِحِصَصِهِمْ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ قَبَضَهُ وَإِذَا قَضَى بِالْإِبِلِ فِي الدِّيَةِ فَوَكَّلَ الطَّالِبُ وَكِيلًا بِقَبْضِهَا فَقَبَضَهَا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فِي الْإِنْفَاقِ وَاذَا قَضَى بِالدِّيَةِ مِنْ جِنْسٍ فَقَبَضَ الْوَكِيلُ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ لِمَكَانِ الْخِلَافِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَكَّلَ الْمَطْلُوبُ رَجُلًا

بِالْخُصُومَةِ فَأَدَّى الْوَكِيلُ الْمَالَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِذَا دَفَعَ الْمَطْلُوبُ الدِّيَةَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلَيْنِ وَقَالَ أَدِّيَاهَا عَنِّي فَصَالَحَا الطَّالِبَ مِنْ الْمَالِ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ عُرُوضٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ قَضَيَا الدَّرَاهِمَ غَيْرَ الَّذِي أَعْطَاهُمَا فِي الْقِيَاسِ يَرُدَّانِ دَرَاهِمَهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُمَا أَدَاءُ مِثْلِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِالصُّلْحِ فِي شَجَّةٍ اُدُّعِيَتْ عَلَيْهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَضْمَنَ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ فَصَالَحَ الْوَكِيلُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الشَّجَّةُ خَطَأً جَازَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَبَطَلَ الْفَضْلُ وَلَوْ كَانَتْ عَمْدًا جَازَتْ الزِّيَادَةُ بِقَدْرِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهَا لَمْ يَجُزْ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنْ مَاتَ الْمَشْجُوجُ بَطَلَ الصُّلْحُ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ صَالَحَ عَنْ الْجِنَايَةِ ثُمَّ بَرَأَ مِنْ الشَّجَّةِ بَطَلَ الصُّلْحُ عِنْدَهُ وَإِنْ مَاتَ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ عَلَى الْوَكِيلِ خَاصَّةً إنْ ضَمِنَ وَكِيلُ الْمَشْجُوجِ بِالصُّلْحِ عَنْ الْمُوضِحَةِ إذَا حَطَّ شَيْئًا عَنْ خَمْسِمِائَةٍ فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَا يَتَغَابَنُ فِيهِ يَجُوزُ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْوَكِيلُ صَالَحَ عَنْهَا وَعَنْ جُرْحٍ آخَرَ مِثْلِهَا جَازَ عَلَى الْمُوَكِّلِ نِصْفُهَا إذَا اسْتَوَى أَرْشَاهُمَا فَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَرْشُ لَزِمَهُ بِحِسَابِهِ إذَا قُسِّمَ الْبَدَلُ عَلَيْهِمَا وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَكِيلِ إذَا ضَمِنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِالصُّلْحِ فِي مُوضِحَةٍ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا فَصَالَحَ مِنْ مُوَضِّحَتَيْنِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُمَا وَضَمِنَ جَازَ عَلَى الْوَكِيلِ النِّصْفُ وَعَلَى الْمُوَكِّلِ النِّصْفُ سَوَاءٌ مَاتَ أَوْ عَاشَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِالصُّلْحِ فِي شَجَّةٍ تُدَّعَى قِبَلَهُ وَأَنْ يَضْمَنَ الْبَدَلَ فَصَالَحَ عَلَى وَصِيفٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ عَشْرَةٍ مِنْ الْغَنَمِ أَوْ عَلَى خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ فَهُوَ جَائِزٌ وَعَلَى الْوَكِيلِ مِنْ ذَلِكَ، وَسَطٌ كَمَا لَوْ كَانَ صَالَحَ بِنَفْسِهِ وَلَوْ وَكَّلَ الْمَطْلُوبُ وَكِيلًا بِالصُّلْحِ فِي مُوضِحَةٍ عَمْدًا فَصَالَحَ الْوَكِيلُ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدِ الْمُوَكِّلِ عَشْرَ سِنَّيْنِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَهُوَ عَفْوٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى الشَّاجِّ وَلَا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أُصَالِحُك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى هَذَا الْخَلِّ فَإِذَا الْخَلُّ خَمْرٌ وَالْعَبْدُ حُرٌّ فَعَلَى الْوَكِيلِ أَرْشُ الشَّجَّةِ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدَيْنِ فَإِذَا أَحَدُهُمَا حُرٌّ فَلَيْسَ لِلْمَصَالِحِ غَيْرُ الْعَبْدِ الْبَاقِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ فَإِذَا هُوَ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ عَلَى أَمَةٍ فَإِذَا هِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ تَسْلِيمَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ فِي مَالِهِ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا شَجَّ رَجُلَانِ مُوضِحَةً فَوَكَلَّا وَكِيلًا يُصَالِحُ عَنْهُمَا فَصَالَحَ عَنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ جَازَ وَعَلَى الْآخَرِ نِصْفُ الْأَرْشِ وَإِنْ صَالَحَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُبَيِّنْ جَازَ وَالْبَيَانُ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ إذَا شَجَّ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ وَوَكَّلَا وَكِيلًا بِالصُّلْحِ عَنْهُمَا فَصَالَحَ عَنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ جَازَ وَإِنْ صَالَحَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُبَيِّنْ جَازَ وَالْبَيَانُ إلَيْهِ وَإِذَا شَجَّ حُرٌّ وَعَبْدٌ رَجُلًا مُوضِحَةً فَوَكَّلَ الْحُرُّ وَمَوْلَى الْعَبْدِ وَكِيلًا فَصَالَحَ عَنْهُمَا عَلَى خَمْسِمِائَةٍ فَعَلَى الْمَوْلَى نِصْفُهَا وَعَلَى الْحُرِّ نِصْفُهَا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَتَلَ رَجُلٌ حُرًّا وَعَبْدًا فَوَكَّلَ مَوْلَى الْعَبْدِ وَوَلِيُّ الْحُرِّ رَجُلًا يُصَالِحُ مَعَ الْقَاتِلِ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسُمِائَةٍ وَالصُّلْحُ وَقَعَ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ يُقَسَّمُ الْبَدَلُ بَيْنَهُمَا يُضْرَبُ فِيهِ وَرَثَةُ الْحُرِّ بِعَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَيُضْرَبُ فِيهِ الْمَوْلَى بِخَمْسِمِائَةٍ فَيَصِيرُ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ وَلَوْ كَانَ كِلَاهُمَا خَطَأً لِوَرَثَةِ الْحُرِّ هَهُنَا عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَالْبَاقِي يَكُونُ لِمَوْلَى الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ قَتْلُ الْعَبْدِ عَمْدًا وَقَتْلُ الْحُرِّ خَطَأً فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ لِوَرَثَةِ الْحُرِّ عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمِ وَالْبَاقِي لِمَوْلَى الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ قَتْلُ الْعَبْدِ خَطَأً وَقَتْلُ الْحُرِّ عَمْدًا فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَا عَمْدَيْنِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قُتِلَ عَبْدٌ خَطَأً فَوَكَّلَ مَوْلَاهُ رَجُلًا بِالصُّلْحِ عَنْهُ فَصَالَحَهُ عَلَى عَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ جَازَ وَيَرُدُّ الْمَوْلَى عَشْرَةً وَلَوْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْعَبْدِ فَصَالَحَ عَنْهَا عَلَى سِتَّةِ آلَافِ دِرْهَمٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ مَكَانُ فَقْءِ الْعَيْنِ مُوضِحَةً فَصَالَحَ عَنْهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْهَا عَلَى عَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ نَقَصَ مِنْهَا أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا (1) عِنْدَهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجِبُ فِي فَقْءِ الْعَيْنِ

الباب الثامن في توكيل الرجلين

إلَّا خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ غَيْرَ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَلَا يَجِبُ فِي الْمُوضِحَةِ إلَّا خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ غَيْرَ نِصْفِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَكَّلَ الْمُكَاتَبَ بِالصُّلْحِ عَنْ جِنَايَةٍ اُدُّعِيَتْ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَبْدِهِ ثُمَّ رُدَّ فِي الرِّقِّ ثُمَّ صَالَحَ الْوَكِيلَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِعَجْزِهِ وَضَمِنَ بَدَلَ الصُّلْحِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فِي رَقَبَتِهِ كَمَا لَوْ صَالَحَ بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْعَجْزِ فَيَكُونُ الْوَكِيلُ مُطَالَبًا بِالْمَالِ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَهُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُكَاتَبِ إذَا أُعْتِقَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُك بِشَجَّتِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا وَلَا أَنْ يَعْفُوَ وَلَا أَنْ يُخَاصِمَ فِيهَا وَلَوْ أَخَذَ أَرْشَهَا تَامًّا فَإِنْ كَانَتْ الشَّجَّةُ خَطَأً فَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَلَوْ كَانَتْ الشَّجَّةُ عَمْدًا فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ أَرْشِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ الْمَشْجُوجُ مَا صَنَعْتَ فِي شَجَّتِي مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ فِي حِلٍّ فَصَالَحَ عَلَيْهَا جُوِّزَ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ أَبْرَأَ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ قَالَ مَا صَنَعْتَ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ أَجْزَتْ الْبَرَاءَةُ وَالصُّلْحُ (2) وَغَيْرُهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي تَوْكِيلِ الرَّجُلَيْنِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي تَوْكِيلِ الرَّجُلَيْنِ) إذَا وَكَّلَ رَجُلَيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا وَكَّلَا فِيهِ دُونَ الْآخَرِ هَذَا إذَا وَكَّلَهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ بِأَنْ قَالَ وَكَّلْتُكُمَا بِبَيْعِ عَبْدِي هَذَا. أَمَّا إذَا وَكَّلَهُمَا بِكَلَامَيْنِ بِأَنْ وَكَّلَ أَحَدَهُمَا بِبَيْعِهِ ثُمَّ وَكَّلَ آخَرَ أَيْضًا فَأَيُّهُمَا بَاعَ جَازَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً وَوَكَّلَ آخَرَ بِذَلِكَ فَزَوَّجَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا امْرَأَةً فَإِذَا هُمَا أُخْتَانِ فَإِنْ وَقَعَ النِّكَاحَانِ عَلَى التَّعَاقُبِ جَازَ فِي الْأُولَى وَبَطَلَ فِي الْأُخْرَى وَإِنْ وَقَعَ مَعًا بَطَلَ النِّكَاحَانِ جَمِيعًا وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ أَوْ وَكَّلَتْ امْرَأَةٌ بِذَلِكَ رَجُلَيْنِ فَفَعَلَ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ سَمَّى الْمُوَكِّلُ الْمَهْرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَكِيلَانِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ الْمَالِ وَكَذَا الْوَكِيلَانِ بِرَدِّ الْوَدَائِعِ وَالْعَوَارِيّ وَالْغُصُوبِ وَالرَّدِّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِطَلَاقِ إمْرَاتِهِ فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ أَنْ يُطَلِّقَ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ الْمُفْرَدَ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ وَكَذَلِكَ فِي إعْتَاقِ عَبْدِهِ وَإِذَا وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ بِالطَّلَاقِ وَقَالَ لَا يُطَلِّقَنَّ أَحَدُكُمَا دُونَ صَاحِبِهِ فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ طَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَأَجَازَ الْآخَرُ لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلَانِ بِالْعِتْقِ وَلَوْ قَالَ لَهُمَا طَلِّقَاهَا جَمِيعًا ثَلَاثًا فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً ثُمَّ طَلَّقَ الْآخَرُ تَطْلِيقَتَيْنِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَإِنْ وَكَّلَهُمَا بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا أَوْ بِعِتْقِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِالْخُلْعِ فَخَلَعَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ سَمَّى لَهُمَا الْبَدَلَ فَكَذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَا لَوْ خَلَعَهَا أَحَدُهُمَا وَأَجَازَ الْآخَرُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَقُولَ الْآخَرُ خَلَعْتُهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنْ كُلَّ تَصَرُّفٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى رَأْيٍ، فَإِذَا وَكَّلَ بِهِ رَجُلَيْنِ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ إذَا وَكَّلَ بِهِ رَجُلَيْنِ فَفَعَلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ جَازَ وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ رَجُلَيْنِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلَيْنِ أَنْ يَدْفَعَا إلَى رَجُلٍ بِضَاعَةً أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدَفَعَ الْأَلْفَ إلَيْهِمَا فَدَفَعَهَا أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ وَكَّلَا رَجُلًا أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى فُلَانٍ الَّذِي سَمَّاهُ الْمَالِكُ وَدَفَعَا إلَيْهِ الْمَالَ فَدَفَعَهَا الْوَكِيلُ إلَيْهِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ وَصَلَ إلَى مَنْ كَانَ مَأْمُورًا بِالْقَبْضِ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَغَابَ الْمُوَكِّلُ وَغَابَ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ فَجَاءَ الْوَكِيلُ الْحَاضِرُ بِالْغَرِيمِ فَأَقَرَّ الْغَرِيمُ بِالدَّيْنِ وَجَحَدَ الْوَكَالَةَ فَأَقَامَ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى هَذَا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِوَكَالَتِهِمَا حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَكَالَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ. إذَا وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِالْخُصُومَةِ فِي دَيْنٍ ادَّعَاهُ وَبِقَبْضِهِ فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُخَاصِمَ دُونَ صَاحِبِهِ وَلَكِنْ لَا يَقْبِضَانِ إلَّا مَعًا فَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ حَتَّى يَصِلَ إلَى صَاحِبِهِ فَيَقَعَ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ يَصِلَ إلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ وَكَّلَ

رَجُلَيْنِ بِخُصُومَةِ رَجُلٍ فِي دَارٍ ادَّعَاهَا وَقَبْضِهَا مِنْهُ فَخَاصَمَاهُ فِيهَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْوَكِيلِينَ قَالَ أَقْبَلُ مِنْ الْحَيِّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّارِ وَأَقْضِي بِهَا لِلْمُوَكِّلِ وَلَا أَقْضِي بِدَفْعِ الدَّارِ إلَيْهِ وَلَكِنْ جَعَلْتُ لِلْوَكِيلِ الْمَيِّتِ وَكِيلًا مَعَ هَذَا الْحَيِّ وَدَفَعْتُ الدَّارَ إلَيْهِمَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ وَاحِدًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّارِ وَقَضَيْتُ بِالدَّارِ لِلْمُوَكِّلِ فَمَاتَ هَذَا الْوَكِيلُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الدَّارَ إلَيْهِ أَجْعَلُ لَهُ وَكِيلًا بِقَبْضِ الدَّارِ وَآمُرُ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِدَفْعِ الدَّارِ إلَيْهِ وَلَا أَتْرُكُهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ الَّذِي قَضَيْتُ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِالْبَيْعِ وَأَحَدُهُمَا عَبْدٌ مَحْجُورٌ لَمْ يَجُزْ لِلْآخَرِ أَنْ يَتَفَرَّدَ بِبَيْعِهِ لِعَدَمِ رِضَاهُ بِرَأْيِ وَاحِدٍ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْوَكِيلِينَ أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَبِيعَهُ إذَا وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِبَيْعِ عَبْدٍ أَوْ ابْتِيَاعِهِ فَفَعَلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُجِيزَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ الْوَكِيلُ الْآخَرُ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مُسَمًّى أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ الْآخَرُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا إلَّا أَنَّ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَرْقًا فِي الشِّرَاءِ إذَا فَعَلَهُ أَحَدُهُمَا يَنْفُذُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ الْآخَرِ وَكَذَا الْوَكِيلَانِ بِالْكِتَابَةِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ إذَا فَعَلَ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ حَتَّى يُجِيزَ الْمُوَكِّلُ أَوْ الْوَكِيلُ الْآخَرُ وَلَوْ وَكَّلَ اثْنَيْنِ بِتَسْلِيمِ مَا وَهَبَ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا صَحَّتْ الْهِبَةُ وَلَوْ وَكَّلَ اثْنَيْنِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَسَلَّمَ إلَيْهِمَا فَقَضَاهُ أَحَدُهُمَا جَازَ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ أَنْ يَخْلَعَا امْرَأَتَيْنِ لَهُ بِمَالٍ مَعْلُومٍ أَوْ يَبِيعَا عَبْدَيْنِ لَهُ بِمَالٍ مَعْلُومٍ فَخَلَعَا إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ أَوْ بَاعَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ بِمَالٍ مَعْلُومٍ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِأَنْ يَهَبَا هَذِهِ الْعَيْنَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَمْ يَتَفَرَّدْ أَحَدُهُمَا (1) عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ بِالرَّهْنِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِذَلِكَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِاسْتِئْجَارِ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ فَاسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا وَقَعَ الْعَقْدُ لَهُ فَإِنْ دَفَعَهَا الْوَكِيلُ إلَى الْمُوَكِّلِ انْعَقَدَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوَكِّلِ إجَارَةٌ مُبْتَدَأَةٌ بِالتَّعَاطِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ فِي التَّوْكِيلِ بِالْإِجَارَةِ. وَإِنْ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ لَهُ وَقَبَضَهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْآخَرِ فَهُوَ ضَامِنٌ فَإِنْ قَبَضَاهَا جَمِيعًا جَازَ وَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يَسْتَوْدِعَهَا الْآخَرَ وَلَهُمَا أَنْ يَسْتَوْدِعَاهَا عِيَالَ أَحَدِهِمَا كَذَا فِي الْحَاوِي فِي فَصْلٍ فِي الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلَيْنِ وَكَّلْتُ أَحَدَكُمَا بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ لِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهَا أَحَدُهُمَا ثُمَّ اشْتَرَى الْآخَرُ فَإِنَّ الْآخَرَ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَلَوْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَارِيَةً وَوَقَعَ شِرَاؤُهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَانَتْ الْجَارِيَتَانِ لِلْمُوَكِّلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَوَكَّلَ آخَرَ بِبَيْعِ ذَلِكَ الْعَبْدِ فَبَاعَ هَذَا مِنْ رَجُلٍ وَهَذَا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ فَإِنْ عَلِمَ الْأَوَّلُ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَيُخَيَّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ أَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ أَوْ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ فَهُمَا سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ أَحَدِ الْمُشْتَرَيَيْنِ كَانَ هُوَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُؤَرِّخَ الْآخَرُ شِرَاءَهُ قَبْلَ شِرَاءِ هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ مِنْ رَجُلٍ وَالْمُوَكِّلُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ أَوْ كَانَ الْوَكِيلُ وَاحِدًا بَاعَ الْوَكِيلُ مِنْ رَجُلٍ وَالْمُوَكِّلُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الْأَوَّلُ كَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ بَيْعَ الْمُوَكِّلِ أَوْلَى وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُشْتَرَى يَكُونُ بَيْنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ عَشَرَ. وَإِذَا دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَدْفَعَانِهِ إلَى رَجُلٍ فَدَفَعَهُ أَحَدُهُمَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِلنِّصْفِ فِي الْقِيَاسِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ لَا ضَمَانَ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَالِ إلَى الْغَيْرِ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ اقْضِ عَنِّي هَذَا الْأَلْفَ فُلَانًا أَوْ فُلَانًا فَأَيَّهُمَا قَضَى فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَوَكَّلَ وَكِيلًا بِبَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ فَبَاعَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ بَاعَهُ الْوَكِيلُ

الباب التاسع فيما يخرج به الوكيل عن الوكالة

الثَّانِي مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ جَازَ بَيْعُ الثَّانِي لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْوَكَالَةِ بِبَيْعِ الْأَوَّلِ وَبَيْعُ الثَّانِي لَا يَكُونُ فَسْخًا لِبَيْعِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَا يَجُوزَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِبَيْعِ عَبْدَيْنِ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا بِأَرْبَعِمِائَةِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَلْفِ جَازَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ إضْرَارٌ بِالْمُوَكِّلِ وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ فَفِيهِ زِيَادَةُ مَنْفَعَةٍ لِلْمُوَكِّلِ وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ حِصَّتِهِ لَمْ يَجُزْ سَوَّى فِي الْكِتَابِ بَيْنَ النُّقْصَانِ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عِنْدَهُمَا إنْ كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا جَازَ وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَمَرَ رَجُلَيْنِ أَنْ يَرْهَنَا وَيُسَلِّطَا عَلَى بَيْعِهِ فَرَهَنَا وَأَذِنَ أَحَدُهُمَا الْمُرْتَهِنَ فِي الْبَيْعِ لَا يَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ مُسَلَّطًا عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّفَرُّدُ بِالْبَيْعِ فَكَذَا بِالتَّسْلِيطِ فَإِنْ قَالَا إنَّ فُلَانًا يَسْتَقْرِضُ مِنْك وَدَفَعَا إلَيْهِ الرَّهْنَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَمَرَنَا الْمُرْسِلُ أَنْ نَجْعَلَ مُسَلِّطًا عَلَى بَيْعِهِ وَالْآخَرُ سَكَتَ يَصِيرُ مُسَلَّطًا لِأَنَّ لِأَحَدِ الرَّسُولَيْنِ التَّفَرُّدَ بِالْبَيْعِ فَيَتَفَرَّدُ بِالتَّسْلِيطِ عَلَى الْبَيْعِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا يَخْرُجُ بِهِ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا يَخْرُجُ بِهِ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ) (مِنْهُ) أَنْ يَتَصَرَّفَ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ فِيمَا وَكَّلَ بِهِ قَبْلَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ نَحْوَ مَا إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ وَكَذَا إذَا اُسْتُحِقَّ أَوْ كَانَ حُرَّ الْأَصْلِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ وَطِئَ وَاسْتَوْلَدَ فَالْوَكِيلُ يَخْرُجُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَلَوْ وَطِئَ وَلَمْ يَسْتَوْلِدْ أَوْ اُسْتُخْدِمَ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَانَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَإِذَا رَهَنَ أَوْ آجَرَ وَسَلَّمَ ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَإِنْ بَاعَ الْآمِرُ أَوْ الْوَكِيلُ الْعَبْدَ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءٍ فَإِنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ بَاعَهُ الْمُوَكِّلُ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ نَقَضَ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ مُخْتَارًا فِي الرَّدِّ حِينَ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَهُ أَوْ يُكَاتِبَهُ ثُمَّ بَاعَهُ الْمَوْلَى فَقَدْ خَرَجَ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ فَإِنْ رَجَعَ إلَى مِلْكِ الْمَوْلَى فَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ مِنْ الْأَصْلِ فَقَدْ عَادَ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ فَكَانَ الْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ هُوَ تَمْلِيكٌ مُبْتَدَأٌ مِنْ وَجْهٍ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ بِالْإِقَالَةِ أَوْ بِالْمِيرَاثِ لَمْ تَعُدْ الْوَكَالَةُ وَلَوْ أَسَرَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ فَأَدْخَلُوهُ دَارَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْمَوْلَى بِمِلْكٍ جَدِيدٍ بِأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ لَمْ تَعُدْ الْوَكَالَةُ وَلَوْ أُخِذَ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُمْ أَوْ مِمَّنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْغَانِمِينَ بِالْقِيمَةِ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَعْتِقَ أَمَتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى فَارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَأُسِرَتْ وَمَلَكَهَا الْمَوْلَى لَمْ يَجُزْ عِتْقُ الْوَكِيلِ فِيهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَهَبَ عَبْدَهُ فَوَهَبَهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ لَا تَعُودُ الْوَكَالَةُ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْوَكِيلُ أَنْ يَهَبَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِشِرَاءِ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ بِبَيْعِهَا فَجُعِلَتْ دَقِيقًا أَوْ سَوِيقًا خَرَجَ عَنْ الْوَكَالَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ دَارٍ بِعَيْنِهَا وَهِيَ أَرْضٌ بَيْضَاءُ فَبُنِيَتْ فَاشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ كَانَتْ مَبْنِيَّةً فَزَادَ فِيهَا حَائِطًا أَوْ جَصَّصَهَا أَوْ طَيَّنَهَا لَزِمَ الْآمِرَ وَكَذَلِكَ الْوَكَالَةُ بِالْبَيْعِ وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي هَذِهِ الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ أَوْ هَذَا الْقَرَاحَ أَوْ قَالَ لَهُ بِعْهُ لِي فَغَرَسَ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا أَوْ بَنَى دَارًا أَوَحَمَّامًا أَوْ حَانُوتًا أَوْ جَعَلَهَا بُسْتَانًا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَكَذَلِكَ لَوْ زَرَعَ حِنْطَةً أَوْ غَرَسَ كَرْمًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا لِيَقْضِيَ عَنْهُ دَيْنَهُ ثُمَّ قَضَاهُ الْآمِرُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَضَاهُ الْوَكِيلُ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ لَا يَعْلَمُ بِمَا فَعَلَهُ الْمُوَكِّلُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ الْمُوَكِّلُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ بِمَا قَبَضَ مِنْ الْوَكِيلِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ فَهُوَ ضَامِنٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَكَاتَبَهُ ثُمَّ عَجَزَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُكَاتِبَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ وَأَبَانَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُزَوِّجَهُ مَرَّةً أُخْرَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمُوَكِّلُ أُمَّ تِلْكَ الْمَرْأَةِ أَوْ ذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا انْعَزَلَ الْوَكِيلُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِخُلْعِ امْرَأَتِهِ ثُمَّ خَلَعَهَا لِأَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ لَا تَحْتَمِلُ الْخُلْعَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا ثُمَّ إنَّ الْمُوَكِّلَ تَزَوَّجَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا الْوَكِيلُ إيَّاهُ لَمْ يَجُزْ، وَكَّلَتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ تَزَوَّجَتْ بِنَفْسِهَا فَقَدْ خَرَجَ

الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ طَلَّقَ الْمُوَكِّلُ امْرَأَتَهُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ لَا يَقَعُ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا الْمُوَكِّلُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَعْدَ التَّوْكِيلِ ثُمَّ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ فِي الْعِدَةِ وَقَعَ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ خَالَعَهَا الزَّوْجُ يَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ طَلَاقَ الزَّوْجِ يَقَعُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيَبْقَى الْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ وَكَّلَ آخَرَ بِالرَّهْنِ ثُمَّ رَهَنَهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ أَفْتَكَهُ لَا يَرْهَنُهُ الْوَكِيلُ وَلَوْ وَكَّلَ آخَرَ بِالرَّهْنِ وَالْأَوَّلُ قَدْ رَهَنَهُ فَأَفْتَكَ الْأَوَّلُ كَانَ لِلثَّانِي أَنْ يَرْهَنَ لِأَنَّهُ لَمَّا وَكَّلَهُ بِالرَّهْنِ بَعْدَمَا رَهَنَ الْأَوَّلُ فَقَدْ وَكَّلَهُ بِالرَّهْنِ بَعْدَ الْفِكَاكِ دَلَالَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ قَدْ رَهَنَهُ فَوَكَّلَ آخَرَ ثُمَّ رَهَنَهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَمْرَ الثَّانِيَ بِالرَّهْنِ صَحِيحٌ لِلْحَالِ فَصَارَا وَكِيلَيْنِ بِالرَّهْنِ فَأَيُّهُمَا رَهَنَ جَازَ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي الْوَكَالَةِ بِالرَّهْنِ. الْوَكِيلُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ إذَا أَدَّى بَعْدَمَا أَدَّى الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلِمَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَعِنْدَهُمَا إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ فِي التَّوْكِيلِ بِالْإِنْفَاقِ وَالصَّدَقَةِ. (وَمِنْهُ عَزْلُ الْمُوَكِّلِ إيَّاهُ) وَلِصِحَّةِ الْعَزْلِ شَرْطَانِ (أَحَدُهُمَا) عِلْمُ الْوَكِيلِ بِهِ لِأَنَّ الْعَزْلَ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ فَلَا يَلْزَمُ حُكْمُهُ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ كَالْفَسْخِ فَإِذَا عَزْلَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ انْعَزَلَ وَكَذَا لَوْ كَانَ غَائِبًا فَكَتَبَ إلَيْهِ كِتَابَ الْعَزْلِ فَبَلَغَهُ الْكِتَابُ وَعَلِمَ بِمَا فِيهِ انْعَزَلَ وَكَذَلِكَ إذَا أَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولًا فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَقَالَ إنَّ فُلَانًا أَرْسَلَنِي إلَيْك وَهُوَ يَقُولُ إنِّي عَزَلْتُك عَنْ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ كَانَ الرَّسُولُ عَدْلًا أَوَغَيْرَ عَدْلٍ حُرًّا أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا بَعْدَ أَنْ يُبَلِّغَ الرِّسَالَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ إلَيْهِ كِتَابًا وَلَا أَرْسَلَ رَسُولًا وَلَكِنَّهُ أَخْبَرهُ بِالْعَزْلِ رَجُلَانِ عَدْلَانِ كَانَا أَوْ غَيْرُ عَدْلَيْنِ أَوْ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ يَنْعَزِلُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْوَكِيلُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْ إذَا ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ مَقْبُولٌ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا وَإِنْ أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ غَيْرُ عَدْلٍ فَإِنْ صَدَّقَهُ يَنْعَزِلُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَذَّبَهُ لَا يَنْعَزِلُ وَإِنْ ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَنْعَزِلُ إذَا ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ وَإِنْ كَذَّبَهُ وَإِنْ عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ وَأَشْهَدَ عَلَى عَزْلِهِ وَهُوَ غَائِبٌ وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِالْعَزْلِ أَحَدٌ لَا يَنْعَزِلُ وَيَكُونُ تَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بَعْدَ الْعَزْلِ كَتَصَرُّفِهِ قَبْلَ الْعَزْلِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ (وَالثَّانِي) أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقُّ الْغَيْرِ فَأَمَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ فَلَا يَصِحُّ الْعَزْلُ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِ الْحَقِّ كَمَنْ رَهَنَ مَالَهُ وَسَلَّطَ عَلَى الْبَيْعِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ ثُمَّ عَزَلَ الرَّاهِنُ الْمُسَلَّطَ عَلَى الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ عَزْلُهُ وَكَذَلِكَ إذَا وَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ مَعَ الْمُدَّعِي بِالْتِمَاسِ الْمُدَّعِي فَعَزَلَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْمُدَّعِي لَا يَنْعَزِلُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَبَاعَ الْعَبْدَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ وَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ أَيْضًا قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَوْلَى الْعَبْدِ بَاعَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَكِيلُ وَكَذَا لَوْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ حُرَّ الْأَصْلِ كَذَا فِي فَتَاوَى الْحَاوِي. وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ ثُمَّ أَرَادَ إخْرَاجَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ فَلَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَكِيلِ نَحْوَ أَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا عُزِلَ الْوَكِيلُ حَالَ غَيْبَةِ الْخَصْمِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ وَكِيلَ الطَّالِبِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْعَزْلُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ غَائِبًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ وَكِيلَ الْمَطْلُوبِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ التَّوْكِيلُ مِنْ غَيْرِ الْتِمَاسِ أَحَدٍ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْعَزْلُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ غَائِبًا أَوْ بِالْتِمَاسٍ إمَّا مِنْ الطَّالِبِ أَوْ الْقَاضِي وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ وَقْتَ التَّوْكِيلِ غَائِبًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالتَّوْكِيلِ صَحَّ عَزْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ حَاضِرًا وَقْتَ التَّوْكِيلِ أَوْ كَانَ غَائِبًا لَكِنْ قَدْ عَلِمَ بِالْوَكَالَةِ وَلَمْ يَرُدَّهَا فَإِنْ كَانَتْ بِالْتِمَاسِ الطَّالِبِ لَا يَصِحُّ عَزْلُهُ حَالَ غَيْبَةِ الطَّالِبِ وَيَصِحُّ حَالَ حَضْرَتِهِ، رَضِيَ بِهِ الطَّالِبُ أَوْ سَخِطَ وَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِالْتِمَاسِ الْقَاضِي حَالَ غِيبَةِ الطَّالِبِ فَعَزَلَهُ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي صَحَّ وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ غَائِبًا وَإِنْ عَزَلَهُ بِحَضْرَةِ الطَّالِبِ صَحَّ الْعَزْلُ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَرَادَ سَفَرًا فَطَلَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا بِطَلَاقِهَا إنْ لَمْ يَجِئْ إلَى وَقْتٍ كَذَا فَفَعَلَ ثُمَّ كَتَبَ إلَى الْوَكِيلِ بِأَنِّي قَدْ أَخْرَجْتُكَ مِنْ الْوَكَالَةِ هَلْ يَصِحُّ عَزْلُهُ قَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى يَجُوزُ عَزْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ لَا يَصِحُّ عَزْلُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَمِنْهُ مَوْتُ الْمُوَكِّلِ) لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِأَمْرِ الْمُوَكِّلِ، وَقَدْ بَطَلَتْ أَهْلِيَّةُ الْآمِرِ بِالْمَوْتِ فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ

عَلِمَ الْوَكِيلُ بِمَوْتِهِ أَوْ لَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ مَاتَ الطَّالِبُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَطْلُوبُ فَدَفَعَ الْمَالَ إلَى الْوَكِيلِ لَا يَبْرَأُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَلَوْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلَ لَوْ ضَاعَ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. بَاعَهُ جَائِزًا بِوَكَالَةٍ ثُمَّ مَاتَ مُوَكِّلُهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ الْوَكِيلُ وَالْبَيْعُ الْجَائِزُ هُوَ بَيْعُ الْوَفَاءِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِالصُّلْحِ فِي شَجَّةٍ اُدُّعِيَتْ قِبَلَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ فَإِنْ صَالَحَ الْوَكِيلَ وَضَمِنَ جَازَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ خَاصَّةً وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْمُوَكِّلُ وَمَاتَ الطَّالِبُ فَصَالَحَ الْوَكِيلَ وَرَثَةُ الطَّالِبِ جَازَ لِأَنَّ وَرَثَةَ الطَّالِبِ بَعْدَ مَوْتِهِ يَقُومُونَ مَقَامَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. (وَمِنْهُ) جُنُونُهُ جُنُونًا مُطْبَقًا لِأَنَّهُ مُبْطِلٌ لِأَهْلِيَّةِ الْآمِرِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَحَدُّ الْجُنُونِ الْمُطْبَقِ شَهْرٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَوْلٌ كَامِلٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْكَافِي. قَالُوا وَمَا ذَكَرُوا فِي الْجُنُونِ الْمُطْبَقِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ غَيْرَ لَازِمَةٍ بِحَيْثُ يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ عَزْلَهُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ كَالْوَكِيلِ بِخُصُومَةٍ مِنْ جَانِبِ الطَّالِبِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ لَازِمَةً بِحَيْثُ لَا يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ عَزْلَهُ كَالْعَدْلِ إذَا سَلَّطَ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ وَكَانَ التَّسْلِيطُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِجُنُونِ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَ مُطْبَقًا وَأَمَّا إذَا جُنَّ الْوَكِيلُ فَإِنْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبَقًا وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَعْقِلُ الْإِنَابَةَ وَالْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فَيَخْرُجُ عَنْ الْوَكَالَةِ حَتَّى لَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى لَا يَجُوزُ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْإِنَابَةَ وَالْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِأَنْ كَانَ جُنُونُهُ فِي شَيْءٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَبْقَى وَكِيلًا وَلَا يَنْعَزِلُ فَإِذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَالُوا وَمَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا رَضِيَ الْمُوَكِّلُ بِذَلِكَ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهُ) لِحَاقُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَخْرُجُ بِهِ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ امْرَأَةً فَارْتَدَّتْ فَالْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ حَتَّى الْمَوْتِ أَوْ تَلْحَقُ بِدَارِ الْحَرْبِ إجْمَاعًا لِأَنَّ رِدَّةَ الْمَرْأَةِ لَا تَمْنَعُ نَفَاذَ تَصَرُّفِهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ فَعَلْتُهُ فِي حَيَاتِهَا فَمَا كَانَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضِي دَيْنٍ أَوْ قَضَاءٍ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مُسْتَهْلَكٍ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْقَائِمِ بِعَيْنِهِ وَلَوْ كَانَ قَالَ قَبَضْتُ دَيْنًا لَهَا مِنْ فُلَانٍ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ كَانَ قَالَ قَدْ قَبَضْتُ الْمَالَ الَّذِي أَعْطَتْنِي فُلَانَةُ وَقَدْ كَانَتْ أَمَرَتْهُ بِذَلِكَ فَهُوَ مُصَدَّقٌ إذَا كَانَ الْمَالُ غَيْرَ قَائِمٍ بِعَيْنِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ سُبِيَتْ فَأَسْلَمَتْ فَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ مِنْ مُوَكِّلِهِ جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَكَّلَ الرَّجُلَانِ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُمَا جَارِيَةً بِعَيْنِهَا ثُمَّ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا وَلَحِقَ بِالدَّارِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ لَزِمَ الْوَكِيلَ نِصْفُهَا وَالْمُوَكِّلَ الثَّانِيَ نِصْفُهَا فَإِنْ قَالَ وَرَثَةُ الْمُرْتَدِّ اشْتَرَيْتَهَا قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ صَاحِبُنَا وَكَذَّبَهُمْ الْوَكِيلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ نَقَدَ مَالَ الْمُرْتَدِّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَرَثَةِ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْوَرَثَةِ وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ اشْتَرَيْتُهَا قَبْلَ لِحَاقِهِ بِالدَّارِ وَكَذَّبَهُ الْوَرَثَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ إذَا كَانَ الْمَالُ مَدْفُوعًا إلَيْهِ وَهُوَ لَيْسَ بِعَيْنِهِ مَالٌ قَائِمٌ فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ مَدْفُوعًا إلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. (وَمِنْهُ) عَجْزُ الْمُوَكِّلِ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ بِأَنْ وَكَّلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا فَعَجَزَ الْمُوَكِّلُ وَكَذَا إذَا وَكَّلَ الْمَأْذُونُ إنْسَانًا فَحُجِرَ عَلَيْهِ بَطَلَتْ أَهْلِيَّةُ آمِرِهِ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا وَكَّلَ الْمُكَاتَبُ ثُمَّ عَجَزَ أَوْ الْمَأْذُونُ فَحُجِرَ عَلَيْهِ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ عَلِمَ الْوَكِيلُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَفِي الْمُسْتَصْفَى الْوَكَالَةُ إنَّمَا تَبْطُلُ بِالْعَجْزِ وَالْحَجْرِ إذَا كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ التَّوْكِيلُ بِالتَّقَاضِي أَوْ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَلَا تَبْطُلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَمِنْهُ افْتِرَاقُ الشَّرِيكَيْنِ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ عَزْلٌ حُكْمِيٌّ وَالْعَزْلُ الْحُكْمِيُّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَمِنْهُ) مَوْتُ الْوَكِيلِ وَجُنُونُهُ الْمُطْبَقُ وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّصَرُّفُ إلَّا أَنْ يَعُودَ مُسْلِمًا إلَّا إنْ أَمَرَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِلَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ كَانَ مَوْقُوفًا فَإِنْ عَادَ مُسْلِمًا زَالَ التَّوَقُّفُ وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ أَصْلًا وَإِنْ حَكَمَ بِلَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ عَادَ مُسْلِمًا هَلْ تَعُودُ الْوَكَالَةُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَعُودُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَعُودُ وَأَمَّا الْوَكِيلُ إذَا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ عَادَ مُسْلِمًا لَا تَعُودُ الْوَكَالَةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ وَكَّلَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا بِالطَّلَاقِ وَارْتَدَّ الْوَكِيلُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَهُ مُسْلِمًا كَانَ عَلَى وَكَالَتِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. (وَمِنْهُ) هَلَاكُ الْعَبْدِ الَّذِي وُكِّلَ بِبَيْعِهِ أَوْ

مسائل متفرقة من العزل وغيره

بِإِعْتَاقِهِ أَوْ بِهِبَتِهِ أَوْ بِتَدْبِيرِهِ أَوْ بِكِتَابَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْمَحَلِّ لَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ هَلَاكِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَمِنْهُ تَغْيِيرُ الْمُوَكَّلِ بِهِ) وَكَّلَ بِبَيْعِ الْكُفُرَّى الَّذِي فِي نَخْلَةِ فُلَانٍ أَوْ شِرَاءِ الْكُفُرَّى الَّذِي فِي نَخِيلِ فُلَانٍ فَصَارَ الْكُفُرَّى بُسْرًا أَوْ رُطَبًا أَوْ تَمْرًا بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ لِتَغْيِيرِ الِاسْمِ وَكَذَلِكَ الْبُسْرُ إذَا صَارَ رُطَبًا بَطَلَتْ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَإِذَا صَارَ بَعْدَ الْبُسْرِ رُطَبًا بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ فِيمَا صَارَ رُطَبًا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَمْ تَبْطُلْ فِيمَا بَقِيَ بُسْرًا إلَّا إذَا كَانَ الَّذِي صَارَ رُطَبًا شَيْئًا قَلِيلًا كَرُطَبَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَحِينَئِذٍ تَبْقَى الْوَكَالَةُ فِي الْكُلِّ وَالرُّطَبُ إذَا صَارَ تَمْرًا لَمْ تَبْطُلْ الْوَكَالَةُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ اسْتِحْسَانًا بِخِلَافِ الْعِنَبِ إذَا صَارَ زَبِيبًا وَالْبُسْرُ الصَّغِيرُ إذَا صَارَ كَبِيرًا لَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ بَيْضٍ أَوْ شِرَائِهِ فَخَرَجَ مِنْهُ فَرَارِيجُ أَوْ بَيْعِ طَلْعٍ فَصَارَ تَمْرًا أَوْ بَيْعِ عَصِيرٍ أَوْ عِنَبٍ فَصَارَ خَلًّا أَوْ زَبِيبًا أَوْ عَصِيرًا أَوْ بَيْعِ لَبَنٍ فَصَارَ زُبْدًا أَوْ سَمْنًا خَرَجَ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ بَاعَ بِيضًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَخَرَجَ الْفَرْخُ مِنْهُ فِي الثَّلَاثَةِ بَطَلَ الْبَيْعُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ لَبَنٍ حَلِيبٍ بِعَيْنِهِ فَحَمُضَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ حَلِيبًا جَازَ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّبَنِ وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ لَبَنٍ حَلِيبٍ فَحَمُضَ ثُمَّ بَاعَهُ جَازَ لِأَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ لَمْ يُسْتَهْلَكْ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْبَيْعِ تَحْصِيلُ الثَّمَنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا وَكَّلَ الذِّمِّيُّ ذِمِّيًّا بِقَبْضِ خَمْرٍ بِعَيْنِهَا فَصَارَتْ خَلًّا فَلَهُ أَنْ يَقْبِضَهَا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ يُوَكِّلُ الْمُسْلِمَ بِقَبْضِ عَصِيرٍ لَهُ بِعَيْنِهِ فَيَصِيرُ الْعَصِيرُ خَلًّا فَلَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ إذَا صَارَ خَمْرًا وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ سَوِيقٍ بِعَيْنِهِ فَلُتَّ بِسَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ حُلِيٍّ بِعَسَلٍ أَوْ سُكَّرٍ لَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُ عَلَى الْآمِرِ وَالْبَيْعُ يَجُوزُ وَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ سِمْسِمٍ بِعَيْنِهِ فَرُبَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِبَنَفْسَجٍ أَوْ خِيْرَى لَمْ يَجُزْ الشِّرَاءُ عَلَى الْآمِرِ وَالْبَيْعُ يَجُوزُ وَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ ثَوْبٍ أَبْيَضَ بِعَيْنِهِ فَصُبِغَ لَمْ يَجُزْ الشِّرَاءُ عَلَى الْآمِرِ وَالْبَيْعُ يَجُوزُ وَكَذَا إذَا لَمْ يَنْسِبْهُ إلَى الْبَيَاضِ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنْ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْأَمْرِ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَلَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ سَمَكٍ بِعَيْنِهِ طَرِيٍّ فَاِتَّخَذَ مَالِحًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْآمِرِ وَيَجُوزُ هَذَا فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَكَّلَ الْعَبْدُ بِتَقَاضِي دَيْنِهِ وَكِيلًا ثُمَّ بَاعَهُ الْمَوْلَى بِإِذْنِ الْغَرِيمِ خَرَجَ وَكِيلُهُ مِنْ الْوَكَالَةِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَالْمَوْلَى يَتَقَاضَاهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ نَصَّبَ الْقَاضِي وَكِيلًا يَتَقَاضَى الدَّيْنَ فَيَقْضِي بِهِ حَقَّ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى فَالْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَهُ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ وَإِذَا وَكَّلَ الْمُكَاتَبُ وَكِيلًا بِقَبْضِ هِبَةٍ لَهُ فَقَبَضَهَا الْوَكِيلُ بَعْدَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ أَوَبَعْدَ عِتْقِهِ جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا وَكَّلَ الْعَبْدُ التَّاجِرُ وَكِيلًا بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَأَخْرَجَ الْمَوْلَى الْوَكِيلَ عَنْ الْوَكَالَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ كَانَ مُكَاتَبًا لِرَجُلَيْنِ فَوَكَّلَ وَكِيلًا بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ خُصُومَةٍ ثُمَّ عَجَزَ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَفَعَلَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ جَازَ فِي نَصِيبِهِمَا جَمِيعًا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ مِنْ الْعَزْلِ وَغَيْرِهِ] (مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ مِنْ الْعَزْلِ وَغَيْرِهِ) وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بَعْدَمَا وَكَّلَهَا لَمْ تَنْعَزِلْ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَالْآمِرُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَكِيلُ فَبَاعَ وَقَضَى الثَّمَنَ وَهَلَكَ عِنْدَهُ ضَمِنَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ إنْ كَانَ الْعَبْدُ قَدْ مَاتَ وَلَا فِي تَرِكَةِ الْمُوَكِّلِ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ قَدْ مَاتَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَكَّلَ الْحَرْبِيُّ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ. الْوَكِيلُ إذَا رَدَّ الْوَكَالَةَ تَرْتَدُّ، هَذَا إذَا عَلِمَ الْمُوَكِّلُ بِالرَّدِّ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلَا تَرْتَدُّ حَتَّى إنَّ مَنْ وَكَّلَ غَائِبًا فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَرَدَّ الْوَكَالَةَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ بِهِ ثُمَّ قَبِلَ الْوَكَالَةَ صَحَّ قَبُولُهُ وَصَارَ وَكِيلًا وَكَذَلِكَ إذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ ثُمَّ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ رُدَّ الْوَكَالَةَ فَقَالَ رَدَدْتُ يَخْرُجُ مِنْ الْوَكَالَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فِي رَدِّ الْوَكَالَةِ. وَإِذَا جَحَدَ الْمُوَكِّلُ الْوَكَالَةَ وَقَالَ لَمْ أُوَكِّلْهُ لَمْ يَكُنْ عَزْلًا وَكَذَا إذَا قَالَ اشْهَدُوا أَنِّي لَمْ أُوَكِّلْ فُلَانًا فَهَذَا كَذِبٌ وَهُوَ وَكِيلٌ لَا يَنْعَزِلُ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْأَبُ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ مَتَاعِ الصَّبِيِّ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ أَوْ الصَّبِيُّ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ إذَا كَانَ الْأَبُ وَارِثَ الصَّبِيِّ وَهَذَا عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ قَبْلَ أَنْ يَصْنَعَ الْوَكِيلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَوَكِيلُ

الباب العاشر في المتفرقات

الْأَبِ وَوَكِيلُ الْوَصِيِّ عَلَى السَّوَاءِ وَإِنْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ وَقَالَ لَهُ كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي فِيهَا وَكَالَةً مُسْتَقْبَلَةً. اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي جَوَازِ هَذِهِ الْوَكَالَةِ وَقَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ تَجُوزُ هَذِهِ الْوَكَالَةُ كَيْفَمَا كَانَ وَبِهِ كَانَ يَقُولُ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ إذَا جَازَتْ الْوَكَالَةُ بِهَذَا الشَّرْطِ وَأَرَادَ إخْرَاجَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ اخْتَلَفُوا فِي لَفْظِ الْإِخْرَاجِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ الْمُوَكِّلُ رَجَعْت عَنْ قَوْلِي كَمَا أَخَرَجْتُك عَنْ الْوَكَالَةِ فَأَنْتَ وَكِيلِي فَيَصِحُّ رُجُوعُهُ ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجْتُك عَنْ هَذِهِ الْوَكَالَةِ فَإِذَا عُزِلَ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنْجَزَةِ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنْ يَقُولَ عَزَلْتُك عَنْ هَذِهِ الْوَكَالَاتِ فَيَنْصَرِفُ ذَلِكَ إلَى الْمُعَلَّقِ وَالْمُنْجَزِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وَكَّلَ رَجُلًا وَكَالَةً مُعَلَّقَةً بِالشَّرْطِ ثُمَّ عَزَلَهُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَحَّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى أَوْ قَالَ الْآخَرُ كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي ثُمَّ قَالَ كُلَّمَا عُدْت وَكِيلِي فَقَدْ عَزَلْتُك اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَمْلِكُ إخْرَاجَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْوَكِيلِ مَا خَلَا الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَمَا خَلَا تَوْكِيلُهُ بِسُؤَالِ الْخَصْمِ وَيَقُولُ عَزَلْتُك عَنْ الْوَكَالَاتِ الْمُطْلَقَةِ وَرَجَعْت عَنْ الْوَكَالَاتِ الْمُعَلَّقَةِ وَبِهِ يُفْتَى هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ وَكَّلَ الْمَطْلُوبُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ عَلَى أَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ ثُمَّ حَجَرَ عَنْ تَوْكِيلِهِ غَيْرَهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الطَّالِبِ أَوْ قَالَ أَخْرَجْتُك عَنْ الْإِقْرَارِ إنْ أَقْرَرْت فَلَا يَجُوزُ عَلَيَّ. يَصِحُّ حَجْرُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ حَجْرُهُ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ الطَّالِبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ جَارِيَةً وَقَالَ مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا آخَرَ بِذَلِكَ ثُمَّ إنَّ الْآمِرَ عَزَلَ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ الثَّانِي جَازَ شِرَاؤُهُ عَلِمَ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِعَزْلِ الْمُوَكَّلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، دَفَعَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ إلَى الْوَكِيلِ الثَّانِي أَوْ لَمْ يَدْفَعْ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ ثُمَّ اشْتَرَى الثَّانِي جَازَ شِرَاؤُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَلَوْ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَخْرَجَ الْوَكِيلَ الثَّانِي مِنْ الْوَكَالَةِ صَحَّ إخْرَاجُهُ كَانَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَلَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ اشْتَرَى قَبْلَ انْعِزَالِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيلُ الثَّانِي جَازَ شِرَاؤُهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ الثَّانِي بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ عَلِمَ بِشِرَاءِ الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَوَّلُ الْمَالَ أَوْ لَمْ يَدْفَعْ (1) وَلَوْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَارِيَةً لِلْآمِرِ عَلَى حِدَةٍ وَوَقَعَ شِرَاؤُهُمَا فِي وَقْتِ وَاحِدٍ كَانَتْ الْجَارِيَتَانِ لِلْمُوَكِّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَكَّلَ الْمُضَارِبُ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَدَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ جُنَّ ثُمَّ اشْتَرَى الْوَكِيلُ لَزِمَ الْمُضَارِبَ خَاصَّةً كَمَا لَوْ وَكَّلَ الْمُضَارِبُ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَدَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ ثُمَّ تَنَاقَضَا الْمُضَارَبَةَ، وَالْوَكِيلُ لَا يَعْلَمُ فَاشْتَرَى لَزِمَ الْمُضَارِبَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ دَفَعَ مَالًا إلَى رَجُلٍ وَوَكَّلَهُ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَى الطَّالِبِ ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ لَهُ عِنْدَ مَوْلَاهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ فَبَاعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ أَمَةٍ فَاسْتَوْلَدَهَا فَالْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ لِأَنَّ مَا اُعْتُرِضَ لَا يُنَافِي ابْتِدَاءَ التَّوْكِيلِ فَلَأَنْ لَا يُنَافِيَ بَقَاءَهُ أَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا وَكَّلَ الْعَبْدُ وَكِيلًا فِي خُصُومَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءِ ثُمَّ أَبَقَ الْعَبْدُ خَرَجَ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ عَبْدًا فَأَبَقَ فَهُوَ عَلَى الْوَكَالَةِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ عُهْدَةٌ فِي شَيْءٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَخَذَ السِّلْعَةَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَسَمَّى الثَّمَنَ فَأَدَّاهَا الْمُوَكِّلُ فَلَمْ يَرْضَ بِهَا وَرَدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْوَكِيلِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ قِيمَتَهَا لِلْبَائِعِ فَإِنْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالْأَخْذِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ لَا يَرْجِعُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. قَالَ لِآخَرَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي اقْتِضَاءِ دَيْنِي وَوَكِّلْ مَنْ شِئْت بِذَلِكَ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ إذَا شَاءَ وَلَوْ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي اقْتِضَاءِ دَيْنِي وَوَكِّلْ فُلَانًا بِذَلِكَ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْزِلَهُ وَلَوْ قَالَ وَكِّلْ فُلَانًا إنْ شِئْتَ فَوَكِّلْهُ كَانَ لِلْوَكِيلِ

أَنْ يَعْزِلَهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَشْتَرِيه لِفُلَانٍ وَقَالَ فُلَانٌ رَضِيت كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْنَعَ الْعَبْدَ مِنْهُ فَإِنْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ إلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ كَانَ ذَلِكَ بَيْعًا بَيْنَهُمَا بِالتَّعَاطِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ. وَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ هَذَا الْعَبْدَ فَاشْتَرَاهُ جَازَ وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ عَبْدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ مَاتَ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْآمِرُ مَاتَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ قَبَضَهُ الْآمِرُ فَهُوَ لَهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: هُوَ لَازِمٌ لِلْآمِرِ إذَا قَبَضَهُ الْمَأْمُورُ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ أَعْطَى آخَرَ دِينَارًا يَبِيعُهُ فَبَاعَ الْوَكِيلُ دِينَارَ نَفْسِهِ لِلْآمِرِ وَاحْتَبَسَ دِينَارَ الْآمِرِ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا فَاشْتَرَى بِدِينَارٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ جَازَ الشِّرَاءُ لِلْآمِرِ وَالدِّينَارُ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى بِدِينَارِ غَيْرِهِ ثُمَّ نَقَدَ دِينَارَ الْمُوَكِّلِ فَالشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ وَضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ دِينَارَهُ لِلتَّعَدِّي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي وَدَفَعَهُ إلَى الْآمِرِ وَأَخَذَ مِنْهُ ثَمَنَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي مِنْ يَدَيْ الْآمِرِ فَأَرَادَ الْآمِرُ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْآمِرُ نَقَدَ الثَّمَنَ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِهِ فَإِذَا قَبَضَهُ مِنْ الْبَائِعِ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا مُسَمًّى بِدَرَاهِمَ دَفَعَهَا إلَيْهِ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ ذَلِكَ وَنَقَدَ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ رَدَّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ عَلَى الْوَكِيلِ وَقَالَ إنَّهَا زُيُوفٌ وَصَدَّقَهُ الْوَكِيلُ أَوْ كَذَّبَهُ وَأَنْكَرَ الْآمِرُ أَنْ تَكُونَ دَرَاهِمَهُ فَإِنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْآمِرِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ وَلَيْسَ الْعَرْضُ كَذَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ فِي يَدِهِ عَبْدٌ لِإِنْسَانٍ وَكَّلَ صَاحِبُ الْيَدِ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ مَوْلَاهُ فَقَالَ الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ اشْتَرَيْت وَنَقَدْت الثَّمَنَ مِنْ مَالِي وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ يُؤْمَرُ الْمُوَكِّلُ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ إلَى الْوَكِيلِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ إنِّي أَخَافُ أَنْ يَجِيءَ صَاحِبُ الْعَبْدِ وَيُنْكِرَ الْبَيْعَ وَيَسْتَرِدَّ الْعَبْدَ مِنِّي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ لِرَجُلٍ فَوَكَّلَ الزَّوْجُ رَجُلًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ امْرَأَتَهُ مِنْ مَوْلَاهَا فَاشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا بَطَلَ النِّكَاحُ وَسَقَطَ الْمَهْرُ عَنْ الزَّوْجِ لِأَنَّ هَذِهِ فُرْقَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ مَنْ لَهُ الْمَهْرُ فَيَبْطُلُ الْمَهْرُ هَذَا إذَا عَلِمَ الْمَوْلَى أَنَّ الْوَكِيلَ يَشْتَرِيهَا لِزَوْجِهَا وَلَوْ بَاعَهَا الْمَوْلَى مِنْ الرَّجُلِ ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ اشْتَرَاهَا مِنْ الثَّانِي قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ عَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ مَهْرِهَا لِمَوْلَاهَا الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مَا جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ مَنْ لَهُ مَهْرٌ هَذَا إذَا أَقَرَّ الْمَوْلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ وَكِيلًا مِنْ قِبَلِ زَوْجِهَا أَوْ عَرَفَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ وَكَالَتَهُ إلَّا بِإِقْرَارِ الْوَكِيلِ بَعْدَ الشِّرَاءِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعِلْمِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدَ فُلَانٍ بِعَبْدٍ لِلْمَأْمُورِ صَحَّ هَذَا التَّوْكِيلُ فَإِنْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ كَانَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ وَعَلَى الْمُوَكِّلِ لِلْمَأْمُورِ قِيمَةُ عَبْدِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَأَشْهَدَ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِفُلَانٍ بِأَمْرِهِ ثُمَّ أَشْهَدَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِفُلَانٍ الْآخَرِ بِأَمْرِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرُ وَلَمْ يَحْضُرْ الْأَوَّلُ قَضَى بِالْعَبْدِ لَهُ وَالْأَوَّلُ عَلَى حُجَّتِهِ فَإِذَا جَاءَ وَادَّعَاهُ قَضَى لَهُ بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَى الْآمِرِ الْأَوَّلِ شُهُودٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِكَذَا فَاشْتَرَى جَارِيَةً فَاسْتُحِقَّتْ لَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ وَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَظَهَرَ أَنَّهَا حُرَّةٌ ضَمِنَ الْوَكِيلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ دَقِيقًا وَدَفَعَ إلَيْهِ الدَّرَاهِمَ فَأَرَى الْوَكِيلَ رَجُلٌ نُورَةً ظَنَّ أَنَّهَا دَقِيقٌ فَاشْتَرَى ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ دَقِيقٌ وَدَفَعَ الثَّمَنَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا دَفَعَ وَكَذَلِكَ لِمَا يُخَالِفُ فِيهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي نَوْعِ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ فِي الثَّمَنِ إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ كُرَّ حِنْطَةٍ فَاشْتَرَاهُ لَهُ فَاسْتَأْجَرَ بَعِيرًا فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ حِنْطَةً أَوْ طَعَامًا فِي نَوَاحِي الْمِصْرِ الَّذِي هُمَا فِيهِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا فِي النَّقْلِ وَلَا يَرْجِعُ بِالْأَجْرِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا وَيَرْجِعُ بِالْكِرَاءِ وَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ حِنْطَةً فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْمِصْرِ الَّذِي هُمَا فِيهِ يَصِيرُ الْوَكِيلُ مُتَبَرِّعًا وَلَا يَرْجِعُ بِالْكِرَاءِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ حِنْطَةً فِي مِصْرٍ آخَرَ يَصِيرُ مُتَبَرِّعًا أَيْضًا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ طَعَامًا وَأَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ بَعِيرًا بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ فَإِنَّ الْكِرَاءَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ كَانَ اسْتَأْجَرَ بَعِيرًا بِدِرْهَمٍ كَمَا أَمَرَهُ جَازَ عَلَى الْآمِرِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الطَّعَامَ بِالْأَجْرِ

كَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الطَّعَامَ بِالْكِرَاءِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي نَوْعِ الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ مَا لَهُ حَمْلُ مُؤْنَةٍ. وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا فَاشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ وَوَطِئَهَا لَا يَحُدُّ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَتَكُونُ الْأَمَةُ وَوَلَدُهَا لِلْآمِرِ وَلَمْ يُذْكَرْ هَلْ يَلْزَمُ الْعُقْرُ قَالَ مَشَايِخُنَا يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَبْلَ إحْدَاثِ الْحَبْسِ لِلثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الْعُقْرَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ إحْدَاثِ الْحَبْسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى الْجَارِيَةِ وَالْعُقْرِ فَمَا أَصَابَ الْعُقْرَ يَسْقُطُ وَمَا أَصَابَ الْجَارِيَةَ يَبْقَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ إلَى الْعَطَاءِ وَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ كَانَ عَلَى الْوَكِيلِ الْقِيمَةُ ثُمَّ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ مِنْ الْقِيمَةِ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ مِنْ الْأَلْفِ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ حَتَّى أَعْتَقَهُ الْمُوَكِّلُ صَحَّ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ لَا يَصِحُّ فَلَوْ أَنَّ هَذَا الْوَكِيلَ اشْتَرَى بِأَلْفٍ وَعَشْرَةٍ إلَى الْعَطَاءِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ مِنْ الْقِيمَةِ عَلَى الْآمِرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ الْمُوَكِّلُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ صَحَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ غُلَامًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ بِأَلْفٍ غُلَامًا يُسَاوِي أَلْفًا عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَرَاجَعَتْ قِيمَةُ الْغُلَامِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ فَاخْتَارَ الْوَكِيلُ الْغُلَامَ كَانَ الْغُلَامُ لِلْوَكِيلِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى وَكَّلَ وَكِيلًا بِعِتْقِهِ فَأَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ مَا يَضْمَنُ بِهِ الْوَكِيلُ وَمَا لَا يَضْمَنُ. فِي الْمُنْتَقَى رِوَايَةُ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا مُسَمًّى وَبَيَّنَ جِنْسَهُ وَصِفَتَهُ مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَانَ فِي مِلْكِ الْآمِرِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يَوْمَ أَمَرَ فَبَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْمَأْمُورُ لِلْآمِرِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِ الْمَأْمُورِ فَبَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْمَأْمُورُ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ عَشَرَ. وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدَ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَجَاءَ الْوَكِيلُ إلَى الْبَائِعِ فَطَلَبَ مِنْهُ الْبَيْعَ فَقَالَ بِعْت عَبْدِي هَذَا مِنْ فُلَانٍ يَعْنِي الْمُوَكِّلَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبِلْت لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ الْمُوَكِّلُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَصِيرُ فُضُولِيًّا فَيَتَوَقَّفُ الْعَقْدُ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ وَبَيَّنَ جِنْسَهَا دُونَ الثَّمَنِ فَاشْتَرَى أَمَةً وَأَرْسَلَهَا إلَيْهِ فَوَطِئَهَا الْآمِرُ فَعَلِقَتْ مِنْهُ فَقَالَ الْوَكِيلُ مَا اشْتَرَيْتهَا لَك فَالْقَوْلُ لَهُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْآمِرِ وَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ مَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْوَكِيلُ وَمَا لَا يُصَدَّقُ. أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ كُرَّ حِنْطَةٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ فَفَعَلَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْآمِرِ فَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَالْقَاضِي يَبِيعُهُ وَيَضَعُ الثَّمَنَ عَلَى يَدَيْ الْمَأْمُورِ وَدِيعَةً عِنْدَهُ لِلْآمِرِ وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ قَضَاءً بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْكُرَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ وَأَدَّى الْمِائَةَ ثُمَّ إنَّ الْمَأْمُورَ دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ زَادَهُ الْبَائِعُ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ قَالُوا الْكُرُّ الْأَوَّلُ يَكُونُ لِلْآمِرِ وَالْكُرُّ الزَّائِدُ يَكُونُ لِلْمَأْمُورِ وَيَضْمَنُ الْمَأْمُورُ لِلْآمِرِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا وَكَّلَهُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ مُسَمًّى فَأَخَذَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى الْمُوَكِّلِ فَالطَّعَامُ عَلَى الْوَكِيلِ وَلِلْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ دَرَاهِمُ قَرْضٍ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عِدْلٌ زُطِّيٌّ، قَالَ لِرَجُلَيْنِ أَيُّكُمَا بَاعَهُ فَهُوَ جَائِزٌ فَأَيُّهُمَا بَاعَ جَازَ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ إنْ بَاعَهُ أَحَدُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ فَأَيُّهُمَا بَاعَ كَانَ جَائِزًا وَلَوْ قَالَ وَكَّلْت هَذَا أَوْ هَذَا بِبَيْعِ هَذَا فَبَاعَ أَحَدُهُمَا جَازَ اسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ التَّوْكِيلِ لِلْمَجْهُولِ. وَلَوْ قَالَ مَنْ بَاعَك عَبْدِي هَذَا فَقَدْ أَجَزْته فَلَيْسَ هُوَ وَكِيلًا كَذَا فِي التتارخانية نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ بِعْنِي هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ فَبَاعَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ فُلَانٌ أَمَرَهُ فَإِنَّ فُلَانًا يَأْخُذُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْوَكَالَةِ فَإِنْ قَالَ لَمْ آمُرْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ فَيَكُونُ بَيْعًا بِالتَّعَاطِي كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَالَ بِعْهُ أَوْ كَاتِبْهُ أَوْ أَعْتِقْهُ فَأَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ الْوَكِيلُ جَازَ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشُّرُوطِ يَنْعَقِدُ فِي الْمَجْهُولِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ عَمَلٍ فِي الْمَعْلُومِ بِالْبَيَانِ. فَيُفِيدُ انْعِقَادُ الْعَقْدِ فِي الْمَجْهُولِ، فَائِدَتَهُ وَكُلُّ مَا لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشُّرُوطِ لَا يَنْعَقِدُ فِي الْمَجْهُولِ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي الْمَجْهُولِ لَا يُفِيدُ، فَائِدَة وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ

هَذَا أَوْ هَذَا - أَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَبَاعَهُمَا مَعًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ بِثَمَنَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ زَوَّجَهُمَا مَعًا لَا يَجُوزُ فِي أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ جَهَالَةً تُوقِعُهُمَا فِي الْمُنَازَعَةِ. وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ أَوْ بِعِتْقِ أَحَدِ عَبْدَيْهِ فَطَلَّقَهُمَا أَوْ أَعْتَقَهُمَا مَعًا عَلَى مَالٍ أَوْ غَيْرِ مَالٍ يَجُوزُ فِي أَحَدِهِمَا، وَالْخِيَارُ إلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ صَحَّ تَعْلِيقُهُمَا بِالشُّرُوطِ فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُمَا بِشَرْطِ الْبَيَانِ وَكَذَلِكَ الْخُلْعُ لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُخَالِعَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَخَلَعَهَا مَعًا بِبَدَلٍ وَاحِدٍ أَوْ بِبَدَلَيْنِ قِيلَ يَجُوزُ الْخُلْعُ فِي إحْدَاهُمَا وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى الْبَيَانِ وَلَوْ قَالَ كَاتِبْ عَبْدِي هَذَا أَوْ هَذَا. وَكَاتَبَهُمَا مَعًا لَمْ يَجُزْ إنْ جَعَلَ النُّجُومَ وَاحِدَةً وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ اخْتَارَ أَيَّهُمَا شَاءَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَاب الْوَكَالَةِ بِالْعِتْقِ. رَجُلَانِ شَهِدَا بِعِتْقِ عَبْدٍ فَرَدَّهُمَا الْقَاضِي لِتُهْمَةٍ ثُمَّ الْمَوْلَى وَكَّلَ أَحَدَهُمَا بِبَيْعِ الْعَبْدِ فَبَاعَ مِنْ صَاحِبِهِ صَحَّ وَيُعْتَقُ الْعَبْدُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ ضَامِنٌ لِلثَّمَنِ لِلْآمِرِ وَالْمُشْتَرِي بَرِيءٌ عَنْ الثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ صَحَّ وَيَقْبِضُ الثَّمَنَ وَلَا يَعْتِقُ فَإِنْ صَدَقَ الْمُشْتَرِي بَعْدَمَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَيَضْمَنُ الْبَائِعُ مِنْ مَالِهِ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ صَدَّقَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بَرِئَ الْمُشْتَرِي وَيَضْمَنُ الْبَائِعُ لِلْآمِرِ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ مَا يَضْمَنُ بِهِ الْوَكِيلُ وَمَا لَا يَضْمَنُ. وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ نَفْسِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَبَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى الْعَطَاءِ أَوْ إلَى الْحَصَادِ أَوْ إلَى الدِّيَاسِ فَقَبِلَ الْعَبْدُ جَازَ وَعَتَقَ الْعَبْدُ، وَالْأَلْفُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَالْمَوْلَى هُوَ الَّذِي يَلِي الْقَبْضَ مِنْ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ الْعَبْدَ ثُمَّ قَتَلَهُ الْمَوْلَى بَطَل الْبَيْعُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ نَائِبٌ عَنْهُ فِي الْبَيْعِ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَطَعَ الْمَوْلَى يَدَهُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ الْعَبْدَ ثُمَّ قَطَعَ الْوَكِيلُ يَدَهُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ أَدَّى الثَّمَنَ كُلَّهُ وَيَأْخُذُ الْعَبْدَ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَإِنْ شَاءَ فَسْخَ الْبَيْعَ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ لِلْآمِرِ نِصْفَ الْقِيمَةِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ مَا يَضْمَنُ بِهِ الْوَكِيلُ وَمَا لَا يَضْمَنُ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ فَقَبَضَ الثَّمَنَ وَسَلَّمَ الْعَبْدَ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ زَادَ لِلْمُشْتَرَى دَارًا جَازَ وَكَانَتْ الدَّارُ وَالْعَبْدُ لِلْمُشْتَرِي وَيَكُونُ الْوَكِيلُ مُتَبَرِّعًا فِي الزِّيَادَةِ وَكَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الْأَلْفِ فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ بِحِصَّةِ الدَّارِ مِنْ الْأَلْفِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِشَيْءٍ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ الْوَكِيلُ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ عَلَى الْمُوَكِّلِ ثُمَّ يَدْفَعُ الْوَكِيلُ إلَى الْمُشْتَرِي بِحِصَّةِ الْعَبْدِ وَتَبْقَى حِصَّةُ الدَّارِ لِلْوَكِيلِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ ثُمَّ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ يَرْجِع الْوَكِيلُ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ ثُمَّ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا قَالَ بِعْتُهُ مِنْ رَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ وَسَلَّمْته إلَيْهِ وَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ، الْوَكِيل بِالْبَيْعِ إذَا دَفَعَ الْمَبِيعَ إلَى رَجُلٍ لِيَعْرِضَهُ عَلَى مَنْ أَحَبَّ فَهَرَبَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَذَهَبَ بِالْمَبِيعِ أَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ فَالْوَكِيلُ ضَامِنٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَانَ وَالِدِي يَقُولُ إذَا كَانَ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ ثِقَةً لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ طَسْتًا فَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فَكَسَرَهُ الْوَكِيلُ ثُمَّ بَاعَهُ فَإِنْ كَانَ كَسْرًا يَقْضِي لِلْأَمْرِ عَلَى الْوَكِيلِ بِالنُّقْصَانِ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ كَسْرًا يُقَالُ لِلْآمِرِ أَعْطِ الطَّسْتَ وَخُذْ قِيمَتَهُ فَبَيْعُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بَاطِلٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الثَّوْبِ إذَا سَلَّمَ الثَّوْبَ إلَى الْقَصَّارِ لِيُقَصِّرَهُ فَقَصَّرَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ فَإِنْ رَجَعَ الثَّوْبُ إلَى الْوَكِيلِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ وَالثَّمَنُ كُلُّهُ لِلْمُوَكِّلِ وَلَا يَكُونُ لِلْوَكِيلِ بِإِزَاءِ الْقَصَّارَةِ شَيْءٌ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُوَكِّل أَجْرُ الْقَصَّارَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَوْبًا وَقَالَ بِعْهُ لِي فَبَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى لَقِيَ الْآمِرَ وَقَالَ بِعْت ثَوْبَك مِنْ فُلَانٍ وَأَنَا أَقْضِيَك عَنْهُ فَقَضَاهُ عَنْهُ ثَمَنَ الثَّوْبِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَ قَالَ أَقْضِيَك عَنْهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الَّذِي عَلَى الْمُشْتَرِي لَك لِي لَمْ يَجُزْ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِمَا أَعْطَاهُ وَكَانَ الْمَالُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ يَقْبِضُهُ مِنْهُ الْوَكِيلُ وَيَدْفَعُهُ إلَى الْآمِرِ وَلَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ بَاعَ مِنْ صَاحِبِ الثَّوْبِ عَرْضًا بِدَرَاهِمَ مِثْلَ وَزْنِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي لَهُ عَلَى مُشْتَرِي الثَّوْبَ ثُمَّ قَالَ لَهُ اجْعَلْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ قِصَاصًا بِمَا لَك عَلَى فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى أَنَّ مَا لَك عَلَى فُلَانٍ لِي فَهَذَا جَائِزٌ وَهُوَ مُؤَدٍّ عَنْ فُلَانٍ مُتَطَوِّعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْجَارِيَةِ إذَا بَاعَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَمَا أُمِرَ بِهِ وَتَقَابَضَا فَادَّعَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا كَاتِبَةٌ أَوْ خَبَّازَةٌ أَوْ عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ وَلَمْ يَجِدْهَا كَذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ لَمْ يُنْقَضْ الْبَيْعُ بِإِقْرَارِ الْآمِرِ وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ شَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَأَنَّهُ قَدْ نَقَضَ الْبَيْعَ وَهُوَ فِي الثَّلَاثِ فَجَحَدَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ شَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ وَأَقَرَّ بِهِ الْآمِرُ فَقَضَى الْقَاضِي بِرَدِّ الْجَارِيَةِ عَلَى الْآمِرِ وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ الْآمِرِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ حَتَّى وَجَدَهَا ثَيِّبًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي شَرَطَ لِي الْبَائِعُ أَنَّهَا بِكْرٌ فَوَجَدْتهَا ثَيِّبًا فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهَا وَقَدْ نَقَضْت الْبَيْعَ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فِيمَا ادَّعَى مِنْ الشَّرْطِ وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ فَالْجَارِيَةُ لِلْآمِرِ يُقْضَى لَهُ بِهَا وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ الْآمِرِ وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى قَبْلَ الْقَبْضِ أَنَّهُ شَرَطَ أَنَّهَا خَبَّازَةٌ أَوْ كَاتِبَةٌ وَلَمْ يَجِدْهَا كَذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عِدْلِ زُطِّيٍّ فَبَاعَهُ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَقَالَ الْآمِرُ لَيْسَ هَذَا عَدْلِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ مِنْهُ ثَوْبًا وَلَمْ يَبِعْ مَا سِوَاهُ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا إنْ كَانَ يَضُرُّ ذَلِكَ بِالْعَدْلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْوَكِيلُ إذَا دَفَعَ قَمْقَمَةً إلَى إنْسَانٍ لِإِصْلَاحِهَا بِأَمْرِ الْمُوَكِّلِ وَنَسِيَ مَنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ لَا يَضْمَنُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَأَنْفَقَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ تَصَدَّقَ عَنْ الْآمِرِ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ مَالِهِ لَا يَجُوزُ وَيَكُونُ ضَامِنًا لِلْعَشَرَةِ وَلَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ قَائِمَةً فَأَمْسَكَهَا الْوَكِيلُ وَتَصَدَّقَ مِنْ عِنْدِهِ بِعَشَرَةٍ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَتَكُونُ الْعَشَرَةُ لَهُ بِعَشَرَتِهِ. دَفَعَ إلَى رَجُلٌ مَالًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِذَلِكَ الْمَالِ فَتَصَدَّقَ الْوَكِيلُ عَلَى ابْنٍ كَبِيرٍ لَهُ جَازَ فِي قَوْلِهِمْ. رَجُلٌ أَمَرَهُ وَكِيلُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا قَفِيزًا مِنْ الْحِنْطَةِ الَّتِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَأَمَرَ فُلَانٌ ذَلِكَ الْوَكِيلَ بِبَيْعِ الْحِنْطَةِ فَبَاعَهَا يَتَوَقَّفُ الْبَيْعُ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ فُلَانٍ إيَّاهُ بِالْبَيْعِ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تُمْلَكُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْفِقْ عَلَيَّ فَأَنْفَقَ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَنْفِقْ عَلَى أَوْلَادِي فَأَنْفَقَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَقَالَ أَنْفَقْت وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ فَأَرَادَ الْمَأْمُورُ يَمِينَ الْآمِرِ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِي كُلَّ شَهْرٍ كَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْوَكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ قَالَ قَدْ قَبَضْت أَلْفًا مِنْهُ وَقَالَ الْمُقْرِضُ قَدْ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَكَّلَهُ بِأَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ وَيَقْبِضَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَدْ فَعَلْت وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُسْمَعُ قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا وَلَا يُسْمَعُ فِي قَبْضِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيهِ وَلَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ إثْبَاتِ الْكِتَابَةِ قَبَضْت بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَدَفَعْت إلَيْك فَهُوَ مُصَدَّقٌ لِأَنَّهُ أَمِينٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ إذَا اخْتَلَفَا. مَرِيضٌ دَنَا مَوْتُهُ فَوَكَّلَ رَجُلًا وَقَالَ لَهُ اذْهَبْ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَادْفَعْهَا إلَى ابْنِي وَأَخِي وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا فَهَذَا وَكِيلٌ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ إلَى الْوَرَثَةِ وَإِنَّمَا يَدْفَعُ إلَى الْغُرَمَاءِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْمُنْتَقَى أَمَرَهُ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ مَدْيُونِهِ أَلْفًا فَيَتَصَدَّقُ فَتَصَدَّقَ بِأَلْفٍ لِيَرْجِعَ عَلَى الْمَدْيُونِ جَازَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. رَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَبْدًا لِيَعْتِقَهُ فَلَمْ يَعْتِقْهُ حَتَّى سَأَلَ مَوْلَى الْعَبْدِ فَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ دَفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدَ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِعْتَاقُهُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اكْتَرَى حَمَّالًا وَحَمَلَ الْحُمُولَاتِ عَلَيْهَا إلَى بَلْخٍ وَأَمَرَ الْحَمَّالَ بِأَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى الْوَكِيلِ وَيَقْبِضَ الْكِرَاءَ مِنْهُ فَقِبَلَ وَكِيلُهُ الْحُمُولَاتِ وَأَدَّى بَعْضَ الْكِرَاءِ وَيَمْتَنِعُ عَنْ أَدَاءِ الْبَاقِي إنْ كَانَ لِصَاحِبِ الْحُمُولَاتِ دَيْنٌ عَلَى الْوَكِيلِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالدَّيْنِ وَالْآمِرُ بِقَبْضِ الْكِرَاءِ أُجْبِرَ عَلَى دَفْعِ الْبَاقِي وَإِنْ أَنْكَرَ الْآمِرُ فَلِلْحَمَّالِ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْقَبْضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَيْنٌ لَا يُجْبَرُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْوَكِيلُ بَعْدَمَا قِبَلَ الْوَكَالَةَ إذَا قَالَ (1) (لَعَنَتْ بِرّ وَكِيلِي بَادٍ) أَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الْوَكَالَةِ أَوْ قَالَ (كجا افتادم بِوَكِيلِي) وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْوَكَالَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. وَالِيه الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ. .

كتاب الدعوى وهو مشتمل على أبواب

[كِتَابُ الدَّعْوَى وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَبْوَابٍ] [الْبَاب الْأَوَّل فِي تَفْسِير الدَّعْوَى وَرُكْنهَا وَشُرُوط جِوَازهَا وَحُكْمهَا وأنواعها] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (كِتَابُ الدَّعْوَى) (وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَبْوَابٍ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ) فِي تَفْسِيرِهَا شَرْعًا وَرُكْنِهَا وَشُرُوطِ جَوَازِهَا وَحُكْمِهَا وَأَنْوَاعِهَا وَمَعْرِفَةِ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا وَهُوَ رُكْنُهَا) فَهِيَ إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ حَالَةَ الْمُنَازَعَةِ بِأَنْ يَقُولَ: هَذِهِ الْعَيْنُ لِي هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَأَمَّا شُرُوطُ صِحَّتِهَا) فَمِنْهَا عَقْلُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَى الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ حَتَّى لَا يَلْزَمَ الْجَوَابُ وَلَا تُسْتَمَعُ الْبَيِّنَةُ وَمِنْهَا حَضْرَةُ الْخَصْمِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ إلَّا عَلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ إلَّا إذَا الْتَمَسَ بِذَلِكَ كِتَابًا حُكْمِيًّا لِلْقَضَاءِ بِهِ فَيُجِبْهُ الْقَاضِي إلَيْهِ فَيَكْتُبُ إلَى الْقَاضِي الْغَائِبِ الَّذِي بِطَرَفِهِ الْخَصْمُ بِمَا سَمِعَهُ مِنْ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ لِيُقْضَى عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ شَيْئًا مَعْلُومًا وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حُكْمٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَجْهُولًا أَوْ يَلْزَمُ عَلَى الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ نَحْوُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ وَكِيلُ هَذَا الْخَصْمِ الْحَاضِرِ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِهِ وَأَنْكَرَ الْآمِرُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْمَعُ دَعْوَاهُ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِنْهَا مَجْلِسُ الْقَضَاءِ فَالدَّعْوَى فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لَا تَصِحُّ حَتَّى لَا يُسْتَحَقُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابُهُ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ بِلِسَانِهِ عَيْنًا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ عُذْرٌ إلَّا إذَا رَضِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِلِسَانِ غَيْرِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ وَكَّلَ الْمُدَّعِي رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ عِنْدَهُ حَتَّى لَا يَلْزَمُ الْجَوَابُ وَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَعِنْدَهُمَا تَصِحُّ حَتَّى يَلْزَمَ وَتُسْمَعُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي عَاجِزًا عَنْ الدَّعْوَى عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ يَكْتُبُ دَعْوَاهُ فِي صَحِيفَةٍ وَيَدَّعِي مِنْهَا فَتُسْمَعُ وَلَوْ كَانَ لِسَانُهُ غَيْرَ لِسَانِ الْقَاضِي يَأْخُذُ مُتَرْجِمًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَمِنْهَا عَدَمُ التَّنَاقُضِ فِي الدَّعْوَى إلَّا فِي النَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ وَهُوَ أَنْ لَا يَسْبِقَ مِنْهُ مَا يُنَاقِضُ دَعْوَاهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْهُ قَبْلَهُ لَا بَعْدَهُ أَوْ مُطْلَقًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ

الباب الثاني فيما تصح به الدعوى وما لا يسمع وفيه ثلاثة فصول

وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي يَحْتَمِلُ الثُّبُوتَ حَتَّى لَوْ قَالَ لِمَنْ لَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ: هَذَا ابْنِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَأَمَّا حُكْمُهَا) فَاسْتِحْقَاقُ الْجَوَابِ عَلَى الْخَصْمِ بِنَعَمْ أَوْ لَا فَإِنْ أَقَرَّ ثَبَتَ الْمُدَّعَى بِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ يَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي: أَلَكَ بَيِّنَةٌ فَإِنْ قَالَ: لَا يَقُولُ لَك يَمِينُهُ وَلَوْ سَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يُجِبْهُ بِلَا أَوْ نَعَمْ فَالْقَاضِي يَجْعَلُهُ مُنْكِرًا حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ تُسْمَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَأَمَّا أَنْوَاعُهَا) فَثِنْتَانِ دَعْوَى صَحِيحَةٌ وَدَعْوَى فَاسِدَةٌ: (فَالصَّحِيحَةُ) مَا تَتَعَلَّقُ بِهَا أَحْكَامُهَا وَهِيَ إحْضَارُ الْخَصْمِ وَالْمُطَالَبَةُ بِالْجَوَابِ وَوُجُوبُ الْجَوَابِ وَالْيَمِينِ إذَا أَنْكَرَ وَالْإِثْبَاتُ بِالْبَيِّنَةِ وَلُزُومُ إحْضَارِ الْمُدَّعِي، (وَالْفَاسِدَةُ) مَا لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا الْأَحْكَامُ هَكَذَا فِي الْكَافِي لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى غَيْرَ صَحِيحَةٍ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعَ هَلْ يُسْمَعُ مِنْهُ وَهَلْ يُمْكِنُ إثْبَاتُ دَفْعِهِ مِنْ غَيْرِ تَصْحِيحِ الدَّعْوَى اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَفِي كِتَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُدَّعِي الدَّفْعِ يُطَالِبُ بِتَصْحِيحِ الدَّعْوَى ثُمَّ إثْبَاتِ الدَّعْوَى وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَأَمَّا مَعْرِفَةُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) فَهِيَ أَنَّ الْمُدَّعِي مَنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْخُصُومَةِ إذَا تَرَكَهَا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُجْبَرُ عَلَى الْخُصُومَةِ وَهَذَا حَدٌّ عَامٌّ صَحِيحٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأَصْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الْمُنْكِرُ وَهَذَا صَحِيحٌ لَكِنَّ الشَّأْنَ فِي مَعْرِفَتِهِ وَالتَّرْجِيحِ بِالْفِقْهِ عِنْدَ الْحُذَّاقِ مِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْمَعَانِي دُونَ الصُّوَرِ وَالْمَبَانِي فَإِنَّ الْمُودَعَ إذَا قَالَ: رَدَدْت الْوَدِيعَةَ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ مُدَّعِيًا لِلرَّدِّ صُورَةً لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الضَّمَانَ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا تَصِحُّ بِهِ الدَّعْوَى وَمَا لَا يُسْمَعُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّل فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدَّيْنِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا تَصِحُّ بِهِ الدَّعْوَى وَمَا لَا يُسْمَعُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ) . (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدَّيْنِ) . إنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا ذُكِرَ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِهِ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى فِيهِ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَالصِّفَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ كَانَ مَكِيلًا فَإِنَّمَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إذَا ذَكَرَ الْمُدَّعِي جِنْسَهُ أَنَّهُ حِنْطَةٌ أَوْ شَعِيرٌ فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ حِنْطَةٌ يَذْكُرُ نَوْعَهَا أَنَّهَا سَقِيَّةٌ أَوْ بَرِّيَّةٌ خَرِيفِيَّةٌ أَوْ رَبِيعِيَّةٌ وَصِفَتُهَا كندم سفيده أَوْ كندم سرخه وَأَنَّهَا جَيِّدَةٌ أَوْ وَسَطٌ أَوْ رَدِيئَةٌ وَقَدْرُهَا بِالْكَيْلِ فَيَقُولُ كَذَا قَفِيزًا أَوْ يَذْكُرُ بِقَفِيزِ كَذَا لِأَنَّ الْقُفْزَانَ تَتَفَاوَتُ فِي ذَاتِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَيَذْكُرُ سَبَبَ الْوُجُوبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَلَوْ ادَّعَى عَشَرَةَ أَقْفِزَةِ حِنْطَةً دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ بِأَيِّ سَبَبٍ لَا تُسْمَعُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَيَذْكُرُ فِي السَّلَمِ شَرَائِطَ صِحَّتِهِ وَلَوْ قَالَ بِسَبَبِ السَّلَمِ الصَّحِيحِ وَلَمْ يُبَيِّنْ شَرَائِطَ صِحَّةِ السَّلَمِ كَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ شَمْسِ الْإِسْلَامِ مَحْمُودٌ الْأُوزْجَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتِي بِصِحَّتِهَا وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ لَا يُفْتُونَ بِصِحَّتِهَا وَفِي دَعْوَى الْبَيْعِ بِأَنْ قَالَ بِسَبَبِ بَيْعٍ صَحِيحٍ صَحَّتْ الدَّعْوَى بِلَا خِلَافٍ وَعَلَى هَذَا كُلُّ سَبَبٍ لَهُ شَرَائِطُ كَثِيرَةٌ لَا بُدَّ مِنْ تَعْدَادِ الشَّرَائِطِ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ شَرَائِطُ كَثِيرَةٌ يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيَذْكُرُ فِي الْقَرْضِ الْقَبْضَ وَصَرْفَ الْمُسْتَقْرِضِ ذَلِكَ إلَى حَاجَةِ نَفْسِهِ لِيَصِيرَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَلِكَ يَذْكُرُ فِي دَعْوَى الْقَرْضِ أَنَّهُ أَقْرَضَهُ كَذَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ: لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ فِي الْقَرْضِ وَتَعْيِينُ مَكَانِ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ كَذَا مَالًا بِسَبَبٍ حِسَابِيٍّ كه ميان ايشان است ذِكْرُ هَذَا السَّبَبِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ الْحِسَابَ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِوُجُوبِ الْمَالِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ كَانَ وَزْنِيًّا فَإِنَّمَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إذَا بَيَّنَ الْجِنْسَ بِأَنْ قَالَ: ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ فَإِنْ قَالَ: ذَهَبٌ فَإِنْ كَانَ مَضْرُوبًا يَقُولُ: كَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَيَذْكُرُ نَوْعَهُ أَنَّهُ بُخَارِيُّ الضَّرْبِ أَوْ نَيْسَابُورِيُّ الضَّرْبِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي دَعْوَى الدَّنَانِيرِ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: ددهى أودمنهى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ صِفَتَهُ أَنَّهُ جَيِّدٌ أَوْ وَسَطٌ أَوْ رَدِيءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهَذِهِ الدَّعْوَى إنْ كَانَتْ بِسَبَبِ الْبَيْعِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الصِّفَةِ إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ مَعْرُوفٌ إلَّا إذَا كَانَ قَدْ مَضَى مِنْ وَقْتِ

الْبَيْعِ إلَى وَقْتِ الْخُصُومَةِ زَمَانٌ طَوِيلٌ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ نَقْدَ الْبَلَدِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَنَّ نَقْدَ الْبَلَدِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَيْفَ كَانَ بَيَانُ صِفَتِهِ بِحَيْثُ كَانَ تَقَعُ الْمَعْرِفَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ وَالْكُلُّ فِي الرَّوَاجِ عَلَى السَّوَاءِ وَلَا صَرْفَ لِلْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيُعْطِي الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أَيَّ النَّقْدَيْنِ شَاءَ إلَّا أَنَّ فِي الدَّعْوَى يُعَيِّنُ أَحَدَهُمَا وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ فِي الرَّوَاجِ عَلَى السَّوَاءِ وَلِلْبَعْضِ صَرْفٌ عَلَى الْبَعْضِ كَمَا كَانَتْ الْغِطْرِيفِيَّةُ وَالْعَدَالِيَّة فِي دِيَارِنَا قَبْلَ هَذَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِهِ وَكَذَا لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى مِنْ غَيْرِ بَيَانِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ أَرْوَجَ وَلِلْآخَرِ فَضْلٌ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَرْوَجِ وَرَأَيْت بِخَطِّ الْأُسْرُوشَنِيِّ إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ وَأَحَدُهَا أَرْوَجُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى مَا لَمْ يُبَيِّنْ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى بِسَبَبِ الْقَرْضِ وَالِاسْتِهْلَاكِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الصِّفَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَإِنْ ذَكَرَ كَذَا دِينَارًا نَيْسَابُورِيًّا مُنْتَقَدًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَيِّدَ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْجَيِّدِ مَعَ ذَلِكَ وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَوْ ذَكَرَ الْجَيِّدَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُنْتَقَدَ فَالدَّعْوَى صَحِيحَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعِنْدَ ذِكْرِ النَّيْسَابُورِيِّ أَوْ الْبُخَارِيِّ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْأَحْمَرِ لِأَنَّ النَّيْسَابُورِيَّ وَالْبُخَارِيَّ لَا يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَّا أَحْمَرَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَيِّدِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ إذَا ذَكَرَ أَحْمَرَ خَالِصًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَيِّدَ كَفَاهُ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ أَنَّهُ مِنْ ضَرْبِ أَيِّ وَالٍ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا لَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ وَأَنَّهُ أَوْسَعُ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الذَّهَبُ مَضْرُوبًا لَا يَذْكُرُ فِي الدَّعْوَى كَذَا دِينَارًا وَإِنَّمَا يَذْكُرُ كَذَا مِثْقَالًا فَإِنْ كَانَ خَالِصًا مِنْ الْغِشِّ يَذْكُرُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غِشٌّ ذَكَرَ نَحْوُ: الده نهى أَوْ الده هشتى أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ نُقْرَةً وَكَانَتْ مَضْرُوبَةً ذَكَرَ نَوْعَهَا وَهُوَ مَا تُضَافُ إلَيْهِ وَصِفَتَهَا إنَّهَا جَيِّدَةٌ أَوْ وَسَطٌ أَوْ رَدِيئَةٌ وَيَذْكُرُ قَدْرَهَا أَنَّهُ كَذَا دِرْهَمًا وَزْنُ سَبْعَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَرَاهِمُ مَضْرُوبَةٌ وَالْغِشُّ فِيهَا غَالِبٌ إنْ كَانَ يَتَعَامَلُ بِهَا وَزْنًا يَذْكُرُ نَوْعَهَا وَصِفَتَهَا وَمِقْدَارَ وَزْنِهَا وَإِنْ كَانَ يَتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا يَذْكُرُ عَدَدَهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ بِلَا غِشٍّ يَذْكُرُ أَنَّهَا خَالِصَةً وَنَوْعُهَا كَقَوْلِهِمْ: نُقْرَةُ فرنج أَوْ الروس أَوْ الطمغاجى وَصِفَتُهَا أَنَّهَا جَيِّدَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ وَقِيلَ: إذَا ذَكَرَ أَنَّهَا طمغاجية مَثَلًا لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَلَا يَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ إنَّهَا نُقْرَةٌ بَيْضَاءُ مَا لَمْ يَذْكُرْ نُقْرَةٌ طمغاجية أَوْ كليجة كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَيَذْكُرُ قَدْرَهَا كَذَا دِرْهَمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . لَوْ ادَّعَى الْحِنْطَةَ أَوْ الشَّعِيرَ بِالْأُمَنَاءِ فَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ يَسْأَلُ الْمُدَّعِي عَنْ دَعْوَاهُ فَإِنْ ادَّعَى بِسَبَبِ الْقَرْضِ وَالِاسْتِهْلَاكِ لَا يُفْتِي بِالصِّحَّةِ وَإِنْ ادَّعَى بِسَبَبِ بَيْعِ عَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ بِحِنْطَةٍ فِي الذِّمَّةِ أَوْ بِسَبَبِ السِّلْمِ يُفْتَى بِالصِّحَّةِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ ادَّعَى مُكَايَلَةً حَتَّى صَحَّتْ الدَّعْوَى بِلَا خِلَافٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ وَلَمْ يَذْكُرْ الصِّفَةَ فِي إقْرَارِهِ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ فِي حَقِّ الْجَبْرِ عَلَى الْبَيَانِ لَا فِي حَقِّ الْجَبْرِ عَلَى الْأَدَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الذُّرَةِ وَالْمَجِّ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ إذَا ادَّعَى الدَّقِيقَ بِالْقَفِيزِ لَا تَصِحُّ وَمَتَى ذَكَرَ الْوَزْنَ حَتَّى صَحَّتْ دَعْوَاهُ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ خَشّك آرِدّ وشسته وَيَذْكُرَ مَعَ ذَلِكَ بخته أَوْ نا بخته وَالْجُودَةَ وَالْوَسَاطَةَ وَالرَّدَاءَةَ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ مِائَةَ عدالية غَصْبًا وَهِيَ مُنْقَطِعَةٌ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ يَوْمَ الدَّعْوَى يَنْبَغِي أَنْ يَدَّعِيَ قِيمَتَهُ غَيْرَ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَوْمَ الْغَصْبِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَوْمَ الِانْقِطَاعِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ سَبَبِ وُجُوبِ الدَّرَاهِمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي دَعْوَى الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ إذَا ذَكَرَ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَدَاءِ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي يَدِ هَؤُلَاءِ الْوَرَثَةِ مَا يَفِي بِقَضَاءِ هَذَا الدَّيْنِ وَزِيَادَةٌ وَلَمْ يَذْكُرْ أَعْيَانَ الْوَرَثَةِ تُسْمَعُ فِيمَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى لَكِنْ لَا يَحْكُمْ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْوَارِثِ مَا لَمْ تَصِلْ إلَيْهِ التَّرِكَةُ فَإِنْ أَنْكَرَ وُصُولَ التَّرِكَةِ إلَيْهِ وَأَرَادَ إثْبَاتَهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِذِكْرِ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ عَلَى وَجْهٍ يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي نَوْعٍ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى. وَفِي الدَّيْنِ لَوْ

الفصل الثاني فيما يتعلق بدعوى العين المنقول

ادَّعَى الْمَدْيُونُ أَنَّهُ بَعَثَ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَيْهِ أَوْ قَضَى فُلَانٌ دَيْنَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ صَحَّتْ الدَّعْوَى وَيَحْلِفُ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ قَرْضَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ: وَصَلَ إلَيْك بِيَدِ فُلَانٍ وَهُوَ مَالِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا فِي الْعَيْنِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي دَعْوَى الْمَالِ بِسَبَبِ الْكَفَالَةِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ وَكَذَا قَبُولُ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي مَجْلِسِهَا أَمَّا لَوْ قَالَ قَبْلَهَا فِي مَجْلِسِهِ فَلَا يَصِحُّ وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا عَلَى وَرَثَتِهِ مَالًا لَا تَصِحُّ بِلَا بَيَانِ السَّبَبِ قَالُوا: وَفِي دَعْوَى لُزُومِ الْمَالِ بِسَبَبِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: كَانَ ذَلِكَ بِالطَّوْعِ وَحَالَ نَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِ لَهُ عَلَيْهِ لِتَصِحَّ دَعْوَى الْوُجُوبِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي دَعْوَى مَالِ الْإِجَارَةِ الْمَفْسُوخَةِ بِمَوْتِ الْآجِرِ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ عدالية يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ كَذَا دَرَاهِمَ كَذَا عدالية رَائِجَةً مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى وَقْتِ الْفَسْخِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَالَ: لِي عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الدَّعْوَى صَحِيحَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَصِحُّ مَا لَمْ يَقُلْ لِلْقَاضِي مُرْهُ حَتَّى يُعْطِيَنِي هَكَذَا فِي النَّوَازِلِ وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الصَّحِيحُ أَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ ثَمَنَ مَبِيعٍ مَقْبُوضٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَبِيعَ أَوْ مَحْدُودٍ وَلَمْ يُحَدِّدْهُ يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكَذَا فِي دَعْوَى مَالِ الْإِجَارَةِ الْمَفْسُوخَةِ لَا يُشْتَرَطُ تَحْدِيدُ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْمُدَّعِي لِحِفْظِ عَيْنٍ مُعَيَّنٍ سَمَّاهُ وَوَصَفَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا وَقَدْ حَفِظَهُ مُدَّةَ كَذَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاءُ الْأُجْرَةِ الْمَشْرُوطَةِ وَلَمْ يُحْضِرْ ذَلِكَ الْعَيْنَ فِي مَجْلِسِ الدَّعْوَى يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ الدَّعْوَى وَلَوْ ادَّعَى ثَمَنَ مَبِيعٍ غَيْرَ مَقْبُوضٍ لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِ الْمَبِيعِ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ حَتَّى يَثْبُتَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْقَاضِي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ إنَّ وَصِيِّي بَاعَ مِنْ أَقْمِشَتِي مِنْك كَذَا فِي حَالِ صِغَرِي بِكَذَا وَكَذَا وَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَادْفَعْ إلَيَّ فَقَدْ قِيلَ: لَا تَصِحُّ هَذِهِ الدَّعْوَى لِأَنَّ بَعْدَ مَوْتِ الْوَصِيِّ حَقُّ قَبْضِ ثَمَنِ مَا بَاعَ الْوَصِيُّ يَكُونُ لِوُرَّاثِهِ أَوْ لِوَصِيِّهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ أَوْ وَارِثٌ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ لَهُ وَصِيًّا قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ مِنْ الْمَشَايِخِ فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا مَاتَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَحَقُّ الْقَبْضِ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هَهُنَا حَقُّ الْقَبْضِ يَنْتَقِلُ إلَى الصَّبِيِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَتَصِحُّ الدَّعْوَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِدَعْوَى الْعَيْنِ الْمَنْقُولِ] إنْ كَانَ الْعَيْنُ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْمُدَّعِي قَائِمًا حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ لَا بُدَّ أَنْ يُشِيرَ إلَيْهِ بِالْيَدِ فَيَقُولُ: هَذَا لِي، وَالْإِشَارَةُ بِالرَّأْسِ لَا تَكْفِي إلَّا إذَا عَلِمَ بِإِشَارَتِهِ الْإِشَارَةَ إلَى الْعَيْنِ الْمُدَّعَى هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كُلِّفَ إحْضَارَهَا لِيُشِيرَ إلَيْهَا بِالدَّعْوَى كَمَا فِي الشَّهَادَةِ وَالِاسْتِحْلَافِ كَذَا فِي الْكَافِي قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِنْ الْمَنْقُولَاتِ مَا لَا يُمْكِنُ إحْضَارُهُ عِنْدَ الْقَاضِي كَالصُّبْرَةِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْقَطِيعِ مِنْ الْغَنَمِ فَالْقَاضِي فِيهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ حَضَرَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ لَوْ تَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا بِالِاسْتِخْلَافِ يَبْعَثُ خَلِيفَتَهُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي دَعْوَى إحْضَارِ الْمُدَّعِي لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: لَازِمٌ عَلَيَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إحْضَارُ الْمُدَّعِي إنْ كَانَ مُنْكِرًا لِأُبَرْهِنَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُنْكِرًا وَكَانَ مُقِرًّا لَا يَلْزَمُ الْإِحْضَارُ بَلْ يَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَرَادَ إحْضَارَهُ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ فَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَنَّ هَذَا الْعَيْنَ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ هَذَا التَّارِيخِ بِسَنَةِ تُسْتَمَعُ وَيُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى إحْضَارِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي عَيْنِ غَائِبٍ لَا يُدْرَى مَكَانَهُ بِأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ ثَوْبًا أَوْ جَارِيَةً وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ قَائِمٌ أَوْ هَالِكٌ إنْ بَيَّنَ الْجِنْسَ وَالصِّفَةَ وَالْقِيمَةَ فَدَعْوَاهُ مَسْمُوعَةٌ وَبَيِّنَتُهُ مَقْبُولَةٌ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْقِيمَةَ أَشَارَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهَا مَسْمُوعَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ هَالِكًا لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إلَّا بِبَيَانِ جِنْسِهِ وَسِنِّهِ وَصِفَتِهِ وَحِلْيَتِهِ وَقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا إلَّا بِذِكْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَشَرَطَ الْخَصَّافُ بَيَانَ الْقِيمَةِ وَبَعْضُ الْقُضَاةِ لَا يَشْتَرِطُونَ بَيَانَ الْقِيمَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ شَرْطِ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ يُشْتَرَطُ مَعَ بَيَانِ الْقِيمَةِ ذِكْرُ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اللَّوْنِ وَالشِّيَةِ فِي دَعْوَى الدَّابَّةِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ حِمَارًا

وَذِكْرَ شِيَتِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ فَأَحْضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِمَارًا فَقَالَ الْمُدَّعِي: هَذَا الَّذِي ادَّعَيْتُهُ وَزَعَمَ الشُّهُودُ كَذَلِكَ أَيْضًا فَنَظَرُوا فَإِذَا بَعْضُ شِيَاتِهِ عَلَى خِلَافِ مَا قَالُوا بِأَنْ ذَكَرَ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ مَشْقُوقُ الْأُذُنِ وَهَذَا الْحِمَارُ غَيْرُ مَشْقُوقِ الْأُذُنِ قَالُوا: لَا يَمْنَعُ هَذَا الْقَضَاءَ لِلْمُدَّعِي وَلَا يَكُونُ هَذَا خَلَلًا فِي شَهَادَتِهِمْ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ ظَهِيرُ الدِّينِ عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ غُلَامًا تُرْكِيًّا وَبَيَّنَ صِفَاتِهِ وَطَلَبَ إحْضَارَ الْغُلَامِ فَلَمَّا أُحْضِرَ الْغُلَامُ كَانَ بَعْضُ صِفَاتِهِ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرَهُ الْمُدَّعِي فَادَّعَى أَنَّهُ لَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ قَالَ الْمُدَّعِي: هَذَا الْغُلَامُ هُوَ الَّذِي ادَّعَيْتُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا كَانَتْ الصِّفَاتُ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ وَالتَّبَدُّلَ وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَمَا أُحْضِرَ الْغُلَامُ: هُوَ عَبْدِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ادَّعَى أَعْيَانًا مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَذَكَرَ قِيمَةَ الْكُلِّ جُمْلَةً وَلَمْ يَذْكُرْ قِيمَةَ كُلِّ عَيْنٍ عَلَى حِدَةٍ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَلَا يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَلْفَ دِينَارٍ بِسَبَبِ الِاسْتِهْلَاكِ أَعْيَانًا لَا بُدَّ وَأَنْ يُبَيِّنَ قِيمَتَهَا فِي مَوْضِعِ الِاسْتِهْلَاكِ وَكَذَا لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ الْأَعْيَانَ فَإِنَّ مِنْهَا مَا يَكُونُ مِثْلِيًّا وَمِنْهَا مَا يَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ بَعَثَ عِمَامَتَهُ إلَى رَفَّاءٍ بِيَدِ تِلْمِيذِهِ لِيُصْلِحَهَا فَأَنْكَرَ الرَّفَّاءُ قَبْضَ الْعِمَامَةِ وَالتِّلْمِيذُ قَدْ مَاتَ أَوْ غَابَ فَادَّعَى صَاحِبُ الْعِمَامَةِ أَنَّهَا مِلْكِي وَصَلَتْ إلَيْك بِيَدِ فُلَانٍ لَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى إلَّا إذَا قَالَ: اسْتَهْلَكْتهَا وَادَّعَى الْقِيمَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ: بَعَثْت إلَيْك تُسْمَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ ادَّعَى عِنَبًا قَائِمًا يُشِيرُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْأَوْصَافِ وَالْوَزْنِ وَالنَّوْعِ وَإِنْ دَيْنًا فِي أَوَانِهِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ قَدْرِهِ وَنَوْعِهِ وَصِفَتِهِ فَيَقُولُ كَذَا أُمَنَاءُ طَائِفِيَّةَ أَبْيَضُ وَيَذْكُرُ الْجُودَةَ وَالْوَسَطَ وَإِنْ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ فِي السُّوقِ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ يَقُولُ لَهُ الْحَاكِمُ: مَاذَا تُرِيدُ؟ إنْ قَالَ الْعِنَبَ لَا يُصْغَى إلَى دَعْوَاهُ وَإِنْ قَالَ قِيمَتَهُ يَأْمُرُهُ بِذِكْرِ السَّبَبِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بِالِانْقِطَاعِ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ كَمَا فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَإِنْ بِسَبَبِ السَّلَمِ أَوْ الِاسْتِهْلَاكِ أَوْ الْقَرْضِ لَا يَسْقُطُ بَلْ يُطَالِبُهُ بِالْقِيمَةِ إذَا كَانَ لَا يُنْتَظَرُ أَوَانُهُ كَذَا قَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِنْ ادَّعَى نَوْعَيْنِ مِنْ الْعِنَبِ بِأَنْ ادَّعَى أَلْفَ مَنٍّ مِنْ الْعِنَبِ الْعَلَائِيِّ والورخمتى الْحُلْوِ الْوَسَطِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَقُولَ مِنْ الْعَلَائِيِّ كَذَا وَمِنْ الورخمتي كَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ ادَّعَى وِقْرَ رُمَّانٍ أَوْ سَفَرْجَلٍ يَذْكُرُ الْوَزْنَ وَيَذْكُرُ أَنَّهُ حُلْوٌ أَوْ حَامِضٌ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ وَفِي دَعْوَى اللَّحْمِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ يَدَّعِيهِ بِسَبَبِ أَنَّهُ جَعَلَ ثَمَنًا لِلْمَبِيعِ تَصِحُّ إذَا بَيَّنَ أَوْصَافَهُ وَمَوْضِعَهُ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مِائَةَ مَنٍّ مِنْ الْكَعْكِ لَا تَصِحُّ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ السَّبَبِ لِأَنَّ فِي السَّلَمِ فِي الْخُبْزِ اخْتِلَافًا وَفِي الِاسْتِقْرَاضِ أَيْضًا كَذَلِكَ وَفِي الِاسْتِهْلَاكِ تَجِبُ الْقِيمَةُ وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ فِي الدَّعْوَى الْكَعْكَ الْمُتَّخَذَ مِنْ الدَّقِيقِ الْغَسِيلِ أَوْ غَيْرِ الْغَسِيلِ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ أَبْيَضُ الْوَجْهِ أَوْ مُزَعْفَرُ الْوَجْهِ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ أَنَّ عَلَى وَجْهِهِ سِمْسِمًا حَتَّى تَصِحَّ الدَّعْوَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَدَعْوَى الْجَمَدِ حَالَ انْقِطَاعِهِ لَا تَصِحُّ وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ لِعَدَمِ وُجُوبِ رَدِّ مِثْلِهِ لِانْقِطَاعِهِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي دَعْوَى الدُّهْنِ وَأَشْبَاهِهِ إنْ كَانَتْ الدَّعْوَى بِسَبَبِ الْبَيْعِ يُحْتَاجُ إلَى الْإِحْضَارِ لِلْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبِ الِاسْتِهْلَاكِ أَوْ بِسَبَبِ الْقَرْضِ أَوْ بِسَبَبِ الثَّمَنِيَّةِ لَا يُحْتَاجُ إلَيَّ الْإِحْضَارِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا ادَّعَى دِيبَاجًا عَلَى إنْسَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ وَزْنَهُ فَإِنْ كَانَ الدِّيبَاجُ عَيْنًا يُشْتَرَطُ إحْضَارُهُ وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ الْوَزْنِ وَسَائِرِ أَوْصَافِهِ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا بِأَنْ كَانَ مُسَلَّمًا فِيهِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْوَزْنِ أَمْ لَا فَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي خِبَاءٍ فِي ذِمَّةٍ مَهْرًا فَارِسِيَّتُهُ (خركاه) فَأَفْتَوْا بِالصِّحَّةِ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ الْجَهَالَةِ وَالْجَهَالَةُ فِي بَابِ الْمَهْرِ لَا تَمْنَعُ الْوُجُوبَ فِي الذِّمَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَذَكَرَ الْوَتَّارُ ادَّعَى زَنْدَبِيجِيًّا طُولُهُ بِذُرْعَانِ خُوَارِزْمَ كَذَا وَشَهِدَ بِذَلِكَ بِحَضْرَةِ الزَّنْدَبِيجِيِّ فَذَرَعَ فَإِذَا هُوَ أَزْيَدُ أَوْ أَنْقَصُ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ وَالدَّعْوَى كَمَا إذَا خَالَفَ مِنْ الدَّابَّةِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ وَكَذَا أَيْضًا ادَّعَى حَدِيدًا وَذَكَرَ أَنَّهُ عَشَرَةُ أُمَنَاءَ فَإِذَا هُوَ عِشْرُونَ أَوْ بِثَمَانِيَةٍ تُقْبَلُ

الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ لِأَنَّ الْوَزْنَ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ لَغْوٌ فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي دَعْوَى الْقُطْنِ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ الْقُطْنَ اليزقاني أَوْ الْبَيْهَقِيّ أَوْ الجاجرمي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنَّهُ يُحَصِّلُ مِنْ كَذَا مَنًّا مِنْهُ كَذَا مَنًّا مِنْ الْمَحْلُوجِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي دَعْوَى الْقَمِيصِ إذَا بَيَّنَ نَوْعَهُ وَجِنْسَهُ وَصِفَتَهُ وَقِيمَتَهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَذْكُرَ وَيُبَيِّنَ (مردانه يازنانه خرديابزرك) كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي دَعْوَى خَرْقِ الثَّوْبِ وَجُرْحِ الدَّابَّةِ لَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُ الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ فِي الْحَقِيقَةِ الْجُزْءُ الْفَائِتُ مِنْ الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إذَا ادَّعَى جَوْهَرًا لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْوَزْنِ إذَا كَانَ غَائِبًا وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا كَوْنَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَفِي اللُّؤْلُؤِ يَذْكُرُ دَوْرَهُ وَضَوْأَهُ وَوَزْنَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي دَعْوَى عَدَدٍ مِنْ الْإِبْرَةِ وَالْمِسَلَّةِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ لِأَنَّهُ إنْ عَيْنًا يَلْزَمُ إحْضَارُهُ وَإِنْ دَيْنًا بِسَبَبِ السَّلَمِ أَوْ بِجَعْلِهِ ثَمَنَ مَبِيعٍ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ النَّوْعِ وَالصِّفَةِ لِارْتِفَاعِ الْجَهَالَةِ وَلَا يَجِبُ الْمِثْلُ فِيهِمَا مِنْ الِاسْتِهْلَاكِ لِأَنَّهُمَا قِيَمِيَّانِ وَلَا يَجِبَانِ بِالْقَرْضِ لِعَدَمِ جَوَازِ قَرْضِهِمَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ادَّعَى كَذَا مَنًّا مِنْ الْحِنَّاءِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَذْكُرَ الْجَيِّدَ أَوْ الْوَسَطَ أَوْ الرَّدِيءَ وَيَذْكُرَ حِنَّاءَ برك أَوْ سُودِهِ أَوْ كوفته وَلَوْ ادَّعَى قَدْرًا مِنْ التُّوتِيَاءَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ فِي دَعْوَاهُ كوفته أَوْ ناكوفته وَبِدُونِهِ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ادَّعَى طَاحُونَةً فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَبَيَّنَ حُدُودَ الطَّاحُونَةِ وَذَكَرَ الْأَدَوَاتِ الْقَائِمَةَ فِي الطَّاحُونَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ الْأَدَوَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْ كَيْفِيَّتَهَا فَقَدْ قِيلَ: لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لَفْظُهُ الدَّعْوَى فِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ: إنَّ لِي عِنْدَهُ كَذَا قِيمَتُهُ كَذَا فَأْمُرْهُ لِيُحْضِرَهُ لِأُقِيمَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكِي إنْ كَانَ مُنْكِرًا وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا فَأْمُرْهُ بِالتَّخْلِيَةِ حَتَّى أَرْفَعَ وَلَا يَقُولُ: فَأْمُرْهُ بِالرَّدِّ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَوْضِعِ الْإِيدَاعِ أَنَّهُ فِي أَيِّ مِصْرٍ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ وَفِي دَعْوَى الْغَصْبِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ مَوْضِعِ الْغَصْبِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ادَّعَى عَلَيْهِ غَصْبَ حِنْطَةٍ وَبَيَّنَ الشَّرَائِطَ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَكَانِ الْغَصْبِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَفِي غَصْبِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَاسْتِهْلَاكِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي دَعْوَى التَّخَارُجِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَنْوَاعِ التَّرِكَةِ وَتَحْدِيدِ ضِيَاعِهَا وَبَيَانِ الْأَمْتِعَةِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَبَيَانِ قِيمَتِهَا لِيَعْلَمَ أَنَّ الصُّلْحَ لَمْ يَقَعْ عَلَى أَزْيَدَ مِنْ حِصَّتِهِ فَإِنَّ التَّرِكَةَ لَوْ أَتْلَفَهَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ ثُمَّ صُولِحَ مَعَ غَيْرِ الْمُتْلِفِ عَلَى أَزْيَدَ مِنْ قِيمَتِهَا لَا يَصِحُّ عِنْدَهَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ بَعْدَ الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ عَلَى أَزْيَدَ مِنْ قِيمَتِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ بَاعَ عَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَإِنِّي قَدْ أَجَزْت الْبَيْعَ حِينَ وَصَلَ إلَى خَبَرِ الْبَيْعِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ نِصْفِ الثَّمَنِ إلَيَّ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الدَّعْوَى مَا لَمْ يَذْكُرْ فِي الدَّعْوَى أَنَّ هَذَا كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقْتَ الْإِجَازَةِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ رَوَاجِ الثَّمَنِ وَقْتَ الْإِجَازَةِ وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَذْكُرَ قَبْضَ الْبَائِعِ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعِي إنَّ الْعَيْنَ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَكُمَا شَرِكَةَ مِلْكٍ أَمْ شَرِكَةَ عَقْدٍ فَإِنْ قَالَ: شَرِكَةَ مِلْكٍ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَإِنْ قَالَ: شَرِكَةَ عَقْدٍ لَا حَاجَةَ إلَى قِيَامِ الْعَيْنِ وَقْتَ الْإِجَازَةِ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الثَّمَنِ لِتَصِحَّ مُطَالَبَتُهُ بِأَدَاءِ نِصْفِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي دَعْوَى مَالِ الشَّرِكَةِ بِسَبَبِ الْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ لَا بُدَّ وَأَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ مَاتَ مُجْهِلًا لِمَالِ الشَّرِكَةِ أَمْ مَاتَ مُجْهِلًا لِلْمُشْتَرَى بِمَالِ الشَّرِكَةِ لِأَنَّ مَالَ الشَّرِكَةِ مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ وَالْمُشْتَرَى مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْمُطَالَبَةِ بِالرَّدِّ وَالتَّسْلِيمِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُودِعِ التَّخْلِيَةُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي دَعْوَى الْبِضَاعَةِ الْوَدِيعَةِ بِسَبَبِ الْمَوْتِ مُجْهِلًا لَا بُدَّ وَأَنْ يُبَيِّنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْمَوْتِ وَكَذَا فِي دَعْوَى مَالِ الْمُضَارَبَةِ إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ مُجْهِلًا لَا بُدَّ وَأَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ يَوْمَ مَاتَ مُجْهِلًا نَقْدًا وَعَرْضًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ كَذَا قَفِيزَ حِنْطَةً أَمَانَةً فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ رَدُّهَا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا قَائِمَةً وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً أَوْ مُسْتَهْلَكَةً فَرَدُّ مِثْلِهَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَعَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً يَنْبَغِي أَنْ

الفصل الثالث فيما يتعلق بدعوى العقار

يَقُولَ هَالِكَةً بَعْدَ الْجُحُودِ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مِنْ جِهَتِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا ادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ مِنِّي بِجِهَةِ السَّوْمِ كَذَا زندبجيبيا طُولُهُ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا وَقِيمَتُهُ كَذَا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ عَيْنِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَتَسْلِيمُ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ هَالِكًا فَهَذِهِ الدَّعْوَى لَا تَصِحُّ مَا لَمْ يَقُلْ قَبَضَ بِجِهَةِ السَّوْمِ لِيَشْتَرِيَ بِكَذَا إذَا رَضِيَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ تَسْلِيمَ الرَّهْنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ هَلْ تَصِحُّ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ مُؤْنَةَ رَدِّ الْمَرْهُونِ عَلَى الرَّاهِنِ فَعَلَى هَذَا لَوْ طَالَبَهُ الرَّاهِنُ بِالرَّدِّ وَالتَّسْلِيمِ لَا تَصِحُّ وَقِيلَ: مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَرْهُونِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَالْمُسْتَعِيرِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ بَاعَ عَيْنًا مِنْ الْأَعْيَانِ وَهُوَ عَبْدٌ بِحَضْرَةِ مَوْلَاهُ ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى ادَّعَى الْعَيْنَ الَّتِي بَاعَهَا الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَى الْمَوْلَى وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ تَصِحُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا عَلَى الْبَيْعِ وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَهُ لَا تَصِحُّ مَا لَمْ يَقُلْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ وَهُوَ مُكْرَهٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مَقْبُوضًا يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ أَيْضًا مُكْرَهًا وَبَرْهَنَ عَلَى الْكُلِّ أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمُكْرَهُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَفِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ حَقٍّ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى لِأَنَّ بَيْعَ الْمُكْرَهِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ يُثْبِتُ الْمِلْكَ فَعَلَى هَذَا لَوْ ادَّعَى الْبَيْعَ الْفَاسِدَ الَّذِي اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَفِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ حَقٍّ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي دَعْوَى الْبَائِعِ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْبَيْعِ لَا حَاجَةَ إلَى تَعْيِينِ الْمُكْرَهِ كَمَا لَوْ ادَّعَى مَالًا بِسَبَبِ السِّعَايَةِ لَا حَاجَةَ إلَى تَعْيِينِ الْعَوَانِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَمَرَ فُلَانًا حَتَّى أَخَذَ مِنْهُ كَذَا إنْ كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا فَالدَّعْوَى صَحِيحَةٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ السُّلْطَانِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْآمِرِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ ادَّعَى الضَّمَانَ عَلَى الْمَأْمُورِ فَإِنْ كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَى الْمَأْمُورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُلْطَانًا تَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَى الْمَأْمُورِ وَمُجَرَّدُ أَمْرِ الْإِمَامِ إكْرَاهٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَفِي دَعْوَى السِّعَايَةِ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ اسْمِ قَابِضِ الْمَالِ وَنَسَبِهِ لَكِنْ يُبَيِّنُ السِّعَايَةَ أَمَّا لَوْ قَالَ (2) (فُلَانٌ غمز كرد مراتازيان كرد ندمر أظالمان) بِمُجَرَّدِ هَذَا لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخْسَرَهُ فُلَانٌ بِغَيْرِ حَقٍّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ أَنَّهُ أَخْسَرَنِي كَذَا بِسَبَبِ (3) آنكه سعايت كردمرا بِأَصْحَابِ سُلْطَانٍ بناحق وَشَهِدَ الشُّهُودُ كه أَيْنَ فُلَانُ سعايت كرد بِأَصْحَابِ سُلْطَانِ بناحق مراين مُدَّعَى را وَأَصْحَابُ سُلْطَانِ بستدندبنا حَقٌّ أزين مُدَّعًى بِسَبَبِ سعايت أَيْنَ مُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْنَ مِقْدَارُ مَالٍ مَوْصُوفٍ فَهَذِهِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ صَحِيحَتَانِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا قَابِضَ الْمَالِ عَلَى التَّعْيِينِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِ السِّعَايَةِ لِيَنْظُرَ أَنَّهُ هَلْ تُوجِبُ الْمَالَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ سَعَى إلَى أَصْحَابِ السُّلْطَانِ وَقَالَ: لِي عَلَيْهِ حَقٌّ وَاجِبٌ فَأْمُرُوهُ بِالدَّفْعِ إلَيَّ فَطَلَبُوهُ بِالْأَدَاءِ وَأَخَذُوا الْجُعَلَ مِنْهُ وَهَذِهِ السِّعَايَةُ لَا تَكُونُ مُوجِبَةً لِلضَّمَانِ لِأَنَّهَا بِحَقٍّ وَكَذَلِكَ إذَا سَعَى وَقَالَ: إنَّهُ يَجِيءُ إلَى امْرَأَتِي فَأَخَذَهُ السُّلْطَانُ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ بِهَذَا السَّبَبِ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِمَا هُوَ صِدْقٌ وَهُوَ قَاصِدٌ لِلْحِسْبَةِ فِي هَذَا فَلَا تَكُونُ هَذِهِ السِّعَايَةُ مُوجِبَةً لِلضَّمَانِ وَالْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ أَنْ يَأْتِيَ بِكَلَامٍ كَذِبٍ يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِأَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ أَوْ لَا يَكُونُ قَصْدُهُ إقَامَةَ الْحِسْبَةِ كَمَا لَوْ قَالَ عِنْدَ السُّلْطَانِ: إنَّ فُلَانًا وَجَدَ مَالًا وَقَدْ وَجَدَ الْمَالَ فَهَذَا مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ ظَاهِرًا يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْهُ بِهَذَا السَّبَبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ارْتَشَى مِنْهُ لَا تَصِحُّ أَيْضًا بِدُونِ التَّفْصِيلِ فَإِنْ فَسَّرَ عَلَى الْوَجْهِ تُسْمَعُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِدَعْوَى الْعَقَارِ] . إنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا ذَكَرَ حُدُودَهُ الْأَرْبَعَةَ وَأَسْمَاءَ أَصْحَابِهَا وَنَسَبَهُمْ إلَى الْجَدِّ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَهِرْ الرَّجُلُ فَإِنْ اُشْتُهِرَ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْفَقِيهُ الْحَاكِمُ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي شُرُوطِهِ إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْبَلْدَةِ الَّتِي فِيهَا الدَّارُ ثُمَّ مِنْ ذِكْرِ الْمَحَلَّةِ ثُمَّ مِنْ ذِكْرِ السِّكَّةِ فَيَبْدَأُ أَوَّلًا بِذِكْرِ الْكُورَةِ ثُمَّ بِالْمَحِلَّةِ ثُمَّ بِالسِّكَّةِ اخْتِيَارًا لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْأَعَمِّ ثُمَّ يَنْزِلُ مِنْ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الْبَغْدَادِيُّ: يَبْدَأُ بِالْأَخَصِّ ثُمَّ بِالْأَعَمِّ فَيَقُولُ: دَارٌ فِي سِكَّةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا فِي كُورَةِ كَذَا لَكِنْ مَا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَحْسَنُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي وَلَا تَثْبُتُ الْيَدُ فِي الْعَقَارِ بِتَصَادُقِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي يَدِهِ بَلْ تَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْقَاضِي فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْكَافِي وَذَكَرَ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِهِ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ حَقُّهُ فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَرْهُونًا فِي يَدِهِ أَوْ مَحْبُوسًا بِالثَّمَنِ فِي يَدِهِ وَبِالْمُطَالَبَةِ يَزُولُ هَذَا الِاحْتِمَالُ وَعَنْ هَذَا قَالُوا فِي الْمَنْقُولِ: يَجِبُ أَنْ يَقُولَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ: يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ فِي الْحُدُودِ لَزِيقَ دَارِ فُلَانٍ وَلَا يَذْكُرُ دَارَ فُلَانٍ وَعِنْدَنَا كِلَا اللَّفْظَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ أَيُّمَا ذُكِرَ فَهُوَ حَسَنٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ ذَكَرَ الْحُدُودَ الثَّلَاثَةَ وَسَكَتَ عَنْ الرَّابِعِ لَا يَضُرُّ وَإِنْ لَمْ يَسْكُتْ وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِي الرَّابِعِ لَا يَصِحُّ حَتَّى لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ: لَيْسَ هَذَا الْمَحْدُودُ فِي يَدَيَّ أَوْ قَالَ: لَيْسَ عَلَيَّ تَسْلِيمُ هَذَا الْمَحْدُودِ فَإِنَّهُ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْخُصُومَةُ وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هَذَا الْمَحْدُودُ فِي يَدَيَّ غَيْرَ أَنَّك أَخْطَأْت لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ إلَّا إذَا تَوَافَقَا عَلَى الْخَطَأِ فَحِينَئِذٍ يَسْتَأْنِفُ الْخُصُومَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى دَارًا وَذَكَرَ أَنَّ أَحَدَ حُدُودِهَا دَارُ زَيْدٍ ثُمَّ ادَّعَى ثَانِيًا وَذَكَرَ لِهَذَا الْحَدِّ دَارَ عَمْرَو لَا يُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُصَدِّقُهُ أَنَّهُ غَلِطَ أَوَّلًا ادَّعَى عَلَى آخَرَ كَرْمًا وَبَيَّنَ حُدُودَهُ (2) وازحد جهارم بَعْض ببوسته رُزّ عَمْرو بْن أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ است ايشان ببوسته رز عَمْرو بْن أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو نوشته اندوهمجنين دَعْوَى كردوكواهان باين كواهى دادند قَاضَى حُكْمِ كرداين حُكْمِ درحق أَيْنَ رزكه دردست مُدَّعَى عَلَيْهِ است لَا يَصِحُّ (جون بَعْض حدودرا غَلَط كفته اند) وَلَا يَجُوزُ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ ذَكَرَ فِي الْحَدِّ الرَّابِعِ لَزِيقُ الزِّقِّيَّةِ أَوْ الزُّقَاقِ وَإِلَيْهِ الْمَدْخَلُ أَوْ الْبَابُ فَذَلِكَ لَا يَكْفِي لِأَنَّ فِي الْأَزِقَّةِ كَثْرَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْسِبَهَا إلَى مَا يُعْرَفُ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُنْسَبُ إلَى شَيْءٍ يَقُولُ زَقِيقَةٌ بِالْمَحِلَّةِ أَوْ بِالْقَرْيَةِ أَوْ النَّاحِيَةِ لِيَقَعَ بِذَلِكَ نَوْعُ مَعْرِفَةٍ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَهَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَإِنْ ذَكَرَ حَدَّيْنِ لَا يَكْفِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَإِنْ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ حُدُودٍ كَفَاهُ وَكَيْفَ يُحْكَمُ بِالْحَدِّ الرَّابِعِ فِي هَذِهِ قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَقْفِهِ جَعْلُ الْحَدِّ الرَّابِعِ بِإِزَاءِ الْحَدِّ الثَّالِثِ يَنْتَهِيَ إلَى مَبْدَأِ الْحَدِّ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا كَانَ الْحَدُّ الرَّابِعُ لَزِيقَ مِلْكِ رَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْضٌ عَلَى حِدَةٍ أَوْ لَزِيقَ أَرْضِ فُلَانٍ وَمَسْجِدٍ فَقَالَ الْمُدَّعِي: الْحَدُّ الرَّابِعُ لَزِيقُ أَرْضِ فُلَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَارَ الْآخَرَ أَوْ الْمَسْجِدَ تَصِحُّ وَقِيلَ: الصَّحِيحُ أَنْ لَا تَصِحَّ دَعْوَاهُ فِي هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى مَحْدُودًا

وَأَحَدُ حُدُودِهِ أَوْ جَمِيعُهَا مُتَّصِلٌ بِمِلْكِ الْمُدَّعِي هَلْ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْفَاصِلِ؟ قِيلَ: لَا يَحْتَاجُ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِمِلْكِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْفَاصِلِ وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمُدَّعَى أَرْضًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَإِنْ كَانَ بَيْتًا أَوْ مَنْزِلًا أَوْ دَارًا فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْفَاصِلِ وَالْجِدَارُ فَاصِلٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَالشَّجَرَةُ لَا تَصْلُحُ فَاصِلًا أَمَّا الْمُسَنَّاةُ فَتَصْلُحُ فَاصِلًا وَالشَّجَرُ إذَا كَانَ مُحِيطًا بِجَمِيعِ الْمُدَّعَى بِهَا يُصْلَحُ فَاصِلَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالطَّرِيقُ يَصْلُحُ حَدًّا وَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى بَيَانِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالنَّهْرُ لَا يَصْلُحُ حَدًّا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصْلُحُ كَالْخَنْدَقِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَهَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ طُولِ النَّهْرِ وَعَرْضِهِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَإِذَا جَعَلَ الْحَدَّ طَرِيقَ الْعَامَّةِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ طَرِيقَ الْقَرْيَةِ أَوْ طَرِيقَ الْبَلْدَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَنَّ السُّورَ يَصْلُحُ حَدًّا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَالْمَقْبَرَةُ لَوْ رَبْوَةً تَصْلُحُ حَدًّا وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ادَّعَى عَشْرَ دَيِّرَاتِ أَرْضٍ وَبَيَّنَ حُدُودَ التِّسْعِ دُونَ الْوَاحِدَةِ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ الْوَاحِدَةُ فِي وَسَطِ هَذِهِ الْأَرَاضِي فَقَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَدِّ فَيَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَ بِالْجُمْلَةِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحُجَّةِ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْوَاحِدَةُ عَلَى طَرَفٍ فَبِدُونِ ذِكْرِ الْحَدِّ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا فَلَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَهَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ قَالَ لَزِيقُ أَرْضِ الْوَقْفِ: لَا بُدَّ وَأَنْ يُبَيِّنَ الْمَصْرِفَ وَلَوْ قَالَ لَزِيقُ أَرْضِ الْمَمْلَكَةِ: يُبَيِّنُ اسْمَ أَمِيرِ الْمَمْلَكَةِ وَنَسَبِهِ إنْ كَانَ الْأَمِيرُ اثْنَيْنِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَإِذَا ذَكَرَ فِي الْحَدِّ لَزِيقَ أَرْضِ وَرَثَةِ فُلَانٍ فَذَلِكَ لَا يَكْفِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا كَتَبَ لَزِيقُ مِلْكِ وَرَثَةِ فُلَانٍ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَرَأَيْت بِخَطِّ الْمَوْثُوقِ بِهِ إذَا كَتَبَ لَزِيقُ دَارٍ مِنْ تَرِكَةِ فُلَانٍ يَصِحُّ وَيَصْلُحُ حَدًّا وَهَذَا فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَلَوْ ذَكَرَ فِي الْحَدِّ لَزِيقُ أَرْضِ (2) ميان ديهى فَذَلِكَ لَا يَكْفِي فَإِذَا جَعَلَ أَحَدَ حُدُودِهِ أَرَاضِيَ لَا يَدْرِي مَالِكَهَا لَا يَكْفِي مَا لَمْ يَقُلْ هِيَ فِي يَدِ فُلَانٍ حَتَّى تَحْصُلَ الْمَعْرِفَةُ إذَا ذَكَرَ الْحُدُودَ لَزِيقُ أَرَاضِي الْمَمْلَكَةِ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا فِي يَدِ مَنْ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ: وَالْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا كَذَا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي اشْتِرَاطِ حُدُودِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ نَحْوُ الطَّرِيقِ وَالْمَقْبَرَةِ وَالْحِيَاضِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَلَا بُدَّ مِنْ تَحْدِيدِ الْمُسْتَثْنَى بِحَيْثُ يَقَعُ بِهِ الِامْتِيَازُ وَمَا يَكْتُبُونَ فِي زَمَانِنَا فِي تَحْدِيدِ الْمُسْتَثْنَى أَنَّ حُدُودَهَا الْأَرْبَعَةَ لَزِيقُ أَرْضٍ دَخَلَتْ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى أَوْ فِي هَذَا الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الِامْتِيَازُ فَيَذْكُرُ فِي التَّحْدِيدِ نَهْرًا بِقُرْبِ هَذَا الْمُسْتَثْنَى بِحَيْثُ يَقَعُ بِهِ التَّمَيُّزُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَكَانَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إذَا كَانَتْ الْمَقْبَرَةُ تِلَالًا لَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ حُدُودِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَلًّا يُحْتَاجُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ: كَانَ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِثْنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْمَقَابِرِ وَالْحِيَاضِ وَطُرُقِ الْعَامَّةِ وَنَحْوِهَا فِي شِرَاءِ الْقَرْيَةِ الْخَاصَّةِ أَنْ يَذْكُرَ حُدُودَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَمَقَادِيرِهَا طُولًا وَعَرْضًا وَكَانَ يَرُدُّ الْمَحَاضِرَ وَالسِّجِلَّاتِ وَالصُّكُوكَ الَّتِي كَانَ فِيهَا اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْحُدُودِ وَالسَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو شُجَاعٍ لَا يَشْتَرِطُ ذِكْرَ حُدُودٍ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَالَ فَنُفْتِي بِهَذَا تَسْهِيلًا لِلْأَمْرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمَا يَكْتُبُونَهُ فِي زَمَانِنَا وَقَدْ عَرَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ هَذَانِ جَمِيعَ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَأَحَاطَا بِهِ عِلْمًا فَقَدْ اسْتَرَدَّ لَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَا يَصِيرُ بِهِ مَعْلُومًا

لِلْقَاضِي عِنْدَ الشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: هَلْ تَعْرِفُ حُدُودَ الدَّارِ؟ قَالَ: لَا، ثُمَّ ادَّعَاهَا وَبَيَّنَ الْحُدُودَ لَا تُسْمَعُ أَمَّا إذَا قَالَ: لَا أَعْرِفُ أَسَامِي أَصْحَابِ الْحُدُودِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَتُسْمَعُ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّوْفِيقِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَعْرِفُ الْحُدُودَ ثُمَّ ذَكَرَ الْحُدُودَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ: عَنَيْتُ بِقَوْلِي لَا أَعْرِفُ الْحُدُودَ لَا أَعْرِفُ أَسْمَاءَ أَصْحَابِ الْحُدُودِ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ ادَّعَى مَحْدُودَةً وَذَكَرَ حُدُودَهَا وَقَالَ فِي تَعْرِيفِهَا: وَفِيهَا أَشْجَارٌ وَكَانَتْ الْمَحْدُودَةُ بِتِلْكَ الْحُدُودِ وَلَكِنَّهَا خَالِيَةٌ عَنْ الْأَشْجَارِ لَا تَبْطُلُ الدَّعْوَى وَكَذَا لَوْ ذَكَرَ مَكَانَ الْأَشْجَارِ الْحِيطَانَ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي قَالَ فِي تَعْرِيفِهَا: لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ وَلَا حَائِطٌ فَإِذَا فِيهَا أَشْجَارٌ عَظِيمَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهَا بَعْدَ الدَّعْوَى إلَّا أَنَّ حُدُودَهَا تُوَافِقُ الْحُدُودَ الَّتِي ذَكَرَ تَبْطُلُ دَعْوَاهُ وَلَوْ ادَّعَى أَرْضًا ذَكَرَ حُدُودَهَا وَقَالَ: عَشْرَ دَيِّرَاتِ أَرْضٍ أَوْ عَشْرَ جِرَبٍ فَكَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: هِيَ أَرْضٌ يُبْذَرُ فِيهَا عَشَرُ مَكَايِيلَ فَإِذَا هِيَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلُّ إلَّا أَنَّ الْحُدُودَ وَافَقَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي لَا تَبْطُلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي لِأَنَّ هَذَا خِلَافٌ يَحْتَمِلُ التَّوْفِيقَ وَهِيَ غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ إلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . إذَا ادَّعَى مَحْدُودًا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَبَيَّنَ الْحُدُودَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ الْحُدُودَ كَرْمٌ أَوْ أَرْضٌ أَوْ دَارٌ وَشَهِدَ الشُّهُودُ كَذَلِكَ هَلْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ حَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ وَحَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْإِسْلَامِ والأوزجندي أَنَّ الْمُدَّعِي إذَا بَيَّنَ الْمِصْرَ وَالْمَحِلَّةَ وَالْمَوْضِعَ وَالْحُدُودَ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَلَا يُوجِبُ تَرْكُ بَيَانِ أَنَّ الْمَحْدُودَ مَا هُوَ جَهَالَةٌ فِي الْمُدَّعَى وَكَانَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يَكْتُبُ فِي جَوَابِ الْفَتْوَى وَلَوْ سَمِعَ قَاضٍ هَذِهِ الدَّعْوَى يَجُوزُ وَقِيلَ: ذِكْرُ الْمِصْرِ وَالْقَرْيَةِ وَالْمَحِلَّةِ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَذَكَرَ رَشِيدُ الدِّينِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكْتُبَ بِأَيِّ مَوْضِعٍ لِتَرْتَفِعَ الْجَهَالَةُ وَذَكَرَ أَيْضًا إذَا كَتَبَ صَكَّ الضَّيْعَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكْتُبَ بِأَيِّ قَرْيَةٍ هِيَ وَبِأَيِّ مَوْضِعٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ بَيَّنَ الْحَدَّ لَكِنْ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمَوْضِعَ فَالْجَهَالَةُ فِيهِ بَاقِيَةٌ. (قُلْتُ) : وَاخْتِلَافَاتُ أَهْلِ الشُّرُوطِ أَنَّهُ يَنْزِلُ مِنْ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ أَوْ مِنْ الْأَخَصِّ إلَى الْأَعَمِّ إجْمَاعٌ عَلَى شَرْطِيَّةِ الْبَيَانِ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ إذَا ادَّعَى مَسِيلَ مَاءٍ فِي دَارِ رَجُلٍ لَا بُدَّ وَأَنْ يُبَيِّنَ مَسِيلَ مَاءِ الْمَطَرِ وَمَاءِ الْوُضُوءِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ مَوْضِعَ مَسِيلِ الْمَاءِ أَنَّهُ فِي مُقَدِّمِ الْبَيْتِ أَوْ فِي مُؤَخِّرِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ ادَّعَى مَجْرَى مَاءٍ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَوْ طَرِيقًا فِي دَارِ رَجُلٍ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ الْمَوْضِعِ وَالطُّولِ وَالْعَرْضِ وَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلٍ مِنْ الشَّهَادَةِ الْبَاطِلَةِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ شَقَّ فِي أَرْضِهِ نَهْرًا وَسَاقَ فِيهِ الْمَاءَ إلَى أَرْضِهِ لَا بُدَّ وَأَنْ يُسَمِّيَ الْأَرْضَ الَّتِي شَقَّ فِيهَا وَأَنْ يُبَيِّنَ مَوْضِعَ النَّهْرِ أَنَّهُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ أَوْ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَيُبَيِّنَ قَدْرَ طُولِ النَّهْرِ وَعَرْضِهِ وَيُبَيِّنَ عُمْقَهُ فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ إنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَزِمَهُ وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ مَا أَحْدَثْتُ فِي أَرْضِ هَذَا الرَّجُلِ هَذَا النَّهْرَ الَّذِي يَدَّعِي وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَنَى فِي أَرْضِهِ بِنَاءً لَا يُلْتَفَتُ إلَى دَعْوَاهُ حَتَّى يُبَيِّنَ الْأَرْضَ وَيَصِفَ الْبِنَاءَ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَأَنَّهُ مِنْ الْخَشَبِ أَوْ مِنْ الْمَدَرِ. وَكَذَا ادَّعَى غَرْسَ الشَّجَرِ فِي أَرْضِهِ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَإِنْ بَيَّنَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ إنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أُمِرَ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ مَا بَنَيْتُ هَذَا الْبِنَاءَ وَمَا غَرَسْتُ هَذَا الشَّجَرَ فِي أَرْضِ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ نَكَلَ أُمِرَ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ مِنْ دَارٍ وَقَالَ: هَذِهِ الْأَسْهُمُ الثَّلَاثَةُ مِنْ الْعَشَرَةِ إلَّا سَهْمًا مِنْ الدَّارِ

الْمَحْدُودَةِ مِلْكِي وَحَقِّي وَفِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ فِي يَدِهِ وَكَذَلِكَ لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَذِهِ الدَّعْوَى وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَتَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي دَعْوَى غَصْبِ نِصْفِ الدَّارِ شَائِعًا هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ كَوْنَ جَمِيعِ الدَّارِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُشْتَرَطُ لِأَنَّ غَصْبَ نِصْفِ الدَّارِ شَائِعًا لَا يَكُونُ كُلُّ الدَّارِ فِي يَدِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: غَصْبُ نِصْفِ الدَّارِ شَائِعًا يُتَصَوَّرُ بِأَنْ تَكُونَ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ فَغَصْبُهُ مِنْ يَدِ أَحَدِهِمَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ غَصْبًا لِنِصْفِ الدَّارِ شَائِعًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ ادَّعَى أَنَّهُ لَهُ بِسَبَبِ وُقُوعِهِ فِي حِصَّتِهِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَذْكُرَ أَنَّ الْقِسْمَةَ كَانَتْ بِالْقَضَاءِ أَوْ بِالرِّضَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ بَاعَ دَارَ غَيْرِهِ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَجَاءَ الْمَالِكُ فَادَّعَى الدَّارَ عَلَى الْبَائِعِ هَلْ تَصِحُّ الدَّعْوَى؟ يُنْظَرُ إنْ أَرَادَ أَخْذَ الدَّارِ لَا تَصِحُّ وَإِنْ أَرَادَ التَّضْمِينَ بِالْغَصْبِ فَعَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْغَصْبَ فِي الْعَقَارِ هَلْ يَتَحَقَّقُ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ؟ وَفِي وُجُوبِ الضَّمَانِ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبَى حَنِيفَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعَقَارَ يُضْمَنُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ وَإِنْ أَرَادَ إجَازَةَ الْبَيْعِ وَأَخْذَ الثَّمَنَ تَصِحُّ دَعْوَاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى دَارًا مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ وَالِدِهِ فِي مَرَضِهِ وَأَنْكَرَ بَاقِي الْوَرَثَةِ ذَلِكَ فَقَدْ قِيلَ: لَا تَصِحُّ هَذِهِ الدَّعْوَى وَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ بَاعَ عَقَارًا وَابْنُهُ وَامْرَأَتُهُ أَوْ بَعْضُ أَقَارِبِهِ حَاضِرٌ يَعْلَمُ بِهِ وَوَقَعَ الْقَبْضُ بَيْنَهُمَا وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي زَمَانًا ثُمَّ إنَّ الْحَاضِرَ عِنْدَ الْبَيْعِ ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَمْ يَكُنْ مِلْكَ الْبَائِعِ وَقْتَ الْبَيْعِ اتَّفَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ عَلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الدَّعْوَى وَيُجْعَلُ سُكُوتُهُ كَالْإِفْصَاحِ بِالْإِقْرَارِ أَنَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ وَمَشَايِخُ بُخَارَى أَفْتَوْا بِصِحَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَى قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ: إنْ نَظَرَ الْمُفْتِي فِي الْمُدَّعِي وَأَفْتَى بِمَا هُوَ الْأَحْوَطُ كَانَ أَحْسَنُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ يُفْتِي بِقَوْلِ مَشَايِخِ بُخَارَى فَإِنْ كَانَ الْحَاضِرُ عِنْدَ الْبَيْعِ جَاءَ إلَى الْمُشْتَرِي وَتَقَاضَاهُ الثَّمَنَ بِأَنْ بَعَثَهُ الْبَائِعُ إلَيْهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمِلْكِ لِنَفْسِهِ وَيَصِيرُ مُجِيزًا لِلْبَيْعِ بِتَقَاضِي الثَّمَنِ فَلَا تَصِحُّ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَاهُ الْمِلْكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ مِنْ وَصِيِّك فِي صِغَرِكَ تَصِحُّ إذَا ذَكَرَ اسْمَ الْوَصِيِّ وَنَسَبَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ مِنْ وَكِيلِك أَمَّا لَوْ قَالَ: اشْتَرَى وَكِيلِي مِنْك فَلَا تَصِحُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ إنْسَانٍ وَقَالَ فِي دَعْوَاهُ: هَذِهِ الدَّارُ كَانَتْ لِأَبِي فُلَانٍ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِي وَلِأُخْتِي فُلَانَةَ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُنَا وَتَرَكَ دَوَابَّ وَثِيَابًا فَقَسَمْنَا الْمِيرَاثَ وَوَقَعَتْ هَذِهِ الدَّارُ فِي نَصِيبِي بِالْقِسْمَةِ وَالْيَوْمَ جَمِيعُ هَذِهِ الدَّارِ مِلْكِي لِهَذَا السَّبَبِ وَفِي يَدِ هَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَدَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ وَلَكِنْ لَا بُدَّ وَأَنْ يَقُولَ: وَأَخَذَتْ أُخْتِي نَصِيبَهَا مِنْ تِلْكَ الْأَمْوَالِ حَتَّى تَصِحَّ مِنْهُ مُطَالَبَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ كُلِّ الدَّارِ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ قَالَ فِي دَعْوَاهُ: مَاتَ أَبِي وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِي وَلِأُخْتِي ثُمَّ إنَّ أُخْتِي أَقَرَّتْ بِجَمِيعِهَا لِي فَصَدَّقْتُهَا فِي إقْرَارِهَا حُكِيَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: دَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ فِي الثَّلَاثِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الشَّهَادَةِ فِي الْمَوَارِيثِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ سُئِلَ الْإِمَامُ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ عَيْنًا وَقَالَ: كَانَ هَذَا مِلْكُ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا لِي وَلِفُلَانٍ وَسَمَّى عَدَدَ الْوَرَثَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ حِصَّةَ نَفْسِهِ فَهَذِهِ الدَّعْوَى صَحِيحَةٌ وَلَكِنْ إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْمُطَالَبَةِ بِالتَّسْلِيمِ لَا بُدَّ وَأَنْ يُبَيِّنَ حِصَّتَهُ وَلَوْ كَانَ بَيَّنَ حِصَّتَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ عَدَدَ الْوَرَثَةِ بِأَنْ قَالَ: مَاتَ أَبِي وَتَرَكَ هَذَا الْعَيْنَ مِيرَاثًا لِي وَلِجَمَاعَةٍ سِوَايَ وَحَقِّي مِنْهُ كَذَا وَطَالَبْتُهُ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ لَا تَصِحُّ مِنْهُ الدَّعْوَى وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ عَدَدِ

الباب الثالث في اليمين وفيه ثلاثة فصول

الْوَرَثَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا ادَّعَى الرَّجُلُ دَارًا مِيرَاثًا مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ الْمُوَرِّثَ وَنَسَبَهُ حُكِيَ عَنْ شَمْسِ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الشَّهَادَةِ فِي الْمَوَارِيثِ. لَوْ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ إنْسَانٍ أَنَّهُ لَهُ لِمَا أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَقَرَّ بِهِ لَهُ أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَرَاهِمَ وَقَالَ فِي دَعْوَاهُ: لِي عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِمَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا لَهُ أَوْ قَالَ ابْتِدَاءً: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَيْنَ لِي أَوْ أَقَرَّ أَنَّ لِي عَلَيْهِ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالْخَمْسِينَ مِنْ شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ الْمُدَّعِي لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ لِي فَمُرْهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيَّ وَلَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ مِلْكِي فَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يُسْمَعُ وَيَأْمُرُهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: هَذَا الْعَيْنُ مِلْكِي وَهَكَذَا أَقَرَّ بِهِ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْ قَالَ: لِي عَلَيْهِ كَذَا وَهَكَذَا أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ أَنْكَرَ هَلْ يَحْلِفُ عَلَى إقْرَارِهِ؟ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى الْمَالِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَكَمَا لَا تَصِحُّ دَعْوَى الْمَالِ بِسَبَبِ الْإِقْرَارِ لَا تَصِحُّ دَعْوَى النِّكَاحِ أَيْضًا بِسَبَبِ الْإِقْرَارِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ قَالَ فِي الدَّعْوَى: إنَّ صَاحِبَ الْيَدِ قَالَ: هَذَا الْعَيْنُ لَكَ يُسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ لِأَنَّ هَذِهِ دَعْوَى الْهِبَةِ وَالْهِبَةُ سَبَبُ الْمِلْكِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ اخْتَلَفُوا أَنَّهُ هَلْ تَصِحُّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ مِنْ طَرَفِ الدَّفْعِ حَتَّى أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ أَنَّهُ لَا يَحِقُّ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ أَنَّ هَذَا مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ تُقْبَلُ؟ عَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ تَصِحُّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ مِنْ طَرَفِ الدَّفْعِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْيَمِينِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الِاسْتِحْلَافِ وَالنُّكُولِ] الِاسْتِحْلَافُ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْيَمِينِ وَتَفْسِيرِهَا وَرُكْنِهَا وَشُرُوطِهَا وَحُكْمِهَا. (أَمَّا تَفْسِيرُهَا) فَالْيَمِينُ عِبَارَةٌ عَنْ الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ وَمَعْنَى الْقُدْرَةِ هَهُنَا أَنْ يَتَقَوَّى الْحَالِفُ فِي إنْكَارِهِ بِأَنْ يَدْفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي لِلْحَالِ. (وَأَمَّا رُكْنُهَا) فَذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ - تَعَالَى - مَقْرُونًا بِالْخَبَرِ. (وَأَمَّا شَرْطُهَا) فَإِنْكَارُ الْمُنْكَرِ. (وَأَمَّا حُكْمُهَا) فَانْقِطَاعُ الْخُصُومَةِ وَانْفِصَالُ الْمُشَاجَرَةِ بَيْنَهُمَا حَتَّى لَا تُسْمَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا شَكَّ لِرَجُلٍ فِيمَا يَدَّعِي عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُرْضِيَ خَصْمَهُ وَلَا يُعَجِّلَ بِيُمْنِهِ وَيُصَالِحَهُ وَإِنْ كَانَ فِي شُبْهَةٍ يَنْظُرُ إنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّ دَعْوَاهُ حَقٌّ فَلَا يَسَعُهُ أَنْ يَحْلِفَ وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّ دَعْوَاهُ بَاطِلَةً يَسَعُهُ أَنْ يَحْلِفَ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ الِاسْتِحْلَافُ يَجْرِي فِي الدَّعَاوَى الصَّحِيحَةِ دُونَ فَاسِدَتِهَا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فَإِنْ صَحَّتْ الدَّعْوَى سَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْهَا فَإِنْ أَقَرَّ أَوْ أَنْكَرَ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي قُضِيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا حَلَفَ بِطَلَبِهِ كَذَا فِي كَنْزِ الدَّقَائِقِ. إذَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ إنْ شَاءَ حَلَفَ إنْ كَانَ صَادِقًا وَإِنْ شَاءَ فَدَى يَمِينَهُ بِالْمَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ حَلَفَ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي يَمِينَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافِ الْقَاضِي فَهَذَا لَيْسَ بِتَحْلِيفٍ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ حَقُّ الْقَاضِي كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَهَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ يَسْتَحْلِفُ الْقَاضِي الْخَصْمَ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ

الْمُدَّعِي ذَلِكَ أَحَدُهُمَا الشَّفِيعُ إذَا طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِالشُّفْعَةِ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ لَقَدْ طَلَبْتَ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمْتَ بِالشِّرَاءِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْتَحْلِفُهُ: الثَّانِي الْبِكْرُ إذَا بَلَغَتْ فَاخْتَارَتْ الْفُرْقَةَ وَطَلَبَتْ التَّفْرِيقَ مِنْ الْقَاضِي يَسْتَحْلِفُهَا بِاَللَّهِ لَقَدْ اخْتَرْتِ الْفُرْقَةَ حِينَ بَلَغْتِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الزَّوْجُ، الثَّالِثُ: الْمُشْتَرِي إذَا أَرَادَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي إنَّك لَمْ تَرْضَ بِالْعَيْبِ وَلَا عَرَضْتَهُ عَلَى الْبَيْعِ مُنْذُ رَأَيْتَهُ، الرَّابِعُ: الْمَرْأَةُ إذَا سَأَلَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ فِي مَالِ الزَّوْجِ الْغَائِبِ يُحَلِّفُهَا بِاَللَّهِ مَا أَعْطَاكِ نَفَقَتَكِ حِينَ خَرَجَ، وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَةُ النَّفَقَةِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ يَحْلِفُ الْمُسْتَحِقُّ بِاَللَّهِ مَا بِعْتُ وَلَا وَهَبْتُ وَلَا تَصَدَّقْتُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَحْلِفُ بِدُونِ طَلَبِ الْخَصْمِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ يَحْلِفُ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَوْفَيْتَ دَيْنَكَ مِنْ الْمَدْيُونِ الْمَيِّتِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ إلَيْكَ عَنْهُ وَلَا قَبَضَ لَكَ قَابِضٌ بِأَمْرِكَ وَلَا أَبْرَأْتَهُ مِنْهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا أَحَلْتَ بِذَلِكَ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى أَحَدٍ وَلَا عِنْدَكَ بِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ رَهْنٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ لَا يَحْلِفُ مَعَ وُجُودِ الْبُرْهَانِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى يَحْلِفُ مُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ إذَا بَرْهَنَ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِدَعْوَى الدَّيْنِ بَلْ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَدَّعِي حَقًّا فِي التَّرِكَةِ وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ خَصْمٍ أَنَّهُ مَا اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَهُوَ مِثْلُ حُقُوقِ اللَّهِ - تَعَالَى - يَحْلِفُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى، الثَّانِيَةُ: الْمُسْتَحِقُّ لِلْمَبِيعِ بِالْبَيِّنَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ تَحْلِيفُهُ بِاَللَّهِ مَا بَاعَهُ وَلَا وَهَبَهُ وَلَا تَصَدَّقَ بِهِ وَلَا خَرَجَتْ الْعَيْنُ مِنْ مِلْكِهِ، الثَّالِثَةُ: يَحْلِفُ مُدَّعِي الْآبِقِ مَعَ الْبَيِّنَةِ بِاَللَّهِ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِك إلَى الْآنَ لَمْ يَخْرُجْ بِبَيْعٍ وَلَا هِبَةٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي: لِي عَلَيْهِ شُهُودٌ حُضُورٌ فِي الْمِصْرِ وَطَلَبَ حِلْفَهُ لَمْ يَحْلِفْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنْ يُقَالُ لِخَصْمِهِ: أَعْطِ كَفِيلًا بِنَفْسِك ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِئَلَّا تَغِيبَ فَيَبْطُلَ حَقُّ الْمُدَّعِي وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ ثِقَةً مَعْرُوفَ الدَّارِ حَتَّى تَحْصُلَ فَائِدَةُ التَّكْفِيلِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ قَالَ: لَا أَوْ قَالَ: شُهُودِي غُيَّبٌ أَوْ مَرْضَى حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ مَشَايِخُنَا: إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: شُهُودِي غُيَّبٌ أَوْ مَرْضَى إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا بَعَثَ الْقَاضِي أَمِينًا مِنْ أُمَنَائِهِ إلَى مَحَلَّةِ الشُّهُودِ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ الْمُدَّعِي حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ فَإِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ غُيَّبٌ أَوْ مَرْضَى يُحَلِّفُهُ أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يُحَلِّفُهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى الِاسْتِحْلَافَ إذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ قَضَى بِالْمَالِ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِسَبَبِ النُّكُولِ عِنْدَنَا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ النُّكُولُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لَهُ: إنِّي أَعْرِضُ عَلَيْك الْيَمِينَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ حَلَفْتُ وَإِلَّا قَضَيْتُ عَلَيْك بِمَا ادَّعَى فَإِذَا كَرَّرَ الْعَرْضَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ كَذَا فِي الْكَافِي وَهَذَا التَّكْرَارُ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي إبْلَاءِ الْعُذْرِ فَأَمَّا الْمَذْهَبُ فَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِالنُّكُولِ بَعْدَ الْعَرْضِ مَرَّةً جَازَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَقَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَحْلِفُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ: أَنَا أَحْلِفُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ عَلَى فَوْرِ النُّكُولِ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَعَلَى قَوْلِ الْخَصَّافِ لَا يُشْتَرَطُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ عَرَضَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَقَالَ: لَا أَحْلِفُ وَلَمَّا

عَرَضَ عَلَيْهِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ قَالَ: أَحْلِفُ فَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ فَقَالَ لَهُ: قُلْ بِاَللَّهِ فَقَالَ: لَا أَحْلِفُ ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ ثَالِثًا فَقَالَ: لَا أَحْلِفُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي عَلَيْهِ وَيُحْسَبُ كُلُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ عَرْضِ الْقَاضِي عَلَيْهِ الْيَمِينَ مَرَّتَيْنِ اسْتَمْهَلَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ: أَحْلِفُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ حَتَّى نَكَلَ ثَلَاثَةً وَيَسْتَقْبِلُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَا يُعْتَبَرُ نُكُولُهُ قَبْلَ الِاسْتِمْهَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ثُمَّ إنَّ النُّكُولَ قَدْ يَكُونُ حَقِيقِيًّا كَقَوْلِهِ لَا أَحْلِفُ وَقَدْ يَكُونُ حُكْمِيًّا بِأَنْ يَسْكُتَ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْأَوَّلِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا آفَةَ بِهِ مِنْ طَرَشٍ أَوْ خَرَسٍ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ سَأَلَهُ الْقَاضِي عَنْ دَعْوَاهُ فَسَكَتَ وَلَمْ يُجِبْهُ وَكُلَّمَا كَلَّمَهُ الْقَاضِي بِشَيْءٍ لَمْ يُجِبْهُ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ قِصَّتِهِ وَحَالِهِ هَلْ بِهِ آفَةٌ تَمْنَعُهُ مِنْ السَّمْعِ وَالْكَلَامِ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا آفَةَ بِهِ وَأَعَادَهُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَادَّعَى وَهُوَ سَاكِتٌ فَالْقَاضِي يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ ثَلَاثًا فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَلَوْ قَالَ: لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ لَا يُحَلِّفُهُ وَيَحْبِسُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُجْعَلُ مُنْكِرًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ بِلِسَانِهِ آفَةً بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَخْرَسُ يَأْمُرُهُ أَنْ يُجِيبَ بِالْإِشَارَةِ وَيَعْمَلُ بِإِشَارَتِهِ فَإِنْ أَشَارَ بِالْإِقْرَارِ تَمَّ الْإِقْرَارُ وَإِنْ أَشَارَ بِالْإِنْكَارِ عَرَضَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَإِنْ أَشَارَ بِالْإِجَابَةِ كَانَ يَمِينًا وَإِنْ أَشَارَ بِالْإِبَاءِ يَكُونُ نُكُولًا فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ أَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ النِّكَاحَ وَأَنْكَرَ الرَّجُلُ أَوْ ادَّعَى الرَّجُلُ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ أَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَنَّهُ كَانَ فَاءَ إلَيْهَا فِي الْمُدَّةِ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ عَلَى مَجْهُولٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ ادَّعَى الْمَجْهُولُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوَاخْتَصَمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ أَوْ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ أَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَدُهُ أَوْ وَالِدُهُ أَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى مَوْلَاهَا أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ هَذَا الْوَلَدَ أَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا وَقَدْ مَاتَ الْوَلَدُ وَأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُسْتَحْلَفُ الْمُنْكِرُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ السَّبْعِ وَعِنْدَهُمَا يُسْتَحْلَفُ وَإِذَا نَكَلَ يُقْضَى بِالنُّكُولِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الرِّضَا بِالنِّكَاحِ أَوْ فِي الْأَمْرِ بِالنِّكَاحِ يُسْتَحْلَفُ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَأَمَّا الْمَوْلَى إذَا ادَّعَى الِاسْتِيلَادَ فَيَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهَا فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ تُتَصَوَّرُ الدَّعْوَى مِنْ الْجَانِبَيْنِ إلَّا فِي الِاسْتِيلَادِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ قَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَقِيلَ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ فِي حَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ رَآهُ مُتَعَنِّتًا يُحَلِّفُهُ وَيَأْخُذُ بِقَوْلِهِمَا فَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا لَا يُحَلِّفُهُ أَخْذًا بِقَوْلِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ: إذَا رَفَعَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا إلَى الْقَاضِي وَجَحَدَ الزَّوْجُ نِكَاحَهَا حَلَّفَهُ الْقَاضِي فَإِذَا حَلَفَ يَقُولُ: فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا هَكَذَا رَوَى خَلَفُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ: يَقُولُ الْقَاضِي لِلزَّوْجِ إنْ كَانَتْ امْرَأَتَك فَهِيَ طَالِقٌ فَيَقُولُ الزَّوْجُ: نَعَمْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ يَجْرِي الِاسْتِحْلَافُ فِي النِّكَاحِ لَوْ كَانَتْ دَعْوَى النِّكَاحِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلْقَاضِي: لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أَتَزَوَّجَ لِأَنَّ هَذَا زَوْجِي وَقَدْ أَنْكَرَ النِّكَاحَ فَمُرْهُ لِيُطَلِّقَنِي لِأَتَزَوَّجَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِأَنَّ بِالطَّلَاقِ يَصِيرُ مُقِرًّا بِالنِّكَاحِ مَاذَا يَصْنَعُ الْقَاضِي؟ ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ يَقُولُ لِلزَّوْجِ قُلْ لَهَا: إنْ كُنْتِ امْرَأَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى مِنْ الزَّوْجِ وَقَالَ: أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ

الفصل الثاني في كيفية اليمين والاستحلاف

ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَيَقُولُ لَهُ: إنْ كُنْتَ تُرِيدُ ذَلِكَ فَطَلِّقْ هَذِهِ ثُمَّ تَزَوَّجْ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا هَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنَّمَا يُسْتَحْلَفُ فِي النَّسَبِ الْمُجَرَّدِ عِنْدَهُمَا إذَا كَانَ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إقْرَارُ الرَّجُلِ يَصِحُّ بِخَمْسَةٍ بِالْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ وَالْمَوْلَى لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا يَلْزَمُهُ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَنْ سِوَاهُمْ وَيَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِأَرْبَعَةٍ بِالْوَالِدَيْنِ وَالزَّوْجِ وَالْمَوْلَى وَلَا يَصِحُّ بِالْوَلَدِ وَمَنْ سِوَى هَؤُلَاءِ لِأَنَّ فِيهِ تَحْمِيلَ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ إلَّا إذَا صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فِي إقْرَارِهَا بِالْوَلَدِ أَوْ يَشْهَدُ بِوِلَادَةِ الْوَلَدِ هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعِي بِدَعْوَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَالًا أَمَّا إذَا ادَّعَى مَالًا بِدَعْوَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَالْمَرْأَةِ تَدَّعِي عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى كَذَا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَادَّعَتْ نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ لَمْ تَدَّعِ الطَّلَاقَ وَادَّعَتْ النَّفَقَةَ فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: أَنَا أَخُو الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَبِيهِ وَإِنَّ أَبَاهُمَا مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ ادَّعَى حَجْرًا بِأَنْ قَالَ: هَذَا الصَّغِيرُ الَّذِي الْتَقَطَهُ أَخِي وَلِي وِلَايَةُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ أَوْ قَالَ الْمُدَّعِي وَهُوَ زَمِنٌ: أَنَا أَخُو الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَافْرِضْ لِي عَلَيْهِ النَّفَقَةَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُدَّعِي أَخَاهُ أَوْ أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: أَنَا أَخُوك يُسْتَحْلَفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا يَدَّعِي مِنْ النَّسَبِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَكِنْ إنْ نَكَلَ ثَبَتَ مَا ادَّعَى مِنْ الْمَالِ أَوْ الْحَقِّ لَا النَّسَبِ هَكَذَا فِي الْكَافِي . أَمَّا الْحُدُودُ فَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا إلَّا فِي السَّرِقَةِ فَإِذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ سَرِقَةً فَأَنْكَرَ فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ لَمْ يُقْطَعْ وَيَضْمَنُ الْمَالَ وَكَذَا اللِّعَانُ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ اللِّعَانُ فِي مَعْنَى الْحَدِّ فَإِذَا ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ قَذَفَهَا وَأَرَادَتْ اسْتِحْلَافَهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحْلِفُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْحُدُودَ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ إلَّا إذَا تَضَمَّنَ حَقًّا بِأَنْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِالزِّنَا وَقَالَ: إنْ زَنَيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قَدْ زَنَى وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ يُسْتَحْلَفُ الْمَوْلَى حَتَّى إذَا نَكَلَ ثَبَتَ الْعِتْقُ دُونَ الزِّنَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ إذَا حَلَفَ الْمَوْلَى هُنَا كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا زَنَيْتُ بَعْدَ مَا حَلَفْت بِعِتْقِ عَبْدِك هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: يَا مُنَافِقُ يَا زِنْدِيقُ يَا كَافِرُ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ضَرَبَهُ أَوْ لَطَمَهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي أَوْجَبَتْ التَّعْزِيرَ وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ فَالْقَاضِي يُحَلِّفُهُ فَإِنْ حَلَفَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَكَلَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالتَّعْزِيرِ وَيَكُونُ التَّحْلِيفُ فِيهِ عَلَى الْحَاصِلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَنْ ادَّعَى قِصَاصًا عَلَى غَيْرِهِ فَجَحَدَهُ اُسْتُحْلِفَ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ حَلَفَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ثُمَّ إنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ وَإِنْ نَكَلَ فِي النَّفْسِ حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَلْزَمُهُ الْأَرْشُ فِيهِمَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ وَالِاسْتِحْلَافِ] مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَالْقَاضِي يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ وَلَا يُحَلِّفُهُ بِغَيْرِ اللَّهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ أَرَادَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَرَامٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيُغَلِّظُ بِذِكْرِ أَوْصَافِهِ نَحْوُ قَوْلِهِ قُلْ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي يَعْلَمُ مِنْ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنْ الْعَلَانِيَةِ مَا لِفُلَانٍ هَذَا عَلَيْك وَلَا قَبْلَك هَذَا الْمَالُ الَّذِي ادَّعَاهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي التَّغْلِيظِ عَلَى هَذَا وَلَوْ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ يَحْتَاطُ فَلَا يَذْكُرُ لَفْظَ الْوَاوِ كَيْ لَا يَتَكَرَّرَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَإِنْ شَاءَ الْقَاضِي لَمْ يُغَلِّظْ فَيَقُولُ: قُلْ بِاَللَّهِ أَوْ وَاَللَّهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: الْقَاضِي يَنْظُر إلَى

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ عَرَفَهُ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ أَوْ رَأَى عَلَيْهِ سِيمَا الْخَيْرِ وَلَمْ يَتَّهِمْهُ اكْتَفَى بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ غَلَّظَهُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَنْظُرُ إلَى الْمُدَّعَى بِهِ إنْ كَانَ مَالًا عَظِيمًا غَلَّظَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ حَقِيرًا يُكْتَفَى بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ وَحْدَهُ ثُمَّ بَعْضُهُمْ قَدَّرُوا الْعَظِيمَ بِنِصَابِ الزَّكَاةِ وَبَعْضُهُمْ قَدَّرُوا بِنَصَّابِ السَّرِقَةِ وَإِنْ أَرَادَ التَّغْلِيظَ عَلَى الْيَهُودِيِّ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَإِنْ أَرَادَ التَّغْلِيظَ عَلَى النَّصْرَانِيِّ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَحْلِفُ بِالْإِشَارَةِ إلَى مُصْحَفٍ مُعَيَّنٍ بِأَنْ يَقُولَ: بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ هَذَا الْإِنْجِيلَ أَوْ هَذِهِ التَّوْرَاةَ لِأَنَّهُ ثَبَتَ تَحْرِيفُ بَعْضِهَا فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ تَقَعَ الْإِشَارَةُ إلَى الْمُحَرَّفِ فَيَكُونَ التَّحْلِيفُ بِهِ تَغْلِيظًا بِمَا لَيْسَ كَلَامُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيُحَلَّفُ الْمَجُوسِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّارَ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَكَنْزِ الدَّقَائِقِ وَلَيْسَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافُ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ قَالَ: لَا يَحْلِفُ إلَّا بِاَللَّهِ خَالِصًا فَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ النَّارَ عِنْدَ الْيَمِينِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ يُحَلَّفُ بِاَللَّهِ وَلَا يُحَلَّفُ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْوَثَنَ وَالصَّنَمَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يُحَلَّفُونَ فِي بُيُوتِ عِبَادَاتِهِمْ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَا يَجِبُ تَغْلِيظُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِزَمَانٍ وَلَا مَكَان كَذَا فِي الْكَافِي. اسْتِحْلَافُ الْأَخْرَسِ أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي: عَلَيْك عَهْدُ اللَّهِ إنْ كَانَ لِهَذَا عَلَيْكَ هَذَا الْحَقُّ وَيُشِيرُ الْأَخْرَسُ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ وَلَا يَسْتَحْلِفُهُ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْك أَلْفٌ وَيُشِيرُ الْأَخْرَسُ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي أَخْرَسَ وَلَهُ إشَارَاتٌ مَعْرُوفَةٌ وَخَصْمُهُ صَحِيحٌ فَالْقَاضِي يُحَلِّفُهُ بِطَلَبِ الْأَخْرَسِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ كَمَا إذَا كَانَا صَحِيحَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ أَخْرَسَ أَصَمَّ وَالْقَاضِي يَعْرِفُهُ أَنَّهُ أَصَمُّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَكْتُبُ لَهُ وَيَأْمُرُهُ أَنْ يُجِيبَ بِالْكِتَابَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَلَهُ إشَارَةٌ مَعْرُوفَةٌ يُؤْمَرُ بِالْإِشَارَةِ لِيُجِيبَ وَيُعَامِلَ مَعَهُ كَمَا يُعَامِلَ مَعَ الْأَخْرَسِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا ادَّعَى دَيْنًا وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ سَبَبًا يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْك وَلَا قِبَلَك هَذَا الْمَالُ الَّذِي ادَّعَاهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَكَذَا إذَا ادَّعَاهُ مِلْكًا أَوْ حَقًّا فِي عَيْنِ حَاضِرٍ مُطْلَقًا وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ سَبَبًا يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْعَيْنُ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ احْتِيَاطًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا بِسَبَبِ الْقَرْضِ أَوْ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ أَوْ ادَّعَى مِلْكًا بِسَبَبِ الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ ادَّعَى غَصْبًا أَوْ عَارِيَّةً يُسْتَحْلَفُ عَلَى حَاصِلِ الدَّعْوَى فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُسْتَحْلَفُ عَلَى السَّبَبِ حَتَّى لَا يُسْتَحْلَفَ بِاَللَّهِ مَا اسْتَقْرَضْتَ مِنْهُ هَذَا الْمَالَ مَا غَصَبْتَهُ مَا أَوْدَعَك مَا اشْتَرَيْتَ مِنْهُ هَذَا الْعَيْنَ وَكَذَا مَا بِعْتَ مِنْهُ هَذَا الْعَيْنَ سَوَاءٌ عَرَضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَعْرِضْ إلَّا أَنَّ فِيمَا سِوَى الْوَدِيعَةِ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيْك وَلَا قِبَلَك الْمَالَ الَّذِي يَدَّعِي وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَفِي الْوَدِيعَةِ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ لَيْسَ فِي يَدِك هَذِهِ الْوَدِيعَةُ الَّتِي يَدَّعِي وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَلَا لَهُ قِبَلَك حَقٌّ مِنْهُ لِأَنَّ الْمُدَّعِي لَوْ كَانَ اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ أَوْ دَلَّ سَارِقًا عَلَيْهَا لَا تَكُونُ فِي يَدِهِ وَيَكُونُ ضَامِنًا لَهَا فَيَحْلِفُ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ثُمَّ التَّحْلِيفُ عَلَى الْحَاصِلِ هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ سَبَبًا يَرْتَفِعُ بِرَافِعٍ وَإِذَا كَانَ فِيهِ تَرَكَ النَّظَرَ لِلْمُدَّعِي فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ إجْمَاعًا وَذَلِكَ بِأَنْ تَدَّعِي مَبْتُوتَةٌ نَفَقَةً وَالزَّوْجُ مِمَّنْ لَا يَرَاهَا أَوْ ادَّعَى شُفْعَةً بِالْجِوَارِ وَالْمُشْتَرِي مِمَّنْ لَا يَرَاهَا بِأَنْ كَانَ شَافِعِيًّا كَذَا فِي الْكَافِي وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ

تَعَالَى - أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا ادَّعَى مَالًا مُطْلَقًا يَحْلِفُ عَلَى الْمَالِ وَإِنْ ادَّعَى مَالًا بِسَبَبٍ يَحْلِفُ عَلَى الْمَالِ بِذَلِكَ السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَقْرَضْتُ مِنْهُ هَذَا الْمَالَ أَوْ بِاَللَّهِ مَا اغْتَصَبْتُ مِنْهُ هَذَا الْمَالَ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَعْرِضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْقَاضِي فَيَقُولَ: لَا تُحَلِّفْنِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنَّ الرَّجُلَ يَسْتَقْرِضُ مَالًا ثُمَّ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ عَلَيْهِ عِنْدَ الدَّعْوَى بِأَنْ رَدَّهُ أَوْ أَبْرَأهُ مِنْهُ فَإِذَا عَرَضَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَحِينَئِذٍ يُحَلِّفُهُ عَلَى الْحَاصِلِ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يُنْظَرُ إلَى جَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدَعْوَى الْمُدَّعِي إنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الِاسْتِقْرَاضَ وَالْغَصْبَ فَقَالَ: مَا اسْتَقْرَضْت مِنْهُ شَيْئًا وَلَا غَصَبْتُ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَقْرَضْتُ وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْجَوَابِ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ هَذَا الْمَالُ الَّذِي يَدَّعِي وَلَا شَيْءَ مِنْهُ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيْك وَلَا قَبْلَك هَذَا الْمَالُ الَّذِي تَدَّعِي وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهَذَا هُوَ أَحْسَنُ الْأَقَاوِيلِ عِنْدِي وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْقُضَاةِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ . وَإِنْ كَانَ سَبَبًا لَا يَرْتَفِعُ بِرَافِعٍ فَالتَّحْلِيفُ عَلَى السَّبَبِ بِالْإِجْمَاعِ كَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ إذَا ادَّعَى الْعِتْقَ عَلَى مَوْلَاهُ بِخِلَافِ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ الْكَافِرِ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ الرِّقُّ عَلَيْهَا بِالرِّدَّةِ وَاللَّحَاقِ وَعَلَيْهِ بِنَقْضِ الْعَهْدِ وَاللَّحَاقِ وَلَا يَتَكَرَّرُ عَلَى الْمُسْلِمِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ الْمُشْتَرِي إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ فَإِنْ ذَكَرَ نَقْدَ الثَّمَنِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْعَبْدُ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ بِالسَّبَبِ الَّذِي ادَّعَاهُ وَلَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا بِعْتُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَإِنْ شَاءَ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَك وَبَيْنَ هَذَا بَيْعٌ قَائِمٌ السَّاعَةَ فِيمَا ادَّعَى أَوْ قَالَ: بِاَللَّهِ مَا هَذِهِ الدَّارُ شِرَاءٌ لِهَذَا السَّاعَةِ بِمَا ادَّعَى مِنْ الثَّمَنِ أَوْ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْبَيْعُ الَّذِي اُدُّعِيَ عَلَيْك فِي هَذِهِ الدَّارِ قَائِمٌ فِيهَا السَّاعَةَ بِهَذَا الثَّمَنِ عَلَى مَا ادَّعَى وَإِنْ شَاءَ حَلَّفَهُ مَا عَلَيْك تَسْلِيمُ هَذِهِ الضَّيْعَةِ إلَيْهِ بِهَذَا الْبَيْعِ الَّذِي يُدَّعَى سَوَاءٌ عَرَضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْقَاضِي أَمْ لَمْ يَعْرِضْ هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمُشْتَرِي نَقْدَ الثَّمَنِ يُقَالُ لَهُ: أَحْضِرْ الثَّمَنَ فَإِذَا أَحْضَرَ يَسْتَحْلِفُهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا عَلَيْك قَبْضُ هَذَا الثَّمَنِ وَتَسْلِيمُ هَذَا الْعَبْدِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَى وَإِنْ شَاءَ حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَك وَبَيْنَ هَذَا شِرَاءٌ قَائِمٌ السَّاعَةَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِذَا ادَّعَى الْبَائِعُ الْبَيْعَ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي إنْ ادَّعَى أَنَّهُ سَلَّمَ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا قِبَلَك هَذِهِ الدَّارُ وَلَا ثَمَنُهَا وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا هَذِهِ الدَّارُ لَك وَلَا الثَّمَنُ الَّذِي سَمَّاهُ عَلَيْك كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَسْتَحْلِفُهُ عَلَى الْعَيْنِ وَالثَّمَنِ جَمِيعًا كَمَا فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَيُسْتَحْلَفُ فِي النِّكَاحِ مَا بَيْنَكُمَا نِكَاحٌ قَائِمٌ فِي الْحَالِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا ادَّعَتْ النِّكَاحَ وَالصَّدَاقَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمَا يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا هَذِهِ امْرَأَتُك بِهَذَا النِّكَاحِ الَّذِي تَدَّعِي وَلَا لَهَا عَلَيْك هَذَا الصَّدَاقُ الَّذِي ادَّعَتْ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي هَذَا الرَّجُلُ تُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا زَوْجُكِ عَلَى مَا يَدَّعِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا هِيَ طَالِقٌ مِنْك السَّاعَةَ وَإِنْ ادَّعَتْ الْبَائِنُ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا هِيَ بَائِنٌ مِنْك السَّاعَةَ بِوَاحِدَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ عَلَى حَسْبِ الدَّعْوَى أَوْ بِاَللَّهِ مَا طَلَّقْتُهَا الْبَائِنَ أَوْ الثَّلَاثَ فِي هَذَا النِّكَاحِ الْمُدَّعَى وَلَا يَحْلِفُ مَا طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا مُطْلَقًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ تَدَّعِ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ وَلَكِنْ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ أَوْ جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُسَّاقِ بِذَلِكَ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْفَرْجِ حَقُّ الشَّرْعِ فَكَانَ عَلَى الْقَاضِي الِاحْتِيَاطُ فِي مِثْلِهِ بِالِاسْتِحْلَافِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَتْ أَنَّهَا سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فَقَالَ لَهَا: أَمْرُكِ بِيَدِك فَاخْتَارَتْ بِذَلِكَ التَّفْوِيضَ نَفْسَهَا وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الْأَمْرَ وَالِاخْتِيَارَ لَا يُحَلِّفُهُ عَلَى الْحَاصِلِ بِلَا خِلَافٍ

وَيَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ وَيَحْتَاطُ فِيهِ لَهُ وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا جَعَلْت أَمْرَهَا بِيَدِهَا مُنْذُ آخِرِ تَزَوُّجٍ تَزَوَّجْتُهَا بَعْدَ سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ وَلَا عَلِمْتُ أَنَّهَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بِذَلِكَ التَّفْوِيضِ فِي مَجْلِسِ التَّفْوِيضِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْأَمْرِ وَأَنْكَرَ اخْتِيَارَهَا نَفْسَهَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمْ أَنَّهَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي مَجْلِسِ الْأَمْرِ الَّذِي ادَّعَتْ وَإِنْ أَقَرَّ بِالِاخْتِيَارِ وَأَنْكَرَ الْأَمْرَ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا جَعَلْتَ أَمْرَ امْرَأَتِك هَذِهِ بِيَدِهَا قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ آلَى مِنْهَا وَمَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَنَا وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي تَحْلِيفَهُ وَقَالَتْ لِلْقَاضِي إنَّهُ مِمَّنْ يَرَى أَنَّ الْمُولِيَ يُوقِفُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَيَحْلِفُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِبَائِنٍ مِنْهُ وَلَا يَحْنَثُ فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا قُلْتَ لَهَا وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك مُنْذُ كَذَا عَلَى مَا ادَّعَتْ وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أَبَانَهَا مِنْهُ بِتَطْلِيقَةٍ نَظَرًا لَهَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ احْتِمَالُ الضَّرَرِ بِالزَّوْجِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِالْإِيلَاءِ فَادَّعَى أَنَّهُ فَاءَ إلَيْهَا فِي الْمُدَّةِ وَأَنْكَرَتْ هِيَ الْفَيْءَ فِي الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ الْيَمِينِ وَتَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَسْتُ بِامْرَأَةٍ لَهُ الْيَوْمَ بِالسَّبَبِ الَّذِي يَدَّعِي وَلَا تُحَلَّفُ بِاَللَّهِ لَمْ يَفِئْ إلَيْك قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَفِي كِتَابِ الِاسْتِحْلَافِ قَالَ بِشْرٌ سَمِعْت أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: تُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَفِئْ إلَيْك قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ قَالَ: وَالْأَحْوَطُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يُزَادَ فِي الْيَمِينِ فَتُحَلَّفُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَفِئْ إلَيْك فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي يَدَّعِيهِ الزَّوْجُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَهْرِهَا وَجَحَدَ الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى السَّبَبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا أَنْ لَا يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ وَأَنَّهُ قَدْ دَخَلَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ إنْ أَقَرَّ بِالْيَمِينِ وَالدُّخُولِ جَمِيعًا فَقَدْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْيَمِينَ وَالدُّخُولَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا هَذِهِ الْمَرْأَةُ بَائِنٌ مِنْك بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ كَمَا ادَّعَتْهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْيَمِينِ وَأَنْكَرَ الدُّخُولَ بَعْدَ الْيَمِينِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا دَخَلْتَ هَذِهِ الدَّارَ بَعْدَمَا حَلَفْتَ بِطَلَاقِهَا وَإِنْ أَقَرَّ بِالدُّخُولِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَأَنْكَرَ الْيَمِينَ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا حَلَفْت بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا أَنْ لَا تَدْخُلَ الدَّارَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا الْعَتَاقِ إذَا ادَّعَى الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ عَلَى الْمَوْلَى أَنَّهُ حَلَفَ بِعِتْقِهِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ وَأَنَّهُ دَخَلَهَا إلَّا أَنْ يَعْرِضَ الْمَوْلَى أَوْ الزَّوْجُ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ فَيَسْتَحْلِفَهُ بِاَللَّهِ مَا هَذِهِ الْمَرْأَةُ طَالِقٌ مِنْك ثَلَاثًا بِهَذِهِ الْيَمِينِ الَّتِي ادَّعَتْ وَلَا هَذِهِ الْأَمَةُ حُرَّةٌ بِمَا ادَّعَتْ مِنْ يَمِينِك فَإِذَا حَلِفٌ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَتَى عَلَى مَا يُرِيدُ كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. لَوْ ادَّعَى أَنِّي أَوْدَعْت عِنْدَك كَذَا فَقَالَ: أَوْدَعْتَ مَعَ فُلَانٍ آخَرَ فَلَا أَرُدُّ كُلَّهُ إلَيْك يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِاَللَّهِ أَنَّ رَدَّ الْكُلِّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْك فَإِذَا حَلَفَ انْدَفَعَتْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. غَصَبَ جَارِيَةً وَغَيَّبَهَا فَبَرْهَنَ الْمَالِكُ عَلَى أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جَارِيَةً فَإِنَّهُ يُحْبَسُ بِهَا حَتَّى يَجِيءَ بِهَا وَيَرُدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ وَهَذِهِ الدَّعْوَى صَحِيحَةٌ مَعَ قِيَامِ الْجَهَالَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمَالِكِ بَيِّنَةٌ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْك جَارِيَةٌ وَلَا قِيمَتُهَا وَهِيَ كَذَا دِرْهَمًا وَلَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي الْإِجَارَةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَك وَبَيْنَهُ إجَارَةٌ فِي هَذِهِ الدَّارِ قَائِمَةٌ أَوْ مُزَارَعَةٌ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ قَائِمَةٌ لَازِمَةٌ الْيَوْمَ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي ادَّعَاهُ بِهَذَا الْأَجْرِ الَّذِي سَمَّاهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أُجْرَةَ الدَّارِ

وَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَسْتَحْلِفُهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا لَهُ قِبَلَك هَذَا الْأَجْرُ الَّذِي سَمَّى مِنْ إجَارَةِ هَذِهِ الدَّارِ لِهَذَا الْوَقْتِ الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ أَجَّرَهَا مِنْك قَالُوا: إنْ شَاءَ الْقَاضِي حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ مَا لَهُ قِبَلَك هَذَا الْأَجْرُ الَّذِي سَمَّى بِهَذَا السَّبَبِ الَّذِي ادَّعَاهُ أَوْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى الْكَفَالَةَ بِمَالٍ أَوْ بِعَرْضٍ حَلَفَ عَلَى حَاصِلِ الدَّعْوَى وَلَكِنْ إنَّمَا يُحَلِّفُهُ إذَا ادَّعَى كَفَالَةً صَحِيحَةً مُنَجَّزَةً أَوْ مُعَلَّقَةً بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ وَذَكَرَ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِإِذْنِهِ أَوْ ذَكَرَ إجَارَتَهُ لِتِلْكَ الْكَفَالَةِ فِي مَجْلِسِ تِلْكَ الْكَفَالَةِ، أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ مُدَّعِيًا كَفَالَةً صَحِيحَةً فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ التَّحْلِيفُ، وَإِذَا حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ مَا لَهُ قِبَلَك هَذِهِ الْأَلْفُ بِسَبَبِ هَذِهِ الْكَفَالَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا حَتَّى لَا يَتَنَاوَلَ كَفَالَةً أُخْرَى وَكَذَا إذَا كَانَتْ كَفَالَةً بِعَرْضٍ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا لَهُ قِبَلَك هَذَا الثَّوْبُ بِسَبَبِ هَذِهِ الْكَفَالَةِ وَفِي النَّفْسِ يَقُولُ: بِاَللَّهِ مَا لَهُ قِبَلَك تَسْلِيمُ نَفْسِ فُلَانٍ بِسَبَبِ هَذِهِ الْكَفَالَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى دَارًا بِجَنْبِ دَارِي وَأَنِّي شَفِيعُهَا بِدَارِي وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي سَمَّاهَا وَحَدَّدَهَا كَذَا وَكَذَا وَلَا شَيْئًا مِنْهَا وَإِنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ وَالْجِوَارِ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ الشَّفِيعُ لَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ وَقَالَ الشَّفِيعُ: لَا، بَلْ طَلَبْتُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ مَعَ الْيَمِينِ، وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ مَعَ الْيَمِينِ إذَا طَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَاضِي يَمِينَ الشَّفِيعِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ لَقَدْ طَلَبْت شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ حِينَ بَلَغَك شِرَاؤُهَا وَأَشْهَدْت عَلَى ذَلِكَ بِحَضْرَةِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ الدَّارِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْلَافِ. وَلَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَلَغَهُ الشِّرَاءُ وَهُوَ بَيْنَ مَلَإٍ مِنْ النَّاسِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَنْ يُشْهِدُهُ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ لِلْحَالِ فَإِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ لَقَدْ طَلَبْت الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمْت بِالشِّرَاءِ أَوْ خَرَجْت إلَى الشُّهُودِ حِينَ قَدَرْت وَطَلَبْتَهَا بِحَضْرَةِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ الدَّارِ وَأَشْهَدْت عَلَى ذَلِكَ، وَإِذَا ادَّعَى الشَّفِيعُ أَنَّهُ بَلَغَهُ الْخَبَرُ لَيْلًا وَأَنَّهُ طَلَبَ الشُّفْعَةَ وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا حِينَ أَصْبَحَ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا بَلَغَك إلَّا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِي وَقَدْ طَلَبْتُ الشُّفْعَةَ وَأَشْهَدْت عَلَى ذَلِكَ حِينَ أَصْبَحْت كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمُخَيَّرَةُ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ فِي حَقِّ اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا بِمَنْزِلَةِ الشَّفِيعِ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْلَافِ عَلَى اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا نَظِيرَ اسْتِحْلَافِ الشَّفِيعِ عَلَى طَلَبِ الشُّفْعَةِ فَإِنْ قَالَتْ لِلْقَاضِي: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي حِينَ بَلَغْتُ أَوْ قَالَتْ: حِينَ بَلَغَتْ طَلَبْت الْفُرْقَةَ قُبِلَ قَوْلُهَا مَعَ الْيَمِينِ وَإِنْ قَالَتْ: بَلَغْتُ أَمْسِ وَطَلَبْتُ الْفُرْقَةَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَيَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَالْجَوَابُ فِي الشُّفْعَةِ هَكَذَا إذَا قَالَ الشَّفِيعُ: طَلَبْتُ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمْتُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: عَلِمْتُ أَمْسَ وَطَلَبْتُ كُلِّفَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَسَرَ إبْرِيقًا لَهُ مِنْ الْفِضَّةِ وَأَحْضَرَ الْإِبْرِيقَ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ صَبَّ الْمَاءَ فِي طَعَامِهِ وَأَفْسَدَهُ إنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ يُخَيَّرُ صَاحِبُ الْإِبْرِيقِ وَالطَّعَامِ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ كَذَلِكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ لَهُ الْإِبْرِيقَ وَالطَّعَامَ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْإِبْرِيقِ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ وَضَمَّنَهُ مِثْلَ ذَلِكَ الطَّعَامِ وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ النُّقْصَانِ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَى قِيمَةِ الْإِبْرِيقِ وَعَلَى مِثْلِ الطَّعَامِ فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ يَقُولُ: لَا يَجِبُ الضَّمَانُ وَإِنَّمَا يَجِبُ النُّقْصَانُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُهُ عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا فَعَلْتُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ خَرَقَ ثَوْبَهُ وَأَحْضَرَ الثَّوْبَ إلَى الْقَاضِي مَعَهُ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُحَلِّفُهُ عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا خَرَقْت ثَوْبَهُ لَكِنْ يَنْظُرُ الْقَاضِي فِي الْخَرْقِ لِأَنَّ مِنْ الْخَرْقِ مَا يُوجِبُ النُّقْصَانَ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ نَحْوُ أَنْ يَكُونَ الْخَرْقُ يَسِيرًا وَمِنْ الْخَرْقِ

مَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ كُلِّهِ نَحْوُ أَنْ يَكُونَ الْخَرْقُ فَاحِشًا فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا حَتَّى أَوْجَبَ النُّقْصَانَ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ يُقَوَّمُ الثَّوْبُ صَحِيحًا وَيُقَوَّمُ مُنْخَرِقًا فَيُضَمِّنُهُ ذَلِكَ النُّقْصَانَ وَيُحَلِّفُهُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيْك هَذَا الْقَدْرُ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ ذَلِكَ هَذَا إنْ كَانَ الثَّوْبُ حَاضِرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَجَاءَ الْمُدَّعِي فَقَالَ إنَّ هَذَا خَرَقَ ثَوْبًا لِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لَهُ: كَمْ نَقَصَ هَذَا الْخَرْقُ ثَوْبَك سَمِّهِ حَتَّى أُحَلِّفَهُ لَك عَلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ الْخَرْقُ يَسِيرًا وَإِنْ كَانَ الْخَرْقُ فَاحِشًا يُوجِبُ جَمِيعَ قِيمَةِ الثَّوْبِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُهُ عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي مُفَسِّرًا نَظَرًا لِلْمُدَّعِي وَإِنْ كَانَ فِيهِ إضْرَارٌ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى أَنَّهُ هَدَمَ حَائِطًا لَهُ أَوْ كَسَرَهُ وَبَيَّنَ قَدْرَ الْحَائِطِ وَمَوْضِعَهُ وَبَيَّنَ النُّقْصَانَ وَطَلَبَ النُّقْصَانَ حَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيْك هَذَا الْقَدْرُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى السَّبَبِ وَلَا يُحَلِّفُهُ عَلَى الْحَاصِلِ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ ذَبَحَ شَاةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ فَقَأَ عَيْنَ عَبْدٍ لَهُ قَدْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ عَيْنَ دَابَّةٍ لَهُ أَوْ جَنَى عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَنَقَصَ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِحَاضِرٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ: كَمْ نُقْصَانُ ذَلِكَ؟ فَإِذَا عَرَضَ ذَلِكَ حَلَّفَهُ عَلَى الْحَاصِلِ وَلَا يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ لِأَنَّ فِي التَّحْلِيفِ عَلَى السَّبَبِ إضْرَارٌ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي التَّحْلِيفِ عَلَى الْحَاصِلِ إضْرَارٌ بِالْمُدَّعِي هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَضَعَ عَلَى حَائِطٍ خَشَبًا أَوْ أَجْرَى عَلَى سَطْحِهِ مَاءً أَوْ فِي دَارِهِ مِيزَابًا أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ فَتَحَ فِي حَائِطٍ لَهُ بَابًا أَوْ بَنَى عَلَى حَائِطٍ لَهُ بِنَاءً أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَمَى التُّرَابَ أَوْ الزِّبْلَ فِي أَرْضِهِ أَوْ دَابَّةً مَيِّتَةً فِي أَرْضِهِ أَوْ غَرَسَ شَجَرًا أَوْ مَا يَكُونُ فِيهِ فَسَادُ الْأَرْضِ وَصَاحِبُ الْأَرْضِ يَحْتَاجُ إلَى رَفْعِهِ وَنَقْلِهِ وَصَحَّحَ دَعْوَاهُ بِأَنْ بَيَّنَ طُولَ الْحَائِطِ وَعَرْضَهُ وَمَوْضِعَهُ وَبَيَّنَ الْأَرْضَ بِذِكْرِ الْحُدُودِ وَمَوْضِعِهَا فَإِذَا صَحَّتْ دَعْوَاهُ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَسْتَحْلِفُهُ عَلَى السَّبَبِ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْخَشَبِ هُوَ الْمُدَّعِي فَقَدِمَ صَاحِبُ الْحَائِطِ إلَى الْقَاضِي وَقَالَ: كَانَ لِي عَلَى حَائِطِ هَذَا الرَّجُلِ خَشَبٌ فَوَقَعَ أَوْ قَلَعْتُهُ لِأُعِيدَهُ وَإِنَّ صَاحِبَ الْحَائِطِ يَمْنَعُنِي عَنْ ذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يُصَحِّحْ وَتَصْحِيحُ الدَّعْوَى بِأَنْ يُبَيِّنَ مَوْضِعَ الْخَشَبِ وَأَنَّ لَهُ حَقَّ وَضْعِ خَشَبَةٍ أَوْ خَشَبَتَيْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَيُبَيِّنُ غِلَظَ الْخَشَبَةِ وَخِفَّتَهَا فَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَى وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا فِي هَذَا الْحَائِطِ وَضْعُ الْخَشَبِ الَّذِي يَدَّعِي وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا مِنْ الْحَائِطِ فِي مُقَدَّمِ الْبَيْتِ أَوْ مُؤَخَّرِهِ حَقٌّ وَاجِبٌ لَهُ فَإِذَا نَكَلَ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي حَقَّهُ وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ حَفَرَ فِي أَرْضِهِ حَفِيرَةً أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَرْضِهِ وَطَلَبَ النُّقْصَانَ فَإِنْ بَيَّنَ مَوْضِعَ الْأَرْضِ وَحُدُودَهَا وَمِقْدَارَ الْحُفْرَةِ وَالنُّقْصَانِ يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيْك هَذَا الْحَقُّ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَلَا يُحَلِّفُهُ عَلَى السَّبَبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ ادَّعَى مَسِيلَ مَاءٍ أَوْ طَرِيقًا فِي دَارِ رَجُلٍ يُحَلِّفُهُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ هَذَا الْحَقُّ الَّذِي ادَّعَاهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ ابْنًا لَهُ عَمْدًا أَوْ عَبْدًا أَوْ وَلِيًّا بِآلَةٍ تُوجِبُ الْقِصَاصَ وَادَّعَى الْقِصَاصَ لِنَفْسِهِ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا أَوْ قَطَعَ يَدَ ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ عَمْدًا أَوْ ادَّعَى شَجَّةً أَوْ جِرَاحَةً يَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ، ثُمَّ فِي كَيْفِيَّةِ التَّحْلِيفِ فِي الْقَتْلِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَسْتَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيْك دَمُ ابْنِهِ فُلَانٍ وَلَا دَمُ عَبْدِهِ

فُلَانٍ وَلَا دَمُ وَلِيِّهِ فُلَانٍ وَلَا قِبَلَك حَقٌّ بِسَبَبِ هَذَا الدَّمِ الَّذِي يَدَّعِي وَفِي رِوَايَةٍ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْت فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَلِيَّ هَذَا عَمْدًا، وَفِيمَا سِوَى الْقَتْلِ مِنْ الْقَطْعِ وَالشَّجَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيْك قَطْعُ هَذِهِ الْيَدِ وَلَا لَهُ قِبَلَك حَقٌّ بِسَبْيِهَا وَكَذَلِكَ فِي الشِّجَاجِ أَوْ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ فِي الْقَتْلِ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَ ابْنَهُ خَطَأً أَوْ وَلِيًّا لَهُ خَطَأً أَوْ قَطَعَ يَدَهُ خَطَأً أَوْ شَجَّهُ خَطَأً أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ دِيَةٌ أَوْ أَرْشٌ اسْتَحْلَفَهُ بِاَللَّهِ مَا لِفُلَانٍ عَلَيْك هَذَا الْحَقُّ الَّذِي ادَّعَى مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَى وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَيُسَمِّي الدِّيَةَ وَالْأَرْشَ عِنْدَ الْيَمِينِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: كُلُّ حَقٍّ يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِثْلُ الْقَتْلِ خَطَأً وَالْجِنَايَةِ الَّتِي يَجِبُ بِهَا الْأَرْشُ فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْت ابْنَ هَذَا فُلَانًا وَفِي الشَّجَّةِ بِاَللَّهِ مَا شَجَجْت هَذَا هَذِهِ الشَّجَّةَ وَكُلُّ جِنَايَةٍ يَجِبُ بِهَا الْأَرْشُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِ يُسْتَحْلَفُ عَلَى الْحَاصِلِ كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَتْ فِي النَّفْسِ وَكَانَتْ عَمْدًا فَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ الْعَبْدُ فَيَسْتَحْلِفُ الْعَبْدَ، وَإِنْ كَانَتْ خَطَأً فَالْخَصْمُ هُوَ الْمَوْلَى فَكَانَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ، وَإِنْ كَانَتْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ الْمَوْلَى عَمْدًا كَانَتْ أَوْ خَطَأً فَيَحْلِفُ الْمَوْلَى وَلَكِنْ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى فِعْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ إنَّكَ سَرَقْت هَذَا الْعَيْنَ مِنِّي أَوْ غَصَبْت يُسْتَحْلَفُ عَلَى الْبَتَاتِ، وَإِنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ، حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ بِحَضْرَةِ وَارِثِهِ بِسَبَبِ الِاسْتِهْلَاكِ أَوْ ادَّعَى أَنَّ أَبَاك سَرَقَ هَذَا الْعَيْنَ مِنِّي أَوْ غَصَبَهُ مِنِّي يَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى الْعِلْمِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: هَذَا الْأَصْلُ مُسْتَقِيمٌ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا إلَّا فِي الرَّدَّ بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْعَبْدَ أَبَقَ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي تَحْلِيفَ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُ عَلَى الْبَتَاتِ مَعَ أَنَّهُ فِعْلُ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَائِعَ ضَمِنَ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ سَالِمًا عَنْ الْعُيُوبِ فَالتَّحْلِيفُ يَرْجِعُ إلَى مَا ضَمِنَهُ بِنَفْسِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ الْحَلِفُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ عَلَى الْعِلْمِ إذَا قَالَ الْمُنْكِرُ: لَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ وَأَمَّا إذَا ادَّعَى الْعِلْمَ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ أَلَا يَرَى أَنَّ الْمُودِعَ إذَا قَالَ: إنَّ الْوَدِيعَةَ قَبَضَهَا صَاحِبُهَا يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا ادَّعَى قَبْضَ الْمُوَكِّلِ الثَّمَنَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ بِادِّعَائِهِ الْعِلْمَ بِذَلِكَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى فِعْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ وَعَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ بِأَنْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنِّي اسْتَأْجَرْت مِنِّي اسْتَقْرَضْت مِنِّي يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي فَقَالَ: إنَّ أَبَا هَذَا تَوَفَّى وَلِي عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمَ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ مَاتَ أَبُوهُ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، سَأَلَهُ عَنْ دَعْوَى الرَّجُلِ عَلَى أَبِيهِ فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِالدَّيْنِ عَلَى أَبِيهِ يُسْتَوْفَى الدَّيْنُ مِنْ نَصِيبِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِالدَّيْنِ وَيُسْتَوْفَى مِنْ التَّرِكَةِ لَا مِنْ نَصِيبِ هَذَا الْوَارِثِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ هَذَا الِابْنَ يَسْتَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا بِأَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ لِفُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ هَذَا عَلَى أَبِيك هَذَا الْمَالَ الَّذِي ادَّعَاهُ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ فَإِنْ حَلَفَ انْتَهَى الْأَمْرُ، وَإِنْ نَكَلَ يُسْتَوْفَى الدَّيْنُ مِنْ نَصِيبِهِ فَإِنْ قَالَ: لَمْ يَصِلْ إلَيَّ مِنْ مِيرَاثِ أَبِي شَيْءٌ إنْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَذَّبَهُ يُحَلِّفُهُ عَلَى الْبَتَاتِ بِاَللَّهِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ مَالِ أَبِيهِ هَذِهِ الْأَلْفُ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ حَلَفَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَذَا إذَا حَلَّفَهُ

عَلَى الدَّيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ عَلَى الْوُصُولِ، فَإِنْ حَلَّفَهُ عَلَى الْوُصُولِ وَلَمْ يَكُنْ الْمُدَّعِي حَلَّفَهُ عَلَى الدَّيْنِ فَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى الدَّيْنِ فَقَالَ الِابْنُ: لَيْسَ عَلَيَّ يَمِينٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ وَيُحَلِّفُهُ عَلَى الْعِلْمِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى الدَّيْنِ أَوَّلًا فَقَالَ الِابْنُ: لَمْ يَصِلْ إلَيَّ مِنْ مِيرَاثِ أَبِي شَيْءٌ وَلَيْسَ عَلَيَّ يَمِينٌ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي وَمَعَ هَذَا أَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ عَلَى الدَّيْنِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ عَلَى الدَّيْنِ وَالْوُصُولِ جَمِيعًا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ عَامَّتُهُمْ: يَحْلِفُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً عَلَى الْوُصُولِ عَلَى الْبَتَاتِ وَمَرَّةً عَلَى الْعِلْمِ بِالدَّيْنِ هَذَا إذَا أَقَرَّ وَقَالَ: نَعَمْ، أَمَّا إذَا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ مَاتَ وَأَرَادَ الْغَرِيمُ اسْتِحْلَافَهُ عَلَى ذَلِكَ فَعَامَّةُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً عَلَى الْمَوْتِ عَلَى الْعِلْمِ وَمَرَّةً عَلَى الْوُصُولِ عَلَى الْبَتَاتِ فَإِنْ نَكَلَ حَتَّى ثَبَتَ الْمَوْتُ يَحْلِفُ عَلَى الدَّيْنِ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: الْعَيْنُ فِي يَدَيَّ بِمِيرَاثٍ وَعَلِمَ الْقَاضِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَأَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُقِرَّ وَلَكِنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا التَّحْلِيفُ عَلَى الْعِلْمِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْك تَسْلِيمَ هَذَا الْعَيْنِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي حَقِيقَةَ الْحَالِ وَلَا أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ وَلَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَالْقَاضِي يُحَلِّفُهُ أَلْبَتَّةَ فَإِنْ طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعِي مَا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْمِيرَاثِ فَالْقَاضِي يُحَلِّفُهُ عَلَى الْعِلْمِ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ انْتَفَى الْوُصُولُ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجِهَةِ الْمِيرَاثِ فَيُسْتَحْلَفُ حِينَئِذٍ أَلْبَتَّةَ وَإِنْ نَكَلَ صَارَ مُقِرًّا أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْمِيرَاثِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَئِذٍ عَلَى الْعِلْمِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: وَصَلَ الْعَيْنُ إلَى يَدَيَّ بِالشِّرَاءِ أَوْ بِالْهِبَةِ أَوْ بِالصَّدَقَةِ مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ بِاَللَّهِ مَا عَلَيْك تَسْلِيمُ هَذَا الْعَيْنِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ مِلْكًا مُطْلَقًا يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ أَيْضًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ الْعَبْدُ يَدَّعِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَسَلَّمَ إلَى الْمُدَّعِي الْمَبِيعَ فَعَلَى ظَاهِرِ الرَّاوِيَةِ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْعَيْنُ لِذِي الْيَدِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً أَوْ غَيْرَهَا ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ صَاحِبُ الْيَدِ عَلَى عِلْمِهِ عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ اشْتَرَاهَا مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ عَرَضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْقَاضِي وَقَالَ: إنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَشْتَرِي شَيْئًا ثُمَّ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِإِقَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقِرَّ مَخَافَةَ أَنْ يَلْزَمَهُ شَيْءٌ فَالْقَاضِي يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمْ أَنَّ بَيْنَهُمَا شِرَاءً قَائِمًا السَّاعَةَ فِي هَذِهِ الْجَارِيَةِ حُكِيَ عَنْ الْقَاضِي الْأَمَامِ رُكْنِ الْإِسْلَامِ عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: تَمَامُ النَّظَرِ فِي أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الشَّيْءُ لِهَذَا الْمُدَّعِي مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِي، ثُمَّ مَا ذُكِرَ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَالتَّحْلِيفُ عَلَى الْحَاصِلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلَى مَا مَرَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ كَانَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَالْتَقَيَا فِي بَلَدٍ آخَرَ فَطَالَبَهُ الْمُرْتَهِنُ بِالدَّيْنِ أُمِرَ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَى الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ ادَّعَى الرَّاهِنُ هَلَاكَ الرَّهْنِ وَأَنْكَرَهُ الْمُرْتَهِنُ حَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ بِاَللَّهِ مَا هَلَكَ، وَلَوْ كَانَا وَضَعَا الرَّهْنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَاخْتَلَفَا فِي الْهَلَاكِ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعِلْمِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. أَوْدَعَ دَابَّةً عِنْدَ رَجُلٍ فَرَكِبَهَا الْمُسْتَوْدَعَ ثُمَّ هَلَكَتْ الدَّابَّةُ فَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: هَلَكَتْ بَعْدَمَا نَزَلْتُ عَنْهَا وَقَالَ الْمُودِعُ: لَا بَلْ هَلَكَتْ قَبْلَ النُّزُولِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودِعِ مَعَ يَمِينِهِ ثُمَّ كَيْفَ يُسْتَحْلَفُ الْمُودِعُ قَالَ: وَالْحَلِفُ عَلَى الْعِلْمِ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمْ أَنَّهَا

الفصل الثالث فيمن تتوجه عليه اليمين ومن لا تتوجه

هَلَكَتْ بَعْدَ النُّزُولِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. : إذَا اشْتَرَكَ الرَّجُلَانِ عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَيَا الْيَوْمَ أَوْ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ هَذِهِ السَّنَةَ وَخَصَّا صِنْفًا مِنْ التِّجَارَةِ وَقْتًا أَوْ لَمْ يُوَقِّتَا فَهَذِهِ الشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ، فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا اشْتَرَيْت مَتَاعًا فَهَلَكَ وَأَرَادَ أَنْ يَتْبَعَ شَرِيكَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَأَنْكَرَ الشَّرِيكُ الشِّرَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّرِيكِ مَعَ يَمِينِهِ فَيُحَلَّفُ مُنْكِرُ الشِّرَاءِ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمْ أَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَتَاعَ، وَكَانَ الْحَاكِمُ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: يَجِبُ أَنْ يُزَادَ عَلَى هَذَا التَّحْلِيفِ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ عَلَى شَرِكَتِكُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ فِي، كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَبَتْ الْيَمِينُ فِيهِ عَلَى الْبَتَاتِ فَحَلَفَ عَلَى الْعِلْمِ لَا تَكُونُ مُعْتَبَرَةً حَتَّى لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَلَا تَسْقُطُ الْيَمِينُ عَنْهُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَبَتْ الْيَمِينُ فِيهِ عَلَى الْعِلْمِ فَحَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ تُعْتَبَرُ الْيَمِينُ حَتَّى سَقَطَتْ الْيَمِينُ عَنْهُ وَيُقْضَى عَلَيْهِ إذَا نَكَلَ لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَى الْبَتَاتِ آكَدُ فَيُعْتَبَرُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَنْ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَمَنْ لَا تَتَوَجَّهُ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَنْ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَمَنْ لَا تَتَوَجَّهُ وَمَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْيَمِينِ وَمَنْ لَا يَحِلُّ) . رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ زَوْجُ ابْنَتَهُ فُلَانَةَ مِنْهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ فَأَنْكَرَ الْأَبُ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي يَمِينَهُ إنْ كَانَتْ الِابْنَةُ صَغِيرَةً وَقْتَ الْخُصُومَةِ لَا يُسْتَحْلَفُ الْأَبُ فِي قَوْلِ أَبَى حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ يُسْتَحْلَفُ الْأَبُ وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَقْتَ الْخُصُومَةِ لَا يُسْتَحْلَفُ الْأَبُ عِنْدَ الْكُلِّ وَتُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ عَلَى دَعْوَاهُ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَوْجُ أَمَتِهِ مِنْهُ يُسْتَحْلَفُ الْمَوْلَى عِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْقَاضِي حَلِّفْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مُحِقٌّ أَوْ حَلِّفْهُ أَنَّ شُهُودَهُ شَهِدُوا بِالْحَقِّ لَا يُحَلِّفْ وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ بِخِلَافِ الشَّرْعِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ الشَّاهِدُ بِاَللَّهِ لَقَدْ شَهِدَ بِالْحَقِّ لَا يَحْلِفُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: (أَيْنَ شَاهِدُ مُقِرّ آمُدّه است بِبَشِّ ازْبِنْ كواهى كه أَيْنَ مَحْدُود مُلْك مِنْ است) وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الشَّاهِدِ أَوْ الْمُدَّعِي لَا يَحْلِفُ وَكَذَا الشَّاهِدُ إذَا أَنْكَرَ الشَّهَادَةَ لَا يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي وَكَذَا لَوْ قَالَ (أَيْنَ شاهداين مَحْدُودًا دَعْوَى كَرَدِّهِ است بَرَمْنَ بِيشَ ازْبِنْ كواهى) وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الشَّاهِدِ أَوْ الْمُدَّعِي لَا يَحْلِفُ وَكَذَا لَوْ طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (كه أَيْن سوكندراست خوردي) لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَا يَمِينَ عَلَى الْأَبِ فِيمَا يَدَّعِي عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ ادَّعَى ضَيْعَةً فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: هِيَ لِابْنِي الصَّغِيرِ فُلَانٍ لَا يُسْتَحْلَفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ اسْتَحْلَفَ فَنَكَلَ لَا يَصِحُّ نُكُولُهُ فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ هَذَا اسْتَهْلَكَ دَارِي بِإِقْرَارِهِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَيَصِيرُ ضَامِنًا عِنْدَ النُّكُولِ فَعِنْدَهُمَا لَا يُسْتَحْلَفُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُسْتَحْلَفُ لِأَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعَقَارُ يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ، وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بِإِقْرَارِهِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ لَا تُسْقِطْ عَنْهُ الْيَمِينَ، وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ إذَا أَقَرَّ لِلصَّبِيِّ سَقَطَتْ عَنْهُ الْيَمِينُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّغِيرُ ابْنًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هَذِهِ الدَّارُ لِابْنِي الْكَبِيرِ الْغَائِبِ فُلَانٍ فَهَذَا وَمَا لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ سَوَاءٌ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْيَمِينَ فَإِنْ حَلَفَ فَنَكَلَ تُدْفَعُ الدَّارُ لِي الْمُدَّعِي، فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَصَدَّقَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ لِسَبْقِ إقْرَارِهِ وَكَذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ عِنْدَ مَنْ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْيَمِينَ

يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ تُدْفَعُ الدَّارُ إلَى الْمُدَّعِي وَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ فَادَّعَاهَا تُدْفَعُ إلَيْهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ادَّعَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ فَقَالَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: مَاذَا تَقُولُ فِيمَا ادَّعَى؟ فَقَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِابْنِي هَذَا الطِّفْلِ صَحَّ إقْرَارُهُ فَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ لِلْقَاضِي: حَلِّفْهُ بِاَللَّهِ مَا أَنَا شَفِيعُهَا فَإِنَّهُ لَا يُحَلِّفْهُ، وَإِنْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ كَانَ الْأَبُ خَصْمًا وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ غَيْرِهِ فَقَالَ صَاحِبُ الْيَدِ: إنَّهُ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْدَعَنِيهِ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى حَتَّى صَارَ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي كَانَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ عَنْ الْخُصُومَةِ وَإِنْ نَكَلَ قَضَى بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ مِنْ الْمُدَّعِي ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُدَّعِي: أَنْتَ عَلَى خُصُومَتِك مَعَ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ أَخَذَهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ اسْتَحْلَفَ الْأَوَّلَ فَإِنْ بَرِئَ عَنْ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي وَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي هَذَا إذَا أَقَرَّ بِهِ لِلْأَوَّلِ وَنَكَلَ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا حَتَّى اسْتَحْلَفَهُ لِلْمُدَّعِي وَنَكَلَ وَقُضِيَ بِهِ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِلْغَيْرِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَا يَضْمَنُ لِذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ. فِي يَدِهِ جَارِيَةٌ يَقُولُ: أَوْدَعَنِيهَا فُلَانٌ الْغَائِبُ وَبَرْهَنَ فَقَالَ الْمُدَّعِي: بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا بَعْدَ الْإِيدَاعِ مِنْك وَأَنْكَرَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا مِنْك كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. الصَّبِيُّ إذَا كَانَ مَحْجُورًا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ إحْضَارِهِ إلَى بَابِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ لَوْ نَكَلَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَهُوَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الِاسْتِهْلَاكَ كَانَ لَهُ حَقُّ إحْضَارِهِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ يُؤْخَذُ بِأَفْعَالِهِ وَالشُّهُودُ يَحْتَاجُونَ إلَى الْإِشَارَةِ إلَيْهِ لَكِنْ يَحْضُرُ مَعَهُ أَبُوهُ حَتَّى إذَا أَلْزَمَ الصَّبِيَّ شَيْئًا يُؤْمَرُ الْأَبُ بِالْأَدَاءِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ يَحْلِفُ كَالْبَالِغِ وَبِهِ نَأْخُذُ وَكَذَا الْمُكَاتَبُ وَالْعَبْدُ التَّاجِرُ وَالْعَبْدُ الْمَحْجُورُ كَالْمَأْذُونِ فِي أَنَّهُ يَحْلِفُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَالُ وَاجِبًا بِسَبَبِ الِاسْتِهْلَاكِ يُبَاعُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَالًا لَا يُؤْخَذُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ كَدَيْنِ النِّكَاحِ بِلَا إذْنِ الْمَوْلَى وَالْكَفَالَةُ كَذَلِكَ يَحْلِفُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ أَوْ أَقَرَّ فَبَعْدَ الْعِتْقِ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَأَوْصَى إلَى هَذَا الرَّجُلِ وَقَالَ الرَّجُلُ: لَمْ يُوصِ إلَيَّ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ وَكَذَا إذَا ادَّعَى الصَّانِعُ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ اسْتَصْنَعَنِي فِي كَذَا فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ الْمُسْتَصْنِعُ هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. رَجُلٌ اسْتَصْنَعَ رَجُلًا فِي شَيْءٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمَصْنُوعِ فَقَالَ الْمُسْتَصْنِعُ: لَمْ تَفْعَلْ كَمَا أَمَرْتُك وَقَالَ الصَّانِعُ: فَعَلْت قَالُوا: لَا يَمِينَ فِيهِ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى عَلَى تَرِكَةِ مَيِّتٍ دَيْنًا وَقَدِمَ الْوَصِيُّ إلَى الْقَاضِي وَلَا بَيِّنَةَ فَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ وَارِثًا يَحْلِفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لَا يَحْلِفُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِاسْمِ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَأَنَّ هَذَا الْمَالَ لِي وَأَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ الَّذِي الْمَالُ بِاسْمِهِ أَقَرَّ أَنَّ الْمَالَ لِي وَأَنَّ اسْمَهُ عَارِيَّةٌ فِي الصَّكِّ وَأَنَّ الَّذِي بِاسْمِهِ الْمَالُ وَكَّلَنِي بِقَبْضِ هَذَا الْمَالِ وَبِالْخُصُومَةِ فِيهِ إنْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَا ادَّعَى يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ جَحَدَ الدَّعْوَى كُلَّهَا فَقَالَ الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي حَلَّفَهُ لِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُكَلِّفُ الْمُدَّعِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ إقْرَارِ الرَّجُلِ بِالْمَالِ وَمِنْ تَوْكِيلِهِ إيَّاهُ بِقَبْضِ ذَلِكَ الْمَالِ وَالشَّرْطُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ لِيُثْبِتَ كَوْنَهُ خَصْمًا فَإِنْ أَقَامَ ثَبَتَ كَوْنُهُ خَصْمًا فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ تُقْبَلُ وَيَأْخُذُ الْمُدَّعِي الْمَالَ

وَيَكُونُ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى لَوْ جَاءَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمَالِ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا لِفُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَلَا بِاسْمِهِ عَلَيْك هَذَا الْمَالُ الَّذِي سَمَّاهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَا أَقَلُّ مِنْهَا. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى التَّوْكِيلِ وَقَالَ لِلْقَاضِي: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْلَمُ أَنَّ فُلَانَ الَّذِي بِاسْمِهِ الْمَالُ فَاسْتَحْلِفْهُ لِي عَلَى ذَلِكَ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمْ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَكَّلَهُ عَلَى مَا ادَّعَى فَإِنْ حَلَفَ انْتَهَى الْأَمْرُ وَإِنْ نَكَلَ صَارَ مُقِرًّا بِالْوَكَالَةِ مُنْكِرًا لِلْمَالِ. وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْغَائِبِ لَهُ بِالْمَالِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّوْكِيلِ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ حَلَفَ كَمَا قُلْنَا فَإِنْ انْتَهَى الْأَمْرُ وَإِنْ نَكَلَ صَارَ مُقِرًّا بِالْوَكَالَةِ مُنْكِرًا لِلْمَالِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ صَرِيحًا أَوْ فِي ضِمْنِ النُّكُولِ وَأَنْكَرَ الْمَالَ صَارَ الْمُدَّعِي خَصْمًا فِي حَقِّ اسْتِحْلَافِهِ عَلَى الْمَالِ وَأَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ وَلَمْ يَصِرْ خَصْمًا فِي حَقِّ الْخُصُومِ فِي الْخُصُومَةِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْمُدَّعِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمَالِ أَوْ بَعْدَمَا حَلَفَ لَا يُسْمَعُ وَنَظِيرُ هَذَا مَا قَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ وَأَنْكَرَ الْمَالَ فَقَالَ الْمُدَّعِي: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الْمَالَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ خَصْمًا فِي ذَلِكَ وَإِنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِدَفْعِهِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ حَلَّفَهُ. فَإِنْ جَاءَ الْغَائِبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا هَهُنَا وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِالْمَالِ وَجَحَدَ الْوَكَالَةَ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ صَارَ خَصْمًا مُطْلَقًا فَيُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ يُحَلِّفُهُ عَلَى مَا قُلْنَا فَإِنْ حَلَفَ انْتَهَى الْأَمْرُ وَإِنْ نَكَلَ تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ لَكِنْ فِي حَقِّ أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ لَا فِي حَقِّ الْخُصُومَةِ وَالْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِطَلَبِ شُفْعَتِهِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ أَنَّ مُوَكِّلَهُ قَدْ سَلَّمَهُ الشُّفْعَةَ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ الْوَكِيلَ فَالْقَاضِي لَا يُحَلِّفُهُ، وَإِنْ ادَّعَى تَسْلِيمَ الْوَكِيلِ إنْ ادَّعَى تَسْلِيمَهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ لَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ وَإِنْ ادَّعَى تَسْلِيمَهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُسْتَحْلَفُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُسْتَحْلَفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ لَزِمَهُ فَإِذَا أَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ: الْأُولَى الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا وَجَدَ فِي الْمُشْتَرَى عَيْبَا فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ وَأَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِالْعَيْبِ لَا يَحْلِفُ وَإِنْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَيَبْطُلُ حَقُّ الرَّدِّ. الثَّانِيَةُ لَوْ ادَّعَى عَلَى الْآمِرِ رِضَاهُ لَا يَحْلِفُ وَإِنْ أَقَرَّ لَزِمَهُ. الثَّالِثَةُ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّيْنِ وَطَلَبَ يَمِينَ الْوَكِيلِ لَا يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ وَإِنْ أَقَرَّ لَزِمَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا ادَّعَى مُسْلِمٌ عَلَى ذِمِّيٍّ خَمْرًا بِعَيْنِهَا تَصِحُّ وَإِذَا أَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ اسْتِهْلَاكَ خَمْرٍ لَا يَحْلِفُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَنَّك اسْتَمْهَلْت مِنِّي هَذَا الْمَالَ وَصِرْت مُقِرًّا بِالْمَالِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ الْمَالَ وَالِاسْتِمْهَالَ يَحْلِفُ عَلَى الْمَالِ دُونَ الِاسْتِمْهَالِ لِأَنَّ بِالِاسْتِمْهَالِ يَصِيرُ مُقِرًّا وَالْإِقْرَارُ حُجَّةُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يُحَلِّفُهُ عَلَى حُجَّةِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يُسْتَحْلَفُ عَلَى حَقِّ خَصْمِهِ أَوْ عَلَى سَبَبِ حَقِّهِ وَأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَحْلِفُ عَلَى حُجَّةِ خَصْمِهِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ وَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ: كَانَ فِي يَدَيَّ مِنْ مَالِك كَذَا وَكَذَا بِحُكْمِ

الشَّرِكَةِ وَلَكِنْ قَدْ دَفَعْتُهُ إلَيْك فَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي الدَّفْعَ وَالْقَبْضَ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْكَرَ الشَّرِكَةَ وَكَوْنَ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَصْلًا بِأَنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَك شَرِكَةٌ قَطُّ وَمَا قَبَضْت مِنْك شَيْئًا بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى الْقَبْضِ وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقْتَ الْإِنْكَارِ: لَيْسَ فِي يَدَيَّ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى الْمُضَارِبُ أَوْ الشَّرِيكُ دَفْعَ الْمَالِ وَأَنْكَرَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ الشَّرِيكُ الْقَبْضَ يَحْلِفُ الْمُضَارِبُ وَالشَّرِيكُ الَّذِي كَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ، وَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي إيفَاءَ الثَّمَنِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَالْقَاضِي إنَّمَا يُحَلِّفَهُ إذَا طَلَبَ الْمُشْتَرِي يَمِينَهُ، وَلَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ طَلَبِهِ ثُمَّ أَرَادَ الْمُشْتَرِي تَحْلِيفَهُ ثَانِيًا لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ إذَا حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ الثَّمَنَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَنَا لَمْ أَجِئْ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْإِيفَاءِ فَالْقَاضِي لَا يُجْبِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَدَاءِ الْمَالِ بَلْ يُمْهِلُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِشَرْطِ أَنْ يَدَّعِيَ حُضُورَ الشُّهُودِ وَأَمَّا إذَا قَالَ: شُهُودِي غُيَّبٌ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَلَا يُمْهِلُهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ادَّعَى مَالَ الشَّرِكَةِ أَوْ الْمُضَارَبَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ فَقَالَ (رسانيده أَمْ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيُمْنِ وَلَوْ حَلَفَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ الْمُودِعُ أَوْ الشَّرِيكُ الْآخَرُ (نِيَافَته أَمْ) لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَلَوْ ادَّعَى الْقَرْضَ أَوْ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَقَالَ (رسانيده أَمْ) لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ يَمِينُ الْبَائِعِ وَالْمُقْرِضِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ الْمَالُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ مَعَ الْيَمِينِ وَكَذَا الْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْإِيفَاءِ وَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ الْيَمِينِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ مَالِي وَطَلَبَ التَّحْلِيفَ مِنْ الْقَاضِي لَا يُحَلِّفُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: كَانَ هَذَا شَرِيكِي وَقَدْ خَانَ فِي الرِّبْحِ وَلَا أَدْرِي قَدْرَهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَوْصَى لِي وَلَا أَدْرِي قَدْرَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ الْوَارِثُ لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ وَكَذَا الْمَدْيُونُ إذَا قَالَ: قَضَيْت بَعْضَ دَيْنِي وَلَا أَدْرِي كَمْ قَضَيْت أَوْ قَالَ: نَسِيَتْ قَدْرَهُ وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَ الطَّالِبَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: الْجَهَالَةُ كَمَا تَمْنَعُ قَبُولَ الْبَيِّنَةِ تَمْنَعُ قَبُولَ الِاسْتِحْلَافِ أَيْضًا إلَّا إذَا اتَّهَمَ الْقَاضِي وَصِيَّ الْيَتِيمِ أَوْ قَيِّمَ الْوَقْفِ وَلَا يَدَّعِي عَلَيْهِ شَيْئًا مَعْلُومًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ نَظَرًا لِلْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ادَّعَى مَنْزِلًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ مِلْكُهُ غَصَبَهُ مِنْهُ وَأَنَّ ذَلِكَ لَهُ وَمِلْكَهُ وَهُوَ يَمْنَعُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّهُ وَقْفٌ عَلَى جِهَةٍ مَعْلُومَةٍ صَارَ وَقْفًا وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ لِلْمُدَّعِي إنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَلَا يَدْفَعُ الْمَنْزِلَ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى جِهَةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ وَاقِفَهُ لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْيَمِينُ وَصَارَ وَقْفًا بِإِقْرَارِهِ وَالْبَيِّنَةُ فَضْلٌ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا هَذَا إذَا قَالَ: هُوَ وَقْفٌ وَأَمَّا إذَا قَالَ: وَقَفْتُهُ عَلَى جِهَةٍ مَعْلُومَةٍ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَهُ يَحْلِفُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ لِيَأْخُذَ الدَّارَ لَا يَحْلِفُ بِالِاتِّفَاقِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ ثَوْبًا وَأَقَرَّ الْغَاصِبُ بِذَلِكَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: كَانَتْ قِيمَةُ ثَوْبِي مِائَةً وَقَالَ الْغَاصِبُ: مَا أَدْرِي مَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَلَكِنْ عَلِمْت أَنَّ قِيمَتَهُ لَمْ تَكُنْ مِائَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ يَحْلِفُ الْغَاصِبُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِنْ الزِّيَادَةِ فَإِنْ حَلَفَ وَلَمْ يُثْبِتْ مَا ادَّعَاهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ذُكِرَ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْلَافِ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ

يَحْلِفُ أَنَّ قِيمَةَ الثَّوْبِ مِائَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْبَائِعُ إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَقْبِضْ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ الْمُشْتَرِي يُصَدَّقُ وَيَحْلِفُ اسْتِحْسَانًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَحْلِفُ قِيَاسًا وَهَهُنَا خَمْسُ مَسَائِلَ: (إحْدَاهَا) هَذِهِ، (الثَّانِيَةُ) رَجُلٌ أَقَرَّ بِبَيْعِ دَارِهِ ثُمَّ قَالَ: أَقْرَرْت بِالْبَيْعِ لَكِنِّي مَا بَايَعْت وَطَلَبْت يَمِينَهُ، (الثَّالِثَةُ) إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الْمَبِيعِ ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَقْبِضْ، (الرَّابِعَةُ) إذَا قَالَ الْمَدْيُونُ: أَقْرَرْت بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَلَكِنِّي مَا قَبَضْت، (الْخَامِسَةُ) إذَا قَالَ الْوَاهِبُ: أَقْرَرْت بِالْهِبَةِ لَكِنِّي مَا وَهَبْت وَطَلَبَ يَمِينَ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْكُلُّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الِاحْتِيَاطُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَشَايِخُنَا أَخَذُوا بِقَوْلِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ الْيَمِينِ. رَبُّ الدَّيْنِ إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَنْكَرَ الْقَبْضَ فَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمَدْيُونِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْقَاضِي لَا يُحَلِّفُهُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُحَلِّفُهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَرَّ رَجُلٌ أَنِّي وَهَبْت هَذَا الْعَيْنَ لِفُلَانٍ وَقَبَضَهُ مِنِّي ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنِّي وَأَنِّي قَدْ أَقْرَرْت بِالْقَبْضِ كَاذِبًا طَلَبَ يَمِينَ الْمَوْهُوبِ لَهُ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي الْمُزَارَعَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَحْلِفُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِيمَا أَقَرَّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَخْرَجَ صَكًّا بِإِقْرَارِ رَجُلٍ فَقَالَ الْمُقِرُّ: قَدْ أَقْرَرْت لَك بِهَذَا الْمَالِ إلَّا أَنَّك رَدَدْت إقْرَارِي يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. ادَّعَى عَلَى وَارِثٍ رَجُلٌ مَالًا وَأَخْرَجَ صَكًّا بِإِقْرَارِ الْمُوَرِّثِ بِالْمَالِ فَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ رَدَّ إقْرَارَهُ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعِي كَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ وَادَّعَى وَرَثَتُهُ أَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ تَلْجِئَةً يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ بِاَللَّهِ لَقَدْ أَقَرَّ لِي إقْرَارًا صَحِيحًا كَذَا أَجَابَ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَإِنْ مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ هَلْ يَحْلِفُ وَارِثُهُ ذُكِرَ فِي بَعْضِ تَعْلِيقِ بَعْضِ الْبُخَارِيِّينَ أَنَّهُ يَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى الْعِلْمِ، وَسَمِعْت عَنْ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُوَثَّقَةً أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ وَهُوَ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَحْلِفُ فِيهَا الْمُوَرِّثُ وَلَا يَحْلِفُ الْوَارِثُ كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُودِعُ رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ هَلَاكَهَا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ وَارِثُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا أَقَرَّ رَجُلٌ لِإِنْسَانٍ بِمَالٍ وَمَاتَ الْمُقِرُّ فَقَالَ وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ: إنَّ أَبَانَا قَدْ أَقَرَّ بِمَالٍ كَاذِبًا فَلَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُقِرُّ تَعْلَمُ بِذَلِكَ وَأَرَادُوا تَحْلِيفَهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُحَلِّفُوهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. إنْ أَشْهَدَ الْبَائِعُ عَلَى الْبَيْعِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ كَانَ تَلْجِئَةً وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُشْتَرِي ذُكِرَ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْلَافِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا شَرَطْت أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ الَّذِي جَرَى بَيْنَكُمَا تَلْجِئَةً كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ. عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ

مِلْكِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْ فُلَانٍ مُنْذُ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ: ذُو الْيَدِ مِلْكِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَقَالَ الْمُدَّعِي: الْبَيْعُ الَّذِي جَرَى بَيْنَكُمَا كَانَ تَلْجِئَةً لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي وَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْلَافِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ دَارٌ إلَى جَنْبِ دَارِ رَجُلٍ فَتَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا عَلَى رَجُلٍ بِالْحَائِطِ الَّذِي يَلِي دَارَ جَارِهِ وَقَبَضَهُ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ فِيهَا شُفْعَةٌ فَإِنْ طَلَبَ الْجَارُ الَّذِي وَرَاءَ الْحَائِطِ يَمِينَ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا بَاعَ الْحَائِطَ ضِرَارًا وَلَا فِرَارًا مِنْ الشُّفْعَةِ عَلَى وَجْهِ التَّلْجِئَةِ وَإِبْطَالِ الشُّفْعَةِ حَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ يُرِيدُ بِهَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْجَارَ الَّذِي وَرَاءَ الْحَائِطِ ادَّعَى وَقَالَ: إنَّ صَدَقَةَ الْحَائِطِ كَانَتْ تَلْجِئَةً وَقَدْ بِعْت الْكُلَّ وَخَاصَمَ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ أَمْ لَمْ تَكُنْ أَوْ الْبَائِعُ إنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ وَطَلَبَ يَمِينَ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَإِذَا أَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ تَثْبُت تَلْجِئَةُ الْحَائِطِ وَانْقَطَعَتْ خُصُومَةُ الْجَارِ عَنْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَالْمُشْتَرِي وَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَتْ تَلْجِئَةُ الصَّدَقَةِ فَكَانَ لِلْجَارِ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ ارْتَهَنَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ بِهِ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا فَقَالَ صَاحِبُ الشِّرَاءِ: حَلِّفْهُ لِي بِاَللَّهِ مَا بَاعَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُ لَهُ فَإِنْ حَلَفَ انْتَهَى الْكَلَامُ وَإِنْ نَكَلَ يَثْبُتُ الْبَيْعُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ صَبَرَ إلَى أَنْ يَفْتَكَّ الرَّهْنَ وَتَمْضِي مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ أَقَرَّ لِصَاحِبِ الشِّرَاءِ أَوَّلًا فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ: حَلِّفْهُ لِي بِاَللَّهِ مَا رَهَنَهُ أَوْ آجَرَهُ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ يَمِينٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَا مُدَّعِيَيْنِ الْإِجَارَةَ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَحْلِفْ لِلْآخَرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ أَوْ عَرْضٌ أَوْ حَيَوَانٌ فَقَدَّمَهُ رَجُلَانِ إلَى الْقَاضِي وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ ذِي الْيَدِ بِكَذَا فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ وَأَنْكَرَ لِلْآخَرِ فَقَالَ الْآخَرُ لِلْقَاضِي: حَلِّفْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِي أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ مِنِّي فَإِنَّهُ لَا يُحَلِّفُهُ وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُمَا فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي لِأَحَدِهِمَا فَنَكَلَ وَقَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ: حَلِّفْهُ لِي فَإِنَّهُ لَا يُحَلِّفْهُ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ أَوْ عَرْضٌ فَقَدَّمَهُ رَجُلَانِ إلَى الْقَاضِي وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ وَهَبَهُ لَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَطَلَبَ الْآخَرُ يَمِينَهُ لَا يَحْلِفُ وَكَذَا لَوْ حَلَّفَهُ لِأَحَدِهِمَا فَنَكَلَ لَا يَحْلِفُ لِلْآخَرِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَنَّهُ قَبَضَهُ فَأَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا أَوْ حَلَفَ لِأَحَدِهِمَا فَنَكَلَ لَا يَحْلِفُ لِلْآخَرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا فِي يَدَيْهِ أَمَةٌ أَوْ عَبْدٌ أَوْ عَرْضٌ جَاءَ رَجُلَانِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَهُ أَوْ أَنَّهُ لَهُ غَصَبَهُ صَاحِبُ الْيَدِ مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ لَهُ أَوْدَعْهُ مِنْهُ هَذَا وَقَدَّمَاهُ إلَى الْقَاضِي فَسَأَلَهُ الْقَاضِي عَنْ دَعْوَاهُمَا فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا وَجَحَدَ لِلْآخَرِ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ أَرَادَ الْآخَرُ اسْتِحْلَافَهُ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ وَتَكُونُ الْخُصُومَةُ لَلْأُخَرِ مَعَ الْمُقَرِّ لَهُ بِهِ لِأَحَدِهِمَا فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَإِنْ قَالَ الْآخَرُ لِلْقَاضِي: إنَّمَا أَقَرَّ بِهِ لَهُ لِيَدْفَعَ الْيَمِينَ عَنْ نَفْسِهِ فَحَلِّفْهُ لِي فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُحَلِّفُهُ لَهُ وَكَذَلِكَ فِي الْوَدِيعَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَحْلِفُ فِي الْغَصْبِ. وَكَذَلِكَ فِي الْوَدِيعَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا أُمِرَ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِمَا وَلَا يَضْمَنُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْئًا فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى النِّصْفِ الْآخَرِ لِنَفْسِهِ لَا يَحْلِفُ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَكَذَا فِي الْوَدِيعَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَحْلِفُ فِي الْغَصْبِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْوَدِيعَةِ أَيْضًا أَمَّا إذَا جَحَدَ لَهُمَا وَطَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ لَهُ فَالْقَاضِي لَا يُحَلِّفْهُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْعَبْدُ لَهُمَا وَلَكِنْ يُسْتَحْلَفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ

مِنْهُمَا وَبَعْدَ هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ يَحْلِفُ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْعَبْدُ لَهُمَا لَا لِهَذَا وَلَا لِهَذَا وَلَا يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ وَالرَّأْيُ فِي ذَلِكَ لِلْقَاضِي إنْ شَاءَ بَدَأَ بِأَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ قِرَاعٍ وَإِنْ شَاءَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمَا وَنَفْيًا لِلتُّهْمَةِ عَنْ نَفْسِهِ. ثُمَّ إذَا حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: (الْأَوَّلُ) حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ بَرِئَ عَنْ دَعْوَاهُمَا وَهَذَا ظَاهِرٌ، (الثَّانِي) إذَا حَلَفَ لِأَحَدِهِمَا وَنَكَلَ عَنْ الْآخَرِ فَإِنْ حَلَفَ لِلْأَوَّلِ بَرِئَ عَنْ دَعْوَاهُ وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْآخَرِ قَضَى بِكُلِّ الْعَيْنِ لَهُ كَمَا إذَا ادَّعَاهُ هُوَ وَحْدَهُ فَحَلَفَ وَنَكَلَ فَإِنْ نَكَلَ لِلْأَوَّلِ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِنُكُولِهِ لِلْأَوَّلِ بَلْ يَحْلِفُ لِلْآخَرِ وَيَنْظُرُ مَعَ الْآخَرِ فَلَوْ أَنَّهُ قَضَى لِلَّذِي نَكَلَهُ أَوَّلًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ نَفَذَ قَضَاؤُهُ. وَلَوْ نَكَلَ لَهُمَا جُمْلَةً بِأَنْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً كَمَا هُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَوْ نَكَلَ لَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ بِأَنْ حَلَفَ الْقَاضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ كَمَا هُوَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ فَالْحُكْمُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَاحِدٌ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ يَقْضِي بِالْعَيْنِ بَيْنَهُمَا وَفِي دَعْوَى الْغَصْبِ يَقْضِي بِالْعَيْنِ بَيْنَهُمَا وَبِالْقِيمَةِ بَيْنَهُمَا وَفِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ يُقْضَى بِالْعَيْنِ بَيْنَهُمَا وَلَا يُقْضَى بِشَيْءٍ مِنْ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُقْضَى بِالْقِيمَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ فِي يَدِهِ عَبْدٌ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ فَادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّ الْعَبْدَ عَبْدُهُ أَوْدَعَهُ أَبَاهُ الْمَيِّتُ وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْيَدِ فَإِنَّهُ يَسْتَحْلِفُ صَاحِبَ الْيَدِ عَلَى دَعْوَاهُ عَلَى الْعِلْمِ. فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ قَضَى بِهِ وَأَمَرَهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ سَلَّمَ فَادَّعَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ آخَرُ بِمِثْلِ مَا ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالُوا: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الِابْنِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ سِوَى هَذَا الْعَبْدِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ شَيْءٌ سِوَى هَذَا الْعَبْدِ فَيَسْتَحْلِفُ لِلثَّانِي وَإِذَا نَكَلَ يُقْضَى عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي الْغَصْبِ لَا يُسْتَحْلَفُ لِلثَّانِي أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ سِوَى الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ يُسْتَحْلَفُ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ. لَوْ ادَّعَى رَجُلَانِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَقَدَّمَاهَا إلَى الْقَاضِي فَأَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَتْ لِلْآخَرِ فَقَالَ الْآخَرُ: حَلِّفْهَا لِي لَا يُحَلِّفْهَا فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَلْ يُسْتَحْلَفُ الزَّوْجُ الْمُقَرُّ لَهُ؟ ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يُسْتَحْلَفُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يُسْتَحْلَفُ فَإِنْ حَلَفَ لَا تُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ نَكَلَ تُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ حِينَئِذٍ فَإِنْ نَكَلَتْ قُضِيَ بِالنِّكَاحِ لِلثَّانِي وَبَطَلَ نِكَاحُ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَلَوْ أَنْكَرَتْ دَعْوَاهُمَا فَحَلَّفَهَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمهمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَنَكَلَتْ فَقَضَى بِهَا لَهُ لَا يُحَلِّفُ لِلْآخَرِ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى جَارِيَةً وَتَقَابَضَا ثُمَّ رُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ بِالنُّكُولِ ثُمَّ جَاءَ الْبَائِعُ وَقَالَ: رُدَّتْ عَلَيَّ وَهِيَ حُبْلَى إنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَلْزَمُهُ وَضَمِنَ الْبَائِعُ نُقْصَانَ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ وَإِنْ أَنْكَرَ يُرِيهَا النِّسَاءَ فَإِنْ قُلْنَ حُبْلَى يُحَلِّفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا حَدَثَ عِنْدَك هَذَا الْحَبَلُ إنْ حَلَفَ انْدَفَعَ وَإِنْ نَكَلَ إنْ شَاءَ الْبَائِعُ أَمْسَكَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ شَاءَ رَدَّ مَعَ نُقْصَانِ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْقَاضِي: قَدْ كَانَ هَذَا الْحَبَلُ عِنْدَ الْبَائِعِ يُسْتَحْلَفُ الْبَائِعُ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ لَقَدْ سَلَّمْتُهَا بِحُكْمِ هَذَا الْبَيْعِ وَمَا بِهَا هَذَا الْعَيْبُ قَالُوا: وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَخَاصَمَ الْبَائِعَ فِي الْعَيْبِ فَلَمَّا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَدِّهَا عَلَى الْبَائِعِ قَالَ الْبَائِعُ: إنَّهَا حُبْلَى وَهَذَا الْحَبَلُ حَادِثٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا بَلْ كَانَ عِنْدَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُ الْبَائِعَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُحَلِّفُ الْمُشْتَرِي هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ

تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَقَالَ: إنَّ الْمُدَّعِي قَدْ حَلَّفَنِي فِي هَذِهِ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضِي بَلَدِ كَذَا وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا حَلَّفْتُهُ فَإِنْ نَكَلَ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ حَلَفَ كَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَقَالَ لِلْقَاضِي: حَلِّفْهُ أَنَّهُ لَمْ يُبَرِّئْنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي وَيُقَالُ لَهُ: أَجِبْ خَصْمَك ثُمَّ ادْعُ عَلَيْهِ مَا شِئْتَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَبْرَأَنِي عَنْ هَذِهِ الْأَلْفِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَمَنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُحَلِّفُ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَى الْبَرَاءَةِ عَنْ الدَّعْوَى كَمَا يَحْلِفُ عَلَى دَعْوَى التَّحْلِيفِ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَعَلَيْهِ قُضَاةُ زَمَانِنَا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ الْمُدَّعِي أَبْرَأَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَتَوَهَّمَ الْحَاكِمُ أَنَّ هَذَا إقْرَارٌ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَرَاءَةِ فَحَلَفَ أَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِ أَمْ لَا قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ وَقَوْلُهُ أَبْرَأَنِي الْمُدَّعِي عَنْ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْمَالِ وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعِيَ أَلَكَ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمَالِ؟ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى الْمَالِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوَّلًا عَلَى دَعْوَاهُ الْمَالَ وَدَعْوَاهُ الْبَرَاءَةَ لَا تَكُونُ إقْرَارًا بِالْمَالِ فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُرِكَ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَرَاءَةِ قَالَ الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: دَعْوَى الْبَرَاءَةِ عَنْ الدَّعْوَى لَا تَكُونُ إقْرَارًا وَهَذَا أَصَحُّ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي أَوَّلًا عَلَى الْبَرَاءَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْوَرَثَةِ فَيَمِينُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ لَا يَنُوبُ عَنْ الْبَاقِينَ حَتَّى يُسْتَحْلَفَ الْكُلُّ وَإِذَا تَوَجَّهَتْ لَهُمْ الْيَمِينُ عَلَى غَيْرِهِمْ فَاسْتِحْلَافُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ كَاسْتِحْلَافِ الْكُلِّ، وَصُورَتُهُ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ حَقًّا وَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْوَرَثَةِ يُسْتَحْلَفُ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ وَلَا يُكْتَفَى بِيَمِينٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ وَقَدْ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ حَقًّا يُحَلِّفُ الْبَاقِينَ الْحُضُورَ وَيُؤَخِّرُ الصَّغِيرَ حَتَّى يُدْرِكَ وَالْغَائِبَ حَتَّى يَقْدَمَ ثُمَّ يَحْلِفَانِ وَلَوْ ادَّعَى الْوَرَثَةُ عَلَى رَجُلٍ حَقًّا لِلْمَيِّتِ وَاسْتَحْلَفَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَقِيَّةِ أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ ادَّعَى أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَان أَوْ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ حَقًّا عَلَى رَجُلٍ لِلشَّرِكَةِ وَحَلَّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَكُونُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يُحَلِّفَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ حَقًّا مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُمَا جَمِيعًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ ادَّعَى جَمَاعَةٌ الشِّرَاءَ عَلَى رَجُلٍ وَحَلَّفَهُ أَحَدُهُمْ كَانَ لِبَقِيَّةِ الْمُدَّعِينَ أَنْ يُحَلِّفُوهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَابْنَتَهَا فِي عَقْدَيْنِ ثُمَّ قَالَ: لَا أَدْرِي أَيَّتَهمَا الْأُولَى فَإِنَّهُ يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِاَللَّهِ مَا تَزَوَّجْتُهَا قَبْلَ صَاحِبَتِهَا وَلِلْقَاضِي أَنْ يَبْتَدِئَ بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ حَلَفَ لِأَحَدِهِمَا ثَبَتَ نِكَاحُ الْأُخْرَى وَإِنْ نَكَلَ لِلْأُولَى لَزِمَتْهُ وَبَطَلَ نِكَاحُ الْأُخْرَى إذَا ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّ نِكَاحَهَا كَانَ أَوَّلًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ وَهَبَ أَرْضًا مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ جَاءَتْ امْرَأَةُ الْمَيِّتِ فَادَّعَتْ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنَّ الْأَرْضَ أَرْضُهَا فَإِنَّهُمْ قَسَّمُوا الْمِيرَاثَ بَعْدَمَا وُهِبَتْ لَكَ الْأَرْضُ فَوَقَعَتْ فِي قِسْمِي وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّ الْأَرْضَ أَرْضُهُ فَإِنَّهُمْ كَانُوا قَسَّمُوا الْأَرْضَ قَبْلَ الْهِبَةِ وَقَدْ وَقَعَتْ الْأَرْضُ فِي قِسْمِ الْوَاهِبِ وَعَجَزَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَحَلَفَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ سَائِرَ الْوَرَثَةِ وَأَمَرَ بِرَدِّ الْأَرْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى

الباب الرابع في التحالف

عَلَيْهِ: إنْ حَلَفْت أَنَّهَا لَك عَلَيَّ أَدَّيْتُهَا إلَيْك فَحَلَفَ فَأَدَّاهَا إلَيْهِ هَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ إنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ سِلْعَةٌ لَا يَعْلَمُ لِأَحَدٍ فِيهَا حَقًّا جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى فِيهَا دَعْوَى وَسِعَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَلْبَتَّةَ بِاَللَّهِ مَا لَهُ فِيهَا حَقٌّ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَصَالَحَا مِنْ دَعْوَى الْمُدَّعِي عَلَى دَرَاهِمَ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَحَدَ حَقَّ الْمُدَّعَى فِيهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَحْلِفَ مَا لَهُ قِبَلَهُ حَقٌّ حَتَّى يَعْلَمَ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ وَإِذَا أَحَالَ الرَّجُلُ غَرِيمًا مِنْ غُرَمَائِهِ عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ إنَّ الْمُحْتَالَ لَهُ قَدَّمَ الْمُحِيلَ إلَى الْقَاضِي وَهُوَ لَا يَرَى أَنَّ الْحَوَالَةَ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَجْحَدَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ وَقَبْلَ أَنْ يُفْلِسَ حَلَّ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَحْلِفَ مَا لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ إذَا كَانَ مِنْ رَأْيِ الْمُحِيلِ أَنَّ الْحَوَالَةَ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ وَإِنْ قَضَى لِلْمُحْتَالِ لَهُ بِمُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ وَجَعْلِ الْحَوَالَةِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ ثُمَّ أَرَادَ الْمُحِيلُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى بَرَاءَةِ نَفْسِهِ لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ وَبِهِ رَهْنٌ يَفِي بِالدَّيْنِ فَأَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ الرَّهْنَ وَحَلَفَ كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ الرَّاهِنُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيَّ هَذَا الدَّيْنُ الَّذِي يَدَّعِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اسْتَقْرَضَ مِنْهُ مِائَةً وَرَهَنَ عِنْدَهُ رَهْنًا وَيَخَافُ الضَّمَانَ إنْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ أَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ يَقُولُ لِلْقَاضِي: سَلْهُ أَبِهَذِهِ الْمِائَةِ الَّتِي تَدَّعِي رَهَنَ أَمْ لَا؟ فَإِنْ أَقَرَّ بِالرَّهْنِ أَقَرَّ هُوَ بِالْمَالِ وَإِنْ أَنْكَرَ الرَّهْنَ حَلَّفَهُ بِأَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْك بِلَا رَهْنٍ بِهَا عِنْدَهُ فَيُمْكِنُهُ الْحَلِفُ بِلَا حِنْثٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ بِاَللَّهِ مَا لَهُ قِبَلَهُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْلَمُ أَنَّهَا نَسِيئَةٌ فَخَافَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْأَلْفِ وَادَّعَى الْأَجَلَ رُبَّمَا يُنْكِرُ الْأَجَلَ وَيُطَالِبُهُ بِالْأَلْفِ حَالَّةً فَالْحِيلَةُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لِلْقَاضِي: سَلْهُ إنَّهَا مُعَجَّلَةٌ أَوْ مُؤَجَّلَةٌ فَإِنْ سَأَلَهُ فَقَالَ: هِيَ حَالَّةٌ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيَّ هَذِهِ الْأَلْفُ الَّتِي يَدَّعِي وَلَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيَّ أَدَاءُ هَذِهِ الَّتِي يَدَّعِي كَانَ صَادِقًا فِي يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ الْأَلْفُ حَالَّةً وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيَّ هَذِهِ الْأَلْفُ الَّتِي يَدَّعِي حَتَّى لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ هَذِهِ الْأَلْفُ وَهُوَ مُعْسِرٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ يَزْعُمُ أَنَّ طَائِفَةً مِنْهَا لَهُ يَعْلَمُ مِقْدَارَهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَادَّعَى رَجُلٌ لِنَفْسِهِ فِيهَا حَقًّا مَعْلُومًا بِأَنْ يَدَّعِيَ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْقَاضِي: أَنَا أَعْلَمُ لِلْمُدَّعِي فِيهَا حَقًّا وَلَا أَدْرِي مِقْدَارَ حَقِّهِ فَأَدْفَعُ إلَيْهِ مَا أَحْبَبْت لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَعَرَّضَ لِذَلِكَ بِشَيْءٍ وَلَكِنْ يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَى الْمُدَّعِي فَإِنْ نَكَلَ فَقَدْ صَارَ مُقِرًّا أَوْ بَاذِلًا بِذَلِكَ الْقَدْرِ وَأَيًّا مَا كَانَ فَهُوَ حُجَّةٌ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ فَالْقَاضِي يُسَكِّنُ الْمُدَّعِي مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الدَّارِ بِإِقْرَارِهِ أَنَّ لَهُ فِيهَا حَقًّا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي التَّحَالُفِ] إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ بِأَنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي ثَمَنًا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِقَدْرٍ مِنْ الْمَبِيعِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْمَهْرِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ وَقَالَتْ: تَزَوَّجْتَنِي بِأَلْفَيْنِ فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَضَى لَهُ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ الْمُثْبِتَةُ لِلزِّيَادَةِ أَوْلَى وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ جَمِيعًا بِأَنْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَكْثَرَ مِمَّا يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَكْثَرَ مِمَّا يُقِرُّ بِهِ الْبَائِعُ مِنْ الْمَبِيعِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى فِي الثَّمَنِ وَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى فِي الْمَبِيعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي: إمَّا أَنْ تَرْضَى بِالثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَإِلَّا فَسَخْنَا الْبَيْعَ وَقِيلَ لِلْبَائِعِ

إمَّا أَنْ تُسَلِّمَ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَسَخْنَا الْبَيْعَ فَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا اسْتَحْلَفَ الْقَاضِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى الْآخَرِ وَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُشْتَرِي فِي الصَّحِيحِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا إذَا كَانَ بَيْعَ عَيْنٍ بِدَيْنٍ فَإِنْ كَانَ بَيْعَ عَيْنٍ أَوْ ثَمَنٍ بِثَمَنٍ بَدَأَ الْقَاضِي بِيَمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَصِفَةُ الْيَمِينِ أَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا بَاعَهُ بِأَلْفٍ وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ حَلَفَا فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا إنْ طَلَبَا أَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَتْهُ دَعْوَى الْآخَرِ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْبَدَلِ مَقْصُودًا بَلْ كَانَ فِي ضِمْنِ شَيْءٍ آخَرَ نَحْوُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ سَمْنًا فِي زِقٍّ وَوَزْنُهُ مِائَةُ رَطْلٍ ثُمَّ جَاءَ بِالزِّقِّ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَزْنُهُ عِشْرُونَ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا زِقِّي وَقَالَ الْمُشْتَرِي: هُوَ زِقُّك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي سَمَّى لِكُلِّ رَطْلٍ ثَمَنًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا تَحَالُفَ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ سَوَاءٌ كَانَ فِي أَصْلٍ أَوْ فِي قَدْرِهِ وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي شَرْطِ الْخِيَارِ إمَّا فِي أَصْلِهِ أَوْ فِي قَدْرِهِ وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ أَوْ فِي الْحَطِّ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ مَكَانِ تَسْلِيمِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَحَلَفَ الْمُنْكِرُ مِنْهُمَا فِي تِلْكَ الصُّوَرِ كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ لِلنُّقَايَةِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْبَيْعِ لَمْ يَتَحَالَفَا وَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْعَقْدِ بِأَنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَالْآخَرُ الْهِبَةَ أَوْ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ بِأَنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الدَّرَاهِمَ وَالْآخَرُ الدَّنَانِيرَ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ وَقَالَ: لَا يَتَحَالَفَانِ قَالَ مَشَايِخُنَا: الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ قَوْلُهُمَا فَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَتَحَالَفَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ ثُمَّ اخْتَلَفَا لَمْ يَتَحَالَفَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَكَذَا إذَا خَرَجَ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ صَارَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ بِالْعَيْبِ وَهَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا فَإِنْ كَانَ عَيْنًا يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يَرُدُّ مِثْلَ الْهَالِكِ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ أَوْ قِيمَتَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَقَبَضَهُمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَاخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَيَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي قَوْلِهِ: وَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِهِ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ ثَمَنِ الْمَيِّتِ زِيَادَةً عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الصَّحِيحُ وَتَكَلَّمُوا فِي الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إلَى التَّحَالُفِ أَوْ إلَى يَمِينِ الْمُشْتَرِي قَالَ بَعْضُهُمْ: بِأَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إلَى التَّحَالُفِ مَعْنَاهُ لَا يَتَحَالَفَانِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَخْذَ الْحَيِّ فَحِينَئِذٍ يَتَحَالَفَانِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ الْحَيُّ كُلَّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي الْكِفَايَةِ هُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ لِمُخْتَصَرِ الْوِقَايَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِأَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إلَى يَمِينِ الْمُشْتَرِي مَعْنَاهُ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَخْذَ الْحَيِّ فَحِينَئِذٍ لَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ يَمِينُ الْمُشْتَرِي لَا تَرْكُ التَّحَالُفِ وَالِاسْتِثْنَاءُ يَنْصَرِفُ إلَى الْمَذْكُورِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا فَبَاعَ نِصْفَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ مَعَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَتَحَالَفَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَحَالَفَانِ فِي النِّصْفِ الَّذِي بَقِيَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي إنْ رَضِيَ بَائِعُهُ بِقَبُولِ هَذَا النِّصْفِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَحَالَفَانِ فِي الْكُلِّ وَإِذَا تَحَالَفَا رَدَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَيَرُدُّ النِّصْفَ الَّذِي بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ إنْ قِبَلَهُ الْبَائِعُ وَإِنْ أَبَى بِعَيْبِ

الشَّرِكَةِ رَدَّ قِيمَةَ هَذَا النِّصْفِ أَيْضًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَعُودُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَلَوْ قَبَضَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَلَا تَحَالُفَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَلَا يَعُودُ الْمُسَلَّمُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً أَوْ صَفْقَتَيْنِ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ حَالٍّ وَالْآخَرُ لِأَلْفٍ مُؤَجَّلٍ إلَى سَنَةٍ فَرَدَّ أَحَدَهُمَا بِالْعَيْبِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: ثَمَنُ الْمَرْدُودِ حَالٌّ وَقَالَ الْبَائِعُ: مُؤَجَّلٌ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَلَمْ يَتَحَالَفَا وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهُمَا بِمِائَةٍ فِي صَفْقَةٍ وَقَبَضَهَا وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فِي يَدِهِ وَرَدَّ الْآخَرَ بِعَيْبٍ وَاخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْمَرْدُودِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَلَمْ يَتَحَالَفَا وَلَوْ كَانَ ثَمَنُ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمَ وَثَمَنُ الْآخَرِ دَنَانِيرُ وَقَبَضَهُمَا الْبَائِعُ وَاخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ الْبَاقِي بَعْدَ رَدِّ أَحَدِهِمَا بِالْعَيْبِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: ثَمَنُهُ دَرَاهِمُ فَرَدَّ الدَّنَانِيرَ وَقَالَ الْبَائِعُ عَلَى عَكْسِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ إنْ مَاتَا وَلَا يَتَحَالَفَانِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ كَانَا قَائِمَيْنِ يَتَحَالَفَانِ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الصَّفْقَةِ فَادَّعَى الْبَائِعُ اتِّحَادَ الثَّمَنِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي تَعَدُّدَ الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْكَافِي لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِيَّةِ الثَّمَنِ وَدَيْنِيَّتِهِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الثَّمَنَ عَيْنٌ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ مُدَّعِي الْعَيْنِ هُوَ الْبَائِعُ كَمَا إذَا قَالَ: بِعْتُ مِنْك جَارِيَتِي هَذِهِ بِعَبْدِك هَذَا وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي الْكُلَّ دَيْنًا وَيَقُولُ: اشْتَرَيْت مِنْك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَائِمَةً تَحَالَفَا وَتَرَادَّا وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي سَقَطَ التَّحَالُفُ عِنْدَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَحَالَفَانِ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي لِلْعَيْنِ هُوَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ يَقُولُ: اشْتَرَيْتُ جَارِيَتَك بِغُلَامِي هَذَا وَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُهَا مِنْك بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَائِمَةً تَحَالَفَا وَتَرَادَّا وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً فَكَذَلِكَ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا الْقِيمَةَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ. اشْتَرَى أَمَةً فَمَاتَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفٍ وَهَذَا الْوَصِيفُ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ وَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُهَا بِأَلْفَيْنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي ثُلُثَيْ الْجَارِيَةِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِأَلْفٍ مَعَ يَمِينِهِ وَيَتَحَالَفَانِ فِي ثُلُثِهَا وَهُوَ حِصَّةُ الْوَصِيفِ وَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى جُمْلَتِهَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفَيْنِ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا بِعْتُهَا بِأَلْفٍ وَهَذَا الْوَصِيفُ وَإِذَا حَلَفَ غَرِمَ الْمُشْتَرِي ثُلُثَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ مَعَ الْأَلْفِ وَأَخَذَ الْوَصِيفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَحَالَفَانِ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَ الْأَمَةَ بِأَلْفٍ وَبِهَذَا الْوَصِيفِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِأَلْفَيْنِ وَهَلَكَتْ الْأَمَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ وَلَمْ يَتَحَالَفَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَمَةِ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْوَصِيفِ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ بِعَيْنِهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ الْبَيْعَ بِأَلْفَيْنِ وَالْمُشْتَرِي بِمِائَةِ دِينَارٍ وَوَصِيفٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ فِي حِصَّةِ مِائَةِ دِينَارٍ إذَا قُسِّمَتْ الْجَارِيَةُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْوَصِيفِ وَيَتَحَالَفَانِ فِي حِصَّةِ الْوَصِيفِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ مَعَ الْمِائَةِ الدِّينَارِ ادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَلْفٍ وَبِمِائَةِ دِينَارٍ وَالْبَائِعُ بِأَلْفَيْنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ وَكَذَا إذَا ضَمَّ إلَى الدَّرَاهِمِ شَيْئًا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَنِ وَمَا كَانَ مُعَيَّنًا فَهُوَ مَبِيعٌ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ فِي قَدْرِهِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ عَبْدٌ قَطَعَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَالَ الْبَائِعُ: قَطَعَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْبَيْعِ وَلِي عَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَكُلُّ الثَّمَنِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَطَعَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلِي الْخِيَارُ إنْ شِئْتُ أَخَذْتُهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ شِئْتُ تِرْكَتُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا تَحَالَفَا فَإِنْ حَلَفَا أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي بِكُلِّ ثَمَنِهِ أَوْ تَرَكَهُ وَإِنْ بَرْهَنَا فَالْبَيِّنَةُ لِمُشْتَرِيهِ

وَإِنْ اتَّفَقَا إنْ قَاطَعَهُ بَائِعُهُ أَوْ مُشْتَرِيهِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَادَّعَاهُ الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْمُشْتَرِي بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَالْبَيِّنَةُ لِمُشْتَرِيهِ كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ قَالَ الْبَائِعُ الْجَارِيَةُ الَّتِي بِعْتُهَا مِلْكُ هَذَا الرَّجُلِ وَكَّلَنِي بِبَيْعِهَا وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: بِعْتُهَا مِنْك بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَبَضْتُهَا ثُمَّ بِعْتُهَا لِنَفْسِك فَالْجَارِيَةُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ لِلْمُقِرِّ لَهُ يَتَحَالَفَانِ وَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُقِرِّ فَإِنْ حَلَفَا غَرِمَ الْمُقِرُّ قِيمَتَهَا وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ مَعْرُوفَةً لِلْمُقِرِّ لَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَحْلِفُ الْمُقِرُّ دُونَ الْمُقَرِّ لَهُ وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يَغْرَمْ الْمُقِرُّ قِيمَتَهَا وَأَخَذَ الثَّمَنَ إنْ شَاءَ وَإِلَّا فَهُوَ مَوْقُوفٌ فِي يَدِ الْبَائِعِ عَلَى تَصْدِيقِ الْمُقَرِّ لَهُ فَمَتَى عَادَ إلَى تَصْدِيقِهِ يَأْخُذُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ هَالِكَةً فَالْقِيمَةُ لَازِمَةٌ لِلْمُقِرِّ لَهُ مَجْهُولَةً كَانَتْ أَوْ مَعْرُوفَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَاتَبَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ تَحَالَفَا ضَمِنَ الْمُقِرُّ قِيمَتَهَا لَوْ كَانَتْ مَجْهُولَةً وَإِنْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً لَا يَضْمَنُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَتَبْطُلُ الْكِتَابَةُ بِعَجْزِهَا عَنْ الْأَدَاءِ وَتُعْتَقُ بِمَوْتِ الْمُقِرِّ لَوْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا تُعْتَقُ بِمَوْتِ الْمُقَرِّ لَهُ وَبِأَيِّهِمَا مَاتَ لَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً بِزَعْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتُوقَفَ الْوَلَاءَ لَوْ كَانَتْ مُحَرَّرَةً بِنَفْيِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ قَالَ: كَانَتْ وَدِيعَةً وَأَمَرَنِي بِبَيْعِهَا وَمَاتَتْ ضَمِنَ الْمُقِرُّ قِيمَتَهَا بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالتَّعَدِّي وَهُوَ تَسْلِيمُ الْوَدِيعَةِ إلَى الْغَيْرِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْإِجَارَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَجْرِ بَدَأَ بِيَمِينِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَنْفَعَةِ بَدَأَ بِيَمِينِ الْمُؤَجِّرِ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَتْهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ أَقَامَاهَا فَبَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ أَوْلَى إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأُجْرَةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَنَافِعِ فَبَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا قُبِلَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْفَضْلِ نَحْوُ أَنْ يَدَّعِيَ هَذَا شَهْرًا بِعَشَرَةٍ وَالْمُسْتَأْجِرُ شَهْرَيْنِ بِخَمْسَةٍ يُقْضَى بِشَهْرَيْنِ وَعَشَرَةٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يَتَحَالَفَا وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تَحَالَفَا وَفُسِخَ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ وَكَانَ الْقَوْلُ فِي الْمَاضِي قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا اخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَالْمُكَاتَبُ فِي قَدْرِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لَمْ يَتَحَالَفَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَا يَتَحَالَفَانِ وَتُفْسَخُ الْكِتَابَةُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمَوْلَى أَوْلَى إلَّا أَنَّهُ إذَا أَدَّى الْمَوْلَى قَدْرَ مَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ يُعْتَقُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْمَهْرِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ وَقَالَتْ: تَزَوَّجَنِي بِأَلْفَيْنِ فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَتْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَلَكِنْ يُحْكَمُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ مِثْلَ مَا اعْتَرَفَ بِهِ الزَّوْجُ أَوْ أَقَلَّ قُضِيَ بِمَا قَالَ الزَّوْجُ وَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ مِثْلَ مَا ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ أَوْ أَكْثَرَ قُضِيَ بِمَا ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِمَّا اعْتَرَفَ وَأَقَلَّ مِمَّا اعْتَرَفَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ قُضِيَ لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ ذُكِرَ التَّحَالُفُ أَوَّلًا ثُمَّ التَّحْكِيمُ وَهَذَا قَوْلُ الْكَرْخِيِّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَمَّا فِي قَوْلِ الرَّازِيّ فَلَا تَحْلِفُ إلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَهْرُ الْمِثْلِ شَاهِدًا لِأَحَدِهِمَا وَفِيمَا عَدَاهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ مِثْلَ مَا يَقُولُ أَوْ أَقَلَّ وَقَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا إذَا كَانَ مِثْلَ مَا ادَّعَتْهُ أَوْ أَكْثَرَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ قَالُوا: إنَّ قَوْلَ الْكَرْخِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ النِّكَاحَ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِيهِ عَلَى هَذِهِ الْجَارِيَةِ فَهِيَ كَالْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إلَّا أَنَّ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ إذَا كَانَتْ مِثْلَ مَهْرِ الْمِثْلِ يَكُونُ لَهَا قِيمَتُهَا دُونَ عَيْنِهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ

الباب الخامس فيمن يصلح خصما لغيره ومن لا يصلح

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَنْ يَصْلُحُ خَصْمًا لِغَيْرِهِ وَمَنْ لَا يَصْلُحُ] ُ وَفِيمَنْ تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ وَمَنْ لَا تُشْتَرَطُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى وَفِيمَا يَحْدُثُ بَعْدَ الدَّعْوَى قَبْلَ الْقَضَاءِ) . تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي دَعْوَى عَيْنِ رَهْنٍ وَالْعَارِيَّةُ وَالْإِجَارَةُ كَالرَّهْنِ وَأَمَّا حَضْرَةُ الْمُزَارِعِ فَهَلْ هِيَ شَرْطٌ فِي دَعْوَى الضِّيَاعِ؟ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ فَهُوَ كَالْمُسْتَأْجِرِ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْبَذْرُ مِنْهُ إنْ نَبَتَ الزَّرْعُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ لَا يُشْتَرَطُ هَذَا فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ أَمَّا إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ غَصْبَ ضَيْعَتِهِ وَأَنَّهَا فِي يَدِ الْمُزَارِعِ لِأَنَّهُ يُدَّعَى عَلَيْهِ الْفِعْلُ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَجَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّهَا لَا يُقْضَى بِالدَّارِ لَهُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا يَصْلُحُ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَالْخَصْمُ هُوَ الْبَائِعُ وَحْدَهُ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَادَّعَاهُ آخَرُ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ الْبَاطِلِ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِلْمُسْتَحِقِّ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ جَارِيَةٌ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْغَائِبَ كَانَ شَرِيكِي شَرِكَةَ عِنَانٍ فِي أَلْفٍ بَيْنَنَا وَأَنَّ الْغَائِبَ اشْتَرَى هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِذَلِكَ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِفُلَانٍ الْغَائِبِ فَقَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ: أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ اشْتَرَى هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِمَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَك وَبَيْنَ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَنِصْفُهَا لَك وَنِصْفُهَا لِفُلَانٍ الْغَائِبِ إلَّا أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ أَمَرَنِي أَنْ أَذْهَبَ بِالْجَارِيَةِ إلَى بَغْدَادَ وَأَبِيعَهَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُ ظَهِيرُ الدِّينِ: لَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى بَغْدَادَ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْغَائِبُ مُضَارِبًا وَكُلُّ مَنْ كَانَ لَهُ حَقُّ التَّصَرُّفِ وَإِنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا شَرِكَةَ مِلْكٍ لَا شَرِكَةَ عَقْدٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ الْمُسَافِرَةِ بِهَا وَعَنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ ثَلَاثَ دَوَابَّ ثُمَّ إنَّ رَبَّ الدَّوَابِّ آجَرَ دَابَّةً مِنْ غَيْرِهِ وَأَعَادَ أُخْرَى وَوَهَبَ أُخْرَى أَوْ بَاعَ فَوَجَدَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّوَابَّ فِي أَيْدِيهِمْ فَإِنْ بَاعَ مِنْ عُذْرٍ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ وَإِنْ بَاعَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْخُذَهَا فَإِذَا أَخَذَهَا كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَبَرَ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ ثُمَّ يَأْخُذَهَا وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ وَهَبَهَا رَبُّ الدَّابَّةِ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ أَعَارَهَا أَوْ أَجَرَهَا فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى مَعْرُوفَةً فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى مَعْرُوفَةً وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَيَأْخُذَهَا وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ غَائِبًا فَإِذَا أَخَذَهَا وَمَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرِي خَصْمٌ فَلَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِمَا وَالْإِجَارَةُ وَالْإِعَارَةُ مِنْ الثَّانِي ظَاهِرَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةً وَأَقَامَ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي بَيِّنَةً عَلَى الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَرَبُّ الدَّابَّةِ غَائِبٌ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهِمَا هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً وَقَبَضَهَا وَغَابَ الْمَالِكُ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّ إجَارَتَهُ كَانَتْ أَسْبَقَ مِنْهُ وَبَرْهَنَ أَفْتَى فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ وَقِيلَ: لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا بِلَا دَعْوَى الْفِعْلِ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ: كَانَ سَلَّمَهَا إلَيَّ وَأَنْتَ قَبَضْتَهَا مِنِّي أَمَّا لَوْ قَالَ: سَلَّمَهَا إلَيْك بِالْإِجَارَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ مِنِّي لَا إلَيَّ فَلَا يُقْبَلُ وَبِهِ أَفْتَى الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الصَّحِيحُ عَدَمُ الِانْتِصَابِ كَالْمُسْتَعِيرِ مِنْ الْمَالِكِ وَكَذَا فِي دَعْوَى الرَّهْنِ وَالْإِعَارَةِ لَا يَصْلُحُ الْمُسْتَأْجِرُ خَصْمًا وَالْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبُ لَهُ يَصْلُحَانِ خَصْمًا لِكُلِّ وَاحِدٍ وَإِلَيْهِ مَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ

دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا فِي إجَارَتِي آجَرَنِيهَا فُلَانٌ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهَا فِي إجَارَتِي آجَرَنِيهَا فُلَانٌ آخَرُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَيَنْتَصِبُ صَاحِبُ الْيَدِ خَصْمًا بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَصَاحِبُ الْيَدِ ادَّعَى الْإِجَارَةَ وَإِذَا ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْآجِرِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَذُو الْيَدِ اشْتَرِهَا مِنْهُ وَقَبَضَهَا مِنْهُ وَأَنَا شَفِيعُهَا أَطْلُبُ الشُّفْعَةَ وَذُو الْيَدِ يَقُولُ: هِيَ دَارِي لَمْ أَشْتَرِهَا مِنْ أَحَدٍ أَوْ قَالَ: دَارُك بِعْتُهَا مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ تُسَلِّمْهَا وَأَنَا أَطْلُبُ الشُّفْعَةَ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَحْضُرَ الْبَائِعُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالْإِمَامُ الثَّانِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَعَلَ ذَا الْيَدِ خَصْمًا وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِالشُّفْعَةِ وَجَعَلَ حُكْمًا بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَوَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا يُنْكِرُ الشِّرَاءَ فَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَكَمَ لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ وَجَعَلَ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ الدَّارِ إذَا اشْتَرَى الدَّارَ وَقَبَضَهَا فَجَاءَ الشَّفِيعُ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ مِنْ يَدِ الْوَكِيلِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْوَكِيلُ لَمْ يَأْخُذْ الدَّارَ فَالشَّفِيعُ لَا يَأْخُذُهَا إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ أَوْ وَكِيلِهِ وَبِحَضْرَةِ الْبَائِعِ أَوْ وَكِيلِهِ فَعَلَى هَذَا إذَا اُسْتُحِقَّ الْمُشْتَرِي مِنْ يَدِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُوَكِّلِ لِلْقَضَاءِ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَيُكْتَفَى بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. آجَرَ دَارِهِ وَسَلَّمَهَا ثُمَّ غَصَبَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ غَاصِبٌ لَا تَصِحُّ دَعْوَى الْمَالِكِ عَلَى الْغَاصِبِ بِلَا حُضُورِ الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. لَوْ اشْتَرَى دَارًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى غَصَبَهَا رَجُلٌ مِنْ الْبَائِعِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي نَقَدَ الثَّمَنَ أَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا فَالْخَصْمُ هُوَ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَالْخَصْمُ هُوَ الْبَائِعُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. بَاعَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ قَبْلَ نَقْدِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تُسْمَعُ دَعْوَى الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ وَذُو الْيَدِ يُعَارِضُهُ لَكِنْ بِدُونِ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ لَا يَأْخُذُهُ مِنْ يَدِ ذِي الْيَدِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يُنْقِدْ ثَمَنَهَا وَقَبَضَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ وَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَتَقَابَضَا وَغَابَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَحَضَرَ بَائِعُهُ وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَهَا مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَإِنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا وَصَفَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ كَانَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَإِنْ كَذَّبَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الْبَائِعَ الْأَوَّلَ أَوْ قَالَ: لَا أَدْرَى أَحَقٌّ مَا قَالَهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَوْ بَاطِلٌ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَحْضُرَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ فَقَأَ عَيْنَ عَبْدِهِ وَالْعَبْدُ حَيٌّ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْعَبْدِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَيًّا تُسْمَعُ وَيُقْضَى بِأَرْشِ الْعَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ صَغِيرًا لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْأَرْشِ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْفَاقِئِ وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْعَبْدِ وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ أَنَّهُ فَقَأَ عَيْنَ الْعَبْدِ وَأَنَّهُ عَبْدُ هَذَا الْمُدَّعِي وَالْعَبْدُ غَائِبٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِأَرْشِ الْعَبْدِ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ فَقَأَ عَيْنَ بِرْذَوْنٍ لَهُ تُقْبَلُ وَإِرَاءَةُ الْبِرْذَوْنِ لِلْقَاضِي لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى حَتَّى لَوْ كَانَ حَاضِرًا تَجِبُ إرَاءَةُ الْقَاضِي أَنَّهُ فَقَأَ عَيْنَهُ أَمْ لَا فَإِنْ جَاءَ الرَّجُلُ بِالْبِرْذَوْنِ مَفْقُوءَ الْعَيْنِ وَقَالَ الْبِرْذَوْنُ لَهُ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِالْأَرْشِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا عَلَى الْمِلْكِ وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَأَ عَيْنَهُ وَهُوَ يَوْمئِذٍ لَهُ فَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ أَرْشَ الْعَيْنِ فَإِنْ أَقَامَ صَاحِبُ الْبِرْذَوْنِ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ وَأَنَّ الْفَاقِئَ فَقَأَ عَيْنَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى الْأَوَّلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ لَهُ وَأَنَّ ذَا الْيَدِ فَقَأَ عَيْنَهُ تَكُونُ بَيِّنَتُهُ أَوْلَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ لَوْ ادَّعَى جُرْحًا فِي دَابَّةٍ أَوْ خَرْقًا فِي ثَوْبٍ لَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُ الدَّابَّةِ

وَالثَّوْبِ لِسَمَاعِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ هَلَكَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ وَارِثًا وَاحِدًا فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَجَحَدَ الْوَارِثُ ذَلِكَ فَالْقَاضِي يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ عَلَى الْوَارِثِ وَيَقْضِي بِوَصِيَّتِهِ فَإِنْ دَفَعَ الْوَارِثُ الثُّلُثَ إلَى الْمُوصَى لَهُ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَقَدْ غَابَ الْوَارِثُ وَأُحْضِرَ الْمُوصَى لَهُ إلَى الْقَاضِي فَالْقَاضِي يَجْعَلُ الْمُوصَى لَهُ خَصْمًا وَيَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ عَلَيْهِ وَيَأْمُرُهُ أَنْ يَدْفَعَ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ إلَى الْمُدَّعِي الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْأَوَّلِ شَيْءٌ بِأَنْ هَلَكَ مَا فِي يَدِهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ وَهُوَ مُعْدَمٌ فَأَحْضَرَ الثَّانِي الْوَارِثَ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بَعْضَ مَا فِي يَدِهِ فَجَحَدَ الْوَارِثُ وَصِيَّتَهُ لَمْ يُكَلَّفْ الثَّانِي إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَارِثِ وَكَانَ لِلْمُوصَى لَهُ الثَّانِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْوَارِثِ خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ ثُمَّ الثَّانِي مَعَ الْوَارِثِ يَتْبَعَانِ الْأَوَّلَ فَيَأْخُذَانِ مِنْهُ نِصْفَ مَا أَخَذَ فَإِذَا أَخَذَ ذَلِكَ اقْتَسَمَاهُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٍ لِلْمُوصَى لَهُ الثَّانِي وَأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِلْوَارِثِ فَالْخُصُومَةُ إلَى الْقَاضِي الَّذِي قَضَى لِلْأَوَّلِ وَإِلَى قَاضٍ آخَرَ سَوَاءٌ وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلُ هُوَ الْغَائِبُ وَأَحْضَرَ الثَّانِي الْوَارِثَ فَالْقَاضِي يَقْضِي عَلَى الْوَارِثِ وَيَكُونُ الْقَضَاءُ عَلَى الْوَارِثِ قَضَاءً عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى بِوَصِيَّةِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ شَيْئًا حَتَّى خَاصَمَهُ الثَّانِي وَالْوَارِثُ غَائِبٌ فَإِنْ خَاصَمَهُ إلَى ذَلِكَ الْقَاضِي بِعَيْنِهِ جَعَلَهُ خَصْمًا وَإِنْ خَاصَمَهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَمْ يُجْعَلْ خَصْمًا وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلُ هُوَ الْغَائِبُ وَالْوَارِثُ حَاضِرٌ وَلَمْ يَدْفَعْ الْقَاضِي إلَى الْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلِ شَيْئًا فَالْوَارِثُ خَصْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ الثَّانِي وَإِنْ خَاصَمَهُ الثَّانِي إلَى قَاضٍ آخَرَ هَذَا كُلُّهُ إذَا أَقَرَّ الْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا لِلْقَاضِي أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ يَقُولُ: هَذَا مَا لِي وَرِثْتُهُ مِنْ أَبَى وَالْمَيِّتُ مَا أَوْصَى لِي بِشَيْءٍ وَمَا أَخَذْت مِنْ مَالِهِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَكُونُ خَصْمًا لِلْمُوصَى لَهُ الثَّانِي فَإِنْ قَالَ: هَذَا الْمَالُ وَدِيعَةٌ عِنْدِي مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ الْمَيِّتِ الَّذِي يَدَّعِي الثَّانِي الْوَصِيَّةَ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ قَالَ: غَصَبْتُهُ مِنْهُ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ قَالَ: هُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدِي مِنْ جِهَةِ رَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الْمُوصِي أَوْ قَالَ: غَصَبْتُهُ مِنْهُ فَهُوَ خَصْمٌ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى مَا قَالَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ هَلَكَ وَتَرَكَ مَالًا وَوَارِثًا وَاحِدًا وَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ دَيْنًا فَقَضَى الْقَاضِي لَهُ عَلَى الْوَارِثِ وَدَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَغَابَ الْوَارِثُ فَحَضَرَ غَرِيمٌ آخَرَ لِلْمَيِّتِ وَادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْغَرِيمَ الْأَوَّلَ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِلْغَرِيمِ الثَّانِي وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ الْأَوَّلُ هُوَ الْغَائِبُ فَأَحْضَرَ الثَّانِي وَارِثَ الْمَيِّتِ كَانَ خَصْمًا لَهُ ثُمَّ إذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْوَارِثِ وَقَدْ تَوَى مَا أَخَذَهُ الْوَارِثُ رَجَعَ الْغَرِيمُ الثَّانِي عَلَى الْغَرِيمِ الْأَوَّلِ فَأَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ مَا قَبَضَ ثُمَّ يَتْبَعَانِ الْوَارِثَ بِمَا بَقِيَ لَهُمَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ غَرِيمًا وَكَانَ مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ وَقَبَضَهُ وَغَابَ الْوَارِثُ فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا فَالْمُوصَى لَهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى وَارِثِ مَيِّتٍ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ بِعَيْنِهَا وَهِيَ ثُلُثُ مَالِهِ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَغَابَ الْوَارِثُ ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِهَا فَإِنْ ذَكَرُوا رُجُوعًا قَضَى الْقَاضِي بِكُلِّ الْجَارِيَةِ لِلثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا رُجُوعًا قَضَى بِنِصْفِهَا لِلثَّانِي وَيَكُونُ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْوَارِثِ غَابَ أَوْ حَضَرَ حَتَّى أَنَّ الْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلَ لَوْ أَبْطَلَ حَقَّهُ كَانَ كُلُّ الْجَارِيَةِ لِلثَّانِي فَإِنْ دَفَعَ الْقَاضِي الْجَارِيَةَ إلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ غَابَ الْمُوصَى لَهُ وَحَضَرَ الْوُرَّاثُ لَمْ يَنْتَصِبْ الْوَارِثُ خَصْمًا لِلْمُوصَى لَهُ الْآخَرِ خَاصَمَهُ إلَى الْقَاضِي الْأَوَّلِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى لِلْأَوَّلِ بِالْجَارِيَةِ فَلَمْ يَدْفَعْهَا إلَيْهِ حَتَّى خَاصَمَ الثَّانِي الْوَارِثَ فَإِنْ خَاصَمَهُ فِيهَا إلَى الْقَاضِي الْأَوَّلِ لَمْ يُجْعَلْ خَصْمًا وَإِنْ خَاصَمَهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ جَعَلَهُ خَصْمًا ثُمَّ الْقَاضِي إذَا سَمِعَ بَيِّنَةَ الثَّانِي عَلَى الْوَارِثِ فِي هَذَا الْفَصْلِ

قَضَى لِلثَّانِي بِنِصْفِ الْجَارِيَةِ سَوَاءٌ شَهِدَ شُهُودُهُ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ الْأُولَى أَمْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى الرُّجُوعِ فَإِذَا حَضَرَ الْأَوَّلُ فَإِنْ أَعَادَ الثَّانِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الرُّجُوعِ أَخَذَ الْكُلَّ وَإِلَّا أَخَذَ نِصْفَهَا وَإِنْ أَقَامَ الْأَوَّلُ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَدَفَعَهُ الْقَاضِي إلَيْهِ ثُمَّ أَقَامَ الثَّانِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَيِّتَ رَجَعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلثَّانِي فَالْقَاضِي يَأْخُذُ الثُّلُثَ مِنْ الْأَوَّلِ وَيَدْفَعُهُ إلَى الثَّانِي وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْحَاضِرُ قَضَى الْقَاضِي بِالْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مُوصًى لَهُ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَالْعَبْدُ مَدْفُوعٌ إلَيْهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِمِائَةٍ مِنْ مَالِهِ فَالْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ لَا يَكُونُ خَصْمًا لَهُ وَلَوْ حَضَرَ الْوَارِثُ وَغَابَ الْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلُ كَانَ الْوَارِثُ خَصْمًا لِلثَّانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضٌ أَوْ غَصْبٌ أَوْ وَدِيعَةٌ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَالْمُودَعِ فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ تُوُفِّيَ وَأَوْصَى لَهُ بِهَذِهِ الْأَلْفِ الَّتِي قِبَلَ هَذَا الرَّجُلِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْمَالِ لَكِنَّهُ يَقُولُ: لَا نَدْرِي أَمَاتَ فُلَانٌ أَمْ لَمْ يَمُتْ لَمْ يَجْعَلْ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا خُصُومَةً حَتَّى يُحْضِرَ وَارِثًا أَوْ وَصِيًّا فَإِنْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ: هَذَا مِلْكِي وَلَيْسَ عِنْدِي مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ صَارَ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي وَقَضَى لَهُ بِثُلُثِ مَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ غَيْرَ هَذِهِ الْأَلْفِ وَأَنَّ الْوَارِثَ قَبَضَ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي الْقَاضِي لِلْمُوصَى لَهُ بِكُلِّ هَذِهِ الْأَلْفِ فَلَوْ حَضَرَ الْوَارِثُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ: لَمْ أَقْبِضْ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ شَيْئًا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْمُوصَى لَهُ غَرِيمٌ يَدَّعِي دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ لَمْ يَكُنْ الَّذِي قِبَلَهُ الْمَالُ خَصْمًا سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ مُقِرًّا بِالْمَالِ أَوْ جَاحِدًا فَإِنْ أَقَامَ هَذَا الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا وَلَا وَصِيًّا يَقْبَلُ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ وَلَمْ يُنَصِّبْ عَنْ الْمَيِّتِ وَصِيًّا وَيَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الدَّيْنِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ قَبِلَ بَيِّنَتَهُ عَلَى الدَّيْنِ وَأَمَرَ الَّذِي قِبَلَهُ الْمَالُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إلَى الْغَرِيمِ إنْ كَانَ الَّذِي قِبَلَهُ الْمَالُ مُقِرًّا بِذَلِكَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا وَأَوْصَى لَهُ بِالْأَلْفِ الَّتِي قِبَلَ فُلَانٍ وَدِيعَةً أَوْ غَصْبًا وَقَالَ الشُّهُودُ: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا وَاَلَّذِي قِبَلَهُ الْمَالُ مُقِرٌّ بِالْمَالِ الَّذِي قِبَلَهُ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْمَالِ لِلْمُوصَى لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْخَصْمُ فِي إثْبَاتِ الْوِصَايَةِ وَارِثُ الْمَيِّتِ أَوْ مُوصًى لَهُ أَوْ غَرِيمٌ لَهُ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ غَرِيمٌ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَلَهُ ابْنَانِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَادَّعَى الْحَاضِرُ أَنَّ لَهُ عَلَى أَبِيهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَلَا مَالَ لِلْمَيِّتِ غَيْرُ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى رَجُلٍ فَإِنِّي أَقْبَلُ بَيِّنَةَ الِابْنِ الْحَاضِرِ فِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَا أَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ عَلَى أَبِيهِ بِدَيْنِهِ وَلَا أَقْضِي لَهُ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي قَضَيْتُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِشَيْءٍ فَأُوقِفُ حَتَّى يَجِيءَ الْأَخُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ اشْتَرَاهَا مِنْكَ لِأَجْلِي وَجَحَدَ ذُو الْيَدِ الْبَيْعَ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا يُنْكِرُ الشِّرَاءَ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَقَالَ: اشْتَرَيْتُهَا مِنْ فُلَانٍ وَكَانَ فُلَانٌ اشْتَرَاهَا مِنْك (وَذَكَرَ) فِي دَعْوَى الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ قَالَ ذُو الْيَدِ قَدْ كُنْتُ بِعْتُهَا مِنْ فُلَانٍ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّك وَكَّلْتَهُ بِالشِّرَاءِ لَك وَفُلَانٌ غَائِبٌ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذِي الْيَدِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: كُنْت بِعْتُهَا مِنْ فُلَانٍ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّك اشْتَرَيْتَهَا مِنْهُ وَهِيَ فِي يَدَيْ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّمَنَ أَوْ قَالَ: أَوْدَعَنِيهَا فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ جَاءَ بِصَكٍّ بِاسْمِ غَيْرِهِ عَلَى رَجُلٍ أَتَى ذَلِكَ الرَّجُلُ وَقَالَ: هَذَا الْمَالُ الَّذِي فِي هَذَا الصَّكِّ بِاسْمِ فُلَانٍ عَلَيْك قَدْ أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ لِي وَلِيَ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ

أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَهُوَ خَصْمٌ فَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُقْضَى لَهُ بِالْمَالِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَالِ لِلرَّجُلِ الَّذِي الصَّكُّ بِاسْمِهِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ هَذَا عَلَى الْغَائِبِ الَّذِي الصَّكُّ بِاسْمِهِ حَتَّى يَحْضُرَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ وَقَبَضَ الدَّنَانِيرَ وَدَفَعَ الدَّرَاهِمَ فَجَاءَ رَجُلٌ يَدَّعِي الدَّنَانِيرَ فَالْمُشْتَرِي خَصْمٌ لَهُ وَلَا أَقْبَلُ بَيِّنَةَ الْمُشْتَرِي أَنَّ فُلَانًا أَمَرَهُ وَاشْتَرَى هَذِهِ الدَّنَانِيرَ لَهُ وَإِنْ أَقَرَّ مُدَّعِي الدَّنَانِيرِ بِذَلِكَ لَمْ أَجْعَلْ بَيْنَهُمَا خُصُومَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِأَمْرِ مَوْلَاهُ فُلَانٍ وَهُوَ بِضَاعَةٌ فِي يَدَيْهِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: بِعْتُهُ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ فَإِنِّي أَجْعَلُهُ خَصْمًا وَأَقْضِي عَلَيْهِ بِدَفْعِ الْعَبْدِ إلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى مَمْلُوكًا وَزَعَمَ أَنَّهُ لَهُ وَقَالَ: لَيْسَ هُوَ الْيَوْمَ فِي يَدَيَّ وَقَالَ الْمَمْلُوكُ: أَنَا مَمْلُوكٌ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ فَإِنْ جَاءَ الْمَمْلُوكُ بِبَيِّنَةٍ عَلَى مَا ذُكِرَ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي وَإِنْ لَمْ يُقِمْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَضَيْت بِهِ لَهُ فَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ سَبِيلٌ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيُقْضَى لَهُ بِالْعَبْدِ عَلَى الْمُقْضَى لَهُ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدَيْ عَبْدٍ أَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَيْهِ أَوْ ادَّعَى شِرَاءَ شَيْءٍ مِنْهُ فَهُوَ خَصْمُهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَلَا أَجْعَلُ بَيْنَهُمَا خُصُومَةً كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا دَارُ فُلَانٍ وَأَنَّ فُلَانًا ذَلِكَ كَانَ رَهَنَ عِنْدِي هَذِهِ الدَّارَ بِالْأَلْفِ الَّتِي لِي عَلَيْهِ مُنْذُ شَهْرٍ وَدَفَعَهَا إلَيَّ وَقَبَضْتُهَا مِنْهُ ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَعَارَهَا مِنِّي فَأَعَرْتُهَا إيَّاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَرَبُّ الدَّارِ غَائِبٌ وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ دَارُهُ اشْتَرَاهَا أَمْسِ مِنْ الْغَائِبِ الَّذِي يَدَّعِي الْمُدَّعِي أَنَّهُ رَهَنَهَا أَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ قَالَ مُدَّعَى الرَّهْنَ: يَسْتَحِقُّهَا وَلَيْسَ لِمُدَّعِي الشِّرَاءِ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا وَكَذَا ادَّعَى الِاسْتِئْجَارَ مَكَانَ الرَّهْنِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِر رَجُلٌ يَدَّعِي مِلْكَ الدَّارِ وَيَقُولُ: اشْتَرَيْتُهَا مِنْ الْغَائِبِ مُنْذُ شَهْرٍ قَبْلَ شِرَاءِ ذِي الْيَدِ فَهُوَ خَصْمٌ يُقْضَى لَهُ بِالدَّارِ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ الثَّانِي وَيُؤْخَذُ الثَّمَنُ مِنْ الْمُدَّعِي وَيَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَهُ وَيُسَلَّمُ إلَيْهِ الدَّارُ إذَا كَانَ لَمْ يَشْهَدْ شُهُودُ الْمُدَّعِي أَنَّ الْبَائِعَ قَبَضَ مِنْهُ الثَّمَنَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ هِشَامٌ سَأَلَتْ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً وَنَقَدْتُهُ الثَّمَنَ وَقَبَضْت الْجَارِيَةَ وَاسْتَحَقَّهَا مِنِّي إنْسَانٌ بِبَيِّنَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ فَأَحْضَرْت الَّذِي بَاعَهَا فَقَالَ الْبَائِعُ: لِي الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الَّذِي اسْتَحَقَّهَا مِنْك بَاعَنِيهَا أَوْ أَقَرَّ بِهَا لِي فَالْقَاضِي يُخَيِّرُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ وَلِيَ الْخُصُومَةَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: أَقِفْ أَمْرِي وَيَلِي الْبَائِعُ الْخُصُومَةَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَزَكُّوا أَوْ لَمْ يُزَكُّوا حَتَّى أَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ وَهَبَهُ لَا يَصِحُّ الْعِتْقُ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي أَمَّا التَّصَرُّفَاتُ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ فَصَحِيحَةٌ حَتَّى لَوْ لَمْ تَظْهَرْ عَدَالَةُ الشُّهُودِ يُعْمَلُ إقْرَارُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا ثُمَّ تَصَرَّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لَمْ تَجُزْ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي كَمَا فِي الشَّاهِدَيْنِ وَلَوْ لَمْ يُبَاشِرْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَلَكِنَّهُ أَقَرَّ بِالْعَبْدِ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ مَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فَالْقَاضِي هَلْ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ ذَكَرَ فِي الْأَقْضِيَةِ أَنَّهُ يَقْضِي بِالْإِقْرَارِ وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ قَالَ: يَقْضِي بِالْبَيِّنَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ لَهُ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ بَاعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَيْنَ مِنْ رَجُلٍ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ

فَلَمَّا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَا ادَّعَى وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْعَيْنِ أَقَامَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُقْضَى لَهُ أَنَّ الْعَيْنَ لَهُ وَفِي يَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَضَى لَهُ ثُمَّ إنَّ الْمُقْضَى لَهُ الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْتَرِي بَاعَهُ مِنْ بَائِعِهِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ جَازَ وَتَعُودُ الْعَيْنُ إلَيْهِ وَهَذِهِ حِيلَةٌ يَفْعَلُهَا النَّاسُ لِدَفْعِ الظُّلْمِ إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا تَصِحُّ هَذِهِ الْحِيلَةُ إذَا لَمْ يَدَّعِ الشِّرَاءَ مِنْ الْمُقْضَى عَلَيْهِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا وَأَمَّا إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْأَقْضِيَةِ رَجُلٌ ادَّعَى نِصْفَ دَارٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَرَّ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ وَغَابَ وَحَضَرَ رَجُلٌ آخَرُ وَادَّعَى هَذَا النِّصْفَ فَالْمُقَرُّ لَهُ لَا يَكُونُ خَصْمًا وَلَوْ غَابَ الْمُقَرُّ لَهُ وَحَضَرَ الْمُقِرُّ فَهُوَ خَصْمٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ أَقَرَّ بِدَارٍ فِي يَدَيْهِ أَنَّهَا لِفُلَانٍ سَمَّى رَجُلًا غَائِبًا غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَأَنَّهُ أَمَرَ فُلَانًا أَنْ يَحْفَظَهَا عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ جَعَلَهَا عَلَى يَدِي وَقَدْ مَاتَ فَالْمَجْعُولَةُ بِيَدِهِ يَكُونُ خَصْمًا لِكُلِّ مَنْ ادَّعَاهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْغَائِبِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ وَقَدْ أَثْبَتُوا مَعْرِفَتَهُ دَفَعَهَا إلَى الْمَيِّتِ الَّذِي دَفَعَهَا إلَى هَذَا الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ وَغَابَ فَإِذَا أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي قَالَ: وَلَا أَجْعَلُهُ وَصِيًّا إلَّا فِيهَا خَاصَّةً فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا فِي كُلِّ شَيْءٍ رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَيْهِ وَأَنَّ لَهُ فِي يَدَيْك مِنْ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَطَالَبَهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ وَلَوْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْقَاضِي لَا يُحَلِّفُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اُسْتُحِقَّ مَالُ الْمُضَارَبَةِ وَفِيهَا رِبْحٌ فَالْخَصْمُ فِي قَدْرِ الرِّبْحِ الْمُضَارَبِ وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ رَبِّ الْمَالِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ فَرَبُّ الْمَالِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ وَثَبَ عَلَى طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ نَافِذٍ فَبَنَى فِيهِ أَوْ زَرَعَ ثُمَّ خَرَجَ وَدَفَعَهُ إلَى إنْسَانٍ فَجَاءَ أَهْلُ الطَّرِيقِ وَخَاصَمُوهُ فَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهَا فِي يَدِي مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ وَكَّلَهُ بِهِ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ قَالَ: إنْ كَانَ طَرِيقًا مِمَّا يُشْكِلُ وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ طَرِيقٌ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَحْضُرَ الدَّافِعُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُشْكِلُ فَهُوَ خَصْمٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إبْرَاهِيمُ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَعْتَقَ عَبْدًا وَمَاتَ الرَّجُلُ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ الرَّجُلِ الْمَيِّتِ الَّذِي أُعْتِقَ وَلَيْسَ لِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ هَلْ يَكُونُ هَذَا الْمُعْتَقُ خَصْمًا قَالَ: إنْ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ يَكُونُ خَصْمًا وَإِنْ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ لَا يَكُونُ خَصْمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى ادَّعَاهُ رَجُلٌ وَالْمُدَّعِي مُقِرٌّ بِالْبَيْعِ فَأَحْضَرَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَقَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي وَاسْتَحْلَفَهُمَا الْحَاكِمُ فَحَلَفَ الْبَائِعُ وَنَكَلَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُؤْخَذُ بِالثَّمَنِ فَإِذَا أَدَّاهُ سُلِّمَ الْعَبْدُ لِلْمُدَّعِي وَإِنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَنَكَلَ الْبَائِعُ فَعَلَى الْبَائِعِ جَمِيعُ قِيمَتِهِ لِلْمُدَّعِي إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَيَرْضَى بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ وَهُوَ مُقِرٌّ بِأَنَّهَا لِفُلَانٍ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا وَسَمَّى الْوَرَثَةَ بَعْضُهُمْ غُيَّبٌ وَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ الْغُيَّبِ حُقُوقَهُمْ وَسَأَلَ أَنْ يُتْرَكَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يَحْضُرُوا لَمْ أَتْرُكْهُ فِي يَدِهِ فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَةً عَلَى الشِّرَاءِ سَمِعْت شَهَادَتَهُمْ وَلَكِنْ لَا أُنَفِّذُ الْبَيْعَ وَلَا أَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ وَلَكِنْ أَتْرُكُ فِي يَدِهِ وَأَسْتَوْثِقُ كَفِيلًا حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ فَيَسْتَأْنِفَ الْخُصُومَةَ مَعَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِخُصُومَةِ رَجُلٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي عَلَى أَحَدِهِمَا شَاهِدًا وَاحِدًا وَعَلَى الْآخَرِ شَاهِدًا آخَرَ قَالَ: هُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ عَلَى الْوَكِيلِ شَاهِدًا وَاحِدًا وَعَلَى الْمُوَكِّلِ شَاهِدًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ عَلَى الْحَيِّ شَاهِدًا وَعَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ شَاهِدًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ قَالَ صَاحِبُ الْيَدِ لِرَجُلٍ: هَذِهِ الدَّارُ لَك وَرِثْتَهَا مِنْ

أَخِيك فُلَانٍ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَا بَلْ هَذِهِ لِرَجُلٍ آخَرَ وَرِثَهَا مِنْ أَخِيهِ قُضِيَ بِهَا لِلْمُقِرِّ الْآخَرِ إذَا كَانَ كَلَامُ الْمُقَرِّ لَهُ مَوْصُولًا فَإِنْ غَابَ الْمُقَرُّ لَهُ الْآخَرُ إلَى الَّذِي الدَّارُ فِي يَدَيْهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ لِلْغَائِبِ وَبِإِقْرَارِ الْغَائِبِ لَهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ إنْسَانٌ بِالْبَيِّنَةِ فَفِي الشِّرَاءُ بِالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي خَصْمًا وَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَفِي الشِّرَاءِ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي خَصْمًا وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ بِدِينَارَيْنِ وَقَبَضَ الْإِبْرِيقَ وَنَقَدَ دِينَارًا وَاحِدًا ثُمَّ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الدِّينَارَ الْآخَرَ حَتَّى فَسَدَ الْعَقْدُ فِي نِصْفِ الْإِبْرِيقِ لَا يَتَعَدَّى الْفَسَادُ إلَى النِّصْفِ الْآخَرِ فَإِنْ حَضَرَ رَجُلٌ بَعْدَ مَا غَابَ بَائِعُ الْإِبْرِيقِ وَادَّعَى أَنَّ نِصْفَ الْإِبْرِيقِ لَهُ كَانَ الْمُشْتَرِي خَصْمًا لَهُ فَلَوْ حَضَرَ الْبَائِعُ بَعْدَ مَا أَقَامَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّصْفِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالنِّصْفِ لَهُ رَدَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ رُبْعَ الْإِبْرِيقِ وَرَدَّ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي نِصْفَ حِصَّةِ مَا اسْتَحَقَّ مِمَّا هُوَ مَمْلُوكٌ بِالسَّبَبِ الصَّحِيحِ وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَإِنْ صَارَ الْبَائِعُ شَرِيكًا لَهُ فِي الْإِبْرِيقِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ نِصْفُهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ حَالَّةً وَنِصْفُهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى الْعَطَاءِ فَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ وَغَابَ الْبَائِعُ فَحَضَرَ رَجُلٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ نِصْفَ الْعَبْدِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ بَاعَ النِّصْفَ وَأَوْدَعَهُ النِّصْفَ وَغَابَ فَادَّعَى رَجُلٌ النِّصْفَ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي خَصْمًا وَلَوْ بَاعَهُ رَجُلٌ النِّصْفَ وَأَوْدَعَهُ آخَرُ النِّصْفَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ النِّصْفُ قُضِيَ لَهُ بِرُبْعِ الْعَبْدِ وَهُوَ نِصْفُ الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ نِصْفَ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ نِصْفَهُ الْآخَرَ أَحَدُهُمَا صَحِيحٌ وَالْآخَرُ فَاسِدٌ أَوْ كَانَا صَحِيحَيْنِ أَوْ كَانَا فَاسِدَيْنِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى عَلَيْهِ نِصْفَ الْعَبْدِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَالْمُشْتَرِي خَصْمٌ لَهُ وَيَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الثَّانِي وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ صَحِيحًا وَالْبَيْعُ الثَّانِي بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ أَوْ خَمْرٍ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا خُصُومَةٌ حَتَّى يَحْضُرَ الْبَائِعُ لِأَنَّ الْمُشْتَرَى بِدَمٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ خَمْرٍ غَيْرُ مَمْلُوكٍ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ فَدَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الزَّوْجِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ خَطَأً وَلَهُ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ خَمْسُمِائَةٍ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ زَوَّجَ أَمَتَهُ فُلَانَةَ مِنْهُ وَلَهُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَالْعَبْدُ وَالْأَمَةُ حَيَّانِ غَائِبَانِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: نَعَمْ لَكِنْ لَا أُعْطِيك الْأَرْشَ وَالْمَهْرَ مَخَافَةَ أَنْ يَحْضُرَ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ فَيُنْكِرَانِ الْمِلْكَ لَك فَيُضَمِّنَانِي فَالْقَاضِي يُلْزِمُهُ الْأَرْشَ وَالْمَهْرَ بِإِقْرَارِهِ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ عَرْضًا مِنْ الْعُرُوضِ وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ وَدِيعَةٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ كَانَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ فَأَقَرَّ الَّذِي عِنْدَهُ الْمَالُ أَنَّ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ عَبْدُ هَذَا الرَّجُلِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَا سَبِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ: إنَّ هَذَا الْمَالَ مَالُ هَذَا الرَّجُلِ غَصَبَهُ مِنْهُ عَبْدُهُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَصَدَّقَهُ بِذَلِكَ الْمُقَرُّ لَهُ وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا أَمَرَ عَبْدَهُ بِبَيْعِ أَمَةٍ لَهُ فَبَاعَهَا وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ وَصَدَّقَهُ رَبُّ الْعَبْدِ بِذَلِكَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ إلَى الْمَوْلَى هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِذَلِكَ فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِفُلَانٍ أَوْ أَنْ يَكُونَ غَصَبَ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُقِرَّ مِثْلَ الْمَالِ الَّذِي أَقَرَّ بِقَبْضِهِ ثُمَّ هَلْ يَرْجِعُ الْمُقِرُّ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَفِيمَا إذَا أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ الْمُقِرِّ الْأَرْشَ وَالْمَهْرَ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ يَرْجِعُ وَفِيمَا عَدَاهُ لَا يَرْجِعُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ فِي جَمِيعِ هَذِهِ

الْمَسَائِلِ مَا أَدْرَى الْغَائِبَ أَهُوَ عَبْدٌ لَك أَمْ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمَوْلَى أَنَّ الْغَائِبَ عَبْدٌ لَهُ وَلَا يُقْضَى لَهُ عَلَى الْمُقِرِّ بِشَيْءٍ حَتَّى يَحْضُرَ الْعَبْدُ وَلَا يُسْتَحْلَفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ مِلْكِ الْغَائِبِ وَيُسْتَحْلَفُ فِي الْجِنَايَةِ وَالْمَهْرِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ قِبَلَك مَا يُدْعَى مِنْ الْجِنَايَةِ وَالْمَهْرِ وَلَا يُسْتَحْلَفُ مِنْ الْمَالِ فِي شَيْءٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْعَبْدَ أَخَذَ أَلْفًا لَهُ فَأَقْرَضَهُ هَذَا أَوْ أَنَّهُ أَخَذَ أَلْفًا مِنِّي فَاغْتَصَبَهُ هَذَا مِنْهُ فَاسْتَهْلَكَهُ فَإِنْ ادَّعَى هَذَا وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ أَقْرَضَنِي فُلَانٌ أَوْ قَدْ غَصَبْت مِنْ فُلَانٍ أَلْفًا فَاسْتَهْلَكْتُهُ وَمَا أَدْرِي أَهُوَ عَبْدُ هَذَا أَمْ لَيْسَ فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ مَا لَهُ قِبَلَك هَذَا الَّذِي يُدْعَى فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: هَذِهِ الْأَلْفُ الَّتِي فِي يَدِي لَك لِأَنِّي غَصَبْتُهَا مِنْ عَبْدِك لِأَنَّ مَالَ عَبْدِك لَك أَوْ لِأَنَّ عَبْدَك أَوْدَعَنِيهَا وَقَالَ الْمَوْلَى: الْأَلْفُ لِي وَلَمْ تَغْصِبْهُ مِنْ عَبْدِي فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُقِرُّ بَيِّنَةً عَلَى الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَقَبَضَ الْمَوْلَى الْمَالَ ثُمَّ حَضَرَ الْعَبْدُ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَلَمْ تَكُنْ لِلْمَوْلَى بَيِّنَةٌ ضَمِنَ الْمُقِرُّ لِلْعَبْدِ أَلْفًا إنْ كَانَ أَقَرَّ بِالْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ الْوَدِيعَةِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا. وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ قَالَ: هَذِهِ الْأَلْفُ أَوْدَعَنِيهَا عَبْدُك أَوْ غَصَبْتُهَا مِنْهُ وَهُوَ لَك لِأَنَّ مَالَ عَبْدِك لَك فَإِنَّ الْمَوْلَى يَأْخُذُهَا بَعْدَ مَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - مَا يَعْلَمُ أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ أَوْ أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْ فُلَانٍ فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْأَلْفَ مِنْ الْمَوْلَى وَيُقَالُ لِلْمَوْلَى: أَقِمْ الْبَيِّنَةَ بِحَقٍّ إنْ كَانَ لَك وَلَا يَضْمَنُ الْمُقِرُّ شَيْئًا وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: هَذِهِ الْأَلْفُ لِعَبْدِك فُلَانٍ فِي يَدِي غَصْبًا أَوْ وَدِيعَةً وَقَالَ الْمَوْلَى: فُلَانٌ عَبْدِي وَهَذِهِ الْأَلْفُ لِي لَمْ يَأْخُذْهَا مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ رَجُلٍ مَهْرَ أَمَةٍ أَوْ جِنَايَةً عَلَى عَبْدٍ لَهُ أَوْ وَدِيعَةً لِعَبْدِهِ فِي يَدَيْهِ أَوْ غَصْبًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ مَاتَ وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَى بِدَفْعِ ذَلِكَ إلَيْهِ فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْمَوْلَى الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ مَا يَكُونُ الرَّجُلُ فِيهِ خَصْمًا عَنْ عَبْدِهِ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ مَالٌ قَالَ رَجُلٌ لِصَاحِبِ الْيَدِ: غَصَبَنِي عَبْدُك هَذَا الْمَالَ فَأَوْدَعَهُ إيَّاكَ وَقَالَ صَاحِبُ الْيَدِ: صَدَقْت لَكِنِّي لَا أَرُدُّهُ عَلَيْك لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَجْحَدَ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ عَبْدِي لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ فَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلْمُقِرِّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْمَالِ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ إنْ وَجَدَهُ قَائِمًا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُقَرُّ لَهُ لِلْحَالِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَالَ مَالُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ اسْتَهْلَكَ ذَلِكَ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ فَأَرَادَ الْغَائِبُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُقِرَّ الَّذِي كَانَ الْمَالُ فِي يَدَيْهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: هَذَا الْمَالُ أَوْدَعَنِيهِ عَبْدِي فُلَانٌ وَلَا أَدْرِي أَهُوَ لَك أَمْ لَا؟ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّ الْمَالَ مَالُهُ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ مِنْهُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ وَيَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلْمُقِرِّ أَخَذَ مَالَهُ وَيُقَالُ لِلْمُدَّعِي: أَعِدْ بَيِّنَتَك وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَك وَإِنْ قَالَ الْمُقِرُّ وَهُوَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ: هَذَا الْمَالُ لَك أَوْدَعَنِيهِ لَك فُلَانٌ وَفُلَانٌ لَيْسَ بِعَبْدِي فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا عَبْدَك لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا خُصُومَةٌ وَلَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَهَبَ لِعَبْدِ رَجُلٍ شَيْئًا ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ وَمَوْلَى الْعَبْدِ غَائِبٌ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا يُقْضَى لَهُ بِالرُّجُوعِ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا لَا يُقْضَى لَهُ بِالرُّجُوعِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَوْلَى فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ: أَنَا مَحْجُورٌ وَقَالَ الْوَاهِبُ: لَا بَلْ أَنْتَ مَأْذُونٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ أَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَحْجُورٌ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا وَالْعَبْدُ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى خَصْمًا وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمَوْلَى فَهُوَ خَصْمٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى: أَوْدَعَنِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ عَبْدِي فُلَانٌ وَلَا أَدْرِي

الباب السادس فيما تدفع به دعوى المدعي وما لا تدفع به

أَوَهَبَهَا لَهُ أَمْ لَا؟ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْهِبَةِ فَالْمَوْلَى خَصْمٌ فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْجَارِيَةِ لِلْوَاهِبِ فَقَبَضَهَا الْوَاهِبُ وَزَادَتْ فِي بَدَنِهَا فِي يَدِ الْوَاهِبِ ثُمَّ حَضَرَ الْمَوْهُوبُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَدْ مَاتَتْ فِي يَدِ الْوَاهِبِ كَانَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودِعَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَاهِبَ قِيمَتَهَا فَإِنْ ضَمِنَ الْوَاهِبُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُودِعِ بِمَا ضَمِنَ وَإِنْ ضَمِنَ الْمُودِعُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ بِمَا ضَمِنَ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ وَهَبْتَهَا لِلَّذِي أَوْدَعَنِي إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِعَبْدٍ لِي وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ عَبْدُهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ إنْ كَانَ الْعَبْدُ حَيًّا وَإِنْ قَالَ الْوَاهِبُ: لَيْسَتْ لِي بَيِّنَةٌ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُودِعِ بِاَللَّهِ أَنَّ الْغَائِبَ لَيْسَ بِعَبْدٍ لَهُ اسْتَحْلَفَهُ الْقَاضِي فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ عَنْ الْخُصُومَةِ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الْخُصُومَةُ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمَوْلَى أَنَّ فُلَانًا عَبْدُهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَقُضِيَ بِالرُّجُوعِ وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْغَائِبَ عَبْدُ هَذَا الرَّجُلِ وَأَنَّهُ قَدْ مَاتَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَصَارَ ذُو الْيَدِ خَصْمًا لَهُ وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْغَائِبَ كَانَ عَبْدَهُ وَأَنَّهُ قَدْ بَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ فُلَانٌ مِنْهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ وَلَا يَرْجِعُ فِي الْهِبَةِ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الَّذِي فِي يَدِهِ الْجَارِيَةُ أَنَّهُ قَدْ بَاعَ فُلَانٌ الْغَائِبُ مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّ الْغَائِبَ عَبْدُهُ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ فَلَا يَجْعَلُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ خَصْمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ يُقِرُّ بِالرِّقِّ فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ اشْتَرَاهُ مِنْ مَوْلَاهُ هَذَا بِأَلْفٍ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ اشْتَرَاهُ مِنْ مَوْلَاهُ وَوَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ وَبِقَبْضِ نَفْسِهِ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَصْلُحُ خَصْمًا فِي قَبْضِ نَفْسِهِ وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ: كُنْت عَبْدًا لِفُلَانٍ فَبَاعَنِي مِنْك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَوَكَّلَنِي بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ إلَّا أَنَّ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْخُصُومَةِ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ فَالْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَيَبْرَأَ مِنْهُ الْمَوْلَى وَلَوْ قَالَ: أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ قَدْ وَكَّلَنِي بِخُصُومَتِك فِي نَفْسِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِيمَا تُدْفَعُ بِهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَمَا لَا تُدْفَعُ بِهِ] رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ حَقًّا أَوْ مَالًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لِي مَخْرَجٌ مِنْ دَعْوَاهُ أَمْهَلَهُ الْقَاضِي إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي وَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ وَكَلَامُهُ هَذَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ لِلْمُدَّعِي قَالَ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ الدَّفْعِ إنْ كَانَ صَحِيحًا أَمْهَلَهُ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لَا يُمْهِلُهُ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ادَّعَى رَجُلٌ عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ لَهُ فَقَالَ ذُو الْيَدِ: هُوَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَدِيعَةٌ عِنْدِي أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ إجَارَةٌ أَوْ رَهْنٌ أَوْ غَصْبٌ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً أَوْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ أَنَّهُ لِفُلَانٍ انْدَفَعَتْ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي عَنْهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ ذُو الْيَدِ صَالِحًا تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْحِيَلِ لَمْ تَنْدَفِعْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ رَجَعَ إلَيْهِ حِينَ ابْتَلَى بِالْقَضَاءِ وَعَرَفَ أَحْوَالَ النَّاسِ فَقَالَ الْمُحْتَالُ مِنْ النَّاسِ قَدْ يَأْخُذُ مَالَ إنْسَانٍ غَصْبًا ثُمَّ يَدْفَعُ سِرًّا إلَى مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَغِيبَ عَنْ الْبَلْدَةِ حَتَّى يُودِعَهُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ حَتَّى إذَا جَاءَ الْمَالِكُ وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ مِلْكَهُ فَيُقِيمَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ فَيَبْطُلَ حَقُّهُ وَيَدْفَعَ خُصُومَةَ الْمَالِكِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ فَهُوَ خَصْمٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ فِي بَيَانِ مَا تَنْدَفِعُ بِهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي. فَلَوْ

قَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي وَحَضَرَ الْغَائِبُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ دَفَعَهُ إلَى صِحَابِ الْيَدِ وَدِيعَةً فَالْقَاضِي يَقْضِي لِلَّذِي حَضَرَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي النَّوْعِ الثَّانِي فِيمَا يَدَّعِي الْمُدَّعِي مَعَ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِعْلًا. وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَقْضِ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةً حَتَّى حَضَرَ الْمُقَرُّ لَهُ وَصَدَّقَ صَاحِبَ الْيَدِ فِيمَا قَالَ وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَقَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي لِلْعَبْدِ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ كَانَ هَذَا قَضَاءً عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ فَإِنْ أَقَامَ الْمُقَرُّ لَهُ بَيِّنَةً عَلَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ عَبْدُهُ كَانَ أَوْدَعَهُ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيُقْضَى بِالْعَبْدِ لَهُ وَتَبْطُلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الْهَيْثَمِ عَنْ الْقُضَاةِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْجَوَابِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقْضَى بِالْعَبْدِ بَيْنَ الَّذِي حَضَرَ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي نِصْفَيْنِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْهَيْثَمِ: إنَّ ابْنَ سِمَاعَةَ كَتَبَ إلَى مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَكَتَبَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَقْضِيَ بِالْعَبْدِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إذَا أَقَامَ الْمُقَرُّ لَهُ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ وَبَطَلَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: أَعِدْ بَيِّنَتَك عَلَى الَّذِي حَضَرَ وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَك كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي النَّوْعِ الَّذِي بَعْدَ النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْفَصْلِ. إذَا قَالَ شُهُودُ ذِي الْيَدِ: أَوْدَعَهُ رَجُلٌ لَا نَعْرِفُهُ أَصْلًا فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ وَلَا تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي عَنْ صَاحِبِ الْيَدِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ قَالُوا: نَعْرِفُ الْمُودِعَ بِوَجْهِهِ وَلَا نَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ: - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الدُّورِ وَالْأَرَاضِي وَلَوْ قَالَ شُهُودُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَعْرِفُ الْمُودِعَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَلَا نَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ فَهَذَا فَصْلٌ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْ ذِي الْيَدِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: تَنْدَفِعُ وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَقْضِيَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الْمُدَّعِيَ هَلْ هُوَ بِهَذَا الِاسْمِ وَالنَّسَبِ فَإِنْ قَالَ لَا ظَهَرَ أَنَّهُ غَيْرُ الْمُودِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بُدَّ فِي مَعْرِفَتِهِ مِنْ الطُّرُقِ الثَّلَاثِ وَتَعْوِيلُ الْأَئِمَّةِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ أَوْدَعَنِيهَا فُلَانٌ لِرَجُلٍ مَعْرُوفٍ وَشَهِدَ شُهُودُهُ أَنَّ رَجُلًا أَوْدَعَهَا إيَّاهُ قَالُوا: لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ: أَوْدَعَنِيهِ رَجُلٌ لَا أَعْرِفُهُ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ رَجُلٌ وَهُمَا لَا يَعْرِفَانِهِ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ خَصْمَ الْمُدَّعِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الدُّورِ وَلَوْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ أَوْدَعَنِيهِ رَجُلٌ لَا أَعْرِفُهُ وَقَالَ الشُّهُودُ أَوْدَعَهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَلَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْ ذِي الْيَدِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّ رَجُلًا دَفَعَهَا إلَيْهِ وَالْمُدَّعِي لَا يَعْرِفُهُ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا وَكَذَا لَوْ شَهِدَ شُهُودُ ذِي الْيَدِ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ دَفَعَهَا إلَيْهِ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُهُ فَالْقَاضِي لَا يَجْعَلُهُ خَصْمًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ الشُّهُودُ أَوْدَعَهُ مَنْ نَعْرِفُهُ بِالطُّرُقِ الثَّلَاثِ لَكِنْ لَا نَقُولُهُ وَلَا نَشْهَدُ بِهِ لَا تَنْدَفِعُ وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ وَلَكِنْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى أَنَّهُ مِلْكُ الْمُودِعِ تَنْدَفِعُ وَلَوْ قَالُوا أَوْدَعَهُ فُلَانٌ لَكِنْ لَا نَدْرِي لِمَنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ أَوْ قَالُوا كَانَ الْمُدَّعَى هَذَا فِي يَدِ فُلَانٍ الْغَائِبِ لَكِنْ لَا نَدْرِي أَدَفَعَهُ إلَيْهِ أَمْ لَا وَقَالَ ذُو الْيَدِ هُوَ دَفَعَهُ إلَيَّ تَنْدَفِعُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. لَوْ شَهِدَ شُهُودُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ أَنَّ هَذَا لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَقَالَ أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ الْغَائِبُ أَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ صَاحِبُ الْيَدِ هُوَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْدَعَنِي قَالُوا تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي عِنْدَ الْقَاضِيَ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْ ذِي الْيَدِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ فُلَانٍ وَلَا أَدْرِي أَدَفَعَهَا إلَى هَذَا أَمْ لَا وَذُو الْيَدِ يَقُولُ دَفَعَهَا إلَى فُلَانٍ فَلَا خُصُومَةَ

بَيْنَهُمَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ فُلَانٍ وَلَا نَدْرِي أَدَفَعَهَا إلَى فُلَانٍ أَمْ لَا فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ شَهِدَ شُهُودُ صَاحِبِ الْيَدِ أَنَّهَا لِفُلَانٍ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهَا إيَّاهُ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَلَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى سَبِيلِ دَفْعِ بَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَمْ تُقْبَلْ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ بَيِّنَةٌ عَلَى الْإِيدَاعِ أَصْلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالُوا هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ أَسْكَنَهُ فِيهَا وَأَشْهَدَنَا عَلَى ذَلِكَ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْغَائِبِ يَوْمئِذٍ أَوْ قَالُوا كَانَتْ فِي يَدِ السَّاكِنِ أَوْ قَالُوا لَا نَدْرِي فِي يَدِ مَنْ كَانَتْ الدَّارُ يَوْمئِذٍ لَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهَا الْيَوْمَ فِي يَدِ السَّاكِنِ أَوْ لَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ الدَّارَ فِي يَدِ مَنْ كَانَتْ يَوْمئِذٍ تُقْبَلُ وَتَنْدَفِعُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَإِنْ قَالُوا كَانَتْ فِي يَدِ ثَالِثٍ يَوْمئِذٍ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ كَمَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَسْكَنَهَا فُلَانٌ إلَّا أَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعِي أَنَّ الدَّارَ يَوْمَ أَشْهَدَهُمَا كَانَتْ فِي يَدِ غَيْرِ السَّاكِنِ وَالْمُسْكِنِ وَهُوَ فُلَانٌ لَا تُقْبَلُ وَلَوْ حَضَرَ فُلَانٌ هَذَا وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ أَيْضًا لَا تُقْبَلُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِلثَّانِي كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نِصْفُ الدَّارِ لِي وَنِصْفُهَا وَدِيعَةُ فُلَانٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ انْدَفَعَتْ الْخُصُومَةُ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ وَدِيعَةً وَلَمْ يُمْكِنْهُ إثْبَاتُهَا حَتَّى قَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي نَفَذَ قَضَاؤُهُ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى الْإِيدَاعِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فَلَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْإِيدَاعِ حَتَّى صَارَ خَصْمًا وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَاحِد أَوْ شَاهِدَيْنِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِهَا ثُمَّ وَجَدَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى الْإِيدَاعِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَصْمِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَّجِهَ الْقَضَاءُ كَذَا فِي جَامِعِ الْإِسْبِيجَابِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَقَالَ ذُو الْيَدِ: إنَّ فُلَانًا أَوْدَعَنِيهَا فَقَالَ الْمُدَّعِي: قَدْ كَانَ فُلَانٌ أَوْدَعَهَا لَكِنَّهُ وَهَبَهَا مِنْك بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ بَاعَكهَا فَالْقَاضِي يَسْتَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا وَهَبَهَا لَهُ وَلَا بَاعَهَا مِنْهُ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ جُعِلَ خَصْمًا لَهُ فِيهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا بَاعَهَا مِنْ الَّذِي فِي يَدِهِ تُقْبَلُ وَيُجْعَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَصْمًا وَلَوْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْوَدِيعَةَ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً وَطَلَبَ الْمُدَّعِي يَمِينَهُ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ أَوْدَعَهَا إيَّاهُ يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ لَقَدْ أَوْدَعَهَا إيَّاهُ وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ لَا عَلَى الْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ لَكِنَّ تَمَامَهُ بِهِ وَهُوَ الْقَبُولُ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ وَدِيعَةٌ لِرَجُلٍ جَاءَ وَادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الْمُودِعِ بِقَبْضِهَا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْوَدِيعَةُ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُودِعَ قَدْ أَخْرَجَ هَذَا مِنْ الْوَكَالَةِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَذَا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ شُهُودَ الْوَكِيلِ عُبَيْدٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ دَارًا فَقَالَ ذُو الْيَدِ: إنَّهَا وَدِيعَةٌ مِنْ فُلَانٍ فِي يَدِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ حَتَّى انْدَفَعَتْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ وَسَلَّمَهَا ذُو الْيَدِ إلَيْهِ وَأَعَادَ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى فِي الدَّارِ فَأَجَابَ: إنَّهَا وَدِيعَةٌ فِي يَدِي مِنْ فُلَانٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ قَالَ: تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ أَيْضًا كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَأَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّهَا كَانَتْ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّهَا لِفُلَانٍ أَوْدَعَنِيهَا أَوْ قَالَ عَلَى الْقَلْبِ بِأَنْ بَدَأَ بِالْإِيدَاعِ ثُمَّ ثَنَّى بِالْإِقْرَارِ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِيدَاعِ انْدَفَعَتْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ إنْ بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ لِلْمُدَّعِي وَثَنَّى بِالْإِيدَاعِ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَهُ لَا تُنْزَعُ الدَّارُ مِنْ يَدِ الْمُدَّعِي لِأَنَّ حَقَّهُ كَانَ أَسْبَقَ لَكِنْ يُقَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ: أَقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ كُلَّهَا لَك وَإِنْ بَدَأَ بِالْإِيدَاعِ وَثَنَّى بِالْإِقْرَارِ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ لِي الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ ثَبَتَ حَقُّ الْمُدَّعِي وَحَقُّ الْغَائِبِ مَوْهُومٌ لِأَنَّهُ صَدَّقَ الْمُدَّعِي وَعَسَى يُكَذِّبُهُ الْغَائِبُ وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّكْذِيبِ لَا يَثْبُتُ

حَقُّ الْغَائِبِ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِيدَاعِ وَلَكِنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ الْغَائِبَ أَوْدَعَهَا إيَّاهُ لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَهُمَا خُصُومَةً وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ أَوْدَعَهَا لَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ الْغَائِبَ غَصَبَهَا مِنْ الْمُدَّعِي وَأَوْدَعَ ذَا الْيَدِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا مِنْ ذِي الْيَدِ وَيُسَلِّمُ إلَى الْمُدَّعِي وَذُكِرَ فِي بَابِ الْيَمِينِ أَنَّ ذَا الْيَدِ لَوْ قَالَ: أَوْدَعَنِيهَا الْغَائِبُ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ يُحَلَّفُ، إنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ وَلَوْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُدَّعِي ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي: أَنْتَ عَلَى خُصُومَتِك مَعَ الْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَخَذَهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ يُحَلَّفُ، إنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: ابْتَعْتُهُ مِنْ الْغَائِبِ فَهُوَ خَصْمٌ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهَا آخَرُ مِلْكًا مُطْلَقًا أَوْ شِرَاءً مِنْهُ مُنْذُ سَنَةٍ، أَوْ شُفْعَةً فِيهَا فَقَالَ ذُو الْيَدِ: كَانَتْ لِي بِعْتُهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ وَهَبْتُهَا لَهُ وَسَلَّمْتُهَا فَأَوْدَعَنِيهَا، لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي فِيمَا يَقُولُ، أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى الْبَيْعِ لَا تُقْبَلُ فَإِنْ قَضَى عَلَيْهِ فَحَضَرَ الْغَائِبُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى شِرَائِهِ مِنْ ذِي الْيَدِ لَا تُقْبَلُ وَتُقْبَلُ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَلَوْ بَرْهَنَ الْغَائِبُ قَبْلَ الْقَضَاءِ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ صَارَ هُوَ مَعَ الْمُدَّعِي كَخَارِجَيْنِ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَإِنْ بَرْهَنَ الْغَائِبُ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ ذِي الْيَدِ مُنْذُ شَهْرٍ تُقْبَلُ فِي إبْطَالِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ وَيُقَالُ لِلْمُدَّعِي: أَعِدْ الشُّهُودَ عَلَى الْمُقِرِّ إنْ شِئْت وَلَوْ قَالَ: كَانَتْ فِي يَدِ فُلَانٍ وَلَكِنْ لَمْ أَدْرِ أَدَفَعَ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ قَالَ ذُو الْيَدِ: دَفَعَ إلَى فُلَانٍ فَلَا خُصُومَةَ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ لَهُ فَطُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ فَلَمَّا قَامَا مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي بَاعَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْعَبْدُ مِنْ ثَالِثٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ أَوْدَعَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَائِعِ فَغَابَ ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي بِمَا صَنَعَ ذُو الْيَدِ أَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعِي لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْقَاضِي وَلَا أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعِي سُمِعَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى مَا صَنَعَ إلَّا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ فَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَتَنْدَفِعُ عَنْهُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي وَالْهِبَةُ إذَا اتَّصَلَ بِهَا الْقَبْضُ. وَالصَّدَقَةُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ دَعْوَى الْمَنْقُولِ. لَوْ ادَّعَى الدَّارَ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا ثُمَّ قَامَا مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي وَمَكَثَا زَمَانًا ثُمَّ تَقَدَّمَا إلَى الْقَاضِي وَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدٍ آخَرَ وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ بَاعَ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ بَعْدَ مَا قَامَا مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي أَوْ قَالَ: وَهَبَهَا مِنْهُ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِهِ أَوْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى مَا صَنَعَ فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ وَلَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي حِينَ ادَّعَى الدَّارَ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَعَدَلَا فَقَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي قَامَا مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي فَمَكَثَا زَمَانًا ثُمَّ تَقَدَّمَ عِنْدَ الْقَاضِي وَادَّعَى صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّهُ بَاعَ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ بَعْدَ مَا قَامَا مِنْ عِنْدِ الْقَاضِي أَوْ وَهَبَهَا لَهُ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ فُلَانًا أَوْدَعَنِيهَا وَغَابَ وَأَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِهِ فَإِنَّهُ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ مِنْ ذِي الْيَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ فِي بَيَانِ مَنْ يَصْلُحُ خَصْمًا لِغَيْرِهِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُدَّعِي بَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بَطَلَتْ دَعْوَاهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٌ بَاعَهُ مِنِّي وَلَمْ يُمْكِنْهُ إثْبَاتُ بَيْعِ فُلَانٍ مِنْهُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي دَعْوَى الْمِيرَاثِ. إذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّ الْبَيْعَ مِنْ فُلَانٍ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ تُقْبَلُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي: اشْتَرَيْتُهَا مِنْ فُلَانٍ وَأَنْتَ أَجَزْت هَذَا الْبَيْعَ فَهَذَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ

لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ دَفْعًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي وَوَكَّلَنِي فِيهَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَيَجْعَلُ وَكِيلًا وَأَدْفَعُ عَنْهُ الْخُصُومَةَ وَأُلْزِمُ الْغَائِبُ الشِّرَاءَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ اشْتَرَاهَا وَطَلَبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُهَا لِفُلَانٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِشِرَائِهَا مُنْذُ سَنَةٍ قَالَ: لَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلُ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ فِي بَيَانِ مَنْ يَصْلُحُ خَصْمًا لِغَيْرِهِ. وَإِنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَيْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ عِنْدِي وَدِيعَةً أَوْ رَهْنًا أَوْ مُضَارَبَةً أَوْ شَرِكَةً لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ إذَا قَضَى بِالْقِيمَةِ لِلْمُدَّعِي وَأَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَا قَالَ فَفِي الْوَدِيعَةِ وَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ يَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْغَائِبِ بِمَا ضَمِنَ وَلَا يَرْجِعُ الْمُسْتَعِيرُ وَالْغَاصِبُ وَالسَّارِقُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْغَائِبِ وَإِنْ كَذَّبَ صَاحِبَ الْيَدِ الْغَائِبُ فِي إقْرَارِهِ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرنَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَإِذَا أَبَقَ الْعَبْدُ فَادَّعَاهُ عَلَى الَّذِي أَبَقَ مِنْ يَدِهِ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ فَإِنَّ الْجَوَابَ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْمَوْتِ فَإِذَا عَادَ الْعَبْدُ مِنْ الْإِبَاقِ فَفِي فَصْلِ الْوَدِيعَةِ وَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ يَعُودُ عَلَى مِلْكِ الْغَائِبِ وَفِي فَصْلِ السَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ وَالْعَارِيَّةِ يَعُودُ عَلَى مِلْكِ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا وَذَهَبَتْ عَيْنُهُ وَأَخَذَ أَرْشَهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ فَلَا خُصُومَةَ فِي الْعَبْدِ وَلَا فِي الْأَرْشِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ ثُمَّ مَاتَ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا جَارِيَتُهُ وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَدِيعَةِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَلَا يُقْضَى فِي الْوَلَدِ بِشَيْءٍ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هَذَا الْعَبْدُ وَدِيعَةٌ فِي يَدَيَّ مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ فَقَالَ الْمُدَّعِي: سَلِّمْ الْعَبْدَ إلَيَّ وَأَحْضِرْ فُلَانًا حَتَّى أُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَيْهِ وَذَهَبَ لِيَجِيءَ بِفُلَانٍ فَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدَيْ الْمُدَّعِي ثُمَّ جَاءَ فُلَانٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ كَانَ أَوْدَعَهُ صَاحِبَ الْيَدِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ فُلَانٍ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ حَيًّا يُؤْمَرُ الْمُدَّعِي بِدَفْعِ الْعَبْدِ إلَى فُلَانٍ الْمُقَرِّ لَهُ وَيُقَالُ لِلْمُدَّعِي: أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ قَتَلَهَا عَبْدٌ فَدَفَعَ بِهَا وَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْأَمَةَ كَانَتْ لَهُ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَدِيعَةِ قِيلَ لِلْمُدَّعِي إنْ طَلَبْت الْعَبْدَ فَلَا خُصُومَةَ لَك وَإِنْ طَلَبْت الْقِيمَةَ فَلَكَ الْخُصُومَةُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِقِيمَةٍ الْجَارِيَةِ عَلَى ذِي الْيَدِ وَأَخَذَهَا الْمُدَّعِي مِنْ ذِي الْيَدِ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَقَرَّ الْوَدِيعَةِ أَخَذَ الْعَبْدَ مِنْ يَدِ ذِي الْيَدِ وَيَرْجِعُ ذُو الْيَدِ عَلَى الْغَائِبِ بِمَا ضَمِنَ لِلْمُدَّعِي مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَلَوْ أَنَّ الْجَارِيَةَ لَمْ يَقْتُلْهَا الْعَبْدُ وَلَكِنْ قَطَعَ يَدَهَا وَدَفَعَ الْعَبْدُ بِالْيَدِ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا خُصُومَةٌ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ لَا فِي الْجَارِيَةِ وَلَا فِي الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ ادَّعَى الْفِعْلَ عَلَى ذِي الْيَدِ بِأَنْ قَالَ: غَصَبْتَهَا مِنِّي أَوْ أَجَرْتُهَا مِنْهُ أَوْ وَهَبْتُهَا وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ وَنَحْوُهُ مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ فَإِنْ حَضَرَ الْمُقَرُّ لَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ اغْتَصَبَهَا مِنْهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هِيَ مِلْكُ وَالِدِي وَدِيعَةً فِي يَدِي لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا مِلْكُ وَالِدِهِ

اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي قَالُوا: لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: سَرَقْتُهُ مِنِّي أَوْ سَرَقَ مِنِّي لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ وَإِنْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَدِيعَةِ فَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ تُقْبَلُ كَذَا فِي الْكَافِي وَفِيمَا إذَا قَالَ: سَرَقَ مِنِّي الْقِيَاسُ أَنْ تَنْدَفِعَ الْخُصُومَةُ عَنْ صَاحِبِ الْيَدِ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَنْدَفِعُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى عَيْنًا وَقَالَ: غَصَبَ أَوْ أَخَذَ مِنِّي فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْغَائِبِ تَنْدَفِعُ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِعِتْقِ الْعَبْدِ وَلَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْ ذِي الْيَدِ بِمَا أَقَامَ مِنْ الْبَيِّنَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ وَادَّعَى لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمُحِيطِ وَفِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ دَعْوَى الْعِتْقِ عَبْدٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَقَالَ الْمَوْلَى حِينَ أَعْتَقْتُهُ لَمْ يَكُنْ مِلْكِي لِمَا أَنَّهُ بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى بَيْعِهِ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى قَالَ لَهُ: أَعْتَقْتُك قَبْلَ أَنْ اشْتَرَيْتُك وَقَالَ الْعَبْدُ: لَا بَلْ أَعْتَقْتَنِي بَعْدَ مَا اشْتَرَيْتَنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ ادَّعَى عَلَى ذِي الْيَدِ فِعْلًا لَمْ تَنْتَهِ أَحْكَامُهُ بِأَنْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْهُ بِأَلْفٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ نَقَدَ الثَّمَنَ وَلَا قَبَضَ مِنْهُ فَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْدَعَنِيهِ أَوْ غَصَبْتُهُ مِنْهُ لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ فِي قَوْلِهِمْ وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَقْدًا انْتَهَتْ أَحْكَامُهُ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذِهِ الدَّارَ وَهَذَا الْعَبْدَ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَقَبَضَ مِنْهُ الْمَبِيعَ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْدَعَنِيهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ دَعْوَى الدُّورِ وَالْأَرَاضِي عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهُ وَقَالَ: اشْتَرَيْتُهُ مِنْ ذِي الْيَدِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَنِيهِ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ فَلَوْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي حَتَّى حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ ذَا الْيَدِ سَلَّمَ الْقَاضِي الْعَبْدَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ ثُمَّ يَقْضِي بِالْعَبْدِ لِمُدَّعِي الشِّرَاءِ وَلَا يُكَلِّفُهُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ أَقَامَ رَبُّ الْعَبْدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَنَّهُ أَوْدَعَهُ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْدَعَهُ قُبِلَتْ وَبَطَلَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي فَلَوْ أَقَامَ رَبُّ الْعَبْدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ ثُمَّ أَعَادَ مُدَّعِي الْعَبْدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَبِّ الْعَبْدِ أَنَّ الْعَبْدَ كَانَ لِذِي الْيَدِ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِكَذَا وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ إنْ أَعَادَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ مَا قُضِيَ لِرَبِّ الْعَبْدِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى تُقْبَلُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ كَانَ مُدَّعِي الشِّرَاءِ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ ذِي الْيَدِ فَأَقَرَّ صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّ الْعَبْدَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْدَعَنِيهِ فَقَبْلَ أَنْ يُقِيمَ شَاهِدًا آخَرَ حَضَرَ فُلَانٌ وَصَدَّقَ صَاحِبَ الْيَدِ فِيمَا أَقَرَّ وَأَمَرَ بِتَسْلِيمِ الْعَبْدِ إلَى الَّذِي حَضَرَ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَامَ شَاهِدًا آخَرَ عَلَى الشِّرَاءِ قُضِيَ بِالْعَبْدِ لَهُ وَلَا يُكَلِّفُ إعَادَةَ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ عَلَى الَّذِي حَضَرَ وَيَكُونُ الْمُقْضَى عَلَيْهِ صَاحِبَ الْيَدِ لَا الَّذِي حَضَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُدَّعِي الشِّرَاءِ إذَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذِي الْيَدِ حَتَّى أَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ ثُمَّ حَضَرَ الْمُقَرُّ لَهُ وَصَدَّقَهُ وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَيْهِ ثُمَّ أَقَامَ مُدَّعِي الشِّرَاءِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَقَضَى بِهِ كَانَ الْمُقْضَى عَلَيْهِ الْمُقَرَّ لَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا ادَّعَى ثَوْبًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهُ ثَوْبُهُ سَرَقَهُ مِنْهُ فُلَانٌ الْغَائِبُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْ ذِي الْيَدِ وَيُقْضَى بِالثَّوْبِ لِلْمُدَّعِي وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى ثَوْبًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهُ ثَوْبُهُ غَصَبَهُ مِنْهُ فُلَانٌ الْغَائِبُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَقَالَ صَاحِبُ الْيَدِ: فُلَانٌ ذَلِكَ أَوْدَعَنِيهِ فَلَا

خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يُقِمْ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى الْإِيدَاعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى شِرَاءَهُ مِنْ فُلَانٍ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ ذَلِكَ انْدَفَعَتْ الْخُصُومَةُ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِقَبْضِهِ فَإِنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي يَمِينَهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْإِيدَاعِ حَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ وَلَوْ قَالَ ذُو الْيَدِ: أَوْدَعَنِي وَكِيلُهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ عَمْرًا أَوْدَعَهَا إيَّاهُ وَقَالُوا: لَا نَدْرِي مَنْ دَفَعَهَا إلَى عَمْرٍو وَقَالَ ذُو الْيَدِ: دَفَعَهَا عَبْدُ اللَّهِ لَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَمِينَ عَلَى ذِي الْيَدِ وَلَوْ قَالُوا: دَفَعَهَا عَبْدُ اللَّهِ إلَى عَمْرٍو وَلَكِنْ لَا نَدْرِي مَنْ دَفَعَهَا إلَى ذِي الْيَدِ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: دَفَعَهَا إلَيَّ عَمْرٌو لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ فَإِنْ قَالَ ذُو الْيَدِ: حَلِّفْ الْمُدَّعِيَ مَا دَفَعَهَا إلَى عَمْرٍو يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي: حَلِّفْ ذَا الْيَدِ لَقَدْ أَوْدَعَهَا إيَّاهُ عَمْرٌو يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَهُ وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا ذَلِكَ أَوْدَعَهُ تُقْبَلُ وَتَبْطُلُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ وَلَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ قِيَاسًا وَيُحَالُ اسْتِحْسَانًا وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعَبْدِ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ اسْتِيثَاقًا حَتَّى لَا يَهْرُبَ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ فَإِنْ أَعَادَ الْبَيِّنَةَ عَتَقَ وَإِلَّا فَهُوَ عَبْدٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا لَوْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ فَإِنْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ وَإِيدَاعِهِ تُقْبَلُ وَإِنْ أَقَامَ عَلَى إيدَاعِهِ فَحَسْبُ لَا تُقْبَلُ بِخِلَافِ الدَّارِ وَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى الْمِلْكِ وَالْإِيدَاعِ وَبَرْهَنَ الْعَبْدُ عَلَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ حِيلَ بَيْنَهُمَا بِكَفِيلٍ كَذَا فِي الْكَافِي. عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ قَتَلَ وَلِيًّا لَهُ خَطَأً وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْعَبْدَ لِفُلَانٍ أَوْدَعَهُ انْدَفَعَتْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنِّي اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا وَالْبَائِعُ يَجْحَدُ الْبَيْعَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ فَقَالَ الْبَائِعُ فِي دَعْوَاهُ: إنَّك قَدْ رَدَدْت عَلَيَّ هَذَا الْعَبْدَ بِالْبَيْعِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً صَحَّ مِنْهُ دَعْوَى هَذَا الدَّفْعِ وَسُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ بَاعَهُ جَارِيَةً فَقَالَ: لَمْ أَبِعْهَا مِنْك قَطُّ فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ فَوَجَدَ بِهَا إصْبَعًا زَائِدَةً وَأَرَادَ رَدَّهَا وَأَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَرِئَ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي آخِرِ أَدَبِ الْقَاضِي وَقَالَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَحْدُودًا فِي يَدِهِ وَقَالَ: هَذَا مِلْكِي بَاعَ أَبِي مِنْك حَالَ مَا بَلَغْت وَقَالَ ذُو الْيَدِ بَاعَهُ مِنِّي حَالَ صِغَرِك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا وَكَبِرَ الِابْنُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ ثُمَّ إنَّ الْأَبَ بَاعَ تِلْكَ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الِابْنَ اسْتَأْجَرَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ فَادَّعَى الدَّارَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَ: إنَّ أَبِي كَانَ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ نَفْسِهِ فِي صِغَرِي وَأَنَّهَا مِلْكِي وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي: إنَّك مُتَنَاقِضٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لِأَنَّ اسْتِئْجَارَك الدَّارَ مِنِّي إقْرَارٌ بِأَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ لَك فَدَعَوَاك بَعْدَ ذَلِكَ الدَّارَ لِنَفْسِك يَكُونُ تَنَاقُضًا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَقَدْ اخْتَلَفَتْ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ فِي هَذَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ دَفْعًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَدَعْوَى الْمُدَّعِي صَحِيحَةٌ وَإِنْ ثَبَتَ التَّنَاقُضُ إلَّا أَنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ فِيمَا طَرِيقُهُ طَرِيقُ الْخَفَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ ادَّعَى دَارًا بِسَبَبِ الشِّرَاءِ مِنْ فُلَانٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنِّي اشْتَرَيْت مِنْ فُلَانٍ ذَلِكَ أَيْضًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَتَارِيخُ الْخَارِجِ أَسْبَقُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ دَعْوَاكَ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ فِي التَّارِيخِ الَّذِي اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ كَانَتْ رَهْنًا عِنْدَ فُلَانٍ وَلَمْ يَرْضَ بِشِرَائِكَ وَجَازَ شِرَائِي لِأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ مَا فَكَّ الرَّهْنَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا يَصِحُّ هَذَا الدَّفْعُ كَذَا

فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْعَيْنَ كَانَ لِفُلَانٍ رَهَنَهُ بِكَذَا عِنْدِي وَقَبَضْتُهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ أَنَّهُ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ وَنَقَدْتُهُ الثَّمَنَ كَانَ ذَلِكَ دَفْعًا لِدَعْوَى الرَّهْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الْيَمِينِ. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنِّي جَارِيَةً وَصِفَتُهَا كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا وَقَبَضَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاءُ هَذَا الثَّمَنِ إلَيَّ وَقَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَعْدَ إنْكَارِهِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي: إنَّك مُبْطِلٌ فِي دَعْوَى الِاسْتِهْلَاكِ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ قَائِمَةٌ وَهِيَ فِي بَلْدَةِ كَذَا فِي يَدَيْ فُلَانٍ وَأَقَامَ شُهُودًا شَهِدُوا أَنَّا رَأَيْنَاهَا حَيَّةً قَائِمَةً فِي بَلْدَةِ كَذَا هَلْ يَصِيرُ ذَلِكَ دَفْعًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي قَالَ: لَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ شِرَاءً مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بِشَرَائِطِهِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي: إنِّي كُنْت اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي فَقَالَ الْمُدَّعِي فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ كُنَّا أَقَلْنَا الْبَيْعَ الَّذِي جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَذَا دَفْعٌ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي مِنْ الِابْتِدَاءِ ادَّعَى عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ مِلْكًا مُطْلَقًا وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ: إنِّي كُنْت اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي فَقَالَ الْمُدَّعِي فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ كُنَّا أَقَلْنَا الْبَيْعَ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ هَذَا دَفْعًا صَحِيحًا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُدَّعِي فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّك قَدْ أَقْرَرْت إنَّك مَا اشْتَرَيْتَهَا مِنِّي كَانَ هَذَا دَفْعًا صَحِيحًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: اشْتَرَيْتُهَا مِنْ الْمُدَّعِي وَلِي بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي الِاسْتِحْسَانِ تُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ وَيُؤَجَّلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى وَإِلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ: إنَّك أَقْرَرْت قَبْلَ هَذَا أَنَّك بِعْت هَذِهِ الدَّارَ مِنِّي وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعِيَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَانْدَفَعَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ادَّعَى دَارًا أَنَّهَا مِلْكِي لِأَنِّي اشْتَرَيْتُهَا مِنْ فُلَانٍ فَقَالَ ذُو الْيَدِ: لَا بَلْ مِلْكِي لِأَنِّي اشْتَرَيْتُهَا مِنْ فُلَانٍ ذَلِكَ أَيْضًا فَقَالَ الْمُدَّعِي جَرَى الْفَسْخُ بَيْنَكُمَا لِذَلِكَ الْبَيْعِ ثُمَّ اشْتَرَيْت مِنْ فُلَانٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُسْمَعُ وَلَوْ كَانَ فِي الْمَنْقُولِ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ بَعْدَ الْفَسْخِ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ. إذَا ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنِّي اشْتَرَيْتُهُ مِنْ فُلَانٍ مُنْذُ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: لَا بَلْ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي تَدَّعِي الشِّرَاءَ مِنْهُ مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ يَكُونُ لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا وَلَوْ أَنَّ مَنْ يَدَّعِي الْبَيْعَ بِتَارِيخٍ لَاحِقٍ يَقُولُ: إنَّ بَيْعَك مَعَهُ فِي التَّارِيخِ السَّابِقِ كَانَ تَلْجِئَةً وَالْآخَرُ يُنْكِرُ كَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. بَرْهَنَ عَلَى أَنَّ هَذَا إرْثٌ لَهُ عَنْ أَبِيهِ فَبَرْهَنَ الْمَطْلُوبُ عَلَى إقْرَارِ أَبِيهِ حَالَ حَيَاتِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ أَوْ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي حَالَ حَيَاةِ أَبِيهِ أَوْ بَعْدَ مَمَاتِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ بَطَلَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبُرْهَانُهُ وَكَذَا لَوْ بَرْهَنَ الْمَطْلُوبُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي قَبْلَ دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَوْ مَا كَانَ لَهُ أَوْ كَانَ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِيهِ وَهُنَاكَ مَنْ يَدَّعِيهِ بَطَلَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَدَّعِيهِ هُنَاكَ لَا تَبْطُلُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ادَّعَى دَارًا مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ أَبَاك بَاعَهَا مِنْ فُلَانٍ حَالَ حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ بِكَذَا وَأَنِّي اشْتَرَيْتُ مِنْ فُلَانٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَقَدْ قِيلَ يَصِحُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا فِي يَدِهِ إرْثًا أَوْ هِبَةً فَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى إقَالَتِهِ صَحَّ الدَّفْعُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ جَاءَ وَادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَهَذِهِ الدَّارُ فِي يَدَيْهِ وَأَخَذَ هَذَا الرَّجُلُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ

تَرِكَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَوْ أَخَذَهَا مِنْ أَبِي هَذَا الْمُدَّعِي فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْوَارِثَ أَوْ أَبَاهُ أَقَرَّ أَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ لَهُ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِدَفْعِ الدَّارِ إلَى الْوَارِثِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: أَوْدَعَنِي أَبُوك وَلَا أَدْرِي أَمَاتَ أَبُوكَ أَمْ لَمْ يَمُتْ؟ ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ ضَيْعَةً فَقَالَ: الضَّيْعَةُ كَانَتْ لِفُلَانٍ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِأُخْتِهِ فُلَانَةَ ثُمَّ مَاتَتْ فُلَانَةُ وَأَنَا وَارِثُهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُسَمَّعُ فَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الدَّفْعِ: إنَّ فُلَانَةَ مَاتَتْ قَبْلَ فُلَانٍ مُورِثِهَا صَحَّ الدَّفْعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى وَرَثَةِ زَوْجِهَا الْمَهْرَ وَالْمِيرَاثَ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهَا: إنَّ أَبَانَا قَدْ حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَتَيْنِ وَقَالَتْ هِيَ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُمْ: إنَّ الزَّوْجَ أَقَرَّ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَنِّي حَلَالٌ عَلَيْهِ فَهَذَا دَفْعٌ صَحِيحٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى وَلَدِ رَجُلٍ مَيِّتٍ أَنَّهَا كَانَتْ امْرَأَةَ أَبِيهِ مَاتَ وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ وَطَلَبَتْ الْمِيرَاثَ فَجَحَدَ الِابْنُ فَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى نِكَاحِهَا ثُمَّ إنَّ الِابْنَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ مَوْتِهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الِابْنِ فَإِنْ كَانَ الِابْنُ حِينَ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ قَالَ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَزَوَّجَهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً لَهُ قَطُّ ثُمَّ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطَّلَاقِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ لِأَبِي عَلَيْك كَذَا وَكَذَا مِنْ الْمَالِ وَأَنَّهُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَصَارَ جَمِيعُ ذَلِكَ مِيرَاثًا لِي لِمَا أَنِّي وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: الدَّيْنُ الَّذِي تَدْعِيهِ قَدْ كَانَ لِأَبِيك عَلَيَّ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ عَنْ فُلَانٍ وَفُلَانٌ ذَلِكَ قَدْ أَدَّى جَمِيعَ ذَلِكَ إلَى أَبِيك فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَقَدْ صَدَّقَهُ مُدَّعِي الدَّيْنِ أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ عَنْ فُلَانٍ إلَّا أَنَّهُ أَنْكَرَ أَدَاءَ فُلَانٍ ذَلِكَ إلَيْهِ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَهَذَا دَفْعٌ صَحِيحٌ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ: أَخْرَجَنِي أَبُوك عَنْ الْكَفَالَةِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ قَالَ: أَخْرَجْتَنِي عَنْ الْكَفَالَةِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيكَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى تَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ لِأَبِي عَلَيْك كَذَا وَكَذَا مَاتَ أَبِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَصَارَ جَمِيعُ ذَلِكَ مِيرَاثًا لِي مِنْ جِهَةِ أَبِي لِمَا أَنِّي وَارِثُهُ، لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ: إنَّ أَبَاكَ أَحَالَ فُلَانًا بِمَا كَانَ لَهُ عَلَيَّ وَقَدْ قَبِلْتُ الْحَوَالَةَ وَدَفَعْت جَمِيعَ ذَلِكَ إلَى الْمُحْتَالِ لَهُ وَصَدَّقَهُ الْمُحْتَالُ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَوَالَةِ فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَوَالَةِ تَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي عَنْهُ وَخُصُومَتُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ كَذَا دِينَارًا مَالَ الْإِجَارَةِ الْمَفْسُوخَةِ بِحُكْمِ الْإِرْثِ عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الدَّفْعِ: إنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّ أَبَاهُ اسْتَوْفَى مِنِّي هَذَا الْمَالَ وَإِقْرَارُهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ اسْتَوْفَى وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهُ أَقَرَّ بَعْدَ الْمَوْتِ تُسْمَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ادَّعَى فِي تَرِكَةِ امْرَأَةٍ مِيرَاثًا وَقَالَ: كَانَتْ امْرَأَةً لِي يَوْمَ مَوْتِهَا فَبَرْهَنَ الْوَرَثَةُ أَنَّ الزَّوْجَ قَالَ: لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ الْمُتَوَفَّاةُ امْرَأَتِي لَوَرِثْت مِنْهَا يَصِحُّ الدَّفْعُ وَلَوْ قَالُوا: كَانَ طَلَّقَهَا لَا يَصِحُّ الدَّفْعُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ رَجْعِيًّا وَبِهِ لَا تَنْقَطِعُ الزَّوْجِيَّةُ فَيَرِثُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. امْرَأَةٌ ادَّعَتْ الْمَهْرَ الْمُسَمَّى عَلَى زَوْجِهَا وَقَالَ الزَّوْجُ فِي الدَّفْعِ: إنَّهَا أَقَرَّتْ أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ بِغَيْرِ الْمَهْرِ فَالدَّفْعُ صَحِيحٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا فِي يَدِ امْرَأَةِ أَبِيهِ أَنَّهَا تَرِكَةُ أَبِيهِ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: هَذِهِ الدَّارُ تَرِكَةُ أَبِيك إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ بَاعَهَا مِنِّي بِمَهْرِي وَأَنْتَ صَغِيرٌ كَانَ ذَلِكَ دَفْعًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَهُوَ الِابْنُ لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَبِنْتًا فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدَهُ فَأَعْتَقَهُ وَأَنَّ وَلَاءَهُ لَهُ وَأَقَامَتْ الْبِنْتُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ حُرَّ

الْأَصْلِ ذُكِرَ فِي وَلَاءِ الْأَصْلِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ الْبِنْتِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ صَغِيرَيْنِ وَلِكُلِّ ابْنٍ قَيِّمٌ عَلَى حِدَةٍ وَفِي يَدِ أَحَدِ الْقَيِّمَيْنِ دَارٌ يَزْعُمُ أَنَّهَا دَارُ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي وِلَايَتِهِ ادَّعَى عَلَيْهِ قَيِّمُ الصَّغِيرِ الْآخَرِ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدَيْك نِصْفُهَا مِلْكُ الصَّغِيرِ الَّذِي أَنَا قَيِّمُهُ بِسَبَبِ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ كُلُّهَا مِلْكًا لِوَالِدِ الصَّغِيرَيْنِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِلصَّغِيرَيْنِ فَادْفَعْ إلَيَّ نِصْفَهَا لِأَحْفَظَهُ لِأَجَلِ الصَّغِيرِ الَّذِي أَنَا قَيِّمُهُ فَأَقَامَ الْقَيِّمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ وَالِدَ الصَّغِيرَيْنِ قَدْ كَانَ أَقَرَّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ أَنَّ كُلَّ هَذِهِ الدَّارِ مِلْكُ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي وِلَايَتِي تَنْدَفِعُ عَنْهُ دَعْوَى الْقَيِّمِ الْمُدَّعِي فَإِنْ أَقَامَ الْقَيِّمُ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً لِدَفْعِ دَعْوَى الْقَيِّمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ: إنَّك ادَّعَيْت قَبْلَ هَذَا نِصْفَ الدَّارِ لِأَجَلِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي وِلَايَتِك إرْثًا عَنْ أَبِيهِ وَالْآنَ تَدَّعِي كُلَّهَا لِلصَّغِيرِ الَّذِي فِي وِلَايَتِك بِجِهَةٍ أُخْرَى انْدَفَعَتْ دَعْوَى الْقَيِّمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ ادَّعَى مِيرَاثَ مَيِّتٍ لِعُصُوبَةِ بُنُوَّةِ الْعَمِّ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّسَبِ بِذِكْرِ الْأَسَامِي إلَى الْجَدِّ فَأَقَامَ مُنْكِرُ هَذَا النَّسَبَ وَالْمِيرَاثَ بَيِّنَةً أَنَّ جَدَّ الْمَيِّتِ فُلَانٌ وَهُوَ غَيْرُ مَا أَثْبَتَهُ الْمُدَّعِي هَلْ تَنْدَفِعُ بِهَذَا دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتُهُ؟ قَالَ: إنْ وَقَعَ الْقَضَاءُ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي فَالْقَضَاءُ مَاضٍ وَلَا تَبْطُلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِهَذَا وَلَا تَنْدَفِعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الْقَضَاءُ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِإِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ لِمَكَانِ التَّعَارُضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى مِيرَاثًا عَنْ رَجُلٍ وَذَكَرَ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّ الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَذَكَرَ الْأَسَامِيَ إلَى الْجَدِّ الْأَعْلَى فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَا الْمُدَّعِي هَذَا يَقُولُ فِي حَيَاتِهِ: أَنَا أَخُو فُلَانٍ لِأُمِّهِ لَا لِأَبِيهِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ قَاضِيًا قَضَى بِثَبَاتِ نَسَبِ أُمِّهِ مِنْ فُلَانٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ دَارًا بِالْإِرْثِ مِنْ أَبِيهِ فَاصْطَلَحَا عَلَى مَالٍ مُقَدَّرٍ ثُمَّ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ أَبِي اشْتَرَى تِلْكَ مِنْ أَبِيك لَا تُسْمَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ادَّعَى كَرْمًا فِي يَدِ رَجُلٍ مِيرَاثًا عَنْ جَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ وَقَالَ: أَنَا مُحَمَّدٌ وَاسْمُ أُمِّي حُرَّةٌ وَأَبُوهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ سَادِعٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ كَانَ زَعَمَ قَبْلَ هَذَا أَنَّهُ ابْنُ عَائِشَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كَانَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتِي فِي جِنْسِ هَذِهِ بِأَنَّهُ لَا تَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَتَابَعَهُ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ فِي زَمَانِهِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَنَا هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَالْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَة. وَعَلَى هَذَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ كَانَ لِأَبِي عَلِيِّ بْنِ الْقَاسِمِ بْن مُحَمَّدٍ عَلَيْك كَذَا وَكَذَا مِنْ الْمَالِ وَأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَصَارَ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْك مِيرَاثًا لِي وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّهُ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ وَلَدَ الْقَاسِمِ مُحَمَّدٌ وَوَالِدَ الْقَاسِمِ أَحْمَدُ لَا يَكُونُ هَذَا دَفْعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي عَلَى مَا هُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْإِسْلَامِ وَبَعْضِ مَشَايِخِ زَمَانِهِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَالْمَسْأَلَةُ كَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى عَلَى أَخِيهِ شَرِكَةً فِي دَارِ فِي يَدِهِ بِحَقِّ الْمِيرَاثِ عَنْ أَبِيهِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ لِأَبِي فِي هَذِهِ الدَّارِ حَقٌّ ثُمَّ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ أَبِيهِ أَوْ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا فَدَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ وَبَيِّنَتُهُ مَسْمُوعَةٌ وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِأَبِي قَطُّ أَوْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِأَبِي فِيهَا حَقٌّ قَطُّ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ الشِّرَاءَ مِنْ أَبِيهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي: اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ فِي حَالِ صِغَرِك بِإِطْلَاقِ الْقَاضِي فَهَذَا دَفْعٌ صَحِيحٌ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ لِحَاجَةِ الصَّغِيرِ وَلِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى دَارًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ وَصِيِّك فِي حَالِ صِغَرِك بِكَذَا وَلَمْ يُسَمِّ الْوَصِيَّ أَوْ قَالَ إنَّ فُلَانًا

بَاعَ مِنِّي هَذِهِ بِإِطْلَاقِ الْقَاضِي فِي حَالِ صِغَرِك وَلَمْ يُسَمِّ الْقَاضِيَ هَلْ تُسْمَعُ وَهَلْ يَكُونُ دَفْعًا؟ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَلَوْ سَمَّى الْوَصِيَّ وَالْقَاضِيَ جَازَ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا قَالَ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَى الْمِيرَاثِ: لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ: إنَّ لَك أَخًا أَوْ أُخْتًا وَقَدْ قُلْت: لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي حَكَى فَتْوَى الْقَاضِي الْإِمَامُ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ تَبْطُلُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ جَمِيعًا وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إثْبَاتَهُ بِالْبَيِّنَةِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَفِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ تُسْمَعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ ادَّعَى دَارًا مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاك أَقَرَّ حَالَ حَيَاتِهِ أَنَّهَا مِلْكِي يُسْمَعُ هَذَا الدَّفْعُ فَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّك أَقْرَرْت أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكُ أَبِي وَحَقُّهُ يُقْبَلُ هَذَا الدَّفْعُ أَيْضًا وَقَدْ تَعَارَضَ الدَّفْعَانِ فَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْإِرْثِ بِلَا مُعَارِضٍ فَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَكَرَ التَّارِيخَ فِي إقْرَارِ الْمُورِثِ، وَالْمُدَّعِي لَمْ يَذْكُرْ التَّارِيخَ فِي إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ ادَّعَى مَحْدُودًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ لَهُ وَلِأَخِيهِ الْغَائِبِ فُلَانٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي: إنَّ مُورِثَك فُلَانًا قَدْ أَقَرَّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ أَنَّ هَذَا الْمَحْدُودَ مِلْكِي فَقَدْ قِيلَ: هَذَا دَفْعٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ حَضَرَ الْأَخُ الْغَائِبُ وَادَّعَى فِي دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعَ عَلَى أَخِيهِ وَقَالَ: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بَعْدَ مَوْتِ أَبِينَا أَنَّ هَذَا الْمَحْدُودَ تَرِكَةُ أَبِينَا فَهَذَا دَفْعٌ لِدَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الِابْتِدَاءِ لَمْ يَدَّعِ إقْرَارَ الْمُورِثِ بِكَوْنِ الْمَحْدُودِ مِلْكًا لَهُ إنَّمَا ادَّعَى إقْرَارَ وَارِثِ الْمُدَّعِي بِكَوْنِ الْمَحْدُودِ مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَالْجَوَابُ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا، عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ هَذَا دَفْعٌ، وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ قَالَ: إنَّك أَقْرَرْت بِكَوْنِ الْمَحْدُودِ مِلْكِي وَأَنَا صَدَّقْتُك يَصِحُّ الدَّفْعُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَأَنَا صَدَّقْتُك لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ حَضَرَ الْأَخُ الْغَائِبُ وَادَّعَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بَعْدَ مَوْتِ أَبِينَا أَنَّ هَذَا الْمَحْدُودَ تَرِكَةُ أَبِينَا لَا يُسْمَعُ مِنْهُ هَذَا الدَّفْعُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا ابْنَةُ هَذَا الْمَيِّتِ وَأَنَّ لَهَا فِي تَرِكَتِهِ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ: أَنْتِ مُبْطِلَةٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لِمَا أَنَّكِ قَدْ أَقْرَرْتِ بَعْدَ وَفَاةِ هَذَا الْمَيِّتِ وَقُلْتِ (بنده إين مرده بودم وى مرا آزاد كرده است) لَا يَصِحُّ هَذَا الدَّفْعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى ضَيْعَةً فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّك اشْتَرَيْتَهَا مِنِّي وَكُنْتُ مُكْرَهًا عَلَى الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَ الضَّيْعَةِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت إلَّا أَنَّ بَعْدَ مَا زَالَ الْإِكْرَاهُ بِعْتَ هَذَا الْمَبِيعَ مِنِّي بِكَذَا عَنْ طَوْعٍ وَرِضًا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَالْقَاضِي يَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ ضَيْعَةً بِسَبَبِ الشِّرَاءِ مِنْهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: وَهَكَذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ مِنْهُ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا فِي الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ لَا يَصِحُّ الدَّفْعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ يَقُولُ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ طَائِعًا فِي الْبَيْعِ مُكْرَهًا فِي الْإِقْرَارِ وَالْإِقْرَارُ بِالْبَيْعِ مُكْرَهًا لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْبَيْعِ طَائِعًا حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِهِ مُكْرَهًا فِي الْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ جَمِيعًا كَانَ الدَّفْعُ صَحِيحًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى الْإِكْرَاهَ عَلَى الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ: إنَّك أَخَذْت الثَّمَنَ مِنِّي طَائِعًا أَوْ ادَّعَى الْإِكْرَاهَ عَلَى الْهِبَةِ فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ: إنَّك أَخَذْت عِوَضَ هِبَتِك مِنِّي طَائِعًا فَهَذَا دَفْعٌ

صَحِيحٌ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَطَاءُ بْنُ حَمْزَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ أَثْبَتَ عَلَى رَجُلٍ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِكَذَا طَائِعًا وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ ذَلِكَ بَيِّنَةً أَنَّ إقْرَارَهُ ذَلِكَ كَانَ بِإِكْرَاهٍ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ دَفْعًا لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي قَالَ: نَعَمْ وَبَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ أَوْلَى بِالْقَبُولِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ دَيْنًا ثُمَّ قَالَ: وَهَكَذَا أَقَرَّ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: كُنْت مُكْرَهًا فِي الْإِقْرَارِ صَحَّ الدَّفْعُ وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اسْمِ الْمُكْرِهِ وَنَسَبِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ ادَّعَى الْإِقْرَارَ طَائِعًا فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ لِهَذَا التَّارِيخِ عَنْ إكْرَاهٍ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا عَلَى التَّفَاوُتِ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ النَّاصِرِيِّ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِسَبَبِ الْكَفَالَةِ عَنْ فُلَانٍ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَجَاءَ الْأَصِيلُ وَقَالَ فِي الدَّفْعِ: هَذَا الْمَالُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيَّ وَكُنْت مُكْرَهًا فِي الْإِقْرَارِ لَا يُسْمَعُ هَذَا الدَّفْعُ أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْكَفِيلُ أَنَّ الْأَصِيلَ ادَّعَى هَذَا الْمَالَ أَوْ أَبْرَأهُ الْمُدَّعِي صَحَّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. كَفَلَ عَنْ آخَرَ بِأَلْفٍ يَدَّعِيهَا ثُمَّ أَقَامَ الْكَفِيلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْأَلْفَ الَّتِي ادَّعَاهَا عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ ثَمَنُ خَمْرٍ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْ الْكَفِيلِ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمَكْفُولِ لَهُ بِذَلِكَ وَالْمَكْفُولُ لَهُ يَجْحَدُ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَ الطَّالِبَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ أَدَّى الْمَالَ وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَالطَّالِبُ غَائِبٌ فَقَالَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ: كَانَ الْمَالُ قِمَارًا أَوْ ثَمَنَ خَمْرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكَفِيلِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُؤْمَرُ بِأَدَاءِ الْمَالِ إلَى الْكَفِيلِ وَيُقَالُ لَهُ: اُطْلُبْ خَصْمَك وَخَاصِمْهُ فَإِنْ حَضَرَ الطَّالِبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ الْكَفِيلِ فَأَقَرَّ الطَّالِبُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الْمَالَ كَانَ ثَمَنَ خَمْرٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بَرِئَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ جَمِيعًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ: أَنَا أَجِيءُ بِالدَّفْعِ فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: الدَّفْعُ يَكُونُ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ بِالْإِيفَاءِ فَأَيّهمَا تَدَّعِي قَالَ: كِلَيْهِمَا هَلْ يَكُونُ هَذَا تَنَاقُضًا؟ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَكُونُ تَنَاقُضًا إذَا وَفَّقَ وَبَيَّنَ وَجْهَ التَّوْفِيقِ، وَوَجْهُ التَّوْفِيقِ أَنْ يَقُولَ: أَوْفَيْت بَعْضَهُ وَأَبْرَأَنِي عَنْ بَعْضِهِ أَوْ يَقُولَ: أَوْفَيْت الْكُلَّ فَجَحَدَنِي فَتَشَفَّعْت إلَيْهِ فَأَبْرَأَنِي أَوْ يَقُولَ: كَانَ أَبْرَأَنِي ثُمَّ جَحَدَ الْإِبْرَاءَ فَأَوْفَيْت وَقِيلَ: لَا يَكُونُ تَنَاقُضًا وَلَا يَبْطُلُ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يُوَفِّقْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا ادَّعَتْ الْمَهْرَ الْمُسَمَّى عَلَى وَرَثَةِ زَوْجِهَا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهَا: إنَّك كُنْت قَدْ أَقْرَرْت أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَأَنَّ الْوَاجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَالْآنِ تَدَّعِي الْمُسَمَّى وَبَيْنَهُمَا تَنَاقُضٌ فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَيْسَ بِدَفْعٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ ادَّعَتْ الْمَهْرَ عَلَى وَرَثَةِ زَوْجِهَا وَادَّعَتْ الْوَرَثَةُ الْخُلْعَ بَعْدَ إنْكَارِ أَصْلِ النِّكَاحِ لَا يُسْمَعُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: مَا كَانَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ أَوْ لَيْسَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءُ تُسْمَعُ فَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ ثَبَتَ وَلَوْ قَالَ: مَا كَانَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ وَلَا أَعْرِفُك قَطُّ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى حَالِهَا لَا يُسْمَعُ الدَّفْعُ وَرَوَى الْقُدُورِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُسْمَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ دَيْنًا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّك اسْتَمْهَلْتَنِي هَذَا الْمَالَ مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْك بِهَذَا الْمَالِ عَلَيْك وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ: إنَّك أَبْرَأْتَنِي عَنْ هَذَا الْمَالِ مُنْذُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَهَذَا لَا يَكُونُ دَفْعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الدَّفْعِ أَنَّهُ قَالَ (مراجزسه دِينَار درحواستني نيست) لَا يُسْمَعُ

هَذَا الدَّفْعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: دَفَعْت إلَيْك مِنْهَا خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي قَبْضَ ذَلِكَ مِنْهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ دَفَعَ إلَى الْمُدَّعِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ دَفْعًا مَا لَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ أَوْ قَضَى هَذَا الْخَمْسِينَ الَّذِي يَدَّعِي كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ مَا تَدَّعِي عَلَيَّ مَالُ الْقِمَارِ أَوْ ثَمَنُ الْخَمْرِ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ كَذَا كَذَا دِينَارًا أَوْ دَرَاهِمَ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِيفَاءَ وَجَاءَ بِشُهُودٍ شَهِدُوا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَفَعَ هَذَا الْمَالَ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَكِنْ لَا نَدْرِي بَأَى جِهَةٍ دَفَعَ هَلْ يَقْبَلُ الْقَاضِي هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَهَلْ تَنْدَفِعُ بِهَا دَعْوَى الْمُدَّعِي؟ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقْبَلُ وَتَنْدَفِعُ بِهَا دَعْوَى الْمُدَّعِي وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَالْأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ قَضَيْتُهَا فِي سُوقِ سَمَرْقَنْدَ وَطُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ فَقَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَدْ قَضَيْتُهَا فِي قَرْيَةِ كَذَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي: إنَّهُ أَبْرَأَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَادَّعَى ثَانِيًا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ كَانَ أَقَرَّ بِالْمَالِ بَعْدَ إبْرَائِي إيَّاهُ هَلْ يَصِحُّ دَفْعُ الدَّفْعِ؟ قِيلَ: إنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَبْرَأْتَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَقَبِلْت الْإِبْرَاءَ أَوْ قَالَ: صَدَّقْتُهُ فِي ذَلِكَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ دَفْعُ الدَّفْعِ يَعْنِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ: قَبِلْت الْإِبْرَاءَ يَصِحُّ مِنْهُ دَفْعُ الدَّفْعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. بَرْهَنَ عَلَيْهِ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةً فَقَالَ: دَفَعْتَهُ إلَيَّ لِأَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ فَدَفَعْتُ يَصِحُّ الدَّفْعُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ خَمْسِينَ دِينَارًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الدَّفْعِ: إنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ الْعَدَالِي بِكُلِّ دِينَارٍ خَمْسِينَ وَلَكِنْ أَخَذْت الْخَطَّ بِالدَّنَانِيرِ صَحَّ الدَّفْعُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنَّك أَبْرَأْتَنِي عَنْ الدَّعَاوَى كُلِّهَا فِي سَنَةِ كَذَا يَصِحُّ الدَّفْعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى دَيْنًا فِي تَرِكَةٍ فَقَالَ الْوَارِثُ: لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي أَنَّ عَيْنًا مِنْ الْأَعْيَانِ الَّتِي فِي يَدِهِ مِنْ التَّرِكَةِ فَبَرْهَنَ أَنَّ أَبَاهُ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ غَائِبٍ يَنْدَفِعُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ الْمُشْتَرِي وَنَسَبَهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ ادَّعَى دَيْنًا فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ إنَّ وَارِثًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ صَالَحَ الْمُدَّعِيَ عَلَى بَعْضِ مَا ادَّعَى بِأَنْ ادَّعَى مِائَةَ دِينَارٍ وَالصُّلْحُ عَلَى عِشْرِينَ فَلَمَّا طَالَبَهُ بِبَدَلِ الصُّلْحِ أَتَى بِالدَّفْعِ فَقَالَ: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ مُورِثِي أَوْفَاك هَذَا الْمَالَ وَدَعَوَاك بَاطِلٌ فَلَمْ يَقَعْ صَحِيحًا إنْ كَانَ مُدَّعِي الْإِيفَاءِ غَيْرَ الْمُصَالِحِ يُسْمَعُ الدَّفْعُ أَمَّا لَوْ أَرَادَ هَذَا الْمُصَالِحُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذَا الدَّفْعِ لَا يُسْمَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ أَحْضَرَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَكَانَ الْمَيِّتُ أَقَرَّ لَهُ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا فِي حَالِ حَيَاتِهِ دَيْنًا لَازِمًا فَأَقَامَ وَصِيُّ الْمَيِّتِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ هَذَا الْخَمْسِينَ لِأَنَّهُ كَانَ بَاعَ مِنْهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ لَهُ عَلَى ثَالِثٍ قَالُوا: تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْوَصِيِّ وَيَكُونُ ذَلِكَ دَفْعًا لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَنَّ أَبَاك أَوْصَى لِي بِثُلُثِ مَالِهِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْوَصِيَّةَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ: إنَّ أَبِي قَدْ كَانَ رَجَعَ عَنْ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ قَالَ: إنَّ أَبِي قَالَ فِي حَيَاتِهِ: رَجَعْت عَنْ كُلِّ وَصِيَّةٍ أَوْصَيْت بِهَا قِيلَ: يُسْمَعُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْأَبَ جَحَدَ الْوَصِيَّةَ فِي حَيَاتِهِ كَانَ هَذَا دَفْعًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَفِي الْمَبْسُوطِ وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّ جُحُودَ الْوَصِيَّةِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا قِيلَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ قِيَاسٌ وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ اسْتِحْسَانٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَصِيَّةً لِابْنِهِ الصَّغِيرِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْوَصِيَّةِ لِابْنِهِ ثُمَّ إنَّ الْوَرَثَةَ أَقَامُوا

الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي بِطَرِيقِ الدَّفْعِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَقَرَّ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا مُسْتَغْرِقًا لِتَرِكَتِهِ كَانَ هَذَا دَفْعًا صَحِيحًا وَيَبْطُلُ حُكْمُ الْقَاضِي وَسَجَّلَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ أَوْصَى لِابْنِ ابْنِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَأَحَدُهُمَا صَغِيرٌ وَالْأُخَرُ كَبِيرٌ وَأَبُوهُمَا حَيٌّ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي فَادَّعَى أَبُو الصَّغِيرِ عَلَى وَارِثِ الْمُوصِي لِأَجَلِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ الْوَصِيَّةَ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ وَادَّعَى الْكَبِيرُ لِنَفْسِهِ الْوَصِيَّةَ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ وَصِيَّتَهُمَا وَقَالَ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُمَا: إنَّ هَذَا الْكَبِيرَ قَدْ أَقَرَّ بَعْدَ مَوْتِ الْمَيِّتِ أَنَّ الْمَيِّتَ مَا أَوْصَى لِي بِشَيْءٍ وَكَذَلِكَ أَبُو الصَّغِيرِ أَقَرَّ أَنَّ الْمَيِّتَ مَا أَوْصَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ بِشَيْءٍ هَلْ يَكُونُ هَذَا دَفْعًا؟ قِيلَ: هَذَا لَيْسَ بِدَفْعٍ أَصْلًا وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى النِّتَاجَ فِي دَابَّةٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي: إنَّك مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لِمَا أَنَّك أَقْرَرْت أَنَّك اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّابَّةَ مِنْ فُلَانٍ فَهَذَا دَفْعٌ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ مِنْ فُلَانٍ مَحْدُودًا إجَارَةً طَوِيلَةً وَقَبَضَهُ وَبَيَّنَ حُدُودَهُ وَآجَرَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقَاطَعَةً بَعْدَ الْقَبْضِ وَذَكَرَ الشَّرَائِطَ وَطَلَبَ مِنْهُ مَالَ الْإِجَارَةِ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُقَاطِعُ فِي الدَّفْعِ: أَنَا اشْتَرَيْت هَذَا الْمَحْدُودَ مِنْ الْآجِرِ وَنَفَذَ الْبَيْعُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَسَقَطَ الْأَجْرُ لَا يَصِحُّ هَذَا الدَّفْعُ بِغَيْبَةِ الْآجِرِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي دَعْوَى الْكَرْمِ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ آجَرَ نَفْسَهُ مِنِّي لِيَعْمَلَ فِي الْكَرْمِ يَكُونُ دَفْعًا وَيَكُونُ إقْرَارًا مِنْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ اسْتَأْجَرَ مِنِّي هَذِهِ الدَّارَ وَأَخَذَ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَالَ لِي (إين خانه رابمن إجاره داده تابكَيرم) وَأَنَّهُ قَالَ (إين رز رابمن بزكَرى داده) يَكُونُ دَفْعًا وَيَكُونُ إقْرَارًا أَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمُدَّعِي فِيهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ مَالًا وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَوَصَفَهُ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْمَالَ الْمُسَمَّى الْمُفَسَّرَ أَخَذَ مِنْهُ فُلَانٌ آخَرُ وَالْمُدَّعِي يُنْكِرُ فَلَيْسَ هَذَا بِإِبْطَالٍ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا إكْذَابٍ لِبَيِّنَتِهِ وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا وَكِيلُ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَخَذَ مِنْهُ هَذَا الْمَالَ فَهَذَا إبْطَالٌ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِكْذَابٌ لِبَيِّنَتِهِ قَالُوا: وَالْمُرَادُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُوَكِّلُ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا سُلْطَانٍ أَمَّا إذَا كَانَ ذَا سُلْطَانٍ كَانَ الضَّمَانُ فِيهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْوَكَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ الْأَمْرُ لَا حَقِيقَةُ الْوَكَالَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى آخَرَ أَنَّهُ ضَرَبَ بَطْنَ أَمَتِهِ وَمَاتَتْ بِضَرْبِهِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الدَّفْعِ: إنَّهَا خَرَجَتْ إلَى السُّوقِ بَعْدَ الضَّرْبِ لَا يَصِحُّ الدَّفْعُ أَمَّا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا صَحَّتْ بَعْدَ الضَّرْبِ فَيَصِحُّ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ هَذَا عَلَى الصِّحَّةِ وَالْآخَرُ عَلَى الْمَوْتِ بِالضَّرْبِ فَبَيِّنَةُ الصِّحَّةِ أَوْلَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ لَكَزَ أَبِي وَمَاتَ مِنْ لَكْزِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الضَّارِبُ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ قَدْ صَحَّ مِنْ لَكْزِهِ وَبَرِئَ مِنْ ضَرْبِهِ فَقَدْ قِيلَ: هَذَا دَفْعٌ صَحِيحٌ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَقِيلَ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ: إنْ كَانَ الْمُدَّعِي ادَّعَى أَنَّهُ لَكَزَهُ لَكْزَةً وَمَاتَ مِنْ تِلْكَ اللَّكْزَةِ وَشُهُودُهُ شَهِدُوا كَذَلِكَ فَهَذَا دَفْعٌ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِنْ كَانَ ادَّعَى أَنَّهُ لَكَزَهُ وَمَاتَ مِنْ اللَّكْزَةِ فَهَذَا لَا يَكُونُ دَفْعًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ كَسَرَ سِنَّهُ الْعُلْيَا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الدَّفْعِ: إنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ السِّنُّ الْعُلْيَا لَا يُسْمَعُ هَذَا الدَّفْعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ عَيْنًا فِي يَدِهِ مِلْكًا مُطْلَقًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي: هَذَا الْعَيْنُ مِلْكِي وَقَدْ كُنْت أَيُّهَا الْمُدَّعِي اشْتَرَيْت هَذَا الْعَيْنَ مِنِّي ثُمَّ أَقَلْنَا الْبَيْعَ وَالْيَوْمَ هَذَا الْعَيْنُ مِلْكِي فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَهَذَا لَيْسَ بِدَفْعٍ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَفِي مِثْلِ هَذَا الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَحْضَرَ مَمْلُوكًا وَادَّعَى أَنَّهُ لَهُ وَأَنَّهُ تَمَرَّدَ عَنْهُ وَقَالَ الْمَمْلُوكُ: أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ الْغَائِبِ ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا جَاءَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى مَا ذُكِرَ لَمْ تُجْعَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي خُصُومَةٌ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَيُقْضَى لَهُ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْعَبْدَ لَهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُقْضَى بِالْعَبْدِ لَهُ عَلَى الْمُقْضَى لَهُ الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ آخَرَ مِائَةً مِنْ دُهْنِ السِّمْسِمِ بِسَبَبٍ صَحِيحٌ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ: إنَّهُ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لِأَنِّي قَدْ كُنْت أَعْطَيْتُهُ عِوَضَ هَذَا الدُّهْنِ دِينَارًا مِنْ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ الْجَيِّدِ الْبُخَارِيِّ الضَّرْبِ فَهَذَا لَيْسَ بِدَفْعٍ مَا لَمْ يَعْلَمْ سَبَبَ وُجُوبِ الدُّهْنِ لِجَوَازِ أَنَّ الدُّهْنَ قَدْ وَجَبَ بِسَبَبِ السَّلَمِ فَإِذَا أَخَذَ عِوَضَهُ دِينَارًا فَقَدْ اسْتَبْدَلَ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ وَاسْتِبْدَالُ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الدُّهْنُ مَبِيعًا بِأَنْ اشْتَرَى مِقْدَارًا مُعَيَّنًا مِنْ الدُّهْنِ فَإِذَا أَعْطَاهُ عِوَضَ ذَلِكَ مِنْ الذَّهَبِ وَهُوَ قَائِمٍ بِعَيْنِهِ كَانَ بَائِعًا الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَلَا يَصِحُّ الدَّفْعُ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ تَصِلْ إلَيْهَا النَّفَقَةُ فِي وَقْتِ كَذَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فِي تَطْلِيقَةٍ فَقَالَ الزَّوْجُ: وَصَلَتْ النَّفَقَةُ إلَيْهَا وَقَالَتْ فِي الدَّفْعِ: إنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ تَصِلْ إلَيْهَا يُسْمَعُ أَمَّا لَوْ قَالَتْ: إنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ لَا يُسْمَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُئِلَ عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنِّي رَهَنْت مِنْك كَذَا عَيْنًا سَمَّاهُ وَوَصَفَهُ بِكَذَا وَطَلَبَ مِنْهُ إحْضَارَ الرَّهْنِ لِيَقْضِيَ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيَرُدَّ الرَّهْنَ عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ الرَّهْنَ وَالِارْتِهَانَ فَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الرَّهْنِ وَجَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اشْتَرَى هَذَا الْعَيْنَ مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي بِكَذَا وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِهِ فَهَذَا دَفْعٌ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَيُقْضَى بِبَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ أَكْثَرُ ثَبَاتًا لِأَنَّ الشِّرَاءَ آكَدُّ مِنْ الرَّهْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَخَذَ دَابَّةَ رَجُلٍ فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ فَجَاءَ الَّذِي كَانَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِهِ إلَى الْقَاضِي وَادَّعَى عَلَى الَّذِي أَخَذَ الدَّابَّةَ مِنْ يَدِهِ أَنَّهُ أَخَذَ دَابَّتِي بِغَيْرِ حَقٍّ وَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ وَأَقَامَ الْآخِذُ بَيِّنَةً أَنِّي أَخَذْتُهَا بِحَقٍّ لِمَا أَنَّ الدَّابَّةَ مِلْكِي وَكَانَتْ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَهَذَا دَفْعٌ صَحِيحٌ وَلَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ قَائِمَةً فِي يَدِ الْآخِذِ فَادَّعَى الَّذِي فِي يَدِهِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا وَأَقَامَ الْآخِذُ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَخَذَهَا لِأَنَّهُ مَلَكَهَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَقَالَ الزَّوْجُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهَا: إنَّهَا أَقَرَّتْ أَنَّهَا اعْتَدَّتْ بَعْدَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا الثَّانِي ثُمَّ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ حَلَالٌ لَهُ الْيَوْمَ هَلْ يَصِحُّ هَذَا دَفْعًا وَالصَّحِيحُ أَنَّ دَعْوَى الدَّفْعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحَةٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَأَقَامَتْ هِيَ بَيِّنَةً عَلَى وَجْهِ الدَّفْعِ أَنَّهُ خَلَعَهَا فَهَذَا دَفْعٌ إنْ لَمْ يُوَقِّتَا أَوْ وَقَّتَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ وَقَّتَا وَتَارِيخُ الْخُلْعِ أَسْبَقُ فَهَذَا لَيْسَ بِدَفْعٍ وَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ مَرْدُودَةٌ وَلَوْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهِيَ تَدَّعِي إقْرَارَ الْمُدَّعِي بِحُرْمَتِهَا فَهَذَا صَحِيحٌ وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ وَادَّعَى هُوَ الْخُلْعَ فَهَذَا دَفْعٌ وَلَوْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَادَّعَتْ هِيَ أَنَّهَا مَنْكُوحَةُ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَهَذَا لَيْسَ بِدَفْعٍ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ نِكَاحًا فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك فَلَمَّا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ أَقَامَ هُوَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ادَّعَتْ النِّكَاحَ

وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ أَصْلًا فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً وَقَضَى بِالنِّكَاحِ ثُمَّ ادَّعَى الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ خَالَعَهَا هَلْ تَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ؟ أَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَنْدَفِعُ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُنَاقِضٌ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. الْقَاضِي إذَا فَرَضَ النَّفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ الزَّوْجُ: إنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ وَقْتَ الْفَرْضِ لَا يُسْمَعُ هَذَا الدَّفْعُ وَلَوْ ادَّعَى الْخُلْعَ عَلَى الْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ يُسْمَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ فَاسْتَحَقَّهُ إنْسَانٌ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ فَإِنْ رَجَعَ فَقَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي لَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْبَائِعِ وَإِنْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ يُنْظَرُ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَبْطُلُ قَضَاءُ الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ وَإِنْ أَقَامَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ أَقَامَهَا بَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ أَقَامَهَا بَعْدَ مَا رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي لَهُ بِالثَّمَنِ قُبِلَتْ بُنَيَّةُ الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا أَقَرَّ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي أَنَّ هَذَا الْعَيْنَ مِلْكُهُ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ عِنْدَ الْقَاضِي مِلْكًا مُطْلَقًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْقَاضِي فِي دَفْع دَعْوَاهُ: إنَّهُ أَقَرَّ مَرَّةً أَنَّ هَذَا الْعَيْنَ مِلْكُهُ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ مِنْ فُلَانٍ فَهَذَا دَفْعٌ صَحِيحٌ لَوْ أَثْبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ تَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدَيْ إنْسَانٍ عِنْدَ الْقَاضِي مِلْكًا بِسَبَبٍ لَمْ يُمْكِنْهُ إثْبَاتُهُ فَبَاعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْعَيْنَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ زَمَانٌ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى الْعَيْنَ عَلَى الْمُشْتَرِي عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي أَوْ قَاضٍ آخَرَ مِلْكًا مُطْلَقًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ: إنَّهُ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لِمَا أَنَّهُ ادَّعَى هَذَا الْعَيْنَ عَلَى بَائِعِي بِسَبَبِ الشِّرَاءِ وَالْآنَ يَدَّعِيهِ مِلْكًا مُطْلَقًا فَهَذَا دَفْعٌ صَحِيحٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدَيْ إنْسَانٍ مِلْكًا مُطْلَقًا وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ أَنَّهُ كَانَ ادَّعَى هَذَا الْعَيْنَ قِبَلَ هَذَا بِسَبَبٍ فَقَالَ الْمُدَّعِي: أَنَا أَدَّعِيهِ الْآنَ بِذَلِكَ السَّبَبِ أَيْضًا وَتَرَكْت دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ ثَانِيًا وَيَبْطُلُ دَفْعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فِي دَعْوَى الشُّفْعَةِ لَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمِلْكَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ مِلْكُ فُلَانٍ لَا يُسْمَعُ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهَا لِفُلَانٍ يُسْمَعُ مِنْهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا أَنَّهَا لَهُ وَأَنَّ مُورِثَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَهَا فِي يَدِ وَارِثِهِ هَذَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ مُورِثَهُ فُلَانًا كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي بِكَذَا بَيْعًا بَاتًّا وَتَقَابَضَا ثُمَّ مَاتَ مُورِثِي فَوَرِثْتُهَا مِنْهُ فَادَّعَى الْمُدَّعِي لِدَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ مُورِثَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ أَقَرَّ أَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي هَذَا كَانَ بَيْعَ وَفَاءٍ إذَا رَدَّ عَلَيَّ الثَّمَنَ يَجِبُ عَلَيَّ رَدُّهَا إلَيْهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُ ظَهِيرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُسْمَعُ مِنْهُ الدَّفْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الِاسْتِيهَابُ وَالِاسْتِشْرَاءُ يَكُونَانِ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي الزِّيَادَاتِ لَا يَكُونَانِ إقْرَارًا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي زِيَادَاتِ الْقَاضِي عَلَاءِ الدِّينِ الصَّحِيحُ رِوَايَةُ الْجَامِعِ وَالْإِقْدَامُ عَلَى الِاسْتِشْرَاءِ وَالِاسْتِيهَابِ وَالِاسْتِيدَاعِ وَالِاسْتِئْجَارِ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ إنْسَانٍ أَنَّهُ مِلْكِي وَقَدْ أَقَرَّ صَاحِبُ الْيَدِ بِذَلِكَ لِي فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اسْتَوْهَبَ هَذَا الْعَيْنَ مِنِّي يَكُونُ ذَلِكَ دَفْعًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ إذَا أَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ سَاوَمَهُ بِالْمُدَّعَى بِهِ قَبْلَ دَعْوَاهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَبَطَلَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الِاسْتِيَامَ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ وَاقَرَارٌ مِنْ الْمُسَاوِمِ أَنْ لَا مِلْكَ لَهُ فِيمَا سَاوَمَهُ

كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي التَّوْفِيقَ وَقَالَ: كَانَ مِلْكِي لَكِنَّهُ قَبَضَ مِنِّي وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيَّ فَاسْتَشْرَيْتُهُ مِنْهُ لَا يُسْمَعُ هَذَا مِنْ الْمُدَّعِي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ بَعْدَ بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ اسْتَامَ مِنْ الْمُدَّعِي بِهَا قُبِلَتْ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَيَبْطُلُ الدَّفْعُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الِاسْتِيَامَ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لِلْمُسْتَامِ مِنْهُ فَكَانَ الْمُدَّعِي بِهَذَا الدَّفْعِ مُدَّعِيًا إقْرَارَ صَاحِبِ الْيَدِ أَنَّهَا مِلْكُ الْمُدَّعِي وَالتَّنَاقُضُ يَبْطُلُ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ هَذَا إذَا أَرَّخَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِإِقْرَارِهِ تَارِيخًا فَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخَا فَكَذَلِكَ يَنْدَفِعُ إقْرَارُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِإِقْرَارِ صَاحِبِهِ فَبَقِيَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي جَعَلَ الِاسْتِيَامَ إقْرَارًا بِأَنْ لَا مِلْكَ لَهُ فَكَذَلِكَ يَصِحُّ هَذَا الدَّفْعُ لِأَنَّ إقْرَارَ ذِي الْيَدِ بِأَنْ لَا مِلْكَ لَهُ وَلَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ يَكُونُ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالِاسْتِشْرَاء مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي كَوْنِهِ إقْرَارًا بِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمُدَّعِي نَظِيرَ الِاسْتِشْرَاءِ مِنْ الْمُدَّعِي حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ اسْتَشْرَى هَذَا الْعَيْنَ مِنْ فُلَانٍ يَكُونُ دَفْعًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَمَالِي أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ قَالَ الْمُؤَلَّفُ: وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ الِاسْتِعَارَةُ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لَهُ وَإِنَّمَا تَكُونُ إقْرَارًا بِأَنْ لَا مِلْكَ لِلْمُسْتَعِيرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى نَخْلًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَقَالَ الْمُدَّعِي فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ: إنَّهُ اسْتَشْرَى تَمْرَ هَذَا النَّخْلِ مِنِّي فَهَذَا لَيْسَ بِدَفْعٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي دَعْوَى الْعَقَارِ إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ إنَّ الْأَرْضَ الَّتِي فِي يَدَيْ لَيْسَتْ عَلَى هَذِهِ الْحُدُودِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ هَذَا الدَّفْعُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ادَّعَى مَحْدُودًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَبَيَّنَ حُدُودَهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَيْنَ محدود كه مُدَّعَى دعوى ميكندباين حُدُود مَلِكْ منست وَحَقّ منست) فَأَعَادَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ ثَانِيًا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِعَيْنِ تِلْكَ الْحُدُودِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (درحدود خَطَا كَرِدِّهِ واين محدودكه دردست مِنْ است باين حُدُود نيست كه دعوى كَرِدِّهِ) فَأَعَادَ الْمُدَّعَى دَعْوَاهُ ثَالِثًا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (آن محدود كه تَوّ دعوى ميكنى بِفُلَانِ فروخته بودى بيش أزانكه دعوى ميكردى وَمِنْ ازان فُلَان خريده أَمْ) هَلْ يَكُونُ هَذَا دَفْعًا لِدَفْعِ الْمُدَّعِي؟ فَقِيلَ: لَا وَيُنْقَضُ كَلَامُهُ الثَّالِثُ بِكَلَامِهِ الثَّانِي وَاعْتُبِرَ كَلَامُهُ الثَّانِي لِنَقْضِ كَلَامِهِ الثَّالِثِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي حَقِّ دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ دَابَّةً وَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ تَحْتَ الْمُسْتَعِيرِ وَأَنْكَرَ رَبُّ الدَّابَّةِ الْإِعَارَةَ وَصَالَحَهُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى مَالٍ جَازَ فَإِنْ أَقَامَ الْمُسْتَعِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى الْعَارِيَّةِ وَقَالَ: إنَّهَا نُقِضَتْ فَتَثْبُتُ بِبَيِّنَتِهِ وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ وَإِنْ أَرَادَ اسْتِحْلَافَ الْمُعِيرِ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ وَذُكِرَتْ فِي الْمُنْتَقَى مَسَائِلُ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْقَبُولِ. وَمَنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ أَبِي هَذَا الْمُدَّعِي حَالَ حَيَاتِهِ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٌ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِي هَذَا الْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا صَالَحَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الثَّوْبِ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَتَى بَعْدَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ يَشْهَدُونَ عَلَى

إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ إنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ قَبْلَ الصُّلْحِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ وَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ الصُّلْحِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الثَّوْبِ حَقٌّ أَبْطَلْت الصُّلْحَ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَدْ عَلِمَ بِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ كَانَ أَقَرَّ عِنْدَهُ أَنَّ الثَّوْبَ لَيْسَ لَهُ قَبْلَ الصُّلْحِ أَبْطَلَ الصُّلْحَ، وَعِلْمُ الْقَاضِي هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بَعْدَ الصُّلْحِ إذَا كَانَ إنَّمَا ادَّعَاهُ بِمِلْكٍ وَاحِدٍ بِأَنْ كَانَ قَدْ أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي بِأَنَّ هَذَا الثَّوْبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَطُّ وَلَمْ يَرِثْهُ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ فَادَّعَى أَنَّهُ وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ ادَّعَى بِمِلْكِ غَيْرِ الْوِرَاثَةِ فَصَالَحَهُ عَلَيْهِ لَمْ يُبْطِلْ الْقَاضِي الصُّلْحَ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: مَا كَانَ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَطُّ وَقَدْ كُنْت ادَّعَيْت عَلَيَّ هَذِهِ الْأَلْفَ فَدَفَعْتُهَا أَمْسِ إلَيْك فَقَالَ الْمُدَّعِي: لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمَا قَبَضْت مِنْك شَيْئًا فَصَالَحَهُ عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَفَعَ إلَى الْمُدَّعِي أَمْسِ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَى شَهَادَتِهِمْ لِأَنَّ صُلْحَهُ كَانَ افْتِدَاءً عَنْ الْيَمِينِ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ: لِلْمُدَّعِي حِينَ كَانَ ادَّعَى صَدَّقْت لَك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا أَنِّي قَضَيْتُكَهَا أَمْسِ فَقَالَ الْمُدَّعِي: مَا قَضَيْتَنِي فَدَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا أَوْ صَالَحَهُ عَنْ الْأَلْفِ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ أَمْسِ أَلْفَ دِرْهَمٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ وَبَطَلَ الصُّلْحُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا أَخَذَ مِنْهُ ثَانِيًا لِأَنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمَّا ادَّعَى الْقَضَاءَ قَبْلَ الصُّلْحِ كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَمْ يَكُنْ الصُّلْحُ مِنْ الْمُدَّعِي افْتِدَاءً عَنْ الْيَمِينِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْمَالِ إذَا أَثْبَتَ الْوَكَالَةَ بِالْبَيِّنَةِ وَقَضَى الْقَاضِي بِوَكَالَتِهِ ثُمَّ إنَّ الْمَطْلُوبَ ادَّعَى أَنَّ الطَّالِبَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ دَعْوَاهُ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْقَبْضِ فَهَذَا دَفْعٌ صَحِيحٌ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ تَنْدَفِعُ بِهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا وَأَنَّهُ صَبِيٌّ وَجَعَلَ الْقَاضِي فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَصِيًّا لِهَذَا الصَّبِيِّ فِي وِلَايَةِ هَذَا الْقَاضِي ثُمَّ إنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَكَّلَنِي بِقَبْضِ مَالِ الصَّغِيرِ هَذَا مِنْك وَذَلِكَ كَذَا وَكَذَا وَقَضَى الْقَاضِي بِوَكَالَةِ الْمُدَّعِي بِشَرَائِطِهِ وَقَبَضَ الْمُدَّعِي الْمَالَ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ يَوْمًا ادَّعَى عَلَى هَذَا الْوَكِيلِ أَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَدْ أَدْرَكَ وَوَكَّلَنِي بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْك أَيُّهَا الْوَكِيلُ عَنْ الْوَصِيِّ فَقَالَ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَصِيِّ: بَعَثْت الْمَالَ إلَى الْوَصِيِّ هَلْ يُصَدَّقُ فَقَدْ قِيلَ: لَا يَصَدَّقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَانُوتٌ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ رَجُلٍ بِالْبَيِّنَةِ وَرَجَعَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَأَقَامَ بَائِعُهُ بَيِّنَةً بِحَضْرَتِهِ وَبِحَضْرَةِ الْمُسْتَحِقِّ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْحَانُوتَ كَانَ مِلْكَ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا لِي لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي وَإِنْ أَبِي قَالَ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ: إنَّ جَمِيعَ هَذَا الْحَانُوتِ مِلْكِي بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَأَنَّهُ فِي يَدِهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ وَقَدْ كُنْت صَدَّقْتُهُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ ثُمَّ بِعْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ هَذَا وَإِنْ قَضَاءَ الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ وَقَعَ بَاطِلًا فَهَذَا دَفْعٌ صَحِيحٌ وَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَقُلْ هَذَا وَإِنَّمَا قَالَ: إنَّ الْمُسْتَحِقَّ قَدْ كَانَ قَالَ قَبْلَ دَعْوَى الْحَانُوتِ الْحَانُوتُ الَّتِي فِي يَدِ فُلَانٍ مِلْكُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَالْآنَ يَدَّعِي الْحَانُوتَ لِنَفْسِهِ وَهَذَا تَنَاقُضٌ فَهَذَا دَفْعٌ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. بَائِعُ الْعَبْدِ إذَا طَلَبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَقَالَ: إنَّك مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لِأَنَّك بِعْت الْحُرَّ فَإِنَّك حَلَفْت وَقُلْت: إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ بَعْدَ يَمِينِك وَعَتَقَ عَلَيْك وَبِعْتَهُ مِنِّي فَهَذَا دَفْعٌ صَحِيحٌ لَوْ أَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: حَلَفْتَ وَقُلْتَ: كُلُّ عَبْدٍ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَيْتَ هَذَا الْعَبْدَ بَعْدَ الْيَمِينِ حَتَّى عَتَقَ عَلَيْك ثُمَّ بِعْتَهُ مِنِّي وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعْتَقْت هَذَا الْعَبْدَ قَبْلَ أَنْ تَبِيعَهُ مِنِّي فَهَذَا كُلُّهُ دَفْعٌ صَحِيحٌ ذَكَرَ الْفَصْلُ الْأَخِيرُ فِي الزِّيَادَاتِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ وَذَكَرَ الْفَصْلُ الْأَخِيرُ فِي

الباب السابع فيما يكون جوابا من المدعى عليه وما لا يكون

مَوْضِعٍ آخَرَ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ بَيِّنَةَ الْمُشْتَرِي لَا تُقْبَلُ عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ حَتَّى لَا يَسْتَرِدَّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ لَكِنْ يُعْتَقُ الْعَبْدُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِيمَا يَكُونُ جَوَابًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا لَا يَكُونُ] رَجُلٌ ادَّعَى ضَيْعَةً فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا مِلْكُهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (تأمل كنم وَنَكَاهٌ كنم) فَهَذَا لَيْسَ بِجَوَابٍ وَيُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَى الْجَوَابِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا قَالَ: (بِهْ بينم) أَوْ قَالَ (مَرَّا عِلْم نيست) أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَهُوَ مِلْكِي أَمْ لَا أَوْ قَالَ (أَيْنَ مُدَّعَى بِحَقِّ مِنْ است وَتُرَّا دَرِّ وى حَقّ نيست) فَالْكُلُّ لَيْسَ بِجَوَابٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ لَا أَدْرِي أَهُوَ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي فَهَذَا لَيْسَ بِجَوَابٍ وَيُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَى الْجَوَابِ فَإِنْ لَمْ يُجِبْ يَجْعَلُهُ مُنْكِرًا وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَيْنَ محدود مرابتوسبردنى نيست) أَوْ قَالَ: (بتوتسليم كَرَدَنِي نيست) فَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هَذَا جَوَابٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ادَّعَى ضَيْعَةً فِي يَدَيْ رَجُلَيْنِ فَقَالَا: (دوتيرازسه تيرازين ضياع مُلْك مَاسَّتْ وَدَرِّ دَسَّتْ مَاسَّتْ ويك تِيَر مُلْك فُلَان غَائِب است ودردست مَا أَمَانَتْ است) فَهَذَا جَوَابٌ تَامٌّ وَلَكِنْ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْهُمَا عَنْ السَّهْمِ الْآخَرِ مَا لَمْ يُقِيمَا بَيِّنَةً عَلَى الْوَدِيعَةِ عَلَى مَا عُرِفَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي دَعْوَى الْعَقَارِ إذَا قَالَ: هَذَا الْمَحْدُودُ مِلْكِي وَلَمْ يَقُلْ: فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يُلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ وَإِذَا قَالَ: هُوَ مِلْكِي وَفِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي: (اين محدود مُلْك تونيست) فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ قَالَ (درست منست وملك تونيست) فَهَذَا جَوَابٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ (دردست منست) فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ جَوَابٌ وَهُوَ الْأَشْبَهُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا دَارُهُ غَصَبَهَا ذُو الْيَدِ مِنْهُ فَقَالَ ذُو الْيَدِ (جملكي أَيْنَ خَانَهُ دردست منست بِسَبَبِ شَرْعِيٍّ وَمَرَّا اباين مُدَّعَى سبردنى نَسِيَتْ) فَهَذَا جَوَابٌ تَامٌّ فِي حَقِّ إنْكَارِ الْغَصْبِ غَيْرُ تَامٍّ فِي حَقِّ الْمِلْكِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى مَنْزِلًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عرصه مُلْك منست) لَا يَكُونُ جَوَابًا مَا لَمْ يَقُلْ: (أَيْنَ عرصه منست) وَكَذَا إذَا قَالَ الشُّهُودُ: الْعَرْصَةُ مِلْكُهُ لَا يَكْفِي مَا لَمْ يَقُولُوا: هَذِهِ الْعَرْصَةُ مِلْكُهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّهَا دَارِي ثُمَّ قَالَ: إنَّهَا وَقْفٌ فَهَذَا جَوَابٌ تَامٌّ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ فِي الِابْتِدَاءِ: هَذِهِ الدَّارُ وَقْفٌ فِي يَدِي بِحُكْمِ التَّوْلِيَةِ فَهَذَا جَوَابٌ تَامٌّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي دَعْوَى الدَّيْنِ إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مرابتوجيزى دادنى نيست) فَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هُوَ جَوَابٌ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَلَوْ قَالَ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ (مَرَّا عِلْم نيست مراخبر نيست) فَهَذَا لَيْسَ بِجَوَابٍ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا قَالَ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ بِسَبَبِ الْبَيْعِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (مَرَّا أَيْنَ مبلغ بِدِينِ سَبَب دادنى نيست) فَهَذَا لَيْسَ بِجَوَابٍ قِيلَ: هَكَذَا قِيلَ: وَقَدْ قِيلَ هَذَا إنْكَارٌ لِأَصْلِ الدَّيْنِ فَيَكُونُ خَصْمًا فِي أَصْلِ

الباب الثامن من فيما يقع به التناقض في الدعوى وما لا يقع

الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ ادَّعَى وَارِثُ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ عِنْدَ الْقَاضِي فَأَجَابَ الْمُضَارِبُ وَقَالَ (مرابدين دعوى كه وى ميكند بوي وبموكلان وى) يَعْنِي بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ (جيزى دادنى نَسِيَتْ) فَهَذَا جَوَابٌ كَافٍ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى بَيَانِ ذَلِكَ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ مُورِثَهُ دَفَعَ إلَيْهِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ كَذَا وَأَنَّهُ قَبَضَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَكَذَا كُلُّ أَمِينٍ كَالْمُودِعِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْوَكِيلِ وَالْمُسْتَبْضِعِ إلَّا إذَا ادَّعَى شَيْئًا يَجِبُ بِهِ الضَّمَانُ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَقَالَ (مِنْ زَنِّ اين مُدَّعَى نُيَمّ) فَإِنْ أَشَارَتْ إلَيْهِ فَجَوَابٌ وَإِلَّا فَلَا فِي قَوْلٍ وَقِيلَ: جَوَابٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ادَّعَى عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مُعَجَّلَةً لِابْنَتِهِ فَقَالَ الزَّوْجُ (آنجه بوده است دادم) هَذَا لَا يَكُونُ جَوَابًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْمُقَدَّرَ لَكِنْ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لِلزَّوْجِ: أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا أَدَّيْت فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ قَدْرَ الْمُؤَدَّى لِتَصِحَّ الشَّهَادَةُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَقَالَ: (آنجه بوده است دادم) فَكَذَا الْجَوَابُ أَيْضًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. [الْبَابُ الثَّامِنُ مِنْ فِيمَا يَقَعُ بِهِ التَّنَاقُضُ فِي الدَّعْوَى وَمَا لَا يَقَعُ] مَتَى ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ تَعَارُضُ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَضَادَّيْنِ الْمُتَنَاقِضَيْنِ مِنْ الْمُدَّعِي فِي الدَّعْوَى يَمْنَعُ اسْتِمَاعَ الدَّعْوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. التَّنَاقُضُ كَمَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى لِنَفْسِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى لِغَيْرِهِ فَمَنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ فَكَمَا لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِغَيْرِهِ بِوِصَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ وَهَذَا إذَا وُجِدَ مِنْهُ مَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لَهُ أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا بِجِهَةِ الْوَكَالَةِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ وِصَايَةً مِنْهُ فَتُسْمَعُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدَيْ إنْسَانٍ أَنَّهُ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لِفُلَانٍ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِيهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَا يَصِيرُ مُتَنَاقِضًا وَلَوْ ادَّعَى أَوَّلًا أَنَّهُ لِفُلَانٍ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يَصِيرُ مُتَنَاقِضًا وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ فَيَقُولَ: كَانَ لِفُلَانٍ وَكَّلَنِي بِالْخُصُومَةِ ثُمَّ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ادَّعَى أَنَّهُ لِفُلَانٍ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لِفُلَانٍ آخَرَ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا وَفَّقَ وَقَالَ: كَانَ لِفُلَانٍ الْأَوَّلِ وَكَانَ وَكَّلَنِي ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الثَّانِي وَوَكَّلَنِي الثَّانِي أَيْضًا وَالتَّدَارُكُ مُمْكِنٌ بِأَنْ غَابَ عَنْ الْمَجْلِسِ وَجَاءَ بَعْدَ مُدَّةٍ وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَصِيرِيُّ فِي الْجَامِعِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَالدَّيْنُ فِي هَذَا نَظِيرُ الْعَيْنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَوْ أَقَرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ قَبَضَ دَيْنَهُ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لِمُوَكِّلِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا لِمُوَكِّلِهِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا دَفَعَ الْوَصِيُّ إلَى الْيَتِيمِ مَالَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَأَشْهَدَ الِابْنَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِ عِنْدَهُ مِنْ قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ إلَّا وَقَدْ اسْتَوْفَاهُ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا وَقَالَ: هُوَ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيِّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا كَانَ لِلْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا لِلْمَيِّتِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْوَارِثُ ثُمَّ ادَّعَى دَيْنًا لِلْمَيِّتِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ: هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُوَقِّتْهُ سُمِعَتْ وَلَوْ قَالَ: هُوَ لِفُلَانٍ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ أَمْسِ مَوْصُولًا فَأَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ قَالَ: مَفْصُولًا بِأَنْ قَالَ: هُوَ لِفُلَانٍ وَسَكَتَ ثُمَّ

قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ أَمْسِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ ثُمَّ مَكَثَ مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يُوَقِّتْ الشُّهُودُ وَقْتًا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ لَا حَقَّ لِي فِيهِ ثُمَّ مَكَثَ حِينًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ إنْ وَقَّتَ الشُّهُودُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ قُبِلَتْ وَإِلَّا لَا وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ كَانَ لِفُلَانٍ لَا حَقَّ لِي فِيهِ ثُمَّ أَقَامَ الشُّهُودُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ إنْ وَقَّتَ الشُّهُودُ وَقْتًا بَعْدَ الْإِقْرَارِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فِي الْإِمْلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَوْبٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّهُ لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ مَا مَكَثَ: بِعْتُهُ مِنْهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَالَ فُلَانٌ: هُوَ لِي مِنْ غَيْرِ الْبَيْعِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَمْ يَكُنْ إقْرَارُهُ إكْذَابًا لِبَيِّنَتِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ وَصَلَ كَلَامَهُ فَقَالَ: هَذَا لِفُلَانٍ بِعْتُهُ مِنْهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ إلَّا بِمَا قَالَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ فِي يَدِهِ دَارٌ فَأَقَرَّ رَجُلٌ آخَرُ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ أَنَا بِعْتُهَا مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مَوْصُولًا بِإِقْرَارِهِ وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْيَدِ الشِّرَاءَ وَقَالَ: الدَّارُ لِي فَأَقَامَ الْمُقِرُّ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الدَّارَ دَارُهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مَفْصُولًا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى أَنَّ الدَّارَ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ الدَّارَ لِفُلَانٍ غَيْرِ ذِي الْيَدِ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الَّذِي فِي يَدَيْهِ قَبْلَ إقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ: هَذَا لِفُلَانٍ لَا حَقَّ لِي فِيهِ أَوْ كَانَ لِفُلَانٍ لَا حَقَّ لِي فِيهِ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ حِينٍ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ لَا تُقْبَلُ حَتَّى لَوْ وَقَّتَ الشُّهُودُ بَعْدَهُ قُبِلَتْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: هَذَا الْعَبْدُ لَك وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَيْسَ هُوَ لِي ثُمَّ قَالَ: هُوَ لِي ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ لِي حَقًّا أَوْ لَا أَعْلَمُ لِي حُجَّةً ثُمَّ ادَّعَى حَقًّا أَوْ جَاءَ بِحُجَّةٍ قُبِلَ مِنْهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا قَالَ ذُو الْيَدِ: لَيْسَ مِلْكِي أَوْ لَا حَقَّ لِي أَوْ لَيْسَ لِي فِيهِ حَقٌّ أَوْ كَانَ لِي أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَلَا مُنَازِعَ حَيْثُمَا قَالَ ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ أَحَدٌ فَقَالَ ذُو الْيَدِ: هُوَ لِي صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ لِذِي الْيَدِ مُنَازِعٌ يَدَّعِي ذَلِكَ حِينَ مَا قَالَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الَّتِي ذَكَرْنَا فَعَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ يَكُونُ هَذَا إقْرَارًا مِنْهُ بِالْمِلْكِ لِلْمُنَازِعِ وَهُوَ فِي بَابٍ مِنْ الْقَضَاءِ فِي آخَرِ الْجَامِعِ وَعَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِلْمُنَازِعِ لَكِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ ذَا الْيَدِ أَهُوَ مِلْكُ الْمُدَّعِي؟ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَمَرَهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ وَإِنْ أَنْكَرَ يَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِمَا ذَكَرْنَا غَيْرُ ذِي الْيَدِ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ هَذَا مِلْكًا لِي أَوْ مَا كَانَ لِي يَمْنَعُهُ مِنْ الدَّعْوَى بَعْدَ ذَلِكَ لِلتَّنَاقُضِ وَإِنَّمَا لَمْ يَمْنَعْ ذَا الْيَدِ عَلَى مَا مَرَّ لِقِيَامِ الْيَدِ وَالْمَذْكُورُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ مِلْكًا لِي أَوْ مَا كَانَتْ لِي انْدَفَعَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ قَالَ الزَّوْجُ لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي وَنَفَاهُ فَتَلَاعَنَا عَلَى نَفْيِ الْوَالِدِ وَانْقَطَعَ نَسَبُهُ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ: هُوَ ابْنِي يُصَدَّقُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْجَامِعِ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِأَنَّ الْعَيْنَ هَذِهِ لَمْ تَكُنْ لِمُوَرِّثِهِ بَلْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدِيعَةً لِفُلَانٍ ثُمَّ بَرْهَنَ أَنَّهَا كَانَتْ لِمُوَرِّثِهِ أَخَذَهَا مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ حَالَ حَيَاتِهِ رُدَّتْ إلَى الْوَارِثِ إنْ أَمِينًا حَتَّى يَقْدُمَ الْمُودِعُ وَإِلَّا جُعِلَتْ فِي يَدَيْ عَدْلٍ هَذَا إذَا أَقَرَّ بِهَا لِمَعْلُومٍ أَمَّا إذَا قَالَ: لَيْسَ هَذَا الشَّيْءُ لِمُوَرِّثِهِ ثُمَّ ادَّعَاهُ أَنَّهُ لِمُوَرِّثِهِ دُفِعَ إلَى الْوَارِثِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ إذَا لَمْ يَحْضُرْ لَهُ مُطَالِبٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ: مَالِي بِالرَّيِّ حَقٌّ فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ ثُمَّ ادَّعَى وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فِي دَارٍ فِي يَدَيْ إنْسَانٍ بِالرَّيِّ أَنَّهَا لَهُ قَالَ: تُقْبَلُ وَإِنْ قَالَ: لَيْسَ لِي بِالرَّيِّ فِي رُسْتَاقِ كَذَا فِي يَدِ فُلَانٍ دَارٌ أَوْ أَرْضٌ وَلَا حَقَّ وَلَا دَعْوَى ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ فِي يَدَيْهِ فِي ذَلِكَ الرُّسْتَاقِ

حَقًّا فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَخَذَهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ: مَا لِي فِي يَدِ فُلَانٍ دَارٌ وَلَا حَقٌّ وَلَا بَيْتٌ وَلَمْ يَنْسُبْهُ إلَى رُسْتَاقٍ وَلَا قَرْيَةٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ لَهُ قَبَلَهُ حَقًّا بِالرَّيِّ فِي رُسْتَاقٍ أَوْ قَرْيَةٍ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ: سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ قَالَ: لَا حَقَّ لِي فِي هَذِهِ الدَّارِ وَلَا خُصُومَةَ وَلَا طِلْبَةً ثُمَّ جَاءَ يَزْعُمُ أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ فِي دَعْوَى هَذِهِ الدَّارِ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى عَلَيْهِ آخَرُ شَرِكَةً فِيمَا فِي يَدِهِ بِحَقِّ الْوَرَثَةِ عَنْ أَبِيهِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ لِأَبِي فِيهَا حَقٌّ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِيهِ أَوْ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ كَانَ أَقَرَّ لَهُ بِهَا فَدَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ وَبَيِّنَتُهُ مَسْمُوعَةٌ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ لَمْ يَكُنْ لِأَبِي بَعْدَ مَا اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ فَإِنْ كَانَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِأَبِي قَطُّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الشِّرَاءَ مِنْ أَبِيهِ لِأَنَّ فِيهِ تَنَاقُضًا وَتُسْمَعُ دَعْوَى إقْرَارِ أَبِيهِ لَهُ لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ فِيهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّ لَهُ فِي يَدِهِ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشَّرِكَةَ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ادَّعَى دَفْعَ ذَلِكَ الْمَالِ إلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَ أَنْكَرَ الشَّرِكَةَ أَصْلًا بِأَنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا شَرِكَةٌ أَصْلًا وَمَا دَفَعْت إلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى دَفْعِ الْمَالِ لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ وَإِنْ أَنْكَرَ الشَّرِكَةَ وَالْمَالَ فِي الْحَالِ بِأَنْ قَالَ: لَا شَرِكَةَ بَيْنَنَا وَلَيْسَ لَك فِي يَدِي مَالُ الشَّرِكَةِ تُسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَى دَفْعِ الْمَالِ وَلَا تَنَاقُضَ هَهُنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ أَخُوهُ وَادَّعَى عَلَيْهِ النَّفَقَةَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هُوَ لَيْسَ بِأَخِي ثُمَّ مَاتَ الْمُدَّعِي فَجَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَطْلُبُ الْمِيرَاثَ وَقَالَ: هُوَ أَخِي لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ مَكَانُ دَعْوَى الْأُخُوَّةِ دَعْوَى الْبُنُوَّةِ أَوْ دَعْوَى الْأُبُوَّةِ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ وَيُقْضَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. لَوْ ادَّعَى أَنَّهَا لَهُ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِي ذِي الْيَدِ فَقَالَ ذُو الْيَدِ: مَا كَانَ لِأَبِي فِيهَا حَقٌّ فَلَمَّا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَيِّتِ وَهُوَ يَمْلِكُهَا أَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِيهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ قَالَ ذُو الْيَدِ: هَذِهِ الدَّارُ مَا كَانَتْ لِأَبِي قَطُّ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَبِي فِيهَا حَقٌّ قَطُّ فَلَمَّا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ أَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِيهِ فِي صِحَّتِهِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا لِي قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ قُضِيَ تُقْبَلُ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ فِي شَيْءٍ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْقَضَاءِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ قَالَ: لَمْ يَجْرِ بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي شُهُودِي هَؤُلَاءِ أَنَّهُ ادَّعَى عَلَيَّ حَقًّا ثُمَّ قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ أَبْرَأْتُهُ وَلَمْ يَجْرِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوَّلًا: لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ وَلَا أَعْرِفُهُ فَلَمَّا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ أَقَامَ هُوَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَضَاءِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: لَمْ أَبِعْهَا مِنْهُ قَطُّ فَلَمَّا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ وَقُضِيَ لَهُ بِذَلِكَ وَجَدَ بِهَا إصْبَعًا زَائِدَةً وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُقْضَى عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُقْضَى عَلَيْهِ: إنَّهُ بَرِئَ إلَيَّ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهَا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ نِكَاحًا فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك فَلَمَّا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ أَقَامَ هُوَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ قَالَ الرَّجُلُ فِي إنْكَارِهِ: لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا نِكَاحٌ قَطُّ أَوْ قَالَ: مَا تَزَوَّجْتُهَا قَطُّ فَلَمَّا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ أَقَامَ هُوَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْهُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَسْأَلَةُ الْبَيْعِ سَوَاءً وَثَمَّةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعَيْبِ فَكَذَلِكَ الْخُلْعُ عِنْدَنَا لِأَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ وَالطَّلَاقُ

يَقْتَضِي سَابِقَةَ النِّكَاحِ وَكَانَ هُوَ فِي دَعْوَاهُ الطَّلَاقَ مُتَنَاقِضًا فَلَا يُسْمَعُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَأَنْكَرَ الرَّجُلُ ذَلِكَ ثُمَّ ادَّعَى تَزَوُّجَهَا فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ لَوْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً عَلَى الطَّلَاقِ ثَلَاثًا بَعْدَ مَا اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا لَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ بَدَلَ الْخُلْعِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَنَاقِضَةً وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ إذَا قَاسَمَ أَخَ امْرَأَتِهِ مِيرَاثَهَا وَأَقَرَّ الْأَخُ أَنَّهُ وَرِثَهَا ثُمَّ أَقَامَ الْأَخُ بَيِّنَةً أَنَّ الزَّوْجَ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَرْجِعُ الْأَخُ عَلَى الزَّوْجِ بِمَا أَخَذَ مِنْ الْمِيرَاثِ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ إذَا أَدَّتْ بَدَلَ الْكِتَابَةِ ثُمَّ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى إعْتَاقِ الْمَوْلَى إيَّاهَا قَبْلَ الْكِتَابَةِ تُقْبَلُ وَكَذَا الْعَبْدُ وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا قَاسَمَتْ وَرَثَةَ زَوْجِهَا الْمِيرَاثَ وَكُلُّهُمْ كِبَارٌ وَقَدْ أَقَرُّوا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ ثُمَّ وَجَدُوا شُهُودًا أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي صِحَّتِهِ فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ مِنْ الْمِيرَاثِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. قَوْمٌ وَرِثُوا دَارًا عَنْ أَبِيهِمْ وَاقْتَسَمُوهَا بِرِضَاهُمْ فَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ تَصَدَّقَ بِطَائِفَةٍ مِنْهَا مَعْلُومَةٍ عَلَيْهِ أَوْ ادَّعَى ذَلِكَ لِابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ قَالَ: مَاتَ ابْنِي فَوَرِثْتُهَا مِنْهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَدَعْوَاهُ بَاطِلَةٌ وَبَيِّنَتُهُ مَرْدُودَةٌ وَلَوْ كَانَ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ صَحَّتْ دَعْوَاهُ وَقُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا اقْتَسَمَ الْقَوْمُ دَارًا وَالْمَرْأَةُ مُقِرَّةٌ بِذَلِكَ وَأَصَابَهَا الثُّمُنُ فَعَزَلَ لَهَا طَائِفَةً مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا فِي صِحَّتِهِ أَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا اشْتَرَتْهَا مِنْهُ بِصَدَاقِهَا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا وَكَذَلِكَ إذَا اقْتَسَمُوا أَرْضًا فَأَصَابَ كُلُّ إنْسَانٍ طَائِفَةً بِجَمِيعِ مِيرَاثِهِ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمْ فِي قِسْمِ الْآخَرِ بِنَاءً أَوْ نَخْلًا وَزَعَمَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي بَنَاهُ وَغَرَسَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَنَّ هَذَا الْمَحْدُودَ مِيرَاثٌ عَنْ أَبِينَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَصِيَّةٌ عَنْ أَبِي لِابْنِي فُلَانٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قِيلَ: لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيَكُونُ مُتَنَاقِضًا وَهُوَ الْأَظْهَرُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ادَّعَى أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِقْرَارُهُ السَّابِقُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ دَعْوَى الْوَصِيَّةِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى دَيْنًا قِبَلَ الْمَيِّتِ وَكَذَلِكَ الْوَرَثَةُ أَقَرُّوا جَمِيعًا أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ مِيرَاثٌ بَيْنَنَا عَنْ أَبِينَا ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّ ثُلُثَ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَصِيَّةٌ مِنْ أَبِي لِابْنِي الصَّغِيرِ فُلَانٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ مَحْدُودًا إجَارَةً طَوِيلَةً مَرْسُومَةً وَآجَرَهُ مِنْ مُقَاطَعَةٍ وَأَقَرَّ الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي بِالْقَبْضِ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي فَسَخَا الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ بَيْنَهُمَا وَطَالَبَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ الْمُسْتَأْجِرَ الثَّانِيَ بِمَالِ الْمُقَاطَعَةِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي: إنَّ هَذَا الْمَحْدُودَ كَانَ فِي يَدَيْ الْآجِرِ الْأَوَّلِ مِنْ يَوْمِ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ إلَى هَذَا الْيَوْمِ وَلَمْ يُجْبِ عَلَيَّ مَالَ الْمُقَاطَعَةِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ وَلَوْ أَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ قَدْ قَبَضَ الْمُسْتَأْجَرَ وَأَقَامَ الثَّانِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ الْأَوَّلِ تَمَامَ الْمُدَّةِ فَبَيِّنَةُ الْأَوَّلِ أَوْلَى (سُئِلَ) نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى دَيْنًا فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَصَدَّقَهُ الْوَارِثُ فِي ذَلِكَ وَضَمِنَ لَهُ إيفَاءَ الدَّيْنِ ثُمَّ ادَّعَى هَذَا الْوَارِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ كَانَ قَضَى الْمَالَ فِي حَيَاتِهِ وَأَرَادَ إثْبَاتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ قَالَ: لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ الشَّيْخُ الْأَمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ عَمَّنْ خَلَعَ امْرَأَتَهُ وَقَالَ فِي مَجْلِسِهِ: (مَرَّ اندرين خَانَهُ هيج جينري نَسِيَتْ) ثُمَّ ادَّعَى شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ أَوْ أَقْمِشَتِهِ قَالَ: إنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَقُولُ: كَانَ هَذَا فِي الْبَيْتِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ

هَذَا فِي الْبَيْتِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ) رَجُلٌ قَالَ: مَا فِي يَدِي مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ عَبِيدٍ أَوْ مَتَاعٍ لِفُلَانٍ صَحَّ إقْرَارُهُ وَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ لِيَأْخُذَ عَبْدًا مِنْ يَدِ الْمُقِرِّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: كَانَ فِي يَدِك وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَهُوَ لِي وَقَالَ الْمُقِرُّ: لَا بَلْ مَلَكْت هَذَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُقَرُّ لَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَذُكِرَ فِي الْإِقْرَارِ مَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ الْجَامِعِ. رَجُلٌ قَالَ: مَا فِي حَانُوتِي لِفُلَانٍ ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ ادَّعَى شَيْئًا مِمَّا فِي الْحَانُوتِ أَنَّهُ وَضَعَهُ فِي حَانُوتٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ صُدِّقَ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُخَالِفُ رِوَايَةَ الْجَامِعِ قَالُوا: تَأْوِيلُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ فِي مُدَّةٍ لَا يُمْكِنُهُ إدْخَالُهُ فِي الْحَانُوتِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِيَقِينٍ وَفِي مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ إذَا ادَّعَى الْمُقِرُّ حُدُوثَ الْمِلْكِ فِي زَمَانٍ لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهُ فِيهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنِّي مَلَكْتُهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا لَمْ تَكُنْ دَعْوَاهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ قَالَ: ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ رَجُلٌ قَالَ: لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ أَوْ قَالَ: فِي يَدِ فُلَانٍ ثُمَّ إنَّهُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدٍ فِي يَدِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ دِينَارًا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ غَصَبَهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَعَلَى دَيْنٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَكَذَا لَوْ كَتَبَ الرَّجُلُ بَرَاءَةً لِرَجُلٍ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِي قَبِلَك فِي عَيْنٍ وَلَا دَيْنٍ وَلَا شِرَاءٍ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى شِرَاءِ عَبْدٍ مِنْ الَّذِي أَبْرَأَهُ أَوْ عَلَى قَرْضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِتَارِيخٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ دَعْوَى الزَّوْجِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ مَا إذَا ادَّعَى مُطْلَقًا أَنَّهُ لَهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ: جَمِيعُ مَا فِي يَدَيَّ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لِفُلَانٍ ثُمَّ إنَّهُ مَكَثَ أَيَّامًا فَحَضَرَ فُلَانٌ لِيَأْخُذَ مَا فِي يَدِهِ فَادَّعَى عَبْدٌ مِمَّا فِي يَدِهِ أَنَّهُ لَهُ مَلَكَهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ قَالَ الْمُدَّعِي: كَانَ هَذَا الْعَبْدُ فِي يَدِكَ يَوْمَ الْإِقْرَارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْعَبْدُ عَبْدُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَضَيْتُهَا إيَّاكَ قَبْلَ أَنْ أُقِرَّ بِهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَك، أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ قَضَاهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ مَوْصُولًا بِإِقْرَارِهِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ اسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ التَّنَاقُضِ فِي الدَّعَاوَى وَالشَّهَادَةِ. لَوْ قَالَ: كَانَتْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ: قَضَيْتُهَا إيَّاهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ التَّنَاقُضِ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ. قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَنْكَرَهَا فَسَأَلَ الْحَاكِمُ الْمُدَّعِيَ هَلْ قَبَضَ مِنْ الْمَالِ شَيْئًا؟ فَأَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَبْرَأَ الْحَاكِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْعَشَرَةِ الْآلَافِ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ الْحَاكِمِ قَالَ الْمَطْلُوبُ: لَا وَاَللَّهِ مَا قَبَضْتَهَا مِنِّي فَجَاءَ الطَّالِبُ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى كَلَامِهِ هَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَقْبَلُ هَذَا مِنْ الطَّالِبِ وَأَقْضِي بِهَا عَلَيْهِ وَبِمِثْلِهِ لَوْ أَقَامَ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِنْ قَالَ الْمَطْلُوبُ: إنَّمَا قُلْت مَا قَبَضْتَهَا مِنِّي وَأَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّك قَبَضْتَهَا مِنْ وَكِيلِي لَمْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ جَاءَ الْمَطْلُوبُ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا قَضَى هَذَا الْمَالَ تَطَوُّعًا بِهَا مِنْ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ الْمَطْلُوبِ وَلَا وَكَالَةٍ فَإِنِّي أَقْبَلُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ الْمَطْلُوبُ: مَا قَبَضَهَا فُلَانٌ كَانَ هَذَا عَلَى قَبْضٍ مِنْ نَفْسِ الْمَطْلُوبِ وَوَكِيلِهِ وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِهِ وَلَا أَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَبَضَهَا مِنْ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ التَّنَاقُضِ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ: إنِّي قَدْ اسْتَوْفَيْت مِنْ هَذَا الْمَالِ كَذَا هَلْ تَبْطُلُ بَيِّنَتُهُ قَالُوا: إنْ قَالَ اسْتَوْفَيْت مِنْ هَذَا الْمَالِ كَذَا لَا تَبْطُلُ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ اسْتَوْفَيْت

بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ قَالَ: قَدْ كُنْت اسْتَوْفَيْت مِنْ هَذَا الْمَالِ كَذَا أَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: (جندين يَا فتيه بودم) بَطَلَتْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ أَرْبَعُمِائَةٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّ لِلْمُنْكِرِ عَلَيْهِ مِائَةً سَقَطَ عَنْ الْمُنْكِرِ ثَلَثُمِائَةٍ عِنْدَ أَبِي الْقَاسِمِ وَعَنْ أَبِي أَحْمَدَ عِيسَى بْنِ النَّصِيرِ أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى غَيْرِهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ حَالَّةً فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: (آرى مارابتواين ده درم بايددادادن ولكن ماراازتو هزار درهم مي بايدحال) فَهَذِهِ الدَّعْوَى الثَّانِيَةُ لَا تَصِحُّ إذَا كَانَ الْمَالَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّيْنَ: (أَيْنَ مبلغ مَال كه دعوى ميكني بتورسانيده أُمّ) ثُمَّ قَالَ: (بِفُلَانِ حواله كرده بودم واورسانيده است) فَقَدْ قِيلَ: لَا تُسْمَعُ هَذِهِ الْمَقَالَةُ الثَّانِيَةُ وَقِيلَ: تُسْمَعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ قَضَيْتُهَا فِي سُوقِ سَمَرْقَنْدَ فَطُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ فَقَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَضَيْتُهَا فِي قَرْيَةِ كَذَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سَاوَمَ دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى شِرَائِهَا مِنْ فُلَانٍ مَالِكِهَا لَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ فُلَانٍ بَعْدَ الْمُسَاوِمَةِ أَوْ أَنَّ الْمُسَاوِمَ مِنْهُ كَانَ وَكِيلَ فُلَانٍ بِالْبَيْعِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. اشْتَرَى ثَوْبًا أَوْ سَاوَمَهُ أَوْ اسْتَوْهَبَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مَلَكَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ قَبْلَ الْمُسَاوَمَة أَوْ قَبْلَ الِاسْتِيهَابِ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مِلْكَ أَبِيهِ يَوْمَ الْمُسَاوَمَةِ فَمَاتَ وَتَرَكَ مِيرَاثًا أَوْ وَهَبَهُ لَهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إلَّا إذَا صَرَّحَ بِمِلْكِ أَبِيهِ عِنْدَ الْمُسَاوَمَةِ بِأَنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ الْمُسَاوَمَةِ: إنَّ هَذَا الثَّوْبَ لِأَبِي وَوَكَّلَك بِبَيْعِهِ فَبِعْهُ مِنِّي فَلَمْ يَتَّفِقْ بَيْنَهُمَا بِيعَ ثُمَّ ادَّعَى الْإِرْثَ عَنْ أَبِيهِ يُقْبَلُ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ وَكَذَا لَوْ قَالَ عِنْدَ الدَّعْوَى: كَانَ لِأَبِيهِ وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ فَاشْتَرَيْتُهُ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ ثَمَنَهُ مِيرَاثًا لِي يُسْمَعُ وَيُقْضَى لَهُ بِالثَّمَنِ لَيْسَ بِمُتَنَاقِضٍ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ ادَّعَى طَيْلَسَانًا وَسَاوَمَهُ ثُمَّ ادَّعَى مَعَ أَخٍ لَهُ أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ الِاسْتِيَامِ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مِلْكَ أَبِيهِ يَوْمَ الْمُسَاوَمَةِ فَمَاتَ وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا لَهُمَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فِي نَصِيبِهِ وَتُسْمَعُ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ وَيَتَخَيَّرُ فِي نِصْفِ الطَّيْلَسَانِ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ وَحْدَهُ وَقَبَضَهُ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِ وَلَكِنَّهُ سَاوَمَهُ ثُمَّ جَاءَ أَبُوهُ وَادَّعَى أَنَّ الطَّيْلَسَانَ لَهُ تُسْمَعُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَا إذَا قَضَى لِأَبِيهِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْأَبُ حَتَّى مَاتَ وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا لَهُ سُلِّمَ لَهُ الطَّيْلَسَانُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ أَمَّا إذَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي حَتَّى مَاتَ أَبُوهُ لَا يُقْضَى لِلِابْنِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ شِرَاءَ ثَوْبٍ وَشَهِدَا لَهُ بِشِرَاءٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَضَى أَوَّلًا ثُمَّ زَعَمَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّ الثَّوْبَ لَهُ أَوْ لِأَبِيهِ وَرِثَهُ هُوَ عَنْهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَوْ قَالَ عِنْدَ الشَّهَادَةِ: هَذَا الثَّوْبُ بَاعَهُ مِنْهُ لَكِنَّهُ لِي أَوْ لِأَبِي وَرِثَهُ عَنْهُ يُقْضَى بِالْبَيْعِ وَتُسْمَعُ دَعْوَى الشَّاهِدِ فَإِذَا بَرْهَنَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ قُضِيَ لَهُ لِانْعِدَامِ التَّنَاقُضِ وَلَوْ قَالَ قَوْلًا وَلَمْ يُؤَدِّيَا الشَّهَادَةَ ثُمَّ ادَّعَى لِنَفْسِهِ أَوْ أَنَّهُ لِأَبِيهِ وَكَّلَهُ بِالطَّلَبِ تُقْبَلُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ سَاوَمَ بِوَلَدِ أَمَةٍ أَوْ ثَمَرَةِ نَخْلَةٍ أَوْ نَخْلٍ فِي أَرْضٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْأَمَةَ أَوْ النَّخْلَةَ أَوْ الْأَرْضَ لَهُ يُقْضَى لَهُ بِالْأَمَةِ أَوْ النَّخْلَةِ أَوْ الْأَرْضِ دُونَ الْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ وَالنَّخْلِ وَلَوْ ادَّعَى الْأُمَّ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ النَّخْلَةَ مَعَ الثَّمَرَةِ أَوْ الْأَرْضَ مَعَ النَّخْلِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى النَّخْلَةِ وَالثَّمَرَةِ وَالْوَلَدِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ

حَامِلًا فَوَلَدَتْ فِي يَدِهِ فَسَاوَمَ بِالْوَلَدِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْأَمَةِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الشَّاهِدَانِ: إنَّ الْوَلَدَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ قَالَا: لَا نَدْرِي لِمَنْ الْوَلَدُ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ لِلْمُدَّعِي وَلَكِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ أَنَّ الْأُمَّ لَهُ دُونَ وَلَدِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى مُسَاوِمَةِ وَكِيلِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ خَرَجَ الْوَكِيلُ وَمُوَكِّلُهُ مِنْ الْخُصُومَةِ وَإِنْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِهِ خَرَجَ الْوَكِيلُ فَقَطْ وَإِنْ بَرْهَنَ الْمُوَكِّلُ عَلَى أَنَّهُ وَكَّلَهُ غَيْرُ جَائِزِ الْإِقْرَارِ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى إقْرَارِ الْوَكِيلِ فَالْمُوَكِّلُ عَلَى دَعْوَاهُ وَخَرَجَ الْوَكِيلُ عَنْ الْخُصُومَةِ فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً مُتَنَقِّبَةً فَلَمَّا جَلَتْ وَكَشَفَتْ نِقَابَهَا قَالَ الْمُشْتَرِي: هَذِهِ جَارِيَتِي وَلَمْ أَعْرِفْهَا بِالنِّقَابِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ وَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُ مَتَاعًا فِي جِرَابٍ مُدْرَجٍ أَوْ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ مُلَفَّفٍ فَلَمَّا أَخْرَجَهُ وَنَشَرَهُ قَالَ: هَذَا مَتَاعِي وَلَمْ أَعْرِفْهُ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: كُلُّ مَا تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ عِنْدَ الْمُسَاوَمَة مِثْلُ الْجَارِيَةِ الْمُنْتَقِبَةِ الْقَائِمَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ وَكُلُّ مَا لَا تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ حِينَ الْمُسَاوَمَة مِثْلُ ثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ جَارِيَةٍ قَاعِدَةٍ عَلَيْهَا كِسَاءٌ مُغَطَّاةٍ لَا يُرَى مِنْهَا شَيْءٌ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ قَدْ كَانَ فُلَانٌ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ فَاشْتَرَاهُ وَهُوَ حَيٌّ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَبْدَ مَمْلُوكٌ لَهُ عَلَى حَالِهِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمَأْذُونُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَمْ يُقِرّ بِذَلِكَ وَأَنَّمَا أَقَرَّ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنِّي وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّ الْمَأْذُونَ لَا يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى لَا يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى يُؤْمَرَ بِدَفْعِ الْعَبْدِ إلَى فُلَانٍ وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِمَا ادَّعَاهُ الْمَأْذُونُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ كَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْمَأْذُونُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ أَوْ حَلَّفَ الْمَأْذُونُ الْبَائِعَ عَلَى مَا ادَّعَى وَنَكَلَ رَجَعَ الْمَأْذُونُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَقَدْ جَمَعَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ ثَلَاثَةِ فُصُولٍ إقْرَارِ الْبَائِعِ بِمَا ادَّعَاهُ الْمَأْذُونُ وَإِقَامَةِ الْمَأْذُونِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَائِعِ وَتَحْلِيفِ الْمَأْذُونِ الْبَائِعَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَأَجَابَ فِي الْكُلِّ أَنَّ الْمَأْذُونَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَهَذَا الْجَوَابُ ظَاهِرٌ فِي فُصُولِ الْإِقْرَارِ مُشْكِلٌ فِي فَصْلِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَفِي تَحْلِيفِ الْبَائِعِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُسْمَعَ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمَأْذُونِ عَلَى مَا ادَّعَى وَلَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ تَحْلِيفِ الْبَائِعِ عَلَى مَا ادَّعَى وَقَدْ وَضَعَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الزِّيَادَاتِ وَالْجَامِعِ فِي الْحُرِّ وَذَكَرَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ بَيْعِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ عَلَى ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ لَمْ يُصَحِّحْ مَا ذُكِرَ فِي الْمَأْذُونِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَحَّحَهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَالَ بَعْضُهُمْ: فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ عَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ وَالْجَامِعِ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ لَا يَحْلِفُ الْبَائِعُ وَعَلَى رِوَايَةِ الْمَأْذُونِ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ وَالْجَامِعِ قِيَاسٌ وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَأْذُونِ اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ قَدِمَ بَلْدَةً وَاسْتَأْجَرَ دَارًا وَقِيلَ لَهُ: هَذِهِ دَارُ أَبِيك مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَك فَقَالَ: مَا كُنْت أَعْلَمُ ذَلِكَ فَادَّعَى الدَّارَ لِنَفْسِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: ادْفَعْ إلَيَّ هَذِهِ الدَّارَ أَسْكُنُهَا فَأَبَى أَنْ يَدْفَعَ فَادَّعَى السَّائِلُ أَنَّهَا لَهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعْطِنِي هَذِهِ الدَّابَّةَ أَرْكَبُهَا أَوْ قَالَ: نَاوِلْنِي هَذَا الثَّوْبَ أَلْبَسُهُ وَلَوْ قَالَ: أَسْكِنِّي هَذِهِ أَوْ أَعِرْنِي هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ ثُمَّ أَعَارَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِمَّنْ يَمْلِكُهَا قَالَ: لَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ بَعْدَ التَّزَوُّجِ وَهُوَ

يَمْلِكُهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمُنْتَقَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَاهِدَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَأَنْفَذَ الْقَاضِي شَهَادَاتِهِمَا ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الَّذِي طَلَّقَهَا وَلِي عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَالْمَرْأَةُ تَجْحَدُ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُونَا شَهِدَا أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَشَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَ هَذِهِ ثَلَاثًا وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إذَا جَحَدَ الْبَائِعُ دَعْوَى الشَّاهِدِ وَقَالَ: الْمَتَاعُ لِي وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الشَّاهِدُ: نَحْنُ أَمَرْنَاهُ بِالْبَيْعِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ جَاحِدًا لِلْبَيْعِ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي جَاحِدًا لِلشِّرَاءِ وَلَوْ شَهِدَ أَفْرَادُ الْحَاكِمِ شَهَادَتَهُمَا ثُمَّ ادَّعَيَاهُ لِأَنْفُسِهِمَا فَلَيْسَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ دَعْوَى فَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَكِنْ شَهِدَا عَلَى الْمُبَايَعَةِ وَخَتَمَا عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ بِكَلَامٍ فَإِنَّ هَذَيْنِ لَا تُقْبَلُ لَهُمَا دَعْوَى وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَلَمْ يَشْهَدْ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَأَجَازَ الْقَاضِي شَهَادَتُهُ ثُمَّ ادَّعَى الشَّاهِدُ إنَّهَا امْرَأَتُهُ وَقَالَ: أَنَا لَمْ أَعْرِفْهَا وَلَمْ أَكُنْ دَخَلْت بِهَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِ الْمَرْأَةِ إنَّهَا امْرَأَتُهُ وَلَمْ يَشْهَدْ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَأَجَازَ الْقَاضِي عَلَيْهَا إقْرَارُهَا وَجَعَلَهَا امْرَأَتَهُ ثُمَّ أَقَامَ الشَّاهِدُ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ سَنَةٍ وَأَنِّي لَمْ أَعْرِفْهَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَبْطُلُ قَضَاءُ الْقَاضِي وَيَرُدُّهَا عَلَى الشَّاهِدِ فَصَارَتْ مَسْأَلَةُ الطَّلَاقِ مُخْتَلِفَةً بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ مِلْكًا مُطْلَقًا ثُمَّ ادَّعَاهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي بِسَبَبٍ حَادِثٍ صَحَّتْ دَعْوَاهُ لَوْ ادَّعَى أَوَّلًا الْمِلْكَ بِسَبَبٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ مِلْكًا مُطْلَقًا عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى النِّتَاجَ أَوَّلًا فِي دَابَّةٍ ثُمَّ ادَّعَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِسَبَبٍ عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ دَعْوَاهُ الثَّانِيَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ أَوَّلًا ثُمَّ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَبَبٍ عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ نِصْفَ دَارٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ جَمِيعَ الدَّارِ لَا تُسْمَعُ وَعَلَى الْقَلْبِ تُسْمَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا تُسْمَعُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إلَّا إذَا كَانَ قَالَ وَقْتَ دَعْوَى النِّصْفِ: لَا حَقَّ فِيهَا سِوَى النِّصْفِ فَحِينَئِذٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَيَاهُ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ وَظَهَرَ أَنَّ الدَّارَ الْمُدَّعَاةَ يَوْمَ الدَّعْوَى لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ فِي يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ ادَّعَى هَذِهِ الدَّارَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ مِلْكًا مُطْلَقًا قِيلَ: لَا تُسْمَعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَهَذَا إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ أَوَّلًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَبْضَ وَلَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مَعَ الْقَبْضِ أَوَّلًا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي مِلْكًا مُطْلَقًا هَلْ تُسْمَعُ؟ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ مَعَ الْقَبْضِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. دَارٌ فِي يَدِ الرَّجُلِ يَزْعُمُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي أَنَّهَا دَارُهُ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الَّذِي بَاعَهَا مِنْ ذِي الْيَدِ ثُمَّ رَفَعَ الْمُدَّعِي الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ إلَى الْقَاضِي بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ وَادَّعَى أَنَّهَا دَارُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الَّذِي زَعَمَ ذُو الْيَدِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ فَإِنْ ذَكَرَ تَارِيخَ الشِّرَاءِ قَبْلَ تَارِيخِ الصَّدَقَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ شُهُودِهِ وَإِنْ ذَكَرَ تَارِيخَ الشِّرَاءِ بَعْدَ تَارِيخِ الصَّدَقَةِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْأَقْضِيَةِ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ التَّارِيخَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشُّهُودِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَا أُبَالِي قَالَ فِي الصَّدَقَةِ قَبَضْتُ أَوْ لَمْ أَقْبِضْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ كَانَ ادَّعَى الصَّدَقَةَ بَعْدَ تَارِيخِ الشِّرَاءِ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ فِي فَصْلِ التَّنَاقُضِ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ. لَوْ ادَّعَى دَارًا شِرَاءً مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَى الْمِيرَاثَ تُسْمَعُ وَلَوْ ادَّعَى أَوَّلًا بِسَبَبِ الْعَيْنِ ثُمَّ ادَّعَى الشِّرَاءَ لَا تُقْبَلُ وَيَثْبُتُ التَّنَاقُضُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ

ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ مَهْرَ الْمِثْلِ ثُمَّ ادَّعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُسَمَّى تُسْمَعُ دَعْوَاهَا الثَّانِيَةُ وَلَوْ ادَّعَتْ الْمُسَمَّى أَوَّلًا ثُمَّ ادَّعَتْ مَهْرَ الْمِثْلِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا الثَّانِيَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ تُطَالِبُ زَوْجَهَا بِمَهْرِهَا فَقَالَ الزَّوْجُ مَرَّةً: أَوْفَيْتُهَا وَمَرَّةً قَالَ: أَدَّيْت إلَى أَبِيهَا قَالُوا: لَا يَكُونُ مُنَاقِضًا فِي الْفُصُولِ الأسروشنية وَاقِعَةُ الْفَتْوَى (مردى زَنَى راكه خدمت أَوْ ميكر دبشوهرى داد بَعْد ازان دعواي ميكندكه آن زن در نِكَاح مِنْ بوادداست وَمنْ طَلَاق نداده أُمّ) هَلْ يُسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ؟ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُسْمَعَ لِلتَّنَاقُضِ الظَّاهِرِ قَالَهُ الْأُسْرُوشَنِيُّ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. امْرَأَةٌ بَاعَتْ كَرْمًا فَادَّعَى ابْنُهَا وَهُوَ غَيْرُ بَالِغٍ أَنَّ الْكَرْمَ لَهُ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ وَصَدَّقَتْهُ أُمُّهُ الْبَائِعَةُ وَزَعَمَتْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً لَهُ قَالُوا: إنْ كَانَتْ ادَّعَتْ وَقْتَ الْبَيْعِ أَنَّهَا وَصِيَّةُ الصَّغِيرِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً لَهُ وَكَانَتْ عَلَيْهَا قِيمَةُ الْمَبِيعِ بِإِقْرَارِهَا عَلَى نَفْسِهَا أَنَّهَا الْمُسْتَهْلِكَةُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسَلُّمِ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْغُلَامِ إلَّا بِإِذْنِ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلٍ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا دَارُهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ مُنْذُ سَنَةٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الَّذِي فِي يَدَيْهِ مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي ذَلِكَ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَلَا يَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ وَفَّقَ الْمُدَّعِي فَقَالَ: كُنْت اشْتَرِيهَا مُنْذُ سَنَتَيْنِ مِنْ ذِي الْيَدِ كَمَا شَهِدَ الشُّهُودُ ثُمَّ بِعْتُهَا مِنْ أَبِي ثُمَّ وَرِثْتُهَا مِنْ أَبِي مُنْذُ سَنَةٍ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَقُضِيَ بِالدَّارِ لَهُ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى هِبَةً أَوْ صَدَقَةً مَكَانَ الشِّرَاءِ كَانَ الْجَوَابُ فِيهَا كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ التَّنَاقُضِ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ. لَوْ ادَّعَى الصَّدَقَةَ مُنْذُ سَنَةٍ ثُمَّ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْهُ مُنْذُ شَهْرَيْنِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا وَفَّقَ فَقَالَ: تَصَدَّقَ عَلَيَّ وَقَبَضْتُهُ ثُمَّ وَصَلَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَجَحَدَنِي الصَّدَقَةَ فَاشْتَرَيْتُهَا وَبَيَّنَ أَنَّ الصَّدَقَةَ هِيَ السَّبَبُ وَالشِّرَاءُ كَانَ تَخْلِيصًا لِمِلْكِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ ادَّعَى الصَّدَقَةَ مُنْذُ سَنَةٍ فَشَهِدَ شُهُودُهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ لَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ فَيَقُولَ: تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيَّ مُنْذُ سَنَةٍ وَقَبَضْتُهُ وَوَصَلَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ وَجَحَدَنِي الصَّدَقَةَ فَاشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ فَإِذَا وَفَّقَ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ قُبِلَتْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ مَنْ يُكَذِّبُ الشَّاهِدَ. وَإِذَا ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهَا عَلَيْهِ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَقَالَ: لَمْ يَهَبْهَا لِي قَطُّ وَقَدْ ادَّعَى الْهِبَةَ عِنْدَ الْقَاضِي فَهَذَا إكْذَابٌ مِنْهُ لِشَاهِدَيْهِ فَلَا تُقْبَلُ وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَنَّهَا مِيرَاثٌ لَمْ يَشْتَرِهَا قَطُّ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: هِيَ بِشِرَاءٍ وَلَمْ أَرِثْهَا قَطُّ فَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الشِّرَاءِ مُنْذُ سَنَةٍ فَهُوَ بَاطِلٌ فَإِنْ ادَّعَاهَا هِبَةً وَلَمْ تُقْبَلْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهَا عَلَيَّ قَطُّ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ بِشُهُودٍ عَلَى الصَّدَقَةِ وَقَالَ: لَمَّا جَحَدَنِي الْهِبَةَ سَأَلْتُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَيَّ فَفَعَلَ أَجَزْت هَذَا وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَرِثْتُهَا ثُمَّ قَالَ: جَحَدَنِي الْمِيرَاثَ فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ فَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الشِّرَاءِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ أَوَّلًا ثُمَّ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّهُ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ ادَّعَى أَنَّهَا لَهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَى هُوَ مَعَ آخَرَ أَنَّهُمَا وِرْثَاهَا مِنْ الْمَيِّتِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. صَبِيٌّ لَهُ عَقَارَاتٌ مَوْرُوثَةٌ ادَّعَى بَعْدَ بُلُوغِهِ عَقَارًا مِنْ عَقَارَاتِهِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّ وَصِيَّهُ بَاعَهُ مُكْرَهًا وَسَلَّمَ مُكْرَهًا فَأَرَادَ اسْتِرْدَادَهُ مِنْ يَدَيْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَى مَرَّةً أُخْرَى ذَلِكَ الْعَقَارَ أَنَّ وَصِيَّهُ بَاعَهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَالْقَاضِي يَسْمَعُ مِنْهُ الدَّعْوَى الثَّانِيَةَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ فُضُولِيًّا فِي هَذَا الْبَيْعِ وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَ الْعَبْدِ مِنْ يَدَيْ الْمُشْتَرِي

وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ أَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ فُضُولِيًّا فِي هَذَا الْبَيْعِ وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَ الثَّمَنِ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ كَوْنِهِ فُضُولِيًّا فِي الْبَيْعِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَكَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَ صَاحِبَهُ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ كَوْنِهِ فُضُولِيًّا فِي الْبَيْعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهَا لَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا؛ وَقْفٌ عَلَيْهِ تُسْمَعُ وَلَوْ ادَّعَى أَوَّلًا الْوَقْفَ ثُمَّ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ بَاعَ ضَيْعَةً ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ وَقْفًا عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ قَالَ: لَا تُسْمَعُ لِلتَّنَاقُضِ وَإِنْ أَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَقَدْ قِيلَ: الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْقَبُولِ أَصْوَبُ وَأَحْوَطُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْأَجْنَاسِ مُشْتَرِي الْأَرْضِ إذَا أَقَرَّ أَنَّ الْأَرْضَ الْمُشْتَرَاةَ مَقْبَرَةٌ أَوْ مَسْجِدٌ وَأَنْفَذَ الْقَاضِي إقْرَارَهُ بِحَضْرَةِ مَنْ يُخَاصِمُهُ ثُمَّ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَائِعِ لِيَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي بِعْت مِنِّي وَقْفٌ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا تُقْبَلُ وَيُنْتَقَضُ الْبَيْعُ عِنْدَ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَبِهِ نَأْخُذُ وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى مَالًا بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فِي يَدِهِ ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ تُسْمَعُ وَعَلَى الْعَكْسِ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّ مَالَ الشَّرِكَةِ قَدْ يَصِيرُ دَيْنًا بِالْجُحُودِ وَالدَّيْنُ لَا يَصِيرُ شَرِكَةً كَذَا فِي الْفُصُولِ الأسروشنية. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيْك كَذَا وَكَذَا وَقَدْ مَاتَ فُلَانٌ وَقَدْ صَارَ مَالُهُ عَلَيْك مِيرَاثًا لِي فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَنَا أَوْفَيْتُهُ هَذَا الْمَالَ الْمُدَّعَى وَذَهَبَ لِيَأْتِيَ بِالْبَيِّنَةِ فَلَمْ يَأْتِ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ أَعَادَ دَعْوَاهُ ثَانِيًا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لَا عِلْمَ لِي بِوِرَاثَتِك سُمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَأَنْكَرَتْ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ فَجَاءَتْ تَدَّعِي مِيرَاثَهُ فَلَهَا الْمِيرَاثُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ فِي دَعْوَى الْمِيرَاثِ. وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ ادَّعَتْ النِّكَاحَ فَأَنْكَرَ الرَّجُلُ ثُمَّ مَاتَتْ فَطَلَبَ الرَّجُلُ مِيرَاثَهَا وَزَعَمَ أَنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَهَا كَانَ لَهُ الْمِيرَاثُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَطَلَبَتْ مِيرَاثَهَا مِنْهُ قَالَ: لَمْ أُوَرِّثْهَا مِنْهُ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا وَزَعَمَتْ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ مَوْتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ مَمْلُوكٌ ادَّعَاهُ رَجُلٌ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ يَجْحَدُ وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي مَا هُوَ لِهَذَا الْمُدَّعِي فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ فَقَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ: قَدْ كُنْت اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقَضَى لَهُ بِهِ وَلَا يَكُونُ إبَاؤُهُ الْيَمِينَ إكْذَابًا لِشُهُودِ الشِّرَاءِ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ لِي وُلِدَ فِي مِلْكِي ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنِّي اشْتَرَيْتُهُ مِنْ فُلَانٍ آخَرَ سِوَى الْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي نَوَادِرِ عِيسَى بْنِ أَبَانَ. ثَلَاثَةُ نَفَرٍ أَقَامُوا بَيِّنَةً عَلَى رَجُلٍ بِمَالٍ لَهُمْ قَبِلَهُ مِنْ مِيرَاثِهِمْ عَنْ أَبِيهِمْ وَقَضَى الْقَاضِي بِهِ لَهُمْ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: مَالِي فِي هَذَا الْمَالِ الَّذِي قُضِيَ لَنَا بِهِ عَلَى فُلَانٍ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّمَا هَذَا لِأَخَوَيَّ قَالَ: لَا يَبْطُلُ بِهَذَا الْقَوْلِ عَنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ: مَا كَانَ لِي أَصْلًا فِي هَذَا الْمَالِ شَيْءٌ وَمَا هُوَ إلَّا لِأَخَوَيَّ فَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ حَقُّهُ عَنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي لَهُ بِالْمَالِ: مَا لِي فِي هَذَا الْمَالِ حَقٌّ وَمَا هُوَ إلَّا لِأَخَوَيَّ يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ بِأَيِّ وَجْهٍ صَارَ لَهُمَا دُونَك وَإِنَّمَا ادَّعَيْتُمْ مِنْ مِيرَاثِ أَبِيكُمْ فَإِنْ جَاءَ بِوَجْهٍ يَكُونُ لَهُ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ مَخْرَجٌ قُبِلَ مِنْهُ وَإِنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ ثُمَّ مَاتَ قَضَى الْقَاضِي بِهِ لِلْأَخَوَيْنِ بِالثُّلُثَيْنِ وَتَرَكَ نَصِيبَ الْمُقِرِّ وَلَوْ كَانَ الَّذِينَ أَقَامُوا الْبَيِّنَةَ هُمْ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مُعَامَلَتَهُمْ وَلَمْ يَدَّعُوا الْمَالَ عَلَيْهِ مِنْ

الباب التاسع في دعوى الرجلين وفيه أربعة فصول

الْمِيرَاثِ وَلَكِنْ مِنْ شَيْءٍ بَاعُوهُ لَهُ قَالَ أَحَدُهُمْ: مَا الْمَالُ إلَّا لِهَذَيْنِ مَا لِي فِيهِ حَقٌّ كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ لِهَذَيْنِ وَلَمْ يَبْطُلْ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الْعِشْرِينَ فِيمَا يُبْطِلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِي الْأَعْيَانِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ) . (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِي الْأَعْيَانِ) . قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَوْ عَقَارًا آخَرَ أَوْ مَنْقُولًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرَا تَارِيخًا فَأَمَّا إذَا ذَكَرَا تَارِيخًا فَإِنْ كَانَ تَارِيخُهُمَا عَلَى السَّوَاءِ فَكَذَا الْجَوَابُ أَنَّهُ يُقْضَى لِلْخَارِجِ مِنْهُمَا وَإِنْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ يُقْضَى لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا وَإِذَا أَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُؤَرِّخْ الْآخَرُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِلْخَارِجِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا دَارُهُ مَلَكَهَا مُنْذُ سَنَةٍ وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَهُوَ يَمْلِكُهَا وَقَبَضَهَا قُضِيَ بِهَا لِلْمُدَّعِي الْخَارِجِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ أَنَّهُ عَبْدُهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ: جَعَلْتُهُ مُكَاتَبًا بَيْنَهُمَا يُؤَدِّي إلَيْهِمَا جَمِيعًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ دَبَّرَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ كَاتَبَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ كَانَتْ بَيِّنَةُ التَّدْبِيرِ أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَيَا مِلْكًا مُطْلَقًا وَكَانَ فِي يَدَيْ ثَالِثٍ وَلَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا تَارِيخًا وَاحِدًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ أَرَّخَا وَأَحَدُهُمَا أَسْبَقُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخِرُ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ يُقْضَى لِأَسْبَقِهِمَا وَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَأَطْلَقَ الْآخَرُ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بَيْنَهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ صَاحِبَيْهِ قَالَ: الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ: إنَّ الصَّحِيحَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخِرُ يُقْضَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَارٌ أَوْ مَنْقُولٌ فِي يَدَيْ رَجُلَيْنِ وَأَقَامَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَيَا إنْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا وَتَارِيخُهَا عَلَى السَّوَاءِ يُقْضَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا يُقْضَى لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا وَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُؤَرِّخْ الْآخَرُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي لَا يَعْتَبِرُ التَّارِيخَ وَعَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَعْتَبِرُ التَّارِيخَ يُقْضَى لِلْمُؤَرِّخِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلِغَيْرِ الْمُؤَرِّخِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ غَيْرَ الْمُؤَرِّخِ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ غَصَبَهُ ذُو الْيَدِ مِنْهُ أَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرَهُ ذُو الْيَدِ مِنْهُ أَوْ اسْتَعَارَهُ مِنْهُ أَوْ ارْتَهَنَهُ مِنْهُ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ مِلْكُهُ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَانَتْ أَمَةً أَقَامَتْ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ اسْتَوْلَدَهَا كَانَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى وَقُضِيَ لَهُ بِالْعَبْدِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي عَشَرَ فِي دَعْوَى النَّتَاجِ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ وَأَقَامَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُهُ وَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُهُ غَصَبَهَا مِنْهُ هَذَا الْمُدَّعِي الْآخَرُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالدَّارِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ بِالْغَصْبِ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانُ دَعْوَى الْغَصْبِ دَعْوَى الْإِيدَاعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى بَكْرٌ بَيْتًا هُوَ فِي يَدَيْ سَعْدٍ وَزَيْدٍ وَبَرْهَنَ أَنَّهُ لَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

الفصل الثاني في دعوى الملك في الأعيان بسبب الإرث أو الشراء أو الهبة

بَرْهَنَ أَنَّهُ لَهُ فَنِصْفُهُ لِبَكْرٍ وَنِصْفُهُ لَهُمَا وَلَوْ ادَّعَى بَكْرٌ الْغَصْبَ أَوْ الْوَدِيعَةَ عَلَى سَعْدٍ فَرُبْعُهُ لِزَيْدٍ وَمَا بَقِيَ لِبَكْرٍ (وَالْأَصْلُ) أَنَّ الْخَارِجَيْنِ إذَا تَنَازَعَا فِي عَيْنٍ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْغَصْبَ عَلَى صَاحِبِهِ وَبَرْهَنَا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِبَيِّنَةِ مُدَّعِي الْغَصْبِ وَلَا يَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبُ كَذَا هُنَا وَلَوْ ادَّعَى بَكْرٌ الْغَصْبَ عَلَى سَعْدٍ وَسَعْدٌ عَلَيْهِ وَادَّعَى زَيْدٌ مِلْكًا مُطْلَقًا فَنِصْفُهُ لِبَكْرٍ وَنِصْفُهُ لَهُمَا وَلَوْ ادَّعَى بَكْرٌ عَلَى سَعْدٍ وَسَعْدٌ عَلَى زَيْدٍ وَادَّعَى زَيْدٌ مِلْكًا مُطْلَقًا فَرُبْعُهُ لِزَيْدٍ وَمَا بَقِيَ لِبَكْرٍ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى سَعْدٍ وَسَعْدٌ عَلَى زَيْدٍ وَزَيْدٌ عَلَى بَكْرٍ فَلِزَيْدٍ النِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ سَعْدٍ وَلِبَكْرٍ النِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ زَيْدٍ وَلَوْ ادَّعَيَا الْغَصْبَ عَلَى بَكْرٍ وَهُوَ عَلَى سَعْدٍ فَلِزَيْدٍ النِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ سَعْدٍ وَمَا فِي يَدِ زَيْدٍ بَيْنَ بَكْرٍ وَسَعْدٍ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَقَامَ سَعْدٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا دَارِي غَصَبَهَا مِنِّي زَيْدٌ وَأَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا دَارِي غَصَبَهَا مِنِّي سَعْدٌ وَأَقَامَ بَكْرٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارِي غَصَبَهَا مِنِّي سَعْدٌ وَزَيْدٌ فَلِبَكْرٍ نِصْفُ الدَّارِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ سَعْدٍ وَزَيْدٍ نِصْفَيْنِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي دَعْوَى الْمِلْكِ فِي الْأَعْيَانِ بِسَبَبِ الْإِرْثِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي دَعْوَى الْمِلْكِ فِي الْأَعْيَانِ بِسَبَبِ الْإِرْثِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهَا دَارُهُ وَرِثَهَا عَنْ أَبِيهِ فُلَانٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا وَتَارِيخُهُمَا عَلَى السَّوَاءِ يُقْضَى بِالدَّارِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا عَلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْهُ يُقْضَى لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَا إنْ أَرَّخَا مِلْكَ الْمُوَرِّثِينَ يُقْضَى لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا بِالْإِجْمَاعِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُؤَرِّخْ الْآخَرُ قُضِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ لِلْخَارِجِ إلَّا إذَا كَانَ تَارِيخُ ذِي الْيَدِ أَسْبَقَ فَهُوَ أَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِهِ لِلْخَارِجِ وَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُؤَرِّخْ الْآخَرُ فَهُوَ لِلْخَارِجِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا إذَا كَانَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقَ فَهُوَ أَوْلَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إنْ ادَّعَيَا الشِّرَاءَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ آخَرَ وَهُوَ يَمْلِكُهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بَيْنَهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ سَوَاءٌ أَرَّخَا عَلَى الشِّرَاءِ أَوْ لَمْ يُؤَرِّخَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ وَقَّتَا فَصَاحِبُ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ أَوْلَى فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ يُقْضَى بَيْنَهُمَا اتِّفَاقًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ ادَّعَيَا الشِّرَاءَ مِنْ وَاحِدٍ وَلَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا تَارِيخًا وَاحِدًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي وَيُخَيَّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ بَعْدَ مَا خَيَّرَهُمَا الْقَاضِي وَقَضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ فَلَيْسَ لِلَّذِي رَضِيَ بِهِ إلَّا النِّصْفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَرَّخَا وَأَحَدُهُمَا أَسْبَقُ تَارِيخًا يُقْضَى لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا اتِّفَاقًا وَإِنْ أَرَّخَ الْآخَرُ فَهُوَ لِلْمُؤَرِّخِ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي أَيْدِيهِمَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا إلَّا إذَا أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَحِينَئِذٍ يُقْضَى لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهِيَ لِذِي الْيَدِ سَوَاءٌ أَرَّخَ أَمْ لَمْ يُؤَرِّخْ إلَّا إذَا أَرَّخَا وَتَارِيخُ الْخَارِجِ أَسْبَقُ فَيُقْضَى بِهَا لِلْخَارِجِ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ وَعَبْدٌ أَقَامَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ الدَّارَ بِالْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ وَصَاحِبُ الْيَدِ يُنْكِرُ دَعْوَاهُمَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالدَّارِ بَيْنَهُمَا وَيَقْضِي بِالْعَبْدِ بَيْنَهُمَا وَلَهُمَا الْخِيَارُ فَإِنْ اخْتَارَا الْعَقْدَ أَخَذَا الدَّارَ بَيْنَهُمَا وَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ اخْتَارَا الْفَسْخَ أَخَذَا الْعَبْدَ بَيْنَهُمَا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ

أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ الدَّارِ بَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي لَهُمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِي الْمُدَّعِيَيْنِ وَالْبَاقِي بِحَالِهِ فَكَذَا الْجَوَابُ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ وَالْبَاقِي بِحَالِهِ قُضِيَ بِالدَّارِ لِصَاحِبِ الْيَدِ وَلَا يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ وَيَكُونُ كُلُّ الْعَبْدِ لِلْآخَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ فِي يَدِهِ وَلَكِنَّ شُهُودَهُ شَهِدُوا لَهُ بِقَبْضِ الدَّارِ قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالدَّارِ كَذَا فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْيَدِ: إنَّ عِوَضَ الدَّارِ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ بَلْ اُسْتُحِقَّ بِبَيِّنَةِ الْخَصْمِ الْآخَرِ فَأَنَا أَرْجِعُ عَلَيْك بِالدَّارِ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ اُسْتُحِقَّ بِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْيَدِ لِتَرْجِيحِ بَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ عَلَى الْآخَرِ فَلَمْ يَظْهَرْ الِاسْتِحْقَاقُ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْيَدِ إلَيْهِ وَصَارَ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ، هَذَا إذَا ادَّعَيَا الشِّرَاءَ مُطْلَقًا فَأَمَّا إذَا ادَّعَيَا الشِّرَاءَ مُؤَرَّخًا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ قُضِيَ لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمْ فِي أَيْدِيهِمَا أَمْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَيِّهِمَا كَانَ وَيُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْآخَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُقْضَى لِلْمُؤَرِّخِ بِالدَّارِ وَالْعَبْدِ لِلْآخَرِ وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا تَارِيخٌ وَلِلْآخَرِ قَبْضٌ مُعَايَنٌ أَوْ مَشْهُودٌ بِهِ فَهُوَ أَوْلَى كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ شَهِدَ شُهُودُ الَّذِي لَمْ يُؤَرِّخْ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ قُضِيَ لِصَاحِبِ التَّارِيخِ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا قَبْضٌ مَشْهُودٌ بِهِ وَلِلْآخَرِ قَبْضٌ مُعَايَنٌ فَاَلَّذِي لَهُ قَبْضٌ مُعَايَنٌ أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا فَأَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَأَطْلَقَ الْآخَرُ قُضِيَ بِالدَّارِ وَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ شَهِدَ شُهُودُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ مُعَايَنَةً أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْقَبْضِ وَأَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُؤَرِّخْ الْآخَرُ إنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَصَاحِبُ التَّارِيخِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الَّذِي لَمْ يُؤَرِّخْ شُهُودُهُ فَهُوَ أَوْلَى بِحُكْمِ الْقَبْضِ الْمُعَايَنِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ مُعَايَنَةً أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْقَبْضِ وَأَرَّخَ شُهُودُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ قُضِيَ بِالدَّارِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالْعَبْدُ لَهُمَا أَيْضًا وَيُخَيَّرَانِ أَيْضًا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَارِيخُ الْقَبْضِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ تَارِيخِ الشِّرَاءِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَشَهِدَ شُهُودُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ وَأَرَّخُوا الْقَبْضَ دُونَ الشِّرَاءِ وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ كَانَ صَاحِبُ الْقَبْضِ السَّابِقِ أَوْلَى وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْوَقْتِ اللَّاحِقِ قُضِيَ بِهَا لِصَاحِبِ الْوَقْتِ السَّابِقِ وَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا فِي الْقَبْضِ دُونَ الْآخَرِ وَالدَّارُ فِي يَدَيْ الْبَائِعِ قُضِيَ لِصَاحِبِ التَّارِيخِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ الَّذِي لَمْ يُؤَرِّخْ فَهُوَ أَوْلَى هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْبَاقِي بِحَالِهِ فَالدَّارُ وَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا وَيُخَيَّرَانِ؛ فَإِنْ أَمْضَيَا الْعَقْدَ فَالدَّارُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ اخْتَارَا فَسْخَ الْعَقْدِ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَا يَغْرَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَخِنْزِيرٍ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ يُنْكِرُ دَعْوَاهُمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِيَيْنِ نِصْفَيْنِ وَيَضْمَنُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بَيْعًا فَاسِدًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ قِيمَتَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهَذَا إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بِذَلِكَ وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْبَيْعِ وَقَبْضِ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا أَخَذَا الْعَبْدَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَا شَيْءَ لَهُمَا غَيْرُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْتَهْلَكًا فَإِنَّهُمَا يَأْخُذَانِ قِيمَةً وَاحِدَةً بَيْنَهُمَا وَلَا

شَيْءَ لَهُمَا غَيْرُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ الَّذِي فِي يَدِهِ بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ فِيهِ وَقْتًا مَعْلُومًا وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ يُنْكِرُ دَعْوَاهُمَا وَيَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ فَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ الْعَبْدُ بِالْخِيَارِ يَدْفَعُهُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَعَلَيْهِ ثَمَنُهُ لِلْآخَرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ بَاعَهُ إيَّاهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ أَمْضَيَا الْبَيْعَ أَوْ أَمْضَى أَحَدُهُمَا وَرَضِيَ بِهِ الْآخَرُ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَإِنْ أَمْضَى أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَنَقَضَ الْآخَرُ فَلِلْمُجِيزِ نِصْفُ الثَّمَنِ وَلِلنَّاقِضِ كُلُّ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يُمْضِيَا الْبَيْعَ أَخَذَا الْعَبْدَ نِصْفَيْنِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ وَصَدَّقَهُمَا ذُو الْيَدِ وَلَا يَعْلَمُ أَيَّهمَا أَوَّلَ إنْ أَمْضَيَا الْبَيْعَ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَإِنْ لَمْ يُمْضِيَا الْبَيْعَ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ أَخَذَا الْعَبْدَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَغَرِمَ الْمُشْتَرِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَإِنْ أَمْضَاهُ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُمْضِهِ الْآخَرُ يَأْخُذُ الْمُجِيزُ الْأَلْفَ كُلَّهَا وَيَأْخُذُ الْآبِي الْعَبْدَ كُلَّهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ: سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ غُلَامٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مُنْذُ سَنَةٍ وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ بِمِائَةِ دِينَارٍ مُنْذُ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَصَاحِبُ الْيَدِ يَقُولُ: بِعْتُهُ مِنْ صَاحِبِ الْمِائَةِ فَقَضَى الْقَاضِي بِالْغُلَامِ لِصَاحِبِ الْأَلْفِ فَسَلَّمَ الْغُلَامَ إلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا وَرَدَّهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ بِقَضَاءٍ وَجَاءَ صَاحِبُ الْمِائَةِ فَقَالَ: أَنَا آخُذُ الْغُلَامَ لِأَنَّك أَقْرَرْت بِبَيْعِهِ مِنِّي وَصَاحِبُ الْيَدِ يَأْبَى وَيَقُولُ الْقَاضِي: فُسِخَ الْعَقْدُ بَيْنِي وَبَيْنَك لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْغُلَامِ وَلَا يَكُونُ الْقَضَاءُ بِالْغُلَامِ لِصَاحِبِ الْأَلْفِ فَسْخًا لِلْبَيْعِ بِمِائَةٍ وَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ أَنْ يَأْخُذَ الْغُلَامَ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ وَلَمْ يَبِعْهُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ: خُذْ الْغُلَامَ وَأَبَى هُوَ فَلِلْبَائِعِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ قَالَ صَاحِبُ الْمِائَةِ حِينَ قَضَى الْقَاضِي بِالْغُلَامِ لِصَاحِبِ الْأَلْفِ وَقَامَ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي: قَدْ فَسَخْت الْبَيْعَ بَيْنَنَا لَمْ يَكُنْ فَسْخًا إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: أَجَبْتُك إلَى ذَلِكَ أَوْ يَفْسَخُ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ تَلَقِّي الْمِلْكَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَرَّخَا وَتَارِيخُهُمَا عَلَى السَّوَاءِ أَوْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا فَذَوَا الْيَدِ أَوْلَى وَإِنْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ كَانَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا أَوْلَى فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلٍ وَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ زَيْدٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَذُو الْيَدِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ وَالْمُدَّعِي هُوَ الْأَوَّلُ أَيْ تَارِيخُ الْخَارِجِ أَوَّلٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِلْخَارِجِ فَإِذَا قَضَيْنَا بِالشِّرَاءِ لِلْخَارِجِ فَإِنْ ثَبَتَ نَقَدَهُمَا الثَّمَنَ عِنْدَ الْقَاضِي بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ بِمُعَايَنَةِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ الدَّارَ إلَى الْخَارِجِ وَلَا يَكُونُ لِذِي الْيَدِ أَنْ يَحْبِسَ الدَّارَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا نَقَدَ لِلْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَقْدُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الثَّمَنَ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ بِالْمُعَايَنَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُسَلِّمُ الدَّارَ إلَى الْخَارِجِ حَتَّى يُسْتَوْفَى الثَّمَنُ مِنْهُ وَإِنْ ثَبَتَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الْقَاضِي إمَّا بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ بِالْمُعَايَنَةِ فَإِنْ ثَبَتَ نَقْدُ الْخَارِجِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ الدَّارَ إلَيْهِ وَلَا يَكُونُ لِذِي الْيَدِ شَيْءٌ وَإِنْ ثَبَتَ نَقْدُ ذِي الْيَدِ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْمُعَايَنَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ نَقْدُ الْخَارِجِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُسَلِّمُ الدَّارَ إلَيْهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُعْطِي ذَا الْيَدِ شَيْئًا مِمَّا قَبَضَ مِنْ الْخَارِجِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ فَكَذَا إذَا كَانَ غَائِبًا لَا يَكُونُ لِلْقَاضِي أَنْ يُعْطِيَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ مِمَّا قَبَضَ تَمَامَ حَقِّهِ ثُمَّ إنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَمْسَكَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ بَقِيَ مِنْ دَيْنِ ذِي الْيَدِ شَيْءٌ أَتْبَعَ الْبَائِعَ إذَا حَضَرَ هَذَا إذَا ثَبَتَ نَقْدُ ذِي الْيَدِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ وَأَمَّا إذَا أَرَادَ ذُو الْيَدِ أَنْ يُقِيمَ

الْبَيِّنَةَ عَلَى نَقْدِ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بَيْعٍ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ فَأَقَامَ هَذَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ قَبْلَهُ قَضَيْت بِالدَّارِ لِلْخَارِجِ وَأَدْفَعُهَا إلَيْهِ وَأَخَذْت مِنْهُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَلَا أُعْطِي ذَا الْيَدِ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. وَإِنْ ادَّعَيَا تَلَقِّي الْمِلْكَ مِنْ جِهَةِ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلْخَارِجِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. إذَا ادَّعَى صَاحِبُ الْيَدِ تَلَقِّي الْمِلْكَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يُؤَرِّخَا وَتَارِيخُهُمَا عَلَى السَّوَاءِ أَوْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ يُقْضَى بِالدَّارِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ يُقْضَى لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا وَإِنْ ادَّعَيَا تَلَقِّي الْمِلْكَ مِنْ جِهَةِ اثْنَيْنِ فَكَذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ إذَا ادَّعَيَا الشِّرَاءَ مِنْ اثْنَيْنِ وَأَرَّخَا وَفِي تَارِيخِ أَحَدِهِمَا جَهَالَةٌ بِأَنْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَةٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ عَمْرٍو مُنْذُ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يَحْفَظُونَ الْفَضْلَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَكَذَا إذَا شَهِدَ شُهُودُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ مُنْذُ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ وَشَكُّوا فِي الزِّيَادَةِ يُقْضَى لِلْخَارِجِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَى خَارِجٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ ذِي الْيَدِ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْخَارِجِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَلَا تَارِيخَ مَعَهُمَا تَهَاتَرَتْ الْبَيِّنَتَانِ سَوَاءٌ شَهِدُوا بِالْقَبْضِ أَمْ لَمْ يَشْهَدُوا وَتُرِكَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَتَانِ عَلَى نَقْدِ الثَّمَنِ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ عِنْدَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا فَالتَّقَاصُّ مَذْهَبُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِوُجُوبِ الثَّمَنِ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ وَقَّتَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْعَقَارِ وَلَمْ تُثْبِتَا قَبْضًا وَوَقْتُ الْخَارِجِ أَسْبَقُ يُقْضَى لِصَاحِبِ الْيَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ أَثْبَتَا قَبْضًا قُضِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ وَإِنْ كَانَ وَقْتُ صَاحِبِ الْيَدِ أَسْبَقَ يُقْضَى لِلْخَارِجِ فِي الْوَجْهَيْنِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُهُ بَاعَهَا مِنْ ذِي الْيَدِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهَا دَارُهُ بَاعَهَا مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تَهَاتَرَتْ الْبَيِّنَتَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَارٌ فِي يَدِ زَيْدٍ بَرْهَنَ عَمْرٌو عَلَى أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ بَكْرٍ بِأَلْفٍ وَبَرْهَنَ بَكْرٌ عَلَى أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ عَمْرٍو بِمِائَةِ دِينَارٍ وَجَحَدَ زَيْدٌ ذَلِكَ كُلَّهُ قُضِيَ بِالدَّارِ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ وَلَا يُقْضَى بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي. دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يُسَمَّى مُحَمَّدًا أَقَامَ خَارِجٌ يُسَمَّى بَكْرًا الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِأَلْفٍ وَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ بَكْرٍ بِأَلْفٍ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ بَكْرٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْقَبْضَ وَالتَّارِيخَ فَبَيِّنَةُ مُحَمَّدٍ مَقْبُولَةٌ وَيُقْضَى بِالشِّرَاءِ لَهُ مِنْ بَكْرٍ وَبَيِّنَةُ بَكْرٍ وَالْمَرْأَةِ بَاطِلَتَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِ بَكْرٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْجَوَابُ عِنْدَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ عِنْدَهُمَا وَتُرِكَتْ الدَّارُ فِي يَدِهَا هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا شَهِدُوا بِالْعَقْدِ وَالْقَبْضِ وَكَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ مُحَمَّدٍ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِشِرَاءِ مُحَمَّدٍ وَتَهَاتَرَتْ بَيِّنَةُ بَكْرٍ وَالْمَرْأَةِ وَهَكَذَا الْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ بَكْرٍ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ فَعَلَى قَوْلِهَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ بَكْرٍ وَمُحَمَّدٍ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. حُرٌّ فِي يَدِهِ عَبْدٌ أَقَامَ مُكَاتَبٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ بَاعَهُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِأَلْفٍ وَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَيْعِ مِنْ الْمُكَاتَبِ بِعَشَرَةِ كَرَّارِ حِنْطَةٍ وَأَقَامَ الْحُرُّ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ بِهَذَا الْوَصْفِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْقَبْضَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِهِ لِلْحُرِّ وَتَبْطُلُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ وَالْمُكَاتَبِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ يُقْضَى بِشِرَاءِ الْحُرِّ عِنْدَهُمَا وَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ

كَانَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ عِنْدَهُمَا هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا شَهِدُوا بِالْعَقْدِ وَالْقَبْضِ وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْحُرِّ فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى بَيِّنَةَ الْمَرْأَةِ وَالْمُكَاتَبِ بَاطِلَتَانِ وَبَيِّنَةَ الْحُرِّ وَالْمُكَاتَبِ مَقْبُولَةٌ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَالْجَوَابُ فِيهِ عِنْدَهُمَا كَالْجَوَابِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَعَلَى قَوْلِهِمَا بَيِّنَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى الْمَرْأَةِ بَاطِلَةٌ وَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَبَيِّنَةُ الْحُرِّ عَلَى الْمُكَاتَبِ جَائِزَتَانِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْحُرُّ يَدَّعِي الْبَيْعَ مِنْ الْمُكَاتَبِ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَهُوَ فِي يَدَيْ الْحُرِّ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْقَبْضَ يُقْضَى بِبَيْعِ الْحُرِّ عِنْدَهُمَا وَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ قُضِيَ بِبَيْعِ الْحُرِّ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَلَوْ ذَكَرُوا الْقَبْضَ وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْحُرِّ قُضِيَ بِبَيْعِهِ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَيُسَلَّمُ إلَيْهِ عِنْدَهُمَا وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ يُتْرَكُ الْعَبْدُ فِي يَدِهَا وَتَهَاتَرَتْ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ وَالْمُكَاتَبِ وَيُقْضَى لِلْحُرِّ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالثَّمَنِ عِنْدَهُمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ رَجُلَانِ ادَّعَيَا نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ لَا يُقْضَى لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا إذَا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ لِأَحَدِهِمَا وَهَذَا إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا تَارِيخًا وَاحِدًا وَإِنْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَهُوَ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ تَارِيخُهُمَا سَوَاءً وَلِأَحَدِهِمَا يَدٌ فَهِيَ لَهُ وَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَصَاحِبُ التَّارِيخِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا تَارِيخٌ وَلِلْآخَرِ يَدٌ فَصَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى فَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ تَارِيخٌ فَهِيَ لِلَّذِي أَقَرَّتْ لَهُ؛ وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمَرْأَةِ أَمَّا بَعْدَ مَوْتِهَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَسْبَقَ يُقْضَى لَهُ وَإِنْ كَانَ تَارِيخُهُمَا سَوَاءً أَوْ لَمْ يُؤَرِّخَا يُقْضَى بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَرِثَانِ مِيرَاثَ زَوْجٍ وَاحِدٍ فَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا وَيَرِثُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِيرَاثَ ابْنٍ كَامِلٍ وَهُمَا يَرِثَانِ مِنْ الِابْنِ مِيرَاثَ أَبٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْخَارِجُ مَعَ ذِي الْيَدِ إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ مُطْلَقَةً مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ فَلَوْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى لِلْخَارِجِ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ أَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً هَلْ يَقْضِي بِبَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ؟ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَسْمَعُ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ لَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ صَاحِبِ الْيَدِ يَقْضِي لِلْخَارِجِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهِيَ فِي يَدِ آخَرَ فَأَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ بِدُونِ التَّارِيخِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: يُقْضَى لِلْخَارِجِ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِصَاحِبِ الْيَدِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الأسروشنية. لَوْ ادَّعَيَا نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهِيَ لَيْسَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَأَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا فَهِيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى النِّكَاحِ فَصَاحِبُ الْبَيِّنَةِ أَوْلَى وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ بَعْدَ مَا أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا فَإِنْ وَقَّتَا فَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يُوَقِّتَا فَاَلَّذِي زُكِّيَتْ بَيِّنَتُهُ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ تُزَكَّ بَيِّنَتُهُمَا أَوْ زُكِّيَتَا فَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يُقْضَى لِلَّذِي أَقَرَّتْ لَهُ بِالنِّكَاحِ سَابِقًا وَهُوَ الْأَقْيَسُ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا يُقْضَى لِوَاحِدٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى النِّكَاحِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ ادَّعَيَا نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهِيَ لَيْسَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ وَسُئِلَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ تُقِرَّ لِأَحَدِهِمَا حَتَّى تَهَاتَرَتْ الْبَيِّنَتَانِ ثُمَّ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهَا لَهُ بِالنِّكَاحِ يُقْضَى لَهُ بِالنِّكَاحِ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا بِالنِّكَاحِ بَعْدَ مَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عِيَانًا وَلَوْ ادَّعَيَا نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهِيَ تَجْحَدُ وَلَيْسَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ وَعَلَى إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ لَا تَتَرَجَّحُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي إقْرَارَهَا بِالنِّكَاحِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الأسروشنية

وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَأَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِنِكَاحِ الْمَيِّتِ صَحَّ إقْرَارُهَا وَيُقْضَى لَهَا بِالْمَهْرِ وَالْمِيرَاثِ وَكَذَا لَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ وَالدُّخُولِ فَأَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ لِأَحَدِهِمَا أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا أَوَّلًا فَهُوَ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَكَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالدُّخُولِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ تَفَرَّدَ أَحَدُهُمَا بِالدَّعْوَى وَالْمَرْأَةُ تَجْحَدُ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَضَى بِهَا الْقَاضِي ثُمَّ ادَّعَى آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِهَا إلَّا أَنْ تَوَقَّتَ شُهُودُ الثَّانِي سَابِقًا وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي يَدِ الزَّوْجِ وَنِكَاحُهُ ظَاهِرٌ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ إلَّا عَلَى وَجْهِ السَّبَقِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ شَهِدَ شُهُودُ أَحَدِ مُدَّعِيَيْ النِّكَاحِ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا كَانَ هُوَ أَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ أَحَدِهِمَا أَوْ شَهِدَ شُهُودُ أَحَدِهِمَا بِالدُّخُولِ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ كَانَ هُوَ أَوْلَى وَلَوْ أَنَّ أُخْتَيْنِ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يَجْحَدُ فَأَقَامَتْ إحْدَاهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَتْ الْأُخْرَى الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَدَخَلَ بِهَا فَعَدَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَيَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِالْمَالِ الَّذِي شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِهِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ أَقَامَتْ إحْدَاهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ بِهَا بِالنِّكَاحِ وَلَمْ تُقِمْ الْأُخْرَى الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ بِهَا وَلَكِنَّهَا أَقَامَتْ عَلَى النِّكَاحِ وَهُوَ يُنْكِرُ الْكُلَّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي لِلْمَدْخُولِ بِهَا بِصِحَّةِ نِكَاحِهَا وَبِالْمَهْرِ الَّذِي شَهِدَ الشُّهُودُ بِهِ لِأَنَّ الدُّخُولَ دَلِيلٌ عَلَى سَبْقِ نِكَاحِهَا وَلَوْ لَمْ تُقِمْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ بِهَا وَلَا عَلَى الدُّخُولِ أَصْلًا فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا وَيُقْضَى بِنِصْفِ الْمَالَيْنِ لَهُمَا بَيْنَهُمَا لِمُدَّعِيَةِ الدَّرَاهِمِ بِرُبْعِ الدَّرَاهِمِ وَلِمُدَّعِيَةِ الدَّنَانِيرِ بِرُبْعِ الدَّنَانِيرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. امْرَأَةٌ قَالَتْ: تَزَوَّجْتُ زَيْدًا بَعْدَ مَا تَزَوَّجْت عَمْرًا وَالزَّوْجَانِ يَدَّعِيَانِ النِّكَاحَ فَهِيَ امْرَأَةُ زَيْدٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ قَوْلَهَا تَزَوَّجْت زَيْدًا إقْرَارٌ مِنْهَا بِالنِّكَاحِ فَصَحَّ الْإِقْرَارُ مِنْهَا فَهِيَ تُرِيدُ بِقَوْلِهَا بَعْدَ مَا تَزَوَّجْت عَمْرًا إبْطَالَ إقْرَارِهَا الْأَوَّلِ وَلَا تَمْلِكُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ أَنَّ امْرَأَةً أَقَامَ عَلَيْهَا رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا أَقَرَّتْ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يُوَقِّتَا فَعَلَيْهَا أَنْ تُؤَدِّيَ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مَالَهُ وَإِنْ وَقَّتَا لَزِمَهَا مَالُ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ وَيَبْطُلُ عَنْهَا مَالُ الْوَقْتِ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا وَقْتٌ تَنْقَضِي فِي مِثْلِهِ الْعِدَّةُ وَتَتَزَوَّجُ فَيَلْزَمُهَا الْمَالَانِ جَمِيعًا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدُهُمَا لَزِمَ الْمَالَانِ جَمِيعًا وَقَّتَا أَوْ لَمْ يُوَقِّتَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي دَعْوَى فَتَاوَى نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَحَلَالُهُ وَهِيَ تَدَّعِي أَنَّهَا كَانَتْ امْرَأَتَهُ لَكِنْ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ بِهَذَا الزَّوْجِ الثَّانِي وَهِيَ فِي يَدِهِ وَيَدَّعِي الثَّانِي أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَيُنْكِرُ نِكَاحَ الْأَوَّلِ وَطَلَاقَهُ؛ تُكَلَّفُ الْمَرْأَةُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الطَّلَاقِ فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ حَلَفَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ عَلَى الطَّلَاقِ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ الثَّانِي كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ قَالَ لَهَا: كَانَ لَك زَوْجٌ قَبْلِي فُلَانٌ وَقَدْ طَلَّقَك وَانْقَضَتْ عِدَّتُك وَتَزَوَّجْتُك وَقَالَتْ: مَا طَلَّقَنِي الْأَوَّلُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الطَّلَاقَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَهِيَ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ أَقَرَّ الْأَوَّلُ بِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَكَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي الطَّلَاقِ كَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا عَلَيْهَا وَتَعْتَدُّ مِنْ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْآخَرِ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي جَمِيعِ مَا قَالَ كَانَتْ امْرَأَةَ الْآخَرِ وَإِنْ أَنْكَرَتْ مَا أَقَرَّ بِهِ الْأَوَّلُ مِنْ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ فَهِيَ امْرَأَةُ الْآخَرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: كَانَ لَك زَوْجٌ قَبْلِي وَطَلَّقَك وَانْقَضَتْ عِدَّتُك وَأَنْكَرَتْ الطَّلَاقَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ ذَلِكَ الزَّوْجُ وَأَنْكَرَ الثَّانِي فَالْقَوْلُ لِلثَّانِي كَذَا

فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى إنَّهَا امْرَأَتِي فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: كَانَتْ امْرَأَتَك لَكِنْ طَلَّقْتَهَا مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي الطَّلَاقَ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُدَّعِي وَلَوْ قَالَ: بَلَى طَلَّقْتُهَا لَكِنْ تَزَوَّجْتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ (وَمُدَّعَى عَلَيْهِ بازخواستن ويرا منكراست) تُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ طَلَّقَهَا مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَأَنِّي تَزَوَّجْتُهَا وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ كَانَتْ عِدَّتُهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الأسروشنية. امْرَأَةٌ فِي دَارِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَخَارِجٌ يَدَّعِيهَا وَهِيَ تُصَدِّقُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ هِيَ فِي دَارِهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهَا مَنْكُوحَتُهُ وَفِي يَدِ ذِي الْيَدِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَذُو الْيَدِ قَالَ: زَوْجَتِي، وَالْمَرْأَةُ تُصَدِّقُ ذَا الْيَدِ يُحْكَمُ بِالنِّكَاحِ لِلْخَارِجِ وَإِنْ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى النِّكَاحِ بِلَا تَارِيخٍ فَبَيِّنَتُهُ أَوْلَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَةٍ: زَوَّجَنِيكِ أَبُوك وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ قَالَتْ: بَلْ زَوَّجَنِيكَ وَأَنَا كَبِيرَةٌ فَلَمْ أَرْضَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الزَّوْجِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْبَالِغَةُ إذَا أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَدِّ النِّكَاحِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالزَّوْجُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا سَكَتَتْ بَعْدَ بُلُوغِهَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا كَذَا فِي الْفُصُولِ الأسروشنية. إذَا تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَفَسَادِهِ فَادَّعَى الزَّوْجُ الْفَسَادَ وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الصِّحَّةَ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ وَمَتَى قَبِلْنَا بَيِّنَتَهُ عَلَى الْفَسَادِ سَقَطَتْ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَنَسَبُ الْوَلَدِ ثَابِتٌ كَيْفَمَا كَانَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي أَيْدِيهِمَا دَارٌ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ لَهَا وَأَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا وَأَقَامَ الرَّجُلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ لَهُ وَالْمَرْأَةَ زَوْجَتُهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَ إلَيْهَا وَلَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ حُرٌّ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالدَّارِ لِلْمَرْأَةِ وَيَكُونُ الرَّجُلُ عَبْدًا لَهَا وَلَوْ أَقَامَ الرَّجُلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ امْرَأَتُهُ وَيُقْضَى بِأَنَّهُ حُرٌّ وَيُقْضَى بِالدَّارِ لِلْمَرْأَةِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ كَانَتْ الدَّارُ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ اخْتَلَفَا فِي مَتَاعِ النِّسَاءِ فَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَتَاعَ مَتَاعُهَا وَأَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا وَأَقَامَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَتَاعَ لَهُ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ امْرَأَتُهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَنَقَدَهَا فَإِنَّ الرَّجُلَ يُقْضَى بِهِ عَبْدًا لِلْمَرْأَةِ وَيُقْضَى بِالْمَتَاعِ لَهَا فَإِنْ شَهِدَ شُهُودُ الرَّجُلِ أَنَّهُ الْأَصْلُ قُضِيَ بِأَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَيُقْضَى بِالْمَتَاعِ لَهُ هَكَذَا ذَكَرُوا عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الدَّارِ يَنْبَغِي أَنْ يُقْضَى بِالْمَتَاعِ لَهَا وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ وَذَلِكَ الْمَتَاعُ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي يَدِ الرَّجُلِ يُقْضَى بِالنِّكَاحِ وَيَعْتِقُ الرَّجُلُ وَيُقْضَى بِمَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ مَتَاعَ النِّسَاءِ كَانَ أَوْ مَتَاعَ الرِّجَالِ أَوْ مَتَاعَهُمَا وَإِذَا كَانَ الْمَتَاعُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا خَاصَّةً دُونَ الْآخَرِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَذَكَرَ ابْنُ شُجَاعٍ فِي النَّوَادِرِ وَلَوْ أَقَامَ الرَّجُلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ دَارُهُ وَالْمَرْأَةَ أَمَتُهُ وَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ لَهَا وَأَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا وَلَيْسَتْ الدَّارُ فِي يَدِهَا فَالدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا تُتْرَكُ فِي يَدِهِ وَيُحْكَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْحُرِّيَّةِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالرِّقِّ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَيَنْبَغِي أَنَّ الدَّارَ إذَا كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ لِأَنَّ بَيِّنَةَ صَاحِبِ الْيَدِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا تُعَارِضُ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا أَمَتُهُ وَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا عَبْدَانِ لَهَا فَالْقِيَاسُ أَنْ تُقْبَلَ

بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يُقِمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ لَا يَحْلِفُ وَلَا يُقْضَى بِالنُّكُولِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. إذَا تَزَوَّجَ عَبْدُ الرَّجُلِ حُرَّةً ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْمَوْلَى لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِالنِّكَاحِ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: قَدْ أَذِنَ لَهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ الْمَهْرِ وَيَلْزَمُهُ السَّاعَةَ إنْ دَخَلَ بِهَا وَلَهَا النَّفَقَةُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا يَلْزَمْهُ نِصْفُ الْمَهْرِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: لَا أَدْرِي أَذِنَ لِي أَوْ لَمْ يَأْذَنْ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) : رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَأَقَامَتْ عَلَيْهِ أُخْتُهَا بَيِّنَةً أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ وَلَوْ وُقِّتَتْ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ وَلَمْ تُوَقَّتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ جَازَتْ دَعْوَى الرَّجُلِ وَيَثْبُتُ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ الَّتِي يَدَّعِي الرَّجُلُ وَيَبْطُلُ نِكَاحُ الْمُدَّعِيَةِ وَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الْمَهْرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا وَقَدْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَأَقَامَتْ هِيَ بَيِّنَةً أَنَّ أُخْتَهَا امْرَأَةُ الْمُدَّعِي وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: مَا هِيَ بِزَوْجَتِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِنِكَاحِ الشَّاهِدَةِ لِلْمُدَّعِي وَلَا يَقْضِي بِنِكَاحِ الْغَائِبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا لَوْ أَقَامَتْ الشَّاهِدَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِنِكَاحِ الْغَائِبَةِ وَقَالَا: يَتَوَقَّفُ الْقَاضِي وَلَا يَقْضِي بِنِكَاحِ الشَّاهِدَةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِأُمِّهَا أَوْ بِابْنَتِهَا فَهَذَا وَمَا لَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ نِكَاحَ الْأُخْتِ سَوَاءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ أَقَامَتْ الشَّاهِدَةُ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِأُمِّهَا وَدَخَلَ بِهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ يُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَ الشَّاهِدَةِ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي وَلَا يَقْضِي بِنِكَاحِ الْغَائِبَةِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الأسروشنية رَجُلٌ لَهُ ابْنَتَانِ صُغْرَى وَكُبْرَى وَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الْكُبْرَى مِنْهُ وَأَقَامَ الْأَبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصُّغْرَى مِنْ هَذَا الرَّجُلِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ: تَزَوَّجْت هَذَا الرَّجُلَ أَمْسِ ثُمَّ قَالَتْ: تَزَوَّجْت هَذَا الرَّجُلَ الْآخَرَ مُنْذُ سَنَةٍ فَهِيَ لِلَّذِي أَقَرَّتْ بِنِكَاحِهِ أَمْسِ وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِهَا لَهُمَا جَمِيعًا وَهِيَ تَجْحَدُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَسْأَلُ الشُّهُودَ بِأَيِّهِمَا بَدَأَتْ وَأَقْضِي بِهِ وَلَوْ قَالَتْ: تَزَوَّجْتُهُمَا جَمِيعًا هَذَا أَمْسِ وَهَذَا مُنْذُ سَنَةٍ كَانَتْ امْرَأَةَ صَاحِبِ الْأَمْسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَأَنْكَرَتْ وَأَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ لِرَجُلٍ حَاضِرٍ وَصَدَّقَهَا الْمُقَرُّ لَهُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَثَبَتَ يَحْتَاجُ الْمُقَرُّ لَهُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى هَذَا الْمُدَّعِي بِحَضْرَةِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَإِذَا أَقَامَ الْمُقَرُّ لَهُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْمُدَّعِي صَارَ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْلَى بِالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَقَامَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَأَقَامَ أَبُوهَا وَهُوَ عَبْدُ الزَّوْجِ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى رَقَبَتِهِ وَأَقَامَتْ أُمُّهَا وَهِيَ أَمَةُ الزَّوْجِ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى رَقَبَتِهَا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ عَلَى نِصْفِ رَقَبَتِهِمَا وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى لِلْمَرْأَةِ بِمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ ادَّعَى الْأَبُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا قُضِيَ بِأَنَّ الْأَبَ صَدَاقُهَا وَيَعْتِقُ مِنْ مَالِهَا وَيَبْطُلُ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ وَلَوْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَبِيهَا وَصَدَّقَهُ الْأَبُ فِي ذَلِكَ فَقَضَى الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا وَيُقْضَى لَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَعِتْقُ الْأَبِ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ وَالْوَلَاءُ لَهُ وَلَوْ أَقَامَ الْأَبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى رَقَبَتِهِ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِي مَهْرَهَا مِائَةَ دِينَارٍ وَالزَّوْجُ يَدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ حُكِمَ بِبَيِّنَةِ الْأَبِ وَأُعْتِقَ مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ ثُمَّ لَوْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا

عَلَى رَقَبَتِهَا لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا ادَّعَتْ أُخْتَانِ عَلَى رَجُلٍ وَأَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا أَوَّلًا كَانَ ذَلِكَ إلَى الزَّوْجِ إذَا صَدَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَنَّهَا كَانَتْ أَوَّلًا امْرَأَتَهُ تَبْطُلُ بَيِّنَةُ الْأُخْرَى وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: لَمْ أَتَزَوَّجْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتُهُمَا جَمِيعًا وَلَا أَدْرِي الْأُولَى مِنْهُمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ بَيْنَهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَالُوا: هَذَا إذَا قَالَ: تَزَوَّجْتُهُمَا وَلَا أَدْرِي الْأُولَى مِنْهُمَا أَمَّا إذَا قَالَ: لَمْ أَتَزَوَّجْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ شَيْءٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ فِي الْفَصْلَيْنِ سَوَاءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ النِّكَاحَ عَلَى رَجُلٍ فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ لَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ لِأَنَّ فِي الِابْتِدَاءِ لَوْ تَصَادَقَا (كِهْ مَازِن وشويم) لَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الأسروشنية بَرْهَنَ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ فَقَالَتْ: لِي زَوْجٌ آخَرُ وَهُوَ فُلَانٌ ابْنُ فُلَانٍ فِي بَلَدِ كَذَا يُحْكَمُ لِلْمُبَرْهِنِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إقْرَارِهَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَأَنْكَرَتْ وَلَكِنْ لَمْ تُقِرَّ بِرَجُلٍ آخَرَ ثُمَّ أَقَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لِهَذَا الْمُدَّعِي يَصِحُّ إقْرَارُهَا وَيُسْمَعُ ذَلِكَ وَلَوْ أَقَرَّتْ لِرَجُلٍ آخَرَ ثُمَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي لَا يُسْمَعُ إقْرَارُهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا فَعَلْتُ ثُمَّ قَالَ: بَلَى فَعَلْت فَهَذَا جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَأَنْكَرَ الرَّجُلُ ثُمَّ ادَّعَى الرَّجُلُ النِّكَاحَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ فَأَنْكَرَتْ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِالنِّكَاحِ بِأَلْفَيْنِ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ادَّعَى عَلَيْهَا نِكَاحًا فَقَالَتْ: كُنْتُ زَوْجَتُهُ لَكِنْ أُخْبِرْت بِوَفَاتِهِ فَاعْتَدَدْت وَتَزَوَّجْتُ بِهَذَا فَهِيَ زَوْجَةُ الْمُدَّعِي وَلَوْ قَالَتْ: أَنَا امْرَأَةُ هَذَا وَلَكِنِّي كُنْت لِهَذَا الْمُدَّعِي أَوَّلًا وَسَاقَتْ الْقِصَّةَ فَهِيَ امْرَأَةُ الثَّانِي كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. يَوْمُ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنْ أَبَاهُ مَاتَ فِي يَوْمِ كَذَا وَقُضِيَ بِهِ ثُمَّ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ أَنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ التَّارِيخِ بِيَوْمٍ يُسْمَعُ وَيُقْضَى بِالنِّكَاحِ وَيَوْمُ الْقَتْلِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَ كَذَا وَقُضِيَ بِهِ ثُمَّ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ بَعْدَ هَذَا التَّارِيخِ بِيَوْمٍ أَنَّ أَبَاهُ تَزَوَّجَهَا لَا يُسْمَعُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا وَقَالَ: إنَّ زَوْجَكِ فُلَانًا طَلَّقَك وَانْقَضَتْ عِدَّتُك وَأَنَا تَزَوَّجْتُك فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: مَا طَلَّقَنِي فُلَانٌ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى طَلَاقِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ لَا تُقْبَلُ فَإِنْ حَضَرَ الزَّوْجُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى طَلَاقِهِ تُقْبَلْ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ التَّزَوُّجَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ يَثْبُتُ النِّكَاحُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الأسروشنية وَلَوْ بَرْهَنَا عَلَى نِتَاجِ دَابَّةٍ وَأَرَّخَا قُضِيَ لِمَنْ وَافَقَ سِنُّهَا تَارِيخَهُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ ثَالِثٍ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي النِّتَاجِ مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ حَيْثُ يُحْكَمُ بِهَا لِذِي الْيَدِ إنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا إنْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَإِنْ أَشْكَلَ سِنُّ الدَّابَّةِ فِي مُوَافَقَةِ أَحَدِ التَّارِيخَيْنِ يُقْضَى لَهُمَا بِهَا وَهَذَا إذَا كَانَا خَارِجَيْنِ بِأَنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَكَذَا إذَا كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ سِنَّ الدَّابَّةِ مُخَالِفٌ لِأَحَدِ الْوَقْتَيْنِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فِي الْوَقْتِ الْآخَرِ قُضِيَ بِالدَّابَّةِ لِصَاحِبِ الْوَقْتِ الَّذِي أُشْكِلَ سِنُّ الدَّابَّةِ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُؤَرِّخْ الْآخَرُ وَكَانَ

سِنُّ الدَّابَّةِ مُشْكِلًا قُضِيَ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَا خَارِجَيْنِ وَتُتْرَكُ فِي أَيْدِيهِمَا إنْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا قُضِيَ بِهَا لِصَاحِبِ الْيَدِ وَإِنْ خَالَفَ سِنُّ الدَّابَّةِ التَّارِيخَيْنِ بَطَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَتُتْرَكُ فِي يَدِ مَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمَا لَا يَبْطُلَانِ بَلْ يُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا إنْ كَانَا خَارِجَيْنِ أَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا يُقْضَى بِهَا لِذِي الْيَدِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ سَوَاءٌ أَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِهَا لِلْخَارِجِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَأَنَّهُ وُلِدَ فِي مِلْكِ بَائِعِهِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ آخَرَ وَأَنَّهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ قُضِيَ بِهِ لِذِي الْيَدِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى نِتَاجِ بَائِعِهِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ فِي مِلْكِهِ فَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى وَارِثِهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَنَّهُ هِبَةٌ مَقْبُوضَةٌ مِنْ رَجُلٍ وَأَنَّهُ وُلِدَ فِي مِلْكِ ذَلِكَ الرَّجُلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. شَاةٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا شَاتُهُ وُلِدَتْ فِي مِلْكِهِ وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا شَاتُهُ تَمَلَّكَهَا مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ وَأَنَّهَا وُلِدَتْ فِي مِلْكِ فُلَانٍ ذَلِكَ الَّذِي تَمَلَّكَهَا مِنْهُ قُضِيَ بِهَا لِصَاحِبِ الْيَدِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْقُضُ الْقَضَاءَ عَلَى الثَّانِي وَيَقْضِي بِهِ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ وَالْآخَرُ عَلَى النِّتَاجِ فَصَاحِبُ النِّتَاجِ أَحَقُّ أَيُّهُمَا كَانَ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى بَيْنَ خَارِجَيْنِ فَبَيِّنَةُ النِّتَاجِ أَحَقُّ وَلَوْ قُضِيَ بِالنِّتَاجِ لِذِي الْيَدِ ثُمَّ أَقَامَ ثَالِثٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ يُقْضَى لَهُ إلَّا أَنْ يُعِيدَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ ذُو الْيَدِ عَلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْعَبْدِ لِلثَّالِثِ ثُمَّ أَحْضَرَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّ الْعَبْدَ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ قُضِيَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُعِدَّ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً وَلَكِنْ حَضَرَ رَابِعٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لِلثَّالِثِ: أَعِدَّ بَيِّنَتَك عَلَى أَنَّهُ عَبْدُك وُلِدَ فِي مِلْكِك بِمَحْضَرٍ مِنْ الرَّابِعِ فَإِنْ أَحْضَرَهَا كَانَ هُوَ أَحَقَّ بِالْعَبْدِ مِنْ الرَّابِعِ فَإِنْ حَضَرَ الْمُدَّعِي الْأَوَّلُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِهِ مَرَّةً فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ بَيِّنَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ جَاءَ ثَالِثٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ يُقْضَى بِالْعَبْدِ لَهُ إنْ لَمْ يُعِدْ الْمَقْضِيُّ لَهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُمَا وُلِدَ فِي مِلْكِهِمَا فَإِنْ أَعَادَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قُضِيَ بِالنِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ الَّذِي أَعَادَ بَيِّنَةً لَهُ وَلَمْ تُقْبَلْ فِيهِ بَيِّنَةُ ثَالِثٍ وَيُقْضَى لِلثَّالِثِ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يُعِدْ الْبَيِّنَةَ بِالنِّصْفِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ وَلَا شَرِكَةَ فِيهِ مَعَ الثَّالِثِ لِلَّذِي أَعَادَ بَيِّنَتَهُ فَإِنْ وَجَدَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ وَهُوَ الَّذِي كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْعَبْدَ مِلْكُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ وَأَقَامَهَا عِنْدَ الْقَاضِي بِالْعَبْدِ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ يَوْمئِذٍ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ كَانَ هُوَ أَوْلَى فَكَذَا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ وَالْخَارِجُ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَبَرْهَنَا وَقُضِيَ عَلَى ذِي الْيَدِ بِالْمِلْكِ ثُمَّ إنَّ ذَا الْيَدِ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ تُقْبَلُ وَيُنْقَضُ بِهِ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي الْكَافِي عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ فَإِنَّ الْوِلَادَةَ أَوْلَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى نِتَاجِ الْعَبْدِ وَالْخَارِجُ يَدَّعِي الْإِعْتَاقَ أَيْضًا فَهُوَ أَوْلَى وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَيَاهُ وَهُوَ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَحَدُهُمَا يَدَّعِي الْإِعْتَاقَ أَيْضًا لِأَنَّ النِّتَاجَ مَعَ الْعِتْقِ أَكْثَرُ إثْبَاتًا لِأَنَّهَا أَثْبَتَتْ أَوَّلِيَّتَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ أَصْلًا وَبَيِّنَةُ ذِي

الْيَدِ أَثْبَتَتْ الْمِلْكَ عَلَى وَجْهٍ يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ ادَّعَى الْخَارِجُ التَّدْبِيرَ مَعَ النِّتَاجِ وَادَّعَى صَاحِبُ الْيَدِ النَّاتِجَ لَا غَيْرَ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ يُقْضَى لِلْخَارِجِ وَجَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَتَاقِ وَذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّهُ لِذِي الْيَدِ وَجَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى الْخَارِجُ التَّدْبِيرَ أَوْ الِاسْتِيلَادَ مَعَ النَّاتِجِ أَيْضًا وَذُو الْيَدِ مَعَ النِّتَاجِ عِتْقًا بَاتًّا فَهُوَ أَوْلَى وَلَوْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ التَّدْبِيرَ أَوْ الِاسْتِيلَادَ مَعَ النِّتَاجِ وَالْخَارِجُ ادَّعَى عِتْقًا بَاتًّا فَالْخَارِجُ أَوْلَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا ادَّعَى ذُو الْيَدِ النِّتَاجَ وَادَّعَى الْخَارِجُ أَنَّهُ مِلْكُهُ غَصَبَهُ مِنْهُ ذُو الْيَدِ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى وَكَذَا إذَا ادَّعَى ذُو الْيَدِ النِّتَاجَ وَادَّعَى الْخَارِجُ أَنَّهُ مِلْكُهُ آجَرَهُ أَوْ أُودَعَهُ مِنْهُ أَوْ أَعَارَهُ مِنْهُ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ قَاضِيَ بَلْدَةِ كَذَا قَضَى لَهُ بِهَا عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهَا أَمَتُهُ وُلِدَتْ فِي مِلْكِهِ فَإِنْ شَهِدَ شُهُودُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ قَضَى بِهَا بِشَهَادَةِ شُهُودٍ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ ذِي الْيَدِ أَوْ وَهَبَهَا ذُو الْيَدِ مِنْهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا ذُو الْيَدِ عَلَيْهِ أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ قَضَى بِهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي وَلَمْ يُبَيِّنُوا سَبَبَ الْقَضَاءِ يُمْضِي الْقَاضِي ذَلِكَ الْقَضَاءَ أَيْضًا وَيَدْفَعُهَا إلَى الْمُدَّعِي وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ قَضَى بِهَا لَهُ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّهَا لَهُ أَوْ أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ فَالْقَاضِي يُمْضِي ذَلِكَ الْقَضَاءَ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْقُضُهُ وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّ قَاضِيَ بَلْدَةِ كَذَا أَقَرَّ عِنْدَنَا أَنَّهُ قَضَى لِلْمُدَّعِي بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّهَا لَهُ أَوْ أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِي يَنْقُضُ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ قَاضِيَ بَلْدَةِ كَذَا قَضَى لَهُ بِهَا عَلَى ذِي الْيَدِ هَذَا وَلَمْ يُبَيِّنُوا سَبَبَ الْقَضَاءِ وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ بَيِّنَةً عَلَى النِّتَاجِ فَصَاحِبُ الْقَضَاءِ أَوْلَى وَإِنْ أَقَامَ الْأَوَّلُ بَيِّنَةً أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا قَضَى لَهُ بِهَا بِشَهَادَةِ شُهُودٍ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً عَلَى النِّتَاجِ فَصَاحِبُ الْقَضَاءِ أَوْلَى عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَاحِبُ النِّتَاجِ أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ هَذِهِ أَمَتُهُ وَلَدَتْ هَذَا الْعَبْدَ فِي مِلْكِي وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي لِأَنَّهُمَا ادَّعَيَا فِي الْأَمَةِ مِلْكًا مُطْلَقًا فَيُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي ثُمَّ يُسْتَحَقُّ الْعَبْدُ تَبَعًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الشَّاةِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهَا شَاتُه وَأَنَّهُ جَزَّ هَذَا الصُّوفَ فِي مِلْكِهِ مِنْهَا وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قُضِيَ بِالشَّاةِ وَالصُّوفِ لِلْمُدَّعِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ أَنَّ عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ هُوَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ مِنْ أَمَتِهِ وَعَبْدِهِ وَأَقَامَ خَارِجٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ يُقْضَى بِالْعَبْدِ لِذِي الْيَدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَكُونُ ابْنَ أَمَتِهِ وَعَبْدِهِ وَلَا يَكُونُ ابْنَ أَمَةِ الْآخَرِ وَعَبْدِهِ فَقَدْ قُضِيَ بِالْعَبْدِ لِصَاحِبِ الْيَدِ فِي الْمِلْكِ وَالنَّسَبِ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ مِنْ أَمَتِهِ هَذِهِ وَمِنْ عَبْدِهِ هَذَا وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْعَبْدِ بَيْنَ الْخَارِجَيْنِ نِصْفَيْنِ وَيَكُونُ الِابْنُ مِنْ الْعَبْدَيْنِ وَالْأَمَتَيْنِ جَمِيعًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يُسَمُّوا أَمَةً وَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ مِنْ أَمَتِهِ هَذِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلَّذِي أَمَتُهُ فِي يَدِهِ فَإِنْ أَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ مِنْ أَمَتِهِ هَذِهِ غَيْرِ أَمَةٍ أُخْرَى قُضِيَ بِهِ لِذِي الْيَدِ فِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْكُبْرَى رَجُلَانِ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهٌ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ شَاتُهُ وُلِدَتْ مِنْ شَاتِهِ الَّتِي ذَكَرَ فِي دَعْوَى الْأَصْلِ أَنَّ بَيِّنَتَهُمَا تُقْبَلُ وَيُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ

مِنْهُمَا بِالشَّاةِ الَّتِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَإِنَّمَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَتَانِ إذَا كَانَتْ أَسْنَانُ الشَّاةِ مُشْكِلَةً وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أُمًّا لِلْأُخْرَى بِمَرْأَى الْعَيْنِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا لَا تَصْلُحُ أُمًّا لِلْأُخْرَى فَلَا تُقْبَلُ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي فِي يَدَيْهِ شَاتُهُ وُلِدَتْ فِي مِلْكِهِ وَأَنَّ شَاةَ صَاحِبِهِ لَهُ وَلَدَتْهَا شَاةٌ عِنْدَهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ عَلَى مِثْلِهِ قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِالشَّاةِ الَّتِي فِي يَدَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. كُلُّ سَبَبٍ لَا يَتَكَرَّرُ فَهُوَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ وَذَلِكَ كَالنَّسْجِ فِي الثِّيَابِ الَّتِي لَا تُنْسَجُ إلَّا مَرَّةً كَنَسْجِ الثِّيَابِ الْقُطْنِيَّةِ وَغَزْلِ الْقُطْنِ وَحَلْبِ اللَّبَنِ وَاِتِّخَاذِ الْجُبْنِ وَاللِّبَدِ وَالْمِرْعِزَّى وَجَزِّ الصُّوفِ وَإِنْ كَانَ سَبَبًا يَتَكَرَّرُ لَا يَكُونُ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ فَيُقْضَى بِهِ لِلْخَارِجِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ مِثْلُ الْجَزِّ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَزِرَاعَةِ الْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ فَإِنْ أُشْكِلَ يُرْجَعُ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا ادَّعَى ثَوْبًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهُ مِلْكُهُ نَسَجَهُ هُوَ أَوْ ادَّعَى نَصْلَ سَيْفٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهُ سَيْفُهُ ضَرَبَهُ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ إنْ كَانَ يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ هَذَا الثَّوْبَ وَهَذَا النَّصْلَ لَا يُنْسَجُ وَلَا يُضْرَبُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً قُضِيَ بِبَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ هَذَا الثَّوْبَ وَهَذَا النَّصْلَ يُضْرَبُ مَرَّةً وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ وَإِنْ أُشْكِلَ عَلَى الْقَاضِي ذَلِكَ سَأَلَ أَهْلَ الْعِلْمِ عَنْ ذَلِكَ يُرِيدُ بِهِ الْعُدُولَ مِنْهُمْ وَبَنَى الْحُكْمَ عَلَى قَوْلِهِمْ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَكْفِي وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ وَإِنْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ حَتَّى بَقِيَ مُشْكِلًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةٍ يُقْضَى لِلْخَارِجِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الصِّنَاعَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. لَوْ تَنَازَعَتْ امْرَأَتَانِ فِي غَزْلِ قُطْنٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَدَّعِي أَنَّهَا غَزَلَتْهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلَّتِي الْغَزْلُ فِي يَدِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ غَزْلُ الصُّوفِ فَالْخَارِجَةُ أَوْلَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ تَنَازَعَا فِي ثَوْبٍ هُوَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ نَسَجَ نِصْفَهُ وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ نَسَجَ نِصْفَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ يُعْرَفُ النِّصْفَانِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ الَّذِي نَسَجَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ فَكُلُّهُ لِلْخَارِجِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى صُوفًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهُ صُوفُهُ جَزَّهُ مِنْ غَنَمِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قُضِيَ بِهِ لِصَاحِبِ الْيَدِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا ادَّعَى سَمْنًا أَوْ زَيْتًا أَوْ دُهْنَ سِمْسِمٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهُ لَهُ عَصَرَهُ وَسَلَّاهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً أَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قُضِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ وَكَذَلِكَ الدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا تَنَازَعَا فِي جُبْنٍ فَأَقَامَ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ جُبْنُهُ صَنَعَهُ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ لِذِي الْيَدِ وَكَذَا إذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ اللَّبَنَ حُلِبَ فِي يَدِهِ وَفِي مِلْكِهِ قُضِيَ لِذِي الْيَدِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ اللَّبَنَ الَّذِي صُنِعَ مِنْهُ الْجُبْنُ كَانَ لَهُ يُقْضَى لِلْخَارِجِ وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ اللَّبَنَ حُلِبَ مِنْ شَاتِهِ وَفِي مِلْكِهِ وَصُنِعَ مِنْهُ هَذَا الْجُبْنُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْجُبْنِ لِذِي الْيَدِ وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي حُلِبَ مِنْهَا اللَّبَنُ الَّذِي صُنِعَ مِنْهُ هَذَا الْجُبْنُ مِلْكُهُ قُضِيَ بِهِ لِلْمُدَّعِي وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي حُلِبَ مِنْهَا اللَّبَنُ الَّذِي صُنِعَ مِنْهُ هَذَا الْجُبْنُ وُلِدَتْ مِنْ شَاتِهِ قُضِيَ لِذِي الْيَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: هَذَا الْجُبْنُ لِي صَنَعْتُهُ مِنْ لَبَنِ شَاتِي هَذِهِ وَأَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالشَّاةِ لِلْخَارِجِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ ادَّعَى حُلِيًّا أَنَّهُ لَهُ صَاغَهُ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَكُنْ هَذَا دَعْوَى النِّتَاجِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى حِنْطَةً أَنَّهَا لَهُ زَرَعَهَا بِنَفْسِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا دَارُ جَدِّهِ اخْتَطَّهَا وَسَاقَ الْمِيرَاثَ حَتَّى انْتَهَى إلَيْهِ وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ

إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَالنَّخِيلُ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَرْضُهُ وَنَخْلُهُ وَأَنَّهُ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ فِيهَا وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ يُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي وَكَذَا الْكَرْمُ وَالشَّجَرُ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ وَالْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّ الْأَرْضَ لَهُ وَالزَّرْعَ لَهُ زَرَعَهُ قُضِيَ بِالْأَرْضِ وَالزَّرْعِ لِلْخَارِجِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْبِنَاءِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ بَنَى عَلَى أَرْضِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَانَ قَبَاءٌ مَحْشُوٌّ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ قَطَعَهُ وَحْشَاهُ وَخَاطَهُ فِي مِلْكِهِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَكَذَلِكَ الْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ وَالْفَرْوُ وَكُلُّ مَا يُقْطَعُ مِنْ الثِّيَابِ وَالْبُسُطِ وَالْأَنْمَاطِ وَالْوَسَائِدِ وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ بِالْعُصْفُرِ أَوْ الزَّعْفَرَانِ أَوْ الْوَرْسِ إذَا أَقَامَ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ صَبَغَهُ فِي مِلْكِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. جِلْدٌ فِي يَدِهِ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ جِلْدُهُ سَلَخَهُ فِي مِلْكِهِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِهِ فَهُوَ لِذِي الْيَدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَانَتْ الشَّاةُ الْمَسْلُوخَةُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَاهَا رَجُلٌ آخَرُ أَنَّهَا لَهُ ذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ قُضِيَ بِهَا لِلْخَارِجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ الشَّاةَ شَاتُهُ نَتَجَتْ عِنْدَهُ فِي مِلْكِهِ ذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا وَأَنَّ لَهُ جِلْدَهَا وَرَأْسَهَا وَسَقَطَهَا يُقْضَى بِالْكُلِّ لِلَّذِي فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ اخْتَصَمَ ذُو الْيَدِ وَخَارِجٌ فِي لَحْمِ مَشْوِيٍّ أَوْ فِي سَمَكَةٍ مَشْوِيَّةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ شَوَاهُ فِي مِلْكِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي وَكَذَا فِي الْمُصْحَفِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مُصْحَفُهُ كَتَبَهُ فِي مِلْكِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ وَيُكْتَبُ ثُمَّ يُمْحَى ثُمَّ يُكْتَبُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ كَانَ كُوزًا صُفْرًا وَطَسْتًا أَوْ آنِيَةً مِنْ حَدِيدٍ أَوْ صُفْرٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ شَبَهٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ سَاجٍ أَوْ الْأَقْدَاحَ أَوْ تَابُوتًا أَوْ سَرِيرًا أَوْ حَجْلَةً أَوْ قُبَّةً أَوْ خُفًّا أَوْ قَلَانِسَ يُقْضَى بِهَا لِلْخَارِجِ إنْ كَانَ يُعَادُ وَإِنْ كَانَ لَا يُعَادُ يُقْضَى لِذِي الْيَدِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا ادَّعَى لَبِنًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهُ لَهُ ضَرَبَهُ فِي مِلْكِهِ وَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قُضِيَ لِلْخَارِجِ وَإِنْ كَانَ مَقَامَ اللَّبِنِ آجُرُ أَوْ جَصٌّ أَوْ نَوْرَةٌ يُقْضَى لِصَاحِبِ الْيَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. شَاةٌ مَسْلُوخَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ وَجِلْدُهَا وَسَقَطُهَا فِي يَدِ آخَرَ فَأَقَامَ الَّذِي الشَّاةُ فِي يَدِهِ بَيِّنَةً أَنَّ الشَّاةَ وَالسَّقَطَ وَالْجِلْدَ كُلَّهُ لَهُ وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدِهِ السَّقَطُ وَالْجِلْدُ عَلَى مِثْلِهِ يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمَا فِي يَدِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ كَانَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ حَمَامٌ أَوْ دَجَاجَةٌ مِمَّا يُفَرِّخُ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ فَرَّخَ فِي مِلْكِهِ وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قُضِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْبَيْضَةَ الَّتِي خَرَجَتْ هَذِهِ الدَّجَاجَةُ مِنْهَا كَانَتْ لَهُ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِالدَّجَاجَةِ وَلَكِنْ يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ الدَّجَاجَةِ بِبَيْضَةٍ مِثْلِهَا لِصَاحِبِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. بَاضَتْ الدَّجَاجَةُ الْمَغْصُوبَةُ بَيْضَتَيْنِ فَحَضَنَتْ الدَّجَاجَةُ إحْدَاهُمَا وَخَرَجَ فَرْخٌ وَحَضَنَ الْغَاصِبُ الْأُخْرَى تَحْتَ دَجَاجَةٍ أُخْرَى فَالدَّجَاجَةُ وَفَرْخُهَا الَّذِي حَضَنَتْهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالْفَرْخُ الَّذِي حَضَنَ الْغَاصِبُ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الصُّوفُ وَوَرَقُ الشَّجَرِ وَثَمَرَةُ الشَّجَرِ بِمَنْزِلَةِ النِّتَاجِ وَغُصْنُ الشَّجَرِ وَالْحِنْطَةُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ النِّتَاجِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الصُّوفَ صُوفُ شَاتِهِ وَهَذِهِ الثَّمَرَةَ وَهَذَا الْوَرَقَ مِنْ شَجَرِهِ وَهَذَا الْغُصْنَ مِنْ نَخْلِهِ وَهَذِهِ الْحِنْطَةَ مِنْ حِنْطَتِهِ بَذَرَهَا فِي أَرْضِهِ وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَفِي الْغُصْنِ وَالْحِنْطَةِ يُقْضَى لِلْمُدَّعِي وَفِي الصُّوفِ وَالثَّمَرِ وَالْوَرَقِ يُقْضَى لِصَاحِبِ الْيَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى ثَوْبًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ لَهُ نَسَجَهُ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَالشُّهُودُ شَهِدُوا أَنَّهُ نَسَجَهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ لَهُ فَأَنَّهُ لَا يُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا فِي دَابَّةٍ

أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ أَوْ فِي أَمَةٍ أَنَّهَا وَلَدَتْ عِنْدَهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهَا لَهُ، لَا يُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا ابْنَةُ أَمَتِهِ وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى ثَوْبٍ أَنَّهُ غُزِلَ مِنْ قُطْنِ فُلَانٍ لَا يُقْضَى بِهِ لِفُلَانٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ غَزَلَ هَذَا مِنْ قُطْنِ فُلَانٍ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَنَسَجَ فَعَلَى الْغَاصِبِ قُطْنٌ مِثْلُهُ وَالثَّوْبُ لِلْغَاصِبِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمَالِكُ: أَنَا أَمَرْتُهُ بِالْغَزْلِ وَالنَّسِيجِ فَيَأْخُذَ عَيْنَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا شَهِدُوا أَنَّ هَذَا الثَّمَرَ مِنْ نَخِيلِ هَذَا الْمُدَّعِي قُضِيَ بِالثَّمَرِ لِلْمُدَّعِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَذِهِ الْحِنْطَةَ مِنْ زَرْعٍ كَانَ فِي أَرْضِ فُلَانٍ أَوْ هَذَا الثَّمَرَ مِنْ نَخِيلٍ كَانَ فِي أَرْضِ فُلَانٍ أَوْ هَذَا الزَّبِيبَ مِنْ كَرْمٍ كَانَ فِي أَرْضِ فُلَانٍ لَا يُقْضَى بِهِ لِفُلَانٍ وَلَوْ أَقَرَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بِذَلِكَ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ وَلَدَتْهُ أَمَةُ فُلَانٍ كَانَ الْعَبْدُ لِصَاحِبِ الْأَمَةِ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَذِهِ الْحِنْطَةَ مِنْ زَرْعِ هَذَا الرَّجُلِ يُقْضَى بِهَا لِصَاحِبِ الزَّرْعِ وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَذَا الزَّبِيبَ مِنْ كَرْمِ فُلَانٍ يُقْضَى بِالزَّبِيبِ لِفُلَانٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا طَحَنَ هَذَا الدَّقِيقَ مِنْ حِنْطَةِ فُلَانٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِحِنْطَةٍ مِثْلِهَا وَإِنْ قَالَ رَبُّ الْحِنْطَةِ: أَنَا أَمَرْتُهُ أَخَذَ الدَّقِيقَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ بِالْعُصْفُرِ فِي يَدَيْ رَجُلٍ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا الْعُصْفُرَ الَّذِي فِي هَذَا الثَّوْبِ لِهَذَا الْمُدَّعِي صَبَغَ هَذَا الثَّوْبَ بِهِ وَرَبُّ الصِّبْغِ يَدَّعِي عَلَى رَبِّ الثَّوْبِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي صَبَغَهُ وَرَبُّ الثَّوْبِ يَجْحَدُ ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَمَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ وَابْنَتُهَا فِي يَدِ رَجُلٍ آخَرَ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَقُضِيَ لَهُ بِالْجَارِيَةِ لَا يَكُونُ لِهَذَا الْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَ ابْنَتَهَا وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْجَارِيَةَ مِلْكًا مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ الْبِنْتُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْبِنْتَ مَعَ الْجَارِيَةِ وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى نَخْلٍ فِي يَدِ رَجُلٍ وَتَمْرُ هَذَا النَّخْلِ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَقُضِيَ لَهُ بِالنَّخْلِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ التَّمْرَ أَيْضًا وَلَا يُشْبِهُ التَّمْرُ الْوَلَدَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَرْضٍ مَزْرُوعَةٍ حِنْطَةً أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ الْأَرْضَ لَهُ وَقَالَتْ الْبَيِّنَةُ لَا نَدْرِي لِمَنْ الزَّرْعُ قَالَ: إذَا لَمْ يُعْلَمْ الزَّرْعُ فَالزَّرْعُ يَتْبَعُ الْأَرْضَ قُلْت: فَإِنْ أَقَامَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْأَرْضُ بَيِّنَةً أَنَّهُ هُوَ الَّذِي زَرَعَ أَيُجْعَلُ لَهُ الزَّرْعُ، قَالَ: نَعَمْ قُلْت: فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ مَحْصُودًا أَوْ كُدْسًا وَالشُّهُودُ لَمْ يَشْهَدُوا بِالزَّرْعِ لِأَحَدٍ قَالَ: الزَّرْعُ لِمَنْ فِي يَدَيْهِ الْأَرْضُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَصَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْهِبَةَ مَعَ الْقَبْضِ وَالْآخَرُ الشِّرَاءَ مِنْ جِهَةِ وَاحِدٍ وَالْعَيْنُ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَلَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا تَارِيخَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ فَالشِّرَاءُ أَوْلَى وَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُؤَرِّخْ الْآخَرُ فَالْمُؤَرِّخُ أَيُّهُمَا كَانَ أَوْلَى وَلَوْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَهُوَ أَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُؤَرِّخَا وَتَارِيخُ الْخَارِجِ أَسْبَقُ فَحِينَئِذٍ يُقْضَى لِلْخَارِجِ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يُؤَرِّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَحِينَئِذٍ يُقْضَى لِأَسْبِقْهَا تَارِيخًا وَالْجَوَابُ فِي الصَّدَقَةِ مَعَ الْقَبْضِ وَالشِّرَاءِ إذَا اجْتَمَعَا كَالْجَوَابِ فِي الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ مَعَ الشِّرَاءِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الشِّرَاءَ مِنْ زَيْدٍ بِأَلْفٍ وَادَّعَى آخَرُ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ وَهَبَهَا لَهُ وَقَبَضَهَا مِنْهُ وَالْعَيْنُ فِي يَدِ ثَالِثٍ قُضِيَ بَيْنَهُمَا وَكَذَا إذَا ادَّعَى ثَالِثٌ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ وَادَّعَى رَابِعٌ صَدَقَةً مِنْ آخَرَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا يُقْضَى لِلْخَارِجِ إلَّا فِي أَسْبَقِ التَّارِيخِ فَهِيَ لِلْأَسْبَقِ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدَيْهِمَا يُقْضَى بَيْنَهُمَا إلَّا فِي أَسْبَقِ التَّارِيخِ فَهِيَ لَهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِمَّا لَا يُقْسَمُ كَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ أَمَّا فِيمَا يُقْسَمُ كَالدَّارِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِمُدَّعِي الشِّرَاءِ فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَشَاعَ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَاَلَّذِي لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. وَدَعْوَى الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ

مسائل متفرقة

مَعَ الْقَبْضِ فِيهِمَا مُسْتَوِيَانِ وَهَذَا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَهَذَا إذَا لَمْ تُوَقَّتْ الْبَيِّنَتَانِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْضٌ وَأَمَّا إذَا وُقِّتَتَا فَصَاحِبُ الْوَقْتِ الْأَقْدَمِ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يُوَقِّتَا وَمَعَ أَحَدِهِمَا قَبْضٌ كَانَ هُوَ أَوْلَى وَكَذَا إنْ وَقَّتَ صَاحِبُهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ وُقِّتَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا فَصَاحِبُ الْوَقْتِ أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ ادَّعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ آخَرَ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الشِّرَاءَ مِنْ زَيْدٍ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ ارْتَهَنَهُ مِنْ زَيْدٍ وَقَبَضَهُ وَأَقَامَا الْبَيِّنَة وَلَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا عَلَى السَّوَاءِ فَالشِّرَاءُ أَوْلَى فَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَالْمُؤَرِّخُ أَوْلَى أَيُّهُمَا كَانَ أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَهُوَ أَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُؤَرِّخَا وَتَارِيخُ الْخَارِجِ أَسْبَقُ فَحِينَئِذٍ يُقْضَى لِلْخَارِجِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا رَهْنًا وَقَبْضًا وَالْآخَرُ هِبَةً وَقَبْضًا مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمَا تَارِيخٌ وَلَا قَبْضٌ كَانَ الرَّهْنُ أَوْلَى وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ هَذَا إذَا كَانَتْ دَعْوَاهُمَا مِنْ وَاحِدٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ اثْنَيْنِ فَهُمَا سَوَاءٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فَإِنْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا بِالتَّارِيخِ أَوْ أَسْبَقِيَّةِ الْيَدِ يُقْضَى لَهُ بِهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَهِيَ أَوْلَى هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْهِدَايَةِ. إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا شِرَاءَ الْعَبْدِ وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ تَزَوُّجَهَا عَلَيْهِ فَهُمَا سَوَاءٌ يُقْضَى بِالْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ هَذَا إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا وَتَارِيخُهُمَا عَلَى السَّوَاءِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الشِّرَاءُ أَوْلَى وَأَمَّا إذَا أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَالْأَسْبَقُ أَوْلَى هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْمَرْأَةِ نِصْفُ الْعَيْنِ وَنِصْفُ قِيمَتِهَا عَلَى الزَّوْجِ وَلِلْمُشْتَرِي نِصْفُ الْعَيْنِ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ فَسْخَ الْبَيْعِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا عَلَى الزَّوْجِ قِيمَةُ الْعَيْنِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا اجْتَمَعَ النِّكَاحُ وَالْهِبَةُ وَالرَّهْنُ وَالصَّدَقَةُ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْقَرْضِ وَشَاهِدَانِ بِالْمُضَارَبَةِ فَالْبَيِّنَةُ لِمُدَّعِي الْقَرْضِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ] (مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ) فِي الْمُنْتَقَى دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنِّي كُنْت ادَّعَيْت هَذِهِ الدَّارَ وَأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ صَالَحَنِي مِنْهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ حَقِّهِ مِنْ دَعْوَاهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَبَيِّنَةُ الصُّلْحِ أَوْلَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى أَمَةً فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَنَّهُ أَعْتَقَهَا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِعْتَاقَ فَصَاحِبُ الْعِتْقِ أَوْلَى وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا كَانَ مُدَّعِي الشِّرَاءِ قَبَضَ الْعَبْدَ فَلَوْ كَانَ قَبَضَ الْعَبْدَ كَانَ هُوَ أَوْلَى هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ أَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَوْلَى أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَوْلَى بَاعَ الْعَبْدَ مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْعَبْدَ مِنْهُ فَبَيِّنَةُ الْعَبْدِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْعَبْدَ فَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى وَإِذَا أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ يُقْضَى لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ ادَّعَتْ أَمَةٌ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ مَوْلَاهَا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ مَوْلَاهَا فَبَيِّنَةُ الْأَمَةِ أَوْلَى سَوَاءٌ كَانَتْ فِي قَبْضِ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ تَكُنْ فِي قَبْضِهِ وَلَوْ وَقَّتَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي وَقْتًا قَبْلَ الْحَبَلِ بِثَلَاثِ سِنِينَ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ دَبَّرَهَا وَهُوَ يَمْلِكُهَا وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ وَهُوَ يَمْلِكُهَا وَأَقَامَ آخَرُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَهِيَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَقَامَ عَبْدٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا يُنْكِرُ أَوْ يُقِرُّ وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ قَضَيْت بِهِ لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ

وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ فِي يَدَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ أَمْسِ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ شَهِدَ شُهُودُ الْعَبْدِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَشَهِدَ شُهُودُ الْآخَرِ أَنَّهُ عَبْدُهُ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ الْمَوْلَى أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ أَعْتَقَهُ وَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ الْعِتْقِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا دَبَّرَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ التَّدْبِيرِ كَمَا لَوْ أَقَامَ الْمَوْلَى بِنَفْسِهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ دَبَّرَهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ أَنَّهُ عَبْدُهُ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الْمَوْلَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا كَاتَبَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ يُقْضَى لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَلَوْ أَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ مِلْكُهُ كَاتَبَهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ قُضِيَ لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ أَعْتَقَهُ وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ حُرٌّ وَأَنَّهُ وَالَاهُ وَعَاقَدَهُ فَصَاحِبُ الْمُوَالَاةِ أَوْلَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ فَإِنْ صَدَّقَ الْعَبْدُ أَحَدَهُمَا فَبَيِّنَتُهُ أَوْلَى وَإِنْ كَذَّبَهُمَا جَمِيعًا يُقْضَى بِوَلَائِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ يَمْلِكُهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى تَصْدِيقِ الْعَبْدِ وَتَكْذِيبِهِ وَقَضَيْت بِوَلَائِهِ بَيْنَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَإِنْ ذَكَرَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ مَالًا وَلَمْ تَذْكُرْ الْأُخْرَى فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الَّذِي يَدَّعِي الْمَالَ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلَا أُبَالِي صَدَّقَهُ الْعَبْدُ أَوْ كَذَّبَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ ادَّعَى ابْنٌ لَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ صَغِيرٌ فِي عِيَالِهِ وَأَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّ الْأَبَ قَدْ أَعْتَقَهُ قَالَ: أَقْبَلُ بَيِّنَةَ الْعِتْقِ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ وَهَبَهُ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ الْفَقِيرِ هَذَا وَقَبَّضَهُ إيَّاهُ وَشَهِدَ شُهُودُ الْعَبْدِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَلَمْ يُوَقِّتُوا أَجَزْتُ الصَّدَقَةَ وَأَبْطَلْتُ الْعِتْقَ وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ غُلَامَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَقَالَ الْوَارِثُ: كَانَ يَهْذِي حِينَ دَخَلَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ وَلَمْ يُقِرَّ الْوَارِثُ بِالْإِعْتَاقِ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ حِينَ يَشْهَدُ الشُّهُودُ أَنَّهُ كَانَ صَحِيحَ الْعَقْلِ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِالْعِتْقِ إلَّا أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ يَهْذِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغُلَامِ وَهُوَ حُرٌّ حَتَّى يُقِيمَ الْوَارِثُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ يَهْذِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَعْتَقَ أَمَةً وَلَهَا وَلَدٌ فَقَالَتْ: اعْتِقْنِي قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ وَقَالَ الْمَوْلَى: لَا بَلْ أَعْتَقْتُك بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَالْوَلَدُ عَبْدٌ ذَكَرَ فِي الْعُيُونِ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا كَانَ فِي يَدِهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْوَلَدُ فِي أَيْدِيهِمَا فَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى وَكَذَلِكَ فِي الْكِتَابَةِ وَأَمَّا فِي التَّدْبِيرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْوَلَدُ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُعَبِّرُ فَالْقَوْلُ لِمَنْ هُوَ فِي يَدَيْهِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى وَكَذَلِكَ فِي الْكِتَابَةِ وَلَوْ أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ اُخْتُلِفَ بَعْدَ حِينٍ فِي وَلَدِهَا فَقَالَتْ: وَلَدْتُهُ بَعْدَ عِتْقِي فَأَخَذْتَهُ مِنِّي وَقَالَ الْمَوْلَى: وَلَدْتِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَأَخَذْتُهُ مِنْك وَالْوَلَدُ لَا يُعَبِّرُ فَعَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْأُمِّ وَكَذَلِكَ فِي الْكِتَابَةِ وَفِي الْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. غُلَامٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: هُوَ غُلَامِي فَإِنْ كَانَ لَا يُعَبِّرُ فَالْقَوْلُ لِذِي الْيَدِ لِأَنَّهُ كَالْمَتَاعِ وَإِنْ كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ بَالِغًا فَالْقَوْلُ لِلْغُلَامِ وَإِنْ بَرْهَنَا عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ فَبَيِّنَةُ الْغُلَامِ أَوْلَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَدِمَ بَلْدَةً وَمَعَهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ يَخْدُمُونَهُ وَهُمْ فِي يَدِهِ فَادَّعَى أَنَّهُمْ أَرِقَّاؤُهُ وَادَّعَوْا أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مَا لَمْ يُقِرُّوا لَهُ بِالْمِلْكِ بِكَلَامٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ تَقُومُ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِمْ قَالَ: وَإِنْ كَانُوا مِنْ الْهِنْدِ أَوْ السِّنْدِ أَوْ التُّرْكِ وَالرُّومِ هَكَذَا ذَكَرُوا تَأْوِيلَهُ إذَا جَاءَ بِهِمْ غَيْرَ مَقْهُورِينَ أَمَّا إذَا كَانُوا

الفصل الثالث في دعوى القوم والرهط ودعواهم مختلفة

مَقْهُورِينَ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ إنَّهُمْ أَحْرَارٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى رَجُلٌ حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ أُمِّهِ وَاسْمَ أَبِيهِ وَلَا حُرِّيَّتَهُمَا جَازَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. مَاتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا جَارِيَةً وَفِي حِجْرِهَا وَلَدٌ فَادَّعَتْ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِ الْمَيِّتِ وَأَنَّ هَذَا مِنْ الْمَيِّتِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى إقْرَارِ الْمَوْلَى فِي حَيَاتِهِ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ وَلَوْ شَهِدَتْ الْوَرَثَةُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِ الْمَيِّتِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَلَا سَبِيلَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ يَدَّعِي كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا فَلَا يَخْلُو إمَّا إنْ أَقَرَّ بَعْدَمَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَوْ قَبْلَ إقَامَتِهِمَا الْبَيِّنَةَ أَوْ بَعْدَمَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ شَاهِدًا وَاحِدًا أَوْ بَعْدَمَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا شَاهِدَيْنِ فَإِنْ أَنْكَرَ بَعْدَ السَّمَاعِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْبَيِّنَةِ دُفِعَ إلَيْهِ وَإِنْ عَدَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا لَا تَبْطُلُ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ يُقْضَى لِغَيْرِ الْمُقَرِّ لَهُ وَأَمَّا إذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ شَاهِدًا وَاحِدًا ثُمَّ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا دُفِعَ إلَيْهِ وَقِيلَ لِلْآخَرِ: أَقِمْ شَاهِدًا آخَرَ فَإِنْ أَقَامَ يُقْضَى لَهُ وَأَنْ لَمْ يُقْضَ حَتَّى جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ بِشَاهِدٍ آخَرَ يُقْضَى بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يُقْضَ حَتَّى أَعَادَ الْخَارِجُ شَاهِدَهُ الْأَوَّلَ أَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ يُقْضَى بِكُلِّهِ لَهُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُقَرُّ لَهُ شَاهِدَهُ الْأَوَّلَ وَشَاهِدًا آخَرَ عَلَى الْخَارِجِ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى لِلْخَارِجِ أَوْ بَعْدَهُ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ: مَاتَ شَاهِدِي الْأَوَّلُ أَوْ غَابَ قِيلَ لَهُ: هَاتِ بِآخَرَ فَإِنْ جَاءَ بِآخَرَ يُقْضَى لَهُ بِالْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُقَرُّ لَهُ شَاهِدًا آخَرَ وَشَاهِدَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا وَفِي رِوَايَةٍ أَوْ يُقِيمَ شَاهِدَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ فَيَكُونَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ ذُو الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا حَتَّى قُضِيَ بِهِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْعَبْدَ لَهُ لَا تُسْمَعُ وَإِنْ لَمْ تُزَكَّ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا أَوْ لَمْ يُقِمْ حَتَّى قُضِيَ لِلْآخَرِ ثُمَّ أَعَادَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ الْعَادِلَةَ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ قَضَى لَهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ أَمَّا إذَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ وَلَمْ يُقِمْ الْآخَرُ وَأَقَرَّ ذُو الْيَدِ لِغَيْرِ الْمُقِيمِ يُدْفَعُ إلَيْهِ وَيُقْضَى بِبَيِّنَةِ غَيْرِ الْمُقَرِّ لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُكَلَّفَ إعَادَتَهَا وَيَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْمُقِرِّ دُونَ الْمُقَرِّ لَهُ حَقٌّ لَوْ أَقَامَ الْمُقَرُّ لَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْدَعَهُ ذَا الْيَدِ يُقْضَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يُقْضَ لَهُ حَتَّى أَعَادَ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ شُهُودَهُ بَطَلَتْ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ وَيُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْآخَرِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهَا دَارُهُ آجَرَهَا مِنْ الَّذِي فِي يَدَيْهِ شَهْرًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ قَدْ سَكَنَهَا شَهْرًا وَهُوَ جَاحِدٌ دَعْوَاهُمَا فَإِنَّهُمَا يَأْخُذَانِ الدَّارَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَأْخُذَانِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْعَبْدِ لِلْبَائِعِ وَقَالَ: هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ وَأَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَقْبِضَهُ فَقَالَ: الْعَبْدُ عَبْدِي وَقَالَ الْمُقِرُّ: إنَّمَا بِعْتُك الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قَالَ: وَكَذَلِكَ رَجُلٌ أَقَرَّ بِعَبْدٍ لِرَجُلٍ أَمْسِ وَأَقَرَّ الْمُقَرُّ لَهُ بِالْعَبْدِ الْيَوْمَ لِلْمُقِرِّ الْأَوَّلِ وَقَالَ لَهُ الْمُقَرُّ لَهُ الثَّانِي: الْعَبْدُ عَبْدِي وَقَالَ الْمُقِرُّ الثَّانِي: إنَّمَا أَقْرَرْت بِذَلِكَ لِأَنِّي بِعْتُهُ مِنْك الْيَوْمَ وَإِنَّمَا وَصَلَ إلَيَّ مِنْ قِبَلِك فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ ثَوْبٌ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَقَالَ صَاحِبُ الْيَدِ: وَهَبْتَهُ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْخَمْسُونَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي دَعْوَى الْقَوْمِ وَالرَّهْطِ وَدَعْوَاهُمْ مُخْتَلِفَةٌ] إذَا كَانَتْ دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَاهَا اثْنَانِ أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا وَالْآخَرُ نِصْفَهَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَلِصَاحِبِ الْجَمِيعِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ رُبْعُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: هِيَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ حَلَفَ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ عَنْ خُصُومَتهَا وَتُرِكَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ كَمَا كَانَتْ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا

كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا يَدَّعِي النِّصْفَ وَآخَرُ يَدَّعِي الْجَمِيعَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى مُدَّعِي الْجَمِيعِ وَيَحْلِفُ مُدَّعِي النِّصْفِ فَإِنْ حَلَفَ تُتْرَكُ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ نَكَلَ يُقْضَى لَهُ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِجَمِيعِ الدَّارِ لِمُدَّعِي الْجَمِيعِ نِصْفُهَا بِالْبَيِّنَةِ وَنِصْفُهَا بِالْإِقْرَارِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ: سَمِعْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ فِي دَارٍ فِي يَدَيْ أَخَوَيْنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا كُلَّ الدَّارِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهَا مِيرَاثٌ بَيْنَهُمَا مِنْ أَبِيهِمَا قَالَ: لِلَّذِي ادَّعَى كُلَّهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدَّارِ النِّصْفُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ وَنِصْفُ مَا فِي يَدَيْ أَخِيهِ وَلِلْآخَرِ رُبْعُهَا فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَيَا صَارَ النِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ مُدَّعِي الْكُلِّ مِيرَاثًا فَيَكُونُ ذَلِكَ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَصِيرُ النِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ مُدَّعِي الْمِيرَاثِ لِلْآخَرِ فَيَكُونُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدَّارِ وَلِمُدَّعِي الْمِيرَاثِ رُبْعُهَا فَإِنْ جَاءَ إنْسَانٌ آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُهُ فَاسْتَحَقَّهَا ثُمَّ وَهَبَهَا لِمُدَّعِي الْجَمِيعِ فَلَا شَيْءَ لِأَخِيهِ فِيهَا وَإِنْ وَهَبَهَا لِمُدَّعِي الْمِيرَاثِ أَخَذَ أَخُوهُ نِصْفَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَ شُهُودُ مُدَّعِي الْمِيرَاثِ أَنَّ الدَّارَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُدَّعِي الْجَمِيعِ نِصْفَيْنِ اشْتَرَيَاهَا مِنْ فُلَانٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَشَهِدَ شُهُودُ الْآخَرِ عَلَى الْجَمِيعِ فَالدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الرَّجُلَيْنِ يُقِيمَانِ الْبَيِّنَةَ عَلَى شَيْءٍ فِي أَيْدِيهِمَا دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ جَمِيعَهَا وَآخَرُ ثُلُثَيْهَا وَآخَرُ نِصْفَهَا وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ سَبْعَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ ثَلَاثَةٌ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ سَهْمَانِ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ وَعِنْدَهُمَا تُقَسَّمُ الدَّارُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ بِطَرِيقِ الْعَوْلِ وَالْمُضَارَبَةِ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ سِتَّةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمْ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ فَإِنْ حَلَفُوا فَالدَّارُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَإِنْ حَلَفَ صَاحِبُ الْجَمِيعِ وَنَكَلَا فَالدَّارُ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ وَإِنْ حَلَفَ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ وَنَكَلَا أَخَذَ سُدُسَهَا مِنْ صَاحِبِ الْجَمِيعِ وَسُدُسَهَا مِنْ صَاحِبِ النِّصْفِ مَعَ مَا فِي يَدِهِ وَهُوَ الثُّلُثُ وَإِنْ حَلَفَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَنَكَلَا فَلَهُ مَا فِي يَدِهِ وَيَأْخُذُ نِصْفَ سُدُسِهَا مِنْ صَاحِبِ الْجَمِيعِ وَنِصْفَ سُدُسٍ مِنْ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ هَذَا إذَا حَلَفَ وَاحِدٌ وَنَكَلَ اثْنَانِ وَلَوْ حَلَفَ اثْنَانِ وَنَكَلَ وَاحِدٌ فَإِنْ حَلَفَ مُدَّعِي الْجَمِيعِ وَمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ وَنَكَلَ مُدَّعِي النِّصْفِ يُقَسَّمُ مَا فِي يَدِهِ عَلَى الْمُنَازَعَةِ أَرْبَاعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُقَسَّمُ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِمُدَّعِي الْجَمِيعِ وَثُلُثُهُ لِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْعَوْلِ وَالْمُضَارَبَةِ وَلَوْ حَلَفَ مُدَّعِي الْكُلِّ وَمُدَّعِي النِّصْفِ وَنَكَلَ مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ يُقَسَّمُ مَا فِي يَدِهِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِمُدَّعِي النِّصْفِ وَسَبْعَةٌ لِمُدَّعِي الْكُلِّ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يُقَسَّمُ أَخْمَاسًا خُمُسُهُ لِمُدَّعِي النِّصْفِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِمُدَّعِي الْكُلِّ وَلَوْ حَلَفَ مُدَّعِي النِّصْفِ وَمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ وَنَكَلَ مُدَّعِي الْجَمِيعِ فَمَا فِي يَدِهِ يُقَسَّمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِمُدَّعِي النِّصْفِ وَسَهْمَانِ لِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ وَيَبْقَى لِمُدَّعِي الْكُلِّ سَهْمٌ بِلَا مُنَازَعَةٍ، هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ أَوْ نَكَلُوا فَأَمَّا إذَا أَقَامُوا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ أَوْ نَكَلُوا جَمِيعًا فَلِصَاحِبِ النِّصْفِ الثُّمُنُ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ الرُّبْعُ وَلِصَاحِبِ الْكُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُقَسَّمُ عَلَى مِائَةٍ وَثَمَانِينَ سَهْمًا لِصَاحِبِ النِّصْفِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ خَمْسُونَ وَلِصَاحِبِ الْجَمِيعِ الْمِائَةُ وَثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ثَلَاثَةٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمْ النِّصْفَ وَالْآخَرُ الثُّلُثَ وَالْآخَرُ السُّدُسَ وَجَحَدَ

بَعْضُهُمْ دَعْوَى الْبَعْضِ فَإِنَّ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الثُّلُثَ الَّذِي فِي يَدِ مُدَّعِي السُّدُسِ نِصْفُهُ لَهُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مَوْقُوفٌ عِنْدَهُ فَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ أَخَذَ مِنْ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ نِصْفَ سُدُسِ الدَّارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ مِنْهُمَا مَنْزِلٌ وَفِي يَدَيْ رَجُلٍ آخَرَ مِنْهُمَا مَنْزِلٌ آخَرُ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ لَهُ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ الدَّارَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ فَإِنْ حَلَفَا فَالْمَنْزِلُ الَّذِي فِي يَدِ مُدَّعِي الْجَمِيعِ يُتْرَكُ فِي يَدَيْهِ وَيُقْضَى لَهُ بِنِصْفِ الْمَنْزِلِ الَّذِي فِي يَدِ مُدَّعِي النِّصْفِ وَيُتْرَكُ نِصْفُ الْمَنْزِلِ فِي يَدِ مُدَّعِي النِّصْفِ فِي يَدِهِ عَلَى حَالِهِ وَيُقْضَى بِالسَّاحَةِ بَيْنَهُمَا وَيَتَصَرَّفَانِ فِيهَا عَلَى السَّوَاءِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا بَيْتٌ وَفِي يَدِ الْآخَرِ بُيُوتٌ وَالسَّاحَةُ فِي أَيْدِيهِمَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي الْجَمِيعَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَحَلَفَا يُتْرَكُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي يَدِهِ وَالسَّاحَةُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى عَلَى مَا فِي يَدِ هَذَا لِلْآخَرِ وَبِمَا فِي يَدِ الْآخَرِ لِهَذَا وَالسَّاحَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. دَارٌ سُفْلُهَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَعُلْوُهَا فِي يَدِ الْآخَرِ وَطَرِيقُ الْعُلْوِ فِي السَّاحَةِ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّ الدَّارَ لَهُ فَالدَّارُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ لَا الْعُلْوِ وَطَرِيقُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْعُلْوُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَالسُّفْلُ فِي يَدِ الْآخَرِ وَالسَّاحَةُ فِي أَيْدِيهِمَا وَلَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَحَلَفَا وَكُلُّ وَاحِدٍ يَدَّعِي الْجَمِيعَ فَيُتْرَكُ السُّفْلُ فِي يَدِ صَاحِبِ السُّفْلِ وَالْعُلْوُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْعُلْوِ وَالسَّاحَةُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ حَقُّ الْمَمَرِّ فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى السَّاحَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِالسُّفْلِ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ وَبِالْعُلْوِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَالسَّاحَةُ لِلَّذِي قُضِيَ لَهُ بِالسُّفْلِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ وَلِصَاحِبِ الْيَدِ اشْتَرَيَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضَاهَا مِنْهُ وَهُوَ يَمْلِكُهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالدَّارِ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهَا لِمُدَّعِي الْجَمِيعِ وَثُلُثُهَا لِمُدَّعِي النِّصْفِ لِنَفْسِهِ وَلَوْ ادَّعَى أَجْنَبِيٌّ أَنَّهَا كُلَّهَا لَهُ وَادَّعَى أَخُو صَاحِبِ الْيَدِ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ صَاحِبِ الْيَدِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَيَا يُقْضَى لِلْأَجْنَبِيِّ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا وَلِلْأَخِ الْمُدَّعِي بِرُبْعِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ أَرَادَ ذُو الْيَدِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ أَخِيهِ فِي الرُّبْعِ الَّذِي صَارَ لَهُ وَقَالَ لَهُ قَدْ أَقْرَرْتُ أَنَّ النِّصْفَ الَّذِي أَصَابَ أَبَانَا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ بَيْنِي وَبَيْنَك نِصْفَيْنِ فَمَا وَرَدَ عَلَيْهِ الِاسْتِحْقَاقُ يَكُونُ مُسْتَحَقًّا عَلَى الْكُلِّ وَمَا بَقِيَ يَبْقَى عَلَى الْكُلِّ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ أَقَرَّ أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ بَعْدَ مَا أَنْكَرَ الْوِرَاثَةُ وَبَعْدَ مَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا لَمْ يُقِرَّ بِالْوِرَاثَةِ سَوَاءٌ يُقْضَى بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدَّارِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَبِرُبْعِهَا لِأَخِي ذِي الْيَدِ وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ لِذِي الْيَدِ بِالْوِرَاثَةِ قَبْلَ إقَامَتِهِمَا الْبَيِّنَةَ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِكُلِّ الدَّارِ لِلْأَجْنَبِيِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ ذُو الْيَدِ مِنْ الِابْتِدَاءِ ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ فُلَانٍ وَأَخُوهُ غَائِبٌ فَأَقَامَ الْأَجْنَبِيُّ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا دَارُهُ وَرِثَهَا عَنْ أَبِيهِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالدَّارِ لِلْأَجْنَبِيِّ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ حَضَرَ أَخُو ذِي الْيَدِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ لِأَبِيهِ فُلَانٍ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ ذِي الْيَدِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُ ذِي الْيَدِ أَنَّ الدَّارَ مِيرَاثٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ الْغَائِبِ فُلَانٍ بَعْدَ مَا أَقَامَ الْأَجْنَبِيُّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ لِلْأَجْنَبِيِّ بِكُلِّ الدَّارِ ثُمَّ حَضَرَ أَخُو ذِي الْيَدِ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ قَبِلَ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ

الفصل الرابع في تنازع الأيدي

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي تُنَازِعُ الْأَيْدِي] ) . إذَا تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي دَارٍ يَدَّعِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا فِي يَدِهِ فَإِنْ عَرَفَ الْقَاضِي كَوْنَ الدَّارِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا جَعَلَهُ صَاحِبَ الْيَدِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ كَوْنَهَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَعَرَفَ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِ ثَالِثٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْيَدِ قُضِيَ بِالدَّارِ لَهُمَا وَتُجْعَلُ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا وَلَوْ وَجَدَهَا فِي يَدَيْ ثَالِثٍ يَنْزِعُهَا مِنْ يَدِهِ عِنْدَ طَلَبِهِمَا وَقَبْلَ ذَلِكَ لَا يَنْزِعُهَا مِنْ يَدِ ثَالِثٍ وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ بِالْيَدِ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَلَا لِأَحَدِهِمَا يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَإِنْ حَلَفَا بَرِئَ كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَيُوقِفُ الْقَاضِي الدَّارَ إلَى أَنْ تَظْهَرَ حَقِيقَةُ الْحَالِ وَلَا يَجْعَلُهَا فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْآخَرُ لَمْ يَجْعَلْهَا الْقَاضِي فِي يَدِ الْحَالِفِ وَلَكِنْ يَمْنَعُ النَّاكِلَ مِنْ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلدَّارِ وَإِنْ وَجَدَ الْقَاضِي الدَّارَ فِي يَدِ الثَّالِثِ لَا يَنْزِعُهَا مِنْ يَدِ الثَّالِثِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا تَعَلَّقَ رَجُلَانِ بِعَيْنٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْيَدِ حَتَّى جَعَلْنَاهَا فِي أَيْدِيهِمَا لَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ الْعَيْنَ مِلْكُهُ قُضِيَ لَهُ بِالنِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَتُرِكَ النِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِهِ عَلَى حَالِهِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْيَدِ ثُمَّ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ الْعَيْنَ لَهُ قُضِيَ بِكُلِّهَا لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ. ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ لَوْ أَنَّ مُسْلِمًا خَرَجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَمَعَهُ مُسْتَأْمَنٌ وَفِي يَدِهِمَا بَغْلٌ عَلَيْهِ مَالٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ: هُوَ مَالِي وَفِي يَدَى فَقَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْمَالِ لِمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ إذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي دَارِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهَا فِي يَدِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا هُوَ أَجْوَدُ مِنْ هَذَا أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الْعَيْنَ مِيرَاثًا لِي وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ فَيَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الَّذِي خَاصَمَهُ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا هُوَ أَجْوَدُ مِنْ هَذَا إعْرَاضٌ عَنْ بَيِّنَتِهِ الَّتِي أَقَامَ قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ خَارِجًا فَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْمِلْكِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي دَارِ أَحَدُهُمَا يَدَّعِي أَنَّهَا مِلْكُهُ وَفِي يَدِهِ وَالْآخَرُ أَنَّهَا فِي يَدِهِ وَأَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ لِمَا أَنَّهَا كَانَتْ إجَارَةً فِي يَدِهِ مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ وَقَدْ مَاتَ فُلَانٌ وَهِيَ مَحْبُوسَةٌ فِي يَدَيَّ بِمَالِ الْإِجَارَةِ قَالَ: تُجْعَلُ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا وَبَعْضُ مَشَايِخِ زَمَانِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَفْتَى بِأَنَّ الدَّارَ تُجْعَلُ فِي يَدِ مُدَّعِي الْإِجَارَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ إذَا تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي دَارِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهَا فِي يَدَيْهِ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُمْ رَأَوْا دَوَابَّهُ وَغِلْمَانَهُ يَدْخُلُونَهَا وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِالْيَدِ لِلَّذِي شَهِدَ الشُّهُودُ بِمَا وَصَفْنَا لَهُ حَتَّى يَقُولُوا: كَانُوا سُكَّانًا فِيهَا فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ قَضَيْتُ بِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِ الْغِلْمَانِ وَالدَّوَابِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَجَمَةٍ أَوْ غَيْضَةٍ تَنَازَعَ فِيهَا فَرِيقَانِ كُلُّ فَرِيقٍ يَدَّعِي أَنَّهَا لَهُ وَفِي يَدَيْهِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ أَنَّهَا فِي يَدَيْهِ أَوْ لِلْفَرِيقَيْنِ أَنَّهَا فِي يَدَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُمْ الْقَاضِي عَنْ تَفْسِيرِ ذَلِكَ وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى مَا ذَكَرُوا فَهُوَ مُسْتَقِيمٌ وَإِنْ سَأَلَهُمْ عَنْ تَفْسِيرِ ذَلِكَ فَهُوَ أَوْثَقُ وَأَحْسَنُ ثُمَّ بَيَّنَ مَا تُعْرَفُ بِهِ الْيَدُ عَلَى الْغَيْضَةِ وَالْأَجَمَةِ فَقَالَ فِي الْغَيْضَةِ: إذَا كَانَ يَقْطَعُ الْأَشْجَارَ وَيَبِيعُهَا أَوْ يَنْتَفِعُ بِهَا مَنْفَعَةً تَقْرُبُ مِنْهَا فِي الْأَجَمَةِ إذَا كَانَ يَقْطَعُ الْقَصَبَ وَيَأْخُذُهَا لِلصَّرْفِ إلَى حَاجَةِ نَفْسِهِ أَوْ لِلْبَيْعِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا اخْتَصَمَ رَجُلَانِ فِي عَبْدٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ: هُوَ عَبْدُهُ وَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ صَغِيرًا لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْمِلْكِ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ لَكِنْ يَجْعَلُهُ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنْ كَانَ الْغُلَامُ كَبِيرًا يَتَكَلَّمُ وَيَعْقِلُ

مَا يَقُولُ أَوْ صَغِيرًا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ: أَنَا حُرٌّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي لَا بِالْمِلْكِ وَلَا بِالْيَدِ مَا لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ: أَنَا عَبْدُ أَحَدِهِمَا لَمْ يُصَدَّقْ وَهُوَ عَبْدُهُمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ لِغَيْرِ ذِي الْيَدِ وَهُوَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ: إنَّهُ عَبْدِي فَهُوَ عَبْدٌ لِلَّذِي فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَهُوَ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْيَدِ: إنَّهُ عَبْدِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ يُقْضَى لَهُ بِالْمِلْكِ فَإِنْ كَبَرَ الْغُلَامُ وَقَالَ: لَا أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ لِأَنَّهُ يُرِيدُ إبْطَالَ مِلْكٍ جَرَى الْقَضَاءُ بِهِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: أَنَا لَقِيطٌ فَهَذَا كَقَوْلِهِ أَنَا حُرٌّ فَإِنْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ فَبَيِّنَةُ الْعَبْدِ أَوْلَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سُئِلَ الشَّيْخُ الْقَاضِي الْإِمَامُ شَمْسُ الْإِسْلَامِ مَحْمُودٌ الْأُوزْجَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ ضَيَاعٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَثْبَتَ رَجُلٌ آخَرُ يَدَهُ عَلَيْهَا بِطَرِيقِ التَّغَلُّبِ فَأَقَامَ الَّذِي كَانَتْ الضَّيَاعُ فِي يَدِهِ بَيِّنَةً عَلَى التَّغَلُّبِ أَنَّ الضَّيَاعَ مِلْكُهُ وَأَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ يَدِهِ بِطَرِيقِ التَّغَلُّبِ قَالَ: قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُضِيَ بِالضَّيَاعِ لَهُ وَانْتُزِعَتْ مِنْ يَدِ الْمُتَغَلِّبِ وَسُلِّمَتْ إلَيْهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُتَغَلِّبِ بِاَللَّهِ مَا كَانَتْ هَذِهِ الضَّيَاعُ فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعِي وَمَا أُخِذَتْ مِنْهُ بِطَرِيقِ التَّغَلُّبِ قَالَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى عَلَى الْمُتَغَلِّبِ إقْرَارَهُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي فَوَائِدِ شَمْسِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الْمَحْدُودَ فِي يَدِهِ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ وَأَنَّهُ أَحْدَثَ الْيَدَ عَلَيْهِ يُقْضَى لَهُ بِالْيَدِ وَيَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ لَكِنْ لَا يَصِيرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ مِلْكُهُ تُقْبَلُ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الْمَحْدُودَ كَانَ فِي يَدِهِ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ لَمْ يَقُلْ عَشْرُ سِنِينَ لَا يَسْتَحِقُّ بِهَذَا شَيْئًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ أَمْسِ يَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِالرَّدِّ إلَيْهِ وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَخَذَ مِنْ الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهُ كَانَ عَبْدَهُ وَأَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ مُنْذُ سَنَةٍ حَتَّى اغْتَصَبَهُ هَذَا الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَهُوَ لِمَنْ فِي يَدَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْعُيُونِ تَنَازَعَا فِي شَيْءٍ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ مُنْذُ شَهْرٍ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ فِي يَدِهِ السَّاعَةَ أَقَرَّهُ الْقَاضِي فِي يَدِ مُدَّعِي السَّاعَةِ لِأَنَّ يَدَ الْآخَرِ مُنْقَضِيَةٌ وَالْيَدُ الْمُنْقَضِيَةُ لَا عِبْرَةَ بِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ فِي يَدِهِ مُنْذُ شَهْرٍ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ فِي يَدِهِ مُنْذُ جُمُعَةٍ قُضِيَ بِهِ لِمُدَّعِي الْجُمُعَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ أَرْضٌ لِغَيْرِهِ آجَرَهَا فَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: آجَرْتُهَا بِأَمْرِي وَالْأَجْرُ لِي وَقَالَ الْآجِرُ: غَصَبْتُهَا مِنْك فَآجَرْتُهَا فَالْأَجْرُ لِي كَانَ الْقَوْلُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَلَوْ كَانَ الْآجِرُ بَنَى فِي الْأَرْضِ ثُمَّ آجَرَهَا فَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: أَمَرْتُك أَنْ تَبْنِيَ فِيهَا لِي ثُمَّ تُؤَاجِرُهَا وَقَالَ ذُو الْيَدِ: غَصَبْتُهَا مِنْك وَبَنَيْت ثُمَّ آجَرْتُهَا فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ الْأَجْرُ عَلَى الْأَرْضِ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ وَعَلَى الْأَرْضِ وَهِيَ غَيْرُ مَبْنِيَّةٍ فَمَا أَصَابَ الْبِنَاءَ يَكُونُ لِلْآجِرِ وَمَا أَصَابَ الْأَرْضَ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَإِنْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: غَصَبْتَهَا مِنِّي مَبْنِيَّةً كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ أَوْلَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: غَصَبْتُ مِنْك أَلْفًا وَرَبِحْتُ فِيهَا عَشَرَةَ آلَافٍ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَا بَلْ أَمَرْتُك فَالْقَوْلُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ غَصَبْت الْأَلْفَ وَالْعَشَرَةَ الْآلَافَ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُ مِنْك ثَوْبًا وَقَطَعْتُهُ وَخِطْتُهُ بِغَيْرِ أَمْرِك وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: بَلْ غَصَبَتْنِي الْقَمِيصَ أَوْ قَالَ: بَلْ أَمَرْتُك بِخِيَاطَتِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُقَرِّ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَعَثَ الْقَصَّارُ أَرْبَعَ قِطَعٍ مِنْ الْكِرْبَاسِ إلَى صَاحِبِهَا بِيَدِ تِلْمِيذِهِ فَجَاءَ إلَيْهِ بِثَلَاثِ قِطَعٍ وَقَالَ الْقَصَّارُ: دَفَعْتُ إلَيْك أَرْبَعًا وَقَالَ التِّلْمِيذُ: دَفَعْتَ وَلَمْ تَعُدَّهُ عَلَيَّ يُقَالُ لِصَاحِبِ

الثَّوْبِ صَدِّقْ مَنْ شِئْت، إنْ صَدَّقَ الرَّسُولَ بَرِئَ وَتَوَجَّهَ الْحَلِفُ عَلَى الْقَصَّارِ؛ إنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَلِلْقَصَّارِ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ الْيَمِينُ عَلَى الْأَجْرِ إنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ الثَّوْبِ وَكَذَا لَوْ صَدَّقَ الْقَصَّارَ بَرِئَ وَلَزِمَ الْحَلِفُ عَلَى الرَّسُولِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ الْقَصَّارِ إذَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ صَدَّقَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. حَائِطٌ لِرَجُلٍ وَلَهُ أَشْجَارٌ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ فَنَبَتَتْ مِنْ عُرُوقِهَا فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنْ النَّهْرِ أَشْجَارٌ وَلِرَجُلٍ آخَرَ فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ الْآخَرِ كَرْمٌ وَبَيْنَ الْكَرْمِ وَالنَّهْرِ طَرِيقٌ فَادَّعَى صَاحِبُ الْكَرْمِ الْأَشْجَارَ وَادَّعَى الْآخَرُ وَقَالَ: إنَّهَا مِنْ عُرُوقِ أَشْجَارِي إنْ عُلِمَ أَنَّهَا مِنْ عُرُوقِ أَشْجَارِهِ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْأَشْجَارِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ وَلَا يُعْرَفُ لَهَا غَارِسٌ فَهَذِهِ أَشْجَارٌ لَا مَالِكَ لَهَا فَلَا يَسْتَحِقُّهَا أَحَدُهُمَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ نَبَتَ زَرْعٌ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ بِلَا إنْبَاتِ أَحَدٍ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِخِلَافِ الصَّيْدِ يَدْخُلُ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ حَيْثُ يَكُونُ لِلْآخِذِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ عَرْصَةً كَذَا بِالْمِيرَاثِ وَقَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي بِالْعَرْصَةِ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْعَرْصَةِ وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِالْعَرْصَةِ فِي الْأَشْجَارِ وَالسُّكْنَى وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقِيلَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ بِالْعَرْصَةِ وَقِيلَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَقْضِيِّ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ نَهْرٌ لِرَجُلٍ إلَى جَنْبِهِ مُسَنَّاةٌ وَأَرْضٌ لِرَجُلٍ خَلْفَ الْمُسَنَّاةِ بِلِزْقِهَا وَلَيْسَتْ الْمُسَنَّاةُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهَا غَرْسٌ وَلَا طِينٌ مُلْقًى لِصَاحِبِ النَّهْرِ وَادَّعَى صَاحِبُ الْأَرْضِ الْمُسَنَّاةَ وَادَّعَاهَا صَاحِبُ النَّهْرِ أَيْضًا فَهِيَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: تَكُونُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ حَرِيمًا لِمَلْقَى طِينِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَالْمَشْيِ وَنَحْوِهِ وَثَمَرَتُهُ تَظْهَرُ فِي مَوْضِعَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ لَا يُدْرَى مَنْ غَرَسَهَا فَعِنْدَهُ الْأَشْجَارُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعِنْدَهُمَا لِرَبِّ النَّهْرِ، (وَثَانِيهِمَا) أَنَّ وِلَايَةَ الْغَرْسِ عَلَى الْمُسَنَّاةِ لِرَبِّ الْأَرْضِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لِرَبِّ النَّهْرِ وَإِلْقَاءُ الطِّينِ قِيلَ: هُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ: إنَّ لِرَبِّ النَّهْرِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَضُرَّ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَمُرَّ عَلَيْهَا صَاحِبُ النَّهْرِ فَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا يُمْنَعَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: آخُذُ بِقَوْلِهِ فِي الْغَرْسِ وَبِقَوْلِهِمَا فِي إلْقَاءِ الطِّينِ كَذَا فِي الْكَافِي فِي كِتَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ. السَّيْلُ لَوْ جَاءَ بِالتُّرَابِ وَالطِّينِ وَوَضَعَهُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَوْ نَهْرِهِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَالنَّهْرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالْمُجْتَمِعُ فِي الطَّاحُونَةِ مِنْ دِقَاقِ الطِّحْنِ لِصَاحِبِ الطَّاحُونَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لِمَنْ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَا لَا يَكُونُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَالرَّمَادِ وَالسِّرْقِينِ. أَهْلُ سِكَّةٍ يَرْمُونَ بِالرَّمَادِ وَالسِّرْقِينِ فِي مِلْكِ رَجُلٍ وَاجْتَمَعَ فِيهِ سُبَاطَةٌ فَهِيَ لِمَنْ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهَا وَكَذَا مَنْ بَنَى مَرْبِطًا أَوْ إصْطَبْلًا تَجْتَمِعُ فِيهِ الدَّوَابُّ وَاجْتَمَعَ فِيهِ مِنْ السِّرْقِينِ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ قِيلَ: الْعِبْرَةُ لِإِعْدَادِ الْمَكَانِ فِي ذَلِكَ وَمِثْلُهُ يُحْكَى عَنْ الْإِمَامِ الثَّانِي فِي الْمَنْثُورِ فِي الْوَلَائِمِ إذَا صُبَّ فِي حِجْرِهِ فَأَخَذَهُ آخِذٌ إنْ كَانَ هَيَّأَ ذَيْلَهُ وَحِجْرَهُ لِذَلِكَ يَسْتَرِدُّهُ مِنْ الْآخِذِ وَإِلَّا لَا إلَّا إذَا سَبَقَ إحْرَازُهُ تَنَاوُلَ الْآخِذِ بِأَنْ جَمَعَ الْمَبْسُوطَ فِي ذَيْلِهِ بَعْدَ وُقُوعِ الْمَنْثُورِ فِيهِ عَلَى قَصْدِ الْإِحْرَازِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى آجَرَ دَارِهِ فَأَنَاخَ الْمُسْتَأْجِرُ جِمَالَهُ وَتَبْعُرُ فِيهِ فَالْمُسْتَجْمِعُ لِمَنْ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُؤَاجِرُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ فِيهِ الرَّوْثَ وَالْبَعْرَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ بِنْتًا وَأَخًا وَأَمْتِعَةً فَقَالَتْ الْبِنْتُ: الْأَمْتِعَةُ كُلُّهَا لِي وَقَدْ كَانَ اشْتَرَاهَا الْأَبُ لِي مِنْ مَالِي وَالْأَخُ يَقُولُ: الْأَمْتِعَةُ كُلُّهَا لِلْمَيِّتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَخِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ أَوْ قَمِيصٍ وَأَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا أَوْ لَابِسُهُ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِلِجَامِهَا أَوْ بِكُمِّهِ فَالرَّاكِبُ وَاللَّابِسُ أَوْلَى فِي كَوْنِهِ ذَا الْيَدِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبًا فِي السَّرْجِ وَالْآخَرُ رَدِيفَهُ

فَالرَّاكِبُ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا رَاكِبَيْنِ حَيْثُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَقُودُ الدَّابَّةَ وَالْآخَرُ يَسُوقُهَا قُضِيَ بِالدَّابَّةِ لِلْقَائِدِ وَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُمْسِكًا بِلِجَامِ الدَّابَّةِ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقًا بِذَنَبِهَا قَالَ مَشَايِخُنَا: يَنْبَغِي أَنْ يُقْضَى لِلَّذِي هُوَ مُمْسِكٌ بِلِجَامِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا تَنَازَعَا فِي بَعِيرٍ وَعَلَيْهِ حِمْلٌ لِأَحَدِهِمَا فَصَاحِبُ الْحِمْلِ أَوْلَى كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. دَابَّةٌ تَنَازَعَ فِيهَا رَجُلَانِ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهَا حِمْلٌ وَلِلْآخَرِ كُوزٌ مُعَلَّقٌ أَوْ مِخْلَاةٌ مُعَلَّقَةٌ فَصَاحِبُ الْحِمْلِ أَوْلَى كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ يَقُودُ قِطَارًا مِنْ الْإِبِلِ وَعَلَى بَعِيرٍ مِنْهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ وَادَّعَى الرَّاكِبُ وَالْقَائِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْأَبْعِرَةَ كُلَّهَا قَالَ: إنْ كَانَتْ عَلَى الْأَبْعِرَةِ حُمُولَةٌ لِلرَّاكِبِ فَالْإِبِلُ كُلُّهَا لِلرَّاكِبِ وَالْقَائِدُ أَجِيرٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَبْعِرَةُ عُرَاةً فَلِلرَّاكِبِ الْبَعِيرُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَالْبَاقِي لِلْقَائِدِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قِطَارِ إبِلٍ عَلَى الْبَعِيرِ الْأَوَّلِ رَجُلٌ رَاكِبٌ وَعَلَى وَسَطِهَا رَجُلٌ وَعَلَى آخِرِهَا رَجُلٌ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْقِطَارَ كُلَّهُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ الْبَعِيرُ الَّذِي هُوَ رَاكِبُهُ وَمَا بَيْنَ الْبَعِيرِ الْأَوَّلِ وَالْأَوْسَطِ لِلْأَوَّلِ وَمَا بَيْنَ الْأَوْسَطِ وَالْآخِرِ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْأَوْسَطِ نِصْفَيْنِ وَلَيْسَ لِلْآخِرِ إلَّا مَا رَكِبَهُ فَإِنْ قَامَتْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ فَمَا رَكِبَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ نِصْفَيْنِ وَاَلَّذِي بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْأَوْسَطِ وَبَيْنَ الْأَوْسَطِ وَالْآخِرِ نِصْفَيْنِ وَاَلَّذِي بَيْنَ الْأَوْسَطِ وَالْآخِرِ نِصْفُهُ لِلْآخِرِ وَنَصَفَةُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْأَوْسَطِ نِصْفَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَانَ ثَوْبٌ فِي يَدِ رَجُلٍ وَطَرَفٌ مِنْهُ فِي يَدِ آخَرَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فِي الْقُدُورِيُّ لَوْ أَنَّ خَيَّاطًا يَخِيطُ ثَوْبًا فِي دَارِ رَجُلٍ وَتَنَازَعَا فِي الثَّوْبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اخْتَلَفَ الْخَيَّاطُ وَرَبُّ الثَّوْبِ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: أَنَا خِطْتُهُ وَقَالَ الْخَيَّاطُ: لَا بَلْ أَنَا خِطْتُهُ إنْ كَانَ الثَّوْبُ فِي يَدِ الْخَيَّاطِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَعَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ الْأُجْرَةُ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمَالِكِ فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا فَالْقَوْلُ لِلْخَيَّاطِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ الْأُجْرَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. اسْتَأْجَرَ لِبَيْعِ الْبَزِّ أَوْ لِخِيَاطَةِ الثَّوْبِ فَادَّعَى الْأَجِيرُ أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي فِي يَدِهِ لَهُ وَالْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ لَهُ إنْ كَانَ فِي حَانُوتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ لَهُ بِحَلِفِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَحَلَّةِ أَوْ فِي مَنْزِلِ الْأَجِيرِ فَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ ذُكِرَ فِي الْمَأْذُونِ الْكَبِيرِ لَوْ آجَرَ عَبْدَهُ مِنْ قَصَّارٍ أَوْ خَبَّازٍ أَوْ نَحْوِهِ فَوَجَدَ الْمَوْلَى مَعَهُ مَتَاعًا فِي طَرِيقٍ فَاخْتَلَفَ فِيهِ هُوَ وَالْمُسْتَأْجِرُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَتَاعُ مِنْ صِنَاعَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ صِنَاعَتِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْلَى وَإِنْ كَانَ فِي مَنْزِلِ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ خَرَجَ مِنْ دَارِ رَجُلٍ وَعَلَى عُنُقِهِ مَتَاعٌ فَرَآهُ قَوْمٌ فَشَهِدُوا أَنَّا رَأَيْنَا هَذَا خَرَجَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَهَذَا الْمَتَاعُ عَلَى عُنُقِهِ وَقَالَ صَاحِبُ الدَّارِ: الْمَتَاعُ لِي وَالْخَارِجُ يَدَّعِي ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، إنْ كَانَ الْحَمَّالُ مِمَّنْ يُعْرَفُ بِبَيْعِ مِثْلِ هَذَا الْمَتَاعِ بِأَنْ كَانَ بَزَّازًا أَوْ صَاحِبَ خَزٍّ فَهُوَ لِلْحَمَّالِ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَخَلَ فِي دَارِ رَجُلٍ فَوُجِدَ مَعَهُ مَالٌ فَقَالَ رَبُّ الدَّارِ: هَذَا مَالِي أَخَذْتَهُ مِنْ مَنْزِلِي قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ وَلَا يُصَدَّقُ الدَّاخِلُ فِي شَيْءٍ مَا خَلَا ثِيَابِهِ الَّتِي عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ الثِّيَابُ مِمَّا يُلْبَسُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ الدَّاخِلُ رَجُلًا يُعْرَفُ بِصِنَاعَةِ

الباب العاشر في دعوى الحائط

شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ بِأَنْ كَانَ حَمَّالًا يَحْمِلُ الزَّيْتَ فَدَخَلَ وَعَلَى رَقَبَتِهِ زِقُّ زَيْتٍ أَوْ كَانَ مِمَّنْ يَبِيعُ الْجُبْنَ وَيَطُوفُ بِالْمَتَاعِ فِي الْأَسْوَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يُصَدَّقُ رَبُّ الدَّارِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: لَوْ أَنَّ كَنَّاسًا فِي مَنْزِلِ رَجُلَيْنِ وَعَلَى عُنُقِ الْكَنَّاسِ قَطِيفَةٌ أَوْ نَحْوُهَا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا لَهُ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. حَمَّالٌ عَلَيْهِ كَارَّةٌ وَهُوَ فِي دَارِ رَجُلٍ فَادَّعَى صَاحِبُ الدَّارِ أَنَّ الْكَارَّةَ لَهُ وَقَالَ الْحَمَّالُ: لَا بَلْ مِلْكِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَمَّالِ إذَا كَانَ الْحَمَّالُ يَحْمِلُ الْبَزَّ وَالْكَارَّةُ مِمَّا تُحْمَلُ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. لَوْ تَنَازَعَا فِي بِسَاطِ أَحَدُهُمَا جَالِسٌ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَوْ كَانَا جَالِسَيْنِ عَلَيْهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا لَا عَلَى طَرِيقِ الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. دَارٌ فِيهَا رَجُلَانِ قَاعِدَانِ وَكُلُّ وَاحِدٍ يَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ ادَّعَى رَجُلٌ السَّفِينَةَ وَهُوَ رَاكِبُهَا وَالْآخَرُ مُمْسِكٌ بِسُكَّانِهَا وَآخَرُ يُجَدِّفُ فِيهَا وَالْآخَرُ يَمُدُّهَا فَهِيَ بَيْنَ الرَّاكِبِ وَصَاحِبِ السُّكَّانِ وَاَلَّذِي يُجَدِّفُ فِيهَا وَلَا شَيْءَ لِمَنْ يَمُدُّهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. عَبْدٌ لِمُوسِرٍ فِي عُنُقِهِ دُرَّةٌ تُسَاوِي بَدْرَةً وَالْعَبْدُ فِي بَيْتٍ مُعْسِرٍ لَا يَمْلِكُ إلَّا حَصِيرًا ادَّعَى مَالِكُ الْعَبْدِ أَنَّ الدُّرَّةَ لَهُ وَمَالِكُ الْمَنْزِلِ أَنَّهَا لَهُ فَالْقَوْلُ لِمَالِكِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلَانِ فِي السَّفِينَةِ وَفِي السَّفِينَةِ دَقِيقٌ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السَّفِينَةَ وَمَا فِيهَا وَأَحَدُهُمَا مَعْرُوفٌ بِبَيْعِ الدَّقِيقِ وَالْآخَرُ مَلَّاحٌ مَعْرُوفٌ فَالدَّقِيقُ لِلَّذِي هُوَ مَعْرُوفٌ بِبَيْعِهِ وَالسَّفِينَةُ لِلْمَلَّاحِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اصْطَادَ طَائِرًا فِي دَارِ رَجُلٍ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ فَهُوَ لِلصَّائِدِ سَوَاءٌ اصْطَادَهُ مِنْ الْهَوَاءِ أَوْ عَلَى الشَّجَرِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ الدَّارِ: كُنْت اصْطَدْتُهُ قَبْلَك أَوْ وَرِثْتُهُ وَأَنْكَرَ الصَّائِدُ فَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ الْهَوَاءِ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ دَارِهِ أَوْ شَجَرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا بَاعَ مُسْتَأْجِرُ الْحَانُوتِ سُكْنَى الْحَانُوتِ مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَانُوتِ وَاسْتَحَقَّ السُّكْنَى مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَتْ السُّكْنَى مُتَّصِلَةً بِبِنَاءِ الْحَانُوتِ وَهِيَ لَيْسَتْ مِنْ آلَاتِ صِنَاعَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْحَانُوتِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِذَا حَلَفَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِثَمَنِ السُّكْنَى، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ آلَاتِ صِنَاعَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا سَبِيلَ لِصَاحِبِ الْحَانُوتِ عَلَى السُّكْنَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي دَعْوَى الْحَائِطِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي دَعْوَى الْحَائِطِ) . إذَا كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ دَارَيْنِ يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُمَا إنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِبِنَائِهِمَا اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ أَوْ اتِّصَالَ مُلَازَقَةٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْيَدِ الثَّابِتَةِ عَلَى الْحَائِطِ وَإِنْ كَانَ اتِّصَالُ أَحَدِهِمَا اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ وَاتِّصَالُ الْآخَرِ اتِّصَالَ مُلَازَقَةٍ فَصَاحِبُ التَّرْبِيعِ أَوْلَى لِأَنَّ مَعَ الِاتِّصَالِ نَوْعُ اسْتِعْمَالٍ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ أَوْ مُلَازَقَةٍ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ اتِّصَالٌ فَصَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا اتِّصَالٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَإِنْ كَانَ اتِّصَالُهُ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ فَالْحَائِطُ لِصَاحِبِ الِاتِّصَالِ وَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ مَوْضِعُ جُذُوعِهِ، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا اتِّصَالُ مُلَازَقَةٍ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَصَاحِبُ الْجُذُوعِ أَوْلَى وَصُورَةُ اتِّصَالِ التَّرْبِيعِ

مُدَاخَلَةُ اللَّبِنِ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ إنْ كَانَ الْحَائِطُ مِنْ مَدَرٍ أَوْ آجُرٍّ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَنْصَافُ لَبِنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَائِطَيْنِ مُتَدَاخِلًا فِي الْحَائِطِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ مِنْ خَشَبٍ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ سَاجَةِ أَحَدِهِمَا مُرَكَّبًا عَلَى سَاجَةِ الْآخَرِ فَأَمَّا إذَا نُقِبَ الْحَائِطُ وَأُدْخِلَ لَا يَكُونُ تَرْبِيعًا وَعَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ اتِّصَالُ التَّرْبِيعِ أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ طَرَفَاهُ مَوْصُولَيْنِ بِالْحَائِطَيْنِ وَالْحَائِطَانِ مَوْصُولَيْنِ بِحَائِطِ الدَّارِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الِاتِّصَالُ مِنْ جَانِبٍ فَصَاحِبُ الْجُذُوعِ أَوْلَى وَذَكَرَ الطَّحْطَاوِيُّ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ قَالُوا: الصَّحِيحُ رِوَايَةُ الطَّحَاوِيِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا بِبِنَائِهِمَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْجُذُوعِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْحَائِطِ بَيْنَهُمَا إذَا عُرِفَ كَوْنُهُ فِي أَيْدِيهِمَا قَضَاءً تُرِكَ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَوْنُهُ فِي أَيْدِيهِمَا وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مِلْكُهُ وَفِي يَدَيْهِ يُجْعَلُ فِي أَيْدِيهِمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ حِرَادِي أَوْ بَوَارِي وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا كَانَ لَهُمَا عَلَيْهِ حِرَادِي أَوْ بَوَارِي يُقْضَى بِالْحَائِطِ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ. وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جِذْعٌ وَاحِدٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ حِرَادِي أَوْ بَوَارِي وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْجِذْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَلِلْآخَرِ حِرَادِي يُقْضَى بِهِ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ وَلَكِنْ لَا يُؤْمَرُ بِنَزْعِ الْحَرَادِيّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ سُتْرَةٌ أَوْ حَائِطٌ فَالْحَائِطُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ هُوَ الْأَسْفَلُ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ وَالسُّتْرَةُ لِصَاحِبِ السُّتْرَةِ وَلَا يُؤْمَرُ صَاحِبُ السُّتْرَةِ بِرَفْعِ السُّتْرَةِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ مُدَّعِي الْحَائِطِ اسْتِحْقَاقَ الْحَائِطِ بِالْبَيِّنَةِ فَحِينَئِذٍ يُؤْمَرُ صَاحِبُ السِّتَارَةِ بِرَفْعِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ تَنَازَعَا فِي الْحَائِطِ وَالسُّتْرَةِ جَمِيعًا فَهُمَا لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ سُتْرَةٌ وَلِلْآخَرِ حِرَادِي فَالْحَائِطُ لِصَاحِبِ السُّتْرَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ عَلَى الْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ أَزَجٌ مِنْ لَبِنٍ أَوْ آجُرٍّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السُّتْرَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْحَائِطِ عَشْرُ خَشَبَاتٍ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثُ خَشَبَاتٍ فَصَاعِدًا إلَى الْعَشَرَةِ فَالْحَائِطُ بَيْنَهُمَا هَذَا هُوَ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جِذْعٌ أَوْ جِذْعَانِ دُونَ الثَّلَاثَةِ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَجْذَاعٍ أَوْ أَكْثَرَ ذُكِرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِصَاحِبِ الثَّلَاثَةِ وَلِصَاحِبِ مَا دُونَ الثَّلَاثَةِ مَوْضِعُ جُذُوعِهِ قَالَ هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِهِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى الِاسْتِحْسَانِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي دَعْوَى الْأَصْلِ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ عَشْرُ خَشَبَاتٍ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ خَشَبَةٌ وَاحِدَةٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَحْتَ خَشَبَتِهِ وَلَا يَكُونُ الْحَائِطُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَأَنَّمَا اُسْتُحْسِنَ هَذَا فِي الْخَشَبَةِ وَالْخَشَبَتَيْنِ وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي صُلْحِ الْأَصْلِ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارَ أَنَّ الْحَائِطَ كُلَّهُ لِصَاحِبِ الْعَشْرِ الْخَشَبَاتِ إلَّا مَوْضِعَ الْخَشَبَةِ فَإِنَّهُ لِصَاحِبِهَا لَا يُؤْمَرُ هُوَ بِرَفْعِ الْخَشَبَةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِ حُكْمَ مَا بَيْنَ الْخَشَبَاتِ أَنَّهُ لِأَيِّهِمَا يُقْضَى بِهِ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يُقْضَى بِالْمِلْكِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا عَشَرَةُ أَسْهُمٍ لِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ الْخَشَبَاتِ وَسَهْمٌ لِصَاحِبِ الْخَشَبَةِ الْوَاحِدَةِ فَحُكْمُ مَا بَيْنَ الْخَشَبَاتِ حُكْمُ مَا تَحْتَ كُلِّ خَشَبَةٍ مِنْ الْحَائِطِ حَتَّى لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ يُقَسِّمَانِ أَرْضَهُ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِصَاحِبِ الْعَشْرِ الْخَشَبَاتِ إلَّا مَوْضِعَ الْخَشَبَةِ الْوَاحِدَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ يَكُونُ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْخَشَبَةِ

الْوَاحِدَةِ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ طَوِيلًا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ بِبَعْضِ الْحَائِطِ بِالِاتِّصَالِ وَوَضْعِ الْجُذُوعِ قُضِيَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا يُوَازِي سَاحَتَهُ مِنْ الْحَائِطِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ الْجُذُوعِ وَبِهِ كَانَ يَقْضِي الْقَاضِي عَبْدُ اللَّهِ الصَّمْيَرِيُّ وَأَمَّا مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَضَاءِ فَيَقْضِي بِهِ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إنْ كَانَ وَجْهُ الْحَائِطِ إلَى أَحَدِهِمَا وَظَهْرُهُ إلَى آخَرَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُقْضَى بِالْحَائِطِ بَيْنَهُمَا وَلَا يُقْضَى لِمَنْ إلَيْهِ وَجْهُ الْحَائِطِ وَقَالَا: يُقْضَى بِالْحَائِطِ لِمَنْ إلَيْهِ وَجْهُ الْحَائِطِ هَذَا إذَا جُعِلَ وَجْهُ الْبِنَاءِ حِينَ بَنَى وَأَمَّا إذَا جُعِلَ الْوَجْهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِالنَّقْشِ وَالتَّطْيِينِ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْحَائِطَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. خُصٌّ بَيْنَ دَارَيْنِ قِمْطُهُ إلَى إحْدَى الدَّارَيْنِ وَكُلٌّ مِنْ الدَّارَيْنِ يَدَّعِي الْخُصَّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُقْضَى بِالْخُصِّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَقَالَ صَاحِبَاهُ: يُقْضَى بِهِ لِمَنْ إلَيْهِ الْقِمْطُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ تَنَازَعَا فِي بَابٍ يُغْلَقُ عَلَى حَائِطٍ بَيْنَ دَارَيْنِ وَالْغَلْقُ إلَى أَحَدِهِمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحْمَة اللَّهُ تَعَالَى يُقْضَى بِالْغَلْقِ وَالْبَابُ بَيْنَهُمَا وَقَالَا يُقْضَى بِالْبَابِ لِمَنْ إلَيْهِ الْغَلْقُ، وَلَوْ كَانَ لِلْبَابِ غَلِقَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا يُقْضَى بِالْبَابِ بَيْنَهُمَا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ إذَا كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ الْحَائِطَ لَهُ قَضَيْت لَهُ بِحِصَّةٍ مِنْ الْحَائِطِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. جُذُوعٌ شَاخِصَةٌ إلَى دَارِ رَجُلٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهَا كَنِيفًا إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الدَّارِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ قَطْعُهَا إذَا أَمْكَنَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا بِأَنْ كَانَتْ جُذُوعًا صِغَارًا أَوْ جِذْعًا وَاحِدًا يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَطْعُهَا يَضُرُّ بِبَقِيَّةِ الْجُذُوعِ وَيُضْعِفُهَا لَا يَمْلِكُ الْقَطْعَ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِهَا يُطَالِبُهُ بِالْقَطْعِ، وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الدَّارِ أَنْ يُعَلِّقَ عَلَى أَطْرَافِ هَذِهِ الْجُذُوعِ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. جِدَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ غَيْرَ أَنَّ حُمُولَةَ أَحَدِهِمَا أَثْقَلُ فَالْعِمَارَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ وَالْجِدَارُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لِلْآخَرِ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ حُمُولَةِ صَاحِبِهِ إنْ كَانَ الْحَائِطُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ أَصْحَابَنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا فِي كِتَابِ الصُّلْحِ لَوْ كَانَتْ جُذُوعُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَزِيدَ فِي جُذُوعِهِ إنْ كَانَ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهُ قَدِيمٌ أَوْ حَدِيثٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ خَشَبًا لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَمْنَعَهُ وَيُقَالُ لَهُ: ضَعْ أَنْتَ مِثْلَ ذَلِكَ إنْ شِئْت كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ كَانَتْ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَأَرَادَ أَنْ يَضَعَ وَالْجِدَارُ لَا يَحْتَمِلُ جُذُوعَ اثْنَيْنِ وَهُمَا مُقِرَّانِ بِأَنَّ الْحَائِطَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا يُقَالُ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ: إنْ شِئْت فَارْفَعْ ذَلِكَ عَنْ الْحَائِطِ لِتَسْتَوِي بِصَاحِبِك وَإِنْ شِئْت فَحُطَّ عَنْهُ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ لِشَرِيكِك مِنْ الْحَمْلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ بِنَاءٌ فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَ جُذُوعَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ إنْ كَانَ يُحَوِّلُ مِنْ الْأَيْمَنِ إلَى الْأَيْسَرِ أَوْ مِنْ الْأَيْسَرِ إلَى الْأَيْمَنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُسَفِّلَ الْجُذُوعَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ أَرْفَعَ عَمَّا كَانَ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَائِطٌ بَيْنَهُمَا وَكَانَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ جُذُوعٌ فَلِلَّذِي هُوَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَنْ يَرْفَعَهَا بِحِذَاءِ صَاحِبِ الْأَعْلَى إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْحَائِطِ، وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَنْزِعَ جُذُوعَهُ مِنْ الْحَائِطِ لَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِهِ ضَرَرٌ بِالْحَائِطِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ

إذَا كَانَتْ جُذُوعُ أَحَدِهِمَا مُرْتَفِعَةً وَجُذُوعُ الْآخَرِ مُتَسَفِّلَةً فَأَرَادَ أَنْ يَثْقُبَ الْحَائِطَ لِيُنْزِلَ فِيهِ الْخَشَبَ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ قِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ يُفْتِي بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَقِيلَ: يُنْظَرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ فِيهِ وَهْنًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُدْخِلُ فِيهِ وَهْنًا فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي السَّرَخْسِيِّ. جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ فِي الْبِنَاءِ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ أَضَرَّ الشَّرِيكَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَضُرَّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: حَائِطٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ انْهَدَمَ جَانِبٌ مِنْهُ فَظَهَرَ أَنَّهُ ذُو طَاقَيْنِ مُتَلَازِقَيْنِ فَيُرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْفَعَ جِدَارَهُ وَيَزْعُمُ أَنَّ الْجِدَارَ الْبَاقِيَ يَكْفِيهِ لِلسِّتْرِ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَيَزْعُمُ الْآخَرُ أَنَّ الْجِدَارَ إذَا أُبْقِيَ ذَا طَاقٍ وَاحِدٍ يَهِي وَيَنْهَدِمُ فَإِنْ سَبَقَ مِنْهُمَا أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُمَا حَائِطَانِ فَكِلَا الْحَائِطِينَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُحْدِثَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ كُلَّ حَائِطٍ لِصَاحِبِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ مَا أَحَبَّ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ. جِدَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهِيَ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُصْلِحَهُ وَأَبَى الْآخَرُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ ارْفَعْ حُمُولَتَك بِعُمُدٍ لِأَنِّي أَرْفَعُهُ فِي وَقْتِ كَذَا وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ فَبِهَا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَ الْجِدَارَ فَإِنْ سَقَطَتْ حُمُولَتُهُ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَعَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِمِ جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ شَيْءٌ فَمَالَ الْجِدَارُ إلَى الَّذِي لَا حُمُولَةَ لَهُ فَأَشْهَدَ عَلَى صَاحِبِ الْحُمُولَةِ فَلَمْ يَرْفَعْهُ مَعَ إمْكَانِ الرَّفْعِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ حَتَّى انْهَدَمَ وَأَفْسَدَ شَيْئًا قَالَ: إذَا ثَبَتَ الْإِشْهَادُ وَكَانَ مَخُوفًا وَقْتَ الْإِشْهَادِ يَضْمَنُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ نِصْفَ قِيمَةِ مَا أَفْسَدَ مِنْ سُقُوطِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ كَحَائِطٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ غُرْفَةٌ وَلِآخَرَ عَلَيْهِ سَقْفُ بَيْتِهِ فَهَدَمَا الْحَائِطَ مِنْ أَسْفَلِهِ وَرَفَعَا أَعْلَاهُ بِالْأَسَاطِينِ ثُمَّ اتَّفَقَا جَمِيعًا حَتَّى بَنَيَا فَلَمَّا بَلَغَ الْبِنَاءُ مَوْضِعَ سَقْفِ هَذَا أَبَى صَاحِبُ السَّقْفِ أَنْ يَبْنِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ أَنْ يُنْفِقَ فِيمَا جَاوَزَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ. رَجُلٌ لَهُ بَيْتٌ وَحَائِطُ هَذَا الْبَيْتِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْبَيْتِ أَنْ يَبْنِيَ فَوْقَ بَيْتِهِ غُرْفَةً وَلَا يَضَعُ خَشَبَهُ عَلَى هَذَا الْحَائِطِ قَالَ أَبُو قَاسِمٍ: إنْ بَنَى فِي حَدِّ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُعْتَمِدًا عَلَى الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ لَمْ يَكُنْ لِلْجَارِ مَنْعُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الْحِيطَانِ. رَجُلٌ لَهُ سَابَاطٌ أَحَدُ طَرَفَيْ جُذُوعِ هَذَا السَّابَاطِ عَلَى حَائِطِ دَارِ رَجُلٍ فَتَنَازَعَا فِي حَقِّ وَضْعِ الْجُذُوعِ فَقَالَ صَاحِبُ الدَّارِ: جُذُوعُك عَلَى حَائِطِي بِغَيْرِ حَقٍّ فَارْفَعْ جُذُوعَك عَنْهُ وَقَالَ صَاحِبُ السَّابَاطِ: هَذِهِ الْجُذُوعُ عَلَى حَائِطِك بِحَقٍّ وَاجِبٍ ذَكَرَ صَاحِبُ كِتَابِ الْحِيطَانِ الشَّيْخُ الثَّقَفِيُّ أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِرَفْعِ جُذُوعِهِ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَبِهِ يُفْتَى، وَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْحَائِطِ يُقْضَى بِالْحَائِطِ لِصَاحِبِ الدَّارِ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا لِأَنَّ الْحَائِطَ مُتَّصِلٌ بِمِلْكِ صَاحِبِ الدَّارِ وَبِالِاتِّصَالِ تَثْبُتُ الْيَدُ وَلَكِنْ هَذَا إذَا كَانَ الِاتِّصَالُ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ أَمَّا إذَا كَانَ اتِّصَالَ مُلَازَقَةٍ فَصَاحِبُ السَّابَاطِ أَوْلَى هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ. جِدَارٌ بَيْنَ دَارَيْنِ انْهَدَمَ وَلِأَحَدِهِمَا بَنَاتٌ وَنِسْوَةٌ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْعِيَالِ أَنْ يَبْنِيَهُ وَأَبَى الْآخَرُ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُجْبَرُ الْآبِي وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي زَمَانِنَا يُجْبَرُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ قَالَ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ؛ إنْ كَانَ أَصْلُ الْجِدَارِ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبْنِيَ فِي نَصِيبِهِ سُتْرَةً لَا يُجْبَرُ الْآبِي عَلَى الْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْحَائِطِ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُؤْمَرُ الْآبِي بِالْبِنَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَانْهَدَمَ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ عَرْصَةِ الْحَائِطِ وَأَبَى الْآخَرُ أَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْنِيَ ابْتِدَاءً بِدُونِ طَلَبِ

الْقِسْمَةِ وَأَبَى الْقِسْمَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ أَصْلًا وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ عَرْصَةِ الْحَائِطِ وَأَبَى الْآخَرُ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مُطْلَقًا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: إنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَرَى الْقِسْمَةَ إلَّا بِالْإِقْرَاعِ لَا يُقَسِّمُ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَرَى الْقِسْمَةَ بِدُونِ الْإِقْرَاعِ فَإِنَّهُ يُقَسِّمُهُ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَتْ الْعَرْصَةُ عَرِيضَةً بِحَيْثُ لَوْ قُسِّمَتْ أَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ وَيُجْعَلُ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّا يَلِي دَارِهِ تَتْمِيمًا لِلْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِمَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا كَانَتْ الْعَرْصَةُ عَرِيضَةً فَالْقَاضِي يُجْبِرُ الْآبِيَ عَلَى الْقِسْمَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْخَصَّافُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْنِيَ ابْتِدَاءً بِدُونِ طَلَبِ الْقِسْمَةِ وَأَبَى الْآخَرُ فَإِنْ كَانَتْ عَرْصَةُ الْحَائِطِ عَرِيضَةً بِحَيْثُ لَوْ قُسِّمَتْ أَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ حَائِطًا لِنَفْسِهِ لَا يُجْبَرُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَرِيضَةٍ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُجْبَرُ وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ بَنَى أَحَدُهُمَا الْحَائِطَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهَكَذَا فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَهَكَذَا ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَازِلِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَتْ عَرْصَةُ الْحَائِطِ عَرِيضَةً عَلَى مَا بَيَّنَّا لَا يَرْجِعُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَرِيضَةٍ يَرْجِعُ وَإِذَا كَانَ عَلَى الْحَائِطِ حُمُولَةٌ فَإِذَا كَانَتْ لَهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ عَرْصَةِ الْحَائِطِ فَالْجَوَابُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ عَرْصَةُ الْحَائِطِ إلَّا عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الْعَرْصَةُ عَرِيضَةً عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا وَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْبِنَاءَ وَأَبَى الْآخَرُ ذَلِكَ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُجْبَرُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِذَا بَنَى أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَبَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: إنْ كَانَتْ عَرْصَةُ الْحَائِطِ عَرِيضَةً عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا لَا يَرْجِعُ الْبَانِي عَلَى شَرِيكِهِ وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي نَفَقَاتِهِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَهَكَذَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَوَادِرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ بَنَاهُ بِإِذْنِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ لَكِنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ فَطَلَبَ هُوَ الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْآخَرُ يُجْبَرُ الْآبِي إذَا كَانَتْ الْعَرْصَةُ عَرِيضَةً عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِذَا أَرَادَ مَنْ لَهُ الْحُمُولَةُ الْبِنَاءَ وَأَبَى الْآخَرُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَإِذَا بَنَى الَّذِي لَهُ حُمُولَةٌ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَإِنْ بَنَاهُ الْآخَرُ وَعَرْصَةُ الْحَائِطِ عَرِيضَةٌ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا صَارَ مُتَبَرِّعًا ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ الْبَانِي مُتَطَوِّعًا كَمَا إذَا كَانَ لَهُ أَوْ لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ كَانَ لِلِبَانِي أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَهُ عَنْ الِانْتِفَاعِ إلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَةَ الْبِنَاءِ عَلَى حَسَبِ مَا اخْتَلَفُوا فَإِنْ قَالَ صَاحِبُهُ: أَنَا لَا أَنْتَفِعُ بِالْمَبْنَى هَلْ يَرْجِعُ الْبَانِي عَلَيْهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالَ: لَا يَرْجِعُ وَإِلَيْهِ مَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْحِيطَانِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَرْجِعُ وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ ثُمَّ إذَا رَجَعَ بِمَاذَا يَرْجِعُ ذَكَرَ الْفَاضِلُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ فِي مَسْأَلَةِ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ أَنَّ صَاحِبَ الْعُلْوِ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ بِقِيمَةِ السُّفْلِ مَبْنِيًّا لَا بِمَا أَنْفَقَ وَهَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ وَفِي الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا

فَقَالُوا: إنْ بَنَى بِأَمْرِ الْقَاضِي رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ وَإِنْ بَنَى بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ ثُمَّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ الْبِنَاءِ أَوْ يَوْمَ الرُّجُوعِ فَقَدْ قِيلَ: يَوْمَ الرُّجُوعِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيُّ وَقِيلَ: يَوْمَ الْبِنَاءِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَإِنْ هَدَمَاهُ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَإِنْ هَدَمَهُ أَحَدُهُمَا أُجْبِرَ عَلَى الْبِنَاءِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي صُلْحِ النَّوَازِلِ جِدَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ حِمْلٌ فَانْهَدَمَ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَبَنَاهُ الْآخَرُ إنْ بَنَاهُ بِنَقْضِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْآخَرَ مِنْ الْحَمْلِ وَإِنْ بَنَاهُ بِلَبِنٍ أَوْ خَشَبٍ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لِلَّذِي لَمْ يَبْنِ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ نِصْفَ قِيمَتِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَ جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ وَأَبَى الْآخَرُ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: أَنَا أَضْمَنُ لَك كُلَّ مَا يَنْهَدِمُ مِنْ بَيْتِك فَضَمِنَ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ نَقَضَ الْجِدَارَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْ ضَمَانِ مَا يَنْهَدِمُ مِنْ مَنْزِلِ الْمَضْمُونِ لَهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ قَالَ ضَمِنْت لَك مَا يَهْلِكُ مِنْ مَالِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى الصُّغْرَى فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ انْهَدَمَ وَأَحَدُ الْجَارَيْنِ غَائِبٌ فَبَنَى الْحَاضِرُ فِي مِلْكِهِ جِدَارًا مِنْ خَشَبٍ وَتَرَكَ مَوْضِعَ الْحَائِطِ عَلَى حَالِهِ فَقَدِمَ الْغَائِبُ فَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ الْحَائِطَ فِي الْمَوْضِعِ الْقَدِيمِ وَمَنَعَهُ الْآخَرُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: إنْ أَرَادَ الَّذِي قَدِمَ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى طَرَفِ مَوْضِعِ الْحَائِطِ مِمَّا يَلِيه جَازَ وَإِنْ جَعَلَ سَاحَةَ أُسِّ الْحَائِطِ إلَى جَانِبِ نَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ الْحَائِطَ كَمَا كَانَ أَوْ أَرَقَّ مِنْهُ وَيَتْرُكَ الْفَضْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ سَوَاءٌ لَهُ ذَلِكَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الْحِيطَانِ. جِدَارٌ بَيْنَ كَرْمَيْنِ لِرَجُلَيْنِ انْهَدَمَ فَاسْتَعْدَى أَحَدُهُمَا إلَى السُّلْطَانِ لَمَّا أَبَى صَاحِبُهُ أَنْ يَبْنِيَ فَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِبِنَاءٍ بِرِضَا الْمُسْتَعْدِي أَنْ يُبْنَى الْجِدَارُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْأَجْرَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَبُنِيَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَجْرَ مِنْ صَاحِبَيْ الْكَرْمَيْنِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي الْأَقْضِيَةِ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَ الْحَائِطِ وَأَبَى الْآخَرُ إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يُخَافُ مِنْهُ السُّقُوطُ لَا يُجْبَرُ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُخَافُ عَنْ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُجْبَرُ فَإِنْ هَدَمَاهُ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْنِيَ وَأَبَى الْآخَرُ إنْ كَانَ أُسُّ الْحَائِطِ عَرِيضًا يَمْلِكُهُ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطًا فِي نَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ يُجْبَرُ كَذَا حَكَى عَنْ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَتَفْسِيرُ الْجَبْرِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِقْهُ الشَّرِيكُ فَهُوَ يُنْفِقُ فِي الْعِمَارَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى الشَّرِيكِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ إنْ كَانَ أُسُّ الْحَائِطِ لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ هَدَمَا جِدَارًا بَيْنَهُمَا ثُمَّ بَنَاهُ أَحَدُهُمَا بِنَفَقَتِهِ وَالْآخَرُ لَا يُعْطِيهِ النَّفَقَةَ وَيَقُولُ: أَنَا لَا أَضَعُ عَلَى الْجِدَارِ حُمُولَةً فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الشَّرِيكِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ وَإِنْ لَمْ يَضَعْ غَيْرُ الْبَانِي الْحُمُولَةَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. إنْ خَافَ وُقُوعَ الْحَائِطِ وَهَدَمَ أَحَدُهُمَا لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ صَحِيحًا فَهَدَمَ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ لَا شَكَّ أَنَّهُ يُجْبَرُ الْهَادِمُ عَلَى الْبِنَاءِ إنْ أَرَادَ الْآخَرُ الْبِنَاءَ كَمَا لَوْ هَدَمَاهُ وَإِنْ هَدَمَ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ وَلَا تَزْدَادُ الْأَرْضُ قِيمَةً بِبِنَاءِ الْحَائِطِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْ الْحَائِطِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَإِنْ كَانَ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ يَرْفَعُ قِيمَةَ التُّرَابِ مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ أَنْ يَتْرُكَ التُّرَابَ عَلَيْهِ وَيُضَمِّنَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يَرْفَعُ مِنْهُ قَدْرَ قِيمَةِ نَصِيبِهِ مِنْ التُّرَابِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَزْدَادُ قِيمَةً بِبِنَاءِ الْحَائِطِ يُقَوَّمُ الْحَائِطُ بِأَرْضِهِ وَبِنَائِهِ ثُمَّ تُرْفَعُ عَنْهُ قَدْرَ الْأَرْضِ بِدُونِ الْبِنَاءِ فَيَضْمَنُ نَصِيبَ الشَّرِيكِ مِمَّا بَقِيَ مِنْ بِنَائِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَاتٌ فَوَهَى الْجِدَارُ فَرَفَعَهُ أَحَدُهُمَا وَبَنَاهُ بِمَالِ نَفْسِهِ وَمَنَعَ الْآخَرَ عَنْ وَضْعِ الْحُمُولَاتِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ

قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ عَرْضُ مَوْضِعِ الْجِدَارِ بِحَالٍ لَوْ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا أَصَابَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ حَائِطًا يَحْتَمِلُ حُمُولَاتِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ كَانَ الْبَانِي مُتَبَرِّعًا فِي الْبِنَاءِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَهُ مِنْ وَضْعِ الْحُمُولَاتِ عَلَى هَذَا الْجِدَارِ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ قُسِّمَ لَا يُصِيبُهُ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ شَرِيكَهُ عَنْ وَضْعِ الْحُمُولَاتِ عَلَى هَذَا الْجِدَارِ حَتَّى يَضْمَنَ لَهُ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ إنْ بَنَاهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ إنْ بَنَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي شُرُوطِ النَّوَازِلِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي جِدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَيْتُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلُ وَبَيْتُ الْآخَرِ أَعْلَى قَدْرَ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ فَانْهَدَمَ فَقَالَ صَاحِبُ الْأَعْلَى لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ: ابْنِ إلَيَّ حَدَّ بَيْتِي ثُمَّ نَبْنِي جَمِيعًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَبْنِيَانِهِ جَمِيعًا مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى أَعْلَاهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنْ كَانَ بَيْتُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلَ بِأَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَّخَذَ بَيْتًا فَإِصْلَاحُهُ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِينَ مِنْ سُفْلٍ وَعُلْوٍ وَقِيلَ: يَبْنِيَانِ الْكُلَّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْقَاسِمِ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: إلَى حَيْثُ مِلْكُهُ عَلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَشْتَرِكَانِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. صَاحِبُ السُّفْلِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَهْدِمَ سُفْلَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ السُّفْلُ خَالِصَ مِلْكِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَ السُّفْلَ كَانَ الثَّمَنُ كُلُّهُ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ. عُلْوٌ لِرَجُلٍ وَسُفْلٌ لِآخَرَ لَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يَتِدَ وَتَدًا وَلَا يَنْقُبَ كَوَّةً بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِ الْعُلْوِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَصْنَعُ فِيهِ مَا لَا يَضُرُّ بِالْعُلْوِ هَكَذَا فِي الْكَافِي فِي بَابِ مُتَفَرِّقَاتِ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي عُلْوٌ لِرَجُلٍ وَسُفْلٌ لِآخَرَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ فِي الْعُلْوِ بِنَاءً أَوْ يَتِد وَتَدًا إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ السُّفْلِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إنْ أَضَرَّ بِالسُّفْلِ يُمْنَعُ وَعِنْدَ الِاشْتِبَاهِ وَالْإِشْكَالِ لَا يُمْنَعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الْحِيطَانِ. انْهَدَمَ السُّفْلُ وَالْعُلْوُ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ السُّفْلِ عَلَى الْبِنَاءِ وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ بِنَاءُ السُّفْلِ وَيُمْنَعُ صَاحِبُهُ مِنْ السُّكْنَى حَتَّى يُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ فَإِذَا أَدَّى إلَيْهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ يَمْلِكُ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ وَعَنْ الطَّحَاوِيِّ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا أَنْفَقَ فِي السُّفْلِ وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالُوا: إنْ بَنَى بِأَمْرِ الْقَاضِي رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ وَإِنْ بَنَى بِغَيْرِ أَمْرِهِ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ثُمَّ إذَا كَانَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَ السُّفْلِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِسُفْلِهِ حَتَّى يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَامْتَنَعَ صَاحِبُ السُّفْلِ عَنْ أَدَاءِ الْقِيمَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ السُّفْلِ هُوَ الَّذِي هَدَمَهُ كُلِّفَ إعَادَتَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا هَدَمَ أَجْنَبِيٌّ السُّفْلَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ بَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ. صَاحِبُ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ إذَا اخْتَصَمَا فِي الْجُذُوعِ السُّفْلَى أَوْ الْحَرَادِيّ وَالْبَوَارِي وَالطِّينِ وَالْأَزَجِ فَهُوَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ الْوَطْءُ وَالْقَرَارُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ تَنَازَعَا فِي السَّقْفِ وَفِي الْحَائِطِ الَّذِي فَوْقَ السَّقْفِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قِيلَ يَكُونُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَقِيلَ لَا يُحْكَمُ بِالْحَائِطِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَبِهِ يُفْتَى وَلَوْ كَانَ فِي السُّفْلِ رَوْشَنٌ وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ عَلَيْهِ طَرِيقٌ فَاخْتَصَمَا فِي الرَّوْشَنِ كَانَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ عَلَيْهِ طَرِيقٌ وَمُرُورٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لِرَجُلٍ سُفْلٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ عُلْوٌ وَلِلْآخَرِ عَلَى الْعُلْوِ عُلْوٌ فَانْهَدَمَ الْكُلُّ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ: السُّفْلُ لَك وَالْعُلْوُ لِي فَإِنْ كَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ

الباب الحادي عشر في دعوى الطريق والمسيل

بَيِّنَةٌ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ بَيِّنَةٌ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِمَا وَيُقْضَى بِالْعُلْوِ بِحِصَّةِ الْأَرْضِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيِّنَةٌ أَصْلًا يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ ثُمَّ تَكَلَّمُوا فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِحْلَافِ قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الْحِيطَانِ: يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا يَجِبُ عَلَيْك بِنَاءُ هَذَا السُّفْلِ الَّذِي يَجِبُ لِهَذَا بِنَاءُ عُلْوِهِ عَلَيْهِ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ لَيْسَتْ بِمِلْكٍ لَك وَلَا يَجِبُ عَلَيْك بِنَاؤُهَا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَبِهَذَا يُفْتَى وَالصَّحِيحُ عِنْدِي مَا ذَكَرَ الْإِمَامُ الْعَتَّابِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى دَعْوَى الْآخَرِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ قِبَلَك حَقُّ بِنَاءِ الْعُلْوِ عَلَى سُفْلِك لَوْ بَنَى فَإِذَا حَلَفُوا يُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: إنْ شِئْت أَنْ تَبْنِيَ السُّفْلَ فَابْنِ وَتَبْنِي عَلَيْهِ مَا ادَّعَيْت عَلَيْهِ مِنْ الْعُلْوِ وَتَمْنَعَ صَاحِبَك مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ إلَى أَنْ يَدْفَعَ لَك مَا أَنْفَقْت وَإِنْ شِئْت فَدَعْ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ) لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ حَقَّ الْمُرُورِ وَرَقَبَةَ الطَّرِيقِ فِي دَارِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ فِي هَذِهِ الدَّارِ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِهَذَا شَيْئًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ لَهُ طَرِيقًا فِي هَذِهِ الدَّارِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَحُدُّوا الطَّرِيقَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا لَمْ تُقْبَلْ مَا لَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الطَّرِيقِ أَنَّهُ فِي مُقَدَّمِ الدَّارِ أَوْ فِي مُؤَخَّرِهَا، وَيَذْكُرُ طُولَ الطَّرِيقِ وَعَرْضَهَا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَحُدُّوا الطَّرِيقَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اسْتَشْهَدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالطَّرِيقِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهَا تُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا مَوْضِعَ الطَّرِيقِ وَمِقْدَارَهَا؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ إنَّمَا تَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ إذَا تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ بِهَا وَهَهُنَا لَا يَتَعَذَّرُ فَإِنَّ عَرْضَ الْبَابِ الْأَعْظَمِ يُجْعَلُ حَكَمًا بِمَعْرِفَةِ الطَّرِيقِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الْيَمِينِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ مَقْبُولَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَ مِيرَاثًا لَهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَ لَهُ بَابٌ مَفْتُوحٌ مِنْ دَارِهِ عَلَى حَائِطٍ فِي زُقَاقٍ أَنْكَرَ أَهْلُ الزُّقَاقِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي زُقَاقِهِمْ فَلَهُمْ مَنْعُهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ لَهُ طَرِيقًا ثَابِتًا فِيهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ الْمِيزَابُ مَنْصُوبًا إلَى دَارِ الرَّجُلِ وَاخْتَلَفَا فِي حَقِّ إجْرَاءِ الْمَاءِ وَإِسَالَتِهِ فَإِنْ كَانَ فِي حَالِ عَدَمِ جَرَيَانِ الْمَاءِ لَا يَسْتَحِقُّ إجْرَاءَ الْمَاءِ وَإِسَالَتَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَيْضًا أَنْ يَقْطَعَ الْمِيزَابَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَحَكَى الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا أَنَّ الْمِيزَابَ إذَا كَانَ قَدِيمًا وَكَانَ تَصْوِيبُ السَّطْحِ إلَى دَارِهِ وَعَلِمَ أَنَّ التَّصْوِيبَ قَدِيمٌ وَلَيْسَ بِمُحْدَثٍ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ حَقَّ التَّسْيِيلِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حَالِ جَرَيَانِ الْمَاءِ قِيلَ: الْقَوْلُ لِصَاحِبِ الْمِيزَابِ وَيَسْتَحِقُّ إجْرَاءَ الْمَاءِ، وَقِيلَ: لَا يَسْتَحِقُّ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ لَهُ حَقُّ الْمَسِيلِ وَبَيَّنُوا أَنَّهُ لِمَاءِ الْمَطَرِ مِنْ هَذَا الْمِيزَابِ فَهُوَ لِمَاءِ الْمَطَرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسِيلَ مَاءَ الِاغْتِسَالِ وَالْوُضُوءِ فِيهِ، وَإِنْ بَيَّنُوا أَنَّهُ لِمَاءِ الِاغْتِسَالِ وَالْوُضُوءِ فَهُوَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسِيلَ مَاءَ الْمَطَرِ فِيهِ، وَإِنْ قَالُوا لَهُ فِيهَا حَقُّ مَسِيلِ مَاءٍ وَلَمْ يُبَيِّنُوا لِمَاءِ الْمَطَرِ أَوْ غَيْرِهِ صَحَّ وَالْقَوْلُ لِرَبِّ الدَّارِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لِمَاءِ الْمَطَرِ أَوْ لِمَاءِ الْوُضُوءِ وَالْغُسَالَةِ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ فِي الْمَسِيلِ وَفِي الطَّرِيقِ تُقْبَلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ أَصْلًا اسْتَخْلَفَ صَاحِبَ الدَّارِ وَيَقْضِي فِيهِ بِالنُّكُولِ كَذَا فِي الْحَاوِي. فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ

رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ مَجْرَى مَائِهِ فِي بُسْتَانِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَاءُ جَارِيًا يَوْمَ اخْتَصَمَا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ كَانَ جَارِيًا إلَى بُسْتَانِ هَذَا أَمْسِ قَالَ كَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجِيزُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُجِيزُهَا مَا لَمْ يَشْهَدُوا لَهُ بِالْمِلْكِ أَوْ الْحَقِّ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ آخَرَ ناوقا مَوْضُوعًا عَلَى نَهْرِهِ هَذَا أَمْسِ جَاءَ السَّيْلُ وَقَلَعَهُ أَمْسِ وَرَمَى بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا شَهِدُوا بِذَلِكَ أَمَرْنَا بِإِعَادَةِ الناوق كَمَا كَانَ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُجْرِيَ الْمَاءَ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ النَّهْرِ وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهَا حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ قَالَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ مَجْرَى مَائِهِ فِيهَا قِيلَ لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَمَا مَنْفَعَتُهُ إذْن قَالَ يَسْتَأْجِرُ صَاحِبُ النَّهْرِ إنْ شَاءَ بِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهِ وَذَلِكَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. نَهْرٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَاءِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَيِّنَتَهُ أَنَّ النَّهْرَ مِلْكُهُ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَقْتَ الْخُصُومَةِ إلَّا أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَجْرِي إلَى أَرْضِ هَذَا الرَّجُلِ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمَاءِ وَيَقْضِي لَهُ بِالنَّهْرِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَيِّنَةً أَنَّ النَّهْرَ مِلْكُهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ جَارِيًا إلَى أَرْضِ هَذَا الرَّجُلِ وَقْتَ الْخُصُومَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِجَرَيَانِهِ إلَى أَرْضِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْضِي لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِالنَّهْرِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ الْمَاءِ بَيِّنَةً أَنَّ النَّهْرَ مِلْكُهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ نَهْرٍ عَظِيمِ الشِّرْبِ لِأَهْلِ قُرًى لَا يُحْصَوْنَ حَبَسَهُ قَوْمٌ مِنْ أَعْلَى النَّهْرِ عَنْ الْأَسْفَلِينَ وَقَالُوا: هُوَ لَنَا وَفِي أَيْدِينَا، وَقَالَ الَّذِينَ هُمْ فِي أَسْفَلِ النَّهْرِ: هُوَ لَنَا كُلُّهُ وَلَا حَقَّ لَكُمْ فِيهِ قَالَ: إذَا كَانَ النَّهْرُ يَجْرِي إلَى الْأَسْفَلِينَ يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ تُرِكَ يَجْرِي عَلَى حَالِهِ كَمَا كَانَ يَجْرِي وَشِرْبُهُمْ جَمِيعًا مِنْهُ كَمَا كَانَ وَلَيْسَ لِلْأَعْلَيْنَ أَنْ يَسْكُرُوهُ عَنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُنْقَطِعًا عَنْ الْأَسْفَلِينَ يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ لَكِنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَجْرِي إلَى الْأَسْفَلِينَ فِيمَا مَضَى، وَأَنَّ أَهْلَ الْأَعْلَى حَبَسُوهُ عَنْهُمْ، أَوْ أَقَامَ أَهْلُ الْأَسْفَلِ بَيِّنَةً أَنَّ النَّهْرَ كَانَ يَجْرِي إلَيْهِمْ، وَأَنَّ أَهْلَ الْأَعْلَى حَبَسُوهُ عَنْهُمْ أَمَرَ أَهْلَ الْأَعْلَى بِإِزَالَةِ الْحَبْسِ عَنْهُمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. دَارٌ فِي السِّكَّةِ غَيْرُ نَافِذَةٍ وَفِي السِّكَّةِ نَهْرٌ أَرَادَ صَاحِبُ الدَّارِ أَنْ يُدْخِلَ الْمَاءَ فِي دَارِهِ وَيُجْرِيه إلَى بُسْتَانِهِ فَلِلْجِيرَانِ أَنْ يَمْنَعُوهُ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْجِيرَانَ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ، وَمَنْ أَجْرَى قَبْلَ ذَلِكَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ أَحْدَثَهُ فَلَهُمْ مَنْعُهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَدْ يُمْنَعُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. دَارٌ بَيْنَ وَرَثَةٍ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ لِفُلَانٍ فِيهَا طَرِيقًا، أَوْ مَسِيلُ مَاءٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمُرَّ، أَوْ يُسِيلَ حَتَّى يَتَّفِقُوا وَلَكِنْ تُقْسَمُ الدَّارُ فَإِذَا قُسِمَتْ إنْ وَقَعَ الطَّرِيقُ، أَوْ الْمَسِيلُ الْمُقَرُّ بِهِ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ فَلَهُ الْإِسَالَةُ وَالِاسْتِطْرَاقُ، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ السَّاكِتِ يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِقِيمَةِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ فِي حِصَّةِ الْمُقِرِّ وَالْمُقِرِّ بِحِصَّتِهِ سِوَى قِيمَةِ الطَّرِيقِ أَوْ الْمَسِيلِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِحَقِّ الْمُرُورِ وَتَسْيِيلِ الْمَاءِ لَا بِرَقَبَةِ الطَّرِيقِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِرَقَبَةِ الطَّرِيقِ فَحِينَئِذٍ يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِقَدْرِ ذُرْعَانِ الطَّرِيقِ وَالْمُقِرُّ بِقَدْرِ ذُرْعَانِ نَصِيبِهِ سِوَى ذُرْعَانِ الطَّرِيقِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَجِبُ أَنْ يَضْرِبَ الْمُقَرُّ لَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ وَالْمُقِرُّ بِجَمِيعِ قِيمَةِ نَصِيبِهِ إلَّا قَدْرَ قِيمَةِ نِصْفِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَانَ مَسِيلُ مَاءٍ فِي دَارِ رَجُلٍ فِي قَنَاةٍ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْقَنَاةِ أَنْ يَجْعَلَهُ مِيزَابًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الدَّارِ، وَلَوْ كَانَ مِيزَابًا فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ قَنَاةً فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ

الباب الثاني عشر في دعوى الدين

عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ بِأَنْ احْتَاجَ إلَى هَدْمِ حَافَّتَيْ النَّهْرِ لِجَعْلِهِ قَنَاةً فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ بِأَنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ الْمِيزَابُ عَرِيضًا فَلَهُ ذَلِكَ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ إذَا تَسَاوَى الْأَمْرَانِ فِي الضَّرَرِ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْقَنَاةَ مِيزَابًا وَالْمِيزَابَ قَنَاةً، وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ قَالَ: مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْمَسِيلِ لَا غَيْرُ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْبُقْعَةُ الَّتِي يَسِيلُ فِيهَا الْمَاءُ مِلْكَهُ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا كَيْفَ يَشَاءُ قَالَ فِي الْكِتَابِ: فَإِنْ كَانَ الْمِيزَابُ عَلَى الْهَوَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ قَنَاةً، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فِيهِ ضَرَرٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ مِيزَابًا أَطْوَلَ مِنْ مِيزَابِهِ، أَوْ أَعْرَضَ، أَوْ أَقْصَرَ، أَوْ أَرَادَ أَنْ يُسِيلَ مَاءَ سَطْحٍ آخَرَ فِي كِتَابِ الْمِيزَابِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا أَهْلِ الدَّارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَرَادَ أَهْلُ الدَّارِ أَنْ يَبْنُوا حَائِطًا لِيَسُدُّوا مَسِيلَهُ، أَوْ أَرَادُوا أَنْ يَنْقُلُوا الْمِيزَابَ مِنْ مَوْضِعِهِ، أَوْ يَرْفَعُوهُ، أَوْ يُسْفِلُوهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَوْ بَنَى أَهْلُ الدَّارِ بِنَاءً لِيَسِيلَ مِيزَابُهُ عَلَى ظَهْرِهِ لَهُمْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارِ رَجُلٍ أَرَادَ أَهْلُ الدَّارِ أَنْ يَبْنُوا فِي سَاحَةِ الدَّارِ مَا يَقْطَعُ طَرِيقَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكُوا فِي سَاحَةِ الدَّارِ عَرْضَ بَابِ الدَّارِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَنَاةٍ جَارِيَةٍ يُحْتَفَرُ بَعْضُ آبَارِهَا فِي دَارِ رَجُلٍ فِي سَاحَةِ دَارِهِ، أَوْ فِي أَرْضِ رَجُلٍ عَلَيْهَا حَائِطٌ مُحِيطٌ فَادَّعَى صَاحِبُ الْقَنَاةِ ظَهْرَ آبَارِهَا وَادَّعَى صَاحِبُ الدَّارِ وَالْأَرْضِ ذَلِكَ قَالَ: أَمَّا مَا كَانَ فِي الدَّارِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الدَّارِ، وَأَمَّا مَا فِي الْأَرْضِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْقَنَاةِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ فِي يَدِ مَنْ هُوَ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ قَدْ زَرَعَهَا، أَوْ حَصَدَ زَرْعَهَا وَرَفَعَهُ قَالَ: هِيَ لِلَّذِي زَرَعَهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا زَرَعَهَا فَقَدْ صَارَتْ فِي يَدَيْهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ لَهُ قَنَاةٌ خَالِصَةٌ عَلَيْهَا أَشْجَارٌ لِقَوْمٍ أَرَادَ صَاحِبُ الْقَنَاةِ أَنْ يَصْرِفَ قَنَاتَهُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ وَيَحْفِرَ لَهُ مَوْضِعًا آخَرَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ بَاعَ صَاحِبُ الْقَنَاةِ الْقَنَاةَ كَانَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ شُفْعَةُ جِوَارٍ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ. [الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ] إذَا أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ إثْبَاتَ بَقِيَّةِ مَهْرِهَا عَلَى الزَّوْجِ فَلَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِبَقِيَّةِ الْمَهْرِ فِي الْحَالِ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا أَرَادَ إثْبَاتَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ ادَّعَتْ مَهْرَهَا عَلَى وَارِثِ زَوْجِهَا أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ الْوَارِثُ مُقِرًّا بِالنِّكَاحِ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي: أَكَانَ مَهْرُهَا كَذَا أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا؟ فَإِنْ قَالَ الْوَارِثُ لَا - يَقُولُ الْقَاضِي: أَكَانَ كَذَا يَذْكُرُ مَهْرًا دُونَ الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا؟ إنْ قَالَ لَا - يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي: أَكَانَ كَذَا إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْقَاضِي عَلَى مِقْدَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إذَا قَالَ الْوَارِثُ لَا أَلْزَمَهُ الْقَاضِي مِقْدَارَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيُحَلِّفُهُ عَلَى الزِّيَادَةِ، هَذَا إذَا كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ مِقْدَارَ مَهْرِ مِثْلِهَا، فَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ يَأْمُرُ أُمَنَاءَ بِالسُّؤَالِ مِمَّنْ يَعْلَمُ، أَوْ يُكَلِّفُهَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا تَدَّعِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْمَهْرَ فِي تَرِكَةِ الزَّوْجِ فَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ النِّكَاحَ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى كِلَيْهِمَا يَثْبُتُ كِلَاهُمَا، فَلَوْ أَقَامَتْ الْوَرَثَةُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا أَبْرَأَتْ الزَّوْجَ عَنْ الْمَهْرِ قَبْلَ مَوْتِهِ لَا تُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعَ عَشَرَ. امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى حَاضِرٍ أَنَّهُ كَانَ عَلَى زَوْجِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بَقِيَّةُ الْمَهْرِ كَذَا، وَأَنَّكَ ضَمِنْتَ لِي ذَلِكَ عَنْهُ، إنْ حَرُمْتُ عَلَيْهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَإِنِّي أَجَزْتُ ضَمَانَكَ هَذَا لِنَفْسِي وَإِنَّهُ حَرَّمَنِي عَلَى نَفْسِهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَصَارَتْ بَقِيَّةُ الْمَهْرِ وَاجِبَةً لِي عَلَيْكَ بِسَبَبِ ضَمَانِكَ هَذَا بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ وَتُطَالِبُهُ بِالْأَدَاءِ فَيُقِرُّ

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ وَيُنْكِرُ الْعِلْمَ بِوُقُوعِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِوُقُوعِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِالْمَالِ عَلَى الْحَاضِرِ وَبِوُقُوعِ الْحُرْمَةِ عَلَى الزَّوْجِ الْغَائِبِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ: قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ لِي عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِلرَّجُلِ عَلَى امْرَأَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَتُخَاصِمُهُ فِيهِ فَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ شَاهِدَيْنِ وَأَنَا غَائِبٌ أَنِّي أَقْرَرْتُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يُطَالِبُهَا مِلْكٌ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ لَا شَيْءَ لِي فِيهَا وَإِنَّمَا هِيَ بِاسْمِي مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ بِعْتُهُ لَهَا وَالرَّجُلُ الَّذِي يُطَالِبُ الْمَرْأَةَ مُقِرٌّ بِأَنَّ لِي عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ مُنْكِرٌ فَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّ لِي عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَا أَقْرَرْتُ أَنَّهَا مِلْكٌ لَهَا، وَأَنَّ اسْمِي فِي ذَلِكَ عَارِيَّةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا أَمْرٌ جَائِزٌ وَالشَّهَادَةُ قَاطِعَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إثْبَاتُ الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ بِحَضْرَةِ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَيْدِيهِمَا شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ. رَجُلٌ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ بِحَضْرَةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ فَأَقَرَّ هَذَا الْوَارِثُ صَحَّ إقْرَارُهُ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا إذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى هَذَا الْوَارِثِ بِإِقْرَارِهِ، أَمَّا بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ فِي نَصِيبِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَلَى مُوَرِّثِهِ دَيْنًا وَصَدَّقَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَكَذَّبَهُ الْبَعْضُ قَالَ: يَسْتَوْفِي الدَّيْنَ مِنْ نَصِيبِ مَنْ صَدَّقَهُ بَعْدَ أَنْ يَطْرَحَ نَصِيبَ الْمُدَّعِي مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا بِحَضْرَةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ يَثْبُتُ الدَّيْنَ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ دَيْنًا عَلَى إنْسَانٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً يَثْبُتُ الدَّيْنُ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَيُدْفَعُ إلَى الْحَاضِرِ نَصِيبُهُ مَشَاعًا وَلَا يُدْفَعُ إلَى الْحَاضِرِ نَصِيبُ الْغَائِبِينَ وَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ، وَقَالَا: يُوضَعُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، وَصَاحِبُ الْيَدِ لَوْ كَانَ مُقِرًّا لَا يُؤْخَذُ نَصِيبُ الْغَائِبِينَ مِنْ يَدِهِ إجْمَاعًا هَذَا فِي الْعَقَارِ وَفِي الْمَنْقُولِ يُوضَعُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ إنْ كَانَ مُنْكِرًا، وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا يُتْرَكُ فِي يَدِهِ، وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ فُلَانًا أَمَرَ هَذَا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ هَذِهِ الْأَلْفَ الْوَدِيعَةَ الَّتِي عِنْدَهُ لَهُ وَجَحَدَ الْمُودِعُ الْأَمْرَ بِذَلِكَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْأَلْفِ الْوَدِيعَةِ وَالْآخَرُ بِالدَّفْعِ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ وَيَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنًا فَقَالَ الِابْنُ: هَذِهِ الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ كَانَتْ عِنْدَ أَبِي لِفُلَانٍ وَجَاءَ فُلَانٌ يَدَّعِي ذَلِكَ فَصَدَّقَهُ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا: الْأَلْفُ لِفُلَانٍ، أَوْ كَذَّبُوهُ وَقَالُوا: الْأَلْفُ لِلْمَيِّتِ، أَوْ لَمْ يُصَدِّقُوهُ، وَلَمْ يُكَذِّبُوهُ وَقَالُوا: لَا نَدْرِي لِمَنْ هِيَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي لِلْغُرَمَاءِ بِالْأَلْفِ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا يَجْعَلُهَا لِمُدَّعِي الْوَدِيعَةِ لَكِنْ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا صَدَّقَهُ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ إذَا قَضَى بِهَا الْقَاضِي لَهُمْ أَنْ يَرْجِعَ الْمُودِعُ وَيَأْخُذَ مِنْهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ أَنَّهَا لَهُ هَذَا إذَا أَقَرَّ وَكَذَلِكَ إذَا جَحَدَ وَقَالَ: الْأَلْفُ لِأَبِي، أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ، وَلَمْ يَجْحَدْ، وَقَالَ: لَا أَدْرِي لِمَنْ هِيَ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، فَإِذَا أَرَادَ مُدَّعِي الْوَدِيعَةِ اسْتِحْلَافَ الِابْنِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا جَحَدَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِذَا عَرَفْتَ الْجَوَابَ فِي الْوَدِيعَةِ فَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمَيِّتِ عَيْنٌ وَأَقَرُّوا بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالسَّبْعِينَ. إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ وَالْوَرَثَةُ الْكِبَارُ غُيَّبٌ وَالصَّغِيرُ حَاضِرٌ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ عَنْ هَذَا الصَّغِيرِ وَكِيلًا يَدَّعِي عَلَيْهِ فَإِذَا قَضَى عَلَى الْوَكِيلِ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، كَذَا ذَكَرَ رَشِيدُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قُلْتُ: غَيْرَ أَنَّ الْغَرِيمَ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْ نَصِيبِ الْحَاضِرِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَصِيبِ الْكِبَارِ فَإِذَا حَضَرَ الْكِبَارُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ الْحَاضِرُ كَبِيرًا فَأَقَرَّ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ عَلَى مُوَرِّثِهِ فَأَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ لِيَكُونَ حَقُّهُ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ عَلَى الْمُقِرِّ وَيَقْضِي وَيَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْكُلِّ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ فَأَقَرَّ الْوَصِيُّ بِالدَّيْنِ فَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ أَقَامَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَأَقَرَّ كُلُّ الْوَرَثَةِ فَأَرَادَ الطَّالِبُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الدَّيْنِ فِي حَقِّهِمْ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ لِلْمَيِّتِ غَرِيمٌ آخَرُ فَيَحْضُرُ وَدَيْنُهُ ظَاهِرٌ وَدَيْنُ الْمُقَرِّ لَهُ بِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ ذَلِكَ الْغَرِيمِ فَيَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الدَّيْنِ بِالْبَيِّنَةِ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ بِالْوَصِيَّةِ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ أَيْضًا، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ دَيْنًا بِحَضْرَةِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فِي الْخُصُومَةِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ بِحَضْرَةِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوِصَايَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا حَضَرَ الْوَكِيلُ وَادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ قِبَلَكَ وَبِقَبْضِ الْعَيْنِ الَّتِي لَهُ فِي يَدِكَ وَدِيعَةً وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ وَلَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْعَيْنِ الْوَدِيعَةِ، وَإِذَا حَضَرَ الْوَصِيُّ وَقَالَ: إنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ تُوُفِّيَ وَأَوْصَى إلَيَّ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ وَبِقَبْضِ الْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدِهِ وَصَدَّقَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ إلَيْهِ جَمِيعًا، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَدْيُونِ مَدْيُونِهِ لَا تُقْبَلُ وَلَا يَمْلِكُ أَخْذَ الدَّيْنِ مِنْهُ، أَمَّا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ فِي تَرِكَتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَقَرَّ رَجُلٌ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِ دَيْنًا قَدْرُهُ كَذَا يَأْمُرُهُ بِالدَّفْعِ إلَى رَبِّ الدَّيْنِ. وَفِي الْعُيُونِ لَوْ قَضَى هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ لِلْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ الْأَلْفَ الَّتِي عَلَى الْمَيِّتِ وَلِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ بِغَيْرِ أَمْرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ قَالَ حِينَ قَالَ قَضَى هَذِهِ الْأَلْفَ الَّتِي لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عَلَيَّ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي لَكَ عَلَى الْمَيِّتِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَكِنْ قَضَاهُ الْأَلْفَ عَنْ الْمَيِّتِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَكِبَارًا فَأَقَرَّ الْكِبَارُ بِالدَّيْنِ عَلَى الْأَبِ يَحْتَاجُ الْغَرِيمُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَيُثْبِتَ دَيْنَهُ فِي حَقِّ الصِّغَارِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ رَجُلٌ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ بِحَضْرَةِ وَارِثِهِ وَقَالَ: إنَّ الْمَيِّتَ قَدْ خَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ جِنْسِ هَذَا الدَّيْنِ فِي يَدِ الْوَارِثِ مَا بِهِ وَفَاءٌ بِالدِّينِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ يَكْفِي لِأَمْرِ الْوَارِثِ بِإِحْضَارِ هَذَا الْمَالِ حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ بِحَضْرَةِ الْمَالِ أَنَّ هَذَا مَالُ الْمَيِّتِ، وَلَوْ اكْتَفَى بِهَذَا الْقَدْرِ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْوَارِثِ كَانَ جَائِزًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. بَرْهَنَ عَلَى دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى وَفَاءٍ التَّرِكَةِ بِهِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ التَّرِكَةِ فَلَوْ كَانَ عَقَارًا لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ حُدُودِهِ، وَإِنْ ادَّعَى إقْرَارَ الْوَرَثَةِ بِالْوَفَاءِ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ التَّرِكَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقْبَلُ بِلَا بَيَانِ التَّرِكَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَإِنْ اسْتَوْفَى غَرِيمُ الْمَيِّتِ وَبَرْهَنَ عَلَى الْوَفَاءِ وَبَيَّنَ التَّرِكَةَ ثُمَّ بَرْهَنَ غَرِيمٌ آخَرُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ التَّرِكَةِ وَالْوَفَاءِ، وَإِذَا أَنْكَرَ الْوَارِثُ دَيْنَ الْغَرِيمِ الثَّانِي وَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ الْأَوَّلُ يُشَارِكُ الثَّانِي الْأَوَّلَ لِإِقْرَارِهِ بِالشَّرِكَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ فَجَاءَ قَوْمٌ إلَى الْقَاضِي وَقَالُوا إنَّ فُلَانًا تُوُفِّيَ وَلَنَا عَلَيْهِ أَمْوَالٌ وَقَدْ تَرَكَ أَمْوَالًا وَعَدَا وَرَثَتُهُ عَلَى مَالِهِ وَهُمْ يُفَرِّقُونَهُ وَيَسْأَلُونَ الْقَاضِيَ أَنْ يَأْمُرَ بِجَعْلِ التَّرِكَةِ مَوْقُوفَةً حَتَّى يُثْبِتُوا عِنْدَهُ حُقُوقَهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْوَرَثَةِ بِمَا فِي أَيْدِيهمْ، فَإِنْ قَالُوا: لَنَا شُهُودٌ حُضُورٌ نُقِيمُهَا فِي حَاضِرِ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي الْمَجْلِسِ الثَّانِي وَالْوَارِثُ مِمَّنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْإِتْلَافُ وَالْإِسْرَافُ، أَوْ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَلَهُ غُرَمَاءُ، أَوْ عَرَفَ الْقَاضِي هَؤُلَاءِ الْمُدَّعِينَ بِالصَّلَاحِ، أَوْ مَالَ قَلْبُهُ إلَى أَنَّهُمْ

صَادِقُونَ وَالْوَارِثُ مِمَّنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْإِتْلَافُ وَالْإِسْرَافُ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقِفَهُ أَيَّامًا، وَكَذَا سَبِيلُ مَنْ ادَّعَى وَصِيَّةً مِنْ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. إذَا كَانَ الدَّيْنُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ مُشْتَرَكًا عَلَى إنْسَانٍ فَغَابَ اثْنَانِ وَحَضَرَ الثَّالِثُ وَطَلَبَ نَصِيبَهُ يُجْبَرُ الْمَدْيُونُ عَلَى الدَّفْعِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي، وَقَالَ: إنَّ أَبِي فُلَانًا مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا غَيْرِي وَلَهُ عَلَى هَذَا كَذَا كَذَا مِنْ الْمَالِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَقَرَّ بِجَمِيعِ مَا ادَّعَى صَحَّ إقْرَارُهُ وَأَمَرَ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ، فَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ، فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَأَمَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَى ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ قَالَ الْخَصَّافُ: فِيهَا قَوْلٌ آخَرُ يَحْلِفُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَبُّ الدَّيْنِ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْوَرَثَةَ بَاعُوا عَبْدًا مِنْ التَّرِكَةِ وَالتَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدَّيْنِ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ إنَّ أَبَانَا بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ حَالَ حَيَاتِهِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْلَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. التَّرِكَةُ إذَا كَانَتْ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ فَجَاءَ غَرِيمٌ آخَرُ وَأَرَادَ إثْبَاتَ دَيْنِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّمَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْوَارِثِ لَا عَلَى غَرِيمٍ آخَرَ وَلَكِنْ لَا يَحْلِفُ الْوَارِثُ هَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ إقْرَارُ هَذَا الْوَارِثِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ يُسْتَوْفَى دَيْنُ هَذَا الْغَرِيمِ مِنْ نَصِيبِ الْوَارِثِ الْمُقِرِّ؟ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَلَكِنْ لَا يَحْلِفُ لِهَذِهِ الْفَائِدَةِ الْمَوْهُومَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذُكِرَ فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ أَنَّ التَّرِكَةَ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُسْتَغْرَقَةٍ وَالْغَرِيمُ أَثْبَتَ الدَّيْنَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ يَبِيعُ الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ وَيَقْضِي مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدَّيْنِ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ بَيْعِ نَصِيبِ غَيْرِهِ لِيَقْضِيَ الدَّيْنَ، وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِرِضَا الْغُرَمَاءِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَالدَّيْنُ أَلْفٌ وَقَدْ قُسِّمَتْ بَيْنَ ثَلَاثَةِ بَنِينَ يَأْخُذُ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثَ الْأَلْفِ لَوْ ظَفِرَ بِهِمْ جُمْلَةً عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا إذَا ظَفِرَ بِأَحَدِهِمْ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلِلْوَرَثَةِ حَقُّ اسْتِخْلَاصِ التَّرِكَةِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَكَذَا لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ إذَا امْتَنَعَ الْبَاقُونَ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْكُلُّ عَنْ الِاسْتِخْلَاصِ وَعَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَا يُجْبَرُونَ وَلَكِنَّ الْقَاضِيَ يُنَصِّبُ وَصِيًّا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَةِ مَيِّتٍ دَيْنًا وَأَثْبَتَهُ وَالتَّرِكَةُ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ التَّرِكَةَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ مَاتَ فِي بَلْدَةٍ وَمَالُهُ وَتَرِكَتُهُ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ حَيْثُ تُوُفِّيَ وَوَرَثَتُهُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَادَّعَى قَوْمٌ حُقُوقًا وَأَمْوَالًا، فَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ الْوَرَثَةُ مُنْقَطِعًا عَنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ جَعَلَ لَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا فَيُثْبِتُونَ دُيُونَهُمْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْقَطِعًا لَمْ يَجْعَلْ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا لَكِنْ يَسْمَعُ شُهُودَ الْمُدَّعِينَ وَيَكْتُبُ لَهُمْ بِمَا يَصِحُّ عِنْدَهُ مِنْ أُمُورِهِمْ إلَى قَاضِي بَلَدٍ فِيهِ الْوَرَثَةُ لِيَقْضِيَ لَهُمْ، ثُمَّ يَكْتُبُ ذَلِكَ الْقَاضِي إلَى الْكَاتِبِ لِيُسَلِّمَ التَّرِكَةَ إلَيْهِمْ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَكَانَتْ وَرَثَتُهُ صِغَارًا لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُومُ بِحُجَّةٍ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ وَصِيًّا يَقُومُ بِأَمْرِهِمْ، فَإِنْ أَثْبَتَ الْغُرَمَاءُ حُقُوقَهُمْ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَا الْوَصِيِّ وَسَأَلُوا الْقَاضِيَ أَنْ يَأْمُرَ بِدَفْعِهِ إلَيْهِمْ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَحْلِفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ - قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِمْ شَيْئًا - بِاَللَّهِ مَا قَبَضْتُ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْمَالِ الَّذِي ثَبَتَ لَكَ مِنْ فُلَانٍ وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ إلَيْكَ عَنْهُ وَلَا قَبَضَ ذَلِكَ قَابِضٌ بِأَمْرِكَ وَلَا أَبْرَأْتُهُ مِنْهُ وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا أَحَالَ بِذَلِكَ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ فُلَانٌ الْمَيِّتُ وَلَا ارْتَهَنْتُ بِذَلِكَ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ رَهْنًا مِنْ فُلَانٍ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْوَصِيُّ ذَلِكَ فَإِذَا حَلَفَ أُمِرَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِشَيْءٍ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِالدَّفْعِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ رَجُلٌ

الباب الثالث عشر في دعوى الوكالة والكفالة والحوالة

وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ، وَلَمْ يُخَلِّفْ وَارِثًا وَادَّعَى عَلَيْهِ قَوْمٌ مَالًا وَحُقُوقًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ لَهُ وَصِيًّا ثُمَّ يَدْعُوهُمْ بِبَيِّنَاتِهِمْ عَلَى مَا يَدَّعُونَ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَا الْوَصِيِّ فَإِذَا ثَبَتَ الْحَقُّ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي مَرَّ، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّ لَهُ كَذَا عَلَى الْمَيِّتِ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ مَا اسْتَوْفَاهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْوَرَثَةُ الِاسْتِيفَاءَ، وَفِي الْفَتَاوَى وَإِنْ أَبَى الْوَرَثَةُ التَّحْلِيفَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهُمَا شَرِيكَانِ فِيهِ وَالْمَدْيُونُ يَجْحَدُ الدَّيْنَ فَحَضَرَ أَحَدُهُمَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَيْنِهِمَا وَالشَّرِيكَ الْآخَرُ غَائِبٌ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْضِي لِلْحَاضِرِ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ كُلِّفَ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَا يُجْعَلُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فِي وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَلْفُ مِيرَاثًا بَيْنَهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ دَخَلَ مَعَ شَرِيكِهِ فِي الْخَمْسمِائَةِ الَّتِي قَبَضَ الشَّرِيكُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلَيْنِ مَالًا فِي صَكٍّ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَأَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ وَالْحَاضِرُ يَجْحَدُ يَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ بِنِصْفِ الْمَالِ عَلَى الْمُخْتَارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَفِيلًا عَنْ الْغَائِبِ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْمَالِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ يَدَّعِي دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ وَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَجُلَيْنِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا عَلَى أَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ وَشَاهِدًا عَلَى الْوَكِيلِ الْآخَرِ جَازَ، وَلَوْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَشَاهِدًا عَلَى الْوَكِيلِ، أَوْ أَقَامَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَاهِدًا وَعَلَى وَصِيِّهِ، أَوْ وَارِثِهِ شَاهِدًا، أَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَصِيَّانِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي عَلَى أَحَدِهِمَا شَاهِدًا وَعَلَى الْآخَرِ شَاهِدًا جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَصِيُّ إذَا ادَّعَى دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ وَصِيًّا آخَرَ لِيَدَّعِيَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ لِأَبِيهِمَا عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ قَرْضٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى فَإِنَّهُ يَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ فِيمَا قَبَضَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ وَالْمَهْرِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى. فِي كِتَابِ الْإِمْلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ هَلَكَ وَتَرَكَ مَالًا فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْ دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ، أَوْ عَقَارًا، أَوْ رَقِيقًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ لَهُ، أَوْدَعَهُ الْمَيِّتَ، أَوْ غَصَبَ مِنْهُ الْمَيِّتُ وَصَدَّقَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ بِذَلِكَ وَبِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْمَيِّتَ وَتَرَكَ وَارِثًا صَغِيرًا، أَوْ تَرَكَ وَارِثًا غَائِبًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَدْفَعُ إلَى الْمُدَّعِي شَيْئًا بِإِقْرَارِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ وَيَجْعَلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالِانْتِظَارِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا ادَّعَى بَعْضُ الْمُقْتَسِمِينَ مِنْ وَرَثَةٍ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً تُقْبَلُ وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ، وَلَمْ تَكُنْ الْقِسْمَةُ إبْرَاءً عَنْ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ حَيْثُ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ، كَذَا فِي الصُّغْرَى. [الْبَابُ الثَّالِثَ عَشْرَ فِي دَعْوَى الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ] رَجُلٌ مِنْ وُكَلَاءِ بَابِ الْقَاضِي ادَّعَى قِبَلَ الْقَاضِي عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَكِيلٌ مِنْ وَجِهَةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِإِثْبَاتِ حُقُوقِهِ وَدُيُونِهِ عَلَى النَّاسِ وَلِلْغَائِبِ عَلَى هَذَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ قَرْضٌ، مُرْهُ حَتَّى يُسَلِّمَ إلَيَّ فَلَمْ يُجِبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَكِنَّ وَكِيلًا آخَرَ مِنْ وُكَلَاءِ بَابِ الْقَاضِي بِحَضْرَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَجَابَ، وَقَالَ: إنَّ مُوَكِّلِي يَقُولُ: لَيْسَ عَلَيَّ هَذِهِ الْعَشَرَةُ وَلَيْسَ لِي عِلْمٌ بِهَذِهِ الْوَكَالَةُ فَأَقَامَ الْوَكِيلُ شَاهِدَيْنِ عَلَى التَّوْكِيلِ وَطَلَبَ الْحُكْمَ مِنْ الْقَاضِي فَقَضَى الْقَاضِي بِثُبُوتِ وَكَالَتِهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَاكِتٌ لَمْ يُجِبْ أَصْلًا وَتَوْكِيلُ الْوَكِيلِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ

بِثَابِتٍ هَلْ يَصِحُّ هَذَا الْحُكْمُ؟ وَهَلْ يَثْبُتُ التَّوْكِيلُ؟ قِيلَ: لَا وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْعَامَّةِ فَلْتُحْفَظْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ رَجُلٍ وَأَحْضَرَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ فَادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِبْرَاءِ وَالْإِيفَاءَ، وَقَالَ الْوَكِيلُ عَزَلَنِي الْمُوَكِّلُ إنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِالْتِمَاسِ الْخَصْمِ لَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ، وَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ الْتِمَاسٍ مِنْ جِهَتِهِ تُسْمَعُ وَلَكِنْ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَزْلِ أَمَّا بِدُونِ الْبَيِّنَةِ فَلَا، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ هَكَذَا وَلَكِنَّهُ قَالَ لَسْتُ بِوَكِيلٍ وَصَدَّقَهُ الْخَصْمُ لَا يَصِحُّ، وَأَثَرُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ مَعَ الْخَصْمِ ثُمَّ قَالَ لَسْتُ بِوَكِيلٍ وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَ مَا دَفَعَ وَصَدَّقَهُ الْخَصْمُ لَا تُسْمَعُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ، أَوْ وَدِيعَتِهِ وَصَدَّقَهُ الْمُودِعُ، أَوْ الْغَرِيمُ وَمَعَ ذَلِكَ بَرْهَنَ الْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ لَهُ ذَلِكَ، وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا حَكَمَ بِوَكَالَتِهِ عَلَى الْحَاضِرِ بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ أَحْضَرَ خَصْمًا آخَرَ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَحْضَرِ الثَّانِي، وَكَذَا لَوْ بَرْهَنَ بِوَكَالَتِهِ عَلَى هَذَا الْحَقِّ ثُمَّ غَابَ الْوَكِيلُ وَحَضَرَ الْمُوَكِّلُ، أَوْ وَكِيلٌ آخَرُ لَهُ فِي طَلَبِ هَذَا الْحَقِّ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهَا، وَكَذَا لَوْ بَرْهَنَ شَاهِدًا فَرْدًا عَلَى هَذَا الْغَرِيمِ وَفَرْدًا عَلَى غَرِيمٍ لَهُ آخَرَ، أَوْ وَارِثٍ آخَرَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ وَوَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ بِبُخَارَى وَالْخُصُومَةِ، وَلَيْسَ مَعَهُمَا أَحَدٌ لِلْمُوَكِّلِ قِبَلَهُ حَقٌّ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ الْمُوَكِّلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ قَبِلَ وَكَالَتَهُ حَتَّى إذَا أَحْضَرَ الْوَكِيلُ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ رَجُلًا يَدَّعِي لِلْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ حَقًّا تُسْمَعُ خُصُومَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَعْرِفُ الْمُوَكِّلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ لَا يَقْبَلُ وَكَالَتَهُ، فَإِنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ، وَقَالَ إنِّي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لِيَقْضِيَ بِوَكَالَتِي هَذِهِ لِهَذَا الرَّجُلِ فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. رَجُلٌ قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي، وَقَالَ إنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى هَذَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَدْ وَكَّلَنِي بِالْخُصُومَةِ فِيهَا وَفِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَبِقَبْضِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ جُمْلَةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالدَّيْنِ جُمْلَةً يَقْضِي بِالْوَكَالَةِ وَيُعِيدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكُلِّ يَقْضِي بِالْكُلِّ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّيْنِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذَ بِالِاسْتِحْسَانِ لِحَاجَةِ النَّاسِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْوَصِيُّ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ وَالْوِصَايَةِ جُمْلَةً وَالْوَارِثُ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّسَبِ وَمَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَالدَّيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَكَّلَهُ وَفُلَانَ بْنَ فُلَانٍ بِقَبْضِ الْمَالِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَجَحَدَ الْغَرِيمُ الدَّيْنَ وَالْوَكَالَةَ، أَوْ جَحَدَ الْوَكَالَةَ خَاصَّةً فَأَقَامَ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالدَّيْنِ جُمْلَةً هَلْ يَقْضِي بِوَكَالَتِهِمَا وَبِالدَّيْنِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ وَيَقْضِي وَعِنْدَهُمَا لَا تُقْبَلُ، وَإِذَا أَثْبَتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَبِمِثْلِهِ لَوْ أَقَامَ هَذَا الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ وَكَّلَهُ وَفُلَانًا الْغَائِبَ بِالْخُصُومَةِ مَعَ فُلَانٍ، أَوْ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَأَجَازَ مَا صَنَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَقْضِي بِوَكَالَةِ الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ، وَالْوَصِيُّ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا أَوْصَى إلَيْهِ وَإِلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ عِنْدَهُمَا يَقْضِي بِوِصَايَتِهِ وَبِوِصَايَةِ الْغَائِبِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْضِي بِوِصَايَتِهِ وَحْدَهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ أَقَامَ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً عَلَى الْوَكَالَةِ فَقَبْلَ أَنْ يُزَكَّى الشُّهُودُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَقِّ عَلَى الْغَرِيمِ تُسْمَعُ وَيَقْضِي بِهِ إذَا زُكِّيَتْ بَيِّنَةُ الْوَكَالَةِ وَتَثْبُتُ الْوَكَالَةُ سَابِقًا عَلَيْهِ وَيَصِيرُ وَكِيلًا فِي حَقِّ جَمِيعِ أَهْلِ الْبَلَدِ إذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ عَامَّةً، وَكَذَا الْوَصِيُّ، أَوْ الْوَارِثُ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْوِصَايَةِ وَالْوِرَاثَةِ وَقَبْلَ أَنْ تُزَكَّى أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَقِّ ثُمَّ زُكِّيَتْ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ تُزَكَّ بَيِّنَةُ الْوَكَالَةِ، أَوْ الْوِصَايَةِ بَطَلَتْ بَيِّنَةُ

الْحَقِّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ الْكَفَالَةَ بِمَالِ الْإِجَارَةِ مُعَلَّقَةً بِالْفَسْخِ، وَقَالَ: إنِّي قَدْ فَسَخْتُ الْإِجَارَةَ وَلَزِمَكَ الْمَالُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَالْآجِرُ غَائِبٌ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْآجِرِ وَانْتَصَبَ الْكَفِيلُ خَصْمًا عَنْهُ، وَإِذَا أَدَّى الْكَفِيلُ رَجَعَ عَلَى الْآجِرِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَضَرَ الْآجِرُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعِي مِنْ الْكَفِيلِ شَيْئًا وَأَنْكَرَ الْفَسْخَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إنْكَارِهِ وَكَانَ الْفَسْخُ مَاضِيًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَرْهَنَ أَنَّ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ أَلْفًا وَهَذَا كَفِيلٌ عَنْهُ إنْ ادَّعَى كَفَالَةً مُبْهَمَةً بِأَنْ قَالَ لِلْكَفِيلِ: تَكَفَّلْتَ بِكُلِّ مَالِكَ عَلَى فُلَانٍ وَلِي عَلَيْهِ أَلْفٌ وَذَكَرَ شُهُودُهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَنَصُّوا عَلَى قَبُولِهَا قَضَى بِهَا عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَلَهُ مُطَالَبَةُ أَيِّهِمَا شَاءَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ حُضُورِ الْأَصْلِ، وَإِنْ فَسَّرَ الْكَفَالَةَ وَقَالَ: كَفَلْتَ بِأَلْفٍ لِي عَلَى الْغَائِبِ إنْ قَالَ كَانَتْ بِأَمْرِهِ وَبَرْهَنَ حُكِمَ بِهَا عَلَيْهِمَا كَمَا مَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَمْرَ وَبَرْهَنَ فَعَلَى الْكَفِيلِ خَاصَّةً فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ كَفَلَ لَهُ أَنَّهُ إنْ مَاتَ فُلَانٌ مُجْهِلًا لِوَدِيعَتِي وَهِيَ كَذَا فَضَمَانُهَا عَلَيَّ وَقَدْ مَاتَ فُلَانٌ مُجْهِلًا لِوَدِيعَتِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ هَلْ تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى فَقَدْ قِيلَ: تُسْمَعُ وَفِي دَعْوَى الْكَفَالَةِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَقُولَ وَأَنَا أَجَزْتُ كَفَالَتَهُ مَجْلِسَ الْكَفَالَةِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ قِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَدَعْوَى الْكَفَالَةِ تَتَضَمَّنُ ذِكْرَ الْإِجَازَةِ كَدَعْوَى الْبَيْعِ تَتَضَمَّنُ ذِكْرَ الشِّرَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَقَامَ عَلَى الْحَاضِرِ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَنَّ الْحَاضِرَ كَفِيلٌ عَنْ الْغَائِبِ بِأَمْرِهِ يَقْضِي عَلَيْهِمَا بِالْأَلْفِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ الْغَائِبَ كَفِيلٌ عَنْ الْحَاضِرِ لَا يَقْضِي إلَّا بِنَصِيبِ الْحَاضِرِ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ ثَبَتَ عَلَى الْحَاضِرِ الْخَمْسُمِائَةِ بِالْأَصَالَةِ وَالْخَمْسُمِائَةِ بِالْكَفَالَةِ وَثَبَتَ عَلَى الْغَائِبِ الْخَمْسُمِائَةِ بِالْأَصَالَةِ لَا غَيْرُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَفَالَةَ عَلَى الْغَائِبِ لَا تَثْبُتُ وَالْأَصَالَةُ تَثْبُتُ إذَا ثَبَتَتْ الْكَفَالَةُ عَلَى الْحَاضِرِ عَنْ الْغَائِبِ بِأَمْرِهِ، وَأَمَّا بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. بَاعَ مِنْهُمَا مَتَاعًا بِأَلْفٍ وَكَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِأَمْرِهِ فَلَقِيَ أَحَدَهُمَا وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ يُحْكَمُ بِالْأَلْفِ عَلَيْهِ نِصْفُهَا أَصَالَةً وَنِصْفُهَا كَفَالَةً، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى لَقِيَ الْمُشْتَرِيَ الْآخَرَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ مِنْهُ بِلَا إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ كَفَلَ لَهُ هُوَ وَفُلَانٌ الْغَائِبُ مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهُ عَلَى الْحَاضِرِ بِأَلْفٍ وَيَأْخُذُ بِهِ أَيَّهمَا شَاءَ، فَإِنْ وُجِدَ الْغَائِبُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ كَفِيلٌ لَهُ عَنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ وَحُكِمَ بِهِ فَأَبْرَأَ الْكَفِيلَ عَنْ الْكَفَالَةِ ثُمَّ عَلِمَ فَسَادَ الدَّعْوَى وَالْحُكْمِ وَأَرَادَ إعَادَةَ الدَّعْوَى عَلَى هَذَا الْكَفِيلِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ لَهَا بِدِينَارٍ مِنْ صَدَاقِهَا الَّذِي لَهَا عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ مُعَلَّقًا بِالْفُرْقَةِ وَقَدْ تَحَقَّقَتْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ جَعَلَ الْأَمْرَ بِيَدِي مَتَى غَابَ عَنِّي شَهْرًا وَقَدْ غَابَ شَهْرًا فَطَلَّقْتُ نَفْسِي فِي مَجْلِسِي فَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْغَيْبَةِ وَالْأَمْرِ وَالطَّلَاقِ بِحَضْرَةِ الْكَفِيلِ تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا يَنْتَصِبُ الْكَفِيلُ خَصْمًا عَنْ الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَطَلَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ كُنْتُ أَحَلْتُهُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى الْغَائِبِ وَفِي مِثْلِ هَذَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الباب الرابع عشر في دعوى النسب وفيه خمسة عشر فصلا

[الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي دَعْوَى النَّسَبِ وَفِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَصْلًا] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَرَاتِبِ النَّسَبِ وَأَحْكَامِهَا وَبَيَانِ أَنْوَاعِ الدَّعْوَةِ] وَلِثُبُوتِ النَّسَبِ مَرَاتِبُ ثَلَاثٌ: (أَحَدُهَا) بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَلَا يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ النَّفْيِ وَإِنَّمَا يَنْتَفِي بِاللِّعَانِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ مَا لَمْ يُقِرَّ بِنَسَبِهِ صَرِيحًا، أَوْ يَظْهَرَ مِنْهُ مَا يَكُونُ اعْتِرَافًا مِنْ قَبُولِ تَهْنِئَةٍ، أَوْ شِرَاءِ مَتَاعِ الْوِلَادَةِ، أَوْ تَطَاوُلِ الْمُدَّةِ مَعَ الْعِلْمِ بِالْوِلَادَةِ، أَوْ يَقَعُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ نَفْيِهِ، أَوْ يَقَعُ فِيهِ حُكْمٌ لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ وَالْإِبْطَالَ مَتَى وُجِدَ، كَمَا إذَا جَنَى هَذَا الْوَلَدُ جِنَايَةً وَقَضَى الْقَاضِي عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ بِالْأَرْشِ لَا يَسْتَطِيعُ نَفْيَ هَذَا الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِيهِ حُكْمٌ لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ وَالْبُطْلَانَ وَالْمَرْجِعُ فِي مَعْرِفَةِ تَطَاوُلِ الْمُدَّةِ الْعُرْفُ وَالْعَادَة فَإِذَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَنْفِي فِيهَا الْوَلَدَ عَادَةً، وَلَمْ يَنْفِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى عَنْهُ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ يُفَوِّضُ ذَلِكَ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمَا قَدَّرَا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ بِالْأَرْبَعِينَ فَبَعْدَ الْأَرْبَعِينَ لَا يَصِحُّ النَّفْيُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. . إذَا نَفَى الرَّجُلُ وَلَدَ امْرَأَتِهِ بَعْدَمَا مَاتَ، أَوْ كَانَ حَيًّا فَمَاتَ قَبْلَ اللِّعَانِ فَهُوَ ابْنُهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْفِيَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قُتِلَ الْوَلَدُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ جَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ، وَلَمْ يُلَاعِنْهَا حَتَّى قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ بِالْوَلَدِ فَحُدَّ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَا تَلَاعُنَ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ) أُمُّ الْوَلَدِ وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ نَسَبَ وَلَدِهَا يَثْبُتُ بِدُونِ الدَّعْوَى إذَا كَانَتْ بِحَالٍ يَحِلُّ لِلْمَوْلَى وَطْؤُهَا أَمَّا إذَا كَانَتْ بِحَالٍ لَا يَحِلُّ لِلْمَوْلَى فِيهَا وَطْؤُهَا لَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا بِدُونِ الدَّعْوَى أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهَا الْمَوْلَى ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْمَوْلَى بِدُونِ الدَّعْوَى وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَنْفِيَهُ إذَا لَمْ تَتَطَاوَلْ الْمُدَّةُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْوِلَادَةِ، وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ صَرِيحًا، وَلَمْ يَقَعْ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ نَفْيِهِ، وَلَمْ يَقَعْ فِيهِ حُكْمٌ لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ وَالْإِبْطَالَ؟ ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَمَةٌ لِرَجُلٍ وَلَدَتْ فَلَمْ يَنْفِهِ حَتَّى مَاتَ الْوَلَدُ فَهُوَ لَازِمٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْفِيَهُ، وَتَأْوِيلُ هَذَا الْمَسْأَلَةِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَكَذَلِكَ إنْ جَنَى جِنَايَةً فَقَضَى الْقَاضِي بِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ لَمْ يَسْتَطِعْ نَفْيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فَحُكِمَ فِيهِ بِقِصَاصٍ، أَوْ أَرْشٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي أُمِّ الْوَلَدِ مَا إذَا قَبِلَ التَّهْنِئَةَ، وَلَا شَكَّ أَنْ يَكُونَ إقْرَارًا فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَوْ هُنِّئَ الْمَوْلَى بِوَلَدِ الْأَمَةِ فَسَكَتَ يَكُونُ إقْرَارًا بِقَبُولِ التَّهْنِئَةِ إذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ مِنْ رَجُلٍ وَمَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا، أَوْ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ انْقَضَتْ فَهُوَ ابْنُ الْمَوْلَى وَلَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ أَحَدُ الْأَسْبَابِ الَّتِي ذَكَرْنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا يَلْزَمُهُ وَلَدُهَا مَا لَمْ يَنْفِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أُمَّ وَلَدٍ قَبِلَتْ ابْنَ سَيِّدِهَا فَأَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ تَجِيءَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ حَرُمَتْ عَلَى سَيِّدِهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ كَانَتْ أُمُّ وَلَدِ الْمُسْلِمِ مَجُوسِيَّةً، أَوْ مُرْتَدَّةً لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَدُهَا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ، أَوْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ الرِّدَّةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ حَرُمَتْ بِالْحَيْضِ، أَوْ بِالنِّفَاسِ، أَوْ الْإِحْرَامِ، أَوْ الصَّوْمِ فَإِنَّ نَسَبَ وَلَدِهَا يَثْبُتُ مِنْهُ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا الْمَوْلَى ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَالْوَلَدُ مِنْ الزَّوْجِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى لَمْ تُثْبِتْ نَسَبَهُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا وَدَخَلَ بِهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي. أُمُّ الْوَلَدِ الْجَارِيَةُ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا الرَّجُلُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِمِلْكِ النِّكَاحِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ مَلَكَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِالشُّبْهَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ مَلَكَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ. وَإِذَا أَسْقَطَتْ أَمَةُ الرَّجُلِ سَقْطًا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ

أَوْ بَعْضُ خَلْقِهِ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ جَارِيَتَهُ هَذِهِ قَدْ أَسْقَطَتْ مِنْهُ فَهَذَا إقْرَارٌ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَمَتَهُ قَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ، أَوْ أَسْقَطَتْ مِنْهُ سَقْطًا مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ غَائِبٌ، أَوْ مَرِيضٌ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ مَا لَمْ يَنْفِهِ، فَإِنْ نَفَاهُ يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ نَفْيِهِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَمَةٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا فَلَوْ وَلَدَتْ آخَرَ لَا يَلْزَمُهَا إلَّا بِالدَّعْوَى، وَإِنْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ وَيَضْمَنُ عِنْدَهُمَا حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ) الْأَمَةُ وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ نَسَبَ وَلَدِهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ دَعْوَى الْمَوْلَى وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ الْمَوْلَى نَسَبَ وَلَدِهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ، أَوْ يَدَّعِيَ نَسَبَهُ وَهُوَ فِي بَطْنِهَا بِأَنْ قَالَ هَذَا الْحَمْلُ الَّذِي فِي بَطْنِ أَمَتِي هَذِهِ مِنِّي، أَوْ قَالَ هَذَا الْوَلَدُ الَّذِي فِي بَطْنِ هَذِهِ مِنِّي. فِي الْأَصْلِ رَجُلٌ لَهُ أَمَةٌ حَامِلٌ قَالَ: إنْ كَانَ حَمْلُهَا غُلَامًا فَهُوَ مِنِّي، وَإِنْ كَانَ جَارِيَةً فَهُوَ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ قَالَ: فَلَيْسَ مِنِّي فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا مِنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ عَالَجَ جَارِيَتَهُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ فَأَخَذَتْ الْجَارِيَةُ مَاءَهُ فِي شَيْءٍ فَاسْتَدْخَلَتْهُ فِي فَرْجِهَا فَعَلِقَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْوَلَدَ وَلَدُهُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْأَمَةُ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَهُنِّئَ الْمَوْلَى فَسَكَتَ لَا يَكُونُ قَبُولًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَبِلَ الْمَوْلَى التَّهْنِئَةَ كَانَ اعْتِرَافًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَحْصَنَ الْمَوْلَى أَمَتَهُ وَوَطِئَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْهُ وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مَا لَمْ يَدَّعِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ حَقِيقَةً أَنَّهُ مِنْهُ فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ مِنْهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدَّعِيَ وَلَا يُنْكِرَ وَلَا يَنْفِيَ، وَإِنْ لَمْ يُحْصِنْهَا فَلَهُ أَنْ يُنْكِرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَوَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ وَطِئَ جَارِيَةً لَهُ، وَلَمْ يُبَوِّئْهَا بَيْتًا، وَلَمْ يُحْصِنْهَا قَالَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ أَنْ يَنْفِيَ وَلَدَهَا وَيَبِيعَهَا، فَأَمَّا فِي قَوْلِي فَأُحِبُّ أَنْ يُعْتِقَ وَلَدَهَا وَيَتَمَتَّعَ بِهَا فَإِذَا مَاتَ أَعْتَقَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَةٌ وَلَدَتْ فَادَّعَتْ أَنَّ مَوْلَاهَا قَدْ أَقَرَّ بِهِ وَجَحَدَ الْمَوْلَى وَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ اتَّفَقَ الشَّاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِ الْمَوْلَى أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَا عَلَى نَفْسِ الْوِلَادَةِ عَلَى فِرَاشِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى ذِمِّيًّا وَالْأَمَةُ مُسْلِمَةً فَشَهِدَ ذِمِّيَّانِ بِذَلِكَ جَازَ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى هُوَ الْمُدَّعِيَ وَالْأَمَةُ جَاحِدَةٌ لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّينَ عَلَيْهَا وَتَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا تَجْحَدُ الْمَمْلُوكِيَّةَ لِلْمَوْلَى فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ تُقِرُّ بِذَلِكَ يَنْفَرِدُ الْمَوْلَى بِدَعْوَةِ نَسَبِ وَلَدِهَا وَلَا عِبْرَةَ لِتَكْذِيبِهَا، وَلَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَشَهِدَ عَلَى الدَّعْوَى أَبُو الْمَوْلَى وَحْدَهُ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ ابْنَا الْمَوْلَى جَازَتْ الشَّهَادَةُ إذَا كَانَ الْمَوْلَى جَاحِدًا لِذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. (الدَّعْوَةُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:) دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ وَدَعْوَةُ تَحْرِيرٍ وَهِيَ دَعْوَةُ الْمِلْكِ وَدَعْوَةُ شُبْهَةِ الْمِلْكِ أَمَّا دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ فَبِأَنْ يَدَّعِيَ نَسَبَ وَلَدٍ أَصْلُ عُلُوقِهِ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَتَصِحُّ فِي الْمِلْكِ وَغَيْرِ الْمِلْكِ وَتَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ وَتُوجِبُ فَسْخَ مَا جَرَى مِنْ الْعُقُودِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مَحَلَّ النَّسَبِ وَفُسِخَ الْعَقْدُ فِيهِ وَيُجْعَلُ مُعْتَرِفًا بِوَطْءِ الْجَارِيَةِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ وَأُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ تَبَعٌ لِثُبُوتِ النَّسَبِ فِي الْوَلَدِ وَأَمَّا دَعْوَةُ التَّحْرِيرِ فَبِأَنْ يَدَّعِيَ نَسَبَ وَلَدٍ لَمْ يَكُنْ عُلُوقُهُ فِي مِلْكِهِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ فِي الْمِلْكِ لَا فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَلَا يُجْعَلُ مُعْتَرِفًا بِالْوَطْءِ وَلَا تُوجِبُ فَسْخَ الْعَقْدِ فِيهِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ أَمْكَنَهُ إثْبَاتُ الْعِتْقِ تَصِحُّ وَإِلَّا فَلَا حَتَّى لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً حَامِلًا ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْوَلَدَ كَانَتْ هَذِهِ دَعْوَةَ تَحْرِيرٍ. وَأَمَّا دَعْوَةُ شُبْهَةِ الْمِلْكِ فَبِأَنْ يَدَّعِيَ وَلَدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَشَرْطُ صِحَّتِهَا أَنْ يَكُونَ لِلْأَبِ

الفصل الثاني في دعوة البائع والمشتري

تَأْوِيلُ مِلْكٍ فِي جَارِيَةِ ابْنِهِ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ وَوِلَايَةُ التَّمَلُّكِ أَيْضًا مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ وَأَنْ تَكُونَ الْجَارِيَةُ مَحَلَّ النَّقْلِ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ إذَا اجْتَمَعَتْ الدَّعْوَتَانِ فَدَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ أَوْلَى مِنْ دَعْوَةِ التَّحْرِيرِ، وَإِنْ سَبَقَتْهَا دَعْوَةُ التَّحْرِيرِ فَهِيَ أَوْلَى وَدَعْوَةُ التَّحْرِيرِ أَوْلَى مِنْ دَعْوَةِ شُبْهَةِ الْمِلْكِ وَدَعْوَةُ صَاحِبِ النِّكَاحِ أَوْلَى مِنْ الْكُلِّ فَاسِدًا كَانَ النِّكَاحُ، أَوْ صَحِيحًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي دَعْوَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي] بَاعَ أَمَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَادَّعَى الْبَائِعُ الْوَلَدَ، أَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِهِ يَثْبُتُ نَسَبَهُ مِنْهُ فَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَنْتَقِضُ الْبَيْعُ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَكَانَتْ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي دَعْوَةَ تَحْرِيرٍ حَتَّى كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَلَاءٌ عَلَى الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ ادَّعَيَاهُ مَعًا فَدَعْوَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى، وَإِنْ ادَّعَيَاهُ عَلَى التَّعَاقُبِ فَالسَّابِقُ مِنْهُمَا أَوْلَى أَيَّهُمَا كَانَ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ، فَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ نَسَبَ الْوَلَدِ وَحْدَهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ دَعْوَتُهُ دَعْوَةَ اسْتِيلَادٍ حَتَّى كَانَ الْوَلَدُ حُرَّ الْأَصْلِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَلَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا، أَوْ مُتَعَاقِبًا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْبَائِعِ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي يَثْبُتُ مِنْهُ النَّسَبُ وَلَا يَنْتَقِضُ الْبَيْعُ وَلَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَبْقَى الْوَلَدُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَكَانَتْ دَعْوَةَ اسْتِيلَادٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا، أَوْ مُتَعَاقِبًا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي وَهَذَا كُلُّهُ إذَا عُلِمَتْ مُدَّةُ الْوِلَادَةِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُعْلَمْ مُدَّةُ الْوِلَادَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمُدَّةِ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْبَائِعِ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي وَتَصِحُّ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ سَبَقَ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ دَعْوَتُهُ، وَإِنْ سَبَقَ الْبَائِعُ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ ذِمِّيًّا، أَوْ مُكَاتَبًا وَالْمُشْتَرِي حُرًّا، أَوْ مُسْلِمًا، وَادِّعَاءُ الْبَائِعِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ يَكُونُ مَوْقُوفًا لِيَنْفَصِلَ حَيًّا فَيَنْفُذَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْحَبَلِ عِنْدَ الْبَائِعِ بِأَنْ كَانَ اشْتَرَاهَا حُبْلَى ثُمَّ بَاعَ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ أَنَّ الْحَبَلَ عِنْدَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ حَبِلَتْ أَمَةٌ فِي مِلْكِ رَجُلٍ فَبَاعَهَا فَوَلَدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بَاعَهَا فَادَّعَى الْبَائِعُ الْوَلَدَ وَقَدْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْأُمَّ فَهُوَ ابْنُهُ وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وَلَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْأُمِّ حَتَّى لَا تَصِيرَ أُمَّ وَلَدِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَ الْوَلَدَ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ لَا فِي حَقِّ الْوَلَدِ وَلَا فِي حَقِّ الْأُمِّ وَفِيمَا إذَا أَعْتَقَ الْأُمَّ يَرُدُّ عَلَيْهِ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ يَرُدُّ كُلَّ الثَّمَنِ فِي الصَّحِيحِ وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ يَرُدُّ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ لَا حِصَّتَهَا بِالِاتِّفَاقِ، هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ دَبَّرَهَا، أَوْ اسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْوَلَدَ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ حِصَّةِ الْوَلَدِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَرُدُّ حِصَّةَ الْأُمِّ بِلَا خِلَافٍ، فَإِنْ دَبَّرَهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ نَسَبَ الْوَلَدِ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ الْأُمَّ، أَوْ وَهَبَهَا، أَوْ رَهَنَهَا، أَوْ آجَرَهَا، أَوْ كَاتَبَهَا أَبْطَلْتُ جَمِيعَ ذَلِكَ وَرَدَدْتُهَا عَلَى الْبَائِعِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ قُتِلَ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَدَعْوَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَخْرَجَ الْوَلَدَ عَنْ مِلْكِهِ فَأَعْتَقَهُ الَّذِي صَارَ لَهُ، أَوْ دَبَّرَهُ، أَوْ مَاتَ عِنْدَهُ، وَلَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ رَهَنَهُ، أَوْ آجَرَهُ، أَوْ كَاتَبَهُ نُقِضَ ذَلِكَ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ

قُطِعَتْ يَدُ الْوَلَدِ فَأَخَذَ الْمُشْتَرِي نِصْفَ قِيمَتِهِ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ لَكِنَّ الْأَرْشَ يَبْقَى سَالِمًا لِلْمُشْتَرِي فَتُرَدُّ الْجَارِيَةُ مَعَ وَلَدِهَا عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إلَّا حِصَّةَ الْيَدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَطْعُ فِي الْأُمِّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ فُقِئَتْ عَيْنَاهُ فَدَفَعَهُ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ قِيمَتَهُ صَحَّتْ الدَّعْوَةُ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ وَيَرْجِعُ الْجَانِي عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ وَلَا أَرْشَ عَلَى الْجَانِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا حَبِلَتْ الْأَمَةُ عِنْدَ رَجُلٍ فَبَاعَهَا وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قُتِلَ الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَعَلَى الْجَانِي فِي ذَلِكَ مَا عَلَيْهِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْأَحْرَارِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْأُمِّ كَانَ عَلَى الْجَانِي مَا فِي الْجِنَايَةِ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَلَوْ جَنَى الْوَلَدُ كَانَتْ جِنَايَتُهُ كَجِنَايَةِ الْحُرِّ وَجِنَايَةُ أُمِّهِ كَجِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي قَضَى بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهُمَا قَبْلَ الدَّعْوَةِ فَهِيَ عَلَى الْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ مُخْتَارٌ إنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ الْمَبِيعَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَكَبِرَ ابْنُهَا وَوُلِدَ لَهُ ابْنٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ مَاتَ الْأَوَّلُ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ ادَّعَى الْوَلَدَ الثَّانِيَ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ. وَوَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ إذَا كَبِرَ وَوُلِدَ لَهُ وَلَدٌ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ وَبَقِيَ ابْنُهُ فَادَّعَاهُ الْمُلَاعِنُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْأَمَةُ الْمُشْتَرَاةُ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ فَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ الْبَائِعَ ادَّعَى نَسَبَ هَذَا الْوَلَدِ حِينَ وُلِدَ وَأَنْكَرَهَا الْبَائِعُ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَدَّعِي ذَلِكَ فَالشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَدَّعِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ أُنْثَى فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لَا فِي حَقِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ عِنْدَهُ بِدُونِ الدَّعْوَى غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَلَا فِي حَقِّ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْجَارِيَةِ فِي هَذَا الْبَابِ تَبَعٌ وَإِلَى هَذَا مَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا بَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ قَامَتْ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ إلَّا أَنَّهَا تَضَمَّنَتْ حُرْمَةَ الْفَرْجِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ مَيِّتَةً لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُ وَإِلَى هَذَا مَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ مَيِّتَةً إذْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ عِتْقَ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ ثُبُوتُ النَّسَبِ وَالْعِتْقِ بِنَاءً عَلَيْهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ النَّسَبُ بِالشَّهَادَةِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَإِلَى هَذَا مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا حَبِلَتْ الْأَمَةُ عِنْدَ رَجُلٍ فَبَاعَهَا ثُمَّ ادَّعَى الْحَبَلَ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لَهَا حَبَلٌ وَأَرَاهَا النِّسَاءَ فَقُلْنَ: هِيَ حُبْلَى فَإِنَى لَا أُجِيزُ دَعَوْتَهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَضَعَ الْأَمَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فِي الْحَبَلِ وَلَكِنَّهُ يَقُولُ لَيْسَ مِنْكَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الدَّعْوَةِ حَتَّى تَضَعَ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ ابْنُهُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. فَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَصْلُ الْحَبَلِ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِكَ إنَّمَا اشْتَرَيْتُهَا وَهِيَ حَامِلٌ، وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا، بَلْ أَصْلُ الْحَبَلِ كَانَ فِي مِلْكِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ وَلَا شَكَّ فِي هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْهُمْ مَنْ قَالَ قَوْلُهُ هَكَذَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عَلَى قَوْلِهِ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي. وَأَصْلُ هَذَا فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي تَارِيخِ الشِّرَاءِ وَقَدْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ بِيَوْمٍ وَادَّعَاهُ الْبَائِعُ قَالَ الْمُشْتَرِي: لَمْ تَحْبَلْ عِنْدَكَ وَإِنَّمَا اشْتَرَيْتَهَا قَبْلَ أَنْ بِعْتَهَا مِنِّي مُنْذُ شَهْرٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا بَلْ اشْتَرَيْتُهَا مُنْذُ سَنَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ عِنْد أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا بَاعَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُهَا مِنْكَ مُنْذُ شَهْرٍ وَالْوَلَدُ مِنِّي، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بِعْتَهَا مِنِّي لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْوَلَدُ لَيْسَ مِنْكَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيِّنَةُ لِلْبَائِعِ، كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً فَظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ بَعْدَ أَيَّامٍ فَخَاصَمَ الْبَائِعَ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: أَمْسِكْهَا عِنْدَكَ، فَإِنْ ثَبَتَ فَهُوَ مِنِّي وَأَمَرَ غُلَامَهُ بِأَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي وَيَقْبِضَ الْجَارِيَةَ مِنْهُ فَأَسْقَطَتْ الْجَارِيَةُ سَقْطًا مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ رَدُّهُ وَكَانَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَتُرَدُّ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. إذَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ الْمَبِيعَةُ بِنْتًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ ثُمَّ وَلَدَتْ الْبِنْتُ ابْنًا فَأَعْتَقَ الْمُشْتَرِي ابْنَ الْبِنْتِ ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ نَسَبَ الْبِنْتِ فَإِنَّهُ تَصِحُّ دَعْوَتُهُ، وَإِذَا صَحَّتْ دَعْوَتُهُ فِي حَقِّ الْبِنْتِ صَحَّتْ فِي حَقِّ ابْنِهَا حَتَّى يَبْطُلَ حَقُّ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الِابْنَةُ وَلَدَتْ ابْنَةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَلَدَتْ بِنْتًا عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ الْبِنْتُ ابْنًا ثُمَّ بَاعَ الِابْنَ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْبِنْتَ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ، وَلَوْ بَاعَ الْبِنْتَ وَأَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْبِنْتَ لَا تَصِحُّ وَيَعْتِقُ ابْنُ الْبِنْتِ الَّذِي عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا حَبِلَتْ الْأَمَةُ فَوَلَدَتْ فِي يَدِ مَوْلَاهَا ثُمَّ بَاعَهَا فَزَوَّجَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ عَبْدِهِ فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ عَنْهَا فَاسْتَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْوَلَدَ الَّذِي عِنْدَهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيُرَدُّ إلَيْهِ ابْنُ الْعَبْدِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَوْلِدْ الْمُشْتَرِي الْأُمَّ كَانَا جَمِيعًا مَرْدُودَيْنِ عَلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ فِي الِانْقِسَامِ قِيمَتُهَا وَقْتَ الْبَيْعِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ الثَّانِي وَقْتَ الِانْفِصَالِ وَيَعْتِقُ بِمَوْتِ الْبَائِعِ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ، فَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ ابْنَ الْعَبْدِ أَنَّهُ ابْنُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ بَاعَهَا وَهِيَ حُبْلَى فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ بِيَوْمٍ ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ فَادَّعَى الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مَعًا الْوَلَدَيْنِ فَهُمَا ابْنَا الْبَائِعِ، وَلَوْ بَدَأَ الْمُشْتَرِي فَادَّعَى الْوَلَدَ الثَّانِيَ جَعَلْتُهُ ابْنَهُ وَجَعَلْتُهَا أُمَّ وَلَدِهِ، فَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَلَدَ الْأَوَّلَ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا حَتَّى ادَّعَى الْبَائِعُ الْوَلَدَ الثَّانِيَ خَاصَّةً لَمْ يُصَدَّقْ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْأَوَّلُ ثُمَّ ادَّعَاهُمَا الْبَائِعُ كَذَا فِي الْحَاوِي. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: رَجُلٌ لَهُ جَارِيَةٌ فَحَبِلَتْ فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ فَوَلَدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَدًا فَادَّعَى الْوَلَدَ أَبُو الْبَائِعِ وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ، أَوْ كَذَّبَهُ فَدَعْوَتُهُ بَاطِلَةٌ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَلَكِنْ لَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ بِتَصْدِيقِهِ أَبَا الْبَائِعِ فِي دَعْوَتِهِ وَلَا يَضْمَنُ أَبُو الْبَائِعِ شَيْئًا مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى أَبَى الْبَائِعِ شَيْءٌ مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَلَا مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَلَوْ صَدَّقَاهُ جَمِيعًا صَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَضَمِنَ الْأَبُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ لِلْبَائِعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَةٌ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَبَاعَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا فَادَّعَى أَبُو الْبَائِعِ الْوَلَدَيْنِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي صَحَّتْ الدَّعْوَةُ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدَيْنِ وَعَتَقَ مَا فِي يَدِ الِابْنِ بِغَيْرِ قِيمَةٍ وَمَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي عَبْدٌ بِحَالِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ كَانَ بَاعَ الْجَارِيَةَ مَعَ أَحَدِ الْوَلَدَيْنِ ثُمَّ إنَّ أَبَا الْبَائِعِ ادَّعَى نَسَبَ الْوَلَدَيْنِ جَمِيعًا وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَعْوَةُ الْأَبِ بَاطِلَةٌ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَعْوَةُ الْأَبِ لَا تَصِحُّ فِي حَقِّ الْجَارِيَةِ وَلَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَتَصِحُّ دَعْوَتُهُ فِي حَقِّ الْوَلَدَيْنِ نَسَبًا وَلَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ فِي حَقِّ الْوَلَدَيْنِ حُرِّيَّةً فَلَا يَحْكُمُ بِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ الْمَبِيعِ بَلْ يَكُونُ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي وَالْوَلَدُ

الْبَاقِي يَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَالْجَارِيَةُ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِلَا خِلَافٍ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلِابْنِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدَيْنِ مِنْهُ بِلَا خِلَافٍ وَيَصِيرُ الْوَلَدُ الْمَبِيعُ حُرًّا بِغَيْرِ قِيمَةٍ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا الْوَلَدُ الْبَاقِي فَهُوَ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْأَبِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ حُرٌّ بِغَيْرِ قِيمَةٍ، وَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ صَدَّقَهُ وَالِدُهُ فِيمَا ادَّعَى وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدَيْنِ مِنْ أَبَى الْبَائِعِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ نَسَبُ الْوَلَدَيْنِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قَوْلُ الْكُلِّ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ حُكْمَ الْوَلَدِ فِي هَذَا الْفَصْلِ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْأُمِّ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو حَازِمٍ وَالْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْهَيْثَمِ يَقُولَانِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْبَائِعُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُدَّعِي وَهُوَ الْأَبُ وَيَضْمَنُ الْأَبُ لِلْبَائِعِ وَهُوَ ابْنُهُ قِيمَتَهَا قِنَّةً قَالَ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا لَا يَضْمَنُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْأَبِ وَالِابْنِ لِصَاحِبِهِ شَيْئًا بِالِاتِّفَاقِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ الْمَبِيعَةُ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَحَدَهُمَا صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُمَا مِنْهُ وَيَبْطُلُ مَا جَرَى فِيهِ مِنْ الْعُقُودِ مِنْ عِتْقٍ وَبَيْعٍ، وَكَذَلِكَ إنْ جَاءَتْ بِأَحَدِهِمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَبِالْآخَرِ لِأَكْثَرَ، وَلَوْ ادَّعَاهُمَا الْمُشْتَرِي أَوَّلًا ثُمَّ الْبَائِعُ لَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ وَهُمَا ابْنَا الْمُشْتَرِي، وَلَوْ جُنِيَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ ثُمَّ ادَّعَاهُمَا الْبَائِعُ صَحَّ وَالْأَرْشُ وَالْكَسْبُ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ قُتِلَ وَاحِدٌ وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَقْتُولِ لِوَرَثَتِهِ وَلَا يَتَحَوَّلُ إلَى الدِّيَةِ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا ثُمَّ قُتِلَ وَتَرَكَ مِيرَاثًا وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي دِيَتَهُ وَإِرْثَهُ بِالْوَلَاءِ ثُمَّ ادَّعَاهُمَا الْبَائِعُ تَصِحُّ وَيَأْخُذُ الدِّيَةَ وَالْمِيرَاثَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَبْطُلُ الْوَلَاءُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ عِنْدَ رَجُلٍ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْوَلَدَ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَنَّهُ ابْنُهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدَيْنِ مِنْهُ وَلَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ الْآخَرُ وَلَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَاعَ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ وَادَّعَى نَسَبَ الْآخَرِ يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا، وَلَوْ كَانَ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ بَطَلَ عِتْقُهُ هَذَا إذَا كَانَ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدَيْنِ مِنْ الْبَائِعِ أَيْضًا وَيَعْتِقُ الَّذِي عِنْدَ الْبَائِعِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَبْطُلُ عِتْقُ الْمُشْتَرِي فِي الَّذِي عِنْدَهُ وَلَا يَبْطُلُ بَيْعُهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ تَوْأَمَيْنِ وُلِدَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ ادَّعَى نَسَبَهُمَا يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا مِنْهُ وَلَكِنْ لَا يَنْتَقِضُ الْبَيْعُ فِي الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَاهُمَا الْمُشْتَرِي يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا مِنْهُ وَاَلَّذِي عِنْدَ الْبَائِعِ يَبْقَى مَمْلُوكًا لَهُ كَمَا كَانَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ لَهُ جَارِيَةٌ حَبِلَتْ عِنْدَهُ فَوَلَدَتْ ابْنًا فَكَبِرَ عِنْدَهُ فَزَوَّجَهُ أَمَةً لَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا ثُمَّ بَاعَ الْمَوْلَى هَذَا الِابْنَ وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ نَسَبَ الْوَلَدِ الْأَكْبَرِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَبَطَلَ الْعِتْقُ وَالْبَيْعُ وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ادَّعَى الْبَائِعُ نَسَبَ الْوَلَدِ الْأَكْبَرِ لَكِنْ ادَّعَى نَسَبَ الْوَلَدِ الثَّانِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْخِزَانَةِ. إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَمَةً وَوَلَدَهَا، أَوْ اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ ثُمَّ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَادَّعَى وَلَدَهَا فَدَعْوَتُهُ جَائِزَةٌ إذَا كَانَ الْوَلَدُ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ يَدَّعِيهِ وَلَا يُفْسَخُ شَيْءٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَالْعُقُودِ الَّتِي جَرَتْ فِيهِ وَفِي أُمِّهِ، وَلَوْ كَانَ أَصْلُ الْحَبَلِ عِنْدَهُ بَطَلَتْ بِذَلِكَ الْبُيُوعُ وَالْعُقُودُ كُلُّهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي. اشْتَرَى عَبْدًا وَاشْتَرَى أَبُوهُ أَخَاهُ وَهُمَا تَوْأَمَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا مَنْ فِي يَدِهِ يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا مِنْهُ وَعَتَقَ الَّذِي فِي يَدَيْ الْآخَرِ بِالْقَرَابَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيهَا ثَلَاثًا فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فِي الثَّالِثِ وَلَدًا فَادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ دَعْوَتُهُ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْوَلَدَ فَالْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ، فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ جَدَّدَ

الفصل الثالث في دعوة الرجل ولد جارية ابنه

الدَّعْوَةَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ، فَإِنْ نَقَضَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ بَطَلَتْ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا أَخَذَ الرَّجُلُ أَمَتَيْنِ مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ يَأْخُذُ أَيَّتَهمَا شَاءَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَيَرُدُّ الْأُخْرَى فَوَلَدَتَا عِنْدَهُ وَأَقَرَّ أَنَّهُمَا مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ الَّتِي وَطِئَهَا أَوَّلًا فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ فِي وَلَدِ إحْدَاهُمَا وَهِيَ الَّتِي تَنَاوَلَهَا الْبَيْعُ وَيَتَعَيَّنُ بِاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي فَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ مَادَامَ حَيًّا، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَالْبَيَانُ إلَى الْوَرَثَةِ، فَإِنْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ إنَّ أَبَانَا وَطِئَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ، أَوَّلًا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ هَذِهِ مِنْ الْمَيِّتِ وَيَرِثُ مَعَهُمْ وَتَصِيرُ هِيَ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمَيِّتِ وَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ، وَعَلَى الْوَرَثَةِ ثَمَنُ هَذِهِ لِلْبَائِعِ وَيُؤَدُّونَ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَيَرُدُّونَ الْأَمَةَ الْأُخْرَى عَلَى الْبَائِعِ مَعَ عُقْرِهَا فَتَكُونُ أَمَةَ الْبَائِعِ كَمَا لَوْ حَصَلَ هَذَا الْبَيَانُ مِنْ الْمَيِّتِ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ إنَّ أَبَانَا وَطِئَ هَذِهِ أَوَّلًا، وَقَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ لَا بَلْ وَطِئَ هَذِهِ الْأُخْرَى أَوَّلًا كَانَتْ الَّتِي قَالَ لَهَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَوَّلًا هِيَ الَّتِي وَطِئَهَا الْمَيِّتُ أَوَّلًا مُتَعَيِّنَةً لِلِاسْتِيلَادِ وَتُرَدُّ الْأُخْرَى، وَإِنْ اتَّفَقَتْ الْوَرَثَةُ أَنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ الَّتِي وَطِئَهَا الْمَيِّتُ أَوَّلًا فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ أَحَدٍ مِنْ الْوَلَدَيْنِ مِنْ الْمَيِّتِ وَلَكِنْ يَعْتِقُ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَلَدَيْنِ وَنِصْفُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجَارِيَتَيْنِ وَسَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجَارِيَتَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَلَدَيْنِ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ وَرَدَّتْ الْوَرَثَةُ عَلَى الْبَائِعِ نِصْفَ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجَارِيَتَيْنِ وَنِصْفَ الْعُقْرِ مِنْ التَّرِكَةِ، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى نَسَبَ الْوَلَدَيْنِ وَادَّعَى الْبَائِعُ نَسَبَ الْوَلَدَيْنِ أَيْضًا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَةُ مِنْ الْبَائِعِ بَعْدَ دَعْوَةِ الْمُشْتَرِي وَفِي هَذَا الْوَجْهِ تَصِحُّ دَعْوَةُ الْبَائِعِ فِي الْوَلَدِ الَّذِي يُرَدُّ عَلَيْهِ وَفِي أُمِّهِ كَيْفَمَا جَاءَتَا بِالْوَلَدَيْنِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ، أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ ادَّعَيَاهُمَا جَمِيعًا إنْ جَاءَتَا بِالْوَلَدَيْنِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَدَعْوَةُ الْبَائِعِ صَحِيحَةٌ فِيمَا صَارَ لَهُ وَلَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ فِيمَا صَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ جَاءَتَا بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَدَعْوَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى فِي الْوَلَدَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْبَائِعِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي لَا تَصِحُّ وَيَكُونُ ابْنَ الْبَائِعِ، وَإِنْ نَفَاهُ يَثْبُتُ مِنْ الْمُشْتَرِي اسْتِحْسَانًا وَيَكُونُ لِلْبَائِعِ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِ الْبَائِعِ إلَّا أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ حُرًّا إذَا نَفَاهُ الْبَائِعُ وَادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي دَعْوَةِ الرَّجُلِ وَلَدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ] وَلَدَتْ أَمَةُ رَجُلٍ فَادَّعَى أَبُوهُ الْوَلَدَ، وَلَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْحَبَلِ عِنْدَ ابْنِهِ وَكَذَّبَهُ الِابْنُ لَمْ تَجُزْ دَعْوَتُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَ الْمَوْلَى فَتَصِحَّ دَعْوَاهُ وَلَا يَمْلِكُ الْجَارِيَةَ كَمَا إذَا ادَّعَاهُ أَجْنَبِيٌّ وَيَعْتِقُ عَلَى الْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى وَلَدَ مُدَبَّرَةِ ابْنِهِ، أَوْ وَلَدَ أُمِّ وَلَدِهِ الْمُنْتَفَى مِنْ جِهَةِ الِابْنِ، أَوْ وَلَدَ مُكَاتَبِهِ الَّذِي وَلَدَتْهُ فِي الْكِتَابَةِ، أَوْ قَبْلَهَا لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الِابْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا اشْتَرَى الِابْنُ أَمَةً حَامِلًا وَبَاعَهَا قَبْلَ أَنْ تَلِدَ ثُمَّ وَلَدَتْ وَادَّعَاهُ أَبُو الْبَائِعِ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. جَارِيَةٌ لِرَجُلٍ حَبِلَتْ فِي مِلْكِهِ فَبَاعَهَا وَهِيَ حَامِلٌ وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْبَائِعُ فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا فِي يَدِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ أَبُو الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَكَذَّبَهُ ابْنُهُ فِي ذَلِكَ كَانَتْ دَعْوَةُ الْأَبِ بَاطِلَةً، وَلَوْ صَدَّقَهُ الِابْنُ كَانَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِالْقِيمَةِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَيَكُونُ حُرًّا بِغَيْرِ قِيمَةٍ، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَبِعْهَا مِنْ الْبَائِعِ وَلَكِنَّهُ رَدَّهَا بِقَضَاءِ الْقَاضِي، أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي، أَوْ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، أَوْ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، أَوْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَقَدْ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَرَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِحُكْمِ فَسَادِ الْبَيْعِ ثُمَّ إنَّ أَبَا الْبَائِعِ ادَّعَى الْوَلَدَ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ أَمَةٌ وَقَدْ وَطِئَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَادَّعَاهُ أَبُوهُ جَازَتْ دَعْوَتُهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا قَالَ الْأَبُ وَقَعْتُ عَلَى جَارِيَةِ ابْنِي وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ تَصِحُّ دَعْوَتُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى وَلَدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ

الفصل الرابع في دعوة ولد الجارية المشتركة

وَضَمِنَ قِيمَتَهَا لِلِابْنِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَعُقْرَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا مِنْ الْأَبِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ الِابْنُ ادَّعَى الْوَلَدَ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْأَبُ، أَوْ ادَّعَيَاهُ مَعًا فَالِابْنُ أَوْلَى، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ ادَّعَى وَلَدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ وَالِابْنُ حُرٌّ مُسْلِمٌ وَالْأَبُ عَبْدٌ، أَوْ مُكَاتَبٌ، أَوْ كَافِرٌ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُسْلِمًا وَالِابْنُ كَافِرًا صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ كَانَا جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمِلَّتُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ جَازَتْ دَعْوَةُ الْأَبِ فِيهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا حَبِلَتْ جَارِيَةُ الرَّجُلِ فِي مِلْكِهِ وَوَلَدَتْ وَلَدًا فَادَّعَاهُ الْجَدُّ، وَالْوَالِدُ حَيٌّ حَقِيقَةً وَاعْتِبَارًا بِأَنْ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا مُسْلِمًا فَدَعْوَةُ الْجَدِّ بَاطِلَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْوَالِدُ نَصْرَانِيًّا وَالْجَدُّ وَالْحَافِدُ مُسْلِمَيْنِ، أَوْ كَانَ الْأَبُ عَبْدًا، أَوْ مُكَاتَبًا وَالْجَدُّ وَالْحَافِدُ حُرَّيْنِ صَحَّتْ دَعْوَةُ الْجَدِّ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُرْتَدًّا وَالْجَدُّ وَالْحَافِدُ مُسْلِمَيْنِ فَدَعْوَةُ الْجَدِّ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَسْلَمَ الْأَبُ بَطَلَتْ دَعْوَتُهُ، وَإِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ، وَإِنْ كَانُوا جَمِيعًا أَحْرَارًا وَمُسْلِمِينَ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَالْجَارِيَةُ حَامِلٌ فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ مَاتَ الْأَبُ فَادَّعَاهُ الْجَدُّ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْأَبُ نَصْرَانِيًّا وَالْجَدُّ وَالْحَافِدُ مُسْلِمَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْأَبُ وَالْجَارِيَةُ حَامِلٌ فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَتْ دَعْوَةُ الْجَدِّ بَاطِلَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْوَالِدُ مُكَاتَبًا فَأَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ فَعَتَقَ قَبْلَ دَعْوَةِ الْجَدِّ، أَوْ كَانَ عَبْدًا فَأُعْتِقَ قَبْلَ دَعْوَةِ الْجَدِّ كَانَتْ دَعْوَةُ الْجَدِّ بَاطِلَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ كَانَ الْأَبُ مَعْتُوهًا مِنْ حِينِ الْعُلُوقِ إلَى حِينِ الدَّعْوَةِ فَدَعْوَةُ الْجَدِّ مَقْبُولَةٌ، فَإِنْ أَفَاقَ الْمَعْتُوهُ ثُمَّ ادَّعَى الْجَدُّ فَدَعْوَتُهُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْجَدُّ الْوَلَدَ حَتَّى أَفَاقَ الْأَبُ وَإِنَّمَا ادَّعَاهُ الْأَبُ بَعْدَ مَا أَفَاقَ فِي الِاسْتِحْسَانِ تَصِحُّ دَعْوَتُهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي دَعْوَةِ وَلَدِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ] إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي مِلْكِهِمَا وَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَمْلِكُ نَصِيبَ الشَّرِيكِ بِالْقِيمَةِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَيَضْمَنُ نِصْفَ الْعُقْرِ، وَلَمْ يَضْمَنْ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا، كَذَا فِي الْحَاوِي. فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي لِصَاحِبِهِ إنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ قَدْ وَلَدَتْ مِنْكَ وَلَدًا وَادَّعَيْتَهُ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ مِنِّي وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَكَ وَصَدَّقَهُ صَاحِبُهُ فِي ذَلِكَ وَكَذَّبَتْهُ الْجَارِيَةُ فَإِنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْجَارِيَةِ، وَعَلَى وَلَدِهَا حَتَّى لَا يَبْطُلَ مَا ثَبَتَ لَهُمَا مِنْ الْحُقُوقِ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعِي وَلَا يَبْطُلُ الضَّمَانُ مِنْ الْمُدَّعِي وَلَكِنْ يَضْمَنُ الْمُقِرُّ نِصْفَ قِيمَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ هَذَا قَوْلُهُمَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَضْمَنُ الْمُقِرّ لِلْمَقَرِّ لَهُ شَيْئًا، وَقِيلَ: لَا بَلْ هُوَ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ وَأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ، فَإِنْ اكْتَسَبَ الْجَارِيَةَ اكْتِسَابًا، أَوْ قُتِلَتْ هِيَ، أَوْ وَلَدُهَا فَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُقِرِّ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْمُدَّعِي لِلشَّرِيكِ كُنْتَ أَعْتَقْتَهَا أَنْتَ قَبْلَ هَذَا وَصَدَّقَهُ الشَّرِيكُ فِي ذَلِكَ فَالْأَمَةُ تَعْتِقُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَاطِئِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا وَلَا فِي نِصْفِ عُقْرِهَا. جَارِيَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي وَأُمُّ وَلَدِكَ، أَوْ قَالَ أُمُّ وَلَدِنَا، فَإِنْ صَدَّقَهُ صَاحِبُهُ فِي ذَلِكَ صَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا وَلَا ضَمَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ كَمَا لَوْ ادَّعَيَاهُ مَعًا، وَإِنْ كَذَّبَهُ صَاحِبُهُ فِي ذَلِكَ ضَمِنَ الْمُقِرُّ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَضَمِنَ أَيْضًا نِصْفَ الْعُقْرِ لِشَرِيكِهِ ثُمَّ يَكُونُ نِصْفُ الْجَارِيَةِ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُقِرِّ وَنِصْفُهَا مَوْقُوفٌ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ، فَإِنْ عَادَ الشَّرِيكُ إلَى التَّصْدِيقِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ بَيْنَهُمَا وَيَرُدُّ مَا أَخَذَ مِنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى التَّصْدِيقِ فَنِصْفُهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُقِرِّ وَنِصْفُهَا مَوْقُوفٌ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ تَخْدُمُ الْمُقِرَّ يَوْمًا وَتُوقَفُ يَوْمًا، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَفِي فَصْلِ التَّصْدِيقِ عَتَقَتْ، أَيُّهُمَا مَاتَ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا لِلْحَيِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهَا السِّعَايَةُ، وَفِي فَصْلِ التَّكْذِيبِ كَذَلِكَ تَعْتِقُ، أَيُّهُمَا مَاتَ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا

لِلْمُنْكِرِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُنْكِرُ عَتَقَتْ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا لِلْمُقِرِّ عَنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ، أَوْ أَرْبَعَةٍ، أَوْ خَمْسَةٍ فَادَّعَوْهُ مَعًا فَهُوَ ابْنُهُمْ جَمِيعًا ثَابِتٌ نَسَبُهُ مِنْهُمْ وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَثْبُتُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَثْبُتُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا كَانَتْ الْأَنْصِبَاءُ مُخْتَلِفَةً فَالْحُكْمُ فِي حَقِّ الْوَلَدِ لَا يَخْتَلِفُ، أَمَّا الِاسْتِيلَاءُ فَيَثْبُتُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ بِحِصَّتِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. دَعْوَةُ الْوَلَدِ إذَا تَعَذَّرَ اعْتِبَارُهَا دَعْوَةَ الِاسْتِيلَادِ تُعْتَبَرُ دَعْوَةَ التَّحْرِيرِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ مَلَكَاهَا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ وَلَدَتْ الْوَلَدَ الْأَوَّلَ فَقَالَ أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ الْأَصْغَرُ ابْنِي وَالْأَكْبَرُ ابْنُ شَرِيكِي، فَإِنْ صَدَّقَهُ شَرِيكُهُ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ الْأَصْغَرِ مِنْ مُدَّعِي الْأَصْغَرِ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِمُدَّعِي الْأَصْغَرِ وَضَمِنَ مُدَّعِي الْأَصْغَرِ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَضَمِنَ نِصْفَ عُقْرِهَا أَيْضًا وَلَا يَضْمَنُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ الْأَكْبَرِ مِنْ مُدَّعِي الْأَكْبَرِ وَيَصِيرُ مُدَّعِي الْأَكْبَرِ مُعْتِقًا لِلْأَكْبَرِ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى الْمُدَّعِي الْأَكْبَرِ نِصْفُ قِيمَةِ الْأَكْبَرِ لِشَرِيكِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَى الْأَكْبَرُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَلَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِمُدَّعِي الْأَكْبَرِ وَيَضْمَنُ مُدَّعِي الْأَكْبَرِ نِصْفَ الْعُقْرِ لِمُدَّعِي الْأَصْغَرِ هَذَا إذَا صَدَّقَهُ شَرِيكُهُ، فَأَمَّا إذَا كَذَّبَهُ فَالْجَوَابُ فِي حَقِّ مُدَّعِي الْأَصْغَرِ مَا ذَكَرْنَا وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْأَكْبَرِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَكِنْ يَعْتِقُ الْأَكْبَرُ وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْعِتْقِ وَصَاحِبُهُ مُنْكِرٌ. هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلُّهُ إذَا قَالَ أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ: الْأَصْغَرُ ابْنِي وَالْأَكْبَرُ ابْنُ شَرِيكِي، فَأَمَّا إذَا قَالَ: الْأَكْبَرُ ابْنُ شَرِيكِي وَالْأَصْغَرُ ابْنِي، فَإِنْ صَدَّقَهُ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ يَثْبُتُ نَسَبُ الْأَكْبَرِ مِنْ الشَّرِيكِ الْمُصَدِّقُ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَضَمِنَ لِمُدَّعِي الْأَصْغَرِ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا مُوسِرًا كَانَ، أَوْ مُعْسِرًا وَلَا يَضْمَنُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَثْبُتُ نَسَبُ الْأَصْغَرِ مِنْ مُدَّعِي الْأَصْغَرِ وَيَضْمَنُ مُدَّعِي الْأَصْغَرِ قِيمَةَ الْأَصْغَرِ لِشَرِيكِهِ وَجَمِيعَ عُقْرِهَا، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى أَنَّهُ يَضْمَنَ نِصْفَ الْعُقْرِ، وَإِذَا كَذَّبَهُ شَرِيكُهُ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ الْأَصْغَرِ مِنْ مُدَّعِي الْأَصْغَرِ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا وَلَا يَضْمَنُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْأَكْبَرِ مِنْ الشَّرِيكِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ اشْتَرَيَا جَارِيَةً فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْوَلَدَ وَالْآخَرُ الْأُمَّ فَالدَّعْوَةُ دَعْوَةُ صَاحِبِ الْوَلَدِ وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَالْوَلَدُ حُرٌّ وَيَضْمَنُ نِصْفَ الْعُقْرِ لِشَرِيكِهِ وَنِصْفَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ، وَلَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا صَحَّتْ دَعْوَةُ كُلِّ وَاحِدٍ وَمُدَّعِي الْأُمِّ لَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ وَلَا تَسْعَى لَهُ الْأَمَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا إنْ مُوسِرًا، أَوْ تَسْعَى فِيهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا، أَوْ لَا يَضْمَنُ نِصْفَ الْعُقْرِ وَلَا يَضْمَنُ مُدَّعِي الْأَوَّلِ لِلثَّانِي قِيمَةَ الْجَارِيَةِ وَلَا عُقْرَهَا، فَإِنْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ بِنْتًا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ ثُمَّ الْبِنْتُ وَلَدًا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْوَلَدَ الْأَوَّلَ وَالْآخَرُ الثَّانِيَ مَعًا وَالْجَدَّةُ حَيَّةٌ، أَوْ مَيِّتَةٌ صَحَّتْ دَعْوَةُ كُلِّ وَاحِدٍ فَصَارَتْ الْجَدَّةُ أُمَّ وَلَدِ الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَنِصْفُ عُقْرِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَيَضْمَنُ مُدَّعِي الصُّغْرَى لِلْكُبْرَى نِصْفَ عُقْرِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيَضْمَنُ مُدَّعِي الْكُبْرَى نِصْفَ قِيمَةِ الْجَدَّةِ وَنِصْفَ عُقْرِهَا وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْ قِيمَةِ الْكُبْرَى، فَإِنْ كَانَتْ الْجَدَّةُ قُتِلَتْ قَبْلَ الدَّعْوَةِ فَآخِذُ قِيمَتِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ ادَّعَيَا لَمْ يَضْمَنْ مِنْ قِيمَةِ الْجَدَّةِ شَيْئًا وَيَضْمَنُ مُدَّعِي الْكُبْرَى لِلْآخَرِ عُقْرَ الْجَدَّةِ بِالْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ وَلَا يَضْمَنُ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

وَعِنْدَهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ الْأُمِّ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَمُدَّعِي الصُّغْرَى لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْوَلَدُ الْأَكْبَرُ لِلَّذِي ادَّعَاهُ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدِ الثَّانِي، وَإِنْ وَلَدَتْ الْجَدَّةُ وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا بَطَلَتْ دَعْوَةُ الْكُبْرَى وَصَحَّتْ دَعْوَةُ الصُّغْرَى، وَأُمُّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْكُبْرَى لِشَرِيكِهِ وَنِصْفَ عُقْرِهَا وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَمُدَّعِي الْكُبْرَى يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْجَدَّةِ لِشَرِيكِهِ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ كَانَتْ مَيِّتَةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلَانِ اشْتَرَيَا جَارِيَةً فَوَلَدَتْ فِي مِلْكِهِمَا وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَى الْوَلَدَ أَحَدُهُمَا صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَكَانَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ ادَّعَى الْوَلَدَ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا مِنْ عُقْرِهَا، فَالْجَوَابُ فِي الْوَلَدِ كَالْجَوَابِ فِي الْعَبْدِ إذَا كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَجَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَحَدَ الْوَلَدَيْنِ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِمَا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْأَكْبَرَ وَالْآخَرُ الْأَصْغَرَ وَخَرَجَ الْكَلَامُ مِنْهُمَا جَمِيعًا مَعًا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، فَأَمَّا إذَا سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِالدَّعْوَةِ فَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدَيْنِ مِنْهُ وَعَتَقَا وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَنِصْفَ الْعُقْرِ لِصَاحِبِهِ، وَلَوْ وُلِدَا فِي بَطْنَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْأَكْبَرَ وَالْآخَرُ الْأَصْغَرَ وَخَرَجَ الْكَلَامُ مِنْهُمَا مَعًا يَثْبُتُ نَسَبُ الْأَكْبَرِ مِنْ مُدَّعِي الْأَكْبَرِ وَعَتَقَ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ لِمُدَّعِي الْأَصْغَرِ مَعَ نِصْفِ الْعُقْرِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْأَصْغَرِ مِنْ مُدَّعِي الْأَصْغَرِ فِي الِاسْتِحْسَانِ وَيَغْرَمُ الْعُقْرَ لِمُدَّعِي الْأَكْبَرِ. هَذَا إذَا خَرَجَ الْكَلَامُ مِنْهُمَا مَعًا، وَلَوْ ادَّعَى الْأَكْبَرَ أَوَّلًا يَثْبُتُ نَسَبُ الْأَكْبَرِ وَعَتَقَ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَغْرَمُ لِلْآخَرِ نِصْفَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ مَعَ نِصْفِ الْعُقْرِ فَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْآخَرُ الْأَصْغَرَ فَقَدْ ادَّعَى وَلَدَ أُمِّ وَلَدِ الْغَيْرِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِهِ فَلَوْ صَدَّقَهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَتَكُونُ كَأُمِّ الْوَلَدِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا ادَّعَى الْأَصْغَرَ أَوَّلًا عَتَقَ الْأَصْغَرُ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ لِلْآخَرِ مَعَ نِصْفِ الْعُقْرِ، وَالْأَكْبَرُ رَقِيقٌ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا ادَّعَى الْآخَرُ الْأَكْبَرَ بَعْدَ ذَلِكَ صَارَ كَعَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَالْآخَرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُعْتَقَ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ السِّعَايَةِ وَالْعِتْقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ مُوسِرًا فَلَهُ الضَّمَانُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَهُ السِّعَايَةُ لَا غَيْرُ، هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَجَارِيَةً فَظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَبَلَ مِنْ أَبِيهِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ الْحَبَلَ مِنْهُ وَكَانَتْ الدَّعْوَةُ مِنْهُمَا مَعًا فَالْحَبَلُ مِنْ الَّذِي ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَيَغْرَمُ الَّذِي ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا لِشَرِيكِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الَّذِي ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ سَبَقَ بِالدَّعْوَةِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي ادَّعَى الْحَبَلَ لِلْأَبِ بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ الْأَبِ بِقَوْلِهِ وَلَكِنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ مِنْ الْأُمِّ وَمَا هُوَ فِي بَطْنِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَا يَضْمَنُ الْمُدَّعِي لِأَخِيهِ شَيْئًا لَا مِنْ الْأُمِّ وَلَا مِنْ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتَجُوزُ دَعْوَةُ الْآخَرِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَلَا يَضْمَنُ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ شَيْئًا وَيَضْمَنُ نِصْفَ عُقْرِهَا إنْ طَلَبَ ذَلِكَ أَخُوهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَلَكَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مُنْذُ شَهْرٍ وَالْآخَرُ مُنْذُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ فَهُوَ لِأَقْدَمِهِمَا مِلْكًا وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ الْعُقْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ لِمَنْ يَضْمَنُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لِلْبَائِعِ لَا لِصَاحِبِهِ، وَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ إلَى صَاحِبِ الْمِلْكِ الْآخَرِ قَالَ مَشَايِخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ جَمِيعَ الْعُقْرِ لِصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِوَطْءِ أُمِّ وَلَدٍ لِصَاحِبِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. هَذَا إذَا عُلِمَ الْمَالِكُ الْأَوَّلُ مِنْ الْمَالِكِ الْآخَرِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ فَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُمَا

وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا وَلَا عُقْرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَيَضْمَنَانِ نِصْفَ الْعُقْرِ لِلْبَائِعِ وَإِلَى هَذَا مَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: لَا عُقْرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْلًا وَإِلَى هَذَا مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ. وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِأُصُولِ أَصْحَابِنَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلٍ وَصَغِيرٍ وَلَدَتْ فَادَّعَى الرَّجُلُ وَأَبُو الصَّغِيرِ يَثْبُتُ مِنْ صَاحِبِ الرَّقَبَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ وَتَعْتِقُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا مَاتَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ ظَاهِرًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا فَتَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ كَانَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلٍ وَأَبِيهِ فَوَلَدَتْ فَادَّعَيَاهُ مَعًا جَعَلْتُهُ ابْنَ الْأَبِ اسْتِحْسَانًا وَضَمَّنْتُهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَنِصْفَ عُقْرِهَا وَضَمَّنْتُ الِابْنَ نِصْفَ الْعُقْرِ أَيْضًا فَيَكُونُ قِصَاصًا، وَكَذَا الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ إذَا كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا، وَأَمَّا الْأَخُ وَالْعَمُّ وَالْأَجْنَبِيُّ فَهُمْ كُلُّهُمْ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْحَافِدِ جَارِيَةٌ فَادَّعَيَاهُ جَمِيعًا وَالْأَبُ قَائِمٌ ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ وَطِئَ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَ ابْنِهِ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ فَوَلَدَتْ قَالَ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْأُمِّ لِلِابْنِ وَعَلَيْهِ لِلْآخَرِ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَنِصْفُ عُقْرِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي جَارِيَةٍ بَيْنَ رَجُلٍ وَابْنِهِ وَجَدِّهِ جَاءَتْ بِوَلَدِ ادَّعَوْا جَمِيعًا مَعًا فَالْجَدُّ أَوْلَى وَعَلَيْهِمَا مَهْرٌ تَامٌّ لِلْجَدِّ إذَا صَدَّقَهُمَا الْجَدُّ أَنَّهُمَا وَطِئَاهَا، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَلَا تَحِلُّ هَذِهِ الْجَارِيَةُ لِلْجَدِّ، وَإِنْ كَذَّبَهُمَا فِي الْوَطْءِ فَلَيْسَ هَذَا كَالِابْنِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ وَكَذَّبَهُ الْأَبُ فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. الْأَمَةُ إذَا كَانَتْ بَيْنَ مُكَاتَبٍ وَحُرٍّ فَوَلَدَتْ فَادَّعَى الْمُكَاتَبُ نَسَبَ الْوَلَدِ حَتَّى ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَنِصْفَ عُقْرِهَا لِشَرِيكِهِ، وَإِذَا كَانَتْ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ تَاجِرٍ وَوَلَدَتْ وَلَدًا فَادَّعَى الْعَبْدُ نَسَبَ هَذَا الْوَلَدِ حَتَّى ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ الْعَبْدُ مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا كَانَتْ بَيْنَ حُرٍّ وَمُكَاتَبٍ فَالْحُرُّ أَوْلَى، كَذَا فِي الْحَاوِي. جَارِيَةٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَلَدَتْ فَادَّعَيَاهُ فَهُوَ ابْنُ الْمُسْلِمِ عِنْدَنَا، فَإِنْ كَانَ الذِّمِّيُّ قَدْ أَسْلَمَ ثُمَّ جَاءَتْ الْأَمَةُ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ فَهُوَ ابْنُهُمَا يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْعُلُوقُ بِالْجَارِيَةِ قَبْلَ إسْلَامِ الذِّمِّيِّ، أَوْ بَعْدَهُ، وَإِذَا كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ فَارْتَدَّ أَحَدُهُمَا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ فَهُوَ ابْنُ الْمُسْلِمِ مِنْهُمَا عَلِقَتْ قَبْلَ ارْتِدَادِ الْآخَرِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَإِذَا صَارَ الْمُسْلِمُ أَوْلَى بِالْوَلَدِ صَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَضَمِنَ لِلْمُرْتَدِّ مِثْلَ قِيمَتِهَا وَيَتَقَاصَّانِ فِي الْعُقْرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ ثُمَّ ادَّعَيَاهُ فَهُوَ ابْنُ الْمُرْتَدِّ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا وَيَضْمَنُ الذِّمِّيُّ لَهُ نِصْفَ الْعُقْرِ، وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِالدَّعْوَةِ فِي هَذِهِ الْفُصُولِ كُلِّهَا فَهُوَ أَوْلَى كَائِنًا مَنْ كَانَ، كَذَا فِي الْحَاوِي. أَمَةٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَمُرْتَدٍّ فَادَّعَيَاهُ ثَبَتَ مِنْ الْمُسْلِمِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ مَجُوسِيٍّ وَكِتَابِيٍّ فِي الِاسْتِحْسَانِ يَثْبُتُ مِنْ الْكِتَابِيِّ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. أَمَةٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَعَبْدٍ فَادَّعَوْا فَالْحُرُّ الْمُسْلِمُ أَوْلَى، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ الْعُقْرُ بِحِصَّةِ الشُّرَكَاءِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ مَجُوسِيٍّ حُرٍّ وَبَيْنَ مُكَاتَبٍ مُسْلِمٍ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ فَهُوَ ابْنُ الْمَجُوسِيِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَةٌ لِذِمِّيٍّ بَاعَ نِصْفَهَا مِنْ مُسْلِمٍ ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَيَاهُ فَهُوَ ابْنُ الذِّمِّيِّ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَعَلِقَتْ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ وَيَغْرَمُ حِصَّةَ الْبَائِعِ مِنْ قِيمَتِهَا وَعُقْرِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي ادَّعَاهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ ادَّعَيَا فَهُوَ ابْنُهُمَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الفصل الخامس في دعوة الخارج وذي اليد ودعوة الخارجين

[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي دَعْوَةِ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ وَدَعْوَةِ الْخَارِجَيْنِ] صَغِيرٌ لَا يَتَكَلَّمُ فِي يَدِ رَجُلٍ يَدَّعِيه أَنَّهُ ابْنُهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ اسْتِحْسَانًا إذَا لَمْ يُعَبِّرْ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ آخَرُ أَنَّهُ ابْنُهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ صَدَّقَهُ ذُو الْيَدِ، أَوْ كَذَّبَهُ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا، وَلَوْ ادَّعَاهُ ذُو الْيَدِ وَرَجُلٌ آخَرُ فَذُو الْيَدِ أَوْلَى، وَلَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِالدَّعْوَةِ فَهُوَ لِلسَّابِقِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ لَوْ أَنَّ حُرًّا مُسْلِمًا فِي يَدَيْهِ غُلَامٌ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ جَاءَ مُسْلِمٌ حُرٌّ، أَوْ ذِمِّيٌّ، أَوْ عَبْدٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لِصَاحِبِ الْيَدِ قَضَى بِنَسَبِهِ مِنْ الْمُدَّعِي، ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَيَكُونُ الصَّبِيُّ حُرًّا إلَّا فِي الْعَبْدِ خَاصَّةً وَهُوَ الْأَشْبَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبُنُوَّةِ فَذُو الْيَدِ أَوْلَى، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَارِجِ وَذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتُهُ هَذِهِ قَضَى بِنَسَبِهِ مِنْ ذِي الْيَدِ، وَمِنْ امْرَأَتِهِ، وَإِنْ جَحَدَتْ هِيَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَحَدَ الْأَبُ وَادَّعَتْ الْأُمُّ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَانَ الصَّبِيُّ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ وُلِدَ مِنْ أَمَتِهِ هَذِهِ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ أَمَتِهِ هَذِهِ مُنْذُ سَنَةٍ وَالصَّبِيُّ مُشْكِلُ السِّنِّ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. زَوْجَانِ رَقِيقَانِ فِي أَيْدِيهِمَا صَبِيٌّ يُقِيمَانِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُمَا وَأَقَامَ حُرٌّ ذِمِّيٌّ، أَوْ مُسْلِمٌ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتِهِ الْحُرَّةِ هَذِهِ يُقْضَى لِلْحُرِّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَلَمْ يَنْسِبْهُ إلَى أُمِّهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْأُمُّ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. صَبِيٌّ فِي يَدِ ذِمِّيٍّ أَقَامَ مُسْلِمٌ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّهُ ابْنُهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَقَامَ ذِمِّيٌّ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ هَذَا يُقْضَى لِلْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمِينَ يُقْضَى لَهُ دُونَ الْمُسْلِمِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَةٌ لَهَا ابْنَانِ وَالْأَمَةُ مَعَ أَحَدِ وَلَدَيْهَا فِي يَدِ رَجُلٍ وَالْوَلَدُ الْآخَرُ فِي يَدِ رَجُلٍ آخَرَ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الْأَمَةَ لَهُ، وَأَنَّ الِابْنَيْنِ ابْنَاهُ وُلِدَا مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ قَضَى بِالْأَمَةِ وَبِالْوَلَدَيْنِ جَمِيعًا لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ الْأَمَةُ سَوَاءٌ وُلِدَا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي بَطْنَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَإِذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْأَمَةَ مَعَ الْوَلَدِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ لَا غَيْرَ إنْ وَلَدَتْهُمَا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا فِي بَطْنَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْأَكْبَرُ مِنْ الْأَصْغَرِ قُضِيَ بِالْأَمَةِ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ وَيُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْوَلَدِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ، وَأَمَّا إذَا عُلِمَ الْأَكْبَرُ مِنْ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرُ فِي يَدَيْ الَّذِي الْأَمَةُ فِي يَدَيْهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالْأَمَةِ وَالْوَلَدِ الْأَكْبَرِ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِالْوَلَدِ الْأَصْغَرِ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْبَرُ فِي يَدَيْ الَّذِي لَيْسَتْ الْأَمَةُ فِي يَدَيْهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْوَلَدِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يُقْضَى بِهَا لِلْخَارِجِ الَّذِي الْأَكْبَرُ فِي يَدَيْهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. غُلَامٌ وَأَمَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ أَمَتُهُ وَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ مِنْهُ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَلَدَتْ هَذَا الْغُلَامَ عَلَى فِرَاشِهِ فَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى، وَهَذَا إذَا كَانَ الْغُلَامُ صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا مُصَدِّقًا لَذِي الْيَدِ، فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُ الْآخَرِ فَإِنِّي أَقْضِي بِالْغُلَامِ وَالْأَمَةِ لِلْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْوِلَادَةِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهَا. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حُرَّةٌ لَهَا ابْنٌ وَهُمَا فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، وَأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ هَذَا الْوَلَدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْوَلَدِ لَذِي الْيَدِ سَوَاءٌ ادَّعَى الْغُلَامُ أَنَّهُ ابْنُ ذِي الْيَدِ، أَوْ ابْنُ الْخَارِجِ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي هُمَا فِي يَدَيْهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَشُهُودُهُ مُسْلِمُونَ وَاَلَّذِي يَدَّعِيهِ مُسْلِمٌ وَشُهُودُهُ مُسْلِمُونَ وَالْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَضَيْت بِالْمَرْأَةِ وَالْوَلَدِ لِلَّذِي هُمَا فِي يَدَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُسْلِمَةً فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُقْضَى بِالْمَرْأَةِ وَالْوَلَدِ لِلْمُدَّعِي سَوَاءٌ كَانَتْ شُهُودُ ذِي الْيَدِ مُسْلِمِينَ، أَوْ كَانُوا

مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي وَقْتٍ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى وَقْتٍ دُونَهُ فَإِنِّي أَقْضِي بِهَا لِلْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهَا امْرَأَتُهُ تَزَوَّجَهَا وَوَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ مِنْهُ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا أَمَتُهُ وَوَلَدَتْ هَذَا الْغُلَامَ فِي مِلْكِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْوَلَدِ لِلزَّوْجِ وَبِمِلْكِ الْأَمَةِ لِلْمُدَّعِي وَكَانَ الْوَلَدُ مَعَ الْأَمَةِ مَمْلُوكَيْنِ لَهُ إلَّا أَنَّ الْوَلَدَ يَعْتِقُ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِإِقْرَارِهِ أَيْضًا قَالَ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ شُهُودُ الْمُدَّعِي أَنَّهَا غَرَّتْهُ مِنْ نَفْسِهَا بِأَنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا فِي يَدَيْهِ أَمَةٌ لَهَا وَلَدٌ فَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَةُ أَبِيهِ وَلَدَتْ هَذَا الْغُلَامَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ وَأَبُوهُ مَيِّتٌ وَشَهِدَ آخَرُونَ أَنَّهَا أَمَةٌ لِلَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ وَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ فِي مِلْكِهِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَأَنَّهُ ابْنُهُ قَضَيْتُ بِالْوَلَدِ لِلْمَيِّتِ الَّذِي لَيْسَتْ فِي يَدَيْهِ وَجَعَلْتُ الْأَمَةَ حُرَّةً وَوَلَاؤُهَا لِلْمَيِّتِ وَلَا أَقْضِي لِلَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْحَاوِي. لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهَا قَضَيْتُ بِالنَّسَبِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ ذُو الْيَدِ يَدَّعِيهِ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِهِ، وَلَوْ لَمْ تُقِمْ الْمَرْأَةُ إلَّا امْرَأَةً وَاحِدَةً شَهِدَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ، فَإِنْ كَانَ ذُو الْيَدِ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ، أَوْ عَبْدُهُ لَمْ يُقْضَ لِلْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ لَا يَدَّعِي فَإِنَى أَقْضِي بِهِ لِلْمَرْأَةِ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. صَبِيٌّ فِي يَدَيْ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ ابْنُهَا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ امْرَأَةً وَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي فِي يَدَيْهَا امْرَأَةً أَنَّهُ ابْنُهَا يُقْضَى لِلَّتِي فِي يَدَيْهَا، وَلَوْ شَهِدَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَجُلَانِ قُضِيَ لِذَاتِ الْيَدِ، وَلَوْ شَهِدَتْ لِصَاحِبَةِ الْيَدِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ وَشَهِدَ لِلْخَارِجَةِ رَجُلَانِ يُقْضَى لِلْخَارِجَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. صَبِيٌّ فِي يَدِ رَجُلٍ لَا يَدَّعِيهِ فَأَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهَا وَلَدَتْهُ وَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَلَمْ يُسَمُّوا أُمَّهُ جَعَلْتُهُ ابْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ الْقَضَاءُ بِالْفِرَاشِ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلَانِ خَارِجَانِ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ جُعِلَ ابْنَ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، وَقَالَا يُجْعَلُ ابْنَ الرَّجُلَيْنِ لَا غَيْرَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَبِيٌّ فِي يَدَيْ رَجُلٍ جَاءَ رَجُلَانِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ وَأَقَامَا عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً قَضَى بِنَسَبِهِ مِنْهُمَا، وَإِنْ وَقَّتَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ وَقْتًا قَبْلَ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إلَى سِنِّ الصَّبِيِّ، فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِأَحَدِ الْوَقْتَيْنِ مُخَالِفًا لِلْوَقْتِ الْآخَرِ يُقْضَى لِلَّذِي كَانَ وَقْتُهُ مُوَافِقًا لِسِنِّ الصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِأَحَدِ الْوَقْتَيْنِ بِيَقِينٍ مُشْكِلًا لِلْوَقْتِ الْآخَرِ يُقْضَى لِلْمُشْكِلِ، وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا لِلْوَقْتَيْنِ نَحْوُ أَنْ شَهِدَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ أَنَّهُ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ وَشَهِدَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ أَنَّهُ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَهُوَ يَصْلُحُ ابْنَ تِسْعِ سِنِينَ وَابْنَ عَشْرِ سِنِينَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَسْقُطُ اعْتِبَارُ التَّارِيخِ وَيُقْضَى بَيْنُهُمَا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِهِ: وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَذُكِرَ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يُقْضَى بَيْنَهُمَا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَقِيطٌ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا بِنْتُهُ فَإِذَا هُوَ خُنْثَى، فَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ مَبَالِ الرِّجَالِ فَهُوَ لِمُدَّعِي الِابْنِ، وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ مَبَالِ الْجَارِيَةِ فَهُوَ لِمُدَّعِي الْبِنْتِ، فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا فَالْحُكْمُ لِلْأَسْبَقِ، فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا مَعًا، وَلَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ فَيُقْضَى بَيْنَهُمَا، وَقَالَا يُقْضَى بِأَكْثَرِهِمَا بَوْلًا، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ فَهُوَ مُشْكِلٌ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ. لَوْ ادَّعَى عَبْدٌ مُسْلِمٌ أَنَّهُ ابْنُهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشٍ مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ وَادَّعَى ذِمِّيٌّ أَنَّهُ ابْنُهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ قُضِيَ لِلْحُرِّ الذِّمِّيِّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. صَبِيٌّ فِي يَدَيْ رَجُلٍ يَدَّعِي نَسَبَهُ خَارِجَانِ أَحَدُهُمَا

الفصل السادس في دعوة الزوجين والولد في أيديهما أو في يد أحدهما

مُسْلِمٌ وَالْآخَرُ ذِمِّيٌّ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ ابْنُهُ قُضِيَ بِالنَّسَبِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَيُرَجَّحُ الْمُسْلِمُ عَلَى الذِّمِّيِّ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى يَهُودِيٌّ وَنَصْرَانِيٌّ وَمَجُوسِيٌّ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْبَيِّنَةَ قَضَيْتُ لِلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. صَبِيٌّ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ادَّعَاهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَادَّعَاهُ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ قُضِيَ لِلْحُرِّ، وَلَوْ ادَّعَاهُ عَبْدٌ أَنَّهُ ابْنُهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ وَادَّعَاهُ مُكَاتَبٌ أَنَّهُ ابْنُهُ وُلِدَ مِنْ هَذِهِ الْمُكَاتَبَةِ قُضِيَ لِلْمُكَاتَبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي دَعْوَةِ الزَّوْجَيْنِ وَالْوَلَدُ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا] إذَا كَانَ الصَّبِيُّ فِي يَدِ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ فَادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ غَيْرِهَا وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ ابْنُهُمَا جَمِيعًا هَذَا إذَا كَانَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النِّكَاحُ ظَاهِرًا بَيْنَهُمَا يُقْضَى بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَقَالَ الزَّوْجُ هَذَا ابْنِي مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ هَذَا ابْنِي مِنْكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ هَذَا ابْنِي مِنْ زَوْجٍ آخَرَ كَانَ لِي قَبْلَكَ، وَقَالَ الزَّوْجُ هَذَا ابْنِي مِنْكِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَيْضًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَوَّلًا أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ غَيْرِهَا وَهُوَ فِي يَدَيْهِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِهَا فَبَعْدَ ذَلِكَ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهَا، وَإِنْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَوَّلًا أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ فِي يَدَيْهَا فَادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ غَيْرِهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نِكَاحٌ ظَاهِرٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا فَهُوَ ابْنُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا نِكَاحٌ ظَاهِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهَا إذَا صَدَّقَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ. هَذَا إذَا كَانَ الْغُلَامُ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَيْسَ هُنَاكَ رِقٌّ ظَاهِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغُلَامِ أَيُّهُمَا صَدَّقَهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ بِتَصْدِيقِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّ هَذَا وَلَدِي مِنْكَ وَالْوَلَدُ فِي يَدِهَا وَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا لَزِمَهَا لَزِمَهُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. امْرَأَةٌ لَهَا زَوْجٌ ادَّعَتْ صَبِيًّا أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْهُ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهَا حَتَّى تَشْهَدَ امْرَأَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً وَادَّعَتْ النَّسَبَ عَلَى الزَّوْجِ احْتَاجَتْ إلَى حُجَّةٍ تَامَّةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً وَلَا مَنْكُوحَةً يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ، وَلَوْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَهُوَ ابْنُهُمَا، وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ امْرَأَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. لَوْ كَانَ الزَّوْجُ يَدَّعِي الْوَلَدَ وَكَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ وَبَرْهَنَ بِامْرَأَةٍ عَلَى الْوِلَادَةِ لَمْ يُصَدَّقْ الزَّوْجُ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْوِلَادَةَ، وَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. صَبِيٌّ فِي يَدِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ الرَّجُلِ وَادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ غَيْرِهَا فَهُوَ ابْنُ الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ، فَإِنْ جَاءَتْ الْمَرْأَةُ بِامْرَأَةٍ تَشْهَدُ لَهَا عَلَى الْوِلَادَةِ كَانَ ابْنَهَا مِنْهُ وَكَانَتْ زَوْجَتَهُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي يَدِ الرَّجُلِ دُونَهَا وَالْمَرْأَةُ امْرَأَتُهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ امْرَأَةً تَشْهَدُ لَهَا عَلَى الْوِلَادَةِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ ابْنَهَا مِنْهُ وَيَكُونُ ابْنَ الرَّجُلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا تَصَادَقَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ عَلَى وَلَدٍ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ ابْنُهُمَا فَهُوَ ابْنُهُمَا وَالْمَرْأَةُ امْرَأَةُ الرَّجُلِ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَا تَعْرِفُ أَنَّهَا حُرَّةٌ، وَقَالَتْ أَنَا أُمُّ وَلَدِكَ وَهَذَا ابْنِي مِنْكَ، وَقَالَ الرَّجُلُ لَا وَأَنْتِ امْرَأَتِي فَهُوَ ابْنُهُمَا وَلَكِنَّهَا أَقَرَّتْ لَهُ بِالرِّقِّ وَهُوَ كَذَّبَهَا فِي ذَلِكَ فَلَمْ يَثْبُتْ الرِّقُّ وَهُوَ قَدْ ادَّعَى عَلَيْهَا النِّكَاحَ وَهِيَ قَدْ كَذَّبَتْهُ فَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِكَاحٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَقَالَ الرَّجُلُ هِيَ أُمُّ وَلَدِي فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ هَذَا ابْنِي مِنْكِ مِنْ نِكَاحٍ جَائِزٍ، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ هَذَا ابْنِي مِنْكَ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَهُوَ ابْنُهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ

الفصل السابع في دعوة نسب ولد أمة الغير بحكم النكاح

لِلرَّجُلِ هَذَا ابْنِي مِنْكَ مِنْ نِكَاحٍ جَائِزٍ، وَقَالَ الرَّجُلُ هَذَا ابْنِي مِنْكِ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَهُوَ ابْنُهُمَا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْجَوَازَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ مِنْ فَاسِدٍ يُسْأَلُ لِيُخْبِرَ عَنْ وَجْهِ الْفَسَادِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ تَفْرِيقًا بِالطَّلَاقِ فِي حَقِّ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي لِلْفَسَادِ الْمَرْأَةُ لَا يُفَرَّقُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي دَعْوَةِ نَسَبِ وَلَدِ أَمَةِ الْغَيْرِ بِحُكْمِ النِّكَاحِ] رَجُلٌ فِي يَدِهِ أَمَةٌ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ لِزَيْدٍ هَذَا زَوَّجَهَا مِنْهُ ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْهُ هَذَا الِابْنَ وَأَقَامَ زَيْدٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي فِي يَدَيْهِ زَوَّجَهَا مِنْهُ وَوَلَدَتْ لَهُ هَذَا الِابْنَ الْآخَرَ يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ بِالِابْنِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَتُوقَفُ الْأَمَةُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ لَا يَطَؤُهَا أَحَدُهُمَا وَأَيُّهُمَا مَاتَ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. جَارِيَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ مَعَ الْوَلَدِ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ ذَا الْيَدِ زَوَّجَهَا مِنْهُ وَوَلَدَتْ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي زَوَّجَهَا مِنِّي وَالْوَلَدُ مِنِّي يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا وَعَتَقَ وَيَتَوَقَّفُ حُكْمُ الْجَارِيَةِ لَا يَطَؤُهَا أَحَدُهُمَا فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْخِزَانَةِ. إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَفِي يَدَيْهِ وَلَدُهَا وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا فَوَلَدَتْ لَهُ عَلَى فِرَاشِهِ هَذَا الْوَلَدَ الَّذِي فِي يَدِ مَوْلَاهَا بَعْدَمَا تَزَوَّجَهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَأَقَامَ الْمَوْلَى الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ مِنْ أَمَتِهِ هَذِهِ فَإِنِّي أَقْضِي بِالْوَلَدِ لِلزَّوْجِ وَأُثْبِتُ نَسَبَهُ مِنْهُ وَأُعْتِقُهُ بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى وَأَجْعَلُ الْأَمَةَ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ، كَذَا فِي الْحَاوِي. أَمَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ وَلَدَتْ فَادَّعَى وَلَدَهَا، وَقَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ هِيَ أَمَتُكَ زَوَّجْتَنِيهَا وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ وَلَا يَعْرِفُ أَنَّ أَصْلَهَا كَانَ لِلْآخَرِ فَالْوَلَدُ حُرٌّ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ ذِي الْيَدِ وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ لَكِنْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ عَرَفَ أَنَّ أَصْلَهَا كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَكَانَا مَمْلُوكَيْنِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ لَا يُعْرَفُ لِهَذَا فَقَالَ هَذَا بِعْتُكَهَا، وَقَالَ الْآخَرُ: إنَّ الْوَلَدَ وَلَدُ زَوْجَتِي ضَمِنَ أَبُو الْوَلَدِ قِيمَتَهَا وَلَا يَضْمَنُ الْعُقْرَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَبُو الْوَلَدِ بِعْتنِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ، وَقَالَ الْآخَرُ لَا بَلْ زَوَّجْتُكَ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ الْأَصْلَ لِهَذَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْأُمَّ وَوَلَدَهَا مَمْلُوكَيْنِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مَا خَلَا خَصْلَةً وَاحِدَةً وَهِيَ أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ فَحِينَئِذٍ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا وَلَا يَغْرَمُ أَبُو الْوَلَدِ الْقِيمَةَ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْعُقْرُ وَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ مَوْقُوفَةً، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ادَّعَى الرَّجُلُ أَمَةً فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، وَأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ هَذَا الْوَلَدَ، وَقَالَ الْمَوْلَى بِعْتُكَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهَذَا الْوَلَدُ مِنْكَ قَالَ هَذَا الْوَلَدُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الْمُسْتَوْلِدِ وَيَعْتِقُ الْوَلَدُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً لَا تَخْدِمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ غِشْيَانُهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لِلْمَوْلَى غِشْيَانُهَا، وَعَلَى الزَّوْجِ الْمَهْرُ قَضَاءً عَنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْلِدُ ادَّعَى الشِّرَاءَ وَالْمَوْلَى ادَّعَى أَنَّهُ زَوَّجَهَا مِنْهُ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَالْوَلَدُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ وَالْجَارِيَةُ مَعَ الْوَلَدِ رَقِيقَيْنِ لِلْمَوْلَى وَلَا يَحِلُّ لِلْمُسْتَوْلَدِ وَطْؤُهَا وَيَحِلُّ لِلْمَوْلَى وَطْؤُهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي دَعْوَةِ الْوَلَدِ مِنْ الزِّنَا وَمَا فِي حُكْمِهِ] إذَا زَنَى رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ الزَّانِي لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَبْدًا صَبِيًّا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ الزِّنَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى، أَوْ صَدَّقَهُ، وَلَوْ مَلَكَ الْوَلَدَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ عَتَقَ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَلَكَ أُمَّهُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُدَّعِي هَذَا ابْنِي مِنْ فُجُورٍ، أَوْ قَالَ فَجَرْتُ بِهَا فَوَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ، أَوْ قَالَ هَذَا ابْنِي مِنْ غَيْرِ رِشْدَةٍ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ هَذَا الْوَلَدُ لِأَبِي الْمُدَّعِي، أَوْ لِخَالِهِ، أَوْ لِرَجُلٍ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمُدَّعِي لَا يَثْبُتُ

الفصل التاسع في دعوة المولى نسب ولد أمته

نَسَبُهُ مِنْ الْمُدَّعِي إذَا قَالَ هُوَ مِنْ زِنًا وَلَا يَعْتِقُ هَذَا الْوَلَدُ عَلَى هَؤُلَاءِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ لِابْنِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ هُوَ مِنْ زِنًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي هُوَ ابْنِي وَهُوَ غَيْرُ الْأَبِ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ الزِّنَا ثُمَّ مَلَكَهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَعْتِقُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هُوَ ابْنِي مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ شِرَاءِ فَاسِدٍ، أَوْ ادَّعَى شُبْهَةً، أَوْ قَالَ أَحْمَلَهَا إلَيَّ الْمَوْلَى وَكَذَّبَهُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مَا دَامَ عَبْدًا لِغَيْرِهِ فَإِذَا مَلَكَهُ الْمُدَّعِي يَثْبُتُ النَّسَبُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَلَكَ الْأُمَّ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ حُرَّةٍ، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ ابْنُهُ مِنْ الزِّنَا وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ شَهِدَتْ الْقَابِلَةُ بِذَلِكَ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ أَقَرَّ الرَّجُلُ بِالزِّنَا بِامْرَأَةٍ حُرَّةٍ، أَوْ أَمَةٍ، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْهَا مِنْ الزِّنَا وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ نِكَاحًا جَائِزًا، أَوْ فَاسِدًا فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الرَّجُلِ، وَإِنْ مَلَكَهُ وَلَكِنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَتْ شَاهِدًا وَاحِدًا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الرَّجُلِ، وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي الْفَصْلَيْنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ ادَّعَى صَبِيًّا فِي يَدَيْ امْرَأَةٍ فَقَالَ هُوَ ابْنِي مِنْ الزِّنَا، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ هُوَ مِنْ النِّكَاحِ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ، فَإِنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ نِكَاحٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الرَّجُلُ النِّكَاحَ وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ، فَإِنْ عَادَتْ إلَى التَّصْدِيقِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ ادَّعَى الرَّجُلُ النِّكَاحَ وَادَّعَتْ هِيَ أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا فَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الرَّجُلِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَإِذَا مَلَكَهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَإِنْ مَلَكَ أُمَّهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا أَقَامَ الرَّجُلُ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الرَّجُلِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَ شَاهِدَيْنِ غَيْرَ أَنَّهُمَا لَمْ يُزَكَّيَا، أَوْ كَانَا مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ، أَوْ أَعْمَيَيْنِ فَإِنَّى لَا أُثْبِتُ النَّسَبَ وَأُوجِبُ الْمَهْرَ وَالْعِدَّةَ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَتْ لِلرَّجُلِ امْرَأَةٌ وَلَدَتْ عَلَى فِرَاشِهِ وَلَدًا فَقَالَ الزَّوْجُ زَنَيْتُ بِهَا وَوَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ مِنْهُ وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ يَثْبُتُ مِنْهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا وَلَدَتْ امْرَأَةُ الرَّجُلِ عَلَى فِرَاشِهِ، وَقَالَ الرَّجُلُ زَنَى بِكِ فُلَانٌ وَهَذَا الْوَلَدُ مِنْهُ وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ وَأَقَرَّ فُلَانٌ بِذَلِكَ فَإِنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ ثَابِتٌ مِنْ الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي دَعْوَةِ الْمَوْلَى نَسَبَ وَلَدِ أَمَتِهِ] قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَهُوَ ابْنُ الزَّوْجِ، وَإِنْ نَفَاهُ الزَّوْجُ لَمْ يَنْتِفْ مِنْهُ، فَإِنْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى وَقَالَ هَذَا ابْنِي لَمْ تَجُزْ دَعْوَتُهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَلَكِنْ يَعْتِقُ الْوَلَدُ بِإِقْرَارِهِ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَإِذَا قَالَ فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ: هَذَا وَلَدِي مِنْ هَذِهِ الْجَارِيَةِ مِنْ الزِّنَا لَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ هَذَا إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ فَلَوْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ الزَّوْجِ، فَإِنْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيُحْكَمُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ كَانَ زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِ غَيْرِهِ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ، أَوْ مِنْ حُرٍّ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى وَصَدَّقَهُ الزَّوْجُ، أَوْ كَذَّبَهُ فَهُوَ ابْنُ الزَّوْجِ وَلَكِنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمَوْلَى بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ وَتَكُونُ أُمُّهُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَهَلْ يُحْكَمُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ إنْ كَذَّبَهُ الزَّوْجُ لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ، وَأَمَّا إذَا صَدَّقَهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُحْكَمُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ، وَمِنْهُمْ مِنْ قَالَ لَا يُحْكَمُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ إلَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ أَقَرَّ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ الْمَوْلَى حَبِلَتْ مِنْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ فَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ، وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ بَاعَهَا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ

وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بَاعَهَا الْمَوْلَى فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ النَّسَبِ وَلَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ وَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَالْوَلَدُ ابْنُ الزَّوْجِ عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ فِي حَقِّ النَّسَبِ وَلَكِنْ يَعْتِقُ الْوَلَدُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا تَزَوَّجَتْ أَمَةُ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَالْمَوْلَى فَهُوَ ابْنُ الزَّوْجِ وَيَعْتِقُ بِدَعْوَى الْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِ الرَّجُلِ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَيَاهُ، أَوْ نَفَيَاهُ، أَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَنَفَاهُ الْآخَرُ فَهُوَ ابْنُ الزَّوْجِ عَلَى الْأَحْوَالِ، هَكَذَا فِي الْحَاوِي. أَقَامَ مَوْلَى الْأَمَةِ بَيِّنَةً عَلَى وَلَدٍ أَنَّهُ وُلِدَ لَهُ مِنْ أَمَتِهِ عَلَى فِرَاشِهِ وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرٍ إذْنِ مَوْلَاهَا فَوَلَدَتْ عَلَى فِرَاشِهِ هَذَا الْوَلَدَ الَّذِي فِي يَدِ الْمَوْلَى يُقْضَى بِالْوَلَدِ لِلزَّوْجِ وَيَعْتِقُ الْوَلَدُ بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى لِلْحَالِ وَتَعْتِقُ أُمُّهُ إذَا مَاتَ الْمَوْلَى، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ أَمَةٌ لَهَا أَوْلَادٌ قَدْ وَلَدَتْهُمْ فِي بُطُونٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ فَقَالَ الْمَوْلَى فِي صِحَّتِهِ أَحَدُ هَؤُلَاءِ ابْنِي فَمَا دَامَ الْمَوْلَى حَيًّا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ حَتَّى لَا يَرِثَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِنْ الْمَيِّتِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أُمَّ الْأَوْلَادِ تَعْتِقُ، وَمَا يَعْتِقُ مِنْ الْأَوْلَادِ، اخْتَلَفُوا فِيهِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُهُ وَسَعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتِقُ الْأَصْغَرُ كُلُّهُ وَيَعْتِقُ مِنْ الْأَوْسَطِ نِصْفُهُ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَيَعْتِقُ مِنْ الْأَكْبَرِ ثُلُثُهُ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ وَحَكَى أَنَّ الْفَقِيهَ أَبَا أَحْمَدَ الْعِيَاضِيَّ كَانَ يَرْوِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ مَا تَيَقَّنْتُ بِعِتْقِهِ عَتَقَ كُلُّهُ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا لَمْ أَتَيَقَّنُ بِعِتْقِهِ فَإِنَّ قَوْلِي فِيهِ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَعَلَى هَذَا يَعْتِقُ الْأَصْغَرُ كُلُّهُ عَلَى قَوْلِهِ وَيَعْتِقُ مِنْ الْأَوْسَطِ وَالْأَكْبَرِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وَلَدَتْ أَمَةٌ وَلَدًا مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ، وَلَمْ يَدَّعِهِ الْمَوْلَى حَتَّى كَبِرَ وَوُلِدَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَةٍ لِلْمَوْلَى ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ الْأَوَّلُ ثُمَّ ادَّعَى الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا فَقَالَ أَحَدُ هَذَيْنِ ابْنِي يَعْنِي الْمَيِّتَ وَابْنَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ الْأَسْفَلُ كُلُّهُ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَصْلَيْنِ وَتَسْعَى أُمُّهُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا، وَكَذَلِكَ الْجَدَّةُ تَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَمَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ وَلَدَتْ بِنْتًا وَوَلَدَتْ ابْنَتُهَا بِنْتًا فَقَالَ الْمَوْلَى فِي صِحَّتِهِ إحْدَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ وَلَدِي وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ فَإِنَّهُ تَعْتِقُ السُّفْلَى كُلُّهَا، وَكَذَلِكَ الْوُسْطَى تَعْتِقُ كُلُّهَا، وَأَمَّا الْعُلْيَا فَيَعْتِقُ نِصْفُهَا وَسَعَتْ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَةٌ وَلَدَتْ ابْنًا مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ ثُمَّ وَلَدَتْ بِنْتَيْنِ فِي بَطْنٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ ثُمَّ وَلَدَتْ ابْنًا آخَرَ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ ثُمَّ نَظَرَ الْمَوْلَى إلَى الْغُلَامِ الْأَكْبَرِ وَإِحْدَى التَّوْأَمَيْنِ فَقَالَ فِي صِحَّتِهِ أَحَدُ هَذَيْنِ وَلَدِي ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَعْتِقُ نِصْفُ الْأَكْبَرِ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ جَارِيَةٍ نِصْفُهَا وَتَسْعَى فِي الْبَاقِي وَيَعْتِقُ الِابْنُ الْأَصْغَرُ كُلُّهُ وَتَعْتِقُ أُمُّهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَتَعْتِقَانِ جَمِيعًا، وَلَوْ نَظَرَ إلَى الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا ابْنِي عَتَقَ مِنْ الْأَكْبَرِ نِصْفُهُ، وَمِنْ الْأَصْغَرِ نِصْفُهُ وَتَعْتِقُ أُمُّهُمْ وَيَعْتِقُ نِصْفُ الِابْنَتَيْنِ وَتَسْعَيَانِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ نِصْفُ الْأَكْبَرِ وَيَسْعَى فِي نِصْفِهِ وَيَعْتِقُ الْأَصْغَرُ كُلُّهُ وَيَعْتِقُ نِصْفُ الْبِنْتَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَمَةً لَهَا ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ وَقَدْ وَلَدَتْهُمْ فِي بُطُونٍ مُخْتَلِفَةٍ فَأَقَامَتْ الْأَمَةُ شَاهِدَيْنِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ الْأَكْبَرَ وَلَدُهُ مِنْ هَذِهِ فَهُوَ ابْنُهُ وَالْأَوْسَطُ وَالْأَصْغَرُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِمْ، فَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ نَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهَذَا الْوَلَدِ الْأَكْبَرِ أَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ هَذَيْنِ فَهُمَا ابْنَاهُ أَيْضًا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ إقْرَارِ الْمَوْلَى

الفصل العاشر في دعوى الرجل الولد لنفسه بعد الإقرار أنه لفلان

بِالْأَكْبَرِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَزِمَهُ الْوَلَدُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى دَعْوَى النَّسَبِ. إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مَنْكُوحَةٌ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ جَاءَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِغُلَامٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْمَنْكُوحَةُ وَالْأَمَةُ فَقَالَ الرَّجُلُ أَحَدُهُمَا ابْنِي وَلَا أَعْرِفُ مَنْ هُوَ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْهُ لَكِنْ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ رَجُلٌ لَهُ عَبْدَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا ابْنِي، أَوْ قَالَ هَذَا ابْنِي أَوْ هَذَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَكِنْ يَعْتِقُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَيَشِيعُ الْعِتْقُ فِيهِمَا عِنْدَ فَوْتِ الْبَيَانِ السَّابِقِ بِالْمَوْتِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَمَةٌ وَلَدَتْ أَوْلَادًا فِي بُطُونٍ مُخْتَلِفَةٍ فَشَهِدَ ثَلَاثَةٌ عَلَى إقْرَارِ الْمَوْلَى شَهِدَ أَحَدُهُمْ أَنَّهَا حِينَ وَلَدَتْ الْأَكْبَرَ أَقَرَّ الْمَوْلَى أَنَّهُ ابْنُهُ وَشَهِدَ الثَّانِي أَنَّهَا حِينَ وَلَدَتْ الثَّانِيَ أَقَرَّ الْمَوْلَى أَنَّهُ ابْنُهُ وَشَهِدَ الثَّالِثُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالثَّالِثِ وَالْمَوْلَى يَجْحَدُ جَمِيعَ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوَلَدُ الْأَكْبَرُ عَبْدُهُ يُبَاعُ وَالثَّانِي حُكْمُهُ حُكْمُ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ الثَّالِثِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى. [الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِي دَعْوَى الرَّجُلِ الْوَلَدَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ] (الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِي دَعْوَى الرَّجُلِ الْوَلَدَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ) إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَلَدَتْ غُلَامًا مَا فَأَقَرَّ مَوْلَى الْأَمَةِ أَنَّ هَذَا الْغُلَامَ مِنْ زَوْجٍ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ زَوَّجَهَا إيَّاهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ إنَّ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ لَا تَصِحُّ دَعْوَى الْمَوْلَى لِنَفْسِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَعْتِقُ الْغُلَامُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يُكَذِّبْهُ بَلْ سَكَتَ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ أَصْلًا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ غَائِبًا، أَوْ مَيِّتًا حَتَّى لَمْ يُعْلَمْ تَصْدِيقُهُ وَلَا تَكْذِيبُهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَى الْمَوْلَى، وَأَمَّا إذَا كَذَّبَهُ الْمَقَرُّ لَهُ فِي إقْرَارِهِ ثُمَّ ادَّعَى الْمَوْلَى لِنَفْسِهِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ الْمَوْلَى بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ أَجْنَبِيٌّ قَالَ: هَذَا الْوَلَدُ ابْنُ الْمَوْلَى فَأَنْكَرَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْأَجْنَبِيُّ، أَوْ وَارِثُهُ فَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ عَتَقَ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، وَأَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ الَّذِي فِي يَدَيْهَا ابْنُهَا مِنْهُ وَالزَّوْجُ يَجْحَدُ ذَلِكَ وَشَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى الزَّوْجِ بِمَا ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ وَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ ادَّعَى ذَلِكَ الصَّبِيَّ لِنَفْسِهِ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ شَهِدَتْ امْرَأَةٌ عَلَى صَبِيٍّ أَنَّهُ ابْنُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ، وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهَا بِالنَّسَبِ ثُمَّ ادَّعَتْ الشَّاهِدَةُ أَنَّ الصَّبِيَّ ابْنُهَا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهَا، وَلَوْ كَبِرَ الصَّبِيُّ وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهَا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ قَضَى الْقَاضِي بِنَسَبِهِ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ نَسَبَ صَبِيٍّ فِي يَدَيْ امْرَأَةٍ وَالْمَرْأَةُ تُنْكِرُ وَأَقَامَ الرَّجُلُ شَاهِدَيْنِ، وَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ ابْنُهُ، وَأَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ امْرَأَتُهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، وَإِنْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، وَأَنَّهُ زَوْجُهَا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى الرَّجُلَانِ صَبِيًّا فِي يَدِ امْرَأَةٍ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ هُوَ ابْنِي مِنْهَا بِنِكَاحٍ وَهِيَ تُنْكِرُ ثُمَّ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَهَذَا الصَّبِيُّ لَهَا مِنْهُ وَشَهِدَ لَهَا بِذَلِكَ الرَّجُلَانِ الْمُدَّعِيَانِ الصَّبِيَّ لَمْ أَقْبَلْ شَهَادَتَهُمَا، وَكَذَا الصَّبِيُّ فِي يَدِ امْرَأَةٍ شَهِدَ رَجُلٌ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ وَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ ثُمَّ شَهِدَ هُوَ وَآخَرُ أَنَّهُ ابْنُ رَجُلٍ آخَرَ لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ وَلَدُ مُكَاتَبَتِهِ مِنْ زَوْجٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَلَكِنَّهُ يَعْتِقُ، وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ وَأُمُّ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ جَارِيَةٌ حَامِلٌ فَأَقَرَّ أَنَّ حَمْلَهَا مِنْ زَوْجٍ قَدْ مَاتَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مِنْهُ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ

الفصل الحادي عشر في تحميل النسب على الغير وما يناسب ذلك

وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَلَوْ مَكَثَ الْمَوْلَى بَعْدَ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ سَنَةً ثُمَّ قَالَ هِيَ حَامِلٌ مِنِّي فَوَلَدَتْ وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ فَهُوَ ابْنُ الْمَوْلَى ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَوَّجَ أَمَتَهُ رَجُلًا غَائِبًا وَهُوَ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ قَوْلِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى لَمْ يُصَدَّقْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا إنَّهُ ابْنُ صَاحِبِي، وَقَالَ الْآخَرُ إنَّهُ ابْنُ صَاحِبِي ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ إنْ ادَّعَى الثَّانِي لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ خِلَافًا لَهُمَا وَعَتَقَ الْوَلَدُ بِتَصَادُقِهِمَا عَلَى حُرِّيَّتِهِ وَتَكُونُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ مَوْقُوفَةً أَيُّهُمَا مَاتَ عَتَقَتْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي تَحْمِيلِ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ وَمَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ] (الْفَصْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي تَحْمِيلِ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ وَمَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ) إذَا أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يُثْبِتَ نَسَبَهُ مِنْ أَبِيهِ وَأَبُوهُ مَيِّتٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْمَعُ مِنْ شُهُودِهِ إلَّا عَلَى خَصْمٍ وَهُوَ وَارِثُ الْمَيِّتِ، أَوْ غَرِيمٌ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِ حَقٌّ، أَوْ رَجُلٌ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ حَقٌّ، أَوْ مُوصًى لَهُ، فَإِنْ أَحْضَرَ رَجُلًا وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا لِأَبِيهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِذَلِكَ الْحَقِّ مُقِرٌّ بِهِ، أَوْ جَاحِدٌ فَلَهُ أَنْ يُثْبِتَ نَسَبَهُ وَيَسْمَعُ الْقَاضِي مِنْ شُهُودِهِ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ إنْ ادَّعَى بِسَبَبِهَا الْمِيرَاثَ، أَوْ النَّفَقَةَ تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَيُقْضَى بِأَنَّهُ أَخُوهُ وَكَانَ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى جَمِيعِ الْإِخْوَةِ وَالْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ بِسَبَبِهَا مَالًا لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ الْأُخُوَّةِ، وَلَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخُوهُ لَا تَصِحُّ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ ابْنِهِ وَالِابْنُ غَائِبٌ، أَوْ مَيِّتٌ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ وَالْأَبُ غَائِبٌ، أَوْ مَيِّتٌ، فَإِنْ ادَّعَى بِسَبَبِهَا مَالًا مِنْ النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا فَحِينَئِذٍ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَمُّهُ، أَوْ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا أُخْتُهُ، أَوْ عَمَّتُهُ، وَلَمْ يَدَّعِ مِيرَاثًا وَلَا حَقًّا لَمْ تَصِحَّ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَبُوهُ، أَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ ابْنُهُ، أَوْ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، أَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَوْجُهَا، أَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى عَرَبِيٍّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مَوْلَاهُ أَوْ ادَّعَى الْعَرَبِيُّ أَنَّ هَذَا كَانَ عَبْدًا لَهُ، وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ، أَوْ ادَّعَى وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ وَاَلَّذِي ادَّعَى قِبَلَهُ يُنْكِرُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ سَوَاءٌ ادَّعَى بِسَبَبِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَالًا، أَوْ لَمْ يَدَّعِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ ابْنُهَا، أَوْ كَانَ هُوَ الْمُدَّعِي أَنَّهَا أُمُّهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيُثْبِتُ نَسَبَهُ مِنْهَا هَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْكِتَابِ هُنَا وَهَكَذَا ذُكِرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ وَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ اسْتِحْسَانٌ، هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. لَوْ أَنَّ صَبِيًّا فِي يَدِ رَجُلٍ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَزَعَمَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ الْتَقَطَهُ وَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ الْأَصْلِ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَخُوهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا جَعَلْتُهُ أَخَاهَا وَقَضَيْتُ بِبَيِّنَتِهَا وَدَفَعْتُهُ إلَيْهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ يَدَّعِي أَنَّهُ عَبْدُهُ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا قَضَيْتُ بِأَنَّهُ أَخُوهَا وَقَضَيْتُ بِعِتْقِهِ. إذَا ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ ابْنُ ابْنِهَا فَهَذَا وَمَا لَوْ ادَّعَتْ الْأُخُوَّةَ سَوَاءٌ، فَإِنْ ادَّعَتْ مَعَ ذَلِكَ حَقًّا مُسْتَحَقًّا قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ وَمَا لَا فَلَا. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ مَوَالِيَ ثَلَاثَةً أَعْتَقُوهُ وَتَرَكَ دَارًا فَأَقَامَ مَوَالِيهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمْ أَعْتَقُوهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمْ وَقَضَى الْقَاضِي بِالدَّارِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْمَوَالِي فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ يَعْنِي أَنَّهُ أَخٌ لِلْمَيِّتِ الثَّانِي وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِنَصِيبِهِ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ غَيْرَ مَقْسُومٍ فَبَاعَ الْأَخُ ذَلِكَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَوْدَعَ مَا اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ وَغَابَ الْمُشْتَرِي فَجَاءَ رَجُلٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِحَضْرَةِ أَخِي الْمَيِّتِ الْآخَرِ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ الْآخَرِ وَوَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَصَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ الشَّرِيكَانِ فِي الدَّارِ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِنَسَبِ الِابْنِ وَهَلْ يُقْضَى لِلِابْنِ بِالثُّلُثِ الَّذِي قَضَى بِهِ لِلْأَخِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْآخَرِ؟ إنْ كَانَ

الْقَاضِي الَّذِي وَقَعَ عِنْدَهُ دَعْوَى الِابْنِ هُوَ الْقَاضِيَ الَّذِي قَضَى لِلْأَخِ بِنَصِيبِ الْمَيِّتِ قَضَى لِلِابْنِ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي الَّذِي وَقَعَ عِنْدَهُ خُصُومَةُ الِابْنِ غَيْرَ الْقَاضِي الَّذِي قَضَى لِلْأَخِ بِنَصِيبِ الْمَيِّتِ لَا يَقْضِي لِلِابْنِ. وَتَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِيَ عَرَفَ كَوْنَ الْمُودِعِ مُودِعًا بِالْمُعَايَنَةِ بِأَنْ كَانَ إيدَاعُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِمُعَايَنَةِ الْقَاضِي الثَّانِي، أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الْمُودِعُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْقَاضِي الثَّانِي كَوْنَهُ مُودِعًا فَالْقَاضِي يَقْضِي لِلِابْنِ بِنَصِيبِ الْأَخِ ثُمَّ إذَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي لِلِابْنِ بِنَصِيبِ الْأَخِ لَا يَدْخُلُ الِابْنُ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكَيْنِ الْمُصَدِّقَيْنِ، فَإِنْ حَضَرَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَ الْقَاضِي الثَّانِي نَصِيبَ الْمَيِّتِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَدَفَعَهُ إلَى الِابْنِ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ. قَالُوا: تَأْوِيلُ هَذَا إذَا أَعَادَ الِابْنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ يُقِرُّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا مِنْ أَخِي الْمَيِّتِ، وَأَنَّ الْأَخَ كَانَ وَرِثَهُ مِنْ الْمَيِّتِ، أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يَقْضِي لَهُ الْقَاضِي بِنَصِيبِ الْمَيِّتِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ زَمِنٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَبُوهُ لَيَفْرِضَ لَهُ النَّفَقَةَ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ فَأَقَامَ الزَّمِنُ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ أَبُو الزَّمِنِ وَذَلِكَ الرَّجُلُ يُنْكِرُ وَالزَّمِنُ أَيْضًا يُنْكِرُ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّمِنِ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الَّذِي أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِالنَّسَبِ وَيَفْرِضُ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى بَيِّنَةِ الْآخَرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى مَجْهُولُ النَّسَبِ إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنِّي ابْنُكَ وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي دَعْوَاهُ، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ ابْنُ فُلَانٍ آخَرَ تَبْطُلُ بَيِّنَةُ الِابْنِ وَلَكِنْ لَا يُقْضَى بِنَسَبِهِ مِنْ فُلَانٍ آخَرَ فَمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا ابْنِي مِنْ فُلَانَةَ الْمَيِّتَةِ وَلِي فِي مِيرَاثِهَا حَقٌّ وَأَقَامَ الِابْنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُ رَجُلٍ آخَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَالْآخَرُ يُنْكِرُ يُحْكَمُ بِبَيِّنَةِ مُدَّعِي الْمِيرَاثِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا مُحْتَاجًا ادَّعَى عَلَى غُلَامٍ مُوسِرٍ أَنَّهُ ابْنُهُ لِيُثْبِتَ نَسَبَهُ مِنْهُ وَيَفْرِضَ لَهُ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَالْغُلَامُ يَجْحَدُ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْغُلَامُ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ يُسَمِّي رَجُلًا آخَرَ وَفُلَانٌ يَجْحَدُ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْأَبِ وَقَضَى لَهُ عَلَى الْغُلَامِ بِالنَّفَقَةِ وَتَبْطُلُ بَيِّنَةُ الْغُلَامِ عَلَى الْآخَرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. غُلَامَانِ تَوْأَمَانِ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ مَال وَالْآخَرُ زَمِنٌ مُحْتَاجٌ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ أَبُوهُمَا لِيَأْخُذَ الْمِيرَاثَ وَادَّعَى الزَّمِنُ عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ أَبُوهُمَا وَطَلَبَ مِنْهُ النَّفَقَةَ وَبَرْهَنَا مَعًا حُكِمَ بِنَسَبِ الْغُلَامَيْنِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ أَقَامَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَمُّهَا تُرِيدُ النَّفَقَةَ وَأَقَامَ الْعَمُّ عَلَى آخَرَ أَنَّ هَذَا أَخُوهَا بَرِئَ الْعَمُّ مِنْ النَّفَقَةِ وَيُفْرَضُ عَلَى الْأَخِ إنْ شَاءَتْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. غُلَامٌ احْتَلَمَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أَنَّهُ ابْنُهُمَا وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ وَامْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْغُلَامَ ابْنُهُمَا فَبَيِّنَةُ الْغُلَامِ أَوْلَى وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ اللَّذَيْنِ ادَّعَاهُمَا الْغُلَامُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْغُلَامُ نَصْرَانِيًّا وَأَقَامَ بَيِّنَةً مُسْلِمَةً عَلَى نَصْرَانِيٍّ وَنَصْرَانِيَّةٍ أَنَّهُ ابْنُهُمَا وَأَقَامَ مُسْلِمٌ وَمُسْلِمَةٌ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَبَيِّنَةُ الْغُلَامِ أَوْلَى وَتَتَرَجَّحُ عَلَى بَيِّنَةِ مُدَّعِي الْإِسْلَامِ، وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْغُلَامِ نَصْرَانِيَّةً فَبَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ أَوْلَى وَيُجْبَرُ الْغُلَامُ عَلَى الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. هَذَا إذَا كَانَ الْأَبَوَانِ مُسْلِمَيْنِ فِي الْأَصْلِ، أَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ فِي الْأَصْلِ إلَّا أَنَّهُمَا أَسْلَمَا وَالْغُلَامُ صَغِيرٌ، لَكِنْ لَا يُقْتَلُ إنْ أَبَى الْإِسْلَامَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى الْغُلَامُ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ مِنْ أَمَتِهِ فُلَانَةَ

الفصل الثاني عشر في نسب ولد المطلقة والمعتدة عن الوفاة

وَذَلِكَ الرَّجُلُ يَقُولُ هُوَ عَبْدِي مِنْ أَمَتِي زَوَّجْتُهَا عَبْدِي فُلَانًا وَالْعَبْدُ حَيٌّ يَدَّعِي ذَلِكَ فَهُوَ ابْنُ الْعَبْدِ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَلَدُ أَنَّهُ ابْنُ الْعَبْدِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَادَّعَى الْمَوْلَى أَنَّهُ ابْنُهُ جَعَلْتُهُ ابْنَ الْعَبْدِ وَأَعْتَقْتُهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ وَأَقَامَ الْمَوْلَى الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْهَا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ إلَّا أَنَّهُ يَعْتِقُ بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ مَيِّتًا، أَوْ كَانَ حَيًّا إلَّا أَنَّهُ لَا يَدَّعِي نَسَبَ الْغُلَامِ وَلَا يَدَّعِي النِّكَاحَ وَمَوْلَى الْأَمَةِ أَيْضًا مَيِّتٌ وَإِنَّمَا يَدَّعِيهِ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ وَيُقِيمُونَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يُقْضَى بِنَسَبِ الْغُلَامِ مِنْ مَوْلَى الْغُلَامِ وَيَرِثُ مَعَ سَائِرِ وَرَثَتِهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَأَقَامَ الْغُلَامُ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ مِنْ أَمَتِهِ فُلَانَةَ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ وَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْغُلَامَ عَبْدُهُ وَأُمُّهُ أَمَتُهُ زَوَّجَهَا مِنْ عَبْدِهِ فُلَانًا وَلَدَتْ هَذَا الْغُلَامَ عَلَى فِرَاشِهِ وَالْعَبْدُ حَيٌّ يَدَّعِي قَضَيْتُ لِلْعَبْدِ بِالنَّسَبِ وَقَضَيْتُ بِالْأُمِّ إنْ كَانَتْ حَيَّةً لِلْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَيِّتًا، أَوْ كَانَ حَيًّا إلَّا أَنَّهُ أَنْكَرَ النِّكَاحَ فَإِنَّ نَسَبَ الْغُلَامِ يَثْبُتُ مِنْ الْمَيِّتِ الَّذِي أَقَامَ الْغُلَامُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ وَيَرِثُ مِنْهُ وَيُقْضَى بِالْأَمَةِ لِلْمَيِّتِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيُحْكَمُ بِعِتْقِهَا بِمَوْتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي عَشَرَ فِي نَسَبِ وَلَدِ الْمُطَلَّقَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ الْوَفَاةِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي عَشَرَ فِي نَسَبِ وَلَدِ الْمُطَلَّقَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ الْوَفَاةِ) إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَكَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَجَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ بِيَوْمٍ، وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَنَفَى أَحَدَهُمَا حِينَ وَلَدَتْهُ ثُمَّ وَلَدَتْ الثَّانِيَ فَهُمَا ابْنَاهُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا لِعَانَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِمَا لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَنَفَاهُمَا يَجْرِي اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا وَيُقْطَعُ نَسَبُ الْوَلَدَيْنِ عَنْهُ، وَإِنْ نَفَى الْأَوَّلَ مِنْهُمَا ثُمَّ أَقَرَّ بِالثَّانِي فَهُمَا ابْنَاهُ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَإِنْ جَاءَتْ بِأَحَدِ الْوَلَدَيْنِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَبِالْآخَرِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا وَالْفَصْلُ الْأَوَّلُ سَوَاءٌ، وَإِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، أَوْ ثَلَاثًا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِمَا لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ بِالنَّفْيِ وَهُمَا ابْنَاهُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِمَا لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُمَا مِنْهُ، وَإِنْ نَفَاهُمَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا لِعَانَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِأَحَدِهِمَا لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ بِيَوْمٍ وَبِالْآخَرِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ بِيَوْمٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا وَالْفَصْلُ الْأَوَّلُ سَوَاءٌ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَقَدْ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ الثَّانِي فَنَفَاهُ فَإِنَّهُ يُلَاعَنُ بَيْنَهُمَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَالْوَلَدُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الْأَبِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ وَيُقْطَعُ نَسَبُ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُعْتَدَّةٌ تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ وَدَخَلَ بِهَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا فَهُوَ مِنْ الْأَوَّلِ، قِيلَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الثَّانِي، فَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْ الْأَوَّلِ فَهُوَ مِنْ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُمَا لَا يُجْعَلُ مِنْهُمَا بِأَنَّ جَاءَتْ بِوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ وَلِأَقَلّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي وَحُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسَنَتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ كَحُكْمِ الْحُرَّةِ، وَالْكَبِيرَةُ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ الْوَفَاةِ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إلَى سَنَتَيْنِ وَالصَّغِيرَةُ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ الْوَفَاةِ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ يَلْزَمُهُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ لَا يَلْزَمُهُ هَذَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ وَاحِدًا، فَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي نَفْيِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ الْوَلَدَ وَادِّعَاءِ الْآخَرِ إيَّاهُ] (الْفَصْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي نَفْيِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ الْوَلَدَ وَادِّعَاءِ الْآخَرِ إيَّاهُ) إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ

لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَ وَالزَّوْجَانِ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَهُوَ ابْنُهُ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ هَذَا الْوَلَدُ كَانَ لَكِ مِنْ زَوْجٍ قَبْلِي، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ بَلْ هُوَ مِنْكَ فَهُوَ وَلَدُ هَذَا الزَّوْجِ وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا وَلَا حَدَّ عَلَى الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ وَلَدَتْهُ مِنْ زِنًا، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ فَهُوَ ابْنُهُ، وَإِنْ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ وَجَبَ اللِّعَانُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَيُقْطَعُ النَّسَبُ عَنْهُ بِاللِّعَانِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ وَأَقَرَّ بِالْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَنَفَى الْآخَرَ فَهُمَا ابْنَاهُ وَيُلَاعَنُ بَيْنَهُمَا لِقَطْعِ النِّكَاحِ، فَإِنْ كَانَ نَفَى الْأَوَّلَ مِنْهُمَا ثُمَّ أَقَرَّ بِالثَّانِي جُلِدَ الْحَدَّ وَكَانَا ابْنَيْهِ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً وَجَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ فَنَفَاهُمَا الزَّوْجُ وَقَضَى الْقَاضِي بِاللِّعَانِ فَمَاتَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ قَبْلَ اللِّعَانِ فَهُمَا ابْنَا الزَّوْجِ وَيُلَاعِنُ لِقَطْعِ النِّكَاحِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَمُتْ وَاحِدٌ مِنْ الْوَلَدَيْنِ وَلَكِنْ مَاتَ الزَّوْجُ، أَوْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ اللِّعَانِ فَالْوَلَدَانِ ثَابِتَا النَّسَبِ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ الْتَعْنَا عِنْدَ الْقَاضِي إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَلْزَمْ الْوَلَدُ أُمَّهُ حَتَّى مَاتَ الزَّوْجُ، أَوْ الْمَرْأَةُ فَالْوَلَدَانِ ثَابِتَا النَّسَبِ مِنْهُمَا، وَإِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا فَنَفَاهُ الزَّوْجُ وَلَاعَنَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَلْزَمَ الْوَلَدَ أُمَّهُ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ فِي ذَلِكَ الْبَطْنِ فَإِنَّ الْوَلَدَيْنِ يَلْزَمَانِ الْأَبَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ تَوْأَمَيْنِ فَعَلِمَ بِأَحَدِهِمَا وَنَفَاهُ وَلَاعَنَ وَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْوَلَدَ أُمَّهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ عَلِمَ بِالْآخَرِ فَهُمَا ابْنَاهُ، فَإِنْ عَلِمَ بِالثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُفَرِّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فَنَفَاهُ أَعَادَ اللِّعَانَ وَأَلْزَمَ الْوَلَدَيْنِ الْأُمَّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا أَكْذَبَ الْمَلَاعِنُ نَفْسَهُ وَادَّعَى نَسَبَ الْوَلَدِ بَعْدَ مَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَأَلْزَمَ الْوَلَدَ أُمَّهُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ حَيًّا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَيَّةً، أَوْ مَيِّتَةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ قَدْ مَاتَ وَتَرَكَ مِيرَاثًا ثُمَّ ادَّعَاهُ الْأَبُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرَكَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ وَلَدًا ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى فَحِينَئِذٍ يُصَدَّقُ الْأَبُ فَإِذَا صَحَّ الْإِقْرَارُ ضُرِبَ الْحَدَّ وَأَخَذَ الْمِيرَاثَ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَنْفِيَّةُ ابْنَةً فَمَاتَتْ عَنْ ابْنٍ ثُمَّ أَكْذَبَ الْمَلَاعِنُ نَفْسَهُ لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَمْ يَرِثْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا يُصَدَّقُ وَيُضْرَبُ الْحَدَّ وَيَرِثُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا لَاعَنَ الرَّجُلُ بِجَارِيَةٍ وَأَلْزَمَهَا الْأُمَّ ثُمَّ أَرَادَ ابْنُ الْمُلَاعِنِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَا الْمُلَاعِنُ نَفْسُهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِالْأُمِّ وَتَزَوَّجَ بِالْبِنْتِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا، فَإِنْ نَفَاهُ لَاعَنَ وَلَزِمَ الْوَلَدُ أُمَّهُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا لَاعَنَ وَلَزِمَ الْوَلَدُ أَبَاهُ. وَتَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ أَعْتَقَهَا حَتَّى يَثْبُتَ النَّسَبُ مِنْ الْمَوْلَى، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَانَتْ مَنْكُوحَةُ الرَّجُلِ أَمَةً جَاءَتْ بِوَلَدٍ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمَوْلَى، وَإِنْ نَفَاهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ ادَّعَاهُ، أَوْ لَمْ يَدَّعِ، وَإِنْ نَفَاهُ لَا يُلَاعَنُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَنْتَفِي نَسَبُ الْوَلَدِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى أَعْتَقَ الْأَمَةَ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ، فَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْوَلَدَ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجِ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا، أَوْ نَفْسَهَا، قَبْلَ الدَّعْوَةِ، أَوْ بَعْدَ الدَّعْوَةِ، وَإِنْ نَفَى الزَّوْجُ الْوَلَدَ، فَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَنَسَبُ الْوَلَدِ ثَابِتٌ مِنْهُ وَيَتَلَاعَنَانِ لِقَطْعِ النِّكَاحِ، وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نَفْيِ الْوَلَدِ ثُمَّ نَفَى الزَّوْجُ الْوَلَدَ فَنَسَبُ الْوَلَدِ ثَابِتٌ مِنْ الزَّوْجِ وَلَا يُلَاعِنُ وَيَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ النَّفْيِ قَبْلَ إقَامَةِ اللِّعَانِ فَالْوَلَدُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الزَّوْجِ وَلَا لِعَانَ وَلَا حَدَّ أَيْضًا هَذَا إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ، فَأَمَّا إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ، فَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْوَلَدَ فَالْوَلَدُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ وَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ فِي الْوُجُوهِ

كُلِّهَا، وَإِنْ نَفَاهُ، فَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَإِنَّهُمَا يَتَلَاعَنَانِ وَهَلْ يُقْطَعُ نَسَبُ الْوَلَدِ؟ فِي الِاسْتِحْسَانِ يُقْطَعُ، وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ نَفْيِ الْوَلَدِ فَإِنَّ الْوَلَدَ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الزَّوْجِ وَلَا لِعَانَ وَلَكِنْ يَجِبُ الْحَدُّ، وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ النَّفْيِ قَبْلَ إقَامَةِ اللِّعَانِ فَالْوَلَدُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الزَّوْجِ وَلَا لِعَانَ وَلَا حَدَّ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ فَنَفَاهُ لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ وَيَلْزَمُهُ الْوَلَدُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَنَفَاهُ يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ النَّفْيِ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ رَجُلٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ اشْتَرَاهَا مِنْ مَوْلَاهَا فَأَعْتَقَهَا ثُمَّ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ، فَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ، فَإِنْ ادَّعَاهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَمْ تَكُنْ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَأَمَّا إذَا نَفَاهُ الزَّوْجُ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ لَا يَنْتَفِي نَسَبُهُ وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا وَيَجِبُ حَدُّ الْقَذْفِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ فَإِنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ لَا يَثْبُتُ مِنْهُ وَلَا لِعَانَ وَلَا حَدَّ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ. فَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ نَسَبَ الْوَلَدِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، وَإِنْ نَفَاهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا وَنَفَاهُ، أَوْ لَمْ يَنْفِ، وَلَمْ يَدَّعِ بَلْ سَكَتَ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَا يُضْرَبُ الْحَدَّ إذَا نَفَى، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الزَّوْجِ وَيُضْرَبُ الْحَدَّ إذَا نَفَى، وَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَإِنْ نَفَاهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ عِنْدَهُمْ، وَلَوْ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ شِرَاءِ الزَّوْجِ إيَّاهَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ ادَّعَاهُ أَوْ سَكَتَ وَبَطَلَ الْبَيْعُ وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ رَدُّ الثَّمَنِ، وَإِنْ نَفَاهُ لَا يَنْتَفِي نَسَبُهُ أَيْضًا، وَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقَطْ مُنْذُ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ فَادَّعَاهُ الزَّوْجُ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ. وَإِذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بَيْعِ الزَّوْجِ وَادَّعَاهُ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي وَبَطَلَ الْبَيْعُ، وَإِنْ نَفَاهُ الزَّوْجُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَبَقِيَ الْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ بَيْعِ الزَّوْجِ وَادَّعَاهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَثْبُتَ النَّسَبُ بَطَلَ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا كَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ أَوَّلًا: تَصِحُّ دَعْوَتُهُ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. هَذَا إذَا ادَّعَاهُ، وَإِنْ نَفَاهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، فَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ نَفَاهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ قَدْ أَعْتَقَ الْوَلَدَ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بَعْدَ الشِّرَاءِ الْأَوَّلِ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ تَصِحُّ دَعْوَتُهُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ وَيُنْتَقَضُ الْعِتْقُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ الْأُمَّ مَعَ الْوَلَدِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ فِيهَا، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَ الْوَلَدَ لَكِنْ أَعْتَقَ الْأُمَّ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ فِي حَقِّ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ جَمِيعًا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ، فَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بَاعَهَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا بِالدَّعْوَةِ، وَإِذَا ادَّعَى صَحَّتْ دَعْوَتُهُ فِي حَقِّ الْوَلَدِ، وَلَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ فِي حَقِّ الْأُمِّ، وَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بَاعَهَا الزَّوْجُ

الفصل الرابع عشر في دعوة العبد التاجر والمكاتب

فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْآخِرِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ اشْتَرَاهَا فَسَوَاءٌ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ، أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ بَاعَهَا الزَّوْجُ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الزَّوْجِ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّهُ إنْ جَاءَ بِالْوَلَدِ لِسَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي يَنْتَقِضُ الْبَيْعُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ لَا يَنْتَقِضُ الْبَيْعُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً وَهِيَ أَمَةٌ ثُمَّ أُعْتِقَتْ، فَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ فَالنَّسَبُ ثَابِتٌ مِنْ الزَّوْجِ لَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ وَيُضْرَبُ الْحَدَّ، وَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْأُمِّ، وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ فَجَاءَتْ بِالْوَلَدِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ وَقَدْ أُعْتِقَتْ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ فَالْوَلَدُ ثَابِتُ النَّسَبِ وَالْوَلَاءُ لِمَوْلَى الْأُمِّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَانَتْ امْرَأَةُ الرَّجُلِ أَمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا فَاشْتَرَاهَا الزَّوْجُ وَقَدْ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا فَنَفَاهُ لَاعَنَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَلَزِمَ الْوَلَدُ أُمَّهُ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا آخَرُ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ اشْتَرَاهَا لَمْ يُلَاعِنْ وَيَلْزَمُ الْوَلَدُ أَبَاهُ، وَلَوْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ اشْتَرَاهَا لَاعَنَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَلَزِمَ الْوَلَدُ أُمَّهُ وَيُضْرَبُ الْحَدَّ إذَا كَانَتْ أُمُّ الْوَلَدِ مُسْلِمَةً، وَلَوْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ لَمْ يُصَدَّقَا عَلَى الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا لَزِمَهُمَا الْوَلَدُ مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ، فَإِنْ نَفَا ضُرِبَ الْحَدَّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي دَعْوَةِ الْعَبْدِ التَّاجِرِ وَالْمَكَاتِبِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي دَعْوَةِ الْعَبْدِ التَّاجِرِ وَالْمَكَاتِبِ) إذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ أَمَةً فَوَطِئَهَا فَوَلَدَتْ فَادَّعَى وَلَدَهَا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَمْلِكُ الْعَبْدُ بَيْعَ الْوَلَدِ وَالْأُمِّ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ زَوَّجَ الْمَوْلَى هَذِهِ الْأَمَةَ مِنْ عَبْدِهِ صَحَّ النِّكَاحُ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ أَمَةً أُخْرَى وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ إذَا وَلَدَتْ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْمَأْذُونُ إذَا كَانَ مَدْيُونًا فَاشْتَرَى أَمَةً وَوَطِئَهَا وَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا وَادَّعَى نَسَبَ الْوَلَدِ وَكَذَّبَهُ مَوْلَاهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَنَّ الْمَوْلَى أَحَلَّهَا لَهُ وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى وَلَدًا مِنْ أَمَةٍ لِمَوْلَاهُ لَمْ تَكُنْ مِنْ تِجَارَتِهِ فَادَّعَى أَنَّ مَوْلَاهُ أَحَلَّهَا لَهُ، أَوْ زَوَّجَهَا إيَّاهُ، فَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى فِي ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ إذَا أُعْتِقَ فَمِلْكُهُ يُثْبِتُ النَّسَبَ مِنْهُ: فِي دَعْوَى النِّكَاحِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَفِي دَعْوَى الْإِحْلَالِ اسْتِحْسَانًا. فَإِنْ صَدَّقَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ فِي ذَلِكَ يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا أَنَّ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ يَحْتَاجُ إلَى التَّصْدِيقِ فِي النِّكَاحِ خَاصَّةً وَفِي دَعْوَى الْإِحْلَالِ يَحْتَاجُ إلَى التَّصْدِيقِ فِي شَيْئَيْنِ فِي أَنَّهُ أَحَلَّهَا، وَأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ ادَّعَى وَلَدَ أَمَةٍ لِغَيْرِ مَوْلَاهُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ جَائِزٍ وَصَدَّقَهُ مَوْلَاهَا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي. عَبْدٌ ادَّعَى لَقِيطًا أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ زَوْجَتِهِ هَذِهِ الْأَمَةِ وَصَدَّقَتْهُ الْأَمَةُ، وَقَالَ الْمَوْلَى هُوَ عَبْدِي فَهُوَ عَبْدُهُ وَابْنُهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ ابْنُهُمَا وَهُوَ حُرٌّ. وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَظْهَرُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى فِي عَبْدٍ ادَّعَى لَقِيطًا أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ وَهِيَ أَمَةٌ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْعَبْدِ وَيَكُونُ حُرًّا وَلَا يَكُونُ ابْنَ امْرَأَتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَإِذَا وَلَدَتْ أَمَةُ الْمُكَاتَبِ وَلَدًا فَادَّعَى الْمُكَاتَبُ نَسَبَهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَيَسْتَوِي إنْ صَدَّقَ الْمَوْلَى الْمُكَاتَبُ فِي دَعْوَتِهِ، أَوْ كَذَّبَهُ فِيهَا وَيَصِيرُ هَذَا الْوَلَدُ مُكَاتَبًا وَلَا يَبِيعُ الِابْنَ وَلَا الْأُمَّ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ دَعْوَى النَّسَبِ. لَوْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ وَلَدًا مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ بِنِكَاحٍ جَائِزٍ، أَوْ فَاسِدٍ وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ كَانَ ابْنَهُ، هَكَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ ادَّعَى

الْمُكَاتَبُ وَلَدَ أَمَةِ رَجُلٍ بِنِكَاحٍ، أَوْ بِمِلْكٍ وَكَذَّبَهُ الرَّجُلُ لَمْ يُصَدَّقْ الْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ إذَا ادَّعَاهُ، فَإِنْ عَتَقَ فَمَلَكَهُ يَوْمًا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَمَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ الْمُكَاتَبُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْمُكَاتَبِ عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا بَاعَ الْمُكَاتَبُ أَمَةً فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَى الْوَلَدَ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَيُرَدُّ إلَيْهِ مَعَ أُمِّهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ ادَّعَاهُ الْعَبْدُ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ وَطِئَ الْمُكَاتَبُ أَمَةَ ابْنِهِ وَهُوَ حُرٌّ، أَوْ مُكَاتَبٌ بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ لَمْ يَثْبُتْ إذَا كَذَّبَهُ الِابْنُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَمَلَكَ هَذَا الِابْنَ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ مَعَ الْجَارِيَةِ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ فِي حَالِ مُكَاتَبَتِهِ، أَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ قَدْ اشْتَرَاهُ فَوَلَدَتْ أَمَةُ هَذَا الِابْنِ وَلَدًا وَادَّعَاهُ الْمُكَاتَبُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَصَارَتْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا يَضْمَنُ مَهْرَهَا وَلَا قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْوَلَدِ الْمُشْتَرَى بِمَنْزِلَةِ كَسْبِهِ حَتَّى يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى وَلَدَ مُكَاتَبَتِهِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ صَدَّقَتْهُ أَمْ لَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْلَى مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ إنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ كَاتَبَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا عَقَرَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَتُخَيَّرُ الْمُكَاتَبَةُ، فَإِنْ شَاءَتْ مَضَتْ فِي الْكِتَابَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ فَسَخَتْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَصَدَّقَهُ الزَّوْجُ يَعْتِقُ الْوَلَدُ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ ادَّعَى وَلَدَ أَمَةِ مُكَاتَبَتِهِ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُكَاتَبَةِ وَهَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِذَا صَدَّقَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ وَكَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَيَغْرَمُ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْوَلَدِ لِلْمُكَاتَبَةِ وَيَغْرَمُ عُقْرَهَا لِلْمُكَاتَبَةِ أَيْضًا وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ وِلَادَةِ الْوَلَدِ. هَذَا إذَا جَاءَتْ الْأَمَةُ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ اشْتَرَتْهَا الْمُكَاتَبَةُ، فَأَمَّا إذَا جَاءَتْ الْأَمَةُ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ اشْتَرَتْهَا فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِدُونِ تَصْدِيقِ الْمُكَاتَبَةِ، وَإِذَا صَدَّقَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ حَتَّى ثَبَتَ النَّسَبُ كَانَ عَبْدًا عَلَى حَالِهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ عَبْدًا صَغِيرًا فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى لَمْ تَجُزْ دَعْوَتُهُ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَلَمْ يَعْتِقْ، كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَكَاتَبَهُ ثُمَّ إنَّ الْمُكَاتَبَ كَاتَبَ أَمَةً لَهُ ثُمَّ وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ فَادَّعَاهُ مَوْلَى الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَيَجِبُ الْعُقْرُ لَهَا إنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ كِتَابَتِهَا، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْعُقْرُ لِلْمُكَاتَبِ ثُمَّ هَذَا الْوَلَدُ يَكُونُ مُكَاتَبًا مَعَ أُمِّهِ، فَإِنْ أَدَّتْ الْأُمُّ بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَتْ وَعَتَقَ الْوَلَدُ مَعَهَا تَبَعًا لَهَا، وَإِنْ عَجَزَتْ وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ أَخَذَ الْمَوْلَى ابْنَهَا بِالْقِيمَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ ثَبَتَ الْحَقُّ لَهُ بِوُجُودِ التَّصْدِيقِ يَوْمَ الدَّعْوَةِ مِمَّنْ إلَيْهِ التَّصْدِيقُ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ عَجْزِ الْمُكَاتَبَةِ، وَلَوْ كَذَّبَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ وَصَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَكُونُ الْوَلَدُ مُكَاتَبًا مَعَ أُمِّهِ وَإِنْ أَدَّتْ بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَا، وَإِنْ عَجَزَتْ وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْمَوْلَى وَكَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ كُوتِبَتْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ كُوتِبَتْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْعَجْزِ، وَإِنْ كَذَّبَاهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَيَكُونُ الْوَلَدُ مَعَ الْأُمِّ مُكَاتَبَيْنِ لِلْمُكَاتَبِ. وَإِنْ أَدَّتْ بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَا، وَإِنْ عَجَزَتْ صَارَا مَمْلُوكَيْنِ لِلْمُكَاتَبِ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَإِنْ صَدَّقَاهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْمَوْلَى، فَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ كَاتَبَهُ الْمُكَاتَبُ حَتَّى كَانَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِ الْمُكَاتَبِ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ لِلْمُكَاتَبِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ كَاتَبَهَا الْمُكَاتَبُ فَالْوَلَدُ مُكَاتَبٌ مَعَهَا مَا دَامَتْ مُكَاتَبَةً لَمْ تَعْجِزْ بَعْدُ، فَإِنْ عَجَزَتْ يَأْخُذُ الْمَوْلَى

الفصل الخامس عشر في المتفرقات

الْوَلَدَ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْعَجْزِ ثُمَّ فِيمَا إذَا صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ وَكَذَّبَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ حَتَّى لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ، وَلَمْ تَعْجِزْ الْمُكَاتَبَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَكِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَعَتَقَ، فَإِنْ كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ كُوتِبَتْ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْمَوْلَى وَيَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ. هَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ كَبِرَ ثُمَّ ادَّعَى الْمَوْلَى أَنَّهُ ابْنُهُ وَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى الْمُكَاتَبُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَرُجِعَ فِي حَقِّ النَّسَبِ إلَى قَوْلِ الْوَلَدِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ كُوتِبَتْ لَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ بَلْ يَكُونُ مُكَاتَبًا مَعَ أُمِّهِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمَوْلَى أَيْضًا، فَإِنْ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ الْمَوْلَى، وَإِنْ لَمْ تَعْجِزْ وَلَكِنْ أَدَّتْ بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَتْ وَعَتَقَ الْوَلَدُ مَعَهَا وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الْمَوْلَى إلَّا أَنَّهُ إذَا كَبِرَ الِابْنُ وَصَدَّقَ الْمَوْلَى فِي ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمَوْلَى بِتَصْدِيقِهِ وَلَا تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ وَعَتَقَ ثُمَّ جَاءَتْ الْمُكَاتَبَةُ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْكِتَابَةِ كَانَ الْجَوَابُ كَمَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ عَتَقَ إنْ زَعَمَ الْمَوْلَى أَنَّهُ وُلِدَ بِوَطْءٍ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَإِنْ وُجِدَ التَّصْدِيقُ فَكَانَ زَانِيًا أَمَّا إذَا ادَّعَى النِّكَاحَ بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ ثَبَتَ شُبْهَةُ النِّكَاحِ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ الْحُرُّ فِي النِّكَاحِ وَكَذَّبَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا إذَا عَجَزَتْ وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ فَيَنْفُذُ إقْرَارُ الْمَوْلَى وَهُوَ الْمُكَاتَبُ الْحُرُّ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ وُلِدَ بِوَطْءٍ كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ لَمْ يُصَدَّقْ، فَإِنْ صَدَّقَاهُ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ وَلَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ، فَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ مَعَ وَلَدِهَا، وَإِنْ عَجَزَتْ أَخَذَ الْمَوْلَى الْوَلَدَ حُرًّا بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ وَكَذَّبَهُ الْمُكَاتَبُ الْحُرُّ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ، فَإِنْ عَجَزَتْ فَهِيَ وَوَلَدُهَا مَمْلُوكَانِ لِلْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ الْحُرّ أَنَّ وَطْءَ الْمَوْلَى كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَكَذَّبَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا إذَا عَجَزَتْ فَيَعْتِقُ الْوَلَدُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْعَجْزِ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُؤَدِّ الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ الْكِتَابَةَ لَكِنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ فَأُدِّيَتْ كِتَابَتُهُ ثُمَّ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ وَالْأُمُّ مَمْلُوكَةٌ لِوَرَثَةِ الْمُكَاتَبِ، كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. [الْفَصْلُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْفَصْلُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ امْرَأَةً وَأُمَّ وَلَدٍ وَأَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّهَا وَلَدَتْ هَذَا الْغُلَامَ مِنْ الْمَيِّتِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ لِلْمُقِرِّ مُنَازِعٌ يَثْبُتُ نَسَبُ الْغُلَامِ مِنْ الْمَيِّتِ وَيَرِثُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فِي الْمُقِرِّ وَلَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُقِرِّ مُنَازِعٌ يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَلَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ مَاتَ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْتِهِ سَنَتَانِ فَنَفَاهُ الْوَرَثَةُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْمَيِّتِ، وَلَمْ يَرِثْ مِنْهُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ مَا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ شَاهِدَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهَا حُبْلَى مِنْهُ وَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْوَرَثَةُ فَإِقْرَارُهُمْ كَإِقْرَارِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ أَمَةٌ فَوَطِئَهَا وَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا فَادَّعَى وَلَدَهَا ثُمَّ قَالَ كَانَتْ هِيَ أُمَّ وَلَدِ فُلَانٍ فَزَوَّجَنِيهَا فَوَلَدَتْ لِي هَذَا الْوَلَدَ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُمَا الْأَمَةُ فِي ذَلِكَ، أَوْ كَذَّبَتْهُمَا وَلَكِنْ رَجَعَتْ إلَى تَصْدِيقِهِمَا قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُقِرِّ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَكُونُ حُكْمُ وَلَدِهَا كَحُكْمِهَا فَيَعْتِقَانِ إذَا مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ، فَإِنْ كَبِرَ الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَّبَهَا فِيمَا أَقَرَّتْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى تَكْذِيبِهِ، وَلَوْ لَمْ تُصَدِّقْ الْجَارِيَةُ الْمُقِرَّ، وَلَمْ تُكَذِّبْهُ حَتَّى مَاتَتْ صَدَقَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ حَتَّى كَانَ الْوَلَدُ عَبْدًا لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ كَبِرَ الْوَلَدُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلْمُقَرِّ لَهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إنْكَارِهِ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُمَا الْأَمَةُ وَثَبَتَتْ عَلَى ذَلِكَ فَالْقَاضِي يَجْعَلُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُقِرِّ

وَعَلَى الْمُقِرِّ قِيمَتُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُقَرِّ لَهُ. قِيلَ: هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُقِرِّ وَلَا عُقْرَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْمُقِرِّ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُمَا فَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِشَيْءٍ حَتَّى مَاتَتْ يُوقَفُ أَمْرُ الْوَلَدِ حَتَّى يَكْبَرَ، فَإِنْ كَبِرَ وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ كَانَ عَبْدًا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَأُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ مَضَى عَلَى التَّكْذِيبِ جَعَلَهُ الْقَاضِي حُرًّا مِنْ جِهَةِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ حَيَّةً وَالْغُلَامُ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَصَدَّقَتْ الْأُمُّ الْمُقِرَّ وَكَذَّبَهُ الْغُلَامُ فَالْغُلَامُ حُرٌّ وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُقِرِّ، وَكَذَلِكَ إنْ كَذَّبَتْ الْأُمُّ الْمُقِرَّ وَصَدَّقَهُ الْغُلَامُ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ وَادَّعَتْ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ الْمَيِّتِ فَصَدَّقَهَا الْغُلَامُ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِنَسَبِهِ مِنْهَا وَيَقْضِي بِالزَّوْجِيَّةِ وَتَرِثُ مِنْ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. الْمَرْأَتَانِ إذَا ادَّعَتَا نَسَبَ وَلَدٍ وَأَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا، وَإِذَا أَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا امْرَأَةً وَاحِدَةً ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِهَذِهِ الْحُجَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّهُ يُقْضَى بِالْوَلَدِ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حُجَّةٌ لَا يُقْضَى بِنَسَبِ الْوَلَدِ مِنْهُمَا بِلَا خِلَافٍ قَالَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الِابْنَ وَنَفَتْ الِابْنَةَ يُوزَنُ لَبَنُهُمَا فَيُجْعَلُ الِابْنُ لِلَّتِي لَبَنُهَا أَثْقَلُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وَلَدَتْ أَمَةُ الرَّجُلِ فَادَّعَاهُ أَخُوهُ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ نِكَاحٍ بِشُبْهَةٍ وَأَنْكَرَهُ الْمَوْلَى لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْعَمُّ وَالْخَالُ وَسَائِرُ الْقَرَابَاتِ، فَإِنْ مَلَكَهُ يَوْمًا وَقَدْ ادَّعَاهُ مِنْ جِهَةِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، أَوْ فَاسِدٍ أَوْ مِنْ جِهَةِ مِلْكٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، وَلَوْ مَلَكَ أُمَّهُ مَعَهُ، أَوْ دُونَهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَإِنْ مَلَكَ الْوَلَدَ أَبُو الْمُدَّعِي وَهُوَ يَجْحَدُ مَقَالَةَ ابْنِهِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ الِابْنِ وَلَا يَعْتِقْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا وَلَدَتْ جَارِيَةُ الرَّجُلِ وَلَدًا وَادَّعَى ابْنُهُ نَسَبَ هَذَا الْوَلَدِ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا بِتَصْدِيقٍ مِنْ الْأَبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الِابْنُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْأَبِ، فَإِنْ أَقَامَ الِابْنُ بَيِّنَةً عَلَى التَّزْوِيجِ بِرِضَا الْأَبِ، أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَإِنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ يَثْبُتُ مِنْهُ وَيَعْتِقُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا صَغِيرًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ صَحَّ وُلِدَ عِنْدَهُ أَوْ لَا، وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا يُنْظَرُ إنْ جَحَدَ يَبْطُلُ إقْرَارُهُ وَإِلَّا فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ أَعْتَقَ جَارِيَةً وَلَهَا وَلَدٌ ثُمَّ ادَّعَى وَلَدَهَا بَعْدَمَا أَعْتَقَهَا قَالَ يَلْزَمُهُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدٌ صَغِيرٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ ادَّعَاهُ الْآخَرُ أَنَّهُ ابْنُهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَكُونُ مَوْلًى لَهُمَا إنْ كَانَتْ دَعْوَةُ الْمُدَّعِي دَعْوَةَ تَحْرِيرٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَتُهُ دَعْوَةَ اسْتِيلَادٍ بِأَنْ كَانَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ فَلِلْمُعْتِقِ نِصْفُ الْوَلَاءِ وَلَا وَلَاءَ لِلْمُدَّعِي، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَيَعْتِقُ الْعَبْدُ كُلُّهُ عَلَى الْمُعْتِقِ، وَالْآخَرُ ادَّعَى نَسَبَ حُرٍّ صَغِيرٍ لَيْسَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ فَتَصِحُّ دَعْوَتُهُ اسْتِحْسَانًا، هَذَا إذَا ادَّعَى الْآخَرُ نَسَبَهُ، فَأَمَّا إذَا ادَّعَاهُ الْمُعْتِقُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْآخَرِ، وَعِنْدَهُمَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ اسْتِحْسَانًا، وَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْمُدَّعِي، وَإِنْ جَحَدَ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْمُعْتِقِ وَتَصِحُّ دَعْوَةُ الْآخَرِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ أَحَدِهِمَا إلَّا بِتَصْدِيقِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ كَانَ وَلَدَانِ تَوْأَمَيْنِ فَأُعْتِقَ أَحَدُهُمَا فَادَّعَى نَسَبَ الْآخَرِ يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا وَيَبْطُلُ الْعِتْقُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ رَجُلٌ أَعْتَقَ جَارِيَةً وَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا فَادَّعَاهُ

الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ قَالَ: أَيُّهُمَا صَدَّقْتُهُ فَهُوَ ابْنُهُ، فَإِنْ صَدَّقَتْ الزَّوْجَ وَادَّعَى نِكَاحًا فَاسِدًا، أَوْ وَطْئًا بِشُبْهَةٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ لَيْسَ لَهُ دَعْوَاهُ بِدُونِ تَصْدِيقِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. نُعِيَ إلَى امْرَأَةٍ زَوْجُهَا فَاعْتَدَّتْ وَنَكَحَتْ وَوَلَدَتْ فَجَاءَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ حَيًّا فَالْوَلَدُ مِنْ الْأَوَّلِ كَيْفَ مَا كَانَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ مِنْ وَقْتِ نِكَاحِ الثَّانِي إلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مِنْ الثَّانِي، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ مِنْ وَقْتِ ابْتِدَاءِ وَطْءِ الزَّوْجِ الثَّانِي إلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ أَقَلُّ مِنْ سَنَتَيْنِ فَالْوَلَدُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَهُوَ مِنْ الثَّانِي، كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِهِ فِي دَعْوَى الْمَبْسُوطِ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَصَحُّ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَرَوَى أَبُو عِصْمَةَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجُرْجَانِيِّ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ، وَقَالَ: الْأَوْلَادُ لِلثَّانِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ غَابَ عَنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ بِكْرٌ ابْنَةُ عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا فَتَزَوَّجَتْ وَجَاءَتْ بِأَوْلَادٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوْلَادُ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ حَتَّى جَازَ لِلزَّوْجِ الثَّانِي دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى هَؤُلَاءِ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ، وَقَالَ عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجُرْجَانِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ الْأَوْلَادَ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَرَجَعَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تُرَدُّ عَلَى الْأَوَّلِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ سُبِيَتْ الْمَرْأَةُ فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَوَلَدَتْ أَوْلَادًا فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ طَلَاقًا وَاعْتَدَّتْ فَتَزَوَّجَتْ وَجَحَدَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً صَغِيرَةً بِتَزْوِيجِ أَبِيهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ فَكَبِرَتْ الْبِنْتُ وَتَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ آخَرَ فَحَضَرَ الْغَائِبُ وَادَّعَاهَا فَأَنْكَرَتْ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَمْ يُقْضَ لَهُ بِهَا وَقُضِيَ بِهَا لِلثَّانِي فَوَلَدَتْ مِنْهُ بِنْتًا وَلِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ ابْنٌ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى هَلْ يَجُوزُ النِّكَاحُ بَيْنَ هَذَا الِابْنِ وَهَذِهِ الْبِنْتِ؟ قَالَ: إنْ كَانَ فِي حَالِ الصِّغَرِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِ أَبِيهِ أَنَّ أُمَّ الْبِنْتِ زَوْجَتُهُ وَالْبِنْتُ وُلِدَتْ عَلَى فِرَاشِهِ فَهِيَ بِنْتُهُ، وَأَمَّا إذَا كَبِرَ الِابْنُ وَهُوَ يَتَزَوَّجُ الْبِنْتَ بِنَفْسِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الِابْنِ لَمْ يَنْفُذْ عَلَى غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةَ رَجُلٍ وَوَلَدَتْ وَلَدًا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ مُنْذُ شَهْرٍ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ كَانَ مُنْذُ سَنَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي النِّكَاحَ مُنْذُ سَنَةٍ وَيُحْكَمُ بِإِثْبَاتِ النَّسَبِ مِنْهُمَا، فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ شَهْرٍ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةَ بَعْدَمَا تَصَادَقَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ شَهْرٍ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ سَنَةٍ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ قَالَ فِي مَرَضِهِ هَذَا الْغُلَامُ ابْنِي مِنْ إحْدَى هَاتَيْنِ الْجَارِيَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتِقُ الْغُلَامُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَتَسْعَى كُلُّ جَارِيَةٍ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا وَيَعْتِقُ نِصْفُهَا مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ ابْنُهُ مِنْ أَمَتِهِ هَذِهِ ثُمَّ مَاتَ فَأَقَامَ إخْوَتُهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُمْ زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ قَبْلَ وِلَادَتِهِ بِثَلَاثِ سِنِينَ فَوَلَدَتْ هَذَا عَلَى فِرَاشِ الْعَبْدِ وَالْعَبْدُ وَالْأَمَةُ يُنْكِرَانِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَانَ الْغُلَامُ وَالْأَمَةُ يَدَّعِيَانِ ذَلِكَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ يُثْبِتَانِ الْحَقَّ لِأَنْفُسِهِمَا وَهُوَ النِّكَاحُ عَلَى الْمَيِّتِ وَيَعْتِقُ الْغُلَامُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ هَذَا الْإِقْرَارُ مِنْ الْمَوْلَى فِي صِحَّتِهِ يُعْتَبَرُ الْعِتْقُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَرَضِهِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْغُلَامُ ذَلِكَ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ أَيْضًا وَيَكُونُ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْغُلَامَ وَالْأَمَةَ جَمِيعًا ذَلِكَ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ ادَّعَتْ

الباب الخامس عشر في دعوى الاستحقاق وما هو في معنى الاستحقاق

الْأُمُّ النِّكَاحَ، أَوْ ادَّعَاهُ الْغُلَامُ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ لِلْإِثْبَاتِ فَإِنَّ النَّسَبَ مِنْ حَقِّ الْغُلَامِ فَإِذَا أَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ مِنْ الْعَبْدِ كَانَ مُثْبِتًا حَقَّ نَفْسِهِ فَيَثْبُتُ النِّكَاحُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَبْدِ وَذَلِكَ حَقُّهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا حَالَ مَا أَقَامَتْ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ يُوقَفُ حُكْمُ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ حَتَّى يَحْضُرَ الْعَبْدُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وَلَدَتْ امْرَأَةُ الرَّجُلِ وَلَدًا وَادَّعَتْ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْهُ وَالزَّوْجُ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَشَهِدَ عَلَى الزَّوْجِ ابْنُهُ، أَوْ أَخُوهُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ بِذَلِكَ أَبُو الْمَرْأَةِ أَوْ جَدُّهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ جَحَدَتْ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ أَبُو الزَّوْجِ أَوْ جَدُّهُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ، ادَّعَى الزَّوْجُ أَوْ جَحَدَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ] (الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ) إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي اسْتِحْقَاقَ الْمُشْتَرَى عَلَى الْبَائِعِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لَا بُدَّ أَنْ يُفَسِّرَ الِاسْتِحْقَاقَ وَيُبَيِّنَ سَبَبَهُ ثُمَّ إذَا بَيَّنَ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ وَصَحَّ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ مِنْهُ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَيْعِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ وَلَا يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُشْتَرِي لِسَمَاعِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَلْ إذَا ذَكَرَ شِيمَتَهُ وَصِفَاتِهِ وَذَكَرَ مِقْدَارَ الثَّمَنِ كَفَاهُ ثُمَّ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَأَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَبْرَأ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِشَيْءٍ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْبَاعَةِ لَا يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْبَعْضِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ لَمْ يُؤَدِّ الثَّمَنَ أَوْ أَدَّى بَعْضَهُ يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَعَلَى أَدَاءِ الْبَاقِي فِي الْفَصْلِ الثَّانِي لِجَوَازِ أَنَّ الْقَاضِيَ عَسَى أَنْ لَا يَقْضِيَ بِبَيِّنَةِ الْمُسْتَحِقِّ الْبَيْعَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمُشْتَرِي إذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ فَوَعَدَهُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ إنْ صَدَقَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَقَبِلَ السِّجِلَّ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَكِنْ وَعَدَهُ ثُمَّ خَالَفَ لَا يُجْبَرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ وَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى شَيْءٍ قَلِيلٍ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا بِعَبْدٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الدَّارِ كَانَ مُشْتَرِي الدَّارِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الدَّارِ بِنِصْفِ الْعَبْدِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَلَا يَكُونُ لِمُشْتَرِي الْعَبْدِ الْخِيَارُ وَإِنْ تَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ عَلَيْهِ وَتَعَيَّبَ الْبَاقِي بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ وَعَلَى هَذَا إذَا اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الْعَبْدِ دُونَ نِصْفِ الدَّارِ لَا خِيَارَ لِمُشْتَرِي الدَّارِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ الدَّارِ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَ الْمَأْخُوذِ وَقَدْرَ الْمَتْرُوكِ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الرُّبْعَ بِالرُّبْعِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ النِّصْفَ بِالنِّصْفِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا حَتَّى أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ نِصْفَ الْعَبْدِ أَوْ سَلَّمَ ذَلِكَ النِّصْفَ إلَى مُشْتَرِي الْعَبْدِ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ يَبْطُلُ خِيَارُ مُشْتَرِي الْعَبْدِ وَيَكُونُ الْخِيَارُ لِمُشْتَرِي الدَّارِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ. اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا وَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ اشْتَرَاهُ ثَانِيًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ هُوَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ هَكَذَا حَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْإِسْلَامِ مَحْمُودٍ الْأُوزْجَنْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا إنَّ الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ لِلْمُسْتَحِقِّ يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْبِيَاعَاتِ كُلِّهَا أَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَالْقَضَاءُ بِالْمِلْكِ لِلْمُسْتَحِقِّ لَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْبِيَاعَاتِ فَيَبْقَى بَيْعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَشِرَاؤُهُ ثَانِيًا

عَلَى حَالِهِمَا فَلَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَلَكِنْ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ ثُمَّ بَائِعُهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ آخَرَ دَارًا قَبَضَهَا وَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي خُذْ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعْتَهُ إلَى الْبَائِعِ مِنِّي فَأَخَذَ ثُمَّ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ مِنْ الْمُشْتَرِي هَلْ لَهُ ذَلِكَ فَقَدْ قِيلَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا إنَّ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالْمِلْكِ لِلْمُسْتَحِقِّ تَنْفَسِخُ الْبِيَاعَاتِ وَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ وَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ فَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي خُذْ الثَّمَنَ مِنِّي فَأَخَذَ ثُمَّ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَضَمِنَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي مَا أَدْرَكَهُ مِنْ دَرْكِهِ فِي الْعَبْدِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ مُسْتَحِقٌّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ بِالْبَيِّنَةِ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ يَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْمُشْتَرِي الْآخَرِ وَعَلَى الْبَاعَةِ أَجْمَعَ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي أَوْ وَاحِدٌ مِنْ الْبَاعَةِ بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَكِنْ إنَّمَا يَرْجِعُ كُلُّ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعِهِ إذَا رَجَعَ عَلَيْهِ مُشْتَرِيه حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوْسَطِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي الْأَوْسَطُ. وَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَضْمَنَ الْكَفِيلَ بِالدَّرَكِ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَهَلْ يَحْتَاجُ كُلُّ مُشْتَرٍ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الرُّجُوعِ إذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى بَائِعِهِ؟ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ الرُّجُوعُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ يَحْتَاجُ، وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ بِأَنْ كَانَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي لَا يَحْتَاجُ، وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يُسْتَحَقَّ وَلَكِنْ أَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْآخَرِ عَلَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَقَضَى الْقَاضِي بِهَا رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مُشْتَرِيهِ وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَلَكِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لِفُلَانٍ مُنْذُ سَنَةٍ أَعْتَقَهُ وَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ الْعَبْدَ كَانَ لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ أَعْتَقَهُ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ. وَكَانَ تَارِيخُ الْعِتْقِ قَبْلَ تَارِيخِ الْبِيَاعَاتِ كُلِّهَا يَرْجِعُ كُلُّ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُعْرَفْ التَّارِيخُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لِفُلَانٍ مُنْذُ سَنَةٍ دَبَّرَهُ أَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهَا كَانَتْ لِفُلَانٍ مُنْذُ سَنَةٍ اسْتَوْلَدَهَا أَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ تَارِيخُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ قَبْلَ تَارِيخِ الْبِيَاعَاتِ كُلِّهَا أَوْ لَمْ يُعْرَفْ التَّارِيخُ أَصْلًا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ فَهَذَا وَمَا لَوْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ أَوْ عَلَى الْعِتْقِ سَوَاءٌ يَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَة عَلَى الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ بِتَارِيخٍ بَعْدَ تَارِيخِ الْبِيَاعَاتِ كُلِّهَا بِأَنْ أَقَامَ الْعَبْدُ أَوْ الْجَارِيَةُ بَيِّنَةً عَلَى الْمُشْتَرِي الْآخَرِ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ أَوْ جَارِيَةُ فُلَانٍ أَعْتَقَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا بَعْدَ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ أَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ كَانَ هَذَا وَالْقَضَاءُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ سَوَاءٌ وَلَوْ كَانَ تَارِيخُ الْعِتْقِ مِنْ الْعَبْدِ بَيْنَ الْبِيَاعَاتِ حَتَّى وَقَعَ بَعْضُهَا قَبْلَ الْعِتْقِ وَبَعْضُهَا بَعْدَ الْعِتْقِ فَمَا كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ لَا يَرْجِعُ مِنْهُ كُلُّ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَمَا كَانَ بَعْدَ الْعِتْقِ يَرْجِعُ فِيهِ كُلُّ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ اعْتِبَارُ الْبَعْضِ بِالْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّهَا بِبَيِّنَةٍ

يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي لِلْمُسْتَحِقِّ أَوْ اُسْتُحْلِفَ فَنَكَلَ وَقَضَى بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ لِلْمُسْتَحِقِّ رَجَعَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ يَحْلِفُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ نَكَلَ رَدَّ الثَّمَنَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَا أَقَرَّ أَوْ نَكَلَ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْجَارِيَةَ مِلْكٌ لِلْمُسْتَحِقِّ يُرِيدُ بِهِ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْجَارِيَةَ أَحَدٌ وَلَكِنْ ادَّعَتْ إنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ فَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ أَوْ أَبَى الْيَمِينَ وَقَضَى الْقَاضِي بِحُرِّيَّتِهَا لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ حَضَرَ الْبَائِعُ وَأَنْكَرَ مَا قَالَهُ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ ادَّعَى الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهَا جَارِيَتُهُ وَأَنَّهُ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ أَوْ نَكَلَ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ لِيَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ يُنْظَرُ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ بِعِتْقٍ مُطْلَقٍ أَوْ بِعِتْقٍ بِتَارِيخٍ قَبْلَ الشِّرَاءِ قُبِلَتْ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَأَمَّا إذَا شَهِدُوا بِعِتْقٍ مُؤَرَّخٍ بِتَارِيخٍ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ أَمَةٌ فِي يَدِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ لِمُحَمَّدٍ يَا مُحَمَّدُ الْأَمَةُ الَّتِي فِي يَدِ عَبْدِ اللَّهِ كَانَتْ أَمَتِي بِعْتُهَا مِنْك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَسَلَّمْتُهَا إلَيْك وَلَمْ تَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَّا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ غَلَبَ عَلَيْك وَغَصَبَهَا مِنْك وَصَدَّقَهُ مُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ يُنْكِرُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيَقُولُ الْجَارِيَةُ جَارِيَتِي فَالْقَوْلُ فِي الْجَارِيَةِ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ وَيُقْضَى بِالثَّمَنِ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَى مُحَمَّدٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فَلَوْ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بِبَيِّنَةٍ عَلَى النِّتَاجِ أَوْ مُطْلَقًا لَمْ يَرْجِعْ مُحَمَّدٌ عَلَى إبْرَاهِيمَ بِشَيْءٍ وَإِنْ أَقَامَ مُحَمَّدٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهَا أَمَتُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ إبْرَاهِيمَ وَهُوَ يَمْلِكُهَا وَهُوَ قَبَضَهَا قَضَى لَهُ بِهَا وَإِنْ أَعَادَ الْمُسْتَحِقُّ بَيِّنَةَ النِّتَاجِ عَلَى مُحَمَّدٍ قَضَى لَهُ بِهَا عَلَى مُحَمَّدٍ وَرَجَعَ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْجَارِيَةَ أَحَدٌ وَلَكِنْ أَقَامَتْ الْجَارِيَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ وَقَضَى الْقَاضِي بِحُرِّيَّتِهَا رَجَعَ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَتْ الْجَارِيَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَتَهُ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ رَجَعَ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ. وَهَذَا إذَا أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ فَأَمَّا إذَا أُرِّخَتْ بِأَنْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَلَكَهَا مُنْذُ سَنَةٍ وَأَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ يُنْظَرُ إلَى تَارِيخِ الْعَقْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ إبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنْ كَانَ مُنْذُ سَنَةٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ يَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَإِنْ كَانَ تَارِيخُ الْعَقْدِ الَّذِي جَرَى بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ مُنْذُ سَنَتَيْنِ لَا يَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَلَوْ أَنَّ الْجَارِيَةَ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَاتَبَهَا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ لَا يَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ إلَّا إذَا أَدَّتْ بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَعَتَقَتْ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَقَرَّ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ مُحَمَّدٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَبَضَهَا وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَصَدَّقَهُ مُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ إنْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ مِنْ يَدِ عَبْدِ اللَّهِ يَرْجِعُ عَبْدُ اللَّهِ بِالثَّمَنِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَيَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ بَعْدَ مَا اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ مِنْ يَدِ عَبْدِ اللَّهِ يَرْجِعُ عَبْدُ اللَّهِ بِالثَّمَنِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَلَا يَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَكَذَا إنْ أَقَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بِالشِّرَاءِ مِنْ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدٌ كَانَ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا فَلَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ حَتَّى اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ مِنْ يَدِ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ صَدَّقَهُ مُحَمَّدٌ فِيمَا قَالَ فَإِنْ قَالَ مُحَمَّدٌ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إبْرَاهِيمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ اشْتَرَاهَا مِنِّي يُرِيدُ بِهِ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ مُحَمَّدٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ صَدَّقَهُ عَبْدُ اللَّهِ فِي دَعْوَاهُ الشِّرَاءَ مِنْهُ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ الْجَارِيَةِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ

وَرَجَعَ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَلَوْ تَصَادَقَ مُحَمَّدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ عَلَى أَنَّ مُحَمَّدًا وَهَبَ الْجَارِيَةَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنَّ مُحَمَّدًا تَصَدَّقَ بِالْجَارِيَةِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لَا يَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَرْجِعُ عَلَى إبْرَاهِيمَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ حَاضِرَانِ فَقَضَى الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ هَذَا الْمُسْتَحِقِّ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْقَاضِي بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، قُلْ لِلْبَائِعِ لِيُسَلِّمَ الْمَبِيعَ إلَيَّ وَإِلَّا فَانْقُضْ الْبَيْعَ بَيْنَنَا فَالْقَاضِي يُنْقِضُ الْبَيْعَ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ. فَلَوْ فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ وَجَدَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَى الْأَمَةَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ فَفَسَخَ الْبَيْعَ عَلَى حَالِهِ لِنَفَاذِ الْفَسْخِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْأَمَةَ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَأُخِذَتْ مِنْ يَدِهِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ فَأَقَامَهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَقَضَى بِالْأَمَةِ لِلْبَائِعِ فَأَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يُلْزِمَ الْمَبِيعَ الْمُشْتَرِي لَهُ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلٍ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَعُودُ الْبَيْعُ وَهَذَا إذَا قَضَى الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ أَمَّا إذَا أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ لِلْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ رَجَعَتْ الْجَارِيَةُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَوْ قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ ثُمَّ أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ فَعَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ فَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ الْجَارِيَةِ وَامْتَنَعَ الْبَائِعُ لَا يُجْبَرُ وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يُلْزِمَهُ لَهُ ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يُخَاصِمْ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ وَلَكِنْ طَلَب مِنْهُ الثَّمَنَ فَأَعْطَاهُ أَوْ قَبِلَ الْفَسْخَ ثُمَّ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَقَضَى بِالْجَارِيَةِ لَهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُلْزِمَ صَاحِبَهُ الْجَارِيَةَ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ لَكِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ فَهَذَا وَمَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَلَدَتْ أَوْ شَجَرَةً فَأَثْمَرَتْ وَالثِّمَارُ عَلَيْهَا وَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بِالْبَيِّنَةِ وَالْوَلَدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ وَالثَّمَرَةُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْحُكْمُ بِالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ مَقْصُودًا اُخْتُلِفَ فِيهِ قِيلَ الْقَضَاءُ لَهُ بِالْأَصْلِ قَضَاءٌ بِالْفَرْعِ وَقَالَ الصَّدْرُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِالْفَرْعِ أَيْضًا كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْفَرْعُ فِي يَدِهِ وَكَانَ فِي يَدِ آخَرَ وَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهُوَ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ قُتِلَ وَأُخِذَ مِنْهُ عَشَرَةُ آلَافٍ غَرِمَ قِيمَتَهُ لَا غَيْرُ وَإِنْ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا كَثِيرًا فَكُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَغْرَمُ لِلْبَائِعِ شَيْئًا وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ وَلَوْ اكْتَسَبَتْ الْجَارِيَةُ أَوْ وُهِبَ لَهَا يَأْخُذُهَا الْمُسْتَحِقُّ مَعَ الِاكْتِسَابِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ كَرْمًا أَوْ اشْتَرَى الْأَرْضَ وَالنَّخِيلَ جَمِيعًا وَقَبَضَهُمَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْعَرْصَةُ وَحْدَهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْأَشْجَارَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اشْتَرَى فَرَسًا مَعَ السَّرْجِ وَاسْتُحِقَّا رَجَعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بِلَا سَرْجٍ رَجَعَ بِالْحِصَّةِ وَكَذَا لَوْ ضَاعَ السَّرْجُ قَائِمًا وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ السَّرْجِ وَأَنْ يَرْجِعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَأَبَى الْبَائِعُ قَبُولَهُ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا شَجَرًا فَنَبَتَ الشَّجَرُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي اقْلَعْ الشَّجَرَ فَإِنْ كَانَ قَلْعُهُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ يُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ إنْ شِئْت تَدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةَ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا وَيَكُونُ الشَّجَرُ لَك وَإِنْ شِئْت فَمُرْهُ حَتَّى يَقْلَعَ الشَّجَرَ وَيَضْمَنَ لَك نُقْصَانَ أَرْضِك فَإِنْ أَمَرَهُ بِقَلْعِ الشَّجَرِ وَقَلَعَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَفِرَ بِالْبَائِعِ بَعْدَ الْقَلْعِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ

بِقِيمَةِ الشَّجَرِ وَلَا بِمَا ضَمِنَ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَإِنْ اخْتَارَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا وَيُمْسِكُ الشَّجَرَ وَأَعْطَاهُ الْقِيمَةَ ثُمَّ ظَفِرَ الْمُشْتَرِي بِالْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْأَرْضِ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ لَمْ تُسْتَحَقَّ الْأَرْضُ حَتَّى أَثْمَرَ الشَّجَرُ بَلَغَ الثَّمَرُ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ حَتَّى جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّ الْأَرْضَ وَطَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِقَلْعِ الشَّجَرِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بَائِعُ الْأَرْضِ حَاضِرًا كَذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ ثَابِتَةً فِي الْأَرْضِ وَيُسَلِّمَ الشَّجَرَ قَائِمَةً إلَى الْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ، وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَطْعِ الثَّمَرِ بَلَغَ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى قَلْعِ الشَّجَرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَحَالَ الْبَائِعُ رَجُلًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَأَدَّى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْمُحْتَالِ لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ مِنْ يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرِي عَلَى مَنْ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ ذَكَرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ السَّعْدِيِّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ قِيلَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِالْبَائِعِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحْتَالِ لَهُ قَالَ لَا وَفِي الْجَامِعِ قِيلَ لَهُ إنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ الْوَكِيلِ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي دَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ وَإِنْ كَانَ دَفَعَ الْمُوَكِّلُ يُقَالُ لِلْوَكِيلِ طَالِبْ الْمُوَكِّلَ بِالثَّمَنِ وَخُذْهُ وَادْفَعْهُ إلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ بَيْعٌ جَرَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي جَارِيَةٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ بِالْقَضَاءِ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ وَقَبَضَ ثُمَّ ظَهَرَ فَسَادُ الْقَضَاءِ بِفَتْوَى الْأَئِمَّةِ وَأَخَذَ الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ لَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرِدَّ تِلْكَ الْجَارِيَةَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اشْتَرَى مِنْ آخَرَ قَرَاطِيسَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَأَعْطَى الْمُشْتَرِي حِمَارًا مُعَيَّنًا فِي ثَمَنِ الْقَرَاطِيسِ بِسَبْعِينَ قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ فَعِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْقَرَاطِيسِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِسَبْعِينَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَاهَا وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي وَصَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ فِي أَنَّهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي إنَّمَا كَانَتْ هِيَ لِلْمُدَّعِي لِأَنَّك وَهَبْتهَا لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَقَدْ عَدَّلَهُمَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَسْأَلُ عَنْ الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ عُدِّلَا رَجَعَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يُعَدَّلَا فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِتَعْدِيلِهِ إيَّاهُمَا وَلَا يَرْجِعُ هُوَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَفَلَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمْنِ كَفِيلٌ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي وَنَقَدَ الْكَفِيلُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ غَابَ الْكَفِيلُ وَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ وُجِدَ حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَوَجَدَهَا أَمَّ وَلَدٍ فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ قَالَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْكَفِيلُ قَدْ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا نَقَدَهُ لِلْبَائِعِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا نَقَدَهُ لِلْبَائِعِ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْكَفِيلُ فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا نَقَدَهُ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ لَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ. وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَا حَضَرَ الْكَفِيلُ اتِّبَاعَ الْبَائِعِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْكَفِيلُ اتِّبَاعَ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ تَكُنْ كَفَالَةً وَكَانَ أَمْرًا بِقَضَاءِ الثَّمَنِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ فِي جَمِيعِ

مَا وَصَفْنَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَسْبَابِ فِي فَصْلِ الْكَفَالَةِ وَلَكِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَانَ الْكَفِيلُ قَدْ نَقَدَ الثَّمَنَ وَغَابَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ سَوَاءٌ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا نَقَدَ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ فَإِنْ حَضَرَ الْكَفِيلُ فِي فَصْلِ مَوْتِ الْعَبْدِ أَوْ كَانَ الْكَفِيلُ حَاضِرًا لَمْ يَكُنْ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَلَكِنْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَإِنْ كَانَ الِانْفِسَاخُ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ نَحْوُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ بِخِيَارِ الشَّرْطِ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ عَنْهُ فَنَقَدَ ثُمَّ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الَّذِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَانَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْمُشْتَرِي سَبِيلٌ. وَإِنْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ فِيمَا بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَقْدٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الثَّالِثِ نَحْوُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَنَحْوُ الْإِقَالَةِ لَا يَكُونُ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ وَيَكُونُ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْمُشْتَرِي وَيَكُونُ الْمَقْبُوضُ لِلْكَفِيلِ دُونَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ تَكُنْ كَفَالَةٌ وَلَكِنْ نَقَدَ رَجُلٌ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَاهُ نَظِيرَ الْجَوَابِ فِي الْكَفَالَةِ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي فَصَالَحَ الْكَفِيلُ الْبَائِعَ عَنْ الثَّمَنِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا كَانَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالدَّرَاهِمِ دُونَ الدَّنَانِيرِ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ وَالْكَفِيلُ غَائِبٌ ثُمَّ حَضَرَ كَانَ لَهُ اتِّبَاعُ الْبَائِعِ بِالدَّنَانِيرِ وَلَا سَبِيلَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَسْتَوِي فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ الْكَفِيلَ الدَّرَاهِمَ الَّتِي كَفَلَ بِهَا عَنْ الْمُشْتَرِي بِالدَّنَانِيرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بَطَلَ الْبَيْعُ وَأَرَادَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِهَذِهِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالصُّلْحِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ. فَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ بَعْدُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ وَلَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْعَبْدُ وَلَكِنَّهُ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَقَدْ كَانَ بَاعَ الْكَفِيلُ عَنْ الْبَائِعِ بِالدَّرَاهِمِ خَمْسِينَ دِينَارًا وَقَبَضَهَا مِنْهُ الْبَائِعُ فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِأَلْفٍ وَلَا سَبِيلَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْكَفِيلُ صَالَحَ الْبَائِعَ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا وَفِي الصُّلْحِ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَدَّ خَمْسِينَ دِينَارًا وَإِنْ شَاءَ رَدَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَفِي الْبَيْعِ يَرُدُّ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ ثُمَّ فِي الصُّلْحِ إنْ اخْتَارَ الْبَائِعُ رَدَّ الدَّرَاهِمِ فَالْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي يَسْتَوْفِيه وَإِنْ اخْتَارَ رَدَّ الدَّنَانِيرِ فَالْكَفِيلُ هُوَ الَّذِي يَقْبِضُ ذَلِكَ وَلَا سَبِيلَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ كَفَالَةٍ فَبَاعَ الْمَأْمُورُ مِنْ الْبَائِعِ خَمْسِينَ دِينَارًا بِالثَّمَنِ يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ الْمَأْمُورُ الْبَائِعَ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ كَفَلَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ صَالَحَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا بِالثَّمَنِ أَوْ بَاعَ مِنْهُ خَمْسِينَ دِينَارًا بِالثَّمَنِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ اُسْتُحِقَّ فَلَا سَبِيلَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَلَكِنَّ الْكَفِيلَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي الصُّلْحِ بَيْنَ إعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ وَبَيْنَ إعْطَاءِ الدَّنَانِيرِ وَفِي الْبَيْعِ لَا يَتَخَيَّرُ. وَلَوْ لَمْ تَكُنْ كَفَالَةٌ وَلَا أَمْرٌ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَكِنْ جَاءَ مُتَبَرِّعٌ وَبَاعَ دَنَانِيرَهُ مِنْ بَائِعِ الْعَبْدِ بِالثَّمَنِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ صَالَحَ مَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى دَنَانِيرِهِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا الصُّلْحُ فَإِنْ كَانَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الَّذِي عَلَى الْمُشْتَرِي لِلْمُتَبَرِّعِ يَكُون بَاطِلًا وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ كَانَ الصُّلْحُ جَائِزًا وَإِنْ أَطْلَقَ الصُّلْحَ إطْلَاقًا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِبْرَاءِ وَلَا بِالتَّمْلِيكِ يَجُوزُ

الباب السادس عشر في دعوى الغرور

فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ كَانَ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الدَّنَانِيرِ عَلَى الْمُصَالِحِ وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ كَانَ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَدَّ الدَّنَانِيرَ عَلَى الْكَفِيلِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَفَلَ بِجَيِّدٍ وَنَقَدَ نَبَهْرَجَةً رَجَعَ بِالْجَيِّدِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ اُسْتُحِقَّ اتَّبَعَ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ بِالنَّبَهْرَجَة وَإِنْ كَفَلَ نَبَهْرَجَةً وَنَقَدَ جِيَادًا رَجَعَ بِالنَّبَهْرَجَة وَلَوْ اُسْتُحِقَّ اتَّبَعَ الْبَائِعَ بِالْجَيِّدِ أَوْ الْمُشْتَرِيَ بِالنَّبَهْرَجَة وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالْجَيِّدِ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْعَبْدُ وَلَكِنْ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَدْ كَانَ الْكَفِيلُ أَدَّى أَنْقَصَ مِمَّا الْتَزَمَ فَلَا سَبِيلَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَبَهْرَجَةً وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ أَدَّى أَجْوَدَ مِمَّا الْتَزَمَ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْبَائِعِ سَبِيلٌ وَلَكِنْ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا كَفَلَ عَنْهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمِثْلِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي أَعْطَى الْكَفِيلُ الْبَائِعَ وَهُوَ الْجِيَادُ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ كَفَالَةٍ فَنَقَدَ الْمَأْمُورُ أَفْضَلَ مِمَّا أَمَرَهُ بِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ إلَّا بِمِثْلِ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَإِنْ نَقَدَهُ أَرْدَأَ مِمَّا أَمَرَهُ بِهِ يَرْجِعُ بِمِثْلِ الْمُؤَدَّى فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ يُخَيَّرُ الْمَأْمُورُ بَيْنَ اتِّبَاعِ الْبَائِعِ وَبَيْنَ اتِّبَاعِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ رَجَعَ بِمِثْلِ الْمَقْبُوضِ وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ بِالْمُؤَدَّى إنْ كَانَ الْمُؤَدَّى أَرْدَأَ مِمَّا أَمَرَهُ وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ رَجَعَ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمِثْلِ مَا أَخَذَ مِنْ الْمَأْمُورِ وَلَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْعَبْدُ وَلَكِنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا سَبِيلَ لِلْمَأْمُورِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا أَدَّى إنْ كَانَ الْمُؤَدَّى أَرْدَأَ مِمَّا أَمَرَهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ يَرْجِعُ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الشِّرَاءِ مُعَلَّقًا بِظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ جَازَ لَكِنْ إذَا أَخَذَهُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالْقَضَاءِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ بَعْدَ وُجُوبِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ بِفَسْخِ الْبَيْعِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَيَقْضِيَ بِهِ الْقَاضِي وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ وَيَجِبُ الثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ فَيَكُونُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْكَفِيلِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْكَفِيلِ وَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ الْأَمْرِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ لَكِنْ الْبَائِعُ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْقَضَاءِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ هُوَ عَلَى بَائِعِهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إنْ دَفَعَ الْمُدَّعِي إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا وَأَخَذَ الدَّارَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ الدَّافِعُ بِمَا دَفَعَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي دَعْوَى الصُّلْحِ. لَوْ صَالَحَهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ عَلَى دَرَاهِمَ وَقَبَضَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ رَجَعَ بِالدَّنَانِيرِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِنْ صَالَحَ مِنْ مِائَةٍ عَلَى نِصْفِهَا فَاسْتُحِقَّ الْبَدَلُ رَجَعَ بِمِثْلِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي دَعْوَى الصُّلْحِ. لَوْ صَالَحَ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ جَازَ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْكُرُّ أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَصْلِ حَقِّهِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ عَشَرَ فِي دَعْوَى الْغُرُورِ] (الْبَابُ السَّادِسُ عَشَرَ فِي دَعْوَى الْغُرُورِ) إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَمَةً شِرَاءً فَاسِدًا أَوْ جَائِزًا أَوْ مَلَكَهَا بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةً فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهُمَا رَجُلٌ فَإِنَّهُ يَقْضِي لِلْمُسْتَحِقِّ بِالْجَارِيَةِ وَأَوْلَادِهَا إلَّا إذَا ثَبَتَ غُرُورُ الْمُسْتَوْلِدِ وَلَا بُدَّ لِذَلِكَ مِنْ الْبَيِّنَةِ عَلَى الشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ ثَبَتَ غُرُورُ الْمُسْتَوْلِدِ فَيَقْضِي الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ بِالْجَارِيَةِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَبِعُقْرِهَا أَيْضًا وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى مُمَلِّكِهَا بِالْعُقْرِ بَائِعًا كَانَ أَوْ وَاهِبًا عِنْدَنَا وَهَلْ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ فَفِي فَصْلِ الشِّرَاءِ يَرْجِعُ وَفِي فَصْلِ الْهِبَةِ وَنَظَائِرِهَا لَا يَرْجِعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ

وَمَنْ مَاتَ مِنْ الْأَوْلَادِ قَبْلَ الْخُصُومَةِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُسْتَوْلِدُ مِنْ قِيمَتِهِ شَيْئًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْغُرُورُ أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ أَمَةً أَوْ يَمْتَلِكَهَا بِسَبَبِ الْمِلْكِ كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ فَيَسْتَوْلِدَهَا ثُمَّ يَظْهَرَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا مِلْكُ الْغَيْرِ فَالْوَلَدُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. أَمَةٌ أَتَتْ رَجُلًا فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ أَقَامَ مَوْلَاهَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَقُضِيَ بِهَا لَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْوَلَدِ أَيْضًا لِمَوْلَى الْجَارِيَةِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذَا فَقَدْ ثَبَتَ سَبَبُ حُرِّيَّةِ الْأَوْلَادِ وَهُوَ الْغُرُورُ فَكَانَ الْوَلَدُ حُرًّا لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَبِيهِ قِيمَتُهُ دَيْنًا فِي مَالِهِ حَالًّا وَقْتَ الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَمَنْ قُتِلَ مِنْ الْأَوْلَادِ خَطَأً فَقُضِيَ لِلْأَبِ بِدِيَتِهِ وَقَبَضَهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَتْلِ وَإِذَا كَانَ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا مِنْ دِيَةِ الْوَلَدِ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَإِنْ قَبَضَ مِنْ الدِّيَةِ قَدْرَ قِيمَةِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ لِلْوَلَدِ وَلَدٌ يُحْرِزُ دِيَتَهُ وَمِيرَاثَهُ مَعَ الْأَبِ فَخَرَجَ مِنْ الدِّيَةِ شَيْءٌ مِثْلُ الْقِيمَةِ أَوْ دُونَهَا قُضِيَتْ عَلَى الْأَبِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَلَا أَقْضِي بِهِ فِي الدِّيَةِ وَلَا فِي تَرِكَةِ الِابْنِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ قَتَلَهُ الْأَبُ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَوْلِدُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ أُسْوَةً لِغُرَمَائِهِ وَلَا يَكُونُ وَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْجَارِيَةِ وَإِنْ عَتَقَ رَقِيقًا فِي حَقِّ مَوْلَى الْجَارِيَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ رَقِيقًا فِي حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ لِيَمْكُنَ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَوْلِدِ وَهُوَ حُرٌّ فِي حَقِّ مَا سِوَاهُ مِنْ الْأَحْكَامِ وَعَنْ هَذَا قُلْنَا إنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُسْتَوْلِدَ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَلَدِ وَلَا يُجْعَلُ حُرًّا مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَرَابَةِ حَتَّى لَا يَضْمَنَ الْمُسْتَوْلِدُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْأَبِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَطَلَبَ يَمِينَ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى عِلْمِهِ حَلَّفْتُهُ عَلَى عِلْمِهِ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَخْبَرَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ عَنْ امْرَأَةٍ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَتَزَوَّجَهَا ذَلِكَ الْغَيْرُ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ وَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ وَجَعَلَ الْقَاضِي الْوَلَدَ حُرًّا بِالْقِيمَةِ إنْ زَوَّجَهَا الْمُخْبِرُ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَالْمُسْتَوْلِدُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْمُخْبِرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ زَوَّجَهَا مِنْهُ وَلَكِنَّ الْمَرْأَةَ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَالْمُسْتَوْلِدُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ الْوَلَدِ بَعْدَ الْعِتْقِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا غَرَّتْ الْأَمَةُ مِنْ نَفْسِهَا رَجُلًا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَمَةٌ لِهَذَا الرَّجُلِ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ فَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ أَبُو الْوَلَدِ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْبَائِعِ دُونَ الْأَمَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَوَلَدَتْ مِنْ الثَّانِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِي يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْبَائِعُ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا اشْتَرَى الرَّجُلَانِ جَارِيَةً ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا وَهَبَ نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ وَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا وَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ وَأَخَذَهَا وَقِيمَةُ الْأَوْلَادِ رَجَعَ الْمُسْتَوْلِدُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْأَوْلَادِ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ بِشَيْءٍ وَيَرْجِعُ الْوَاهِبُ عَلَى بَائِعِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ الْأَوْلَادِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَتْ أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَغَرِمَ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا لِشَرِيكِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ قَضَى بِهَا وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْعُقْرِ لِلْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَنِصْفِ الْقِيمَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا وَنِصْفِ عُقْرِهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَيَرْجِعُ الشَّرِيكُ عَلَى بَائِعِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلَانِ اشْتَرَيَا أَمَةً مِنْ وَصِيٍّ يَتِيمٍ فَاسْتَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَرَجَعَ الْمُسْتَوْلِدُ عَلَى الْوَصِيِّ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبَاقِي مِنْ الْوَلَدِ عَلَى شَرِيكِهِ وَإِنْ صَارَ مُشْتَرِيًا لِنِصْفِ الْبَاقِي مِنْ شَرِيكِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَصِيُّ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا

إذَا كَانَ الْبَائِعُ أَبًا لِلصَّغِيرِ فَهُوَ وَالْوَصِيُّ فِي حُكْمِ الرُّجُوعِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ عَلَى السَّوَاءِ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلًا أَوْ مُسْتَبْضِعًا كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا لَحِقَهُ مِنْ الْعُهْدَةِ عَلَى مَنْ وَقَعَ الْبَيْعُ لَهُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُضَارِبًا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْجَارِيَةِ فَضْلُ رِبْحٍ رَجَعَ بِجَمِيعِ مَا لَزِمَهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْجَارِيَةِ فَضْلٌ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَدَتْ أَمَةٌ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَقَالَ الْوَاطِئُ اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ وَلَمْ يُصَدِّقْهُمَا الْمُسْتَحِقُّ يَكُونُ وَلَدُهُ عَبْدًا بَعْدَمَا يَحْلِفُ الْمُسْتَحِقُّ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُسْتَحِقُّ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَعَلَى الْأَبِ الْقِيمَةُ وَلَا رُجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُسْتَحِقُّ دُونَهُمَا عَتَقَ الْوَلَدُ بِإِقْرَارِهِ بِلَا قِيمَةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا تَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْعَبْدُ امْرَأَةً حُرَّةً بِإِذْنِ مَوْلَاهُ فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَقَضَى بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ إذَا صَارَ الْمُكَاتَبُ مَغْرُورًا بِالشِّرَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا اشْتَرَى أَمَّ وَلَدٍ لِرَجُلٍ أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَوَقَعَ عَلَيْهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّ عَلَى الْمُسْتَوْلِدِ قِيمَةَ الْوَلَدِ، وَالْعُقْرُ لِمَوْلَى الْمُدَبَّرَةِ وَلِمَوْلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَالْعُقْرُ لِلْمُكَاتَبَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُكَاتَبَةٌ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَظَهَرَ أَنَّهَا مُكَاتَبَةٌ فَإِنَّ الْمُسْتَوْلِدَ يَضْمَنُ لِلْمُكَاتَبَةِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. مُكَاتَبٌ أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ بَاعَ أَمَةً فَاسْتَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ أَبُو الْوَلَدِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى بَائِعِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ الْوَارِثُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الْمُورِثِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ بَعْدَمَا اسْتَوْلَدَهَا وَالْمُوصَى لَهُ بِالْجَارِيَةِ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى بَائِعِ الْمُوصَى وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ إذَا اسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ لِفُلَانٍ وَدِيعَةً عِنْدَهُ فَوَطِئَ الْوَارِثُ الْأَمَةَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَدْ عَلِمَ الْوَارِثُ بِإِقْرَارِ الْمُورِثِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَإِنَّهُ يَقْضِي لِلْمُسْتَحِقِّ بِالْجَارِيَةِ بِالْوَلَدِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ وَرِثَ أَمَةً مِنْ أَبِيهِ فَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثُمَّ رَجَعَ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى بَائِعِ الْمُورَثِ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ إذَا اسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الْمُوصِي مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ ابْنًا وَجَارِيَةً وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَوَطِئَهَا ابْنُهُ فَوَلَدَتْ مِنْهُ بِيعَتْ الْجَارِيَةُ فِي الدَّيْنِ وَيَضْمَنُ الِابْنُ قِيمَةَ وَلَدِهَا وَعُقْرَهَا لِلْغُرَمَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ قَضَى بِالْجَارِيَةِ وَبِالْعُقْرِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُحِيطٍ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَعُقْرَهَا وَيُقْضَى مِنْهُ الدَّيْنُ وَمَا بَقِيَ مِيرَاثٌ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَهَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِثْلَ قِيمَتِهَا أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا يَضْمَنُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَيَغْرَمُ الْعُقْرَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً مَغْصُوبَةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْبَائِعَ غَاصِبٌ أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ فَاسْتَوْلَدَهَا كَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ اشْتَرَاهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ فَقَالَ الْبَائِعُ إنَّ صَاحِبَهَا وَكَّلَنِي بِبَيْعِهَا أَوْ مَاتَ وَأَوْصَى إلَيَّ فَبَاعَهَا مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ فَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ حَضَرَ الْمَالِكُ وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ ثُمَّ يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ بِمَا غَرِمَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً فَاشْتَرَاهَا وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ فَاسْتَوْلَدَهَا الْمُوَكِّلُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ وَأَخَذَ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَعُقْرَ الْجَارِيَةِ مِنْ الْمُسْتَوْلِدِ لَا مِنْ الْوَكِيلِ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَوْلِدُ وَهُوَ الْمُوَكِّلُ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْوَكِيلُ هُوَ الَّذِي يَلِي الْخُصُومَةَ فِي ذَلِكَ مَعَ الْبَائِعِ فَإِنْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ مِنْ الْمُسْتَوْلِدِ وَقَالَ لَمْ يَشْتَرِ هَذَا مِنِّي وَأُقَام الْمُسْتَوْلِدُ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا اشْتَرَى هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ

بِأَمْرِي وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِي صَارَ الْمُشْتَرِي مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ، وَالْوَكِيلُ هُوَ الَّذِي يَلِي الْخُصُومَةَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ شَهِدَ شُهُودُ الْمُسْتَوْلِدِ عَلَى الشِّرَاءِ وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَوْلِدَ أَمَرَ الْمُشْتَرِيَ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا شَهِدُوا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِفُلَانٍ بِأَمْرِهِ فَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَرَّ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَفِي حَالَةِ الشِّرَاءِ أَنَّهُ يَشْتَرِيهَا لِفُلَانٍ يَصِيرُ الْمُسْتَوْلِدُ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَرَّ الشِّرَاءَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِفُلَانٍ لَا يَكُونُ لِلْمُسْتَوْلِدِ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهَا جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَاسْتَوْلَدَهَا الْمُضَارِبُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَالْوَلَدُ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُضَارِبُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَيَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ كَمَا كَانَ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِرُبْعِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ خَاصَّةً وَلَا يَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأُمِّ فَضْلٌ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الْوَلَدَ مَعَ الْأُمِّ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ الْمُضَارِبِ وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ هُوَ الَّذِي اسْتَوْلَدَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ وَاَلَّذِي يَلِي خُصُومَةَ الْبَائِعِ فِي ذَلِكَ الْمُضَارِبُ فَيَكُونُ الثَّمَنُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ لِرَبِّ الْمَالِ وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَالرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ فَيَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ فَاشْتَرَى لَهُ جَارِيَةً ثُمَّ إنَّ الْآمِرَ وَهَبَهَا فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَأُخِذَتْ الْجَارِيَةُ وَعُقْرُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا فَإِنَّ الْوَاطِئَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ مُشْتَرٍ لِلْغَيْرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً وَأَعْتَقَهَا وَزَوَّجَهَا مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يُخْبِرْ الزَّوْجُ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَلَا أَنَّهَا أَمَةٌ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ عَلِمَ بِشِرَاءِ الْمُزَوِّجِ وَإِعْتَاقِهِ إيَّاهَا ثُمَّ وَطِئَهَا الزَّوْجُ فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَعَلَى الزَّوْجِ لِلْمُسْتَحِقِّ عُقْرُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمُزَوِّجِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اشْتَرَى جَارِيَةً وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَأَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ وَعُقْرَهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدَيْنِ يَرْجِعُ الْمُسْتَوْلِدُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي ثُمَّ الْمُسْتَوْلِدُ يَضْمَنُ عُقْرًا وَاحِدًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا وَقَبَضَهَا وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ فَاسْتَحَقَّهَا يَأْخُذُهَا وَعُقْرَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا وَقْتَ الْخُصُومَةِ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ ثُمَّ يَنْظُرُ إنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ رَجَعَ بِمَا ادَّعَى وَبِمَا ضَمِنَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ رَجَعَ عَلَى دَعْوَاهُ لَا غَيْرُ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ أَوْ حَلَّفَهُ فَنَكِلَ رَجَعَ بِمَا ادَّعَى وَبِمَا ضَمِنَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَا يَرْجِعُ بِالْعُقْرِ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي مَالٌ وَلَكِنْ ادَّعَى قِصَاصًا فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونَهَا فَصَالَحَ مَعَهُ عَلَى جَارِيَةٍ فَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ فَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَبِمَا ضَمِنَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَا يَرْجِعُ بِالْعُقْرِ وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ أَوْ حَلَّفَهُ وَنَكَلَ فَكَذَلِكَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَبِمَا ضَمِنَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ فَإِنْ حَلَّفَهُ وَحَلَفَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدِ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ عَلَى جَارِيَةٍ أُخْرَى عَنْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ وَاسْتَوْلَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَارِيَتَهُ فَاسْتُحِقَّتْ الَّتِي فِي يَدِ الْمُدَّعِي فَأَخَذَهَا وَعُقْرَهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا يَرْجِعُ فِي دَعْوَاهُ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إلَّا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّهِ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ أَيْضًا وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَخَذَهَا وَعُقْرَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا رَجَعَ الْمُسْتَوْلِدُ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ

الباب السابع عشر في المتفرقات

الْأُخْرَى عَلَى الْمُدَّعِي وَلَمْ يَرْجِعْ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمُدَّعِي إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَارِيَةً أُخْرَى وَيَأْخُذُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَارِيَةَ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا الدَّعْوَى فَاسْتَوْلَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْجَارِيَةَ الَّتِي أَخَذَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ إحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَيْهِ عَلَى صَاحِبِهِ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ الَّتِي ضَمِنَهَا لِلْمُسْتَحِقِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَدُ الْمَغْرُورِ وَوَلَدُ الْمُغْتَرِّ يَسْتَوِيَانِ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ مِنْ الْمُسْتَوْلِدِ وَالْحُرِّيَّةِ بِالْقِيمَةِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي رُجُوعِ الْمُسْتَوْلِدِ بِالْقِيمَةِ عَلَى مُمَلِّكِ الْجَارِيَةِ فَفِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ يَرْجِعُ وَفِي وَلَدِ الْمُغْتَرِّ لَا يَرْجِعُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ وَالْمُسْلِمُونَ سَوَاءٌ فِي الْغُرُورِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) إذَا قَالَ فِي دَعْوَى الْبُنُوَّةِ هَذَا ابْنِي وَلَمْ يَقُلْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِي فَهَذِهِ الدَّعْوَةُ صَحِيحَةٌ وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ وَقَضَى بِبُنُوَّتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى شَيْئًا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَقَالَ هُوَ مِلْكِي وَقَالَ إنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ قَالُوا لَا تَكُونُ هَذِهِ دَعْوَى الْغَصْبِ عَلَى ذِي الْيَدِ وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ هَذَا مِلْكِي كَانَ فِي يَدِي وَإِنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَوْ قَالَ هُمْ مِلْكِي وَكَانَ فِي يَدَيَّ إلَى أَنْ أَحْدَثَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ تَكُونُ هَذِهِ دَعْوَى الْغَصْبِ عَلَى ذِي الْيَدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الدَّعْوَى فِي عِتْقِ الْأَمَةِ وَفِي الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ وَفِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْقَضَاءِ وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ قَالُوا كَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ الدَّعْوَى لَا تَكُونُ شَرْطًا لِصِحَّتِهِ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُرْمَةُ الْفَرْجِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ ادَّعَى مَالَيْنِ وَقَدْ بَيَّنَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْلُومِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْآخَرَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ لَا يَقْضِي بِالْمَالَيْنِ وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمَالِ الْمَعْلُومِ صَحَّ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَلَكِيَّةَ حِمَارٍ فِي يَدَيْهِ فَقَالَ الْمُدَّعِي هَذَا الْحِمَارُ مِلْكِي لِأَنِّي اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا وَفِي يَدِك بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْك تَسْلِيمُهُ إلَيَّ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ هَذِهِ الدَّعْوَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ خَلَفُ بْنُ أَيُّوبَ سَأَلْت شَدَّادًا عَمَّنْ مَاتَ وَتَرَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِهَا ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرَ وَادَّعَى مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي فَأَقَرَّ الْمُدَّعِي الَّذِي قَضَى لَهُ بِالْمِائَةِ لِهَذَا الْمُدَّعِي الَّذِي أَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ لَهُ مَا حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ الْمِائَةُ الَّتِي أَخَذَهَا الْمَقْضِيُّ لَهُ تَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ قَالَ خَلَفٌ وَبِهِ آخُذُ وَالْمَسْأَلَةُ مَسْطُورَةٌ فِي الْكُتُبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّهُ جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَك مُصَالَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ صَحِيحَةٌ عَلَى أَرْضِ كَذَا فَإِنِّي ادَّعَيْت عَلَيْك وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الصُّلْحِ الصَّحِيحِ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى صُلْحٍ فَاسِدٍ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الصُّلْحِ الصَّحِيحِ مَقْبُولَةٌ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ عَلَى السَّوَاءِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُمْ وَتَرَكَ ابْنًا لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدِهِ هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ سَالِمٌ وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّمَا أَوْصَى لِهَذَا الرَّجُلِ الْآخَرِ بِعَبْدِهِ هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُزَيْغٌ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِذَلِكَ فَالْقَاضِي يَقْضِي لِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ بِسَالِمٍ وَلَا يَقْضِي لِلْمُقَرِّ لَهُ مِنْ بِزَيْغٍ بِشَيْءٍ وَلَوْ اشْتَرَى الْوَارِثُ سَالِمًا بِبُزَيْغٍ جَازَ الشِّرَاءُ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَكِنْ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ يَضْمَنُ الْوَارِثُ قِيمَةَ بِزَيْغٍ لِلْمُقِرِّ لَهُ بِبُزَيْغٍ وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ بِزَيْغٍ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ فَأَقَرَّ

الْوَارِثُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِهَذَا الْعَبْدِ لِفُلَانٍ وَأَنِّي أَجَزْت وَصِيَّتَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَجَحَدَ الْوَارِثُ دَيْنَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ الْعَبْدَ بِالدَّيْنِ وَيَقْضِي الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ وَإِنْ اشْتَرَى الْوَارِثُ الْعَبْدَ أَوْ رَجَعَ الْعَبْدُ إلَيْهِ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَأَرَادَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْوَارِثِ بِإِقْرَارِهِ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ عَلَى الدَّيْنِ كَانُوا عَبِيدًا فَالْقَاضِي لَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ وَلَكِنْ يَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَى الْمُوصَى لَهُ. وَلَوْ أَنَّ الْغَرِيمَ مَاتَ بَعْدَ مَا نَقَصَ الثَّمَنُ وَوَرِثَهُ وَارِثُ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ فَإِنْ وَرِثَ تِلْكَ الْأَلْفَ بِعَيْنِهَا فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَإِنْ وَرِثَ بِالْآخَرِ غَيْرَ تِلْكَ الْأَلْفِ يُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَيَدْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَرِثْهُ وَارِثُ الْمَيِّتِ وَلَكِنْ أَوْصَى الْمَيِّتُ لِلْمُقِرِّ بِتِلْكَ الْأَلْفِ بِعَيْنِهَا كَانَ عَلَى الْوَارِثِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ. وَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِمَالٍ آخَرَ يُعْطِي مِنْ ذَلِكَ لِلْمُقَرِّ لَهُ قَدْرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ وَهَبَ الْغَرِيمُ لِلْمُقِرِّ تِلْكَ الْأَلْفَ بِعَيْنِهَا أَوْ أَلْفًا أُخْرَى إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ فِي حَالِ الْمَرَضِ فَالْجَوَابُ فِيهَا كَالْجَوَابِ فِي الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ تِلْكَ الْأَلْفَ بِعَيْنِهَا أُمِرَ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ أَلْفًا أُخْرَى لَا يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَبِعْ الْعَبْدَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِالدَّيْنِ لَكِنْ أَعْطَاهُ الْغَرِيمُ بِدَيْنِهِ فَقَالَ هَذَا الْعَبْدُ بِيعَ لَك بِدَيْنِك أَوْ قَالَ جَعَلْته لَك بِدَيْنِك فَأَخَذه الْغَرِيمُ عَلَى هَذَا ثُمَّ إنَّ الْوَارِثَ اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ الْغَرِيمُ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَلَا سَبِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَبِعْ الْعَبْدَ مِنْ الْغَرِيمِ وَلَكِنْ جَعَلَهُ صُلْحًا لِلْغَرِيمِ مِنْ مَالِهِ بِأَنْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ صُلْحٌ لَك مِنْ مَالِكَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ وَصَلَ الْعَبْدُ إلَى الْوَارِثِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ يُؤْمَرُ الْوَارِثُ بِتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُوصَى لَهُ الْمُقَرِّ لَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ فَأَقَرَّ الْوَارِثُ لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَصِيَّةً وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَوْصَى بِهَذَا الْعَبْدِ الْآخَرِ لِآخَرَ وَجَحَدَهُ الْوَارِثُ فَأَعْتَقَ الْمُقَرُّ لَهُ عَبْدَهُ فَإِنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْبَيِّنَةِ نَفَذَ عِتْقُهُ فَإِنْ قَضَى بِبَيِّنَةٍ الْآخَرِ غَرِمَ الْمُعْتِقُ قِيمَةَ مَا أَعْتَقَ لِلْوَارِثِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَمْ يَنْفُذْ فَإِنْ مَلَكَ الْوَارِثُ الْعَبْدَ الْمَشْهُودَ بِهِ أُمِرَ بِتَسْلِيمِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَلَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَدَارَيْنِ فَادَّعَى رَجُلٌ إحْدَى الدَّارَيْنِ أَنَّهُ غَصَبَهَا أَبُوهُمَا وَحَلَّفَهُمَا عَلَى ذَلِكَ فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ عَنْ الْيَمِينِ قَالَ أَقْضِي لِلْمُدَّعِي بِنِصْفِ الدَّارِ حِصَّةِ الَّذِي نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَيَبِيعُ الْمُدَّعِي حِصَّةَ النَّاكِلِ عَنْ الْيَمِينِ مِنْ الدَّارِ الْأُخْرَى فَيَأْخُذُ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الدَّارِ الَّتِي ادَّعَاهَا وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعِي غَصْبًا وَادَّعَى أَنَّ الدَّارَ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى النَّاكِلِ ضَمَانُ نِصْفِ الْأُخْرَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَنْ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الدَّارَ إذَا كَانَتْ فِي يَدِ وَرَثَةٍ وَأَحَدُهُمْ غَائِبٌ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اشْتَرَى نَصِيبَ الْغَائِبِ مِنْهُ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ بَاقِي الْوَرَثَةِ مُقِرِّينَ بِحِصَّةِ الْغَائِبِ لَا يُقْبَلُ وَإِنْ كَانُوا مُنْكَرِينَ يُقْبَلُ وَيَثْبُتُ الشِّرَاءُ عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا بَاعَ الرَّجُلُ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ غَابَ الْمُشْتَرِي وَلَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ فَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَبِيعَ الْجَارِيَةَ وَيُوَفِّيَ ثَمَنَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ ذَكَرَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ الْجَارِيَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَنْقُدُ الثَّمَنَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَسْتَوْثِقُ مِنْ الْبَائِعِ بِكَفِيلٍ ثِقَةٍ ثُمَّ إنْ كَانَ فِيهِ وَضِيعَةٌ فَعَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ فَلِلْمُشْتَرِي ثُمَّ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجَارِيَةِ وَلَمْ يَضَعْ فِي الدَّارِ وَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّهُ فِي الدَّارِ لَا يَتَعَرَّضُ الْقَاضِي لِذَلِكَ وَلَا يَبِيعُ الدَّارَ وَإِنْ كَانَ يَعْرِفَ مَكَانَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ الْجَارِيَةَ وَإِنْ أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا إذَا جَاءَ الْمُشْتَرِي وَأَقَرَّ بِذَلِكَ فَأَمَّا إذَا

أَنْكَرَ الشِّرَاءَ احْتَاجَ الْبَائِعُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُشْتَرَى ثَانِيًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ دَارًا فِي يَدِهِ وَقَالَ مِلْكِي رَهَنَهَا أَبِي مِنْك فَأَنْكَرَ فَشَهِدُوا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكُهُ وَفِي يَدِ فُلَانٍ بِغَيْرِ حَقٍّ تُقْبَلُ وَصَارَتْ يَدُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمَّا أَنْكَرَ الرَّهْنَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فِي دَعْوَى الضِّيَاعِ وَالْعَقَارِ. ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا إنَّهَا مِلْكِي رَهَنْتهَا مِنْ وَالِدِك فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِكَذَا ثُمَّ مَاتَ وَالِدُك وَتَرَكَهَا فِي يَدِك فَعَلَيْك أَنْ تَقْبِضَ الدَّيْنَ مِنِّي وَتُسَلِّمَ الدَّارَ إلَيَّ فَأَنْكَرَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ وَلَكِنْ زَادُوا فِيهِ وَالْيَوْمَ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي وَحَقُّهُ وَفِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدِ إنْسَانٍ إنَّهَا مِلْكُهُ وَفِي يَدِ هَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَدَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي دَعْوَاهُ إنَّهَا كَانَتْ مِلْكِي يَوْمَ مَا أَخَذَ صَاحِبُ الْيَدِ مِنِّي، وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَ مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَدَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِلْكِي وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ غَصَبَهَا مِنْهُ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ صَاحِبَ الْيَدِ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ وَلَا يَقْضِي لَهُ بِالْمِلْكِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ اشْتَرَاهَا رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ ذِي الْيَدِ بِعَبْدٍ وَسَلَّمَ الْعَبْدَ إلَيْهِ ثُمَّ خَاصَمَ الْمُشْتَرِي صَاحِبَ الْيَدِ فِي الدَّارِ وَأَخَذَهَا مِنْهُ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ سَبِيلٌ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُ الْيَدِ وَاسْتَرَدَّ الدَّارَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِأَنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ الْغَصْبِ أَوْ بِسَبَبِ الْوَدِيعَةِ فَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الدَّارِ جَارِيَةٌ اشْتَرَاهَا بِالْعَبْدِ فَوَصَلَتْ إلَى يَدِ الْمُشْتَرِي بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي ذَكَرْنَا ثُمَّ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ لَا يَكُونُ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ سَبِيلٌ إلَّا فِي صُورَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْجَارِيَةَ لَوْ كَانَتْ غَصْبًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَجَاءَ ذُو الْيَدِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا بِحُكْمِ الْغَصْبِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَبْدِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ غَصْبًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَأَبِقَتْ فَجَاءَ صَاحِبُ الْيَدِ وَضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ عَادَتْ مِنْ الْإِبَاقِ عَادَتْ عَلَى مِلْكِ الْغَاصِبِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِنَا وَالْعَبْدُ سَالِمٌ لِمُشْتَرِي الْجَارِيَةِ لَا سَبِيلَ لِبَائِعِ الْجَارِيَةِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ دَعْوَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا بِعَبْدٍ وَالدَّارُ فِي يَدِ غَيْرِ الْبَائِعِ وَصَاحِبُ الْيَدِ يَدَّعِي أَنَّهَا لَهُ فَخَاصَمَ الْمُشْتَرِي صَاحِبَ الْيَدِ فَلَمْ يُقْضَ لَهُ بِشَيْءٍ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا أَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ فَإِنْ فَسَخَ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا وَأَمَرَ الْبَائِعَ بِرَدِّ الْعَبْدِ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَصَلَتْ الدَّارُ إلَى يَدِ الْمُشْتَرِي يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَالْفَسْخُ مَاضٍ حَتَّى لَا يُؤْمَرَ الْمُشْتَرِي بِرَدِّ الْعَبْدِ عَلَى الْبَائِعِ وَهَلْ يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ الدَّارِ إلَى الْبَائِعِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي صَرَّحَ بِالْإِقْرَارِ لَهُ وَقْتَ الشِّرَاءِ يُؤْمَرُ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِقْرَارِ لَهُ ذُكِرَ هَهُنَا أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. أَرْضٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ وَقْفٌ مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ عَلَى جِهَةٍ مَعْلُومَةٍ وَأَنَّهُ مُتَوَلِّي هَذَا الْوَقْفِ وَذَكَرَ الشَّرَائِطَ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْوَقْفِيَّةِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ يُسْمَعُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فِي دَعْوَى الضِّيَاعِ وَالْعَقَارِ. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى أَرْضًا فِي يَدِ رَجُلٍ إنَّهَا مِلْكُهُ وَفِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هِيَ لَيْسَتْ بِمِلْكِي إنَّمَا هِيَ وَقْفٌ عَلَى كَذَا وَأَنَا مُتَوَلِّيهَا فَطَلَب الْقَاضِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى مَا قَالَ فَلَمْ تُمْكِنْهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا قَالَ فَأَمَرَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الْأَرْضِ إلَى الْمُدَّعِي لِتَكُونَ فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا قَالَ قَالَ كُلُّ ذَلِكَ خَطَأٌ لَيْسَ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَطْلُبَ الْبَيِّنَةَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَقَالَتِهِ وَلَا أَنْ يَأْمُرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الْأَرْضِ إلَى الْمُدَّعِي إنَّمَا يَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى دَعْوَاهُ الْمِلْكَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

مَقْبُولَةٌ لِأَنَّهُ مُتَوَلٍّ فِي زَعْمِهِ وَالْمُتَوَلَّى خَصْمٌ لِمَنْ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ فِي الْوَقْفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ ادَّعَاهَا أَنَّهَا دَارُهُ مِنْ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَادَّعَى الَّذِي فِي يَدَيْهِ أَنَّهَا دَارُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَإِنَّ الدَّارَ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ فَإِنْ أَنْكَرَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ وَشَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِمَا بِذَلِكَ شُهُودٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي الدَّارَ لِنَفْسِهِ وَيُنْكِرُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ الَّتِي شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَيْهَا فَإِنَّ الدَّارَ لِلْمُتَكَلِّمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْخَارِجُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ هِشَامٌ سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ فِي يَدَيْهِ دَارٌ ادَّعَاهَا رَجُلٌ وَقَدَّمَ صَاحِبَ الْيَدِ إلَى الْقَاضِي فَأَقَرَّ صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي وَادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً هَلْ يُؤْمَرُ صَاحِبُ الْيَدِ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ إلَى الْمُدَّعِي بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ قَالَ أَمَّا فِي الْقِيَاسِ فَنَعَمْ لَكِنْ أَدَعُ الدَّارَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا وَآخُذُ مِنْهُ كِفْلًا وَأُؤَجِّلُهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَةً وَإِلَّا قَضَيْتُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنِّي قَدْ بِعْتُك الطَّيْلَسَانَ الَّذِي عَلَيْك بِكَذَا وَأَنْكَرَ الَّذِي عَلَيْهِ ذَلِكَ الطَّيْلَسَانُ وَقَالَ الطَّيْلَسَانُ لِي وَأَنَا كُنْتُ أَوْدَعْتُك فَرَدَدْتهَا عَلَيَّ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ وَيُرَدُّ الطَّيْلَسَانُ عَلَى الَّذِي ادَّعَى الْبَيْعَ وَيُبْدَأُ فِي الْيَمِينِ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي كِتَابِ الرِّقِّيَّاتِ أَنَّ ابْنَ سِمَاعَةَ كَتَبَ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ كَانَ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ سَمَّى رَجُلًا غَائِبًا وَأَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ أَنَّهُ لِهَذَا الْمُدَّعِي وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ الْعَبْدُ يُنْكِرُ دَعْوَاهُ وَيَدَّعِي رَقَبَةَ الْعَبْدِ وَالْمُدَّعِي يَقُولُ صَدَقَ الشُّهُودُ وَقَدْ أَقَرَّ فُلَانٌ لِي بِالْعَبْدِ وَلَكِنِّي مَلَكْته مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْهُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْتَحِقُّ بِهَذَا شَيْئًا حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هِبَةٍ وَقَبْضٍ أَوْ شِرَاءٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ نَقَدَ الْقَاضِيَ الثَّمَنَ وَقَضَى لَهُ بِالْعَبْدِ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ الْمُدَّعِي صَدَقَ الشُّهُودُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَدَّعِ هِبَةً وَلَا شِرَاءً وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ حَاضِرًا وَالْعَبْدُ فِي يَدِهِ فَقَالَ الْمُدَّعِي قَدْ كَانَ هَذَا الْغُلَامُ لِهَذَا الَّذِي فِي يَدَيْهِ وَقَدْ أَقَرَّ لِي بِهِ فَقَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ صَدَقَ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُقَرُّ لَهُ بِذَلِكَ شَيْئًا حَتَّى يُقِرَّ لَهُ بِهِبَةٍ وَقَبْضٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَقَالَ بِعْتَنِي هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدْتُكَ الثَّمَنَ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيْعَ وَقَبْضَ الثَّمَنِ فَشَهِدَ لِلْمُدَّعِي شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَقَالَا لَا نَعْرِفُ الْعَبْدَ وَلَكِنَّهُ قَالَ لَنَا عَبْدِي زَيْدٌ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ آخَرَانِ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ اسْمُهُ زَيْدٌ أَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ اسْمَهُ زَيْدٌ فَإِنَّهُ لَا يُتِمُّ الْبَيْعَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَيُحَلَّفُ الْبَائِعُ فَإِنْ حَلَفَ يُرَدُّ الثَّمَنُ وَإِنْ نَكِلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ الْبَيْعُ بِنُكُولِهِ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْبَائِعَ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ عَبْدَهُ زَيْدًا الْمُوَلَّدَ فَنَسَبُوهُ إلَى شَيْءٍ يُعْرَفُ بِهِ مِنْ عَمَلٍ أَوْ صِنَاعَةٍ أَوْ حِلْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ وَوَافَقَ ذَلِكَ هَذَا الْعَبْدَ قَالَ هَذَا وَالْأَوَّلُ فِي الْقِيَاسِ سَوَاءٌ إلَّا أَنِّي أَسْتَحْسِنُ إذَا نَسَبُوهُ إلَى مَعْرُوفٍ أَنْ أُجِيزَهُ وَكَذَلِكَ فِي الْأَمَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلتُّهْمَةِ وَلَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْعَبْدِ بِعَيْنِهِ وَسَمَّيَا وَوَصَفَا وَقَالَا أَرَانَا يَوْمئِذٍ وَسَمَّى لَنَا وَلَكِنَّا لَا نَعْرِفُ الْيَوْمَ بِعَيْنِهِ فَهَذَا بَاطِلٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى مَعْرِفَتِهِ ثُمَّ جَهِلَا بِشَهَادَتِهِمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهَذِهِ الدَّارِ عَلَيْهِ وَقَبَضَهَا أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهَا أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ عَلَى عِوَضِ أَلْفٍ وَقَبَضَهَا وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْيَدِ ذَلِكَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَقَرَّ بِهَذِهِ الدَّارِ لِهَذَا الْمُدَّعِي قَالَ أَقْبَلُ ذَلِكَ وَأَجْعَلُهَا لِلْمُدَّعِي وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ ادَّعَى صَاحِبُ الدَّارِ الثَّمَنَ أَوْ الْعِوَضَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي هَذِهِ الضَّيْعَةُ لَيْسَتْ فِي يَدَيَّ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَهُ

عَلَى الْيَدِ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ مُقِرًّا بِالْيَدِ ثُمَّ إذَا صَارَ مُقِرًّا بِالْيَدِ يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا هِيَ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي حَتَّى يَصِيرَ مُقِرًّا لَهُ بِالْمِلْكِ وَإِذَا صَارَ مُقِرًّا بِالْمِلْكِ أَمَرَهُ بِتَرْكِ التَّعَرُّضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى دَارًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ أَوْ قَرْيَةً أَوْ ضَيْعَةً وَلَمْ يُحَدِّدْ ذَلِكَ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَهُ بِذَلِكَ وَاتَّفَقَا عَلَى حُدُودِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالشِّرَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي الْحُدُودِ فَقَالَ الْمُدَّعِي هَذِهِ حُدُودُهَا وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا بَلْ هَذِهِ حُدُودُهَا وَاَلَّذِي أَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَلُّ مِمَّا ادَّعَى وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي شُهُودٌ تَعْرِفُ حُدُودَهَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شُهُودٌ عَلَى إقْرَارِهِمَا بِالشِّرَاءِ وَلَمْ يُسَمِّيَا حُدُودًا إنْ اتَّفَقَا عَلَى حُدُودٍ نَفَذَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَ فِي الْحُدُودِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي شُهُودٌ يَعْرِفُونَ الْحُدُودَ تَحَالَفَا عَلَى ذَلِكَ وَتَنَاقَضَا الْبَيْعَ وَإِذَا تَحَالَفَا لَا يُنْقِضُ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَسْأَلَ الْقَاضِي فَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي أَخَذَ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى تَصْدِيقِ الْبَائِعِ وَطَلَبَ الْبَائِعُ نَقْضَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ فَيَتَأَتَّى فَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي حُجَّةٌ تَثْبُتُ بِهَا دَعْوَاهُ وَإِلَّا نَقَضَ الْبَيْعَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْضَرَ الْمُشْتَرِي كِتَابَ شِرَاءٍ بِحَقِّهِ كَتَبَهُ عَلَى الْبَائِعِ فَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِهِمَا جَمِيعًا بِذَلِكَ الشِّرَاءِ وَفِيهِ تَسْمِيَةُ الْحُدُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُلْزِمُ الْبَائِعَ ذَلِكَ وَيَأْخُذُهُ بِتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْحُدُودِ تَحَالَفَا وَتَنَاقَضَا الْبَيْعَ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْمُشْتَرِي بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى الْحُدُودِ الَّتِي يَدَّعِي فَإِنْ أَتَى عَلَى ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَلْزَمَ الْقَاضِي الْبَائِعَ مَا شَهِدَتْ بِهِ الشُّهُودُ وَأَخَذَهُ بِتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا دَارُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ قَبْلَ هَذَا بِتَارِيخِ شَهْرٍ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: الدَّارُ كَانَتْ لِي إنِّي كُنْتُ بِعْتُهَا قَبْلَ هَذَا مِنْ امْرَأَتِي بِتَارِيخِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَصَدَّقَتْ امْرَأَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقَالَتْ قَدْ كُنْتُ اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ هَذَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهَا عَلَى الْمُدَّعِي وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ بَيِّنَتَهَا وَلَوْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ بِذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهَا وَقَضَى بِالدَّارِ لَهَا وَإِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ لَهَا بِذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ نِصْفُ دَارٍ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ وَقَفَ هَذِهِ الدَّارَ وَكَانَتْ لَهُ يَوْمَ وَقْفِهَا وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِوَقْفِيَّتِهِ جَمِيعَهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَهُ امْرَأَةً وَسَمَّى لَهَا مَنْزِلًا وَبَاعَهُ مِنْهَا بَيْعًا صَحِيحًا ثُمَّ إنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَاتَ وَادَّعَى وَرَثَتُهُ أَنَّ أَبَاهُمْ بَاعَ هَذَا الْمَنْزِلَ مِنْ فُلَانٍ قَبْلَ أَنْ يُسَمِّيَهُ لَهَا فَإِنَّهُمْ لَا يُصَدَّقُونَ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَنْزِلُ لَهَا وَعَلَى فُلَانٍ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى شِرَائِهِ بِتَارِيخٍ قَبْلَ تَارِيخِ شِرَاءِ الْمَرْأَةِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُدْرِكَةٌ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَمَاتَ الزَّوْجُ فَجَاءَتْ تَدَّعِي الْمِيرَاثَ وَقَالَتْ كُنْتُ أَمَرْتُ الْأَبَ بِالنِّكَاحِ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَوَرِثَتْ وَإِنْ قَالَتْ لَمْ أَكُنْ أَمَرْتُ أَبِي بِالنِّكَاحِ وَلَكِنْ بَلَغَنِي النِّكَاحُ فَأَجَزْتُ كَانَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ دَعْوَى النِّكَاحِ. إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا فُلَانًا قَضَى لَهُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ ذَلِكَ الْقَاضِيَ قَضَى لَهُ بِالْبَرَاءَةِ عَنْ هَذِهِ الْأَلْفِ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي قَامَتْ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَلَا يَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ مَعَ رَجُلٍ فِي مَنْزِلِهِ يَطَؤُهَا وَلَهَا مِنْهُ أَوْلَادٌ ثُمَّ أَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ امْرَأَتَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَقَرَّتْ أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَلَدُهَا مِنْهُ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ دَعْوَى النِّكَاحِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى نِصْفَ دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِمَا ادَّعَى بِالْبَيِّنَةِ وَلِهَذَا

كتاب الإقرار ويشمل على أبواب

الْمُدَّعِي أَخَوَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ نِصْفَ الدَّارِ إنْ قَبَضَ الْأَوَّلُ مَا ادَّعَى قَضَى بِالدَّارِ بَيْنَ أَخَوَيْهِ نِصْفَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْأَوَّلُ مَا ادَّعَى قَضَى بَيْنَهُمْ بِالدَّارِ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّ لِأَبِيهِ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَرْضًا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَادَّعَى الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ أَنَّ لِأَبِيهِ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثَمَنَ جَارِيَةٍ بَاعَهَا مِنْهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَتَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ عَلَيْهِ إلَّا الْأَلْفُ يَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ وَإِذَا اسْتَوْفَى أَحَدُهُمَا خَمْسَمِائَةِ لَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْمَحْبُوسُ بِالدَّيْنِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَأَقَامَ رَبُّ الدَّيْنِ بَيِّنَةً أَنَّهُ مُوسِرٌ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ بَيِّنَةَ رَبِّ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا مِقْدَارَ مِلْكِهِ حَتَّى يُخَلِّدَهُ فِي السِّجْنِ بِبَيِّنَةِ رَبِّ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْإِقْرَارِ وَيَشْمَلُ عَلَى أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَعْنَى الْإِقْرَار وَرُكْنِهِ وَشَرْطِ جَوَازِهِ وَحُكْمِهِ] (كِتَابُ الْإِقْرَارِ) هَذَا الْكِتَابُ يَشْمَلُ عَلَى أَبْوَابٍ (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَعْنَاهُ شَرْعًا وَرُكْنِهِ وَشَرْطِ جَوَازِهِ وَحُكْمِهِ) الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ لِلْغَيْرِ عَلَى نَفْسِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَأَمَّا رُكْنُهُ فَقَوْلُهُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا أَوْ مَا يُشْبِهُهُ لِأَنَّهُ يَقُومُ بِهِ ظُهُورُ الْحَقِّ وَانْكِشَافُهُ حَتَّى لَا يَصِحَّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ بِأَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ أَوْ بِعَيْنٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَالْخِيَارُ بَاطِلٌ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَالْمَالُ لَازِمٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَمَّا شَرْطُهُ فَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَهِيَ شَرْطٌ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ دُونَ الْبَعْضِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ بِالْمَالِ لَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَلَوْ أَقَرَّ بِالْقِصَاصِ يَصِحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَتَأَخَّرُ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَكَذَا الْمَأْذُونُ يَتَأَخَّرُ إقْرَارُهُ بِمَا لَيْسَ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ كَإِقْرَارِهِ بِالْمَهْرِ بِوَطْءِ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْمَالِ لَا يَلْزَمُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا الرِّضَا وَالطَّوْعُ شَرْطٌ حَتَّى لَا يَصِحَّ إقْرَارُ الْمُكْرَهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِقْرَارُ السَّكْرَانِ بِطَرِيقٍ مَحْظُورٍ صَحِيحٌ إلَّا فِي حَدِّ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ مِمَّا يَقْبَلُ الرُّجُوعَ، وَإِنْ كَانَ بِطَرِيقٍ مُبَاحٍ لَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَشَرْطُ جَوَازِهِ عَلَى الْخُصُوصِ كَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ مِمَّا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ إذَا تَسَلَّمَ عَيْنَهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ أَوْ تَسَلَّمَ مِثْلَهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ بِهِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا أَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا بِشَيْءٍ أَوْ اغْتَصَبَ مِنْهُ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ أَوْ حَبَّةً مِنْ حِنْطَةٍ كَانَ بَاطِلًا حَتَّى لَا يُجْبَرَ عَلَى الْبَيَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَحُكْمُهُ ظُهُورُ الْمُقَرِّ بِهِ لَا ثُبُوتُهُ ابْتِدَاءً كَذَا فِي الْكَافِي وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ الْإِقْرَارَ بِالْخَمْرِ لِلْمُسْلِمِ يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لَا يَصِحُّ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالْإِنْشَاءُ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِمَالِ وَالْمُقَرُّ لَهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ دِيَانَةً إلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ بِطِيبٍ مِنْ نَفْسِهِ فَيَكُونَ هِبَةً مِنْهُ ابْتِدَاءً كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْإِقْرَارُ

الباب الثاني في بيان ما يكون إقرارا وما لا يكون

إظْهَارًا فِي حَقِّ مِلْكِيَّةِ الْمُقَرِّ بِهِ حَتَّى يَحْكُمَ بِمَلَكِيَّتِهِ لِلْمُقِرِّ لَهُ بِنَفْسِ الْإِقْرَارِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصْدِيقِ الْمُقَرِّ لَهُ أَمَّا فِي حَقِّ الرَّدِّ فَيُعْتَبَرُ تَمْلِيكًا مُبْتَدَأً كَالْهِبَةِ حَتَّى تَبْطُلَ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ وَبَعْدَمَا وَجَدَ التَّصْدِيقَ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ لَا يُعْمَلُ رَدُّهُ لَوْ رَدَّ الْإِقْرَارَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ الْإِقْرَارُ إنَّمَا يَبْطُلُ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ بِالرَّدِّ يُبْطِلُ حَقَّ نَفْسِهِ خَاصَّةً أَمَّا إذَا كَانَ يُبْطِلُ حَقَّ غَيْرِهِ فَلَا يَعْمَلُ رَدُّهُ كَمَا إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنِّي بِعْت هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا فَرَدَّ الْمُقِرُّ لَهُ إقْرَارَهُ وَقَالَ مَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ اشْتَرَيْتُ فَقَالَ الْبَائِعُ مَا بِعْتُكَهُ لَزِمَ الْبَائِعَ الْبَيْعُ بِمَا سَمَّى لِأَنَّهُ جَحَدَ الْبَيْعَ بَعْدَ تَمَامِهِ وَجُحُودُ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لَا يَضُرُّ حَتَّى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَتَى قَالَ مَا اشْتَرَيْتُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ وَقَالَ نَعَمْ مَا اشْتَرَيْتَ ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ اشْتَرَيْتَ لَا يَثْبُتُ الشِّرَاءُ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْفَسْخَ تَمَّ بِجُحُودِهِمَا ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بَطَلَ الْإِقْرَارُ بِرَدِّ الْمُقِرِّ لَهُ لَوْ أَعَادَ الْمُقِرُّ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ فَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِإِقْرَارِهِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَا يَكُونُ إقْرَارًا وَمَا لَا يَكُونُ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَا يَكُونُ إقْرَارًا وَمَا لَا يَكُونُ) رَجُلٌ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ أَوْ قِبَلِي مِائَةُ دِرْهَمٍ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ وَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ إلَّا إذَا قَالَ مَوْصُولًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ قَالَ عِنْدِي فَهَذَا إقْرَارٌ الْوَدِيعَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ مَعِي أَوْ فِي يَدِي أَوْ بَيْتِي أَوْ كِيسِي أَوْ صُنْدُوقِي فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ الْوَدِيعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي مِائَةُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةَ قَرْضٍ أَوْ بِضَاعَةَ قَرْضٍ أَوْ مُضَارَبَةَ قَرْضٍ أَوْ قَالَ وَدِيعَةَ دَيْنٍ أَوْ دَيْنَ وَدِيعَةٍ فَهِيَ قَرْضٌ وَدَيْنٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ عَارِيَّةً كَانَ إقْرَارًا بِالْقَرْضِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ لِأَنَّ إعَارَةَ مَا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ إلَّا بِإِتْلَافِهِ تَكُونُ قَرْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ إذَا قَالَ (مَرَّا بِفُلَانِ ده دَرِّهِمْ دادنى است) قَالَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مَا لَمْ يَقُلْ هُوَ عَلَيَّ أَوْ فِي رَقَبَتِي أَوْ ذِمَّتِي أَوْ هُوَ دَيْنٌ وَاجِبٌ أَوْ حَقٌّ لَازِمٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي مَالِي أَوْ دَرَاهِمِي هَذِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ ثُمَّ إنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا فَهُوَ وَدِيعَةٌ وَإِلَّا فَشَرِكَةٌ فَإِنْ عَيَّنَ الْمُقِرُّ أَلْفًا فِي مَالِهِ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ تِلْكَ الْأَلْفُ هَذِهِ فَهَلْ يَكُونُ رَدًّا لِإِقْرَارِهِ قِيلَ يَكُونُ رَدًّا وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ إقْرَارُهُ بِالشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ دَعْوَى الْأَلْفِ بِعَيْنِهَا رَدُّ الْإِقْرَارِ بِالشَّرِكَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرِكًا كَمَا أَقَرَّ بِهِ ثُمَّ اقْتَسَمَا فَيَكُونُ هَذَا مِنْهُ دَعْوَى الْقِسْمَةِ وَإِذَا حَلَفَ الْآخَرُ وَلَمْ تَثْبُتُ الْقِسْمَةُ بَقِيَ الْإِقْرَارُ بِالشَّرِكَةِ عَلَى حَالٍ وَلَوْ عَيَّنَ الْمُقِرُّ أَلْفًا مِنْ مَالِهِ وَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ لَهُ مِنْ مَالِي أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهَذِهِ هِبَةٌ حَتَّى لَا يُجْبَرَ عَلَى دَفْعِهَا إلَيْهِ وَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الْأَلْفُ لَك كَانَ إقْرَارًا وَلَمْ يَكُنْ هِبَةً مِنْ جِهَتِهِ حَتَّى يُجْبَرَ عَلَى التَّسْلِيمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ لَهُ مِنْ مَالِي أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا حَقَّ لِي فِيهَا فَهَذَا إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا (هرجه مرامى بايست ازتويا فُتُّمْ) لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِقَبْضِ الْمَهْرِ كَذَا نُقِلَ عَنْ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ يَكُونُ إقْرَارًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الدَّارُ رِعَايَةٌ لِفُلَانٍ أَوْ قَالَ مِنْ فُلَانٍ أَوْ قَالَ لِمِلْكِهِ أَوْ بِمِلْكِهِ أَوْ فِي مِلْكِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِمِيرَاثِهِ أَوْ فِي مِيرَاثِهِ أَوْ بِحَقِّهِ أَوْ مِنْ قَبْلِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ كَذَا فِي السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ فِي الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ عَارِيَّةٌ عِنْدِي

لِحَقِّ فُلَانٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هَذِهِ الْأَلْفُ مُضَارَبَةٌ عِنْدِي لِحَقِّ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِالْقَرْضِ لِحَقِّ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ عِنْدِي عَارِيَّةً لِحَقِّ فُلَانٍ فَهَذَا إقْرَارٌ لَهُ بِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي الْإِقْرَارِ بِالْعَارِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ عَارِيَّةٌ عِنْدِي عَلَى يَدَيْ فُلَانٍ أَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِحِصَّةٍ أَوْ لِشَرِكَةٍ أَوْ بِشَرِكَةٍ أَوْ مِنْ شَرِكَةٍ أَوْ لِأُجْرَةٍ أَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ مِنْ بِضَاعَةٍ أَوْ بِبِضَاعَةٍ فَهُوَ إقْرَارٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ مِنْ سَلَمٍ أَوْ بِسَلَمٍ أَوْ بِسَلَفٍ أَوْ مِنْ ثَمَنٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ أَوْ بِبَيْعٍ أَوْ لِبَيْعٍ أَوْ مِنْ قِبَلِ إجَارَةٍ أَوْ لِإِجَارَةِ أَوْ بِإِجَارَةٍ أَوْ بِكَفَالَةٍ أَوْ لِكَفَالَةٍ أَوْ عَلَى كَفَالَةٍ لَزِمَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا قَالَ (أَيْنَ جيز فُلَان رَاسَتْ) أَوْ قَالَ (تراست) يَكُونُ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ (أَيْنَ جيز فَلَا نرا) أَوْ قَالَ (ترا) فَهَذِهِ هِبَةٌ وَلَوْ قَالَ (أَيْنَ جيزآن فُلَان آسِتّ) فَهَذَا إقْرَارٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ (أَيْنَ مَالْ تراكردم أَوْ بِنَامِّ تَوّ كردم أَوْ آن تَوّ كردم) يَكُونُ تَمْلِيكًا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ (بنام تو كردم) لَا يَكُونُ تَمْلِيكًا وَلَا إقْرَارَ رَجُلٍ قَالَ دَارِي هَذِهِ لِوَلَدِي الْأَصَاغِرِ يَكُونُ بَاطِلًا لِأَنَّهَا هِبَةٌ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْأَوْلَادَ كَانَ بَاطِلًا فَإِنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِلْأَصَاغِرِ مِنْ وَلَدِي فَهُوَ إقْرَارٌ وَهِيَ لِثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْغَرِهِمْ وَكَذَا لَوْ قَالَ ثُلُثُ دَارِي هَذِهِ لِفُلَانٍ كَانَتْ هِبَةً وَلَوْ قَالَ ثُلُثُ هَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ يَكُونُ إقْرَارًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ اقْضِنِي الْأَلْفَ الَّتِي لِي عَلَيْكَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَدْ أَقَرَّ بِهَا وَكَذَا إذَا قَالَ سَأُعْطِيكَهَا أَوْ غَدًا أُعْطِيكَهَا أَوْ سَوْفَ أُعْطِيكَهَا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ فَاقْعُدْ فَاتَّزِنْهَا أَوْ فَانْتَقِدْهَا أَوْ فَاقْبِضْهَا أَوْ لَمْ يَقُلْ اُقْعُدْ وَلَكِنْ قَالَ اتَّزِنْهَا أَوْ انْتَقِدْهَا أَوْ خُذْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ اتَّزِنْ أَوْ انْتَقِدْ أَوْ خُذْ فَهَذَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ قَالَ لَمْ يَحِلَّ بَعْدُ أَوْ قَالَ غَدًا أَوْ قَالَ لَيْسَتْ بِمُهَيَّأَةٍ أَوْ مُيَسَّرَةٍ الْيَوْمَ أَوْ قَالَ مَا أَكْثَرَ مَا تَتَقَاضَى بِهَا فَكُلُّهَا إقْرَارٌ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ لَيْسَتْ الْيَوْمَ عِنْدِي أَوْ قَالَ أَجِّلْنِي فِيهَا كَذَا أَوْ أَخِّرْهَا عَنِّي أَوْ نَفِّسْنِي فِيهَا أَوْ تَبَرَّأْتَنِي بِهَا أَوْ أَبْرَأْتَنِي فِيهَا أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْضِيكَهَا أَوْ لَا أَزِنُهَا لَك الْيَوْمَ أَوْ لَا تَأْخُذُهَا مِنِّي الْيَوْمَ أَوْ قَالَ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيَّ مَالِي أَوْ حَتَّى يَقْدُمَ عَلَيَّ غُلَامِي فَهَذَا إقْرَارٌ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا قَالَ اقْضِ الْكُرَّ الَّذِي لِي عَلَيْكَ وَقَالَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَرْسِلْ غَدًا مَنْ يَكْتَالُهُ فَهَذَا إقْرَارٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فِي شَيْءٍ مَوْزُونٍ فَقَالَ أَرْسِلْ غَدًا مَنْ يَتَّزِنُهُ أَوْ أَرْسِلْ وَكِيلًا أُعْطِهِ إيَّاهُ أَوْ أَرْسِلْ مَنْ يَقْبِضُهُ أَوْ قَالَ مَنْ يَأْخُذُ مِنِّي؛ فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ دَعْوَاكَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَخِّرْ عَنِّي دَعْوَاكَ شَهْرًا أَوْ قَالَ أَخِّرْ الَّذِي ادَّعَيْتَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا قَالَ أَخِّرْ عَنِّي دَعْوَاكَ حَتَّى يَقْدُمَ مَالِي فَأُعْطِيكَهَا يَكُونُ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ حَتَّى يَقْدُمَ مَالِي فَأُعْطِيكَ دَعْوَاكَ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ لَآخَرَ أَعْطِنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ اتَّزِنْهَا قَالَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَعْطِنِي أَلْفِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَعْطِنِي الْأَلْفَ الَّتِي عَلَيْكَ فَقَالَ اصْبِرْ أَوْ قَالَ سَوْفَ تَأْخُذُهَا لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِأَنَّ هَذَا قَدْ يَكُونُ اسْتِهْزَاءً وَاسْتِخْفَافًا بِهِ وَلَوْ قَالَ إنْ تُبَرِّئْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَهُوَ إقْرَارٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ لَيْسَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى التَّبْرِئَةِ وَالتَّبْرِئَةُ تَقْتَضِي تَقَدُّمَ الدَّيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي

النَّوَازِلِ إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (كيسه بدوز قبض كُنَّ) لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَكَذَا قَوْلُهُ (بُكَيْر) لَا يَكُونُ إقْرَارًا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ (قبض كنش) بِكَسْرِ النُّونِ (كيسه بدوزش) بِكَسْرِ الزَّايِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تُذْكَرُ لِلِاسْتِهْزَاءِ وَكَذَلِكَ (بكيرش) بِكَسْرِ الرَّاءِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ (كيسه بدوزش) بِفَتْحِ الزَّايِ (قبض كنش) بِفَتْحِ النُّونِ (بكيرش) بِفَتْحِ الرَّاءِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إقْرَارٌ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَا تُذْكَرُ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ وَلَا تَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ فَتُجْعَلُ لِلْبِنَاءِ مَرْبُوطًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ اقْضِنِي الْمِائَةَ الَّتِي عَلَيْكَ فَإِنَّ غُرَمَائِي لَا يَدْعُونِي فَقَالَ أَحِلْ عَلَيَّ بِهَا بَعْضَهُمْ أَوْ مَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ أَوْ ائْتِنِي بِرَجُلٍ مِنْهُمْ أَضْمَنْهَا أَوْ احْتَلْ عَلَيَّ بِهَا فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ قَضَيْتُكُمَا فَهَذَا إقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتنِي مِنْهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ قَدْ حَسِبْتهَا لَكَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ قَدْ حَلَلْتَنِي مِنْهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ قَدْ وَهَبْتَهَا لِي أَوْ تَصَدَّقْتَ بِهَا عَلَيَّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ قَدْ أَحَلْتُكَ بِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا قَالَ أَوْفَيْتُكهَا فَهَذَا مِنْهُ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ فَيُؤْمَرُ بِالْقَضَاءِ ثُمَّ بِإِثْبَاتِ الْإِيفَاءِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي (سوكند خوركه أَيْنَ مَالْ بتونر سانيده أَمْ) أَوْ قَالَ (سوكند خوركه أَيْنَ مَالْ بنوسيده است) فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَيُؤْمَرُ بِالْإِيفَاءِ هَكَذَا حُكِيَ فَتْوَى بَعْضِ مَشَايِخِنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى أَوْ صَالَحْتَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ صَالَحْتُكَ مِنْ حَقِّكَ يَكُونُ إقْرَارًا وَالْبَيَانُ إلَى الْمُقِرِّ وَلَوْ قَالَ مِنْ دَعْوَاكَ لَا يَكُونُ إقْرَارًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ اُخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ بِأَلْفٍ أَوْ ابْرَأْ مِنْهَا أَوْ اُتْرُكْهَا أَوْ سَلِّمْ لِي أَوْ أُعْطِهَا لِي فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مَتَى ذُكِرَتْ مَقْرُونَةً بِالْبَدَلِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْهَا لَفْظُ الصُّلْحِ تُسْتَعْمَلُ لِلْمُسَاوَمَةِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ وَلَوْ ذَكَرَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ وَلَمْ يَذْكُرْ بَدَلًا لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا دَارًا وَالْآخَرُ يُسَلِّمُ لَهُ عَبْدًا لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ قَالَ لَآخَرَ سَلِّمْ لِي شِرَاءَهَا بِأَلْفٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ قَالَ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَقَالَ وَلِي عَلَيْكَ مِثْلُهَا أَوْ قَالَ لِآخَرِ طَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ أَوْ أَعْتَقْتَ أَمَتَكَ أَوْ عَبْدَكَ فَقَالَ الْآخَرُ وَأَنْتَ طَلَّقْت امْرَأَتَكَ أَوْ أَعْتَقْتَ أَمَتَكَ أَوْ عَبْدَكَ عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ كَانَ يُفْتِي بِجَوَابِ ابْنِ سِمَاعَةَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِدُونِ حَرْفِ الْوَاوِ فَهَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْك مِثْلُهَا فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْكَ أَيْضًا مِثْلُهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ وَإِذَا قَالَ ذَلِكَ الْغَيْرُ فَأَنْتَ أَعْتَقْتَ أَيْضًا غُلَامَكَ هَلْ يَكُونُ إقْرَارًا مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَنْتَ أَعْتَقْتَ غُلَامَكَ فَهَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِلَا خِلَافٍ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ أَنْتَ قَتَلْتَ فُلَانًا فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ وَأَنْتَ قَتَلْتَ فُلَانًا أَيْضًا وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَنْتَ قَتَلْتَ فُلَانًا فَهَذَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (مرازتو جندين مى بايد) وَسَمَّى مَالًا مَعْلُومًا فَقَالَ الْمُخَاطَبُ (مرانيزازتو جندين مى بايد) كَانَ هَذَا مِنْ الثَّانِي إقْرَارًا بِمَا ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ هَكَذَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ إقْرَارًا كَمَا فِي قَوْلِهِ أَيْضًا بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَوْ قَالَ (مَرَّا ازتو جندين مى بايد) فَقَالَ الْمُخَاطَبُ (مَرَّا بارى ازتو جندين مى بايد) فَهَذَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا مِنْ الثَّانِي بِمَا ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْعُيُونِ رَجُلٌ قَالَ قَتَلْتُ ابْنَ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ قَتَلْتُ ابْنَ فُلَانٍ يَكُونُ هَذَا إقْرَارًا بِقَتْلِ ابْنٍ وَاحِدٍ وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْ قَنْدَ لَوْ قَالَ لِآخَرِ لِمَ قَتَلْتَ فُلَانًا فَقَالَ كَانَ فِي اللَّوْحِ مَكْتُوبًا هَكَذَا أَوْ قَتَلْتُ عَدُوِّي فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْقَتْلِ وَتَلْزَمُهُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالْعَمْدِ وَلَوْ قَالَ الْمُقَدَّرُ كَائِنٌ لَا يَكُونُ إقْرَارًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ ادَّعَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَيْتُك مِائَةً بَعْدَ مِائَةٍ فَلَا حَقَّ لَك عَلَيَّ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا وَكَذَا لَوْ ادَّعَى مِائَةَ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ قَضَيْتُك خَمْسِينَ دِرْهَمًا لَا يَكُونُ إقْرَارًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ قَدْ أَخَذْتُ مِنْهَا شَيْئًا فَقَدْ أَقَرَّ بِهَا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ كَمْ وَزْنُهَا أَوْ مَتَى أَجَلُهَا أَوْ مَا ضَرْبُهَا أَوْ قَدْ بَرِئْتُ إلَيْكَ مِنْهَا أَوْ قَدْ أَدَّيْتُهَا إلَيْكَ فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ بِالْأَلْفِ وَلَوْ قَالَ قَدْ بَرِئْتُ إلَيْكَ مِنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ كَانَ لَكَ عَلَيَّ لَمْ يَكُنْ هَذَا إقْرَارًا بِالْأَلْفِ وَلَكِنَّهُ إقْرَارٌ بِشَيْءٍ مَجْهُولِ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ فَيَكُونُ مُجْبَرًا عَلَى بَيَانِهِ وَإِذَا بَيَّنَهُ يَحْلِفُ الطَّالِبُ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَا عَلَيْهِ غَيْرُ هَذَا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ إقْرَارِ الرَّجُلِ فِي نَصِيبِهِ. وَإِذَا ادَّعَى عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (دردست مِنْ ازتركه جيزى نيست) فَهَذَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالتَّرِكَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَرْضًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي (تراجزازين زُمَيْنِي ديكرهست) فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ كَذَا دِرْهَمًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا قَبَضْتُ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ دَفَعْتُهُ إلَى أَخِيكَ بِأَمْرِكَ فَهُوَ إقْرَارٌ وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْأَمْرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (ازين جَمْله مراينج دَرِّهِمْ دادنى است) فَهَذَا إقْرَارٌ بِالْعَشَرَةِ وَكَذَا إذَا قَالَ (ازين جُمْلَة يَنْجُ دَرِّهِمْ بَاقِي است) وَلَوْ قَالَ (يَنْجُ دَرِّهِمْ بَاقِي مانده است) لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَشَرَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ أَمَّا خَمْسُمِائَةٍ مِنْهَا فَلَا أَوْ قَالَ أَمَّا خَمْسُمِائَةٍ مِنْهَا فَلَا أَعْرِفُهَا فَقَدْ أَقَرَّ بِخَمْسِمِائَةٍ وَلَوْ قَالَ أَمَّا خَمْسُمِائَةٍ فَلَا وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا فَهَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَقَالَ الْحَقُّ أَوْ الصِّدْقُ أَوْ الْيَقِينُ أَوْ قَالَ حَقًّا أَوْ صِدْقًا أَوْ يَقِينًا أَوْ قَالَ الْحَقَّ الْحَقَّ أَوْ الصِّدْقَ الصِّدْقَ أَوْ الْيَقِينَ الْيَقِينَ أَوْ حَقًّا حَقًّا أَوْ صِدْقًا صِدْقًا أَوْ يَقِينًا يَقِينًا أَوْ قَالَ الْبِرَّ الْحَقَّ أَوْ الْحَقَّ الْبِرَّ إلَخْ فَهُوَ إقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ الْحَقُّ حَقٌّ أَوْ الصِّدْقُ صِدْقٌ أَوْ الْيَقِينُ يَقِينٌ وَكَذَا لَفْظُ الْبِرِّ مُفْرَدًا بِأَنْ قَالَ الْبِرُّ أَوْ بِرًّا وَقَالَ مُكَرَّرًا غَيْرَ مُنْضَمٍّ إلَى الْحَقِّ أَوْ الْيَقِينِ أَوْ الصِّدْقِ بِأَنْ قَالَ الْبِرُّ الْبِرُّ أَوْ بِرًّا بِرًّا لَا يَكُونُ إقْرَارًا أَوْ كَذَلِكَ لَفْظُ الصَّلَاحِ مُفْرَدًا أَوْ مَقْرُونًا بِالْحَقِّ أَوْ الصِّدْقِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ مِائَةِ دِينَارٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ صَدَّقَهُ فِي الدَّنَانِيرِ صَحَّ إقْرَارُهُ بِالْمَالَيْنِ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي الدَّنَانِيرِ صَحَّ إقْرَارُهُ بِالدَّرَاهِمِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَقْرَضْتُكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَقَالَ مَا اسْتَقْرَضْتُ مِنْ أَحَدٍ سِوَاكَ أَوْ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِكَ أَوْ مِنْ أَحَدٍ

قَبْلَكَ أَوْ قَالَ لَا أَسَتُقْرِضُ مِنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَقْرَضْتُكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَقَالَ لَا أَعُودُ لَهَا أَوْ لَا أَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ إقْرَارًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَا أَعُودُ حَيْثُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ غَصَبْتَ مِنِّي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَقَالَ لَمْ أَغْصِبْكَ إلَّا هَذِهِ الْمِائَةَ كَانَ إقْرَارًا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَمْ أَغْصِبْكَ سِوَى هَذِهِ الْمِائَةِ أَوْ غَيْرَ هَذِهِ الْمِائَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَمْ أَغْصِبْكَ بَعْدَ هَذِهِ الْمِائَةِ شَيْئًا أَوْ قَالَ لَمْ أَغْصِبْكَ مَعَ هَذِهِ الْمِائَةِ شَيْئًا أَوْ قَالَ قَبْلَ هَذِهِ الْمِائَةِ شَيْئًا كَانَ إقْرَارًا بِغَصْبِ الْمِائَةِ وَكَذَلِكَ لَا أَغْصِبُ أَحَدًا بَعْدَكَ أَوْ لَمْ أَغْصِبْ أَحَدًا بَعْدَكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ مَا لَكَ عَلَيَّ إلَّا مِائَةُ دِرْهَمٍ أَوْ سِوَى مِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ إقْرَارًا بِالْمِائَةِ وَلَوْ قَالَ مَا لَكَ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا أَقَلُّ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ مَا لَكَ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا أَقَلُّ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ قِيلَ لَا يَكُونُ إقْرَارًا كَمَا إذَا نَفَى الْأَقَلَّ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَكُونُ إقْرَارًا بِمِائَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِآخَرِ إنَّمَا لَكَ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَهَذَا إقْرَارٌ بِالْمِائَةِ وَلَوْ قَالَ لَيْسَ لَكَ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَلَمْ يُقِرَّ لَهُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِقَسَّامٍ اقْسِمْ هَذِهِ الدَّارَ ثُلُثًا لِفُلَانٍ وَثُلُثًا لِي وَثُلُثًا لِفُلَانٍ آخَرَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إقْرَارًا لِلْآخَرَيْنِ بِثُلُثَيْ الدَّارِ حَتَّى يَقُولَ لِفُلَانٍ ثُلُثُهَا وَلِفُلَانٍ ثُلُثُهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ فِي عِلْمِي أَوْ فِيمَا عَلِمْتُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى هَذَا بَاطِلٌ كُلُّهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ إقْرَارٌ صَحِيحٌ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلِمْتُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَدْ عَلِمْت ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ صَحِيحٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِيمَا أَظُنُّ أَوْ فِيمَا ظَنَنْتُ أَوْ فِيمَا أَحْسِبُ أَوْ فِيمَا حَسِبْتُ أَوْ فِيمَا أَرَى أَوْ فِيمَا رَأَيْتُ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي شَهَادَةِ فُلَانٍ أَوْ فِي عِلْمِ فُلَانٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ أَوْ بِعِلْمِ فُلَانٍ كَانَ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ فِي قَوْلِ فُلَانٍ أَوْ بِقَوْلِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي حِسَابِي أَوْ حِسَابِ فُلَانٍ أَوْ بِحِسَابِهِ أَوْ فِي كِتَابِي أَوْ فِي كِتَابِ فُلَانٍ أَوْ بِكِتَابِ فُلَانٍ كَانَ بَاطِلًا وَلَوْ قَالَ فِي صَكِّهِ أَوْ بِصَكِّ فُلَانٍ أَوْ فِي صَكِّي أَوْ بِصَكِّي كَانَ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ أَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي حِسَابٍ أَوْ مِنْ حِسَابٍ أَوْ بِحِسَابٍ كَانَ إقْرَارًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ بِسِجِلٍّ أَوْ فِي سِجِلٍّ أَوْ بِكِتَابٍ أَوْ فِي كِتَابٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَوْ مِنْ حِسَابٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كُلُّ ذَلِكَ إقْرَارٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ صَكٌّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ كِتَابٌ أَوْ حِسَابٌ بِأَلْفٍ يَلْزَمُهُ الْمَالُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ شَرِكَةٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَوْ مِنْ تِجَارَةٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَوْ مِنْ خِلْطَةٍ لَزِمَتْهُ الْأَلْفُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي قَضَاءِ فُلَانٍ وَهُوَ قَاضٍ أَوْ فِي قَضَاءِ فُلَانٍ الْفَقِيهِ أَوْ بِفُتْيَاهُ أَوْ فِي فِقْهِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَإِنْ قَالَ بِقَضَاءِ فُلَانٍ وَفُلَانٌ قَاضٍ يَلْزَمُهُ الْمَالُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فُلَانٌ قَاضِيًا فَقَالَ الطَّالِبُ حَاكَمْتُهُ إلَيْهِ فَقَضَى لِي لَزِمَهُ الْمَالُ وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُحَاكِمْهُ إلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَإِنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي ذِكْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ. إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ فَقَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْإِقْرَارُ بَاطِلٌ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ غَصَبْت هَذَا الْعَبْدَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ كَتَبَ عَلَيْهِ ذِكْرَ حَقٍّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا وَأَجَلُهُ إلَى كَذَا وَمَنْ قَامَ بِذِكْرِ هَذَا الْحَقِّ فَهُوَ وَلِيُّ مَا فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَلْزَمُهُ مَا فِي الصَّكِّ فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيَاسًا وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُكَ هَذَا

الْعَبْدَ أَمْسِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ شَاءَ فُلَانٌ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا وَإِنْ شَاءَ فُلَانٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ إقْرَارٍ عُلِّقَ بِالشَّرْطِ نَحْوُ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ مَطَرَتْ السَّمَاءُ أَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ إنْ قَضَى اللَّهُ تَعَالَى أَوْ أَرَادَهُ أَوْ رَضِيَهُ أَوْ أَحَبَّهُ أَوْ قَدَّرَهُ أَوْ يَسَّرَهُ أَوْ إنْ بُشِّرْتُ بِكَذَا كُلُّهُ وَمَا شَاكَلَهُ مُبْطِلٌ لِلْإِقْرَارِ إذَا كَانَ مَوْصُولًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ إلَّا أَنْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ سَوَاءٌ بَدَا لَهُ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ أَوْ رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ حَمَلَ مَتَاعِي إلَى مَنْزِلِي بِالْبَصْرَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ حَاضِرًا يَسْمَعُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْمَالُ وَاجِبٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ حَمَلْتُ هَذَا الْمَتَاعَ إلَى بَيْتِي فَهُوَ اسْتِئْجَارٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ اشْهَدُوا أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ إنْ مِتُّ فَهُوَ عَلَيْهِ إنْ مَاتَ أَوْ عَاشَ وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ مِتُّ فَهُوَ عَلَيْهِ إنْ مَاتَ أَوْ عَاشَ وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إذَا أَفْطَرَ النَّاسُ أَوْ إلَى الْفِطْرِ أَوْ إلَى الْأَضْحَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ أَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ فَلَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهَذَا بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَ لَك عَلَيَّ أَلْفِ دِرْهَمٍ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَهَذَا جَائِزٌ إذَا كَانَ الطَّالِبُ يَدَّعِي أَنَّ لَهُ عَلَى الْقَادِمِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّهُ كَفِلَ لِي بِمَا عَلَيْهِ إذَا قَدِمَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ حَلَفَ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ أَوْ إذَا حَلَفَ أَوْ مَتَى حَلَفَ أَوْ حِينَ حَلَفَ أَوْ مَعَ يَمِينِهِ أَوْ فِي يَمِينِهِ أَوْ بَعْدَ يَمِينِهِ فَحَلَفَ فُلَانٌ عَلَى ذَلِكَ وَجَحَدَ الْمُقِرُّ الْمَالَ لَمْ يُؤْخَذْ بِالْمَالِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ ابْتَعْ مِنِّي عَبْدِي هَذَا أَوْ قَالَ اسْتَأْجِرْهُ مِنِّي أَوْ قَالَ أَعَرْتُكَ دَارِي هَذِهِ فَقَالَ نَعَمْ كَانَ قَوْلُهُ نَعَمْ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ وَكَذَا قَوْلُهُ ادْفَعْ إلَيَّ غَلَّةَ عَبْدِي هَذَا أَوْ أَعْطِنِي ثَوْبَ عَبْدِي هَذَا فَقَالَ نَعَمْ فَقَدْ أَقَرَّ بِالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ لَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ افْتَحْ بَابَ دَارِي هَذِهِ أَوْ جَصِّصْ دَارِي هَذِهِ أَوْ قَالَ اسْرَجْ دَابَّتِي هَذِهِ أَوْ لَجِّمْ بَغْلِي هَذَا أَوْ أَعْطِنِي سَرْجَ بَغْلِي هَذَا أَوْ لِجَامَ بَغْلِي هَذَا فَقَالَ نَعَمْ فَهَذَا إقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ لَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إقْرَارًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ قَالَ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ نَعَمْ يَكُونُ إقْرَارًا وَكَذَلِكَ ثَوْبٌ فِي يَدِهِ فَقَالَ وَهَبَ لِي فُلَانٌ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ قَالَ صَدَقَ أَوْ قَالَ أَجَلْ أَوْ قَالَ ذَلِكَ بِالْفَارِسِيَّةِ فَهُوَ إقْرَارٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قِيلَ لَهُ هَلْ لِفُلَانٍ عَلَيْك كَذَا فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ بِنَعَمْ لَا يَكُونُ إقْرَارًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَخْبِرْ فُلَانًا أَوْ أَعْلِمْهُ أَوْ قُلْ لَهُ أَوْ أَشْهِدْ أَوْ بَشِّرْهُ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ إقْرَارًا وَكَذَا لَوْ قَالَ أَخْبِرْ فُلَانًا أَنَّ عَلَيْكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَعْلِمْ فُلَانًا أَشْهَدْ لَهُ عَلَيْك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَقُولُ لَهُ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ لِآخَرَ لَا تَشْهَدْ لِفُلَانٍ عَلَيَّ بِأَلْفٍ شَاهِيَةٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَكَذَا لَوْ قَالَ مَا لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ فَلَا تُخْبِرْهُ بِأَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا أَوْ قَالَ لَا تَقُلْ إنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ ابْتِدَاءً لَا تُخْبِرْ فُلَانًا أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ إقْرَارًا وَذَكَرَ النَّاطِقُ فِي أَجْنَاسِهِ عَنْ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا يُخْبِرُ كَقَوْلِهِ لَا تَشْهَدْ لَا يَكُونُ إقْرَارًا فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا وَالصَّحِيحُ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ اُكْتُمُوهَا أَنِّي طَلَّقْتُهَا اُكْتُمُوهَا طَلَاقِي إيَّاهَا فَهَذَا إقْرَارٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا تُخْبِرُوهَا أَنِّي طَلَّقْتهَا وَلَوْ قَالَ اُكْتُمُوهَا طَلَاقَهَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ جَمِيعُ مَا فِي يَدَيَّ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ لِفُلَانٍ فَهَذَا الْإِقْرَارُ صَحِيحٌ فَإِنْ حَضَرَ فُلَانٌ لِيَأْخُذَ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَاخْتَلَفَا فِي عَبْدٍ فِي يَدَيْهِ فَقَالَ فُلَانٌ كَانَ فِي يَدِكَ يَوْمَ أَقْرَرْتَ فَهُوَ لِي وَقَالَ الْمُقِرُّ لَمْ يَكُنْ هَذَا فِي يَدِي يَوْمَ أَقْرَرْتُ وَإِنَّمَا تَمَلَّكْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ

الْمُقِرِّ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُقَرُّ لَهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَ أَقَرَّ فَحِينَئِذٍ يُقْضَى لِلْمُقِرِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ جَمِيعُ مَا فِي يَدَيَّ أَوْ جَمِيعُ مَا يُعْرَفُ بِي أَوْ جَمِيعُ مَا يُنْسَبُ إلَيَّ فَهُوَ لِفُلَانٍ فَهَذَا إقْرَارٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ جَمِيعُ مَالِي أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ لِفُلَانٍ فَهُوَ هِبَةٌ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ جَمِيعُ مَا فِي بَيْتِي لِفُلَانٍ كَانَ إقْرَارًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَقَرَّ الْأَجِيرُ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ مَالٍ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ فَهُوَ لِفُلَانٍ وَقَالَ أَنَا أَجِيرٌ لَهُ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَمَا كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمئِذٍ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ لِفُلَانٍ كُلُّهُ لَا حَقَّ لِلْأَجِيرِ فِيهِ غَيْرَ أَنِّي أَسْتَحْسِنُ الطَّعَامَ وَالْكِسْوَةَ فَأَجْعَلُهُمَا لِلْأَجِيرِ وَلَوْ أَقَرَّ الْأَجِيرُ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ تِجَارَةِ كَذَا فَهُوَ لِفُلَانٍ كَانَ مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ تِلْكَ التِّجَارَةِ وَقْتَ إقْرَارِهِ لِفُلَانٍ وَمَا كَانَ فِي يَدَيْهِ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ التِّجَارَةِ فَلَيْسَ لِفُلَانٍ مِنْهُ شَيْءٌ وَالْقَوْلُ فِي بَيَانِ قَوْلِ الْمُقِرِّ وَكَذَلِكَ مَا كَانَ فِي يَدَيْهِ مِنْ تِلْكَ التِّجَارَةِ فَادَّعَى أَنَّهُ أَصَابَهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِذَا أَقَرَّ الْأَجِيرُ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ مَالٍ لِفُلَانٍ وَفِي يَدِهِ صُكُوكٌ وَمَالُ عَيْنٍ فَهُوَ كُلُّهُ لِفُلَانٍ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ عَيْنِ طَعَامٍ لِفُلَانٍ وَفِي يَدِهِ حِنْطَةٌ وَشَعِيرٌ وَسِمْسِمٌ وَتَمْرٌ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ لِفُلَانٍ إلَّا الْحِنْطَةُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مِنْ الْحِنْطَةِ شَيْءٌ لِلْمُقِرِّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ إقْرَارِ الْجُحُودِ وَالْمَمْلُوكِ. أَقَرَّ لِابْنَتِهِ فِي صِحَّتِهِ بِجَمِيعِ مَا فِي مَنْزِلِهِ مِنْ الْفُرُوشِ وَالْأَوَانِي وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمِلْكِ مِنْ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ كُلِّهَا وَلَهُ فِي الرَّسَاتِيقِ دَوَابُّ وَغِلْمَانٌ وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الْبَلَدِ قَالَ يَقَعُ إقْرَارُهُ عَلَى مَا فِي مَنْزِلِهِ الَّذِي هُوَ سَاكِنٌ فِيهِ وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ الدَّوَابِّ يَبْعَثُهَا إلَى الْبَاقُورَةِ بِالنَّهَارِ وَيَرْجِعُ إلَى مَنْزِلِهِ ذَلِكَ بِاللَّيْلِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْإِقْرَارِ وَكَذَلِكَ الْعَبِيدُ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ بِالنَّهَارِ فِي حَوَائِجِهِ وَيَأْوُونَ بِاللَّيْلِ إلَى مَنْزِلِهِ يَدْخُلُونَ تَحْتَ الْإِقْرَارِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ أَقَرَّ فِي صِحَّةِ بَدَنِهِ وَعَقْلِهِ أَنَّ جَمِيعَ مَا هُوَ دَاخِلٌ فِي مَنْزِلِهِ لِامْرَأَتِهِ غَيْرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ وَتُوُفِّيَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنًا ثُمَّ ادَّعَى الِابْنُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ فَكُلُّ شَيْءٍ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ صَارَ لَهَا بِتَمَلُّكِ الزَّوْجِ إيَّاهَا بِبَيْعٍ صَحِيحٍ أَوْ بِهِبَةٍ صَحِيحَةٍ أَوْ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ مَنْعِهِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مِلْكٌ لَا يَصِيرُ لَهَا بِهَذَا الْإِقْرَارِ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ تَرِكَةُ الْمُتَوَفَّى وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ فَلَمَّا شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَجَبَ الْقَضَاءُ بِمَا كَانَ فِي الدَّارِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا قَالَ لِامْرَأَتِي هَذَا الْبَيْتُ وَمَا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُهُ وَفِي الْبَيْتِ مَتَاعٌ فَلَهَا الْبَيْتُ وَالْمَتَاعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مَكَانُ الْإِقْرَارِ بَيْعٌ بِهَذَا اللَّفْظِ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ الْمَتَاعُ فِي الْبَيْعِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ بِعْتُكِ الْبَيْتَ بِحُقُوقِهِ وَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ وَالِدَتِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا جَمِيعُ مَا فِي يَدَيَّ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ لَك ثُمَّ مَاتَ وَالْمَالُ الَّذِي أَقَرَّ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ فَهُوَ لَهَا وَإِنْ كَانَ الِابْنُ اسْتَهْلَكَ ذَلِكَ وَهُوَ مِمَّا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ وَقَدْ تَرَكَ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ فَهِيَ فِي سَعَةٍ أَنْ تَتَنَاوَلَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مِقْدَارَ مَا اُسْتُهْلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ جَمِيعُ مَا فِي يَدِي مِنْ الْمَالِ فَهُوَ لَك لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الصُّلْحِ فَبِالِاسْتِهْلَاكِ بَطَلَ الصُّلْحُ وَدَعَا الدَّيْنَ كَمَا كَانَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا أَقَرَّ بِحَائِطٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ قَالَ عَنَيْتُ الْبِنَاءَ دُونَ الْأَرْضِ لَمْ يُصَدَّقْ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالْحَائِطِ بِأَرْضِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِالْأُسْطُوَانَةِ الْمَبْنِيَّةِ بِالْآخَرِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأُسْطُوَانَة مِنْ خَشَبٍ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ الْخَشَبَةُ دُونَ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ يُسْتَطَاعُ رَفْعُهَا بِغَيْرِ ضَرَرٍ أَخَذَهَا الْمُقَرُّ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُؤْخَذُ إلَّا بِضَرَرٍ ضَمِنَ الْمُقِرُّ قِيمَتَهَا لِلطَّالِبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ لَا يُقْضَى لَهُ بِمَا تَحْتَهُ مِنْ الْأَرْضِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا أَقَرَّ بِنَخْلَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ فِي بُسْتَانِهِ أَوْ أَرْضِهِ دَخَلَتْ الشَّجَرَةُ وَالنَّخْلَةُ بِأَصْلِهَا مِنْ الْأَرْضِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مِقْدَارَ مَا يَدْخُلُ مِنْ الْأَرْضِ وَأَشَارَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ مَا بِإِزَاءِ سَاقِهَا

حَتَّى لَوْ قُلِعَتْ الشَّجَرَةُ وَنَبَتَتْ فِي مَوْضِعِ قَلْعِهَا أُخْرَى كَانَتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَهَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَدْخُلُ مَوْضِعُ عُرُوقِهَا الْكُبْرَى الَّتِي هِيَ شِبْهُ الْجِذْعِ أَمَّا مَوْضِعُ مَا يَتَشَعَّبُ مِنْ الْعُرُوقِ الْكَبِيرَةِ فَلَا يَدْخُلُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا يَدْخُلُ فِيهِ مِنْ الْأَرْضِ مِقْدَارُ مَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ الْعُرُوقِ الَّتِي لَا تَبْقَى تِلْكَ النَّخْلَةُ بِدُونِهَا وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ لَا تَدْخُلُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَدْخُلُ فِيهِ مِقْدَارُ مَا يَأْخُذُ ظِلُّ النَّخْلَةِ مِنْ الْأَرْضِ إذَا قَامَتْ الشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَالْبَاقِي لَا يَدْخُلُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَدْخُلُ مِقْدَارُ غِلَظِ النَّخْلَةِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ الثَّمَرَةُ الَّتِي فِي النَّخْلَةِ لِفُلَانٍ لَا يَصِيرُ مُقِرًّا لَهُ بِالنَّخْلَةِ وَلَوْ قَالَ الزَّرْعُ الَّذِي فِي هَذِهِ الْأَرْضِ لِفُلَانٍ كَانَ لَهُ الزَّرْعُ دُونَ الْأَرْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ هَذَا الْكَرْمُ لِفُلَانٍ فَلَهُ الْكَرْمُ بِأَرْضِهِ وَجَمِيعُ مَا فِيهِ مِنْ الْأَشْجَارِ وَالزَّرَاجِين وَالْبِنَاءِ وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الْأَرْضُ لِفُلَانٍ وَنَخِيلُهَا لِي أَوْ قَالَ هَذِهِ الْأَرْضُ لِفُلَانٍ إلَّا نَخِيلُهَا فَإِنَّ الْأَرْضَ مَعَ النَّخِيلِ لِفُلَانٍ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ هَذِهِ؛ النَّخِيلُ بِأُصُولِهَا لِفُلَانٍ وَثَمَرَتُهَا لِي فَإِنَّ النَّخِيلَ مَعَ الثَّمَرَةِ لِفُلَانٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ هَذِهِ الْأَرْضُ لِفُلَانٍ وَفِيهَا زَرْعٌ كَانَتْ الْأَرْضُ لِفُلَانٍ بِزَرْعِهَا وَلَوْ أَقَامَ الْمُقِرُّ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الزَّرْعَ لَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ شَجَرَةُ نَخِيلٍ فَكَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الشَّجَرَةَ لِي لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا بِأَنَّ الْأَرْضَ لَهُ وَشَجَرَهَا لِي فَحِينَئِذٍ لَا يَقْضِي بِالشَّجَرِ لِلْمُقَرِّ لَهُ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ فَالْبِنَاءُ يَدْخُلُ فِيهِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَرْضُ هَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ فِيهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِخَاتَمٍ فَلَهُ الْحَلْقَةُ وَالْفَصُّ وَمَنْ أَقَرَّ بِسَيْفٍ لَزِمَهُ النَّصْلُ وَالْجِفْنُ وَالْحَمَائِلُ وَمَنْ أَقَرَّ بِحَجَلَةٍ لَزِمَ الْعِيدَانُ وَالْكِسْوَةُ كَذَا فِي الْكَافِي. دَارٌ فِي يَدِهِ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا بَيْتًا مَعْلُومًا أَوْ جُزْءًا شَائِعًا فَإِنَّهُ لِي فَهُوَ عَلَى مَا قَالَ هَذَا الْبَيْتُ لِي وَلَكِنْ هَذَا لِي فَكُلُّهَا لِفُلَانٍ وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَهَذَا الْبَيْتُ لِآخَرِ كَانَ كَمَا قَالَ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَبِنَاؤُهَا لِي أَوْ قَالَ هَذِهِ الْأَرْضُ لِفُلَانٍ وَنَخْلُهَا لِي أَوْ النَّخْلُ بِأُصُولِهَا لِفُلَانٍ وَالثَّمَرُ لِي كَانَ الْكُلُّ لِلْمُقِرِّ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ إلَّا بِحُجَّةٍ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا بِنَاءَهَا فَإِنَّهُ لِي لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْبِنَاءِ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ هَذَا الْبُسْتَانُ لِفُلَانٍ إلَّا نَخْلَةً بِغَيْرِ أُصُولِهَا فَإِنَّهَا لِي أَوْ قَالَ هَذِهِ الْجُبَّةُ لِفُلَانٍ إلَّا بِطَانَتَهَا فَإِنَّهَا لِي وَهَذَا السَّيْفُ لِفُلَانٍ إلَّا حِلْيَتَهُ فَإِنَّهَا لِي وَهَذَا الْخَاتَمُ لِفُلَانٍ إلَّا فَصَّهُ فَإِنَّهُ لِي أَوْ هَذِهِ الْحَلْقَةُ لِفُلَانٍ إلَّا فَصَّهَا فَإِنَّهُ لِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ قَالَ بِنَاؤُهَا لِي وَالْعَرْصَةُ لِفُلَانٍ فَهُوَ كَمَا قَالَ كَذَا فِي الْكَنْزِ. إذَا قَالَ بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِي وَأَرْضُهَا لِفُلَانٍ أَوْ أَرْضُهَا لِفُلَانٍ وَبِنَاؤُهَا لِي كَانَ الْبِنَاءُ وَالْأَرْضُ لِلْمُقِرِّ وَإِنْ قَالَ أَرْضُهَا لِي وَبِنَاؤُهَا لِفُلَانٍ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُ وَبِنَاؤُهَا لِفُلَانٍ وَإِنْ قَالَ أَرْضُهَا لِفُلَانٍ وَبِنَاؤُهَا الْآخَرُ كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْبِنَاءُ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ وَإِنْ قَالَ بِنَاؤُهَا لِفُلَانٍ وَأَرْضُهَا لِفُلَانٍ آخَرَ كَانَ كَمَا قَالَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ هَذَا الْخَاتَمُ لِي وَفَصُّهُ لَك وَهَذِهِ الْمِنْطَقَةُ لِي وَحِلْيَتُهَا لَك وَهَذَا السَّيْفُ لِي وَحِلْيَتُهُ لَك وَهَذِهِ الْجُبَّةُ لِي وَبِطَانَتُهَا لَك وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ الْكُلُّ لِي فَالْقَوْلُ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُقِرُّ فَبَعْدَ ذَلِكَ يَنْظُرُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِ الْمُقَرِّ بِهِ ضَرَرٌ لِلْمُقِرِّ يُؤْمَرُ الْمُقِرُّ بِالنَّزْعِ وَالدَّفْعِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِي النَّزْعِ ضَرَرٌ وَأَحَبَّ الْمُقِرُّ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ مَا أَقَرَّ بِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ثُمَّ قَالَ الْجَارِيَةُ لِفُلَانٍ وَالْوَلَدُ لِي فَهُوَ كَمَا قَالَ وَعَلَى هَذَا وَلَدُ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَالثِّمَارِ الْمَجْذُوذَةِ مِنْ الْأَشْجَارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ مِلْكِ إنْسَانٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِقْرَارِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ صُنْدُوقٌ فِيهِ مَتَاعٌ

فَقَالَ الصُّنْدُوقُ لِفُلَانٍ وَالْمَتَاعُ لِي أَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَمَا فِيهَا مِنْ الْمَتَاعِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ هَذَا الْكِيسُ لِفُلَانٍ فَهُوَ لِفُلَانٍ بِمَا فِيهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِهِ الْخِرْقَةَ دُونَ الدَّرَاهِمِ لَمْ يُصَدَّقْ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ هَذِهِ الْقَوْصَرَّةُ لِفُلَانٍ فَهِيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِمَا فِيهَا مِنْ الثَّمَرِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ هَذَا الدَّنُّ لِفُلَانٍ وَهُوَ دَنٌّ فِيهِ خَلٌّ أَوْ قَالَ هَذَا الْجِرَابُ لِفُلَانٍ وَفِيهِ مَتَاعٌ هَرَوِيٌّ أَوْ قَالَ هَذَا الْجِرَابُ لِفُلَانٍ وَفِيهِ دَقِيقٌ أَوْ قَالَ هَذَا الْجُوَالِقُ لِفُلَانٍ وَفِيهِ حِنْطَةٌ وَقَالَ عَنَيْت نَفْسَ الْجِرَابِ أَوْ نَفْسَ الْجُوَالِقِ صُدِّقَ وَإِنَّمَا يَقَعُ هَذَا عَلَى مَا يَصْنَعُ النَّاسُ وَيُعَامَلُونَ بِهِ وَلَوْ نَظَرَ إلَى زِقِّ سَمْنٍ وَقَالَ هَذَا الزِّقُّ لِفُلَانٍ فَهُوَ عَلَى الظَّرْفِ بِعَيْنِهِ وَلَوْ قَالَ تِبْنُ هَذِهِ الْحِنْطَةِ لِفُلَانٍ فَالتِّينُ لِفُلَانٍ وَلَوْ قَالَ حِنْطَةُ هَذَا السُّنْبُلِ لِفُلَانٍ فَلَهُ الْحِنْطَةُ وَالسُّنْبُلُ وَلَوْ قَالَ ظِهَارَةُ الْقَبَاءِ لِفُلَانٍ فَالْقَبَاءُ كُلُّهُ لِفُلَانٍ وَلَوْ قَالَ بِطَانَةُ هَذَا الْقَبَاءِ لِفُلَانٍ فَهُوَ ضَامِنٍ لِلْبِطَانَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ لِفُلَانٍ وَفِيهَا مَاءٌ كَانَ الْمَاءُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرِّوَايَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الْحِنْطَةُ مِنْ زَرْعٍ كَانَ فِي أَرْضِ فُلَانٍ أَوْ مِنْ زَرْعٍ حُصِدَ مِنْ أَرْضِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْحِنْطَةِ وَكَذَا لَوْ قَالَ هَذَا الزَّبِيبُ مِنْ كَرْمِ فُلَانٍ أَوْ هَذِهِ الثَّمَرَةُ مِنْ نَخْلِ فُلَانٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا قَالَ هَذَا الصُّوفُ الَّذِي فِي يَدِي مِنْ غَنَمِ فُلَانٍ أَوْ قَالَ هَذَا اللَّبَنُ الَّذِي فِي يَدَيَّ مِنْ غَنَمِ فُلَانٍ أَوْ قَالَ ذَلِكَ السَّمْنُ أَوْ الْجُبْنُ فَهَذَا إقْرَارٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَلِكَ أَوْلَادُ الْحَيَوَانِ كُلِّهِ مَا خَلَا الرَّقِيقَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا زَرَعَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ بَنَى هَذِهِ الدَّارَ أَوْ غَرَسَ هَذَا الْكَرْمَ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهَا لَهُ وَقَالَ الْمُقِرُّ كُلُّ ذَلِكَ لِي وَإِنَّمَا اسْتَعَنْت بِك فَفَعَلْت أَوْ فَعَلْته بِأَجْرٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ هَذَا الدَّقِيقُ مِنْ طَحْنِ فُلَانٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك كَذَا وَكَذَا فَهُوَ إقْرَارٌ بِغَصْبِهِمَا فَإِذَا قَالَ غَصَبْت عَبْدًا وَجَارِيَةً كَانَ إقْرَارًا بِغَصْبِهِمَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ كَذَا مَعَ كَذَا نَحْوُ أَنْ يَقُولَ دَابَّةً مَعَ سَرْجِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ كَذَا بِكَذَا نَحْوُ أَنْ يَقُولَ غَصَبْت فَرَسًا بِلِجَامِهَا وَعَبْدًا بِمِنْدِيلِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ بِغَصْبِهِمَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ كَذَا فَكَذَا نَحْوُ أَنْ يَقُولَ غَصَبْت عَبْدًا فَجَارِيَةً وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ كَذَا وَعَلَيْهِ كَذَا نَحْوُ أَنْ يَقُولَ غَصَبْت دَابَّةً وَعَلَيْهَا سَرْجُهَا وَإِنْ قَالَ كَذَا مِنْ كَذَا بِأَنْ قَالَ غَصَبْت مِنْدِيلًا مِنْ غُلَامِهِ وَسَرْجًا مِنْ دَابَّتِهِ كَانَ إقْرَارًا بِالْغَصْبِ فِي الْأَوَّلِ خَاصَّةً وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ كَذَا عَلَى كَذَا نَحْوُ غَصَبْت إكَافًا عَلَى حِمَارِهِ وَلَوْ قَالَ كَذَا فَإِنْ كَانَ الثَّانِي مِمَّا يَكُونُ وِعَاءً لِلْأَوَّلِ لَزِمَهُ نَحْوُ ثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ وَطَعَامٍ فِي سَفِينَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ تَمْرًا فِي قَوْصَرَّةٍ أَوْ حِنْطَةً فِي جُوَالِقٍ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مِمَّا لَا يَكُونُ وِعَاءً لِلْأَوَّلِ نَحْوُ قَوْلِهِ غَصَبْتُك دِرْهَمًا فِي دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مِمَّا يَكُونُ الْأَوَّلُ وَسَطَهُ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ غَصَبْتُك ثَوْبًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَلْزَمُهُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك كِرْبَاسًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ حَرِيرٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك طَعَامًا فِي بَيْتٍ كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ طَعَامًا فِي سَفِينَةٍ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِغَصْبِ الْبَيْتِ وَالطَّعَامِ إلَّا أَنَّ الطَّعَامَ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْغَصْبِ وَالْبَيْتُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ وَإِنْ قَالَ لَمْ أُحَوِّلْ الطَّعَامَ مِنْ مَوْضِعِهِ لَمْ يُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِدَابَّةٍ فِي إصْطَبْلٍ لَزِمَهُ الدَّابَّةُ فَقَطْ كَذَا فِي الْكَنْزِ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ إنْ قَالَ الْمُقِرُّ عَنَيْت بِفِي مَعَ أَوْ قَالَ عَنَيْت الْوَاوَ فَعَلَيْهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَإِنْ قَالَ عَنَيْت بِهِ عَلَى لَزِمَهُ عَشَرَةٌ

وَإِنْ قَالَ عَنَيْت بِهِ الضَّرْبَ لَزِمَهُ عَشَرَةٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَكَذَلِكَ إذَا نَوَى حَقِيقَةَ كَلِمَةِ فِي وَهِيَ الظَّرْفِيَّةُ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي قَفِيزٍ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ الدِّرْهَمُ وَالْقَفِيزُ بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ قَفِيزُ حِنْطَةٍ فِي دِرْهَمٍ لَزِمَهُ الْقَفِيزُ وَالدِّرْهَمُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ فَرْقُ زَيْتٍ فِي عَشَرَةِ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ الزَّيْتُ وَالْحِنْطَةُ بَاطِلٌ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَلَوْ قَالَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَلْزَمُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَيَبْطُلُ آخِرُ كَلَامِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَنَيْت الْمَالَيْنِ فَلَزِمَاهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فِي ثَوْبٍ يَهُودِيٍّ يَلْزَمُهُ الْخَمْسَةُ فَإِنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الثَّوْبُ الْيَهُودِيُّ هُوَ الدَّيْنُ وَالْخَمْسَةُ الدَّرَاهِمُ أُسْلِمُهَا إلَيْهِ فِيهِ فَهَذَا بَيَانٌ لَكِنْ فِيهِ تَغْيِيرٌ فَلَا يَصِحُّ مَفْصُولًا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الطَّالِبُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ صَدَّقَهُ قُلْنَا الْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا فَيَثْبُتُ مَا تَصَادَقَا عَلَيْهِ وَإِنْ جَحَدَ كَانَ لِلْمُقِرِّ أَنْ يُحَلِّفَهُ فَإِذَا حَلَفَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمُقِرَّ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ كَمَا أَقَرَّ بِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ غَصَبْت مِنْهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فِي ثَوْبٍ يَلْزَمُهُ الْخَمْسَةُ مَعَ الثَّوْبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ مَعَهُ دِرْهَمٌ لَزِمَاهُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. لَوْ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ قَبْلَ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَلَوْ قَالَ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ فَعَلَيْهِ دِرْهَمَانِ وَلَوْ قَالَ دِرْهَمٌ بَعْدَ دِرْهَمٍ أَوْ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ سَمَّى أَحَدَهُمَا دِينَارًا أَوْ قَفِيزَ حِنْطَةٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ قَالَ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ وَلَوْ قَالَ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ عَلَى دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَلَوْ قَالَ دِرْهَمَانِ ثُمَّ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ وَكَذَلِكَ عَلَى الْعَكْسِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَعَلَيَّ دِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَعَ كُلِّ دِرْهَمٍ دِرْهَمٌ أَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ كُلِّ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ وَلَوْ نَظَرَ إلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ بِعَيْنِهَا وَقَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَعَ كُلِّ دِرْهَمٍ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ دِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ وَلَوْ نَظَرَ إلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَعَ كُلِّ دِرْهَمٍ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ هَذَا الدِّرْهَمُ يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ رَجُلٌ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْإِقْرَارُ بِالْكِتَابَةِ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا أَنْ يَكْتُبَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ مُسْتَبِينًا بِأَنْ كَتَبَ عَلَى الْهَوَاءِ أَوْ عَلَى الْمَاءِ أَوْ عَلَى الْجُمُدِ لَا يَجِبُ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَشْهَدَ أَنْ يَقُولَ لِجَمَاعَةٍ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِهَذَا وَلَمْ يَقْرَأْ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ أَمَّا إذَا قَرَأَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَحَلَّ لِمَنْ سَمِعَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمِنْهَا أَنْ يَكْتُبَ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ مُسْتَبِينًا وَأَنَّهُ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا كِتَابُ الرِّسَالَةِ وَهُوَ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى بَيَاضٍ وَيُصَدِّرَهُ بِالتَّسْمِيَةِ ثُمَّ بِالدُّعَاءِ ثُمَّ يُبَيِّنَ الْمَقْصُودَ فَيَكْتُبَ أَنَّ لَك عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ قِبَلِ كَذَا يَكُونُ إقْرَارًا اسْتِحْسَانًا وَيَحِلُّ لِمَنْ عَايَنَ كِتَابَتَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَعْرِفَ الشَّاهِدُ مَا كُتِبَ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَتَبَ رِسَالَةً مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ كَتَبْت إلَيَّ أَنِّي ضَمِنْت لَك مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَمْ أَضْمَنْ لَك أَلْفًا إنَّمَا ضَمِنْت لَك خَمْسَمِائَةِ وَعِنْدَهُ رَجُلَانِ شَهِدَا كِتَابَتَهُ ثُمَّ مَحَا كِتَابَتَهُ فَشَهِدَا بِذَلِكَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُمَا اشْهَدَا وَلَا اخْتِمَا وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَكُلُّ حَقٍّ يَثْبُتُ مَعَ الشُّبُهَاتِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إنْ كَتَبَ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ فِي تُرَابٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَنَحْوِهِمَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إقْرَارًا وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَقُولَ اشْهَدُوا عَلَى هَذَا الْمَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ

كَتَبَ غَيْرَ مَرْسُولٍ عَلَى الْقِرْطَاسِ مُسْتَبِينًا أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ حَقًّا كَذَا لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا قَالَ اشْهَدُوا بِمَا كَتَبْت فَيَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمِنْهَا كِتَابُ صَكٍّ إذَا كَتَبَ الرَّجُلُ ذِكْرَ حَقٍّ عَلَى نَفْسِهِ بِشَهَادَةِ قَوْمٍ أَوْ كَتَبَ وَصِيَّةً ثُمَّ قَالَ اشْهَدُوا بِهَذَا لِفُلَانٍ عَلَيَّ وَلَمْ يَقْرَأْ عَلَيْهِمْ الصَّكَّ وَلَمْ يَقْرَءُوهُ عَلَيْهِ فَهَذَا جَائِزٌ إذَا كَتَبَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ بِيَدِهِ أَوْ أَمْلَاهُ عَلَى إنْسَانٍ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا كِتَابَتَهُ وَلَا إمْلَاءَهُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَتَبَ الصَّكَّ بِنَفْسِهِ بَيْنَ قَوْمٍ وَلَمْ يَقْرَأْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَقُلْ اشْهَدُوا عَلَيَّ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا حَتَّى لَا يَحِلَّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ مَصْدَرًا مَرْسُومًا نَحْوُ أَنْ يَكْتُبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ عَلَى نَفْسِهِ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلِمَ الشَّاهِدُ بِمَا فِيهِ وَسِعَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ بِالْمَكْتُوبِ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُشْهِدْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُ كَتَبَ الصَّكَّ وَقَرَأَ عَلَى الشُّهُودِ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِذَلِكَ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ اشْهَدُوا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَنَّ غَيْرَ الْكَاتِبِ قَرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ وَقَالَ الْكَاتِبُ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ كَانَ إقْرَارًا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ اشْهَدُوا لَا يَكُونُ إقْرَارًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ صَكًّا عِنْدَ قَوْمٍ ثُمَّ قَالَ اخْتِمُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ اشْهَدُوا عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إقْرَارًا وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ وَكَذَا لَوْ قَالَ الشُّهُودُ أَنَشْهَدُ عَلَيْك بِهَذَا فَقَالَ اخْتِمُوا عَلَيْهِ وَلَوْ قَالُوا أَنَخْتِمُ هَذَا الصَّكَّ فَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيْهِ كَانَ إقْرَارًا وَحَلَّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِلصَّكَّاكِ اُكْتُبْ لِفُلَانٍ خَطَّ إقْرَارٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيَّ يَكُونُ إقْرَارًا وَيَحِلُّ لِلصَّكَّاكِ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمَالِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلصَّكَّاكِ اُكْتُبْ لَهُ خَطَّ بَيْعِ هَذِهِ الدَّارِ بِكَذَا وَكَتَبَ الصَّكَّاكُ أَوْ لَمْ يَكْتُبْ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْبَيْعِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ اُكْتُبْ لِامْرَأَتِي طَلَاقَهَا وَلَوْ قَالَ لِلصَّكَّاكِ ثَانِيًا اُكْتُبْ لَهَا طَلَاقًا يَكُونُ إقْرَارًا بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا لِلتَّقَاضِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَرَأَ عَلَى رَجُلٍ صَكًّا بِمَالٍ وَقَالَ لَهُ الْآخَرُ أَشْهَدُ عَلَيْك بِهَذَا الْمَالِ الَّذِي فِي الصَّكِّ فَقَالَ نَعَمْ كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا وَحَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمِنْهَا كِتَابُ حِسَابٍ وَهُوَ مَا يَكْتُبُهُ التُّجَّارُ فِي صَحَائِفِهِمْ وَدَفَاتِرِ حِسَابِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَتَبَ فِي صَحِيفَةِ حِسَابِهِ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ حَضَرَا ذَلِكَ أَوْ أَقَرَّ هُوَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ قَالَ إذَا كَانَ فِي (روزنامجه) أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّهُ يُعَدُّ مَرْسُومًا وَلَا يَكُونُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ شَرْطًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ وَجَدْت فِي كِتَابِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ وَجَدْت فِي ذِكْرِي أَوْ فِي حِسَابِي أَوْ بِخَطِّي أَوْ قَالَ كَتَبْت بِيَدِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ بَلَخٍ قَالُوا فِي (يادكار) الْبَاعَةِ إنَّ مَا يُوجَدُ فِيهِ مَكْتُوبًا بِخَطِّ الْبَيَّاعِ فَهُوَ لَازِمٌ عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْبَيَّاعُ وَجَدْت فِي (يادكارى) بِخَطِّيِّ وَكَتَبْت فِي (يادكارى) بِيَدَيَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ هَذَا إقْرَارًا مُلْزِمًا إيَّاهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالظَّهِيرِيَّةِ. خَطُّ الصَّرَّافِ وَالْبَيَّاعِ وَالسِّمْسَارِ حُجَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَنْوَنًا بِالْعُرْفِ ظَاهِرٌ بَيْنَ النَّاسِ وَكَذَلِكَ مَا يَكْتُبُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لِمَكَانِ الْعُرْفِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ مَالًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كُلُّ مَا يُوجَدُ فِي تَذْكِرَةِ الْمُدَّعِي بِخَطٍّ فَقَدْ الْتَزَمَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إقْرَارًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

الباب الثالث في تكرار الإقرار

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَكْرَارِ الْإِقْرَارِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَكْرَارِ الْإِقْرَارِ) رَجُلٌ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ وَأَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ فَقَالَ الْمُقِرُّ هِيَ مِائَةٌ وَقَالَ الطَّالِبُ هِيَ مِائَتَانِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إمَّا أَنْ يُضِيفَ إقْرَارَهُ إلَى سَبَبٍ وَالسَّبَبُ وَاحِدٌ أَوْ مُخْتَلِفٌ أَوْ لَا يُضِيفَ إلَى سَبَبٍ فَإِنْ أَضَافَ إلَى سَبَبٍ بِأَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ هَذَا الْعَبْدِ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثَمَنَ هَذَا الْعَبْدِ وَالْعَبْدُ وَاحِدٌ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَالٌ وَاحِدٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ مُخْتَلِفًا بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ ثُمَّ هَذِهِ الْجَارِيَةِ ثُمَّ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ هَذَا الْعَبْدِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَلْزَمُهُ الْمَالَانِ فِي قَوْلِهِمْ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِذَلِكَ فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ أَوْ مَوْطِنَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُضِفْ الْإِقْرَارَ إلَى سَبَبٍ لَكِنْ عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمَالِ صَكَّا فَإِنْ كَانَ الصَّكُّ وَاحِدًا كَانَ الْمَالُ وَاحِدًا عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ صَكَّيْنِ كُلَّ صَكٍّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ لَزِمَهُ الْمَالُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَاخْتِلَافُ الصَّكِّ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ السَّبَبِ وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ صَكَّا وَلَكِنَّهُ أَقَرَّ مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ الْأَوَّلُ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ وَإِقْرَارُهُ الثَّانِي عِنْدَ الْقَاضِي يَلْزَمُهُ مَالٌ وَاحِدٌ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا إنْ أَقَرَّ أَوَّلًا عِنْدَ الْقَاضِي ثُمَّ أَقَرَّ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ أَوَّلًا عِنْدَ الْقَاضِي بِأَلْفٍ وَأَثْبَتَ الْقَاضِي ذَلِكَ فِي دِيوَانِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى الْقَاضِي فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَأَقَرَّ بِأَلْفٍ وَادَّعَى الطَّالِبُ مَالَيْنِ وَالْمَطْلُوبُ يَدَّعِي أَنَّهُ مَالٌ وَاحِدٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَطْلُوبِ وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارَانِ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي أَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ عِنْدَ الْقَاضِي وَالثَّانِي عِنْدَ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى كُلِّ إقْرَارٍ شَاهِدًا وَاحِدًا فَالْمَالُ وَاحِدٌ عِنْدَ الْكُلِّ كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْطِنٍ أَوْ مَوْطِنَيْنِ وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ شَاهِدًا وَاحِدًا وَعَلَى الثَّانِي شَاهِدَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ الْمَالُ وَاحِدًا وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالظَّاهِرُ أَنَّ عِنْدَهُ يَكُونُ الْمَالُ وَاحِدًا أَيْضًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ شَاهِدَيْنِ وَأَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهِ الثَّانِي فِي مَوْطِنٍ آخَرَ شَاهِدَيْنِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْمَالُ وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَشْهَدَ عَلَى الْإِقْرَارِ الثَّانِي الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَوْ غَيْرَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَشْهَدَ الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَالْمَالُ وَاحِدٌ وَإِنْ أَشْهَدَ غَيْرَهُمَا يَلْزَمُهُ الْمَالَانِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَذَكَرَ الْجَصَّاصُ عَلَى عَكْسِ هَذَا هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ الْمَالُ وَاحِدًا بِكُلِّ حَالٍ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَشْهَدَ عَلَى الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى الْإِقْرَارِ الثَّانِي شَاهِدًا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ فَفِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ فَالْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مَثْنَى وَاسْتُحْسِنَ وَقَالَ الْمَالُ وَاحِدٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ هَكَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ. وَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَلْفٍ ثُمَّ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَلْفٍ وَلَا يَدْرِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي مَوْطِنٍ أَوْ فِي مَوْطِنَيْنِ وَنَسِيَ الشُّهُودُ ذَلِكَ فَهُمَا مَالَانِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمِائَةَ دِينَارٍ وَكَاتِبُ الْأَلْفِ بِصَكٍّ قَدْ كَتَبَ عَلَيْهِ وَكَتَبَ فِيهِ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرَهَا وَالْوَقْتُ وَاحِدٌ أَوْ لَا وَقْتَ فِيهِمَا فَالْمَالُ كُلُّهُ لَازِمٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى أَلْفٍ سُودٍ وَشَاهِدَانِ عَلَى أَلْفٍ بِيضٍ فَهُمَا مَالَانِ

الباب الرابع في بيان من يصح له الإقرار ومن يصح منه الإقرار

وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِينَارٍ فِي مَوْطِنٍ ثُمَّ أَقَرَّ فِي الْمَوْطِنِ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ذَكَر فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِينَارٍ فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَشْهَدَ رَجُلٌ شَاهِدَيْنِ عَلَى نَفْسِهِ لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى شَهْرٍ وَأَشْهَدَ آخَرَيْنِ عَلَى نَفْسِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى شَهْرَيْنِ فَهُمَا مَالَانِ لِاخْتِلَافِ الْأَجَلَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَقَرَّ وَقَالَ قَتَلْت عَبْدًا لِفُلَانٍ وَسَمَّى أَوْ لَمْ يُسَمِّ أَوْ قَالَ ابْنَ فُلَانٍ أَوْ أَخَاهُ وَسَمَّاهُ أَوْ لَمْ يُسَمِّهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ الطَّالِبُ قَتَلْت لِي عَبْدَيْنِ أَوْ ابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ فَهَذَا إقْرَارٌ بِقَتْلِ عَبْدٍ وَاحِدٍ وَابْنٍ وَاحِدٍ وَأَخٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ سَمَّى اسْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَحِينَئِذٍ لَزِمَهُ اثْنَانِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَسَائِلُ أَيْضًا عَلَى الِاخْتِلَافِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَلَى الِاتِّفَاقِ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مَنْ يَصِحُّ لَهُ الْإِقْرَارُ وَمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْإِقْرَارُ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مَنْ يَصِحُّ لَهُ الْإِقْرَارُ وَمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْإِقْرَارُ) مَنْ أَقَرَّ بِحَمْلٍ أَوْ لِحَمْلٍ وَبَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا صَحَّ الْإِقْرَارُ وَإِلَّا لَا إذَا أَقَرَّ بِحَمْلِ أَمَةٍ أَوْ حَمْلِ شَاةٍ لِرَجُلٍ صَحَّ إقْرَارُهُ وَلَزِمَهُ وَإِذَا أَقَرَّ لِحَمْلِ فُلَانَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ (أَحَدُهُمَا) أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا صَالِحًا بِأَنْ قَالَ أَوْصَى لَهُ فُلَانٌ أَوْ مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ فَاسْتَهْلَكْته فَهَذَا الْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَلَزِمَهُ الْمَالُ ثُمَّ إنْ جَاءَتْ بِهِ حَيًّا فِي مُدَّةٍ بِعِلْمٍ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ لَزِمَهُ بِأَنْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ مَاتَ الْمُورَثُ وَالْمُوصِي وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُعْتَدَّةً فَحِينَئِذٍ إذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ حَتَّى حُكِمَ بِثُبُوتِ النَّسَبِ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا بِوُجُودٍ فِي الْبَطْنِ حِينَ مَاتَ الْمُورَثُ وَالْمُوصِي فَإِنْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا فَالْمَالُ مَرْدُودٌ عَلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَالْمُورَثِ وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ حَيَّيْنِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فَفِي الْوَصِيَّةِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَفِي الْمِيرَاثِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (وَثَانِيهَا) أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا مُسْتَحِيلًا بِأَنْ يَقُولَ أَقْرَضَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ بَاعَ مِنِّي شَيْئًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَهَذَا الْإِقْرَارُ بَاطِلٌ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (وَثَالِثُهَا) أَنْ يُبْهِمَ الْإِقْرَارَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَصِحُّ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ لِصَبِيٍّ صَغِيرٍ لَقِيطٍ أَوْ غَيْرِ لَقِيطٍ بِدَيْنٍ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَهُوَ لَازِمٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَقْرَضَنِيهِ الصَّبِيُّ وَالصَّبِيُّ بِحَيْثُ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يُقْرِضُ فَالْمَالُ لَازِمٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ أَوْدَعَنِي هَذَا الصَّبِيُّ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ أَعَارَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْمَجْنُونُ فَإِقْرَارُهُ بِأَصْلِ الْمَالِ صَحِيحٌ وَالسَّبَبُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَهَلْ يَكُونُ الْعَبْدُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُقِرِّ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا فِي الْكِتَاب. قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَبْدُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لِلْبَائِعِ لَا يَضْمَنُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لِلْبَائِعِ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَكَذَا إذَا أَقَرَّ لِصَبِيٍّ هَكَذَا قَالُوا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَفَلَ لِهَذَا الصَّبِيِّ عَنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالصَّبِيُّ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَعْقِلُ فَالْكَفَالَةُ بَاطِلَةٌ إلَّا أَنْ يَقْبَل عَنْهُ وَلِيُّهُ الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ التِّجَارَةِ عَلَى الصَّبِيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَإِنْ خَاطَبَهُ مَنْ وَلِيَ التَّصَرُّفَ فِي النَّفْسِ لَا فِي الْمَالِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ مُنْعَقِدَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِنْ أَدْرَكَ الصَّبِيُّ وَرَضِيَ بِهَا جَازَتْ فَإِنْ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَنْهَا صَحَّ رُجُوعُهُ هَكَذَا

فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَفَلَ عَنْ هَذَا اللَّقِيطِ لِفُلَانٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَاللَّقِيطُ لَا يَتَكَلَّمُ جَازَ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَمْ يَلْزَمْ الصَّبِيَّ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ إقْرَارِ الْمَحْجُورِ وَالْمَمْلُوكِ. وَإِذَا أَقَرَّ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ فِي التِّجَارَةِ بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَا كَانَ مِنْ دَيْنِ التِّجَارَةِ وَلَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ بِمَا لَيْسَ مِنْ دَيْنِ التِّجَارَةِ وَكَذَلِكَ إقْرَارُهُ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إقْرَارُهُ بِالْغَصْبِ وَكَذَلِكَ إقْرَارُهُ بِعَيْبِ سِلْعَةٍ بَاعَهَا جَائِزٌ وَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِعَبْدٍ فِي يَدَيْهِ مِنْهُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مِنْ تِجَارَتِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ تِجَارَتِهِ بِأَنْ وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِالْمَهْرِ وَالْجِنَايَةِ وَالْكَفَالَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إقْرَارُ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ بَاطِلٌ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِقْرَارُ السَّكْرَانِ جَائِزٌ بِالْحُقُوقِ كُلِّهَا إلَّا بِالْحُدُودِ الْخَاصَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَالرِّدَّةُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ تَنْفُذُ مِنْ السَّكْرَانِ كَمَا تَنْفُذُ مِنْ الصَّاحِي كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِقْرَارُ الْأَخْرَسِ إذَا كَانَ يَكْتُبُ وَيَعْقِلُ جَائِزٌ فِي الْقِصَاصِ وَحُقُوقِ النَّاسِ مَا خَلَا الْحُدُودَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَقَرَّ الْحُرُّ لِعَبْدٍ تَاجِرٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ وَأَرَادَ مَوْلَاهُ أَخْذَهُ مِنْ الْمُقِرِّ فِي حَالِ غَيْبَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَقَرَّ الْحُرُّ لِعَبْدٍ بِوَدِيعَةٍ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا جَازَ إقْرَارُهُ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَإِقْرَارُهُ بِهَا لِغَيْرِهِ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ بِدَمٍ عَمْدٍ وَلَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ مَالٌ فِي عُنُقِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ لَا يَجِبُ فِي مِثْلِهَا الْقَطْعُ كَانَ إقْرَارُهُ بَاطِلًا فِي حَقِّ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ التَّاجِرِ لِلْأَجْنَبِيِّ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِقِيمَتِهِ وَمَا فِي يَدِهِ وَإِنْ أَقَرَّ لِمَوْلَاهُ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ وَدِيعَةٍ فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْعَبْدِ التَّاجِرِ لِلْأَجْنَبِيِّ بِجِنَايَةٍ لَيْسَ فِيهَا قِصَاصٌ وَإِذَا أَقَرَّ بِقَتْلٍ عَمْدٍ جَازَ إقْرَارُهُ وَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبٍ مُوجِبٍ لِلْحَدِّ كَالْقَذْفِ وَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ يَجِبُ فِيهَا الْقَطْعُ أَوْ لَا يَجِبُ فَهُوَ مُصَدَّقٌ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِمَهْرِ امْرَأَةٍ وَلَا بِكَفَالَةٍ بِنَفْسٍ وَلَا بِمَالٍ وَلَا بِعِتْقٍ وَلَا بِكِتَابَةٍ وَلَا بِتَدْبِيرٍ وَإِذَا أَقَرَّ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ جَازَ إقْرَارُهُ غَيْرَ أَنَّ الْمَوْلَى لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ التَّاجِرِ بِالطَّلَاقِ جَائِزٌ لِأَنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ بِالطَّلَاقِ جَائِزٌ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فَإِقْرَارُ الْمَأْذُونِ أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ التَّاجِرُ أَنَّهُ افْتَضَّ امْرَأَةً بِإِصْبَعِهِ أَمَةً كَانَتْ أَوْ حُرَّةً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ أَقَرَّ بِتَزْوِيجِهِمَا وَأَنَّهُ قَدْ افْتَضَّهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ مَهْرٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَعْتِقَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْحُرَّةِ كَذَلِكَ الْجَوَابُ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ أَمَةً فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى زَوَّجَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَعْتِقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى زَوَّجَهَا فَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِالْمَهْرِ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ ثَيِّبًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَعْتِقَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أَقَرَّ بِافْتِضَاضِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَاةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ فَيُؤَاخَذُ لِلْحَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَ صَبِيَّةً بِعُذْرَةٍ فَأَذْهَبَ عُذْرَتهَا فَأَفْضَاهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَعْتِقَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا قَالَ فِي نَسْخِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَفِي نُسَخِ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَ أَمَةً بِشُبْهَةٍ فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا وَأَفْضَاهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ قَالَ الْبَوْلُ لَا يَسْتَمْسِكُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ الْبَوْلُ يَتَمَسَّكُ قَالَ فِي نَسْخِ أَبِي سَلِيمَانِ يُصَدَّقُ فِي الْمَهْرِ وَيَكُونُ

الباب الخامس في الإقرار للمجهول وعلى المجهول وبالمجهول وبالمبهم

دَيْنًا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْإِفْضَاءِ وَفِي نُسَخِ أَبِي حَفْصٍ قَالَ إنْ كَانَ الْبَوْلُ يَسْتَمْسِكُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْمَهْرِ فَلَا يَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي نُسَخِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي التِّجَارَةِ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ لَزِمَهُ فِي حِصَّةِ الْآذِنِ وَجَمِيعُ مَا يَجُوزُ إقْرَارٌ لِعَبْدِ التَّاجِرِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إقْرَارُ هَذَا فِي حِصَّةِ الَّذِي أَذِنَ لَهُ وَجَمِيعُ مَالِ هَذَا الْعَبْدِ مِنْ مَالِهِ فَدَيْنُهُ أَوْلَى بِهِ وَإِذَا قَضَى الدَّيْنَ كَانَ الْبَاقِي بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ نِصْفَيْنِ الْآنَ بِعِلْمِ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ تِجَارَةٍ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيَكُونُ نِصْفُهُ لِلَّذِي لَمْ يَأْذَنْ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَوْ أَقَرَّ لِهَذَا الْعَبْدِ حُرٌّ بِدَيْنٍ فَهُوَ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ وَلَا يَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا الْمَالَ كُلَّهُ بِالْإِذْنِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ لِحُرٍّ أَوْ لِعَبْدٍ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ فَإِنْ عَجَزَ لَمْ يُبْطِلْ ذَلِكَ عَنْهُ وَإِقْرَارُ الْمُكَاتَبِ بِالْحُدُودِ جَائِزٌ وَإِنْ أَقَرَّ بِمَهْرٍ مِنْ نِكَاحٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا أَقَرَّ بِالدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ افْتَضَّ امْرَأَةً بِإِصْبَعِهِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ صَبِيَّةً فَهَذَا يَلْزَمُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالْجِنَايَةِ وَإِقْرَارُ الْمُكَاتَبِ بِالْجِنَايَةِ صَحِيحٌ فِي حَالِ قِيَامِ الْكِتَابَةِ فَإِنْ عَجَزَ قَبْل أَنْ يُؤَدِّيَ بَطَلَ فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَجَازَ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا قَضَى عَلَيْهِ بِأَرْشِ جِنَايَةٍ بِخَطَأٍ بَعْدَمَا أَقَرَّ بِهِ فَأَدَّى بَعْضَهُ ثُمَّ عَجَزَ بَطَلَ عَنْهُ مَا بَقِيَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَازِمٌ بِخِلَافِ مَا إذَا عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِهِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى حُرٍّ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ زِنًا فَهُوَ كُلُّهُ سَوَاءٌ جَائِزٌ عَلَيْهِ وَالْحَجْرُ عَلَى الْحُرِّ بَاطِلٌ فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ الْحَجْرُ جَائِزٌ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَا يَجُوزُ إقْرَارٌ بِدَيْنٍ وَلَا بَيْعٍ وَكُلُّ شَيْءٍ يُبْطِلُ فِي الْهَزْلِ فَهُوَ فِي الْحَجْرِ بَاطِلٌ وَكُلُّ شَيْءٍ يَجُوزُ عَلَيْهِ فِي الْهَزْلِ فَهُوَ فِي الْحَجْرِ جَائِزٌ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْإِقْرَارِ لِلْمَجْهُولِ وَعَلَى الْمَجْهُولِ وَبِالْمَجْهُولِ وَبِالْمُبْهَمِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْإِقْرَارِ لِلْمَجْهُولِ وَعَلَى الْمَجْهُولِ وَبِالْمَجْهُولِ وَبِالْمُبْهَمِ) لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مَجْهُولًا لَا يَلْزَمُهُ سَوَاءٌ تَفَاحَشَتْ الْجَهَالَةُ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ أَوْ لَمْ تُتَفَاحَشْ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ لِأَحَدِ هَذَيْنِ هَكَذَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ وَالنَّاطِفِيُّ فِي وَاقِعَاتِهِ أَنَّهَا إذَا تَفَاحَشَتْ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَتَفَاحَشْ جَازَ وَفِي مِثْلِهِ يُؤْمَرُ بِالتَّذْكِرَةِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْأَخْذِ مِنْ الْمُقِرِّ وَاصْطَلَحَا بَيْنَهُمَا أَمْكَنَ دَعْوَاهُمَا فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ قَالَ فِي الْكَافِي وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ هَذَا الْعَبْدِ مِنْ هَذَا أَوْ هَذَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِيه لِنَفْسِهِ كَانَ الْإِقْرَارُ فَاسِدًا حَتَّى لَا يُجْبَرَ عَلَى الْبَيَانِ وَلَهُمَا أَنْ يَصْطَلِحَا فَيَأْخُذَ الْعَبْدُ مِنْ الْمُقِرِّ وَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحَا يَسْتَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْعَبْدُ لِهَذَا وَلَا لِهَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يُسْتَحْلَفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جُمْلَةً يَمِينًا وَاحِدَةً أَوْ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ وَيَبْدَأُ الْقَاضِي بِيَمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَإِذَا حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يَحْلِفَ لِأَحَدِهِمَا وَيَنْكُلَ لِلْآخَرِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَقْضِي بِجَمِيعِ الْعَبْدِ لِلَّذِي نَكَلَ لَهُ وَلَا يَقْضِي لِلَّذِي حَلَفَ لَهُ بِشَيْءٍ وَإِنْ نَكَلَ يَقْضِي لَهُمَا بِالْعَبْدِ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ سَوَاءٌ نَكَلَ لَهُمَا جُمْلَةً بِأَنْ حَلَّفَهُ

الْقَاضِي لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً أَوْ نَكَلَ لَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ بِأَنْ حَلَفَ لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ فَأَمَّا إذَا حَلَفَ لَهُمَا فَقَدْ بَرِئَ عَنْ دَعْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَصْطَلِحَا فَيَأْخُذَ الْعَبْدَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ هَذَا وَقَالَ لَا يَجُوزُ اصْطِلَاحُهُمَا بَعْدَ الْحَلِفِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ أَوْ لِفُلَانٍ فَالْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ وَلِلْآخَرَيْنِ أَنْ يَصْطَلِحَا فِي الْمِائَةِ الدِّينَارِ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ وَلِفُلَانٍ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ أَوْ لِفُلَانٍ كُرُّ شَعِيرٍ فَالدَّنَانِيرُ لِلْأَوَّلِ ثَابِتَةٌ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرَيْنِ وَلَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى مَا يَدَّعِيه عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ أَوْ لِفُلَانٍ فَلِلْأَوَّلِ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمِائَةِ وَالنِّصْفُ الثَّانِي يَحْلِفُ لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَيْهِ فَيَكُونَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ أَوْ لِفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ فَالنِّصْفُ لِلثَّالِثِ وَالنِّصْفُ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى مَا وَصَفْنَا كَذَا فِي الْحَاوِي قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ فَلِلْأَوَّلِ الثُّلُثُ وَلِلرَّابِعِ الثُّلُثُ وَيَحْلِفُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَإِلَّا فَلِفُلَانٍ فَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ لِفُلَانٍ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ مَجْهُولًا بِأَنْ قَالَ لَك عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَوْ قَالَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ أَوْ عَلَى عَبْدِي فُلَانٍ وَلَيْسَ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ لَزِمَهُ أَحَدُهُمَا وَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِقِيمَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ فَإِنْ قَضَى دَيْنَهُ يَوْمًا مِنْ دَهْرِهِ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. كَمَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَعْلُومِ يَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَالَهُ قِيمَةٌ فَإِذَا بَيَّنَ غَيْرَ ذَلِكَ يَكُونُ رُجُوعًا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقٌّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقٌّ ثُمَّ قَالَ إنَّمَا عَنَيْت بِهِ حَقَّ الْإِسْلَامِ إنْ قَالَ ذَلِكَ مَفْصُولًا لَا يَصِحُّ وَإِنْ قَالَ مَوْصُولًا يَصِحُّ وَإِذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَى عَبْدِي فُلَانٍ حَقٌّ كَانَ هَذَا إقْرَارًا بِالدَّيْنِ عَلَى عَبْدِهِ حَتَّى إذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ شَرِكَةً فِي الْعَبْدِ وَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ مَعَ الْيَمِينِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ حَقٌّ فِي عَبْدِي كَانَ إقْرَارًا بِبَعْضِ الْعَبْدِ لَهُ حَتَّى لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ عَنَيْت بِهِ الدَّيْنَ لَا يُصَدَّقَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ حَقٌّ فِي عَبْدِي هَذَا أَوْ أَمَتِي هَذِهِ فَادَّعَى الطَّالِبُ حَقًّا فِي الذِّمَّةِ حَلَفَ الْمُقِرُّ عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا وَلَا فِي الْعَبْدِ فَإِنْ ادَّعَى فِيهِمَا يُقِرُّ بِطَائِفَةٍ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا وَلَمْ يُبَيِّنْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيُؤْمَرُ الْمُقِرُّ بِالْبَيَانِ فَإِذَا بَيَّنَ مَا هُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ نَحْوُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَلَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ زِيَادَةً كَانَ عَلَى الْمُقِرِّ تَسْلِيمُ مَا بَيَّنَ لَا غَيْرُ وَإِنْ صَدَّقَهُ لَكِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الزِّيَادَةَ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ مَا بَيَّنَ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِر لِلزِّيَادَةِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِيمَا بَيَّنَ وَادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا آخَرَ بَطَلَ إقْرَارُهُ بِالتَّكْذِيبِ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ فِيمَا ادَّعَى عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا بَيَّنَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِيمَا بَيَّنَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ سَوَاءٌ بَيَّنَ مَا يَقْصِدُ بِالْغَصْبِ بِأَنْ قَالَ غَصَبْت مِنْهُ امْرَأَتَهُ أَوْ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ أَوْ لَا بِأَنْ قَالَ غَصَبْت مِنْهُ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ أَوْ حَبَّةَ حِنْطَةٍ أَوْ سِمْسِمٍ وَإِنْ كَذَّبَهُ وَادَّعَى عَلَيْهِ غَصْبَ مَالٍ مُتَقَوِّمٍ هَلْ يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ فِيمَا بَيَّنَ إنْ بَيَّنَ مَا لَا يُقْصَدُ بِالْغَصْبِ لَا يُصَدَّقُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمَشَايِخِ وَإِنْ بَيَّنَ مَا يُقْصَدُ بِالْغَصْبِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ، عَامَّةُ مَشَايِخِنَا يَقُولُونَ إنَّهُ يَصِحُّ بَيَانُهُ وَيَكُونُ مُجْبَرًا عَلَى أَنْ يُبَيِّنَ شَيْئًا

هُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِذَا أَقَرَّ لِفُلَانٍ عِنْدَهُ وَدِيعَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا هِيَ فَمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَا بَيَّنَ شَيْئًا يُقْصَدُ بِهِ الْإِيدَاعُ وَإِنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ شَيْئًا آخَرَ فَعَلَى الْمُقِرِّ الْيَمِينُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِثَوْبٍ وَدِيعَةً وَجَاءَ بِهِ مَعِيبًا وَأَقَرَّ أَنَّهُ حَدَثَ بِهِ هَذَا الْعَيْبُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَإِذَا أَنْكَرَ صَاحِبُهُ أَنْ يَكُونَ اسْتَوْدَعَهُ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْ فُلَانٍ عَبْدًا صَحَّ إقْرَارُهُ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ فَإِذَا بَيَّنَ وَقَالَ الْعَبْدُ الَّذِي غَصَبْته. هَذَا وَهُوَ عَبْدٌ جَيِّدٌ أَوْ وَسَطٌ أَوْ رَدِيءٌ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ أَخَذَ ذَلِكَ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِيمَا بَيَّنَّ وَادَّعَى عَلَيْهِ آخَرَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ مَعَ الْيَمِينِ فِيمَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ وَبَطَلَ إقْرَارُ الْمُقِرِّ فِيمَا أَقَرَّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ هَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ قَوْلُ الْمُقِرِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ شَاةً أَوْ بَعِيرًا أَوْ ثَوْبًا صَحَّ إقْرَارُهُ وَيَرْجِعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ دَارًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهَا هِيَ هَذِهِ أَوْ أَنَّهَا فِي بَلَدٍ آخَرَ وَلَوْ قَالَ هِيَ هَذِهِ الدَّارُ الَّتِي فِي يَدَيْ هَذَا الرَّجُلِ وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ يُنْكِرُ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ الْمُقِرُّ شَيْئًا وَلَمْ يُؤْخَذْ بِغَيْرِ فَلَكِ الدَّارِ فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْمُقِرُّ قِيمَةَ تِلْكَ الدَّارِ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ غَصَبْته هَذِهِ الْأَمَةَ أَوْ هَذَا الْعَبْدَ فَادَّعَاهُمَا جَمِيعًا الْمُقَرُّ لَهُ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْغَاصِبِ أَقِرَّ بِأَيِّهِمَا شِئْت وَاحْلِفْ عَلَى الْآخَرِ فَإِذَا أَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا خَرَجَ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَقَدْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي تِلْكَ حِين ادَّعَاهُمَا جَمِيعًا فَيَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ ذَلِكَ الَّذِي عَيَّنَهُ وَتَبْقَى دَعْوَاهُ الْآخَرَ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ ذَلِكَ إذَا زَعَمَ الْمُقِرُّ أَنَّ الْمَغْصُوبَ هُوَ الْآخَرُ وَتَبْقَى دَعْوَى الْمُقَرِّ لَهُ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ وَهُوَ جَاحِدٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ قَالَ عَلَيَّ قَفِيزٌ حِنْطَةً فَهُوَ بِقَفِيزِ الْبَلَدِ وَكَذَلِكَ الْأَوْقَارُ وَالْأُمَنَاءُ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَهُوَ عَلَى وَزْنِ بَلَدِهِ إنْ كَانَ سَبْعَةً فَسَبْعَةٌ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى النُّقْصَانِ إلَّا إذَا وَصَلَ بِأَنْ يَقُولَ مِائَةُ دِرْهَمٍ مَثَاقِيلُ أَوْ مِائَةٌ وَزْنُ خَمْسَةٍ فَيَكُونُ عَلَى مَا قَالَ فَإِذَا كَانَ إقْرَارُهُ بِالْكُوفَةِ فَالْمُتَعَارَفُ فِيهَا الدَّرَاهِمُ وَزْنُ سَبْعَةٍ وَإِنْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ مُخْتَلِفًا فَإِنْ كَانَ نَقْدٌ فِيهَا بِعَيْنِهِ غَالِبًا يَنْصَرِفُ الْإِقْرَارُ إلَيْهِ وَإِنْ اسْتَوَتْ النُّقُودُ فِي الرَّوَاجِ يَنْصَرِفُ إلَى أَقَلِّهَا وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ صَغِيرٌ أَوْ قَالَ دُرَيْهِمٌ أَوْ دُنَيْنِيرٌ أَوْ قَفِيزٌ أَوْ دِرْهَمٌ كَبِيرٌ فَكُلُّهُ عَلَى التَّامِّ إلَّا إذَا بَيَّنَ مَوْصُولًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ وَهُوَ بِبَغْدَادَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ طَبَرِيَّةٌ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ طَبَرِيَّةٌ وَلَكِنْ بِوَزْنِ بَغْدَادَ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَهُوَ بِبَغْدَادَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ مُوصِلِيَّةٍ فَعَلَيْهِ حِنْطَةٌ مُوصِلِيَّةٌ لَكِنْ بِكَيْلِ بَغْدَادَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ دَرَاهِمُ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَى دُرَيْهِمَاتٌ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَوْ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ لَزِمَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا مِائَتَا دِرْهَمٍ وَمِنْ الدَّنَانِيرِ عِشْرُونَ كَذَا فِي مُحِيط السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ عَلَيَّ ثِيَابٌ كَثِيرَةٌ أَوْ وَصَائِفُ كَثِيرَةٌ فَعِنْدَهُ عَشَرَةٌ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَإِنْ قَالَ غَصَبْت إبِلًا كَثِيرَةً أَوْ بَقَرًا كَثِيرَةً أَوْ غَنَمًا كَثِيرَةً يَنْصَرِفُ إلَى أَقَلِّ نِصَابٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ عِنْدَهُمَا وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ الْبَقَرِ وَالْأَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ وَعِنْدَهُ يَرْجِعُ إلَى بَيَانِ الْمُقِرِّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ الدَّرَاهِمِ فَعَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَا مِائَتَانِ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ شَيْءٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ

دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةٌ فَعَلَيْهِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ وَلَوْ قَالَ دَرَاهِمُ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَكَذَا إذَا عَكَسَ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةٌ أَضْعَافًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَأَضْعَافُهَا مُضَاعَفَةً يَلْزَمُهُ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ كَذَا دِرْهَمًا فَهُوَ دِرْهَمٌ كَذَا فِي الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ وَذَكَرَ فِي الْيَتِيمَةِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ لِأَنَّ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الْعَدَدِ وَأَقَلُّ الْعَدَدِ اثْنَانِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ وَلَوْ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَكَذَا الدَّنَانِيرُ وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَلَوْ قَالَ كَذَا وَكَذَا مَخْتُومًا مِنْ حِنْطَةِ لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ مَخْتُومًا وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَكَذَا كَذَا دِينَارًا يَلْزَمُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَحَدَ عَشَرَ وَلَوْ قَالَ كَذَا كَذَا دِينَارًا وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ أَحَدَ عَشَرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ ثُلُثَ كَذَا بِغَيْرِ وَاوٍ فَأَحَدَ عَشَرَ وَإِنْ ثُلُثٌ بِالْوَاوِ فَمِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَإِنْ رُبْعٌ يُزَادُ عَلَيْهَا أَلْفٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ خَمْسٌ بِالْوَاوِ يَنْبَغِي أَنْ تُزَادَ عَشَرَةُ آلَافِ وَلَوْ سُدُسٌ تُزَادُ مِائَةُ أَلْفٍ وَلَوْ سُبْعٌ يُزَادُ أَلْفُ أَلْفٍ وَعَلَى هَذَا كَلَّمَا زَادَ عَلَيْهِ مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ زِيدَ عَلَيْهِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا ذَكَرَ الدِّرْهَمَ بِالنَّصْبِ فَإِنْ ذَكَرَهُ بِالْخَفْضِ بِأَنْ قَالَ كَذَا دِرْهَمٍ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَالٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْقَدْرِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ قَالَ مِنْ الدَّنَانِيرِ فَالتَّقْدِيرُ فِيهَا بِالْعِشْرِينَ وَفِي الْإِبِلِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَفِي غَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ بِقِيمَةِ النِّصَابِ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَعَنْهُ مِثْلُ قَوْلِهِمْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى حَالِ الْمُقِرِّ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى لِأَنَّ الْفَقِيرَ يَسْتَعْظِمُ الْقَلِيلَ وَالْغَنِيَّ لَا يَسْتَعْظِمُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ هَذَا كُلُّهُ إذَا قَالَ مَالٌ عَظِيمٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الدَّرَاهِمِ صُدِّقَ فِي كُلِّ جِنْسٍ ذَكَرَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَمْوَالٌ عِظَامٌ فَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ نُصُبٍ مِنْ فَنٍّ سَمَّاهُ حَتَّى لَوْ قَالَ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَانَ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ مَالٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ كَرِيمٌ قَالُوا يَلْزَمُهُ مِائَتَانِ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَالٌ كَثِيرٌ ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَبِأَقَلَّ مِنْ مِائَتِي دِرْهَمٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ مِائَتَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ أُلُوفُ دَرَاهِمَ فَثَلَاثَةُ آلَافٍ وَلَوْ قَالَ أُلُوفٌ كَثِيرَةٌ فَعَشْرَةُ آلَافٍ وَكَذَا فِي الْفُلُوسِ وَالدَّنَانِيرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَالَ عَلَيَّ مَالٌ لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ فَعَلَيْهِ مِائَتَا دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ مَالٌ قَلِيلٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ زُهَاءُ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ جُلُّ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ عِظَمُ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ بِخَمْسِمِائَةٍ وَزِيَادَةِ شَيْءٍ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَالثِّيَابِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ غَيْرُ أَلْفٍ فَعَلَيْهِ أَلْفَانِ وَلَوْ قَالَ غَيْرُ أَلْفَيْنِ فَعَلَيْهِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَلَوْ قَالَ غَيْرُ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ دِرْهَمَانِ وَلَوْ قَالَ غَيْرُ دِرْهَمَيْنِ فَعَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ قَالَ حِنْطَةٌ كَثِيرَةٌ فَعِنْدَهُمَا عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَقِيلَ عَلَى قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ الْبَيَانُ إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُبَيِّنَ أَكْثَرَ مِنْ رُبْعِ الْهَاشِمِيِّ وَهُوَ الصَّاعُ وَذَكَرَ فِي بَعْضِ

الرِّوَايَاتِ الْحِنْطَةُ الْكَثِيرَةُ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ أَقْفِزَةُ حِنْطَةٍ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ أَقْفِزَةٍ وَلَوْ قَالَ أَقْفِزَةٌ كَثِيرَةٌ فَعَشَرَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٌ فَالْبَيَانُ فِي النَّيِّفِ إلَيْهِ فَإِنْ فَسَّرَ بِأَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ جَازَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ بِضْعٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا فَالْبِضْعُ ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٌ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَدِينَارٌ أَوْ مِائَةٌ وَقَفِيزُ حِنْطَةٍ فَذَكَرَ شَيْئًا مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ قَالَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَدَانَقٌ أَوْ قِيرَاطٌ فَهُوَ مِنْ الْفِضَّةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَدَانَقٌ أَوْ قَالَ وَقِيرَاطٌ فَالدَّانَقُ وَالْقِرَاطُ مِنْ الذَّهَبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَتَا مِثْقَالٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً أَوْ كَذَا حِنْطَةً وَشَعِيرًا فَعَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ وَكَذَلِكَ لَوْ سَمَّى أَجْنَاسًا ثَلَاثَةً فَعَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ الثُّلُثُ كَذَا فِي الْحَاوِي لَوْ قَالَ مِائَةٌ وَعَبْدٌ أَوْ قَالَ مِائَةٌ وَشَاةٌ أَوْ مِائَةٌ وَثَوْبٌ أَوْ مِائَةٌ وَثَوْبَانِ فَالْقَوْلُ فِي بَيَانِ الْمِائَةِ قَوْلُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَالَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ فَالْكُلُّ مِنْ الثِّيَابِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَالَ لِفُلَانٍ جُزْءٌ مِنْ دَارِي فَإِلَيْهِ الْبَيَانُ وَلَهُ أَنْ يُقِرَّ بِمَا شَاءَ وَكَذَلِكَ الشِّقْصُ وَالنَّصِيبُ وَالطَّائِفَةُ وَالْقَطِيعَةُ وَأَمَّا السَّهْمُ فَهُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - السُّدُسُ وَعِنْدَهُمَا يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِشَاةٍ فِي غَنَمِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ فَإِذَا ادَّعَى الْمُقِرُّ لَهُ شَاةً بِعَيْنِهَا فَإِنْ سَاعَدَهُ الْمُقِرُّ عَلَى ذَلِكَ أَخَذَهَا وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ لَمْ يَأْخُذْهَا إلَّا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ اسْتِحْلَافِهِ فَإِنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ بِغَيْرِ عَيْنِهَا أَعْطَاهُ الْمُقِرُّ أَيَّ شَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَإِنْ حَلَفَ الْمُقِرُّ عَلَى كُلِّهِنَّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ شَاةً مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَاةً مِنْهَا وَقَالَا لَا نَدْرِي أَوْ رَجَعَ الْمُقِرُّ عَنْ إقْرَارِهِ وَجَحَدَ فَهُوَ شَرِيكُهُ بِهَا حَتَّى إذَا كَانَتْ الْغَنَمُ عَشْرًا فَلَهُ عُشْرُ كُلِّ شَاةٍ وَإِنْ مَاتَتْ شَاةٌ مِنْهَا ذَهَبَتْ مِنْ مَالِهِمَا وَإِنْ وَلَدَتْ شَاةٌ مِنْهَا كَانَ لَهُمَا جَمِيعًا عَلَى ذَلِكَ الْحِسَابِ وَإِذَا جَحَدَ الْمُقِرُّ أَصْلًا وَضَبَعَ الْغَنَمَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِنَصِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ حَتَّى إذَا أُهْلِكَتْ شَاةٌ مِنْهَا ضَمِنَ مِقْدَارَ نَصِيبِهِ مِنْهَا وَهُوَ الْعُشْرُ فَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ فَوَرَثَتُهُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَتِهِ إلَّا أَنَّهُمْ يُسْتَحْلَفُونَ عَلَى الْعِلْمِ وَأَنْوَاعُ الْحَيَوَانِ وَالرَّقِيقِ وَالْعُرُوضِ فِي هَذَا مِثْلُ الْغَنَمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ فِي دَرَاهِمِي هَذِهِ عَشَرَةٌ وَهِيَ مِائَةٌ وَفِيهَا نَقْصٌ وَكِبَارٌ فَهِيَ مِنْ الْكِبَارِ وَزْنُ سَبْعَةٍ وَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهَا مِنْ النَّقْصِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا زُيُوفٌ فَقَالَ هِيَ مِنْهَا صُدِّقَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَهُ فِي طَعَامِي هَذَا كُرُّ حِنْطَةٍ فَإِذَا طَعَامُهُ لَا يَبْلُغُ كُرَّا فَهُوَ لَهُ كُلُّهُ وَلَا يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ وَيُسْتَحْلَفُ الْمُقِرُّ مَا اسْتَهْلَكْت مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ شَيْئًا وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ كُرَّا وَافِيًا فَهُوَ لَهُ كُلُّهُ وَإِنْ كَانَ أَزْيَدَ مِنْ الْكُرِّ فَلَهُ مِنْهُ كُرٌّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَهُ مِنْ دَارِي مَا بَيْنَ الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ لَهُ مَا بَيْنَهُمَا فَقَطْ كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ أَوْ قَالَ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَلْزَمُهُ الْعَشَرَةُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَا بَيْنَ كُرِّ شَعِيرٍ إلَى حِنْطَةٍ فَعَلَيْهِ فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُرُّ شَعِيرٍ وَكُرُّ حِنْطَةٍ إلَّا قَفِيزَ حِنْطَةٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ الْكُرَّانِ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ مَا بَيْنَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ الدَّرَاهِمُ وَتِسْعَةُ دَنَانِيرَ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ مَا بَيْنَ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَعَلَيْهِ الدَّرَاهِمُ وَتِسْعَةُ دَنَانِيرَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّ عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَتِسْعَةَ دَرَاهِمَ وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ هُوَ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ مِنْ كَذَا إلَى كَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ مَا بَيْنَ كَذَا إلَى كَذَا فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ

الباب السادس في أقارير المريض وأفعاله

بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَا بَيْنَ شَاةٍ إلَى بَقَرَةٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ بِعَيْنِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَهُمَا عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دِرْهَمٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي أَقَارِيرِ الْمَرِيضِ وَأَفْعَالِهِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي أَقَارِيرِ الْمَرِيضِ وَأَفْعَالِهِ) الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ مَنْ لَا يَخْرُجُ إلَى حَوَائِجِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ حَدُّ مَرَضِ الْمَوْتِ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ الْمَوْتَ كَانَ مَرَضَ الْمَوْتِ سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبَ فِرَاشٍ أَمْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِقْرَارُ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ وَارِثَ الْمَرِيضِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَبَقِيَ وَارِثًا كَذَلِكَ إلَى أَنْ مَاتَ الْمَرِيضُ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ وَارِثًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَخَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَبَقِيَ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ بِأَنْ أَقَرَّ لِأَخِيهِ وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ ثُمَّ حَدَثَ لَهُ ابْنٌ وَبَقِيَ هَذَا الِابْنُ حَيًّا إلَى أَنْ مَاتَ الْمَرِيضُ فَالْإِقْرَارُ جَائِزٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَرَّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ ثُمَّ صَارَ وَارِثًا بِسَبَبٍ قَائِمٍ وَقْتَ الْإِقْرَارِ نَحْوُ أَنْ أَقَرَّ لِأَخٍ لَهُ وَلَهُ ابْنٌ فَمَاتَ الِابْنُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَوْ أَقَرَّ لِمَنْ لَا يَكُونُ وَارِثًا ثُمَّ صَارَ وَارِثًا لَهُ بِسَبَبٍ حَادِثٍ بِأَنْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ صَحَّ إقْرَارُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ كَانَ وَارِثًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا ثُمَّ يَصِيرُ وَارِثًا وَذَلِكَ نَحْوُ أَنْ أَقَرَّ ثُمَّ أَبَانَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ أَوْ كَانَ وَالَى رَجُلًا فَأَقَرَّ لَهُ بَعْدَ مَا مَرِضَ ثُمَّ فَسَخَا الْوَلَاءَ ثُمَّ عَقَدَاهُ ثَانِيًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ خِلَافٌ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْإِقْرَارُ جَائِزٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْإِقْرَارُ بَاطِلٌ قَالُوا مَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيَاسٌ وَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ مَرِيضًا أَقَرَّ لِابْنِهِ بِدَيْنٍ وَابْنُهُ عَبْدٌ ثُمَّ أُعْتِقَ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَهُوَ مِنْ وَرَثَتِهِ فَإِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ تَاجِرًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ وَلَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِابْنِهِ وَهُوَ مُكَاتَبٌ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَالِابْنُ مُكَاتَبٌ عَلَى حَالِهِ فَإِقْرَارُهُ لَهُ جَائِزٌ إنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ الْمَرِيضُ لِابْنِهِ الْحُرِّ بِدَيْنٍ ثُمَّ مَاتَ لَا عَنْ وَفَاءٍ أَوْ تَرَكَ وَفَاءً بِالدَّيْنِ دُونَ الْمُكَاتَبَةِ جَازَ إقْرَارُهُ وَإِنْ تَرَكَ وَفَاءً بِهِمَا فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِوَدِيعَةٍ لِوَارِثٍ بِعَيْنِهَا ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ لِامْرَأَتِهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ مَاتَتْ امْرَأَتُهُ قَبْلَهُ وَلَهَا ابْنَانِ أَحَدُهُمَا مِنْهُ وَالْآخَرُ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ الْإِقْرَارُ بَاطِلٌ وَعَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ يَجُوزُ وَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِامْرَأَةٍ بِالدَّيْنِ ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَهُ وَلَهَا وَرَثَةٌ يَحُوزُونَ مِيرَاثَهَا وَلَيْسُوا مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا أَقَرَّ مَرِيضٌ لِابْنِهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ الْمُقَرُّ لَهُ وَتَرَكَ ابْنًا وَلَيْسَ لِلْمَرِيضِ ابْنٌ فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ هَذَا الْإِقْرَارُ وَعَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ مِنْ مَهْرٍ لِامْرَأَتِهِ يُصَدَّقُ إلَى تَمَامِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَتَحَاصَّ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ أَقَرَّ لَهَا بِزِيَادَةٍ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَالزِّيَادَةُ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ بِمَهْرٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَمَاتَ ثُمَّ أَقَامَتْ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا فِي حَيَاةِ الزَّوْجِ لَا تُقْبَلُ وَالْمَهْرُ لَازِمٌ بِإِقْرَارِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ لِوَارِثِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ

ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ وَوَارِثُ الْمُقَرِّ لَهُ مِنْ وَرَثَةِ الْمَرِيضِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِعَبْدٍ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَقَالَ الْأَجْنَبِيُّ بَلْ هُوَ لِفُلَانٍ وَارِثِ الْمَرِيضِ لَمْ يَكُنْ لِي فِيهِ حَقٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بَاطِلٌ وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ الْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ الْآخَرُ أَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ آخِذٌ بِالِاحْتِيَاطِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَنْ يَمْرَضُ يَوْمَيْنِ وَيَصِحُّ ثَلَاثَةً أَوْ يَمْرَضُ يَوْمًا وَيَصِحُّ يَوْمَيْنِ فَأَقَرَّ لِابْنِهِ بِدَيْنٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَرَضٍ صَحَّ بَعْدَهُ جَازَ مَا صَنَعَ وَإِنْ فَعَلَ فِي مَرَضٍ أَلْزَمَهُ الْفِرَاشَ وَاتَّصَلَ بِمَوْتِهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. أَقَرَّ لِوَارِثِهِ بِشَيْءٍ وَمَاتَ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ كَانَ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ وَقَالَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ لَا بَلْ كَانَ فِي الْمَرَضِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ كَانَ فِي مَرَضِهِ فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ الْوَرَثَةِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِقَاتِلِهِ قَالُوا هَذَا إذَا أَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَةُ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَجِيءُ وَلَا يَذْهَبُ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُثْخِنْهُ الْجِرَاحَةُ وَكَانَ بِحَالٍ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ صَحَّ إقْرَارُهُ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَعْتَبِرُ خَوْفَ الْهَلَاكِ عَلَى سَبِيلِ الْغَلَبَةِ لِصَيْرُورَتِهِ فِي حُكْمِ الْمَرْضَى يَقُولُ هَذَا إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ جِرَاحَةً يَخَافُ مِنْهَا الْهَلَاكَ عَلَى سَبِيلِ الْغَلَبَةِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ لَا يَخَافُ مِنْهَا الْهَلَاكَ عَلَى طَرِيقِ الْغَلَبَةِ صَحَّ إقْرَارُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِعَبْدِ وَارِثِهِ وَلَا لِمُكَاتَبِ وَارِثِهِ وَلَا لِعَبْدِ قَاتِلِهِ وَلَا لِمُكَاتَبِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ أَقَرَّ لِمُكَاتَبِ نَفْسِهِ بِدَيْنٍ جَازَ إذَا كَاتَبَهُ فِي الصِّحَّةِ فَإِنْ كَانَ كَاتَبَهُ فِي الْمَرَضِ لَمْ يَجُزْ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي الْحَاوِي. إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِالدَّيْنِ لِلْأَجْنَبِيِّ بِجَمِيعِ الْمَالِ جَائِزٌ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَدَيْنُ الصِّحَّةِ مُقَدَّمٌ عَلَى دَيْنِ الْمَرَضِ الثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ وَهُوَ أَنْ يُقْضَى مِنْ التَّرِكَةِ أَوَّلًا دَيْنُ الصِّحَّةِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ يُصْرَفُ إلَى دَيْنِ الْمَرَضِ وَإِذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِمُشَاهَدَةِ الْقَاضِي فَهُمَا سَوَاءٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَدَيْنُ الصِّحَّةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَدِيعَةِ الَّتِي يُقِرُّ بِهَا فِي الْمَرَضِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. اشْتَرَى شَيْئًا فِي مَرَضِهِ أَوْ اسْتَقْرَضَ أَوْ اسْتَأْجَرَ وَعَايَنَ الشُّهُودُ قَبْضَهُ أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفٍ وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا فَإِنَّهُمْ يُحَاصُّونَ غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ دَيْنٍ وَجَبَ عَلَى الْمَرِيضِ بَدَلًا عَنْ مَالِ مِلْكِهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ وَعَلِمَ وُجُوبَهُ بِغَيْرِ إقْرَارٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ دَيْنِ الصِّحَّةِ وَلَوْ قَضَى دَيْنَهُ فِي الْمَرَضِ إنْ قَضَى دَيْنَ الْقَرْضِ وَثَمَنَ الْمَبِيعِ كَانَ لَهُ دُونَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ وَإِنْ قَضَى دَيْنَ الْمَهْرِ أَوْ الْأُجْرَةِ يُشَارِكُونَ فِيهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ دُيُونُ الصِّحَّةِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِالدَّيْنِ لِرَجُلَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ وَلَا يَبْدَأُ بِأَحَدِهِمَا سَوَاءٌ وَقَعَ الْإِقْرَارَانِ مَعًا بِأَنْ قَالَ الْمَرِيضُ لِرَجُلَيْنِ لَكُمَا عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ وَقَعَا عَلَى التَّعَاقُبِ بِأَنْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا لَك خَمْسُمِائَةٍ ثُمَّ سَكَتَ يَوْمًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ قَالَ لِلْآخَرِ لَك عَلَيَّ خَمْسُمِائَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً ثُمَّ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ هِيَ هَذِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَهَذَا جَائِزٌ وَهُوَ مُصَدَّقٌ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَنَّ لِفُلَانٍ عِنْدَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً ثُمَّ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ هِيَ هَذِهِ الْأَلْفُ بِعَيْنِهَا أُصَدِّقُهُ وَأَجْعَلُ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ أَوْلَى مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ فِي الْمَرَضِ بِدَيْنٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ فَهُمَا دَيْنَانِ وَلَا تُقَدَّمُ الْوَدِيعَةُ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَدِيعَةِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالدَّيْنِ فَالْإِقْرَارُ الْوَدِيعَةِ أَوْلَى وَالْبِضَاعَةُ وَالْمُضَارَبَةُ حُكْمُهَا وَحُكْمُ الْوَدِيعَةِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِوَدِيعَةٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا فَهِيَ دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ كَدَيْنِ الْمَرَضِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ مَرِضَ وَفِي يَدِهِ

أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي الصِّحَّةِ وَأَقَرَّ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّ الْأَلْفَ الَّذِي فِي يَدِهِ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ قُسِمَتْ الْأَلْفُ أَثْلَاثًا وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ لَا حَقَّ لِي قِبَلَ الْمَيِّتِ أَوْ قَدْ أَبْرَأْته مِنْ دَيْنِي كَانَتْ الْأَلْفُ بَيْنَ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَبَيْنَ الْغَرِيمِ الْآخَرِ نِصْفَيْنِ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْغَرِيمِ الْآخَرِ بِمَا قَالَهُ الْغَرِيمُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِمُضَارَبَةٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ آخَرَ بِعَيْنِهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا لِرَجُلٍ آخَرَ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّ عَلَى أَبِيهِ دَيْنًا لِفُلَانٍ وَفِي يَدِهِ دَارٌ لِأَبِيهِ وَعَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ مَعْرُوفٌ فِي الصِّحَّةِ فَإِنَّ دَيْنَهُ فِي الصِّحَّةِ أَوْلَى فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ فِي دَيْنِ أَبِيهِ وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ كَانَ أَبُوهُ أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْ غُرَمَاءِ الِابْنِ كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَى أَبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَجَحَدَ ذَلِكَ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ ثُمَّ مَرِضَ الْمُقِرُّ وَمَاتَ الْجَاحِدُ وَالْمُقِرُّ وَارِثُهُ وَعَلَى الْمُقِرِّ دَيْنٌ فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا وَرِثَهَا عَنْ الْجَاحِدِ فَإِنَّ غُرَمَاءَ الْمُقِرِّ فِي صِحَّتِهِ أَحَقُّ بِهَذِهِ الْأَلْفِ مِنْ غُرَمَاءِ الْجَاحِدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فِي صِحَّتِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ مَرِضَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَأَجَازَ أَوْ سَكَتَ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِأَرْضٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ إنْ أَقَرَّ بِوَقْفٍ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ كَانَ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فُلَانٍ وَإِنْ أَقَرَّ بِوَقْفٍ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ إنْ صَدَّقَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَوْ صَدَّقَهُ وَرَثَتُهُ جَازَ فِي الْكُلِّ وَإِنْ أَقَرَّ بِوَقْفٍ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ مَرِيضٌ أَقَرَّ لِوَارِثِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ بِدَيْنٍ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ تَصَادَقَا فِي الشَّرِكَةِ أَوْ تَكَاذَبَا فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إقْرَارُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ جَائِزٌ إذَا تَكَاذَبَا فِي الشَّرِكَةِ أَوْ أَنْكَرَ الْأَجْنَبِيُّ الشَّرِكَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا كَذَّبَهُ الْوَارِثُ فِي الشَّرِكَةِ وَصَدَّقَهُ الْأَجْنَبِيُّ قِيلَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ صَدَّقَهُمَا الْمُقِرُّ فِي نَفْيِ الشَّرِكَةِ وَقَالَ لَمْ يَكُنْ مُشْتَرَكًا وَإِنَّمَا أَقْرَرْت بِالشَّرِكَةِ كَاذِبًا فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لِلْأَجْنَبِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّ لِفُلَانٍ قِبَلَهُ حَقًّا فَصَدَّقُوهُ بِمَا قَالَ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ يُصَدَّقُ الطَّالِبُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثُّلُثِ وَاسْتُحْسِنَ ذَلِكَ فَإِنْ ادَّعَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ حُلِّفَ الْوَرَثَةُ عَلَى عِلْمِهِمْ فَإِذَا حَلَفُوا أَخَذَ الثُّلُثَ فَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِدَيْنٍ مُسَمًّى مَعَ ذَلِكَ كَانَ الدَّيْنُ الْمُسَمَّى أَوْلَى بِمَا تَرَكَ كُلَّهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ وَأُوصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ فَالْوَصِيَّةُ الْمُسَمَّاة أَوْلَى وَيُقَالُ لِلْوَرَثَةِ أَقِرُّوا لَهُ فِي الثُّلُثَيْنِ بِمَا شِئْتُمْ وَيُقَالُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ أَقِرَّ لَهُ فِي الثُّلُثِ بِمَا شِئْت فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَقَرَّ بِشَيْءٍ يُؤْخَذُ بِهِ وَيُحَلَّفُ عَلَى الْبَاقِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَرِيضٌ أَقَرَّ لِوَارِثِهِ بِعَبْدٍ فَقَالَ لَيْسَ لِي بَلْ لِفُلَانٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ سَلَّمَ الْعَبْدَ لِلْأَجْنَبِيِّ وَغَرِمَ الْوَارِثُ قِيمَتَهُ وَدَفَعَ حَظَّهُ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ لِوَارِثٍ آخَرَ سَلَّمَ الْعَبْدَ لِلثَّانِي وَوَجَبَ عَلَى الْأَوَّلِ قِيمَتُهُ وَصَارَتْ مِيرَاثًا وَلِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي مِنْهَا نَصِيبٌ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ يَغْرَمُ كُلَّ الْقِيمَةِ وَلَا تَسْقُطُ حِصَّةُ أَحَدٍ كَذَا فِي الْكَافِي. مَرِيضٌ وَهَبَ عَبْدًا لَهُ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَى هَذَا الْعَبْدِ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ أَقَرَّ أَنَّ الْمَرِيضَ قَدْ كَانَ أَقَرَّ قَبْلَ أَنْ يَهَبَهُ مِنِّي أَنَّ الْعَبْدَ لِهَذَا الْوَارِثِ الْآخَرِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ وَهَبَهُ قَبْلَ هَذَا مِنْ هَذَا الْوَارِثِ الْآخَرِ وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ فِي ذَلِكَ فَلِلثَّانِي أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ مِنْ الْأَوَّلِ فَلَوْ أَخَذَ الثَّانِي الْعَبْدَ مِنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ فَإِنْ

كَانَ قَائِمًا يُؤْخَذُ مِنْ الثَّانِي وَيَصِيرُ مِيرَاثًا لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْوَارِثِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَإِنَّ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا الْعَبْدَ مِنْ يَدِهِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ قَدْ مَاتَ فِي يَدِ الْوَارِثِ الثَّانِي فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ بِالْخِيَارِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَبَاقِي الْوَرَثَةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْوَارِثَ الْأَوَّلَ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الثَّانِيَ وَالثَّانِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ ضَمِنُوا الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي هَكَذَا ذُكِرَ فِي عَامَّةِ رِوَايَاتِ هَذَا الْكِتَابِ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَقَالُوا وَهَذَا الْخِيَارُ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ إنَّمَا يَجِيءُ إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ تَصْدِيقٌ وَلَا تَكْذِيبٌ. وَأَمَّا إذَا وُجِدَ مِنْهُمْ التَّصْدِيقُ فَيَكُونُ لَهُمْ تَضْمِينُ الثَّانِي وَأَمَّا إذَا وُجِدَ مِنْهُمْ التَّكْذِيبُ فَيَكُونُ لَهُمْ تَضْمِينُ الْأَوَّلِ هَذَا إذَا صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الثَّانِي الْمُقَرَّ لَهُ الْأَوَّلَ فَأَمَّا إذَا كَذَّبَهُ وَقَالَ الْعَبْدُ عَبْدِي وَلَا أَعْرِفُ مَا يَقُولُ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُسَلَّمُ لِلثَّانِي هَذَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ قَبَضَ الْعَبْدَ مِنْ الْمَرِيضِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِلثَّانِي وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَقْبِضْ الْعَبْدَ مِنْ الْمَرِيضِ حَتَّى أَقَرَّ أَنَّ الْمَرِيضَ قَدْ كَانَ أَقَرَّ بِهِ لِلثَّانِي قَبْلَ هَذَا فَإِنْ صَدَّقَهُ الثَّانِي وَقَبَضَ الْعَبْدَ مِنْ الْمَرِيضِ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ وَالْعَبْدُ قَائِمٌ فِي يَدِ الثَّانِي أُخِذَ الْعَبْدُ مِنْهُ وَقُسِّمَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ قَائِمًا فِي يَدِهِ فَلِلْغُرَمَاءِ خِيَارُ التَّضْمِينِ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الثَّانِيَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ فَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ حَقُّ أَخْذِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَخِيَارُ التَّضْمِينِ إنْ كَانَ هَالِكًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ وَجَبَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ وَجَبَ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ بِأَنْ أَقْرَضَ أَوْ بَاعَ حَتَّى وَجَبَ الثَّمَنُ فَفِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرَى وَمِثْلُ الْقَرْضِ فِي ذِمَّةِ الْغَرِيمِ أَوْ وَجَبَ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَإِنْ وَجَبَ الدَّيْنُ لِلْمَرِيضِ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ وَالْغَرِيمُ أَجْنَبِيٌّ صَحَّ إقْرَارُهُ بِالِاسْتِيفَاءِ إذَا كَانَ الْوُجُوبُ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ كَانَ الْوُجُوبُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالِاسْتِيفَاءِ فِي حَقِّ غَرِيمِ الصِّحَّةِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَهَذَا إذَا عَلِمَ وُجُوبَهُ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْمُعَايَنَةِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ وُجُوبَهُ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ إلَّا بِقَوْلِ الْمَرِيضِ وَقَوْلِ مَنْ دَايَنَ مَعَهُ بِأَنْ قَالَ الْمَرِيضُ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ قَدْ كُنْت بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ فِي صِحَّتِي بِكَذَا وَأَنْتَ قَبَضْت الْعَبْدَ وَأَنَا اسْتَوْفَيْت الثَّمَنَ وَصَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرِي وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِمَا فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ أَوْ كَانَ هَالِكًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ إلَّا أَنَّهُ عَرَفَ قِيَامَهُ وَحَيَاتَهُ فِي أَوَّلِ الْمَرَضِ أَوْ كَانَ هَالِكًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَلَا يُدْرَى أَنَّهُ هَلَكَ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ أَوْ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ فَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِالِاسْتِيفَاءِ إذَا كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ. وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْعَبْدَ هَلَكَ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ صَحَّ إقْرَارُهُ بِالِاسْتِيفَاءِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى وَارِثَةِ وَأَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ سَوَاءٌ وَجَبَ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ أَوْ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونُ الصِّحَّةِ أَوْ لَمْ تَكُنْ وَإِذَا وَجَبَ الدَّيْنُ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ وَالْغَرِيمُ أَجْنَبِيٌّ فَأَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ صَحَّ الْإِقْرَارُ سَوَاءٌ وَجَبَ هَذَا الدَّيْنُ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ أَوْ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونُ الصِّحَّةِ أَوْ لَمْ تَكُنْ وَإِذَا وَجَبَ الدَّيْنُ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ وَالْغَرِيمُ وَارِثٌ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِالِاسْتِيفَاءِ سَوَاءٌ وَجَبَ هَذَا الدَّيْنُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ أَوْ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ الْمَدْيُونُ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ وَارِثِهِ وَدِيعَةً كَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ أَوْ عَارِيَّةً أَوْ مُضَارَبَةً فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِالرُّجُوعِ فِي هِبَةٍ فَهُوَ مُصَدَّقٌ وَبَرِئَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِاسْتِرْدَادِ الْمَبِيعِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَوْ بِاسْتِرْدَادِ الْمَغْصُوبِ وَالرَّهْنُ يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْ الْوَارِثِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

فِي الْجَامِعِ إذَا وَجَبَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي صِحَّتِهِ فَلَمَّا مَرِضَ رَبُّ الدَّيْنِ أَقَرَّ بِالْأَلْفِ فِي يَدَيْهِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِغَرِيمِهِ أَوْ لِمُكَاتَبِهِ وَهِيَ مِثْلُ الْأَلْفِ الْوَاجِبِ لِلْمَرِيضِ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ وَعَلَيْهِ دُيُونُ الصِّحَّةِ وَغُرَمَاءُ الْمَرِيضِ يَجْحَدُونَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَرِيضُ فَالْمَرِيضُ مُصَدَّقٌ فِيمَا أَقَرَّ وَيَكُونُ الْأَلْفُ الْوَدِيعَةُ قِصَاصًا بِالدَّيْنِ وَيَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ وَلَوْ أَقَرَّا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً هِيَ أَجْوَدُ مِنْ الْأَلْفِ الْوَاجِبِ لِلْمَرِيضِ صَحَّ الْإِقْرَارُ فَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَا أَسْتَرِدُّ الْجِيَادَ وَأُعْطِي مِثْلَ حَقِّهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِالزِّيَادَةِ وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ زُيُوفٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لَهُ وَالدَّيْنُ جِيَادٌ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ وَقُسِّمَتْ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَيُؤَاخَذُ الْغَرِيمُ وَالْمُكَاتَبُ بِمَا عَلَيْهِمَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِمِائَةِ دِينَارٍ فِي يَدَيْهِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِمُكَاتَبِهِ أَوْ لِغَرِيمِهِ أَوْ أَقَرَّ بِجَارِيَةٍ فِي يَدَيْهِ ثُمَّ مَاتَ وَذَلِكَ فِي يَدَيْهِ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ أَوْ لَا يَدْرِي مَا فُعِلَ بِالْجَارِيَةِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ بَاطِلٌ فَإِنْ قَالَ الْمَرِيضُ أَخَذْت هَذِهِ الدَّرَاهِمَ الْأَلْفَ النَّبَهْرَجَةَ مِنْ غَرِيمِي أَوْ قَالَ مِنْ مُكَاتَبِي قَضَاءً لَحَقِّي أَوْ قَالَ أَخَذْت هَذِهِ الدَّنَانِيرَ قَضَاءً لِحَقِّي أَوْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ شِرَاءً بِحَقِّي إنْ كَذَّبَهُ الْغَرِيمُ وَالْمُكَاتَبُ وَقَالَا دَيْنُهُ عَلَيْنَا. وَهَذِهِ الْأَمْوَالُ أَمْوَالُنَا بَطَلَ إقْرَارُ الْمَرِيضِ وَبَقِيَ الْمُقَرُّ بِهِ حَقًّا لِغُرَمَاءِ الْمَرِيضِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ وَالدَّيْنُ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَالْغَرِيمِ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ صَدَّقَ الْغَرِيمُ أَوْ الْمُكَاتَبُ الْمَرِيضَ فِيمَا أَقَرَّ فَفِي الْجَارِيَةِ وَالدَّنَانِيرِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ وَالدَّنَانِيرِ مِثْلَ الدَّيْنِ الَّذِي لِلْمَرِيضِ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَوْ الْغَرِيمِ أَوْ أَكْثَرَ صَحَّ الْإِقْرَارُ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ دَيْنِ الْمَرِيضِ بِأَنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ خَمْسَمِائَةٍ وَدَيْنُ الْمَرِيضِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَفِي الْجَارِيَةِ يُقَالُ لِلْغَرِيمِ أَوْ الْمُكَاتَبِ إنَّ الْمَرِيضَ حَابَى بِقَدْرِ خَمْسِمِائَةٍ وَالْمُحَابَاةُ لَا تَصِحُّ مِنْ الْمَرِيضِ الْمَدْيُونِ فَإِنْ شِئْت فَأَمْضِ الْبَيْعَ وَأَتِمَّ حَقَّهُ بِخَمْسِمِائَةٍ. وَإِنْ شِئْت فَأَنْقِضْ الْبَيْعَ وَخُذْ الْجَارِيَةَ وَأَدِّ مَا عَلَيْك وَفِي الدَّرَاهِمِ النَّبَهْرَجَةِ لَا يُخَيَّرُ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْغَرِيمُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ النَّبَهْرَجَةَ وَيَرُدَّ الْجِيَادَ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ الزُّيُوفَ وَيَضْمَنَ الْجَوْدَةَ وَلَكِنْ يَأْخُذُ النَّبَهْرَجَةَ وَيَرُدُّ الْجِيَادَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الدَّنَانِيرِ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ هَلْ يُجِيزُ الْمُكَاتَبَ ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُخَيَّرُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَإِنْ اخْتَارَ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْغَرِيمُ النَّقْضَ وَجَبَ رَدُّ الْجَارِيَةِ وَالدَّنَانِيرِ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ التَّاجِرُ بِقَبْضِ دَيْنٍ كَانَ لَهُ عَلَى مَوْلَاهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ دَيْنٍ مِنْ مَوْلَاهُ وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَالْمَوْلَى وَارِثُهُ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَانَ لَهُ عَلَى مَوْلَاهُ طَعَامٌ وَمُكَاتَبَتُهُ دَرَاهِمُ فَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الطَّعَامِ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ وَفَاءً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سِوَى الْمَوْلَى فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ وَارِثُهُ غَيْرَ الْمَوْلَى فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ لِلْمَرِيضِ أَنَّهُ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِالِاسْتِيفَاءِ صَحَّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْجَانِي قَتَلَ الْعَبْدَ عَمْدًا فِي مَرَضِ الْمَوْلَى ثُمَّ صَالَحَهُ الْمَوْلَى عَلَى مَالٍ وَأَقَرَّ بِقَبْضِ بَدَلِ الصُّلْحِ جَازَ كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا أَقَرَّتْ الْمَرِيضَةُ بِاسْتِيفَاءِ مَهْرِهَا مِنْ الزَّوْجِ وَعَلَيْهَا دَيْنُ الصِّحَّةِ ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَهَا الزَّوْجُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهَا وَيُؤْمَرُ الزَّوْجُ بِرَدِّ الْمَهْرِ فَيَكُونُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِاسْتِيفَاءِ الْمَهْرِ ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا صَحَّ إقْرَارُهَا فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ أَنَا أَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ مَالِهَا بَعْدَ قَضَاءِ دُيُونِ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ رَجَعَ فِيمَا بَقِيَ بِنِصْفِ الْمَهْرِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا فَمَرِضَتْ وَأَقَرَّتْ بِالِاسْتِيفَاءِ ثُمَّ مَاتَتْ فَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِقْرَارُهَا بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ صَحِيحٌ وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا يَصِحُّ

إقْرَارُهَا وَمَتَى لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهَا بِاسْتِيفَاءِ الْمَهْرِ فِي هَذَا الْوَجْهِ يُسْتَوْفَى أَصْحَابُ دُيُونِ الصِّحَّةِ دُيُونَهُمْ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ يُنْظَرُ إلَى الْمَهْرِ وَإِلَى مِيرَاثِهِ عَنْهَا فَيُسَلَّمُ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ خَلَعَ امْرَأَتَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى جُعْلٍ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَأَقَرَّ بِاسْتِيفَائِهِ مِنْهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي الصِّحَّةِ وَلَا فِي الْمَرَضِ كَانَ مُصَدَّقًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مَرِيضٌ عَلَيْهِ دُيُونُ الصِّحَّةِ غَصَبَ رَجُلٌ مِنْهُ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ فَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ أَوْ أَبَقَ وَقَضَى الْقَاضِي لِلْمَرِيضِ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ فَأَقَرَّ الْمَرِيضُ بِاسْتِيفَائِهَا مِنْ الْغَاصِبِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ فِي حَالِ صِحَّةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ ثُمَّ مَرِضَ وَالْعَبْدُ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ أَبِقَ أَوْ مَاتَ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِاسْتِيفَاءِ تِلْكَ الْقِيمَةِ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مَيِّتًا أَوْ لَمْ يَعُدْ مِنْ الْإِبَاقِ كَانَ مُصَدَّقًا بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ وَجَبَ لَهُ فِي الصِّحَّةِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَدْ عَادَ مِنْ الْإِبَاقِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ وَالْقَضَاءُ بِالضَّمَانِ جَمِيعًا فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَإِقْرَارُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِاسْتِيفَاءِ الضَّمَانِ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَرِيضٌ بَاعَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ بِأَلْفَيْنِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ فِي الصِّحَّةِ فَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ بِشَيْءٍ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي دَفْعِ الثَّمَنِ مَرَّةً أُخْرَى وَفِي نَقْضِ الْبَيْعِ فَإِنْ اخْتَارَ دَفْعَ الثَّمَنِ فَهُوَ لِغُرَمَاءِ الصِّحَّةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَرِيضُ مُصَدَّقٌ فِيمَا زَادَ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ أَلْفًا أُخْرَى أَوْ يُنْقِضَ الْبَيْعَ وَيُبَاعُ الْعَبْدُ لِلْغُرَمَاءِ وَلَمْ يُذْكَرْ قَوْلٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلَهُ مَعَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. رَجُلٌ بَاعَ عَبْدَهُ فِي صِحَّتِهِ مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فَمَرِضَ الْبَائِعُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ الصِّحَّةِ وَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ ذَلِكَ حَتَّى صَحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ غَرِيمِ الصِّحَّةِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ وَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا وَرَدَّ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُشَارِكَ غُرَمَاءَ الْمَيِّتِ فِي سَائِرِ أَمْوَالِ الْمَيِّتِ وَلَكِنْ لَهُ حَبْسُ الْعَبْدِ إلَى أَنْ يُسْتَوْفَى الثَّمَنُ فَيُبَاعَ الْعَبْدُ وَيَكُونَ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِالثَّمَنِ مِنْ غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ ثُمَّ إذَا بِيعَ الْعَبْدُ صَرَفَ ثَمَنَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَالْفَضْلُ لِسَائِرِ غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ وَإِنْ نَقَصَ الثَّمَنُ عَنْ حَقِّ الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ لَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ دُيُونَهُمْ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِ الْمَيِّتِ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ حُقُوقِهِمْ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَحْبِسْ الْعَبْدَ بِحَقِّهِ بَلْ دَفَعَهُ إلَى الْمَرِيضِ حَالَ حَيَاتِهِ أَوْ إلَى وَصِيِّهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بَطَلَ تَقَدُّمُهُ وَلَكِنْ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ فِي اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا دَفَعَ الْمَرِيضُ إلَى وَارِثِهِ دَرَاهِمَ لِيَقْضِيَهَا غَرِيمًا مِنْ غُرَمَائِهِ فَقَالَ الْوَارِثُ قَدْ دَفَعْتهَا إلَيْهِ وَكَذَّبَهُ الْغَرِيمُ فَالْوَارِثُ مُصَدَّقٌ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ صَدَّقَهُ الْمَرِيضُ أَوْ كَذَّبَهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ حَقِّ الْغَرِيمِ وَإِنْ كَانَ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَقَالَ قَدْ قَبَضْته وَدَفَعْته إلَيْهِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ وَالْمَطْلُوبُ بَرِئَ وَإِذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ مَتَاعٍ لَهُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَبَاعَ بِقِيمَتِهِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ ثُمَّ قَالَ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ قَدْ قَبَضْت الثَّمَنَ وَدَفَعْته إلَيْهِ أَوْ ضَاعَ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ بِعْت الْمَتَاعَ وَاسْتَوْفَيْت الثَّمَنَ وَضَاعَ فَإِنْ كَانَ الْمَتَاعُ مُسْتَهْلَكًا وَلَمْ يُعْرَفْ الَّذِي اشْتَرَاهُ فَهُوَ مُصَدَّقٌ كَانَ الْمَرِيضُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَإِنْ كَانَ الْمَتَاعُ قَائِمًا وَاَلَّذِي اشْتَرَاهُ مَعْرُوفًا مُقِرًّا بِذَلِكَ وَلَيْسَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ فَالْوَارِثُ مُصَدَّقٌ أَيْضًا إذَا كَانَ الْمُورَثُ حَيًّا وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ لَمْ يُصَدَّقْ الْوَارِثُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَرِيضُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا حِينَ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَأَحَدُ وَرَثَتِهِ كَفِيلٌ بِهِ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْوَارِثِ وَرَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ كَفِيلٌ بِهِ بِأَمْرِ الْوَارِثِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَمَرِضَ رَبُّ الدَّيْنِ وَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا بَطَلَ إقْرَارُهُ فَأَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْأَجْنَبِيَّ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ فَإِنْ كَانَ أَصِيلًا لَا يَصِحُّ

وَإِنْ كَانَ كَفِيلًا يَصِحُّ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَا يُخْرِجُ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِهِ فَهُوَ صَحِيحٌ وَلَا سَبِيلَ عَلَى الْكَفِيلِ وَالدَّيْنُ عَلَى الْوَارِثِ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ غَيْرُهُ يَصِحُّ مِنْ ثُلُثِهِ وَلِلْوَرَثَةِ الْخِيَارُ فِي ثُلُثَيْ الْأَلْفِ إنْ شَاءُوا أَخَذُوهُ مِنْ الْأَصِيلِ وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوهُ مِنْ الْكَفِيلِ وَالثُّلُثُ الْبَاقِي يُؤْخَذُ مِنْ الْأَصِيلِ لَا غَيْرُ وَلَوْ أَبْرَأَ الْوَارِثُ لَا يَصِحُّ كَيْفَمَا كَانَ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ تَطَوَّعَ بِهِ عَنْ الْوَارِثِ أَوْ تَحَوَّلَ لَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ أَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ مِنْ ابْنِ الْآمِرِ ثُمَّ مَرِضَ الْآمِرُ فَأَقَرَّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ ابْنِهِ أَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ لَمْ يُصَدَّقْ فَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ هُوَ الْوَكِيلَ وَالْآمِرُ صَحِيحٌ فَهُوَ مُصَدَّقٌ وَإِنْ جَحَدَ الْآمِرُ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَارِثًا لَهُمَا وَهُمَا مَرِيضَانِ لَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ الْوَكِيلَ دُونَ الْآمِرِ. فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ وَدَفَعَهُ إلَى الْآمِرِ أَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ يُصَدَّقُ فَإِنْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ فَقَطْ لَا يُصَدَّقُ وَلَوْ أَنَّ الْكَفِيلَ أَحَالَ الْمَرِيضَ بِالدَّيْنِ عَلَى غَيْرِهِ وَقَبِلَ الْمَرِيضُ وَالْمُحْتَالُ عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ إنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُطْلَقَةً لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْكَفِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ فَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ هُوَ الْوَارِثُ لَا يَصِحُّ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ أَجْنَبِيًّا يَصِحُّ مِنْ الثُّلُثِ فَكَانَ لِلْوَرَثَةِ الْخِيَارُ إنْ شَاءُوا أَجَازُوا الْحَوَالَةَ وَإِنْ شَاءُوا نَقَضُوا فَإِنْ أَجَازُوا إنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدَّيْنَ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا مِنْ الْأَصِيلِ الْوَارِثِ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ يُخْرِجُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ غَيْرُ الْأَلْفِ فَهُوَ صَحِيحٌ فِي ثُلُثِهِ وَلِلْوَرَثَةِ الْخِيَارُ إنْ شَاءُوا أَخَذُوا الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ بِالثُّلُثِ وَالْكَفِيلِ بِالثُّلُثَيْنِ وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا كُلَّ الدَّيْنِ مِنْ الْوَارِثِ وَلَوْ أَنَّ الْمَرِيضَ لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ وَلَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ وَلَمْ يَحِلَّ وَلَكِنْ أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ مِائَةِ دِينَارٍ أَوْ جَارِيَةٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ أَوْ غَصْبٌ لِلْكَفِيلِ وَاَلَّذِي أَقَرَّ بِهِ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ وَلَا يُدْرَى مَا فُعِلَ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ بِعَيْنِهَا حَتَّى مَاتَ مَجْهَلًا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ قِصَاصًا بِالدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا كَانَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ وَيَبِيعَهَا فَيَتَوَصَّلَ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي يَحْصُلُ بِالْبَرَاءَةِ لِلْوَارِثِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ وَكَذَا إنْ أَقَرَّ بِهَذَا كُلِّهِ لِلْأَصِيلِ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ جَازَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَسْعَى الْمُكَاتَبُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ بِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَلَكِنَّهُ أَقَرَّ بِالْأَلْفِ فِي يَدِهِ أَوْ مِائَةِ دِينَارِ أَوْ جَارِيَةٍ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ لِهَذَا الْمُكَاتَبِ أَوْدَعَهَا إيَّاهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ أَوْدَعَ أَبَاهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ صِحَّتِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهَا فَإِمَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ فَحِينَئِذٍ صَارَتْ الْوَدِيعَةُ دَيْنًا لِلِابْنِ فِي مَالِهِ وَلَا يَكُونُ هَذَا إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ وَإِمَّا أَنْ يَجْحَدَ الْوَدِيعَةَ أَوْ يُقِرَّ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهَا ثُمَّ قَالَ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ مِنِّي أَوْ رَدَدْتهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَحِينَئِذٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَإِنْ حَلَفَ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ مِنِّي أَوْ رَدَدْتهَا فَلَمَّا طُولِبَ بِالْيَمِينِ أَقَرَّ بِالِاسْتِهْلَاكِ أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ عَنْهُ الضَّمَانُ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ هَكَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَفِي يَدِهِ دَارٌ فَحَضَرَهُ الْمَوْتُ فَقَالَ اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ ابْنِي هَذَا أَوْ مِنْ هَذَا الْأَجْنَبِيِّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتهَا مِنْهُمَا وَلَمْ أَدْفَعْ إلَيْهِمَا شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ وَصَدَّقَاهُ عَلَى مَا أَقَرَّ مِنْ الشَّرِكَةِ ثُمَّ مَاتَ وَلِلدَّارِ شَفِيعٌ وَالِابْنَانِ الْآخَرَانِ يُنْكِرَانِ جَمِيعَ ذَلِكَ فَهَذَا الْإِقْرَارُ بَاطِلٌ وَإِذَا بَطَلَ الْإِقْرَارُ قُسِّمَتْ الدَّارُ بَيْنَ الْبَنِينَ أَثْلَاثًا لِكُلِّ ابْنٍ الثُّلُثُ فَإِنْ حَضَرَ الشَّفِيعُ أَخَذَ الثُّلُثَ الَّذِي فِي يَدِ الِابْنِ الْمُقَرِّ لَهُ بِثُلُثِ الثَّمَنِ وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَ الِابْنِ الْمُقَرِّ لَهُ

وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ نِصْفَيْنِ فَإِنْ كَانَ الِابْنُ الْمُقَرِّ لَهُ وَرِثَ مَالًا آخَرَ يُضَمُّ ذَلِكَ إلَى مَا وَصَلَ مِنْ ثَمَنِ الدَّارِ وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ بَيْنَ الِابْنِ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ حَتَّى يَصِلَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا تَمَامَ الْخَمْسمِائَةِ فَإِنْ كَذَّبَهُ الْأَجْنَبِيُّ فِي الشَّرِكَةِ بِأَنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ بِعْت نِصْفَ الدَّارِ مِنْهُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَلَا أَدْرِي لِمَنْ كَانَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ الِابْنِ شَرِكَةٌ وَصَدَّقَ الِابْنُ أَبَاهُ فِيمَا أَقَرَّ مِنْ الشَّرِكَةِ فَعَلَى قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا وَالْإِقْرَارُ سَوَاءٌ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ ثُلُثَ الدَّارِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ وَيَكُونُ ثُلُثُ الثَّمَنِ بَيْنَ الِابْنِ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ نِصْفَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُ الشَّفِيعُ تَلْثَيْ كُلِّ الدَّارِ وَلَوْ كَذَّبَ الِابْنُ أَبَاهُ وَصَدَّقَ الْغَرِيبَ فَعَلَى قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إقْرَارُ الْمَرِيضِ بَاطِلٌ أَيْضًا غَيْرَ أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ مِنْ الِابْنِ الْمُقَرِّ لَهُ سُدُسَ الدَّارِ بِسُدُسِ الثَّمَنِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْإِقْرَارُ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ صَحِيحٌ فَيُقْضَى بِبَيْعِ الْأَجْنَبِيِّ نِصْفَ الدَّارِ مِنْ الْمَرِيضِ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْبَنِينَ أَثْلَاثًا لِكُلِّ ابْنِ ثُلُثُ النِّصْفِ وَهُوَ سُدُسُ الْكُلِّ وَلَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ مِنْ الِابْنِ الْمُقَرِّ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَقَرَّ مَرِيضٌ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لِامْرَأَةٍ طَلَّقَهَا بِسُؤَالِهَا سِوَى مَهْرِهَا وَقَدْ اسْتَوْفَتْ مَهْرَهَا فَمَاتَ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَتَرَكَ أَخًا وَضَرَّتَهَا وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا لَهَا كُلُّهُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ لَهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ ثُمَّ الْأَرْبَعِينَ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ تَرَكَ مَكَانَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا ثَوْبًا قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا آخَرَ فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلِغَيْرِ الْمُطَلَّقَةِ ثَمَنُ هَذَا الثَّوْبِ وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ فَلَا تَسْتَحِقُّ عَيْنَ الثَّوْبِ فَيُبَاعُ ثَمَنُ الثَّوْبِ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَيُعْطَى لَهَا ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَرْضَى أَنْ تَأْخُذَ ثَمَنَ الثَّوْبِ بِحَقِّهَا وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِيعَ الثَّوْبُ وَيُصْرَفُ الثَّمَنُ كُلُّهُ إلَيْهَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَلَهُ أَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَامْرَأَةٌ فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا فَفَعَلَ ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَدْ كَانَتْ اسْتَوْفَتْ مَهْرَهَا وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ سِتِّينَ دِرْهَمًا فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَخَذَتْ جَمِيعَ السِّتِّينَ بِدَيْنِهَا وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَصِيَّةِ ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ رُبْعُ مَا بَقِيَ وَهُوَ عَشَرَةٌ بَقِيَ لِلْأَخِ ثَلَاثُونَ وَلَوْ تَرَكَ مَكَانَ السِّتِّينَ ثَوْبًا يُسَاوِي سِتِّينَ دِرْهَمًا وَقَدْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الثَّوْبِ وَيُبَاعُ رُبْعُ مَا بَقِيَ لِلْمَرْأَةِ إلَّا أَنْ تَرْضَى أَنْ تَأْخُذَهُ بِحَقِّهَا وَمَا بَقِيَ لِلْأَخِ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا يُبَاعُ الثَّوْبُ لِلْمَرْأَةِ إلَّا أَنْ تَأْخُذَهُ بِحَقِّهَا وَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ مَعَ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ بِدَيْنٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَالْمَرْأَةُ تُحَاصِصُ الْأَجْنَبِيَّ فِيمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَا دَيْنَهُمَا فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ ذَلِكَ وَمَا بَقِيَ لِلْأَخِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بُدِئَ بِدَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ مَا بَقِيَ ثُمَّ يُعْطَى لِلْمَرْأَةِ الْأَقَلُّ مِنْ رُبْعِ مَا بَقِيَ وَمِمَّا أَقَرَّ لَهَا بِهِ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِلْأَخِ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ فَأَقَرَّ لِمَوْلَاهُ بِأَلْفٍ وَلِأَجْنَبِيٍّ بِأَلْفٍ فِي مَرَضِهِ وَفِي يَدِهِ أَلْفٌ فَقَضَاهُ مِنْ الْكِتَابَةِ ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ مَاتَ حُرًّا وَيَكُونُ ثُلُثَا هَذَا الْأَلْف لِمَوْلَاهُ وَثُلُثُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ قَضَاهُ الْمَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ أَوْ لَمْ يَقْضِ وَمَاتَ عَنْهُ فَالْأَجْنَبِيُّ أَحَقُّ بِهِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ لِأَنَّهُ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً بِالْكِتَابَةِ فَتَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ بِالْعَجْزِ وَلَا يَجِبُ لِلْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَبَطَلَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ تَرَكَ الْمُكَاتَبُ ابْنًا وُلِدَ فِي مُكَاتَبَتِهِ فَالْأَجْنَبِيُّ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَلْفِ مِنْ الْمَوْلَى وَيُتْبِعُ الْمَوْلَى ابْنَ الْمُكَاتَبِ بِالْمُكَاتَبَةِ وَالدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ قَدْ قَضَاهُ الْمَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا مَوْلُودًا فِي كِتَابَتِهِ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ أَحَقَّ بِالْأَلْفِ أَيْضًا وَيُتْبِعُ الْمَوْلَى ابْنَ الْمُكَاتَبِ بِالدَّيْنِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَإِذَا أَدَّى الِابْنُ الْمُكَاتَبَةَ وَالدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْأَبِ

لَا يُنْقَضُ الْقَضَاءُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ صَارَتْ الدُّيُونُ مُسْتَوِيَةً فِي الْقُوَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي صِحَّتِهِ وَأَقْرَضَهُ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ أَلْفًا فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَرِضَ الْمُكَاتَبُ فَأَقْرَضَهُ الْمَوْلَى أَلْفًا بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ فَسُرِقَ مِنْهُ وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَاهُ الْمَوْلَى مِنْ الْقَرْضِ ثُمَّ مَاتَ فَالْمَوْلَى أَحَقُّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا آخَرَ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. مُكَاتَبٌ لَهُ عَلَى مَوْلَاهُ دَيْنٌ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَالَهُ عَلَى مَوْلَاهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ مَالًا لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ. مُكَاتَبٌ مَرِيضٌ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيِّ بِأَلْفٍ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا وَعَلَيْهِ الْكِتَابَةُ فَالْأَجْنَبِيُّ أَوْلَى مِنْ الْكِتَابَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ لِلْمَوْلَى بِأَلْفٍ قَرْضٍ وَأَقَرَّ لَأَجْنَبِيٍّ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَوْ بَدَأَ بِالْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ بُدِئَ بِدَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَوْلَى الْأَلْفَ الْآخَرَ مِنْ الْكِتَابَةِ وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ فِي آخَرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ وَبَطَلَ الْأَلْفُ الَّذِي لِلْمَوْلَى بِجِهَةِ الدَّيْنِ وَإِنْ تَرَكَ فَضْلًا عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَخَذَهُ الْمَوْلَى مِنْ الْأَلْفِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا بِأَنْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ عَصَبَةٌ وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى وَارِثًا بَطَلَ الْإِقْرَارُ لَهُ وَالْفَضْلُ بَيْنَ الْمَوْلَى وَصَاحِبِ الْقَرْضِ إنْ كَانَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ لِلْمَوْلَى بِالْعُصُوبَةِ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ حِينَ مَرِضَ مِائَةُ دِينَارٍ فَأَقَرَّ بِأَنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِلْمَوْلَى ثُمَّ أَقَرَّ لِلْأَجْنَبِيِّ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْمِائَةَ الدِّينَارَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا لِمَوْلَاهُ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِدَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ فَيَصْرِفُ الْأَلْفَ إلَيْهِ وَالدَّنَانِيرُ تُبَاعُ فَيُقْضَى مِنْ ذَلِكَ أَوَّلًا بَدَلُ الْكِتَابَةِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ الْفَاضِلُ لِلْمَوْلَى بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى مِنْ وَرَثَةِ الْمُكَاتَبِ فَحِينَئِذٍ يَكُون الْفَضْلُ مِيرَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقْرَضَهُ الْمَوْلَى أَلْفًا فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ أَلْفًا وَأَوْلَادًا أَحْرَارًا مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ يُقْضَى لِلْمَوْلَى بِالْأَلْفِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَيُقْضَى بِعِتْقِهِ وَيَلْحَقُ وَلَاءُ الْأَوْلَادِ بِهِ فَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى اجْعَلْ الْأَلْفَ مِنْ الْقَرْضِ أَوْ مِنْ الْقَرْضِ وَالْمُكَاتَبَةِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى ذَلِكَ وَإِنْ تَرَكَ أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ أَخَذَ الْمَوْلَى أَلْفًا مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَيَأْخُذُ الْفَضْلَ عَنْ الدَّيْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ دَيْنِهِ شَيْءٌ يُصْرَفُ إلَى أَوْلَادِهِ الْأَحْرَارِ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. كَاتَبَ عَلَى أَلْفٍ وَلَهُ ابْنَانِ حُرَّانِ وَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ أَلْفٍ وَلِلْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفٍ وَمَاتَ عَنْ أَلْفَيْنِ أَخَذَهُمَا الْمَوْلَى وَإِنْ تَرَكَ أَقَلَّ مِنْ الْأَلْفَيْنِ بُدِئَ بِدَيْنِ الِابْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ لُقْطَةٌ عِنْدِي ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْوَرَثَةُ فِيمَا قَالَ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ وَيَتَصَدَّقُونَ بِهِ وَإِنْ كَذَبَتْهُ الْوَرَثَةُ فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الثُّلُثَيْنِ فَيَكُونُ ثُلُثَا الْأَلْفِ مِيرَاثًا بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ أَصْلًا وَيَكُونُ الْكُلُّ مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَلَهُ عَلَى أَحَدِهِمْ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِقَبْضِهِ وَصَدَّقَهُ الِابْنُ الْغَرِيمُ وَأَخٌ وَكَذَّبَهُ الثَّالِثُ بَرِئَ الِابْنُ الْغَرِيمُ مِنْ ثُلُثَيْهِ ثُلُثَهُ وَثُلُثَ الْمُصَدَّقِ وَغَرِمَ ثُلُثَ الْمُنْكَرِ وَإِنْ تَرَكَ الْمَيِّتُ أَلْفًا آخَرَ وَاقْتَسَمُوا بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا الثُّلُثُ لِلْمُكَذِّبِ وَبَقِيَ ثُلُثَانِ لِلْمُصَدِّقِ وَالْغَرِيمِ فَيَأْخُذُ الِابْنُ الْغَرِيمُ ثُلُثًا بِحُكْمِ دَيْنِهِ وَبَقِيَ ثُلُثٌ آخَرُ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فِي صِحَّتِهِ مِنْ ابْنِهِ فُلَانٍ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ وَأَنْفَقَهُ فِي حَاجَتِهِ وَسَلَّمَ الْعَبْدَ إلَيْهِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ وَصَدَّقَهُ الِابْنُ الْمُقَرُّ لَهُ وَأَخٌ وَكَذَّبَهُ الثَّالِثُ بَطَلَ فِي ثُلُثِ الْمُكَذِّبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصَحَّ فِي ثُلُثَيْهِ وَخُيِّرَ فَإِنْ أَمْضَى أَخَذَ ثُلُثَيْهِ وَرَجَعَ بِثُلُثِ الثَّمَنِ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ وَنَصِيبِ الْمُصَدِّقِ مِنْ

الباب السابع في إقرار الوارث بعد موت المورث

التَّرِكَةِ وَإِنْ فَسَخَ صَارَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَرَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ فِي نَصِيبِهِ وَنَصِيبِ الْمُصَدِّقِ مِنْ الْعَبْدِ وَمِنْ مَالٍ آخَرَ إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْقُضُ الْبَيْعَ وَلَكِنَّهُ يَدْفَعُ ثُلُثَ الثَّمَنِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ كَانَ فِي الْبَيْعِ مُحَابَاةٌ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَيْنِ وَقَدْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ فِي صِحَّتِهِ مِنْ ابْنِهِ هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَالْمُحَابَاةُ وَصِيَّةٌ وَلَا وَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ إلَّا بِإِجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَإِذَا لَمْ تُوجَدْ الْإِجَازَةُ مِنْ الْمُكَذِّبِ لَا يُسَلَّمُ لِلِابْنِ الْمُشْتَرِي الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى بِالثَّمَنِ الَّذِي تَصَادَقَا عَلَى الشِّرَاءِ بِهِ فَيَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْعَقْدَ وَإِنْ شَاءَ أَمْضَى فَإِنْ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ بَلَغَ الثَّمَنُ إلَى تَمَامِ الْقِيمَةِ فِي نَصِيبِ الْمُكَذِّبِ رُدَّ لِلْوَصِيَّةِ فِي حَقِّهِ فَيَغْرَمُ الْمُشْتَرِي ثُلُثَ الْأَلْفَيْنِ لِلْمُكَذِّبِ نِصْفُ ذَلِكَ حِصَّةً مِنْ الْمُحَابَاةِ، وَنِصْفُ ذَلِكَ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِنِصْفِ مَا غَرِمَ، وَذَلِكَ ثُلُثُ الْأَلْفِ فِي نَصِيبِهِ وَنِصْفُ الْمُصَدَّقِ مِنْ الْأَلْفِ الْمَتْرُوكِ وَإِنْ فُسِخَ الْعَقْدُ وَرُدَّ الْعَبْدُ صَارَ الْعَبْدُ مِيرَاثًا بَيْنَ الْبَنِينَ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا وَيَرْجِعُ الِابْنُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فِي نَصِيبِهِ وَنَصِيبِ الْمُصَدَّقِ فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا أَنْقُضُ الْبَيْعَ فِي حِصَّةِ الْمُكَذِّبِ خَاصَّةً كَانَ لَهُ ذَلِكَ. وَإِذَا فُسِخَ الْبَيْعُ فِي نَصِيبِ الْمُكَذِّبِ رَجَعَ بِثُلُثِ الثَّمَنِ فِي نَصِيبِهِ وَنَصِيبِ الِابْنِ الْمُصَدِّقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ [الْبَابُ السَّابِعُ فِي إقْرَارِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي إقْرَارِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ) رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَابْنًا، فَقَالَ الِابْنُ فِي كَلَامٍ مَوْصُولٍ: لِهَذَا عَلَى أَبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِهَذَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَالْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ أَقَرَّ لِلْأَوَّلِ وَسَكَتَ، ثُمَّ أَقَرَّ لِلثَّانِي فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِالْأَلْفِ، فَإِذَا دَفَعَ الْأَلْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ لَمْ يَضْمَنْ لِلثَّانِي شَيْئًا وَإِنْ دَفَعَهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ خَمْسَمِائَةٍ لِلثَّانِي، وَلَوْ قَالَ فِي كَلَامٍ مَوْصُولٍ: هَذَا الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِهَذَا وَلِهَذَا الْآخَرِ عَلَى أَبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ أَحَقَّ بِالْأَلْفِ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَى أَبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهَذَا الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ تَحَاصَّا فِيهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ هَذَا الْأَلْفُ الَّذِي تَرَكَهُ الْمَيِّتُ وَدِيعَةٌ لِي وَقَالَ الْآخَرُ لِي عَلَى أَبِيكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ، فَقَالَ الْوَارِثُ صَدَقْتُمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ الْإِقْرَارَانِ جَمِيعًا وَيَكُونُ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْأَلْفَ كُلَّهُ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لِلثَّانِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَى أَبِيهِ أَلْفٌ دَيْنٌ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ بِقَضَاءٍ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ آخَرَ عَلَى أَبِيهِ لِآخَرَ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ دَفَعَ أَلْفًا بِغَيْرِ قَضَاءٍ يَضْمَنُ لِلثَّانِي خَمْسَمِائَةٍ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَى أَبِي أَلْفٌ لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَدَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ لَمْ يَضْمَنْ لِلثَّانِي شَيْئًا، وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ لِلثَّانِي مِثْلَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَلْفَيْنِ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا، ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى أَبِيهِمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَادَّعَى أَيْضًا آخَرُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّا جَمِيعًا لِأَحَدِهِمَا وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ وَحْدَهُ وَكَانَ الْإِقْرَارَانِ مَعًا فَإِنَّ الَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَمِائَةٍ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ مِنْ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَقْبِضَا مِنْهُمَا شَيْئًا حَتَّى غَابَ الَّذِي أَقَرَّا لَهُ جَمِيعًا وَجَاءَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْوَاحِدُ وَقَدَّمَهُ إلَى الْحَاكِمِ، فَقَالَ: لِي عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَقَدْ أَقَرَّ بِهِ هَذَا الْوَارِثُ لِي فَصَدَّقَهُ الِابْنُ وَأَخْبَرَ الْقَاضِيَ بِمَا أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ كُلِّهِ، فَإِنْ جَاءَ الْآخَرُ وَقَدَّمَ أَخَاهُ قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ كُلِّهِ، وَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْ الْأَخَوَيْنِ عَلَى أَخِيهِ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الَّذِي أَقَرَّا لَهُ جَمِيعًا قَدَّمَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ وَحْدَهُ قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ، فَإِنْ جَاءَ الْآخَرُ وَقَدَّمَ أَخَاهُ قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ

الَّذِي فِي يَدَيْهِ، وَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْ الْأَخَوَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمِيرَاثُ دَنَانِيرَ أَوْ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَالدَّيْنُ مِثْلُهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ عَبْدَيْنِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَاقْتَسَمَا وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدًا، ثُمَّ أَقَرَّا جَمِيعًا أَنَّ أَبَاهُمَا أَعْتَقَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ بِعَيْنِهِ وَهُوَ الَّذِي فِي يَدِ الْأَصْغَرِ مِنْهُمَا فِي صِحَّتِهِ وَأَقَرَّ الْأَكْبَرُ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدِهِ فِي صِحَّتِهِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ مِنْهُمَا مَعًا فَهُمَا حُرَّانِ وَضَمِنَ الْأَكْبَرُ لِلْأَصْغَرِ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ الْوَدِيعَةِ فِي الْعَبْدَيْنِ بِأَنْ أَقَرَّا بِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ أَنَّهُ وَدِيعَةُ فُلَانٍ وَأَقَرَّ الْآخَرُ بِمَا فِي يَدِهِ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ فَهَذَا وَالْإِقْرَارُ بِالْعِتْقِ سَوَاءٌ. وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَاقْتَسَمَاهَا وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا، ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِرَجُلَيْنِ بِدَيْنٍ خَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَبِيهِ وَقَضَى الْقَاضِي بِهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقَرَّا جَمِيعًا أَنَّ عَلَى أَبِيهِمَا لِرَجُلٍ آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ دَيْنًا، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ وَدَفَعَهُ بِقَضَاءِ قَاضٍ، ثُمَّ أَقَرَّا جَمِيعًا بِالْأَلْفِ الثَّانِي قُضِيَ بِالْأَلْفِ كُلِّهِ مِمَّا فِي يَدِ الْجَاحِدِ، وَالْمُقِرُّ الْأَوَّلُ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا شَيْئًا، وَلَوْ كَانَا أَقَرَّا أَوَّلًا لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ مِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِآخَرَ بِدَيْنٍ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَالْمِائَةُ الْأُولَى عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ أَخَذَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِائَةً مِنْ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى أَخِيهِ بِنِصْفِهَا، وَلَوْ بَدَأَ أَحَدُهُمَا فَأَقَرَّ لِرَجُلٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَقَرَّا بَعْدَ ذَلِكَ لِآخَرَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَالْأَوَّلُ يَأْخُذُ مِنْ الْمُقِرِّ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِمَّا فِي يَدِهِ وَالْمِائَةُ الَّتِي هِيَ حَقُّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِمَا عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا، فَإِنْ أَخَذَ الْمِائَةَ مِنْ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ مِنْهُمَا جَمِيعًا مَعًا فَالْمِائَةُ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً وَالْمِائَةُ الْأُخْرَى عَلَيْهِمَا عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. تَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَاقْتَسَمُوهَا فَادَّعَى أَجْنَبِيٌّ عَلَى أَبِيهِمْ بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَصَدَّقَهُ الْأَكْبَرُ فِيهَا وَالْأَوْسَطُ فِي الْأَلْفَيْنِ وَالْأَصْغَرُ فِي الْأَلْفِ يَأْخُذُ مِنْهُمْ أَلْفًا أَثْلَاثًا وَأَلْفًا مِنْ الْأَوْسَطِ وَالْأَكْبَرِ نِصْفَيْنِ وَمِنْ الْأَكْبَرِ مَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُ مِنْ الْأَكْبَرِ أَلْفَهُ وَمِنْ الْأَوْسَطِ أَلْفَهُ وَمِنْ الْأَصْغَرِ ثُلُثَ أَلْفِهِ هَذَا إذَا لَقِيَهُمْ جَمِيعًا وَأَمَّا إذَا لَقِيَهُمْ مُتَفَرِّقِينَ، فَإِنْ لَقِيَ الْأَصْغَرَ وَحْدَهُ أَوَّلًا يَأْخُذُ مِنْهُ الْأَلْفَ وَإِنْ لَقِيَ الْأَوْسَطَ بَعْدَهُ يَأْخُذُ مِنْهُ الْأَلْفَ الَّتِي فِي يَدِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَقِيَ الْأَكْبَرَ بَعْدَهُ يَأْخُذُ مِنْهُ مَا فِي يَدِهِ كُلَّهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْأَوْسَطَ وَالْأَصْغَرَ هَلْ يَرْجِعَانِ عَلَى الْمُقِرِّ لَهُ بِشَيْءٍ؟ قَالُوا: يَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ الْأَصْغَرُ بِثُلُثَيْ الْأَلْفِ عَلَى الْمُقِرِّ لَهُ بِاتِّفَاقِهِمَا، فَأَمَّا الْأَوْسَطُ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِسُدُسِ الْأَلْفِ هَذَا إذَا لَقِيَ الْأَصْغَرَ أَوَّلَ، فَإِنْ لَقِيَ الْأَكْبَرَ أَوَّلًا يَأْخُذُ أَلْفَهُ، وَمِنْ الْأَوْسَطِ بَعْدَهُ يَأْخُذُ أَلْفَهُ وَمِنْ الْأَصْغَرِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ إذَا كَانَ مُقِرًّا بِأَنَّ أَخَوَيْهِ أَقَرَّا لَهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَلْفِ، فَإِنْ جَحَدَ الْأَصْغَرُ إقْرَارَهُمَا لَهُ بِالزِّيَادَةِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ الْأَكْبَرُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصْغَرِ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ الْأَوْسَطُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ بِزِيَادَةِ سُدُسِ الْأَلْفِ وَيَرْجِعُ الْأَصْغَرُ عَلَى الْغَرِيمِ بِسُدُسِ الْأَلْفِ، فَإِنْ لَقِيَ الْأَوْسَطَ أَوَّلًا يَأْخُذُ أَلْفَهُ، فَإِنْ لَقِيَ الْأَصْغَرَ بَعْدَهُ فَكَمَا ذَكَرْنَا، أَرَادَ بِهِ إذَا جَحَدَ الْأَصْغَرُ إقْرَارَهُمَا، فَإِنْ لَقِيَ الْأَكْبَرَ بَعْدَهُ يَأْخُذُ أَلْفَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الْغَرِيمُ: قَدْ قَبَضَ الْمَيِّتُ مِنِّي خَمْسَمِائَةٍ حَالَ حَيَاتِهِ وَصَدَّقَهُ أَحَدُ الِابْنَيْنِ فِي ذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ، فَإِنَّ لِلْمُكَذِّبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَرِيمِ الْخَمْسَمِائَةِ الْبَاقِيَةِ وَلَيْسَ لِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَرِيمِ شَيْئًا، وَلَوْ ادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ قَبَضَ مِنْهُ جَمِيعَ الْأَلْفِ فَصَدَّقَهُ أَحَدُ الِابْنَيْنِ فِي ذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الِابْنُ الْآخَرُ فَلِلْمُكَذِّبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَرِيمِ خَمْسَمِائَةٍ وَلَيْسَ لِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى

الباب الثامن في الاختلاف الواقع بين المقر والمقر له

الْغَرِيمِ بِشَيْءٍ وَلِلْغَرِيمِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُكَذِّبَ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ أَبَاكَ قَبَضَ مِنِّي جَمِيعَ الْأَلْفِ، فَإِنْ حَلَفَ الْجَاحِدُ وَأَخَذَ مِنْ الْغَرِيمِ خَمْسَمِائَةٍ وَتَرَكَ الْمَيِّتُ أَلْفَ دِرْهَمٍ أُخْرَى سِوَى هَذِهِ وَاقْتَسَمَ الِابْنَانِ تِلْكَ الْأَلْفَ بَيْنَهُمَا فَلِلْغَرِيمِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُصَدِّقِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ الْخَمْسَمِائَةِ الَّتِي وَرِثَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَأَلْفَ دِرْهَمٍ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَصَدَّقَهُ الِابْنُ وَدَفَعَ إلَيْهِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَكَذَّبَهُ الِابْنُ وَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ الْأَوَّلُ وَأَنْكَرَ الثَّانِي دَيْنَ الْغَرِيمِ الْأَوَّلِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إنْكَارِهِ وَيَقْتَسِمَانِ الْأَلْفَ نِصْفَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْغَرِيمُ الثَّانِي لِغَرِيمٍ ثَالِثٍ، فَإِنَّ الْغَرِيمَ الثَّالِثَ يَأْخُذُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ) رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَخَذْتُ مِنْك أَلْفًا وَدِيعَةً وَأَلْفًا غَصْبًا فَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ وَهَذِهِ الْأَلْفُ غَصْبٌ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَا بَلْ هَلَكَ الْغَصْبُ وَبَقِيَتْ الْوَدِيعَةُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقَرِّ لَهُ، يَأْخُذُ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَيَغْرَمُ الْمُقِرُّ أَلْفًا أُخْرَى، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَا بَلْ غَصَبْتَنِي الْأَلْفَيْنِ كَانَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ أَوْدَعْتَنِي أَلْفًا وَغَصَبْتُ مِنْكَ أَلْفًا فَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ وَبَقِيَ الْغَصْبُ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَا بَلْ هَلَكَ الْغَصْبُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ يَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَلْفَ، وَلَا يَضْمَنُهُ شَيْئًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَخَذْتُ مِنْكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ لَا بَلْ أَخَذْتَهَا غَصْبًا ضَمِنَ الْمُقَرُّ لَهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ الْأَخْذُ، ثُمَّ ادَّعَى مَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْهُ وَهُوَ الْإِذْنُ بِالْأَخْذِ وَالْآخَرُ يُنْكِرُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَوُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُقِرِّ بِإِقْرَارِهِ إلَّا أَنْ يَنْكُلَ الْخَصْمُ عَنْ الْيَمِينِ وَإِنْ قَالَ أَعْطَيْتَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ بَلْ أَخَذْتَهُ غَصْبًا لَمْ يَضْمَنْ الْمُقِرُّ لِأَنَّهُ مَا أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ بَلْ أَقَرَّ بِالْإِعْطَاءِ وَهُوَ فِعْلُ الْمُقَرِّ لَهُ فَلَا يَكُونُ سَبَبُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُقِرِّ إلَّا أَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ سَبَبَ الضَّمَانِ وَهُوَ الْغَصْبُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِرِ مَعَ الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يَنْكُلَ الْمُقِرُّ عَنْ الْيَمِينِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الْمَالُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا إلَى الْحِيرَةِ وَالْأُخْرَى إلَى الْقَادِسِيَّةِ وَهِيَ أَبْعَدُ مِنْ الْحِيرَةِ فَحَمَلَ عَلَيْهِمَا إلَى الْقَادِسِيَّةِ فَنَفَقَتْ إحْدَاهُمَا فِي الْقَادِسِيَّةِ، فَقَالَ الْمَالِكُ نَفَقَتْ الَّتِي اسْتَأْجَرْتَهَا إلَى الْحِيرَةِ وَعَلَيْكَ ضَمَانُهَا، وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَا بَلْ نَفَقَتْ الَّتِي اسْتَأْجَرْتُهَا إلَى الْقَادِسِيَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ وَيَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. لَوْ قَالَ أَقْرَضْتُكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَخَذْتُهَا مِنْكَ يَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ دَفْعُهُ إلَيْهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ اقْتَضَى مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ وَقَبَضَهَا، فَقَالَ فُلَانٌ أَخَذْتَ مِنِّي هَذَا الْمَالَ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ وَرُدَّهُ عَلَيَّ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الْمَالَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا كَانَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَتْ وَدِيعَةً لَهُ عِنْدَهُ أَوْ هِبَةً وَهَبَهَا لَهُ، فَقَالَ بَلْ هِيَ مَالِي قَبَضْتَهُ مِنِّي فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ قَبَضْتُ مِنْكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِوَكَالَةِ فُلَانٍ، وَقَدْ كَانَتْ لِفُلَانٍ عَلَيْكَ أَوْ قَالَ وَهَبْتَهَا لِفُلَانٍ فَأَمَرَنِي بِقَبْضِهَا فَقَبَضْتُهَا لَهُ وَدَفَعْتُهَا إلَيْهِ فَالْمُقِرُّ ضَامِنٌ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَسْكَنْتُ بَيْتِي فُلَانًا هَذَا، ثُمَّ أَخْرَجْتُهُ مِنْهُ وَدَفَعَهُ إلَيَّ وَادَّعَى السَّاكِنُ الْبَيْتَ أَنَّهُ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْبَيْتِ اسْتِحْسَانًا وَعَلَى السَّاكِنِ الْبَيِّنَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: الْقَوْلُ قَوْلُ السَّاكِنِ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّابَّةُ لِي أَعَرْتُهَا فُلَانًا، ثُمَّ قَبَضْتُهَا مِنْهُ أَوْ هَذَا الثَّوْبُ لِي أَعَرْتُهُ فُلَانًا، ثُمَّ قَبَضْتُهُ مِنْهُ. وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ فُلَانًا الْخَيَّاطَ خَاطَ قَمِيصَهُ هَذَا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ

وَقَبَضَ مِنْهُ الْقَمِيصَ، وَقَالَ الْخَيَّاطُ هُوَ قَمِيصِي أَعَرْتُكَهُ فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْأُولَى، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ سُلِّمَ إلَى الصَّبَّاغِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي مَسْأَلَةِ الْخَيَّاطِ وَغَيْرِهَا وَقَبَضْتُهُ مِنْهُ لَا يَرُدُّ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ مَعْرُوفًا أَنَّهُ لِلْمُقِرِّ أَوْ الدَّابَّةُ أَوْ الدَّارُ، فَقَالَ أَعَرْتُهُ فُلَانًا وَقَبَضْتُهُ مِنْهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ وَضَعْتُ ثَوْبِي فِي بَيْتِ فُلَانٍ، ثُمَّ أَخَذْتُهُ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ الْخَيَّاطُ هَذَا الثَّوْبُ لِفُلَانٍ سَلَّمَهُ إلَيَّ فُلَانٌ فَادَّعَيَاهُ فَهُوَ لَلْمُقَرِّ لَهُ أَوَّلًا، وَلَا يَضْمَنُ لِلثَّانِي شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا ضَامِنٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِمَالٍ دَفَعَ إلَيْهِ فُلَانٌ وَهُوَ لِآخَرَ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَخَذْتُ مِنْكَ هَذَا الثَّوْبَ عَارِيَّةً، وَقَالَ الْآخَرُ أَخَذْتَ مِنِّي بَيْعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخِذِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَلْبَسْهُ أَمَّا إذَا لَبِسَ وَهَلَكَ فَيَضْمَنُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ أَخَذْتُ مِنْكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَدِيعَةً، وَقَالَ الْآخَرُ أَخَذْتَهَا مِنِّي قَرْضًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ أَقْرَضْتَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْآخَرُ غَصَبْتَنِي فَالْمُقِرُّ ضَامِنٌ لَهَا غَيْرَ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ أَعَرْتَنِي هَذِهِ الدَّابَّةَ الَّتِي فِي يَدَيَّ، وَقَالَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَا أَعَرْتُكَ وَلَكِنَّكَ غَصَبْتَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَعِيرُ رَكِبَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ قَدْ رَكِبَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ دَفَعْتَهَا إلَيَّ عَارِيَّةً أَوْ أَعْطَيْتَهَا عَارِيَّةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ قَالَ أَخَذْتُهَا عَارِيَّةً مِنْكَ وَجَحَدَ الْآخَرُ فَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ قَدْ غَصَبْتُكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَرَبِحْتُ فِيهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ قَدْ أَمَرْتُكَ بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ لَا بَلْ غَصَبْتَنِي عَشَرَةَ آلَافٍ كُلَّهَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ لِغَيْرِهِ هَذِهِ الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لَكَ عِنْدِي، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَيْسَتْ بِوَدِيعَةٍ وَلِي عَلَيْكَ أَلْفٌ مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ بَيْعٍ، ثُمَّ جَحَدَ الْمُقِرُّ الدَّيْنَ وَالْوَدِيعَةَ وَأَرَادَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْوَدِيعَةَ قَضَاءً عَنْ الدَّيْنِ الَّذِي يَدَّعِي لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ الْوَدِيعَةِ أَوَّلًا بَطَلَ بِالرَّدِّ، وَلَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَيْسَتْ بِوَدِيعَةٍ وَلَكِنِّي أَقْرَضْتُكَهَا بِعَيْنِهَا وَجَحَدَ الْمُقِرُّ الْقَرْضَ كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَلْفَ بِعَيْنِهَا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُقِرُّ فِي الْقَرْضِ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَلْفَ بِعَيْنِهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ وَادَّعَى ثَمَنًا أَوْ قَالَ ثَمَنُ عَبْدٍ أَوْ ادَّعَى ثَمَنَ أَمَةٍ لَزِمَهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ، فَقَالَ فُلَانٌ مَا كَانَ لِي عَلَيْهِ قَطُّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ لَكِنْ لِي عَلَيْهِ أَلْفٌ مِنْ قَرْضٍ كَانَ لَهُ الْأَلْفُ، وَلَوْ قَالَ مَا كَانَ لِي عَلَيْهِ قَطُّ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ وَسَكَتَ، ثُمَّ ادَّعَى الْأَلْفَ أَنَّهُ قَرْضٌ لَا يُصَدَّقُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ بَاعَنِيهِ إلَّا أَنَّنِي لَمْ أَقْبِضْهُ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصَلَ أَمْ فَصَلَ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْجِهَةِ أَمْ كَذَّبَهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ إذَا وَصَلَ، صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْجِهَةِ أَمْ كَذَّبَهُ، فَإِذَا فَصَلَ: إنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْجِهَةِ بِأَنْ قَالَ لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ قَرْضٍ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَقْبِضْ وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ عِنْدَهُمَا، وَأَمَّا إذَا صَدَّقَهُ فِي الْجِهَةِ بِأَنْ قَالَ لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ بِعْتَهُ وَقَبَضْتَ مِنِّي وَالْمُقِرُّ يَقُولُ لَمْ أَقْبِضْ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ كَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ أَوَّلًا: بِأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ كَمَا لَوْ كَذَّبَهُ فِي الْجِهَةِ، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ: يُصَدَّقُ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ وَكَانَ الْعَبْدُ فِي يَدَيْ الْمُقِرِّ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِيمَا أَقَرَّ لَزِمَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ هَذَا الْعَبْدُ عَبْدِي وَإِنَّمَا بِعْتُكَ عَبْدًا غَيْرَهُ وَأَخَذَ الْعَبْدَ مِنْهُ

لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ عَبْدُكَ وَإِنَّمَا بِعْتُكَ عَبْدًا غَيْرَهُ وَقَبَضْتَهُ وَلِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُهُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ الْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ أَقَرَّ الطَّالِبُ سَلَّمَهُ لَهُ وَآخَذَهُ بِالْمَالِ، وَإِنْ قَالَ: الْعَبْدُ عَبْدُكَ لَمْ أَبِعْكَهُ إنَّمَا بِعْتُكَ غَيْرَهُ فَالْمَالُ لَازِمٌ لَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ عَبْدِي مَا بِعْتُكَ فَحُكْمُهُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْمُقِرَّ شَيْءٌ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ: الْعَبْدُ عَبْدِي مَا بِعْتُهُ مِنْكَ إنَّمَا بِعْتُكَ غَيْرَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا تَحَالَفَا بَطَل الْمَالُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي. وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ ثَالِثٍ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَأَمْكَنَهُ تَسْلِيمُهُ لَزِمَهُ الْمَالُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ ابْتَعْتُ مِنْهُ شَيْئًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ هَذَا مِنْ فُلَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ وَحَبَسَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إذَا أَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلٌ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ يَلْزَمُهُ الْمَالُ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي السَّبَبِ إذَا كَذَّبَهُ الْمُدَّعِي فِي السَّبَبِ، وَصَلَ ذَلِكَ أَمْ فَصَلَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ الْقِمَارِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ صَدَّقَهُ الطَّالِبُ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَرَامٌ أَوْ رِبًا فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ زُورٌ أَوْ بَاطِلٌ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَزِمَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ أَوْ قَالَ أَقْرَضْتَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ هِيَ زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ أَوْ سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ أَوْ قَالَ إلَّا أَنَّهَا زُيُوفٌ أَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ زُيُوفٌ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: جِيَادٌ لَزِمَهُ الْجِيَادُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصَلَ أَمْ فَصَلَ، وَقَالَا: إنْ وَصَلَ صُدِّقَ، وَإِنْ فَصَلَ لَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ زُيُوفٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَيْعَ وَالْقَرْضَ قِيلَ: يُصَدَّقُ إجْمَاعًا إذَا وَصَلَ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا أَقَرَّ بِالْمَالِ غَصْبًا أَوْ وَدِيعَةً، وَقَالَ هِيَ نَبَهْرَجَةٌ أَوْ زُيُوفٌ صُدِّقَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ، وَلَوْ قَالَ فِي الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ إلَّا أَنَّهَا سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ، فَإِنْ قَالَ مَوْصُولًا صُدِّقَ، وَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا لَمْ يُصَدَّقْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ أَوْ قَالَ أَقْرَضَنِي فُلَانٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ أَوْدَعَنِي أَوْ قَالَ غَصَبْتُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ إلَّا أَنَّهُ يَنْقُصُ كَذَا صُدِّقَ إنْ وَصَلَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ كَانَ الْفَصْلُ لِضَرُورَةِ انْقِطَاعِ النَّفَسِ فَهُوَ وَصْلٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ قَدْ قَبَضْتُ مِنْ فُلَانٍ أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ هِيَ زُيُوفٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ هِيَ سَتُّوقَةٌ لَا يُقْبَلُ، وَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا، فَقَالَ وَارِثُهُ هِيَ زُيُوفٌ لَا يُصَدَّقُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْمُضَارَبَةِ وَالْغَصْبِ إذَا مَاتَ الْمُقِرُّ، فَقَالَ وَرَثَتُهُ: هِيَ زُيُوفٌ لَا يُصَدَّقُونَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. أَقَرَّ بِقَبْضِ خَمْسِمِائَةٍ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَقَالَ هِيَ زُيُوفٌ صُدِّقَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ وَلِلشَّرِيكِ نِصْفُهُ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَطْلُوبَ بِالْجِيَادِ، فَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا هِيَ رَصَاصٌ لَمْ يُصَدَّقْ وَلِلشَّرِيكِ نِصْفُهَا جِيَادًا، وَلَوْ قَالَ مَوْصُولًا لَا يُصَدَّقُ، وَلَا شَيْءَ لِلشَّرِيكِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي دَعْوَى الزِّيَافَةِ إذَا كَانَ قَالَ قَبَضْتُ حَقِّي فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ الْجِيَادِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ، ثُمَّ قَالَ هُوَ رَدِيءٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَوْزُونَاتِ وَالْمَكِيلَاتِ عَلَى هَذَا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِكُرِّ حِنْطَةٍ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ، ثُمَّ قَالَ هُوَ رَدِيءٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَتَى بِطَعَامٍ قَدْ أَصَابَهُ الْمَاءُ وَعَفِنَ، فَقَالَ هَذَا الَّذِي غَصَبْتُهُ أَوْ أَوْدَعْتُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ

لَوْ قَالَ اسْتَوْدَعَنِي عَبْدًا، ثُمَّ جَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ، فَقَالَ هُوَ هَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَقَرَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَفْلُسٍ مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، ثُمَّ قَالَ هِيَ مِنْ الْفُلُوسِ الْكَاسِدَةِ لَمْ يُصَدَّقْ، وَكَذَلِكَ إنْ وَصَلَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يُصَدَّقُ فِي الْقَرْضِ إذَا وَصَلَ وَعَلَيْهِ مَا قَالَ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ لَا يُصَدَّقُ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُصَدَّقُ إذَا وَصَلَ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَبِيعِ، وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُ عَشَرَةَ أَفْلُسٍ، ثُمَّ قَالَ هِيَ مِنْ الْفُلُوسِ الْكَاسِدَةِ كَانَ مُصَدَّقًا، وَكَذَلِكَ الْوَدِيعَةُ، كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا زُيُوفٌ إنْ كَانَ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْجِيَادِ أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ حَقِّهِ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِقَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهَا كَانَتْ زُيُوفًا، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِقَبْضِ الدَّرَاهِمِ فَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِي دَعْوَى الزِّيَافَةِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الدَّيْنِ وَكَذَّبَهُ فِي التَّأْجِيلِ لَزِمَهُ الدَّيْنُ حَالًّا وَيُسْتَحْلَفُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى الْأَجَلِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ مَثَاقِيلَ فِضَّةً، ثُمَّ قَالَ هِيَ سَوْدَاءُ، أَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ: هِيَ مِنْ ضَرْبِ كَذَا لِنَوْعٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ قَالَ مِنْ نَقْدِ بَلَدِ كَذَا إنْ قَالَ عَلَيَّ مِنْ غَصْبٍ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَصَلَ أَمْ فَصَلَ، وَلَوْ قَالَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ بَيْعٍ إنْ كَانَ مَا سُمِّيَ نَقْدَ الْبَلَدِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُصَدَّقًا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ نَقْدَ الْبَلَدِ إنْ فَصَلَ لَا يُصَدَّقُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ وَصَلَ ذُكِرَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا. مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يُصَدَّقُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ أَسْلَمْتَ إلَيَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ، وَقَالَ لَمْ أَقْبِضْهَا، وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ لَا بَلْ قَبَضْتَهَا إنْ قَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ذَلِكَ مَوْصُولًا صُدِّقَ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ فَصَلَ، فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُصَدَّقُ وَيَلْزَمُهُ الْمُسْلَمُ فِيهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضًا، ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْهُ ضَمِنَهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ قَالَ أَعْطَيْتَنِي أَلْفًا أَوْ أَقْرَضْتَنِي أَلْفًا أَوْ أَسْلَفْتَنِي أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْ إنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْصُولًا صُدِّقَ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مَفْصُولًا لَا يُصَدَّقُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ قَالَ نَقَدْتَنِي أَلْفًا أَوْ قَالَ دَفَعْتَ إلَيَّ أَلْفًا، وَقَالَ لَمْ أَقْبِضْهُ لَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُصَدَّقُ إذَا وَصَلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ أَقْرَضْتَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلَمْ تَدْفَعْهَا إلَيَّ، وَقَالَ ذَلِكَ مَفْصُولًا لَا يُصَدَّقُ وَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ مَوْصُولًا فَالْقَوْلُ لَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَعْطَيْتَنِي أَوْ أَسْلَفْتَنِي لَكِنْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ وَوَصَلَ كَلَامُهُ، وَلَوْ قَالَ دَفَعْتَ إلَيَّ أَلْفًا أَوْ نَقَدْتَنِي أَلْفًا فَلَمْ أَقْبَلْهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُصَدَّقُ هُوَ ضَامِنٌ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ قَبَضْتُ مِنْكَ أَلْفًا أَوْ أَخَذْتُ مِنْكَ أَلْفًا لَكِنْ لَمْ تَدَعْنِي حَتَّى أَذْهَبَ بِهِ لَا يُصَدَّقُ وَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَدَدًا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ وَزْنُ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ وَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْهُ بِالْكُوفَةِ فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى النُّقْصَانِ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ الْوَزْنَ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ ثُمَّ إذَا ذَكَرَ ذَلِكَ مَفْصُولًا وَكَانَ وَزْنُ دَرَاهِمَ بَلَدِهِمْ سَبْعَةً حَتَّى لَمْ يَصِحَّ بَيَانُهُ يَلْزَمُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ لَا بِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ حَتَّى إذَا كَانَ وَزْنُهَا مِائَةً بِوَزْنِ سَبْعَةٍ وَلَكِنَّ عَدَدًا خَمْسُونَ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ يَتَبَايَعُونَ عَلَى دَرَاهِمَ مَعْرُوفَةٍ وَالْوَزْنُ بَيْنَهُمْ يَنْقُصُ مِنْ وَزْنِ سَبْعَةٍ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ ادَّعَى وَزْنًا دُونَ الْمُتَعَارَفِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا إذَا ذَكَرَهُ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ، وَإِنْ

الباب التاسع في الإقرار بأخذ الشيء من مكان

كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْهَا نَقْدًا بِعَيْنِهِ يَنْصَرِفُ مُطْلَقُ الْإِقْرَارِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَعْضُ غَالِبًا عَلَى الْبَعْضِ يَنْصَرِفُ إقْرَارُهُ عَلَى أَقَلِّ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ بِالْكُوفَةِ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ بِيضٍ عَدَدًا، ثُمَّ قَالَ هِيَ تَنْقُصُ دَانَقًا لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ اسبهدية عَدَدًا، ثُمَّ قَالَ عَنَيْتُ هَذِهِ الصِّغَارَ فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ مِنْ الاسبهدية، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْإِقْرَارِ بِأَخْذِ الشَّيْءِ مِنْ مَكَان] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْإِقْرَارِ بِأَخْذِ الشَّيْءِ مِنْ مَكَان) لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ دَارٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَادَّعَى الشَّرِيكُ نِصْفَ الثَّوْبِ وَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا فِيهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَالَ قَدْ قَبَضْتُ مِنْ بَيْتِ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ هِيَ لِي أَوْ هِيَ لِفُلَانٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْمِائَةِ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ وَيَغْرَمُ الْمُقِرُّ مِثْلَهَا لِلَّذِي أَقَرَّ أَنَّهَا لَهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ قَبَضْتُ مِنْ صُنْدُوقِ فُلَانٍ أَوْ كِيسِ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ مِنْ سَفَطِ فُلَانٍ ثَوْبًا أَوْ مِنْ قِرْبَةِ فُلَانٍ كُرَّ حِنْطَةٍ أَوْ مِنْ نَخِيلِ فُلَانٍ كُرَّ تَمْرٍ أَوْ مِنْ زَرْعِ فُلَانٍ كُرَّ حِنْطَةٍ كُلُّ ذَلِكَ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ مِنْ يَدِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ قَبَضْتُ مِنْ أَرْضِ فُلَانٍ عِدْلًا مِنْ زُطِّيٍّ، وَقَالَ إنَّمَا مَرَرْتُ فِيهَا مَارًّا فَنَزَلْتُهَا وَمَعِي أَحْمَالٌ مِنْ زطي، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالزُّطِّيِّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ مَارًّا فِيهَا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ فِيهِ طَرِيقٌ مَعْرُوفٌ لِلْعَامَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ سَرْجًا كَانَ عَلَى دَابَّةِ فُلَانٍ أَوْ لِجَامًا أَوْ حَبْلًا وَادَّعَى ذَلِكَ رَبُّ الدَّابَّةِ قُضِيَ لَهُ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَخَذْتُ حِنْطَةً كَانَتْ عَلَى دَابَّتِهِ أَوْ طَعَامًا كَانَ فِي جَوَالِقِ فُلَانٍ قُضِيَ لَهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ بِطَانَةَ جُبَّتِهِ أَوْ سِتْرَ بَابِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ ثِيَابًا مِنْ حَمَّامِ فُلَانٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ الْجَامِعُ وَالْخَانُ وَالْأَرْضُ يَنْزِلُهَا النَّاسُ وَيَضَعُونَ فِيهَا الْأَمْتِعَةَ وَكُلُّ مَوْضِعٍ يَكُونُ لِلْعَامَّةِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ طَرِيقِ فُلَانٍ أَوْ فِنَاءِ فُلَانٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ أَجِيرِ فُلَانٍ، فَإِنَّهُ لِلْأَجِيرِ دُونَ الْأُسْتَاذِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَضَعَ ثَوْبَهُ فِي بَيْتِ فُلَانٍ، ثُمَّ أَخَذَهُ لَمْ يَضْمَنْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ ادَّعَاهُ رَبُّ الْبَيْتِ، وَيَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ قَالَ أَخَذْتُ مِنْ دَارِ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ كُنْتُ فِيهَا سَاكِنًا أَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيَّ بِإِجَارَةٍ لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ فِي يَدِهِ بِإِجَارَةٍ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ احْتَفَرَ أَرْضَ فُلَانٍ وَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَادَّعَاهَا صَاحِبُ الْأَرْضِ، وَقَالَ الْمُسْتَخْرِجُ هِيَ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَتَى أَرْضَ فُلَانٍ وَاحْتَفَرَ فِيهَا وَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَزْنَ سَبْعَةٍ وَادَّعَاهَا رَبُّ الْأَرْضِ وَجَحَدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْفِعْلَ أَوْ أَقَرَّ بِالْفِعْلِ وَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ فَهِيَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَخَذَ كَذَا مِنْ دَارِهِ أَوْ مَنْزِلِهِ أَوْ حَانُوتِهِ أَوْ دُهْنًا مِنْ قَارُورَتِهِ أَوْ سَمْنًا مِنْ زِقِّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ رَكِبَ دَابَّةَ فُلَانٍ فَأَخَذَهَا فُلَانٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا حَتَّى يَرُدَّهَا، وَتَأْوِيلُهُ عِنْدِي إذَا أَقَرَّ بِالرُّكُوبِ وَالنَّقْلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْخِيَارِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَالرُّجُوعِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْخِيَارِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَالرُّجُوعِ) إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّ الْمَالَ يَلْزَمُهُ وَالْخِيَارُ بَاطِلٌ صَدَّقَهُ الطَّالِبُ فِي الْخِيَارِ أَوْ كَذَّبَهُ هَذَا إذَا شَرَطَ الْمُقِرُّ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ، فَأَمَّا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُقَرِّ لَهُ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْأَصْلِ قَالُوا وَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ لَهُ الْخِيَارُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَقَرَّ لِرَجُلٍ

بِدَيْنٍ مِنْ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ قَائِمَةٍ أَوْ مُسْتَهْلَكَةٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَالْإِقْرَارُ جَائِزٌ وَالْخِيَارُ بَاطِلٌ صَدَّقَهُ صَاحِبُهُ أَوْ كَذَّبَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ هُنَاكَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ إذَا صَدَّقَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ صَاحِبُهُ لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ مِنْ جَانِبِ الْمُقَرِّ لَهُ فَالْمُقَرُّ لَهُ إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُقِرَّ فِي الْخِيَارِ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْخِيَارِ فَأَرَادَ هُوَ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الْخِيَارِ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْأَصْلِ قَالُوا: وَيَجِبُ أَنْ لَا تُسْمَعَ بَيِّنَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ مِنْ كَفَالَةٍ عَلَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ مُدَّةً مَعْلُومَةً طَوِيلَةً أَوْ قَصِيرَةً وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَالْخِيَارُ لَهُ إلَى آخِرِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْخِيَارِ لَزِمَهُ الْمَالُ، وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ بَاطِلٌ وَاسْتِثْنَاءُ الْقَلِيلِ مِنْ الْكَثِيرِ صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ وَاسْتِثْنَاءُ الْكَثِيرِ مِنْ الْقَلِيلِ صَحِيحٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَاسْتِثْنَاءُ خِلَافِ الْجِنْسِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُوَافَقَةٌ فِي الْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجِبُ فِي عُقُودِ التِّجَارَاتِ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ حَتَّى لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا أَوْ قَالَ إلَّا كُرَّ حِنْطَةٍ أَوْ إلَّا عَشَرَةَ أَفْلُسٍ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزًا وَيُطْرَحُ قَدْرُ قِيمَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ فِي الْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ فِي عُقُودِ التِّجَارَاتِ بِأَنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ فِي عُقُودِ التِّجَارَاتِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَالْمُسْتَثْنَى لَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ فِي عُقُودِ التِّجَارَاتِ أَصْلًا أَوْ كَانَ يَجِبُ مُؤَجَّلًا لَا حَالًّا لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ حَتَّى لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا أَوْ قَالَ إلَّا حَيَوَانًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا قِيرَاطًا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْأَخِيرِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَاسْتَثْنَى غَيْرَهُ مِنْ صِنْفِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالَيْنِ وَاسْتَثْنَى شَيْئًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ أَيِّ الْمَالَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْمَالَيْنِ وَاحِدًا كَمَا إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا فَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُصْرَفُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْمَالِ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْمَالِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ رَجُلَيْنِ فَالِاسْتِثْنَاءُ يُصْرَفُ إلَى الْمَالِ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْمَالِ الثَّانِي كَمَا إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ آخَرَ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا مِنْ الْأَلْفِ كَانَ كَمَا قَالَ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةً أَوْ خَمْسِينَ ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّ عَلَيْهِ تِسْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ قَالُوا وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِينَارٍ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتِسْعُونَ دِينَارًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ فِي كِتَابِ الِاخْتِلَافِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ لَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا خَمْسَمِائَةٍ وَخَمْسَمِائَةٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ جَمِيعُ الْأَلْفِ، وَلَوْ قَالَ لَكَ عَلَيَّ خَمْسُمِائَةٍ وَخَمْسُمِائَةٍ إلَّا خَمْسَمِائَةٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الخمسمائتين جَمِيعًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ لِغَيْرِهِ لَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَضَحَ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ نَبَهْرَجَةً إنَّ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُنْظَرُ كَمْ يَسْتَوِي النَّبَهْرَجَةُ بِالدَّنَانِيرِ، فَإِنْ كَانَ يَسْتَوِي كُلُّ مِائَةٍ مِنْهَا أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ يُنْظَرُ كَمْ يَسْتَوِي الْأَرْبَعَةُ الدَّنَانِيرُ

بِالْوَضَحِ، فَإِنْ كَانَ يَسْتَوِي ثَمَانِينَ فَعَلَيْهِ تِسْعُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ وَضَحًا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا فِي قَوْلِي فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الْوَضَحُ كُلُّهَا، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ غَلَّةً إلَّا مِائَةَ وَضَحٍ فَعَلَيْهِ تِسْعُمِائَةِ غَلَّةٍ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ إلَّا قِيرَاطًا فَالْمُسْتَثْنَى مِائَةٌ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ غَيْرَ قِيرَاطٍ فَيُطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ الدَّنَانِيرِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَتَا دِينَارٍ إلَّا أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ وَكُرُّ شَعِيرٍ إلَّا كُرَّ حِنْطَةٍ وَقَفِيزَ شَعِيرٍ فَاسْتِثْنَاءُ قَفِيزِ الشَّعِيرِ جَائِزٌ، وَاسْتِثْنَاءُ كُرِّ الْحِنْطَةِ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ الْكُرَّانِ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ مِائَتَا دِينَارٍ إلَّا أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزًا مِنْ الْمَالِ الْأَخِيرِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ يَا فُلَانُ إلَّا دِرْهَمًا فَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ الْمُنَادَى بِهِ هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْمُقَرِّ لَهُ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَكَذَلِكَ إذَا ذَكَرَ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ تَهْلِيلًا أَوْ تَكْبِيرًا أَوْ تَسْبِيحًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَاشْهَدُوا عَلَيَّ بِذَلِكَ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قَضَيْتُهَا إيَّاهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَكَانَتْ عَلَيْهِ الْأَلْفُ كُلُّهَا، وَلَوْ قَالَ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَقَدْ قَضَيْتُهَا إيَّاهُ فَعَلَيْهِ الْأَلْفُ إلَّا عَشَرَةً، وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا دِرْهَمًا قَضَيْتُهُ إيَّاهُ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ غَيْرَ دَانَقٍ مِنْ ثَمَنِ بَقْلٍ قَدْ قَضَيْتُهُ إيَّاهُ فَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ إلَّا دَانَقًا وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ غَيْرَ دَانَقٍ بِالنَّصْبِ يَلْزَمُهُ خَمْسَةُ دَوَانِقَ، وَلَوْ قَالَ غَيْرُ دَانَقٍ بِالرَّفْعِ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ غَيْرَ دِرْهَمَيْنِ بِالنَّصْبِ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ، وَلَوْ قَالَ غَيْرُ دِرْهَمَيْنِ بِالرَّفْعِ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ، وَلَوْ قَالَ إلَّا دِرْهَمَانِ يَلْزَمُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا قَلِيلًا فَعَلَيْهِ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ إلَّا شَيْئًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا بَعْضَهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إلَّا شَيْئًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ قَالَ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهِيَ لِفُلَانٍ إلَّا أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَإِنَّهَا لِي إنْ كَانَ فِيهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَزِيَادَةٌ فَالزِّيَادَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَالْأَلْفُ لِلْمُقِرِّ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ أَوْ كَثُرَتْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا غَيْرُ، أَوْ كَانَ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ الْأَلْفِ فَالدَّرَاهِمُ كُلُّهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِينَارٌ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ إلَّا رَطْلَ زَيْتٍ أَوْ قِرْبَةَ مَاءٍ أَجَزْتُهُ فَيُعْطِي هَذَا دِرْهَمًا إلَّا قِيمَةَ رَطْلِ زَيْتٍ أَوْ قِرْبَةِ مَاءٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ أَرْطَالِ زَيْتٍ إلَّا رَطْلَ سَمْنٍ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ أَرْطَالِ سَمْنٍ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ إلَّا خَمْسَةَ أَرْطَالٍ مِنْ زَيْتٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ جِيَادٍ إلَّا خَمْسَةً زُيُوفًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ جِيَادٌ وَيَرْجِعُ الْمُقِرُّ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِخَمْسَةٍ زُيُوفٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ خَمْسَةٌ جِيَادٌ وَيَصِيرُ الْمُسْتَثْنَى عَنْ الْعَشَرَةِ خَمْسَةً جِيَادًا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا خَمْسَةٌ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا خَمْسَةً سَتُّوقَةً يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ جِيَادٌ يَطْرَحُ مِنْهَا قِيمَةَ خَمْسَةٍ سَتُّوقَةٍ فِي قَوْلِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً سَتُّوقَةً كَانَ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ سَتُّوقَةٌ وَمَا يَبْقَى بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ يَكُونُ مِنْ السَّتُّوقَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ

عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا غَيْرَ خَمْسَةٍ إلَّا غَيْرَ أَرْبَعَةٍ إلَّا غَيْرَ ثَلَاثَةٍ إلَّا غَيْرَ اثْنَيْنِ إلَّا غَيْرَ وَاحِدٍ يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا غَيْرَ أَرْبَعَةٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ يَلْزَمُهُ سِتَّةُ دَرَاهِمَ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا غَيْرَ اثْنَيْنِ إلَّا غَيْرَ وَاحِدٍ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، فَإِنْ اسْتَثْنَى بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَالِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ نَفْيٌ وَالثَّانِي إيجَابٌ مِثْلُ قَوْلِهِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ، وَلَوْ قَالَ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ، وَلَوْ قَالَ عَشَرَةٌ إلَّا سَبْعَةً إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا، فَإِنَّكَ تَجْعَلُ الْمُسْتَثْنَى الْأَخِيرَ وَهُوَ دِرْهَمٌ مُسْتَثْنًى مِمَّا يَلِيهِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ يَبْقَى دِرْهَمَانِ، ثُمَّ تَسْتَثْنِيهِمَا مِمَّا يَلِيهِمَا وَهُوَ خَمْسَةٌ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ تَسْتَثْنِي الثَّلَاثَةَ مِمَّا يَلِيهَا وَهُوَ سَبْعَةٌ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ، ثُمَّ تَسْتَثْنِي الْأَرْبَعَةَ مِمَّا يَلِيهَا وَهُوَ عَشَرَةٌ يَبْقَى سِتَّةٌ وَهُوَ ثَابِتٌ بِإِقْرَارِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ تَأْخُذَ مَا أَقَرَّ بِهِ بِيَمِينِكَ، وَالِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ بِيَسَارِكَ وَالِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ بِيَمِينِكَ، وَعَلَى هَذَا إلَى آخِرِ الِاسْتِثْنَاءَاتِ فَمَا اجْتَمَعَ فِي يَسَارِكَ أَسْقِطْهُ مِمَّا فِي يَمِينِكَ فَمَا بَقِيَ فَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا أَتَى الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالثَّانِي مُسْتَغْرَقٌ صَحَّ الْأَوَّلُ وَبَطَل الثَّانِي كَمَا إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا عَشَرَةً يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُسْتَغْرَقًا دُونَ الثَّانِي كَمَا إذَا قَالَ عَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً إلَّا أَرْبَعَةً فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ؛ لِاسْتِغْرَاقِهِ وَيَبْطُلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَاطِلٍ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةٌ وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءَانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا يَتِمُّ بِآخِرِهِ قَالُوا: وَهَذَا أَقْيَسُ. وَالثَّالِثُ: يَلْزَمُهُ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ بَاطِلٌ وَالثَّانِيَ يَرْجِعُ إلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الِاسْتِثْنَاءَيْنِ عَطْفٌ، أَمَّا إذَا كَانَ بِأَنْ قَالَ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً وَإِلَّا ثَلَاثَةً، أَوْ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً وَثَلَاثَةً فَهُمَا جَمِيعًا مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ الْعَشَرَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمَانِ، فَإِنْ كَانَ الْعَدَدَانِ جَمِيعًا لَوْ جُمِعَا اُسْتُغْرِقَا بِأَنْ قَالَ: إلَّا سَبْعَةً وَثَلَاثَةً قَالَ بَعْضُهُمْ: يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ جَمَعَتْهُمَا فَيَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ صَحَّحَ اسْتِثْنَاءَهُ، فَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ، وَكَذَا إذَا قَالَ ثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا، وَكَذَا إذَا قَالَ ثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمَيْنِ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ: عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةٌ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ، وَكَذَا لَوْ كَرَّرَهُ أَلْفَ مَرَّةٍ بِغَيْرِ الْوَاوِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ غَيْرُ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ كَأَنَّهُ قَالَ دِرْهَمٌ وَغَيْرُهُ مِثْلُهُ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ غَيْرُ أَلْفِ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ أَلْفَانِ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا نَصِيبًا مِنْهَا، فَإِنَّهَا لِفُلَانٍ، فَإِنْ وَصَلَ كَلَامَهُ بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ تِسْعَةُ أَعْشَارِهَا مَثَلًا وَلِهَذَا عُشْرُهَا فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا قَالَ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ فَلَسْتُ أُجِيزُ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهَا وَيُقَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالدَّارِ أَقِرَّ لِصَاحِبِ النَّصِيبِ بِمَا شِئْتَ وَسَمِّ مَا هُوَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ الَّذِي فِي يَدَيَّ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ إلَّا نِصْفَهُ، فَإِنَّهُ لِفُلَانٍ كَانَ كَمَا قَالَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هَذَانِ الْعَبْدَانِ لِفُلَانٍ إلَّا هَذَا، فَإِنَّهُ لِفُلَانٍ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ وَهَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ الْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ إلَّا الْأَوَّلَ، فَإِنَّهُ لِي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَلَا يُصَدَّقُ وَكَانَا جَمِيعًا لِفُلَانٍ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ إلَّا أَنَّهُ لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةٌ كَانَ لِلْأَوَّلِ وَيَغْرَمُ لِلثَّانِي قِيمَتَهُ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ وَهَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ إلَّا نِصْفَ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ لِفُلَانٍ وَإِلَّا نِصْفَ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ لِفُلَانٍ كَانَ جَائِزًا عَلَى مَا قَالَ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْعَرَضِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا بَلْ خَمْسُمِائَةٍ فَعَلَيْهِ أَلْفٌ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَبْيَضُ لَا بَلْ أَسْوَدُ فَعَلَيْهِ أَفْضَلُهُمَا، وَكَذَلِكَ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ، وَالْأَصْلُ أَنَّ كَلِمَةَ لَا بَلْ إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ مِقْدَارَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ اثْنَيْنِ لَزِمَهُ الْمَالَانِ جَمِيعًا اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ وَاحِدًا إنْ كَانَ الْجِنْسُ مُخْتَلِفًا

لَزِمَهُ الْمَالَانِ جَمِيعًا أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا لَزِمَهُ أَكْثَرُ الْمَالَيْنِ وَأَفْضَلُهُمَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَخْتُومٌ مِنْ دَقِيقٍ رَدِيءٍ لَا بَلْ مِنْ حُوَّارَى فَهُوَ حُوَّارَى، وَفِي شَرْحِ الشَّافِي عَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ فِي كِتَابِ الِاخْتِلَافِ إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَقِيقٌ حُوَّارَى لَا بَلْ خشكار لَزِمَهُ الْحُوَّارَى، وَلَوْ قَالَ: كُرُّ حِنْطَةٍ لَا بَلْ كُرُّ دَقِيقٍ لَزِمَهُ الْكُرَّانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ رَطْلٌ مِنْ بَنَفْسَجٍ لَا بَلْ مِنْ خَيْرِيِّ لَزِمَاهُ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ رَطْلٌ مِنْ سَمْنِ الْغَنَمِ لَا بَلْ مِنْ سَمْنِ الْبَقَرِ فَعَلَيْهِ الرَّطْلَانِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ لَزِمَهُ الْمَالَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الثَّانِي مُكَاتَبًا لِلْأَوَّلِ أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا مَدْيُونًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مَدْيُونًا لَزِمَهُ أَلْفٌ وَاحِدَةٌ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ جَارِيَةٍ بَاعَنِيهَا لَا بَلْ بَاعَنِيهَا فُلَانٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الثَّانِي أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ فَيَكُونَ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَاحِدٌ لِلْأَوَّلِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ لِفُلَانٍ يُقْضَى لِلْأَوَّلِ، فَإِنْ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْآخَرِ، وَإِنْ دَفَعَ بِقَضَاءٍ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ لَا بَلْ مِنْ فُلَانٍ فَالْعَبْدُ لِلْأَوَّلِ، وَلِلثَّانِي قِيمَتُهُ سَوَاءٌ دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَكَذَلِكَ الْوَدِيعَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ إنْ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ لِلثَّانِي شَيْئًا، وَإِنْ دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلثَّانِي، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ: هَذِهِ الْأَلْفُ أَوْدَعَنِيهَا فُلَانٌ لَا بَلْ فُلَانٌ وَالْأَوَّلُ غَائِبٌ فَأَخَذَهُ الثَّانِي، ثُمَّ حَضَرَ الْأَوَّلُ، فَإِنْ أَخَذَ مِثْلَهَا مِنْ الْمُقِرِّ لَمْ يَرْجِعْ الْمُقِرُّ بِهَا عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ رَجَعَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ بِمِثْلِهَا عَلَى الْمُقِرِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ فِي يَدِهِ أَلْفٌ، فَقَالَ: هِيَ لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ: بَعْدَ ذَلِكَ لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الدَّارُ لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لَهُ وَلِفُلَانٍ، أَوْ لِي وَلِفُلَانٍ فَالدَّارُ كُلُّهَا لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ قَالَ ابْتِدَاءً إنَّهَا لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ فَوَصَلَ الْمَنْطِقَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ مِلْكِ إنْسَانٍ، وَالِاسْتِثْنَاءِ بِالْإِقْرَارِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ مُضَارَبَةٌ لِفُلَانٍ عِنْدِي، ثُمَّ قَالَ دَفَعَ إلَيَّ خَمْسَمِائَةٍ فَاشْتَرَيْتُ بِهَا هَذَا الْعَبْدَ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ دَفَعْتُ إلَيْكَ

الباب الحادي عشر إقرار الرجل بما وصل إلى يده من رجل لآخر

هَذَا الْعَبْدَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَالْعَبْدُ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْعَقَارُ وَالْعُرُوضُ وَمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ وَغَيْرُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُ فُلَانًا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَمِائَةَ دِينَارٍ وَكُرَّ حِنْطَةٍ لَا بَلْ فُلَانًا لَزِمَهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كُلُّهُ، وَلَوْ كَانَتْ بِعَيْنِهَا فَهِيَ لِلْأَوَّلِ وَمِثْلُهَا لِلثَّانِي، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَفُلَانًا مِائَةَ دِينَارٍ وَفُلَانًا كُرَّ حِنْطَةٍ لَا بَلْ فُلَانًا، فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِلرَّابِعِ مَا أَقَرَّ بِهِ لِلثَّالِثِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِيضٍ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ سُودٍ، فَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ: اقْتَضَيْتُ مِنْكَ دِرْهَمًا أَسْوَدَ لَا بَلْ أَبْيَضَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ، فَقَالَ الْمَدْيُونُ قَدْ اقْتَضَاهُمَا مِنِّي لَزِمَهُ اقْتِضَاءُ دِرْهَمٍ أَبْيَضَ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ: اقْتَضَيْتُ مِنْكَ دِينَارًا لَا بَلْ دِرْهَمًا، وَقَالَ الْمَدْيُونُ لَا بَلْ اقْتَضَيْتَ دِرْهَمًا وَدِينَارًا لَزِمَهُ اقْتِضَاؤُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فِي صَكٍّ وَمِائَةٌ فِي صَكٍّ آخَرَ، فَقَالَ اقْتَضَيْتُ مِنْكَ عَشَرَةً مِنْ هَذَا الصَّكِّ لَا بَلْ مِنْ هَذَا الصَّكِّ فَهِيَ عَشَرَةٌ وَاحِدَةٌ يَجْعَلُهَا مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ الَّذِي قَضَاهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَعَلَى رَجُلٍ آخَرَ مِائَةُ دِرْهَمٍ أُخْرَى وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ وَكُلُّ مَالٍ فِي صَكٍّ عَلَى حِدَةٍ أَوْ كَانَا فِي صَكٍّ وَاحِدٍ، فَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ: قَبَضْتُ مِنْ هَذَا عَشَرَةً لَا بَلْ مِنْ هَذَا يَلْزَمُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ قَبَضْتُ عَشَرَةً مِنْ هَذَا الْكَفِيلِ لَا بَلْ مِنْ هَذَا الْكَفِيلِ لَزِمَاهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الطَّالِبُ دَفَعْتَ إلَيَّ مِنْهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ بِيَدِكَ، ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ أَرْسَلْتَ إلَيَّ بِهَا مَعَ فُلَانٍ غُلَامِكَ، فَإِنَّهَا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْهَا، وَلَوْ كَانَ بِهَا كَفِيلٌ، فَقَالَ قَدْ قَبَضْتُ مِنْكَ مِائَةً لَا بَلْ مِنْ كَفِيلِكَ لَزِمَهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا يَمِينٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي. قَالَ قَبَضْتُ مِنْكَ مِائَةً، فَقَالَ الْمَطْلُوبُ وَعَشَرَةً أَرْسَلْتُ بِهَا إلَيْكَ وَثَوْبًا بِعْتُكَ بِعَشَرَةٍ، فَقَالَ الطَّالِبُ صَدَقْتَ، وَقَدْ دَخَلَ هَذَا فِي هَذِهِ الْمِائَةِ كَانَ الْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَقِيلَ: لَوْ كَانَ قَالَ الْمَطْلُوبُ عَشَرَةٌ بِغَيْرِ وَاوٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْمِائَةُ، أَمَّا مَعَ الْوَاوِ فَيَلْزَمُهُ الْمَعْطُوفُ مَعَ الْمِائَةِ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِائَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ مَتَاعًا، فَقَالَ الْبَائِعُ قَبَضْتُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَاصَصْتُ بِهَا لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَوْ قَالَ قَدْ اسْتَوْفَيْتُ مِنْكَ الثَّمَنَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَاصَصْتُكَ بِهِ صُدِّقَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ قَدْ بَرِئْتَ إلَيَّ مِنْهَا، وَلَوْ قَدَّمَ ذِكْرَ الْقِصَاصِ، فَقَالَ قَدْ قَاصَصْتُكَ بِالدَّيْنِ الَّذِي كَانَ لَكَ عَلَيَّ ثَمَنَ مَا اشْتَرَيْتَهُ مِنِّي، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَقَدْ قَبَضْتُ مِنْكَ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: قَبَضْتُ مِنْكَ الثَّمَنَ لَا بَلْ قَاصَصْتُكَ بِأَلْفٍ كَانَتْ لَكَ عَلَيَّ لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَوْ قَالَ: اسْتَوْفَيْتُ مِنْكَ الثَّمَنَ لَا بَلْ قَاصَصْتُكَ بِهِ مِنْ دَيْنٍ كَانَ لَكَ عَلَيَّ صُدِّقَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ إقْرَارُ الرَّجُلِ بِمَا وَصَلَ إلَى يَدِهِ مِنْ رَجُلٍ لِآخَرَ] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ إقْرَارُ الرَّجُلِ بِمَا وَصَلَ إلَى يَدِهِ مِنْ رَجُلٍ لِآخَرَ، وَإِقْرَارُ مَا لَهُ عَلَى آخَرَ لِغَيْرِهِ) إذَا قَالَ دَفَعَ إلَيَّ هَذِهِ فُلَانٌ وَهِيَ لِفُلَانٍ آخَرَ، فَإِنْ أَقَرَّ الدَّافِعُ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِلثَّانِي وَادَّعَى الْإِذْنَ بِالدَّفْعِ مِنْ جِهَتِهِ وَصَدَّقَهُ الثَّانِي فِيهِ يَدْفَعُ الْمُقِرُّ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الثَّانِي فِي الْأَمْرِ لَا يَدْفَعُ إلَى الدَّافِعِ، وَلَا يَضْمَنُ الْمُقِرُّ لِلدَّافِعِ شَيْئًا، وَأَمَّا إذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ فَهِيَ لِلدَّافِعِ، وَلَا يَضْمَنُ لِلثَّانِي، فَإِذَا رَدَّهَا إلَى الدَّافِعِ بَرِئَ، مَالِكًا أَوْ غَيْرَ

مَالِكٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَالَ هَذَا الْأَلْفُ لِفُلَانٍ وَهُوَ كَانَ دَفَعَهُ إلَى فُلَانٍ، فَإِنْ أَقَرَّ الدَّافِعُ أَنَّ الْأَلْفَ لِفُلَانٍ وَهُوَ كَانَ مَأْمُورًا مِنْ جِهَتِهِ بِالدَّفْعِ إلَى الْمُقِرِّ، فَإِنَّ الْأَلْفَ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الدَّافِعُ ذَلِكَ وَادَّعَى الْأَلْفَ لِنَفْسِهِ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَهَلْ يَضْمَنُ لِلثَّانِي إنْ دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ؟ يَضْمَنُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الثَّانِي بِاَللَّهِ مَا كُنْتُ مَأْمُورًا بِالدَّفْعِ مِنْ جِهَةِ الْأَوَّلِ فَحَلَفَ، وَأَمَّا إذَا نَكَلَ فَلَا يَضْمَنُ لِلثَّانِي شَيْئًا، وَأَمَّا إذَا دَفَعَ بِقَضَاءٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ فِي يَدِهِ أَمَةٌ، فَقَالَ هِيَ لِفُلَانٍ اسْتَوْدَعَنِيهَا، ثُمَّ قَالَ: لِفُلَانٍ أَوْدَعَنِيهَا وَهِيَ لَهُ قُضِيَ بِهَا لِلْأَوَّلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا الْأَلْفُ لِفُلَانٍ هَذَا أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ آخَرُ، فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ هُوَ لِي غَصَبْتَهُ مِنِّي قَالَ فَإِنِّي أَدْفَعُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ جَاءَ الْمُودِعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُقَرِّ لَهُ ضَمِنَ الْمُقِرُّ أَلْفًا آخَرَ لِلْمُودِعِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ هَذَا الْأَلْفُ لِفُلَانٍ أَقْرَضَنِيهِ فُلَانٌ آخَرُ وَادَّعَاهُ كِلَاهُمَا فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَلِلْمُقْرَضِ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا كَانَ فِي يَدِهِ عَبْدٌ، فَقَالَ هُوَ لِفُلَانٍ بَاعَنِيهِ فُلَانٌ آخَرُ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَقَرَّ بِهِ فَالْعَبْدُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لِلْآخَرِ فِي بَيْعِهِ وَيُقْضَى بِالثَّمَنِ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي الْمُنْتَقَى عِيسَى بْنُ أَبَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ فِي يَدَيْهِ مَالٌ قَالَ دَفَعَهُ إلَيَّ فُلَانٌ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَفُلَانٌ غَائِبٌ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ كُنْتُ أَبْطَلْتُ فِيمَا كُنْتُ أَقْرَرْتُ بِهِ لِفُلَانٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ لَيْسَ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ إنَّمَا هُوَ لِفُلَانٍ آخَرَ دَفَعَهُ إلَيَّ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ، وَالْمُقَرُّ لَهُ الْآخَرُ حَاضِرٌ، فَقَالَ صَدَقْتَ أَنَا دَفَعْتُهُ إلَيْكَ فَاشْتَرِ بِهِ وَبِعْ فَاشْتَرَى بِهِ وَرَبِحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَضَرَ الْأَوَّلُ فَالْمَالُ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَمَا كَانَ مِنْ الرِّبْحِ فَهُوَ بَيْنَ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ نِصْفَيْنِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي وَلَكِنْ يَضْمَنُ الْمُقِرُّ لِلثَّانِي مَالًا مِثْلَهُ. قَالَ: وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْمُضَارَبَةِ كَذَلِكَ فِي الْوَدِيعَةِ، إذَا قَالَ: هَذَا الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ وَفُلَانٌ غَائِبٌ، ثُمَّ قَالَ أَبْطَلْتُ فِيمَا أَقْرَرْتُ هُوَ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ آخَرَ فَهَلَكَ الْمَالُ عِنْدَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلثَّانِي، وَلَا يَضْمَنُ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ هَذَا الْأَلْفُ لِفُلَانٍ أَرْسَلَهُ إلَيَّ مَعَ فُلَانٍ وَدِيعَةً وَادَّعَيَاهُ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَيْسَ لِي وَلِلدَّافِعِ وَلَيْسَ لِلرَّسُولِ اسْتِرْدَادُ الْعَيْنِ إذَا كَانَ الْمُرْسِلُ غَائِبًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّابَّةُ لِفُلَانٍ أَرْسَلَهَا إلَيَّ مَعَ فُلَانٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرُدُّهَا عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَيَضْمَنُ الْمُقِرُّ قِيمَتَهَا لِلدَّافِعِ إنْ ادَّعَاهَا الدَّافِعُ لِنَفْسِهِ وَدَفَعَهَا الْمُقِرُّ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَإِنْ دَفَعَهَا بِقَضَاءٍ لَا يَضْمَنُ، وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ لِلدَّافِعِ شَيْئًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ لِفُلَانٍ غَصَبَهُ فُلَانٌ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ فُلَانٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ، وَلَا يُقْضَى لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَبْدِ سَوَاءٌ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ هَذَا الصَّبِيُّ ابْنُ فُلَانٍ غَصَبْتُهُ مِنْ فُلَانٍ آخَرَ وَادَّعَى أَبُو الصَّبِيِّ أَنَّهُ ابْنُهُ وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّهُ عَبْدُهُ قُضِيَ بِهِ لِلْأَبِ وَهُوَ حُرٌّ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هَذَا الصَّبِيُّ ابْنُ فُلَانٍ أُرْسِلَ بِهِ إلَيَّ مَعَ فُلَانٍ كَانَ الِابْنُ لِلْأَوَّلِ إذَا ادَّعَاهُ دُونَ الرَّسُولِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. خَيَّاطٌ فِي يَدِهِ ثَوْبٌ أَقَرَّ أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي فِي يَدِهِ لِفُلَانٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فُلَانٌ آخَرُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِيهِ فَالثَّوْبُ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ عَامِلٍ كَالصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ وَالصَّائِغِ، وَلَا يَضْمَنُ لِلثَّانِي شَيْئًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ: هَذَا الثَّوْبُ سَلَّمَهُ إلَيَّ فُلَانٌ لِيَقْطَعَ قَمِيصًا وَهُوَ لِفُلَانٍ وَادَّعَيَاهُ فَهُوَ لِلَّذِي سَلَّمَهُ وَلَيْسَ لِلثَّانِي، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ اسْتَعَرْتُ هَذَا

الباب الثاني عشر في إسناد الإقرار إلى حال ينافي صحته وثبوت حكمه

الثَّوْبَ مِنْ فُلَانٍ فَبَعَثَ إلَيَّ مَعَ فُلَانٍ فَهُوَ لِلْمُعِيرِ. لَوْ قَالَ فُلَانٌ أَتَى بِهَذَا الثَّوْبِ عَارِيَّةً مِنْ فُلَانٍ وَادَّعَيَاهُ فَهُوَ لِلرَّسُولِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْأَصْلِ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ فِي صَكٍّ بِاسْمِهِ فَأَقَرَّ الطَّالِبُ أَنَّ مَا فِي هَذَا الصَّكِّ لِفُلَانٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَكُونُ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْوَكِيلِ، وَلَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ حَقُّ الْقَبْضِ إلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْ جِهَةِ الْمُقِرِّ، وَذُكِرَ فِي الْأَقْضِيَةِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنَّ لِلْمُقَرِّ لَهُ حَقَّ قَبْضِ الدَّيْنِ بِدُونِ تَوْكِيلٍ مِنْ جِهَةِ الْمُقِرِّ. قَالُوا مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ حَقَّ الْقَبْضِ لِلْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ فَذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَقَرَّ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ الْمُقِرَّ بَاشَرَ سَبَبَ الدَّيْنِ بِإِذْنِهِ وَتَوْكِيلٍ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَذِنَ لَهُ فِي مُبَاشَرَةِ سَبَبِ الدَّيْنِ كَانَ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْمُقَرِّ لَهُ دُونَ الْمُقِرِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ وَكَانَ لِلْمُقِرِّ عَلَى فُلَانٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ فِي صَكٍّ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ فِي صَكٍّ، فَقَالَ الْمُقِرُّ إنَّمَا عَنَيْتُ الدَّرَاهِمَ خَاصَّةً وَادَّعَاهُمَا الْمُقَرُّ لَهُ فَهُمَا جَمِيعًا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ غَابَ الْمُقِرُّ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَتَقَاضَى الْمَالَ مِنْ الْغَرِيمِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْغَرِيمُ بِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِذَلِكَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى دَفْعِهِ إلَيْهِ، فَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ الْغَرِيمُ بَرِئَ، وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ أَنَّ نِصْفَهُ لِفُلَانٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْمُقِرُّ هُوَ الَّذِي يَتَقَاضَى وَيُعْطِي الْمُقَرَّ لَهُ نِصْفَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ، فَإِنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُقِرِّ، وَقَالَ أَدَنْتُهُ بِغَيْرِ أَمْرِي، وَقَالَ الْمُقِرُّ لَمْ أُدِنْهُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَدَانَهُ بِإِذْنِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُقَرُّ لَهُ مَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَلَمٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ غَصْبِ شَيْءٍ مِنْ الْكَيْلِيِّ، وَالْوَزْنِيِّ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ الْوَدِيعَةَ الَّتِي عِنْدَ فُلَانٍ لِفُلَانٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَكِنَّ الْمُقِرَّ يَأْخُذُهَا فَيَدْفَعُهَا إلَيْهِ، وَإِنْ دَفَعَهَا الْمُسْتَوْدَعُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ بَرِئَ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ وَدَائِعُ، فَقَالَ عَنَيْتُ بَعْضَهَا لَمْ يُصَدَّقْ، فَإِنْ قَالَ فُلَانٌ: مَا اسْتَوْدَعَنِي الْمُقِرُّ شَيْئًا، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ اسْتَوْدَعَهَا إيَّاهُ بِغَيْرِ أَمْرِي فَالْمُقِرُّ ضَامِنٌ لَهَا بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُقَرُّ لَهُ مَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْأَمْرِ، وَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ قَدْ رَدَدْتُهَا إلَى الْمُقِرِّ أَوْ قَالَ دَفَعْتُهَا إلَى الْمُقَرِّ لَهُ أَوْ قَالَ ضَاعَتْ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَكِنَّ الَّذِي يَلِي خُصُومَتَهُ فِي ذَلِكَ وَاسْتِحْلَافَهُ الْمُقِرُّ إذَا كَانَ أَوْدَعَهُ بِإِذْنِ الْمُقَرِّ لَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي إسْنَادِ الْإِقْرَارِ إلَى حَالٍ يُنَافِي صِحَّتَهُ وَثُبُوتَ حُكْمِهِ] (الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي إسْنَادِ الْإِقْرَارِ إلَى حَالٍ يُنَافِي صِحَّتَهُ وَثُبُوتَ حُكْمِهِ) رَجُلٌ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ وَهُوَ صَبِيٌّ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الطَّالِبُ بَلْ أَقْرَرْتَ بِهِ لِي بَعْدَ الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَقْرَرْتُ لَهُ بِهِ فِي حَالَةِ نَوْمِي، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَقْرَرْتُ بِهِ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ، وَلَوْ قَالَ أَقْرَرْتُ لَهُ وَأَنَا ذَاهِبُ الْعَقْلِ مِنْ بِرْسَامٍ أَوْ لَمَمٍ، فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ أَنَّهُ كَانَ أَصَابَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَهُ كَانَ ضَامِنًا لِلْمَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ قَالَ تَزَوَّجْتُكِ وَأَنَا صَبِيٌّ، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا بَلْ تَزَوَّجْتَنِي وَأَنْتَ بَالِغٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ تَزَوَّجْتُكِ وَأَنَا مَجُوسِيٌّ، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا بَلْ تَزَوَّجْتَنِي وَأَنْتَ مُسْلِمٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ هَذَا الرَّجُلَ وَهِيَ أَمَةٌ، وَقَدْ كَانَتْ أَمَةً فَأُعْتِقَتْ، وَقَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُهَا بَعْدَ الْعِتْقِ أَوْ قَبْلَهُ فَهُوَ سَوَاءٌ وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ فِي قَوْلِهِمْ، وَلَوْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً فَأَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَقَرَّتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْهُ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ، وَقَالَ الرَّجُلُ تَزَوَّجْتُهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَتْ تَزَوَّجْتُكَ وَأَنْتَ صَبِيٌّ أَوْ فِي الْمَنَامِ أَوْ قَالَتْ تَزَوَّجْتُكَ وَأَنَا مَغْلُوبَةٌ عَلَى عَقْلِي، وَقَدْ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي. أَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ أَوْ فِي نِكَاحِ الْغَيْرِ أَوْ بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ تَزَوَّجَهَا وَتَحْتَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَوْ أُخْتُهَا

فِي نِكَاحِهِ أَوْ فِي عِدَّتِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي هَذِهِ الْمَوَانِعَ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الَّذِي يَدَّعِي ذَلِكَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِإِقْرَارِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَاتَبَهُ وَهُوَ صَبِيٌّ، فَقَالَ الْمُكَاتَبُ بَلْ كَاتَبْتَنِي وَأَنْتَ رَجُلٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ أَخَذْتُ مِنْكَ وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ ذَاهِبُ الْعَقْلِ يَلْزَمُهُ فِي الْحَالَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ الْحُرُّ أَنِّي أَقْرَرْتُ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيَّ وَأَنَا عَبْدٌ، فَإِنَّ الْمَالَ لَازِمٌ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيُّ إذَا أَسْلَمَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ لِفُلَانٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حِينَ دَخَلَهَا بِأَمَانٍ، فَإِنَّ الْمَالَ يَلْزَمُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ دَخَلَ فُلَانٌ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَأَقْرَرْتُ لَهُ بِكَذَا كَانَ الْمَالُ لَازِمًا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَقْرَرْتُ لَهُ بِأَلْفٍ وَأَنَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ هَذَا يَلْزَمُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ الْحُرُّ أَوْ الْعَبْدُ أَقْرَرْتُ لَهُ بِأَلْفٍ وَالْمُقَرُّ لَهُ عَبْدٌ يَلْزَمُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَقَرَّ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِدَيْنٍ لِمُسْلِمٍ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ، فَإِنْ قَالَ أَدَانَنِي فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَقَالَ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَالدَّيْنُ لَازِمٌ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَالَ ذَلِكَ مَوْصُولًا بِإِقْرَارِهِ أَوْ مَفْصُولًا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لِمُسْتَأْمَنٍ مِثْلِهِ أَوْ لِذِمِّيٍّ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ لَهُ وَإِقْرَارُ الْمُسْتَأْمَنِ بِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْوَلَدِ وَالْجِرَاحَاتِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ، فَقَالَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَطَعْتُ يَدَكَ وَأَنْتَ عَبْدِي، وَقَالَ الْعَبْدُ فَعَلْتَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى ضَامِنٌ، وَكَذَا إذَا أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ أَوْ صَارَ ذِمِّيًّا، فَقَالَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ قَطَعْتُ يَدَكَ وَأَنْتَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَخَذْتُ مِنْ مَالِكِ كَذَا وَأَنْتَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَقَالَ الْحَرْبِيُّ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ بَعْدَمَا أَسْلَمْتُ أَوْ صِرْتُ ذِمِّيًّا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَرْبِيِّ عِنْدَهُمَا وَالْمُسْلِمُ ضَامِنٌ، وَكَذَا إذَا أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ، فَقَالَ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ قَطَعْتُ يَدَكَ أَخَذْتُ مَالَكَ وَأَنَا حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَقَالَ الْمُسْلِمُ فَعَلْتَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بَعْدَمَا أَسْلَمْتَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيُّ ضَامِنٌ عَلَى قَوْلِهِمَا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَالَ لَوْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُقِرِّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقِرِّ وَيُؤْمَرُ الْمُقِرُّ بِرَدِّهِ عَلَيْهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لِجَارِيَتِهِ بَعْدَمَا أَعْتَقَهَا وَطِئْتُكِ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَقَالَتْ لَا بَلْ بَعْدَمَا أَعْتَقْتَنِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ بَعْدَمَا أَعْتَقَهُ أَخَذْتُ مِنْكَ ضَرِيبَةً كُلَّ شَهْرٍ وَأَنْتَ عَبْدِي، وَقَالَ الْعَبْدُ لَا بَلْ أَخَذْتَ بَعْدَ الْعِتْقِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ، فَقَالَ الْعَبْدُ لِرَجُلٍ قَطَعْتُ يَدَكَ وَأَنَا عَبْدٌ، وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لَا بَلْ بَعْدَمَا أُعْتِقْتُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقِرِّ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ، ثُمَّ قَالَ أَخَذْتُ مِنْكِ هَذَا الْوَلَدَ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَقَالَتْ لَا بَلْ بَعْدَهُ يَرُدُّهُ عَلَيْهَا وَهُوَ حُرٌّ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَخَذْتُهُ مِنْكِ لَا يَرُدُّهُ، وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكِ بَعْدَمَا وَلَدْتِهِ، وَقَالَتْ لَا بَلْ قَبْلَهُ فَالْقَوْلُ لِمَنْ الْوَلَدُ فِي يَدِهِ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْكِتَابَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَمَالِي: وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ فِي أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَلَوْ كَانَ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهَا، وَأَمَّا فِي التَّدْبِيرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدًا فَأَقَرَّ رَجُلٌ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ أَلْفًا وَهُوَ عَبْدٌ، وَقَالَ الْعَبْدُ أَخَذْتَهُ مِنِّي بَعْدَ الْعِتْقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَهُ، ثُمَّ جَرَى هَذَا الْإِقْرَارُ وَالِاخْتِلَافُ، وَلَوْ بَاعَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ رَجُلٌ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَهُوَ عَبْدُ مَوْلَاهُ الْأَوَّلِ، وَقَالَ مَوْلَاهُ الْآخَرُ بَلْ غَصَبْتَهُ وَهُوَ عَبْدِي فَالْمَالُ لِلْآخَرِ، وَكَذَلِكَ الْجِرَاحَاتُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ فَقَأَ عَيْنَ فُلَانٍ عَمْدًا، ثُمَّ ذَهَبَتْ عَيْنُ الْفَاقِئِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ الْمَفْقُوءَةُ عَيْنُهُ فَقَأْت عَيْنِي وَعَيْنُكَ ذَاهِبَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ قَتَلْتُ وَلِيَّهُ خَطَأً وَأَنَا عَبْدٌ

الباب الثالث عشر فيما يكون إقرارا بالشركة وما لا يكون

وَقَالَ الْخَصْمُ بَلْ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنَّ عَلَى صَاحِبِهِ دَيْنًا قَبْلَ الشَّرِكَةِ لِفُلَانٍ وَأَنْكَرَ صَاحِبُهُ وَادَّعَى الطَّالِبُ أَنَّ هَذَا الدَّيْنَ كَانَ فِي الشَّرِكَةِ لَزِمَهُمَا جَمِيعًا، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ دُونَ شَرِيكِهِ قَبْلَ الشَّرِكَةِ وَادَّعَى الطَّالِبُ فِي الشَّرِكَةِ فَالْمَالُ لَازِمٌ لَهُ وَلِشَرِيكِهِ، وَإِنْ تَصَادَقُوا أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ قَبْلَ الشَّرِكَةِ لَمْ يُؤْخَذْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِدَيْنِ صَاحِبِهِ، وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ تَفَرَّقَا، ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا فِي الشَّرِكَةِ لَزِمَهُ خَاصَّةً، كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ أَقَرَّ مُسْلِمٌ لِذِمِّيٍّ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فِي يَدِهِ جَازَ إقْرَارُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الذِّمِّيُّ لِمُسْلِمٍ بِعَيْنِهَا، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ مُسْتَهْلَكٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِذِمِّيٍّ يَعْنِي بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ مُسْتَهْلَكٍ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا، وَإِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ فَأَقَرَّ ذِمِّيٌّ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ لَهُ خِنْزِيرًا بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَقَالَ الْمُسْلِمُ اسْتَهْلَكْتُهُ قَبْلَ إسْلَامِي فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَنَّ ذِمِّيًّا أَقَرَّ بِخَمْرٍ اسْتَهْلَكَهَا، فَقَالَ اسْتَهْلَكْتُهَا وَأَنَا حَرْبِيٌّ أَوْ قَالَ اسْتَهْلَكْتُهَا وَأَنْتَ حَرْبِيٌّ، وَقَدْ عُلِمَ كَوْنُهُ حَرْبِيًّا مِنْ قَبْلُ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِيمَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالشَّرِكَةِ وَمَا لَا يَكُونُ] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِيمَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالشَّرِكَةِ وَمَا لَا يَكُونُ، وَفِي الْإِقْرَارِ فِيمَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَالْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ، وَالْإِقْرَارِ بِشَيْءٍ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ) لَوْ أَنَّ رَجُلًا فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ، فَقَالَ: لِفُلَانٍ فِي هَذَا الْعَبْدِ شَرِكَةٌ فَلَهُ النِّصْفُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي بَيَانِ مِقْدَارِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَاتَّفَقَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: فُلَانٌ شَرِيكِي فِي هَذَا الْعَبْدِ أَوْ هَذَا الْعَبْدُ مُشْتَرَكٌ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ أَوْ هُوَ لِي وَلَهُ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ وَصَلَ الْكَلَامَ فَقَالَ هُوَ شَرِيكِي فِيهِ بِالْعُشْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِي وَلِفُلَانٍ لِي الثُّلُثَانِ وَلِفُلَانٍ الثُّلُثُ، وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا مَعَهُ شُرَكَاءُ فِي هَذَا فَهُوَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيَانُ فِيهِ إلَى الْمُقِرِّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ لِهَذَا الرَّجُلِ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَالْعَبْدُ عَبْدُ الْمُقِرِّ قَالَ هَذَا عَبْدِي عَلَى أَنَّ ذَلِكَ دَيْنٌ فِي رَقَبَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ فِي رَقَبَتِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُ هَذَا الْعَبْدَ وَلِهَذَا فِيهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ فِي هَذَا الثَّوْبِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَا يَدُلُّ عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الرَّقَبَةِ فَهَذَا لَيْسَ بِشَرِكَةٍ إنَّمَا هِيَ عَلَى أَنَّ لَهُ فِيهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مَضْرُوبَةً، وَلَوْ قَالَ لَهُ فِي هَذَا الْبِرْذَوْنِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهَذَا لَيْسَ لَهُ وَجْهٌ غَيْرَ الشَّرِكَةِ فَهُوَ عَلَى الشَّرِكَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّارِ بِبَيْتٍ بِعَيْنِهِ لِآخَرَ لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ لِلْحَالِ وَتُقَسَّمُ، فَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِهِ يُسَلِّمُهُ، وَإِنْ وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ يُقَسَّمُ نَصِيبُ الْمُقِرِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِجَمِيعِ ذُرْعَانِ الْبَيْتِ وَالْمُقِرُّ بِنِصْفِ بَاقِي الدَّارِ سِوَى الْبَيْتِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِطَرِيقٍ وَحَائِطٍ مَعْلُومٍ وَهَذَا عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِنِصْفِ أَذْرُعِ الْبَيْتِ وَالْمُقِرُّ بِنِصْفِ بَاقِي الدَّارِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الدَّارُ مِائَةَ ذِرَاعٍ وَالْبَيْتُ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ فَعِنْدَهُمَا يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِعَشَرَةِ أَذْرُعٍ وَالْمُقِرُّ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا سَهْمَانِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَتِسْعَةٌ لِلْمُقِرِّ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِخَمْسَةِ أَذْرُعٍ وَالْمُقِرُّ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ فَيَكُونُ لَهُ عُشْرُ نَصِيبِ الْمُقِرِّ، وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا لَوْ أَوْصَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّارِ بِبَيْتٍ بِعَيْنِهِ لِآخَرَ، ثُمَّ مَاتَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَانَ حَمَّامٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَيْتَ الْأَوْسَطَ مِنْهُ

لِرَجُلٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُقِرَّ نِصْفَ قِيمَةِ الْبَيْتِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِنِصْفِ الْحَمَّامِ أَوْ ثُلُثِهِ كَانَ إقْرَارُهُ جَائِزًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ سَيْفًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ حِلْيَتُهُ فِضَّةٌ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّ حِلْيَتَهُ لِرَجُلٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَى شَرِيكِهِ وَضَمِنَ لِلْمُقَرِّ لَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْحِلْيَةِ مَصُوغَةً مِنْ الذَّهَبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِجِذْعٍ مِنْ سَقْفِ بَيْتٍ مُشْتَرَكٍ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ الْجِذْعِ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِآجُرٍّ مِنْ حَائِطٍ بَيْنَهُمَا أَوْ بِعُودٍ مِنْ قُبَّةٍ أَوْ بِلَوْحٍ مِنْ بَابٍ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ كَانَ عِدْلَ زُطِّيٍّ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِثَوْبٍ بِعَيْنِهِ مِنْهُ لِرَجُلٍ كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُقَرِّ لَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَكَذَلِكَ الرَّقِيقُ وَالْحَيَوَانُ، كَذَا فِي الْحَاوِي. دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا عُشْرُ جَمِيعِ الدَّارِ مِنْ نَصِيبِي لِفُلَانٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَجَعَلْنَا الدَّارَ عَلَى عَشَرَةٍ فِي يَدِ الْمُقِرِّ خَمْسَةٌ، وَقَدْ أَقَرَّ لِفُلَانٍ مِنْ نَصِيبِهِ بِعُشْرِ جَمِيعِ الدَّارِ وَذَلِكَ سَهْمٌ مِمَّا فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَيَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ سَهْمٌ وَلِلْمُقِرِّ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ مِمَّا فِي يَدِهِ، وَلَوْ قَالَ رُبْعُ جَمِيعِ هَذِهِ الدَّارِ لَهُ وَالْبَاقِي بَيْنَنَا وَجَحَدَ شَرِيكُهُ فَنَصِيبُهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ سَهْمَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِبَيْتٍ بِعَيْنِهِ لِرَجُلٍ وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ وَأَقَرَّ شَرِيكُهُ بِبَيْتٍ آخَرَ وَأَنْكَرَ صَاحِبُهُ ذَلِكَ فَالدَّارُ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَأَيُّهُمَا وَقَعَ الْبَيْتُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فِي نَصِيبِهِ سَلَّمَهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ فِي نَصِيبِهِ قَسَّمَ مَا أَصَابَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْبَيْتِ، وَعَلَى نِصْفِ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ بَعْدَ الْبَيْتِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ فُلَانٍ أَثْلَاثًا وَأَقَرَّ الْآخَرُ أَنَّهَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ هَذَا الْمُقَرِّ لَهُ وَبَيْنَ آخَرَ أَرْبَاعًا فَإِنَّا نُسَمِّي الَّذِي أَقَرَّا لَهُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَاَلَّذِي أَقَرَّ لَهُ أَحَدُهُمَا مَجْحُودًا وَاَلَّذِي أَقَرَّ لَهُمَا مُقِرًّا وَشَرِيكُهُ مُكَذِّبًا فَنَقُولُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَأْتِي الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ إلَى الْمُقِرِّ فَيَأْخُذُ مِنْهُ رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ وَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْمُكَذِّبِ فَيُقَسِّمَانِهِ نِصْفَيْنِ وَمَا بَقِيَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَجْحُودِ نِصْفَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ يَأْخُذُ مِنْ الْمُقِرِّ خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ وَالْبَاقِي كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَلَوْ أَنَّ طَرِيقًا لِقَوْمٍ عَلَيْهَا بَابٌ مَنْصُوبٌ أَقَرَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِطَرِيقٍ فِيهِ لِرَجُلٍ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ عَلَى شُرَكَائِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَمُرَّ فِيهِ حَتَّى يَقْتَسِمُوهَا، فَإِنْ وَقَعَ مَوْضِعُ الطَّرِيقِ فِي قِسْمَةِ الْمُقِرِّ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ غَيْرِهِ كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُقَاسِمَ الْمُقِرِّ بِحِصَّةِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ فِيمَا أَصَابَهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي. نَهْرٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِعُشْرِ النَّهْرِ لِآخَرَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَقَرَّ لَهُ بِعُشْرِ النَّهْرِ، وَأَنَّ الْبَاقِيَ بَيْنَنَا أَثْلَاثًا فَالثُّلُثُ الَّذِي فِي يَدِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ ثُلُثَ جَمِيعِ النَّهْرِ فَمَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ ثَلَاثَةٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَعَشَرَةٌ لِلْمُقِرِّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ عَيْنٌ أَوْ رُكِيٌّ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلَانِ فِي أَيْدِيهِمَا دَارٌ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَقَرَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي بِنِصْفِ الدَّارِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُنْكِرُ قَالَ لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِيمَا فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَآخَرُ مَعَهُ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَقَرَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي بِنِصْفِ الدَّارِ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُ نِصْفَ الدَّارِ مِنْهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ آخَرَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ آخَرَ فَخَاصَمُوهُ إلَى الْقَاضِي، فَإِنَّهُ يَقْضِي لِلْأَوَّلِ بِنِصْفِهِ وَلِلثَّانِي بِرُبُعِهِ وَلِلثَّالِثِ بِثُمُنِهِ وَيُبْقِي فِي يَدِ الْمُقِرِّ الثُّمُنَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِهَذَا عَلَى مَيِّتٍ هُوَ وَارِثُهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. كِيسٌ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ فِيهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِأَجْنَبِيٍّ بِنِصْفِهِ، فَإِنْ قَالَ نِصْفُهُ لَكَ وَسَكَتَ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ ثُلُثَا مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ، وَإِنْ قَالَ نِصْفُهُ لَكَ وَنِصْفُهُ بَيْنِي وَبَيْنَ شَرِيكِي فَكَذَلِكَ، وَإِنْ

قَالَ هَذَا الْكِيسُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ نِصْفَيْنِ فَمَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِثَالِثٍ: لَهُ نِصْفُهُ وَلِي نِصْفُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ لَهُ ثُلُثُهُ وَلِي ثُلُثَاهُ وَصَدَّقَ الْأَوَّلَ أَخَذَ مِنْ الثَّانِي ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ وَضَمَّ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ وَقَاسَمَهُ نِصْفَيْنِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ وَيَضُمُّ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ وَيُقَاسِمُهُ نِصْفَيْنِ، وَلَوْ ادَّعَى الْكُلَّ أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُ مِنْ الْمُقِرِّ بِالثُّلُثِ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ وَمِنْ الْمُقِرِّ بِالنِّصْفِ خُمُسَيْ مَا فِي يَدِهِ، هَكَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّ لِفُلَانٍ الثُّلُثَ وَلِي الثُّلُثَانِ، وَقَالَ الْآخَرُ لَهُ الثُّلُثَانِ وَلِي الثُّلُثُ وَزَعَمَ فُلَانٌ أَنَّ الْكِيسَ لَهُ أَخَذَ مِنْ الْمُقِرِّ بِالثُّلُثِ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ وَمِنْ الْمُقِرِّ بِالثُّلُثَيْنِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهِ وَهَذَا إذَا كَذَّبَهُمَا الْمُقَرُّ لَهُ، فَإِنْ صَدَّقَهُمَا مَعًا أَخَذَ مِنْ الْمُقِرِّ بِالثُّلُثَيْنِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْآخَرِ فَيُقَسِّمَانِهِ أَثْلَاثًا لِلْمُقَرِّ لَهُ ثُلُثُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. كِيسٌ فِي أَيْدِي ثَلَاثَةٍ أَقَرَّ أَحَدُهُمْ لِشَرِيكِهِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ وَلَهُ الرُّبُعُ وَالْآخَرُ أَقَرَّ أَنَّ لِلْمُقَرِّ لَهُ خَمْسَةَ الْأَسْدَاسِ وَلَهُ السُّدُسُ وَالْمُقَرُّ لَهُ يَدَّعِي الْكُلَّ أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَا أَقَرَّ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُ مِنْ الْمُقِرِّ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ خُمُسَيْ مَا فِي يَدِهِ، وَمِنْ الْآخَرِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمْ أَنَّ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ ثُلُثَهُ، وَلِي ثُلُثَاهُ، وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ لَهُ نِصْفُهُ وَلِي نِصْفُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ لَهُ ثُلُثَاهُ وَلِي ثُلُثُهُ، وَقَالَ الْأَجْنَبِيُّ بَلْ كُلُّهُ أَخَذَ مِنْ الْمُقِرِّ بِالثُّلُثِ سُبُعَ مَا فِي يَدَيْهِ وَمِنْ الْمُقِرِّ بِالنِّصْفِ سُبُعَيْ مَا فِي يَدَيْهِ وَمِنْ الْمُقِرِّ بِالثُّلُثَيْنِ ثَلَاثَةَ أَسْبَاعِ مَا فِي يَدِهِ وَثُلُثَيْ سُبْعِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. كِيسٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فِيهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَقَرَّ أَنَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ نِصْفَيْنِ وَدَفَعَ النِّصْفَ إلَيْهِ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ الْكِيسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ نِصْفَيْنِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي، فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَدْفَعُ إلَى الثَّانِي نِصْفَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ وَهُوَ رُبُعُ الْكِيسِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَدْفَعُ إلَيْهِ النِّصْفَ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ لِلثَّانِي بِالنِّصْفِ وَلَكِنْ أَقَرَّ لَهُ بِالثُّلُثِ، وَقَالَ الْكِيسُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ أَثْلَاثًا وَكَذَّبَهُ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ دَفَعَ لِلْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَى الثَّانِي نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ إلَى الْأَوَّلِ لَا بِقَضَاءٍ يَدْفَعُ إلَى الثَّانِي ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ. وَالثُّلُثَ إلَى الثَّانِي بِقَضَاءٍ، ثُمَّ أَقَرَّ لِآخَرَ أَنَّهُ شَرِيكُهُمْ بِالرُّبُعِ وَكَذَّبَهُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي بِالثَّالِثِ وَكَذَّبَهُ الثَّالِثُ بِالْأَوَّلَيْنِ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَى الثَّالِثِ سُدُسَ جَمِيعِ الْمَالِ وَثُلُثَ سُدُسِهِ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلَيْنِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ يَدْفَعُ السُّدُسَ الَّذِي فِي يَدِهِ إلَى الثَّالِثِ وَيَغْرَمُ لَهُ نِصْفَ السُّدُسِ مِنْ مَالِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ رُبُعُ الْكِيسِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ النِّصْفَ بِقَضَاءٍ وَالرُّبُعَ إلَى الثَّانِي بِقَضَاءٍ، ثُمَّ أَقَرَّ لِلثَّالِثِ يَدْفَعُ إلَيْهِ نِصْفَ مَا بَقِيَ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ الثُّمُنُ، وَلَوْ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ وَالرُّبُعَ إلَى الثَّانِي بِغَيْرِ قَضَاءٍ، ثُمَّ أَقَرَّ لِلثَّالِثِ يَدْفَعُ إلَى الثَّالِثِ سُدُسَ الْكِيسِ وَيَبْقَى لَهُ نِصْفُ السُّدُسِ، وَلَوْ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَالثُّلُثَ إلَى الثَّانِي بِقَضَاءٍ، ثُمَّ أَقَرَّ لِلثَّالِثِ وَصَدَّقَهُ الْأَوَّلُ بِالثَّالِثِ وَكَذَّبَهُ بِالثَّانِي وَالثَّالِثُ صَدَّقَهُ بِالْأَوَّلِ وَكَذَّبَهُ بِالثَّانِي وَالثَّانِي كَذَّبَهُ بِهِمَا، فَإِنَّ الثَّالِثَ يَأْخُذُ مِنْ الْمُقِرِّ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ، ثُمَّ يَصْنَعُ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ كَانَ دَفَعَ الثُّلُثَ إلَى الثَّانِي بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَيْضًا، ثُمَّ أَقَرَّ لِلثَّالِثِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الثَّالِثَ يَأْخُذُ مِنْ الْمُقِرِّ ثُمُنَ جَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ وَذَكَرَ

أَبُو بَكْرٍ الْجَصَّاصُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْبَرْدَعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَأْخُذُ مِنْهُ عُشْرَ جَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهِ وَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ. وَإِذَا دَفَعَ الْمُقِرُّ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، ثُمَّ أَقَرَّ لِلثَّانِي وَالثَّالِثِ مَعًا وَصَدَّقَهُ الْأَوَّلُ فِي الثَّالِثِ وَكَذَّبَهُ فِي الثَّانِي أَخَذَ رُبُعَ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَيَضُمُّ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُ الثَّالِثُ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ وَيَأْخُذُ الثَّانِي مِنْ الْمُقِرِّ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُصَدِّقْهُ الْأَوَّلُ رُبُعَ جَمِيعِ الْمَالِ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ، وَعَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَجَحَدَهُ الْآخَرُ لَزِمَ الْمُقِرَّ نِصْفُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِمِثْلِهِ فِي عَارِيَّةٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ أَوْ قَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ جِرَاحَةٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَإِنْ سَمَّى اثْنَيْنِ مَعَهُ لَزِمَهُ الثُّلُثُ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَمَّى عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ صَبِيًّا أَوْ حَرْبِيًّا أَوْ مَيِّتًا أَوْ رَجُلًا لَا يُعْرَفُ فَعَلَى الْمُقِرِّ حِصَّتُهُ عَلَى عَدَدِهِمْ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيْنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يُسَمِّ مَعَهُ أَحَدًا، ثُمَّ قَالَ عَنَيْتُ مَعِي فُلَانًا وَفُلَانًا وَادَّعَى الطَّالِبُ أَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ عَلَيْهِ فَالْمَالُ كُلُّهُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيْنَا وَأَشَارَ إلَى نَفْسِهِ وَآخَرِينَ مَعَهُ يَلْزَمُهُ الْمَالُ كُلُّهُ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيْنَا جَمْعًا أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ عَلَيْنَا كُلِّنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى قَوْمٍ مَعَهُ لَزِمَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الْأَلْفِ يُقَسَّمُ الْأَلْفُ عَلَيْهِمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَى رَجُلٍ مِنَّا أَلْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ عَلَى رَجُلَيْنِ مِنَّا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ يَا فُلَانُ لَكُمْ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ الْمَالُ كُلُّهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْتُمْ يَا فُلَانُ لَكُمْ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلَوْ قَالَ يَا فُلَانُ لَكُمَا عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ لِفُلَانٍ مِنْهُ النِّصْفُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَقْرَضَنَا فُلَانٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ اسْتَوْدَعَنَا أَوْ أَعَارَنَا أَوْ غَصَبْنَا مِنْهُ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْمَالِ، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ غَيْرَهُ مَعَهُ، وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُ وَمَعِي فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ النِّصْفُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَمَعِي فُلَانٌ جَالِسٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ فُلَانٍ هُوَ وَفُلَانٌ عَمْدًا وَجَحَدَ فُلَانٌ ذَلِكَ وَادَّعَى الطَّالِبُ أَنَّهُ الْمُقِرُّ وَحْدَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فِي الْقِيَاسِ وَلَكِنَّا نَدَعُ الْقِيَاسَ وَنَجْعَلُ عَلَيْهِ نِصْفَ أَرْشِ الْيَدِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ أَخَوَيْنِ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، فَإِنَّ الْمُقِرَّ يُعْطِي الْأَخَ الْمُقَرَّ لَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى فِي كِتَابِ الدَّعْوَى. وَلَوْ قَالَ مَا عِنْدِي إرْثٌ مِنْ أَبِي لِي وَلِهَذَا وَهُوَ أَخِي فَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ بُنُوَّةَ الْمُقِرِّ، وَقَالَ أَنَا ابْنُ الْمَيِّتِ أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مَاتَتْ أُخْتُكَ وَهِيَ زَوْجَتِي وَتَرَكَتْ هَذَا الْمَالَ مِيرَاثًا بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَقَالَ هُوَ كُلُّهُ لِي لِأَنَّكَ لَسْتَ بِزَوْجِهَا فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى نِصْفُ الْمَالِ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ يَأْخُذُ الْأَخُ كُلَّ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى نِصْفَ الْمَالِ، كَذَا فِي الْكَافِي. الْمَرْأَةُ إذَا أَقَرَّتْ أَنَّهَا وَرِثَتْ مِنْ الزَّوْجِ، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِأَخٍ لِلزَّوْجِ، فَقَالَ الْأَخُ أَنَا أَخٌ وَأَنْتِ لَسْتِ بِامْرَأَتِهِ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلْأَخِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ وَالْبَاقِي لِلْأَخِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. كَتَبَ ابْنُ سِمَاعَةَ إلَى مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلَيْنِ لَكُمَا عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ بِعْتُمَانِيهِ جَمِيعًا فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا، وَقَالَ الْآخَرُ لِي عَلَيْكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ قَرْضًا أَقْرَضْتُكَهَا لَا شَرِكَةَ لِأَحَدٍ مَعِي فِيهِ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْبِضَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا إلَّا شَارَكَهُ الْآخَرُ، وَأَمَّا فِي قَوْلِي فَمَا قَبَضَهُ أَحَدُهُمَا لَا يُشَارِكُ الْآخَرُ فِيهِ إذَا كَذَّبَهُ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا فِيهِ. رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلَيْنِ غَصَبْتُ مِنْ أَبِيكُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُكُمَا فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا فِي ذَلِكَ، وَقَالَ الْآخَرُ لِي عَلَيْكَ

الباب الرابع عشر فيما يكون إقرارا بالإبراء وما لا يكون

خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ قَرْضًا أَقْرَضْتُكَهَا، وَلَمْ تَغْصِبْ مِنْ أَبِي شَيْئًا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَأْخُذُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا إلَّا شَارَكَهُ أَخُوهُ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِيمَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْإِبْرَاءِ وَمَا لَا يَكُونُ] (الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِيمَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْإِبْرَاءِ وَمَا لَا يَكُونُ، وَفِي الْإِبْرَاءِ صَرِيحًا) إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ دَخَلَ تَحْتَ الْبَرَاءَةِ كُلُّ حَقٍّ هُوَ مَالٌ وَمَا لَيْسَ بِمَالٍ كَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَمَا هُوَ دَيْنٌ وَجَبَ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ كَالثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ أَوْ وَجَبَ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ كَالْمَهْرِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَمَا هُوَ عَيْنٌ مَضْمُونَةٌ كَالْغَصْبِ أَوْ أَمَانَةٌ كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ، وَلَوْ قَالَ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ، فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْمَضْمُونَ، وَلَا يَتَنَاوَلُ الْأَمَانَةَ، وَلَوْ قَالَ: لَا حَقَّ لِي عِنْدَ فُلَانٍ، فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْأَمَانَةَ، وَلَا يَتَنَاوَلُ الْمَضْمُونَ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عَلَيْهِ يَتَنَاوَلُ الدُّيُونَ، وَإِذَا قَالَ مِمَّا لِي عِنْدَهُ يَتَنَاوَلُ مَا أَصْلُهُ أَمَانَةٌ، وَلَا يَتَنَاوَلُ مَا أَصْلُهُ غَصْبٌ أَوْ مَضْمُونٌ، وَإِذَا قَالَ بَرِئَ مِمَّا لِي قِبَلَهُ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَالْأَمَانَةِ، فَإِنْ ادَّعَى الطَّالِبُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَقًّا لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ أَوْ يُوَقِّتُوا وَقْتًا بَعْدَهَا، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخْ بَلْ أَبْهَمَ الدَّعْوَى إبْهَامًا فَالْقِيَاسُ أَنْ تُسْمَعَ دَعْوَاهُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ لَا دَيْنَ لِي عَلَى أَحَدٍ، ثُمَّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا صَحَّ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ كُلُّ مَنْ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ لَا يَبْرَأُ غُرَمَاؤُهُ مِنْ دُيُونِهِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ أَحَدًا بِعَيْنِهِ فَيَقُولَ هَذَا بَرِيءٌ مِمَّا لِي عَلَيْهِ أَوْ قَبِيلَةُ فُلَانٍ وَهُمْ يُحْصَوْنَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ اسْتَوْفَيْتُ جَمِيعَ مَا لِي عَلَى النَّاسِ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا قَدْ بَرِئَ مِنْ حَقِّهِ قِبَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا بَرِئَ مِنْ بَعْضِ حَقِّهِ لَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هُوَ بَرِيءٌ مِنْ الَّذِي قِبَلَهُ أَوْ مِمَّا لِي قِبَلَهُ أَوْ مِنْ دَيْنِي عَلَيْهِ أَوْ مِنْ حَقِّي عَلَيْهِ وَلَكِنْ يَدْخُلُ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحُقُوقِ الْكَفَالَةُ وَالْجِنَايَةُ الَّتِي فِيهَا قَوَدٌ أَوْ أَرْشٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ الطَّالِبُ قَدْ بَرِئْتُ مِنْ دَيْنِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ هُوَ فِي حِلٍّ مِمَّا لِي عَلَيْهِ كَانَتْ هَذِهِ بَرَاءَةً لِلْمَطْلُوبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَهَبْتُ الَّذِي لِي عَلَيْهِ مِنْ مَالِي فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا، فَقَالَ لَا أَقْبَلُ الْهِبَةَ أَوْ غَائِبًا فَبَلَغَهُ، فَقَالَ لَا أَقْبَلُ فَالْمَالُ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ فَهُوَ بَرِيءٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا أَقَرَّ الطَّالِبُ أَنَّ فُلَانًا قَدْ بَرِئَ إلَيَّ مِمَّا لِي عَلَيْهِ فَهَذَا إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ لِي مَعَ فُلَانٍ شَيْءٌ كَانَ هَذَا بَرَاءَةً عَنْ الْأَمَانَاتِ لَا عَنْ الدَّيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ سَرِقَةً فِيهَا قَطْعٌ، وَإِنْ قَالَ لَا أَرْشَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ دِيَةً خَطَأً، وَلَا صُلْحًا، وَلَا كَفَالَةً بِدِيَةٍ، وَلَوْ قَالَ لَا جِرَاحَةَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ يَتَنَاوَلُ جِرَاحَةَ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ جَمِيعًا، وَلَا يَتَنَاوَلُ الْقَتْلَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ الْخَطَأَ وَالْحَدَّ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا جِرَاحَةَ لَهُ خَطَأً قِبَلَ فُلَانٍ فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ الْعَمْدَ كَانَ فِيهِ قِصَاصٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَمَ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ دَمَ عَمْدٍ، وَلَا خَطَأٍ وَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ مَا دُونَ

الدَّمِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ، ثُمَّ ادَّعَى قِبَلَهُ حَدَّ قَذْفٍ أَوْ سَرِقَةٍ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ إنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ قَذْفِهِ إيَّايَ، ثُمَّ طَلَبَ بَعْدَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ هُوَ بَرِيءٌ مِنْ السَّرِقَةِ الَّتِي ادَّعَيْتُ قِبَلَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا قَطْعَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ فِيمَا أَعْلَمُ، ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ حَقًّا مُسَمًّى قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْبَرَاءَةُ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ فِي عِلْمِي أَوْ فِي يَقِينِي أَوْ فِي ظَنِّي أَوْ فِي رَأْيِي أَوْ فِيمَا أَرَى أَوْ فِيمَا أَظُنُّ أَوْ فِيمَا أَحْسَبُ أَوْ فِي حِسَابِي أَوْ فِي كِتَابِي، وَلَوْ قَالَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ اسْتَيْقَنْتُ لَمْ أَقْبَلْ مِنْهُ بَيِّنَتَهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ لَسْتُ مِنْ فُلَانٍ فِي شَيْءٍ، ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَالٍ لَهُ قَبْلَ هَذَا الْقَوْلِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ بَرِئْتُ مِنْ فُلَانٍ أَوْ قَالَ بَرِئَ فُلَانٌ مِنِّي لَمْ يَكُنْ هَذَا بَرَاءَةً مِنْ حَقٍّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قِبَلَ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ قَالَ لَسْتُ مِنْ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِهِ فِي شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، ثُمَّ ادَّعَاهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ حَقًّا حَادِثًا بَعْدَ الْبَرَاءَةِ فَتُقْبَلَ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ خَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِشَيْءٍ، وَإِنْ قَالَ قَدْ خَرَجْتُ مِنْهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتُهَا كَانَ إقْرَارًا بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا، وَعَلَى هَذَا الْحَيَوَانُ وَالْعُرُوضُ وَالدَّيْنُ، فَإِنْ أَنْكَرَ ذُو الْيَدِ ذَلِكَ، وَقَالَ هِيَ لِي، وَقَدْ أَخَذْتَ مِنِّي مِائَةَ دِرْهَمٍ غَصْبًا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَيَسْتَرِدُّ الْمِائَةَ إذَا حَلَفَ وَيَكُونُ الْمُقِرُّ عَلَى خُصُومَتِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ، ثُمَّ ادَّعَاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَمْ تُقْبَلْ، وَكَذَا إذَا قَالَ خَرَجْتُ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ أَوْ قَالَ خَرَجَ هَذَا الْعَبْدُ مِنْ مِلْكِي أَوْ قَالَ عَنْ يَدَيَّ، ثُمَّ ادَّعَاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَمْ تُقْبَلْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لَكَ، فَقَالَ هُوَ لَيْسَ لِي، ثُمَّ قَالَ بَلْ هُوَ لِي لَمْ يَكُنْ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ، فَقَالَ فُلَانٌ مَا لِي عَلَيْكَ شَيْءٌ يَرْتَدُّ إقْرَارُهُ، فَإِنْ أَعَادَ الْإِقْرَارَ، فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ أَجَلْ يَلْزَمُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ لِفُلَانٍ غَصَبْتُهَا إيَّاهُ، فَقَالَ فُلَانٌ لَيْسَتْ هَذِهِ لِي بَطَلَ إقْرَارُهُ، فَإِنْ أَعَادَ الْإِقْرَارَ فَأَعَادَهَا الْمُقَرُّ لَهُ دُفِعَتْ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. ذَكَرَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلٍ أَبْرَأْتُكَ مِمَّا لِي عَلَيْكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ مُجِيبًا لَهُ إنَّ لَكَ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الْأَوَّلُ صَدَقْتَ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ قِيَاسًا وَيَبْرَأُ مِنْهُ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَجَاءَ الْمَطْلُوبُ بِشَاهِدَيْنِ بِالْبَرَاءَةِ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَإِنْ كَانَ الْمَالُ مُؤَرَّخًا وَالْبَرَاءَةُ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ تَارِيخُ الْبَرَاءَةِ بَعْدَ تَارِيخِ الْمَالِ يُقْضَى بِالْبَرَاءَةِ، وَإِنْ كَانَ تَارِيخُ صَكِّ الْمَالِ بَعْدَ تَارِيخِ الْبَرَاءَةِ يُقْضَى بِالْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمَا مُؤَرَّخًا يُعْمَلُ بِالْبَرَاءَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ تَارِيخُهُمَا سَوَاءً، وَإِنْ كَانَ صَكُّ الْمَالِ مُؤَرَّخًا وَالْبَرَاءَةُ غَيْرَ مُؤَرَّخَةِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ يُؤْمَرُ بِالْبَرَاءَةِ، وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ صَكَّانِ كُلُّ صَكٍّ بِأَلْفٍ وَتَارِيخُ الصَّكَّيْنِ مُخْتَلِفٌ وَفِي يَدِ الْمَطْلُوبِ بَرَاءَةٌ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي صَكٍّ وَبَرَاءَةٌ عَنْ خَمْسِمِائَةٍ فِي صَكٍّ، فَقَالَ لَهُ الْمَطْلُوبُ: كَانَ لَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَقَدْ أَخَذْتَنِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، وَقَالَ الطَّالِبُ كَانَ لِي عَلَيْك أَلْفَانِ، وَلَمْ أَقْبِضْ مِنْكَ شَيْئًا، فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ يَبْرَأُ عَنْ أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَيَرْجِعُ الطَّالِبُ بِخَمْسِمِائَةٍ تَمَامِ الْأَلْفَيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَرَّ، وَقَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ لَا حَقَّ لِي فِيهَا، فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ مَا كَانَتْ هَذِهِ الدَّارُ لِي قَطُّ وَلَكِنَّهَا لِفُلَانٍ يُرِيدُ بِهِ رَجُلًا ثَالِثًا وَصَدَّقَهُ الثَّالِثُ فِي ذَلِكَ

الباب الخامس عشر في الإقرار بالتلجئة

فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالدَّارِ لِلثَّالِثِ هَذَا إذَا قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ وَلَكِنَّهَا لِفُلَانٍ مَوْصُولًا بِقَوْلِهِ مَا كَانَتْ هَذِهِ الدَّارُ لِي قَطُّ، وَأَمَّا إذَا قَالَ ذَلِكَ مَفْصُولًا فَلَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَقَرَّ لَهُ إنْسَانٌ بِالدَّيْنِ فَأَقَرَّ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ الدَّيْنَ لِفُلَانٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ صَحَّ وَيَكُونُ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَلَوْ أَدَّى إلَى الثَّانِي بَرِئَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ الْأَلْفُ الَّتِي لِي عَلَى فُلَانٍ هِيَ لِفُلَانٍ وَلَيْسَتْ لِي، فَقَالَ فُلَانٌ مَا هِيَ لِي عَلَى فُلَانٍ لَا يَبْرَأُ مَنْ عَلَيْهِ الْمَالُ، وَلَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ مَا لِي عَلَى فُلَانٍ شَيْءٌ بَرِئَ مِنْهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَالَ الرَّجُلُ هَذَا الْأَلْفُ لَكَ وَرِثْتَهُ عَنْ أَخِيكَ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ هُوَ لِهَذَا الرَّجُلِ الْآخَرِ وَرِثَهُ عَنْ أَخِيهِ قَالَ يَدْفَعُ الْأَلْفَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ الْآخَرِ إذَا كَانَ الْكَلَامُ مَوْصُولًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْإِقْرَارِ بِالتَّلْجِئَةِ] (الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْإِقْرَارِ بِالتَّلْجِئَةِ) إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ تَلْجِئَةً، فَقَالَ الطَّالِبُ بَلْ هُوَ حَقٌّ، فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ تَلْجِئَةٌ فَالْمَالُ لَازِمٌ عَلَى الْمُقِرِّ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ اشْهَدُوا أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ زُورًا وَبَاطِلًا وَكَذِبًا، فَقَالَ فُلَانٌ صَدَقَ فِي جَمِيعِ مَا قَالَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، فَإِنْ قَالَ صَدَقَ فِي الْمَالِ، وَكَذَبَ فِي قَوْلِهِ زُورًا وَبَاطِلًا آخَذْتُهُ بِأَلْفٍ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ دَارِهِ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ تَلْجِئَةً لَزِمَ الْمُقِرَّ الْبَيْعُ إذَا كَذَّبَهُ فِي قَوْلِهِ: " تَلْجِئَةً " وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي جَمِيعِ مَا قَالَ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ قَالَ صَدَقَ فَهُوَ بَاطِلٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ التَّصْدِيقِ يَنْصَرِفُ إلَى تَصْدِيقِ جَمِيعِ مَا أَقَرَّ بِهِ إذَا لَمْ يَخُصَّ مِنْهُ شَيْئًا، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِآخَرَ لَا حَقَّ لِي عَلَيْكَ فَاشْهَدْ لِي عَلَيْكَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الْآخَرُ نَعَمْ لَا حَقَّ لَكَ عَلَيَّ، ثُمَّ أَشْهَدَ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالشُّهُودُ يَسْمَعُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَهَذَا بَاطِلٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَلَا يَسَعُ الشُّهُودُ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ أَشْهَدُ لِي عَلَيْكَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ بَاطِلٌ أَوْ عَلَى أَنَّكَ بَرِيءٌ فَفَعَلَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُشْهِدَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ تَزْوِيجًا بَاطِلًا وَتَلْجِئَةً، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ نَعَمْ افْعَلْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَحَضَرَ الشُّهُودُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، ثُمَّ أَشْهَدَ أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرَضِيَتْ بِذَلِكَ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ عَلَى مَالٍ وَغَيْرِ مَالٍ، وَالْخُلْعُ وَالْمَالُ وَاجِبٌ فِيمَا يُسَمَّى فِيهِ الْمَالُ، وَأَمَّا الْكِتَابَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَبَاطِلَةٌ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ إنِّي أُمْهِرُكِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي السِّرِّ وَأُظْهِرُ فِي الْعَلَانِيَةِ أَلْفَيْنِ وَأُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ فَالْمَهْرُ لَهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلَوْ تَوَاضَعَا عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ فِي السِّرِّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَإِنَّمَا يُظْهِرَانِ أَنَّ الْعَقْدَ بِمِائَةِ دِينَارٍ سُمْعَةً فَفَعَلَا ذَلِكَ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي الْبَيْعِ فِي الْأَلْفِ وَمِائَةِ دِينَارٍ فِي الْقِيَاسِ الْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْبَيْعُ صَحِيحٌ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ فِي الْبَيْعِ، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا أَعْلَمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ بِأَلْفَيْنِ وَهَكَذَا رَوَاهُ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي إمْلَائِهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ صَحِيحٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ قَوْلُهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرِّقِّ] (الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرِّقِّ) رَجُلٌ أَقَرَّ أَنَّهُ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ، ثُمَّ جَحَدَهُ وَصَدَّقَتْهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَالْمَهْرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَيَبْطُلُ الْفَضْلُ إذَا كَانَ فِي الْمَرَضِ، وَلَوْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ فِي صِحَّةٍ

أَوْ مَرَضٍ بِأَنَّهَا تَزَوَّجَتْ فُلَانًا بِكَذَا، ثُمَّ جَحَدَتْهُ، فَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فِي حَيَاتِهَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ، وَإِنْ صَدَّقَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا مِيرَاثَ لِلزَّوْجِ مِنْهَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَثْبُتُ النِّكَاحُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ وَقُلْتُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَهَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالنِّكَاحِ بَلْ هُوَ إنْكَارٌ لَهُ حَتَّى لَوْ قَالَتْ هِيَ مَا قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَتْ هِيَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ بِأَنْ قَالَ طَلَّقْتُكِ وَقُلْتُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَعْتَقْتُكَ وَقُلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَوْ قَالَ لَهَا أَلَمْ أَتَزَوَّجُكِ أَمْسِ؟ أَوْ أَلَيْسَ تَزَوَّجْتُكِ أَمْسِ؟ أَوْ أَمَا تَزَوَّجْتُكِ أَمْسِ؟ فَقَالَتْ بَلَى فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهَا بِالنِّكَاحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَلِمَةَ الِاسْتِفْهَامِ إذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّفْيِ كَانَتْ بِمَعْنَى الْإِثْبَاتِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا تَزَوَّجْتُكِ، فَقَالَتْ بَلَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَلَيْسَ قَدْ طَلَّقْتُكِ أَمْسِ، فَقَالَتْ بَلَى فَهُوَ إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَهَا تَزَوَّجْتُكِ أَمْسِ، فَقَالَتْ لَا، ثُمَّ قَالَتْ بَلَى، فَقَالَ الزَّوْجُ لَا لَزِمَهُ النِّكَاحُ، وَلَوْ قَالَ لَهَا أَلَمْ أُطَلِّقْكِ أَمْسِ؟ أَمَا طَلَّقْتُكِ أَمْسِ؟ فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ هَلْ طَلَّقْتُكِ أَمْسِ؟ فَهَذَا إقْرَارٌ بِالنِّكَاحِ وَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالطَّلَاقِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِرَجُلٍ طَلِّقْنِي فَهَذَا إقْرَارٌ بِالنِّكَاحِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ اخْلَعْنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ طَلَّقَنِي أَمْسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَتْ خَالَعَنِي أَمْسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَنْتَ مِنِّي مُظَاهِرٌ أَوْ مُولٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ قَالَ لَهَا أَنَا مِنْكِ مُولٍ أَوْ مُظَاهِرٌ كَانَ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ اخْتَلِعِي مِنِّي بِمَالٍ كَانَ هَذَا إقْرَارًا مِنْهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ طَلِّقْنِي، فَقَالَ الرَّجُلُ اخْتَارِي أَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُكِ بِيَدِكِ فِي الطَّلَاقِ أَوْ لَمْ يَقُلْ فِي الطَّلَاقِ فَهَذَا مِنْ الرَّجُلِ إقْرَارٌ بِالنِّكَاحِ، وَإِذَا قَالَ هَذَا الْكَلَامَ ابْتِدَاءً، وَقَالَ فِي الطَّلَاقِ كَانَ إقْرَارًا مِنْهُ بِالنِّكَاحِ، وَإِذَا لَمْ يَقُلْ فِي الطَّلَاقِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالنِّكَاحِ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ أَوْ بَتَّةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَهُ فِي جَوَابِ سُؤَالِ الطَّلَاقِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ حُرَّةٍ هَذَا ابْنِي مِنْكِ، فَقَالَتْ نَعَمْ فَهَذَا إقْرَارٌ بِالنِّكَاحِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا هَذَا ابْنُنَا، فَقَالَتْ نَعَمْ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي قَالَ لَهَا هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَمَةً لَا يَكُونُ هَذَا إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ طَلَّقَهَا مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ شَهْرٍ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا إلَّا أَنَّهَا إنْ صَدَّقَتْهُ فِي الْإِسْنَادِ فَعِدَّتُهَا مِنْ حِينِ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فِي الْإِسْنَادِ فَعِدَّتُهَا مِنْ وَقْتِ إقْرَارِ الزَّوْجِ بِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الدُّخُولِ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا، فَإِنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ وَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى بِإِقْرَارِهِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَمَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ بَعْدَ الطَّلَاقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ أَقَرَّتْ أَنَّ فُلَانًا وَطِئَهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ وَهُوَ يَجْحَدُ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ ابْنَ الرَّجُلِ أَوْ أَبَاهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ يَقُولُ طَلَّقْتُكِ وَاحِدَةً، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ التَّزْوِيجِ بِغَيْرِهِ جَازَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْ صَبِيًّا، ثُمَّ كَبِرَ فَتَزَوَّجَهَا أَوْ تَزَوَّجَ ابْنَتَهَا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَقْرَبَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، وَكُلُّ إقْرَارٍ يَكُونُ مِنْ الْمَرْأَةِ فِي مِثْلِ هَذَا لَمْ يَنْتَقِضْ بِهِ النِّكَاحُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ فَادَّعَى أَنَّ هَذِهِ أُخْتُهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا وَأَلْزَمْتُهُ نِصْفَ الْمَهْرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَقَالَتْ هِيَ مَا طَلَّقْتَنِي أَوْ تَزَوَّجْت غَيْرَكَ وَدَخَلَ بِي، فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ لَهَا قَبْلَ

الدُّخُولِ، وَكُلُّهُ وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَنَّ الْمَجْهُولَةَ أَقَرَّتْ أَنَّهَا ابْنَةُ أَبِي زَوْجِهَا وَصَدَّقَهَا أَبُو الزَّوْجِ وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ فَالْقَاضِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ أَنَّ أُخْتَيْنِ مَعْرُوفَتَيْنِ أَنَّهُمَا أُخْتَانِ وَهُمَا تَوْأَمَانِ تَزَوَّجَ رَجُلٌ إحْدَاهُمَا فَأَقَرَّتْ الْأُخْرَى أَنَّهَا ابْنَةُ أَبِي زَوْجِ أُخْتِهَا وَصَدَّقَهَا الْمُقَرُّ لَهُ بِذَلِكَ وَكَذَّبَتْهَا أُخْتُهَا وَزَوْجُ أُخْتِهَا فَالْقَاضِي يُفَرِّقُ بَيْنَ أُخْتِهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ أَمَةٌ أَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَهَا فَاشْتَرَاهَا أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَمَا وَطِئَهَا الْأَبُ أَوْ الِابْنُ يُصَدَّقُ إنْ كَانَ مَأْمُونًا عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَهَا فِي مِلْكِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا ابْنُهُ لَا يُصَدَّقُ الْأَبُ وَيَجُوزُ النِّكَاحُ قِيَاسًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا أَمَةُ فُلَانٍ، وَلَا يُعْرَفُ حَالُهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهَا وَتَصِيرُ أَمَةً لِلْمُقَرِّ لَهُ يَصْنَعُ بِهَا مَا يَصْنَعُ بِأَمَتِهِ، وَظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ فِي إقْرَارِهَا أَنَّهَا تَصِيرُ أَمَةً لَهُ يَسْتَرِقُّهَا وَيَسْتَخْدِمُهَا وَيَسْتَفْرِشُهَا وَمَشَايِخُنَا قَالُوا الْأَصَحُّ أَنْ يُقَسَّمَ فَيُقَالَ: إنَّمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ فِيمَا تَقُولُ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إذَا كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ إذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِإِنْسَانٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي إقْرَارِهِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَكَذَلِكَ صَبِيٌّ أَوْ صَبِيَّةٌ يَعْقِلُ وَيَتَكَلَّمُ إنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِغَيْرِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَصَارَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً لِلْمُقَرِّ لَهُ إذَا صَدَّقَهُ فِي إقْرَارِهِ، وَالْجَوَابُ فِي اللَّقِيطِ كَالْجَوَابِ فِي مَجْهُولِ الْحَالِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَهَذَا إذَا لَمْ تُعْرَفْ حُرِّيَّتُهُ بِنَوْعِ دَلِيلٍ، فَأَمَّا إذَا عُرِفَتْ حُرِّيَّتُهُ بِدَلِيلٍ بِأَنْ عُرِفَ أَنَّ أَبَوَيْهِ حُرَّا الْأَصْلِ أَوْ ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهُ بِالشُّهْرَةِ فَالْقَاضِي لَا يُصَدِّقُهُ فِي إقْرَارِهِ، وَلَا يَجْعَلُهُ مَمْلُوكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْقَاضِي قَضَى عَلَيْهِ بِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الْأَحْرَارِ بِأَنْ جَنَى أَوْ جُنِيَ عَلَيْهِ وَقَضَى الْقَاضِي بِأَرْشِ الْأَحْرَارِ فَلَا يُصَدِّقُهُ فِي إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ، وَكَذَلِكَ إذَا عُرِفَ كَوْنُهُ مُعْتَقَ رَجُلٍ فَأَقَرَّ بِالرِّقِّ لِإِنْسَانٍ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، فَإِنْ أَقَرَّ الْمُعْتِقُ بِذَلِكَ وَصَدَّقَهُ أَجَزْتُ إقْرَارَهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَا يَعْرِفُ أَحُرَّةٌ أَمْ أَمَةٌ؟ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ؛ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ حُرِّيَّتِهَا، وَلَوْ وَلَدَتْ أَوْلَادًا، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ وَصَدَّقَهَا الْمُقَرُّ لَهُ وَجَحَدَ الزَّوْجُ صُدِّقَ فِي حَقِّهَا حَتَّى صَارَتْ أَمَةً لَهُ وَمَا لَهَا لَهُ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ حَتَّى لَا يَبْطُلَ النِّكَاحُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ مِنْ الْمَوْلَى وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْمُقَرَّ لَهُ عَنْ اسْتِخْدَامِهَا، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَإِنْ أَعْطَاهَا الزَّوْجُ الْمَهْرَ قَبْلَ إقْرَارِهَا بَرِئَ وَبَعْدَ إقْرَارِهَا لَا يَبْرَأُ وَمَا وَلَدَتْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ حُرٌّ، فَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ عَبْدٌ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَطَلْقَتُهَا اثْنَتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ إقْرَارِهَا اثْنَتَيْنِ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَلَهُ عَلَيْهَا الثَّالِثَةُ، فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمُقَرُّ لَهُ فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ آلَى مِنْهَا فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ قَبْلَ أَنْ يَنْقَضِيَ شَهْرَانِ فَإِيلَاؤُهَا شَهْرَانِ، وَإِنْ أَقَرَّتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ شَهْرَيْنِ فَإِيلَاؤُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهَا فَأَرْشُ الْأَمَةِ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ جَنَتْ خُيِّرَ الْمُقَرُّ لَهُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي لَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِإِقْرَارِهَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ، وَلَوْ عَلِمَ لَا يَمْلِكُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُطَلِّقَهَا ثِنْتَيْنِ، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ فَعَلِمَ الزَّوْجُ، وَلَمْ يَعْزِلْ الْوَكِيلَ حَتَّى طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ بَانَتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ عَلِمَ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى عَزْلِ الْوَكِيلِ يَمْلِكُ مُرَاجَعَتَهَا، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ وَاحِدَةً فَمَضَتْ مِنْ عِدَّتِهَا حَيْضَةٌ، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ كَانَتْ عِدَّتُهَا حَيْضَتَيْنِ، وَلَوْ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ بَعْدَمَا حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ كَانَتْ عِدَّتُهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَلَوْ أَنَّ الزَّوْجَ آلَى مِنْهَا فَمَضَى شَهْرٌ، ثُمَّ آلَى مِنْهَا فَمَضَى شَهْرٌ، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ فَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ الثَّانِي شَهْرَانِ، فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ تَطْلُقُ

بِالْإِيلَاءِ الثَّانِي وَسَبَقَ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ الثَّانِي مُدَّةَ الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ آلَى مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ إذَا مَضَى شَهْرَانِ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ فَلَمَّا مَضَى شَهْرَانِ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ كَانَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ الثَّانِي شَهْرَيْنِ، فَإِذَا مَضَى شَهْرَانِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بَانَتْ بِتَطْلِيقَتَيْنِ بِحُكْمِ الْإِيلَاءَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا إذَا دَخَلْتُ الدَّارَ أَوْ إذَا كَلَّمْتُ فُلَانًا أَوْ صَلَّيْتُ الظُّهْرَ أَوْ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ، ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ طَلُقَتْ اثْنَتَيْنِ وَمَلَكَ الزَّوْجُ رَجْعَتَهَا؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ التَّعْلِيقِ لَا يَصِحُّ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ بِشَرْطِ الرَّجْعَةِ فَلَوْ حَرُمَتْ حُرْمَةً غَلِيظَةً يَتَضَرَّرُ بِقَوْلِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فِي تَطْلِيقَتَيْنِ أَوْ بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ؛ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ لَازِمٌ لَا يَقْبَلُ الرُّجُوعَ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا اثْنَتَيْنِ بِفِعْلِهَا فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ، ثُمَّ فَعَلَتْ ذَلِكَ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ، وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ عَلَّقَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ بَعْدَمَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ حَرُمَتْ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْكِتَابِ سَوَاءٌ كَانَ فِعْلًا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ أَوْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِثْلُ كَلَامِ الْأَبِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا مَجْهُولَ الْأَصْلِ لَهُ أَوْلَادٌ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ وَمُدَبَّرُونَ وَمُكَاتَبُونَ فَأَقَرَّ بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ جَازَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأُمَّهَاتِهِمْ وَمُدَبَّرِيهِ وَمُكَاتَبِيهِ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. فِي الْمُنْتَقَى عَبْدٌ قَالَ لِرَجُلٍ أَنَا ابْنُ أَمَتِك، وَهَذِهِ أُمِّي أَمَةٌ لَكَ وُلِدْتُ فِي مِلْكِكَ وَلَكِنِّي حُرٌّ مَا وُلِدْتُ إلَّا حُرًّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَا يَكُونُ عَبْدًا لَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ الْحَالِ فِي يَدِهَا ابْنٌ صَغِيرٌ مِنْ فُجُورٍ فَأَقَرَّتْ أَنَّهَا أَمَةٌ لِفُلَانٍ وَأَنَّ ابْنَهَا عَبْدٌ لَهُ فَهِيَ مُصَدَّقَةٌ عَلَى نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ أَنَا حُرٌّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ مَجْهُولَانِ لَهُمَا وَلَدٌ صَغِيرٌ أَقَرَّا بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ عَلَى نَفْسِهِمَا وَابْنِهِمَا جَازَ، وَإِنْ قَالَا نَحْنُ مَمْلُوكَانِ لِفُلَانٍ وَابْنُنَا هَذَا مَمْلُوكٌ لِفُلَانٍ آخَرَ وَكَذَّبَهُمَا مَوْلَاهُمَا فِي الِابْنِ فَالِابْنُ عَبْدٌ لَهُ مَعَهُمَا، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. رَجُلٌ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ يَصِيرُ رَقِيقًا إذَا لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِعِتْقِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بَعْدَمَا قَضَى الْقَاضِي بِعِتْقِهِ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ أَنَا عَبْدٌ لَكَ، فَقَالَ لَا، ثُمَّ قَالَ بَلَى يَكُونُ عَبْدًا لَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ ذُو الْيَدِ لِرَجُلٍ هُوَ عَبْدُكَ يَا فُلَانُ، فَقَالَ لَا، ثُمَّ قَالَ بَلَى هُوَ عَبْدِي وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ لَهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ، ثُمَّ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ لَهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَسُكُوتُ الْعَبْدِ عَنْ تَصَرُّفِ الْمَوْلَى فِيهِ هَلْ يَكُونُ إقْرَارًا بِالرِّقِّ لَهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ تَصَرُّفًا يَشْتَرِكُ فِيهِ الْحُرُّ وَالْمَمْلُوكُ كَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْخِدْمَةِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالرِّقِّ، وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا يَخْتَصُّ بِهِ الْمَمْلُوكُ كَالْبَيْعِ وَالتَّسَلُّمِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ مَعَ الْقَبْضِ وَدَفْعِهِ بِالْجِنَايَةِ فَالسُّكُوتُ عَنْ الرَّدِّ عِنْدَهُ يَكُونُ إقْرَارًا بِالرِّقِّ، وَسُكُوتُ الْعَبْدِ عَلَى سَوْمِ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالرِّقِّ أَمَّا إذَا بَاعَهُ، وَلَمْ يُسَلَّمْ وَهُوَ سَاكِتٌ هَلْ يَكُونُ إقْرَارًا بِالرِّقِّ اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ: يَكُونُ إقْرَارًا، وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالرِّقِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى أَمَةٍ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَادَّعَتْ الْأَمَةُ أَنَّهُ عَبْدُهَا، وَلَا يُعْرَفُ أَصْلُهُمَا وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَصَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِي دَعْوَاهُ مَعًا فَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ فَاَلَّذِي أَقَرَّ أَخِيرًا مَمْلُوكٌ لِلْأَوَّلِ إذَا صَدَّقَهُ ثَانِيًا، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ كَانَ عَبْدًا لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ، وَلَمْ يُكَذِّبْهُ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَمْلُوكًا لِلْآخَرِ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. إذَا قَالَ أَعْتِقْنِي فَهُوَ إقْرَارٌ بِالرِّقِّ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَعْتَقَنِي أَمْسِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ هَلْ أَعْتَقَنِي؟ إقْرَارٌ بِالرِّقِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ نَسَبٌ وَلَهُ ابْنٌ حُرٌّ وَاشْتَرَى الْمَجْهُولُ عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِإِنْسَانٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَجَحَدَ الْمُعْتَقُ

الباب السابع عشر في الإقرار بالنسب

صَحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى صَارَ رَقِيقًا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْمُعْتِقِ حَتَّى لَا يَبْطُلُ عِتْقُهُ فَلَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ وَتَرَكَ مَالًا فَمَالُهُ لِمَوْلَى الْمُعْتَقِ وَهُوَ الْمُقَرُّ لَهُ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ لِلْمَيِّتِ عَصَبَةٌ نَحْوُ الِابْنِ أَوْ الْأَخِ أَوْ الْعَمِّ فَهَؤُلَاءِ أَحَقُّ بِالْمِيرَاثِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمَيِّتِ إلَّا ابْنَةٌ فَلَهَا النِّصْفُ، وَالْبَاقِي لِلْمُعْتَقِ بِالْوَلَاءِ، ثُمَّ يَصِيرُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْمُعْتِقُ لَكِنَّهُ جَنَى جِنَايَةً يَسْعَى فِيهَا، وَلَا يَعْقِلُهَا أَحَدٌ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ أَوْ فِي دِيَةِ الْمَقْتُولِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَسْعَى فِي الدِّيَةِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِلَيْهِ مَالَ الْكَرْخِيُّ حَكَى عَنْهُ الْجَصَّاصُ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَمْلُوكِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ بِالرِّقِّ أَعْتَقَ الْمُقِرَّ، ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ الْأَوَّلُ فَمَالُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلْمُقِرِّ ابْنٌ حُرٌّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ إذَا كَانَ حَيًّا لَا حَقَّ لِلِابْنِ فِي تَرِكَةِ مُعْتَقِهِ فَلَوْ مَاتَ الْمُقِرُّ أَوَّلًا وَتَرَكَ ابْنًا حُرًّا، ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يَتْرُكْ عَصَبَةً فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمُقِرِّ لَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ لَهُ عَصَبَةٌ سِوَى الِابْنِ كَانَ الْمَالُ لَهُ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. [الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ] (الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ) يَصِحُّ إقْرَارُ الرَّجُلِ بِالْوَلَدِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ بِحَالٍ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنْ يُصَدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ فِي إقْرَارِهِ إذَا كَانَتْ لَهُ عِبَارَةٌ صَحِيحَةٌ وَبِالْوَالِدِ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ يُولَدُ لِمِثْلِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمُقِرُّ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنْ يُصَدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ فِي إقْرَارِهِ إذَا كَانَتْ لَهُ عِبَارَةٌ صَحِيحَةٌ وَبِالْمَرْأَةِ إذَا صَدَّقَتْهُ وَكَانَتْ خَالِيَةً عَنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ، وَأَنْ لَا تَكُونَ تَحْتَ الْمُقِرِّ أُخْتُهَا، وَلَا أَرْبَعُ سِوَاهَا وَبِالْمَوْلَى بِأَنْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ مُعْتَقِي أَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا مُعْتِقِي إذَا صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُعْتَقِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالْمُعْتِقِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَلَاءٌ ثَابِتٌ مِنْ الْغَيْرِ، وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَا عَدَا هَؤُلَاءِ نَحْوَ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْخَالِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ، وَتَفْسِيرُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِمَنْ ذَكَرْنَا اعْتِبَارُ الْإِقْرَارِ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ وَالْمُقَرَّ لَهُ مِنْ الْحُقُوقِ، وَفِيمَا يَلْزَمُ غَيْرَهُمَا حَتَّى أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالِابْنِ مَثَلًا فَالِابْنُ الْمُقَرُّ لَهُ يَرِثُ مَعَ سَائِرِ وَرَثَةِ الْمُقِرِّ، وَإِنْ جَحَدَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ نَسَبَهُ وَيَرِثُ أَيْضًا مِنْ أَبِي الْمُقِرِّ وَهُوَ جَدُّ الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ جَحَدَ الْجَدُّ نَسَبَهُ وَتَفْسِيرُ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِمَنْ ذَكَرْنَا عَدَمُ اعْتِبَارِ إقْرَارِهِ فِيمَا يَلْزَمُ غَيْرَ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ مِنْ الْحُقُوقِ أَمَّا فِيمَا يَلْزَمُهَا مِنْ الْحُقُوقِ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ مُعْتَبَرٌ حَتَّى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ مَثَلًا بِأَخٍ وَلَهُ وَرَثَةٌ سِوَاهُ يَجْحَدُونَ أُخُوَّتَهُ فَمَاتَ الْمُقِرُّ لَا يَرِثُهُ الْأَخُ مَعَ سَائِرِ وَرَثَتِهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَرِثُ مِنْ أَبِي الْمُقِرِّ إذَا كَانَ الْأَبُ يَجْحَدُ نَسَبَهُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَى الْمُقِرِّ حَالَ حَيَاتِهِ وَإِقْرَارُ الْمَرْأَةِ يَصِحُّ بِثَلَاثَةٍ بِالْوَلَدِ وَالزَّوْجِ وَالْمَوْلَى، وَلَا يَصِحُّ بِالِابْنِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَا ذُكِرَ أَنَّ إقْرَارَ الْمَرْأَةِ بِالِابْنِ لَا يَصِحُّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ إقْرَارُهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ مَلَكَ عَبْدًا فِي صِحَّتِهِ وَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ وَمِثْلُهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ فَهُوَ ابْنُهُ وَيَعْتِقُ وَيَرِثُهُ، وَلَا يَسْعَى فِي شَيْءٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِقِيمَتِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا مَلَكَ مَعَهُ أَمَةً، وَقَدْ مَلَكَهَا فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ لَا سِعَايَةَ عَلَى الْأُمِّ هَذَا إذَا مَلَكَ الْعَبْدَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَمَةٍ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ، فَإِذَا مَلَكَ الْعَبْدَ فِي مَرَضِهِ وَأَقَرَّ بِنَسَبِهِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ أَيْضًا وَعَتَقَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ مَالٌ آخَرُ يُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ ثُلُثِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ، ثُمَّ فِي أَيِّ قَدْرٍ يَسْعَى؟ ذُكِرَ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَعِنْدَهُمَا يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ إلَّا قَدْرَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْمِيرَاثِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُطْرَحُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ لِلْمَرِيضِ مَالٌ يُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَعَلَى قَوْلِهِمَا يَرِثُ الْعَبْدُ مِنْهُ وَيَسْعَى فِي

قِيمَتِهِ إلَّا قَدْرَ مَا يُصِيبُهُ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرِثُ، وَلَا يَسْعَى فِي شَيْءٍ مِنْ قِيمَتِهِ، وَأَمَّا الْجَارِيَةُ، فَإِنَّمَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا، وَإِنْ مَلَكَهَا فِي حَالَةِ الْمَرَضِ عِنْدَهُمْ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدٌ صَغِيرٌ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ بَيْنَ اثْنَيْنِ اشْتَرَيَاهُ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ ابْنِي وَابْنُك أَوْ قَالَ ابْنُكَ وَابْنِي أَوْ قَالَ ابْنُنَا، فَإِنْ ذَكَرَهُ مَوْصُولًا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُقِرِّ صَدَّقَهُ شَرِيكُهُ أَوْ كَذَّبَهُ، وَإِنْ فَصَلَ بِأَنْ قَالَ ابْنِي وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ وَابْنُكَ نَفَذَ عَلَى الْمُقِرِّ، وَلَوْ قَالَ ابْنُكَ وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ وَابْنِي، فَإِنْ صَدَّقَهُ شَرِيكُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الشَّرِيكِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ شَرِيكُهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ الشَّرِيكِ، وَهَلْ يَثْبُتُ مِنْ الْمُقِرِّ؟ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَثْبُتُ، وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ، وَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَعْدَ مَقَالَةِ الْمُقِرِّ فِيمَا إذَا فَصَلَ هُوَ ابْنِي وَابْنُكَ أَوْ قَالَ ابْنُكَ وَابْنِي أَوْ ابْنُنَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْهُ تَصْدِيقٌ وَإِقْرَارٌ، وَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ هُوَ ابْنُكَ دُونِي أَوْ ابْنُكَ وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ هُوَ ابْنِي لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ فَلَا يَثْبُتُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِالرِّقِّ لَهُمَا فَهُوَ وَاَلَّذِي لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ سَوَاءٌ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِالرِّقِّ لَهُمَا يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى قَوْلِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُ الْمُقِرِّ فَهُوَ ابْنُ الْمُقِرِّ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُ الْمُقَرِّ لَهُ فَهُوَ ابْنُ الْمُقَرِّ لَهُ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَإِنْ أَنْكَرَ نَسَبَهُ مِنْهُمَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ جَاءَتْ بِوَلَدٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ ابْنِي وَابْنُك أَوْ ابْنُكَ وَابْنِي أَوْ ابْنُنَا، فَإِنْ صَدَّقَهُ شَرِيكُهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُقِرِّ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدِهِ تَبَعًا لِلنَّسَبِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِلشَّرِيكِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ، وَنِصْفُ الْعُقْرِ بِنِصْفِ الْعُقْرِ قِصَاصٌ، وَإِنْ كَذَّبَهُ شَرِيكُهُ فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ هَاهُنَا يَجِبُ لِلشَّرِيكِ عَلَى الْمُسْتَوْلِدِ نِصْفُ الْعُقْرِ، وَلَمْ يَجِبْ لِلْمُسْتَوْلِدِ عَلَى شَرِيكِهِ نِصْفُ الْعُقْرِ، كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. رَجُلَانِ اشْتَرَيَا غُلَامًا مِنْ السُّوقِ وَكَانَ عَبْدَ الرَّجُلِ وُلِدَ عِنْدَهُ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ هَذَا ابْنِي وَابْنُكَ أَوْ قَالَ هُوَ ابْنُكَ وَابْنِي أَوْ قَالَ هُوَ ابْنُنَا جَمِيعًا، فَقَالَ صَاحِبُهُ صَدَقْتَ أَوْ قَالَ كَذَبْتَ فَهُوَ ابْنُ الْمُقِرِّ، وَلَا يُرْجَعُ فِيهِ إلَى قَوْلِ الْغُلَامِ، وَإِنْ كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ صَدَّقَهُ شَرِيكُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ أَصْلًا، وَإِنْ كَذَّبَهُ كَانَ حُكْمُ الْوَلَدِ كَحُكْمِ عَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا، وَإِنْ قَالَ الشَّرِيكُ هُوَ ابْنُكَ دُونِي فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ الْمُقِرُّ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا وَلَكِنْ يَسْعَى الْغُلَامُ لَهُ فِي قِيمَتِهِ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الْمُقِرُّ إنْ كَانَ مُوسِرًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ اشْتَرَيَا عَبْدًا فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ شَهِدَ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَدَّعِيَهُ وَصَدَّقَهُ صَاحِبُهُ سَقَطَ الضَّمَانُ عَنْ الْمُقِرِّ بِتَصْدِيقِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ، وَقَالَ شَرِيكُهُ كُنْتُ أَعْتَقْتُهَا قَبْلَ أَنْ تُقِرَّ بِهَذَا وَكَذَّبَهُ الْمُقِرُّ فَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُقِرِّ وَضَمِنَ الْمُقِرُّ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِمَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْوَلَدَ وَالْآخَرُ الْأُمَّ مَعًا، أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهَا ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ مُدَّعِي الْوَلَدِ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّ دَعْوَةَ الْوَلَدِ دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ فَتَسْتَنِدُ إلَى أَوَّلِ الْعُلُوقِ وَدَعْوَةُ الْأُمِّ دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ فَتَقْتَصِرُ عَلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ فَكَانَ السَّابِقُ أَوْلَى وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَإِنْ زَعَمَ الشَّرِيكُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ لَهُ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّهَا بِنْتُهُ أَوْ مُعْتَقَتُهُ وَيَضْمَنُ نِصْفَ عُقْرِهَا لِإِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ، وَلَا يَضْمَنُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا لِعُلُوقِهِ حُرًّا مِنْ الْأَصْلِ، كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. اسْتَوْلَدَهَا، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهَا لِفُلَانٍ زَوَّجَهَا مِنْهُ وَصَدَّقَتْهُ فَهِيَ وَالْغُلَامُ مَمْلُوكَانِ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى تَكْذِيبِ الْغُلَامِ إذَا بَلَغَ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَقُلْ شَيْئًا حَتَّى مَاتَتْ، فَإِنْ كَذَّبَتْهُ الْجَارِيَةُ لَمْ يُصَدَّقْ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يُقْضَى بِالْعُقْرِ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ صُدِّقَ

وَيَكُونُ الِابْنُ عَبْدًا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ أَنْكَرَتْ وَمَاتَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَيْءٍ لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ حَتَّى يَكْبَرَ الْغُلَامُ، فَإِذَا كَبِرَ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ حَيَّةً وَالْغُلَامُ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَصَدَّقَتْهُ وَكَذَّبَهُ الْغُلَامُ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ عَتَقَ الْغُلَامُ، وَالْأُمُّ أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُقِرِّ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ وَلِعَبْدِهِ ابْنٌ وَلِابْنِ عَبْدِهِ ابْنَانِ وُلِدَا فِي بَطْنَيْنِ وَكُلُّهُمْ يُولَدُ مِثْلُهُمْ لِمِثْلِ الْمَوْلَى، فَقَالَ الْمَوْلَى فِي صِحَّتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ مَا دَامَ حَيًّا فَفِي أَيِّهِمْ بَيَّنَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَعَتَقَ مَا بَعْدَهُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَالْعَبْدُ يَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ وَابْنُهُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْغَرَيْنِ فِي رُبْعِ قِيمَتِهِ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ وَلِعَبْدِهِ ابْنَانِ وُلِدَا فِي بَطْنَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلِكُلِّ ابْنٍ ابْنٌ فَهُمْ خَمْسَةٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُولَدُ مِثْلُهُ لِلْمَوْلَى، فَقَالَ الْمَوْلَى فِي صِحَّتِهِ أَحَدُ هَؤُلَاءِ وَلَدِي، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْبَيَانِ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ الْأَوَّلِ خُمُسُهُ وَيَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ، وَأَمَّا الْأَوْسَطَانِ فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعُهُ وَيَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ، وَأَمَّا الْأَصْغَرَانِ فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثَاهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبِيدُ سَبْعَةً بِأَنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْغَرَيْنِ ابْنٌ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ وَلَدِي، فَعِنْدَهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتِقُ مِنْ الْأَوَّلِ سُبْعُهُ وَيَسْعَى فِي سِتَّةِ أَسْبَاعِ قِيمَتِهِ وَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ابْنَيْهِ سُدُسُهُ وَيَسْعَى فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ قِيمَتِهِ وَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ابْنَيْ الِابْنَيْنِ خُمُسُهُ وَيَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ وَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْغَرَيْنِ خَمْسَةُ أَثْمَانِهِ وَيَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِ قِيمَتِهِ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَعْتَقْنَاهُ أَوْ قَالَ أَعْتَقْتُهُ أَنَا وَأَنْتَ أَوْ قَالَ أَعْتَقْتَهُ أَنْتَ وَأَنَا وَصَدَّقَهُ صَاحِبُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَتَقَ الْعَبْدُ عَنْهُمَا وَصَارَ مَوْلًى لَهُمَا، وَإِنْ كَذَّبَهُ صَاحِبُهُ عَتَقَ عَلَى الْمُقِرِّ بِإِقْرَارِهِ وَصَارَ كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا فَيَكُونُ لِلشَّرِيكِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَتَعَيَّنُ الضَّمَانُ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مُوسِرًا وَالسِّعَايَةُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَوَلَاءُ نَصِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ وَوَلَاءُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ رَدَّ مَا أَخَذَ مِنْ الضَّمَانِ أَوْ السِّعَايَةِ وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ هَذَا أَمْسِ وَهُوَ كَاذِبٌ عَتَقَ فِي الْقَضَاءِ، وَلَمْ يَعْتِقْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكَ أَمْسِ وَقُلْتُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَعْتِقْ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكَ أَمْسِ وَإِنَّمَا اشْتَرَاهُ الْيَوْمَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَعْتَقْتُك قَبْلَ أَنْ اشْتَرَيْتُكَ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَدْخُلَ، وَلَوْ قَالَ جَعَلْتُ أَمْرَك فِي يَدِك فِي الْعِتْقِ أَمْسِ فَلَمْ تُعْتِقْ نَفْسَكَ، وَقَالَ الْعَبْدُ بَلْ أَعْتَقْتُ نَفْسِي لَمْ يَعْتِقْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُك عَلَى مَالٍ، وَقَالَ الْعَبْدُ أَعْتَقْتَنِي بِغَيْرِ مَالٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ، وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكَ عَلَى مَالٍ أَمْسِ فَلَمْ تَقْبَلْ، فَقَالَ الْعَبْدُ بَلْ قَبِلْتُ أَوْ قَالَ أَعْتَقْتَنِي بِغَيْرِ شَيْءٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ هَذَا لَا بَلْ هَذَا عَتَقَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ كَاتَبْتُكَ، وَلَمْ يُسَمِّ مَالًا، وَقَالَ الْعَبْدُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يُصَدَّقَ الْعَبْدُ، وَلَا يُصَدَّقُ عِنْدَهُمَا، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَالَ كَاتَبْتُكَ أَمْسِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ تَقْبَلْ الْكِتَابَةَ، وَقَالَ الْعَبْدُ بَلْ قَبِلْتُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ هَذَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ لَا بَلْ هَذَا وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْكِتَابَةَ جَازَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهُ أَوْ أَنَّهُ كَاتَبَهُ أَمْسِ وَإِنَّمَا اشْتَرَاهُ الْيَوْمَ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَاتَبَهُ أَمْسِ، وَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ اسْتَثْنَيْتُ الْخِيَارَ لِنَفْسِي، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارٌ فَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ، وَلَا يُصَدَّقُ الْمَوْلَى عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ، وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ فِي

الباب الثامن عشر في الإقرار في البيع والشراء وفي الإقرار بالعيب

جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. دَبَّرَ جَارِيَةً، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهَا كَانَتْ مُدَبَّرَةً لِآخَرَ غَصَبْتُهَا مِنْهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْجَارِيَةِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ اسْتِخْدَامِهَا وَوَطْئِهَا قَضَاءً، وَفِي الدِّيَانَةِ لَا يَفْعَلُ إنْ كَانَ كَمَا يَقُولُ، وَإِنْ قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ لِلْمُقِرِّ، وَلَوْ قَتَلَهَا الْمُقَرُّ لَهُ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ قِيَاسًا، وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ دَبَّرْتُهَا أَنَا وَأَنْتَ أَوْ قَالَ دَبَّرْتَهَا أَنْتَ وَأَنَا أَوْ قَالَ دَبَّرْنَاهَا، فَإِنْ صَدَّقَهُ صَاحِبُهُ فِي ذَلِكَ فَهِيَ مُدَبَّرَةٌ لَهُمَا، وَإِنْ كَذَّبَهُ صَاحِبُهُ فِي ذَلِكَ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ جَارِيَةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَبَّرَهَا أَحَدُهُمَا وَالْحُكْمُ ثَمَّةَ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلشَّرِيكِ خِيَارَاتٍ خَمْسَةً إنْ شَاءَ دَبَّرَ نَصِيبَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ نَصِيبَهُ عَلَى حَالِهِ. وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُقِرُّ الْمُدَبَّرَ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْجَارِيَةَ إنْ كَانَ الْمُدَبَّرُ مُعْسِرًا أَوْ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ، فَإِنْ ضَمِنَ الْمُقِرُّ كَانَتْ الْجَارِيَةُ نِصْفُهَا مُدَبَّرَةٌ لِلْمُقِرِّ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مَوْقُوفٌ تَخْدِمُ الْمُقِرَّ يَوْمًا وَتُوقَفُ يَوْمًا، فَإِنْ عَادَ الشَّرِيكُ إلَى تَصْدِيقِ الْمُقِرِّ صَارَتْ مُدَبَّرَةً بَيْنَهُمَا وَرَدَّ عَلَى الْمُقِرِّ مَا أَخَذَ مِنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى تَصْدِيقِهِ حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَلَا مَالَ لَهُ سِوَى الْجَارِيَةِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ وَصَدَّقَتْهُ الْجَارِيَةُ فِيمَا قَالَ سَعَتْ فِي ثُلُثَيْ نِصْفِ قِيمَتِهَا لِوَرَثَةِ الْمُقِرِّ. وَأَمَّا إذَا كَذَّبَتْ الْجَارِيَةُ الْمُقِرَّ فِيمَا قَالَ سَعَتْ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُنْكِرُ، فَإِنْ صَدَّقَتْ الْجَارِيَةُ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ، فَإِنَّهَا تَسْعَى لِلْمُقِرِّ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهَا، وَإِنْ كَذَّبَتْ الْجَارِيَةُ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ، فَإِنَّهَا تَسْعَى لِلْمُقِرِّ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا وَذَلِكَ قِيمَةُ حِصَّتِهِ، وَلَمْ تَسْعَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا مَاتَا جَمِيعًا أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ أَوَّلًا، ثُمَّ الْمُنْكِرُ، وَالْجَارِيَةُ صَدَّقَتْ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ فَحُكْمُ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُنْكِرِ أَنْ يَعْتِقَ ثُلُثُ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ حِصَّةُ الْمُقِرِّ وَتَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ فِي ثُلُثَيْ ذَلِكَ النِّصْفِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُنْكِرُ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَتْ عَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي نَصِيبِ الْمُنْكِرِ لِلْمُقِرِّ، وَإِذَا وَجَبَتْ السِّعَايَةُ فِي نَصِيبِ الْمُنْكِرِ لِلْمُقِرِّ صَارَ ذَلِكَ تَرِكَةً لِلْمُقِرِّ وَازْدَادَتْ تَرِكَةُ الْمُقِرِّ، وَإِذَا زَادَتْ تَرِكَةُ الْمُقِرِّ ازْدَادَ الثُّلُثُ فَيُسَلَّمُ لَهَا ثُلُثُ جَمِيعِ الرَّقَبَةِ وَتَسْعَى فِي ثُلُثَيْ جَمِيعِ الرَّقَبَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ كَذَّبَتْ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ تَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا، وَإِنْ مَاتَ الْمُنْكِرُ أَوَّلًا، ثُمَّ الْمُقِرُّ، وَالْجَارِيَةُ صَدَّقَتْ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ذَكَرُوا أَنَّهُ تَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ فِي كُلِّ قِيمَتِهَا. وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ كَذَّبَتْ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ فَنَقُولُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ: قَبْلَ مَوْتِ الْمُقِرِّ أَنَّهُ تَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ لَا غَيْرُ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ، وَمَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ذَكَرُوا أَنَّهُ تَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ فِي كُلِّ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَزِمَتْهَا السِّعَايَةُ فِي كُلِّ الْقِيمَةِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُقِرِّ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِمَوْتِ الْمُقِرِّ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا كُلُّهُ بَيَانُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا بَيَانُ مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَتَصِيرُ كُلُّهَا مُدَبَّرَةً بِإِقْرَارِ الْمُقِرِّ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ صَدَّقَ الشَّرِيكُ الْمُقِرَّ فَهِيَ مُدَبَّرَةٌ بَيْنَهُمَا، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُقِرِّ، وَإِنْ كَذَّبَهُ ضَمِنَ الْمُقِرُّ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِلشَّرِيكِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا أَوْ يَكُونُ نِصْفُهَا مُدَبَّرًا لِلْمُقِرِّ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يَعُودَ الشَّرِيكُ إلَى تَصْدِيقِ الْمُقِرِّ، فَإِنْ عَادَ صَارَتْ مُدَبَّرَةً بَيْنَهُمَا وَرَدَّ الشَّرِيكُ مَا أَخَذَ مِنْ الْمُقِرِّ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ حَتَّى مَاتَ الْمُقِرُّ سَعَتْ فِي ثُلُثَيْ نِصْفِ قِيمَتِهَا لِوَرَثَةِ الْمُقِرِّ وَلَيْسَ عَلَيْهَا غَيْرُ ذَلِكَ لِلْحَالِ صَدَّقَتْ الْجَارِيَةُ الْمُقِرَّ أَوْ كَذَّبَتْهُ. وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ هَذَا عَلَى مَذْهَبِهِمَا عَلَى حَسَبِ مَا بَيَّنَّا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْإِقْرَارِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَفِي الْإِقْرَارِ بِالْعَيْبِ] (الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْإِقْرَارِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَفِي الْإِقْرَارِ بِالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ) لَوْ قَالَ الرَّجُلُ بِعْتُكَ عَبْدِي هَذَا أَمْسِ فَلَمْ تَقْبَلْ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبِلْتُ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ مِنْكَ هَذَا فَلَمْ تَقْبَلْ، فَقَالَ الْبَائِعُ بَلَى قَدْ قَبِلْتُ فَالْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْتَظِمُ بِفِعْلِهِمَا جَمِيعًا، كَذَا

فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ هَذَا مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ مِنْهُ، وَلَمْ يُسَمِّهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَوْ سَمَّى وَأَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَهُ كَانَ هَذَا أَجْوَزَ، وَلَوْ سَمَّى ثَمَنًا، وَقَالَ لَمْ أَقْبِضْهُ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضْتَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ دَارًا مِنْهُ، وَلَمْ يُسَمِّهَا، ثُمَّ جَحَدَهُ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ، وَكَذَا إنْ سَمَّى الْمَبِيعَ، وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا، فَإِنْ حَدَّدَ الدَّارَ وَسَمَّى الثَّمَنَ يَلْزَمُهُ، وَإِنْ جَحَدَ ذَلِكَ الْبَائِعُ، وَلَا يَعْرِفُ الشُّهُودُ الْحُدُودَ بَعْدَ أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْحُدُودِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ مِنْ فُلَانٍ، وَلَمْ يُسَمِّ الْعَبْدَ، ثُمَّ جَحَدَ فَهَذَا الْإِقْرَارُ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ مِنْ فُلَانٍ غَيْرَ أَنَّ الشُّهُودَ لَمْ يَعْرِفُوهُ بِعَيْنِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ مِنْهُ، وَلَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْكَ بِخَمْسِمِائَةٍ فَجَحَدَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ بَاعَهُ بِشَيْءٍ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي، وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ فُلَانٌ مَا اشْتَرَيْتُهُ مِنْكَ بِشَيْءٍ، ثُمَّ قَالَ بَلَى قَدْ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ مَا بِعْتُكَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ، وَلَوْ كَانَ حِينَ جَحَدَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ قَالَ الْبَائِعُ صَدَقْتَ لَمْ تَشْتَرِهِ، ثُمَّ قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ اشْتَرَيْتُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْبَيْعُ، وَلَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَ الْبَائِعُ عَلَى مَا يَدَّعِي مِنْ الشِّرَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تَصَادُقُهُمَا عَلَى الشِّرَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ الْمُسْتَقْبَلِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ لَا بَلْ مِنْ فُلَانٍ فَهُوَ بَاطِلٌ وَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ ادَّعَاهُ بِثَمَنٍ مُسَمًّى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ لِفُلَانٍ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدْتُهُ الثَّمَنَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ اشْتَرَيْتُهُ مِنْ فُلَانٍ الْآخَرِ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَنَقَدْتُهُ الثَّمَنَ، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ لِلْأَوَّلِ وَالثَّمَنُ لِلْآخَرِ، هَذَا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَيْعَيْنِ فَقَطْ دُونَ نَقْدِ الثَّمَنَيْنِ، فَأَمَّا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى نَقْدِ الثَّمَنَيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِذَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَالْعَبْدُ لِلْأَوَّلِ إنْ جَحَدَ الْبَيْعَ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الثَّانِي فِي ذَلِكَ فَلَهُ الثَّمَنُ خَمْسُمِائَةٍ، وَإِنْ جَحَدَ الْبَيْعَ ضَمِنَ لَهُ الْمُقِرُّ قِيمَةَ الْعَبْدِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ إقْرَارِ الرَّجُلِ فِي نَصِيبِهِ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَمْ يُقِمْ عَلَى الْآخَرِ وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ بِالْبَيْعِ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا لَوْ ثَبَتَ الْبَيْعَانِ جَمِيعًا بِالْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَقَدْ خَرَجَ نِصْفُ الْعَبْدِ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ فِي الثَّمَنِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ رَضِيَ الْبَائِعُ بِاسْتِرْدَادِ مَا بَقِيَ أَمْ لَمْ يَرْضَ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ فِي الثَّمَنِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ مَا بَقِيَ مِنْهُ وَيَتْبَعَ الْمُشْتَرِيَ بِحِصَّةِ مَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ عَلَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي فَحِينَئِذٍ يَجْرِي التَّحَالُفُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ قِيمَةَ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ وَقِيمَةَ مَا اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا، ثُمَّ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، فَقَالَ الْبَائِعُ إنَّمَا كَانَتْ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّكَ وَهَبْتَهَا لَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَحَضَرَ الْبَائِعُ يُرِيدُ اسْتِرْدَادَهَا، فَقَالَ الْمُشْتَرِي وُهِبْتُهَا مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضَهَا، ثُمَّ أَوْدَعَهَا عِنْدِي وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا، فَإِنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِمَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي أَوْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ حَلَّفَهُ الْمُشْتَرِي فَنَكَلَ انْدَفَعَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِلْبَائِعِ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى

مَا ذَكَرْنَا وَاسْتَرَدَّهَا الْبَائِعُ، ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي سُلِّمَتْ الْجَارِيَةُ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْبَائِعِ وَيَغْرَمُ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي وَهَبْتُهَا لِفُلَانٍ وَقَبَضَهَا، ثُمَّ أَوْدَعَنِيهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا وَاسْتَوْلَدَهَا فَجَحَدَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا وَيَأْخُذُ قِيمَتَهَا وَتَكُونُ مَوْقُوفَةَ الْوَلَاءِ وَتَصِيرُ مُدَبَّرَةً مَوْقُوفَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ مَوْقُوفَةً تَعْتِقُ بِمَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، فَإِنْ حَضَرَ وَصَدَّقَ الْمُشْتَرِيَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَكَانَتْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ كَمَا قَالَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ حَضَرَ وَادَّعَى الْهِبَةَ وَأَنْكَرَ الْإِعْتَاقَ وَغَيْرَهُ فَهِيَ أَمَةٌ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ كَاتَبَهَا وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَتَكُونَ فِي يَدِهِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ، فَإِنْ حَضَرَ وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ سُلِّمَتْ الْجَارِيَةُ لِلْبَائِعِ إلَّا إذَا أَقَامَتْ الْجَارِيَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ بَاعَهَا وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَاتَبَهَا فَحِينَئِذٍ يُقْضَى بِكِتَابَتِهَا، وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْهِبَةِ وَكَذَّبَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَخَذَهَا وَكَانَتْ أَمَةً لَهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَخَذَهَا مِنْ الْبَائِعِ وَكَانَتْ كَمَا قَالَ الْمُشْتَرِي وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حِينَ رُدَّتْ عَلَيْهِ بَاعَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا إذَا صَدَّقَ الْغَائِبُ الْمُشْتَرِيَ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ وَيَنْفُذُ فِيمَا إذَا كَذَّبَهُ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا أَقَرَّ بِالْبَيْعِ صَحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا أَوْ هَالِكًا، وَلَوْ أَقَرَّ الْمُوَكِّلُ أَنَّ الْوَكِيلَ بَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ وَالْوَكِيلُ يَجْحَدُ فَالْعَبْدُ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ عَبْدًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْآمِرُ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا لَمْ يُصَدَّقْ الْوَكِيلُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا صُدِّقَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. عَبْدٌ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ فَاسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ، فَقَالَ رَبُّ الْعَبْدِ لِلْبَائِعِ أَنَا أَمَرْتُك بِالْبَيْعِ فَلِي الثَّمَنُ، وَقَالَ الْوَكِيلُ لَمْ تَأْمُرْنِي وَلِي الثَّمَنُ وَلَكَ الْقِيمَةُ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ وَلَكِنَّهُ أَجَازَ الْبَيْعَ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ فَالْأَرْشُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ فَالْأَرْشُ لِرَبِّ الْعَبْدِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ أَقَرَّ رَبُّ الْعَبْدِ أَنَّهُ أَجَازَ الْبَيْعَ بَعْدَمَا وَقَعَ بِيَوْمٍ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْعَبْدِ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَيِّتًا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ جَارِيَةٍ لَهُ فَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَ الْمُوَكِّلُ يُرِيدُ اسْتِرْدَادَهَا، فَقَالَ الْوَكِيلُ قَدْ بِعْتُهَا مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهَا وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَهُوَ هَذَا، ثُمَّ أَوْدَعَنِيهَا، وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَرُدَّتْ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْوَكِيلِ عَلَى مَا ادَّعَى، فَإِنْ حَضَرَ الْمُقَرُّ لَهُ وَأَنْكَرَ سُلِّمَتْ الْجَارِيَةُ لِلْمُوَكِّلِ، فَإِنْ ادَّعَى مَا أَقَرَّ بِهِ الْوَكِيلُ أَخَذَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَيَأْخُذُ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ مِنْ الْوَكِيلِ إنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِهِ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ الْمُقَرُّ لَهُ الثَّمَنَ وَيَأْخُذُ الْجَارِيَةَ، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ الْمَأْسُورَةُ إذَا اشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ بِأَلْفٍ وَأَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَجَاءَ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ لِيَأْخُذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، فَقَالَ وُهِبْتُهَا مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضَهَا مِنِّي، ثُمَّ أَوْدَعَنِيهَا وَغَابَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَيُقْضَى بِهَا لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ، وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا ادَّعَى، فَإِنْ حَضَرَ الْمُقَرُّ لَهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ سُلِّمَتْ الْجَارِيَةُ لِلْمَوْلَى الْقَدِيمِ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ ادَّعَى مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمَوْلَى الْقَدِيمِ وَأَخَذَ الْمَوْلَى مِنْهُ بِالْقِيمَةِ وَرَدَّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ عَلَى الْمَالِكِ الْقَدِيمِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ وَهَبَ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ، فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وُهِبْتُهُ مِنْ فُلَانٍ وَسَلَّمْتُهُ إلَيْهِ، ثُمَّ أَوْدَعَنِي يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ، فَإِنْ كَذَّبَهُ فِيمَا ادَّعَى فَالرُّجُوعُ مَاضٍ، فَإِنْ صَدَّقَهُ يُؤْمَرُ الْوَاهِبُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ أَوْ أَنَّهُ عَوَّضَهُ

أَوْ غَيَّرَهُ مِمَّا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ. لَوْ أَمَرَ رَجُلٌ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَادَّعَى ذَلِكَ الْبَائِعُ وَجَحَدَهُ الْآمِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَسَمَّى جِنْسَهُ وَصِفَتَهُ وَثَمَنَهُ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى هَذَا الْعَبْدَ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ وَجَحَدَهُ الْآمِرُ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ إنْ كَانَ دَفَعَ الْآمِرُ الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ، وَقَالَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَكَانَ مِثْلُهُ يُشْتَرَى بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ، وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ قَدْ مَاتَ، ثُمَّ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ هَذَا الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ بِعَيْنِهِ أَوْ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ كَانَ الْآمِرُ لَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ الْوَكِيلُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى الْآمِرِ وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ الْوَكِيلَ وَتَحْلِفُ الْوَرَثَةُ عَلَى عِلْمِهِمْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ الْمَيِّتَ، كَذَا فِي الْحَاوِي. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةَ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ نَعَمْ فَاشْتَرَاهَا قَبَضَهَا أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى قَالَ اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَصِرْتُ مُخَالِفًا فَالْجَارِيَةُ لِي، وَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيْتَهَا بِأَلْفٍ وَالْجَارِيَةُ مِلْكِي وَصَدَّقَ الْبَائِعُ الْآمِرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَالْآمِرِ إنْ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ، فَيُعْطِي الْآمِرُ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى الْبَائِعِ وَيَأْخُذُ الْجَارِيَةَ، فَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ عَلَى مَا ادَّعَى لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ الْآمِرُ لَهُ ذَلِكَ. فَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَأَعْطَى الْبَائِعَ الثَّمَنَ وَالْعُهْدَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ، وَلَا يُرْجَعُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعُهْدَةِ عَلَى الْمَأْمُورِ، وَإِنْ نَكَلَ صَارَتْ الْجَارِيَةُ لِلْمُشْتَرِي وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَأْخُذُ الْجَارِيَةَ، فَإِنْ رَجَعَ الْبَائِعُ إلَى تَصْدِيقِهِ أَخَذَ خَمْسَمِائَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُطَالِبَ الْآمِرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ حَكَى الْجَصَّاصُ عَنْ الْكَرْخِيِّ وَالْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْهَيْثَمِ عَنْ الْقُضَاةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْآمِرَ، وَقَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ الْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى سَوَاءً إلَّا فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ فِي الْأُولَى إذَا أَخَذَ الْآمِرُ الْجَارِيَةَ وَأَدَّى الْأَلْفَ إلَى الْبَائِعِ، ثُمَّ اسْتَحْلَفَهُ الْمُشْتَرِي وَنَكَلَ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ مِنْ الْآمِرِ مَجَّانًا بِغَيْرِ شَيْءٍ فِي الْقِيَاسِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَأْخُذُهَا بِمَا أَدَّى مِنْ الْأَلْفِ وَكَانَ لِلْآمِرِ حَقُّ حَبْسِهَا عَنْ الْمُشْتَرِي إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ الْأَلْفَ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَأْخُذُهَا مَجَّانًا بِغَيْرِ شَيْءٍ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا. هَذَا إذَا أَقَرَّ بِالشِّرَاءِ، أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الشِّرَاءَ أَصْلًا، فَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفٍ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْآمِرِ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أَسْتَحْلِفُ الْمُشْتَرِيَ بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَى لِلْآمِرِ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الْعُهْدَةُ فَيُؤَدِّي الثَّمَنَ وَيَرْجِعُ فِيهِ عَلَى الْآمِرِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْأَدَاءِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ الْآمِرِ حِينَ أَنْكَرَ الشِّرَاءَ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اسْتِحْلَافَ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي مَسْأَلَتَيْ الْخِلَافِ بِالْكَثْرَةِ وَالْخِلَافِ بِتَغَايُرِ الْجِنْسِ. مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ لَا يُسْتَحْلَفُ ثَمَّةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُنَاكَ أَيْضًا يُسْتَحْلَفُ إذَا حَلَفَ الْآمِرُ بِاَللَّهِ مَا عَلِمَ أَنَّهُ اشْتَرَى بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ قَبَضَ الثَّمَنَ أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ كَانَ الثَّمَنُ أَلْفًا أَوْ مِائَةَ دِينَارٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ فَبَطَلَ قَوْلُهُ. بَقِيَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْآمِرِ وَالْمَأْمُورِ فَالْمَأْمُورُ يَدَّعِي أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَالْآمِرُ يَدَّعِي أَنَّهُ اشْتَرَى لَهُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَ الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الشِّرَاءُ لِلْآمِرِ هَذَا إذَا صَدَقَ الْآمِرُ، وَإِنْ صَدَقَ الْمَأْمُورُ، وَقَدْ سَمَّى الْآمِرُ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يُسَمِّ فَاشْتَرَى، فَقَالَ اشْتَرَيْتُ بِأَلْفٍ، وَقَالَ

الْآمِرُ اشْتَرَيْتَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَصَدَّقَ الْبَائِعُ الْمَأْمُورَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. إذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ هَذَا وَبِهِ هَذَا الْعَيْبُ وَادَّعَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ اسْتَحْلَفَ الْمُشْتَرِيَ مَا أَبْرَأَهُ وَمَا عُرِضَ عَلَى بَيْعٍ مُنْذُ رَآهُ، وَلَا رَضِيَ بِهِ، وَلَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ، فَإِنْ حَلَفَ رَدَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَبِهِ هَذَا الْعَيْبُ وَهُوَ عَيْبٌ يَحْدُثُ مِثْلُهُ وَجَحَدَ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ وَبِهِ عَيْبٌ، وَلَمْ يُسَمِّهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ بِالْمُشْتَرَى عَيْبًا يُتَوَهَّمُ زَوَالُهُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ بِأَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ وَبِهِ قُرْحَةٌ، وَلَمْ يُسَمِّهَا، وَلَمْ يُعَيِّنْهَا، ثُمَّ جَاءَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ وَبِهِ قُرْحَةٌ وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ، وَقَالَ هِيَ تِلْكَ الْقُرْحَةُ الَّتِي أَقْرَرْتَ بِهَا، وَقَالَ الْبَائِعُ الَّتِي أَقْرَرْتُ بِهَا قَدْ زَالَتْ، وَهَذِهِ قُرْحَةٌ أُخْرَى حَدَثَتْ فِي يَدِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ إنْ سَمَّى الْبَائِعُ نَوْعًا مِنْ الْعُيُوبِ صَدَّقَ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ، وَهَذَا غَيْرُهُ إذَا كَانَ مِمَّا يَبْرَأُ وَيَذْهَبُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ عَيْنُ ذَلِكَ الْعَيْبِ أَوْ يَكُونُ بَيْنَ إقْرَارِ الْبَائِعِ وَبَيْنَ الْمُنَازَعَةِ مُدَّةٌ لَا يُتَوَهَّمُ زَوَالُ الْقُرْحَةِ بِأَثَرِهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَلَا قُرْحَةَ بِالْجَارِيَةِ إلَّا هَذِهِ فَحِينَئِذٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَ وَبِهِ خَرْقٌ فَجَاءَ الْمُشْتَرِي بِخَرْقٍ، فَقَالَ الْبَائِعُ لَيْسَ هَذَا ذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ قَالَ زَادَ وَكَانَ صَغِيرًا صُدِّقَ، وَلَوْ كَانَ بِهِ خَرْقٌ غَيْرُ ذَلِكَ، فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُكَ، وَهَذَا بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ الْآخَرُ بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ اثْنَيْنِ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِعَيْبٍ وَسَمَّاهُ وَجَحَدَهُ الْآخَرُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمُقِرِّ دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ وَاحِدًا وَلَهُ شَرِيكٌ مُفَاوِضٌ فَجَحَدَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ وَأَقَرَّ بِهِ شَرِيكُهُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَدَّ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُقِرِّ بِالْعَيْبِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ عَلَى الْبَائِعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ شَرِيكَ عِنَانٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ بِإِقْرَارِهِ، وَكَذَلِكَ الْمُضَارِبُ إذَا بَاعَ خَادِمًا مِنْ الْمُضَارَبَةِ فَأَقَرَّ رَبُّ الْمَالِ فِيهِ بِعَيْبٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمُضَارِبِ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ هُوَ الَّذِي بَاعَ فَأَقَرَّ الْمُضَارِبُ بِالْعَيْبِ، وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ إذَا بَاعَ وَأَقَرَّ الْمُوَكِّلُ بِالْعَيْبِ لَمْ يَلْزَمْ الْوَكِيلَ، وَلَا الْآمِرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَلَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْعَيْبِ وَجَحَدَ الْآمِرُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَكِنْ فِي حَقِّهِ دُونَ الْآمِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَحِينَئِذٍ يَرُدُّهُ عَلَى الْآمِرِ لَا بِإِقْرَارِ الْوَكِيلِ وَلَكِنْ تَيَقُّنًا أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ يَحْدُثُ مِثْلُهُ، فَإِنْ أَقَامَ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْآمِرِ رَدَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ اسْتَحْلَفَ الْآمِرَ عَلَى دَعْوَاهُ، فَإِنْ نَكَلَ رَدَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ حَلَفَ فَهُوَ لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ، وَفِي شَرِيكَيْ الْعِنَانِ لَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ مِنْهُمَا بِالْعَيْبِ وَجَحَدَ شَرِيكُهُ رَدَّهُ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُمَا جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ الْمُضَارِبُ إذَا أَقَرَّ بِالْعَيْبِ لَزِمَهُ وَلَزِمَ رَبَّ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَطَعَنَ فِيهَا الْمُشْتَرِي الْآخَرُ بِعَيْبٍ وَرَدَّهَا عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إنْ رَدَّهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ فِي ذَلِكَ الْعَيْبِ، وَإِنْ رَدَّهَا بِقَضَاءِ قَاضٍ فَهَذَا عَلَى وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ: إذَا رَدَّهَا بِإِقْرَارِهِ بِالْعَيْبِ بِأَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الْعَيْبِ، ثُمَّ أَبَى الْقَبُولَ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالرَّدِّ وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ جُحُودُ هَذَا الْعَيْبِ نَصًّا قَبْلَ الْإِقْرَارِ بِالْعَيْبِ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ قَبْلَ الْإِقْرَارِ بِالْعَيْبِ بِعْتُهَا وَمَا بِهَا هَذَا الْعَيْبُ كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَهُ وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ جُحُودُ هَذَا الْعَيْبِ نَصًّا قَبْلَ الْإِقْرَارِ بِهَذَا الْعَيْبِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ. الْوَجْهُ الثَّانِي: إذَا رَدَّ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ جُحُودُ

الباب التاسع عشر في إقرار المضارب والشريك

هَذَا الْعَيْبِ نَصًّا بِأَنْ سَكَتَ حَالَةَ الدَّعْوَى، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَأَبَى فَرَدَّ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ، وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ الْجُحُودُ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: إذَا رَدَّ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ جُحُودُ هَذَا الْعَيْبِ نَصًّا بِأَنْ سَكَتَ حَتَّى قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ، وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ جُحُودُ هَذَا الْعَيْبِ نَصًّا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ الْبَائِعَ الثَّانِيَ بَاعَهَا وَبِهَا هَذَا الْعَيْبُ لَمْ تَكُنْ لَهُ مُخَاصَمَةُ بَائِعِهِ، وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ بِهَا يَوْمَ بَاعَهَا الْبَائِعُ الْأَوَّلُ كَانَ لَهُ مُخَاصَمَةُ بَائِعِهِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ قِيلَ: هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ لَهُ مُخَاصَمَةٌ قِيلَ: هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ فِي إقْرَارِ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ بِالْقَبْضِ. إذَا بَاعَ دَارًا، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهَا، وَفِيهَا هَذَا الْعَيْبُ كَصَدْعٍ فِي حَائِطٍ يُخَافُ مِنْهُ أَوْ كَسْرٍ فِي جِذْعٍ أَوْ فِي بَابٍ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ فَأَقَرَّ بِعَيْبٍ يُنْقِصُ الثَّمَنَ فِي نَخْلَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ، وَكَذَلِكَ الثِّيَابُ وَالْعُرُوضُ وَالْحَيَوَانُ يُقِرُّ الْبَائِعُ بِعَيْبٍ يُنْقِصُ الثَّمَنَ، لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ أَقْطَعَ الْيَدِ فَجَاءَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ أُقْطَعُ الْيَدَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي يَدٍ وَاحِدَةٍ، وَإِذَا كَانَ لِلْعَبْدِ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ بِهَا إنْ أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ أَوْ أَنْكَرَ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ الْبَائِعُ سَبَبًا مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ، وَيَسْتَوِي فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فِي الْخُصُومَةِ فِي الْعَيْبِ حَضْرَةُ الْعَبْدِ وَغَيْبَتُهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُقِرًّا بِوُجُودِ الْعَيْبِ بِهِ فِي الْحَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا قَالَ لِلْجَارِيَةِ يَا سَارِقَةُ أَوْ يَا آبِقَةُ أَوْ يَا زَانِيَةُ أَوْ يَا مَجْنُونَةُ، ثُمَّ بَاعَهَا فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهَا هَذِهِ الْعُيُوبَ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ، فَقَالَ الْبَائِعُ حَدَثَ عِنْدَكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، فَإِنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ قَوْلِ الْبَائِعِ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ هَذِهِ الْخَبِيثَةُ أَوْ هَذِهِ السَّارِقَةُ أَوْ هَذِهِ الْمَجْنُونَةُ فَعَلَتْ كَذَا وَكَذَا، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَلَوْ قَالَ هَذِهِ السَّارِقَةُ وَسَكَتَ كَانَ إقْرَارًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ قَالَ هَذِهِ السَّارِقَةُ أَوْ هَذِهِ الزَّانِيَةُ أَوْ هَذِهِ الْآبِقَةُ أَوْ هَذِهِ الْمَجْنُونَةُ، وَلَمْ يُقِرَّ بِالْفِعْلِ، أَوْ هَذِهِ سَارِقَةٌ أَوْ هَذِهِ آبِقَةٌ أَوْ هَذِهِ زَانِيَةٌ أَوْ هَذِهِ مَجْنُونَةٌ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا طَالِقُ أَوْ لِأَمَتِهِ يَا حُرَّةُ أَوْ قَالَ هَذِهِ الطَّالِقَةُ أَوْ هَذِهِ الْحُرَّةُ فَعَلَتْ كَذَا يَكُونُ إيقَاعًا وَإِقْرَارًا، وَإِنْ كَانَ مَقْرُونًا بِالْفِعْلِ أَوْ عَلَى وَجْهِ النِّدَاءِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي إقْرَارِ الْمُضَارِبِ وَالشَّرِيكِ] إقْرَارُ الْمُضَارِبِ بِدَيْنٍ فِي الْمُضَارَبَةِ جَائِزٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إذَا كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِهِ وَلَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِهِ وَيَجُوزُ إقْرَارُ الْمُضَارِبِ بِالدَّيْنِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إذَا كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِهِ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَيَجُوزُ إقْرَارُ أَحَدِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِدَيْنٍ وَجَبَ بِسَبَبِ تِجَارَةٍ دَخَلَتْ تَحْتَ شَرِكَتِهِمَا بِالْإِجْمَاعِ وَيَلْزَمُهُ دُونَ صَاحِبِهِ وَإِقْرَارُ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَصْلًا لَا فِي حَقِّ شَرِيكِهِ وَلَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً فَأَقَرَّ فِيهِ بِدَيْنٍ وَجَحَدَ رَبُّ الْمَالِ جَازَ إقْرَارُهُ فِيهِ وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ فِيهِ بِأَجْرِ أَجِيرٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ حَانُوتٍ فَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهُ إلَى رَبِّ الْمَالِ فَقَالَ هَذَا مِنْ رَأْسِ مَالِكَ فَاقْبِضْهُ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَا لَمْ يُصَدَّقْ كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ فَقَالَ هَذَا الْأَلْفُ مُضَارَبَةً عِنْدَهُ لِفُلَانٍ بِالنِّصْفِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ مُضَارَبَةٌ لِفُلَانٍ

الْآخَرِ بِالنِّصْفِ وَادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ أَنَّهُ لَهُ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ عَمِلَ الْمُضَارِبُ وَرَبِحَ فِيهِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَدْفَعُ إلَى الْأَوَّلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَنِصْفَ الرِّبْحِ وَيَضْمَنُ لِلثَّانِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَا رِبْحَ لَهُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَا رِبْحَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ يَكُونُ الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَرَّ الْمُضَارِبُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةٌ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَصَدَّقَاهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مَفْصُولًا لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ لَمْ يُصَدَّقْ وَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. عَبْدٌ فِي يَدِهِ فَقَالَ هُوَ مُضَارَبَةٌ لِفُلَانٍ مَعِي بِالنِّصْفِ ثُمَّ بَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ وَقَالَ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا وَقَالَ رَبُّ الْعَبْدِ دَفَعْت إلَيْك الْعَبْدَ مُضَارَبَةً فَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ وَلَك أَجْرُ الْمِثْلِ وَالثَّمَنُ كُلُّهُ لِي فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْعَبْدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبَانِ بِمَالٍ فِي أَيْدِيهِمَا أَنَّهُ مُضَارَبَةً لِفُلَانٍ وَصَدَّقَهُمَا فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَقَرَّ رَبُّ الْمَالِ لِأَحَدِهِمَا بِثُلُثِ الرِّبْحِ وَلِآخَرَ بِرُبْعِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَقَرَّ بِمُضَارَبَةٍ لِرَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّهَا فَالْقَوْلُ لَهُ فِيمَا سَمَّى وَلِوَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ بِرِبْحِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي الْمَالِ ثُمَّ قَالَ غَلِطْت إنَّمَا هُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يُصَدَّقْ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْمَالِ وَإِنْ بَقِيَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ فَقَالَ هَذَا رِبْحٌ وَقَدْ دَفَعْت رَأْسَ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَكَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ وَلَكِنْ يَحْلِفُ رَبُّ الْمَالِ بِدَعْوَى الْمُضَارِبِ فَإِنْ حَلَفَ يَأْخُذُ مَا فِي يَدِهِ بِحِسَابِ رَأْسِ مَالِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَقَرَّ رَبُّ الْمَالِ بِعَيْبٍ فِيمَا بَاعَهُ الْمُضَارِبُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ عَلَى الْمُضَارِبِ وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ لَزِمَهُمَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ فُلَانٌ شَرِيكِي مُفَاوَضَةً فَقَالَ فُلَانٌ نَعَمْ أَوْ أَجَلْ أَوْ قَالَ صَدَقَ أَوْ قَالَ هُوَ كَمَا قَالَ أَوْ قَالَ هُوَ صَادِقٌ فَهَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ وَهُمَا شَرِيكَانِ فِي كُلِّ مَالِهِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ عَقَارٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ الْإِطْعَامُ مِثْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِسْوَتُهُ وَكِسْوَةُ أَهْلِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لِمَنْ فِي يَدِهِ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ مُدَبَّرَتُهُ، فَأَمَّا إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا مُكَاتَبٌ قَدْ كَاتَبَهُ قَبْلَ إقْرَارِهِ فَمَا عَلَيْهِ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هُوَ مُفَاوِضٌ فِي الشَّرِكَةِ وَأَنَا مُفَاوِضُهُ فِي الشَّرِكَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِمَا دَخَلَ تَحْتَ الْمُفَاوَضَةِ فَهُوَ جَائِزٌ وَعَلَى شَرِيكِهِ صَدَّقَهُ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُ وَالْإِقْرَارُ بِمُطْلَقِ الدَّيْنِ دَاخِلٌ تَحْتَ الْمُفَاوَضَةِ فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضِينَ بِدَيْنٍ فِي الشَّرِكَةِ، وَقَالَ شَرِيكُهُ هَذَا وَجَبَ عَلَيْك قَبْلَ الْمُفَاوَضَةِ وَإِنَّهُ عَلَيْك خَاصَّةً وَقَالَ الْمُقِرُّ لَا بَلْ بَعْدَ الْمُفَاوَضَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ بِدَيْنٍ دَخَلَ تَحْتَ تِجَارَتِهِمَا لَا يَصِحُّ عَلَى شَرِيكِهِ إذَا كَذَّبَهُ الشَّرِيكُ فِيهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ تَوَلَّى مُبَاشَرَةَ سَبَبِهِ بِنَفْسِهِ يُؤَاخَذُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ تَوَلَّيَا مُبَاشَرَةَ سَبَبِهِ يُؤَاخَذُ بِنِصْفِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَلَا يُؤَاخَذُ شَرِيكُهُ بِشَيْءٍ وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ تَوَلَّى شَرِيكُهُ مُبَاشَرَةَ سَبَبِهِ بِنَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إقْرَارُ شَرِيكِ الْعِنَانِ عَلَى شَرِيكِهِ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءِ شَيْءٍ قَائِمٍ بِعَيْنِهِ جَائِزٌ لَهُ عَلَى شَرِيكِهِ حِصَّتُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُسْتَهْلَكٍ يَكُونُ ثَمَنُهُ دَيْنًا عَلَيْهِ دُونَ شَرِيكِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِكَفَالَةٍ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ يُؤَاخَذُ بِهِ شَرِيكُهُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَأَمَّا إذَا كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ خَاصَّةً فِي قَوْلِ الْكُلِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ أَقَرَّ الصَّحِيحُ مِنْ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِكَفَالَتِهِ فِي صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ لِوَارِثِ شَرِيكِهِ الْمَرِيضِ لَزِمَ الصَّحِيحَ كُلُّهُ دُونَ الْمَرِيضِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنَّهُ كَفَلَ عَنْ صَاحِبِهِ بِمَهْرٍ

أَوْ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ أَوْ جِنَايَةٍ لَزِمَهُ وَلَزِمَ صَاحِبَهُ أَيْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ وَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَانَ الرَّجُلَانِ مُتَفَاوِضَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِشَرِكَةِ رَجُلٍ آخَرَ مَعَهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ عَلَيْهِمَا وَمَا فِي أَيْدِيهِمَا يَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الثَّالِثِ شَرِكَةَ مِلْكٍ وَلَا تَثْبُتُ بَيْنَهُمَا شَرِكَةُ مُفَاوَضَةٍ وَلَا شَرِكَةُ عِنَانٍ. وَلَوْ قَالَ فُلَانٌ شَرِيكُنَا شَرِكَةَ عِنَانٍ أَوْ قَالَ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّ الثَّالِثَ يَصِيرُ شَرِيكًا شَرِكَةَ عِنَانٍ لَا شَرِيكًا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ لِآخَرَ بِالشَّرِكَةِ مُفَاوَضَةً وَأَنْكَرَ الْآخَرُ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا فِي يَدَيْ صَاحِبِهِ وَإِنْ قَالَ الْآخَرُ أَنَا شَرِيكُك فِيمَا فِي يَدِك غَيْرَ مُفَاوَضَةٍ وَلَسْت شَرِيكِي فِيمَا فِي يَدِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَقَرَّ الْحُرُّ لِعَبْدٍ مَأْذُونٍ أَنَّهُ شَرِيكُهُ مُفَاوَضَةً أَوْ أَقَرَّ بِهِ لِمُكَاتَبٍ فَصَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ تَثْبُتْ الْمُفَاوَضَةُ بَيْنَهُمَا وَلَكِنْ مَا فِي أَيْدِيهِمَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِدَيْنٍ وَلَا وَدِيعَةٍ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ لِصَبِيٍّ تَاجِرٍ بِالْمُفَاوَضَةِ أَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ التَّاجِرُ لِصَبِيٍّ تَاجِرٍ فَمَا فِي أَيْدِيهِمَا بَيْنَهُمَا وَلَكِنْ لَا تَثْبُتُ الْمُفَاوَضَةُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَقَرَّ لِصَبِيٍّ لَا يَتَكَلَّمُ بِشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ وَصَدَّقَهُ أَبُوهُ فَمَا فِي يَدِ الرَّجُلِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَا يَكُونَانِ مُتَفَاوِضَيْنِ وَلَمْ يَصِرْ مَا فِي يَدِ الصَّبِيِّ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَقَرَّ الذِّمِّيُّ لِمُسْلِمٍ بِالْمُفَاوَضَةِ أَوْ الْمُسْلِمُ الذِّمِّيَّ بِهَا فَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَكُونَانِ مُتَفَاوِضَيْنِ وَلَكِنْ مَا فِي أَيْدِيهِمَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا يَرْجِعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ وَأَيُّ شَيْءٍ بَيَّنَ كَانَ مُصَدَّقًا فِيهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا تَثْبُتُ فِيهِ الشَّرِكَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ أَنْتَ شَرِيكِي فِي التِّجَارَاتِ فَمَا فِي أَيْدِيهِمَا مِنْ مَتَاعِ التِّجَارَاتِ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَلَا يَدْخُلُ الْمَسْكَنُ وَالْخَادِمُ وَالْكِسْوَةُ وَالطَّعَامُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ قَالَ أَنَا شَرِيكُ فُلَانٍ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ صَارَ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتَ الْإِقْرَارِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَمَا عُرِفَ وُجُودُهُ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَعُرِفَ أَنَّهُ مَالُ التِّجَارَةِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا لَا يَرْجِعُ فِي بَيَانِ ذَلِكَ إلَى أَحَدٍ وَمَا عُرِفَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ نَحْوُ الْمَسْكَنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ مَشْغُولَةٌ بِالْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ لَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ عُلِمَ وُجُودُهُ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَمَا عَدَا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مِمَّا لَا يَكُونُ مَشْغُولًا بِالْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي أَنَّهُ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ قَوْلُ مَنْ فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ هُوَ شَرِيكِي فِيمَا فِي هَذَا الْحَانُوتِ ثُمَّ قَالَ أَدْخَلْت الْعِدْلَ الزُّطِّيَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَا يُصَدَّقُ وَهُوَ عَلَى الشَّرِكَةِ وَفِي رِوَايَةٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ وَفَّقَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَقَالَ إنْ كَانَ الْحَانُوتُ مُغْلَقًا يَوْمَ الْإِقْرَارِ إلَى يَوْمِ الْفَتْحِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَقَرَّ فَقَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي فِيمَا فِي هَذَا الْحَانُوتِ فَإِنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْحَانُوتِ يَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَإِنْ تَنَازَعَا فِي مَتَاعٍ فَقَالَ أَدْخَلْت هَذَا فِي الْحَانُوتِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَقَالَ الْمُقِرُّ لَهُ لَا بَلْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا الْفَصْلِ ذَكَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ لَهُ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا وَذَكَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ وَيَكُونُ لَهُ خَاصَّةً وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا فِيمَا إذَا قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي فِيمَا فِي يَدَيَّ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ ثُمَّ ادَّعَى الْمُقِرُّ فِي بَعْضِ مَا فِي يَدِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ فِي يَدِهِ إنَّمَا أَصَابَهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِك وَقْتَ الْإِقْرَارِ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقِرِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي فِي الطَّحْنِ وَفِي يَدِ الْمُقِرِّ رَحًى وَإِبِلٌ

الباب العشرون في إقرار الوصي بالقبض

وَمَتَاعُ الطَّحَّانِينَ، فَادَّعَى الْمُقِرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ. وَكَذَلِكَ كُلُّ عَامِلٍ فِي يَدِهِ حَانُوتٌ وَفِيهِ مَتَاعٌ فَأَقَرَّ أَنَّهُ شَرِيكٌ لِفُلَانٍ فِي عَمَلِ كَذَا فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْعَمَلِ دُونَ الْمَتَاعِ وَلَوْ قَالَ هُوَ شَرِيكِي فِي هَذَا الْحَانُوتِ فِي عَمَلِ كَذَا فَكُلُّ شَيْءٍ فِي ذَلِكَ الْحَانُوتِ مِنْ عَمَلٍ أَوْ مَتَاعِ ذَلِكَ الْعَمَلِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَ الْحَانُوتُ وَمَا فِيهِ فِي أَيْدِيهِمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا فُلَانٌ شَرِيكِي فِي عَمَلِ كَذَا فَأَمَّا الْمَتَاعُ فَهُوَ لِي وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ الْمَتَاعُ بَيْنَنَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي فِي كُلِّ مَا اشْتَرَيْتُ مِنْ زُطِّيٍّ وَفِي يَدِهِ عِدْلَانِ ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْتُ أَحَدَهُمَا وَوَرِثْتُ الْآخَرَ فَالْقَوْلُ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ هُوَ شَرِيكِي فِي كُلِّ زُطِّيٍّ عِنْدِي لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْت أَحَدَهُمَا مِنْ خَاصِّ مَالِي لِغَيْرِ التِّجَارَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُمَا فِي يَدِهِ لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ قَالَ هَذَا مِنْ خَاصَّةِ مَالِي لَمْ يُصَدَّقْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ قَالَ هُوَ شَرِيكِي فِي كُلِّ زُطِّيٍّ قَدِمَ لِي مِنْ الْأَهْوَازِ أَمْسِ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ عِدْلَيْنِ قَدِمَا وَقَالَ: أَحَدُهُمَا بِضَاعَةٌ فَكُلُّهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ إلَّا فِي نَصِيبِهِ فَيَدْفَعُ نَصِيبَهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِالْبِضَاعَةِ وَيَضْمَنُ لَهُ نِصْفَ قِيمَةِ هَذَا الْعِدْلِ إذَا دَفَعَ النِّصْفَ إلَى شَرِيكِهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي فِي هَذَا الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنْتَ أَذِنْتَهُ بِغَيْرِ إذْنِي وَلَمْ تَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَك شَرِكَةٌ فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ هُوَ الَّذِي بَاعَ الْمَبِيعَ فَهُوَ ضَامِنٌ نِصْفَ قِيمَةِ الْمَتَاعِ وَإِنْ قَالَ لَهُ فِي ذِكْرِ الْحَقِّ أَنَّهُ بَاعَهُ الْمَتَاعَ فَقَالَ لَمْ أَبِعْهُ أَنَا وَلَكِنْ بِعْنَاهُ جَمِيعًا وَكُتِبَ الصَّكُّ بِاسْمِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الَّذِي عَلَيْهِ الصَّكُّ نِصْفَ قِيمَةِ الْمَتَاعِ وَقَالَ قَبَضْت مَتَاعِي بِغَيْرِ إذْنِي وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الصَّكُّ مَا اشْتَرَيْت مِنْك شَيْئًا وَإِنَّمَا بَاعَنِي الْمَتَاعَ الَّذِي الصَّكُّ بِاسْمِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي الصَّكِّ بَيْنَهُمَا وَحَقُّ الْمُطَالَبَةِ لِمَنْ بِاسْمِهِ الصَّكُّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي فِي كُلِّ تِجَارَةٍ وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ مَالٍ فَقَالَتْ وَرَثَتُهُ هَذَا مَالٌ اسْتَفَادَهُ لَا مِنْ الشَّرِكَةِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ وَإِنْ أَقَرُّوا أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَ أَقَرَّ فَهُوَ مِنْ الشَّرِكَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ صَكٌّ بِاسْمِهِ عَلَى رَجُلٍ بِمَالٍ تَارِيخُهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ بِالشَّرِكَةِ فَهُوَ مِنْ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ تَارِيخُ الصَّكِّ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالشَّرِكَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ الشَّرِكَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي إقْرَارِ الْوَصِيِّ بِالْقَبْضِ] (الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي إقْرَارِ الْوَصِيِّ بِالْقَبْضِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا أَقَرَّ وَصِيُّ الْمَيِّتِ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا لِلْمَيِّتِ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَلَمْ يُسَمِّ كَمْ هُوَ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا قَبَضْت مِنْهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْغَرِيمُ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَدْ قَبَضَهُ الْوَصِيُّ بِتَمَامِهِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ وَاجِبًا بِإِدَانَةِ الْمَيِّتِ وَأَقَرَّ الْوَصِيُّ أَوَّلًا بِاسْتِيفَاءِ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ مِائَةٌ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ ثُمَّ أَقَرَّ الْغَرِيمُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَدْ اسْتَوْفَى مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالْغَرِيمُ بَرِئَ عَنْ الْأَلْفِ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتْبَعَهُ بِشَيْءٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ قَبَضَ مِائَةً وَلَا يُصَدَّقُ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَصِيِّ حَتَّى لَا يَضْمَنَ تِسْعَمِائَةٍ لِلْوَارِثِ بِسَبَبِ الْجُحُودِ فَإِنْ قَامَتْ لِلْمَيِّتِ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ عَلَى الْغَرِيمِ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِأَنْ أَقَامَ الْوَارِثُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ غَرِيمُ الْمَيِّتِ كَانَ الْغَرِيمُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ الْأَلْفِ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتْبَعَ الْغَرِيمَ بِتِسْعِمِائَةٍ وَيَضْمَنَ الْوَصِيُّ تِسْعَمِائَةٍ لِلْوَارِثِ وَإِذَا أَقَرَّ الْغَرِيمُ أَوَّلًا أَنَّ الدَّيْنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ. قَالَ وَهُوَ مِائَةٌ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ يَكُونُ الْغَرِيمُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ الْأَلْفِ بِإِقْرَارِ الْوَصِيِّ وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ تِسْعَمِائَةِ لِلْوَرَثَةِ بِالْجُحُودِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إنْ قَالَ الْوَصِيُّ وَهُوَ مِائَةٌ مَفْصُولًا عَنْ

إقْرَارِهِ فَأَمَّا إذَا قَالَهُ مَوْصُولًا بِأَنْ قَالَ اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا لِلْمَيِّتِ عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ مِائَةٌ وَقَالَ الْغَرِيمُ لَا بَلْ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالْوَصِيُّ يُصَدَّقُ فِي هَذَا الْبَيَانِ حَتَّى كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتْبَعَ الْغَرِيمَ بِتِسْعِمِائَةٍ وَالْجَوَابُ فِيمَا إذَا أَقَرَّ الْغَرِيمُ أَوَّلًا بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ الْوَصِيُّ اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِائَةٌ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ إقْرَارُ الْوَصِيِّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوَّلًا هَذَا إذَا وَجَبَ الدَّيْنُ بِإِدَانَةِ الْمَيِّتِ فَأَمَّا إذَا وَجَبَ الدَّيْنُ بِإِدَانَةِ الْوَصِيِّ إنْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ مَفْصُولًا وَهُوَ مِائَةٌ ثُمَّ أَقَرَّ الْغَرِيمُ أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ أَلْفًا يَبْرَأُ الْغَرِيمُ عَنْ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ شَيْئًا لِلْوَرَثَةِ بِقَوْلِ الْغَرِيمِ وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَكُونُ الْغَرِيمُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ بِإِقْرَارِ الْوَصِيِّ وَيَضْمَنُ لِلْوَرَثَةِ تِسْعَمِائَةٍ إمَّا لِجُحُودِهِ أَوْ لِإِبْرَائِهِ وَإِنْ أَقَرَّ الْغَرِيمُ أَوَّلًا بِالدَّيْنِ ثُمَّ قَالَ الْوَصِيُّ اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ مِائَةٌ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ يَكُونُ الْغَرِيمُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ لِإِقْرَارِ الْوَصِيِّ وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلْوَرَثَةِ تِسْعَمِائَةٍ وَإِنْ قَالَهُ مَوْصُولًا اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِائَةٌ، ثُمَّ قَالَ الْغَرِيمُ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَدْ قَبَضْتَهُ فَإِنَّ الْغَرِيمَ يَكُونُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتْبَعَهُ بِشَيْءٍ وَلَا يَضْمَنُ لِلْوَرَثَةِ إلَّا قَدْرَ مَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ بِاسْتِيفَائِهِ وَإِذَا أَقَرَّ الْغَرِيمُ أَوَّلًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ الْوَصِيُّ اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِائَةٌ فَالْغَرِيمُ يَكُونُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ الْأَلْفِ وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلْوَرَثَةِ تِسْعَمِائَةٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَاعَ مَالًا لِلْوَرَثَةِ فَأَشْهَدَ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ ثَمَنِهِ وَهُوَ مِائَةٌ فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ كَانَ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَالْقَوْلُ لِلْوَصِيِّ وَلَا يَضْمَنُ الْغَرِيمُ وَكَذَا الْوَصِيُّ شَيْئًا وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى وَهُوَ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَلِلْوَصِيِّ قَبْضُ الْخَمْسِينَ الْفَضْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى فِي جَمِيعِ مَا لِلْمَيِّتِ عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْغَرِيمَ يُؤْخَذُ بِالْمِائَةِ الْفَاضِلَةِ وَلَا يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ عَلَى إبْطَالِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عِنْدَ فُلَانٍ وَدِيعَةً أَوْ مُضَارَبَةً أَوْ شَرِكَةً أَوْ بِضَاعَةً أَوْ عَارِيَّةً ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا قَبَضْت مِنْهُ مِائَةً فَإِنَّ الْوَصِيَّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبَضْت مِائَةً وَقَالَ الْمَطْلُوبُ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَدْ قَبَضَهُ فَإِنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ أَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ وَيَكُونُ الْمَطْلُوبُ بَرِيئًا عَنْ الْجَمِيعِ كَمَا فِي الدَّيْنِ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْمَطْلُوبِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْوَصِيَّ ضَامِنٌ لِذَلِكَ وَلَا يَضْمَنُ الْمَطْلُوبُ هَذَا إذَا قَالَهُ مَفْصُولًا، فَأَمَّا إذَا قَالَهُ مَوْصُولًا ثُمَّ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِأَنَّ مَا عِنْدَهُ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَصِيِّ بِأَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ مِائَةً وَلَا يَتْبَعُ الْمَطْلُوبَ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ هَذَا فِي الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ الْغَرِيمَ بِالْبَاقِي وَإِذَا أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ أَوَّلًا أَنَّ الْأَمَانَةَ عِنْدَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِلْمَيِّتِ ثُمَّ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِائَةٌ فَإِنْ قَالَهُ مَفْصُولًا صَارَ ضَامِنًا لِلْكُلِّ وَإِنْ قَالَهُ مَوْصُولًا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ وَلَا يَتْبَعُ الْمَطْلُوبَ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ الدَّيْنِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَبَضَ كُلَّ دَيْنٍ لِفُلَانٍ عَلَى النَّاسِ فَجَاءَ غَرِيمٌ لِفُلَانٍ فَقَالَ قَدْ دَفَعْت إلَيْك كَذَا وَقَالَ الْوَصِيُّ مَا قَبَضْت مِنْك شَيْئًا وَمَا عَلِمْت أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْك شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَيُؤَاخَذُ الْغَرِيمُ بِذَلِكَ وَلَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَصْلِ هَذَا الدَّيْنِ لَمْ يَلْزَمْ الْوَصِيَّ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ رَجُلٍ بِعَيْنَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ قَبَضْت كُلَّ دَيْنٍ لِفُلَانٍ بِالْكُوفَةِ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ مِنْ دَيْنٍ اسْتَوْفَاهُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ لِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْوَصِيُّ لَيْسَ هَذَا فِيمَا قَبَضْت فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْوَصِيَّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا عَلَى فُلَانٍ مِنْ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَقَالَ الْغَرِيمُ

الباب الحادي والعشرون من في يديه مال الميت إذا أقر بوارث

كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْوَصِيُّ قَدْ كَانَ عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَكِنَّك أَعْطَيْتَ خَمْسَمِائَةٍ فِي حَيَاتِهِ إلَى الْمَيِّتِ وَخَمْسَمِائَةٍ دَفَعْتهَا إلَيَّ بَعْدِ مَوْتِهِ. وَقَالَ الْغَرِيمُ بَلْ دَفَعْتُ الْكُلَّ إلَيْك يَضْمَنُ الْوَصِيُّ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَكِنْ تَسْتَحْلِفُ الْوَرَثَةُ عَلَى دَعْوَاهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا فِي مَنْزِلِ فُلَانٍ الْمَيِّتِ مِنْ مَتَاعِهِ وَمِيرَاثِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةُ أَثْوَابٍ وَأَقَامَ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي مَنْزِلِ فُلَانٍ يَوْمَ مَاتَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ ثَوْبٍ لَمْ يَلْزَمْ الْوَصِيَّ أَكْثَرُ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ قَبَضَهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ مَا فِي ضَيْعَةِ فُلَانٍ مِنْ طَعَامٍ أَوْ مَا فِي نَخْلِهِ هَذَا مِنْ تَمْرٍ أَوْ أَنَّهُ قَبَضَ زَرْعَ هَذِهِ الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ هُوَ كَذَا وَادَّعَى الْوَارِثُ أَكْثَرَ مِنْهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي هَذِهِ الضَّيْعَةِ كَذَا وَكَذَا لَمْ يَلْزَمْ الْوَصِيَّ زِيَادَةٌ عَلَى مَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ قَبَضَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَلْفٌ وَقَبَضَ الْمَيِّتُ مِنْهَا تِسْعَمِائَةٍ فِي حَيَاتِهِ وَقَبَضْت أَنَا مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَ الْمُكَاتِبُ قَبَضْت الْأَلْفَ كُلَّهَا وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْوَصِيَّ أَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ لَزِمَ الْوَصِيَّ الْأَلْفُ كُلُّهُ بَعْدَ حَلِفِ الْوَرَثَةِ أَنَّهُمْ لَا يَعْمَلُونَ قَبْضَ الْمَيِّتِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَا عَلَى مُكَاتَبِ فُلَانٍ الْمَيِّتِ وَهُوَ مِائَةٌ وَالْمُكَاتَبُ مَعْرُوفٌ يَدَّعِي ذَلِكَ وَيَقُولُ قَبَضْت مِنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَهِيَ جَمِيعُ مُكَاتَبِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي الْمِائَةِ وَيَلْزَمُ الْمُكَاتِبَ تِسْعُمِائَةٍ وَإِنْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ بِقَبْضِ الْمُكَاتَبَةِ مِنْهُ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ فَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ أَصْلَ الْمُكَاتَبَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ الْوَصِيُّ بِالْقَبْضِ فَالْوَصِيُّ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ الْأَلْفِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ [الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ مَنْ فِي يَدَيْهِ مَالُ الْمَيِّتِ إذَا أَقَرَّ بِوَارِثٍ] (الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِيمَنْ فِي يَدَيْهِ مَالُ الْمَيِّتِ إذَا أَقَرَّ بِوَارِثٍ أَوْ مُوصًى لَهُ) . رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ مَالٌ لِإِنْسَانٍ غَائِبٍ وَمَاتَ الْغَائِبُ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ وَصَدَّقَهُ ذُو الْيَدِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَتَلَوَّمُ سَوَاءٌ قَالَ إنَّ لِلْمَيِّتِ وَارِثًا آخَرَ أَوْ لَمْ يَقُلْ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ وَإِلَّا دَفَعَ إلَيْهِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ قَالَ يَتَأَنَّى وَيَتَلَوَّمُ الْقَاضِي يَكُونُ ذَلِكَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ وَيَعْنِي يَتَحَرَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ لَحَضَرَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى فِي كِتَابِ الدَّعْوَى. فِي الْإِمْلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مَالًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا زَوْجَةُ الْمَيِّتِ وَقَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ صَدَقْتُمَا وَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَكُمَا وَكَذَّبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَالْقَاضِي يَتَلَوَّمُ زَمَانًا ثُمَّ يُعْطِي الِابْنَ الْمَالَ كُلَّهُ بَعْدَمَا يَسْتَحْلِفُهُ عَلَى عِلْمِهِ عَلَى دَعْوَى الْمَرْأَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ امْرَأَةٌ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ زَوْجُهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ بِزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ أَخٍ لِأُمٍّ أَوْ عَمَّةٍ أَوْ خَالَةٍ أَوْ كُلِّ ذِي نَسَبٍ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ فِي هَذَا فَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا ابْنَةُ الْمَيِّتِ وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ الْمَيِّتَ وَقَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ صَدَقْتُمَا أَوْ قَالَ هَذِهِ ابْنَتُهُ وَهَذَا مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ أَوْ بَدَأَ بِالْمَوْلَى ثُمَّ بِالِابْنَةِ فَهُمَا سَوَاءٌ وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَا مُتَكَاذِبَيْنِ بَيْنَهُمَا وَمَوْلَى الْمُوَالَاةِ بِمَنْزِلَةِ الزَّوْجَيْنِ وَلَوْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ امْرَأَةٌ وَهَذَا الْمَالُ لِرَجُلٍ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي فِي يَدَيْهَا الْمَالُ أَنَا زَوْجَةُ الْمَيِّتِ وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ زَوْجَتُهُ أَيْضًا وَهَذَا الرَّجُلُ مَوْلَى الْمَيِّتِ قَدْ كَانَ أَسْلَمَ الْمَيِّتُ عَلَى يَدَيْهِ وَوَالَاهُ وَقَالَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ أَنَا زَوْجَتُهُ دُونَك وَقَالَ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ أَنَا وَارِثُهُ دُونَكُمَا فَالْقَاضِي يَجْعَلُ رُبْعَ الْمَالِ بَيْنَ الزَّوْجَتَيْنِ وَالْبَاقِيَ لِمَوْلَى الْمُوَالَاةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ ابْنَهُ وَقَالَ هَذَا ابْنُهُ وَقَالَ: لَا أَدْرِي أَلَهُ وَارِثٌ آخَرُ أَمْ لَا؟ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَتَلَوَّمُ وَيَنْظُرُ فَإِنْ جَاءَ وَارِثٌ آخَرُ وَإِلَّا دَفَعَ الْمَالَ وَإِنْ قَالَ لَا أَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا آخَرَ لَا يَتَلَوَّمُ بَلْ يَدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالَ كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالسَّبْعِينَ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ. قَالَ مُحَمَّدٌ

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ لِرَجُلٍ أَنْتَ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَلَا أَدْرِي أَلَهُ وَارِثٌ آخَرُ يَحْجُبُك عَنْ الْمِيرَاثِ وَقَالَ الْمُدَّعِي أَنَا أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَوَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي لَمْ يَكُنْ لِلْأَخِ مِيرَاثٌ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ. وَلَوْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ أَنْتَ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَلَهُ أَخٌ آخَرُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَأَنْتُمَا وَارِثَاهُ جَمِيعًا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَكُمَا وَقَالَ الْمُدَّعِي أَنَا أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَوَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَتَأَنَّى فِي ذَلِكَ فَإِنْ جَاءَ وَارِثٌ آخَرُ وَإِلَّا دَفَعَ الْمَالَ كُلَّهُ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ الْمَيِّتَ عَبْدُهُ وَأَنَّ الْمَالَ مَالُ عَبْدِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَأَنَّ الْمَيِّتَ حُرٌّ لَمْ يَمْلِكْ قَطُّ، وَأَنَّهُ وَارِثُهُ وَاَلَّذِي فِي يَدِهِ الْمَالُ يَقُولُ إنَّ الْمَيِّتَ عَبْدٌ وَكَذَّبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَإِنَّ الْمَالَ لِلْمَوْلَى دُونَ الِابْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُو الْغَائِبِ وَأَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ أَوْ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً فَادَّعَتْ أَنَّهَا عَمَّةُ الْمَيِّتِ أَوْ خَالَتُهُ أَوْ بِنْتُ أُخْتِهِ وَقَالَتْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي وَادَّعَى آخَرُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ أَوْ ثُلُثِ الْمَالِ وَصَدَّقَهُمَا ذُو الْيَدِ وَقَالَ لَا أَدْرِي أَلِلْمَيِّتِ وَارِثٌ غَيْرُكُمَا أَمْ لَا لَمْ يَكُنْ لِمُدَّعِي الْوَصِيَّةِ شَيْءٌ بِحُكْمِ هَذَا الْإِقْرَارِ وَيَدْفَعُ الْقَاضِي الْمَالَ إلَيْهِمْ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى، وَالزَّوْجَاتُ وَمَوْلَى الْمُوَالَاةِ أَوْلَى مِنْ الْمُوصَى لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَقَرَّ الَّذِي الْمَالُ فِي يَدَيْهِ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ مَاتَ وَأَنَّ لِهَذَا الرَّجُلِ عَلَيْهِ أَلْفًا سَأَلَهُ الْقَاضِي أَتَرَكَ وَارِثًا فَإِنْ قَالَ نَعَمْ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا خُصُومَةً وَإِنْ قَالَ لَا، تَأَنَّى الْقَاضِي فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَجِئْ وَارِثٌ جَعَلَ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا فَإِنْ ثَبَتَ الدَّيْنُ دَفَعَهُ إلَى الْغَرِيمِ وَإِلَّا جَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ مَالٌ لِرَجُلٍ مَاتَ صَاحِبُ الْمَالِ وَأَقَرَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَا بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ وَأَقَرَّ أَيْضًا أَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَا الرَّجُلِ الْآخَرِ بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِي بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ وَمَا أَوْصَى لَك بِشَيْءٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ قَالَ إنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَا بِجَمِيعِ مَالِهِ وَأَقَرَّ أَيْضًا أَنَّ هَذَا أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَوَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَتَكَاذَبَا بَيْنَهُمَا فَإِنَّ ثُلُثَ الْمَالِ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ وَالثُّلُثَيْنِ لِلْأَخِ وَلَوْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ إنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَا بِجَمِيعِ مَالِهِ وَقَالَ أَيْضًا إنَّ الْمَيِّتَ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ مَوْلَاهُ مَوْلَى عَتَاقَةٍ أَوْ مَوْلَى مُوَالَاةٍ لِي وَأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلْوَارِثِ الْمُقَرِّ لَهُ وَالْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ لَهُ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّهُ مَاتَ وَصَدَّقَهُ الَّذِي قِبَلَهُ الْمَالُ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ وَارِثٌ فَإِنْ أَقَرَّ الْغَرِيمُ وَالْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ تَأَنَّى الْقَاضِي فِي ذَلِكَ ثُمَّ جَعَلَ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا يَقْبِضُ الْمَالَ الَّذِي قِبَلَهُ ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُدَّعِي أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّك فَإِنْ أَقَامَهَا قَضَى لَهُ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُ الْمَالِ حَيًّا رَدَّ الْقَاضِي الْقَضَاءَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلِكًا وَكَانَ أَصْلُهُ دَيْنًا فَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَضْمَنَ الَّذِي كَانَ الْمَالُ قِبَلَهُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ غَصْبًا فَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْقَابِضُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ وَدِيعَةً فَالضَّمَانُ عَلَى الْقَابِضِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوَدِيعَةُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ وَصَلَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْصَى بِهِ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْقَابِضِ فَإِنْ لَمْ يَجِئْ صَاحِبُ الْمَالِ حَيًّا وَحَضَرَ وَارِثُهُ وَجَحَدَ الدَّيْنَ فَالْقَضَاءُ مَاضٍ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا. وَلَوْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ قَالَ إنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَا بِجَمِيعِ مَالِهِ لَكِنْ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى الْمَيِّتِ كَذَا وَكَذَا وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِالدَّيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ يَدَّعِي الْوِصَايَةَ وَيُنْكِرُ الدَّيْنَ وَقَدْ أَقَرُّوا جَمِيعًا أَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَدَّعِ وَارِثًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَتَلَوَّمُ فِي ذَلِكَ زَمَانًا ثُمَّ يَقُولُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَيْنِك فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ اسْتَحْلَفَ الْمُوصَى

الباب الثاني والعشرون في الإقرار بالقتل والجناية

لَهُ عَلَى عِلْمِهِ مَا يَعْلَمُ هَذَا الدَّيْنَ لِهَذَا عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنْ حَلَفَ أَعْطَاهُ الْمَالَ وَلَمْ يُعْطِ الْغَرِيمَ شَيْئًا وَلَوْ أَنَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ قَالَ الْمَيِّتُ أَوْصَى لِهَذَا بِجَمِيعِ الْمَالِ وَلَا أَدْرِي أَتَرَكَ وَارِثًا أَمْ لَا فَقَالَ لَهُ الْمُوصَى لَهُ أَعْطِنِي فَإِنَّهُ لِي عَلَى كُلِّ حَالٍ تَرَكَ وَارِثًا أَوْ لَمْ يَتْرُكْ فَالْقَاضِي لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ الَّذِي قِبَلَهُ الْمَالُ قَالَ لِلْقَاضِي هَذَا الْمَالُ لِرَجُلٍ مَاتَ وَلَمْ يَدَّعِ وَارِثًا تَأَنَّى الْقَاضِي فِي ذَلِكَ وَأَخَذَ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ فَإِنْ حَضَرَ الْوَارِثُ أَوْ مُوصًى لَهُ وَإِلَّا أَخَذَ الْمَالَ وَجَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ قَسَّمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الْمَالِ حَيًّا وَكَانَ الْمَالُ دَيْنًا عَلَى الْغَرِيمِ عَوَّضَ الْغَرِيمَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ غَصْبًا فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِثْلَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْغَاصِبِ رَجَعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ وَدِيعَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ وَصِيًّا فِي الْمَالِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُعَوَّضُ صَاحِبُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُ الْمَالِ حَيًّا وَجَاءَ ابْنُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي كَانَ الْمَالُ قِبَلَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَيُعَوَّضُ الِابْنُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ وَالْجِنَايَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ وَالْجِنَايَةِ) إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِقَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِهِ عَلَى آخَرَ، وَالْوَلِيُّ ادَّعَى ذَلِكَ كُلَّهُ فَعَلَى الْمُقِرِّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ وَعَلَى هَذَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِالْقَتْلِ عَمْدًا أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى آخَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَالْوَلِيُّ ادَّعَى الْقَتْلَ عَمْدًا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْمُقِرَّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْآخَرَ وَلَوْ أَنَّ الْوَلِيَّ فِي فَصْلِ الْخَطَأِ ادَّعَى الْكُلَّ عَلَى الْمُقِرِّ وَجَبَتْ الدِّيَةُ بِكَمَالِهَا فِي مَالِهِ وَلَوْ ادَّعَى الْقَتْلَ كُلَّهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَلًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا عَمْدًا وَحْدَهُ وَأَقَرَّ الْآخَرُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَقَالَ الْوَلِيُّ قَتَلْتُمَاهُ جَمِيعًا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ هَذَا الرَّجُلَ وَشَهِدَ آخَرَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ هَذَا الرَّجُلَ وَقَالَ الْوَلِيُّ قَتَلْتُمَاهُ جَمِيعًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا أَنْتَ قَتَلْتَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ وَلَوْ قَالَ لَهُمَا صَدَقْتُمَا جَمِيعًا فِي مَقَالَتِكُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَقَرَّ بِالْجِنَايَةِ ثُمَّ بِالْمِلْكِ لِغَيْرِهِ فِي عَبْدٍ مَعْرُوفٍ لِلْمُقِرِّ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْمِلْكِ وَالْجِنَايَةِ جَمِيعًا يُقَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ ادْفَعْ الْعَبْدَ أَوْ افْدِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِيهِمَا لَا يَكُونُ الْمُقِرُّ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْمِلْكِ وَكَذَّبَهُ فِي الْجِنَايَةِ صَارَ الْمُقِرُّ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالْجِنَايَةِ إنْ صَدَّقَهُ فِيهِمَا فَالْخَصْمُ هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِيهِمَا فَالْخَصْمُ هُوَ الْمُقِرُّ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْمِلْكِ وَكَذَّبَهُ فِي الْجِنَايَةِ هُدِرَتْ الْجِنَايَةُ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مَجْهُولًا لَا يَدْرِي أَنَّهُ لِلْمُقِرِّ أَوْ لِغَيْرِهِ فَأَقَرَّ بِالْجِنَايَةِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالْمِلْكِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالْجِنَايَةِ وَلَوْ قَالَ كُنْتُ بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِوَرَثَةِ فُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى الْمِيرَاثِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْحَمْلُ وَلَوْ قَالَ لِوَلَدِ فُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهُوَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحَمْلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنِّي تَزَوَّجْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا بَلْ يُسْأَلُ هَلْ أَجَازَ وَالِدُك فَإِنْ قَالَ لَا قِيلَ لَهُ هَلْ

أُجِزْت بَعْدَ بُلُوغِك فَإِنْ قَالَ لَا قِيلَ لَهُ هَلْ تُجِيزُ الْآنَ فَإِنْ قَالَ لَا الْآنَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مِيرَاثِ فُلَانٍ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُقَرُّ لَهُ بِمَا قَالَ الْمُقِرُّ أَخَذَهَا وَرَثَةُ فُلَانٍ مِنْ الْمُقِرِّ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ ذَلِكَ فَلَا سَبِيلَ لِوَرَثَةِ فُلَانٍ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الْإِقْرَارِ. عَبْدٌ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْلَاهُ حَتَّى أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ وَكَذَّبَهُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ وَيُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْعَبْدِ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ أَوْ الْفِدَاءِ، فَإِنْ دَفَعَ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَإِنْ كَذَّبَهُ فَالدَّفْعُ مَاضٍ وَإِنْ صَدَّقَهُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ وَيَغْرَمَ صَاحِبُ الْعَبْدِ الْقِيمَةَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ قَالَ بِعْت وَأَنَا أَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَلَا سَبِيلَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَذَّبَهُ الْمَقَرُّ لَهُ أَوْ صَدَّقَهُ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِهَذَا عَلَيَّ مِثْلُ مَا لِهَذَا عَلَيَّ وَلَمْ يَكُنْ أَقَرَّ لِآخَرَ بِشَيْءٍ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ وَلَا تَقَدَّمَ هَذَا الْكَلَامَ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى مَا لِلْآخَرِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقِرُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا شَاءَ فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ هَذَا أَلْفًا وَكَانَ لِلْمُقِرِّ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِمَا شَاءَ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِهَذَا عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِثْلُ مَا لِهَذَا عَلَيَّ دِينَارٌ فَلِلْأَوَّلِ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِلثَّانِي عَلَيْهِ دِينَارٌ وَلَوْ قَالَ لِهَذَا عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ وَلِهَذَا عَلَيَّ مِثْلُ مَا لِهَذَا فَإِنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَكَلَامٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَقَرَّ بِعَبْدِ رَجُلٍ أَنَّهُ لِفُلَانٍ وَجَحَدَ الَّذِي فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ الْمُقِرُّ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَبْطُلُ الْعِتْقُ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِفُلَانٍ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ بَدَأَ فَقَالَ هُوَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ هُوَ لِفُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ لِآخَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ أَمَرَهُ رَجُلٌ بَعْدَ الْإِقْرَارَيْنِ بِشِرَائِهِ لَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ كَانَ الْآمِرُ أَحَقَّ بِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً ثُمَّ قَالَ ضَاعَتْ قَبْلَ إقْرَارِي لَا يُصَدَّقُ وَهُوَ ضَامِنٌ وَلَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ فَضَاعَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً ضَاعَتْ وَوَصَلَ الْكَلَامَ صُدِّقَ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَقَدْ ضَاعَتْ أَمْسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ ثَوْبًا هَرَوِيًّا فَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ ثَوْبٍ هَرَوِيٌّ صُدِّقَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ يُحَلِّفَهُ قَبْلَ هَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْصَرِفَ إقْرَارُهُ إلَى الْوَسَطِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ وَلَمْ يُسَمِّ جِنْسَهُ فَأَيُّ ثَوْبٍ جَاءَ بِهِ قُبِلَ مِنْهُ اللَّبِيسُ وَالْجَدِيدُ فِيهِ سَوَاءٌ وَلَا يُتْرَكُ حَتَّى يُعْطِيَ ثَوْبًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي إقْرَارِ الرَّجُلِ بِاتِّحَادِ السَّبَبِ. وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ دَارًا أَوْ أَرْضًا أَوْ نَخْلًا أَوْ بُسْتَانًا كَانَ هَذَا إقْرَارًا بِالْغَصْبِ فَيُؤْمَرُ بِرَدِّ الْعَيْنِ إنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْآخَرُ لَا يَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْحَيَوَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ عَبْدًا أَوْ ادَّعَى ذَلِكَ فُلَانٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ عَبْدٌ وَسَطٌ أَوْ قِيمَةُ عَبْدٍ وَسَطٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي الْعَبْدِ وَفِي قِيمَتِهِ وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا قَالَ إنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَاةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ بَعِيرًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا قَالَ عَلَيَّ عَبْدٌ قَرْضٌ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ عَبْدٍ وَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِدَابَّةٍ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ أَيِّ الدَّوَابِّ شَاءَ فَإِنْ جَاءَ بِدَابَّةٍ وَقَالَ هِيَ هَذِهِ كَانَ الْقَوْلُ

قَوْلَهُ إنْ جَاءَ بِفَرَسٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ بَعِيرٍ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَا يَكُونُ إقْرَارًا بِشَيْءٍ أَوْ بِشَيْئَيْنِ. وَفِي كِتَابِ الْعِلَلِ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فُلُوسٌ فَإِنَّ عَلَيْهِ فُلُوسًا تُسَاوِي دِرْهَمًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِينَارٌ دَرَاهِمُ فَعَلَيْهِ دَرَاهِمُ تُسَاوِي دِينَارًا وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ بِدِرْهَمٍ فُلُوسٌ فَإِنَّ هَذَا بَيْعٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِعْتُ مِنْهُ فُلُوسًا بِدِرْهَمٍ وَيَكُونُ بَيَانُ الْفُلُوسِ إلَيْهِ أَنَّهَا كَمٌّ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دَقِيقٌ فَعَلَيْهِ دَقِيقٌ يُسَاوِي دِرْهَمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَقَرَّ لَهُ بِحَقٍّ فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شِرَاءٍ يُبَيِّنُ وَيَحْلِفُ عَلَى فَضْلٍ يَدَّعِيهِ الْخَصْمُ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُسَمِّيَ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي أَنِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ أَوْ رُبُعٌ حَتَّى يَصِلَ إلَى مِقْدَارٍ يُعْلَمُ فِي الْعُرْفِ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ أَقَلُّ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ ثُمَّ يُسْتَحْلَفُ عَلَى الزِّيَادَةِ فَإِنْ قَالَ حَقُّهُ فِيهَا هَذَا الْجَذَعُ أَوْ الْبَابُ الْمُرَكَّبُ أَوْ الْبِنَاءُ بِغَيْرِ أَرْضٍ أَوْ حَقِّ الزِّرَاعَةِ أَوْ السُّكْنَى بِالْإِجَارَةِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا وَصَلَ بِكَلَامِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ وَأَبَى أَنْ يُبَيِّنَ فَالْقَاضِي يُسَمِّي لَهُ الدَّيْنَ دَرَجَةً فَدَرَجَةً حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى أَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الدَّيْنِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَإِلَّا لَزِمَهُ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ وَيَحْلِفُ عَلَى الزِّيَادَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ اشْتَرَيْته مِنْهُ فَوَصَلَ بِإِقْرَارِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ بَعْدَ مَا سَكَتَ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ أَوْ وَهَبَهُ لِي أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيَّ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ إقْرَارِ الرَّجُلِ فِي نَصِيبِهِ. فِي الْمُنْتَقَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِأَخِي عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ سَمَّاهُ وَلَهُ أَخٌ عَلَى ذَلِكَ الِاسْمِ لَزِمَهُ وَلَوْ قَالَ لِابْنِي وَلَمْ يُسَمِّهِ وَلَهُ ابْنٌ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِي ابْنٌ آخَرُ وَإِيَّاهُ عَنَيْت فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ سَمَّاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِهِ قَالَ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ اسْمَانِ عُمَرُ وَعُمَرُ وَسَالِمٌ وَسَالِمٌ فَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ بَاطِلٌ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ يَقَعَانِ وَلَهُ أَنْ يُبَيِّنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ مِقْدَارًا وَأَضَافَهُ إلَى صِنْفَيْنِ مِنْ الْمَالِ يَجِبُ النِّصْفُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ أَضَافَ الْمِقْدَارَ إلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ كَمَا لَوْ أَضَافَ إلَى رَجُلَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ كَانَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَالْمُسَاوَاةُ فِي الْإِضَافَةِ تَقْتَضِي التَّوْزِيعَ عَلَى سَبِيلِ السَّوِيَّةِ لَوْ قَالَ اسْتَوْدَعَنِي عَشَرَةَ أَثْوَابٍ هَرَوِيَّةٍ وَمَرْوِيَّةٍ كَانَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ النِّصْفُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ مِائَتَا مِثْقَالٍ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْفِضَّةَ أَكْثَرَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي الْجَيِّدِ مِنْ ذَلِكَ وَالرَّدِيءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضٌ وَوَدِيعَةٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لِنِصْفِهَا قَرْضًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ وَدِيعَةً وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ قِبَلِي أَلْفُ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةٌ وَقَرْضٌ فَإِنْ وَصَلَ الْكَلَامَ فَقَالَ ثَلَثُمِائَةٍ مِنْهَا قَرْضٌ وَسَبْعُمِائَةٍ مُضَارَبَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ فَصَلَ الْكَلَامَ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ النِّصْفُ كَذَا فِي الْحَاوِي قَالَ لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ هِبَةٌ وَوَدِيعَةٌ فَكُلُّهَا وَدِيعَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَوْدِعْنِي ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ زُطِّيٍّ وَيَهُودِيٍّ يَلْزَمُهُ زُطِّيٌّ وَيَهُودِيٌّ وَالْبَيَانُ فِي الثَّالِثِ إلَيْهِ إنْ شَاءَ جَعَلَهُ زُطِّيًّا وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ يَهُودِيًّا مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ عَلَيْهِ قَفِيزٌ مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ إلَّا رُبْعًا فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ قَفِيزٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ النِّصْفُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَسِمْسِمٍ كَانَ أَثْلَاثًا يَلْزَمُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ وَثَوْبٍ فَعَلَيْهِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ نِصْفُ كُرِّ حِنْطَةٍ وَكُرِّ شَعِيرٍ وَكُرِّ تَمْرٍ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ عَلَيَّ نِصْفُ هَذَا الْعَبْدِ وَهَذِهِ الْأَمَةِ وَلَوْ قَالَ لَهُ نِصْفُ هَذَا الْكُرِّ حِنْطَةٌ وَكُرٌّ شَعِيرٌ فَعَلَيْهِ مِنْ الشَّعِيرِ كُرٌّ كَامِلٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ غَصَبْت فُلَانًا

كتاب الصلح وهو مشتمل على أحد وعشرين بابا

نِصْفَ عَبْدِهِ الْأَمَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ نِصْفَ دِرْهَمٍ وَهَذَا الدِّينَارُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ عَبْدًا فَقَالَ الْعَبْدُ لِلْوَارِثِ أَعْتَقَنِي أَبُوك وَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ لِي عَلَى أَبِيك أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ فَقَالَ الْوَارِثُ صَدَقْتُمَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الدَّيْنُ أَوْلَى وَسَعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ وَقَالَا لَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ غُلَامٌ وَلِآخَرَ جَارِيَةٌ فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ مَمْلُوكَهُ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُهُ ثُمَّ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اشْتَرَى مَمْلُوكَ صَاحِبِهِ بِمَمْلُوكِهِ جَازَ الشِّرَاءُ، وَعِتْقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَنْ اشْتَرَاهُ قَبَضَ وَيَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ قِيمَةَ مَا اشْتَرَاهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا عَلَى السَّوَاءِ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ وَلَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْفَضْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَنَّهُ دَبَّرَ مَمْلُوكَهُ يَتَعَلَّقُ عِتْقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَوْتِ بَائِعِهِ لَا يَمُوتُ الْمُشْتَرِي وَيَتَوَقَّفُ الْوَلَاءُ. وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّ الْمَمْلُوكَ الَّذِي فِي يَدِهِ لِفُلَانٍ وَهُوَ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ وَكَذَّبَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ثُمَّ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَمْلُوكَ صَاحِبِهِ بِمَمْلُوكِهِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَيَرُدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا اشْتَرَاهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَهَذَا إذَا صَدَّقَهُ الْمَقَرُّ لَهُ وَأَمَّا إذَا كَذَّبَهُ فَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ وَلَا يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ قِيمَةَ مَا اشْتَرَى وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِقِيمَةِ مَا بَاعَهُ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ دَبَّرَ مَمْلُوكَهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَيْهِ أَنَّ الَّذِي فِي يَدِهِ مِلْكُ فُلَانٍ، وَفُلَانٌ يَدِّعِيهِ وَكَذَّبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ثُمَّ تَبَايَعَا فَالْمُقِرُّ بِهِ مِنْ مُشْتَرِيهِ وَاَلَّذِي أَقَرَّ بِالتَّدْبِيرِ يَصِيرُ مَا اشْتَرَاهُ مُدَّبَّرًا مَوْقُوفَ الْوَلَاءِ، وَالْبَيْعُ جَائِزٌ بَيْنَهُمَا وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ كَاتَبَ مَمْلُوكَهُ ثُمَّ تَبَايَعَا وَارْتَفَعَا إلَى الْقَاضِي فَإِنْ أَنْكَرَ الْمَمْلُوكَانِ الْكِتَابَةَ بَقِيَا مَرْقُوقَيْنِ وَحُكِمَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ مُطْلَقًا وَإِنْ ادَّعَيَا الْكِتَابَةَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الْغُلَامَيْنِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكِتَابَةِ فَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ يَقْضِي بِكِتَابَتِهِ وَيَفْسَخُ الْبَيْعَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَائِعَيْنِ لِلْعَبْدِ الَّذِي بَاعَهُ بِاَللَّهِ مَا كَاتَبَهُ فَإِنْ حَلَفَ جَازَ الْبَيْعُ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدًا لِلَّذِي اشْتَرَاهُ. وَإِنْ نَكَلَا يَقْضِي بِكِتَابَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَفْسَخُ الْبَيْعَ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالتَّدْبِيرِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِالْكِتَابَةِ ثُمَّ تَبَايَعَا فَاَلَّذِي شَهِدَ بِالتَّدْبِيرِ يَصِيرُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مُدَبَّرًا مِنْ مَالِهِ وَيَعْتِقُ بِمَوْتِ بَائِعِهِ بِإِقْرَارِهِ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ، وَاَلَّذِي شَهِدَ بِالْكِتَابَةِ فَمَا اشْتَرَاهُ يَكُونُ مَمْلُوكًا عِنْدَ فَسْخِ الْكِتَابَةِ، يَحْلِفُ الْبَائِعُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْبَيْعِ فِي فَسَادٍ أَوْ غَيْرِ فَسَادٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ. [كِتَابُ الصُّلْحِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الصُّلْحِ وَرُكْنِهِ وَحُكْمِهِ وَشَرَائِطِهِ وَأَنْوَاعِهِ] (كِتَابُ الصُّلْحِ) (وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ شَرْعًا وَرُكْنِهِ وَحُكْمِهِ وَشَرَائِطِهِ وَأَنْوَاعِهِ) (أَمَّا تَفْسِيرُهُ شَرْعًا) فَهُوَ أَنَّهُ عَقْدٌ وُضِعَ لِرَفْعِ الْمُنَازَعَةِ بِالتَّرَاضِي هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَأَمَّا رُكْنُهُ فَالْإِيجَابُ مُطْلَقًا وَالْقَبُولُ فِيمَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَذَا فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ. فَإِذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِيمَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي: (صلح كَيْ أَزِيَن مُدَّعَى با مِنْ بِدِرْهَمِ كه بتوميدهم) فَقَالَ الْمُدَّعِي: فَعَلْتُ لَا يَتِمُّ الصُّلْحُ مَا لَمْ

يَقُلْ الطَّالِبُ قَبِلْتُ وَكَذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ نَحْوُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَطَلَبِ الصُّلْحِ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ فَأَمَّا إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ وَطَلَبِ الصُّلْحِ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ الْجِنْسِ يَتِمُّ الصُّلْحُ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي فَعَلْتُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا طَلَبُ إسْقَاطِ بَعْضِ الْحَقِّ، وَالْإِسْقَاطُ يَتِمُّ بِالْمُسْقِطِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ هُوَ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى كَذَا وَمِنْ دَعْوَاك كَذَا عَلَى كَذَا وَيَقُولُ الْآخَرُ قَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهِ وَرِضَاهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ شَيْئًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِرّ جندين فَرَضَ كردم) فَقَالَ (كَرِدِّ) يَكُونُ صُلْحًا عَلَى ذَلِكَ الْمَبْلَغِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. (أَمَّا) (حُكْمُهُ) فَوُقُوعُ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلِ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْمُصَالَحِ عَنْهُ إنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ كَالْمَالِ، وَوُقُوعُ الْبَرَاءَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَا يَحْتَمِلُ التَّمَلُّكَ كَالْقِصَاصِ هَذَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَفِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلِ لِلْمُدَّعِي وَوُقُوعُ الْبَرَاءَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الدَّعْوَى سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مَالًا أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَأَمَّا شَرَائِطُهُ فَأَنْوَاعٌ) مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُصَالِحُ عَاقِلًا فَلَا يَصِحُّ صُلْحُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَصُلْحُ السَّكْرَانِ جَائِزٌ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونَ الْمُصَالَحُ بِالصُّلْحِ عَلَى الصَّغِيرِ مُضِرًّا بِهِ مَضَرَّةً ظَاهِرَةً حَتَّى أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ دَيْنًا فَصَالَحَ أَبُو الصَّبِيِّ مَنْ دَعْوَاهُ عَلَى مَالِ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَمَا أَعْطَى مِنْ الْمَالِ مِثْلَ الْحَقِّ الْمُدَّعَى أَوَزِيَادَةً يَتَغَابَنُ فِي مِثْلِهَا فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ صَالَحَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ جَازَ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمُصَالِحُ عَلَى الصَّغِيرِ مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْوَصِيِّ. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونُ مُرْتَدًّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا صُلْحُهُ نَافِذٌ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا نَافِذَةٌ وَصُلْحُ الْمُرْتَدَّةِ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَأَمَّا الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ فَلَيْسَا بِشَرْطٍ فَصَحَّ الصُّلْحُ مِنْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ إنْ نَفَعَ أَوْ عَرِيَ عَنْ الضَّرَرِ، وَمِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إذَا كَانَ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَكِنْ لَا يَمْلِكُ الصُّلْحُ عَلَى حَطِّ بَعْضِ الْحَقِّ إذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَيَمْلِكُ التَّأْجِيلَ مُطْلَقًا وَحَطَّ بَعْضِ الثَّمَنِ لِلْعَيْبِ وَمِنْ الْمُكَاتَبِ هَكَذَا فِي الْغَرَرِ. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَالًا مَعْلُومًا إنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى قَبْضِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضِهِ فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَالًا سَوَاءٌ كَانَ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا ادَّعَى عَيْنَ مَالٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ كَالدَّارِ وَالْأَرْضِ وَالْعَبْدِ وَغَيْرِهَا وَادَّعَى كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرٌّ بِهِ أَوْ جَاحِدٌ أَوْ سَاكِتٌ فَإِنْ كَانَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ دَرَاهِمَ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَالشَّرْطُ فِيهِ بَيَانُ مِقْدَارِهَا يَقَعُ عَلَى الْجِيَادِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ يَقَعُ عَلَى الْغَالِبِ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِبَعْضِهَا غَلَبَةٌ عَلَى الْبَعْضِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ نَقْدًا مِنْهَا مَعَ بَيَانِ الْقَدْرِ وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهَا حَالَّةً وَمُؤَجَّلَةً وَقَبَضَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً جَازَ الصُّلْحُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ وَلَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا حَتَّى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْبِسَهَا وَيُعْطِيَ الْمُدَّعِيَ مِثْلَهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُدَّعِي أَوْ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ مِثْلِهَا وَإِنْ اخْتَلَفَ فِي قَدْرِهَا وَوَصْفِهَا بَعْدَ الْهَلَاكِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ الصُّلْحَ وَكَذَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الدَّنَانِيرِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا وَلَوْ صَالَحَ مَنْ دَعْوَاهُ عَلَى كَيْلِيٍّ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ أَوْ وَزْنِيٍّ كَالْحَدِيدِ وَالصِّفْرَانِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَأَضَافَ الْعَقْدَ إلَيْهِ وَهُوَ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ بَعْدَ أَنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مِلْكِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَحَّ وَيَقَعُ ذَلِكَ عَلَى مَا سَمَّى مِنْ الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَإِنْ أَشَارَ إلَيْهِ وَلَمْ يُسَمِّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ جَازَ وَيَتَعَيَّنُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ فَإِنْ ضَرَبَ

الْأَجَلَ فِي الْحِنْطَةِ إذَا كَانَتْ بِعَيْنِهَا كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا وَهَذَا لَا يَصِحُّ. ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ فَالشَّرْطُ فِيهِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ، وَبَيَانُ الْأَجَلِ فِيهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَيْضًا وَلَوْ بَيَّنَ الْأَجَلَ جَازَ وَثَبَتَ الْأَجَلُ وَلَوْ صَالَحَ عَلَى ثِيَابٍ فَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً جَازَ الصُّلْحُ وَالشَّرْطُ فِيهِ الْإِشَادَةُ لَا غَيْرُ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ حَتَّى يَأْتِيَ بِجَمِيعِ شَرَائِطِ السَّلَمِ وَلَوْ صَالَحَ مَنْ دَعْوَاهُ عَلَى حَيَوَانٍ أَوْ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ لِجَهَالَتِهِ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مُتَقَوِّمًا فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَكَذَا إذَا صَالَحَ عَلَى دَنٍّ مِنْ خَلٍّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلْمُصَالِحِ حَتَّى إذَا صَالَحَ عَلَى مَالٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُدَّعِي لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مِمَّا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ مَالًا أَوْ غَيْرَ مَالٍ نَحْوَ الْقِصَاصِ مَجْهُولًا كَانَ أَوْ مَعْلُومًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقَّ الْعَبْدِ لَا حَقَّ اللَّهِ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ حَقًّا لَيْسَ بِمَالِ عَيْنٍ وَلَا دَيْنٍ حَتَّى لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ مِنْ حَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ بِأَنْ أَخَذَ زَانِيًا أَوْ سَارِقًا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ شَارِبَ الْخَمْرِ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ أَنْ لَا يُرَافِعَهُ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَخَذَ سَارِقًا فِي دَارِهِ بَعْدَمَا أَخْرَجَ السَّرِقَةَ مِنْ الدَّارِ فَصَالَحَهُ السَّارِقُ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ حَتَّى كَفَّ عَنْهُ لَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى السَّارِقِ وَيَبْرَأُ عَنْ الْخُصُومَةِ إذَا دَفَعَ السَّرِقَةَ إلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ بَعْدَمَا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي إنْ كَانَ ذَلِكَ بِلَفْظِ الْعَفْوِ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالْبَرَاءَةِ عِنْدَنَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ إلَى الْقَاضِي لَا يَجِبُ الصُّلْحُ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَإِنْ صَالَحَ فِيهِ بَعْدَ التَّرَافُعِ إلَى الْقَاضِي لَا يَجِبُ الْبَدَلُ وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ صَالَحَ شَاهِدًا يُرِيدُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدَ عَلَيْهِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى بَاطِلٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَ وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ التَّعْزِيرِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ فَتْوَى أَئِمَّةِ خُوَارِزْمَ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ دَعْوَى فَاسِدَةٍ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا لَا يَصِحُّ وَاَلَّذِي يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا كَمَا إذَا تَرَكَ ذِكْرَ حَدٍّ أَوْ غَلِطَ فِي أَحَدِ الْحُدُودِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. . وَأَمَّا أَنْوَاعُهُ بِحَسَبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَثَلَاثَةٌ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. صُلْحٌ مَعَ إقْرَارٍ وَصُلْحٌ مَعَ سُكُوتٍ وَهُوَ أَنْ لَا يُقِرَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يُنْكِرُوا صُلْحًا مَعَ إنْكَارٍ وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ اُعْتُبِرَ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْبَيَّاعَاتِ إنْ وَقَعَ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ فَتُجْرَى فِيهِ الشُّفْعَةُ إذَا كَانَ عَقَارًا وَيُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَيَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ وَتُفْسِدُهُ جَهَالَةُ الْبَدَلِ دُونَ جَهَالَةِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَتُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِ الْبَدَلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ كَانَا نَقْدَيْنِ لَهُمَا حُكْمُ الصَّرْفِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَإِنْ وَقَعَ عَنْ مَالٍ بِمَنَافِعَ يُعْتَبَرُ بِالْإِجَارَاتِ فَيُشْتَرَطُ التَّوْقِيتُ فِيهَا وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فِي الْمُدَّةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. حَتَّى لَوْ صَالَحَ عَلَى سُكْنَى بَيْتٍ بِعَيْنِهِ إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ جَازَ وَإِنْ قَالَ أَبَدًا أَوْ حَتَّى يَمُوتَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي مَنْفَعَةً فَإِنْ كَانَتْ الْمَنْفَعَتَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَمَا إذَا صَالَحَ مِنْ سُكْنَى دَارٍ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَتَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالصُّلْحُ عَنْ السُّكُوتِ وَالْإِنْكَارِ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ وَقَطْعِ الْخُصُومَةِ وَفِي حَقِّ الْمُدَّعِي بِمَعْنَى الْمُعَارَضَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَمَّا أَنْوَاعُهُ بِحَسَبِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ وَالْمُصَالَحِ عَنْهُ

الباب الثاني في الصلح في الدين

فَأَرْبَعَةٌ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقَعَ عَنْ مَعْلُومٍ بِأَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي حَقًّا مَعْلُومًا فِي دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ وَأَنَّهُ جَائِزٌ وَإِمَّا عَنْ مَجْهُولٍ عَلَى مَجْهُولٍ وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ بِأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ حَقًّا فِي دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا فِي أَرْضٍ فِي يَدِ الْمُدَّعِي وَلَمْ يُسَمِّهِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَعْوَاهُ قِبَلَ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ بِأَنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ مَالًا وَلَمْ يُبَيِّنْهُ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الْآخَرُ دَعْوَاهُ أَوْ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ بِمَا ادَّعَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، أَمَّا عَنْ مَجْهُولٍ عَلَى مَعْلُومٍ وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ إلَى تَسْلِيمِهِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُدَّعِي مَالًا مَعْلُومًا لِيُسَلِّمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَسْلِيمِهِ بِأَنْ اصْطَلَحَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَالًا مَعْلُومًا لِلْمُدَّعِي لِيَتْرُكَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِمَّا عَنْ مَعْلُومٍ عَلَى مَجْهُولٍ فَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا إنْ كَانَ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ يَجُوزُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْجَهَالَةَ لَا تُفْسِدُ الْعَقْدَ لِعَيْنِهَا بَلْ لِغَيْرِهَا وَهُوَ الْمُنَازَعَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فَالْجَهَالَةُ فِيهِ لَا تُقْضِي إلَى هَذِهِ الْمُنَازَعَةِ فَلَا تَمْنَعُ جَوَازَ الصُّلْحِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فَالْجَهَالَةُ فِيهِ تُقْضِي إلَى مِثْلِ هَذِهِ الْمُنَازَعَةِ فَتَمْنَعُ جَوَازَ الصُّلْحِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى دَيْنٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ وَقَعَ عَلَى عَيْنٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَبِيعِ فَمَا يَصْلُحُ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ أَوْ مَبِيعًا يَصْلُحُ بَدَلًا فِي الصُّلْحِ وَمَا لَا فَلَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ شَرْطِ قَبْضِ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ) رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ عَنْهَا عَلَى خَمْسِمِائَةٍ يَجُوزُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَإِذَا كَانَ لَهُ أَلْفٌ سُودٌ فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ بِيضٍ لَمْ يَجُزْ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ بِيضٌ فَصَالَحَهُ عَلَى مَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ السُّودِ جَازَ هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. لَوْ كَانَتْ مِائَةَ دِرْهَمٍ سُودٍ فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى خَمْسِينَ غَلَّةٍ حَالَّةٍ أَوْ إلَى أَجَلٍ جَازَ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ قِبَلَ رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ غَلَّةٍ فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى خَمْسِمِائَةِ نَجِيَّةٍ وَنَقَدَهَا إيَّاهُ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ غَلَّةً فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ نَجِيَّةً حَالَّةً فَإِنْ قَبَضَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ وَإِنْ جُعِلَ لَهَا أَجَلًا بَطَلَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ دَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ عَكْسِهِ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْبَدَلِ وَإِنْ وَقَعَ عَنْ الدَّنَانِيرِ فِي الذِّمَّةِ عَلَى دَنَانِيرَ أَقَلَّ مِنْهَا لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ وَإِنْ وَقَعَ عَنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ فِي الذِّمَّةِ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى شَهْرٍ جَازَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ سُودٍ حَالَّةً فَصَالَحَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ نَجِيَّةٍ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ سُودٍ مُؤَجَّلَةٍ فَصَالَحَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ نَجِيَّةٍ حَالَّةً جَازَ إذَا نَقَدَ النَّجِيَّةَ فِي الْمَجْلِسِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَتْ الْجِيَادُ أَلْفًا

حَالَّةً فَصَالَحَهُ عَلَى أَلْفِ نَبَهْرَجَةٍ مُؤَجَّلَةً جَازَ إلَّا أَنَّ أَصْلَ الْمَالِ إذَا كَانَ قَرْضًا فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ إلَى أَجَلٍ لَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ نَجِيَّةً مُؤَجَّلَةً فَصَالَحَهُ عَلَى أَلْفٍ سُودٍ حَالَّةً فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ كَانَتْ لَهُ أَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ حَالَّةً لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِضَّةً بَيْضَاءَ فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ تِبْرٍ سُودٍ إلَى أَجَلٍ جَازَ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ مَضْرُوبَةٍ وَزْنَ سَبْعَةٍ إلَى أَجَلٍ لَا يَجُوزُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا صَالَحَ عَلَى أَجْوَدَ مِنْ حَقِّهِ وَأَنْقَصَ قَدْرًا مِنْ حَقِّهِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ قَدْرًا وَجَوْدَةً أَوْ عَلَى مِثْلِ حَقِّهِ جَوْدَةً وَأَنْقَصَ قَدْرًا مِنْ حَقِّهِ جَازَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِينَارٍ فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ إلَى شَهْرٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا حَالَّةً أَوْ إلَى أَجَلٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا فِضَّةً بَيْضَاءَ تِبْرًا حَالًّا أَوْ إلَى أَجَلٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَتَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ التِّبْرُ مِثْلَ مَا عَلَيْهِ فِي الْجَوْدَةِ أَوْ دُونَهُ أَمَّا إذَا كَانَ التِّبْرُ أَجْوَدَ مِمَّا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ نَجِيَّةً وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا سُودًا حَالَّةً أَوْ إلَى أَجَلٍ فَهُوَ جَائِزٌ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ كَانَ عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَيْهِمَا وَدَفَعَهُمَا إلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ قَبَضَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا وَبَقِيَتْ الْمِائَةُ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا يَعْلَمُ وَزْنَهَا فَصَالَحَ مِنْهَا عَلَى ثَوْبٍ أَوْ عَرْضٍ بِعَيْنِهِ جَازَ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَكَذَا إذَا جَعَلَ لَهَا أَجَلًا جَازَ وَيَجْعَلُ إبْرَاءً عَنْ الْبَعْضِ وَتَأْجِيلًا لِلْبَاقِي هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَعْلُومَةَ الْوَزْنِ فَقَضَاهُ دَرَاهِمَ مَجْهُولَةَ الْوَزْنِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ أَعْطَاهُ عَلَى الصُّلْحِ يَجُوزُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَقَلُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةٍ إلَى شَهْرٍ وَعَلَى مِائَتَيْنِ إنْ لَمْ يُعْطِيهِ إلَى شَهْرٍ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ كَذَا دِينَارًا فَأَنْكَرَ فَتَصَالَحَا عَلَى دَنَانِيرَ مَعْلُومَةً بَعْضُهَا مُعَجَّلٌ وَبَعْضُهَا مُؤَجَّلٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى طَعَامٍ فِي الذِّمَّةِ مُؤَجَّلًا أَوْ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ وَتَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِذَا وَقَعَ الصُّلْحُ مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا وَتَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْكُرَّ جَازَ وَلَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ مِنْ كُرِّ حِنْطَةٍ فِي الذِّمَّةِ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِنْ قَبَضَ الْعَشَرَةَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْعَشَرَةِ بَطَلَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ كُرِّ حِنْطَةٍ قَرْضًا عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَبَضَ خَمْسَةً ثُمَّ افْتَرَقَا بَقِيَ الصُّلْحُ فِي نِصْفِ الْكُرِّ بِحِسَابِ مَا قَبَضَ وَيَبْطُلُ فِي النِّصْفِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى كُرِّ شَعِيرٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ الشَّعِيرُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنْ تَقَابَضَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ فَسَدَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَانَ عَلَيْهِ كُرُّ حِنْطَةٍ فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ كُرٍّ حِنْطَةً وَنِصْفُ كُرِّ شَعِيرٍ تَغَيَّرَ عَيْنُهُ إلَى أَجَلٍ لَمْ يُجِزْ وَالْحِنْطَةُ عَلَيْهِ حَالَّةٌ وَلَوْ لَمْ يَضْرِبْ لِذَلِكَ أَجَلًا وَكَانَ الشَّعِيرُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَالْحِنْطَةُ بِغَيْرِ عَيْنِهَا كَانَ جَائِزًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الشَّعِيرُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَقَدْ قَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ إلَى أَجَلٍ وَنِصْفُ كُرِّ شَعِيرٍ حَالٌّ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنْ تَفَرَّقَا وَدَفَعَ إلَيْهِ الْحِنْطَةَ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الشَّعِيرَ فَالصُّلْحُ فَاسِدٌ عَلَى حِصَّةِ

الشَّعِيرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَعَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةٍ فَصَالَحَهُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَفَارَقَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ انْتَقَضَ الصُّلْحُ بِقَدْرِ دِرْهَمٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ لَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ كُرُّ حِنْطَةٍ، قَرْضًا فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ حِصَّتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَدْفَعُ إلَى شَرِيكِهِ إنْ شَاءَ رُبْعَ الْكُرِّ وَإِنْ شَاءَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلَانِ لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ وَاجِبًا بِعَقْدِ أَحَدِهِمَا بِأَنْ وَرِثَا دَيْنًا مُؤَجَّلًا مِنْ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى مِائَةٍ مُعَجَّلَةٍ عَلَى إنْ أَخَّرَ عَنْهُ مَا بَقِيَ مِنْ حِصَّتِهِ وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ فَالْمِائَةُ الْمَقْبُوضَةُ تَكُونُ بَيْنَهُمَا وَتَأْخِيرُ حِصَّتِهِ وَذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةٍ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَوْ قَبَضَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ شَيْئًا كَانَ لِلْمُؤَخِّرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْمَقْبُوضِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تَأْخِيرُهُ فِي حِصَّتِهِ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُمَا وَاجِبًا بِأَدَائِهِ أَحَدِهِمَا بِأَنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ فَإِنْ أَخَّرَ الَّذِي وَلِيَ الْإِدَانَةَ صَحَّ تَأْجِيلُهُ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ وَإِنْ أَخَّرَ الَّذِي لَمْ يُبَاشِرْ الْإِدَانَةَ لَا يَصِحُّ تَأْخِيرُهُ فِي حِصَّتِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَا مُتَفَاوِضَيْنِ فَأَجَّلَ أَحَدُهُمَا دَيْنًا كَانَ مِنْ الْمُفَاوَضَةِ صَحَّ تَأْجِيلُهُ عِنْدَ الْكُلِّ أَيُّهُمَا أَجَّلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَ الدَّيْنُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى ثَوْبٍ فَشَرِيكُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ الثَّوْبِ إلَّا أَنْ يَضْمَنَ لَهُ شَرِيكُهُ رُبْعَ الدَّيْنِ وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ غَرِيمَهُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ وَلَوْ اسْتَوْفَى نَصِيبَهُ أَوْ نِصْفَ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْغَرِيمِ بِالْبَاقِي كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ نَجِيَّةً فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى خَمْسِمِائَةِ زُيُوفٍ أَوْ عَلَى خَمْسِمِائَةِ سُودٍ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ الْمَالُ لِرَجُلَيْنِ عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ وَلِلْآخَرِ دَنَانِيرُ فَصَالَحَاهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَتَقْسِيمُ الْمِائَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَمَا أَصَابَ الدَّنَانِيرَ فَهُوَ صَرْفٌ وَيُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ وَمَا أَصَابَ الدَّرَاهِمَ فَهُوَ اسْتِيفَاءٌ لِلْبَعْضِ وَإِسْقَاطٌ لِلْبَاقِي كَذَا فِي الْحَاوِي. ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ دَيْنًا فَصَالَحَاهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ إلَى أَجَلٍ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَاهُ عَلَى طَعَامٍ فِي الذِّمَّةِ إلَى أَجَلٍ أَوْ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْعَبْدُ لِلطَّالِبِ يَجُوزُ فِيهِ عِتْقُهُ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ عِتْقُ الْمَطْلُوبِ، وَإِنْ مَاتَ فِي يَدِ الْمَطْلُوبِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الطَّالِبُ مَاتَ مِنْ مَالِ الْمَطْلُوبِ وَيَرْجِعُ الطَّالِبُ بِالدَّيْنِ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَا يَبْطُلُ افْتِرَاقَهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ أَلْفٍ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ تَصَادَقَا أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَالْمَدْفُوعُ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ يَرُدَّ الْعَبْدَ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ أَلْفًا وَأَمْسَكَ الْعَبْدَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. صَالَحَ مِنْ أَلْفٍ عَلَى مِائَةٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَ بِهِ ثَوْبًا لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. لَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ وَاصْطَلَحَا عَلَى دَارٍ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ سَنَةً ثُمَّ يُسَلِّمُهَا إلَى الْمُدَّعِي لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْهُ عَلَى عَبْدٍ عَلَى أَنْ يَخْدُمَ الْعَبْدُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَنَةً كَانَ فَاسِدًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَهُ عَلَى آخَرَ مِائَةُ دِينَارٍ نَيْسَابُورِيَّةٍ فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةٍ بُخَارِيَّةٍ وَتَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ وَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سَأَلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي لَا فِضَّةَ فِيهَا وَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ غِطْرِيفِيَّةٍ فَتَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَهَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الدَّرَاهِمِ فِي الذِّمَّةِ فَأَمَّا إذَا وَقَعَتْ فِي

دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا قَضَى الْمَالَ قَبْلَ الْأَجَلِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَقْبُوضَ أَوْ وَجَدَهُ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ سَتُّوقَةً فَرَدَّهُ عَادَ الْمَالُ مُؤَجَّلًا وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بِهِ عَبْدًا أَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ وَقَبَضَ الْعَبْدَ فَاسْتَحَقَّ أَوْ ظَهَرَ حُرًّا أَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ عَادَ الْمَالُ مُؤَجَّلًا وَإِنْ طَلَبَ أَنْ يَقْبَلَ الصُّلْحَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الصُّلْحِ أَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ الْمَالُ مُؤَجَّلًا وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْأَجَلَ فِي الْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَالْمَالُ حَالٌّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ كُرُّ حِنْطَةٍ قَرْضًا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى كُرِّ شَعِيرٍ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَوَجَدَ الْمُدَّعِي بِالشَّعِيرِ عَيْبًا بَعْدَمَا تَفَرَّقَا إنْ لَمْ يَسْتَبْدِلْ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ بَطَلَ الصُّلْحُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَإِنْ اسْتَبْدَلَ أُخْرَى فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا الصُّلْحُ عَلَى حَالِهِ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافُ كُلّ عَقْدٍ يَبْطُلُ بِالِافْتِرَاقِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ ثُمَّ وَجَدَ بِالْمَقْبُوضِ عَيْبًا وَرَدَّهُ كَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَرَادَ أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى مِائَةٍ فَقَالَ الْمُدَّعِي صَالِحَتُكَ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي لِي عَلَيْكَ وَأَبْرَأْتُكَ عَنْ الْبَقِيَّةِ جَازَ وَيَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْبَاقِي قَضَاءً وَدِيَانَةً وَإِنْ قَالَ صَالَحْتُكَ مِنْ الْأَلْفِ عَلَى مِائَةٍ وَلَمْ يَقُلْ وَأَبْرَأْتُكَ عَنْ الْبَاقِي بَرِئَ الْمَطْلُوبُ عَنْ الْبَاقِي قَضَاءً لَا دِيَانَةً كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ قَضَى الْأَلْفَ فَأَنْكَرَ الطَّالِبُ قَضَاءَ الْمَطْلُوبِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ جَازَ قَضَاؤُهُ وَلَا يَحِلُّ لِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ الْمِائَةَ إذَا كَانَ يَعْلَمُ بِالْقَضَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ إلَى أَجَلٍ فَصَالَحَهُ الطَّالِبُ عَلَى إنْ أَعْطَاهُ كَفِيلًا وَأَخَّرَ عَنْهُ سَنَةً بَعْدَ الْأَجَلِ فَهُوَ جَائِزٌ وَهَذَا جَوَابُ الِاسْتِحْسَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعَهُ كَفِيلٌ فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يُبَرَّأَ هَذَا الْكَفِيلَ أَوْ عَلَى أَنْ يُدْخِلَ مَعَهُ رَجُلًا آخَرَ فِي الْكَفَالَةِ وَعَلَى إنْ أَخَّرَ عَنْهُ بَعْدَ الْأَجَلِ شَهْرًا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ نِصْفَ الْمَالِ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَ عَنْهُ مَا بَقِيَ سَنَةً بَعْدَ الْأَجَلِ كَانَ فَاسِدًا وَلَوْ أَخَّرَ عَنْهُ الطَّالِبُ سَنَةً بَعْدَ الْأَجَلِ مِنْ غَيْرِ الصُّلْحِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ ادْفَعْ إلَيَّ غَدًا مِنْهَا خَمْسَمِائَةٍ عَلَى أَنَّك بَرِيءٌ مِنْ الْفَضْلِ فَفَعَلَ فَهُوَ بَرِيءٌ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ غَدًا عَادَتْ الْأَلْفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ قَالَ حَطَطْت عَنْك خَمْسَمِائَةٍ عَلَى أَنْ تَنْقُدَ لِي خَمْسَمِائَةٍ وَلَمْ يُوَقِّتْ وَقْتًا إذَا قَبِلَ الْغَرِيمُ ذَلِكَ بَرِئَ عَنْ خَمْسِمِائَةٍ أَعْطَاهُ الْبَاقِيَ أَوْ لَمْ يُعْطِهِ فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ قَالَ حَطَطْت عَنْك خَمْسَمِائَةٍ عَلَى أَنْ تَنْقُدَ لِي الْيَوْمَ خَمْسَمِائَةٍ فَإِنْ لَمْ تَنْقُدْ فَالْمَالُ عَلَيْك عَلَى حَالِهِ، فَقَبِلَ الْغَرِيمُ أَنْ يَنْقُدَهُ الْخَمْسَمِائَةِ الْيَوْمَ بَرِئَ مِنْ الْبَاقِي وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فِي الْيَوْمِ لَا يَبْرَأُ فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ قَالَ حَطَطْت عَنْك خَمْسَمِائَةٍ عَلَى أَنْ تَنْقُدَ لِي الْبَاقِيَ الْيَوْمَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فَقَبِلَ الْغَرِيمُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إنْ نَقَدَ فِي الْيَوْمِ بَرِئَ عَنْ الْبَاقِي وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ لَا يَبْرَأُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ أَبْرَأْتُك مِنْ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْأَلْفِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي الْخَمْسَمِائَةِ غَدًا فَالْإِبْرَاءُ فِيهِ وَاقِعٌ أَعْطَى الْخَمْسَمِائَةِ أَوْ لَمْ يُعْطِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. . وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُ وَلَمْ يُوَقِّتْ لِأَدَاءِ الْخَمْسِمِائَةِ وَقْتًا فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَيَكُونُ مِنْهُ حَطًّا لِلْخَمْسِمِائَةِ الْبَاقِيَةِ وَلَوْ قَالَ صَالَحْتُكَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي الْخَمْسَمِائَةِ الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ تُعْطِنِي فَالْأَلْفُ عَلَيْكَ عَلَى حَالِهِ فَإِنْ أَعْطَاهُ فَالصُّلْحُ مَاضٍ يُعْطِهِ حَتَّى مَضَى الْيَوْمَ فَالْأَلْفُ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ صَالَحْتُكَ

الباب الثالث الصلح عن المهر والنكاح والخلع والطلاق والنفقة والسكنى

مِنْ الْأَلْفِ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي الْيَوْمَ وَلَمْ يَقُلْ فَإِنْ تُعْطِنِي الْيَوْمَ فَالْأَلْفُ عَلَيْك فَإِنْ أَعْطَاهُ خَمْسَمِائَةٍ الْيَوْمَ بَرِئَ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ الْبَاقِيَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ حَتَّى مَضَى الْيَوْمَ عَادَ جَمِيعُ الْأَلْفِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ . وَلَوْ قَالَ صَالَحْتُك مِنْ الْأَلْفِ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ تَدْفَعُهَا إلَيَّ غَدًا وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْفَضْلِ عَلَى أَنَّك إنْ لَمْ تَدْفَعْهَا غَدًا فَالْأَلْفُ عَلَيْك عَلَى حَالِهِ فَإِنْ نَقَدَهُ خَمْسَمِائَةٍ بَقِيَ الْإِبْرَاءُ مَاضِيًا وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ بَطَلَ الْإِبْرَاءُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْكَافِي إذَا قَالَ أَدِّ إلَيَّ خَمْسَمِائَةٍ عَلَى أَنَّك بَرِيءٌ مِنْ الْفَضْلِ وَلَمْ يُوَقِّتْ لِلْأَدَاءِ وَقْتًا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَلَا يَعُودُ الدَّيْنُ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ حَطَطْتُ عَنْكَ خَمْسَمِائَةٍ إنْ نَقَدْتَ إلَيَّ خَمْسِمِائَةٍ لَا يَصِحُّ الْحَطُّ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا أَوْ لَمْ يَنْقُدْ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلْغَرِيمِ أَوْ لِلْكَفِيلِ إذَا أَدَّيْتَ مِنْهَا خَمْسَمِائَةٍ أَوْ مَتَى أَدَّيْتَ أَوْ قَالَ إنْ دَفَعْتَ إلَيَّ خَمْسَمِائَةٍ فَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ الْبَاقِي فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ لَا يَبْرَأُ عَنْ الْبَاقِي وَإِنْ أَدَّى إلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ ذَكَرَ لَفْظِ الصُّلْحِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إنَّ حَطَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَيْئًا إنْ كَانَ الْمُصَالِحُ عَاقِدًا جَازَ حَطُّهُ؛ حَطَّ الْكُلَّ أَوْ بَعْضَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَيَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ إنْ حَطَّ الْكُلَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُصَالِحُ عَاقِدًا جَازَ الْحَطُّ فِي نَصِيبِهِ عِنْدَ الْكُلِّ وَفِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّالِث الصُّلْح عَنْ الْمَهْر وَالنِّكَاح والخلع والطلاق وَالنَّفَقَة وَالسُّكْنَى] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْمَهْرِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى) رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى خَادِمٍ ثُمَّ صَالَحَهَا عَلَى شَاةٍ بِعَيْنِهَا جَازَ وَإِنْ كَانَ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ وَإِنْ صَالَحَهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ إنْ بِعَيْنِهِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ حَالًّا إنْ نَقَدَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ صَالَحَهَا مِنْ الْخَادِمِ عَلَى دَرَاهِمَ نَسِيئَةً جَازَ وَلَوْ صَالَحَهَا عَلَى خَادِمٍ بِعَيْنِهِ وَزَادَهَا مَعَ ذَلِكَ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً كَانَ جَائِزًا فَإِنْ صَالَحَ عَلَى عَرَضٍ بِعَيْنِهِ وَدَفَعَهُ إلَيْهَا ثَمَّ قَبِلَ الدُّخُولَ بِهَا، كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ رَدَّتْ إلَيْهِ نِصْفَ قِيمَةِ الْخَادِمِ وَإِنْ شَاءَتْ رَدَّتْ إلَيْهِ نِصْفَ الْعَرَضِ الَّذِي أَخَذَتْ وَلَوْ اشْتَرَتْ الْعَرَضَ فَإِنَّهَا تُعْطِيهِ نِصْفَ قِيمَةِ الْخَادِمِ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ وَإِذَا صَالَحَتْهُ عَلَى دَرَاهِمَ فَإِنَّهَا تَرُدُّ عَلَيْهِ نِصْفَ مَا قَبَضَتْ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَاهَا خَادِمًا وَسَطًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا رَدَّتْ عَلَيْهِ نِصْفَهَا مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى بَيْتٍ وَخَادِمٍ ثُمَّ صَالَحَهَا مِنْ الْبَيْتِ عَلَى ثِيَابٍ هَرَوِيَّةٍ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ صَالَحَهَا مِنْ الْبَيْتِ وَالْخَادِمِ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَا يَجُوزُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْبَيْتِ وَالْخَادِمِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. . إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ صَالَحَهَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى طَعَامٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ حَالًّا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْضًا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ صَالَحَهَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى كُرِّ شَعِيرٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الشَّعِيرُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ إنْ كَانَ الشَّعِيرُ مُؤَجَّلًا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ حَالًّا إنْ نَقَدَ فِي الْمَجْلِسِ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ أَوْ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الصُّلْحُ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ تُنْكِرُ فَصَالَحَتْهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَبْرَأَ مِنْ تَزَوُّجِهَا الَّذِي ادَّعَى جَازَ إذَا قَبِلَ ذَلِكَ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النِّكَاحِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ أُعْطِيَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى الْمُبَارَأَةِ كَانَ جَائِزًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ أُعْطِيَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّكَ بَرِيءٌ مِنْ دَعْوَاكَ وَلَوْ قَالَتْ أُعْطِيَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَى

قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الصُّلْحُ صَحِيحٌ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَصِحُّ وَلَوْ قَالَتْ أُعْطِيَكَ مِائَةً عَلَى أَنْ تَقُولَ لَمْ أَتَزَوَّجْكَ فَهَذَا بَاطِلٌ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَصَالَحَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تَبْرَأَ مِنْ الدَّعْوَى لَا يَصِحُّ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمَا أَعْطَاهَا مِنْ الْبَدَلِ وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ عَلَى دَعْوَاهَا وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَتْ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ أَوْ خُلْعًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمَهْرِ فَقَالَ الزَّوْجُ مَهْرُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ مَهْرِي أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاصْطَلَحَا عَلَى ثَلَثِمِائَةٍ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ لَمْ أَفْرِضْ لَك الْمَهْرَ وَإِنَّمَا لَك الْمُتْعَةُ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهَا الْمُتْعَةَ عَلَى إنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ دَعْوَاهَا فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ أَقَامَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ مَهْرَهَا كَانَ أَلْفًا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَطَالَبَهَا بِرَدِّ النِّصْفِ وَاخْتَلَفَا فِي النِّصْفِ فَقَالَ الزَّوْجُ النِّصْفُ ثَلَثُمِائَةٍ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ مِائَتَيْنِ فَاصْطَلَحَا عَلَى مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا طَلَاقًا بَائِنًا فَصَالَحَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا بَائِنًا فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ عَلَى أَنْ تُقِرَّ لِي بِهَذَا الطَّلَاقِ الَّذِي ادَّعَيْت وَهُوَ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَشَهِدُوا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِالْجُعْلِ الَّذِي أَعْطَتْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. (مردى زَنِّ بِكْر يرادعوى كَرِدِّ صلح كردند) عَنْ أَنْ يَخْتَلِعَ مِنْ الدَّعْوَى بِمَالٍ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فِي الْمُنْتَقَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَأَنَّ لَهَا عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَهْرٍ وَأَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ ابْنُهُ مِنْهَا وَجَحَدَ الرَّجُلُ ذَلِكَ كُلَّهُ ثُمَّ صَالَحَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ إلَيْهَا عَلَى إنْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الدَّعَاوَى لَمْ يَبْرَأْ بِهَا الزَّوْجُ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ لَهَا عَلَى جَمِيعِ مَا ادَّعَتْ فَإِنَّ النِّكَاحَ ثَابِتٌ وَالنَّسَبَ ثَابِتٌ وَالصُّلْحَ عَنْ الْمَهْرِ جَائِزٌ وَالْمِائَةَ دِرْهَمٍ سَالِمَةٌ لَهَا وَهِيَ صُلْحٌ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي ادَّعَتْهَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَلَوْ ادَّعَتْ نِكَاحًا بِغَيْرِ وَلَدٍ وَلَمْ تَدَّعِ مَهْرًا فَصَالَحَهَا عَلَى مِائَةٍ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ وَلَوْ صَالَحَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى إنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ دَعْوَى النِّكَاحِ وَعَلَى إنْ بَارَأَهَا الزَّوْجُ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَتْ هِيَ مُدَّعِيَةٌ قَبْلَهُ مَهْرًا وَلَا نَفَقَةً لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ وَيَرْجِعُ فِي الْمِائَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا وَلَا سَبِيلَ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ بَارَأَهَا وَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ خُلْعٍ وَلَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ نَفَقَةً وَنِكَاحًا فَصَالَحَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُبَارِئَهَا فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَالْمِائَةُ الدِّرْهَمُ بِالنَّفَقَةِ وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ لَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الصُّلْحُ مِنْ النَّفَقَةِ إنْ كَانَ عَلَى شَيْءٍ يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَقْدِيرُ النَّفَقَةِ بِهِ كَالنَّقْدِ وَالطَّعَامِ يُعْتَبَرُ تَقْدِيرًا لِلنَّفَقَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ مُعَارَضَةً وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى شَيْءٍ لَا يَجُوزُ تَقْدِيرُ النَّفَقَةِ بِهِ كَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ يُعْتَبَرُ مُعَارَضَةً، وَتَصِيرُ مُبَرِّئَةً زَوْجَهَا عَنْ النَّفَقَةِ بِمَا أَخَذَتْ مِنْ الْبَدَلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا صَالَحَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا عَلَى إنْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهُ سَنَتَيْنِ حَتَّى تَفْطِمَهُ وَعَلَى إنْ زَادَهَا هُوَ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ فَقَبَضَتْ الْمَرْأَةُ الثَّوْبَ فَاسْتَهْلَكَتْهُ وَأَرْضَعَتْ الصَّبِيَّ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ الصَّبِيُّ وَقِيمَةُ الثَّوْبِ وَالْمَهْرِ سَوَاءٌ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَبِرُبْعِ قِيمَةِ الرَّضَاعِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ زَادَتْهُ مَعَ ذَلِكَ شَاةً قِيمَتُهَا مِثْلُ قِيمَةِ الرَّضَاعِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِرُبْعِ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَرُبْعِ قِيمَةِ الرَّضَاعِ وَسَلَّمَتْ لَهُ الشَّاةَ وَلَوْ اسْتَحَقَّتْ الشَّاةَ مَعَ ذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَرُبْعِ قِيمَةِ الرَّضَاعِ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشَّاةِ وَإِنْ اسْتَحَقَّ الثَّوْبَ وَلَمْ تَسْتَحِقَّ الشَّاةَ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَرْجِعُ عَلَى الرَّجُلِ بِنِصْفِ الشَّاةِ وَبِأَجْرِ مِثْلِهَا فِي نِصْفِ

السَّنَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا الرَّجُلُ بِرُبْعِ قِيمَةِ الرَّضَاعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ صَالَحَتْ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا عَلَى ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ مِنْ نَفَقَتِهَا كُلَّ شَهْرٍ أَخَذَتْهُ لِلشَّهْرِ الْمَاضِي وَلَوْ صَالَحَهَا مَرَّةً ثَانِيَةً بَعْدَمَا صَالَحَهَا عَلَى ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ مِنْ نَفَقَتِهَا كُلَّ شَهْرٍ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ مَخَاتِيمَ دَقِيقٍ بِعَيْنِهِ جَازَ الصُّلْحُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ صَالَحَتْهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى مَخَاتِيمَ دَقِيقٍ غَيْرِ عَيْنِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ يَجُوزُ وَبَعْدَ مُضِيِّهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا صَالَحَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مِنْ نَفَقَتِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ لَا أُطِيقُ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ إلَّا أَنْ تُبْرِئَهُ الْمَرْأَةُ وَالْقَاضِي أَوْ يُرَخِّصَ السِّعْرَ فَيَكْفِيَهَا دُونَ ذَلِكَ وَإِنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا يَكْفِينِي هَذَا كَانَ لَهَا أَنْ تُخَاصِمَهُ حَتَّى يَزِيدَهَا إذَا كَانَ مُوسِرًا وَلَوْ قَدَّرَ الْقَاضِي نَفَقَتَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ بِشَيْءٍ وَقَضَى بِهِ كَانَ لَهَا أَنْ تُخَاصِمَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ لَا يَكْفِيهَا وَتُطَالِبُ بِتَمَامِ كِفَايَتِهَا وَكَذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَلَوْ أَعْطَاهَا كَفِيلًا بِنَفَقَةٍ كُلَّ شَهْرٍ فَعَلَى الْكَفِيلِ نَفَقَةُ شَهْرٍ وَاحِدٍ فَإِنْ قَالَ الْكَفِيلُ مَا عِشْتُ أَوْ مَادَامَتْ امْرَأَتُهُ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ وَقَدْ بَقِيَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةٌ مِنْ هَذَا الصُّلْحِ فَإِنِّي أُبْطِلُهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ صَالَحَ امْرَأَتَهُ مِنْ نَفَقَتِهَا سَنَةً عَلَى حَيَوَانٍ أَوْ ثَوْبٍ سَمَّى جِنْسَهُ جَازَ مُؤَجَّلًا وَحَالًّا بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَحَهَا بَعْدَ الْفَرْضِ أَوْ بَعْدَ تَرَاضِيهِمَا عَنْ النَّفَقَةِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ صَالَحَتْهُ عَنْ آخِرِ رَضَاعِ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ كَانَ جَائِزًا ثُمَّ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُصَالِحَ بِمَا ثَبَتَ لَهَا مِنْ دَرَاهِمِ الْأَجْرِ عَلَى طَعَامٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ صَالَحَ امْرَأَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ مِنْ نَفَقَتِهَا عَلَى دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ لَا يَزِيدَهَا عَلَيْهَا حَتَّى تَقْضِيَ عِدَّتَهَا، وَعِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ جَازَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْحَيْضَ غَيْرُ مَعْلُومٍ قَدْ تَحِيضُ ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي شَهْرَيْنِ وَقَدْ لَا تَحِيضُ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ صَالَحَتْ مَعَ الزَّوْجِ مِنْ نَفَقَتِهَا مَا دَامَتْ زَوْجَتُهُ لَهُ عَلَى مَالٍ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ مُكَاتَبَةً أَوْ أَمَةً قَدْ بَوَّأَهَا الْمَوْلَى بَيْتًا فَصَالَحَهَا عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً مِنْ الْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ لِكُلِّ سَنَةٍ جَازَ لَك لَوْ صَالَحَ مَوْلَى الْأَمَةِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَوَّأَهَا الْمَوْلَى بَيْتًا لَمْ يَجُزْ هَذَا الصُّلْحُ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً لَا يَسْتَطِيعُ الزَّوْجُ أَنْ يَقْرَبَهَا فَصَالَحَ أَبَاهَا عَلَى نَفَقَتِهَا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَالزَّوْجُ صَغِيرٌ فَصَالَحَ أَبُوهُ عَلَى النَّفَقَةِ وَضَمِنَ جَازَ، وَإِذَا صَالَحَ الْمُكَاتَبُ امْرَأَتَهُ عَلَى نَفَقَةٍ كُلَّ شَهْرٍ جَازَ كَمَا يَجُوزُ صُلْحُهُ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ الْمُسْتَحَقَّةِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ وَالتَّاجِرُ يُصَالِحُ امْرَأَتَهُ عَلَى نَفَقَتِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ صَالَحَ امْرَأَتَهُ مِنْ نَفَقَتِهَا سَنَةً عَلَى ثَوْبٍ وَقَبَضَتْهُ مِنْهُ فَاسْتَحَقَّ الثَّوْبَ رَجَعَتْ بِالنَّفَقَةِ إنْ فُرِضَتْ وَإِنْ لَمْ تُفْرَضْ رَجَعَتْ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ أَحَدُهُمَا أَمَةً قَدْ بَوَّأَهَا بَيْتًا فَصَالَحَ الْحُرَّةَ عَلَى نَفَقَةٍ مُسَمَّاةٍ كُلِّ شَهْرٍ وَصَالَحَ الْأَمَةَ عَلَى نَفَقَةٍ أَكْثَرَ مِنْهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَحَدُهُمَا ذِمِّيَّةً فَصَالَحَهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَةِ الْمُسْلِمَةِ وَإِذَا صَالَحَ الْفَقِيرُ امْرَأَتَهُ عَلَى نَفَقَةٍ كَثِيرَةٍ فِي الشَّهْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا نَفَقَةُ مِثْلَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ صَالَحَ عَلَى نَفَقَةِ الْمَحَارِمِ ثُمَّ ادَّعَى الْإِعْسَارَ صُدِّقَ وَبَطَلَ الصُّلْحُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. إذَا صَالَحَ الرَّجُلُ بَعْضَ مَحَارِمِهِ عَنْ النَّفَقَةِ وَهُوَ فَقِيرٌ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى إعْطَائِهِ إنْ أَقَرُّوا أَنَّهُ مُحْتَاجٌ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ وَادَّعَى أَنَّهُ فَقِيرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ عَنْهُ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ مُوسِرٌ فَيَقْضِي بِالصُّلْحِ عَلَيْهِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْيَسَارَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِوُجُوبِهَا فَالصُّلْحُ فِيهِ يَكُونُ مَاضِيًا وَإِنْ كَانَ الْوَالِدُ مُحْتَاجًا فَإِنْ كَانَ صَالَحَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَتِهِمْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَبْطَلَتْ الْفَضْلُ عَنْهُ وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ فِي الْكِسْوَةِ لِلْحَاجَةِ

الباب الرابع الصلح في الوديعة والهبة والإجارة والمضاربة والرهن

وَالْمُعْتَبَرُ الْكِفَايَةُ كَالنَّفَقَةِ لَوْ صَالَحَ امْرَأَتَهُ مِنْ كِسْوَتِهَا عَلَى دِرْعِ يَهُودِيٍّ وَلَمْ يُسَمِّ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَرُقْعَتَهُ جَازَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ كِسْوَةُ الْقَرَابَةِ وَلَوْ صَالَحَ رَجُلٌ أَخَاهُ وَهُوَ صَحِيحٌ بَالِغٌ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ لِنَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ كُلَّ شَهْرٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَلَمْ يُجْبَرْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إنْ صَالَحَتْ الْمُبَانَةُ زَوْجَهَا عَنْ سُكْنَاهَا عَلَى دَرَاهِمَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا صَالَحَ امْرَأَتَهُ مِنْ نَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا الْعَشْرَ سِنِينَ عَلَى وَصِيفٍ وَسَطٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْبَاب الرَّابِع الصُّلْح فِي الْوَدِيعَةِ وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالرَّهْنِ] . (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الصُّلْحِ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالرَّهْنِ) إنْ صَالَحَ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ عَلَى شَيْءٍ فَإِنْ ادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ الْإِيدَاعَ وَقَالَ الْمُسْتَوْدِعُ مَا أَوْدَعْتَنِي شَيْئًا ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ جَازَ الصُّلْحُ فِي قَوْلِهِمْ وَإِنْ ادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ الْوَدِيعَةَ وَطَالَبَهُ بِالرَّدِّ فَأَقَرَّ الْمُسْتَوْدِعُ الْوَدِيعَةِ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا وَصَاحِبُ الْمَالِ يَدَّعِي عَلَيْهِ الِاسْتِهْلَاكَ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ جَازَ الصُّلْحُ فِي قَوْلِهِمْ وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الِاسْتِهْلَاكَ وَالْمُودِعُ يَدَّعِي الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ فَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ فِي قَوْلِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ثُمَّ إنَّ عَامَّةَ الْمَشَايِخِ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَا إذَا قَالَ الْمَالِكُ أَوَّلًا اسْتَهْلَكْتهَا وَقَالَ الْمُودِعُ بَعْدَ ذَلِكَ ضَاعَتْ أَوْ رَدَدْت، وَبَيْنَ مَا إذَا قَالَ الْمُودِعُ أَوَّلًا ضَاعَتْ أَوْ رَدَدْتُ وَقَالَ الْمَالِكُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَهْلَكْتهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ بَعْدَ مَا حَلَفَ الْمُسْتَوْدِعُ أَنَّهُ رَدَّ أَوْ هَلَكَ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ إنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ قَبْلَ يَمِينِ الْمُودِعِ وَإِذَا ادَّعَى الْمُودِعُ الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ وَصَاحِبُ الْمَالِ لَا يُصَدِّقُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا يُكَذِّبُهُ بَلْ سَكَتَ، ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ ادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ الِاسْتِهْلَاكَ وَالْمُودِعُ لَمْ يُصَدِّقْ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ فِي قَوْلِهِمْ فَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ الْمُودِعُ كُنْتَ قُلْت قَبْلَ الصُّلْحِ أَنَّهَا قَدْ هَلَكَتْ أَوْ رَدَدْتُهَا فَلَمْ يَصْلُحْ الصُّلْحُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ قَالَ صَاحِبُ الْمَالِ قُلْتُ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمَالِ وَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إنْ أَنْكَرَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ أَصْلًا ثُمَّ صَالَحَ صَحَّ الصُّلْحُ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْعَارِيَّةِ وَلَمْ يَدَّعِ الرَّدَّ وَلَا الْهَلَاكَ، وَالْمَالِكُ يَدَّعِي الِاسْتِهْلَاكَ صَحَّ الصُّلْحُ وَإِنْ ادَّعَى الْهَلَاكَ وَالْمَالِكُ يَدَّعِي الِاسْتِهْلَاكَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْمُضَارَبَةِ، وَكُلُّ مَالٍ أَصْلُهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا وَهِيَ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ بَعْدَ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ لَمْ يَجُزْ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً وَكَانَ الْمُودِعُ مُنْكِرًا فَالصُّلْحُ جَائِزٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا يَحِلُّ لِلْمُودِعِ الْفَضْلُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَرْضٍ جَازَ الصُّلْحُ مُطْلَقًا وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَإِنْ صَالَحَهُ وَهُوَ جَاحِدٌ لِلْوَدِيعَةِ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ إذَا تَفَرَّقَا بَعْدَ قَبْضِ الدَّنَانِيرِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ حَاضِرَةً فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ أَوْ غَائِبَةً عَنْ مَجْلِسِ الصُّلْحِ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُودِعُ مُقِرًّا الْوَدِيعَةِ إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ حَاضِرَةً فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ جَازَ إذَا جَدَّدَ الْمُودِعُ الْقَبْضَ وَقَبَضَ الْمَالِكُ الدَّنَانِيرَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَلَوْ لَمْ يُجَدِّدْ الْمُودِعُ الْقَبْضَ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ غَائِبَةً عَنْ مَجْلِسِ الصُّلْحِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ امْرَأَةٌ اسْتَوْدَعَتْ رَجُلًا وَدِيعَةً كَانَتْ عِنْدَهَا لِغَيْرِهَا ثُمَّ قَبَضَتْهَا مِنْهُ ثُمَّ اسْتَوْدَعَتْهَا آخَرَ وَقَبَضَتْهَا مِنْهُ أَيْضًا

فَفَقَدَتْ مَتَاعًا مِنْهَا فَقَالَتْ ذَهَبَ بَيْنَكُمَا وَلَا أَدْرِي مَنْ أَضَاعَهُ وَقَالَا لَا نَدْرِي مَا كَانَ فِي وِعَائِكَ غَيْرَ أَنَّكَ دَفَعْتَ إلَيْنَا فَلَمْ نُفَتِّشْهُ وَرَدَدْنَاهُ عَلَيْك فَصَالَحَتْهُمَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَالٍ فَهِيَ ضَامِنَةٌ لِصَاحِبِ الْمَتَاعِ وَالصُّلْحُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمَا جَائِزٌ، ثُمَّ صُلْحُهَا عَلَى قِيمَةِ الْمَتَاعِ لَا يَخْلُو مِنْ وَجْهَيْنِ إمَّا إنْ كَانَ بَعْدَ مَا ضَمَّنَهَا الْمَالِكُ قِيمَةَ الْمَتَاعِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى أَيِّ بَدَلٍ كَانَ؛ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ قِيمَةِ الْمَتَاعِ أَوْ أَقَلَّ، وَإِمَّا إنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُضَمِّنَهَا الْمَالِكُ قِيمَةَ الْمَتَاعِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ صَالَحَتْ بِبَدَلٍ مِثْلِ قِيمَةِ الْمَتَاعِ أَوْ أَقَلَّ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَبَرِئَا عَنْ ضَمَانِ الْمَتَاعِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْمَتَاعِ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَى الْمُودِعَيْنِ سَبِيلٌ وَإِنْ صَالَحَتْ بِبَدَلٍ هُوَ أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الْمَتَاعِ قَدْرَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَلِلْمَالِكِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَرْأَةَ قِيمَةَ الْمَتَاعِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودِعَيْنِ إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمَتَاعِ فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُودِعَيْنِ رَجَعَا عَلَى الْمَرْأَةِ بِمَا دَفَعَا إلَيْهَا وَإِنْ ضَمَّنَ الْمَرْأَةَ نَفَذَ الصُّلْحُ عَلَيْهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدَيْ إنْسَانٍ فَقَالَ ذُو الْيَدِ هَذِهِ وَدِيعَةُ فُلَانٍ أَوْدَعْنِيهَا فَصَالَحَهُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ قَبْلَهَا صَحَّ الصُّلْحُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُصَالَحِ عَنْهُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ قَدْ نَفَقَتْ تَحْتَ الْمُسْتَعِيرِ ثُمَّ أَنْكَرَ رَبُّ الدَّابَّةِ الْإِعَارَةَ وَصَالَحَ الْمُسْتَعِيرَ عَلَى مَالٍ جَازَ فَإِنْ أَقَامَ الْمُسْتَعِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى الْعَارِيَّةِ وَقَالَ إنَّهَا نَفَقَتْ بَطَلَ الصُّلْحُ وَإِنْ أَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى وَقْتٍ فَعَطِبَتْ فَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ نَفَقَتْ تَحْتِي وَكَذَّبَهُ رَبُّ الدَّابَّةِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْعَارِيَّةِ فَافْتَدَى الْمُسْتَعِيرُ ثَمَنَهُ فَصَالَحَهُ صُلْحًا لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُسْتَعِيرُ دَفَعْتُهَا إلَيْكَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ جَحَدَ الْمُضَارَبَةَ ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ جَحَدَهَا ثُمَّ صَالَحَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَالٍ جَازَ وَإِذَا كَانَ لِلْمُضَارِبِ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ أَدَانَهُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ فَصَالَحَهُ عَلَى إنْ أَخَّرَهُ عَنْهُ جَازَ وَإِنْ حَطَّ عَنْهُ بَعْضَهُ جَازَ وَضَمِنَ مَا حَطَّهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ الْحَطُّ بِعَيْبٍ فِي مَبِيعٍ أَوْ صَالَحَهُ مِنْ الْعَيْبِ عَلَى دَرَاهِمَ بَدَلِهَا جَازَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَلَوْ صَالَحَ عَلَى إنْ أَخَذَ بِالدَّيْنِ كَفِيلًا عَلَى إنْ أَبْرَأَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ أَوْ احْتَالَ بِهِ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَ هَذَا الْعَبْدَ لَهُ وَقَبَضَهُ وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَاهِبِ وَالْوَاهِبُ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي وَنَصِفُ الْعَبْدِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَازَ هَذَا الصُّلْحُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي هَذَا بَيِّنَةً عَلَى الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ حَتَّى لَا يَأْخُذَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ النِّصْفَ الَّذِي بَقِيَ فِي يَدِهِ فَإِنْ شَرَطَ مَعَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ دَرَاهِمَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ اصْطَلَحَا أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الْعَبْدِ لِأَحَدِهِمَا وَيُعْطِي صَاحِبَهُ دَرَاهِمَ كَانَ جَائِزًا أَيْضًا وَإِذَا ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَجَحَدَ الْوَاهِبُ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَإِنْ شَرَطَا مَعَ هَذَا لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمَ إنْ شَرَطَا الدَّرَاهِمَ عَلَى الْوَاهِبِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ شَرَطَا الدَّرَاهِمَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ يَجُوزُ وَإِنْ اصْطَلَحَا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ سَالِمًا لِأَحَدِهِمَا وَيَدْفَعُ هُوَ إلَى صَاحِبِهِ كَذَا دِرْهَمًا إنْ شَرَطَا أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ عَلَى الْوَاهِبِ كَانَ بَاطِلًا وَإِنْ شَرَطَا الدَّرَاهِمَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ كَانَ جَائِزًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ وَهَبَتْ أَرْضًا لَهَا لِأَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَالْآخَرُ لِأَبٍ ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثَهَا أَخُوهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا وَقَالَ تِلْكَ الْهِبَةُ كَانَتْ غَيْرَ جَائِزَةٍ وَادَّعَى الْآخَرُ جَوَازَهَا فِي قَوْلِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ ثُمَّ اصْطَلَحَا بَيْنَهُمَا عَلَى صُلْحِ ثُمَّ مَاتَ الْأَخُ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَأَرَادَ وَرَثَتُهُ إبْطَالَ ذَلِكَ الصُّلْحِ عِنْدَ قَاضٍ يَرَى أَصْلَ الْهِبَةِ بَاطِلَةً يَبْطُلُ فِي قَوْلِ مَنْ يَرَى تِلْكَ الْهِبَةَ بَاطِلَةً وَيَجْعَلُهَا مِيرَاثًا وَفِي قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ الْهِبَةَ يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَيَجْعَلُهَا هِبَةً بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ

وَهَبَتْهَا كُلَّهَا لِلْأَخِ لِأَبٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا فِي حَيَاةِ الْأُخْتِ ثُمَّ خَاصَمَهُ أَخُوهُ فِيهَا فَقَالَ إنَّهَا لَمْ تَجُزْ لَك لِأَنَّك لَمْ تَقْبِضْهَا وَقَالَ الْآخَرُ صَدَقْت لَمْ أَقْبِضْهَا وَلَكِنْ لَا أَرُدَّهَا حَتَّى يَقْضِيَ الْقَاضِي عَلَيَّ بِذَلِكَ فَاصْطَلَحَا مِنْهَا عَلَى صُلْحٍ فَهُوَ بَاطِلٌ سَوَاءٌ اصْطَلَحَا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ وَهَبَ لَهُ نِصْفَ هَذِهِ الدَّارَ مُشَاعًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ مِنْهُ وَجَحَدَ الْوَاهِبُ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ رُبْعَ الدَّارِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ جَازَ كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلٍ فَادَّعَى أَنَّ فُلَانًا تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ وَأَنَّهُ قَبَضَهَا وَقَالَ فُلَانٌ بَلْ وَهَبْتهَا لَك وَأَنَا أُرِيدُ الرُّجُوعَ فِيهَا فَاصْطَلَحَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الدَّارَ بِصَدَقَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا رُجُوعَ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ أَقَرَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ أَنَّهَا هِبَةً بَعْدَ الصُّلْحِ أَوْ جَحَدَ رَبُّ الدَّارِ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ جَمِيعًا قَبْلَ الصُّلْحِ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَكَذَلِكَ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ تَكُونَ الدَّارُ بَيْنَهَا بِالسَّوِيَّةِ عَلَى إنْ رَدَّ الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّارُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَلَا يُبْطِلُهُ مَعْنَى الشُّيُوعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ عَلَى حِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَهِيَ مَبِيعَةٌ وَبَيْعُ الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَارًا وَاخْتُلِفَ فِي الْمُدَّةِ فَقَالَ الْآخَرُ آجَرْتُك شَهْرَيْنِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَا بَلْ عَلَى سُكْنَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عَلَى إنْ زَادَ الْآخَرُ دِرْهَمًا كَانَ هَذَا جَائِزًا أَيْضًا وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى سُكْنَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى إنْ زَادَهُ قَفِيزًا بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ كَانَ جَائِزًا وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى سُكْنَى هَذِهِ الدَّارِ شَهْرَيْنِ عَلَى إنْ زَادَهُ الْآجِرُ سُكْنَى بَيْتٍ آخَرَ مِنْ دَارٍ أُخْرَى هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ كَانَ جَائِزًا أَيْضًا وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنْ يَنْظُرَ فِي الزِّيَادَةِ إنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ جَانِبِ الْآجِرِ أَوْ مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَأْجِرِ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى سُكْنَى الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ عَلَى إنْ زَادَهُ الْمُسْتَأْجِرُ رُكُوبَ دَابَّةٍ مَجْهُولَةٍ أَوْ اصْطَلَحَا عَلَى سُكْنَى شَهْرَيْنِ عَلَى إنْ زَادَهُ الْآجِرُ سُكْنَى بَيْتٍ مَجْهُولٍ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ سُكْنَى الزِّيَادَةُ مَعْلُومَةً فَإِنْ كَانَتْ مِنْ جَانِبِ الْآجِرِ جَازَتْ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِ مَا آجَرَ أَوْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ جَازَ وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى سُكْنَى الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ بِعَشَرَةٍ عَلَى إنْ أَعْطَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَرْضًا بِعَيْنِهَا جَازَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَوْ اصْطَلَحَ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ عَلَى مُدَّةٍ مِنْ السُّكْنَى عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ هَذَا كَفِيلًا بِهِ وَرَضِيَ بِذَلِكَ الْكَفِيلُ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ غَائِبًا فَالصُّلْحُ مَرْدُودٌ وَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَى أَنْ يَزِيدَ مَعَ السُّكْنَى رُكُوبَ دَابَّةٍ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا لَوْ زَادَهُ خِدْمَةَ عَبْدِهِ هَذَا شَهْرٌ أَوْ لَوْ زَادَهُ الْمُسْتَأْجِرُ سُكْنَى دَارٍ مَعْرُوفَةٍ شَهْرًا لَمْ يَجُزْ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَادَّعَى رَبُّ الدَّابَّةِ أَجْرًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ مَوْضِعًا أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ فَاصْطَلَحَا عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي عَيَّنَ رَبُّ الدَّابَّةِ بِالْأَجْرِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ فَهَذَا الصُّلْحُ جَائِزٌ وَلَوْ جَحَدَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ أَصْلًا وَادَّعَاهَا رَبُّ الدَّابَّةِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا الْمُسْتَأْجِرُ إلَى ذَلِكَ عَلَى أَجْرِ دِرْهَمٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ اسْتَكْرَى هَذِهِ الدَّابَّةَ بِإِكَافٍ يَحْمِلُ عَلَيْهَا ثِقَلَهُ إلَى بَغْدَادَ بِخَمْسَةٍ فَجَحَدَ ذَلِكَ رَبُّ الدَّابَّةِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا هُوَ بِنَفْسِهِ إلَى بَغْدَادَ بِسَرْجِهِ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَبْدًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهُ رَهَنَهُ إيَّاهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْعَبْدُ: الْعَبْدُ عَبْدِي وَالْمِائَةُ لِي عَلَيْك فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي ادَّعَى عَلَيْهِ وَيَزِيدَ لَهُ خَمْسِينَ وَيَتْرُكَ الْمُدَّعِي الْخُصُومَةَ فِي الْعَبْدِ فَهَذَا الصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ

الباب الخامس الصلح في الغصب والسرقة والإكراه والتهديد

أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ هَذَا الْعَبْدِ كَانَ رَهْنًا فِي يَدِهِ لَا يُنْتَقَضُ الصُّلْحُ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَقَالَ رَهَنْته مِنِّي بِمِائَةٍ لِي وَقَالَ الرَّاهِنُ لَك عَلَيَّ مِائَةٌ إلَّا أَنِّي مَا رَهَنْت الْعَبْدَ مِنْك فَاصْطَلَحَا عَلَى إنْ زَادَهُ الْمُرْتَهِنُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا قَرْضًا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِالْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ فَهَذَا الصُّلْحُ جَائِزٌ فَيَصِيرُ الْعَبْدُ رَهْنًا بِالْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَهَبَ مِنْهُ الْمُرْتَهِنُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الرَّاهِنُ الْعَبْدَ رَهْنًا بِالْمِائَةِ فَإِنَّ هَذَا الصُّلْحَ فَاسِدٌ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ فِي رَهْنِهِ وَلَوْ اصْطَلَحَا أَنْ يُبْرِئَهُ الْمُرْتَهِنُ عَنْ خَمْسِينَ مِنْ الْمِائَةِ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الرَّاهِنُ الْعَبْدَ بِالْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةِ فَهَذَا جَائِزٌ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ ثَوْبًا فِي يَدِ الرَّاهِنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ إيَّاهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَقْرَضَهَا إيَّاهُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الرَّهْنَ وَقَالَ الرَّاهِنُ لَك عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا أَنِّي لَمْ أَرْهَنَكَهُ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحُطَّ الْمُرْتَهِنُ عَنْهُ دِرْهَمًا لِيَرْهَنَهُ الرَّاهِنُ الثَّوْبَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ الْمُرْتَهِنُ دِرْهَمًا لِيَجْعَلَ الثَّوْبَ رَهْنًا عِنْدَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ إيَّاهُ لِيَحُطَّ عَنْهُ دِرْهَمًا وَيُقْرِضَهُ دِرْهَمًا جَمْعًا بَيْنَ الْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الثَّوْبَ وَبَدَا لَهُ فِي إمْسَاكِهِ فَلَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْحَطَّ لَا يَثْبُتُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ رَهَنَ مَتَاعًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَةُ الرَّهْنِ مِائَتَا دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ الْمُرْتَهِنُ هَلَكَ الرَّهْنُ وَقَالَ الرَّاهِنُ مَا هَلَكَ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَأَبْرَأَهُ عَنْ الْبَاقِي كَانَ بَاطِلًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا الْجَوَابُ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ رَدَّ الرَّهْنَ عَلَى الرَّاهِنِ وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ وَلَوْ أَنَّ الرَّاهِنَ ادَّعَى عَلَيْهِ الِاسْتِهْلَاكَ فَلَمْ يُقِرَّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يُنْكِرْ فَاصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ الصُّلْحُ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَالدَّيْنِ مِائَةً فَقَالَ الرَّاهِنُ بِعْت مَتَاعِي فَلَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ ثُمَّ اصْطَلَحَا جَازَ الصُّلْحُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ بَاعَ الْمَتَاعَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِوَكَالَةِ الرَّاهِنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ مَا وَكَّلْتُكَ بِالْبَيْعِ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى إنْ أَبْرَأَهُ مِنْ الْمِائَةِ وَزَادَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا جَازَ، فَإِنْ ظَهَرَ الْمَتَاعُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَالصُّلْحُ مَاضٍ وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ بَاعَ الْمَتَاعَ ثُمَّ مَاتَ الرَّاهِنُ فَصَالَحَ الْوَرَثَةَ عَلَى أَنْ يُبْرِئُوهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ أَخَّرَ فَقَالَ الرَّهْنُ لِي فَصَالَحَهُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى عَشَرَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَنَّ الرَّاهِنَ مَاتَ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَتَاعَ لَهُ وَأَنَّهُ كَانَ أَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ فَاصْطَلَحَا عَلَى إنْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِذَلِكَ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يُصَدَّقُ عَلَى وَرَثَةِ الرَّاهِنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ الصُّلْح فِي الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَالْإِكْرَاهِ وَالتَّهْدِيدِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الصُّلْحِ فِي الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَالْإِكْرَاهِ وَالتَّهْدِيدِ) لَوْ ادَّعَى غَصْبًا عَلَى إنْسَانٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى مَالٍ جَازَ الصُّلْحُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَأَتْلَفَهُ فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى أَزْيَدَ مِنْ مِائَةٍ جَازَ وَقَالَا يَبْطُلُ الْفَضْلُ عَلَى قِيمَتِهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. . إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ عَبْدًا فَأَبَقَ مِنْهُ أَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ فَصَالَحَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَبْطُلُ الْفَضْلُ عَلَى قِيمَتِهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَصَالَحَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا جَمِيعًا كَذَا ذَكَرَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ إذَا غَصَبَ عَبْدًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ أَقَلُّ مِمَّا صَالَحَ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا

اللَّهُ تَعَالَى تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَتُرَدُّ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ عَلَى الْغَاصِبِ هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَرْضٍ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرَ الْقِيمَةِ أَوْ قَلِيلَ الْقِيمَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَبَقَ الْمَغْصُوبُ فَصَالَحَهُ مَوْلَاهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ حَالَّةً أَوْ إلَى أَجَلٍ جَازَ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى الْعَبْدِ الْآبِقِ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ إنْ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَكِنْ قَبَضَهُ فِي مَجْلِسٍ جَازَ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فِي مَجْلِسٍ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا حَقِيقَةً وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي يَدٍ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ حَالًّا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا جَازَ وَكَانَ الْبَيْعُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا هِيَ آبِقَةٌ وَقَالَ الْآخَرُ هِيَ حَاضِرَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْغَاصِبِ فَإِنْ قَالَ هِيَ فِي يَدَيَّ جَازَ الصُّلْحُ عَلَى جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا حَالًّا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا وَإِنْ قَالَ هِيَ آبِقَةٌ جَازَ الصُّلْحُ عَلَى الدَّرَاهِمِ حَالَّةً كَانَتْ أَوْ مُؤَجَّلَةً وَعَلَى الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ جَازَ الصُّلْحُ حَالًّا وَلَا يَجُوزُ مُؤَجَّلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا غَصَبَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ فَاسْتَهْلَكَهُ آخَرُ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَصَالَحَ صَاحِبُ الثَّوْبِ الْأَوَّلَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَيَرْجِعُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُسْتَهْلِكِ بِقِيمَتِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ وَأَنْ يُصَالِحَ الْأَوَّلَ وَلَكِنَّهُ صَالَحَ الثَّانِي عَلَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ جَازَ وَيَكُونُ بَرَاءَةً لِلْأَوَّلِ وَلَا يَتَصَدَّقُ الْآخَرُ بِشَيْءٍ وَإِنْ نَوَى مَا عَلَى الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَوَّلِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْحَاوِي. لَوْ غَصَبَ كُرَّ حِنْطَةٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً وَالْكُرُّ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ جَازَ الصُّلْحُ وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى ذَهَبٍ مُسَمًّى حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ عَلَى سَائِرِ الْوَزْنِيَّاتِ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى كَيْلٍ مُؤَجَّلٍ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ صَالَحَهُ عَلَى حِنْطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ الْكُرُّ مُسْتَهْلَكًا فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ إنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ حَالًّا وَقَبَضَهُ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ، وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الصُّلْحُ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ إنْ كَانَ حَالًّا وَقَبَضَهُ جَازَ وَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ إنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ سِوَى الْحِنْطَةِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ الْحِنْطَةُ جَازَ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى كُرٍّ وَنِصْفِ كُرٍّ كَانَ بَاطِلًا سَوَاءٌ كَانَ الْكُرُّ قَائِمًا أَوْ مُسْتَهْلَكًا لِمَكَانِ الرِّبَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ غَصَبَ كُرَّ حِنْطَةٍ وَكُرَّ شَعِيرٍ فَاسْتَهْلَكَهُمَا ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى كُرِّ شَعِيرٍ إلَى أَجَلٍ عَلَى إنْ أَبْرَأَهُ مِنْ الْحِنْطَةِ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا قَائِمًا فَصَالَحَهُ عَلَيْهِ عَلَى إنْ أَبْرَأَهُ مِنْ الْمُسْتَهْلِكِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ غَصَبَ عُرُوضًا وَحِنْطَةً وَشَعِيرًا فَصَالَحَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ قَالَ حِصَّةُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ مِنْ الْأَلْفِ بَاطِلَةٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَهْلَكًا وَيَجُوزُ الصُّلْحُ فِي حِصَّةِ الْعُرُوضِ وَإِنْ كَانَ قَالَ الْغَاصِبُ لَمْ تَكُنْ الْحِنْطَةُ مُسْتَهْلَكَةً وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ غَصْب مِائَةَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَاسْتَهْلَكَهُمَا ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْهُمَا عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْكُرَّ أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ رَجَعَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ اسْتَحَقَّتْ بَعْدَمَا قَبَضَهَا أَوْ وَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ سَتُّوقَةً رَجَعَ بِمِثْلِهَا وَلَمْ يُنْتَقَضْ الصُّلْحُ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى وَزْنِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فِضَّةً تِبْرًا وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ مِائَةَ مِثْقَالٍ فِضَّةٍ تِبْرٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً فَهُوَ جَائِزٌ إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مِثْلَ الْفِضَّةِ فِي الْجَوْدَةِ وَإِنْ كَانَتْ خَيْرًا مِنْهَا لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا غَصَبَ كُرَّ حِنْطَةٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ كُرِّ حِنْطَةٍ فَإِنْ كَانَ الْكُرُّ الْمَغْصُوبُ مَغِيبًا فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ ذَلِكَ الْكُرِّ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ سَوَاءٌ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا بِالْغَصْبِ أَوْ كَانَ جَاحِدًا وَإِنْ صَالَحَ عَلَى نِصْفِ كُرٍّ آخَرَ جَازَ الصُّلْحُ مُقِرًّا كَانَ أَوْ جَاحِدًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ الْكُرُّ

قَائِمًا فِي يَدِهِ حَقِيقَةً وَيَلْزَمُ الرَّدُّ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْكُرُّ الْمَغْصُوبُ حَاضِرًا إنْ كَانَ الْغَاصِبُ جَاحِدًا لِلْغَصْبِ فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ الْكُرِّ الْمَغْصُوبِ أَوْ عَلَى نِصْفِ كُرٍّ آخَرَ يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي الْحُكْمِ وَلَكِنْ يُؤْمَرُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَرُدَّ النِّصْفَ الْبَاقِي عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِالْغَصْبِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى نِصْفِ الْكُرِّ الْمَغْصُوبِ أَوْ عَلَى نِصْفِ كُرٍّ آخَرَ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ كَانَ صَالَحَهُ عَلَى ثَوْبٍ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ جَازَ حَاضِرًا كَانَ الْكُرُّ الْمَغْصُوبُ أَوْ غَائِبًا مُقِرًّا كَانَ الْغَاصِبُ أَوْ جَاحِدًا وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الْجَوَابِ فِي الْحِنْطَةِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي سَائِرِ الْمَكِيلَاتِ وَكُلُّ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ نَحْوَ الْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ شَيْئًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً أَوْ أَمَةً فَصَالَحَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ عَلَى نِصْفِهِ إنْ كَانَ مَغِيبًا لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا بِالْغَصْبِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ جَاحِدًا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ أَلْفًا وَأَخْفَاهُ وَغَيَّبَهُ وَصَالَحَهُ الْمَالِكُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ فَأَعْطَاهُ الْغَاصِبُ مِنْ ذَلِكَ الْأَلْفِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ جَازَ الصُّلْحُ قَضَاءً وَكَانَ عَلَى الْغَاصِبِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِحَيْثُ يَرَاهَا الْمَالِكُ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ جَاحِدًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فَإِنْ وَجَدَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ فَأَقَامَهَا يَقْضِي لَهُ بِبَقِيَّةِ مَا لَهُ فَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِالْغَصْبِ وَالدَّرَاهِمَ ظَاهِرَةً فِي يَدِهِ يَقْدِرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِهَا عَلَى إنْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَاقِي فَهُوَ فِي الْقِيَاسِ مِثْلُ الْأَوَّلِ يَجُوزُ الصُّلْحُ قَضَاءً وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا غَصَبَ الرَّجُلُ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ رَجُلَيْنِ وَاسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ صَالَحَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَقَبَضَهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَيُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيمَا قَبَضَ وَلَا يَكُونُ لِلْمُصَالِحِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا قَبَضَ وَبَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ غَيْرَهُ وَإِذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى عَرَضٍ وَاخْتَارَ الْآخَرُ تَضْمِينَ الْمُصَالِحِ كَانَ لِلْمُصَالِحِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ نِصْفَ مَا قَبَضَ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ رُبْعَ الدَّيْنِ إنْ كَانَ الْعَرَضُ قَائِمًا فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا الْغَاصِبَ عَنْ نَصِيبِهِ فَإِنْ كَانَ الْعَرَضُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ظَاهِرٌ بِحَيْثُ يَرَاهُ الْمَالِكُ وَالْغَاصِبُ مُقِرٌّ بِالْغَصْبِ لَا يَكُونُ لِلسَّاكِتِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ مَعَ الْمُصَالِحِ فِي الْمَقْبُوضِ وَإِنْ كَانَ الْعَرَضُ غَائِبًا لَا يَعْرِفُ الْمَالِكُ مَكَانَهُ وَلَا الْغَاصِبُ وَالْبَاقِي بِحَالِهِ فَلِلسَّاكِتِ أَنْ يُشَارِكَ الْمُصَالِحَ فِي الْمَقْبُوضِ وَإِنْ كَانَ الْعَرَضُ قَائِمًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَرَاهُ الْمَالِكُ إلَّا إنَّ الْغَاصِبَ جَاحِدٌ لِلْغَصْبِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّاكِتِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ مَعَ الْمُصَالِحِ فِي الْمَقْبُوضِ قَالُوا مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لِلسَّاكِتِ حَقَّ الْمُشَارَكَةِ مَعَ الْمُصَالِحِ فِي الْمَقْبُوضِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا بِحَيْثُ لَا يَعْرِفُ الْمَالِكُ مَكَانَهُ إلَّا أَنَّ الْغَاصِبَ يَعْرِفُ مَكَانَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُل اسْتَهْلَكَ عَلَى رَجُلٍ إنَاءَ فِضَّةٍ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ فَافْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِ الْقِيمَةِ لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ عِنْدَنَا وَكَذَا لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى الْقِيمَةِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَافْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَ تِبْرَ فِضَّةٍ أَوْ دَرَاهِمَ فَصَالَحَهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا إلَى أَجَلٍ جَازَ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ اسْتَهْلَكَ تِبْرَ فِضَّةٍ دَرَاهِمَ فَصَالَحَهُ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِثْلِهَا إلَى أَجَلٍ جَازَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ غَصَبَ إنَاءً مَصُوغًا مِنْ فِضَّةٍ فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ لَقِيَهُ الْمَالِكُ فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى مِثْلِ وَزْنِهِ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ عَلَى ذَهَبٍ ثُمَّ فَارَقَهُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ لَمْ يَبْطُلْ الصُّلْحُ، وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ غَصَبَ طَوْقًا قِيمَتُهُ مِائَةُ دِينَارٍ وَضَاعَ مِنْ الْغَاصِبِ وَصَالَحَهُ صَاحِبُ الطَّوْقِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا فَهُوَ جَائِزٌ إنْ وَجَدَهُ

الباب السادس في صلح العمال

الْغَاصِبُ كَانَ رَبُّ الطَّوْقِ شَرِيكًا فِيهِ لَهُ نِصْفُهُ وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ صَالَحَ رَبَّ الطَّوْقِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَالطَّوْقُ عِنْدَهُ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ قَلْبَ فِضَّةٍ وَصَالَحَهُ بَعْدَ مَا غَيَّبَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْغَاصِبُ وَرَضِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَ وَزْنِ الْقَلْبِ فِضَّةَ تِبْرٍ وَأَبْرَأَهُ عَنْ الْعَمَلِ جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَخَذَ سَارِقًا فِي دَارِ غَيْرِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى صَاحِبِ السَّرِقَةِ بَعْدَ مَا أَخْرَجَ السَّرِقَةَ مِنْ الدَّارِ فَصَالَحَهُ السَّارِقُ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ حَتَّى كَفَّ عَنْهُ كَانَ بَاطِلًا وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْمَالَ عَلَى السَّارِقِ وَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ صَاحِبِ السَّرِقَةِ لَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى السَّارِقِ، وَيَبْرَأُ عَنْ الْخُصُومَةِ إذَا دَفَعَ السَّرِقَةَ إلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ مِنْ صَاحِبِ السَّرِقَةِ بَعْدَمَا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي إنْ كَانَ ذَلِكَ بِلَفْظِ الْعَفْوِ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالْبَرَاءَةِ عِنْدَنَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ وَالْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي إذَا صَالَحَ شَارِبَ الْخَمْرِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَالًا وَيَعْفُوَ عَنْهُ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَيَرُدُّ الْمَالَ عَلَى شَارِبِ الْخَمْرِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إسْكَافٍ سُرِقَ مِنْ حَانُوتِهِ خِفَافٌ لِأَقْوَامٍ، صَالَحَ الْإِسْكَافُ مَعَ السَّارِقِ فَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ إلَّا بِإِجَازَةِ أَرْبَابِهَا وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا جَازَ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ أَرْبَابِهَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ عَلَى دَرَاهِمَ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ طَرْحُ كَثِيرٍ مِنْ الْقِيمَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ اُتُّهِمَ بِسَرِقَةٍ وَحُبِسَ فَادَّعَى عَلَيْهِ قَوْمٌ فَصَالَحَهُمْ ثُمَّ أُخْرِجَ وَأَنْكَرَ فَقَالَ إنَّمَا صَالَحْتُكُمْ خَوْفًا عَلَى نَفْسِي قَالُوا إنْ كَانَ فِي حَبْسِ الْقَاضِي فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ فِي حَبْسِ الْوَالِي لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. دَفَعَ إلَى آخَرَ بِضَاعَةً فَقَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ فَأَخَذَ مَالَهُ وَبِضَاعَةَ الدَّافِعِ فَصَالَحَ الْمُسْتَبْضِعُ اللِّصَّ وَيَقُولُ إنَّمَا صَالَحْتُ عَنْ مَالِي وَالْمُبْضِعُ يَقُولُ إنَّمَا صَالَحْتُ عَنْ بِضَاعَتِي فَإِنْ كَانَ وَقْتُ الْقَبْضِ سَمَّى الدَّافِعُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ عَنْ الْجَمِيعِ عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ وَإِنْ كَانَ سَمَّى شَيْئًا فَهُوَ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَا يُدْخِلُ فِيهِ غَيْرَهُ وَإِنْ أَبْهَمَا وَلَمْ يُفَسِّرَا فَإِنْ كَانَ اللِّصُّ حَاضِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ عَنْ أَيِّ مَالٍ أَدَّى إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ذِكْرُ الصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَاتَّفَقَ الْمُبْضِعُ وَالْمُسْتَبْضِعُ أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ عَمَّا دَفَعَ فَهُوَ عَنْ الْجَمِيعِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. صُلْحُ الْمُكْرَهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا كَانَ الْمُدَّعِي رَجُلٌ فَأَكْرَهَ السُّلْطَانُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى صُلْحِ أَحَدِهِمَا فَصَالَحَهُمَا جَمِيعًا لَمْ يَجُزْ صُلْحُهُ مَعَ مَنْ أَكْرَهَ عَلَى الصُّلْحِ مَعَهُ وَجَازَ مَعَ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَوْمٌ دَخَلُوا عَلَى رَجُلٍ بَيْتًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَشَهَرُوا عَلَيْهِ سِلَاحًا وَهَدَّدُوهُ حَتَّى صَالَحَ رَجُلًا عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى شَيْءٍ أَوْ أَكْرَهُوهُ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ إبْرَاءٍ فَفَعَلَ قَالُوا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ الصُّلْحُ وَالْإِقْرَارُ وَالْإِبْرَاءُ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ السُّلْطَانِ وَعِنْدَهُمَا يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ كُلِّ مُتَغَلِّبٍ يَقْدِرُ عَلَى تَحْقِيقِ مَا أَوْعَدَهُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَشْهَرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ وَضَرَبُوهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نَهَارًا فِي الْمِصْرِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ هَدَّدُوهُ بِخَشَبٍ كَبِيرٍ لَا يَلْبَثُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاحِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ كَانَ فِي رُسْتَاقٍ لَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ كَانَ الصُّلْحُ وَالْإِقْرَارُ بَاطِلَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ، وَالزَّوْجُ إذَا هَدَّدَ امْرَأَتَهُ لِتُصَالِحَ عَنْ الصَّدَاقِ عَلَى شَيْءٍ أَوْ لِتُبْرِئَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ هَدَّدَهَا بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالتَّزْوِيجِ عَلَيْهَا أَوْ بِالتَّسَرِّي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إكْرَاهًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي صُلْحِ الْعُمَّالِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي صُلْحِ الْعُمَّالِ) إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى قَصَّارٍ ثَوْبًا لِيُقَصِّرَهُ فَخَرَقَهُ الْقَصَّارُ بِدَقِّهِ فَصَالَحَهُ رَبُّ الثَّوْبِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ لِيَكُونَ

الثَّوْبُ لِلْقَصَّارِ أَوْ لِيَأْخُذَ رَبُّ الثَّوْبِ ثَوْبَهُ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ حَالَّةً كَانَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ مُؤَجَّلَةً وَكَذَلِكَ إذَا صَالَحَهُ عَلَى دَنَانِيرَ وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَإِنْ كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ بِعَيْنِهِ جَازَ الصُّلْحُ سَوَاءٌ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ لِرَبِّ الثَّوْبِ أَوْ لِلْقَصَّارِ وَإِنْ كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ فِي الذِّمَّةِ إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ لِلْقَصَّارِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ فِيمَا يَخُصُّ الثَّوْبَ بَاطِلٌ فِيمَا يَخُصُّ قِيمَةَ الْخَرْقِ، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ لِرَبِّ الثَّوْبِ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ الْقَصَّارُ قَدْ دَفَعْت إلَيْك الثَّوْبَ وَجَحَدَ رَبُّ الثَّوْبِ ذَلِكَ فَصَالَحَهُ عَلَى صُلْحٍ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَجِبُ لِلْقَصَّارِ الْأَجْرُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ الصُّلْحُ وَكَذَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى الْقَصَّارُ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى رَبِّ الثَّوْبِ وَطَلَبَ الْأَجْرَ وَكَذَّبَهُ رَبُّ الثَّوْبِ فَصَالَحَهُ مِنْ الْأَجْرِ عَلَى نِصْفِهِ جَازَ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الثَّوْبِ فَادَّعَى أَنَّهُ أَوْفَاهُ الْأَجْرَ وَأَنْكَرَ الْقَصَّارُ فَاصْطَلَحَا عَلَى نِصْفِ الْأَجْرِ جَازَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ادَّعَى الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ أَنَّ الْعَيْنَ قَدْ هَلَكَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ أَمِينٌ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ بَعْدَ قَوْلِهِ قَدْ هَلَكَتْ الْعَيْنُ كَمَا فِي الْمُودِعِ وَعِنْدَهُمَا ضَامِنٌ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ كَمَا فِي الْغَاصِبِ وَالرَّاعِي إنْ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَهُوَ كَالْقَصَّارِ وَإِنْ كَانَ أَجِيرًا خَاصًّا فَهُوَ أَجِيرُ وَاحِدٍ وَهُوَ أَمِينٌ بِلَا خِلَافٍ وَكَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْمُودِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. دَفَعَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ فَخَالَفَ الْحَائِكُ شَرْطَهُ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَنْسِجَ لَهُ ثَوْبًا سَبْعًا فِي أَرْبَعٍ فَنَقَصَ وَنَسَجَ خَمْسًا فِي أَرْبَعٍ أَوْ زَادَ عَلَى مَا شَرَطَ كَانَ لِصَاحِبِ الْغَزْلِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ غَزْلًا مِثْلَ غَزْلِهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ فَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الثَّوْبَ عَلَى الْحَائِكِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْحَائِكُ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ إلَى أَجَلٍ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ، قَالُوا تَأْوِيلُهُ إذَا تَرَكَ صَاحِبُ الْغَزْلِ الثَّوْبَ عَلَى الْحَائِكِ وَضَمَّنَهُ غَزْلًا مِثْلَ غَزْلِهِ ثُمَّ صَالَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ لِأَنَّ الْغَزْلَ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْحَائِكِ فَإِذَا صَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَهُوَ حَرَامٌ أَمَّا إذَا اخْتَارَ صَاحِبُ الْغَزْلِ أَخَذَ الثَّوْبَ ثُمَّ صَالَحَ الْحَائِكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ لِلْحَائِكِ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ إلَى أَجَلٍ كَانَ جَائِزًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ وَيُعْطِيَهُ بَعْضَ الْأَجْرِ وَيَحُطَّ عَنْهُ بَعْضَهُ جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا دَفَعَ إلَى صَبَّاغٍ ثَوْبًا لِيَصْبُغَهُ بِقَفِيزِ عُصْفُرٍ بِدِرْهَمٍ فَصَبَغَهُ بِقَفِيزَيْنِ حَتَّى ثَبَتَ لِرَبِّ الثَّوْبِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ ثَوْبَهُ وَأَعْطَاهُ دِرْهَمًا وَمَا زَادَ الْقَفِيزُ الْآخَرُ فِيهِ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ ثَوْبَهُ عَلَى الصَّبَّاغِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ فَصَالَحَهُ رَبُّ الثَّوْبِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ عَلَى قَفِيزِ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا جَازَ سَوَاءٌ صَالَحَهُ عَنْ الْأَجْرِ وَعَمَّا زَادَ الْقَفِيزُ الثَّانِي فِي ثَوْبِهِ أَوْ صَالَحَهُ عَمَّا زَادَ الْقَفِيزُ الثَّانِي فِي ثَوْبِهِ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى قَفِيزِ حِنْطَةٍ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ يَجُوزُ وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى قَفِيزِ عُصْفُرٍ إنْ كَانَ بِعَيْنِهِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ صَالَحَ الصَّبَّاغُ عَلَى دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ جَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى قِيرَاطِ ذَهَبٍ جَازَ إذَا قَبَضَ الذَّهَبَ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ أَوْ أَجَّلَهُ فِيهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا زَادَ الْقَفِيزُ الْآخَرُ فِي الثَّوْبِ قِيرَاطُ ذَهَبٍ أَوْ أَكْثَرَ يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ بِطَرِيقِ حَظِّ الْأَجْرِ وَالتَّأْجِيلُ فِيمَا زَادَ الْقَفِيزُ فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ دُونَ قِيرَاطٍ ذَهَبٍ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الباب السابع في الصلح في البيع والسلم

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي الصُّلْحِ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ] ِ) لَوْ بَاعَ مِنْهُ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ سُودٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى أَلْفٍ أَوْ مِائَةٍ زُيُوفٍ أَوْ نَبَهْرَجَةٍ حَالَّةً أَوْ إلَى أَجَلٍ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ عَنْهَا كُلَّ شَيْءٍ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ عَيْنه لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ شَيْئًا فَادَّعَى ذَلِكَ الشَّيْءَ أَوْ شِقْصًا مِنْهُ رَجُلٌ فَصَالَحَهُ الْمُشْتَرِي صَحَّ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى بَائِعِهِ لَا يَقْدِرُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. . سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ فَسَادًا فِي الْبَيْعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ فَصُولِحَ بَيْنَهُمَا عَنْ دَعْوَى الْفَسَادِ عَلَى دَنَانِيرَ هَلْ يَصِحُّ الصُّلْحُ؟ فَقَالَ لَا، قِيلَ وَلَوْ وَجَدَ بَيِّنَةً بَعْدَ الصُّلْحِ هَلْ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ؟ فَقَالَ نَعَمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثَمَنَ خَادِمٍ بَاعَهُ إيَّاهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَقَدْ اسْتَهْلَكَ الْخَادِمُ فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَقَدْ ادَّعَى الطَّالِبُ أَنَّ قِيمَتَهُ كَانَتْ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَادَّعَى الْمَطْلُوبُ بِأَنَّ قِيمَتَهُ أَرْبَعُمِائَةٍ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ رَبُّ السَّلَمِ وَاحِدًا أَوْ صَالَحَ مَعَ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ جَازَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ سِوَى رَأْسَ الْمَالِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَكُرٌّ سَلَمٌ فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةٍ جَازَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَالِحَ الرَّجُلُ فِي السَّلَمِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ رَأْسِ مَالِهِ وَنِصْفَ سَلَمَهُ بِعَيْنِهِ فَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ ثَوْبٌ هَرَوِيٌّ سَلَمٌ فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ السَّلَمِ حَتَّى جَازَ الصُّلْحُ فَجَاءَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِنِصْفِ ثَوْبٍ مَقْطُوعٍ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى أَخْذِهِ فَإِنْ شَاءَ قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِثَوْبٍ صَحِيحٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ كَانَ السَّلَمُ إلَى أَجَلٍ فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِنِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ وَيُنَاقِضُهُ نِصْفَ السَّلَمِ وَيُعَجِّلَ لَهُ نِصْفَ السَّلَمِ قَبْلَ الْأَجَلِ جَازَ النَّقْضُ فِي نَقْصِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَمْ يَجُزْ التَّعْجِيلُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَجَعَلَ أَجَلَهُ إلَى شَهْرٍ وَأَسْلَمَ إلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ أَيْضًا فِي كُرِّ شَعِيرٍ وَجَعَلَ أَجَلَهُ شَهْرَيْنِ فَمَضَى شَهْرٌ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَحَلَّ أَجَلُ الْحِنْطَةِ فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْحِنْطَةَ وَيَزِيدَ مِنْ أَجَلِ الشَّعِيرِ كَانَ جَائِزًا وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَ الْحِنْطَةَ وَيُعَجِّلَ الشَّعِيرَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ حَلَّ أَجَلُ السَّلَمِ فَرَدَّ عَلَيْهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ شَهْرًا جَازَ قِيلَ يَجُوزُ الرَّدُّ فَأَمَّا شَرْطُ التَّأْجِيلِ فَلَا. وَجْهُ رِوَايَةِ الْكِتَابِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ السَّلَمُ مُؤَجَّلًا فَحَطَّ عَنْهُ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ دِرْهَمًا لِيَزِيدَ فِي الْأَجَلِ شَهْرًا لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ قَبْضَ رَأْسِ الْمَالِ مُعْتَبَرٌ بِقَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِأَنَّهُمَا يَجْرِيَانِ مَجْرَى وَاحِدٍ فِي حَقِّ الْقَبْضِ حَالَ قِيَامِ السَّلَمِ حَتَّى لَا يَجُوزَ الِاسْتِبْدَالُ بِهِمَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْقَبْضِ ثُمَّ لَوْ قَبَضَ بَعْضَ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالسَّلَمُ حَالٌّ لِيُؤَجَّلَ فِي الْبَاقِي جَازَ فَكَذَا لَوْ قَبَضَ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ لِيُؤَجِّلَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ يَجُوزُ اعْتِبَارًا لِأَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَلَوْ قَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ وَالسَّلَمُ مُؤَجَّلٌ لِيَزِيدَ فِي أَجَلِ الْبَاقِي لَا يَجُوزُ فَكَذَا إذَا قَبَضَ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ لِيَزِيدَ فِي الْأَجَلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ كَانَ السَّلَمُ كُرَّ حِنْطَةٍ فَصَالَحَهُ عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ عَلَى إنْ أَبْرَأَهُ عَمَّا بَقِيَ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ السَّلَمُ كُرَّ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ فَصَالَحَهُ عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ رَدِيئَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ السَّلَمُ كُرَّ حِنْطَةٍ رَدِيئَةٍ فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ كُرِّ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ السَّلَمُ حِنْطَةً وَرَأْسُ الْمَالِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ مِنْ السَّلَمِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ مِائَةً أَوْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا كَانَ بَاطِلًا، وَأَمَّا إذَا قَالَ: صَالَحْتُكَ مِنْ السَّلَمِ عَلَى مِائَةٍ مِنْ رَأْسِ مَالِكَ كَانَ جَائِزًا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ صَالَحْتُك مِنْ السَّلَمِ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا مِنْ رَأْسِ مَالِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ

وَإِنْ قَالَ صَالَحْتُك مِنْ السَّلَمِ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَتَقَعُ الْإِقَالَةُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَأَشَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ إلَى أَنَّهُ تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَصْلًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. تَقَايَلَا السَّلَمَ، وَرَأْسُ الْمَالِ عَرْضٌ فَهَلَكَ أَوْ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ ضَمِنَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ قِيمَتَهُ وَلَوْ وَهَبَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. . إذَا أَسْلَمَ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةً فِي كُرِّ حِنْطَةٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اصْطَلَحَا بَعْدَ زَمَانٍ عَلَى إنْ زَادَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ نِصْفَ كُرِّ حِنْطَةٍ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ لَمْ يَجُزْ بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ إذَا لَمْ يُجِزْ فَعَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ ثُلُثَ رَأْسِ الْمَالِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ وَعَلَيْهِ كُرٌّ تَامٌّ عِنْدَهُ وَقَالَا لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَعَلَيْهِ كُرٌّ تَامٌّ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ أَسْلَمَ ثَوْبًا فِي كُرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ إنَّ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ بَعْدَ مَا قَبَضَ الثَّوْبَ أَسْلَمَ ذَلِكَ الثَّوْبَ إلَى آخَرَ ثُمَّ إنَّ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ الْأَوَّلَ صَالَحَ مَعَ رَبِّ السَّلَمِ الْأَوَّلِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ بَعْدَ مَا عَادَ الثَّوْبُ مِنْ السَّلَمِ إلَيْهِ الثَّانِي إلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الْأَوَّلِ فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهِ الرَّدِّ نَحْوُ الرَّدِّ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ افْتِرَاقٍ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي السَّلَمِ الثَّانِي كَانَ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الْأَوَّلِ رَدَّ عَيْنَ الثَّوْبِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ زَوَالُ الثَّوْبِ عَنْ مِلْكِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ فَعَادَ إلَيْهِ بِالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ سَوَاءٌ كَانَ الرُّجُوعُ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ هُوَ مِلْكٌ مُبْتَدَأٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ نَحْوُ الشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْمِيرَاثِ فَحَقُّ رَبِّ السَّلَمِ الْأَوَّلِ قِيمَةُ الثَّوْبِ لَا فِي عَيْنِهِ فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَخْذِ عَيْنِ الثَّوْبِ إنْ كَانَ هَذَا الِاصْطِلَاحُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَهَلْ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ يُشْبِهُ الْفَسْخَ وَالتَّمَلُّكَ نَحْوَ الْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَحَقُّ رَبُّ السَّلَمِ الْأَوَّلِ فِي قِيمَةِ الثَّوْبِ لَا فِي عَيْنِهِ فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَخْذِ عَيْنِ الثَّوْبِ إنْ كَانَ هَذَا الِاصْطِلَاحُ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَلَا اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ الثَّوْبُ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الثَّانِي ثُمَّ عَادَ بَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الْأَوَّلِ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ لَا يَجُوزُ اصْطِلَاحُهُمَا عَلَى أَخْذِ الْعَيْنِ بِأَيِّ سَبَبٍ عَادَ إلَيْهِ الثَّوْبُ إلَّا أَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَرُدُّ الثَّوْبَ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ الْأَوَّلِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَتَهُ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ الثَّوْبُ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ إنْ عَادَ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَرُدُّ الثَّوْبَ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ الْأَوَّلِ وَإِنْ عَادَ بِسَبَبِ التَّمَلُّكِ وَالْفَسْخِ فَإِنَّ عَلَيْهِ قِيمَةَ الثَّوْبِ لِرَبِّ السَّلَمِ الْأَوَّلِ وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَخْذِ الْعَيْنِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ صُلْحُ أَحَدِهِمَا فِي السَّلَمِ عَلَى أَخْذِ نَصِيبِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ شَرِيكِهِ فَإِنْ رَدَّ بَطَلَ أَصْلًا وَبَقِيَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ بَيْنَهُمَا عَلَى حَالِهِ وَإِنْ أَجَازَ نَفَذَ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ نِصْفُ رَأْسِ الْمَالِ بَيْنَهُمَا وَبَاقِي الطَّعَامُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَازَ الصُّلْحُ وَلَهُ نِصْفُ رَأْسِ الْمَالِ وَصَاحِبُهُ إنْ شَاءَ شَارَكَهُ فِيمَا قَبَضَ وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَطْلُوبَ بِنِصْفِهِ إلَّا إذَا تَوَى عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. هَذَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مَخْلُوطًا وَإِنْ لَمْ يَخْلِطَاهُ وَنَقَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ عِنْدَهُمَا أَيْضًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الصُّورَةُ أَيْضًا عَلَى الْخِلَافِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي. إذَا كَانَ لِلْمُتَفَاوِضَيْنِ سَلَمٌ عَلَى رَجُلٍ فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ جَازَ وَكَذَلِكَ شَرِيكَا الْعِنَانِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ كُرُّ حِنْطَةٍ سَلَمٌ وَبِهِ كَفِيلٌ

فَصَالَحَ الْكَفِيلُ رَبَّ السَّلَمِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الصُّلْحُ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ إنْ أَجَازَ جَازَ وَصَارَ حَقُّ رَبِّ السَّلَمِ فِي رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ أَبْطَلَ بَطَلَ وَبَقِيَ حَقُّ رَبِّ السَّلَمِ فِي الطَّعَامِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْكَفِيلُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُسَلَّمِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ إذَا صَالَحَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَضَمِنَ الْمَالَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَلَى طَعَامٍ مِنْ جِنْسِ السَّلَمِ إلَّا أَنَّهُ دُونَ السَّلَمِ فِي الْجَوْدَةِ جَازَ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَهَبَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ كُلَّهُ كَانَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَنْ السَّلَمِ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْوَزْنِيِّ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ سِوَى السَّلَمِ كَانَ جَائِزًا ثُمَّ الْكَفِيلُ بِالسَّلَمِ إذَا صَالَحَ مَعَ الْمَطْلُوبِ عَلَى غَيْرِ جِنْسِ السَّلَمِ بَرِئَ الْمَطْلُوبُ عَنْ دَيْنِ الْكَفِيلِ وَلَا يَبْرَأُ دَيْنُ الطَّالِبِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ أَدَّى الْكَفِيلَ إلَى الطَّالِبِ بَرِئَا جَمِيعًا وَإِنْ رَجَعَ الطَّالِبُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَأَخَذَ مِنْهُ الطَّعَامَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْكَفِيلِ وَكَانَ لِلْكَفِيلِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَوْفَاهُ طَعَامَ السَّلَمِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ عَلَيْهِ عَيْنَ مَا أَخَذَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ رَبَّ السَّلَمِ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ دِرْهَمًا فِي رَأْسِ الْمَالِ وَقَبَضَهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ عَلَى إنْ زَادَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ مَخْتُومَ حِنْطَةٍ فِي السَّلَمِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ زَادَهُ رَبُّ السَّلَمِ دِرْهَمًا عَلَى إنْ زَادَهُ الْكَفِيلُ مَخْتُومَ حِنْطَةٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ إذَا جَاءَ الْكَفِيلُ بِأَنْقَصَ مِمَّا كَفَلَ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالذَّرْعِيَّاتِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ فَقَالَ خُذْ هَذَا وَأَرُدُّ عَلَيْك دِرْهَمًا لَا يَجُوزُ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَكَذَا مِنْ الْكَفِيلِ وَإِنْ أَتَى بِأَجْوَدَ مِمَّا كَفَلَ وَقَالَ خُذْ هَذَا وَزِدْنِي دِرْهَمًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَا فِي الذَّرْعِيَّاتِ وَلَا فِي الْمَكِيلَاتِ وَإِنْ كَانَ هَذَا فِي الذَّرْعِيَّاتِ يَجُوزُ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَوْفَاهُ الْكَفِيلُ السَّلَمَ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي شَرَطَ فَقَبِلَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَصِيلِ فِي مَوْضِعِ الشَّرْطِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ صَالَحَ الطَّالِبَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الطَّعَامَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الشَّرْطِ وَيُعْطِيهِ أَجْرَ الْحَمْلِ إلَى مَوْضِعِ الشَّرْطِ لَمْ يَجُزْ وَيَرُدُّ الطَّالِبُ الطَّعَامَ وَالْأَجْرَ حَتَّى يُوَفِّيَهُ الطَّعَامَ فِي مَوْضِعِ الشَّرْطِ وَلَوْ كَانَ الْمَشْرُوطُ إيفَاءَ الطَّعَامِ فِي السَّوَادِ فَصَالَحَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ إيَّاهُ بِالْكُوفَةِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الطَّالِبُ بِذَلِكَ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ أَوْفَاهُ الطَّعَامَ بِالْكُوفَةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِالطَّعَامِ فِي السَّوَادِ لَا بِالْكُوفَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَمَرَ رَجُلٌ رَجُلًا فَأَسْلَمَ لَهُ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ صَالَحَ الَّذِي وَلِيَ السَّلَمَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ جَازَ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ كُرًّا مِثْلَهُ لِلْآمِرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ إذَا أَبْرَأَهُ بِطَرِيقِ الصُّلْحِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ هُوَ الَّذِي صَالَحَ الْمَطْلُوبَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَقَبَضَهُ جَازَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ لَا بِطَرِيقِ الصُّلْحِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ رَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَكُرَّ حِنْطَةٍ سَلَمًا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا فَإِنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ دَرَاهِمًا بَطَلَ الصُّلْحُ فِيمَا يَخُصُّ الْمِائَةَ وَالسَّلَمَ جَمِيعًا سَوَاءٌ تَفَرَّقَا قَبْلَ نَقْدِ الدَّنَانِيرِ أَمْ بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ دَنَانِيرَ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَقَدْ شَرَطَا فِي الصُّلْحِ بِأَنْ يَكُونَ بِإِزَاءِ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَنَقَدَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَنَقَدَ حِصَّةَ الْمِائَةِ كَانَ الصُّلْحُ فِي الْكُلِّ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَجْعَلَا خَمْسَةَ دَنَانِيرَ بِإِزَاءِ السَّلَمِ هَلْ يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي الْكُلِّ إذَا نَقَدَ الْعِشْرِينَ؟ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ كَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ يَقُولُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أُسْتَاذُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ يَقُولُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ، وَيُجْعَلُ

الباب الثامن في الخيار في الصلح وفي الصلح عن العيب

مَا يَخُصُّ السَّلَمَ مِنْ الصُّلْحِ إقَالَةٌ لِلسَّلَمِ اسْتِحْسَانًا بِمِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيَّانِ إلَى ذِمِّيٍّ فِي خَمْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَطَلَتْ حِصَّتُهُ مِنْ السَّلَمِ وَرَجَعَ إلَيْهِ بِرَأْسِ مَالِهِ فَإِنْ صَالَحَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ عَلَى طَعَامٍ بِعَيْنِهِ أَوْ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ تَوَى مَالُ النَّصْرَانِيِّ مِنْ هَذَا السَّلَمِ كَانَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْمُسْلِمَ فِيمَا قَبَضَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ أَسْلَمَ نَصْرَانِيٌّ خَمْرًا إلَى نَصْرَانِيٍّ فِي حِنْطَةٍ وَقَبَضَ الْخَمْرَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُنْتَقَضْ السَّلَمُ وَلَوْ صَالَحَ الْمُسْلِمُ مِنْهَا عَلَى رَأْسِ مَالِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِذَا أَسْلَمَ نَصْرَانِيٌّ إلَى نَصْرَانِيٍّ خِنْزِيرًا فِي خَمْرٍ وَقَبَضَ الْخِنْزِيرَ وَاسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا انْتَقَضَ السَّلَمُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْخِنْزِيرِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْخِيَارِ فِي الصُّلْحِ وَفِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْخِيَارِ فِي الصُّلْحِ وَفِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ) إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ عَنْهَا عَلَى عَبْدٍ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُدَّعِي أَوْ لِنَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَالْخِيَارُ جَائِزٌ وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى عَبْدٍ عَلَى إنْ زَادَهُ الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ إلَى شَهْرٍ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ فَهَذَا صَحِيحٌ فَإِنْ اسْتَوْجَبَ الْعَقْدُ بَرِئَ الْمَطْلُوبُ مِنْ الْأَلْفِ وَصَارَتْ الدَّنَانِيرُ عَلَى الطَّالِبِ إلَى شَهْرٍ مِنْ يَوْمِ اسْتَوْجَبَ الْعَقْدَ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَصَالَحَهُ عَلَى ثَوْبٍ وَاشْتَرَطَ الْمَطْلُوبُ لِنَفْسِهِ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَدَفَعَ إلَى الطَّالِبِ الثَّوْبَ فَهَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَ الطَّالِبِ قَبْلَ ثَلَاثَةٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ وَدَنَانِيرِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لِلطَّالِبِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ هَلَكَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَلَوْ لَمْ يَهْلَكْ الثَّوْبُ وَلَكِنْ هَلَكَ الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ تَمَّ الصُّلْحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَصَالَحَهُ عَلَى عَبْدِهِ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ ثَلَاثَةً فَمَضَتْ الثَّلَاثَةُ ثُمَّ ادَّعَى صَاحِبُ الْخِيَارِ الْفَسْخَ فِي الثَّلَاثَةِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْفَسْخِ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَمْضَى الصُّلْحَ فِي الثَّلَاثَةِ أُخِذَتْ بِبَيِّنَةٍ الْفَسْخِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الثَّلَاثَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ أَنَّهُ قَدْ فَسَخَ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَانَ الدَّيْنُ لِرَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ فَصَالَحَهُمَا الْمَطْلُوبُ عَلَى عَبْدٍ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لَهُمَا ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا رَضِيَ بِالْعَقْدِ وَأَرَادَ الْآخَرُ فَسْخَ الْعَقْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِوَاحِدٍ عَلَى رَجُلَيْنِ فَصَالَحَاهُ عَلَى عَبْدٍ وَشَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لِلطَّالِبِ وَأَجَازَ الصُّلْحَ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا وَفَسَخَ فِي حَقِّ الْآخَرِ لَا شَكَّ أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا يَجُوزُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ الْفَسْخُ فِي حَقِّ الْآخَرِ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمَطْلُوبَيْنِ فَأَجَازَ أَحَدُهُمَا الصُّلْحَ وَلَمْ يُجِزْ الْآخَرُ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي الْكُلِّ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ فِي حِصَّةِ الْمُجِيزِ وَلَا يَجُوزُ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الصُّلْحِ عَنْ الْإِنْكَارِ إذَا اشْتَرَطَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْخِيَارَ ثُمَّ فَسَخَ الْعَقْدَ بِخِيَارِهِ فَالْمُدَّعِي يَعُودُ عَلَى دَعْوَاهُ وَلَا يَكُونُ مَا صَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقْرَارًا مِنْهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَرَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ رَجُلٍ دَعْوَى فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْهَا عَلَى عِدْلٍ زُطِّيٍّ مَقْبُوضٍ لَمْ يَرَهُ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ صَالَحَ عَلَى هَذَا الْعِدْلِ رَجُلًا آخَرَ ادَّعَى قِبَلَهُ دَعْوَى فَقَبَضَهُ الْآخَرُ وَلَمْ يَرَهُ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الثَّانِي وَلَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ سَوَاءٌ قَبِلَهُ الثَّانِي بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ الْعَيْبُ وَرَدَّ الْآخَرُ الْعِدْلَ عَلَى الثَّانِي بِالْعَيْبِ بِقَضَاءٍ كَانَ لِلثَّانِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ

كَذَا فِي الْمُحِيطِ. خِيَارُ الْعَيْبِ يَثْبُتُ فِي الصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى دَيْنًا وَصَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ وَأَرَادَ الْمُصَالِحُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ فَلَهُ ذَلِكَ وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي الْمَبِيعِ أَنَّهُ إذَا رَدَّهُ بِالْقَضَاءِ كَانَ فَسْخًا لِلصُّلْحِ وَكَانَ لِلَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ عَلَى بَائِعِهِ وَلَوْ رَدَّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعٍ مُبْتَدَأٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي حُكْمِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ كَالْمَبِيعِ يَرُدُّ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ وَالْفَاحِشِ وَيَرْجِعُ فِي الدَّعْوَى إنْ كَانَ رَدَّهُ بِحُكْمٍ أَوْ غَيْرِ حُكْمٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ وَجَدَ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ عَيْبًا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ لِأَجْلِ الْهَلَاكِ أَوْ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ أَوْ لِأَجْلِ النُّقْصَانِ فِي يَدِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمُدَّعِي وَإِنْ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَاهُ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَوْ حَلَّفَهُ فَنَكَلَ اسْتَحَقَّ حِصَّةَ الْعَيْبِ مِنْهُ حَلَفَ فَحَلَّفَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ. هَذَا إذَا لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الصُّلْحَ أَمَّا إذَا أَجَازَهُ وَسَلَّمَ الْعَبْدَ لِلْمُدَّعِي فَيَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْعَبْدِ فَالْمُدَّعِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي وَعَادَ فِي نِصْفِ الدَّعْوَى وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْعَبْدَ وَعَادَ عَلَى جَمِيعِ الدَّعْوَى هَذَا إذَا كَانَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ عَيْنًا وَأَمَّا إذَا كَانَ دَيْنًا كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا أَوْ ثِيَابٍ مَوْصُوفَةٍ مُؤَجَّلَةٍ فَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَوْنَ الْعَيْبِ عِنْدَهُ أَوْ أَقَرَّ فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ حَالَّةٍ أَوْ مُؤَجَّلَةٍ جَازَ فَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى دَنَانِيرَ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ صَالَحَهُ مِنْ الْعَيْبِ عَلَى ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى حِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا جَازَ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ حَالًّا إنْ كَانَ قَبَضَ الْحِنْطَةَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى تَفَرَّقَا بَطَلَ الصُّلْحُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ قَدْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرُدَّهُ أَوْ مَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْعَيْبِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَوَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْعَيْبِ جَازَ الصُّلْحُ وَلَوْ قَتَلَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ وَوَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْعَيْبِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ. وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ مَتَى تَعَذَّرَ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ لَهُ الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْعَيْبِ يَجُوزُ وَمَتَى تَعَذَّرَ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْعَيْبِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَقَعَ الصُّلْحُ عَمَّا هُوَ حَقُّ الْمُشْتَرِي وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَقَعَ الصُّلْحُ عَمَّا هُوَ لَيْسَ بِحَقٍّ لِلْمُشْتَرِي. وَلَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَمَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ ثُمَّ صَالَحَ عَنْ الْعَيْبِ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ بَعْدَمَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْ الْعَيْبِ لَا يَجُوزُ. إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَصَالَحَ الْبَائِعُ الْأَوَّلَ عَلَى دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ثُمَّ عَلِمَ الثَّانِي بِالْعَيْبِ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ النُّقْصَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ صَالَحَهُ لَا يَجُوزُ صُلْحُهُ وَعِنْدَهُمَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ صَالَحَهُ يَجُوزُ صُلْحُهُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ قَمِيصًا وَخَاطَهُ ثُمَّ بَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ وَكَانَ الْبَيْعُ بَعْدَ ظُهُورِ الْعَيْبِ ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ الْعَيْبِ عَلَى دَرَاهِمَ كَانَ جَائِزًا وَكَذَا إذَا صَبَغَهُ بِصِبْغٍ أَحْمَرَ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى صَالَحَهُ مِنْ الْعَيْبِ وَلَوْ قَطَعَهُ وَلَمْ يَخِطْهُ حَتَّى بَاعَهُ

ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ الْعَيْبِ لَمْ يَصِحَّ وَالسَّوَادُ بِمَنْزِلَةِ الْقَطْعِ الْمُفْرَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْقَطْعِ مَعَ الْخِيَارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ صَالَحَهُ مِنْ الْعَيْبِ عَلَى رُكُوبِ دَابَّةٍ فِي حَوَائِجِهِ شَهْرًا جَازَ، قَالُوا تَأْوِيلُهُ إذَا اشْتَرَطَ رُكُوبَهُ فِي الْمِصْرِ أَمَّا إذَا اشْتَرَطَ رُكُوبَهُ خَارِجَ الْمِصْرِ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ امْرَأَةٍ فَظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ فَصَالَحَتْهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى إنْ تَزَوَّجَتْهُ كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا أَوْ كَانَ هَذَا إقْرَارًا مِنْهَا بِالْعَيْبِ فَإِنْ كَانَ يَبْلُغُ أَرْشُ الْعَيْبِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَهُوَ مَهْرُهَا وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ يُكْمِلُ لَهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا اشْتَرَى دَابَّةً فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى صَالَحَ الْبَائِعُ عَلَى شَيْءٍ عَلَى إنْ أَبْرَأَهُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ثُمَّ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا بِهِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي. لَوْ صَالَحَ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ الْعُيُوبِ فَقَالَ: أُصَالِحُك مِنْ الشِّجَاجِ أَوْ الْقُرُوحِ أَوْ الشَّمَطِ فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ خَاصَّةً فَإِنْ ظَهَرَ عَيْبٌ غَيْرَهُ كَانَ أَنْ يُخَاصِمَ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَظْفَرْ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ وَلَكِنَّ الْبَائِعَ خَافَ مِنْ ذَلِكَ فَصَالَحَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ عَلَى شَيْءٍ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ صَالَحَهُ مِنْ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الْمُحْدَثَاتِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ كَانَ جَائِزًا وَهَذَا اللَّفْظُ عِبَارَةٌ عَنْ عُيُوبٍ اصْطَلَحَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْكُوفَةِ فِي الدَّوَابِّ فِي زَمَنِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى كَانَ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ بِدُونِ تَسْمِيَةِ الْعَيْبِ فَنَظَرَ النَّخَّاسُونَ وَجَمَعُوا الْعُيُوبَ الَّتِي تَكُونُ فِي الدَّابَّةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ خَمْسَةٌ أُخْرَى فَسَمَّوْهَا الْخَمْسَةَ الْمُحْدَثَاتِ وَكَانُوا يُسَمُّونَ ذَلِكَ كُلَّهُ عِنْدَ بَيْعِ الدَّوَابِّ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ كَانَ قَاضِيًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ طَعَنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فِي عَيْنِ دَابَّةٍ اشْتَرَاهَا فَصَالَحَ مِنْ عَيْنِهَا عَلَى مُسَمًّى وَلَمْ يُسَمِّ الْعَيْبَ جَازَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَتَقَابَضَا فَطَعَنَ الْمُشْتَرِي فِيهَا بِعَيْبٍ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَقْبَلَهَا الْبَائِعُ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ دِينَارًا فَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ رَدُّ الْبَاقِي وَكَذَا إنْ كَانَ عَيْبًا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ عِنْدِي أَوْ لَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَيَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي جَازَ لَهُ الدِّينَارُ الْبَاقِي، وَهَذَا عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَازَ فِي الْوَجْهَيْنِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثَوْبًا وَقَبِلَ مِنْهُ السِّلْعَةَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ كَانَ الرَّدُّ جَائِزًا، وَهَلْ يَطِيبُ لِلْبَائِعِ الثَّوْبُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي؟ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُقِرًّا بِالْعَيْبِ فَالثَّوْبُ لَا يَطِيبُ لِلْبَائِعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَيَلْزَمُهُ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ جَاحِدًا لِلْعَيْبِ وَالْعَيْبُ عَيْبٌ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَإِنْ كَانَ يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّوْبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى دَابَّةً وَتَقَابَضَا ثُمَّ طَعَنَ فِيهَا بِعَيْبٍ وَجَحَدَهُ الْبَائِعُ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى إنْ قَبِلَ الدَّابَّةَ وَثَوْبًا مَعَهَا عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ اسْتَحَقَّ الثَّوْبَ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ قَدْرُ الْعَيْبِ فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّابَّةُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ مِنْ الْبَائِعِ لِأَنَّ الصُّلْحَ وَالْبَيْعَ كَانَا بَاطِلَيْنِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا وَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ فَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا آخَرَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مَعَ مَا قَبَضَ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا اشْتَرَى أَمَةً فَوَجَدَهَا مَنْكُوحَةً فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى دَرَاهِمَ ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ طَلَاقًا بَائِنًا كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الدَّرَاهِمِ

كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ قَمِيصًا وَلَمْ يَخِيطُهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى أَنْ قَبِلَ الْبَائِعُ الثَّوْبَ وَحَطَّ الْمُشْتَرِي عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ مِقْدَارَ دِرْهَمَيْنِ كَانَ جَائِزًا وَيُجْعَلُ مَا احْتَبَسَ عِنْدَ الْبَائِعِ بِمُقَابَلَةِ مَا انْتَقَصَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً بِأَلْفٍ وَتَقَابَضَا وَطَعَنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحُطَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَأْخُذَهَا رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ رَضِيَ بِذَلِكَ وَأَخَذَ بِمَا وَرَاءَ الْمَحْطُوطِ فَالْبَيْعُ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ جَائِزٌ وَحَطُّ الْمُشْتَرِي أَيْضًا جَائِزٌ وَحَطُّ الْبَائِعِ لَا يَجُوزُ وَالْأَجْنَبِيُّ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَارِيَةَ بِتِسْعِمِائَةٍ وَتِسْعِينَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا اشْتَرَى أَمَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ طَعَنَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ بِعَيْبٍ فَاصْطَلَحُوا عَلَى إنْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي الْآخَرُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ بَيْعٌ مُبْتَدَأٌ وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَتَقَابَضَا فَطَعَنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ وَجَحَدَ الْبَائِعُ فَدَخَلَ رَجُلٌ فِيمَا بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ بِثَمَانِيَةٍ وَعَلَى أَنْ يَحُطَّ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ عَنْ الْبَائِعِ الثَّانِي دِرْهَمًا مِنْ الثَّمَنِ فَإِنَّ هَذَا جَائِزٌ وَيَكُونُ الثَّوْبُ لِلْمُشْتَرِي بَيْعًا بِثَمَانِيَةٍ فَإِنْ وَجَدَ الرَّجُلُ بِالثَّوْبِ عَيْبًا آخَرَ رَدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَهَلْ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ قَبِلَهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَا يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ وَإِنْ قَبِلَهُ بِقَضَاءٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَتَقَابَضَا فَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي إلَى قَصَّارٍ فَقَصَّرَهُ وَجَاءَ بِهِ مُتَخَرِّقًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي: مَا أَدْرِي أَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَمْ عِنْدَ الْقَصَّارِ فَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَقْبَلَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ وَيَحُطَّ عَنْهُ الْبَائِعُ دِرْهَمًا وَيَرُدَّ عَلَيْهِ الْقَصَّارُ دِرْهَمًا وَيَأْخُذَ مِنْهُ الْقَصَّارُ أَجْرَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَقْبَلَهُ الْبَائِعُ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ لَمْ يَصْطَلِحُوا أَرَادَ الْخُصُومَةَ فِي ذَلِكَ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي ادَّعِ عَلَى أَيِّهِمَا شِئْت فَإِنْ ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ بَرِئَ الْقَصَّارُ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ فِي الثَّوْبِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْقَصَّارِ وَإِنْ ادَّعَى الْقَصَّارُ بَرِئَ الْبَائِعُ بِإِقْرَارِهِ أَنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ عِنْدَ الْقَصَّارِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ هَذَا مَعَ صَبَّاغٍ صَبَغَهُ بِعُصْفُرٍ فَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ أَجْنَبِيٌّ بِتِسْعَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَحُطَّ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ دِرْهَمًا أَيْضًا فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَمَرَ رَجُلًا فَابْتَاعَ لَهُ الْأَمَةَ وَتَقَابَضَا وَطَعَنَ الْآمِرُ فِيهَا بِعَيْبٍ فَصَالَحَ الْبَائِعُ الْآمِرَ مِنْ الْعَيْبِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْمُشْتَرِي كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا فِي الْقِيَاسِ وَلَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ فَأُجِيزُهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي. إنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَطَعَنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فَصَالَحَهُ الْآمِرُ عَلَى أَنْ يَقْبَلَ السِّلْعَةَ عَلَى إنْ حَطَّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ وَأَبْرَأَ الْبَائِعُ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَلِكَ لَوْ الْتَقَى الْآمِرُ بِالْبَيْعِ وَالْآمِرُ بِالشِّرَاءِ فَاصْطَلَحَا مِنْ الْعَيْبِ عَلَى أَنْ قَبِلَ مِنْهُ الْمَتَاعَ عَلَى إنْ حَطَّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ طَائِفَةٌ وَأَخَّرَ عَنْهُ مَا بَقِيَ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ عَبْدًا بِثَمَنٍ مُسَمًّى فَتَقَابَضَا ثُمَّ طَعَنَ بِعَيْبٍ وَزَعَمَ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ دَلَّسَهُ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى أَنْ حَطَّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ طَائِفَةً عَلَى أَنْ أَبْرَأَهُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْعَبْدَ لَهُ وَقَالَ: لَا أَرْضَى بِصُلْحِهِ فَإِنَّ الصُّلْحَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَهَا عَوْرَاءَ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ دَلَّسَهَا لَهُ فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا وَوَلَدَهَا وَزِيَادَةَ ثَوْبٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي نَقْضِ بِنَاءِ الدَّارِ وَزِيَادَةِ بِنَائِهَا، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. ادَّعَى عَيْبًا فِي جَارِيَةٍ اشْتَرَاهَا وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَاصْطَلَحَا عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ يُبْرِئَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ مِنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا عَيْبٌ أَوْ كَانَ لَكِنَّهُ قَدْ

الباب التاسع في الصلح عن دعوى الرق والحرية

زَالَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ بَدَلَ الصُّلْحِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. الْمُشْتَرِي إذَا طَعَنَ بِعَيْبٍ فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ حَطَّ عَنْهُ دِرْهَمًا ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ بَعْدَ ذَلِكَ رَدَّ الْبَدَلَ وَبَطَلَ الصُّلْحُ وَكَذَا الصُّلْحُ فِي دَعْوَى حَبَلِ الْمَبِيعِ إذَا بَانَ بَعْدَ الصُّلْحِ عَدَمُ الْحَبَلِ يَرُدُّ الْبَدَلَ وَكَذَا إذَا ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ مَالًا وَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ بَانَ الْحَقُّ عَلَى إنْسَانٍ آخَرَ يَرُدُّ الْبَدَلَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا فَلَمْ تَحِضْ عِنْدَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا بِالْعَيْبِ بِكَوْنِهَا مُنْقَطِعَةَ الدَّمِ فَصَالَحَ مَعَ الْبَائِعِ بِشَيْءٍ ثُمَّ حَاضَتْ هَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ فَقَالَ: نَعَمْ يَسْتَرِدُّ ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. لَوْ اشْتَرَى كُرَّ حِنْطَةٍ بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِطَعَامِهِ عَيْبًا فَصَالَحَهُ الْآخَرُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ عَلَى قَفِيزِ شَعِيرٍ لَمْ يَجُزْ فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ بِأَنْ اشْتَرَى كُرَّ حِنْطَةٍ بِكُرِّ شَعِيرٍ فَهَذَا الصُّلْحُ جَائِزٌ وَفِي هَذَا الْفَصْلِ لَوْ صَالَحَ عَلَى الدَّرَاهِمِ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّ صَاحِبَ الْحِنْطَةِ هُوَ الَّذِي طَعَنَ بِعَيْبٍ وَالشَّعِيرُ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اشْتَرَى رَجُلَانِ شَيْئًا فَوَجَدَا بِهِ عَيْبًا فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا فِي حِصَّتِهِ جَازَ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُخَاصِمَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا الْآخَرُ عَلَى خُصُومَتِهِ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ بَطَلَ حَقُّ الْآخَرِ خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ كُلَّ وَاحِدٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَبَضَهَا ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا فَصَالَحَ عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ عَلَى أَنْ يَزِيدَ فِي ثَمَنِ الْآخَرِ فَالرَّدُّ جَائِزٌ وَزِيَادَةُ الدِّرْهَمِ بَاطِلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْحَاوِي. لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا فَوَجَدَهَا عَوْرَاءَ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِذَلِكَ فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى عَبْدٍ وَقَبَضَهُ فَوَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ جَازَ فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ رَجَعَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ النِّصْفُ وَلَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا حُرَّةٌ رَدَّ الْعَبْدَ وَأَخَذَ الْأَلْفَ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا بَاعَ الْمُكَاتَبُ جَارِيَةً وَطَعَنَ الْمُشْتَرِي فِيهَا بِعَيْبٍ فَصَالَحَ عَلَى أَنْ حَطَّ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا ثُمَّ إذَا حَطَّ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ لِلْعَيْبِ إنْ كَانَ مَا حَطَّ مِثْلَ نُقْصَانِ الْعَيْبِ أَوْ أَكْثَرَ بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ أَوْ أَقَلَّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا أَمَّا إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نُقْصَانِ الْعَيْبِ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ) إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَأَنْكَرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ صَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ حَتَّى يَكُفَّ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَالصُّلْحُ جَائِزٌ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ عَبْدُهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ فِي إثْبَاتِ الرِّقِّ وَتُقْبَلُ فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ الْوَلَاءِ وَبِدُونِ الْبَيِّنَةِ لَا يُسْتَحَقُّ الْوَلَاءُ وَلَوْ أَخَذَ الْمُدَّعِي مِنْهُ كَفِيلًا بِالْمَالِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِجَارِيَةٍ: أَنْتِ أَمَتِي، وَقَالَتْ: لَا بَلْ أَنَا حُرَّةٌ، وَصَالَحَهَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى مِائَةٍ دِرْهَمٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَتَهُ أَعْتَقَهَا عَامَ أَوَّلَ أَوْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ مِنْ الْمَوَالِي أَوْ مِنْ الْعَرَبِ حُرَّةُ الْأَبَوَيْنِ رَجَعَتْ بِالْمِائَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً لِفُلَانٍ فَأَعْتَقَهَا عَامَ أَوَّلَ لَمْ أَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهَا وَلَمْ تَرْجِعْ بِالْمِائَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْأَمَةِ عَبْدٌ فَأَقَامَ الْعَبْدُ بَعْدَ الصُّلْحِ بَيِّنَةً عَلَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ عَامَ أَوَّلَ كَانَ الصُّلْحُ مَعَ الْعَبْدِ عَنْ إنْكَارٍ قُبِلَتْ

الباب العاشر في الصلح في العقار وما يتعلق به

بَيِّنَةُ الْعَبْدِ وَرَجَعَ بِالْمَالِ عَلَى الْمَوْلَى عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَإِنْ مَعَ إقْرَارِ الْعَبْدِ بِالرِّقِّ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا قُلْنَا وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَوْلَى بِمَا أَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى عِنْدَهُمَا فَالْمُنَاقَضَةُ فِي الدَّعْوَى لَا تَمْنَعُ قَبُولَ الْبَيِّنَةِ كَمَا فِي الْأَمَةِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ لَا تُقْبَلَ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ فِي الدَّعْوَى وَالْمُنَاقَضَةُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَالْبَيِّنَةُ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ لَا تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى عِنْدَهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لِفُلَانٍ وَأَعْتَقَهُ الْعَامَ الْأَوَّلَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَمْ تُقْبَلْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ فَصَالَحَهُ مَوْلَاهُ عَلَى مِائَةٍ يَدْفَعُهَا لِلْعَبْدِ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَمَتَى أَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عِتْقِهِ عَتَقَ وَالْأَمَةُ فِي هَذَا كَالْعَبْدِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَانِ ادَّعَيَا الْعِتْقَ عَلَى مَوْلَاهُمَا وَصَالَحَهُمَا الْمَوْلَى عَلَى مَالٍ يُعْطِيهِ إيَّاهُمَا لِيَكُفَّا عَنْ الدَّعْوَى فَهَذَا الصُّلْحُ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ إنْ ادَّعَيَا أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ وَالتَّدْبِيرَ وَصَالَحَهُمَا الْمَوْلَى عَلَى مَالٍ يُعْطِيهِمَا لِيَكُفَّا عَنْ الدَّعْوَى، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى مَوْلَاهُ إعْتَاقًا صَحِيحًا فَجَحَدَهُ فَصَالَحَ الْعَبْدُ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَمْضَى الْعِتْقَ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ وَجَدَ الْعَبْدُ بَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ رَجَعَ عَلَى مَوْلَاهُ بِمَا أَعْطَاهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا ادَّعَى الْمُكَاتَبُ عَلَى مَوْلَاهُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا فَصَالَحَهُ مَوْلَاهُ عَلَى أَنْ حَطَّ عَنْهُ النِّصْفَ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ وَادَّعَى النِّصْفَ فَهَذَا الصُّلْحُ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الصُّلْحِ فِي الْعَقَارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الصُّلْحِ فِي الْعَقَارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) إذَا ادَّعَى فِي يَدِ رَجُلٍ فَاصْطَلَحَا عَلَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّارِ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ دَارٍ أُخْرَى لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّارِ الَّتِي فِيهَا الدَّعْوَى وَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَلْ يَقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى بَاقِي الدَّارِ فَفِيمَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا تُسْمَعُ وَهَكَذَا كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ بَاقِي الدَّارِ إلَيْهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَصَالَحَهُ عَلَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ مِنْ دَارٍ لَهُ أُخْرَى جَازَ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّارِ الَّتِي فِيهَا الْحَقُّ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ لَهُ لِيَأْخُذَ الْبَاقِيَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ. وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا تُقْبَلُ وَيُقْضَى لَهُ بِجَمِيعِ الدَّارِ وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ لَكِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ أَنَّ الدَّارَ لِلْمُدَّعِي صَحَّ إقْرَارُهُ وَيُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ إلَى الْمُدَّعِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ ادَّعَى أَذْرُعًا مُسَمَّاةً مِنْ دَارِ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ جَازَ عِنْدَ الْكُلِّ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى نَصِيبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ دَارِ فِي يَدِ رَجُلٍ مُقِرٍّ بِذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَعْلَمُ نَصِيبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى نَصِيبًا مِنْ دَارٍ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ مِقْدَارَ النَّصِيبِ جَازَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ مِقْدَارَ نَصِيبِ الْبَائِعِ أَوْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمَانِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَكَذَلِكَ الصُّلْحُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ الْبَيْعُ، كَذَا

فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فَصَالَحَهُ الْمُدَّعِي عَلَى دَرَاهِمَ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَنْقُضْ صُلْحَهُ وَقَالَ إنَّمَا صَالَحْتُك لِأَجْلِ إنْكَارِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الصُّلْحَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى فِي دَارِ رَجُلٍ حَقًّا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَسِيلِ مَاءٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَضَعَ عَلَى حَائِطٍ مِنْهَا كَذَا كَذَا جِذْعًا كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا إنْ لَمْ يُوَقِّتْ لِذَلِكَ وَقْتًا وَإِنْ وَقَّتَ وَقْتًا مَعْلُومًا سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ قَالَ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ. وَلَوْ ادَّعَى فِي أَرْضِ رَجُلٍ حَقًّا فَصَالَحَهُ عَلَى شِرْبِ نَهْرٍ شَهْرًا لَا يَجُوزُ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى عُشْرِ نَهْرٍ بِأَرْضِهِ جَازَ اعْتِبَارًا لِلصُّلْحِ بِالْبَيْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا صَالَحَ عَلَى الطَّرِيقِ فِي الدَّارِ الْمُدَّعَاةِ إنْ أَرَادَ بِالطَّرِيقِ رَقَبَةَ الطَّرِيقِ لَا شَكَّ أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْمَمَرَّ فِيهِ رِوَايَتَانِ قِيَاسًا عَلَى بَيْعِ الْمَمَرِّ فَإِنَّ فِي بَيْعِ الْمَمَرِّ رِوَايَتَيْنِ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي جَوَّزَتْهُ يَنْصَرِفُ إلَى مِقْدَارِ مُرُورِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى فِي بَيْتِ رَجُلٍ حَقًّا فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَبِيتَ عَلَى سَطْحِهِ سَنَةً ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: هَذَا إذَا كَانَ السَّطْحُ مُحَجَّرًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحَجَّرًا لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ كَمَا لَا يَجُوزُ إجَارَةُ السَّطْحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ كَانَ بَيْتٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَادَّعَى رَجُلٌ فِيهِ دَعْوَى فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَيْتُ لِأَحَدِهِمَا وَسَطْحُهُ لِلْآخَرِ لَمْ يَجُزْ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بِنَاءٌ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ بِنَاءٌ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا الْعُلْوُ وَلِلْآخَرِ السُّفْلُ جَازَ، كَذَا فِي الْحَاوِي. ادَّعَى دَارًا فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً جَازَ وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِالْعَبْدِ إلَى أَهْلِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ يَخْرُجُ بِالْعَبْدِ إلَى أَهْلِهِ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنْ يَخْرُجَ إلَى أَهْلِهِ فِي الْقُرَى وَأَفْنِيَةِ الْبَلْدَةِ وَكَانَ الشَّيْخُ الْأَمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ يَقُولُ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ هَاهُنَا أَنْ يُسَافِرَ بِالْعَبْدِ وَلِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ أَنْ يُؤَاجِرَ هَذَا الْعَبْدَ لِلْخِدْمَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ حَقًّا فِي دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى بَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَبَدًا أَقَالَ حَتَّى يَمُوتَ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى سُكْنَى بَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ مُدَّةً مَعْلُومَةً حَتَّى جَازَ هَذَا الصُّلْحُ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ صَالَحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ سُكْنَى الْبَيْتِ الَّذِي وَقَعَ الصُّلْحُ فِيهِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُسْكِنَهَا لِصَاحِبِ الْيَدِ سَنَةً ثُمَّ يَدْفَعَهَا إلَى الْمُدَّعِي يَجُوزُ وَكَذَلِكَ إذَا اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا الْمُدَّعِي سَنَةً ثُمَّ يَدْفَعُهَا إلَى صَاحِبِ الْيَدِ جَازَ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا وَاصْطَلَحَا عَلَى دَارٍ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ سَنَةً ثُمَّ يُسَلِّمَهَا إلَى الْمُدَّعِي لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ ادَّعَى أَرْضًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا الَّذِي فِي يَدِهِ خَمْسَ سِنِينَ عَلَى أَنْ تَكُونَ رَقَبَةُ الْأَرْضِ لِلْمُدَّعِي جَازَ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ حَقًّا فِي دَارٍ فَصَالَحَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ عَلَى عَبْدٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّ الصُّلْحَ فَاسِدٌ سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ عَنْ إنْكَارٍ وَبَعْدَ هَذَا إنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقْتَ الصُّلْحِ صَالَحْتُك عَنْ حَقِّك أَوْ عَنْ نَصِيبِك كَانَ هَذَا إقْرَارًا مِنْهُ فَإِذَا فَسَدَ الصُّلْحُ يُقَالُ لَهُ بَيِّنْ مَا أَقْرَرْت لِلْمُدَّعِي وَإِنْ كَانَ قَالَ صَالَحْتُك عَنْ دَعْوَاك لَا يَكُونُ إقْرَارًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ اشْتَرَى دَارًا فَاِتَّخَذَهَا مَسْجِدًا ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ فِيهَا دَعْوَى فَصَالَحَهُ الَّذِي جَعَلَهُ مَسْجِدًا أَوْ الَّذِينَ الْمَسْجِدُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ جَازَ الصُّلْحُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا كَانَتْ دَارٌ فِي أَيْدِي ثَلَاثَةِ نَفَرٍ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَنْزِلٌ مِنْهَا وَسَاحَتُهَا عَلَى حَالِهَا وَاخْتَصَمُوا فِيهَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا فِي يَدِهِ وَالسَّاحَةُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فَإِذَا اصْطَلَحُوا قَبْلَ أَنْ

يُقْضَى بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ نِصْفَ السَّاحَةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ رُبْعَهَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَطَ أَحَدُهُمْ لِنَفْسِهِ نِصْفَ الْمَنْزِلِ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ جَازَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلَيْنِ وَاخْتَصَمَا فِيهَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِيهَا فَإِنَّهُ يَقْضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ قَضَاءَ تَرْكٍ فَإِنْ اصْطَلَحَا فِيهَا قِيلَ الْقَضَاءُ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَيْنِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ مِنْهَا مَنْزِلٌ وَفِي يَدَيْ رَجُلٍ مِنْهَا مَنْزِلٌ آخَرُ وَقَالَ أَحَدُهُمَا: الدَّارُ بَيْنِي وَبَيْنَك نِصْفَيْنِ، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ هِيَ كُلُّهَا لِي فَلِلَّذِي ادَّعَى جَمِيعَهَا مَا فِي يَدِهِ وَنِصْفَ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَالسَّاحَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ اصْطَلَحَا قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَا لَوْ اصْطَلَحَا بَعْدَ الْقَضَاءِ فَهُوَ جَائِزٌ. وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَازِلًا فِي مَنْزِلٍ مِنْ الدَّارِ وَالْآخَرُ فِي عُلْوِ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَمِيعَهَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي يَدِهِ وَالسَّاحَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ اصْطَلَحَا قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى أَنَّ لِصَاحِبِ السُّفْلِ الْعُلْوَ وَنِصْفَ السَّاحَةِ وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ السُّفْلَ وَنِصْفَ السَّاحَةِ جَازَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اخْتَصَمَ رَجُلَانِ فِي حَائِطٍ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ مَوْضِعُ جُذُوعِهِ وَأَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ حَائِطًا مَعْلُومًا وَيَحْمِلَ جُذُوعًا مَعْلُومَةً لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا اخْتَصَمَ رَجُلَانِ فِي حَائِطٍ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَهْدِمَاهُ وَكَانَ مَخُوفًا وَأَنْ يَبْنِيَاهُ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَهُ وَلِلْآخَرِ ثُلُثَيْهِ وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَعَلَى أَنْ يَحْمِلَا عَلَيْهِ مِنْ الْجُذُوعِ بِقَدْرِ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي. لَوْ ادَّعَى فِي عُلُوِّ رَجُلٍ حَقًّا فَصَالَحَهُ عَلَى بَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ هَذَا الْعُلُوِّ أَوْ عَلَى بَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ عُلُوٍّ آخَرَ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ صَالَحَ مِنْ الْمَجْهُولِ عَلَى مَعْلُومٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ بِنَاءَ دَارٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ مِنْ بِنَائِهَا عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ فَإِنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى نِصْفَ الْبِنَاءِ لَهُ وَالنِّصْفَ لِغَيْرِهِ بِأَنْ كَانَا غَاصِبَيْنِ فَبَنَيَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى يَدَ شَاةٍ أَوْ عَيْنًا فِي عَبْدٍ فَصَالَحَ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَقَالَا وَرِثْنَاهَا عَنْ أَبِينَا وَجَحَدَ الرَّجُلُ ثُمَّ صَالَحَ أَحَدَهُمَا مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَرَادَ شَرِيكُهُ أَنْ يُشْرِكَهُ فِي هَذِهِ الْمِائَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الدَّارِ شَيْئًا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَلَوْ صَالَحَ أَحَدُهُمَا عَنْ دَعْوَاهُمَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَضَمِنَ لَهُ تَسْلِيمَ أَخِيهِ فَإِنْ سَلَّمَ الْأَخُ ذَلِكَ لَهُ جَازَ وَأَخَذَ نِصْفَ الْمِائَةِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فَهُوَ عَلَى دَعْوَاهُ وَرَدَّ الْمُصَالِحُ عَلَى الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ نِصْفَ الْمِائَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ فِي يَدَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَارًا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي دَارِ صَاحِبِهِ حَقًّا فَاصْطَلَحَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي دَارِ صَاحِبِهِ جَازَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي دَارٍ فِي يَدَيْ صَاحِبِهِ حَقًّا ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا فِي يَدِهِ بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَلَا إقْرَارٍ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا ادَّعَى الرَّجُلُ دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ الْآخَرُ كُرَّ حِنْطَةٍ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الْمُدَّعِي الدَّارَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَانَتْ الدَّرَاهِمُ وَالْكُرُّ مِنْ عِنْدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْكُرُّ بِعَيْنِهِ لَا شَكَّ أَنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِهِ وَكَانَ فِي الذِّمَّةِ إنْ كَانَ الْكُرُّ مَوْصُوفًا بِأَنَّهُ جَيِّدٌ أَوْ وَسَطٌ أَوْ رَدِيءٌ كَانَ الصُّلْحُ جَائِزًا أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ الْكُرُّ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْكُرُّ فِي الذِّمَّةِ مَوْصُوفًا كَانَ الصُّلْحُ فِي جَمِيعِ الدَّارِ بَاطِلًا وَإِذَا كَانَ الْكُرُّ مِنْ عِنْدِ الْمُدَّعِي وَالدَّرَاهِمُ مِنْ عِنْدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْكُرُّ بِعَيْنِهِ كَانَ الصُّلْحُ جَائِزًا فِي الْكُلِّ مِنْ عِنْدِ الْمُدَّعِي وَالدَّرَاهِمُ إنْ كَانَ مَوْصُوفًا وَوَجَدَ فِي ذَلِكَ جَمِيعَ شَرَائِطِ السَّلَمِ بِالِاتِّفَاقِ بِأَنْ كَانَ الْكُرُّ مُؤَجَّلًا وَبَيَّنَ مَكَانَ الْإِيفَاءِ وَبَيَّنَ حِصَّةَ الْكُرِّ مِنْ

الدَّرَاهِمِ كَانَ الصُّلْحُ فِي الْكُلِّ جَائِزًا إذَا عَجَّلَ الدَّرَاهِمَ كُلَّهَا فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ أَوْ مَا يَخُصُّ الْكُرَّ. وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضَ الدَّرَاهِمِ كُلِّهَا بَطَلَ الصُّلْحُ فِي حِصَّةِ الْكُرِّ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْكُرِّ جَمِيعُ شَرَائِطِ السَّلَمِ بِالِاتِّفَاقِ بِأَنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَكَانَ الْإِيفَاءِ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ حِصَّةَ الْكُرِّ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَفْسُدُ الصُّلْحُ فِي الْكُلِّ عَجَّلَ الدَّرَاهِمَ أَوْ لَمْ يُعَجِّلْ وَعِنْدَهُمَا إنْ عَجَّلَ رَأْسَ الْمَالِ جَازَ الْعَقْدُ فِي الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ الدَّرَاهِمَ فَسَدَ الصُّلْحُ بِحِصَّةِ الْكُرِّ لَا غَيْرُ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ الْأَجَلَ فِي الْكُرِّ فَإِنَّهُ تَفْسُدُ حِصَّةُ الْكُرِّ مِنْ الدَّرَاهِمِ عِنْدَهُمْ وَهَلْ تَفْسُدُ حِصَّةُ الْعَقْدِ فِيمَا يَخُصُّ الدَّارَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ عَلَى قَوْلِهِمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْكُرُّ مَوْصُوفًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ. وَإِنْ كَانَ الْكُرُّ مِنْ عِنْدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالدَّرَاهِمُ مِنْ عِنْدِ الْمُدَّعِي إنْ كَانَ الْكُرُّ بِعَيْنِهِ جَازَ الصُّلْحُ فِي الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ فَالْجَوَابُ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا كَانَ الْكُرُّ مِنْ عِنْدِ الْمُدَّعِي وَالدَّرَاهِمُ مِنْ عِنْدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فَأَمَّا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعِي الدَّارَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنْ كَانَ الْكُرُّ وَالدَّرَاهِمُ مِنْ عِنْدِ الْمُدَّعِي أَوْ كَانَ الْكُرُّ مِنْ عِنْدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالدَّرَاهِمُ مِنْ عِنْدِ الْمُدَّعِي فَالْجَوَابُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ كَالْجَوَابِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَ الْأَجَلُ مَضْرُوبًا فِي جَمِيعِ الْكُرِّ فَأَمَّا إذَا كَانَ مَضْرُوبًا فِي الْبَعْضِ إنْ كَانَ الْمُؤَجَّلُ مِنْ الْكُرِّ قَدْرَ السَّلَمِ جَازَ الصُّلْحُ فِي الْكُلِّ وَيُصْرَفُ الْمُؤَجَّلُ مِنْ الْكُرِّ إلَى الدَّرَاهِمِ وَالْحَالُّ إلَى مَا يَخُصُّ الدَّارَ احْتِيَالًا لِجَوَازِ الْعَقْدِ إذَا صَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الدَّارِ عَلَى حَيَوَانٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يَزِيدَ الْمُدَّعِي كُرَّ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَكُنْ مُؤَجَّلًا قَالَ: لَا يَجُوزُ وَيَجِبُ أَنْ يَجُوزَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْكُرُّ بِعَيْنِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا لِأَنَّ الْمَكِيلَ فِي الذِّمَّةِ مَتَى قُوبِلَ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مِنْ الْأَعْيَانِ يَصِيرُ ثَمَنًا وَالشِّرَاءُ بِثَمَنٍ لَيْسَ عِنْدَهُ جَائِزٌ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا حَالًّا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا صَالَحَ مِنْ دَعْوَاهُ فِي دَارٍ عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ الْكُرِّ عَلَى شَعِيرٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ جَازَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَاب الْخِيَارِ فِي الصُّلْحِ. إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ مِنْ دَعْوَى الدَّارِ عَلَى دَرَاهِمَ وَافْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِ بَدَلِ الصُّلْحِ لَا يُنْتَقَضُ الصُّلْحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا صَالَحَ الرَّجُلَ مِنْ دَعْوَاهُ فِي دَارٍ لَمْ يُعَايِنْهَا الشُّهُودُ وَلَا عَرَفُوا الْحُدُودَ أَوْ صَالَحَهُ مِنْ دَعْوَاهُ فِي دَارٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا ثُمَّ خَاصَمَهُ فِي دَارٍ وَزَعَمَ أَنَّهَا غَيْرُ الَّتِي صَالَحَهُ عَنْهَا وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هِيَ تِلْكَ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا الصُّلْحَ وَعَادَ فِي الدَّعْوَى، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ ادَّعَى فِي حَائِطِ رَجُلٍ مَوْضِعَ جِذْعٍ أَوْ ادَّعَى فِي دَارِهِ طَرِيقًا أَوْ مَسِيلَ مَاءٍ فَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ صَالَحَ مِنْ الْمَجْهُولِ عَلَى مَعْلُومٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ بَابٌ أَوْ كُوَّةٌ فَخَاصَمَهُ جَارُهُ فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ يَدْفَعُهَا إلَى الْجَارِ لِيَتْرُكَ الْكُوَّةَ وَلَا يَسُدَّهَا كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُ الْكُوَّةِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً لِيَسُدَّ الْكُوَّةَ وَالْبَابَ كَانَ بَاطِلًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ ضَيْعَةً ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ أَخَذَ الضَّيْعَةَ وَأَرَادَ الْأَوَّلُ أَنْ يُخَاصِمَ فَقَالَ الثَّانِي: صَالِحْنِي عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ وَاتْرُكْ الضَّيْعَةَ فِي يَدَيَّ فَفَعَلَ فَهَذَا صُلْحٌ جَائِزٌ وَتَصِيرُ الضَّيْعَةُ مِلْكَ الثَّانِي جِهَةَ الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا أَعْطَاهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى زَرْعًا فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَتْ أَرْضٌ لِرَجُلَيْنِ فِيهَا زَرْعٌ لَهُمَا فَادَّعَاهُ رَجُلٌ فَجَحَدَاهُ فَصَالَحَ أَحَدَهُمَا عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ نِصْفَ الزَّرْعِ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ مُدْرَكًا كَانَ الصُّلْحُ جَائِزًا وَإِنْ كَانَ

غَيْرَ مُدْرَكٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَحَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ مَعَ الزَّرْعِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ جَائِزًا وَلَوْ كَانَ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِوَاحِدٍ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَادَّعَى فَأَعْطَاهُ الْمُدَّعِي دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ نِصْفَ الزَّرْعِ مِنْ غَيْرِ أَرْضٍ إنْ كَانَ مُدْرَكًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدْرَكٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَنَّ نَهْرًا بَيْنَ قَوْمٍ فَاصْطَلَحُوا عَلَى كَرْيِهِ أَوْ تَحْصِينِهِ بِمُسَنَّاةٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ بِحِصَصِهِمْ فَهَذَا جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ لَهُ ظُلَّةٌ أَوْ كَنِيفُ شَارِعٍ فِي الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَخَاصَمَهُ إنْسَانٌ فِي رَفْعِهَا فَصَالَحَهُ صَاحِبُ الظُّلَّةِ عَلَى دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ لِيَتْرُكَ الظُّلَّةَ فِي مَوْضِعِهَا لَا يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ وَكَانَ لِهَذَا الْمُصَالِحِ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ عَرْضِ النَّاسِ أَنْ يُخَاصِمَهُ فِي رَفْعِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الظُّلَّةُ قَدِيمَةً أَوْ حَدِيثَةً أَوْ لَا يُعْرَفُ حَالُهَا فَإِنْ خَاصَمَهُ الْإِمَامُ فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَ الظُّلَّةِ مَالًا مَعْلُومًا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الظُّلَّةَ فِي مَوْضِعِهَا فَإِنْ كَانَتْ حَدِيثَةً وَرَأَى الْإِمَامُ مَصْلَحَةَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنْ يَأْخُذَ مَالًا وَيَضَعَهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ جَازَ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الظُّلَّةُ لَا تَضُرُّ بِالْعَامَّةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمُخَاصِمُ دَفَعَ الْمَالَ لِرَفْعِ الظُّلَّةِ جَازَ إنْ كَانَتْ قَدِيمَةً وَإِنْ كَانَتْ حَادِثَةً لَا يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ حَالَهَا فَأَعْطَاهُ الْمُخَاصِمُ دَرَاهِمَ لِيَطْرَحَهَا لَا يَجُوزُ، وَلَوْ صَالَحَ صَاحِبَ الظُّلَّةِ أَنْ يُعْطِيَ دَرَاهِمَ إلَى الْمُخَاصِمِ لِرَفْعِ الظُّلَّةِ تَجُوزُ كَيْفَ كَانَتْ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ كَانَتْ الظُّلَّةُ عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُخَاصِمُ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً مِنْ صَاحِبِ الظُّلَّةِ وَيَتْرُكَ الظُّلَّةَ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الظُّلَّةُ قَدِيمَةً، وَإِنْ كَانَتْ حَدِيثَةً إنْ لَمْ يَكُنِ الْمُخَاصِمُ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ السِّكَّةِ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ تَحْتَ الظُّلَّةِ يَتَوَقَّفُ الصُّلْحُ عَلَى إجَازَةِ مَنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُصَالِحُ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ السِّكَّةِ إنْ أَضَافَ الصُّلْحَ إلَى جَمِيعِ الظُّلَّةِ فَالصُّلْحُ يَصِحُّ فِي حِصَّتِهِ وَيَتَوَقَّفُ فِي حِصَّةِ شُرَكَائِهِ فَإِنْ أَجَازَ شُرَكَاؤُهُ جَازَ الصُّلْحُ فِي الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا صُلْحَهُ وَرَفَعُوا الظُّلَّةَ لَا شَكَّ أَنَّ الصُّلْحَ يَبْطُلُ فِي حِصَّةِ شُرَكَائِهِ حَتَّى كَانَ لِصَاحِبِ الظُّلَّةِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُخَاصِمِ بِحِصَّةِ شُرَكَائِهِ إنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ جَمِيعَ بَدَلِ الصُّلْحِ وَهَلْ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الصُّلْحُ مُضَافًا إلَى نَصِيبِهِ خَاصَّةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ تَبَرَّعَ الشُّرَكَاءُ بِتَرْكِ الظُّلَّةِ سَلِمَ لَهُ جَمِيعُ الْبَدَلِ، وَإِنْ رَفَعُوا الظُّلَّةَ هَلْ يَرْجِعُ صَاحِبُ الظُّلَّةِ عَلَى الْمُخَاصِمِ بِجَمِيعِ الْبَدَلِ؟ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ حَالَ الظُّلَّةِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الطَّرْحِ وَالرَّفْعِ: إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُخَاصِمُ دَرَاهِمَ وَيَرْفَعَ الظُّلَّةَ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُ الظُّلَّةِ مِنْ الْمُخَاصِمِ دَرَاهِمَ وَيَرْفَعَ الظُّلَّةَ جَازَ إنْ كَانَتْ الظُّلَّةُ قَدِيمَةً، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ حَدِيثَةً أَوْ لَا يَدْرِي حَالَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَ لِإِنْسَانٍ نَخْلَةٌ فِي مِلْكِهِ فَخَرَجَ سَعَفُهَا إلَى دَارِ جَارِهِ فَأَرَادَ الْجَارُ قَطْعَ السَّعَفِ فَصَالَحَهُ رَبُّ النَّخْلَةِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ النَّخْلَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْقَطْعِ فَإِنْ أَعْطَى صَاحِبُ النَّخْلَةِ جَارَهُ دَرَاهِمَ لِيَقْطَعَ كَانَ جَائِزًا وَإِنْ أَعْطَى الْجَارُ دَرَاهِمَ لِصَاحِبِ النَّخْلَةِ لِيَقْطَعَ كَانَ بَاطِلًا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى نَخْلَةً فِي أَرْضٍ بِأَصْلِهَا وَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرِهَا الْعَامِّ يَكُونُ لِلْمُدَّعِي لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ وَقَعَ عَلَى مَعْدُودٍ مَجْهُولٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ادَّعَى فِي أَجَمَةٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ حَقًّا فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ صَيْدَهَا لِلْمُدَّعِي سَنَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الصَّيْدُ الَّذِي فِي الْأَجَمَةِ مَمْلُوكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا بِأَنْ كَانَ أَخَذَهُ وَأَرْسَلَهُ فِي الْأَجَمَةِ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ الْأَخْذُ مِنْ غَيْرِ

الباب الحادي عشر في الصلح في اليمين

اصْطِيَادٍ يَجُوزُ الصُّلْحُ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْأَخْذُ إلَّا بِالِاصْطِيَادِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الصُّلْحِ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا لَهَا شَفِيعٌ فَصَالَحَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ لِلشَّفِيعِ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً لِيُسَلِّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ وَإِنْ كَانَ أَخَذَ الْمَالَ رَدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ صَالَحَ الْمُشْتَرِي مَعَ الشَّفِيعِ عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ الدَّارَ وَزَادَهُ الشَّفِيعُ عَلَى الثَّمَنِ شَيْئًا مَعْلُومًا فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ صَالَحَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْمُشْتَرِي أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ رُبْعَهُ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الشُّفْعَةَ فِي الْبَاقِي كَانَ جَائِزًا فَإِنْ وُجِدَ هَذَا الْإِصْلَاحُ مِنْهَا بَعْدَ تَأَكُّدِ حَقِّ الشَّفِيعِ بِطَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبِ الْإِشْهَادِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ آخِذًا لِلنِّصْفِ بِالشُّفْعَةِ لَا يَتَجَدَّدُ فِيمَا أَخَذَ الشُّفْعَةِ مَرَّةً أُخْرَى وَيَصِيرُ مُسْلِمَ الشُّفْعَةِ فِي النِّصْفِ حَتَّى لَوْ كَانَ هَذَا الشَّفِيعُ شَرِيكًا فِي الْمَبِيعِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ كَانَ لِلْجَارِ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الَّذِي لَمْ يَأْخُذْهُ هَذَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الِاصْطِلَاحُ قَبْلَ وُجُودِ الطَّلَبِ مِنْ الشَّفِيعِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ آخِذًا لِلنِّصْفِ بِشِرَاءٍ مُبْتَدَأٍ وَيَتَجَدَّدُ فِيمَا أَخَذَ الشُّفْعَةَ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ صَالَحَ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى بَيْتٍ مِنْ الدَّارِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَحَقُّ الشُّفْعَةِ بَاقٍ وَهَذَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ بَعْدَ تَأَكُّدِ حَقِّهِ بِالطَّلَبِ فَأَمَّا قَبْلَ الطَّلَبِ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا ادَّعَى الرَّجُلُ شُفْعَةً فِي دَارٍ فَصَالَحَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يُسْلِمَ لَهُ دَارًا أُخْرَى بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ عَلَى أَنْ يُسْلِمَ لَهُ الشُّفْعَةَ فَهَذَا فَاسِدٌ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اشْتَرَى دَارًا فَخَاصَمَ رَجُلٌ فِي شِقْصٍ مِنْهَا وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ فِيمَا بَقِيَ فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ الدَّارِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ عَلَى أَنْ يَبْرَأَ مِنْ الدَّعْوَى جَازَ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ دَارٍ أُخْرَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. اشْتَرَى أَرْضًا فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ إنَّ الشَّفِيعَ جَحَدَ التَّسْلِيمَ فَصَالَحَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ جَازَ وَيَكُونُ بَيْعًا مُبْتَدَأً. وَكَذَا لَوْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الطَّلَبِ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ صَالَحَ وَرَثَةَ الشَّفِيعِ عَلَى نِصْفِ الدَّارِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ جَازَ، وَيَكُونُ بَيْعًا مُبْتَدَأً. وَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَالَحَ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ عَلَى أَنْ يُعْطُوا لَهُ نِصْفَ الدَّارِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ جَازَ وَيَكُونُ أَخْذًا بِالشُّفْعَةِ لَا بَيْعًا مُبْتَدَأً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا اخْتَصَمَ فِي الشُّفْعَةِ شَرِيكٌ وَجَارٌ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَاهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَسَلَّمَهَا لَهُمَا الْمُشْتَرِي جَازَ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الصُّلْحِ فِي الْيَمِينِ] ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَأَنْكَرَ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَالْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَخَذَهُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الِاسْتِحْلَافُ الْأَوَّلُ عِنْدَ الْقَاضِي يَسْتَحْلِفُهُ الْقَاضِي ثَانِيًا وَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْلَافُ الْأَوَّلُ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يُحَلِّفُهُ ثَانِيًا، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنَّهُ إنْ حَلَفَ فَهُوَ بَرِيءٌ عَنْ الْخُصُومَةِ إلَى أَنْ يَجِدَ الْبَيِّنَةَ فَحَلَفَ هَلْ يَبْرَأُ عَنْ الْخُصُومَةِ إلَى أَنْ يَجِدَ الْبَيِّنَةَ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَبْرَأُ عَنْ الْخُصُومَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ حَتَّى كَانَ لَهُ اسْتِحْلَافُهُ مَرَّةً أُخْرَى عِنْدَ الْقَاضِي، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ حَلَفَ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ضَامِنٌ لَهُ فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَى ذَلِكَ فَأَبَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ شَيْئًا أَوْ يُعْطِيَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَالصُّلْحُ بَاطِلٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ثُمَّ يَكُونَ عَلَيْهِ نِصْفُ مَا ادَّعَى فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ الْيَوْمَ عَلَى مَا يَدَّعِي فَإِنْ مَضَى وَلَمْ يَحْلِفْ فَلَا حَقَّ لَهُ فَمَضَى الْيَوْمُ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ

الباب الثاني عشر في الصلح عن الدماء والجراحات

فَهُوَ عَلَى دَعْوَاهُ وَالصُّلْحُ بَاطِلٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الْمَطْلُوبُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمَطْلُوبُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَالِ أَوْ قَالَ فَالْمَالُ عَلَيْهِ أَوْ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ مَالًا أَوْ مَا سِوَاهُ فَأَنْكَرَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَطَلَبَ يَمِينَهُ فَأَوْجَبَ الْقَاضِي ذَلِكَ عَلَيْهِ فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ عَلَى أَنْ لَا يَسْتَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَهُوَ بِذَلِكَ بَرِيءٌ مِنْ الْيَمِينِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ صَالَحْتُك مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي وَجَبَتْ لَك عَلَيَّ أَوْ قَالَ افْتَدَيْتُ مِنْك يَمِينَك بِكَذَا فَرَضِيَ الْآخَرُ بِذَلِكَ جَازَ الصُّلْحُ وَلَوْ اشْتَرَى يَمِينَهُ بِكَذَا أَوْ بَاعَهَا مِنْهُ الْمُدَّعِي لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ أَوْ الْمَطْلُوبُ وَنِصْفُ الْمَالِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ الْيَوْمَ أَوْ الْمَطْلُوبُ الْيَوْمَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ الْيَوْمَ فَالْمَالُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ الْيَوْمَ أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ حَقٌّ فَالصُّلْحُ فِي الْكُلِّ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الشَّرْعِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ بِحَجٍّ أَوْ بِأَيْمَانٍ مُؤَكَّدَةٍ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَالْمَالُ عَلَيَّ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ بِذَلِكَ شَيْءٌ وَلَا يَلْزَمُ الطَّالِبَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ إلَّا أَنْ تَقُومَ لِلْمَطْلُوبِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَوْفَاهُ هَذَا الْمَالَ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْهُ فَحِينَئِذٍ يُعْتَقُ عَبْدُهُ وَتَطْلُقُ امْرَأَتُهُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ حِنْثُ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ وَكَذَلِكَ إنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الْمَطْلُوبُ بِهَا عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى إذَا حَلَفَ فَحَلَفَ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ وَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَلَا عَتَاقٌ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْحَقِّ فِي الْيَمِينِ فَحِينَئِذٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ لِأَنَّ حِنْثَ الْمَطْلُوبِ ثَبَتَ بِالشَّهَادَةِ الْعَادِلَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الصُّلْحِ عَنْ الدِّمَاءِ وَالْجِرَاحَاتِ] (الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الصُّلْحِ عَنْ الدِّمَاءِ وَالْجِرَاحَاتِ) يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ جِنَايَةِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا إلَّا أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ فِي الْعَمْدِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ جَازَ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَيَكُونُ الْمَالُ حَالًّا عَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَفِي الْخَطَأِ لَوْ صَالَحَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَهَذَا إذَا صَالَحَ عَلَى أَحَدِ مَقَادِيرِ الدِّيَةِ أَمَّا إذَا صَالَحَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ جَازَتْ الزِّيَادَةُ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ كَيْ لَا يَكُونَ افْتِرَاقًا عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ إذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ بِمِائَةِ بَعِيرٍ فَصَالَحَ الْقَاتِلُ الْوَالِيَ مِنْ مِائَةِ بَعِيرٍ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ بَقَرَةٍ وَهِيَ عِنْدَهُ وَدَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ جَازَ وَإِنْ صَالَحَ بِشَيْءٍ مِنْ الْإِبِلِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ عَارَضَ دَيْنًا بِدَيْنٍ. وَإِنْ صَالَحَ مِنْ الْإِبِلِ عَلَى مِثْلِ الْإِبِلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَبِمَا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ فَصَالَحَ الْقَاتِلُ عَلَى طَعَامٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ مِمَّا لَيْسَ عِنْدَهُ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي السَّلَمِ وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي إبِلًا أَوْ بَقَرًا فَصَالَحَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الطَّعَامَ أَوْ الشَّعِيرَ حَتَّى يُفَارِقَهُ لَمْ يَجُزْ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ صَالَحَ غَيْرُ الْجَانِي عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ وَضَمِنَ بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَلَوْ صَالَحَ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ وَلَوْ قَضَى عَلَيْهِ بِالدَّرَاهِمِ فَصَالَحَ عَلَى أَلْفَيْ دِينَارٍ وَقَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَلَوْ صَالَحَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِشَيْءٍ عَلَى مِائَتَيْ إبِلٍ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا فَالْوَاجِبُ مِائَةٌ مِنْهَا وَالْخِيَارُ إلَى الطَّالِبِ فَإِنْ كَانَ فِي الْإِبِلِ نُقْصَانٌ مِنْ الْأَسْنَانِ الْوَاجِبَةِ كَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ يَرُدَّ الصُّلْحَ، كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا وَقَتَلَ آخَرَ خَطَأً ثُمَّ صَالَحَ أَوْلِيَاؤُهُمَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ دِيَتَيْنِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَلِصَاحِبِ

الْخَطَأِ الدِّيَةُ وَمَا بَقِيَ فَلِصَاحِبِ الْعَمْدِ وَلَوْ صَالَحَ أَوْلِيَاؤُهُمَا عَلَى دِيَتَيْنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُمَا كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَبَدَلُ الصُّلْحِ فِي دَمِ الْعَمْدِ جَارٍ مَجْرَى الْمَهْرِ فَكُلُّ جَهَالَةٍ تَحَمَّلَتْ فِي الْمَهْرِ تَتَحَمَّلُ هَهُنَا وَمَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْمِيَةِ يَمْنَعُ وُجُوبَهُ فِي الصُّلْحِ وَعِنْدَ فَسَادِ التَّسْمِيَةِ يَسْقُطُ الْقَوَدُ وَيَجِبُ بَدَلُ النَّفْسِ وَهُوَ الدِّيَةُ نَحْوَ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى ثَوْبٍ كَمَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي النِّكَاحِ إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ صَالَحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى خَمْرٍ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الْخَطَأِ تَجِبُ الدِّيَةُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ صَالَحَ عَنْ قَطْعِ الْيَدِ عَمْدًا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لَا تَجُوزُ التَّسْمِيَةُ وَلَكِنْ يَصِحُّ الْعَفْوُ وَلَا يَرْجِعُ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ عَلَى الْقَاطِعِ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ خَطَأً وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى حَالِهَا فَلِلْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ أَنْ يَرْجِعَ الْقَاطِعُ بِالدِّيَةِ وَلَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى حُرٍّ فَهَذَا وَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ صَالَحَهُ بِعَفْوٍ عَنْ دَمٍ عَلَى عَفْوٍ عَنْ دَمٍ آخَرَ جَازَ كَالْخُلْعِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. جَرَحَ رَجُلًا عَمْدًا فَصَالَحَهُ مِنْهُ لَا يَخْلُو إمَّا إنْ بَرَأَ أَوْ مَاتَ مِنْهَا فَإِنْ صَالَحَهُ مِنْ الْجِرَاحَةِ أَوْ مِنْ الضَّرْبَةِ أَوْ مِنْ الشَّجَّةِ أَوْ مِنْ الْقَطْعِ أَوْ مِنْ الْيَدِ أَوْ مِنْ الْجِنَايَةِ لَا غَيْرُ جَازَ الصُّلْحُ إنْ بَرِئَ بِحَيْثُ بَقِيَ لَهُ أَثَرٌ وَإِنْ بَرِئَ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ بَطَلَ الصُّلْحُ فَأَمَّا إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الصُّلْحُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ خِلَافًا لَهُمَا وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ الْأَشْيَاءِ الْخَمْسَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا فَالصُّلْحُ جَائِزٌ إنْ مَاتَ مِنْهَا. وَأَمَّا إذَا بَرِئَ مِنْهَا ذَكَرَ هَهُنَا أَنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ وَذَكَرَ فِي الْوَكَالَةِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً فَوَكَّلَ إنْسَانًا لِيُصَالِحَ عَنْ الشَّجَّةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا إلَى النَّفْسِ فَإِنْ مَاتَ كَانَ الصُّلْحُ مِنْ النَّفْسِ وَإِنْ بَرِئَ يَجِبُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْمَالِ وَنِصْفُ عُشْرِهِ وَيُسَلِّمُ لِلْمَشْجُوجِ نِصْفُ عُشْرِ الْمَالِ وَقَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا: اخْتَلَفَا لِاخْتِلَافِ الْوَضْعِ فَإِنَّ الْوَضْعَ ثَمَنُهُ أَنَّهُ صَالَحَ عَنْ الْجِرَاحَةِ وَعَمَّا يَحْدُثُ مِنْهَا إلَى النَّفْسِ وَهُوَ مَعْلُومٌ فَأَمْكَنَ قِسْمَةُ الْبَدَلِ عَلَى الْقَائِمِ وَالْحَادِثِ جَمِيعًا، وَهَهُنَا صَالَحَهُ عَنْ الْجِرَاحَةِ وَكُلُّ مَا يَحْدُثُ مِنْهَا وَهُوَ مَجْهُولٌ قَدْ يَحْدُثُ وَقَدْ لَا يَحْدُثُ وَإِذَا حَدَثَ لَا يُدْرَى أَيُّ قَدْرٍ يَحْدُثُ فَتَعَذَّرَ قِسْمَةُ الْبَدَلِ عَلَى الْقَائِمِ وَالْحَادِثِ فَصَارَ الْبَدَلُ كُلُّهُ بِإِزَاءِ الْقَائِمِ وَأَمَّا إذَا صَالَحَهُ عَنْ الْجِنَايَةِ يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا إلَّا إذَا بَرَأَ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَصَالَحَ الْمَجْرُوحُ الْجَارِحَ عَلَى بَدَلٍ يَسِيرٍ وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ وَقْتَ الصُّلْحِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ. وَإِنْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ خَطَأً فَصَالَحَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَقْتَ الصُّلْحِ مَرَضَ الْمَوْتِ وَحَطَّ عَنْ الْبَدَلِ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ تَصِحُّ لِلْعَاقِلَةِ لَا لِلْقَاتِلِ وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ تَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ أَوَّلًا وَالْعَاقِلَةُ تَتَحَمَّلُ عَنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا صَالَحَ الْمَرِيضُ مِنْ دَمِ عَمْدٍ لَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ ثُمَّ أَخَّرَهَا بَعْدَ الصُّلْحِ سَنَةً جَازَ التَّأْخِيرُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَطَعَ الرَّجُلُ إصْبَعَ رَجُلٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى مَالٍ ثُمَّ شَلَّتْ أُخْرَى بِجَنْبِهَا فَعَلَى الْقَاطِعِ أَرْشُهَا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا، كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ قُتِلَ عَمْدًا وَلَهُ ابْنَانِ فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ جَائِزٌ وَلَا شَرِكَةَ لِأَخِيهِ فِيهَا وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى مَالٍ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشْرِكَهُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَالِحُ أَنْ يُعْطِيَهُ رُبْعَ الْأَرْشِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا صَالَحَهُ عَلَى وَصِيفٍ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَسَطِ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَوَجَدَ الْعَبْدَ حُرًّا كَانَ عَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ، وَلَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَبَيْنَ وَلِيِّ الْقَتِيلِ فَقَالَ الْقَاتِلُ: صَالَحْتُك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَقَالَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ: لَا بَلْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ، فَإِنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ مَعَ يَمِينِهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. صَالَحَ عَنْ دَمٍ عَلَى عَبْدَيْنِ فَظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا حُرٌّ فَالْعَبْدُ كُلُّ الْحَقِّ

عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ الْعَبْدُ وَقِيمَةُ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ الْعَبْدُ وَتَمَامُ أَرْشِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ صَالَحَهُ مِنْ دَمِ عَمْدٍ عَلَى سُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً جَازَ وَإِنْ كَانَ صَالَحَهُ عَلَيْهِ أَبَدًا أَوْ عَلَى مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ أَوْ عَلَى غَلَّةِ نَخْلَةٍ سِنِينَ مَعْلُومَةً أَبَدًا لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. لَوْ صَالَحَهُ عَنْ الْعَمْدِ عَلَى مَا فِي بُطُونِ غَنَمِهِ أَوْ عَلَى مَا فِي ضُرُوعِهَا أَوْ عَلَى مَا تَحْمِلُ نَخْلُهُ عَشْرَ سِنِينَ لَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ عَلَى الْقَاتِلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى مَا فِي نَخِيلِهِ مِنْ ثَمَرِهِ جَازَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ صَالَحَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ الْقَاتِلَ عَلَى أَنْ عَفَاهُ عَنْ هَذَا الدَّمِ عَلَى أَنْ يَعْفُوَ الْقَاتِلُ عَنْ دَمٍ وَجَبَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ فَهُوَ جَائِزٌ وَهَذَا الصُّلْحُ فِي الْحَقِيقَةِ عَفْوٌ بِغَيْرِ بَدَلٍ ثُمَّ عَفَا الْقَاتِلُ عَنْ الدَّمِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ فَلَا رُجُوعَ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ. وَإِنْ لَمْ يَعْفُ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ الْقِصَاصُ الَّذِي وَجَبَ لِلْقَاتِلِ عَلَى قَرِيبِ الْعَافِي أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ مَنْ أَشْبَهَهُمَا رَجَعَ الْعَافِي عَلَى الْقَاتِلِ بِالدِّيَةِ. وَإِنْ كَانَ الْقِصَاصُ الَّذِي وَجَبَ لِلْقَاتِلِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ لَا يَكُونُ لِلْعَافِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْقَاتِلِ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي رَجُلٍ قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ يَسَارَ الْقَاطِعِ فَقَطَعَهُ فَهَذَا عَفْوٌ عَنْ الْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ عَلَى قَاطِعِ الْيَسَارِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى قَاطِعِ الْيَمِينِ. وَإِنْ اخْتَصَمَا قَبْلَ أَنْ يَقْطَعَ يَسَارَهُ وَقَدْ صَالَحَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ يَسَارَهُ وَلَكِنْ رَجَعَ بِدِيَةِ يَمِينِهِ. وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ وَرِجْلَهُ أَوْ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَ الْقَاطِعِ إنْ قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِدِيَةِ رِجْلِهِ. وَإِنْ قَتَلَ عَبْدَهُ فَلَهُ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَبْدِهِ مُقَاصَّةً مِنْهَا بِدِيَةِ يَدِهِ وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ. وَلَوْ صَالَحَ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ يَدَ هَذَا الْحُرِّ أَوْ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَ فُلَانٍ فَفَعَلَ يَغْرَمُ دِيَةَ يَدِ الْحُرِّ الْآخَرِ وَقِيمَةَ عَبْدِهِ وَيَرْجِعُ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ عَلَى الْقَاطِعِ بِدِيَةِ يَدِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ رِجْلَهُ فَهَذَا عَفْوٌ مَجَّانًا وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً كَانَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ صَالَحَ مَنْ قَطَعَ الْيَدَ عَمْدًا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ رِجْلَهُ فَإِنَّ الصُّلْحَ بَاطِلٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَقَدْ وَقَعَ الْعَفْوُ مَجَّانًا، هَكَذَا ذَكَرَ فِي عَامَّةِ رِوَايَاتِ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ خَطَأً يَرْجِعُ بِدِيَةِ الْيَدِ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى كَذَا كَذَا مِثْقَالِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ كَانَ قَتَلَ عَمْدًا فَصَالَحَ عَنْهُ رَجُلٌ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَضْمَنْهَا لَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي أَمَرَهُ بِذَلِكَ كَانَ الْبَدَلُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْهُ عَلَى عَبْدٍ لَهُ وَلَمْ يَضْمَنْ لَهُ خَلَاصَهُ جَازَ فَإِنْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْقَاتِلِ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمُصَالِحُ تَبَرَّعَ بِالصُّلْحِ عَلَيْهِ وَضَمِنَ لَهُ خَلَاصَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ صَالَحَ الْفُضُولِيُّ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَضَمِنَهُمَا فَاسْتُحِقَّتْ الْأَلْفُ رَجَعَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ بِمِثْلِهَا عَلَى الْمُصَالَحِ ثُمَّ الْفُضُولِيُّ إذَا ضَمِنَ بَدَلَ الصُّلْحِ وَأَدَّى لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْقَاتِلِ وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ أَمَرَهُ بِالصُّلْحِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالضَّمَانِ فَضَمِنَ وَأَدَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِع بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْقَاتِلِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَتَلَ الْعَبْدُ وَالْحُرُّ رَجُلًا عَمْدًا وَأَمَرَ مَوْلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ رَجُلًا أَنْ يُصَالِحَ عَنْهُمَا فَصَالَحَ عَنْهُمَا بِأَلْفٍ يَكُونُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، وَذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ فَصَالَحَ مَوْلَاهُ أَحَدَهُمَا مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّمِ عَلَى الْعَبْدِ الْقَاتِلِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَيُقَالُ لِلَّذِي صَارَ لَهُ الْعَبْدُ ادْفَعْ نِصْفَهُ إلَى شَرِيكِك أَوْ افْدِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَك الْعَبْدَ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ آخَرَ مَعَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَبْدِ الْآخَرِ حَقٌّ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ جَازَ وَصَارَ الْعَبْدُ

بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْمُصَالَحِ نِصْفَيْنِ ثُمَّ انْقَلَبَ نَصِيبُ الْآخَرِ مَالًا وَاسْتَحَقَّ بِهِ نِصْفًا شَائِعًا مِنْ الْعَبْدِ فِي النِّصْفَيْنِ جَمِيعًا فَيَدْفَعَانِ نِصْفَهُ إلَى الْآخَرِ أَوْ يَفْدِيَانِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا حَقَّ لِلْآخَرِ فِي ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يَتْبَعُ الْقَاتِلَ حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهِ مَوْلَاهُ نِصْفَهُ أَوْ يَفْدِيَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَالْأَمَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْقَتْلِ الْعَمْدِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ رَجُلًا عَمْدًا لَمْ يَجُزْ صُلْحُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ لَهُ رَجُلًا عَمْدًا فَصَالَحَهُ عَنْهُ جَازَ، كَذَا فِي الْكَنْزِ. إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا خَطَأً فَصَالَحَ الْمَوْلَى بَعْضَ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ عَلَى عُرُوضٍ أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلِشُرَكَائِهِ أَنْ يُشَارِكُوهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ عَبْدٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا فَدَفَعَهُ الْمَوْلَى بِقَضَاءٍ فَأَعْتَقَهُ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْقَطْعِ فَالْعَبْدُ صَلَحَ بِالْجِنَايَةِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُعْتِقْهُ رَدَّ عَلَى الْمَوْلَى ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَوْلِيَاءِ اُقْتُلُوهُ أَوْ أَعْفُوهُ عَنْهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ فِي بَابِ جِنَايَةِ الْعَبْدِ. إذَا قَتَلَتْ الْأَمَةُ رَجُلًا خَطَأً وَلَهُ وَلِيَّانِ ثُمَّ وَلَدَتْ الْأَمَةُ ابْنًا فَصَالَحَ الْمَوْلَى أَحَدَ الْوَلِيَّيْنِ عَلَى أَنْ دَفَعَ إلَيْهِ ابْنَ الْأَمَةِ بِحَقِّهِ مِنْ الدِّيَةِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلِلْآخَرِ عَلَى الْمَوْلَى خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ صَالَحَهُ وَلَوْ عَلَى أَنْ دَفَعَ إلَيْهِ ثُلُثَ الْأَمَةِ بِحَقِّهِ مِنْ الدِّيَةِ كَانَ جَائِزًا وَيَدْفَعُ إلَى شَرِيكِهِ نِصْفَ الْأَمَةِ أَوْ يَفْدِيهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ فَلَمْ يَجْعَلْ اخْتِيَارَهُ فِي الدَّفْعِ فِي الْبَعْضِ اخْتِيَارًا فِي الْكُلِّ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ فِي الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ، قَالَ: اخْتِيَارُهُ الدَّفْعُ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا يَكُونُ اخْتِيَارًا فِي نَصِيبِهِمَا كَمَا فِي الْفِدَاءِ وَتِلْكَ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ وَتَأْوِيلُ مَا ذُكِرَ هَهُنَا أَنَّ أَحَدَهُمَا صَالَحَهُ عَلَى ثُلُثِ الْأَمَةِ وَذَلِكَ دُونَ حَقِّهِ فَمِنْ حُجَّةِ الْمَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِلْآخَرِ إنَّمَا اخْتَرْتُ الدَّفْعَ فِي نَصِيبِهِ لِأَنَّهُ تَجَوَّزَ بِدُونِ حَقِّهِ فَأَنْتَ لَا تَرْضَى بِذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُنِي بِذَلِكَ تَسْلِيمُ جَمِيعِ حَقِّك إلَيْك مِنْ الْأَمَةِ وَلَكِنِّي فِي الْخِيَارِ فِي نَصِيبِك حَتَّى لَوْ كَانَ صَالَحَ أَحَدَهُمَا عَلَى نِصْفِ الْأَمَةِ كَانَ اخْتِيَارًا مِنْهُ لِلدَّفْعِ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إنْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ قَتِيلًا عَمْدًا فَصَالَحَ عَنْهُ مَوْلَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ قِيمَتُهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ قَتِيلًا خَطَأً ذَكَرَ أَنَّ عَلَى مَوْلَاهُ قِيمَةً أُخْرَى وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ خَطَأً فَصَالَحَ مَوْلَاهُ عَنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ قِيمَتُهُ ثُمَّ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ قَتِيلًا آخَرَ فَإِنَّ الْمَوْلَى لَا يَضْمَنُ قِيمَةً أُخْرَى بَلْ يُشَارِكُ الثَّانِي الْأَوَّلَ فِي الْقِيمَةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا خَطَأً وَفَقَأَ عَيْنَ آخَرَ خَطَأً فَعَلَى مَوْلَاهُ قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَإِنْ صَالَحَ الْمَوْلَى صَاحِبَ الْعَيْنِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ سِتُّمِائَةٍ وَقَبَضَ الْمِائَةَ وَلَمْ يُبْرِئْهُ عَنْ الْمِائَةِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُمَا يَقْسِمَانِ بَيْنَهُمَا هَذِهِ الْمِائَةَ أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا فَإِنْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْمِائَةِ الْأُخْرَى بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَا تَتَغَيَّرُ تِلْكَ الْقِسْمَةُ وَإِنْ صَالَحَ عَلَى مِائَةٍ وَأَبْرَأَهُ عَمَّا بَقِيَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْقِسْمَةِ فَهَذِهِ الْمِائَةُ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا خُمُسُهَا لِصَاحِبِ الْعَيْنِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِوَلِيِّ الدَّمِ وَإِنْ قَبَضَ الْمِائَةَ ثُمَّ أَبْرَأَهُ عَنْ الْمِائَةِ الْأُخْرَى قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْسَمُ هَذِهِ الْمِائَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِصَاحِبِ الْعَيْنِ خُمُسُ الْمَقْبُوضِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا خَطَأً وَفَقَأَ عَيْنَ آخَرَ فَصَالَحَهُمَا الْمَوْلَى عَلَى عَبْدٍ دَفَعَهُ إلَيْهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا صَاحِبُ الدَّمِ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ قَالَ مَوْلَى الْمُدَبَّرِ لِأَحَدِهِمَا: أَنْتَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ، وَقَالَ لِلْآخَرِ: أَنْتَ صَاحِبُ الْعَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَرَّ الْمُدَبَّرُ بِقَتْلٍ عَمْدٍ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ كَإِقْرَارِ الْقِنِّ فَإِنْ صَالَحَ مَوْلَاهُ عَنْهُ أَحَدَ وَلِيَّيْ الدَّمِ عَلَى ثَوْبٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ عَلَى الْمَوْلَى إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ أَقَرَّ الْمَوْلَى وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا جَرَحَ

الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ جِرَاحَةً فَصَالَحَتْهُ عَلَى أَنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِتِلْكَ الْجِرَاحَةِ كَانَتْ عَمْدًا وَقَدْ اخْتَلَعَتْ عَلَى الْجِرَاحَةِ لَا غَيْرُ فَإِنْ بَرَأَتْ مِنْ الْجِرَاحَةِ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَالتَّسْمِيَةُ جَائِزَةٌ وَيَكُونُ أَرْشُهَا بَدَلَ الْخُلْعِ وَيَكُونُ الطَّلَاقُ بَائِنًا سَوَاءٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا بَرَأَتْ مِنْ الْجِرَاحَةِ وَبَقِيَ لَهَا أَثَرٍ، وَأَمَّا إذَا بَرَأَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ مَجَّانًا حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهَا رَدُّ الْمَهْرِ إلَى الزَّوْجِ وَإِنْ سَمَّتْ فِي الْخُلْعِ الْجِرَاحَةَ هَذَا إذَا بَرَأَتْ، فَأَمَّا إذَا مَاتَتْ مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَالتَّسْمِيَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا بَطَلَتْ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الزَّوْجِ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ يَكُونُ بَائِنًا وَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الصَّرِيحِ يَكُونُ رَجْعِيًّا فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ الْخُلْعَ يَقَعُ مَجَّانًا حَتَّى لَا تَجِبَ عَلَى الزَّوْجِ الدِّيَةُ وَيَكُونَ عَفْوًا ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى الطَّلَاقِ. وَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ يَكُونُ بَائِنًا وَإِنْ وَقَعَ بِالصَّرِيحِ ذَكَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ يَكُونُ رَجْعِيًّا وَذَكَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّهُ يَكُونُ بَائِنًا. هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى الْجِرَاحَةِ لَا غَيْرُ فَأَمَّا إذَا خَالَعَهَا عَلَى الْجِرَاحَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا فَالْجَوَابُ فِيهِ عِنْدَ الْكُلِّ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى الْجِرَاحَةِ لَا غَيْرُ عِنْدَهُمَا. هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ عَمْدًا وَإِنْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ خَطَأً إنْ خَالَعَهَا عَلَى الْجِرَاحَةِ لَا غَيْرُ وَقَدْ بَرِئَ مِنْ ذَلِكَ وَبَقِيَ لَهَا أَثَرٌ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَالتَّسْمِيَةُ جَائِزَةٌ وَيَكُونُ الْوَاقِعُ بَائِنًا، وَإِنْ بَرَأَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ مَجَّانًا وَلَا يَلْزَمُهَا رَدُّ الْمَهْرِ، وَإِنْ مَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ فَالْجَوَابُ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا بَرَأَتْ مِنْ الْجِرَاحَةِ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَالتَّسْمِيَةُ جَائِزَةٌ وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى الْجِرَاحَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا وَالْجِرَاحَةُ خَطَأٌ إذَا مَاتَتْ مِنْ تِلْكَ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ صَحِيحَةً وَيَكُونُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ بِلَفْظِ الصَّرِيحِ وَيُرْفَعُ عَنْ الْعَاقِلَةِ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ إنْ اخْتَلَعَتْ بَعْدَمَا صَارَتْ صَاحِبَةَ فِرَاشٍ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ. وَإِنْ اخْتَلَعَتْ وَالْغَالِبُ مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ الْمَوْتُ فَإِنْ خَرَجَ جَمِيعُ بَدَلِ الْخُلْعِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا كَانَ وَصِيَّةً لِلْعَاقِلَةِ فَجَازَتْ وَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ جَمِيعُ بَدَلِ الْخُلْعِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا فَبِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ يُرْفَعُ عَنْ الْعَاقِلَةِ وَيُؤَدُّونَ الْبَاقِيَ إلَى وَرَثَتِهَا وَيُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إنْ اخْتَلَعَتْ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ صَاحِبَةَ فِرَاشٍ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْغَالِبُ مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ الْمَوْتُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْتُهُ فِيمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى الْجِرَاحَةِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى الضَّرْبَةِ أَوْ الشَّجَّةِ أَوْ عَلَى الْقَطْعِ أَوْ عَلَى الْيَدِ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى الْجِنَايَةِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى الْجِرَاحَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا. وَإِذَا جَرَحَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ جِرَاحَةً فَصَالَحَهَا عَلَى أَنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً عَلَى أَنْ عَفَتْ لَهُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى الْجِرَاحَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا جَرَحَ الرَّجُلُ امْرَأَةَ رَجُلٍ خَطَأً فَصَالَحَهَا زَوْجُهَا عَلَى أَنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً عَلَى أَنْ عَفَتْ لَهُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ثُمَّ مَاتَتْ مِنْهُ فَالْعَفْوُ مِنْ الثُّلُثِ وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَهُوَ جَائِزٌ كُلُّهُ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ وَلَوْ ضَرَبَ رَجُلٌ سِنَّ امْرَأَتِهِ فَصَالَحَهَا مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَى أَنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَهُوَ جَائِزٌ وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ، وَإِنْ اسْوَدَّتْ السِّنُّ أَوْ سَقَطَتْ أَوْ سَقَطَ مِنْ ذَلِكَ سِنٌّ أُخْرَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا عَمْدًا فَصَالَحَ الْمُكَاتَبُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ فَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ أَدَاءِ بَدَلِ الصُّلْحِ فَالصُّلْحُ مَاضٍ وَالْأَدَاءُ مَاضٍ وَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ أَدَاءِ بَدَلِ الصُّلْحِ فَكَمَا عَتَقَ يُطَالَبُ بِالْبَدَلِ مِنْ سَاعَتِهِ وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ أَدَاءِ بَدَلِ الصُّلْحِ فَالصُّلْحُ مَاضٍ وَالْأَدَاءُ مَاضٍ وَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُطَالَبُ

الباب الثالث عشر في الصلح في العطاء

حَتَّى يُعْتَقَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يُطَالِبُ الْمَوْلَى فِي الْحَالِ فَيُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَدْفَعَ الْعَبْدَ أَوْ تَفْدِيَهُ، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ طَعَامٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَافْتَرَقَا مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ فَالصُّلْحُ عَلَى حَالِهِ فَإِنْ كَفَلَ عَنْ الْمُكَاتَبِ كَفِيلٌ بِبَدَلِ الصُّلْحِ وَبَدَلُ الصُّلْحِ دَيْنٌ فَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الصُّلْحُ عَيْنًا بِأَنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي صَالَحَ بِهِ عَلَيْهِ عَبْدًا وَكَفَلَ بِهِ كَفِيلٌ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ كَانَ لِوَلِيِّ الدَّمِ أَنْ يُضَمِّنَ الْكَفِيلَ قِيمَتَهُ فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِهَذَا الْقِيمَةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَنَّ مُكَاتَبًا قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ فَصَالَحَ مِنْ دَمِهِ عَلَى مَالٍ إلَى أَجَلٍ كَانَ جَائِزًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ صَالَحَ عَنْ الدَّمِ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلِ فِي الذِّمَّةِ وَالْقَتْلُ ثَابِتٌ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَكَفَلَ إنْسَانٌ بِالْبَدَلِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَرَدَّ فِي الرِّقِّ لَمْ يَكُنْ لِلْمُصَالَحِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُكَاتَبَ حَتَّى يُعْتَقَ وَلِلْمُصَالَحِ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ قَبْلَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَدَّاهَا إلَيْهِ ثُمَّ عَجَزَ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ ثُمَّ جَاءَ الْوَلِيُّ الْآخَرُ فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ نِصْفَهُ إلَى الْمَوْلَى وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْجَزْ وَلَكِنَّهُ عَتَقَ ثُمَّ جَاءَ الْوَلِيُّ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَوْ عَفَا أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ عَنْ الدَّمِ بِغَيْرِ صُلْحٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَى الْمُكَاتَبِ أَنْ يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلْآخَرِ فَإِنْ صَالَحَهُ الْآخَرُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ جَازَ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَتَفَرَّقَا أَنْ يَقْبِضَ بَطَلَ الصُّلْحُ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى طَعَامٍ بِعَيْنِهِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ جَازَ، وَكَذَلِكَ الْعَرَضُ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ لَمْ يَجُزْ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ صَالَحَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَلَوْ كَفَلَ لَهُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ جَازَ فَإِنْ صَالَحَهُ الْكَفِيلُ عَلَى طَعَامٍ أَوْ ثِيَابٍ جَازَ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَلَوْ أَعْطَاهُ الْمُكَاتَبُ رَهْنًا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ وَفِيهِ وَفَاءٌ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فَهُوَ بِمَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ لِقِيمَتِهِ فَضْلٌ بَطَلَ الْفَضْلُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِث عَشَرَ فِي الصُّلْحِ فِي الْعَطَاءِ] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الصُّلْحِ فِي الْعَطَاءِ) إذَا كَانَ فِي الدِّيوَانِ عَطَاءٌ مَكْتُوبٌ بِاسْمِ رَجُلٍ فَنَازَعَهُ فِيهِ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ لَهُ فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ إلَى أَجَلٍ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَهُ عَطَاءٌ فِي الدِّيوَانِ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكْتُبَ فِي الدِّيوَانِ بِاسْمِ أَحَدِهِمَا وَيَأْخُذَ الْعَطَاءَ وَالْآخَرُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْعَطَاءِ وَيَبْذُلُ لَهُ مَنْ كَانَ لَهُ الْعَطَاءُ مَالًا مَعْلُومًا فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَيَرُدُّ بَدَلَ الصُّلْحِ وَالْعَطَاءُ لِلَّذِي جَعَلَ الْإِمَامُ الْعَطَاءَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَتَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي عَطَائِهَا وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهَا أَنَّهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ كُتِبَ الْعَطَاءُ لِأَحَدِهِمَا بِاسْمِ الْآخَرِ عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا فَالْعَطَاءُ لِصَاحِبِ الِاسْمِ وَيَرْجِعُ فِيمَا أَعْطَى صَاحِبُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُكْتَبَ الْعَطَاءُ بِاسْمِ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَهَذَا بَاطِلٌ وَهُوَ لِصَاحِبِ الِاسْمِ وَلَوْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ ابْنٌ فَاكْتَتَبَ أَخُوهَا عَلَى عَطَائِهَا فَخَاصَمَهُ ابْنُهَا فَصَالَحَ الْأَخُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ أَوْ عَرَضٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْعَطَاءَ لِلْأَخِ لَمْ يَجُزْ مَا أَخَذَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمَا خَرَجَ مِنْ الْعَطَاءِ وَالرِّزْقِ فَهُوَ لِلَّذِي ثَبَتَ اسْمُهُ فِي الدِّيوَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الَّذِي كُتِبَ اسْمُهُ أَجْنَبِيًّا لَيْسَ بَيْنَهُ

الباب الرابع عشر في الصلح عن الغير

وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ قَرَابَةٌ وَإِذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ وَلَهَا وَلَدٌ فَوَرَّثَ الْإِمَامُ عَطَاءَهَا وَلَدَهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ عَلَى الْمَوَارِيثِ فَهُوَ مُسْتَقِيمٌ، فَإِنْ قَالَ يَقْتَرِعُونَ عَلَيْهَا فَأَيُّهُمْ خَرَجَ اسْمُهُ أَثْبَتَ عَلَيْهِ فَإِذَا أَخَذُوا مِنْ الَّذِي قَرَعَ فِي ذَلِكَ جُعْلًا فَالْجُعَلُ مَرْدُودٌ فَإِنْ أَصَابَ رَجُلًا زِيَادَةٌ فِي عَطَائِهِ فَأَلْحَقَ عَلَيْهِ وَلَدُهُ عَلَى الدِّيوَانِ عَلَى أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَ وَلَدِهِ هَذَا وَبَيْنَ أَخِيهِ نِصْفَيْنِ فَالْعَطَاءُ لِصَاحِبِ الِاسْمِ الْمُثْبَتِ فِي الدِّيوَانِ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَلَوْ بَعَثَ رَجُلٌ رَجُلًا بَدِيلًا مَكَانَهُ فِي الِاسْمِ فَجَعَلَ لَهُ جُعْلًا فَخَرَجَ الْبَدِيلُ فِي ذَلِكَ فَأَصَابُوا غَنَائِمَ فَالسَّهْمُ يَكُونُ لِلْبَدِيلِ وَيُرَدُّ عَلَى الْمُتَخَلِّفِ مِنْ الْجُعَلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ اسْتَأْجَرَهُ أَشْهُرًا مَعْلُومَةً بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ يَخْرُجُ عَنْهُ فِي بَعْثٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِع عَشَرَ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْغَيْرِ] (الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْغَيْرِ) إنَّمَا يَصِحُّ صُلْحُ الْفُضُولِيِّ إذَا كَانَ حُرًّا بَالِغًا فَلَا يَصِحُّ صُلْحُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالصَّبِيِّ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ حَقًّا فَصَالَحَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ فَإِنْ ادَّعَى دَيْنًا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَصَالَحَ الْأَجْنَبِيُّ فَإِنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِلْمُدَّعِي: صَالِحْ فُلَانًا عَنْ دَعْوَاك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعِي: صَالَحْتُ تَوَقَّفَ الصُّلْحُ عَلَى إجَازَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ أَجَازَ جَازَ؛ وَيَلْزَمُهُ الْبَدَلُ وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ وَيَخْرُجُ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْبَيْنِ وَإِنْ قَالَ: صَالَحْتُك مِنْ دَعْوَاك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ صَالِحْنِي مِنْ دَعْوَاك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَوْ قَالَ: صَالِحْنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ: صَالِحْ فُلَانًا عَلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِي أَوْ قَالَ: عَلَى أَلْفٍ إنِّي ضَامِنٌ فَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ يَنْفُذُ الصُّلْحُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ وَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا أَوْ صَالَحَ الْفُضُولِيُّ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنْ صَالَحَ بِأَمْرِهِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَإِنْ قَالَ الْمَأْمُورُ لِلْمُدَّعِي: صَالِحْ فُلَانًا مِنْ دَعْوَاك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ نَفَذَ الصُّلْحُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَجِبُ الْمَالُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَخْرُجُ الْمَأْمُورُ مِنْ الْبَيْنِ قَالَ الْمَأْمُورُ لِلْمُدَّعِي: صَالَحْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ قَالَ: صَالِحْنِي يَنْفُذُ الصُّلْحُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْبَدَلَ عَلَى الْمُصَالِحِ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إذَا قَالَ: صَالِحْ فُلَانًا عَلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِي، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ قَالَ صَالِحْ فُلَانًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ نَفَذَ الصُّلْحُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ بِحُكْمِ الْعَقْدِ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْمُصَالِحَ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ. هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا فَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ وَصَالَحَ الْأَجْنَبِيَّ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ: صَالِحْ فُلَانًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ يَتَوَقَّفُ الصُّلْحُ عَلَى إجَازَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ: صَالَحْتُك اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَإِنْ قَالَ صَالِحْنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ يَنْفُذُ الصُّلْحُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ صَالِحْ فُلَانًا عَلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِي فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ صَالِحْنِي يَنْفُذُ الصُّلْحُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ صَالِحْ فُلَانًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى إجَازَةِ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ. هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ وَالْأَجْنَبِيُّ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِالصُّلْحِ فَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا فَإِنْ قَالَ: صَالِحْ فُلَانًا نَفَذَ الصُّلْحُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَجِبُ الْمَالُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ: صَالِحْنِي يَنْفُذُ الصُّلْحُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْضًا وَيُطَالِبُ الْمَأْمُورَ بِالْمَالِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: صَالِحْ فُلَانًا عَلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِي أَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ يَنْفُذُ الصُّلْحُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَجِبُ الْمَالُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ لَا بِحُكْمِ الْعَقْدِ حَتَّى

لَا يَرْجِعَ هُوَ عَلَى الْآمِرِ قَبْلَ الْأَدَاءِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ قَالَ صَالَحْتُك قِيلَ يَلْزَمُهُ الْعَقْدُ كَمَا فِي قَوْلِهِ صَالِحْنِي، وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ صَالِحْ فُلَانًا، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا وَإِنْ كَانَ عَيْنًا، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا فَصَالَحَ الْأَجْنَبِيَّ بِأَمْرِ الْمُدَّعِي أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الدَّيْنِ إذَا صَالَحَ عَلَيْهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا فَإِنْ صَالَحَ بِغَيْرِ بِأَمْرِهِ فَإِنْ قَالَ صَالِحْ فُلَانًا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ قَالَ: صَالَحْتُك، فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ عَلَى نَحْوِ مَا سَبَقَ، وَإِنْ قَالَ: صَالِحْنِي أَوْ قَالَ: صَالِحْ فُلَانًا عَلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِي أَوْ عَلَى أَلْفِي هَذِهِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عَلَيْهِ وَتَصِيرُ الْعَيْنُ لَهُ وَلَوْ قَالَ: صَالِحْ فُلَانًا عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ يَتَوَقَّفُ إنْ أَجَازَ صَارَ كَفِيلًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ بِأَمْرِهِ فَفِي قَوْلِهِ صَالِحْ فُلَانًا نَفَذَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَخَرَجَ الْمُصَالِحُ عَنْ الْوَسَطِ، وَفِي قَوْلِهِ صَالَحْتُك اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ، وَفِي قَوْلِهِ صَالِحْنِي أَوْ صَالِحْ فُلَانًا عَلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِي يَنْفُذُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى كَانَ هُوَ الْمُطَالَبُ بِالْبَدَلِ. وَإِنْ قَالَ: صَالِحْ فُلَانًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ يَنْفُذُ الصُّلْحُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَصِيرُ كَأَنَّ الْعَقْدَ جَرَى بَيْنَ الْمُدَّعِي وَبَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ لَا بِحُكْمِ الْعَقْدِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إنْ كَانَ الْمُصَالِحُ صَالَحَ الْمُدَّعِيَ عَلَى دَرَاهِمَ ثُمَّ قَالَ: لَا أُؤَدِّيهَا إنْ كَانَ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى مَالِهِ أَوْ ضَمِنَ بَدَلَ الصُّلْحِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى قِبَلَ رَجُلٍ دَعْوَى فَصَالَحَهُ رَجُلٌ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَوَجَدَ الْمُدَّعَى الدَّرَاهِمَ زُيُوفًا أَوْ الصُّلْحُ كَانَ عَلَى عَرَضٍ فَوَجَدَ الْمُدَّعِي بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُصَالِحِ شَيْءٌ وَكَانَ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَاسْتُحِقَّ أَوْ وُجِدَ حُرًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا فِي دَعْوَاهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمُصَالِحِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَضَمِنَهَا لَهُ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَاسْتُحِقَّتْ أَوْ وَجَدَ مِنْهَا زُيُوفًا أَوْ سَتُّوقَةً فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الَّذِي صَالَحَهُ دُونَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ كَمَا لَوْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمُدَّعَى بِهِ فَلِلْمُصَالِحِ أَنْ يَرْجِعَ بِبَدَلِ الصُّلْحِ سَوَاءٌ كَانَ فُضُولِيًّا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ مِنْ الْمُدَّعِي مَعَ الْفُضُولِيِّ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الْمُدَّعَى بِهَا لِلْفُضُولِيِّ لَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَاحِدٌ دَعْوَى الْمُدَّعِي جَازَ الصُّلْحُ سَوَاءٌ أَضَافَ الْفُضُولِيُّ الصُّلْحَ إلَى مَالِهِ أَوْ لَمْ يُضِفْ وَسَوَاءٌ ضَمِنَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فَلِلْمُصَالِحِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُدَّعِيَ بِتَسْلِيمِ الْمُدَّعَى بِهِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّسْلِيمُ بِأَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي يُسَلِّمُ إلَيْهِ لَمْ يُمْكِنْهُ كَانَ لِلْمُصَالِحِ أَنْ يَفْسَخَ الصُّلْحَ وَيَرْجِعَ بِبَدَلِ الصُّلْحِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يُخَاصِمَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ بِهِ مَلَّكَ الْمُصَالِحَ الْمُشْتَرَى مِنْهُ أَوْ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ لِيَنْكُلَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَاحِدٌ صَحَّتْ خُصُومَتُهُ مَعَهُ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي يَأْخُذُهُ مِنْ يَدِهِ وَيُسَلِّمُهُ إلَى الْمُتَبَرِّعِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَاحِدًا صَحَّتْ خُصُومَتُهُ وَإِنْ أَقَرَّ لِلْمُدَّعِي لَا تُسْمَعُ خُصُومَتُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ مِنْ الْمُدَّعِي مَعَ الْفُضُولِيِّ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي بِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ الْمُدَّعِي عَنْ الْعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهَا وَأَضَافَ الْفُضُولِيُّ الصُّلْحَ إلَى مَالِهِ أَوْ ضَمِنَ بَدَلَ الصُّلْحِ جَازَ وَكَانَ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَاحِدًا أَوْ مُقِرًّا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ صَالَحَ الْأَجْنَبِيُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الدَّارَ إلَى الْمُدَّعِي بِكَذَا جَازَ، وَكَذَا عَلَى أَنْ تَكُونَ الدَّارُ شِرَاءً لَهُ وَلَوْ كَانَ مَأْمُورًا بِالصُّلْحِ فَضَمِنَ وَأَدَّى فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَرْجِعُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ كُرَّ حِنْطَةٍ قَرْضًا فَجَحَدَهُ وَصَالَحَهُ فُضُولِيٌّ إنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَنَقَدَهَا إيَّاهُ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِهِ

الباب الخامس عشر في صلح الورثة والوصي في الميراث والوصية

لَكِنْ صَالَحَ مِنْهُ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ إذَا صَالَحَ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَمَرَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. إذَا وَكَّلَ وَكِيلًا بِالصُّلْحِ فِيمَا ادَّعَى فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ فِي هَذِهِ فَأَيًّا مَا صَالَحَ الْوَكِيلَ عَنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ وَكَّلَهُ بِالصُّلْحِ فِي دَيْنِهِ عَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى فُلَانٍ، وَلَوْ قَالَ: قَدْ وَكَّلْتُهُ بِالْخُصُومَةِ فِيمَا ادَّعَيْت فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الصُّلْحِ فِيهَا صَحَّ التَّوْكِيلُ حَتَّى إذَا صَالَحَ قَبْلَ أَنْ يُخَاصِمَ جَازَ وَإِنْ خَاصَمَ فِيهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَالِحَ لَمْ يَجُزْ صُلْحُهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك بِبَيْعِ عَبْدِي هَذَا أَوْ بِالصُّلْحِ مِنْ دَعْوَى قِبَلَ فُلَانٍ فَأَيًّا مَا صَنَعَ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِي الثَّانِي شَيْئًا بَعْدَ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَكَّلَهُ بِالصُّلْحِ عَنْ الدَّعْوَى فِي دَارٍ فَصَالَحَ الْوَكِيلُ مَنْ فِي يَدَيْهِ الدَّارُ عَلَى مِائَةٍ وَلَمْ يُضِفْهُ إلَى مُوَكِّلِهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَاب الْخَامِس عَشْر فِي صُلْحِ الْوَرَثَةِ وَالْوَصِيِّ فِي الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ] (الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي صُلْحِ الْوَرَثَةِ وَالْوَصِيِّ فِي الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ) إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ بَيْنَ وَرَثَةٍ فَأَخْرَجُوا أَحَدَهُمَا مِنْهَا بِمَالٍ أَعْطَوْهُ إيَّاهُ وَالتَّرِكَةُ عَقَارٌ أَوْ عُرُوضٌ صَحَّ قَلِيلًا كَانَ مَا أَعْطَوْهُ أَوْ كَثِيرًا وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ ذَهَبًا فَأَعْطَوْهُ فِضَّةً أَوْ كَانَتْ فِضَّةً فَأَعْطَوْهُ ذَهَبًا فَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْجِنْسِ بِخِلَافِ الْجِنْسِ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي وَيُعْتَبَرُ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدِهِ بَقِيَّةُ التَّرِكَةِ جَاحِدًا يُكْتَفَى بِذَلِكَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا غَيْرَ مَانِعٍ لِنَصِيبِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ الْقَبْضِ وَهُوَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَوْضِعٍ فِيهِ الْعَيْنُ وَيَمْضِيَ وَقْتٌ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ قَبْضِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ تَرَكَ دَرَاهِمَ وَعُرُوضًا وَصُولِحَ عَلَى دَرَاهِمَ فَإِنْ كَانَ مَا أَخَذَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ جَازَ وَجَعَلَ الْمِثْلَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْبَاقِيَ بِإِزَاءِ الْعُرُوضِ وَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ مُقِرِّينَ بِالتَّرِكَةِ غَيْرَ مَانِعِينَ لِنَصِيبِهِ، وَإِنْ صَارَ نَصِيبُهُ مَضْمُونًا عَلَى الْوَرَثَةِ بِأَنْ كَانُوا جَاحِدِينَ لِلتَّرِكَةِ أَوْ مُقِرِّينَ إلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا مَانِعِينَ نَصِيبَهُ مِنْ التَّرِكَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضِ نَصِيبِهِ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِنْ كَانَ مَا أَخَذَ مِثْلَ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ نَصِيبِهِ قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ إنَّمَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ عَلَى مِثْلِ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَعَلَى أَقَلَّ مِنْهُ حَالَةَ التَّصَادُقِ أَمَّا حَالَةُ الْمُنَاكَرَةِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارَ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي التَّرِكَةِ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ وَإِنْ صُولِحَ عَلَى عُرُوضٍ أَوْ دَنَانِيرَ جَازَ وَإِنْ قَلَّ وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ دَنَانِيرَ وَعُرُوضًا فَصُولِحَ عَلَى الدَّنَانِيرِ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا فِي الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ صُولِحَ عَلَى دَرَاهِمَ جَازَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَغَيْرَهُمَا فَصَالَحُوهُ عَلَى فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُعْطَى أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّقَابُضِ فِيمَا يُقَابِلُ نَصِيبَهُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ عَرَضًا صَحَّ مُطْلَقًا لِفَوَاتِ الرِّبَا وَلَوْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ وَبَدَلُ الصُّلْحِ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ أَيْضًا صَحَّ الصُّلْحُ كَيْفَمَا كَانَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ صَالَحَ عَنْ نَصِيبِهِ مِنْ الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ خَاصَّةً أَوْ عَنْ بَعْضِ الْأَعْيَانِ دُونَ الْبَعْضِ جَازَ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَأَعْيَانُهَا غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَالصُّلْحُ عَلَى الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قِيلَ: لَا يَجُوزُ وَقِيلَ: يَجُوزُ وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ غَيْرَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لَكِنَّهَا أَعْيَانٌ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ

إذَا صُولِحَتْ عَنْ ثَمَنِهَا وَصَدَاقِهَا وَالْوَرَثَةُ يُقِرُّونَ بِنِكَاحِهَا فَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ فَصُولِحَتْ عَلَى الْكُلِّ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهَا مِنْ الدَّيْنِ لِلْوَرَثَةِ أَوْ صُولِحَتْ عَنْ التَّرِكَةِ وَلَمْ يَنْطِقُوا بِشَيْءٍ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا فَإِنْ طَلَبُوا يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهَا مِنْ الدَّيْنِ لِلْوَارِثِ فَطَرِيقُ ذَلِكَ أَنْ تَشْتَرِيَ الْمَرْأَةُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْوَارِثِ بِمِقْدَارِ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّيْنِ ثُمَّ تُحِيلُ الْوَارِثَ عَلَى غَرِيمِ الْمَيِّتِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الدَّيْنِ يَعْقِدُونَ عَقْدَ الصُّلْحِ بَيْنَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الصُّلْحِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا صَالَحُوهَا عَلَى أَنْ تَأْخُذَ هِيَ مِنْ الْغَرِيمِ الدَّيْنَ وَتَتْرُكَ حِصَّتَهَا فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ كَانَ بَاطِلًا وَإِنْ لَمْ يُدْخِلُوا الدَّيْنَ فِي الصُّلْحِ صَحَّ الصُّلْحُ عَنْ بَاقِي التَّرِكَةِ وَبَقِيَ الدَّيْنُ عَلَى الْغَرِيمِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَيْنَهُمْ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا صَالَحَتْ عَنْ ثَمَنِهَا وَصَدَاقِهَا عَلَى دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ ظَاهِرٌ وَلَا نَقْدٌ حَتَّى جَازَ الصُّلْحُ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ الْوَرَثَةُ أَوْ ظَهَرَ فِيهَا عَيْنٌ لَمْ تَعْلَمْ بِهَا الْوَرَثَةُ هَلْ يَكُونُ الدَّيْنُ وَالْعَيْنُ دَاخِلَيْنِ فِي الصُّلْحِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ دَاخِلًا وَيَكُونُ ذَلِكَ الدَّيْنُ وَالْعَيْنُ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى حِسَابِ مَوَارِيثِهِمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الصُّلْحِ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إنْ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ فَسَدَ الصُّلْحُ وَيُجْعَلُ كَأَنَّ هَذَا الدَّيْنَ كَانَ ظَاهِرًا وَقْتَ الصُّلْحِ، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ لَا يَدْخُلُ فِي الصُّلْحِ يَكُونُ ذَلِكَ الدَّيْنُ وَالْعَيْنُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَصُولِحَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ ثُمُنِهَا عَلَى شَيْءٍ لَا يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي التَّرِكَةِ وَإِنْ قَلَّ يَمْنَعُ جَوَازَ التَّصَرُّفِ فَإِنْ طَلَبُوا الْجَوَازَ فَطَرِيقُ ذَلِكَ يَضْمَنُ الْوَارِثُ دَيْنَ الْمَيِّتِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ أَوْ يَضْمَنَ أَجْنَبِيٌّ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ أَوْ يُؤَدُّوا دَيْنَ الْمَيِّتِ مِنْ مَالٍ آخَرَ ثُمَّ يُصَالِحُوهَا عَنْ ثُمُنِهَا أَوْ صَدَاقِهَا عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا وَأَنْ يَضْمَنَ الْوَارِثُ وَلَكِنْ عَزَلُوا عَيْنًا فِيهَا لِدَيْنِ الْمَيِّتِ وَفَاءً ثُمَّ صَالَحُوهَا فِي الْبَاقِي عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا جَازَ فَإِنْ أَجَازَ غَرِيمُ الْمَيِّتِ قِسْمَتَهُمْ وَصُلْحَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ حَقُّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. امْرَأَةٌ صَالَحَتْ مِنْ مِيرَاثِ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَلْزَمُهَا بِحِصَّتِهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأَخَاهَا فَصَالَحَ الْأَخُ الزَّوْجَ مِنْ مِيرَاثِهَا أَجْمَعَ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَمَتَاعٍ مِنْ مَتَاعِ الْمَرْأَةِ وَسَمَّى ذَلِكَ كُلَّهُ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الصُّلْحِ أَنَّهُ كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ يَحْلِفُ مُنْكِرُ الصُّلْحِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الصُّلْحِ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَادَّعَى الْمُصَالَحُ أَنَّهُ غُصِبَ مِنْهُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ بَعْدَمَا قَبَضَهُ وَأَنْكَرَ صَاحِبُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ فِي مِقْدَارِهِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ إنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْعَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ الصُّلْحَ وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يُثْبِتُ الزِّيَادَةَ، وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ لِلْأَخِ صَالَحْتُك عَلَى هَذَا الْمَتَاعِ إلَّا أَنَّك غَيَّرْتَهُ وَقَطَعْتَهُ وَقَالَ الْأَخُ: لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَخِ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (يكي ازورثه غَائِب است حَاضِرَانِ زَنِّ مَيِّت راتخارج كردند) إنْ كَانَ التَّخَارُجُ عَلَى مَالِهِمْ عَلَى أَنَّ نَصِيبَهَا لِلْحَاضِرِينَ جَازَ

وَلَوْ كَانَ عَلَى بَعْضِ التَّرِكَةِ عَلَى أَنْ يَبْقَى الْكُلُّ عَلَى الشَّرِكَةِ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْغَائِبِ وَقَضَاءِ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ بَنِينَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلِلْمَيِّتِ أَرَاضٍ وَلَهُ دَيْنٌ دَرَاهِمُ عَلَى رَجُلٍ فَصَالَحَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ الْآخَرَ عَلَى دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ الضِّيَاعُ لَهُ وَعَلَى أَنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي هِيَ دَيْنٌ لِأَبِيهِمْ عَلَى حَالِهِ بَيْنَهُمَا وَعَلَى أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى أَبِيهِمَا هُوَ ضَامِنٌ لِذَلِكَ وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا ذُكِرَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَمَالِي أَنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الدَّيْنِ بَطَلَ الصُّلْحُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ادَّعَى الدَّيْنَ فِي التَّرِكَةِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ فَصَالَحَ عَلَى مَالٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَضَمِنَ (كه اكر بَاقِي ورثه رواند أرند وازتواين مَال كه مِنْ ازتركه دادم بخواهند) فَأَنَا ضَامِنٌ مِنْ صُلْحِ هَذَا الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى أَبِيهِمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَقَرَّ لَهُ أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَقَالَ: أَنَا أَدْفَعُ عَلَيْك حِصَّتِي مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ خَمْسُونَ عَلَى أَنْ لَا تَأْخُذَهُ بِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا بَاطِلٌ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَأْخُذُهُ بِشَيْءٍ وَيَأْخُذُ الْآخَرَ بِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ فَإِنْ تَوَى مَا عَلَى الْآخَرِ أَوْ جَحَدَهُ رَجَعَ عَلَى الْمُقِرِّ بِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْآخَرُ غَائِبًا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَاضِرَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَالصُّلْحُ بَاطِلٌ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ وَرَثَةٍ وَهِيَ فِي أَيْدِيهِمْ جَمِيعًا ادَّعَى رَجُلٌ فِيهَا حَقًّا وَبَعْضُهُمْ غَائِبٌ وَبَعْضُهُمْ حَاضِرٌ فَصَالَحَ الْحَاضِرُ هَذَا الْمُدَّعِيَ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ جَمِيعِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فِي يَدِ هَذَا الْمُصَالِحِ وَمَا فِي يَدِ أَصْحَابِهِ فَهَذَا الصُّلْحُ جَائِزٌ وَبَرِئَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَنْ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا يَرْجِعُ الْمُصَالِحُ عَلَى أَصْحَابِهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ صَالَحَهُ عَمَّا فِي يَدِهِ لَا غَيْرُ صَحَّ الصُّلْحُ أَيْضًا وَكَانَ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ فِيمَا فِي يَدِ أَصْحَابِهِ، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ بِأَنْ صَدَّقَ الْحَاضِرُ فِي جَمِيعِ مَا ادَّعَى ثُمَّ صَالَحَ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَمَّا فِي يَدِهِ وَيَدِ أَصْحَابِهِ يَجُوزُ الصُّلْحُ وَيَصِيرُ الْمُصَالِحُ مُشْتَرِيًا مِنْ الْمُدَّعِي مَا فِي يَدِهِ بِزَعْمِهِمَا فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَخْذُ مَا اشْتَرَى مِمَّا فِي يَدِ أَصْحَابِهِ بِأَنْ صَدَّقَهُ أَصْحَابُهُ فِي إقْرَارِهِ لِلْمُدَّعِي لَا خِيَارَ لِلْمُصَالِحِ، وَإِنْ أَنْكَرَ أَصْحَابُهُ حَقَّ الْمُدَّعِي فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الصُّلْحَ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْبَدَلِ وَإِنْ شَاءَ تَرَبَّصَ إلَى أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الْأَخْذِ بِنَوْعِ حُجَّةٍ، هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ الْمُصَالِحَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِحِصَّةِ شُرَكَائِهِ الَّتِي تُسْلَمُ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِحِصَّةِ نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ الْحَاضِرُ الْمُدَّعِيَ عَلَى أَنْ يَصِيرَ حَقُّهُ لَهُ وَإِنْ صَالَحَهُ الْحَاضِرُ عَمَّا فِي يَدِهِ لَا غَيْرُ سَلَّمَ لَهُ مَا فِي يَدِهِ لَا غَيْرُ وَلَا خِيَارَ لَهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ ادَّعَى عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَصَالَحَ هَذَا الْوَارِثُ وَبَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبٌ فَحَضَرَ الْغَائِبُ وَلَمْ يُجِزْ الصُّلْحَ فَإِنْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ وَادَّعَى هَذَا الْوَارِثُ بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ التَّرِكَةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي صَحَّ الصُّلْحُ وَإِنْ أَدَّى مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِأَمْرِ الْقَاضِي لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ دَفَعَ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي كَانَ لِلْغَائِبِ أَنْ لَا يُجِيزَ وَيَسْتَرِدَّ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، وَلَوْ دَفَعَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَائِبِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَأَرْضًا وَقَالَا: هِيَ مِيرَاثٌ وَرِثْنَاهَا مِنْ أَبِينَا وَجَحَدَ الرَّجُلُ ثُمَّ صَالَحَ أَحَدُهُمَا مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَرَادَ شَرِيكُهُ أَنْ يُشْرِكَهُ فِي هَذِهِ الْمِائَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ صَالَحَ أَحَدُهُمَا مِنْ جَمِيعِ دَعْوَاهُمَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَضَمِنَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيمَ نَصِيبِ أَخِيهِ فَإِنَّ صَاحِبَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ لَهُ ذَلِكَ وَأَخَذَ نِصْفَ الْمِائَةِ وَإِنْ شَاءَ

لَمْ يُسَلِّمْ ذَلِكَ فَإِنْ سَلَّمَ جَازَ الصُّلْحُ فِي الْكُلِّ وَكَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ بَطَلَ الصُّلْحُ فِي نَصِيبِ الَّذِي لَمْ يُسَلِّمْ وَكَانَ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ فِي نَصِيبِهِ وَسَلَّمَ لِلْمُصَالِحِ نِصْفَ الْمِائَةِ وَهَلْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُمْضِيَ الصُّلْحَ فِي نَصِيبِ الْمُصَالِحِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ مَسْأَلَةً تُشْبِهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الْعَبْدِ مِنْ رَجُلٍ وَضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي لِيُسَلِّمَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ فَلَمْ يُسَلِّمْ صَاحِبُهُ الْبَيْعَ فِي نَصِيبِهِ قَالَ الْمُشْتَرِي: يَتَخَيَّرُ فِي نَصِيبِ الْبَائِعِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ شَاءَ أَجَازَهُ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا خِيَارَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالدَّارِ فَإِذَا كَانَتْ مَسْأَلَةُ الْعَبْدِ عَلَى الْخِلَافِ فَكَذَا الدَّارُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا ادَّعَى الْوَارِثُ الْكَبِيرُ قِبَلَ الْوَصِيِّ مِيرَاثًا مِنْ صَامِتٍ وَرَقِيقٍ وَأَمْتِعَةٍ فَجَحَدَ ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ مَعْلُومٍ جَازَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَفْدِي مِنْك يَمِينِي بِذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا ادَّعَى الْوَارِثَانِ قِبَلَ وَصِيِّهِمَا عَيْنًا أَوْ دَيْنًا فَصَالَحَ الْوَصِيُّ أَحَدَهُمَا مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ فَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَصِيِّ بِحِصَّتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ الْأَخُ الَّذِي لَمْ يُصَالِحْ مَعَهُ الْوَصِيَّ أَنْ يُشَارِكَ أَخَاهُ فِيمَا أَخَذَ مِنْ الْوَصِيِّ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْوَصِيِّ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ أَخَاهُ فِيمَا قَبَضَ مِنْ الْوَصِيِّ وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلِكًا حَتَّى وَجَبَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الْوَصِيِّ وَصَارَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَأَرَادَ الْآخَرَانِ أَنْ يُشَارِكَهُ كَانَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ بَدَلَ الصُّلْحِ عَرَضًا فَإِنَّ الْمُصَالِحَ يَتَخَيَّرُ، وَإِنْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ دَرَاهِمَ وَكَانَ الدَّيْنُ مَثَلًا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَدْ صَالَحَهُ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا لَا يَتَخَيَّرُ الْمُصَالِحُ وَلَكِنْ يُعْطِيه رُبْعَ الدَّيْنِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا أَوْ كِبَارًا فَصَالَحَ الْوَصِيُّ الْكِبَارَ عَنْ دَعْوَاهُمْ وَدَعْوَى الصِّغَارِ جَمِيعًا عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَقَبَضَهَا الْكِبَارُ وَأَنْفَقُوا عَلَى الصِّغَارِ حِصَّتَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الصِّغَارِ ثُمَّ قَالَ: وَلِلصِّغَارِ أَنْ يَرْجِعُوا بِحِصَّتِهِمْ عَلَى الْوَصِيِّ وَلَمْ يَقُلْ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِمْ فِي دَعْوَاهُمْ أَمْ يَرْجِعُونَ بِحِصَّتِهِمْ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ وَالْجَوَابُ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ بَلَغُوا فَأَجَازُوا هَذَا الصُّلْحَ رَجَعُوا عَلَى الْوَصِيِّ بِحِصَّتِهِمْ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ إنْ شَاءُوا وَكَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْكِبَارِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الصِّغَارِ بِشَيْءٍ وَإِنْ أَنْفَقُوا ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ رَدُّوا الصُّلْحَ رَجَعُوا فِي الدَّعْوَى وَكَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْكِبَارِ بِمَا دَفَعَ إلَيْهِمْ مِنْ حِصَّتِهِمْ، وَلَا يَرْجِعُ الْكِبَارُ عَلَى الصِّغَارِ بِشَيْءٍ وَإِنْ أَنْفَقُوا ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلِرَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَضَرَ أَحَدُهُمَا وَصَالَحَ الْوَارِثَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَأَخَذَهَا ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْخَمْسَمِائَةِ الْبَاقِيَةَ الَّتِي فِي يَدِ الْوَارِثِ وَنِصْفَ الْخَمْسِمِائَةِ الَّتِي أَخَذَهَا الْمُصَالِحُ فَيَكُونُ لِلثَّانِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْأَلْفِ وَلِلْأَوَّلِ الرُّبُعُ، وَلَوْ أَنَّ الْأَوَّلَ حِينَ حَضَرَ قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْآخَرِ الْخَمْسُمِائَةِ الْبَاقِيَةُ فِي يَدِ الْوَارِثِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ أَوْ دَارٍ وَتَرَكَ ابْنًا وَبِنْتًا فَصَالَحَا الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْعَبْدِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ إنْ كَانَتْ الْمِائَةُ مِنْ مَالِ الْمِيرَاثِ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَإِنْ كَانَتْ الْمِائَةُ مَالَهَا غَيْرِ الْمِيرَاثِ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّ عِنْدَهُ لِلْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلِلْمَيِّتِ ابْنَانِ ثُمَّ صَالَحَ أَحَدُهُمَا مِنْ حِصَّتِهِ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِ الْوَصِيِّ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعَ الْأَلْفِ مَتَاعٌ وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى اسْتَهْلَكَهَا جَازَ الصُّلْحُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَتَرَكَ وَرَثَةً صِغَارًا أَوْ كِبَارًا فَصَالَحَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْوَصِيِّ عَلَى دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لِهَذَا الْوَارِثِ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ فَهَذَا وَمَا لَوْ صَالَحَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ الْبَعْضَ سَوَاءٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَلَا شَيْءَ مِنْ النُّقُودِ يَجُوزُ

الصُّلْحُ وَإِنْ كَانَ فِيهَا دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ نَفَذَ فَإِنْ كَانَ ثُلُثُ النَّقْدِ بَدَلَ الصُّلْحِ أَوْ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ النَّقْدِ جَازَ إذَا قَبَضَ الْمُوصَى لَهُ بَدَلَ الصُّلْحِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ، وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ فِي النَّقْدِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ كَانَ الْمِيرَاثُ بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ وَارِثَانِ كَبِيرَانِ وَوَارِثَانِ صَغِيرَانِ وَلَهُ وَصِيٌّ وَمُوصًى لَهُ فَاجْتَمَعُوا وَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ قَوَّمُوا ذَلِكَ قِيمَةَ عِدْلٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ ثُمَّ قَسَمُوا، لِأَحَدِ الْوَارِثَيْنِ الْكَبِيرَيْنِ حُلِيٌّ بِعَيْنِهِ وَثِيَابٌ وَلِلْوَارِثِ الْكَبِيرِ الْآخَرِ حُلِيٌّ وَمَتَاعٌ وَرَقِيقٌ وَلِلْوَارِثَيْنِ الصَّغِيرَيْنِ وَلِلْمُوصَى لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ إلَّا أَنَّ مَا يَخُصُّ الْحُلِيُّ مِنْ الْحُلِيِّ صَرْفٌ وَمَا يَخُصُّ الْمَتَاعَ وَالْعُرُوضَ يَكُونُ مُبَايَعَةً، فَإِنْ تَفَرَّقُوا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الصُّلْحُ فِيمَا يَخُصُّ الْحُلِيَّ وَلَمْ يَبْطُلُ فِيمَا يَخُصُّ الْمَتَاعَ وَالصُّلْحُ فِي حِصَّةِ الْحُلِيِّ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الصُّلْحِ فِي حِصَّةِ الْمَتَاعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ صَالَحَ الْوَرَثَةُ مِنْ الْوَصِيَّةِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصَى لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْأَبُ إنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا وَالصَّبِيُّ حُرٌّ لَا يَجُوزُ صُلْحُهُ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْأَبُ الْكَافِرُ إذَا كَانَ لَهُ ابْنٌ مُسْلِمٌ لَا يَجُوزُ صُلْحُهُ عَلَيْهِ وَالْكَبِيرُ الْمَعْتُوهُ وَالْمَجْنُونُ بِمَنْزِلَةِ الصَّغِيرِ بَلَغَ مُفِيقًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَصَالَحَهُ الْأَبُ عَلَى مَالٍ قَلِيلٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَالْآخَرُ مُنْكِرٌ لِلدَّيْنِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ ظَاهِرًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَصَالَحَهُ عَلَى مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ جَازَ وَإِنْ حَطَّ مِقْدَارَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ وَجَبَ بِمُبَايَعَةِ الْأَبِ جَازَ عَلَى نَفْسِهِ وَضَمِنَ قَدْرَ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُجُوبُهُ بِمُبَايَعَةِ الْأَبِ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَصِيٌّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا لِلْيَتِيمِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَصَالَحَ بِخَمْسِمِائَةٍ عَنْ الْأَلْفِ عَنْ إنْكَارٍ ثُمَّ وَجَدَ بَيِّنَةً عَادِلَةً فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهَا عَلَى الْأَلْفِ، وَكَذَا إذَا وَجَدَ الصَّبِيُّ بَيِّنَةً بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يُحَلِّفَاهُ، هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ دَارٌ أَوْ عَبْدٌ ادَّعَى رَجُلٌ فِيهِ دَعْوَى فَصَالَحَهُ أَبُو الصَّبِيِّ عَلَى مَالِ الصَّبِيِّ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ جَازَ الصُّلْحُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِقْدَارَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ غَيْرُ عَادِلَةٍ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَإِنْ كَانَ شُهُودُهُ مَسْتُورِينَ، قَالَ مَشَايِخُنَا: لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْحُكْمِ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا كَانَ شُهُودُ الْمُدَّعِي مَشْهُورِينَ يَنْبَغِي لِلْأَبِ أَنْ يُصَالِحَ الْمُدَّعِيَ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ صَالَحَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ جَازَ الصُّلْحُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ صِغَارًا فَصُلْحُ الْوَصِيِّ كَصُلْحِ الْأَبِ وَقَعَتْ الدَّعْوَى لَهُمْ أَوْ عَلَيْهِمْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ أَوْ الْمَنْقُولِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا كُلَّهُمْ وَهُمْ حُضُورٌ فَصَالَحَ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ صُلْحُهُ سَوَاءٌ وَقَعَ الصُّلْحُ فِي دَعْوَى عَلَيْهِمْ أَوْ فِي دَعْوَى لَهُمْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ أَوْ فِي الْمَنْقُولِ كَانَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانُوا غُيَّبًا كُلَّهُمْ إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ أَوْ فِي الْمَنْقُولِ. وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ فِي الدَّعْوَى لَهُمْ إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ فِي الْعَقَارِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ صُلْحُهُ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ إجَازَتِهِمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْمَنْقُولِ إنْ كَانَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ صُلْحُهُ عَلَيْهِمْ إذَا كَانَ مَا أَخَذَ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ مِثْلَ قِيمَةِ مَا ادَّعَى لَهُمْ أَوْ أَقَلَّ بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا أَوْ كِبَارًا إنْ كَانَ الْكِبَارُ حُضُورًا وَقَدْ وَقَعَ الصُّلْحُ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي حِصَّةِ الْكِبَارِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ أَوْ فِي الْمَنْقُولِ كَانَتْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَيَجُوزُ فِي حِصَّةِ الصِّغَارِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ ضَرَرٌ فِي ذَلِكَ وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ فِي الدَّعْوَى

لَهُمْ إنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْمَنْقُولِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ضَرَرٌ وَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ضَرَرٌ سَوَاءٌ كَانَ لَهُمْ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ فِي حِصَّةِ الصِّغَارِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ. وَأَمَّا حِصَّةُ الْكِبَارِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْكِبَارُ غُيَّبًا إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِحِصَّةِ الصِّغَارِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ وَلَا يَجُوزُ بِحِصَّةِ الْكِبَارِ كَانَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ وَفِي الْمَنْقُولِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ فِي الدَّعْوَى لَهُمْ إنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْمَنْقُولِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ صُلْحُهُ عَلَى الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ عِنْدَهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ كَانَتْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ وَإِنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ لَهُمْ بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَعَلَى قَوْلِهِمْ يَجُوزُ فِي حِصَّةِ الصِّغَارِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ وَلَا يَجُوزُ فِي حِصَّةِ الْكِبَارِ كَانَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَالْجَدُّ حَالَ عَدَمِ الْأَبِ وَوَصِيُّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ وَصِيُّ الْجَدِّ وَلَا يَجُوزُ صُلْحُ الْأُمِّ وَالْأَخِ عَلَى الصَّبِيِّ وَلَا عَنْهُ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. صُلْحُ وَصِيِّ الْأُمِّ وَوَصِيِّ الْعَمِّ وَوَصِيِّ الْأَخِ مِثْلُ صُلْحِ وَصِيِّ الْأَبِ فِي تَرِكَةِ الْعَمِّ وَالْأُمِّ وَالْأَخِ إنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى لِلصَّغِيرِ مَا خَلَا الْعَقَارَ، فَأَمَّا مَا كَانَ مَوْرُوثًا لِلصَّغِيرِ مِنْ جِهَةٍ غَيْرِ هَؤُلَاءِ فَلَا يَجُوزُ صُلْحُ وَصِيِّهِمْ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا فَصَالَحَهُ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى شَيْءٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَكَذَلِكَ إنْ قَضَاهُ بِغَيْرِ صُلْحٍ عَنْ مَالِ الْمَيِّتِ لَمْ يَجُزْ وَكَانَتْ الْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْوَصِيَّ وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمَقْضِيَّ فَإِنْ ضَمَّنُوا الْمَقْضِيَّ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى أَحَدٍ وَإِنْ ضَمَّنُوا الْوَصِيَّ فَالْوَصِيُّ يَرْجِعُ عَلَى الْمَقْضِيِّ سَوَاءٌ كَانَ مَا قَبَضَ الْمَقْضِيُّ قَائِمًا فِي يَدِهِ أَوْ هَالِكًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ صَالَحَ الْوَصِيَّ عَنْ حَقٍّ يُدَّعَى إنْسَانٌ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ عَلَى الصَّغِيرَ إنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَاهُ أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ أَوْ كَانَ قَضَى بِذَلِكَ جَازَ الصُّلْحُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ صَالَحَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَجَبَ لِلصَّبِيِّ عَلَى مَالٍ جَازَ إلَّا إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. إذَا أَوْصَى الرَّجُلُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً لِرَجُلٍ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ لَمَلْثه فَصَالَحَهُ الْوَارِثُ مِنْ الْخِدْمَةِ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ عَلَى سُكْنَى بَيْتٍ أَوْ عَلَى خِدْمَةِ خَادِمٍ آخَرَ أَوْ عَلَى رُكُوبِ دَابَّةٍ أَوْ عَلَى لُبْسِ ثَوْبٍ شَهْرًا فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ وَصِيُّ الْوَارِثِ الصَّغِيرِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ بَعْدَمَا قَبَضَ الْمُوصَى لَهُ مَا صَالَحُوهُ عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ صَالَحُوهُ عَلَى ثَوْبٍ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَرْجِعَ فِي الْخِدْمَةِ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ الثَّوْبِ أَنْ يَقْبِضَهُ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا ثَوْبًا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا، وَلَوْ أَنَّ الْوَارِثَ اشْتَرَى مِنْهُ الْخِدْمَةَ بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ قَالَ: أُعْطِيك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ مَكَانَ خِدْمَتِك أَوْ عِوَضًا عَنْ خِدْمَتِك أَوْ بَدَلًا مِنْ خِدْمَتِك أَوْ مُقَاصَّةً بِخِدْمَتِك أَوْ عَلَى أَنْ تَتْرُكَ خِدْمَتَك كَانَ جَائِزًا، وَلَوْ قَالَ: أَهَبُ لَك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ عَلَى أَنْ تَهَبَ لِي خِدْمَتَك كَانَ جَائِزًا إذَا قَبَضَ الدَّرَاهِمَ وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ اثْنَيْنِ فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ خِدْمَةَ الْخَادِمِ خَاصَّةً دُونَ شَرِيكِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنَّمَا جَازَ اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَلَوْ بَاعَ الْوَرَثَةُ الْعَبْدَ فَأَجَازَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ الْبَيْعَ بَطَلَتْ خِدْمَتُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الثَّمَنِ حَقٌّ. وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ بِجِنَايَةٍ بِرِضَا صَاحِبِ الْخِدْمَةِ جَازَ وَلَوْ قُتِلَ الْعَبْدُ خَطَأً وَأَخَذُوا قِيمَتَهُ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَشْتَرُوا بِهَا عَبْدًا فَيَخْدِمُ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ، وَلَوْ صَالَحُوهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ أَوْ طَعَامٍ

أَجَزْت ذَلِكَ بِطَرِيقِ إسْقَاطِ الْحَقِّ بِعِوَضٍ وَلَوْ قُطِعَتْ إحْدَى يَدَيْ الْعَبْدِ فَأَخَذُوا أَرْشَهَا فَهُوَ مَعَ الْعَبْدِ يَثْبُتُ فِيهِ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ اعْتِبَارًا لِبَدَلِ الطَّرَفِ بِبَدَلِ النَّفْسِ فَإِنْ اصْطَلَحُوا مِنْهَا عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُمْ بِعَيْنِهَا وَالْعَبْدِ أَجَزْت ذَلِكَ بِطَرِيقِ إسْقَاطِ الْحَقِّ بِعِوَضٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُكْنَى دَارِهِ وَمَاتَ الْمُوصَى فَصَالَحَ الْوَارِثُ الْمُوصَى لَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ جَازَ، وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى دَارٍ أُخْرَى أَوْ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدِهِ سِنِينَ مَعْلُومَةٍ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى دَارٍ أُخْرَى أَوْ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ لَا يَجُوزُ، ثُمَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ إذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمُدَّةِ أَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ يُنْتَقَضُ الصُّلْحُ يَعُودُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ فِي سُكْنَى الدَّارِ الَّتِي أَوْصَى لَهُ بِسُكْنَاهَا، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ وَصَالَحَهُ الْوَارِثُ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ آخَرَ سِنِينَ مَعْلُومَةً أَوْ صَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى دَارٍ سِنِينَ مَعْلُومَةً ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ ثُمَّ فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ بِسُكْنَى الدَّارِ إذَا عَادَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ فِي سُكْنَى الدَّارِ ذَكَرَ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ وَصِيَّتُهُ بِالسُّكْنَى إلَى أَنْ يَمُوتَ فَلَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا حَتَّى يَمُوتَ، قَالُوا: وَهَذَا الْجَوَابُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهَا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنْ الْخِدْمَةِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ فَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنْ خِدْمَتِهِ فَإِنَّمَا يَعُودُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ السُّكْنَى بِحِسَابِ مَا بَقِيَ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا صَالَحَهُ عَنْ خِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً فَاسْتَخْدَمَهُ الْمُوصَى لَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَإِنَّمَا يَعُودُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى فِي سُكْنَى نِصْفِ الْعُمْرِ فَيَسْكُنُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا وَالْوَرَثَةُ يَوْمًا، وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةَ الْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى سَنَةً وَمَاتَ الْعَبْدُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى يَسْكُنُ الدَّارَ الْمُوصَى بِهَا نِصْفَ السَّنَةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَا فِي ضُرُوعِ غَنَمِهِ فَصَالَحَتْهُ الْوَرَثَةُ عَلَى لَبَنٍ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ صَالَحُوهُ عَلَى دَرَاهِمَ جَازَ وَكَذَا الصُّوفُ عَلَى هَذَا، كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا أَوْصَى الرَّجُلُ بِغَلَّةِ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ وَمَاتَ الْمُوصِي ثُمَّ إنَّ الْوَارِثَ صَالَحَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ غَلَّتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِغَلَّةِ الْعَبْدِ أَبَدًا فَصَالَحَتْهُ الْوَرَثَةُ عَلَى مِثْلِ غَلَّةِ شَهْرٍ وَاحِدٍ وَسَمَّى ذَلِكَ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ، وَلَوْ صَالَحَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْغَلَّةُ لَهُ خَاصَّةً لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْهُ الْعَبْدَ مُدَّةً مَعْلُومَةً جَازَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ غَيْرُ الْوَارِثِ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِغَلَّةِ نَخْلِهِ أَبَدًا ثُمَّ إنَّ الْمُوصَى لَهُ صَالَحَ مَعَ الْوَارِثِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ خَرَجَ ثَمَرَةَ عَامٍ فَصَالَحَهُ بَعْدَمَا خَرَجَتْ وَبَلَغَتْ مِنْ الْغَلَّةِ الْخَارِجِيَّةِ وَمِنْ كُلِّ غَلَّةٍ تَخْرُجُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَبَدًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِذَا جَازَ هَذَا الصُّلْحُ كَيْفَ يَنْقَسِمُ الْبَدَلُ عَلَى الْمَوْجُودِ وَعَلَى مَا يَحْدُثُ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ كَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيُّ يَقُولُ: يَنْقَسِمُ بَدَلُ الصُّلْحِ عَلَى الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ لِلْحَالِّ وَعَلَى مَا يَخْرُجُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ نِصْفَيْنِ نِصْفِهِ بِإِزَاءِ الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ لِلْحَالِّ وَنِصْفِهِ بِإِزَاءِ مَا يَخْرُجُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ يَقُولُ: يَنْقَسِمُ بَدَلُ الصُّلْحِ عَلَى الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ لِلْحَالِّ وَعَلَى مَا يَخْرُجُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَوْجُودِ الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى السَّوَاءِ يَنْقَسِمُ الْبَدَلُ عَلَيْهَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ أَثْلَاثًا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا، وَفَائِدَةُ هَذَا الِاخْتِلَافِ إنَّمَا تَظْهَرُ فِيمَا إذَا صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ مَثَلًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الْعَبْدِ مِنْ يَدِ الْمُوصَى لَهُ فَعَلَى قَوْلِ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ يَرْجِعُ الْمُوصَى لَهُ بِنِصْفِ الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ وَبِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَعَلَى قَوْلِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا عَلَى

السَّوَاءِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَثْلَاثًا يَرْجِعُ بِحِسَابِ ذَلِكَ وَجْهُ مَا ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ إنَّ قِيمَتَهُ مَا يَخْرُجُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْهَا شَيْءٌ وَقَدْ لَا يَخْرُجُ وَقَدْ يَزِيدُ الْخَارِجُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الْمَوْجُودِ فِي الْحَالِ وَقَدْ يُنْتَقَضُ عَنْهُ فَجَعَلْنَاهُ مِثْلَ الْمَوْجُودِ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ هُوَ الْبَدَلُ وَجْهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّ قِيمَةَ مَا خَرَجَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِمَّا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهَا فِي الْحَالِ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَى أَنَّ هَذِهِ النَّخْلَةَ وَلَهَا غَلَّةٌ أَبَدًا بِكَمْ تُشْتَرَى وَلَا غَلَّةَ لَهَا أَبَدًا بِكَمْ تُشْتَرَى فَإِنْ كَانَتْ تُشْتَرَى وَلَهَا غَلَّةٌ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَتُشْتَرَى وَلَا غَلَّةَ بِأَلْفٍ عَلِمَ أَنَّ قِيمَةَ الْغَلَّةِ الَّتِي تَخْرُجُ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْغَلَّةِ الْمَوْجُودَةِ فَإِنْ كَانَتْ خَمْسَمِائَةٍ عَلِمَ أَنَّ قِيمَتَهَا عَلَى السَّوَاءِ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ الْمَوْجُودَةُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ عَلِمَ أَنَّ قِيمَتَهَا أَثْلَاثًا فَيَرْجِعُ بِحِسَابِ ذَلِكَ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ الْفَقِيه أَبُو جَعْفَرٍ وَهَكَذَا الْجَوَابُ مَتَى وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ مَسِيلِ الْمَاءِ أَوْ عَنْ مَوْضِعِ الْجُذُوعِ يُنْظَرُ إلَى الدَّارِ بِكَمْ تُشْتَرَى وَلَيْسَ لَهَا مَسِيلٌ وَبِكَمْ تُشْتَرَى وَلَهَا مَسِيلٌ فَالْفَضْلُ بَيْنَهُمَا يَكُونُ قِيمَةُ الْمَسِيلِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ نَخْلَةً بِعَيْنِهَا أَبَدًا فَصَالَحَهُ الْوَرَثَةُ بَعْدَمَا خَرَجَ ثَمَرَتُهَا وَبَلَغَتْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ غَلَّةٍ تَخْرُجُ أَبَدًا عَلَى حِنْطَةٍ وَقَبَضَهَا جَازَ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى حِنْطَةٍ نَسِيئَةً لَمْ يَجُزْ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَوْزُونِ، وَلَوْ صَالَحُوهُ عَلَى تَمْرٍ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ التَّمْرَ أَكْثَرُ مِمَّا فِي رُءُوسِ النَّخِيلِ وَإِنْ صَالَحُوهُ عَنْ غَلَّةِ هَذَا النَّخْلِ عَلَى غَلَّةِ نَخِيلٍ آخَرَ أَبَدًا أَوْ سِنِينَ مَعْلُومَةً لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ أَوْصَى بِغَلَّةِ نَخْلَةٍ لِرَجُلٍ ثَلَاثَ سِنِينَ وَالنَّخْلُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ وَلَيْسَ فِيهَا ثَمَرٌ فَصَالَحَ صَاحِبُ الْوَصِيَّةِ الْوَرَثَةَ مِنْ وَصِيَّتِهِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَقَبَضَهَا مِنْهُ وَعَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُمْ وَصِيَّتَهُ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّةِ وَأَبْرَأَهُمْ مِنْهَا وَلَمْ يُخْرِجْ النَّخْلُ شَيْئًا تِلْكَ السِّنِينَ الثَّلَاثَ أَوْ أَخْرَجَتْ مِنْ الْغَلَّةِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَوْهُ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ قِيَاسًا وَلَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ أُجِيزَ الصُّلْحَ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ بِمَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ وَهِيَ حَامِلٌ وَمَاتَ الْمُوصِي فَصَالَحَ الْوَارِثُ الْمُوصَى لَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ بِطَرِيقِ إسْقَاطِ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ، وَلَوْ صَالَحَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ خَاصَّةً لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ أَوْ صَالَحَ عَنْهُ الْوَرَثَةُ غَيْرَهُمْ بِأَمْرِهِمْ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ فَوَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ ثُمَّ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ غُلَامًا مَيِّتًا فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ. وَلَوْ ضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا كَانَ الْأَرْشُ لِلْوَرَثَةِ وَالصُّلْحُ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ مَضَتْ سَنَتَانِ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ شَيْئًا كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِمَا فِي بَطْنِ فُلَانَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَصَالَحَ أَبُو الْحَبَلِ مِنْ الْوَصِيَّةِ عَلَى صُلْحٍ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَتْ أُمُّ الْحَبَلِ عَنْ الْوَصِيَّةِ عَلَى صُلْحٍ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَوْصَى لِصَبِيٍّ بِمَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ أَوْ لِمَعْتُوهٍ فَصَالَحَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ عَلَى دَرَاهِمَ جَازَ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِمُكَاتَبٍ فَصَالَحَ وَإِنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِمَا فِي بَطْنِ فُلَانَةَ وَكَانَ الْحَبَلُ عَبْدًا فَصَالَحَ مَوْلَاهُ عَنْهُ لَا يَجُوزُ فَإِنْ صَالَحَ مَوْلَى الْحَبَلِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَرِيضِ عَلَى صُلْحٍ ثُمَّ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْأَمَةَ الْحَامِلَ وَأَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ غُلَامًا فَالْغُلَامُ حُرٌّ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ وَالْوَصِيَّةُ لِمَوْلَاهُ وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْأَمَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَبَّرَ مَا فِي بَطْنِهَا. وَلَوْ كَانَ الْمُوصِي حَيًّا يَوْمَ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْأَمَةَ وَالْوَلَدَ أَوْ أَعْتَقَ الْأَمَةَ دُونَ الْوَلَدِ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْغُلَامِ دُونَ الْمَوْلَى، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

الباب السادس عشر في صلح المكاتب والعبد التاجر

[الْبَابُ السَّادِس عَشَرَ فِي صُلْحِ الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ التَّاجِرِ] ِ) لَوْ كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَادَّعَى الْمُكَاتَبُ أَنَّهُ قَدْ أَدَّاهَا وَجَحَدَ الْمَوْلَى عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ خَمْسَمِائَةٍ وَيُبْرِئَهُ عَنْ الْفَضْلِ كَانَ جَائِزًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ صَالَحَ الْمَوْلَى مُكَاتَبَهُ عَلَى أَنْ عَجَّلَ بَعْضَ الْمُكَاتَبَةِ قَبْلَ حُلُولِهَا وَحَطَّ عَنْهُ مَا بَقِيَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى أَنْ أَخَّرَهُ سَنَةً بَعْدَ الْحُلُولِ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ صَالَحَهُ بَعْدَمَا حَلَّتْ الْمُكَاتَبَةُ عَلَى أَنْ أَخَّرَ بَعْضَهَا وَعَجَّلَ لَهُ بَعْضَهَا كَانَ جَائِزًا، وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ وَهِيَ دَرَاهِمُ عَلَى دَنَانِيرَ عَجَّلَهَا لَهُ كَانَ جَائِزًا، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى إنْ أَبْطَلَ الدَّرَاهِمَ وَجَعَلَ الْكِتَابَةَ وَجَعَلَ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَاهَا عَلَى وَصِيفٍ مُؤَجَّلٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. كَاتَبَ عَلَى وَصِيفٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ جَازَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا ادَّعَى الْمُكَاتَبُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا فَجَحَدَهُ الرَّجُلُ فَصَالَحَهُ الْمُكَاتَبُ عَلَى أَنْ حَطَّ عَنْهُ الْبَعْضَ وَأَخَذَ الْبَعْضَ فَإِنْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْحَطَّ لَا يَجُوزُ وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْبَاقِيَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ جَازَ، هَذَا إذَا حَطَّ الْمُكَاتَبُ فَأَمَّا إذَا أَخَّرَ فَقَدْ قَالَ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِنْ غَيْرِ قَرْضٍ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمُكَاتَبِ دَيْنًا فَجَحَدَهُ الْمُكَاتَبُ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ أَدَّى إلَيْهِ بَعْضَهُ وَحَطَّ بَعْضَهُ جَازَ وَابْنُ الْمُكَاتَبِ مِثْلُ أَبِيهِ وَصُلْحُ الْمُكَاتَبِ فِي وَدِيعَةٍ تُدَّعَى قِبَلَهُ فَجَحَدَهَا مِثْلَ صُلْحِ الْحُرِّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ صَالَحَهُ بَعْدَمَا رَدَّ فِي الرِّقِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ اكْتِسَابٍ لَا يَجُوزُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَيَجُوزُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَيَجُوزُ فِي حَقِّ الْعَبْدِ حَتَّى يُؤْخَذَ بَعْدَ الْعِتْقِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْعَجْزِ فَيَجُوزَ صُلْحُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ اكْتِسَابِهِ جَازَ صُلْحُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ ادَّعَى مَوْلَى الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ دَيْنًا فَصَالَحَهُ الْمُكَاتَبُ عَلَى أَنْ حَطَّ بَعْضًا وَأَخَذَ بَعْضًا فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ عَلَى مَوْلَاهُ مَالًا وَجَحَدَهُ الْمَوْلَى فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ حَطَّ عَنْهُ بَعْضَهُ إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ جَازَ صُلْحُهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْعَبْدُ التَّاجِرُ كَالْمُكَاتَبِ فِي الْحَطِّ وَالتَّأْخِيرِ وَالصُّلْحِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا صَالَحَ الْعَبْدُ التَّاجِرُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَى بَعْضِهِ جَازَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي الْحَاوِي. لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْعَبْدِ التَّاجِرِ دَيْنًا فَصَالَحَهُ الْعَبْدُ عَنْ جُحُودٍ أَوْ عَنْ إقْرَارٍ عَلَى أَنْ حَطَّ عَنْهُ الثُّلُثَ وَأَخَّرَ الثُّلُثَ وَأَدَّى الْعَبْدُ الثُّلُثَ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ جَحَدَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَيْهِ دَعْوَى وَلَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَصَالَحَ الْعَبْدُ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مَالٌ مِنْ كَسْبِ التِّجَارَةِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي الْحَالِ فِي حَقِّ الْمَوْلَى أَمَّا فِي حَقِّ الْعَبْدِ فَهُوَ جَائِزٌ حَتَّى يُتْبَعَ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ مِنْ كَسْبِ التِّجَارَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَازَ الصُّلْحُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَنَّ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنًا فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى أَنْ حَطَّ بَعْضَهُ وَأَجَّلَهُ فِي الْبَعْضِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْحُرُّ مَتَاعًا فِي يَدَيْ عَبْدٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِمَوْلَاهُ فَصَالَحَهُ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ دُونَ قِيمَةِ الْمَتَاعِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى طَعَامٍ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ دَرَاهِمَ فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى دَنَانِيرَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَنَّ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ ادَّعَى عَلَى عَبْدٍ تَاجِرٍ دَيْنًا وَصَالَحَهُ عَلَى بَعْضِ مَا ادَّعَاهُ فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ جَازَ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي عَبْدًا تَاجِرًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَبْدًا مَحْجُورًا لَا يَجُوزُ

الباب السابع عشر في صلح أهل الذمة والحربي

هَذَا الصُّلْحُ سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ لِحَقِّ مَوْلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مَالًا بِقُوَّتِهِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ لِحَقِّ مَوْلَى الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي صُلْحِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْحَرْبِيِّ] (الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي صُلْحِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْحَرْبِيِّ) كُلُّ صُلْحٍ جَازَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ جَازَ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَجُوزُ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَا خَلَا خَصْلَةً وَاحِدَةً وَهُوَ الصُّلْحُ عَنْ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِدِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مِنْ الْعَشَرَةِ خَمْسَةً فَإِنْ كَانَتْ الْعَشَرَةُ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا لَمْ يَجُزْ لِمَعْنَى الرِّبَا وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً جَازَ الصُّلْحُ بِطَرِيقِ الْإِسْقَاطِ وَإِذَا غَصَبَ نَصْرَانِيٌّ مِنْ نَصْرَانِيٍّ خِنْزِيرًا ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَإِنْ كَانَ الْخِنْزِيرُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ، حَالًّا أَوْ إلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَ الْخِنْزِيرُ مُسْتَهْلَكًا لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ إذَا صَالَحَ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ حَالًّا وَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ فَهَذَا يَجُوزُ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ الْخِنْزِيرُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فَصَالَحَهُ عَلَى خِنْزِيرٍ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَا قَائِمَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا غَصَبَ مِنْ حَرْبِيٍّ مَالًا وَاسْتَهْلَكَهُ أَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ ثُمَّ صَالَحَهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ التَّاجِرُ أَوْ الَّذِي أَسْلَمَ هُنَاكَ لَوْ أَتْلَفَ مَالَ حَرْبِيٍّ أَوْ غَصَبَ مِنْهُ مَالًا ثُمَّ اصْطَلَحَا وَالْمَغْصُوبُ قَائِمٌ أَوْ مُسْتَهْلَكٌ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ حَرْبِيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ هُنَاكَ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ غَصَبَ رَجُلٌ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي دَارِ الْحَرْبِ شَيْئًا فَاصْطَلَحَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى صُلْحٍ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَلَوْ أَدَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دَيْنًا ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ حَطَّ عَنْهُ بَعْضَهُ وَأَخَّرَ بَعْضَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَسْلَمَ الْحَرْبِيَّانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ غَصَبَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا أَوْ جَرَحَهُ جِرَاحَةً ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى صُلْحٍ لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يَجُوزَ الصُّلْحُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا أَدَانَ مُسْلِمٌ الْحَرْبِيَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ دَيْنًا ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى حَطِّ بَعْضِهِ وَأَخَّرَ بَعْضَهُ فَحَلَّ مَا أَخَّرَ عَنْهُ وَخَرَجَ الْحَرْبِيُّ مُسْتَأْمَنًا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَرَادَ الْمُسْلِمُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالدَّيْنِ وَيَرْجِعَ فِيمَا حَطَّ لَمْ يُؤَاخِذْهُ بِمَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُ وَلَمْ يَرْجِعْ فِيمَا حَطَّ عَنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْحَرْبِيُّ هُوَ الطَّالِبُ لِلْمُسْلِمِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَ حَرْبِيَّيْنِ ثُمَّ خَرَجَا بِأَمَانٍ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَا أَوْ صَارَا ذِمَّةً فَيَقْضِي الْقَاضِي بِذَلِكَ يَنْفُذُ الْحَطُّ وَالتَّأْخِيرُ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقِ الصُّلْحِ وَيُجْبِرُ الْمَطْلُوبَ عَلَى أَدَاءِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَأَدَانَ أَوْ اسْتَدَانَ أَوْ غَصَبَ أَوْ غُصِبَ مِنْهُ ثُمَّ صَالَحَ عَلَى حَطٍّ أَوْ تَأْخِيرٍ فَهُوَ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ مَعَ مُسْلِمٍ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ مِنْ دَارِهِ أَوْ مِنْ دَارٍ أُخْرَى وَكَذَلِكَ لَوْ لَحِقَا بِدَارِهِمَا ثُمَّ عَادَا مُسْتَأْمَنَيْنِ فَذَلِكَ الصُّلْحُ نَافِذٌ عَلَيْهِمَا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّامِن عَشْر فِي بَيِّنَة يُقِيمهَا الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ المصالح عَلَيْهِ] (الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي بَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا بَعْدَ الصُّلْحِ يُرِيدُونَ إبْطَالَهُ) .

لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الصُّلْحِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إلَّا إذَا ظَهَرَ بِبَدَلِ الصُّلْحِ عَيْبٌ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لِيَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ فَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ قَبْلَ الصُّلْحِ أَوْ قَبْلَ قَبْضِ بَدَلِهِ لَيْسَ لِي عَلَى فُلَانٍ شَيْءٌ فَالصُّلْحُ مَاضٍ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدُ بَطَلَ الصُّلْحُ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي عَلِمَ بِأَنَّ الرَّجُلَ كَانَ أَقَرَّ عِنْدَهُ قَبْلَ الصُّلْحِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بَطَلَ الصُّلْحُ وَعِلْمُ الْقَاضِي هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بَعْدَ الصُّلْحِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا فَأَنْكَرَ فَصُولِحَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْإِيفَاءِ وَالْإِبْرَاءِ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا فَادَّعَى الْقَضَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَصُولِحَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَحَدِهِمَا يُقْبَلُ، وَيَرُدُّ الْبَدَلَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. لَوْ ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا ذَا الْيَدِ ثُمَّ أَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ أَوْ كَانَتْ لِفُلَانٍ اشْتَرَاهَا مِنْهُ أَوْ كَانَتْ لِأَبِيهِ فُلَانٍ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْأَلْفِ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الطَّالِبِ قَبْلَ الصُّلْحِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَبَطَلَ الصُّلْحُ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ وَلَكِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى صُلْحٍ صَالَحَهُ وَعَلَى دَارٍ قَبْلَ هَذَا أَمْضَيْت الصُّلْحَ الْأَوَّلَ وَأَبْطَلْت الثَّانِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ كُلُّ صُلْحٍ وَقَعَ بَعْدَ صُلْحٍ فَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ وَالثَّانِي بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ صُلْحٍ وَقَعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ شِرَاءً بَعْدَ شِرَاءٍ فَالشِّرَاءُ الثَّانِي أَحَقُّ وَإِنْ كَانَ صُلْحًا ثُمَّ اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ أَجَزْنَا الشِّرَاءَ وَأَبْطَلْنَا الصُّلْحَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الصُّلْحَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يُقِمْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَقَضَى الْقَاضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَاعَهَا الْمُدَّعِي مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّارَ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعِيَ بِاَللَّهِ مَا صَالَحْتَنِي عَنْ دَعْوَاك فِي هَذِهِ الدَّارِ قَبْلَ هَذِهِ الدَّعْوَى فَلَهُ ذَلِكَ فَإِذَا حَلَّفَهُ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ إرْثًا عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَى الدَّارَ مِنْ أَبِي هَذَا الْمُدَّعِي حَالَ حَيَاتِهِ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٌ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِي هَذَا الْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا وَدَارًا فَصَالَحَهُ مِنْ دَعْوَاهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِأَنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ مِنْ الْبَاقِي وَلَا يَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الصُّلْحِ عَلَى الْأَلْفِ وَالدَّارِ جَمِيعًا فَالْأَلْفُ بَاطِلٌ وَكَانَ عَلَى حَقِّهِ فِي الدَّارِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَبْدًا وَأَمَةً فَصَالَحَ مِنْهُمَا عَلَى مَالٍ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِمَا صَحَّ وَهُمَا لِلْمُدَّعِي وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدَارًا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى نِصْفِ الْأَلْفِ وَنِصْفِ الدَّارِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُمَا شَيْءٌ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَنِصْفِ الدَّارِ كَانَ الْأَلْفُ قَضَاءً بِالْأَلْفِ وَأَخَذَ نِصْفَ الدَّارِ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ اسْتِيفَاءٌ لِبَعْضِ حَقِّهِ وَإِسْقَاطٌ لِلْبَاقِي وَالسَّاقِطُ لَا يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ الْأَلْفِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى عَبْدٍ وَقَبَضَهُ وَأَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ حُرٌّ وَقَضَى الْقَاضِي بِحُرِّيَّتِهِ بَطَلَ الصُّلْحُ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ كَانَتْ أَمَةً فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ أَوْ أَنَّهَا مُكَاتَبَةٌ أَوْ مُدَبَّرَةٌ وَقَبِلَ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُمَا بَطَلَ الصُّلْحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَقَامَ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ صَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَهَذَا الثَّوْبِ، فَأَقَامَ الْمَطْلُوبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الصُّلْحِ وَلَوْ أَقَامَ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ صَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى مِائَةٍ فَقَطْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ أَوْلَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْمَدْيُونُ بِالْأَلْفِ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّ الطَّالِبَ صَالَحَنِي عَلَى

الباب التاسع عشر في مسائل الصلح المتعلقة بالإقرار

أَرْبَعِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُؤَدِّيَهَا إلَيْهِ وَأَبْرَأَنِي عَنْ الْبَاقِي وَقَالَ الطَّالِبُ أَبْرَأْتُك عَنْ خَمْسِمِائَةٍ وَصَالَحْت عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَبَرْهَنَا وَوَقَّتَا وَقْتًا وَاحِدًا أَوْ وَقْتَيْنِ أَوْ لَمْ يُوَقِّتَا فَالْبَيِّنَةُ لِلْمَطْلُوبِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِيمَا هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ نَحْوَ كُرِّ حِنْطَةٍ أَوْ كُرِّ شَعِيرٍ فَصَالَحَ عَلَى نِصْفِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لَهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى قِبَلَ رَجُلٍ دَارًا أَوْ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَنِصْفِ الدَّارِ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْخَمْسِمِائَةِ وَالدَّارِ لَا يُقْضَى لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَلْفِ وَيُقْضَى بِبَقِيَّةِ الدَّارِ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَمِيعِ الدَّارِ وَثُلُثِ الْخَمْسِمِائَةِ لَا يُقْضَى لَهُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الصُّلْحُ إذَا وَقَعَ أَقَلَّ عَنْ قِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ ثُمَّ أَقَامَ الْمُسْتَهْلِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْقِيمَةَ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَالْبَيِّنَةُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا مَقْبُولَةٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ فِي دَارِ رَجُلٍ دَعْوَى فَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ شَاهِدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ فَرَفَضَ بِهِ مِنْهُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا مِقْدَارًا مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ وَكَذَلِكَ لَوْ سَمَّى أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَ وَلَمْ يُسَمِّ الْآخَرُ شَيْئًا أَوْ شَهِدَا جَمِيعًا أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ جَحَدَ صَاحِبُ الدَّارِ وَادَّعَى الطَّالِبُ الصُّلْحَ وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى شَيْءٍ غَيْرَ مُسَمًّى أَوْ تَرَكَا جَمِيعًا تَسْمِيَةِ الْبَدَلِ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى صُلْحٍ بِمُعَايَنَةٍ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ فِي دَارِ رَجُلٍ دَعْوَى فَاخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي مِقْدَارِ الْمُسَمَّى شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَالَحَ عَلَى مِائَةٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي لِلصُّلْحِ هُوَ الْمُدَّعِي لِلدَّارِ قُبِلَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي أَكْثَرَ الْمَالَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّارَ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ سَوَاءٌ شَهِدَا بِالْقَبْضِ عَلَى الْمُدَّعِي أَوْ لَمْ يَشْهَدَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِع عَشَرَ فِي مَسَائِلِ الصُّلْحِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِقْرَارِ] (الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي مَسَائِلِ الصُّلْحِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِقْرَارِ) . إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْكَرَ ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ بَاعَهُ بِالْأَلْفِ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ عَبْدًا فَهُوَ جَائِزٌ وَيَصِيرُ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ حَتَّى لَوْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ أَوْ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ، وَإِذَا قَالَ صَالَحْتُك عَنْ الْأَلْفِ الَّذِي ادَّعَيْت عَلَيَّ هَذَا الْعَبْدَ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ مُقِرًّا بِالْأَلْفِ حَتَّى لَوْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالدَّعْوَى فِي الْأَلْفِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اصْطَلَحَ الرَّجُلَانِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ دَارًا أَوْ يُسَلِّمَ الْآخَرُ لَهُ عَبْدًا لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا وَكَذَلِكَ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا هَذَا الْعَبْدَ لِلْآخَرِ عَلَى إنْ أَبْرَأَهُ الْآخَرُ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ هَذَا إقْرَارًا مِنْهُ بِالْعَبْدِ وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى إنْ بَرِئَ فُلَانٌ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَبَرِئَ الْآخَرُ مِنْ الْعَبْدِ فَهُوَ صُلْحٌ وَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَكَذَلِكَ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى إنْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَسَلَّمَهَا لَهُ كَانَ هَذَا جَائِزًا وَلَمْ يَكُنْ إقْرَارًا وَلَا إنْكَارًا أَوْ أَيَّهُمَا اُسْتُحِقَّ، فَهُمَا عَلَى حُجَّتِهِمَا فِي الْبَاقِي كَمَا كَانَ قَبْلَ الصُّلْحِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. صَالَحَ عَنْ دَعْوَاهُ حَقًّا فِي دَارٍ عَلَى عَبْدٍ عَيْنٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَجُزْ، ثُمَّ إنْ صَالَحَهُ مِنْ حَقِّهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْحَقِّ لَهُ وَالْقَوْلُ فِي بَيَانِ الْحَقِّ لَهُ لِأَنَّهُ الْمُجْمِلُ وَإِنْ صَالَحَ عَنْ دَعْوَى الْحَقِّ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ عَيْنًا فِي يَدِهِ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ لِيَعْتَرِفَ لَهُ بِالْعَيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي حَقِّ الْمُنْكِرِ كَالْبَيْعِ وَفِي حَقِّ الْمُدَّعِي كَالزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ

الباب العشرون في الأمور الحادثة بعد الصلح من التصرف في بدل الصلح

هَكَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَجَحَدَتْ ذَلِكَ فَصَالَحَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُقِرَّ لَهُ بِذَلِكَ فَأَقَرَّتْ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَالْمَالُ لَازِمٌ فَإِنْ كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ يَسَعُهَا الْمُقَامُ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ لَا يَسَعُهَا الْمُقَامُ مَعَهُ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا إذَا عَلِمَتْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا نِكَاحٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَلْفًا فَقَالَ لَهُ الْمُدَّعِي أَقِرَّ لِي بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ أَحُطَّ عَنْك مِائَةً فَأَقَرَّ جَازَ الْحَطُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَمًا أَوْ جِرَاحَةً فَإِنْ ادَّعَى عَمْدًا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَصَالَحَهُ الْمُدَّعِي عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَيُقِرَّ بِذَلِكَ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا وَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ لَا يُؤْخَذُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ وَإِنْ ادَّعَى دَمًا خَطَأً أَوْ جِرَاحَةً خَطَأً فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ ادَّعَى قِبَلَ رَجُلٍ حَدًّا فِي قَذْفِهِ وَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِذَلِكَ فَالصُّلْحُ وَالْإِقْرَارُ بَاطِلَانِ وَلَوْ صَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَبْرَأَهُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ ضُرِبَ الْحَدُّ عَلَى إقْرَارِهِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ شُرْبَ خَمْرٍ أَوْ زِنًا فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ ادَّعَى قِبَلَهُ سَرِقَةَ مَتَاعٍ فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَبْرَأَهُ مِنْ السَّرِقَةِ جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ سَرِقَةَ مَتَاعٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ يُعْطِيهَا الْمُدَّعِي السَّارِقَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ السَّارِقُ بِالسَّرِقَةِ فَفَعَلَ فَإِنْ كَانَتْ السَّرِقَةُ عُرُوضًا وَهِيَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا جَازَ الصُّلْحُ وَتَصِيرُ السَّرِقَةُ مِلْكًا لِلْمُدَّعِي بِالْمِائَةِ الَّتِي دَفَعَهَا إلَى السَّارِقِ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمًا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ سَوَاءٌ كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ قَالُوا تَأْوِيلُ ذَلِكَ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارَ الدَّرَاهِمِ الْمَسْرُوقَةِ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ مِائَةً فَيَجُوزُ إذَا قَبَضَ الْمِائَةَ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ كَانَتْ ذَهَبًا فَصَالَحَ عَلَى الدَّرَاهِمِ يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَتْ السَّرِقَةُ قَائِمَةً أَوْ مُسْتَهْلَكَةً لَكِنَّ التَّأْوِيلَ عِنْدَ الِاسْتِهْلَاكِ إذَا عَلِمَ وَزْنَ الذَّهَبِ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا اخْتَصَمَ رَجُلَانِ فِي دَارٍ وَهِيَ فِي يَدَيْ أَحَدِهِمَا فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ أَقَرَّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِالنِّصْفِ مِنْهَا فَسَلَّمَا جَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِبَيْتٍ مَعْلُومٍ وَأَقَرَّ الْآخَرُ بِبَقِيَّةِ الدَّارِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ اسْتَحَقَّ الْبَيْتَ الَّذِي عَلَيْهِ الصُّلْحُ كَانَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَرْجِعَ فِي دَعْوَاهُ فِي بَقِيَّةِ الدَّارِ وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ عَلَى أَنْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّ الدَّارَ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ كَانَ الصُّلْحُ جَائِزًا أَوْ إذَا اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ رَجَعَ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ كَمَا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الْعُشْرُونَ فِي الْأُمُورِ الْحَادِثَة بَعْد الصُّلْح مِنْ التَّصَرُّف فِي بدل الصُّلْح] . (الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي الْأُمُورِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الصُّلْحِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي بَدَلِ الصُّلْحِ) . لَوْ صَالَحَ مِنْ دَارٍ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً أَوْ سُكْنَى دَارٍ وَكُلُّ مَا جَازَ إجَارَتُهُ جَازَ وَلَهُ حُكْمُ الْإِجَارَةِ حَتَّى يَبْطُلَ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَيَأْخُذَ الْمُدَّعِي أَوْ وَرَثَتُهُ الدَّارَ إنْ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ، وَفِي الْإِنْكَارِ رَجَعَ إلَى الْخُصُومَةِ، وَإِنْ اسْتَوْفَى بَعْضَ الْمَنْفَعَةِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ بِقَدْرِهِ مِنْ الدَّارِ فِي الْإِقْرَارِ وَفِي الْإِنْكَارِ رَجَعَ بِقَدْرِهِ فِي الْخُصُومَةِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ الدَّابَّةُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ بَطَلَ الصُّلْحُ وَعَادَ الْمُدَّعِي إلَى دَعْوَاهُ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ النِّصْفِ جَازَ الصُّلْحُ فِي النِّصْفِ وَبَطَلَ فِي النِّصْفِ وَعَادَ الْمُدَّعِي إلَى نِصْفِ الدَّعْوَى بِالْإِجْمَاعِ وَلِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ أَنْ يُؤَاجِرَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْمَالِكُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي لَوْ صَالَحَهُ مِنْ دَعْوَاهُ فِي دَارٍ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَالِكُ عَتَقَ ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ

خَدَمَهُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَخْدُمْهُ فَإِنْ كَانَ خَدَمَهُ لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَإِنْ كَانَ لَا يَخْدُمُهُ يَبْطُلُ وَرَجَعَ إلَى دَعْوَاهُ فِيمَا بَقِيَ وَلَا يَضْمَنُ الْمُعْتِقُ شَيْئًا لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ لَا يُعْتَقُ وَإِذَا قَتَلَهُ صَاحِبُ الْعَبْدِ لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ فِيمَا لَمْ يَسْتَوْفِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ قَتَلَهُ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ وَيُنْقَضُ الصُّلْحُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ خَطَأً وَأَخَذَ قِيمَتَهُ لَا يُنْقَضُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ اشْتَرَى بِالْقِيمَةِ عَبْدًا آخَرَ يَخْدُمُهُ سَنَةً وَإِنْ شَاءَ عَادَ إلَى دَعْوَاهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُنْتَقَضُ الصُّلْحُ وَعَادَ إلَى دَعْوَاهُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْعَبْدِ بَاعَ الْعَبْدَ الْمُصَالَحَ عَلَى خِدْمَتِهِ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَلَوْ بَاعَ الْمُدَّعِي الْعَبْدَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَمَا لَا يَجُوزُ إعْتَاقُهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي بَدَلِ الصُّلْحِ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا كَانَ مَنْقُولًا فَلَا يَجُوزُ لِلْمُدَّعِي بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ عَقَارًا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى ثِيَابٍ أَوْ حَيَوَانٍ بِعَيْنِهِ أَوْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِعَيْنِهِ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ فِي الذِّمَّةِ جَازَ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ فِي الذِّمَّةِ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَتَفَرَّقَا مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. صَالَحَهُ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ عَلَى عَبْدٍ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ دَارٍ عَلَى عَبْدٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ ادَّعَى فِي دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ حَقًّا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى عَبْدَيْنِ فَدَفَعَ إلَيْهِ أَحَدَهُمَا وَمَاتَ الْآخَرُ فِي يَدِهِ فَالْمُدَّعِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الْعَبْدَ الَّذِي قَبَضَهُ وَعَادَ فِي دَعْوَاهُ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَرَجَعَ فِي حِصَّةِ الْعَبْدِ الْمَيِّتِ فِي دَعْوَاهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ حَقًّا فِي أَرْضٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَرْضٍ أُخْرَى فَغَرِقَتْ الْأَرْضُ الَّتِي وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ الْمُدَّعِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الصُّلْحَ وَرَجَعَ فِي أَرْضِهِ إنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ وَرَجَعَ فِي دَعْوَاهُ فِي الْأَرْضِ إنْ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ وَإِنْ شَاءَ تَرَبَّصَ إلَى أَنْ يَنْضُبَ الْمَاءُ عَنْهُ فَإِنْ اخْتَارَ التَّرَبُّصَ فَإِنْ أَحْدَثَ الْغَرَقُ نُقْصَانًا فِي الْأَرْضِ، يُخَيَّرُ، وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ إقْرَارٍ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ الْغَرَقُ نُقْصَانًا لَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ الَّتِي وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْهَا إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْهَا عَنْ إقْرَارٍ وَقَدْ أَحْدَثَ الْغَرَقُ نُقْصَانًا فِي الْأَرْضِ فَإِنْ حَصَلَ الْغَرَقُ بَعْدَ مَا ذَهَبَ الْمُصَالِحُ إلَى الْأَرْضِ وَتَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهَا فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْأَرْضِ وَيَتَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهَا يَتَخَيَّرُ إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ لَا خِيَارَ لَهُ سَوَاءٌ تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهَا أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَهَذَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ عَلَى أَلْفٍ وَخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً فَقَبَضَ الْعَبْدَ وَالْأَلْفَ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَخْدُمَهُ قَالَ يَعُودُ عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّهِ قُسِمَ حَقُّهُ عَلَى الْأَلْفِ وَقِيمَةِ الْخِدْمَةِ فَمَا أَصَابَ الْأَلْفَ جَازَ لِصَاحِبِ الْيَدِ وَمَا أَصَابَ الْخِدْمَةَ فَهُوَ لِلْمُدَّعِي وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً سُلِّمَتْ الْأَلْفُ وَبَطَلَتْ حِصَّةُ الْخِدْمَةِ وَصَحَّ الصُّلْحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ وَاسْتُحِقَّ بَعْضُ الْمُصَالَحِ عَنْهُ رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ مِنْ الْعِوَضِ وَإِذَا اُسْتُحِقَّ كُلُّ الْمُصَالَحِ عَنْهُ عَنْ إقْرَارٍ رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي بِكُلِّ الْعِوَضِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِالْخُصُومَةِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ إنْ شَاءَ وَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْمُصَالَحِ عَنْهُ أَوْ ثُلُثًا أَوْ رُبُعًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ بِالْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ فَاسْتُحِقَّ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ رَدَّ الْمُدَّعِي بَدَلَ الصُّلْحِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

وَخَاصَمَ الْمُدَّعِي مَعَ الْمُسْتَحِقِّ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ رَدَّ حِصَّتَهُ وَرَجَعَ الْمُدَّعِي بِالْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ ادَّعَى نِصْفَ دَارٍ فِي يَدَيْ إنْسَانٍ فَصَالَحَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَدَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَيْهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ فَإِنْ ادَّعَى نِصْفًا شَائِعًا فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: النِّصْفُ لِي وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي بِنِصْفِ الْبَدَلِ وَلَوْ قَالَ النِّصْفُ لِي وَلَا أَدْرِي أَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ لِمَنْ هُوَ أَوْ قَالَ النِّصْفُ لِي وَسَكَتَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ شَائِعًا لَا يَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ مِنْ الْبَدَلِ وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي النِّصْفُ لِي وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِفُلَانٍ آخَرَ غَيْرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ صَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُ الدَّارِ لَا يَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ مِنْ الْبَدَلِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى نِصْفًا مُعَيَّنًا فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ الَّذِي كَانَ يَدَّعِيهِ الْمُدَّعِي رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْبَدَلِ عَلَى الْمُدَّعِي وَإِنْ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ الْآخَرَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَإِنْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ شَائِعٍ مِنْ الدَّارِ رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْبَدَلِ عَلَى الْمُدَّعِي هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ لَمْ يُبَيِّنْهُ فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الدَّارِ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا مِنْ الْعِوَضِ فَلَعَلَّ دَعْوَاهُ فِيمَا بَقِيَ دُونَ مَا اسْتَحَقَّ وَلَوْ اسْتَحَقَّ كُلَّ الدَّارِ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِدَرَاهِمِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ ادَّعَى نِصْفَ دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَلَمْ يُقِمْ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ شَيْئًا فَأَقَرَّ بِذَلِكَ الَّذِي الدَّارُ فِي يَدَيْهِ لَهُ وَصَالَحَهُ مِنْهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ نِصْفَهَا وَلَمْ يَقْبَلْ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ شَيْئًا فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَهُ بِذَلِكَ أَيْضًا ثُمَّ صَالَحَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ الثَّانِي أَيْضًا عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الدَّارِ لَمْ يَرْجِعْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عَلَيْهِمَا بِشَيْءٍ وَإِنْ اسْتَحَقَّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الدَّارِ رَجَعَ عَلَيْهِمَا بِنِصْفِ مَا أَخَذَ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الثَّانِي بِشَيْءٍ حَتَّى أَقَامَ الْمُدَّعِي الثَّانِي بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِنِصْفِ الدَّارِ ثُمَّ صَالَحَهُ الْمَقْضِيِّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ وَمَاتَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَقْضِيُّ لَهُ مَا قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفَ الدَّارِ وَقَضَى الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي الْأَوَّلِ وَلَا عَلَى الثَّانِي بِشَيْءٍ مِمَّا صَالَحَهُمَا عَلَيْهِ وَلَوْ أَنَّ الْمَقْضِيَّ لَهُ بِالنِّصْفِ الثَّانِي قَبَضَ مَا قَضَى لَهُ بِهِ ثُمَّ اشْتَرَى الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ مَا قُضِيَ لَهُ بِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ رَجَعَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الْمُصَالِحِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْمُسْتَحِقِّ الْأَوَّلِ بِنِصْفِ مَا أَعْطَاهُمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى عَبْدٍ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ هَذَا إذَا لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الصُّلْحَ أَمَّا إذَا أَجَازَهُ جَازَ وَسَلَّمَ الْعَبْدَ لِلْمُدَّعِي وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ وَأَخَذَهُ بَطَلَ الصُّلْحُ وَرَجَعَ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ رَجَعَ الْمُدَّعِي بِمَا ادَّعَاهُ وَإِنْ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ رَجَعَ عَلَى دَعْوَاهُ وَلَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْعَبْدِ فَالْمُدَّعِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي وَعَادَ فِي نِصْفِ الدَّعْوَى وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْعَبْدَ وَعَادَ عَلَى جَمِيعِ الدَّعْوَى هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. إذَا اسْتَحَقَّ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ وَجَدَهُ سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا أَوْ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى جِنْسِ حَقِّهِ بِأَنْ ادَّعَى أَلْفَ دِرْهَمٍ وَوَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَالْمُدَّعِي يَرْجِعُ بِمِثْلِ بَدَلِ الصُّلْحِ وَذَلِكَ مِائَةٌ مِنْ الْجِيَادِ وَلَا يَرْجِعُ بِأَصْلِ دَعْوَاهُ وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى خِلَافِ جِنْسِ حَقِّهِ بِأَنْ ادَّعَى مِائَةَ دِينَارٍ وَوَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَهَذَا الصُّلْحُ مُعَاوَضَةٌ فَيَرْجِعُ بِمِثْلِ بَدَلِ الصُّلْحِ إنْ وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ يَرْجِعُ بِأَصْلِ الدَّعْوَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ كُرُّ حِنْطَةٍ فَصَالَحَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى كُرِّ شَعِيرٍ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَتَفَرَّقَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْكُرُّ الشَّعِيرَ انْتَقَضَ الصُّلْحُ وَإِذَا بَطَلَ الصُّلْحُ رَجَعَ بِأَصْلِ حَقِّهِ

الباب الحادي والعشرون في المتفرقات

وَهُوَ الْحِنْطَةُ فَإِنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ بَعْدُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَعِيرٍ مِثْلِهِ وَيَكُونُ الصُّلْحُ مَاضِيًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى فُلُوسٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ يَرْجِعُ بِالدَّرَاهِمِ كَذَا فِي الْحَاوِي. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدَارًا فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى فِي دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ حَقًّا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى عَبْدٍ وَعَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فَإِنْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ بِكَمْ يَرْجِعُ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ؟ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ انْتَقَضَ الصُّلْحُ فِي الثُّلُثَيْنِ وَبَقِيَ فِي الثُّلُثِ وَيَرْجِعُ بِثُلُثَيْ دَعْوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً انْتَقَضَ الصُّلْحُ فِي النِّصْفِ وَرَجَعَ فِي نِصْفِ الدَّعْوَى وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعِي أَعْطَى ثَوْبًا لِلَّذِي فِي يَدِهِ الدَّارُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّوْبِ وَبِنِصْفِ الدَّعْوَى وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الثَّوْبُ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي بِنِصْفِ الْعَبْدِ وَبِنِصْفِ الْمِائَةِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَإِنْ وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي قَدْرِ الْحَقِّ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فِي الدَّارِ فَقَالَ الْمُدَّعِي كَانَ حَقِّي فِي الدَّارِ نِصْفَهَا، وَقِيمَةُ الدَّارِ مَثَلًا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَحَقِّي مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ وَالثَّوْبُ مِائَةٌ فَيَنْقَسِمُ حَقِّي فِي الدَّارِ وَالثَّوْبِ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمِائَةِ نِصْفَيْنِ فَإِنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ الثَّوْبُ كَانَ لَك الرُّجُوعُ عَلَيَّ بِنِصْفٍ مَا أَعْطَيْتَنِي مِنْ الْعَبْدِ وَالْمِائَةِ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا بَلْ حَقُّك فِي الدَّارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَقِيمَتُهَا عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَقِيمَةُ الثَّوْبِ مِائَةٌ وَقَدْ انْقَسَمَ ذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمِائَةِ أَسْدَاسًا فَصَارَ بِإِزَاءِ الثَّوْبِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ وَالْمِائَةِ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ الثَّوْبُ كَانَ لِي الرُّجُوعُ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ مَا أَعْطَيْتُك مِنْ الْعَبْدِ وَالْمِائَةِ فَإِذَا اخْتَلَفَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ وَالْمِائَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ مَهْرًا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ لَكِنَّهُ صَالَحَهَا مِنْ مَهْرِهَا عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدَ مَهْرًا لَهَا أَوْ فَرَضَهُ لَهَا بَعْدَ النِّكَاحِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَتْ بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ ثُمَّ صَالَحَهَا مِنْ الْأَلْفِ عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدَ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى دَارًا فَصَالَحَ عَلَى دَارٍ وَبَنَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنَاءً فَالدَّارُ كَالْأَمَةِ وَالْبِنَاءُ كَالْوَلَدِ فِي الْتِزَامِ السَّلَامَةِ وَالْحُكْمِ فِي رُجُوعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا فِي الْوَلَدِ اخْتَلَفَا فِي سَاحَةٍ يَدَّعِي كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهَا لَهُ وَفِي يَدِهِ لَمْ يُقْضَ لِأَحَدِهِمَا بِمِلْكٍ وَلَا يَدٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ سَلَّمَهَا أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِعَبْدٍ وَقَبَضَهُ وَبَنَى الْآخَرُ وَسَكَنَ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ أَوْ وُجِدَ حُرًّا بَطَلَ الصُّلْحُ وَيَعُودُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى دَعْوَاهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ بِنَاءَ سَاحَتِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ السُّكْنَى حَتَّى يَثْبُتَ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ بِعَبْدٍ فَبَنَى وَسَكَنَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أُجْبِرَ عَلَى الْبِنَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) . الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي إذَا صَالَحَ شَارِبَ الْخَمْرِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَالًا وَيَعْفُوَ عَنْهُ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَيَرُدُّ الْمَالَ عَلَى شَارِبِ الْخَمْرِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِالزِّنَا حَتَّى وَجَبَ اللِّعَانُ ثُمَّ صَالَحَهَا عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ لَا تُطَالِبَهُ بِاللِّعَانِ كَانَ بَاطِلًا وَعَفْوُهَا بَعْدَ الرَّفْعِ بَاطِلٌ وَقِيلَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ زَنَى بِامْرَأَةِ رَجُلٍ فَعَلِمَ الزَّوْجُ وَأَرَادَ حَدَّهُمَا فَصَالَحَاهُ مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ أَوْ شَيْءٍ آخَرَ عَلَى أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمَا كَانَ بَاطِلًا لَا يَجِبُ الْمَالُ، وَعَفْوُهُ بَاطِلٌ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا

فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ الْمَزْنِيُّ بِهَا هِيَ الَّتِي صَالَحَتْهُ عَلَى دَرَاهِمَ أَخَذَتْهَا مِنْهُ أَوْ دَفَعَتْهَا إلَيْهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ بِمَالِهِ الَّذِي دَفَعَ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُبَاشِرَ بِنَفْسِهِ بَلْ يُفَوِّضُ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِينَ وَسَبِيلُ الْقَاضِي أَنْ لَا يُبَادِرَ فِي الْقَضَاءِ بَلْ يَرُدُّ الْخُصُومَ إلَى الصُّلْحِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إذَا كَانَ يَرْجُو الْإِصْلَاحَ بَيْنَهُمْ بِأَنْ كَانُوا يَمِيلُونَ إلَى الصُّلْحِ وَلَا يَطْلُبُونَ الْقَضَاءَ لَا مَحَالَةَ فَأَمَّا إذَا طَلَبُوا الْقَضَاءَ لَا مَحَالَةَ لَهُ وَأَبَوْا الصُّلْحُ إنْ كَانَ وَجْهُ الْقَضَاءِ مُلْتَبِسًا غَيْرَ مُسْتَبِينٍ لِلْقَاضِي أَنْ يَرُدَّهُمْ إلَى الصُّلْحِ وَأَمَّا إذَا كَانَ وَجْهُ الْقَضَاءِ مُسْتَبِّينَا فَإِنْ وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ أَجْنَبِيَّيْنِ يَقْضِي بَيْنَهُمْ وَلَا يَرُدُّهُمْ إلَى الصُّلْحِ حِينَ أَبَوْا وَإِنْ وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ أَهْلِ قَبِيلَتَيْنِ أَوْ بَيْنَ الْمَحَارِمِ يَرُدُّهُمْ إلَى الصُّلْحِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَإِنْ أَبَوْا الصُّلْحَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ لَوْ صَالَحَ مِنْ الدَّعْوَى فِي الْغَنَمِ عَلَى نِصْفِ الْغَنَمِ عَلَى أَنَّ لِلْمَطْلُوبِ الْأَوْلَادَ كُلَّهَا سَنَةً لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ الْأَوْلَادَ كُلَّهَا لِلطَّالِبِ وَلَوْ صَالَحَ عَلَى صُوفِهَا عَلَى أَنْ يُجَزَّ مِنْ سَاعَتِهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا يَجُوزُ إذَا صَالَحَ عَلَى صُوفِهَا وَإِنْ صَالَحَ عَلَى صُوفِ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الصُّلْحِ الْفَاسِدِ. وَلَوْ صَالَحَ عَلَى اللَّبَنِ الَّذِي فِي ضَرْعِهِ أَوْ عَلَى الْوَلَدِ الَّذِي فِي بَطْنِهِ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى دَعْوَى فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَخَاتِيمَ دَقِيقٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ دَقِيقِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ عَلَى أَرْطَالٍ مِنْ لَحْمِ شَاةٍ حَيَّةٍ لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الصُّلْحِ الْفَاسِدِ. لَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى إنْسَانٍ مَالًا أَوْ حَقًّا فِي شَيْءٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى مَالٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالُ وَذَلِكَ الْحَقُّ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقُّ اسْتِرْدَادِ ذَلِكَ الْمَالِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى إذَا قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ مَا صَالَحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ بَدَلَ الصُّلْحِ إنِّي كُنْت مُبْطِلًا فِي الدَّعْوَى كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ مَالًا وَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ بَانَ الْحَقُّ عَلَى إنْسَانٍ آخَرَ يَرُدُّ الْبَدَلَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّ لَهُ خَمْسِينَ دِينَارًا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَعَلَيْهِ خَمْسُونَ دِينَارًا قَرْضًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرٌّ بِمَالِ الشَّرِكَةِ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي حِصَّةِ الشَّرِكَةِ وَيَصِحُّ فِي حِصَّةِ الْقَرْضِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَالَ الشَّرِكَةِ ثُمَّ اصْطَلَحَا فَالصُّلْحُ جَائِزٌ فِي حِصَّةِ الْقَرْضِ وَالشَّرِكَةِ جَمِيعًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْمَطْلُوبُ إذَا قَضَى وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ ثُمَّ صَالَحَهُ بِمَالٍ جَازَ الصُّلْحُ فِي الظَّاهِرِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَحِلُّ لِلطَّالِبِ أَخْذُ مَالِ الصُّلْحِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَادَّعَى أَنَّ فُلَانًا تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ وَقَبَضَهَا وَقَالَ فُلَانٌ وَهَبْتُهَا لَك وَأَنَّا أُرِيدُ الرُّجُوعَ فِيهَا فَاصْطَلَحَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الدَّارَ بِصَدَقَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا يَسْتَطِيعُ الرُّجُوعَ فِيهَا بَعْدَ الصُّلْحِ وَكَذَلِكَ وَإِذَا جَحَدَ رَبُّ الدَّارِ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَأَرَادَ أَخْذَ دَارِهِ فَصَالَحَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ عَلَى ثَوْبٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ بِمَا ادَّعَى مِنْ الصَّدَقَةِ جَازَ وَإِذَا اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ تَكُونَ الدَّارُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ نِصْفَيْنِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ عَبْدٌ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَقَبَضَهُ وَجَحَدَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْعَبْدُ ذَلِكَ وَافْتَدَى مِنْهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ عَبْدًا بِثَوْبٍ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ بَرِئَ مِنْ دَعْوَاهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. صَالَحَ عَنْ الْعَشَرَةِ بِالْخَمْسَةِ ثُمَّ نَقَضَا الصُّلْحَ لَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ بَاعَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَدْفَعْ وَضَمِنَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ الْعَبْدِ وَطَلَب الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ فَصَالَحَ الضَّامِنُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ قَالَ هُوَ جَائِزٌ وَلِلْبَائِعِ الثَّمَنُ الَّذِي قَبَضَ وَالْعَبْدُ لِلضَّامِنِ، قَالَ أَلَا يَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَهُ عَبْدَهُ هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ

كتاب المضاربة وهو يشتمل على ثلاثة وعشرين بابا

وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الَّذِي الْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ فَصَالَحَهُ عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى إنْ رَدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ فَالْعَبْدُ لَهُ وَالثَّمَنُ لِلَّذِي قَبَضَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ صَالَحَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى عَبْدٍ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ وَقَبَضَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْخِيَارِ فِي الصُّلْحِ. لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفٌ فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَيْهِ نِصْفَهَا مِنْ جِهَةِ الصُّلْحِ بِلَا تَلَفُّظٍ بِالصُّلْحِ ثُمَّ أَرَادَ الِاسْتِرْدَادَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُ عَرْضًا لَا يَمْلِكُ الِاسْتِرْدَادَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَالٍ. الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ إذَا صَالَحَ عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ يُبَرِّئَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَهَلْ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ فِيهِ رِوَايَتَانِ تَسْقُطُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير الْمُضَارَبَة وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِهَا وَحُكْمِهَا] (كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ) (وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِهَا وَحُكْمِهَا) أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدٍ عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ بِمَالٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالْعَمَلِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِرَبِّ الْمَالِ كَانَ بِضَاعَةً وَلَوْ شَرَطَ كُلَّهُ لِلْمُضَارِبِ كَانَ قَرْضًا هَكَذَا فِي الْكَافِي. فَلَوْ قَبَضَ الْمُضَارِبُ الْمَالَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ أَوْ هَلَكَ الْمَالُ بَعْدَ مَا قَبَضَهُ الْمُضَارِبُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ كَانَ الرِّبْحُ لِلْمُضَارِبِ وَالْوَضِيعَةُ وَالْهَالِكُ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَأَمَّا) (رُكْنُهَا) فَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَذَلِكَ بِأَلْفَاظٍ تَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ لَفْظِ الْمُضَارَبَةِ وَالْمُقَارَضَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَمَا يُؤَدِّي مَعَانِيَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْمَالِ خُذْ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ أَوْ أَطْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ بَيْنَنَا عَلَى كَذَا مِنْ نِصْفٍ أَوْ رُبُعٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ الْمَعْلُومَةِ وَكَذَا إذَا قَالَ مُقَارَضَةً أَوْ مُعَامَلَةً وَيَقُولُ الْمُضَارِبُ أَخَذْت أَوْ رَضِيت أَوْ قَبِلْت أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ يَتِمُّ الرُّكْنُ بَيْنَهُمَا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ فَاعْمَلْ بِالنِّصْفِ أَوْ بِالثُّلُثِ أَوْ بِالْعُشْرِ أَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ وَابْتَعْ بِهِ مَتَاعًا فَمَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَلَكَ النِّصْفُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا شَيْئًا أَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْمَالَ عَلَى النِّصْفِ أَوْ بِالنِّصْفِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا جَازَتْ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ اعْمَلْ بِهِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ مَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَهُوَ بَيْنَنَا جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ خُذْ الْأَلْفَ تَشْتَرِي بِهِ هَرَوِيًّا بِالنِّصْفِ أَوْ قَالَ تَشْتَرِي بِهِ رَقِيقًا فَهَذَا فَاسِدٌ وَمَا اشْتَرَى بِهِ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا اشْتَرَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَا اشْتَرَى إلَّا بِأَمْرِ رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ بَاعَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْمَالِكِ فَإِنْ تَلِفَ مَا بَاعَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهُوَ ضَامِنٌ لَقِيمَتِهِ حِينَ بَاعَ وَالثَّمَنُ الَّذِي بَاعَ بِهِ لِلْمُضَارِبِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَإِذَا أَجَازَ رَبُّ الْمَالِ بَيْعَ الْمُضَارِبِ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ نَفَذَ بَيْعُهُ كَذَلِكَ إنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّهُ قَائِمٌ أَمْ هَالِكٌ، وَالثَّمَنُ لِرَبِّ الْمَالِ طَيِّبٌ لَا يَتَصَدَّقُ مِنْهُ بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ كَانَ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ فِي الِابْتِدَاءِ وَإِنْ عَلِمَ هَلَاكَهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ فَإِذَا بَطَلَتْ الْإِجَازَةُ كَانَ الْمُضَارِبُ ضَامِنًا لِلْقِيمَةِ يَوْمَ بَاعَهُ وَالثَّمَنُ لَهُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ إنْ كَانَ فِيهِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ مُضَارَبَةً وَاشْتَرِ بِهِ هَرَوِيًّا بِالنِّصْفِ أَوْ قَالَ رَقِيقًا بِالنِّصْفِ هَلْ يَجُوزُ مُضَارَبَةً أَمْ لَا؟ لَا رِوَايَةَ لَهَا فِي الْكُتُبِ وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيّ يَقُولُ بِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَجُوزَ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. . وَأَمَّا شَرَائِطُهَا الصَّحِيحَةُ فَكَثِيرَةٌ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. (مِنْهَا) أَنْ يَكُونَ

رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ فُلُوسًا رَائِجَةً حَتَّى إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ الرَّائِجَةِ لَمْ تَجُزْ الْمُضَارَبَةُ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فُلُوسًا رَائِجَةً لَا تَجُوزُ عَلَى قَوْلِهِمَا وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَجُوزُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ تَجُوزُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْكُبْرَى وَلَا تَجُوزُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَضْرُوبَةً فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْكُبْرَى فِي الْمُضَارَبَةِ بِالتِّبْرِ رِوَايَتَانِ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَرُوجُ التَّبَرُّعُ رَوَاجَ الْأَثْمَانِ تَجُوزُ الْمُضَارَبَةُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْمَبْسُوطِ وَالْبَدَائِعِ. وَتَجُوزُ بِالدَّرَاهِمِ النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَلَا تَجُوزُ بِالسَّتُّوقَةِ فَإِنْ كَانَتْ السَّتُّوقَةُ تَرُوجُ فَهِيَ كَالْفُلُوسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَرَضًا أَوْ عَبْدًا فَقَالَ بِعْهُ وَاقْبِضْ ثَمَنَهُ وَاعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً فَبَاعَهُ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَتَصَرَّفَ فِيهَا جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَمِلَ بِهَا فَهِيَ مُضَارَبَةٌ جَائِزَةٌ فِي الْمِائَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ بَاعَهُ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةً لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ خُذْ عَبْدِي مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ رَأْسَ مَالِي قِيمَتُهُ فَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدًا نَسِيئَةً ثُمَّ بِعْهُ وَاعْمَلْ بِثَمَنِهِ مُضَارَبَةً فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ بَاعَهُ بِنَقْدٍ ثُمَّ عَمِلَ مُضَارَبَةً جَازَ فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى لَا يَقَعَانِ فِي الْمُنَازَعَةِ فِي الثَّانِي وَالْعِلْمُ بِهِ إمَّا بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ بِالْإِشَارَةِ فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ دَرَاهِمَ مُضَارَبَةً لَا يَدْرِي وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَا وَزْنُهَا فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَسْمِيَةُ رَأْسِ الْمَالِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَقَدْ وُجِدَتْ الْإِشَارَةُ إلَى رَأْسِ الْمَالِ وَقْتَ الْعَقْدِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي قَدْرِهَا وَصِفَتِهَا قَوْلَ الْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا لَا دَيْنًا فَالْمُضَارَبَةُ بِالدُّيُونِ لَا تَجُوزُ حَتَّى أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَمَرَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا مُضَارَبَةً لَا تَجُوزُ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَلَوْ اشْتَرَى الْمَدْيُونُ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَاعَ وَرَبِحَ أَوْ خَسِرَ كَانَ الرِّبْحُ لَهُ وَالْخُسْرَانُ عَلَيْهِ وَكَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ لِرَبِّ الدَّيْنِ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا مَا بَاعَ وَاشْتَرَى يَكُونُ جَائِزًا عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ فَالرِّبْحُ لَهُ وَالْخُسْرَانُ عَلَيْهِ وَكَانَ الْمَدْيُونُ بَرِيئًا عَنْ الدَّيْنِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى ثَالِثٍ فَقَالَ لَهُ اقْبِضْ مَالِي عَلَى فُلَانٍ فَاعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً جَازَ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ فَقَالَ الْآخَرُ اقْبِضْ دَيْنِي مِنْ فُلَانٍ وَاعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً فَقَبَضَ بَعْضَهُ وَعَمِلَ فِيهِ جَازَ وَلَوْ قَالَ اقْبِضْ دَيْنِي مِنْ فُلَانٍ فَاعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً أَوْ ثُمَّ اعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً فَقَبَضَ بَعْضَهُ وَعَمِلَ فِيهِ لَا تَجُوزُ وَكَذَا إذَا قَالَ اقْبِضْ دَيْنِي لِتَعْمَلَ بِهِ مُضَارَبَةً أَوْ تَعْمَلَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْغَاصِبِ أَوْ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ الْمُسْتَبْضِعِ اعْمَلْ بِمَا فِي يَدِك مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْحَسَنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ لَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ ادْفَعْ الدَّيْنَ الَّذِي لِي عَلَيْك إلَى فُلَانٍ لِيَشْتَرِيَ فُلَانٌ كَذَا وَيَبِيعَ عَلَى أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الرِّبْحِ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ فَدَفَعَ صَحَّ ذَلِكَ مُضَارَبَةً كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مُسَلَّمًا إلَى الْمُضَارِبِ لَا يَدَ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ فَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَعْمَلَ رَبُّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ عَاقِدًا أَوْ غَيْرَ عَاقِدٍ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ إذَا دَفَعَا مَالَ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً وَشَرَطَا عَمَلَ الصَّغِيرِ كَذَا

فِي الْكَافِي. ثُمَّ أَجَّرَ مِثْلَ الْمُضَارِبِ فِي عَمَلِهِ عَلَى الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ يُؤَدِّيَانِ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الِابْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ دَفَعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَوْ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ مَالًا مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ شَرِيكِهِ مَعَ الْمُضَارِبِ لَا تَصِحُّ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْعَاقِدُ مَالِكًا وَشَرَطَ عَمَلَهُ مَعَ الْمُضَارِبِ فَإِنْ كَانَ الْعَاقِدُ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مُضَارَبَةً بِنَفْسِهِ كَالْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ إذَا دَفَعَ مَالَ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ نَفْسِهِ مَعَ الْمُضَارِبِ بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ وَإِنْ كَانَ الْعَاقِدُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مُضَارَبَةً فَشَرَطَ عَمَلَ نَفْسِهِ مَعَ الْمُضَارِبِ يَفْسُدُ الْعَقْدُ كَالْمَأْذُونِ يَدْفَعُ مَالًا مُضَارَبَةً وَيَشْتَرِطُ عَمَلَهُ مَعَ الْمُضَارِبِ وَإِنْ شَرَطَ الْمَأْذُونُ عَمَلَ مَوْلَاهُ مَعَ الْمُضَارِبِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا لِيَدْفَعَ مَالَهُ مُضَارَبَةً فَدَفَعَ الْوَكِيلُ وَشَرَطَ عَمَلَ نَفْسِهِ مَعَ الْمُضَارِبِ وَشَيْئًا مَعْلُومًا لِنَفْسِهِ مِنْ الرِّبْحِ كَانَ ذَلِكَ فَاسِدًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمُكَاتَبُ إذَا دَفَعَ مَالَهُ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ مَوْلَاهُ مَعَهُ لَا تَفْسُدُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ الْعَمَلِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ فَإِنْ اشْتَرَيَا بَعْدَ ذَلِكَ وَبَاعَا وَرَبِحَا فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا أَجْرَ لِلْمُضَارِبِ فِي عَمَلِهِ وَلَوْ كَانَا اشْتَرَيَا بِالْمَالِ جَارِيَةً ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَبَاعَا الْجَارِيَةَ بِغُلَامٍ ثُمَّ بَاعَا الْغُلَامَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْمَوْلَى يَسْتَوْفِي مِنْهَا رَأْسَ مَالِهِ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ دَفَعَ أَلْفًا مُضَارَبَةً فَقَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك كَانَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ مُضَارَبَةً فَإِنْ دَفَعَهُ وَاشْتَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ مَعَ الثَّانِي أَوْ شَرَطَ عَمَلَ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الثَّانِي كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ الثَّانِيَةُ فَاسِدَةً وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَ الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَرَبِّ الْمَالِ عَلَى مَا اشْتَرَطَا فِي الْمُضَارَبَةِ الْأُولَى وَلَا أَجْرَ لِرَبِّ الْمَالِ وَإِنْ عَمِلَ رَبُّ الْمَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلِلْآخَرِ أَجْرُ الْمِثْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ مَعْلُومًا عَلَى وَجْهٍ لَا تَنْقَطِعُ بِهِ الشَّرِكَةُ فِي الرِّبْحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنَّ لَك مِنْ الرِّبْحِ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ شَرَطَ مَعَ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لَا تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ شُرِطَ لِلْمُضَارِبِ رِبْحُ نِصْفِ الْمَالِ أَوْ رِبْحُ ثُلُثِ الْمَالِ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ جَائِزَةً وَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا رِبْحُ مِائَةِ دِرْهَمٍ لَا بِعَيْنِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ جَازَ وَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا رِبْحُ هَذِهِ الْمِائَةِ بِعَيْنِهَا أَوْ رِبْحُ هَذَا النِّصْفِ بِعَيْنِهِ مِنْ الْمَالِ فَسَدَتْ وَإِذَا اُشْتُرِطَ لِأَحَدِهِمَا نِصْفُ الرِّبْحِ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ ثُلُثُ الرِّبْحِ إلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ لِلْمُضَارِبِ مَشْرُوطًا مِنْ الرِّبْحِ لَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ شَيْئًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِنْهُ وَمِنْ الرِّبْحِ فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. . (وَأَمَّا الشُّرُوطُ) الْفَاسِدَةُ فَمِنْهَا مَا تُبْطِلُ الْمُضَارَبَةَ وَمِنْهَا مَا لَا تُبْطِلُهَا بِنَفْسِهَا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ لَك ثُلُثُ الرِّبْحِ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَمِلْت فِيهِ لِلْمُضَارَبَةِ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. فَإِنْ عَمِلَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَرَبِحَ فَالرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَلَا أَجْرَ لِلْمُضَارِبِ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْأَجْرَ لِعَبْدٍ لَهُ يَعْمَلُ مَعَهُ فِي الْمُضَارَبَةِ أَوْ لِبَيْتٍ يَشْتَرِي فِيهِ وَيَبِيعُ فَالرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَلَا أَجْرَ لِعَبْدِ الْمُضَارِبِ وَلَا لِبَيْتِهِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ الَّذِي اشْتَرَطَ لَهُ الْأَجْرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ كَانَ مُكَاتَبَ الْمُضَارِبِ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ وَالِدَهُ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَلِلَّذِي عَمِلَ بِالْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ مِنْ هَؤُلَاءِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنْ يَعْمَلَ عَبْدُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ عَلَى أَنَّ لِلْعَبْدِ أَجْرَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ مَا عَمِلَ مَعَهُ فَهَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ

الباب الثاني فيما يجوز من المضاربة من غير تسمية الربح

وَلَوْ كَانَ عَبْدُ رَبِّ الْمَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَاشْتَرَطَ لَهُ أَجْرَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ أَوْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ لِمُكَاتَبِهِ أَوْ لِابْنِهِ جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ دَفَعَ أَلْفًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ رَبُّ الْمَالِ أَرْضَهُ إلَيْهِ لِيَزْرَعَهَا سَنَةً أَوْ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ دَارِهِ سَنَةً فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ هُوَ الَّذِي شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ أَرْضًا لَهُ لِيَزْرَعَهَا رَبُّ الْمَالِ سَنَةً أَوْ يَدْفَعَ دَارِهِ لِيَسْكُنَهَا سَنَةً فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ دَفَعَ مَالًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَبِيعَ الْمُضَارِبُ فِي دَارِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ دَارِ الْمُضَارِبِ كَانَ جَائِزًا وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَسْكُنَ الْمُضَارِبُ دَارَ رَبِّ الْمَالِ أَوْ دَارَ الْمُضَارِبِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ كُلُّ شَرْطٍ يُوجِبُ جَهَالَةَ الرِّبْحِ أَوْ قَطْعَ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ يُوجِبُ فَسَادَ الْمُضَارَبَةِ وَمَا لَا يُوجِبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ فَسَادَهَا نَحْوَ أَنْ يَشْرُطَا أَنْ تَكُونَ الْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَأَمَّا) (حُكْمُهَا) فَإِنَّهُ أَوَّلًا أَمِينٌ وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ وَكِيلٌ وَإِذَا رَبِحَ فَهُوَ شَرِيكٌ وَإِذَا فَسَدَتْ فَهُوَ أَجِيرٌ وَإِذَا خَالَفَ فَهُوَ غَاصِبٌ وَإِنْ أَذِنَ بَعْدَهُ وَلَوْ شُرِطَ الرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ كَانَ بِضَاعَةً وَلَوْ شُرِطَ كُلُّهُ لِلْمُضَارِبِ كَانَ قَرْضًا هَكَذَا فِي الْكَافِي. الْمُضَارِبُ إذَا عَمِلَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ وَرَبِحَ يَكُونُ جَمِيعُ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ الْمُضَارِبُ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. هَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَلَمْ يَرْبَحْ الْمُضَارِبُ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ هَلَكَ الْمَالُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ عِنْدَ الْمُضَارِبِ لَا يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَجُوزُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ الرِّبْحِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَجُوزُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ الرِّبْحِ فِيهَا نَصًّا وَمَا لَا يَجُوزُ وَمَا يَجُوزُ مِنْ الشُّرُوطِ فِيهَا وَمَا لَا يَجُوزُ) . لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الرِّبْحِ بَيْنَنَا جَازَ وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي الرِّبْحِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ ذَلِكَ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّ مُطْلَقَ الشَّرِكَةِ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ وَكَذَلِكَ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وَقَالَ اعْمَلْ بِهِ بِشَرِكَتِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَهَذِهِ مُضَارَبَةٌ جَائِزَةٌ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ شِرْكًا وَالشَّرِيكُ وَالشَّرِكَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاحِدٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى مِثْلِ مَا شَرَطَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ مِنْ الرِّبْحِ فَإِنْ عَلِمَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ بِمَا شَرَطَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ مِنْ الرِّبْحِ تَجُوزُ الْمُضَارَبَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا لَا تَجُوزُ وَكَذَا إذَا عَلِمَ أَحَدُهُمَا وَجَهِلَ الْآخَرُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْمُضَارِبُ رَبَّ الْمَالِ مَا شَاءَ مِنْ الرِّبْحِ فَهَذِهِ مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثَ الرِّبْحِ أَوْ سُدُسَهُ أَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثَ الرِّبْحِ أَوْ سُدُسَهُ فَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ شَرَطَ لَهُ أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى غَيْرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ نِصْفَ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثَهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِجَانِبِ رَبِّ الْمَالِ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَلِلْمُضَارِبِ مَا شُرِطَ لَهُ وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْمُضَارِبِ شَيْئًا فَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجُوزُ وَيَكُونُ لِلْمُضَارِبِ الْبَاقِي بَعْدَ نَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ

عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَ الرِّبْحِ وَلَك ثُلُثَهُ كَانَ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثُ الرِّبْحِ وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا شُرِطَ فِي الْمُضَارَبَةِ بَعْضُ الرِّبْحِ لِغَيْرِ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ فَإِنْ شُرِطَ عَمَلُ الْأَجْنَبِيِّ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ وَيَصِيرُ رَبُّ الْمَالِ دَافِعَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَى رَجُلَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَمَلَ الْأَجْنَبِيِّ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ غَيْرُ جَائِزٍ وَيُجْعَلُ الْمَشْرُوطُ لِلْأَجْنَبِيِّ كَالْمَسْكُوتِ عَنْهُ فَيَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ شُرِطَ بَعْضُ الرِّبْحِ لِعَبْدِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ لِعَبْدِ الْمُضَارِبِ فَإِنْ شُرِطَ عَمَلُ الْعَبْدِ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَمَلُ الْعَبْدِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ صَحَّ الشَّرْطُ سَوَاءٌ كَانَ عَبْدَ الْمُضَارِبِ أَوْ عَبْدَ رَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ عَبْدَ الْمُضَارِبِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ وَيَكُونُ هَذَا الْمَشْرُوطُ كَالْمَسْكُوتِ عَنْهُ وَيَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ الشَّرْطُ وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَبْدَ رَبِّ الْمَالِ فَالْمَشْرُوطُ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ شُرِطَ بَعْضُ الرِّبْحِ لِبَعْضِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُضَارِبِ لَهُ أَوْ شَهَادَةُ رَبِّ الْمَالِ لَهُ نَحْوَ الِابْنِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُكَاتَبِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا شُرِطَ بَعْضُ الرِّبْحِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ شُرِطَ بَعْضُ الرِّبْحِ لِقَضَاءِ دَيْنِ الْمُضَارِبِ أَوْ لِقَضَاءِ دَيْنِ رَبِّ الْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَكُونُ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شُرِطَ ذَلِكَ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ لِلْحَجِّ أَوْ فِي الرِّقَابِ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ رَأْسُ مَالٍ، وَلَا عَمَلَ لَهُمْ فَصَارَ كَالْمَسْكُوتِ عَنْهُ فَيَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ وَثُلُثَهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَثُلُثَهُ لِمَنْ شَاءَ الْمُضَارِبُ فَالثُّلُثَانِ مِنْ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَ لَهُ ثُلُثُ الرِّبْحِ لِمَنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ فَهُوَ وَالْمَسْكُوتُ عَنْهُ سَوَاءٌ فَيَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ دَفَعَ رَجُلَانِ أَلْفًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثَ رِبْحِهَا وَثُلُثَ الْبَاقِي لِأَحَدِهِمَا وَالثُّلُثَيْنِ لِلْآخَرِ فَعَمِلَ الْمُضَارِبُ وَرَبِحَ فَثُلُثُهُ لِلْمُضَارِبِ وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ شَرَطَ الْمُضَارِبُ أَنَّ لَهُ الثُّلُثَ، ثُلُثَاهُ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا وَالثُّلُثُ مِنْ حِصَّةِ الْآخَرِ يَصِحُّ وَمَا بَقِيَ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْمَالِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ لِمَنْ شَرَطَ مِنْ حِصَّتِهِ الثُّلُثَيْنِ وَسَبْعَةٌ لِلْآخَرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ دَفَعَ رَجُلَانِ إلَى رَجُلَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَا لَهُمَا نِصْفُ الرِّبْحِ بَيْنَكُمَا لِفُلَانٍ مِنْهُ الثُّلُثَانِ ثُلُثَا ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِ صَاحِبَيْ الْمَالِ وَثُلُثُ ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ وَلِفُلَانٍ الْآخَرِ مِنْهُ الثُّلُثُ ثُلُثَا ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِ صَاحِبَيْ الْمَالِ وَهُوَ الَّذِي أَعْطَى الْأَوَّلَ ثُلُثَ نَصِيبِهِ وَثُلُثُ ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْمَالِ نِصْفَيْنِ فَعَمِلَا وَرَبِحَا فَنِصْفُ الرِّبْحِ بَيْنَ الْمُضَارِبَيْنِ عَلَى مَا اُشْتُرِطَ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْمَالِ عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ لِلَّذِي شَرَطَ لِلْمُضَارِبِ ثُلْثَيْ النِّصْفِ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَفَعَ أَلْفًا عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ عَلَى أَنْ يَخْلِطَ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِهِ فَيَعْمَلَ بِهِمَا فَخَلَطَهُمَا وَعَمِلَ وَرَبِحَ فَهُوَ عَلَى الشَّرْطِ رِبْحُ أَلْفِ الْمُضَارِبِ لَهُ خَاصَّةً وَالثُّلُثَانِ لَهُ مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ بِحُكْمِ عَمَلِهِ فِي مَالِ الدَّافِعِ وَلَوْ كَانَ الدَّافِعُ شَرَطَ لِنَفْسِهِ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ وَلِلْعَامِلِ ثُلُثُهُ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالِهِمَا لِأَنَّ الدَّافِعَ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ رِبْحُ مَالِهِ كُلِّهِ لَهُ وَهُوَ نِصْفُ الرِّبْحِ فَيَكُونُ هَذَا إبْضَاعًا مُبْتَدَأً لَا مُضَارَبَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُ بِأَلْفٍ مِنْ قِبَلِهِ وَيَعْمَلُ بِهِمَا جَمِيعًا عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ نِصْفُ ذَلِكَ مِنْ رِبْحِ أَلْفِ صَاحِبِهِ وَنِصْفُهُ مِنْ رِبْحِ أَلْفِهِ خَاصَّةً وَعَلَى أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبْحِ لِلدَّافِعِ فَهَذَا جَائِزٌ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثَا الرِّبْحِ عَلَى مَا اُشْتُرِطَ وَالثُّلُثُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُمَا بِأَلْفٍ مِنْ قِبَلِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَهَذَا جَائِزٌ فَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ شَرَطَ لِنَفْسِهِ

الباب الثالث في الرجل يدفع المال بعضه مضاربة وبعضه لا

ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ وَلِلْعَامِلِ رُبْعَهُ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ مَالِهِمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا وَقَالَ إنْ اشْتَرَى بِهِ بُرًّا فَلَهُ النِّصْفُ وَإِنْ اشْتَرَى بِهِ دَقِيقًا فَلَهُ الرُّبُعُ وَإِنْ اشْتَرَى بِهِ شَعِيرًا فَلَهُ الثُّلُثُ صَحَّ وَمَا اشْتَرَى اسْتَحَقَّ الْمَشْرُوطَ فَإِنْ اشْتَرَى بُرًّا لَا يَمْلِكُ شِرَاءَ شَيْءٍ آخَرَ لِوُقُوعِ الشَّرِكَةِ وَالْعَقْدِ عَلَيْهِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَى أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُضَارِبِ إذَا خَرَجَ إلَى السَّفَرِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَجَازَتْ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ نَاقِلًا عَنْ الْمُنْتَقَى. وَلَوْ قَالَ إنْ عَمِلْتَ فِي الْمِصْرِ فَلَكَ الثُّلُثُ وَإِنْ سَافَرْتَ فَلَكَ النِّصْفُ فَاشْتَرَى فِي الْمِصْرِ وَبَاعَ فِي السَّفَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُضَارَبَةُ عَلَى الشِّرَاءِ فَإِنْ اشْتَرَى فِي الْمِصْرِ فَلَهُ مَا شُرِطَ فِي الْمِصْرِ سَوَاءٌ بَاعَهُ فِي الْمِصْرِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ عَمِلَ بِبَعْضِ الْمَالِ فِي السَّفَرِ وَبِالْبَعْضِ فِي الْحَضَرِ فَرِبْحُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا شُرِطَ. دَفَعَ إلَى رَجُلَيْنِ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَ الرِّبْحِ وَالْبَاقِيَ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْآخَرِ فَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ دُونَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ وَهُوَ عَدَمُ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ وُجِدَ فِي حَقِّهِ خَاصَّةً وَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالتَّصَرُّفِ لَهُمَا قَائِمٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ الْمَالَ بَعْضَهُ مُضَارَبَةً وَبَعْضَهُ لَا] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ الْمَالَ بَعْضَهُ مُضَارَبَةً وَبَعْضَهُ لَا) . إذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ نِصْفُهُ قَرْضٌ عَلَيْك وَنِصْفُهُ مَعَك مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَأَخَذَهُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا سَمَّى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِنِصْفِهِ وَلَوْ عَمِلَ بِهِ فَرَبِحَ كَانَ نِصْفُ الرِّبْحِ لِلْعَامِلِ وَنِصْفُهُ عَلَى مَا شُرِطَ فِي الْمُضَارَبَةِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ قَسَمَ الْمُضَارِبُ الْمَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ بَعْدَمَا عَمِلَ بِهِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَقِسْمَتُهُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَنْفَرِدُ بِالْقِسْمَةِ فَإِنْ هَلَكَ أَحَدُ الْمُقْتَسِمَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ رَبُّ الْمَالِ نَصِيبَهُ هَلَكَ مِنْ مَالِهِمَا جَمِيعًا وَإِنْ لَمْ يَهْلِكْ حَتَّى حَضَرَ رَبُّ الْمَالِ وَأَجَازَ الْقِسْمَةَ بِأَنْ قَبَضَ نَصِيبَهُ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ رَبُّ الْمَالِ نَصِيبَهُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ حَتَّى هَلَكَ رَجَعَ بِنِصْفِ نَصِيبِ الْمُضَارِبِ، وَلَوْ كَانَ هَلَكَ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ لَمْ يَرْجِعْ الْمُضَارِبُ فِي نَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ بِشَيْءٍ وَإِنْ هَلَكَ النَّصِيبَانِ جَمِيعًا بَعْدَ رِضَا رَبِّ الْمَالِ بِالْقِسْمَةِ رَجَعَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ بِنِصْفِ مَا صَارَ لِلْمُضَارِبِ وَلِرَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ قَرْضُ خَمْسِمِائَةٍ عَلَى حَالِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ قَرْضٌ عَلَيْك وَعَلَى أَنْ تَعْمَلَ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ لِأَنَّهُ قَرْضٌ جَرَّ نَفْعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ وَهَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ عَمِلَ مَعَ هَذَا فَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ فَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ قَرْضٌ عَلَيْك وَنِصْفَهُ مُضَارَبَةٌ تَعْمَلُ فِيهِ بِالنِّصْفِ فَهُوَ جَائِزٌ. وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ مُضَارَبَةٌ بِالنِّصْفِ وَنِصْفَهُ هِبَةٌ لِلْمُضَارِبِ وَقَبَضَهُ الْمُضَارِبُ عَلَى ذَلِكَ، غَيْرَ مَقْسُومَةٍ فَهَذِهِ الْهِبَةُ فَاسِدَةٌ وَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ أَوْ بَعْدَمَا عَمِلَ بِهِ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ نِصْفَ الْمَالِ حِصَّةَ الْهِبَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا تُوجَدُ رِوَايَةٌ فِي الْكُتُبِ أَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ مَضْمُونَةٌ إلَّا فِي هَذَا وَلَوْ رَبِحَ فَنِصْفُ الرِّبْحِ حِصَّةُ الْهِبَةِ لِلْمُضَارِبِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ عَلَى مَا شَرَطَا فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْوَضِيعَةِ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ حِصَّةَ الْهِبَةِ مِنْ الرِّبْحِ هَلْ تَطِيبُ لِلْمُضَارِبِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَطِيبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَيَتَصَدَّقُ بِهَا وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَافِظُ تَطِيبُ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ سَمَّى نِصْفَهُ بِضَاعَةً

الباب الرابع فيما يملك المضارب من التصرفات وما لا يملك

وَنِصْفَهُ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْهَلَاكُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَإِنْ رَبِحَ فَلِرَبِّ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الرِّبْحِ وَلِلْمُضَارِبِ رُبُعُ الرِّبْحِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ دَفَعَهُ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ وَدِيعَةٌ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ وَنِصْفَهُ مُضَارَبَةٌ بِالنِّصْفِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا سَمَّى فَإِنْ تَصَرَّفَ فِي جَمِيعِ الْمَالِ كَانَ ضَامِنًا لِلنِّصْفِ حِصَّةِ الْوَدِيعَةِ وَرِبْحُ ذَلِكَ النِّصْفِ لَهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ قَسَمَ الْمُضَارِبُ الْمَالَ نِصْفَيْنِ ثُمَّ عَمِلَ بِأَحَدِ النِّصْفَيْنِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَوَضَعَ فَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ نِصْفَيْنِ وَإِنْ رَبِحَ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إلَّا أَنَّ مَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الرِّبْحِ يَتَصَدَّقُ بِهِ الْمُضَارِبُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ جِرَابًا هَرَوِيًّا فَبَاعَ نِصْفَهُ مِنْهُ بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ الْبَاقِي وَيَعْمَلَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ مُضَارَبَةً فَإِنْ شَرَطَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ نِصْفَانِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قِيَاسِ قَوْلِهِمَا لِرَبِّ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الرِّبْحِ وَلِلْمُضَارِبِ رُبُعُهُ وَالْوَضِيعَةُ كُلُّهَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ خَلَطَ الْمَالَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي النِّصْفِ الَّذِي فَسَدَتْ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ وَإِنْ لَمْ يَخْلِطْ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا فَسَدَتْ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ. وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثَا الرِّبْحِ وَلِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثُهُ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِلْمُضَارِبِ ثُلُثُ الرِّبْحِ وَلِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثَاهُ وَإِذَا شَرَطَا لِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ وَلِلْمُضَارِبِ ثُلُثَهُ فَعِنْدَهُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَعِنْدَهُمَا لِلْمُضَارِبِ سُدُسُ الرِّبْحِ وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْمَالِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. . (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْبَابِ) . إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ جِرَابًا هَرَوِيًّا فَبَاعَ نِصْفَهُ مِنْهُ بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ أَمَرَهُ بِأَنْ يَبِيعَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ وَيَعْمَلَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَبَاعَ الْمُضَارِبُ نِصْفَ الْجِرَابِ بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ عَمِلَ بِهَا وَبِالْخَمْسَةِ الَّتِي عَلَيْهِ فَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ نِصْفَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِرَبِّ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الرِّبْحِ وَلِلْمُضَارِبِ الرُّبُعُ وَالْوَضِيعَةُ كُلُّهَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ أَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِالْمَالَيْنِ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ ثُلْثَيْ الرِّبْحِ فَعَمِلَ بِهَا كَانَ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثَا الرِّبْحِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ وَضَعَ كَانَتْ الْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا أَنْصَافًا هَذَا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لِلْمُضَارِبِ ثُلُثُ الرِّبْحِ إنْ عَمِلَ فِي الْمَالَيْنِ وَرَبِحَ وَلِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثَا الرِّبْحِ وَالْوَضِيعَةُ كُلُّهَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الرِّبْحِ وَلِلْمُضَارِبِ الثُّلُثُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِهِمَا لِرَبِّ الْمَالِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الرِّبْحِ وَلِلْمُضَارِبِ السُّدُسُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهَلْ يَسْتَحِقُّ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي النِّصْفِ الَّذِي فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ فِيهِ؟ يُنْظَرُ إنْ خَلَطَ الْمَالَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْلِطْ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا فَسَدَتْ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الرَّابِع فِيمَا يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ وَمَا لَا يَمْلِكُ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ وَمَا لَا يَمْلِكُ) . الْأَصْلُ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْمُضَارِبُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ نَوْعٌ يَمْلِكُهُ بِمُطْلَقِ الْمُضَارَبَةِ وَهُوَ مَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الْمُضَارَبَةِ

وَتَوَابِعِهَا وَمِنْ جُمْلَتِهِ التَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِلْحَاجَةِ وَالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ وَالْإِجَارَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالْإِيدَاعِ وَالْإِبْضَاعِ وَالْمُسَافَرَةِ وَنَوْعٌ لَا يَمْلِكُهُ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ وَيَمْلِكُهُ إذَا قِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك وَهُوَ مَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَلْتَحِقَ بِهِ فَيَلْحَقُ بِهِ عِنْدَ وُجُودِ الدَّلَالَةِ وَذَلِكَ مِثْلُ دَفْعِ الْمَالِ مُضَارَبَةً أَوْ شَرِكَةً إلَى غَيْرِهِ وَخَلْطِ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ وَنَوْعٌ لَا يَمْلِكُهُ لَا بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ وَلَا بِقَوْلِهِ اعْمَلْ بِرَأْيِك إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ وَهُوَ الِاسْتِدَانَةُ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بَعْدَ مَا اشْتَرَى بِرَأْسِ الْمَالِ السِّلْعَةَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَخَذَ السَّفَاتِجِ وَكَذَا إعْطَاؤُهَا وَالْعِتْقُ بِمَالٍ وَبِغَيْرِ مَالٍ وَالْكِتَابَةُ وَالْإِقْرَاضُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. يَجُوزُ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَأَخَّرَ الثَّمَنَ جَازَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَإِنْ حَطَّ شَيْئًا بِعَيْبٍ مِثْلَ مَا يَحُطُّ التُّجَّارُ فِي ذَلِكَ الْعَيْبِ أَوْ يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ فَذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ مِنْ صُنْعِ التُّجَّارِ وَلَوْ حَطَّ عَنْهُ شَيْئًا فَاحِشًا أَوْ حَطَّ بِغَيْرِ عَيْبٍ جَازَ ذَلِكَ عَلَى الْمُضَارِبِ خَاصَّةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ ضَامِنٌ لِذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ وَمَا قَبَضَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَعَمِلَ بِهِ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ خَاصَّةً وَرَأْسُ الْمَالِ فِي ذَلِكَ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ سَفِينَةً لِلرُّكُوبِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَكْرِيَهَا وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِ الْمُضَارَبَةِ فِي التِّجَارَةِ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَيْسَ عَلَى هَذَا الْمَمْلُوكِ عُهْدَةُ شَيْءٍ مِمَّا بَاعَ وَإِنَّمَا الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُضَارِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ وَيَمْلِكُ الْمَأْذُونُ مِنْ جِهَتِهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ مَا يَمْلِكُهُ الْمُضَارِبُ دُونَ مَا لَا يَمْلِكُهُ فَإِنْ اشْتَرَى الْعَبْدُ عَبْدًا مِنْ تِجَارَتِهِ فَجَنَى لَا يَدْفَعُهُ وَلَا يَفْدِيهِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُضَارِبُ وَرَبُّ الْمَالِ وَإِنْ لَحِقَ عَبْدًا مِنْ الْمُضَارَبَةِ دَيْنٌ كَانَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَهُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَلَوْ رَهَنَ الْمُضَارِبُ الْعَبْدَ بِدَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ أَوْ لَا لِأَنَّ الرَّهْنَ إيفَاءُ دَيْنٍ حُكْمًا وَلَيْسَ يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَفِيهِ فَضْلٌ أَوْ لَيْسَ فِيهِ فَضْلٌ فَالرَّهْنُ جَائِزٌ وَلَوْ لَمْ يَرْهَنْهُ وَلَكِنَّ الْعَبْدَ اسْتَهْلَكَ مَالًا لِرَجُلٍ أَوْ قَتَلَ دَابَّةً فَبَاعَهُ الْمُضَارِبُ فِي ذَلِكَ دُونَ حُضُورِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ دَفَعَهُ عَلَيْهِ بِدَيْنِهِ أَوْ قَضَى الدَّيْنَ عَنْهُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ احْتَالَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ وَالْأَعْسَرِ جَازَ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ دَفَعَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ إلَى رَبِّ الْمَالِ بِضَاعَةً فَاشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ وَبَاعَ فَهِيَ مُضَارَبَةٌ بِحَالِهَا وَيَصِيرُ رَبُّ الْمَالِ مُعِينًا لِلْمُضَارِبِ فِي الْعَمَلِ وَيَسْتَوِي فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ نَقْضًا أَوْ صَارَ عَرَضًا وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ أَخَذَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ مِنْ مَنْزِلِ الْمُضَارِبِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَبَاعَ وَاشْتَرَى بِهِ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ نَقْضًا فَهُوَ نَقْضٌ لِلْمُضَارَبَةِ وَإِنْ صَارَ رَأْسُ الْمَالِ عَرَضًا لَا يَكُونُ نَقْضًا لَهَا ثُمَّ إذَا كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ عَرَضًا وَبَاعَ رَبُّ الْمَالِ الْعَرَضَ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَرَأْسُ الْمَالِ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِأَلْفَيْنِ عَرَضًا آخَرَ يُسَاوِي أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَالْعَرْضُ الْمُشْتَرَى يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ وَضَمِنَ لِلْمُضَارِبِ خَمْسَمِائَةٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ دَفَعَ الْمُضَارِبُ الْمَالَ إلَى رَبِّ الْمَالِ مُضَارَبَةً لَا تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ الثَّانِيَةُ وَلَا تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ الْأُولَى عِنْدَنَا وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا فِي الْمُضَارَبَةِ الْأُولَى كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا بَاعَ رَبُّ الْمَالِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ مِنْ الْمُضَارِبِ أَوْ بَاعَهُ الْمُضَارِبُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ أَنَّهُ مَتَى بَاعَ رَبُّ الْمَالِ مِنْ الْمُضَارِبِ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ وَمَتَى بَاعَ الْمُضَارِبُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ لَمْ تَبْطُلْ الْمُضَارَبَةُ وَيَكُونُ رَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْمُضَارِبِ وَبَقِيَتْ

الْمُضَارَبَةُ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ الثَّمَنَ وَنَقَضَ الْمُضَارَبَةَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَرْضًا بَيْضَاءَ وَيَشْتَرِيَ بِبَعْضِ الْمَالِ طَعَامًا لِيَزْرَعَهَا كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا بَيْضَاءَ عَلَى أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا شَجَرًا أَوْ أَرْطَابًا فَقَالَ ذَلِكَ مِنْ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْوَضِيعَةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَطَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أَخَذَ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا أَوْ أَرْطَابًا مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَإِنْ كَانَ قَالَ اعْمَلْ بِرَأْيِك كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَخَذَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَاسْتَنْبَتَهَا بِطَعَامٍ اشْتَرَاهُ بِبَعْضِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ يَجُوزُ إنْ قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ وَالْبَقَرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْعَمَلُ عَلَى الْمُضَارِبِ فَمَا حَصَلَ يَكُونُ لِلْمُضَارِبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَكَذَا لَوْ كَانَ شَرَطَ الْبَقَرَ عَلَى الْمُضَارِبِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا بِغَيْرِ بَذْرٍ مُزَارَعَةً جَازَ سَوَاءٌ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ اعْمَلْ بِرَأْيِك أَوْ لَمْ يَقُلْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُضَارِبِ وَلَا لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَطَأَ جَارِيَةً اشْتَرَاهَا لِلْمُضَارَبَةِ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَا يُقَبِّلَهَا وَلَا يَلْمِسَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ فِي وَطْئِهَا فَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا دَوَاعِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ زَوَّجَهَا رَبُّ الْمَالِ مِنْ الْمُضَارِبِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ فَبَقِيَتْ عَلَى الْمُضَارَبَةِ كَمَا كَانَتْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ جَازَ النِّكَاحُ كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ مُضَارَبَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ. وَتَخْرُجُ الْجَارِيَةُ عَنْ الْمُضَارَبَةِ وَتُحْتَسَبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِقَرَابَةٍ أَوْ يَمِينٍ وَكَذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَوْ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ صَارَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ دُونَ الْمُضَارَبَةِ وَضَمِنَ إنْ نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ حَتَّى ظَهَرَ الرِّبْحُ عَتَقَ حَظُّهُ مِنْهُ وَلَمْ يَضْمَنْ لِرَبِّ الْمَالِ شَيْئًا وَسَعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ نَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ وَلَوْ اشْتَرَى نِصْفَهُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَا فَضْلَ فِيهِ وَنِصْفَهُ بِمَالِهِ صَحَّ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلِلْمُضَارِبِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ أَنْ يُسَافِرَ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ فِي الرِّوَايَةِ الظَّاهِرَةِ بَرًّا وَبَحْرًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ سَفَرًا مَخُوفًا يَتَحَامَى النَّاسُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا دَفَعَ رَجُلٌ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك إلَّا أَنَّ مُعَامَلَةَ التُّجَّارِ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ أَنَّ الْمُضَارِبِينَ يَخْلِطُونَ، وَأَرْبَابُ الْأَمْوَالِ لَا يَنْهَوْنَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَعَمِلَ فِي ذَلِكَ عَلَى مُعَامَلَاتِ النَّاسِ إنْ غَلَبَ التَّعَارُفُ بَيْنَهُمْ فِي مِثْلِ هَذَا رَجَوْت أَنْ لَا يَضْمَنَ، وَيَكُونُ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلَى مَا تَعَارَفُوهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الصَّبِيِّ أَوْ إلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مَالًا مُضَارَبَةً فَاشْتَرَى بِهِ فَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ بِغَيْرِ أَذَنِ وَالِدِ الصَّبِيِّ وَمَوْلَى الْعَبْدِ جَازَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَالْعُهْدَةُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ ثُمَّ لَا تَنْتَقِلُ الْعُهْدَةُ إلَى الصَّبِيِّ وَإِنْ كَبُرَ وَتَنْتَقِلُ إلَى الْعَبْدِ إذَا أُعْتِقَ وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي عَمَلِ الْمُضَارَبَةِ وَقُتِلَ الصَّبِيُّ وَهُوَ فِي عَمَلِ الْمُضَارَبَةِ بَعْدَ مَا رَبِحَا فَإِنَّ مَوْلَى الْعَبْدِ يُضَمِّنُ رَبَّ الْمَالِ قِيمَةَ عَبْدِهِ يَوْمَ عَمِلَ فِي مَالِهِ مُضَارَبَةً بِأَمْرِهِ فَإِذَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَمْلِكُهُ بِالضَّمَانِ فَجَمِيعُ مَا رَبِحَ الْعَبْدُ لِرَبِّ الْمَالِ دُونَ مَوْلَى الْعَبْدِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ الدِّيَةُ، وَإِنْ شَاءَ وَرَثَةُ الصَّبِيِّ ضَمَّنُوا عَاقِلَةَ رَبِّ الْمَال ثُمَّ تَرْجِعُ عَاقِلَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ ثُمَّ يُسَلِّمُ لِوَرَثَةِ الصَّبِيِّ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبًا ضَمِنَ رَأْسَ الْمَالِ عِلْمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ اشْتَرَى بَيْعًا فَاسِدًا مِمَّا يُمْلَكُ إذَا قُبِضَ فَلَيْسَ

بِمُخَالِفٍ وَمَا اشْتَرَى فَإِنَّهُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّصَرُّفِ عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ الصَّحِيحُ وَالْفَاسِدُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ يَكُونُ مُخَالِفًا قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَال اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك أَوْ لَمْ يَقُلْ وَلَوْ بَاعَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ أَوْ بِأَجَلٍ غَيْرِ مُتَعَارَفٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ أَوْ بَاعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ أَوْ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ الْمِلْكِ كَمُكَاتَبِهِ وَالْعَبْدِ الْمَدْيُونِ فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ جَازَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدِهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إلَّا مِنْ مُكَاتَبِهِ وَعَبْدِهِ الْمَدْيُونِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَقَرَّ الْمُضَارِبُ بِدَيْنٍ فِي الْمُضَارَبَةِ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ عَبْدِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا لَزِمَهُ فِي مَالِهِ خَاصَّةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا مَا أَقَرَّ لِعَبْدِهِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ لَهُمْ إلَّا لِعَبْدِهِ أَوْ لِمُكَاتَبِهِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَضْلٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ فَضْلٌ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ لِهَؤُلَاءِ فِي حِصَّتِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُضَارَبَةِ الصَّغِيرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. إذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ بَاعَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهَا حَتَّى اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ بِخَمْسِمِائَةِ لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ بَاعَهَا بِأَلْفَيْنِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ إلَّا دِرْهَمًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُضَارِبُ لِنَفْسِهِ أَوْ اشْتَرَاهَا رَبُّ الْمَالِ لِنَفْسِهِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهَا ابْنُ أَحَدِهِمَا أَوْ أَبُوهُ أَوْ عَبْدُهُ أَوْ مُكَاتَبُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا شِرَاءُ هَؤُلَاءِ جَائِزٌ إلَّا الْمُكَاتَبَ وَالْعَبْدَ، وَلَوْ وَكَّلَ الْمُضَارِبُ ابْنَهُ بِشِرَائِهَا أَوْ ابْنَ رَبِّ الْمَالِ لَمْ يَجُزْ الشِّرَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْوَكِيلِ وَلَا لِلْمُوَكِّلِ وَلَوْ وَكَّلَ الْمُضَارِبُ رَبَّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهُ أَوْ وَكَّلَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلَانِ دَفَعَا إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَنَهَيَاهُ عَنْ الشَّرِكَةِ فَانْشَقَّ الْكِيسُ الَّذِي فِيهِ الدَّرَاهِمُ وَاخْتَلَطَ بِدَرَاهِمِ الْمُضَارِبِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا ثَابِتَةٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَتَاعِ وَلَا يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ شَيْئًا لِنَفْسِهِ دُونَ صَاحِبِهِ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالْمَالِ شَيْئًا اشْتَرَى لِلْمُضَارَبَةِ مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَشْهَدَ ثُمَّ نَقَدَهَا مِنْ الْمَالِ ثُمَّ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدَهَا مِنْ الْمَالِ فَهَذَا جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً ثُمَّ أَشْهَدَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ شِرَاءً مُسْتَقْبَلًا بِمِثْلِ ذَلِكَ الْمَالِ أَوْ بِرِبْحٍ وَكَانَ رَبُّ الْمَالِ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ بِرَأْيِهِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ فَإِنَّ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ بَاطِلٌ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَهِيَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ عَلَى حَالِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَشْتَرِيهَا لِنَفْسِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً لِلْمُضَارَبَةِ عَنْ نَفْسِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِرِبْحٍ أَوْ بِوَضِيعَةٍ وَالثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَ الْجَارِيَةَ ثَانِيًا مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِوَضِيعَةٍ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَلِي الْعَقْدَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إلَّا الْأَبَ فِي مَالِ وَلَدِهِ عَلَى الِاتِّفَاقِ وَالْوَصِيَّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْوَجْهَ الثَّانِي فَعَلَى مَا عَلَيْهِ إشَارَةُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ لِأَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يُفَصِّلْ وَإِنْ كَانَ حِينَ اشْتَرَاهَا بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَشْتَرِيهَا لِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَذَلِكَ وَمَا اشْتَرَى فَهُوَ لَهُ وَهُوَ ضَامِنٌ لِرَبِّ الْمَالِ مَا نَقَدَ وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ فَالْجَارِيَةُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ حَاضِرًا فَقَالَ عِنْدَ

حَضْرَتِهِ إنِّي أَشْتَرِيهَا لِنَفْسِي هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ مُضَارَبَةً فَأَخَذَهُ الْمُضَارِبُ وَاشْتَرَى جَارِيَةً لِلْمُضَارَبَةِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ جِيَادٍ كَمَا اقْتَضَاهُ مُطْلَقُ تَسْمِيَةِ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى الدَّرَاهِمِ فَإِذَا هِيَ نَبَهْرَجَةٌ أَوْ زُيُوفٌ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا بِالْمُشَارِ إلَيْهِ وَقْتَ الدَّفْعِ وَالْأَخْذِ أَوْ عَلِمَ بِهِ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ عَلِمَا إلَّا إنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعِلْمِ صَاحِبِهِ بِحَالِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَعْطَى الْمُضَارِبُ بَائِعَ الْجَارِيَةِ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ وَتَجَوَّزَ بِهَا الْبَائِعُ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُضَارِبِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِشَيْءٍ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ الزُّيُوفَ. وَإِنْ لَمْ يَتَجَوَّزْ بِهَا الْبَائِعُ وَرَدَّهَا عَلَى الْمُضَارِبِ يَرُدُّهَا الْمُضَارِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَيَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِالْجِيَادِ وَيَكُونُ رَأْسُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ الْجِيَادَ فَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ نَظَرَ إلَى الدَّرَاهِمِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَعَلِمَ أَنَّهَا زُيُوفٌ فَاشْتَرَى بِهَا جَارِيَةً نَفِدَ الشِّرَاءُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ الزُّيُوفَ وَلَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي قَبَضَهَا الْمُضَارِبُ سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ جِيَادٍ فَهِيَ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا تَكُونُ لِلْمُضَارَبَةِ فِي الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَلَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ جِيَادًا إلَّا أَنَّهَا أَنْقَصُ مِنْ الْمُسَمَّى بِأَنْ كَانَتْ خَمْسَمِائَةٍ مَثَلًا فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَنِصْفُ الْجَارِيَةِ لِلْمُضَارَبَةِ وَنِصْفُهَا لِرَبِّ الْمَالِ فِي الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ، فَإِذَا بَاعَ الْمُضَارِبُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَرَبِحَ فَنِصْفُ الثَّمَنِ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَيَسْتَوْفِي مِنْهُ رَأْسَ مَالِهِ وَالْبَاقِي رِبْحٌ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ الْمِثْلِ فِيمَا اشْتَرَى لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ وَرَبُّ الْمَالِ يَعْلَمَانِ بِكَوْنِ الدَّرَاهِمِ زُيُوفًا أَوْ سَتُّوقَةً أَوْ نَاقِصَةً وَيَعْلَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعِلْمِ صَاحِبِهِ بِذَلِكَ فَالْمُضَارَبَةُ تَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ. فَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً فَاشْتَرَى بِهَا جَارِيَةً فَالشِّرَاءُ لِلْمُضَارَبَةِ وَلَوْ اشْتَرَى بِالْجِيَادِ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا فَاشْتَرَى بِهَا شَيْئًا كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ وَكَانَ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ نَاقِصَةً فَالْمُضَارَبَةُ عَلَى مَا قَبَضَ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْمَقْبُوضُ خَمْسُمِائَةٍ فَنِصْفُ الْجَارِيَةِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَالنِّصْفُ لِلْمُضَارِبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِالْمَالِ مَتَاعًا وَفِيهِ فَضْلٌ أَوْ لَا فَضْلَ فِيهِ فَأَرَادَ رَبُّ الْمَالِ بَيْعَ ذَلِكَ فَأَبَى الْمُضَارِبُ وَأَرَادَ إمْسَاكَهُ حَتَّى يَجِدَ رِبْحًا فَإِنَّ الْمُضَارِبَ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُ إنْ أَرَدْت الْإِمْسَاكَ فَرُدَّ عَلَيْهِ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ يُقَالُ لَهُ ادْفَعْ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَيُسَلِّمُ الْمَتَاعَ لَك كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِالْمَالِ مَتَاعًا ثُمَّ قَالَ الْمُضَارِبُ أَنَا أُمْسِكُهُ حَتَّى أَجِدَ رِبْحًا كَثِيرًا وَأَرَادَ رَبُّ الْمَالِ بَيْعَهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَضْلٌ بِأَنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا وَاشْتَرَى بِهِ مَتَاعًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَضْلٌ بِأَنْ كَانَ اشْتَرَى بِهِ مَتَاعًا يُسَاوِي أَلْفًا فَفِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا لَمْ يَكُنْ لِلْمُضَارِبِ حَقُّ إمْسَاكِ الْمَتَاعِ مِنْ غَيْرِ رِضَا رَبِّ الْمَالِ إلَّا أَنْ يُعْطِيَ رَبَّ الْمَالِ رَأْسَ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ، أَوْ رَأْسَ الْمَالِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ فَحِينَئِذٍ لَهُ حَقُّ إمْسَاكِهِ وَإِذَا لَمْ يُعْطِ رَبَّ الْمَالِ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ إمْسَاكِهِ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ يُجْبَرُ الْمُضَارِبُ عَلَى بَيْعِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنَا أُعْطِيك رَأْسَ مَالِكَ وَحِصَّتَك مِنْ الرِّبْحِ إنْ كَانَ فِي الْمَتَاعِ فَضْلٌ أَوْ يَقُولُ أُعْطِيكَ رَأْسَ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَتَاعِ فَضْلٌ فَإِذَا اخْتَارَ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَيُجْبَرُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى قَبُولِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَيُقَالُ لِرَبِّ الْمَالِ الْمَتَاعُ كُلُّهُ خَالِصُ مِلْكِكَ فَإِمَّا أَنْ تَأْخُذَهُ بِرَأْسِ مَالِكَ أَوْ

الباب الخامس في دفع المال مضاربة إلى رجلين

تَبِيعَهُ حَتَّى تَصِلَ إلَى رَأْسِ مَالِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكُلُّ مَا جَازَ لِلْمُضَارِبِ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ بِضَاعَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ لَهُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ اعْمَلْ بِرَأْيِك جَازَ لَهُ مَا يَجُوزُ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي دَفْعِ الْمَالِ مُضَارَبَةً إلَى رَجُلَيْنِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي دَفْعِ الْمَالِ مُضَارَبَةً إلَى رَجُلَيْنِ) إذَا دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَيَا بِهَا عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَقَبَضَاهُ فَبَاعَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ بِعَرَضٍ يُسَاوِي أَلْفًا وَأَجَازَ ذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَتَكُونُ عَلَى الْمُضَارِبِ الْعَامِلِ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَا دِرْهَمٍ أَلْفٌ مِنْ ذَلِكَ يَأْخُذُهُ رَبُّ الْمَالِ بِرَأْسِ مَالِهِ وَأَلْفٌ آخَرُ رِبْحُهُ يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ نِصْفَهُ وَنِصْفُهُ بَيْنَ الْمُضَارِبَيْنِ فَيَطْرَحُ عَنْ الْعَامِلِ مِقْدَارَ نَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَذَلِكَ رُبُعُ الْأَلْفِ وَيَغْرَمُ مَا سِوَى ذَلِكَ وَحَقُّ الْمُضَارِبِ الْآخَرِ تَبَعٌ لِحَقِّ رَبِّ الْمَالِ فَلَا يَمْتَنِعُ لِأَجْلِهِ نُفُوذُ إجَازَةِ رَبِّ الْمَالِ فِي حِصَّتِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ بَاعَ الْعَبْدَ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَأَجَازَ ذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ جَازَ عَلَى الْمُضَارِبَيْنِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبَائِعِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَلْفَانِ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَاعَاهُ جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ بَاعَ الْعَبْدَ بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفَيْنِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ بِمَا يُتَغَابَنُ فِيهِ فَأَجَازَ ذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ هُوَ الَّذِي بَاعَهُ وَأَجَازَ أَحَدُ الْمُضَارِبَيْنِ فَإِنْ كَانَ بَاعَهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ بَاعَهُ بِدُونِ الْقِيمَةِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُجِيزَاهُ جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُضَارِبَيْنِ بَاعَ الْعَبْدَ بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الثَّمَنِ فَأَجَازَهُ الْمُضَارِبُ الْآخَرُ وَلَمْ يُجِزْ رَبُّ الْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ إنْ كَانَ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ بَاعَاهُ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَفَعَ أَلْفًا إلَى رَجُلَيْنِ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَقَالَ اعْمَلَا بِرَأْيِكُمَا أَوْ لَمْ يَقُلْ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا بِنِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ صَارَ ضَامِنًا لِذَلِكَ النِّصْفِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَا يَحْصُلُ بِتَصَرُّفِهِ مِنْ الرِّبْحِ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ لِحُصُولِهِ بِسَبَبٍ حَرَامٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ لَا يَضْمَنُ وَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ مِنْهُمَا النِّصْفُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمَا بَقِيَ فِي يَدِ الْعَامِلِ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبَيْنِ عَلَى شَرْطِهِمْ فَإِنْ تَوِيَ مَا عَلَى الْمُضَارِبِ الْمُخَالِفِ أَخَذَ جَمِيعَ رَأْسِ مَالِهِ مِنْ الْمُضَارِبِ الْمُوَافِقِ وَإِنْ بَقِيَ رِبْحٌ يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ نِصْفَهُ وَيَأْخُذُ الْمُضَارِبُ الْمُوَافِقُ رُبُعَهُ وَالرُّبُعُ الْبَاقِي الَّذِي هُوَ نَصِيبُ الْمُخَالِفِ يُنْظَرُ فِيهِ إنْ كَانَ مِثْلَ مَا عَلَيْهِ يُحْسَبُ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَإِنْ كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ الرِّبْحِ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ يُحْسَبُ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَيُعْطَى لَهُ الْبَاقِيَ مِنْ الرِّبْحِ إلَى تَمَامِ نَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا عَلَيْهِ يُحْسَبُ قَدْرُ نَصِيبِهِ بِمَا عَلَيْهِ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ إذَا أَيْسَرَ وَصُورَتُهُ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَفِي يَدِ الْمُضَارِبِ الْمُوَافِقِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ؛ أَلْفٌ رِبْحٌ وَخَمْسُمِائَةٍ رَأْسُ الْمَالِ وَخَمْسُمِائَةٍ دَيْنٌ عَلَى الْمُضَارِبِ الْمُخَالِفِ فَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ رِبْحٌ يُضَمُّ إلَى الْخَمْسِمِائَةِ الدَّيْنِ الَّتِي عَلَى الْمُضَارِبِ الْمُخَالِفِ فَيَصِيرُ أَلْفًا فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا سَهْمَانِ لِرَبِّ الْمَالِ وَسَهْمٌ لِلْمُضَارِبِ الْمُوَافِقِ وَسَهْمٌ لِلْمُخَالِفِ فَظَهَرَ أَنَّ نَصِيبَ الْمُخَالِفِ مِنْ الرِّبْحِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَعَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُمِائَةٍ فَيُحْسَبُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ قَدْرَ نَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَيَرُدُّ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إذَا أَيْسَرَ. وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ

الباب السادس فيما يشترط على المضارب من الشروط

الْمُوَافِقِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُمِائَةٍ يَضُمُّ إلَى الْخَمْسَمِائَةِ الَّتِي عَلَى الْمُخَالِفِ فَيَصِيرُ الرِّبْحُ كُلُّهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ نَصِيبُ الْمُخَالِفِ مِنْ الرِّبْحِ خَمْسَمِائَةٍ وَإِنَّهُ مِثْلُ مَا عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّ شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ الْمُوَافِقِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ فَالرِّبْحُ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَيُضَمُّ إلَى مَا عَلَى الْمُخَالِفِ فَيَصِيرُ الرِّبْحُ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ فَنَصِيبُ الْمُخَالِفِ مِنْهُ رُبُعُهُ وَذَلِكَ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَيُحْسَبُ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ مِنْ الرِّبْحِ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ تَمَامُ حِصَّتِهِ وَالْبَاقِي مِنْ الرِّبْحِ يَكُونُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ الْمُوَافِقِ أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ لَمْ يَهْلِكْ مَا فِي يَدِ الْمُخَالِفِ وَلَكِنْ هَلَكَ مَا فِي يَدِ الْعَامِلِ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يُضَمِّنَ الْمُضَارِبَ الْمُخَالِفَ نِصْفَ رَأْسِ مَالِهِ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَا حِينَ قَبَضَا الْأَلْفَ مُضَارَبَةً اقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِنِصْفِ الْمَالِ عَبْدًا ثُمَّ أَجَازَ صَاحِبُهُ شِرَاءَهُ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ بِإِجَازَتِهِ وَلَوْ اشْتَرَيَا جَمِيعًا بِالْأَلْفِ عَبْدًا ثُمَّ بَاعَهُ أَحَدُهُمَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَأَجَازَ صَاحِبُهُ جَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَازَهُ رَبُّ الْمَالِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اشْتَرَيَا عَبْدًا فَبَاعَهُ أَحَدُهُمَا بِعَرَضٍ أَوْ جَارِيَةٍ فَأَجَازَ صَاحِبُهُ لَمْ يَجُزْ قِيَاسًا وَجَازَ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ لَمْ يُجِزْ صَاحِبُهُ حَتَّى قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْعَرَضَ أَوْ الْجَارِيَةَ وَبَاعَهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ أَجَازَ لَمْ يَجُزْ وَيُرَدُّ الْعَبْدُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَيَكُونُ فِي أَيْدِيهِمَا وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ وَالْعَرَضِ وَلَهُ ثَمَنُهُ وَلَوْ لَمْ يُجِزْ صَاحِبُهُ بَيْعَ الْعَبْدِ بِالْجَارِيَةِ أَوْ الْعَرَضِ فَأَجَازَ رَبُّ الْمَالِ جَازَ الْبَيْعُ وَضَمِنَ بَائِعُ الْعَبْدِ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِرَبِّ الْمَالِ وَمَا اشْتَرَى فَهُوَ لَهُ وَبَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ أَبْضَعَ أَحَدُهُمَا بَعْضَ الْمَالِ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ فَاشْتَرَى الْمُسْتَبْضِعُ وَبَاعَ وَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ فَرِبْحُ ذَلِكَ لِلْمُضَارِبِ الَّذِي أَبْضَعَ وَوَضِيعَتُهُ عَلَيْهِ وَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ إنْ شَاءَ الْمُسْتَبْضِعَ وَيَرْجِعُ بِهِ الْمُسْتَبْضِعُ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُضَارِبَ الْآمِرَ فَإِنْ ضَمَّنَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُسْتَبْضِعِ بِشَيْءٍ فَإِنْ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُضَارِبَيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي أَنْ يُبْضِعَ مَا شَاءَ مِنْ الْمَالِ فَأَبْضَعَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا، وَأَبْضَعَ الْآخَرُ رَجُلًا فَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَيْهِمَا وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ بَاعَ الْمُضَارِبَانِ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَقْبِضَ نِصْفَ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَقْبِضُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ شَرِيكُهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ لَهُمَا حِينَ دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِمَا مُضَارَبَةً لَا تُبْضِعَا الْمَالَ فَأَبْضَعَاهُ فَهُمَا ضَامِنَانِ لَهُ وَإِنْ أَبْضَعَاهُ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِيمَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْمُضَارِبِ مِنْ الشُّرُوطِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِيمَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْمُضَارِبِ مِنْ الشُّرُوطِ) . الْأَصْلُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ مَتَى شَرَطَ عَلَى الْمُضَارِبِ شَرْطًا فِي الْمُضَارَبَةِ، إنْ كَانَ شَرْطًا لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ فَائِدَةٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَجِبُ عَلَى الْمُضَارِبِ مُرَاعَاتُهُ وَالْوَفَاءُ بِهِ، وَإِذَا لَمْ يَفِ بِهِ صَارَ مُخَالِفًا وَعَامِلًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِرَبِّ الْمَالِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَيُجْعَلُ كَالْمَسْكُوتِ عَنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ خَصَّ لَهُ رَبُّ الْمَالِ التَّصَرُّفَ فِي الْبَلَدِ بِعَيْنِهِ أَوْ فِي سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا تَتَقَيَّدُ بِهِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ ذَلِكَ وَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ بِضَاعَةً إلَى مَنْ يُخْرِجُهَا مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ فَإِنْ أَخْرَجَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فَاشْتَرَى ضَمِنَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ حَتَّى رَدَّهُ الْبَلَدُ الَّذِي عَيَّنَهُ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَرَجَعَ الْمَالُ مُضَارَبَةً عَلَى حَالِهِ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى بِبَعْضِهِ فِي الْمِصْرِ وَرَدَّ

بَعْضَهُ كَانَ الْمَرْدُودُ بَعْضَهُ، وَالْمُشْتَرَى فِي الْمِصْرِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى بِنِصْفِ الْمَالِ شَيْئًا خَارِجَ الْكُوفَةِ وَبِالنِّصْفِ بَعْدَمَا رَجَعَ إلَى الْكُوفَةِ فَمَا اشْتَرَاهُ خَارِجَ الْكُوفَةِ ضَمِنَهُ وَالْمُشْتَرَى لِلْمُضَارِبِ لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ وَمَا رَجَعَ بِهِ إلَى الْكُوفَةِ يَعُودُ إلَى الْمُضَارَبَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ فِي سُوقِ الْكُوفَةِ فَعَمِلَ فِي مَكَانٍ آخَرَ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ لَا تَعْمَلُ إلَّا فِي السُّوقِ فَعَمِلَ فِي غَيْرِهِ يَضْمَنُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَا يُفِيدُ التَّقْيِيدَ مِنْ الْأَلْفَاظِ سِتَّةٌ دَفَعْت إلَيْك الْمَالَ مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ تَعْمَلَ بِالْكُوفَةِ أَوْ لِتَعْمَلَ بِهِ بِالْكُوفَةِ أَوْ تَعْمَلْ بِالْكُوفَةِ مَجْزُومًا أَوْ مَرْفُوعًا أَوْ فَاعْمَلْ بِالْكُوفَةِ أَوْ قَالَ دَفَعْت إلَيْك مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ بِالْكُوفَةِ وَمَا لَا يُفِيدُ لَفْظَانِ دَفَعْت إلَيْك مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَاعْمَلْ بِالْكُوفَةِ أَوْ قَالَ اعْمَلْ بِالْكُوفَةِ. وَالضَّابِطَةُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ مَتَى ذَكَرَ عَقِبَ الْمُضَارَبَةِ مَا لَا يُمْكِنُ التَّلَفُّظُ بِهِ ابْتِدَاءً وَيُمْكِنُ جَعْلُهُ مَبْنِيًّا عَلَى مَا قَبْلَهُ يُجْعَلُ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ كَمَا فِي الْأَلْفَاظِ السِّتَّةِ وَإِنْ اسْتَقَامَ الِابْتِدَاءُ لَا يُبْنَى عَلَى مَا قَبْلَهُ وَيُجْعَلُ مُبْتَدَأً كَمَا فِي اللَّفْظَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الزِّيَادَةُ شُورَى وَكَانَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِالْكُوفَةِ وَغَيْرِهَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ بِهِ الطَّعَامَ فَهَذَا عَلَى الْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرِ الطَّعَامَ أَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ تَشْتَرِي بِهِ الطَّعَامَ أَوْ قَالَ فِي الطَّعَامِ فَهَذَا كُلُّهُ تَفْسِيرٌ وَتَقْيِيدٌ لِلْمُضَارَبَةِ بِالطَّعَامِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى بِهِ غَيْرَ الطَّعَامِ يَصِيرُ مُخَالِفًا ضَامِنًا قَالَ وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ الطَّعَامَ فِي الْمِصْرِ وَغَيْرِهِ وَيُبْضِعُ فِي الطَّعَامِ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ ثَبَتَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ فَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَكَانِ وَأَشْبَاهِهِ يَبْقَى عَلَى الْعُمُومِ وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ وَاشْتَرِ بِهِ الطَّعَامَ فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ، وَكَانَ قَوْلُهُ وَاشْتَرِ مَشُورَةً هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ الطَّعَامَ خَاصَّةً فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لِنَفْسِهِ دَابَّةً إذَا خَرَجَ فِي الطَّعَامِ خَاصَّةً كَمَا يَسْتَأْجِرُ لِلطَّعَامِ وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَابَّةً يَرْكَبُهَا إذَا سَافَرَ كَمَا يَشْتَرِي التُّجَّارُ وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَيْضًا حَمُولَةً يَحْمِلُ عَلَيْهَا الطَّعَامَ إذَا لَمْ يُوجَدْ الْكِرَاءُ أَوْ يَكُونُ الشِّرَاءُ أَوْفَقَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لِلْمُضَارِبِ. وَلَا يَشْتَرِي سَفِينَةً يَحْمِلُ فِيهَا الطَّعَامَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ اعْتَادَتْ التُّجَّارُ فِيهِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ عَامَّةً جَازَ شِرَاءُ السَّفِينَةِ أَيْضًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ بِبَعْضِهِ بَيْتًا يَحُوزُ فِيهِ الطَّعَامَ أَوْ يَبِيعُهُ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً فِي الرَّقِيقِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ غَيْرَ الرَّقِيقِ وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّقِيقَ فِي الْمِصْرِ الَّذِي دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ وَفِي غَيْرِهِ وَلَهُ أَنْ يُبْضِعَ فِي الرَّقِيقِ أَيْضًا وَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ دَوَابَّ لِحَمْلِ الرَّقِيقِ وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِبَعْضِ الْمَالِ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً لِلرَّقِيقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مِنْ فُلَانٍ وَيَبِيعَ مِنْهُ صَحَّ التَّقْيِيدُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ مِنْ غَيْرِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَيَبِيعَ فَاشْتَرَى وَبَاعَ بِالْكُوفَةِ مِنْ رَجُلٍ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ مُضَارَبَةً فِي الصَّرْفِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الصَّيَارِفَةِ وَيَبِيعَ كَانَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَيْرِ الصَّيَارِفَةِ مَا بَدَا لَهُ مِنْ الصَّرْفِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ وَقَّتَ لِلْمُضَارَبَةِ وَقْتًا بِعَيْنِهِ يَتَقَيَّدُ بِهِ حَتَّى يَبْطُلَ الْعَقْدُ بِمُضِيِّهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَمَنْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِالنَّقْدِ وَيَبِيعَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ إلَّا بِالنَّقْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّسِيئَةِ وَلَا يَبِيعَ بِالنَّقْدِ فَبَاعَ بِالنَّقْدِ فَهُوَ جَائِزٌ قَالُوا وَهَذَا إذَا بَاعَهُ بِالنَّقْدِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ بِمِثْلِ مَا سَمَّى لَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ بِدُونِ ذَلِكَ فَهُوَ

الباب السابع في المضارب يضارب

مُخَالِفٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ قَالَ لَا تَبِعْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ فَبَاعَ بِأَكْثَرَ جَازَ لِأَنَّهُ خَيْرٌ لِصَاحِبِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. لَوْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ مُطْلَقَةً فَخَصَّهَا رَبُّ الْمَالِ بَعْدَ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ نَحْوُ أَنْ قَالَ لَهُ لَا تَبِعْ بِالنَّسِيئَةِ أَوْ لَا تَشْتَرِ دَقِيقًا وَلَا طَعَامًا أَوْ لَا تَشْتَرِ مِنْ فُلَانٍ أَوْ لَا تُسَافِرْ فَإِنْ كَانَ التَّخْصِيصُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ الْمُضَارِبُ أَوْ بَعْدَمَا عَمِلَ فَاشْتَرَى وَبَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَصَارَ الْمَالُ نَاضًّا جَازَ تَخْصِيصُهُ وَإِنْ كَانَ التَّخْصِيصُ بَعْدَ مَا عَمِلَ وَصَارَ الْمَالُ عَرَضًا لَا يَصِحُّ وَكَذَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ السَّفَرِ فَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي يَمْلِكُ السَّفَرَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ إنْ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِذَا اشْتَرَى بِبَعْضِ الْمَالِ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ لَا تَعْمَلْ بِهِ إلَّا فِي الْحِنْطَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالْبَاقِي إلَّا الْحِنْطَةَ فَإِذَا بَاعَ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَصَارَ نَقْدًا لَمْ يَشْتَرِ بِهِ إلَّا الْحِنْطَةَ كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ الثِّيَابَ وَيَبِيعَ فَاسْمُ الثِّيَابِ جِنْسٌ لِلْمَلْبُوسِ فِي حَقِّ بَنِي آدَمَ فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مَا شَاءَ مِنْ ذَلِكَ كَالْخَزِّ وَالْحَرِيرِ وَالْقَزِّ وَثِيَابِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالْأَكْسِيَةِ وَالْأَنْبِجَانِيَّات وَالطَّيَالِسَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُسُوحَ وَالسُّتُورَ وَالْأَنْمَاطَ وَالْوَسَائِدَ وَالطَّنَافِسَ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَلَوْ دَفَعَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ الْبَزَّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ ثِيَابِ الْخَزِّ وَالْحَرِيرِ وَالطَّيَالِسَةِ وَالْأَكْسِيَةِ شَيْئًا وَإِنَّمَا يَشْتَرِي ثِيَابَ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ فَقَطْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ شِرَاءِ الْمُضَارِبِ وَبَيْعِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ) . إذَا دَفَعَ الْمُضَارِبُ الْمَالَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ لَمْ يَضْمَنْ بِالدَّفْعِ مَا لَمْ يَتَصَرَّفْ الثَّانِي وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. ثُمَّ رَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ رَأْسَ مَالِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ رَجَعَ الْأَوَّلُ بِالضَّمَانِ وَتَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ وَالرِّبْحُ بَيْنَ الْمُضَارِبَيْنِ عَلَى مَا شَرَطَا وَيَطِيبُ الرِّبْحُ لِلثَّانِي وَلَا يَطِيبُ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ اخْتَارَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي رَبِحَ الْمُضَارِبُ الْآخَرُ حِصَّتَهُ الَّتِي اشْتَرَطَ عَلَى الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَلَا يُضَمِّنُ وَاحِدًا مِنْهُمَا شَيْئًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَتَانِ صَحِيحَتَيْنِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ الْأُولَى فَاسِدَةً وَالثَّانِيَةُ جَائِزَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلِلْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ مِثْلُ مَا شَرَطَ مِنْ الرِّبْحِ وَلَوْ كَانَتْ الْأُولَى جَائِزَةً وَالثَّانِيَةُ فَاسِدَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ أَجْرُ الْمِثْلِ وَلِلْأَوَّلِ مَا شُرِطَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَكَذَا إذَا كَانَتَا فَاسِدَتَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ وَاحِدٌ مِنْهَا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُضَارِبُ الْآخَرُ الْمَالَ أَوْ وَهَبَهُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْآخَرِ خَاصَّةً دُونَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ فِي مُبَاشَرَةِ هَذَا الْفِعْلِ مُخَالِفٌ لِمَا أَمَرَهُ الْأَوَّلُ فَيَقْتَصِرُ حُكْمُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَمِلَ بِالْمَالِ لِأَنَّهُ فِي مُبَاشَرَةِ الْعَمَلِ امْتَثَلَ أَمْرَ الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ فَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ غَصَبَ الْمَالَ مِنْ الْمُضَارِبِ الثَّانِي غَاصِبٌ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ الثَّانِي لِلْمُضَارَبَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْمُضَارِبَيْنِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ خَاصَّةً كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَبْضَعَ الْمُضَارِبُ الثَّانِي مَعَ رَجُلٍ يَشْتَرِي بِهِ

وَيَبِيعُ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ مَالَهُ أَيَّ الثَّلَاثَةِ شَاءَ وَالرِّبْحُ الْحَاصِلُ بَيْنَ الْمُضَارِبَيْنِ عَلَى الشَّرْطِ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَى الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَلَا رِبْحَ لِرَبِّ الْمَالِ فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُضَارِبَ الْأَوَّلَ صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ الثَّانِيَةُ، وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَبْضِعَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمُضَارِبِ الثَّانِي وَيَرْجِعُ بِهِ الثَّانِي عَلَى الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ مَالًا مُضَارَبَةً وَقَالَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الرِّبْحِ يَكُونُ بَيْنَنَا أَوْ قَالَ يَكُونُ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ فَدَفَعَ الْأَوَّلُ إلَى غَيْرِهِ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ لِلثَّانِي ثُلُثَ الرِّبْحِ جَازَ وَيَكُونُ لِلثَّانِي ثُلُثُ الرِّبْحِ وَلِرَبِّ الْمَالِ نِصْفُ الرِّبْحِ وَلِلْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ سُدُسُ الرِّبْحِ وَإِنْ شَرَطَ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي نِصْفَ الرِّبْحِ كَانَ نِصْفُ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ الثَّانِي وَالنِّصْفُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ شَرَطَ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي ثُلُثَيْ الرِّبْحِ كَانَ الرِّبْحُ بَيْنَ الْمُضَارِبِ الثَّانِي وَرَبِّ الْمَالِ نِصْفَيْنِ وَيَغْرَمُ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي مِثْلَ سُدُسِ الرِّبْحِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْأَوَّلِ مَا رَبِحْت فِي هَذَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ أَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ مَا نَالَك مِنْ فَضْلٍ أَوْ رِبْحٍ أَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ مَا كَسَبْت فِيهِ مِنْ كَسْبٍ أَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ أَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ مَا أَصَابَ لَك فِيهِ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك وَدَفَعَهُ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ أَوْ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ أَوْ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الرِّبْحِ كَانَ كُلُّهُ صَحِيحًا وَلِلثَّانِي مِنْ الرِّبْحِ جَمِيعَ مَا شُرِطَ لَهُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَوَّلِ وَرَبِّ الْمَالِ نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي الْمُنْتَقَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ بِرَأْيِهِ فَدَفَعَهُ الْمُضَارِبُ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً وَقَالَ مَا رَزَقَنِي فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك فَنِصْفُ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْمُضَارِبَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً وَقَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَدَفَعَ الْمُضَارِبُ إلَى غَيْرِهِ مُضَارَبَةً وَقَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك كَانَ لِلثَّانِي أَنْ يَدْفَعَ إلَى الثَّالِثِ مُضَارَبَةً وَكَانَ الْمُضَارِبُ الثَّانِي فِي هَذَا مِثْلَ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ دَفَعَ إلَى الثَّانِي مُضَارَبَةً وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَلَيْسَ لِلثَّانِي أَنْ يَدْفَعَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَدَفَعَهُ الْمُضَارِبُ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً بِالثُّلُثِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَدَفَعَهُ الثَّانِي إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً بِالسُّدُسِ فَعَمِلَ فِيهِ وَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ فَالْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ بَرِيءٌ مِنْ الضَّمَانِ وَرَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ رَأْسَ مَالِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّالِثَ فَإِذَا ضَمَّنَ الثَّانِيَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّالِثَ رَجَعَ عَلَى الثَّانِي وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ حِينَ دَفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً إلَى الثَّانِي بِالثَّالِثِ قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَدَفَعَهُ الثَّانِي إلَى الثَّالِثِ مُضَارَبَةً بِالسُّدُسِ فَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّ الثَّلَاثَةِ شَاءَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الثَّالِثَ رَجَعَ عَلَى الثَّانِي وَرَجَعَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدِهِمَا بِمَا ضَمَّنَ ثُمَّ لَمَّا اسْتَقَرَّ الْمِلْكُ لِلْأَوَّلِ صَحَّتْ الْمُضَارَبَتَانِ جَمِيعًا الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالْوَضِيعَةُ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَمَّا الرِّبْحُ فَلِلْمُضَارِبِ الْآخَرِ سُدُسُهُ وَلِلثَّانِي سُدُسُهُ وَلِلْأَوَّلِ ثُلُثَا الرِّبْحِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يُشَارِكَ غَيْرَهُ شَرِكَةَ عِنَانٍ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ وَإِذَا قُسِمَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا يَكُونُ مَالُ الْمُضَارَبَةِ مَعَ حِصَّةِ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ فَيَسْتَوْفِي مِنْهُ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَمَا فَضَلَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ دَفَعَ الْمَالَ إلَى رَجُلٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ الثَّانِي مِنْ الرِّبْحِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَعَمِلَ بِهِ فَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ أَوْ تَوِيَ الْمَالُ بَعْدَ مَا عَمِلَ بِهِ فَلَا ضَمَانَ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى أَحَدٍ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ وَالْتَوَى مِنْ مَالِهِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَيَرْجِعُ بِهِ

الباب الثامن في المرابحة والتولية في المضاربة وفيه ثلاثة فصول

الْأَوَّلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَإِنَّهُ يُعْطَى أَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ أَوَّلًا مِنْ الْمَالِ ثُمَّ الرِّبْحُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ عَلَى الشَّرْطِ وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ شَرَطَ لِلْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ مِنْ الرِّبْحِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَدَفَعَهُ الْمُضَارِبُ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَعَمِلَ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبَيْنِ فِي الْوَضِيعَةِ وَالْتَوَى ثُمَّ الرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ هَهُنَا وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ لِلْمُضَارِبِ الْآخَرِ مِثْلُ نِصْفِ الرِّبْحِ الَّذِي رَبِحَهُ فِي مَالِهِ خَاصَّةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ فِي الْمُضَارَبَةِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْل الْأَوَّل فِي بَيْع الْمُضَارِب مُرَابَحَة أَوْ تولية عَلَى الرَّقْمِ أَوْ غَيْرِهِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ فِي الْمُضَارَبَةِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيْعِ الْمُضَارِبِ مُرَابَحَةً أَوْ تَوْلِيَةً عَلَى الرَّقْمِ أَوْ غَيْرِهِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا بَاعَ الْمُضَارِبُ الْمَتَاعَ مُرَابَحَةً بَعْدَمَا أَنْفَقَ حَسَبَ مَا أَنْفَقَ عَلَى الْمَتَاعِ مِنْ الْحَمْلِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَحْسِبُ مَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ فِي كِسْوَتِهِ وَطَعَامِهِ وَرُكُوبِهِ وَدُهْنِهِ وَغَسِيلِ ثِيَابِهِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَالْأَصْلُ الْفِقْهِيُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا يُوجِبُ زِيَادَةً فِي الْعَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَهُوَ بِمَعْنَى رَأْسِ الْمَالِ فَيُضَمُّ إلَيْهِ، وَكُلُّ مَا لَا يُوجِبُ زِيَادَةً فِي الْعَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَهُوَ لَيْسَ بِمَعْنَى رَأْسِ الْمَالِ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ وَإِذَا وَجَبَ الضَّمُّ يَقُولُ الْمُضَارِبُ عِنْدَ بَيْعِهِ مُرَابَحَةً قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا تَحَرُّزًا عَنْ الْكَذِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرَقَمُهُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ أَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى رَقْمِهِ فَإِنْ بَيَّنَ الْمُشْتَرِي كَمْ رَقْمُهُ فَهُوَ جَائِزٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي كَمْ رَقْمُهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فَإِذَا عَلِمَ بِالرَّقْمِ كَمْ هُوَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ فَإِنْ قَبَضَهُ فَبَاعَهُ ثُمَّ عَلِمَ مَا رَقْمُهُ فَرَضِيَ بِهِ فَرِضَاهُ بَاطِلٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَالتَّوْلِيَةُ فِي هَذَا كَالْمُرَابَحَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ وَلَّاهُ رَجُلَانِ بِرَقْمِهِ وَلَا يَعْلَمُ الْمُشْتَرِي مَا رَقْمُهُ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُضَارِبُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ آخَرَ بَيْعًا صَحِيحًا جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ قَبَضَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ عَلِمَ بِرَقْمِهِ فَسَكَتَ حَتَّى بَاعَهُ الْمُضَارِبُ مِنْ آخَرَ بَيْعًا صَحِيحًا فَإِنْ رَضِيَهُ الْأَوَّلُ بَعْدَمَا عَلِمَ بِرَقْمِهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُضَارِبُ مِنْ آخَرَ بَيْعًا صَحِيحًا فَالْبَيْعُ الثَّانِي بَاطِلٌ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ قَبَضَ الْمَتَاعَ مِنْ الْمُضَارِبِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُضَارِبُ مِنْ آخَرَ كَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي بَاطِلًا وَإِنْ عَلِمَ الْأَوَّلُ بِالرَّقْمِ فَنَقَضَ الْبَيْعَ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ الثَّانِي أَيْضًا وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ اشْتَرَى الْمَتَاعَ بِأَلْفٍ ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ أَبِيعُك هَذَا الْمَتَاعَ مُرَابَحَةً بِرُبُعِ مِائَةٍ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَلَمْ يُسَمِّ رَقْمًا وَلَا غَيْرَهُ فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْمُضَارِبَ كَانَ اشْتَرَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا بَأْسَ لِلْمُضَارِبِ بِمَا صَنَعَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِرِبْحِ الدِّرْهَمِ دِرْهَمًا يَكُونُ الثَّمَنُ عِشْرِينَ إذَا اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَلَوْ قَالَ بِرِبْحِ الدِّرْهَمِ دِرْهَمَيْنِ يَكُونُ الثَّمَنُ ثَلَاثِينَ وَلَوْ قَالَ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ كَانَ الثَّمَنُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ بِرِبْحِ الدِّرْهَمِ نِصْفَ الدِّرْهَمِ وَلَوْ قَالَ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَكُونُ الثَّمَنُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ قِيَاسًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَنِصْفًا كَانَ الرِّبْحُ دِرْهَمًا وَنِصْفًا وَلَوْ قَالَ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ عَشَرَةً وَخَمْسَةً أَوْ خَمْسَةً وَعَشَرَةً كَانَ الثَّمَنُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَانْتَقَصَ عِنْدَهُ حَتَّى يُسَاوِيَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ بَاعَهُ بِوَضِيعَةِ الدِّرْهَمِ كَانَ الثَّمَنُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَلَوْ قَالَ بِوَضِيعَةِ الدَّرَاهِمِ دِرْهَمَيْنِ كَانَ الثَّمَنُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَثُلُثًا وَلَوْ قَالَ بِوَضِيعَةِ الدَّرَاهِمِ نِصْفَ دِرْهَمٍ كَانَ الثَّمَنُ سِتَّةَ دَرَاهِمَ وَثُلُثَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَهُ بِجَارِيَةٍ وَقَبَضَهَا وَدَفَعَ الْعَبْدُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْجَارِيَةَ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ

الفصل الثاني في المرابحة من المضارب ورب المال

وَلَا تَوْلِيَةَ إلَّا مِنْ الَّذِي يَمْلِكُ الْعَبْدَ وَلَوْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَى الْعَبْدَ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُضَارِبُ الْجَارِيَةَ مُرَابَحَةً أَوْ تَوْلِيَةً كَانَ بَاطِلًا وَلَوْ بَاعَ الْمُضَارِبُ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْغُلَامَ مُرَابَحَةً أَوْ تَوْلِيَةً جَازَ ذَلِكَ وَلَوْ بَاعَ الْمُضَارِبُ الْجَارِيَةَ مِنْ رَجُلٍ لَا يَمْلِكُ الْعَبْدَ بِرِبْحِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَأَجَازَ رَبُّ الْعَبْدِ الْبَيْعَ جَازَ ثُمَّ الْجَارِيَةُ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْمُضَارِبِ وَيَأْخُذُ الْمُضَارِبُ الْغُلَامَ وَيَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرَى مِنْهُ الْجَارِيَةُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَرْجِعُ مَوْلَى الْغُلَامِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْغُلَامِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ جَارِيَةٌ مِنْ الْمُضَارِبِ فَبَاعَهَا بِغُلَامٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ إنَّ الْمُضَارِبَ بَاعَ الْجَارِيَةَ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَلَوْ بَاعَ الْغُلَامُ مِنْ رَبِّ الْجَارِيَةِ بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَيُعْطِيهِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْجَارِيَةِ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا جُزْءًا وَلَوْ قَالَ أَبِيعُك هَذَا الْغُلَامَ بِرِبْحِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ جَائِزًا وَيَأْخُذُ الْجَارِيَةَ وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَلَوْ قَالَ أَبِيعُك بِوَضِيعَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا نَيْسَابُورِيَّةً فَاشْتَرَى بِهِ عَبْدًا ثُمَّ بَاعَهُ بِأَلْفٍ مَرْوَزِيَّةٍ قَالَ اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ نَيْسَابُورِيَّةٍ وَأَبِيعُك بِمُرَابَحَةِ مِائَةٍ فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَلْفٌ نَيْسَابُورِيَّةٌ وَمِائَةٌ مَرْوَزِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ كَانَ الثَّمَنُ وَالرِّبْحُ نَيْسَابُورِيِّينَ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِوَضِيعَةِ مِائَةٍ كَانَتْ الْمِائَةُ نَيْسَابُورِيَّةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا دَفَعَ مَالًا مُضَارَبَةً إلَى رَجُلٍ فَاشْتَرَى بِهَا جَارِيَةً وَقَبَضَهَا وَبَاعَهَا بِغُلَامٍ وَتَقَابَضَا فَزَادَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ وَلَدَتْ ثُمَّ بَاعَ الْمُضَارِبُ الْغُلَامَ مِنْ رَبِّ الْجَارِيَةِ بِرِبْحِ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْوِلَادَةِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْبَدَنِ أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ وَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ فَإِنْ شَاءَ الْمُضَارِبُ أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْوَلَدِ وَالتَّوْلِيَةُ فِي هَذَا كَالْمُرَابَحَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهَا جَارِيَةً وَبَاعَهَا بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِأَلْفٍ بَاعَهَا مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَلَوْ كَانَ بَاعَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُرِّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ أَوْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَبِعْهَا مُرَابَحَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ بَاعَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقِيمَتُهَا أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَبِعْهَا مُرَابَحَةً فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ بَاعَ الْجَارِيَةَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ أَوْ بِعَرَضٍ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً عَلَى الْأَلْفِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُرَابَحَةِ مِنْ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُرَابَحَةِ مِنْ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ) الْمُضَارِبُ إذَا اشْتَرَى مِنْ رَبِّ الْمَالِ أَوْ رَبِّ الْمَالِ اشْتَرَى مِنْ الْمُضَارِبِ وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً فَإِنَّهُ يَبِيعُ مُرَابَحَةً عَلَى أَقَلِّ الثَّمَنَيْنِ وَحِصَّةُ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. إذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً فَاشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ عَبْدًا بِخَمْسِمِائَةٍ فَبَاعَهُ عَنْ الْمُضَارِبِ بِأَلْفٍ فَإِنَّ الْمُضَارِبَ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى خَمْسِمِائَةٍ إلَّا إذَا بَيَّنَ الْأَمْرَ عَلَى وَجْهِهِ فَيَبِيعُهُ كَيْفَ يَشَاءُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ عَبْدًا بِأَلْفٍ وَبَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ مُرَابَحَةً بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ بَاعَهُ رَبُّ الْمَالِ مُرَابَحَةً بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ اشْتَرَى الْعَبْدَ بِأَلْفٍ فَبَاعَهُ مِنْ الْمُضَارِبِ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ بَاعَهُ الْمُضَارِبُ مُرَابَحَةً عَلَى خَمْسِمِائَةٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ اشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَبَاعَهُ مِنْ الْمُضَارِبِ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْمُضَارِبُ بِسِتِّمِائَةٍ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَلَا يَحْتَسِبُ الْمُضَارِبُ شَيْئًا مِنْ

حِصَّةِ نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ مَا نَقَدَ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ فَيَحْتَسِبُ مِنْ حِصَّةِ نَفْسِهِ مَا زَادَ عَلَى الْأَلْفِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ تَجْرِي الْمَسَائِلُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ اشْتَرَاهُ رَبُّ الْمَالِ بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُضَارِبِ بِأَلْفَيْنِ بَعْدَ مَا عَمِلَ الْمُضَارِبُ فِي الْأَلْفِ الْمُضَارَبَةَ وَرَبِحَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ عَبْدًا بِخَمْسِمِائَةٍ قِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَبَاعَهُ مِنْ الْمُضَارِبِ بِأَلْفَيْنِ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى الْأَلْفِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَبَاعَهُ مِنْ الْمُضَارِبِ بِأَلْفَيْنِ بَاعَهُ الْمُضَارِبُ مُرَابَحَةً عَلَى الْأَلْفِ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ رَبُّ الْمَالِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَبَاعَهُ مِنْ الْمُضَارِبِ بِأَلْفَيْنِ بَاعَهُ الْمُضَارِبُ مُرَابَحَةً عَلَى خَمْسِمِائَةٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ يُسَاوِي أَلْفًا وَخَمْسِمِائَةٍ فَاشْتَرَاهُ رَبُّ الْمَالِ بِأَلْفٍ فَبَاعَهُ مِنْ الْمُضَارِبِ بِأَلْفٍ يَبِيعُهُ الْمُضَارِبُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَبَاعَهُ مِنْ الْمُضَارِبِ بِأَلْفَيْنِ بَاعَهُ الْمُضَارِبُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ اشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ سِلْعَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ تُسَاوِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ فَبَاعَهَا مِنْ الْمُضَارِبِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّ الْمُضَارِبَ يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إلَّا إذَا بَيَّنَ الْأَمْرَ عَلَى وَجْهِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ مَلَكَ الْعَبْدَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَبَاعَهُ مِنْ الْمُضَارِبِ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَبِعْهُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ عَبْدًا بِخَمْسِمِائَةٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَبَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى خَمْسِمِائَةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهَا عَبْدًا فَبَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ بَاعَهُ رَبُّ الْمَالِ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ اشْتَرَى الْعَبْدَ بِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ فَبَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ الثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمُضَارِبُ وَخَمْسُمِائَةٍ رِبْحُ الْمُضَارِبِ وَيَطْرَحُ عَنْهُ خَمْسَمِائَةٍ رِبْحَ رَبِّ الْمَالِ وَخَمْسَمِائَةٍ أَيْضًا مِمَّا يُكْمِلُ بِهِ رَأْسَ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ الْمُضَارَبَةِ خَمْسُمِائَةٍ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ لَمْ يَحْتَسِبْ بِهِ فِي ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فِي هَذَا الْوَجْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اشْتَرَى الْمُضَارِبُ عَبْدًا بِأَلْفٍ قِيمَتُهُ أَلْفَانِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِأَلْفٍ عَبْدًا فَبَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ إنَّ رَبَّ الْمَالِ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مُسَاوَمَةً بِثَلَاثَةِ آلَافٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْمُضَارِبُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِأَلْفَيْنِ لَمْ يَمْلِكْ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ الْأَمْرَ عَلَى وَجْهِهِ وَعِنْدَهُمَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفَيْنِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِأَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ ثُمَّ عَمِلَ الْمُضَارِبُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ حَتَّى صَارَتْ أَلْفَيْنِ فَاشْتَرَى بِهَا الْعَبْدَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً فِي قَوْلِهَا عَلَى أَلْفَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اشْتَرَاهُ الْمُضَارِبُ بِأَلْفٍ وَوَلَّاهُ رَبُّ الْمَالِ ثُمَّ بَاعَهُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مُرَابَحَةً بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْمُضَارِبُ مُرَابَحَةً بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ حَطَّ رَبُّ الْمَالِ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ ثَلَثَمِائَةٍ وَهُوَ الْخُمُسُ يَحُطُّ الْأَجْنَبِيُّ عَنْ الْمُضَارِبِ الْخُمُسَ وَذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً وَمِائَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ وَعِنْدَهُمَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ لِأَنَّ الْمَالَ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ يُقْسَمُ عَلَى الرِّبْحِ وَعَلَى رَأْسِ الْمَالِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالثُّلُثُ مِنْ الرِّبْحِ فَيَكُونُ الْمَحْطُوطُ مِنْ الرِّبْحِ مِائَةٌ

الفصل الثالث في المرابحة بين المضاربين

وَيَبْقَى أَرْبَعُمِائَةٍ ثُمَّ يَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَحُطَّ عَنْ الْمُضَارِبِ مِثْلَ ذَلِكَ فَيَحُطُّ الْأَجْنَبِيُّ عَنْ الثَّمَنِ أَرْبَعَمِائَةٍ ثُمَّ يَطْرَحُ أَيْضًا عَنْ ثَمَنِ الْمُضَارَبِ رِبْحَ رَبِّ الْمَالِ وَذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةٍ فَإِذَا طَرَحَ مِنْ أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ يَبْقَى أَلْفٌ وَمِائَتَانِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ حَطَّ عَنْ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي وَلَّاهُ بِهِ الْعَقْدَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَحُطُّ الْمِائَتَيْنِ وَحِصَّتَهَا مِنْ الرِّبْحِ وَهِيَ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ يَحُطُّ الْأَجْنَبِيُّ عَنْ الْمُضَارِبِ هَذِهِ الثَّلَاثَمِائَةَ وَحِصَّتَهَا مِنْ الرِّبْحِ وَهِيَ مِائَةٌ فَيَبْقَى الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ بِأَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ شِرَاءً مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً بَاعَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَعِنْدَهُمَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُرَابَحَةِ بَيْنَ الْمُضَارِبَيْنِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُرَابَحَةِ بَيْنَ الْمُضَارِبَيْنِ) . قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى أَحَدُ الْمُضَارِبَيْنِ عَبْدًا بِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ فَبَاعَهُ مِنْ الْمُضَارِبِ الْآخَرِ بِأَلْفٍ فَأَرَادَ الثَّانِي أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً يَبِيعُهُ عَلَى أَقَلِّ الثَّمَنَيْنِ وَلَوْ بَاعَهُ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّانِي بِأَلْفَيْنِ أَلْفُ الْمُضَارَبَةِ وَأَلْفٌ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ لِأَنَّ الثَّانِيَ اشْتَرَى نِصْفَهُ لِنَفْسِهِ وَقَدْ كَانَ الْأَوَّلُ اشْتَرَى ذَلِكَ النِّصْفَ الثَّانِي بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ دَفَعَ رَجُلٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَعَمِلَ الْآخَرُ بِالْمَالِ حَتَّى صَارَ أَلْفَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَوَّلُ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ عَبْدًا وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ بِالْأَلْفَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي يَدِهِ وَقِيمَتُهُ أَلْفًا دِرْهَمٍ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ اشْتَرَاهُ بِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنْ مَالِهِ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا بَاعَهُ الْآخَرُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ مِنْ عِنْدَهُ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا بَاعَهُ الْآخَرُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةٍ وَثَلَاثِ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ اشْتَرَاهُ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ وَبِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّ الْآخَرَ يَبِيعُهُ أَيْضًا مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةٍ وَثَلَاثِ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ دَفَعَ إلَى أَحَدِهِمَا أَلْفًا وَإِلَى الْآخَرِ أَلْفَيْنِ فَاشْتَرَى صَاحِبُ الْأَلْفِ عَبْدًا بِهَا وَبَاعَهُ مِنْ صَاحِبِ الْأَلْفَيْنِ بِالْأَلْفَيْنِ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ اشْتَرَاهُ بِخَمْسِمِائَةٍ بَاعَهُ الثَّانِي مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَلَوْ اشْتَرَى الْأَوَّلُ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الثَّانِي بِثَلَاثَةِ آلَافٍ أَلْفَانِ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَأَلْفٌ مِنْ مَالِهِ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفَيْنِ وَسُدُسِ أَلْفٍ وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ اشْتَرَاهُ بِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا بَاعَهُ الثَّانِي مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْأَلْفِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً وَإِلَى آخَرَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً فَاشْتَرَى الْأَوَّلُ عَبْدًا بِأَلْفٍ مِنْ مَالِهِ وَبِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْآخَرِ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ؛ أَلْفٍ مِنْ مَالِهِ وَبِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ فَإِنَّ الْآخَرَ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفَيْنِ وَسِتِّمِائَةٍ وَسِتَّةِ وَسِتِّينَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْأَوَّلُ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الثَّانِي بِأَلْفَيْ الْمُضَارَبَةِ وَأَلْفٍ مِنْ

الباب التاسع في الاستدانة على المضاربة

مَالِهِ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَدَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى الْأَوَّلُ جَارِيَةً بِأَلْفٍ مِنْ مَالِهِ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَبَاعَهَا مِنْ الْآخَرِ بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ أَلْفٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَأَلْفَيْنِ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفَيْنِ وَثَمَانِمِائَةٍ وَثَلَاثَةِ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ فَإِذَا قَبَضَ الثَّمَنَ أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ الثَّمَنِ حِصَّةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَانَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ كَانَ لَهُ خَاصَّةً مِنْ ذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ جُزْءًا مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ وَالْبَاقِي يَكُونُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنْ مَالِهِ وَبَاعَهُ مِنْ الثَّانِي بِثَلَاثَةِ آلَافٍ أَلْفِ الْمُضَارَبَةِ وَأَلْفَيْنِ مِنْ مَالِهِ بَاعَهُ عَلَى الْأَلْفَيْنِ وَثُلُثَيْ أَلْفٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ) . لَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ أَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِدَانَةِ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ رَهَنَ وَقِيمَتُهُ وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالِاسْتِدَانَةِ عَقْدٌ آخَرُ وَهُوَ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ وَكَانَ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ عَلَى مَا شَرَطَا وَمَا حَصَلَ بِالِاسْتِدَانَةِ إنْ كَانَ مُطْلَقًا يَقْتَضِي التَّسَاوِيَ كَانَ الرِّبْحُ فِي الْمُضَارَبَةِ نِصْفَيْنِ أَوْ أَثْلَاثًا لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِأَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا مُضَارَبَةً لَمْ يَكُنْ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا لِلْمُضَارَبَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك أَوْ لَمْ يَقُلْ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَإِنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِأَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ كَانَتْ حِصَّةُ الْأَلْفِ مُضَارَبَةً وَمَا زَادَ فَهُوَ لِلْمُضَارِبِ لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ وَثَمَنُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ خَاصَّةً وَلَا يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ بِذَلِكَ الْخَلْطِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ سِلْعَةً لَمْ يَمْلِكْ أَنْ يَشْتَرِيَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِغَيْرِ الْأَثْمَانِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَنَحْوِهِ كَانَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ اشْتَرَى بِغَيْرِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَكَانَ اسْتِدَانَةً عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ أَوْ دَنَانِيرَ فَاشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ نَفَذَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهَا كَجِنْسٍ وَاحِدٍ فِي حَقِّ الثَّمَنِيَّةِ وَفِي حَقِّ الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا إذَا اشْتَرَى بِالْفُلُوسِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْمُضَارَبَةَ بِهَا وَكَذَا إذَا اشْتَرَى بِالْبِيضِ وَفِي يَدِهِ السُّودُ وَبِالصِّحَاحِ وَفِي يَدِهِ الْمَكْسُورَةُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ اشْتَرَى بِتِبْرِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مَرْضُوضَةً يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا كَانَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَإِذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى شَيْئًا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقِيمَةُ الدَّنَانِيرِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَلْفِ جَازَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ بِحِصَّةِ الْأَلْفِ وَلَزِمَ الْفَضْلُ لِلْمُشْتَرِي وَكَانَ شَرِيكًا فِي الْمُضَارَبَةِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّنَانِيرِ أَلْفًا فَاشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ يَنْوِي عَنْ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ غَلَتْ الدَّنَانِيرُ قَبْلَ أَنْ يَنْفُدَ فَصَارَتْ أَلْفٌ وَخَمْسِمِائَةٍ فَهَذِهِ وَضِيعَةٌ دَخَلَتْ عَلَى الْمَالِ فَيَشْتَرِي بِالْأَلْفِ ذَهَبًا وَيَنْقُدُهُ ثُمَّ يَبِيعُ الْمَتَاعَ فَيَنْقُدُهُ بَقِيَّةَ الذَّهَبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى عَلَيْهَا جَارِيَةً خَمْسَمِائَةٍ كُرِّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ وَقَبَضَ الْجَارِيَةَ وَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ عِنْدَ الْمُضَارِبِ فَالْمُضَارِبُ مُشْتَرٍ لِلْجَارِيَةِ لِنَفْسِهِ وَعَلَيْهِ ثَمَنُهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِخَمْسِينَ دِينَارًا فَقَبَضَهَا وَلَمْ يَنْفُدْ الثَّمَنَ حَتَّى ضَاعَتْ الدَّرَاهِمُ رَجَعَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِخَمْسِينَ دِينَارٍ اسْتِحْسَانًا فَيُعْطِيهَا بَائِعَ الْجَارِيَةِ فَإِذَا بَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ اسْتَوْفَى رَبُّ الْمَالِ مَالَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا وَالْبَاقِي رِبْحٌ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ نَقْدَ بَيْتِ الْمَالِ فَاشْتَرَى

الْجَارِيَةَ بِأَلْفٍ غَلَّةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَوَّلًا عَبْدًا بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَمْلِكْ أَنْ يَشْتَرِيَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بِقَدْرِ خَمْسِمِائَةٍ وَكَذَلِكَ كُلُّ دَيْنٍ يَلْحَقُ الْمَالَ لِأَنَّ قَدْرَ الْمُسْتَحَقِّ يَخْرُجُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ جَارِيَةً أَوْ عَرَضًا فَاشْتَرَى جَارِيَةً لِلْمُضَارَبَةِ لِيَبِيعَ الْعُرُوضَ فَيُؤَدِّيَ ثَمَنَهُ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَلَوْ بَاعَ مَا فِي يَدِهِ قَبْلَ مَجِيءِ الْأَجَلِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الشِّرَاءَ حِينَ الْعَقْدِ وَقَعَ لَهُ فَلَا يَنْقَلِبُ لِلْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ بَاعَ الْمُضَارِبُ وَاشْتَرَى وَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَحَصَلَ فِي يَدِهِ صُنُوفٌ مِنْ الْأَمْوَالِ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْأَمْوَالِ وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ دَرَاهِمُ وَلَا دَنَانِيرُ وَلَا فُلُوسٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا بِثَمَنٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ مِثْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ بِأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِكُرِّ حِنْطَةٍ مَوْصُوفَةٍ فَإِنْ اشْتَرَى بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ وَفِي يَدِهِ الْوَسَطُ أَوْ بِكُرِّ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ وَفِي يَدِهِ الْجَيِّدَةُ جَازَ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ أَجْوَدُ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ أَوْ أَدْوَنُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُضَارَبَةِ وَكَانَ لِلْمُضَارِبِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. اشْتَرَى بِحِنْطَةٍ نَسِيئَةً وَفِي يَدِهِ حِنْطَةٌ جَازَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْمُضَارَبَةِ بِرَأْيِهِ فَاشْتَرَى بِهَا ثِيَابًا ثُمَّ صَبَغَهَا بِعُصْفُرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَهُوَ شَرِيكٌ فِي الثِّيَابِ بِمَا زَادَ الْعُصْفُرُ فِيهَا وَأَصْلُ الثِّيَابِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَالصَّبْغُ فِيهِ مِلْكٌ لِلْمُضَارِبِ خَاصَّةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ صَبَغَهَا مِنْ مَالِهِ بِصَبْغٍ يَزِيدُ فِيهَا وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَهُوَ ضَامِنٌ لِلثِّيَابِ وَرَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثِّيَابَ وَأَعْطَاهُ زِيَادَةَ الصَّبْغِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثِيَابٍ بِيضٍ كَمَا فِي الْغَصْبِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ شَيْئًا مُسَاوَمَةً وَمُرَابَحَةً جَازَ وَبَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ فِي الْمُسَاوَمَةِ عَلَى قِيمَةِ الثِّيَابِ غَيْرِ مَصْبُوغَةٍ وَعَلَى مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهَا فَتَكُونُ حِصَّةُ الصَّبْغِ لِلْمُضَارِبِ وَحِصَّةُ الثِّيَابِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ يَسْتَوْفِي مِنْهُ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ الْمَالِ وَالْبَاقِي رِبْحٌ وَفِي الْمُرَابَحَةِ يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى مَا اشْتَرَى بِهِ الْمُضَارِبُ الثِّيَابَ وَعَلَى قِيمَةِ الصَّبْغِ يَوْمَ صَبَغَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ بِأَنْ اشْتَرَى الثِّيَابَ بِأَلْفٍ وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ حِينَ اشْتَرَاهَا إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعَ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ وَإِنْ هَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَ صَبَغَهُ أَسْوَدَ فَعِنْدَهُمَا الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا صُبِغَ أَحْمَرُ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - السَّوَادُ فِي الثَّوْبِ نُقْصَانٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحَمْلِ وَالْقَصَّارَةِ فِي أَنَّهُ لَا حِصَّةَ لِلْمُضَارِبِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا فِي ثِيَابٍ يُنْقِصُ السَّوَادُ مِنْ قِيمَتِهَا فَأَمَّا فِي ثِيَابٍ يَزِيدُ السَّوَادُ فِي قِيمَتِهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ صَبَغَهَا أَصْفَرَ أَوْ أَحْمَرَ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ اشْتَرَى ثِيَابًا بِجَمِيعِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ اسْتَأْجَرَ عَلَى حَمْلِهَا أَوْ قِصَارَتِهَا وَفَعَلَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَدِينًا عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك أَوْ لَمْ يَقُلْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا إنْ زَادَ الْمُضَارِبُ مِنْ مَالِهِ فِي ثَمَنِ مَا اشْتَرَى بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ تَطَوُّعٌ مِنْهُ وَيَلْزَمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ دُونَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ دُونَ الزِّيَادَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَنَّ الْمُضَارِبَ لَمْ يَصْبُغْ الثِّيَابَ وَلَكِنْ قَصَّرَهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ عِنْدِهِ وَذَلِكَ يَزِيدُ فِيهَا أَوْ يُنْقِصُ مِنْهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إنْ زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ فَإِنْ بَاعَهَا بِرِبْحٍ أَوْ وَضِيعَةٍ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فِيمَا غَرِمَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فِي قِصَارَتِهَا قِيلَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي هَذَا كَالْجَوَابِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِرَاءِ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الْقَصَّارِ جَرَى الرَّسْمُ بِإِلْحَاقِهَا بِرَأْسِ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ الْكِرَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً فَاكْتَرَى سَفِينَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْمَالُ عِنْدَهُ عَلَى حَالِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْأَلْفِ كُلِّهَا طَعَامًا

وَحَمَلَهُ فِي السَّفِينَةِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي الْكِرَاءِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى بِتِسْعِمِائَةٍ مِنْهَا طَعَامًا وَبَقِيَتْ فِي يَدِهِ مِائَةٌ فَأَدَّاهَا فِي الْكِرَاءِ لَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الْكِرَاءِ وَكَذَلِكَ لَوْ نَقَدَ الْمِائَةَ فِي الْكِرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى بِالتِّسْعِمِائَةِ وَلَوْ كَانَ نَقَدَ الْمِائَةَ فِي الْكِرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مَتَاعًا وَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَعْمَلَ بِرَأْيِهِ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَمِائَةٍ وَمِائَةُ مِنْهَا لِلْمُضَارِبِ وَأَلْفُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ الِاسْتِدَانَةَ شِرَاءٌ بِالنَّسِيئَةِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ نَسِيئَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى كُلَّهُ لِلْمُوَكِّلِ جَازَ فَكَذَلِكَ النِّصْفُ فَإِنْ اشْتَرَى بِالْمُضَارَبَةِ غُلَامًا ثُمَّ اشْتَرَى عَلَى الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَقَبَضَهَا ثُمَّ بَاعَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ الْمَالَ ثُمَّ هَلَكَ مَا قَبَضَ وَلَمْ يَدْفَعْ مَا بَاعَ فَإِنَّ الْمُضَارِبَ يَلْحَقُهُ نِصْفُ ثَمَنِ الْجَارِيَةِ وَيَكُونُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ نِصْفُ ثَمَنِهَا وَلَوْ لَمْ تَهْلِكْ الْجَارِيَةُ كَانَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ يُؤَدِّيَانِ مِنْ ثَمَنِهَا مَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنْ لَمْ يَبِعْ الْمُضَارِبُ الْجَارِيَةَ وَلَكِنَّهُ أَعْتَقَهَا وَلَا فَضْلَ فِيهَا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَعِتْقُهُ جَائِزٌ فِي نِصْفِهَا. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْمَالِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا لِلْمُضَارِبِ ثُلُثَاهُ وَلِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثُهُ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِأَلْفٍ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ وَاشْتَرَى عَلَى الْمُضَارَبَةِ غُلَامًا بِأَلْفٍ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَبَاعَهُمَا جَمِيعًا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ فَإِنَّ ثَمَنَ الْجَارِيَةِ يَسْتَوْفِي مِنْهُ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ رِبْحٌ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا ثُلُثَاهُ لِلْمُضَارِبِ وَثُلُثُهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَأَمَّا ثَمَنُ الْغُلَامِ فَيُؤَدَّى مِنْهُ ثَمَنُهُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنْ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْمَالِ عَلَى أَنْ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ مِنْ شَيْءٍ فَلِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثُهُ وَلِلْمُضَارِبِ ثُلُثَاهُ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِالْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ وَاشْتَرَى عَلَى الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً بِأَلْفٍ دَيْنًا تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَبَاعَهُمَا بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَحِصَّةُ جَارِيَةِ الْمُضَارَبَةِ يَأْخُذُ مِنْهَا رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَثَمَنُ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَاةِ بِالدَّيْنِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى مِلْكَيْهِمَا. وَاشْتِرَاطُ الْمُنَاصَفَةِ فِي الرِّبْحِ هَذَا يَكُونُ بَاطِلًا وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَلِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثُهُ وَلِلْمُضَارِبِ ثُلُثَاهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا فَاشْتَرَى بِالْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى عَلَى الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِينَارٍ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَبَاعَهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ فَحِصَّةُ الْمُضَارَبَةِ تَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا بَعْدَ مَا يَسْتَوْفِي رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّةُ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَاةِ بِالدَّيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ الْمُضَارِبُ بِالدَّيْنِ لَهُ خَاصَّةً دُونَ رَبِّ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْمَالِ أَوْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَاشْتَرَى بِالْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً ثُمَّ اسْتَقْرَضَ الْمُضَارِبُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا فَهُوَ مُشْتَرٍ لِنَفْسِهِ وَالْقَرْضُ عَلَيْهِ خَاصَّةً لِأَنَّ الِاسْتِدَانَةَ هِيَ الشِّرَاءُ بِالنَّسِيئَةِ وَالِاسْتِقْرَاضُ غَيْرُهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ اسْتَقْرِضْ عَلَيَّ أَلْفًا وَاتَّبَعَ بِهَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَفَعَلَ كَانَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى رَبِّ الْمَالِ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالثُّلُثِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْمَالِ فَاشْتَرَى بِأَلْفٍ ثِيَابًا فَسَلَّمَهَا إلَى صَبَّاغٍ يَصْبُغُهَا صَفْرَاءَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَوَصَفَ لَهُ شَيْئًا مَعْرُوفًا فَصَبَغَهَا بِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُضَارِبَ بَاعَ الثِّيَابَ مُرَابَحَةً بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَأْخُذُ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفَ

الباب العاشر في خيار العيب وخيار الرؤية

دِرْهَمٍ وَيُؤَدِّي الْمُضَارِبُ أُجْرَةَ الصَّبَّاغِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ الرِّبْحِ قُسِمَ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا عَشَرَةُ أَسْهُمٍ مِنْ ذَلِكَ حِصَّةُ الْمُضَارَبَةِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى الشَّرْطِ وَسَهْمُ حِصَّةِ الْمِائَةِ الدَّيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَوْ كَانَ بَاعَ الثِّيَابَ مُسَاوَمَةً قُسِمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الثِّيَابِ وَعَلَى مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهَا فَمَا يَخُصُّ قِيمَةَ الثِّيَابِ فَهُوَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ يُعْطَى مِنْهُ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَيُقْسَمُ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى الشَّرْطِ وَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الصَّبْغِ يُعْطِي مِنْهُ أَجْرَ الصَّبَّاغِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ ثِيَابًا وَاسْتَقْرَضَ عَلَى الْمَالِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهَا زَعْفَرَانًا فَصَبَغَ بِهِ الثِّيَابَ ثُمَّ بَاعَهَا مُرَابَحَةً عَلَى مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَعَلَى مَا اسْتَقْرَضَ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا عَشَرَةُ أَسْهُمٍ مِنْهَا مَالُ الْمُضَارَبَةِ عَلَى شَرْطِهِمَا وَسَهْمٌ لِلْمُضَارِبِ خَاصَّةً وَلَوْ بَاعَهَا مُسَاوَمَةً قُسِّمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الثِّيَابِ وَعَلَى مَا زَادَ الصَّبْغُ فِي الثِّيَابِ فَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الثِّيَابِ كَانَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الصَّبْغِ كَانَ لِلْمُضَارِبِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَدَاءُ الْقَرْضِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى الزَّعْفَرَانَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً فَصَبَغَ الثِّيَابَ فِيهِ كَانَ هَذَا وَاَلَّذِي اسْتَأْجَرَ الصَّبَّاغَ بِمِائَةِ لِيَصْبُغَهَا سَوَاءً فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ أَمَرَهُ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْمَالِ فَاشْتَرَى بِالْمَالِ مَتَاعًا وَاسْتَكْرَى دَوَابَّ يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَتْ الْمِائَةُ مُشْتَرَكَةً إنْ بَاعَ الْمَتَاعَ مُرَابَحَةً قُسِمَ الثَّمَنُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا عَشَرَةٌ مُضَارَبَةٌ وَجُزْءٌ شَرِكَةٌ يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَدَاءِ الْكِرَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ بَاعَهُ مُسَاوَمَةً كَانَ جَمِيعُ الثَّمَنِ فِي الْمُضَارَبَةِ عَلَى الشَّرْطِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ غُرْمُ الْكِرَاءِ عَلَى الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ نِصْفَانِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ اسْتَكْرَى وَلَكِنَّهُ اسْتَقْرَضَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَاسْتَكْرَى بِهَا بِأَعْيَانِهَا دَوَابَّ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَمِائَةٍ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَبِيعُ الثِّيَابَ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ حِصَّةُ الْكِرَاءِ وَإِنْ بَاعَهَا مُسَاوَمَةً كَانَ الثَّمَنُ كُلُّهُ مُضَارَبَةً وَضَمِنَ الْكِرَاءَ فِي مَالِ الْمُضَارِبِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَقْرِضُ فَإِنْ قَالَ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ إنَّمَا اسْتَكْرَيْتُ الدَّوَابَّ لَك لِحَمْلِ ثِيَابِك وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ إنَّمَا اسْتَكْرَيْتَ بِمَالِك لِنَفْسِك ثُمَّ حَمَلْت ثِيَابِي عَلَيْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَفَعَ أَلْفًا مُضَارَبَةً بِالثُّلُثِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَاشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ وَبِثَلَاثَةِ آلَافِ جَارِيَةً تُسَاوِي خَمْسَةَ آلَافٍ وَبَاعَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ بِخَمْسَةِ آلَافٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ هَلَكَتْ الْأَلْفُ الْأُولَى وَالْجَارِيَةُ وَثَمَنُهَا فِي يَدِهِ ضَمِنَ تِسْعَةَ آلَافٍ، يُؤَدِّي أَرْبَعَةَ آلَافٍ ثَمَنَ الْجَارِيَةِ إلَى بَائِعِهَا وَخَمْسَةَ آلَافٍ إلَى مُشْتَرِيهَا هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ثُمَّ رَجَعَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِخَمْسَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَأَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ وَعَلَى الْمُضَارِبِ فِي مَالِهِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَأَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ فَإِنْ هَلَكَتْ الْأَلْفُ الْمُضَارِبَةِ أَوَّلًا ثُمَّ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ وَالْخَمْسَةُ آلَافٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي تِسْعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ كَمَا بَيَّنَّا وَيَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِخَمْسَةِ آلَافٍ وَسِتِّمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ) . مَنْ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً فَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا ثُمَّ طَعَنَ الْمُضَارِبُ بِعَيْبٍ فِي الْعَبْدِ كَانَ الْخَصْمُ فِي ذَلِكَ هُوَ الْمُضَارِبُ دُونَ رَبِّ الْمَالِ وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ فَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ عَلَى الْمُضَارِبِ فَإِنَّهُ يَسْتَحْلِفُ الْمُضَارِبَ عَلَى ذَلِكَ بِاَللَّهِ مَا رَضِيت بِهَذَا وَلَا عَرَضْت عَلَى بَيْعٍ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ أَنَّهُ

الباب الحادي عشر في دفع المالين مضاربة على الترادف

قَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَأَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ عَرَضَهُ عَلَى بَيْعٍ مُنْذُ رَآهُ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَى بَائِعِهِ كَالْوَكِيلِ الْخَاصِّ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَا اشْتَرَاهُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُضَارِبَ وَذَكَرَ الْوَكَالَةَ فِي الْوَكِيلِ الْخَاصِّ أَنَّهُ إذَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُوَكِّلُ أَنْ يَأْخُذَهُ مَعِيبًا وَفِي الْمُضَارِبِ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا إذَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضَ أَوْ بَعْدَهُ فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ الْجَوَابُ فِي الْمُضَارِبِ كَالْجَوَابِ فِي الْمُوَكِّلِ الْخَاصِّ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ الْمُضَارِبُ إذَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُضَارَبَةَ سَوَاءٌ رَضِيَ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ الْخَاصِّ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ يَلْزَمُهُ وَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ الرِّضَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَأَنْكَرَ الْمُضَارِبُ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ رَبَّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحْلِفُ الْمُضَارِبَ وَلَا رَبَّ الْمَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ عَبْدًا لَمْ يَرَهُ وَقَدْ رَآهُ رَبُّ الْمَالِ فَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَرُدَّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَلَوْ رَآهُ الْمُضَارِبُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا خِيَارٌ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ رَبُّ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ أَعْوَرُ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ الْمُضَارِبُ فَاشْتَرَاهُ الْمُضَارِبُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ وَالْوَكِيلُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِمَنْزِلَةِ الْمُضَارِبِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ عَبْدَ فُلَانٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ يَبِيعَهُ فَاشْتَرَاهُ الْمُضَارِبُ وَلَمْ يَرَهُ وَقَدْ رَآهُ رَبُّ الْمَالِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُضَارِبِ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمُضَارِبَ رَآهُ وَلَمْ يَرَهُ رَبُّ الْمَالِ فَهَذَا كَالْأَوَّلِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَعْوَرَ وَقَدْ عَلِمَ بِهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَرُدَّهُ أَبَدًا وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ إذَا اشْتَرَاهُ وَقَدْ كَانَ الْآمِرُ رَآهُ أَوْ عَلِمَ بِعَيْبِهِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا بَاعَ الْمُضَارِبُ عَبْدًا مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَطَعَنَ الْمُشْتَرِي فِيهِ بِعَيْبٍ بَعْدَمَا قَبَضَهُ وَالْعَيْبُ يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَأَقَرَّ الْمُضَارِبُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ أَوْ قَبِلَهُ الْمُضَارِبُ بِنَفْسِهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ اسْتَقَالَ الْمُشْتَرِي فَأَقَالَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ الْمُضَارِبُ بِالْعَيْبِ بَلْ أَنْكَرَهُ ثُمَّ صَالَحَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَيْبِ عَلَى شَيْءٍ إنْ كَانَ قِيمَةُ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ مِثْلَ حِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ فِيهِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ. ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ فَقِيلَ هَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِهِمَا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقِيلَ مَا ذُكِرَ قَوْلُ الْكُلِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي دَفْعِ الْمَالَيْنِ مُضَارَبَةً عَلَى التَّرَادُفِ] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي دَفْعِ الْمَالَيْنِ مُضَارَبَةً عَلَى التَّرَادُفِ وَخَلْطِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَخَلْطِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِغَيْرِهِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ آخَرَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ أَيْضًا فَخَلَطَ الْمُضَارِبُ الْأَلْفَ الْأَوَّلَ بِالْأَلْفِ الثَّانِي فَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْمُضَارِبَ مَتَى خَلَطَ مَالَ رَبِّ الْمَالِ بِمَالِ رَبِّ الْمَالِ لَا يَضْمَنُ وَمَتَى خَلَطَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِ نَفْسِهِ أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ يَضْمَنُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَاصِلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. أَمَّا إنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُضَارَبَتَيْنِ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك أَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِيهِمَا أَوْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْأُخْرَى وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَمَّا إنْ خَلَطَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْبَحَ فِيهِمَا أَوْ بَعْدَمَا رَبِحَ فِيهِمَا أَوْ بَعْدَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْأُخْرَى فَإِنْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَتَيْنِ جَمِيعًا اعْمَلْ فِيهَا بِرَأْيِك فَخَلَطَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَاحِدًا مِنْ الْمَالَيْنِ سَوَاءٌ خَلَطَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَرْبَحَ فِي الْمَالَيْنِ أَوْ بَعْدَ مَا رَبِحَ فِيهِمَا أَوْ بَعْدَمَا رَبِحَ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ. وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ فِي

الْمُضَارَبَتَيْنِ جَمِيعًا اعْمَلْ فِيهِمَا بِرَأْيِك فَإِنْ خَلَطَ أَحَدَ الْمَالَيْنِ بِالْآخَرِ قَبْلَ أَنْ يَرْبَحَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا. وَإِنْ خَلَطَهُمَا بَعْدَ مَا رَبِحَ فِي الْمَالَيْنِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْمَالَيْنِ وَحِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ مِنْ رِبْحِ الْمَالَيْنِ قَبْلَ الْخَلْطِ، وَاعْتُبِرَ بِمَا لَوْ خَلَطَهُمَا الْمُضَارِبُ بِمَالٍ خَاصٍّ بِنَفْسِهِ وَهُنَاكَ يَضْمَنُ الْمَالَيْنِ جَمِيعًا وَيَضْمَنُ حِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ مِنْ رِبْحِ الْمَالَيْنِ فَكَذَا إذَا خَلَطَهُمَا بِمَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَأَمَّا إذَا رَبِحَ فِي أَحَدِ الْمَالَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْمَالَ الَّذِي لَا رِبْحَ فِيهِ وَلَا يَضْمَنُ الْمَالَ الَّذِي رَبِحَ فَإِنْ قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فِي الْمُضَارَبَةِ الْأُولَى وَلَمْ يَقُلْ لَهُ ذَلِكَ فَخَلَطَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ الْأُولَى فَالْمَسْأَلَةُ لَا تَخْلُو عَنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إمَّا إنْ خَلَطَ أَحَدَ الْمَالَيْنِ بِالْآخَرِ قَبْلَ أَنْ يَرْبَحَ فِي أَحَدِ الْمَالَيْنِ أَوْ بَعْدَ مَا رَبِحَ فِي الْمَالَيْنِ أَوْ بَعْدَ مَا رَبِحَ فِي مَالِ الْأُولَى وَلَمْ يَرْبَحْ فِي مَالِ الثَّانِيَةِ أَوْ بَعْدَ مَا رَبِحَ فِي مَالِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَرْبَحْ فِي مَالِ الْأُولَى وَفِي وَجْهَيْنِ مِنْهَا يَضْمَنُ مَالَ الثَّانِيَةِ الَّذِي لَمْ يَقُلْ لَهُ رَبُّ الْمَالِ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك أَحَدُهُمَا إذَا خَلَطَ أَحَدَ الْمَالَيْنِ بِالْآخَرِ بَعْدَ مَا رَبِحَ فِي الْمَالَيْنِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي إذَا خَلَطَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ وَقَدْ رَبِحَ فِي مَالِ الْأُولَى الَّذِي قَالَ لَهُ فِيهَا اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك لَا يَضْمَنُ مَالَ الْأُولَى وَيَضْمَنُ مَالَ الثَّانِيَةِ وَفِي وَجْهَيْنِ مِنْهَا لَا يَضْمَنُ لَا مَالَ الْأُولَى وَلَا مَالَ الثَّانِيَةِ، أَحَدُهُمَا إذَا خَلَطَ أَحَدَ الْمَالَيْنِ بِالْآخَرِ قَبْلَ أَنْ يَرْبَحَ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْمَالَيْنِ. وَكَذَلِكَ إنْ رَبِحَ فِي مَالِ الثَّانِيَةِ الَّذِي لَمْ يَقُلْ لَهُ فِيهَا اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك وَلَمْ يَرْبَحْ فِي مَالِ الْأُولَى الَّذِي قَالَ لَهُ فِيهَا اعْمَلْ بِرَأْيِك وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي فَإِنْ قَالَ لَهُ فِي الْمُضَارَبَةِ الثَّانِيَةِ اعْمَلْ بِرَأْيِك وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي الْأَوَّلِ فَالْمَسْأَلَةُ لَا تَخْلُو عَنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَيْضًا عَلَى مَا بَيَّنَّا. وَفِي الْوَجْهَيْنِ مِنْهَا وَهُمَا إذَا خَلَطَ أَحَدَ الْمَالَيْنِ بِالْآخَرِ بَعْدَ مَا رَبِحَ فِي الْمَالَيْنِ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ الَّذِي قَالَ لَهُ فِيهِ اعْمَلْ بِرَأْيِك وَلَمْ يَرْبَحْ فِي مَالِ الْأُولَى الَّذِي لَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك يَضْمَنُ مَالَ الْأُولَى وَلَا يَضْمَنُ مَالَ الثَّانِيَةِ وَفِي الْوَجْهَيْنِ مِنْهُمَا وَهُمَا إذَا خَلَطَ أَحَدَ الْمَالَيْنِ بِالْآخَرِ قَبْلَ أَنْ يَرْبَحَ فِي الْمَالَيْنِ أَوْ رَبِحَ فِي مَالِ الْأُولَى وَلَمْ يَرْبَحْ فِي مَالِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا لَا مَالَ الْأُولَى وَلَا مَالَ الثَّانِيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ مَالًا مُضَارَبَةً وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَدَفَعَ الْمُضَارِبُ الْمَالَ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ لَهُ اخْلِطْ بِمَالِي هَذَا ثُمَّ اعْمَلْ بِهِمَا جَمِيعًا فَأَخَذَهُ الرَّجُلُ مِنْهُ فَلَمْ يَخْلِطْ حَتَّى ضَاعَ مِنْ يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ وَلَا عَلَى الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِهِ مَا لَمْ يُخْلَطْ وَالْمُضَارِبُ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ وَالْإِبْضَاعَ فَلَا يَصِيرُ هُوَ بِالدَّفْعِ مُخَالِفًا وَلَا الْقَابِضُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مِنْهُ غَاصِبًا مَا لَمْ يُخْلَطْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَفَعَ أَلْفًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَأَلْفًا بِالثُّلُثِ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِمَا اعْمَلْ بِرَأْيِك فَخَلَطَهُمَا الْمُضَارِبُ قَبْلَ الْعَمَلِ ثُمَّ عَمِلَ فَلَا ضَمَانَ وَيَقْتَسِمَانِ نِصْفَ الرِّبْحِ نِصْفَيْنِ وَنِصْفُهُ ثَلَاثًا وَلَوْ رَبِحَ فِي أَحَدِهِمَا وَوَضَعَ فِي الْآخَرِ قَبْلَ الْخَلْطِ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَضِيعَةِ الْمَالُ الَّذِي فِيهِ الرِّبْحُ لِأَنَّهُمَا مُضَارَبَتَانِ فَإِنْ خَلَطَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ صَارَ ضَامِنًا لِلْمَالِ الَّذِي وَضَعَ فِيهِ وَلَا يَضْمَنُ الْمَالَ الَّذِي رَبِحَ فِيهِ فَإِنْ رَبِحَ فِي الْمَالِ الَّذِي فِيهِ وَضِيعَةٌ فَهُوَ لِلْمُضَارِبِ يَتَصَدَّقُ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ يَعْمَلُ فِيهَا بِرَأْيِهِ فَرَبِحَ أَلْفًا ثُمَّ دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ إلَى آخَرَ أَلْفًا آخَرَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ يَعْمَلُ فِيهَا بِرَأْيِهِ فَدَفَعَ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ أَلْفَيْنِ إلَى رَجُلٍ مُضَارَبَةً بِالثُّلُثِ يَعْمَلُ فِيهَا بِرَأْيِهِ وَدَفَعَ الْمُضَارِبُ الثَّانِي الْأَلْفَ إلَى هَذَا الرَّجُلِ أَيْضًا مُضَارَبَةً بِالثُّلُثِ يَعْمَلُ فِيهَا بِرَأْيِهِ فَخَلَطَ الْأَلْفَ بِالْأَلْفَيْنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَبِحَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَلْفًا أَمْسَكَ ثُلُثَهُ لِنَفْسِهِ وَقَسَمَ الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ الْمُضَارِبَانِ الْأَوَّلَانِ أَثْلَاثًا بِاعْتِبَارِ

مَا دَفَعَا إلَيْهِ مِنْ الْمَالِ فَإِذَا أَخَذَ صَاحِبُ الْأَلْفَيْنِ الثُّلُثَيْنِ مِنْ ذَلِكَ دَفَعَ إلَى رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمَا بَقِيَ فَلِرَبِّ الْمَالِ نِصْفُ مَا كَانَ رِبْحُ الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَنِصْفُ ذَلِكَ لِلْمُضَارِبِ وَلِرَبِّ الْمَالِ أَيْضًا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَا كَانَ مِنْ الرِّبْحِ الثَّانِي وَرُبُعُهُ لِلْمُضَارِبِ وَيَأْخُذُ الْمُضَارِبُ الْآخَرُ مِنْ الْمُضَارِبِ الثَّانِي ثُلُثَ الثُّلُثَيْنِ ثُمَّ يَدْفَعُ إلَى رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَيُقَاسِمُهُ فِي الرِّبْحِ أَرْبَاعًا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَرُبُعُهُ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ لَمْ يَرْبَحْ شَيْئًا حِينَ دَفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً بِالثُّلُثِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا بِرَأْيِهِ فَعَمِلَ فَرَبِحَ أَلْفًا ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ الْمُضَارِبُ الثَّانِي الْأَلْفَ الَّذِي فِي يَدِهِ مُضَارَبَةً بِالثُّلُثِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا بِرَأْيِهِ فَخَلَطَهُ بِالْأَلْفَيْنِ ثُمَّ عَمِلَ فَرَبِحَ أَلْفًا فَإِنَّ الرِّبْحَ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَالْوَضِيعَةُ عَلَى ثَلَاثَةٍ بِحِسَابِ الْمَالِ فَيُصِيبُ الْأَلْفَ ثُلُثَ الرِّبْحِ وَيَأْخُذُ الْمُضَارِبُ الْآخَرُ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثِ ثُمَّ يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ مِنْهُ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفًا وَاقْتَسَمَا مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا لِرَبِّ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَلِلْمُضَارِبِ رُبُعُهُ فَمَا أَصَابَ الْأَلْفَيْنِ وَهُوَ الثُّلُثَانِ مِنْ ذَلِكَ أَخَذَ الْمُضَارِبُ الْآخَرُ مِنْهُ وَمِنْ الْأَلْفِ الَّذِي رَبِحَ الْأَلْفُ الْأَوَّلُ ثُلُثُهُ وَرَدَّ مَا بَقِيَ عَلَى الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَا يَبْقَى بَعْدَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَلِلْمُضَارِبِ رُبُعُهُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ لِيَعْمَلَ فِيهِ بِرَأْيِهِ فَعَمِلَ فِيهِ وَرَبِحَ أَلْفًا فَدَفَعَهُ أَلْفًا آخَرَ مُضَارَبَةً بِالثُّلُثِ لِيَعْمَلَ فِيهِ بِرَأْيِهِ فَخَلَطَ خَمْسَمِائَةٍ مِنْ هَذَا الْأَلْفِ بِالْمُضَارَبَةِ الْأُولَى فَهَلَكَ بَعْدَ الْخَلْطِ أَلْفٌ فَالْهَالِكُ رِبْحُ الْمَالِ الْأَوَّلِ وَصَارَ الْمَالُ كَأَنَّهُ لَمْ يَرْبَحْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَلْفُ يَهْلِكُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالْحِسَابِ حَتَّى يَكُونَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ مِنْ الْمَالِ الْأَوَّلِ وَخُمُسُهُ مِنْ الْمَالِ الثَّانِي كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ لَمْ يَهْلِكْ حَتَّى عَمِلَ وَقَدْ رَبِحَ أَلْفًا آخَرَ فَخُمُسُ هَذَا الرِّبْحِ مِنْ الْمُضَارَبَةِ الْأَخِيرَةِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ مِنْ الْأَوَّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ وَبِأَلْفٍ مِنْ مَالِهِ جَارِيَةً ثُمَّ خَلَطَ الْأَلْفَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهُمَا بَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ نَقَدَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ مُخْتَلِطًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَبِيعَ فَيَكُونُ نِصْفُهُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ حِصَّةَ مَا اشْتَرَى مِنْ الْجَارِيَةِ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَنِصْفُهُ لِلْمُضَارِبِ حِصَّةَ مَا اشْتَرَى مِنْهَا بِمَالِ نَفْسِهِ وَإِنْ قَسَمَ الْمُضَارِبُ الْمَالَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَقِسْمَتُهُ بَاطِلَةٌ وَلَوْ أَنَّ الْمُضَارِبَ حِينَ أَخَذَ أَلْفَ الْمُضَارَبَةِ وَخَلَطَهُ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ ثُمَّ اشْتَرَى وَكَانَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ كَانَ خَلَطَ الْمَالَ بَعْدَمَا اشْتَرَى بِهِ ثُمَّ لَمْ يَنْقُدْهُ حَتَّى ضَاعَ فِي يَدِهِ كَانَ ضَامِنًا لِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ حَتَّى يَدْفَعَهُ مِنْ مَالِهِ إلَى الْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِشَيْءٍ وَإِذَا قَبَضَ الْجَارِيَةَ كَانَ نِصْفُهَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَنِصْفُهَا لِلْمُضَارِبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَانْتَقَضَتْ الْمُضَارَبَةُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ قِيَامِ الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ أَمَانَةً عِنْدَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ اشْتَرَى مَعَ رَجُلٍ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ وَبِأَلْفٍ مِنْ عِنْدِ ذَلِكَ الرَّجُلِ جَارِيَةً وَدَفَعَا الْأَلْفَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَخْلِطَاهَا ثُمَّ قَبَضَا الْجَارِيَةَ فَنِصْفُهَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَنِصْفُهَا لِذَلِكَ الرَّجُلِ فَإِنْ بَاعَهَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ وَقَبَضَا الثَّمَنَ مُخْتَلِطًا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ فَإِنْ قَاسَمَ الْمُضَارِبُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الثَّمَنَ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ خَلَطَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِ ذَلِكَ الرَّجُلِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَالْمُضَارِبُ ضَامِنٌ لِلْمُضَارَبَةِ وَإِنْ شَارَكَ الْمُضَارِبُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ ثُمَّ قَالَ الْمُضَارِبُ لِلشَّرِيكِ قَدْ قَاسَمْتُك وَاَلَّذِي فِي يَدِي مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّرِيكِ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِينَارٍ قِيمَتُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ وَقَالَ لَهُ اعْمَلْ بِهَا وَبِأَلْفٍ مِنْ مَالِكَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ فَهَذَا جَائِزٌ وَلَوْلَا هَذَا الشَّرْطُ

الباب الثاني عشر في نفقة المضارب

لَكَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ فَإِذَا شَرَطَا الْمُنَاصَفَةَ صَارَ كَأَنَّ صَاحِبَ الدَّنَانِيرِ شَرَطَ لَهُ سُدُسَ رِبْحِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُضَارَبَةً بِسُدُسِ الرِّبْحِ، وَهَذَا وَإِنْ خَرَجَ مَخْرَجَ الشَّرِكَةِ وَيَكُونُ الْمَالُ مَشْرُوطًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُمَا شَرِكَةً لِاشْتِرَاطِهِمَا الْعَمَلَ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ الْمَالُ وَفِي الشَّرِكَةِ يَكُونُ الْعَمَلُ مَشْرُوطًا عَلَيْهِمَا وَكَانَ هَذَا شَرِكَةً صُورَةً وَمُضَارَبَةً مَعْنًى. وَفَائِدَةُ قَوْلِ صَاحِبِ الدَّنَانِيرِ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِكَ انْتِفَاءُ الضَّمَانِ عَنْ الْمُضَارِبِ إذَا خَلَطَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَلَمَّا صَارَ هَذَا مُضَارَبَةً فِي حَقِّ الدَّنَانِيرِ شُرِطَ تَسْلِيمُهَا وَإِحْضَارُهَا فَإِنْ هَلَكَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ قَبْلَ الشِّرَاءِ هَلَكَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ هَلَكَتْ الدَّنَانِيرُ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ وَإِنْ هَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فَالْمُضَارَبَةُ عَلَى حَالِهَا فَإِنْ انْتَقَصَتْ قِيمَةُ الدَّنَانِيرِ فَصَارَتْ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهَا وَبِأَلْفِ مِنْ مَالِهِ جَارِيَةً ثُمَّ بَاعَهَا بِرِبْحِ أَلْفٍ كَانَ رِبْحُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَمِائَةٍ غَيْرَ أَنَّ الْخَمْسَمِائَةِ الَّتِي هِيَ رِبْحُ الدَّنَانِيرِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا لِصَاحِبِ الدَّنَانِيرِ وَسُدُسُهَا لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ عَلَى مَا شَرَطَا وَالْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي هِيَ رِبْحُ الدَّرَاهِمِ لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ خَاصَّةً وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِكُلِّ مَالٍ سِلْعَةً عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ بَاعَ مَا اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ فَلَمْ يَرْبَحْ فِيهِ وَبَاعَ مَا اشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ فَرَبِحَ فِيهِ خَمْسَمِائَةٍ فَلَهُ مِنْ هَذَا الرِّبْحِ سُدُسُهُ بِحُكْمِ الشَّرْطِ وَلَوْ رَبِحَ فِيمَا اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ خَمْسَمِائَةٍ وَلَمْ يَرْبَحْ فِيمَا اشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ شَيْئًا فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ. وَلَوْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا فَصَارَتْ تُسَاوِي ثَمَانَمِائَةٍ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِمَا عَبْدًا فَخَمْسَةُ أَتْسَاعِ الْعَبْدِ لِلْمُضَارَبَةِ وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعِهِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ بَاعَ الْمُضَارِبُ الْعَبْدَ وَرَبِحَ فِيهِ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَ مَالِهِ وَأَخَذَ الْمُضَارِبُ خَمْسَةَ أَتْسَاعِ الرِّبْحِ حِصَّةَ رَأْسِ مَالِهِ فَيَكُونُ لَهُ خَاصَّةً وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ الرِّبْحِ حِصَّةُ الْمُشْتَرِي بِالدَّنَانِيرِ فَيَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا أَسْدَاسًا لِلشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَاهُ فِي الْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لَمْ يَبِعْهُ الْمُضَارِبُ حَتَّى صَارَتْ قِيمَةُ الدَّنَانِيرِ أَلْفًا ثُمَّ بَاعَهُ بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ اقْتَسَمَا الثَّمَنَ عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ خَمْسَةُ أَتْسَاعِهِ وَهِيَ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةٍ وَسِتٌّ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ حِصَّةُ الْمُضَارِبِ فَيَكُونُ لَهُ أَلْفٌ مِنْ ذَلِكَ رَأْسُ مَالِهِ وَالْبَاقِي رِبْحٌ فَيَكُونُ لَهُ خَاصَّةً وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ الثَّمَنِ وَذَلِكَ أَلْفٌ وَثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثُ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثُ حِصَّةِ الْمُضَارَبَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ رَأْسُ الْمَالِ وَالْبَاقِي رِبْحٌ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا سُدَاسًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي نَفَقَةِ الْمُضَارِبِ] (الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي نَفَقَةِ الْمُضَارِبِ) إذَا عَمِلَ الْمُضَارِبُ فِي الْمِصْرِ فَلَيْسَتْ نَفَقَتُهُ فِي الْمَالِ وَإِنْ سَافَرَ فَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ وَكِسْوَتُهُ وَرُكُوبُهُ مَعْنَاهُ شِرَاءٌ وَكِرَاءٌ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَلَوْ بَقِيَ شَيْءٌ فِي يَدِهِ بَعْدَمَا قَدِمَ مِصْرَهُ رَدَّهُ فِي الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ كَانَ خُرُوجُهُ دُونَ السَّفَرِ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يَغْدُو ثُمَّ يَرُوحُ فَيَبِيتُ بِأَهْلِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السُّوقِيِّ فِي مِصْرٍ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَبِيتُ بِأَهْلِهِ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالنَّفَقَةُ هِيَ مَا يُصْرَفُ إلَى الْحَاجَةِ الرَّاتِبَةِ وَهِيَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالْكِسْوَةُ وَفِرَاشٌ يَنَامُ عَلَيْهِ وَالرُّكُوبُ وَعَلَفُ دَابَّتِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمِنْ ذَلِكَ غَسْلُ ثِيَابِهِ وَالدُّهْنُ فِي مَوْضِعٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَالْحِجَازِ وَأُجْرَةُ الْحَمَّامِ وَالْحَلَّاقِ وَإِنَّمَا يُطْلَقُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِالْعُرْفِ حَتَّى يَضْمَنَ الْفَضْلَ إنْ جَاوَزَهُ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ اللَّحْمِ فَقَالَ كَمَا كَانَ يَأْكُلُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَأَمَّا الدَّوَاءُ وَالْحِجَامَةُ وَالْكُحْلُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَفِي مَالِهِ خَاصَّةً دُونَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَكَذَلِكَ جَارِيَةُ الْوَطْءِ وَالْخِدْمَةِ لَا تُحْتَسَبُ بِثَمَنِهَا فِي الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَخْدُمُهُ فِي سَفَرِهِ وَفِي مِصْرِهِ الَّذِي أَتَاهُ فَيَخْبِزُ لَهُ وَيَطْبُخُ

وَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَعْمَلُ لَهُ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ احْتَسَبَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعَهُ غِلْمَانٌ لَهُ يَعْمَلُونَ فِي الْمَالِ كَانُوا بِمَنْزِلَتِهِ وَنَفَقَتُهُمْ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْمُضَارِبِ دَوَابُّ يَحْمِلُ عَلَيْهَا مَتَاعَ الْمُضَارَبَةِ إلَى مِصْرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ كَانَ عَلَفُهَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ مَا دَامَتْ فِي عَمَلِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَعَانَهُ رَبُّ الْمَالِ بِغِلْمَانِهِ أَوْ دَوَابِّهِ فِي السَّفَرِ لَا تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ وَنَفَقَةُ غِلْمَانِهِ وَدَوَابِّهِ عَلَيْهِ دُونَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُضَارِبُ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ ضَمِنَ مِنْ مَالِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا صَارَ ضَامِنًا فَإِنْ رَبِحَ فِي الْمَالِ رِبْحًا بُدِئَ بِرَأْسِ الْمَالِ يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ كُلَّهُ وَمَا بَقِيَ مِنْ الرِّبْحِ يُقْسَمُ عَلَى مَا اشْتَرَطُوا فَمَا أَصَابَ الْمُضَارِبُ مِنْ الرِّبْحِ فَإِنَّهُ يَحْتَسِبُ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِمَا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ الرِّبْحِ أَقَلَّ مِمَّا ضَمِنَ رَدَّ الزِّيَادَةَ وَإِنْ كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ الرِّبْحِ أَكْثَرَ أَخَذَ الزِّيَادَةَ إلَى تَمَامِ نَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ أَمَرَهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى رَقِيقِهِ وَدَوَابِّهِ حَسَبَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ أَسْرَفَ فِيمَا أَنْفَقَ عَلَى الرَّقِيقِ فَإِنَّمَا يَضُمُّ إلَى رَأْسِ مَالِهِ مِنْ ذَلِكَ نَفَقَةَ مِثْلِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمَبْسُوطِ. وَسَبِيلُ النَّفَقَةِ أَنْ يَحْتَسِبَ مِنْ الرِّبْحِ إنْ كَانَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ جُزْءٌ هَالِكٌ وَالْأَصْلُ فِي الْهَلَاكِ أَنْ يَنْصَرِفَ أَوَّلًا إلَى الرِّبْحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُضَارِبُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ اسْتَدَانَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ رَجَعَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِذَلِكَ وَيَبْدَأُ بِرَأْسِ الْمَالِ ثُمَّ يُثَنِّي بِالنَّفَقَةِ ثُمَّ يُثَلِّثُ بِالرِّبْحِ وَإِنْ هَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ شَيْئًا عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَسْتَوْفِي رَأْسَ مَالِهِ بِكَمَالِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَتَاعَ الْمُضَارَبَةِ أَوْ اشْتَرَى طَعَامًا لِلْمُضَارَبَةِ فَضَاعَ الْمَالُ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى طَعَامَهُ وَكِسْوَتَهُ وَدُهْنَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ فَضَاعَ الْمَالُ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ بِالْكُوفَةِ وَأَهْلٌ بِالْبَصْرَةِ وَوَطَنُهُ فِيهِمَا جَمِيعًا فَخَرَجَ بِالْمَالِ مِنْ الْكُوفَةِ لِيَتَّجِرَ فِيهِ بِالْبَصْرَةِ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فِي طَرِيقِهِ فَإِذَا دَخَلَ الْبَصْرَةَ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ مَادَامَ بِهَا فَإِذَا خَرَجَ مِنْهَا رَاجِعًا إلَى الْكُوفَةِ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فِي سَفَرِهِ وَلَوْ كَانَ أَهْلُ الْمُضَارِبِ بِالْكُوفَةِ وَأَهْلُ رَبِّ الْمَالِ بِالْبَصْرَةِ فَخَرَجَ بِالْمَالِ إلَى الْبَصْرَةِ مَعَ رَبِّ الْمَالِ لِيَتَّجِرَ فِيهِ فَنَفَقَتُهُ فِي طَرِيقِهِ وَبِالْبَصْرَةِ وَفِي رُجُوعِهِ إلَى الْكُوفَةِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى غَيْرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً وَهُمَا بِالْكُوفَةِ وَلَيْسَتْ الْكُوفَةُ وَطَنًا لِلْمُضَارِبِ فَنَفَقَةُ الْمُضَارِبِ مَا دَامَ بِالْكُوفَةِ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ سَافَرَ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْكُوفَةِ فِي تِجَارَتِهِ كَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا دَامَ بِكُوفَةَ وَكَانَتْ الْكُوفَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ الْبُلْدَانِ سَوَاءٌ فِي حَقِّهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِيهَا وَاِتَّخَذَهَا وَطَنًا زَالَتْ نَفَقَتُهُ عَنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ إذَا خَرَجَ الْمُضَارِبُ بِالْمَالِ إلَى مِصْرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ يَشْتَرِي بِهِ مَتَاعًا أَوْ شَيْئًا مِنْ أَصْنَافِ التِّجَارَةِ فَانْتَهَى إلَى ذَلِكَ الْمِصْرِ فَلَمْ يَشْتَرِ شَيْئًا حَتَّى رَجَعَ بِالْمَالِ إلَى مِصْرِهِ وَقَدْ أَنْفَقَ مِنْ الْمَالِ فَإِنَّ تِلْكَ النَّفَقَةَ تَكُونُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا مُضَارَبَةً وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَعْمَلَ فِيهِ بِرَأْيِهِ فَدَفَعَ الْمُضَارِبُ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً فَسَافَرَ الْآخَرُ بِالْمَالِ إلَى مِصْرٍ يَشْتَرِي وَيَبِيعُ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ نَوَى الْمُضَارِبُ الْإِقَامَةَ فِي مِصْرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَإِنَّمَا تَبْطُلُ نَفَقَتُهُ عَنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِإِقَامَتِهِ فِي مِصْرِهِ أَوْ فِي مِصْرٍ يَتَّخِذُهُ دَارَ إقَامَةٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ أَبْضَعَهُ الْمُضَارِبُ مَعَ رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَبْضِعِ نَفَقَةٌ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ أَبْضَعَهُ الْمُضَارِبُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ فَعَمِلَ بِهِ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ وَلَا نَفَقَةَ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْمُضَارِبُ إذَا سَافَرَ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَمَالِ نَفْسِهِ يُوَزِّعُ النَّفَقَةَ عَلَى الْمَالَيْنِ سَوَاءٌ خَلَطَ الْمَالَيْنِ أَوْ لَمْ يَخْلِطْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك أَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ ذَلِكَ وَالسَّفَرُ وَمَا دُونَ السَّفَرِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ إذَا كَانَ لَا يَبِيتُ فِي أَهْلِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَلِكَ لَوْ سَافَرَ بِمَالَيْنِ لِرَجُلٍ مُضَارَبَةً فَنَفَقَتُهُ عَلَى قَدْرِ

الباب الثالث عشر في عتق عبد المضاربة وكتابته

مَالَيْهِمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ بِضَاعَةً فَنَفَقَتُهُ فِي مَال الْمُضَارَبَةِ إلَّا أَنْ يَتَفَرَّغَ لِلْعَمَلِ فِي الْبِضَاعَةِ فَيُنْفِقُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ دُونَ الْبِضَاعَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا أَذِنَ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهَا جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَاحْتَاجَتْ الْجَارِيَةُ إلَى النَّفَقَةِ تَكُونُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَلَا يُجْعَلُ عَلَى الْمُضَارِبِ نَفَقَةُ حِصَّتِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اشْتَرَى بِأَلْفٍ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَالْحَاصِلُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - النَّفَقَةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا أَبَقَتْ الْجَارِيَةُ وَرُدَّتْ فَالْخِلَافُ فِي الْجُعْلِ كَالْخِلَافِ فِي النَّفَقَةِ ثُمَّ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُخْرِجُ الْعَبْدَ عَنْ الْمُضَارَبَةِ وَيُجْبِرُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ حِصَّتَهُ مِنْ الْجُعْلِ وَرَوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُحْتَسَبُ بِالْجُعْلِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ وَيُحْتَسَبُ بِهِ فِيمَا بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ رِبْحٌ فَالْجُعْلُ فِيهِ وَإِلَّا فَهُوَ وَضِيعَةٌ فِي رَأْسِ الْمَالِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطَيْنِ. لَوْ أَتَى مِصْرًا وَاشْتَرَى شَيْئًا فَمَاتَ رَبُّ الْمَالِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَأَتَى بِالْمَتَاعِ مِصْرًا آخَرَ فَنَفَقَةُ الْمُضَارِبِ فِي مَالِ نَفْسِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا هَلَكَ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ سَلَّمَ الْمَتَاعَ جَازَ بَيْعُهُ لِبَقَائِهَا فِي حَقِّ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ خَرَجَ بِالْمَتَاعِ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ رَبِّ الْمَالِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ وَكَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي سَفَرِهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمِصْرِ وَيَبِيعَ الْمَتَاعَ عَلَى الْمَال كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ فِي الطَّرِيقِ فَنَهَاهُ رَبُّ الْمَالِ بِرَسُولٍ عَنْ السَّفَرِ أَوْ مَاتَ فَلَهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى أَيِّ مِصْرٍ أَحَبَّ وَكَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ نَاضًّا وَهُوَ فِي مِصْرٍ أَوْ فِي الطَّرِيقِ فَخَرَجَ إلَى غَيْرِ مِصْرِ رَبِّ الْمَالِ يَضْمَنُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ مَاتَ وَالْمُضَارِبُ بِمِصْرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ غَيْرَ مِصْرِ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارَبَةُ مَتَاعٌ فِي يَدِهِ فَخَرَجَ بِهَا إلَى مِصْرِ رَبِّ الْمَالِ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَنَفَقَتُهُ حَتَّى يَبْلُغَ مِصْرَ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ حَيًّا فَأَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولًا يَنْهَاهُ عَنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، وَفِي يَدِهِ مَتَاعٌ فَخَرَجَ بِهِ إلَى مِصْرِ رَبِّ الْمَالِ فَإِنِّي لَا أُضَمِّنُهُ مَا هَلَكَ مِنْ الْمَتَاعِ فِي سَفَرِهِ وَأَجْعَلُ نَفَقَتَهُ فِي الْمَالِ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ فِي يَدِهِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَمَاتَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ فِي مِصْرٍ آخَرَ أَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ حَيًّا فَأَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولًا يَنْهَاهُ عَنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فَأَقْبَلَ الْمُضَارِبُ بِالْمَالِ إلَى مِصْرِ رَبِّ الْمَالِ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ سَلِمَ حَتَّى قَدِمَ وَقَدْ أَنْفَقَ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي سَفَرِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ النَّفَقَةَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا اشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ وَبِأَلْفٍ مِنْ عِنْدِهِ عَبْدًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَإِنْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَأَمَرَهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ فَمَا أَنْفَقَ فَهُوَ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَهَذِهِ قِسْمَةٌ مِنْ الْقَاضِي بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ إذَا حَكَمَ بِالنَّفَقَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي. كُلُّ مُضَارَبَةٍ فَاسِدَةٍ لَا نَفَقَةَ لِلْمُضَارِبِ فِيهَا عَلَى مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْمَالِ حُسِبَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَأُخِذَ بِمَا زَادَ إنْ كَانَ مَا أَنْفَقَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّالِث عَشْر فِي عِتْق عَبْد الْمُضَارَبَة وَكِتَابَته] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي عِتْقِ عَبْدِ الْمُضَارَبَةِ وَفِي كِتَابَتِهِ وَفِي دَعْوَةِ نَسَبِ وَلَدِ جَارِيَةِ الْمُضَارِبِ) . لَوْ أَعْتَقَ الْمُضَارِبُ عَبْدَ الْمُضَارَبَةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ لَا رِبْحَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ فِيهِ رِبْحٌ، وَلَا فَضْلَ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ أَوْ فِيهِ فَضْلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ فِي الْمُضَارَبَةِ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ فَلَوْ أَعْتَقَ رَبُّ الْمَالِ يَصِحُّ وَيَكُونُ مُسْتَوْفِيًا رَأْسَ مَالِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ وَلَا فَضْلَ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ بِأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِخَمْسِمِائَةٍ وَهُوَ

يُسَاوِي أَلْفًا وَرَأْسُ الْمَالِ أَلْفٌ فَأَعْتَقَهُ الْمُضَارِبُ لَا يَصِحُّ أَيْضًا لِأَنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ مَتَى كَانَ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِثْلُ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ وَاحِدٌ مِنْ الْمَالَيْنِ مَشْغُولًا بِرَأْسِ الْمَالِ كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ بِرَأْسِ الْمَالِ شَائِعًا فِيهِمَا هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ هُوَ الَّذِي أَعْتَقَ الْعَبْدَ جَازَ إعْتَاقُهُ وَصَارَ رَبُّهُ مُسْتَوْفِيًا بِرَأْسِ مَالِهِ بِتَمَامِهِ بَقِيَ خَمْسُمِائَةٍ رِبْحًا فَيَكُونُ بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَبَيْنَهُ نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ فَضْلٌ بِأَنْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِخَمْسِمِائَةٍ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَأَعْتَقَهُ جَازَ إعْتَاقُهُ فِي الرُّبُعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَيَسْتَوْفِي رَبُّ الْمَالِ الْخَمْسَمِائَةِ الْقَائِمَةَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَإِذَا اسْتَوْفَاهَا بِرَأْسِ مَالِهِ صَارَ الْأَوَّلُ الْمَمْلُوكُ لِلْمُضَارِبِ مِنْ الْعَبْدِ قَدْرَ سَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَقَدْ حَدَثَتْ لِلْمُضَارِبِ زِيَادَةُ مِلْكٍ فِي الْعَبْدِ لَمْ تَكُنْ يَوْمَ أَعْتَقَ وَلَا يَعْتِقُ مَا حَدَثَ لَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْعَبْدِ فَنَقُولُ إنَّ الْمُضَارِبَ مَتَى كَانَ مُوسِرًا فَلِرَبِّ الْمَالِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثَةٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُضَارِبَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا ثُمَّ كَانَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ إنْ شَاءَ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُضَارِبِ وَإِنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الْعَبْدِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ لِرَبِّ الْمَالِ، وَثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِلْمُضَارِبِ وَإِنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَعِنْدَ ذَلِكَ يُعْتَقُ مِنْ الْعَبْدِ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَيَبْقَى لِلْمُضَارِبِ خِيَارٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَا حَدَثَ لَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ بَعْدَ الْعِتْقِ فَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى وَأَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ كَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ وَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ مُعْسِرًا فَلِرَبِّ الْمَالِ خِيَارٌ إنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الْعَبْدِ وَيَكُونُ لِلْمُضَارِبِ الْخِيَارُ فِيمَا حَدَثَ لَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ يَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا. وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَعْتَقَ الْمُضَارِبُ الْعَبْدَ، وَالرِّبْحُ مِلْكُهُ عَتَقَ كُلُّهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ ثُمَّ يَسْتَوْفِي رَبُّ الْمَالِ الْخَمْسَمِائَةِ الثَّانِيَةَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ بِرَأْسِ مَالِهِ ثُمَّ يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ إنْ كَانَ مُوسِرًا أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُضَارِبُ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَسْتَسْعِي الْعَبْدَ فِي أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُضَارِبِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ عَبْدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسَاوِي أَلْفًا فَأَعْتَقَهُمَا الْمُضَارِبُ فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ عِنْدَنَا وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ الْعِتْقُ بَاطِلًا أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَعْتَقَ رَبُّ الْمَالِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ أَعْتَقَهُمَا مَعًا عَتَقَا وَضَمِنَ لِلْمُضَارِبِ خَمْسَمِائَةٍ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا بَعْدَ صَاحِبِهِ عَتَقَ الْأَوَّلُ كُلُّهُ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَيُعْتَقُ مِنْ الثَّانِي نِصْفُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْآخَرِ أَلْفَا دِرْهَمٍ ثُمَّ إنَّ الْمُضَارِبَ أَعْتَقَهُمَا مَعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا وَهُوَ مُوسِرٌ فَعَلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ إعْتَاقُ الْعَبْدِ الَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَيَصِحُّ إعْتَاقُهُ فِي رُبُعِ الْعَبْدِ الَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَانْتَقَضَتْ الْمُضَارَبَةُ فِيهِ وَبَقِيَ الْعَبْدُ الَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَإِذَا أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ رَأْسَ مَالِهِ يَبِيعُهُ الْمُضَارِبُ فَيَسْتَوْفِي ثَمَنَهُ رَبُّ الْمَالِ فَيَصِيرُ الْعَبْدُ الَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَارِغًا عَنْ الشُّغْلِ وَكَانَ رِبْحًا كُلُّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَقَدْ أَعْتَقَ الْمُضَارِبُ عَبْدًا لِرَبِّ الْمَالِ نِصْفَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَيَثْبُتُ لِرَبِّ الْمَالِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُضَارِبَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُضَارِبُ عَلَى الْعَبْدِ إنْ شَاءَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُضَارِبِ وَإِنْ اخْتَارَ سِعَايَةَ الْعَبْدِ يَسْتَسْعِي فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَيَسْتَسْعِي الْمُضَارِبُ الْعَبْدَ فِي خَمْسِمِائَةٍ هِيَ الرُّبُعُ الَّذِي مَلَكَهُ بَعْدَمَا اسْتَوْفَى رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَلَا يَسْتَسْعِهِ فِي الرُّبُعِ الَّذِي كَانَ مِلْكًا لَهُ يَوْمَ الْعِتْقِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ اخْتَارَ الْإِعْتَاقَ فَإِنَّ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِي الرُّبُعِ الَّذِي مَلَكَهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَأَيًّا مَا فَعَلَ كَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ مُعْسِرًا فَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا إلَّا أَنَّهُ يَثْبُتُ لِرَبِّ

الْمَالِ الْخِيَارَانِ الْأَخِيرَانِ لَا الْأَلْفُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ لَمْ يُعْتِقْهُمَا الْمُضَارِبُ وَأَعْتَقَهُمَا رَبُّ الْمَالِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْعَبْدُ الَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفٌ حُرٌّ مِنْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ الَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ حُرٌّ مِنْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ وَأَمَّا الْبَاقِي فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ مُوسِرًا فَالْمُضَارِبُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ ذَلِكَ الرُّبُعَ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِيهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ رَبَّ الْمَالِ وَيَرْجِعُ بِهِ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى وَهَذَا ظَاهِرٌ وَضَمَّنَ الْمُضَارِبُ أَيْضًا رَبَّ الْمَالِ تَمَامَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، ثُمَّ رَبُّ الْمَالِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا ضَمِنَ لِلْمُضَارِبِ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِمِائَةِ الْأُخْرَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا رَبُّ الْمَالِ مُتَفَرِّقًا فَإِنْ أَعْتَقَ أَوَّلًا الْأَعْلَى فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَقُ مِنْ الْأَوَّلِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَلَا يُعْتَقُ مِنْ الَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ النِّصْفُ ثُمَّ لِلْمُضَارِبِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثَةٌ فِي الْعَبْدَيْنِ إنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ مُوسِرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ رُبُعَ قِيمَةِ الْأَوَّلِ وَنِصْفَ قِيمَةِ الثَّانِي وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ رُبُعَ الْأَوَّلِ وَنِصْفَ الثَّانِي وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ الْأَوَّلَ فِي رُبُعِهِ وَالثَّانِي فِي نِصْفِهِ فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ رَبِّ الْمَالِ يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ الْأَوَّلِ بِرُبُعِ قِيمَتِهِ وَعَلَى الثَّانِي بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَمَتَى رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمَا كَانَ وَلَاؤُهُمَا كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَإِنْ اخْتَارَ الْمُضَارِبُ السِّعَايَةَ أَوْ الْإِعْتَاقَ يَكُونُ وَلَاءُ الْعَبْدِ الْأَوَّلِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَرُبُعُهُ لِلْمُضَارِبِ وَوَلَاءُ الْعَبْدِ الثَّانِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدُ الْأَدْنَى أَوَّلًا نَقُولُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْأَدْنَى أَوَّلًا عَتَقَ كُلُّهُ مِنْ غَيْرِ سِعَايَةٍ وَحِينَ أَعْتَقَ الْأَعْلَى عَتَقَ مِنْهُ نِصْفُهُ فَيَكُونُ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى بِأَلْفٍ عَبْدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسَاوِي أَلْفًا فَأَعْتَقَهُمَا الْمُضَارِبُ مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ ثُمَّ فَقَأَ رَبُّ الْمَالِ عَيْنَ أَحَدِهِمَا أَوْ قَطَعَ يَدَهُ فَقَدْ صَارَ مُسْتَوْفِيًا نِصْفَ رَأْسِ مَالِهِ ثُمَّ ظَهَرَ الْفَضْلُ فِي الْعَبْدِ الْآخَرِ إلَّا أَنَّ الْعِتْقَ الَّذِي كَانَ مِنْ الْمُضَارِبِ قَبْلَ ذَلِكَ فِيهِ بَاطِلٌ، وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا الْمُضَارِبُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ فِيهِ عَمَّا بَقِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْآخَرُ فَيُعْتِقُ مِنْهُ رُبُعُهُ نِصْفُ الْفَضْلِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ ثُمَّ يُبَاعُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَيَدْفَعُ إلَى رَبِّ الْمَالِ تَمَامُ رَأْسِ مَالِهِ وَيَضْمَنُ الْمُضَارِبُ إنْ كَانَ مُوسِرًا لِرَبِّ الْمَالِ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ الَّذِي عَتَقَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ جَمِيعَهُ رِبْحٌ وَأَنَّ نِصْفَهُ لِرَبِّ الْمَالِ فَيَضْمَنُ لَهُ الْمُضَارِبُ ذَلِكَ ضَمَانَ الْعِتْقِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْعَبْدِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَاتَبَ الْمُضَارِبُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً مِنْ الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِثْلَ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ كِتَابَتُهُ وَإِذَا أَدَّى الْعَبْدُ الْكِتَابَةَ لَا يُعْتَقُ وَيَكُونُ مَا أَدَّى مِنْ الْكِتَابَةِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْقِيمَةِ فَضْلٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ بِأَنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَكَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ وَرَأْسُ الْمَالِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ تَصِحُّ كِتَابَتُهُ فِي حِصَّتِهِ وَهُوَ الرُّبُعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ فِيمَا كَانَ مِنْهُ نَصِيبُ رَبِّ الْمَالِ إلَّا أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَنْقُضَ الْكِتَابَةَ فَإِنْ لَمْ يَنْقُضْ حَتَّى أَدَّى الْعَبْدُ جَمِيعَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ حِصَّةُ الْمُضَارِبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا غَيْرُ وَعِنْدَهُمَا يُعْتَقُ الْكُلُّ وَمَا قَبَضَ الْمُضَارِبُ مِنْ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يُسَلَّمُ لَهُ رُبُعُ ذَلِكَ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمُكَاتَبَةِ تَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَإِذَا أَعْتَقَ حِصَّةَ الْمُضَارِبِ انْتَقَضَتْ الْمُضَارَبَةُ فَيَسْتَوْفِي رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْمُكَاتَبَةِ فَبَقِيَ خَمْسُمِائَةٍ وَالْعَبْدُ كُلُّهُ رِبْحٌ فَتَكُونُ الْخَمْسُمِائَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَقَدْ حَدَثَ لِلْمُضَارِبِ زِيَادَةُ شَرِكَةٍ بِقَدْرِ الرُّبُعِ لَمْ تَكُنْ لَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ فَلَا يُعْتَقُ هَذَا الْقَدْرُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا عُرِفَ وَيَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ فِي نَصِيبِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِيَارَاتٌ ثَلَاثَةٌ: إنْ كَانَ الْمُضَارِبُ مُوسِرًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا وَتَرَكَ أَقَلَّ مِنْ ثَمَانِيَةِ آلَافٍ مَاتَ عَبْدًا وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ لِأَنَّهُ مَاتَ عَاجِزًا لِأَنَّ مَا هُوَ مَلَكَهُ وَهُوَ رُبُعُ الْكَسْبِ لَا يَبْقَى بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ فَيَسْتَوْفِي رَبُّ الْمَالِ مِمَّا تَرَكَ رَأْسَ

مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ تَرَكَ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ فَقَدْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ وَيُعْتَقُ فَيَأْخُذُ الْمُضَارِبُ مِنْ ذَلِكَ أَلْفَيْنِ وَيَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ قِيمَةُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ بَقِيَ ذَلِكَ عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى وَقَدْ أَفْسَدَهُ الْمُضَارِبُ فَيَضْمَنُ وَتَكُونُ السِّتَّةُ الْآلَافِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الْكَسْبِ بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ نِصْفَيْنِ وَإِنْ تَرَكَ الْمُكَاتَبُ تِسْعَةَ آلَافٍ أَخَذَ الْمُضَارِبُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ بَدَلَ الْكِتَابَةِ فَيَمُوتُ حُرًّا وَيَأْخُذُ أَيْضًا الْأَلْفَ الزَّائِدَةَ بِحَقِّ الْإِرْثِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَهُ لِأَنَّهُ عَتَقَ كُلَّهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ كَاتَبَ أَلْفًا ثُمَّ ازْدَادَتْ لَمْ تَنْفُذْ الْكِتَابَةُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْكِتَابَةِ أَلْفَيْنِ ثُمَّ انْتَقَضَتْ ثُمَّ أَدَّى أَوْ مَاتَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الرُّبُعَ كَانَ مِلْكَهُ فَنَفَذَتْ الْكِتَابَةُ فِيهِ إلَّا أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْأَدَاءِ فَيُفَارِقُ الْأُولَى فِي وَقْتِ الضَّمَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا أَعْتَقَ الْمُضَارِبُ عَبْدًا مِنْ الْمُضَارَبَةِ قِيمَتُهُ مِثْلُ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَقَلُّ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَرَأْسُ الْمَالِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنَّ عِتْقَهُ بَاطِلٌ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ مَالٍ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِأَنْ كَانَتْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَرَأْسُ الْمَالِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَعْتَقَهُ الْمُضَارِبُ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ خَاصَّةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُعْتَقُ جَمِيعُ الْعَبْدِ وَسُلِّمَ لِلْمُضَارِبِ مِنْ بَدَلِ الْعِتْقِ وَهُوَ الرَّابِعُ وَمَا بَقِيَ يُسَلَّمُ لِلْعَبْدِ فَلَا يَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ عِنْدَهُمْ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ قَالَ الْمُضَارِبُ لِلْعَبْدِ أُعْتِقُك عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَقَبِلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ حُرًّا بِنَفْسِ الْقَبُولِ أَوْ مُكَاتَبًا حَتَّى يَكُونَ مَا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَسْبَ مُكَاتَبٍ أَوْ كَسْبَ حُرٍّ مَدْيُونٍ فَأَمَّا إذَا قَالَ الْمُضَارِبُ لِلْعَبْدِ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَيْنِ فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَدَّى الْعَبْدُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَعَتَقَ حِصَّةَ الْمُضَارِبِ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّ جَمِيعَ مَا أَخَذَ مِنْ الْعَبْدِ يَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِ الْمُضَارَبَةِ فَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ رَأْسَ مَالِهِ وَالْبَاقِي رِبْحٌ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ أَلْفٌ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ أَمَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ فَوَطِئَهَا الْمُضَارِبُ فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَادَّعَى الْمُضَارِبُ أَنَّهُ ابْنُهُ ثُمَّ بَلَغَتْ قِيمَةُ الْغُلَامِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ وَالْمُضَارِبُ مُوسِرٌ فَإِنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ اسْتَسْعَى الْغُلَامَ فِي أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ وَإِذَا قَبَضَ رَبُّ الْمَالِ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ الْغُلَامِ ضَمِنَ الْمُضَارِبُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأَمَةِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا هَكَذَا فِي الْكَافِي إذَا دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهِ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفًا فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَادَّعَاهُ الْمُضَارِبُ فَدَعْوَتُهُ بَاطِلَةٌ وَهُوَ ضَامِنٌ لِعُقْرِ الْجَارِيَةِ، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ الْجَارِيَةَ وَوَلَدَهَا فَقَدْ أُبْهِمَ الْجَوَابُ هُنَا وَهُوَ عَلَى التَّقْسِيمِ فَإِنْ كَانَتْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ مُنْذُ اشْتَرَاهَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ وَإِنْ كَانَتْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَعَلَيْهِ الْعُقْرُ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مَا لَمْ يَسْتَوْفِ رَبُّ الْمَالِ مِنْهُ عُقْرَهَا فَإِنْ اسْتَوْفِي عُقْرَهَا وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ثُمَّ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ تِسْعَمِائَةٍ تَمَامَ رَأْسِ مَالِهِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا مِمَّا بَقِيَ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَأَمَّا الْوَلَدُ فَهُوَ رِبْحٌ كُلُّهُ وَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ مِنْهُ وَهُوَ النِّصْفُ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ لَمْ يَبِعْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَمْ يَسْتَوْفِ رَبُّ الْمَالِ عُقْرَهَا حَتَّى زَادَتْ الْجَارِيَةُ فَصَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُضَارِبِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَهُوَ رَقِيقٌ عَلَى حَالِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ مَا عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ أَوْ يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ شَيْئًا مِنْ الْعُقْرِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ ابْنَ الْمُضَارِبِ وَيَعْتِقُ مِنْهُ رُبُعَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ فِي الْوَلَدِ إنَّمَا عَلَى الْوَلَدِ السِّعَايَةُ وَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ مُوسِرًا وَإِذَا أَعْتَقَ مِنْ الْوَلَدِ رُبُعَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا كُلَّهُ فَرَبُّ الْمَالِ يَأْخُذُ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ الْمُضَارِبِ رَأْسَ مَالِهِ إذَا كَانَ الْمُضَارِبُ مُوسِرًا لَا مِنْ سِعَايَةِ الْوَلَدِ وَإِذَا اسْتَوْفَى ذَلِكَ مِنْ الْمُضَارِبِ رَأْسَ مَالِهِ فَمَا بَقِيَ مِنْ الْجَارِيَةِ وَعُقْرِهَا عَلَى الْمُضَارِبِ وَيَكُونُ رِبْحًا وَيَبْقَى الْوَلَدُ كُلُّهُ رِبْحٌ فَمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ وَالْعُقْرِ يَكُونُ رِبْحًا يَخْتَصُّ بِهِ رَبُّ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ الْعُقْرُ مِائَةَ دِرْهَمٍ يُجْعَلُ ذَلِكَ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ فَيُؤَدِّي الْمُضَارِبُ ذَلِكَ إلَى رَبِّ الْمَالِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُضَارِبَ فِي

الباب الرابع عشر في هلاك مال المضاربة قبل الشراء أو بعده

هَذِهِ الصُّورَةِ يَضْمَنُ لِرَبِّ الْمَالِ تَمَامَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعُقْرَهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ فَيَصِيرُ رَبُّ الْمَالِ مُسْتَوْفِيًا مِنْ ذَلِكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ رَأْسَ مَالِهِ وَيَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا أَلْفًا وَمِائَةَ رِبْحًا ثُمَّ يَجْعَلُ لِلْمُضَارِبِ مِنْ الْوَلَدِ مِثْلَ مَا اسْتَوْفَى مِنْ الرِّبْحِ وَذَلِكَ أَلْفٌ وَمِائَةٌ فَيَعْتِقُ مِنْ الْوَلَدِ بِقَدْرِ أَلْفٍ وَمِائَةٍ حِصَّةِ الْمُضَارِبِ فَيَعْتِقُ عَلَى الْمُضَارِبِ فَيَعْتِقُ مِنْ غَيْرِ سِعَايَةٍ، بَقِيَ مِنْ الْوَلَدِ تِسْعُمِائَةٍ رِبْحٌ فَيَكُونُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ نِصْفَيْنِ فَلِلْمُضَارِبِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ فَيُعْتِقُ مِنْ الْوَلَدِ بِقَدْرِ أَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنْ غَيْرِ سِعَايَةٍ وَذَلِكَ عُشْرُ الْوَلَدِ وَرُبُعُ عُشْرِهِ لِأَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفَانِ وَعُشْرُ الْأَلْفَيْنِ مِائَتَانِ وَيَسْعَى الْوَلَدُ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا لِرَبِّ الْمَالِ فَإِذَا أَدَّى الْوَلَدُ إلَى رَبِّ الْمَالِ عَتَقَ كُلُّهُ، وَكَانَ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ وَلَاءِ الْوَلَدِ عُشْرَاهُ وَرُبُعُ عُشْرِهِ وَلِلْمُضَارِبِ سَبْعَةُ أَعْشَارِهِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ عُشْرِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِهِمَا الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُضَارِبِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ مُعْسِرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَدَاءِ فَأَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْجَارِيَةَ فِي رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْوَلَدَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ رَأْسُ مَالِهِ وَخَمْسُمِائَةٍ حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْوَلَدِ ثُمَّ لِرَبِّ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ وَلَاءِ الْوَلَدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَبَقِيَ عَلَى الْمُضَارِبِ نِصْفُ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَنِصْفُ الْعُقْرِ يُؤَدِّي ذَلِكَ مَتَى أَيْسَرَ فَإِنْ أَدَّى الْوَلَدُ السِّعَايَةَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُضَارِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ تُسَاوِي أَلْفًا فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَادَّعَاهُ الْمُضَارِبُ فَغَرَّمَهُ رَبُّ الْمَالِ الْعُقْرَ وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَأَخَذَهَا صَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ الْوَلَدِ لِلْمُضَارِبِ وَيُعْتَقُ الْوَلَدُ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيَضْمَنُ الْمُضَارِبُ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ تِسْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا تِسْعُمِائَةٍ مَا بَقِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَخَمْسُونَ حِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي هِيَ رِبْحٌ فِي الْجَارِيَةِ، فَإِذَا قَبَضَهَا رَبُّ الْمَالِ عَتَقَ نِصْفُ الْوَلَدِ مِنْ الْمُضَارِبِ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَاؤُهُ بَيْنُهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ مُعْسِرًا وَقَدْ أَدَّى الْعُقْرَ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْوَلَدَ بِتِسْعِمِائَةِ دِرْهَمٍ بَقِيَّةُ رَأْسِ مَالِهِ ثُمَّ الْمِائَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْهُ رِبْحٌ فَيُسْتَسْعَى الْوَلَدُ لِرَبِّ الْمَالِ فِي نِصْفِهَا وَيَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ الْوَلَاءِ تِسْعَةُ أَعْشَارِهِ وَنِصْفُ عُشْرِهِ وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ قِيمَةِ الْأُمِّ دَيْنًا عَلَى الْمُضَارِبِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَمَنْ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهِ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفًا فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَادَّعَاهُ رَبُّ الْمَالِ فَإِنَّهُ ابْنُهُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا يَغْرَمُ لِلْمُضَارِبِ شَيْئًا لَا مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَلَا مِنْ الْوَلَدِ وَلَا مِنْ الْعُقْرِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَادَّعَاهُ رَبُّ الْمَالِ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَغَرِمَ رَبُّ الْمَالِ رُبُعَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ لِلْمُضَارِبِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَمْ يَضْمَنْ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا وَغَرِمَ ثَمَنَ عُقْرِ الْجَارِيَةِ لِلْمُضَارِبِ وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ هُوَ الَّذِي وَطِئَ الْجَارِيَةَ وَقِيمَتُهَا أَلْفَانِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ الْمُضَارِبُ بَعْدَمَا وَلَدَتْهُ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَإِنَّ الْجَارِيَةَ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا لِرَبِّ الْمَالِ وَثَلَاثَةَ أَثْمَانِ الْعُقْرِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَمْ يَضْمَنْ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا وَيَكُونُ الْوَلَدُ عَبْدًا لِلْمُضَارَبَةِ يَبِيعُهُ الْمُضَارِبُ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ فَإِذَا قَبَضَ رَبُّ الْمَالِ مَا وَجَبَ عَلَى الْمُضَارِبِ مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَثَلَاثَةِ أَثْمَانِ عُقْرِ الْجَارِيَةِ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَعَتَقَ نِصْفُهُ وَسَعَى فِي نِصْفِهِ لِرَبِّ الْمَالِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَوَلَاءُ الْوَلَدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُضَارِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ الرَّابِع عَشَرَ فِي هَلَاكِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ] مَا هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ مِنْ الرِّبْحِ دُونَ رَأْسِ الْمَالِ، كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا هَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ، وَالْقَوْلُ فِي الْهَلَاكِ قَوْلُ الْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ. لَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُضَارِبُ رَأْسَ الْمَالِ أَوْ أَنْفَقَهُ أَوْ أَعْطَاهُ رَجُلًا فَاسْتَهْلَكَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ شَيْئًا وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُضَارِبَ إذَا أَقْرَضَهَا رَجُلًا فَإِنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ الدَّرَاهِمُ بِعَيْنِهَا رَجَعَتْ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَإِنْ أَخَذَ مِثْلَهَا لَمْ تَرْجِعْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ أَلْفٌ فَاشْتَرَى بِهِ عَبْدًا فَلَمْ يَنْقُدْهُ حَتَّى هَلَكَ الْأَلْفُ يَدْفَعُ إلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ أَلْفًا آخَرَ، وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا آخَرَ ثُمَّ هَلَكَ قَبْلَ الدَّفْعِ إلَى الْبَائِعِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ ثُمَّ وَثُمَّ، وَرَأْسُ الْمَالِ جَمِيعُ مَا دَفَعَ كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ أَنَّ الْمُضَارِبَ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى الْأَلْفِ وَإِنْ بَيَّنَ الْأَمْرَ عَلَى وَجْهِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الْكُلِّ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى بِأَلْفٍ جَارِيَةً فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى ادَّعَى الْمُضَارِبُ أَنَّهُ قَدْ نَقَدَ الْبَائِعَ الثَّمَنَ وَجَحَدَ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَحَلَفَ فَإِنَّ الْمُضَارِبَ يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفٍ آخَرَ فَيَدْفَعُهُ إلَى الْبَائِعِ وَيَأْخُذُ الْجَارِيَةَ فَتَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَإِذَا اقْتَسَمَا الْمُضَارَبَةَ أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْمُرَابَحَةِ فِي الْمُضَارَبَةِ. وَمَنْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهِ جَارِيَةً فَضَاعَ الْأَلْفُ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهُ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: ضَاعَ الْمَالُ قَبْلَ أَنْ تَشْتَرِيَ الْجَارِيَةَ وَإِنَّمَا اشْتَرَيْتَهَا لِنَفْسِكَ، وَقَالَ الْمُضَارِبُ: لَا بَلْ ضَاعَ الْمَالُ بَعْدَمَا اشْتَرَيْتُهَا فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ آخُذَكَ بِالثَّمَنِ وَلَا يُعْلَمُ مَتَى ضَاعَ الْمَالُ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ، وَلَوْ كَانَ وَلِيُّ الْمَالِ قَالَ لِلْمُضَارِبِ: قَدْ اشْتَرَيْتَهَا قَبْلَ ضَيَاعِ الْمَالِ فَوَقَعَ الشِّرَاءُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَقَالَ الْمُضَارِبُ: اشْتَرَيْتُهَا بَعْدَمَا ضَاعَ الْمَالُ وَوَقَعَ الشِّرَاءُ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ لَمْ يَهْلِكْ الْأَلْفُ وَلَمْ يَنْقُدْهُ فِي ثَمَنِ الْجَارِيَةِ وَلَكِنَّهُ اشْتَرَى بِهِ جَارِيَةً أُخْرَى عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَقَالَ: أَبِيعُهَا، فَأَنْقَدَ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ فَإِنَّمَا اشْتَرَى الْجَارِيَةَ الْأَخِيرَةَ لِنَفْسِهِ وَلَا تَكُونُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى بِالْجَارِيَةِ الَّتِي قَبَضَ جَارِيَةً أُخْرَى جَازَ وَكَانَتْ عَلَى الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى بِالْأَلْفِ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَضَاعَ قَبْلَ النَّقْدِ غَرِمَ رَبُّ الْمَالِ الْأَلْفَ كُلَّهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ بِأَمَةٍ تُسَاوِي أَلْفًا وَقَبَضَ الَّتِي اشْتَرَاهَا وَلَمْ يَدْفَعْ أَمَةً حَتَّى مَاتَتَا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مِنْ قِيمَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا خَمْسَمِائَةٍ وَالْبَاقِي عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا أَلْفًا وَالْأَمَةُ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ قِيمَتُهَا أَلْفَانِ وَقَدْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ: اشْتَرِ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، حَتَّى جَازَ هَذَا الشِّرَاءُ مِنْ الْمُضَارِبِ فَقَبَضَ الَّتِي اشْتَرَاهَا ثُمَّ هَلَكَتَا رَجَعَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ أَلْفٌ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ بَزًّا وَبَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْأَلْفَيْنِ عَبْدًا، وَلَمْ يَنْقُدْ الْأَلْفَيْنِ حَتَّى ضَاعَ الْأَلْفَانِ فِي يَدِهِ يَغْرَمُ رُبُّ الْمَالِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائِةٍ وَالْمُضَارِبُ خَمْسَمِائَةٍ وَيَكُونُ رُبْعُ الْعَبْدِ لِلْمُضَارِبِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِلْمُضَارَبَةِ وَصَارَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائِةٍ، وَلَا يَبِيعُ الْعَبْدَ مُرَابَحَةً إلَّا عَلَى أَلْفَيْنِ، فَإِنْ بَاعَ الْعَبْدَ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ صَارَ رُبْعُ الثَّمَنِ لِلْمُضَارِبِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِلْمُضَارَبَةِ يَرْفَعُ رَأْسَ الْمَالِ وَذَلِكَ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ وَيَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ رِبْحًا بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ عَمِلَ بِالْمُضَارَبَةِ حَتَّى صَارَتْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِمَا جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ أَلْفَيْنِ وَقَبَضَهَا فَهَلَكَ ذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَهُ مَعًا فَعَلَى الْمُضَارِبِ أَلْفَا دِرْهَمٍ ثَمَنُ الْجَارِيَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَلْفَانِ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى بَاعَهَا بِأَلْفَيْنِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْجَارِيَةَ حَتَّى هَلَكَ كُلُّهُ فَهَذَا لَا يَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا إنْ هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ كُلُّهَا مَعًا، أَوْ هَلَكَ الْأَلْفُ الْأَوَّلُ أَوَّلًا ثُمَّ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ وَالْمَالُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَلْفَانِ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا، أَوْ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ أَوَّلًا ثُمَّ الْمَالَانِ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا، أَوْ هَلَكَ الْمَالُ الثَّانِي أَوَّلًا ثُمَّ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ وَالْمَالُ الْأَوَّلُ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا أَمَّا إذَا هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ كُلُّهَا مَعًا ضَمِنَ الْمُضَارِبُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ أَلْفًا لِبَائِعِ الْجَارِيَةِ وَأَلْفَيْنِ لِمُشْتَرِيهَا وَرَجَعَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَأَمَّا إذَا هَلَكَ الْأَلْفُ الْأَوَّلُ أَوَّلًا ثُمَّ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ وَالْمَالُ الثَّانِي مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا فَالثَّلَاثَةُ الْآلَافُ كُلُّهَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَأَمَّا إذَا هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ أَوَّلًا ثُمَّ الْمَالَانِ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةِ وَعَلَى الْمُضَارِبِ خَمْسُمِائَةٍ وَكَذَلِكَ لَوْ هَلَكَ الْمَالُ الْآخَرُ أَوَّلًا ثُمَّ الْجَارِيَةُ وَالْمَالُ الْأَوَّلُ، الْأَصْلُ أَنَّ الْمُضَارِبَ بِقَدْرِ مَا كَانَ عَامِلًا لِرَبِّ الْمَالِ يَكُونُ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَحِقَهُ الضَّمَانُ بِسَبَبِ عَمَلِهِ لَهُ فَيَرْجِعُ بِالضَّمَانِ عَلَى

الْمَعْمُولِ لَهُ، وَلِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِيهِ فَعَلَيْهِ تَخْلِيصُهُ وَإِخْرَاجُهُ عَنْهُ وَبِقَدْرِ مَا كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ يَكُونُ قَرَارُ الْغُرْمِ عَلَى الْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ غُنْمَهُ لَهُ فَيَكُونُ غُرْمُهُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهِ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفًا فَقَبَضَ الْجَارِيَةَ وَلَمْ يَنْقُدْ الدَّرَاهِمَ حَتَّى بَاعَهَا بِأَلْفَيْنِ فَقَبَضَهُمَا وَلَمْ يَدْفَعْ الْجَارِيَةَ حَتَّى اشْتَرَى بِالْأَلْفَيْنِ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَقَبَضَهَا وَلَمْ يَدْفَعْ الدَّرَاهِمَ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ كُلُّهَا وَالْجَارِيَتَانِ جَمِيعًا فَعَلَى الْمُضَارِبِ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِمْ خَمْسَةَ آلَافٍ إلَى بَائِعِ الْجَارِيَةِ الْأُولَى ثَمَنُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَيَرُدُّ عَلَى مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ الْأُولَى مَا قَبَضَ مِنْهُ مِنْ ثَمَنِهَا وَذَلِكَ أَلْفَا دِرْهَمٍ لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ فِيهَا بِالْهَلَاكِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَإِلَى بَائِعِ الْجَارِيَةِ الثَّانِيَةِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ ثَمَنُهَا ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ أَلْفٌ ثَمَنُ الْجَارِيَةِ الْأُولَى وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ مِمَّا قَبَضَ مِنْ ثَمَنِ الْجَارِيَةِ الْأُولَى بَعْدَ بَيْعِهَا وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ مِنْ ثَمَنِ الْجَارِيَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ هَلَكَ الْأَلْفُ الْأَوَّلُ ثُمَّ هَلَكَ مَا بَقِيَ مَعًا يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الْخَمْسَةِ الْآلَافِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَلَوْ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ الْأَخِيرَةُ أَوَّلًا ثُمَّ هَلَكَ مَا بَقِيَ مَعًا رَجَعَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ الْأُولَى أَوَّلًا أَوْ هَلَكَ الْأَلْفَانِ أَوَّلًا ثُمَّ هَلَكَ مَا بَقِيَ فَهَذَا وَمَا لَوْ هَلَكَ الْكُلُّ مَعًا فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفًا وَقَبَضَهَا وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْجَارِيَةِ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ وَقَبَضَهُ وَلَمْ يَدْفَعْ الْجَارِيَةَ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْعَبْدِ جِرَابًا هَرَوِيًّا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ وَلَمْ يَدْفَعْ الْعَبْدَ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الْأَرْبَعَةُ كُلُّهَا فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ إنْ هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ كُلُّهَا مَعًا فَعَلَى الْمُضَارِبِ سِتَّةُ آلَافِ دِرْهَمٍ أَلْفٌ مِنْهَا ثَمَنُ الْجَارِيَةِ وَأَلْفَانِ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَثَلَاثَةُ آلَافٍ قِيمَةُ الْجِرَابِ يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَيُؤَدِّي مِنْ مَالِهِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، وَإِنْ هَلَكَ الْأَلْفُ أَوَّلًا ثُمَّ الْبَاقِي مَعًا رَجَعَ الْمُضَارِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِخَمْسَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَأَدَّى مِنْ مَالِهِ خَمْسَمِائَةٍ، وَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ أَوَّلًا ثُمَّ الْبَوَاقِي مَعًا رَجَعَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَكَذَلِكَ لَوْ هَلَكَ الْجِرَابُ أَوَّلًا ثُمَّ الْبَوَاقِي مَعًا، وَإِنْ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ أَوَّلًا ثُمَّ مَا بَقِيَ مَعًا رَجَعَ رَبُّ الْمَالِ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ وَسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَلَوْ اشْتَرَى بِآلَافٍ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفًا فَقَبَضَهَا ثُمَّ اشْتَرَى بِالْجَارِيَةِ جَارِيَتَيْنِ تُسَاوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَلْفًا فَقَبَضَهَا ثُمَّ هَلَكَتْ الْجَوَارِي وَرَأْسُ الْمَالِ الْأَوَّلِ مَعًا فَعَلَى الْمُضَارِبِ ثَمَنُ الْجَارِيَةِ الْأُولَى أَلْفُ دِرْهَمٍ وَأَلْفَانِ قِيمَةُ الْجَارِيَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ اشْتَرَى بِالْجَارِيَةِ الْأُولَى جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ وَقَبَضَهَا فَهَلَكَتْ الْجَارِيَتَانِ وَرَأْسُ الْمَالِ مَعًا فَإِنَّ عَلَى الْمُضَارِبِ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ أَلْفٌ ثَمَنُ الْجَارِيَةِ الْأُولَى وَأَلْفَانِ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ الثَّانِيَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ وَكَذَلِكَ لَوْ هَلَكَتْ إحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ هَلَكَ مَا بَقِيَ مَعًا، وَلَوْ هَلَكَ الْأَلْفُ الْأَوَّلُ أَوَّلًا ثُمَّ هَلَكَ مَا بَقِيَ مَعًا رَجَعَ بِالثَّلَاثَةِ الْآلَافِ كُلِّهَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهِ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفًا وَقَبَضَهَا ثُمَّ بَاعَهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَدْفَعْ الْجَارِيَةَ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْأَلْفَيْنِ وَبِالْأَلْفِ الْأَوَّلِ وَهُوَ فِي يَدِهِ جَارِيَةً تُسَاوِي أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ دَفَعَ رَأْسَ الْمَالِ الْأَوَّلِ إلَى صَاحِبِ الْجَارِيَةِ الْأُولَى وَدَفَعَ الْأَلْفَيْنِ إلَى الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْجَارِيَةَ الْأَخِيرَةَ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ لِلَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْجَارِيَةَ الْأَخِيرَةَ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الْأَلْفَ الْأَوَّلَ حَتَّى هَلَكَ وَبَاعَ الْجَارِيَةَ الْأَخِيرَةَ بِسِتَّةِ آلَافِ دِرْهَمٍ كَانَ لَهُ مِنْ ثَمَنِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ حِصَّةُ ثُلُثِهَا الَّذِي كَانَ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَتَكُونُ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ عَلَى الْمُضَارَبَةِ يُؤَدِّي مِنْهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى الَّذِي اشْتَرَى الْأُولَى مِنْهُ ثُمَّ يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ الْبَاقِي وَمَا بَقِيَ وَهُوَ أَلْفَا دِرْهَمٍ رِبْحٌ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، فَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ لَمْ يَنْقُدْ الْأَلْفَيْنِ اللَّذَيْنِ اشْتَرَى بِهِمَا الْجَارِيَةَ الْأَخِيرَةَ حَتَّى ضَاعَا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ ثُلُثَيْ الْجَارِيَةِ الْأَخِيرَةِ

الباب الخامس عشر في جحود المضارب مال المضاربة

وَلَا يَبْقَى فِيهِ رِبْحٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُضَارِبُ إذَا اشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ مَتَاعًا وَقَبَضَهُ وَلَمْ يَنْقُدْ الْأَلْفَ حَتَّى هَلَكَ فَأَبْرَأهُ الْبَائِعُ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِشَيْءٍ وَالْمَتَاعُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ عَمِلَ بِالْمُضَارَبَةِ حَتَّى صَارَتْ أَرْبَعَةَ آلَافٍ أَلْفَيْنِ مِنْهَا دَيْنٌ وَأَلْفَيْنِ عَيْنٌ فِي يَدِهِ فَاشْتَرَى بِهَذَيْنِ الْأَلْفَيْنِ جَارِيَةً فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى هَلَكَ الْأَلْفَانِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَإِذَا أَخَذَ الْجَارِيَةَ كَانَ لَهُ رُبُعُهَا مِنْ غَيْرِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِهِ ثُمَّ خَرَجَ الدَّيْنُ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ دُونَ رَأْسِ الْمَالِ فَرَأْسُ مَالِهِ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ وَلَا يَرْجِعُ الْمُضَارِبُ فِي هَذَيْنِ الْأَلْفَيْنِ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَمَا هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ مِنْ الرِّبْحِ دُونَ رَأْسِ الْمَالِ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِس عَشَر فِي جُحُودِ الْمُضَارِبِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ] (الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي جُحُودِ الْمُضَارِبِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ) عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ: لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: قَدْ دَفَعْتَ إلَيَّ أَلْفًا مُضَارَبَةً فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَالِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِنْ اشْتَرَى بِهِ مَعَ الْجُحُودِ فَهُوَ مُشْتَرٍ لِنَفْسِهِ وَإِنْ اشْتَرَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَيَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُضَارِبِ إذَا قَالَ هَذَا الْأَلْفُ رَأْسُ الْمَالِ وَهَذِهِ الْخَمْسُمِائَةِ رِبْحٌ وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: عَلَيَّ دَيْنٌ لِفُلَانٍ قُبِلَ قَوْلُهُ، قَالَ الْحَسَنُ: إنْ كَانَ وَصَلَ قُبِلَ قَوْلُهُ وَإِنْ فَصَلَ لَمْ يُقْبَلْ وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْحَاوِي. لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَذَكَرَ الْمُضَارِبُ أَنَّهُ قَدْ رَبِحَ فِيهَا أَلْفًا وَجَاءَ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ إنَّهُ جَحَدَ، فَقَالَ: لَمْ أَرْبَحْ فِيهَا إلَّا خَمْسَمِائَةٍ، فَهَلَكَ الْأَلْفَانِ فِي يَدِهِ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ بِمَا قَالَ مِنْ الرِّبْحِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْخَمْسَمِائَةِ الَّتِي جَحَدَهَا مِنْ الرِّبْحِ فَيَأْخُذُهَا رَبُّ الْمَالِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا غَيْرَهَا وَلَوْ كَانَ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ رَبِحَ فِي الْمَالِ شَيْئًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ضَمِنَ الْأَلْفَ الرِّبْحَ كُلَّهُ فَيَأْخُذُهُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي رَأْسِ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ قِيمَةِ الْمُضَارَبَةِ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ. لَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ: دَفَعْتُ إلَيْكَ رَأْسَ الْمَالِ وَاَلَّذِي فِي يَدَيَّ رِبْحٌ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَدْفَعْ وَلَكِنَّهُ هَلَكَ فَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِس عَشَرَ فِي قِسْمَةِ الرِّبْحِ] (الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي قِسْمَةِ الرِّبْحِ) . الْأَصْلُ أَنَّ قِسْمَةَ الرِّبْحِ قَبْلَ قَبْضِ رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ مَوْقُوفَةٌ إنْ قَبَضَ رَأْسَ الْمَالِ صَحَّتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ بَطَلَتْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا عَمِلَ الْمُضَارِبُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ فَرَبِحَ أَلْفًا فَاقْتَسَمَا الرِّبْحَ وَمَالُ الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ عَلَى حَالِهِ فَأَخَذَ رَبُّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ خَمْسَمِائَةٍ وَالْمُضَارِبُ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ ضَاعَ مَا أُعِدَّ لِرَأْسٍ الْمَالِ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ قِسْمَتَهُمَا بَاطِلَةٌ، وَالْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي أَخَذَهَا رَبُّ الْمَالِ تُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيُؤَدِّي الْمُضَارِبُ الْخَمْسَمِائَةِ الَّتِي أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ مِنْ الرِّبْحِ إلَى رَبِّ الْمَالِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا، وَإِنْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ رَدَّ مِثْلَهَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ حَتَّى يَتِمَّ لِرَبِّ الْمَالِ رَأْسُ مَالِهِ، وَالْأَلْفُ الَّذِي هَلَكَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ هُوَ الرِّبْحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الرِّبْحُ أَلْفَيْنِ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفًا مِنْ الرِّبْحِ ثُمَّ ضَاعَ رَأْسُ الْمَالِ فَالْأَلْفُ الَّذِي قَبَضَ رَبُّ الْمَالِ رَأْسُ مَالِهِ وَيَضْمَنُ لَهُ الْمُضَارِبُ نِصْفَ الْأَلْفِ الَّذِي أَخَذَهُ وَإِنْ اسْتَوْفَى رَأْسَ مَالِهِ ثُمَّ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ ثُمَّ دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ الْأَلْفَ الَّذِي قَبَضَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ إلَى الْمُضَارِبِ، وَقَالَ: اعْمَلْ عَلَى الْمُضَارَبَةِ الَّتِي كَانَتْ فَإِنْ رَبِحَ أَوْ وَضَعَ لَا تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُضَارَبَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ وَالْمُضَارَبَةُ الْأُولَى انْتَهَتْ نِهَايَتُهَا مَتَى اقْتَسَمَا وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ الَّتِي كَانَتْ أَيْ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي كَانَ فِي الْأُولَى، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ وَفَسَخَا الْمُضَارَبَةَ ثُمَّ عَقَدَاهَا ثَانِيًا فَهَلَكَ الْمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَتَرَادَّا الرِّبْحَ

الباب السابع عشر الاختلاف بين المضارب ورب المال وبين المضاربين يشتمل على سبعة أنواع

الْأَوَّلَ وَهَذِهِ هِيَ الْحِيلَةُ فِيمَا إذَا خَافَ الْمُضَارِبُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ الرِّبْحَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِسَبَبِ هَلَاكِ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَنْ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَرَبِحَ الْمُضَارِبُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ اقْتَسَمَا فَدَفَعَ الْمُضَارِبُ إلَى رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ الْمُضَارِبُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَبَقِيَتْ حِصَّةُ رَبٍّ الْمَالِ فَلَمْ يَأْخُذْهَا حَتَّى ضَاعَتْ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ فَالْأَلْفُ الَّذِي ضَاعَ فِي يَدِهِ ضَاعَ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَمَا بَقِيَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ يَبْقَى بَيْنَهُمَا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ بِنِصْفِهِ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ هَذَا إذَا ضَاعَ الْأَلْفُ الَّذِي هُوَ حِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَأَمَّا إذَا ضَاعَ الْأَلْفُ الَّذِي هُوَ حِصَّةُ الْمُضَارِبِ بَعْدَمَا قَبَضَهَا الْمُضَارِبُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ لَا تُنْتَقَضُ وَيَكُونُ مَا هَلَكَ حِصَّةَ الْمُضَارِبِ وَمَا بَقِيَ حِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ يَأْخُذُهُ رَبُّ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ قَاسَمَ رَبَّ الْمَالِ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ رَبُّ الْمَالِ حِصَّتَهُ حَتَّى ضَاعَ مَا قَبَضَهُ الْمُضَارِبُ لِنَفْسِهِ وَمَا بَقِيَ فَإِنَّ الَّذِي لَمْ يَقْبِضْهُ رَبُّ الْمَالِ يَهْلِكُ مِنْ مَالِهِمَا وَيَصِيرُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ بَقِيَ أَمِينًا فِي ذَلِكَ وَيَغْرَمُ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ نِصْفَ الرِّبْحِ الَّذِي كَانَ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ وَكَانَ مُسْتَوْفِيًا لَهُ بِالْقَبْضِ فَيَهْلِكُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَمِيعُ الرِّبْحِ فَيَغْرَمُ نِصْفَهُ لِرَبِّ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَفَعَ أَلْفًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهِ وَبَاعَ رَبِحَ أَوْ لَا أَوْ اشْتَرَى عَرَضًا وَلَمْ يَبِعْهُ حَتَّى زَادَ رَبُّ الْمَالِ لَهُ فِي الرِّبْحِ شَيْئًا أَوْ حَطَّ ثُمَّ رَبِحَ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ وَيَقْتَسِمَانِ عَلَيْهِ حَصَلَ الرِّبْحُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَوْ اقْتَسَمَا ثُمَّ زَادَ أَحَدُهُمَا أَوْ حَطَّ فَكَذَلِكَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ الْحَطُّ مِنْ رَبِّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ دُونَ الزِّيَادَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ مِنْ الْمُضَارِبِ مَثَلًا الْعِشْرِينَ أَوْ الْخَمْسِينَ وَالْمُضَارِبُ يَعْمَلُ بِبَقِيَّةِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ كُلَّمَا دَفَعَ إلَى رَبِّ الْمَالِ شَيْئًا، قَالَ: هَذَا رِبْحٌ، يَكُونُ ذَلِكَ رِبْحًا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ " إنِّي لَمْ أَرْبَحْ وَمَا أَخَذْتَ مِنِّي كَانَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ " وَلَوْ أَنَّ الْمُضَارِبَ دَفَعَ إلَى رَبِّ الْمَالِ شَيْئًا وَلَمْ يَقُلْ هَذَا رِبْحٌ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَأْخُذُ رَأْسَ مَالِهِ يَوْمَ الْحِسَابَ وَيَكُونُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا وَلَا يَكُونُ مَا أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ مِنْ الْمُضَارِبِ قَبْلَ الْحِسَابِ نُقْصَانًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا مُضَارَبَةً فَرَبِحَ فِيهَا أَلْفًا فَقَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ: ادْفَعْ إلَيَّ رَأْسَ الْمَالِ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ، لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ مَجْهُولَةٌ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَهُوَ بَرَاءَةٌ لَهُ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ وَهِيَ جَائِزَةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب السَّابِع عَشْر الِاخْتِلَاف بَيْن الْمُضَارِب وَرَبّ الْمَال وَبَيْن الْمُضَارِبِينَ يَشْتَمِلُ عَلَى سَبْعَةِ أَنْوَاعٍ] [النَّوْع الْأَوَّل فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي مُشْتَرَى الْمُضَارِبِ هَلْ هُوَ لِلْمُضَارَبَةِ] (الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ وَبَيْنَ الْمُضَارِبَيْنِ) هَذَا الْبَابُ يَشْتَمِلُ عَلَى سَبْعَةِ أَنْوَاعٍ (النَّوْعُ الْأَوَّلُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي مُشْتَرَى الْمُضَارِبِ هَلْ هُوَ لِلْمُضَارَبَةِ) مَنْ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ الشِّرَاءِ إنَّهُ اشْتَرَاهُ لِلْمُضَارَبَةِ فَلَمَّا قَبَضَهُ، قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ وَأَنَا أَنْوِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَكَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتَهُ لِنَفْسِكَ، هَلْ يُصَدَّقُ الْمُضَارِبُ فِيمَا قَالَ؟ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ وَالْعَبْدُ قَائِمَيْنِ وَقْتَ إقْرَارِ الْمُضَارِبِ أَوْ كَانَا هَالِكَيْنِ أَوْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا وَمَالُ الْمُضَارَبَةِ هَالِكًا أَوْ كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ قَائِمًا وَالْعَبْدُ هَالِكًا، فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ هَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ رَبُّ الْمَالِ بِثَمَنِهِ وَيُسَلِّمُهُ إلَى الْبَائِعِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يُصَدَّقُ الْمُضَارِبُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَيَضْمَنُ الْمُضَارِبُ لِلْبَائِعِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِشَيْءٍ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ، وَفِي الْوَجْهِ الرَّابِعِ ذَكَرَ أَنَّ الْمُضَارِبَ يُصَدَّقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي حَقِّ تَسْلِيمِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَى الْبَائِعِ وَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفٍ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُصَدَّقًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ اشْتَرَى الْعَبْدَ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ نَقَدَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَقَالَ: اشْتَرَيْتُهُ لِنَفْسِي، وَكَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ وَيَأْخُذُ الْمُضَارِبُ أَلْفَ

النوع الثاني فيما إذا اختلفا في العموم والخصوص في المضاربة

الْمُضَارَبَةِ قِصَاصًا بِمَا أَدَّاهُ، وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يُسَمِّ مُضَارَبَةً وَلَا غَيْرَهَا ثُمَّ قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ لِنَفْسِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ شِرَاءِ الْمُضَارِبِ وَبَيْعِهِ. وَإِنْ اتَّفَقَا أَنَّهُ لَمْ تَحْضُرْ لِلْمُضَارِبِ نِيَّةٌ وَقْتَ الشِّرَاءِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُحَكَّمُ النَّقْدُ: إنْ نَقَدَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَانَ الشِّرَاءُ لِلْمُضَارَبَةِ وَإِنْ نَقَدَ مِنْ مَالِهِ كَانَ الشِّرَاءُ لَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ الشِّرَاءُ وَاقِعًا لِلْمُضَارِبِ نَقَدَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْمُضَارِبِ كَمَا فِي الْوَكِيلِ الْخَاصِّ عَلَى مَا عُرِفَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ يُسَمِّ ثُمَّ اشْتَرَى آخَرَ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُسَمِّ، فَقَالَ: نَوَيْتُهُمَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَلَمْ يَنْقُدْ الْمَالَ بَعْدُ فَإِنْ صَدَّقَهُ فِيهِمَا فَالْأَوَّلُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ دُونَ الثَّانِي وَكَذَلِكَ إنْ كَذَّبَهُ فِيهِمَا أَوْ صَدَّقَهُ فِي الْأَوَّلِ وَكَذَّبَهُ فِي الثَّانِي، فَأَمَّا إذَا صَدَّقَهُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَبْدُ الثَّانِي لِلْمُضَارَبَةِ وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً كُلُّ وَاحِدٍ بِأَلْفٍ وَقَالَ نَوَيْتُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ صَدَّقَهُ فِيهِمَا كَانَ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَالْبَاقِي لِلْمُضَارِبِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَذَّبَهُ فِيهِمَا، وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذِهِ لِلْمُضَارَبَةِ كَانَ لِلْمُضَارَبَةِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ: اشْتَرَيْتُهُمَا بِأَلْفٍ مِنْ عِنْدِي وَأَلْفٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: اشْتَرَيْتَ هَذَا بِعَيْنِهِ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ وَنِصْفُ الْعَبْدَيْنِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَنِصْفُهُمَا لِلْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [النَّوْع الثَّانِي فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فِي الْمُضَارَبَةِ] (النَّوْعُ الثَّانِي فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فِي الْمُضَارَبَةِ) لَوْ ادَّعَى الْمُضَارِبُ الْعُمُومَ فِي كُلِّ تِجَارَةٍ وَادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الْخُصُوصَ فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الْكَافِي. الْمُضَارِبُ وَرَبُّ الْمَالِ إذَا اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمُضَارِبُ: دَفَعْتَ إلَيَّ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَلَمْ تُسَمِّ شَيْئًا وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: إنَّمَا أَذِنْتُ لَكَ فِي الْبَزِّ أَوْ قَالَ فِي الطَّعَامِ إنْ كَانَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ وَيُجْعَلُ إنْكَارُ رَبِّ الْمَالِ الْعُمُومَ نَهْيًا لَهُ عَنْ التَّصَرُّفِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُضَارِبِ التَّصَرُّفُ فِي الْعُمُومِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ اسْتِحْسَانًا وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ الْبَيِّنَةُ وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا الثَّلَاثَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ يَدَّعِي الْعُمُومَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فِيمَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْعُمُومَ وَالْآخَرُ الْخُصُوصَ إنْ وَقَّتَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَقْتًا إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الَّذِي يُثْبِتُ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنْ لَمْ تُوَقِّتْ الْبَيِّنَتَانِ وَقْتًا أَوْ وَقَّتَتَا وَالْوَقْتَانِ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ وَقَّتَتْ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تُوَقِّتْ الْأُخْرَى وَلَمْ يُعْلَمْ الْأَوَّلُ مِنْ الْآخِرِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الَّذِي يَدَّعِي الْخُصُوصَ، هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ، وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَالْمُضَارِبُ يَدَّعِي الْعُمُومَ فَإِنْ نَصَّ شُهُودُهُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ مُضَارَبَةً فِي كُلِّ تِجَارَةٍ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِهَذَا الْحَرْفِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَنْعِ مِنْ السَّفَرِ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْخُصُوصِ وَاخْتَلَفَا فِي النَّوْعِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْخُصُوصُ بَعْدَمَا تَصَرَّفَ الْمُضَارِبُ فِي الْمَالِ وَأَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْجَوَابُ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ إذَا أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ إنْ وَقَّتَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَقْتًا إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِمَا وَتَكُونُ أُخْرَاهُمَا نَاسِخَةً لِلْأُولَى وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْأَوَّلُ مِنْ الْآخِرِ بِأَنْ وَقَّتَتَا عَلَى السَّوَاءِ أَوْ لَمْ تُوَقِّتَا أَوْ وَقَّتَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ أَوْلَى بِالْقَبُولِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْمُضَارِبُ: أَمَرْتَنِي أَنْ أَخْرُجَ إلَى جَمِيعِ الْبُلْدَانِ، أَوْ قَالَ: لَمْ تَأْمُرْنِي بِشَيْءٍ وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَمَرْتُكَ أَنْ تَخْرُجَ إلَى الْبَصْرَةِ وَحْدَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ: أَمَرْتَنِي أَنْ أَخْرُجَ إلَى الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: إلَى الْبَصْرَةِ وَحْدَهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ: أَمَرْتَنِي بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَمَرْتُكَ بِالنَّقْدِ، فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [النَّوْعُ الثَّالِثُ اخْتِلَافُ الْمُضَارِبِينَ فِي الرِّبْحِ وَفِي رَأْسِ الْمَالِ] (النَّوْعُ الثَّالِثُ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ الْمَشْرُوطِ لِلْمُضَارِبِ وَفِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ، وَفِي اخْتِلَافِهِمَا

فِي جِهَةِ قَبْضِ الْمَالِ) . إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً وَرَبِحَ فِيهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمُضَارِبُ: شَرَطْتَ لِي نِصْفَ الرِّبْحِ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: شَرَطْتُ لَكَ ثُلُثَ الرِّبْحِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اخْتَلَفَا فِي الرِّبْحِ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَ، وَقَالَ الْمُضَارِبُ: شَرَطْتَ لِي النِّصْفَ، ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدَيْ الْمُضَارِبِ فَإِنَّ الْمُضَارِبَ يَضْمَنُ السُّدُسَ مِنْ الرِّبْحِ وَيُؤَدِّيهِ إلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْ مَالِهِ خَاصَّةً وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْحَاوِي. إذَا قَالَ الْمُضَارِبُ: شَرَطْتَ لِي نِصْفَ الرِّبْحِ أَوْ قَالَ ثُلُثَهُ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: شَرَطْتُ لَكَ مِائَةً مِنْ الرِّبْحِ أَوْ قَالَ: لَمْ أَشْرِطْ شَيْئًا لَكَ وَفَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ وَلَكَ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُضَارِبُ: شَرَطْتَ لِي نِصْفَ الرِّبْحِ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: شَرَطْتُ لَكَ ثُلُثَ الرِّبْحِ إلَّا عَشَرَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ قَالَ: شَرَطْتَ لِي ثُلُثَ الرِّبْحِ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: شَرَطْتُ لَكَ ثُلُثَ الرِّبْحِ وَزِيَادَةَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَكَ عَلَيَّ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِكَ، فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُضَارِبِ وَلَهُ ثُلُثُ الرِّبْحِ وَلَا يُصَدَّقُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْفَسَادِ فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَيَا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ رَبِّ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ وَضَعَ فِي الْمَالِ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: شَرَطْتُ لَكَ نِصْفَ الرِّبْحِ، وَقَالَ الْمُضَارِبُ: شَرَطْتَ لِي مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ دَفَعْتَهُ إلَيَّ مُضَارَبَةً وَلَمْ تَشْتَرِطْ لِي شَيْئًا فَلِي أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ أَقَامَ رَبُّ الْمَالِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَطَ لَهُ نِصْفَ الرِّبْحِ وَأَقَامَ الْمُضَارِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ شَيْئًا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ أَقَامَ الْمُضَارِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ رِبْحَ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ رَبُّ الْمَالِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ نِصْفَ الرِّبْحِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مُضَارِبٌ مَعَهُ أَلْفَانِ، فَقَالَ لِرَبِّ الْمَالِ: دَفَعْتَ إلَيَّ أَلْفًا وَرَبِحْتُ أَلْفًا، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: بَلْ دَفَعْتُ إلَيْكَ أَلْفَيْنِ مُضَارَبَةً فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ، وَإِذَا اخْتَلَفَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: رَأْسُ الْمَالِ أَلْفَانِ وَشَرَطْتُ لَكَ ثُلُثَ الرِّبْحِ، وَقَالَ الْمُضَارِبُ: رَأْسُ الْمَالِ أَلْفٌ وَشَرَطْتَ لِي النِّصْفَ فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَلِرَبِّ الْمَالِ فِيمَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْفَضْلِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ فِي مِقْدَارِ مَا سَلَّمَ إلَيْهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَأْخُذُ الْأَلْفَيْنِ بِرَأْسِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الْمُضَارِبِ فِيمَا ادَّعَى مِنْ الرِّبْحِ حَتَّى إنَّ الْأَلْفَ الْفَاضِلَ عَنْ الْأَلْفَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ جَاءَ الْمُضَارِبُ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ، فَقَالَ: أَلْفٌ رَأْسُ الْمَالِ وَأَلْفٌ رِبْحٌ وَأَلْفٌ وَدِيعَةٌ لِآخَرَ أَوْ مُضَارَبَةٌ لِآخَرَ أَوْ بِضَاعَةٌ لِآخَرَ أَوْ شَرِكَةٌ لِآخَرَ أَوْ عَلَيَّ أَلْفٌ دَيْنٌ، فَالْقَوْلُ فِي الْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالدَّيْنِ قَوْلُ الْمُضَارِبِ فِي الْأَقَاوِيلِ كُلِّهَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الْبِضَاعَةَ وَادَّعَى الْمُضَارِبُ مُضَارَبَةً صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارَبَةَ أَوْ الْبِضَاعَةَ وَادَّعَى الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالَ: إنَّهُ أَقْرَضَنِي وَإِنْ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ مَالًا فَرَبِحَ فِيهِ رِبْحًا، فَقَالَ الْعَامِلُ: أَقْرَضْتَنِي هَذَا الْمَالَ، وَقَالَ الدَّافِعُ: دَفَعْتُ إلَيْكَ بِضَاعَةً أَوْ مُضَارَبَةً بِالثُّلُثِ، أَوْ قَالَ: مُضَارَبَةً وَلَمْ أُسَمِّ لَكَ شَيْئًا أَوْ قَالَ: سَمَّيْتُ لَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ الرِّبْحِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِالْبِضَاعَةِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ لَهُ بِرِبْحِ الثُّلُثِ أَعْطَاهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِمُضَارَبَةٍ فَاسِدَةٍ أَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ بَعْدَمَا قَالَ الْعَامِلُ إنَّهُ قَرْضٌ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: إنَّهُ بِضَاعَةٌ أَوْ مُضَارَبَةٌ صَحِيحَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ، يَضْمَنُ الْأَصْلَ وَالرِّبْحَ إلَّا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: دَفَعْتُ إلَيْكَ مُضَارَبَةً بِالثُّلُثِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا مَا وَرَاءَ الثُّلُثِ، لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: هُوَ قَرْضٌ وَادَّعَى

النوع الرابع اختلافهما في وصول رأس المال إلى رب المال

الْقَابِضُ الْمُضَارَبَةَ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا تَصَرَّفَ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ ضَامِنٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَصَرَّفْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَالَ الْمُضَارِبُ: دَفَعْتَهُ إلَيَّ مُضَارَبَةً، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: دَفَعْتُهُ إلَيْكَ قَرْضًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ بَعْدَ هَذَا يُنْظَرُ إنْ هَلَكَ قَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْعَمَلِ كَانَ الْمُضَارِبُ ضَامِنًا لِلْمَالِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَيَا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا ضَاعَ الْمَالُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَكُونُ الْمُضَارِبُ ضَامِنًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ: دَفَعْتَهُ إلَيَّ مُضَارَبَةً وَقَدْ ضَاعَ الْمَالُ قَبْلَ أَنْ أَعْمَلَ بِهِ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَخَذْتَهُ غَصْبًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ، فَإِنْ كَانَ عَمِلَ بِهِ ثُمَّ ضَاعَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَالِ، فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ: أَخَذْتُ مِنْكَ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً فَضَاعَ قَبْلَ أَنْ أَعْمَلَ بِهِ أَوْ بَعْدَمَا عَمِلْتُ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَخَذْتَهُ مِنِّي غَصْبًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، وَالْمُضَارِبُ ضَامِنٌ فِي الْوَجْهَيْنِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْعَامِلُ: أَخَذْتُهُ مِنْكَ غَصْبًا، فَالرِّبْحُ لِي بِالضَّمَانِ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: إنَّمَا أَمَرْتُكَ لِتَعْمَلَ بِهِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا، فَلَوْ أَقَامَ رَبُّ الْمَالِ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْعَامِلِ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِضَاعَةً وَأَقَامَ الْعَامِلُ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ رَبِّ الْمَالِ أَنَّهُ أَخَذَهُ غَصْبًا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْمَالِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَيُّ الْإِقْرَارَيْنِ أَوَّلُ، فَإِنْ عُلِمَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْإِقْرَارِ الثَّانِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [النَّوْع الرَّابِع اخْتِلَافهمَا فِي وصول رأس الْمَال إلَى رَبّ الْمَال] (النَّوْعُ الرَّابِعُ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي وُصُولِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ قَبْلَ اقْتِسَامِهِمَا الرِّبْحَ أَوْ بَعْدَهُ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَرَبِحَ فِيهَا أَلْفًا، فَقَالَ لِرَبِّ الْمَالِ: قَدْ دَفَعْتُ إلَيْكَ رَأْسَ الْمَالِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَبَقِيَ هَذَا الْأَلْفُ رِبْحًا، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: لَمْ أَقْبِضْ مِنْكَ شَيْئًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا قَبَضْتُ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ الْمُضَارِبِ فَإِذَا حَلَفَ أَخَذَ الْأَلْفَ الْبَاقِيَ بِرَأْسِ مَالِهِ وَلَا يَنْتَظِرُ إلَى اسْتِحْلَافِ الْمُضَارِبِ ثُمَّ يُسْتَحْلَفُ الْمُضَارِبُ بِاَللَّهِ مَا اسْتَهْلَكْتُهُ وَلَا ضَيَّعْتُهُ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَلَمْ يَثْبُتْ قَبْضُ رَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ نَكَلَ الْمُضَارِبُ عَنْ الْيَمِينِ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ كَانَ عِنْدَهُ وَقَدْ جَحَدَهُ فَصَارَ ضَامِنًا لِرَأْسِ الْمَالِ وَظَهَرَ أَنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ أَلْفٌ دَيْنٌ وَأَلْفٌ عَيْنٌ فَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ الْأَلْفَ الْعَيْنَ بِرَأْسِ مَالِهِ فَيَكُونُ الْأَلْفُ الدَّيْنُ عَلَى الْمُضَارِبِ رِبْحًا فَيَرْجِعُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَنَّ الْمُضَارِبَ حِينَ أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ اسْتِحْلَافَهُ قَالَ: لَمْ أَدْفَعْهُ إلَيْكَ وَلَكِنَّهُ ضَاعَ مِنِّي وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ نِصْفَهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُضَارِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ رَبُّ الْمَالِ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُضَارِبِ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَيُّ الْإِقْرَارَيْنِ أَوَّلُ، فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ، وَإِنْ عُلِمَ أَيُّهُمَا أَوَّلُ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الَّذِي يَدَّعِي إقْرَارَ الْآخَرِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ اقْتَسَمَ الْمُضَارِبُ وَرَبُّ الْمَالِ وَأَقَرَّا بِهَا وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمُضَارِبُ: قَدْ كُنْتُ دَفَعْتُ رَأْسَ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ يُنْكِرُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ بِقِسْمَةِ الرِّبْحِ إقْرَارًا بِقَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ " الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ " يَعْنِي فِيمَا يَدَّعِي الْمُضَارِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْ خُلُوصِ الْخَمْسِمِائَةِ الَّتِي قَبَضَهَا لِنَفْسِهِ فَأَمَّا فِي حَقِّ بَرَاءَةِ الْمُضَارِبِ عَنْ ضَمَانِ رَأْسِ الْمَالِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ وَقَالُوا يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ إذَا حَلَفَا انْتَفَى الضَّمَانُ عَنْ الْمُضَارِبِ بِحَلِفِهِ، وَانْتَفَى قَبْضُ رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ الْمَالِ بِحَلِفِهِ أَيْضًا فَكَانَ أَلْفًا مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ قَدْ هَلَكَ فَيَنْصَرِفُ الْهَلَاكُ إلَى الرِّبْحِ فَكَانَ مَا قَبَضَهُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي قَبَضَهَا الْمُضَارِبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَيْضًا فَيَرُدُّهَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً غَرِمَهَا لِرَبِّ الْمَالِ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ رَأْسُ الْمَالِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [النَّوْعُ الْخَامِسُ فِي اخْتِلَافِ الْمُضَارِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ رَبِّ الْمَالِ] (النَّوْعُ الْخَامِسُ فِي اخْتِلَافِ الْمُضَارِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ رَبِّ الْمَالِ) . إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلَيْنِ مَالًا

مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَجَاءَا بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: كَانَ رَأْسُ مَالِي أَلْفَيْنِ وَالرِّبْحُ أَلْفًا وَصَدَّقَهُ أَحَدُ الْمُضَارِبَيْنِ، وَقَالَ الْآخَرُ: كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا، وَالرِّبْحُ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَأْخُذُ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مِنْ يَدِ الْمُضَارِبَيْنِ وَيَبْقَى فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ خَمْسَمِائَةٍ مِنْ الَّذِي صَدَّقَهُ بِحِسَابِ رَأْسِ مَالِهِ وَيُقَاسِمُ الْآخَرُ خَمْسَمِائَةٍ مِمَّا فِي يَدِهِ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَزْعُمُ أَنَّ هَذِهِ الْخَمْسَمِائَةِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ أَيْضًا وَمَنْ فِي يَدِهِ يُنْكِرُ وَيَقُولُ: هُوَ رِبْحٌ وَحَقُّ رَبِّ الْمَالِ فِيهِ ضِعْفُ حَقِّي؛ لِأَنَّ حَقَّ رَبِّ الْمَالِ فِي نِصْفِ الرِّبْحِ وَحَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُضَارِبَيْنِ فِي رُبُعِ الرِّبْحِ فَلِذَا يُقَاسِمُ خَمْسَمِائَةٍ أَثْلَاثًا ثُلُثُهَا لِرَبِّ الْمَالِ يَأْخُذُهَا بِحِسَابِ رَأْسِ مَالِهِ بِزَعْمِهِ فَيَجْتَمِعُ فِي يَدِهِ أَلْفٌ وَثَمَانِمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ ثُمَّ يُقَسِّمُونَ الْأَلْفَ الْبَاقِيَ رِبْحًا بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا فَيَصِيرُ فِي يَدِ رَبِّ الْمَالِ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ الرِّبْحِ، وَفِي يَدِ الَّذِي صَدَّقَهُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ فَيَجْمَعُ ذَلِكَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ رَبُّ الْمَالِ مَا بَقِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ عَلَى مَا تَصَادَقَا عَلَيْهِ وَالْبَاقِي مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمَا بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَفَعَ إلَى رَجُلَيْنِ أَلْفًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَجَاءَا بِأَلْفَيْنِ خَمْسُمِائَةٍ بِيضٌ وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ سُودٌ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: الْخَمْسُمِائَةِ الْبِيضُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ عِنْدَنَا، أَوْ يَقُولُ: هِيَ دَيْنٌ لَهُ، أَوْ يَقُولُ: مِلْكُهُ وَالْخَمْسُمِائَةِ السُّودُ رِبْحٌ، وَقَالَ الْآخَرُ: الْأَلْفُ كُلُّهُ رِبْحٌ فَهَذِهِ عَلَى أَوْجُهٍ، إمَّا أَنْ كَانَ الْمَالُ فِي أَيْدِيهِمَا، أَوْ كُلُّهُ فِي يَدِ الْمُنْكِرِ أَوْ كُلُّهُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ، أَوْ الْبِيضُ فِي يَدِ الْمُنْكِرِ وَالْبَاقِي فِي يَدِ الْمُقِرِّ، أَوْ عَلَى عَكْسِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ أَلْفًا مِنْ السُّودِ وَيَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ نِصْفَ الْبِيضِ الَّذِي فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَيُقَسَّمُ مَا فِي يَدِ الْمُنْكِرِ مِنْ الْبِيضِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ أَثْلَاثًا: سَهْمَانِ لِرَبِّ الْمَالِ وَسَهْمٌ لِلْمُضَارِبِ، وَتُقَسَّمُ الْخَمْسُمِائَةِ السُّودُ أَرْبَاعًا نِصْفُهَا لِرَبِّ الْمَالِ وَلِكُلِّ مُضَارِبٍ رُبُعٌ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ فِي يَدِ الْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ الْمُنْكِرَ لِلْوَدِيعَةِ أَقَرَّ أَنَّ جَمِيعَ الْمَالِ فِي يَدِهِ مُضَارَبَةً فَصَارَ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْهُ بِأَنَّ نِصْفَهُ فِي يَدِهِ وَالنِّصْفَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ مَعْنًى. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَيَدْفَعُ الْخَمْسَمِائَةِ الْبِيضَ إلَى الْمُقِرِّ لَهُ وَيَدْفَعُ أَلْفًا إلَى صَاحِبِ الْمَالِ وَتُقَسَّمُ خَمْسُمِائَةٍ أَرْبَاعًا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْبِيضُ فِي يَدِ الْمُنْكِرِ وَالْمُقِرُّ يَقُولُ: لَمْ يُودِعْنِي بَلْ أَوْدَعَ صَاحِبِي، فَيَأْخُذُ الْمَالِكُ رَأْسَ مَالِهِ وَالْبَاقِي يُقَسَّمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ ثُمَّ يَدْفَعُ الْمُقِرُّ سَهْمَهُ مِنْ الْبِيضِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْبِيضُ كُلُّهَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ أَخَذَهَا الْمُقَرُّ لَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَعْمَلَا فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِمَا فَجَاءَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فِي أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَلْفٌ مِنْهُمَا رَأْسُ الْمَالِ وَخَمْسُمِائَةٍ رِبْحٌ وَخَمْسُمِائَةٍ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ خَلَطْنَاهَا بِالْمَالِ بِأَمْرِهِ فَهُوَ شَرِيكُنَا فِي هَذَا الْمَالِ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ بِذَلِكَ، وَقَالَ لَهُ الْمُضَارِبُ الْآخَرُ: ذَلِكَ الْأَلْفُ كُلُّهُ رِبْحٌ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَأْخُذُ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفًا وَيَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ بِالشَّرِكَةِ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ مِمَّا فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَيُقَسِّمُ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُنْكِرُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ مِمَّا فِي يَدِ الْمُنْكِرِ أَثْلَاثًا ثُمَّ يُقَسِّمُ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبَانِ الْخَمْسَمِائَةِ الْبَاقِيَةَ أَرْبَاعًا فَيَكُونُ لِلْمُضَارِبِ الْمُقِرِّ بِالشَّرِكَةِ مِنْهَا مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا فَيَجْمَعُهَا إلَى مَا أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ بِالشَّرِكَةِ فَيُقَسَّمُ ذَلِكَ كُلُّهُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِلْمُضَارِبِ وَأَرْبَعَةٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالشَّرِكَةِ. وَلَوْ كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ بِالشَّرِكَةِ يَوْمَ أَقَرَّ بِهَا أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ بِالشَّرِكَةِ جَمِيعَ الْخَمْسِمِائَةِ مِنْ الْمَالِ وَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفًا، وَالْخَمْسُمِائَةِ الْبَاقِيَةُ بَيْنَ الْمُضَارِبَيْنِ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ أَرْبَاعًا، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ فِي يَدِ الْمُنْكِرِ لِلشَّرِكَةِ أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَاقْتَسَمَ هُوَ وَالْمُضَارِبَانِ الْأَلْفَ الْبَاقِيَ أَرْبَاعًا وَمَا أَخَذَهُ الْمُقِرُّ بِالشَّرِكَةِ اقْتَسَمَ هُوَ وَالْمُقَرُّ لَهُ أَخْمَاسًا لِلْمُقِرِّ خُمُسُهُ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ جَاءَ الْمُضَارِبَانِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَقَالَ أَحَدُهُمَا: كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا فَشَارَكَنَا فُلَانٌ فَجَاءَ بِخَمْسِمِائَةٍ فَخَلَطْنَا وَعَمِلْنَا وَرَبِحْنَا خَمْسَمِائَةٍ أُخْرَى وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَرَبُّ الْمَالِ - وَالْمَالُ فِي أَيْدِيهِمَا أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ أَلْفًا رَأْسَ مَالِهِ، وَيُدْفَعُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَيَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ أَيْضًا مِمَّا بَقِيَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ ثَلَاثَةً وَثَمَانِينَ وَثُلُثًا رِبْحًا وَيَدْفَعُ مِمَّا فِي يَدِ الْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ وَهُوَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ وَيُقَسَّمُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُنْكِرِ أَثْلَاثًا ثُمَّ يُقَسَّمُ الْبَاقِي فِي يَدِ الْمُضَارِبَيْنِ وَهُوَ

النوع السادس في اختلافهما في نسب المشترى

ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ أَرْبَاعًا، نِصْفُهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِكُلِّ مُضَارِبٍ رُبْعُهُ ثُمَّ يَجْمَعُ مَا أَصَابَ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثٌ إلَى مَا أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقِرِّ أَتْسَاعًا تُسْعٌ لِلْمُقِرِّ وَثَمَانِيَةُ أَتْسَاعٍ لِلْمُقَرِّ لَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [النَّوْعُ السَّادِسُ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي نَسَبِ الْمُشْتَرَى] (النَّوْعُ السَّادِسُ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي نَسَبِ الْمُشْتَرَى) الْمُضَارِبُ مَتَى اشْتَرَى بِالْمُضَارَبَةِ مَا لَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ لَا يَكُونُ لِلْمُضَارَبَةِ وَيَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْوِفَاقَ، اشْتَرَى الْمُضَارِبُ عَبْدًا بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ وَلَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ، فَقَالَ الْمُضَارِبُ: لِرَبِّ الْمَالِ: هُوَ ابْنُكَ وَكَذَّبَهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ كَانَ فِي الْعَبْدِ فَضْلٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَكُلُّ وَجْهٍ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ صَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ أَوْ كَذَّبَهُ أَوْ قَالَ لِلْمُضَارِبِ: لَا بَلْ هُوَ ابْنُكَ، أَمَّا إنْ كَانَ فِي الْعَبْدِ فَضْلٌ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَصَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ عَبْدُ الْمُضَارِبِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَيَسْعَى لَهُمَا فِي قِيمَتِهِ أَرْبَاعًا، وَإِنْ قَالَ لِلْمُضَارِبِ: لَا بَلْ هُوَ ابْنُكَ فَإِنَّهُ عَبْدُ الْمُضَارِبِ وَيَضْمَنُ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا، فَقَالَ الْمُضَارِبُ: هُوَ ابْنُكَ، فَإِنْ صَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَكُونُ الْغُلَامُ لِلْمُضَارِبِ وَيَضْمَنُ رَأْسَ الْمَالِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ صَارَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْنِ عَتَقَ وَسَعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَفِي رُبُعِ قِيمَتِهِ لِلْمُضَارِبِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّهُ ابْنُكَ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى زَادَتْ قِيمَتُهُ فَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ عَتَقَ وَيَسْعَى فِي قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: هُوَ ابْنُكَ فَلَا يَخْلُو: إمَّا إنْ كَانَ فِي الْعَبْدِ فَضْلٌ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ وَصَدَّقَهُ الْمُضَارِبُ يَعْتِقُ وَيَضْمَنُ رَأْسَ الْمَالِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُضَارِبُ يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَلَا يَسْعَى لِرَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ قَالَ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ: لَا بَلْ هُوَ ابْنُكَ فَالْعَبْدُ لِلْمُضَارِبِ وَضَمِنَ رَأْسَ الْمَالِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْعَبْدِ فَضْلٌ إنْ صَدَّقَهُ الْمُضَارِبُ فَهُوَ ابْنُهُ مَمْلُوكٌ لِلْمُضَارِبِ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُضَارِبِ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَسَعَى لِرَبِّ الْمَالِ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُضَارِبُ فَالْعَبْدُ لِلْمُضَارَبَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ حَتَّى صَارَتْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ عَتَقَ وَيَسْعَى فِي قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ: لَا بَلْ هُوَ ابْنُكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ، فَقَالَ الْمُضَارِبُ: هُوَ ابْنِي، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: كَذَبْتَ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْمُضَارِبِ ثُمَّ هَذِهِ دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ، وَرَبُّ الْمَالِ فِي نَصِيبِهِ بِالْخِيَارِ إنْ كَانَ الْمُضَارِبُ مُوسِرًا وَبَيْنَ الْإِعْتَاقِ وَالِاسْتِسْعَاءِ فِي الْوَلَاءِ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا، وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ صَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ عَتَقَ عَلَى الْمُضَارِبِ وَيَضْمَنُ الْمُضَارِبُ رَأْسَ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَكِنَّهُ ادَّعَى بُنُوَّتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ ابْنُ الْمُضَارِبِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ رَأْسَ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا، فَقَالَ الْمُضَارِبُ: هُوَ ابْنِي وَكَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ فِي الْمُضَارَبَةِ. فَإِنْ صَارَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْنِ عَتَقَ رُبُعُهُ وَثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْمُضَارِبِ وَيَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ فِيهِ. وَلَوْ كَانَ صَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ صَارَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْنِ عَتَقَ رُبُعُهُ وَيَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ حَتَّى صَارَتْ أَلْفَيْنِ قَبْلَ دَعْوَةِ الْمُضَارِبِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ وَكَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ إعْتَاقِ رُبُعِهِ فَيَتَخَيَّرُ رَبُّ الْمَالِ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُضَارِبَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ وَبَيْنَ الِاسْتِسْعَاءِ وَالْإِعْتَاقِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِذَا ضَمَّنَ الْمُضَارِبَ لَمْ يَرْجِعْ الْمُضَارِبُ بِهَا عَلَى الْغُلَامِ وَإِذَا اخْتَارَ الِاسْتِسْعَاءَ أَوْ الْإِعْتَاقَ فَلِرَبِّ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ وَلَائِهِ، وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ صَدَّقَهُ فَلَا ضَمَانَ لَهُ عَلَى الْمُضَارِبِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْغُلَامَ أَوْ يُعْتِقَهُ، وَلَوْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى أَلْفٍ، فَقَالَ الْمُضَارِبُ: هُوَ ابْنِي، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّهُ ابْنِي، فَهُوَ ابْنُ رَبِّ الْمَالِ حُرٌّ مِنْ مَالِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ فِيهِ. وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْنِ، فَقَالَ الْمُضَارِبُ: هُوَ ابْنِي، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّهُ ابْنِي فَهُوَ ابْنُ الْمُضَارِبِ وَقَدْ عَتَقَ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا وَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ

النوع السابع في المتفرقات من هذا الباب

مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ وَنَقَدَ ثَمَنَهُ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: هُوَ ابْنِي وَكَذَّبَهُ الْمُضَارِبُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَعَتَقَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ بِدَعْوَتِهِ إيَّاهُ، وَالْمُضَارِبُ بِالْخِيَارِ فِي الرُّبُعِ كَمَا وَصَفْنَا فِي رَبِّ الْمَالِ، وَلَوْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْمُضَارِبُ وَلَكِنَّهُ صَدَّقَهُ فَالْغُلَامُ ابْنُ رَبِّ الْمَالِ وَعَبْدٌ لِلْمُضَارِبِ وَيَضْمَنُ الْمُضَارِبُ رَأْسَ مَالِ رَبِّ الْمَالِ، وَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُضَارِبُ وَلَكِنَّهُ قَالَ: كَذَبْتَ بَلْ هُوَ ابْنِي، فَهُوَ ابْنُ الْمُضَارِبِ حُرٌّ مِنْ مَالِهِ وَيَضْمَنُ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ يُسَاوِي أَلْفًا، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: هُوَ ابْنِي وَكَذَّبَهُ الْمُضَارِبُ فَهُوَ ابْنُهُ حُرٌّ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُضَارِبُ كَانَ ابْنَ رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ عَبْدٌ لِلْمُضَارِبِ. وَهُوَ ضَامِنٌ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُضَارِبُ وَلَكِنَّهُ قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّهُ ابْنِي فَهُوَ ابْنُ رَبِّ الْمَالِ حُرٌّ مِنْ قَبْلِهِ وَلَا ضَمَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَوْ لَمْ يَقُولَا ذَلِكَ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: هُوَ ابْنِي، وَقَالَ الْمُضَارِبُ: كَذَبْتَ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَعَتَقَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَالْمُضَارِبُ بِالْخِيَارِ فِي الرُّبُعِ، وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُضَارِبُ بِمَا قَالَ فَهُوَ ابْنُ رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ عَبْدٌ لِلْمُضَارِبِ وَيَكُونُ ضَامِنًا لِرَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ، وَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْ رَبُّ الْمَالِ وَلَكِنَّهُ قَالَ: كَذَبْتَ بَلْ هُوَ ابْنِي، فَالْغُلَامُ ابْنُ رَبِّ الْمَالِ وَعَتَقَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ مِنْ قِبَلِهِ ثُمَّ الْمُضَارِبُ ادَّعَى نَسَبَهُ وَهُوَ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ صَارَ كَالْمُعْتِقِ لِنَصِيبِهِ فَلَا ضَمَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَكَانَ وَلَأُوهِ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [النَّوْعُ السَّابِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ هَذَا الْبَابِ] (النَّوْعُ السَّابِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ هَذَا الْبَابِ) فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْمُضَارِبُ: أَعْطَيْتَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً مُضَارَبَةً صَحِيحَةً، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَعْطَيْتُكَ جِيَادًا، فَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ فَهُوَ مِثْلُ الْوَدِيعَةِ فَيُصَدَّقُ الْمُضَارِبُ وَصَلَ أَوْ فَصَلَ وَفِي السَّتُّوقَةِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا وَصَلَ، وَإِنْ كَانَ عَمِلَ بِهِ لَمْ يَصَدَّقْ عَلَى الزُّيُوفِ وَالنَّبَهْرَجَةِ وَهُوَ عَلَى الْجِيَادِ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مُضَارِبٍ فِي يَدَيْهِ مَالٌ لِرَجُلٍ يَعْمَلُ بِهِ فِي الْمُضَارَبَةِ وَأَقَرَّ الْمُضَارِبُ أَنَّ الْأَلْفَ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ بِاسْمِي هُوَ لِرَبِّ الْمَالِ وَكَانَتْ الْمُضَارَبَةُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الْمُضَارِبُ: بَعْدَ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ إنَّ فِي يَدَيْ خَمْسَمِائَةٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ الْأَلْفُ الَّذِي أَقْرَرْتُ هُوَ الْمُضَارَبَةُ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: الْأَلْفُ لِي خَاصَّةً لَيْسَ مِنْ الْمُضَارَبَةِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ وَصَلَ إقْرَارَهُ بِذَلِكَ صَدَقَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا دَفَعَ إلَيَّ رَجُلٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِي الْعَلَانِيَةِ أَنَّهُ قَرْضٌ يَتَوَثَّقُ بِذَلِكَ حَتَّى يَجْتَهِدَ الْمُضَارِبُ فِي حِفْظِ الْمَالِ مَخَافَةَ أَنْ يَأْخُذَهُ رَبُّ الْمَالِ بِالْقَرْضِ فَعَمِلَ الْمُضَارِبُ بِالْمَالِ وَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ، فَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّ الْقَرْضَ كَانَ تَلْجِئَةً فِي الظَّاهِرِ وَأَنَّ الثَّابِتَ فِي الْبَاطِنِ هِيَ الْمُضَارَبَةُ كَانَ كَمَا تَصَادَقَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: كَانَ الْقَرْضُ حَقِيقَةً وَلَمْ يَكُنْ تَلْجِئَةً، وَقَالَ الْمُضَارِبُ: لَا بَلْ كَانَ الْقَرْضُ تَلْجِئَةً وَالثَّابِتُ فِي الْحَقِيقَةِ الْمُضَارَبَةُ وَأَقَامَ الْمُضَارَبُ بَيِّنَةً عَلَى مَا قَالَ فَهَذَا وَمَا لَوْ تَصَادَقَا أَنَّ الْقَرْضَ كَانَ تَلْجِئَةً سَوَاءٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْمُضَارَبَةِ وَشَاهِدَانِ بِالْقَرْضِ وَلَمْ يُفَسِّرُوا شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الَّذِي يَدَّعِي الْقَرْضَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي آخِرِ بَابِ شَرِكَةِ الْمُضَارِبِ. وَإِنْ شَهِدَ شُهُودُ الْمُضَارَبَةِ أَنَّ الْقَرْضَ كَانَ تَلْجِئَةً وَأَنَّ الثَّابِتَ حَقِيقَةُ الْمُضَارَبَةِ فَشَهَادَتُهُمْ أَوْلَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا أَقَرَّ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ بِسُدُسِ الرِّبْحِ، وَقَالَ الْمُضَارِبُ: لِي نِصْفُ الرِّبْحِ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ ثُلُثَ الرِّبْحِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ نِصْفَ الرِّبْحِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ لِلْمُضَارِبِ مَا أَقَرَّ بِهِ رَبُّ الْمَالِ وَهُوَ السُّدُسُ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ عَلَى ثُلُثِ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ، وَلَوْ كَانَ ادَّعَى الْمُضَارِبُ نِصْفَ الرِّبْحِ فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ عَلَى نِصْفِ الرِّبْحِ وَشَهِدَ لَهُ آخَرُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ شَرَطَ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ. وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: إنَّمَا دَفَعْتُ إلَيْكَ مِنْ الْمَالِ بِضَاعَةً حَتَّى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ أَقَامَ الْمُضَارِبُ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَرَطَ لِلْمُضَارِبِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ مِائَةً إنْ كَانَ الْمُضَارِبُ يَدَّعِي الْمِائَةَ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَلَا يَكُونُ لَهُ رِبْحٌ وَلَا أَجْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ ادَّعَى الْمِائَتَيْنِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ لَا تُقْبَلُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ

الباب الثامن عشر في عزل المضارب وامتناعه عن التقاضي

عَلَى الْمِائَةِ وَيُقْضَى لَهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى الْمُضَارِبُ أَنَّهُ شَرَطَ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِهَا وَشَاهِدٌ بِمِائَةٍ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً فَعَمِلَا بِهِ وَرَبِحَا رِبْحًا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ رَبَّ الْمَالِ شَرَطَ لَهُمَا نِصْفَ الرِّبْحِ وَادَّعَى الْمُضَارِبُ الْآخَرُ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُمَا ثُلُثَ الرِّبْحِ وَادَّعَى رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُمَا مِائَةً مِنْ الرِّبْحِ حَتَّى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ أَقَامَا شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِنِصْفِ الرِّبْحِ وَالْآخَرُ بِثُلُثِ الرِّبْحِ فَإِنَّ قِيَاسَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَيَكُونُ لَهُمَا أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِمَا بِإِقْرَارِ رَبِّ الْمَالِ كَمَا لَوْ لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ أَصْلًا، وَأَمَّا فِي قَوْلِهِمَا فَاَلَّذِي ادَّعَى النِّصْفَ يَكُونُ لَهُ سُدُسُ الرِّبْحِ وَلَيْسَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَاَلَّذِي يَدَّعِي الثُّلُثَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ بِإِقْرَارِ رَبِّ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِن عَشَرَ فِي عَزْلِ الْمُضَارِبِ وَامْتِنَاعِهِ عَنْ التَّقَاضِي] (الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي عَزْلِ الْمُضَارِبِ وَامْتِنَاعِهِ عَنْ التَّقَاضِي) تَبْطُلُ الْمُضَارَبَةُ بِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ عَلِمَ الضَّارِبُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَا يَمْلِكُ السَّفَرَ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتَبْطُلُ بِجُنُونِ أَحَدِهِمَا إذَا كَانَ مُطْبِقًا، وَلَوْ ارْتَدَّ رَبُّ الْمَالِ فَبَاعَ الْمُضَارِبُ وَاشْتَرَى بِالْمَالِ بَعْدَ الرِّدَّةِ فَذَلِكَ كُلُّهُ مَوْقُوفٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ نَفَّذَ ذَلِكَ وَالْتَحَقَتْ رِدَّتُهُ بِالْعَدَمِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِ الْمُضَارَبَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ عَادَ مُسْلِمًا قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ بِلَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي شَرَطَ حُكْمَ الْحَاكِمِ لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ وَصَيْرُورَتِهِ مِيرَاثًا، فَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ مِنْ يَوْمِ ارْتَدَّ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِالنِّصْفِ فَارْتَدَّ الْمُضَارِبُ أَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ بَعْدَمَا ارْتَدَّ ثُمَّ اشْتَرَى وَبَاعَ فَرَبِحَ وَوَضَعَ ثُمَّ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ جَازَ جَمِيعُ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا وَالْعُهْدَةُ فِي جَمِيعِ مَا بَاعَ وَاشْتَرَى عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: حَالُهُ فِي التَّصَرُّفِ بَعْدَ الرِّدَّةِ كَحَالِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَيَرْجِع بِذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ مَاتَ الْمُضَارِبُ أَوْ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ، فَإِنْ لَحِقَ وَبَاعَ وَاشْتَرَى هُنَاكَ ثُمَّ رَجَعَ مُسْلِمًا فَلَهُ جَمِيعُ مَا اشْتَرَى وَبَاعَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا ارْتِدَادُ الْمَرْأَةِ وَعَدَمُ ارْتِدَادِهَا فَسَوَاءٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَانَ الْمَالُ لَهَا أَوْ كَانَتْ هِيَ الْعَامِلَةَ، وَالْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةٌ عَلَى حَالِهَا حَتَّى تَمُوتَ أَوْ تَلْحَقَ، كَذَا فِي الْحَاوِي. فَإِنْ عَزَلَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِعَزْلِهِ حَتَّى اشْتَرَى وَبَاعَ فَتَصَرُّفُهُ جَائِزٌ وَيَنْعَزِلُ بِعِلْمِهِ بِعَزْلِهِ، وَإِنْ عَلِمَ بِعَزْلِهِ وَالْمَالُ عُرُوضٌ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَلَا يَمْنَعُهُ الْعَزْلُ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا شَيْئًا آخَرَ، وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ بِأَنْ كَانَ دَرَاهِمَ وَرَأْسُ الْمَالِ دَنَانِيرَ، أَوْ بِالْعَكْسِ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِجِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ اسْتِحْسَانًا وَعَلَى هَذَا مَوْتُ رَبِّ الْمَالِ وَلُحُوقُهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ وَنَحْوِهَا، كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ فُلُوسًا فَنَهَاهُ رَبُّ الْمَالِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا لَوْ كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ دَنَانِيرَ وَرَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ يُعْمَلُ نَهْيُهُ عَنْ الشِّرَاءِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى بِالْفُلُوسِ عَرْضًا لَمْ يَجُزْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَلَا يُعْمَلُ نَهْيُهُ عَمَّا هُوَ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ وَشِرَاءٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى لَوْ بَاعَ الْفُلُوسَ بِالدَّرَاهِمِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ تَصَرَّفَ الْمُضَارِبُ وَصَارَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ دَيْنًا عَلَى النَّاسِ وَامْتَنَعَ الْمُضَارِبُ عَنْ التَّقَاضِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ التَّقَاضِي، وَيُقَالُ لَهُ أَحِلْ رَبَّ الْمَالِ عَلَى الْغُرَمَاءِ أَيْ وَكِّلْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ التَّقَاضِي بَلْ يُؤْمَرُ بِالتَّقَاضِي لِيَصِيرَ الْمَالُ نَاضًّا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَعَلَى هَذَا كُلُّ وَكِيلٍ بِالْبَيْعِ إذَا امْتَنَعَ عَنْ التَّقَاضِي لَا يُجْبَرُ عَلَى التَّقَاضِي وَلَكِنْ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُحِيلَ رَبَّ الْمَالِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَكَذَا

الباب التاسع عشر في موت المضارب وإقراره في المرض

الْمُسْتَبْضَعُ، كَذَا فِي الْكَافِي. فَأَمَّا الَّذِي يَبِيعُ بِالْأَجْرِ كَالْبَيَّاعِ وَالسِّمْسَارِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ وَيُجْعَلَ بِمَنْزِلَةِ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ بِحُكْمِ الْعَادَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا صَارَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ دَيْنًا عَلَى النَّاسِ فَنَهَاهُ رَبُّ الْمَالِ عَنْ التَّقَاضِي، وَقَالَ: أَنَا أَتَقَاضَى مَخَافَةَ أَنْ يَأْكُلَ الْمُضَارِبُ، فَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَالتَّقَاضِي يَكُونُ لِلْمُضَارِبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ التَّقَاضِي وَيُجْبَرُ الْمُضَارِبُ عَلَى أَنْ يُحِيلَ رَبَّ الْمَالِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ثُمَّ إنْ كَانَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ وَأُجْبِرَ الْمُضَارِبُ عَلَى التَّقَاضِي هَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهُ حَالَ التَّقَاضِي فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ فِي مِصْرِ الْمُضَارِبِ فَلَا، وَإِنْ كَانَ فِي مِصْرٍ آخَرَ فَإِنَّ نَفَقَةَ سَفَرِهِ وَنَفَقَةَ ذَلِكَ الْمَسِيرِ مَا دَامَ فِي حَالِ التَّقَاضِي - فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ طَالَ سَفَرُ الْمُضَارِبِ وَمُقَامُهُ حَتَّى أَتَتْ النَّفَقَةُ عَلَى جَمِيعِ الدَّيْنِ، فَإِنْ فَضَلَ عَلَى الدَّيْنِ حَسَبَ لَهُ النَّفَقَةَ مِقْدَارَ الدَّيْنِ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ عَلَى الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِع عَشَرَ فِي مَوْتِ الْمُضَارِبِ وَإِقْرَارِهِ فِي الْمَرَضِ] (الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي مَوْتِ الْمُضَارِبِ وَإِقْرَارِهِ فِي الْمَرَضِ) . إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَمَالُ الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِهِ مَعْرُوفٌ وَهُوَ دَرَاهِمُ وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ بُدِئَ بِرَبِّ الْمَالِ قَبْلَ الْغُرَمَاءِ بِأَخْذِ رَأْسِ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَهَلْ يَأْخُذُ الرِّبْحَ إنْ كَانَ الرِّبْحُ ظَاهِرًا وَقَدْ عُرِفَ وُصُولُهُ إلَى الْمُضَارِبِ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ قَبْلَ الْغُرَمَاءِ ثُمَّ مَا بَقِيَ مِنْ حِصَّةِ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ يَكُونُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ قَالَ وَرَثَةُ الْمُضَارِبِ وَالْغُرَمَاءُ: الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمُضَارِبِ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَكَذَّبَهُمْ رَبُّ الْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ حِينَ مَاتَ الْمُضَارِبُ عُرُوضًا أَوْ دَنَانِيرَ فَأَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَلِي بَيْعَهَا وَصِيُّ الْمُضَارِبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ جَعَلَ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا يَبِيعُهَا فَيُوَفِّي رَبَّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَيُعْطِي حِصَّةَ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ غُرَمَاءَهُ وَقَالَ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّغِيرُ: يَبِيعُهَا وَصِيُّ الْمَيِّتِ وَرَبُّ الْمَالِ وَمَا ذُكِرَ هُنَا أَصَحُّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الدَّنَانِيرِ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فَأَعْطَاهُ الْوَصِيُّ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ لَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا فَرَبُّ الْمَالِ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَنْ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَأَقَرَّ الْمُضَارِبُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ بَاعَ بِالْمَالِ وَاشْتَرَى فَرَبِحَ أَلْفًا ثُمَّ مَاتَ الْمُضَارِبُ وَالْمُضَارَبَةُ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ وَلِلْمُضَارِبِ مَالٌ فِيهِ وَفَاءٌ بِالْمُضَارَبَةِ وَبِالرِّبْحِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَأْخُذُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفًا وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ أَنَّهُ قَبَضَ الرِّبْحَ حَتَّى تَثْبُتَ يَدُهُ عَلَى الرِّبْحِ يَصِيرُ ضَامِنًا حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُضَارِبَ قَالَ فِي مَرَضِهِ: قَدْ رَبِحْتُ فِي الْمُضَارَبَةِ أَلْفًا وَوَصَلَ إلَيَّ فَضَاعَ الْمَالُ كُلُّهُ وَكَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ، وَقَالَ: لَا بَلْ عِنْدَكَ وَقَدْ صِرْتُ ضَامِنًا بِالْجُحُودِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْلَافِ فَإِنَّهُ يَسْتَحْلِفُ الْوَرَثَةَ عَلَى الْعِلْمِ، فَإِنْ حَلَفُوا بَرِئُوا وَإِنْ نَكَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ رَأْسُ الْمَالِ وَحِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ مِنْ نَصِيبِهِ خَاصَّةً، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُضَارِبُ فِي مَرَضِهِ: قَدْ دَفَعْتُ رَأْسَ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَكَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُضَارِبُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْوَرَثَةَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ فِي شَيْءٍ وَهُوَ أَنَّ مَا فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فِي زَعْمِهِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَأْخُذُ مِنْهُ رَأْسَ مَالِهِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ اقْتَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ وَحِصَّةُ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُضَارِبَ قَدْ رَبِحَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَوَصَلَ إلَيْهِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يُحَاصُّ الْغُرَمَاءَ بِمَا فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ وَلَا يَحَاصُّهُمْ بِمِقْدَارِ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ

الباب العشرون في جناية عبد المضاربة والجناية عليه

مِنْ الرِّبْحِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ أَنَّهُ رَبِحَ فِي الْمَالِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ الْمُضَارَبَةَ وَالرِّبْحَ دَيْنٌ عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ، فَإِنْ أَقَرَّ الْغُرَمَاءُ بِذَلِكَ فَلَا حَقَّ لِرَبِّ الْمَالِ فِيمَا تَرَكَ الْمُضَارِبُ وَلَكِنْ يَتْبَعُ رَبُّ الْمَالِ الْمَدْيُونَ بِرَأْسِ مَالِهِ فَيَأْخُذُهُ وَيَأْخُذُ نِصْفَ مَا بَقِيَ مِنْهُ أَيْضًا حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَاقْتَسَمَ نِصْفَهُ غُرَمَاءُ الْمُضَارِبِ مَعَ مَالِهِ، وَإِنْ قَالَ غُرَمَاءُ الْمُضَارِبِ إنَّ الْمُضَارِبَ لَمْ يَرْبَحْ فِي الْمَالِ شَيْئًا وَلَيْسَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ مَعَ سَائِرِ تَرِكَتِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَرَبِّ الْمَالِ بِالْحِصَصِ يَضْرِبُ رَبُّ الْمَالِ بِرَأْسِ مَالِهِ وَلَا يَضْرِبُ بِشَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ مَعْرُوفَةً فِي الصِّحَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ مَالُ الْمُضَارَبَةِ إلَّا بِقَوْلِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ وَلَمْ تُعْرَفْ إلَّا بِإِقْرَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْرِبُ بِرَأْسِ الْمَالِ مَعَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ قَالَ: هَذَا الْأَلْفُ مُضَارَبَةً لِفُلَانٍ عِنْدِي وَلِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةُ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا مِنْ الدَّيْنِ بُدِئَ بِالْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهَا بِعَيْنِهَا كَانَ جَمِيعُ مَالِ الْمُضَارِبِ بَيْنَ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَصَاحِبِ الْمُضَارَبَةِ بِالْحِصَصِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ أَلْفٌ مُضَارَبَةً وَهُوَ فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ وَلِفُلَانٍ أَلْفٌ عَلَيَّ فَلَمْ يُوجَدْ فِي الصُّنْدُوقِ شَيْءٌ فَالتَّرِكَةُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْغَرِيمِ بِالْحِصَّةِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي الصُّنْدُوقِ أَلْفٌ كَانَ هُوَ أَوْلَى، وَإِنْ وُجِدَ فِي الصُّنْدُوقِ أَلْفَانِ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَلْفٌ خَاصَّةً وَالثَّانِي بَيْنَ الْغُرَمَاءِ مُخْتَلَطَيْنِ كَانَ الْأَلْفَانِ أَوْ غَيْرَ مُخْتَلَطَيْنِ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْمُضَارِبَ هُوَ الَّذِي خَلَطَ الْمَالَ بِغَيْرِ أَمْرِ رَبِّ الْمَالِ كَانَ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا نِصْفُهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَنِصْفُهُ لِلْغُرَمَاءِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً وَهُوَ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَذَلِكَ الدَّيْنُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ فِي مَرَضِهِ بِمُضَارَبَةٍ بِعَيْنِهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا بِعَيْنِهَا وَدِيعَةً لِآخَرَ ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ مَاتَ بُدِئَ بِالْمُضَارَبَةِ وَيَتَحَاصُّ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَالدَّيْنِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ تَرِكَتِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَفَعَ إلَى رَجُلَيْنِ أَلْفًا مُضَارَبَةً فَمَاتَ أَحَدُهُمَا، فَقَالَ الْآخَرُ: هَلَكَ الْمَالُ، صُدِّقَ فِي نَصِيبِهِ وَكَانَ نَصِيبُ الْآخَرِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَتَرِكَتِهِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْدَعَ نَصِيبَهُ صَاحِبَهُ يُصَدَّقُ فِي الْكُلِّ، وَلَوْ قَالَ: دَفَعْتُ ذَلِكَ إلَى صَاحِبِي، كَانَ مُصَدَّقًا مَعَ يَمِينِهِ وَكَانَ دَيْنًا فِي مَالِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي جِنَايَةِ عَبْدِ الْمُضَارَبَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ] (الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي جِنَايَةِ عَبْدِ الْمُضَارَبَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ) . مَنْ دَفَعَ أَلْفًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَاشْتَرَى بِهِ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَجَنَى عِنْدَهُ خَطَأً فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَدْفَعَ وَلَا أَنْ يُفْدِي مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْعَبْدِ مَالٌ آخَرُ لِلْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ فَدَاهُ الْمُضَارِبُ مِنْ مَالِهِ كَانَ مُتَطَوِّعًا لَا يَرْجِعُ بِهِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَبَقِيَ الْعَبْدُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ كَمَا لَوْ فَدَاهُ أَجْنَبِيٌّ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لِلْمُضَارِبِ شَرِكَةٌ فِي الْعَبْدِ فَاخْتَارَ الْفِدَاءَ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ هَذِهِ الْمُضَارَبَةَ، وَلَوْ كَانَا حَاضِرَيْنِ، يُقَالُ لِرَبِّ الْمَالِ: ادْفَعْهُ أَوْ أَفْدِهِ فَإِذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا انْتَقَضَتْ الْمُضَارَبَةُ، فَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ دَفْعَهُ، فَقَالَ الْمُضَارِبُ: أَنَا أَفْدِيهِ حَتَّى يَبْقَى عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَأَبِيعَهُ حَتَّى أَرْبَحَ فِيهِ، لَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ الدَّفْعُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُضَارِبُ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُفْدِيَ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ أَلْفًا وَاشْتَرَى عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَجَنَى جِنَايَةً خَطَأً لَا يُخَاطَبُ الْمُضَارِبُ بِالدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ غَائِبًا وَلَيْسَ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُضَارِبِ وَلَا عَلَى الْغُلَامِ سَبِيلٌ إلَّا أَنَّ لَهُمْ أَنْ يَسْتَوْثِقُوا مِنْ الْغُلَامِ بِكَفِيلٍ إلَى أَنْ يَقْدَمَ الْمَوْلَى، وَكَذَا لَا يُخَاطَبُ الْمَوْلَى بِالدَّفْعِ إذَا كَانَ الْمُضَارِبُ غَائِبًا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَفْدِيَ حَتَّى يَحْضُرَا جَمِيعًا، فَإِنْ فَدَى كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي الْفِدَاءِ فَإِذَا حَضَرَا دَفَعَا أَوْ فَدَيَا، فَإِنْ دَفَعَا فَلَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ، وَإِنْ فَدَيَا كَانَ الْفِدَاءُ عَلَيْهِمَا أَرْبَاعًا وَخَرَجَ الْعَبْدُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا الدَّفْعَ وَالْآخَرُ الْفِدَاءَ فَلَهُمَا ذَلِكَ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: إذَا دَفَعَ أَلْفًا مُضَارَبَةً فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا

الباب الحادي والعشرون في الشفعة في المضاربة

أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَادَّعَى أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ عَلَى الْعَبْدِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ عَمْدًا وَجَحَدَ الْعَبْدُ ذَلِكَ فَأَقَامَ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ حَاضِرَيْنِ فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَبْدِ مَسْمُوعَةٌ، فَأَمَّا إذَا كَانَا غَائِبَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُمْ عَلَى الْعَبْدِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْعَبْدِ مَتَى كَانَا غَائِبَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْقَوَدِ حَضَرَا أَوْ لَمْ يَحْضُرَا، وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِذَلِكَ وَهُمَا حَاضِرَانِ يُكَذِّبَانِهِ فِيهِ وَلِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا فَإِنَّ حَقَّ الْوَلِيِّ الْآخَرِ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ صَدَّقَهُ وَالْعَبْدُ كُلُّهُ مَشْغُولٌ بِرَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّ الْمُضَارِبَ فِيهِ كَالْأَجْنَبِيِّ، فَإِنْ كَانَ فِي الْعَبْدِ فَضْلٌ وَقَدْ صَدَّقَ الْمُضَارِبُ نَظَرَ إلَى حِصَّتِهِ مِنْ الْفَضْلِ فَقِيلَ لَهُ: ادْفَعْ نِصْفَ حِصَّتِكَ إلَى الْوَلِيِّ الَّذِي لَمْ يَعْفُ أَوْ أَفْدِهِ فَإِذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ فَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ الْعَبْدِ قَدْرَ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَيَأْخُذُ الْمُضَارِبُ نِصْفَ حِصَّتِهِ الَّذِي بَقِيَ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَأَمَّا إذَا كَذَّبَهُ الْمُضَارِبُ وَصَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِثْلَ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَقَلَّ بِأَنْ كَانَتْ أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ بِأَنْ كَانَتْ أَلْفَيْنِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَصِحُّ تَصْدِيقُ رَبِّ الْمَالِ، وَيُقَالُ لَهُ: ادْفَعْ نِصْفَ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ أَوْ أَفْدِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ فِي النِّصْفِ وَبَقِيَتْ فِي النِّصْفِ، وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ وَفَدَى نِصْفَ الْعَبْدِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَإِذَا بَقِيَ النِّصْفُ الْبَاقِي عَلَى الْمُضَارَبَةِ إذَا تَصَرَّفَ الْمُضَارِبُ فِيهِ وَرَبِحَ وَأَرَادَ أَنْ يَقْتَسِمَا، كَمْ يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مِنْ الْبَاقِي؟ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ نِصْفَ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ بِأَنْ كَانَتْ سِتَّمِائَةٍ صَارَ بِدَفْعِ النِّصْفِ مُسْتَوْفِيًا ثَلَاثَمِائَةٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَبَقِيَ حَقُّهُ فِي سَبْعِمِائَةٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَسْتَوْفِي مِنْ الْبَاقِي سَبْعَمِائَةٍ تَمَامَ رَأْسِ مَالِهِ ثُمَّ مَا بَقِيَ يَكُونُ رِبْحًا فَيَقْتَسِمَانِهِ عَلَى مَا شَرَطَا، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يُصَدَّقُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى حِصَّتِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْفَعْ نِصْفَ حِصَّتِكَ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الْعَبْدِ أَوْ أَفْدِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَأَيَّهُمَا اخْتَارَ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيط. لَوْ اشْتَرَى بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ عَبْدًا فَقَتَلَهُ رَجُلٌ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَتُؤْخَذُ قِيمَتُهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَتَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مَالٌ آخَرُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ سِوَى الْعَبْدِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مَالٌ آخَرُ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِلْمَوْلَى، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ اسْتَوْفَى رَبُّ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ رَأْسَ مَالِهِ وَمَا بَقِيَ بِمَنْزِلَةِ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ عَبْدَانِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا عَمْدًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِصَاصٌ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ، كَذَا فِي الْحَاوِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْحَادِي وَالْعُشْرُونَ فِي الشُّفْعَةِ فِي الْمُضَارَبَةِ] (الْبَابُ الْحَادِي وَالْعُشْرُونَ فِي الشُّفْعَةِ فِي الْمُضَارَبَةِ) إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ دَارًا تُسَاوِي أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا بِدَارٍ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُضَارِبِ وَيَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ فَيَكُونَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ دَارًا بِبَعْضِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ اشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ دَارًا لِنَفْسِهِ إلَى جَنْبِهَا فَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِهَا بِالشُّفْعَةِ بِمَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ بَاعَ الْمُضَارِبُ دَارًا مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا بِدَارٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الدَّارِ رِبْحٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ بَاعَ رَبُّ الْمَالِ دَارًا لِنَفْسِهِ وَالْمُضَارِبُ شَفِيعُهَا بِدَارٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا بِهِ وَفَاءٌ بِثَمَنِ الدَّارِ لَمْ تَجِبْ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ وَفَاءٌ بِثَمَنِ الدَّارِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَارِ الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ فَلَا شُفْعَةَ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا رِبْحٌ فَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الباب الثاني والعشرون في المضاربة بين أهل الإسلام وأهل الكفر

لَوْ أَنَّ أَجْنَبِيًّا اشْتَرَى دَارًا إلَى جَنْبِ دَارِ الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ وَفَاءٌ بِالثَّمَنِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ لِلْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ وَفَاءٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ رِبْحٌ فَالشُّفْعَةُ لِلْمُضَارِبِ وَلِرَبِّ الْمَالِ جَمِيعًا، فَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَهَا جَمِيعًا لِنَفْسِهِ بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ رِبْحٌ فَالشُّفْعَةُ لِرَبِّ الْمَالِ خَاصَّةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُضَارِبُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى تَنَاقَضَا الْمُضَارَبَةَ وَاقْتَسَمَا الدَّارَ الَّتِي مِنْ الْمُضَارَبَةِ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ ثُمَّ أَرَادَا أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ الْمَبِيعَةَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنْفُسِهِمَا فَلَهُمَا ذَلِكَ، فَإِنْ طَلَبَا جَمِيعًا فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَأَيُّهُمَا سَلَّمَ أَخَذَ الْآخَرُ الدَّارَ كُلَّهَا. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلَيْنِ مَالًا مُضَارَبَةً فَاشْتَرَيَا بِهِ دَارًا وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا بِالشُّفْعَةِ دُونَ حِصَّةِ الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الشَّفِيعُ أَجْنَبِيًّا، وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ وَاحِدًا فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الشَّفِيعُ رَبَّ الْمَالِ أَوْ أَجْنَبِيًّا وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلَانِ إلَى رَجُلٍ مَالًا مُضَارَبَةً فَاشْتَرَى بِهِ دَارًا وَأَحَدُ صَاحِبَيْ الْمَالِ شَفِيعُهَا فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا بِالشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، إمَّا أَنْ يَأْخُذَهَا كُلَّهَا أَوْ يَدَعَ وَإِذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمُضَارَبَةِ فَسَلَّمَ أَحَدُ الْمُضَارِبَيْنِ الشُّفْعَةَ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَهَا، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهِ الْمُضَارِبُ دَارًا تُسَاوِي أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَشَفِيعُهَا رَبُّ الْمَالِ بِدَارٍ لَهُ وَالْأَجْنَبِيُّ أَيْضًا شَفِيعُهَا بِدَارٍ لَهُ أُخْرَى فَلَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا الدَّارَ نِصْفَيْنِ، فَإِنْ سَلَّمَ رَبُّ الْمَالِ الشُّفْعَةَ وَأَرَادَ الْأَجْنَبِيُّ أَنْ يَأْخُذَهَا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَجْنَبِيُّ نِصْفَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ كُلَّهَا أَوْ يَدَعَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّانِي وَالْعُشْرُونَ فِي الْمُضَارَبَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الْكُفْرِ] (الْبَابُ الثَّانِي وَالْعُشْرُونَ فِي الْمُضَارَبَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الْكُفْرِ) . إذَا دَفَعَ الْمُسْلِمُ إلَى النَّصْرَانِيِّ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَهُوَ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، فَإِنْ اتَّجَرَ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَرَبِحَ جَازَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَعِنْدَهُمَا تَصَرُّفُهُ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ اشْتَرَى مَيْتَةً فَنَقَدَ فِيهِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ أَرْبَى فَاشْتَرَى دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَلَكِنْ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا لِمَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَ الْمُسْلِمُ مَالَ النَّصْرَانِيِّ مُضَارَبَةً وَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ اشْتَرَى بِهِ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَيْتَةً وَنَقَدَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ، فَإِنْ رَبِحَ فِي ذَلِكَ رَدَّ الرِّبْحَ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ إنْ كَانَ يَعْرِفُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُهُ تَصَدَّقَ بِهِ وَلَا يُعْطِي رَبُّ الْمَالِ النَّصْرَانِيَّ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَوْ دَفَعَ الْمُسْلِمُ مَالَهُ مُضَارَبَةً إلَى مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ جَازَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ شِرَاءِ الْمُضَارِبِ وَهِبَتِهِ. وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ مُسْلِمٌ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَأَوْدَعَهُ الْحَرْبِيُّ مُسْلِمًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ دَخَلَ إلَيْنَا بَعْدَ ذَلِكَ بِأَمَانٍ وَأَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ فَاشْتَرَى بِهِ وَبَاعَ فَهُوَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ وَيَضْمَنُ لِرَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْحَرْبِيَّ دَخَلَ بِالْمَالِ دَارَ الْحَرْبِ فَاشْتَرَى بِهِ وَبَاعَ هُنَاكَ فَهُوَ لَهْوٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْمَالِ حِينَ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ أَذِنَ لَهُ فِي أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ فَيَشْتَرِيَ بِهِ وَيَبِيعَ هُنَاكَ فَإِنَى أَسْتَحْسِنُ أَنْ أُجِيزَ ذَلِكَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَأَجْعَلَ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا إنْ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ أَوْ رَجَعَ الْمُضَارِبُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مُسْلِمًا أَوْ مُعَاهَدَا أَوْ بِأَمَانٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ وَحِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْبَاقِي لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

الباب الثالث والعشرون في المتفرقات

وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيَّانِ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَدَفَعَ أَحَدُهُمَا إلَى صَاحِبِهِ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ دَخَلَ أَحَدُهُمَا دَارَ الْحَرْبِ لَمْ تُنْتَقَضْ الْمُضَارَبَةُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ دَفَعَ حَرْبِيٌّ إلَى مُسْلِمٍ مَالًا مُضَارَبَةً ثُمَّ دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ دَفَعَ أَحَدُ الْحَرْبِيَّيْنِ إلَى صَاحِبِهِ مَالًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ وَهُمَا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمَيْنِ وَالذِّمِّيَّيْنِ وَقَدْ الْتَزَمُوا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ حِينَ دَخَلُوا دَارَنَا بِأَمَانٍ لِلتِّجَارَةِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمُسْلِمَيْنِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَدَارِ الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا دَخَلَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَدَفَعَ إلَى حَرْبِيٍّ مَالًا مُضَارَبَةً بِرِبْحِ مِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ الْحَرْبِيُّ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا حَتَّى إذَا لَمْ يَرْبَحْ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَهِيَ كُلُّهَا لِمَنْ شَرَطَ وَالْوَضِيعَةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا مِائَةٌ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ فَذَلِكَ لَهُ وَلَيْسَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ شَيْءٌ آخَرُ، كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا دَفَعَ الْمُسْلِمُ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَالًا مُضَارَبَةً إلَى رَجُلٍ قَدْ أَسْلَمَ هُنَاكَ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا بِرِبْحِ مِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ بِذَلِكَ جَازَ عَلَى مَا اشْتَرَطَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعُشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعُشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) . لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ الثِّيَابَ وَيَقْطَعَهَا بِيَدِهِ وَيَخِيطَهَا عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْمَشْرُوطَ عَلَيْهِ مِمَّا يَصْنَعُهُ التُّجَّارُ عَلَى قَصْدِ تَحْصِيلِ الرِّبْحِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ الْجُلُودَ وَالْأُدْمَ يَخْرُزُهَا خِفَافًا وَدِلَاءً وَرِدَاءً بِيَدِهِ وَأَجْزَائِهِ فَكُلُّ هَذَا مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ فَيَجُوزُ شَرْطُهُ عَلَى الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ شَرْطِ الْمُضَارِبِ. لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَحْتَطِبَ وَيَحْتَشَّ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنَّ الْمُضَارَبَةَ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ جَائِزَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا دَفَعَ فِي مَرَضِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَعَمِلَ الْمُضَارِبُ وَرَبِحَ أَلْفًا ثُمَّ مَاتَ رَبُّ الْمَالِ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ وَأَجْرُ مِثْلِ الْمُضَارِبِ أَقَلُّ مِمَّا شَرَطَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ فِيمَا عَمِلَ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَلِلْمُضَارِبِ نِصْفُ الرِّبْحِ يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ دَيْنِ الْمَرِيضِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لِلْمُضَارِبِ رِبْحًا كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَذَلِكَ دَيْنٌ عَلَى الْمَرِيضِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ فَيَضْرِبُ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي تَرِكَتِهِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ لَوْ دَفَعَ الصَّحِيحُ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً إلَى مَرِيضٍ عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ عُشْرَ الرِّبْحِ، وَأَجْرُ مِثْلِهِ خَمْسُمِائَةٍ فَرَبِحَ أَلْفًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ فَلِلْمُضَارِبِ عُشْرُ الرِّبْحِ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ شِرَاءِ الْمُضَارِبِ وَبَيْعِهِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا عَشَرَةَ أَشْهُرٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُ الْبُرَّ جَازَ، فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَعَمِلَ وَرَبِحَ فِيهِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَالُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَهُ الْأَجْرُ الْمَشْرُوطُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ وَسَقَطَ أَجْرُ هَذِهِ الْمُدَّةِ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ غَيْرُ الْمُسْتَأْجِرِ مَالًا مُضَارَبَةً فَإِنَّهَا تَصِحُّ وَيَسْقُطُ أَجْرُ قَدْرِ مُدَّةِ عَمَلِهِ لِلْمُضَارَبَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ الْأَجِيرُ دَفَعَ إلَى رَبِّ الْمَالِ مَالًا مُضَارَبَةً يَعْمَلُ بِهِ عَلَى النِّصْفِ جَازَ وَالْأَجِيرُ عَلَى الْإِجَارَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ اسْتَبْضَعَ رَبُّ الْمَالِ الْأَجِيرَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ يَشْتَرِي بِهِ وَيَبِيعُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَقَبَضَهُ الْأَجِيرُ فَاشْتَرَى بِهِ وَبَاعَ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْأَجْرُ عَلَى حَالِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ شُرُوطِ الْمُضَارَبَةِ. وَمَنْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً، وَقَالَ: هَذَا مُضَارَبَةٌ عِنْدكَ شَهْرًا، فَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ فَهُوَ قَرْضٌ فَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ وَهُوَ عِنْدَهُ وَرِقٌ كَانَ قَرْضًا يَعْنِي إذَا قَبَضَهُ، وَإِنْ كَانَ عَرَضًا لَمْ يَكُنْ قَرْضًا حَتَّى يَبِيعَهُ فَيَصِيرَ وَرِقًا فَيَكُونُ قَرْضًا عِنْدَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقْرَضَهُ شَهْرًا ثُمَّ بَنَى مُضَارَبَةً لَمْ يَكُنْ مُضَارَبَةً، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا

عَنْ الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. فِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ عِنْدَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً، فَقَالَ لِرَبِّ الْمَالِ: أَقْرِضْنِيهِ فَفَعَلَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ، قَالَ: إذَا قَبَضَهُ الْمُضَارِبُ بِيَدِهِ مِنْ بَيْتِهِ أَوْ صُنْدُوقِهِ أَوْ كِيسِهِ وَصَرَفَهُ فِي حَوَائِجِ نَفْسِهِ فَهُوَ قَرْضٌ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ مَالًا مُضَارَبَةً ثُمَّ إنَّ الْمُضَارِبَ شَارَكَ رَجُلًا آخَرَ بِدَرَاهِمَ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ وَشَرِيكُهُ عَصِيرًا مِنْ شَرِكَتِهِمَا ثُمَّ جَاءَ الْمُضَارِبُ بِدَقِيقٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ فَاِتَّخَذَ مِنْهُ وَمِنْ الْعَصِيرِ فَلَاتِجَ قَالُوا إنْ اتَّخَذَ الْفَلَاتِجَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الدَّقِيقِ قَبْلَ أَنْ يُتَّخَذَ مِنْهُ الْفَلَاتِجَ وَإِلَى قِيمَةِ الْعَصِيرِ فَمَا أَصَابَ حِصَّةَ الدَّقِيقِ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَمَا أَصَابَ حِصَّةَ الْعَصِيرِ فَهُوَ بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَبَيْنَ الشَّرِيكِ لَكِنَّ هَذَا إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ قَالَ: لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ وَفَعَلَ الْمُضَارِبُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ فَالْفَلَاتِجُ يَكُونُ لِلْمُضَارِبِ وَهُوَ ضَامِنٌ مِثْلَ الدَّقِيقِ لِرَبِّ الْمَالِ وَمِثْلَ حِصَّةِ الشَّرِيكِ مِنْ الْعَصِيرِ لِلشَّرِيكِ، وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَالشَّرِيكُ لَمْ يَأْذَنْ فَالْفَلَاتِجُ يَكُونُ لِلْمُضَارَبَةِ وَالْمُضَارِبُ ضَامِنٌ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ الْعَصِيرِ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَرَبُّ الْمَالِ لَمْ يَأْذَنْ فَالْفَلَاتِجُ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرِيكِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِرَبِّ الْمَالِ مِثْلَ الدَّقِيقِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ فُلُوسًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَلَمْ يَشْتَرِ حَتَّى كَسَدَتْ تِلْكَ الْفُلُوسُ وَأَحْدَثَ فُلُوسًا غَيْرَهَا فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ، فَإِنْ اشْتَرَى بِهَا الْمُضَارِبُ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ فَهُوَ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ، وَلَوْ لَمْ تَكْسَدْ حَتَّى اشْتَرَى بِهَا الْمُضَارِبُ ثَوْبًا وَدَفَعَهَا وَقَبَضَ الثَّوْبَ ثُمَّ كَسَدَتْ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ عَلَى حَالِهَا، فَإِنْ بَاعَ الثَّوْبَ بِدَرَاهِمَ أَوْ عَرَضٍ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ رَبِحَ رِبْحًا وَأَرَادَ الْقِسْمَةَ أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ قِيمَةَ فُلُوسِهِ يَوْمَ كَسَدَتْ ثُمَّ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْمُضَارَبَةِ بِالْعُرُوضِ. وَفِي نَوَادِرِ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِطَبَرِسْتَانَ وَهِيَ طَبَرِيَّةٌ ثُمَّ الْتَقَيَا بِبَغْدَادَ، قَالَ: يَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ قِيمَةَ الطَّبَرِيَّةِ بِطَبَرِسْتَانَ يَوْمَ يَخْتَصِمَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا رَبِحَ الْمُضَارِبُ فِي الْمَالِ رِبْحًا فَأَقَرَّ بِهِ وَبِرَأْسِ الْمَالِ ثُمَّ قَالَ: قَدْ خَلَطْتُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِي قَبْلَ أَنْ أَعْمَلَ وَأَرْبَحَ لَمْ يُصَدَّقْ، فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنَ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّ الْمَالِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ يَشْتَرِي بِهِ وَيَبِيعُ وَيُشَارِكُ وَيَعْمَلُ بِرَأْيِهِ فَاشْتَرَى بِهِ وَبِأَلْفٍ مِنْ عِنْدِهِ مَتَاعًا وَلَمْ يَخْلِطْ الْمَالَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ أَوْ حِصَّةَ الْمُضَارَبَةِ خَاصَّةً لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الشَّرِكَةَ وَقَعَتْ فِي الْبَيْعِ فَلَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمِنْ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ الصَّغِيرِ قَالَ: إذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِالْمَالِ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ خَادِمًا ثُمَّ هَلَكَ الْأَلْفُ فَرَجَعَ بِمِثْلِهِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَنَقَدَهُ ثُمَّ بَاعَ الْخَادِمَ بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهَا مَتَاعًا فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ وَيُؤَدِّي مِنْ عِنْدِهِ خَمْسَمِائَةٍ، فَإِنْ بَاعَ الْمَتَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ كَانَ لِلْمُضَارِبِ سُدُسُ الثَّمَنِ وَالْبَاقِي عَلَى الْمُضَارَبَةِ يَسْتَوْفِي مِنْهُ رَبُّ الْمَالِ مَا غَرِمَ فِي الْمَرَّاتِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ وَالْبَاقِي رِبْحٌ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ وَبَاعَ وَرَبِحَ حَتَّى صَارَ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِالثَّلَاثَةِ الْآلَافِ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَلْفٌ وَلَمْ يَنْقُدْ الْمَالَ حَتَّى ضَاعَ كَانَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَلَوْ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى مِنْهُ الْمُضَارِبُ بِأَلْفٍ فِي يَدَيْهِ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَلَيْسَ فِي يَدَيْهِ غَيْرُهُ فَضَاعَتْ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهُ رَبُّ الْمَالِ فَلَا غُرْمَ عَلَى الْمُضَارِبِ وَيَأْخُذُ الْعَبْدَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَيَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَرَأْسُ الْمَالِ فِيهِ أَلْفَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ جَارِيَتَيْنِ تُسَاوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ بَاعَ إحْدَاهُمَا بِأَلْفٍ وَالْأُخْرَى بِأَلْفَيْنِ وَقَبَضَهُمَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ لَقِيَهُ الْمُضَارِبُ، وَقَالَ: زِدْنِي فِي ثَمَنِهَا، فَزَادَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ

وَقَبَضَهَا الْمُضَارِبُ بِمُقَابَلَتِهِمَا فَتَتَوَزَّعُ عَلَى قِيمَتِهِمَا كَأَصْلِ الثَّمَنِ إذَا سَمَّى بِمُقَابِلَتِهِمَا جُمْلَةً وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي طَعَنَ فِيهِمَا بِعَيْبٍ فَصَالَحَهُ الْمُضَارِبُ عَلَى أَنْ يَحُطَّ مِنْ الثَّمَنَيْنِ مِائَةَ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرَى بِاَلَّتِي اشْتَرَاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَيْبًا رَدَّهَا بِأَلْفٍ غَيْرِ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ، وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ اشْتَرَى الْجَارِيَتَيْنِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِرِبْحِ مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى مَا بَاعَهُمَا بِهِ ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا رَدَّهَا بِثَمَنِهَا، وَحِصَّتُهَا مِنْ الرِّبْحِ إذَا قُسِّمَتْ عَلَى الثَّمَنَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى إحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ بِالْأَلْفِ وَالْأُخْرَى بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُمَا مُرَابَحَةً عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ بَاعَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُرَابَحَةً عَلَى حِدَةٍ عَلَى ثَمَنِهَا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ زَادَ فِي ثَمَنِهِمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً بَاعَهُمَا جَمِيعًا عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ إحْدَاهُمَا مُرَابَحَةً عَلَى حِدَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ اشْتَرَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُمَا جَمِيعًا مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ إحْدَاهُمَا مُرَابَحَةً عَلَى حِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْمُضَارِبِ يَبِيعُ الْمَتَاعَ ثُمَّ يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَنَهَاهُ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَبِيعَ إلَّا بِالنَّقْدِ، وَقَالَ الْمُضَارِبُ: أَبِيعُهُ بِالنَّسِيئَةِ، أَوْ قَالَ: أَبِيعُ حِصَّتِي وَهِيَ الرُّبُعُ بِالنَّسِيئَةِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ إلَّا بِالنَّقْدِ، فَإِنْ بَاعَ الْمُضَارِبُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ بِالنَّقْدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الرُّبُعَ بِالنَّسِيئَةِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَ الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ وَيُوَفِّيَ مِنْ ذَلِكَ رَبَّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَرِبْحَهُ ثُمَّ يَبِيعَ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّبُعَ بِالنَّسِيئَةِ إنْ أَحَبَّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً نَسِيئَةً لَا يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً عَلَى الْأَلْفِ مَا لَمْ يُبَيِّنْ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَرَضًا مُضَارَبَةً فَادَّعَى الْمُضَارِبُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ: رَدَدْتُ الْعَرْضَ عَلَيْكَ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. هِشَامٌ: سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ إلَّا بِأَلْفَيْنِ مِنْهَا حَتَّى أَنَّهُ إذَا بَاعَ مَتَاعَ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ اشْتَرَى عَلَى ذَلِكَ الدَّيْنِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ اشْتَرَى غُلَامًا فَوَجَدَهُ حُرًّا ضَمِنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا دَفَعَ الْمُكَاتَبُ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَخَذَ مَالًا مُضَارَبَةً فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَإِنْ دَفَعَهُ الصَّبِيُّ بِغَيْرِ إذْنِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ وَهُوَ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَعَمِلَ بِهِ الْمُضَارِبُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ وَمَلَكَ الْمَضْمُونَ بِالضَّمَانِ، وَالرِّبْحُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ دَقِيقًا بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ فَأَعْطَاهُ رَبُّ الْمَالِ دَقِيقًا آخَرَ، وَقَالَ لَهُ: اخْلِطْ بِهَذَا الدَّقِيقِ عَلَى سَبِيلِ مَا تَوَاضَعْنَا فَخَلَطَ ثُمَّ بَاعَ الْكُلَّ، قَالُوا: مِقْدَارُ ثَمَنِ دَقِيقِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ يَكُونُ عَلَى مَا اشْتَرَطَا فِي عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ، وَأَمَّا مِقْدَارُ ثَمَنِ الدَّقِيقِ الْآخَرُ فَكُلُّهُ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ بِرِبْحِهِ وَعَلَيْهِ وَضَيْعَتُهُ وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا تَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ مِنْ بَيْعِهِ، هَكَذَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ خَلَطَ الدَّقِيقَ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ، أَمَّا إذَا خَلَطَ فَلَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي شَيْءٍ هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً وَفِيهَا فَضْلٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ ثُمَّ إنَّ الْمُضَارِبَ اسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَأُخِذَ مِنْهُ عُقْرُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُضَارِبُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا عَمِلَ الْوَصِيُّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فَوَضَعَ أَوْ رَبِحَ فِيهِ، فَقَالَ: عَمِلْتُ بِهِ مُضَارَبَةً، فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي حَالِ الْوَضِيعَةِ دُونَ الرِّبْحِ إلَّا أَنْ

يَشْهَدَ قَبْلَ الْعَمَلِ، وَلَوْ قَالَ: اسْتَقْرَضْتُ، لَا يُصَدَّقُ حَتَّى يَشْهَدَ قَبْلَهُ إنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَضِيعَةٌ ضَمِنَ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ عَمِلَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: دَفَعْتُهُ قَرْضًا عَلَيْهِ، أَوْ قَالَ: قَرْضًا عَلَيَّ، فَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ، وَلَوْ قَالَ: دَفَعْتُهُ مُضَارَبَةً أَوْ بِضَاعَةً، وَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَضِيعَةٌ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ يَكُونُ كُلُّهُ لِلْيَتِيمِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ قَبْلَ الدَّفْعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ دَنَانِيرَ فَأَوْدَعَهَا الْمُضَارِبُ عِنْدَ صَيْرَفِيٍّ فَخَلَطَهَا الصَّيْرَفِيُّ بِمَالِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَتَاعًا بِدَنَانِيرَ فَهُوَ مُخَالِفٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ دَفَعَ إلَى عَبْدٍ مَالًا مُضَارَبَةً وَالْعَبْدُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى نَفْسَهُ بِالْمُضَارَبَةِ جَازَ وَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَيُبَاعُ، وَرَأْسُ الْمَالِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى نَفْسَهُ وَابْنَهُ وَامْرَأَتَهُ بِالْمُضَارَبَةِ عَلَى الْمُضَارَبَة، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَفَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ جَارِيَةً وَبَاعَهَا مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ إنَّ الْمُضَارِبَ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَمِائَةٍ فَالْجَارِيَةُ عَلَى الْمُضَارِبِ وَلَا يَكُونُ هَذَا نَقْضًا لِلْمُضَارَبَةِ وَلِلْمُضَارِبِ فِيهَا مِائَةٌ خَاصَّةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى وَبَاعَ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ حَتَّى صَارَ فِي يَدِهِ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهِمَا جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ بَاعَهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً سَنَةً، وَقِيمَتُهَا يَوْمَ بَاعَهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرُ وَأَقَلُّ فَدَفَعَهَا إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ هَلَكَ الْأَلْفَانِ الْأَوَّلَانِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهُمَا بَائِعُ الْجَارِيَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَيُؤَدِّيهَا مَعَ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ مَالِهِ إلَى بَائِعِ الْجَارِيَةِ، فَإِذَا خَرَجَتْ الْأَرْبَعَةُ الْآلَافُ كَانَ لِلْمُضَارِبِ رُبُعُهَا مِنْ غَيْرِ الْمُضَارَبَةِ وَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اشْتَرَى بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَحَالَ الْحَوْلُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْجَارِيَةِ وَعَلَى الْمُضَارِبِ زَكَاةُ الرُّبُعِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى جَارِيَتَيْنِ كُلُّ وَاحِدَةٍ تُسَاوِي أَلْفًا فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْجَارِيَتَيْنِ وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً، وَلَوْ اشْتَرَى بِهَا جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَنَقَصَتْ مِنْ عَيْبٍ أَوْ سِعْرٍ حَتَّى صَارَتْ تُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ ازْدَادَتْ فَحَالَ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ اُشْتُرِيَتْ وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُضَارِبِ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا، وَلَوْ صَارَتْ قِيمَتُهَا فَوْقَ الْأَلْفِ فَعَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ، وَلَوْ اشْتَرَى بِهَا حِنْطَةً وَشَعِيرًا وَإِبِلًا وَغَنَمًا كُلُّ جِنْسٍ يُسَاوِي أَلْفًا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُضَارِبِ زَكَاةٌ، وَلَوْ كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا يَجِبُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ دَيْنًا عَلَى الْمُضَارِبِ وَتَحْصُلُ لَهُ مَنْفَعَةُ الِاسْتِرْبَاحِ، قَالُوا: يُفْرَضُ الْمَالُ مِنْ الْمُضَارِبِ وَيُسَلَّمُ إلَيْهِ ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهُ مُضَارَبَةً ثُمَّ يُبْضِعُ الْمُضَارِبُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَعْمَلُ فِيهِ الْمُضَارِبُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ مَالَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ مُضَارَبَةً، وَلَوْ أَخَذَ الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مَالَ رَجُلٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِهِ الْأَبُ لِلِابْنِ فَعَمِلَ بِهِ الْأَبُ فَرَبِحَ فَالرِّبْحُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْأَبِ نِصْفَانِ وَلَا شَيْءَ لِلِابْنِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ مِثْلُهُ يَشْتَرِي وَيَبِيعُ فَأَخَذَهُ الْأَبُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ الْغُلَامُ وَيَبِيعَ، وَالرِّبْحُ نِصْفَانِ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَالرِّبْحُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالِابْنِ نِصْفَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَمِلَ بِهِ الْأَبُ لِلِابْنِ بِأَمْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْعَمَلِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَالِ، وَالرِّبْحُ لَهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَالْوَصِيُّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا بَاعَ رَبُّ الْمَالِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ، فَإِنْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَوْ لَا يَتَغَابَنُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْمُضَارِبُ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمُضَارِبُ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْمُضَارِبُ الْآخَرُ، كَذَا فِي الْحَاوِي. مُضَارِبٌ نَزَلَ خَانًا مَعَ ثَلَاثَةٍ مِنْ رُفَقَائِهِ فَخَرَجَ الْمُضَارِبُ مَعَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَبَقِيَ الرَّابِعُ فِي الْحُجْرَةِ ثُمَّ خَرَجَ الرَّابِعُ وَتَرَكَ الْبَابَ غَيْرَ مُغْلَقٍ وَهَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ، قَالُوا: إنْ كَانَ الرَّابِعُ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي حِفْظِ الْمَتَاعِ لَا يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ وَيَضْمَنُ الرَّابِعُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ مَا يَشْتَرِي بِهِ مِنْ الْهَرَوِيِّ خَاصَّةً فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَمَا يَشْتَرِي بِهِ

كتاب الوديعة وهو مشتمل على عشرة أبواب

مِنْ النَّيْسَابُورِيِّ فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَمَا يَشْتَرِي بِهِ مِنْ الزُّطِّيِّ فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمُضَارِبِ فَهُوَ عَلَى مَا سَمَّى، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَى الْهَرَوِيَّ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ كَمَا لَوْ اشْتَرَطَا، وَإِنْ اشْتَرَى بِهِ النَّيْسَابُورِيَّ فَهُوَ بِضَاعَةٌ فِي يَدِهِ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ اشْتَرَى بِهِ الزُّطِّيَّ فَالْمَالُ قَرْضٌ عَلَيْهِ وَالرِّبْحُ لَهُ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مَرَّ الْمُضَارِبُ عَلَى السُّلْطَانِ فَدَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا لِيَكُفَّ عَنْهُ يَضْمَنُ، وَإِنْ أَخَذَهَا كُلَّهَا كَرْهًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا إذَا غَصَبَ مِنْهُ الْبَعْضَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا مَرَّ الْمُضَارِبُ عَلَى الْعَاشِرِ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَأَخْبَرَ بِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْعُشْرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ فِيمَا أَخَذَ مِنْهُ الْعَاشِرُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَعْطَى الْعَاشِرَ بِغَيْرِ إلْزَامٍ مِنْ الْعَاشِرِ لَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَعْطَى، وَكَذَلِكَ إنْ صَانَعَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ حَتَّى كَفَّ عَنْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَعْطَى، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ: الْجَوَابُ فِي زَمَانِنَا بِخِلَافِ هَذَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ فِيمَا يُعْطِي مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَى شَاطِرٍ طَمِعَ فِيهِ وَقَصَدَ أَخْذَهُ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا صَانَعَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْوَدِيعَةِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى عَشَرَةِ أَبْوَابٍ] [الْبَاب الْأَوَّل فِي تَفْسِير الْإِيدَاع وَالْوَدِيعَة وَرُكْنهَا وَشَرَائِطِهَا وَحُكْمِهَا] (كِتَابُ الْوَدِيعَةِ) وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى عَشَرَةِ أَبْوَابٍ (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْإِيدَاعِ الْوَدِيعَةِ وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِهَا وَحُكْمِهَا) . أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا فَالْإِيدَاعُ هُوَ تَسْلِيطُ الْغَيْرِ عَلَى حِفْظِ مَالِهِ الْوَدِيعَةُ مَا يُتْرَكُ عِنْدَ الْأَمِينِ، كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَأَمَّا رُكْنُهَا فَقَوْلُ الْمُودِعِ: أَوْدَعْتُكَ هَذَا الْمَالَ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الْأَقْوَالِ أَوْ الْأَفْعَالِ وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُودَعِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ فَقَطْ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. الْوَدِيعَةُ تَارَةً تَكُونُ بِصَرِيحِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَتَارَةً بِالدَّلَالَةِ، فَالصَّرِيحُ قَوْلُهُ: أَوْدَعْتُكَ، وَقَوْلُ الْآخَرِ: قَبِلْتُ، وَلَا تَتِمُّ فِي حَقِّ الْحِفْظِ إلَّا بِذَلِكَ وَتَتِمُّ بِالْإِيجَابِ وَحْدَهُ فِي حَقِّ الْأَمَانَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِلْغَاصِبِ: أَوْدَعْتُكَ الْمَغْصُوبَ، بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ، فَأَمَّا وُجُوبُ الْحِفْظِ فَيَلْزَمُ عَلَى الْمُودَعِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ، وَالدَّلَالَةُ إذَا وَضَعَ عِنْدَهُ مَتَاعًا وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، أَوْ قَالَ: هَذَا وَدِيعَةٌ عِنْدَكَ، وَسَكَتَ الْآخَرُ صَارَ مُودَعًا حَتَّى لَوْ غَابَ الْآخَرُ فَضَاعَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ إيدَاعٌ وَقَبُولٌ عُرْفًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَأَنْوَاعٌ: مِنْهَا كَوْنُ الْمَالِ قَابِلًا لِإِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَوْدَعَ الْآبِقَ وَالطَّيْرَ الَّذِي هُوَ فِي الْهَوَاءِ وَالْمَالَ السَّاقِطَ فِي الْبَحْرِ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَمِنْهَا عَقْلُ الْمُودِعِ فَلَا يَصِحُّ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، وَأَمَّا بُلُوغُهُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا حَتَّى يَصِحَّ الْإِيدَاعُ مِنْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ، وَكَذَا حُرِّيَّتُهُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَيَمْلِكُهُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ يَصِحُّ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ حُرِّيَّةُ الْمُودِعِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ حَتَّى يَصِحَّ الْقَبُولُ مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعَقْدِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ الْقَبُولُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَأَمَّا حُكْمُهَا فَوُجُوبُ الْحِفْظِ عَلَى الْمُودَعِ وَصَيْرُورَةُ الْمَالِ أَمَانَةً فِي يَدِهِ وَوُجُوبُ أَدَائِهِ عِنْدَ طَلَبِ مَالِكِهِ، كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ. الْوَدِيعَةُ لَا تُودَعُ وَلَا تُعَارَ وَلَا تُؤَاجَرُ وَلَا تُرْهَنُ، وَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا ضَمِنَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَضَعَ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى ضَاعَ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْحِفْظِ، وَلَوْ وَضَعَ عِنْدَ آخَرِ شَيْئًا، وَقَالَ: احْفَظْهُ، فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَقَالَ: لَا أَحْفَظُهُ، فَضَاعَ، قَالَ فِي الْمُحِيطِ: لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْحِفْظِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. لَوْ قَامَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَجْلِسِ وَتَرَكَ كِتَابَهُ أَوْ مَتَاعَهُ فَالْبَاقُونَ مُودَعُونَ فِيهِ حَتَّى لَوْ تَرَكُوا وَهَلَكَ ضَمِنُوا؛ لِأَنَّ الْكُلَّ حَافِظُونَ، فَإِنْ قَامَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فَالضَّمَانُ عَلَى آخِرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ الْآخَرُ حَافِظًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَنْ تَرَكَ بَابَ حَانُوتِهِ مَفْتُوحًا فَقَامَ وَاحِدٌ ثُمَّ وَاحِدٌ فَضَمَانُ مَا ضَاعَ عَلَى آخِرِهِمْ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ ثَوْبٌ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَعْطِنِي هَذَا الثَّوْبَ فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ كَانَ هَذَا عَلَى الْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ رَجُلٌ دَخَلَ بِدَابَّتِهِ خَانًا، وَقَالَ لِصَاحِبِ الْخَانِ: أَيْنَ أَرْبِطُهَا؟ فَقَالَ: هُنَاكَ، فَرَبَطَهَا وَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَجِدْ دَابَّتَهُ، فَقَالَ صَاحِبُ الْخَانِ: إنَّ صَاحِبَكَ أَخْرَجَ الدَّابَّةَ لِيَسْقِيَهَا وَلَمْ

الباب الثاني في حفظ الوديعة بيد الغير

يَكُنْ لَهُ صَاحِبٌ فَصَاحِبُ الْخَانِ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا دَخَلَ رَجُلٌ الْحَمَّامَ، وَقَالَ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ: أَيْنَ أَضَعُ الثِّيَابَ؟ فَقَالَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ: ثَمَّةَ، فَوَضَعَ فَدَخَلَ الْحَمَّامَ ثُمَّ خَرَجَ رَجُلٌ آخَرُ وَذَهَبَ بِثِيَابِهِ فَصَاحِبُ الْحَمَّامِ ضَامِنٌ، وَإِنْ وَضَعَ الثِّيَابَ بِمَرْأَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَمَّامِ ثِيَابِيٌّ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (جامه دَار) فَالضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ثِيَابِيٌّ وَهُوَ حَاضِرٌ فَالضَّمَانُ عَلَى الثِّيَابِيِّ دُونَ صَاحِبِ الْحَمَّامِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى اسْتِحْفَاظِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ بِأَنْ قَالَ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ: أَيْنَ أَضَعُ الثِّيَابَ؟ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ثِيَابِيٌّ وَهُوَ حَاضِرٌ، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ الثِّيَابِيُّ غَائِبًا وَيَضَعُ الثِّيَابَ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْ صَاحِبِ الْحَمَّامِ كَانَ اسْتِحْفَاظًا مِنْ صَاحِبِ الْحَمَّامِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ بِالتَّضْيِيعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَخَلَ الْحَمَّامَ وَوَضَعَ الثِّيَابَ وَصَاحِبُ الْحَمَّامِ حَاضِرٌ فَخَرَجَ آخَرُ مِنْ الْحَمَّامِ وَلَبِسَهَا وَصَاحِبُ الْحَمَّامِ لَمْ يَدْرِ أَنَّهَا ثِيَابُهُ أَمْ لَا، ثُمَّ خَرَجَ صَاحِبُ الثِّيَابِ، وَقَالَ: هَذِهِ لَيْسَتْ ثِيَابِي، وَقَالَ الْحَمَّامِيُّ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ الْحَمَّامِ وَلَبِسَ الثِّيَابَ فَظَنَنْتُ أَنَّهَا ثِيَابُهُ، ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحِفْظَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي غَصْبِ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَوَضَعَ ثِيَابَهُ بِمَرْأَى عَيْنِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ ثُمَّ خَرَجَ فَوَجَدَ صَاحِبَ الْحَمَّامِ نَائِمًا وَقَدْ سُرِقَ ثِيَابُهُ، فَإِنْ نَامَ قَاعِدًا فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ وَضَعَ جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ امْرَأَةٌ خَرَجَتْ إلَى الْحَمَّامِ وَدَفَعَتْ الْفِنْجَانَةِ إلَى صَغِيرَةٍ، وَقَالَتْ: ادْفَعِيهَا إلَى بِنْتِي وَهِيَ فِي الْحَمَّامِ، فَلَمَّا جَاءَتْ إلَيْهَا قَالَتْ لَهَا الْبِنْتُ: امْلَئِي مِنْ الْمَاءِ وَاحْمِلِيهَا إلَيَّ فَمَلَأَتْ فَانْكَسَرَتْ، إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي عِيَالِ الْأُمِّ لَا تَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا إنْ كَانَتْ أَعَارَتْهَا الْأُمُّ فَكَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: صُبِّي عَلَى رَأْسِكِ، وَإِنْ بَعَثَتْ إلَى الْبِنْتِ لِلْحِفْظِ ضَمِنَتْ الْبِنْتُ إذَا غَيَّبَتْهَا عَنْ بَصَرِهَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ الْغَيْرِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ الْغَيْرِ) . وَلِلْمُودَعِ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ كَانَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ زَوْجَتَهُ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ وَالِدَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا يُخَافُ مِنْهُ عَلَى الْوَدِيعَةِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقَالَ بَكْرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لِعِيَالِهِ أَنْ يَضَعَهَا عِنْدَ مَنْ فِي عِيَالِهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَتَفْسِيرُ " مَنْ فِي عِيَالِهِ " فِي هَذَا الْحُكْمِ أَنْ يُسَاكِنَ مَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفَقَتِهِ أَوْ لَا، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْعِبْرَةُ فِي هَذَا الْبَابِ لِلْمُسَاكَنَةِ إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ وَالِابْنِ الصَّغِيرِ وَالْعَبْدِ، فَالِابْنُ الصَّغِيرُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ لَا يَضْمَنُ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ قَادِرًا عَلَى الْحِفْظ، وَالزَّوْجُ إذَا كَانَ يَسْكُنُ فِي مَحَلَّةٍ وَالْمَرْأَةُ تَسْكُنُ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا فَدَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْعَبْدُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ بِمَنْزِلَةِ الِابْنِ الصَّغِيرِ، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْمُودَعُ إذَا دَفَعَهَا إلَى عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَهَةً مُسَاكِنًا مَعَهُ أَوْ إلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ فِي عِيَالِهِ أَوْ أَبِيهِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَالِابْنُ الْكَبِيرُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْأَبَوَانِ كَالْأَجْنَبِيِّ حَتَّى يَشْتَرِطَ كَوْنَهُمَا فِي عِيَالِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا أَوْدَعَ عِنْدَهُ شَيْئًا وَلَمْ يَنْهَهُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ عَنْ حِفْظِهَا بِمَنْ فِي عِيَالِهِ، أَمَّا إذَا نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَدَفَعَهَا إلَى بَعْضِ مَنْ نَهَاهُ عَنْهُ فَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُودَعُ يَجِدُ بُدًّا مِمَّنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِد بُدًّا مِنْ ذَلِكَ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ، وَهَذَا كَمَا إذَا أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ دَابَّةً وَنَهَاهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى امْرَأَتِهِ وَهُوَ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ ذَلِكَ فَسَلَّمَ الدَّابَّةَ إلَيْهَا فَضَاعَتْ عِنْدَهَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيَضْمَنُ بِدَفْعِهَا إلَى مَنْ يَجْرِي عَلَيْهِ النَّفَقَةَ كُلَّ شَهْرٍ وَلَا يُسَاكِنُهُ وَيُسَمَّى (أجر خوار) وَالْأَجِيرُ الَّذِي يَعْمَلُ مِنْ الْأَعْمَالِ مُيَاوَمَةً، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. ذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْإِمَامُ الْحُلْوَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُودَعُ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى وَكِيلِهِ وَهُوَ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ أَوْ دَفَعَ إلَى أَمِينٍ مِنْ أُمَنَائِهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ فِي مَالِهِ وَلَيْسَ فِي عِيَالِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ فِي مَالِهِ فَكَذَا فِي

الْوَدِيعَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. سُوقِيٌّ قَامَ مِنْ الْحَانُوتِ لِلصَّلَاةِ وَفِي الْحَانُوتِ وَدَائِعُ فَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ؛ لِأَنَّهُ حَافِظٌ بِجِيرَانِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُضَيِّعًا وَلَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْهُ إيدَاعًا لِلْوَدِيعَةِ بَلْ هُوَ حَافِظٌ بِنَفْسِهِ فِي حَانُوتِهِ وَحَانُوتُهُ مُحَرَّزٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى شَرِيكٍ لَهُ مُفَاوِضٍ أَوْ عِنَانٍ أَوْ عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ عَبْدٍ مُعْتَزِلٍ عَنْ مَنْزِلِهِ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَلِكَ الصَّيْرَفِيَّانِ إذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فَوَضَعَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَدِيعَةً فَوَضَعَهَا فِي كِيسِهِ أَوْ فِي صُنْدُوقٍ وَأَمَرَ شَرِيكَهُ بِحِفْظِهَا فَحَمَلَ الْكِيسَ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ امْرَأَتَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ابْنٌ مِنْ غَيْرِهِ يَسْكُنُ مَعَهُمَا فَهُمَا فِي عِيَالِهِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْمُودَعُ إذَا خَافَ عَلَى الْوَدِيعَةِ الْغَرَقَ فَنَقَلَهَا إلَى سَفِينَةٍ أُخْرَى لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِنْ أَخْرَجَهَا عَنْ يَدِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِأَنْ وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي دَارِهِ فَخَافَ عَلَيْهَا الْحَرْقَ أَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ فِي سَفِينَةٍ فَلَحِقَهَا غَرَقٌ أَوْ خَرَجَ اللُّصُوصُ وَخَافَ عَلَيْهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَدَفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ: إنْ أَحَاطَ الْحَرْقُ الْغَالِبُ بِدَارِهِ فَنَاوَلَهَا جَارًا لَهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَاطَ ضَمِنَ وَاشْتِرَاطُ هَذَا الشَّرْطِ فِي الْفَتَاوَى أَحَقُّ وَأَنْظُرْ، هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. هَذَا إذَا كَانَ الدَّفْعُ لِضَرُورَةٍ، وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَهَلَكَتْ فِي يَدِ الثَّانِي إنْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَمَا فَارَقَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ فَالْأَوَّلُ ضَامِنٌ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا الثَّانِي فَفِيهِ خِلَافٌ عَلَى قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ ضَمِنَ الْأَوَّلُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ ضَمِنَ الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الثَّانِي الْوَدِيعَةَ ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ وَيَكُونُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ رَجَعَ بِهَا عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ ادَّعَى الْمُودَعُ أَنَّهُ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ لِضَرُورَةٍ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي بَيْتِهِ، ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنْ لَا يُصَدَّقَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الزَّادِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ احْتَرَقَ بَيْتُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَجْمَعُوا أَنَّ مُودَعَ الْغَاصِبِ يَضْمَنُ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِهِ، وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ وَلَا يَرْجِعَ عَلَى الْمُودَعِ بِمَا ضَمِنَ وَبَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُودَعُ وَيَرْجِعَ الْمُودَعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْغَاصِب، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. قَالَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: إذَا أَوْدَعَ عِنْدَ عَبْدٍ مَحْجُورٍ فَدَفَعَ الْعَبْدُ الْوَدِيعَةَ إلَى عَبْدٍ مِثْلِهِ فَهَلَكَتْ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُضَمِّنُ الْأَوَّلَ بَعْدَ الْعِتْقِ أَوْ يُضَمِّنُ الثَّانِيَ فِي الْحَالِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يُضَمَّنُ أَبَدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ فِي الْحَالِ إنْ بَدَا الْعِتْقُ فِي الْأَوَّلِ، وَلَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ ثَالِثٍ مِثْلِهِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا ضَمَانَ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِيَ فِي الْحَالِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمْ شَاءَ فِي الْحَالِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. الْمُودَعُ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَمْ يَسْتَرِدَّ مِنْهَا حَتَّى هَلَكَتْ فِي يَدِهَا، هَلْ يَضْمَنُ؟ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِرْدَادُ كَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَدِيعَةِ الْأَصْلِ إذَا وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي دَارِ الْمُودَعِ فَدَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ لَا يَضْمَنُ فَلَوْ فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهَا حَتَّى هَلَكَتْ فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ يَضْمَنُ، كَذَا فِي مَسْأَلَتِنَا وَهَكَذَا أَجَابَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ قَاضِي خَانْ: لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فِي التَّجْرِيدِ: وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ إلَى يَدِ غَيْرِهِ أَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِاسْتِهْلَاكِهَا أَوْ بِنَقْصِهَا وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُودَعَ، وَفِي

الباب الثالث في شروط يجب اعتبارها في الوديعة

السِّغْنَاقِيِّ إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ فِي بَيْتِ الْمُودَعِ وَاسْتَحْفَظَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِهِ بِأَنْ تَرَكَ الْوَدِيعَةَ وَالْغَيْرُ فِي بَيْتِهِ وَخَرَجَ هُوَ بِنَفْسِهِ ضَمِنَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْمُودَعُ إذَا حَفِظَ الْوَدِيعَةَ فِي حِرْزِ غَيْرِهِ لَيْسَ فِيهِ مَالُهُ يَضْمَنُ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ حِرْزًا لِنَفْسِهِ وَحَفِظَ فِيهِ الْوَدِيعَةَ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَالُهُ، هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا دَفَعَ الْمُودَعُ عِنْدَ مَوْتِهِ الْوَدِيعَةَ إلَى جَارٍ لَهُ وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ عِنْدَ الْوَفَاةِ أَحَدٌ مِمَّنْ فِي عِيَالِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. الْمُودَعُ إذَا آجَرَ بَيْتًا مِنْ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ وَدَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَلَقٌ عَلَى حِدَةٍ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدْخُلُ عَلَى الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ حِشْمَةٍ لَا يَضْمَنُ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ تَرَكَ امْرَأَتَهُ أَوْ عَبْدَهُ فِي حَانُوتِهِ لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَا أَمِينَيْنِ وَإِلَّا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ أَجْلَسَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ فِي حَانُوتِهِ وَفِيهِ وَدَائِعُ فَسُرِقَتْ ثُمَّ وَجَدَ الْمَوْلَى بَعْضَهَا فِي يَدَيْ عَبْدِهِ وَقَدْ أَتْلَفَ الْبَعْضَ فَبَاعَ الْمَوْلَى الْغُلَامَ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُودَعِ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَبَاعَهُ فِي دَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ مَوْلَاهُ عَلَى عِلْمِهِ، فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَثْبُتْ، وَإِنْ نَكَلَ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي كَانَ هَذَا وَمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ سَوَاءٌ، وَإِنْ أَنْكَرَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ بَلْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمَوْلَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْوَالِي إذَا جَنَى نَفَقَةً لِحَفْرِ النَّهْرِ وَوَضَعَهُ عِنْدَ صَيْرَفِيٍّ فَضَاعَ إنْ وَضَعَ بِاسْمِ حَفْرِ النَّهْرِ أَوْ بِاسْمِ الْوَالِي ضَاعَ مِنْ مَالِ الْجَمِيعِ، وَإِنْ وَضَعَ بِاسْمِ الرَّجُلِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ ضَاعَ مِنْ مَالِ الرَّجُلِ خَاصَّةً، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي شُرُوطٍ يَجِبُ اعْتِبَارُهَا فِي الْوَدِيعَةِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي شُرُوطٍ يَجِبُ اعْتِبَارُهَا فِي الْوَدِيعَةِ وَلَا يَجِبُ) . وَإِنْ قَالَ: احْفَظْهَا فِي هَذَا الْبَيْتِ، فَحَفِظَهَا فِي بَيْتٍ آخَرَ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ لَمْ يَضْمَنْ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: ضَعْهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ وَلَا تَضَعْهُ فِي هَذَا الْآخَرِ، وَالْبَيْتَانِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ، قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَيْتُ الَّذِي حَفِظَهَا فِيهِ أَنْقَصُ حِرْزًا مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي أَمَرَهُ بِالْحِفْظِ فِيهِ. أَمَّا لَوْ كَانَ الْبَيْتُ الثَّانِي أَنْقَصَ حِرْزًا مِنْ الْأَوَّلِ ضَمِنَ، وَلَوْ قَالَ: ضَعْهَا فِي كِيسِكَ هَذَا، فَوَضَعَهَا فِي غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ قَالَ: ضَعْهَا فِي كِيسِكَ، فَوَضَعَهَا فِي الصُّنْدُوقِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: احْفَظْهَا فِي كِيسِكَ وَلَا تَحْفَظْهَا فِي صُنْدُوقِكَ، أَوْ قَالَ: احْفَظْهَا فِي صُنْدُوقٍ وَلَا تَحْفَظْهَا فِي الْبَيْتِ، فَحَفِظَ فِي الْبَيْتِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي شَرْح الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَإِنْ قَالَ: خَبِّئْهَا فِي هَذِهِ، فَخَبَّأَهَا فِي دَارٍ أُخْرَى فِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَحْرَزَ مِنْ الْأُولَى، هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: خَبْئِهَا فِي هَذِهِ الدَّارِ وَلَا تُخَبِّئْهَا فِي دَارٍ أُخْرَى فَخَبَّأَهَا فِي دَارٍ أُخْرَى، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إذَا كَانَتْ الدَّارُ الَّتِي خَبَّأَهَا فِيهَا وَالدَّارُ الْأُخْرَى فِي الْحِرْزِ عَلَى السَّوَاءِ، أَوْ كَانَتْ الَّتِي خَبَّأَهَا فِيهَا أَحْرَزَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ نَهَاهُ عَنْ الْخَبْءِ فِيهَا أَوْ لَمْ يَنْهَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: احْفَظْهَا فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَلَا تَحْفَظْهَا فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى، فَحَفِظَهَا فِي الْبَلْدَةِ الْمَنْهِيَّةِ ضَمِنَ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَوْ قَالَ: احْفَظْهَا فِي صُنْدُوقِكَ هَذَا وَلَا تَحْفَظْهَا فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ، فَحَفِظَهَا فِي الْمَنْهِيِّ لَا يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَالْأَصْلُ الْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ تُمْكِنُ مُرَاعَاتُهُ وَيُفِيدُ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ، وَكُلُّ شَرْطٍ لَا تُمْكِنُ مُرَاعَاتُهُ وَلَا يُفِيدُ فَهُوَ هَدَرٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُمْسِكَهَا بِيَدِهِ وَلَا يَضَعَهَا أَوْ يَحْفَظَهَا بِيَمِينِهِ دُونَ يَسَارِهِ أَوْ يَنْظُرَ إلَيْهَا بِعَيْنِهِ الْيُمْنَى دُونَ الْيُسْرَى أَوْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ الْكُوفَةِ فَلَا يَنْتَقِلُ مِنْهَا أَوْ يَحْفَظُهَا فِي صُنْدُوقٍ فِي بَيْتٍ لَمْ يُعْتَبَرْ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. إذَا لَمْ يُعَيِّنْ مَكَانَ الْحِفْظِ أَوْ لَمْ يَنْهَ عَنْ الْإِخْرَاجِ نَصًّا بَلْ أَمَرَهُ بِالْحِفْظِ مُطْلَقًا فَسَافَرَ بِهَا، فَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ آمِنًا وَلَا حِمْلَ لَهَا وَلَا مُؤْنَةَ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُودَعُ مُضْطَرًّا فِي الْمُسَافَرَةِ بِهَا لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بُدٌّ مِنْ الْمُسَافَرَةِ بِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ فِيهِ أَوْ بَعُدَتْ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ بَعُدَتْ يَضْمَنُ، وَإِنْ قَرُبَتْ

الباب الرابع فيما يكون تضييعا للوديعة وما لا يكون

لَا، هَذَا هُوَ الْمُخْلَصُ وَالْمُخْتَارُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ مَكَانَ الْحِفْظِ نَصًّا، وَإِنْ نَهَاهُ نَصًّا وَعَيَّنَ مَكَانَهُ فَسَافَرَ بِهَا وَلَهُ مِنْهُ بُدٌّ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. إنْ أَمْكَنَهُ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ فِي الْمِصْرِ الَّذِي أُمِرَ بِالْحِفْظِ فِيهَا مَعَ السَّفَرِ بِأَنْ يَتْرُكَ عَبْدًا لَهُ فِي الْمِصْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ أَوْ بَعْضَ مَنْ فِي عِيَالِهِ، فَإِذَا سَافَرَ بِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِيَالٌ أَوْ كَانَ، إلَّا أَنَّهُ احْتَاجَ إلَى نَقْلِ الْعِيَالِ فَسَافَرَ فَلَا ضَمَانَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْوَدِيعَةُ لَوْ كَانَتْ طَعَامًا كَثِيرًا فَسَافَرَ بِهَا فَهَلَكَ الطَّعَامُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَافَرَ الْوَدِيعَةِ فِي الْبَحْرِ يَضْمَنُ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ سَافَرَ بِمَالِ الصَّبِيِّ وَهَلَكَ لَا يَضْمَنَانِ إلَّا إذَا تَرَكَا زَوْجَتَيْهِمَا هَهُنَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ إذَا سَافَرَ بِهِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ، وَإِنْ كَانَ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجَلُ إلَى غَيْرِهِ وَدِيعَةً، وَقَالَ لَهُ: لَا تَدْفَعْهَا إلَى امْرَأَتِكَ فَإِنَى أَتَّهِمُهَا، أَوْ قَالَ: إلَى ابْنِكَ، أَوْ قَالَ: إلَى عَبْدِكَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَدَفَعَ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ الْمُودَعُ بُدًّا مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِيَالٌ سِوَاهُ لَمْ يَضْمَنْ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَجِدُ بُدًّا مِنْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْمُودَعُ إذَا وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي حَانُوتِهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهَا: لَا تَضَعْ فِي الْحَانُوتِ فَإِنَّهُ مَخُوفٌ فَتَرَكَهَا فِيهِ حَتَّى سُرِقَتْ لَيْلًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ أَحْرَزُ مِنْ الْحَانُوتِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ أَحْرَزُ مِنْ الْحَانُوتِ فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْحِمْلِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ مَرًّا، وَقَالَ لَهُ: اسْقِ بِهِ أَرْضِي وَلَا تَسْقِ بِهِ أَرْضَ غَيْرِي فَسَقَى أَرْضَ الْآمِرِ ثُمَّ سَقَى أَرْضَ الْغَيْرِ فَضَاعَ الْمَرُّ إنْ ضَاعَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ السَّقْيِ الثَّانِي ضَمِنَ، وَإِنْ ضَاعَ بَعْدَمَا فَرَغَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِأَكَّارِهَا لَا تَطْرَحْ أَنْزَالِي فِي مَنْزِلِكَ فَوَضَعَ الْأَكَّارُ فِي مَنْزِلِهِ فَجَنَى الْأَكَّارُ جِنَايَةً وَهَرَبَ فَرَفَعَ السُّلْطَانُ مَا كَانَ فِي مَنْزِلِهِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ مَنْزِلُهُ قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ الْبَيْدَرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَكَّارِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّا إذَا قَالَ الْمُبْضِعُ لِلتَّاجِرِ ضَعْهَا فِي هَذَا الْعِدْلِ وَأَشَارَ إلَيْهِ فَوَضَعَهَا فِي الْحَقِيبَةِ، قَالَ: ضَمِنَ، وَإِنْ قَالَ ضَعْهَا فِي الْجُوَالِقِ مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ فَوَضَعَهَا فِي الْحَقِيبَةِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. الْمُودِعُ إذَا شَرَطَ الْأُجْرَةَ لِلْمُودَعِ عَلَى حِفْظِ الْوَدِيعَةِ صَحَّ وَلَزِمَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ أَوْدَعَ غَاصِبُ الْمَغْصُوبِ عِنْدَ رَجُلٍ وَشَرَطَ الْأَجْرَ عَلَى حِفْظِهِ يَصِحُّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَكُونُ تَضْيِيعًا لِلْوَدِيعَةِ وَمَا لَا يَكُونُ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَكُونُ تَضْيِيعًا لِلْوَدِيعَةِ وَمَا لَا يَكُونُ وَمَا يَضْمَنُ بِهِ الْمُودَعُ وَمَا لَا يَضْمَنُ) . فِي النَّوَازِلِ إذَا قَالَ الْمُودَعُ: سَقَطَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ (بيفتادا زَمَنْ) لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ قَالَ: أَسْقَطْتُ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ (بيفكندم) ضَمِنَ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ لَا يَضْمَنُ بِالْإِسْقَاطِ إذَا لَمْ يَتْرُكْ الْوَدِيعَةَ وَلَمْ يَذْهَبْ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَضَاعَتْ أَوْ لَمْ تَضِعْ، لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَضَعْتُهَا أَوْ لَمْ أُضِعْ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى دَلَّالٍ ثَوْبًا لِيَبِيعَهُ، ثُمَّ قَالَ الدَّلَّالُ: وَقَعَ الثَّوْبُ مِنْ يَدَيَّ وَضَاعَ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ضَاعَ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: نَسِيتُ وَلَا أَدْرِي فِي أَيِّ حَانُوتٍ وَضَعْتُ، يَكُونُ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفَتَاوَى سُئِلَ ابْنُ الْفَضْلِ عَمَّنْ دَفَعَ جَوَاهِرَ إلَى رَجُلٍ لِيَبِيعَهَا، فَقَالَ الْقَابِضُ: أَنَا أُرِيهَا تَاجِرًا لِأَعْرِفَ قِيمَتَهَا فَضَاعَتْ الْجَوَاهِرُ قَبْلَ أَنْ يُرِيَهَا، قَالَ: إنْ ضَاعَتْ أَوْ سَقَطَتْ بِحَرَكَتِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ سُرِقَتْ مِنْهُ أَوْ سَقَطَتْ لِمُزَاحَمَةٍ أَصَابَتْهُ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. قَالَ: لَوْ قَالَ الْمُودَعُ: وَضَعْتُ الْوَدِيعَةَ بَيْنَ يَدَيَّ فَقُمْتُ وَنَسِيتُهَا فَضَاعَتْ ضَمِنَ، وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ قَالَ وَضَعْتُ بَيْنَ يَدَيَّ فِي دَارِي ثُمَّ قُمْتُ وَنَسِيتُهَا فَضَاعَتْ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَالًا يُحْفَظُ فِي عَرْصَةِ الدَّارِ وَلَا تُعَدُّ حِرْزًا

لَهُ كَصُرَّةِ الدَّرَاهِمِ وَالذَّهَبِ وَنَحْوِهِمَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ: دُفِنَتْ فِي دَارِي أَوْ كَرْمِي وَنَسِيتُ مَكَانَهَا لَمْ يَضْمَنْ إذَا كَانَ لِلدَّارِ وَالْكَرْمِ بَابٌ، وَلَوْ قَالَ: دُفِنَتْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَنَسِيتُ مَكَانَهَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُبَيِّنْ مَكَانَ الدَّفْنَ لَكِنَّهُ قَالَ: سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْمَكَانِ الْمَدْفُونِ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ لِلدَّارِ وَالْكَرْمِ بَابٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَابٌ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي وَضَعْتُ فِي دَارِي أَوْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. سَلَّمَ الْمُودَعُ الدَّارَ الَّتِي فِي بَيْتٍ مِنْهَا الْوَدِيعَةَ إلَى آخَرَ لِحِفْظِهَا إنْ كَانَتْ الْوَدَائِعُ فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ حَصِينٍ لَا يُمْكِنُ فَتْحُهُ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَدْفُونَةً إنْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً فِي مَوْضِعٍ لَا يَدْخُلُ فِيهِ أَحَدٌ إلَّا بِاسْتِئْذَانٍ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَابٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي دَارِهِ وَيَدْخُلُهَا أُنَاسٌ كَثِيرَةٌ فَضَاعَتْ، فَإِنْ كَانَ شَيْئًا يُحْفَظُ فِي الدَّارِ مَعَ دُخُولِهِمْ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْمُودَعُ إذَا وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي الْجَبَّانَةِ فَسُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَفَنَ فِي أَرْضٍ إنْ عَلَّمَ بِعَلَامَةٍ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ، وَفِي الْمَفَازَةِ يَضْمَنُ بِكُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ تَوَجَّهَتْ اللُّصُوصُ نَحْوَ الْمُودَعِ فَدَفَنَ الْوَدِيعَةَ حَتَّى لَا تُؤْخَذَ مِنْ يَدِهِ وَفَرَّ مِنْ خَوْفِهِمْ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَظْفَرْ بِالْمَكَانِ الَّذِي دَفَنَ الْوَدِيعَةَ فِيهِ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ عَلَامَةً فَلَمْ يَجْعَلْ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَهُ الْعَوْدُ فِي أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْخَوْفِ فَلَمْ يَعُدْ ثَمَّ جَاءَ وَلَمْ يَجِدْ الْوَدِيعَةَ كَانَ ضَامِنًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ مَعَهُ يَذْهَبَانِ جُمْلَةً فَلَمَّا تَوَجَّهَتْ السُّرَّاقُ، قَالَ لَهُ رَبُّ الْوَدِيعَةِ: ادْفِنْهَا، فَدَفَنَهَا ثُمَّ ذَهَبَ السُّرَّاقُ وَذَهَبُوا أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ ذَهَبُوا أَوَّلًا ثُمَّ ذَهَبَ السُّرَّاقُ ثُمَّ حَضَرُوا فَلَمْ يَجِدْ الْمَدْفُونَ لَا شَكَّ أَنَّ الْمُودَعَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَيْثُ دَفَنَ بِأَمْرِ الْمَالِكِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُودَعُ وَحْدَهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْجَوَابُ فِيهَا عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ ذَهَبَ السُّرَّاقُ أَوَّلًا وَتَمَكَّنَ الْمُودَعُ مِنْ رَفْعِ الْوَدِيعَةِ فَلَمْ يَرْفَعْهَا وَتَرَكَ ثَمَّةَ مَعَ الْإِمْكَانِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَأَمَّا إذَا مَكَثَ السُّرَّاقُ ثَمَّةَ وَلَمْ يُمْكِنْ الْقَرَارُ ثَمَّةَ لِخَوْفِهِمْ فَذَهَبَ ثُمَّ جَاءَ فَلَمْ يَجِدْ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ جَاءَ عَلَى قَدْرِ مَا أَمْكَنَهُ وَزَالَ الْخَوْفُ فَلَمْ يَجِدْ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِنْ أَخَّرَ مَعَ الْإِمْكَانِ كَانَ ضَامِنًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمُودَعُ إذَا وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي بَيْتٍ خَرَابٍ فِي زَمَانِ الْفِتْنَةِ، فَإِنْ وَضَعَهَا عَلَى الْأَرْضِ يَضْمَنُ، وَإِنْ جَعَلَهَا تَحْتَ التُّرَابِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. أَوْدَعَ عِنْدَ آخَرَ قُمْقُمَةً ثُمَّ طَلَبَهَا مِنْهُ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي كَيْفَ ضَاعَتْ، قِيلَ: لَا يَضْمَنُ، هُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ قُمْقُمَةً لِيَدْفَعَهَا إلَى إنْسَانٍ لِيُصْلِحَهَا فَدَفَعَهَا وَنَسِيَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. دَفَعَ إلَى مُرَاهِقٍ قُمْقُمَةً لِيَسْقِيَ الْمَاءَ فَتَغَافَلَ عَنْهَا فَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قَالَ خَلَفٌ: سَأَلْتُ أَسَدًا عَمَّنْ لَهُ عَلَى آخَرَ دِرْهَمٌ فَدَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ دِرْهَمَيْنِ أَوْ دِرْهَمًا ثُمَّ رَدَّهُمَا، وَقَالَ: خُذْ دِرْهَمَكَ فَضَاعَ الدِّرْهَمَانِ قَبْلَ أَنْ يُعَيِّنَ دِرْهَمًا، قَالَ هَلَكَ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَلِلطَّالِبِ دِرْهَمُهُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ حِينَ دَفَعَ إلَيْهِ الدِّرْهَمَ الْأَوَّلَ: هَذَا حَقُّكَ فَهُوَ مُسْتَوْفٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلدِّرْهَمِ الْآخَرِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فِي غَصْبِ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَفَعَ إلَى آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَقَالَ: خَمْسَةٌ مِنْهَا هِبَةٌ لَكَ وَخَمْسَةٌ وَدِيعَةٌ عِنْدَكَ فَاسْتَهْلَكَ الْقَابِضُ مِنْهَا خَمْسَةً وَهَلَكَتْ الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ يَضْمَنُ سَبْعَةً وَنِصْفًا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا هِبَةُ الْمُشَاعِ، وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ مَضْمُونٌ فَالْخَمْسَةُ الَّتِي هَلَكَتْ نِصْفُهَا أَمَانَةٌ وَنِصْفُهَا مَضْمُونٌ فَيَجِبُ ضَمَانُ نِصْفِهَا وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ وَالْخَمْسَةُ الَّتِي اسْتَهْلَكَهَا كُلَّهَا صَارَتْ مَضْمُونَةً بِالِاسْتِهْلَاكِ فَيَضْمَنُ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفًا، وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثَةٌ مِنْ هَذِهِ الْعَشَرَةِ لَكَ وَالسَّبْعَةُ الْبَاقِيَةُ سَلِّمْهَا إلَى فُلَانٍ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ الثَّلَاثَةَ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ هِبَةً فَاسِدَةً، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ وَصِيَّةً مِنْ الْمَيِّتِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ وَصِيَّةَ الْمُشَاعِ جَائِزَةٌ، وَلَا يَضْمَنُ السَّبْعَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةً، وَقَالَ: خَمْسَةٌ مِنْهَا لَكَ وَخَمْسَةٌ سَلِّمْهَا إلَى فُلَانٍ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ، يَضْمَنُ الْخَمْسَةَ الْهِبَةَ وَلَا يَضْمَنُ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ، وَلَوْ أَعْطَاهَا خَمْسَةً خَمْسَةً عَلَى حِدَةٍ عَلَى أَنَّ لَهُ خَمْسَةً مِنْهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّهُمَا فَخَلَطَهُمَا الْقَابِضُ يَضْمَنُ الْخَمْسَةَ الْهِبَةَ وَلَا يَضْمَنُ كُلَّهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ

الْوَدِيعَةُ إذَا أَفْسَدَتْهَا الْفَأْرَةُ وَقَدْ اطَّلَعَ الْمُودَعُ عَلَى ثُقْبِ الْفَأْرَةِ إنْ أَخْبَرَ صَاحِبَهَا أَنَّ هَهُنَا ثَقْبُ الْفَأْرَةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ بَعْدَمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسُدَّهُ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَذَكَرَ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اسْتَوْدَعَ عِنْدَهُ مَا يَقَعُ فِيهِ السُّوسُ فِي زَمَانِ الصَّيْفِ فَلَمْ يُبَرِّدْهَا بِالْهَوَاءِ حَتَّى وَقَعَ فِيهِ السُّوسُ وَفَسَدَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا يُخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ، وَصَاحِبُ الْوَدِيعَةِ غَائِبٌ، فَإِنْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَبِيعَهُ جَازَ وَهُوَ الْأَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ حَتَّى فَسَدَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَفِظَ الْوَدِيعَةَ عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ بَاعَهَا وَحَفِظَ ثَمَنَهَا لِصَاحِبِهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا أَصَابَهُ بَخْسٌ أَوْ قَرْضُ فَأْرٍ أَوْ حَرْقُ نَارٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. لَوْ اجْتَمَعَتْ أَلْبَانُ الْوَدِيعَةِ أَوْ ثَمَرَتُهَا فِي الْمِصْرِ وَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى فَسَدَتْ أَوْ كَانَ فِي الْمَفَازَةِ وَلَمْ يَبِعْ حَتَّى فَسَدَتْ لَا يَضْمَنُ، هَكَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. أَوْدَعَهُ حَيَوَانَاتٍ وَغَابَ فَحَلَبَ أَلْبَانَهَا فَخَافَ فَسَادَهَا وَهُوَ فِي الْمِصْرِ فَبَاعَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي ضَمِنَ وَبِأَمْرِهِ لَا يَضْمَنُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمَفَازَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْخَفَّافُ إذَا تَرَكَ الْخُفَّ الَّذِي دُفِعَ إلَيْهِ لِيُصْلِحَهُ فِي الْحَانُوتِ فَسُرِقَ لَيْلًا إنْ كَانَ فِيهِ حَافِظٌ أَوْ فِي السُّوقِ حَارِسٌ لَا يَضْمَنُ، وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتِي بِعَدَمِ الضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَافِظٌ وَلَا فِي السُّوقِ حَارِسٌ وَقَدْ قِيلَ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ إنْ كَانُوا يَتْرُكُونَ الْحَوَانِيتِ مِنْ غَيْرِ حَافِظٍ وَلَا حَارِسٍ هُنَاكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ ضَمِنَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَكَذَلِكَ قِيلَ لَوْ تَرَكَ بَابَ الدُّكَّانِ مَفْتُوحًا وَكَانَ فِي مَوْضِعِ ذَلِكَ عُرْفُهُمْ وَعَادَتُهُمْ لَا ضَمَانَ، وَفِي بُخَارَى جَرَى الْعُرْفُ بِتَرْكِ بَابِ الدُّكَّانِ مَفْتُوحًا بِالْيَوْمِ وَتَعْلِيقِ شَيْءٍ عَلَى بَابِ الدُّكَّانِ نَحْوِ الشَّبَكَةِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَالرِّوَايَةُ مَحْفُوظَةٌ فِيمَا إذَا تَرَكَ الْحَائِكُ الثَّوْبَ الَّذِي نَسَجَ بَعْضَهُ وَالْغَزْلَ فِي بَيْتِ الطَّرَّازِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَافِظٌ وَلَا حَارِسٌ فِي السُّوقِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَائِكِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. خَفَّافٌ خَرَجَ إلَى الْقُرَى لِخَرْزِ الْخِفَافِ فَدُفِعَ إلَيْهِ خُفٌّ فَوَضَعَهُ مَعَ رَحْلِهِ فِي دَارِ رَجُلٍ وَدَخَلَ الْبَلَدَ فَسُرِقَ، فَإِنْ كَانَ اتَّخَذَ دَارًا لِلسُّكْنَى بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ وَضَعَ فِي دَارِ رَجُلٍ لَا يَسْكُنُ هُوَ فِي تِلْكَ الدَّارِ ضَمِنَ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. الْإِسْكَافُ إذَا أَخَذَ خُفًّا أَوْ جُشْكًا لِيُصْلِحَهُ فَلَبِسَهُ الْإِسْكَافُ ضَمِنَ مَا دَامَ لَابِسًا، فَإِذَا نَزَعَهُمَا ثُمَّ ضَاعَ لَا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. إذَا سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ دَارِ الْمُودَعِ وَبَابُ الدَّارِ مَفْتُوحٌ وَالْمُودَعُ غَائِبٌ عَنْ الدَّارِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ ضَامِنًا، قِيلَ: لَوْ أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ دَخَلَ كَرْمَهُ أَوْ بُسْتَانَه وَهُوَ مُتَلَازِقٌ بِالدَّارِ، قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ وَلَا فِي مَوْضِعٍ يَسْمَعُ الْحِسَّ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا، وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا لَمْ يَكُنْ أَغْلَقَ الْبَابَ فَسُرِقَ مِنْهُ الْوَدِيعَةُ لَا يَضْمَنُ، يَعْنِي إذَا كَانَ فِي الدَّارِ حَافِظٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا رَبَطَ دَابَّةَ الْوَدِيعَةِ عَلَى بَابِ دَارِهِ تَرَكَهَا وَدَخَلَ الدَّارَ فَضَاعَتْ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يَرَاهَا فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَرَاهَا، فَإِنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقُرَى فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ رَبَطَهَا فِي الْكَرْمِ أَوْ عَلَى رَأْسِ الْمَبْطَخَةِ وَذَهَبَ قِيلَ: إنْ غَابَتْ عَنْ بَصَرِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي هَذَا وَأَجْنَاسِهِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ جَعَلَ حِمَارَ الْوَدِيعَةِ فِي الْكَرْمِ إنْ كَانَ لِلْكَرْمِ حَائِطٌ رَفِيعٌ بِحَيْثُ لَا يَرَى الْمَارُّ مَا فِي الْكَرْمِ وَأَغْلَقَ الْبَابَ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَائِطٌ أَوْ كَانَ لَكِنَّهُ غَيْرُ رَفِيعٍ يُنْظَرُ إنْ نَامَ الْمُودَعُ وَوَضَعَ جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ يَضْمَنُ إنْ ضَاعَتْ الدَّابَّةُ، وَإِنْ نَامَ قَاعِدًا لَا يَضْمَنُ، وَفِي السَّفَرِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. أَوْدَعَهُ سِكِّينًا فَجَعَلَهَا فِي سَاقِ خُفِّهِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الْحِفْظِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْمُودَعُ إذَا جَعَلَ دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ فِي الْخُفِّ فَسَقَطَتْ عَنْهُ إنْ جَعَلَهَا فِي الْخُفِّ الْيُمْنَى فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ جَعَلَهَا فِي الْخُفِّ الْيُسْرَى فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى جَعَلَهَا فِي الْخُفِّ الْيُمْنَى فَقَدْ عَرَّضَهَا لِلضَّيَاعِ

وَالسُّقُوطِ عِنْدَ الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ وَلَا كَذَلِكَ إذَا جَعَلَهَا فِي الْخُفِّ الْيُسْرَى، وَقِيلَ: لَا ضَمَانَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا رَبَطَ دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ فِي طَرَفِ كُمِّهِ أَوْ جَعَلَهَا فِي الذَّيْلِ أَوْ فِي طَرَفِ الْعِمَامَةِ فَلَا ضَمَانَ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَدَّ دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ عَلَى مِنْدِيلٍ وَوَضَعَ فِي كُمِّهِ فَسُرِقَتْ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رُفِعَ إلَيْهِ ذَهَبًا لِيَحْفَظَهُ فَأَلْقَاهُ فِي فَمِهِ كَعَادَةِ التُّجَّارِ فَسَبَقَ إلَى حَلْقِهِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، فَقَالَ: قَدْ جَعَلْتُهَا فِي الْكُمِّ فَضَاعَتْ، لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. مُودَعٌ جَعَلَ دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ فِي جَيْبِهِ وَحَضَرَ مَجْلِسَ فِسْقٍ فَضَاعَتْ الدَّرَاهِمُ بِسَرِقَةٍ أَوْ سُقُوطٍ أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ حَفِظَ الْوَدِيعَةَ فِي مَوْضِعٍ يَحْفَظُ مَالَ نَفْسِهِ وَهُوَ جَيْبُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا إذَا لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ، أَمَّا إذَا زَالَ عَقْلُهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُ مَالِهِ يَصِيرُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْحِفْظِ بِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ مُضَيِّعًا أَوْ مُودِعًا غَيْرَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ، فَإِذَا هِيَ لَمْ تَدْخُلْ الْجَيْبَ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَضَعَهَا فِي كِيسِهِ أَوْ شَدَّهَا عَلَى التِّكَّةِ فَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْمُودَعُ إذَا جَعَلَ خَاتَمَ الْوَدِيعَةِ فِي الْخِنْصَرِ أَوْ فِي الْبِنْصِرِ يَضْمَنُ بَعْدَ التَّلَفِ، وَإِنْ جَعَلَهُ فِي الْوُسْطَى أَوْ السَّبَّابَةِ أَوْ الْإِبْهَامِ لَا يَضْمَنُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَإِنْ تَخَتَّمَ بِهِ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ فِي ذَلِكَ الْأُصْبُعِ لَا يَضْمَنُ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا أَنَّ بَعْضَ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: إذَا تَخَتَّمَ وَجَعَلَ الْفَصَّ مِمَّا يَلِي الْكَفَّ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ الْمُودَعُ امْرَأَةً فَفِي أَيِّ أُصْبُعِ لَبِسْتُهُ تَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ امْرَأَةٌ أُودِعَتْ صَبِيَّةً مِنْ بَنَاتِ سَنَةٍ فَاشْتَغَلَتْ بِشَيْءٍ فَوَقَعَتْ الصَّبِيَّةُ فِي الْمَاءِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا، فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْغَصْبِ، هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي الْجَوَابِ نَوْعُ نَظَرٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ لَمْ تَغِبْ عَنْ بَصَرِهَا فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ غَابَتْ عَنْ بَصَرِهَا فَهِيَ ضَامِنَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ أَوْدَعَ صَبِيًّا وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ فِي يَدَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ ضَمِنَهَا إجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ قَبِلَ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ قَبِلَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْإِدْرَاكِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَضْمَنُ فِي الْحَالِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عَبْدًا فَقَتَلَهُ الصَّبِيُّ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَانَ أَرْشُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ إنْ بَلَغَ خَمْسَمِائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَ دُونَهَا كَانَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا أَيْضًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ أَوْدَعَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ. وَلَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ الْعَبْدِ وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا إنْ كَانَ مَأْذُونًا أَوْ مَحْجُورًا أَوْ قَبَضَهَا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ ضَمِنَهَا إجْمَاعًا وَتَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا وَقَبَضَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ لَمْ يَضْمَنْهَا فِي الْحَالِ وَيَضْمَنُهَا بَعْدَ الْعِتْقِ إذَا كَانَ عَاقِلًا بَالِغًا عِنْدَهُمَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَضْمَنُهَا فِي الْحَالِ وَيُبَاعُ فِيهَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عَبْدًا فَقَتَلَهُ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ، فَإِنْ كَانَ عَمْدًا قُتِلَ الْعَبْدُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْوَدِيعَةُ لَوْ كَانَتْ عَبْدًا فَجَنَى عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ أَوْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ يُخَيَّرُ مَوْلَاهُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَيَضْمَنُ لِلْحَالِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ إلَّا أَنَّهُمَا إذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِمَا الضَّمَانُ سَعَيَا فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَوْدَعَ رَجُلًا شَيْئًا فَاسْتَهْلَكَهُ ابْنٌ لَهُ صَغِيرٌ أَوْ عَبْدٌ لَهُ فَعَلَى الْمُسْتَهْلِكِ ضَمَانُهُ فِي الْحَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُكَاتَبُ يَضْمَنُ فِي الْحَالِ بِاسْتِهْلَاكِ الْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِنْ نَامَ الْمُودَعُ وَجَعَلَ الْوَدِيعَةَ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ تَحْتَ جَنْبِهِ فَضَاعَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إذَا وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ، قَالُوا: إنَّمَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي إذَا نَامَ قَاعِدًا أَمَّا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَهَذَا إذَا كَانَ فِي الْحَضَرِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي السَّفَرِ فَلَا ضَمَانَ نَامَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ جَعَلَ

ثِيَابَ الْوَدِيعَةِ عَلَى دَابَّتِهِ فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ وَوَضَعَ الثِّيَابَ تَحْتَ جَنْبِهِ وَنَامَ عَلَيْهَا فَسُرِقَتْ الثِّيَابُ، قَالَ: إنْ أَرَادَ بِهِ التَّرَفُّقَ ضَمِنَ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْحِفْظَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَ مَكَانَ الثِّيَابِ كِيسٌ فِيهِ دَرَاهِمُ لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَفِي شَرْحِ أَبِي ذَرٍّ وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي بَيْتِ الْمُودَعِ فَتَرَكَهَا مَعَ إمْكَانِ الدَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ أَوْ إلَى مَكَانٍ آخَرَ حَتَّى احْتَرَقَتْ يَضْمَنُ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَإِنْ سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدَ الْمُودَعِ وَلَمْ يُسْرَقْ مَعَهَا مَالٌ آخَرُ لِلْمُودَعِ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَرَفَعَهَا رَجُلٌ فَلَمْ يَمْنَعْهُ الْمُودَعُ إنْ أَمْكَنَهُ مَنْعُهُ وَدَفْعُهُ فَلَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ لِمَا أَنَّهُ يَخَافُ دَعَارَتَهُ وَضَرْبَهُ فَلَا ضَمَانَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمُودَعُ إذَا دَلَّ إنْسَانًا عَلَى أَخْذِ الْوَدِيعَةِ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَمْنَعْ الْمَدْلُولَ عَلَيْهَا مِنْ الْأَخْذِ حَالَةَ الْأَخْذِ، أَمَّا إذَا مَنَعَهُ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالْمُودَعُ إذَا فَتَحَ بَابَ الْإِصْطَبْلِ أَوْ حَلَّ قَيْدَ الْعَبْدِ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. سُئِلَ عَنْ مُودَعِ وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي حُجْرَتِهِ فِي خَانْ وَفِيهِ صَحْنٌ لِأَقْوَامٍ فَرَبَطَ سِلْسِلَةَ بَابِهَا بِحَبْلِهَا وَلَمْ يَقْفِلْهُ وَلَمْ يُغْلِقْهُ وَخَرَجَ فَسُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ هَلْ يَضْمَنُ، قَالَ إنْ عُدَّ شَدُّ هَذَا الرَّبْطِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ تَوْثِيقًا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ عُدَّ إغْفَالًا ضَمِنَ، كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ. رَجُلٌ وَضَعَ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةً وَوَضَعَهَا الْمُودَعُ فِي حَانُوتِهِ وَذَهَبَ إلَى الْجُمُعَةِ وَتَرَكَ بَابَ الْحَانُوتِ مَفْتُوحًا وَأَجْلَسَ صَبِيًّا صَغِيرًا لِيَحْفَظَ حَانُوتَهُ وَذَهَبَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْحَانُوتِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ الصَّبِيُّ مِمَّنْ يَضْبِطُ الْأَشْيَاءَ وَيَحْفَظُهَا لَمْ يَضْمَنْ الْمُودَعُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَضْبِطُ ضَمِنَ، قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْوَدِيعَةَ فِي حِرْزِهِ فَلَمْ يُضَيِّعْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. غَابَ الْمُودَعُ وَتَرَكَ مِفْتَاحَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ فَلَمَّا رَجَعَ لَمْ يَجِدْ الْوَدِيعَةَ فِي مَكَانِهِ لَا يَضْمَنُ لِدَفْعِ الْمِفْتَاحِ إلَى غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ فَامِيٍّ ثِيَابًا فَوَضَعَهَا الْفَامِيُّ فِي حَانُوتِهِ وَكَانَ السُّلْطَانُ يَأْخُذُ النَّاسَ بِمَالٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ جَعَلَهُ وَظِيفَةً عَلَيْهِمْ فَأَخَذَ السُّلْطَانُ ثِيَابَ الْوَدِيعَةِ مِنْ جِهَةِ الْوَظِيفَةِ وَرَهَنَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ فَسُرِقَتْ، قَالُوا: إنْ كَانَ الْفَامِيُّ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِ السُّلْطَانِ مِنْ رَفْعِهَا لَا يَضْمَنُ وَيَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ فَيُخَيَّرُ صَاحِبُ الثَّوْبِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ السُّلْطَانَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَوْدَعَ عَامِلُ الْوَالِي مَالًا فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ فِي أَيَّامِ السُّلْطَانِ نَقَلَ أَمْتِعَتَهُ وَتَرَكَ الْوَدِيعَةَ وَتَوَارَى فَأُغِيرَ عَلَى بَيْتِهِ الْوَدِيعَةِ يَضْمَنُ، وَإِنْ تَرَكَ بَعْضَ أَمْتِعَتِهِ فِي بَيْتِهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَسُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَمَّنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةُ إنْسَانٍ وَهِيَ ثِيَابٌ مَلْفُوفَةٌ فِي لِفَافٍ فَوَضَعَهَا تَحْتَ رَأْسِ ضَيْفٍ لَهُ فِي اللَّيْلِ كَالْوِسَادَةِ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا، فَقَالَ صَاحِبُهَا: كَانَتْ كَذَا، وَكَذَا ثَوْبًا وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهَا، قَالَ: مَا لَمْ يُثْبِتْ أَنَّهَا كَانَتْ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ ضَاعَ مِنْهَا كَذَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ بِوَضْعِهَا تَحْتَ رَأْسِ الضَّيْفِ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ الضَّمَانِ بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ تَحْتَ رَأْسِ الضَّيْفِ مَا دَامَ الْمُودَعُ حَاضِرٌ، فَإِذَا غَابَ الْآنَ يَصِيرُ ضَامِنًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ زِنْبِيلًا فِيهِ آلَاتُ النَّجَّارِينَ ثُمَّ جَاءَ وَاسْتَرَدَّهُ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ فِيهِ قَدُومٌ قَدْ ذَهَبَ مِنْهُ، فَقَالَ الْمُودَعُ: قَبَضْتُ مِنْكَ الزِّنْبِيلَ وَلَا أَدْرِي مَا فِيهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَكَذَا إذَا أَوْدَعَ دَرَاهِمَ فِي كِيسٍ وَلَمْ يَزْنِ عَلَى الْمُودَعِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ الْفِعْلَ وَهُوَ التَّضْيِيعُ أَوْ الْخِيَانَةُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْمُودَعُ إذَا أَخَذَ وَدِيعَةَ رَجُلٍ آخَرَ مِنْ يَدِ الْمُودَعِ وَتَرَكَ وَدِيعَتَهُ يَضْمَنُ الْمُودَعُ إنْ عَايَنَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا أَنَّ مَا قَبَضَهُ حَقُّهُ أَمْ حَقُّ الْغَيْرِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. امْرَأَةٌ غَسَلَتْ ثَوْبَ رَجُلٍ بِالْأَجْرِ وَعَلَّقَتْهُ عَلَى خُصِّ سَطْحِهَا لِلتَّجْفِيفِ وَطَرَفٌ مِنْ الثَّوْبِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَضَاعَ ضَمِنَتْ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. امْرَأَةٌ غَسَلَتْ ثِيَابَ النَّاسِ وَوَضَعَتْ الثِّيَابَ عَلَى سَطْحِهَا لِتَجِفَّ إنْ كَانَ لِلسَّطْحِ خُصٌّ لَا تَضْمَنُ، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْخُصُّ مُرْتَفِعًا تَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ فِي يَدِهِ مَالٌ لِإِنْسَانٍ، فَقَالَ لَهُ سُلْطَانٌ جَائِرٌ: إنْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ هَذَا الْمَالَ حَبَسْتُكَ شَهْرًا، أَوْ ضَرَبْتُكَ ضَرْبًا، أَوْ أَطُوفُ بِكَ فِي النَّاسِ، لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ، فَإِنْ دَفَعَ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ قَالَ: أَقْطَعُ يَدَكَ أَوْ أَضْرِبُكَ خَمْسِينَ سَوْطًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سُلْطَانٌ هَدَّدَ الْمُودَعُ

بِإِتْلَافِهِ مَالَهُ، إنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الْوَدِيعَةَ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ ضَمِنَ إنْ بَقِيَ لَهُ قَدْرُ الْكِفَايَةِ، وَإِنْ أَخَذَ كُلَّ مَالِهِ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْمُودَعُ إذَا قَرَأَ مِنْ مُصْحَفِ الْوَدِيعَةِ وَهَلَكَ حَالَ الْقِرَاءَةِ لَا يَضْمَنُ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ أَوْدَعَهُ قَرَاطِيسَ فَوَضَعَهَا فِي الصُّنْدُوقِ ثُمَّ وَضَعَ فَوْقَهُ مَاءً لِيَشْرَبَهُ فَتَقَاطَرَ الْمَاءُ عَلَيْهَا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ، قَالَ: ذَهَبَتْ الْوَدِيعَةُ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ، اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ، قَالَ: بِعْتُ الْوَدِيعَةَ وَقَبَضْتُ ثَمَنَهَا، لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يَقُلْ: دَفَعْتُهَا إلَيْهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لِلْمَالِكِ: وَهَبْتَ لِي الْوَدِيعَةَ أَوْ بِعْتَهَا مِنِّي، وَأَنْكَرَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. أَوْدَعَ طَسْتًا عِنْدَ غَيْرِهِ فَوَضَعَ الْمُودَعُ الطَّسْتَ عَلَى رَأْسِ التَّنُّورِ فِي بَيْتِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَانْكَسَرَ، إنْ كَانَ وَضَعَهُ عَلَى رَأْسِ التَّنُّورِ لَيُغَطِّيَ بِهِ التَّنُّورَ يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ وَضَعَهُ كَمَا يُوضَعُ فِي الْعَادَةِ لَا لِأَجْلِ التَّغْطِيَةِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ طَبَقًا فَوَضَعَ الْمُودَعُ الطَّبَقَ عَلَى رَأْسِ الْحَبِّ فَضَاعَ إنْ كَانَ الْوَضْعُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ الْوَضْعُ لَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ لَا يَضْمَنُ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يُنْظَرُ: إنْ كَانَ فِي الْحَبِّ شَيْءٌ نَحْوُ الْمَاءِ وَالدَّقِيقِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُغَطَّى رَأْسُ الْحَبِّ لِأَجْلِهِ كَانَ اسْتِعْمَالًا، وَإِنْ كَانَ الْحَبُّ خَالِيًا أَوْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ لَا يُغَطَّى رَأْسُ الْحَبِّ لِأَجْلِهِ لَمْ يَكُنْ اسْتِعْمَالًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا سَقَطَ مِنْ يَدِ الْمُودَعِ شَيْءٌ فَأَفْسَدَ الْوَدِيعَةَ ضَمِنَهَا الْمُودَعُ، وَالْمُودَعُ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ قَرْضًا بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُحَرِّكَهَا الْمُودَعُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْوَدِيعَةُ إذَا كَانَتْ قِرَامًا فَأَخَذَهَا الْمُودَعُ وَصَعِدَ بِهَا السَّطْحَ وَتَسَتَّرَ بِهَا فَهَبَّتْ بِهَا الرِّيحُ وَأَعَادَتْهَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ مِنْ الْبَيْتِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْقَصْدُ إلَى تَرْكِ التَّعَدِّي، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ وَضَعَ أَمَانَةً، فَقَالَ (أَمَانَّتْ مِنْ بدست هركه خواهى بفرست) فَبَعَثَ عَلَى يَدِ أَمِينٍ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ، قَالَ: يَضْمَنُ، وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ (بدست هركه خواهي) مَعْلُومٌ وَالْأَمْرُ عَامٌّ بِخِلَافِ قَوْلِهِ " ابْعَثْ عَلَى يَدِ رَجُلٍ " هُنَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَلَا يَصِحُّ الْأَمْرُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ طَحَّانٌ خَرَجَ مِنْ الطَّاحُونَةِ لِيَنْظُرَ الْمَاءَ فَسُرِقَتْ الْحِنْطَةُ إنْ تَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا وَبَعُدَ مِنْ الطَّاحُونَةِ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْخَانِ وَهِيَ خَانٌ فِيهَا مَنَازِلُ وَلِكُلِّ مَنْزِلٍ مِقْفَلٌ فَخَرَجَ وَتَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا فَجَاءَ سَارِقٌ وَأَخَذَ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. الدَّابَّةُ الْوَدِيعَةُ إذَا أَصَابَهَا مَرَضٌ أَوْ جُرْحٌ فَأَمَرَ الْمُودَعُ إنْسَانًا بِعِلَاجِهَا فَعَطِبَتْ فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودَعَ أَوْ الْمُعَالِجَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُودَعُ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُعَالِجَ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ أَوْ ظَنَّهَا لَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ إنْ كَانَ بَقَرُ الْمَالِكِ فِي يَدِ الْأَكَّارِ فَبَعَثَ إلَى الرَّاعِي لِلسَّرْحِ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ هُوَ وَلَا الرَّاعِي، وَالْبَقَرُ الْمُسْتَعَارُ وَالْمُسْتَأْجَرُ عَلَى هَذَا، قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَقَدْ اضْطَرَبَتْ الرِّوَايَاتُ مِنْ الْمَشَايِخِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيُفْتَى بِهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ يَحْفَظُ الْوَدِيعَةَ كَمَا يَحْفَظُ مَالَ نَفْسِهِ وَهُوَ يَحْفَظُ بَقَرَهُ فِي السَّرْحِ فَكَذَا بَقَرُ الْوَدِيعَةِ، وَلَوْ تَرَكَ الْبَقَرَ يَرْعَى فَضَاعَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي الضَّمَانِ. أَوْدَعَ شَاةً فَدَفَعَهَا مَعَ غَنَمِهِ إلَى الرَّاعِي لِلْحِفْظِ فَسُرِقَتْ الْغَنَمُ يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّاعِي خَاصًّا لِلْمُودَعِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ دَفَعَ حِمَارًا إلَى آخَرَ فَغَابَ الْحِمَارُ، فَقَالَ الْمُودَعُ لِصَاحِبِ الْحِمَارِ: خُذْ حِمَارِي وَانْتَفِعْ بِهِ حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْكَ حِمَارَكَ فَضَاعَ فِي يَدِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُودَعَ رَدَّ حِمَارَهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِالْقَبْضِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْمُودَعُ إذَا جَزَّ الثِّمَارَ مِنْ نَخِيلِ الْوَدِيعَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا إذَا جَزَّهُ كَمَا يَجُزُّهُ غَيْرُهُ وَلَمْ يَتَمَكَّنُ فِيهِ نَقْصٌ مِنْ عَمَلِهِ، فَإِنْ تَمَكَّنَ نَقْصٌ مِنْ عَمَلِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا تَعَدَّى الْمُودَعُ فِي الْوَدِيعَةِ بِأَنْ

كَانَتْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ أَوْ عَبْدًا فَاسْتَخْدَمَهُ أَوْ أَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ ثُمَّ أَزَالَ التَّعَدِّيَ فَرَدَّهَا إلَى يَدِهِ زَالَ الضَّمَانُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الرُّكُوبُ وَالِاسْتِخْدَامُ وَاللُّبْسُ لَمْ يَنْقُصْهَا، أَمَّا إذَا نَقَصَهَا ضَمِنَ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا خَالَفَ فِي الْوَدِيعَةِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقُ إنَّمَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إذَا صَدَّقَهُ الْمَالِكُ فِي الْعَوْدِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ. وَرَأَيْتُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْمُودَعُ إذَا خَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ وَكَذَّبَهُ الْمُودِعُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ حَمَلَ الْفَحْلُ عَلَى الْوَدِيعَةِ فَنَتَجَتْ ثُمَّ هَلَكَتْ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ وَالْوَلَدُ لِلْمَالِكِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْمُودَعُ إذَا لَبِسَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ يَوْمًا فَنَزَعَ نَاوِيًا لُبْسَهُ ثَانِيًا فَتَلِفَ الثَّوْبُ فِي خِلَالِهِ يَضْمَنُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. لَبِسَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ فَدَخَلَ الْمَشْرَعَةَ لِيَخُوضَ الْمَاءَ فَنَزَعَ الثَّوْبَ وَوَضَعَهُ عَلَى أَلْوَاحِ الْمَشْرَعَةِ فَلَمَّا انْغَمَسَ سُرِقَ الثَّوْبُ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَقِيلَ: فِيهِ نَظَرٌ بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ الْمُحْرِمِ، فَإِنَّ الْمُحْرِمَ إذَا لَبِسَ الْمَخِيطَ ثُمَّ نَزَعَهُ ثُمَّ لَبِسَهُ ثَانِيًا إنْ نَزَعَهُ عَلَى قَصْدِ اللُّبْسِ يَتَّحِدُ الْجَزَاءُ، وَإِنْ نَزَعَهُ لَا عَلَى هَذَا الْقَصْدِ يَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْرَأَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَضَعَ ثِيَابَهَا مَعَ ثِيَابِهِ فِي ضِفَّةِ النَّهْرِ وَدَخَلَ لِلِاغْتِسَالِ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَنَسِيَ الْوَدِيعَةَ أَوْ سُرِقَتْ حِينَ انْغَمَسَ فِي الْمَاءِ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهِ وَدَفَعَهَا ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا بِهِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ وَرَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا فَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَضَاهَا غَرِيمُهُ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا فَرَدَّهَا عَلَى الْمُودَعِ فَهَلَكَتْ ضَمِنَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا كَانَ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ أَوْ شَيْءٌ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ وَأَنْفَقَ شَيْئًا مِنْهَا فِي حَاجَتِهِ حَتَّى صَارَ ضَامِنًا لِمَا أَنْفَقَ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا لِمَا بَقِيَ، وَإِنْ جَاءَ بِمِثْلِ مَا أَنْفَقَ فَخَلَطَ بِالْبَاقِي صَارَ ضَامِنًا لِلْكُلِّ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَجْعَلْ عَلَى مَالِهِ عَلَامَةً حِينَ خَلَطَهُ بِمَالِ الْوَدِيعَةِ أَمَّا إذَا جَعَلَ بِحَيْثُ يَتَأَتَّى التَّمْيِيزُ لَا يَضْمَنُ إلَّا مَا يُنْفِقُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ أَفْتَى بِأَنَّهُ صَارَ ضَامِنًا لَهَا كُلِّهَا فَبَاعَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ جَاءَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ فَضَمَّنَهُ إيَّاهَا وَفِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَطِيبُ لَهُ حِصَّةُ مَا خَلَطَهُ بِهَا وَيَتَصَدَّقُ بِحِصَّةِ الْبَاقِي مِنْ الْوَدِيعَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا يُبَاع، فَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِهَا، يُنْظَرُ: إنْ اشْتَرَى بِهَا بِعَيْنِهَا وَنَقَدَهَا لَا يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ أَيْضًا، وَإِنْ اشْتَرَى بِهَا وَنَقَدَ غَيْرَهَا أَوْ اشْتَرَى بِدَرَاهِم مُطْلَقَةٍ ثُمَّ نَقَدَهَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ هُنَا، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَى بِهَا مَأْكُولًا وَنَقَدَهَا لَمْ يَحِلَّ أَنْ يَأْكُلَ ذَلِكَ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ، وَلَوْ اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ مُطْلَقَةٍ ثُمَّ نَقَدَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ حَلَّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ أَخَذَ بَعْضَهَا عَلَى نِيَّةِ الْإِنْفَاقِ وَلَمْ يُنْفِقْهُ حَتَّى خَلَطَهُ بِالْبَاقِي ثُمَّ هَلَكَ كُلُّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. إذَا أَوْدَعَهُ كِيسًا مَشْدُودًا فَحَلَّهُ الْمُسْتَوْدَعُ أَوْ صُنْدُوقًا مُقْفَلًا فَفَتَحَ الْقُفْلَ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى ضَاعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا أَخْرَجَ الْوَدِيعَةَ لِيُنْفِقَهَا وَالثَّوْبَ لِيَلْبَسَهُ فَهَلَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلشَّيْخِ أَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيِّ. الْمُودَعُ إذَا خَلَطَ الْوَدِيعَةَ بِمَالِهِ أَوْ بِوَدِيعَةٍ أُخْرَى بِحَيْثُ لَا تَتَمَيَّزُ ضَمِنَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. (الْخَلْطُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ) : أَحَدُهَا خَلْطٌ بِطَرِيقِ الْمُجَاوَرَةِ مَعَ تَيْسِيرِ التَّمْيِيزِ كَخَلْطِ الدَّرَاهِمِ الْبِيضِ مَعَ الدَّرَاهِمِ السُّودِ وَخَلْطِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَهَذَا لَا يَقْطَعُ حَقَّ الْمَالِكِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّمْيِيزِ هَلَكَ أَمَانَةً كَمَا هَلَكَ قَبْلَ الْخَلْطِ. وَالثَّانِي خَلْطٌ بِطَرِيقِ الْمُجَاوَرَةِ مَعَ تَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ وَبِهَذَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَالثَّالِثُ خَلْطٌ بِطَرِيقِ الْمُمَازَجَةِ لِلْجِنْسِ بِخِلَافِ الْجِنْسِ كَخَلْطِ الدُّهْنِ بِالْعَسَلِ، وَبِهَذَا أَيْضًا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ بِالْإِجْمَاعِ. وَالرَّابِعُ خَلْطٌ بِطَرِيقِ الْمُمَازَجَةِ لِلْجِنْسِ بِالْجِنْسِ كَخَلْطِ دُهْنِ اللَّوْزِ بِدُهْنِ الْجَوْزِ أَوْ لَا بِطَرِيقِ الْمُمَازَجَةِ كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ وَالدَّرَاهِمِ الْبِيضِ بِالدَّرَاهِمِ الْبِيضِ، وَبِهَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِتَعَذُّرِ إيصَالِ عَيْنِ حَقِّهِ إلَيْهِ، وَقَالَ: هُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ شَارَكَهُ فِي الْمَخْلُوطِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَهُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا أَبْرَأَ الْخَالِطُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَبْقَى لَهُ عَلَى الْمَخْلُوطِ سَبِيلٌ وَعِنْدَهُمَا بِالْإِبْرَاءِ يَنْقَطِعُ خِيَرَةُ الضَّمَانِ فَتَتَعَيَّنُ الشَّرِكَةُ فِي

الباب الخامس في تجهيل الوديعة

الْمَخْلُوطِ، وَهَذَا إذَا خَلَطَ الدَّرَاهِمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَأَمَّا إذَا خَلَطَهَا بِإِذْنِهِ فَجَوَابُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَخْتَلِفُ بَلْ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ بِكُلِّ حَالٍ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ جَعَلَ الْأَقَلَّ تَابِعًا لِلْأَكْثَرِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُشَارِكُهُ بِكُلِّ حَالٍ، وَكَذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كُلِّ مَائِعٍ خَلَطَهُ بِجِنْسِهِ يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ بِانْقِطَاعِ حَقِّ الْمَالِكِ فِي الْكُلِّ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالشَّرِكَةِ فِي الْكُلِّ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ خُلِطَتْ الْفِضَّةُ بَعْدَ الْإِذَابَةِ صَارَ مِنْ الْمَائِعَاتِ؛ لِأَنَّهُ مَائِعٌ حَقِيقَةً عِنْدَ الْخَلْطِ فَيَكُونُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ حِنْطَةٌ وَشَعِيرٌ لِوَاحِدٍ فَخَلَطَهُمَا ضَمِنَهُمَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ كَانَ الَّذِي خَلَطَ الْوَدِيعَةَ أَحَدٌ مِمَّنْ هُوَ فِي عِيَالِهِ كَزَوْجَتِهِ وَابْنِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْخَالِطِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا سَبِيلَ لِلْمُودَعِ وَالْمُودِعِ عَلَى الْعَيْنِ إذَا خَلَطَهَا الْغَيْرُ وَيُضَمِّنَانِ الْخَالِطَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: إنْ شَاءَا ضَمَّنَا الْخَالِطَ، وَإِنْ شَاءَا أَخَذَا الْعَيْنَ وَكَانَا شَرِيكَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَ الْخَالِطُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ لَا يَسَعُ الْخَالِطَ أَكْلُ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مِثْلَهَا إلَى أَرْبَابِهَا، وَإِنْ غَابَ الَّذِي خَلَطَهَا بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَهَا أَحَدُهُمَا وَيَدْفَعَ قِيمَةَ مَالِ الْآخَرِ جَازَ، وَإِنْ أَبَيَا ذَلِكَ أَوْ أَبَى أَحَدُهُمَا، وَقَالَا: نَبِيعُ ذَلِكَ فَبَاعَاهَا ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الثَّمَنِ بِحِصَّتِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَخْلُوطُ حِنْطَةً وَشَعِيرًا ضَرَبَ صَاحِبُ الْحِنْطَةِ بِقِيمَتِهَا حِنْطَةً مَخْلُوطَةً وَضَرَبَ صَاحِبُ الشَّعِيرِ بِقِيمَةِ شَعِيرِهِ غَيْرَ مَخْلُوطٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ اخْتَلَطَتْ بِمَالِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ فَهُوَ شَرِيكٌ لِصَاحِبِهَا، فَإِنْ انْشَقَّ الْكِيسُ فِي صُنْدُوقِهِ، فَإِنْ اخْتَلَطَتْ بِدَرَاهِمِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَهُمَا فِيهِ شَرِيكَانِ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْضُهَا هَلَكَ مِنْ مَالِهِمَا جَمِيعًا، وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفٌ وَلِلْآخَرِ أَلْفَانِ يُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ: هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ صِحَاحًا أَوْ مُكَسَّرَةً. فَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ أَحَدِهِمَا صِحَاحًا وَدَرَاهِمُ الْآخَرِ مُكَسَّرَةً لَا تَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا بَلْ يُمَيِّزُ مَالَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَدْفَعُ إلَى الْمُودِعِ مَالَهُ وَيُمْسِكُ الْمُودَعُ مَالَ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ مَالُ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمَ صِحَاحًا جِيَادًا وَفِيهَا بَعْضُ الرَّدِيءِ وَدَرَاهِمُ الْآخَرِ صِحَاحًا رَدِيئًا وَفِيهَا بَعْضُ الْجِيَادِ تَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بَيْنَ الْمَالَيْنِ، ثُمَّ كَيْفَ يَقْتَسِمَانِ؟ إنْ تَصَادَقَا أَنَّ ثُلُثَيْ مَالِ أَحَدِهِمَا جِيَادٌ وَثُلُثَهُ رَدِيءٌ وَثُلُثَيْ مَالِ الْآخَرِ رَدِيءٌ وَثُلُثُهُ جَيِّدٌ يَقْتَسِمَانِ الْجِيَادَ مِنْ الْمَالِ الْمُخْتَلَطِ أَثْلَاثًا وَالرَّدِيءَ أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ مَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَتَصَادَقَا: إنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ ثُلُثَيْ مَالِهِ جِيَادٌ وَثُلُثَهُ رَدِيءٌ وَمَالُ صَاحِبِهِ ثُلُثَاهُ رَدِيءٌ وَثُلُثُهُ جَيِّدٌ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثَ الْجِيَادِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ الْجِيَادِ فَيَأْخُذَانِ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَا فِي الثُّلُثِ الْآخَرِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ وَذَلِكَ الثُّلُثُ فِي أَيْدِيهِمَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ هَذَا الثُّلُثِ وَهُوَ سُدُسُ الْكُلِّ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا فِي يَدِهِ وَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ، فَإِنْ حَلَفَا بَرِئَا عَنْ الدَّعْوَى وَتُرِكَ الْمَالُ فِي أَيْدِيهِمَا كَمَا كَانَ. وَإِنْ نَكَلَا قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الثُّلُثِ وَهُوَ سُدُسُ الْكُلِّ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ قَامَتْ لَهُمَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ بَرِئَ الْحَالِفُ وَيَرُدُّ النَّاكِلُ نِصْفَ الثُّلُثِ وَهُوَ سُدُسُ الْكُلِّ الَّذِي فِي يَدِهِ إلَى صَاحِبِهِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. فَإِنْ كَانَ الْمَخْلُوطَانِ أَحَدُهُمَا حِنْطَةٌ وَالْآخَرُ شَعِيرٌ فَإِنَّ لَهُمَا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ، فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ يُقَوَّمُ الْمَخْلُوطُ وَضَرَبَ صَاحِبُ الْحِنْطَةِ بِقِيمَةِ الْحِنْطَةِ مَخْلُوطًا بِالشَّعِيرِ وَضَرَبَ صَاحِبُ الشَّعِيرِ بِقِيمَةِ الشَّعِيرِ غَيْرَ مَخْلُوطٍ بِالْحِنْطَةِ، كَذَا فِي الْجَامِعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي تَجْهِيلِ الْوَدِيعَةِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي تَجْهِيلِ الْوَدِيعَةِ) . لَوْ مَاتَ الْمُودَعُ وَلَمْ تُعْرَفْ الْوَدِيعَةُ فَهِيَ دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ يُسَاوِي دَيْنَ الصِّحَّةِ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. هَذَا إذَا مَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُ الْوَدِيعَةِ، أَمَّا إذَا عَرَفَ الْوَارِثُ الْوَدِيعَةَ وَالْمُودَعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ فَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَا يَضْمَنُ، كَذَا

فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ: أَنَا عَلِمْتُ الْوَدِيعَةَ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ: إنْ فَسَّرَ الْوَدِيعَةَ، وَقَالَ: كَانَتْ كَذَا وَكَذَا وَأَنَا عَلِمْتُهَا وَقَدْ هَلَكَتْ، صُدِّقَ، هَذَا وَمَا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: " هَلَكَتْ " سَوَاءٌ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا دَلَّ السَّارِقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ لَا يَضْمَنُ وَالْمُودَعُ إذَا دَلَّ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا اخْتَلَفَ الطَّالِبُ وَوَرَثَةُ الْمُودَعِ، فَقَالَ الْمُودَعُ: مَاتَ مُجَهِّلًا، وَقَالَ وَرَثَةُ الْمُودَعِ: كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا يَوْمَ مَاتَ الْمُودَعُ وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً ثُمَّ هَلَكَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ، هُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ قَالَ وَرَثَتُهُ: قَدْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَالضَّمَانُ وَاجِبٌ فِي مَالِهِ، فَإِنْ أَقَامَ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُودَعَ، قَالَ فِي حَيَاتِهِ " رَدَدْتُهَا " يُقْبَلُ وَإِذَا مَاتَ الْمُودَعُ مُجَهِّلًا وَادَّعَى الْوَارِثُ الضَّيَاعَ حَالَ حَيَاتِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ لَمْ يَمُتْ وَلَكِنْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا وَلَهُ أَمْوَالٌ فَطُلِبَتْ الْوَدِيعَةُ فَلَمْ تُوجَدْ وَقَدْ يَئِسُوا مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ عَقْلُهُ كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَيَجْعَلُ الْقَاضِي لَهُ وَلِيًّا يَقْبِضُهَا مِنْ مَالِهِ وَيَأْخُذُ بِهَا ضَمِينًا ثِقَةً مِنْ الَّذِي يَدْفَعُ إلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْهِ أَوْ ضَاعَتْ عِنْدَهُ أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا حَالُهَا يَحْلِفُ عَلَيْهَا وَيَرْجِعُ لِمَالِهِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. فَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهَا إلَى امْرَأَتِهِ ثُمَّ مَاتَ أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ بِهَا، فَإِنْ قَالَتْ: ضَاعَتْ أَوْ سُرِقَتْ فَالْقَوْلُ لَهَا مَعَ يَمِينِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ، قَالَتْ: قَدْ رَدَدْتُهَا عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ لَهَا مَعَ يَمِينِهَا وَصَارَتْ دَيْنًا فِيمَا وَرِثَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الزَّوْجِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ دَفَعَهَا إلَى امْرَأَتِهِ إلَّا بِقَوْلِهِ بِأَنْ قِيلَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ: مَا فَعَلْتَ بِالْأَلْفِ الَّذِي أَوْدَعَكَهُ فُلَانٌ، فَقَالَ: دَفَعْتُهُ إلَى امْرَأَتِي، ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ سُئِلَتْ الْمَرْأَةُ فَأَنْكَرَتْ أَنْ يَكُونَ دَفَعَهُ إلَيْهَا فَإِنَّهَا تَحْلِفُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ مَالًا فَهِيَ دَيْنٌ فِيمَا وَرِثَتْ الْمَرْأَةُ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ الْمُضَارِبُ: أَوْدَعْتُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ فُلَانًا الصَّيْرَفِيَّ، ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى وَرَثَتِهِ، فَإِنْ قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: مَا أَوْدَعَنِي شَيْئًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ مَاتَ الصَّيْرَفِيُّ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا، وَلَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمُضَارِبَ دَفَعَهُ إلَى الصَّيْرَفِيِّ إلَّا بِقَوْلِهِ لَا يُصَدَّقُ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ إلَى الصَّيْرَفِيِّ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الصَّيْرَفِيِّ ثُمَّ مَاتَ الْمُضَارِبُ ثُمَّ مَاتَ الصَّيْرَفِيُّ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ كَانَ دَيْنًا فِي مَالِ الصَّيْرَفِيِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ مَاتَ الْمُضَارِبُ وَالصَّيْرَفِيُّ حَيٌّ، فَقَالَ الصَّيْرَفِيُّ: رَدَدْتُهُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَيَحْلِفُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْأَمَانَاتُ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَسَائِلَ إحْدَاهَا مُتَوَلِّي الْأَوْقَافِ إذَا مَاتَ وَلَا يُعْرَفُ حَالُ غَلَّتِهَا الَّتِي أَخَذَهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ الثَّانِيَةُ إذَا خَرَجَ السُّلْطَانُ إلَى الْغَزْوِ وَغَنِمُوا فَأَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْغَانِمِينَ وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ الثَّالِثَةُ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ إذَا مَاتَ، وَفِي يَدِهِ مَالُ الشَّرِكَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الصُّغْرَى. الْقَاضِي إذَا قَبَضَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ وَضَعَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ الْمَالُ ضَمِنَ، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى قَوْمٍ وَلَا يَدْرِي إلَى مَنْ دَفَعَهَا فَلَا ضَمَانَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ قَالَ الْقَاضِي: ضَاعَ الْمَالُ عِنْدِي أَوْ أَنْفَقْتُهُ عَلَى الْيَتِيمِ، لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ بَيَانِ السَّبَبِ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ وَصِيٌّ مَاتَ، وَفِي يَدِهِ مَالُ يَتِيمٍ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ الْمَالُ وَلَمْ يُبَيِّنْ ضَمِنَ ذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى إنْسَانٍ وَلَا يَدْرِي إلَى مَنْ دَفَعَهُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَحْفَظَ مَالَ الْيَتِيمِ بِغَيْرِهِ، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ: ضَاعَ مَالُ الْيَتِيمِ عِنْدِي أَوْ أَنْفَقْتُهُ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ بَيَانِهِ ضَمِنَ كَالْمُودَعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. شَرِيكَانِ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ أَوْدَعَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا فَمَاتَ الْمُودِعُ بِلَا بَيَانٍ ضَمِنَا فَلَوْ قَالَ: شَرِيكُهُ الْحَيُّ ضَاعَتْ فِي يَدِ شَرِيكِهِ حَالَ حَيَاتِهِ لَمْ يُصَدَّقْ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَاضٍ قَبَضَ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِصَبِيٍّ فِي كِيسٍ وَأَلْفًا آخَرَ لِصَبِيٍّ فِي كِيسٍ وَأَنْفَقَ أَحَدَ الْكِيسَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَيَّهُمَا الْبَاقِي فَالْأَلْفُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَإِذَا كَبِرَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى صَاحِبِهِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَيُحَلِّفُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَحَضَرَهُ رَجُلَانِ

كُلُّ وَاحِدٍ يَدَّعِي أَنَّهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ، وَقَالَ الْمُودَعُ: أَوْدَعَنِيهِ أَحَدُكُمَا وَلَا أَدْرِي أَيَّكُمَا هُوَ، فَالْمُدَّعِيَانِ إذَا اصْطَلَحَا فِيمَا بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَا ذَلِكَ الْأَلْفَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ لَهُمَا ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْمُودَعِ الِامْتِنَاعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْأَلْفِ إلَيْهِمَا وَبَعْدَ هَذَا الِاصْطِلَاحِ لَيْسَ لَهُمَا إلَى الِاسْتِحْلَافِ سَبِيلٌ وَلَا يَمِينَ لَهُمَا عَلَى الْمُودَعِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصْطَلِحَا وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّ الْأَلْفَ لَهُ خَاصَّةً وَأَرَادَ أَخْذَهُ مِنْ الْمُودَعِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْمُودَعَ فَإِمَّا أَنْ يَحْلِفَ لَهُمَا أَوْ يَنْكُلَ لَهُمَا أَوْ يَحْلِفَ لِأَحَدِهِمَا وَيَنْكُلَ لِلْآخَرِ، فَإِنْ حَلَفَ لَهُمَا قَلَعَ دَعْوَاهُمَا، وَلَيْسَ لَهُمَا إلَى الِاصْطِلَاحِ وَأَخْذِ الْأَلْفِ بَيْنَهُمَا سَبِيلٌ بَعْدَ الِاسْتِحْلَافِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُمَا أَنْ يَصْطَلِحَا بَعْدَ الِاسْتِحْلَافِ عَلَى أَخْذِ الْأَلْفِ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا إنْ حَلَفَ لَهُمَا وَإِذَا نَكَلَ لَهُمَا عَنْ الْيَمِينِ يَقْضِي بِالْأَلْفِ بَيْنَهُمَا وَيَضْمَنُ أَلْفًا آخَرَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ نَكَلَ لِأَحَدِهِمَا وَحَلَفَ لِلْآخَرِ قَضَى بِالْأَلْفِ لِلَّذِي نَكَلَ لَهُ عَنْ الْيَمِينِ خَاصَّةً وَلَا شَيْءَ لِلَّذِي حَلَفَ لَهُ مِنْهُمَا، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَقْضِيَ بِالنُّكُولِ لِلْأَوَّلِ حَتَّى يُحَلِّفَ الثَّانِي لِيَظْهَرَ لَهُ وَجْهُ الْحُكْمِ فَلَوْ قَضَى الْقَاضِي لِلْأَوَّلِ حِينَ نَكَلَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ حَتَّى لَوْ حَلَّفَهُ لِلثَّانِي بَعْدَهُ فَنَكَلَ يَكُونُ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا وَيَغْرَمُ أَلْفًا آخَرَ لَهُمَا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِنَا، هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. ثُمَّ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلثَّانِي بَعْدَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ مُقْتَصِرًا عَلَى قَوْلِهِ مَا هَذَا الْعَبْدُ لِي بِالْإِجْمَاعِ، وَهَلْ يَحْلِفُ إذَا ضَمَّ إلَيْهِ الْقِيمَةَ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ " بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْكَ هَذَا الْعَبْدُ وَلَا قِيمَتُهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا، وَلَا أَقَلُّ مِنْهُ، قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْوَدِيعَةَ فِي هَذَا الْعَيْنِ فَأَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا وَدَفَعَ إلَيْهِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْتَحْلِفُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ أَوْدَعَهُ كُلَّ وَاحِدٍ أَلْفًا فَهَلَكَ أَلْفٌ وَلَا يَدْرِي مَالُ مَنْ هَلَكَ فَلَا خُصُومَةَ لَهُمَا حَتَّى يَدَّعِيَا، فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّ الْقَائِمَ مَالُهُ حَلَفَ الْمُودَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ، فَإِنْ حَلَفَ لَهُمَا أَخَذَا الْقَائِمَ وَلَا سَبِيلَ لَهُمَا عَلَيْهِ، وَإِنْ نَكَلَ لَهُمَا أَخَذَاهُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسُمِائَةٍ أُخْرَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ أَوْدَعَ جَارِيَةً فَمَاتَ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَمْ يُبَيِّنْهَا ثُمَّ رَأَوْهَا حَيَّةً بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ، وَإِنْ لَمْ يَرَوْهَا حَيَّةً بَعْدَ مَوْتِهِ، فَقَالَتْ وَرَثَتُهُ: قَدْ رَدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ مَاتَتْ فِي حَيَاتِهِ أَوْ هَرَبَتْ، لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ الضَّمَانَ وَيَضْمَنُ الْمُودَعُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْقَبْضِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ تَغَيَّرَتْ قِيمَتُهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ بِنُقْصَانٍ كَانَتْ قِيمَتُهَا آخِرَ مَا رَأَوْهَا حَيَّةً دَيْنًا فِي مَالِهِ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا عَمَّا كَانَتْ أَوْ زَادَتْ، وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. صَبِيٌّ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَوْدَعَهُ رَجُلٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَدْرَكَ وَمَاتَ وَلَمْ يَدْرِ مَا حَالُ الْوَدِيعَةِ فَلَا ضَمَانَ فِي مَالِهِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَدْرَكَ وَهِيَ فِي يَدَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْحُكْمُ فِي الْمَعْتُوهِ نَظِيرُ الْحُكْمِ فِي الصَّبِيِّ إذَا أَفَاقَ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَدْرِ مَا حَالُ الْوَدِيعَةِ لَا ضَمَانَ فِي مَالِهِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَفَاقَ وَهِيَ فِي يَده، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْوَدِيعَةِ، وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَدْرَكَ وَهِيَ فِي يَدِهِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمَعْتُوهِ إذَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْدَعَهُ رَجُلٌ مَالًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْوَدِيعَةَ فَالْوَدِيعَةُ دَيْنٌ فِي مَالِهِ سَوَاءٌ شَهِدَ الشُّهُودُ بِقِيَامِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ أَوْ لَمْ يَشْهَدُوا، وَإِنْ مَاتَ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى مَوْلَاهُ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ الْوَدِيعَةَ بِعَيْنِهَا فَتُرَدُّ عَلَى صَاحِبِهَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى فِي التِّجَارَةِ بَعْدَ مَا اسْتَوْدَعَ ثُمَّ مَاتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْإِذْنِ، فَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَالْوَدِيعَةُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَوْدَعَ ثَلْجًا أَوْ بِطِّيخًا أَوْ عِنَبًا وَغَابَ وَمَاتَ الْمُودَعُ ثُمَّ قَدِمَ الْمُودِعُ بَعْدَ مُدَّةٍ يُعْلَمُ أَنَّ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ لَا تَبْقَى تِلْكَ الْمُدَّةَ فَهِيَ دَيْنٌ فِي مَالِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُعْلَمُ حَالُهَا، وَلَعَلَّ الْمُودَعَ أَتْلَفَهَا، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِنْ أَقَامَ وَرَثَةُ الْمُودَعِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ذَابَ

الباب السادس في طلب الوديعة والأمر بالدفع إلى الغير

أَوْ فَسَدَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَلَا ضَمَانَ فِي تَرِكَةِ الْمُودَعِ، هَكَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَمُضَارَبَةٌ وَبِضَاعَةٌ، فَإِنْ عُرِفَتْ بِأَعْيَانِهَا فَأَرْبَابُهَا أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ بِأَعْيَانِهَا قُسِّمَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ وَأَصْحَابُ الْوَدِيعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْبِضَاعَةِ بِمَنْزِلَةِ الْغُرَمَاءِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي طَلَبِ الْوَدِيعَةِ وَالْأَمْرِ بِالدَّفْعِ إلَى الْغَيْرِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي طَلَبِ الْوَدِيعَةِ وَالْأَمْرِ بِالدَّفْعِ إلَى الْغَيْرِ) . إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ، فَقَالَ: اُطْلُبْهَا غَدًا، ثُمَّ قَالَ فِي الْغَدِ: ضَاعَتْ، فَإِنَّهُ يُسْأَلُ، إنْ قَالَ: ضَاعَتْ قَبْلَ قَوْلِي اُطْلُبْهَا غَدًا، يَضْمَنُ، وَإِنْ قَالَ: ضَاعَتْ بَعْدَهُ لَا لِلتَّنَاقُضِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فَإِنْ طَلَبَهَا صَاحِبُهَا فَحَبَسَهَا عَنْهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا ضَمِنَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَسْلِيمِهَا حَالَ مَا طَلَبَهَا بِأَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ نَاءٍ لَا يَقْدِرُ فِي الْحَالِ عَلَى رَدِّهَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا طَلَبَهَا الْمَالِكُ، فَقَالَ: لَا أَقْدِرُ عَلَى إحْضَارِهَا السَّاعَةَ فَتَرَكَهُ الْمَالِكُ وَذَهَبَ إنْ كَانَ عَنْ رِضًا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ رِضًا ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ وَكِيلَ الْمَالِكِ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ لِلْمُودَعِ: احْمِلْ إلَيَّ الْيَوْمَ الْوَدِيعَةَ الَّتِي عِنْدَكَ، فَقَالَ: أَفْعَلُ، وَلَمْ يَحْمِلْهَا إلَيْهِ الْيَوْمَ حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ وَهَلَكَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ. إنْ طَلَبهَا صَاحِبُهَا فَجَحَدَ إيَّاهَا ضَمِنَهَا إنْ أَقَامَ الْمُودِعُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بَعْدَ الْجُحُودِ، هَكَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. فَإِنْ عَادَ إلَى الِاعْتِرَافِ لَمْ يَبْرَأْ عَنْ الضَّمَانِ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ إلَى صَاحِبِهَا، هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. جَحَدَ الْوَدِيعَةَ بِحَضْرَةِ الْمُودِعِ أَوْ بِحَضْرَةِ وَكِيلِهِ ضَمِنَهَا، وَإِنْ جَحَدَهَا بِغَيْرِ حَضْرَتِهِمَا، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا ضَمَانَ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَفِي الْأَجْنَاسِ الْوَدِيعَةُ إنَّمَا تُضْمَنُ بِالْجُحُودِ إذَا نَقَلَهَا مِنْ مَوْضِعِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ حَالَ إنْكَارِهِ وَهَلَكَتْ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهَا وَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ، وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ الْعَارِيَّةُ مِمَّا يُحَوَّلُ يَضْمَنُ بِالْجُحُودِ وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا جَحَدَ الْوَدِيعَةَ فِي وَجْهِ الْمَالِكِ لَا بِنَاءً عَلَى الطَّلَبِ مِنْ الْمَالِكِ بِأَنْ قَالَ الْمَالِكُ: مَا حَالُ وَدِيعَتِي لِيُذَكِّرَهُ عَلَى الْحِفْظِ، فَقَالَ: لَيْسَ لَكَ عِنْدِي وَدِيعَةٌ، لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. أَنْكَرَهَا فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ بِحَيْثُ يَخَافُ التَّلَفَ إنْ أَقَرَّ ثُمَّ هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا غَابَ الْمُودِعُ وَطَلَبَتْ امْرَأَةُ الْغَائِبِ النَّفَقَةَ مِنْ الْوَدِيعَةِ فَجَحَدَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا، وَقَالَ: قَدْ ضَاعَتْ كَانَ ضَامِنًا، وَكَذَلِكَ وَصِيُّ الْأَيْتَامِ إذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءُ الْأَيْتَامِ وَالْجِيرَانُ وَقَالُوا لِلْوَصِيِّ: أَنْفِقْ بِمَا عِنْدَكَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَطْفَالِ مِنْ مَالِهِمْ، فَجَحَدَ وَقَالَ: مَا لَهُمْ فِي يَدَيَّ شَيْءٌ، ثُمَّ أَقَرَّ بِشَيْءٍ، وَقَالَ: قَدْ ضَاعَ بَعْدَ الطَّلَبِ، كَانَ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَنْكَرَهَا ثُمَّ أَخْرَجَهَا بِعَيْنِهَا أَوْ أَقَرَّ بِهَا، وَقَالَ مَالِكُهَا: دَعْهَا وَدِيعَةً عِنْدَكَ، فَضَاعَتْ: إنْ تَرَكَهَا عِنْدَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى حِفْظِهَا وَأَخْذِهَا إنْ شَاءَ فَهُوَ بَرِيءٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حِفْظِهَا فَهُوَ عَلَى الضَّمَانِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَنْقُولِ، وَفِي الْعَقَارِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَالثَّانِي، وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ وَبَعْضِ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْعَقَارِ بِالْجُحُودِ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. سُئِلَ عَنْ مُودَعٍ قَالَ لَهُ رَبُّ الْوَدِيعَةِ: إذَا طَلَبَ أَخِي فَرُدَّ الْوَدِيعَةَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا طَلَبَ أَخُوهُ مِنْهُ، فَقَالَ: عُدْ إلَيَّ بَعْدَ سَاعَةٍ لِأَدْفَعَهُ إلَيْكَ، فَلَمَّا عَادَ إلَيْهِ، قَالَ: إنَّهُ كَانَ هَلَكَ، فَقَالَ: يَضْمَنُ لِلتَّنَاقُضِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. الْمُودِعُ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فِي أَيَّامِ الْفِتْنَةِ، فَقَالَ الْمُودَعُ: لَا أَصِلُ إلَيْهَا السَّاعَةَ فَأُغِيرَ عَلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَقَالَ الْمُودَعُ: أُغِيرُ عَلَى الْوَدِيعَةِ أَيْضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ لَمْ يَقْدِرْ الْمُودَعُ عَلَى رَدِّهَا لِبُعْدِهَا أَوْ لِضِيقِ الْوَقْتِ فَلَا ضَمَانَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ وَإِلَّا ضَمِنَ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: ادْفَعْ إلَى ابْنِي أَوْ إلَى ابْنِكَ يَأْتِينِي بِهَا، فَفَعَلَ فَضَاعَ كَانَ مِنْ مَالِ الطَّالِبِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ لِلْمُودَعِ: ادْفَعْ الْوَدِيعَةَ إلَى غُلَامِي هَذَا وَطَلَبَ غُلَامُهُ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ فَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ يَصِيرُ ضَامِنًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ لِلْمُودَعِ فِي السِّرِّ: مَنْ أَخْبَرَكَ بِعَلَامَةِ كَذَا فَادْفَعْهَا إلَيْهِ فَجَاءَ رَجُلٌ

وَزَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ الْمُودِعِ وَأَتَى بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُودَعُ وَلَمْ يَدْفَعْهَا إلَيْهِ حَتَّى هَلَكَتْ فَلَا ضَمَانَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَسُولُ الْمُودِعِ طَلَبَهَا، فَقَالَ: لَا أَدْفَعُ إلَّا إلَى الَّذِي جَاءَ بِهَا فَسُرِقَتْ يَضْمَنُ عِنْدَ الثَّانِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ بَعَثَ ثَوْبًا إلَى الْقَصَّارِ عَلَى يَدَيْ تِلْمِيذِهِ ثُمَّ بَعَثَ إلَى الْقَصَّارِ، فَقَالَ: لَا تَدْفَعْ إلَى مَنْ جَاءَكَ بِهِ إنْ كَانَ الَّذِي جَاءَ بِهِ إلَى الْقَصَّارِ لَمْ يَقُلْ " هَذَا ثَوْبُ فُلَانٍ بَعَثَهُ إلَيْكَ " لَا يَضْمَنُ الْقَصَّارُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: هَذَا ثَوْبُ فُلَانٍ بَعَثَهُ إلَيْكَ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي جَاءَ بِالثَّوْبِ مُتَصَرِّفًا فِي أُمُورِهِ فَكَذَا لَا يَضْمَنُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَصَرِّفًا فِي أُمُورِهِ يَضْمَنُ، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ لَهُ: ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ بِالرَّيِّ ثُمَّ مَاتَ الدَّافِعُ فَدَفَعَ الْمُودَعُ الْمَالَ إلَى رَجُلٍ لِيَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ بِالرَّيِّ فَأُخِذَ فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ، وَلَوْ كَانَ الدَّافِعُ حَيًّا ضَمِنَ الْمُودَعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ فِي عِيَالِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَعْطَاهُ أَلْفًا، وَقَالَ: ادْفَعْهُ الْيَوْمَ إلَى فُلَانٍ فَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ وَضَاعَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. سُئِلَ عَنْ بَلَدِيٍّ تَرَكَ عِمَامَتَهُ عِنْدَ قَرَوِيٍّ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ، وَقَالَ لَهُ: إذَا بَعَثْتُ إلَيْكَ مَنْ يَقْبِضُ عِمَامَتِي فَادْفَعْهَا إلَيْهِ فَلَمْ يَدْفَعْ إلَى مَنْ جَاءَ يَطْلُبُهَا وَأَتَى الْقَرَوِيُّ بِالْعِمَامَةِ بِنَفْسِهِ بَعْدَ أَيَّامٍ وَوَضَعَهَا فِي بَيْتِ صَدِيقٍ لَهُ فَسُرِقَتْ الْعِمَامَةُ، هَلْ يَضْمَنُ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَنْعِ صَارَ غَاصِبًا إلَّا إذَا كَذَّبَ الرَّسُولُ أَنَّهُ رَسُولُهُ، أَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَانِعًا بَعْدَ الطَّلَبِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. قَالَ لِلْمُودَعِ: ادْفَعْهَا إلَى أَيِّ وُكَلَائِي شِئْتَ فَطَلَبَهَا أَحَدُ وُكَلَائِهِ فَلَمْ يُعْطِهِ لِيُعْطِيَهَا إلَى وَكِيلٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِالْمَنْعِ مِنْ أَحَدِ وُكَلَائِهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَسُئِلَ عَنْ الْمُودِعِ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُودَعِ فَانْتَهَى إلَيْهِ الْوَكِيلُ بَعْدَ أَيَّامٍ وَطَالَبَهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَامْتَنَعَ ثُمَّ هَلَكَ ذَلِكَ الشَّيْءُ هَلْ يَضْمَنُ، فَقَالَ: نَعَمْ، قِيلَ لَهُ: وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ التَّوْكِيلِ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ وَبَيْنَ التَّوْكِيلِ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ فَصَدَّقَهُ فِي التَّوْكِيلِ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ، فَقَالَ: نَعَمْ، هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة دَفَعَ عَيْنًا إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ فَأَتَاهُ، وَقَالَ: إنَّ فُلَانًا اسْتَوْدَعَكَ هَذَا فَقَبِلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ فَهَلَكَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ أَوْدَعَ صَكًّا عِنْدَ رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَ الصَّكَّ إلَى غَرِيمِهِ إنْ دَفَعَ الْغَرِيمُ الْمَالَ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَدَفَعَ الْغَرِيمُ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ الدَّرَاهِمَ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَجَاءَ الطَّالِبُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الصَّكَّ إنْ كَانَ الْمُتَوَسِّطُ يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ الْغَرِيمَ دَفَعَ الْمَالَ الَّذِي فِي الصَّكِّ بِكَمَالِهِ إلَى الطَّالِبِ لَا يَدْفَعُ الصَّكَّ إلَى الطَّالِبِ سَوَاءٌ دَفَعَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ فِي دَفْعِهِ إلَى الطَّالِبِ إعَانَةً لَهُ عَلَى الظُّلْمِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَوْدَعَتْ الْمَرْأَةُ كِتَابَ وَصِيَّتِهَا رَجُلًا بِحَضْرَةِ زَوْجِهَا وَأَمَرَتْهُ بِأَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى زَوْجِهَا بَعْدَ وَفَاتِهَا فَبَرِئَتْ مِنْ مَرَضِهَا وَأَرَادَتْ أَنْ تَأْخُذَ الْكِتَابَ، فَإِنْ كَانَ فِي الْكِتَابِ إقْرَارٌ لِلزَّوْجِ بِمَالٍ أَوْ بِقَبْضِ مَهْرٍ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ، وَإِنْ كَانَ الْقِرْطَاسُ مِلْكًا لَهَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَالْعَبْدُ إذَا اسْتَوْدَعَ رَجُلًا وَدِيعَةً ثُمَّ غَابَ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ الْوَدِيعَةَ تَاجِرًا كَانَ الْعَبْدُ أَوْ مَحْجُورًا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْوَدِيعَةَ كَسْبُ الْعَبْدِ، أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا كَسْبُ الْعَبْدِ فَلِلْمَوْلَى حَقُّ الْأَخْذِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. عَبْدٌ مَحْجُورٌ أَوْ مَأْذُونٌ مَدْيُونٌ أَوْ غَيْرُ مَدْيُونٍ أَوْدَعَ رَجُلًا مَالًا وَمَاتَ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَرِدَّ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مَالُ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ، كَذَا فِي الصُّغْرَى. ذُكِرَ فِي وَدِيعَةِ الْكَافِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمَحْجُورَ إذَا أَوْدَعَ إنْسَانًا شَيْئًا فَجَاءَ مَوْلَاهُ وَطَلَبَهُ فَمَنَعَ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَوْلَاهُ وِلَايَةُ اسْتِرْدَادِ ذَلِكَ، وَفِي فَوَائِدِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَةٌ أَوْ عَبْدٌ اشْتَرَى عَيْنًا بِمَالٍ اكْتَسَبَهُ فِي بَيْتِ مَوْلَاهُ فَأَوْدَعَهُ إنْسَانًا قَدْ عَلِمَ بِذَلِكَ فَطَلَبَهُ مَوْلَاهُ فَمَنَعَ الْمُودَعُ أَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ حَتَّى هَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مِلْكُ الْمَوْلَى وَوَقَعَ الْإِيدَاعُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَكَانَ الْمُودَعُ غَاصِبًا، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَسُئِلَ عَنْ عَبْدٍ أَتَى بِوِقْرٍ مِنْ حِنْطَةٍ إلَى بَيْتِ إنْسَانٍ وَرَبُّ الْبَيْتِ غَائِبٌ فَسَلَّمَهُ إلَى امْرَأَةِ رَبِّ الْبَيْتِ، وَقَالَ: هُوَ وَدِيعَةُ مَوْلَايَ فُلَانٍ بَعَثَهُ إلَى زَوْجِكَ وَغَابَ فَلَمَّا حَضَرَ رَبُّ الْبَيْتِ أَخْبَرَتْهُ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ

الباب السابع في رد الوديعة

فَلَامَهَا بِالْقَبُولِ فَأَرْسَلَ إلَى مَوْلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ: أَنْ ابْعَثْ مَنْ يَحْمِلُ هَذَا الْوِقْرَ إلَيْكَ فَإِنِّي مَا أَقْبَلُهُ فَأَجَابَ: إنَّهُ يَكُونُ عِنْدَكَ أَيَّامًا ثُمَّ أَحْمِلُهُ وَلَا تَدْفَعْ ذَلِكَ إلَى عَبْدِي ثُمَّ طَلَبَهُ الْمَوْلَى، فَقَالَ: لَا أَدْفَعُ إلَّا إلَى الْعَبْدِ الَّذِي حَمَلَهُ إلَيَّ ثُمَّ سُرِقَ مَعَ مَتَاعِ رَبِّ الْبَيْتِ أَوْ أُغِيرُ عَلَيْهِ، هَلْ يَضْمَنُ رَبُّ الْبَيْتِ لِمَنْعِهِ عَنْ رَسُولِ مَوْلَى الْعَبْدِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ الرَّجُلُ صَدَّقَ الْعَبْدَ أَنَّهُ حَمَلَهَا مِنْ مَوْلَاهُ ضَمِنَ بِالْمَنْعِ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَهُوَ لِمَوْلَاهُ بَعَثَهُ بِهِ عَلَى يَدَيْهِ أَوْ هُوَ فِي يَدِ الْعَبْدِ بِطَرِيقِ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٌ مِنْ غَيْرِهِ، وَتَوَقَّفَ فِي الرَّدِّ لِيَعْلَمَ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ بِالْمَنْعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ) . إذَا أَتَى الْوَدِيعَةِ وَوَضَعَهَا فِي مَنْزِلِ الْمُودِعِ فَضَاعَتْ ضَمِنَ الْمُسْتَوْدَعُ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى ابْنِ الْمُودِعِ أَوْ إلَى عَبْدِهِ أَوْ إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ فِي عِيَالِهِ فَضَاعَتْ ضَمِنَ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَامِرِيُّ يُفْتِي بِهِ، وَقِيلَ: الْمُودَعُ إذَا رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ لَا يَضْمَنُ، وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ: يَضْمَنُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَإِذَا رَدَّهَا بِيَدِ مَنْ فِي عِيَالِهِ فَلَا ضَمَانَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْمُودَعُ بَعَثَهَا عَلَى يَدِ ابْنِهِ الَّذِي لَيْسَ فِي عِيَالِهِ إنْ كَانَ بَالِغًا ضَمِنَ وَإِلَّا لَا؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ فَهُوَ فِي وِلَايَتِهِ وَتَدْبِيرُهُ إلَيْهِ فَالرَّدُّ عَلَى يَدِهِ كَالرَّدِّ عَلَى يَدِ عَبْدِهِ الَّذِي آجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَالُوا: إذَا كَانَ الِابْنُ غَيْرَ بَالِغٍ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْحِفْظَ وَيَحْفَظُ الْأَشْيَاءَ، أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَحْفَظُ فَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ: بَعَثْتُ بِهَا إلَيْكَ مَعَ رَسُولِي وَسَمَّى بَعْضَ مَنْ فِي عِيَالِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ: مَعَ أَمَتِي، أَوْ قَالَ: مَعَ عَبْدِي أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ: رَدَدْتُهَا بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ وَوَصَلَ إلَيْكَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْمَالِ فَهُوَ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ رَبُّ الْوَدِيعَةِ أَوْ يُقِيمَ الْمُودَعُ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُودَعُ الْغَاصِبِ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى الْغَاصِبِ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْمُودَعُ إذَا رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى الْمُودِعِ ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّ الْوَدِيعَةَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا أَمَرَ الْمُودِعُ الْمُودَعَ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى رَسُولِهِ فَدَفَعَ وَهَلَكَتْ فِي يَدِ الرَّسُولِ ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّهَا فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودِعَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ رَسُولَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودَعَ، هَكَذَا فِي الصُّغْرَى. غَابَ الْمُودِعُ وَلَا يَدْرِي حَيَاتَهُ وَلَا مَمَاتَهُ يَحْفَظُهَا أَبَدًا حَتَّى يَعْلَمَ بِمَوْتِهِ وَوَرَثَتِهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِذَا مَاتَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ فَالْوَارِثُ خَصْمٌ فِي طَلَبِ الْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ يَرُدُّ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ يَدْفَعُ إلَى وَصِيِّهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. الْمُودَعُ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى وَارِثِ الْمُودِعِ، وَفِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ يَضْمَنُ لِلْغُرَمَاءِ وَلَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ عَلَى الْوَارِثِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّامِن فِيمَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْمُسْتَوْدَعُ غَيْرَ وَاحِدٍ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِيمَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْمُسْتَوْدَعُ غَيْرَ وَاحِدٍ) . إذَا اسْتَوْدَعَ رَجُلَانِ رَجُلًا وَدِيعَةً مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ دَوَابَّ أَوْ عَبِيدٍ ثُمَّ حَضَرَ أَحَدُهُمَا وَطَلَبَ حَقَّهُ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَا، وَلَوْ خَاصَمَهُ إلَى الْقَاضِي لَمْ يَأْمُرْهُ بِدَفْعِ نَصِيبِهِ إلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَا: يَأْمُرُهُ بِأَنْ يَقْسِمَ ذَلِكَ وَيَدْفَعَ نَصِيبَهُ إلَيْهِ وَلَا تَكُونُ قِسْمَتُهُ جَائِزَةً عَلَى الْغَائِبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ثَلَاثَةٌ اسْتَوْدَعُوا رَجُلًا فَغَابَ اثْنَانِ فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ عِنْدَهُ، وَقَالَا: لَهُ ذَلِكَ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ قَالَ: الِاخْتِلَافُ فِيمَا هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَفِيمَا هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ سَوَاءٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيمَا هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَفِيمَا عَدَاهَا مِنْ الثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ نَصِيبَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ

ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا بَقِيَ فِي يَدِ الْمُودَعِ، فَإِنْ هَلَكَ مَا فِي يَدِ الْمُودَعِ هَلَكَ أَمَانَةً بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْقَابِضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْغَائِبَ فِيمَا بَقِيَ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ دَفَعَ الْمُودَعُ إلَى الْحَاضِرِ نِصْفَهَا ثُمَّ هَلَكَ مَا بَقِيَ وَحَضَرَ الْغَائِبُ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ الدَّفْعُ بِقَضَاءٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، فَإِنْ شَاءَ الَّذِي حَضَرَ اتَّبَعَ الدَّافِعَ بِنِصْفِ مَا دَفَعَ وَيَرْجِعُ بِهِ الدَّافِعُ عَلَى الْقَابِضِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْقَابِضِ نِصْفَ مَا قَبَضَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الْمُودِعِينَ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُودَعِ عَلَى أَنَّ الْوَدِيعَةَ كُلَّهَا لَهُ أَوْ عَلَى إقْرَارِ صَاحِبِهِ وَقْتَ الْإِيدَاعِ بِذَلِكَ لَا تُسْمَعُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ الْمُودَعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ادَّعَى هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ أَوْ أَخَذَ ظَالِمٌ مِنْهُ، فَقَالَ أَحَدُ الْمُودِعِينَ: قَدْ بَقِيَ فِي يَدِكَ شَيْءٌ مِنْ الْوَدِيعَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ فَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانَ لَا يَرَى حَقَّ اسْتِرْدَادِ الْوَدِيعَةِ لِأَحَدِهِمَا يَرَى حَقَّ الِاسْتِحْلَافِ لِأَحَدِهِمَا. رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَضَعَاهُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: خُذْ نَصِيبَكَ مِنْهُ فَأَخَذَ وَضَاعَ النِّصْفُ الْبَاقِي فَالنِّصْفُ الَّذِي أَخَذَ صَاحِبُهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقَاسِمًا لِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ ضَاعَ النِّصْفُ الَّذِي أَخَذَ سَلَّمَ الْبَاقِي لِلشَّرِيكِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ أَوْدَعَا أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: ادْفَعْ إلَى شَرِيكِي مِائَةً أَوْ قَالَ مِائَتَيْنِ إلَى مَا دُونَ النِّصْفِ فَدَفَعَهَا ثُمَّ ضَاعَتْ الْبَقِيَّةُ سَلَّمَ الْمَأْخُوذَ لِلْآخِذِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ شَرِيكُهُ بِشَيْءٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: ادْفَعْ النِّصْفَ إلَيْهِ ثُمَّ ضَاعَ النِّصْفُ الْبَاقِي رَجَعَ الْآخَرُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ مَا أَخَذَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ: ادْفَعْ إلَيْهِ حِصَّتَهُ فَدَفَعَ فَهُوَ مِنْ حِصَّتِهِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْبَاقِي لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ أَوْدَعَا رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَمَاتَ الْمُسْتَوْدَعُ وَتَرَكَ ابْنًا فَادَّعَى أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ أَنَّ الِابْنَ اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَا أَدْرِي مَا حَالُهَا، فَاَلَّذِي ادَّعَى عَلَى الِابْنِ الِاسْتِهْلَاكَ فَقَدْ أَبْرَأَ الْأَبَ مِنْهَا حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فَاسْتَهْلَكَهَا ابْنُهُ وَادَّعَى الضَّمَانَ عَلَى الِابْنِ فَصُدِّقَ فِي حَقِّ الْأَبِ وَلَمْ يُصَدَّقْ فِي حَقِّ الِابْنِ حَتَّى لَا يَقْضِيَ لَهُ عَلَى الِابْنِ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لِوُجُودِ التَّجْهِيلِ فِي حَقِّهِ وَلَا يُشَارِكُهُ صَاحِبُهُ فِيهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثَلَاثَةٌ أَوْدَعُوا رَجُلًا مَالًا وَقَالُوا: لَا تَدْفَعْ الْمَالَ إلَى أَحَدٍ مِنَّا حَتَّى نَجْتَمِعَ، فَدَفَعَ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي الْقِيَاسِ يَكُونُ ضَامِنًا وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِنْ أَرَادَ الْمُودَعُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الضَّمَانِ فَالْحِيلَةُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لِلْحَاضِرِ الَّذِي يُطَالِبُهُ بَعْدَمَا دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ: أَحْضِرْ خَصْمَكَ حَتَّى أَدْفَعَهُ إلَيْكُمَا، وَلَا يُقِرُّ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (2) ، وَلَوْ كَانَ الْمُودِعُ اثْنَيْنِ الْوَدِيعَةُ مِمَّا

الباب التاسع الاختلاف الواقع في الوديعة والشهادة فيها

يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَقْتَسِمَاهَا لِلْحِفْظِ حَتَّى يَصِيرَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ، وَلَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الْوَدِيعَةِ إلَى صَاحِبِهِ فَضَاعَتْ ضَمِنَ الْمُسَلِّمُ نِصْفَ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَضْمَنُ الْقَابِضُ شَيْئًا وَعِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَإِنَّهُمَا يَتَهَايَآنِ فِي الْحِفْظِ وَلَا يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّسْلِيمِ إلَى صَاحِبِهِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. أَوْدَعَ رَجُلَانِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَائِعِ مَعَ آخَرَ أَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ نَقْضَ مَا عَقَدَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ اسْتَوْدَعَ رَجُلَيْنِ جَارِيَةً فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا الَّذِي فِي يَدِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُهَا، قَالَ: يَأْخُذُهَا وَعُقْرَهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ، ثُمَّ رَدُّ قِيمَةِ الْوَلَدِ كَرَدِّ عَيْنِ الْوَلَدِ فِي جَبْرِ نُقْصَانِ الْوِلَادَةِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِيمَةِ الْوَلَدِ وَفَاءٌ بِالنُّقْصَانِ أَخَذَ تَمَامَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ شَاءَ رَبُّ الْجَارِيَةِ ضَمَّنَ الْبَائِعَ نِصْفَ النُّقْصَانِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْجَارِيَةَ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ إلَّا بِقَوْلِ الْمُسْتَوْدَعِينَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا فِي ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْجَارِيَةَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُشْتَرِي بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا فَيَدْفَعُهُ إلَى شَرِيكِهِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي جَارِيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ يَسْتَوْلِدُهَا أَحَدُهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ الِاخْتِلَاف الْوَاقِعِ فِي الْوَدِيعَةِ وَالشَّهَادَة فِيهَا] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ فِي الْوَدِيعَةِ وَالشَّهَادَةِ فِيهَا) . فِي الْمُنْتَقَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ وَدِيعَةً وَجَحَدَهَا الْمُودَعُ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ وَأَقَامَ الْمُودَعُ بَيِّنَةً عَلَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ، قَالَ " مَا لِي عَلَى فُلَانٍ شَيْءٌ "، قَالَ: إنْ كَانَ مُدَّعِي الْوَدِيعَةِ يَدَّعِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا عِنْدَ الْمُودَعِ فَهَذِهِ الْبَرَاءَةُ لَا تُبْطِلُ حَقَّهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَامَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِيدَاعِ بَعْدَمَا جَحَدَ الْمُودَعُ وَأَقَامَ الْمُودَعُ بَيِّنَةً عَلَى الضَّيَاعِ، فَإِنْ جَحَدَ الْمُودَعُ الْإِيدَاعَ بِأَنْ يَقُولَ لِلْمُودِعِ: لَمْ تُودِعْنِي، فَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُودَعُ ضَامِنٌ وَبَيِّنَتُهُ عَلَى الضَّيَاعِ بَعْدَ الْجُحُودِ مَرْدُودَةٌ، سَوَاءٌ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الضَّيَاعِ قَبْلَ الْجُحُودِ أَوْ بَعْدَ الْجُحُودِ، وَإِنْ جَحَدَ الْوَدِيعَةَ بِأَنْ قَالَ: لَيْسَ لَكَ عِنْدِي وَدِيعَةٌ، ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الضَّيَاعِ إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الضَّيَاعِ بَعْدَ الْجُحُودِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الضَّيَاعِ قَبْلَ الْجُحُودِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الضَّيَاعِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا قَبْلَ الْجُحُودِ وَلِمَا بَعْدَ الْجُحُودِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا قَالَ الْمُودَعُ لِلْقَاضِي: حَلَفَ الْمُودِعُ مَا هَلَكَتْ قَبْلَ جُحُودِي، حَلَّفَهُ الْقَاضِي وَيُحَلِّفُهُ عَلَى الْعِلْمِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ جَحَدَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا قَبْلَ الْجُحُودِ، وَقَالَ: غَلِطْتُ فِي الْجُحُودِ، أَوْ نَسِيتُ، أَوْ ظَنَنْتُ أَنِّي دَفَعْتُهُ وَأَنَا صَادِقٌ فِي قَوْلِي لَمْ تَسْتَوْدِعْنِي قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ طَلَبَ الْوَدِيعَةَ، فَقَالَ: مَا أَوْدَعْتَنِي، ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ لَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ، ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ يُسْمَعُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا عَبْدًا جَحَدَهُ الْمُودَعُ وَمَاتَ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُودِعُ بَيِّنَةً عَلَى الْإِيدَاعِ وَعَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ قُضِيَ عَلَى الْمُودَعِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ، وَلَوْ قَالُوا: لَا نَعْلَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْجُحُودِ وَلَكِنْ عُلِمَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِيدَاعِ وَهِيَ كَذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْمُودَعِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ بِحُكْمِ الْإِيدَاعِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا قَالَ الْمُودَعُ: قَدْ أَعْطَيْتُكَهَا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَيَّامٍ: لَمْ أُعْطِكَهَا وَلَكِنَّهَا ضَاعَتْ، فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا قَالَ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ: إنَّهَا قَدْ ضَاعَتْ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: بَلْ كُنْتُ رَدَدْتُهَا إلَيْكَ لَكِنِّي أُوهِمْتُ، لَمْ يُصَدَّقْ وَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ: ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَقَامَ الْمُودِعُ بَيِّنَةً أَنَّهَا فِي يَدِهِ مُنْذُ يَوْمَيْنِ، فَقَالَ الْمُودَعُ: وَجَدْتُهَا ثُمَّ ضَاعَتْ، قُبِلَ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. فَإِنْ قَالَ حِينَ خُوصِمَ: لَيْسَ لَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَجَدْتُهَا فَضَاعَتْ، ضَمِنَ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. رَجُلٌ قَالَ: لِفُلَانٍ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَدْ ضَاعَتْ قَبْلَ إقْرَارِي، فَهُوَ ضَامِنٌ، وَلَوْ قَالَ: كَانَ لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَضَاعَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً قَدْ ضَاعَتْ وَوَصَلَ الْكَلَامُ صُدِّقَ اسْتِحْسَانًا وَصَارَ تَقْدِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَانَتْ لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَضَاعَتْ، كَذَا

فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا قَالَ: ذَهَبَتْ الْوَدِيعَةُ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَلَوْ قَالَ ابْتِدَاءً: لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ، اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: ذَهَبَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ مَنْزِلِي وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْ مَالِي شَيْءٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَسُئِلَ عَنْ قَوْمٍ دَفَعُوا إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ لِيَدْفَعَ الْخَرَاجَ مِنْ قِبَلِهِمْ فَأَخَذَ دَرَاهِمَ وَشَدَّهَا عَلَى مِنْدِيلٍ وَوَضَعَ فِي كُمِّهِ وَدَخَلَ فِي مَسْجِدٍ فَذَهَبَتْ الدَّرَاهِمُ مِنْهُ وَلَا يَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ مِنْهُ وَهُمْ لَا يُصَدِّقُونَهُ، قَالَ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ الذَّهَابَ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا عَيْنًا فَادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ هَلَاكَهَا وَكَذَّبَهُ الْمُودِعُ وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَنُكُولُهُ عَنْ الْيَمِينِ يَكُونُ إقْرَارًا بِبَقَاءِ الْعَيْنِ وَيُحْبَسُ إلَى أَنْ يُظْهِرَهَا أَوْ يُثْبِتَ أَنَّهَا لَمْ تَبْقَ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: أَخَذْتُ مِنْكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَضَاعَتْ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَخَذْتَهَا غَصْبًا ضَمِنَ الْمُقِرُّ، وَلَوْ قَالَ: دَفَعْتَهَا إلَيَّ، أَوْ أَوْدَعْتَنِي، وَقَالَ الْآخَرُ: أَخَذْتَهَا غَصْبًا لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اخْتَلَفَا، وَقَالَ الْمُودِعُ: كَانَتْ وَدِيعَةً، وَقَالَ الْمُودَعُ: بَلْ قَرْضًا، لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِنْ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: قَدْ ضَاعَ بَعْضُهَا، أَوْ أَقْرَضْتَنِي الْبَعْضَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ فِي مِقْدَارِهِ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. أَوْدَعَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَقْرَضَهُ أَلْفًا فَأَعْطَاهُ الْمُودَعُ أَلْفًا ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمُودَعُ: هَذَا قَرْضُكَ وَقَدْ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ، صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: لِي عِنْدَكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً وَدَفَعْتَهُ إلَيَّ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: كَذَبْتَ وَهُوَ لِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمُودَعُ: هَلَكَتْ، أَوْ قَالَ: رَدَدْتُهَا إلَيْكَ، وَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ اسْتَهْلَكْتَهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُودَعُ: اُسْتُهْلِكَتْ مِنْ غَيْرِ إذْنِي، وَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ اسْتَهْلَكْتَهَا أَنْتَ أَوْ غَيْرُكَ بِأَمْرِكَ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُودَعِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا اخْتَلَفَ الطَّالِبُ وَوَرَثَةُ الْمُودَعِ، فَقَالَ الطَّالِبُ: قَدْ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَصَارَتْ دَيْنًا لَهُ فِي مَالِهِ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا يَوْمَ مَاتَ الْمُودَعُ وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً ثُمَّ هَلَكَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ، هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيَجِبُ الضَّمَانُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ وَرَثَتُهُ: قَدْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ فِي حَيَاتِهِ، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَالضَّمَانُ وَاجِبٌ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ مُجَهِّلًا، فَإِنْ أَقَامَ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُودَعَ قَالَ فِي حَيَاتِهِ: رَدَدْتُهَا، تُقْبَلُ وَإِذَا مَاتَ الْمُودَعُ مُجَهِّلًا وَادَّعَى الْوَارِثُ الضَّيَاعَ حَالَ حَيَاتِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فِي الْجَامِعِ، وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لِصَاحِبِ الْمَالِ: قَدْ قَبَضْتَ بَعْضَ وَدِيعَتِكَ ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَا يَدْرِي الْبَاقِي، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ: لَمْ أَقْبِضْ شَيْئًا، وَقَالَ وَرَثَةُ الْمُسْتَوْدَعِ: قَدْ قَبَضْتَ تِسْعَمِائَةً وَبَقِيَ مِائَةٌ، لَا يُصَدَّقُ الْوَرَثَةُ، وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْمَالِ: لَا بُدَّ أَنْ تُقِرَّ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْهَا وَتَحْلِفَ عَلَى مَا بَقِيَ " بِاَللَّهِ مَا قَبَضْتُ مِنْهُ مَا قَالَتْ الْوَرَثَةُ "؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُسْتَوْدَعِ بِقَبْضِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ بَعْضَ الْوَدِيعَةِ جَائِزٌ لِكَوْنِهِ مُؤْتَمَنًا مِنْ جِهَتِهِ وَلِهَذَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ قَبَضَ جَمِيعَ الْوَدِيعَةِ صَحَّ إقْرَارُهُ فَهَذَا أَوْلَى، ثُمَّ وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الْمُسْتَوْدَعِ فِي مِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقَبْضِ شَيْءٍ مَجْهُولٍ فَكَانَ هُوَ الْمُجْمَلَ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي الْبَيَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ قَالَ: قَبَضْتُ مِائَةً، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: تِسْعَمِائَةٍ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الزِّيَادَةَ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الْمَالِ فِي حَيَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ: قَدْ قَبَضْتُ بَعْضَ وَدِيعَتِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي مِقْدَارِ مَا يُقِرُّ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ قَالَ فِي حَيَاتِهِ: دَفَعْتُ الْوَدِيعَةَ إلَى صَاحِبِهَا إلَّا شَيْئًا أَنْفَقْتُهُ فِي حَيَاتِي أَوْ اسْتَهْلَكْتُهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي مِقْدَارِهِ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ قَالَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُودِعِ: رَدَدْتُهَا عَلَى الْوَصِيِّ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ الْيَمِينِ وَلَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ غُصِبَ مِنْ الْمُودَعِ وَهَلَكَ فَأَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ، فَقَالَ الْمُودَعُ: قَدْ رَدَّهُ عَلَيَّ وَهَلَكَ عِنْدِي، وَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ هَلَكَ عِنْدَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا قَالَ الْمُودَعُ: أَوْدَعْتُهَا عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيَّ فَهَلَكَتْ عِنْدِي، وَالْمُودِعُ يُكَذِّبُهُ فِي ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودِعِ وَيَضْمَنُ الْمُودَعُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ ثُمَّ يَدَّعِي الْبَرَاءَةَ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا عَلَى مَا ادَّعَى وَحِينَئِذٍ

لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ ارْتِفَاعَ سَبَبِ وُجُوبِ الضَّمَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: بَعَثْتُ بِهَا إلَيْكَ عَلَى يَدَيْ أَجْنَبِيٍّ، وَالْمُودِعُ يُنْكِرُ ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودِعِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا وَدِيعَةً فَغَابَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ قَدِمَ يَطْلُبُ الْوَدِيعَةَ، فَقَالَ الْمُودَعُ: أَمَرْتَنِي أَنْ أُنْفِقَهَا عَلَى أَهْلِكَ وَوَلَدِكَ وَقَدْ أَنْفَقْتُهَا عَلَيْهِمْ، وَرَبُّ الْوَدِيعَةِ يَقُولُ: لَمْ آمُرْكَ بِذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْوَدِيعَةِ وَالْمُودَعُ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ يَهَبَهَا لِفُلَانٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْمُودَعُ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمُودِعِ مِنْ مَالِ الْوَدِيعَةِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ جِنْسِ الْوَدِيعَةِ، وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْبَعْضِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. مُسْتَوْدَعٌ، قَالَ لِلْمَالِكِ: أَمَرْتَنِي أَنْ أَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى فُلَانٍ، وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ ضَمِنَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِالْيَمِينِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا أَمَرَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ الْمُودَعَ بِالدَّفْعِ إلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، فَقَالَ: دَفَعْتُهَا إلَيْهِ، وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: لَمْ أَقْبِضْهَا مِنْكَ، وَقَالَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ: لَمْ تَدْفَعْ إلَيْهِ أَيُّهَا الْمُودَعُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ فِي حَقِّ بَرَاءَتِهِ عَنْ الضَّمَانِ لَا فِي حَقِّ إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ: إنِّي أَمَرْتُ فُلَانًا بِقَبْضِهَا مِنْكَ ثُمَّ نَهَيْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ الْمُودَعُ: فُلَانٌ أَتَانِي وَدَفَعْتُهَا إلَيْهِ، وَقَالَ فُلَانٌ لَمْ آتِهِ وَلَمْ أَقْبِضْهَا مِنْهُ فَإِنَّ الْمُسْتَوْدَعَ بَرِيءٌ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُودَعِ أَنَّ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ مِنْهُ وَوَقَّتَ لِذَلِكَ وَقْتًا ثُمَّ إنَّ الْمُودَعَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ أَخْرَجَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ شُهُودَ الْوَكَالَةِ عَبِيدٌ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَالَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ: أَوْدَعْتُكَ عَبْدًا وَأَمَةً، وَقَالَ الْمُودَعُ: مَا أَوْدَعْتَنِي إلَّا الْأَمَةَ وَقَدْ هَلَكَتْ، فَأَقَامَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى ضَمِنَ الْمُسْتَوْدَعُ قِيمَةَ الْعَبْدِ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إنَّمَا يَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ وَيَقْضِي بِقِيمَةِ الْعَبْدِ إذَا وَصَفُوا الْعَبْدَ وَبَيَّنُوا لِلْقَاضِي وَالْقَاضِي يَعْرِفُ مِقْدَارَ قِيمَةِ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ سَأَلَ الْمُدَّعِي حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِقْدَارِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصِفُوا الْعَبْدَ وَإِنَّمَا شَهِدُوا أَنَّهُ أَوْدَعَهُ عَبْدًا فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَوْدَعَهُ رَجُلٌ أَمَةً وَآخَرُ عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّ الْأَمَةَ لَهُ وَالْعَبْدَ لِلْآخَرِ، وَقَالَ الْمُودَعُ: مَا أَوْدَعْتُمَانِي إلَّا هَذِهِ الْأَمَةَ حَلَفَ مَا أَوْدَعَهُ كُلُّ وَاحِدٍ إلَّا نِصْفَ الْأَمَةِ. وَفِي فَتَاوَى (آهُو) أَوْدَعَ أَحَدُهُمَا غُلَامًا وَالْآخَرُ جَارِيَةً ثُمَّ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ الْغُلَامَ لِنَفْسِهِ وَأَنْكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يَكُونَ أَوْدَعَ الْجَارِيَةَ وَأَقَرَّ الْمُودَعُ بِالْجَارِيَةِ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَقَالَ الْمُودَعُ: لَا أَدْرِي أَيَّكُمَا أَوْدَعَ عِنْدِي الْغُلَامَ وَأَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا أَوْدَعَهُ لَكِنْ لَا أَعْرِفُ مَنْ كَانَ مِنْكُمَا، يَدْفَعُ الْجَارِيَةَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَالْغُلَامَ لَهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُودَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَمْ يُودِعْ عِنْدَهُ الْغُلَامَ ثُمَّ يَضْمَنُ لَهُمَا قِيمَةَ الْغُلَامِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ فِي يَدِهِ أَمَةٌ وَأَلْفٌ دِرْهَمٍ، فَقَالَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ: أَوْدَعْتُكَ هَذِهِ، فَقَالَ الْمُودَعُ: لَا أَدْرِي لِأَيِّكُمَا هَذِهِ، وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ لَهُمَا فَالْأَلْفُ وَالْأَمَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ أَمَةٍ وَأَلْفٌ آخَرُ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ: وَهَبْتَ لِي الْوَدِيعَةَ أَوْ بِعْتَهَا مِنِّي وَأَنْكَرَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. أَوْدَعَ رَجُلٌ دَرَاهِمَ فَجَاءَ رَجُلٌ، وَقَالَ: أَرْسَلَنِي إلَيْكَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ لِتَدْفَعَهَا إلَيَّ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا وَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَالْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنٌ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُودِعُ فِي كَوْنِهِ رَسُولًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الضَّمَانَ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي كَوْنِهِ رَسُولًا وَمَعَ هَذَا دَفَعَ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ وَمَعَ هَذَا دَفَعَ أَوْ صَدَّقَهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ عَلَى الضَّمَانِ يَرْجِعُ، وَمَعْنَى الضَّمَانِ هُنَا أَنْ يَقُولَ الْمُودَعُ لِلرَّسُولِ: أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولٌ وَلَكِنْ لَا آمَنُ أَنْ يَحْضُرَ الْمَالِكُ وَيَجْحَدَ الرِّسَالَةَ وَيُضَمِّنَنِي، فَهَلْ أَنْتَ ضَامِنٌ لِي بِمَا تَأْخُذُ مِنِّي؟ فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ حَصَلَتْ الْكَفَالَةُ بِدَيْنٍ مُضَافٍ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ وَإِنَّهُ جَائِزٌ فَيَرْجِعُ الْمُودَعُ عَلَى الرَّسُولِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: رَدَدْتُهَا إلَيْكَ عَلَى يَدِ مَنْ فِي عِيَالِي، وَكَذَّبَهُ الْمُودِعُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. سُئِلَ عَمَّنْ أَوْدَعَ عِنْدَ آخَرَ أَوَانِي صُفْرًا ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا بَعْدَ زَمَانٍ فَرَدَّ عَلَيْهِ سِتَّةً، فَقَالَ الْمَالِكُ: كَانَتْ سَبْعَةً

الباب العاشر في المتفرقات

فَأَيْنَ السَّابِعُ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي أَوْدَعْتَنِي سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً وَلَا أَدْرِي ضَاعَتْ أَوْ لَمْ تَكُنْ عِنْدِي، وَتَارَةً يَقُولُ: لَا أَدْرِي، هَلْ جَاءَنِي مِنْ عِنْدِكَ رَسُولٌ فَاسْتَرَدَّهَا وَحَمَلَهَا إلَيْكَ أَمْ لَا، هَلْ يَضْمَنُ؟ قَالَ: لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِإِضَاعَتِهِ فَلَا يَتَنَاقَصُ، كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ. رَجُلٌ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً وَلَهُ عَلَى الْمُودَعِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَدَفَعَ الْمُودَعُ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَخَذْتُ الْوَدِيعَةَ وَالدَّيْنُ عَلَيْكَ عَلَى حَالِهِ، وَقَالَ الْمُودَعُ: بَلْ أَعْطَيْتُكَ الْقَرْضَ وَقَدْ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْأَلْفِ الْمَرْدُودِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَى الْمَالِكِ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ وَإِنَّمَا اخْتِلَافُهُمَا فِي الْأَلْفِ الْهَالِكِ فَالْمَالِكُ يَدَّعِي فِيهِ الْأَخْذَ قَرْضًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي الْأَخْذَ وَدِيعَةً، وَفِي هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) الْوَدِيعَةُ إنْ كَانَتْ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَقَتَلَ الْمُودَعَ يُقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ، وَفِي الْخَطَأِ يَدْفَعُ أَوْ يَفْدِي، وَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُدَبَّرًا غَرِمَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ أَوْدَعَنِي فُلَانٌ بَلْ فُلَانٌ فَهُوَ لِلثَّانِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: جَعَلْتُهَا قِصَاصًا بِدَيْنِي: إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدَيْهِ أَوْ قَرِيبَةً مِنْهُ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى قَبْضِهَا جَازَ وَصَارَتْ قِصَاصًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِيبَةً مِنْهُ لَا تَكُونُ قِصَاصًا مَا لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا جَحَدَ الْمُسْتَوْدَعُ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ أَوْدَعَ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ الْمُودِعِ مِثْلَ ذَلِكَ وَسِعَهُ إمْسَاكُهُ قِصَاصًا بِمَا ذَهَبَ بِهِ مِنْ وَدِيعَتِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَالُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَأَنْكَرَهُ ثُمَّ أَوْدَعَهُ مِثْلَهُ، فَأَمَّا إذَا أَوْدَعَهُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ لَمْ يَسَعْهُ إمْسَاكُهُ عِنْدَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْأَوَّلِ إذَا حَلَفَ يَحْلِفُ لَيْسَ لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ وَلَا يَحْلِفُ مَا أَوْدَعْتَنِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا كَانَ لِرَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً عِنْدَ إنْسَانٍ وَلِلْآخَرِ عَلَى الْمُودِعِ أَلْفٌ دَيْنٌ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَهُوَ الْغَرِيمُ أَنْ يَأْخُذَ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُودَعِ إذَا ظَفِرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُودَعِ أَنْ يَدْفَعَ الْأَلْفَ إلَى غَرِيمِهِ، كَذَا فِي شَاهَانْ. إذَا أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ عَبْدًا ثُمَّ إنَّ الْمُودِعَ وَهَبَ الْعَبْدَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَالْعَبْدُ لَيْسَ بِحَاضِرٍ فَقَبِلَهُ الْمُسْتَوْدَعُ جَازَ وَيَنُوبُ قَبْضُ الْوَدِيعَةِ عَنْ قَبْضِ الْهِبَةِ وَيَصِيرُ الْمُسْتَوْدَعُ قَابِضًا لِلْعَبْدِ بِنَفْسِ الْهِبَةِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يُجَدِّدَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِيهِ قَبْضًا يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَوْهُوبِ لَهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَرْجِعْ كَانَ الْكَفَنُ عَلَيْهِ، فَإِنْ اسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَاهِبَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَدْ جَدَّدَ فِيهِ قَبْضًا قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَهُ الْمُسْتَحِقُّ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُودَعِ، وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ فِيهِ قَبْضًا قَبْلَ ذَلِكَ يَرْجِعُ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِرِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ فِي رَجُلٍ عِنْدَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً لِرَجُلٍ، فَقَالَ: هِيَ قَضَاءٌ بِمَالِكَ عَلَيَّ بِأَنْ كَانَ لِلْمُودَعِ عَلَى صَاحِبِ الْأَلْفِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إلَى مَنْزِلِهِ لِيَقْبِضَهَا حَتَّى ضَاعَتْ فَهِيَ مِنْ مَالِ الْمُودَعِ مَا لَمْ يَقْبِضْهَا أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قَبْضَ الْوَدِيعَةِ لَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الضَّمَانِ، وَالْقَبْضُ بِجِهَةِ الْقَرْضِ وَالِاقْتِضَاءِ قَبْضُ ضَمَانٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَتْلَفَ وَدِيعَةَ إنْسَانٍ لِلْمُودِعِ أَنْ يُخَاصِمَ وَيُغَرِّمَهُ الْقِيمَةَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا كَانَ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ بِضَاعَةٌ فَغَصَبَهَا مِنْهُ رَجُلٌ فَهُوَ خَصْمُهُ فِيهَا عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَوْدَعَ رَجُلًا جَارِيَةً فَغَصَبَهَا مِنْهُ رَجُلٌ فَأَبَقَتْ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ كَانَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الْقِيمَةَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُودَعِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ فَلِلْمَوْلَى الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَارِيَةَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ، فَإِنْ أَخَذَ الْجَارِيَةَ رَجَعَ الْغَاصِبُ عَلَى الْمُودَعِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَبِمِثْلِهَا إنْ كَانَتْ هَالِكَةً، فَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً حَتَّى ضَمِنَ الْمُودَعُ مِثْلَهَا رَجَعَ بِهَا عَلَى الْمَالِكِ، فَإِنْ كَانَ الْمُودَعُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ الْقِيمَةَ مِنْ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ بَرِئَ الْغَاصِبُ مِنْ الْقِيمَةِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ وَاخْتَارَ الْمَوْلَى أَخْذَهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْمُودَعِ بِالْقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَبِمِثْلِهَا إنْ كَانَتْ هَالِكَةً، وَلَا يَرْجِعُ الْمُودَعُ عَلَى الْمَوْلَى هُنَا بِمَا لَحِقَهُ مِنْ الْعُهْدَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةُ. رَجُلٌ أَوْدَعَ وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ فَضَاعَتْ فَلَمَّا طَلَبَهَا صَاحِبُهَا ادَّعَى أَنَّهَا هَلَكَتْ فَأَنْكَرَ الْمَالِكُ فَحَلَفَ

الْمُودَعُ عَلَى هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَأَعْطَى مِائَةَ دِينَارٍ إلَى الْمَالِكِ ثُمَّ ظَهَرَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِ آخَرَ فَأَرَادَ الْمُسْتَوْدَعُ أَنْ يُخَاصِمَهُ وَيَأْخُذَهُ، يُنْظَرُ: إنْ دَفَعَ الْمِائَةَ بِقَوْلِ أَيِّهِمَا كَانَ، فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ قَالَ: كَانَتْ قِيمَةُ الْوَدِيعَةِ مِائَةً وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُخَاصَمَةَ إلَى الْمُسْتَوْدَعِ لَكِنَّ الْمُسْتَوْدَعَ إذَا اسْتَرَدَّهَا مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى رَبِّ الْوَدِيعَةِ وَيَأْخُذَ الْمِائَةَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَا كَانَ رَاضِيًا بِأَنْ يَمْتَلِكَهَا بِهَذَا الْقَدْرِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ، قَالَ: كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَالْخُصُومَةُ إلَى رَبِّ الْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. لَوْ أَنْفَقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ حَالِ غَيْبَةِ الْمَالِكِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ مُتَبَرِّعًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَإِنْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي سَأَلَهُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِ الْعَيْنِ وَدِيعَةً عِنْدَهُ وَعَلَى كَوْنِ الْمَالِكِ غَائِبًا، فَإِذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ: إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا يُمْكِنُ أَنْ يُؤَاجَرَ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهَا أَمَرَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤَاجَرَ فَالْقَاضِي يَأْمُرُهُ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً رَجَاءَ أَنْ يُحْضِرَ الْمَالِكَ وَلَا يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ بَلْ يَأْمُرُهُ بِالْبَيْعِ وَإِمْسَاكِ الثَّمَنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَفْعَلُ الْوَدِيعَةِ مَا هُوَ أَصْلَحُ وَأَنْظَرُ فِي حَقِّ صَاحِبِهَا، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ كَانَ جَائِزًا وَمَا أَنْفَقَ الْمُودَعُ عَلَى الْوَدِيعَةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ دَيْنٌ عَلَى صَاحِبِهَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ غَيْرَ أَنَّ فِي الدَّابَّةِ يَرْجِعُ بِقَدْرِ قِيمَةِ الدَّابَّةِ لَا بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَفِي الْعَبْدِ يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَأَعْطَاهُ غَلَطًا سِتِّينَ فَأَخَذَ الْعَشَرَةَ لِيَرُدَّهَا فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ قَرْضٌ وَالْبَاقِي وَدِيعَةٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَكَذَا لَوْ هَلَكَ الْبَاقِي يَضْمَنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَهُ عَلَى آخَرَ خَمْسُونَ فَاسْتَوْفَى غَلَطًا سِتِّينَ فَلَمَّا عَلِمَ أَخَذَ عَشَرَةً لِلرَّدِّ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ قَرْضٌ وَالْبَاقِي أَمَانَةٌ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. اسْتَقْرَضَ مِنْهُ رَجُلٌ عِشْرِينَ فَأَعْطَاهُ مِائَةً، فَقَالَ: خُذْ مِنْهَا عِشْرِينَ قَرْضًا وَالْبَاقِي عِنْدَكَ وَدِيعَةٌ، فَفَعَلَ ثُمَّ أَعَادَ الْعِشْرِينَ الَّتِي أَخَذَهَا فِي الْمِائَةِ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، فَقَالَ: أَخْلِطهَا بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَفَعَلَ ثُمَّ ضَاعَتْ الدَّرَاهِمُ كُلَّهَا، لَا يَضْمَنُ الْأَرْبَعِينَ وَضَمِنَ بَقِيَّتَهَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ أَعْطَاهُ عَشَرَةً، وَقَالَ: خَمْسَةٌ قَرْضٌ وَخَمْسَةٌ وَدِيعَةٌ، فَلَوْ ضَاعَتْ ضَمِنَ الْخَمْسَةَ الْقَرْضَ دُونَ الْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ فَأَعْطَاهُ أَلْفَيْنِ، وَقَالَ: أَلْفٌ مِنْهُمَا قَضَاءُ حَقِّكَ وَأَلْفٌ يَكُونُ وَدِيعَةً فَقَبَضَهَا وَضَاعَتْ، قَالَ: هُوَ قَابِضُ حَقِّهِ وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَشْتَرِي وَيَبِيعُ لِرَبِّ الْمَالِ بِأُجْرَةٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَمَاتَ وَلَمْ يَدْرِ مَا فَعَلَهُ وَقَدْ تَرَكَ رَقِيقًا وَثِيَابًا صَارَ كُلُّهُ دَيْنًا فِي مَالِ الْمَيِّتِ، وَكَذَا أَرْضٌ دَفَعَهَا مُزَارَعَةً وَالْبَذْرُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَمَاتَ الْمَزَارِعُ وَالزَّرْعُ قَدْ اخْضَرَّ أَوْ حُصِدَ وَلَمْ يَدْرِ بَعْدُ مَوْتَهُ، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: قِيمَةُ الزَّرْعِ يَوْمَ مَاتَ أَوْ مِثْلُ الطَّعَامِ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَ مَاتَ صَارَ دَيْنًا فِي مَالِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ إنْسَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ أَقْرَضَ الْوَدِيعَةَ مِنْ الَّذِي فِي يَدِهِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَخْرُجُ الْأَلْفُ مِنْ الْوَدِيعَةِ حَتَّى يَصِيرَ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ يَدُهُ إلَيْهِ لَا يَضْمَنُ، وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ مَا كَانَ أَصْلُهُ أَمَانَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُودِعُ لِصَاحِبِهَا: ائْذَنْ لِي أَنْ أَشْتَرِيَ الْوَدِيعَةِ شَيْئًا وَأَبِيعَ؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إبْرَاهِيمُ بْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ قَدْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: هَذَا مَالُكَ فَخُذْهَا فَأَخَذَ فَضَاعَتْ وَالْآخِذُ لَا يَعْلَمُ كَمْ هِيَ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَعَثَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِضَاعَةً لِيَشْتَرِيَ بِهَا مَتَاعًا فَدَفَعَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ أَلْفًا إلَى سِمْسَارٍ وَاشْتَرَى مَتَاعًا ثُمَّ بَعَثَ إلَى صَاحِبِهِ فَأُصِيبَ الْمَتَاعُ فِي الطَّرِيقِ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ صَاحِبُ الْأَلْفِ: إنَّهَا بِضَاعَةٌ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ السِّمْسَارُ اشْتَرَى بِمَحْضَرٍ مِنْهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ تُرْكِسْتَانَ إلَى سَمَرْقَنْدَ فَأَبْضَعَهُ رَجُلٌ مَالًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا فَذَهَبَ وَاشْتَرَى ثُمَّ لَمْ يَتَهَيَّأْ لِلرُّجُوعِ عَنْ سُرْعَةٍ فَبَعَثَ مَالَ الْبِضَاعَةِ مَعَ بَعْضِ أَمْوَالِهِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ إلَى تُرْكِسْتَانَ لِيُوصِلَهُ إلَى صَاحِبِ الْبِضَاعَةِ فَلَمَّا نَزَلَ بَلْدَةً فِي الطَّرِيقِ أَخَذَ وَالِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ هَذَا الْمَالَ ظُلْمًا مِنْهُ، هَلْ يَضْمَنُ الْمُسْتَبْضِعُ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشُنِيِّ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ الْوَاجِبَةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنًا، فَقَالَ الِابْنُ: هَذَا الْأَلْفُ وَدِيعَةً كَانَ عِنْدَ أَبِي لِفُلَانٍ، وَجَاءَ فُلَانٌ يَدَّعِي ذَلِكَ وَصَدَّقَهُ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا: الْأَلْفُ لِفُلَانٍ، فَإِنَّ الْقَاضِي يَقْضِي لِلْغُرَمَاءِ بِالْأَلْفِ قَضَاءً عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا يَجْعَلُهُ لِمُدَّعِي الْوَدِيعَةِ لَكِنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى دُيُونَ الْغُرَمَاءِ يَرْجِعُ الْمُودِعُ إلَيْهِمْ فَيَأْخُذَهَا مِنْهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ أَنَّهَا لَهُ، وَالْجَوَابُ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ كَالْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا أَوْدَعَ وَغَابَ فَأَقَامَ ابْنُهُ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَخَذَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ جَاءَ أَبُوهُ حَيًّا يَضْمَنُ الِابْنُ أَوْ الشَّاهِدَيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ، وَلَوْ كَانَ غَصْبًا يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ غَابَ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ إلَى الْقَاضِي وَأَحْضَرَتْ وَالِدَ زَوْجِهَا وَادَّعَتْ أَنَّ لِلْغَائِبِ وَدِيعَةً فِي يَدِ أَبِيهِ وَطَلَبَتْ النَّفَقَةَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: إنْ كَانَ فِي يَدِ وَالِدِ الزَّوْجِ دَرَاهِمُ أَوْ مَا يَصْلُحُ لِنَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالْأَبُ مُقِرٌّ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي يَدِهِ كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَالِبَهُ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِدَفْعِ ذَلِكَ إلَيْهَا، وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي، فَإِنْ دَفَعَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ أَنْكَرَ الْأَبُ كَوْنَ ذَلِكَ الْمَالِ فِي يَدِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَا يَمِينَ لَهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ مِمَّا يَصْلُحُ لِنَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ لِلْغَائِبِ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ وَالْغَرِيمُ مُقِرٌّ بِالْمَالِ وَالنِّكَاحِ فَالدَّيْنُ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَنْفَقَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَرَدَّ مِائَتَيْنِ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَحْبِسْ شَيْئًا مِنْ الْوَدِيعَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ أَمَةً فَوَطِئَهَا الْمُودَعُ فَوَلَدَتْ فَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لِصَاحِبِ الْأَصْلِ وَعَلَى الْمُودَعِ الْحَدُّ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ شُبْهَةَ نِكَاحٍ أَوْ شِرَاءٍ فَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ وَيَغْرَمُ الْعُقْرَ لِلشُّبْهَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا الْمُسْتَوْدَعُ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا فَالْعُقْرُ لِصَاحِبِهَا، وَلَوْ اكْتَرَاهَا فَالْكِرَاءُ لَهُ فَلَوْ رَدَّهَا الْمُسْتَوْدَعُ ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا الْمُسْتَوْدَعُ مِنْ رَجُلٍ وَأَخَذَ عُقْرَهَا فَوَلَدَتْ وَنَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُهَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَوَلَدَهَا وَلَهُ أَنْ يُفْسِدَ النِّكَاحَ وَإِذَا فَسَدَ النِّكَاحُ أَخَذَ عُقْرَهَا وَيَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ نُقْصَانَ الْوِلَادَةِ إنْ كَانَتْ نَقَصَتْهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْوَلَدِ وَفَاءٌ بِهَا، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَلَدِ وَفَاءٌ بِهَا انْجَبَرَ النُّقْصَانُ بِالْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ نُقْصَانُهَا مِنْ غَيْرِ الْوِلَادَةِ مِنْ شَيْءٍ أَحْدَثَهُ الزَّوْجُ مِنْ جِمَاعِهَا فَالْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنٌ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ اسْتَهْلَكَ الْوَلَدَ ضَمِنَ قِيمَةَ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْمُودَعُ إذَا بَاعَ الْوَدِيعَةَ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَضَمَّنَ الْمَالِكُ الْمُودَعَ نَفَذَ بَيْعُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْوَدِيعَةُ إذَا كَانَتْ سَيْفًا فَأَرَادَ الْمُودِعُ أَخْذَهُ لِيَضْرِبَ بِهِ رَجُلًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَتَحَقَّقَ ذَلِكَ لِلْمُودَعِ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الرَّدِّ إلَيْهِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ عَمَّنْ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ خَطَّ قَبَالَةٍ وَمَاتَ الْمُودِعُ، هَلْ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَطْلُبُوا ذَلِكَ الْخَطَّ؟ قَالَ: يَجْبُرُهُ الْقَاضِي بِتَسْلِيمِ الْخَطِّ إلَيْهِمْ. أَوْدَعَ صَكًّا وَعَرَّفَ أَدَاءَ بَعْضِ الْحَقِّ وَمَاتَ الطَّالِبُ وَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ قَبْضَ الدَّيْنِ حَبَسَ الْمُودَعُ الصَّكَّ أَبَدًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ خَاصَمَ آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ ثُمَّ أَخْرَجَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَوَضَعَهُ فِي يَدِ إنْسَانٍ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ فَلَمْ يَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ وَاسْتَرَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ فَأَبَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ أَغَارُوا عَلَى النَّاحِيَةِ وَذَهَبُوا بِالْأَلْفِ، هَلْ يَضْمَنُ؟ قَالَ: إنْ وَضَعَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَهُ فَلَا يَضْمَنُ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ وَضَعَهُ يَضْمَنُ بِالْمَنْعِ عَنْهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. رَجُلٌ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ، فَقَالَ الْمُودَعُ لِرَبِّ الْوَدِيعَةِ: دَفَعْتُ الْوَدِيعَةَ إلَيْكَ بِمَكَّةَ يَوْمَ

كتاب العارية وهو مشتمل على تسعة أبواب

كَذَا، وَأَقَامَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُودَعَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي ادَّعَى الدَّفْعَ بِمَكَّةَ كَانَ بِالْكُوفَةِ لَمْ تَجُزْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُودَعِ أَنَّهُ كَانَ بِالْكُوفَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ أَوْدَعَهُ بَقَرَةً، وَقَالَ: إنْ أَرْسَلْتَ ثِيرَانَكَ إلَى الْمَرْعَى لِلْعَلَفِ فَاذْهَبْ بِبَقَرَتِي أَيْضًا فَذَهَبَ بِهَا دُونَ ثِيرَانِهِ فَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. غَصَبَ فَرَسًا مِنْ عَمْرٍو، فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: إنِّي أَوْدَعْتُ فَرَسِي عَلَى يَدِ فُلَانٍ يَعْنِي الْغَاصِبَ ثُمَّ هَلَكَ الْفَرَسُ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. رَجُلٌ دَفَعَ بِضَاعَةً مِنْ كَرْمَانَ إلَى أَصْفَهَانَ فَرَجَعَ إلَى كَرْمَانَ، وَقَالَ: تَرَكْتُ الْبِضَاعَةَ فِي أَصْفَهَانَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. أَرْبَعَةٌ سَافَرُوا وَيَأْكُلُونَ جُمْلَةً وَيَنْزِلُونَ وَيَرْتَحِلُونَ كَذَلِكَ وَمَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَنَانِيرُ وَدِيعَةً لِشَخْصٍ خَاطَهَا فِي قَبَائِهِ فَتَرَكَ الْقَبَاءَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ، وَكَذَلِكَ الْمُسْتَبْضِعُ إذَا ذَهَبَ إلَى الْحَمَّامِ وَتَرَكَ الْبِضَاعَةَ فِي قَبَاءٍ قَدْ خِيطَ لِلدَّرَاهِمِ وَيَكُونُ مَعَهُ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ يَأْكُلُونَ وَيَنَامُونَ جَمِيعًا وَقَدْ تَرَكَ الْقَبَاءَ عِنْدَهُمْ ثُمَّ حَضَرُوا وَالْقَبَاءُ قَدْ نُقِضَ وَأُخِذَ الدَّرَاهِمُ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَبْضِعُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. (مُودَع مالك راكفت مِنْ بباغ ميروم وَدِيعَة ترابخانة همساية خويش فُلَان نهم مالك كفت بنه بنهاد وبباغ رفت وباز آمد ووديعت راازهمسايه كرفت وبخانة خويش آمدونها دووديعت ازخانة أَوْ غَائِب شدتا وَإِنَّ دارشود مُودَع أَوَّل يانى بايدكه نشود) كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ كِتَابٌ وَدِيعَةً فَوَجَدَ فِيهِ خَطَأً يُكْرَهُ أَنْ يُصْلِحَهُ إذَا كَرِهَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ صَكَّ ضَيْعَتِهِ وَالصَّكُّ لَيْسَ بِاسْمِهِ ثُمَّ جَاءَ الَّذِي الصَّكُّ بِاسْمِهِ وَادَّعَى تِلْكَ الضَّيْعَةَ، وَالشُّهُودُ الَّذِينَ بَذَلُوا خُطُوطَهُمْ أَبَوْا أَنْ يَشْهَدُوا حَتَّى يَرَوْا خُطُوطَهُمْ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الْمُودَعَ حَتَّى يُرِيَهُمْ الصَّكَّ لِيَرَوْا خُطُوطَهُمْ وَلَا يَدْفَعُ الصَّكَّ إلَى الْمُدَّعِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا يَنْثُرُهُ عَلَى الْعُرْسِ، فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ دَرَاهِمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا، وَلَوْ نَثَرَهُ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَلْتَقِطَ مِنْهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى غَيْرِهِ لِيَنْثُرَهُ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْمَأْمُورُ بِنَثْرِ السُّكَّرِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا وَلَا يَدْفَعُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْثُرَ وَلَا يَلْتَقِطُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ نَأْخُذُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. غَرِيبٌ مَاتَ فِي دَارِ رَجُلٍ، وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَخَلَّفَ شَيْئًا يَسِيرًا يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَنَحْوَهَا وَصَاحِبُ الدَّارِ فَقِيرٌ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: ابْعَثْ بِهَا مَعَ فُلَانٍ فَضَاعَتْ مِنْ يَدِ الرَّسُولِ ضَاعَتْ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُؤْنَةُ رَدِّ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمَالِكِ لَا عَلَى الْمُودَعِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إنْ نَقَلَهَا فِي بَلْدَةٍ مِنْ مَحَلَّةٍ إلَى مَحَلَّةٍ كَانَتْ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى صَاحِبِهَا بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا سَافَرَ الْوَدِيعَةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ بِهَا تَكُونُ الْأُجْرَةُ عَلَى الْمَالِكِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. أَوْدَعَهُ أَجْنَاسًا وَغَابَ وَمَاتَ وَلَمْ يَجِدْ الْمُودَعُ وَارِثًا لَهُ سِوَى بِنْتِ ابْنِهِ الْمُرَاهِقَةِ يُعْذَرُ فِي الدَّفْعِ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ تَقْدِرُ عَلَى الْحِفْظِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ. وَسُئِلَ عَنْ أَمَةٍ اشْتَرَتْ سِوَارَيْنِ بِمَالٍ اكْتَسَبَتْهُ فِي بَيْتِ مَوْلَاهَا فَأَوْدَعَتْهُمَا امْرَأَةً فَقَبَضَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِإِذْنِ مَوْلَى الْجَارِيَةِ فَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ، هَلْ تَضْمَنُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِلْكُ الْمَوْلَى وَلَا إيدَاعَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَصَارَتْ غَاصِبَةً، كَذَا فِي الْفَتَاوَى النَّسَفِيَّةِ. وَلَوْ دَفَعَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى آخَرَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ خَرَجَ الْمُودَعُ مِنْ الْبَيْنِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. [كِتَابُ الْعَارِيَّةِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى تِسْعَةِ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْعَارِيَّةِ وَرُكْنهَا وَشَرَائِطهَا وأنواعها وَحُكْمِهَا] (كِتَابُ الْعَارِيَّةِ) (وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى تِسْعَةِ أَبْوَابٍ)

الباب الثاني الألفاظ التي تنعقد بها العارية

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا شَرْعًا وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِهَا وَأَنْوَاعِهَا وَحُكْمِهَا) . أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا فَهِيَ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيّ وَعَامَّةِ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَأَمَّا رُكْنُهَا فَهُوَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُعِيرِ، وَأَمَّا الْقَبُولُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ اسْتِحْسَانًا وَالْإِيجَابُ هُوَ أَنْ يَقُولَ أَعَرْتُكَ هَذَا الشَّيْءَ أَوْ مَنَحْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ قَالَ هُوَ لَكَ أَوْ مَنَحْتُكَ أَوْ أَطْعَمْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضَ لَكَ طُعْمَةً أَوْ أَخْدَمْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ حَمَلْتُكَ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الْهِبَةَ أَوْ دَارِي لَكَ سُكْنَى أَوَدَارِي لَكَ عُمْرِي سُكْنَى، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ إذَا أَضَافَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ إلَى مَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ فَهُوَ تَمْلِيكٌ لِلْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ، وَإِذَا أَضَافَهُ إلَى مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِاسْتِهْلَاكِ عَيْنِهِ فَهُوَ تَمْلِيكٌ لِلْعَيْنِ فَيَكُونُ قَرْضًا، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَأَمَّا) (شَرَائِطُهَا) فَأَنْوَاعٌ (مِنْهَا) الْعَقْلُ فَلَا تَصِحُّ الْإِعَارَةُ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى تَصِحَّ الْإِعَارَةُ مِنْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَمِنْهَا الْقَبْضُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعَارُ مِمَّا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِدُونِ اسْتِهْلَاكِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَلَا تَصِحُّ إعَارَتُهُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي: وَعَارِيَّةُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ قَرْضٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ عَدًّا مِثْلُ الْجَوْزِ وَالْبَيْضِ، وَكَذَلِكَ الْأَقْطَانُ وَالصُّوفُ وَالْإِبْرَيْسَمِ وَالْمِسْكُ وَالْكَافُورُ وَسَائِرُ مَتَاعِ الْمُعَطِّرِ وَالصَّيَادِلَةِ الَّتِي لَا تَقَعُ الْإِجَارَةُ عَلَى مَنَافِعِهَا قَرْضٌ، وَهَذَا إذَا أَطْلَقَ الْعَارِيَّةَ، فَأَمَّا إذَا بَيَّنَ الْجِهَةَ كَمَا إذَا اسْتَعَارَ الدَّرَاهِمَ أَوْ الدَّنَانِيرَ لِيُعَايِرَ بِهَا مِيزَانًا أَوْ يُزَيِّنَ بِهَا دُكَّانًا أَوْ يَتَجَمَّلَ بِهَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْقَلِبُ بِهِ عَيْنُهَا لَا يَكُونُ قَرْضًا بَلْ يَكُونُ عَارِيَّةً تُمْلَكُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ الْمُسَمَّاةُ دُونَ غَيْرِهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا عَلَى وَجْهٍ آخَرَ غَيْرَ مَا سَمَّاهُ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. إذَا اسْتَعَارَ آنِيَةً يَتَجَمَّلُ بِهَا أَوْ سَيْفًا مُحَلَّى أَوْ سِكِّينًا مُحَلَّى أَوْ مِنْطَقَةً مُفَضَّضَةً أَوْ خَاتَمًا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا قَرْضًا، هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: أَعَرْتُكَ هَذِهِ الْقَصْعَةَ مِنْ الثَّرِيدِ فَأَخَذَهَا وَأَكَلَهَا عَلَيْهِ مِثْلُهَا أَوْ قِيمَتُهَا وَهُوَ قَرْضٌ إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُبَاسَطَةٌ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ دَلَالَةَ الْإِبَاحَة، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي الْعُيُونِ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ رُقْعَةً يُرَقِّعُ بِهَا قَمِيصَهُ أَوْ خَشَبَةً يُدْخِلُهَا فِي بِنَائِهِ أَوْ آجُرَّةً فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِعَارِيَّةٍ بَلْ هُوَ قَرْضٌ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَقُلْ: لِأَرُدَّهَا عَلَيْكَ، أَمَّا إذَا قَالَ: لِأَرُدَّهَا عَلَيْكَ فَهُوَ عَارِيَّةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَأَمَّا) (أَنْوَاعُهَا) (فَأَرْبَعَةٌ) : أَحَدُهَا - أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً فِي الْوَقْتِ وَالِانْتِفَاعِ وَحُكْمُهُ أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا بِأَيِّ نَوْعٍ شَاءَ وَأَيِّ وَقْتٍ شَاءَ. وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ مُقَيَّدَةً فِيهِمَا فَلَا يَتَجَاوَزُ مَا سَمَّاهُمَا الْمُعِيرُ إلَّا إذَا كَانَ خِلَافًا إلَى خَيْرٍ. وَالثَّالِثُ - أَنْ تَكُونَ مُقَيَّدَةً فِي حَقِّ الْوَقْتِ مُطْلَقَةً فِي الِانْتِفَاعِ. وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ فَلَا يَتَعَدَّى مَا سَمَّاهُ لَهُ الْمُعِيرُ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَأَمَّا) (حُكْمُهَا) فَهُوَ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ مَا هُوَ مُلْحَقٌ بِالْمَنْفَعَةِ عُرْفًا وَعَادَةً عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالْعَارِيَّةُ أَمَانَةٌ إنْ هَلَكَتْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ لَمْ يَضْمَنْهَا، وَلَوْ شُرِطَ الضَّمَانُ فِي الْعَارِيَّةِ، هَلْ يَصِحُّ فَالْمَشَايِخُ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ، وَفِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: أَعِرْنِي فَإِنْ ضَاعَ فَأَنَا لَهُ ضَامِنٌ، قَالَ: لَا يَضْمَنُ، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: وَلَوْ تَعَدَّى ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ، نَحْوُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ مِثْلَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَعْمَلَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فِيمَا لَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الدَّوَابُّ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي الْأَلْفَاظ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِهَا الْعَارِيَّةُ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِهَا الْعَارِيَّةُ وَمَا لَا تَنْعَقِدُ بِهَا الْعَارِيَّةُ) . تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَلَوْ قَالَ: مَلَّكْتُكَ مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا أَوْ لَمْ يَقُلْ شَهْرًا بِغَيْرِ عِوَضٍ كَانَتْ إعَارَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُ لَكَ سُكْنَى دَارِي هَذِهِ شَهْرًا، أَوْ قَالَ: دَارِي لَكَ سُكْنَى، أَوْ قَالَ: عُمْرِي لَكَ سُكْنَى، كَانَتْ عَارِيَّةً، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَتَصِحُّ بِقَوْلِ " أَقْرَضْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ تَلْبَسُهُ يَوْمًا أَوْ أَقْرَضْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ تَسْكُنُهَا سَنَةً، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ: حَمَلْتُكَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهُوَ إعَارَةٌ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: دَارِي لَكَ هِبَةً سُكْنَى أَوْ سُكْنَى هِبَةً فَهِيَ عَارِيَّةٌ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ.

الباب الثالث التصرفات التي يملكها المستعير في المستعار

وَلَوْ قَالَ: دَارِي لَكَ نُحْلَى سُكْنَى أَوْ سُكْنَى صَدَقَةً أَوْ صَدَقَةً عَارِيَّةٌ أَوْ عَارِيَّةٍ هِبَةً فَهَذَا كُلُّهُ عَارِيَّةٌ، كَذَا فِي الْكَافِي فِي كِتَابِ الْهِبَةِ. وَلَوْ قَالَ: دَارِي لَكَ رُقْبَى أَوْ حَبْسٌ فَهُوَ عَارِيَّةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هِبَةٌ، وَقَوْلُهُ رُقْبَى أَوْ حَبْسٌ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ قَالَ: دَارِي رُقْبَى لَكَ أَوْ حَبْسٌ لَكَ، كَانَتْ عَارِيَّةً بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ فِي الْهِبَةِ. وَدَفَعْتُ إلَيْكَ هَذَا الْحِمَارَ لِتَسْتَعْمِلَهُ وَتَعْلِفَهُ مِنْ عِنْدِكَ فَهُوَ إعَارَةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَقَوْلُهُ أَطْعَمْتُكَ هَذِهِ الْجَزُورَ عَارِيَّةً إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْهِبَةَ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. إذَا قَالَ لِآخَرَ: آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ لَمْ يَقُلْ شَهْرًا لَا يَكُونُ عَارِيَّةً، وَفِي هِبَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: وَقَدْ قِيلَ خِلَافُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا فَسَكَتَ الْمَالِكُ، ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْإِعَارَةَ لَا تَثْبُتُ بِالسُّكُوتِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا اسْتَعَارَ أَرْضًا لِيَبْنِيَ وَيَسْكُنَ، وَإِذَا خَرَجَ فَالْبِنَاءُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِهَا مِقْدَارَ السُّكْنَى وَالْبِنَاءُ لِلْمُسْتَعِيرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. اسْتَعَارَ دَابَّةً غَدًا إلَى اللَّيْلِ فَأَجَابَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ بِنَعَمْ ثُمَّ اسْتَعَارَهَا غَدًا آخَرُ إلَى اللَّيْلِ فَأَجَابَهُ بِنَعَمْ فَإِنَّ الْحَقَّ يَكُونُ لِلسَّابِقِ مِنْهُمَا، وَإِنْ اسْتَعَارَا مَعًا فَهِيَ لَهُمَا جَمِيعًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ التَّصَرُّفَات الَّتِي يَمْلِكُهَا الْمُسْتَعِيرُ فِي الْمُسْتَعَارِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَمْلِكُهَا الْمُسْتَعِيرُ فِي الْمُسْتَعَارِ وَاَلَّتِي لَا يَمْلِكُهَا) . لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُؤَاجِرَ الْمُسْتَعَارَ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِعَارَةُ تَمْلِيكًا عِنْدَنَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فَإِنْ آجَرَ فَعَطِبَ ضَمِنَ حِينَ سَلَّمَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَانَ الْأَجْرُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ شَاءَ الْمُعِيرُ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ عَارِيَّةً فِي يَدِهِ، وَإِنْ عَلِمَ بِكَوْنِهِ عَارِيَّةً فِي يَدِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يَرْهَنُ كَالْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْإِيدَاعِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُودِعَ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ فِيمَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ، أَمَّا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَهُ أَنْ يُعِيرَ غَيْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ شَيْئًا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ أَوْ لَا يَتَفَاوَتُونَ إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُطْلَقَةً لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِنَفْسِهِ، فَأَمَّا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يُعِيرَ مَا لَا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ دُونَ مَا يَتَفَاوَتُونَ فِيهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. مِثَالُ هَذَا اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلْبَاسُ غَيْرِهِ وَإِرْكَابُ غَيْرِهِ، وَلَوْ اسْتَعَارَ دَارًا لِيَسْكُنَهَا بِنَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا مَنْ شَاءَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ ثَوْبًا لِلُّبْسِ وَلَمْ يُسَمِّ اللَّابِسَ أَوْ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ وَلَمْ يُسَمِّ الرَّاكِبَ فَلَهُ إلْبَاسُ غَيْرِهِ أَوْ إرْكَابُ غَيْرِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فَإِنْ لَبِسَ أَوْ رَكِبَ بِنَفْسِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُعِيرَ غَيْرَهُ أَوْ أَلْبَسَ غَيْرَهُ أَوْ أَرْكَبَ غَيْرَهُ أَوَّلًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ أَوْ يَلْبَسَ بِنَفْسِهِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَلَوْ فَعَلَهُ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْكَافِي. اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا بِنَفْسِهِ فَرَكِبَهَا وَأَرْدَفَ غَيْرَهُ فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ نِصْفَ الْقِيمَةِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. هَذَا إذَا أَرْدَفَ رَجُلًا، فَإِنْ أَرْدَفَ صَبِيًّا يَضْمَنُ قَدْرَ الثِّقَلِ هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَهُمَا، فَإِنْ كَانَتْ لَا تُطِيقُ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْبِطَ الدَّابَّةَ فِي الدَّارِ الْمُسْتَعَارَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَعَارَ كِتَابًا لِلْقِرَاءَةِ فَوَجَدَ فِي الْكِتَابِ خَطَأً إنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَ الْكِتَابِ يَكْرَهُ إصْلَاحَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُصْلِحَهُ، وَإِلَّا فَإِنْ أَصْلَحَهُ جَازَ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلٍ: أَعِرْنِي دَابَّتَكَ فِي فَرْسَخَيْنِ، أَوْ قَالَ: إلَى فَرْسَخَيْنِ، قَالَ لَهُ: فَرْسَخَانِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَيَصِير أَرْبَعَ فَرَاسِخَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ عَارِيَّةٍ تَكُونُ فِي الْمِصْرِ، نَحْوُ تَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ وَأَشْبَاهِهَا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ أَخَذَ بِهِ عُلَمَاؤُنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا

الباب الرابع في خلاف المستعير

مَوْضِعًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا مِنْ الْمِصْرِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ: لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً شَهْرًا فَهُوَ عَلَى الْمِصْرِ، وَكَذَا فِي عَارِيَّةِ الْخَادِمِ وَاسْتِئْجَارِهِ، وَكَذَا الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ فَهُوَ عَلَى الْمِصْرِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا (كَالْإِجَارَةِ) ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي خِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي خِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ) . اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا غَيْرَ ذَلِكَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: إنْ حَمَلَ عَلَيْهَا غَيْرَ مَا سَمَّاهُ الْمَالِكُ إلَّا أَنَّهُ مِثْلُ مَا سَمَّاهُ الْمَالِكُ فِي الضَّرَرِ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ جِنْسِهِ بِأَنْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ مِنْ حِنْطَةٍ أُخْرَى أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةَ نَفْسِهِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا حِنْطَةَ غَيْرِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِذَا خَالَفَ فِي الْجِنْسِ بِأَنْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةً فَحَمَلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ فَهَلَكَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا، وَأَمَّا إذَا حَمَلَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ مَخَاتِيمَ مِنْ الشَّعِيرِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْوَزْنِ مِثْلُ الْحِنْطَةِ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِذَا خَالَفَ إلَى مَا هُوَ أَضَرُّ بِالدَّابَّةِ بِأَنْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً فَحَمَلَ عَلَيْهَا آجُرًّا أَوْ حَدِيدًا أَوْ لَبِنًا مِثْلَ وَزْنِ الْحِنْطَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَكَذَلِكَ إذَا حَمَلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قُطْنًا أَوْ تِبْنًا أَوْ حَطَبًا أَوْ تَمْرًا، وَإِنْ خَالَفَ فِي الْقَدْرِ بِأَنْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةً فَحَمَلَ عَلَيْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مَخْتُومًا فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ يَضْمَنُ ثُلُثَ قِيمَتِهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ بِهِ عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ وَطَحَنَ أَحَدَ عَشَرَ حَيْثُ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ مَخْتُومًا، فَإِنْ كَانَتْ لَا تُطِيقُ يَصِيرُ مُتْلِفًا لَهَا فَيَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً مُطْلَقًا فَالْمُسْتَعِيرُ يَحْمِلُ عَلَيْهَا مَا تُطِيقُ، وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا مَا لَا تُطِيقُ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ، وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَعْمَلَهَا إلَى اللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ عَلَفٍ، فَإِذَا حَمَلَ وَعَلَفَهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي أَيِّ مَكَان اسْتَعْمَلَ أَوْ فِي أَيِّ زَمَانٍ أَوْ فِي أَيِّ حَمْلٍ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً فَبَعَثَ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ مَعَ وَكِيلِهِ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً فَحَمَلَ وَكِيلُهُ طَعَامًا لِنَفْسِهِ لَمْ يَضْمَنْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ، وَهَذَا عَجِيبٌ، هَكَذَا فِي الصُّغْرَى. وَلَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِالْمَكَانِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُطْلَقَةِ إلَّا مِنْ حَيْثُ الْمَكَانُ فَلَوْ جَاوَزَ ذَلِكَ الْمَكَانَ أَوْ خَالَفَ يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَكَانُ أَقْرَبَ مِنْ الْمَكَانِ الْمَأْذُونِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. فَإِنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعٍ سَمَّاهُ فَسَارَ بِهَا فِي غَيْرِ طَرِيقِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الطَّرِيقُ يُسْلَكُ فِيهَا إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي الْعَادَةِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ عَطِبَتْ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ الطَّرِيقُ لَا يُسْلَكُ فِيهَا إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي الْعَادَةِ فَعَطِبَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعٍ فَسَلَكَ بِهَا طَرِيقًا لَيْسَتْ بِالْجَادَّةِ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ، وَلَوْ عَيَّنَ طَرِيقًا فَسَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ إنْ كَانَتَا سَوَاءً لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ أَوْ غَيْرَ مَسْلُوكٍ ضَمِنَ، وَكَذَا إذَا كَانَتَا تَتَفَاوَتَانِ فِي الْأَمْنِ حَتَّى إنَّ الطَّرِيقَ الَّذِي سَلَكَ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ آمِنًا يَضْمَنُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ حِمَارًا (تايك سبويى آبَ آوردسه سبواورد) بِثَلَاثِ دَفَعَاتٍ وَكَانَ الْحِمَارُ مَعْيُوبًا فَرَدَّهُ كَمَا كَانَ فَمَاتَ الْحِمَارُ فِي يَدِ الْمَالِكِ إنْ لَمْ يَحْدُثْ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ زِيَادَةُ عَيْبٍ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَفِي فَتَاوَى الدِّينَارِيِّ (مردى خرى بعاريت خواست تا أزموضعى بَارّ آردده هنده كَفَتْ كه زياده أَزُجْهَا رروزمدار وَجْهًا رروزاين خررا بيار بازده رورداشت خُرَّ مَرَّ داين خربر نِدّه قِيمَتْ كَدَّام روزراضا مِنْ شود) ، قَالَ (روز بنجم از وَقْت عَارَيْت) ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِذَا اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي حَاجَتِهِ إلَى نَاحِيَةٍ مُسَمَّاةٍ مِنْ

الباب الخامس تضييع العارية وما يضمنه المستعير

النَّوَاحِي فِي الْكُوفَةِ فَأَخْرَجَهَا إلَى الْفُرَاتِ يَسْقِيهَا وَالنَّاحِيَةُ الَّتِي اسْتَعَارَهَا إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَهَلَكَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِيَكْرُبَ أَرْضًا لَهُ وَعَيَّنَ الْأَرْضَ فَكَرَبَ أَرْضًا أُخْرَى فَعَطِبَ الثَّوْرُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ تَخْتَلِفُ فِي الْكِرَابِ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً، وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَ الثَّوْرَ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَكْرُبْ حَتَّى عَطِبَ ضَمِنَ أَيْضًا، كَذَا فِي الصُّغْرَى. اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَكَانِ كَذَا ذَاهِبًا لَا غَيْرُ فَجَاوَزَ بِهَا عَنْهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ فَهُوَ فِي الضَّمَانِ عَلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ بِلَا خِلَافٍ، فَإِنْ اسْتَعَارَهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ يَبْرَأُ كَالْمُودَعِ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْمُخْتَارُ، هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا، كَذَا مَنًّا مِنْ الْحِنْطَةِ إلَى الْبَلَدِ وَهَلَكَتْ الْحِنْطَةُ فِي الطَّرِيقِ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا إلَى الْبَلَدِ وَفِي الْعَوْدِ أَيْضًا إلَى مَنْزِلِ الْمُعِيرِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ فَرَسًا لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَرَكِبَهَا وَأَرْدَفَ مَعَهُ آخَرَ فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْجَنِينِ وَلَكِنْ إنْ انْتَقَصَتْ الْأُمُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ النُّقْصَانِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْفَرَسُ بِحَالٍ يُمْكِنُ أَنْ يَرْكَبَهُ اثْنَانِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ فَهُوَ إتْلَافٌ فَيَضْمَنُ جَمِيعَ النُّقْصَانِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَعَارَتْ مُلَاءَةً لِلْمُصِيبَةِ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْهَا إلَى مَكَانٍ آخَرَ فَتَخَرَّقَتْ تَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. (بيلي عاربت خواست كه درباغ كاركند مُعِير مُسْتَعِير راكفت كه درباغ مكذا رويا خودبيار) فَتَرَكَهُ ثَمَّةَ وَسُرِقَ يَضْمَنُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. اسْتَعَارَ مَرًّا لِيَدُقَّ مَبْطَخَةً فَدَقَّهَا وَفَرَغَ ثُمَّ أَعَارَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَضَاعَتْ يُضَمِّنُ الْمَالِكُ أَيَّهُمَا شَاءَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ تَضْيِيع الْعَارِيَّةِ وَمَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي تَضْيِيعِ الْعَارِيَّةِ وَمَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ وَمَا لَا يَضْمَنُ) . قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّةٍ بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ فَنَزَلَ عَنْهَا فِي السِّكَّةِ وَدَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ لِيُصَلِّيَ فَخَلَّى عَنْهَا فَهَلَكَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ وَمِنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ: إذَا لَمْ يَرْبِطْهَا بِشَيْءٍ فَلَا ضَمَانَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ ضَامِنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَدْخَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْحِمْلَ فِي بَيْتِهِ وَتَرَكَ الدَّابَّةَ الْمُسْتَعَارَةَ فِي السِّكَّةِ فَهَلَكَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ سَوَاءٌ رَبَطَهَا أَوْ لَمْ يَرْبِطْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْبِطْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا غَيَّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ فَقَدْ ضَيَّعَهَا حَتَّى لَوْ تَصَوَّرَ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَوْ الْبَيْتَ وَالدَّابَّةُ لَا تَغِيبُ عَنْ بَصَرِهِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ فَنَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ وَأَمْسَكَهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ لَا يُغَيِّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيُشَيِّعَ جِنَازَةً إلَى مَوْضِعِ، كَذَا فَلَمَّا انْتَهَى إلَى الْمَقْبَرَةِ دَفَعَهَا إلَى إنْسَانٍ وَدَخَلَ لِيُصَلِّيَ فَسُرِقَتْ الدَّابَّةُ، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَكُونُ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَصَارَ الْحِفْظُ بِنَفْسِهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مُسْتَثْنًى عَنْ الْعَقْدِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. جَعَلَ الدَّابَّةَ الْمُسْتَعَارَةَ فِي الْمَرْبِطِ وَجَعَلَ تَحْتَ الْبَابِ خَشَبَةً حَتَّى لَا تَخْرُجَ فَسُرِقَتْ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ اسْتَعَارَ ثَوْرًا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُعِيرَهُ ثَوْرًا يَوْمًا ثُمَّ جَاءَ لِيَسْتَعِيرَ ثَوْرًا وَكَانَ الرَّجُلُ غَائِبًا فَاسْتَعَارَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَدَفَعَتْهُ إلَيْهِ فَذَهَبَ بِهِ إلَى أَرْضِهِ فَضَاعَ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. طَلَبَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْرًا عَارِيَّةً، فَقَالَ لَهُ الْمُعِيرُ: أُعْطِيكَ غَدًا فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَخَذَ الْمُسْتَعِيرُ الثَّوْرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ فَعَطِبَ الثَّوْرُ فِي يَدِهِ، ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ عَلَيْهِ الضَّمَانَ، وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ بَقَرًا وَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ فِي الْمَسْرَحِ لِلرَّعْيِ فَضَاعَ إنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهُ يَرْضَى بِكَوْنِ الْبَقَرِ فِي الْمَسْرَحِ وَحْدَهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ ضَمِنَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَذَكَرَ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ خُلَاصَةِ الْمُفْتِي اسْتَعَارَ دَابَّةً وَاسْتَعْمَلَهَا إلَى الظُّهْرِ ثُمَّ تَرَكَهَا فِي الْجَبَّانَةِ فَأَكَلَهَا الذِّئْبُ ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَبَّانَةُ مَسْرَحَ هَذَا الْبَقَرِ لِلْمُعِيرِ وَكَانَ الْمُعِيرُ رَضِيَ بِكَوْنِهِ فِيهَا وَبِأَنْ يَرْعَى فِيهَا

وَحْدَهُ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ حِمَارًا إلَى مَوْضِعِ، كَذَا فَأُخْبِرَ أَنَّ فِي الطَّرِيقِ لُصُوصًا فَذَهَبَ فَأُخِذَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا كَانُوا يَسْلُكُونَ مِثْلَ هَذَا الطَّرِيقِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ اسْتَعَارَ حِمَارًا فَعَرِجَ فِي الْعَمَلِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. لَوْ رَبَطَ الْحِمَارَ الْمُسْتَعَارَ عَلَى الشَّجَرَةِ بِالْحَبْلِ الَّذِي عَلَيْهِ فَوَقَعَ الْحَبْلُ فِي عُنُقِهِ وَتَخَنَّقَ وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اسْتَعَارَ ثَوْرًا وَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ فَرَغَ وَلَمْ يَحُلَّ الْحَبْلَ عَنْ الثَّوْرِ فَذَهَبَ الْبَقَرُ إلَى الْمَسْرَحِ فَصَارَ الْحَبْلُ فِي عُنُقِهِ فَشَدَّهُ وَمَاتَ ضَمِنَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً فَنَامَ الْمُسْتَعِيرُ فِي الْمَفَازَةِ وَمِقْوَدُهَا فِي يَدِهِ فَجَاءَ إنْسَانٌ فَقَطَعَ الْمِقْوَدَ وَذَهَبَ بِالدَّابَّةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ مَدَّ الْمِقْوَدَ مِنْ يَدِهِ وَأَخَذَ الدَّابَّةَ، وَهُوَ لَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ ضَمِنَ، قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلَهَا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا، أَمَّا إذَا نَامَ جَالِسًا فَلَا، قَالُوا: وَإِنَّمَا يَضْمَنُ بِالنَّوْمِ مُضْطَجِعًا إذَا كَانَ فِي الْحَضَرِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي السَّفَرِ فَلَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ لَمْ يَرُدَّهَا مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ حَتَّى عَطِبَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا عَلَى وَجْهِ هَلَكَتْ، كَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ بِأَنَّ هَذَا إذَا انْتَفَعَ بِهَا بَعْدَ الْوَقْتِ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْعَارِيَّةُ مُوَقَّتَةً نَصًّا أَوْ دَلَالَةً حَتَّى قِيلَ: إنَّ مَنْ اسْتَعَارَ قُدُّومًا لِيَكْسِرَ حَطَبًا فَكَسَرَهُ وَأَمْسَكَ حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَهُ ضَمِنَ، هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. (ستورى عَارَيْت خواست وكس فرستادتا أزنرد بيارد مَأْمُور ستورراه برنشت) وَهَلَكَ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا مِنْ جِهَتِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ تَنْقَادُ مِنْ غَيْرِ رُكُوبٍ، فَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقَادُ إلَّا بِالرُّكُوبِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ عَمَّنْ اسْتَعَارَ حِمَارًا (تاخار آرِدّ) فَأَعْطَاهُ الْأَجِيرَ (تاخار آرِدّ) وَذَهَبَ بِهِ وَغَابَ، قَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَجِيرُ مُعْتَمَدًا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ، وَقَالَ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ: إنْ كَانَ الْأَجِيرُ مُيَاوَمَةً يَضْمَنُ، وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: لَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إنْ أَرْسَلَ رَجُلًا لِيَسْتَعِيرَ لَهُ دَابَّةً إلَى مَوْضِعٍ سَمَّاهُ فَجَاءَ الرَّسُولُ، فَقَالَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ: يَقُولُ لَكَ فُلَانٌ أَعِرْنِي دَابَّتَكَ إلَى مَوْضِعٍ سَمَّاهُ الرَّسُولُ غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُرْسِلُ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الْمُرْسِلَ بَدَا لَهُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَرَادَهُ وَسَارَ بِهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي سَمَّاهُ الرَّسُولُ فَعَطِبَتْ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ، فَإِنْ رَكِبَهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُرْسِلُ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُبَاحًا فَأَصَابَ مَحْظُورًا وَلَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِجِنَايَتِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُرْسِلُ فِي طَرِيقِ الْمَوْضِعِ الَّذِي سَمَّاهُ الرَّسُولُ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: قُلْ لِفُلَانٍ يُعِيرُنِي دَابَّتَهُ إلَى الْمُعْقِرِ فَيَقُولُ الرَّسُولُ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ: يَقُولُ لَكَ فُلَانٌ أَعِرْنِي دَابَّتَكَ إلَى سِهَامٍ، فَيَدْفَعُهَا إلَيْهِ فَيَرْكَبُهَا الْمُرْسِلُ إلَى الْمُعْقِرِ فَتَعْطَبُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْقِرَ عَلَى طَرِيقِ سِهَامٍ وَقَدْ حَصَلَ الْإِذْنُ فِيهِ فَلِهَذَا لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهَا حَيْثُ شَاءَ وَلَمْ يُسَمِّ مَكَانًا وَلَا وَقْتًا وَلَا مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا وَلَا مَا يَعْمَلُ بِهَا فَذَهَبَ بِهَا الْمُسْتَعِيرُ إلَى الْحِيرَةِ أَوْ أَمْسَكَهَا بِالْكُوفَةِ شَهْرًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَا يَضْمَنُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اسْتَعَارَ دَابَّةً وَبَعَثَ غُلَامَهُ إلَى الْمُعِيرِ لِيَأْتِيَ بِهَا إلَيْهِ فَأَخَذَ الْغُلَامُ مِنْ الْمُعِيرِ لِيَأْتِيَ بِهَا إلَى مَوْلَاهُ فَعَمِلَ الْغُلَامُ بِالدَّابَّةِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا إلَيْهِ وَهَلَكَتْ مِنْ عَمَلِهِ يَضْمَنُ الْعَبْدُ وَيَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ فِي الْحَالِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. بَعَثَ الرَّجُلُ أَجِيرَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَسْتَعِيرَ مِنْهُ دَابَّتَهُ فَأَعَارَهَا عَلَيْهَا عَبَاءَةٌ فَسَقَطَتْ الْعَبَاءَةُ: إنْ سَقَطَتْ الْعَبَاءَةُ بِعُنْفِ الْأَجِيرِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اسْتَعَارَ حِمَارًا فِي الرُّسْتَاقِ إلَى الْبَلَدِ فَلَمَّا أَتَى الْبَلَدَ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ الرُّجُوعُ إلَى الرُّسْتَاقِ فَوَضَعَ الْحِمَارَ فِي يَدِ رَجُلٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى الرُّسْتَاقِ وَيُسَلِّمَ إلَى صَاحِبِهِ فَهَلَكَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ، قَالُوا: إنْ كَانَ شَرَطَ فِي الْإِعَادَةِ أَنْ يَرْكَبَ الْمُسْتَعِيرُ بِنَفْسِهِ كَانَ ضَامِنًا بِالدَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ اسْتَعَارَ مُطْلَقًا لَا يَكُونُ ضَامِنًا

كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِيَسْتَعْمِلَهُ فَقَرَنَهُ مَعَ ثَوْرٍ يُسَاوِي ضِعْفَيْ قِيمَتُهُ فَعَطِبَ الثَّوْرُ الْمُسْتَعَارُ وَكَانَ النَّاسُ يَفْعَلُونَ مِثْلَ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَفْعَلُونَ مِثْلَهُ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. اسْتَعَارَ دَابَّةً نَتُوجًا يَعْنِي حَامِلًا، فَإِنْ زَلَقَتْ مِنْ غَيْرِ عُنْفِهِ وَأَسْقَطَتْ الْوَلَدَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ كَبَحَهَا بِاللِّجَامِ أَوْ فَقَأَ عَيْنَهَا بِالضَّرْبِ يَضْمَنُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. اسْتَعَارَ حِمَارًا، فَقَالَ: لِي حِمَارَانِ فِي الْإِصْطَبْلِ خُذْ أَحَدَهُمَا أَيَّهُمَا شِئْتَ فَذَهَبَ بِأَحَدِهِمَا لَا يَضْمَنُ لَوْ هَلَكَ، وَلَوْ قَالَ: خُذْ أَحَدَهُمَا وَاذْهَبْ بِهِ وَالْبَاقِي بِحَالِهِ يَضْمَنُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. أَعَارَهُ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا، وَقَالَ: خُذْ عِذَارَهُ وَلَمْ تُخَلِّهِ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَمْسَكُ إلَّا، هَكَذَا فَلَمَّا مَضَى سَاعَةٌ خَلَّى عِذَارَهُ فَأَسْرَعَ فِي الْمَشْيِ فَسَقَطَ وَانْكَسَرَ رِجْلُهُ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَالَ: أَعَرْتُ دَابَّتِي أَوْ ثَوْبِي هَذَا لِفُلَانٍ وَلَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَلَمْ يَسْمَعْ فَجَاءَ وَذَهَبَ بِهِ يَضْمَنُ إلَّا إذَا سَمِعَ هُوَ أَوْ رَسُولُهُ أَوْ أَخْبَرَهُ فُضُولِيٌّ قَدْ سَمِعَ، قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ إنْ كَانَ عَدْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ ثَوْرًا يَعْنِي اسْتَعَارَهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ يَوْمًا فَيُعِيرُ هُوَ ثَوْرَهُ أَيْضًا فَهَلَكَ الثَّوْرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. قَرَوِيٌّ اسْتَقْرَضَ ثَوْرًا فَأَغَارَ عَلَيْهِ الْأَتْرَاكُ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. عَبْدٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ اسْتَعَارَ دَابَّةً فَأَعَارَهَا مِنْ عَبْدٍ مَحْجُورٍ مِثْلِهِ فَاسْتَهْلَكَهَا ضَمِنَ الثَّانِي لِلْحَالِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِذَا أَعَارَ عَبْدٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ عَبْدًا مِثْلَهُ دَابَّةً فَرَكِبَهَا فَهَلَكَتْ تَحْتَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الرَّاكِبَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُعِيرِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُعِيرَ رَجَعَ بِهِ مَوْلَاهُ فِي رَقَبَةِ الرَّاكِبِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ لِمَوْلَى الْمُعِيرِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الرَّاكِبَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ لَوْ اسْتَعَارَ شَيْئًا فَاسْتَهْلَكَهُ يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَأَوْدَعَهَا فِي مُدَّةِ الِاسْتِعَارَةِ لَمْ يَضْمَنْ، بِهِ أَفْتَى أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ أَخَذَ حُسَامُ الدِّينِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَجُلٌ اسْتَعَارَ قِلَادَةَ ذَهَبٍ فَقَلَّدَهَا صَبِيًّا فَسُرِقَتْ، فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَضْبِطُ حِفْظَ مَا عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ زَلِقَ الْمُسْتَعِيرُ فِي السَّرَاوِيلِ فَتَخَرَّقَ لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَفِي فَتَاوَى الدِّينَارِيِّ إذَا انْتَقَصَ عَيْنُ الْمُسْتَعَارِ فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِسَبَبِ النُّقْصَانِ إذَا اسْتَعْمَلَهُ اسْتِعْمَالًا مَعْهُودًا، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ ثَوْبًا لِيَبْسُطَهُ فَوَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ أَوْ عَثَرَ فَوَقَعَ عَلَيْهِ فَتَخَرَّقَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اسْتَعَارَ ثَوْبًا للآذين، وَيُقَالُ بِالْفَارِسِيَّةِ (خوازه) فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ إذَا لَمْ يَتْرُكْ حِفْظَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ امْرَأَةٌ اسْتَعَارَتْ مُلَاءَةً فَوَضَعَتْهَا دَاخِلَ الدَّارِ وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ فَصَعِدَتْ السَّطْحَ فَلَمَّا نَزَلَتْ لَمْ تَجِدْ الْمُلَاءَةَ، قِيلَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: هِيَ ضَامِنَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ امْرَأَةٍ شَيْئًا مِمَّا كَانَ مِلْكَ الزَّوْجِ فَأَعَارَتْ فَهَلَكَ إنْ كَانَ شَيْئًا فِي دَاخِلِ الْبَيْتِ وَمَا يَكُونُ فِي أَيْدِيهِنَّ عَادَةً لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، أَمَّا فِي الثَّوْرِ وَالْفَرَسِ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمَرْأَةُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا وَضَعَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَنَامَ قَاعِدًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا، وَهُوَ فِي الْمِصْرِ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالُوا: لَوْ وَضَعَ الْمُسْتَعَارَ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ جَنْبِهِ وَنَامَ مُضْطَجِعًا لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ مَرًّا لِيَسْقِيَ بِهِ أَرْضَهُ فَفَتَحَ الْمَاءَ بِهِ وَنَامَ مُضْطَجِعًا وَوَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ كَمَا هُوَ عَادَةُ أَهْلِ الرَّسَاتِيقِ فَسُرِقَ مِنْهُ وَقَعَتْ هَذِهِ الْوَاقِعَةُ بِبُخَارَى وَأَفْتَوْا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا وَضَعَ الْعَارِيَّةُ ثُمَّ قَامَ وَتَرَكَهَا نَاسِيًا فَضَاعَتْ ضَمِنَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَجُلٌ دَخَلَ الْحَمَّامَ فَسَقَطَتْ قَصْعَةُ الْحَمَّامِ مِنْ يَدِهِ وَانْكَسَرَتْ فِي الْحَمَّامِ أَوْ انْكَسَرَ كُوزُ الْفَقَّاعِي مِنْ يَدِهِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: لَا يَكُونُ ضَامِنًا، قِيلَ: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُوءِ إمْسَاكِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ سُوءِ إمْسَاكِهِ يَكُونُ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا رَكِبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ وَلَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى عَقَرَهَا آخَرُ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي عَقَرَهَا دُونَ الَّذِي رَكِبَهَا، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ أَعَارَ شَيْئًا وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا لَا يَكُونُ مَضْمُونًا، هَكَذَا ذُكِرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. قَالَ لِآخَرَ: أَعِرْنِي ثَوْبَكَ، فَإِنْ ضَاعَ

الباب السادس في رد العارية

فَإِنِّي ضَامِنٌ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ أَعَارَ فَرَسًا أَوْ سَيْفًا لِيُقَاتِلَ فَتَلِفَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ سِلَاحًا لِيُقَاتِلَ بِهِ فَضَرَبَ بِالسَّيْفِ فَانْقَطَعَ نِصْفَيْنِ أَوْ طَعَنَ بِالرُّمْحِ فَانْكَسَرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ضَرَبَ بِهِ حَجَرًا فَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اسْتَعَارَ قِدْرًا لِغَسْلِ الثِّيَابِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ حَتَّى سُرِقَ لَيْلًا ضَمِنَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. صَبِيٌّ اسْتَعَارَ مِنْ صَبِيٍّ شَيْئًا كَالْقَدُّومِ وَنَحْوِهِ فَأَعْطَاهُ وَذَلِكَ الشَّيْءُ لِغَيْرِ الدَّافِعِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ الْأَوَّلُ مَأْذُونًا لَا يَجِبُ عَلَى الثَّانِي وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا صَحَّ الدَّفْعُ وَكَانَ الْهَلَاكُ بِتَسْلِيطِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ لِلْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ يَضْمَنُ هَذَا بِالدَّفْعِ وَيَضْمَنُ الثَّانِي بِالْأَخْذِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ اسْتَعَارَ فَأْسًا وَضَرَبَهُ فِي الْحَطَبِ (وسخت شَدِّدْ رهيزم وتبرد يكر كرفت وَبِمَهْرِهِ آن تبررد) وَانْكَسَرَ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ، وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ (اكرزدن معتار بوده إست) فَلَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. أَعَارَ مِنْ آخَرَ شَيْئًا وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ مُسْتَحِقٌّ فَلَهُ الْخِيَارُ يُضَمِّنُ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُعِيرَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ فَكَذَلِكَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ فِي الْقَبْضِ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ فَلَمَّا ضَمِنَ بِسَبَبِ عَمَلٍ عَمِلَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ مَحْمِلًا أَوْ فُسْطَاطًا لَهَا، وَهُوَ فِي الْمِصْرِ فَسَافَرَ بِهِ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ اسْتَعَارَ سَيْفًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ عِمَامَةً فَسَافَرَ بِهِ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ رَجُلٌ بَعَثَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ يَسْتَعِيرُ مِنْهُ مَتَاعًا فَذَهَبَ الرَّسُولُ فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبُ الْمَتَاعِ فِي مَنْزِلِهِ وَوَجَدَ الْمَتَاعَ فِي مَنْزِلِهِ فَأَخَذَهُ وَجَاءَ بِهِ إلَى الْمُسْتَعِيرِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئًا وَضَاعَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَلِصَاحِبِ الْمَتَاعِ أَنْ يُضَمِّنَ الرَّسُولَ وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُسْتَعِيرَ وَأَيَّهُمَا ضَمَّنَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآخَرِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ اسْتَعَارَ قِدْرًا لِلطَّبْخِ فَطَبَخَ فِيهَا مَرَقَةً وَنَقَلَهَا مِنْ الْكَانُونِ مَعَ الْمَرَقَةِ أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ الْبَيْتِ فَوَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَتْ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ الْحَمَّالِ إذَا زَلِقَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي رَدِّ الْعَارِيَّةِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي رَدِّ الْعَارِيَّةِ) . وَلَوْ رَدَّ الْعَارِيَّةَ مَعَ عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِ مُشَاهَرَةٍ أَوْ مُسَانَهَةٍ لَا مُيَاوَمَةٍ أَوْ مَعَ عَبْدِ الْمُعِيرِ أَوْ أَجِيرٍ فَضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَإِنْ رَدَّهَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ رَدَّهَا إلَى عَبْدِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهَا وَيَتَعَاهَدُهَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَأَرَادَ بِهِ ضَمَانَ الرَّدِّ لَا ضَمَانَ الْعَيْنِ، وَلَوْ هَلَكَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْعَبْدِ لَا يَضْمَنُ ضَمَانَ الْعَيْنِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَمْ يَفْصِلْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ بَيْنَ عَبْدِهِ الَّذِي يَقُومُ عَلَى الدَّابَّةِ وَاَلَّذِي لَا يَقُومُ عَلَيْهَا وَوَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ فِي الْعَبْدِ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهَا، وَقَالَ: بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، فَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: إذَا رَدَّ إلَى عَبْدِهِ الَّذِي لَا يَقُومُ عَلَيْهَا وَجَبَ أَنْ لَا يَبْرَأَ عَنْ الضَّمَانِ، وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَقُومُ عَلَى الدَّابَّةِ قَدْ يَأْخُذُهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. فَإِنْ رَدَّ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ مَعَ غُلَامِهِ فَعَقَرَهَا الْغُلَامُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَقِيمَتِهَا يُبَاعُ فِي ذَلِكَ أَوْ يُؤَدِّي عَنْهُ مَوْلَاهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ رَدَّهَا إلَى مَنْزِلِ الْمُعِيرِ أَوْ مَرْبِطِهِ فَضَاعَتْ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا، قِيلَ: هَذَا فِي عَادَتِهِمْ وَعَلَى هَذَا الْبَرَاءَةُ عَنْ ضَمَانِ الرَّدِّ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمَرْبِطُ خَارِجَ الدَّارِ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ هُنَاكَ بِلَا حَافِظٍ، وَلَوْ رَدَّهَا إلَى أَرْضِهِ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ لَا يَحْفَظُهَا بِأَرْضِهِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ عِقْدَ جَوْهَرٍ أَوْ شَيْئًا نَفِيسًا فَرَدَّهُ إلَى عَبْدِ الْمُعِيرِ أَوْ أَجِيرِهِ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا ثُمَّ جَاءَ بِهِ إلَى بَيْتِ الْمُعِيرِ، فَقَالَ لِلْمُسْتَعِيرِ: ضَعْهُ فِي هَذَا الْجَانِبِ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ، فَقَالَ:

الباب السابع في استرداد العارية

لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ رَدَّ الثَّوْبَ الْمُسْتَعَارِ فَلَمْ يَجِدْ الْمُعِيرُ وَلَا مَنْ فِي عِيَالِهِ فَأَمْسَكَهُ اللَّيْلَ وَهَلَكَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ وَجَدَ مَنْ فِي عِيَالِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي اسْتِرْدَادِ الْعَارِيَّةِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي اسْتِرْدَادِ الْعَارِيَّةِ وَمَا يَمْنَعُ مِنْ اسْتِرْدَادِهَا) . وَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا أَطْلَقَ أَوْ وَقَّتَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ اسْتَعَارَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ حَتَّى يَحْصُدَ الزَّرْعَ اسْتِحْسَانًا وَقَّتَ أَوْ لَمْ يُوَقِّتْ؛ لِأَنَّ لَهُ نِهَايَةً مَعْلُومَةً فَيُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُرَاعَاةَ الْحَقَّيْنِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِذَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ، ذُكِرَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمَبْسُوطِ أَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَأْخُذُ الْأَرْضَ مَعَ الْأَجْرِ وَلَمْ يُذْكَرْ هَذَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَافِظُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ إنَّمَا يَجِبُ الْأَجْرُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إذَا أَجَّرَ الْأَرْضَ مِنْهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَوْ الْقَاضِي، فَأَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ، فَإِنْ أَبَى الْمُزَارِعُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ فِي يَدِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَكَرِهَ قَلْعَ الزَّرْعِ أَيْضًا وَأَرَادَ أَنْ يَضْمَنَ رَبُّ الْأَرْضِ قِيمَةَ الزَّرْعِ، وَقَالَ: زَرْعِي مُتَّصِلٌ بِأَرْضِكَ فَأَشْبَهَ الصِّبْغَ الْمُتَّصِلَ بِثَوْبِكَ فَلِي أَنْ أُضَمِّنَكَ قِيمَتَهُ، لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ، وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى فِي مَوْضِعٍ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرْضَى رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَتْرُكَ الزَّرْعَ فِي أَرْضِهِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ وَذَلِكَ مِنْهُ وَفَاءٌ بِالشَّرْطِ الَّذِي شُرِطَ فِي عَقْدِ الْعَارِيَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَيْسَ لِلْمُزَارِعِ أَنْ يُضَمِّنَ رَبَّ الْأَرْضِ قِيمَةَ الزَّرْعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَهُ بَذْرَهُ وَنَفَقَتَهُ وَيَأْخُذَ الْأَرْضَ مَعَ الزَّرْعِ مِنْهُ وَرَضِيَ الْمُسْتَعِيرُ بِهِ وَذَلِكَ قَبْلَ خُرُوجِ الزَّرْعِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ يَجُوزُ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. إذَا اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ أَرْضًا لِيَبْنِيَ فِيهَا أَوْ يَغْرِسَ فِيهَا ثُمَّ بَدَا لِلْمَالِكِ أَنْ يُخْرِجَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُوَقَّتَةً غَيْرَ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً لَهُ أَنْ يُجْبِرَ الْمُسْتَعِيرَ عَلَى قَلْعِ الْغَرْسِ وَنَقْضِ الْبِنَاءِ، وَإِذَا قَلَعَ وَنَقَضَ لَا يَضْمَنُ الْمُعِيرُ شَيْئًا مِنْ قِيمَةِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَالٍ تَنْقُصُ بِذَلِكَ إنْ رَضِيَ الْمُعِيرُ بِالنَّقْصِ قَلَعَهُمَا، وَإِنْ طَلَبَ الْمُسْتَعِيرُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُعِيرُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَقْلُوعًا فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَيُكَلِّفُهُ الْقَلْعَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْأَرْضَ نَاقِصَةً ضَمِنَ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَقْلُوعًا غَيْرَ ثَابِتٍ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْمُسْتَعِيرِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ كَانَتْ مُوَقَّتَةً فَأَخْرَجَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى النَّقْضِ وَالْقَلْعِ، وَالْمُسْتَعِيرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ صَاحِبَ الْأَرْضِ قِيمَةَ غَرْسِهِ وَبِنَائِهِ قَائِمًا مَبْنِيًّا وَتَرَكَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَمْلِكُ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ غَرْسَهُ وَبِنَاءَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ خِيَارُ النَّقْضِ وَالْقَلْعِ لِلْمُسْتَعِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ النَّقْضُ وَالْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ، فَإِنْ كَانَ مُضِرًّا بِهَا فَالْخِيَارُ لِلْمَالِكِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ إنْ شَاءَ انْتَظَرَ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَيُجْبِرُهُ عَلَى الْقَلْعِ أَوْ يَغْرَمَ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَقْلُوعًا إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ كَمَا هُوَ مَبْنِيٌّ وَقِيمَةَ الْغَرْسِ ثَابِتًا فَيَكُونُ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. هَذَا إذَا أَرَادَ صَاحِبُ الْأَرْضِ إخْرَاجَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَإِنْ مَضَى فَصَاحِبُ الْأَرْضِ يَقْلَعُ عَلَيْهِ الْأَشْجَارَ وَالْبِنَاءَ وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يَضُرَّ الْقَلْعُ بِالْأَرْضِ فَحِينَئِذٍ صَاحِبُ الْأَرْضِ يَمْتَلِكُ الْبِنَاءَ وَالْأَغْرَاسَ بِالضَّمَانِ وَيُعْتَبَرُ فِي الضَّمَانِ قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَعَارَ مِنْ آخَرَ أَرْضًا وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بِنَاءً فَفَعَلَ ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّ الْأَرْضَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَنَقَضَ بِنَاءَ الْمُسْتَعِيرِ فَلَيْسَ عَلَى الْمُعِيرِ قِيمَةُ الْبِنَاءِ لِلْمُسْتَعِيرِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُوَقَّتَةً أَوْ مُطْلَقَةً، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُوَقَّتَةً فَاسْتَحَقَّ الْأَرْضَ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْمُعِيرُ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ فَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ سَوَّيَا فِي الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ نَقْضُ الْبِنَاءِ مِنْ الْمُعِيرِ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ نَقْضُ الْبِنَاءِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَأَوْجَبَ الْقِيمَةَ عَلَى الْمُعِيرِ إذَا كَانَ النَّقْضُ مِنْهُ وَلَمْ يُوجِبْ الْقِيمَةَ عَلَى الْمُعِيرِ إذَا كَانَ النَّقْضُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي النَّوَازِلِ: اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ دَارًا وَبَنَى فِيهَا حَائِطًا بِالتُّرَابِ، وَيُقَالُ

الباب الثامن في الاختلاف الواقع في هذا الباب والشهادة فيه

بِالْفَارِسِيَّةِ (باخسه) وَاسْتَأْجَرَ الْأَجِيرَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَكَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الدَّارِ، ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الدَّارِ يَسْتَرِدُّ الدَّارَ مِنْهُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْحَائِطَ؟ إنْ كَانَ قَدْ بَنَاهُ مِنْ تُرَابِ صَاحِبِ الدَّارِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: ابْنِ فِي أَرْضِي هَذِهِ لِنَفْسِكَ عَلَى أَنْ أَتْرُكَهَا فِي يَدِكَ أَبَدًا، أَوْ قَالَ: إلَى وَقْتِ كَذَا، فَإِنْ لَمْ أَتْرُكْهَا فَأَنَا ضَامِنٌ لَكَ مَا تُنْفِقُ فِي بِنَائِكَ وَيَكُونُ الْبِنَاءُ لِي، فَإِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْأَرْضِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَيَكُونُ جَمِيعُ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (1) اسْتَعَارَ أَرْضًا لِيَبْنِيَ وَيَسْكُنَ، وَإِذَا خَرَجَ فَالْبِنَاءُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِهَا مِقْدَارُ السُّكْنَى وَالْبِنَاءُ لِلْمُسْتَعِيرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ فَمَنَعَهَا الْمُسْتَعِيرُ عَنْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهَا وَلَكِنْ قَالَ لِصَاحِبِهَا: دَعْهَا عِنْدِي إلَى غَدٍ ثُمَّ أَرُدُّهَا عَلَيْكَ فَرَضِيَ بِذَلِكَ ثُمَّ ضَاعَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. طَلَبَهَا فَقَالَ: نَعَمْ أَدْفَعُ وَمَضَى شَهْرٌ حَتَّى هَلَكَتْ إنْ كَانَ عَاجِزًا وَقْتَ الطَّلَبِ عَنْ الرَّدِّ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا: إنْ صَرَّحَ الْمُعِيرُ بِالْكَرَاهَةِ وَالسَّخَطِ فِي الْإِمْسَاكِ وَأَمْسَكَ يَضْمَنُ، وَكَذَا إنْ سَكَتَ، وَإِنْ صَرَّحَ بِالرِّضَا، قَالَ: لَا بَأْسَ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ، وَهُوَ لَمْ يَرُدَّهَا حَتَّى ضَاعَتْ: إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ قَيَّدَهَا بِوَقْتٍ وَمَضَى الْوَقْتُ وَلَمْ يَرُدَّهَا ضَمِنَ. اسْتَعَارَ كِتَابًا فَضَاعَ فَجَاءَ مَالِكُهُ فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِالضَّيَاعِ وَوَعَدَهُ بِالرَّدِّ ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِالضَّيَاعِ إنْ لَمْ يَكُنْ آيِسًا مِنْ وُجُودِهِ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ آيِسًا مِنْ وُجُودِهِ يَضْمَنُ، وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: هَذَا التَّفْصِيلُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّهُ إذَا وَعَدَهُ الرَّدَّ ثُمَّ ادَّعَى الضَّيَاعَ يَضْمَنُ لِلتَّنَاقُضِ إذَا كَانَ دَعْوَى الضَّيَاعِ قَبْلَ الْوَعْدِ وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ أَمَةً لِتُرْضِعَ ابْنًا لَهُ فَلَمَّا صَارَ الصَّبِيُّ لَا يَأْخُذُ إلَّا مِنْهَا، قَالَ لَهُ الْمُعِيرُ: اُرْدُدْ عَلَيَّ أَمَتِي، لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ أَمَتِهِ إلَى أَنْ يُفْطَمَ الصَّبِيُّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ زِقَاقًا وَجَعَلَ فِيهَا زَيْتًا فَأَخَذَهُ فِي الصَّحْرَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الزِّقَاقَ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهَا إلَى مَوْضِعٍ يَجِدُ فِيهِ زِقَاقًا فَيُحَوِّلُ زَيْتَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ فَرَسًا لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ فَأَعَارَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ لَقِيَهُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَأَرَادَ أَخْذَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَقِيَهُ فِي بِلَادِ الشِّرْكِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكِرَاءِ وَالشِّرَاءِ كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ لَا يَدْفَعَهُ إلَيْهِ وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ أَجْرُ مِثْلِ الْفَرَسِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي طَلَبَ صَاحِبُهُ إلَى أَدْنَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِدُ فِيهِ الرُّكُوبَ بِكِرَاءٍ أَوْ شِرَاءِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ فِي هَذَا الْبَابِ وَالشَّهَادَةِ فِيهِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ فِي هَذَا الْبَابِ وَالشَّهَادَةِ فِيهِ) . قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى حَمَّامِ أَعْيَنَ فَجَاوَزَ بِهَا حَمَّامَ أَعْيَنَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى حَمَّامِ أَعْيَنَ أَوْ إلَى الْكُوفَةِ وَالدَّابَّةُ عَلَى حَالِهَا ثُمَّ عَطِبَتْ الدَّابَّةُ، فَقَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ: قَدْ خَالَفْتَ وَلَمْ تَرُدَّهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَذِنْتُ لَكَ، فَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: قَدْ خَالَفْتُ فِيهِمَا ثُمَّ رَجَعْتُ بِهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَذِنْتَ لِي، فَلَا ضَمَانَ عَلَيَّ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ وَالْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ رَدَّهَا إلَى الْكُوفَةِ أَوْ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهَا إلَيْهِ ثُمَّ نَفَقَتْ بَعْدَمَا رَدَّهَا، قَالَ: هُوَ ضَامِنٌ لَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَى صَاحِبِهَا، وَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ اسْتَعَارَهُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ ذَاهِبًا لَا جَائِيًا وَمَتَى كَانَ كَذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَإِنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ، وَالْعَقْدُ قَائِمٌ فَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ أَقَامَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا عَطِبَتْ تَحْتَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَجَاوَزَ وَتَعَدَّى فِيهِ وَأَقَامَ الْمُسْتَعِيرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا إلَى يَدِ صَاحِبِهَا أُخِذَ بِبَيِّنَةِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا نَفَقَتْ الدَّابَّةُ تَحْتَ الْمُسْتَعِيرِ ثُمَّ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَابَّتُهُ يَقْضِي الْقَاضِي لَهُ بِالْمِلْكِ، وَلَا يَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ وَلَمْ يَهَبْ، فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَهُ، أَوْ قَالَ: أَذِنَ لِي فِي عَارِيَّتِهَا يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ نَكَلَ كَانَ نُكُولُهُ كَإِقْرَارِهِ فَلَا يُضَمِّنُ الْمُسْتَحِقُّ أَحَدًا، وَإِنْ حَلَفَ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ

الباب التاسع في المتفرقات

ضَمَّنَ الْمُعِيرَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُعِيرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِفِعْلٍ بَاشَرَهُ لِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَالَ: أَعَرْتَنِي دَابَّتَكَ وَهَلَكَتْ، وَقَالَ الْمَالِكُ: غَصَبْتَهَا مِنِّي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ رَكِبَهَا، فَإِنْ كَانَ قَدْ رَكِبَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ قَالَ: أَعَرْتَنِي، وَقَالَ الْمَالِكُ: أَجَرْتُكَهَا وَقَدْ رَكِبَهَا وَهَلَكَتْ مِنْ رُكُوبِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي الْأَيَّامِ أَوْ فِي الْمَكَانِ أَوْ فِيمَا يُحْمَلُ عَلَى الْعَارِيَّةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُسْتَعِيرُ وَادَّعَى أَنَّ الْمُعِيرَ أَذِنَ لَهُ وَجَحَدَ الْمُعِيرُ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ إلَّا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْإِذْنِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِذَا قَالَ الْمُسْتَعِيرُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ: قَدْ هَلَكَتْ مِنِّي الْعَارِيَّةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَعَرْتَنِي هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الْأَرْضَ لِأَبْنِيَهَا أَوْ أَغْرِسَ فِيهَا مَا بَدَا مِنْ النَّخْلِ أَوْ الشَّجَرِ فَغَرَسْتُهَا هَذَا النَّخِيلَ وَبَنَيْتُهَا هَذَا الْبِنَاءَ، وَقَالَ الْمُعِيرُ: أَعَرْتُكَ الدَّارَ وَالْأَرْضَ وَفِيهَا هَذَا الْبِنَاءُ وَالْأَغْرَاسُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُعِيرِ أَيْضًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. جَاءَ رَجُلٌ إلَى الْمُسْتَعِيرِ، فَقَالَ: إنِّي اسْتَعَرْتُ الدَّابَّةَ الَّتِي عِنْدَكَ مِنْ فُلَانٍ مَالِكِهَا وَأَمَرَنِي أَنْ أَقْبِضَهَا مِنْكَ فَصَدَّقَهُ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُعِيرُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فَالْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي قَبَضَهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ كَذَّبَهُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْ وَلَمْ يُكَذِّبْ أَوْ صَدَّقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ كَانَ الَّذِي جَاءَ بِقَبْضِ الْعَارِيَّةِ مِنْهُ خَادِمُ الْمُعِيرِ وَأَنْكَرَ مَوْلَاهُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلَانِ يَسْكُنَانِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ كُلُّ وَاحِدٍ فِي زَاوِيَةٍ فَاسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا فَطَلَبَ الْمُعِيرُ بِالرَّدِّ، فَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: وَضَعْتُهُ فِي الطَّاقِ الَّذِي فِي زَاوِيَتِكَ وَأَنْكَرَ الْمُعِيرُ، فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ فِي أَيْدِيهِمَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) . وَمُؤْنَةُ رَدِّ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُودِعِ وَالْمُسْتَأْجَرِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَالْمَغْصُوبِ عَلَى الْغَاصِبِ وَالْمَرْهُونِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ، كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ: نَفَقَةُ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ حَاكِيًا عَنْ أُسْتَاذِهِ: إنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا لُزُومَ فِي الْعَارِيَّةِ وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْمُسْتَعِيرِ: أَنْتَ أَحَقُّ بِالْمَنَافِعِ فَإِنْ شِئْتَ فَأَنْفِقْ لِيَحْصُلَ لَكَ الْمَنْفَعَةُ وَإِنْ شِئْتُ فَخَلِّ يَدَكَ عَنْهُ، أَمَّا أَنْ يُجْبَرَ عَلَى الْإِنْفَاقِ فَلَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. عَلَفُ الدَّابَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ كَذَلِكَ، أَمَّا كِسْوَتُهُ فَعَلَى الْمُعِيرِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. قَالَ لِآخَرَ: خُذْ عَبْدِي وَاسْتَعْمِلْهُ وَاسْتَخْدِمْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَعِيرَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَنَفَقَةُ هَذَا الْعَبْدِ عَلَى مَوْلَاهُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَصَحَّ التَّكْفِيلُ بِرَدِّ الْعَارِيَّةِ وَالْمَغْصُوبِ، وَلَوْ تَوَكَّلَ بِالرَّدِّ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى النَّقْلِ إلَى مَنْزِلِهِ بَلْ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ حَيْثُ يَجِدُهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ دَخَلَ كَرْمَ صَدِيقٍ لَهُ وَتَنَاوَلَ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِهِ: إنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَ الْكَرْمِ لَوْ عَلِمَ لَا يُبَالِي بِهَذَا أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا اسْتَعَارَ أَرْضًا بَيْضَاءَ لِلزِّرَاعَةِ يَكْتُبُ الْمُسْتَعِيرُ: إنَّكَ أَطْعَمْتَنِي أَرْضَكَ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَا: يَكْتُبُ: إنَّكَ أَعَرْتَنِي، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي الثَّوْبِ وَالدَّارِ يَكْتُبُ: قَدْ أَعَرْتَنِي إجْمَاعًا وَلَا يَكْتُبُ أَلْبَسْتَنِي وَأَسْكَنْتَنِي، هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ أَرْضٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ أَذِنَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِلْبَاقِينَ أَنْ يَبْنُوا فِيهِ قُصُورًا فَبَنَوْا ثُمَّ أَرَادَ الْآذِنُ أَنْ يَهْدِمَ بِنَاءَ قَصْرٍ مِنْهَا كَانَ لَهُمْ مَنْعُهُ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِرَفْعِ قُصُورِهِمْ، إذْ الْعَارِيَّةُ لَا تَكُونُ لَازِمَةً، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْأَبَ يُعِيرُ وَلَدَهُ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يُعِيرَ مَالَ وَلَدِهِ؟ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا قَالُوا: لَهُ ذَلِكَ، وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَ كَانَ ضَامِنًا، وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ إذَا أَعَارَ مَالَهُ صَحَّتْ الْإِعَارَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي

شَرْحِ بُيُوعِ الطَّحَاوِيِّ لِلْقَاضِي أَنْ يُعِيرَ مَالَ الْيَتِيمِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. اسْتَعَارَ الْوَصِيُّ دَابَّةً لِعَمَلِ الصَّبِيِّ وَلَمْ يَرُدَّهَا بِاللَّيْلِ حَتَّى هَلَكَتْ فَالضَّمَانُ عَلَى الصَّبِيِّ دُونَ الْوَصِيِّ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَإِنَّهَا عَجِيبَةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. سُئِلَ بُرْهَانُ الدِّينِ (2) (طشت عَارَيْت خواست تاطشت را آب دارد باجامه شويد مُقَيَّد شويد بهمين آب داشتن وبهمين جامه شستن يالى) ، قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّتَ وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ، وَمَعْنَاهُ (يكيار) وَفَتْوَى الْقَاضِي جَمَالِ الدِّينِ بِخِلَافِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إعَارَةُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ تَصِحُّ كَيْفَمَا كَانَ فِي الَّتِي تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ لَا تَحْتَمِلُهَا مِنْ شَرِيكٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، وَكَذَا إعَارَةُ الشَّيْءِ مِنْ اثْنَيْنِ أُجْمِلَ أَوْ فُصِّلَ بِالتَّنْصِيفِ أَوْ بِالْأَثْلَاثِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. مَاتَ الْمُعِيرُ أَوْ الْمُسْتَعِيرُ تُرَدُّ الْعَارِيَّةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. اسْتَعَارَ سَهْمًا إنْ اسْتَعَارَ لِيَغْزُوَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ اسْتَعَارَ لِرَمْيِ الْهَدَفِ صَحَّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. أَرَادَ أَنْ يَسْتَمِدَّ مِنْ مِحْبَرَةِ غَيْرِهِ إنْ اسْتَأْذَنَهُ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ فَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَنْهَهُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أُحِبُّ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ رَجُلٌ رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ خَاتَمًا، وَقَالَ لِلْمُرْتَهِنِ: تَخَتَّمْ فَتَخَتَّمَ فَهَلَكَ الْخَاتَمُ لَا يَهْلِكُ بِالدَّيْنِ وَيَكُونُ الدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ عَارِيَّةً، وَلَوْ تَخَتَّمَ ثُمَّ أَخْرَجَ الْخَاتَمَ مِنْ أُصْبُعِهِ ثُمَّ هَلَكَ يَهْلِكُ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ عَادَ رَهْنًا، قَالُوا: هَذَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَتَخَتَّمَ فِي خِنْصَرِهِ، فَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَخَتَّمَ بِهِ فِي السَّبَّابَةِ فَهَلَكَ حَالَةَ التَّخَتُّمِ يَهْلِكُ بِالدَّيْنِ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَتَخَتَّمَ بِهِ فِي الْخِنْصَرِ وَيَجْعَلَ الْفَصَّ مِنْ جَانِبِ الْكَفِّ فَجَعَلَ الْفَصَّ مِنْ الْخَارِجِ عَلَى ظَهْرِ الْأُصْبُعِ كَانَ إعَارَةً، وَهُوَ وَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَتَخَتَّمَ بِهِ فِي الْخِنْصَرِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَجْعَلَ الْفَصَّ فِي جَانِبِ الْكَفِّ سَوَاءٌ، وَيَكُونُ إعَارَةً، هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي رَهْنِ الْأَصْلِ لَوْ رَهَنَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ بِأَلْفٍ ثُمَّ اسْتَعَارَ الرَّاهِنُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ فَهَلَكَ يَهْلِكُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي الرَّهْنِ يَوْمَ الْقَبْضِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانُهُ غُصِبَ فَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهُ حِينَ غُصِبَ ثَانِيًا، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. اسْتِعَارَةُ الشَّيْءِ لِلرَّهْنِ مِنْ غَيْرِهِ جَائِزَةٌ وَإِنَّهُ مَعْرُوفٌ وَالِاسْتِعَارَةُ لِيُؤَاجِرَ غَيْرَهُ جَائِزَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ حِنْطَةً عَفِنَةً وَاسْتَهْلَكَهَا الْمُسْتَقْرِضُ ثُمَّ قَضَاهُ جَيِّدًا، قَالَ: إنْ قَالَ الْمُقْرِضُ كَانَتْ حِنْطَتِي جَيِّدَةً، فَصَدَّقَهُ الْمُسْتَقْرِضُ وَرَدَّ عَلَيْهِ جَيِّدًا ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهَا كَانَتْ عَفِنَةً فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا قَضَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا لَكِنْ قَضَاهُ جَيِّدًا جَازَ، وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ قَفِيزُ حِنْطَةٍ دَيْنٌ فَاشْتَرَى مِنْهُ أَيْضًا قَفِيزَ حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ غِرَارَتَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهَا كِلَا الْقَفِيزَيْنِ فَفَعَلَ فَهَلَكَتْ الْغِرَارَةُ بِمَا فِيهَا: إنْ صَبَّ فِيهَا الْمُسْتَقْرِضُ الْحِنْطَةَ الْمَبِيعَةَ أَوَّلًا ثُمَّ الْقَرْضِيَّةَ فَالْهَلَاكُ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ صَبَّ الْحِنْطَةَ الْقَرْضِيَّةَ أَوَّلًا فَهِيَ عَلَى مِلْكِ الْمَأْمُورِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. رَجُلٌ وَضَعَ الْجُذُوعَ عَلَى حَائِطِ رَجُلٍ بِإِذْنِهِ أَوْ حَفَرَ سِرْدَابًا تَحْتَ دَارِهِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ بَاعَ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ ثُمَّ طَلَبَ الْمُشْتَرِي رَفْعَ الْجُذُوعِ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا السِّرْدَابُ إلَّا إذَا شَرَطَ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ بَقَاءَ الْجُذُوعِ وَالسِّرْدَابِ تَحْتَ الدَّارِ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَهُ بِرَفْعِ ذَلِكَ، وَالْوَارِثُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ لِلْوَارِثِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ وَالسِّرْدَابِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ مَسَائِلِ الْحِيطَان. عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ غَطَارِفَةً بِبُخَارَى فَالْتَقَيَا فِي بَلْدَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا فِيهَا، قَالَ: يُؤَجِّلُهُ قَدْرَ الْمَسَافَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا حَتَّى يُعْطِيَهُ مِثْلَهَا وَيَسْتَوْثِقُ مِنْهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. اسْتَعَارَ مِنْشَارًا فَانْكَسَرَ فِي النَّشْرِ نِصْفَيْنِ فَدَفَعَهُ إلَى الْحَدَّادِ فَوَصَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُعِيرِ يَنْقَطِعُ حَقُّهُ وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ قِيمَتُهُ مُنْكَسِرًا، وَكَذَا الْغَاصِبُ إذَا غَصَبَهُ مُنْكَسِرًا، كَذَا فِي

كتاب الهبة وفيه اثنا عشر بابا

الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ. نَامَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا وَالْمُسْتَعَارُ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ مَوْضُوعًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَبِحَوَالَيْهِ يُعَدُّ حَافِظًا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْهِبَةِ وَفِيهِ اثْنَا عَشَرَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ تَفْسِير الْهِبَةِ وَرُكْنهَا وَشَرَائِطهَا وَأَنْوَاعهَا وَحُكْمهَا] (كِتَابُ الْهِبَةِ) وَفِيهِ اثْنَا عَشَرَ بَابًا. (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْهِبَةِ وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِهَا وَأَنْوَاعِهَا وَحُكْمِهَا وَفِيمَا يَكُونُ هِبَةً مِنْ الْأَلْفَاظِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا وَمَا لَا يَكُونُ) أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا فَهِيَ تَمْلِيكُ عَيْنٍ بِلَا عِوَضٍ، كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَأَمَّا رُكْنُهَا فَقَوْلُ الْوَاهِبِ: وَهَبْتُ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ وَإِنَّمَا يَتِمُّ بِالْمَالِكِ وَحْدَهُ، وَالْقَبُولُ شَرْطُ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ حَتَّى لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَهَبَ فَوَهَبَ وَلَمْ يَقْبَلْ الْآخَرُ حَنِثَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَأَنْوَاعٌ يَرْجِعُ بَعْضُهَا إلَى نَفْسِ الرُّكْنِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْوَاهِبِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَوْهُوبِ، أَمَّا مَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الرُّكْنِ فَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مُعَلَّقًا بِمَا لَهُ خَطَرُ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ مِنْ دُخُولِ زَيْدٍ وَقُدُومِ خَالِدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا مُضَافًا إلَى وَقْتٍ بِأَنْ يَقُولَ: وَهَبْتُ هَذَا الشَّيْءَ مِنْكَ غَدًا أَوْ رَأْسَ شَهْرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالرُّقْبَى بَاطِلَةٌ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ: دَارِي لَكَ رُقْبَى، وَمَعْنَاهُ: إنْ مِتَّ فَهِيَ لِي، وَإِنْ مِتُّ فَهِيَ لَكَ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُرَاقِبُ مَوْتَ الْآخَرِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ. وَأَمَّا مَا يَرْجِعُ إلَى الْوَاهِبِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ مِنْ أَهْلِ الْهِبَةِ، وَكَوْنُهُ مِنْ أَهْلِهَا أَنْ يَكُونَ حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا مَالِكًا لِلْمَوْهُوبِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مَنْ فِي رَقَبَتِهِ شَيْءٌ مِنْ الرِّقِّ أَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ لَا يَكُونُ مَالِكًا لِلْمَوْهُوبِ لَا يَصِحُّ، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَأَمَّا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمَوْهُوبِ فَأَنْوَاعٌ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْهِبَةِ فَلَا يَجُوزُ هِبَةُ مَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَقْتَ الْعَقْدِ بِأَنْ وَهَبَ مَا تُثْمِرُ نَخِيلُهُ الْعَامَ وَمَا تَلِدُ أَغْنَامُهُ السَّنَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ مَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ أَوْ مَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الشَّاةِ أَوْ مَا فِي ضَرْعِهَا، وَإِنْ سَلَّطَهُ عَلَى الْقَبْضِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَالْحَلْبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ زُبْدًا فِي لَبَنٍ أَوْ دُهْنًا فِي سِمْسِمٍ أَوْ دَقِيقًا فِي حِنْطَةٍ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ عِنْدَ حُدُوثِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ لِلْحَالِ فَلَمْ يُوجَدَ مَحِلُّ حُكْمِ الْعَقْدِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. إذَا وَهَبَ صُوفًا عَلَى ظَهْرِ غَنَمٍ وَجَزَّهُ وَسَلَّمَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَالًا مُتَقَوِّمًا فَلَا تَجُوزُ هِبَةُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ أَصْلًا كَالْحُرِّ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَصَيْدِ الْحَرَمِ وَالْخِنْزِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا هِبَةُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ مُطْلَقٍ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ وَالْمُكَاتَبِ وَلَا هِبَةُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ كَالْخَمْرِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مَقْبُوضًا حَتَّى لَا يَثْبُتَ الْمِلْكُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مَقْسُومًا إذَا كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَأَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مُتَمَيِّزًا عَنْ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ وَلَا يَكُونُ مُتَّصِلًا وَلَا مَشْغُولًا بِغَيْرِ الْمَوْهُوبِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لِلْوَاهِبِ دُونَ الزَّرْعِ، أَوْ عَكْسُهُ أَوْ نَخْلًا فِيهَا ثَمَرَةٌ لِلْوَاهِبِ مُعَلَّقَةٌ بِهِ دُونَ الثَّمَرَةِ، أَوْ عَكْسُهُ لَا تَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَ دَارًا أَوْ ظَرْفًا فِيهَا مَتَاعٌ لِلْوَاهِبِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا فَلَا تَجُوزُ هِبَةُ الْمُبَاحَاتِ؛ لِأَنَّ تَمْلِيكَ مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ مُحَالٌ. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلْوَاهِبِ فَلَا تَجُوزُ هِبَةُ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِاسْتِحَالَةِ تَمْلِيكِ مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لِلْوَاهِبِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَهِيَ نَوْعَانِ: تَمْلِيكٌ وَإِسْقَاطٌ وَعَلَيْهِمَا الْإِجْمَاعُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَأَمَّا حُكْمُهَا فَثُبُوتُ الْمِلْكِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ غَيْرُ لَازِمٍ حَتَّى يَصِحَّ الرُّجُوعُ وَالْفَسْخُ وَعَدَمُ صِحَّةِ خِيَارِ الشَّرْطِ فِيهَا فَلَوْ وَهَبَهُ عَلَى أَنَّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ صَحَّتْ الْهِبَةُ إنْ اخْتَارَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا وَأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ صَحَّتْ

الْهِبَةُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَأَمَّا الْأَلْفَاظُ الَّتِي تَقَعُ بِهَا الْهِبَةُ فَأَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ: نَوْعٌ تَقَعُ بِهِ الْهِبَةُ وَضْعًا، وَنَوْعٌ تَقَعُ بِهِ الْهِبَةُ كِنَايَةً وَعُرْفًا، وَنَوْعٌ يَحْتَمِلُ الْهِبَةَ وَالْعَارِيَّةَ مُسْتَوِيًا. أَمَّا الْأَوَّلُ فَكَقَوْلِهِ: وَهَبْتُ هَذَا الشَّيْءَ لَكَ، أَوْ مَلَّكْتُهُ لَكَ، أَوْ جَعَلْتُهُ لَكَ، أَوْ هَذَا لَكَ، أَوْ أَعْطَيْتُكَ، أَوْ نَحَلْتُكَ هَذَا، فَهَذَا كُلُّهُ هِبَةٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَكَقَوْلِهِ: كَسَوْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ، أَوْ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ فَهُوَ هِبَةٌ، كَذَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لَكَ عُمُرِي، أَوْ عُمُرَكَ، أَوْ حَيَاتِي أَوْ حَيَاتَكَ، فَإِذَا مِتَّ فَهُوَ رَدٌّ عَلَيَّ، جَازَتْ الْهِبَةُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَكَقَوْلِهِ: هَذِهِ الدَّارُ لَكَ رُقْبَى أَوْ لَكَ حَبْسٌ، وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَهِيَ عَارِيَّةٌ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هِيَ هِبَةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَطْعَمْتُكَ هَذَا الطَّعَامَ، فَإِنْ قَالَ: فَاقْبِضْهُ، فَهُوَ هِبَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَاقْبِضْهُ يَكُونُ هِبَةً أَوْ عَارِيَّةً فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي شُرُوحِهِمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: حَمَلْتُكَ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ يَكُونُ عَارِيَّةً إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْهِبَةَ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ السُّلْطَانِ هِبَةٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِلَفْظٍ يُنْبِئُ عَنْ تَمْلِيكِ الرَّقَبَةِ يَكُونُ هِبَةً، وَإِذَا كَانَ مُنْبِئًا عَنْ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ يَكُونُ عَارِيَّةً، وَإِذَا احْتَمَلَ هَذَا وَذَاكَ يُنَوَّى فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى شَرْحِ النَّافِعِ. وَلَوْ قَالَ: دَارِي لَكَ هِبَةٌ تَسْكُنُهَا، أَوْ هَذَا الطَّعَامُ لَكَ تَأْكُلُهُ، أَوْ هَذَا الثَّوْبُ لَكَ تَلْبَسُهُ فَهِبَةٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَحِجُّوا فُلَانًا، وَلَمْ يَقُلْ: عَنِّي، فَإِنَّهُ يُعْطَى قَدْرَ مَا يُحِجُّهُ وَلَهُ أَنْ لَا يَحُجَّ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى أَنْ يُدْفَعَ لِفُلَانٍ أَلْفٌ لِيَحُجَّ أَوْ يُعْطَى بِحَجِّهِ أَلْفًا، وَنَحْوُ ذَلِكَ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ رَجُلٌ عِنْدَهُ دَرَاهِمُ لِغَيْرِهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ: اصْرِفْهَا فِي حَوَائِجِكَ كَانَ قَرْضًا، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الدَّرَاهِمِ حِنْطَةٌ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْحِنْطَةِ: كُلْهَا، يَكُونُ هِبَةً، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ قَالَ: نَحَلْتُكَ دَارِي، أَوْ أَعْطَيْتُكَ، أَوْ وَهَبْتُ مِنْكَ، كَانَتْ هِبَةً، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُ لَكَ هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ هَذِهِ الدَّارُ لَكَ فَاقْبِضْهَا، فَهُوَ هِبَةٌ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَوْلُهُ " هَذِهِ الدَّارُ لَكَ " أَوْ " هَذِهِ الْأَرْضُ لَكَ " هِبَةٌ لَا إقْرَارٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ هِبَةٌ لَكَ وَلِعَقِبِكَ مِنْ بَعْدِكَ فَهُوَ هِبَةٌ، وَذِكْرُ الْعَقِبِ لَغْوٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ مِنْ بَعْدِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ، قَالَ لِغَيْرِهِ: هَذِهِ الْأَمَةُ لَكَ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذِهِ هِبَةٌ جَائِزَةٌ يَمْلِكُهَا إذَا قَبَضَهَا، وَلَوْ قَالَ: هِيَ لَكَ حَلَالٌ، لَا تَكُونُ هِبَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُ كَلَامٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْهِبَةَ، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ فَرْجَهَا، فَهِيَ هِبَةٌ يَمْلِكُهَا إذَا قَبَضَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي هِبَةِ الْأَصْلِ إذَا قَالَ: هِيَ لَكَ فَاقْبِضْهَا فَهِيَ هِبَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدِي هَذَا لِفُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ وَصِيَّةً، وَلَا كَانَ فِي ذِكْرِهَا وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي كَانَتْ هِبَةً قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِنْ قَالَ: وَهَبْتُ هَذَا الْعَبْدَ لَكَ حَيَاتَكَ وَحَيَاتَهُ فَقَبَضَهُ فَهَذِهِ هِبَةٌ جَائِزَةٌ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، قَالَ لِآخَرَ (اين جيزترا) فَهُوَ هِبَةٌ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقَبْضُ، وَلَوْ قَالَ: (تراست) فَإِقْرَارٌ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِخَتَنِهِ (أَيْنَ زُمَيْن ترا) فَاذْهَبْ فَازْرَعْهَا، فَإِنْ قَالَ الْخَتَنُ عِنْدَمَا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ: قَبِلْتُ، صَارَتْ الْأَرْضُ لَهُ فَيَتِمُّ بِالْقَبُولِ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْخَتَنُ ذَلِكَ لَا تَصِيرُ الْأَرْضُ لَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ إذَا قَالَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ هَذَا الْمَالُ لَكُمْ يَكُونُ هِبَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: خُذْ هَذَا الْمَالَ وَاغْزُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَعَلَا، فَهُوَ قَرْضٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ هَذِهِ الْغِرَارَةَ الْحِنْطَةَ، وَهَذَا الزِّقَّ السَّمْنَ دَخَلَ تَحْتَ هَذِهِ الْحِنْطَةُ دُونَ الْغِرَارَةِ وَالسَّمْنُ دُونَ الزِّقِّ، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ غِرَارَةَ الْحِنْطَةِ وَزِقَّ السَّمْنِ دَخَلَ تَحْتَهَا الْغِرَارَةُ وَالزِّقُّ دُونَ الْحِنْطَةِ وَالسَّمْنِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: جَمِيعُ مَالِي أَوْ كُلُّ شَيْءٍ أَمْلِكُهُ لِفُلَانٍ فَهُوَ هِبَةٌ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ قَالَ: جَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ لِفُلَانٍ يَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ هِبَةً حَتَّى لَا تَجُوزَ بِدُونِ الْقَبْضِ، وَلَوْ قَالَ: جَمِيعُ مَا يُعْرَفُ بِي أَوْ يُنْسَبُ إلَيَّ لِفُلَانٍ فَهُوَ إقْرَارٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَبُو الصَّغِيرِ غَرَسَ شَجَرًا أَوْ كَرْمًا، ثُمَّ قَالَ: جَعَلْتُهُ لِابْنِي، فَهُوَ هِبَةٌ، وَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُهُ بِاسْمِ ابْنِي، فَكَذَلِكَ هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ

الباب الثاني فيما يجوز من الهبة وما لا يجوز

وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْهِبَةَ يُصَدَّقْ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَلَوْ قَالَ: أَغْرِسهُ بِاسْمِ ابْنِي لَا يَكُونُ هِبَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ الْأَبُ: جَمِيعُ مَا هُوَ حَقِّي وَمِلْكِي فَهُوَ مِلْكٌ لِوَلَدِي هَذَا الصَّغِيرِ فَهَذَا كَرَامَةٌ لَا تَمْلِيكٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَهُ، فَقَالَ: حَانُوتِي الَّذِي أَمْلِكُهُ أَوْ دَارِي لِابْنِي الصَّغِيرِ فَهُوَ هِبَةٌ وَتَتِمُّ بِكَوْنِهَا فِي يَدِ الْأَبِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ قَالَ: جَعَلْتُ هَذَا لِوَلَدِي فُلَانٍ كَانَتْ هِبَةً، وَلَوْ قَالَ: هَذَا الشَّيْءُ لِوَلَدِي الصَّغِيرِ فُلَانٍ جَازَ وَتَتِمُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ لِابْنِهِ (اين مَالْ ترا كردم) أَوْ قَالَ (بِنَامِّ بوكردم) أَوْ (آن بوكردم) أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يَجْرِي مَجْرَاهُ فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ الِابْنِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلٍ: قَدْ مَتَّعْتُكَ بِهَذَا الثَّوْبِ أَوْ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَقَبَضَهَا فَهِيَ هِبَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لِامْرَأَةٍ قَدْ تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى قَدْ مَتَّعْتُكَ بِهَذِهِ الثِّيَابِ أَوْ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَهِيَ هِبَةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ ثَوْبٌ وَدِيعَةً لِرَجُلٍ، فَقَالَ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ: أَعْطِنِيهِ، فَقَالَ: أَعْطَيْتُكَ يَكُونُ هِبَةً، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَهُوَ وَدِيعَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ: مَنَحْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ. فَهِيَ إعَارَةٌ إلَّا إذَا نَوَى الْهِبَةَ، وَلَوْ قَالَ: مَنَحْتُكَ هَذَا الطَّعَامَ أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ أَوْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ، وَكُلُّ مَا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ يَكُونُ هِبَةً، فَإِنْ أَضَافَهَا إلَى مَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ قِيَامِهِ حَمَلْنَاهَا عَلَى الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَدْنَى، وَإِنْ أَضَافَهَا إلَى مَا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِالِاسْتِهْلَاكِ حَمَلْنَاهَا عَلَى الْهِبَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي فَتَاوَى آهُو سُئِلَ عَنْ دَابَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا، قَالَ أَحَدُهُمَا (مِنْ حِصَّة خودرابتوار زاني داشتم) قَالَ: لَا يَكُونُ هِبَةً، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ فِي الدَّارِ: هِيَ لَكَ هِبَةُ إجَارَةٍ كُلُّ شَهْرٍ بِدَرَاهِمَ أَوْ قَالَ: إجَارَةُ هِبَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: هَبْ مِنِّي هَذَا الشَّيْءَ، فَقَالَ: (فداى توباد) ، أَوْ قَالَ: (ازتود ربغ نيست) لَمْ يَكُنْ هِبَةً، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (اين كَنَيْزَكِ خويش مرابخش) ، فَقَالَ: (فداي توباد) لَا تَصِيرُ مِلْكًا لِلزَّوْجِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (مى بايدكه أَيْنَ غُلَام مرابيخش تاآزاد كنمش) ، فَقَالَتْ (از تُودَ ريغ نيست) لَا يَكُونُ هِبَةً، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. ذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُنْتَقَى: إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ، قَالَ الْمُودَعُ لِمَوْلَى الْعَبْدِ: هَبْهُ لِي، فَقَالَ: هُوَ لَكَ، فَقَالَ: لَا أَقْبَلُ فَهُوَ هِبَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ ابْنَيْنِ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ قَبْرِهَا: وَهَبْتُ لِزَوْجِ أُمِّي الْمَهْرَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ لِأُمِّي فَقِيلَ لِابْنٍ آخَرَ مَا تَقُولُ أَنْتَ، فَقَالَ: (وى جنان بابك نبودكه ويرابيا زارم) لَا يَكُونُ هَذَا هِبَةً لِلْمَهْرِ وَلَا إبْرَاءً، فَإِنْ طَلَبَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إيذَاءً، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. قَالَ لِمُتَفَقِّهٍ: اصْرِفْ هَذِهِ الْخَشَبَةَ إلَى كُتُبِكَ فَهُوَ هِبَةٌ وَالصَّرْفُ إلَى الْكُتُبِ مَشُورَةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ رَجُلٌ قَالَ لِقَوْمٍ: قَدْ وَهَبْتُ جَارِيَتِي فَلْيَأْخُذْ مَنْ شَاءَ فَأَخَذَهَا رَجُلٌ تَكُونُ لَهُ رَجُلٌ دَفَعَ ثَوْبَيْنِ إلَى رَجُلٍ، فَقَالَ: أَيَّهُمَا شِئْتَ فَلَكَ وَالْآخَرُ لِابْنِكَ فُلَانٍ، فَإِنْ بَيَّنَ الَّذِي لَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَجُوزُ مِنْ الْهِبَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ] (الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَجُوزُ مِنْ الْهِبَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ) . وَتَصِحُّ فِي مَحُوزٍ مُفَرَّغٍ عَنْ أَمْلَاكِ الْوَاهِبِ وَحُقُوقِهِ وَمُشَاعٍ لَا يُقْسَمُ وَلَا يَبْقَى مُنْتَفَعًا بِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مِنْ جِنْسِ الِانْتِفَاعِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَالْبَيْتِ الصَّغِيرِ وَالْحَمَّامِ الصَّغِيرِ وَلَا تَصِحُّ فِي مُشَاعٍ يُقْسَمُ وَيَبْقَى مُنْتَفَعًا بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا، هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مَقْسُومًا وَمُفْرَزًا وَقْتَ

الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْهِبَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لَهُ نِصْفَ الدَّارِ شَائِعًا وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ وَسَلَّمَ الْكُلَّ تَجُوزُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ لِرَجُلٍ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَهَبَ النِّصْفَ الْبَاقِي وَسَلَّمَ لَا تَجُوزُ وَكِلْتَاهُمَا فَاسِدَتَانِ، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَا يَتِمُّ حُكْمُ الْهِبَةِ إلَّا مَقْبُوضَةً وَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَجْنَبِيُّ وَالْوَلَدُ إذَا كَانَ بَالِغًا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْقَبْضُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ تَمَامُ الْهِبَةِ وَثُبُوتُ حُكْمِهَا الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَالْإِذْنُ تَارَةً يَثْبُتُ نَصًّا وَصَرِيحًا وَتَارَةً يَثْبُتُ دَلَالَةً فَالصَّرِيحُ أَنْ يَقُولَ: اقْبِضْهُ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ وَيَقُولُ اذْهَبْ وَاقْبِضْهُ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ حَاضِرًا، وَقَالَ لَهُ الْوَاهِبُ: اقْبِضْهُ فَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ صَحَّ قَبْضُهُ وَمِلْكُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ الْقَبْضِ بَعْدَ الْهِبَةِ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ لَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِالْقَبْضِ صَرِيحًا وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ إنْ قَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ قَبْضُهُ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا، وَإِنْ قَبَضَهُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ غَائِبًا فَذَهَبَ وَقَبَضَ: إنْ كَانَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ جَازَ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَهَبَ لِآخَرَ فَرَسًا هِبَةً فَاسِدَةً وَخَلَّى بَيْنَ الْفَرَسِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ فَقَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. لَوْ وَهَبَ شَيْئًا حَاضِرًا مِنْ رَجُلٍ، فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَبَضْتُهُ، صَارَ قَابِضًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَفِي الْبَقَّالِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ: اقْبِضْهُ، فَقَالَ: قَبَضْتُ وَالْمَوْهُوبُ حَاضِرٌ جَازَ إذَا لَمْ يَبْرَحْ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ " قَبَضْتُ " وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ " قَبِلْتُ "، وَإِذَا لَمْ يَقُلْ: اقْبِضْهُ، فَإِنَّمَا الْقَبْضُ أَنْ يَنْقُلَهُ، فَإِذَا لَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ نَقَلَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ بِمَسْأَلَتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: هَبْ لِي هَذَا الْعَبْدَ، فَقَالَ الْآخَرُ: وَهَبْتُ، تَمَّتْ الْهِبَةُ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. قَالَ لِآخَرَ: هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهَا فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ وَقَبَضَ الْمَوْهُوبُ مِنْهُ كَانَتْ الْهِبَةُ جَائِزَةً وَالْآمِرُ ضَامِنٌ لِلدَّافِعِ وَيَكُونُ الْوَاهِبُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْآمِرُ دُونَ الْمَأْمُورِ حَتَّى كَانَ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ لِلْآمِرِ دُونَ الْمَأْمُورِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ - عَلَى وَجْهِ الْمِزَاحِ -: هَبْ لِي هَذَا، فَقَالَ: وَهَبْتُ، وَقَالَ الْآخَرُ: قَبِلْتُ وَسَلَّمَ إلَيْهِ جَازَتْ الْهِبَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ مِنْكَ هَذَا الْعَبْدَ وَالْعَبْدُ حَاضِرٌ فَقَبَضَهُ جَازَتْ الْهِبَةُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا، فَقَالَ لَهُ: وَهَبْتُ مِنْكَ عَبْدِي فُلَانًا فَاذْهَبْ وَاقْبِضْهُ فَقَبَضَهُ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ، وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَوْ قَالَ: هُوَ لَكَ إنْ شِئْتَ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ، فَقَالَ: شِئْتُ عَنْ الثَّانِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا وَهَبَ غُلَامَهُ مِنْ رَجُلٍ وَالْغُلَامُ بِحَضْرَتِهِمَا وَلَمْ يَقُلْ لَهُ الْوَاهِبُ اقْبِضْهُ فَذَهَبَ الْوَاهِبُ وَتَرَكَ الْغُلَامَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ حَتَّى يَأْمُرَهُ بِقَبْضِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَهَبَ لِرَجُلٍ غُلَامًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَتَّى وَهَبَهُ الْوَاهِبُ لِرَجُلٍ آخَرَ ثُمَّ أَمَرَهُمَا بِالْقَبْضِ فَقَبَضَاهُ فَهُوَ لِلثَّانِي، وَكَذَا لَوْ أَمَرَ الْأَوَّلَ بِالْقَبْضِ فَقَبَضَهُ كَانَ بَاطِلًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي بُيُوعِ الْفَتَاوَى لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى وَهَبَهُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ رَهَنَهُ وَأَمَرَهُ بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ جَازَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا تَجُوزُ هِبَةُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، فَإِنْ أَجَازَهُ مَوْلَاهُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَإِنْ أَجَازَهُ الْمَوْلَى وَالْغُرَمَاءُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ لِآخَرَ: وَهَبْتُ لَكَ قَفِيزًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ فَاكْتَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِحَضْرَةِ الْوَاهِبِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ قَفِيزًا فَاكْتَلْهُ فَاكْتَالَهُ جَازَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ وَهَبَ لِرَجُلٍ ثِيَابًا فِي صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الصُّنْدُوقَ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا، وَإِنْ كَانَ الصُّنْدُوقُ مَفْتُوحًا كَانَ قَبْضًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَانَتْ الْعَيْنُ الْمَوْهُوبَةُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً أَوْ أَمَانَةً مَلَكَهَا بِالْهِبَةِ وَالْقَبُولِ، وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ فِيهَا قَبْضًا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ وَهَبَ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ الْآجِرِ وَالْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ جَازَ وَبَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ مَضْمُونَةً فِي يَدِهِ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الْبَيْعِ فَوَهَبَ لَهُ صَحَّ وَيُثْبَتُ الْمِلْكُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ

مَرْهُونًا فِي يَدِهِ ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا وَيَنُوبُ قَبْضُ الرَّهْنِ عَنْ قَبْضِ الْهِبَةِ، وَإِذَا صَحَّتْ بِالْقَبْضِ بَطَلَ الرَّهْنُ فَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَتَفْسِيرُ الْقَبْضِ الْمُسْتَأْنَفِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الْعَيْنُ وَيَمْضِي وَقْتٌ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ قَبْضِهَا، كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى شَرْحِ النَّافِعِ. وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى تَجَانَسَ الْقَبْضَانِ نَابَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَإِذَا اخْتَلَفَا نَابَ الْمَضْمُونُ عَنْ غَيْرِ الْمَضْمُونِ وَلَا يَنُوبُ غَيْرُ الْمَضْمُونِ عَنْ الْمَضْمُونِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. اسْتَوْدَعَ أَخَاهُ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ مَتَاعًا أَوْ دَارًا أَوْ دَابَّةً، ثُمَّ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ وَدِيعَتِي وَهِيَ فِي يَدِ الْمُودَعِ يَجُوزُ إذَا قَالَ: قَبِلْتُ، وَلَوْ وَهَبَ عَبْدًا لِأَخِيهِ وَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ بِأَمْرِهِ بِالْقَبْضِ نَصًّا صَحَّ فَشَرْطُ الْقَبُولِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَهِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ تَجُوزُ مِنْ الشَّرِيكِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا تَجُوزُ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ، وَلَوْ قَبَضَهَا، هَلْ تُفِيدُ الْمِلْكَ ذَكَرَ حُسَامُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْوَاقِعَاتِ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ تُفِيدُ الْمِلْكَ مِلْكًا فَاسِدًا وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ هِبَةِ الْمُشَاعِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْرًا مَعْلُومًا حَتَّى لَوْ وَهَبَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا جَهَالَةٌ تُوجِبُ الْمُنَازَعَةَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا عَلِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ نَصِيبَ الْوَاهِبِ يَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ رَجُلَيْنِ أَوْ مِنْ جَمَاعَةٍ صَحِيحَةٌ عِنْدَهُمَا وَفَاسِدَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَلَيْسَتْ بِبَاطِلَةٍ حَتَّى تُفِيدَ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ إذَا وَهَبَ مِنْ رَجُلَيْنِ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ حَتَّى فَسَدَتْ الْهِبَةُ عِنْدَهُ ثُمَّ قَبَضَهَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ مِلْكًا فَاسِدًا، قَالَ وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا بِالْقَبْضِ هُوَ الْمُخْتَارُ، هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَالشُّيُوعُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مَانِعٌ مِنْ جَوَازِ الْهِبَةِ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الشُّيُوعُ مِنْ طَرَفِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَمَانِعٌ مِنْ جَوَازِ الْهِبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَهَبَ مِنْ اثْنَيْنِ إنْ كَانَا فَقِيرَيْنِ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَالصَّدَقَةِ، وَإِنْ كَانَا غَنِيَّيْنِ فَوَهَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفًا أَوْ أَبْهَمَ، فَقَالَ: وَهَبْتُ مِنْكُمَا أَوْ وَهَبَ عَلَى التَّفَاضُلِ، فَقَالَ: لِهَذَا ثُلُثُهَا وَلِهَذَا ثُلُثَاهَا، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تَجُوزُ فِي الْفُصُولِ الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَجُوزُ فِي الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَجُوزُ فِي فَصْلَيْنِ وَهُمَا إذَا وَهَبَ مُبْهَمًا أَوْ نِصْفَيْنِ وَلَا تَجُوزُ عَلَى التَّفَاضُلِ وَفِي الْكَرْخِيِّ، قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا، قَالَ لِرَجُلَيْنِ وَهَبْتُ لَكُمَا هَذِهِ الدَّارَ لِهَذَا نِصْفُهَا وَلِهَذَا نِصْفُهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ وَهَبَهَا جُمْلَةً وَفُسِّرَ بِمَا اقْتَضَتْهُ الْجُمْلَةُ مِنْ الْحُكْمِ بَعْدَ وُقُوعِ الْهِبَةِ، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ نِصْفَهَا وَلِهَذَا نِصْفُهَا لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ أَحَدَ النِّصْفَيْنِ عَنْ الْآخَرِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَوَقَعَ الْعَقْدُ مُشَاعًا، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكُمَا هَذِهِ الدَّارَ ثُلُثُهَا لِهَذَا وَثُلُثَاهَا لِهَذَا لَمْ تَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَجَازَتْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَاتَّفَقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى فَسَادِ هَذَا الْعَقْدِ مِنْ أَصْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَفْسَدَهُ لِوُجُودِ الْإِشَاعَةِ فِي الْقَبْضِ، وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَقَالَ: لَمَّا خَالَفَ بَيْنَ نَصِيبِهِمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ لِأَحَدِهِمَا غَيْرُ الْعَقْدِ لِلْآخَرِ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَفْرَدَهُ بِالْعَقْدِ وَلِأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي الْهِبَةِ كَالرَّهْنِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا وَهَبَ اثْنَانِ مِنْ رَجُلٍ دَارًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَالْمُفْسِدُ هُوَ الشُّيُوعُ الْمُقَارِنُ لَا الشُّيُوعُ الطَّارِئُ كَمَا إذَا وَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْبَعْضِ الشَّائِعِ أَوْ اسْتَحَقَّ الْبَعْضَ الشَّائِعَ بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ مُفْسِدٌ، كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ. لَوْ وَهَبَ مُشَاعًا فِيمَا يُقْسَمُ ثُمَّ أَفْرَزَهُ وَسَلَّمَهُ صَحَّ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ وَهَبَ النِّصْفَ وَسَلَّمَ الْجَمِيعَ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ وَهَبَ الْجَمِيعَ وَسَلَّمَ مُتَفَرِّقًا جَازَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ: وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَ دَارِهِ لِرَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ وَهَبَ نِصْفَهَا الْآخَرَ لِرَجُلٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ حَتَّى وَهَبَ النِّصْفَ الثَّانِي لِلثَّانِي ثُمَّ سَلَّمَ الدَّارَ

إلَيْهِمَا جَازَتْ الْهِبَةُ لَهُمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وَهَبَ الدَّارَ لَهُمَا جُمْلَةً، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَهَبَ دِرْهَمًا صَحِيحًا مِنْ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَالدِّينَارُ الصَّحِيحُ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الدِّرْهَمِ الصَّحِيحِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ وَهَبَ بَعْضَ الدَّرَاهِمِ مِنْ إنْسَانٍ جَازَ، كَذَا فِي الصُّغْرَى. رَجُلٌ مَعَهُ دِرْهَمَانِ قَالَ لِرَجُلٍ وَهَبْتُ مِنْكَ دِرْهَمًا مِنْهُمَا، قَالُوا: إنْ كَانَ الدِّرْهَمَانِ مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَا مُتَفَاوِتَيْنِ جَازَ؛ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تَنَاوَلْتَ أَحَدَهُمَا، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي تَنَاوَلْتَ وَزْنَ دِرْهَمٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ مُشَاعٌ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ. رَجُلٌ أَعْطَى رَجُلًا دِرْهَمَيْنِ، وَقَالَ: نِصْفُهُمَا لَكَ وَهُمَا فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ سَوَاءٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَثْقَلَ أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ يَجُوزُ وَيَكُونُ مُشَاعًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَإِنْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ ثُلُثَهُمَا وَهُمَا فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ سَوَاءٌ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ جَازَ، وَإِنْ قَالَ: أَحَدُهُمَا لَكَ هِبَةً لَمْ يَجُزْ كَانَا سَوَاءً أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى آهُو، وَقِيلَ: سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ عَمَّنْ، قَالَ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ (بكيراين بينج دِينَار ترا وبسوى وى انداخت) فَقَبِلَ أَنْ يَقْبِضَ (باز كرفت) ، قَالَ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ، وَقَالَ ثَلَاثَةٌ قَضَاءٌ مِنْ حَقِّكَ وَثَلَاثَةٌ هِبَةٌ لَكَ وَثَلَاثَةٌ صَدَقَةٌ فَضَاعَ الْكُلُّ يَضْمَنُ ثَلَاثَةَ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَا يَضْمَنُ ثَلَاثَةَ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ صَدَقَةَ الْمُشَاعِ جَائِزَةٌ إلَّا فِي رِوَايَةٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا وَهَبَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ نِصْفَ عَبْدٍ أَوْ ثُلُثَهُ وَسَلَّمَهُ جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ: وَلَوْ وَهَبَ رَجُلٌ لِرَجُلَيْنِ نِصْفَ عَبْدَيْنِ أَوْ نِصْفَ ثَوْبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ نِصْفَ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ مُخْتَلِفَةٍ زُطِّيٍّ وَمَرْوِيٍّ وَهَرَوِيٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ جَازَ، وَكَذَلِكَ الدَّوَابُّ الْمُخْتَلِفَةُ عَلَى هَذَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ لَمْ تَجُزْ هِبَتُهُ إلَّا مَقْسُومًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا وَهَبَ نَصِيبًا لَهُ فِي حَائِطٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ حَمَّامٍ وَسَمَّى وَسَلَّطَهُ عَلَى الْقَبْضِ فَهِيَ جَائِزَةٌ كَمَا لَوْ وَهَبَ بَيْتًا لَهُ لِآخَرَ مَعَ جَمِيعِ حُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ مَقْسُومًا مَفْرُوغًا فَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ لَكِنَّ مَمَرَّ الْبَيْتِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ جَازَ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. (1) رَجُلٌ دَفَعَ ثَوْبَيْنِ إلَى رَجُلٍ، وَقَالَ: أَيَّهُمَا شِئْتَ فَهُوَ لَكَ وَالْآخَرُ لِفُلَانٍ، فَإِنْ بَيَّنَ الَّذِي لَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَالَ عَبْدٌ مَأْذُونٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ وَهَبَهُ مَوْلَاهُ لِرَجُلٍ لَمْ تَجُزْ هِبَتُهُ وَالدَّيْنُ فِي رَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ مَوْلَاهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ " لَمْ تَجُزْ " أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ وَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُبْطِلُوا هِبَتَهُ، قَالَ: فَإِنْ ذَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْعَبْدِ وَلَمْ يُقْدِرْ عَلَيْهِ فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا الْوَاهِبَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وَهَبَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ مَضْمُونَةٌ بِالْقَبْضِ نَصَّ فِي الْمُضَارَبَةِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ إذَا كَانَ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفًا، وَقَالَ: نِصْفُهَا مُضَارَبَةٌ وَنِصْفُهَا هِبَةٌ لَكَ، فَهَلَكَتْ الْأَلْفُ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الْمُضَارِبُ حِصَّةَ الْهِبَةِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلٌ أَعْطَى رَجُلًا نِصْفَ دَارِهِ هِبَةً لَهُ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ صَدَقَةً عَلَيْهِ وَقَبِلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَقَبَضَهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي النِّصْفِ الَّذِي سَمَّاهُ هِبَةً، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ أَوْ تَصَدَّقَ وَسَلَّمَ ثُمَّ إنَّ الْوَاهِبَ بَاعَ مَا وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ، ذُكِرَ فِي وَقْفِ الْأَصْلِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَنَصَّ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ نِصْفَ دَارِهِ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَبَاعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَجُزْ، وَنَصَّ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَهَبَ أَحَدُهُمَا لِهَذَا الْعَبْدِ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا تَصِحُّ أَصْلًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ تَصِحُّ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ هِبَةُ مُشَاعٍ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ وَهَبَ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ لِمُسْلِمٍ وَعَادَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ عَادَ جَازَ

الْقَبْضُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ مَالَانِ مُخْتَلِفَانِ فَوَهَبَهُ أَحَدُهُمَا صَحَّ وَالْبَيَانُ إلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ وَهَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ وَسَلَّمَ الدَّارَ إلَيْهِ أَوْ سَلَّمَهَا مَعَ الْمَتَاعِ لَمْ تَصِحَّ وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يُودِعَ الْمَتَاعَ أَوَّلًا عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَيُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ثُمَّ يُسَلِّمَ الدَّارَ إلَيْهِ فَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِيهَا وَبِعَكْسِهِ لَوْ وَهَبَ الْمَتَاعَ دُونَ الدَّارِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ صَحَّ، وَإِنْ وَهَبَ لَهُ الدَّارَ وَالْمَتَاعَ جَمِيعًا وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا صَحَّ فِيهِمَا جَمِيعًا، هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِنْ فَرَّقَ فِي التَّسْلِيمِ، نَحْوُ أَنْ يَهَبَ أَحَدَهُمَا وَسَلَّمَ ثُمَّ وَهَبَ الْآخَرَ وَسَلَّمَ: إنْ قَدَّمَ هِبَةَ الدَّارِ فَالْهِبَةُ فِي الدَّارِ لَا تَصِحُّ، وَفِي الْمَتَاعِ تَصِحُّ، وَإِنْ قَدَّمَ هِبَةَ الْمَتَاعِ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَلَوْ وَهَبَ الْأَرْضَ دُونَ الزَّرْعِ أَوْ الزَّرْعَ دُونَ الْأَرْضِ أَوْ الشَّجَرَ دُونَ الثَّمَرِ أَوْ الثَّمَرَ دُونَ الشَّجَرِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَّصِلٌ بِصَاحِبِهِ اتِّصَالَ جُزْءٍ بِجُزْءٍ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ هِبَةِ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَلَوْ وَهَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ كَمَا إذَا وَهَبَ الْأَرْضَ ثُمَّ الزَّرْعَ أَوْ الزَّرْعَ ثُمَّ الْأَرْضَ إنْ جَمَعَ الْأَرْضَ فِي التَّسْلِيمِ جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَإِنْ فَرَّقَ فِي التَّسْلِيمِ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِيهِمَا أَيَّهُمَا قَدَّمَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ وَهَبَ الدَّارَ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ الْمَتَاعَ وَسَلَّمَهُمَا جُمْلَةً جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا إذَا وَهَبَ الْجِرَابَ وَالْجُوَالِقَ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ الطَّعَامَ وَسَلَّمَ جُمْلَةً جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَهَبَ فَارِغًا وَسَلَّمَ مَشْغُولًا لَمْ يَصِحَّ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ " اقْبِضْهَا أَوْ سَلَّمْتُ إلَيْكَ " إذَا كَانَ الْوَاهِبُ فِيهِ أَوْ أَهْلُهُ أَوْ مَتَاعُهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. هِبَةُ الشَّاغِلِ تَجُوزُ وَهِبَةُ الْمَشْغُولِ لَا تَجُوزُ وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ اشْتِغَالَ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ الْوَاهِبِ يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ، وَأَمَّا اشْتِغَالُ مِلْكِ الْوَاهِبِ بِالْمَوْهُوبِ فَلَا يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ مِثَالُهُ وَهَبَ جِرَابًا فِيهِ طَعَامٌ لَا تَجُوزُ، وَلَوْ وَهَبَ طَعَامًا فِي جِرَابٍ جَازَتْ وَعَلَى هَذَا نَظَائِرُهُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ وَهَبَ أَمَةً لِرَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ وَعَلَيْهَا حُلِيٌّ وَثِيَابُهَا جَازَتْ الْهِبَةُ، وَكَذَا الصَّدَقَةُ وَيَكُونُ الثَّوْبُ وَالْحُلِيُّ لِلْوَاهِبِ لَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لِمَكَانِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ الَّذِي عَلَيْهَا قَدْرَ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَوْ وَهَبَ الْحُلِيَّ الَّذِي عَلَى الْجَارِيَةِ وَالثَّوْبَ وَلَمْ يَهَبْ الْجَارِيَةَ لَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ حَتَّى يَنْزِعَهُ وَيَدْفَعَ الثَّوْبَ وَالْحُلِيَّ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وَهَبَ دَابَّةً وَعَلَيْهَا سَرْجٌ وَلِجَامٌ، دُونَ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَالْهِبَةُ تَامَّةٌ، وَلَوْ وَهَبَ السَّرْجَ وَاللِّجَامَ دُونَ الدَّابَّةِ فَالْهِبَةُ غَيْرُ تَامَّةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَهَبَ الدَّابَّةَ وَعَلَيْهَا حِمْلٌ لَمْ تَجُزْ، وَلَوْ وَهَبَ الْحِمْلَ عَلَى الدَّابَّةِ وَسَلَّمَهُ مَعَهَا تَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْمَاءَ فِي الْقُمْقُمَةِ تَجُوزُ، وَلَوْ وَهَبَ الْقُمْقُمَةَ دُونَ الْمَاءِ لَمْ تَجُزْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَهَبَتْ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِيهَا مَعَ الزَّوْجِ جَازَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَهَبَ لِامْرَأَتِهِ وَلَا أَنْ تَهَبَ لِزَوْجِهَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ دَارًا وَهُمَا فِيهَا سَاكِنَانِ، وَكَذَلِكَ لِلْوَلَدِ الْكَبِيرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَهَبَ زَرْعًا فِي أَرْضٍ أَوْ ثَمَرًا فِي شَجَرٍ أَوْ حِلْيَةً فِي سَيْفٍ أَوْ بِنَاءً فِي دَارٍ أَوْ قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ وَأَمَرَهُ بِالْحَصَادِ وَالْجِزَازِ وَالنَّزْعِ وَالنَّقْضِ وَالْكَيْلِ وَفَعَلَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ بَعْدَ الْجِزَازِ وَالْحَصَادِ وَنَحْوِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِالْقَبْضِ وَفَعَلَ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ بِإِجَارَةٍ فَوَهَبَ لَهُ الْبِنَاءَ جَازَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ وَهَبَ دَارًا بِمَتَاعِهَا وَسَلَّمَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي الدَّارِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَاشْتِغَالُ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ غَيْرِ الْوَاهِبِ، هَلْ يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ؟ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ هِبَةِ الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ فَإِنَّهُ، قَالَ: لَوْ أَعَارَ دَارِهِ مِنْ إنْسَانٍ ثُمَّ الْمُسْتَعِيرُ غَصَبَ مَتَاعًا وَوَضَعَهُ فِي الدَّارِ ثُمَّ وَهَبَ الْمُعِيرُ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي الدَّارِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمُعِيرَ هُوَ الَّذِي غَصَبَ الْمَتَاعَ وَوَضَعَهُ فِي الدَّارِ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ كَانَتْ الْهِبَةُ تَامَّةً، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الدَّارَ مَشْغُولَةٌ بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ لِمَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَشْغُولَةً بِمِلْكِ الْوَاهِبِ، وَهُوَ الْمَانِعُ مِنْ تَمَامِ الْهِبَةِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. لَوْ أَوْدَعَهُ الْمَتَاعَ وَالدَّارَ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ، فَإِنْ هَلَكَ الْمَتَاعُ وَلَمْ يُحَوِّلْهُ ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ أَنَّ هَذَا قَوْلُ

الباب الثالث فيما يتعلق بالتحليل

مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ اسْتَحَقَّ وِسَادَةً مِنْهَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي الدَّارِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ وَهَبَ جُوَالِقًا بِمَا فِيهِ مِنْ الْمَتَاعِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ وَهَبَ جِرَابًا بِمَا فِيهِ مِنْ الطَّعَامِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَتَاعُ وَالطَّعَامُ كَانَتْ الْهِبَةُ تَامَّةً فِي الْجِرَابِ وَالْجُوَالِقِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا لَوْ وَهَبَ جُوَالِقًا بِمَا فِيهِ مِنْ الْمَتَاعِ وَخَلَّى بَيْنَ الْكُلِّ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْجُوَالِقُ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِيمَا كَانَ فِيهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَبَ دَارًا وَفِيهَا مَتَاعٌ وَسَلَّمَ الْكُلَّ فَاسْتُحِقَّ الْمَتَاعُ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي الدَّارِ، وَإِنْ هَلَكَ الْمَتَاعُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ وَقَدْ عَوَّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوَّلًا، فَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَاهِبَ، قِيلَ: هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَأَمَّا عِنْدَهُمَا مَا لَمْ يُنْقَلْ لَا يَضْمَنُ، وَقِيلَ: هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَهَبَ دَارًا لِرَجُلٍ فَقَبَضَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهَا بَطَلَتْ الْهِبَةُ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ وَهَبَ أَرْضًا بِمَا فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ وَسَلَّمَهَا أَوْ وَهَبَ نَخِيلًا بِمَا فِيهَا مِنْ الثَّمَرِ وَسَلَّمَهُمَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ بِدُونِ النَّخِيلِ وَالْأَرْضِ فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ فِي الْأَرْضِ وَالنَّخِيلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهَبَ أَرْضًا وَزَرْعًا فِيهَا اسْتَحْصَدَ وَسَلَّمَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي الْآخَرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَهَبَ سَفِينَةً فِيهَا طَعَامٌ بِطَعَامِهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الطَّعَامَ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَالَ ابْنُ رُسْتُمَ: وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تَبْطُلُ فِي السَّفِينَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: وَهَبْتُ لَكَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ، وَأَحَدُهُمَا مَشْغُولٌ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ هَذَا الْبَيْتَ وَحِصَّتِي مِنْ هَذَا الْبَيْتِ الْآخَرِ جَازَتْ الْهِبَةُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ وَهَبَ دَارِهِ لِامْرَأَتِهِ وَلِمَا فِي بَطْنِهَا أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ وَهَبَ لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ أَوْ حَائِطٍ جَازَ كُلُّهُ لِلْحَيِّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ وَهَبَهَا وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْأُمِّ وَالْوَلَدِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ ثُمَّ وَهَبَ الْجَارِيَةَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْأُمِّ، وَذَكَرَ فِي عَتَاقِ الْأَصْلِ: لَوْ دَبَّرَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ وَهَبَ الْأُمَّ لَمْ تَجُزْ، قِيلَ: فِيهَا رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ جَمِيعًا، وَقِيلَ: جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ فِي الْإِعْتَاقِ تَجُوزُ وَفِي التَّدْبِيرِ لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ضَلَّ لُؤْلُؤَةً فَوَهَبَهَا لِآخَرَ وَسَلَّطَهُ عَلَى طَلَبِهَا وَقَبْضِهَا مَتَى وَجَدَهَا، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذِهِ هِبَةٌ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ عَلَى خَطَرٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا وَهَبَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ لِلْمُضَارِبِ وَبَعْضَهَا عَلَى النَّاسِ وَبَعْضَهَا فِي يَدِهِ جَازَتْ الْهِبَةُ فِيمَا فِي يَدِهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ عَلَى النَّاسِ، فَإِنْ قَالَ: اقْبِضْهَا، فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَلَا تَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا قَالَ لِشَرِيكِهِ: وَهَبْتُ لَكَ حِصَّتِي مِنْ الرِّبْحِ، قَالُوا: إنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا لَا تَصِحُّ لِكَوْنِهَا هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقْسَمُ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ اسْتَهْلَكَ الْمَالَ صَحَّتْ الْهِبَةُ لِكَوْنِهَا إسْقَاطًا حِينَئِذٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّحْلِيلِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّحْلِيلِ) . وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِمَّا أَكَلْتَ مِنْ مَالِي، فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ إلَّا إذَا قَامَتْ أَمَارَةُ النِّفَاقِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ مَالِي فَهُوَ فِي حِلٍّ، الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَحِلُّ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. عَنْ ابْنِ مُقَاتِلٍ فِيمَنْ لَهُ شَجَرَةٌ، فَقَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْهَا فَهُوَ فِي حِلٍّ، لَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ. قَالَ لِآخَرَ حَلِّلْنِي مِنْ كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَكَ عَلَيَّ فَفَعَلَ وَأَبْرَأَهُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَالِمًا بِهِ بَرِئَ حُكْمًا وَدِيَانَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ بَرِئَ حُكْمًا بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا دَيَّانَةً فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْرَأُ وَعَلَيْهِ

الْفَتْوَى، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. دَفَعَ إلَى آخَرَ شَيْئًا فَخَلَطَهُ بِمَالِهِ ثُمَّ اسْتَحَلَّ صَاحِبُهُ وَكَانَ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَمْيِيزُهُ فَجَعَلَهُ فِي حِلٍّ وَسَعَةٍ ثُمَّ وَجَدَ ذَلِكَ وَعَرَفَهُ يَرُدُّهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ مَالِي حِينَمَا أَصَبْتَ فَخُذْ مِنْهُ مَا شِئْتَ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ هَذَا عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ خَاصَّةً، وَلَوْ أَخَذَ مِنْ أَرْضِهِ أَوْ شَجَرَةِ فَاكِهَةٍ أَوْ لَوْزَةٍ أَوْ حَلَبَ بَقَرَهُ أَوْ غَنَمَهُ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَخَذَ فَاكِهَةً أَوْ إبِلًا أَوْ غَنَمًا لَا يَحِلُّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ قَالَ: أَبَحْتُ لِفُلَانٍ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِي، وَالْمُبَاحُ لَهُ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ لَا يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ نَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ ذَلِكَ بِالْجَهْلِ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ حَرَامًا وَلَا يَسَعُهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِذْنِ وَالْإِبَاحَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِجَمِيعِ الْمَالِ، فَقَالَ لَهُ الْمَدْيُونُ: أَبْرِئْنِي مِمَّا لَكَ عَلَيَّ، فَقَالَ فِي الدَّارَيْنِ: أَبْرَأْتُكَ، قَالَ نُصَيْرٌ: لَا يَبْرَأُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَتَوَهَّمُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: يَبْرَأُ مِنْ الْكُلِّ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْجَوَابُ فِي الْقَضَاءِ، كَمَا قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ، وَفِي حُكْمِ الْآخِرَةِ كَمَا قَالَ نُصَيْرٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ لِآخَرَ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِمَّا أَكَلْتَ مِنْ مَالِي أَوْ أَخَذْتَ أَوْ أَعْطَيْتَ، حَلَّ لَهُ الْأَكْلُ وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَالَ: جَعَلْتُكَ فِي حِلٍّ السَّاعَةَ أَوْ فِي الدُّنْيَا، بَرِئَ فِي السَّاعَاتِ كُلِّهَا وَالدَّارَيْنِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَالْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُخَاصِمُكَ وَلَا أَطْلُبُكَ مَا لِي قِبَلَكَ، قَالَ لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ وَحَقُّهُ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ لِعِلَّةٍ فَأَخَذَهَا إنْسَانٌ وَأَصْلَحَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ قَالَ: لِمَنْ سَيَّبَهَا، وَإِنْ قَالَ: مَنْ شَاءَ فَلْيَأْخُذْ، فَأَخَذَهَا رَجُلٌ فَهِيَ لَهُ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: الْجَوَابُ هَكَذَا إذَا قَالَ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ: مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَصْلًا فَالدَّابَّةُ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا أَيْنَ وَجَدَهَا، وَفِي الْفَتَاوَى ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ مُطْلَقَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ مَا إذَا قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ أَوْ قَالَ مُطْلِقًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ، وَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي إلَيْهَا وَلَمْ يَقُلْ هِيَ لِمَنْ أَخَذَهَا فَأَخَذَهَا إنْسَانٌ لَا تَكُونُ لَهُ، وَلَوْ أَرْسَلَ طَيْرًا مَمْلُوكًا فَإِرْسَالُ الطَّيْرِ بِمَنْزِلَةِ تَسْيِيبِ الدَّابَّةِ، قَالُوا فِي الطَّيْرِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْسِلَهَا إذَا كَانَ وَحْشِيَّ الْأَصْلِ إذَا لَمْ يَقُلْ: هِيَ لِمَنْ أَخَذَهَا، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ سَيَّبَ دَابَّتَهُ فَأَصْلَحَهَا إنْسَانٌ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا وَأَرَادَ أَخْذَهَا وَأَقَرَّ، وَقَالَ: قُلْتُ حِينَ خَلَّيْتُ سَبِيلَهَا " مَنْ أَخَذَهَا فَهِيَ لَهُ " أَوْ أَنْكَرَ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ اُسْتُحْلِفَ فَنَكَلَ فَهِيَ لِلْآخِذِ، سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا سَمِعَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَوَغَابَ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ رَمَى ثَوْبَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهُ أَحَدٌ حَتَّى يَقُولَ حِينَ رَمَاهُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ فَلْيَأْخُذْهُ، وَفِي الْوَاقِعَاتِ عَمَّنْ رَفَعَ عَيْنًا فَزَعَمَ الرَّافِعُ أَنَّ الْمُلْقِي قَالَ: مَنْ أَخَذَهَا فَهِيَ لَهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ أَوْ حَلَّفَ الْمُدَّعِي فَأَبَى فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْآخِذِ، وَإِنْ كَانَ الْمُلْقِي غَيْرَ حَاضِرٍ لَكِنْ أُخْبِرَ بِمَا قَالَ الْمُلْقِي وَسِعَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالْخَبَرِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَفِي الْعُيُونِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ دَارًا أَوْ دَرَاهِمَ وَهِيَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: أَنْتَ مِنْهَا فِي حِلٍّ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهَا وَهِيَ عَلَى حَالِهَا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. غَصَبَ عَيْنًا فَحَلَّلَهُ مَالِكُهَا مِنْ كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ قِبَلَهُ، قَالَ أَئِمَّةُ بَلْخٍ: التَّحْلِيلُ يَقَعُ عَلَى مَا هُوَ وَاجِبٌ فِي الذِّمَّةِ لَا عَلَى عَيْنٍ قَائِمٍ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ مَالٌ، فَقَالَ: قَدْ حَلَّلْتُهُ لَكَ، قَالَ: هُوَ هِبَةٌ، وَإِنْ قَالَ: حَلَّلْتُكَ مِنْهُ فَهُوَ بَرَاءَةٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: (ترابحل كردم) وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ، وَلَوْ قَالَ (همه غَرِيمَانِ خودرابحل كردم) يَبْرَأُ غُرَمَاؤُهُ وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا مَالُ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي سِرْقِينِ الدَّابَّةِ فِي الْخَانِ إذَا وَهَبَ صَاحِبُهَا فَهِيَ لِمَنْ أَخَذَهَا وَلَا يَكُونُ صَاحِبُ الْخَانِ أَوْلَى بِهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا وَهَبَ لِلصَّغِيرِ شَيْئًا مِنْ الْمَأْكُولِ، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُبَاحُ لِوَلَدَيْهِ أَنْ يَأْكُلَا مِنْهُ، وَقَالَ أَكْثَرُ مَشَايِخِ بُخَارَى رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَحِلُّ، كَذَا فِي

السِّرَاجِيَّةِ. وَأَكْثَرُ مَشَايِخِ بُخَارَى عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. أَهْدَى لِلصَّغِيرِ الْفَوَاكِهَ يَحِلُّ لِوَالِدَيْهِ أَكْلُهَا؛ لِأَنَّ الْإِهْدَاءَ إلَيْهِمَا، وَذِكْرُ الصَّبِيِّ لِاسْتِصْغَارِ الْهَدِيَّةِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اتَّخَذَ وَلِيمَةً لِلْخِتَانِ فَأَهْدَى إلَيْهِ النَّاسُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ لِلْوَلَدِ سَوَاءٌ قَالُوا هِيَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لَمْ يَقُولُوا سَلَّمُوهَا إلَى الْأَبِ أَوْ إلَى الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي اتَّخَذَ الْوَلِيمَةَ لِلْوَلَدِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ لِلْوَالِدَيْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا قَالُوا لِلْوَلَدِ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا فَهِيَ لِلْوَالِدِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ مِمَّا يَصْلُحُ لِلصَّبِيِّ مِثْلُ ثِيَابِ الصَّبِيِّ أَوْ شَيْءٍ يُسْتَعْمَلُ لِلصِّبْيَانِ فَهِيَ لِلصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ أَوْ الْحَيَوَانِ، فَإِنْ أَهْدَاهُ أَحَدٌ مِنْ أَقْرِبَاءِ الْأَبِ أَوْ مِنْ مَعَارِفِهِ فَهِيَ لِلْوَالِدِ إذَا اتَّخَذَ الرَّجُلُ عَذِيرَةً لِلْخِتَانِ فَأَهْدَى النَّاسَ هَدَايَا وَوَضَعُوا بَيْنَ يَدَيْ الْوَلَدِ فَسَوَاءٌ قَالَ الْمُهْدِي هَذَا لِلْوَلَدِ أَوْ لَمْ يَقُلْ، فَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ تَصْلُحُ لِلْوَلَدِ، مِثْلُ ثِيَابِ الصِّبْيَانِ أَوْ شَيْءٌ يَسْتَعْمِلُهُ الصِّبْيَانُ مِثْلُ الصَّوْلَجَانِ وَالْكُرَةِ فَهُوَ لِلصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا تَمْلِيكٌ لِلصَّبِيِّ عَادَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لَا تَصْلُحُ لِلصَّبِيِّ عَادَةً كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ يُنْظَرُ إلَى الْمُهْدِي، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الْأَبِ أَوْ مَعَارِفِهِ فَهِيَ لِلْأَبِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الْأُمِّ أَوْ مَعَارِفِهَا فَهِيَ لِلْأُمِّ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ هُنَا مِنْ الْأُمِّ عُرْفًا وَهُنَاكَ مِنْ الْأَبِ فَكَانَ التَّعْوِيلُ عَلَى الْعُرْفِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ سَبَبٌ أَوْ وَجْهٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى غَيْرِ مَا قُلْنَا يُعْتَمَدُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا اتَّخَذَ وَلِيمَةً لِزِفَافِ ابْنَتِهِ فَأَهْدَى النَّاسُ هَدَايَا فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّقْسِيمِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ الْمُهْدِي شَيْئًا وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِهِ، أَمَّا إذَا قَالَ: أَهْدَيْتُ لِلْأَبِ أَوْ لِلْأُمِّ أَوْ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلْمَرْأَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُهْدِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ وَجَاءَ بِهَدَايَا إلَى مَنْ نَزَلَ عِنْدَهُ، وَقَالَ لَهُ: اقْسِمْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بَيْنَ أَوْلَادِكَ وَبَيْنَ امْرَأَتِكَ وَبَيْنَ نَفْسِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُهْدِي قَائِمًا يُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا فَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ خَاصَّةً فَهُوَ لِامْرَأَتِهِ وَمَا يَصْلُحُ لِلصِّغَارِ مِنْ الْإِنَاثِ فَهُوَ لَهُنَّ وَمَا يَصْلُحُ لِلصِّغَارِ مِنْ الذُّكُورِ فَهُوَ لَهُمْ وَمَا يَصْلُحُ لَهُ فَهُوَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا يُنْظَرُ إلَى الْمُهْدِي إنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الرَّجُلِ أَوْ مَعَارِفِهِ فَلَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الْمَرْأَةِ أَوْ مَعَارِفِهَا فَلَهَا فَإِذَنْ التَّعْوِيلُ عَلَى الْعَادَةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ بَعَثَ إلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ فِي إنَاءٍ أَوْ ظَرْفٍ، هَلْ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ إنْ كَانَ ثَرِيدًا أَوْ نَحْوَهُ، يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا جَعَلَهُ فِي إنَاءٍ آخَرَ ذَهَبَتْ لَذَّتُهُ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ الْفَوَاكِهِ أَوْ نَحْوِهَا إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ يُبَاحُ لَهُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا، وَيُقَالُ إذَا بَعَثَ إلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ فِي ظَرْفٍ أَوْ إنَاءٍ وَمِنْ الْعَادَةِ رَدُّ الظَّرْفِ وَالْإِنَاءِ لَمْ يَمْلِكْ الظَّرْفَ وَالْإِنَاءَ وَذَلِكَ كَالْقِصَاعِ وَالْجِرَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَادَةِ أَنْ لَا يُرَدَّ الظَّرْفُ كَقَوَاصِرِ التَّمْرِ فَالظَّرْفُ هَدِيَّةٌ أَيْضًا لَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ، ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ الظَّرْفُ هَدِيَّةً كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُهْدَى إلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي غَيْرِ الْهَدِيَّةِ، وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ الْهَدِيَّةَ فِيهِ إذَا لَمْ تَقْتَضِ الْعَادَةُ تَفْرِيغَهُ، فَإِنْ اقْتَضَتْ تَفْرِيغَهُ وَتَحْوِيلَهُ عَنْهُ لَزِمَهُ تَفْرِيغُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. سُئِلَ ابْنُ مُقَاتِلٍ عَنْ قَوْمٍ جَالِسِينَ عَلَى خِوَانٍ وَتَنَاوَلُوا شَيْئًا مِمَّنْ عَلَى خِوَانٍ آخَرَ وَمَنْ هُوَ لَيْسَ بِجَالِسٍ مَعَهُمْ يَخْدُمُهُمْ، قَالَ: لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَوْ نَاوَلَ مَنْ مَعَهُ عَلَى خِوَانِهِ لَا بَأْسَ، قَالَ الْفَقِيهُ هَذَا قِيَاسٌ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ فِي تِلْكَ الضِّيَافَةِ إذَا أَعْطَاهُ جَازَ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: اُدْخُلْ كَرْمِي وَخُذْ مِنْ الْعِنَبِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَالْمُخْتَارُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شِبَعَهُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِنْ قَالَ: خُذْ مِنْ الْبُرِّ يَأْخُذُ مَنَوَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. صَبِيٌّ أَهْدَى وَقَالَ: إنَّ أَبِي أَرْسَلَ إلَيْكَ بِهَذِهِ الْهَدِيَّةِ، يَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ إلَّا أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ فَأُرَجِّحُ لَهُ لَا يَقْبَلُ حَتَّى يَقُولَ: أَنْتَ فِي حِلٍّ أَوْ هُوَ لَكَ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ: لَا أَسْلَمُ مِنْ تَنَاوُلِ مَالِكَ، فَقَالَ: الْآمِرُ أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ تَنَاوُلِكَ مِنْ مَالِي مِنْ دِرْهَمٍ إلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَخَلَ فِي وَكَالَتِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ

الباب الرابع في هبة الدين ممن عليه

يَأْخُذَ جُمْلَةً مِائَةً أَوْ خَمْسِينَ وَلَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ مَالِهِ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالدَّرَاهِمِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. رَجُلٌ أَهْدَى إلَى مُقْرِضِهِ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُهْدِ إلَيْهِ شَيْئًا قَبْلَ الِاسْتِقْرَاضِ كُرِهَ الْقَبُولُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. بَقَرَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَرَاضَيَا عَلَى أَنْ تَكُونَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَحْلِبُ لَبَنَهَا فَهَذِهِ مُهَايَأَةٌ بَاطِلَةٌ وَلَا يَحِلُّ فَضْلُ اللَّبَنِ لِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ جُعِلَ فِي حِلٍّ إلَّا أَنْ يَسْتَهْلِكَ صَاحِبُ الْفَضْلِ فَضْلَهُ ثُمَّ جَعَلَهُ فِي حِلٍّ فَحِينَئِذٍ يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَلَمْ يَجُزْ، وَالثَّانِي هِبَةُ الدَّيْنِ وَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مُشَاعًا، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْحَمَّادِيَّةِ. انْتَهَبَ وِسَادَةَ كُرْسِيِّ الْعَرُوسِ وَبَاعَهَا يَحِلُّ إنْ كَانَتْ وُضِعَتْ لِلنَّهْبِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي الْفَتَاوَى قِيلَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ: إنَّ غَرِيمَكَ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا، فَقَالَ: فَهُوَ فِي حِلٍّ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ وَعَلَى هَذَا لَوْ قِيلَ كَذَا، فَقَالَ: هُوَ بَرِيءٌ، ثُمَّ تَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ، وَلَوْ قَالَ: فَهُوَ بَرِيءٌ لَا يَبْرَأُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ بَعَثَ إلَى غَيْرِهِ صُقْرَاطًا هَدِيَّةً ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ مِنْ بَقَرَةِ ابْنِ الْمُهْدِي الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَمْلِكُهُ الْأَبُ بِالْعِلَاجِ حَتَّى صَارَ اللَّبَنُ صُقْرَاطًا، وَكَذَا لَوْ عَوَّضَهُ الْمُهْدَى إلَيْهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ) . هِبَةُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ جَائِزَةٌ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَهِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ جَائِزَةٌ إذَا أَمَرَهُ بِقَبْضِهِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. هِبَةُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْن وَإِبْرَاءَهُ يَتِمُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ مِنْ الْمَدْيُونِ وَيَرْتَدُّ بِرَدِّهِ ذَكَرَهُ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ بَدَلَ الصَّرْفِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ بَدَلَ الصَّرْفِ فَأَبْرَأَهُ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهِ، فَإِنْ قَبِلَهُ بَرِئَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَا يَبْرَأُ، وَفِي سَائِرِ الدُّيُونِ يَبْرَأُ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ إلَّا أَنَّهُ تَرْتَدُّ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ فِي سَائِرِ الدُّيُونِ بِالرَّدِّ، هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ، وَأَمَّا هِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ الْكَفِيلِ وَإِبْرَاءَهُ عَنْ الدَّيْنِ فَالْهِبَةُ مِنْهُ لَا تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبُولِ وَتَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَإِبْرَاؤُهُ يَتِمُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ وَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَإِنْ وَهَبَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْأَصِيلِ أَوْ أَبْرَأَهُ فَمَاتَ قَبْلَ الرَّدِّ فَهُوَ بَرِيءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَيِّتًا فَأَبْرَأهُ مِنْهُ وَجَعَلَهُ فِي حِلٍّ مِنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ، فَإِنْ رَدَّ الْوَارِثُ هَذَا الْإِبْرَاءَ يَعْمَلُ رَدُّهُ وَيَقْضِي بِالْمَالِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَعْمَلُ رَدُّهُ وَالْبَرَاءَةُ مَاضِيَةٌ عَلَى حَالِهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْهُ إنْ قَبِلَ بَرِئَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَا يَبْرَأُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَمَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَوَهَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ لِوَارِثِ الْمَدْيُونِ صَحَّ سَوَاءٌ كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرِقَةً أَمْ لَمْ تَكُنْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ رَدَّ الْوَارِثُ الْهِبَةَ تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ وَهَبَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ فَالْهِبَةُ لِكُلِّهِمْ، وَلَوْ أَبْرَأَ الْوَارِثَ صَحَّ أَيْضًا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي فَتَاوَى آهُو: وَلَوْ أَبْرَأَ الْغَرِيمُ أَحَدَ الْوَرَثَةِ مِنْ الدَّيْنِ صَحَّ فِي نَصِيبِهِ وَفِي الْخِزَانَةِ عَقْدَانِ يَكُونَ الْمَوْتُ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ الْقَبُولِ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ إذَا لَمْ يَقْبَلْهُ حَتَّى مَاتَ الْمَدْيُونُ، وَالْوَصِيَّةُ إذَا لَمْ يَقْبَلْهَا الْمُوصَى لَهُ حَتَّى مَاتَ الْمُوصِي تَجِبُ الْهِبَةُ وَالْوَصِيَّةُ، وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ لَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ لِابْنِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَهُوَ صَغِيرٌ لَمْ تَجُزْ، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ لَهُ الْغَرِيمُ: أَبْرِئْنِي عَمَّا لَكَ عَلَيَّ، فَقَالَ: قَدْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ دَيْنِي عَلَيْكَ، فَقَالَ: لَا أَقْبَلُ، فَهُوَ بَرِيءٌ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَهَبَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَفِي التَّرِكَةِ نَقُودٌ وَعُرُوضٌ صَحَّ اسْتِحْسَانًا كَالصُّلْحِ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهِبَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الْعَيْنِ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ تَصِحُّ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَلَا تَصِحُّ فِيمَا يَحْتَمِلُهَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي فَتَاوَى آهُو: وَلَوْ قَبَضَ الْمَالَ مِنْ الْمَدْيُونِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: (وامى كه مرابوده است بتو بخشيدم) صَحَّتْ الْهِبَةُ، وَإِذَا صَحَّتْ الْهِبَةُ كَانَ لِلْمَدْيُونِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِمَا دَفَعَ إلَى رَبِّ الدَّيْنِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَهَبَ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ فَلَمْ يَقْبَلْ وَلَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى افْتَرَقَا عَنْ الْمَجْلِسِ فَجَاءَ

الباب الخامس في الرجوع في الهبة

بَعْدَ أَيَّامٍ وَرَدَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرَّدِّ مَجْلِسُ الْإِبْرَاءِ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة ذَكَرَ فِي الْمَأْذُونِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ هِبَةِ الْعَبْدِ التَّاجِرَ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ فَوَهَبَهُ لِمَوْلَاهُ صَحَّ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَهَلْ يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمَوْلَى، قِيلَ بِأَنَّهُ يَرْتَدُّ إجْمَاعًا، هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. إذَا كَانَ الدَّيْنُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ صَحَّ، وَإِنْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّيْنِ مُطْلَقًا يَنْفُذُ فِي الرُّبُعِ وَيَتَوَقَّفُ فِي الرُّبُعِ كَمَا لَوْ وَهَبَ نِصْفَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ، كَذَا فِي الصُّغْرَى. مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا وَهَبَ مَالًا مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ يَمْلِكُهُ رَبُّ الدَّيْنِ بِالْهِبَةِ لَا بِالدَّيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِمُكَاتَبِهِ وَهَبْتُ لَكَ مَالِي عَلَيْكَ، فَقَالَ الْمُكَاتَبُ: لَا أَقْبَلُ، عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَالْمَالُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي فَتَاوَى آهُو سُئِلَ بُرْهَانُ الدِّينِ عَمَّنْ مَاتَ مُفْلِسًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَتَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، هَلْ يَسْقُطُ دَيْنُهُ؟ قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ إسْقَاطَ السَّاقِطِ لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِمَوْتِهِ مُفْلِسًا وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ فِي الْآخِرَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. سُئِلَ أَيْضًا عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا مَاتَ حَتَّى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، فَقَالَ وَرَثَةُ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْآجِرِ (مَا ازَّيَّنَ خَانَهُ بَيْزًا رشديم) ، هَلْ يَبْرَأُ عَنْ مَالِ الْإِجَارَةٍ؟ قَالَ: لَا يَبْرَأُ بَلْ يَسْقُطُ إذَا قَالَ عِنْدَ الْقَبْرِ (آزَادَكُنَّ كُرِدْنَ أَيْنَ غَرِيم را) ، فَقَالَ الْوَارِثُ (وى خودآزاداست) لَا يَبْرَأُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. قُلْتُ: سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ عَنْ امْرَأَةِ الْمُتَوَفَّى قَالَتْ (هِشْت يك خويش وِكَابَيْنِ بفرزندان ارزانى داشتم) ، هَلْ يَبْرَأُ عَنْ التَّرِكَةِ؟ قَالَ: لَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ: تَرَكْتُ دَيْنِي عَلَيْكَ أَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (حَقّ خويش بتوماندم) يَكُونُ إبْرَاءً حَتَّى لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَسُئِلَ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنِ رَجُلٍ فَأَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، هَلْ يَرْجِعُ الْمُتَبَرِّعُ بِمَا أَدَّى؟ قَالَ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ (كردن شوى مادرخودراازحقى كه مادرترايركردن وى يود آزادكن) ، فَقَالَ (آزاد كردم إكروى مادر مِنْ بِحل كند) ، فَقَالَ (كردم) ، هَلْ يَكُونُ إبْرَاءً، قَالَ لَا؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِخَطَرٍ وَهَذَا بَاطِلٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ (مرابحل كن) ، فَقَالَ (بِحل كردم اكرمر ابحل كنى) ، فَقَالَ (بِحل كردم) لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ وَيَصِحُّ إبْرَاءُ الثَّانِي، وَلَوْ قَالَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (كردن أَوْ بيزار كردم) أَوْ قَالَ (آزاد كردم وَلَكِنْ تامادر ابحل كَنِدِّ) يَصِحُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ، قَالَ أَيْضًا: وَلَوْ قَالَ (مرابحل كُنَّ ناترابحل كَنَمِّ) ، فَقَالَ (بِحِلِّ كَرَدْمِ) ، فَقَالَ (مَنْ نيزبحل كَرَدْمِ هَوَجه دِين اسْتُ) يَبْرَأُ مِنْهُ (وَهَرْجه عِير اسْتُ) كَالْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَفِيمَا يَمْنَعُ عَنْ الرُّجُوعِ وَمَا لَا يَمْنَعُ) . فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ مَكْرُوهٌ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَيَصِحُّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْهِبَةَ أَنْوَاعٌ، هِبَةٌ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَهِبَةٌ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِذِي رَحِمٍ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ أَوْ لِمَحْرَمٍ لَيْسَ بِذِي رَحِمٍ وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ فِي ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ إلَّا أَنَّ بَعْدَ التَّسْلِيمِ لَا يَنْفَرِدُ الْوَاهِبُ بِالرُّجُوعِ بَلْ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا أَوْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يَنْفَرِدُ الْوَاهِبُ

بِذَلِكَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي بَعْضِ الْهِبَةِ إنْ شَاءَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَأَلْفَاظُ الرُّجُوعِ: رَجَعْتُ فِي هِبَتِي أَوْ ارْتَجَعْتُهَا أَوْ رَدَدْتُهَا إلَى مِلْكِي أَوْ أَبْطَلْتُهَا أَوْ نَقَضْتُهَا فَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِذَلِكَ وَلَكِنَّهُ بَاعَهَا أَوْ رَهَنَهَا أَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمَوْهُوبَ أَوْ دَبَّرَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رُجُوعًا، وَكَذَا لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ أَوْ خَلَطَ الطَّعَامَ بِطَعَامِ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا، وَلَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ ارْتَجَعْتُهَا لَمْ يَصِحَّ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. أَمَّا الْعَوَارِضُ الْمَانِعَةُ مِنْ الرُّجُوعِ فَأَنْوَاعٌ (مِنْهَا) هَلَاكُ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى الرُّجُوعِ فِي قِيمَتِهِ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا (وَمِنْهَا) خُرُوجُ الْمَوْهُوبِ عَنْ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَكَذَا بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ لِلْوَارِثِ غَيْرُ مَا كَانَ ثَابِتًا لِلْمُورِثِ، وَلَوْ وَهَبَ لِعَبْدِ رَجُلٍ هِبَةً فَقَبَضَهَا الْعَبْدُ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إذَا وَهَبَ لَهُ هِبَةً فَقَبَضَهَا فَلِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ فَلِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَمِنْهَا) مَوْتُ الْوَاهِبِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَخْرَجَ بَعْضَهَا عَنْ مِلْكِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا بَقِيَ دُونَ الزَّائِلِ، وَلَوْ وَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِآخَرَ ثُمَّ رَجَعَ فِيهَا كَانَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. (وَمِنْهَا) الزِّيَادَةُ فِي الْمَوْهُوبِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً، سَوَاءٌ كَانَتْ بِفِعْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ لَا بِفِعْلِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُتَوَلِّدَةً أَوْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ نَحْوَ مَا إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ جَارِيَةً هَزِيلَةً فَسَمِنَتْ أَوْ دَارًا فَبَنَى فِيهَا أَوْ أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا غَرْسًا أَوْ نَصَبَ دُولَابًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَسْقَى بِهِ وَهُوَ مُثَبَّتٌ فِي الْأَرْضِ وَمَبْنِيٌّ عَلَيْهَا عَلَى وَجْهٍ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا أَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ بِعُصْفُرٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ أَوْ قَطَّعَهُ قَمِيصًا وَخَاطَهُ أَوْ جُبَّةً وَحَشَاهُ أَوْ قَبَاءً، وَإِنْ صَبَغَ الثَّوْبَ بِصَبْغٍ لَا يَزِيدُ فِيهِ أَوْ يُنْقِصُهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ فِي الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا وَهَبَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ بِسَوَادٍ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ لَا يَرْجِعُ كَمَا لَوْ صَبَغَهُ بِشَيْءٍ آخَرَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ: رُبَّمَا يُنْفِقُ عَلَى السَّوَادِ أَكْثَرَ مِمَّا يُنْفِقُ عَلَى صَبْغِ أَحْمَرَ، وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ السَّوَادُ لَا يُعَدُّ زِيَادَةً فَإِنْ كَانَ يُعَدُّ زِيَادَةً تَزْدَادُ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ لَا يَرْجِعُ عِنْدَ الْكُلِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ هِيَ الزِّيَادَةُ فِي نَفْسِ الْمَوْهُوبِ بِشَيْءٍ يُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي الْقِيمَةِ كَالْجَمَالِ وَالْخِيَاطَةِ وَالصَّبْغِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَإِنْ زَادَ مِنْ حَيْثُ السِّعْرُ فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَكَذَا إذَا زَادَ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ فِي الْقِيمَةِ، وَلَوْ نَقَلَهُ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان حَتَّى ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ وَاحْتَاجَ إلَى مُؤْنَةِ النَّقْلِ، ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَنْقَطِعُ الرُّجُوعُ، وَلَوْ وَهَبَ عَبْدًا كَافِرًا فَأَسْلَمَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ وَهَبَ عَبْدًا حَلَالَ الدَّمِ فَعَفَا وَلِيُّ الْجِنَايَةِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا يَرْجِعُ، وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَفَدَاهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَلَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ الْفِدَاءَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ يَفْدِيَهُ فَالْجِنَايَةُ عَلَى الْعَبْدِ يَدْفَعُهُ الْوَاهِبُ بِهَا أَوْ يَفْدِيهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَأَخَذَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَرْشَهُ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ وَلَا يَأْخُذَ الْأَرْشَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ عَلَّمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعَبْدَ الْمَوْهُوبَ الْقُرْآنَ أَوْ الْكِتَابَةَ أَوْ الصَّنْعَةَ لَمْ يَمْتَنِعْ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ زِيَادَةً فِي الْعَيْنِ فَأَشْبَهَتْ الزِّيَادَةَ فِي السِّعْرِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ وَالثَّمَرِ أَوْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ كَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ وَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ، وَأَمَّا نُقْصَانُ الْمَوْهُوبِ فَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَلَا يَضْمَنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ النُّقْصَانَ (وَمِنْهَا الْعِوَضُ) ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَتَغَيَّرَ الْمَوْهُوبُ بِأَنْ كَانَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا أَوْ دَقِيقًا فَخَبَزَهُ أَوْ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ أَوْ كَانَ لَبَنًا فَاِتَّخَذَهُ جُبْنًا أَوْ سَمْنًا أَوْ أَقِطًا هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (وَمِنْهَا الزَّوْجِيَّةُ) سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَإِذَا وَهَبَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ لَا يَرْجِعُ فِي الْهِبَةِ، وَإِنْ انْقَطَعَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ وَهَبَ لِأَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَوْ وُهِبَتْ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ بَعْدَ الْهِبَةِ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا الْقَرَابَةُ الْمَحْرَمِيَّةُ) ، سَوَاءٌ كَانَ الْقَرِيبُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ.

وَلَا يَرْجِعُ فِي الْهِبَةِ مِنْ الْمَحَارِمِ بِالْقَرَابَةِ كَالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَإِنْ عَلَوْا وَالْأَوْلَادِ، وَإِنْ سَفَلُوا وَأَوْلَادِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْمَحْرَمِيَّةُ بِالسَّبَبِ لَا بِالْقَرَابَةِ لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ كَالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الرَّضَاعِ، وَكَذَا الْمَحْرَمِيَّةُ بِالْمُصَاهَرَةِ كَأُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَالرَّبَائِبِ وَأَزْوَاجِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ حَرْبِيٌّ دَخَلَ عَلَيْنَا بِأَمَانٍ وَلَهُ عِنْدَنَا أَخٌ مُسْلِمٌ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ شَيْئًا وَقَبِلَهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَتَّى رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فَإِنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ أَذِنَ لِلْمُسْلِمِ فِي قَبْضِهِ وَقَبَضَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَهَبَ لِوَكِيلِ أَخِيهِ لَا يَرْجِعُ فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَالْعَقْدَ وَقَعَا لِأَخِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَهَبَ لِعَبْدِ أَخِيهِ (1) ، وَلَوْ رَدَّ الْوَكِيلُ الْهِبَةَ وَقَبِلَهَا الْمُوَكِّلُ صَحَّ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا وَهَبَ عَبْدًا لِأَخِيهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ وَقَبَضَاهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي نَصِيبِ الْأَجْنَبِيِّ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا فَبَنَى الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي بَيْتِ الضِّيَافَةِ الَّتِي تُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ (كاشأنه) تَنُّورًا لِلْخُبْزِ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، وَكَذَا لَوْ بَنَى أَرْبًا أَيْ مَعْلَفًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ وَهَبَ لَهُ حَمَّامًا فَجَعَلَهُ مَسْكَنًا أَوْ وَهَبَ لَهُ بَيْتًا فَجَعَلَهُ حَمَّامًا فَإِنْ كَانَ الْبِنَاءُ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَزِدْ فِيهِ شَيْئًا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَإِنْ كَانَ زَادَ فِيهِ بِنَاءً أَوْ عَلَّقَ عَلَيْهِ بَابًا أَوْ جَصَّصَهُ وَأَصْلَحَهُ أَوْ طَيَّنَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ هَدَمَ الْبِنَاءَ رَجَعَ فِي الْأَرْضِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْبَعْضَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْبَاقِي، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا لِرَجُلٍ فَجَصَّصَهَا أَوْ طَيَّنَهَا أَوْ زَخْرَفَهَا بِالذَّهَبِ أَوْ اتَّخَذَ فِيهَا مُغْتَسَلًا أَوْ أَرْضًا فَبَنَى فِي طَائِفَةٍ مِنْهَا بِنَاءً فَلَا رُجُوعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَالزَّخْرَفَةُ التَّذْهِيبُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ وَهَبَ لَهُ دَارًا فَبَنَاهَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْبِنَاءِ وَتَرَكَ بَعْضَهَا عَلَى حَالِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إنْ وَهَبَ لِآخَرَ أَرْضًا بَيْضَاءَ فَأَنْبَتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا نَخْلًا أَوْ بَنَى بِنَاءً أَوْ دُكَّانًا وَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِيهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ لَا يُعَدُّ زِيَادَةً أَوْ يُعَدُّ نُقْصَانًا فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ حَتَّى لَوْ بَنَى دُكَّانًا صَغِيرًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ زِيَادَةً أَصْلًا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ عَظِيمَةً لَا يُعَدُّ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي الْكُلِّ وَإِنَّمَا يُعَدُّ زِيَادَةً فِي تِلْكَ الْقِطْعَةِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي غَيْرِهَا، كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِنَاءً فَانْهَدَمَ يَعُودُ حَقُّ الرُّجُوعِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ بَاعَ نِصْفَهَا غَيْرَ مَقْسُومٍ رَجَعَ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ شَيْئًا مِنْهَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي نِصْفِهَا؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي كُلِّهَا فَكَذَا فِي نِصْفِهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِذَا كَانَتْ الْهِبَةُ دَارًا فَهَدَمَ بِنَاءَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ دَارًا فَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْبَاقِي وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَهْلَكَ بَعْضَ الْهِبَةِ يَسْقُطُ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْمُسْتَهْلَكِ وَيَبْقَى فِي الْقَائِمِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَإِذَا وَهَبَ دَارًا فَرَجَعَ فِي بَعْضِهَا لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي الْبَاقِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. دَاوَى الْعَبْدَ الْمَرِيضَ أَوْ الْجَرِيحَ حَتَّى بَرِئَ أَوْ كَانَ أَعْمَى أَوْ أَصَمَّ فَسَمِعَ أَوْ أَبْصَرَ بَطَلَ الرُّجُوعُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ مَرِضَ عِنْدَهُ فَدَاوَاهُ لَا يَمْتَنِعُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَهَبَ عَبْدًا فَدَبَّرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ انْقَطَعَ الرُّجُوعُ، وَإِنْ كَاتَبَهُ فَعَجَزَ وَرَدَّهُ رَقِيقًا فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَلَوْ زَالَتْ الرَّقَبَةُ عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ بِالْفَسْخِ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ، وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ وَالْجِنَايَةُ بَاطِلَةٌ هَكَذَا

فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَهَبَ لَهُ وَصِيفًا فَشَبَّ وَكَبِرَ ثُمَّ صَارَ شَيْخًا فَأَرَادَ الرُّجُوعَ، وَقِيمَتُهُ السَّاعَةَ أَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ حِينَ وُهِبَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَ زَادَ سَقَطَ الرُّجُوعُ فَلَا يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ كَانَ نَحِيفًا فَسَمِنَ أَوْ دَمِيمًا فَحَسُنَ لَا يَرْجِعُ فِيهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَلَوْ كَانَ طَوِيلًا فَوَهَبَهُ فَازْدَادَ طُولُهُ وَهَذَا الطُّولُ نُقْصَانٌ فَكَانَ أَسْمَجَ لَهُ وَيُنْقِصُ ثَمَنَهُ وَلَا يَزِيدُهُ خَيْرًا فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِيهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ لِإِنْسَانٍ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَجُعِلَ الرُّجُوعُ فِي هَذِهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وُهِبَ الْعَبْدُ الْمَدْيُونُ مِنْ صَاحِبِ دَيْنِهِ بَطَلَ دَيْنُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ جِنَايَةً خَطَأً فَوَهَبَهُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ وَيَكُونُ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ اسْتِحْسَانًا وَإِذَا رَجَعَ فِي هِبَتِهِ لَا يَعُودُ الدَّيْنُ وَالْجِنَايَةُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرِوَايَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ فِي الْهِبَةِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَصِحُّ رُجُوعُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الزِّيَادَاتِ صَبِيٌّ لَهُ عَلَى مَمْلُوكٍ وَصِيَّةٌ دَيْنٍ فَوَهَبَ الْوَصِيُّ الْمَمْلُوكَ لِلصَّبِيِّ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي هِبَتِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَرْجِعُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ وَهَبَ عَبْدًا لِرَجُلَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَكَذَلِكَ إنْ جَعَلَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا هِبَةً وَنَصِيبَ الْآخَرِ صَدَقَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلَانِ وَهَبَا عَبْدًا لِرَجُلٍ وَسَلَّمَا ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْجِعَ بِحِصَّتِهِ وَالْآخَرُ غَائِبٌ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وُهِبَ مِنْ غَيْرِهِ جَارِيَةً فَعَلَّمَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ الْقُرْآنَ أَوْ الْكِتَابَةَ أَوْ الْمَشْطَ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ وَهَبَ جَارِيَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ فَأَخْرَجَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِق. وَلَوْ وَلَدَتْ الْمَوْهُوبَةُ وَلَدًا كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْأُمِّ لِلْحَالِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَرْجِعُ فِيهَا حَتَّى يَسْتَغْنِيَ الْوَلَدُ عَنْهَا ثُمَّ يَرْجِعَ فِي الْأُمِّ دُونَ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، قَالَ بِشْرٌ: قُلْتُ: وَإِنْ اخْتَصَمُوا فِي الرُّجُوعِ وَالْوَلَدُ صَغِيرٌ ثُمَّ أَدْرَكَ الصَّغِيرُ وَقَدْ كَانَ أَبْطَلَ الْقَاضِي الرُّجُوعَ لَهُ فِي الْأَمَةِ، قَالَ: لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَوْ ازْدَادَتْ الْهِبَةُ فِي بَدَنِهَا خَيْرًا ثُمَّ ذَهَبَتْ الزِّيَادَةُ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَبَ لِرَجُلٍ جَارِيَةً فَإِنَّ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْجَارِيَةِ دُونَ وَلَدِهَا، وَكَذَا فِي جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ وَالثِّمَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَإِذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ وَهِيَ حُبْلَى فَإِنْ كَانَتْ قَدْ ازْدَادَتْ خَيْرًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ ازْدَادَتْ شَرًّا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَالْجَوَارِي فِي هَذَا تَخْتَلِفُ فَمِنْهُنَّ مَنْ إذَا حَبِلَتْ سَمِنَتْ وَحَسُنَ لَوْنُهَا فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي عَيْنِهَا فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ وَمِنْهُنَّ مَنْ إذَا حَبِلَتْ اصْفَرَّ لَوْنُهَا وَدَقَّ سَاقُهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ نُقْصَانًا فِيهَا لَا يَمْتَنِعُ الْوَاهِبُ مِنْ الرُّجُوعِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَهَبَ أَمَةً فَشَبَّتْ وَكَبِرَتْ لَا يَرْجِعُ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْحَيَوَانَاتِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ وَهَبَ جَارِيَةً حَامِلًا أَوْ بَهِيمَةً حَامِلًا فَرَجَعَ فِيهَا قَبْلَ الْوَضْعِ إنْ كَانَ رُجُوعُهُ قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ يَعْلَمُ فِيهَا زِيَادَةُ الْحَمْلِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ وَهَبَ لَهُ بَيْضًا فَصَارَ فُرُوخًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. إذَا وَهَبَ الْأَمَةَ لِزَوْجِهَا بَطَلَ النِّكَاحُ فَإِنْ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ صَحَّ رُجُوعُهُ وَلَا يَعُودُ النِّكَاحُ كَمَا لَا يَعُودُ الدَّيْنُ وَالْجِنَايَةُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وَهَبَ الْمَنْكُوحَةَ لِزَوْجِهَا حَتَّى فَسَدَ النِّكَاحُ ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ يَعُودُ النِّكَاحُ، ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْخِلَافِيَّاتِ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ فِي مَوَاضِعَ أَنَّ بِالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ يَعُودُ إلَى الْوَاهِبِ قَدِيمُ مِلْكِهِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْعَوْدُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ لَا فِيمَا مَضَى، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ وَهَبَ مَالَ الزَّكَاةِ مِنْ رَجُلٍ قَبْلَ الْحَوْلِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَاهِبِ زَكَاةُ مَا مَضَى فَلَمْ يَجْعَلْ قَدِيمَ مِلْكِهِ عَائِدًا إلَيْهِ فِي حَقِّ زَكَاةِ مَا مَضَى وَكَذَلِكَ مَنْ وَهَبَ مِنْ آخَرَ دَارًا

وَسَلَّمَهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ، وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ فِيمَا مَضَى وَجُعِلَ كَأَنَّهُ الدَّارُ لَمْ تَزُلْ عَنْ مِلْكِهِ لَكَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ وَهَبَ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا مَا لَمْ تَحْبَلْ وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ وَهَبَ لِأَخِيهِ وَهُوَ عَبْدٌ لِغَيْرِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَلَوْ وَهَبَ لِعَبْدِ أَخِيهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا رُجُوعَ لَهُ، وَلَوْ كَانَا جَمِيعًا ذَوِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَاهِبِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَهَبَ لِلْمُكَاتَبِ وَهُوَ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبَةَ فَعَتَقَ لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ عَجَزَ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرْجِعُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ، وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ أَجْنَبِيًّا وَمَوْلَاهُ قَرِيبُ الْوَاهِبِ فَإِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ يَرْجِعُ، وَإِنْ عَجَزَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ وَهَبَ لِعَبْدِ رَجُلٍ جَارِيَةً فَقَبَضَهَا ثُمَّ أَرَادَ الْوَاهِبُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَالْمَوْلَى غَائِبٌ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمَوْلَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَوْلَى فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ أَنَا مَحْجُورٌ، وَقَالَ الْوَاهِبُ: أَنْتَ مَأْذُونٌ وَلِي أَنْ أَرْجِعَ فِيهَا قَبْلَ حُضُورِ مَوْلَاكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ مَعَ يَمِينِهِ قَالُوا: وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَبْدِ ثُمَّ إنَّمَا حَلَّفْنَا الْوَاهِبَ عَلَى الْعِلْمِ، وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَحْجُورٌ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمَوْلَى غَائِبًا وَالْعَبْدُ حَاضِرًا فَإِنْ حَضَرَ الْمَوْلَى وَغَابَ الْعَبْدُ فَأَرَادَ الْوَاهِبُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى خَصْمًا، وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ عَيْنًا فِي يَدِ الْمَوْلَى كَانَ الْمَوْلَى خَصْمًا فَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى: أَوْدَعَنِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ عَبْدِي فُلَانٌ وَلَا أَدْرِي أَوَهَبْتهَا لَهُ أَمْ لَا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْهِبَةِ فَالْمَوْلَى خَصْمٌ وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْجَارِيَةِ لِلْوَاهِبِ فَقَبَضَهَا الْوَاهِبُ فَزَادَتْ فِي بَدَنِهَا فِي يَدِ الْوَاهِبِ ثُمَّ حَضَرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَدْ مَاتَتْ فِي يَدِ الْوَاهِبِ كَانَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَاهِبَ قِيمَتَهَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودَعَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْوَاهِبَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُودَعِ بِمَا ضَمِنَ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُودَعَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ بِمَا ضَمِنَ أَيْضًا ثُمَّ أَوْجَبَ الضَّمَانَ فِي الْكِتَابِ عَلَى الْمُودَعِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ. وَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ وَهَبْتَهَا لِلَّذِي أَوْدَعَنِي إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِعَبْدِي فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ عَبْدُهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ إنْ كَانَ الْعَبْدُ حَيًّا، وَإِنْ قَالَ الْوَاهِبُ: لَيْسَتْ لِي بَيِّنَةٌ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُودَعِ بِاَللَّهِ أَنَّ الْغَائِبَ لَيْسَ بِعَبْدٍ لَهُ اسْتَحْلَفَهُ الْقَاضِي فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنْ الْخُصُومَةِ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الْخُصُومَةُ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمَوْلَى أَنَّ فُلَانًا عَبْدُهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَقَضَى بِالرُّجُوعِ، وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْغَائِبَ كَانَ عَبْدَ هَذَا الرَّجُلِ وَأَنَّهُ قَدْ مَاتَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَصَارَ ذُو الْيَدِ خَصْمًا، وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْغَائِبَ كَانَ عَبْدَهُ وَأَنَّهُ قَدْ بَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ فُلَانٌ مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ أَنَّهُ قَدْ بَاعَ فُلَانًا الْغَائِبَ مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّ الْغَائِبَ عَبْدُهُ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ وَلَا يَجْعَلُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ خَصْمًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَهَبَ كِرْبَاسًا فَقَصَّرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَصِفَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ، وَلَوْ غَسَلَهُ يَرْجِعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ فَتَلَهُ لَا يَرْجِعُ إذَا كَانَ يَزِيدُ بِذَلِكَ فِي الثَّمَنِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ نَقَطَ الْمُصْحَفَ بِإِعْرَابٍ فَلَا رُجُوعَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ وَهَبَ لَهُ حَدِيدًا فَضَرَبَ مِنْهُ سَيْفًا أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَهَبَ حَلْقَةً فَرَكَّبَ فِيهَا فَصًّا إنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ نَزْعُهُ إلَّا بِضَرَرٍ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ نَزْعُهُ بِلَا ضَرَرٍ يَرْجِعُ، وَإِنْ وَهَبَ لَهُ وَرَقَةً فَكَتَبَ فِيهَا سُورَةً أَوْ بَعْضَ سُورَةٍ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ

لَا يَزِيدُ بِهَذَا فِي ثَمَنِهِ، وَإِنْ قَطَّعَهُ مُصْحَفًا وَكَتَبَهُ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ كِتَابَةَ الْمُصْحَفِ تَزِيدُ فِي الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَتْ دَفَاتِرَ ثُمَّ كَتَبَ فِيهَا فِقْهًا أَوْ حَدِيثًا أَوْ شِعْرًا إنْ كَانَ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ كَانَ نَقْصٌ يَرْجِعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَهَبَ لَهُ مِرْآةً فَصَقَلَهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَلَوْ حَدَّدَ السِّكِّينَ لَا يَرْجِعُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ وُهِبَ لَهُ سَيْفًا فَجَعَلَهُ سِكِّينًا أَوْ كَسَّرَهُ وَجَعَلَ مِنْهُ سَيْفًا آخَرَ لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وَهَبَ لِرَجُلِ أَجْذَاعًا فَكَسَّرَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَجَعَلَهَا حَطَبًا أَوْ وَهَبَ لَهُ لَبِنًا فَجَعَلَهُ طِينًا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، وَإِنْ أَعَادَهُ لَبِنًا لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ وَهَبَ لَهُ تُرَابًا فَبَلَّهُ بِالْمَاءِ لَا يَرْجِعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَهَبَ لَهُ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِالْمَاءِ فَلَهُ الرُّجُوعُ كَمَا إذَا وَهَبَ لَهُ حِنْطَةً فَبَلَّهَا بِالْمَاءِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ وَهَبَ بختجا فَجَعَلَهُ خَلًّا لَمْ يَرْجِع والبختج الْمَطْبُوخُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ الَّذِي ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ مِقْدَارَ مَا ذَهَبَ مِنْهُ ثُمَّ يُطْبَخُ أَدْنَى طَبْخَةٍ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَشْتَدَّ وَيَقْذِفَ بِالزَّبَدِ وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَأَصْلُهُ بُخْتَهْ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ وَهَبَ شَاةً أَوَبَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً فَأَوْجَبَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ لِأُضْحِيَّةٍ أَوْ هَدْيٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ قَلَّدَ الْبَدَنَةَ أَوْ الْبَقَرَةَ أَوْ أَوْجَبَهَا تَطَوُّعًا فَلِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرْجِعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَهَبَ لَهُ شَاةً فَذَبَحَهَا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ ضَحَّى بِهَا أَوْ ذَبَحَهَا فِي هَدْيِ الْمُتْعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرْجِعُ فِيهَا وَتُجْزِيهِ الْأُضْحِيَّةَ وَالْمُتْعَةُ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَهَبَ دِرْهَمًا ثُمَّ اسْتَقْرَضَهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَأَقْرَضَهُ إيَّاهُ جَازَ وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ أَبَدًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ دِرْهَمًا فَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَجَعَلَهُ صَدَقَةً لِلَّهِ تَعَالَى - فَلِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ وَهَبَ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ وَهَبَ لَهُ ثَمَرَةً فِي نَخْلٍ وَأَمَرَهُ بِالْقَبْضِ فَقَبَضَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَجُلٌ وَهَبَ شَجَرَةً وَأَذِنَ لَهُ بِقَطْعِهَا فَقَطَعَهَا وَأَنْفَقَ فِي الْقَطْعِ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ، وَلَوْ وَهَبَ شَجَرَةً بِأَصْلِهَا فَقَطَعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَفِي مَكَانِهَا مِنْ الْأَرْضِ هُوَ الصَّحِيحُ فَلَوْ أَنَّهُ جَعَلَ الشَّجَرَةَ أَبْوَابًا أَوْ جُذُوعًا لَا يَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِيهِ وَرُوِيَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْجُذُوعِ كَمَا إذَا جَعَلَهَا حَطَبًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْحَطَبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وَهَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَهَبَ ذَلِكَ الْعَبْدَ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بَعْدَمَا قَبَضَهُ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الثَّانِي لَا يَكُونُ لِلْوَاهِبِ الْأَوَّلِ سَبِيلٌ لَا عَلَى الْوَاهِبِ الثَّانِي وَلَا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الثَّانِي وَلَكِنْ يَرْجِعُ الْوَاهِبُ الثَّانِي فِي هِبَتِهِ إنْ شَاءَ ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَاهِبُ الْأَوَّلُ عَلَى الْوَاهِبِ الثَّانِي، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَوْ وَصَلَ إلَى الْوَاهِبِ الثَّانِي بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ الْأَوَّلِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ بَاعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ مِنْ آخَرَ فَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ، كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَفِي السِّغْنَاقِيِّ: وَلَوْ وَهَبَ مَا غَصَبَ أَوْ بَاعَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ آجَرَ أَوْ رَهَنَ أَوْ أَوْدَعَ أَوْ أَعَارَ فَهَلَكَ ضَمِنُوا قِيمَتَهُ وَلَا يَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ بِمَا ضَمِنُوا عَلَى الْغَاصِبِ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُودِعُ وَالْمُرْتَهِنُ بِالْقِيمَةِ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ السَّارِقُ مِنْ الْغَاصِبِ وَلَا غَاصِبِ الْغَاصِبِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَسْخٌ وَاخْتُلِفَ فِي الرُّجُوعِ بِالتَّرَاضِي، فَمَسَائِلُ أَصْحَابِنَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَسْخٌ أَيْضًا كَالرُّجُوعِ بِالْقَضَاءِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْمُشَاعِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَلَوْ كَانَ هِبَةً مُبْتَدَأَةً لَمْ يَصِحَّ مَعَ الشِّيَاعِ، وَكَذَا لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الْقَبْضِ، وَلَوْ كَانَ هِبَةً مُبْتَدَأَةً تَوَقَّفَتْ صِحَّتُهُ عَلَى الْقَبْضِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَ لِإِنْسَانٍ شَيْئًا وَوَهَبَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِآخَرَ ثُمَّ رَجَعَ الثَّانِي فِي هِبَتِهِ كَانَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَرْجِعَ، وَلَوْ كَانَ هِبَةً مُبْتَدَأَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فَهَذِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَسْخٌ فَإِذَا انْفَسَخَ بِالرُّجُوعِ عَادَ الْمَوْهُوبُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ وَيَمْلِكُهُ الْوَاهِبُ

الباب السادس في الهبة للصغير

وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ لَا فِي عَوْدِ مِلْكٍ قَدِيمٍ وَالْمَوْهُوبُ بَعْدَ الرُّجُوعِ يَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الرُّجُوعِ وَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِهِ وَلَكِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَهَبَ الْمَوْهُوبَ لِلْوَاهِبِ وَقَبِلَهُ الْوَاهِبُ الْأَوَّلُ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَإِذَا قَبَضَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ بِالتَّرَاضِي أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَجُوزُ تَصَرُّفُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْهِبَةِ مَا لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِنَقْضِهَا فَإِذَا حَكَمَ فَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ مَاتَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْوَاهِبُ بَعْدَمَا قَضَى الْقَاضِي بِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَضْمَنَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنَعَهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَدْ طَلَبَ مِنْهُ الْوَاهِبُ، وَلَوْ لَمْ يَرُدَّ الْهِبَةَ بَعْدَ الرُّجُوعِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْحَاكِمُ حَتَّى وَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ مِنْ الْوَاهِبِ وَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَدِّهِ أَوْ رَدِّ الْحَاكِمِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِإِبْطَالِ الرُّجُوعِ لِمَانِعٍ ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ عَادَ الرُّجُوعُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وَهَبَ مِنْ الْفَقِيرِ شَيْئًا لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ، وَقِيلَ هَذَا إذَا نَوَى الصَّدَقَةَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَهَبَ شَيْئًا لِرَجُلٍ ثُمَّ قَالَ الْوَاهِبُ: أَسْقَطْتُ حَقِّي فِي الرُّجُوعِ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى شَيْءٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ عِوَضًا عَنْ الْهِبَةِ وَيَسْقُطُ حَقُّ الرُّجُوعِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ وَضَعَ حَبْلًا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَّقَ قِنْدِيلًا لَهُ الرُّجُوعُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ حَبْلًا لِلْقِنْدِيلِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَيَسْتَوِي فِي الْهِبَةِ حُكْمُ الرُّجُوعِ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ إلَى أُمِّ بِنْتِهِ الصَّغِيرَةِ، وَقَالَ: اجْعَلِي لَهَا جِهَازًا ثُمَّ أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَرْجِعَ وَأَخَذَ تِلْكَ الدَّنَانِيرَ، قَالَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ لِلصَّغِيرَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ: لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ كَمَا إذَا قَالَ: اشْتَرِي لَهَا جِهَازًا، كَذَا فِي فَتَاوَى أَبِي الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأُسْرُوشَنِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ) . وَلَوْ وَهَبَ رَجُلٌ شَيْئًا لِأَوْلَادِهِ فِي الصِّحَّةِ وَأَرَادَ تَفْضِيلَ الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ فِي ذَلِكَ لَا رِوَايَةَ لِهَذَا فِي الْأَصْلِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ التَّفْضِيلُ لِزِيَادَةِ فَضْلٍ لَهُ فِي الدِّينِ، وَإِنْ كَانَا سَوَاءً يُكْرَهُ وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْإِضْرَارَ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْإِضْرَارَ سَوَّى بَيْنَهُمْ يُعْطِي الِابْنَةَ مِثْلَ مَا يُعْطِي لِلِابْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ وَهَبَ فِي صِحَّتِهِ كُلَّ الْمَالِ لِلْوَلَدِ جَازَ فِي الْقَضَاءِ وَيَكُونُ آثِمًا فِيمَا صَنَعَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَ فِي وَلَدِهِ فَاسِقٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَهُ أَكْثَرَ مِنْ قُوتِهِ كَيْ لَا يَصِيرَ مُعِينًا لَهُ فِي الْمَعْصِيَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ كَانَ وَلَدُهُ فَاسِقًا وَأَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ مَالَهُ إلَى وُجُوهِ الْخَيْرِ وَيُحْرِمَهُ عَنْ الْمِيرَاثِ هَذَا خَيْرٌ مِنْ تَرْكِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ لَا بِالْكَسْبِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُفَضِّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَهِبَةُ الْأَبِ لِطِفْلِهِ تَتِمُّ بِالْعَقْدِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَمَا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ مُودِعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ لِعَدَمِ قَبْضِهِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ فِي يَدِهَا وَالْأَبُ مَيِّتٌ وَلَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ يَعُولُهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا أَرْسَلَ غُلَامَهُ فِي حَاجَةٍ ثُمَّ وَهَبَهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ صَحَّتْ الْهِبَةُ فَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ الْعَبْدُ حَتَّى مَاتَ الْوَالِدُ فَالْعَبْدُ لِلْوَلَدِ وَلَا يَصِيرُ مِيرَاثًا عَنْ الْوَالِدِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا وَهَبَ الْآبِقُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يَجُوزُ وَيَصِيرُ قَابِضًا، كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَلَوْ بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ أَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ وَهَبَهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَالصَّدَقَةُ فِي هَذَا كَالْهِبَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَصِيُّ الْيَتِيمِ إذَا وَهَبَ عَبْدَهُ لِلصَّغِيرِ وَلِلصَّغِيرِ عَلَيْهِ دَيْنٌ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَيَسْقُطُ دَيْنُهُ فَإِنْ أَرَادَ الْوَاهِبُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْأَبُ إذَا وَهَبَ عَبْدًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ الْعَبْدَ وَضَمِنَ

الْأَبُ فَالْأَبُ لَا يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ ضَمِنَ الِابْنُ بَعْدَ الْبُلُوغِ إنْ جَدَّدَ الِابْنُ فِيهِ قَبْضًا بَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِمَا ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ يَرْجِعْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْأَبُ إذَا وَهَبَ دَارِهِ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَفِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَفِيهَا سَاكِنٌ بِأَجْرٍ قَالَ: لَا يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْ كَانَ هُوَ فِيهَا يَعْنِي الْوَاهِبَ فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِرِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ: لَوْ وَهَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ دَارًا وَهُوَ سَاكِنٌ فِيهَا يَعْنِي الْوَاهِبَ لَا يَجُوزُ كَمَا هُوَ رِوَايَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ. وَلَوْ وَهَبَ دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا دَارًا أُخْرَى فَالثَّانِيَةُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِدَارٍ وَالْأَبُ سَاكِنُهَا جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ تَصَدَّقَ بِدَارِهِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَلَهُ فِيهَا مَتَاعٌ أَوْ كَانَ فِيهَا سَاكِنٌ بِغَيْرِ أَجْرٍ جَازَتْ الصَّدَقَةُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدَيْ رَجُلٍ بِإِجَارَةٍ لَمْ تَجُزْ الصَّدَقَةُ، وَقِيلَ: جَوَابُهُ فِي الصَّدَقَةِ فِيمَا إذَا كَانَ فِيهَا سَاكِنٌ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ يُوَافِقُ جَوَابَهُ فِي الْهِبَةِ وَجَوَابَهُ فِي الصَّدَقَةِ فِيمَا إذَا كَانَ هُوَ السَّاكِنَ أَوْ كَانَ فِيهَا مَتَاعُهُ يُخَالِفُ جَوَابَهُ فِي الْهِبَةِ فَالْمَرْوِيُّ عَنْهُ فِي الْهِبَةِ إذَا كَانَ الْوَاهِبُ فِي الدَّارِ أَوْ كَانَ فِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَكَمَا أَنَّ الْهِبَةَ تَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ فَالصَّدَقَةُ تَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ فَيَكُونُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ رِوَايَتَانِ عَنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. تَصَدَّقَ بِأَرْضٍ مَزْرُوعَةٍ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ إنْ كَانَ الزَّرْعُ لَهُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ بِإِجَارَةٍ لَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الْأَحْكَامِ: كُتِبَ إلَى ظَهِيرِ الدِّينِ فِي رَجُلٍ لَهُ أَرْضٌ مَزْرُوعَةٌ بِبَذْرِهِ فِي يَدِ مُزَارِعٍ وَهَبَهَا رَبُّ الْأَرْضِ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مَعَ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ، هَلْ تَصِحُّ وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَمَا إذَا رَضِيَ الْمُزَارِعُ بِالْهِبَةِ وَبَيْنَمَا إذَا لَمْ يَرْضَ، أَجَابَ: لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى أَبِي الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الْحُسَيْنِ الأستروشني. قَالَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ: تَصَرَّفْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، فَأَخَذَ يَتَصَرَّفُ فِيهَا لَا تَصِيرُ مِلْكًا لَهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا وَهَبَ لِابْنِهِ وَكَتَبَ بِهِ عَلَى شَرِيكِهِ فَمَا لَمْ يَقْبِضْ لَا يَمْلِكُهُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى ابْنِهِ مَالًا فَتَصَرَّفَ فِيهِ الِابْنُ يَكُونُ لِلْأَبِ إلَّا إذَا دَلَّتْ دَلَالَةٌ عَلَى التَّمْلِيكِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى ابْنِهِ فِي صِحَّتِهِ مَالًا يَتَصَرَّف فِيهِ فَفَعَلَ وَكَثُرَ ذَلِكَ فَمَاتَ الْأَبُ إنْ أَعْطَاهُ هِبَةً فَالْكُلُّ لَهُ، وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ لَأَنْ يَعْمَلَ فِيهِ لِلْأَبِ فَهُوَ مِيرَاثٌ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ اتَّخَذَ لِوَلَدِهِ أَوْ لِتِلْمِيذِهِ ثِيَابًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى وَلَدِهِ الْآخَرِ أَوْ تِلْمِيذِهِ الْآخَرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا بَيَّنَ وَقْتَ الِاتِّخَاذِ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ صَارَ وَاهِبًا بِالْقَطْعِ مُسَلَّمًا إلَيْهِ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ، وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا لَمْ يَصِرْ مُسَلَّمًا إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْخِيَاطَةِ وَالتَّسْلِيمِ، وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذَا لَهُ، صَارَ مِلْكًا لَهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: وَلَوْ جَهَّزَتْ الْمَرْأَةُ لِوَلَدِهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا ثِيَابًا فَوَلَدَتْ فَإِنْ وُضِعَ الْوَلَدُ عَلَى الثِّيَابِ فَالثِّيَابُ مِيرَاثٌ، قَالَ الْفَقِيهُ: وَعِنْدِي أَنَّ الثِّيَابَ لَهَا مَا لَمْ تُقِرَّ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا جَعَلَتْهَا مِلْكًا لِلصَّبِيِّ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ مِقْدَارَ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَبَسَطَتْ كُلَّ لَيْلَةٍ فِرَاشًا وَبَسَطَتْ عَلَيْهِ مِلْحَفَةً أَوْ لِحَافًا لَمْ يَصِرْ لِلْوَلَدِ مَا لَمْ تَقُلْ هَذَا لَهُ كَذَلِكَ هَهُنَا وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ ثِيَابِ الْبَدَنِ، قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ لَوْ جَهَّزَ ابْنَتَهُ فِي حَالِ صِغَرِهَا أَوْ حَالِ كِبَرِهَا لَكِنْ سَلَّمَهُ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. امْرَأَةٌ لَهَا مَهْرٌ عَلَى زَوْجِهَا وَهَبَتْ الْمَهْرَ لِابْنِهَا الصَّغِيرِ الَّذِي هُوَ مِنْ هَذَا الزَّوْجِ، الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْهِبَةُ إلَّا إذَا وَهَبَتْ وَسَلَّطَتْ وَلَدَهَا عَلَى الْقَبْضِ فَيَجُوزُ وَيَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَلَدِ إذَا قَبَضَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمَوْهُوبُ لَهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقَبْضِ فَحَقُّ الْقَبْضِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَحَقُّ الْقَبْضِ إلَى وَلِيِّهِ، وَوَلِيُّهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّ أَبِيهِ ثُمَّ جَدُّهُ ثُمَّ وَصِيُّ وَصِيِّهِ ثُمَّ الْقَاضِي وَمَنْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي، سَوَاءٌ كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ لَمْ يَكُنْ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. فَلَوْ أَنَّ الْأَبَ وَوَصِيَّهُ وَالْجَدَّ أَبَا الْأَبِ وَوَصِيَّهُ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً جَازَ قَبْضُ الَّذِي يَتْلُوهُ فِي الْوِلَايَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ نَحْوُ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْأُمِّ وَسَائِرِ الْقَرَابَاتِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَمْلِكُونَ قَبْضَ الْهِبَةِ إذَا كَانَ

الباب السابع في حكم العوض في الهبة

الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِمْ، وَكَذَلِكَ وَصِيُّ هَؤُلَاءِ يَمْلِكُهُ اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ فِي عِيَالِهِ، وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي يَعُولُ الْيَتِيمَ وَلَيْسَ لِلْيَتِيمِ أَحَدٌ سِوَاهُ جَازَ قَبْضُ الْهِبَةِ اسْتِحْسَانًا وَيَسْتَوِي فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْقَبْضَ أَوْ لَا يَعْقِلُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا غَائِبًا غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً فَأَمَّا إذَا كَانَ حَيًّا حَاضِرًا وَالصَّبِيُّ فِي عِيَالِ هَؤُلَاءِ، هَلْ يَصِحَّ؟ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا الْفَصْلُ فِي الْكُتُبِ نَصًّا إلَّا أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْأَجْنَبِيِّ إذَا كَانَ يَعُولُ الْيَتِيمَ وَلَيْسَ لِهَذَا الْيَتِيمِ أَحَدٌ سِوَاهُ جَازَ قَبْضُ الْهِبَةِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الشَّرْطُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَصِحَّ قَبْضُ هَؤُلَاءِ إذَا كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا، وَذَكَرَ فِي الْجَدِّ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ عَلَى الصَّغِيرِ إذَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَمَا إذَا كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَظَاهِرُ مَا أَطْلَقَهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَصِحَّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي حِجْرِ الْعَمِّ وَعِيَالِهِ فَوَهَبَ لِلصَّغِيرِ هِبَةً وَوَصِيُّ الْأَبِ حَاضِرٌ فَقَبَضَ الْعَمُّ، قِيلَ: لَا يَجُوزُ قَبْضُهُ، وَإِنْ قَبَضَ الْأَخُ أَوْ الْعَمُّ أَوْ الْأُمُّ وَالصَّغِيرُ فِي عِيَالِ أَجْنَبِيٌّ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ قَبَضَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالصَّغِيرَةُ الَّتِي يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَهِيَ فِي عِيَالِ الزَّوْجِ إذَا قَبَضَتْ هِيَ أَوْ الزَّوْجُ جَازَ الْقَبْضُ ثُمَّ شَرَطَ فِي قَبْضِ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ الصَّغِيرَةِ إذَا كَانَ يُجَامَعُ مِثْلُهَا، فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: إذَا كَانَ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا لَا يَصِحُّ قَبْضُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَعُولُهَا وَهِيَ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا جَازَ قَبْضُهُ عَلَيْهَا، وَالصَّغِيرَةُ إذَا لَمْ يَبْنِ الزَّوْجُ بِهَا لَا يَجُوزُ قَبْضُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْوَلِيُّ عَلَيْهَا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَتْ الصَّغِيرَةُ فِي عِيَالِ الْجَدِّ أَوْ الْأَخِ أَوْ الْأُمِّ أَوْ الْعَمِّ فَوَهَبَ لَهَا هِبَةً فَقَبَضَ الزَّوْجُ جَازَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، فَإِنْ أَدْرَكَتْ لَمْ يَجُزْ قَبْضُ الْأَبِ وَلَا الزَّوْجِ عَلَيْهَا إلَّا بِإِذْنِهَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. صَغِيرَةٌ فِي عِيَالِ أَجْنَبِيٍّ عَالَهَا بِرِضَا أَبِيهَا وَالْأَبُ غَائِبٌ فَقَبْضُ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا صَحِيحٌ دُونَ قَبْضِ الْأَخِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِ الْجَدِّ أَوْ الْأَخِ أَوْ الْأُمِّ أَوْ الْعَمِّ فَوَهَبَ لَهُ هِبَةً فَقَبَضَ الْهِبَةَ مَنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ وَالْأَبُ حَاضِرٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَبِهِ يُفْتَى هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَإِنْ قَبَضَهُ الصَّبِيُّ وَهُوَ يَعْقِلُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ حَيًّا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ، وَهَذَا قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَبُولُ الْهِبَةِ مِنْ الصَّبِيِّ صَحِيحٌ إذَا تَمَحَّضَتْ الْهِبَةُ مَنْفَعَةً فِي حَقِّ الصَّغِيرِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا ضَرَرٌ لِلصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ حَتَّى أَنَّهُ إذَا وَهَبَ رَجُلٌ لِصَبِيٍّ عَبْدًا أَعْمَى أَوْ تُرَابًا فِي دَارٍ، قِيلَ: إنْ كَانَ يُشْتَرَى مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ قَبُولُهُ وَلَا يَرُدُّ، وَإِنْ كَانَ لَا يُشْتَرَى مِنْهُ بِشَيْءٍ وَيَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ النَّقْلِ وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ ذَلِكَ وَرَدُّ الْهِبَةِ مِنْ الصَّبِيِّ الَّذِي يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ صَحِيحٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَذَكَرَ الْحَاكِمُ وَهَبَ دَارًا لِابْنَيْنِ لَهُ أَحَدُهُمَا كَبِيرٌ وَالْآخَرُ صَغِيرٌ وَقَبَضَ الْكَبِيرُ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الصَّغِيرِ مُنْعَقِدَةٌ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْهِبَةِ لِقِيَامِ قَبْضِ الْأَبِ مَقَامَ قَبْضِهِ وَهِبَةَ الْكَبِيرِ مُحْتَاجَةٌ إلَى قَبُولٍ فَسَبَقَتْ هِبَةُ الصَّغِيرِ فَتَمَكَّنَ الشُّيُوعُ، وَالْحِيلَةُ أَنْ يُسَلِّمَ الدَّارَ إلَى الْكَبِيرِ وَيَهَبَهَا مِنْهُمَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ثُمَّ كُلُّ مَا يُتَخَلَّصُ بِهِ عَنْ الْحَرَامِ وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إلَى الْحَلَالِ مِنْ الْحِيَلِ فَهُوَ حَسَنٌ، وَالصَّدَقَةُ عَلَى الصَّغِيرَيْنِ كَهِيَ عَلَى الْأَجْنَبِيَّيْنِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي حُكْمِ الْعِوَضِ فِي الْهِبَةِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي حُكْمِ الْعِوَضِ فِي الْهِبَةِ) . الْعِوَضُ نَوْعَانِ: مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْعَقْدِ، وَمَشْرُوطٌ فِي الْعَقْدِ (أَمَّا الْعِوَضُ) الْمُتَأَخِّرُ عَنْ الْعَقْدِ فَالْكَلَامُ فِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي بَيَانِ شَرْطِ جَوَازِ هَذَا التَّعْوِيضِ وَصَيْرُورَةِ الثَّانِي عِوَضًا ، وَالثَّانِي فِي بَيَانِ مَاهِيَّةِ هَذَا التَّعْوِيضِ (أَمَّا الْأَوَّلُ) فَلَهُ شَرَائِطُ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ - مُقَابَلَةُ الْعِوَضِ بِالْهِبَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ التَّعْوِيضُ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْمُقَابَلَةِ، نَحْوُ أَنْ يَقُولَ هَذَا عِوَضٌ عَنْ هِبَتِكَ أَوْ بَدَلٌ عَنْ هِبَتِكَ أَوْ مَكَانَ هِبَتِكَ أَوْ نَحَلْتُكَ هَذَا عَنْ هِبَتِكَ أَوْ تَصَدَّقْتُ بِهَذَا بَدَلًا عَنْ هِبَتِكَ أَوْ كَافَأْتُكَ أَوْ جَازَيْتُكَ أَوْ أَثَبْتُكَ أَوْ مَا يَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى، حَتَّى لَوْ وَهَبَ لِإِنْسَانٍ شَيْئًا وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ أَيْضًا وَهَبَ شَيْئًا لِلْوَاهِبِ وَلَمْ يَقُلْ عِوَضًا عَنْ هِبَتِكَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا

ذَكَرْنَا لَمْ يَكُنْ عِوَضًا بَلْ كَانَ هِبَةً مُبْتَدَأَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقُّ الرُّجُوعِ وَالثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ الْعِوَضُ فِي الْعَقْدِ مَمْلُوكًا بِذَلِكَ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ عَوَّضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِبَعْضِ الْمَوْهُوبِ لَا يَصِحُّ وَلَا يَكُونُ عِوَضًا، وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ قَدْ تَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ تَغَيُّرًا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فَإِنَّ بَعْضَ الْمَوْهُوبِ يَكُونُ عِوَضًا عَنْ الْبَاقِي هَذَا إذَا وَهَبَ شَيْئًا وَاحِدًا أَوْ شَيْئَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَأَمَّا إذَا وَهَبَ شَيْئَيْنِ فِي عَقْدَيْنِ فَعَوَّضَ أَحَدَهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: يَكُونُ عِوَضًا، وَلَوْ وَهَبَ لَهُ شَيْئًا وَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَعَوَّضَهُ الصَّدَقَةَ مِنْ الْهِبَةِ كَانَتْ عِوَضًا بِالْإِجْمَاعِ وَالثَّالِثُ - سَلَامَةُ الْعِوَضِ لِلْوَاهِبِ فَإِنْ لَمْ يُسَلَّمْ بِأَنْ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ لَمْ يَكُنْ عِوَضًا وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ لَمْ يَهْلِكْ وَلَمْ يَزْدَدْ خَيْرًا أَوْ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ مَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فَإِنْ كَانَ قَدْ هَلَكَ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا لَوْ هَلَكَ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ قَبْلَ التَّعْوِيضِ، وَكَذَا إذَا ازْدَادَ خَيْرًا لَمْ يَضْمَنْ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْعِوَضِ فَمَا بَقِيَ مِنْهُ فَهُوَ عِوَضٌ عَنْ الْهِبَةِ كُلِّهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ مِنْ الْعِوَضِ وَيَرْجِعُ بِالْهِبَةِ كُلِّهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَمْ يَزِدْ فِي بَدَنِهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَأَمَّا سَلَامَةُ الْمُعَوَّضِ وَهُوَ الْمَوْهُوبُ فَشَرَطَ التَّعْوِيضَ حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّ الْمَوْهُوبَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا عَوَّضَ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْمَوْهُوبِ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي نِصْفِ الْعِوَضِ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، سَوَاءٌ زَادَ الْعِوَضُ أَوْ نَقَضَ فِي السَّعْرِ أَوْ زَادَ فِي الْبَدَنِ أَوْ نَقَصَ فِيهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ وَنِصْفَ النُّقْصَانِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ قَالَ: أَرُدُّ مَا بَقِيَ مِنْ الْهِبَةِ وَأَرْجِعُ فِي الْعِوَضِ كُلِّهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مُسْتَهْلَكًا ضَمِنَ قَابِضُ الْعِوَضِ بِقَدْرِ مَا وَجَبَ الرُّجُوعُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِهِ مِنْ الْعِوَضِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا اسْتَحَقَّ كُلَّ الْهِبَةِ وَالْعِوَضُ مُسْتَهْلَكٌ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَةِ الْعِوَضِ، كَذَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. هَذَا إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ أَوْ الْعِوَضُ شَيْئًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهُ فَأَمَّا إذَا كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَاسْتَحَقَّ بَعْضَ أَحَدِهِمَا بَطَلَ الْعِوَضُ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحَقَّ، وَكَذَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْتَحَقَّةُ وَإِذَا بَطَلَ الْعِوَضُ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ وَإِذَا بَطَلَتْ الْهِبَةُ يَرْجِعُ فِي الْعِوَضِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (الثَّانِي) (بَيَانُ مَاهِيَّتِهِ) فَالتَّعْوِيضُ الْمُتَأَخِّرُ عَنْ الْهِبَةِ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا يَصِحُّ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الْهِبَةُ وَيَبْطُلُ بِمَا تَبْطُلُ بِهِ الْهِبَةُ لَا يُخَالِفُهَا إلَّا فِي إسْقَاطِ الرُّجُوعِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَثْبُتُ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْأُولَى وَلَا يَثْبُتُ فِي الثَّانِيَةِ فَأَمَّا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ فِي حُكْمِ هِبَةٍ مُبْتَدَأَةٍ، وَلَوْ وَجَدَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْمَوْهُوبِ عَيْبًا فَاحِشًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ وَيَرْجِعَ فِي الْعِوَضِ، وَكَذَلِكَ الْوَاهِبُ إذَا وَجَدَ بِالْعِوَضِ عَيْبًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْعِوَضَ وَيَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ فَإِذَا قَبَضَ الْوَاهِبُ الْعِوَضَ فَلَيْسَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهِ فِيمَا مَلَكَهُ، سَوَاءٌ عَوَّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِأَمْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيُشْتَرَطُ شَرَائِطُ الْهِبَةِ فِي الْعِوَضِ بَعْدَ الْهِبَةِ مِنْ الْقَبْضِ وَالْحِيَازَةِ وَالْإِفْرَازِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً فَلَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَلَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (النَّوْعُ الثَّانِي) الْعِوَضُ الْمَشْرُوطُ فِي عَقَدِ الْهِبَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ شُرِطَ لَهَا شَرَائِطُ الْهِبَةِ فِي الِابْتِدَاءِ حَتَّى لَا يَصِحَّ فِي الْمُشَاعِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَلَا يَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ وَبَعْدَ التَّقَابُضِ يَثْبُتُ لَهَا حُكْمُ الْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا كَانَ لَهُ وَيَثْبُتُ بِهَا الشُّفْعَةُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ مَا قَبَضَ، وَالصَّدَقَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بَيْعًا ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَبَ دَارًا مِنْ رَجُلَيْنِ بِشَرْطِ عِوَضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ يَنْقَلِبُ بَيْعًا جَائِزًا بَعْدَ التَّقَابُضِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَلَوْ عَوَّضَ عَنْ جَمِيعِ الْهِبَةِ قَلِيلًا كَانَ الْعِوَضُ أَوْ كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَلَوْ عَوَّضَ عَنْ بَعْضِ الْهِبَةِ عَنْ مِلْكِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا لَمْ يُعَوِّضْ عَنْهُ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا عَوَّضَ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

الباب الثامن في حكم الشرط في الهبة

إذَا تَصَدَّقَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ بِصَدَقَةٍ أَوْ نَحَلَهُ أَوْ أَعْمَرَهُ، فَقَالَ هَذَا عِوَضُ هِبَتِكَ جَازَ، كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَيَجُوزُ تَعْوِيضُ الْأَجْنَبِيِّ، سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمُعَوِّضِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ سَوَاءٌ عَوَّضَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: عَوِّضْ فُلَانًا عَنِّي عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ، وَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: هَبْ لِفُلَانٍ عَبْدَكَ هَذَا عَنِّي فَإِنَّ الْمَأْمُورَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ الْآمِرُ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ كُلَّ مَا يُطَالَبُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ يَكُونُ الْأَمْرُ بِأَدَائِهِ سَبَبًا لِلرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ، وَكُلُّ مَا لَا يُطَالَبُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ لَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِأَدَائِهِ سَبَبًا لِلرُّجُوعِ إلَّا بِشَرْطِ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ وَهَبَ لَهُ هِبَةً فَعَوَّضَهُ عِوَضًا عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ فَقَبَضَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فِي مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَمْ تَزْدَدْ وَلَمْ يَحْدُثْ فِيهَا مَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِيهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ وَقَدْ ازْدَادَتْ الْهِبَةُ لَمْ يَرْجِعْ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ قَدْ هَلَكَتْ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَضْمَنْهَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ وَهَبَ لِرَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَعَوَّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ دِرْهَمًا مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِوَضًا عِنْدَنَا وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ دَارًا فَعَوَّضَهُ بَيْتًا مِنْهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ وَهَبَ دَارِهِ بِشَرْطِ عِوَضٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَبَاعَهَا بِأَلْفَيْنِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ وَيَدْفَعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ مَا شَرَطَ أَوْ قِيمَتَهُ، وَلَوْ حَضَرَ الشَّفِيعُ بَعْدَمَا دَفَعَ الْمَشْرُوطُ إلَى الْوَاهِبِ أَخَذَهَا بِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَسَلَّمَ الْكُلَّ إلَيْهِ ثُمَّ عَوَّضَهُ الثَّوْبَ أَوْ الدَّرَاهِمَ لَمْ يَكُنْ عِوَضًا عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَهَبَ لَهُ حِنْطَةً وَطَحَنَ بَعْضَهَا وَعَوَّضَهُ دَقِيقًا مِنْ تِلْكَ الْحِنْطَةِ كَانَ عِوَضًا، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لَهُ ثِيَابًا وَصَبَغَ مِنْهَا ثَوْبًا بِعُصْفُرٍ أَوْ خَاطَهُ قَمِيصًا وَعَوَّضَهُ إيَّاهُ كَانَ عِوَضًا، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لَهُ سَوِيقًا فَلَتَّ بَعْضَهُ وَعَوَّضَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَهَبَ نَصْرَانِيٌّ لِمُسْلِمٍ هِبَةً فَعَوَّضَهُ الْمُسْلِمُ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا لَمْ يَكُنْ عِوَضًا وَلِلنَّصْرَانِيِّ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ، وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا عَوَّضَ الْوَاهِبَ شَاةً مَسْلُوخَةً ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا مَيِّتَةٌ رَجَعَ الْوَاهِبُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَبَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا لِغَيْرِهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَأَجَازَ رَبُّ الثَّوْبِ الْهِبَةَ جَازَتْ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ مَا لَمْ يُعَوِّضْهُ الْمَوْهُوبُ أَوْ لَمْ يَكُنْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، وَإِنْ عَوَّضَ الرَّجُلَ الَّذِي وَهَبَ لَهُ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ رَبَّ الثَّوْبِ لَهُ مِنْ الرُّجُوعِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَهَبَ لِرَجُلٍ هِبَةً وَعَوَّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ هِبَتِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ فِي الَّذِي لَهُ وَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ وَالِدُ الصَّغِيرِ إذَا وَهَبَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ شَيْئًا وَعَوَّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الصَّغِيرُ إذَا وَهَبَ مَالَهُ لِرَجُلٍ فَعَوَّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَوَّضَهُ عَنْ هِبَةٍ بَاطِلَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا وَهَبَ لِلصَّغِيرِ هِبَةً فَعَوَّضَهُ الْأَبُ عَنْهَا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لَمْ يَجُزْ تَعْوِيضُهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَمَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ جَارِيَتَيْنِ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَعَوَّضَهُ الْوَلَدُ عَنْهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِمَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. مَرِيضٌ وَهَبَ لِلصَّحِيحِ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَعَوَّضَهُ الصَّحِيحُ مِنْهُ عِوَضًا وَقَبَضَهُ الْمَرِيضُ ثُمَّ مَاتَ وَالْعِوَضُ عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مِثْلَ ثُلُثِ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ أَكْثَرَ فَالْهِبَةُ مَاضِيَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعِوَضِ نِصْفَ قِيمَةِ الْهِبَةِ يَرْجِعُ وَرَثَةُ الْوَاهِبِ فِي سُدُسِ الْهِبَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْهِبَةِ فَإِنْ شَاءَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَدَّ الْهِبَةَ كُلِّهَا وَأَخَذَ الْعِوَضَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ سُدُسَ الْهِبَةِ وَأَمْسَكَ الْبَاقِيَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي حُكْمِ الشَّرْطِ فِي الْهِبَةِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي حُكْمِ الشَّرْطِ فِي الْهِبَةِ) . فِي الْبَقَّالِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: هَذِهِ الْعَيْنُ لَكَ إنْ شِئْتَ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ، فَقَالَ: شِئْتُ، يَجُوزُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي التَّمْرِ إذَا طَلَعَ، فَقَالَ صَاحِبُ التَّمْرِ لِغَيْرِهِ: هُوَ لَكَ إنْ أَدْرَكَ، أَوْ قَالَ: إذَا كَانَ غَدٌ فَهُوَ جَائِزٌ

بِخِلَافِ دُخُولِ الدَّارِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ وَهَبَ غُلَامًا أَوْ شَيْئًا عَلَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ أَجَازَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ حَتَّى افْتَرَقَا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ وَهَبَ شَيْئًا عَلَى أَنَّ الْوَاهِبَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَبَطَل الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ فَلَا يَصِحُّ فِيهَا شَرْطُ الْخِيَارِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَالْأَلْفُ لَكَ، أَوْ قَالَ: أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهُ، أَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ نِصْفَ الْمَالِ فَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ النِّصْفِ الْبَاقِي، أَوْ قَالَ: فَلَكَ النِّصْفُ الْبَاقِي فَهُوَ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ إذَا قَالَ: أَبْرَأْتُكَ عَلَى أَنْ تُعْتِقَ عَبْدَكَ، أَوْ قَالَ: أَنْتَ بَرِيءٌ عَلَى أَنْ تُعْتِقَهُ بِإِبْرَائِي إيَّاكَ، فَقَالَ: قَبِلْتُ، أَوْ عَتَقْتُ لَهُ يَبْرَأُ عَنْ الدَّيْنِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُئِلَ أَبُو نَصْرٍ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ: أَبْرَأْتُكَ عَنْ الْحَقِّ الَّذِي لِي عَلَيْكَ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ، قَالَ: الْبَرَاءَةُ جَائِزَةٌ وَالْخِيَارُ بَاطِلٌ، أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لَهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ جَازَتْ الْهِبَةُ وَبَطَلَ الْخِيَارُ فَالْبَرَاءَةُ أَوْلَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: وَهَبْتُ لَكَ هَذِهِ الْأَمَةَ عَلَى أَنْ تُعَوِّضَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْأَمَةَ فَوَطِئَهَا وَوَلَدَتْ لَهُ، قَالَ: آمُرُهُ أَنْ يَدْفَعَ الْعِوَضَ الَّذِي شَرَطَ أَوْ الْقِيمَةَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ أَصْحَابُنَا جَمِيعًا: إذَا وَهَبَ هِبَةً وَشَرَطَ فِيهَا شَرْطًا فَاسِدًا فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ كَمَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ أَمَةً فَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهَا أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ بَعْدَ شَهْرٍ فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَهَذِهِ الشُّرُوطُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ أَمَةً عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَسْتَوْلِدَهَا أَوْ وَهَبَ لَهُ دَارًا أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِدَارٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْهَا أَوْ يُعَوِّضَهُ شَيْئًا مِنْهَا فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْكَافِي وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ مِنْ شَرْطِهِ الْقَبْضُ فَإِنَّ الشَّرْطَ لَا يُفْسِدُهُ كَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَجُمْلَةُ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَيَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ) : الْبَيْعُ وَالْقِسْمَةُ وَالْإِجَارَةُ وَالرَّجْعَةُ وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ وَالْحَجْرُ عَنْ الْمَأْذُونِ وَعَزْلُ الْوَكِيلِ فِي رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَتَعْلِيقُ إيجَابِ الِاعْتِكَافِ بِالشَّرْطِ وَالْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ وَالْإِقْرَارُ وَالْوَقْفُ فِي رِوَايَةٍ. (وَمَا لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ) : الطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ بِمَالٍ وَبِغَيْرِ مَالٍ وَالرَّهْنُ وَالْقَرْضُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْوِصَايَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِمَارَةُ وَالتَّحْكِيمُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالْإِقَالَةُ وَالنَّسَبُ وَإِذْنُ الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ وَدَعْوَةُ الْوَلَدِ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْجِرَاحَةُ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَجِنَايَةُ الْغَصْبِ الْوَدِيعَةُ وَالْعَارِيَّةُ إذَا ضَمِنَ فِيهَا رَجُلٌ وَشُرِطَ فِيهَا كَفَالَةٌ أَوْ حَوَالَةٌ وَعَقْدُ الذِّمَّةِ وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِالشَّرْطِ وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَعَزْلُ الْقَاضِي، وَالنِّكَاحُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَلَا إضَافَتُهُ وَلَكِنْ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ وَيُبْطِلُ الشَّرْطَ، وَكَذَا الْحَجْرَ عَلَى الْمَأْذُونِ، وَكَذَا الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْكِتَابَةَ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ وَغَيْرِ مُتَعَارَفٍ يَصِحُّ وَيُبْطِلُ الشَّرْطَ. (وَمَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى زَمَانٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ) : الْإِجَارَةُ وَفَسْخُهَا وَالْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْوَكَالَةُ وَالْإِيصَاءُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِمَارَةُ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالْوَقْفُ. (وَمَا لَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى زَمَانٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ تِسْعَةٌ) : الْبَيْعُ وَإِجَازَتُهُ وَفَسْخُهُ وَالْقِسْمَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْهِبَةُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ وَالصُّلْحُ عَنْ الْمَالِ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الأُسْتُروشَنِيَّة. رَجُلٌ وَهَبَ لِآخَرَ أَرْضًا عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ زَرْعٍ يُنْفِقُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْوَاهِبِ، قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ: إنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ كَرْمٌ أَوْ أَشْجَارٌ جَازَتْ الْهِبَةُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ قَرَاحًا فَالْهِبَةُ فَاسِدَةٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ كَرْمًا وَشَرَطَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَرٍ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْإِسْبِيجَابِيِّ رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ هِبَةً أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ ثُلُثَهَا أَوْ رُبْعَهَا أَوْ بَعْضَهَا فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ وَلَا يُعَوِّضُهُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْمُنْتَقَى

امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: تَصَدَّقْتُ عَلَيْكَ بِالْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ عَلَى أَنْ لَا تَتَسَرَّى عَلَيَّ أَوْ قَالَتْ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فَقَبِلَ ثُمَّ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى فَلَا رُجُوعَ فِي الْأَلْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا عَلَى أَنْ يَجْعَلَ أَمْرَ كُلِّ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا بِيَدِهَا وَلَمْ يَقْبَلْ الزَّوْجُ فَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ بِلَا قَبُولِ الْمَدْيُونِ، وَإِنْ قَبِلَ إنْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَالْإِبْرَاءُ مَاضٍ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَعُودُ الْمَهْرُ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَتْ عَلَى أَنْ لَا يَضْرِبَهَا وَلَا يَحْجُرَهَا أَوْ يَهَبَ لَهَا كَذَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا شَرْطًا فِي الْهِبَةِ لَا يَعُودُ الْمَهْرُ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَالْخُلَاصَةِ. قَالَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا: تَرَكْتُ مَهْرِي عَلَيْكَ إنْ جَعَلْتَ أَمْرِي بِيَدِي فَفَعَلَ ذَلِكَ فَمَهْرُهَا عَلَى حَالِهِ مَا لَمْ تُطَلِّقْ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّهَا جَعَلَتْ الْمَهْرَ عِوَضًا عَنْ الْأَمْرِ بِالْيَدِ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: وَهَبْتُ مَهْرِي لَكَ إنْ لَمْ تَظْلِمْنِي فَقَبِلَ الزَّوْجُ ذَلِكَ ثُمَّ ظَلَمَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ وَأَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ: الْهِبَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ الْهِبَةِ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ: وَهَبْتُ لَكَ مَهْرِي عَلَى أَنْ لَا تَظْلِمَنِي فَقَبِلَ صَحَّتْ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ الْهِبَةِ بِالْقَبُولِ فَإِذَا قَبِلَ تَمَّتْ الْهِبَةُ وَلَا يَعُودُ الْمَهْرُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقِيلَ مَهْرُهَا عَلَى حَالِهِ إذَا ظَلَمَهَا وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَإِنْ ضَرَبَهَا الزَّوْجُ بَعْدَمَا قَبِلَ الشَّرْطَ: إنْ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ يَعُودُ الْمَهْرُ، وَإِنْ ضَرَبَهَا الزَّوْجُ لِتَأْدِيبٍ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهَا لَا يَعُودُ الْمَهْرُ، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ امْرَأَةٍ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: اتَّخِذْ الْوَلِيمَةَ وَقْتَ جِهَازِي فَمَا أَنْفَقْتَهُ فَانْقُصْ مِنْ مَهْرِي، قَالَ: يَكُونُ كَمَا قَالَتْ لَهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَبْرِئِينِي عَنْ الْمَهْرِ حَتَّى أَهَبَ لَكِ كَذَا، فَأَبْرَأَتْهُ ثُمَّ أَبَى الزَّوْجُ أَنْ يَهَبَهَا، قَالَ نُصَيْرٌ يَعُودُ الْمَهْرُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ امْرَأَةً تَرَكَتْ مَهْرَهَا عَلَى زَوْجِهَا عَلَى أَنْ يَحُجَّ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: إنَّ الْمَهْرَ يَعُودُ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ، قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَاقِعَاتِهِ: الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى مَا قَالَهُ نُصَيْرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ الْمَهْرَ يَعُودُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنَّكَ تَغِيبُ عَنِّي كَثِيرًا فَإِنْ مَكَثْتَ مَعِي وَلَا تَغِيبُ وَهَبْتُ لَكَ الْحَائِطَ الَّذِي فِي مَكَانِ كَذَا فَمَكَثَ مَعَهَا زَمَانًا ثُمَّ طَلَّقَهَا (فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى خَمْسَةِ وُجُوهٍ) الْوَجْهُ الْأَوَّلُ إذَا كَانَتْ عِدَةً مِنْهَا لَا هِبَةً لِلْحَالِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَكُونُ الْحَائِطُ لِلزَّوْجِ الْوَجْهُ الثَّانِي إذَا وَهَبَتْ لَهُ وَسَلَّمَتْ إلَيْهِ وَوَعَدَهَا أَنْ يَمْكُثَ مَعَهَا فَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْحَائِطُ لِلزَّوْجِ، وَإِنْ لَمْ تُسَلِّمْ الْحَائِطَ إلَى الزَّوْجِ لَا يَكُونُ لَهُ الْحَائِطُ الْوَجْهُ الثَّالِثُ إذَا وَهَبَتْ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَمْكُثَ مَعَهَا وَسَلَّمَتْ إلَيْهِ وَقَبِلَ الزَّوْجُ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْحَائِطُ لِلزَّوْجِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ نُصَيْرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الْمُخْتَارُ لَا يَكُونُ الْحَائِطُ لِلزَّوْجِ الْوَجْهُ الرَّابِعُ - إذَا قَالَتْ: وَهَبْتُ لَكَ إنْ مَكَثْتَ مَعِي فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَكُونُ الْحَائِطُ لِلزَّوْجِ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ إذَا صَالَحَتْهُ عَلَى أَنْ يَمْكُثَ مَعَهَا عَلَى أَنَّ الْحَائِطَ هِبَةٌ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَكُونُ الْحَائِطُ لِلزَّوْجِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا لِيَقْطَعَ لَهَا فِي كُلِّ حَوْلٍ ثَوْبًا مَرَّتَيْنِ وَقَبِلَ الزَّوْجُ ذَلِكَ فَمَضَى حَوْلَانِ وَلَمْ يَقْطَعْ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: إنْ كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْهِبَةِ فَمَهْرُهَا عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي الْهِبَةِ سَقَطَ مَهْرُهَا وَلَا يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا عَلَى أَنْ يُحْسِنَ إلَيْهَا فَلَمْ يُحْسِنْ إلَيْهَا كَانَتْ الْهِبَةُ بَاطِلَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا (كَابِينَ ترابخشيدم جِنّك ازْمَنْ بِدَارٍ) إنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا لَمْ يَبْرَأْ عَنْ الْمَهْرِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. امْرَأَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا وَلَا يُطَلِّقَهَا فَقَبِلَ الزَّوْجُ ذَلِكَ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ لَمْ تَكُنْ وَقَّتَتْ لِلْإِمْسَاكِ وَقْتًا لَا يَعُودُ مَهْرُهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ وَقَّتَتْ وَقْتًا فَطَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ الْمَهْرُ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ فَقِيلَ إذَا لَمْ تُوَقِّتْ لِذَلِكَ وَقْتًا كَانَ قَصْدُهَا أَنْ يُمْسِكَهَا مَا عَاشَ، قَالَ: نَعَمْ، إلَّا أَنَّ الْعِبْرَةَ لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ. امْرَأَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فَقَبِلَ الزَّوْجُ، قَالَ خَلَفٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

الباب التاسع اختلاف الواهب والموهوب له والشهادة في ذلك

صَحَّتْ الْهِبَةُ طَلَّقَهَا أَوْ لَمْ يُطَلِّقْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَسُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ مَنَعَ امْرَأَتَهُ عَنْ الْمَسِيرِ إلَى أَبَوَيْهَا وَهِيَ مَرِيضَةٌ، فَقَالَ لَهَا: إنْ وَهَبْتِ لِي مَهْرَكِ أَبْعَثُكِ إلَى أَبَوَيْكِ، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: أَفْعَلُ، ثُمَّ قَدَّمَهَا إلَى الشُّهُودِ فَوَهَبَتْ بَعْضَ مَهْرِهَا وَأَوْصَتْ بِالْبَعْضِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَبْعَثْهَا إلَى أَبَوَيْهَا وَمَنَعَهَا، قَالَ: الْهِبَةُ بَاطِلَةٌ، قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمُكْرَهَةِ فِي الْهِبَةِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا الْمَرِيضِ: إنْ مِتَّ مِنْ مَرَضِكَ هَذَا فَأَنْت فِي حِلٍّ مِنْ مَهْرِي، أَوْ قَالَتْ: فَمَهْرِي عَلَيْكَ صَدَقَةٌ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا مُخَاطَرَةٌ وَتَعْلِيقٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مَرِيضَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا إنْ مِتَّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَمَهْرِي عَلَيْكَ صَدَقَةٌ أَوْ فَأَنْت فِي حِلٍّ مِنْ مَهْرِي فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَقَوْلُهَا بَاطِلٌ وَالْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْمَرْأَةُ إذَا أَرَادَتْ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الَّذِي طَلَّقَهَا، فَقَالَ لَهَا الْمُطَلِّقُ: لَا أَتَزَوَّجُكِ حَتَّى تَهَبِينِي مَا لَكِ عَلَيَّ فَوَهَبَتْ مَهْرَهَا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ أَبَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَالْمَهْرُ بَاقٍ عَلَى الزَّوْجِ تَزَوَّجَهَا أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا؛ لِأَنَّهَا جَعَلَتْ الْمَالَ عَلَى نَفْسِهَا عِوَضًا عَنْ النِّكَاحِ، وَفِي النِّكَاحِ الْعِوَضُ لَا يَكُونُ عَلَى الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ أَبَى الِاضْطِجَاعَ عِنْدَ امْرَأَتِهِ، فَقَالَ لَهَا: أَبْرِئِينِي مِنْ الْمَهْرِ فَأَضْطَجِعْ مَعَكِ فَأَبْرَأَتْهُ، قِيلَ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لِلتَّوَدُّدِ الدَّاعِي إلَى الْجِمَاعِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ: إنْ لَمْ تَقْضِ مَا لِي عَلَيْكَ حَتَّى تَمُوتَ فَأَنْت فِي حِلٍّ فَهُوَ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ لِرَبِّ الدَّيْنِ: إذَا مِتُّ فَأَنْت فِي حِلٍّ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: إنْ مِتُّ فَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ، لَا يَبْرَأُ وَهُوَ مُخَاطَرَةٌ كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عَلَيْكَ لَا يَبْرَأُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. أَبْرَأهُ عَنْ الدَّيْنِ لِيُصْلِحَ مُهِمَّةً عِنْدَ السُّلْطَانِ لَا يَبْرَأُ وَهُوَ رِشْوَةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ اخْتِلَاف الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالشَّهَادَة فِي ذَلِكَ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي اخْتِلَافِ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ) . عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ وَهَبَهُ مِنْهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَجَحَدَ صَاحِبُ الْيَدِ ذَلِكَ فَجَاءَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ بِالْهِبَةِ وَالْقَبْضِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا يَقُولُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ: تُقْبَلُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الرَّهْنُ وَالصَّدَقَةُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ بِلَا خِلَافٍ بِأَنْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَبْضِ وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ بِالْقَبْضِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ أَقَرَّ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي وَالْعَبْدُ فِي يَدِهِ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ، هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ هَهُنَا، وَلَمْ يُذْكَرْ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلٌ أَوَّلُ وَآخِرٌ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ، قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: مَا ذُكِرَ هَهُنَا أَصَحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اسْتَوْدَعَ الرَّجُلُ رَجُلًا وَدِيعَةً ثُمَّ وَهَبَهَا لَهُ ثُمَّ جَحَدَهَا فَشَهِدَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ وَلَمْ يُشْهِدْ بِالْقَبْضِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ جَحَدَ الْوَاهِبُ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ يَوْمَئِذٍ وَقَدْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْهِبَةِ وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَبْضِ وَلَا عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ، وَالْهِبَةُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَوْمَ يُخَاصِمُ إلَى الْقَاضِي فَذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ الْوَاهِبُ حَيًّا فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ مَتَاعًا ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا كُنْتُ اسْتَوْدَعْتُكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَتَاعِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِذَا حَلَفَ أَخَذَ الْمَتَاعَ فَإِنْ وَجَدَهُ هَالِكًا فَإِنْ كَانَ هَلَكَ بَعْدَمَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدِعُ الْهِبَةَ فَالْمُسْتَوْدَعَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْهَلَاكُ قَبْلَ دَعْوَى الْهِبَةِ فَلَا ضَمَانَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهَبَ لِرَجُلٍ عَبْدًا وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْوَاهِبِ قَبْلَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ بَطَلَتْ الْهِبَةُ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى الشِّرَاءِ قَبْلَ الْهِبَةِ وَإِنَّمَا شَهِدُوا عَلَى الشِّرَاءِ لَا غَيْرُ فَهُوَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ

أَرَّخَ شُهُودُ الشِّرَاءِ شَهْرًا أَوْ سَنَةً، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَاهِبِ فَأَقَامَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ وَقَبَضَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْهِبَةِ وَقَبَضَهُ مِنْهُ فَالْعَبْدُ لِصَاحِبِ الشِّرَاءِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي الْمُنْتَقَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اتَّفَقَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّ الْهِبَةَ كَانَتْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَلَكِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْعِوَضِ، فَقَالَ الْوَاهِبُ: الْعِوَضُ أَلْفٌ، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: خَمْسُمِائَةٍ وَالْعِوَضُ لَمْ يُقْبَضْ بَعْدُ وَالْمَوْهُوبُ قَائِمٌ مَقَامَهُ بِعَيْنِهِ فَلِلْوَاهِبِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ قَبَضَ خَمْسَمِائَةٍ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مُسْتَهْلَكًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْعِوَضِ، فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ مَا شَرَطْتُ لَكَ الْعِوَضَ أَصْلًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَكُونُ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَهُنَا عَلَى دَعْوَى الْوَاهِبِ بِاَللَّهِ مَا شَرَطَا لِوَاهِبِ الْعِوَضِ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ مُسْتَهْلَكًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ قَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ: تَصَدَّقْتَ بِهَا عَلَيَّ وَأَذِنْتَ لِي فِي قَبْضِهَا فَقَبَضْتُهَا، كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُتَصَدِّقِ، وَلَوْ قَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّارُ: كَانَتْ فِي يَدِي فَتَصَدَّقْتَ عَلَيَّ فَجَازَتْ، وَقَالَ الْمُتَصَدِّقُ: لَا بَلْ كَانَتْ حِينَئِذٍ فِي يَدِي وَقَبَضْتَهَا بِغَيْرِ إذْنِي، كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، وَلَوْ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ كَانَ وَهَبَهُ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ وَكَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا عَنْهُمَا فَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: وَهَبْتَهُ لِي وَقَبَضْتُهُ بِإِذْنِكَ، كَانَ الْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: حِينَ وَهَبْتَهُ لِي كَانَ فِي مَنْزِلِكَ لَا بِحَضْرَتِنَا فَأَمَرْتَنِي بِقَبْضِهِ فَقَبَضْتُهُ، لَا يُصَدَّقُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهَا هَلَكَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ عَيَّنَ الْوَاهِبُ شَيْئًا، وَقَالَ: هَذَا هُوَ الْهِبَةُ، حَلَفَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: وَهَبَتْ مَهْرَهَا فِي صِحَّتِهَا، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَلْ فِي مَرَضِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. اخْتَلَفَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْوَارِثُ مَعَ وَارِثٍ آخَرَ أَنَّ الْهِبَةَ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَرِيضِ نَافِذَةٌ وَإِنَّمَا تُنْتَقَضُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يُنْكِرُ النَّقْضَ، وَقِيلَ الْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى الْمَرَضَ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ لُزُومَ الْعَقْدِ وَالْمِلْكِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَاتِ فِي الْهِبَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى حُلِيًّا وَدَفَعَ إلَى امْرَأَتِهِ وَاسْتَعْمَلَهَا ثُمَّ مَاتَتْ وَاخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَوَرَثَتُهَا أَنَّهَا هِبَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهَا عَارِيَّةً؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْهِبَةِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: وَهَبَ لَكَ وَالِدِي هَذِهِ الْعَيْنَ فَلَمْ تَقْبِضْهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَبَضْتُهَا فِي حَيَاتِهِ، وَالْعَيْنُ فِي يَدِ الَّذِي يَدَّعِي الْهِبَةَ فَالْقَوْلُ لِلْوَارِثِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ، فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: أَنَا أَخُوكَ أَوْ قَالَ: عَوَّضْتُكَ وَإِنَّمَا تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَيَّ وَكَذَّبَهُ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ جَارِيَةً، فَقَالَ: وَهَبْتَهَا لِي وَهِيَ صَغِيرَةٌ فَكَبِرَتْ عِنْدِي وَازْدَادَتْ خَيْرًا، وَكَذَّبَهُ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا هَذَا فِي كُلِّ زِيَادَةٍ مُتَوَلَّدَةٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهُ سَمِنَ عِنْدِي وَكَذَّبَهُ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ أَرْضًا وَفِيهَا بِنَاءٌ أَوْ شَجَرٌ أَوْ سَوِيقًا وَهُوَ مَلْتُوتٌ أَوْ ثَوْبًا وَهُوَ مَصْبُوغٌ أَوْ مَخِيطٌ، فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: وَهَبْتَهَا لِي وَهِيَ صَحْرَاءُ فَبَنَيْتُ فِيهَا وَغَرَسْتُ، وَقَالَ: وَهَبْتَهُ لِي وَهُوَ غَيْرُ مَلْتُوتٍ وَغَيْرُ مَخِيطٍ وَغَيْرُ مَصْبُوغٍ فَلَتَتُّهُ أَنَا وَصَبَغْتُهُ وَخِطْتُهُ أَنَا، وَقَالَ الْوَاهِبُ: لَا بَلْ وَهَبْتُ كَذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فِي بِنَاءِ الدَّارِ وَحِلْيَةِ السَّيْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ وُهِبَ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَقَامَ الْوَاهِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ دَبَّرَهَا قَبْلَ أَنْ يَهَبَهَا، قَالَ: يَأْخُذُهَا وَيَأْخُذُ عُقْرَهَا وَقِيمَةَ أَوْلَادِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ وَأَقَامَتْ الْأَمَةُ بَيِّنَةً أَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ كَانَ دَبَّرَهَا قَبْلَ أَنْ يَهَبَهَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَأَقَامَتْ الْجَارِيَةُ بَيِّنَةً أَنَّ الْوَاهِبَ كَانَ دَبَّرَهَا أَخَذَهَا الْوَاهِبُ وَعُقْرَهَا وَقِيمَةَ

الباب العاشر في هبة المريض

وَلَدِهَا وَالْوَلَدُ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ وَهَبَ عَبْدَ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَسَلَّمَ ثُمَّ ادَّعَى مَوْلَاهُ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى هِبَةَ الْعَبْدِ ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا تَجُوزُ إجَازَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ يَكُونُ فَسْخًا لِلْعُقُودِ الْمَاضِيَةِ أَمَّا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَكُونُ فَسْخًا، كَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَا تَنْفَسِخُ الْهِبَةُ فَتَصِحُّ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ، وَالْفَتْوَى فِي الْبَيْعِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، قَالَ لِآخَرَ: كُنْتَ وَهَبْتَ لِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَمَا سَكَتَ: لَمْ أَقْبِضْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا لِزَوْجِهَا وَادَّعَتْ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا فِي الْهِبَةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. امْرَأَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ الزَّوْجِ، وَقَالَتْ: أَنَا مُدْرِكَةٌ، ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ: لَمْ أَكُنْ مُدْرِكَةً، وَكَذَّبَتْ نَفْسَهَا: إنْ كَانَ قَدُّهَا قَدَّ الْمُدْرِكَاتِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ كَانَ بِهَا عَلَامَةُ الْمُدْرِكَاتِ لَا تُصَدَّقُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُدْرِكَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. فِي الْبَقَّالِيِّ، وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَ لِلْعَبْدِ بِغَيْبَةِ الْمَوْلَى إنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ، وَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ أَنَّهُ مَأْذُونٌ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ عَلَى أَنَّهُ مَحْجُورٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ وَيَحْلِفُ الْوَاهِبُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْعِلْمِ وَلَوْ غَابَ الْعَبْدُ وَالْهِبَةُ فِي يَدِهِ فَلَا خُصُومَةَ مَعَ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ فَهُوَ الْخَصْمُ إذَا صَدَّقَهُ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: وَهَبْتُ لَكَ هَذَا الْعَبْدَ أَمْسِ فَلَمْ تَقْبَلْ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَاهِبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي هِبَةِ الْمَرِيضِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي هِبَةِ الْمَرِيضِ) . قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَا تَجُوزُ هِبَةُ الْمَرِيضِ وَلَا صَدَقَتُهُ إلَّا مَقْبُوضَةً فَإِذَا قُبِضَتْ جَازَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَإِذَا مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَتْ، يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ هِبَةَ الْمَرِيضِ هِبَةٌ عَقْدًا وَلَيْسَتْ بِوَصِيَّةٍ وَاعْتِبَارُهَا مِنْ الثُّلُثِ مَا كَانَتْ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ مَعْنًى؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ يَتَعَلَّقُ بِمَالِ الْمَرِيضِ وَقَدْ تَبَرَّعَ بِالْهِبَةِ فَيَلْزَمُ تَبَرُّعُهُ بِقَدْرِ مَا جَعَلَ الشَّرْعُ لَهُ وَهُوَ الثُّلُثُ، وَإِذَا كَانَ هَذَا التَّصَرُّفُ هِبَةً عَقْدًا شُرِطَ لَهُ سَائِرُ شَرَائِطِ الْهِبَةِ وَمِنْ جُمْلَةِ شَرَائِطِهَا قَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ دَارًا فَقَبَضَهَا ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي ثُلُثِهَا وَرَدَّ الثُّلُثَيْنِ إلَى الْوَرَثَةِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يُقَسَّمُ وَمَا لَا يُقَسَّمُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مَرِيضٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ تُرَدُّ الْهِبَةُ وَيَجِبُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْعُقْرُ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَرُوِيَ إذَا وَطِئَ الْوَاهِبُ الْمَرِيضُ الْأَمَةَ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَهُ ثُلُثُ الْأَمَةِ وَثُلُثُ الْوَلَدِ وَبَاقِيهَا لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ وَلَوْ قَطَعَ الْوَاهِبُ يَدَهَا فَفِي وُجُوبِ الْأَرْشِ رِوَايَتَانِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ جَارِيَةً فَكَاتَبَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثَا قِيمَتِهَا لِلْوَرَثَةِ وَلَا تُرَدُّ الْكِتَابَةُ فَإِنْ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهَا ثُمَّ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ عَلَيْهَا سَبِيلٌ، وَإِنْ عَجَزَتْ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَخَذُوا ثُلُثَيْهَا، وَكَذَلِكَ إنْ كَاتَبَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمَرِيضِ فَالْجَوَابُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِثُلُثَيْهَا لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ قَضَى لِلْوَرَثَةِ بِثُلُثَيْهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَهُوَ كَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إذَا أَعْتَقَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ التَّضْمِينِ وَالْإِعْتَاقِ وَالِاسْتِسْعَاءِ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مُوسِرًا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا، هَلْ لِلْوَرَثَةِ تَضْمِينُهُ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ تَضْمِينُهُ بِالْإِجْمَاعِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ عَبْدًا هُوَ جَمِيعُ مَالِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عِوَضٌ قِيمَتُهُ مِثْلُ ثُلُثَيْ الْهِبَةِ أَوْ أَكْثَرُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَالْمَوْهُوبُ لَهُ إنْ شَاءَ أَكْمَلَ الثُّلُثَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ جَمِيعَ الْهِبَةِ وَأَخَذَ عِوَضَهُ، وَكَذَا إذَا عَوَّضَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. مَرِيضٌ وَهَبَ لِآخَرَ عَبْدًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَتَلَ الْوَاهِبَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْعَبْدَ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ

دِرْهَمٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْوَاهِبَ، يُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِعَشْرَةِ آلَافٍ، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَتَخَلَّصُ عَنْ عُهْدَةِ الْجِنَايَةِ بِدَفْعِ الْجَانِي يَدْفَعُ نِصْفَهُ إلَيْهِمْ عَلَى وَجْهِ رَدِّ الْهِبَةِ وَنِصْفَهُ عَلَى وَجْهِ الدَّفْعِ بِالْجِنَايَةِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مَرِيضٌ وَهَبَ عَبْدَهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَبَاعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ صَحَّ تَصَرُّفُهُ وَضَمِنَ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِوَرَثَتِهِ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. مَرِيضٌ وَهَبَ عَبْدَهُ لِرَجُلٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِقِيمَتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ الْعَبْدِ فَأَعْتَقَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ جَازَ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مَرِيضٌ وَهَبَ لِمَرِيضٍ عَبْدًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَأَعْتَقَهُ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالٌ غَيْرُهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ ثُلُثِ الْبَاقِي لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ يَضْرِبُ فِيهَا غُرَمَاءُ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِدَيْنِهِمْ وَوَرَثَةُ الْوَاهِبِ بِثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ دَارًا قِيمَتُهَا ثَلَاثُمِائَةٍ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَتَقَابَضَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَةِ الْعَبْدِ فَإِنْ مَاتَ وَأَبَى الْوَرَثَةُ الْإِجَازَةَ خُيِّرَ الشَّفِيعُ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْ رَدَّ الشَّفِيعُ ثُلُثَ الدَّارِ أَوْ كُلَّ الدَّارِ وَأَخَذَ عَبْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعِوَضُ مَشْرُوطًا لَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي. مَرِيضٌ وَهَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ لِرَجُلٍ صَحِيحٍ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَتَقَابَضَا ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ الْعَبْدِ وَأَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا مَا صَنَعَ الْوَاهِبُ، كَانَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْهِبَةَ وَرَدَّ الْمَوْهُوبَ كُلَّهُ وَأَخَذَ عِوَضَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ ثُلُثَ الْعَبْدِ الْمَوْهُوبِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَسَلَّمَ ثُلُثَاهُ لَهُ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْعِوَضِ شَيْئًا، وَإِنْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: أَزِيدُ فِي الْعِوَضِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ مِنْ الْمُحَابَاةِ عَلَى الثُّلُثِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ شَيْئًا لَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ يَرُدُّ الْمَوْهُوبُ لَهُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ وَفِي الْبَيْعِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَلَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ كُرَّ تَمْرٍ قِيمَتُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ الصَّحِيحُ كُرَّ تَمْرٍ يُسَاوِي مِائَةً وَتَقَابَضَا وَمَاتَ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ رَدَّ كُرَّ الْهِبَةِ وَأَخَذَ كُرَّ نَفْسِهِ أَوْ رَدَّ نِصْفَ الْكُرِّ وَأَخَذَ نِصْفَ كُرِّهِ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعِوَضَ إنْ شَاءَ رَدَّ الْهِبَةَ وَأَخَذَ الْعِوَضَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ ثُلُثَيْهَا وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْكَافِي. مَرِيضٌ لَهُ عَبْدٌ يُسَاوِي خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَهَبَهُ لِرَجُلٍ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْمَرِيضَ خَطَأً فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِالدِّيَةِ وَسَلَّمَ لَهُ الْعَبْدَ كُلَّهُ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ بَدَلُ نَفْسِ الْوَاهِبِ بِمَنْزِلَةِ مَالٍ خَلَفَهُ فَتَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ مَالَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَقِيمَةَ الْعَبْدِ خَمْسَةُ آلَافٍ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ ثُلُثِهِ فَلِهَذَا تَنْفُذُ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِهِ، وَإِذَا ظَهَرَ نُفُوذُ الْهِبَةِ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ ظَهَرَ أَنَّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الدِّيَةَ كَامِلَةٌ لِلْوَرَثَةِ بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنْ كَانَ يُسَاوِي سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَاخْتَارَ الْفِدَاءَ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ رُبُعَهُ وَيَفْدِي مَا بَقِيَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْعُيُونِ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ وَهَبَ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ لِرَجُلٍ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ رَجَعَ إلَى الْوَرَثَةِ ثُلُثُ الْمَمْلُوكِ وَبَطَلَ الدَّيْنُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: يَعُودُ ثُلُثَا الدَّيْنِ فَإِنْ وَهَبَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ غُلَامًا لِابْنِهِ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ دَيْنٌ، قَالَ: فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ مَاتَ فَصَارَ لِلْوَرَثَةِ، عَادَ دَيْنُهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي هِبَتِهِ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ مَرِيضٌ وَقَدْ كَانَتْ الْهِبَةُ فِي الصِّحَّةِ فَإِنْ كَانَ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَالرُّجُوعُ فِيهِ صَحِيحٌ وَلَا سَبِيلَ لِغُرَمَاءِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الْوَاهِبِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ كَانَ رَدُّ الْمَرِيضِ لَهُ حِينَ طَلَبَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ هِبَةٍ جَدِيدَةٍ مِنْ الْمَرِيضِ فَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ أَبْطَلْتَ ذَلِكَ الرُّجُوعَ وَرَدَدْتَ الْهِبَةَ إلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مَرِيضٌ وَهَبَ جَارِيَتَهُ لِمَرِيضٍ فَرَدَّهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ بِهِبَةٍ مِنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرْجِعُوا فِي شَيْءٍ مِمَّا وَهَبَ فَقَدْ اعْتَبَرَ الرُّجُوعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَأَنَّهُ يُوَافِقُ

الباب الحادي عشر في المتفرقات

رِوَايَةَ أَبِي حَفْصٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مَرِيضٌ وَهَبَ غُلَامًا لِامْرَأَتِهِ فَقَبَضَتْهُ وَأَعْتَقَتْهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ فَالْعِتْقُ نَافِذٌ وَتَضْمَنُ الْقِيمَةَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. مَرِيضَةٌ وَهَبَتْ صَدَاقَهَا مِنْ زَوْجِهَا فَإِنْ بَرَأَتْ مِنْ مَرَضِهَا صَحَّ، وَإِنْ مَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنْ كَانَتْ مَرِيضَةً غَيْرَ مَرَضِ الْمَوْتِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ كَانَتْ مَرِيضَةً مَرَضَ الْمَوْتِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَتَكَلَّمُوا فِي حَدِّ مَرَضِ الْمَوْتِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ الْمَوْتَ كَانَ مَرَضَ الْمَوْتِ، سَوَاءٌ كَانَتْ صَاحِبَةَ فِرَاشٍ أَوْ لَمْ تَكُنْ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ أَنْ لَا يَقْدِرَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا وَهُوَ أَحَبُّ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. مَرِيضَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ مَاتَتْ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَتْ عِنْدَ الْهِبَةِ تَقُومُ لِحَاجَتِهَا وَتَرْجِعُ مِنْ غَيْرِ مُعِينٍ عَلَى الْقِيَامِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحَةِ تَصِحُّ هِبَتُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ وَالْأَشَلُّ وَالْمَسْلُولُ إنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَخَفْ مِنْهُ الْمَوْتَ فَهِبَتُهُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا. وَالْمَرْأَةُ إذَا أَخَذَهَا الطَّلْقُ فَمَا فَعَلَتْهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ سَلَّمَتْ جَازَ مَا فَعَلَتْهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ مَهْرَهَا مِنْ الزَّوْجِ فِي حَالَةِ الطَّلْقِ وَمَاتَتْ فِي النِّفَاسِ لَمْ يَصِحَّ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا وَمَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَهَا فَلَا دَعْوَى لَهَا عَلَيْهِ لِصِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مَا لَمْ تَمُتْ فَإِذَا مَاتَتْ مِنْهُ فَلِوَرَثَتِهَا دَعْوَى مَهْرِهَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَبَاعَ مِنْهَا مَنْزِلًا وَوَهَبَ لَهَا ثَمَنَهُ وَأَوْصَى لَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَالْوَصِيَّةُ وَهِبَةُ الثَّمَنِ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَ الْبَيْعَ بَاطِلَانِ فَإِنْ أَجَازَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ قَالُوا أَجَزْنَا مَا أَمَرَ بِهِ الْمَيِّتُ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ، وَإِنْ قَالُوا أَجَزْنَا مَا فَعَلَ الْمَيِّتُ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ وَالْهِبَةُ جَمِيعًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا وَهَبَ الْمَوْلَى مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ فِي صِحَّتِهِ لَا يَصِحُّ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَ الْمَوْلَى مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا يَصِحُّ وَلَا تَنْقَلِبُ وَصِيَّةً أَمَّا إذَا أَوْصَى لَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ تَصِحُّ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) . فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ شَيْئًا وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ اخْتَلَسَهُ مِنْهُ الْوَاهِبُ وَاسْتَهْلَكَهُ غَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ. وَلَوْ وَهَبَ لِرَجُلٍ شَاةً وَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ ذَبَحَهَا الْوَاهِبُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَوْ وَهَبَ لَهُ ثَوْبًا ثُمَّ قَطَعَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَفِي الشَّاةِ يَأْخُذُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الشَّاةَ الْمَذْبُوحَةَ وَلَا يَغْرَمُ الْوَاهِبُ لَهُ شَيْئًا وَفِي الثَّوْبِ يَأْخُذُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الثَّوْبَ وَيَغْرَمُ الْوَاهِبُ لَهُ مَا بَيْنَ الْقَطْعِ وَالصِّحَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي فَتَاوَى آهُو رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا مِائَةٌ حَالَّةٌ وَخَمْسُونَ مُؤَجَّلَةٌ فَوَهَبَ رَبُّ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ خَمْسِينَ، فَذَلِكَ الْمَوْهُوبُ يَنْصَرِفُ إلَى الْحَالِّ أَمْ إلَى الْمُؤَجَّلِ؟ أَفْتَى الْإِمَامُ الْأَجَلُّ بُرْهَانُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْمَرِيضَةُ إذَا قَالَتْ لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي صَدَاقٌ لَا يَبْرَأُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَسُئِلَ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَبِي لِي جَمِيعَ أَمْلَاكِكَ، فَقَالَتْ: وَهَبْتُ، هَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَهْرُ أَمْ لَا؟ ، فَقَالَ: لَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ جَهَّزَ بِنْتَه بِمَالِهِ وَوَجَّهَ الِابْنَةَ مَعَ الْجِهَازِ إلَى زَوْجِهَا فَمَاتَتْ الِابْنَةُ فَادَّعَى الْأَبُ أَنَّهُ كَانَ عَارِيَّةً وَزَوْجُهَا يَدَّعِي الْمِلْكَ اخْتَلَفُوا فِيهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْأَبِ وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الدَّافِعُ وَالْمُمَلِّكُ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْأَبُ مِنْ الْكِرَامِ وَالْأَشْرَافِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَبِ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَأْنَفُ عَنْ الْإِعَارَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الدَّافِعُ وَلَيْسَ بِمُكَذَّبٍ فِيمَا قَالَ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَعْطَى لِزَوْجَتِهِ دَنَانِيرَ لِتَتَّخِذَ بِهَا ثِيَابًا وَتَلْبَسَهَا عِنْدَهُ فَدَفَعَتْهَا إلَى مُعَامِلِهِ فَهِيَ لَهَا كَانَتْ تَدْفَعُ لِزَوْجِهَا وَرِقًا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى النَّفَقَةِ أَوْ شَيْئًا

آخَرَ وَهُوَ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى زَوْجِي شَيْءٌ هُوَ إبْرَاءٌ عَنْ الْمَهْرِ وَلَوْ جَعَلَتْ زَوْجَهَا فِي حِلٍّ يَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. قَالَ لَهَا وَهِيَ لَا تَعْلَمُ الْعَرَبِيَّةَ: قُولِي وَهَبْتُ مَهْرِي مِنْكَ، فَقَالَتْ: وَهَبْتُ، لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَلِهَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ فَوَهَبَ لَا تَصِحُّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا لِزَوْجِهَا وَادَّعَتْ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا فِي الْهِبَةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ مَهْرَهَا ثُمَّ لَهَا أَنْ تُعِيدَ الْمَهْرَ عَلَى الزَّوْجِ فَتَصَالَحَ عَنْ الْمَهْرِ عَلَى اللُّؤْلُؤَةِ أَوْ عَلَى الثَّوْبِ وَلَا تَرَاهُ فَتُبْرِئُ الزَّوْجَ ثُمَّ رَأَتْ ذَلِكَ الشَّيْءَ فَرَدَّتْهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ عَادَ الْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ وَلَوْ مَاتَتْ لَزِمَ الْعَقْدُ وَبَطَلَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَإِذَا أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا إنْ مَاتَتْ، وَإِنْ لَمْ تَمُتْ بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ يَنْبَغِي أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْ زَوْجِهَا ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ بِمَهْرِهَا إنْ مَاتَتْ بَطَلَ الْخِيَارُ، وَإِنْ عَاشَتْ تَرُدُّ الثَّوْبَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، كَذَا فِي حَسَبِ الْمُفْتَى. هِبَةُ الْمَهْرِ مِنْ الزَّوْجِ الْمَيِّتِ تَصِحُّ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَالْبِنْتُ لَوْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ أَبِيهَا إنْ أَمَرَتْهُ بِالْقَبْضِ صَحَّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ: الْوَكِيلُ فِي بَابِ الْهِبَةِ فِي مَعْنَى الرَّسُولِ حَتَّى يَجْعَلَ الْعَاقِدَ هُوَ الْمُوَكِّلُ دُونَ الْوَكِيلِ، وَفِي الْبَقَّالِيِّ التَّوْكِيلُ بِالْهِبَةِ تَوْكِيلٌ بِالتَّسْلِيمِ، وَلِلْوَكِيلِ بِالتَّسْلِيمِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ وَكَّلَ الْوَاهِبُ رَجُلًا بِالتَّسْلِيمِ وَوَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَجُلًا بِالْقَبْضِ وَغَابَا صَحَّ التَّسْلِيمُ مِنْ الْوَكِيلِ فَإِنْ امْتَنَعَ وَكِيلُ الْوَاهِبِ خَاصَمَهُ وَكِيلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَنْفَرِدُ أَحَدُ وَكِيلَيْ التَّسْلِيمِ بِهِ بِخِلَافِ وَكِيلَيْ الْقَبْضِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي فَصْلِ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ الْهِبَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ. وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ عِدَّتِهَا فَأَبَتْ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَإِنْ شَرَطَ فِي الْإِنْفَاقِ التَّزَوُّجَ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ أَنْ لَا يَرْجِعَ، كَذَا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ قَاضِي خَانْ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا أَوْ لَمْ تُزَوِّجْ؛ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ وَلَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ أَمَرَ شَرِيكَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ مَالَهُ إلَى وَلَدِهِ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَكَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا بِذَلِكَ وَامْتَنَعَ الشَّرِيكُ عَنْ الْأَدَاءِ، هَلْ لِلِابْنِ الْخُصُومَةُ مَعَهُ؟ قَالَ: هَذَا شَيْءٌ لَمْ يَجِبْ بَعْدُ وَلَا يَجِبُ لَهُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَلَيْسَ لِلِابْنِ خُصُومَةٌ فِي ذَلِكَ، قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ فَلِلِابْنِ أَنْ يُخَاصِمَ إذَا كَانَ مُقِرًّا بِالْمَالِ وَبِالْوَكَالَةِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. أَمِيرٌ وَهَبَ جَارِيَةً لِرَجُلٍ فَأَخْبَرَتْهُ الْجَارِيَةُ أَنَّهَا كَانَتْ لِتَاجِرٍ قُتِلَ فِي عِيرٍ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَتَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي وَالْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَجِدُ وَرَثَةَ الْمَقْتُولِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ خَلَّاهَا ضَاعَتْ وَلَوْ أَمْسَكَهَا رُبَّمَا يَقَعُ فِي فِتْنَةٍ فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَهَا لِلْغَائِبِ مِنْ ذِي الْيَدِ حَتَّى إذَا ظَهَرَ الْمَالِكُ كَانَ لَهُ عَلَى ذِي الْيَدِ الثَّمَنُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَفِي فَتَاوَى أَبِي الْفَضْلِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَهَبَ لِرَجُلٍ أَرْضًا كَانَتْ فِي يَدِ أَبِيهِ مُدَّةً وَبَعْدَ أَبِيهِ كَانَتْ فِي يَدِهِ فَجَاءَ مُدَّعٍ يُخَاصِمُهُ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: خُصُومَتُهُ مَعَ الْمَوْهُوبِ لَهُ دُونَ الْوَاهِبِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ أَرَادَ أَخْذَ الْأَرْضِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ الْقِيمَةِ حَيْثُ اسْتَهْلَكَهَا بِهِبَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْوَاهِبَ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. قَاضٍ أَوْ غَيْرُهُ دُفِعَ إلَيْهِ سُحْتٌ لِإِصْلَاحِ الْمُهِمِّ فَأَصْلَحَ ثُمَّ نَدِمَ يَرُدُّ مَا دُفِعَ إلَيْهِ. الْمُتَعَاشِقَانِ يَدْفَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ أَشْيَاءَ فَهِيَ رِشْوَةٌ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهَا وَلِلدَّافِعِ اسْتِرْدَادُهَا. خَطَبَ امْرَأَةً فِي بَيْتِ أَخِيهَا فَأَبَى أَنْ يَدْفَعَهَا حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فَدَفَعَ وَتَزَوَّجَهَا يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ؛ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا دَفَعَ الرِّشْوَةَ لِدَفْعِ الْجَوْرِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ لَمْ يَأْثَمْ. إذَا أَجَازَ مَلِكُ دَارِ الْحَرْبِ لِرَسُولٍ مَلِكِ دَارِ الْإِسْلَامِ جَارِيَةً فَهِيَ لَهُ وَلَوْ أَهْدَى مَلِكُ الْعَدُوِّ إلَى أَمِيرِ الْعَسْكَرِ فَهِيَ لِجَمِيعِ الْعَسْكَرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَسُئِلَ ابْنُ مُقَاتِلٍ عَمَّا يُهْدِي أَبُو الصَّبِيِّ إلَى

الْمُعَلِّمِ أَوْ إلَى الْمُؤَدِّبِ فِي النَّيْرُوزِ أَوْ فِي الْمِهْرَجَانِ أَوْ فِي الْعِيدِ، قَالَ: إذَا لَمْ يَسْأَلْ وَلَمْ يُلِحَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَسُئِلَ الْحَلْوَانِيُّ عَمَّنْ عَلَّقَ كُوزَهُ أَوْ وَضَعَهُ فِي سَطْحِهِ فَأَمْطَرَ السَّحَابُ وَامْتَلَأَ الْكُوزُ مِنْ الْمَطَرِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَأَخَذَ ذَلِكَ الْكُوزَ مَعَ الْمَاءِ، هَلْ لِصَاحِبِ الْكُوزِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْكُوزَ مَعَ الْمَاءِ؟ ، فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَجَوَابُهُ فِي الْكُوزِ مِمَّا لَا إشْكَالَ فِيهِ فَأَمَّا فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ أَعَدَّهُ لِذَلِكَ حِينَئِذٍ يَسْتَرِدُّهُ، وَإِنْ لَمْ يُعِدَّهُ لِذَلِكَ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَقَبُولُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى اللَّقِيطِ إلَى الْمُلْتَقِطِ وَقَبْضُهُ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. لَقِيطٌ فِي يَدِ مُلْتَقِطٍ نَقَلَهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِهَذَا الصَّغِيرِ أَحَدٌ سِوَاهُ جَازَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَقْبِضَ مَا وَهَبَ مِنْ الصَّغِيرِ، وَإِنْ كَانَ الصَّغِيرُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَقْبِضَ بِنَفْسِهِ، وَلِهَذَا الْأَجْنَبِيِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِتَعْلِيمِ الْأَعْمَالِ وَلَيْسَ لِأَجْنَبِيٍّ آخَرَ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ السَّرَخْسِيُّ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ، كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَسُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَقَدْ دَفَعَ إلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ الْأُجْرَةَ فَاغْتَرَفَ مِنْ الْإِنَاءِ مَاءً بِإِنَاءٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ صَاحِبُ الْحَمَّامِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فِي بَلَدِنَا، هَلْ يَصِيرُ ذَلِكَ الْمَاءُ مِلْكًا لِلْمُغْتَرِفِ أَمْ يَكُونُ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ وَيَكُونُ مِنْهُ إبَاحَةً لِلدَّاخِلِينَ، فَقَالَ: صَارَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَكِنْ مَا صَارَتْ مِلْكًا لَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. دَفَعَ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ عَيْنًا لِإِرَادَةِ الزِّنَا فَإِنْ قَالَ: دَفَعْتُ إلَيْكِ لِأَزْنِيَ بِكِ فَلَهُ الطَّلَبُ، وَإِنْ وَهَبَهَا إرَادَةَ الزِّنَا وَهِيَ قَائِمَةٌ فَلَهُ الِاسْتِرْدَادُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي فَوَائِدِ شَمْسِ الْإِسْلَامِ إذَا خَوَّفَ امْرَأَتَهُ بِالضَّرْبِ حَتَّى وَهَبَتْ مَهْرَهَا لَا تَصِحُّ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الضَّرْبِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَسُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ خَاصَمَ زَوْجَتَهُ وَآذَاهَا بِالضَّرْبِ وَالشَّتْمِ حَتَّى وَهَبَتْ الصَّدَاقَ مِنْهُ وَلَمْ يُعَوِّضْهَا، هَلْ لَهَا حَقُّ الرُّجُوعِ، فَقَالَ: هَذِهِ الْبَرَاءَةُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَنْ امْرَأَةٍ أَعْطَتْ زَوْجَهَا مَالًا بِسُؤَالِهِ لِيَتَوَسَّعَ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ فِي الْمَعِيشَةِ فَظَفِرَ بِالزَّوْجِ بَعْضُ غُرَمَاءِ الزَّوْجِ وَاسْتَوْلَى عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ، هَلْ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ ذَلِكَ الْغَرِيمِ، قَالَ: إنْ كَانَتْ وَهَبَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ أَقْرَضَتْهُ مِنْهُ فَلَا، وَإِنْ كَانَتْ أَعْطَتْهُ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ عَلَى مِلْكِهَا فَلَهَا ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. هِبَةُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ جَائِزَةٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيَدْخُلُ فِي هِبَةِ الْأَرْضِ مَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، وَكَذَا فِي الصُّلْحِ عَلَى أَرْضٍ أَوْ عَنْهَا تَدْخُلُ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي الصُّلْحِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، قَالَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ الصَّبَّاغِيُّ: الزَّرْعُ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَالْإِقْرَارِ وَالْفَيْءِ بِغَيْرِ ذِكْرٍ، وَلَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَالْقِسْمَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَفِي الْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَلَا يَدْخُلُ الثِّمَارُ وَالْأَوْرَاقُ الْمُتَقَوِّمَةُ فِي هِبَةِ الْأَشْجَارِ بِغَيْرِ ذِكْرٍ فَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ وَفِيهَا ثَمَرٌ وَوَرَقٌ فَسَدَتْ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ وَالِدِي عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ: ادْفَعْ لِي إصْطَبْلَكَ حَتَّى تَكُونَ فِيهِ دَابَّتِي فَدَفَعَهُ لَهُ لِمَنْ يَكُونُ السِّرْقِينُ، قَالَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهَكَذَا أَجَابَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّغْدِيُّ وَسُئِلَ عَلَى مَرَّةٍ أُخْرَى، فَقَالَ: هُوَ لِمَنْ أَلْقَى الْحَشِيشَ، سَوَاءٌ كَانَ غَاصِبًا لِلْإِصْطَبْلِ أَوْ مُسْتَعِيرًا أَوْ غَاصِبًا لِلدَّابَّةِ أَوْ مُسْتَعِيرًا لَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ جَعَلَ لِذَلِكَ مَوْضِعًا مَعْرُوفًا أَوْ قَالَ صَاحِبُ الْإِصْطَبْلِ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ: ادْفَعْ لِي دَابَّتَكَ حَتَّى تَبِيتَ فِي إصْطَبْلِي فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْإِصْطَبْلِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ: غَفَرَ اللَّهُ لَكِ حَيْثُ وَهَبْتِ لِي الْمَهْرَ الَّذِي لَكِ عَلَيَّ، فَقَالَتْ (آرى بخشيدم) ، فَقَالَ الشُّهُودُ: هَلْ نَشْهَدُ عَلَى هِبَتِكَ؟ فَقَالَتْ (هزارتن كَوَاهُ باشيد) ، فَقَالَ: يُعْرَفُ الرَّدُّ وَالتَّصْدِيقُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهَا فَيُحْمَلُ عَلَى مَا تَرَوْنَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا وَهَبَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ كَانَ نِكَاحًا وَلَوْ وَهَبَ امْرَأَتَهُ مِنْ نَفْسِهَا كَانَ طَلَاقًا وَلَوْ وَهَبَ عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ كَانَ عِتْقًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى عَبْدٌ مَدْيُونٌ وَهَبَ فَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ نَقْضَ الْهِبَةِ فَلِلْغُرَمَاءِ ذَلِكَ فَلَوْ فَدَى الْوَاهِبُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ النَّقْضِ تَمْضِي

الْهِبَةُ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَبَيْعُ الْمَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ كَذَلِكَ وَلَوْ أَجَازُوا الْهِبَةَ بَطَلَ حَقُّهُمْ إلَّا أَنْ يُعْتِقَ الْعَبْدَ وَلَوْ أَوْصَى بِالْعَبْدِ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ نَقْضُ الْوَصِيَّةِ بَلْ يُبَاعُ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ وَلَوْ فَضَلَ الثَّمَنُ عَنْ الدَّيْنِ فَالْفَضْلُ لِلْمُوصَى لَهُ وَفِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ لَا يَكُونُ الْفَضْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ هِبَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ مِنْ مَالٍ دَفَعَهُ مَوْلَاهُ أَوْ مِنْ كَسْبِهِ، قَالَ: إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ مَوْلَاهُ كُرِهَ ذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. قَالَ لِمُكَاتَبِهِ: وَهَبْتُ مِنْكَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ، فَقَالَ الْمُكَاتَبُ: لَا أَقْبَلُ، عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَالْمَالُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ مِنْ فُلَانٍ دَارًا كَانَ هَذَا إقْرَارًا صَحِيحًا فِي الْغِيَاثِيَّةِ، الْإِقْرَارُ بِالْهِبَةِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ هُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ خَلَفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: فَمَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ نَخْلَةً وَهِيَ قَائِمَةٌ لَا يَكُونُ قَابِضَهَا حَتَّى يَقْطَعَهَا وَيُسَلِّمَهَا إلَيْهِ وَفِي الشِّرَاءِ إذَا خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صَارَ قَابِضًا لَهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي حُكْمِ الْهِبَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُمْ الْتَزَمُوا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ إلَّا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ بِالْخَمْرِ عَنْ الْهِبَةِ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلِمُ هُوَ الْمُعَوِّضُ لِلْخَمْرِ أَوْ الذِّمِّيُّ وَإِنْ صَارَتْ الْخَمْرُ خَلًّا فِي يَدِ الْقَابِضِ لَمْ تَصِرْ عِوَضًا وَيَرُدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ، وَتَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فِيمَا بَيْنَ الذِّمِّيَّيْنِ كَمَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْمُبَايَعَةِ وَلَا يَجُوزُ بِالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَهَبَ الْمُرْتَدُّ لِلنَّصْرَانِيِّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ لَهُ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ خَمْرًا فَذَلِكَ بَاطِلٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مُسْلِمٌ وَهَبَ لِمُرْتَدٍّ هِبَةً فَعَوَّضَهُ مِنْهَا الْمُرْتَدُّ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ جَازَتْ الْهِبَةُ وَلَمْ يَجُزْ تَعْوِيضُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تَعْوِيضُهُ صَحِيحٌ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ إلَّا أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ ثُلُثِهِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ هُوَ الْوَاهِبُ وَقَدْ عَوَّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ هِبَتِهِ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ يَرُدُّ هِبَتَهُ إلَى وَرَثَتِهِ وَيَرُدُّ عِوَضَهُ إلَى صَاحِبِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ، سَوَاءٌ كَانَ الْآخَرُ عَلِمَ بِارْتِدَادِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَإِذَا وَهَبَ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ هِبَةً لِمُسْلِمٍ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ مُسْلِمٌ فَقَبَضَهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ عَادَ مُسْتَأْمَنًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، وَإِنْ سُبِيَ وَأُخِذَتْ الْهِبَةُ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، وَإِنْ حَضَرَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ وَقَعَ الْحَرْبِيُّ فِي سَهْمِ رَجُلٍ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ وَصَلَتْ تِلْكَ الْهِبَةُ إلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ هُوَ الْوَاهِبُ فَسُبِيَ وَوَقَعَ فِي سَهْمِ رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَعْتَقَ لَا يَسْتَطِيعُ الرُّجُوعَ فِيهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. نَصْرَانِيٌّ وَهَبَ لِمُسْلِمٍ شَيْئًا فَعَوَّضَهُ خَمْرًا لَهُ الرُّجُوعُ فِي هِبَتِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (قَالَ) حَرْبِيٌّ وَهَبَ لِحَرْبِيٍّ هِبَةً ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ أَوْ أَسْلَمَا جَمِيعًا وَخَرَجَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ فَإِنْ كَانَ عَوَّضَهُ مِنْ هِبَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عُمَرُ النَّسَفِيُّ عَمَّنْ أَمَرَ أَوْلَادَهُ أَنْ يَقْتَسِمُوا أَرْضَهُ الَّتِي فِي نَاحِيَةِ، كَذَا بَيْنَهُمْ وَأَرَادَ بِهِ التَّمْلِيكَ فَاقْتَسَمُوهَا وَتَرَاضَوْا عَلَى ذَلِكَ، هَلْ يَثْبُتُ لَهُمْ الْمِلْكُ أَوْ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى أَنْ يَقُولَ لَهُمْ الْأَبُ: مَلَّكْتُكُمْ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ أَوْ يَقُولَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: مَلَّكْتُك هَذَا النَّصِيبَ الْمُفْرَزَ، فَقَالَ: لَا وَسُئِلَ عَنْهَا الْحَسَنُ، فَقَالَ: لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُمْ بِالْقِسْمَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي الْهِبَةِ مِنْ الصَّغِيرِ. سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ بَاعَتْ كِرْبَاسًا مِنْ زَوْجِهَا وَأَحَالَتْ بِالثَّمَنِ لِابْنِهَا الصَّغِيرِ بِطَرِيقِ الْإِنْعَامِ وَالصِّلَةِ فَمَاتَ الِابْنُ فَلِمَنْ يَكُونُ الثَّمَنُ؟ أَجَابَ يَكُونُ كُلُّهُ لِلْمَرْأَةِ وَلَا يَكُونُ مِيرَاثًا، كَذَا فِي فَتَاوَى أَبِي الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الْحُسَيْنِ الأستروشني. رَجُلٌ وَابْنُهُ فِي الْمَفَازَةِ وَمَعَهُمَا مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا مَنْ أَحَقُّ بِالْمَاءِ مِنْهُمَا قَالَ الِابْنُ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَوْ كَانَ أَحَقَّ لَكَانَ عَلَى الِابْنِ أَنْ يَسْقِيَ أَبَاهُ، وَإِنْ سَقَى أَبَاهُ مَاتَ هُوَ مِنْ الْعَطَشِ فَيَكُونُ هَذَا مِنْهُ إعَانَةً عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ، وَإِنْ شَرِبَ هُوَ لَمْ يُعِنْ الْأَبَ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ فَصَارَ هَذَا كَرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا قَتَلَ نَفْسَهُ وَالْآخَرُ قَتَلَ غَيْرَهُ فَقَاتِلُ نَفْسِهِ أَعْظَمُ إثْمًا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

الباب الثاني عشر في الصدقة

«مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي يَدِهِ تِلْكَ الْحَدِيدَةِ يَجَأُ بِهَا بَطْنَ نَفْسِهِ» وَالْوَجْءُ الضَّرْبُ بِالسِّكِّينِ وَأَصْلُهُ يَوْجَأُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَمَّا سَأَلْتُهُ عَمَّنْ كَتَبَ قِصَّتَهُ إلَى السُّلْطَانِ وَسَأَلَ مِنْهُ تَمْلِيكَ أَرْضٍ مَحْدُودَةٍ فَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِالتَّوْقِيعِ فَكَتَبَ كَاتِبُ السُّلْطَانِ عَلَى ظَهْرِ الْقِصَّةِ إنِّي جَعَلْتُ الْأَرْضَ مِلْكًا لَهُ، هَلْ تَصِيرُ مِلْكًا لَهُ أَمْ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ مِنْ السُّلْطَانِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ؟ فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ لَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ أُقِيمَ السُّؤَالُ بِالْقِصَّةِ مَقَامَ حُضُورِهِ وَقَبُولِهِ فَإِذَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ وَأَخَذَ مِنْهُ التَّوْقِيعَ يَتَمَلَّكُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: إذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ أَوْ بَاعَهَا مِنْ قَوْمٍ مِنْ التُّجَّارِ دَخَلُوا مَعَهُ فَلَحِقَهُمْ الْعَدُوُّ وَعَجَزُوا عَنْ إخْرَاجِهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَرَادَ الْمُشْتَرُونَ وَاَلَّذِينَ وَقَعَ ذَلِكَ فِي سِهَامِهِمْ أَنْ يُلْقُوا بِالْمَتَاعِ لِيُحَرِّقُوهُ فَرَمَوْا بِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ فَقَالُوا: مَنْ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ فَأَخَذَ ذَلِكَ أَقْوَامٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ صَارَ ذَلِكَ لَهُمْ حِينَ أَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يُخْرِجُوهُ عَلَّلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَقَالَ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ مِنْهُمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ حَدِيثًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهَدِيَّةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ جُلَسَائِهِ وَبَيْنَ الْمُهْدَى إلَيْهِ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: إذَا كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لَا تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالثَّوْبِ أَوْ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ فِي الْحَالِ كَاللَّحْمِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَجْعَلْ لِأَصْحَابِهِ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَهُوَ مُهَيَّأٌ لِلْأَكْلِ لِلْحَالِ يَجْعَلُ لِأَصْحَابِهِ مِنْ ذَلِكَ حَظًّا وَيُمْسِكُ الْبَقِيَّةَ لِأَهْلِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ مَاتَ فَبَعَثَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ الْمَيِّتِ بِثَوْبٍ لِيُكَفِّنَهُ فِيهِ، هَلْ يَمْلِكُهُ الِابْنُ حَتَّى يَكُونَ لَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِي غَيْرِهِ وَيُمْسِكُهُ لِنَفْسِهِ؟ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ مِمَّنْ يُتَبَرَّكُ بِتَكْفِينِهِ لِفِقْهٍ أَوْ وَرَعٍ فَإِنَّ الِابْنَ لَا يَمْلِكُهُ وَلَوْ كَفَّنَهُ فِي غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ جَازَ لِلِابْنِ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى حَيْثُ أَحَبَّ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا وَهَبَ الْأَبُ لِطِفْلِهِ دَارًا وَلَمْ يُبَيِّنْ حُدُودَهَا وَحُقُوقَهَا وَكَانَتْ الدَّارُ وَدِيعَةً عِنْدَ آخَرَ وَقْتَ الْهِبَةِ وَالْمُودَعِ سَاكِنُهَا مَلَكَ الصَّغِيرُ بِالْعَقْدِ وَالصَّدَقَةُ فِي هَذَا مِثْلُ الْهِبَةِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الصَّدَقَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الصَّدَقَةِ) . الصَّدَقَةُ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ فِي الْمُشَاعِ وَغَيْرِ الْمُشَاعِ وَحَاجَتِهَا إلَى الْقَبْضِ، إلَّا أَنَّهُ لَا رُجُوعَ فِي الصَّدَقَةِ إذَا تَمَّتْ وَيَسْتَوِي إنْ تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ فِي أَنَّهُ لَا رُجُوعَ فِيهَا وَمِنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يَقُولُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْهِبَةُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِدَارٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَوْبًا بِنِيَّةِ الصَّدَقَةِ فَأَخَذَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ فَرَدَّهُ عَلَى الدَّافِعِ لَا يَحِلُّ لِلدَّافِعِ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ حِينَ قَبَضَهُ الرَّجُلُ فَإِنْ أَخَذَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الْهِبَةُ لَا تَصِحُّ إلَّا بِقَبُولٍ بِالْقَوْلِ وَاسْتُحْسِنَ فِي صِحَّةِ الصَّدَقَةِ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ بِالْقَوْلِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ فِي كَافَّةِ الْأَعْصَار بِالتَّصَدُّقِ عَلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ غَيْرِ إظْهَارِهِمْ الْقَبُولَ بِالْقَوْلِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَالصَّدَقَةُ الْفَاسِدَةُ كَالْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيَّيْنِ جَازَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرَيْنِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ تَصَدَّقَ بِقِطْعَةِ نُقْرَةٍ عَلَى فَقِيرَيْنِ جَازَ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. رَجُلٌ وَهَبَ لِمَسَاكِينَ هِبَةً وَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا أَعْطَى سَائِلًا أَوْ مُحْتَاجًا عَلَى وَجْهِ الْحَاجَةِ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَرَاهِمُ، فَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَتَصَدَّقَ بِغَيْرِهَا، قَالَ نُصَيْرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ حَتَّى هَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفَتَاوَى سُئِلَ ابْنُ سَلَمَةَ عَمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَى امْرَأَةٍ وَهِيَ مُعْسِرَةٌ غَيْرَ أَنَّ لَهَا زَوْجًا مُوسِرًا، قَالَ: إنْ كَانَ الزَّوْجُ يُوَسِّعُ عَلَيْهَا النَّفَقَةَ فَهِيَ مُوسِرَةٌ بِغِنَى الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَفِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِصَدَقَةٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقَالَهُ الصَّدَقَةَ فَأَقَالَهُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَقْبِضَ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ

مُسْتَقِلَّةٌ، وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ إذَا كَانَتْ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ لَا يَفْسَخُهُ الْقَاضِي إذَا اخْتَصَمَا إلَيْهِ فَهَذَا حُكْمُهُ وَكُلُّ شَيْءٍ فَسَخَهُ الْقَاضِي إذَا اخْتَصَمَا إلَيْهِ فَأَقَالَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَهُوَ مَالٌ لِلْوَاهِبِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَقْبَلُ الْإِقَالَةَ وَالْفَسْخَ فَيَجْعَلُ إقَالَةَ الصَّدَقَةِ تَمْلِيكًا مُبْتَدَأً وَهِبَةً مُبْتَدَأَةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ تَنَاقَضَا الصَّدَقَةَ فَمَاتَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُتَصَدِّقُ فَإِنَّ الْمُنَاقَضَةَ بَاطِلَةٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي هِبَةٍ كَانَتْ الْمُنَاقَضَةُ جَائِزَةً، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَعْطَى رَجُلًا دَارًا عَلَى أَنَّ نِصْفَهَا صَدَقَةٌ عَلَيْهِ وَنِصْفَهَا هِبَةٌ وَقَبَضَ الرَّجُلُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي نِصْفِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ نِصْفٍ عَلَى حِدَةٍ وَالشُّيُوعُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا تَصَدَّقَ بِدَارِهِ عَلَى امْرَأَتِهِ وَعَلَى مَا فِي بَطْنِهَا وَهِيَ حَامِلٌ لَمْ يَجُزْ شَيْءٌ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: تَصَدَّقْتُ عَلَيْكِ وَعَلَى غُلَامِي أَوْ قَالَ عَلَيْكِ وَعَلَى نَفْسِي بِهَذِهِ الدَّارِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ قَالَ: تَصَدَّقْتُ عَلَيْكِ وَعَلَى الرَّجُلِ الَّذِي فِي هَذَا الْبَيْتِ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ إنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ قَالَ: تَصَدَّقْتُ بِهَذِهِ الدَّارِ عَلَى بَنِيَّ الصِّغَارِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ وَكَانَ بَعْضُهُمْ مَيِّتًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَالصَّدَقَةُ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ قَالَ هَذَا وَهُوَ يَعْلَمُ بِمَوْتِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ جَازَتْ الصَّدَقَةُ وَكُلُّهَا لِلْحَيِّ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِيجَابَ إذَا وَقَعَ لِمَنْ يَمْلِكُ وَلِمَنْ لَا يَمْلِكُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَانَ الْإِيجَابُ بِكَمَالِهِ لِمَنْ يَمْلِكُ وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَتَمَكَّنُ الشُّيُوعُ أَصْلًا فَيَجُوزُ الْإِيجَابُ، وَإِذَا وَقَعَ الْإِيجَابُ لِشَخْصَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ يَمْلِكُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَالْإِيجَابُ يَكُونُ لَهُمَا وَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَمَكَّنُ الشُّيُوعُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَيَمْنَعُ جَوَازَ الْإِيجَابِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الشُّيُوعَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَانِعًا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِصَدَقَةٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَالْمُتَصَدِّقُ وَارِثُهُ فَوَرِثَ تِلْكَ الصَّدَقَةَ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ فِي الْإِصَابَةِ مِنْهَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا قَالَ: جَعَلْتُ غَلَّةَ دَارِي هَذِهِ صَدَقَةً فِي الْمَسَاكِينِ، أَوْ قَالَ دَارِي هَذِهِ صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ، فَمَا دَامَ حَيًّا يُؤْمَرُ بِالتَّصَدُّقِ، وَإِذَا مَاتَ قَبْلَ تَنْفِيذِ الصَّدَقَةِ فَالدَّارُ وَالْغَلَّةُ مِيرَاثٌ عَنْهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ حَيًّا وَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا أَجْزَأَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَمَنْ قَالَ: مَالِي أَوْ مَا أَمْلِكُ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ، فَهُوَ عَلَى مَالِ الزَّكَاةِ وَيَدْخُلُ فِيهِ جِنْسُ مَا يَجِبُ فِي الزَّكَاةِ وَهِيَ السَّوَائِمُ وَالنَّقْدَانِ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ، سَوَاءٌ بَلَغَتْ نِصَابًا أَوْ لَمْ تَبْلُغْ قَدْرَ النِّصَابِ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَتَدْخُلُ فِيهِ الْأَرَاضِي الْعُشْرِيَّةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَدْخُلُ وَلَا تَدْخُلُ الْأَرَاضِي الْخَرَاجِيَّةُ وَلَا يَدْخُلُ الرَّقِيقُ لِلْخِدْمَةِ وَلَا الْعَقَارُ وَأَثَاثُ الْمَنَازِلِ وَثِيَابُ الْبِذْلَةِ وَسِلَاحُ الِاسْتِعْمَالِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ مِنْ أَمْوَالِ الزَّكَاةِ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ فِي قَوْلِهِ " مَا أَمْلِكُ أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ " يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا يَمْلِكُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنَّمَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي قَوْلِهِ: مَالِي صَدَقَةٌ، أَوْ جَمِيعُ مَالِي صَدَقَةٌ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ اسْتِعْمَالًا وَاحِدًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي. وَيُمْسِكُ مِنْ ذَلِكَ قُوتَهُ فَإِذَا أَصَابَ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ تَصَدَّقَ بِمَا أَمْسَكَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْكِتَابِ مِقْدَارَ مَا يُمْسِكُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ عِيَالِهِ وَكَثْرَتِهِمْ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ مُحْتَرِفًا يُمْسِكُ قُوتَ يَوْمٍ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ غَلَّةٍ أَمْسَكَ قُوتَ شَهْرٍ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ ضِيَاعٍ أَمْسَكَ قُوتَ سَنَةٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَذَكَرَ فِي الْأَجْنَاسِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ قَالَ: مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ، وَلَهُ دَرَاهِمُ عَلَى النَّاسِ لَا يَلْزَمُ التَّصَدُّقُ بِهَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ قَالَ: مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ وَلَهُ دُيُونٌ وَلَا نِيَّةَ دَخَلَ وَدَخَلَ فِيهِ أَرْضُ الْعُشْرِ دُونَ الْخَرَاجِ وَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَتَصَدَّقُ بِهِمَا جَمِيعًا فِيهِ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا يَمْلِكُ دَخَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَمَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ وَثِيَابُهُ وَمَتَاعُ الْبَيْتِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ قَالَ: مَالِي صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ إنْ فَعَلْتُ كَذَا، فَفَعَلَ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَدْخُلُ إلَّا الصَّامِتُ وَأَمْوَالُ التِّجَارَةِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَى النَّاسِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: إذَا قَالَ " لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ جَمِيعَ مَالِي أَوْ جَمِيعَ مِلْكِي " يَدْخُلُ فِيهِ مَا يَمْلِكُ وَقْتَ النَّذْرِ فَيَجِبُ أَنْ يُهْدِيَ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَّا قَدْرَ قُوتِهِ فَإِذَا اسْتَفَادَ مَالًا آخَرَ

أَهْدَى مِثْلَهُ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ " لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا الثَّوْبِ " فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ وَيُمْسِكَ الثَّوْبَ وَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ، كَذَا عَنْ خَلَفٍ وَالْفَقِيهِ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِالتَّصَدُّقِ بِهَذَا الثَّوْبِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَذَكَرَ هِلَالُ بْنُ يَحْيَى فِي وَقْفِهِ لَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ، لَا تَصِيرُ صَدَقَةً؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ، وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ، وَأَشَارَ إلَيْهَا وَلَمْ يُحَدِّدْهَا تَصِيرُ صَدَقَةً؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ بِالْإِشَارَةِ صَارَتْ مَعْلُومَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ حَدَّدَهَا وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا بِالتَّحْدِيدِ صَارَتْ مَعْلُومَةً فَاسْتَغْنَى عَنْ الْإِشَارَةِ وَتَكُونُ هَذِهِ صَدَقَةَ التَّمْلِيكِ لَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي فَتَاوَى آهُو رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةً، وَقَالَ تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى فُلَانٍ الْفَقِيرِ فَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ تِلْكَ الْعَشَرَةَ، قَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مِائَةَ مَنٍّ مِنْ حِنْطَةٍ، وَقَالَ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ الْفَقِيرِ فَدَفَعَ إلَى غَيْرِهِ فِي الْحَاوِي أَنَّهُ يَضْمَنُ، وَقَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ وُجِدَ فِي حَقِّ فَقِيرٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. مُحْتَاجٌ مَعَهُ دَرَاهِمُ فَالْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ آثَرَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ الصَّبْرِ عَلَى الشِّدَّةِ، وَإِنْ خَافَ أَنْ لَا يَصْبِرَ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ التَّصَدُّقِ عَلَى الْمُكِدِّينَ الَّذِينَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إلْحَافًا وَيَأْكُلُونَ إسْرَافًا، قَالَ: مَا لَمْ يَظْهَرْ لَكَ أَنَّ مَا تَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ يُنْفَقُ فِي الْمَعْصِيَةِ أَوْ هُوَ غَنِيٌّ لَا بَأْسَ بِالتَّصَدُّقِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَأْجُورٌ بِمَا نَوَى مِنْ سَدِّ خَلَّتِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. الصَّبِيُّ إذَا تَصَدَّقَ بِمَالِهِ بِإِذْنِ الْأَبِ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا تَصَدَّقَ بِعَبْدٍ آبِقٍ لَهُ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ، وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ فَحَصَلَ عَنْهُ رِوَايَتَانِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَارٌ فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَقُلْ قَبَضْتُهَا لَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ فَبَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى قَوْلِ الْأَبِ فَالدَّارُ لَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. التَّصَدُّقُ بِثَمَنِ الْعَبْدِ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِعْتَاقِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ دَعَا لَهُ فَإِنَّهُ يَصِلُ الثَّوَابُ إلَى الْمَيِّتِ إذَا جَعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ جَازَ فِي السِّرَاجِيَّةِ. تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ بِطَازَجَةٍ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ فَلَّسَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا ظَاهِرًا، قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ: إنْ كَانَ قَالَ: قَدْ مَلَكْتُ مِنْهُ فَلْسًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ طَازَجَةٌ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا، وَإِنْ قَالَ: مَلَكْتُ هَذَا، لَا يَسْتَرِدُّ، قَالَ سَيْفٌ السَّائِلِيُّ: لَا يَسْتَرِدُّ فِي الْحَالَتَيْنِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ مِنْ الْكِيسِ أَوْ مِنْ الْجَيْبِ لِيَدْفَعَهَا إلَى مِسْكِينٍ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَلَمْ يَدْفَعْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ تَصَدَّقَ بِأُدْمَةٍ وَدَفَعَهَا وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ أَوْ حُلِيٌّ جَازَ وَيَكُونُ الثَّوْبُ وَالْحُلِيُّ لِلَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ فِيمَنْ قَالَ لِآخَرَ " كُلُّ مَنْفَعَةٍ تَصِلُ إلَيَّ مِنْ مَالِكَ فَعَلَى أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَا " فَإِنْ وَهَبَ لَهُ شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَإِنَّمَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِيمَنْ يُخْرِجُ كِسْرَةً إلَى مِسْكِينٍ فَلَمْ يَجِدْهُ قَالَ: يَضَعُهَا حَتَّى يَجِيءَ آخَرُ، وَإِنْ أَكَلَهَا أَطْعَمَ مِثْلَهَا، قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ مِثْلَهُ، وَقَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ: هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَضَاهَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْضِهَا، لَا تَجُوزُ الصَّدَقَةُ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَنْ أَخْرَجَ صَدَقَةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُمْضِ، وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اخْتَلَفُوا فِي التَّصَدُّقِ عَلَى سَائِلِ الْمَسْجِدِ، قَالُوا: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى السَّائِلِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إعَانَةٌ عَلَى أَذَى النَّاسِ، وَعَنْ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لَوْ كُنْتُ قَاضِيًا لَمْ أَقْبَلْ شَهَادَةَ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى سَائِلِ الْمَسْجِدِ، وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الزَّاهِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: هَذَا فَلْسٌ وَاحِدٌ يَحْتَاجُ إلَى سَبْعِينَ فَلْسًا لِتَكُونَ تِلْكَ السَّبْعُونَ كَفَّارَةً عَنْ الْفَلْسِ الْوَاحِدِ وَلَكِنْ يَتَصَدَّقُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ أَوْ بَعْدَمَا خَرَجَ مِنْهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي تَجْنِيسِ النَّاصِرِيِّ إذَا قَالَ السَّائِلُ " بِحَقِّ اللَّهِ أَوْ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُعْطِيَنِي، كَذَا " لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ، وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُرُوءَةِ

كتاب الإجارة وهو يشتمل على اثنين وثلاثين بابا

أَنَّهُ يُعْطِيهِ، وَعَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: يُعْجِبُنِي إذَا سَأَلَ سَائِلٌ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ لَا يُعْطَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْإِجَارَة وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ تَفْسِير الْإِجَارَةِ وَرُكْنهَا وَأَلْفَاظهَا وَشَرَائِطهَا] (كِتَابُ الْإِجَارَةِ) (وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ بَابًا) . (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْإِجَارَةِ وَرُكْنِهَا وَأَلْفَاظِهَا وَشَرَائِطِهَا وَبَيَانِ أَنْوَاعِهَا وَحُكْمِهَا وَكَيْفِيَّةِ انْعِقَادِهَا وَصِفَتِهَا) (أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا) فَهِيَ عَقْدٌ عَلَى الْمَنَافِعِ بِعِوَضٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. (وَأَمَّا) (رُكْنُهَا) فَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِالْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ. (وَأَمَّا بَيَانُ أَلْفَاظِهَا) . فَنَقُولُ الْإِجَارَةُ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْمَاضِي، نَحْوُ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا: آجَرْتُ هَذِهِ الدَّارَ، وَيَقُولُ الْآخَرُ: قَبِلْتُ أَوْ اسْتَأْجَرْتُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ أَحَدُهُمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ، نَحْوُ: آجِرْنِي، فَيَقُولُ الْآخَرُ: آجَرْتُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالصُّلْحِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِعَارَةِ، وَأَمَّا إذَا وَهَبَ مَنْفَعَةَ الدَّارِ مِنْ آخَرَ شَهْرًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَعَارَ عَيْنًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ شَهْرًا حَكَى أَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَبَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ يُعْتَبَرُ إجَارَةً، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي بَابِ الْعَطِيَّةِ مِنْ هِبَةِ الْأَصْلِ. إذَا قَالَ دَارِي هَذِهِ لَكَ هِبَةُ إجَارَةٍ كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ قَالَ إجَارَةُ هِبَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ، هَلْ تَكُونُ لَازِمَةً ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا لَا تَكُونُ لَازِمَةً حَتَّى كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَفْسَخَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِذَا سَكَنَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: مَلَّكْتُكَ مَنْفَعَةَ دَارِي هَذِهِ شَهْرًا بِكَذَا، كَانَتْ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً، وَلَوْ قَالَ: آجَرْتُكَ مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا بِكَذَا يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ: رَجُلٌ ادَّعَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَصَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ عَشْرَ سِنِينَ جَازَ فَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ آجَرَ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ الَّذِي صَالَحَهُ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ الْمُدَّعِي هَذِهِ السُّكْنَى بَيْعًا مِنْ رَجُلٍ لَمْ يُجِزْ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: إنَّمَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ السُّكْنَى لِتَرْكِ التَّوْقِيتِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ السُّكْنَى، وَإِنْ كَانَ مُوَقَّتًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْتُ مِنْكَ مَنَافِعَ هَذِهِ الدَّارِ كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ هَذَا الشَّهْرُ بِكَذَا، ذَكَرَ فِي الْعُيُونِ أَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ، كَذَا فِي النِّهَايَة. ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ فِي انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ إذَا وُجِدَ التَّوْقِيتُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: اشْتَرَيْتُ مِنْكَ خِدْمَةَ عَبْدِكَ هَذَا شَهْرًا بِكَذَا، كَانَتْ إجَارَةً فَاسِدَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَعْطَيْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ سَنَةً يَخْدُمُكَ بِكَذَا جَازَ وَيَكُونُ إجَارَةً، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِالتَّعَاطِي، بَيَانُهُ فِيمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي إجَارَاتِ الْأَصْلِ فِي إجَارَةِ الثِّيَابِ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ قُدُورًا بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا لَا يَجُوزُ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقُدُورِ مِنْ حَيْثُ الصِّغَرُ وَالْكِبَرُ فَإِنْ جَاءَ بِقُدُورٍ وَقَبِلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ جَازَ وَيَكُونُ هَذَا إجَارَةً مُبْتَدَأَةً بِالتَّعَاطِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ بِالتَّعَاطِي وَلَا بِقَوْلِهِ (بِمِنْ كروكردى) ، وَقَالَ الْآخَرُ (كردم) ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُمَا الْإِجَارَةَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْيَتِيمَةِ: سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الرَّجُلِ يَدْخُلُ السَّفِينَةَ أَوْ يَحْتَجِمُ أَوْ يَفْتَصِدُ أَوْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ أَوْ يَشْرَبُ الْمَاءَ مِنْ السِّقَاءِ ثُمَّ يَدْفَعُ الْأُجْرَةَ وَثَمَنَ الْمَاءِ، فَقَالَ: يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَلَا يَحْتَاجُ

إلَى الْعَقْدِ قَبْلَ ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ لِآخَرَ: هَذِهِ الدَّارُ بِدِينَارٍ فِي سَنَةٍ، هَلْ رَضِيتَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمِفْتَاحَ فَهُوَ إجَارَةٌ. بِعْتُ مِنْكَ عَبْدِي بِمَنَافِعِ دَارِكَ سَنَةً وَقَبِلَ فَهُوَ إجَارَةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ ذَهَبَ إلَى الصَّكَّاكِ لِيَكْتُبَ لَهُ صَكَّ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ لِمَحْدُودٍ لَهُ مَعَ رَجُلٍ وَبَيَّنَ الْمَحْدُودَ وَمَالِ الْإِجَارَةِ وَأَمَرَ الصَّكَّاكَ بِالْكِتَابَةِ وَبَيَّنَ أَيَّامَ الْفَسْخِ آخِرَ كُلِّ سَنَةٍ فَكَتَبَ الصَّكَّ بِحَضْرَةِ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْحُضُورِ، كَتَبُوا الشَّهَادَةَ وَلَكِنْ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا لَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا أَضَافَ الْإِجَارَةَ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ قَالَ: آجَرْتُكَ دَارِي هَذِهِ غَدًا أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فَلَوْ أَرَادَ نَقْضَهَا قَبْلَ مَجِيءِ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ، فِي رِوَايَةٍ قَالَ لَا يَصِحُّ النَّقْضُ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ يَصِحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ آجَرْتُ دَابَّتِي هَذِهِ غَدًا بِدِرْهَمٍ ثُمَّ آجَرَهَا الْيَوْمَ مِنْ غَيْرِهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَجَاءَ الْغَدُ وَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَصْحَابِنَا، فِي رِوَايَةٍ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ وَبِهِ أَخَذَ نُصَيْرٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى بْنِ أَبَانَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ الْإِجَارَةَ الْمُضَافَةَ لَازِمَةٌ قَبْلَ وَقْتِهَا فَلَا تَظْهَرُ الثَّانِيَةُ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى مُضَافَةً إلَى الْغَدِ ثُمَّ آجَرَ مِنْ غَيْرِهِ إجَارَةً نَاجِزَةً وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُضَافَةً إلَى الْغَدِ ثُمَّ بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى فِيهِ رِوَايَتَانِ، فِي رِوَايَةٍ قَالَ: لَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَبِيعَ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: إذَا بَاعَ أَوْ وَهَبَ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ جَازَ مَا صَنَعَ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ ثُمَّ إذَا نَفَذَ بَيْعُهُ فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِ الْإِجَارَةِ عَادَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى حَالِهَا، وَإِنْ عَادَتْ بِمِلْكٍ مُسْتَقْبَلٍ لَا تَعُودُ الْإِجَارَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَقَدْ آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ وَيَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعْلِيقٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - إضَافَةُ الْفَسْخِ إلَى مَجِيءِ الشَّهْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَوْقَاتِ صَحِيحٌ، وَتَعْلِيقُ الْفَسْخِ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْحُرُّ إذَا قَالَ: بِعْتُ نَفْسِي شَهْرًا بِكَذَا لِعَمَلِ كَذَا فَهُوَ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَوْبًا لِيَبِيعَهُ عَلَى أَنَّ مَا زَادَ عَلَى كَذَا فَهُوَ لَهُ، قَالَ هَذَا عَلَى جِهَةِ الْإِجَارَةِ وَهَذِهِ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَوْ ضَاعَ الثَّوْبُ مِنْ يَدِهِ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَأَمَّا شَرَائِطُهَا) فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا شَرْطُ الِانْعِقَادِ وَبَعْضُهَا شَرْطُ النَّفَاذِ وَبَعْضُهَا شَرْطُ الصِّحَّةِ وَبَعْضُهَا شَرْطُ اللُّزُومِ. أَمَّا شَرَائِطُ الِانْعِقَادِ فَمِنْهَا الْعَقْلُ حَتَّى لَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ مِنْ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ وَلَا مِنْ شَرَائِطِ النَّفَاذِ عِنْدَنَا حَتَّى إنَّ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ لَوْ آجَرَ مَالِهِ أَوْ نَفْسَهُ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا تَنْفُذُ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا تَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ عِنْدَنَا، وَكَذَا لَوْ آجَرَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ نَفْسَهُ وَسَلِمَ وَعَمِلَ وَسَلِمَ مِنْ الْعَمَلِ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ فَيَكُونُ الْأَجْرُ لَهُ، وَكَذَا حُرِّيَّةُ الْعَاقِدِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ الْإِجَارَةِ وَلَا لِنَفَاذِهَا عِنْدَنَا فَيَنْفُذُ عَقْدُ الْمَمْلُوكِ إنْ كَانَ مَأْذُونًا وَيَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى إنْ كَانَ مَحْجُورًا، وَإِذَا سَلَّمَ مِنْ الْعَمَلِ فِي إجَارَةِ نَفْسِهِ أَوْ إجَارَةِ مَالِ الْمَوْلَى وَجَبَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى وَيَكُونُ الْأَجْرُ لِلْمَوْلَى وَلَوْ هَلَكَ الصَّبِيُّ أَوْ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُهُمَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَالْوَلِيِّ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ، وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ وَالْقِيمَةُ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُؤَاجِرَ وَيَسْتَأْجِرَ. وَأَمَّا كَوْنُ الْعَاقِدِ طَائِعًا مُخْتَارًا عَامِدًا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ هَذَا الْعَقْدِ وَلَا لِنَفَاذِهِ عِنْدَنَا لَكِنَّهُ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ، وَإِسْلَامُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ أَصْلًا فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ وَالِاسْتِئْجَارُ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ، وَأَمَّا خُلُوُّ الْعَاقِدِ عَنْ الرِّدَّةِ إذَا كَانَ ذَكَرًا فَشَرْطٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ. وَمِنْهَا الْمِلْكُ وَالْوِلَايَةُ فَلَا تَنْفُذُ إجَارَةُ الْفُضُولِيِّ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ لَكِنَّهَا تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ

الْمَالِكِ عِنْدَنَا. وَمِنْهَا قِيَامُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا آجَرَ الْفُضُولِيُّ فَأَجَازَ الْمَالِكُ الْعَقْدَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لَمْ تَجُزْ إجَارَتُهُ وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ لِلْعَاقِدِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا قَدْ انْعَدَمَتْ وَإِجَارَةُ الْوَكِيلِ نَافِذَةٌ لِوُجُودِ الْوِلَايَةِ، وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْقَاضِي وَأَمِينِهِ نَافِذَةٌ لِوُجُودِ الْإِنَابَةِ مِنْ الشَّرْعِ وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ غَيْرِ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْجَدِّ وَوَصِيِّهِ مِنْ سَائِرِ ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ إذَا كَانَ لَهُ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي هَذَا كُلِّهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْإِجَارَةَ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ. وَمِنْهَا تَسْلِيمُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي إجَارَةِ الْمَنَازِلِ وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا عَنْ شَرْطِ التَّعْجِيلِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأَجْرِ وَلَوْ مَضَى بَعْضُ الْمُدَّةِ ثُمَّ سَلَّمَ فَلَا أَجْرَ لَهُ فِيمَا مَضَى. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا عَنْ شَرْطِ الْخِيَارِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ خِيَارٌ لَا يَنْفُذُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ. وَأَمَّا شَرَائِطُ الصِّحَّةِ فَمِنْهَا رِضَا الْمُتَعَاقِدِينَ. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومًا عِلْمًا يَمْنَعُ الْمُنَازَعَةَ فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا جَهَالَةً مُفْضِيَةً إلَى الْمُنَازَعَةِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَا. وَمِنْهَا بَيَانُ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ: آجَرْتُكَ إحْدَى هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ أَوْ أَحَدَ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ، أَوْ: اسْتَأْجَرْتُ أَحَدَ هَذَيْنِ الصَّانِعَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. وَمِنْهَا بَيَانُ الْمُدَّةِ فِي الدُّورِ وَالْمَنَازِلِ وَالْحَوَانِيتِ وَفِي اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ. وَأَمَّا بَيَانُ مَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ فِي إجَارَةِ الْمَنَازِلِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَعْمَلُ فِيهِ جَازَ، وَأَمَّا فِي إجَارَةِ الْأَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ وَفِي إجَارَةِ الدَّوَابِّ مِنْ بَيَانِ الْمُدَّةِ أَوْ الْمَكَانِ وَمِنْ بَيَانِ مَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ مِنْ الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ. وَمِنْهَا بَيَانُ الْعَمَلِ فِي اسْتِئْجَارِ الضِّيَاعِ، وَكَذَا بَيَانُ الْمَعْمُولِ فِيهِ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِالْإِشَارَةِ وَالتَّعْيِينِ، أَوْ بَيَانُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ فِي ثَوْبِ الْقِصَارَةِ وَالْخِيَاطَةِ، وَبَيَانُ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ فِي إجَارَةِ الرَّاعِي مِنْ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَعَدَدِهَا، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ جِنْسِ الْمَعْمُولِ فِيهِ وَنَوْعِهِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ فَقَطْ وَبَيَانُ الْمُدَّةِ فِي اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ شَرْطُ الْجَوَازِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِئْجَارِ الْعَبْدِ لِلْخِدْمَةِ. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ الِاسْتِيفَاءِ - حَقِيقَةً أَوْ شَرْعًا فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْآبِقِ وَلَا الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْمَعَاصِي؛ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مَقْدُورَةِ الِاسْتِيفَاءِ شَرْعًا. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْعَمَلُ الْمُسْتَأْجَرُ لَهُ فَرْضًا وَلَا وَاجِبًا عَلَى الْأَجِيرِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ فَإِنْ كَانَ فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا قَبْلَهَا لَمْ يَصِحَّ. وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مَقْصُودَةً مُعْتَادًا اسْتِيفَاؤُهَا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَلَا يَجْرِي بِهَا التَّعَامُلُ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَشْجَارِ لِتَجْفِيفِ الثِّيَابِ عَلَيْهَا. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضَ الْمُؤَاجِرِ إذَا كَانَ مَنْقُولًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَبْضِهِ فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ. وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً. وَمِنْهَا أَنْ لَا تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَنْفَعَةً هِيَ مِنْ جِنْسِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَإِجَارَةُ السُّكْنَى بِالسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ بِالْخِدْمَةِ. وَمِنْهَا خُلُوُّ الرُّكْنِ عَنْ شَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ. وَأَمَّا شَرَائِطُ اللُّزُومِ فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ صَحِيحًا. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ بِالْمُسْتَأْجَرِ عَيْبٌ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ وَوَقْتِ الْقَبْضِ يُخِلُّ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَلْزَمْ الْعَقْدُ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجَرُ مَرْئِيًّا لِلْمُسْتَأْجِرِ. وَمِنْهَا سَلَامَةُ الْمُسْتَأْجَرِ عَنْ حُدُوثِ عَيْبٍ بِهِ يُخِلُّ بِالِانْتِفَاعِ فَإِنْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ يُخِلُّ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ لَمْ يَبْقَ الْعَقْدُ لَازِمًا. وَمِنْهَا عَدَمُ حُدُوثِ عُذْرٍ بِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَبِالْمُسْتَأْجَرِ حَتَّى لَوْ حَدَثَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِالْمُسْتَأْجِرِ عُذْرٌ لَا يَبْقَى الْعَقْدُ لَازِمًا. وَمِنْهَا عَدَمُ عِتْقِ الْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ حَتَّى لَوْ آجَرَ رَجُلٌ عَبْدَهُ سَنَةً فَلَمَّا مَضَى سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَعْتَقَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ مَضَى عَلَى الْإِجَارَةِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ. وَمِنْهَا عَدَمُ بُلُوغِ الصَّبِيِّ الْمُسْتَأْجَرِ آجَرَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّ أَبِيهِ أَوْ جَدُّهُ أَوْ وَصِيُّ جَدِّهِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَأَمَّا بَيَانُ) (أَنْوَاعِهَا) فَنَقُولُ إنَّهَا نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَرِدُ عَلَى مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ كَاسْتِئْجَارِ الدُّورِ وَالْأَرَاضِي وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَنَوْعٌ يَرِدُ عَلَى الْعَمَلِ كَاسْتِئْجَارِ الْمُحْتَرِفِينَ لِلْأَعْمَالِ كَالْقِصَارَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْكِتَابَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَأَمَّا) (حُكْمُهَا) فَوُقُوعُ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلَيْنِ سَاعَةً فَسَاعَةً إلَّا بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ. (وَأَمَّا) (كَيْفِيَّةُ انْعِقَادِهَا) . فَالْإِجَارَةُ عِنْدَنَا تَنْعَقِدُ فِيمَا بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِلْحَالِ وَتَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً فِي حَقِّ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمِلْكُ عَلَى حَسَبِ حُدُوثِ الْمَنْفَعَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَأَمَّا)

الباب الثاني متى تجب الأجرة وما يتعلق به من الملك وغيره

(صِفَتُهَا) فَهِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ إذَا كَانَتْ صَحِيحَةً عَارِيَّةً عَنْ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَمَا صَلَحَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ كَالنُّقُودِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ صَلَحَ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةً فِي الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَصْلُحُ ثَمَنًا صَلَحَ أُجْرَةً أَيْضًا كَالْأَعْيَانِ مِثْلِ الْعَبِيدِ وَالثِّيَابِ، كَذَا فِي الْكَافِي. إنْ كَانَ الْأَجْرُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْقَدْرِ أَنَّهُ كَذَا وَبَيَانِ الصِّفَةِ أَنَّهُ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ وَيَقَعُ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنْ كَانَتْ فِي الرَّوَاجِ عَلَى السَّوَاءِ وَلَا فَضْلَ لِلْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ وَيُعْطِي الْمُسْتَأْجِرُ أَيَّ النُّقُودِ شَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مَجْهُولَةً؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجَهَالَةَ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ النُّقُودُ فِي الرَّوَاجِ عَلَى السَّوَاءِ وَلِلْبَعْضِ صَرْفٌ عَلَى الْبَعْضِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَرْوَجَ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَرْوَجِ، وَإِنْ كَانَ لِلْآخَرِ فَضْلٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، وَإِنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ مَوْضِعِ الْإِيفَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يُشْتَرَطُ، وَإِذَا كَانَ لِلْأُجْرَةِ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الْإِيفَاءِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا لَا تَفْسُدُ وَيَدْفَعُ حَيْثُ الْأَرْضُ وَالدَّارُ وَفِي الْحُمُولَةِ حَيْثُمَا وَجَبَ لَهُ، يَعْنِي: كُلَّمَا حَمَلَ مِنْ الْمَسَافَةِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَفِي الْعَمَلِ حَيْثُ يُوفِيهِ الْعَمَلُ فَإِنْ طَالَبَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يُكَلَّفْ بَلْ يَسْتَوْثِقْ مِنْهُ لِيُوفِيَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ أَخَذَ بِهِ حَيْثُ شَاءَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْأَجَلِ فَإِنْ بَيَّنَ صَارَ مُؤَجَّلًا كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ عُرُوضًا أَوْ ثِيَابًا يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَالْأَجَلِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ إلَّا سَلَمًا فَيُرَاعَى فِيهَا شَرَائِطُ السَّلَمِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْعَبِيدِ وَالْجَوَارِي وَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً مُشَارًا إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَنْفَعَةً فَهِيَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ إنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ كَالسُّكْنَى بِالرُّكُوبِ وَالزِّرَاعَةِ بِاللُّبْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا بِخِدْمَةِ عَبْدٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَأَمَّا إذَا قُوبِلَتْ بِجِنْسِهَا كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا بِسُكْنَى دَارٍ أُخْرَى أَوْ رُكُوبِ دَابَّةٍ بِرُكُوبِ دَابَّةٍ أُخْرَى أَوْ زِرَاعَةِ أَرْضٍ بِزِرَاعَةِ أَرْضٍ أُخْرَى فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ فَلْسًا فَغَلَا أَوْ رَخُصَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْآجِرِ الْفَلْسُ لَا غَيْرُ، وَإِنْ كَسَدَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يَنْقَطِعُ إذَا اسْتَأْجَرَ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَجَعَلَ أَجَلَهُ قَبْلَ انْقِطَاعِهِ فَهُوَ مِثْلُ الْفَلْسِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا يَخْدُمُهُ شَهْرًا بِخِدْمَةِ أَمَتِهِ فَهَذَا فَاسِدٌ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَعْطَى الْبَقَرَ وَأَخَذَ الْحِمَارَ جَازَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا خَيْرَ فِي مُعَاوَضَةِ الثِّيرَانِ بِالثِّيرَانِ لِلْأَكْدَاسِ؛ لِأَنَّهَا اسْتِبْدَالُ مَنْفَعَةٍ بِمَنْفَعَةٍ مِنْ جِنْسِهَا ثُمَّ إذَا قُوبِلَتْ الْمَنْفَعَةُ بِمَنْفَعَةٍ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهَا حَتَّى فَسَدَ الْعَقْدُ وَاسْتَوْفَى الْآجِرُ الْمَنْفَعَةَ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَتَهَايَآ فَخَدَمَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يَخْدُمْ الْآخَرَ فَلَا أَجْرَ لَهُ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي جَامِعِهِ إذَا كَانَ عَبْدٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ آجَرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ لِيَخِيطَ مَعَهُ شَهْرًا عَلَى أَنْ يَصُوغَ نَصِيبَهُ مَعَ هَذَا شَهْرًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي الْعَمَلَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ إذَا كَانَا فِي عَبْدَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي مَتَى تَجِبُ الْأُجْرَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْمِلْكِ وَغَيْرِهِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَنَّهُ مَتَى تَجِبُ الْأُجْرَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْمِلْكِ وَغَيْرِهِ) الْأَجْرُ لَا يُمْلَكُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ بِهِ عِنْدَنَا عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا، كَذَا فِي الْكَافِي، وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

فِي الْجَامِعِ فِي كِتَابِ التَّحَرِّي، وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. ثُمَّ الْأُجْرَةُ تُسْتَحَقُّ بِأَحَدِ مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ أَوْ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَكَمَا يَجِبُ الْأَجْرُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ يَجِبُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً حَتَّى إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ دَارًا أَوْ حَانُوتًا مُدَّةً مَعْلُومَةً وَلَمْ يَسْكُنْ فِيهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ تَجِبُ الْأُجْرَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ عَرَضَ فِي الْمُدَّةِ مَا يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ كَمَا إذَا غُصِبَتْ الدَّارُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَوْ انْقَطَعَ عَنْهَا الشِّرْبُ أَوْ مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ أَبَقَ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ بِقَدْرِ ذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ؟ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: تَنْفَسِخُ، وَقَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ فِي فَتَاوَاهُ وَالْفَضْلِيُّ لَا تُنْتَقَضُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ آجَرَ دَارًا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَارِغَةً إلَّا بَيْتًا مَشْغُولًا بِمَتَاعِ الْآجِرِ أَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ جَمِيعَ الدَّارِ ثُمَّ انْتَزَعَ بَيْتًا مِنْهَا مِنْ يَدِهِ رُفِعَ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحِصَّةِ الْبَيْتِ وَيُشْتَرَطُ التَّمَكُّنُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ أَصْلًا أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْمُدَّةِ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ خَارِجَ الْمُدَّةِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ حَتَّى إنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً يَوْمًا لِأَجْلِ الرُّكُوبِ فَحَبَسَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فِي مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَرْكَبْهَا حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ خَارِجَ الْمِصْرِ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا حَبَسَهَا فِي الْمِصْرِ، وَإِنْ ذَهَبَ بِالدَّابَّةِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فِي الْيَوْمِ وَلَمْ يَرْكَبْ يَجِبُ الْأَجْرُ، وَإِنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ خَارِجَ الْمِصْرِ بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ بِالدَّابَّةِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ، وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ: دُونَكَ الْمَنْزِلُ فَاسْكُنْهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَفْتَحْ الْبَابَ، وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ الْمُدَّةِ: لَمْ أَسْكُنْهُ، إنْ قَدَرَ عَلَى الْفَتْحِ بِلَا مُؤْنَةٍ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَحْتَجَّ وَيَقُولَ: هَلَّا كَسَرْتَ الْغَلَقَ وَدَخَلْتَ الْمَنْزِلَ، ثُمَّ الْأُجْرَةُ لَوْ مُعَجَّلَةً طَالَبَهُ بِهَا وَلَهُ حَبْسُ الدَّارِ لِاسْتِيفَائِهَا وَلَوْ مُؤَجَّلَةً لَا مَا لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ وَلَوْ مُنَجَّمَةً يَجِبُ إذَا مَضَى النَّجْمُ الْوَاحِدُ، وَإِنْ نُقِضَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ مَا قَبَضَ الْمُؤَجِّرُ الْأَجْرَ حَطَّ مِنْ الْأُجْرَةِ قَدْرَ الْمُسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَرَدَّ الْبَاقِيَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلِرَبِّ الدَّارِ وَالْأَرْضِ طَلَبُ الْأَجْرِ كُلَّ يَوْمٍ وَلِلْقَصَّارِ وَالْخَبَّازِ وَالْخَيَّاطِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عَمَلِهِ، وَإِذَا عَمِلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْعَمَلِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأَجْرِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالتَّجْرِيدِ. وَذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ وَشَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَقَاضِي خَانْ أَنَّهُ إذَا خَاطَ الْبَعْضَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ يَجِبُ لَهُ الْأَجْرُ بِحِسَابِهِ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. إنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَهُ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَحَمَلَهُ بَعْضَ الطَّرِيقِ ثُمَّ طَالَبَهُ بِالْأَجْرِ بِمِقْدَارِ مَا حَمَلَ فَلَهُ ذَلِكَ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ الْأَجْرِ حِصَّتَهُ وَلَكِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي شُرِطَ فَإِذَا حَمَلَ يَسْتَوْفِي جَمِيعَ الْأُجْرَةِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِيَحْمِلَ لَهُ مَحْمُولًا مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ فَحَمَلَ بَعْضَهُ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَجْرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْأُجْرَةِ بِمِقْدَارِ مَا حَمَلَ وَيُجْبَرُ عَلَى حَمْلِ الْبَاقِي وَيُعْطِي الْبَاقِيَ مِنْ الْأُجْرَةِ، هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ عَجَّلَ الْأُجْرَةَ إلَى رَبِّ الدَّارِ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِرْدَادَ وَلَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا فَأَعَارَهَا أَوْ أَوْدَعَهَا إلَى رَبِّ الدَّارِ فَهُوَ كَالتَّعْجِيلِ وَلَا يَمْلِكُ الْأُجْرَةَ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ وَتُمْلَكُ بِالتَّعْجِيلِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى آهُو لِآخَرَ (أَيْنَ سبوى سَرَكه رابرتايدروازه بعرج) بِكَذَا فَحَمَلَهَا فَإِذَا هِيَ خَمْرٌ، هَلْ تَجِبُ الْأُجْرَةُ؟ قَالَ: لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَلِكَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ خَمْرٌ وَإِلَّا فَلَهُ الْأَجْرُ أَمَّا مَنْ لَهُ أُجْرَةُ أَرْضٍ فَزَرَعَهَا أَوْ لَمْ يَحْصُدْهَا أَوْ لَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعَ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْأَجْرِ شَيْئًا

حَتَّى مَاتَ، هَلْ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَطْلُبُوا ذَلِكَ مِنْ الْمُتَوَلِّي بِقَدْرِ مَا لَزِمَ لَهُمْ أَفْتَى بِلَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حُلِيًّا يُزَيِّنُ بِهِ عَرُوسَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَقَبَضَ الْحُلِيَّ وَلَمْ يُزَيِّنْ الْعَرُوسَ، قَالَ: يَلْزَمُ الْأَجْرُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ اكْتَرَى مَحْمِلًا لِيَرْكَبَهُ إلَى مَكَّةَ فَخَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَمْ يَرْكَبْهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِي مَكَانِ الِاسْتِيفَاءِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَحْمِلِ إنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا لِيَلْبَسَهُ إلَى مَكَّةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَحْمِلَ شَهْرًا لِيَرْكَبَهُ إلَى مَكَّةَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ يُشْتَرَطُ حَقِيقَةُ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لِوُجُوبِ الْأَجْرِ وَبَعْدَمَا وَجَبَ الِاسْتِيفَاءُ حَقِيقَةً إنَّمَا يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا وُجِدَ التَّسْلِيمُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ جِهَةِ الْمُؤَجِّرِ أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ التَّسْلِيمُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ بَيَانُهُ فِيمَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى آجَرَهُ مِنْ الْبَائِعِ شَهْرًا كَانَتْ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً فَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ الْبَائِعُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ لَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (سُئِلَ) عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ شَجَرَةً قَائِمَةً وَتَرَكَهَا فِي مَوْضِعِهَا خَمْسَ سِنِينَ فَازْدَادَتْ الشَّجَرَةُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَقْلَعَهَا، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ: ادْفَعْ إلَيَّ أُجْرَةَ هَذِهِ الْمُدَّةِ، هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَا أَجْرَ لَهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا لِيَلْبَسَهُ وَيَذْهَبَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَلَبِسَهُ فِي مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الْمَكَانِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عِنْدِي عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ مُقَابِلٌ لِلُّبْسِ لَا بِالذَّهَابِ، قَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ لُبْسُ الثَّوْبِ فِي بَيْتِهِ مِثْلَ اللُّبْسِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فِي الضَّرَرِ بِالثَّوْبِ أَوْ دُونَهُ فَالْجَوَابُ كَمَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِلَّا فَكَمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، هَكَذَا فِي الْكُبْرَى. الْقَصَّارُ إذَا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ ثَوْبُ هَذَا الرَّجُلِ ثُمَّ أَقَرَّ وَقَدْ قَصَّرَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ، قَالَ: لَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ قَصَّرَ بَعْدَ الْجُحُودِ لَا أَجْرَ لَهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الصَّبَّاغِ إنْ صَبَغَ قَبْلَ الْجُحُودِ فَالْأَجْرُ لَازِمٌ، وَإِنْ صَبَغَ بَعْدَ الْجُحُودِ فَرَبُّ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ، وَفِي النَّسَّاجِ إنْ نَسَجَ قَبْلَ الْجُحُودِ الْأَجْرُ لَازِمٌ وَبَعْدَ الْجُحُودِ الثَّوْبُ لِلنَّسَّاجِ وَعَلَيْهِ غَزْلُ مِثْلِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً ثُمَّ أَنْكَرَ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ قَبْلَ الْإِنْكَارِ وَلَا يَلْزَمُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الدَّابَّةَ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ فَتَبْقَى فِي يَدِهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا سَنَةً وَقَبَضَهُ فَلَمَّا مَضَى نِصْفُ السَّنَةِ جَحَدَ الْإِجَارَةَ وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْجُحُودِ أَلْفَانِ فَمَضَتْ السَّنَةُ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ، رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ عَلَيْهِ الْأَجْرَ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ بَعْدَ سَنَةٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا، كَيْفَ اجْتَمَعَ الْأَجْرُ وَالضَّمَانُ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَمْ يَجْتَمِعَا، وَفَسَّرَ هِشَامٌ ذَلِكَ، فَقَالَ: الْأَجْرُ وَجَبَ لِاسْتِعْمَالِهِ الْعَبْدَ فِي السَّنَةِ، وَالضَّمَانُ وَجَبَ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ؛ لِأَنَّ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْعَبْدِ عَلَى الْمَالِكِ وَلَمْ يَرُدَّ فَوَجَبَ الضَّمَانُ فَاخْتَلَفَ سَبَبُ وُجُوبِهِمَا وَاخْتَلَفَ الزَّمَانُ وَكَيْفَ يَظْهَرُ الِاجْتِمَاعُ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ الْأَجْرُ قَبْلَ الْإِنْكَارِ وَيَسْقُطَ عَنْهُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. كُلُّ صَانِعٍ لَيْسَ لِصُنْعِهِ أَثَرٌ قَائِمٌ فِي الْعَيْنِ كَالْحَمَّالِ وَالْمَلَّاحِ وَالْغَسَّالِ لَا يَكُونُ لَهُ حَبْسُ الْعَيْنِ بِالْأَجْرِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ يَحْبِسُ الْعَيْنَ بِالْأُجْرَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ مُؤَجَّلَةً وَلِلنَّسَّاجِ وَمَنْ حَلَقَ الشَّعْرَ وَكَسَّرَ الْحَطَبَ وَكُلُّ مَنْ صَارَتْ الْعَيْنُ بِعَمَلِهِ شَيْئًا آخَرَ بِحَيْثُ لَوْ فَعَلَهُ الْغَاصِبُ زَالَ مِلْكُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَهُ حَبْسُ الْعَيْنِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا عَمِلَ فِي دُكَّانِهِ، وَلَوْ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَمْلِكُ الْحَبْسَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَأَمَّا الْقَصَّارُ إذَا قَصَّرَ الثَّوْبَ فَإِنْ ظَهَرَ أَثَرُ عَمَلِهِ فِي الثَّوْبِ بِاسْتِعْمَالِ النَّشَاسْتَجِ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ إلَّا إزَالَةُ

الباب الثالث الأوقات التي يقع عليها عقد الإجارة

الدَّرَنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ حَقَّ الْحَبْسِ بِكُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. ثُمَّ الَّذِي لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ إذَا حَبَسَ وَهَلَكَ الشَّيْءُ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَلَا يَكُونُ لَهُ الْأَجْرُ أَيْضًا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ هَلَكَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْأَجِيرِ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْبِسَهَا بِالْأَجْرِ فَإِنْ كَانَ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ كَمَا فِي الْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ سَقَطَ الْأَجْرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ كَالْحَمَّالِ وَالْمُكَارِي لَا يَسْقُطُ الْأَجْرُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ حَبَسَ الْعَيْنَ مَنْ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَهَلَكَتْ ضَمِنَهَا ضَمَانَ الْغَصْبِ وَالْمُؤَجِّرُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا مَعْمُولَةً وَأَعْطَاهُ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا غَيْرَ مَعْمُولَةٍ وَلَا يُعْطِيهِ الْأَجْرَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. إذَا قَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ لِلنَّسَّاجِ: اذْهَبْ بِالثَّوْبِ إلَى مَنْزِلِكَ حَتَّى إذَا رَجَعْنَا مِنْ الْجُمُعَةِ سِرْتُ إلَى مَنْزِلِي وَأُوفِي لَكَ أَجْرَكَ، فَاخْتُلِسَ الثَّوْبُ مِنْ يَدِ الْحَائِكِ فِي الزَّحْمَةِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ الْحَائِكُ دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى صَاحِبِهِ أَوْ مَكَّنَهُ مِنْ الْأَخْذِ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى الْحَائِكِ لِيُوفِيَ إلَيْهِ الْأَجْرَ يَكُونُ الثَّوْبُ رَهْنًا فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ بِالْأَجْرِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الثَّوْبِ دَفَعَ إلَيْهِ الثَّوْبَ عَلَى وَجْهِ الْوَدِيعَةِ لَا يَضْمَنُ الْحَائِكُ فَيَكُونُ أَجْرُهُ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ عَلَى حَالِهِ، وَلَوْ مَنَعَهُ الْحَائِكُ بِالْأَجْرِ قَبْلَ الدَّفْعِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ كَانَ حَسَنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ الْأَجِيرُ قَصَّارًا فَأَمَرَهُ بِالْإِمْسَاكِ لِيُوفِيَ لَهُ الْأَجْرَ فَهَلَكَ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ، وَعَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ النَّسَّاجِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى التَّفْصِيلِ أَيْضًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَائِكٌ عَمِلَ ثَوْبًا لِرَجُلٍ فَتَعَلَّقَ الْأَجْرُ بِهِ لِيَأْخُذَهُ وَأَبَى الْحَائِكُ أَنْ يَدْفَعَهُ حَتَّى يَأْخُذَ الْأَجْرَ فَتَخَرَّقَ مِنْ مَدِّ صَاحِبِهِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَائِكِ، وَإِنْ تَخَرَّقَ مِنْ مَدِّهِمَا فَعَلَى الْحَائِكِ نِصْفُ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَالسِّمْسَارُ إذَا بَاعَ مَا أُمِرَ بِبَيْعِهِ مِنْ الثِّيَابِ وَأَمْسَكَ بِأَمْرِ صَاحِبِ الثِّيَابِ الثَّمَنَ حَتَّى يَنْقُدَهُ الْأَجْرَ فَسُرِقَ مِنْهُ الثَّمَنُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِهِمْ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْمَحْمُولَةِ إذَا قَالَ لِلْحَمَّالِ: أَمْسِكْ الْمَحْمُولَةَ حَتَّى أُعْطِيَكَ الْأَجْرَ فَسُرِقَتْ الْمَحْمُولَةُ لَا يَضْمَنُ الْحَمَّالُ فِي قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِفِعْلِ السِّمْسَارِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ وَمَنْ لَا أَثَرَ لِعَمَلِهِ فِي الْعَيْنِ لَا يَمْلِكُ الْحَبْسَ بِالْأَجْرِ فَيَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ دَارًا بِدَيْنٍ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْآجِرِ يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا بِدَيْنٍ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْآجِرِ يَجُوزُ فَإِنْ فَسَخَا الْإِجَارَةَ فَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَحْبِسَ الْمُسْتَأْجَرَ بِالدَّيْنِ السَّابِقِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَأْجَرَ دَارًا مِنْ مَدْيُونِهِ وَقَاصَّ بَعْضَ الدَّيْنِ بِالْأَجْرِ فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الدَّارَ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ وَلَوْ سَكَنَهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِيمَا سَكَنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. إذَا آجَرَ دَارِهِ وَعَجَّلَ الْأُجْرَةَ وَلَمْ يُسَلِّمْ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى مَاتَ الْآجِرُ وَانْفَسَخَ الْعَقْدُ لَا يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وِلَايَةُ الْحَبْسِ لِيَسْتَوْفِيَ الْأُجْرَةَ الْمُعَجَّلَةَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ذَكَرَ الْحَاكِمُ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَعَجَّلَ الْأُجْرَةَ ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُمْسِكَ الْعَبْدَ حَتَّى يَرُدَّ حِصَّةَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مِنْ الْأَجْرِ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهِ ضَمَانٌ وَيَرْجِعُ بِالْأَجْرِ فَيَأْخُذُهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ الْأَوْقَات الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا عَقْدُ الْإِجَارَةِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا عَقْدُ الْإِجَارَةِ) . يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَيَّ مُدَّةٍ كَانَتْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ أَوْ طَالَتْ كَالسِّنِينَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِمَّا سَمَّى، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَهُوَ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا، كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ آجَرَ دَارِهِ شَهْرًا وَهُوَ الْمُحَرَّمُ ثُمَّ آجَرَهَا مِنْ آخَرَ شَهْرَ صَفَرٍ وَالْعَقْدُ فِي الْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ الدَّارَ أَوَّلًا لِصَاحِبِ الْمُحَرَّمِ فَإِذَا انْسَلَخَ يُسَلِّمُهَا إلَى الَّذِي اسْتَأْجَرَ فِي صَفَرٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ آجَرَ دَارِهِ شَهْرًا أَوْ شُهُورًا مَعْلُومَةً فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي غُرَّةِ الشَّهْرِ يَقَعُ عَلَى الْأَهِلَّةِ بِلَا خِلَافٍ حَتَّى إذَا نَقَصَ الشَّهْرُ يَوْمًا كَانَ عَلَيْهِ كَمَالُ الْأُجْرَةِ، وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ مَا مَضَى بَعْضُ الشَّهْرِ فَفِي إجَارَةِ الشَّهْرِ يَقَعُ عَلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا فِي إجَارَةِ الشُّهُورِ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ عَنْ

أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةٍ اعْتَبَرَ الشُّهُورَ كُلَّهَا بِالْأَيَّامِ، وَفِي رِوَايَةٍ اعْتَبَرَ تَكْمِيلَ هَذَا الشَّهْرِ بِالْأَيَّامِ مِنْ الشَّهْرِ الْأَخِيرِ وَالْبَاقِي بِالْأَهِلَّةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى كُلِّ شَهْرٍ وَكَانَ ذَلِكَ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ الَّذِي يَلِي الْعَقْدَ بِالْأَيَّامِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَهْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا سَنَةً مُسْتَقْبَلَةً وَذَلِكَ حِينَ يُهِلُّ الْهِلَالُ تُعْتَبَرُ السَّنَةُ بِالْأَهِلَّةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ تُعْتَبَرُ السَّنَةُ بِالْأَيَّامِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُعْتَبَرُ شَهْرًا بِالْأَيَّامِ وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ آجَرَ دَارًا، كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ الْعَقْدُ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ وَفَسَدَ فِي بَقِيَّةِ الشُّهُورِ، وَإِذَا تَمَّ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ لِانْتِهَاءِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ، وَلَوْ سَمَّى جُمْلَةَ الشُّهُورِ جَازَ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْ الشَّهْرِ الدَّاخِلِ وَيَوْمِهَا، هَكَذَا فِي الْكَافِي وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ فَسَخَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ لَمْ يَنْفَسِخْ، وَقِيلَ يَنْفَسِخُ بِهِ إذَا خَرَجَ الشَّهْرُ وَبِهِ كَانَ يَقُولُ مُحَمَّدٌ أَبُو نَصْرٍ، وَلَوْ قَالَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ: فَسَخْتُ رَأْسَ الشَّهْرِ يَنْفَسِخُ إذَا أَهَلَّ الشَّهْرُ بِلَا شُبْهَةٍ وَلَوْ قَدَّمَ أُجْرَةَ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ فَلَا يَكُونُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ فِي قَدْرِ الْمُعَجَّلِ أُجْرَتُهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا الْإِجَارَةَ بِغَيْرِ مَحْضَرِ صَاحِبِهِ، قِيلَ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ مَعْلُومَةٌ وَالْأُجْرَةَ مَعْلُومَةٌ فَتَجُوزُ فَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا سَنَةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ قِسْطَ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ مَعْلُومَةٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَوْمًا لِيَعْمَلَ لَهُ، كَذَا قَالُوا إنْ كَانَ الْعُرْفُ بَيْنَهُمْ أَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الْعَصْرِ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ أَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ مُشْتَرَكًا فَهُوَ عَلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا اعْتِبَارًا لِذِكْرِ الْيَوْمِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَخِدْمَةُ الْأَجِيرِ فِي الْبَيْتِ أَنْ يَقُومَ وَقْتَ الصُّبْحِ فَيُسَرِّجَ السِّرَاجَ وَيَأْتِيَ بِالسُّحُورِ إنْ كَانَ يُرِيدُ الصَّوْمَ وَيَأْتِيَ الْوُضُوءَ وَيَحْمِلَ الْمَاءَ إلَى الْبَالُوعَةِ، وَإِيقَادُ النَّارِ فِي الشِّتَاءِ بِالْغَدَاةِ وَالْعِشَاءِ، وَغَمْزُ رِجْلَيْهِ وَجَمِيعِ بَدَنِهِ إلَى أَنْ يَنَامَ وَغَيْرُ ذَلِكَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ يَوْمًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لَيْلًا فَإِنَّهُ يَرْكَبُهَا عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيَرُدُّهَا عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ تَكَارَى دَابَّةً نَهَارًا لَمْ يُذْكَرْ هَذَا فِي الْكِتَابِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: يَرْكَبُهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا؛ لِأَنَّ النَّهَارَ اسْمٌ لِلْبَيَاضِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، أَمَّا الْعَوَامُّ فَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْيَوْمِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ تَكَارَى دَابَّةً مِنْ الْغُدْوَةِ إلَى الْعَشِيِّ يَرُدُّهَا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، قَالُوا: هَذَا فِي عُرْفِهِمْ فَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَالْإِجَارَةُ لَا تَنْتَهِي بِزَوَالِ الشَّمْسِ وَإِنَّمَا تَنْتَهِي بِغُرُوبِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْعِشَاءِ فِي عُرْفِنَا إنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى مَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (أَيْنَ خربدرم كَرَّ فُتُّمْ تاشبا تكاه) فَهَذَا إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي عُرْفِنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَأْجَرَ نَجَّارًا لِيَعْمَلَ لَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ يَتَنَاوَلُ الَّذِي يَلِيهِ وَلَوْ قَالَ " عَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي الصَّيْفِ " لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ مَا لَمْ يَقُلْ لَهُ " عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ شَهْرِ كَذَا "، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. (سُئِلَ) أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ أَعْطَى رَجُلًا دِرْهَمَيْنِ لِيَعْمَلَ لَهُ يَوْمَيْنِ فَعَمِلَ لَهُ يَوْمًا وَامْتَنَعَ مِنْ الْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، قَالَ: إنْ سَمَّى لَهُ عَمَلًا جَازَتْ وَيُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ فَإِنْ مَضَى لَا يَطْلُبُ مِنْهُ الْعَمَلَ بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمَيْنِ، وَلَوْ قَالَ مَعَ تَسْمِيَةِ الْعَمَلِ يَوْمَيْنِ مِنْ الْأَيَّامِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إنْ عَمِلَ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا يَوْمًا لِيَعْمَلَ كَذَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ وَلَا يَشْتَغِلُ بِشَيْءٍ

الباب الرابع في تصرف الأجير في الأجرة

آخَرَ سِوَى الْمَكْتُوبَةِ وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ قَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: إنَّ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ السَّنَةَ أَيْضًا وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا يُؤَدِّيَ نَفْلًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي غَرِيبِ الرِّوَايَةِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَمْنَعُ الْأَجِيرَ فِي الْمِصْرِ مِنْ إتْيَانِ الْجُمُعَةِ فَيُسْقِطُ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ اشْتِغَالِهِ بِذَلِكَ إنْ كَانَ بَعِيدًا، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا لَمْ يُحَطَّ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَاشْتَغَلَ قَدْرَ رُبْعِ النَّهَارِ حَطَّ عَنْهُ رُبُعَ الْأَجْرِ فَإِنْ قَالَ الْأَجِيرُ: حُطَّ مِنْ الرُّبُعِ مِقْدَارَ اشْتِغَالِي بِالصَّلَاةِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَحَمَّلَ مِنْ الرُّبُعِ مِقْدَارَ اشْتِغَالِهِ بِالصَّلَاةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا شَهْرًا لِيَعْمَلَ لَهُ كَذَا لَا يَدْخُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلْعُرْفِ وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. اسْتَأْجَرَ نَجَّارًا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَأَمَرَهُ آخَرُ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ دَوَّارَةً بِدِرْهَمٍ فَاِتَّخَذَ، إنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَجِيرٌ لَا يَحِلُّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَا بَأْسَ وَيُنْقِصُ مِنْ أَجْرِ النَّجَّارِ قَدْرَهُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا وَجَدَ الْأَجِيرُ مَكَانًا خَيْرًا مِنْ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ الطَّعَامُ وَنَحْوُهُ، أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بِدِرْهَمٍ وَالثَّانِي بِدِرْهَمَيْنِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ يَدْفَعُ لَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَصَرُّفِ الْأَجِيرِ فِي الْأُجْرَةِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَصَرُّفِ الْأَجِيرِ فِي الْأُجْرَةِ) إذَا أَبْرَأَ الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَيْنًا كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَوْ دَيْنًا وَالْإِجَارَةُ عَلَى حَالِهَا لَا تَنْفَسِخُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا جَازَ ذَلِكَ قَبِلَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَا تُنْتَقَضُ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَوَهَبَهَا وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَقَايَضَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْهِبَةِ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ رَدَّ الْهِبَةَ لَمْ تَبْطُلْ وَعَادَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى حَالِهَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْأَجْرِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ دَيْنًا وَشَرَطَ التَّعْجِيلَ صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ وَالْعَقْدُ بِحَالِهِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْكُلِّ إلَّا دِرْهَمًا صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَطِّ وَلَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ جَازَتْ بِلَا خِلَافٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ ذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ فِي نَوَازِلِهِ لَوْ وَهَبَ الْمُؤَجِّرُ أَجْرَ رَمَضَانَ هَلْ يَجُوزُ قَالَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ اسْتَأْجَرَ سَنَةً يَجُوزُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مُشَاهَرَةً يَجُوزُ إذَا دَخَلَ رَمَضَانُ وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَبِهِ نَأْخُذُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ مَضَى مِنْ السَّنَةِ نِصْفُهَا ثُمَّ أَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الْكُلِّ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ الْبَرَاءَةُ عَنْ الْكُلِّ وَلَا تَجُوزُ عَنْ النِّصْفِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ آجَرَ أَرْضَهُ مِنْ رَجُلٍ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ فَلَمْ يَزْرَعْ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ حَتَّى وَهْبَ الْآجِرُ الْأَجْرَ لَلْمُسْتَأْجِرِ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ ثُمَّ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآجِرِ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ الْأَجْرِ إلَّا بِحِصَّةِ مَا مَضَى مِنْ السَّنَةِ وَالْأَرْضُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ وَهَبَ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُؤَجِّرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَيْنًا مِنْ الْأَعْيَانِ جَازَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ الثَّمَنِ وَبَيْنَ الْأُجْرَةِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ إيفَاءُ الْعَمَلِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالدَّرَاهِمِ دُونَ الْمَتَاعِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَرَاهِمَ فَأَخَذَ مَكَانَهَا دَقِيقًا أَوْ زَيْتًا أَوْ عِوَضًا آخَرَ جَازَ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا تَصَارَفَ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ فَأَخَذَ بِالدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ كَانَا شَرَطَا التَّعْجِيلَ فِي الْأُجْرَةِ حَتَّى وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ جَازَتْ الْمُصَارَفَةُ إجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَلَمْ يَشْتَرِطَا التَّعْجِيلَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجُوزُ وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ الصَّرْفُ بَاطِلٌ إذَا افْتَرَقَا قَبْلَ إيفَاءِ الْعَمَلِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا بِأَنْ كَانَتْ نُقْرَةً بِعَيْنِهَا فَأَعْطَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ مَكَانَهُ دَنَانِيرَ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ اشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ أَوْ بَعْدَهُ فِي الْأَصْلِ إذَا وَقَعَتْ الْمُصَارَفَةُ بِالْأُجْرَةِ وَقَدْ عَقَدَ الْإِجَارَةَ عَلَى حَمْلِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحْمِلَ شَيْئًا أَوْ بَعْدَمَا سَارَ

نِصْفَ الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ الْأَجْرَ كُلَّهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إنْ لَمْ يَكُنْ حَمَلَ شَيْئًا، وَإِنْ سَارَ نِصْفَ الطَّرِيقِ يَرُدُّ عَلَيْهِ نِصْفَ الْأَجْرِ وَذَلِكَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ الصَّرْفُ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ تَقَعْ الْمُقَاصَّةُ وَلَمْ يَصِرْ الْمُسْتَأْجِرُ مُوفِيًا الْأُجْرَةَ فَإِنْ مَاتَ الْحَمَّالُ قَبْلَ أَنْ يَحْمِلَ شَيْئًا كَانَ عَلَى وَرَثَةِ الْحَمَّالِ رَدُّ الدِّينَارِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الْحَمَّالَ قَبَضَهُ بِحُكْمِ صَرْفٍ فَاسِدٍ وَلَا شَيْءَ لِوَرَثَةِ الْحَمَّالِ مِنْ الْأَجْرِ، وَإِنْ مَاتَ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ فَإِنَّ وَرَثَةَ الْحَمَّالِ تَرُدُّ الدِّينَارَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلِوَرَثَةِ الْحَمَّالِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ نِصْفُ الْأَجْرِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ آجَرَ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ فَامِيٍّ سَنَةً بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ اسْتَقْرَضَ رَجُلٌ مِنْ رَبٍّ الدَّارِ أَجْرَ شَهْرَيْنِ فَأَمَرَ الْفَامِيُّ أَنْ يُعْطِيَهُ ذَلِكَ فَكَانَ الرَّجُلُ يَشْتَرِي بِهِ مِنْ الْفَامِيِّ الدَّقِيقَ وَالزَّيْتَ وَغَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَوْفَى أَجْرَ الشَّهْرَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لِلْفَامِيِّ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ شَيْءٌ وَلَكِنَّهُ قَرْضٌ لِرَبِّ الدَّارِ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَبَضَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ أَقْرَضَهُ مِنْهُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْفَامِيِّ بِالْأُجْرَةِ دِينَارًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا اشْتَرَى الدِّينَارَ بَعْدَ وُجُوبِ الْأَجْرِ بِأَنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ أَوْ شَرَطَ التَّعْجِيلَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجَبَ الْأَجْرُ بِأَنْ كَانَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ لِلْفَامِيِّ عَلَى الرَّجُلِ الْمُسْتَقْرِضِ دِينَارٌ وَأُجْرَةُ الْبَيْتِ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ فَمَضَى شَهْرٌ فَأَمَرَ رَبُّ الْبَيْتِ الْفَامِيُّ أَنْ يَدْفَعَ أَجْرَ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ إلَى هَذَا الرَّجُلِ قَرْضًا عَلَيْهِ وَرَضِيَ الرَّجُلُ بِذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ قَاصَّهُ بِالدِّينَارِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ وَأَخَذَ بِالْفَضْلِ حَوَائِجَهُ قَالَ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ الْمُقَاصَّةَ فِي الْجِنْسِ الْمُخْتَلِفِ إنَّمَا لَا تَجُوزُ إذَا لَمْ يُوجَدْ التَّرَاضِي عَلَى الْمُقَاصَّةِ، فَأَمَّا إذَا وُجِدَ يَجُوزُ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ صَرْفًا ثُمَّ يَجُوزُ هَذَا الصَّرْفُ بِحِصَّةِ مَا وَجَبَ مِنْ أَجْرِ الشَّهْرِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، فَأَمَّا بِحِصَّةِ مَا لَمْ يَجِبْ مِنْ الْأَجْرِ وَهُوَ الشَّهْرُ الثَّانِي يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ كَمَا لَوْ بَاشَرَ الْمُقْرِضُ الصَّرْفَ بِأَجْرٍ لَمْ يَجِبْ بَعْدُ وَهُوَ الشَّهْرُ الثَّانِي ثُمَّ قَالَ وَلَيْسَ هَذَا الصَّرْفُ فِيمَا بَيْنَ رَبِّ الْبَيْتِ وَالْمُسْتَقْرِضِ لَكِنَّهُ صَرْفٌ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْتَقْرِضِ وَالْفَامِيِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْبَيْتِ أَقْرَضَ الدَّرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ دِينَارًا بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَحَالَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِالدَّرَاهِمِ فَقَاصَّهُ بِالدِّينَارِ فَإِنَّمَا لِلْمُقْرِضِ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَإِنْ كَانَ أَقْرَضَهُ أَجْرَ الشَّهْرَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَسْكُنَ شَيْئًا وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَجِّلَهُ وَطَابَتْ نَفْسُ الْفَامِيِّ بِذَلِكَ وَأَعْطَاهُ بِهِ دَقِيقًا أَوْ زَيْتًا أَوْ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْهَا ثُمَّ مَاتَ رَبُّ الْبَيْتِ قَبْلَ السُّكْنَى أَوْ انْهَدَمَ الْبَيْتُ أَوْ اُسْتُحِقَّ لَمْ يَرْجِعْ الْفَامِيُّ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ بِشَيْءٍ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ بِالدَّرَاهِمِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. ثُمَّ إنَّمَا يَرْجِعُ بِعِشْرِينَ عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ مَا كَانَتْ حِصَّةُ الْحَوَائِجِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالدَّرَاهِمِ، فَأَمَّا مَا يَخُصُّ الدِّينَارَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ بِالدَّرَاهِمِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الدِّينَارَ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِحُكْمِ صَرْفٍ فَاسِدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا وَسَكَنَ فَاسْتُحِقَّتْ فَالْأُجْرَةُ لِلْآجِرِ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ كَانَ غَاصِبًا لِلدَّارِ الَّتِي آجَرَهَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا بِثَوْبٍ فَآجَرَهُ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الثَّوْبِ طَابَ لَهُ الْفَضْلُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ فِيهِ حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ وَآجَرَهُ بِدِينَارٍ طَابَ لَهُ الْفَضْلُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ الْفَضْلُ بَيْنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ إلَّا بِالتَّقْوِيمِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ رَبَّ الْبَيْتِ أَرَادَ التَّعْجِيلَ فِي الْأَجْرِ كُلِّهِ قَبْلَ الْهَلَاكِ فَأَبَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يُعْطِيَهُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِقَدْرِ مَا سَكَنَ، فَأَمَّا حِصَّةُ مَا لَمْ يَسْكُنْ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى إيفَائِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا آجَرَ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ شَهْرًا بِثَوْبٍ بِعَيْنِهِ فَسَكَنَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الثَّوْبَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَتِبْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ شَيْئًا مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ

الباب الخامس في الخيار في الإجارة والشرط فيها

بِغَيْرِ عَيْنِهِ مَوْصُوفًا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَهَذَا إذَا وَجَبَتْ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ ابْتَاعَ بِهِ شَيْئًا بِعَيْنِهِ جَازَ، قَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَإِنْ ابْتَاعَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَلَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ فَإِنْ فَارَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ سَنَةً وَأَعْتَقَ رَبُّ الدَّارِ الْعَبْدَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْعَبْدَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الدَّارَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَا تُمْلَكُ إلَّا بِاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ أَوْ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ رَبُّ الدَّارِ قَدْ قَبَضَ الْعَبْدَ إلَّا إنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الدَّارَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدُ حَتَّى أَعْتَقَ الْعَبْدَ، جَازَ إعْتَاقُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ قَبَضَ الدَّارَ وَتَمَّتْ السُّكْنَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِاسْتِحْقَاقِ الدَّارِ أَوْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا أَوْ غَرَقِ الدَّارِ أَوَانْعِدَامِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْهَدْمِ فَعَلَى الْمُعْتِقِ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْعَبْدَ حَتَّى سَكَنَ الدَّارَ شَهْرًا ثُمَّ أَعْتَقَا جَمِيعًا الْعَبْدَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِتْقُ رَبِّ الدَّارِ بِقَدْرِ أَجْرِ الشَّهْرِ وَيَجُوزُ عِتْقُ الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا بَقِيَ مِنْهُ وَتُنْتَقَضُ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ اسْتَكْمَلَ السُّكْنَى قَبْلَ قَبْضِ الْعَبْدِ فَمَاتَ الْعَبْدُ أَوْ اُسْتُحِقَّ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ وَفِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا إذَا رَدَّ الْآجِرُ الْعَبْدَ بِخِيَارِ عَيْبٍ أَوْ رُؤْيَةٍ وَقَدْ سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِانْفِسَاخِهَا مِنْ الْأَصْلِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ دَفَعَ الْعَبْدَ وَلَمْ يَسْكُنْ الدَّارَ حَتَّى أَعْتَقَهُ فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْعَبْدَ خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ بِالتَّسْلِيمِ إلَى رَبِّ الدَّارِ فَإِنَّمَا أَعْتَقَ مَا لَا يَمْلِكُهُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ شَهْرًا وَهَلَكَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى رَبِّ الدَّارِ فَإِنَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ مِثْلِ الدَّارِ يَعْنِي بِحِصَّةِ الشَّهْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً مِنْ الِابْتِدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى مَا يَخُصُّ الشَّهْرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَبَضَ الْآجِرُ الْمُدَّةَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ عَيْنٌ وَبَاعَهُ ثُمَّ مَضَتْ نَفَذَ الْبَيْعُ وَلَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ رَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْآجِرِ بِقِيمَةِ تِلْكَ الْعَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَبْدًا فَعَجَّلَهُ فَأَعْتَقَهُ الْآجِرُ أَوْ مَاتَ فِي يَدِهِ ثُمَّ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ رَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ مَضَى نِصْفُ الْمُدَّةِ ثُمَّ انْفَسَخَتْ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلٌ آجَرَ دَارِهِ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ سَنَةً فَسَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ شَهْرًا وَلَمْ يَدْفَعْ الْعَبْدُ حَتَّى أَعْتَقَهُ صَحَّ إعْتَاقُهُ وَكَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِلشَّهْرِ الْمَاضِي أَجْرَ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَتُنْتَقَضُ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا بِعَيْنٍ فَسَكَنَ الدَّارَ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْعَيْنَ حَتَّى هَلَكَتْ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ وَالشَّرْطِ فِيهَا] . اسْتَأْجَرَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَجُوزُ وَعَلَى أَكْثَرَ عَلَى الْخِلَافِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَيَعْتَبِرُ مُدَّةَ الْخِيَارِ مِنْ ابْتِدَاءِ وَقْتِ الْإِجَارَةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ شَرَطَ ثَلَاثَةً فَسَكَنَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ سَقَطَ الْخِيَارُ وَلَوْ انْهَدَمَ الْمَنْزِلُ بِالسُّكْنَى لَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ سَكَنَ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ وَأَوَّلُ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ سُقُوطِ الْخِيَارِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِرَبِّ الدَّارِ فَسَكَنَ فِيهَا فَلَا أَجْرَ وَيَضْمَنُ مَا انْهَدَمَ بِسُكْنَاهُ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْإِجَارَةِ لَزِمَ الْأَجْرُ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ ثَابِتٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَرُؤْيَةُ الدَّارِ كَرُؤْيَةِ الْمَنَافِعِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكُرْدِيِّ. وَإِنْ تَكَارَى دَارًا لَمْ يَرَهَا فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهَا وَلَوْ كَانَ رَآهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ انْهَدَمَ مِنْهَا شَيْءٌ يَضُرُّ بِالسُّكْنَى فَحِينَئِذٍ يَتَخَيَّرُ بِالتَّغَيُّرِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ رَجُلًا (تابسب دِيك رُوئِينَ بسايد بِيَدِ) مَعْلُومٌ فَفَعَلَ ذَلِكَ بِالْعَشَرَةِ وَامْتَنَعَ

عَنْ الْبَاقِي قَالَ إنْ كَانَ قَدْ أَرَاهُ الْقُدُورَ وَقْتَ الِاسْتِئْجَارِ يُجْبَرُ عَلَى الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يُرِهِ لَمْ يُجْبَرْ وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِجَارَاتِ أَنَّ مَنْ شَارَطَ قَصَّارًا عَلَى أَنْ يُقَصِّرَ لَهُ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُرِهِ الثِّيَابَ وَلَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ كَانَ فَاسِدًا، وَإِنْ أَرَاهُ الثِّيَابَ كَانَ جَائِزًا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا سَمَّى لَهُ جِنْسًا مِنْ الثِّيَابِ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِهِ أَنَّ هَذَا نَظِيرُ مَا لَمْ يُرِهِ يَعْنِي يَكُونُ فَاسِدًا وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ إنْ بَالَغَ فِي بَيَانِ الصِّفَةِ عَلَى وَجْهٍ يَصِيرُ مِقْدَارُ عَمَلِهِ مَعْلُومًا فَهُوَ وَإِرَاءَةُ الثِّيَابِ سَوَاءٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَسْأَلَةِ الْقِدْرِ والزندبيجي كَقَوْلِهِ فِي الْقَصَّارِ فَيُتَأَمَّلُ عِنْدَ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَصَّارٌ شَارَطَهُ رَجُلٌ عَلَى أَنْ يُقَصِّرَ لَهُ ثَوْبًا مَرْوِيًّا بِدِرْهَمٍ فَرَضِيَ بِهِ الْقَصَّارُ فَلَمَّا رَأَى الْقَصَّارُ الثَّوْبَ قَالَ لَا أَرْضَى بِهِ فَلَهُ ذَلِكَ قَالَ وَكَذَلِكَ الْخَيَّاطُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ يَخْتَلِفُ فِي نَفْسِهِ بِاخْتِلَافِ الْمَحِلِّ يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَحَلِّ وَكُلَّ عَمَلٍ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَحَلِّ وَالْقِصَارَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ وَكَذَلِكَ الْخِيَاطَةُ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ أَثْبَتْنَا خِيَارَ الرُّؤْيَةِ فِيهِمَا قَالَ (شَمَّ) وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَكِيلَ لَهُ كُرَّ حِنْطَةٍ فَلَمَّا رَأَى الْحِنْطَةَ قَالَ لَا أَرْضَى بِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَحْتَجِمَ لَهُ بِدَانَقٍ وَرَضِيَ بِهِ فَلَمَّا كَشَفَ عَنْ ظَهْرِهِ قَالَ لَا أَرْضَى بِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَمَلَ هَهُنَا لَا يَخْتَلِفُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَحْلِجَ لَهُ كَذَا مَنًّا مِنْ الْقُطْنِ أَوْ لِيُقَصِّرَ لَهُ كَذَا ثَوْبًا وَلَيْسَ عِنْدَ الْآجِرِ ثَوْبٌ وَلَا قُطْنٌ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَرَهُ فَلِلْأَجِيرِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الثِّيَابِ لَا فِي الْقُطْنِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ غُلَامًا سَنَةً بِدَارٍ لَهُ فَاسْتَعْمَلَ الْغُلَامَ نِصْفَ السَّنَةِ وَنَظَرَ آجِرُ الْغُلَامِ إلَى الدَّارِ وَلَمْ يَكُنْ رَآهَا فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا قَالَ: لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ غُلَامِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ كَرْمًا لَمْ يَرَهُ وَقَدْ كَانَ بَاعَ صَاحِبُ الْكَرْمِ الْأَشْجَارَ قَبْلَ الْإِجَارَةِ حَتَّى صَحَّتْ الْإِجَارَةُ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْكَرْمِ وَلَوْ تَصَرَّفَ فِي الْكَرْمِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ؛ بَطَلَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَكَلَ الثِّمَارَ مِنْ تِلْكَ الْكَرْمِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْمُشْتَرَى دُونَ الْمُسْتَأْجَرِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَثْبُتُ خِيَارُ الْعَيْبِ فِي الْإِجَارَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ فِي الْإِجَارَةِ يَنْفَرِدُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالرَّدِّ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ وَفِي الْبَيْعِ يَنْفَرِدُ الْمُشْتَرِي بِالرَّدِّ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَأْجَرَ دَارًا وَقَبَضَهَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا يَضُرُّ بِالسُّكْنَى كَانْكِسَارِ الْجُذُوعِ وَمَا يُوهِنُ الْبِنَاءَ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ حَدَثَ عَيْبٌ بَعْدَهَا قَبْلَ قَبْضِهَا يَرُدُّهَا لِأَنَّهُ عَقْدٌ يُرَدُّ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَحُدُوثُ الْعَيْبِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ كَالْمَوْجُودِ وَقْتَ الْعَقْدِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اسْتَأْجَرْتُك الْيَوْمَ عَلَى أَنْ تَنْقُلَ هَذَا التَّلَّ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَذَلِكَ لَا يُنْقَلُ إلَّا فِي أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ قَالَ هَذِهِ عَلَى الْيَوْمِ وَلَا يَكُونُ عَلَى الْعَمَلِ فَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مَتَى جَمَعَ بَيْنَ الْعَمَلِ وَبَيْنَ الْإِضَافَةِ إلَى الزَّمَانِ فِي الْعَقْدِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْعَمَلِ مِمَّا لَا يَقْدِرُ الْأَجِيرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانَ الْعَقْدُ عَلَى الزَّمَانِ وَكَانَ اسْتِحْقَاقُ الْأَجِيرِ الْأَجْرَ مُعَلَّقًا بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَهَبَ لَك أَجْرَ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ قَالَ عَلَى أَنْ لَا أَجْرَ عَلَيْك لِشَهْرِ رَمَضَانَ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. آجَرَ حَمَّامًا سَنَةً بِكَذَا عَلَى أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ أَجْرَ شَهْرَيْنِ لِلتَّعْطِيلِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ مِقْدَارَ مَا كَانَ مُعَطَّلًا يَجُوزُ وَلَوْ قَالَ عَلَى مِقْدَارِ عُطْلَتِهِ لَا أَجْرَ عَلَيْك وَبَيَّنَ الْمُدَّةَ جَازَ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. اسْتَأْجَرَ حَمَّامِيًّا عَلَى أَنَّهُ إنْ نَابَتْهُ نَائِبَةٌ فَلَا أَجْرَ لَهُ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. حَانُوتٌ احْتَرَقَ فَاسْتَأْجَرَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يُعَمِّرَهُ عَلَى أَنْ يَحْسِبَ بِنَفَقَتِهِ فَعَمَّرَهُ فَهَذِهِ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ الْحَانُوتَ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ النَّفَقَةُ الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَى الْعِمَارَةِ وَأَجْرُ مِثْلِهِ فِي قِيَامِهِ عَلَى الْعِمَارَةِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ

خَانٌ بَعْضُهُ خَرَابٌ وَفِيهِ حَوَانِيتُ عَامِرَةٌ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ الْعِمَارَةَ الْعَامِرَةَ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَالْخَرَابَ كُلِّ شَهْرٍ بِخَمْسَةٍ عَلَى أَنْ يُعَمِّرَ الْخَرَابَ بِمَالِهِ وَيَحْسِبُ نَفَقَتَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَجْرِ فَاسْتِئْجَارُ الْخَرَابِ لِيُعَمِّرَهُ وَيَنْتَفِعَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَاسِدٌ إذَا شَرَطَ أَنْ تَكُونَ الْعِمَارَةُ لِلْآجِرِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ نَفَقَتُهُ وَأَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ وَلِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْحَوَانِيتَ الَّتِي عَمَرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْهُ وَأَمَّا الْحَوَانِيتُ الْعَامِرَةَ فَالْإِجَارَةُ فِيهَا جَائِزَةٌ لِعَدَمِ الْمُفْسِدِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرُدَّ الْعَيْنَ إلَى الْآجِرِ وَلَهَا حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ جَازَ هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. فِي الْفَتَاوَى سُئِلَ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ مِرْجَلًا شَهْرًا لِيَطْبُخَ فِيهِ الْعَصِيرَ وَاشْتَرَطَ رَدَّهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَعَلَيْهِ أَجْرُ شَهْرٍ فَرَغَ فِي نِصْفِ الشَّهْرِ أَوْ فِي آخِرِهِ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوِي. وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ فَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ بَقِيَ مُدَّةً كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُهُ مِنْك كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا فَإِذَا فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ سَقَطَ الْأَجْرُ عِنْدَ رَدِّهِ عَلَى الْمَالِكِ أَوَّلًا فَإِذَا فَرَغَ فِي نِصْفِ الْيَوْمِ يَجِبُ تَمَامُ أَجْرِ الْيَوْمِ كَمَا إذَا فَرَغَ فِي نِصْفِ الشَّهْرِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. اسْتَأْجَرَ حِبَابًا وَكِيزَانًا فَقَالَ لَهُ الْمُؤَجِّرُ مَا لَمْ تَرُدَّهَا عَلَيَّ صَحِيحَةً فَلِي عَلَيْك كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمٌ فَقَبَضَهَا وَقَدْ انْكَسَرَتْ فَالْإِجَارَةُ فِي الْحِبَابِ فَاسِدَةٌ وَفِي الْكِيزَانِ جَائِزَةٌ يَعْنِي إذَا سَمَّى لِلْكِيزَانِ أُجْرَةً وَلِلْحَبَابِ كَذَلِكَ فَيَجِبُ فِي الْكِيزَانِ حِصَّةُ مَا سَمَّى إلَى وَقْتِ كَسْرِهِ وَفِي الْحِبَابِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. قَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ فِي الْكِيزَانِ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ لَهَا حَمْلًا وَمُؤْنَةً تَجْرِي فِيهَا الْمُمَاسَكَةُ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُسَمِّ أُجْرَةَ الْحِددبَابِ وَأُجْرَةَ الْكِيزَانِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكِيزَانِ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْأَصْلِ رَجُلٌ تَكَارَى مِنْ رَجُلٍ دَارًا سَنَةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَضِيَهَا أَخَذَهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَهَا أَخَذَهَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَذَلِكَ فَاسِدٌ فَإِنْ سَكَنَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ وَلَا يَضْمَنُ مَا انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَاهُ لَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَلَا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لِصَاحِبِ الدَّارِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَةَ مَا انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَاهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَإِنْ قَالَ أَنَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَضِيتُهَا أَخَذْتُهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَتْ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً فَإِنْ سَكَنَهَا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَدْ لَزِمَتْهُ الْإِجَارَةُ وَكَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا سَكَنَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا انْهَدَمَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا عَلَى أَنَّهَا كَذَا جَرِيبًا وَكَانَتْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهِيَ بِالْمُسَمَّى وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْأَقَلِّ وَلَوْ قَالَ كُلُّ جَرِيبٍ بِكَذَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ بِحِسَابِهِ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَشْهُرًا مُسَمَّاةً فَلَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ الدَّارَ حَتَّى مَضَى بَعْضُ الْمُدَّةِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ الدَّارَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إنْ طَلَبَهَا مِنْ الْمُؤَجِّرِ فَمَنَعَهُ إيَّاهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَهَا فَذَلِكَ لَهُ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَارَيْنِ فَسَقَطَتْ إحْدَاهُمَا أَوْ مَنَعَهُ مَانِعٌ مِنْ إحْدَاهُمَا أَوْ حَدَثَ فِي إحْدَاهُمَا عَيْبٌ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُمَا جَمِيعًا. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتَيْنِ فَانْهَدَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْبَاقِي بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ سُئِلَ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ طَاحُونَةً عَلَى أَنَّ مَا سَمَّى مِنْ الْأَجْرِ أَيَّامَ جَرْيِ الْمَاءِ وَانْقِطَاعِهِ أَيْضًا قَالَ هَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ خِلَافُ مُقْتَضَى الشَّرْعِ إذَا الْأَجْرُ لَا يَجِبُ حَالَ انْقِطَاعِ الْمَاءِ فَفَسَدَ الْعَقْدُ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ ثَوْرًا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَطْحَنَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ عِشْرِينَ قَفِيزًا فَوَجَدَهُ الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَطْحَنُ إلَّا عَشْرَةَ أَقْفِزَةٍ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ كَذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَزِمَهُ أَجْرُ كُلِّ يَوْمٍ بِتَمَامِهِ، وَإِنْ رَدَّ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْيَوْمِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ بِتَمَامِهِ وَلَا يُحَطُّ عَنْهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ النُّقْصَانِ عَنْ الْعَمَلِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ عَلَى الْوَقْتِ وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرُ، وَإِنْ لَمْ يَطْحَنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ تَكَارَى دَابَّةً إلَى بَغْدَادَ فَوَجَدَهَا لَا تُبْصِرُ بِاللَّيْلِ أَوْ جَمُوحًا أَوَعَثُورًا أَوْ تَعَضُّ فَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ بِعَيْنِهَا فَلَهُ الْخِيَارُ لِتَغْيِيرِ شَرْطِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ مَا سَارَ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَلَهُ أَنْ يُبْلِغَهُ إلَى بَغْدَادَ عَلَى دَابَّةٍ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْعَقْدَ فِي ذِمَّتِهِ وَهَذَا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْبِ هَذِهِ الدَّابَّةِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي

الباب السادس في الإجارة على أحد الشرطين أو على الشرطين أو أكثر

الْخُلَاصَةِ الْخَانِيَّةِ وَتَعْلِيقُ الْإِجَارَةِ بِانْفِسَاخِ إجَارَةٍ أُخْرَى بَاطِلٌ كَمَا لَوْ آجَرَ دَابَّةً مِنْ إنْسَانٍ ثُمَّ قَالَ لِغَيْرِهِ إنْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بَيْنَنَا آجَرْتُ مِنْك فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَضْرِبَ لَهُ مِنْ هَذَا التُّرَابِ أَوْ مِنْ تُرَابٍ عِنْدِي فِي مَوْضِعِ كَذَا فِي كُلِّ يَوْمٍ يَضْرِبُ أَلْفَ لَبِنَةٍ بِهَذَا الْمَلْبَنِ وَسَمَّى مَلْبَنًا مَعْرُوفًا يَجُوزُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اشْتَرَطَ رَبُّ الدَّارِ عَلَى الْبَنَّاءِ وَضْعَ الْجُذُوعِ وَالْهَرَادِيِّ وَكَنْسَ السُّطُوحِ وَتَطْيِينِهَا وَسَمَّى ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَبْنِيَ لَهُ بِاللَّبِنِ فَعَلَى الْبَنَّاءِ الطِّينُ وَنَقْلُهُ إلَى الْحَائِطِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَكَانًا بَعِيدًا فَيَكُونُ بِالْخِيَارِ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَرَاهُ الْمَكَانَ فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا بِالرَّهْصِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالِارْتِفَاعَ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِمَا سَمَّى يَصِيرُ مَعْلُومًا عِنْدَ أَهْلِ الصَّنْعَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَفَاوَتُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ إجَارَةِ الْبَنَّاءِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا بِالرَّهْصِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الطُّولَ أَوْ الْعَرْضَ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ [الْبَاب السَّادِس فِي الْإِجَارَةِ عَلَى أَحَدِ الشَّرْطَيْنِ أَوْ عَلَى الشَّرْطَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ] َ. الْأَصْلُ أَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا وَقَعَتْ عَلَى أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ أَجْرًا مَعْلُومًا بِأَنْ قَالَ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِخَمْسَةٍ أَوْ هَذِهِ الْأُخْرَى بِعَشْرَةٍ أَوْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ فِي حَانُوتَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوَمَسَافَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ إلَى وَاسِطَ بِكَذَا أَوْ إلَى كُوفَةَ بِكَذَا فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَكَذَلِكَ إذَا خَيَّرَهُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ، وَإِنْ ذَكَرَ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي أَنْوَاعِ الصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ إذَا ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ جَازَ، وَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ اسْتِدْلَالًا بِالْبَيْعِ إلَّا أَنَّ الْإِجَارَةَ تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْخِيَارِ وَالْبَيْعُ لَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْخِيَارِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا فَقَالَ لَهُ إنْ خِطْتَهُ فَارِسِيًّا فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خِطْتَهُ رُومِيًّا فَلَكَ دِرْهَمَانِ أَوْ قَالَ لِصَبَّاغٍ إنْ صَبَغْت هَذَا الثَّوْبَ بِصُفْرٍ فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ صِبْغَتَهُ بِزَعْفَرَانٍ فَلَكَ دِرْهَمَانِ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ إنْ خِطْتَهُ أَنْتَ فَأَجْرُك دِرْهَمٌ، وَإِنْ خَاطَهُ تِلْمِيذُك فَأَجْرُك نِصْفُ دِرْهَمٍ فَهَذَا وَالْخِيَاطَةُ الرُّومِيَّةُ وَالْفَارِسِيَّةُ سَوَاءٌ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لِرَادِّ الْآبِقِ إنْ رَدَدْتَهُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ رَدَدْتَهُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا فَلَكَ كَذَا جَازَ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْتَ هَذَا الثَّوْبَ فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خِطْتَ هَذَا الثَّوْبَ الْآخَرَ فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ إنْ سَكَّنْتَ فِي هَذِهِ الدَّارِ عَطَّارًا فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ سَكَّنْت حَدَّادًا فَبِدِرْهَمَيْنِ أَوْ قَالَ لَوْ سَكَنَ فِيهَا خَيَّاطًا فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ سَكَنَ فِيهَا حَدَّادًا فَبِدِرْهَمَيْنِ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا فَاسِدَةٌ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى الْحِيرَةِ فَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ، وَإِنْ جَاوَزَ إلَى الْقَادِسِيَّةِ فَبِدِرْهَمَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَلَمْ يَحْكِ فِيهَا خِلَافًا فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْكُلِّ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى الْحِيرَةِ عَلَى أَنَّهُ إنْ حَمَلَ عَلَيْهَا كُرَّ شَعِيرٍ فَأَجْرُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ، وَإِنْ حَمَلَ كُرَّ حِنْطَةٍ فَأَجْرُهُ دِرْهَمٌ جَازَ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ حَمَلَ هَذِهِ الْحُمُولَةَ فَالْأُجْرَةُ عَشْرَةٌ، وَإِنْ رَكِبَهَا فَالْأَجْرُ خَمْسَةٌ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ خِلَافًا لَهُمَا وَاخْتِلَافُ عِبَارَةِ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَخْرِيجِ مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ وَالدَّارِ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ الدَّارَ وَلَمْ يَسْكُنْ فِيهَا وَإِذَا سَلَّمَ الدَّابَّةَ وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَلَمْ يَرْكَبْهَا بَعْضُهُمْ قَالُوا يَجِبُ أَقَلُّ الْمُسَمَّيَيْنِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مِنْ بَغْدَادَ إلَى الْقَصْرِ بِخَمْسَةٍ وَإِلَى الْكُوفَةِ بِعَشْرَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ إلَى الْقَصْرِ نِصْفَ الْمَسَافَةِ إلَى الْكُوفَةِ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ وَهَذَا عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْعَقْدُ جَائِزٌ فِي الْوَجْهَيْنِ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَابَّةً عَلَى أَنَّهُ إنْ أَتَى عَلَيْهَا الْكُوفَةَ فَبِعَشَرَةٍ، وَإِنْ أَتَى الْقَصْرَ وَهُوَ الْمُنْتَصَفُ فَبِخَمْسَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ قَالَ، وَإِنْ قَالَ، وَإِنْ أَتَى الْقَصْرَ وَهُوَ الْمُنْتَصَفُ فَبِسِتَّةٍ لَا يَجُوزُ قَالَ لِأَنَّهُ إذَا أَتَى الْقَصْرَ لَا يَدْرِي

مَا عَلَيْهِ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا عَلَى عِدْلِ زُطِّيٍّ وَعَدْلِ هَرَوِيٍّ وَقَالَ احْمِلْ أَيَّ هَذَيْنِ الْعِدْلَيْنِ شِئْتَ إلَى مَنْزِلِي عَلَى أَنَّك إنْ حَمَلْت الزُّطِّيَّ فَلَكَ أَجْرُ دِرْهَمٍ، وَإِنْ حَمَلَتْ الْهَرَوِيَّ فَلَكَ أَجْرُ دِرْهَمَيْنِ فَحَمَلَ الْهَرَوِيَّ وَالزُّطِّيَّ جَمِيعًا إلَى مَنْزِلِهِ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ وَأَيَّهمَا حَمْلَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَهُوَ الَّذِي لَاقَاهُ الْإِجَارَةُ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي حَمْلِ الْآخَرِ ضَامِنٌ لَهُ إنْ ضَاعَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا إنْ حَمَلَهُمَا جُمْلَةً فَعَلَيْهِ نِصْفُ أَجْرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ ضَمَانُ نِصْفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ ضَاعَا وَعَلَى قَوْلِهِمَا ضَمِنَهُمَا إنْ ضَاعَا وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ إذَا حَمَلْتَ هَذِهِ الْخَشَبَةَ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ حَمَلْتَ هَذِهِ الْخَشَبَةَ الْأُخْرَى فَلَكَ دِرْهَمَانِ فَحَمَلَهُمَا جُمْلَةً إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلَهُ دِرْهَمَانِ أَوْجَبَ أَكْثَرَ الْأَجْرَيْنِ بِكَمَالِهِ، وَإِنَّهُ يُخَالِفُ رِوَايَةَ ابْنِ سِمَاعَةَ فِي الْعِدْلَيْنِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا قَالَ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْتَهُ الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خِطْتَهُ غَدًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَلَا يَصِحُّ الشَّرْطُ الثَّانِي وَقَالَ صَاحِبَاهُ يَصِحُّ الشَّرْطَانِ جَمِيعًا فَإِنْ خَاطَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ يَجِبُ الْمُسَمَّى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَإِنْ خَاطَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُزَادُ عَلَى دِرْهَمٍ وَلَا يَنْقُصُ عَنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ وَفِي النَّوَادِرِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُزَادُ عَلَى نِصْفِ دِرْهَمٍ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ الصَّحِيحُ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ، وَإِنْ خَاطَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي قَوْلِهِمْ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَجْرِ الْمِثْلِ أَيْضًا فَرُوِيَ عَنْهُ إنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى دِرْهَمٍ وَلَا يُنْقَصُ عَنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ رِوَايَةُ الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ دِرْهَمٍ وَيَنْقُصُ عَنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ إنْ كَانَ أَجْرُ مِثْلِهِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْهُمَا أَيْضًا. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. هُنَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْيَوْمِ وَالْغَدِ، فَأَمَّا إذَا أَفْرَدَ الْعَقْدَ عَلَى الْيَوْمِ بِأَنْ قَالَ إنْ خِطْتَهُ الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ فَخَاطَهُ فِي الْغَدِ هَلْ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيلَ لَا أَجْرَ لَهُ وَقِيلَ لَهُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ خَاطَ نِصْفَهُ الْيَوْمَ وَنِصْفَهُ غَدًا فَلَهُ نِصْفُهُ وَفِي الْغَدِ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يَنْقُصُ عَنْ رُبْعِ دِرْهَمٍ وَلَا يُزَادُ عَلَى النِّصْفِ وَعِنْدَهُمَا ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. ، وَإِنْ بَدَأَ بِالْغَدِ ثُمَّ بِالْيَوْمِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الصَّحِيحُ هُوَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ فَقَطْ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. لَوْ قَالَ إنْ خِطْتَهُ الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ خِطْتَهُ غَدًا فَلَا أَجْرَ لَك فَإِنْ خَاطَهُ فِي الْيَوْمِ فَلَهُ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خَاطَهُ فِي الْغَدِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى دِرْهَمٍ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ مَا خِطْتَهُ الْيَوْمَ فَبِحِسَابِ دِرْهَمٍ وَمَا خِطْتَهُ غَدًا فَبِحِسَابِ نِصْفِ دِرْهَمٍ يَفْسُدُ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ مَا خِطْتَهُ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ رُومِيًّا فَبِكَذَا وَمَا خِطْتَهُ فَارِسِيًّا فَبِكَذَا فَهُوَ فَاسِدٌ لِجَهَالَةِ الْعَمَلِ وَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك غَدًا لِتَخِيطَهُ بِدِرْهَمٍ فَخَاطَهُ فِي الْيَوْمِ فَلَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ صَحِيحَةٌ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ يَوْمًا بِدِرْهَمٍ فَإِنْ بَدَا لَهُ فَكُلُّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ قِيَاسًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ جَائِزَةٌ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ؛ (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْفَصْلِ إذَا جَمَعَ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ بَيْنَ الْوَقْتِ وَالْعَمَلِ) إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَعْمَلَ لَهُ عَمَلًا الْيَوْمَ إلَى اللَّيْلِ بِدِرْهَمٍ صِبَاغَةً أَوْ خُبْزًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَيَكُونُ الْعَقْدُ عَلَى الْعَمَلِ دُونَ الْيَوْمِ حَتَّى إذَا فَرَغَ مِنْهُ نِصْفَ النَّهَارِ فَلَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا، وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ فِي الْيَوْمِ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَهُ فِي الْغَدِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مِنْ الْكُوفَةِ إلَى بَغْدَادَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَذَكَرَ الْمُدَّةَ وَالْمَسَافَةَ وَالْعَمَلَ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَنْقُلَ لَهُ طَعَامًا مَعْلُومًا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ الْيَوْمَ إلَى اللَّيْلِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا فِي الْغَدِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَخِيطَ لَهُ هَذَا الثَّوْبَ قَمِيصًا الْيَوْمَ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَالَ لِيَخِيطَ لِي قَمِيصًا أَوْ لِيَخْبِزَ لِي قَفِيزًا وَلَمْ يَقْدِرْ جَازَ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ

قَالَ لِيَخِيطَ قَمِيصًا مِنْ هَذَا الثَّوْبِ فِي الْيَوْمِ جَازَ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَفِي إجَارَاتِ الْأَصْلِ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ عِشْرِينَ قَفِيزًا فَهَذِهِ الْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا خِلَافًا فَمِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ هَذَا الْجَوَابُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَهُمَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ تَفْسُدَ هَذِهِ الْإِجَارَةُ عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْخُبْزِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا بَلْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ وَفِي الْأَصْلِ أَيْضًا لَوْ شَرَطَ عَلَى الْخَبَّازِ أَنْ يَخْبِزَ لَهُ هَذِهِ الْعَشَرَةَ الْمَخَاتِيمَ دَقِيقًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ الْيَوْمَ تَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ ذَكَرَ الْوَقْتَ وَالْعَمَلَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا لِيُقَطِّعَهُ وَيُخَيِّطَهُ قَمِيصًا عَلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ فِي يَوْمِهِ هَذَا أَوْ اكْتَرَى مِنْ رَجُلٍ إبِلًا إلَى مَكَّةَ عَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا، إلَى عِشْرِينَ لَيْلَةً كُلَّ بَعِيرٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ فَإِنْ وَفَّى بِالشَّرْطِ كَانَ لَهُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَفِ كَانَ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مِنْ رَجُلٍ أَيَّامًا مُسَمَّاةً وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَلَوْ قَالَ لِلْخَيَّاطِ اسْتَأْجَرْتُك هَذَا الْيَوْمَ لِتَخِيطَ هَذَا الْقَمِيصَ بِدِرْهَمٍ أَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك هَذَا الْيَوْمَ لِتَخْبِزَ هَذَا الْقَفِيزَ الدَّقِيقَ بِدِرْهَمٍ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَقَالَ الْكَرْخِيُّ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ قَدَّمَ الْعَمَلَ أَوْ أَخَّرَ إذَا ذَكَرَ الْأَجْرَ بَعْدَ الْوَقْتِ وَالْعَمَلِ أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْوَقْتَ أَوَّلًا ثُمَّ الْأَجْرَ ثُمَّ الْعَمَلَ بَعْدَهُ أَوَذَكَرَ الْعَمَلَ أَوَّلًا ثُمَّ الْأَجْرَ ثُمَّ الْوَقْتَ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَتَى فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ إنْ كَانَ فَسَادُهَا لِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى مِنْ الْأَجْرِ أَوْ لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ حَانُوتًا سَنَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَرُمَّهَا الْمُسْتَأْجِرُ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الْمَرَمَّةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ صَارَتْ الْمَرَمَّةُ مِنْ الْأَجْرِ فَيَصِيرُ الْأَجْرُ مَجْهُولًا أَمَّا إذَا كَانَ فَسَادُ الْإِجَارَةِ بِحُكْمِ شَرْطٍ فَاسِدٍ كَانَ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ أَيْضًا وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ إلَى حَائِكٍ لِيُعَلِّمَهُ النَّسْجَ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْذِقَهُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بِكَذَا وَكَذَا فَهَذَا لَا يَجُوزُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ هَذَا الْعَقْدُ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّحْذِيقُ فِي وُسْعِهِ وَالْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْوَقْتِ وَالْعَمَلِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ إنَّمَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ إذَا ذَكَرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهٍ يَصْلُحُ مَعْقُودًا عَلَيْهِ حَالَةَ انْفِرَادِ الْوَقْتِ وَالْعَمَلِ أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْعَمَلَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ إفْرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بَيَانُهُ فِيمَا ذُكِرَ فِي آخِرِ بَابِ إجَارَةِ الْبَنَّاءِ إذَا تَكَارَى رَجُلٌ رَجُلًا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ لِيَبْنِيَ لَهُ بِالْجَصِّ وَالْآجِرِ جَازَ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الْوَقْتِ وَالْعَمَلِ لِأَنَّهُ مَا ذَكَرَ الْعَمَلَ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ إفْرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِقْدَارَ الْعَمَلِ مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ إفْرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ فَانْعَقَدَ الْعَقْدُ عَلَى الْمُدَّةِ وَكَانَ ذِكْرُ الْبِنَاءِ لِبَيَانِ نَوْعِ الْعَمَلِ حَتَّى لَوْ ذَكَرَ الْعَمَلَ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ إفْرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِأَنْ بَيَّنَ مِقْدَارَ الْبِنَاءِ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ رَجُلًا كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَطْحَنَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ قَفِيزًا إلَى اللَّيْلِ فَهُوَ فَاسِدٌ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَهَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُشْكِلٌ عَلَى قَوْلِهِمَا فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَبَتَ رُجُوعُهُمَا إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قِيَاسُ قَوْلِهِمَا وَمَا ذُكِرَ فِيمَا تَقَدَّمَ اسْتِحْسَانٌ عَلَى قَوْلِهِمَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِعَمَلٍ فَإِنْ كَانَ عَمَلًا لَوْ أَرَادَ الْأَجِيرُ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَمَلِ لِلْحَالِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ ذَكَرَ فِي ذَلِكَ وَقْتًا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ اسْتَأْجَرْتُك لِتَخْبِزَ لِي عِشْرِينَ مَنًّا مِنْ الْخُبْزِ بِدِرْهَمٍ جَازَ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَمْلِكُ آلَاتِ الْخُبْزِ كَالدَّقِيقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَإِنْ لَمْ

الباب السابع في إجارة المستأجر

يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الْعَمَلِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ لِذَلِكَ وَقْتًا فَقَالَ اسْتَأْجَرْتُك لِتَخْبِزَ لِي الْيَوْمَ إلَى اللَّيْلِ بِدِرْهَمٍ جَازَ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ (بِدَيْنِ ده درم ديوار مِنْ بَازكُنَّ) جَازَ أَيْضًا بَيَّنَ لِذَلِكَ وَقْتًا أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ وَلَوْ قَالَ (بِدَيْنِ يكدرم ابْن خُرَّ مِنْ بادكن) إنْ لَمْ يَذْكُرْ لِذَلِكَ وَقْتًا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ بَيَّنَ لِذَلِكَ وَقْتًا فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ ذَكَرَ الْوَقْتَ أَوَّلًا ثُمَّ الْأُجْرَةَ بِأَنْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك الْيَوْمَ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُذَرِّيَ هَذَا الْكُدْسَ جَازَ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْأُجْرَةَ بَعْدَ بَيَانِ الْعَمَلِ فَلَا يَتَغَيَّرُ، وَإِنْ ذَكَرَ الْأُجْرَةَ أَوَّلًا ثُمَّ الْعَمَلَ بِأَنْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك بِدِرْهَمٍ الْيَوْمَ عَلَى أَنْ تُذَرِّيَ هَذَا الْكُدْسَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الْأُجْرَةِ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْأُجْرَةِ بَعْدَ بَيَانِ الْعَمَلِ فَإِذَا كَانَ الْعَمَلُ مَعْدُومًا أَوْ مَجْهُولًا صَارَ ذِكْرُ الْوَقْتِ بَعْدَ بَيَانِ الْأُجْرَةِ لِلِاسْتِعْجَالِ أَيْ عَلَى شَرْطِ أَنْ تُعَجِّلَ الْيَوْمَ وَلَمْ تُؤَخِّرْ فَلَمْ يَكُنْ ذِكْرُ الْوَقْتِ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَلَا يَجُوزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ] ِ الْأَصْلُ عِنْدُنَا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ فِيمَا لَا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْقُولٍ فَأَرَادَ أَنْ يُؤَاجِرَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَقِيلَ إنَّهُ فِي الْإِجَارَةِ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْبَيْعِ اخْتِلَافٌ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا وَقَبَضَهَا ثُمَّ آجَرَهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ آجَرَهَا بِمِثْلِ مَا اسْتَأْجَرَهَا أَوْ أَقَلَّ، وَإِنْ آجَرَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهَا فَهِيَ جَائِزَةٌ أَيْضًا إلَّا إنَّهُ إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ جِنْسِ الْأُجْرَةِ الْأُولَى فَإِنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَطِيبُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهَا طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ وَلَوْ زَادَ فِي الدَّارِ زِيَادَةً كَمَا لَوْ وَتَّدَ فِيهَا وَتَدًا أَوْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ طِينًا أَوْ أَصْلَحَ أَبْوَابَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْ حَوَائِطِهَا طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ، وَأَمَّا الْكَنْسُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ زِيَادَةً وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا مَنْ شَاءَ إلَّا الْحَدَّادَ وَالْقَصَّارَ وَالطَّحَّانَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ وَيُوهِنُهُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ آجَرَ مَعَ مَا اسْتَأْجَرَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهِ عَقْدَ الْإِجَارَةِ طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِ الْحِيَلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ دَارًا فَكَنَسَهَا مِنْ التُّرَابِ ثُمَّ آجَرَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَا تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ آجَرَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَ وَقَالَ عِنْدَ الْإِجَارَةِ عَلَى أَنْ أَكْنِسَ الدَّارَ يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي كِتَابِ شَرْحِ الْحِيَلِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ أَرْضًا فَعَمِلَ بِهَا مُسَنَّاةً فَذَلِكَ زِيَادَةٌ وَيَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ قَالَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا عَمِلَ فِيهَا عَمَلًا يَكُونُ قَائِمًا فَذَلِكَ زِيَادَةٌ وَيَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ، وَإِنْ كَرَى أَنْهَارَهَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا زِيَادَةٌ تُوجِبُ طِيبَ الْفَضْلِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَصْحَابُنَا فِي هَذَا مُتَرَدِّدُونَ بَعْضُهُمْ يَعُدُّونَ هَذَا زِيَادَةً وَقَالُوا تُيَسِّرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إجْرَاءَ الْمَاءِ إلَيْهَا وَتُسَهِّلُ الْعَمَلَ فِيهَا فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً وَبَعْضُهُمْ لَا يَعُدُّونَ هَذَا زِيَادَةً وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ شَيْئَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَزَادَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْئًا وَزَادَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَوْ أَصْلَحَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْئًا لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُمَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهُمَا وَلَوْ كَانَتْ الصَّفْقَةُ مُتَفَرِّقَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُمَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهُمَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَانَ الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ يَحْكِي عَنْ أُسْتَاذِهِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَوْ آجَرَهُ مِنْ الْمُؤَاجِرِ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ آجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ الْغَيْرَ آجَرَهُ مِنْ الْمُؤَاجِرِ يَصِحُّ وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْإِجَارَةَ مِنْ الْمَالِكِ لَا تَجُوزُ مُطْلَقًا تَخَلَّلَ الثَّالِثَ أَوْ لَا وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَهَلْ يَسْقُطُ الْأَجْرُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ الْآجِرُ قَبَضَ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ يَسْقُطُ الْأَجْرُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ لَا يَسْقُطُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ثُمَّ إذَا كَانَتْ لَا تَصِحُّ عِنْدَنَا هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا

لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ الْمُسْتَأْجِرُ إذَا آجَرَ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ الْمُؤَاجِرِ قِيلَ تَنْفَسِخُ الْأُولَى، وَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الثَّانِي فَاسِدٌ وَالْفَاسِدُ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الصَّحِيحِ وَالْعَامَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ إلَّا أَنَّهُمَا إذَا دَامَا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَمَّتْ الْإِجَارَةُ بَطَلَتْ الْأُولَى لَا لِأَنَّ الثَّانِيَةَ فَاسِخَةٌ لِلْأُولَى بَلْ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَحْدُثُ سَاعَةً فَسَاعَةً وَعَلَى حَسَبِ حُدُوثِهَا يَقَعُ التَّسْلِيمُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَإِذَا اسْتَأْجَرَ الْمَالِكُ مِنْهُ ثَانِيًا وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ فَذَلِكَ يَمْنَعُهُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ الْحَادِثَةِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَإِذَا دَامَا إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ مَضَتْ قَبْلَ التَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فَتَنْفَسِخُ الْأُولَى ضَرُورَةً حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ لِيَسْكُنَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ إنَّمَا يَنْفَسِخُ فِي قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي تَلْفِتْ وَعَلَى حَالِهِ فِيمَا بَقِيَ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. فَإِنْ سَكَنَهَا الْآجِرُ بِحُكْمِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَوْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَعَارَ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ الْمَالِكِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْأَجْرُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمَشَايِخِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ آجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ أَبِي رَبِّ الدَّارِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ يَجُوزُ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الْأُولَى بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ فَإِنْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الْأُولَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا ثُمَّ دَفَعَهَا إلَيْهِ الْآجِرُ مُزَارَعَةً إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ ذَلِكَ نَقْضٌ لِلْإِجَارَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ لِأَنَّ الْآجِرَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي يَصِيرُ أَجِيرًا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْمُسْتَأْجِرُ إذَا اسْتَأْجَرَ صَاحِبَ الْأَرْضِ لِيَعْمَلَ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ جَازَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَارًا وَأَرْضًا وَزَادَ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ آجَرَهَا مِنْ الْآجِرِ ثُمَّ أَعَارَهَا مِنْهُ كَانَ هَذَا نَقْضًا لِلْإِجَارَةِ الْأُولَى قَالَ فِي فَصْلِ الْإِجَارَةِ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ وَعَلَى رَبِّ الدَّارِ حِصَّةُ بِنَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْآجِرِ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إجَارَةِ الْبِنَاءِ وَحْدَهُ الْغَاصِبُ إذَا آجَرَ الْمَغْصُوبَ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ آجَرَهُ مِنْ الْغَاصِبِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْأُجْرَةَ كَانَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. آجَرَ الْغَاصِبُ ثُمَّ أَجَازَهَا الْمَالِكُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَالْأَجْرُ السَّابِقُ عَلَى الْإِجَازَةِ لِلْغَاصِبِ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ وَبَعْدَ الْإِجَازَةِ لِلْمَالِكِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ فُضُولِيٌّ وَلَوْ لَمْ يُجِزْ حَتَّى تَمَّتْ الْمُدَّةُ فَكُلُّهَا لِلْغَاصِبِ كَمَا لَوْ آجَرَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ سَنَةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي خِلَالِ السَّنَةِ وَأَجَازَ الْعَبْدُ الْإِجَارَةَ فَالْمَاضِي لِلْمَوْلَى وَالْآتِي لِلْمُعْتِقِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ الْإِجَارَةَ كَسَائِرِ الْعُقُودِ فَإِنْ أَجَازَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ فَالْأَجْرُ لِلْمَالِكِ، وَإِنْ أَجَازَ بَعْدَ اسْتِيفَائِهَا لَمْ تُعْتَبَرْ وَالْأُجْرَةُ لِلْعَاقِدِ، وَإِنْ أَجَازَ بَعْدَ انْقِضَاءِ بَعْضِ الْمُدَّةِ فَالْأَجْرُ الْمَاضِي وَالْآتِي عِنْدَ الثَّانِي لِلْمَالِكِ وَمَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ آجَرَ الْغَاصِبُ سِنِينَ وَمَضَتْ السُّنُونَ ثُمَّ ادَّعَى الْمَالِكُ أَنِّي كُنْت أَجَزْت عَقَدَهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ قَالَ كُنْت أَمَرْتُهُ يُقْبَلُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْمُسْتَأْجِرُ إجَارَةً فَاسِدَةً إذَا آجَرَ مِنْ غَيْرِهِ إجَارَةً صَحِيحَةً جَازَ. كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَفِي النِّصَابِ هُوَ الصَّحِيحُ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ وَبِهِ أَفْتَى ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. ثُمَّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إجَارَةً فَاسِدَةً يَمْلِكُ أَنْ يُؤَاجِرَ مِنْ غَيْرِهِ إجَارَةً صَحِيحَةً إذَا آجَرَ كَانَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَنْقُضَ الثَّانِي كَمَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا شِرَاءً فَاسِدًا أَوْ آجَرَ مِنْ غَيْرِهِ إجَارَةً جَائِزَةً الْمُسْتَأْجِرُ إذَا آجَرَ مِنْ غَيْرِهِ مُزَارِعَةً ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ فَسَخَ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ هَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ الثَّانِي اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ اتَّحَدَتْ الْمُدَّةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَتَفْسِيرُ اتِّحَادِ الْمُدَّةِ أَنْ تَكُونَ أَيَّامُ الْفَسْخِ فِي الثَّانِي أَيَّامَ الْفَسْخِ فِي الْأَوَّلِ. كَذَا فِي الصُّغْرَى. اسْتَأْجَرَ مِنْ غَيْرِهِ مَوْضِعًا إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ الْمُسْتَأْجِرُ آجَرَهُ مِنْ عَبْدِ الْآجِرِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى لَمْ يُحْسَبْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَا أَخَذَ مِنْ الْعَبْدِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَبْدُ اسْتَأْجَرَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ وَالصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ اسْتِئْجَارُ الْعَبْدِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى كَاسْتِئْجَارِ الْمَوْلَى بِنَفْسِهِ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَبْدُهُ مَدْيُونًا. كَذَا فِي الْكُبْرَى. رَجُلٌ آجَرَ

الباب الثامن في انعقاد الإجارة بغير لفظ

دَارِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ وَسَلَّمَ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي يَأْخُذُ أَجْرَ الدَّارِ مِنْ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ زَمَانٌ وَكَانَ الْمُشْتَرِي وَعَدَ الْبَائِعَ أَنَّهُ إذَا رَدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَيَحْسِبُ مَا قَبَضَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ ثَمَنِ الدَّارِ وَجَاءَ الْبَائِعُ بِالدَّرَاهِمِ وَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ الْأَجْرَ مَحْسُوبًا مِنْ الثَّمَنِ قَالُوا لَمَّا طَلَبَ الْمُشْتَرِي الْأَجْرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ كَانَتْ هَذِهِ إجَارَةٌ مُسْتَقْبَلَةً فَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مِلْكَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ وَجَبَ بِعِقْدِهِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ وَمَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ إنَّهُ يَحْسِبُ مَا قَبَضَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ ثَمَنِ الدَّارِ عِنْدَ رَدِّ الدَّارِ وَعْدٌ فَإِنْ أَنْجَزَ وَعْدَهُ كَانَ حَسَنًا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِالْمَوَاعِيدِ، وَإِنْ كَانَا شَرْطًا فِي الْبَيْعِ ذَلِكَ كَانَ مُفْسِدًا لِلْبَيْعِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْإِبَانَةِ اسْتَأْجَرَ خَيْمَةً إلَى مُدَّةٍ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ هَذِهِ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْتِ، وَإِنْ اتَّخَذَهَا مَطْبَخًا ضَمِنَ إلَّا إذَا كَانَ مُعَدًّا لِذَلِكَ كَخَيْمَةِ الْمَسِيحِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ بِغَيْرِ لَفْظٍ] ٍ وَفِي الْحُكْمِ بِبَقَاءِ الْإِجَارَةِ وَانْعِقَادِهَا مَعَ وُجُودِ مَا يُنَافِيهَا اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرًا فَسَكَنَ شَهْرَيْنِ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي هَذَا جَوَابُ الْكِتَابِ وَرُوِيَ عَنْ أَصْحَابِنَا يَجِبُ وَعَنْ الْكَرْخِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ إنَّهُمَا يُوَفِّقَانِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بَيْنَ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ وَغَيْرِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الدَّارِ وَالْحَمَّامِ وَالْأَرْضِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. إذَا سَكَنَ الرَّجُلُ فِي دَارِ رَجُلٍ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ يَجِبُ الْأَجْرُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ إلَّا إذَا تَقَاضَاهُ صَاحِبُ الدَّارِ بِالْأَجْرِ وَسَكَنَ بَعْدَمَا تَقَاضَاهُ لِأَنَّ سُكْنَاهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ رِضًا بِالْأَجْرِ قَالُوا وَفِي الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ إنَّمَا يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى السَّاكِنِ إذَا سَكَنَ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ عُرِفَ ذَلِكَ عَنْهُ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ أَمَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ أَوْ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ كَبَيْتٍ أَوَحَانُوتً بَيْنَ رَجُلَيْنِ سَكَنَ أَحَدُهُمَا فِيهِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى السَّاكِنِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. خَانٌ نَزَلَ فِيهِ رَجُلٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِأَجْرٍ وَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ سَكَنَ بِغَيْرِ أَجْرٍ كَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبُو نَصْرِ بْنُ سَلَّامٍ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ قَالَ فَخْرُ الدِّينِ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ سَكَنَ بِالْأَجْرِ إلَّا إذَا عَرَفَ خِلَافَهُ بِقَرِينَةٍ نَحْوَ أَنْ يَكُونَ السَّاكِنُ مَعْرُوفًا بِالظُّلْمِ أَوْ الْغَصْبِ أَوْ كَانَ صَاحِبُ جَيْشٍ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَأْجِرُ مَسْكَنًا. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. حَوَانِيت مُسْتَغَلَّةٌ سَكَنَ وَاحِدٌ فِي حَانُوتٍ مِنْهَا قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ ادَّعَى الْغَصْبَ لَا يُصَدَّقُ إذَا كَانَ مُقِرًّا بِالْمِلْكِ لِلْمَالِكِ، وَإِنْ ادَّعَى الْمِلْكَ لَا يَلْزَمُ الْأَجْرُ، وَإِنْ بَرْهَنَ الْمَالِكُ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَادَّعَى الدُّخُولَ غَصْبًا لَا يُسْمَعُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَغَلُّ لِصَغِيرٍ يُنْظَرُ إلَى أَجْرِ الْمِثْلِ وَإِلَى ضَمَانِ النُّقْصَانِ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَنْظَرَ لِلصَّغِيرِ يَجِبُ. مَقْصَرَةٌ يَعْمَلُ فِيهَا الْقَصَّارُونَ وَلِرَجُلٍ فِيهَا أَحْجَارٌ يُؤَاجِرُهَا مِنْهُمْ فَعَمِلَ بِهَا قَصَّارٌ وَلَمْ يُشَارِطْ صَاحِبَ الْأَحْجَارِ بِشَيْءٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ أَنَّ مَنْ شَاءَ عَمِلَ عَلَيْهَا وَأَدَّى الْأَجْرَ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ إذَا عَمِلَ بِلَا إذْنِ رَبِّ الْأَحْجَارِ وَلَوْ كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ أَنَّ مَنْ شَاءَ عَمِلَ عَلَيْهَا وَأَدَّى الْأَجْرَ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ ثُمَّ إنْ كَانَتْ لَهَا أُجْرَةٌ مَعْرُوفَةٌ يَجِبُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَأَجْرُ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الْكُبْرَى. اسْتَأْجَرَهَا سَنَةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَسَكَنَهَا ثُمَّ سَكَنَهَا سَنَةً أُخْرَى وَدَفَعَ الْأَجْرَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ هَذَا الْأَجْرَ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالتَّخْرِيجُ عَلَى الْأُصُولِ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِرْدَادِ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلْإِجَارَةِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي صَاحِبِ الدَّارِ إذَا قَالَ لِلْغَاصِبِ هَذِهِ دَارِي فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنْ نَزَلْتَهَا فَهِيَ عَلَيْك بِكَذَا فَجَحَدَهَا الْغَاصِبُ ثُمَّ أَقَامَ الْمَالِكُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ أَشْهُرٍ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَلَوْ كَانَ مُقِرًّا بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا كَانَ سُكْنَاهُ رِضًا بِالْإِجَارَةِ وَيَجِبُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اكْتَرَى دَارًا سَنَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا انْقَضَتْ السَّنَةُ قَالَ لَهُ رَبُّ الدَّارِ إنْ فَرَّغْتَهَا الْيَوْمَ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَيْك كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ فَلَمْ يُفْرِغْ زَمَانًا وَالْمُسْتَكْرِي مُقِرٌّ لَهُ بِالدَّارِ يَلْزَمُهُ مَا سُمِّيَ مِنْ الْأَجْرِ قَالَ هِشَامٌ لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَفَلَا تَجْعَلُهَا فِي مِقْدَارِ مَا يَنْقُلُ مَتَاعَهُ مِنْهَا بِأَجْرِ مِثْلِهَا قَالَ هَذَا حَسَنٌ اجْعَلْهَا بِأَجْرِ مِثْلِهَا فَإِنْ فَرَّغَهَا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِلَّا جَعَلْتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا قَالَ كُلَّ يَوْمٍ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ

اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا كُلَّ شَهْرٍ بِثَلَاثَةٍ فَلَمَّا مَضَى شَهْرَانِ قَالَ لَهُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ إنْ رَضِيتَ كُلَّ شَهْرٍ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَإِلَّا فَفَرِّغْ الْحَانُوتَ وَلَمْ يَقُلْ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ سَكَنَ فِيهِ يَلْزَمُهُ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ لَمَّا سَكَنَ فَقَدْ رَضِيَ بِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَا أَرْضَى بِخَمْسَةٍ وَسَكَنَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْأَجْرُ الْأَوَّلُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَرَادَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ غُلَامًا فَقَالَ صَاحِبُ الْغُلَامِ هُوَ بِعِشْرِينَ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بِعَشْرَةٍ وَافْتَرَقَا عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِعِشْرِينَ وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بَلْ بِعَشْرَةٍ وَقَبَضَ الْغُلَامُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ هَكَذَا فِي خَوَاطِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كُلَّ شَهْرٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ قَالَ تَقَعُ الْإِجَارَةُ عَلَى أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا إذَا قَصَدَا أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ كُلَّ شَهْرٍ بِمِائَةٍ أَمَّا إذَا غَلَطَا فِي التَّفْسِيرِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْأَلْفُ فَلَوْ ادَّعَى الْآجِرُ أَنَّهُ قَصَدَ الْفَسْخَ وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ الْغَلَطَ فِي التَّفْسِيرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآجِرِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ سَكَنَ الدَّارَ بَعْضَ الْمُدَّةِ ثُمَّ جَحَدَهَا وَقَالَ هِيَ مِلْكِي أَوْ قَالَ غَصَبْتُهَا أَوْ قَالَ عَارِيَّةٌ وَهِيَ لَيْسَتْ بِمُسْتَغَلَّةٍ ثُمَّ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ جَحَدَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ غَاصِبٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ الْأَجْرُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ فِي يَدِهِ بِأَجْرٍ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الدَّارِ دَابَّةٌ أَوْ عَيْنٌ أُخْرَى وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ الرَّدُّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَيَضْمَنُ لَوْ هَلَكَ قَبْلَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ بِزَعْمِهِ، وَإِنْ رَضِيَ وَارِثُ الْآجِرِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْإِجَارَةِ أَوَطَلَبَ مِنْهُ الْأَجْرَ فَسَكَنَ يَجِبُ الْأَجْرُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُرِيدُ إبْقَاءَ الْإِجَارَةِ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ لِغَيْرِهِ بِكَمْ تُؤَاجِرُ هَذِهِ الْغِرَارَةَ شَهْرًا فَقَالَ بِدِرْهَمَيْنِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَا بَلْ بِدِرْهَمٍ وَقَبَضَهَا وَمَضَى الشَّهْرُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ دِرْهَمٌ وَهَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. الرَّاعِي إذَا كَانَ يَرْعَى الْغَنَمَ كُلَّ شَهْرٍ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَقَالَ لِصَاحِبِ الْغَنَمِ لَا أَرْعَى غَنَمَك بَعْدَ هَذَا إلَّا أَنْ تُعْطِيَنِي كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمًا فَلَمْ يَقُلْ صَاحِبُ الْغَنَمِ شَيْئًا وَتَرَكَ الْغَنَمَ عِنْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ الرَّاعِي لَا أَرْعَى غَنَمَك إلَّا أَنْ تُعْطِيَنِي يَوْمًا دِرْهَمًا فَلَمْ يَقُلْ صَاحِبُ الْغَنَمِ شَيْئًا وَتَرَكَ غَنَمًا يَجِبُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمٌ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي إجَارَةِ الدُّورِ. كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَحْفِرَ نَهَرَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فَقَالَ الْوَصِيُّ لِلْأَجِيرِ اعْمَلْ عَمَلَك عَلَى مَا كُنْتَ تَعْمَلُ فَأَنَا لَا أَحْبِسُ عَنْك الْأَجْرَ فَأَتَى عَلَى ذَلِكَ أَيَّامًا ثُمَّ بَاعَ الْوَصِيُّ الضَّيْعَةَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْأَجِيرِ اعْمَلْ عَمَلَك فَأَنَا لَا أَحْبِسُ عَنْك الْأَجْرَ فَمِقْدَارُ مَا عَمِلَ الْأَجِيرُ فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ يَجِبُ الْأَجْرُ فِي تَرِكَتِهِ وَمِنْ حِينِ قَالَ لَهُ الْوَصِيُّ اعْمَلْ عَمَلَك يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ وَمِنْ حِينِ قَالَ الْمُشْتَرِي اعْمَلْ عَمَلَك يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْمُسَمَّى لِوُجُودِ التَّسْمِيَةِ مِنْهُ وَالْوَاجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ وَعَلَى الْمُشْتَرِي أَجْرُ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يَعْلَمَا مِقْدَارَ الْمَشْرُوطِ مِنْ الْمَيِّتِ أَمَّا إذَا عَلِمَا ذَلِكَ وَأَمَرَاهُ أَنْ يَعْمَلَ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ فَعَلَيْهِمَا الْمُسَمَّى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ رَجُلٍ حِمَارًا بِعَشَرَةٍ بَعْضُهَا جِيَادٌ وَبَعْضُهَا زُيُوفٌ فَقَالَ الْمُكَارِي فِي الطَّرِيقِ أَنَا أَطْلُبُ الْكُلَّ جِيَادًا فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْفَارِسِيَّةِ (جنان كنم كه توخواهي) فَهَذَا وَعْدٌ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَزَادَهُ فِي الْأَجْرِ وَأَجَابَ بِذَلِكَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَانٍ مُسَمًّى فَمَاتَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ كَانَ لِلْمُسْتَكْرِي أَنْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ إلَى الْمَكَانِ الْمُسَمَّى بِالْأَجْرِ، وَإِنَّمَا لَا تُنْقَضُ لِأَنَّ الْحَالَ حَالَةُ الْعُذْرِ وَالْإِجَارَةُ تَنْعَقِدُ ابْتِدَاءً بِالْعُذْرِ فَإِنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ سَفِينَةً شَهْرًا فَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ فَإِنَّهُ تَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا إجَارَةٌ مُبْتَدَأَةٌ فَلَأَنْ يَبْقَى حَالَةَ الْعُذْرِ كَانَ أَوْلَى وَبَيَانُ الْعُذْرِ أَنَّهُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ لَأَنْ لَا يَجِدَ دَابَّةً أُخْرَى فِي وَسَطِ الْمَفَازَةِ وَلَا يَكُونُ لَهُ قَاضٍ لِيَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَيْهِ فَيُؤَاجِرَ الدَّابَّةَ مِنْهُ ثَانِيًا حَتَّى قَالَ مَشَايِخُنَا لَوْ وَجَدَ ثَمَّةَ دَابَّةً أُخْرَى يَحْمِلُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ تُنْقَضُ الْإِجَارَةُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَوْتُ فِي مَوْضِعٍ يَجِدُ دَابَّةً فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ تُنْتَقَضُ الْإِجَارَةُ ثُمَّ إذَا رَكِبَ الْمُسْتَكْرِي الدَّابَّةَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا

فِي الطَّرِيقِ كَانَ مُتَّبِعًا حَتَّى لَا يَرْجِعَ عَلَى وَرَثَةِ الْمُكَارِي بِذَلِكَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا أَنْفَقَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ يَرْجِعُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا كَانَ الْمُسْتَكْرِي اسْتَأْجَرَ رَجُلًا يَقُومُ عَلَى الدَّابَّةِ كَانَ أَجْرُهُ عَلَى الْمُسْتَكْرِي وَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى وَرَثَةِ الْمُكَارِي ثُمَّ إذَا وَصَلَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَقْضِيَ بِمَا هُوَ الْأَصْلَحُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ فَإِنْ رَأَى الْقَاضِي الصَّلَاحَ فِي أَنْ يُؤَاجِرَ الدَّابَّةَ مِنْهُ ثَانِيًا بِأَنْ عَرَفَ الْمُسْتَأْجِرَ ثِقَةً أَمِينًا وَرَأَى الدَّابَّةَ قَوِيَّةً حَتَّى عَرَفَ الْوَرَثَةُ يَصِلُونَ إلَى عَيْنِ مَالِهِمْ مَتَى آجَرَ مِنْهُ فَعَلَ، وَإِنْ رَأَى الصَّلَاحَ فِي بَيْعِ الدَّابَّةِ بِأَنْ اتَّهَمَ الْمُسْتَأْجِرَ أَوْ رَأَى الدَّابَّةَ ضَعِيفَةً ظَاهِرًا فَعَلِمَ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَصِلُونَ إلَى عَيْنِ مَالِهِمْ، وَإِنْ وَصَلُوا يَلْحَقُهُمْ ضَرَرٌ عَظِيمٌ يَبِيعُ الدَّابَّةَ وَيَكُونُ بَيْعُهُ حِفْظًا لِلْمَالِ عَلَى الْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ عَجَّلَ الْأَجْرَ إلَى رَبِّ الدَّابَّةِ وَفَسَخَ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ وَبَاعَ الدَّابَّةَ فَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ ذَلِكَ فَالْقَاضِي يَأْمُرُهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى دَعْوَاهُ وَيُنَصِّبُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَلَى الْمَيِّتِ حَتَّى يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مَسْأَلَةَ السَّفِينَةِ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَالسَّفِينَةُ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ وَمَسْأَلَةَ الزَّقِّ الَّذِي فِيهِ الزَّيْتُ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فِي الْمَفَازَةِ وَلَا يَجِدُ الْمُسْتَأْجِرُ سَفِينَةً أُخْرَى أَوْ زِقًّا آخَرَ وَأَبَى الْآجِرُ أَنْ يُؤَاجِرَ مِنْهُ وَقَدْ حَضَرَهُمْ الْإِمَامُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ يَجْعَلُ ذَلِكَ لِلْمُسْتَأْجِرِ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا شَرَطَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْإِجَازَةُ مِنْ الْإِمَامِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَاجِرُ هُوَ الْإِمَامَ بَلْ شَرَطَ أَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرْتُ هَذِهِ السَّفِينَةَ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا أَوْ يُؤَاجِرُ وَاحِدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَرُفَقَائِهِ فَإِنْ أَبَى الْآجِرُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُعْطِيَهُ السَّفِينَةَ أَوْ الزِّقَّ اسْتَعَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بِأَعْوَانِهِ وَرُفَقَائِهِ حَتَّى يَتْرُكَ السَّفِينَةَ وَالزِّقَّ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجِدَ سَفِينَةً أُخْرَى وَزِقًّا آخَرَ وَبِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ سَكَنَ دَارَ غَيْرِهِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا كَانَ صَاحِبُ الدَّارِ يَأْبَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَ السَّاكِنُ بِنَفْسِهِ فَيَقُولُ اسْتَأْجَرْتُ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا ثُمَّ لَيْسَ فِي مَسْأَلَةِ السَّفِينَةِ وَالزِّقِّ اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ وَمَا ذُكِرَ فِي السِّيَرِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا حَضَرَ الْإِمَامُ وَمَا ذُكِرَ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْضُرْ الْإِمَامُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَزَرَعَ فِيهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَانَ عَلَى وَرَثَتِهِ مَا سُمِّيَ مِنْ الْأَجْرِ إلَى أَنْ يُدْرَكَ الزَّرْعُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ كَمَا تُنْقَضُ بِالْأَعْذَارِ تَبْقَى بِالْأَعْذَارِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُؤَاجِرُ وَبَقِيَ الْمُسْتَأْجِرُ تَبْقَى الْإِجَارَةُ إلَى أَنْ يُدْرَكَ الزَّرْعُ وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فِي الْقِيَاسِ يُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ بِقَلْعِ الزَّرْعِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُقَالُ لَهُ إنْ شِئْتَ فَاقْلَعْ الزَّرْعَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ شِئْتَ فَاتْرُكْهُ فِي الْأَرْضِ إلَى أَنْ يُدْرَكَ وَعَلَيْك لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْأَصْلِ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَفِي الْأَرْضِ رَطْبَةٌ قُلِعَتْ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَفِي الْأَرْضِ رِطَابٌ تُرِكَتْ فِيهَا بِأَجْرِ مِثْلِهَا حَتَّى تُجَزَّ وَهُوَ عَلَى أَوَّلِ جِزَّةٍ تُدْرَكُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ وَقَالَ فِي الْمَوْتِ لَوْ مَاتَ مُؤَاجِرٌ وَفِي الْأَرْضِ رِطَابٌ تُتْرَكُ بِالْمُسَمَّى حَتَّى تُجَزَّ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ زِقَاقًا وَجَعَلَ فِيهَا خَلًّا ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فِي الصَّحْرَاءِ جَعَلَ بِأَجْرِ مِثْلِهِ إلَى مَوْضِعٍ يَجِدُ فِيهِ زِقَاقًا وَلَوْ مَاتَ الْمُؤَاجِرُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَا يُجْعَلُ بِأَجْرِ مِثْلَهَا لَكِنَّهَا تُتْرَكُ عَلَى الْإِجَارَةِ الْأُولَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا سَنَةً فَزَرَعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُسْتَأْجِرُ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ وَيُتْرَكُ الزَّرْعُ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ وَيَكُونُ لِلشَّرِيكِ عَلَى صَاحِبِ الزَّرْعِ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الْأَرْضِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ لَمْ يَخْرُجْ بَعْدُ فَاخْتَصَمَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَرُدَّتْ الْأَرْضُ إلَى صَاحِبِهَا، وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ رَدَدْتُهَا بِأَجْرِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ انْقَضَتْ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ وَلَمْ يَخْتَصِمُوا حَتَّى اُسْتُحْصِدَ يَجِبُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ ذَلِكَ وَلَا يَتَصَدَّقُ الزَّارِعُ بِالْفَضْلِ وَكَذَا إنْ اخْتَصَمَا فِيهِ اُسْتُحْسِنَ أَنْ يُتْرَكَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَوْ خَرَجَ الزَّرْعُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ تَصَدَّقَ بِهِ فَإِنْ زَرَعَ فِيهَا الْمُؤَاجِرُ أَيْضًا ثُمَّ خَرَجَ الزَّرْعُ وَتَصَادَقَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فَنِصْفَانِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَالِبًا فَهُوَ لِصَاحِبِ الْغَالِبِ وَيَضْمَنُ لَلْآخَرِ مِثْلَ مَالِهِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ

الباب التاسع فيما يكون الأجير مسلما مع الفراغ منه

اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَغَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا ثُمَّ انْقَضَى وَقْتُهَا فَالصَّحِيحُ أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَأْجِرَ بِتَفْرِيغِ أَرْضِهِ إذَا كَانَ فِيهَا غَرْسٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ حَيْثُ يُتْرَكُ بِأَجْرٍ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْأَشْجَارَ عَلَى الْغَارِسِ بِالْقِيمَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ فَاحِشٌ بِالْأَرْضِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ كَانَ فِي قَلْعِ الْأَشْجَارِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ بِالْأَرْضِ فَحِينَئِذٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْأَشْجَارَ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا مَقْلُوعَةً دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ حَانُوتًا وَوَضَعَ فِيهِ حَبَابَ خَلٍّ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَأْبَى تَفْرِيغَ الْحَانُوتِ فَإِنْ كَانَ الْخَلُّ بَلَغَ مَبْلَغًا لَا يَفْسُدُ بِالتَّحْوِيلِ يُؤْمَرُ بِالتَّحْوِيلِ، وَإِنْ كَانَ يَفْسُدُ لَا يُؤْمَرُ بِالتَّحْوِيلِ وَيُقَالُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إنْ شِئْتَ فَرِّغْ الْحَانُوتَ، وَإِنْ شِئْتَ فَاسْتَأْجِرْ مِنْهُ إلَى وَقْتِ إدْرَاكِهِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ اسْتَأْجِرْهُ مِنْهُ الْحُكْمُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ عَلَيْهِ لَا الِاسْتِئْجَارَ ابْتِدَاءً بِبَدَلٍ مُسَمًّى وَلَوْ مَاتَ الْمُؤَاجِرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ التَّفْرِيغُ يَجِبُ الْمُسَمَّى اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَرَبُّ الدَّارِ غَائِبٌ فَسَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ ذَلِكَ سَنَةً لَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ لِهَذِهِ السَّنَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهَا عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ وَكَذَا لَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْمُسْتَأْجِرُ غَائِبٌ وَالدَّارُ فِي يَدِ امْرَأَتِهِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تَسْكُنْهَا بِأَجْرٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْأَمَالِي عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ سَنَةً وَزَرَعَهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَاجِرُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعَ وَاخْتَارَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُضِيَّ عَلَى الْإِجَارَةِ حَتَّى يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعَ وَبِالْأَجْرِ كَفِيلٌ قَالَ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ أَجْرِ مَا بَقِيَ إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعَ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَمُتْ الْآجِرُ وَلَكِنْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ وَاخْتَارَ وَرَثَتُهُ تَرْكَ الزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ فَإِنْ قَالَ الْمُؤَاجِرُ لَا أَرْضَى إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ انْقَضَتْ السَّنَةُ ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ وَاخْتَارَ وَرَثَتُهُ تَرْكَ الزَّرْعِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَالْأَجْرُ عَلَيْهِمْ فِي مَالِهِمْ دُونَ مَالِ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَزَرَعَ فِيهَا زَرْعًا ثُمَّ إنَّهُمَا تَفَاسَخَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ هَلْ تُتْرَكُ الْأَرْضُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعَ فَقَدْ قِيلَ لَا تُتْرَكُ وَقَدْ قِيلَ تُتْرَكُ وَهَذَا الْقَائِلُ يُسْتَدَلُّ بِمَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ وَصُورَتُهَا رَجُلٌ دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً إلَى غَيْرِهِ وَأَخَّرَ الْمُزَارِعُ الزَّرْعَ فِيهِ فِي آخِرِ السَّنَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ لَمْ يُسْتَحْصَدْ فَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَ الزَّرْعَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَيَثْبُتُ بَيْنَهُمَا إجَارَةٌ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ صِيَانَةً لِحَقِّ الْمُزَارِعِ فِي الزَّرْعِ وَيَغْرَمُ الْمُزَارِعُ نِصْفَ أَجْرِ مِثْلِ هَذِهِ الْأَرْضِ هَهُنَا بِبُطْلَانِ حَقِّهِ فِي الزَّرْعِ حَيْثُ أَخَّرَ الزَّرْعَ إلَى آخِرِ السَّنَةِ مَعَ هَذَا صَانَ الشَّرْعُ حَقَّهُ وَأَثْبَتَ الْإِجَارَةَ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا يَكُونُ الْأَجِيرُ مُسْلِمًا مَعَ الْفَرَاغِ مِنْهُ] ُ وَمَا لَا يَكُونُ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَعْمَلُ لَهُ فِي بَيْتِهِ عَمَلًا مُسَمًّى فَفَرَغَ الْأَجِيرُ مِنْ الْعَمَلِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَضَعْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى فَسَدَ الْعَمَلُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ هَلَكَ فَلَهُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَخْبِزَ لَهُ فَلَمَّا أَخْرَجَ الْخُبْزَ مِنْ التَّنُّورِ احْتَرَقَ لَا بِفِعْلِهِ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا خَبَزَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَخْرَجَ بَعْضَ الْخُبْزِ مِنْ التَّنُّورِ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ بِحِسَابِهِ. كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهِ وَاحْتَرَقَ لَا أَجْرَ لَهُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَلْزَقَهُ فِي التَّنُّورِ ثُمَّ جَاءَ لِيُخْرِجَهُ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَوَقَعَ فِي التَّنُّورِ فَاحْتَرَقَ فَهُوَ ضَامِنٌ فَإِنْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَخْبُوزًا أَعْطَاهُ الْأَجْرَ، وَإِنْ ضَمِنَهُ دَقِيقًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ، وَإِنْ احْتَرَقَ الْخُبْزُ فِي التَّنُّورِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ لَا أَجْرَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ فِي بَيْتِ الْأَجِيرِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. ، وَإِنْ سُرِقَ الْخُبْزُ بَعْدَمَا أَخْرَجَهُ فَإِنْ كَانَ يُخْبَزُ فِي بَيْتِ صَاحِبِ الطَّعَامِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ كَانَ يُخْبَزُ فِي بَيْتِ الْخَبَّازِ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سُرِقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. لَوْ اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ لَهُ ثَوْبًا فِي دَارِهِ فَقَطَعَ الثَّوْبَ وَفَتَلَ الْخَيْطَ فَسَرَقَ الثَّوْبَ

الباب العاشر في إجارة الظئر

لَا يَسْتَحِقُّ بِإِزَاءِ مَا عَمِلَ شَيْئًا، وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ الْقَدْرُ مُسَلَّمًا لِأَنَّهُ يَعْمَلُ فِي دَارِهِ لِأَنَّ الْأَجْرَ مَشْرُوطٌ مُقَابَلٌ بِالْخِيَاطَةِ وَمَا صَنَعَ لَيْسَ خِيَاطَةً إنَّمَا هُوَ عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الْخِيَاطَةِ وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَخْبِزَ لَهُ دَقِيقًا مَعْلُومًا فِي دَارِهِ فَنَخَلَ الدَّقِيقَ وَعَجَنَ ثُمَّ سُرِقَ قَبْلَ أَنْ يَخْبِزَهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ لِأَنَّ الْأَجْرَ مُقَابَلٌ بِالْخَبْزِ وَلَمْ يُوجَدْ الْخُبْزُ إنَّمَا وُجِدَ عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَتْ بِئْرَ مَاءٍ فَشَرَطَ عَلَيْهِ مَعَ حَفْرِهَا طَيِّهَا بِالْآجُرِّ وَالْجَصِّ فَفَعَلَ مِنْهَا ثُمَّ انْهَارَتْ فَلَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا، وَإِنْ انْهَارَتْ قَبْلَ أَنْ يَطْوِيَهَا بِالْآجُرِّ فَلَهُ الْأَجْرُ بِحِسَابِ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَبْنِيَ لَهُ بِنَاءً فِي دَارِهِ أَوْ يَعْمَلَ لَهُ سَابَاطًا أَوْ جَنَاحًا أَوْ يَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا أَوَقَنَاةً أَوْ نَهْرًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِيمَا فِي يَدِهِ فَعَمِلَ بَعْضَهُ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقَدْرِهِ مِنْ الْأَجْرِ لَكِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْبَاقِي حَتَّى لَوْ انْهَدَمَ الْبِنَاءُ أَوْ انْهَارَتْ الْبِئْرُ أَوْ وَقَعَ فِيهَا الْمَاءُ أَوْ التُّرَابُ وَسَوَّاهَا مَعَ الْأَرْضِ أَوْ سَقَطَ السَّابَاطُ فَلَهُ أَجْرُ مَا عَمِلَهُ بِحِصَّتِهِ وَلَوْ كَانَ عَيْنُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَيَدِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ عَمَلِهِ وَتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ إذَا أَرَاهُ مَوْضِعًا مِنْ الصَّحْرَاءِ لِيَحْفِرَ فِيهِ بِئْرًا فَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا إلَّا بِالتَّخْلِيَةِ، وَإِنْ أَرَاهُ الْمَوْضِعَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَ عَيَّنَ ذَلِكَ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَدِهِ فَعَمِلَ الْأَجِيرُ بَعْضَهُ وَالْمُسْتَأْجِرُ قَرِيبٌ مِنْ الْعَامِلِ فَخَلَّى الْأَجِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَا أَقْبِضَهُ مِنْك حَتَّى تَفْرُغَ فَلَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَفِي الْأَصْلِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْجَبَّانَةِ فَحَفَرَهَا فَلَا أَجْرَ لَهُ حَتَّى يُسَلِّمَهَا إلَى صَاحِبِهَا قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَلَّمَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ بَيَانَ مَوْضِعِ الْحَفْرِ قَالُوا وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى بَيَانِ الْمَوْضِعِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لَبَّانًا لِيَضْرِبَ لَبِنًا فِي مِلْكِهِ أَوْ فِيمَا فِي يَدِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ حَتَّى يَخِفَّ اللَّبِنَ أَوْ يَنْصِبَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى يَخِفَّ وَيَنْصِبَهُ وَيُشَرِّجَهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ إذَا ضَرَبَهُ وَلَمْ يُقِمْهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَلَوَهَلَك بَعْدَهُ فَلَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَيَدِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ حَتَّى يُسَلِّمَهُ وَهُوَ أَنْ يُخَلِّيَ الْأَجِيرُ بَيْنَ اللَّبِنِ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ لَكِنَّ ذَلِكَ بَعْدَمَا نَصَبَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا بَعْدَ مَا شَرَّجَهُ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُؤَاجِرِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْأَجِيرِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ التَّشْرِيجِ أَوْ قَبْلَهُ. كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَضْرِبَ لَهُ لَبِنًا بِمِلْبَنٍ مَعْلُومٍ وَيَطْبُخَ لَهُ آجُرًّا عَلَى أَنَّ الْحَطَبَ مِنْ عِنْدِ رَبِّ اللَّبِنِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ فَسَدَ اللَّبِنُ بَعْدَ مَا أَدْخَلَهُ الْأَتُونَ وَتَكَسَّرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَجْرٌ وَلَوْ طَبَخَهُ حَتَّى نَضِجَ ثُمَّ كَفَّ النَّارَ عَنْهُ فَاخْتَلَفَ هُوَ وَصَاحِبُهُ فِي الْإِخْرَاجِ فَإِخْرَاجُهُ عَلَى الْأَجِيرِ بِمَنْزِلَةِ إخْرَاجِ الْخُبْزِ عَنْ التَّنُّورِ، وَإِنْ انْكَسَرَ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْأَتُونِ وَالْأَرْضُ فِي مِلْكِ رَبِّ اللَّبِنِ وَجَبَ لَهُ الْأَجْرُ وَيَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَتُونُ فِي مِلْكِ اللَّبَّانِ فَلَا أَجْرَ لَهُ حَتَّى يَدْفَعَهُ إلَى صَاحِبِهِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْقُدُورِيِّ الْخَيَّاطُ إذَا خَاطَهُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ خَاطَ بَعْضَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَجْرٌ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ، وَإِنْ هَلَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُوجَبْ الْأَجْرُ بِخِيَاطَةِ بَعْضِ الثَّوْبِ، وَإِنَّهُ يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْقُدُورِيُّ، وَإِنْ فَرَغَ مِنْهُ فَلَهُ الْأَجْرُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا إذَا هَلَكَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمَالِكِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَالْمَحَلُّ مَضْمُونٌ فِي يَدِ الْأَجِيرِ عِنْدَهُمَا فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمَالِكِ فَإِذَا هَلَكَ كَانَ صَاحِبُ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَخِيطًا أَوَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي إجَارَةِ الظِّئْرِ] ِ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الظِّئْرِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَمَا جَازَ فِي اسْتِئْجَارِ الْعَبْدِ لِلْخِدْمَةِ جَازَ فِي اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ وَمَا بَطَلَ هُنَاكَ بَطَلَ هَهُنَا إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَحْسَنَ جَوَازَ اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ بِطَعَامِهَا وَكُسْوَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يُوصَفَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَهَا الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَا لَا يَجُوزُ وَالتَّأْقِيتُ شَرْطٌ فِي اسْتِئْجَارِهَا إجْمَاعًا. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَإِذَا شَرَطُوا عَلَيْهَا الْإِرْضَاعَ فِي مَنْزِلِهِمْ فَلَيْسَ لِلظِّئْرِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ عِنْدِهِمْ إلَّا بِعُذْرٍ كَمَرَضٍ

أَوْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَحْبِسُوا الظِّئْرَ فِي مَنْزِلِهِمْ إذَا لَمْ يَشْتَرِطُوا عَلَيْهَا وَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِهِ فِي مَنْزِلِهَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَعُذْرُهَا مِنْ مَرَضٍ يُصِيبُهَا لَا تَسْتَطِيعُ مَعَهُ الرَّضَاعَ وَلَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوهَا إذَا مَرِضَتْ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ عَلَيْهَا صَرِيحًا لَكِنْ كَانَ الْعُرْفُ الظَّاهِرُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ الظِّئْرَ تُرْضِعُ الصَّبِيَّ فِي مَنْزِلِ أَبِيهِ لَزِمَهَا ذَلِكَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَطَعَامُ الظِّئْرِ وَكُسْوَتُهَا عَلَى الظِّئْرِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ ضَاعَ الصَّبِيُّ فِي يَدِهَا أَوْ وَقَعَ فَمَاتَ أَوْ سُرِقَ مِنْ حُلِيِّ الصَّبِيِّ أَوْ ثِيَابِهِ شَيْءٌ لَمْ تَضْمَنْ الظِّئْرُ شَيْئًا. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. ثُمَّ إذَا اسْتَأْجَرَهَا بِالدَّرَاهِمِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ قَدْرِهَا وَصِفَتِهَا، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَهَا بِثِيَابٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ جَمِيعُ شَرَائِطِ السَّلَمِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ سَمَّى الطَّعَامَ دَرَاهِمَ وَوَصَفَ جِنْسَ الْكُسْوَةِ وَأَجَلَهَا وَذَرْعَهَا فَهُوَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَنَعْنِي بِتَسْمِيَةِ الطَّعَامِ دَرَاهِمَ أَنْ يَجْعَلَ الْأُجْرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ يَدْفَعُ الطَّعَامَ مَكَانهَا وَلَوْ سَمَّى الطَّعَامَ وَبَيَّنَ قَدْرَهُ جَازَ أَيْضًا وَلَا يُشْتَرَطُ تَأْجِيلُهُ وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْقِيَامُ بِأَمْرِ الصَّبِيِّ فِيمَا يُصْلِحُهُ مِنْ رَضَاعِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَتَغْسِلُ ثِيَابَهُ مِنْ بَوْلِهِ وَمِنْ نَجَاسَتِهِ لَا عَنْ الدَّرَنِ وَالْوَسَخِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَعَلَيْهَا غَسْلُ الصَّبِيِّ وَإِصْلَاحُ دُهْنِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَعَلَيْهَا أَنْ تُصْلِحَ طَعَامَ الصَّبِيِّ بِأَنْ تَمْضُغَ لَهُ الطَّعَامَ وَلَا تَأْكُلَ شَيْئًا يُفْسِدُ لَبَنَهَا وَيَضُرُّ بِهِ وَعَلَيْهَا أَيْضًا طَبْخُ طَعَامِهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فَلَوْ مَرِضَ الصَّبِيُّ فَمَا يُعَالَجُ بِهِ الصِّبْيَانُ مِنْ الرَّيْحَانِ وَالدُّهْنِ فَهُوَ عَلَى الظِّئْرِ فِي عُرْفِ دِيَارِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِ دِيَارِنَا فَهُوَ عَلَى أَهْلِ الصَّبِيِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَأْكُلُ الطَّعَامَ فَلَيْسَ عَلَى الظِّئْرِ أَنْ تَشْتَرِيَ لَهُ الطَّعَامَ وَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى أَهْلِهِ وَعَلَيْهَا أَنْ تُهَيِّئَهُ لَهُ. كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَالْأَصْلُ أَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا وَقَعَتْ عَلَى عَمَلٍ فَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى الْأَجِيرِ فِي الْإِجَارَةِ فَالْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَيْسَ عَلَى الظِّئْرِ مِنْ أَعْمَالِ أَبَوَيْ الصَّبِيِّ شَيْءٌ إلَّا أَنْ تَتَبَرَّعَ وَلَا تَتْرُكَ الصَّبِيَّ وَحِيدًا. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَيْسَ لِلظِّئْرِ أَوْ لِلْمُسْتَرْضِعِ أَنْ يُفْسِخَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ إلَّا بِعُذْرٍ وَالْعُذْرُ لِأَهْلِ الصَّبِيِّ أَنْ لَا يَأْخُذَ لَبَنَهَا أَوْ يَتَقَيَّأَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ مَتَى كَانَتْ هَذِهِ الْحَالَةُ وَكَذَلِكَ إذَا حَبِلَتْ وَكَذَلِكَ إذَا مَرِضَتْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ سَارِقَةً وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ فَاجِرَةً بَيِّنٌ فُجُورُهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ كَافِرَةً لِأَنَّ كُفْرَهَا فِي اعْتِقَادِهَا وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ ظِئْرًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا كَافِرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ حَمْقَاءَ كَانَ لَهُ أَنْ يُفْسِخَ الْإِجَارَةَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْعُذْرُ مِنْ جَانِبِ الظِّئْرِ أَنْ تَمْرَضَ مَرَضًا لَا تَسْتَطِيعُ مَعَهُ الْإِرْضَاعَ إلَّا بِمَشَقَّةٍ تَلْحَقُهَا وَكَذَلِكَ إذَا حَبِلَتْ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الصَّبِيِّ يُؤْذُونَهَا بِأَلْسِنَتِهِمْ كُفُّوا، وَإِنْ أَسَاءُوا أَخْلَاقَهُمْ مَعَهَا كُفُّوا عَنْهَا فَإِنْ لَمْ يَكُفُّوا عَنْهَا كَانَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً بِالظُّؤْرَةِ وَهِيَ مِمَّنْ يُعَابُ عَلَيْهَا فَلَهَا الْفَسْخُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ تُعْرَفُ بِذَلِكَ وَمَعْنَى قَوْلُهُ لَا تُعْرَفُ بِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ أَوْلَى إجَارَةً مِنْهَا. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَتُفْسَخَ إنْ لَمْ تَعْلَمْ بِمَشَقَّةِ الظِّئَارَةِ ثُمَّ عَلِمَتْ هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. قَدْ قَالُوا فِي الظِّئْرِ إذَا كَانَتْ هِيَ مِمَّنْ يَشِينُهَا الْإِرْضَاعُ فَلِأَهْلِهَا أَنْ يَفْسَخُوا لِأَنَّهُمْ يُعَيَّرُونَ بِهِ وَكَذَا إذَا امْتَنَعَتْ هِيَ مِنْ الرَّضَاعِ فَلَهَا ذَلِكَ إذَا كَانَ يَشِينُهَا. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ قَدْ أَلِفَهَا وَلَا يَأْخُذُ لَبَنَ غَيْرِهَا وَهِيَ لَا تُعْرَفُ بِالظُّؤْرَةِ كَانَ لَهَا الْفَسْخُ أَيْضًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ إذَا كَانَ يُخَافُ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالِاعْتِمَادُ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَأْوِيلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الصَّبِيُّ يُعَالَجُ بِالْغِذَاءِ مِنْ الْفَانِيذِ وَالسَّمْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُعَالَجُ بِهِ الصِّبْيَانُ أَوْ يَأْخُذُ لَبَنَ الْغَيْرِ بِنَوْعِ حِيلَةٍ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يُعَالَجُ بِالْغِذَاءِ وَلَا يَأْخُذُ لَبَنَ غَيْرِهَا فَجَوَابُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَجَوَابِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَأَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِلظُّئُورَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يُبْطِلَ عَقْدَ الْإِجَارَةِ قِيلَ هَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ

مِمَّنْ يَشِينُهُ أَنْ تَكُونَ زَوْجَتُهُ ظِئْرًا، وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ فَأَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِلظِّئَارَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فَلِلزَّوْجِ حَقُّ الْفَسْخِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يَشِينُهُ أَنْ تَكُونَ زَوْجَتُهُ ظِئْرًا أَوْ لَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا مَجْهُولًا لَا يُعْرَفُ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ إلَّا بِقَوْلِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الظِّئْرُ إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ وَقَدْ اُسْتُؤْجِرَتْ شَهْرًا فَانْقَضَى الشَّهْرُ وَالصَّبِيُّ لَا يَأْخُذُ لَبَنَ غَيْرِهَا إنْ كَانَتْ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَأْبَاهَا، وَإِنْ خِيفَ مَوْتُ الصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ آجَرَتْ نَفْسَهَا بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَأْخُذُ لَبَنَ غَيْرِهَا وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَفِي الْعُيُونِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ سُلِّمَ الْإِجَارَةَ وَأَرَادَ أَهْلُ الصَّبِيِّ أَنْ يَمْنَعُوهُ عَنْ غِشْيَانِهَا مَخَافَةَ الْحَبَلِ وَأَنْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِصَبِيِّهِمْ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ عَنْ ذَلِكَ فِي مَنْزِلِهِمْ، وَإِنْ لَقِيَهَا فِي مَنْزِلِهِ فَلَهُ أَنْ يَغْشَاهَا وَلَا يَسَعُ لِلظِّئْرِ أَنْ تَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا أَقْرِبَاءَهَا مِنْ الْمُكْثِ فِي مَنْزِلِهِمْ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَهُمْ مَنْعُهَا مِنْ زِيَارَةِ الْأَقَارِبِ وَزِيَارَتِهِمْ إيَّاهَا إذَا أَضَرَّ بِالصَّبِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ فَلَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يَسَعُ لِلظِّئْرِ أَنْ تُطْعِمَ أَحَدًا مِنْ طَعَامِهِمْ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ فَإِنْ زَارَهَا أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهَا فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ الْكَيْنُونَةِ عِنْدَهَا. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَكُلُّ مَا يَضُرُّ بِالصَّبِيِّ نَحْوَ الْخُرُوجِ عَنْ مَنْزِلِ الصَّبِيِّ زَمَانًا كَثِيرًا أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهَا عَنْهُ وَمَا لَا يَضُرُّ بِالصَّبِيِّ فَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهَا عَنْهُ لِحَاجَتِهَا إلَى ذَلِكَ وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْقَدْرُ مُسْتَثْنًى عَنْ الْإِجَارَةِ كَأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَكُلُّ مَا يَضُرُّ بِالصَّبِيِّ لَا مَحَالَةَ، وَأَمَّا مَا كَانَ فِيهِ وَهْمُ الضَّرَرِ فَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهَا عَنْهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ أَوْ الظِّئْرُ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْأَصْلِ اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ ظِئْرًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ لَا تُنْتَقَضُ إجَارَةُ الظِّئْرِ وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ يَقُولُ إنَّمَا تَبْطُلُ إجَارَةُ الظِّئْرِ بِمَوْتِ الْأَبِ إذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْأَبِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا بَلْ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا لَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْأَبِ وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَجْرُ الظِّئْرِ فِي مِيرَاثِ الصَّبِيِّ قِيلَ أَرَادَ بِهِ أَجْرَ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ أَمَّا مَا وَجَبَ مِنْ الْأَجْرِ حَالَ حَيَاةِ الْأَبِ يُسْتَوْفَى مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ وَقِيلَ الْكُلُّ يُسْتَوْفَى مِنْ نَصِيبِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي النَّوَازِلِ اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ ظِئْرًا لِتُرْضِعَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ فَلَمَّا أَرْضَعَتْهُ شُهُورًا مَاتَ أَبُو الصَّغِيرِ فَقَالَتْ عَمَّةُ الصَّغِيرِ أَرْضِعِيهِ حَتَّى أُعْطِيَك الْأَجْرَ فَأَرْضَعَتْهُ شُهُورًا قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبَى مَالٌ حِينَ اسْتَأْجَرَهَا الْأَبُ فَمِنْ يَوْمِ مَاتَ الْأَبُ الْأَجْرُ عَلَى الْعَمَّةِ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ وَصِيَّةٌ لِلصَّغِيرِ رَجَعَتْ بِذَلِكَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ يَوْمَ اسْتَأْجَرَهَا الْأَبُ فَالْأَجْرُ كُلُّهُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ مَالٌ حِينَ اسْتَأْجَرَهَا الْأَبُ ثُمَّ أَصَابَ الصَّغِيرُ مَالًا سَأَلَ وَالِدِي عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ قِيلَ أَجْرُ مَا مَضَى عَلَى الْأَبِ وَأَجْرُ مَا بَقِيَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ ظِئْرًا تُرْضِعُ صَبِيَّيْنِ لَهُ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُرْفَعُ عَنْهُ نِصْفُ الْأَجْرِ وَلَيْسَ لِأَبِي الصَّبِيَّيْنِ إقَامَةَ صَبِيٍّ آخَرَ مَقَامَ الصَّبِيِّ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرُوا ظِئْرَيْنِ تُرْضِعَانِ صَبِيًّا وَاحِدًا فَذَلِكَ جَائِزٌ وَيَتَوَزَّعُ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا عَلَى لَبَنِهِمَا فَإِنْ كَانَ لَبَنُهُمَا وَاحِدًا فَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ كَانَ مُتَفَاوِتًا فَبِحَسَبِ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا بَطَلَ الْعَقْدُ فِي حَقِّهَا لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلِلْأُخْرَى حِصَّتُهَا مِنْ الْأَجْرِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَيْسَ لِلظِّئْرِ أَنْ تَأْخُذَ صَبِيًّا آخَرَ فَتُرْضِعَهُ مَعَ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَخَذَتْ صَبِيًّا آخَرَ فَأَرْضَعَتْهُ مَعَ الْأَوَّلِ فَقَدْ أَسَاءَتْ وَأَثِمَتْ إنْ كَانَتْ أَضَرَّتْ بِالصَّبِيِّ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَهَا الْأَجْرُ كَامِلًا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ وَلَا تَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْهُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَالْأَجْرُ طَيِّبٌ لَهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ إنْ أَرْضَعَتْ وَلَدَهُمْ فِي الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ وَيُطْرَحُ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا يَخْتَلِفُ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا دَفَعَتْ الظِّئْرُ الصَّبِيَّ إلَى خَادِمَتِهَا حَتَّى أَرْضَعَتْهُ فَلَهَا الْأَجْرُ كَامِلًا اسْتِحْسَانًا وَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعَ بِنَفْسِهَا فَدَفَعَتْهُ إلَى خَادِمَتِهَا حَتَّى أَرْضَعَتْهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَلَوْ أَرْضَعَتْهُ حَوْلًا ثُمَّ يَبِسَ لَبَنُهَا فَأَرْضَعَتْ خَادِمَتُهَا حَوْلًا آخَرَ فَلَهَا الْأَجْرُ كَامِلًا وَكَذَلِكَ

الباب الحادي عشر في الاستئجار للخدمة

لَوْ كَانَتْ تُرْضِعُهُ هِيَ وَخَادِمَتُهَا فَلَهَا الْأَجْرُ تَامًّا وَلَا شَيْءَ لِخَادِمَتِهَا وَلَوْ يَبِسَ لَبَنُهَا فَاسْتَأْجَرَتْ لَهُ ظِئْرًا كَانَ عَلَيْهَا الْأَجْرُ الْمَشْرُوطُ وَلَهَا الْأَجْرُ كَامِلًا اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لَا أَجْرَ لَهَا وَتَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ شَاةٍ أَوْ غَذَّتْهُ بِطَعَامٍ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَا أَجْرَ لَهَا، وَإِنْ جَحَدَتْ الظِّئْرُ ذَلِكَ وَقَالَتْ مَا أَرْضَعْته بِلَبَنِ الْبَهَائِمِ، وَإِنَّمَا أَرْضَعْته بِلَبَنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ أَقَامَ أَهْلُ الصَّبِيِّ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعُوا فَلَا أَجْرَ لَهَا وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ إنَّهُمْ شَهِدُوا أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ الشَّاةِ وَمَا أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ نَفْسِهَا أَمَّا لَوْ اكْتَفَوْا بِقَوْلِهِمْ مَا أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ نَفْسِهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةً قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ مَقْصُودًا بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ هُنَاكَ النَّفْيُ دَخَلَ فِي ضِمْنِ الْإِثْبَاتِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَخَذَتْ بِبَيِّنَةِ الظِّئْرِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الْأَبُ أُمَّ الصَّغِيرِ لِإِرْضَاعِهِ إنْ اسْتَأْجَرَهَا حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ بِمَالِ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَكَمَا لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ خَادِمَتِهَا وَمُدَبَّرَتِهَا وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مُكَاتَبَةً لَهَا جَازَ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا بِمَالِ الصَّغِيرِ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ هَذَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ، وَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجُوزُ هَذَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ مِنْهَا فَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ مِنْهَا جَازَ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ قَالَ وَالِدِي لَا رِوَايَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَسَأَلْت الشَّيْخَ الْإِمَامَ الْأَجَلَّ ظَهِيرَ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيَّ قَالَ لَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أُمَّهُ أَوَابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ تَرْضِعُ صَبِيًّا لَهُ كَانَ جَائِزًا وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ وَكَذَلِكَ كُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا الْتَقَطَ لَقِيطًا فَاسْتَأْجَرَ لَهُ ظِئْرًا فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ امْرَأَتَهُ لِتُرْضِعَ وَلَدَهُ مِنْهَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ فَهُوَ جَائِزٌ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَجِبُ رَضَاعُ الْيَتِيمِ عَلَى مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْيَتِيمُ لَا وَارِثَ لَهُ وَلَمْ يَتَطَوَّعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ بِشَيْءٍ فَرَضَاعُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الْأَبُ الظِّئْرَ لِوَلَدِهِ وَأَبَتْ الْأُمُّ أَنْ تُسَلِّمَهُ وَقَالَتْ تَرْضِعُهُ الظِّئْرُ عِنْدِي قِيلَ لِلْأَبِ اسْتَأْجِرْ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إذَا اسْتَأْجَرَ ظِئْرًا لِتُرْضِعَ وَلَدَهُ سَنَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ ذَلِكَ فَالدَّرَاهِمُ كُلُّهَا لِلظِّئْرِ فَهَذَا شَرْطٌ يُفْسِدُ الْإِجَارَةَ فَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَهَا بِقَدْرِ مَا أَرْضَعَتْ أَجْرُ مِثْلِهَا وَتَرُدُّ الْبَقِيَّةَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ ظِئْرًا سَنَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ الْأَجْرِ بِمُقَابِلَةِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ تُرْضِعُ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَأَرْضَعَتْ شَهْرَيْنِ وَنِصْفًا فَمَاتَ الصَّبِيُّ قَالُوا يَقْسِمُ أَجْرَ مِثْلِهَا سَنَةً عَلَى الشُّهُورِ فَمَا أَصَابَ شَهْرَيْنِ وَنِصْفًا كَانَ لَهَا ذَلِكَ وَتَرُدُّ الْبَاقِي لِأَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ فَكَانَ لَهَا أَجْرُ الْمِثْلِ لَكِنْ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى مِنْ ذَلِكَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلِلْأَمَةِ الْمَأْذُونَةِ أَنْ تُؤَاجِرَ نَفْسَهَا ظِئْرًا وَلِلْمُكَاتَبَةِ أَنْ تُؤَاجِرَ نَفْسَهَا ظِئْرًا أَوْ أَمَتَهَا لِأَنَّهَا مِنْ الْكَسْبِ وَكَذَا لِلْمُكَاتَبِ وَلِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ أَنْ يُؤَاجِرَ أَمَتَهُ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ انْتَقَضَتْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُنْتَقَضُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَتْ الْمُكَاتَبَةُ ظِئْرًا ثُمَّ عَجَزَتْ انْتَقَضَتْ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَا بَأْسَ لِلْمُسْلِمَةِ أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَ الْكَافِرِ بِأَجْرٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ الْمُسْلِمُ الظِّئْرَ الْكَافِرَةَ أَوْ الَّتِي وُلِدَتْ مِنْ الْفُجُورِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ شَاةً لِتُرْضِعَ جَدْيًا أَوْ صَبِيًّا لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْخِدْمَةِ] ِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً يَسْتَخْدِمُهَا وَيَخْلُو بِهَا لِأَنَّ الْخَلْوَةَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. حُرَّةً آجَرَتْ نَفْسَهَا ذَا عِيَالٍ لَا بَأْسَ بِهَا وَكُرِهَ لَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا قَالَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ هَذَا تَأْوِيلُ مَا جَاءَ فِي الْأَصْلِ وَبِهِ يُفْتَى هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِتَخْدُمَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِأَجْرٍ مُسَمًّى لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِعَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْبَيْتِ مِنْ الْخُبْزِ

وَالطَّبْخِ وَإِرْضَاعِ وَلَدِهِ مِنْهَا وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِتَخْدُمَهُ فِيمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ خِدْمَةِ الْبَيْتِ كَرَعْيِ دَوَابِّهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يَجُوزُ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَمَةً جَازَ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ اسْتَأْجَرَ امْرَأَتَهُ لِتَخْبِزَ لَهُ خُبْزًا فَلِلْأَكْلِ لَا يَجُوزُ وَلِلْبَيْعِ جَازَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ اسْتَأْجَرَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِرَعْيِ الْغَنَمِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَهَا وَلَا يَخْدُمَهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى أَبُو عِصْمَةَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ بَاطِلٌ وَهَكَذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي مُخْتَصَرِهِ وَجْهَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ خِدْمَتَهَا غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ عَلَيْهِ وَمَنَافِعُهُ مَمْلُوكَةٌ لَهُ فَجَازَتْ الْإِجَارَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَلَوْ خَدَمَهَا اسْتَحَقَّ الْأَجْرُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَبَوَيْهِ لَمْ يَجُزْ حُرَّيْنِ كَانَا أَوْ عَبْدَيْنِ لِغَيْرِهِ أَوْ كَافِرَيْنِ وَلَهُ الْأَجْرُ إذَا عَمِلَ وَلَا يَنْقُصُ الْأَجْرُ مَتَى كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ أَنْقَصُ مِنْ الْمُسَمَّى. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ جَدَّهُ أَوْ جَدَّتَهُ لِلْخِدْمَةِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ خَدَمَ فَلَهُ الْمُسَمَّى وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الِابْنُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ ابْنَهُ وَالْمَرْأَةُ ابْنَهَا لِيَخْدُمَهَا فِي بَيْتِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا خَدَمَ إلَّا إذَا كَانَ حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ كَانَ الِابْنُ حُرًّا فَاسْتَأْجَرَ أَحَدَ الْأَبَوَيْنِ لِيَرْعَى غَنَمًا لَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ آخَرَ وَرَاءَ الْخِدْمَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا اغْمِزْ رِجْلِي عَلَى أَنَّ لَك أَلْفَ دِرْهَمٍ فَغَمَزَ الزَّوْجُ رِجْلَهَا إلَى أَنْ قَالَتْ لَا أُرِيدَ الزِّيَادَةَ فَالْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ وَهَذَا الْجَوَابُ يُوَافِقُ رِوَايَةَ أَبِي عِصْمَةَ وَيُخَالِفُ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْخِدْمَةِ فِيمَا بَيْنَ الْإِخْوَةِ وَسَائِرِ الْقَرَابَاتِ وَمَنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ إذَا اسْتَأْجَرَ عَمَّهُ لِلْخِدْمَةِ وَالْعَمُّ الْأَكْبَرُ وَاسْتَأْجَرَ أَخَاهُ الْأَكْبَرُ لِلْخِدْمَةِ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمُسْلِمُ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ كَافِرٍ لِيَخْدُمَهُ جَازَ وَيُكْرَهُ قَالَ الْفَضْلِيُّ لَا يَجُوزُ لِلْخِدْمَةِ وَمَا فِيهِ الْإِذْلَالُ بِخِلَافِ الزِّرَاعَةِ وَالسَّقْيِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا اسْتَأْجَرَ عَبْدًا هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ شَهْرًا بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ وَشَهْرًا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَهُوَ جَائِزٌ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا بِأَرْبَعَةٍ حَتَّى لَوْ عَمِلَ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي اسْتَحَقَّ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَلَوْ عَمِلَ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ اسْتَحَقَّ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِحُسَامِ الدِّينِ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ شَهْرَيْنِ بِدِرْهَمٍ وَشَهْرًا بِخَمْسَةٍ فَالشَّهْرَانِ الْأَوَّلَانِ بِدِرْهَمٍ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَمَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ فِي الْمِصْرِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى تَهْيِئَةِ السَّفَرِ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى تَهْيِئَةِ السَّفَرِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسَافِرًا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ فَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. إذَا اسْتَأْجَرَ عَبْدًا بِالْكُوفَةِ لِيَسْتَخْدِمَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَكَانًا لِلْخِدْمَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ بِالْكُوفَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ خَارِجَ الْكُوفَةِ لِأَنَّ الِاسْتِخْدَامَ بِالْكُوفَةِ ثَابِتٌ بِدَلَالَةِ الْحَالِ فَيُعْتَبَرُ بِمَا لَوْ ثَبَتَ نَصًّا فَإِنْ سَافَرَ بِهِ ضَمِنَ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَسْأَلَةَ فِي إجَارَاتِ الْأَصْلِ وَذَكَرَ فِي صُلْحِ الْأَصْلِ أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَارًا وَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً أَنَّ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِالْعَبْدِ إلَى أَهْلِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصُّلْحِ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ أَنْ يَخْرُجَ بِالْعَبْدِ إلَى أَهْلِهِ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ إلَى أَهْلِهِ فِي الْقُرَى وَأَفْنِيَةِ الْبَلْدَةِ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ يُفَرِّقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ وَكَانَ يَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ أَنْ يُسَافِرَ بِالْعَبْدِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُسَافِرَ بِالْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ لِلْخِدْمَةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَيْسَ لَلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَضْرِبَ الْغُلَامَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ دَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَجْرَ إلَى الْعَبْدِ وَكَانَ الْعَبْدُ هُوَ الْعَاقِدُ فَقَدْ بَرِيءَ عَنْ الْأَجْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاقِدًا لَا يَبْرَأُ، وَإِنْ حَصَلَ الرَّدُّ إلَى مَنْ يَدُهُ يَدُ الْمَوْلَى مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُكَلِّفَ الْعَبْدَ الْمُسْتَأْجَرَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ خِدْمَةِ الْبَيْتِ وَيَأْمُرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ثَوْبَهُ وَأَنْ يَخِيطَ وَيَخْبِزَ وَيَعْجِنَ إذَا كَانَ يُحْسِنُ ذَلِكَ وَيَعْلِفَ دَابَّتَهُ وَيُنْزِلَ بِمَتَاعِهِ مِنْ ظَهْرِ بَيْتِهِ أَوْ يَرْقَى إلَيْهِ وَيَحْلُبَ شَاتَه وَيَسْتَقِيَ لَهُ مِنْ الْبِئْرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْعِدَهُ خَيَّاطًا وَلَا فِي صِنَاعَةٍ مِنْ الصِّنَاعَاتِ، وَإِنْ كَانَ حَاذِقًا فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ طَعَامُهُ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ أَوْ يَكُونَ فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِخِدْمَةِ أَضْيَافِهِ وَلَهُ أَنْ

يُؤَاجِرَهُ مِنْ غَيْرِهِ لِلْخِدْمَةِ، وَإِنْ تَزَوَّجَ الْمُسْتَأْجِرُ امْرَأَةً فَقَالَ اُخْدُمْنِي وَعِيَالِي فَلَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْتَأْجِرَةُ فَتَزَوَّجَتْ فَقَالَتْ اُخْدُمْنِي وَزَوْجِي فَلَهَا ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي الْمُنْتَقَى رِوَايَةُ إبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ آجَرَ عَبْدًا لَهُ سَنَةً ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَوْلَى كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْإِجَارَةِ فَالْأُجْرَةُ لِلْعَبْدِ وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ إنِّي حُرٌّ وَقَدْ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَدَفَعَهُ الْقَاضِي إلَى مَوْلَاهُ وَأَجْبَرَهُ الْمَوْلَى عَلَى الْعَمَلِ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ حُرٌّ وَأَنَّ الْمَوْلَى أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْإِجَارَةِ فَلَا أَجْرَ لِلْعَبْدِ وَلَا لِلْمَوْلَى وَلَوْ لَمْ يَقُلْ فَسَخْت الْإِجَارَةَ كَانَ الْأَجْرُ لِلْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُ بَالِغٍ فَادَّعَى الْعِتْقَ وَقَدْ آجَرَهُ الْمَوْلَى وَقَالَ قَدْ فَسَخْت ثُمَّ عَمِلَ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَالْأَجْرُ لِلْغُلَامِ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ اللَّقِيطِ فِي حِجْرِ رَجُلٍ آجَرَهُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ آجَرَ عَبْدَهُ سَنَةً فَلَمَّا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَعْتَقَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ مَضَى عَلَى الْإِجَارَةِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ فَإِنْ فَسَخَ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ وَسَقَطَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَجْرُ فِيمَا بَقِيَ وَكَانَ أَجْرُ مَا مَضَى لِلْمَوْلَى. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، وَإِنْ كَانَ صَرْفَهُ إلَى غُرَمَائِهِ فَمَا فَضُلَ يَكُونُ لِلْمَوْلَى هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. ، وَإِنْ أَجَازَ وَمَضَى عَلَى الْإِجَارَةِ فَالْأُجْرَةُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ تَكُونُ لِلْعَبْدِ فَإِنْ اخْتَارَ الْإِجَارَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقَبْضُ الْأُجْرَةِ كُلِّهَا لِلْمَوْلَى وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقْبِضَ الْأُجْرَةَ إلَّا بِوَكَالَةٍ مِنْ الْمَوْلَى هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ عَجَّلَ الْأُجْرَةَ وَلَا شَرَطَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ التَّعْجِيلَ فَإِنْ كَانَ عَجَّلَ أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ التَّعْجِيلَ فَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ وَاخْتَارَ الْمُضِيَّ عَلَى الْإِجَارَةِ فَالْأُجْرَةُ كُلُّهَا لِلْمَوْلَى، وَإِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ يَرُدُّ النِّصْفَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْلَى آجَرَهُ بِنَفْسِهِ وَأَذِنَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ سَنَةً فَآجَرَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى فِي نِصْفِ الْمُدَّةِ إلَّا أَنَّ قَبْضَ الْأُجْرَةِ هَهُنَا إلَى الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا وَآجَرَ نَفْسَهُ مِنْ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى فِي الْمُدَّةِ فَلَا خِيَارَ لَهُ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ آجَرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى إنْ سَلِمَ مِنْ الْعَمَلِ يَصِحُّ وَيَجِبُ الْأَجْرُ وَصَحَّ قَبْضُهُ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْأَجْرَ مِنْهُ وَلَوْ عَتَقَ لَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّهُ بَاشَرَ بِنَفْسِهِ وَمَا يَجِبُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَهُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَإِنْ هَلَكَ مِنْ الْعَمَلِ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ وَضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَتَهُ لِلْمَوْلَى وَلَا أَجْرَ لَهُ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. اسْتَأْجَرَ عَبْدًا شَهْرًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ جَاءَ آخِرَ الشَّهْرِ وَالْعَبْدُ آبِقٌ أَوْ مَرِيضٌ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَبَقَ أَوْ مَرِضَ حِينَ قَبَضَهُ وَقَالَ الْمَوْلَى لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إلَّا قَبْلَ هَذَا بِسَاعَةٍ فَالْقَوْلُ لَلْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ آبِقًا أَوْ مَرِيضًا فَالْقَوْلُ لِلْمَوْلَى. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا فَآجَرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ وَسَلِمَ مِنْ الْعَمَلِ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فَيَجُوزُ لِلْعَبْدِ قَبْضُ الْأَجْرِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنْ قَبَضَ الْعَبْدُ ثُمَّ أَخَذَ الْغَاصِبُ مِنْهُ الْأَجْرَ فَأَكَلَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى هُوَ ضَامِنٌ وَلَوْ وَجَدَ الْمَوْلَى الْأَجْرَ قَائِمًا أَخَذَ مِنْهُ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْمُكَاتَبُ إذَا آجَرَ عَبْدًا ثُمَّ عَجَزَ لَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَبْطُلُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُكَاتَبُ عَبْدًا ثُمَّ عَجَزَ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ وَعَتَقَ بَقِيَتْ الْإِجَارَةُ عِنْدَ الْكُلِّ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ آجَرَ الرَّجُلُ عَبْدًا لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ وَأَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْإِجَارَةَ فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ جَازَ وَكَانَ الْأَجْرُ لِلْمَالِكِ، وَإِنْ أَجَازَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لَا تُعْتَبَرُ الْإِجَارَةُ وَالْأَجْرُ لِلْعَاقِدِ، وَإِنْ أَجَازَ فِي عَقْدِ بَعْضِ الْمُدَّةِ فَأَجْرُ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ لِلْمَالِكِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَجْرُ مَا مَضَى لِلْغَاصِبِ وَمَا بَقِيَ لِلْمَالِكِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْأَبُ وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ أَوْ وَصِيُّهُمَا إذَا آجَرَ الصَّغِيرَ فِي عَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَيْهَا الصَّغِيرُ جَازَ وَلَا وِلَايَةَ لِلْجَدِّ مَعَ قِيَامِ الْأَبِ وَوَصِيُّ الْأَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَدِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ أَبٌ وَلَا جَدٌّ أَبُو الْأَبِ وَلَا وَصِيُّهُمَا فَآجَرَهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الصَّغِيرِ وَكَانَ الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ فِي حِجْرِ ذِي رَحِمٍ مِنْهُ فَآجَرَهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ آخَرَ هُوَ أَقْرَبُ مِنْ الَّذِي كَانَ فِي حِجْرِهِ نَحْوَ أَنْ يَكُونَ فِي حِجْرِ عَمِّهِ فَآجَرَتْهُ أُمُّهُ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ آجَرَ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَهُوَ فِي حِجْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ الْأَجْرَ عَلَى الصَّغِيرِ إدَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ كَمَا لَوْ وُهِبَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ كَانَ لِصَاحِبِ الْحِجْرِ أَنْ يَقْبِضَ الْهِبَةَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَهَا عَلَى الصَّغِيرِ كَذَا

الباب الثاني عشر في صفة تسليم الإجارة

فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ إلَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ وَقِيلَ يَجُوزُ أَنْ يُنْفِقَ مَا لَا بُدَّ لِلصَّغِيرِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ أَطْلَقَ الْقَاضِي يَجُوزُ مُطْلَقًا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ وَوَصِيِّهِمَا إجَارَةُ عَبْدِ الصَّغِيرِ وَعَقَارِهِ أَمَّا غَيْرُ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ لَا يُؤَاجِرُ عَبْدَهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَحْسَنَ أَنْ يُؤَاجِرَ عَبْدَهُ وَكَذَا اُسْتُحْسِنَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الصَّغِيرِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ أُسْتَاذُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ يُفْتَى هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ يَمْلِكُ أَنْ يُؤَاجِرَ الْيَتِيمَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُؤَاجِرُ عَبْدَهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُؤَاجِرُ عَبْدَهُ أَيْضًا لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ التَّصَرُّفَ عَلَيْهِ مَلَكَهُ عَلَى عَبْدِهِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا آجَرَ الصَّبِيَّ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّ أَبِيهِ أَوْ جَدُّهُ أَوْ وَصِيُّ جَدِّهِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ فَبَلَغَ فِي الْمُدَّةِ فَهُوَ عُذْرٌ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْإِجَارَةَ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ وَلَوْ آجَرَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَبَلَغَ فِي الْمُدَّةِ لَا خِيَارَ لَهُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا آجَرَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ بِالنَّفَقَةِ وَالثِّيَابِ لَهُ سَنَةً وَمَضَتْ السَّنَةُ لِلْأَبِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ فَاسِدَةٌ وَمَا دَفَعَ لِلصَّبِيِّ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ وَفِي الْفَتَاوَى لَهُ أَنْ يُطَالِبَ (اكر آن مِقْدَار جامه خَرَجَ نكردة باشد) . كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ قَاضِي خَانْ يَسْتَرِدُّ الثَّوْبَ وَيُعْطِي أَجْرَ الْمِثْلِ وَهُوَ الْأَصْوَبُ لِأَنَّهُ مَا أَعْطَاهُ مَجَّانًا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ. يَتِيمٌ صَغِيرٌ لَيْسَ لَهُ أَبٌ وَلَا أُمٌّ وَلَا عَمٌّ اسْتَعْمَلَهُ أَقْرِبَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي وَبِغَيْرِ الْإِجَارَةِ عَشْرَ سِنِينَ فَلَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ فِيهَا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ بَقَاءِ الْإِجَارَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ نَفْسَهُ أَوْ عَبْدَهُ لِعَمَلٍ لِلْيَتِيمِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَالْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَصِيُّ الْيَتِيمَ أَوْ عَبْدَهُ بِمَالِ نَفْسِهِ لِيَعْمَلَ لَهُ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ إذَا كَانَ بِأُجْرَةٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ. كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَلَوْ كَانَ وَصِيًّا لِلْيَتِيمَيْنِ فَاسْتَأْجَرَ لِأَحَدِهِمَا مَالَ آخَرَ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَبُ إذَا اسْتَأْجَرَ الصَّغِيرَ لِنَفْسِهِ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. أَمَّا الْأَبُ إذَا آجَرَ نَفْسَهُ لِلصَّغِيرِ أَوْ آجَرَ مَالَهُ لِلصَّغِيرِ أَوْ اسْتَأْجَرَ مَالَ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ إذَا آجَرَ نَفْسَهُ لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إذَا آجَرَ نَفْسَهُ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ عَمِلَ فَإِنْ سَلِمَ مِنْ الْعَمَلِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ هَلَكَ مِنْ الْعَمَلِ إنْ كَانَ صَبِيًّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُسْتَأْجِرِ دِيَتُهُ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ فِيمَا عَمِلَ قَبْلَ الْهَلَاكِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قِيمَتُهُ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِيمَا عَمِلَ لَهُ الْعَبْدُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْقَاضِي رَجُلًا لِيَعْمَلَ لِلْيَتِيمِ يَجُوزُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ لَا تَجِبُ الزِّيَادَةُ وَلَوْ فَعَلَ مُتَعَمِّدًا فَالزِّيَادَةُ فِي مَالِهِ وَلَوْ آجَرَ دَارًا لِلصَّبِيِّ أَوْ عَبْدِهِ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَوْ سَكَنَ دَارِهِ إنْسَانٌ غَصْبًا لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَيُنْظَرُ إلَى نُقْصَانِ الدَّارِ وَإِلَى أَجْرِ الْمِثْلِ فَأَيُّهُمَا كَانَ خَيْرًا لِلصَّبِيِّ يَجِبُ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلٌ أَقْعَدَ صَبِيًّا مَعَ رَجُلٍ لِيَعْمَلَ مَعَهُ فَاِتَّخَذَ لَهُ هَذَا الرَّجُلُ كُسْوَةً ثُمَّ بَدَا لِلصَّبِيِّ أَنْ لَا يَعْمَلَ مَعَهُ قَالَ إنْ كَانَ أَعْطَاهُ كِرْبَاسًا وَالصَّبِيُّ هُوَ الَّذِي تَكَلَّفَ لِخِيَاطَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ عَلَى الْكُسْوَةِ سَبِيلٌ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ حَقُّهُ بِالْخِيَاطَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْبَابُ الثَّانِي عَشْرَ فِي صِفَةِ تَسْلِيمِ الْإِجَارَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي عَشْرَ فِي صِفَةِ تَسْلِيمِ الْإِجَارَةِ) إذَا وَقَعَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ صَحِيحًا عَلَى مُدَّةٍ أَوْ مَسَافَةٍ وَجَبَ تَسْلِيمُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ دَائِمًا مُدَّةَ الْإِجَارَةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَتَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ التَّمْكِينُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَذَلِكَ بِتَسْلِيمِ الْمَحَلِّ إلَيْهِ بِحَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَإِنْ عَرَضَ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ مَا يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ بِهِ كَمَا لَوْ غُصِبَتْ الدَّارُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَوْ انْقَطَعَ عَنْهَا الشُّرْبُ أَوْ مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ أَبَقَ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ بِقَدْرِ ذَلِكَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

الباب الثالث عشر مسائل تتعلق برد المستأجر على المالك

تَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي الْمِصْرِ مَعَ التَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِ تَسْلِيمٌ لِلدَّارِ حَتَّى تَجِبَ الْأُجْرَةُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي السَّوَادِ لَيْسَ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ، وَإِنْ حَضَرَ الْمِصْرَ وَالْمِفْتَاحُ فِي يَدِهِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. آجَرَ مِنْ آخَرَ حَانُوتًا وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمِفْتَاحَ فَلَمْ يَقْدِرْ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى فَتْحِهِ وَضَلَّ الْمِفْتَاح أَيَّامًا ثُمَّ وَجَدَهُ فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ فَتْحَ الْحَانُوتِ بِهَذَا الْمِفْتَاحِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ فَتْحُهُ بِهِ لَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ تَكَارَى مَنْزِلًا فِي دَارٍ وَفِي الدَّارِ سُكَّانٌ فَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنْزِلِ فَلَمَّا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ طَلَبَ الْأَجْرَ فَقَالَ مَا سَكْنَتُهُ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ النُّزُولِ فِيهِ فُلَانٌ السَّاكِنُ وَالسَّاكِنُ مُقِرٌّ بِذَلِكَ أَوْ جَاحِدٌ فَإِنَّهُ يُحَكَّمُ الْحَالُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهِ فِي الْحَالِ فَالْأَجْرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ فِيهِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَنْزِلِ سَاكِنٌ فِي الْحَالِ فَالْمُسْتَأْجِرُ ضَامِنٌ لِلْأَجْرِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُسْتَأْجِرُ إذَا جَاءَ بِالْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ مَرِيضًا أَوْ قَالَ قَدْ أَبَقَ وَأَقَامَ رَبُّ الْعَبْدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ عَمِلَ كَذَا وَكَذَا وَأَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَبَقَ يَوْمئِذٍ أَوْ كَانَ مَرِيضًا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبُّ الْعَبْدِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ مَشْغُولَةً بِمَتَاعِ الْآجِرِ أَوْ الْأَرْضُ مَزْرُوعَةٌ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِحُّ لَكِنْ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ فَارِغًا أَوْ يَبِيعُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَوْ فَرَّغَ الدَّارَ وَسَلَّمَ لَزِمَتْ الْإِجَارَةُ وَلَوْ سَلَّمَ كُلَّ الدَّارِ إلَّا بَيْتًا مَشْغُولًا بِمَتَاعِهِ سَقَطَ الْأَجْرُ بِحِصَّتِهِ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ فَرَّغَ الْبَيْتَ قَبْلَ الْفَسْخِ لَزِمَتْ الْإِجَارَةُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. إذَا انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا أَوْ حَائِطٌ مِنْهَا وَسَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْبَاقِي لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْبَاب الثَّالِث عَشَر مَسَائِل تَتَعَلَّقُ بِرَدِّ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَالِكِ] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِرَدِّ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَالِكِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّ مَا اسْتَأْجَرَ عَلَى الْمَالِكِ وَعَلَى الَّذِي آجَرَ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ مَنْزِلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَيْسَ هَذَا كَالْعَارِيَّةِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ رَحَى يَطْحَنُ عَلَيْهِ شَهْرًا بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَحَمَلَهُ إلَى مَنْزِلِهِ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى رَبِّ الرَّحَى وَالْمِصْرُ وَغَيْرُ الْمِصْرِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي الْقِيَاسِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ فَفِي الْإِجَارَةِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَفِي الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ قَالَ مَشَايِخُنَا وَتَأْوِيلُ هَذَا إذَا كَانَ الْإِخْرَاجُ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ فَفِي الْإِجَارَةِ تَجِبُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَفِي الْعَارِيَّةِ تَجِبُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، فَأَمَّا إذَا حَصَلَ الْإِخْرَاجُ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْتَعِيرًا كَانَ أَوْ مُسْتَأْجَرًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الرَّدُّ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ نَحْوَ الْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ وَالنَّسَّاجِ عَلَى الْأَجِيرِ لِأَنَّ الرَّدَّ نَقْضُ الْقَبْضِ فَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ مَنْفَعَةُ الْقَبْضِ لَهُ وَمَنْفَعَةُ الْقَبْضِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لِلْأَجِيرِ لِأَنَّ لِلْأَجِيرِ عَيْنًا وَهُوَ الْأُجْرَةُ وَلِرَبِّ الثَّوْبِ الْمَنْفَعَةُ وَالْعَيْنُ خَيْرٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ فَكَانَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ آجَرَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً وَفَرَّغَ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّ ثَمَنَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَنْفَعَةٌ وَلِلْآجِرِ عَيْنًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي أَحْكَامِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَالْمُشْتَرَكِ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فِي حَوَائِجِهِ فِي الْمِصْرِ وَقْتًا مَعْلُومًا فَمَضَى الْوَقْتُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا إلَى صَاحِبِهَا وَعَلَى الَّذِي آجَرَهَا أَنْ يَقْبِضَ مِنْ مَنْزِلِ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى لَوْ أَمْسَكَهَا أَيَّامًا فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ طَلَبَ مِنْهُ الْمُؤَاجِرُ أَوْ لَمْ يَطْلُبْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ إلَى بَيْتِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فِي الْإِمْسَاكِ فَلَا يَضْمَنُ فَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ مَوْضِعٍ مُسَمًّى فِي الْمِصْرِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَإِنَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي قَبَضَهَا فِيهِ لِأَنَّ الرَّدَّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بَلْ لِأَجْلِ الْمَسَافَةِ الَّتِي تَنَاوَلَهَا الْعَقْدُ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَا يَنْتَهِي إلَّا بِالرَّدِّ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِنْ حَمَلَهَا إلَى مَنْزِلِهِ فَأَمْسَكَهَا حَتَّى عَطِبَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِأَنَّهُ تَعَدَّى فِي حَمْلِهَا إلَى غَيْرِ مَوْضِعِ الْعَقْدِ فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ ارْكَبْهَا مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَارْجِعْ إلَى مَنْزِلِي فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهَا إلَى مَنْزِلِ الْمُؤَاجِرِ لِأَنَّهُ لَمَّا عَادَ إلَى مَنْزِلِهِ فَقَدْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَبَقِيَتْ أَمَانَةَ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَلَوْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ سَاقَ الدَّابَّةَ لِيَرُدَّهَا عَلَى الْمُؤَاجِرِ فِي مَنْزِلِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ

الباب الرابع عشر في تجديد الإجارة بعد صحتها والزيادة فيها

لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ ذَهَبَ الْمَالِكُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَذَهَبَ هَذَا الرَّجُلُ بِالدَّابَّةِ لِيَرُدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ كَانَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فَيَصِيرُ بِالْإِخْرَاجِ عَنْ الْبَلْدَةِ غَاصِبًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مِنْ مِصْرٍ فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ فَهَلَكَتْ قَالَ إنْ أَمْسَكَهَا مِقْدَارَ مَا يُمْسِكُ النَّاسُ لِيُهَيِّئُوا أُمُورَهُمْ فَلَا ضَمَانَ وَالْأَجْرُ ثَابِتٌ، وَإِنْ أَمْسَكَهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ خَرَجَتْ مِنْ الْإِجَارَةِ وَهِيَ مَغْصُوبَةٌ عِنْدَهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ بِالضَّمَانِ مِنْ غَيْرِ هَذَا التَّفْصِيلِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى اسْتَأْجَرَ دَابَّةً وَرَدَّهَا إلَى مَنْزِلِ الْمُؤَاجِرِ وَأَدْخَلَهَا مَرْبِطَهَا وَرَبَطَهَا أَوْ أَغْلَقَ عَلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ إذَا هَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ كُلُّ شَيْءٍ يَفْعَلُ بِهَا صَاحِبُهَا إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ فَإِذَا فَعَلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ يَبْرَأُ وَلَوْ أَدْخَلَهَا دَارَ صَاحِبِهَا أَوْ أَدْخَلَهَا مَرْبِطَهَا وَلَمْ يَرْبِطْهَا وَلَمْ يُغْلِقْ عَلَيْهَا فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا هَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَاب الرَّابِع عَشْر فِي تَجْدِيدِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا وَالزِّيَادَةِ فِيهَا] (الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي تَجْدِيدِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا وَالزِّيَادَةِ فِيهَا) وَإِذَا زَادَ الْآجِرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ فِي الْمَعْقُودِ بِهِ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مَجْهُولَةً لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْآجِرِ أَوْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً مِنْ جَانِبِ الْآجِرِ تَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ مَا آجَرَ أَوْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ مَا آجَرَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَ يَجُوزُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَة. الْمُسْتَأْجِرُ إذَا زَادَ فِي الْأَجْرِ بَعْدَ مَا مَضَى بَعْضُ الْمُدَّةِ لَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ وَيَصِحُّ الْحَطُّ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ أَرْضًا بِأَكْرَارِ حِنْطَةٍ فَزَادَ رَجُلٌ الْمُؤَاجِرَ كُرًّا فَآجَرَهُ الْمُؤَاجِرُ مِنْهُ فَذَهَبَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ فَزَادَهُ كُرًّا أَيْضًا وَجَدَّدَ الْإِجَارَةَ فَالْإِجَارَةُ هِيَ الثَّانِيَةُ وَانْفَسَخَتْ الْأُولَى بِمُقْتَضَى تَجْدِيدِ الثَّانِيَةِ وَذُكِرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَوَضَعَهَا فِيمَا إذَا زَادَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي فِي الْأَجْرِ وَسَلَّمَهَا رَبُّ الدَّارِ الْأَوَّلِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَبِالْأَجْرِ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ أَنَّ الْإِجَارَةَ الْأُولَى لَا تَنْتَقِضُ وَهَذِهِ زِيَادَةٌ زَادَهَا فِي الْأَجْرِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ إذَا جَدَّدَ الْإِجَارَةَ تُنْتَقَضُ الْأُولَى وَإِذَا لَمْ يُجَدِّدْ تَنْتَقِضُ الْأُولَى وَتَكُونُ الثَّانِيَةُ زِيَادَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَسُئِلَ عَمَّنْ غَصَبَ دَارًا ثُمَّ آجَرَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَيُؤَاجِرُهَا ثَانِيًا قَالَ الْإِجَارَةُ مَاضِيَةٌ، وَإِنْ اسْتَقْبَلَهَا فَهُوَ أَفْضَلُ وَأَطْيَبُ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَا بَأْسَ بِاسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ إلَى طَوِيلِ الْمُدَّةِ وَقَصِيرِهَا بَعْدَ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا عَشْرَ سِنِينَ أَوْ أَكْثَرَ هَذَا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مَوْقُوفَةً فَاسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمُتَوَلِّي إلَى طَوِيلِ الْمُدَّةِ إنْ كَانَ السِّعْرُ بِحَالِهِ لَمْ يَزْدَدْ وَلَمْ يُنْتَقَصْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَأْجَرَ رَجُلًا شَهْرًا لِيَعْمَلَ لَهُ عَمَلًا مُسَمًّى بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ أَمَرَهُ فِي خِلَالِ الشَّهْرِ بِعَمَلٍ آخَرَ مُسَمًّى بِدِرْهَمٍ مَثَلًا فَالْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ فَاسِخَةٌ لِلْإِجَارَةِ الْأُولَى بِالْقَدْرِ الَّذِي دَخَلَ فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ الْأَجْرَانِ بَلْ يُرْفَعُ عَنْهُ بِحِصَّةِ ذَلِكَ الْقَدْرِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ الثَّانِي لَزِمَهُ أَجْرُهُ وَذَلِكَ دِرْهَمٌ وَتَعُودُ الْإِجَارَةُ الْأُولَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ الْخَامِس عَشَرَ فِي بَيَانِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ وَيَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِيهِ] (الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي بَيَانِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِيهِ) الْفَسَادُ قَدْ يَكُونُ لِجَهَالَةِ قَدْرِ الْعَمَلِ بِأَنْ لَا يُعَيِّنَ مَحَلَّ الْعَمَلِ وَقَدْ يَكُونُ لِجَهَالَةِ قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ بِأَنْ لَا يُبَيِّنَ الْمُدَّةَ وَقَدْ يَكُونُ لِجَهَالَةِ الْبَدَلِ وَقَدْ يَكُونُ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ مُخَالِفٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَالْفَاسِدُ يَجِبُ فِيهِ أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى إنْ سَمَّى فِي الْعَقْدِ مَالًا مَعْلُومًا، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَفِي الْبَاطِلِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَالْعَيْنُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ كَانَتْ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً أَوْ بَاطِلَةً هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. سُئِلَ عَمَّنْ قَالَ لِآخَرَ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا بِكَذَا دِرْهَمًا مَوْصُوفًا بِصِفَةِ كَذَا إلَى عَشْرَةِ أَشْهُرٍ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا بِنَفْسِك إنْ شِئْت وَذَكَرَ شَرَائِطَ الصِّحَّةِ

هَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْإِجَارَةُ فَقَالَ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ أَوَّلَ الْمُدَّةِ فَكَانَتْ مَجْهُولَةً فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقُولَ مِنْ وَقْتِ كَذَا أَوْ مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ أَوْ إلَى وَقْتِ كَذَا لِتَصِيرَ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً. كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ وَلَا بُدَّ فِي إجَارَةِ الْأَرَاضِي مِنْ بَيَانِ مَا يَسْتَأْجِرُ لَهُ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إلَّا إذَا جَعَلَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا كَمَا شَاءَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ مَا يَزْرَعُ فِيهَا وَلَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ أَزْرَعَ فِيهَا مَا أَشَاءُ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي إجَارَةِ الدَّوَابِّ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْمُدَّةِ أَوْ الْمَكَانِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَحَدَهُمَا فَسَدَتْ وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ بَيَانِ مَا يَسْتَأْجِرُ لَهُ مِنْ الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ وَمَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا وَمَنْ يَرْكَبُهَا وَفِي اسْتِئْجَارِ الْعَبْدِ لِلْخِدْمَةِ وَالثَّوْبِ لِلُبْسِ وَالْقِدْرِ لِلطَّبْخِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْمُدَّةِ فَإِنْ اخْتَصَمَا حِينَ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَ أَوْ يَبْنِيَ أَوْ يَغْرِسَ أَوْ يَحْمِلَ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ يَرْكَبَهَا أَوْ قَبْلَ أَنْ يَلْبِسَ الثَّوْبَ أَوْ يَطْبُخَ فِي الْقِدْرِ فَأَنَّ الْقَاضِي يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ فَإِنْ زَرَعَ الْأَرْضَ وَحَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ وَلَبِسَ الثَّوْبَ وَطَبَخَ فِي الْقِدْرِ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَهُ مَا سَمَّى اسْتِحْسَانًا وَلَوْ فَسَخَ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ ثُمَّ زَرَعَ أَوْ حَمَلَ أَوْ لَبِسَ لَا يَجِبُ شَيْءٌ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الرَّاكِبَ أَوْ أَرْضًا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ يَزْرَعُهَا وَأَيَّ شَيْءٍ يَزْرَعُهَا فَإِنْ عَيَّنَ ذَلِكَ قَبْلَ الْفَسْخِ صَارَ جَائِزًا. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا حِنْطَةً فَزَرَعَهَا رَطْبَةً ضَمِنَ مَا نَقَصَهَا وَلَا أَجْرَ لَهُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا اسْتَأْجَرَ لَهُ زَامِلَةً يَحْمِلُ عَلَيْهَا كَذَا كَذَا مِنْ الدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ وَمَا يَصْلُحُهَا مِنْ الْخَلِّ وَالزَّيْتِ وَمَا يَعْلَقُ بِهَا مِنْ الْمَعَالِيقِ مِنْ الْمَطْهَرَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَلَمْ يُبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ فَاسِدٌ قِيَاسًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اكْتَرَى مُحْمِلًا إلَى مَكَّةَ يَحْمِلُ رَجُلَيْنِ بِوِطَاءٍ وَدُثُرٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَرَى الرَّجُلَيْنِ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ الْوِطَاءِ وَالدُّثُرِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الْخُرُوجِ يُعْتَبَرُ وَقْتُ خُرُوجِ الْقَافِلَةِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَنْ يُرِيدُ الْخُرُوجَ قَبْلَ وَقْتِهِ بِأَيَّامٍ كَثِيرَةٍ يُرِيدُ تَطْوِيلَ السَّفَرِ عَلَى صَاحِبِهِ وَتَكْثِيرَ الْمُؤْنَةِ وَكَذَا لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْمُكَارِي إذَا ذَكَرَ وَقْتًا يَخَافُ فَوْتَ وَقْتِ الْحَجِّ غَالِبًا وَلَوْ شَرَطَا شَيْئًا يَجْرِيَانِ عَلَى مُوجِبِ شَرْطِهِمَا وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُسَلِّفَ بِكِرَاءِ مَكَّةَ قَبْلَ أَيَّامِ الْحَجِّ بِشَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى إجَارَةٍ مُضَافَةٍ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ تَكَارَى مَحْمَلًا وَزَامِلَةً وَشَرَطَ حِمْلًا مَعْلُومًا عَلَى الزَّامِلَةِ فَمَا أَكَلَ مِنْ ذَلِكَ الْحِمْلِ وَنَقَصَ مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ كَانَ لَهُ أَنْ يُتِمَّ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَلَيْسَ لِلْحَمَّالِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُحَمِّلِ فَإِنَّهُ اشْتَرَطَ فِيهِ إنْسَانَيْنِ مَعْلُومِينَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَ غَيْرَهُمَا إلَّا بِرِضَا الْحَمَّالِ لِأَنَّ الضَّرَرَ عَلَى الدَّابَّةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الرَّاكِبِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ بَيَّنَ وَزْنَ الْمَعَالِيقِ وَالْهَدَايَا كَانَ أَحَبَّ إلَيْنَا وَإِذَا أَرَادَ الِاحْتِيَاطَ فِي ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسَمِّيَا لِكُلِّ مَحْمَلٍ قِرْبَتَيْنِ مِنْ مَاءٍ أَوْ أَدَوَاتَيْنِ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ وَيَكْتُبُ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْحَمَّالَ قَدْ رَأَى الْوِطَاءَ وَالدُّثُرَ وَالْقِرْبَتَيْنِ وَالْإِدَاوَتَيْنِ وَالْخَيْمَةَ وَالْقُبَّةَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا يَكْتُبُ الْكِتَابَ عَلَى أَوْثَقِ الْوُجُوهِ، وَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ عَقَبَةَ الْأَجِيرِ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَكْتُبُ قَدْ رَأَى الْحَمَّالُ الْأَجِيرَ وَفِي تَفْسِيرِ عَقَبَةِ الْأَجِيرِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرِ يَنْزِلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ عِنْدَ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ فَيَرْكَبُ أَجِيرُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَيُسَمَّى ذَلِكَ عَقَبَةُ الْأَجِيرِ وَالثَّانِي أَنْ يَرْكَبَ أَجِيرُهُ كُلَّ مَرْحَلَةٍ فَرْسَخًا أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا هُوَ مُتَعَارَفٌ عَلَى خَشَبَةٍ خَلْفَ الْمَحْمَلِ وَيُسَمَّى ذَلِكَ عَقَبَةُ الْأَجِيرِ وَفِي كِتَابِ الشُّرُوطِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - نَرَى أَنْ يُشْتَرَطَ مِنْ هَدَايَا مَكَّةَ كَذَا وَكَذَا مَنًّا. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اسْتَأْجَرَ إبِلًا أَوْ حِمَارًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا الْحِنْطَةَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الْحِنْطَةِ وَلَا أَشَارَ إلَيْهَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْبَعْضِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ يَجُوزُ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْمُعْتَادِ وَهَذَا أَظْهَرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَوْ عَيْنًا آخَرَ وَلَمْ يُعَيِّنْهَا فِي الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا عَيَّنَ وَقَبْلَ الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى سَمَرْقَنْدَ يَجُوزُ لِأَنَّهُ اسْمٌ لَعَيْنِ الْبَلْدَةِ وَإِلَى بُخَارَى لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ كرمينة إلَى وَرَدْب وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ عِنْدَ الْإِجَارَةِ الْمَدِينَةُ عُرْفًا. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ تَكَارَى دَابَّةً إلَى فَارِسَ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ فَارِسَ وَخُرَاسَانَ وَخُوَارِزْمَ وَشَامَ وَفَرْغَانَةَ وَسُغْدَ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَالْهِنْدَ وَالْخُطَا وَالدَّشْتَ وَالرُّومَ وَالْيَمَنَ اسْم الْوِلَايَة وَبَلْخَ وَهَرَاةَ وَأُوزَجَنْدَ

اسْمُ الْبَلْدَةِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ هُوَ اسْمٌ لِلْوِلَايَةِ إذَا بَلَغَ الْأَدْنَى لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يَتَجَاوَزُ عَنْ الْمُسَمَّى وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ هُوَ اسْمُ الْبَلْدَةِ إذَا وَصَلَ الْبَلَدَ يَلْزَمُ الْبَلَاغُ إلَى مَنْزِلِهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَطْحَنَ عَلَيْهَا كُلَّ شَهْرٍ بِعَشَرَةٍ وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَطْحَنُ وَكَمْ يَطْحَنُ جَازَ وَيَطْحَنُ عَلَيْهَا مَا هُوَ مُتَعَارَفٌ، وَإِنْ جَاوَزَ الْحَدَّ ضَمِنَ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّةَ وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَطْحَنُ وَكَمْ يَطْحَنُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ قَالَ يَطْحَنُ عَلَيْهَا كُلَّ يَوْمٍ عَشْرَةَ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةً جَازَ فَإِنْ وَجَدَهَا لَا تَطْحَنُ ذَلِكَ فَلَهُ الْخِيَارُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَطْحَنَ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ وَبَيَّنَ مَا يَطْحَنُ مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ وَنَحْوَ ذَلِكَ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ مَا يَطْحَنُ وَهَكَذَا قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مِقْدَارِ مَا يَطْحَنُ كُلَّ يَوْمٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ بَيْتًا وَلَمْ يُسَمِّ الَّذِي يُرِيدُهَا لَهُ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَبِيعَ لَهُ بِكَذَا أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِكَذَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ فَإِنْ بَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهُوَ أَمَانَةٌ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِنْ ذَكَرَ لِذَلِكَ وَقْتًا فَإِنْ ذَكَرَ الْوَقْتَ أَوَّلًا ثُمَّ الْأَجْرَ بِأَنْ قَالَ لَهُ اسْتَأْجَرْتُك الْيَوْمَ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَ لِي أَوْ تَشْتَرِيَ كَذَا جَازَ، وَإِنْ ذَكَرَ الْأُجْرَةَ أَوَّلًا ثُمَّ الْوَقْتَ بِأَنْ قَالَ لَهُ اسْتَأْجَرْتُك بِدِرْهَمٍ الْيَوْمَ عَلَى أَنْ تَبِيعَ وَتَشْتَرِيَ لَا يَجُوزُ وَإِذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَعَمِلَ وَأَتَمَّ الْعَمَلَ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى مَا هُوَ الْعُرْفُ فِي أَهْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحِيلَةُ فِي اسْتِئْجَارِ السِّمْسَارِ وَقَالَ يَأْمُرُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا أَوْ يَبِيعَ وَلَا يَذْكُرُ لَهُ أَجْرًا ثُمَّ يُوَاسِيَهُ بِشَيْءٍ إمَّا هِبَةً أَوْ جَزَاءً لِلْعَمَلِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ لِمِسَاسِ الْحَاجَةِ وَإِذَا أَخَذَ السِّمْسَارُ أَجْرَ مِثْلِهِ هَلْ يَطِيبُ لَهُ ذَلِكَ تَكَلَّمُوا فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ يَطِيبُ لَهُ ذَلِكَ وَهَكَذَا عَنْ غَيْرِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا هَلَكَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ وَسُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَرْغِينَانِيُّ عَمَّنْ عَمَلُهُ نَقْش الثِّيَابِ وَنَقَشَهُ بِدَمِ الشَّاةِ الْمُخْتَلَطِ مَعَ النَّقْشِ الْأَسْوَدِ وَلَا يَصْلُحُ فِي هَذَا الْعَمَلِ شَيْءٌ غَيْرُ الدَّمِ وَيَأْخُذُ أَجْرَهُ بِهَذَا الْعَمَلِ هَلْ تَطِيبُ لَهُ هَذِهِ الْأُجْرَةُ فَقَالَ نَعَمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِذَا اسْتَأْجَرَ نَهْرًا يَابِسًا لِيُجْرِيَ فِيهِ الْمَاءَ إلَى أَرْضٍ لَهُ أَوْ إلَى رَحَى مَاءٍ لَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ مَسِيلَ مَاءٍ لِيُسِيلَ مَاءُ مِيزَابِهِ فِيهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ مِيزَابًا لِيُسِيلَ فِيهِ غُسَالَتَهُ أَوْ بَالُوعَةً لِيَصُبَّ فِيهَا بَوْلَهُ وَالنَّجَاسَاتِ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اسْتَأْجَرَ بَالُوعَةً لِيَصُبَّ فِيهَا وَضُوءُهُ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَأْجَرَ مَوْضِعَ أَرْضٍ مَعْرُوفٍ لِيُسِيلَ مَاءَهُ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَمَّا عَيَّنَ الْمَوْضِعَ زَالَتْ الْجَهَالَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ مَاءٍ فِي نَهْرٍ أَوْ قَنَاةٍ أَوْ بِئْرٍ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ النَّهْرَ وَالْقَنَاةَ مَعَ الْمَاءِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا لِأَنَّ فِيهِ اسْتِهْلَاكَ الْعَيْنِ أَصْلًا وَالْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مَعَ الْمَاءِ تَجُوزُ تَبَعًا. كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عُلُوَّ مَنْزِلٍ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا لِأَنَّ أَرْضَ الْعُلُوِّ بِمَنْزِلَةِ أَرْضِ السُّفْلِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا جَازَ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ الْبِنَاءِ مَجْهُولًا فَكَذَا هَذَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ طَرِيقًا يَمُرُّ فِيهِ أَوْ يَمُرُّ النَّاسُ فِيهِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ وَفِي الْعُيُونِ اخْتَارَ قَوْلَهُمَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عُلُوَّ مَنْزِلٍ لِيَمُرَّ فِيهِ إلَى حُجْرَتِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ السُّفْلَ لِيَمُرَّ فِيهِ إلَى مَسْكَنِهِ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَحْمَدُ الطَّوَاوِيسِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ هَذِهِ الْإِجَارَةُ إجْمَاعًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ ظَهْرَ بَيْتٍ لِيَبِيتَ عَلَيْهِ شَهْرًا أَوْ لِيَضَعَ مَتَاعَهُ عَلَيْهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ لِاخْتِلَافِ نُسَخِ الْأَصْلِ وَذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ سُفْلًا وَقْتًا مَعْلُومًا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ عُلُوًّا جَازَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ خُلْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَبْنِيَ بَيْتًا أَوْ رِبَاطًا فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالدَّارِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ الْكَبِيرِ وَبِهِ يُؤْخَذُ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَوْضِعَ أَرْضٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ السَّطْحَ مُدَّةً

الفصل الثاني فيما يفسد العقد فيه لمكان الشرط

مَعْلُومَةً ثُمَّ يَسِيلُ فِيهَا الْمَاءُ جَازَ آجَرَ أَرْضَهُ مِنْ آخَرَ لِيَكْرِيَ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهَا نَهْرًا وَآجَرَ حَائِطًا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَاءً أَوْ يَضَعَ عَلَيْهِ خَشَبَةً فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَجُوزُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مِيزَابًا لِيُرَكِّبَهُ فِي دَارِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ جَازَ وَلَوْ كَانَ الْمِيزَابُ مُرَكَّبًا فِي حَائِطِ الْمُؤَاجِرِ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْإِجَامِ وَالْأَنْهَارِ لِلسَّمَكِ وَغَيْرِهِ وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْمَرْعَى لَمْ يُرِدْ بِهِ إجَارَةَ الْأَرَاضِي فَإِنَّ إجَارَةَ الْأَرَاضِي جَائِزَةٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ إجَارَةَ الْكَلَإِ وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِهَا أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَوْضِعًا مِنْ الْأَرْضِ لِيَضْرِبَ فِيهِ فُسْطَاطًا أَوْ لِيَجْعَلَهُ حَظِيرَةً لِغَنَمِهِ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيُبِيحُ صَاحِبُ الْمَرْعَى لَهُ الِانْتِفَاعَ بِالْمَرْعَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ هَذِهِ الْأَرْضَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَرْعًى بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَرَعَاهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لَمْ يَضْمَنْ مَا رَعَى وَيَأْخُذُ عَبْدَهُ فَإِنْ كَانَ الْمُؤَاجِرُ قَدْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ جَازَ ذَلِكَ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ. وَلَوْ آجَرَهُ بَكَرَةً وَحَبْلًا وَدَلْوًا فَيَسْقِي بِهَا غَنَمَهُ فَهُوَ فَاسِدٌ لِلْجَهَالَةِ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ وَقْتًا فَيَجُوزُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَائِطًا لِيَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعًا أَوْ سُتْرَةً أَوْ كُوَّةَ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ مَوْضِعًا مَعْلُومًا مِنْ الْأَرْضِ لِيَتِدَ فِيهَا الْأَوْتَادَ يُصْلِحُ بِهَا الْغَزْلَ كَيْ يَنْسِجَ جَازَ لِأَنَّهُ مِنْ إجَارَاتِ النَّاسِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَائِطًا لِيَتِدَ فِيهَا الْأَوْتَادَ يُصْلِحُ عَلَيْهَا الْإِبْرَيْسَمَ لِيَنْسِجَ بِهِ شَعْرًا أَوْ دِيبَاجًا لَا يَجُوزُ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ إجَارَاتِ النَّاسِ وَفِي عُرْفِ دِيَارِنَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ. كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لِأَنَّ النَّاسَ تَعَامَلُوا ذَلِكَ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ اسْتَأْجَرَ وَتَدًا يَتِدُ بِهِ جَازَ مَعْنَاهُ (ميخ بمزد كرفت تابخانة بردوبر ديوار خانه خَوْد سَنُحِبُّ كند) . كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْوَتَدِ الَّذِي يُصَلَّحُ عَلَيْهِ الْإِبْرَيْسَمُ. اسْتَأْجَرَ وَتَدًا لِتَعْلِيقِ الْمَتَاعِ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الشَّجَرِ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَ لَلْمُسْتَأْجِرِ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ بَقَرَةً أَوْ شَاةً لِيَكُونَ اللَّبَنُ أَوْ الْوَلَدُ لَهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا لِيَبْسُطَ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ لَا يَجُوزُ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ سَطْحًا لِيُجَفِّفَ ثِيَابَهُ عَلَيْهِ جَازَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ شَجَرًا لِيَبْسُطَ عَلَيْهِ الثِّيَابَ لِتَجِفَّ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا تَكَارَى دَابَّةً إلَى بَغْدَادَ عَلَى أَنَّهُ إنْ بَلَغَ إلَيْهَا فَلَهُ مَا يَرْضَى مِنْ الْأُجْرَةِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِجَهَالَةِ الْبَدَلِ وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَهَا بِحُكْمِهِ أَوْ بِحُكْمِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ فَإِنْ قَالَ رِضَائِي عِشْرُونَ لَا يُزَادُ عَلَى عِشْرِينَ وَيُنْقَصُ عَنْ عِشْرِينَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. تَكَارَى دَابَّةً بِمِثْلِ مَا تَكَارَى بِهِ أَصْحَابُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَا تَكَارَى بِهِ أَصْحَابُهُ مِثْلَ هَذِهِ الدَّابَّةِ مَعْلُومًا بَلْ مُخْتَلِفًا فَسَدَتْ وَلَوْ كَانَ مَعْلُومًا بِأَنْ كَانَ عَشْرَةً لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ وَعَلِمَ ذَلِكَ جَازَ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِفًا بِأَنْ كَانَ أَجْرُ مِثْلِ هَذِهِ الدَّابَّةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ قَدْ يَكُونُ عَشْرَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ يَلْزَمُ الْوَسَطُ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِيهِ لِمَكَانِ الشَّرْطِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِيهِ لِمَكَانِ الشَّرْطِ) وَالْإِجَارَةُ تُفْسِدُهَا الشُّرُوطُ الَّتِي لَا يَقْتَضِيهَا الْعَقْدُ كَمَا إذَا شَرَطَ عَلَى الْأَجِيرِ الْخَاصِّ ضَمَانَ مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ أَوْ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ ضَمَانَ مَا تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا إذَا اشْتَرَطَ شَرْطًا يَقْتَضِيَهُ الْعَقْدُ كَمَا إذَا شَرَطَ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ ضَمَانَ مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا شَهْرًا عَلَى أَنَّهُ إنْ مَرِضَ أَوْ مَرِضَ الْمُسْتَأْجِرُ يَعْمَلُ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي بِقَدْرِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ طَعَامُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَفُهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي الدَّابَّة تَأْخُذُ بِقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَالْعَبْدُ يَأْكُلُ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ عَادَةً. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَكُلُّ إجَارَةٍ فِيهَا رِزْقٌ أَوْ عَلَفٌ فَهِيَ فَاسِدَةٌ إلَّا فِي اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ بِطَعَامِهَا وَكُسْوَتِهَا. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. تَكَارَى مِنْ رَجُلٍ بَيْتًا شَهْرًا بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنَّهُ إذَا سَكَنَهُ يَوْمًا ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَإِذَا تَكَارَى دَابَّةً عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا رَكِبَ الْأَمِيرُ رَكِبَ هُوَ مَعَهُ فَهَذَا فَاسِدٌ أَيْضًا لِجَهَالَةِ

الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَشَرَطَ الْآجِرُ تَطْيِينَ الدَّارِ وَتَعْلِيقَ بَابٍ عَلَيْهَا أَوْ إدْخَالَ جِذْعٍ فِي سَقْفِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَكَذَا إذَا آجَرَ أَرْضًا وَشَرَطَ كَرْيَ نَهَرِهَا أَوْ حَفْرَ بِئْرِهَا أَوْ ضَرْبَ مُسْنَاةٍ عَلَيْهَا. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. دَفَعَ دَارِهِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا وَيَرُمَّهَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فَهُوَ عَارِيَّةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ الْأُجْرَةَ فَإِنَّ الْمَرَمَّةَ نَفَقَةُ الدَّارِ وَنَفَقَةُ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَالْغِيَاثِيَّةِ. وَإِنْ تَكَارَى دَابَّةً إلَى بَغْدَادَ عَلَى أَنَّهُ إنْ رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَغْدَادَ شَيْئًا أَوْ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا أَعْطَاهُ نِصْفَ ذَلِكَ فَهَذَا فَاسِدٌ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهَا فِيمَا يَرْكَبُ، وَإِنْ تَكَارَاهَا إلَى بَغْدَادَ عَلَى أَنَّهَا إنْ بَلَّغَتْهُ بَغْدَادَ فَلَهُ أَجْرُ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهَا بِقَدْرِ مَا سَارَ عَلَيْهَا. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا شَرَطَ الْخَرَاجَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَفْسُدُ الْعَقْدُ مِنْ مَشَايِخِنَا مِنْ قَالَ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ أَوْ عَلَى أَرْضِ صُلْحِيَّةٍ يَخْتَلِفُ خَرَاجُهَا أَمَّا إذَا كَانَ خَرَاجُ وَظِيفَةٍ فَيَكُونُ الْخَرَاجُ وَالْأَجْرُ الْمُسَمَّى سَوَاءً وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ مُطْلَقًا وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي الصُّغْرَى. لَوْ كَانَتْ أَرْضًا عُشْرِيَّةً فَآجَرَهَا وَشَرَطَ الْعُشْرَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ أَدِّ خَرَاجَهَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْك فَهُوَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ فِي الدَّابَّةِ إنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ بَعْضِ الطَّرِيقِ فَعَلَيْهِ تَمَامُ الْأَجْرِ أَوْ شَرَطَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُبَلِّغْهُ إلَى مَوْضِعِ كَذَا الْيَوْمَ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فَسَدَ كُلُّهُ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ مَا رَكِبَ وَكَذَلِكَ إنْ شَرَطَ الْعَلَفَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلِفْ حَتَّى مَاتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْعَيْنَ عَلَى الْآجِرِ وَلَهَا حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ جَازَ أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا بِلَا عَيْبٍ أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ ضَمَانَ الْعَيْنِ لَوْ هَلَكَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ وَلَا يَجُوزُ إذَا شَرَطَ عَلَى الْبَنَّاءِ أَنْ يُدْخِلَ فِي الْبِنَاءِ كَذَا عَدَدًا مِنْ أَلْبَانِ نَفْسِهِ أَوْ شَرَطَ عَلَى الْخَيَّاطِ أَنْ يَخِيطَ قَبَاءَهُ وَيُبْطِنَّهُ أَوْ يَحْشُوَهُ مِنْ عِنْدِهِ وَلَوْ فَعَلَ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَقِيمَةُ الْأَلْبَانِ وَالْقُطْنِ وَالْبِطَانَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ النَّدَّافِ وَالْحَلَّاجِ هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَقْطَعَ لَهُ أَشْجَارًا فِي قَرْيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْمِصْرِ عَلَى أَنَّ أُجْرَةَ الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ تَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قَالُوا لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ الذَّهَابِ وَأَجْرُ الرُّجُوعِ وَإِذَا شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ مَعْلُومَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ مَا لَمْ يَذْكُرْ الْوَقْتَ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ بَيَّنَ الْوَقْتَ كَانَ أَجِيرًا وَحُدَّ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ ذَلِكَ الزَّمَانِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى لَا غَيْرَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا بِدَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَكْرُبَهَا وَيَزْرَعَهَا أَوْ يَسْقِيَهَا وَيَزْرَعَهَا فَهَذَا جَائِزٌ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُثْنِيَهَا أَوْ يُسَرْقِنَهَا فَهُوَ فَاسِدٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ التَّثْنِيَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَرُدَّهَا مَكْرُوبَةً فَإِنْ كَانَ تَفْسِيرُهَا هَكَذَا فَهُوَ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِلْعَقْدِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ إلَى رَبِّ الْأَرْضِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْعَقْدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَفْسِيرُ التَّثْنِيَةِ أَنْ يَكْرُبَهَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يَزْرَعَهَا فَإِنْ كَانَ تَفْسِيرُهَا هَكَذَا فَالْفَسَادُ يَخْتَصُّ بِدِيَارِهِمْ لِأَنَّ فِي دِيَارِهِمْ تُخْرِجُ الْأَرْضُ رِيعًا تَامًّا بِالْكِرَابِ مَرَّةً وَكَذَا فِي دِيَارِ نَسَفَ فَيَكُونُ هَذَا الشَّرْطُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ شَرْطًا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلِأَحَدِهِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَهُوَ رَبُّ الْأَرْضِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْكِرَابِ تَبْقَى بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ لَا تَبْقَى لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ فِي بَلَدٍ يَحْتَاجُ إلَى تَكْرَارِ الْكِرَابِ فَاشْتِرَاطُ التَّثْنِيَةِ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَرْقِنَهَا فَإِنْ كَانَ السِّرْقِينُ مِنْ عِنْدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ شَيْئًا هُوَ مَالٌ فَإِنْ كَانَ تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ إلَى الْعَامِ الثَّانِي يَفْسُدُ الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَ لَا تَبْقَى مَنْفَعَةٌ إلَى الْعَامِ الْقَابِلِ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ خُوَاهَرْ زَادَهْ إذَا شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرُدَّهَا مَكْرُوبَةً بِكِرَابٍ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَمَّا إذَا شَرَطَ أَنْ يَرُدَّهَا مَكْرُوبَةً بِكِرَابٍ لَا فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بَلْ بَعْدَهَا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ قَالَ آجَرْتُك بِكَذَا وَبِأَنْ تَكْرِبَهَا بَعْدَ

الفصل الثالث في قفيز الطحان وما هو في معناه

انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ نَبَذَ الْمَاءَ قَالَ فِي الْكِتَابِ، وَإِنْ قَالَ آجَرْتُك بِكَذَا عَلَى أَنْ تَكْرِبَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَا يَصِحُّ فَإِنْ أَطْلَقَ الْكِرَابَ إطْلَاقًا يَنْصَرِفُ إلَى مَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَيَجُوزُ لَكِنَّ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَاسْتَفَدْنَا هَذِهِ التَّفَاصِيلِ مِنْ جِهَتِهِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَإِذَا شَرَطَ كَرْيَ الْأَنْهَارِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْجَدَاوِلِ وَالْأَنْهَارِ فَقَالَ اشْتِرَاطُ كَرْيِ الْجَدَاوِلِ صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا تَكَارَى دَارًا مِنْ رَجُلٍ سَنَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا وَشَرَطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْكُنَ هُوَ بِنَفْسِهِ وَلَا يَسْكُنَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ وَلِلْمُؤَاجِرِ فِي هَذَا الشَّرْطِ مَنْفَعَةٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ لَا بُدَّ مِنْ التَّأْوِيلِ إذْ لَا يَجِيءُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فَنَقُولُ تَأْوِيلُ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ بِئْرُ بَالُوعَةٍ وَلَا بِئْرُ وُضُوءٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهَا بِئْرٌ فَلَا مَنْفَعَةَ لِلْمُؤَاجِرِ فِي هَذَا الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِإِسْكَانِ غَيْرِهِ إذَا كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ لِأَنَّ مَا يَجْمَعُ عَلَى ظَاهِرِ الدَّارِ فَإِخْرَاجُ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَكَثْرَةِ السُّكَّانِ لَا تُوهِنُ الْبِنَاءَ فَلَا يُفْسِدُهُ وَتَأْوِيلُ الصُّورَةِ الْأُولَى أَنَّهُ كَانَ فِي الدَّارِ بِئْرُ بَالُوعَةٍ وَبِئْرُ وَضُوءٍ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ لِرَبِّ الدَّارِ فِي هَذَا الشَّرْطِ نَوْعُ مَنْفَعَةٍ، وَإِنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ فَأَوْجَبَ فَسَادَهَا ثُمَّ إنْ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَسَكَنَ فِيهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ جَعَلَ أَجْرَ الدَّارِ أَنْ يُؤَذِّنَ لَهُمْ سَنَةً أَوْ يَؤُمَّ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الدَّارِ إنْ سَكَنَهَا وَلَا أَجْرَ لَهُ فِي الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ رَجُلٌ تَكَارَى مِنْ رَجُلٍ دَارًا كُلَّ شَهْرٍ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَنْزِلَهَا هُوَ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ عَلَى أَنْ يَعْمُرَ الدَّارَ وَيَرُمَّ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ خَرَابٍ وَيُعْطِيَ أَجْرَ حَارِسِهَا وَمَا نَابَهَا مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ قَالُوا وَهَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ فِي الْعِمَارَةِ وَالنَّوَائِبِ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ، وَإِنَّهَا مَجْهُولَةٌ فِي نَفْسِهَا فَصَارَ هُوَ بِهَذَا الشَّرْطِ شَارِطًا لِنَفْسِهِ شَيْئًا مَجْهُولًا، فَأَمَّا أَجْرُ الْحَارِسِ فَهُوَ عَلَى السَّاكِنِ فَلَا يَكُونُ بِهَذَا الشَّرْطِ شَارِطًا لِنَفْسِهِ شَيْئًا مَجْهُولًا فَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَكَنَهَا فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ لَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى الْمَعْلُومَ فَالْأَصْلُ أَنَّ الْعَقْدَ إذَا فَسَدَ مَعَ كَوْنِ الْمُسَمَّى كُلِّهِ مَعْلُومًا لِمَعْنًى آخَرَ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى حَتَّى إنَّ الْمُسَمَّى إذَا كَانَ خَمْسَةٌ وَأَجْرُ الْمِثْلِ عَشْرَةً يَجِبُ خَمْسَةً لَا غَيْرُ وَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ لِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى أَوْ لِانْعِدَامِ الْمُسَمَّى يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ بَعْضُهُ مَجْهُولًا وَبَعْضُهُ مَعْلُومًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَرَمَّةِ وَالنَّائِبَةِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ هَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي طَرَفِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُسَمَّى. وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي طَرَفِ النُّقْصَانِ عَلَى الْمُسَمَّى فَنَقُولُ إذَا كَانَ الْمُسَمَّى كُلُّهُ مَعْلُومُ الْقَدْرِ وَفَسَدَ الْعَقْدُ بِسَبَبٍ آخَرَ مِنْ الْأَسْبَابِ يَنْقُصُ عَنْ الْمُسَمَّى حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ خَمْسَةً وَالْمُسَمَّى عَشْرَةً يَجِبُ خَمْسَةٌ وَإِذَا كَانَ الْمُسَمَّى بَعْضُهُ مَجْهُولًا وَبَعْضُهُ مَعْلُومًا لَا يَنْقُصُ عَنْ الْقَدْرِ الْمَعْلُومِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ النَّائِبَةِ وَالْمَرَمَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْقَدْرِ الْمَعْلُومِ حَتَّى إنَّ فِي مَسْأَلَةِ النَّائِبَةِ وَالْمَرَمَّةِ إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ خَمْسَةً يَجِبُ عَشَرَةً وَهُوَ الْقَدْرُ الْمَعْلُومُ مِنْ الْمُسَمَّى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي قَفِيزِ الطَّحَّانِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي قَفِيزِ الطَّحَّانِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ) صُورَةُ قَفِيزِ الطَّحَّانِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ بِهِ الْحِنْطَةَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِهَا قَفِيزٌ مِنْ دَقِيقِهَا أَوْ يَسْتَأْجِرَ إنْسَانًا لِيَطْحَنَ لَهُ الْحِنْطَةَ بِنِصْفِ دَقِيقِهَا أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَذَلِكَ فَاسِدٌ وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَ الْجَوَازَ أَنْ يَشْتَرِطَ صَاحِبُ الْحِنْطَةِ قَفِيزًا مِنْ الدَّقِيقِ الْجَيِّدِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ يَشْتَرِطَ رُبْعَ هَذِهِ الْحِنْطَةِ مِنْ الدَّقِيقِ الْجَيِّدِ لِأَنَّ الدَّقِيقَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُضَافًا إلَى حِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ وَالْأَجْرُ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُشَارًا إلَيْهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُون دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ إذَا جَازَ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ رُبْعَ دَقِيقِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ إنْ شَاءَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَنْ يَطْحَنَ طَعَامَهُ بِقُرْصٍ

مِنْهُ أَوْ بِدِرْهَمٍ وَقَفِيزٍ مِنْهُ أَوْ يَذْبَحَ شَاتَه بِدِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ لَحْمِهَا فَهُوَ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ دَفَعَ سِمْسِمًا إلَى دَهَّانٍ لِيَعْصِرَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الدُّهْنِ لَهُ أَوْ شَاةً لِيَذْبَحَهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ بَعْضُ اللَّحْمِ لَهُ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ الرَّحَى لِيَطْحَنَ بُرَّهُ بِبَعْضِ دَقِيقِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ. إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَحْمِلَ لَهُ طَعَامًا بِقَفِيزٍ مِنْهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ طَعَامًا بِقَفِيزٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ حَمَلَهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَا يُجَاوِزُ بِالْأَجْرِ قَفِيزًا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ لِيَحْمِلَ نِصْفَ طَعَامِهِ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ حَيْثُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي الِاحْتِطَابِ فَاحْتَطَبَ أَحَدُهُمَا وَجَمَعَهُ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ بَالِغًا مَا بَلَغَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْكَافِي. ثُمَّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مَتَى جَعَلَ الْمُسْتَأْجِرَ الْمَحْمُولَ كُلَّهُ لِنَفْسِهِ وَشَرَطَ لَهُ الْأَجْرَ مِنْ الْمَحْمُولِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فَإِذَا عَمِلَ الْأَجِيرُ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ وَمَتَى جَعَلَ الْمَحْمُولَ بَعْضَهُ لَهُ وَالْبَاقِيَ أَجْرَهُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ حَمَلَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَجْنِيَ هَذَا الْقُطْنَ بِعَشْرَةِ أَمْنَاءٍ مِنْ هَذَا الْقُطْنِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ قَالَ بِعَشْرَةِ أَمْنَاءٍ مِنْ الْقُطْنِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ هَذَا الْقُطْنِ جَازَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَفَعَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ لِيَنْسِجَهُ بِالنِّصْفِ فَالثَّوْبُ لِصَاحِبِ الْغَزْلِ وَمَشَايِخُ بَلْخٍ جَوَّزُوا هَذِهِ الْإِجَارَةَ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ وَالتَّعَامُلِ وَالصَّحِيحُ جَوَابُ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ وَلِلِحَائِك أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ قِيمَةَ الْمُسَمَّى هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَلَوْ تَكَارَى عَبْدًا مَأْذُونًا أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ بِنِصْفِ مَا يَكْسِبُهُ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ لَهُ إنْ كَانَ مَأْذُونًا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ مَوْلَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ وَلَمْ يَسْتَأْجِرْهُ مِنْ مَوْلَاهُ فَإِنْ عَطِبَ الْغُلَامُ كَانَ ضَامِنًا لَقِيمَتِهِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَلِمَ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَفَعَ أَرْضَهُ لِيَغْرِسَ شَجَرًا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ وَالشَّجَرُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الشَّجَرِ وَأَجْرُ مَا عَمِلَ وَلَا يُؤْمَرُ بِقَلْعِهِ وَلَوْ كَانَا أَكَلَا الْغَلَّةَ حُسِبَ مِنْ أَجْرِ الْغَارِسِ مَا أَكَلَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ دَابَّةً لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا وَيُؤَاجِرُهَا عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ آجَرَ الْعَامِلُ الدَّابَّةَ مِنْ النَّاسِ وَأَخَذَ الْأَجْرَ كَانَ الْأَجْرُ كُلُّهُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُؤَاجِرُ الدَّابَّةَ مِنْ النَّاسِ، وَإِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الْأَعْمَالَ مِنْ النَّاسِ ثُمَّ يَسْتَعْمِلُ الدَّابَّةَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْأَجْرَ يَكُونُ لِلْعَامِلِ وَعَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ الدَّابَّةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ بَعِيرًا لِيَسْقِيَ بِهِ الْمَاءَ وَيَبِيعَ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ وَبَعْدَ هَذَا إذَا اسْتَعْمَلَ الْبَعِيرَ وَالرَّاوِيَةَ فَبَاعَ الْمَاءَ كَانَ الثَّمَنُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ وَعَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلَيْ الْبَعِيرِ وَالرَّاوِيَةِ وَهَكَذَا إذَا أَعْطَاهُ شَبَكَةً لِيَصِيدَ بِهَا عَلَى أَنَّ مَا صَادَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا فَمَا اصْطَادَ فَيَكُونُ لِلصَّائِدِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الشَّبَكَةِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ بَعِيرًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ أَمْتِعَةَ نَفْسِهِ وَيَبِيعَهَا مِنْ النَّاسِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَجْرُ الْبَعِيرِ نِصْفَ مَا يَحْصُلُ بِتِجَارَتِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ وَجَمِيعُ مَا اكْتَسَبَ الْمُسْتَكْرِي فَهُوَ لَهُ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْبَعِيرِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ بَيْتًا لِيَبِيعَ فِيهِ الْبُرَّ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَقَبَضَ الْبَيْتَ وَبَاعَ فِيهِ الْبُرَّ فَأَصَابَ مَالًا فَإِنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبُرِّ وَلِصَاحِبِ الْبَيْتِ عَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْبَيْتِ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْبَيْتِ دَفَعَ إلَيْهِ الْبَيْتَ لِيُؤَاجِرَ وَيَبِيعَ فِيهِ الْبُرَّ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ فَإِذَا اسْتَوْفَى عَمَلَهُ كَانَ عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ فَمَا تَصِيدُ فَبَيْنَنَا فَهُوَ فَاسِدٌ وَمَا صَادَهُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا بِنِصْفِ رِبْحِ مَا يَتْجُرُ أَوْ رَجُلًا يَرْعَى غَنَمًا بِلَبَنِهَا أَوْ بَعْضِ لَبَنِهَا أَوْ صُوفِهَا لَمْ يَجُزْ وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. دَفَعَ بَقَرَةً إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَعْلِفَهَا وَمَا يَكُونُ مِنْ اللَّبَنِ وَالسَّمْنِ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَعَلَى صَاحِبِ الْبَقَرَةِ لِلرَّجُلِ أَجْرُ قِيَامِهِ وَقِيمَةُ عَلَفِهِ إنْ عَلَفَهَا مِنْ عَلَفٍ هُوَ مِلْكُهُ لَا مَا سَرَحَهَا فِي الْمَرْعَى وَيَرُدُّ كُلَّ اللَّبَنِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ أُتْلِفَ فَالْمِثْلُ إلَى صَاحِبِهَا لِأَنَّ اللَّبَنَ مِثْلِيٌّ، وَإِنْ اتَّخَذَ مِنْ اللَّبَنِ مَصْلًا فَهُوَ لِلْمُتَّخِذِ وَيَضْمَنُ مِثْلَ اللَّبَنِ لِانْقِطَاعِ

الفصل الرابع في فساد الإجارة إذا كان المستأجر مشغولا بغيره

حَقِّ الْمَالِكِ بِالصَّنْعَةِ وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ الْبَقَرَةِ مِنْهُ بِثَمَنٍ وَيُبَرِّئَهُ عَنْهُ ثُمَّ يَأْمُرُ بِاِتِّخَاذِ اللَّبَنِ وَالْمَصْلِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا وَكَذَا لَوْ دَفَعَ الدَّجَاجَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَيْضُ بَيْنَهُمَا أَوْ بَزَرَ الْفَيْلَقَ عَلَى أَنْ يَكُون الْإِبْرَيْسَمُ بَيْنَهُمَا لَا يَجُوزُ وَالْحَادِثُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الدَّجَاجِ وَالْبَزْرِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. فَلَوْ أَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ دَفَعَ الْبَقَرَةَ أَوْ الدَّجَاجَةَ إلَى رَجُلٍ آخَرَ بِالنِّصْفِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْأَوَّلُ ضَامِنٌ فَلَوْ أَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ بَعَثَ الْبَقَرَةَ إلَى السَّرْحِ فَلَا ضَمَانَ لِمَكَانِ الْعُرْفِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَفَعَ بَزْرَ فَيْلَقٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَنْصَافًا فَلَمَّا خَرَجَتْ الدُّودَةُ قَالَ الشَّرِيكُ أَكْثَرُهَا هَالِكٌ فَقَالَ صَاحِبُ الْبَزْرِ ادْفَعْ إلَيَّ قِيمَةَ الْبَزْرِ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الدُّودِ وَالشَّرِيكُ كَانَ كَاذِبًا فِي كُلِّهِ فَالْفَيْلَقُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَزْرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهِ لِشَرِيكِهِ فِي قِيَامِهِ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ وَرَقِ الْفِرْصَادِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ دُودَ الْقَزِّ أَوْ بَيْضَ الدَّجَاجَةِ فَأَمْسَكَهَا حَتَّى خَرَجَ الْفَيْلَقُ أَوْ الْفَرْخُ لِمَنْ يَكُونُ الْفَرْخُ وَالْفَيْلَقُ حُكِيَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ إنْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ فَهُوَ لِصَاحِبِهِ وَالْحِيلَةُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنْ يَبِيعَ صَاحِبُ الْبَيْضَةِ نِصْفَ الْبَيْضَةِ وَصَاحِبُ الدَّجَاجَةِ نِصْفَ الدَّجَاجَةِ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَيُبَرِّئَهُ عَنْ ثَمَنِ مَا اشْتَرَى فَيَكُونُ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ غَرِيمٌ فِي مِصْرٍ آخَرَ فَقَالَ لِآخِرِ اذْهَبْ إلَيْهِ وَخُذْ الْمَالَ مِنْهُ فَإِذَا قَبَضْت ذَلِكَ مِنْهُ فَلَكَ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَذَهَبَ وَأَخَذَ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَاشْتِرَاطُ الْعَشَرَةِ مِمَّا يُقْبَضُ شَرْطٌ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِيَعْمَلَ لَهُ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجْرَ أَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَى دَمٍ أَوْ مَيْتَةٍ لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَكَذَا إذَا جَعَلَ عَدَدًا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَجْرًا وَلَمْ يُبَيِّنْ وَزْنَهَا وَفِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَإِنْ غَلَبَ وَاحِدٌ يُصْرَفُ إلَيْهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَحْصُدَ لَهُ قَصَبًا فِي أَجَمَةٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ لَهُ خَمْسُ حِزْمَاتٍ مِنْ هَذَا الْقَصَبِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك بِهَذِهِ الْحُزُمَاتِ الْخَمْسِ لِتَحْصُدَ هَذِهِ الْأَجَمَةِ جَازَ وَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك عَلَى أَنْ تَحْصُدَ هَذِهِ الْأَجَمَةِ بِخَمْسِ حِزْمَاتٍ مِنْ الْقَصَبِ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِجَهَالَةِ الْحُزْمَاتِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي فَسَادِ الْإِجَارَةِ إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ مَشْغُولًا بِغَيْرِهِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي فَسَادِ الْإِجَارَةِ إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ مَشْغُولًا بِغَيْرِهِ) اسْتَأْجَرَ بَيْتًا هُوَ مَشْغُولٌ بِأَمْتِعَةِ الْآجِرِ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ رِوَايَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ وَيُؤْمَرُ بِالتَّفْرِيغِ وَالتَّسْلِيمِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي التَّفْرِيغِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ كَرْمٌ يَمْنَعُ الزِّرَاعَةَ فَهِيَ فَاسِدَةٌ فَإِنْ قَلَعَ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ لِأَنَّهُ زَالَ الْمَانِعُ وَلَوْ كَانَ الزَّرْعُ قَدْ أُدْرِكَ لَا يَضُرُّهُ حَصَادُهُ جَازَتْ الْإِجَارَةُ وَيُؤْمَرُ بِالْحَصَادِ فَإِنْ مَضَى مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ شَيْءٌ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا ثُمَّ قَلَعَ الزَّرْعَ فَالْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبَضَهَا وَدَفَعَ عَنْهُ أَجْرَ مَا لَمْ يَقْبِضْ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا لِيَسْكُنَهَا وَمَنَعَهُ الْمُؤَاجِرُ عَنْ السُّكْنَى فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ يَلْزَمُ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي وَلَا خِيَارَ لَهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا رَطْبَةً سَنَةً فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ قَلَعَ رَبُّ الْأَرْضِ الرَّطْبَةَ وَقَالَ لِلْمُسْتَأْجِرِ اقْبِضْ الْأَرْضَ بَيْضَاءَ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ اخْتَصَمَا قَبْلَ ذَلِكَ فَأَبْطَلَ الْحَاكِمُ الْإِجَارَةَ ثُمَّ قَلَعَ الرَّطْبَةَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِالِاسْتِئْنَافِ، وَإِنْ مَضَى مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا ثُمَّ قَلَعَ الرَّطْبَةَ فَالْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبَضَهَا عَلَى تِلْكَ الْإِجَارَةِ وَيُطْرَحُ عَنْهُ أَجْرَ مَا لَمْ يَقْبِضْ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبِضْ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. ثُمَّ الزَّرْعُ إذَا لَمْ يُدْرَكْ فَأَرَادَ جَوَازَ الْإِجَارَةِ فِي الْأَرْضِ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَدْفَعَ الزَّرْعَ إلَيْهِ مُعَامَلَةً إنْ كَانَ الزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَأُجَرَائِهِ وَأَعْوَانِهِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْغَلَّةِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى مِائَةِ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ لِلدَّافِعِ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سَهْمًا لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ الدَّافِعُ أَنْ يَصْرِفَ السَّهْمَ الَّذِي لَهُ إلَى مُؤْنَةِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ أَوْ إلَى شَيْءٍ أَرَادَ ثُمَّ يُؤَاجِرُ الْأَرْضَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ

الباب السادس عشر في مسائل الشيوع في الإجارة

لِغَيْرِ رَبِّ الْأَرْضِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَاجِرَ الْأَرْضَ مِنْهُ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ الَّتِي فِيهَا الزَّرْعُ فَيَجُوزُ وَتَصِيرُ الْإِجَارَةُ مُضَافَةً إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَكَذَلِكَ الْحِيلَةُ فِي الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ يَدْفَعُ الشَّجَرَ وَالْكَرْمَ مُعَامَلَةً. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَحِيلَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَ الزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَبِيعَ الزَّرْعَ مِنْهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيَتَقَابَضَا ثُمَّ يُؤَاجِرَ الْأَرْضَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ يُؤَاجِرُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَوْ آجَرَ مَعَ هَذَا بِدُونِ الْحِيلَةِ ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَمَا فَرَغَ وَحَصَدَ يَنْقَلِبُ جَائِزًا هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ آجَرَ أَرْضًا بَعْضُهَا مَزْرُوعَةٌ وَبَعْضُهَا فَارِغَةٌ فَفِي الْمَزْرُوعَةِ فَاسِدَةٌ وَفِي الْفَارِغَةِ أَيْضًا فَاسِدَةٌ لِفَسَادِهَا. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ ضِيَاعًا بَعْضُهَا مَزْرُوعَةٌ وَبَعْضُهَا فَارِغَةٌ قَالَ يَجُوزُ فِي الْفَارِغَةِ دُونَ الْمَشْغُولَةِ وَإِذَا اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَاجِرِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ السَّبْخَةِ وَالنَّزَّةِ وَهِيَ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الزِّرَاعَةِ لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهَا مِنْهَا عَادَةً هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ قَصِيلًا لِيَقْطَعَهُ أَوْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ حَتَّى صَحَّ الشِّرَاءُ ثُمَّ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِيَتْرُكَ الْقَصِيلَ جَازَ، وَإِنْ تَرَكَهُ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى بَلَغَ الزَّرْعَ يَجِبُ الْأَجْرُ لِلْبَائِعِ وَطَابَتْ الزِّيَادَةُ لَهُ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي لِلْقَصِيلِ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ فَإِنْ تَرَكَهُ فِي الْأَرْضِ حَتَّى أَدْرَكَ لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ النَّخِيلِ حَيْثُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ هُنَاكَ أَصْلًا قَالَ وَيَطِيبُ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَمَا غَرِمَ مِنْ الْأَجْرِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ. هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَتَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى ثَمَرَةً فِي النَّخْلِ ثُمَّ اسْتَأْجَرَ النَّخْلَ مُدَّةً لِيُبْقِيَهَا فِيهَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ إجَارَاتِ النَّاسِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَرْجِعُ بِالْأَجْرِ إنْ كَانَ نَقَدَهُ وَيَطِيبُ لَهُ مَا زَادَ فِي الثِّمَارِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً فِي نَخْلٍ ثُمَّ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ بِدُونِ النَّخْلِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ النَّخْلَ حَائِلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَرِ وَأَنَّهُ مِلْكُ الْمُؤَاجِرِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ مَشْغُولٌ بِمِلْكِ الْمُؤَاجِرِ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى أَطْرَافَ الرَّطْبَةِ دُونَ أَصْلِهَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ لِإِبْقَاءِ الرَّطْبَةِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ أَصْلَ الرَّطْبَةِ عَلَى مِلْكِ الْآجِرِ فَقَدْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ مِلْكُ الْآجِرِ وَلَوْ اشْتَرَى نَخْلَةً فِيهَا ثَمَرٌ لِيَقْلَعَهَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ لِيُبْقِيَهَا جَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الرَّطْبَةَ بِأَصْلِهَا لِيَقْلَعَهَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ لِيُبْقِيَهَا جَازَ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ جَازَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ وَالِدِي عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا لِأَجْلِ الْمَبْطَخَةِ بِمِقْدَارٍ مَعْلُومٍ وَعِنْدَهُمَا مِنْ التُّرَابِ وَالسِّرْقِينِ لِإِصْلَاحِهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ وَلَا ثَمَنَ السِّرْقِينِ مِنْ أَجْرِ الْأَرْضِ هَلْ يَصِحُّ هَذَا الِاسْتِئْجَارُ بِهَذَا الْقَدْرِ فَقَالَ لَا يَصِحُّ قِيلَ لَوْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَنْفَقَ فِيهَا لِرَفْعِ الْفَالِينَ مِنْ الْبَذْرِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الِاسْتِئْجَارَ فَاسِدٌ هَلْ تَلْغُو نَفَقَتُهُ أَمْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ رَبَّ الْأَرْضِ فَقَالَ نَعَمْ وَلَا يَضْمَنُ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ قِيلَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّضْمِينُ فِي الشَّرْعِ هَلْ لَهُ يَدٌ عَلَى إتْلَافِ الْيَقْطِينِ أَوْ إفْسَادِ مَا أَصْلَحَ فَقَالَ لَهُ يَدٌ عَلَى إتْلَافِ الْيَقْطِينِ، فَأَمَّا إفْسَادُ مَا أَصْلَحَ فَسَفَهٌ وَتَخَبُّثٌ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اسْتَأْجَرَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ الْبَائِعَ قَبْلَ قَبْضِهِ شَهْرًا بِدِرْهَمٍ لِتَعْلِيمِ الْخُبْزِ أَوْ الْخِيَاطَةِ جَازَ وَلَهُ الْأَجْرُ إنْ عَلِمَ، وَإِنْ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الشَّهْرِ أَوْ بَعْدَهُ مَاتَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَلَا يَكُونُ هَذَا قَبْضًا وَكَذَا لَوْ كَانَ ثَوْبًا فَاسْتَأْجَرَهُ لِغَسْلِهِ أَوْ خِيَاطَتِهِ جَازَ، وَإِنْ هَلَكَ فَإِنْ كَانَ نَقَصَهُ الْقَطْعُ أَوْ الْغَسْلُ صَارَ قَابِضًا فَيَهْلِكُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَمِنْ الْبَائِعِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْمُشْتَرِي لِيَحْفَظَ لَهُ كَذَا بِكَذَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ حِفْظَهُ عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ لِحِفْظِ الرَّهْنِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِتَعْلِيمِ عَمَلٍ جَازَ وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِس عَشَرَ فِي مَسَائِلِ الشُّيُوعِ فِي الْإِجَارَةِ] ِ وَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي وَالْأَفْعَالِ الْمُبَاحَةِ إجَارَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقَسَّمُ وَفِيمَا لَا يُقَسَّمُ فَاسِدَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي

فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ بِشَرْطِ بَيَانِ نَصِيبِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ نَصِيبَهُ لَا يَجُوزُ فِي الصَّحِيحِ وَفِي الْمُغْنِي الْفَتْوَى فِي إجَارَةِ الْمُشَاعِ عَلَى قَوْلِهِمَا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَصُورَتُهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَصِيبًا مِنْ دَارِهِ أَوْ حِصَّةً مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ مِنْ غَيْرِ الشَّرِيكِ أَوْ يُؤَاجِرَ نِصْفَ عَبْدٍ أَوْ نِصْفَ دَابَّةٍ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ آجَرَ مِنْ شَرِيكِهِ يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ مُشَاعًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ لَا يَحْتَمِلُ وَسَوَاءٌ آجَرَ كُلَّ نَصِيبِهِ مِنْهُ أَوْ بَعْضَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالشُّيُوعُ الطَّارِئُ لَا يُفْسِدُهَا إجْمَاعًا كَمَا لَوْ آجَرَ كُلَّهَا ثُمَّ تَفَاسَخَا فِي نِصْفِهَا أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهَا يَبْقَى فِي الْبَاقِي فِي النِّصَابِ وَالصُّغْرَى وَطَرِيقُ جَوَازِهَا فِي الْمُشَاعِ أَنْ يَلْحَقَهَا حُكْمُ حَاكِمٍ لِيَصِيرَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ أَوْ حُكْمُ الْحَكَمِ إنْ تَعَذَّرَتْ الْمُرَافَعَةُ إلَى الْقَاضِي أَوْ يُعْقَدَ الْعَقْدُ فِي الْكُلِّ أَوَّلًا ثُمَّ يُفْسَخَ فِي نِصْفِهِ أَوْ رُبْعِهِ بِقَدْرِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعَاقِدَانِ فَيَجُوزَ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ آجَرَهُ مِنْ رَجُلَيْنِ يَجُوزُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِينَ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ النِّصْفِ شَائِعًا. كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ آجَرَ الْبِنَاءَ دُونَ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ يَجُوزُ. قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْأَجَلُّ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ بِهِ كَانَ يُفْتِي شَيْخُنَا وَكَذَا لَوْ كَانَ الْبِنَاءُ مِلْكًا وَالْعَرْصَةُ وَقْفًا فَآجَرَ الْبِنَاءَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّائِعِ وَقِيلَ يَجُوزُ وَلَوْ آجَرَ الدَّارَ، وَبَيْتٌ مِنْهَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا وَرَاءَ الْبَيْتِ، وَفِي الْحِيَلِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ لِرَجُلٍ وَالْعَرْصَةُ لِآخَرَ آجَرَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ بِنَاءَهُ لَا مِنْ صَاحِبِ الْعَرْصَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ آجَرَ مِنْ صَاحِبِ الْعَرْصَةِ لَا إشْكَالَ أَنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْعَرْصَةَ دُونَ الْبِنَاءِ يَجُوزُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَمَّنْ قَالَ لِآخَرَ آجَرْت مِنْك نِصْفَ هَذِهِ الدَّارِ مُشَاعًا وَهَذِهِ الدَّارَ الْفَارِغَةَ بِكَمَالِهَا هَلْ تَصِحُّ فِي الْفَارِغَةِ أَمْ لَا تَصِحُّ فِيهَا؟ فَقَالَ: تَصِحُّ فِي الْفَارِغَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فِي الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الطَّاعَاتِ كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ وَالْأَذَانِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّدْرِيسِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَالرِّبَاطَاتِ وَالْقَنَاطِرِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى تَعْلِيمِ اللُّغَةِ وَالْأَدَبِ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمَشَايِخُ بَلْخٍ جَوَّزُوا الِاسْتِئْجَارَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ إذَا ضَرَبَ لِذَلِكَ مُدَّةً وَأَفْتَوْا بِوُجُوبِ الْمُسَمَّى وَعِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِئْجَارِ أَصْلًا أَوْ عِنْدَ الِاسْتِئْجَارِ بِدُونِ الْمُدَّةِ أَفْتَوْا بِوُجُوبِ أَجْرِ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَدْ اسْتَحْسَنُوا جَبْرَ وَالِدِ الصَّبِيِّ عَلَى الْمَبَرَّةِ الْمَرْسُومَةِ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَقُولُ يُجْبَرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى دَفْعِ الْأُجْرَةِ وَيُحْبَسُ بِهَا قَالَ: وَبِهِ يُفْتَى وَكَذَا جَوَازُ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى تَعْلِيمِ الْفِقْهِ وَنَحْوِهِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا قَوْلُ هَؤُلَاءِ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِتَعْلِيمِ وَلَدِهِ الْكِتَابَةَ أَوْ النُّجُومَ أَوْ الطِّبَّ أَوْ التَّعْبِيرَ جَازَ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُعَلِّمَ عَلَى حِفْظِ الصِّبْيَانِ أَوْ تَعْلِيمِ الْخَطِّ أَوْ الْهِجَاءِ جَازَ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْذِقَهُ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ فَاسِدٌ وَفِي الشُّرُوطِ لَوْ دَفَعَ ابْنَهُ أَوْ غُلَامَهُ لِيُعَلِّمَهُ الْحِسَابَ لَا يَجُوزُ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ فِي تَعْلِيمِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَجُوزُ وَفِي الشُّرُوطِ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيُعَلِّمَ وَلَدَهُ حِرْفَةً مِنْ الْحِرَفِ فَإِنْ بَيَّنَ الْمُدَّةَ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ شَهْرًا مَثَلًا لِيُعَلِّمَهُ هَذَا الْعَمَلَ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَنْعَقِدُ عَلَى الْمُدَّةِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْمُعَلِّمُ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ فَاسِدًا وَلَوْ عَلَّمَهُ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَلَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. دَفَعَ ابْنَهُ إلَى رَجُلٍ لِيُعَلِّمَهُ حِرْفَةَ كَذَا وَيَعْمَلُ لَهُ الِابْنُ نِصْفَ عَامٍ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ عَلِمَ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيُعَلِّمَ ابْنَهُ

الْأَدَبَ فَحَبَسَهُ فِي عَرْضِ السَّنَةِ هَلْ يَجِبُ شَيْءٌ قَالَ (آنجه خواهد بدرازروى مروت بدهد) . كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَفِي الْفَتَاوَى اسْتَأْجَرَ مُؤَدِّبًا مُشَاهَرَةً كُلَّ شَهْرٍ بِتِسْعَةِ دَرَاهِمَ يُعَلِّمُ الصَّبِيَّيْنِ أَحَدَهُمَا الْأَدَبَ وَالْآخَرَ الْقُرْآنَ فَقَالَ: تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ لَيْسَ مِنْ حِرْفَتِي فَاسْتَأْجِرْ مُعَلِّمًا بِمَا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ وَأَعْطِهِ مِنْ أَجْرِي فَفَعَلَ ذَلِكَ فَأَرَادَ وَالِدُ الصَّبِيِّ أَنْ يَجْعَلَ الْأَجْرَ مُنَاصَفَةً قَالَ الْأَدِيبُ أَجْرُ الْمُعَلِّمِ عَادَةً كُلُّ شَهْرٍ نِصْفُ دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمٌ فَأَنَا لَا أَرْضَى بِمَا تَفْعَلُ قَالَ هَذَا قَرِيبٌ مِنْ تَوْكِيلِهِ إيَّاهُ بِذَلِكَ يَحُطُّ أَجْرَهُ قَدْرَ مَا اسْتَحَقَّ الْمُعَلِّمُ الَّذِي ضَمَّ إلَيْهِ الصَّبِيَّ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الْمُعَلِّمَ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ عَدَدَ الصِّبْيَانِ يَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْقَبْرِ مُدَّةً مَعْلُومَةً قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ دَفَعَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ إلَى أُسْتَاذِهِ لِيُعَلِّمَهُ حِرْفَةَ كَذَا فِي أَرْبَعِ سِنِينَ وَشَرَطَ عَلَى الْأَبِ لَوْ حَبَسَهُ قَبْلَ أَرْبَعِ سِنِينَ فَلِأُسْتَاذِهِ عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَحَبَسَهُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ الْمِائَةُ لَكِنْ أَجْرُ مِثْلِ تَعْلِيمِهِ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. فِي فَتَاوَى آهُو بَعَثَ صَبِيَّهُ إلَى مُعَلِّمٍ وَبَعَثَ إلَيْهِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً فَعَلَّمَ شَهْرًا فَغَابَ هَلْ لِأَبِي الصَّبِيِّ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَعْطَاهُ قَالَ لَوْ بَعَثَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْأُجْرَةِ فَمَا يَكُونُ فَاضِلًا عَنْ أُجْرَةِ الشَّهْرِ يَأْخُذُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ كُتُبًا لِيَقْرَأَ فِيهَا شِعْرًا كَانَ أَوْ فِقْهًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ قَرَأَ، وَكَذَلِكَ إجَارَةُ الْمُصْحَفِ وَكَانَ هَذَا كُلُّهُ نَظِيرَ مَنْ اسْتَأْجَرَ كَرْمًا لِيَفْتَحَ لَهُ بَابًا فَيَنْظُرَ فِيهِ لِلِاسْتِئْنَاسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ صَبِيحًا لِيَنْظُرَ إلَى وَجْهِهِ فَيَسْتَأْنِسَ بِذَلِكَ أَوْ اسْتَأْجَرَ حُبًّا مَمْلُوءًا مِنْ الْمَاءِ لِيَنْظُرَ فِيهِ إذَا سَوَّى عِمَامَتَهُ فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْعُقُودِ فَكَذَلِكَ فِيمَا سَبَقَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَكْتُبَ لَهُ مُصْحَفًا أَوْ شِعْرًا وَبَيَّنَ الْخَطَّ جَازَ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ قَلَمًا لِيَكْتُبَ بِهِ إنْ بَيَّنَ لِذَلِكَ وَقْتًا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَصِيٌّ أَوْ مُتَوَلٍّ آجَرَ مَنْزِلَ الْيَتِيمِ، وَالْوَقْفُ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ بَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ كَإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ. قِيلَ لِلْخَصَّافِ: أَتُفْتِي بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ بَعْضُهُمْ: جَعَلَ الْمُسْتَأْجِرِ بِالسُّكُونَةِ فِيهَا غَاصِبًا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْأَبُ قَالَ الْقَاضِي أَنَا أُفْتِي بِإِيجَابِ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا كَمَا قَالَ الْخَصَّافُ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ وَالْمَزَامِيرِ وَالطَّبْلِ وَشَيْءٍ مِنْ اللَّهْوِ وَعَلَى هَذَا الْحُدَاءُ وَقِرَاءَةُ الشِّعْرِ وَغَيْرِهِ وَلَا أَجْرَ فِي ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. لَوْ اسْتَأْجَرَ لِتَعْلِيمِ الْغِنَاءِ أَوْ اسْتَأْجَرَ الذِّمِّيُّ رَجُلًا لِيَخْصِيَ عَبْدًا لَا يَجُوزُ وَقِيلَ فِي الْبَقَرِ وَالْفَرَسِ يَجُوزُ هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَحْمِلَ لَهُ خَمْرًا فَلَهُ الْأَجْرُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا أَجْرَ لَهُ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا لِيَحْمِلَ لَهُ خَمْرًا وَلَمْ يَقُلْ لِيَشْرَبَ أَوْ قَالَ لِيَشْرَبَ جَازَتْ لَهُ الْإِجَارَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الذِّمِّيُّ ذِمِّيًّا لِيَنْقُلَ الْخَمْرَ جَازَ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ الْخَمْرَ عِنْدَهُمْ كَالْخَلِّ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اسْتَأْجَرَ ذِمِّيٌّ دَابَّةً مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ سَفِينَةً لِيَنْقُلَ عَلَيْهَا الْخَمْرَ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ صَاحِبَاهُ: لَا يَجُوزُ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُشْرِكُونَ مُسْلِمًا لِيَحْمِلَ مَيِّتًا مِنْهُمْ إلَى مَوْضِعٍ يُدْفَنُ فِيهِ إنْ اسْتَأْجَرُوهُ لِيَنْقُلَهُ إلَى مَقْبَرَةِ الْبَلْدَةِ جَازَ عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ اسْتَأْجَرُوهُ لِيَنْقُلَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَمَّالُ أَنَّهُ جِيفَةٌ فَلَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ عَلِمَ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانَ. إذَا اسْتَأْجَرَ الذِّمِّيُّ مِنْ الْمُسْلِمِ بَيْتًا لِيَبِيعَ فِيهِ الْخَمْرَ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الذِّمِّيُّ مِنْ ذِمِّيٍّ بَيْتًا يَبِيعُ فِيهِ الْخَمْرَ جَازَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا

كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الذِّمِّيُّ مِنْ الْمُسْلِمِ دَارًا يَسْكُنُهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ شَرِبَ فِيهَا الْخَمْرَ أَوْ عَبَدَ فِيهَا الصَّلِيبَ أَوْ أَدْخَلَ فِيهَا الْخَنَازِيرَ وَلَمْ يَلْحَقْ الْمُسْلِمَ فِي ذَلِكَ بَأْسٌ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُؤَاجِرُهَا لِذَلِكَ إنَّمَا آجَرَهَا لِلسُّكْنَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذِمِّيٌّ اسْتَأْجَرَ دَارًا مِنْ مُسْلِمٍ فَاتَّخَذَهَا مُصَلًّى لِنَفْسِهِ لَمْ يُمْنَعْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اتِّخَاذِهِ مُصَلًّى لِنَفْسِهِ إحْدَاثُ بِيعَةٍ وَلَا إظْهَارُ شَيْءٍ مِنْ شَعَائِرِ دِينِهِمْ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ اتَّخَذَهَا مُصَلًّى لِلْجَمَاعَةِ وَضَرَبَ فِيهَا النَّاقُوسَ فَلِصَاحِبِهَا مَنْعُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ بَيْعَ الْخَمْرِ فِيهَا لِأَنَّ هَذِهِ أَشْيَاءَ يُمْنَعُ عَنْ إظْهَارِهَا فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ بِالسَّوَادِ لَا يُمْنَعُ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْبَلْخِيُّ: مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ فَإِنَّ عَامَّةَ أَهْلِهَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَهْلُ الذِّمَّةِ، وَأَمَّا فِي سَوَادِ خُرَاسَانَ فَإِنَّهُمْ يُمْنَعُونَ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِنَا لَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ فِي سَوَادِ خُرَاسَانَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الذِّمِّيُّ مُسْلِمًا لِيَحْمِلَ لَهُ مَيْتَةً أَوَدَمًا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَلَوْ اسْتَأْجَرَ ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ بَيْتًا يُصَلِّي فِيهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مُسْلِمًا لِيَرْعَى لَهُ الْخَنَازِيرَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا فِي الْخَمْرِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَبِيعَ لَهُ مَيْتَةً لَمْ يَجُزْ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. مُسْلِمٌ آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ مَجُوسِيٍّ لِيُوقِدَ لَهُ النَّارَ لَا بَأْسَ بِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيُصَوِّرَ لَهُ صُوَرًا أَوْ تَمَاثِيلَ الرِّجَالِ فِي بَيْتٍ أَوْ فُسْطَاطٍ فَإِنِّي أَكْرَهُ ذَلِكَ وَأَجْعَلُ لَهُ الْأُجْرَةَ قَالَ هِشَامٌ: تَأْوِيلُهُ إذَا كَانَ الْإِصْبَاغُ مِنْ قِبَلِ الْأَجِيرِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا يَنْحِتُ لَهُ أَصْنَامًا أَوْ يَجْعَلُ عَلَى أَثْوَابِهِ تَمَاثِيلَ وَالصِّبْغُ مِنْ رَبِّ الثَّوْبِ لَا شَيْءَ لَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيُزَخْرِفَ لَهُ بَيْتًا بِتَمَاثِيلَ وَالْأَصْبَاغُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا أَجْرَ لَهُ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَنْحِتَ لَهُ طُنْبُورًا أَوْ بَرْبَطًا فَفَعَلَ طَابَ لَهُ الْأَجْرُ إلَّا أَنَّهُ يَأْثَمُ بِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَكْتُبَ لَهُ غِنَاءً بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ بِالْعَرَبِيَّةِ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَحِلُّ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ فِي الْقِرَاءَةِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. اسْتَأْجَرَهُ لِيَكْتُبَ لَهُ تَعْوِيذَ السِّحْرِ يَصِحُّ إذَا بَيَّنَ قَدْرَ الْكَاغَدِ وَالْخَطِّ كَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا إلَى حَبِيبِهِ أَوْ حَبِيبِهَا جَازَ وَيَطِيبُ لَهُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الذِّمِّيُّ مُسْلِمًا لِيَبْنِيَ لَهُ بِيعَةً أَوْ كَنِيسَةً جَازَ وَيَطِيبُ لَهُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَأْجَرَ ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ أَوْ مِنْ مُسْلِمٍ بِيعَةً يُصَلِّي فِيهَا لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُسْلِمُ مِنْ الْمُسْلِمِ مَسْجِدًا يُصَلِّي فِيهِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ الْمُسْلِمِ بَيْتًا لِيَجْعَلَهُ مَسْجِدًا لِيُصَلِّيَ فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ أَوْ النَّافِلَةَ فَإِنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ لَا تَجُوزُ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ الذِّمِّيُّ يَسْتَأْجِرُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَسُئِلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ النَّصَارَى لِيَضْرِبَ لَهُمْ النَّاقُوسَ كُلَّ يَوْمٍ بِخَمْسَةٍ وَيُعْطَى كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ وَفِي عَمَلٍ آخَرَ دِرْهَمَانِ قَالَ لَا يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ مِنْهُمْ وَيَطْلُبُ الرِّزْقَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ لِعَصْرِ الْعِنَبِ لِيَتَّخِذُوا مِنْهُ خَمْرًا. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَضْرِبَ الطَّبْلَ إنْ كَانَ لِلَّهْوِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ لِلْغَزْوِ أَوْ الْقَافِلَةِ يَجُوزُ. كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. إذَا اسْتَأْجَرَ طَبْلًا لَيْسَ بِلَهْوٍ وَذَكَرَ مُدَّةً يَجُوزُ وَرَجُلًا يَحْمِلُ الْجِيفَةَ أَوْ يَقْتُلُ مُرْتَدًّا أَوْ يَذْبَحُ شَاةً أَوْ ظَبْيًا يَجُوزُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ طَبِيبًا أَوْ كَحَّالًا أَوْ جَرَّاحًا يُدَاوِيهِ وَذَكَرَ مُدَّةً جَازَ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. دَفَعَ الْغُلَامَ إلَى حَائِكٍ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ الْأُسْتَاذُ وَيُعَلِّمَهُ النَّسْجَ سَنَةً مَعْلُومَةً وَيُعْطِيَهُ الْمَوْلَى كَذَا وَيُعْطِيَ الْأُسْتَاذُ لِلْمَوْلَى كَذَا جَازَ وَكَذَا فِي سَائِرِ الْأَعْمَالِ وَيَسْتَخْدِمُهُ فِي أَعْمَالِ نَفْسِهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا دَفَعَ عَبْدَهُ إلَى عَامِلٍ يُعَلِّمُهُ عَمَلًا عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَجْرًا يُنْظَرُ إلَى الْعُرْفِ إنْ كَانَ عَمَلًا يُعْطِي صَاحِبَ الْعَبْدِ الْأَجْرَ فَالْأَجْرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَمَلًا يُعْطِي الْأُسْتَاذَ الْأَجْرَ فَالْأَجْرُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْوَاقِعَاتِ لِلنَّاطِفِيِّ إذَا قَالَ لِرَجُلٍ بِعْ هَذَا الْمَتَاعَ وَلَك دِرْهَمٌ أَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي هَذَا الْمَتَاعَ وَلَك دِرْهَمٌ فَفَعَلَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ الدِّرْهَمَ وَفِي الدَّلَّالِ وَالسِّمْسَارِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَمَا تَوَاضَعُوا عَلَيْهِ أَنَّ مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ كَذَا فَذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

دَفَعَ ثَوْبًا إلَيْهِ وَقَالَ بِعْهُ بِعَشَرَةٍ فَمَا زَادَ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ أَوْ لَمْ يَبِعْهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ تَعِبَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ بَاعَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ بِالْمُزَايَدَةِ فَأَمَرَ رَجُلًا لِيُنَادِيَ ثُمَّ يَبِيعَ صَاحِبُهُ فَنَادَى وَلَمْ يَبِعْ قَالُوا إنْ بَيَّنَ ذَلِكَ وَقْتًا جَازَتْ الْإِجَارَةُ وَلَهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى وَكَذَا إنْ لَمْ يَذْكُرْ الْوَقْتَ وَلَكِنْ أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ كَذَا صَوْتًا جَازَ أَيْضًا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَا يُعْطُونَ الْأَجْرَ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ الْبَيْعُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ لِلدَّلَّالِ: اعْرِضْ ضَيْعَتِي وَبِعْهَا عَلَى أَنَّك إذَا بِعْتهَا فَلَكَ مِنْ الْأَجْرِ كَذَا فَلَمْ يَقْدِرْ الدَّلَّالُ عَلَى إتْمَامِ الْأَمْرِ ثُمَّ بَاعَهَا دَلَّالٌ آخَرَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ وَلَوْ عَرَضَهَا الْأَوَّلُ وَصَرَفَ فِيهِ روزجارا يُعْتَدُّ بِهِ فَأَجْرُ مِثْلِهِ لَهُ وَاجِبٌ بِقَدْرِ عَنَائِهِ وَعَمَلِهِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وَلَا يَجِبُ لَهُ اسْتِحْسَانًا إذَا تَرَكَهُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَهُوَ مُوَافِقٌ قَوْلَ يَعْقُوبَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. الدَّلَالَةُ فِي النِّكَاحِ لَا تَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ وَبِهِ يُفْتِي الْفَضْلِيُّ فِي فَتَاوَاهُ وَغَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِ زَمَانِنَا كَانُوا يُفْتُونَ بِوُجُوبِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. الدَّلَّالُ فِي الْبَيْعِ إذَا أَخَذَ الدَّلَالَةَ بَعْدَ الْبَيْعِ ثُمَّ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ سَلِمَتْ لَهُ الدَّلَالَةُ كَالْخَيَّاطِ إذَا خَاطَ الثَّوْبَ ثُمَّ فَتَقَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. اسْتَأْجَرَهُ لِيَقْطَعَ لَهُ الْيَوْمَ حَاجًا فَفَعَلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْحَاجُ لِلْمَأْمُورِ قَالَ نُصَيْرٌ سَأَلَتْ أَبَا سُلَيْمَانَ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْتَطِبَ لَهُ إلَى اللَّيْلِ قَالَ إنْ سَمَّى يَوْمًا جَازَ وَالْحَطَبُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ قَالَ هَذَا الْحَطَبُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَالْحَطَبُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْحَطَبُ الَّذِي عَيَّنَّهُ مِلْكَ الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ. قَالَ نُصَيْرٌ: قُلْت: فَإِنْ اسْتَعَانَ بِإِنْسَانٍ يَحْتَطِبُ لَهُ وَيَصْطَادُ لَهُ قَالَ الْحَطَبُ وَالصَّيْدُ لِلْعَامِلِ وَكَذَا ضَرْبَةُ الْقَانِصِ. قَالَ أُسْتَاذُنَا: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْفَظَ هَذَا فَقَدْ اُبْتُلِيَ بِهِ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ يَسْتَعِينُونَ بِالنَّاسِ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَقَطْعِ الشَّوْكِ وَالْحَاجِ وَاِتِّخَاذِ الْمُجَمَّدَةِ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْأَعْوَانِ فِيهَا وَلَا يَعْلَمُ الْكُلُّ بِهَا فَيُنْفِقُونَهَا قَبْلَ الِاسْتِيهَابِ بِطَرِيقِهِ أَوْ الْإِذْن فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ مِثْلُهَا أَوْ قِيمَتُهَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ لِجَهْلِهِمْ وَغَفْلَتِهِمْ أَعَاذَنَا اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْجَهْلِ وَوَفَّقَنَا لِلْعِلْمِ وَالْعَمَلِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَصِيدَ لَهُ أَوْ لِيَغْزِلَ لَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْخُصُومَةِ أَوْ لِتَقَاضِي الدَّيْنِ أَوْ لِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ فَعَلَ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ ذَكَرَ مُدَّةً يَجُوزُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَقِيلَ إذَا عَيَّنَ الصَّيْدَ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ ذَكَرَ الْمُدَّةَ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَبْضِ الْعَيْنِ يَجُوزُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ اُقْتُلْ هَذَا الذِّئْبَ أَوْ هَذَا الْأَسَدَ وَلَك دِرْهَمٌ وَالذِّئْبُ وَالْأَسَدُ صَيْدٌ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ دِرْهَمًا وَالصَّيْدُ لِلْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْأَصْلِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا بِالْآجُرِّ وَالْجِصِّ وَسَمَّى كَذَا كَذَا آجُرَّةً مِنْ هَذِهِ الْآجُرَّاتِ وَكَذَا كَذَا كُرًّا مِنْ الْجِصِّ وَلَمْ يُسَمِّ الطُّولَ وَالْعَرْضَ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً قِيَاسًا صَحِيحَةً اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ سَمَّى كَذَا كَذَا عَدَدًا مِنْ الْآجُرَّةِ أَوْ اللَّبِنَةِ وَلَمْ يُسَمِّ الْمَلْبَنَ وَلَمْ يُرِهِ إيَّاهُ إنْ كَانَ مَلْبَنُ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَاحِدًا أَوْ كَانَ لَهُمْ مَلَابِنُ مُخْتَلِفَةٌ إلَّا أَنَّ غَالِبَ عَمَلِهِمْ عَلَى مَلْبَنٍ وَاحِدٍ جَازَتْ الْإِجَارَةُ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَتْ مَلَابِنُهُمْ مُخْتَلِفَةً وَلَمْ يَغْلِبْ اسْتِعْمَالُ وَاحِدٍ مِنْهَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اسْتَأْجَرَهُ لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا بِالْآجُرِّ وَالْجِصِّ وَعَلِمَ طُولَهُ وَعَرْضَهُ جَازَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا أَوْ سِرْدَابًا لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ الْمَوْضِعَ وَطُولَ الْبِئْرِ وَعُمْقَهُ وَدَوْرَهُ وَفِي السِّرْدَابِ يُبَيِّنُ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَعُمْقَهُ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَفْرِ الْبِئْرِ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالْعُمْقَ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَيُؤْخَذُ بِوَسَطِ مَا يَعْمَلُهُ النَّاسُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا فِي دَارِهِ وَسَمَّى عُمْقَهَا وَسِعْتَهَا حَتَّى جَازَتْ الْإِجَارَةُ فَلَمَّا حَفَرَ بَعْضَهَا وَجَدَ جَبَلًا أَشَدَّ عَمَلًا وَأَشَدَّ مُؤْنَةً فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى

حَفْرِهَا بِالْآلَةِ الَّتِي يَحْفِرُ بِهَا الْآبَارَ إلَّا إنَّهُ تَلْحَقُهُ زِيَادَةُ مَشَقَّةٍ وَتَعَبٍ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى حَفْرِهَا بِالْآلَةِ الَّتِي يَحْفِرُ بِهَا الْآبَارَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ. وَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ؟ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكِتَابِ وَحَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيِّ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ إذَا كَانَ يَعْمَلُ فِي مَلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَعْمَلُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ حَفَرَ بَعْضَهَا فَوَجَدَهَا رَخْوَةً مِنْ حَيْثُ يَخَافُ عَلَيْهِ التَّلَفَ لَمْ يَجُزْ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّ كُلَّ ذِرَاعٍ فِي طِينٍ أَوْ سَهْلَةٍ بِدِرْهَمٍ وَكُلَّ ذِرَاعٍ فِي جَبَلٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَكُلَّ ذِرَاعٍ فِي الْمَاءِ بِثَلَاثَةٍ وَبَيَّنَ مِقْدَارَ طُولِ الْبِئْرِ عَشَرَةً مَثَلًا فَهُوَ جَائِزٌ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ حَفَرَ بَعْضَهَا وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهَا مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَهُ ذَلِكَ وَكُلَّمَا حُفِرَ شَيْءٌ صَارَ مُسَلَّمًا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى لَوْ انْهَارَتْ الْبِئْرُ فَأَدْخَلَ السَّيْلُ أَوْ الرِّيحُ فِيهَا التُّرَابَ وَسَوَّاهَا مَعَ الْأَرْضِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَتِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْأُجْرَةِ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْحَفْرِ وَيُسَلِّمْهَا إلَيْهِ حَتَّى لَوْ انْهَارَتْ فَامْتَلَأَتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِالتُّرَابِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ. كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَالتَّسْلِيمُ بِالتَّخْلِيَةِ وَلَوْ حَفَرَ بَعْضَهُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ حَتَّى يُتِمَّهُ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا فِي دَارِهِ فَظَهَرَ الْمَاءُ فِي الْبِئْرِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْمُنْتَهَى الَّذِي شَرَطَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْحَفْرُ فِي الْمَاءِ بِالْآلَةِ الَّتِي يَحْفِرُ بِهَا الْآبَارَ أُجْبِرَ عَلَى الْحَفْرِ، وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى اتِّخَاذِ آلَةٍ أُخْرَى لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالنَّهْرُ وَالْقَنَاةُ وَالسِّرْدَابُ وَالْبَالُوعَةُ إذَا ظَهَرَ الْمَاءُ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَطَاعُ الْحَفْرُ مَعَهُ فَهَذَا عُذْرٌ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حَفَّارًا لِيَحْفِرَ لَهُ حَوْضًا عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَبَيَّنَ عُمْقَهُ فَحَفَرَ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ كَانَ عَلَيْهِ رُبْعُ الْأَجْرِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَكْرِيَ لَهُ نَهْرًا أَوْ قَنَاةً فَأَرَاهُ مِفْتَحَهَا وَمَصَبَّهَا وَعَرْضَهَا وَسَمَّى لَهُ كَمْ يُمْكِنُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ اشْتَرَطَ طَيَّهَا بِالْآجُرِّ وَالْجِصِّ مِنْ عِنْدِ الْأَجِيرِ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَإِنْ شَرَطَ الْآجُرَّ وَالْجِصَّ مِنْ عِنْدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يُسَمِّ عَدَدَ الْآجُرِّ فَهُوَ فِي الْقِيَاسِ فَاسِدٌ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ جَائِزٌ عَلَى مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، وَإِنْ سَمَّى عَدَدَ الْآجُرِّ وَكَيْلَ الْجِصِّ وَعَرْضَ الطَّيِّ وَطُولَهُ فِي السَّمَاءِ فَهُوَ أَوْثَقُ لِأَنَّهُ عَنْ الْمُنَازَعَةِ أَبْعَدُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ الْقَبْرِ إنْ بَيَّنَ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالْعُمْقَ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَقِيَاسًا، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالْعُمْقَ فِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَيَقَعُ عَلَى الْوَسَطِ مِمَّا يَعْمَلُ النَّاسُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. ، وَإِنْ وَصَفُوا لَهُ مَوْضِعًا فَوَجَدَ وَجْهَ الْأَرْضِ لَيِّنًا فَلَمَّا حَفَرَ ذِرَاعًا وَجَدَ جَبَلًا أَجْبَرَهُ عَلَى أَنْ يَحْفِرَ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْفِرُ النَّاسُ، وَإِنْ لَمْ يُسَمُّوا لَهُ لَحْدًا وَلَا شَقًّا فَهُوَ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ فَإِنْ كَانَ بِالْكُوفَةِ فَمُعْظَمُ عَمَلِهِمْ عَلَى اللَّحْدِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ مُعْظَمُ عَمَلِهِمْ عَلَى الشَّقِّ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي النَّوَازِلِ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الْقَبْرِ أَيَكُونُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ قَالَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي التَّجْرِيدِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَحْمِلُونَ جِنَازَةً أَوْ يُغَسِّلُونَ مَيِّتًا إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَجِدُ مَنْ يُغَسِّلَهُ غَيْرُ هَؤُلَاءِ وَمَنْ يَحْمِلَهُ غَيْرُ هَؤُلَاءِ فَلَا أَجْرَ لَهُمْ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ أُنَاسٍ فَلَهُمْ الْأَجْرُ وَحَفَرَ الْحَفَّارُ عَلَى هَذَا وَفِي مَوْضِعٍ لَا أَجْرَ لَهُمْ لَوْ أَخَذُوا الْأَجْرَ لَا يَطِيبُ لَهُمْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ رَجُلًا لِيَحْفِرَ لَهُ قَبْرًا فَحَفَرَ فَانْهَارَ أَوْ دُفِنَ فِيهِ إنْسَانٌ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِجِنَازَتِهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَلَا أَجْرَ لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ جَاءَ الْمُسْتَأْجِرُ فَخَلَّى الْأَجِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَبْرِ فَانْهَارَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ دَفَنُوا فِيهِ إنْسَانًا آخَرَ فَلَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ دَفَنَ فِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ مَيِّتَهُ ثُمَّ قَالَ لِلْأَجِيرِ اُحْثُ التُّرَابَ عَلَيْهِ فَأَبَى الْأَجِيرُ فِي الْقِيَاسِ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَلَكِنِّي أَنْظُرُ إلَى مَا يَصْنَعُ أَهْلُ تِلْكَ الْبِلَادِ فَإِنْ كَانَ الْأَجِيرُ هُوَ الَّذِي يَحْثِي التُّرَابَ أَجْبَرْتُهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ يُعْمَلُ بِالْكُوفَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَجِيرُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ لَمْ أُجْبِرْهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَهْلُ الْمَيِّتِ أَنْ يَكُونَ الْأَجِيرُ هُوَ الَّذِي يَضَعُ الْمَيِّتَ فِي لَحْدِهِ وَهُوَ يَنْصِبُ عَلَيْهِ اللَّبِنَ لَمْ يُجْبَرْ الْأَجِيرُ عَلَى ذَلِكَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ لَهُ قَبْرًا وَلَمْ يُسَمِّ فِي أَيِّ الْمَقَابِرِ جَازَ اسْتِحْسَانًا

فصل في المتفرقات

وَيَنْصَرِفُ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَدْفِنُ فِيهِ أَهْلُ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ مَوْتَاهُمْ قَالَ مَشَايِخُنَا هَذَا الْجَوَابَ بِنَاءً عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَإِنَّ لِكُلِّ مَحَلَّةٍ مَقْبَرَةً خَاصَّةً يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ فِيهَا وَلَا يَنْقُلُونَ مَوْتَاهُمْ إلَى مَدَافِنِ مَحَلَّةٍ أُخْرَى أَمَّا فِي دِيَارِنَا يُنْقَلُ الْمَوْتَى مِنْ مَحَلَّةٍ إلَى مَقَابِرِ مَحَلَّةٍ أُخْرَى فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَكَانِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَوْضِعًا كَانَ لِأَهْلِ كُلِّ مَحَلَّةٍ مَقْبَرَةٌ خَاصَّةٌ لَا يَنْقُلُونَ مَوْتَاهُمْ إلَى مَحَلَّةٍ أُخْرَى أَوْ كَانَ مَوْضِعًا لَهُمْ مَقْبَرَةٌ وَاحِدَةٌ يَجُوزُ لَهُمْ الْإِجَارَةُ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ الْمَكَانِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَمَرُوهُ بِحَفْرِ الْقَبْرِ وَلَمْ يُسَمُّوا مَوْضِعًا فَحَفَرَ فِي غَيْرِ مَقْبَرَةِ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ أَوْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ فَلَا أَجْرَ لَهُ إلَّا أَنْ يَدْفِنُوا فِي حُفْرَتِهِ فَحِينَئِذٍ يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ، وَإِنْ أَرَادُوا مِنْهُ تَطْيِينَ الْقَبْرِ أَوْ تَجْصِيصَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا وَصَفُوا لَهُ مَوْضِعًا لِحَفْرِ الْقَبْرِ فَحَفَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنْ شَاءَ أَجَازَ لِلْوِفَاقِ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْخِلَافِ فِي الْوَصْفِ، وَإِنْ عَلِمُوا بَعْدَمَا دَفَنُوا الْمَيِّتَ فَهُوَ رِضًا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ اسْتَقْبَلَ الْحَفَّارُ فِي حَفْرِ الْبِئْرِ أَوْ الْقَبْرِ صَخْرَةً لَا يُزَادُ لَهُ فِي أَجْرِهِ كَمَا لَا يُنْقَصُ مِنْ أَجْرِهِ بِسَبَبِ لِينِ الْمَكَانِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. [فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) وَإِذَا اتَّخَذَ الرَّجُلُ مَشْرَعَةً عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ لِيَسْقِيَ مِنْهَا السَّقَّاءُونَ وَيَأْخُذَ مِنْهُ الْأَجْرَ فَإِنْ بَنَى عَلَى مِلْكِهِ إنْ آجَرَهَا مِنْهُمْ لِلِاسْتِقَاءِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ آجَرَ مَا مَلَكَهُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ مَقْصُودًا، وَإِنْ آجَرَهَا لِيَقُومَ فِيهَا السَّقَّاءُونَ وَيَضَعُونَ الْقِرَبَ فِيهَا وَيُوقِفُونَ الدَّوَابَّ فِيهَا جَازَ، وَأَمَّا إذَا بَنَى الْمَشْرَعَةَ عَلَى مِلْكِ الْعَامَّةِ ثُمَّ آجَرَهَا مِنْ السَّقَّائِينَ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ آجَرَ مِنْهُمْ لِلِاسْتِقَاءِ أَوْ آجَرَ مِنْهُمْ لِيَقُومُوا فِيهَا وَيَضَعُوا الْقِرَبَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَلَا تِبْرِهِمَا وَكَذَا تِبْرُ النُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَلَا اسْتِئْجَارُ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالْعَيْنِ إلَّا بَعْدَ اسْتِهْلَاكِ أَعْيَانِهَا، وَالدَّاخِلُ تَحْتَ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لِيُعَيِّرَ مِيزَانًا أَوْ لِيُعَيِّرَ مَكِيلًا أَوْ حِنْطَةً زَيْتًا لِيُعَيِّرَ بِهِ أَرْطَالًا أَوْ أَمْنَانًا وَقْتًا مَعْلُومًا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِفَقْدِ شَرْطٍ آخَرَ وَهُوَ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَقْصُودَةً. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الدَّرَاهِمَ أَوْ الْحِنْطَةَ يَوْمًا مُطْلَقًا وَلَمْ يُبَيِّنْ لِمَاذَا اسْتَأْجَرَهَا لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَجُوزُ وَيُحْمَلُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهَا وَزْنًا احْتِيَالًا لِجَوَازِ الْعَقْدِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ وَإِلَيْهِ مَالَ الْكَرْخِيُّ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِتَزْيِينِ الْحَانُوتِ وَلَا اسْتِئْجَارُ الْمِسْكِ وَالْعُودِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمَشْمُومَاتِ لِلشَّمِّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا اسْتَأْجَرَ مِيزَانًا لِيَزِنَ بِهِ يَجُوزُ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. اسْتَأْجَرَ حَجَرَ مِيزَانٍ لِيَزِنَ بِهِ مِنْ الْيَوْمِ إلَى اللَّيْلِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ يَجِبُ الْأَجْرُ وَقَالَ الْخَصَّافُ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ وَيُسْتَأْجَرُ عَادَةً يَجِبُ وَإِلَّا لَا وَحَمَلَ الْبَعْضُ كَلَامَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَجِبُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. فِي الْعُيُونِ إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيُلَبِّنَ فِيهَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى الْعَيْنِ وَاللَّبِنُ كُلُّهُ لِلَّبَّانِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التُّرَابِ إنْ كَانَ لَهُ ثَمَّةَ قِيمَةٍ وَأَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَوْ كَانَ فِي رَفْعِ التُّرَابِ مَنْفَعَةٌ لِلْأَرْضِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ، وَإِنْ انْتَقَصَتْ الْأَرْضُ ضَمِنَ نُقْصَانَهَا وَيَدْخُلُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي نُقْصَانِهَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا اسْتَأْجَرَ الْقَاضِي رَجُلًا لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ أَوْ الْحُدُودِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِذَلِكَ وَقْتًا لَا يَصِحُّ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ أَوْ الْحُدُودِ أَوْ قَطْعِ الْيَدِ أَوْ لِيَقُومَ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ شَهْرًا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ جَازَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ عِنْدَ بَيَانِ الْمُدَّةِ مَنَافِعُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ تِلْكَ الْمَنَافِعِ إلَى مَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِذَلِكَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ فَإِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ لَا يَدْرِي أَنَّهُ مَتَى يَقَعُ فَإِذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اسْتَصْحَبَهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ رِزْقًا كُلَّ شَهْرٍ فَهُوَ جَائِزٌ أَمَّا إنْ بَيَّنَ مِقْدَارَ مَا يُعْطِيه فَالْعَقْدُ جَائِزٌ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَنَافِعُهُ وَهُوَ مَعْلُومٌ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ ذَلِكَ فَهُوَ فِي هَذَا

كَالْقَاضِي وَلِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ رِزْقًا بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَكَذَلِكَ مَنْ يَنُوبُ عَنْ الْقَاضِي فِي شَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ، وَكَذَلِكَ قَسَّامُ الْقَاضِي إذَا اُسْتُؤْجِرَ لِيَقْسِمَ كُلَّ شَهْرٍ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَهُوَ جَائِزٌ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ رَجُلًا لِيَقْتَصَّ لَهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَكَذَا الْإِمَامُ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَقْتُلَ مُرْتَدًّا أَوْ أُسَارَى أَوْ لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَقَطْعِ الْيَدِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الذَّكَاةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا قَطْعُ الْأَوْدَاجِ دُونَ إفَاتَةِ الرُّوحِ وَذَلِكَ يُقْدَرُ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. أَمِيرُ الْعَسْكَرِ إذَا قَالَ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ إنْ قَتَلْت ذَلِكَ الْفَارِسَ فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَقَتَلَهُ لَا شَيْءَ لَهُ فَإِنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَالطَّاعَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ قَالَ ذَلِكَ لِلذِّمِّيِّ يَجِبُ الْأَجْرُ وَلَوْ كَانُوا قَتْلَى فَقَالَ الْأَمِيرُ مَنْ قَطَعَ رُءُوسَهُمْ فَلَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ جَازَ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ لَيْسَ بِجِهَادٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَكَذَا فِي الصُّغْرَى. ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قُتِلَ رَئِيسُ الْقَوْمِ فَقَالَ الْأَمِيرُ مَنْ جَاءَ بِرَأْسِهِ حَتَّى يُنْصَبَ فَيَعْلَمُوا أَنَّ رَئِيسَهُمْ قَدْ قُتِلَ فَيَتَفَرَّقُونَ فَلَهُ كَذَا فَذَهَبَ رَجُلٌ وَجَاءَ بِرَأْسِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ قَدْ تَنَحَّوْا عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي الْمَجِيءِ بِرَأْسِ الرَّئِيسِ إلَى الْقِتَالِ وَلَوْ كَانَ الْأَمِيرُ عَيَّنَ وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ فَقَالَ إنْ جِئْتَنِي بِرَأْسِهِ أَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِجَمَاعَةٍ بِأَعْيَانِهِمْ أَيُّكُمْ جَاءَنِي بِرَأْسِهِ فَلَهُ كَذَا فَجَاءَ رَجُلٌ بِرَأْسِهِ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِذَا كَانَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَدْ أَقَامُوا عَلَى مَطْمُورَةٍ لَيْسَ فِيهَا رِجَالٌ يُقَاتِلُونَ، وَإِنَّمَا كَانَ فِيهَا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالْأَمْوَالُ وَقَالَ الْأَمِيرُ مَنْ حَفِظَ هَذِهِ الْمَطْمُورَةَ اللَّيْلَةَ حَتَّى يُصْبِحَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ حَفِظَهَا كَذَا وَحَفِظَهَا قَوْمٌ حَتَّى أَصْبَحُوا فَلِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَا سَمَّى لَهُ الْإِمَامُ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ حِفْظِ الْحِصْنِ: الْإِجَارَةُ لَا تَنْعَقِدُ حَيْثُ لَمْ يُخَاطِبْ قَوْمًا مُعَيَّنِينَ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ فِي الزَّمَانِ الثَّانِي حَيْثُ يَشْتَغِلُ الْحَافِظُ بِالْحِفْظِ وَيَرْضَى بِهِمْ الْإِمَامُ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ بِالتَّعَاطِي وَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. مَنْ ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ وَاحِدٌ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِوَاحِدٍ فَدَلَّهُ هُوَ بِالْكَلَامِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ مَشَى مَعَهُ حَتَّى أَرْشَدَهُ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ قَالَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ قَالَ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَهُ كَذَا يَصِحُّ وَيَتَعَيَّنُ الْأَجْرُ بِالدَّلَالَةِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ كَلْبًا مُعَلَّمًا لِيَصِيدَ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَكَذَا الْبَازِي وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ إذَا اسْتَأْجَرَ الْكَلْبَ أَوْ الْبَازِيَ وَبَيَّنَ لِذَلِكَ وَقْتًا مَعْلُومًا يَجُوزُ إنَّمَا لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ وَقْتًا مَعْلُومًا وَلَوْ اسْتَأْجَرَ سِنَّوْرًا لِيَأْخُذَ الْفَأْرَةَ فِي بَيْتِهِ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ كَلْبًا لِيَحْرُسَ دَارِهِ قَالُوا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ قِرْدًا لِكَنْسِ الْبَيْتِ قَالَ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ إذَا بَيَّنَ الْمُدَّةَ لِأَنَّ الْقِرْدَ يُضْرَبُ وَيَعْمَلُ بِالضَّرْبِ بِخِلَافِ السِّنَّوْرِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا اسْتَأْجَرَ دِيكًا لِيَصِيحَ لَمْ يَجُزْ وَذَكَرَ ثَمَّةَ أَصْلًا فَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا يَكُونُ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْإِنْسَانُ أَنْ يَضْرِبَهُ حَتَّى يَفْعَلَ فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِيهِ وَالْإِجَارَةُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ عَسْبِ التَّيْسِ وَهُوَ أَنْ يُؤَاجِرَ فَحْلًا لِيَنْزُوَ عَلَى الْإِنَاثِ وَالْعَسْبُ هُوَ الْأُجْرَةُ الَّتِي تُؤْخَذُ عَلَى ضَرَبَ الْفَحْلِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ ثِيَابًا لِيَبْسُطَهَا فِي دَارِهِ وَلَا يَجْلِسُ عَلَيْهَا وَلَا يَنَامُ وَلَكِنْ لِيَتَجَمَّلَ بِهَا لَا يَجُوزُ وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَتَّخِذَهَا جَنِيبَةً. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْبِطَهَا عَلَى بَابِهِ لِيَرَى النَّاسُ أَنَّ لَهُ فَرَسًا أَوْ آنِيَةٌ يَضَعُهَا فِي بَيْتِهِ لِيَتَجَمَّلَ بِهَا وَلَا يَسْتَعْمِلُهَا أَوْ دَارًا لَا يَسْكُنُهَا لَكِنْ لِيَظُنَّ النَّاسُ أَنَّ لَهُ دَارًا أَوْ عَبْدًا عَلَى أَنْ لَا يَسْتَخْدِمَهُ أَوْ دَرَاهِمَ يَضَعُهَا فِي بَيْتِهِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَلَا أَجْرَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ قَدْ يَكُونُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لِيَنْتَفِعَ بِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْمُنْتَقَى اسْتَأْجَرَ تَيْسًا أَوْ كَبْشًا لِلدَّلَالَةِ لِيَسُوقَ بِهِ الْغَنَمَ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَرْعَى غَنَمُهُ الْقَصِيلَ أَوْ شَاةً لِيَجُزَّ صُوفَهَا فَهُوَ فَاسِدٌ كُلُّهُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ

الباب السابع عشر فيما يجب على المستأجر وفيما يجب على الآجر

الصُّوفِ وَالْقَصِيلِ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْآخَرِ وَقَدْ اسْتَوْفَاهُ فَاسِدًا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ لِيَرْعَى الْكَلَأَ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ الْكَلَأَ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى اسْتَأْجَرَ سَيْفًا شَهْرًا لِيَتَقَلَّدَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ قَوْسًا شَهْرًا لِيَرْمِيَ عَنْهُ يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَضَعَ فِيهَا الشَّبَكَةَ وَوَقَّتَ يَجُوزُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. أَمَرَهُ لِيَتَّخِذَ لَهُ قُمْقُمَةً مِنْ الصُّفْرِ الْمَغْصُوبِ بِكَذَا مِنْ الْأَجْرِ فَفَعَلَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَاصِبٌ فَلَهُ الْأَجْرُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. السَّارِقُ أَوْ الْغَاصِبُ اسْتَأْجَرَ لِيَحْمِلَ الْمَسْرُوقَ وَالْمَغْصُوبَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ نَقْلَ مَالِ الْغَيْرِ مَعْصِيَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَفِيمَا يَجِبُ عَلَى الْآجِرِ] (الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَفِيمَا يَجِبُ عَلَى الْآجِرِ) قَالَ نَفَقَةُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْآجِرِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَلَفُ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَسَقْيُهَا عَلَى الْمُوجِرِ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ فَإِنْ عَلَفَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَفِي إجَارَةِ الدَّارِ وَعِمَارَةِ الدَّارِ وَتَطْيِينِهَا وَإِصْلَاحِ الْمِيزَابِ وَمَا كَانَ مِنْ الْبِنَاءِ يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ سُتْرَةٍ تَرْكُهَا يُخِلُّ بِالسُّكْنَى يَكُونُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ فَإِنْ أَبَى صَاحِبُ الدَّارِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ اسْتَأْجَرَهَا وَهِيَ كَذَلِكَ وَقَدْ رَآهَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ رَاضِيًا بِالْعَيْبِ، وَفِي عُمْدَةِ الْفَتَاوَى لِأَوْحَدِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا وَشَحَنَهُ تِبْنًا ثُمَّ وَكَفَ الْمَاءُ مِنْ السَّقْفِ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْبَيْتِ عَلَى إصْلَاحِ سَقْفِهِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا وَلَا زُجَاجَ فِيهَا أَوْ فِي سَطْحِهَا ثَلْجٌ وَعَلِمَ بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ عَلَى رَبِّ الدَّارِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ امْتَلَأَ مِنْ فِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَالُوا فِي الْمُسْتَأْجِرِ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَفِي الدَّارِ تُرَابٌ مِنْ كَنْسِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَهُ لِأَنَّهُ حَدَثَ بِفِعْلِهِ فَصَارَ كَتُرَابٍ وَضَعَهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ امْتَلَأَ خَلَاؤُهَا وَمَجَارِيهَا مِنْ فِعْلِهِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ نَقْلُهُ لِأَنَّهُ حَدَثَ بِفِعْلِهِ فَيَلْزَمُهُ نَقْلُهُ كَالْكُنَاسَةِ وَالرَّمَادِ إلَّا أَنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا وَجَعَلُوا نَقْلَ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ مَا كَانَ مَغِيبًا فِي الْأَرْضِ فَنَقْلُهُ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ فَحَمَلُوا ذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ وَإِنْ كَانَ أَصْلَحَ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِمَا أَنْفَقَ وَكَانَ مُتَبَرِّعًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. زُجَاجُ الْكُوَّةِ وَإِصْلَاحُ السُّلَّمِ عَلَى الْآجِرِ وَفِي رَفْعِ الثَّلْجِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالْمُفْتِينَ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. كَرْيُ الْأَنْهَارِ وَإِصْلَاحُ الْمُسَنَّاةِ عَلَى الْآجِرِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ مَاءِ الْبِئْرِ لِلْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا مِنْ مَاءِ الْبِئْرِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ عَلَى مَا عُلِمَ فَبَعْدَ الْإِجَارَةِ أَوْلَى، وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ فَأْرَةٌ أَوْ نَزَلَ بِهَا آفَةٌ فَلَيْسَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إصْلَاحُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي إجَارَةِ الْحَمَّامِ نَقْلُ الرَّمَادِ وَالسِّرْقِينِ وَتَفْرِيغُ مَوْضِعِ الْغُسَالَةِ يَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَسِيلُ ظَاهِرًا أَوْ مُسَقَّفًا فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الْآجِرِ فِي الْإِجَارَةِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ وَالشَّرْطُ فَإِنْ أَنْكَرَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَكُونَ الرَّمَادُ مِنْ فِعْلِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اكْتَرَى حِمَارًا فَعَيِيَ فِي الطَّرِيقِ فَأَمَرَ الْمُكْتَرِي رَجُلًا أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْحِمَارِ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ إنْ عَلِمَ الْمَأْمُورُ أَنَّ الْحِمَارَ لِغَيْرِ الْآمِرِ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُورُ أَنَّ الْحِمَارَ لِغَيْرِ الْآمِرِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْآمِرُ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ [وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْبَابِ فَصْلُ التَّوَابِعِ] (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْبَابِ فَصْلُ التَّوَابِعِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا وَقَعَتْ عَلَى عَمَلٍ فَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الْأَجِيرِ فَالْمَرْجِعُ فِيهِ الْعُرْفُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي نَسْجِ الثَّوْبِ الدَّقِيقِ يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ ثَوْبًا

كَانَ السِّلْكُ وَالْإِبْرَةُ عَلَى الْخَيَّاطِ وَهَذَا فِي عُرْفِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا السِّلْكُ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ حَرِيرًا فَالْإِبْرَيْسَمُ الَّذِي يُخَاطُ بِهِ الثَّوْبُ يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ وَفِي اسْتِئْجَارِ اللَّبَّانِ الْمَلْبَنَ يَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ وَالتُّرَابُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِخْرَاجُ الْخُبْزِ مِنْ التَّنُّورِ يَكُونُ عَلَى الْخَبَّازِ وَجَعْلُ الْمَرَقَةِ فِي الْقِصَاعِ يَكُونُ عَلَى الطَّبَّاخِ إذَا اُسْتُؤْجِرَ لِطَبْخِ عُرْسٍ أَوْ وَلِيمَةٍ، وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ لِطَبْخِ قِدْرٍ خَاصٍّ لَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الطَّبَّاخِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا تَكَارَى دَابَّةً لِلْحَمْلِ فَفِي الْإِكَافِ وَالْحِبَالِ وَالْجَوَالِقِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ وَكَذَا إذَا تَكَارَاهَا لِلرُّكُوبِ فَفِي اللِّجَامِ وَالسَّرْجِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ أَيْضًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى سَمَرْقَنْدَ أَوْ إلَى بُخَارَى فَإِذَا دَخَلَ الْمُكَارِي الْبَلْدَةَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ إلَى بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ اسْتِحْسَانًا. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ تَكَارَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا صَاحِبُ الدَّابَّةِ الْحِمْلَ فَإِنْزَالُ الْحِمْلِ عَنْ الدَّابَّةِ يَكُونُ عَلَى الْمُكَارِي وَإِدْخَالُ الْحِمْلِ فِي الْمَنْزِلِ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي عُرْفِهِمْ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِدْخَالُ الْحِمْلِ فِي الْمَنْزِلِ يَكُونُ عَلَى الْحَمَّالِ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ أَنْ يَصْعَدَ بِهِ عَلَى السَّطْحِ أَوْ الْغُرْفَةِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ كَذَا صَبُّ الطَّعَامِ فِي الْحُقَقِ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ إلَّا بِالشَّرْطِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَازِلِ وَكَذَا كَرْيُ نَهْرٍ رَحَى الْمَاءِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالرَّحَى إلَّا بِالْمَاءِ وَالْمَاءُ لَا يَجْرِي إلَّا بِكَرْيِ النَّهْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرْطُ الْكَرْيِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ وَرَّاقًا فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْحِبْرَ وَالْبَيَاضَ فَاشْتِرَاطُ الْحِبْرِ جَائِزٌ وَاشْتِرَاطُ الْبَيَاضِ فَاسِدٌ وَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَسُئِلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ قَصَّارًا لِيُقَصِّرَ لَهُ الثَّوْبَ فَعَلَى مَنْ يَجِبُ حَمْلُ الثِّيَابِ قَالَ أَسْتَحْسِنُ أَنْ يَكُونَ حَمْلُ الثِّيَابِ عَلَى الْقَصَّارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَصَّارُ قَدْ اشْتَرَطَ عَلَى رَبِّ الثِّيَابِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الْحَمَّالَ لِيَحْمِلَ الْحِنْطَةَ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ عَلَى دَوَابِّ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْحَبْلُ وَالْجَوَالِقُ يَكُونَانِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي عُرْفِنَا الْجَوَالِقُ يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْحِمْلِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَى الْحَمَّالِ وَالْحَبْلُ عَلَى الْحَمَّالِ لِأَنَّ الْحَبْلَ يَكُونُ لِصِيَانَةِ الْحِمْلِ عَنْ الْوُقُوعِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ لَهُ الْأَحْمَالَ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَمَّا بَلَغَ الْحَمَّالُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ نَزَلَ فِي دَارٍ وَأَنْزَلَ الْأَحْمَالَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ وَزَنَهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَلَمْ يَرْفَعْهَا صَاحِبُهَا أَيَّامًا ثُمَّ اخْتَصَمُوا فِي أَجْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَرَبُّ الدَّارِ يُطَالِبُ الْحَمَّالَ بِالْكِرَاءِ قَالُوا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا اسْتَأْجَرَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ لِوَضْعِ الْأَحْمَالِ فِيهِ كَانَ الْكِرَاءُ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَ، وَإِنْ وَضَعَ الْأَحْمَالَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ فَالْكِرَاءُ بَعْدَ الْوَزْنِ، وَالتَّسْلِيمُ يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْأَحْمَالِ وَقِيلَ ذَلِكَ يَكُونُ عَلَى الْحَمَّالِ، وَإِنْ طَالَبَ صَاحِبُ الْأَحْمَالِ مِنْ الْحَمَّالِ أَنْ يَزِنَ ثَانِيًا لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أُجْرَةِ الْكَيَّالِ عَلَى مَنْ تَجِبُ قَالَ عَلَى الْبَائِعِ وَوَزْنُ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ الْعِنَبَ فِي الْكَرْمِ عَلَى مَنْ قَطْفُ الْعِنَبِ وَوَزْنُهُ؟ قَالَ: إذَا بَاعَ مُجَازَفَةً فَالْقَطْعُ وَالْجَمْعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِذَا بَاعَ مُوَازَنَةً فَعَلَى الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَحْتَالَ الْبَائِعُ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الْوَزْنُ فَيَقُولَ إنَّهَا بِالْوَزْنِ كَذَا إمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا يُكَلِّفُهُ الْوَزْنَ وَإِمَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ فَيُكَلِّفَهُ وَزْنَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ مَخْتُومَ حِنْطَةٍ فَاسْتَأْجَرَ الْمُقْرِضُ مَنْ يَحْمِلُهُ عَلَى مَنْ يَجِبُ الْكِرَاءُ؟ قَالَ عَلَى الْمُقْرِضِ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ الْمُسْتَقْرِضُ اسْتَأْجِرْ إلَيَّ مَنْ يَحْمِلُ فَالْأَجْرُ عَلَى الْمُقْرِضِ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَقْرَضِ بِذَلِكَ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَسُئِلَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ عَنْ حَمَّالٍ وَقَفَ فِي الطَّرِيقِ أَيَّامًا حَتَّى لَزِمَ صَاحِبُ الْأَحْمَالِ أَجْرَ الْأَوْعِيَةِ أَجْرًا كَثِيرًا عَلَى مَنْ تَكُونُ أُجْرَةُ الْأَوْعِيَةِ؟ قَالَ نَصَّارٌ: الْحَمَّالُ فِي وُقُوفِهِ فِي الطَّرِيقِ مُخَالِفًا وَغَاصِبًا عَلَيْهِ رَدُّ مَا قَبَضَ مِنْ الْأَجْرِ مِنْ هُنَا إلَى مَالِكِ الْأَحْمَالِ وَأَجْرُ الْأَوْعِيَةِ عَلَى صَاحِبِ الْأَحْمَالِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الباب الثامن عشر الإجارة التي تجري بين الشريكين

[الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ الْإِجَارَةُ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ] (الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْإِجَارَةِ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَاسْتِئْجَارِ الْأَجِيرَيْنِ) فِي الْعُيُونِ رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا طَعَامٌ اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ دَابَّةً لِيَحْمِلَ نَصِيبَهُ مِنْ الطَّعَامِ إلَى مَكَانِ كَذَا وَالطَّعَامُ غَيْرُ مَقْسُومٍ فَحَمَلَ كُلٌّ الطَّعَامَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ لَا أَجْرَ لَهُ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا سَفِينَةٌ فَأَرَادَ نَقْلَ الطَّعَامِ إلَى بَلَدٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلَّذِي لَهُ السَّفِينَةُ أَجِّرْنِي نِصْفَ سَفِينَتِك أَحْمِلْ عَلَيْهَا حِصَّتِي مِنْ الطَّعَامِ وَحِصَّتَك مِنْهُ فِي نِصْفِ سَفِينَتِك فَفَعَلَ جَازَ وَكَذَا إذَا أَرَادَا أَنْ يَطْحَنَاهُ وَلِأَحَدِهِمَا رَحًى فَاسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ الرَّحَى الَّتِي لِشَرِيكِهِ. وَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْت مِنْك عَبْدَك لِيَحْمِلَ هَذَا الطَّعَامَ الَّذِي بَيْنَنَا لَمْ يَجُزْ وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْحِفْظِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ شَيْءٍ اسْتَأْجَرَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ مِمَّا يَكُونُ مِنْهُ عَمَلٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ عَمِلَ فَلَا أَجْرَ لَهُ مِثْلُ الدَّابَّةِ وَكُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ يَكُونُ مِنْهُ الْعَمَلُ اسْتَأْجَرَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ فَهُوَ جَائِزٌ مِثْلُ الْجَوَالِقِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا الْخِلَافُ رِوَايَةُ الْمَبْسُوطِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ لَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْ صَاحِبِهِ بَيْتًا أَوْ حَانُوتًا لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الْأُجْرَةُ إلَّا بِإِيقَاعِ الْعَمَلِ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ فَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ لَمْ يَجُزْ مِثْلُ أَنْ يُسْتَأْجَرَ لِيَنْقُلَ الطَّعَامَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغُلَامِهِ أَوْ بِدَابَّتِهِ أَوْ لِقِصَارَةِ الثَّوْبِ وَكُلُّ مَا لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِغَيْرِ إيقَاعِ الْعَمَلِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ مِثْلُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْهُ دَارًا لِيُحْرِزَ فِيهَا الطَّعَامَ أَوْ سَفِينَةً أَوْ جَوَالِقَ أَوْ رَحًى قَالَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ الْفَتْوَى عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْعُيُونِ وَالْقُدُورِيُّ. كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ اسْتَأْجَرَ رَجُلَيْنِ يَحْمِلَانِ لَهُ هَذِهِ الْخَشَبَةَ إلَى مَنْزِلِهِ بِدِرْهَمٍ فَحَمَلَهَا أَحَدُهُمَا فَلَهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ إذَا لَمْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْحِمْلِ وَالْعَمَلِ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَهُمَا لِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ وَلَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْعَمَلِ يَجِبُ الْأَجْرُ كُلُّهُ وَيَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَيَصِيرُ عَمَلُ أَحَدِهِمَا بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ كَعَمَلِهِمَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْ الْعَبْدِ لِيَخِيطَ لَهُ الثِّيَابَ جَازَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْأَصْلِ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ قَوْمًا يَحْفِرُونَ لَهُ سِرْدَابًا إجَارَةً صَحِيحَةً فَعَمِلُوا إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ عَمِلَ أَكْثَرَ مِمَّا عَمِلَ الْآخَرُ كَانَ الْأَجْرُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّتَيْنِ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِمَا عِشْرِينَ مَخْتُومًا مِنْ الْحِنْطَةِ بِكَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْعَشَرَةِ فَلَوْ حَمَلَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَكْثَرَ مِنْ الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ يَقْسِمُ الْأَجْرَ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ أَجْرِ مِثْلِهِمَا؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ الدَّابَّتَيْنِ تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ يَخْتَلِفُ الْأَجْرُ بِمِثْلِهِ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْأُجَرَاءِ فِي عَمَلٍ وَاحِدٍ تَفَاوُتٌ يَسِيرٌ فَلَا يُعْتَبَرُ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْأُجَرَاءِ فِي الْعَمَلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَفَاوُتًا فَاحِشًا أَمَّا إذَا فَحُشَ التَّفَاوُتُ لَا يُقَسَّمُ الْأَجْرُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّتَيْنِ. وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ أَحَدُهُمَا لِمَرَضٍ أَوْ عُذْرٍ آخَرَ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا شِرْكَةٌ بِأَنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِي تَقَبُّلِ هَذَا الْعَمَلِ سَقَطَ حِصَّتَهُ أَجْرُ الْمَرِيضِ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي تَقَبُّلِ هَذَا الْعَمَلِ يَجِبُ كُلُّ الْأَجْرِ وَتَكُونُ حِصَّةُ الْمَرِيضِ لَهُ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَانِعَانِ آجَرَ أَحَدُهُمَا آلَةَ عَمَلِهِ مِنْ الْآخَرِ ثُمَّ اشْتَرَكَا فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى كُلِّ شَهْرٍ يَجِبُ الْأَجْرُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَلَا يَجِبُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ الشَّرِكَةَ طَرَأَتْ عَلَى الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ فَلَا تُبْطِلُهَا، وَفِي الشَّهْرِ الثَّانِي الشَّرِكَةُ سَبَقَتْ الْإِجَارَةَ فَمَنَعَتْ انْعِقَادَهَا فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ. وَإِنْ آجَرَهَا عَشْرَ سِنِينَ فَالْأَجْرُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ قَدْ صَحَّتْ فِي كُلِّ الْمُدَّةِ الْمُسَمَّاةِ فَلَا تُبْطِلُهَا لِجَرَيَانِ الشَّرِكَةِ عَلَيْهَا وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الشَّرِكَةُ تُوهِنُ الْإِجَارَةَ وَصُورَةُ مَا نُقِلَ عَنْهُ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ حَانُوتًا ثُمَّ اشْتَرَكَا فِي عَمَلٍ يَعْمَلَانِهِ فِي ذَلِكَ الْحَانُوتِ وَبِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ يُفْتَى وَيَسْقُطُ الْأَجْرُ إنْ

الباب التاسع عشر في فسخ الإجارة بالعذر

عَمِلَا فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. آجَرَتْ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَسُكْنَاهَا جَمِيعًا ذُكِرَ هَهُنَا أَنَّهُ لَا أَجْرَ لَهَا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِئْجَارِهَا لِلطَّبْخِ أَوْ لِلْخُبْزِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ قَالَ قَاضِي خَانْ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ. كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَفِي آخِرِ بَابِ إجَارَةِ الدُّورِ مِنْ إجَارَاتِ الْأَصْلِ إذَا تَكَارَى دَارًا شَهْرًا فَأَقَامَ مَعَهُ رَبُّ الدَّارِ فِيهَا إلَى آخِرِ الشَّهْرِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَا أُعْطِيك الْأَجْرَ لِأَنَّك لَمْ تُخَلِّ بَيْنِي وَبَيْنَ الدَّارِ فَعَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ مَا كَانَ فِي يَدِهِ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِع عَشَرَ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِالْعُذْرِ] (الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِالْعُذْرِ وَبَيَانِ مَا يَصْلُحُ عُذْرًا وَمَا لَا يَصْلُحُ وَفِيمَا يَكُونُ فَسْخًا وَفِي الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْفَسْخِ وَمَا لَا يَكُونُ فَسْخًا) الْأَصْلُ أَنَّ الْإِجَارَةَ مَتَى وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالِاسْتِكْتَابِ يَقَعُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْكَاغَدِ وَالْحِبْرِ وَكَرْبِ الْأَرْضِ فِي الْمُزَارَعَةِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَالْمُزَارَعَةَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَيَخْرُجُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ جَوَابُ كَثِيرٍ مِنْ الْوَاقِعَاتِ فَيَجِبُ أَنْ يُحْفَظَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْإِجَارَةُ تُنْقَضُ بِالْأَعْذَارِ عِنْدَنَا وَذَلِكَ عَلَى وُجُوهٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قِبَلِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِذَا تَحَقَّقَ الْعُذْرُ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تُنْقَضُ وَفِي بَعْضِهَا تُنْقَضُ، وَمَشَايِخُنَا وَفَّقُوا فَقَالُوا: إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِغَرَضٍ وَلَمْ يَبْقَ ذَلِكَ الْغَرَضُ أَوْ كَانَ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْجَرْيِ عَلَى مُوجَبِ الْعَقْدِ شَرْعًا تَنْتَقِضُ الْإِجَارَةُ مِنْ غَيْرِ نَقْضٍ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِقَطْعِ يَدِهِ عِنْدَ وُقُوعِ الْأَكَلَةِ أَوْ لِقَطْعِ السِّنِّ عِنْدَ الْوَجَعِ فَبَرِئَتْ الْأَكَلَةُ وَزَالَ الْوَجَعُ تَنْتَقِضُ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْجَرْيُ عَلَى مُوجَبِ الْعَقْدِ شَرْعًا، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا إلَى بَغْدَادَ لِطَلَبِ غَرِيمٍ لَهُ أَوْ لِطَلَبِ عَبْدٍ آبِقٍ لَهُ ثُمَّ حَضَرَ الْغَرِيمُ وَعَادَ الْعَبْدُ مِنْ الْإِبَاقِ تَنْتَقِضُ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ لِغَرَضٍ وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ الْغَرَضُ وَكَذَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ فِي بِنَاءِ دَارِهِ خَلَلًا فَاسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِهَدْمِ الْبِنَاءِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبِنَاءِ خَلَلٌ أَوْ اسْتَأْجَرَ طَبَّاخًا لِوَلِيمَةِ الْعُرْسِ فَمَاتَتْ الْعَرُوسُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكُلُّ عُذْرٍ لَا يَمْنَعُ الْمُضِيَّ فِي مُوجَبِ الْعَقْدِ شَرْعًا وَلَكِنْ يَلْحَقُهُ نَوْعُ ضَرَرٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْفَسْخِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا تَحَقَّقَ الْعُذْرُ وَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى النَّقْضِ هَلْ يَتَفَرَّدُ صَاحِبُ الْعُذْرِ بِالنَّقْضِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَاءِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعُذْرَ إذَا كَانَ ظَاهِرًا يَتَفَرَّدُ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَبَهًا لَا يَتَفَرَّدُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْعَيْبُ إذَا حَدَثَ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَإِنْ كَانَ عَيْبًا لَا يُؤَثِّرُ فِي اخْتِلَالِ الْمَنَافِعِ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارٌ نَحْوَ الْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ لِلْخِدْمَةِ إذَا ذَهَبَتْ إحْدَى عَيْنَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِالْخِدْمَةِ أَوْ سَقَطَ شَعْرُهُ أَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ مِنْ الدَّارِ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِالسُّكْنَى، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا يُؤَثِّرُ فِي اخْتِلَالِ الْمَنَافِعِ كَالْعَبْدِ إذَا مَرِضَ وَالدَّابَّةِ إذَا دَبِرَتْ وَالدَّارِ إذَا انْهَدَمَ بَعْضُ بِنَائِهَا أَوْ سَقَطَ حَائِطٌ يَضُرُّ بِالسُّكْنَى فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ فَإِنْ شَاءَ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ مَعَ الْعَيْبِ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْبَدَلِ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْعَقْدَ. كَذَا فِي السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ بَنَى الْآخَرُ الْحَائِطَ قَبْلَ فَسْخِ الْمُسْتَأْجِرِ الْعَقْدَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ لِزَوَالِ الْعَيْبِ كَمَا لَوْ بَرِئَ قَبْلَ الْفَسْخِ وَإِذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ فَسْخَ الْعَقْدِ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْعَارِضِ فَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الْفَسْخُ بِحَضْرَةِ رَبِّ الدَّارِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَلَوْ خَرَجَ حَالَ غَيْبَةِ الْآجِرِ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كَمَا لَوْ سَكَنَ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاقٍ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مَعَ التَّغَيُّرِ. كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ كُلُّهَا فَلَهُ الْفَسْخُ مِنْ غَيْرِ حَضْرَةِ رَبِّ الدَّارِ لَكِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْعَرْصَةِ مُمْكِنٌ. إلَيْهِ ذَهَبَ خُوَاهَرْ زَادَهْ. وَفِي إجَارَاتِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ إذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ كُلُّهَا الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ لَكِنْ سَقَطَ الْأَجْرُ عَنْهُ فُسِخَ أَوْ لَمْ يُفْسَخْ كَذَا فِي الصُّغْرَى. إذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ وَسَكَنَ فِي الْعَرْصَةِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَلَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا وَسَكَنَ فِي الْبَاقِي لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ وَكَذَا لَوْ آجَرَ دَارًا عَلَى أَنَّ فِيهَا ثَلَاثَ بُيُوتٍ فَإِذَا هِيَ بَيْتَانِ يَجِبُ أَنْ يَتَخَيَّرَ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْمُؤَاجِرُ إذَا نَقَضَ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَ بِرِضَا الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَلَا تَنْتَقِضُ الْإِجَارَةُ بِغَيْرِ فَسْخٍ وَيَسْقُطُ الْأَجْرُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ كَمَا لَوْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ وَلَا تَنْتَقِضُ الْإِجَارَةُ إلَيْهِ أَشَارَ فِي

الْأَصْلِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ وَبَنَاهَا الْآجِرُ فَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَسْكُنَ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ لَمْ يَكُنْ لِلْآجِرِ أَنْ يَمْنَعَهُ أَرَادَ بِذَلِكَ إذَا بَنَاهَا الْآجِرُ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السَّفِينَةِ إذَا نُقِضَتْ فَصَارَتْ أَلْوَاحًا ثُمَّ رَكِبَهَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى تَسْلِيمِهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْفَسَخَ بِهَلَاكِ السَّفِينَةِ فَأَمَّا إذَا أُعِيدَتْ صَارَتْ سَفِينَةً أُخْرَى أَلَا يُرَى أَنَّ لِلْغَاصِبِ إذَا غَصَبَ الْأَلْوَاحَ فَجَعَلَهَا سَفِينَةً مَلَكَهَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَرُوِيَ فِي الْأَصْلِ إذَا خَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الدَّارِ بِعُذْرٍ سَقَطَ عَنْهُ الْأَجْرُ وَفِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا يَسْقُطُ إلَّا إذَا سَكَنَ الْآجِرُ الدَّارَ فَيَكُونُ رِضًا بِالْفَسْخِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. اسْتَأْجَرَ دَارًا فَانْهَدَمَ بَعْضُهَا وَالْآجِرُ غَائِبٌ أَوْ مُتَمَرِّدٌ لَا يَحْضُرُ مَجْلِسَ الْقَاضِي لَا يَنْفَسِخُ وَيُنَصِّبُ الْقَاضِي وَكِيلًا عَنْهُ فَيَفْسَخُهُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ أَرَادَ رَبُّ الْعَبْدِ أَنْ يُسَافِرَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا آجَرَ عَقَارًا ثُمَّ سَافَرَ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ إذْ الْمُسْتَأْجِرُ يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ غِيبَتِهِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ السَّفَرَ فَهُوَ عُذْرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنْعِ مِنْ السَّفَرِ وَإِلْزَامِ الْآجِرِ بِدُونِ السُّكْنَى وَالِانْتِفَاعِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَيْسَ لِلْمُؤَاجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إذَا وَجَدَ زِيَادَةً عَلَى الْأُجْرَةِ الَّتِي آجَرَ بِهَا، وَإِنْ كَانَ أَضْعَافًا. كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى حِرْفَةٍ أُخْرَى مِثْلَ أَنْ يَتْرُكَ التِّجَارَةَ وَيَأْخُذَ فِي الزِّرَاعَةِ أَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَتَرَكَهَا وَأَخَذَ فِي التِّجَارَةِ فَهُوَ عُذْرٌ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا لِيَتَّجِرَ فِي السُّوقِ ثُمَّ كَسَدَ السُّوقُ حَتَّى لَا يُمْكِنُهُ التِّجَارَةُ فَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ عُذْرٌ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. اكْتَرَى إبِلًا مِنْ الْكُوفَةِ إلَى بَغْدَادَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَكْتَرِيَ بَغْلًا فَلَيْسَ بِعُذْرٍ أَمَّا لَوْ اشْتَرَى بَعِيرًا أَوْ دَابَّةً فَهُوَ عُذْرٌ هَكَذَا فِي الْكُبْرَى. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى بَغْدَادَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَقْعُدَ عَنْ السَّفَرِ أَوْ اكْتَرَى إبِلًا لِلْحَجِّ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ أَوْ مَرِضَ وَعَجَزَ عَنْ السَّفَرِ كَانَ عُذْرًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا انْهَدَمَ مَنْزِلُ الْمُؤَاجِرِ وَلَمْ يَكُنْ مَنْزِلٌ آخَرُ فَأَرَادَ أَنْ يَسْكُنَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ التَّحَوُّل مِنْ الْمِصْرِ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ الْمَنْزِلُ مَعَ نَفْسِهِ فَلَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ فَوْقَ مَا الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا بَيْتًا فِي السُّوقِ يَبِيعُ فِيهِ وَيَشْتَرِي فَلَحِقَ الْمُسْتَأْجِرَ دَيْنٌ أَوْ أَفْلَسَ فَقَامَ مِنْ السُّوقِ فَهَذَا عُذْرٌ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ التَّحَوُّلَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فَإِنْ قَالَ رَبُّ الْبَيْتِ إنَّهُ يَتَعَلَّلُ وَلَا يُرِيدُ الْخُرُوجَ حَلَّفَ الْقَاضِي الْمُسْتَأْجِرَ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ التَّحَوُّلَ مِنْ تِلْكَ التِّجَارَةِ إلَى تِجَارَةٍ أُخْرَى فَهَذَا عُذْرٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا لِيَعْمَلَ فِيهِ عَمَلًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْ تِلْكَ الصَّنْعَةِ إلَى صَنْعَةٍ أُخْرَى فَإِنْ تَهَيَّأَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ الصَّنْعَةَ الثَّانِيَةَ فِي ذَلِكَ الْحَانُوتِ لَيْسَ لَهُ النَّقْضُ وَإِلَّا فَلَهُ النَّقْضُ لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ الْعُذْرُ. كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَإِنْ وَجَدَ بَيْتًا هُوَ أَرْخَصُ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى مَنْزِلًا فَأَرَادَ التَّحَوُّلَ إلَيْهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا إلَى بَغْدَادَ فَبَدَا لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ لَا يَخْرُجَ فَهَذَا عُذْرٌ وَلَوْ قَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ إنَّهُ يَتَعَلَّلُ فَالسَّبِيلُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لَهُ اصْبِرْ فَإِنْ خَرَجَ فَقَدَ الدَّابَّةَ مَعَهُ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ خُطُوَاتُ الدَّابَّةِ فَإِذَا قَادَهَا مَعَهُ فَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ، وَلَوْ مَرِضَ أَوْ لَزِمَهُ غُرْمٌ أَوْ خَافَ أَمْرًا أَوْ عَثَرَتْ الدَّابَّةُ أَوْ أَصَابَهَا شَيْءٌ لَا يَسْتَطِيعُ الرُّكُوبَ مَعَهُ فَبَعْضُ هَذَا عَيْبٌ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَبَعْضُهُ عُذْرٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْخُرُوجِ، وَإِنْ عَرَضَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ مَرَضٌ لَا يَسْتَطِيعُ الشُّخُوصَ مَعَ دَابَّتِهِ لَمْ تُنْقَضْ الْإِجَارَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَبَسَهُ غَرِيمٌ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَذْهَبَ بِحُمُولَتِهِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَمَّا سَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَذْهَبَ وَيَتْرُكَ الْإِجَارَةَ وَطَلَبَ مِنْ الْآجِرِ نِصْفَ الْأَجْرِ قَالُوا إنْ كَانَ النِّصْفُ الثَّانِي مِنْ الطَّرِيقِ مِثْلَ الْأَوَّلِ فِي السُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا يَسْتَرِدُّ بِقَدْرِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. آجَرَ دَارِهِ ثُمَّ أَرَادَ نَقْضَ إجَارَتِهَا وَبَيْعَهَا لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ وَلِعِيَالِهِ فَلَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَإِذَا لَحِقَ الْآخَرَ دَيْنٌ فَادِحٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ فَهَذَا عُذْرٌ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَيَنْبَغِي لِلْآجِرِ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَفْسَخَ الْعَقْدَ وَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ لَمْ يَصِحَّ مَا لَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. ثُمَّ إذَا رَفَعَ الْآجِرُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي إنْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَرْفَعَ

الْإِجَارَةَ فَالْقَاضِي لَا يَنْقُضُهَا وَإِنْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَأْمُرُ الْآجِرَ أَوْ غَيْرَهُ بِالْبَيْعِ أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ فَإِذَا رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي وَأَثْبَتَ الْبَائِعُ الدَّيْنَ بِالْبَيِّنَةِ فَالْقَاضِي يُمْضِي الْبَيْعَ وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ نَقْضَ الْإِجَارَةِ فَيَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُسَلِّمُهُ إلَى الْغَرِيمِ وَإِلَى أَنْ يُمْضِيَ الْقَاضِي الْبَيْعَ فَالْأُجْرَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَكَانَ الْأَجْرُ لِلْآجِرِ وَيَكُونُ طَيِّبًا لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْآجِرَ بَاعَ الدَّارَ بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمُوا إلَى الْقَاضِي ثُمَّ تَقَدَّمُوا إلَى الْقَاضِي فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ الدَّارِ حَتَّى يَنْقُضَ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَتَنْفِيذِهِ هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْآجِرِ ظَاهِرًا مَعْلُومًا لِلْقَاضِي وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا مَعْرُوفًا، وَإِنَّمَا عُرِفَ بِإِقْرَارِ الْآجِرِ وَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ فِي إقْرَارِهِ وَكَذَّبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِيعَتْ الْأَرْضُ وَنُقِضَتْ الْإِجَارَةُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا تُبَاعُ الْأَرْضُ وَلَا تُنْقَضُ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا بَاعَهُ الْقَاضِي يَبْدَأُ بِدَيْنِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ ثَمَنِهَا فَمَا فَضُلَ فَلِلْغُرَمَاءِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الثَّمَنِ فَضْلٌ لَمْ يُفْسَخْ وَبَعْدَ الْفَسْخِ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الدَّارَ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ مَا عَجَّلَ وَقِيلَ يَحِلُّ لَهُ السُّكْنَى فِي الدَّارِ لِأَنَّ الْآجِرَ أَذِنَ لَهُ فِي السُّكْنَى مُطْلَقًا مَا لَمْ يَصِلْ الْأَجْرُ إلَيْهِ وَلَوْ هَلَكَ زَمَانُ الْحَبْسِ يَهْلِكُ أَمَانَةً بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَلَوْ مَاتَ الْآجِرُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ كَمَا هُوَ فِي الرَّهْنِ وَلَوْ كَانَ أَرْضًا زَرَعَهَا لَمْ يُفْسَخْ لِعُذْرِ الدَّيْنِ حَتَّى يُدْرِكَ الزَّرْعُ وَيَخْرُجَ الْآجِرُ مِنْ السِّجْنِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الدَّارَ مُسْتَأْجَرَةٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الشِّرَاءَ وَيَصْبِرَ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَلَوْ بَاعَهَا الْآجِرُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَرَدَّ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ هَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَلَوْ بَاعَهَا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَلَوْ حَبَسَهَا فَإِنْ رَضِيَ بِالتَّسْلِيمِ ثُمَّ رَدَّ عَلَى الْآجِرِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ لَا تَعُودُ الْإِجَارَةُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ احْتَاجَ إلَى مَالِ الْإِجَارَةِ بِسَبَبِ الْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ أَوْ الْفَقْرِ أَوْ الْمَرَضِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَمَنْ آجَرَ عَبْدَهُ ثُمَّ بَاعَهُ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَر عَلَيْهِ فِي إبْقَاءِ الْعَقْدِ إلَّا قَدْرَ مَا الْتَزَمَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ وَهُوَ الْحَجْرُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ إلَى انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الْمَنْزِلَ الَّذِي آجَرَهُ لِرِبْحٍ ظَهَرَ لَهُ فِي بَيْعِ الْمَنْزِلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِيَخْدِمَهُ سَنَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَرَطْلٍ مِنْ خَمْرٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ أَرَادَ الْآجِرُ أَنْ يَنْقُضَ عَقَدَهُ بِحُكْمِ الْفَسَادِ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. خَيَّاطٌ اسْتَأْجَرَ غُلَامًا لِيَخِيطَ مَعَهُ فَأَفْلَسَ أَوْ مَرِضَ فَقَامَ عَنْ السُّوقِ فَهُوَ عُذْرٌ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمُضِيِّ وَانْتِقَالِهِ إلَى عَمَلٍ آخَرَ لَا لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْخِيَاطَةِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ حَانُوتِ عَمَلِهِ الْآخَرِ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِيُقَصِّرَ ثِيَابًا لَهُ أَوْ لِيَخِيطَ أَوْ لِيَقْطَعَ قَمِيصًا لَهُ أَوْ لِيَبْنِيَ بَيْتًا لَهُ أَوْ لِيَزْرَعَ أَرْضًا لَهُ بِبَذْرٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ لِحَفْرِ الْبِئْرِ وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ لِلْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ وَلَوْ امْتَنَعَ الْأَجِيرُ عَنْ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَغَلَبَ عَلَيْهَا الرَّمْلُ أَوْ صَارَتْ سَبْخَةً بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ غَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ وَأَصَابَهَا نَزٌّ لَا يُقْدَرُ عَلَى الزِّرَاعَةِ فَهَذَا عُذْرٌ وَفِي النَّوَازِلِ لَوْ انْقَطَعَ مَاؤُهُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ تُتْرَكُ الْأَرْضُ فِي يَدِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ حَتَّى يُدْرِكَ الزَّرْعُ فَإِنْ سَقَاهَا فَهُوَ رِضًا هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَزْرَعَ أَرْضًا أُخْرَى لَمْ يَكُنْ عُذْرًا وَفِي النَّوَازِلِ اسْتَأْجَرَ فِي قَرْيَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَتْرُكَ وَيَزْرَعَ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ سَفَرٍ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَلَا لِأَنَّ مَا دُونَ السَّفَرِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ كَالِانْتِقَالِ مِنْ مَحَلَّةٍ إلَى مَحَلَّةٍ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَإِنْ مَرِضَ الْمُسْتَأْجِرُ وَعَجَزَ عَنْ الزِّرَاعَةِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَزْرَعُ بِنَفْسِهِ يَكُونُ عُذْرًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَزْرَعُ بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ عُذْرًا. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فَمَرِضَ الْعَبْدُ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ فَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ لَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَفْسَخَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ أَبَقَ الْعَبْدُ الْمُسْتَأْجَرُ فَهُوَ عُذْرٌ، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى عَادَ مِنْ الْإِبَاقِ سَقَطَ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِهِ وَيَبْقَى الْعَقْدُ لَازِمًا فِي الْبَاقِي كَذَا

مُحِيطُ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ سَارِقًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَلَيْسَ لِمَوْلَى الْعَبْدِ فَسْخُهَا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ حَاذِقٍ لِلْعَمَلِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ فَهَذَا لَا يَكُونُ عُذْرًا لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ فَاسِدًا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى دَوَابَّ بِعَيْنِهَا لِحَمْلِ الْمَتَاعِ فَمَاتَتْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَتْ عَلَى دَوَابَّ لَا بِعَيْنِهَا وَسُلِّمَ الْأَجْرُ إلَيْهِ فَمَاتَتْ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَعَلَى الْآجِرِ أَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِلْمُؤَاجِرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ آجَرَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا فَمَرِضَتْ الدَّابَّةُ كَانَ عُذْرًا، وَإِنْ آجَرَ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَمَرِضَتْ دَابَّتُهُ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ مَا سَافَرَ وَيَبْطُلُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي امْرَأَةٍ وَلَدَتْ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ فَأَبَى الْجَمَّالُ أَنْ يُقِيمَ مَعَهَا قَالَ هَذَا عُذْرٌ وَأَنْقُضُ الْإِجَارَةَ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ مَعَ تَرْكِ الطَّوَافِ وَلَا يُمْكِنُ إلْزَامُ الْجَمَّالِ أَنْ يُقِيمَ مُدَّةَ النِّفَاسِ وَلَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَدْ بَقِيَتْ مِنْ مُدَّةِ النِّفَاسِ كَمُدَّةِ الْحَيْضِ أَوْ أَقَلَّ أُجْبِرَ الْجَمَّالُ عَلَى الْمُقَامِ مَعَهَا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا اسْتَأْجَرَ أُسْتَاذًا لِيُعَلِّمَهُ هَذَا الْعَمَلَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَمَضَى نِصْفُ السَّنَةِ فَلَمْ يُعَلِّمْهُ شَيْئًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ. مَا رَأَيْتُ رِوَايَةً فِي هَذَا لَكِنْ أَفْتَى الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلِيٌّ الْإِسْبِيجَابِيُّ فَأَفْتَيْتُ أَنَا أَيْضًا. كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَآجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ وَيَفْسَخَ الْإِجَارَةَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي التَّجْرِيدِ لَوْ آجَرَ نَفْسَهُ فِي عَمَلٍ أَوْ صِنَاعَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْعَمَلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَمَلُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِهِ وَهُوَ مِمَّا يُعَابُ بِهِ كَانَ لَهُ الْفَسْخُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا آجَرَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِمَا يُعَابُ بِهِ كَانَ لِأَهْلِهَا أَنْ يُخْرِجُوهَا مِنْ تِلْكَ الْإِجَارَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا انْتَقَصَ الْمَاءُ عَنْ الرَّحَى فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ فَاحِشٍ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ قَالَ الْقُدُورِيُّ إذَا صَارَ يَطْحَنُ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ طَحْنِهِ فَهُوَ نُقْصَانٌ فَاحِشٌ وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ إذَا قَلَّ الْمَاءُ وَيُدَوَّرُ الرَّحَى وَيَطْحَنُ عَلَى نِصْفِ مَا كَانَ يَطْحَنُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ أَيْضًا وَلَوْ لَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى طَحَنَ كَانَ هَذَا رِضًا مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الرَّحَى بَعْدَ ذَلِكَ وَإِذَا انْقَطَعَ الْمَاءُ عَنْ الرَّحَى فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ نَحْوَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَحَى مَاءٍ كُلَّ شَهْرٍ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَانْقَطَعَ الْمَاءُ عَنْهَا فِي بَعْضِ الشَّهْرِ فَلَمْ يَعْمَلْ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى عَادَ الْمَاءُ لَزِمَتْهُ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ لِزَوَالِ الْمُوجِبِ لِلْفَسْخِ وَيُرْفَعُ عَنْهُ الْأَجْرُ بِحِسَابِ ذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ بِحِسَابِ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ قَالُوا مَعْنَاهُ بِحِسَابِ مَا انْقَطَعَ مِنْ الْمَاءِ فِي الشَّهْرِ حَتَّى إذَا انْقَطَعَ الْمَاءُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ يَسْقُطُ بِحِصَّةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ وَهُوَ ثُلُثُ الْمُسَمَّى قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا فِيهِ رَحًى وَذَكَرَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ لَا يُدْخِلُ فِيهِ الرَّحَى وَلِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَرْفَعَ الرَّحَى فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ بِالرَّحَى وَالْحَجَرَيْنِ فَلَهُ حُقُوقُ الرَّحَى فَإِنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ وَلَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ بِدُونِ الرَّحَى يُقْسَمُ الْأَجْرُ عَلَيْهِمَا وَيَسْقُطُ حِصَّةُ الْحَجَرَيْنِ وَيَلْزَمُهُ حِصَّةُ الْبَيْتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَيْتُ مُنْتَفَعًا بِهِ إلَّا مَنْفَعَةَ الرَّحَى لَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْتَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ رَحَى مَاءٍ بِأَدَاتِهَا وَبَيْتِهَا وَالْمَاءُ جَارٍ ثُمَّ انْقَطَعَ الْمَاءُ عَنْهَا فَهَذَا عُذْرٌ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا وَالْمَاءُ مُنْقَطِعٌ عَنْهَا وَقَالَ أَنَا أَصْرِفُ مَاءَ نَهْرِي إلَيْهَا وَكَانَ ذَلِكَ بِلَا حَفْرٍ وَلَا مَئُونَةٍ لَزِمَهُ الْأَجْرُ صَرَفَ الْمَاءَ إلَيْهِ أَوْ لَمْ يَصْرِفْ، وَإِنْ كَانَ سَعَى لِذَلِكَ وَحَفَرَ نَهْرًا مِنْ نَهْرِهِ إلَى نَهْرِ الرَّحَى وَمَرَّ بِهِ فَقَالَ بَدَا لِي فِي حَفْرِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْإِجَارَةَ فَإِنْ حَفَرَ وَأَجْرَى الْمَاءَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْمَاءَ إلَى زَرْعِهِ وَيَتْرُكَ الْإِجَارَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ فَإِنْ جَاءَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ فِيهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ يَذْهَبُ فِيهِ زَرْعُهُ وَيَضُرُّ بِمَالِهِ إضْرَارًا عَظِيمًا إنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ عَنْهُ جُعِلَ هَذَا عُذْرًا لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْإِجَارَةَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَانْقَطَعَ الْمَاءُ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تُسْقَى بِمَاءِ النَّهْرِ أَوْ مَاءِ الْمَطَرِ وَلَكِنْ انْقَطَعَ الْمَطَرُ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ

أَرْضًا فَغَرِقَتْ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَهَا فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ غَصَبَهَا غَاصِبٌ، وَإِنْ زَرَعَهَا فَأَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَهَلَكَ الزَّرْعُ أَوْ غَرِقَتْ بَعْدَ الزَّرْعِ وَلَمْ يَنْبُتْ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةِ كَانَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ كَامِلًا وَعَنْهُ فِي رِوَايَةِ إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا فَقَلَّ مَاؤُهَا أَوْ انْقَطَعَ فَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْآجِرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَتْرُكَ الْأَرْضَ فِي يَدِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الزَّرْعُ فَإِنْ سَقَى زَرْعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إنْ هَلَكَ الزَّرْعُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ هَلَاكِ الزَّرْعِ أَجْرٌ إلَّا إذَا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَنْ يَزْرَعَ مِثْلَ ذَلِكَ ضَرَرًا بِالْأَرْضِ أَوْ أَقَلَّ ضَرَرًا مِنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ اخْتَلَّ الزَّرْعُ وَنَقَصَتْ غَلَّتُهُ كَانَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ كَامِلًا، وَإِنْ لَمْ يَسَعْهُ إذَا كَانَ لَمْ يَرْفَعْهُ إلَى الْحَاكِمِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. ، وَإِنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الزَّرْعُ بِدُونِ الْمَاءِ لَا يَكُونُ عُذْرًا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ يَكُونُ عُذْرًا، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَا أَجْرَ، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ وَسَقَاهُ سَقَطَ حَقُّ الْفَسْخِ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَكْفِي الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ فَلَهُ الْخِيَارُ وَإِذَا مَضَى لَزِمَهُ الْأَجْرُ فِي حِصَّةِ مَا صَارَ رَوِيًّا مِنْ الْأَرْضِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا قَلَعَ الْآجِرُ شَجَرَةً مِنْ أَشْجَارِ الضِّيَاعِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ إنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ مَقْصُورَةً كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي فَتَاوَى آهُو سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَذِنَ الْمُسْتَأْجِرَ الْآجِرُ بِبَيْعِ أَشْجَارِ الضَّيْعَةِ قَالَ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَسُئِلَ أَيْضًا قِيلَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَتَشْتَرِي الْمُسْتَأْجَرَةَ بِعَشَرَةٍ؟ فَقَالَ: أَشْتَرِيهَا بِتِسْعَةٍ فَقَالَ الْبَائِعُ أَبِيعُهَا بِعَشَرَةٍ فَقَالَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ فَسْخًا وَسُئِلَ أَيْضًا اسْتَأْجَرَ دَارًا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَسَكَنَ مُدَّةً ثُمَّ ذَهَبَ خَوْفًا مِنْ عَسْكَرِ خُوَارِزْمَ فَآجَرَهَا الْمَالِكُ غَيْرَهُ بَعْدَمَا كَانَ أَخَذَ الْأَجْرَ الْمُعَجَّلَ مِنْ الْأَوَّلِ فَجَاءَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ هَلْ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الثَّانِي وَيَأْخُذَ الْأَجْرَ بِقَدْرِ مَا سَكَنَ قَالَ نَعَمْ إنْ تَرَكَهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ وَأَجَازَ إجَارَتَهَا لِغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ فَصَاحِبُ الدَّارِ غَاصِبٌ وَالْأُجْرَةُ لَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ مَثَلًا فَمَرِضَ الْعَبْدُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ يَعْمَلُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَعْمَلُ عَمَلًا دُونَ الْعَمَلِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ فِي الصِّحَّةِ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُضْهَا حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ لَزِمَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْعَمَلِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا فِي مَوْضِعٍ أَرَاهُ إيَّاهُ وَأَرَاهُ قَدْرَ اسْتِدَارَتِهَا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْفِرَهَا عَشَرَةَ أَذْرُعٍ كُلِّ ذِرَاعٍ بِكَذَا فَحَفَرَ مِنْهَا أَذْرُعًا ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يُقَوِّمُ مَا حَفَرَ وَيُقَوِّمُ مَا بَقِيَ ثُمَّ يَقْسِمُ الْأَجْرَ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ فَيُعْطَى حِصَّةَ مَا حَفَرَ لِأَنَّ كُلَّ ذِرَاعٍ مِنْهَا شَائِعٌ فِي أَسْفَلِهَا وَأَعْلَاهَا وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ ذِرَاعٍ مِنْ الْأَعْلَى وَإِلَى قِيمَةِ ذِرَاعٍ مِنْ الْأَسْفَلِ لِأَنَّ فِي الْأَعْلَى الْحَفْرَ يَكُونُ أَرْخَصَ وَفِي الْأَسْفَلِ الْحَفْرَ يَكُونُ أَغْلَى فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الْعَدْلِ ثُمَّ إذَا ظَهَرَتْ قِيمَةُ الْأَعْلَى وَقِيمَةُ الْأَسْفَلِ يَجْعَلُ كُلَّ ذِرَاعٍ مِنْهُمَا فَيَكُونُ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْ الذِّرَاعَيْنِ وَيَكُونُ كُلُّ حِصَّتِهِ مِنْ الْقِيمَتَيْنِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْعُيُونِ إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا وَلَمْ يَجِدْ مَاءً لِيَسْقِيَهَا فَيَبِسَ الزَّرْعُ قَالَ إنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهَا بِغَيْرِ شُرْبٍ وَلَمْ يَنْقَطِعْ مَاءُ النَّهْرِ الَّذِي يُرْجَى مِنْهُ السَّقْيُ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ، وَإِنْ انْقَطَعَ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا بِشُرْبِهَا فَانْقَطَعَ الشُّرْبُ عَنْهَا فَمِنْ يَوْمِ فَسَدَ الزَّرْعُ مِنْ انْقِطَاعِ الشُّرْبِ فَالْأَجْرُ عَنْهُ سَاقِطٌ كَذَا فِي الْكُبْرَى وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطَيْنِ. اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَخَرِبَ النَّهْرُ الْأَعْظَمُ وَعَجَزَ عَنْ السَّقْيِ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُهَا إذَا كَانَ بِحَالٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْتَالَ بِحِيلَةٍ فَيَزْرَعَ فِيهَا شَيْئًا وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمَاءُ وَلَكِنْ سَالَ فِيهَا حَتَّى عَجَزَ عَنْ الزِّرَاعَةِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِنْ أَرَاضِي الْجَبَلِ فَزَرَعَهَا فَلَمْ يُمْطَرْ عَامَهُ وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ ثُمَّ أُمْطِرَ وَنَبَتَ ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الزَّرْعَ كُلَّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ وَلَا نُقْصَانُهَا قَالَ أُسْتَاذُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ فِيمَا قَبْلَ النَّبَاتِ أَمَّا بَعْدَمَا نَبَتَ

يَجِبُ أَنْ يُسْتَبْقَى الزَّرْعُ فِي الْأَرْضِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ لَمْ يُمْطَرْ وَلَمْ يَخْرُجْ الزَّرْعُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَلَمَّا مَضَتْ السَّنَةُ خَرَجَ الزَّرْعُ هُوَ لِلْمُزَارِعِ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ، فَإِنْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنَا أَقْلَعُهُ لَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ طَاحُونَتَيْنِ بِالْمَاءِ فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ الْحَفْرُ عَلَى الْمُؤَاجِرِ عَادَةً وَاحْتَاجَ النَّهْرُ إلَى الْكَرْيِ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَعْمَلُ إلَّا إحْدَى الرَّحَيَيْنِ فَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ صُرِفَ الْمَاءُ إلَيْهِمَا جَمِيعًا عَمِلَا عَمَلًا نَاقِصًا فَلَهُ الْخِيَارُ لِاخْتِلَالِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ وَعَلَيْهِ أَجْرُهُمَا إنْ لَمْ يَفْسَخْ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ صُرِفَ الْمَاءُ إلَيْهِمَا لَمْ يَعْمَلَا فَعَلَيْهِ أَجْرُ أَحَدِهِمَا إنْ لَمْ يَفْسَخْ فَإِنْ تَفَاوَتَ أَجْرُهُمَا فَعَلَيْهِ أَجْرُ أَكْثَرِهِمَا إذَا كَانَ كُلُّ الْمَاءِ يَكْفِيهَا، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ الْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كَامِلًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ خَيْمَةً وَانْكَسَرَ أَوْتَادُهَا فَالْأَجْرُ وَاجِبٌ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ لِأَجْلِهِ وَلَوْ انْقَطَعَ الْأَطْنَابُ فَلَا أَجْرَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اسْتَأْجَرَ حَائِكًا لِيَحُوكَ لَهُ هَذَا الْغَزْلَ، وَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ فَلَا يُمْكِنُهُ الْحَوْكُ إلَّا بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ فَلَهُ الْفَسْخُ إذَا كَانَ الِانْقِطَاعُ فَاحِشًا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ أَظْهَرَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الدَّارِ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ الشَّرِّ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الرِّبَا أَوْ الزِّنَى أَوْ اللِّوَاطَةِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ لِلْآجِرِ وَلَا لِلْجِيرَانِ أَنْ يُخْرِجُوهُ مِنْ الدَّارِ وَكَذَلِكَ لَوْ اتَّخَذَ دَارِهِ مَأْوًى لِلُّصُوصِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ حَانُوتًا سَنَةً فَظَهَرَ الْحَانُوتُ إلَى مَسْجِدٍ فَمَضَتْ سَنَةٌ وَقَدْ سَرَقَ مِنْ الْحَانُوتِ مِنْ جَانِبِ الْمَسْجِدِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ؟ فَقَدْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَوْمًا لِلْعَمَلِ فِي الصَّحْرَاءِ كَاِتِّخَاذِ الطِّينِ وَنَحْوِهِ فَمُطِرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بَعْدَمَا خَرَجَ الْأَجِيرُ إلَى الصَّحْرَاءِ لَا أَجْرَ لَهُ هَكَذَا كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. سُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا فِي قَرْيَةٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَنَفَرَ النَّاسُ وَوَقَعَ الْجَلَاءُ وَمَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ هَلْ يَجِبُ الْأَجْرُ؟ قَالَ: إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ التَّرَفُّقَ بِالْحَمَّامِ فَلَا وَأَجَابَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ بِلَا مُطْلَقًا وَلَوْ بَقِيَ بَعْضُ النَّاسِ وَذَهَبَ الْبَعْضُ يَجِبُ الْأَجْرُ كَذَا أَجَابَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَامْتِنَاعُ امْرَأَتِهِ عَنْ الْمُسَاكَنَةِ مَعَهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. كُلُّ مَنْ وَقَعَ لَهُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ إذَا مَاتَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ وَمَنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ الْعَقْدُ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِمَوْتِهِ، وَإِنْ كَانَ عَاقِدًا يُرِيدُ الْوَكِيلَ وَالْأَبَ وَالْوَصِيَّ، وَكَذَلِكَ الْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ إذَا عَقَدَ ثُمَّ مَاتَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالْقَاضِي لَوْ آجَرَ وَمَاتَ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْمُسْتَأْجِرُ إذَا سَكَنَ بَعْدَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِتَأْوِيلِ أَنَّ لَهُ حَقَّ الْحَبْسِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَجْرَ الَّذِي أَعْطَاهُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إذَا كَانَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ فِي الْمُخْتَارِ وَكَذَا فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُخْتَارِ سَكَنُ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُؤَاجِرِ فَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى جَوَابُ الْكِتَابِ وَهُوَ عَدَمُ الْأَجْرِ قَبْلَ طَلَبِ الْأَجْرِ أَمَّا إذَا سَكَنَ بَعْدَ طَلَبِ الْأَجْرِ فَيَلْزَمُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الطَّلَبِ وَفِي الْمُحِيطِ الصَّحِيحُ لُزُومُ الْأَجْرِ إنْ كَانَ مُعَدًّا بِكُلِّ حَالٍ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِنْ مَاتَ الْفُضُولِيُّ فِي الْإِجَارَةِ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِجَارَةِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهَا لَا يَبْطُلُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. شَرْطٌ لِصِحَّةِ إجَارَةِ الْفُضُولِيِّ قِيَامُ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ الْعَاقِدَانِ وَالْمَالِكُ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا شُرِطَ قِيَامُهُ أَيْضًا فَتَصِيرُ خَمْسَةً فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هَكَذَا فِي الصُّغْرَى. وَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِجُنُونِ الْآجِرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا ارْتَدَّ الْآجِرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقَضَى الْقَاضِي بِلِحَاقِهِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ عَادَ مُسْلِمًا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ عَادَتْ الْإِجَارَةُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إنْ آجَرَ رَجُلَانِ دَارًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْمُؤَاجِرَيْنِ تَبْطُلُ فِي نَصِيبِهِ عِنْدَنَا وَتَبْقَى فِي نَصِيبِ الْحَيِّ عَلَى حَالِهَا وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلَانِ مِنْ رَجُلٍ دَارًا فَمَاتَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجَرِينَ فَإِنْ رَضِيَ الْوَارِثُ بِالْبَقَاءِ عَلَى الْعَقْدِ وَرَضِيَ الْعَاقِدُ أَيْضًا جَازَ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلَانِ اسْتَأْجَرَا مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجَرِينَ لَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ فِي حَقِّ الْحَيِّ وَتَبْقَى عَلَى حَالِهَا وَلَا تُفْسَخُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَأَمَّا الرِّيعُ الْحَاصِلُ عَلَى نِصْفِ الْأَرْضِ فَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَيْهِ نَصِيبُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالرِّيعُ الْحَاصِلُ عَلَى النِّصْفِ الْآخَرِ فَلِوَرَثَةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَيْهِمْ تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ مِنْ التَّرِكَةِ

وَالْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ إذَا كَانَ الزَّرْعُ قَائِمًا فِي الْأَرْضِ حَتَّى يُسْتَوْفَى الرِّيعُ وَيُتْرَكَ فِي يَدِ وَرَثَتِهِ بِالْأَجْرِ الْمُسَمَّى لَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ حَتَّى يُدْرِكَ الزَّرْعُ هَكَذَا ذُكِرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَفِيهَا زَرْعٌ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَإِذَا مَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِعْ الْمُسْتَأْجَرَ فَقَالَ (هَلَّا) لَا تَنْفَسِخُ مَا لَمْ يَبِعْ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ الْآجِرُ إذَا قَالَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِعْ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَ مِنْ غَيْرِهِ جَازَ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْإِجَارَةِ رَهْنٌ فَقَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ بِعْ الرَّهْنَ مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْمُسْتَأْجِرُ إذَا طَلَبَ مَالَ الْإِجَارَةِ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ فَقَالَ الْآجِرُ نَعَمْ أَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (هَلَّا أَوْ هَلَّا بُدّهمْ) أَوْ قَالَ (زَمَان ده) تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا أَفْتَى الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ وَلَوْ قَالَ الْآجِرُ (رواباشد) لَا تَنْفَسِخُ وَلَوْ قَالَ (رواباشد بُدّهمْ) تَنْفَسِخُ وَلَوْ قَالَ لَيْسَ لِي مَالٌ فَلَوْ حَصَلَ لِي أَدْفَعُ إلَيْك لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إذَا أَدَّى بَعْضَ مَالِ الْإِجَارَةِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ مَا لَمْ يُؤَدِّ كُلَّ الْمَالِ كَذَا اخْتَارَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ اعْتَبَرَ الْأَكْثَرَ، وَقَالَ الْقَاضِي الْأَجَلُّ الْأُسْتَاذُ: إذَا دَفَعَ الْبَعْضُ بِدَلَالَةِ الْفَسْخِ أَوْ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ يَنْفَسِخُ فِي الْكُلِّ قَلِيلًا كَانَ الْمَالُ أَوْ كَثِيرًا قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ أُخِذَ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْفَسْخِ لَا تَنْفَسِخُ مَا لَمْ يَأْخُذْ الْكُلَّ. هَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَبِهِ أَفْتَى الْإِمَامُ الْأَجَلُّ ظَهِيرُ الدِّينِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْبُخَارِيَّةِ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْآجِرِ (اين دَارْ مُسْتَأْجَر رابمن فروش آجَرَ كَفَتْ هَلَّا) تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَكَذَا لَوْ قَالَ الْآجِرُ (اين خَانه ميفروشم مُسْتَأْجَر هَلَّا) وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْآجِرِ (اينخانه رابمن ميفرشى) فَقَالَ (مى فروشم) قَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ وَقَاضِي خَانْ لَا تَنْفَسِخُ وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ تَنْفَسِخُ وَلَوْ قَالَ لِلْمُسْتَأْجِرِ (اين خَانَهُ رابفلان بفروشم) فَقَالَ (بفروش) تَنْفَسِخُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قَالَ الْآجِرُ (مَالْ اجاره نَقُدْ كُنَّ) فَقَالَ (هَلَّا) قَالَ تَنْفَسِخُ وَلَوْ قَالَ (مَالْ إجاره خَوْد بِكِيرِ مَرَّا خَرَجَ ميشود) فَقَالَ (توداني) قَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ لَا تَنْفَسِخُ وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ إنْ نَوَى الْفَسْخَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ الْآجِرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ (مَالْ إجاره خَوْد بِكِيرِ) فَقَالَ (هَلَّا) تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَالْآجِرِ إذَا قَالَ هَذَا بَعْدَ طَلَبِ الْمُسْتَأْجِرِ وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ وَأَفْتَى قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ بِخِلَافِهِ بَعْدَ طَلَبِ الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. قَالَ رَسُولُ الْمُؤَجِّرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ (آخِر تَوّ كَفَتْ كه مَالْ اجارت خَوْد بِكِيرِ) فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ (هَلَّا) تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ كَانَ الْآجِرُ وَاحِدًا وَالْمُسْتَأْجِرُ اثْنَيْنِ فَأَدَّى الْآجِرُ مَالَ أَحَدِهِمَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي حِصَّتِهِ دُونَ الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ الْآجِرُ اثْنَيْنِ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَاحِدًا فَفَسَخَ مَعَ أَحَدِهِمَا انْفَسَخَتْ فِي حِصَّتِهِ دُونَ الْآخَرِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا لَوْ دَفَعَ الْمِفْتَاحَ إلَى أَحَدِهِمَا وَقَبِلَ هُوَ انْفَسَخَتْ فِي حِصَّتِهِ وَإِذَا بَعَثَ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى الْآجِرِ فَقَالَ الْآجِرُ (سيم نَقَدْ شَدَّهُ است بياتا بكيرى) فَلَمَّا جَاءَ الْمُسْتَأْجِرُ قَالَ الْآجِرُ قَدْ أَنْفَقْت الدَّرَاهِمَ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْآجِرِ عِنْدَ الْفَسْخِ فَسَخْت الْإِجَارَةُ فِي الْمَحْدُودِ الَّذِي اسْتَأْجَرْتُهُ مِنْك صَحَّ الْفَسْخُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حُدُودَ الْمُسْتَأْجَرِ وَلَا أَضَافَ الْمُسْتَأْجَرَ إلَى الْآجِرِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْآجِرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَسَخْتُ الْإِجَارَةَ فِي الْمَحْدُودِ

الباب العشرون إجارة الثياب والأمتعة والحلي والفسطاط

الَّذِي آجَرْتُهُ مِنْكَ صَحَّ الْفَسْخُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ آجَرَ دَارِهِ ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ فِيمَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي حَتَّى أَنَّ الْمُدَّةَ لَوْ انْقَضَتْ كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا لِلْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْأَخْذِ إلَّا إذَا طَالَبَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالتَّسْلِيمِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ وَفَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ جَائِزًا لِمُضِيِّ الْمُدَّةِ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا بَاعَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ نَفَذَ الْبَيْعُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى لَوْ سَقَطَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ يُعْمَلُ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. ، وَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ نَفَذَ الْبَيْعُ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَلَكِنْ لَا يُنْزَعُ الْعَيْنُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ مَالُهُ، وَإِنْ رَضِيَ بِالْبَيْعِ فَاعْتُبِرَ رِضَاهُ بِالْبَيْعِ لِفَسْخِ الْإِجَارَةِ لَا لِلِانْتِزَاعِ مِنْ يَدِهِ وَعَنْ بَعْضِ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْآجِرَ إذَا بَاعَ الْمُسْتَأْجَرَ بِغَيْرِ رِضَا الْمُسْتَأْجِرِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ وَالتَّسْلِيمَ بَطَلَ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ وَلَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ دُونَ التَّسْلِيمِ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ، وَإِذَا بَاعَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجَرَ بِرِضَا الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ أَوْ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ أَوْ انْتَهَتْ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ بَقَلَ وَقَدْ صَارَ بِحَالٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِلَا خِلَافٍ أَوْ كَانَ بِحَالٍ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَلَوْ أَبْرَأَ الْمُسْتَأْجِرَ الْآجِرُ عَنْ جَمِيعِ الْخُصُومَاتِ وَالدَّعَاوَى ثُمَّ أَدْرَكَ الزَّرْعُ وَرَفَعَ الْآجِرُ الْغَلَّةَ فَجَاءَ الْمُسْتَأْجِرُ وَادَّعَى الْغَلَّةَ لِنَفْسِهِ وَخَاصَمَ الْآجِرَ فِيهَا هَلْ تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَهَلْ تُسْمَعُ خُصُومَتُهُ فَقَدْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ لِأَنَّ الْغَلَّةَ حَصَلَتْ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَلَوْ كَانَ الْآجِرُ قَدْ رَفَعَ الْغَلَّةَ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَبْرَأَهُ عَنْ الْخُصُومَاتِ وَالدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى الْغَلَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ. فَلَوْ بَاعَ الْمُسْتَأْجَرَ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى انْفَسَخَتْ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ رَدَّ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَى الْآجِرِ بِعَيْبٍ إنْ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ لَا تَعُودُ الْإِجَارَةُ وَلَا يُشْكِلُ فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ هَلْ تَعُودُ الْإِجَارَةُ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى أَفْتَى الْقَاضِي الْإِمَامُ الزَّرَنْجَرِيُّ أَنَّهَا لَا تَعُودُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَفْتَى جَدِّي شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الرَّشِيدِ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّهَا تَعُودُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ارْتَهَنَ دَارًا وَاسْتَأْجَرَ دِهْلِيزَهَا سَنَةً ثُمَّ قَضَى الدَّيْنَ قَبْلَ السَّنَةِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الدِّهْلِيزِ سَوَاءٌ قَضَى الدَّيْنَ بِرِضَاهُ أَوْ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا ذَكَرُوا فِي صَكِّ الطَّوِيلَةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وِلَايَةُ الْفَسْخِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ وَغَيْبَتِهِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ: إنَّ الْعَقْدَ فَاسِدٌ لِمُخَالَفَةِ الشَّرْطِ حُكْمَ الشَّرْعِ، وَقَالَ الْفَضْلِيُّ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ لِأَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْعَقْدِ فَمَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ الْفَسْخَ بِهَذَا الْحُكْمِ لَا بِحُكْمِ مِلْكِ الْخِيَارِ وَقَدْ وَجَدْنَا رِوَايَةً عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي فَتَاوَى آهُو قَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: فَسَخَا الْإِجَارَةَ وَقَبَضَ بَعْضَ مَالِ الْإِجَارَةِ وَأَجَّلَ فِي الْبَعْضِ. قَالَ: جَازَ. وَسُئِلَ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ بَاعَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجَرَ فَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ جَاءَ إلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَ سَمِعْت (كه اين خَانَهُ راكه دَارْ اجارة منست توبخريدى مرازمان ده تا مَالْ اجاره خَوْد حَاصِل كنم) فَأُفْتِيَ بِالْفَسْخِ وَنَفَاذِ الْبَيْعِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. آجَرَ الْوَقْفَ عَلَيْهِ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ خَمْسٍ وَانْتَقَلَ إلَى مَصْرِفٍ آخَرَ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ وَيَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْأَجْرِ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا آجَرَ شَيْئًا مِنْ أَكْسَابِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ وَلَوْ آجَرَ الْمُكَاتَبُ نَفْسَهُ ثُمَّ عَجَزَ لَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ إذَا آجَرَ نَفْسَهُ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ الْمَوْلَى لَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعِشْرُونَ إجَارَةُ الثِّيَابِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْحُلِيِّ وَالْفُسْطَاطِ] إذَا اسْتَأْجَرَتْ الْمَرْأَةُ دِرْعًا لِتَلْبَسَهُ أَيَّامًا مَعْلُومَةً بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهَا أَنْ تَلْبَسَهُ النَّهَارَ كُلَّهُ وَمِنْ اللَّيْلِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَلَا تَلْبَسُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ إذَا كَانَ الثَّوْبُ ثَوْبَ صِيَانَةٍ وَتَجَمُّلٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّوْبُ ثَوْبَ صِيَانَةٍ وَتَجَمُّلٍ بَلْ كَانَ ثَوْبَ بِذْلَةٍ وَمِهْنَةٍ كَانَ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ اللَّيَالِيَ كُلَّهَا ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى ثَوْبِ الصِّيَانَةِ فَقَالَ إذَا لَبِسَتْهُ اللَّيْلَ كُلَّهُ فَتَخَرَّقَ فَإِنْ تَخَرَّقَ فِي اللَّيْلِ فَهِيَ ضَامِنَةٌ، وَإِنْ تَخَرَّقَ فِي غَيْرِ اللَّيْلِ بِأَنْ تَخَرَّقَ فِي الْغَدِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ صَارَتْ مُخَالِفَةً بِاللُّبْسِ

فِي كُلِّ اللَّيْلِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنَامَ فِي ثَوْبِ الصِّيَانَةِ فِي النَّهَارِ فَإِنْ نَامَتْ فِيهِ فَتَخَرَّقَ الثَّوْبُ مِنْ ذَلِكَ فَهِيَ ضَامِنَةٌ وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَجْرٌ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ الَّتِي تَخَرَّقَ فِيهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ غَاصِبَةً حَالَ لُبْسِهَا نَائِمَةً، وَلَا أَجْرَ عَلَى الْغَاصِبِ وَعَلَيْهَا أَجْرُ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ لِأَنَّهَا لَمَّا انْتَبَهَتْ فَقَدْ تَرَكَتْ الْخِلَافَ وَعَقْدُ الْإِجَارَةِ بَاقٍ فَتَعُودُ أَمِينَةً، وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ أَجْرِ تِلْكَ السَّاعَةِ الرُّجُوعُ إلَى مَنْ يَعْرِفُ السَّاعَاتِ حَتَّى يُقَسِّمَ الْأَجْرَ عَلَى السَّاعَاتِ فَيَعْرِفَ حِصَّةَ تِلْكَ السَّاعَةِ مِنْ الْأَجْرِ إذَا كَانَ الثَّوْبُ ثَوْبَ صِيَانَةٍ فَأَمَّا إذَا كَانَ ثَوْبَ بِذْلَةٍ كَانَ لَهَا اللُّبْسُ حَالَةَ النَّوْمِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَتْهُ لِمَخْرَجٍ تَخْرُجُ بِهِ يَوْمًا بِدِرْهَمٍ فَلَبِسَتْهُ فِي بَيْتِهَا فَعَلَيْهَا الْأَجْرُ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ تَلْبَسْ وَلَمْ تَخْرُجْ وَكَذَلِكَ لَوْ أَصَابَهُ قَرْضُ فَأْرٍ أَوْ حَرْقُ نَارٍ أَوْ لَحْسُ سُوسٍ وَلَوْ أَمَرَتْ خَادِمَتَهَا أَوْ ابْنَتَهَا فَلَبِسَتْهُ فَتَخَرَّقَ كَانَتْ ضَامِنَةً كَمَا لَوْ أَلْبَسَتْهُ أَجْنَبِيَّةً وَلَا أَجْرَ عَلَيْهَا. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ لَبِسَتْهُ جَارِيَتُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَتْ ثَوْبًا لِمَخْرَجٍ تَخْرُجُ بِهِ يَوْمًا بِدِرْهَمٍ وَضَاعَ الثَّوْبُ مِنْهَا فِي الْيَوْمِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الضَّيَاعِ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لَمْ يَضِعْ فِي الْيَوْمِ وَقَالَتْ هِيَ لَا بَلْ ضَاعَ فِي الْيَوْمِ فَإِنَّهُ يُحَكَّمُ الْحَالُ إنْ كَانَ فِي يَدِهَا وَقْتَ الْمُنَازَعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا وَقْتَ الْمُنَازَعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا هَذَا إذَا ضَاعَ ثُمَّ وُجِدَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا أَيْضًا، وَإِنْ سُرِقَ الثَّوْبُ مِنْهَا فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ تَخَرَّقَ الثَّوْبُ مِنْ لُبْسِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا، وَإِنْ حَصَلَ الْهَلَاكُ بِجِنَايَةِ يَدِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ غَيْرَهُ لِلتَّفَاوُتِ فِي اللُّبْسِ وَيَنْصَرِفُ إلَى اللُّبْسِ الْمُعْتَادِ فِي النَّهَارِ وَأَوَّلِ اللَّيْلِ إلَى وَقْتِ النَّوْمِ وَآخِرُهَا عِنْدَ الْقِيَامِ لَا يَنَامُ فِيهِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ فَعَلَ وَتَخَرَّقَ ضَمِنَ، وَإِنْ سَلَّمَ حِينَ جَاءَ وَقْتُ لُبْسِهِ بَرِيءَ عَنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبًا يَنَامُ فِيهِ فِي اللَّيْلِ يَجُوزُ أَنْ يَنَامَ فِيهِ وَيَجُوزُ الِارْتِدَاءُ بِهِ لِأَنَّهُ لِبْسٌ وَلَا يَجُوزُ الِائْتِزَارُ بِهِ وَيَضْمَنُ إنْ تَخَرَّقَ وَلَوْ لَبِسَ عَبْدُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْعَبْدِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْخُرُوجِ فَلَبِسَ فِي بَيْتِهِ أَوْ أَمْسَكَهُ وَلَمْ يَلْبَسْ لَا يَضْمَنُ وَيَجِبُ الْأَجْرُ وَعَلَى الْعَكْسِ يَضْمَنُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَلْبَسَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فَحُبِسَ فِي الْبَيْتِ سِنِينَ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ شَهْرٍ دِرْهَمٌ إلَى أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَوْ لَبِسَهُ تَخَرَّقَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ عَلَى أَنَّهُ إنْ بَدَا لَهُ لَمْ يَرُدَّهُ فَلَمْ يَرُدَّهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَعَلَيْهِ أَجْرُهُ كُلَّ يَوْمٍ اسْتِحْسَانًا وَالْحُلِيُّ كَالثَّوْبِ وَالْفُسْطَاطُ وَالْخَيْمَةُ وَالْقُبَّةُ كَالثَّوْبِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَالْبَيْتِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ قُبَّةً لِيَنْصِبَهَا فِي بَيْتِهِ فَنَصَبَهَا فِي الصَّحْرَاءِ ضَمِنَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا غَيْرَهُ بِعَارِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِ كَالثَّوْبِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ فُسْطَاطًا وَقَبَّضَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الدَّارِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ قُبَّةً لِيَنْصِبَهَا فِي بَيْتِهِ وَيَبِيتَ فِيهَا شَهْرًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْبُيُوتَ الَّتِي يَهَبُهَا فِيهَا فَالْعَقْدُ جَائِزٌ أَيْضًا وَإِنْ سَمَّى بَيْتًا فَنَصَبَهَا فِي غَيْرِهِ شَهْرًا فَهُوَ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ فَإِنْ نَصَبَهَا فِي الشَّمْسِ أَوْ الْمَطَرِ وَكَانَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَهَا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ سَلِمَتْ الْقُبَّةُ كَانَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَطَ أَنْ يَنْصِبَهَا فِي دَارٍ فَنَصَبَهَا فِي دَارٍ أُخْرَى مِنْ قَبِيلَةٍ أُخْرَى وَلَكِنْ فِي ذَلِكَ الْمِصْرِ فَلَا ضَمَانَ فَإِنْ أَخْرَجَهَا إلَى مِصْرٍ أَوْ إلَى السَّوَادِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ سَلِمَتْ الْقُبَّةُ أَوْ هَلَكَتْ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ فُسْطَاطًا يَخْرُجُ بِهِ إلَى مَكَّةَ لِيَسْتَظِلَّ بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَظِلَّ بِهِ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ لِعَدَمِ تَفَاوُتِ النَّاسِ فِيهِ، وَإِنْ أَسْرَجَ فِي الْخَيْمَةِ أَوْ فِي الْفُسْطَاطِ أَوْ الْقُبَّةِ أَوْ عَلَّقَ بِهِ قِنْدِيلًا فَأُفْسِدَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اتَّخَذَ فِيهِ مَطْبَخًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ صَنَعَ مَا لَا يَصْنَعُ النَّاسُ عَادَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَدًّا لِذَلِكَ الْعَمَلِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ فُسْطَاطًا يَخْرُجُ بِهِ إلَى سَفَرِهِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَيَحُجُّ بِهِ وَيَخْرُجُ فِي يَوْمِ كَذَا فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَتَى يَخْرُجُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِخُرُوجِ الْحَاجِّ وَقْتٌ مَعْلُومٌ بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ خُرُوجُهُمْ عَلَيْهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَ لِخُرُوجِهِمْ وَقْتٌ مَعْلُومٌ بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ تَخَرَّقَ الْفُسْطَاطُ مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ وَلَا خِلَافٍ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ لَمْ يَتَخَرَّقْ وَلَكِنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَمْ أَسْتَظِلَّ تَحْتَهُ وَلَمْ أَضُرَّ بِهِ

وَقَدْ ذَهَبَ بِهِ إلَى مَكَّةَ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَوْ انْقَطَعَ أَطْنَابُهُ أَوْ انْكَسَرَ عَمُودُهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ نَصْبَهُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَمَّا إنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الِانْقِطَاعِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَصْلِ الِانْقِطَاعِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الِانْقِطَاعِ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ يُحَكَّمُ الْحَالُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ اتَّخَذَ أَطْنَابًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ أَوْ عَمُودًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَنَصَبَهُ حَتَّى رَجَعَ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كُلُّهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ انْكَسَرَتْ الْأَوْتَادُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ لِأَنَّ الْأَوْتَادَ تَكُونُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَادَةً إلَّا إذَا كَانَتْ حَدِيدًا فَهِيَ كَالْعَمُودِ وَلَوْ أَخْرَجَهَا مَعَ نَفْسِهِ وَلَمْ يَنْصِبْهَا مَعَ الْمَكَانِ يَجِبُ الْأَجْرُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا أَوْقَدَ نَارًا فِي الْفُسْطَاطِ كَانَ كَالْإِسْرَاجِ إنْ أَوْقَدَ مِثْلَ مَا يُوقِدُ النَّاسُ عُرْفًا وَعَادَةً فِي الْفُسْطَاطِ فَأَفْسَدَ الْفُسْطَاطَ أَوْ احْتَرَقَ الْفُسْطَاطُ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ جَاوَزَ الْمُتَعَارَفَ فَهُوَ ضَامِنٌ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ أَفْسَدَ كُلَّهُ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْكُلِّ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَفْسَدَ بَعْضَهُ لَزِمَهُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كَامِلًا إذَا كَانَ قَدْ انْتَفَعَ بِالْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يَفْسُدْ شَيْءٌ مِنْهُ وَسُلِّمَ وَكَانَ جَاوَزَ الْمُعْتَادَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَجِبَ الْأَجْرُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ، وَإِنْ شَرَطَ رَبُّ الْفُسْطَاطِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ لَا يُوقِدَ وَلَا يُسْرِجَ فِيهِ فَفَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كَامِلًا إذَا سَلَّمَ الْفُسْطَاطَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ تُرْكِيَّة بِالْكُوفَةِ كُلَّ شَهْرٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ لِيُوقِدَ فِيهَا وَيَبِيتَ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ احْتَرَقَتْ مِنْ الْوَقُودِ فَإِنْ أَبَاتَ فِيهَا عَبْدَهُ أَوْ ضَيْفَهُ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ تَكَارَى فُسْطَاطًا يُخْرِجُهُ إلَى مَكَّةَ فَخَلَفَهُ بِالْكُوفَةِ حَتَّى رَجَعَ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ بِأَنَّهُ مَا أَخْرَجَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ بِالْكُوفَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ وَلَمْ يَدْفَعْ الْفُسْطَاطَ إلَى صَاحِبِهِ فَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ لَوْ خَرَجَ وَدَفَعَ الْفُسْطَاطَ إلَى غُلَامِهِ فَقَالَ ادْفَعْهُ إلَى صَاحِبِهِ فَلَمْ يَدْفَعْ حَتَّى رَجَعَ الْمَوْلَى فَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ وَلَوْ دَفَعَهُ إلَى آخَرَ فَحَمَلَهُ الرَّجُلُ إلَى صَاحِبِ الْفُسْطَاطِ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ بَرِيءَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالرَّجُلُ مِنْ الضَّمَانِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ وَلَوْ كَانَ اسْتَأْجَرَ دَفَعَ الْفُسْطَاطَ إلَى رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ لِيَدْفَعَهُ إلَى صَاحِبِ الْفُسْطَاطِ فَدَفَعَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ إلَى صَاحِبِهِ فَقَدْ بَرِئَا جَمِيعًا، وَإِنْ أَبَى صَاحِبُ الْفُسْطَاطِ أَنْ يَقْبَلَهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ هَلَكَ الْفُسْطَاطُ عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يَحْمِلَهُ إلَى صَاحِبِهِ ذَكَرَ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - صَاحِبَ الْفُسْطَاطِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا وَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ دَفَعَ الْفُسْطَاطَ إلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا بِأَنْ أَمْسَكَ الْفُسْطَاطَ قَدْرَ مَا أَمْسَكَهُ النَّاسُ إلَى أَنْ يَرْتَحِلَ وَيُسَوِّيَ أَسْبَابَهُ إذَا كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ لَا ضَمَانَ عَلَى الثَّانِي وَمِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُودِعَ الثَّانِي لَا يَضْمَنُ إنَّمَا يَضْمَنُ الْمُودِعُ الْأَوَّلُ فَأَمَّا إذَا أَمْسَكَ الْمُسْتَأْجِرُ الْفُسْطَاطَ زِيَادَةً عَلَى مَا يُمْسِكُهُ النَّاسُ حَتَّى يَصِيرَ غَاصِبًا ضَامِنًا لَهُ ثُمَّ دَفَعَ إلَى الثَّانِي يُخَيَّرُ الْمَالِكُ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْأَوَّلُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الثَّانِي فَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ فَالْمُسْتَأْجِرُ لَا يَرْجِعُ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَإِنْ ضَمِنَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ ذَهَبَ بِالْفُسْطَاطِ إلَى مَكَّةَ وَرَجَعَ بِهِ فَقَالَ الْمُؤَجِّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ احْمِلْهُ إلَى مَنْزِلِي فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَكِنَّهُ عَلَى رَبِّ الْمَتَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِالْفُسْطَاطِ وَخَلَفَهُ بِالْكُوفَةِ فَضَمِنَهُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْأَجْرُ فَالْحُمُولَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلَانِ أَحَدُهُمَا بَصْرِيٌّ وَالْآخَرُ كُوفِيٌّ فُسْطَاطًا مِنْ الْكُوفَةِ إلَى مَكَّةَ ذَاهِبًا وَجَائِيًا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَذَهَبَا بِهِ إلَى مَكَّةَ وَاخْتَلَفَا فَقَالَ الْبَصْرِيُّ إنِّي أُرِيدُ أَنْ آتِيَ الْبَصْرَةَ وَقَالَ الْكُوفِيُّ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَرْجِعَ إلَى الْكُوفَةِ وَأَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يَذْهَبَ بِالْفُسْطَاطِ إلَى حَيْثُ قَصَدَ فَإِنْ ذَهَبَ الْبَصْرِيُّ بِالْفُسْطَاطِ إلَى بَصْرَةَ إنْ ذَهَبَ بِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ فَالْبَصْرِيُّ ضَامِنٌ لِلْفُسْطَاطِ كُلِّهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْكُوفِيِّ وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا أَجْرُ الرَّجْعَةِ. وَإِذَا ذَهَبَ بِهِ بِأَمْرِ الْكُوفِيِّ فَالْبَصْرِيُّ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ الْفُسْطَاطِ وَالْكُوفِيُّ يَضْمَنُ نَصِيبَهُ وَهُوَ النِّصْفُ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا وَإِذَا ذَهَبَ الْكُوفِيُّ إلَى الْكُوفَةِ فَإِنْ ذَهَبَ بِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْبَصْرِيِّ فَإِنَّهُ

الباب الحادي والعشرون تسليم المعقود عليه إلى المستأجر

يَضْمَنُ نِصْفَ الْفُسْطَاطِ وَهُوَ نَصِيبُ الْبَصْرِيِّ وَلَا يَضْمَنُ نَصِيبَهُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْكِرَاءِ فِي الرَّجْعَةِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْبَصْرِيِّ شَيْءٌ فِي الرَّجْعَةِ وَإِذَا ذَهَبَ بِهِ إلَى الْكُوفَةِ بِأَمْرِ الْبَصْرِيِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبَصْرِيِّ فِي نَصِيبِهِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ أَعَارَ مِنْهُ نَصِيبَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ بِأَنْ قَالَ انْتَفِعْ بِهِ يَوْمًا فِي نَوْبَتِك وَاحْفَظْهَا بِهِ يَوْمًا فِي نَوْبَتِي وَأَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إنْ أَوْدَعَهَا مِنْ الْكُوفِيِّ وَإِنْ كَانَ أَعَارَ نَصِيبَهُ مِنْ الْكُوفِيِّ أَوْ آجَرَ يَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ الْبَصْرِيُّ نَصِيبَهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْكَلَامُ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْكُوفِيِّ نَظِيرُ الْكَلَامِ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْبَصْرِيِّ وَعَلَيْهِمَا الْأَجْرُ كَامِلًا إنْ أَوْدَعَ الْبَصْرِيُّ نَصِيبَهُ لِأَنَّ إمْسَاكَ الْكُوفِيِّ كَإِمْسَاكِهِ. وَإِنْ كَانَ أَعَارَ مِنْهُ لَا أَجْرَ عَلَى الْبَصْرِيِّ لِأَنَّهُ صَارَ مُخَالِفًا، وَإِنْ ارْتَفَعَا إلَى الْقَاضِي وَقَصَّا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ وَاخْتَصَمَا فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ إنْ شَاءَ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى مَا قَالَا مَا لَمْ يُقِيمَا بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ الْقَاضِي صَدَّقَهُمَا فِيمَا قَالَا ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ ذَلِكَ فِي أَيْدِيهِمَا، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ فَإِنْ رَأَى الْقَاضِي النَّظَرَ لِلْغَائِبِ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ فَسَخَ الْإِجَارَةَ بَعْدَ هَذَا يُؤَاجِرُ نَصِيبَ الْبَصْرِيِّ مِنْ الْكُوفَةِ إنْ رَغِبَ فِي إجَارَةِ نَصِيبِ الْبَصْرِيِّ حَتَّى يَصِلَ إلَى الْغَائِبِ عَيْنُ الْفُسْطَاطِ مَعَ الْآجِرِ وَيَكُونُ هَذَا أَوْلَى مِنْ الْإِجَارَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَتَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ آجَرَ الْمُشَاعَ وَإِنْ لَمْ يَرْغَبْ الْكُوفِيُّ فِي إجَارَةِ ذَلِكَ يُؤَاجِرْ مِنْ غَيْرِهِ إنْ وَجَدَ وَتَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ آجَرَ الْمُشَاعَ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُؤَاجِرُ نَصِيبَهُ يُودَعْ نَصِيبَ الْبَصْرِيِّ مِنْ الْكُوفِيِّ إنْ رَآهُ حَتَّى يَصِلَ إلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ذَلِكَ فِي أَيْدِيهِمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. تَكَارَى الْفُسْطَاطَ إلَى مَكَّةَ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَخَلَفَهُ بِمَكَّةَ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ ذَاهِبًا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْفُسْطَاطِ يَوْمَ خَلَفَهُ وَالْفُسْطَاطُ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَخْتَصِمَا حَتَّى حَجَّ مَنْ قَابَلَ وَرَجَعَ بِالْفُسْطَاطِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِي الرَّجْعَةِ. كَذَا فِي السَّرَخْسِيِّ. وَذَكَرَ عَنْ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلُ حُلِيَّ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَحُلِيَّ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَبِهِ نَأْخُذُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا فِيهَا صَفَائِحُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَتْ حُلِيًّا مَعْلُومًا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ لِتَلْبَسَهُ فَحَبَسَتْهُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ صَارَتْ غَاصِبَةً قَالُوا وَهَذَا إذَا حَبَسَتْهُ بَعْدَ الطَّلَبِ أَوْ حَبَسَتْهُ مُسْتَعْمِلَةً فَأَمَّا إذَا حَبَسَتْهُ لِلْحِفْظِ فَلَا تَصِيرُ غَاصِبَةً قَبْلَ الطَّلَبِ وَالْحَدُّ الْفَاصِلُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ لِلْحِفْظِ وَبَيْنَ الْإِمْسَاكِ لِلِاسْتِعْمَالِ أَنَّهُ إذَا أَمْسَكَ الْعَيْنَ فِي مَوْضِعٍ يُمْسَكُ لِلِاسْتِعْمَالِ فِيهِ فَهُوَ اسْتِعْمَالٌ، وَإِنْ أَمْسَكَهَا فِي مَوْضِعٍ لَا يُمْسَكُ فِيهِ لِلِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ حِفْظٌ فَعَلَى هَذَا إذَا تَسَوَّرَتْ بِالْخَلْخَالِ أَوْ تَخَلَّلَتْ بِالسِّوَارِ أَوْ تَعَمَّمَ بِالْقَمِيصِ أَوْ وَضَعَ الْعِمَامَةَ عَلَى الْعَاتِقِ فَهَذَا كُلُّهُ حِفْظٌ وَلَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ، وَإِنْ أَلْبَسَتْهُ غَيْرَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ضَمِنَتْ يَعْنِي فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي لُبْسِ الْحُلِيِّ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَتْهُ كُلَّ يَوْمٍ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَحَبَسَتْهُ شَهْرًا ثُمَّ جَاءَتْ بِهِ فَعَلَيْهَا أَجْرُ كُلِّ يَوْمٍ حَبَسَتْهُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَتْهُ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَإِنْ بَدَا لَهَا حَبَسَتْهُ كُلَّ يَوْمٍ بِذَلِكَ الْأَجْرِ فَلَمْ تَرُدَّهُ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَالْإِجَارَةُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فِيمَا عَدَا الْيَوْمَ فَاسِدَةٌ قِيَاسًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجُوزُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكُلُّ مُسْتَأْجَرٍ عَيْنٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ دَارٍ إذَا فَسَدَ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ سَقَطَ الْأَجْرُ وَيَجِبُ أَجْرُ مَا اُنْتُفِعَ بِهِ فَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي فَسَادِهِ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ يَحْكُمُ الْحَالُ وَالْقَوْلُ فِي الْمَاضِي قَوْلُ مَنْ شَهِدَ لَهُ الْحَالُ، وَإِنْ كَانَ سَالِمًا فِي الْحَالِ وَاتَّفَقَا عَلَى فَسَادِهِ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ وَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ بَعْضَ الْأَجْرِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الْحَادِي وَالْعُشْرُونَ تَسْلِيم الْمَعْقُود عَلَيْهِ إلَى المستأجر] (الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْإِجَارَةِ لَا يُوجَدُ فِيهَا تَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ) رَجُلٌ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ فَقَطَعَهُ الْخَيَّاطُ وَمَاتَ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْجُوزَجَانِيُّ لَهُ أَجْرُ الْقَطْعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الْكُبْرَى وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً يَذْهَبُ بِهَا إلَى مَنْزِلِهِ وَيَرْكَبُهَا إلَى مَوْضِعٍ قَدْ سَمَّاهُ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ

وَذَهَبَ بِهَا إلَى مَنْزِلِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُ ذَلِكَ فَرَدَّهَا فَعَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ مَا ذَهَبَ إلَى مَنْزِلِهِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي خَيَّاطٍ خَاطَ ثَوْبَ رَجُلٍ بِأَجْرٍ فَفَتَقَهُ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يُقْبِضَ رَبَّ الثَّوْبِ فَلَا أَجْرَ لِلْخَيَّاطِ وَلَا يُجْبَرُ الْخَيَّاطُ عَلَى أَنْ يُعِيدَ الْعَمَلَ لِأَنَّهُ لَوْ أُجْبِرَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا فَذَلِكَ الْعَقْدُ قَدْ انْتَهَى بِتَمَامِ الْعَمَلِ، وَإِنْ كَانَ الْخَيَّاطُ هُوَ الَّذِي فَتَقَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْعَمَلَ لِأَنَّ الْخَيَّاطَ لَمَّا فُتِقَ الثَّوْبُ فَقَدْ نُقِضَ عَمَلُهُ فَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَكَذَلِكَ الْإِسْكَافُ وَكَذَلِكَ الْمُكَارِي إذَا حَمَلَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَخَوَّفُوهُ فَرَجَعَ وَأَعَادَ الْحِمْلَ إلَى الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ لَا أَجْرَ لَهُ كَذَا ذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَبْرَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْبَرَ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَمَسْأَلَةُ السَّفِينَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذَا وَكَذَلِكَ الْمَلَّاحُ إذَا حَمَلَ الطَّعَامَ إلَى الْمَوْضِعِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ فَضَرَبَتْ الرِّيحُ السَّفِينَةَ وَرَدَّتْهَا إلَى مَكَانِ الْعَقْدِ فَلَا أَجْرَ لِلْمَلَّاحِ إنْ لَمْ يَكُنْ الَّذِي اكْتَرَى مَعَهُ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَمْ يَكُنْ مُسَلَّمًا إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ لِأَنَّ الْعَمَلَ صَارَ مُسَلَّمًا إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمَلَّاحُ هُوَ الَّذِي رَدَّ السَّفِينَةَ أَجْبَرَهُ عَلَى الْإِعَادَةِ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَشْرُوطِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي رَجَعَتْ إلَيْهِ السَّفِينَةُ لَا يَقْدِرُ رَبُّ الطَّعَامِ عَلَى قَبْضِهِ فِيهِ فَعَلَى الْمَلَّاحِ أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ رَبُّ الطَّعَامِ عَلَى قَبْضِهِ فِيهِ وَيَكُونُ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِيمَا سَارَ وَإِنْ قَالَ الَّذِي اكْتَرَى السَّفِينَةَ بَعْدَمَا رَدَّتْهَا الرِّيحُ لَا حَاجَةَ لِي فِي سَفِينَتِك أَنَا أَكْتَرِي غَيْرَهَا فَلَهُ ذَلِكَ رَوَاهُ هِشَامٌ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى بَغْلًا إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَرَكِبَهُ فَلَمَّا سَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ جَمَحَ بِهِ فَرَدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ بِقَدْرِ مَا سَارَ فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْقَاضِي مَرَّ صَاحِبَ الْبَغْلِ فَلْيُبَلِّغْنِي إلَى حَيْثُ اسْتَأْجَرْته وَلَهُ عَلَيَّ الَّذِي شَارَطْتُهُ عَلَيْهِ قَالَ إنْ شَاءَ الْآجِرُ فَعَلَ ذَلِكَ وَإِلَّا قِيلَ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتَأْجِرْهُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي بَلَغْت ثُمَّ هُوَ يَحْمِلُك مِنْ ثَمَّةَ إلَى حَيْثُ اسْتَأْجَرْته هَكَذَا رَوَاهُ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ وَعَلَى هَذَا السَّفِينَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَجِيءَ بِعِيَالِهٍ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ فَجَاءَ بِمَنْ بَقِيَ فَلَهُ أَجْرُهُ بِحِسَابِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ هَذَا إذَا كَانَ عِيَالُهُ مَعْلُومِينَ حَتَّى يَكُونَ الْأَجْرُ مُقَابِلًا بِجُمْلَتِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مَعْلُومِينَ يَجِبُ الْأَجْرُ كُلُّهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي وَالْهِدَايَةِ. وَلَوْ ذَهَبَ وَلَمْ يَحْمِلْ أَحَدًا مِنْهُمْ لَمْ يَسْتَوْجِبْ شَيْئًا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَذْهَبَ بِكِتَابِهِ إلَى فُلَانٍ وَيَجِيءَ بِجَوَابِهٍ فَذَهَبَ بِالْكِتَابِ فَوَجَدَ فُلَانًا قَدْ مَاتَ فَتَرَكَ الْكِتَابَ ثَمَّةَ أَوْ مَزَّقَهُ وَلَمْ يَرُدَّ كَانَ لَهُ أَجْرُ الذَّهَابِ فِي قَوْلِهِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضْ عَمَلَهُ وَقِيلَ إذَا مَزَّقَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الْأَجْرُ لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْكِتَابَ ثُمَّ يَنْتَفِعُ بِالْكِتَابِ وَارِثُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَيَحْصُلُ لَهُ الْغَرَضُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَزَّقَهُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَذْهَبَ بِكِتَابِهِ إلَى فُلَانٍ بِالْبَصْرَةِ وَيَجِيءَ بِجَوَابِهِ فَذَهَبَ فَوَجَدَ فُلَانًا مَيِّتًا فَرَدَّ الْكِتَابَ لَا أَجْرَ لَهُ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَجْرُ الذَّهَابِ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ الْكِتَابَ لَكِنَّهُ دَفَعَهُ إلَى وَارِثِهِ أَوْ وَصِيِّهِ يَجِبُ الْأَجْرُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ فُلَانًا غَائِبًا فَتَرَكَ الْكِتَابَ هُنَاكَ وَرَجَعَ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ هَذَا عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَاهُنَا يَجِبُ أَجْرُ الذَّهَابِ بِالِاتِّفَاقِ هَذَا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ الْمَجِيءَ بِالْجَوَابِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الْمَجِيءَ بِالْجَوَابِ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ فَنَقُولُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ وَتَرَكَ الْكِتَابَ ثَمَّ حَتَّى يُوَصَّلَ إلَيْهِ إذَا حَضَرَ بِأَنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ إلَى وَارِثِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ كَمَلًا وَكَذَا لَوْ وَجَدَهُ فَدَفَعَ الْكِتَابَ إلَيْهِ فَلَمْ يَقْرَأْ حَتَّى عَادَ مِنْ غَيْرِ جَوَابٍ لَهُ الْأَجْرُ كَمَلًا لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْهُ أَوْ وَجَدَهُ لَكِنْ لَمْ يَدْفَعْ الْكِتَابَ إلَيْهِ بَلْ رَدَّ الْكِتَابَ لَا أَجْرَ لَهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَجْرُ الذَّهَابِ وَلَوْ نَسِيَ الْكِتَابَ هَاهُنَا لَا يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الذَّهَابِ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ إلَى فُلَانٍ بِالْبَصْرَةِ وَلَمْ يَذْهَبْ بِالْكِتَابِ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لَهُ وَفِيمَا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ الْمَجِيءَ بِجَوَابِهِ إذَا دَفَعَ إلَى فُلَانٍ وَأَتَى بِالْجَوَابِ فَلَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِتَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ إلَى فُلَانٍ بِبَغْدَادَ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ إلَى وَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا أَوْ إلَى أَحَدٍ لِيُوَصِّلَ إلَيْهِ إنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ لَمْ يُبَلِّغْهَا إلَى أَحَدٍ وَعَادَ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ بِالْإِجْمَاعِ هَكَذَا فِي الصُّغْرَى. ثُمَّ الْأَجِيرُ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ عَلَى الْمُرْسَلِ لَا عَلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَجْمَعُوا

الباب الثاني والعشرون التصرفات التي يمنع المستأجر عنها وتصرفات الآجر

عَلَى أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ لِيَذْهَبَ بِطَعَامٍ إلَى الْبَصْرَةِ إلَى فُلَانٍ فَذَهَبَ وَلَمْ يَجِدْ فُلَانًا أَوْ وَجَدَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَدْفَعْ الطَّعَامَ إلَيْهِ بَلْ رَدَّهُ أَنَّهُ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ تَكَارَى سَفِينَةً لِيَذْهَبَ بِهَا لِمَوْضِعٍ فَيَحْمِلُ كَذَا وَيَجِيءُ بِهِ فَقَدْ ذَهَبَ بِالسَّفِينَةِ فَلَمْ يَجِدْ الَّذِي أَمَرَهُ بِنَقْلِهِ فَرَجَعَ قَالَ يَلْزَمُهُ كِرَاءُ السَّفِينَةِ فِي الذَّهَابِ فَارِغَةً، وَإِنْ قَالَ أَكْتَرِيهَا مِنْك عَلَى أَنْ تَحْمِلَ لِي طَعَامًا إلَى هَاهُنَا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا فَلَمْ يَجِدْ الطَّعَامَ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. اسْتَأْجَرَ دَوَابَّ إلَى بَلْدَةٍ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِنْ هُنَاكَ حُمُولَةً فَقَالَ الْمُكَارِي ذَهَبْت فَمَا وَجَدْت هُنَاكَ حُمُولَةً إنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَكْرِي فِيهِ لَزِمَهُ أَجْرُ الذَّهَابِ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مِنْ بَغْدَادَ لِيَذْهَبَ بِهَا إلَى الْمَدَائِنِ وَيَحْمِلَ عَلَيْهَا طَعَامًا مِنْ الْمَدَائِنِ فَذَهَبَ بِهَا وَلَمْ يَجِدْ الطَّعَامَ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الذَّهَابِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِنْ الْمَدَائِنِ وَلَمْ يَسْتَأْجِرْ مِنْ مَوْضِعِ الْعَقْدِ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَحْمِلَ لَهُ عَلَفًا وَطَعَامًا مِنْ مَطْمُورَةٍ سَمَّاهَا لَهُ فَذَهَبَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا قَسَّمَ الْأَجْرَ عَلَى ذَهَابِهِ وَحُمُولَتِهِ وَرُجُوعِهِ وَيَلْزَمُهُ مِقْدَارُ ذَهَابِهِ لِأَنَّ الذَّهَابَ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ هَذَا إذَا سَمَّى الْمَطْمُورَةَ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ يُنْظَرُ إلَى أَجْرِ مِثْلِهِ فِي ذَهَابِهِ وَلَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى لَهُ مِنْ ذَلِكَ يَعْنِي مِنْ حِصَّتِهِ. كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً فِي الْمِصْرِ لِيَحْمِلَ الدَّقِيقَ مِنْ الطَّاحُونَةِ أَوْ لِيَحْمِلَ الْحِنْطَةَ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا فَذَهَبَ فَلَمْ يَجِدْ الْحِنْطَةَ طُحِنَتْ أَوْ لَمْ يَجِدْ الْحِنْطَةَ فِي الْقَرْيَةِ فَعَادَ إلَى الْمِصْرِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَالَ اسْتَأْجَرْت مِنْك هَذِهِ الدَّابَّةَ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ حَتَّى أَحْمِلَ الدَّقِيقَ مِنْ طَاحُونَةِ كَذَا يَجِبُ نِصْفُ الْأَجْرِ فَأَمَّا إذَا كَانَ قَالَ اسْتَأْجَرْت مِنْك هَذِهِ الدَّابَّةَ بِدِرْهَمٍ حَتَّى أَحْمِلَ الدَّقِيقَ مِنْ الطَّاحُونَةِ فَهَاهُنَا لَا يَجِبُ الْأَجْرُ فِي الذَّهَابِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَذْهَبَ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَيَدْعُو فُلَانًا إلَيْهِ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلَمْ يَجِدْ فُلَانًا فَلَهُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّانِي وَالْعُشْرُونَ التَّصَرُّفَات الَّتِي يَمْنَع المستأجر عَنْهَا وَتَصَرُّفَات الْآجُرّ] (الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي بَيَانِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يُمْنَعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْهَا وَمَا لَا يُمْنَعُ وَفِي تَصَرُّفَاتِ الْآجِرِ) إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ بَيْتًا وَلَمْ يُسَمِّ الَّذِي يُرِيدُهَا لَهُ حَتَّى جَازَتْ الْإِجَارَةُ اسْتِحْسَانًا لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُسَكِّنَهَا وَأَنْ يَسْكُنَهَا وَلَهُ أَنْ يَضَعَ مَتَاعَهُ فِيهَا وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا مَا بَدَا لَهُ مِنْ الْعَمَلِ مِمَّا لَا يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ وَلَا يُوهِنُهُ نَحْوَ الْوُضُوءِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ أَمَّا كُلُّ عَمَلٍ يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ وَيُوهِنُهُ نَحْوَ الرَّحَى وَالْحِدَادَةِ وَالْقِصَارَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ، بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا أَرَادَ بِالرَّحَى رَحَى الْمَاءِ وَرَحَى الثَّوْرِ لَا رَحَى الْيَدِ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا إنْ كَانَ رَحَى الْيَدِ يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ يُمْنَعُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ لَا يُمْنَعُ عَنْهُ وَإِلَى هَذَا مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرْبِطَ فِيهَا دَابَّتَهُ وَبَعِيرَهُ وَشَاتَه فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَرْبِطٌ لَيْسَ لَهُ اتِّخَاذُ الْمَرْبِطِ وَفِي شَرْحِ الشَّافِي مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ عُرْفَ الْكُوفَةِ أَمَّا الْمَنَازِلُ بِبُخَارَى فَتَضِيقُ عَنْ سُكْنَى النَّاسِ فَكَيْفَ الدَّوَابُّ وَيَرْبِطُ الدَّابَّةَ عَلَى بَابِ دَارِهِ وَلَوْ ضَرَبَتْ الدَّابَّةُ إنْسَانًا فَمَاتَ أَوْ هَدَمَتْ حَائِطًا لَمْ يَضْمَنْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ تَكَارَى مَنْزِلًا مِنْ دَارٍ وَفِي الدَّارِ سُكَّانٌ غَيْرُهُ فَأَدْخَلَ دَابَّةً فِي الدَّارِ وَأَوْقَفَهَا عَلَى بَابِهِ فَضَرَبَتْ إنْسَانًا فَمَاتَ أَوْ هَدَمَتْ حَائِطًا أَوْ دَخَلَ ضَيْفٌ لَهُ دَابَّةٌ فِي الدَّارِ وَأَوْقَفَهَا عَلَى بَابِهِ فَضَرَبَتْ إنْسَانًا مِنْ السُّكَّانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّاكِنِ وَلَا عَلَى الضَّيْفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ عَلَى الدَّابَّةِ حِينَ وَطِئَتْ إنْسَانًا فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَا يُمْنَعُ مِنْ كَسْرِ الْحَطَبِ الْمُعْتَادِ لِلطَّبِيخِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يُوهِنُ الْبِنَاءَ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْعَادَةِ بِحَيْثُ يُوهِنُ الْبِنَاءَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الدَّارِ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدَّقُّ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فَإِنَّ الْقَلِيلَ مِنْهُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنْ يَدُقَّ أَهْلُ كُلِّ دَارٍ ثِيَابَهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ وَلَا يُوهِنُ ذَلِكَ الْقِدْرُ مِنْهُ الْبِنَاءَ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. فَلَوْ أَنَّهُ أَقْعَدَ فِيهَا حَدَّادًا أَوْ قَصَّارًا أَوْ عَمِلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَانْهَدَمَ شَيْءٌ مِنْ الْبِنَاءِ ضَمِنَ قِيمَةَ

ذَلِكَ لِأَنَّ الِانْهِدَامَ أَثَرُ الْحِدَادَةِ وَالْقِصَارَةِ لَا أَثَرُ السُّكْنَى وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِيمَا ضَمِنَهُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَمْ يَقُلْ فِي الْكِتَابِ إنَّهُ هَلْ يَجِبُ الْأَجْرُ فِيمَا لَمْ يَضْمَنْ وَهُوَ السَّاحَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْأَجْرُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ، وَإِنْ لَمْ يَنْهَدِمْ شَيْءٌ مِنْ الْبِنَاءِ مِنْ عَمَلِ الْحِدَادَةِ وَالْقِصَارَةِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ قِيَاسًا وَيَجِبُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى اسْتِحْسَانًا فَإِنْ اخْتَلَفَ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرْت لِلْحِدَادَةِ وَقَالَ الْآجِرُ آجَرْت لِلسُّكْنَى دُونَ الْحِدَادَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآجِرِ وَكَذَا إذَا أَنْكَرَ الْإِجَارَةَ فِي نَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ. إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ دَارًا عَلَى أَنْ يُقْعِدَ فِيهَا حَدَّادًا فَأَرَادَ أَنْ يُقْعِدَ فِيهَا قَصَّارًا فَلَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ مَضَرَّتُهُمَا وَاحِدَةً أَوْ كَانَتْ مَضَرَّةُ الْقَصَّارِ أَقَلَّ وَكَذَلِكَ الرَّحَى عَلَى هَذَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ تَكَارَى مَنْزِلًا أَوْ دَارًا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ فِيهَا فَلَمْ يَسْكُنْهَا وَلَكِنَّهُ جَعَلَ فِيهَا طَعَامًا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِرَبِّ الدَّارِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا لِمَاءُ لِيَتَوَضَّأَ فِيهَا فَعَطِبَ فِيهَا إنْسَانٌ يُنْظَرُ إنْ كَانَ حَفَرَ بِإِذْنِ رَبِّ الدَّارِ فَلَا ضَمَانَ كَمَا لَوْ حَفَرَ رَبُّ الدَّارِ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ حَفَرَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الدَّارِ فَهُوَ ضَامِنٌ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا مِنْ رَجُلٍ وَحَانُوتًا مِنْ آخَرَ فَنَقَبَ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ لِيَرْتَفِقَ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَ مِنْ الْحَائِطِ وَيَضْمَنُ أَجْرَ الْحَانُوتَيْنِ بِتَمَامِهِ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِذَا تَكَارَى مَنْزِلًا مِنْ رَجُلٍ سَنَةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَخَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ الْبَيْتِ وَعَمِلَ أَهْلُهُ فَأَكْرُوا مِنْ الْمَنْزِلِ بَيْتًا وَأَنْزَلُوا إنْسَانًا بِغَيْرِ أَجْرٍ فَانْهَدَمَ الْبَيْتُ الَّذِي أَسْكَنُوهُ فِيهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَنْهَدِمَ مِنْ سُكْنَى السَّاكِنِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَفِي الْحَالَيْنِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَهَلْ يَضْمَنُ الْأَهْلُ وَالسَّاكِنُ: إنْ حَصَلَ الِانْهِدَامُ لَا مِنْ سُكْنَاهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ الضَّمَانُ بِهَا وَيَكُونُ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْخِيَارُ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ ضَمِنَ الْأَهْلُ فَالْأَهْلُ لَا يَرْجِعُ عَلَى السَّاكِنِ، وَإِنْ ضَمِنَ السَّاكِنُ فَالسَّاكِنُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَهْلِ، وَإِنْ انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَى السَّاكِنِ فَالسَّاكِنُ يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ وَهَلْ لَهُ تَضْمِينُ الْأَهْلِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا تَكَارَى بَيْتًا وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَعْمَلُ فِيهِ فَسَكَنَهُ وَأَسْكَنَ مَعَهُ فِيهِ غَيْرَهُ فَانْهَدَمَ مِنْ سُكْنَى غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَرْبِطَ دَابَّتَهُ فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ بَعْدَ دُخُولِ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَضْمَنُ مَا عَطِبَ إلَّا إذَا دَخَلَ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعَارَ دَارِهِ ثُمَّ أَدْخَلَ الدَّابَّةَ بِلَا إذْنِ الْمُسْتَعِيرِ حَيْثُ يَجُوزُ وَلَا يَضْمَنُ مَا عَطِبَ، هَذَا إذَا آجَرَهُ كُلَّ الدَّارِ أَمَّا إذَا كَانَ لَمْ يُؤَاجِرْ صَحْنَهُ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ فِيهِ الدَّابَّةَ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا تَكَارَى دَارًا مِنْ رَجُلٍ شَهْرًا بِدِرْهَمٍ وَفِي الدَّارِ بِئْرٌ فَأَمَرَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجِرَ أَنْ يَكْنُسَ الْبِئْرَ وَيُخْرِجَ تُرَابَهَا مِنْهَا فَأَخْرَجَ فَأَلْقَاهَا فِي صَحْنِ الدَّارِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الدَّارِ بِإِلْقَاءِ التُّرَابِ فِي صَحْنِ الدَّارِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ هَذَا إذَا كَنَسَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبِئْرَ وَأَلْقَى الطِّينَ فِي صَحْنِ الدَّارِ، وَإِنْ فَعَلَ الْآجِرُ ذَلِكَ وَأَلْقَى الطِّينَ فِي صَحْنِ الدَّارِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ فَعَلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَالْجَوَابُ فِيهِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِيمَا إذَا وَضَعَ مَتَاعًا آخَرُ لَهُ فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ هَذَا إذَا حَصَلَ إلْقَاءُ التُّرَابِ فِي صَحْنِ الدَّارِ، وَإِنْ حَصَلَ الْإِلْقَاءُ خَارِجَ الدَّارِ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ فَالْمُلْقِي ضَامِنٌ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لِمُسْتَأْجِرِ الدَّارِ الْمُسَبَّلَةِ إلْقَاءُ مَا اجْتَمَعَ مِنْ كَنْسِ الدَّارِ مِنْ التُّرَابِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ وَلَهُ أَنْ يَتِدَ فِيهِ وَتَدًا وَيَسْتَنْجِي بِجِدَارِهِ وَيَتَّخِذُ فِيهَا بَالُوعَةً إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَ فَلَهُ الشُّرْبُ وَالطَّرِيقُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا كَانَ لَهُ الطَّرِيقُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. اسْتَأْجَرَ أَرْضًا سَنَةً عَلَى أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا مَا شَاءَ فَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا زَرْعَيْنِ رَبِيعًا وَخَرِيفًا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلَانِ اسْتَكْرَيَا بَيْتَيْنِ فِي دَارٍ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْتًا عَلَى حِدَةٍ فَعَمِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَعْطَى صَاحِبَهُ بَيْتَهُ وَسَكَنَ فِيهِ صَاحِبُهُ فَانْهَدَمَ أَحَدُ الْبَيْتَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ سَكَنَ كُلُّ

الباب الثالث والعشرون في استئجار الحمام والرحى

وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْتَ صَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَاهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ اسْتَأْجَرَا حَانُوتًا يَعْمَلَانِ فِيهِ بِأَنْفُسِهِمَا فَعَمِلَ أَحَدُهُمَا فَاسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَأَقْعَدَهُ مَعَهُ فِي الْحَانُوتِ وَأَبَى الْآخَرُ أَنْ يَدَعَهُ قَالَ: لَهُ أَنْ يُقْعِدَ فِي نَصِيبِهِ مَنْ شَاءَ مَا لَمْ يُدْخِلْ عَلَى شَرِيكِهِ فِي نَصِيبِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا إلَّا أَنَّهُ إذَا أَدْخَلَ ضَرَرًا عَلَى شَرِيكِهِ فَحِينَئِذٍ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مَتَاعًا مِنْ الْآخَرِ، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْنِيَ وَسَطَ الْحَانُوتِ حَائِطًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَا حَانُوتًا وَشَرَطَا فِيمَا بَيْنَهُمَا أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا مُقَدَّمَ الدَّارِ وَالْآخَرُ مُؤَخَّرَهَا فَهَذَا أَمْرٌ لَا يُلْزِمُ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ هَذَا الشَّرْطُ مَعَ الْآجِرِ فَسَدَ الْعَقْدُ هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا مُسَبَّلًا لِدَقِّ الْأُرْزِ لَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْبِنَاءِ وَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِ الدَّارِ الْمُسَبَّلَةَ أَنْ يَجْعَلَهَا إصْطَبْلًا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا بَنَى الْمُسْتَأْجِرُ تَنُّورًا أَوْ كَانُونًا فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَاحْتَرَقَ بَعْضُ بُيُوتِ الْجِيرَانِ أَوْ احْتَرَقَ بَعْضُ الدَّارِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ رَبِّ الدَّارِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ صَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي نَصْبِ التَّنُّورِ شَيْئًا لَا يَصْنَعُهُ النَّاسُ مِنْ تَرْكِ الِاحْتِيَاطِ فِي وَضْعِهِ أَوْ أَوْقَدَ نَارًا لَا يُوقَدُ مِثْلُهُ فِي التَّنُّورِ كَانَ ضَامِنًا. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ. وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا أَوْ اسْتَعَارَهَا فَأَحْرَقَ الْحَصَائِدَ فَاحْتَرَقَ شَيْءٌ فِي أَرْضٍ أُخْرَى فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا تَسَبَّبَ لَيْسَ بِمُبَاشَرَةٍ وَالضَّمَانُ فِي التَّسْبِيبِ لَا يَجِبُ بِدُونِ التَّعَدِّي وَلَمْ يُوجَدُ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ رَجُلٌ أَحْرَقَ شَوْكًا أَوْ تِبْنًا فِي أَرْضِهِ فَذَهَبَتْ الرِّيحُ بِالشَّرَارَاتِ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَاحْتَرَقَ زَرْعُهُ إنْ كَانَتْ النَّارُ بِبُعْدٍ مِنْ أَرْضِ الْجَارِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَصِلُ إلَيْهِ شَرَارُ النَّارِ فِي الْعَادَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِفِعْلِ النَّارِ، وَإِنْ كَانَتْ بِقُرْبِ أَرْضِهِ عَلَى وَجْهٍ يَصِلُ شَرَارُ النَّارِ غَالِبًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَهُ أَنْ يُوقِدَ النَّارَ فِي أَرْضِهِ وَلَكِنْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إلَى أَرْضِ جَارِهِ هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِمْلًا مُقَدَّرًا فَأَرَادَ الْمُكَارِي لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ مَعَ مَتَاعِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْنَعَ الْمُكَارِي مِنْ ذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ وَضَعَ وَبَلَغَتْ الدَّابَّةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ يَجِبُ جَمِيعُ الْمُسَمَّى بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا وَشَغَلَ رَبُّ الدَّارِ بَعْضَهَا بِمَتَاعِ نَفْسِهِ حَيْثُ يُسْقَطُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ. كَذَا فِي الصُّغْرَى. ذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُعِيرَ وَيُودِعُ وَيُؤَجِّرَ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ مُطْلَقَةً وَتَأْوِيلُهَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ شَيْئًا لَا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ أَمَّا إذَا كَانَ شَيْئًا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ وَلَا أَنْ يُعِيرَ حَتَّى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ غَيْرَهُ وَلَا أَنْ يُعِيرَهُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ غَابَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْمِفْتَاحَ إلَى الْآجِرِ فَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَ فِيهِ مِفْتَاحًا آخَرَ وَيُؤَاجِرَهُ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي فَتَاوَى آهُو سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَعْطَى الْمُسْتَأْجِرُ رَهْنًا لِغَرِيمِهِ فَأُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِ الْغَرِيمِ عَلَى مَنْ تَجِبُ قَالَ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ لِمَا رَهَنَهُ وَإِذَا وَجَبَ الضَّمَانُ عِنْدَ الْهَلَاكِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ، وَإِنْ سُلِّمَ إلَيْهِ سَلِيمًا وَلَوْ أَخَذَهَا مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ يَجِبُ الْأَجْرُ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الِاسْتِرْدَادِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي اسْتِئْجَارِ الْحَمَّامِ وَالرَّحَى] (الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي اسْتِئْجَارِ الْحَمَّامِ وَالرَّحَى) وَيَجُوزُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ وَالْحِجَامَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ حَمَّامًا شُهُورًا مَعْلُومَةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ كَانَ حَمَّامًا لِلرِّجَالِ وَحَمَّامًا لِلنِّسَاءِ وَقَدْ حَدَّدَهُمَا جَمِيعًا إلَّا أَنَّهُ سُمِّيَ فِي الْإِجَارَةِ حَمَّامًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ هَذِهِ الْإِجَارَةُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجُوزُ قَالَ مَشَايِخُنَا هَذَا إذَا كَانَ بَابُ الْحَمَّامَيْنِ وَاحِدًا وَالدِّهْلِيزُ وَاحِدًا أَمَّا إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَابٌ عَلَى حِدَةٍ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ حَتَّى يُسَمِّيَهُمَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا بِحُدُودِهِ فَدَخَلَ فِي الْعَقْدِ تَوَابِعُهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ نَحْوَ بِئْرِ الْمَاءِ وَمُسِيلِ مَاءِ الْحَمَّامِ وَمَوْضِعِ سِرْقِينِهِ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِدُونِهِ وَعِمَارَتُهُ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ مِنْ الصَّارُوجِ وَعِمَارَةُ حَوْضِهِ وَمُسِيلِ

مَائِهِ وَبِئْرِهِ وَقِدْرِهِ وَلَوْ شَرَطَ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِمَرَمَّتِهِ مَعَ الْآجِرِ وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَهَا عَلَيْهِ جَازَ وَهُوَ الْحِيلَةُ وَيَكُونُ هُوَ نَائِبًا عَنْهُ فِي الْإِنْفَاقِ كَمَا لَوْ أَمَرَ رَبُّ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجِرَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى دَابَّتِهِ بِبَعْضِ الْأُجْرَةَ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا أَوْ يَقُولُ تَرَكْتُك أَجْرَ شَهْرَيْنِ لِمَرَمَّةِ الْحَمَّامِ يَجُوزُ وَلَوْ قَالَ أَنْفَقْت فِي مَرَمَّتِهِ كَذَا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِحُجَّةٍ أَوْ يَحْلِفُ رَبُّ الْحَمَّامِ عَلَى الْعِلْمِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَدْفَعَ الْعَشَرَةَ إلَى رَبِّ الْحَمَّامِ ثُمَّ يَدْفَعُهَا رَبُّ الْحَمَّامِ إلَيْهِ وَيَأْمُرُهُ بِإِنْفَاقِهَا فِي مَرَمَّةِ الْحَمَّامِ فَيَكُونُ أَمِينًا وَحِيلَةٌ أُخْرَى لِإِسْقَاطِ الْحُجَّةِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَجْعَلَ لِمِقْدَارِ الْمَرَمَّةِ عَدْلًا حَتَّى يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَدْلِ فِيمَا يُنْفَقُ لِأَنَّ الْعَدْلَ أَمِينٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ جَعَلَا بَيْنَهُمَا رَجُلًا يَقْبِضُهَا وَيُنْفِقُهَا عَلَى الْحَمَّامِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ دَفَعْتهَا إلَيْهِ وَكَذَّبَهُ رَبُّ الْحَمَّامِ فَإِنْ أَقَرَّ الْعَدْلُ بِقَبْضِهَا بَرِيءَ الْمُسْتَأْجِرُ، وَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ كَفِيلًا بِالْأَجْرِ كَانَ مِثْلُ الْمُسْتَأْجِرِ غَيْرَ مُؤْتَمَنٍ وَلَا يُصَدَّقُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ فَسَدَ بِئْرُ الْمَاءِ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ عَلَى نَزْحِ جَمِيعِ الْمَاءِ وَلَكِنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَعَلَقُ الْحَمَّامِ وَرَمَادِهِ عِنْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَيُؤْمَرُ بِالنَّقْلِ وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُسْتَأْجِرُ كَوْنَ الرَّمَادِ مِنْ فِعْلِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي إجَارَةِ الْحَمَّامِ نَقْلُ الرَّمَادِ وَالسِّرْقِينِ وَتَفْرِيغُ مَوْضِعِ الْغُسَالَةِ يَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسِيلُ ظَاهِرًا أَوْ مُسَقَّفًا فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الْآجِرِ فِي الْإِجَارَةِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ وَالشَّرْطُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ رَبُّ الْحَمَّامِ كُلَّ شَهْرٍ عَشْرَ طَلَّاءَات فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ امْتَلَأَتْ الْبَالُوعَةُ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَعَلَى الْآجِرِ تَفْرِيغُهَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ حَمَّامَيْنِ شُهُورًا مُسَمَّاةً كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا فَانْهَدَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِمَا فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْبَاقِي، وَإِنْ انْهَدَمَ بَعْدَ قَبْضِهِمَا فَالْبَاقِي لَهُ لَازِمٌ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأَجْرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا سَنَةً بِكَذَا فَلَمْ يُسَلَّمْ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ شَهْرَيْنِ ثُمَّ سُلِّمَ فِي الْبَاقِي وَأَبَى الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا وَاحِدًا فَانْهَدَمَ مِنْهُ بَيْتٌ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ آجَرَ حَمَّامًا سَنَةً ثُمَّ إنَّ الْآجِرَ آجَرَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ مِنْ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ حَتَّى يَأْخُذَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنَّهُ تَصِحُّ إضَافَةُ الْعَقْدِ إلَى زَمَانٍ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا وَعَبْدًا لِيَقُومَ عَلَى الْحَمَّامِ فَانْهَدَمَ الْحَمَّامُ بَعْدَ قَبْضِهِمَا فَلَهُ تَرْكُ الْعَبْدِ، وَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ فَلَيْسَ لَهُ تَرْكُ الْحَمَّامِ، وَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهُ لَا لِيَقُومَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرْكُهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا سَنَةً بِغَيْرِ قِدْرِهِ وَاسْتَأْجَرَ الْقِدْرَ مِنْ غَيْرِهِ فَانْكَسَرَتْ الْقِدْرُ فَلَمْ يَعْمَلْ فِي الْحَمَّامِ شَهْرًا فَلِصَاحِبِ الْحَمَّامِ أَجْرُهُ لِأَنَّهُ سَلَّمَ الْحَمَّامَ إلَيْهِ كَمَا الْتَزَمَهُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ قِدْرًا أُخْرَى فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ لِرَبِّ الْحَمَّامِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْقِدْرُ لِرَبِّ الْحَمَّامِ فَانْكَسَرَتْ فَإِنَّ هُنَاكَ الْمُسْتَأْجَرُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ كَمَا اسْتَحَقَّهُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ مَا لَمْ يُصْلِحْ رَبُّ الْحَمَّامِ قِدْرَهُ وَلَا أَجْرَ لِصَاحِبِ الْقِدْرِ مِنْ حِينِ انْكَسَرَتْ لِزَوَالِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْقِدْرِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ انْكَسَرَتْ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ عَمَلِهِ الْمُعْتَادِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَخَلَ بِدَانِقٍ عَلَى أَنْ يُنَوِّرَهُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ أَوْ بِفَلْسٍ عَلَى أَنْ يَغْتَسِلَ فَهُوَ فَاسِدٌ قِيَاسًا وَجَائِزٌ اسْتِحْسَانًا لِلْعُرْفِ وَالتَّعَامُلِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا سَنَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَصَارَ الْحَمَّامُ بِحَالٍ لَا يُحَصِّلُ مِنْ الْغَلَّةِ قَدْرَ الْأُجْرَةِ وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ الْحَمَّامَ قَالَ إنْ لَمْ يَعْمَلْ الْحَمَّامِيَّةَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْحَمَّامَ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا شَهْرًا فَعَمِلَ فِيهِ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَرُوِيَ عَنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ عَلَيْهِ أَجْرَ الشَّهْرِ الثَّانِي بِالتَّرَاخِي وَهَكَذَا رَوَى فِي الدَّارِ وَحَكَى عَنْ الْكَرْخِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُمَا كَانَا يُوَفِّقَانِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَا مَنْ قَالَ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ مَحْمُولٌ عَلَى دَارٍ وَحَمَّامٍ لَمْ يَعُدَّ الِاسْتِغْلَالَ فَأَمَّا إذَا كَانَا مُعَدَّيْنِ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا فَوَجَدَهُ خَرَابًا فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَفِي الْمُدَّةِ الَّتِي مَضَتْ إنْ كَانَ أَصْلُ الْمَنْفَعَةِ حَاصِلًا يَجِبُ الْأَجْرُ

بِقَدْرِ مَا مَضَى وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا وَدَخَلَ الْآجِرُ مَعَ بَعْضِ أَصْدِقَائِهِ الْحَمَّامَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِأَنَّهُ يَسْتَرِدُّ بَعْضَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْفَعَةُ الْحَمَّامِ فِي الْمُدَّةِ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ الْأَجْرَ حَالَ جَرَيَانِهِ وَانْقِطَاعِهِ فَهَذَا الشَّرْطُ مُخَالِفٌ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَيَفْسُدُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ رَحًى بِالْبَيْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَمَتَاعَهَا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ ثُمَّ طَحَنَ فِيهَا طَحِينًا بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فِي الشَّهْرِ فَرَبِحَ عِشْرِينَ هَلْ يَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ أَصْلَحَ شَيْئًا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الرَّحَى بِأَنْ كَرَى نَهَرَهَا أَوْ نَقَبَ الْحَجَرَ أَوْ لَمْ يُصْلِحْ فَإِنْ لَمْ يُصْلِحْ فَإِنْ كَانَ يَلِي الطَّحْنَ بِنَفْسِهِ تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ فَأَمَّا إذَا كَانَ رَبُّ الطَّعَامِ هُوَ الَّذِي يَلِي الطَّحْنَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ أَصْلَحَ شَيْئًا فَإِنَّهُ تَطِيبُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَلِي الطَّحْنَ بِنَفْسِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اسْتَأْجَرَ مَوْضِعًا عَلَى نَهْرٍ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ بِنَاءً وَيَتَّخِذُ عَلَيْهِ رَحَى مَاءٍ عَلَى أَنَّ الْحِجَارَةَ وَالْمَتَاعَ وَالْحَدِيدَ وَالْبِنَاءَ مِنْ عِنْدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ انْقَطَعَ مَاءُ النَّهْرِ فَلَمْ يَطْحَنْ وَلَمْ يَفْسَخْ الْإِجَارَةَ فَالْأَجْرُ لَازِمٌ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا خَافَ رَبُّ الرَّحَى إنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فَاكْتَرَى الْبَيْتَ وَالْحَجَرَيْنِ وَالْمَتَاعَ خَاصَّةً فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ يَكُونُ عُذْرًا وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا خِيَارَ مَتَى انْقَطَعَ الْمَاءُ لَا يَكُونُ لِهَذَا الشَّرْطِ عِبْرَةٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. طَاحُونَةٌ أَوْ حَمَّامٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اسْتَأْجَرَ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلٌ ثُمَّ أَنْفَقَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجَرِينَ فِي مَرَمَّةِ الْحَمَّامِ بِإِذْنِ مُؤَجِّرِهَا فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الْمَالِكِ الَّذِي لَمْ يُؤَجِّرْهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَا أُنْفِقَ عَلَى الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ وَهُوَ مُؤَجِّرُهَا لِأَنَّهُ أَنْفَقَهَا بِإِذْنِهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْمُؤَجِّرَ هُوَ الَّذِي أَنْفَقَهَا بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الشَّرِيكِ فِي الطَّاحُونَةِ إذَا كَانَ الْإِنْفَاقُ وَالْمَرَمَّةُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِي يَأْمُرُهُ أَوَّلًا بِالْمَرَمَّةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ يَأْذَنُ لِشَرِيكِهِ بِالْإِنْفَاقِ وَالْمَرَمَّةِ لِيَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِنَصِيبِهِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. اسْتَأْجَرَ رَحًى لِطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَطَحَنَ بِهَا مَا مِثْلُ الْحِنْطَةِ أَوْ دُونَهَا ضَرَرًا لَا يَصِيرُ مُخَالِفًا، وَإِنْ فَوْقَهَا صَارَ مُخَالِفًا غَاصِبًا. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا سَأَلْتُهُ عَنْ طَاحُونَةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَثْلَاثًا فَآجَرَ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ نَصِيبَهُ فَتَصَرَّفَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْكُلِّ فَأَرَادَ صَاحِبُ الثُّلُثِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُؤَجِّرْ مِنْهُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ أَوْ إجَارَةِ نَصِيبِهِ لِأَنَّ إجَارَةَ الْمُشَاعِ لَا تَصِحُّ، وَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا يَوْمَيْنِ وَيَتْرُكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا فِي يَوْمٍ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِهَا صَاحِبُ الثُّلُثِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أُغْلِقُ الْبَابَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ نَصِيبِي لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَضُرُّ بِالطَّاحُونَةِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الطَّاحُونَةِ حَمَّامٌ وَقَدْ آجَرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَنْ يُغْلِقَ بَابَ الْحَمَّامِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ نَصِيبُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالْحَمَّامِ وَلَا يَضُرُّ بِالطَّاحُونَةِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَهَايَآ فَيَنْتَفِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ بِالْحَمَّامِ شَهْرَيْنِ وَالْآخَرُ يُغْلَقُ بِالشَّهْرِ أَوْ يَتَهَايَآ أَكْثَرَ مِنْ الشَّهْرِ كَيْ لَا يَسْقُطَ الْحَمَّامُ عَنْ الِانْتِفَاعِ فَإِنَّ فِي الْمُدَّةِ الْقَلِيلَةِ يَضُرُّ بِالْحَمَّامِ فَلَا يَتَمَكَّنُ أَحَدُهُمَا بِمَا يَضُرُّ بِهِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ رَحًى مِنْ رَجُلٍ وَبَيْتًا مِنْ آخَرَ وَبَعِيرًا مِنْ آخَرَ فَاسْتَأْجَرَ الْكُلَّ صَفْقَةً وَاحِدَةً كُلَّ شَهْرٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَآجَرُوا ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ بَيْتٌ عَلَى نَهْرٍ وَقَدْ كَانَ فِيهِ رَحَى مَاءٍ قَدْ ذَهَبَتْ وَجَاءَ آخَرُ بِرَحًى أُخْرَى وَمَتَاعِهَا فَنَصَبَهَا فِي الْبَيْتِ وَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا مِنْ النَّاسِ الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ فَيَطْحَنَاهُمَا فَمَا كَسْبَاهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهُوَ جَائِزٌ وَمَا تَقَبَّلَاهُ وَطَحَنَاهُ فَأَجْرُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَيْسَ لِلرَّحَى وَلَا لِلْبَيْتِ أُجْرَةٌ وَلَوْ آجَرَ الرَّحَى بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ عَلَى طَعَامٍ مَعْلُومٍ كَانَ الْأَجْرُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الرَّحَى وَلِصَاحِبِ الْبَيْتِ أَجْرُ مِثْلِ بَيْتِهِ وَنَفْسِهِ عَلَى صَاحِبِ الرَّحَى إذَا كَانَ قَدْ عَمِلَ فِي ذَلِكَ قَالَ وَلَا أُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ أَجْرِ مِثْلِ أَجْرِ الرَّحَى فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ بَيْتٌ وَنَهْرٌ وَرَحًى وَمَتَاعُهَا فَانْكَسَرَ الْحَجَرُ الْأَعْلَى فَجَاءَ رَجُلٌ وَنَصَبَ مَكَانَهُ حَجَرًا بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ وَجَعَلَ يَطْحَنُ لِلنَّاسِ بِأَجْرٍ

الباب الرابع والعشرون في الكفالة بالأجر وبالمعقود عليه

مَعْلُومٍ وَيَتَقَبَّلُ الطَّعَامَ بِالْأَجْرِ فَهُوَ مُسِيءٌ فِي ذَلِكَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ وَضَعَ الْحَجَرَ الْأَعْلَى بِرِضًا مِنْ صَاحِبِهِ عَلَى أَنَّ الْكَسْبَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَعَلَى أَنْ يَعْمَلَا بِأَنْفُسِهِمَا فَمَتَى آجَرُوا الْحَجَرَ الْأَعْلَى كَانَ جَمِيعُ الْأَجْرِ لِصَاحِبِ الْحَجَرِ الْأَعْلَى، وَإِنْ تَقَبَّلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَهُوَ بَيْنَهُمْ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. طَاحُونَةٌ مُشْتَرَكَةٌ عَرْصَتُهَا بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَالطَّاحُونَةُ لِأَحَدِهِمَا خَاصَّةً يَعْنِي الْأَحْجَارَ آجَرَ مِنْ رَجُلٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَاَلَّذِي لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي الطَّاحُونَةِ يَطْلُبُ نِصْفَ الْأُجْرَةِ قَالَ: لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَنَى عَلَى نَهْرٍ بَيْتًا وَنَصَبَ فِيهِ رَحًى بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ النَّهْرِ ثُمَّ تَقَبَّلَ الطَّعَامَ فَطَحَنَهُ وَاكْتَسَبَ مَالًا كَانَ لَهُ الْكَسْبُ وَيَصِيرُ غَاصِبًا لِأَرْضِهِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ أَحْكَامُ الْغَصْبِ فَيَضْمَنُ مَا انْتَقَصَ مِنْ أَرْضِهِ كَغَاصِبِ الْأَرْضِ وَلَكِنْ لَا يَضْمَنُ الْمَاءَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَكَّبَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الطَّاحُونَةِ حَجَرًا أَوْ حَدِيدًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ ثُمَّ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مَا لَهُ فِيهَا إنْ بِأَمْرِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى أَنْ يَرْفَعَ مِنْ الْغَلَّةِ يَرْجِعُ وَيَكُونُ لَهُ وَإِنْ بِلَا أَمْرِهِ يَأْخُذُ غَيْرَ الْمُرَكَّبِ وَقِيمَةَ الْمُرَكَّبِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْكَفَالَةِ بِالْأَجْرِ وَبِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْكَفَالَةِ بِالْأَجْرِ وَبِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) قَالَ وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ فِي جَمِيعِ الْإِجَارَاتِ بِالْأُجْرَةِ فِي عَاجِلِهَا وَآجِلِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ وَاجِبَةً وَقْتَ الْكَفَالَةِ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ أَوْ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ أَوْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً وَيَكُونُ عَلَى الْكَفِيلِ مِثْلُ مَا عَلَى الْأَصِيلِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ خِلَافُهُ فِي تَعْجِيلٍ أَوْ تَأْخِيرٍ، وَإِنْ عَجَّلَ الْكَفِيلُ بِالْأَجْرِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَصِيلِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُسْتَأْجَرَ بِالْأَجْرِ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ وَلَكِنَّهُ إنْ لَزِمَهُ بِهِ صَاحِبُهُ فَلَهُ أَنْ يَلْزَمَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ حَتَّى يَفُكَّهُ أَوْ يُؤَدِّيَهُ عَنْهُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اخْتَلَفَ الْآجِرُ وَالْكَفِيلُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي مِقْدَارِ الْأَجْرِ فَقَالَ الْكَفِيلُ هُوَ دِرْهَمٌ وَقَالَ الْآخَرُ هُوَ دِرْهَمَانِ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ وَيُؤْخَذُ الْكَفِيلُ بِدِرْهَمٍ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَلَوْ أَقَامُوا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ لِلْآجِرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً يَأْخُذُ أَيَّهُمَا شَاءَ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ شَيْئًا بِعَيْنِهِ بِأَنْ كَانَتْ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ وَكَفَلَ بِهِ كَفِيلٌ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ بَرِيءَ الْكَفِيلُ وَيُقْضَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ لَهُ ثَوْبًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ خِيَاطَتَهُ بِنَفْسِهِ فَكَفَلَ بِهِ إنْسَانٌ إنْ كَفَلَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الْخِيَاطَةِ صَحَّ، وَإِنْ كَفَلَ بِخِيَاطَتِهِ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ خِيَاطَتَهُ فَكَفَلَ إنْسَانٌ بِالْخِيَاطَةِ صَحَّ ثُمَّ فِي مَسْأَلَةِ الْخِيَاطَةِ إذَا لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِالْخِيَاطَةِ وَخَاطَ الْكَفِيلُ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَإِذَا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَخَاطَ الْكَفِيلُ رَجَعَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ إبِلًا بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا مَتَاعًا مُسَمًّى إلَى بَلَدٍ مَعْلُومٍ وَكَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِالْحُمُولَةِ جَازَ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ إبِلًا بِأَعْيَانِهَا وَكَفَلَ رَجُلٌ بِالْحُمُولَةِ لَمْ تَجُزْ الْكَفَالَةُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا عَجَّلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَجْرَ وَكُفِلَ لَهُ رَجُلٌ بِالْأَجْرِ إنْ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ فَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ الِاخْتِلَاف بَيْنَ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَصْلَيْنِ] [الْفَصْل الْأَوَّل الِاخْتِلَاف بَيْن الْآجُرّ وَالْمُسْتَأْجَر فِي الْبَدَل أَوْ الْمُبَدِّل] (الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَبَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَصْلَيْنِ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ فِي الْبَدَلِ أَوْ فِي الْمُبْدَلِ أَوْ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ) ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فِي تَسْلِيمِ مَا اسْتَأْجَرَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآجِرِ وَلَوْ اتَّفَقَا أَنَّهُ سَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ وَاخْتَلَفَا فِي حُدُوثِ الْعَارِضِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ عَرَضَ لِي مَانِعٌ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ إبَاقٍ وَجَحَدَ الْمُؤَجِّرُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَارِضُ قَائِمًا

عِنْدَ الْخُصُومَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ أَلْبَتَّةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُؤَجِّرِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عَمَلِهِ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى حُدُوثِ الْمَانِعِ وَاخْتَلَفَا فِي مُدَّةِ بَقَاءِ الْمَانِعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الْأُجْرَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَتَحَالَفَانِ وَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا اخْتَلَفَ شَاهِدَا الْإِجَارَةِ فِي مَبْلَغِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ وَالْمُدَّعِي هُوَ الْمُؤَجِّرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِمِثْلِ مَا ادَّعَى الْمُدَّعِي وَالْآخَرُ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ هَذَا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْقَضَاءِ بِالْعَقْدِ وَمَعَ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْبَدَلِ لَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَالْحَاجَةُ إلَى الْقَضَاءِ بِالْمَالِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَقْضِي بِالْأَقَلِّ كَمَا فِي دَعْوَى الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي سِتَّةً وَشَهِدَ بِهَا أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ وَالْآخَرُ بِخَمْسَةٍ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا هَهُنَا لِأَنَّ الْأُجْرَةَ بَدَلٌ فِي عَقْدِ الْمُعَارَضَةِ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُكَذِّبًا أَحَدَ شَاهِدَيْهِ فَيَمْتَنِعُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَقَدْ تَصَادَقَا عَلَى الْإِجَارَةِ وَاخْتَلَفَا فِي الْأَجْرِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ دَابَّةً فَقَالَ الْمُسْتَكْرِي مِنْ الْكُوفَةِ إلَى بَغْدَادَ بِخَمْسَةٍ وَقَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ إلَى الصَّرَاةِ بِعَشَرَةٍ وَالصَّرَاةُ النِّصْفُ تَحَالَفَا وَبَعْدَمَا حَلَفَا إنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ لِأَحَدِهِمَا أُخِذَتْ بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ قَامَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ أُخِذَتْ بِبَيِّنَةِ رَبِّ الدَّابَّةِ عَلَى الْآجِرِ وَبِبَيِّنَةِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى فَضْلِ الْمَسِيرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ يَقُولُ أَوَّلًا إلَى بَغْدَادَ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْمَكَانِ وَاخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْأَجْرِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الدَّابَّةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَكِبَهَا إلَى بَغْدَادَ وَقَالَ قَدْ أَعَرْتنِي الدَّابَّةَ وَقَدْ قَالَ صَاحِبُهَا أَكْرَيْتهَا مِنْك بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا أَجْرَ فَإِنْ أَقَامَ الْمُؤَجِّرُ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِدِرْهَمٍ وَالْآخَرَ بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِدِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَنْكَرَ الصَّبَّاغُ دَفْعَ الثَّوْبِ إلَيْهِ فَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ دُفِعَ إلَيْهِ لِيَصْبُغَهُ أَحْمَرَ وَشَهِدَ الْآخَرُ لِيَصْبُغَهُ أَصْفَرَ لَا يُقْبَلُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى قَبْلَ رَجُلٍ أَنَّهُ أَكْرَاهُ دَابَّتَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى بَغْدَادَ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ وَأَقَامَ رَبُّ الدَّابَّتَيْنِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَكْرَاهُ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهَا إلَى بَغْدَادَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ أَوَّلًا بِأَنَّهُ يُقْضَى بِإِجَارَةِ الدَّابَّتَيْنِ إلَى بَغْدَادَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا إذَا كَانَ أَجْرُ مِثْلِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ يُقْضَى بِإِجَارَةِ الدَّابَّتَيْنِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى بَغْدَادَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى جِنْسِ الْأَجْرِ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْأَجْرِ بِأَنْ قَالَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَكْرَيْتُك أَحَدَهُمَا إلَى بَغْدَادَ بِدِينَارٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَأَقَامَ الْمُسْتَكْرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اسْتَكْرَاهُمَا جَمِيعًا إلَى بَغْدَادَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِإِجَارَةِ الدَّابَّتَيْنِ إلَى بَغْدَادَ بِدِينَارٍ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ إذَا كَانَ أَجْرُ مِثْلِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ اكْتَرَى دَابَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا إلَى الْحِيرَةِ وَالْأُخْرَى إلَى الْقَادِسِيَّةِ فَجَاوَزَ بِهِمَا إلَى الْقَادِسِيَّةِ فَنَفَقَتْ إحْدَاهُمَا وَاخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُكْرِي الَّتِي نَفَقَتْ قَدْ اكْتَرَيْتهَا إلَى الْحِيرَةِ وَقَدْ خَالَفْت فَعَلَيْك الضَّمَانُ وَقَالَ الْمُسْتَكْرِي هِيَ الَّتِي أَكْرَيْتهَا إلَى الْقَادِسِيَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي وَضَمِنَ الْمُسْتَكْرِي قِيمَتَهَا. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِنْ ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةِ وَجَحَدَهَا صَاحِبُ الدَّابَّةِ فَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا إلَى بَغْدَادَ بِعَشَرَةٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا وَيَحْمِلَ عَلَيْهَا هَذَا الْمَتَاعَ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَدَّعِي كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ الشَّهَادَةُ وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَا فِي حُمُولَتَيْنِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ رَكِبَ سَفِينَةَ رَجُلٍ مِنْ تِرْمِذَ إلَى آمُلَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ صَاحِبُ السَّفِينَةِ لِلرَّاكِبِ حَمَلَتْك إلَى آمُلَ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَ الرَّاكِبُ اسْتَأْجَرْتنِي لِأَحْفَظَ السُّكَّانَ إلَى آمُلَ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَيْسَتْ الْبُدَاءَةُ بِيَمِينِ أَحَدِهِمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَكَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْدَأَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ أَقْرَعَ كَانَ حَسَنًا فَإِنْ حَلَفَا لَا أَجْرَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاكِبِ وَهُوَ الْمَلَّاحُ وَيُقْضَى لَهُ بِالْأَجْرِ عَلَى صَاحِبِ السَّفِينَةِ وَلَا

أَجْرَ عَلَيْهِ لِصَاحِبِ السَّفِينَةِ لِأَنَّهُمَا لَمَّا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ يُجْعَلُ كَأَنَّ الْأَمْرَيْنِ كَانَا فَيُبْطَلُ إجَارَةُ صَاحِبِ السَّفِينَةِ مِنْ الرَّاكِبِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمَلَّاحِ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي السَّفِينَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ إنِّي أَرْكَبْتُك بَغْلًا مِنْ تِرْمِذَ إلَى بَلْخٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا بَلْ اسْتَأْجَرْتنِي لِأُبَلِّغَهُ إلَى فُلَانٍ بِبَلْخٍ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ حَلَفَا لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْبَغْلِ لِأَنَّ حِفْظَ الْبَغْلِ وَاجِبٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى ذَلِكَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ اكْتَرَيْت إلَى الْقَادِسِيَّةِ بِدِرْهَمٍ وَقَالَ الْآجِرُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَدْ رَكِبَهَا إلَى الْقَادِسِيَّةِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خَالَفَ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِنْ قَالَ الْمُؤَاجِرُ إنَّمَا آجَرْتُك الدَّابَّةَ إلَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَالَ الرَّاكِبُ لَا بَلْ أَعَرْتنِي الدَّابَّةَ وَجَاوَزَ الْمَوْضِعَ فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ رَكِبَ رَجُلٌ دَابَّةَ رَجُلٍ إلَى الْحِيرَةِ فَقَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ أَكْرَيْتهَا إلَى الْجَبَّانَةِ بِدِرْهَمٍ فَجَاوَزْت ذَلِكَ وَقَالَ الَّذِي رَكِبَ أَعَرْتنِيهَا وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ بَرِيءَ مِنْ الْأَجْرِ فَإِنْ أَقَامَ رَبُّ الدَّابَّةِ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَكْرَاهُ إلَى الْحِيرَةِ بِدِرْهَمٍ لَمْ تُقْبَلْ إلَى ذَلِكَ، وَإِنْ ادَّعَى رَبُّ الدَّابَّةِ أَنَّهُ أَكْرَاهَا إلَى السَّالِحِينَ بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِذَلِكَ وَآخَرُ شَهِدَ بِأَنَّهُ أَكْرَاهَا إلَى السَّالِحِينَ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ عَلَيْهِ بِدِرْهَمٍ إذَا كَانَ قَدْ رَكِبَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ أَقَامَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِدِرْهَمٍ وَشَاهِدٌ بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ الْآجِرُ يَدَّعِي الْإِجَارَةَ بِدِرْهَمَيْنِ فَشَهِدَ شَاهِدٌ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ وَشَاهِدٌ بِدِرْهَمَيْنِ لَا تُقْبَلُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا سَنَةً فَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بِدِرْهَمٍ وَشَهْرًا بِتِسْعَةٍ وَادَّعَى الْآجِرُ أَنَّهُ آجَرَهَا سَنَةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ رَبِّ الدَّارِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ بَعْدَمَا مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ أَوْ بَعْدَمَا وَصَلَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَدَّعِي إلَيْهِ الْإِجَارَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجْرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ بَعْضِ الْمُدَّةِ أَوْ مَسِيرَةِ بَعْضِ الْمَسَافَةِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَإِذَا حَلَفَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ فِي حِصَّةِ مَا مَضَى. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَعَنْهُ أَيْضًا رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنِّي اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ شَهْرَيْنِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأَقَامَ رَبُّ الدَّارِ بَيِّنَةَ أَنِّي آجَرْتهَا مِنْهُ شَهْرًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِنِّي أَقْبَلُ بَيِّنَةَ رَبِّ الدَّارِ عَلَى الْأَجْرِ وَأَجْعَلُهَا شَهْرًا بِعَشَرَةٍ وَأَجْعَلُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ قَالَ آجَرْت مِنْك هَذَا الشَّهْرَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَ الْآخَرُ اسْتَأْجَرْت هَذَا الشَّهْرَ وَشَهْرًا آخَرَ بِخَمْسَةٍ فَفِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ تَجِبُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَفِي الشَّهْرِ الثَّانِي دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ آجَرَ بَيْتَهُ هَذَا بِتِسْعَةِ دَرَاهِمَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كُلُّ شَهْرٍ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ لِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَلِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. هِشَامٌ قَالَ سَأَلْت أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ فِي يَدَيْهِ دَارٌ سَكَّنَهَا شَهْرًا فَأَقَامَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا دَارُهُ آجَرَهَا مِنْهُ يَعْنِي مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ هَذَا الشَّهْرَ بِعَيْنِهِ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ يُنْكِرُ دَعْوَاهُمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الدَّارُ بَيْنَ الْمُدَّعِيِينَ نِصْفَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا ثُمَّ قَالَ رَبُّ الثَّوْبِ أَعْطَيْتُك الثَّوْبَ عَلَى أُجْرَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْخَيَّاطُ لَمْ تُسَمِّ لِي أَجْرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ، وَإِنْ قَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لَمْ أُسَمِّ لَك أَوْ قَدْ أَخَذْته عَلَى سَبِيلِ الْأَجْرِ وَقَالَ الْخَيَّاطُ سَمَّيْت لِي أَجْرًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ رَبُّ الثَّوْبِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى صَبَّاغٍ ثَوْبًا لِيَصْبُغَهُ أَحْمَرَ فَصَبَغَهُ أَحْمَرَ عَلَى مَا وَصَفَ لَهُ بِعُصْفُرٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْأَجْرِ فَقَالَ الصَّبَّاغُ عَمِلْته بِدَرَاهِمَ وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ بِدَانِقَيْنِ فَإِنْ قَامَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ أُخِذَتْ بَيِّنَةُ الصَّبَّاغِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنِّي أَنْظُرُ إلَى مَا زَادَ

الْعُصْفُرُ فِي قِيمَةِ الثَّوْبِ فَإِنْ كَانَ دِرْهَمًا أَوْ أَكْثَرَ أَعْطَيْته بِهِ دِرْهَمًا بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الصَّبَّاغُ مَا صَبَغْته بِدَانِقَيْنِ وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَا زَادَ فِي الثَّوْبِ مِنْ الْعُصْفُرِ أَقَلَّ مِنْ دَانِقَيْنِ أَعْطَيْته دَانِقَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ صَاحِبُ الثَّوْبِ مَا صَبَغْته إلَّا بِدَانِقَيْنِ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ يَزِيدُ فِي الثَّوْبِ نِصْفَ دِرْهَمٍ قَالَ أَعْطَيْت الصَّبَّاغَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَا صَبَغْته بِدَانِقَيْنِ وَكَذَلِكَ كُلُّ صِبْغٍ لَهُ قِيمَةٌ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. ، وَإِنْ كَانَ الصِّبْغُ سَوَادًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ قَالَ رَبُّ الثَّوْبِ صَبَغْته لِي بِغَيْرِ أَجْرٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ صِبْغٍ يُنْقِصُ الثَّوْبَ فَأَمَّا كُلُّ صِبْغٍ يَزِيدُ فِي الثَّوْبِ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ صَبَغْته لِي بِغَيْرِ أَجْرٍ وَقَالَ الصَّبَّاغُ صَبَغْته بِدِرْهَمٍ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْيَمِينُ عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ وَلَيْسَ هَذَا بِتَحَالُفٍ لِلِاخْتِلَافِ فِي بَدَلِ الْعَقْدِ وَلَكِنَّ الصَّبَّاغَ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ دِرْهَمًا عَلَى رَبِّ الثَّوْبِ وَرَبُّ الثَّوْبِ مُنْكِرٌ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ وَرَبُّ الثَّوْبِ يَدَّعِي عَلَى الصَّبَّاغِ أَنَّهُ وَهَبَ الصِّبْغَ مِنْهُ فَقَدْ تَمَّتْ الْهِبَةُ بِاتِّصَالِهِ بِمِلْكِهِ وَالصَّبَّاغُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ ثُمَّ يَضْمَنُ رَبُّ الثَّوْبِ مَا زَادَ الصِّبْغُ فِي ثَوْبِهِ وَلَا يُجَاوِزُ بِهِ دِرْهَمًا. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْأُجْرَةِ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لِلْقَصَّارِ عَمِلْت بِغَيْرِ أَجْرٍ وَقَالَ الْقَصَّارُ لَا بَلْ عَمِلْت لَك بِأَجْرٍ فَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الْعَمَلِ يَتَحَالَفَانِ وَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الثَّوْبِ وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ وَلَمْ يُسَمِّ الْأُجْرَةَ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّ فِيهِ أَقْوَالًا ثَلَاثَةً وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ اتَّخَذَ دُكَّانًا وَانْتَصَبَ لِعَمَلِ الْقِصَارَةِ فَإِنَّهُ تَجِبُ الْأُجْرَةُ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اخْتَلَفَ الْقَصَّارُ وَرَبُّ الثَّوْبِ فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَ فِي الْعَمَلِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ مَا أَقَامَ بَعْضَ الْعَمَلِ فَفِي حِصَّةِ مَا أَقَامَ الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ وَفِي حِصَّةِ مَا بَقِيَ يَتَحَالَفَانِ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْأَجْرِ أَنَّهُ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ أَوْ فِي صِفَتِهِ أَنَّهُ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ يَتَحَالَفَانِ إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ فَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا إنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ أَوْ فِي قَدْرِهِ يَتَحَالَفَانِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ لَا يَتَحَالَفَانِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْمَنْزِلِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ تَحَالَفَا كَمَا فِي بَيْعِ الْعَيْنِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأُجْرَةِ يُبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ فِي الْمَنْفَعَةِ يُبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُؤَجِّرِ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ إنْ كَانَ الْخِلَافُ فِي الْأُجْرَةِ، وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ فِي الْمَنْفَعَةِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ ادَّعَى فَضْلًا فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْأَجْرِ وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ فَضْلًا فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ فَالْأَمْرُ فِي التَّحَالُفِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْفَضْلِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ نَحْوَ أَنْ يَدَّعِيَ الْآجِرُ شَهْرًا بِعَشَرَةٍ وَالْمُسْتَأْجِرُ شَهْرَيْنِ بِخَمْسَةٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِشَهْرَيْنِ بِعَشَرَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَقَدْ اسْتَوْفَى بَعْضَ الْمَنْفَعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا مَضَى مَعَ يَمِينِهِ وَيَتَحَالَفَانِ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْأُجْرَةِ فِي نَوْعَيْنِ بِأَنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَ وَالْآخَرُ دَنَانِيرَ فَالْأَمْرُ فِي التَّحَالُفِ وَالنُّكُولِ وَإِقَامَةِ أَحَدِهِمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآجِرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمُدَّةِ مَعَ ذَلِكَ أَوْ فِي الْمَسَافَةِ بِأَنْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ آجَرْتُك إلَى الْقَصْرِ بِدِينَارٍ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بَلْ إلَى الْكُوفَةِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَهِيَ إلَى الْكُوفَةِ بِدِينَارٍ أَوْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجِنْسَيْنِ فَقَالَ الْآجِرُ آجَرْتُك الدَّابَّةَ إلَى الْقَصْرِ بِدِينَارٍ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بَلْ إلَى الْكُوفَةِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَى الْآخَرِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يُقْضَى إلَى الْكُوفَةِ بِدِينَارٍ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ إذَا كَانَ الْقَصْرُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ بَغْدَادَ إلَى الْكُوفَةِ يُقْضَى إلَى الْقَصْرِ بِدِينَارٍ بِبَيِّنَةِ الْآجِرِ وَمَنْ الْقَصْرِ إلَى الْكُوفَةِ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ بِبَيِّنَةِ الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجْرِ وَالْمُدَّةِ جَمِيعًا أَوْ فِي الْأَجْرِ وَالْمَسَافَةِ جَمِيعًا فَقَالَ الْآجِرُ

آجَرْتُك إلَى الْقَصْرِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَا بَلْ إلَى الْكُوفَةِ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَإِذَا حَلَفَا فُسِخَ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا يُقْضَى بِالْبَيِّنَتَيْنِ جَمِيعًا فَيُقْضَى بِزِيَادَةِ الْأَجْرِ بِبَيِّنَةِ الْآجِرِ وَبِزِيَادَةِ الْمُدَّةِ وَالْمَسَافَةِ بِبَيِّنَةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَأَيُّهُمَا يَبْدَأُ الدَّعْوَى يُحَلِّفُ صَاحِبَهُ أَوَّلًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَفَعَ إلَى حَذَّاءٍ نَعْلًا لِيَخْصِفَهَا فَقَالَ الْحَذَّاءُ أَمَرْتنِي بِدِرْهَمَيْنِ وَقَالَ الْآجِرُ أَمَرْتُك بِدِرْهَمٍ يُنْظَرُ إنْ كَانَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَذَّاءِ وَيَنْزِعُهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْزِعَهَا إلَّا بِضَرَرٍ فَلَهُ أَجْرُ مَا زَادَ فِيهِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اخْتَلَفَ الْخَيَّاطُ وَرَبُّ الثَّوْبِ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ أَمَرْتُك أَنْ تَقْطَعَهُ قَبَاءً وَقَدْ خِطْته قَمِيصًا وَقَالَ الْخَيَّاطُ لَا بَلْ أَمَرْتنِي أَنْ أَقْطَعَهُ قَمِيصًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْقَمِيصَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ غَيْرِ مَقْطُوعٍ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْخَيَّاطِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ اخْتَلَفَ الصَّبَّاغُ وَرَبُّ الثَّوْبِ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ أَمَرْتُك بِالْعُصْفُرِ وَقَالَ الصَّبَّاغُ بِالزَّعْفَرَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. دَفَعَ لِيَصْبُغَ بِقَفِيزِ عُصْفُرٍ فَقَالَ صَبَغْته بِقَفِيزٍ وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ بِرُبْعِ قَفِيزٍ يَرَى أَهْلُ الصَّنْعَةِ فَإِنْ قَالُوا مِثْلَ هَذَا الصِّبْغِ قَدْ يَكُونُ بِرُبْعِ قَفِيزٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ وَالْبَيِّنَةُ لِلصَّبَّاغِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي إجَارَاتِ الْأَصْلِ لَوْ أَمَرَ حَجَّامًا أَنْ يَقْلَعَ سِنَّهُ فَقَلَعَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ أَمَرْتُك بِأَنْ تَقْلَعَ غَيْرَ هَذِهِ السِّنِّ وَقَالَ الْحَجَّامُ أَمَرْتنِي بِقَلْعِ هَذِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ وَلَوْ قَلَعَ مَا أَمَرَهُ لَكِنْ سِنُّ أُخْرَى مُتَّصِلَةٌ بِهَذِهِ السِّنِّ فَانْقَلَعَتْ لَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَقْطَعَ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهِ أَوْ يَبُطَّ قُرْحَتَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَمْرَ يُسْتَفَادُ مِنْ قِبَلِهِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ وَلَوْ دَفَعَ إلَى نَدَّافٍ ثَوْبًا يَنْدِفُ عَلَيْهِ قُطْنًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ مَا رَأَى وَقَدْ نَدَفَ عِشْرِينَ أَسْتَارًا فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ دَفَعْت خَمْسَةَ عَشَرَ أَسْتَارًا وَأَمَرْتُك أَنْ تَزِيدَ فَلَمْ تَزِدْ إلَّا خَمْسَةً وَقَالَ النَّدَّافُ دَفَعْت إلَيَّ عَشَرَةً وَأَمَرْتنِي أَنْ أَزِيدَ عَشَرَةً وَقَدْ زِدْت فَالْقَوْلُ قَوْلُ النَّدَّافِ وَعَلَى صَاحِبِ الْقَبَاءِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ أَسَاتِيرَ مِنْ قُطْنٍ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا أَمَرَ بِهِ أَيْضًا فَقَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ دَفَعْت إلَيْك خَمْسَةَ عَشَرَ وَأَمَرْتُك أَنْ تَزِيدَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَقَالَ النَّدَّافُ دَفَعْت إلَيَّ عَشَرَةً وَأَمَرْتنِي أَنْ أَزِيدَ عَشَرَةً فَزِدْت فَصَاحِبُ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَدَّقَهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ أَسَاتِيرَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ ثَوْبِهِ وَمِثْلَ عَشَرَةِ أَسَاتِيرَ وَكَانَ الثَّوْبُ لِلنَّدَّافِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَعْطَى خَيَّاطًا ثَوْبًا لِيَقْطَعَهُ قَبَاءً مَحْشُوًّا وَدَفَعَ إلَيْهِ الْبِطَانَةَ وَالْقُطْنَ فَقَطَعَهُ وَخَاطَهُ وَحْشَاهُ وَاتَّفَقَا عَلَى الْعَمَلِ وَالْأَجْرِ غَيْرَ أَنَّ رَبَّ الثَّوْبِ يَقُولُ الْبِطَانَةُ لَيْسَتْ بِطَانَتِي فَالْقَوْلُ لِلْخَيَّاطِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّ هَذِهِ بِطَانَتُهُ فَلَوْ حَلَفَ تَلْزَمُ الْبِطَانَةُ لِرَبِّ الثَّوْبِ وَيَسَعُهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَلْبَسَهَا هَكَذَا فِي الْكُبْرَى. وَلَوْ دَفَعَ إلَى قَصَّارٍ ثَوْبًا لِيُقَصِّرَهُ بِدِرْهَمٍ فَأَعْطَاهُ الْقَصَّارُ ثَوْبًا قَالَ هَذَا ثَوْبُك فَقَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ لَيْسَ هَذَا ثَوْبِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْقَصَّارِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا أَجْرَ لِلْقَصَّارِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَصَّارُ يَدَّعِي رَدَّ الثَّوْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِنْ قَالَ رَبُّ الثَّوْبِ هَذَا ثَوْبِي وَلَمْ آمُرْك بِقَصْرِهِ وَاَلَّذِي دَفَعْته إلَيْك لِتُقَصِّرَهُ غَيْرُ هَذَا الثَّوْبِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الثَّوْبَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي الْقَطْعِ وَالْخِيَاطَةِ لَمْ يَأْخُذْهُ لَكِنْ يَضْمَنُ الْخَيَّاطُ قِيمَتَهُ وَيَتْرُكُهُ عَلَى الْخَيَّاطِ وَلَمْ يَثْبُتْ هَذَا الْخِيَارُ فِي الْقِصَارِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا لَكِنَّهُ جَاءَ الْقَصَّارُ فَقَالَ قَصَّرْته وَغَسَلْته وَعَلَيْك

الْأَجْرُ وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لَمْ تُقَصِّرْهُ أَنْتَ وَلَكِنِّي أَنَا قَصَّرْته عِنْدَك أَوْ فِي بَيْتِك أَوْ قَالَ قَصَّرَهُ غُلَامِي هَذَا عِنْدَك لَا يُصَدَّقُ رَبُّ الثَّوْبِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَصَّارِ وَكَذَا مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ الْأَعْمَالِ إذَا كَانَ فِي يَدِ صَاحِبِ الْعَمَلِ إذَا اخْتَصَمَا فَإِنْ كَانَا خَارِجَيْنِ أَوْ فِي يَدِ الْمَالِكِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَبَ الْقَصَّارُ يَمِينَهُ لَمْ أُحَلِّفْهُ مَا قَصَّرَهُ وَلَكِنْ أُحَلِّفُهُ مَا لَهُ عَلَيْك كَذَا مِنْ قِصَارَةِ هَذَا الثَّوْبِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَنَّ الْقَصَّارَ أَعْطَاهُ ثَوْبًا فَقَالَ هَذَا ثَوْبُك وَهُوَ يُنْكِرُ فَأَخَذَ وَنَوَى أَنْ يَكُونَ عِوَضًا عَنْ ثَوْبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسَعُهُ أَنْ يَلْبَسَ الثَّوْبَ وَلَا أَنْ يَبِيعَ إلَّا أَنْ يَقُولَ لِلْقَصَّارِ أَخَذْته عِوَضًا عَنْ ثَوْبِي فَيَقُولُ الْقَصَّارُ نَعَمْ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْفَتَاوَى أَرْسَلَ صَاحِبُ الْكَرَابِيسِ إلَى الْقَصَّارِ رَسُولًا يَسْتَرِدُّ ثِيَابَهُ الْأَرْبَعَةَ فَلَمَّا أَتَى بِهَا فَإِذَا هِيَ ثَلَاثَةٌ قَالَ الْقَصَّارُ دَفَعْت إلَيْهِ أَرْبَعَةً وَقَالَ الرَّسُولُ دَفَعَ إلَيَّ وَلَمْ يَعُدَّ قَالَ يَسْأَلُ صَاحِبُ الثَّوْبِ أَيُّهُمَا صَدَّقَ بَرِيءَ عَنْ خُصُومَتِهِ وَأَيُّهُمَا كَذَّبَ فَإِنْ حَلَفَ بَرِيءَ، وَإِنْ أَبَى لَزِمَهُ مَا ادَّعَى فَإِنْ صَدَّقَ الْقَصَّارَ وَجَبَ أَجْرُ الثَّوْبِ الرَّابِعِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَحَلَفَ الْقَصَّارُ فَلِلْقَصَّارِ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ الْيَمِينُ عَلَى الْأَجْرِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِيءَ عَنْ خُصُومَةِ الْآجِرِ بِحِصَّةِ الثَّوْبِ الرَّابِعِ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَفِي مُتَفَرِّقَاتِ فَتَاوَى الدِّينَارِيِّ (كازري راجامه وسيم دادكه قصارت آن كنى هُمْ دوروزويمن دهى نكر دوداشت جندا كه هلاك شد) قَالَ (ضَامِن مِنْ شود) وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ (بَدَانِ شَرْط داده أَوْ كه ده روزور إتْمَام كنى) وَقَدْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ ثُمَّ هَلَكَ الثَّوْبُ وَلِي عَلَيْك الضَّمَانُ قَالَ الْقَصَّارُ لَا بَلْ دَفَعْت إلَيَّ مُطْلَقًا لِأُقَصِّرَ وَلَمْ تُعَيِّنْ مُدَّةً فَالْقَوْلُ لِمَنْ كَانَتْ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلْقَصَّارِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الشَّرْطَ ثُمَّ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْرُغَ الْيَوْمَ أَوْ نَحْوَهُ مِنْ الْعَمَلِ وَلَمْ يَفْرُغْ فِيهِ وَقَصَّرَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ هَلْ تَجِبُ الْأُجْرَةُ كَانَتْ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى أَيْضًا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الْأَجْرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى تَقْدِيرِ الْهَلَاكِ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ أَعْطَى حَمَّالًا مَتَاعًا لِيَحْمِلَهُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ الْمَتَاعِ هَذَا لَيْسَ مَتَاعِي وَقَالَ الْحَمَّالُ هُوَ مَتَاعُك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَمَّالِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَا يَكُونُ عَلَى الْآمِرِ أَجْرٌ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ وَيَأْخُذَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ وَكَذَا لَوْ حَمَّلَهُ طَعَامًا فَقَالَ الْحَمَّالُ هَذَا طَعَامُك بِعَيْنِهِ وَقَالَ رَبُّ الطَّعَامِ كَانَ طَعَامِي أَجْوَدَ مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ يَفْحُشُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الطَّعَامِ وَيَبْطُلُ الْأَجْرُ وَيَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْحَمَّالِ وَيَأْخُذَ الْأَجْرَ، وَإِنْ كَانَ نَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِأَنْ جَاءَ بِهِ شَعِيرًا وَقَالَ رَبُّ الطَّعَامِ كَانَ طَعَامِي حِنْطَةً لَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ حَتَّى يُصَدَّقَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ إلَى بَلَدِ كَذَا وَيُسَلِّمَهُ إلَى السِّمْسَارِ فَسَلَّمَ وَوَزَنَ فَقَالَ السِّمْسَارُ لِلْحَمَّالِ وَزْنُ الْحُمُولَةِ أَنْقَصُ مِمَّا كُتِبَ فِي (الْبَار جَامه أَوْلَى الْبَار نامجامه) وَأَنَا لَا أُعْطِيك مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ السِّمْسَارُ أَوْفَيْتُك الْأَجْرَ وَقَالَ الْحَمَّالُ مَا اسْتَوْفَيْت الْقَوْلُ قَوْلُ الْحَمَّالِ وَلَا خُصُومَةَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِبَلَ صَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْحَمَّالِ وَصَاحِبِ الْحُمُولَةِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْعُيُونِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ دَفَعَ إلَى مَلَّاحٍ أَكْرَارَ حِنْطَةٍ أَنْ يَحْمِلَ كَرًّا بِكَذَا فَلَمَّا بَلَغَ مَوْضِعَ الشَّرْطِ قَالَ رَبُّ الطَّعَامِ نَقَصَ طَعَامِي وَقَدْ كَالَهُ عَلَى الْمَلَّاحِ وَقَالَ الْمَلَّاحُ لَمْ يَنْقُصْ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ كِلْهُ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْك مِنْ كُلِّ كَرٍّ مِقْدَارَ مَا سُمِّيَ وَلَوْ طُلِبَ الضَّمَانَ مِنْ الْمَلَّاحِ وَقَدْ دَفَعَ الْأُجْرَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَلَّاحِ أَنَّ الطَّعَامَ وَافِرٌ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ كِلْهُ حَتَّى تَضْمَنَهُ مَا نَقَصَ مِنْ طَعَامِك ثُمَّ قَالَ هَهُنَا يُقَالُ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ كِلْهُ حَتَّى تَضْمَنَهُ مَا نَقَصَ مِنْ طَعَامِك يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ حَتَّى تَسْتَرِدَّ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ طَعَامِك وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ تَضْمِينَ مَا نَقَصَ مِنْ الطَّعَامِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَوَّلَ فَظَاهِرٌ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ

الفصل الثاني اختلاف الآجر والمستأجر في وجود العيب بالأجرة

وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الثَّانِي فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ تَضْمِينُ الْمَلَّاحِ إلَّا بِخِيَانَةٍ أَوْ تَقْصِيرٍ مِنْهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي اخْتِلَاف الْآجِر وَالْمُسْتَأْجِر فِي وُجُودِ الْعَيْبِ بِالْأُجْرَةِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي وُجُودِ الْعَيْبِ بِالْأُجْرَةِ) الْمُؤَجِّرُ إذَا وَجَدَ بِالْأُجْرَةِ عَيْبًا وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَتْ دَيْنًا بِأَنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فِي الذِّمَّةِ سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوْ عَيْنًا كَثَوْبٍ بِعَيْنِهِ أَوْ حِنْطَةً بِعَيْنِهَا فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَأْجِرُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَقَالَ مَا أَعْطَيْتُك هَذَا إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا وَلَمْ يَكُنْ أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ بِقَبْضِ الْجِيَادِ وَلَا بِالِاسْتِيفَاءِ، وَإِنَّمَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الدَّرَاهِمِ لَا غَيْرَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّادِّ مَعَ يَمِينِهِ وَهُوَ الْمُؤَجِّرُ وَإِذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْجِيَادِ بِأَنْ قَالَ قَبَضْت الْجِيَادَ أَوْ قَالَ قَبَضْت الْأَجْرَ أَوْ اسْتَوْفَيْت فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ عَلَى ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْأَجْرُ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ فَقَبَضَهُ ثُمَّ جَاءَ يَرُدُّهُ بِعَيْبٍ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَيْسَ هَذَا ثَوْبِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ أَقَامَ رَبُّ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْعَيْبِ رَدَّهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ يَسِيرًا أَوْ فَاحِشًا ثُمَّ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِرَدِّهِ لِفَوَاتِ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَةَ السُّكْنَى وَهُوَ أَجْرُ مِثْلِ الدَّارِ، وَإِنْ كَانَ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّهُ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ الدَّارِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ فَامِيٌّ مِنْ رَجُلٍ بَيْتًا فَبَاعَ فِيهِ زَمَانًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ وَاخْتَلَفَا فِيمَا فِيهِ مِنْ الرُّفُوفِ وَأَشْبَاهِهَا فَقَالَ رَبُّ الْبَيْتِ كَانَ هَذَا فِي بَيْتِي حِينَ اسْتَأْجَرْته وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَا بَلْ أَنَا أَحْدَثْته فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الدَّارِ مَعَ يَمِينِهِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَهَكَذَا الْجَوَابُ فِي الطَّحَّانِ وَسَائِرِ الصُّنَّاعِ إذَا اخْتَلَفَا فِيمَا يُحْدِثُهُ الصُّنَّاعُ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ دُونَ الْآجِرِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَالْحَاصِلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُحْدِثُهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَادَةً لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ اخْتَلَفَ رَبُّ الدَّارِ وَالْمُسْتَأْجِرِ فِي بِنَاءِ الدَّارِ غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا أَوْ فِي بَابٍ أَوْ فِي خَشَبَةٍ أَدْخَلَهَا فِي السَّقْفِ فَقَالَ رَبُّ الدَّارِ أَنَا آجَرْتُك وَهَذَا فِيهَا قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَا أَحْدَثْت فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ مَعَ يَمِينِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْآجُرُّ الْمَفْرُوشُ وَالْغَلَقُ وَالْمِيزَابُ الظَّاهِرُ أَنَّ رَبَّ الدَّارِ هُوَ الَّذِي يَتَّخِذُ ذَلِكَ وَمَا كَانَ فِي الدَّارِ مِنْ لَبِنٍ مَوْضُوعٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ جِصٍّ أَوْ جِذْعٍ أَوْ بَابٍ مَوْضُوعٍ هُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَفِي كُلِّ شَيْءٍ جَعَلْنَا الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الدَّارِ وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ بِئْرُ مَاءٍ مَطْوِيَّةٌ أَوْ بَالُوعَةٌ مَحْفُورَةٌ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَا أَحْدَثْتهَا وَأَنَا أَقْلَعُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ وَكَذَلِكَ الْخُصُّ وَالسُّتْرَةُ وَالْخَشَبُ الْمَبْنِيُّ فِي الْبِنَاءِ وَالدَّرَجُ وَالْمُرَادُ مِنْ الدَّرَجِ مَا يَكُونُ مَبْنِيًّا فَأَمَّا مَا يَكُونُ مَوْضُوعًا فِيهِ كَالسُّلَّمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَلَوْ أَقَرَّ رَبُّ الدَّارِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ جَصَّصَهَا أَوْ فَرَشَهَا بِالْآجُرِّ أَوْ رَكَّبَ فِيهَا بَابًا أَوْ غَلَقًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ قَلْعُهُ فَإِنْ أَضَرَّ الْقَلْعُ بِالدَّارِ فَعَلَى رَبِّ الدَّارِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَتُونِ مَنْ بَنَاهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُوَ الَّذِي بَنَاهُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ كُوَّرَاتُ نَحْلٍ أَوْ حَمَّامَاتٌ فَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ خَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِيمَا فِي الدَّارِ فَمَا كَانَ مُرَكَّبًا نَحْوَ الْبَابِ وَالسَّرِيرِ وَغَلَقِ الْبَابِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ وَمَا كَانَ مَفْصُولًا نَحْوَ الْفُرُشِ وَالْأَوَانِي وَالْخَشَبِ الْمَوْضُوعِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. إلَّا فِي أَحَدِ مِصْرَاعَيْ الْبَابِ إذَا كَانَ مَوْضُوعًا وَالْآخَرُ مُرَكَّبًا أَوْ لَوْحٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ السَّقْفِ فَهُوَ لِلْآجِرِ وَفِي التَّنُّورِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ وَلَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْ الدَّارِ فَاخْتَلَفَا فِي نَقْضِهِ فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ أَنَّهُ مِنْ بَيْتٍ انْهَدَمَ فَهُوَ لِرَبِّ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لَوْ كَانَ رَبُّ الدَّارِ أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ فِي الدَّارِ عَلَى أَنْ يَحْسِبَهُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ فَاتَّفَقَا عَلَى الْبِنَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ النَّفَقَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ

وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الدَّارِ لَمْ تُبْنَ أَوْ بُنِيَتْ بِغَيْرِ إذْنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ مُشْكِلُ الْحَالِ بِأَنْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الصِّنَاعَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ كَمَا يَقُولُ رَبُّ الْبَيْتِ إنَّهُ يَذْهَبُ فِي نَفَقَةِ مِثْلِ هَذَا الْبِنَاءِ قَدْرُ مَا يَدَّعِيهِ رَبُّ الْبَيْتِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بَلْ يَذْهَبُ قَدْرُ مَا يَقُولُهُ الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ قَوْلِ أَحَدِهِمَا مِنْ جِهَةِ الْغَيْرِ فَيُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَدَّعِي زِيَادَةَ إيفَاءِ الْأَجْرِ وَرَبُّ الدَّارِ يُنْكِرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَأَمَّا إذَا أَجْمَعَ أَهْلُ تِلْكَ الصِّنَاعَةِ عَلَى قَوْلِ أَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ عَلَى بَابٍ مِنْهَا مِصْرَاعَانِ أَحَدُهُمَا سَاقِطٌ وَالْآخَرُ مُعَلَّقٌ بِالْبَابِ وَاخْتَلَفَا فِي السَّاقِطِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ إذَا عَرَفَ أَنَّهُ أَخُوهُ، وَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمَنْقُولِ وَلَوْ كَانَ بَيْتًا سَقْفُهُ مُصَوَّرٌ بِجُذُوعٍ مُصَوِّرَةٍ فَسَقَطَ جِذْعٌ مِنْهَا وَكَانَ مَطْرُوحًا فِي الْبَيْتِ وَاخْتَلَفَ رَبُّ الدَّارِ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِيهِ فَقَالَ رَبُّ الدَّارِ هُوَ لِسَقْفِ هَذَا الْبَيْتِ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بَلْ هُوَ لِي وَتَبَيَّنَ أَنَّ تَصَاوِيرَهُ مُوَافِقَةٌ لِتَصَاوِيرِ الْبَيْتِ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا تَكَارَى مَنْزِلًا مِنْ رَجُلٍ فِي الدَّارِ وَفِي الدَّارِ سَاكِنٌ كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فَأَدْخَلَهُ فِي الدَّارِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنْزِلِ وَقَالَ اُسْكُنْهُ فَلَمَّا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ طَلَبَ رَبُّ الْمَنْزِلِ الْأَجْرَ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ مَا سَكَنْته حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ النُّزُولِ فِيهِ الَّذِي كَانَ يَسْكُنُ فِي الدَّارِ أَوْ غَاصِبٌ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِذَلِكَ وَالسَّاكِنُ مُقِرٌّ بِذَلِكَ أَوْ جَاحِدٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ السَّاكِنِ وَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ السَّاكِنِ بَقِيَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ السَّاكِنُ فِي الدَّارِ حَالَةَ الْمُنَازَعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ، وَإِنْ كَانَ السَّاكِنُ فِي الْمَنْزِلِ غَيْرَ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ. رَجُلٌ تَكَارَى مِنْ رَجُلٍ بَيْتًا كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فَلَمَّا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ طَلَبَ رَبُّ الْبَيْتِ أَجْرَ الْبَيْتِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّمَا أَعَرْتنِيهِ أَوْ أَسْكَنْتنِيهِ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَصَاحِبُ الْبَيْتِ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّاكِنِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ السَّاكِنُ إنَّ الدَّارَ دَارِي وَلَا حَقَّ لَك فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّاكِنِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ قَالَ السَّاكِنُ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَكَّلَنِي بِالْقِيَامِ عَلَيْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّاكِنِ وَيَكُونُ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي وَإِنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّك وَهَبْت لِي الْمَنْزِلَ فَلَا أَجْرَ لَك وَقَالَ الْآجِرُ بَلْ آجَرْتُك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْأَجْرِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ يُؤْخَذُ بِبَيِّنَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ السَّاكِنُ بِأَصْلِ الْكِرَاءِ فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِأَصْلِ الْكِرَاءِ ثُمَّ ادَّعَى الْهِبَةَ أَوْ الْعَارِيَّةَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً وَلِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ رَأَى الْمُسْتَأْجَرَ فَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ صَاحِبُ الدَّارِ قَدْ كُنْت رَأَيْت وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَمْ أَرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فَإِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهَا رَدَّهَا إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَدْ رَآهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرًا ثُمَّ ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ الْآجِرَ بَاعَهَا مِنْهُ بَعْدَ الْإِجَارَةِ وَأَنْكَرَ الْآجِرُ ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ ذَلِكَ قَالُوا الْإِجَارَةُ تَكُونُ لَازِمَةً فِيمَا مَضَى لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ لَمْ يَثْبُتْ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ تَكَارَى مَنْزِلًا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّ أَجْرَهُ أَنْ يَكْفِيَهُ وَعِيَالَهُ نَفَقَتَهُمْ وَمَئُونَتَهُمْ مَا دَامَ فِي الدَّارِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ فَإِنْ سَكَنَ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا فِي سَائِرِ الْإِجَارَاتِ الْفَاسِدَةِ فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْفَقْت عَلَى عِيَالِك وَقَالَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ لَمْ تُنْفِقْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ. رَجُلٌ تَكَارَى دَارًا شَهْرًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَسَكَنَهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ تَحَوَّلَ إلَى دَارٍ أُخْرَى كَانَ لِلْآجِرِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِأَجْرِ جَمِيعِ الشَّهْرِ فَإِنْ قَالَ إنَّمَا اسْتَأْجَرْتهَا يَوْمًا وَاحِدًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآجِرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَارًا شَهْرًا بِدِرْهَمٍ فَسَكَنَهَا شَهْرَيْنِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ دُونَ الشَّهْرِ الثَّانِي فَإِنْ انْهَدَمَ شَيْءٌ مِنْ سُكْنَاهُ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي يَضْمَنُ وَلَا ضَمَانَ فِيمَا انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَاهُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَا انْهَدَمَ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّمَا

انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَايَ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَصَاحِبُ الدَّارِ يَقُولُ إنَّمَا انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَاك فِي الشَّهْرِ الثَّانِي فَعَلَيْك الضَّمَانُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الدَّارِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الشَّهْرِ الْأَوَّلِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّمَا انْهَدَمَتْ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. تَكَارَى بَيْتًا أَوْ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا شَهْرًا فَأَعْطَاهُ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ الْمِفْتَاحَ فَلَمَّا مَضَى الشَّهْرُ طَالَبَهُ رَبُّ الْمَنْزِلِ بِالْأَجْرِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَمْ أَقْدِرْ عَلَى فَتْحِهِ وَقَالَ الْآجِرُ بَلْ قَدَرْت عَلَى فَتْحِهِ وَسَكَنْت وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الْمِفْتَاحِ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ لِلْحَالِ إنْ كَانَ مِفْتَاحًا يُلَائِمُ الْغَلَقَ يُمْكِنُ فَتْحُ الْبَابِ بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَقْدِرْ عَلَى فَتْحِهِ، وَإِنْ كَانَ مَا دَفَعَ مِنْ الْمِفْتَاحِ لَا يُلَائِمُ الْغَلْقَ وَلَا يُمْكِنُ فَتْحُهُ الْبَابَ بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَبِهِ يُفْتَى، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَنْزِلِ، وَإِنْ كَانَ الْمِفْتَاحُ مِفْتَاحًا لَا يُلَائِمُ الْغَلْقَ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ آجَرَ دَارِهِ سَنَةً فَلَمَّا انْقَضَتْ أَخَذَ الدَّارَ وَكَنَسَهَا وَسَكَنَهَا فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ كَانَتْ لِي فِيهَا دَرَاهِمُ فَكَنَسْتهَا وَرَمَيْتهَا فَلَوْ صَدَّقَهُ رَبُّ الدَّارِ فِي ذَلِكَ ضَمِنَهَا، وَإِنْ أَنْكَرَ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ. كَذَا فِي الْكُبْرَى. إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ حَمَّامًا مُدَّةً مَعْلُومَةً ثُمَّ اخْتَلَفَ فِي قِدْرِ الْحَمَّامِ أَنَّهُ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ أَوْ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْحَمَّامِ وَلَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَفِي الْحَمَّامِ رَمَادٌ كَثِيرٌ وَسِرْقِينٌ كَثِيرٌ فَقَالَ رَبُّ الْحَمَّامِ السِّرْقِينُ لِي وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ لِي وَأَنَا أَنْقُلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ كَوْنَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ قَبْلَ هَذَا فَأَمَّا الرَّمَادُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَكَانَ مُقِرًّا بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْقُلَهُ فَإِنْ حَجَدَ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَمَلِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَتْ الْمَرْأَةُ حُلِيًّا مَعْلُومًا لِتَلْبَسَهُ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ أَلْبَسَتْ غَيْرَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَهِيَ ضَامِنَةٌ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ الْحُلِيِّ لَبِسَتْهُ وَقَالَتْ لَا بَلْ أَلْبَسْت غَيْرِي ذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ صَاحِبِ الْحُلِيِّ مَعْنَى هَذَا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجْرِ فَقَالَ رَبُّ الْحُلِيِّ لَبِسْته بِنَفْسِك فَعَلَيْك الْأَجْرُ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ أَلْبَسْت غَيْرِي فَلَا أَجْرَ عَلَيَّ قَالُوا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِيهِ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَ فِي الدَّارِ أَنْ يَحْكُمَ الْحَالُ إنْ كَانَ فِي يَدِهَا وَقْتَ الْمُنَازَعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْحُلِيِّ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ غَيْرِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فَإِنْ هَلَكَ الْحُلِيُّ كَانَ لِرَبِّ الْحُلِيِّ أَنْ يُصَدِّقَهَا وَيَضْمَنَهَا وَلَا أَجْرَ لَهُ كَمَا لَوْ ثَبَتَ الْإِلْبَاسُ مُعَايَنَةً، وَإِنْ كَذَّبَهَا فَقَدْ أَبْرَأَهَا مِنْ الضَّمَانِ ثُمَّ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْحُلِيِّ. إذَا اخْتَلَفَ رَبُّ الدَّابَّةِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَرْكَبْ بَعْدُ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَكْرَيْتنِي مِنْ الْكُوفَةِ إلَى بَغْدَادَ بِعَشَرَةٍ وَقَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ بَلْ أَكْرَيْتُك مِنْ الْكُوفَةِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى قَصْرٍ وَالْقَصْرُ هُوَ الْمُنْتَصَفُ إنْ لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا يَقُولُ يُقْضَى إلَى بَغْدَادَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ يُقْضَى إلَى بَغْدَادَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا فَإِنْ اخْتَصَمُوا رُدَّتْ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ حَمَلَ عَلَيْهَا أَوْ رَكِبَهَا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا وَلَمْ يُسَمِّ مَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ دَابَّةً وَدَفَعَهَا إلَيْهِ بِغَيْرِ سَرْجٍ وَلَا لِجَامَ وَقَالَ أَكْرَيْتُك عُرْيَانًا وَلَمْ أُكْرِك بِسَرْجٍ وَلَا لِجَامَ وَقَالَ الْمُسْتَكْرِي اسْتَكْرَيْتك بِسَرْجٍ وَلِجَامٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الدَّابَّةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا تَكَارَى ثَلَاثَ دَوَابَّ مِنْ بَغْدَادَ إلَى مَدِينَةٍ الرَّيِّ بِأَعْيَانِهَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً وَإِذَا جَازَتْ الْإِجَارَةُ فَلَوْ أَنَّ الْمُكَارِيَ بَاعَ هَذِهِ الدَّوَابَّ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ آجَرَ أَوْ أَعَارَ أَوْ أَوْدَعَ فَجَاءَ الْمُسْتَكْرِي وَوَجَدَ الدَّوَابَّ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إجَارَتِهِ هَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُكَارِي حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ الْمُكَارِي حَاضِرًا فَإِنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يُقِرُّ أَنَّهُ آجَرَهَا مِنْهُ وَإِذَا سُمِعَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ وَكَانَ الْمُكَارِي بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ بَاعَهُ بِعُذْرٍ بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ دِينٌ فَادِحٌ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ سَبِيلٌ عَلَى الدَّابَّةِ، وَإِنْ بَاعَهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَحَقَّ بِهَا إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ مُدَّةُ إجَارَتِهِ. وَإِنْ كَانَ آجَرَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ وَهَبَ

أَوْ تَصَدَّقَ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَحَقَّ بِهَا إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ إجَارَتَهُ ثُمَّ يُجَوِّزُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَيَكُونُ الْجَوَابُ فِي حَقِّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَ الْمُكَارِي حَاضِرًا فَأَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَإِنَّ بَيِّنَةَ الْمُسْتَأْجِرِ تُقْبَلُ إذَا كَانَ الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّابَّةُ مُشْتَرِيًا أَوْ مُتَصَدِّقًا عَلَيْهِ أَوْ مَوْهُوبًا لَهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ فِيمَا فِي يَدِهِ فَيَنْتَصِبُ خَصْمًا لِكُلِّ مَنْ يَدَّعِي حَقًّا فِي يَدِهِ وَبَعْدَ هَذَا إنْ كَانَ بَاعَهُ الْمُكَارِي بِعُذْرٍ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الدَّابَّةِ وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَحَقَّ بِهِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْإِجَارَةَ فَأَمَّا إذَا كَانَ الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّابَّةُ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا أَوْ مُودَعًا وَقَدْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَكْرِي فِيمَا قَالَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ فِي الْكِتَابِ وَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ بِهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ إجَارَتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ أَحَقُّ بِهَا أَمْ الثَّانِي وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْمُكَارِي حَاضِرًا فَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَالْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي أَحَقُّ بِهَا لِأَنَّ الْمُكَارِيَ إذَا كَانَ حَاضِرًا فَبَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ مَقْبُولَةٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَالثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ كَالثَّابِتِ مُعَايَنَةً. وَلَوْ عَايَنَ الْقَاضِي إجَارَتَهُ أَوَّلًا جَعَلَ الْأَوَّلَ أَحَقَّ بِهَا. فَكَذَا إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُكَارِي غَائِبًا فَبَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ لَا تُقْبَلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيَكُونُ الثَّانِي أَحَقَّ بِهَا إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ إجَارَتَهُ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ الْمَسْأَلَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَمْ يَجْعَلْ الْمُسْتَأْجِرَ الثَّانِي خَصْمًا لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الزَّاهِدُ أَحْمَدُ الطَّوَاوِيسِيُّ وَالشَّيْخُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ أَنَّ بَيِّنَةَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ إذَا كَانَ مُسْتَأْجَرًا مَقْبُولَةٌ وَجَعَلَاهُ خَصْمًا لَهُ وَفَرَّقَا بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَبَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُودِعِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اسْتَكْرَى الدَّابَّةَ فَقَالَ لَهُ الْمُكَارِي اسْتَكْرِ غُلَامًا يَتْبَعُك وَيَتْبَعُ الدَّابَّةَ وَأَعْطِ نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ الدَّابَّةِ مِنْ الْكِرَاءِ جَازَ ذَلِكَ فَإِنْ أَعْطَى الْغُلَامَ نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ الدَّابَّةِ فَسُرِقَتْ مِنْهُ إنْ أَقَرَّ صَاحِبُ الدَّابَّةِ بِذَلِكَ بَرِيءَ الْمُسْتَكْرِي. وَإِنْ اخْتَلَفَ فِي الْأَمْرِ بِاسْتِكْرَاءِ الْغُلَامِ أَوْ فِي الْأَمْرِ بِدَفْعِ النَّفَقَةِ إلَى الْغُلَامِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الدَّابَّةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَعَلَى الْمُسْتَكْرِي الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْغُلَامَ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَكْرِي وَكِيلًا بِالِاسْتِئْجَارِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْغُلَامَ بَعْدَ هَذَا وَأَقَرَّ الْغُلَامُ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ النَّفَقَةَ إلَّا أَنَّهُ ضَاعَ أَوْ سُرِقَ مِنْهُ وَأَنْكَرَ الْمُكَارِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ اسْتِئْجَارُ الْغُلَامِ صَارَ الْغُلَامُ وَكِيلًا مِنْ جِهَةِ الْمُكَارِي بِقَبْضِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ مِقْدَارَ النَّفَقَةِ وَالْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا قَالَ قَبَضْت وَهَلَكَ عِنْدِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَكَذَا هَذَا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ أَقَرَّ صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِدَفْعِ النَّفَقَةِ إلَى الْغُلَامِ وَأَنْكَرَ الدَّفْعَ فَأَقَرَّ الْغُلَامُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ قُبِلَ قَوْلُ الْغُلَامِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَمَاتَ الْمُكَارِي فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْتَقِضُ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا حَتَّى يَقُومَ عَلَى الدَّابَّةِ جَازَ وَكَانَ أَجْرُهُ عَلَى الْمُسْتَكْرِي وَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْوَرَثَةُ وَالْمُسْتَكْرِي فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ إنَّمَا آجَرَك أَبُونَا هَذِهِ الدَّابَّةَ عَلَى أَنَّ مُؤْنَةَ الدَّابَّةِ عَلَيْك وَأَنْكَرَ الْمُسْتَكْرِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْوَرَثَةِ. فَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ دَابَّةً مِنْ رَجُلَيْنِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا إلَى بَغْدَادَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَكْرَيْنَاكهَا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَ الْآخَرُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَيْسَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَالْمُسْتَأْجِرُ يُكَذِّبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَدَّعِي الْإِجَارَةَ بِخَمْسَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ التَّحَالُفُ فِي نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِذَا تَحَالَفَا فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ فِي جَمِيعِ الدَّابَّةِ كَمَا فِي بَيْعِ الْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ يُصَدِّقُ أَحَدَهُمَا بِأَنْ كَانَ يَدَّعِي الْعَقْدَ بِعَشْرَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ التَّحَالُفُ فِي حِصَّةِ الَّذِي صَدَّقَهُ وَيَتَحَالَفَانِ فِي حِصَّةِ الَّذِي يَدَّعِي الْعَقْدَ بِخَمْسَةٍ فَإِذَا تَحَالَفَا وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ مِنْ الْقَاضِي أَوْ طَلَبَا جَمِيعًا فَإِنَّ الْقَاضِي يَفْسَخُ الْعَقْدَ فِي حِصَّتِهِ وَتَبْقَى الْإِجَارَةُ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَمَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ مَا ادَّعَى مِنْ الْأَجْرِ فَيَقْضِي لِمُدَّعِي خَمْسَةَ عَشَرَ بِسَبْعَةٍ وَنِصْفٍ وَيَقْضِي لِلْآخَرِ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ هَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي بَدَلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي

قَدْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْمَسِيرِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَكْرَيْنَاكهَا إلَى الْمَدَائِنِ وَقَالَ الْآخَرُ إلَى بَغْدَادَ وَاتَّفَقَا عَلَى الْكِرَاءِ فَإِنْ كَانَا اخْتَلَفَا قَبْلَ الْمَسِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرُ يُكَذِّبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يَدَّعِي وَيَدَّعِي مَكَانًا آخَرَ أَبْعَدَ مِمَّا يُقِرَّانِ فَإِنَّهُ يَجِبُ التَّحَالُفُ فِي نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ حَلَفَا وَطَلَبَا الْفَسْخَ مِنْ الْقَاضِي فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ فِي جَمِيعِ الدَّابَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ يُصَدِّقُ أَحَدَهُمَا فِيمَا يَدَّعِي فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ التَّحَالُفُ فِي نَصِيبِهِ إنَّمَا يَجِبُ التَّحَالُفُ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ فَإِذَا حَلَفَ يُفْسَخُ الْعَقْدُ فِي نَصِيبِهِ وَتَبْقَى الْإِجَارَةُ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ جَائِزَةً عِنْدَهُمْ جَمِيعًا هَذَا إذَا اخْتَلَفَا قَبْلَ الْمَسِيرِ وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْمَسِيرِ إلَى أَحَدِ الْمَكَانَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآجِرِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا كَانَ يَدَّعِي زِيَادَةَ مَسِيرٍ عَلَى مَا يَقُولَانِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. تَكَارَى شِقَّ مَحْمَلٍ فَقَالَ الْحَمَّالُ عَنَيْت عِيدَانَ الْمَحْمَلِ وَقَالَ الْمُسْتَكْرِي بَلْ عَنَيْت الْإِبِلَ إنْ كَانَ الْكِرَاءُ مِثْلَ مَا يُتَكَارَى بِهِ خَشَبُ الْمَحْمَلِ فَالْقَوْلُ لِلْحَمَّالِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ مَا يُتَكَارَى مِنْ الْإِبِلِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَكْرِي لِأَنَّ اسْمَ الْمَحْمَلِ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْعِيدَانِ يُطْلَقُ عَلَى الْإِبِلِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ مَجْهُولًا فَوَجَبَ اسْتِبَانَةُ الْمُرَادِ مِنْ الْمَلْفُوظِ بِالْمُسَمَّى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ دَابَّةً وَغُلَامًا لِيَذْهَبَ لَهُ بِكِتَابٍ إلَى بَغْدَادَ وَاخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْأَجِيرُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي إيفَاءِ الْعَمَلِ وَالْمُرْسَلُ يُنْكِرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَالْبَائِعِ إذَا ادَّعَى تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي إيفَاءِ الْأَجْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغُلَامِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ تَكَارَى غُلَامًا لِيَذْهَبَ لَهُ بِكِتَابٍ إلَى بَغْدَادَ فَقَالَ الْغُلَامُ قَدْ ذَهَبْت بِالْكِتَابِ وَقَالَ لَهُ الَّذِي أُرْسِلَ إلَيْهِ الْكِتَابُ لَمْ تَأْتِنِي بِهِ فَعَلَى الْغُلَامِ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَا يَدَّعِي لِأَنَّهُ يَدَّعِي إيفَاءَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ دَفَعَ الْكِتَابَ إلَيْهِ كَانَ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ وَلَهُ الْأَجْرُ عَلَى الْمُرْسَلِ دُونَ مَنْ حَمَلَ الْكِتَابَ إلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ الْمُرْسِلُ أَعْطَيْته أُجْرَةً عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُرْسِلُ هُوَ الَّذِي يَدَّعِي إيفَاءَ الْأَجْرِ وَإِنْ أَقَامَ الْغُلَامُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ أَتَى بَغْدَادَ بِالْكِتَابِ فَلَمْ يَجِدْ الرَّجُلَ فَلَهُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ تَكَارَى دَابَّةً مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّ بَغْلًا أَوْ حِمَارًا فَجَاءَ بِحِمَارٍ فَاخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُسْتَكْرِي إنَّمَا اسْتَكْرَيْت مِنْك هَذَا الْبَغْلَ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَ الْمُكَارِي لَا بَلْ أَكْرَيْتُك هَذَا الْحِمَارَ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الرُّكُوبِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الرُّكُوبِ وَلَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ فَأَمَّا إذَا أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ أَنْ وَقَعَ بَيْنَهُمَا الِاخْتِلَافُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهِيَ الْمَنْفَعَةُ فَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الرُّكُوبِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي الْأَجْرِ فَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الرُّكُوبِ فَالْبَيِّنَة بَيِّنَةُ الْمُكَارِي. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا تَكَارَى دَابَّةً مِنْ الْكُوفَةِ إلَى فَارِسَ وَسَمَّى مَدِينَةً مَعْلُومَةً فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي النَّقْدِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَعْطَيْتُك نَقْدَ فَارِسَ لِأَنَّ الْوُجُوبَ كَانَ بِفَارِسَ وَنَقْدُ فَارِسَ أَنْقَصُ وَقَالَ الْمُكَارِي لَا بَلْ عَلَيْك نَقَدْ كُوفَةَ لِأَنَّ الْعَقْدَ كَانَ بِكُوفَةَ وَنَقْدُ كُوفَةَ أَزْيَدُ كَانَ عَلَيْهِ نَقْدُ الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ الْعَقْدُ لَا نَقْدَ الْمَكَانِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ الْوُجُوبُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اسْتَعْمَلَهُ فِي الرُّسْتَاقِ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ وَاخْتَصَمَا فِي الْبَلَدِ وَأَجْرُ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ يَتَفَاوَتُ فِي الْمَكَانَيْنِ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ فِيهِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ الدَّابَّةَ إلَى الْحِيرَةِ فَقَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ هَذِهِ الدَّابَّةُ دُونَك فَارْكَبْهَا فَلَمَّا كَانَ بَعْدَمَا رَجَعَ مِنْ الْحِيرَةِ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُسْتَكْرِي لَمْ أَذْهَبْ إلَى الْحِيرَةِ فَلَا أَجْرَ عَلَيَّ وَقَالَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ لَا بَلْ ذَهَبْت بِهَا إلَى الْحِيرَةِ وَلِي عَلَيْك الْأَجْرُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ خُرُوجَهُ وَتَوَجُّهَهُ إلَى الْحِيرَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ عَلِمَ خُرُوجَهُ وَتَوَجُّهَهُ إلَى الْحِيرَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّابَّةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ تَكَارَى يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ بِدِرْهَمٍ فَأَرَاهُ الدَّابَّةَ عَلَى آرِيِّهَا وَقَالَ ارْكَبْهَا إذَا شِئْت فَلَمَّا جَاءَ اللَّيْلُ تَنَازَعَا فِي الْكِرَاءِ وَالرُّكُوبِ فَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ دُفِعَتْ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهَا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَعَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَدْ رَكِبَهَا. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا يَخِيطُ مَعَهُ مُشَاهَرَةً كُلَّ شَهْرٍ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَجَحَدَ الْخَيَّاطُ الْإِجَارَةَ وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَقَامَ رَبُّ الْعَبْدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِجَارَةٍ

فَاخْتَلَفَا إلَى الْقَاضِي فِي ذَلِكَ شَهْرًا ثُمَّ زَكَّى الشُّهُودَ وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ وَبَعْدَهُ فَعَلَيْهِ أَجْرُ جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَوْ عَطِبَ الْعَبْدُ فِي حَالِ الْجُحُودِ فِي الْخِيَاطَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إنَّمَا عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ عَبْدُهُ وَلَكِنْ غَصَبْته وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ رَحَى مَاءٍ فَانْكَسَرَ أَحَدُ الْحَجَرَيْنِ أَوْ الدَّوَّارَةُ فَهَذَا عُذْرٌ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَكَذَلِكَ إذَا انْكَسَرَ الْبَيْتُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَخْتَلِفَا فِي مُدَّةِ الِانْكِسَارِ بَعْدَمَا اتَّفَقَا عَلَى الِانْكِسَارِ أَوْ يَخْتَلِفَا فِي أَصْلِ الِانْكِسَارِ وَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مُدَّةِ انْقِطَاعِ الْمَاءِ أَوْ فِي أَصْلِ الِانْقِطَاعِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اكْتَرَى إبِلًا إلَى بَغْدَادَ وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الْخُرُوجِ فَالْأَمْرُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا فِي تَعْيِينِ الطَّرِيقِ إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّرِيقَانِ مُتَفَاوِتَيْنِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْعَبَ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (قَالَ) رَجُلَانِ اسْتَأْجَرَا دَابَّةً مِنْ الرَّيِّ إلَى الْكُوفَةِ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَلَمَّا ذَهَبَا إلَى الْكُوفَةِ اخْتَصَمَا عِنْدَ الْقَاضِي فَقَالَ أَحَدُهُمَا اكْتَرَيْنَاهَا مِنْ فُلَانٍ إلَى الْكُوفَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَقَالَ الْآخَرُ اكْتَرَيْنَاهَا مِنْ فُلَانٍ إلَى مَكَّةَ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْقَاضِي يَقْضِي بِالدَّابَّةِ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ لَهُ الْغَائِبِ وَلَا يَقْضِي فِيهَا بِالْإِجَارَةِ وَيَمْنَعُ الْقَاضِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الذَّهَابِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَدَّعِي فَإِنْ اجْتَمَعَا عَلَى شَيْءٍ تَرَكَهُمَا الْقَاضِي وَمَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْكِرَاءِ وَزُكِّيَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَقَفَ الْقَاضِي الدَّابَّةَ فِي أَيْدِيهِمَا وَلَا يَأْذَنُ الْقَاضِي لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الرُّكُوبِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَدَّعِي وَلَكِنْ يَأْمُرُهُمَا أَنْ يُنْفِقَا عَلَيْهَا عَلَى مَا يَرَى إنْ رُجِيَ قُدُومُ صَاحِبِهَا، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ لَا يَأْمُرُهُمَا بِالنَّفَقَةِ بَلْ يَأْمُرُهُمَا بِالْبَيْعِ وَإِذَا بَاعَا الدَّابَّةَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَقَفَ الْقَاضِي الثَّمَنَ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنْ كَانَ قَدْ أَنْفَقَا عَلَيْهَا بِأَمْرِ الْقَاضِي وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي فَالْقَاضِي يُعْطِيهِمَا مِنْ الثَّمَنِ مِقْدَارَ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فَإِنْ طَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْكِرَاءَ الَّذِي دَفَعَ إلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ لَمْ يَدْفَعْ لِأَنَّ فِيهِ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ وَلَكِنْ يُجْعَلُ الثَّمَنُ فِي أَيْدِيهِمَا مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يُبَرْهِنَا أَنَّ رَبَّهَا مَاتَ وَلِلْقَاضِي أَنْ لَا يَسْمَعَ خُصُومَتَهُمَا وَلَا يَأْمُرَ بِالْبَيْعِ وَالنَّفَقَةِ لِأَنَّ فِيهِ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ بِوَجْهٍ وَفِيهِ حِفْظَ مَالِ الْغَائِبِ فَيَمِيلُ إلَى أَيِّ جَانِبٍ شَاءَ. كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ اكْتَرَيَا دَابَّةً مِنْ بَغْدَادَ إلَى الْكُوفَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَلَمَّا بَلَغَا الْكُوفَةَ بَدَا لِأَحَدِهِمَا أَنْ لَا يَرْجِعَ إلَى بَغْدَادَ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ رَفَعَا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ فَالْقَاضِي لَا يَتَعَرَّضُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ مَعَ تَصَادُقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ فَالْقَاضِي لَا يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ لَكِنَّهُ إنْ شَاءَ آجَرَ ذَلِكَ النِّصْفَ مِنْ شَرِيكِهِ عَلَى سَبِيلِ النَّظَرِ وَفِي الْكِتَابِ يَقُولُ إنْ شَاءَ الْقَاضِي يُكْرِي الدَّابَّةَ كُلَّهَا مِنْ الَّذِي يَرْجِعُ إلَى بَغْدَادَ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُكْرِي النِّصْفَ الَّذِي كَانَ لِصَاحِبِ الْعُذْرِ مِنْ الَّذِي يُرِيدُ الرُّجُوعَ إلَى بَغْدَادَ وَيُقِرُّ الْكِرَاءَ فِي النِّصْفِ الَّذِي كَانَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَكْرَى نِصْفَهَا مِنْ آخَرَ فَيَرْكَبَانِهَا جَمِيعًا أَوْ عَلَى سَبِيلِ التَّهَايُؤِ كَمَا كَانَا يَفْعَلَانِ مَعَ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُكْرِي ذَلِكَ النِّصْفَ هَلْ لَهُ أَنْ يُودَعَ ذَلِكَ النِّصْفَ مِنْ الَّذِي يُرِيدُ الرُّجُوعَ إلَى بَغْدَادَ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ إنْ شَاءَ فَعَلَ ذَلِكَ فَيَكُونُ النِّصْفُ فِي يَدِهِ الْوَدِيعَةِ وَالنِّصْفُ بِالْإِجَارَةِ فَيَرْكَبُ يَوْمًا وَيَنْزِلُ يَوْمًا وَهَذَا الْإِطْلَاقُ عَلَى قَوْلِهِمَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إجَارَةُ النِّصْفِ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ لَا تَجُوزُ لِمَكَانِ الشُّيُوعِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ وَهِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ آجَرَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ كُنْت دَفَعْتهَا إلَى الْآجِرِ وَأَمَرْته أَنْ يُؤَجِّرَهَا فَالْأُجْرَةُ لِي وَقَالَ الْآجِرُ كُنْت غَصَبْتهَا مِنْهُ وَآجَرْتهَا فَالْأُجْرَةُ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ وَيَأْخُذُ الْأَجْرَ، وَإِنْ أَقَامَ الْآجِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْغَصْبِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُسْتَحِقِّ بِمَا ادَّعَى مِنْ الْغَصْبِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْآجِرُ بَنَى فِي الْأَرْضِ بِنَاءً وَآجَرَهَا مَبْنِيَّةً فَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ أَمَرْتُك أَنْ تَبْنِيَ وَتُؤَجِّرَ وَقَالَ الْآجِرُ غَصَبْتُك وَبَنَيْتهَا وَآجَرْتهَا قَالَ يُقْسِمُ الْآجِرُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ غَيْرِ مَبْنِيَّةٍ وَعَلَى الْبِنَاءِ فَمَا

الباب السادس والعشرون في استئجار الدواب للركوب

أَصَابَ الْأَرْضَ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَمَا أَصَابَ الْبِنَاءَ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبِنَاءِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً وَذَهَبَ إلَى سَمَرْقَنْدَ فَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ أَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ وَاسْتُحِقَّ عَلَيْهِ هَلْ لِلْآجِرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ قِيلَ لَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الزِّيَادَاتِ فَإِنَّهُ قَالَ جَارِيَةٌ فِي يَدِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ لِمُحَمَّدٍ هَذِهِ الْجَارِيَةُ بِعْتهَا مِنْك وَسَلَّمْتهَا إلَيْك وَقَدْ غَصَبَهَا مِنْك عَبْدُ اللَّهِ وَصَدَّقَهُ مُحَمَّدٌ فَلِإِبْرَاهِيمَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَلَوْ اسْتَحَقَّ إنْسَانٌ الْجَارِيَةَ بِالْبَيِّنَةِ مِنْ يَدِ عَبْدِ اللَّهِ لَيْسَ لِمُحَمَّدٍ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى إبْرَاهِيمَ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي لِلدَّابَّةِ ادَّعَى فِعْلًا عَلَى الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّابَّةُ بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّابَّةُ مِلْكِي غَصَبْتهَا مِنِّي يَنْتَصِبُ هُوَ خَصْمًا وَتُسْمَعُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَيَكُونُ لِلْآخَرِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدَيْك مِنْ فُلَانٍ بِتَارِيخِ كَذَا قَبْلَ أَنْ تَسْتَأْجِرَهَا هَلْ يَنْتَصِبُ صَاحِبُ الْيَدِ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي فِي حَقِّ إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْإِجَارَةِ هَلْ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ ادَّعَى عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ فِعْلًا بِأَنْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضْتُهَا فَأَخَذْتَهَا مِنِّي بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ غَصَبْتَهَا مِنِّي تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَأَمَّا إذَا قَالَ اسْتَأْجَرْت مِنْ فُلَانٍ قَبْلَ أَنْ تَسْتَأْجِرَ أَنْتَ وَقَدْ سَلَّمَ إلَيْك وَلَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ فِعْلًا لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمُسْتَأْجِرُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ وَهِيَ فَارِغَةٌ وَادَّعَى الْمُؤَجِّرُ أَنَّهَا كَانَتْ مَشْغُولَةً وَمَزْرُوعَةً يُعْتَبَرُ الْحَالُ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فَارِغَةً فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ كَانَتْ مَشْغُولَةً فَالْقَوْلُ لِلْآجِرِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. بَاعَ الدَّلَّالُ ضَيْعَةَ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ فَقَالَ صَاحِبُ الضَّيْعَةِ بِعْتهَا بِغَيْرِ أَجْرٍ وَقَالَ الدَّلَّالُ بَلْ بِأَجْرٍ فَإِنْ كَانَ هَذَا الدَّلَّالُ مَعْرُوفًا بِأَنَّهُ يَبِيعُ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْأَجْرِ لَا يُصَدَّقُ الْآمِرُ عَلَى دَعْوَاهُ وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ قَالَ الرَّاعِي خِفْت الْمَوْتَ فَذَبَحْتهَا فَأَنْكَرَ الْمَالِكُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَى الرَّاعِي الْبَيِّنَةُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ اخْتَلَفَ الرَّاعِي مَعَ الْمَالِكِ فَقَالَ الرَّاعِي ذَبَحْتهَا وَهِيَ مَيِّتَةٌ وَقَالَ الْمَالِكُ ذَبَحْتهَا وَهِيَ حَيَّةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاعِي وَفِي صَيْدِ النَّوَازِلِ أَمَّا الْأَجْنَبِيُّ إذَا قَالَ ذَبَحْت شَاتَك وَهِيَ مَيِّتَةٌ هَلْ يَكُونُ مِثْلَ الرَّاعِي قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ حَتَّى يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَهَكَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ فِي ضَمَانِهِ شَكًّا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ ذَبَحْت شَاتَك بِإِذْنِك وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ الْإِذْنَ حَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَالِكِ وَلَوْ قَالَ الرَّاعِي ذَبَحْتهَا لِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ وَقَالَ صَاحِبُهَا مَا بِهَا مَرَضٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الشَّاةِ وَيَضْمَنُ الرَّاعِي. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ دَفَعَ الْأَجْرَ إلَى الْمُؤَجِّرِ وَمَاتَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَطَالَبَهُ الْوَرَثَةُ بِأَجْرِ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَقَالَ الْمُؤَجِّرُ آجَرْتهَا بِهَذِهِ الْأُجْرَةِ شَهْرَيْنِ وَأَبَحْت لَهُ السُّكْنَى بَقِيَّةَ السَّنَةِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَلْ آجَرْتهَا سَنَةً فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْأُجْرَةَ وَادَّعَتْ الْوَرَثَةُ إبْطَالَ مِلْكِهِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي اسْتِئْجَارِ الدَّوَابِّ لِلرُّكُوبِ] (الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي اسْتِئْجَارِ الدَّوَابِّ لِلرُّكُوبِ) يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الدَّوَابِّ لِلرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ فَإِنْ أَطْلَقَ الرُّكُوبَ جَازَ أَنْ يَرْكَبَ مَنْ شَاءَ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا رَكِبَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَرْكَبَ وَاحِدًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَ غَيْرَهُ. كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ رَكِبَهَا الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ غَيْرُهُ بَعْدَمَا تَعَيَّنَ رَاكِبُهَا فَعَطِبَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فُلَانٌ فَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ. كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا تَكَارَى مِنْ رَجُلٍ إبِلًا مُسَمَّاةً بِغَيْرِ عَيْنِهَا مِنْ كُوفَةَ إلَى مَكَّةَ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ لَيْسَ تَفْسِيرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ إبِلًا بِغَيْرِ عَيْنِهَا لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ إبِلٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا لَا يَجُوزُ لِجَهَالَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بَلْ تَفْسِيرُهَا أَنْ يَتَقَبَّلَ الْمُكَارِي الْحَمْلَ فَيَقُولُ لَهُ الْمُسْتَكْرِي احْمِلْنِي إلَى مَكَّةَ بِكَذَا فَيَكُونُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْحَمْلَ فِي ذِمَّةِ الْمُكَارِي، وَإِنَّهُ مَعْلُومٌ وَالْإِبِلُ آلَةُ الْحَمْلِ وَجَهَالَةُ الْآلَةِ لَا تُوجِبُ فَسَادَ الْإِجَارَةِ كَمَا فِي الْخَيَّاط وَالْقَصَّارِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَنَحْنُ نُفْتِي بِالْجَوَازِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ مَا قُلْنَا وَصَارَ ذَلِكَ مُعْتَادًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ

اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا سَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ نَخَّتْ الدَّابَّةُ وَضَعُفَتْ عَنْ السَّيْرِ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ بِعَيْنِهَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ نَقَضَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَبَّصَ إلَى أَنْ تَقْوَى الدَّابَّةُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِدَابَّةٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ تَكَارَى حَمُولَةً بِغَيْرِ عَيْنِهَا لِيُحْمَلَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِذَا ضَعُفَتْ الْأُولَى كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِدَابَّةٍ أُخْرَى. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُنْفِذْ بِهَا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَقَدْ اسْتَعْمَلَهَا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْفَذَ بِهَا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَجَبَ الْأَجْرُ رَكِبَ أَوْ لَمْ يَرْكَبْ وَهَذَا إذَا أَنْفَذَ بِهَا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ وَلَوْ مَكَثَ يُنْظَرُ إنْ مَكَثَ مِثْلَ مَا يَكُونُ انْتِظَارُ خُرُوجِ الْقَافِلَةِ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ لِذَهَابِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ رَكِبَ أَوْ لَمْ يَرْكَبْ وَلَوْ مَكَثَ كَثِيرًا مِقْدَارَ مَا لَا يُمْكَثُ فِي انْتِظَارِ الْقَافِلَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فَلَا يَرْتَفِعُ بِالْخُرُوجِ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً يَوْمًا وَانْتَفَعَ بِهَا فِيهِ وَأَمْسَكَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَقَدْ وَرِمَ بَطْنُهَا وَاعْتَلَّتْ فَتَرَكَهَا فِي الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِيهَا وَهِيَ دَارُ غَيْرِهِ فَمَاتَتْ يَضْمَنُ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ دَفَعَ الْمُكَارِي الدَّابَّةَ إلَى الْمُكْتَرِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ تِلْمِيذَهُ أَوْ غُلَامَهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجِبُ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا لِلْحَمْلِ فَحَمَّلَ الْمُكَارِي عَلَى غَيْرِهَا قَالَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ تَكَارَى مِنْ الْفُرَاتِ إلَى جُعْفِيٍّ وَجُعْفِيٌّ قَبِيلَتَانِ بِالْكُوفَةِ وَلَمْ يُسَمِّ أَيَّ قِبْلَتَيْنِ هِيَ أَوْ إلَى الْكُنَاسَةِ وَلَمْ يُسَمِّ أَيَّ الْكُنَاسَتَيْنِ هِيَ الظَّاهِرَةُ أَوْ الْبَاطِنَةُ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مَثَلِهَا وَمِثْلُهُ بِبُخَارَى إذَا تَكَارَاهَا إلَى السَّهْلَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيُّ السَّهْلَتَيْنِ هِيَ سَهْلَةُ قُوتٍ أَوْ سَهْلَةُ أَمِيرٍ أَوْ تَكَارَهَا إلَى خنوب وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّ الْقَرْيَتَيْنِ وَالسَّهْلَةُ (ريكستان) وَسَهْلَةُ الْأَمِيرِ وَرُبَّ سَمَرْقَنْدَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اسْتَأْجَرَ دَوَابَّ مِنْ خُوَارِزْمَ إلَى بُخَارَى بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَلَمْ يُعَيِّنْ النَّقْدَ وَلَا الْوَزْنَ فَالْمُعْتَبَرُ نَقْدُ خُوَارِزْمَ وَوَزْنُهُ لِمَكَانِ الْعَقْدِ فِيهِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. تَكَارَى دَابَّةً بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ إلَى مَكَانِ كَذَا عَلَى أَنْ يَرْجِعَ الْيَوْمَ فَلَمْ يَرْجِعْ إلَى أَيَّامٍ يَجِبُ عَلَيْهِ دِرْهَمَانِ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ فِي الرُّجُوعِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. اسْتَأْجَرَ بَعِيرًا إلَى مَكَّةَ فَهَذَا عَلَى الذَّهَابِ دُونَ الْمَجِيءِ وَفِي الْعَارِيَّةِ عَلَى الذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (فِي فَتَاوَى آهُو) اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيُحَمِّلَ عَلَيْهَا مِائَةَ مَنٍّ مِنْ الْحِنْطَةِ فَمَرِضَتْ فَلَمْ تُطِقْ إلَّا خَمْسِينَ فَحَمَّلَ عَلَيْهَا هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُكَارِي بِحِصَّةِ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ لَا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا تَكَارَى دَابَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا إلَى بَغْدَادَ وَالْأُخْرَى إلَى حُلْوَانَ فَإِنْ كَانَتْ الَّتِي إلَى بَغْدَادَ بِعَيْنِهَا وَاَلَّتِي إلَى حُلْوَانَ بِعَيْنِهَا جَازَ الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا لَمْ يَجُزْ وَعَلَيْهِ فِيمَا رَكِبَ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَا ضَمَانَ اعْتِبَارًا لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ بِالْجَائِزِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ تَكَارَى دَابَّتَيْنِ مِنْ رَجُلٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً يُقَسِّمُ الْأَجْرَ عَلَى أَجْرِ مِثْلِهِمَا لَا عَلَى قَدْرِ حَمْلِهِمَا وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ غُلَامَيْنِ لِلْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا تَكَارَى قَوْمٌ مُشَاةٌ إبِلًا عَلَى أَنَّ الْمُكَارِيَ يَحْمِلُ عَلَيْهِ مَنْ مَرِضَ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ أَعْيَا مِنْهُمْ فَهَذَا فَاسِدٌ وَلَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ عَقَبَةُ الْأَجِيرِ وَتَفْسِيرُهَا أَنْ يَرْكَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْزِلَ ثُمَّ يَرْكَبَ الْآخَرُ ثُمَّ يَنْزِلَ فَذَلِكَ جَائِزٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا آجَرَ الرَّجُلُ دَابَّةً إلَى الْجَبَّانَةِ أَوْ إلَى الْجِنَازَةِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ قَالُوا إنَّمَا لَا يَجُوزُ إلَى الْجَبَّانَةِ فِي بَلْدَةٍ لِأَهْلِهَا جَبَّانَتَانِ إحْدَاهُمَا بَعِيدَةٌ وَالْأُخْرَى قَرِيبَةٌ كَمَا كَانَ فِي بِلَادِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَبَّانَتَانِ إحْدَاهُمَا بَعِيدَةٌ وَالْأُخْرَى قَرِيبَةٌ وَلَا يُدْرَى إلَى أَيَّتِهِمَا آجَرَ أَمَّا إذَا كَانَتْ جَبَّانَةً وَاحِدَةً يَجُوزُ وَتَقَعُ الْإِجَارَةُ عَلَى أَوَّلِ حُدُودٍ مِنْ تِلْكَ الْجَبَّانَةِ وَفِي الْجِنَازَةِ إنَّمَا لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْمُصَلَّى اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَلَا يُدْرَى إلَى أَيِّهِمَا آجَرَ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُصَلَّى وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ إلَّا أَنَّهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ إلَى أَيِّهِمَا آجَرَ يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيُشَيِّعَ عَلَيْهَا رَجُلًا أَوْ لِيَتَلَقَّى عَلَيْهَا رَجُلًا لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ

مَوْضِعًا مَعْلُومًا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً كُلَّ شَهْرٍ بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى بَدَا لَهُ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ حَاجَةٌ رَكِبَهَا فَإِنْ كَانَ يُسَمِّي بِالْكُوفَةِ نَاحِيَةً مِنْ نَوَاحِيهَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَكَانًا مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ تَكَارَاهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى الْكُوفَةِ لِيَرْكَبَهَا فَلَهُ أَنْ يَبْلُغَ عَلَيْهَا مَنْزِلَهُ بِالْكُوفَةِ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَتَاعًا فَإِنْ حَطَّ الْمَتَاعَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الْكُوفَةِ وَقَالَ هَذَا مَنْزِلِي فَإِذَا هُوَ قَدْ أَخْطَأَ فَأَرَادَ أَنْ يَحْمِلَهُ ثَانِيَةً إلَى مَنْزِلِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لَوْ تَكَارَى حِمَارًا مِنْ الْكُوفَةِ لِيَرْكَبَهُ إلَى الْحِيرَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَلَهُ أَنْ يَبْلُغَ عَلَيْهِ إلَى أَهْلِهِ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى الْحِيرَةِ وَإِذَا تَكَارَى دَابَّةً بِالْكُوفَةِ مِنْ مَوْضِعٍ كَانَتْ فِيهَا الدَّابَّةُ إلَى الْكُنَاسَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَأَرَادَ أَنْ يَبْلُغَ فِي رَجْعَتِهِ إلَى أَهْلِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إنَّمَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكَارَى فِيهِ الدَّابَّةَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ تَكَارَى دَابَّةً عَلَى دُخُولٍ عِشْرِينَ يَوْمًا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَأَدْخَلَهُ الْمُكَارِي فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا قَالَ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ ذَلِكَ وَهَذَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ تَفْسُدَ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ تَكَارَاهَا مِنْ الْكُوفَةِ إلَى بَغْدَادَ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَدْخَلَهُ بَغْدَادَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَهُ عَشَرَةٌ وَإِلَّا فَلَهُ دِرْهَمٌ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّسْمِيَةُ الْأُولَى صَحِيحَةٌ وَالثَّانِيَةُ فَاسِدَةٌ وَعِنْدَهُمَا تَصِحُّ التَّسْمِيَتَانِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اكْتَرَى إبِلًا مِنْ كُوفَةَ إلَى مَكَّةَ لِلْحَجِّ ذَاهِبًا وَجَائِيًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ اكْتَرَى الدَّابَّةَ رَجُلَانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ أُجْبِرَ الْمُكْرِي عَلَى أَنْ يُكْرِيَ لِلَّذِي يُرِيدُ السَّيْرَ نِصْفَ بَعِيرِهِ بِنِصْفِ الْأَجْرِ وَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ مِثْلَ الَّذِي مَاتَ وَلَوْ اسْتَأْجَرُوا سَفِينَةً لِيَحْمِلَهُمْ فِيهَا فَمَاتَ بَعْضُهُمْ حَمَلَ الْبَاقِينَ وَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ مِثْلَ مَنْ مَاتَ أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ يَضُرَّ الْبَاقِينَ فِي سَيْرِهِمْ الْمَشْرُوطِ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمْ أَقِمْ هُنَا فَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ الْبَوَادِي أُجْبِرَ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى أَقْرَبِ الْعُمْرَانِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ بَعِيرًا مِنْ الْكُوفَةِ إلَى مَكَّةَ ذَاهِبًا وَآيِبًا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَمَا قَضَى الْمَنَاسِكَ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَقْدَ فِيمَا بَقِيَ قَدْ بَطَلَ بِمَوْتِهِ فَسَقَطَ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِهِ وَيَجِبُ فِي تَرِكَتِهِ بِحِسَابِ مَا اسْتَوْفَى. ثُمَّ بَيَّنَ فَقَالَ يَلْزَمُهُ مِنْ الْكِرَاءِ خَمْسَةُ أَعْشَارٍ وَنِصْفٌ وَيَبْطُلُ عَنْهُ أَرْبَعَةُ أَعْشَارٍ وَنِصْفٌ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَبَيَانُ تَخْرِيجِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى مَكَّةَ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ مَرْحَلَةً فَذَلِكَ لِلذَّهَابِ وَلِلْإِيَابِ كَذَا وَقَضَاءُ الْمَنَاسِكِ يَكُونُ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ يَخْرُجُ إلَى مِنًى وَفِي يَوْمِ عَرَفَةَ يَخْرُجُ إلَى عَرَفَاتٍ وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ يَعُودُ إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَهُ لِلرَّمْيِ وَيُحْسَبُ كُلُّ يَوْمٍ مَرْحَلَةً فَإِذَا جَمَعْت ذَلِكَ كُلَّهُ كَانَ سِتِّينَ مَرْحَلَةً كُلُّ سِتَّةٍ مِنْ ذَلِكَ عَشَرَةٌ فَإِذَا مَاتَ بَعْدَ قَضَاءِ الْمَنَاسِكِ وَالرُّجُوعِ إلَى مَكَّةَ فَقَدْ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ جُزْءًا مِنْ الْأَجْرِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ جُزْءًا لِلذَّهَابِ إلَى مَكَّةَ وَسِتَّةُ أَجْزَاءٍ لِقَضَاءِ الْمَنَاسِكِ وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَعْشَارٍ وَنِصْفُ عُشْرٍ كُلُّ عُشْرٍ سِتَّةٌ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رُبَّمَا يَشْتَرِطُ الْمَمَرَّ عَلَى الْمَدِينَةِ فَيَزْدَادُ ثَلَاثَةُ مَرَاحِلَ فَإِنَّ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى مَكَّةَ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ ثَلَاثِينَ مَرْحَلَةً فَإِنْ كَانَ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الذَّهَابِ تَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا وَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ جُزْءًا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا مِنْ الْأَجْرِ ثَلَاثُونَ وَسِتَّةٌ لِقَضَاءِ الْمَنَاسِكِ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَ الْمَمَرَّ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي الْإِيَابِ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ جُزْءًا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا مِنْ الْأَجْرِ لِلذَّهَابِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ جُزْءًا وَلِقَضَاءِ الْمَنَاسِكِ سِتَّةُ أَجْزَاءٍ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الذَّهَابَ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَالْإِيَابَ كَذَلِكَ فَالْقِسْمَةُ عَلَى سِتَّةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا. وَإِنَّمَا يَتَقَرَّرُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ جُزْءًا لِلذَّهَابِ ثَلَاثُونَ وَلِقَضَاءِ الْمَنَاسِكِ سِتَّةٌ فَحَاصِلُ مَا تَقَرَّرَ عَلَيْهِ سِتَّةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْأَجْرِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ السُّهُولَةَ وَالْوُعُورَةَ فِي الْمَرَاحِلِ لِقِسْمَةِ الْكِرَاءِ عَلَيْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ وَالْوُعُورَةُ وَالصُّعُوبَةُ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ يُمْتَحَنُ بِهَا مَنْ يَتَّجِرُ فِي عِلْمِ الْفِقْهِ هَكَذَا كَانَ يَحْكِي وَالِدِي عَنْ أُسْتَاذِهِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَرَادَ الْمُكْتَرِي أَنْ يَنْصِبَ عَلَى الْمَحْمِلِ كَنِيسَةً أَوْ قُبَّةً لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَلَا يَمْلِكُ أَنْ يُبَدِّلَ مِنْ جِنْسِهَا مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ دُونَهَا

الباب السابع والعشرون الضمان بالخلاف والاستعمال والضياع والتلف

أَوْ مِثْلَهَا جَازَ وَلَوْ أَرَادَ الْمُكَارِي أَنْ يُبَدِّلَ الْبَعِيرَ مِثْلَ الْأَوَّلِ جَازَ وَلَوْ انْكَسَرَ الْمَحْمِلُ فَرَكِبَ عَلَى الزَّامِلَةِ يَجِبُ الْأَجْرُ بِكَمَالِهِ، وَإِنْ هَرَبَ الْحَمَّالُ فَأَنْفَقَ الْمُكْتَرِي عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ أَوْ بِأَمْرِ مَنْ نَصَّبَهُ الْحَاكِمُ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْإِنْفَاقِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ دَابَّةً مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَرْكَبَ مَعَ فُلَانٍ يُشَيِّعُهُ إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ حَتَّى جَازَتْ الْإِجَارَةُ فَحَبَسَهَا مِنْ الْغَدِ إلَى انْتِصَافِ النَّهَارِ ثُمَّ بَدَا لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَخْرُجَ فَرَدَّ الدَّابَّةَ عِنْدَ الظُّهْرِ فَلَا أَجْرَ وَهَلْ يَضْمَنُ بِهَذَا الْحَبْسِ قَدْرَ مَا يَحْبِسُ النَّاسُ لِانْتِظَارِ خُرُوجِ ذَلِكَ الرَّجُلِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَضْمَنُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا وَإِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا وَإِذَا حَمَلَ عَلَيْهَا لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ وَفِي الْبَقَّالِيِّ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً يَحْمِلُ عَلَيْهَا فَحَمَلَ رَجُلًا عَلَيْهَا لَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ تَكَارَى دَابَّةً إلَى بَغْدَادَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْأَجْرَ إذَا رَجَعَ مِنْ بَغْدَادَ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْكِرَاءِ مَا لَمْ يَرْجِعْ مِنْ بَغْدَادَ وَهَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مِيقَاتَ رُجُوعِهِ مِنْ بَغْدَادَ فَكَانَ الْأَجَلُ مَجْهُولًا فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي بَغْدَادَ الْآنَ يَأْخُذُ صَاحِبُ الدَّابَّةَ أَجْرَ الذَّهَابِ مِنْ تَرِكَتِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب السَّابِع وَالْعُشْرُونَ الضَّمَان بِالْخِلَافِ وَالِاسْتِعْمَال وَالضَّيَاع وَالتَّلَف] (الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي مَسَائِلِ الضَّمَانِ بِالْخِلَافِ وَالِاسْتِعْمَالِ وَالضَّيَاعِ وَالتَّلَفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ) اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَرَكِبَهَا فِي الْمِصْرِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي الثَّوْبِ لَا. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ يَوْمًا فَخَرَجَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَدَّهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَى الْمِصْرِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَعِيرًا كَيْلًا مَعْلُومًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا بُرًّا مِثْلَ كَيْلِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الدَّابَّةِ إنْ هَلَكَتْ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا لِأَنَّ الْحِنْطَةَ أَثْقَلُ مِنْ الشَّعِيرِ وَهِيَ أَصْلَبُ وَأَشَدُّ انْدِمَاجًا مِنْ الشَّعِيرِ فَصَارَ كَمَا لَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ مِنْ شَعِيرٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَحَدَ عَشَرَ قَفِيزًا مِنْ شَعِيرٍ حَيْثُ يَضْمَنُ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تَقْوَى عَلَى حَمْلِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَحْمُولَ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى وَلَوْ سَمَّى عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ مِنْ الْحِنْطَةِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ مِنْ شَعِيرٍ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ سَمَّى حِنْطَةً وَزْنًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا شَعِيرًا مِثْلَ وَزْنِ الْحِنْطَةِ لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الْمَحْمُولَ عَنْ مَوْضِعِ الْحَمْلِ مِنْ الدَّابَّةِ، وَإِنْ سَمَّى شَعِيرًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا وَزْنَ الشَّعِيرِ حِنْطَةً ضَمِنَ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُسَمَّى مَتَى كَانَ فِي مَوْضِعِ الْحَمْلِ وَالْمَحْمُولَ أَيْضًا فِي مَوْضِعِ الْحَمْلِ وَقَدْ اسْتَوَيَا وَزْنًا إلَّا أَنَّ الْمَحْمُولَ يَأْخُذُ مِنْ مَوْضِعِ الْحَمْلِ أَقَلَّ مِمَّا يَأْخُذُ الْمُسَمَّى ضَمِنَ لِأَنَّ الْمَحْمُولَ حِينَئِذٍ يَكُونُ أَضَرَّ بِالدَّابَّةِ مِنْ الْمُسَمَّى كَمَا لَوْ سَمَّى حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا حَدِيدًا أَوْ حَجَرًا مِثْلَ وَزْنِ الْمُسَمَّى فَإِنْ كَانَ الْمَحْمُولُ يَأْخُذُ مِنْ مَوْضِعِ الْحَمْلِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُهُ الْمُسَمَّى لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا يَضْمَنُ بِالْخِلَافِ إلَيْهِ إلَّا إذَا جَاوَزَ الْمَحْمُولَ عَنْ مَوْضِعِ الْحَمْلِ كَمَا لَوْ سَمَّى حِنْطَةً فَحَمَلَ بِوَزْنِهَا حَطَبًا أَوْ تِبْنًا أَوْ قُطْنًا بِحَيْثُ جَاوَزَ مَوْضِعَ الْحَمْلِ وَبِهَذَا يُفْتَى. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ تَكَارَاهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَعِيرًا كَيْلًا مَعْلُومًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا بُرًّا مِثْلَ كَيْلِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ حَمَلَ عَلَيْهَا مِثْلَ نِصْفِ ذَلِكَ مِنْ الْبُرِّ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ وَقَالَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي عَارِيَّةِ الْأَصْلِ هُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَعِيرًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا فِي أَحَدِ الْجُوَالِقَيْنِ حِنْطَةً وَفِي الْآخَرِ شَعِيرًا فَعَطِبَتْ قَالَ أَصْحَابُنَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الضَّمَانِ وَنِصْفُ الْأُجْرَةِ. كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا خَالَفَ إلَى مِثْلِ الْمَشْرُوطِ أَوْ أَخَفَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الرِّضَا بِأَعْلَى الضَّرَرَيْنِ رِضًا بِالْأَدْنَى وَبِمِثْلِهِ دَلَالَةً، وَإِنْ خَالَفَ إلَى مَا فَوْقَهُ فِي الضَّرَرِ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ الْمَشْرُوطِ ضَمِنَ الدَّابَّةَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ ضَمِنَ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ لِأَنَّهَا هَلَكَتْ بِفِعْلٍ مَأْذُونٍ وَغَيْرِ مَأْذُونٍ فَقَسَّمَ عَلَى قَدْرِهِمَا إلَّا إذَا كَانَ قَدْرًا لَا تُطِيقُهُ الدَّابَّةُ فَيَضْمَنُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعْتَادٍ فَلَا يَكُونُ مَأْذُونًا فِيهِ وَالْحَدِيدُ أَضَرُّ مِنْ الْقُطْنِ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ وَالْقُطْنُ يَنْبَسِطُ

كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ حَمَلَ الْأَكْسِيَةَ أَوْ الطَّيَالِسَةَ مَكَانَ الثَّوْبِ الزُّطِّيِّ ضَمِنَ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. اكْتَرَى بَعِيرَ الْمَحْمِلِ فَحَمَلَ زَامِلَةً يَضْمَنُ، وَإِنْ حَمَلَ رَجُلًا مَكَانَ الْمَحْمِلِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَخَفُّ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَ فَأَرْكَبَ غَيْرَهُ ثُمَّ أَنْزَلَهُ وَرَكِبَ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَقَادَهَا إلَى هُنَاكَ وَلَمْ يَرْكَبْ وَلَمْ يَحْمِلْ وَجَبَ الْأَجْرُ وَلَوْ لَمْ يَرْكَبْ وَلَمْ يَحْمِلْ بِعُذْرٍ فِي الدَّابَّةِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ سَرْجًا لِيَرْكَبَهُ شَهْرًا فَأَعْطَاهُ غَيْرَهُ فَرَكِبَ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ إكَافًا يَنْقُلُ عَلَيْهِ حِنْطَتَهُ شَهْرًا فَهُوَ جَائِزٌ وَحِنْطَتُهُ وَحِنْطَةُ غَيْرِهِ سَوَاءٌ وَالْجُوَالِقُ كَذَلِكَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِمْلَ نَفْسِهِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا حِمْلَ غَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَحْمِلًا لِيَرْكَبَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ غَيْرَهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اسْتَأْجَرَا دَابَّةً عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثُهَا وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا فَحَمَلَ عَلَيْهَا الْأَوَّلُ سَبْعَةً وَالْآخَرُ عَشَرَةً ضَمِنَ هَذَا أَرْبَعَةً وَثُلُثًا مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ لَهُ خَمْسَةٌ وَثُلُثَانِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَحَد عَشَرَ مَخْتُومًا فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَمَا بَلَغَتْ الْمَكَانَ الْمَشْرُوطَ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كَامِلًا وَيَضْمَنُ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ وَلَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ؛ قَالُوا تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَ مَا زَادَ فَكَانَتْ تَسِيرُ مَعَ الْحَمْلِ أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُطِيقُ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةٍ تَأْتِي بَعْدَ هَذَا وَالثَّانِي أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أَحَدَ عَشَرَ مَخْتُومًا دَفْعَةً وَاحِدَةً أَمَّا إذَا حَمَلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ ثُمَّ حَمَلَ عَلَيْهَا مَخْتُومًا وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا بِتَمَامِهَا هَذَا إذَا حَمَلَ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي حَمَلَ الْعَشَرَةَ أَمَّا إذَا حَمَلَ فِي مَكَان آخَرَ (جنانكه بفتراك برا وبخت) يَضْمَنُ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةٍ تَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ بِهِ عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَطَحَنَ أَحَدَ عَشَرَ مَخْتُومًا وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ أَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَكْرُبَ جَرِيبًا فَكَرَبَ جَرِيبًا وَنِصْفًا وَهَلَكَ الثَّوْرُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الطَّحْنَ يَكُونُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَلَمَّا طَحَنَ عَشَرَةً انْتَهَى الْعَقْدُ فَبَعْدَ ذَلِكَ هُوَ فِي طَحْنِ الْحَادِيَ عَشَرَ مُخَالِفٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا كَمَا لَوْ طَحَنَ عَلَيْهَا قَفِيزًا ابْتِدَاءً أَمَّا الْحَمْلُ فَيَكُونُ بِدَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَبَعْضُ الْمَحْمُولِ مَأْذُونٌ فِيهِ فَلَا يَضْمَنُ بِقَدْرِهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ الْإِمَامُ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عِشْرِينَ فَإِنْ سَلِمَتْ عَلَيْهِ تَمَامُ الْأَجْرِ وَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَمَا بَلَغَتْ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَتَمَامُ الْأَجْرِ وَيَضْمَنُ عِنْدَ الثَّانِي. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مَخْتُومًا مِنْ الْحِنْطَةِ وَجَاءَ بِالْحِمَارِ سَلِيمًا فَهَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْحِمَارَ يُطِيقُ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ ثُلُثُ الْقِيمَةِ وَكَمَالُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَ لَا يُطِيقُ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَمَرَ الْمُكْتَرِي لِرَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يُحَمِّلَهَا فَحَمَّلَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ زِيَادَةٌ أَوْ لَا يَعْلَمُ لَا يَضْمَنُ الْمُكْتَرِي وَهَذِهِ حِيلَةٌ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِنْ اكْتَرَاهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةً فَجَعَلَ فِي جُوَالِقٍ عِشْرِينَ فَأَمَرَ رَبَّ الدَّابَّةِ أَنْ يَضَعَهُ عَلَيْهَا فَفَعَلَ وَهَلَكَ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ حَمَلَا مَعًا ضَمِنَ رُبْعَ الْقِيمَةِ وَلَوْ كَانَا فِي عِدْلَيْنِ فَحَمَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِدْلًا أَوْ حَمَّلَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوَّلًا ثُمَّ رَبُّ الدَّابَّةِ لَا ضَمَانَ أَصْلًا وَلَوْ حَمَّلَ رَبُّهَا أَوَّلًا ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ نِصْفَ الْقِيمَةِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ فَرَكِبَ وَحَمَلَ مَعَ نَفْسِهِ حِمْلًا يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ إنْ عَطِبَتْ الدَّابَّةُ نَصَّ فِي الْكِتَابِ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى أَهْلِ الْبَصَرِ فَيَسْأَلَ مِنْهُمْ أَنَّ هَذَا الْحِمْلَ كَمْ يَزِيدُ عَلَى رُكُوبِهِ فِي الثِّقَلِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَرْكَبْ مَوْضِعَ الْحَمْلِ بَلْ يَكُونُ رُكُوبُهُ فِي مَوْضِعٍ وَالْحَمْلُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَمَّا إذَا رَكِبَ عَلَى مَوْضِعِ الْحَمْلِ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ هَكَذَا فِي الصُّغْرَى. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَرَكِبَ هُوَ وَحَمَّلَ آخَرَ مَعَ نَفْسِهِ إنْ سَلِمَتْ الدَّابَّةُ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كَمَلًا وَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ هَلَكَتْ الدَّابَّةُ مِنْ رُكُوبِهِمَا بَعْدَمَا بَلَغَ الْمَكَانَ الْمَشْرُوطَ

فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كَامِلًا وَضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ وَيَكُونُ لِلْمَالِكِ فِي ذَلِكَ الْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ ذَلِكَ الْغَيْرَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجَرَ لَا يَرْجِعُ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ مُسْتَأْجِرًا كَانَ أَوْ مُسْتَعِيرًا، وَإِنْ ضَمَّنَ ذَلِكَ الْغَيْرَ رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُسْتَأْجِرًا وَإِنْ كَانَ مُسْتَعِيرًا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ ثُمَّ فِي حَقِّ الضَّمَانِ يَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَخَفَّ أَوْ أَثْقَلَ قَالُوا وَإِنَّمَا يُضَمَّنُ نِصْفَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ رُكُوبَ اثْنَيْنِ أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُطِيقُ رُكُوبَ اثْنَيْنِ يُضَمَّنُ جَمِيعَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْجَبَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نِصْفَ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى الْقَادِسِيَّةِ فَأَرْدَفَ رَجُلًا خَلْفَهُ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَيْضًا بَعْدَ مَسْأَلَةِ الْقَادِسِيَّةِ بِكَثِيرٍ وَاعْتُبِرَ فِيهَا الْحَزْرُ وَالظَّنُّ وَفِي الْقُدُورِيِّ يَقُولُ الْمُسْتَأْجِرُ يَضْمَنُ النِّصْفَ سَوَاءٌ كَانَ الثَّانِي أَخَفَّ أَوْ أَثْقَلَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنْ يُعْتَبَرَ الْحَزْرُ وَالظَّنُّ فَإِنْ أَشْكَلَ يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ، وَإِنْ حَمَلَ عَلَيْهَا مَعَ نَفْسِهِ صَغِيرًا لَا يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُ الدَّابَّةِ وَلَا تَصْرِيفُهَا ضَمِنَ بِحِسَابِ مَا زَادَ ثُمَّ إذَا رَكِبَ وَحَمَلَ عَلَيْهَا مَعَ نَفْسِهِ حِمْلًا إنَّمَا يَضْمَنُ بِقَدْرِ مَا زَادَ إذَا رَكِبَ فِي غَيْرِ مَكَانِ الْحَمْلِ فَأَمَّا إذَا رَكِبَ عَلَى مَكَانِ الْحَمْلِ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةَ فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَقُولُ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَرَكِبَهَا وَحَمَلَ عَلَى عَاتِقِهِ غَيْرَهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ أَنْ يَرْكَبَ عَلَيْهَا مَعَ الْحَمْلِ أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ يَجِبُ جَمِيعُ الضَّمَانِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَلَبِسَ مِنْ الثِّيَابِ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ حِينَ اسْتَأْجَرَهَا فَإِنْ لَبِسَ مِنْ ذَلِكَ مِثْلَ مَا يَلْبَسُ النَّاسُ إذَا رَكِبُوا لَمْ يَضْمَنْ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ بِقَدْرِ مَا زَادَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً فَلَمَّا انْتَهَى إلَى الدَّارِ سَاقَهَا إلَى الدَّارِ وَدَخَلَ لِيَنْزِعَ لِبَاسًا زَائِدًا عَلَيْهِ فَخَرَجَتْ مِنْ الدَّارِ وَهَرَبَتْ وَخَرَجَ الرَّجُلُ وَلَمْ يَلْحَقْهَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ مَا تَرَكَ حِفْظَهَا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَحَبَسَهَا وَلَمْ يَرْكَبْ شَيْئًا فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَا يَضْمَنُ وَلَوْ حَبَسَهَا أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَلَا أَجْرَ لِلزِّيَادَةِ وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا كَانَ مُتَبَرِّعًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَزِفَّ عَلَيْهَا عَرُوسًا إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا لَيْلًا فَإِنْ كَانَ الْعَرُوسُ بِعَيْنِهَا وَبَيَّنَ الْمَكَانَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ كَانَ الْعَرُوسُ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ فَإِنْ أَرْكَبَ عَرُوسًا فِي الِاسْتِحْسَانِ يَعُودُ الْعَقْدُ جَائِزًا وَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى فَإِنْ حَبَسُوا الدَّابَّةَ حَتَّى أَصْبَحُوا مِنْ الْغَدِ هَلْ يَجِبُ الْأَجْرُ؟ إنْ كَانَ اسْتَأْجَرَ هَذِهِ الدَّابَّةَ لِرُكُوبِ عَرُوسٍ بِعَيْنِهَا فِي الْمِصْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ هَا لِرُكُوبِ عَرُوسٍ بِعَيْنِهَا خَارِجَ الْمِصْرِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَهَلْ يَصِيرُ ضَامِنًا بِالْحَبْسِ إنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الرُّكُوبِ خَارِجَ الْمِصْرِ يَصِيرُ ضَامِنًا بِهَذَا الْحَبْسِ، وَإِنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا بِهَذَا الْحَبْسِ، وَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرُوهَا لِرُكُوبِ عَرُوسٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ مَتَى حَبَسُوهَا سَوَاءٌ اسْتَأْجَرُوهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ أَوْ خَارِجِ الْمِصْرِ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِحَمْلِ عَرُوسٍ بِعَيْنِهَا فَأَرْكَبَ غَيْرَهَا صَارَ ضَامِنًا وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ سَلِمَتْ الدَّابَّةُ أَوْ هَلَكَتْ، وَإِنْ كَانَ لِحَمْلِ عَرُوسٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا لَمْ يَضْمَنْ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. تَكَارَى لِيَحْمِلَ إنْسَانًا فَحَمَلَ امْرَأَةً ثَقِيلَةً لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ اسْمَ الْإِنْسَانِ يَتَنَاوَلُهَا، وَإِنْ كَانَتْ ثَقِيلَةً بِحَيْثُ لَا تَحْمِلُهَا الدَّابَّةُ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ يَكُونُ إتْلَافًا لَا حَمْلًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَ فَأَرْكَبَ صَبِيًّا يَسْتَمْسِكُ ضَمِنَ الْكُلَّ وَكَذَا إذَا لَمْ يَسْتَمْسِكْ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. اكْتَرَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا امْرَأَةً فَوَلَدَتْ فَحَمَلَ وَلَدَهَا مَعَهَا يَضْمَنُ بِقَدْرِ الْوَلَدِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَلَدَتْ النَّاقَةُ فَحَمَلَ وَلَدَهَا مَعَ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ كَانَ وَلَدُ النَّاقَةِ مِلْكًا لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ حِمَارًا بِسَرْجٍ فَأَسْرَجَهُ بِسَرْجٍ لَا يُسْرَجُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ فَهُوَ ضَامِنٌ بِقَدْرِ مَا زَادَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَإِنْ كَانَ السَّرْجُ الثَّانِي أَخَفَّ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مِثْلَهُ فَلَا ضَمَانَ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ بِإِكَافٍ فَنَزَعَ ذَلِكَ الْإِكَافَ وَأَوْكَفَهُ بِإِكَافٍ هُوَ أَخَفُّ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مِثْلُهُ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ أَوْكَفَهُ بِإِكَافٍ هُوَ أَثْقَلُ ضَمِنَ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ حِمَارًا بِإِكَافٍ لِيَرْكَبَهُ فَنَزَعَ الْإِكَافَ وَأَسْرَجَهُ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا بِسَرْجٍ لِيَرْكَبَهُ فَحَمَلَ

عَلَيْهَا مَكَانُ السَّرْجِ إكَافًا وَرَكِبَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالُوا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ هُوَ ضَامِنٌ بِقَدْرِ مَا زَادَ وَجْهُ مَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ مُخَالِفٌ فِي الْكُلِّ صُورَةً وَمَعْنًى وَهَذَا إذَا كَانَتْ دَابَّةً تُوكَفُ بِمِثْلِ هَذَا الْإِكَافِ أَمَّا إذَا كَانَتْ دَابَّةً لَا تُوكَفُ أَصْلًا أَوْ لَا تُوكَفُ بِمِثْلِ هَذَا الْإِكَافِ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا عُرْيَانًا فَأَسْرَجَهُ وَرَكِبَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ قَالَ مَشَايِخُنَا إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُ الرُّكُوبُ إلَيْهِ إلَّا بِسَرْجٍ نَحْوُ أَنْ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ لَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْكَبَ فِي الْمِصْرِ وَالْمُسْتَأْجَرُ مِمَّنْ لَا يُرْكَبُ فِي الْمِصْرِ عُرْيَانًا فَلَا ضَمَانَ وَيَثْبُتُ الْإِذْنُ فِي الْإِسْرَاجِ فِي حَقِّهِ دَلَالَةً فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ مِمَّنْ يُرْكَبُ فِي الْمِصْرِ عُرْيَانًا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ ثُمَّ إذَا ضَمِنَ هَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ أَوْ بِقَدْرِ مَا زَادَ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْأَصْلِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ يَضْمَنُ جَمِيع الْقِيمَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِغَيْرِ لِجَامٍ فَأَلْجَمَهَا أَوْ كَانَتْ مُلْجَمَةً فَنَزَعَ وَأَبْدَلَهُ بِلِجَامٍ مِثْلِهِ وَرَكِبَ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَتْ تُرْكَبُ بِغَيْرِ لِجَامٍ فَأَلْجَمَهَا بِلِجَامٍ لَا تُلْجَمُ بِمِثْلِهِ كَانَ ضَامِنًا. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا كَبَحَ الدَّابَّةَ بِلِجَامِهَا أَيْ جَذَبَهَا إلَى نَفْسِهِ بِعُنْفٍ أَوْ ضَرَبَهَا فَعَطِبَتْ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَعَنْ إسْمَاعِيلَ الزَّاهِدِ قَالَ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فَضَرَبَهَا فَمَاتَتْ إنْ كَانَ يَضْرِبُهَا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا وَأَصَابَ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا، وَإِنْ أَصَابَ غَيْرَ الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِعَيْنِهِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. فَإِنْ عَنَّفَ فِي السَّيْرِ يَضْمَنُ إجْمَاعًا. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ إلَى الْكُوفَةِ فَجَاوَزَ بِهَا عَنْ الْكُوفَةِ مِقْدَارَ مَا لَا يُسَامِحُ فِيهِ النَّاسُ وَرَكِبَ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ أَوْ لَمْ يَرْكَبْ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْكُوفَةِ كَانَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ إلَى الْكُوفَةِ فَتَكُونُ الدَّابَّةُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ مَا لَمْ يَرُدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ فِي طَرِيقِ الْكُوفَةِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ وَهُوَ قَوْلُ صَاحِبَيْهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ هَلَكَ الْمُسْتَأْجَرُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَاسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ فَضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَتَهُ رَجَعَ عَلَى الْآخَرِ بِمَا ضَمِنَ. كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. جَامِعِ الْفَتَاوَى إذَا اسْتَأْجَرَ لِيَحْمِلَ عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ فَآجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عِشْرِينَ قَفِيزًا فَحَمَلَ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ فِي التَّضْمِينِ فَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي غَرَّهُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ إلَى هَمَذَانَ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ وَاَلَّذِي بَقِيَ أَشَدُّ يُقَسِّمُ الْكِرَاءَ عَلَى السُّهُولَةِ وَالشِّدَّةِ لِأَنَّهُ رُبَّ فَرْسَخٍ كِرَاؤُهُ دِرْهَمٌ وَرَبَّ فَرْسَخٍ كِرَاؤُهُ دِرْهَمَانِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَ إلَى مَوْضِعِ كَذَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا بِعَلْفِهَا حَتَّى فَسَدَتْ ثُمَّ رَجَعَ وَأَرْدَفَ غَيْرَهُ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِ الذَّهَابِ وَنِصْفُ أَجْرِ مِثْلِ الرُّجُوعِ لِأَنَّ فِي الرُّجُوعِ صَارَ غَاصِبًا فِي النِّصْفِ وَفِي النِّصْفِ فَاسِدٌ وَلَوْ هَلَكَتْ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ، وَإِنْ عَلَفهَا يَحْسُبُ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَانِ عَيَّنَهُ فَرَكِبَهَا إلَى مَكَانٍ آخَرَ يَضْمَنُ إذَا هَلَكَتْ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَقْرَبَ مِنْ الْأَوَّلِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَذْهَبَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَذَهَبَ بِهَا إلَى مَكَانٍ آخَرَ وَسَلِمَتْ الدَّابَّةُ أَوْ هَلَكَتْ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يُوجِبُ الْأَجْرَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إذَا تَمَكَّنَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ اسْتِيفَاءِ مَا هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ فَلَا أَلَا يَرَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ لِيَلْبَسَهُ وَغَصَبَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ هَذَا الْآخَرِ ثَوْبًا آخَرَ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَبِسَ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ دُونَ الثَّوْبِ الْمُسْتَأْجَرِ فَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الثَّوْبِ الْمُسْتَأْجَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا بِأَنْ كَانَ غَصَبَ رَجُلٌ الثَّوْبَ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا أَجْرَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَصْلًا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِمْلًا مُعَيَّنًا إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ فِي طَرِيقٍ بِعَيْنِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا يَحْمِلُ مَتَاعَهُ فِي طَرِيقٍ بِعَيْنِهِ فَأَخَذَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ يَسْلُكُهُ النَّاسُ فَهَلَكَتْ أَوْ الْمَتَاعُ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْأَجْرُ لِأَنَّ الطَّرِيقَيْنِ لَمَّا لَمْ يَتَفَاوَتَا لَمْ يُفِدْ تَعْيِينُهُ حَتَّى لَوْ أَخَذَ فِي طَرِيقٍ لَا يَسْلُكُونَهُ

أَوْ هُوَ مَخُوفٌ ضَمِنَ لِأَنَّ تَعْيِينَهُ مُفِيدٌ، وَإِنْ حَمَّلَهُ فِي الْبَحْرِ ضَمِنَ لِأَنَّ الْهَلَاكَ فِيهِ غَالِبٌ، وَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْأَجْرُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْخِلَافِ عِنْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْبِضَاعَةِ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ إلَى الْمَدِينَةِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ وَسَاقَهُ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ تَخَلَّفَ فِي الطَّرِيقِ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ اشْتَغَلَ بِالْحَدِيثِ مَعَ غَيْرِهِ فَذَهَبَ الْحِمَارُ وَضَاعَ إنْ لَمْ يَغِبْ الْحِمَارُ عَنْ بَصَرِهِ لَا يَضْمَنُ فَإِنْ غَابَ ضَمِنَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ فَبَعَثَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ رَجُلًا مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ فَتَشَاغَلَ الْمَبْعُوثُ فِي الطَّرِيقِ بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ وَذَهَبَ الْمُسْتَأْجِرُ وَحْدَهُ بِالدَّابَّةِ فَضَاعَتْ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّجُلِ الْمَبْعُوثِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَانٍ بِعَيْنِهِ فَلَمَّا سَارَ بَعْضَ طَرِيقٍ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ وَجَحَدَ اسْتِئْجَارَهَا وَصَاحِبُهَا يَدَّعِي الْإِجَارَةَ فَلَوْ نَفَقَتْ مِنْ رُكُوبِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ نَفَقَتْ قَبْلَ الرُّكُوبِ ضَمِنَ وَلَوْ انْقَضَتْ الْمَسَافَةُ فَجَاءَ بِهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَتَلِفَتْ يَضْمَنُ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا قَبْلَ جُحُودِهِ وَسَقَطَتْ عَنْهُ أُجْرَةُ مَا بَعْدَ جُحُودِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْجَمِيعِ. كَذَا فِي الْكُبْرَى. قَالَ وَإِذَا عَطِبَتْ الدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَوْ الْعَبْدُ الْمُسْتَأْجَرُ عِنْدَ مُسْتَأْجِرِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا خِلَافٍ وَلَا جِنَايَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَبَطَلَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ فَاتَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ طَعَامًا إلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ حَمَلَ عَلَيْهَا فِي الرُّجُوعِ قَفِيزَيْنِ مِنْ الْمِلْحِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ فَمَاتَتْ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَفِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ بَعِيرًا وَأَمَرَهُ أَنْ يُكْرِيَهُ وَيَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِالْكِرَاءِ فَعَمِيَ الْبَعِيرُ فِي يَدِهِ فَبَاعَهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ بَاعَ الْبَعِيرَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى الْحَاكِمِ فَيَأْمُرُهُ بِالْبَيْعِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْبَعِيرِ وَلَا فِي ثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ أَنْ يَسْتَطِيعَ إمْسَاكَهُ أَوْ يَسْتَطِيعَ رَدَّهُ أَعْمَى فَهُوَ ضَامِنٌ لَقِيمَتِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَسُئِلَ عَمَّنْ آجَرَ دَابَّةً مِنْ آخَرَ لِيَحْمِلَ شَيْئًا مَعْلُومًا إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَذْهَبْ هُوَ مَعَ الدَّابَّةِ لَكِنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَذْهَبَ مَعَ الدَّابَّةِ ثُمَّ يَرْجِعَ بِهَا وَقَالَ لَهُ ارْجِعْ بِهَا إلَيَّ مَعَ الْعِيرِ فَوَصَلَ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَقْصُودِ وَرَجَعَتْ الْعِيرُ وَتَخَلَّفَ هَذَا الْأَجِيرُ فَاسْتَعْمَلَ هَذِهِ الدَّابَّةَ أَيَّامًا فِي عَمَلِ نَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ بِهَا مَعَ عِيرٍ أُخْرَى فَأُغِيرَ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ هَلْ يَضْمَنُ الْأَجِيرُ قَالَ نَعَمْ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ خَالَفَ حِينَ اسْتَعْمَلَهَا فَيَضْمَنُ وَالْأَجِيرُ إذَا خَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ لَا يَبْرَأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ مَعَ الْعِيرِ الْأُولَى لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ مَعَ الْعِيرِ وَلَمْ يَقُلْ هَذِهِ الْعِيرُ فَوَجَبَ إجْرَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ وَقَدْ رَجَعَ مَعَ الْعِيرِ فَلَا يَضْمَنُ كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً مِنْ مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ إلَى مَنْزِلِهِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ وَكَانَ يَحْمِلُ الْحِنْطَةَ إلَى مَنْزِلِهِ وَفِي الذَّهَابِ إلَى مَوْضِعِ الْحِنْطَةِ ثَانِيًا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ قِيمَةَ الدَّابَّةِ وَقِيلَ يَضْمَنُ إنْ لَمْ تَكُنْ الْعَادَةَ فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ الرُّكُوبَ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا يَحْمِلُ عَلَيْهِ عِشْرِينَ وِقْرًا مِنْ التُّرَابِ إلَى أَرْضِهِ بِدِرْهَمٍ وَلَهُ فِي أَرْضِهِ لَبِنٌ وَكُلَّمَا عَادَ حَمَلَ عَلَيْهِ وِقْرًا مِنْ لَبِنٍ فَإِنْ هَلَكَ فِي الْعَوْدِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَلَا أَجْرَ، وَإِنْ سَلِمَ حَتَّى تَمَّ الْعَمَلُ فَعَلَيْهِ تَمَامُ الْأَجْرِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَحْمِلَ كَذَا حِمْلًا فَزَادَ عَلَى مَا سَمَّى وَحَمَلَ الْحُمُولَةَ إلَى مَكَانِهَا وَجَاءَ بِالْحِمَارِ سَلِيمًا فَضَاعَ قَبْلَ رَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ نُظِرَ إلَى مَا زَادَ فَيَضْمَنُ مِنْ قِيمَةِ الْحِمَارِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ هَكَذَا فِي الْكُبْرَى. وَسُئِلَ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ السِّرْقِينَ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَالْحِمَارُ ضَعِيفٌ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى الْحَمْلِ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ يَقْوَى وَاحْمِلْ عَلَيْهِ حِمْلَ مِثْلِهِ فَبَعَثَ فَأَصَابَتْ رِجْلَهُ آفَةٌ قَالَ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ. وَفِي الْمُنْتَقَى اسْتَأْجَرَ غُلَامًا شَهْرًا بِعَشَرَةٍ فِي الْخِيَاطَةِ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي اللَّبِنِ لِيُلَبِّنَهُ بِعَشَرَةٍ فَعَطِبَ فِي ذَلِكَ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَعْطَبْ فِي ذَلِكَ حَتَّى رَدَّهُ إلَى الْخَيَّاطِ فَعَطِبَ فِيهَا فَلَا ضَمَانَ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا مَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَجَاوَزَ ذَلِكَ الْمَكَانَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ جَاءَ

بِدَابَّةٍ إلَى بَيْطَارٍ وَقَالَ اُنْظُرْ فِيهَا فَإِنَّ بِهَا عِلَّةً فَنَظَرَ فِيهَا فَقَالَ تَحْتَ أُذُنِهَا عِلَّةٌ يُقَالُ لَهَا فَأْرَةٌ يُعْنَى (مُوَشٍّ) فَأَمَرَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ بِإِخْرَاجِهَا فَأَخْرَجَ ذَلِكَ بِأَمْرِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ فَمَاتَتْ الدَّابَّةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبَيْطَارِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. صَيْرَفِيٌّ أَفْقَدَ دَرَاهِمَ رَجُلٍ بِأَجْرٍ فَإِذَا فِيهَا زُيُوفٌ أَوْ سَتُّوقَةٌ لَا يَضْمَنُ الصَّيْرَفِيُّ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ حَقًّا عَلَى صَاحِبِ الدَّرَاهِمِ، وَإِنَّمَا أَوْفَى بَعْضَ الْعَمَلِ وَهُوَ تَمْيِيزُ الْبَعْضِ فَيَرُدُّ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ الْكُلُّ زُيُوفًا يَرُدُّ كُلَّ الْأَجْرِ فَإِنْ كَانَ الزُّيُوفُ نِصْفًا فَيُنَصِّفُ الْأَجْرَ وَيَرُدُّ الزُّيُوفَ عَلَى الدَّافِعِ فَإِنْ أَنْكَرَ الدَّافِعُ وَقَالَ هَذَا لَيْسَ مَا اتَّخَذْت مِنِّي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآخِذِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ أَخْذَ غَيْرِهَا وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْآخِذُ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ حِقَّةٍ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ الْجِيَادِ فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ الْبَعْضَ بِعَيْبِ الزُّيُوفَةِ وَأَنْكَرَ الدَّافِعُ أَنْ يَكُونَ دَرَاهِمَهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَسُئِلَ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ وَرَّاقًا لِيَكْتُبَ لَهُ مُصْحَفًا وَيَنْقُطَهُ وَيُعَشِّرَهُ بِكَذَا وَيُعْجِمَهُ فَأَخْطَأَ فِي بَعْضِ النُّقَطِ وَالْعَوَاشِرِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ فَالدَّافِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَلَا يَتَجَاوَزُ بِهِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ عَلَيْهِ وَأَخَذَ مَا أَعْطَاهُ، وَإِنْ وَافَقَهُ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ أَعْطَاهُ حِصَّةَ مَا وَافَقَ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَا خَالَفَ مِنْ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ أَمَرَ رَجُلًا لِيَصْبُغَ ثَوْبَهُ بِالزَّعْفَرَانِ أَوْ بِالْبَقْمِ فَصَبَغَهُ بِصِبْغٍ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ كَانَ لِرَبِّ الثَّوْبِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ وَتَرْكُ ثَوْبِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى، وَإِنْ صَبَغَهُ بِمَا أَمَرَهُ إلَّا أَنَّهُ خَالَفَ فِي الْوَصْفِ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَصْبُغَهُ بِرُبْعِ قَفِيزِ عُصْفُرٍ فَصَبَغَهُ بِقَفِيزِ عُصْفُرٍ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ رَبَّ الثَّوْبِ خُيِّرَ رَبُّ الثَّوْبِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ مِنْ الْعُصْفُرِ مَعَ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ خَاتَمًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْقُشَ اسْمَهُ فِي الْفَصِّ فَنَقَشَ اسْمَ غَيْرِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً إنْ شَاءَ صَاحِبُ الْخَاتَمِ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْخَاتَمِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ مِثْلَ أَجْرِ عَمَلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى وَكَذَا إذَا دَفَعَ إلَى نَجَّارٍ بَابًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْقُشَهُ كَذَا فَفَعَلَ غَيْرَ مَا أَمَرَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ وَافَقَ أَمْرَهُ إلَّا قَلِيلًا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُحَمِّرَ لَهُ بَيْتًا فَخَضَّرَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَعْطَاهُ مَا زَادَتْ الْخُضْرَةُ فِيهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَلَكِنْ يَسْتَحِقُّ قِيمَةَ الصِّبْغِ الَّذِي زَادَ فِي الْبَيْتِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَنْقُشَ بَابَهُ أَوْ جِدَارَهُ أَحْمَرَ فَنَقَشَهُ أَخْضَرَ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصِّبْغُ فِيهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَلَوْ أَمَرَ النَّجَّارَ يُسْمِكَ لَهُ سَمْكَ بَيْتِهِ فَأَسْمَكَهُ وَأَقَامَهُ عَلَى حَالِهِ ثُمَّ سَقَطَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ فَلَهُ الْأَجْرُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَقَطَ كَمَا قَامَ مِنْ عَمَلِهِ وَتَكَسَّرَتْ الْأَجْذَاعُ فَلَا ضَمَانَ وَلَا أَجْرَ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا حِنْطَةً فَزَرَعَهَا رَطْبَةً ضَمِنَ مَا نَقَصَهَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَلَوْ قَالَ اقْطَعْهُ قَمِيصًا فَخَاطَهُ قَبَاءً أَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَخِيطَهُ رُومِيًّا فَخَاطَهُ فَارِسِيًّا فَإِنْ شَاءَ رَبُّ الثَّوْبِ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَتَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَلَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى وَلَوْ خَاطَ سَرَاوِيلَ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ إلَى الضَّمَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ لِأَنَّهُ وَافَقَ أَمْرَهُ فِي أَصْلِ الْخِيَاطَةِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ شَيْئًا لِيَضْرِبَ لَهُ طَسْتًا مَوْصُوفًا فَضَرَبَ لَهُ كُوزًا قَالَ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَ مَا شَبَهِهِ وَيَصِيرُ الْكُوزُ لِلْعَامِلِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا دَفَعَ إلَى حَائِكٍ غَزْلًا يَنْسِجُهُ سَبْعًا فِي أَرْبَعٍ فَحَاكَهُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ شَرْطُهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ مِثْلَ غَزْلِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَائِكِ فِي مِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ لَكِنْ فِي الزِّيَادَةِ لَا يُعْطِي بِالزِّيَادَةِ شَيْئًا لِأَنَّهُ نَسَجَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَفِي النُّقْصَانِ يُعْطِيهِ أَجْرَ مِثْلِ مَا جَاءَ بِهِ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى يُرِيدُ بِهِ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ الْمُسَمَّى وَتَفْسِيرُهُ أَنَّهُ أَمَرَهُ سَبْعًا فِي أَرْبَعٍ وَمُكَسِّرُهُ ثَمَانٌ وَعِشْرُونَ وَمَا جَاءَ بِهِ سَبْعٌ فِي ثَلَاثٍ وَهُوَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ فَالنُّقْصَانُ بِالرُّبْعِ يُنْقِصُ عَنْ الْمُسَمَّى رُبْعَهُ فَيَجِبُ أَجْرُ مِثْلِ مَا جَاءَ بِهِ وَلَا يُزَادُ بِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ

اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ أَمْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ وَيَتَخَيَّرُ إنْ خَالَفَهُ فِي الشَّرْطِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. (مردى ريسمان قزبيا فنده دادتا كرباس بافد بافنده بَعْض ازين ريسمان قزبر داشت وريسمان ينبه دراورد) فَلَوْ نَسَجَ الثَّوْبَ وَعَلِمَ صَاحِبُ الثَّوْبِ بِمَا صَنَعَهُ الْحَائِكُ فَالثَّوْبُ لِلْحَائِكِ (وجذاوند ريسمان ازبا فنده مِثْل ريسمان خَوْد طَلَب كند) لِأَنَّ الْحَائِكَ يَصِيرُ غَاصِبًا حَيْثُ خَلَطَ غَزْلَهُ بِغَزْلِ الْآخَرِ خَلْطًا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ التَّمْيِيزُ أَوْ كَانَ يُمْكِنُ وَلَكِنْ بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ فَيَضْمَنُ عَزْلَ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَيَكُونُ الثَّوْبُ لَهُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. دَفَعَ إلَى حَائِكٍ نَوْعَيْنِ مِنْ الْغَزْلِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْسِجَ أَحَدَهُمَا أَرَقَّ وَالْآخَرَ أَغْلَطَ فَخَلَطَ الْحَائِكُ خَلْطًا وَنَسَجَهُمَا وَاحِدًا يَضْمَنُ مِثْلَ غَزْلِهِ وَالْمَنْسُوجُ لَهُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى نَسَّاجٍ نَوْعَيْنِ مِنْ الْغَزْلِ أَحَدُهُمَا أَرَقُّ مِنْ الْآخَرِ (وَفَرَّ مودش كه أَيْنَ بَارِّيك صراششصدي باف واين سطبر رَابَا نصدى) فَخَلَطَ النَّسَّاجُ وَنَسَجَ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ صَارَ الْكِرْبَاسُ لِلنَّسَّاجِ بِالْخِلَافِ وَيَضْمَنُ الْحَائِكُ مِثْلَ غَزْلِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَكَّارٍ قَالَ لَهُ صَاحِبُ الضَّيْعَةِ أَخْرِجْ هَذِهِ الْحِنْطَةَ إلَى الصَّحْرَاءِ وَهَذَا الْجَوْزَ فَإِنَّهُ رُطَبٌ حَتَّى لَا يَفْسُدُ فَتَسَوَّفَ فِي ذَلِكَ وَتَرَكَهُ حَتَّى فَسَدَ قَالَ إنْ قَبِلَ الْأَكَّارُ مِنْ صَاحِبِ الضَّيْعَةِ هَذَا وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى فَسَدَ ضَمِنَ فِي الْجَوْزِ، وَإِنْ كَانَتْ حِنْطَةً يَغْرَمُ قِيمَتَهَا وَالْفَاسِدُ لَهُ قَالَ الْفَقِيهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ الرُّطَبِ مِثْلَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْمِثْلِ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ جَاءَ إلَى خَيَّاطٍ بِثَوْبٍ فَقَالَ لِلْخَيَّاطِ اُنْظُرْ إلَى هَذَا الثَّوْبِ إنْ كَفَانِي قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ وَخِطْهُ بِدِرْهَمٍ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ اقْطَعْهُ فَإِذَا هُوَ لَا يَكْفِيهِ لَمْ يَضْمَنْ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ اُنْظُرْ إلَى هَذَا الثَّوْبِ أَيَكْفِينِي قَمِيصًا فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَاقْطَعْهُ أَوْ قَالَ اقْطَعْهُ إذًا فَلَمَّا قَطَعَهُ إذَا لَا يَكْفِيهِ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْكُتُبِ وَحَكَى عَنْ الْفَقِيه أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ قَالَ لَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا دَفَعَ إلَى الْخَيَّاطِ ثَوْبًا وَقَالَ اقْطَعْهُ حَتَّى يُصِيبَ الْقَدُومَ وَكُمُّهُ خَمْسَةُ أَشْبَارٍ وَعَرْضُهُ كَذَا فَجَاءَ بِهِ نَاقِصًا قَالَ إنْ كَانَ قَدْرَ أُصْبُعٍ وَنَحْوِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ يَضْمَنُهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. تَرَكَ الْحِمَارَ عَلَى الْبَابِ وَدَخَلَ الْمَنْزِلَ لِيَأْخُذَ خَشَبَ الْحِمَارِ وَضَاعَ إنْ لَمْ يَغِبْ عَنْ بَصَرِهِ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ غَابَ إنْ مَوْضِعًا لَا يُعَدُّ تَضْيِيعًا كَأَنْ كَانَتْ السِّكَّةُ غَيْرَ نَافِذَةٍ أَوْ بَعْضَ الْقُرَى لَا يَضْمَنُ فَإِنْ عُدَّ تَضْيِيعًا ضَمِنَ. رَبَطَ الْحِمَارَ عَلَى بَابِهِ وَدَخَلَ الدَّارَ لِيَأْخُذَ شَيْئًا أَوْ الْمَسْجِدَ فَهَذَا وَتَرْكُ الرَّبْطِ سَوَاءٌ فَيَضْمَنُ فِي الْمُخْتَارِ ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا فَحَمَلَ عَلَيْهِ وَلَهُ حِمَارٌ آخَرُ فَحَمَلَ عَلَيْهِ أَيْضًا فَلَمَّا سَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ سَقَطَ حِمَارُهُ فَاشْتَغَلَ بِهِ فَذَهَبَ الْحِمَارُ الْمُسْتَأْجَرُ أَوْ هَلَكَ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ اتَّبَعَ الْحِمَارَ الْمُسْتَأْجَرَ هَلَكَ حِمَارُهُ أَوْ مَتَاعُهُ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ الْبَقَرَةَ إذَا نَدَّتْ مِنْ السَّرْجِ وَتَرَكَ الْأَجِيرُ إتْبَاعَهَا لِئَلَّا يُضَيِّعَ الْبَاقِيَ فَهَلَكَتْ الَّتِي نَدَّتْ لَا يَضْمَنُ. قُلْت وَفِي إجَارَةِ الذَّخِيرَةِ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ حِمَارَيْنِ فَاشْتَغَلَ بِحِمْلِ أَحَدِهِمَا فَضَاعَ الْآخَرُ إنْ غَابَ عَنْ بَصَرِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ إنْ غَابَ عَنْ بَصَرِهِ فَهَلَكَ فَتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي فَتَاوَى الْأَصْلِ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا فَضَلَّ فِي الطَّرِيقِ فَتَرَكَهُ وَلَمْ يَطْلُبْهُ حَتَّى ضَاعَ قَالَ إنْ ذَهَبَ الْحِمَارُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِهِ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ فَإِذَا عَلِمَ فَطَلَبَهُ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَكَانَ آيِسًا مِنْ وُجُودِهِ وَلَوْ طُلِبَ بِالْقُرْبِ فِي حَوَالَيْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي ذَهَبَ مِنْهَا لَا ضَمَانَ، وَإِنْ ذَهَبَ وَهُوَ يَرَاهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ يُرِيدُ بِهِ إذَا غَابَ عَنْ بَصَرِهِ وَعَلَى هَذَا مُسْتَأْجِرُ الْحِمَارِ إذَا جَاءَ بِالْحِمَارِ إلَى الْخَبَّازِ وَتَرَكَ الْحِمَارَ وَاشْتَغَلَ بِشِرَاءِ الْخُبْزِ فَضَاعَ الْحِمَارُ إنْ غَابَ عَنْ بَصَرِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ لَمْ يَغِبْ عَنْ بَصَرِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ رَبَطَ الْحِمَارَ عَلَى آرِيٍّ فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَلَيْسَ لَهُ مَنْزِلٌ فِي تِلْكَ السِّكَّةِ وَلَا بِقَرِيبِهِ إنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْكَبَ

بِنَفْسِهِ وَضَاعَ ضَمِنَ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ مُطْلَقًا وَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ يَرْكَبُ وَهُنَاكَ قَوْمٌ نِيَامٌ لَيْسُوا فِي عِيَالِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا مِنْ أُجَرَائِهِ إنْ لَمْ يَسْتَحْفِظْهُمْ ضَمِنَ إنْ ضَاعَ، وَإِنْ اسْتَحْفَظَهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ وَقَبِلُوا حِفْظَهُ وَكَانَ الْأَغْلَبُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ نَوْمَ مَنْ يَحْفَظُ الدَّوَابَّ فِيهِ لَا يَكُونُ إضَاعَةً لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْضِعًا عُدَّ نَوْمُ مَنْ يَحْفَظُ الدَّوَابَّ إضَاعَةً ضَمِنَ يَعْنِي إذَا لَمْ يَسْتَحْفِظْهُمْ فَأَمَّا إذَا اسْتَحْفَظَهُمْ وَقَبِلُوا حِفْظَهُ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي قَبِلَ الْحِفْظَ لَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا أَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَحْفَظَ الدَّابَّةَ فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ الْأَجِيرِ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَ بِنَفْسِهِ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الرَّاكِبَ فَلَا ضَمَانَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا فَوَقَّفَهُ لِيُصَلِّيَ الْفَجْرَ فَذَهَبَ الْحِمَارُ أَوْ انْتَهَبَهُ إنْسَانٌ فَإِنْ رَآهُ يُنْتَهَبُ أَوْ يَذْهَبُ وَلَمْ يَقْطَعْ الصَّلَاةَ ضَمِنَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إنْ اشْتَغَلَ بِالصَّلَاةِ فِي الطَّرِيقِ وَالْحِمَارُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَضَاعَ فَإِنْ غَابَ عَنْ بَصَرِهِ وَلَمْ يَقْطَعْ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ ضَمِنَ وَأَنْ لَمْ يَغِبْ عَنْ بَصَرِهِ حَتَّى ضَاعَ لَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ. وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ أَمَرَ آخَرَ أَنْ يَسْتَكْرِيَ حِمَارًا وَيَذْهَبَ إلَى مَوْضِعِ كَذَا حَتَّى يُوفِيَ الْآمِرُ الْأَجْرَ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ وَأَدْخَلَ الْمَأْمُورُ فِي الطَّرِيقِ الْحِمَارَ فِي رِبَاطٍ فَهَجَمَ اللُّصُوصُ وَاسْتَوْلَوْا عَلَى الْحِمَارِ قَالَ لَا ضَمَانُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الرِّبَاطُ عَلَى الطَّرِيقِ الَّذِي كَانَ مَمَرُّ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ إنْ كَانَ فَرَغَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ. كَذَا فِي الْحَاوِي. اسْتَأْجَرَ رَجُلًا وَدَفَعَ لَهُ حِمَارًا وَخَمْسِينَ لِيَشْتَرِيَ شَيْئًا لِلتِّجَارَةِ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَذَهَبَ وَاشْتَرَى وَأَخَذَ الظَّالِمُ حُمُرَ الْقَافِلَةِ فَذَهَبَ الْبَعْضُ خَلْفَ الْحِمَارِ وَلَمْ يَذْهَبْ الْبَعْضُ وَالْأَجِيرُ فَمَنْ ذَهَبَ بَعْضُهُ اسْتَرَدَّ وَالْبَعْضُ لَا فَإِنْ كَانَ الَّذِينَ اسْتَرَدُّوا يَلُومُونَ الَّذِينَ لَمْ يَذْهَبُوا ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ الَّذِينَ ذَهَبُوا لَا يَلُومُونَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحَمُّلِ الْمَتَاعِبِ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ تَوَجَّهَ إلَى الْقَافِلَةِ الْقُطَّاعُ فَأَلْقَى الْمُكَارِي الْمَتَاعَ وَذَهَبَ بِحِمَارِهِ فَأَخَذَ الْقُطَّاعُ الْقُمَاشَ إنْ كَانَ يَعْلَمُ لَوْلَا الْفِرَارُ بِالْحِمَارِ لَأَخَذُوا الْحِمَارَ مَعَ الْقُمَاشِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْفِرَارُ مَعَ الْقُمَاشِ وَالْحِمَارِ وَتَرَكَ الْقُمَاشَ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَذْهَبَ بِهَا إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَأُخْبِرَ أَنَّ فِي الطَّرِيقِ لُصُوصًا فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى ذَلِكَ فَذَهَبَ فَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ وَذَهَبُوا بِالدَّابَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ إنْ كَانَ النَّاسُ يَسْلُكُونَ هَذَا الطَّرِيقَ مَعَ هَذَا الْخَبَرِ بِدَوَابِّهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. جَمَاعَةٌ آجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِمَارَهُ مِنْ إنْسَانٍ سَلَّمُوا إلَيْهِ ثُمَّ قَالُوا لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ اذْهَبْ أَنْتَ مَعَهُ تَتَعَاهَدُ الْحُمُرَ فَذَهَبَ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ قِفْ هُنَا مَعَ الْحُمُرِ حَتَّى أَذْهَبَ بِحِمَارٍ وَاحِدٍ وَأَخَذَ الْجُوَالِقَ فَذَهَبَ بِالْحِمَارِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُتَعَاهَدِ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ لِأَنَّهُمْ أَمَرُوهُ بِتَعَاهُدِ مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ اكْتَرَى حِمَارًا مِنْ كش إلَى بُخَارَى فَعَيِيَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ وَصَاحِبُ الْحِمَارِ كَانَ بِبُخَارَى فَأَمَرَ الْمُكْتَرِي رَجُلًا أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْحِمَارِ فِي عَلْفِهِ كُلَّ يَوْمٍ مِقْدَارًا مَعْلُومًا وَسَمَّى لَهُ الْأَجْرَ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْحِمَارِ فَأَمْسَكَ الْحِمَارَ أَيَّامًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ قَالُوا إنْ كَانَ الْمُكْتَرِي اكْتَرَاهُ لِرُكُوبِ نَفْسِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ اكْتَرَاهُ وَلَمْ يُسَمِّ الرُّكُوبَ لَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ فَرَسَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى قَرْيَتِهِ وَيُوصِلَهُ إلَى وَلَدِهِ فَذَهَبَ بِهِ وَسَارَ مَرْحَلَةً ثُمَّ إنَّهُ ذَهَبَ وَسَيَّبَ الْفَرَسَ فِي رِبَاطٍ وَمَضَى لِوَجْهِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَمَرَّ عَلَى الرِّبَاطِ فَعَرَفَ الْفَرَسَ فَاسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَذَهَبَ الْأَجِيرُ بِالْفَرَسِ فَهَلَكَ الْفَرَسُ فِي الطَّرِيقِ فَضَمَانُ الْفَرَسِ عَلَى مَنْ يَجِبُ قَالَ لَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ ضَامِنٌ لِتَسْيِيبِهِ وَأَمَّا مُسْتَأْجِرُ الْأَجِيرِ الَّذِي ذَهَبَ بِالْفَرَسِ إلَى مَنْزِلِهِ إنْ كَانَ لَمْ يَأْخُذْ الْفَرَسَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ

وَإِنْ أَخَذَهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى الْأَجِيرِ فَإِنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَكَانَ الْأَجِيرُ مَنْ فِي عِيَالِهِ لَا ضَمَانَ أَيْضًا، وَإِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ أَوْ أَشْهَدَ لَكِنَّ الْأَجِيرَ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ ضَمِنَ وَأَمَّا الْأَجِيرُ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهَذَا الْجَوَابُ فِي حَقِّ الْأَجِيرِ مُشْكِلٌ إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَ لِيَرُدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ وَالْأَجِيرُ فِي عِيَالِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ سَلَّمَ ذَلِكَ الْفَرَسَ فِي ذَلِكَ الرِّبَاطِ إلَى أَبْنِ أَخِي صَاحِبِ الْفَرَسِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَإِذَا ضَمِنَ الْأَجِيرُ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى (خُرَّ كرىدر رَاهَ بِمَا ندكري كيرنده رَفَّتْ وخراما ندخداوند خربا خرنبور) فَأَخَذَ اللُّصُوصُ الْحِمَارَ وَذَهَبُوا بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَكْرِي وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُكَارِي مَعَ الْحِمَارِ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَكْرِيَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَذَهَبَ الْمُكَارِي وَتَرَكَ الْحِمَارَ فَأَخَذَ اللُّصُوصُ الْحِمَارَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكَارِي قَالُوا هَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ لَلْمُكَارِي حَمْلُ الْمَتَاعِ عَلَى دَابَّةٍ أُخْرَى فَأَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ فَلَمْ يَحْمِلْ كَانَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا وَذَهَبَ مَعَ حِمَارِهِ إلَى الْبَلَدِ فَأَخَذَ الْعِوَانُ حِمَارَهُ الْمَمْلُوكَ فَاشْتَغَلَ بِتَخْلِيصِهِ مِنْ يَدِهِ وَتَرَكَ الْمُسْتَأْجَرَ وَضَاعَ لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ الْعَوَانَ قَالَ قَاضِي خَانْ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا قَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَنْقُلَ التُّرَابَ مِنْ خَرِبَةٍ فَأَخَذَ فِي النَّقْلَةِ فَانْهَدَمَتْ الْخَرِبَةُ وَهَلَكَ الْحِمَارُ إنْ انْهَدَمَتْ مِنْ مُعَالَجَةِ الْمُسْتَأْجِرِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْحِمَارِ، وَإِنْ انْهَدَمَتْ مِنْ غَيْرِ مُعَالَجَتِهِ بَلْ لِرَخَاوَةٍ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَنْقُلَ عَلَيْهِ الشَّوْكَ فَذَهَبَ فِي سِكَّةٍ فِيهَا نَهْرٌ جَارٍ فَبَلَغَ مَوْضِعًا ضَيِّقًا فَضَرَبَ الْحِمَارَ فَوَقَعَ فِي النَّهْرِ مَعَ الْحِمْلِ وَاشْتَغَلَ الْمُسْتَأْجِرُ بِقَطْعِ الْحَبْلِ فَهَلَكَ الْحِمَارُ قَالُوا إنْ كَانَ الْمَوْضِعُ ضَيِّقًا لَا تَسِيرُ فِيهِ الْحُمُرُ وَعَلَيْهَا أَحْمَالُهَا كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَ مَوْضِعًا تَسِيرُ فِيهِ الْحُمُرُ وَعَلَيْهَا أَحْمَالُهَا وَيُتَجَاوَزُ فَإِنْ عَنَّفَ عَلَيْهِ الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى وَثَبَ الْحِمَارُ مِنْ ضَرْبِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ وَقَعَ لَا مِنْ ضَرْبِهِ وَتَعْنِيفِهِ لَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَنْقُلَ عَلَيْهِ الْحَطَبَ مِنْ الْكَرْمِ وَكَانَ يَنْقُلُ عَلَيْهِ الْحَطَبَ وَيُوقِرُهُ كَمَا يُوقَرُ مِثْلُهُ فَصُدِمَ الْحِمَارُ عَلَى حَائِطٍ وَوَقَعَ فِي النَّهْرِ وَهَلَكَ إنْ لَمْ يُعَنِّفْ عَلَيْهِ فِي السَّوْقِ بَلْ سَاقَ مِثْلَ مَا يَسُوقُ النَّاسُ مِثْلَ ذَلِكَ الْحِمَارِ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهِ الْحَطَبَ إلَى الْمِصْرِ فَصَدَمَ الْحِمَارُ حَائِطًا فَوَقَعَ فِي النَّهْرِ فَعَطِبَ فَإِنْ كَانَ يُمِرَّ وِقْرَ الْحَطَبِ سَالِمًا غَالِبًا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَلَّمَا يَسْلَمُ ضَمِنَ وَكَذَا إذَا سَاقَهُ عَلَى قَنْطَرَةٍ ضَيِّقَةٍ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. مُسْتَأْجَرُ الْحِمَارِ قَبَضَهُ وَأَرْسَلَهُ فِي كَرْمِهِ مَعَ بَرْذَعَتِهِ فَسَرَقَ الْبَرْذعَةَ وَأَثَّرَ فِيهِ الْبَرْدُ وَمَرِضَ وَمَاتَ مِنْهُ فِي يَدِ الْمَالِكِ إنْ كَانَ الْكَرْمُ حَصِينًا بِأَنْ يَكُونَ لَهُ حَائِلٌ رَفِيعٌ لَا يَقَعُ بَصَرُ الْمَارِّ عَلَى الْكَرْمِ وَلَهُ بَابٌ مُغْلَقٌ فَإِنْ عُدِمَ وَاحِدٌ لَمْ يَكُنْ حَصِينًا وَالْبَرْدُ لَا يَضُرُّهُ مَعَ الْبَرْذَعَةِ لَا يَضْمَنُ الْبَرْذَعَةَ وَالْحِمَارَ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يَضُرُّهُ مَعَ الْبَرْذَعَةِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْحِمَارِ لَا الْبَرْذَعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَصِينًا وَيَضُرُّهُ مَعَ الْبَرْذَعَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهُمَا، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَضُرُّ مَعَ الْبَرْذَعَةِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْبَرْذَعَةِ لَا الْحِمَارِ وَيَضْمَنُ نُقْصَانَ الْحِمَارِ إلَى وَقْتِ الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. غَصَبَ الْحِمَارَ الْمُسْتَأْجَرَ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَقْدِرُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ بَعْدَ التَّبَيُّنِ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى ضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. زَرْعٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ حَصَدُوهُ ثُمَّ اسْتَأْجَرَ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ حِمَارًا مِنْ رَجُلٍ لِيَنْقُلَ عَلَيْهِ الْحَصَائِدَ فَقَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ الْحِمَارَ وَدَفَعَهُ إلَى شَرِيكِهِ لِيَنْقُلَ عَلَيْهِ الْحَصَائِدَ فَعَطِبَ الْحِمَارُ عِنْدَ الْمُسْتَعْمِلِ وَكَانَ الْمُعْتَادُ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَحَدُهُمْ الْحِمَارَ أَوْ الْبَقَرَ وَيَسْتَعْمِلَهُ هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. اسْتَأْجَرَ قَبَّانًا لِيَزِنَ بِهِ الْحِمْلَ وَكَانَ فِي عَمُودِهِ عَيْبٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ فَوَزَنَ بِهِ وَانْكَسَرَ إنْ كَانَ يُوزَنُ مِثْلُ ذَلِكَ الْحِمْلِ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْقَبَّانِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ وَهَذَا إذَا لَمْ يُعْلِمْ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجِرَ بِذَلِكَ الْعَيْبِ أَمَّا إذَا أَعْلَمَ فَقَدْ أَذِنَ لَهُ بِأَنْ يُوزِنَ بِهِ الْقَدْرَ الَّذِي يُوزَنُ فِيهِ بِدُونِ ذَلِكَ الْعَيْبِ فَإِذَا وَزَنَ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَالَ فَخْرُ الدِّينِ وَبِهِ يُفْتِي هَكَذَا فِي الْكُبْرَى. وَفِي بُيُوعِ

الباب الثامن والعشرون في بيان حكم الأجير الخاص والمشترك وهو مشتمل على فصلين

الْمُنْتَقَى اسْتَأْجَرَ قِدْرًا فَلَمَّا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ رَدَّهَا إلَى الْمَالِكِ فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ قِدْرًا فَلَمَّا فَرَغَ حَمَلَهُ عَلَى الْحِمَارِ وَذَهَبَ بِهِ إلَى بَيْتِ صَاحِبِهِ فَزَلِقَتْ رِجْلُ الْحِمَارِ فَانْكَسَرَ لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ حِمَارًا يُطِيقُ ذَلِكَ وَأَنْ كَانَ لَا يُطِيقُ يَضْمَنُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. اسْتَأْجَرَ قِدْرًا لِلطَّبْخِ فَطَبَخَ فَأَخَذَهُ لِيُخْرِجَهُ إلَى الدُّكَّانِ فَانْزَلَقَتْ رِجْلُهُ فَوَقَعَ فَانْكَسَرَ ضَمِنَ كَالْحَمَّالِ إذَا انْزَلَقَ وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِلُّبْسِ وَتَخَرَّقَ مِنْ لُبْسِهِ قِيلَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْقَصْعَةِ لَا يَضْمَنُ إنْ سَقَطَتْ حَالَ الِانْتِفَاعِ بِهَا هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ فَأْسًا وَدَفَعَهُ إلَى الْأَجِيرِ لِيَكْسِرَ الْحَطَبَ لَهُ فَذَهَبَ بِهِ الْأَجِيرُ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَ إنْ اسْتَأْجَرَ الْأَجِيرَ أَوَّلًا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ لِيَدْفَعَ إلَيْهِ وَعَلَى الْقَلْبِ يَضْمَنُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ الْفَأْسَ أَوَّلًا لِعَمَلٍ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ النَّاسُ بِالِاسْتِعْمَالِ لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجِيرُ مَعْرُوفًا بِالْخِيَانَةِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الْفَأْسَ لِمَا يَخْتَلِفُ فِيهِ النَّاسُ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَعْمَلَ هُوَ بِنَفْسِهِ ضَمِنَ بِالدَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الْفَأْسَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُسْتَعْمِلَ فَدَفَعَهُ إلَى الْأَجِيرِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ هُوَ بِنَفْسِهِ لَا يَضْمَنُ. وَإِنْ اسْتَعْمَلَ هُوَ أَوَّلًا ثُمَّ دَفَعَ إلَى الْأَجِيرِ ضَمِنَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اسْتَأْجَرَ فَأْسَ الْقَصَّابِ فَأَخَذَهُ مِنْهُ الْعَوَانُ بِالْجِبَايَةِ وَلَمْ يُخَلِّصْهُ بِدَرَاهِمَ حَتَّى ضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ اسْتَأْجَرَ مِنْ رَجُلٍ مَرًّا وَجَعَلَهُ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْ الطَّرِيقِ وَدَعَا أَجِيرًا لَهُ وَلَمْ يَبْرَحْ عَنْ مَكَانِهِ ذَلِكَ ثُمَّ نَظَرَ إلَى الْمَرِّ فَإِذَا هُوَ قَدْ ذَهَبَ بِهِ قَالَ إنْ كَانَ تَحْوِيلُ وَجْهِهِ لَمْ يَطُلْ حَتَّى لَا يُسَمَّى بِهِ مُضَيِّعًا لِلْمَرِّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَذَّبَهُ الْآجِرُ. وَإِنْ طَالَ الْتِفَاتُهُ فَهُوَ ضَامِنٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ مَرًّا فَجَعَلَهُ فِي الطِّينِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُ فَسُرِقَ إنْ طَالَ الْإِعْرَاضُ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْإِعْرَاضُ لَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. سِمْسَارٌ بَاعَ مَا أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ فَأَمْسَكَ الثَّمَنَ عِنْدَهُ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْحَمُولَةِ فَسُرِقَ الثَّمَنُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْحَمَّالُ إذَا جَاءَ بِالْحِمْلِ فَقَالَ صَاحِبُهُ أَمْسِكْهُ فَهَلَكَ عِنْدَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَمَّا الْقَصَّارُ وَالْخَيَّاطُ وَمَنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الْأَجْرِ إذَا أَمْسَكَ بِأَمْرِهِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَهَلَكَ إنْ قَبَضَ الْأَجْرَ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَعْرُوفِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا فَصَدَ الْفَصَّادُ أَوْ بَزَغَ الْبَزَّاغُ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا عَطِبَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ تَجَاوَزَ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ ضَمِنَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَزْغُ بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ أَمَّا إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ سَوَاءٌ تَجَاوَزَ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ أَوْ لَمْ يَتَجَاوَزْ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا حَجَمَ الْحَجَّامُ أَوْ خَتَنَ الْخَتَّانُ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ الْقَصَّارِ لَكِنْ هَذَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ مَوْضِعَ الْفِعْلِ فَإِنْ جَاوَزَ فَقَطَعَ الْحَشَفَةَ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ إنْ مَاتَ عَلَيْهِ نِصْفُ بَدَلِ النَّفْسِ، وَإِنْ بَرِئَ فَكَمَالُ بَدَلِ النَّفْسِ وَفِي دِيَاتِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَوْ قَطَعَ الْحَشَفَةَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ الْحَشَفَةِ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ يَجِبُ حُكُومَةُ الْعَدْلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَقْطَعَ يَدَهُ أَوْ أُصْبُعَهُ أَوْ يَنْزِعَ سِنَّهُ جَازَ وَلَوْ مَاتَ لَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اسْتَأْجَرَ خَبَّازًا لِيَصْنَعَ لَهُ طَعَامًا مَا فِي وَلِيمَةٍ فَأَفْسَدَ الطَّعَامَ فَأَحْرَقَهُ أَوْ لَمْ يُنْضِجْهُ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ لَمْ يُفْسِدْ الْخَبَّازُ شَيْئًا وَلَكِنَّ رَبَّ الدَّارِ اشْتَرَى رَاوِيَةً مِنْ مَاءٍ وَأَمَرَ صَاحِبَ الْبَعِيرِ فَأَدْخَلَهَا الدَّارَ فَسَاقَ الْبَعِيرَ فَخَرَّ عَلَى الْقُدُورِ فَكَسَرَهَا وَأَفْسَدَ الطَّعَامَ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْبَعِيرِ شَيْئًا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْخَبَّازِ فِيمَا فَسَدَ وَكَذَا لَوْ سَقَطَ الْبَعِيرُ عَلَى وَلَدٍ صَغِيرٍ أَوْ عَبْدٍ صَغِيرٍ لِصَاحِبِ الدَّارِ فَقَتَلَهُ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْبَعِيرِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ انْفَتِحْ حُلْقُومُ الطَّاحُونَةِ وَضَاعَتْ الْحِنْطَةُ ضَمِنَ الطَّحَّانُ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَالْمُشْتَرَكِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَصْلَيْنِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ الْحَدّ الْفَاصِل بَيْنَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْخَاصِّ] (الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَصْلَيْنِ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْخَاصِّ وَبَيَانِ أَحْكَامِهِمَا)

اخْتَلَفَتْ عِبَارَةُ الْمَشَايِخِ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا بَعْضُهُمْ قَالُوا الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِالْعَمَلِ لَا بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ لِلْعَمَلِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَبِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْعَمَلُ فِي حَقِّهِ لِاسْتِحْقَاقِ الْأَجْرِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ مَنْ يَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ وَالْأَجِيرُ الْخَاصُّ مَنْ يَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ مِنْ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ اسْتِحْقَاقُ الْأَجْرِ بِالْعَمَلِ عَلَى الْعِبَارَةِ الْأُولَى بِإِيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى الْعَمَلِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ لَهُ هَذَا الثَّوْبَ بِدِرْهَمٍ أَوْ اسْتَأْجَرَ قَصَّارًا لِيُقَصِّرَ لَهُ هَذَا الثَّوْبَ بِدِرْهَمٍ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ اسْتِحْقَاقُ الْأَجْرِ بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ وَبِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بِإِيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى الْمُدَّةِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا شَهْرًا لِيَخْدُمَهُ وَالْإِجَارَةُ عَلَى الْعَمَلِ إذَا كَانَ مَعْلُومًا صَحِيحَةٌ بِدُونِ بَيَانِ الْمُدَّةِ وَالْإِجَارَةُ عَلَى الْمُدَّةِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِبَيَانِ نَوْعِ الْعَمَلِ وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ الْعَمَلِ وَبَيْنَ الْمُدَّةِ وَذَكَرَ الْعَمَلَ أَوَّلًا نَحْوُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَاعِيًا مَثَلًا لِيَرْعَى لَهُ غَنَمًا مُسَمَّاةً بِدِرْهَمٍ شَهْرًا يُعْتَبَرُ هُوَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا إلَّا إذَا صَرَّحَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ بِمَا هُوَ حُكْمُ أَجِيرِ الْوَحْدِ بِأَنْ قَالَ عَلَى أَنْ لَا تَرْعَى غَنَمَ غَيْرِي مَعَ غَنَمِي وَإِذَا ذَكَرَ الْمُدَّةَ أَوَّلًا نَحْوُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَاعِيًا شَهْرًا لِيَرْعَى لَهُ غَنَمًا مُسَمَّاةً بِدِرْهَمٍ يُعْتَبَرُ هُوَ أَجِيرَ وَحْدٍ بِأَوَّلِ الْكَلَامِ إلَّا إذَا نَصَّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ بِمَا هُوَ حُكْمُ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فَيَقُولُ وَتَرْعَى غَنَمَ غَيْرِي مَعَ غَنَمِي. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ مَنْ يَكُونُ عَقْدُهُ وَارِدًا عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِبَيَانِ عَمَلِهِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصُّ مَنْ يَكُونُ الْعَقْدُ وَارِدًا عَلَى مَنَافِعِهِ وَلَا تَصِيرُ مَنَافِعُهُ مَعْلُومَةً إلَّا بِذِكْرِ الْمُدَّةِ أَوْ بِذِكْرِ الْمَسَافَةِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَحُكْمُ أَجِيرِ الْوَحْدِ أَنَّهُ أَمِينٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا حَتَّى أَنَّ مَا هَلَكَ مِنْ عَمَلِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ إلَّا إذَا خَالَفَ فِيهِ وَالْخِلَافُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِعَمَلٍ فَيَعْمَلَ غَيْرَهُ فَيَضْمَنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ حِينَئِذٍ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَحُكْمُ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ أَنَّ مَا هَلَكَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالْحَسَنِ، وَإِنَّهُ قِيَاسٌ سَوَاءٌ هَلَكَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ " كَالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ أَوْ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَالْحَرْقِ الْغَالِبِ وَالْغَارَةِ الْغَالِبَةِ وَالْمُكَابَرَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إنْ هَلَكَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ هَلَكَ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَلَا ضَمَانَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَبَعْضُهُمْ أَفْتَوْا بِالصُّلْحِ عَمَلًا بِالْقَوْلَيْنِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ فَقُلْت لَهُ يَوْمًا مَنْ قَالَ مِنْهُمْ يُفْتِي بِالصُّلْحِ هَلْ يُجْبِرُ الْخَصْمَ لَوْ امْتَنَعَ قَالَ كُنْت أُفْتِي بِالصُّلْحِ فِي الِابْتِدَاءِ فَرَجَعْت لِهَذَا وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي الْإِبَانَةِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ أَفْتَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتَى الْيَوْمَ لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَبِهِ يَحْصُلُ صِيَانَةُ أَمْوَالِهِمْ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ. ثُمَّ عِنْدَهُمَا إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ الْمَتَاعُ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ مُحْدَثًا فِيهِ عَمَلٌ أَمَّا لَوْ أَعْطَاهُ مُصْحَفًا لِيَعْمَلَ لَهُ غِلَافًا أَوْ سَيْفًا لِيَعْمَلَ لَهُ جِهَازًا أَوْ سِكِّينًا لِيَعْمَلَ لَهَا نِصَابًا فَضَاعَ الْمُصْحَفُ أَوْ السَّيْفُ أَوْ السِّكِّينُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مُصْحَفًا يَنْقُطُهُ بِأَجْرٍ فَضَاعَ غِلَافُهُ لَمْ يَضْمَنْ وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا لِيَرْفُوهُ فِي مِنْدِيلٍ فَضَاعَ الْمِنْدِيلُ وَكَذَلِكَ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ مِيزَانًا لِيُصْلِحَ كِفَّتَيْهِ فَضَاعَ الْعُودُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمِيزَانُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ الْخَانِيَّةِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ فِي الْعَقْدِ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ ضَمَانَ مَا هَلَكَ فِي يَدِهِ بِسَبَبٍ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَالْمَوْتِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ ضَمَانَ مَا هَلَكَ فِي يَدِهِ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهَا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ الشَّرْطُ وَالْعَقْدُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة ثُمَّ إذَا وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ عِنْدَهُمَا فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ الْعَمَلِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ شَيْءٌ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْعَمَلِ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا وَيُعْطِي لَهُ الْأَجْرَ وَيَحُطُّ الْأُجْرَةَ مِنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أُجْرَةٌ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمَا

هَلَكَ فِي يَدِهِ بِعَمَلِهِ كَالْقَصَّارِ إذَا دَقَّ الثَّوْبَ فَتَخَرَّقَ أَوْ أَلْقَاهُ فِي النُّورَةِ فَاحْتَرَقَ أَوْ الْحَمَّالِ إذَا تَعَثَّرَ فَهُوَ ضَامِنٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. خَالَفَ أَوْ لَمْ يُخَالِفْ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ ثُمَّ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِمَا جَنَتْ يَدُهُ عِنْدَنَا إذَا كَانَ مَحِلُّ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا إلَيْهِ تَسْلِيمًا يَكْفِي لِنَقْلِ ضَمَانِ الْعَقْدِ لَوْ كَانَ مُشْتَرِيًا وَالْمَضْمُونُ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُضْمَنَ بِالْعَقْدِ وَفِي وُسْعِ الْأَجِيرِ دَفْعُهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. ثُمَّ إذَا وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِمَا جَنَتْ يَدُهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا وَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي التَّجْرِيدِ إذَا احْتَرَقَ بَيْتُ الْأَجِيرِ بِسِرَاجٍ ضَمِنَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبِهِ أَوْ عَلَى قَصَارَةِ ثَوْبِهِ فَقَبَضَهُ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَبِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ كَالْخَيَّاطِ وَالْقَصَّارِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ لَا عَلَى رَبِّ الثَّوْبِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ كَانَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ رَاعِي بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِلْعَامَّةِ فَمَا تَلِفَ مِنْ سَوْقِهِ وَضَرْبِهِ بِخِلَافِ الْعَادَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَلَوْ سَاقَ الدَّوَابَّ عَلَى الْمَشْرَعَةِ فَازْدَحَمُوا عَلَى الْقَنْطَرَةِ فَدَفَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَوَقَعُوا فِي الْمَاءِ وَعَطِبُوا ضَمِنَ قِيمَتَهُمْ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. هَلَكَ الْمَتَاعُ فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ وَضَمِنَ الْقِيمَةَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِهَا كَمَا فِي الْعَارِيَّةِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ إذَا سَاقَ الدَّابَّةَ فَتَنَاطَحَتْ فَقَتَلَتْ بَعْضُهَا بَعْضًا أَوْ وَطِئَتْ بَعْضُهَا بَعْضًا ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ أَجِيرَ وَحْدٍ لَا لَوْ نَزَا فَحْلٌ عَلَى أُنْثَى فَعَطِبَتْ لَمْ يَضْمَنْ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. الْمُسْتَأْجَرُ لِحِفْظِ الْخَانِ إذَا سُرِقَ مِنْهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حَافِظٌ لِلْأَبْوَابِ وَالْأَمْوَالُ فِي أَيْدِي الْأَرْبَابِ وَكَذَلِكَ الْحَارِسُ لَا يَضْمَنُ إذَا سُرِقَ لَيْلًا. كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَفِي النَّاصِرِيِّ أَكَّارٌ تَرَكَ الْبَقَرَةَ تَرْعَى فَسُرِقَتْ لَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ والتتارخانية. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ لَهُ دَنًّا مِنْ الْفُرَاتِ إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَوَقَعَ الْحَمَّالُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَانْكَسَرَ الدَّنُّ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي حَمَلَهُ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي انْكَسَرَ وَأَعْطَاهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ ذَلِكَ وَهَذَا مَذْهَبُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ هَذَا إذَا انْكَسَرَ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ فَأَمَّا إذَا سَقَطَ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ زَلِقَ رِجْلُهُ بَعْدَمَا انْتَهَى إلَى الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ فَانْكَسَرَ الدَّنُّ فَلَهُ الْأَجْرُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ هَكَذَا حُكِيَ عَنْ الْقَاضِي صَاعِدٍ النَّيْسَابُورِيِّ وَهَذَا الَّذِي حَكَى عَنْ الْقَاضِي صَاعِدٍ يُوَافِقُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا فَالْحَمَّالُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا هَذَا إذَا حَصَلَ التَّلَفُ بِجِنَايَةِ يَدِهِ وَأَمَّا إذَا حَصَلَ لَا بِجِنَايَةِ يَدِهِ إنْ حَصَلَ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ هَلَكَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَهُ الْأَجْرُ بِحِسَابِ ذَلِكَ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ الضَّمَانُ وَلِلْمَالِكِ الْخِيَارُ لَوْ حَصَلَ التَّلَفُ بِجِنَايَةِ يَدِهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ سُرِقَ الْمَتَاعُ مِنْ رَأْسِ الْحَمَّالِ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مَعَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إجْمَاعًا، وَإِنْ أَوْجَبَ الضَّمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ مَعَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى أَصْلِهِمَا وَكَذَلِكَ انْقِطَاعُ الْحَبْلِ الَّذِي يَشُدُّ بِهِ الْمُكَارِي الْجَمَلَ إذَا كَانَ انْقِطَاعُهُ فِي سَوْقِهِ لِلدَّابَّةِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ كَانَ انْقِطَاعُهُ مِنْ غَيْرِ سَوْقِهِ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً فَتَجِيءَ رِيحٌ فَتُعْثِرَهَا فَتَنْفِرَ مِنْ ذَلِكَ فَيَنْقَطِعَ الْحَبْلُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَحْمَلَ بِحَبْلِ صَاحِبِ الْمَتَاعِ فَانْقَطَعَ لَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ زِقًّا مِنْ سَمْنٍ فَرَفَعَهُ الْمَالِكُ وَالْحَمَّالُ حَتَّى يَضَعَ عَلَى رَأْسِ الْحَمَّالِ وَتَخَرَّقَ لَا يَضْمَنُ الْحَمَّالُ وَفِي الْمُنْتَقَى وَلَوْ وَضَعَهُ الْحَمَّالُ فِي طَرِيقٍ ثُمَّ أَرَادَ رَفْعَهُ فَاسْتَعَانَ بِرَبِّ الزِّقِّ فَذَهَبَا يَضَعَانِهِ فَرَفَعَ وَتَخَرَّقَ ضَمِنَ الْحَمَّالُ لِأَنَّهُ صَارَ فِي ضَمَانِهِ وَإِنْ بَلَغَ مَنْزِلَ صَاحِبِ الزِّقِّ وَأَنْزَلَهُ الْحَمَّالُ وَصَاحِبُهُ وَوَقَعَ مِنْ أَيْدِيهِمَا يُضَمِّنُ الْحَمَّالَ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ النِّصْفَ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ لَهُ احْمِلْ أَيَّهُمَا شِئْت هَذَا بِدِرْهَمٍ وَهَذَا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فَحَمَلَهُمَا مَعًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِمَا وَيَضْمَنُهُمَا إنْ هَلَكَا وَلَوْ حَمَلَ أَحَدُهُمَا أَوَّلًا فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي الْبَاقِي وَيَضْمَنُهُ إنْ

هَلَكَ لِأَنَّهُ حَمَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِيَحْمِلَ جُلُودَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَهَا وَهَلَكَ أَوْ أَتْلَفَهَا فَلَا أَجْرَ وَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِيَحْمِلَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ إلَى فُلَانٍ فَأَنْفَقَهَا فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ ثُمَّ دَفَعَ مِثْلَهَا إلَى فُلَانٍ فَلَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِأَدَاءِ الضَّمَانِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَمَّالَيْنِ فَحَمَلَ أَحَدُهُمَا كُلَّهُ إنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ يَجِبُ الْأَجْرُ كَامِلًا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فَلَهُ نِصْفُ الْأَجْرِ لِأَنَّهُ فِي حَمْلِ النِّصْفِ مُتَبَرِّعٌ وَلَوْ حَمَلَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي اُشْتُرِطَ فَقَالَ لِصَاحِبِ الْحِمْلِ أَمْسِكْهُ فَأَمْسَكَ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ وَيَجِبُ الْأَجْرُ وَلَوْ حَبَسَهُ لِاسْتِيفَاءِ الْأَجْرِ حِينَ طُلِبَ مِنْهُ ضَمِنَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالْأَجْرِ مَا لَمْ يَضَعْ عَنْ رَأْسِهِ وَلَوْ حَمَلَ إلَى دَارِ الْمُسْتَأْجِرِ وَأَدْخَلَهُ فَعَثَرَ فَسَقَطَ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ عَنْ رَأْسِهِ فَسَقَطَ ضَمِنَ وَلَوْ كَسَرَهُ إنْسَانٌ آخَرُ لَمْ يَضْمَنْ هُوَ وَيَجِبُ لَهُ الْأَجْرُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحَمَّالُ إذَا نَزَلَ فِي مَفَازَةٍ وَتَهَيَّأَ لَهُ الِانْتِقَالُ فَلَمْ يَنْتَقِلْ حَتَّى فَسَدَ الْمَتَاعُ بِسَرِقَةٍ أَوْ مَطَرٍ فَهُوَ ضَامِنٌ وَتَأْوِيلُهُ إذَا كَانَتْ السَّرِقَةُ أَوْ الْمَطَرُ غَالِبًا. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ حَقِيبَةً إلَى مَكَانٍ فَانْشَقَّتْ بِنَفْسِهَا وَخَرَجَ مَا فِيهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ ضَمِنَ كَحَمَّالٍ انْقَطَعَ حَبْلُهُ وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ قَالَ فَخْرُ الدِّينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَبِهِ نَأْخُذُ هَكَذَا فِي الْكُبْرَى. فِي الْمُنْتَقَى الْحَمَّالُ إذَا كَانَ يَحْمِلُهَا عَلَى عُنُقِهِ فَعَثَرَ وَأَهْرَقَ وَصَاحِبُهَا مَعَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَوْ زَحَمَهُ النَّاسُ حَتَّى انْكَسَرَ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي زَحَمَ النَّاسَ حَتَّى انْكَسَرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ وَقْتَ الْكَسْرِ وَيَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِإِزَاءِ مَا حَمَلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْحَمْلِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي حَمَّلَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْمُكَارِي كَانَ يَنْقُلُ الدِّبْسَ مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ فَنَزَلَ فِي الطَّرِيقِ وَنَامَ وَخَرَقَ الْكَلْبُ الزِّقَّ فَضَاعَ الدِّبْسُ لَا يَضْمَنُ إنْ نَامَ جَالِسًا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ أَبُو حَامِدٍ عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَتُرْكُمَانًا لِيَحْمِلَ لَهُ هَذَا الدِّبْسَ مِنْ مَرْوَ إلَى بَلْخٍ فَلَمَّا بَلَغَ وَسَطَ الطَّرِيقِ كَانَ هُنَاكَ قَنْطَرَةٌ وَفِيهَا حَجَرٌ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُمِرَّ بِهِ الْبَعِيرَ سَقَطَتْ رِجْلُهُ فِيهِ وَتَلِفَ الدِّبْسُ وَتِلْكَ الْقَنْطَرَةُ مِمَّا تُسْلَكُ مَعَ هَذَا الْحَجَرِ هَلْ يَضْمَنُ التُّرْكُمَانُ أَمْ لَا فَقَالَ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى التُّرْكُمَانِ الَّذِي كَانَ يَسْتَعْمِلُهُ وَسُئِلَ عَنْهَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ فَأَجَابَ بِهِ كَذَلِكَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ نَفَرَتْ الدَّابَّةُ فَسَقَطَ الْمَتَاعُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ عَثَرَتْ بِسَوْقِ رَبِّ الْمَتَاعِ أَوْ بِقَوْدِهِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُكَارِي وَكَذَا إذَا كَانَ بِسَوْقِهِمَا وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ عَلَى الدَّابَّةِ وَمَتَاعُهُ عَلَى دَوَابَّ أُخَرَ وَهُوَ يَسِيرُ مَعَهَا لَمْ يَضْمَنْ الْمُكَارِي وَهَذَا التَّقْسِيمُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ حَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ رَاكِبٌ عَلَى الدَّابَّةِ فَعَثَرَتْ وَسَقَطَتْ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاكِبًا لَكِنْ يَمْشِي مَعَهُ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ أَصَابَهُ الشَّمْسُ أَوْ الْمَطَرُ فَفَسَدَ لَا يَضْمَنُ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ سُرِقَ مِنْ ظَهْرِهَا وَلَوْ عَلَيْهَا عَبْدٌ فَسَاقَ رَبُّ الدَّابَّةِ فَعَثَرَتْ فَهَلَكَ الْعَبْدُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْمَتَاعِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يَسْتَمْسِكُ ضَمِنَ كَالثَّوْبِ وَالْبَهِيمَةِ إذَا هَلَكَ بِسَوْقِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَالصَّحِيحُ أَنْ لَا فَرْقَ فَلَا يَضْمَنُ الْعَبْدَ بِالْعَقْدِ كَالْحُرِّ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ مَمْلُوكٌ صَغِيرٌ لِرَبِّ الْمَتَاعِ اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ لِيُحَمِّلَهَا فَعَثَرَتْ الدَّابَّةُ فَوَقَعَا فَمَاتَ الْمَمْلُوكُ وَفَسَدَ الْحِمْلُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمَمْلُوكَ وَيَضْمَنُ الْحِمْلَ، وَإِنْ كَانَ الْهَلَاكُ مِنْ جِنَايَةِ يَدِهِ ثُمَّ إنَّمَا يَضْمَنُ الْمَتَاعَ إذَا كَانَ الْعَبْدُ بِحَيْثُ لَا يَصْلُحُ لِحِفْظِ الْمَتَاعِ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَصْلُحُ لِحِفْظِ الْمَتَاعِ فَحِينَئِذٍ لَا يَضْمَنُ الْمَتَاعَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ اُسْتُؤْجِرَ لِيَحْمِلَ عَصِيرًا عَلَى دَابَّتِهِ إلَى مَوْضِعٍ فَحَمَلَهُ فَحِينَ أَرَادَ أَنْ يَضَعَهُ أَخَذَ أَحَدَ الْعِدْلَيْنِ وَرَمَى بِالْعِدْلِ الْآخَرِ فَانْشَقَّ الزِّقُّ مِنْ رَمْيِهِ قَالَ ضَمِنَ نُقْصَانَ الزِّقِّ وَالْعَصِيرِ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا دَفَعَ حِمْلًا إلَى حَمَّالٍ لِيَحْمِلَهُ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَسِيرَ لَيْلًا وَصَاحِبُ الْحِمْلِ مَعَهُ يَسِيرَانِ فَضَاعَتْ الدَّابَّةُ مَعَ الْحِمْلِ إنْ كَانَ الْمُكَارِي يُضَيِّعُ الدَّابَّةَ بِتَرْكِ الْحِفْظِ ضَمِنَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَتْ ضَاعَتْ مِنْ غَيْرِ تَضْيِيعِهِ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ إنْ كَانَ رَبُّ الْمَتَاعِ يَسِيرُ مَعَهُ بِلَا خِلَافٍ وَلَكِنَّ

الْمَذْكُورَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْجِنْسِ وَشُرُوطَ الْمَرْغِينَانِيِّ رِوَايَةٌ صَرِيحَةٌ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ هَهُنَا بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَا يَضْمَنُ الْمَلَّاحُ مَا غَرِقَ مِنْ مَوْجٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ صَدْمِ جَبَلٍ فَإِنْ غَرِقَتْ مِنْ مَدِّهِ أَوْ مُعَالَجَتِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ انْكَسَرَتْ فَغَرِقَتْ فَإِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِ الْمَلَّاحِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَتَاعِ فِي السَّفِينَةِ أَوْ وَكِيلُهُ لَا يَضْمَنُ الْمَلَّاحُ إلَّا بِالتَّعَدِّي لِأَنَّ الْمَتَاعَ فِي يَدِهِ وَلَوْ كَانَتَا سَفِينَتَيْنِ وَهُوَ فِي إحْدَاهُمَا وَمَتَاعُهُ فِي الْأُخْرَى لَمْ يَضْمَنْ الْمَلَّاحُ شَيْئًا إلَّا بِالتَّعَدِّي كَمَا فِي الدَّابَّتَيْنِ وَكَذَا لَوْ خَرَجَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ أَوْ لِحَاجَةٍ وَلَمْ يَغِبْ عَنْ بَصَرِهِ لَمْ يَضْمَنْ الْمَلَّاحُ إلَّا بِالتَّعَدِّي وَلَوْ بَلَغَتْ السَّفِينَةُ إلَى مَوْضِعٍ ثُمَّ أَعَادَهَا الرِّيحُ أَوْ الْمَاءُ أَوْ عَادَتْ الدَّابَّةُ عَنْ بَعْضِ الطَّرِيقِ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ فِي السَّفِينَةِ أَوْ عَلَى الدَّابَّةِ وَجَبَ الْأَجْرُ وَلَا يُطَالِبُ بِالْعَوْدِ إلَّا أَنْ يَرُدَّهَا الرِّيحُ إلَى مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ فِيهِ فَيُجْبِرُهُ عَلَى عَوْدِهِ بِالْأَجْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْمَتَاعِ أَوْ وَكِيلُهُ مَعَ الْمَتَاعِ يُجْبَرُ عَلَى الْعَوْدِ بِالْأَجْرِ الْأَوَّلِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَإِنْ احْتَرَقَتْ السَّفِينَةُ مِنْ نَارٍ أَدْخَلَهَا الْمَلَّاحُ لِحَاجَةٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رَبُّ الْمَتَاعِ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. اسْتَأْجَرَ سَفِينَةً مَعِيبَةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا أَمْتِعَتَهُ هَذِهِ فَأَدْخَلَ الْمَلَّاحُ فِيهَا أَمْتِعَةً أُخْرَى بِغَيْرِ رِضَا الْمُسْتَأْجِرِ وَهِيَ تُطِيقُ ذَلِكَ وَغَرِقَتْ وَالْمُسْتَأْجِرُ مَعَهَا لَا يَضْمَنُ الْمَلَّاحُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَسُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رُكَّابِ سَفِينَةٍ مُوقَرَةٍ خَافُوا الْغَرَقَ وَقَدْ أُمْسِكَتْ سَفِينَتُهُمْ عَلَى الْأَرْضِ فَخَرَجَ بَعْضُ الرُّكَّابِ وَاسْتَأْجَرُوا سَفِينَةً وَدَخَلَ فِيهَا بَعْضُ الرُّكَّابِ وَأَدْخَلُوا بَعْضَ الْأَحْمَالِ وَفَعَلُوا ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَخَفَّتْ السَّفِينَةُ وَجَرَتْ وَأَنْفَقُوا فِي الْأُجْرَةِ قَدْرًا مِنْ الدَّنَانِيرِ أَتَكُونُ تِلْكَ الْأُجْرَةُ عَلَى الَّذِينَ بَاشَرُوا الْعَقْدَ أَمْ عَلَى جَمِيعِ الرُّكَّابِ وَصَاحِبِ الْأَحْمَالِ وَقَدْ كَانُوا رَاضِينَ بِمَا فَعَلَ أُولَئِكَ فَقَالَ عَلَى الْعَاقِدِينَ يَجِبُ الْأَجْرُ وَالْمُوَافَقَةُ أَوْلَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ كَانَتْ سُفُنٌ كَثِيرَةٌ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَوْ الْوَكِيلُ فِي إحْدَاهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَلَّاحِ فِيمَا ذَهَبَ مِنْ السَّفِينَةِ الَّتِي فِيهَا صَاحِبُ الْمَتَاعِ أَوْ وَكِيلُهُ وَضَمِنَ مَا سِوَى ذَلِكَ قَالَ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ ثَمَّةَ وَلَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا إذَا كَانَتْ السُّفُنُ كَثِيرَةً قَوْلٌ آخَرُ فَقَالَ إذَا كَانَتْ السُّفُنُ تَنْزِلُ مَعًا وَتَسِيرُ مَعًا حَتَّى يَكُونُوا فِي رُفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَلَّاحِ وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا بَعْضًا وَكَذَلِكَ الْقِطَارُ إذَا كَانَ عَلَيْهَا حُمُولَةٌ وَرَبُّ الْحُمُولَةِ عَلَى بَعِيرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّالِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَلَأَ سَفِينَةً مِنْ أَمْتِعَةِ النَّاسِ وَشَدَّهَا فِي الشَّطِّ لَيْلًا فَظَهَرَ فِيهَا ثَقْبٌ وَامْتَلَأَتْ مَاءً وَغَرِقَتْ وَهَلَكَتْ الْأَمْتِعَةُ لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَتْ تُتْرَكُ هَذِهِ عَادَةً وَلَوْ قَالَ مَالِكُ الْأَمْتِعَةِ لِلْمَلَّاحِ شُدَّ السَّفِينَةَ هَهُنَا فَلَمْ يَشُدَّ وَأَجْرَاهَا حَتَّى غَرِقَتْ مِنْ الْمَوْجِ يَضْمَنُ إنْ كَانَتْ تُشَدُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. نَسَّاجٌ كَانَ سَاكِنًا مَعَ صِهْرِهِ ثُمَّ اكْتَرَى دَارًا وَانْتَقَلَ مَعَ مَتَاعِهِ إلَيْهَا وَتَرَكَ غَزْلًا هُنَاكَ فَضَاعَ إنْ لَمْ يَنْقُلْ الْغَزْلَ مِنْ حَيْثُ كَانَ إلَى بَيْتٍ ثَانٍ مِنْ دَارِ صِهْرِهِ وَلَا أَوْدَعَهُ صِهْرَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَفِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ دَفَعَ غَزْلًا إلَى رَجُلٍ لِيَنْسِجَهُ كِرْبَاسًا فَدَفَعَ هُوَ إلَى آخَرَ لِيَنْسِجَهُ فَسُرِقَ مِنْ يَدِهِ إنْ كَانَ الثَّانِي أَجِيرَ الْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَجْنَبِيًّا ضَمِنَ الْأَوَّلُ دُونَ الْآخَرِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا فِي الْأَوَّلِ ضَامِنٌ مُطْلَقًا وَفِي الْأَجْنَبِيِّ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْآخَرَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَكَذَلِكَ فِي الصَّانِعِ إذَا دَفَعَ إلَى مِثْلِهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ أَخَذَ غَزْلَ إنْسَانٍ لِيَنْسِجَهُ فَوَضَعَ فِي بَيْتِ الْأُسْتَاذِ فَغَابَ يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. نَسَّاجٌ تَرَكَ الْكِرْبَاسَ فِي بَيْتِ الطَّرَّازِ فَسُرِقَ الْكِرْبَاسُ إنْ كَانَ بَيْتُ الطَّرَّازِ حَصِينًا يُمْسَكُ فِيهِ مِثْلُ هَذَا الْمَتَاعِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُمْسَكُ فِيهِ مِثْلُ هَذَا الْمَتَاعِ إنْ كَانَ أَرْبَابُ الْكِرْبَاسِ رَضُوا بِذَلِكَ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا بِذَلِكَ ضَمِنَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ فِي بَيْتِ الطَّرَّازِ لَكِنْ إذَا أَغْلَقَ الْبَابَ فِي اللَّيْلِ وَذَهَبَ لَا يَضْمَنُ فَلَوْ سُرِقَ مِنْ بَيْتِ الطَّرَّازِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَصِينًا إلَّا إذَا فَحَشَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (بافنده كرباس

رادركار خانه ماندوشب بخانه رفت ودربست) وَذَلِكَ فِي وَقْتِ غَلَبَةِ السُّرَّاقِ فَسُرِقَ الْكِرْبَاسُ إنْ كَانَ يُتْرَكُ مِثْلُ ذَلِكَ الْكِرْبَاسِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فِي هَذَا الزَّمَانِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. (بافنده كرباس بافت ودرخانه نها دو بِمَالِك رِدّ نُكِرَ ددزبرد) هَلْ يَضْمَنُ الْحَائِكُ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَضْمَنُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ وَلَمْ يَرُدَّ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ لَيْسَتْ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. (بافنده كررباس بافت وَخَصْم راكفت كه كرباس رابيرون كردم بياتا ببرى وى كَفَتْ نزديك ثَوْبًا شَدَّ فردابيايم وببرم شُبْ دزدبردبافندة تا وان دَار نباشد) لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُودِعًا بِقَوْلِهِ (نزديك توباشد) وَإِذَا لَمْ يَقُلْ (نزديك توباشد) وَهَلَكَ بَعْدَمَا تَمَّ الْعَمَلُ قِيلَ يَضْمَنُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ وَلَمْ يَرُدَّ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ إذَا حَبَسَ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ حِينَئِذٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى نَسَّاجٍ كِرْبَاسًا بَعْضُهُ مَنْسُوجٌ وَبَعْضُهُ غَيْرُ مَنْسُوجٍ فَسُرِقَ ذَلِكَ عِنْدَ النَّسَّاجِ ذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُضَمِّنُ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ مَا هَلَكَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ يَضْمَنُ النَّسَّاجُ كُلَّ الثَّوْبِ لِأَنَّ الْمَنْسُوجَ مَعَ غَيْرِ الْمَنْسُوجِ بِحُكْمِ الِاتِّصَالِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ وَنَسْجُ الْبَاقِي يَزِيدُ فِي قِيمَةِ مَا كَانَ مَنْسُوجًا فَكَانَ النَّسَّاجُ فِي الْكُلِّ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَيَضْمَنُ الْكُلَّ وَهَذِهِ جُمْلَةُ مَسَائِلَ أَفْتَوْا فِيهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مِنْهَا هَذِهِ وَمِنْهَا رَجُلٌ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ كِرْبَاسًا فَخَاطَ قَمِيصًا وَبَقِيَ قِطْعَةٌ مِنْ الْكِرْبَاسِ فَسُرِقَ قَالُوا يَضْمَنُ الْخَيَّاطُ وَمِنْهَا رَجُلٌ دَفَعَ صَرْمًا إلَى خَفَّافٍ لِيَخْرِزَ لَهُ خُفًّا فَفَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الصَّرْمِ فَسُرِقَ قَالُوا يَضْمَنُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى حَائِكٍ ثَوْبًا بَعْضُهُ مَنْسُوجٌ وَبَعْضُهُ غَيْرُ مَنْسُوجٍ لِيَنْسِجَ الْبَاقِيَ فَسُرِقَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ غَيْرَ الْمَنْسُوجِ وَلَا يَضْمَنُ الْمَنْسُوجَ لِأَنَّهُ فِيهِ مُودَعٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُهُمَا. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. (ريسمان بباقنده داد وَشَرْط كردكه دُور وز راببا فَدِ ببافت) وَهَلَكَ الثَّوْبُ بَعْدَهُ يَضْمَنُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ وَكَذَلِكَ الْقَصَّارُ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ شَهْرًا لِعَمَلِ الْخِيَاطَةِ فَهُوَ أَجِيرُ وَحْدٍ ثُمَّ إنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَخِيطَ لَهُ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ فِي يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ بِدِرْهَمٍ جَازَ وَيَرْفَعُ عَنْهُ أَجْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ دِرْهَمٌ مِنْ أَجْرِ الشَّهْرِ. كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. جَاءَ الْخَيَّاطُ بِالثَّوْبِ إلَى الْمَالِكِ فَجَذَبَهُ الْمَالِكُ مِنْ يَدِهِ وَتَخَرَّقَ مِنْ مَدِّ الْمَالِكِ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُدِّهِمَا ضَمِنَ الْخَيَّاطُ نِصْفَ نُقْصَانِ الْخَرْقِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ قَصَّارٍ وَضَعَ ثَوْبًا عَلَى الْخَشَبِ فِي الْحَانُوتِ وَأَقْعَدَ ابْنَ أُخْتِهِ حَافِظًا وَغَابَ الْقَصَّارُ فَدَخَلَ ابْنُ أُخْتِهِ الْحَانُوتَ الْأَسْفَلَ فَطَرَّ الطَّرَّارُ الثَّوْبَ قَالَ إنْ كَانَ الْبَيْتُ الْأَسْفَلُ بِحَالٍ يَغِيبُ عَنْ عَيْنِ الدَّاخِلِ مَوْضِعُ الثَّوْبِ فَإِنْ كَانَ ابْنُ الْأُخْتِ ضَمَّهُ إلَيْهِ أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ أَوْ ضَمَّهُ الْخَالُ عِنْدَ فَوْتِ أَبَوَيْهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْقَصَّارِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ بِحَيْثُ يَرَاهُ مَعَ دُخُولِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُنْضَمًّا إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْضَمًّا فَالْقَصَّارُ ضَامِنٌ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. قَصَّارٌ سَلَّمَ ثِيَابَ النَّاسِ إلَى أَجِيرِهِ لِيُشَمِّسَهَا فِي الْمِقْصَرَةِ وَيَحْفَظَهَا فَنَامَ الْأَجِيرُ ثُمَّ عَادَ بِثِيَابٍ وَضَاعَ مِنْهَا خَمْسُ قِطَعٍ وَلَمْ يَدْرِ كَيْفَ ضَاعَتْ وَمَتَى ضَاعَتْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ إذَا لَمْ يَدْرِ أَنَّهَا ضَاعَتْ فِي حَالِ نَوْمِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْقَصَّارِ دُونَ الْأَجِيرِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا ضَاعَتْ فِي حَالِ نَوْمِهِ فَالْأَجِيرُ ضَامِنٌ بِتَرْكِ الْحِفْظِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَلَوْ شَاءَ صَاحِبُ الثَّوْبِ ضَمَّنَ الْقَصَّارَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا قَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا قَالَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْقَصَّارَ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ فِي مَسْأَلَةِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْقَصَّارِ وَبِهِ نَأْخُذُ قَالَ أُسْتَاذُنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الْكُبْرَى. قَصَّارَانِ يَتَقَبَّلَانِ الثِّيَابَ مِنْ النَّاسِ فَتَرَكَ أَحَدُهُمَا

الْعَمَلَ وَدَفَعَ الثِّيَابَ إلَى الْآخَرِ وَذَهَبَ وَضَاعَ شَيْءٌ لَا يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ إذَا ضَاعَ لِأَنَّهُمَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فَكَانَ أَخْذُ أَحَدِهِمَا كَأَخْذِ صَاحِبِهِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَصَّارٌ رَهَنَ ثَوْبَ قَصَارَةٍ بِدَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ ثُمَّ افْتَكَّ الرَّهْنَ وَقَدْ أَصَابَتْ الثَّوْبَ نَجَاسَةٌ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهِ صَاحِبُ الثَّوْبِ كَلَّفَ الْقَصَّارَ بِتَطْهِيرِ الثَّوْبِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَامْتَنَعَ الْقَصَّارُ عَنْ ذَلِكَ فَتَشَاجَرَا وَتَرَكَ الثَّوْبَ عِنْدَ الْقَصَّارِ فَهَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَهُ قَالُوا إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَةَ الثَّوْبِ لَا شَيْءَ عَلَى الْقَصَّارِ، وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ تَنْقُصُ قِيمَةَ الثَّوْبِ كَانَ عَلَى الْقَصَّارِ ضَمَانُ النُّقْصَانِ وَيَهْلَكُ الثَّوْبُ أَمَانَةً. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ذَكَرَ فِي كِتَابِ الضَّمَانِ مِنْ فَتَاوَى الدِّينَوَرِيِّ (بَبْرَاهُنَّ ريخته بِكَازٍ رداد وَنَكْفِت كه ريخته إست كَازٍ ربيراهن رابخم نهادوبيراهن سوخت وَكَازٍ زبدانست كه سوته إست) يَضْمَنُ الْقَصَّارُ لِأَنَّهُ ذهلك بِفِعْلِهِ وَالْجَهْلُ لَيْسَ بِعُذْرٍ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. قَصَّارٌ شَمَّسَ ثَوْبَ الْقَصَارَةِ فَاحْتَرَقَ كَانَ ضَامِنًا وَكَذَا إذَا عَصَرَ الثَّوْبَ فَتَخَرَّقَ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَجِيرُ الْقَصَّارِ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ الْفَسَادَ لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ وَيَضْمَنُ الْأُسْتَاذُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَدْخَلَ الْقَصَّارُ سِرَاجًا فِي حَانُوتِهِ فَاحْتَرَقَ بِهِ ثَوْبٌ بِغَيْرِ فِعْلِهِ ضَمِنَ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا لَا يَضْمَنُ فِي الْحَرْقِ الْغَالِبِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إطْفَاؤُهُ وَهَذَا قَوْلُهُمَا فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ بِغَيْرِ صُنْعِهِ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَتِلْمِيذُ الْقَصَّارِ أَوْ أَجِيرِهِ الْخَاصُّ إذَا أَدْخَلَ نَارًا لِلسِّرَاجِ بِأَمْرِ الْأُسْتَاذِ فَوَقَعَتْ شَرَارَةٌ عَلَى ثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِ الْقَصَارَةِ أَوْ أَصَابَهُ دُهْنُ السِّرَاجِ لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ وَيَكُونُ الضَّمَانُ عَلَى الْأُسْتَاذِ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ السِّرَاجَ بِإِذْنِهِ فَصَارَ فِعْلُ الْأَجِيرِ كَفِعْلِ الْأُسْتَاذِ وَلَوْ فَعَلَ الْأُسْتَاذُ كَانَ ضَامِنًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. تِلْمِيذُ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ إذَا وَقَعَ مِنْ يَدِهِ سِرَاجٌ فَاحْتَرَقَ ثَوْبٌ مِنْ الْقَصَارَةِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأُسْتَاذِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ثِيَابِ الْقَصَارَةِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. أَطْفَأَ السِّرَاجَ فِي الْحَانُوتِ وَتَرَكَ الْمِسْرَجَةَ فِي الْحَانُوتِ وَبَقِيَتْ شَرَارَةٌ فَوَقَعَتْ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ وَاحْتَرَقَ لَا يَضْمَنُ وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي التَّجْرِيدِ تِلْمِيذُ الْقَصَّارِ وَسَائِرِ الصُّنَّاعِ وَأَجِيرُهُمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ إلَّا بِالتَّعَدِّي وَيَضْمَنُ الْأُسْتَاذُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَجِيرٌ الْقَصَّارِ إذَا وَطِئَ ثَوْبًا فِي بَيْتِ الْقَصَّارِ إنْ كَانَ ثَوْبًا يُوطَأُ مِثْلُهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُوطَأُ بِأَنْ كَانَ رَقِيقًا يَضْمَنُ سَوَاءٌ كَانَ ثَوْبَ الْقَصَارَةِ أَوْ غَيْرَهُ. كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَلَوْ شَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُشْتَرَكِ إنْ هَلَكَ قِيلَ يَضْمَنُ إجْمَاعًا وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ وَاشْتِرَاطُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ حَمَلَ شَيْئًا فِي بَيْتِ الْأُسْتَاذِ بِإِذْنِهِ فَسَقَطَ عَلَى ثَوْبٍ فَتَخَرَّقَ إنْ كَانَ مِنْ ثِيَابِ الْقَصَارَةِ لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ وَيَضْمَنُ الْأُسْتَاذُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ثِيَابِ الْقَصَارَةِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِنْ حَمَلَ الْأَجِيرُ شَيْئًا فِي خِدْمَةِ أُسْتَاذِهِ فَسَقَطَ فَفَسَدَ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ سَقَطَ عَلَى وَدِيعَةٍ عِنْدَهُ فَأَفْسَدَهَا كَانَ ضَامِنًا لَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ عَثَرَ فَسَقَطَ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ بِسَاطًا أَوْ وِسَادَةً اسْتَعَارَهُ لِلْبَسْطِ فَلَا ضَمَانَ فِي ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ وَلَا عَلَى أَجِيرِهِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَيَضْمَنُ الْقَصَّارُ مَا تَلِفَ بِدَقِّهِ الْمُعْتَادِ أَوْ احْتَرَقَ بِالنُّورَةِ فِي الْحَبِّ أَوْ بِالتَّشْمِيسِ فَرَبُّ الثَّوْبِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا يُعْطِي الْأَجْرَ وَلَوْ قَالَ لِرَبِّ الثَّوْبِ لَا يَحْتَمِلُ هَذَا الثَّوْبُ الدَّقَّ أَوْ قَالَ رَجُلٌ لِلزَّجَّاجِيِّ اقْطَعْ هَذِهِ الزُّجَاجَةَ فَقَالَ قَلَّمَا تَسْلَمُ مِنْ الْقَطْعِ فَقَالَ إنْ تَخَرَّقَ أَوْ انْكَسَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْك فَدَقَّ الثَّوْبَ وَقَطَعَ الزُّجَاجَ فَتَخَرَّقَ الثَّوْبُ أَوْ انْقَطَعَ الزُّجَاجُ فَإِنْ كَانَ لَا يَسْلَمُ مِثْلُهُ غَالِبًا فَلَا يَضْمَنُ لَهُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَسْلَمُ أَحْيَانَا ضَمِنَ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ أَجِيرَ الْقَصَّارِ فِيمَا يَدُقُّ مِنْ الثِّيَابِ انْفَلَتَتْ مِنْهُ الْمِدَقَّةُ فَوَقَعَتْ عَلَى ثَوْبٍ فَتَخَرَّقَ فَإِنْ انْفَلَتَتْ عَلَى ثَوْبِ الْقَصَارَةِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْخَشَبَةِ الَّتِي يَدُقُّ عَلَيْهَا وَخَرَقَ ثَوْبًا إنْ كَانَ مِنْ ثِيَابِ الْقَصَارَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الْأُسْتَاذِ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى ثَوْبٍ لَيْسَ مِنْ ثِيَابِ الْقَصَارَةِ فَإِنَّ الْأَجِيرَ يَضْمَنُ فَأَمَّا إذَا انْفَلَتَتْ الْمِدَقَّةُ بَعْدَمَا وَقَعَتْ عَلَى الْخَشَبَةِ

الَّتِي يَدُقُّ عَلَيْهَا ثِيَابَ الْقَصَارَةِ فَأَصَابَتْ ثَوْبًا آخَرَ ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِلَا تَفْصِيلٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الثَّوْبُ مِنْ ثِيَابِ الْقَصَارَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ثِيَابِهَا حَكَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الْمِدَقَّةُ ابْتِدَاءً عَلَى هَذَا الثَّوْبِ وَقَدْ ذَكَرَ الْجَوَابَ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ فَكَذَلِكَ هَذَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَلَوْ أَصَابَ ذَلِكَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ كَانَ ضَمَانُهُ عَلَى الْأَجِيرِ دُونَ الْأُسْتَاذِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ هَذَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا أَصَابَ إنْسَانًا قَبْلَ أَنْ تَقَعَ الْمِدَقَّةُ عَلَى الْخَشَبَةِ أَمَّا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا أَصَابَ إنْسَانًا بَعْدَمَا وَقَعَتْ الْمِدَقَّةُ عَلَى الْخَشَبَةِ فَكَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ فَأَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنَّ هَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ انْكَسَرَ شَيْءٌ مِنْ أَدَوَاتِ الْقَصَارَةِ بِعَمَلِ التِّلْمِيذِ مِمَّا يَدُقُّ بِهِ أَوْ يَدُقُّ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ التِّلْمِيذُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَدُقُّ بِهِ وَلَا يَدُقُّ عَلَيْهِ ضَمِنَ التِّلْمِيذُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ دَعَا رَجُلٌ قَوْمًا إلَى مَنْزِلِهِ فَمَشَوْا عَلَى بِسَاطِهِ فَتَخَرَّقَ أَوْ جَلَسُوا عَلَى وِسَادَةٍ فَتَخَرَّقَتْ أَوْ كَانَ الضَّيْفُ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا فَلَمَّا جَلَسَ شَقَّ السَّيْفُ بِسَاطًا أَوْ وِسَادَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ وَطِئَ عَلَى آنِيَةٍ مِنْ أَوَانِيهِ أَوْ ثَوْبًا لَا يُبْسَطُ مِثْلُهُ وَلَا يُوطَأُ فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ جَفَّفَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ عَلَى حَبْلٍ فَمَرَّتْ بِهِ حَمُولَةٌ فَخَرَقَتْهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ وَالسَّائِقُ ضَامِنٌ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اسْتَعَانَ الْقَصَّارُ بِرَبِّ الثَّوْبِ فَدَقَّاهُ فَتَخَرَّقَ وَلَا يُعْلَمُ مِنْ فِعْلِ أَيَّهمَا تَخَرَّقَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ النِّصْفَ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. قَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا النِّصْفَ كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَإِذَا لَمْ يَتَخَرَّقْ الثَّوْبُ هَلْ يَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ مِقْدَارُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ عَمَلِ الْمَالِكِ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْفَوَائِدِ لِصَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ يَسْقُطُ وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَ صَاحِبُ الثَّوْبِ وَخَاطَ بَعْضَ الثَّوْبِ فِي يَدِ الْخَيَّاطِ أَوْ نَسَجَ بَعْضَ ثَوْبِهِ فِي يَدِ النَّسَّاجِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِذَا أَرَادَ صَاحِبُ الثَّوْبِ أَنْ يَأْخُذَ ثَوْبَهُ مِنْ الْقَصَّارِ فَتَمَسَّكَ بِهِ الْقَصَّارُ لِاسْتِيفَاءِ الْأَجْرِ فَجَذَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَتَخَرَّقَ الثَّوْبُ كَانَ عَلَى الْقَصَّارِ ضَمَانُ نِصْفِ الْخَرْقِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْقَصَّارِينَ إذَا جَنَتْ يَدُ أَحَدِهِمَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا يَأْخُذُ صَاحِبُ الثَّوْبِ أَيَّهمَا شَاءَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. قَصَّارٌ ضَمِنَ الثَّوْبَ بِسَبَبٍ ثُمَّ ظَهَرَ الثَّوْبُ قَالَ أَبُو نَصْرٍ لَا يَمْلِكُهُ الْقَصَّارُ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. ذَكَرَ فِي إجَارَاتِ الْعُدَّةِ إذَا دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى قَصَّارٍ وَقَالَ أُقْصِرْهُ وَلَا تَضَعْ عَنْ يَدِك حَتَّى تَفْرُغَ مِنْهُ أَوْ شَرَطَ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا فَلَمْ يَفْعَلْ وَطَالَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ مَرَّاتٍ فَفَرَّطَ حَتَّى سُرِقَ لَا يَضْمَنُ وَاسْتُفْتِيَتْ أَئِمَّةُ بُخَارَى عَنْ الْقَصَّارِ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْرُغَ الْيَوْمَ مِنْ الْعَمَلِ فَلَمْ يَفْرُغْ وَهَلَكَ فِي الْغَدِ هَلْ يَضْمَنُ أَجَابُوا نَعَمْ يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي النَّوَازِلِ سَلَّمَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ أَوْ خَيَّاطٍ ثُمَّ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْقَصَّارُ غَيْرَ ذَلِكَ الثَّوْبِ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ رَبَّ الثَّوْبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ إذَا هَلَكَ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ وَلِرَبِّ الثَّوْبِ أَنْ يَتَّبِعَ الْقَصَّارَ بِثَوْبِهِ هَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ الْمَدْفُوعُ إلَى الْوَكِيلِ ثَوْبَ الْقَصَّارِ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبَ غَيْرِ الْقَصَّارِ كَانَ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَصَّارَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْقَصَّارَ فَالْقَصَّارُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّسُولِ وَإِنْ ضَمَّنَ الرَّسُولَ رَجَعَ عَلَى الْقَصَّارِ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَتِهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْقَصَّارُ لَوْ دَفَعَ إلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ ثَوْبَ غَيْرِهِ فَأَخَذَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لَهُ كَانَ ضَامِنًا. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ دَفَعَ الْقَصَّارُ ثَوْبَ إنْسَانٍ إلَى غَيْرِهِ خَطَأً فَقَطَعَهُ وَخَاطَهُ فَرَبُّ الثَّوْبِ يُضَمِّنُ أَيَّهمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْقَاطِعَ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْقَصَّارَ رَجَعَ هُوَ عَلَى الْقَاطِعِ وَيَأْخُذُ الْقَاطِعُ ثَوْبَهُ مِنْ الْقَصَّارِ وَكَذَا لَوْ دَفَعَ الْقَصَّارُ ثَوْبَ نَفْسِهِ فِي الثِّيَابِ إلَى إنْسَانٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَقَطَعَهُ الْآخِذُ ضَمِنَ الْآخِذُ لِلْقَصَّارِ ثَوْبَهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مُودَعٍ دَفَعَ مَتَاعَ نَفْسِهِ مَعَ الْوَدِيعَةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لَهُ، وَلَوْ قَالَ الْقَصَّارُ هَذَا ثَوْبُك يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَكَذَا هَذَا فِي كُلِّ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ

وَهَلْ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ إنْ أَخَذَهُ عِوَضًا عَنْ ثَوْبِهِ يَحِلُّ وَإِلَّا فَلَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ إنْ أَنْكَرَ ثَوْبَهُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْقَصَّارُ وَنَحْوُهُ دَفَعْت الثَّوْبَ إلَيْك يُصَدَّقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ. كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ حَبَسَ الْقَصَّارُ بِأَمْرِ الْمَالِكِ فَهَلَكَ إنْ لَمْ يَقْبِضْ الْأَجْرَ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، وَإِنْ قَبَضَ فَهَلَكَ أَمَانَةً بِالْإِجْمَاعِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لِلْقَصَّارِ الْحَبْسُ فَإِنْ حَبَسَهُ وَهَلَكَ ضَمِنَ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ بَعَثَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ بِيَدِ تِلْمِيذِهِ ثُمَّ قَالَ لِلْقَصَّارِ إذَا أَصْلَحْته فَلَا تَدْفَعْهُ إلَى تِلْمِيذِي فَلَمَّا أَصْلَحَهُ دَفَعَهُ إلَى تِلْمِيذِهِ فَذَهَبَ التِّلْمِيذُ بِالثَّوْبِ هَلْ يَضْمَنُ الْقَصَّارُ فَقَالَ إنْ كَانَ التِّلْمِيذُ حِينَ دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى الْقَصَّارِ لَمْ يَقُلْ هَذَا ثَوْبُ فُلَانٍ بُعِثَ بِهِ إلَيْك لَا يَضْمَنُ فَإِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لِلْقَصَّارِ فَإِنْ صَدَّقَ الْقَصَّارُ التِّلْمِيذَ فِي ذَلِكَ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ فِي إجَارَاتِ فَتَاوَاهُ رَجُلٌ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ فَجَاءَ صَاحِبُ الثَّوْبِ يَطْلُبُ الثَّوْبَ فَقَالَ لَهُ الْقَصَّارُ دَفَعْت ثَوْبَك إلَى رَجُلٍ ظَنَنْت أَنَّهُ ثَوْبُهُ كَانَ الْقَصَّارُ ضَامِنًا. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَقَعَتْ وَاقِعَةٌ فِي زَمَانِنَا صُورَتُهَا قَوْمٌ مِنْ السُّرَّاقِ أَتَوْا بَابَ قَصَّارٍ بِاللَّيْلِ وَطَلَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِنْ الْقَصَّارِ مَاءً لِلشُّرْبِ وَقَالَ أَنَا رَجُلٌ رُسْتَاقِيٌّ مُحْتَاجٌ إلَى الْمَاءِ حَاجَةً شَدِيدَةً وَبَاقِي السُّرَّاقِ قَدْ اخْتَفَوْا فَفَتَحَ الْقَصَّارُ الْبَابَ وَأَخْرَجَ الْمَاءَ فَجَلَسَ طَالِبُ الْمَاءِ عَلَى الْعَتَبَةِ وَاشْتَغَلَ بِالشَّرَابِ فَحَضَرَ الْبَاقُونَ وَدَخَلُوا الْحَانُوتَ وَأَخَذُوا الْقَصَّارَ وَمَنْ مَعَهُ وَشَدُّوهُمْ وَذَهَبُوا بِكَرَابِيسِ النَّاسِ فَاتَّفَقَتْ أَجْوِبَةُ الْفَتَاوَى أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ سَرَقًا غَالِبًا وَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْقَصَّارِ وَقَاسُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَسْأَلَةٍ ذُكِرَتْ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لَوْ احْتَرَقَ حَانُوتُ الْقَصَّارِ مِنْ نَارٍ وَقَعَتْ مِنْ السِّرَاجِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ حَرْقًا غَالِبًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يُمْكِنُ إطْفَاءُ ذَلِكَ لَوْ عَلِمَ بِهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَالْحَرْقُ الْغَالِبُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ لَوْ عُلِمَ فِي الِابْتِدَاءِ فَالسَّرَقُ الْغَالِبُ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ اسْتِدْرَاكُهُ لَوْ وَقَعَ الْعِلْمُ فِي الِابْتِدَاءِ وَهُنَاكَ يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ وَالتَّحَرُّزُ عَنْهُ حَتَّى لَوْ عَلِمَ بِهِ لَا يَفْتَحُ الْبَابَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْقَصَّارِ الْعَمَلَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَخَرَّقُ صَحَّ شَرْطُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَقْدُورٌ لَهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْقَصَّارُ إذَا لَبِسَ ثَوْبَ الْقَصَارَةِ ثُمَّ نَزَعَهُ فَضَاعَ بَعْدَهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ الْإِسْكَافُ إذَا أَخَذَ خُفًّا لِيُنَعِّلَهُ فَلَبِسَهُ ضَمِنَ مَا دَامَ لَابِسًا فَإِذَا نَزَعَ ثُمَّ ضَاعَ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِذَا دَخَلَ رَجُلٌ الْحَمَّامَ وَدَفَعَ ثِيَابَهُ إلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ وَاسْتَأْجَرَهُ لِلْحِفْظِ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ إذَا تَلِفَ كَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ ضَمِنَ الَحَمَّامِيُّ إجْمَاعًا وَكَانَ يَقُولُ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ أَمَّا إذَا شُرِطَ يَضْمَنُ وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يُسَوِّي بَيْنَ شَرْطِ الضَّمَانِ وَعَدَمِ الشَّرْطِ وَكَانَ يَقُولُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ وَنَحْنُ نُفْتِي بِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَدَفَعَ الثَّوْبَ إلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ لِيَحْفَظَهُ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ مُودَعٌ لِأَنَّ كُلَّ الْأَجْرِ بِإِزَاءِ الِانْتِفَاعِ بِالْحَمَّامِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْأَجْرَ بِإِزَاءِ الْحِفْظِ وَلَوْ قَالَ الْأَجْرُ بِإِزَاءِ الْحِفْظِ وَالِانْتِفَاعِ بِالْحَمَّامِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فَإِنْ دَفَعَ إلَى مَنْ يَحْفَظُ بِأَجْرٍ كَالثِّيَابِيِّ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ كَذَا فِي الصُّغْرَى. دَخَلَ الْحَمَّامَ وَقَالَ لِلْحَمَّامِيِّ أَيْنَ أَضَعُ الثِّيَابَ فَأَشَارَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ إلَى مَوْضِعٍ فَوَضَعَ ثَمَّةَ وَدَخَلَ الْحَمَّامَ ثُمَّ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُ وَأَخَذَ الثِّيَابَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ فَظَنَّهُ صَاحِبَ الثِّيَابِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ سَلَمَةَ وَأَبِي نَصْرٍ الدَّبُوسِيِّ وَكَانَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْأَوَّل أَصَحُّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. نَامَ الثِّيَابِيُّ فَسُرِقَتْ الثِّيَابُ إنْ نَامَ قَاعِدًا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. الثِّيَابِيُّ إذَا خَرَجَ مِنْ الْحَمَّامِ فَضَاعَ ثَوْبٌ إنْ تَرَكَهُ ضَائِعًا ضَمِنَ وَإِنْ أَمَرَ الْحَلَّاقَ أَوْ الْحَمَّامِيَّ أَوْ مَنْ فِي عِيَالِهِ أَنْ يَحْفَظَ لَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ نَزَعَ الثِّيَابَ بَيْنَ يَدَيْ الْحَمَّامِيِّ وَلَمْ يَقُلْ بِلِسَانِهِ شَيْئًا وَتَرَكَ عِنْدَهُ وَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَلَمْ يَجِدْهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَمَّامِيِّ ثِيَابِيٌّ يَضْمَنُ الَحَمَّامِيُّ مَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ لِأَنَّ الْوَضْعَ بَيْنَ يَدَيْهِ اسْتِحْفَاظٌ كَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ

وَإِنْ كَانَ لِلْحَمَّامِيِّ ثِيَابِيٌّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ وَوَضَعَ ثِيَابَهُ عِنْدَ جَالِسٍ وَلَمْ يَتَقَبَّلْ الْجَالِسُ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ لَا تَضَعْ عِنْدِي ضَمِنَ عِنْدَ الْهَلَاكِ لِلتَّعَارُفِ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. امْرَأَةٌ دَخَلَتْ الْحَمَّامَ وَوَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي بَيْتِ الْمَسْلَحِ وَالْحَمَّامِيَّةُ تَنْظُرُ إلَيْهَا فَدَخَلَتْ الْحَمَّامِيَّةُ فِي الْحَمَّامِ بَعْدَ الْمَرْأَةِ لِتُخْرِجَ الْمَاءَ لِتَغْسِلَ صَبِيَّ ابْنَتِهَا وَابْنَتُهَا مَعَ صَبِيِّهَا فِي دِهْلِيزِ الْحَمَّامِ بِمَرْأًى مِنْهَا فَضَاعَتْ ثِيَابُ الْمَرْأَةِ قَالُوا إنْ غَابَتْ الثِّيَابُ عَنْ عَيْنِ الْحَمَّامِيَّةِ وَعَنْ عَيْنِ ابْنَتِهَا ضَمِنَتْ الْحَمَّامِيَّةُ وَإِلَّا فَلَا تَضْمَنُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. خَرَجَ مِنْ الْحَمَّامِ وَقَالَ كَانَ فِي كِيسِي دَرَاهِمُ فَضَاعَتْ إنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ الثِّيَابِيُّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ إنْ تَرَكَهُ ضَائِعًا ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يُضَيِّعْهُ ذَكَرْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَصَّارِ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ الرَّاعِي إذَا كَانَ أَجِير وَحْدٍ وَمَاتَ مِنْ الْأَغْنَامِ وَاحِدٌ حَتَّى لَا يَضْمَنُ وَلَا يُنْقِصُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِهَا وَكَانَ لِلْآجِرِ أَنْ يُكَلِّفَهُ رَعْيَ أَغْنَامٍ أُخَرَ وَلَوْ هَلَكَ مِنْهَا شَيْءٌ فِي السَّقْيِ أَوْ الرَّعْيِ لَمْ يَضْمَنْ هَذَا إذَا كَانَ الرَّاعِي أَجِيرَ وَحْدٍ فَأَمَّا إذَا كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا مَاتَ مِنْ الْأَغْنَامِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَهَذَا إذَا ثَبَتَ الْمَوْتُ بِتَصَادُقِهِمَا أَوْ بِالْبَيِّنَةِ فَأَمَّا إذَا ادَّعَى الرَّاعِي الْمَوْتَ وَجَحَدَ رَبُّ الْأَغْنَامِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاعِي فَأَمَّا عِنْدَهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَغْنَامِ وَلَوْ سَاقَهَا إلَى الْمَرْعَى فَعَطِبَتْ مِنْهَا شَاةٌ لَا مِنْ سَوْقِهِ بِأَنْ صَعِدَتْ الْجَبَلَ أَوْ مَكَانًا مُرْتَفِعًا فَتَرَدَّتْ مِنْهُ فَعَطِبَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِهِمَا ضَمِنَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْرَدَهَا نَهْرًا لِيَسْقِيَهَا فَغَرِقَتْ شَاةٌ مِنْهَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا ضَمَانَ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَكَلَ مِنْهَا سَبُعٌ أَوْ سُرِقَ مِنْهَا فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ وَلَوْ سَاقَهَا وَعَطِبَتْ شَاةٌ مِنْهَا مِنْ سَوْقِهِ بِأَنْ اسْتَعْجَلَ عَلَيْهَا فَعَثَرَتْ وَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا أَوْ انْدَقَّ عُنُقُهَا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَكَلَ الذِّئْبُ الْغَنَمَ وَالرَّاعِي عِنْدَهَا إنْ كَانَ الذِّئْبُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ كَالسَّرِقَةِ الْغَالِبَةِ، وَإِنْ كَانَ ذِئْبًا وَاحِدًا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِنْ سَاقَ الْبَقَرَ فَتَنَاطَحَتْ فَقَتَلَ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي سَوْقِهِ فَإِنْ كَانَ الْبَقَّارُ أَجِيرَ وَحْدٍ لِرَجُلٍ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا لِقَوْمٍ شَتَّى فَهُوَ ضَامِنٌ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْبَقَرُ لِقَوْمٍ شَتَّى وَهُوَ أَجِيرُ أَحَدِهِمْ يَكُونُ ضَامِنًا لِمَا تَلِفَ مِنْ سَوْقِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الرَّاعِي إذَا ضَرَبَ شَاةً فَفَقَأَ عَيْنَهَا أَوْ كَسَرَ رِجْلَهَا أَوْ تَلِفَ شَيْءٌ مِنْهَا يَضْمَنُ قَالَ مَشَايِخُنَا هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا إنْ ضَرَبَهَا فِي الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ ضَرْبًا مُعْتَادًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ بِالضَّرْبِ فِي الْغَنَمِ عَلَى قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فَإِنْ ضَرَبَهَا بِالْخَشَبَةِ كَانَ ضَامِنًا عِنْدَ الْكُلِّ وَلِلرَّاعِي أَنْ يَرْعَى بِنَفْسِهِ وَأَجِيرِهِ وَتِلْمِيذِهِ وَمَنْ هُوَ فِي عِيَالِهِ وَلَوْ دَفَعَ إلَى غَيْرِ هَؤُلَاءِ لِيَحْفَظَهُ فَضَاعَ ضَمِنَ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلِلرَّاعِ أَنْ يَبْعَثَ بِالْأَغْنَامِ عَلَى يَدِ غُلَامِهِ أَوْ أَجِيرِهِ أَوْ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ فِي حَالَةِ الرَّدِّ فَإِنْ كَانَ الرَّاعِي مُشْتَرَكًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَهُمَا إنْ هَلَكَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ يَضْمَنُ كَمَا لَوْ رَدَّ بِنَفْسِهِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ حَالَةَ الرَّدِّ، وَإِنْ كَانَ الرَّاعِي أَجِيرًا خَاصًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا لَوْ رَدَّ بِنَفْسِهِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ حَالَةَ الرَّدِّ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَحْمَدُ الطَّوَاوِيسِيُّ أَنَّ لِلْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يَرُدَّ بِيَدِ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ وَلَيْسَ لِلْخَاصِّ ذَلِكَ وَالْحَاكِمُ مِهْرَوَيْهِ سَوَّى بَيْنَهُمَا وَقَالَ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الرَّاعِي الْمُشْتَرَكُ إذَا خَلَطَ الْأَغْنَامَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ التَّمْيِيزُ بِأَنْ كَانَ يَعْرِفُ غَنَمَ كُلِّ وَاحِدٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاعِي فِي تَعْيِينِ الْغَنَمِ لِكُلِّ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ التَّمْيِيزُ بِأَنْ كَانَ يَقُولُ لَا أَعْرِفُ غَنَمَ كُلِّ وَاحِدٍ فَهُوَ ضَامِنٌ قِيمَةَ الْأَغْنَامِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاعِي فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْأَغْنَامِ يَوْمَ الْخَلْطِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُشْكِلُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضُهُمْ قَالَ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَوْمَ الْخَلْطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِذَا ادَّعَى بَعْضُهُمْ طَائِفَةً مِنْ الْغَنَمِ فَإِنَّ الرَّاعِي يَحْلِفُ مَا هَذِهِ غَنَمُ هَذَا لِأَنَّهُ

يَدَّعِي عَلَيْهِ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ فَإِذَا أَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الْقِيمَةَ لِصَاحِبِهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سُئِلَ عَمَّنْ خَلَطَ أَغْنَامَهُ فِي قَطِيعِ رَجُلٍ وَأَتَى عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ وَزَعَمَ صَاحِبُ الْأَغْنَامِ أَنَّهُ يَحْفَظُ بِغَيْرِ أَجْرٍ قَالَ إنْ كَانَ الْحَافِظُ مَعْرُوفًا أَنَّهُ يَحْفَظُ بِأَجْرٍ كَانَ الْقَوْلُ لَهُ وَعَلَى صَاحِبِ الْأَغْنَامِ أَجْرُ حِفْظِهِ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. لَوْ خَافَ الرَّاعِي الْمَوْتَ عَلَى الشَّاةِ فَذَبَحَهَا لَا يَضْمَنُ كَذَا اسْتَحْسَنَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَتَحَقَّقُ مَوْتُهَا أَمَّا إذَا كَانَ يُرْجَى حَيَاتُهَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ شَرِكَةِ وَاقِعَاتِهِ أَنَّ مَنْ ذَبَحَ شَاةَ إنْسَانٍ لَا تُرْجَى حَيَاتُهَا يَضْمَنُ وَالرَّاعِي لَا يَضْمَنُ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالرَّاعِي وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ سَوَّى فَقَالَ لَا يَضْمَنُ الْأَجْنَبِيُّ كَمَا لَا يَضْمَنُ الرَّاعِي وَالْبَقَّارُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ رَأَى رَجُلٌ شَاةَ إنْسَانٍ سَقَطَتْ وَخِيفَ عَلَيْهَا الْمَوْتُ فَذَبَحَهَا لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الرَّاعِي وَصَاحِبُ الْغَنَمِ فَقَالَ صَاحِبُ الْغَنَمِ ذَبَحْتهَا وَهِيَ حَيَّةٌ وَقَالَ الرَّاعِي لَا ذَبَحْتهَا وَهِيَ مَيِّتَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاعِي. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ اذْبَحْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ فَقَالَ الرَّاعِي لَيْسَ فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ أَعْلَمُ يَقِينًا فَذَبَحَهَا فَإِذَا فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ ضَمِنَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا مَرِضَتْ بَقَرَةٌ فَخَافَ الْبَقَّارُ عَلَيْهَا الْمَوْتَ فَذَبَحَهَا لَا يَضْمَنُ وَلَوْ لَمْ يَذْبَحْهَا حَتَّى مَاتَتْ لَا يَضْمَنُ أَيْضًا. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ أَرَادَ رَبُّ الْغَنَمِ أَنْ يَزِيدَ فِي الْغَنَمِ مَا يُطِيقُ الرَّاعِي كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَنَّ رَبَّ الْغَنَمِ بَاعَ نِصْفَ غَنَمِهِ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ الرَّاعِي شَهْرًا عَلَى أَنْ يَرْعَى لَهُ لَمْ يُحَطَّ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ شَهْرًا يَرْعَى لَهُ هَذِهِ الْغَنَمَ بِأَعْيَانِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا فِي الْقِيَاسِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ مِنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ وَلَكِنْ لَا يُكَلِّفُهُ عَمَلًا آخَرَ ثُمَّ قَالَ لَوْ وَلَدَتْ الْغَنَمُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَى أَوْلَادَهَا مَعَهَا وَبَيَّنَ الْقِيَاسَ وَالِاسْتِحْسَانَ فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْجِرْهُ شَهْرًا وَلَكِنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ غَنَمًا مُسَمَّاةً عَلَى أَنْ يَرْعَى لَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا شَاةً، وَإِنْ بَاعَ طَائِفَةً مِنْهَا فَإِنَّهُ يُنْقِصُهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْغَنَمُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَى أَوْلَادَهَا مَعَهَا فَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ حِينَ دَفَعَ الْغَنَمَ إلَيْهِ أَنْ يُوَلِّدَهَا وَيَرْعَى أَوْلَادَهَا مَعَهَا فَهُوَ فَاسِدٌ فِي الْقِيَاسِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ ذَلِكَ فَأَجَازَهُ وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْخَيْلُ وَالْحَمِيرُ وَالْبِغَالُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا كَالْغَنَمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يَنْزُوَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهَا، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ ضَمِنَ مَا عَطِبَ مِنْهَا وَلَوْ أَنَّ الرَّاعِيَ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْفَحْلَ الَّذِي فِي الْغَنَمِ نَزَا عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا فَعَطِبَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي فِي ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ إنْ كَانَ الرَّاعِي أَجِيرًا خَاصًّا، وَإِنْ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَكَذَا الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا هُوَ ضَامِنٌ وَلَوْ نَدَّتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا وَتَرَكَ اتِّبَاعَهَا حَتَّى لَا يُضَيِّعَ الْبَاقِيَ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا نَدَّتْ بِالْإِجْمَاعِ إنْ كَانَ الرَّاعِي خَاصًّا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا، وَإِنْ كَانَ تَرَكَ حِفْظَ مَا نَدَّتْ وَالْأَمِينُ يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ لِأَنَّ الْأَمِينَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ إذَا تَرَكَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحِفْظَ بِمَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا نَدَّتْ إذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ يَتَّبِعُهَا لِيَرُدَّهَا أَوْ يَبْعَثُهُ لِيُخْبِرَ صَاحِبَهَا بِذَلِكَ وَلَوْ تَكَارَى مَنْ يَجِيءُ بِالْوَاحِدِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ الْغَنَمُ وَالْبَقَرُ عَلَيْهِ فِرَقًا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اتِّبَاعِهَا كُلِّهَا وَأَقْبَلَ عَلَى فِرْقَةٍ مِنْهَا وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَرَكَ حِفْظَ الْبَعْضِ بِعُذْرٍ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ بِعُذْرٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَجِيءُ بِالنَّارِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. اسْتَأْجَرَ رَاعِيًا وَلَمْ يُبَيِّنْ مَكَانَ الرَّعْيِ فَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا فَرَعَاهَا فِي مَوْضِعٍ فَهَلَكَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا بِغَرَقٍ أَوْ افْتِرَاسِ سَبُعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ صَاحِبُهَا شَرَطْتُ لَكَ أَنْ تَرْعَى غَنَمِي فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ الرَّاعِي بَلْ شَرَطْتَ هُنَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِهَا بِالْإِجْمَاعِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاعِي، وَإِنْ كَانَ أَجِيرَ وَحْدٍ وَاخْتَلَفَا كَمَا قُلْنَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِهَا، وَإِنْ أَقَامَ الرَّاعِي الْبَيِّنَةَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِذَا خَالَفَ الرَّاعِي فَرَعَاهَا فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الَّذِي أَمَرَهُ فَعَطِبَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ سَلِمَتْ الْغَنَمُ الْقِيَاسُ أَنْ لَا أَجْرَ لَهُ وَفِي

الِاسْتِحْسَانُ يَجِبُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْحَلِيمِيُّ عَمَّنْ سَلَّمَ أَفْرَاسَهُ إلَى الرَّاعِي لِيَحْفَظَهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً وَدَفَعَ إلَيْهِ أُجْرَةَ الْحِفْظِ وَالرَّعْيِ وَاشْتَغَلَ الرَّاعِي بِمُهِمَّةٍ وَتَرَكَ الْأَفْرَاسَ فَضَاعَتْ فَهَلْ يَضْمَنُ فَقَالَ لَا إنْ كَانَ ذَلِكَ مُتَعَارَفًا فِيمَا بَيْنَ رُعَاةِ الْخَيْلِ وَإِلَّا فَنَعَمْ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَاعِي الرِّمَاكِ إذَا تَوَهَّقَ رَمَكَةً فَوَقَعَ الْوَهَقُ فِي عُنُقِهَا فَجَذَبَهَا فَعَطِبَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الرَّمَكَةِ فَلَا ضَمَانَ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا هَذَا إذَا كَانَ الرَّاعِي أَجِيرَ وَحْدٍ فَأَمَّا إذَا كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَهُوَ ضَامِنٌ وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا شَرَطَ عَلَى الرَّاعِي ضَمَانَ مَا عَطِبَ بِفِعْلِهِ جَازَ وَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. إذَا شَرَطُوا عَلَى الرَّاعِي ضَمَانَ مَا مَاتَ مِنْهَا إنْ كَانَ الشَّرْطُ فِي الْعَقْدِ يَفْسُدُ الْعَقْدُ، وَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ بَعْدَهُ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ وَلَمْ يَفْسُدْ الْعَقْدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. إنْ كَانَ الرَّاعِي مُشْتَرَكًا يَرْعَى فِي الْجِبَالِ فَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْغَنَمِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِسِمَةِ مَا يَمُوتُ مِنْهَا وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ فَهَذَا الشَّرْطُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالسِّمَةِ وَعِنْدَهُمَا هُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ أَتَى بِالسِّمَةِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَوْتِ وَلَا يَسَعُ الْمُصَدَّقُ أَنْ يُصَدِّقَ غَنَمًا مَعَ الرَّاعِي حَتَّى يَحْضُرَ صَاحِبُهَا فَإِنْ أَخَذَ الْمُصَدِّقُ الزَّكَاةَ مِنْ الرَّاعِي فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي فِي ذَلِكَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا قَالَ رَبُّ الْغَنَمِ لِلرَّاعِي دَفَعْتُ إلَيْكَ مِائَةَ شَاةٍ فَقَالَ الرَّاعِي لَا بَلْ تِسْعُونَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاعِي، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْغَنَمِ وَلَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يُسْقَى مِنْ أَلْبَانِ الْغَنَمِ وَأَنْ يَأْكُلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي تَجْنِيسِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَلَا يَبِيعُ فَإِنْ فَعَلَهُ ضَمِنَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَيْسَ لِلرَّاعِي إذَا كَانَ خَاصًّا أَنْ يَرْعَى غَنَمَ غَيْرِهِ بِأَجْرٍ فَلَوْ أَنَّهُ آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِهِ لِعَمَلِ الرَّعْيِ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ شُهُورٌ وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ بِهِ فَلَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَأْثَمُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ يَوْمًا لِلْحَصَادِ أَوْ لِلْخِدْمَةِ فَحَصَدَ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ أَوْ خَدَمَ لِغَيْرِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ كَامِلًا وَيَأْثَمُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ وَلَوْ كَانَ يَبْطُلُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ الشَّهْرِ أَوْ مَرِضَ سَقَطَ الْأَجْرُ بِقَدْرِهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ جُبْنًا مَعْلُومًا وَسَمْنًا لِنَفْسِهِ وَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلرَّاعِي فَهُوَ كُلُّهُ فَاسِدٌ وَالرَّاعِي ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ وَإِنْ دَفَعَ الرَّاعِي غَنَمَ رَجُلٍ إلَى غَيْرِهِ فَاسْتَهْلَكَهَا الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ الرَّاعِي فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْغَنَمِ أَنْ يُضَمِّنَ الرَّاعِيَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْقَابِضَ إذَا لَمْ يُقِرَّ أَنَّ الْمَقْبُوضَ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَلَمْ تَقُمْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ مَا قَبَضَ كَانَ لَهُ أَوْ أَقَرَّ الْقَابِضُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ مَا قُبِضَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي يَدِ الْقَابِضِ كَانَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَهُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَابِضَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاعِيَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الرَّاعِي عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ إنْ كَانَ الرَّاعِي أَقَرَّ وَقْتَ الدَّفْعِ أَنَّهَا لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. بَقَّارٌ لِأَهْلِ قَرْيَةٍ وَلَهُمْ مَرْعًى مُلْتَفٌّ بِالْأَشْجَارِ لَا يُمْكِنُهُ النَّظَرُ إلَى كُلِّ بَقَرَةٍ وَضَاعَتْ بَقَرَةٌ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْأَجِيرُ لِلْحِفْظِ يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ وَذَلِكَ أَنْ يَغِيبَ عَنْ بَصَرِهِ حَتَّى ضَاعَ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ وَأَبُو حَامِدٍ لَوْ قَالَ الْبَقَّارُ الْمُشْتَرَكُ لَا أَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَ الثَّوْرُ فَهَذَا إقْرَارٌ بِالتَّضْيِيعِ فِي زَمَانِنَا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ سُئِلَ الدَّبُوسِيُّ عَنْ الْبَقَّارِ يُدْخِلُ السَّرْحَ فِي السِّكَكِ وَأَرْسَلَ كُلَّ بَقَرَةٍ فِي سِكَّةِ صَاحِبِهَا وَلَا يُسَلِّمُهَا إلَى صَاحِبِهَا وَكَذَا يَفْعَلُ الرَّاعِي فَإِنْ ضَاعَتْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى مَنْزِلِ صَاحِبِهَا أَيَضْمَنُ مَا ضَاعَ قَالَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْبَقَّارِ وَالرَّاعِي وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ إذَا لَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ خِلَافًا مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. زَعَمَ الْبَقَّارُ أَنَّهُ أَدْخَلَ الْبَقَرَةَ فِي الْقَرْيَةِ وَلَمْ يَجِدْهَا صَاحِبُهَا فِيهَا ثُمَّ وُجِدَتْ بَعْدَ أَيَّامٍ قَدْ هَلَكَتْ إنْ اعْتَادَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ أَنْ يَكُونُوا رَاضِينَ بِالْإِدْخَالِ فِي الْقَرْيَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى بَيْتِ كُلٍّ فَالْقَوْلُ لِلْبَقَّارِ أَنَّهُ أَدْخَلَهَا فِيهَا فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ ضَمِنَ وَإِلَّا لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ الْبَاقُورَةَ فِي مَرْبِضِهَا

ثُمَّ خَرَجَ وَاحِدٌ وَضَاعَ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا شُرِطَ تَسْلِيمُ كُلِّ ثَوْرٍ إلَى صَاحِبِهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. بَقَّارٌ شَرَطَ عَلَى أَصْحَابِ بَقَرٍ أَنِّي لَوْ أَدْخَلْتُ الْبَقَرَ الْقَرْيَةَ فِي مَكَانٍ مُسَمًّى فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهَا فَشَرْطُهُ جَائِزٌ وَهُوَ بَرِيءٌ فَلَوْ مَاتَ بَقَرُ أَحَدِهِمْ فَجَاءَ بِمِثْلِهَا إلَى الْمَكَانِ الْمُسَمَّى فَهُوَ عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَجْدِيدُ شَرْطٍ كَذَا فِي اللُّمَعِ. يَعْنِي يَبْرَأُ الرَّاعِي إذَا أَدْخَلَهَا فِي الْقَرْيَةِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَطَ الْبَقَّارُ عَلَى أَصْحَابِ الْبَقَرِ إنِّي إذَا أَدْخَلْتُ الْبَقَرَ الْقَرْيَةَ إلَى مَوْضِعٍ مُسَمًّى فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهَا فَالشَّرْطُ جَائِزٌ وَهُوَ بَرِيءٌ فَإِنْ مَاتَ بَقَرُ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَجَاءَ بِمِثْلِهَا إلَى مَوْضِعِ الْبَقَرِ الَّذِي اجْتَمَعَ فِيهِ الْبَقَرُ ثُمَّ يُخْرِجُهَا فَهُوَ عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَارِطَهُ النَّاسُ، وَإِنْ بُعِثَ رَجُلٌ بِبَقَرَةٍ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَمْ يَسْمَعْ بِالشَّرْطِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لَمْ يَبْرَأْ الْبَقَّارُ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ سَمِعَ بِالشَّرْطِ فَالشَّرْطُ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا قَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى هَكَذَا فِي الْكُبْرَى. وَفِي النَّوَازِلِ امْرَأَةٌ بَعَثَتْ ثَوْرًا إلَى بَقَّارٍ ثُمَّ جَاءَ الرَّسُولُ إلَيْهِ وَقَالَ الثَّوْرُ لِي وَأَخَذَ مِنْهُ فَهَلَكَ الثَّوْرُ إنْ قَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَى الْبَقَّارِ وَلَا يَرْجِعُ الْبَقَّارُ عَلَى الرَّسُولِ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَهَا وَمَعَ ذَلِكَ دَفَعَ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِذَلِكَ يَرْجِعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ رَجُلٌ بَعَثَ بَقَرَةً إلَى الْبَقَّارِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَجَاءَ إلَى الْبَقَّارِ بِهَذِهِ الْبَقَرَةِ وَقَالَ إنَّ فُلَانًا بَعَثَ إلَيْك بِهَذِهِ الْبَقَرَةِ فَقَالَ الْبَقَّارُ اذْهَبْ بِهَا فَإِنِّي لَا أَقْبَلُهَا فَذَهَبَ بِهَا فَهَلَكَتْ فَالْبَقَّارُ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ إذَا جَاءَ بِهَا إلَى الْبَقَّارِ فَقَدْ انْتَهَى الْأَمْرُ فَيَصِيرُ الْبَقَّارُ أَمِينًا وَلَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. أَهْلُ قَرْيَةٍ دَفَعُوا حُمُرَهُمْ إلَى رَجُلٍ لِيَرْعَاهَا فَبَعَثُوا مَعَهُ رَجُلًا مِنْ الْقَرْيَةِ فَقَالُوا لَا نَعْرِفُ الرَّاعِي فَقَالَ الرَّاعِي لِلرَّجُلِ كُنَّ مَعَ الْحُمُرِ حَتَّى أَذْهَبَ بِهَذَا الْحِمَارِ فَأَحْمِلُ عَلَيْهِ كَذَا فَذَهَبَ بِالْحِمَارِ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَ لَا يَضْمَنُ الرَّجُلُ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. بَقَّارٌ غَابَ عَنْ الْبَاقُورَةِ فَوَقَعَتْ الْبَاقُورَةُ فِي زَرْعِ رَجُلٍ وَأَفْسَدَتْ الزَّرْعَ لَا يَضْمَنُ الْبَقَّارُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَقَّارُ أَرْسَلَ الْبَاقُورَةَ فِي زَرْعِ رَجُلٍ أَوْ أَخْرَجَ الْبَاقُورَةَ مِنْ الْقَرْيَةِ وَهُوَ يَذْهَبُ مَعَهَا حَتَّى وَقَعَتْ الْبَاقُورَةُ فِي الزَّرْعِ أَوْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ فِي سَوْقِهَا فَيُضَمِّنُ الْبَقَّارَ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. (ازجمله رُمّه بزى بدكان رءاس دَرِّ آمُدّ رعى درآمد تابيرون راندجر هاشكست) ضَمِنَ الرَّاعِي لِأَنَّهُ سَائِقُهُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. أَهْلُ قَرْيَةٍ يَرْعَوْنَ دَوَابَّهُمْ بِالنُّوَبِ فَذَهَبَتْ مِنْهَا بَقَرَةٌ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمْ قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ هُوَ ضَامِنٌ فِي قَوْلِ مَنْ يُضَمِّنُ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ إلَّا مَا تَلِفَ بِصُنْعِهِ هَكَذَا فِي الْكُبْرَى. وَسُئِلَ عَنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَحْفَظُ يَوْمًا سَرْحَهُمْ فَلَمَّا كَانَتْ نَوْبَةُ أَحَدِهِمْ اسْتَأْجَرَ آخَرَ لِيَحْفَظَهَا فَأَخْرَجَهَا الْأَجِيرُ إلَى الْمَفَازَةِ وَدَخَلَ فِي بَيْتِهِ لِلْأَكْلِ فَضَاعَ بَعْضُهَا عَلَى مَنْ يَجِبُ ضَمَانُهَا فَقَالَ إنْ ضَاعَ عِنْدَ غَيْبَةِ الْأَجِيرِ فَالْأَجِيرُ ضَامِنٌ لِتَرْكِ الْحِفْظِ وَإِنْ ضَاعَ بَعْدَ مَا عَادَ إلَيْهِ مِنْ الْأَكْلِ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْخِلَافَ بِالْعَوْدِ فَخَرَجَ مِنْ الضَّمَانِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْيَوْمِ بِحَالٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ. هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الْحِفْظَ بِنَفْسِهِ أَمَّا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ الْحِفْظَ بِنَفْسِهِ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا لَمْ يَتْرُكْ مَعَ الدَّوَابِّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ أَمَّا إذَا تَرَكَ مَعَ الدَّوَابِّ حَافِظًا مِنْ أَهْلِهِ فَلَا ضَمَانُ عَلَيْهِ بِحَالٍ أَيْضًا. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. بَقَّارٌ يَحْفَظُ بِأَجْرٍ فَتَرَكَ الْبَقَرَ عِنْدَ رَجُلٍ يَحْفَظُهَا وَرَجَعَ هُوَ إلَى الْقَرْيَةِ لِيُخْرِجَ مِنْهَا مَا تَخَلَّفَ أَوْ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ فَضَاعَ بَعْضُ مَا كَانَ خَارِجًا قَالُوا إنْ لَمْ يَكُنْ الْحَافِظُ فِي عِيَالِهِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْبَقَّارُ إذَا تَرَكَ الْبَاقُورَةَ عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ لِيَحْفَظَهَا هَلْ يَكُونُ ضَامِنًا قَالَ إنْ تَرَكَهَا مُدَّةً يَسِيرَةً مِثْلَ أَنْ يَبُولَ أَوْ يَأْكُلَ أَوْ يَتَوَضَّأَ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ عَفْوٌ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

الفصل الثاني في المتفرقات

بَقَّارٌ تَرَكَ الْبُقُورَ مَعَ صَبِيٍّ لِيَحْفَظَهَا فَهَلَكَتْ بَقَرَةٌ وَقْتَ السَّقْيِ بِآفَةٍ فَإِنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ قُدْرَةُ الْحِفْظِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قُدْرَةُ الْحِفْظِ فَقَدْ تَرَكَ بِلَا حِفْظٍ فَيَضْمَنُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. الْبَاقُورَةُ مَرَّتْ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَدَخَلَتْ رِجْلُ وَاحِدَةٍ فِي النَّقْبِ وَانْكَسَرَتْ أَوْ وَقَعَتْ بَقَرَةٌ فِي الْمَاءِ وَغَابَتْ وَهَلَكَتْ ضَمِنَ الْبَقَّارُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ سَوْقِهِ إذَا أَمْكَنَهُ الْحِفْظُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. (كَوَارِهِ بَانَ كَوَارِهِ راماندبدست كسى وَكَرَّك كوساله راخورد ضَامِن نبود جون بدست عِيَال خودش مانده بود كَوَارِهِ بَانَ كَوَارِهِ را ضَائِع ماندو بِخَانَةِ رَفَّتْ وَزَنِّ افرستا دزن نَكَاهُ داشت تاشبا نَكَاهُ كاوى غَائِب است ونميداند كه جه وَقْتَ غَائِب شِدَّهْ است) يَضْمَنُ الْبَقَّارُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الْحَارِسُ وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ السَّوْقِ حَلَّ لِلْحَارِسِ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ إذَا اسْتَأْجَرَهُ رَئِيسُهُمْ وَيَنْفُذُ عَقْدُ الرَّئِيسِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَرِهُوا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) فِي النَّوَازِل دَفَعَ سَيْفًا إلَى صَيْقَلِيٍّ لِيَصْقُلَهُ وَدَفَعَ الْجَفْنَ مَعَهُ فَسُرِقَ لَا يَضْمَنُ الْجَفْنَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي فَوَائِدِ جَدِّي شَيْخِ الْإِسْلَامِ بُرْهَانِ الدِّينِ دَفَعَ مُصْحَفًا إلَى وَرَّاقٍ لِيُجَلِّدَهُ فَسَافَرَ بِهِ وَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ هَلْ يَضْمَنُ أَجَابَ نَعَمْ قَالَ عَمِّي نِظَامُ الدِّينِ وَقَدْ أَجَبْت أَنَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مُعْتَمِدًا عَلَى الْحِفْظِ إلَّا أَنَّهُ أَشَارَ إلَى فِقْهٍ حَسَنٍ وَقَالَ يَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ أَجْرٍ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّةَ عَقْدٌ حَتَّى يَتَعَيَّنَ مَكَانُ الْعَقْدِ لِلْحِفْظِ وَفِي الْوَدِيعَةِ بِأَجْرٍ إنَّمَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ مَكَانُ الْعَقْدِ لِلْحِفْظِ وَهَهُنَا مَا أَمَرَهُ بِالْحِفْظِ مَقْصُودًا، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالْحِفْظِ ضِمْنًا فِي الِاسْتِئْجَارِ وَفِي الْإِجَارَةِ يُعْتَبَرُ مَكَانُ الْعَقْدِ فَكَذَا مَا فِي ضِمْنِهَا فَلِذَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. أَعْطَى صَائِغًا ذَهَبًا لِيَتَّخِذَ مِنْهُ سِوَارًا مَنْسُوجًا وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِهِ نَسْجٌ فَطَوَّلَ الذَّهَبَ وَأَعْطَاهُ مَنْ يَنْسِجُهُ فَسُرِقَ مِنْهُ فَلَوْ أَعْطَاهُ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ بِغَيْرِ أَمْرِ مَالِكِهِ وَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي أَجِيرَهُ أَوْ تِلْمِيذَهُ خُيِّرَ مَالِكُهُ وَضَمَّنَ أَيُّهُمَا شَاءَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ضَمَّنَ الْأَوَّلَ وَلَوْ ذَكَرَ الثَّانِي أَنَّهُ سُرِقَ مِنْهُ بَعْدَ عَمَلِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَمَّا مَا دَامَ فِي عَمَلِهِ فَيَدُهُ يَدُ ضَمَانٍ هَكَذَا فِي الْكُبْرَى. الرَّدُّ فِي الْأَجِير الْمُشْتَرَكِ نَحْوِ الْقَصَّارِ وَالْخَيَّاطِ وَالنَّسَّاجِ عَلَى الْأَجِيرِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ آجَرَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً وَفَرَغَ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. يَتِيم بَانَ أَجِير مُشْتَرَكٌ حَتَّى لَوْ ضَاعَ شَيْءٌ مِنْ الْيَتِيمِ يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا وَهَذَا إذَا ضَاعَ مِنْ خَارِجِ الْحُجْرَةِ فَإِنْ ضَاعَ شَيْءٌ مِنْ دَاخِلِ الْحُجْرَةِ بِأَنْ نَقَبَ اللِّصُّ لَا يَضْمَنُ عَلَى الْأَصَحِّ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. النَّخَّاسُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ حَتَّى لَوْ ضَاعَتْ جَارِيَةٌ أَوْ ضَاعَ غُلَامٌ مِنْهُ لَا بِصُنْعِهِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ الدَّلَّالُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ فَلَوْ دَفَعَ الدَّلَّالُ الثَّوْبَ إلَى رَجُلٍ لِيَرَاهُ وَيَشْتَرِيَ فَذَهَبَ بِالثَّوْبِ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الدَّلَّالِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الدَّلَّالِ ثَوْبٌ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ هَذَا مَالِي سُرِقَ مِنِّي فَدَفَعَ الدَّلَّالُ ذَلِكَ إلَى مَنْ أَعْطَاهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى صَبَّاغٍ إبْرَيْسَمًا لِيَصْبُغَهُ بِكَذَا ثُمَّ قَالَ لَا تَصْبُغْ إبْرِيسَمِي وَرُدَّهُ عَلَيَّ كَذَلِكَ فَلَمْ يَدْفَعْهُ ثُمَّ هَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ الصَّبَّاغُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْكَحَّالُ إذَا صَبَّ الدَّوَاءَ فِي عَيْنِ رَجُلٍ فَذَهَبَ ضَوْءُهَا لَا يَضْمَنُ كَالْخَتَّانِ إلَّا إذَا غَلِطَ فَإِنْ قَالَ رَجُلَانِ إنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ وَهَذَا مِنْ خَرْقٍ فَعَلَهُ وَقَالَ رَجُلَانِ هُوَ أَهْلٌ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ فِي جَانِبِ الْكَحَّالِ وَاحِدٌ وَفِي جَانِبِ الْآخَرِ اثْنَانِ ضَمِنَ وَفِي جِنَايَاتِ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِلْكَحَّالِ دَاوِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَذْهَبَ الْبَصَرُ فَذَهَبَ الْبَصَرُ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الباب التاسع والعشرون في التوكيل في الإجارة

[الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْإِجَارَةِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْإِجَارَةِ) إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ دَارًا بِعَيْنِهَا بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ فَفَعَلَ فَالْآجِرُ يُطَالِبُ الْوَكِيلَ بِالْأُجْرَةِ وَالْوَكِيلُ يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُوَكِّلَ بِالْأُجْرَةِ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْآجِرُ وَإِذَا وُهِبَ الْآجِرُ مِنْ الْوَكِيلِ صَحَّ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةٍ الطَّوِيلَةِ يُطَالِبُ بِمَالِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ الْفَسْخِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةٍ إذَا اسْتَأْجَرَ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ آجِرًا وَمُسْتَأْجِرًا وَقِيلَ كَانَ يُفْتِي بِهِ أَوَّلًا ثُمَّ نَقَلَ عَنْهُمْ الرُّجُوعَ وَالْإِفْتَاءَ بِالْجَوَازِ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. الْمُوَكِّلُ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا تَفَاسَخَا يَنْفَسِخُ وَهَلْ يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْوَكِيلِ بِمَالِ الْإِجَارَةِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ بَدِيعُ الدِّينِ لَا لِأَنَّ الْفَسْخَ لَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّهِ وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ آجَرَ أَرْضَ رَجُلٍ فَسَمِعَ ذَلِكَ فَقَالَ لَا أُجِيزُ هَذَا الْعَقْدَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَيَّامٍ أَجَزْته هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا فَقَالَ إنْ رَدَّهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَهُ مِنْ بَعْدُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَذَا لَيْسَ بِجَوَابٍ لِلسُّؤَالِ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا رَدَّ الْعَقْدَ عِنْدَنَا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْوَكِيلُ بِاسْتِئْجَارِ دَارٍ بِعَيْنِهَا بِعَشَرَةٍ إذَا اسْتَأْجَرَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَدَفَعَهَا إلَى الْمُوَكِّلِ وَقَالَ إنَّمَا اسْتَأْجَرْتهَا بِعَشَرَةٍ فَلَا أَجْرَ عَلَى الْآمِرِ وَعَلَى الْوَكِيلِ الْأَجْرُ لِرَبِّ الدَّارِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْبَابُ الثَّلَاثُونَ الْإِجَارَة الطَّوِيلَة] (الْبَابُ الثَّلَاثُونَ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ الْمَرْسُومَةِ بِبُخَارَى) الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ الَّتِي يَفْعَلُهَا النَّاسُ بِبُخَارَى أَنَّهُمْ يُؤَجِّرُونَ الدَّارَ وَالْأَرْضَ ثَلَاثِينَ سَنَةً مُتَوَالِيَةً غَيْرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ وَيَجْعَلُ لِكُلِّ سَنَةٍ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً أَجْرًا قَلِيلًا وَبَقِيَّةُ الْأَجْرِ لِلسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهَا قِيلَ لَا تَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهَا إجَارَةٌ وَاحِدَةٌ شُرِطَ فِيهَا الْخِيَارُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهَذَا يُفْسِدُ الْإِجَارَةَ وَقِيلَ تَجُوزُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ بَلْ هُوَ اسْتِثْنَاءُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ آخِرَ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ الْإِجَارَةِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْإِجَارَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ الَّذِينَ قَالُوا بِجَوَازِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ عَقْدًا وَاحِدًا أَوْ عُقُودًا مُخْتَلِفَةً بَعْضُهُمْ قَالُوا تُعْتَبَرُ عُقُودًا حَتَّى لَا تَزِيدَ مُدَّةُ الْخِيَارِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَعْضُهُمْ قَالُوا تُعْتَبَرُ عَقْدًا وَاحِدًا لِأَنَّهَا لَوْ اعْتَبَرْنَاهَا عُقُودًا فَمَا سِوَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ يَكُونُ مُضَافًا وَفِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ لَا تُمَلَّكُ الْأُجْرَةُ بِالتَّعْجِيلِ وَلَا بِالشَّرْطِ وَالْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ الْإِجَارَةِ تَمَلُّكُ الْأُجْرَةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا آجَرَ أَرْضَ الْيَتِيمِ ثَلَاثَ سِنِينَ وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهَا وَفِي الْأَخِيرَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَفِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْيَتِيمِ وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهَا فَتَفْسُدُ الْإِجَارَةُ فِي الْأَوَّلِ فِي السَّنَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَفِي الثَّانِي فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَيَتَعَدَّى الْفَسَادُ إلَى غَيْرِهَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا عَقْدًا وَاحِدًا وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا عُقُودًا لَا يَتَعَدَّى. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ الصَّدْرُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الشَّهِيدُ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهَا تُعْتَبَرُ عُقُودًا فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَحْكَامِ وَعَقْدًا وَاحِدًا فِي حَقِّ مِلْكِ الْأُجْرَةِ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ وَالْحِيلَةِ لِجَوَازِ اسْتِئْجَارِ الدَّارِ إذَا كَانَتْ لِلصَّغِيرِ أَنْ يَجْعَلَ مَالَ الْإِجَارَةِ بِتَمَامِهِ لِلسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ وَيَجْعَلَ بِمُقَابَلَةِ السِّنِينَ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا هُوَ أَجْرُ مِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرُ ثُمَّ يُبْرِئُ وَالِدُ الصَّغِيرِ الْمُسْتَأْجِرَ عَنْ أَجْرِ السِّنِينَ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيَصِحُّ إجْرَاؤُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ مَجْمَعًا عَلَيْهِ يُلْحِقُ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ وَالْحِيلَةِ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْأَبُ

لِلصَّغِيرِ عَقَارًا أَوْ ضِيَاعًا أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ مَالُ الْإِجَارَةِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَأَجْرُ مِثْلِ هَذِهِ الدَّارِ لِكُلِّ سَنَةٍ مِائَةً يُجْعَلُ بِمُقَابَلَةِ عِشْرِينَ سَنَةً مِنْ أَوَائِلِ هَذِهِ السِّنِينَ شَيْءٌ قَلِيلٌ وَيُجْعَلُ بِمُقَابَلَةِ الْعَشْرِ سِنِينَ الْمُتَأَخِّرَةِ أَلْفٌ إلَّا شَيْئًا قَلِيلًا فَيَجُوزُ وَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. ، وَإِنْ كَانَ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ الْعَشْرِ سِنِينَ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ وَكَمَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ فِي الْعَقَارِ وَالضِّيَاعِ تَجُوزُ فِي الدَّوَابِّ وَالْمَمَالِيكِ وَكُلِّ شَيْءٍ يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ لِمِلْكِ الصَّبِيِّ لَا تَجُوزُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ فِي رَجُلَيْنِ آجَرَا مِنْ رَجُلٍ دَارًا عَشْرَ سِنِينَ فَخَافَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يُخْرِجَاهُ مِنْهَا فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَوْثِقَ مِنْ ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ الشُّهُورِ الْأُوَلِ بِدِرْهَمٍ وَالشَّهْرَ الْأَخِيرَ بِبَقِيَّةٍ الْأَجْرِ فَإِنَّ مُعْظَمَ الْأَجْرِ إذَا كَانَ لِلشَّهْرِ الْأَخِيرِ فَهُمَا لَا يَخْرُجَانِهِ مِنْ الدَّارِ وَمِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اسْتَخْرَجُوا الْإِجَارَةَ الطَّوِيلَةَ الْمَرْسُومَةَ بِبُخَارَى وَجَعَلُوا أَجْرَ السِّنِينَ الْمُتَقَدِّمَةِ شَيْئًا قَلِيلًا وَجَعَلُوا مُعْظَمَ الْأَجْرِ لِلسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ قَالَ آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ عَشْرَ سِنِينَ بِكَذَا غَيْرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَهَذَا جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ إذَا جَعَلُوا أَيَّامَ الْفَسْخِ فِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ وَالْإِجَارَةُ فِي نِصْفِ الشَّهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُعْتَبَرُ السَّنَةُ بِالْأَيَّامِ وَعِنْدَهُمَا يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ بِالْأَيَّامِ وَالْبَاقِي بِالْأَهِلَّةِ فَإِذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ السَّنَةَ بِالْأَيَّامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَعْرِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا آخِرَ السَّنَةِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجَرَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى إذَا جَاءَتْ أَيَّامُ الْفَسْخِ يَنْفَسِخُ وَحِيلَةٌ أُخْرَى يَفْسَخُ مُضَافًا وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ أَفْتَوْا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى دَفْعًا لِلْحَرَجِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ آجَرَ الْأَرْضَ إجَارَةً طَوِيلَةً مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ رِضَا الْمَزَارِعِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِي الْمُزَارَعَةِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ كَانَ الْعَامِلُ مُسْتَأْجِرًا لِلْأَرْضِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ آجَرَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا تَجُوزُ الثَّانِيَةُ، وَإِنْ رَضِيَ الْعَامِلُ وَهُوَ الْمَزَارِعُ بِذَلِكَ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَتَنْفُذُ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا آجَرَ ثُمَّ آجَرَ غَيْرَهُ فَرَضِيَ بِهِ الْأَوَّلُ حَيْثُ تَنْفُذُ الثَّانِيَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الْأَوَّلِ وَهُنَا لَا تَنْفُذُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْمَزَارِعِ لِأَنَّ فِي الْمُزَارَعَةِ مَعَ الْإِجَارَةِ يَخْتَلِفُ الْمَقْصُودُ فَلَا تَنْفُذُ الثَّانِيَةُ عَلَى الْأَوَّلِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ آجِرْنِي دَارَك هَذِهِ إجَارَةً طَوِيلَةً بِكَذَا فَقَالَ آجَرْت وَأَمَرَ صَاحِبُ الدَّارِ الْكَاتِبَ بِكِتَابَةِ الصَّكِّ فَكَتَبَ عَلَى الرَّسْمِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ آخَرُ وَدَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ مَالَ الْإِجَارَةِ إلَى الْآجِرِ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا بِهَذَا إجَارَةٌ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِسُكْنَى الدَّارِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا اسْتَأْجَرَ وَقْفًا مِنْ الْأَوْقَافِ مِنْ الْمُتَوَلِّي مُدَّةً طَوِيلَةً فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ أَنْ يُؤَاجِرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ يَجُوزُ شَرْطُهُ لَا مَحَالَةَ وَإِنْ كَانَ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَاجِرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ يَجِبُ مُرَاعَاةُ شَرْطِهِ لَا مَحَالَةَ وَلَا يُفْتَى بِجَوَازِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إلَّا إذَا كَانَتْ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ فَحِينَئِذٍ يُؤَاجِرُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا نُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَا أُجَوِّزُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَا أُجَوِّزُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ كَانَ يَقُولُ فِي الضِّيَاعِ نُفْتِي بِالْجَوَازِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ وَفِي غَيْرِ الضِّيَاعِ نُفْتِي بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِيمَا زَادَ عَلَى سَنَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْجَوَازِ وَهَذَا أَمْرٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَوْضِعِ ثُمَّ إذَا اسْتَأْجَرَ الْوَقْفَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي جَازَ فَرَخُصَتْ أُجْرَتُهَا لَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ وَإِذَا ازْدَادَ أَجْرُ مِثْلِهَا بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ ذَكَرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَيُجَدَّدُ عَلَى مَا ازْدَادَ وَإِلَى وَقْتِ الْفَسْخِ يَجِبُ الْمُسَمَّى لِمَا مَضَى وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَالَةٍ لَا يُمْكِنُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِيهَا بِأَنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ لَمْ يُسْتَحْصَدْ بَعْدُ فَإِلَى وَقْتِ الزِّيَادَةِ يَجِبُ الْمُسَمَّى بِحِسَابِ

ذَلِكَ وَبَعْدَ الزِّيَادَةِ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِهَا وَزِيَادَةُ الْأَجْرِ إنَّمَا تُعْرَفُ إذَا ازْدَادَتْ عِنْدَ الْكُلِّ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَّا فِي الْأَمْلَاكِ فَلَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ رَخُصَ أَجْرُ مِثْلِهَا أَوْ غَلَا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ آجَرَ مَنْزِلًا كَانَ وَالِدُهُ وَقَفَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَآجَرَهُ هَذَا الرَّجُلُ إجَارَةً طَوِيلَةً وَأَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي عِمَارَةِ هَذَا الْوَقْفِ بِأَمْرِ الْمُؤَجِّرِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُؤَجِّرِ وِلَايَةٌ فِي الْوَقْتِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا يَكُونُ الْمُؤَجِّرُ غَاصِبًا وَكَانَ لَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى وَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَا أَنْفَقَ فِي الْعِمَارَةِ عَلَى الْآجِرِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَطَوِّعًا، وَإِنْ كَانَ مُتَوَلِّيًا كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ ذَلِكَ مِقْدَارَ أَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الْعِمَارَةِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ آجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ مُدَّةً طَوِيلَةً مِائَةَ سَنَةٍ مِنْ رَجُلٍ وَأَقَرَّ أَنَّهُمَا بَاشَرَا لِوَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهَا مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ إقْرَارِهِمَا بِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ لِوَاحِدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَيَكُونُ الْمَالُ حَلَالًا لَهُ هَكَذَا ذَكَرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَارًا أَوْ أَرْضًا مُقَاطَعَةً مُدَّةً قَصِيرَةً سَنَةً مَثَلًا ثُمَّ إنَّ الْآجِرَ آجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ إجَارَةً طَوِيلَةً مَرْسُومَةً لَا شَكَّ أَنَّ الْإِجَارَةَ الطَّوِيلَةَ لَا تَجُوزُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْقَصِيرَةِ وَهَلْ تَجُوزُ فِيمَا وَرَاءَهَا فَمَنْ جَعَلَهَا عَقْدًا وَاحِدًا يَقُولُ لَا تَجُوزُ وَمَنْ جَعَلَهَا عُقُودًا مُتَفَرِّقَةً يَقُولُ تَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ كَرْمًا إجَارَةً طَوِيلَةً وَقَبَضَهَا وَآجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ مُقَاطَعَةً كُلَّ سَنَةٍ شَهْرًا بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا رَآهُ الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي وَجَدَ الْأَشْجَارَ قَدْ احْتَرَقَتْ مِنْ الْبَرْدِ وَلَمْ يَجِدْ آجِرَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى جَاءَ أَيَّامَ الْفَسْخِ وَحَضَرَ آجِرُهُ وَفَسَخَ الْإِجَارَةَ وَطَلَبَ مَالَ الْمُقَاطَعَةِ وَأَبَى الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي وَاعْتَلَّ بِعِلَّةِ أَنَّ الْأَشْجَارَ مُحْتَرِقَةٌ سُمِعَ مِنْهُ وَسَقَطَ عَنْهُ مَالُ الْمُقَاطَعَةِ إذَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الْكَرْمِ عَمَلًا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ كَانَ آجِرُهُ حَاضِرًا حَتَّى أَمْكَنَهُ الرَّدُّ وَلَمْ يَرُدَّ لَا يَسْقُطُ مَالُ الْمُقَاطَعَةِ وَعَلَى هَذَا إذَا آجَرَ دَارِهِ وَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ رَدَّهَا بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّدُّ بِأَنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ غَائِبًا كَانَ لَهُ الرَّدُّ إذَا حَضَرَ الْمُؤَجِّرُ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَمِلَ فِي الدَّارِ عَمَلًا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. الْآجِرُ إجَارَةً طَوِيلَةً إذَا بَاعَ الْمُسْتَأْجِرَ ثُمَّ جَاءَ مُدَّةُ الْخِيَارِ هَلْ يَنْفُذُ بَيْعُهُ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْفُذُ وَهُوَ كَمَا لَوْ آجَرَ إجَارَةً مُضَافَةً ثُمَّ بَاعَ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِ الْإِضَافَةِ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ ظَهِيرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ عِنْدِي لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَنْفُذُ بَيْعُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. آجَرَ الدَّارَ إجَارَةً طَوِيلَةً بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَقَبَضَهَا وَسَلَّمَ الدَّارَ ثُمَّ بَاعَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَمَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَى هَذِهِ الدَّارِ فَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ بِهَا وَلَهُ وِلَايَةُ الْحَبْسِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَالَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ بِالْمَوْتِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ دُونَ الْبَيْعِ فَبَقِيَتْ الدَّارُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَكِنَّهُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَدَّى الْأُجْرَةَ وَقَبَضَ الدَّارَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَإِنْ أَجَازَ بَيْعَهَا وَمَالُ الْإِجَارَةِ عَشَرَةٌ وَالثَّمَنُ خَمْسَةٌ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَجْلِ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ وِلَايَةُ الْحَبْسِ أَيْضًا وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَارًا إجَارَةً طَوِيلَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقِيمَةُ الدَّارِ خَمْسُونَ دِينَارًا فَمَاتَ الْآجِرُ حَتَّى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا سِوَى هَذِهِ الدَّارِ ثُمَّ إنَّ وَارِثَ الْآجِرِ آجَرَ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْمِائَةِ الَّتِي لَهُ عَلَى مُوَرِّثِهِ إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ انْفَسَخَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ بَيْنَ وَارِثِ الْآجِرِ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْمُسْتَأْجِرُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَارِثِ بِالْمِائَةِ إلَّا أَنَّ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ هَذِهِ الدَّارُ وَقِيمَتُهَا خَمْسُونَ فَيُطَالِبُهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِقَدْرِ خَمْسِينَ لَا بِالْمِائَةِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا آجَرَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ آجَرَ مِنْ آخَرَ إجَارَةً طَوِيلَةً لَا تَجُوزُ وَلَا تَنْقَلِبُ جَائِزَةً بَعْدَمَا انْفَسَخَتْ الْأُولَى بِفَسْخِهَا وَأَنَّهُ مُشْكِلٌ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ لِأَنَّ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ بَعْضَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مُضَافٌ وَفِي صِحَّةِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ رِوَايَتَانِ وَالْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ دَلِيلُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ الْأُولَى كَالْبَيْعِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ إنَّ الْآجِرَ نَقَضَ بِنَاءَهَا

بِرِضَا الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ جَدَّدَ بِنَاءَهَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ بَاقِيَةً بِبَقَاءِ الْأَصْلِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَلَوْ آجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْإِجَارَةٍ الطَّوِيلَةِ مِنْ غَيْرِهِ يُبَيِّنُ الْأَيَّامَ الْمُسْتَثْنَاةَ فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا الْيَوْمُ الْعَاشِرُ وَالْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ مَثَلًا مِنْ شَهْرِ كَذَا وَيَسْتَثْنِي فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ نَصًّا لِيَتَبَيَّنَ الدَّاخِلُ مِنْ الْأَيَّامِ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ الدَّاخِلِ هَكَذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ وَهَذَا إذَا كَتَبَ ذِكْرَ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى حِدَةٍ أَمَّا إذَا كَتَبَ فِي الذِّكْرِ الْأَوَّلِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ فَذَكَرَ فِيهِ سِوَى الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ الْمَذْكُورِ فِيهِ يَكْفِي لِجَوَازِ الْعَقْدِ الثَّانِي هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ شَيْئًا إجَارَةً طَوِيلَةً صَحِيحَةً بِدَنَانِيرِ دَيْنٍ مَوْصُوفَةٍ فَأَعْطَاهُ مَكَانَ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ ثُمَّ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ فَالْآجِرُ يُطَالِبُ بِالدَّنَانِيرِ لَا بِالدَّرَاهِمِ وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا يُطَالِبُ الْآجِرُ بِإِعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا غَرَسَ الْآجِرُ فِي الْأَرْضِ أَوْ الْكَرْمِ فِي الطَّوِيلَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِلْكُ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ وَإِذَا قَلَعَ الْآجِرُ الْأَشْجَارَ أَوْ كَسَرَ الْأَغْصَانَ لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْعَ لِأَنَّ اعْتِبَارَ هَذَا الْبَيْعِ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الثَّمَنِ لَا فِي حَقِّ الشَّجَرِ وَلَوْ احْتَطَبَ الْمُسْتَأْجِرُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ فِي بَيْعِهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. اسْتَأْجَرَ أَرْضًا إجَارَةً طَوِيلَةً وَاشْتَرَى الْأَشْجَارَ لِيَصِحَّ الِاسْتِئْجَارُ ثُمَّ أَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ ثُمَّ فَسَخَاهَا فَالثِّمَارُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ قَطَعَ الْأَشْجَارَ ثُمَّ تَفَاسَخَا فَهِيَ لِلْآجِرِ وَلَوْ أَتْلَفَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ بَيْعٌ ضَرُورِيٌّ لِجَوَازِ الْإِجَارَةِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبَاتِّ وَلَوْ أَتْلَفَ الْآجِرُ الْأَشْجَارَ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَكِنْ يُخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْفَسْخِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَلَوْ قَطَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ قَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَقَاضِي خَانْ وَالْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ لَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ لَكِنَّهُ يُخَيَّرُ الْآجِرُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. اسْتَأْجَرَ الْكَرْمَ إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ دَفَعَهَا مُعَامَلَةً إلَى الْآجِرِ إنْ كَانَتْ طَوِيلَةً بِطَرِيقِ بَيْعِ الْأَشْجَارِ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ، وَإِنْ كَانَتْ بِطَرِيقِ الْمُعَامَلَةِ ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى الْمَالِكِ مُعَامَلَةً لَا تَجُوزُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ كَرْمًا لَمْ يَرَهُ وَقَدْ كَانَ صَاحِبُ الْكَرْمِ بَاعَ الْأَشْجَارَ قَبْلَ الْإِجَارَةِ حَتَّى صَحَّتْ الْإِجَارَةُ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْكَرْمِ وَلَوْ تَصَرَّفَ فِي الْكَرْمِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ بَطَلَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَوْ أَكَلَ مِنْ ثِمَارِ الْكَرْمِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا مَاتَ الْآجِرُ إجَارَةً طَوِيلَةً وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بِثَمَنِ الْمُسْتَأْجَرِ أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ كَالْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً بِسَبَبٍ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا وُهِبَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ مِنْ الْآجِرِ قَبْلَ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ صَارَتْ مِلْكًا لِلْآجِرِ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ يَكُونُ هِبَةَ مِلْكِ الْآجِرِ مِنْ الْآجِرِ كَذَا فِي الصُّغْرَى. اسْتَأْجَرَ سَفَّانًا لِيَتَّخِذَ لَهُ سَفِينَةً مِنْ خَشَبِهِ فِي عَرْضِ اثْنَيْ عَشَرَ شِبْرًا بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَقَالَ السَّفَّانُ إنَّ خَشَبَكَ لَا يَصْلُحُ لِهَذَا الْعَرْضِ فَأْذَنْ لِي أَنْ أُزِيدَ شِبْرًا أَوْ أُنْقِصَ فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فَاِتَّخَذَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شِبْرًا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِالزِّيَادَةِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْمُسْتَأْجِرُ إجَارَةً طَوِيلَةً إذَا آجَرَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ مَعَ آجِرِهِ تَفَاسَخَا الْإِجَارَةَ الْأُولَى هَلْ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ وَالْمُزَارَعَةُ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَنْفَسِخُ سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ أَيَّامُ الْفَسْخِ فِي الْعَقْدَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَتْ بِأَنْ كَانَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ الْأُولَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ سَنَةٍ

الباب الحادي والثلاثون في الاستصناع والاستئجار على العمل

ثَمَانِينَ وَأَيَّامُ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ أَوْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْعَمَلِ] (الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْعَمَلِ) يَجُوزُ الِاسْتِصْنَاعُ اسْتِحْسَانًا لِتَعَامُلِ النَّاسِ وَتَعَارُفِهِمْ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالِاسْتِصْنَاعُ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ وَالْعَمَلُ مِنْ الصَّانِعِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ الْمُسْتَصْنِعِ لَا مِنْ الصَّانِعِ فَإِنَّهُ يَكُونُ إجَارَةً وَلَا يَكُونُ اسْتِصْنَاعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي تَجْنِيسِ خُوَاهَرْ زَادَهْ الِاسْتِصْنَاعُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا وَيَسْتَصْنِعَ الْبَائِعَ فِيهِ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأَدِيمَ وَيَأْمُرَ الْبَائِعَ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ خُفًّا يَصِفُ لَهُ قَدْرَهُ وَعَمَلَهُ فَهَذَا جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِصْنَاعِهِ مِثْلُ آنِيَةِ الزُّجَاجِ وَالنُّحَاسِ وَالْخَشَبِ وَالْقِدْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَلَنْسُوَةِ وَأَشْبَاهِهَا إذَا بَيَّنَ صِفَتَهُ وَقَدْرَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَالِاسْتِصْنَاعُ بَيْعٌ هُوَ الْأَصَحُّ وَالْمُسْتَصْنِعُ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ وَلَا خِيَارَ لِلصَّانِعِ هَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ثُمَّ إذَا رَضِيَهُ الْمُسْتَصْنِعُ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِلصَّانِعِ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْضَاهُ الْمُسْتَصْنِعُ. كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ إلَى حَائِكٍ فِي ثَوْبٍ مِنْ قُطْنٍ يَنْسِجُهُ لَهُ وَسَمَّى طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَجِنْسَهُ وَرُقْعَتَهُ وَالْغَزْلُ مِنْ الْحَائِكِ حَتَّى كَانَ اسْتِصْنَاعًا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَجُوزَ وَلَكِنْ اسْتَحْسَنَ وَقَالَ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ ضَرَبَ لِذَلِكَ أَجَلًا يَصِيرُ سَلَمًا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ شَرْحِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الِاسْتِصْنَاعَ فِيمَا لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ يَصِيرُ سَلَمًا بِضَرْبِ الْأَجَلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَصِيرُ سَلَمًا وَفِيمَا لَا تَعَامُلَ لِلنَّاسِ فِيهِ يَصِيرُ سَلَمًا بِضَرْبِ الْأَجَلِ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْقُدُورِيِّ، وَإِنْ ضَرَبَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ أَجَلًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّلَمِ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَبْضِ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ بِسَلَمٍ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ مَا لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ وَبَيْنَ مَا لَا تَعَامُلَ لَهُمْ فِيهِ فَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْبُيُوعِ أَنَّ فِيمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ يَصِيرُ الِاسْتِصْنَاعُ سَلَمًا بِضَرْبِ الْأَجَلِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ مَنَوَيْنِ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ لِيَضُمَّ إلَيْهِ مَنَوَيْنِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَيَنْسِجَهُ وَيَرْفَعُ أَجْرَ النَّسْجِ وَالْفَاضِلُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً مِنْ الرِّبْحِ إنْ لَمْ يَخْلِطْ وَنَسَجَ كُلَّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا يَأْخُذُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْإِبْرَيْسَمِ، وَإِنْ خَلَطَ وَنَسَجَ الْكُلَّ فَجَمِيعُ ذَلِكَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً كَمَا شَرَطَ وَلَا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي مَحَلٍّ مُشْتَرَكٍ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ سَلَّمَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ لِيَنْسِجَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْغَزْلِ رَطْلًا مِنْ عِنْدِهِ وَقَالَ أَقْرِضْنِي رَطْلًا مِنْ غَزْلِكَ عَلَى أَنْ أُعْطِيَك مِثْلَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْسِجَ مِنْهُ ثَوْبًا عَلَى صِفَةٍ مَعْلُومَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِقْرَاضُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ قَالَ زِدْنِي رَطْلًا مِنْ غَزْلِكَ عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ غَزْلًا مِثْلَ غَزْلِك فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَيَكُونُ قَرْضًا، وَإِنْ قَالَ زِدْنِي غَزْلًا وَسَكَتَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا وَيَكُونُ قَرْضًا ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ رَبِّ الثَّوْبِ وَبَيْنَ الْحَائِكِ بَعْدَمَا فَرَغَ الْحَائِكُ مِنْ الْعَمَلِ وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لَمْ تَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَقَالَ الْحَائِكُ لَا بَلْ زِدْتُ وَالثَّوْبُ مُسْتَهْلَكٌ بِأَنْ بَاعَ صَاحِبُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ وَزْنَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْحَائِكَ زَادَ فِي الْغَزْلِ وَعَلَى الْحَائِكِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ نَكَلَ رَبُّ الثَّوْبِ عَنْ الْيَمِينِ يَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ الْحَائِكُ فَيَلْزَمُ رَبَّ الثَّوْبِ ذَلِكَ، وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ عَمَّا ادَّعَاهُ الْحَائِكُ فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ قَائِمًا سَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ قَالَ زِدْ رَطْلًا مِنْ غَزْلِك عَلَى أَنْ أُعْطِيَك ثَمَنَ الْغَزْلَ وَأَجْرُ عَمَلِك كَذَا دِرْهَمًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَإِذَا جَازَ هَذَا فَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الثَّوْبِ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لَمْ تَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَقَالَ الْحَائِكُ زِدْت فِيهِ مَا أَمَرْتنِي أَيْضًا فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا ذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ ثَبَتَتْ الزِّيَادَةُ وَكَانَ عَلَيْهِ جَمِيعُ

مَا سَمَّى لِلْحَائِكِ بَعْضُهُ بِإِزَاءِ الْعَمَلِ وَبَعْضُهُ بِإِزَاءِ ثَمَنِ الْغَزْلِ، وَإِنْ حَلَفَ لَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَطْرَحُ عَنْهُ ثَمَنَ الْغَزْلِ وَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الثَّوْبِ وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يُقْسِمَ الْمُسَمِّي عَلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَذَلِكَ عَمَلُهُ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ وَعَلَى قِيمَةِ الْغَزْلِ الْمَشْرُوطِ عَلَى الْحَائِكِ لِأَنَّهُ قَبِلَ الْمُسَمَّى بِالْغَزْلِ وَبِالْعَمَلِ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ لِأَنَّ مَنًّا مِنْ الْغَزْلِ أَعْطَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَنَصَّفَ مَنٍّ اشْتَرَطَ مِنْهُ فَيَطْرَحُ عَنْهُ ثَمَنَهُ وَمَا أَصَابَ الْعَمَلُ وَهُوَ أَجْرُ الثَّوْبِ يَلْزَمُهُ حَتَّى أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى مَثَلًا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ بِإِزَاءِ الْغَزْلِ وَبِإِزَاءِ الْعَمَلِ وَقِيمَةُ الْغَزْلِ دِرْهَمٌ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا أُمِرَ بِهِ دِرْهَمَانِ مِنْ الْمُسَمَّى يَطْرَحُ عَنْهُ دِرْهَمَ ثَمَنِ الْغَزْلِ فَيُقَسِّمُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى عَلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ وَفِيمَا لَمْ يَعْمَلْ وَيَطْرَحُ عَنْهُ حِصَّةَ أَجْرِ مِثْلِ الْعَمَلِ فِي الزِّيَادَةِ وَكَيْفَ يَتَعَرَّفُ حِصَّةَ مَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الزِّيَادَةِ مِنْ الْأَجْرِ مِمَّا عَمِلَ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ يَتَعَرَّفُ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ إنْ كَانَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مَنًّا مِنْ غَزْلٍ وَمَا شَرَطَ عَلَيْهِ نِصْفَ مَنٍّ يُقَسِّمُ الْبَاقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى بَعْدَ ثَمَنِ الْغَزْلِ وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ بِإِزَاءِ مَا عَمَلِ وَثُلُثُهُ بِإِزَاءِ مَا لَمْ يَعْمَلْ فَيَطْرَحُ عَنْهُ الثُّلُثَ وَلَا يَعْتَبِرُ السُّهُولَةَ وَالصُّعُوبَةَ فِي الْعَمَلِ بِسَبَبِ صِغَرِ الثَّوْبِ وَكِبَرِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَتَعَرَّفُ قَدْرَ السَّاقِطِ مِنْ الْقَائِمِ بِاعْتِبَارِ السُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ فِي الْعَمَلِ بِسَبَبِ صِغَرِ الثَّوْبِ وَكِبَرِهِ وَهَذَا لِأَنَّ الْعَمَلَ قَدْ يَسْهُلُ عَلَى الْحَائِكِ بِطُولِ الثَّوْبِ وَيَصْعُبُ بِصِغَرِهِ فَإِنَّهُ مَتَى قَصُرَ يَحْتَاجُ إلَى الْوَصْلِ وَإِلَى عَمَلِ الدَّقِيقِ مِرَارًا وَمَتَى طَالَ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهَذَا التَّفَاوُتُ مُعْتَبَرٌ فِيمَا بَيْنَ الْعَمَلَةِ مِنْ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ فِي زِيَادَةِ الْأَجْرِ بِسَبَبِ صِغَرِ الثَّوْبِ وَنُقْصَانِهِ بِسَبَبِ الْكِبَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهِمَا وَإِذَا وَجَبَ اعْتِبَارُهُمَا يَجِبُ أَنْ يُقَسِّمَ الْبَاقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ عَلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي مَنٍّ وَأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ فَإِنْ كَانَ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا وَفِي مَنٍّ دِرْهَمَيْنِ يَكُونُ بِإِزَاءِ الزِّيَادَةِ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَيَطْرَحُ مِنْ دِرْهَمَيْنِ نِصْفَ دِرْهَمٍ حِصَّةَ مَا لَمْ يَعْمَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقَصِيرِ وَالطَّوِيلِ بِذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِهَذَا التَّفَاوُتِ عِبْرَةٌ فِي زِيَادَةِ الْأَجْرِ وَنُقْصَانِهِ ثُمَّ مَاذَا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى فَعَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُسَمَّى وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُسَمَّى كَمَا قُلْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ الْأَجْرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَقُلْ الْمُسَمَّى فَيَجِبُ تَخْرِيجُهَا عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَأَمَّا إذَا كَانَ قَائِمًا إنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ مِقْدَارَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْغَزْلِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ هَالِكًا مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ إلَّا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّهُ مَتَى حَلَفَ وَلَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَيُضَمِّنَهُ غَزْلًا مِثْلَ غَزْلِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الثَّوْبُ قَائِمًا وَقَدْ عَرَفَ مِقْدَارَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ الْغَزْلِ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مَنٌّ فَإِنَّهُ يُوزَنُ الثَّوْبُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ وُزِنَ فَإِذَا هُوَ مَنٌّ وَاحِدٌ لَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ بِيَقِينٍ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الثَّوْبِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ مَنَوَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَائِكِ إنْ لَمْ يَدَّعِ رَبُّ الثَّوْبِ أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ الدَّقِيقِ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ الدَّقِيقِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَرَى أَهْلُ الْبَصَرِ مِنْ تِلْكَ الصِّنَاعَةِ فَإِنْ قَالُوا قَدْ يَزِيدُ الدَّقِيقُ مِثْلَ هَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ قَالُوا الدَّقِيقُ لَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ صَارَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلْحَائِكِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لَكِنْ مَعَ الْيَمِينِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ دَفَعَ سِمْسِمًا وَقَالَ أَقْشِرْهُ وَرُبَّهُ بِبَنَفْسَجٍ وَلَك دِرْهَمٌ كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّ الْبَنَفْسَجَ مَجْهُولٌ قَدْرُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ فَيَكُونُ الْعَمَلُ مَجْهُولًا فَإِنْ كَانَ قَدْرُ الْبَنَفْسَجِ مَعْلُومًا عِنْدَ التُّجَّارِ جَازَ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى صَبَّاغٍ لِيَصْبُغَهُ بِعُصْفُرٍ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَ الْعُصْفُرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا دَفَعَ حَدِيدًا إلَى حَدَّادٍ لِيَصْنَعَهُ عَيْنًا سَمَّاهُ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَجَاءَ بِهِ الْحَدَّادُ عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ صَاحِبُ الْحَدِيدِ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لِصَاحِبِ الْحَدِيدِ وَيُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَوْ خَالَفَهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ فَإِنْ خَالَفَهُ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَصْنَع مِنْهُ قَدُومًا فَصَنَعَ لَهُ مَرًّا ضَمِنَ لَهُ حَدِيدًا مِثْلَ حَدِيدِهِ وَالْإِنَاءُ لَهُ وَلَا خِيَارَ لِصَاحِبِ الْحَدِيدِ وَإِنْ خَالَفَهُ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفِ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَصْنَعَ لَهُ قَدُومًا يَصْلُحُ

لِلنَّجَّارِ فَصَنَعَ لَهُ قَدُومًا يَصْلُحُ لِكَسْرِ الْحَطَبِ فَصَاحِبُ الْحَدِيدِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ حَدِيدًا مِثْلَ حَدِيدِهِ وَتَرَكَ الْقَدُومَ عَلَيْهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقَدُومَ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَا سَلَّمَهُ إلَى كُلِّ صَانِعٍ لِيَصْنَعَ مِنْهُ شَيْئًا سَمَّاهُ كَالْجِلْدِ يُسَلِّمُهُ إلَى إسْكَافٍ لِيَصْنَعَهُ خُفَّيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَسُئِلَ عَمَّنْ دَفَعَ إلَى سَرَّاجٍ بَعْضَ آلَاتِ السَّرْجِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَتَّخِذَ سَرْجًا بِهَذِهِ الْآلَاتِ وَبِآلَاتٍ أُخَرَ يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِإِتْمَامِ السَّرْجِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَثَمَنَ مَا جَعَلَهُ فِي سَرْجِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ السَّرَّاجُ ذَلِكَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَقِيمَةُ الْآلَاتِ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فَرَضِيَ الْآمِرُ بِذَلِكَ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ هَذَا فَنَقَدَ خَمْسَةً مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَوْلَى بَعْضُ أَعْوَانِ السُّلْطَانِ وَالْأَتْرَاكِ عَلَى ذَلِكَ السَّرْجِ وَغَيَّبَهُ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ هَلْ لِلْآمِرِ أَنْ يُضَمِّنَ السَّرَّاجَ قِيمَةَ سَرْجِهِ فَقَالَ: لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْعَمَلَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلَيْهِ وَالْآلَاتِ مُسَلَّمَةٌ إلَيْهِ قَالَ وَمَعَ هَذَا إذَا فَرَغَ مِنْ السَّرْجِ فَاتَّصَلَتْ الْآلَاتُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَاتَّفَقَا وَتَرَاضَيَا عَلَى مَالٍ يُعْطِيهِ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ هُوَ كَابْتِدَاءِ بَيْعٍ فَيَجُوزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ جِلْدًا إلَى الْإِسْكَافِ وَاسْتَأْجَرَهُ بِأَجْرٍ مُسَمًّى عَلَى أَنْ يَخْرِزَ لَهُ خُفَّيْنِ وَسَمَّى لَهُ الْمِقْدَارَ وَالصِّفَةَ عَلَى أَنْ يُنَعِّلَهُ الْإِسْكَافُ وَيُبَطِّنَهُ مِنْ عِنْدِهِ وَوَصَفَ لَهُ الْبِطَانَةَ وَالنَّعْلَ فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيُخَيِّطَ لَهُ جُبَّةً عَلَى أَنْ يَحْشُوَهُ وَيُبَطِّنَهُ مِنْ عِنْدِهِ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَسْأَلَةَ الْجُبَّةِ فِي الْأَصْلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَفِي الْمُنْتَقَى ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَسْأَلَةَ رَجُلٍ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ظِهَارَةً وَقَالَ بَطِّنْهَا لِي مِنْ عِنْدِك فَهُوَ جَائِزٌ وَقَاسَهُ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَى خُفًّا وَقَالَ لِلْبَائِعِ أَنْعِلْهُ بِنَعْلٍ مِنْ عِنْدِك فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ بِطَانَةً وَقَالَ ظَهِّرْهَا لِي مِنْ عِنْدِك فَهُوَ فَاسِدٌ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَوَّزَ هَذَا التَّصَرُّفَ، وَإِنْ لَمْ يُرِ صَاحِبَ الْجِلْدِ النَّعْلَ وَالْبِطَانَةَ وَصَرَفَهُ إلَى نَعْلٍ وَبِطَانَةٍ يَلِيقَانِ بِذَلِكَ الْخُفِّ وَكَذَا إذَا أَمَرَ الرَّجُلُ إسْكَافًا أَنْ يَخْرِزَ عَلَى خُفَّيْهِ وَمُكَعَّبَيْهِ أَرْبَعَ قِطَعٍ مِنْ صَرْمٍ بِكَذَا وَلَمْ يَرَ الرَّجُلُ الْقِطَعَ فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا. وَكَذَا تَرْقِيعُ الْخِرَقِ فِي الْخِفَافِ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَى الْإِسْكَافُ الرِّقَاعَ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ شَرَطَ الْإِرَاءَةَ فِي النَّعْلِ وَهَكَذَا فِي الْقِطَعِ الْأَرْبَعِ وَهَكَذَا فِي تَرْقِيعِ الْخِرَقِ فَإِذًا فِيهِ رِوَايَتَانِ وَإِذَا جَازَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ اسْتِحْسَانًا فَإِذَا عَمِلَ الْإِسْكَافُ وَأَتَى بِهِ إنْ كَانَ عَمَلُهُ صَالِحًا مُقَارِبًا لَا فَسَادَ فِيهِ أُجْبِرَ صَاحِبُ الْجِلْدِ عَلَى الْقَبُولِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ فَقَدْ اعْتَبَرَ الْمُقَارَبَةَ لِلُّزُومِ لَا حَقِيقَةِ الْمُوَافَقَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْجِلْدِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا فِي حَقِّ الْعَمَلِ وَلَا فِي حَقِّ النَّعْلِ هَذَا إذَا عَمِلَ عَمَلًا مُقَارِبًا صَالِحًا فَأَمَّا إذَا أَفْسَدَ بِأَنْ خَالَفَ فِي صِفَةِ مَا أُمِرَ بِهِ ذَكَرَ أَنَّ صَاحِبَ الْجِلْدِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْخُفَّ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ جِلْدِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْخُفَّ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ فَإِنْ تَرَكَ الْخُفَّ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَ الْخُفَّ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ الْخُفِّ غَيْرِ مُنَعَّلٍ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُعْطِيهِ قِيمَةَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ وَمَعْرِفَةُ قِيمَةِ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الْخُفِّ مُخَرَّزًا غَيْرَ مُنَعَّلٍ وَإِلَى قِيمَتِهِ مُنَعَّلًا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ غَيْرَ مُنَعَّلٍ عَشَرَةً وَقِيمَتُهُ مَنْعَلًا اثْنَيْ عَشَرَ عَلِمَ أَنَّ قِيمَةَ مَا زَادَ فِيهِ دِرْهَمَانِ فَيَكُونُ دِرْهَمَانِ قَدْرَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ الْخُفِّ غَيْرَ مُنَعَّلٍ فَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةً مَثَلًا يُضَمُّ إلَى قِيمَةِ مَا زَادَ فَيَصِيرُ خَمْسَةً ثُمَّ يُقَابِلُ الْمُسَمَّى فَإِنْ كَانَ خَمْسَةً مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى فَلِلْإِسْكَافِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ بِأَنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَرْبَعَةً فَإِنَّهُ يُعْطِي لَهُ أَرْبَعَةً وَإِذَا اعْتَبَرَ قِيمَةَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ لَا يَعْتَبِرُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ النَّعْلِ وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا إذَا دَفَعَ خُفًّا مُخَرَّزًا إلَى إسْكَافٍ لِيُنَعِّلَهُ بِنَعْلٍ مِنْ عِنْدِهِ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ حَتَّى جَازَتْ الْإِجَارَةُ اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ فَنَعَّلَهُ بِنَعْلٍ لَا يُنَعَّلُ بِهِ حَتَّى أَفْسَدَ الْخُفَّ بِذَلِكَ وَثَبَتَ لِصَاحِبِ الْخُفِّ الْخِيَارُ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاخْتَارَ الْأَخْذَ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ وَقِيمَةَ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ النَّعْلِ مُزَايَلًا غَيْرَ مُخَرَّزٍ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى وَهُنَا أَوْجَبَ مَعَ أَجْرِ الْمِثْلِ قِيمَةَ مَا زَادَ الْعَمَلَ فِيهِ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ قِيمَةَ النَّعْلِ وَالْبِطَانَةِ مُزَايَلًا غَيْرَ مُخَرَّزٍ وَالْمُتَّصِلُ بِخُفِّهِ لِلْإِسْكَافِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَيْنُ مَالٍ

وَعَمَلٍ ثُمَّ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ أَوْجَبَ قِيمَةَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ. وَفِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ أَوْجَبَ قِيمَةَ النَّعْلِ مُزَايَلًا غَيْرَ مُخَرَّزٍ وَمَنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا ذُكِرَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ يَكُونُ ذِكْرًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ صَاحِبَ الْخُفِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ الْخُفِّ وَالنَّعْلِ وَالْبِطَانَةِ ثُمَّ قِيمَةَ النَّعْلِ وَالْبِطَانَةِ مُزَايَلًا فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ وَقَالَ فِي مَسْأَلَتِنَا أَمْكَنَ إيجَابُ قِيمَةِ مَا زَادَ فِيهِ النَّعْلَ وَالْبِطَانَةَ وَفِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يُمْكِنْ إيجَابُ قِيمَةِ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى فِيمَا يَخُصُّ الْعَمَلَ فَأَمَّا مَا يَخُصُّ النَّعْلَ فَإِنَّهُ يَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى فِي حَقِّ النَّعْلِ وَالْعَمَلِ جَمِيعًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا إذَا دَفَعَ إلَى قَلَانِسِيٍّ قِطْعَةً وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ قَلَنْسُوَةً بِبِطَانَةٍ فَهُوَ عَلَى مَا وَصَفْنَا فَإِنْ جَاءَ بِهِ غَيْرَ جَيِّدٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ إلَّا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ الْجَيِّدَ فَيُخَيَّرُ. كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِذَا اسْتَصْنَعَ الرَّجُلُ خُفًّا عِنْدَ إسْكَافٍ فَعَمِلَهُ وَفَرَغَ مِنْهُ فَقَالَ الْمُسْتَصْنِعُ هَذَا لَيْسَ عَلَى الْمِقْدَارِ وَالْخَرْزِ وَالتَّقْطِيعِ الَّذِي أَمَرْتُك بِهِ وَقَالَ الْإِسْكَافُ بَلْ بِهَذَا أَمَرْتنِي وَأَرَادَ الْإِسْكَافُ أَنْ يُحَلِّفَ صَاحِبَ الْمَالِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّبَّاغِ إذَا ادَّعَى أَنَّ مَا صَبَغَ كَانَ بِأَمْرِهِ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ صَاحِبِ الثَّوْبِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى إسْكَافٍ أَدِيمًا لِيَقْطَعَ لَهُ خُفًّا وَيَخْرِزَهُ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فَدَفَعَهُ إلَى آخَرَ بِدِرْهَمَيْنِ إنْ أَعْطَاهُ وَأَدَّاهُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ عَمِلَ بَعْضَ الْأَعْمَالِ طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ وَإِلَّا يَتَصَدَّقُ بِهَا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَفَعَ خُفَّهُ إلَى رَجُلٍ لَيُنَعِّلَهُ مِنْ عِنْدِهِ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَنَعَّلَهُ بِنَعْلٍ يُنَعَّلُ بِمِثْلِهِ الْخِفَافُ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَيِّدًا وَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ الْجُودَةَ فَأَتَى بِمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَيِّدِ أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ جَيِّدًا فَنَعَّلَهُ بِغَيْرِ جَيِّدٍ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْخُفِّ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْخُفَّ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ وَقِيمَةَ مَا زَادَ فِيهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْأَجْرِ بِأَنْ قَالَ الْإِسْكَافُ شَرَطْت لِي دِرْهَمًا وَقَالَ رَبُّ الْخُفِّ شَرَطْت لَك دَانِقَيْنِ وَقَدْ خَرَزَهُ عَلَى مَا وَصَفَ لَهُ وَلَمْ يَخْتَلِفَا فِي ذَلِكَ وَأَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْعَامِلِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَوَابَ فِيمَا إذَا لَمْ يَقُمْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَيَجِبُ أَنْ يُحَكِّمَ فِي ذَلِكَ قِيمَةَ النَّعْلِ مُزَايَلًا وَيَجْعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ قِيمَةُ النَّعْلِ كَمَا فِي الصَّبْغِ فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ النَّعْلِ دِرْهَمًا كَمَا يَدَّعِيهِ الْإِسْكَافُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّعْلِ تَشْهَدُ لِصَاحِبِهِ بِأَنْ كَانَتْ دَانِقَيْنِ كَمَا يَدَّعِيهِ صَاحِبُ الْخُفِّ جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّعْلِ لَا تَشْهَدُ لِأَحَدِهِمَا بِأَنْ كَانَتْ نِصْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ هَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأَجْرِ فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْأَجْرِ قَالَ صَاحِبُ الْخُفِّ عَمِلْته لِي بِغَيْرِ أَجْرٍ وَقَالَ الْإِسْكَافُ لَا بَلْ عَمِلْته لَك بِأَجْرٍ أَنَّهُ يُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ فَإِنْ حَلَفَا وَلَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْ الْأَجْرَيْنِ ذَكَرَ أَنَّ صَاحِبَ الْخُفِّ يَغْرَمُ قِيمَةَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ قَالَ وَلَوْ عَمِلَ الْخُفَّ كُلَّهُ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى كَانَ اسْتِصْنَاعًا ثُمَّ اخْتَلَفَا قَبْلَ الْقَبْضِ فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْإِسْكَافِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ لِنَجَّارٍ ابْنِ لِي بَيْتًا فَإِذَا بَنَيْته يُقَوِّمُهُ الْمُقَوِّمُونَ فَمَا يَقُولُونَ نَدْفَعُهُ إلَيْك فَرَضِيَا بِهِ وَبَنَاهُ وَقَوَّمَهُ رَجُلٌ بِاتِّفَاقِهِمَا وَأَبَى الصَّانِعُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ وَحِمْيَرٌ الْوَبَرِيُّ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُقَوِّمِ لَا الْحَكَمِ يَعْنِي فَلَا يَلْزَمُهُ تَقْوِيمُهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى صَائِغٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِضَّةً وَقَالَ زِدْ عَلَيْهَا دِرْهَمَيْنِ يَكُونَانِ قَرْضًا عَلَيَّ وَصُغْهُ قَلْبًا وَأَجْرُك دِرْهَمٌ فَصَاغَهُ وَجَاءَ بِهِ مَحْشُوًّا وَقَالَ زِدْت عَلَيْهَا دِرْهَمَيْنِ وَقَالَ صَاحِبُ الْفِضَّةِ لَمْ تَزِدْ عَلَيْهَا شَيْئًا فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ حَلَفَا يُخَيَّرُ الصَّائِغُ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْقَلْبَ إلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ خَمْسَةَ دَوَانِقِ دِرْهَمٍ أَجْرَ الْعَشَرَةِ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِضَّةً وَأَخَذَ الْقَلْبَ لِأَنَّ الصَّائِغَ يَدَّعِي عَلَى صَاحِبِ الْفِضَّةِ قَرْضَ دِرْهَمَيْنِ وَهُوَ يُنْكِرُ وَصَاحِبُ الْقَلْبِ يَدَّعِي عَلَى الصَّائِغِ اسْتِحْقَاقَ الْقَلْبِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُ فَيُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَفَعَ مُصْحَفًا إلَى مُذَهِّبٍ لِيُذَهِّبَهُ بِذَهَبٍ مِنْ عِنْدِهِ وَأَرَاهُ الْمُذَهِّبُ أُنْمُوذَجًا مِنْ الْأَعْشَارِ وَالْأَخْمَاسِ وَرُءُوسِ الْآيِ وَأَوَائِلِ السُّوَرِ فَأَمَرَهُ رَبُّ

الباب الثاني والثلاثون في المتفرقات

الْمُصْحَفِ أَنْ يُذَهِّبَهُ كَذَلِكَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ مِقْدَارَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَجْهُولٌ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنْ يُخَيِّطَهُ الْبَائِعُ بِعَشَرَةٍ فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَوْ جَاءَ إلَى حَذَّاءٍ بِشِرَاكَيْنِ وَنَعْلَيْنِ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَحْذُوهُمَا لَهُ بِأَجْرٍ مُسَمًّى جَازَ، وَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الشِّرَاكَيْنِ فَأَرَاهُمَا إيَّاهُ وَرَضِيَهُ ثُمَّ حَذَاهُمَا لَهُ كَانَ جَائِزًا اسْتِحْسَانًا. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا دَفَعَ ثَوْبًا إلَى صَبَّاغٍ لِيَصْبُغَهُ بِعُصْفُرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَصَبَغَهُ بِمَا سَمَّى إلَّا أَنَّهُ خَالَفَ فِي صِفَةِ مَا تَعَيَّنَ بِهِ فَإِنْ أَشْبَعَ أَوْ قَصَّرَ فِي الْأَصْبَاغِ حَتَّى تَعَيَّبَ الثَّوْبُ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْخَيَّاطِ أَنْ يَكُونَ كُمُّ الْقَمِيصِ مِنْ عِنْدِهِ كَانَ فَاسِدًا لِانْعِدَامِ الْعُرْفِ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ عَلَى الْبَنَّاءِ أَنْ يَكُونَ الْآجُرُّ وَالْجِصُّ مِنْ عِنْدِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ يَشْتَرِطُ فِيهِ عَلَى الْعَامِلِ شَيْئًا مِنْ قِبَلِهِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ فَإِذَا عَمِلَهُ فَالْعَمَلُ لِصَاحِبِ الْمَتَاعِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ مَعَ قِيمَةِ مَا زَادَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْبَابُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) إذَا قَالَ لِآخَرَ آجَرْتُك دَارِي هَذِهِ يَوْمًا وَاحِدًا بِكَذَا وَالسَّنَةَ مَجَّانًا أَوْ قَالَ آجَرْتُك دَارِي هَذِهِ سَنَةً يَوْمًا بِكَذَا وَبَاقِيَ السَّنَةِ مَجَّانًا فَسَكَنَهَا سَنَةً كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْبَاقِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اسْتَأْجَرَ مِسْحَاةً لِلْعَمَلِ فَقَالَ لَا أُرِيدُ الْأَجْرَ بَلْ تَعْمَلُ لِي مِقْبَضًا لِلْمِسْحَاةِ مِنْ الْخَشَبِ ثُمَّ طَلَبَ الْأَجْرَ إنْ كَانَ مَا طَلَبَهُ لَهُ قِيمَةٌ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا مُدَّةً مَعْلُومَةً فِي مَحَلَّةٍ فَنَابَتْ الْمَحَلَّةَ نَائِبَةٌ حَتَّى هَرَبَ النَّاسُ وَلَمْ يَقْدِرْ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الِانْتِفَاعِ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْ النَّائِبَةِ قَالُوا لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَهَكَذَا كَانَ أَفْتَى وَالِدِي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْخَيَّاطُ إذَا فَرَغَ مِنْ الْخِيَاطَةِ وَبَعَثَ الثَّوْبَ عَلَى يَدَيْ ابْنِهِ وَهُوَ لَيْسَ بِبَالِغٍ فَطَرَّ الطِّرَارُ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ عَاقِلًا ضَابِطًا يُمْكِنُهُ حِفْظُهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَابِطًا وَلَا يُمْكِنُهُ حِفْظُهُ ضَمِنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا لِيُخَيِّطَ لَهُ قَبَاءً أَوْ جُبَّةً وَلَمْ يُشَارِطْهُ الْأَجْرَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ أَعْطَاهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ زِيَادَةً عَلَى أَجْرِ مِثْلِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عِنْدِي أَنَّ الزِّيَادَةَ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَبِهِ يُفْتِي هَكَذَا فِي الْكُبْرَى. إذَا قَالَ لِلْحَمَّالِ احْمِلْ هَذَا إلَى بَيْتِي أَوْ قَالَ لِلْخَيَّاطِ خِطْهُ إنْ كَانَ الْخَيَّاطُ مَعْرُوفًا بِأَنَّهُ يَخِيطُ بِأَجْرٍ وَالْحَمَّالُ كَذَلِكَ يَجِبُ الْأَجْرُ وَمَا لَا فَلَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ لِلْخَيَّاطِ خِطْهُ بِأَجْرٍ فَقَالَ لَا أُرِيدُ الْأَجْرَ فَخَاطَهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا فَخَاطَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْأَجْرَ لَهُ الْأُجْرَةُ إلَّا إذَا قَالَ لَا أُرِيدُ مِنْك الْأُجْرَةَ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَجُلٌ أَقْرَضَ إنْسَانًا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَأَرَادَ أَنْ يَسْكُنَ دَارَ الْمُسْتَقْرِضِ بِغَيْرِ أَجْرٍ يَسْتَأْجِرُ الْمُقْرِضُ دَارَ الْمُسْتَقْرِضِ مُدَّةً مَعْلُومَةً سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ بِأَجْرٍ مُعَجَّلٍ ثُمَّ يَبِيعُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ شَيْئًا يَسِيرًا بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ حَتَّى يَصِيرَ الْأَجْرُ قِصَاصًا بِثَمَنِ مَا بَاعَ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ رَبُّ الدَّيْنِ لِمَدْيُونِهِ اكْرِبْ لِي هَذِهِ الْأَرْضَ بِجِهَةِ الْمُرَابَحَةِ فَكَرَبَهَا فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لِأَنَّ الْمَدْيُونَ إذَا دَفَعَ حِمَارَهُ أَوْ أَرْضَهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ مَادَامَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ فَهَذَا أَوْلَى. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ وَدَفَعَ إلَى الْمُقْرِضِ حِمَارَهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ الْمُقْرِضُ وَيَكُونُ عِنْدَهُ إلَى أَنْ يُوفِيَ الْمُسْتَقْرِضُ دَيْنَهُ فَبَعَثَهُ الْمُقْرِضُ إلَى سَرْحٍ وَسَلَّمَهُ إلَى بَقَّارٍ لِيُعْلَفَ فَعَقَرَهُ الذِّئْبُ ضَمِنَ الْمُقْرِضُ قِيمَةَ الْحِمَارِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ اسْتَقْرَضَ رَجُلٌ دَرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ وَقَالَ اُسْكُنْ حَانُوتِي هَذَا فَإِنْ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْك دَرَاهِمَك لَا أُطَالِبْك بِأُجْرَةِ الْحَانُوتِ وَالْأُجْرَةُ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْك هِبَةٌ لَك فَدَفَعَ الْمُقْرِضُ الدَّرَاهِمَ وَسَكَنَ الْحَانُوتَ مُدَّةً قَالَ إنْ كَانَ ذَكَرَ تَرْكَ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ مَعَ اسْتِقْرَاضِهِ مِنْهُ الْمَالَ فَالْأُجْرَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُقْرِضِ يُرِيدُ بِهِ أَجْرَ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ ذَكَرَ تَرْكَ الْأُجْرَةِ قَبْلَ الِاسْتِقْرَاضِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا أَجْرَ عَلَى الْمُقْرِضِ وَالْحَانُوتُ عِنْدَهُ عَارِيَّةٌ وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. قَالَ فَخْرُ الدِّينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الْكُبْرَى. رَجُلٌ أَقْرَضَ إنْسَانًا

دَرَاهِمَ ثُمَّ إنَّ الْمُقْرِضَ آجَرَ حَجَرَ الْمِيزَانِ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمَيْنِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِحَجَرِ الْمِيزَانِ قِيمَةٌ وَلَا يُسْتَأْجَرُ عَادَةً لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ شَيْءٌ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اسْتِئْجَارُ الْمُسْتَقْرِضِ الْمُقْرِضَ عَلَى حِفْظِ عَيْنِ مُتَقَوِّمٍ قِيمَتِهِ أَزْيَدُ مِنْ الْأَجْرِ كَالسِّكِّينِ وَالْمُشْطِ وَالْمِلْعَقَةِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْأَئِمَّةُ الْمُتَأَخِّرُونَ فَقِيلَ يَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ مِنْهُمْ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَالْإِمَامُ الصَّاحِبُ الْكَامِلُ مَوْلَانَا حُسَامُ الدِّينِ عليا بادى وَجَلَالُ الدِّينِ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَقَدْ وَقَعَ عَلَى الْجَوَازِ أَجِلَّةُ الْأَئِمَّةِ وَلَوْ جَعَلَ الْمُقْرِضُ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَ فِي قَبَالَةِ الْقَرْضِ وَحَفِظَهُمَا مَعًا يَجِبُ الْأَجْرُ وَفِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَوْ حَفِظَ الْعَيْنَ مَعَ الْقَبَالَةِ لَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ يَحْفَظُ الْقَبَالَةَ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ وَالْعَيْنُ هَاهُنَا تَبَعٌ وَقَدْ رَأَيْت فَتْوَى الْأُسْتَاذِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ دَفَعَ الْمُسْتَقْرِضُ إلَيْهِ قَبَالَةً وَاسْتَأْجَرَهُ عَلَى حِفْظِ الْخَطِّ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ حِفْظَ الْخَطِّ لَهُ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ وَلَوْ هَلَكَ الْمُشْطُ أَوْ السِّكِّينُ مَثَلًا وَاخْتَلَفَا بَعْدَ السَّنَةِ فَقَالَ الْمُقْرِضُ هَلَكَ بَعْدَ السَّنَةِ وَقَالَ الْمُسْتَقْرِضُ هَلَكَ مُنْذُ سَنَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَقْرِضِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زِيَادَةَ الْأَجْرِ وَلَوْ دَفَعَهُ الْأَجِيرُ إلَى امْرَأَتِهِ أَوْ إلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ لِيَحْفَظَهُ يَجِبُ الْأَجْرُ وَلَوْ دَفَعَ إلَى أَجْنَبِيٍّ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفَظَهُ بِنَفْسِهِ وَبِيَدِ مَنْ شَاءَ فَالشَّرْطُ جَائِزٌ وَيَصِيرُ الثَّانِي وَكِيلًا بِالْحِفْظِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَذَا السِّكِّينِ فَفَعَلَ الْمُقْرِضُ لَا أَجْرَ لَهُ زَمَانَ الِانْتِفَاعِ هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ. اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ وَكَتَبَ إلَيْهِ صَكَّ الْإِقْرَارِ بِهَذَا الْمِقْدَارِ وَاسْتَأْجَرَ الْمُقْرِضَ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ كُلُّ ذَلِكَ فَعَلَ الْمُسْتَقْرِضُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَالِ ثُمَّ الْمُقْرِضُ لَمْ يَدْفَعْ إلَّا أَرْبَعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ شُهُورٌ وَالْمُقْرِضُ مُعْتَرِفٌ بِجَمِيعِ ذَلِكَ تَجِبُ الْأُجْرَةُ الْمَشْرُوطَةُ كَامِلَةً وَلَمْ يَنْقُصْ بِقَسْطِ الْخَمْسِينَ الَّتِي لَمْ تُدْفَعْ إلَى الْمُسْتَقْرِضِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَضَى بَعْضَ مَالِ الْقَرْضِ مِثْلَ النِّصْفِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُقْرِضَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُطَالَبَةِ الْأُجْرَةِ كَامِلَةً لِلْمُدَّةِ الَّتِي بَعْدَ قَضَاءِ النِّصْفِ وَالْمُسْتَقْرِضُ وَالْمُقْرِضُ عَقَدَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ الْمَرْسُومَةِ عَلَى حِفْظِ عَيْنٍ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا فِي دُكَّانِ الصَّكَّاكِ وَأَمَرَهُ الْمُسْتَقْرِضُ بِكِتَابَةِ الْوَثِيقَةِ بِالْقَرْضِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ وَتَرَكَ الْمُقْرِضُ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَى حِفْظِهِ بَعْدَمَا مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ عِنْدَ الْكَاتِبِ لِيَكْتُبَ مَاهِيَّتَه وَأَوْصَافَهُ مُسْتَقْصًى فِي الْوَثِيقَةِ فَمَضَى عَلَى ذَلِكَ أَشْهُرٌ وَلَمْ يَكْتُبْ الْكَاتِبُ الْوَثِيقَةَ بُرْهَةً مِنْ الزَّمَانِ وَالْعَيْنُ عِنْدَهُ هَلْ يَجِبُ الْأَجْرُ بِالْحِفْظِ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ أَمْ لَا أَجَابَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ يَجِبُ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ عَلَى الْأَجِيرِ وَهُوَ الْمُقْرِضُ مُطْلَقُ الْحِفْظِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَحْفَظَهُ بِيَدِ كُلِّ مَنْ يَعْتَمِدُهُ وَقَدْ اعْتَمَدَ هَذَا الْكَاتِبَ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ تَرَكَهُ عِنْدَهُ كَيْفَ وَأَنَّهُ يُعْلِمُ الْمُسْتَأْجِرَ وَرَضِيَ إذَا دَفَعَ الْمُقْرِضُ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَ حِفْظُهُ إلَى مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ وَأَمَرَهُ بِالْحِفْظِ فَحَفِظَهُ زَمَانًا يَجِبُ لَهُ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ أَجْرٌ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. اسْتَقْرَضَا مِنْ رَجُلٍ وَاسْتَأْجَرَاهُ عَلَى حِفْظِ الْعَيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجَرِينَ بَطَلَتْ فِي حِصَّتِهِ وَبَقِيَتْ فِي قِسْطِ الْحَيِّ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ وَكَّلَ الْمُسْتَقْرِضُ رَجُلًا لِيَسْتَأْجِرَ الْمُقْرِضَ لِحِفْظِ سِكِّينِهِ كُلَّ شَهْرٍ وَلَمْ يَقُلْ بِكَذَا فَاسْتَأْجَرَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْمُوَكِّلِ مَا لَمْ يُعَيِّنْ الْأُجْرَةَ أَوْ يُعَمِّمْ بِأَنْ يَقُولَ عَلَى أَيَّةِ أُجْرَةٍ شِئْت وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِ سِكِّينِهِ سَنَةً كُلَّ شَهْرٍ بِعِشْرِينَ دِينَارًا لَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَحِقَهُ ضَرَرٌ لَكِنْ ضَرَرٌ يُقَابِلُهُ مَنْفَعَةُ الْحِفْظِ كَاسْتِئْجَارِ الْخَيَّاطِ وَالْقَصَّارِ وَالطَّحَّانِ بِخِلَافِ الْمُسْتَكْتِبِ إذَا حَضَرَ مَنْ أَرَادَ الْكِتَابَةَ إلَيْهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِ السِّكِّينِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا فَلَهُ الْفَسْخُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَهُلُّ فِيهِ الْهِلَالُ بِحَضْرَةِ الْمُقْرِضِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً لِحِفْظِ السِّكِّينِ فَحَفِظَهَا أَحَدُهُمْ فَعَلَيْهِ كُلُّ الْأَجْرِ إذَا كَانُوا شُرَكَاءَ فِي تَقَبُّلِ هَذَا الْعَمَلِ وَإِلَّا فَنُصِيبُهُ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلَيْنِ يَحْمِلَانِ خَشَبَةً إلَى مَنْزِلِهِ بِدِرْهَمٍ فَحَمَلَهَا أَحَدُهُمَا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْغَبْنُ الْفَاحِشُ فِي الْإِجَارَةِ (بده يازده) . كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. إذَا اسْتَقْرَضَ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُتَوَلِّي لِأَجْلِ الصَّغِيرِ وَالْوَقْفِ وَعَقَدَ الْإِجَارَةِ الْمَرْسُومَةَ هَلْ يَتَعَدَّى الْتِزَامَهَا إلَى مَالِ الْوَقْفِ وَالصَّغِيرِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْهُ يَتَعَدَّى إلَى مَالِ الْوَقْفِ وَمَالِ الصَّغِيرِ كَمَا إذَا أَنْفَقَ بَعْضَ مَالِ الْوَقْفِ أَوْ الصَّغِيرِ عَلَى الظَّالِمِ لِتَخْلِيصِ مَالِهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

دَفَعَ إلَى آخَرَ مَالًا وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ قَرْضًا وَيَعْقِدَ لَهُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ الْمَرْسُومَةِ فَدَفَعَ الْوَكِيلُ الْمَالَ إلَى الْمُسْتَقْرِضِ وَقَدْ اسْتَأْجَرَ الْمُسْتَقْرِضُ الْوَكِيلَ عَلَى أَنْ يَحْفَظَ عَيْنًا دَفَعَهُ إلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ الْوَكِيلُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ لِأَنَّ مَنْ عَقَدَ لَهُ الْإِجَارَةَ بَاقٍ وَهُوَ الْمُوَكِّلُ وَهَذَا لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْمُقْرِضِ تَوْكِيلٌ بِقَبُولِ الْعَمَلِ وَهُوَ الْحِفْظُ وَالتَّوْكِيلُ بِقَبُولِ الْأَعْمَالِ صَحِيحٌ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَسْتَقْرِضَ وَيَعْقِدَ الْإِجَارَةَ الْمَرْسُومَةَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ الْمُوَكِّلُ عَنْ عُهْدَةِ كُلِّ مَا لَزِمَ عَلَيْهِ فَفَعَلَ فَالْأَجْرُ وَالِاسْتِقْرَاضُ عَلَى الْوَكِيلِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَارًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَلَمْ يَسْكُنْهَا حَتَّى أَمَرَهُ رَبُّ الدَّارِ أَنْ يُعْطِيَ رَجُلًا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ أُجْرَةِ الدَّارِ عَلَى أَنْ يَكُونَ قَرْضًا لِرَبِّ الدَّارِ عَلَى الْقَابِضِ ثُمَّ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا لَا سَبِيلَ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ نَقَدَ الْمُسْتَقْرِضَ أَرْدَأَ مِنْ أُجْرَةِ الدَّارِ رَجَعَ عَلَى الْآجِرِ بِمَا أَعْطَى، وَإِنْ نَقَدَ أَفْضَلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآجِرِ إلَّا بِمِثْلِ مَا أَمَرَهُ بِالْأَدَاءِ وَيَرْجِع الْآجِرُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ بِمِثْلِ مَا قَبَضَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا وَجَبَ لِلْآجِرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَالٌ بِالْقَرْضِ أَوْ نَحْوِهِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْآجِرِ احْتَسِبْ هَذَا مِنْ مَالِ الْإِجَارَةِ وَفَارِسِيَّتُهُ (فرور وازمال إجَارَةٌ) فَقَالَ الْآجِرُ (فرور فُتُّمْ) فَقَدْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِقَدْرِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْآجِرِ دِينَارٌ وَالْأُجْرَةُ دَرَاهِمَ فَتَقَاصَّا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الْجِنْسُ مُخْتَلِفًا بِالتَّرَاضِي. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مَوْقُوفَةً عَلَى مَسْجِدٍ إجَارَةً شَرْعِيَّةً فَعَمَرَهَا وَزَرَعَهَا وَحَصَلَ لَهُ مِنْ مَالِهَا أَكْثَرُ مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَتْ الَّتِي سَمَّاهَا هِيَ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ طَابَ لَهُ الْفَضْلُ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. جَاءَ بِالْمَالِ إلَى الْمُقْرِضِ لِيُؤَدِّيَهُ وَتَنْفَسِخَ الْإِجَارَةُ الْمَعْهُودَةُ فَتَوَارَى الْمُقْرِضُ أَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْأَلْفُ فَجَاءَ بِهِ فَتَوَارَى الْمَكْفُولُ لَهُ أَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ إنْ لَمْ يُؤَدِّهِ الْيَوْمَ الْأَلْفَ فَجَاءَ بِالْمَالِ فَتَوَارَى الدَّائِنُ إنْ عَلِمَ الْقَاضِي تَعَنُّتَهُ وَقَصْدَهُ الْإِضْرَارَ يُنَصِّبُ لَهُ وَكِيلًا يُسَلَّمُ لَهُ الْمَالُ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَلَا يَكُونُ كَفِيلًا بِالْمَالِ وَلَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَصْدَهُ لَا يُنَصِّبْ وَلَوْ نَصَّبَ وَكِيلًا مَعَ هَذَا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ تَثْبُتُ الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ وَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ لِكَوْنِهِ مُجْتَهَدًا فِيهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. سَاحَةٌ بَيْنَ يَدَيْ حَانُوتٍ لِرَجُلٍ فِي الشَّارِعِ فَآجَرَهَا مِنْ رَجُلٍ يَبِيعُ الْفَاكِهَةَ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فَمَا يَأْخُذُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَهُوَ لِلْعَاقِدِ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا كَانَ ثَمَّةَ بِنَاءٌ أَوْ دُكَّانٌ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَصِيرُ غَاصِبًا أَمَّا بِدُونِهِ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا وَعِنْدِي أَنَّ الصَّحِيحَ هُوَ الْأَوَّلُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَسُئِلَ عَنْ مُسْتَأْجِرٍ أَحْدَثَ فِي الْمُسْتَأْجَرِ بِنَاءً أَوْ غَرْسًا ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ هَلْ يُؤْمَرُ بِرَفْعِ ذَلِكَ قَالَ يُؤْمَرُ بِرَفْعِ ذَلِكَ قَلَّتْ قِيمَتُهُ أَوْ كَثُرَتْ إنْ لَمْ يَأْخُذْ الْمَالِكُ بِالْقِيمَةِ قِيلَ فَإِنْ كَانَ فَعَلَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ قَالَ، وَإِنْ كَانَ فَعَلَ بِإِذْنِهِ قَالَ وَذَكَرَ فِي الشِّرْبِ أَنَّ مَنْ يَرْضَى بِإِجْرَاءِ غَيْرِهِ الْمَاءَ فِي أَرْضِهِ أَوْ بِمُرُورِهِ فِي أَرْضِهِ فَأَطْلَقَ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ لَهُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ. كَذَا فِي النَّسَفِيِّ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ أَرْضًا عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَجْرِبَةٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَزَرَعَهَا ثُمَّ وَجَدَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ جَرِيبًا أَوْ وَجَدَهَا سَبْعَةَ أَجْرِبَةٍ قَالَ فَلَهُ الْأَجْرُ الَّذِي سَمَّى وَلَوْ قَالَ كُلُّ جَرِيبٍ بِدِرْهَمٍ حُسِبَ عَلَيْهِ جَرِيبٌ بِدِرْهَمٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ آجَرَ أَرْضًا مِنْ جُمْلَةِ قَرْيَةٍ مُعَظَّمَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ سِهَامُهَا فَنَقَصَ مَاءُ قَنَاتِهَا وَاحْتِيجَ إلَى نَفَقَةٍ زَائِدَةٍ وَطَلَبَ أَرْبَابُهَا النَّفَقَةَ فَنَفَقَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ عَلَى الْآجِرِ أَمْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قَالَ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ وَأَرْضِهِ. وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَأَرْضِ الْآجِرِ وَلَوْ كَانَتْ قَرْيَةً مُنْفَرِدَةً لِوَاحِدٍ فَاسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ آخَرُ فَنَقَصَ مَاءُ قَنَاتِهَا وَطَلَبَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْآجِرِ نَفَقَةَ الْقَنَاةِ لِيَزِيدَ فِي مَائِهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ الْإِنْفَاقَ لَا مَحَالَةَ وَلَكِنْ يَنْظُرُ النُّقْصَانَ فَإِنْ كَانَ نُقْصَانًا كَثِيرًا بِحَيْثُ يَنْقَطِعُ الْمَاءُ عَنْ بَعْضِ الْأَرْضِ الَّتِي وَقَعَتْ عَلَيْهَا الْإِجَارَةُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِقَدْرِ مَا انْقَطَعَ الشُّرْبُ عَنْهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا الْقُدُورِيِّ فِيمَا انْقَطَعَ الْمَاءُ وَالشُّرْبُ عَنْ الْأَرْضِ أَنَّهُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ وَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي الْبَاقِي إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بِحِصَّتِهِ. وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ، وَإِنْ كَانَ نُقْصَانًا

يَسِيرًا بِحَيْثُ يَصِلُ الْمَاءُ إلَى الْأَرْضِ وَلَا يَنْقَطِعُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَكِنْ لَا يَكْفِيهِ وَلَا يُشْبِعُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ وَرَدَّهَا. وَإِنْ شَاءَ مَضَى عَلَى الْإِجَارَةِ بِمَا سَمَّى مِنْ الْأُجْرَةِ هَذَا هُوَ الْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا أَرْشَدَنَا سَيِّدُنَا وَأُسْتَاذُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْقَاضِي أَبُو الْمَعَالِي - نَوَّرَ اللَّهُ ضَرِيحَهُ - وَوَصَّانَا بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ وَلَوْ آجَرَ الْقَرْيَةَ وَمَاءُ قَنَاتِهَا يَسْقِي عِشْرِينَ جَرِيبًا فِي (شبانه روز) فَنَقَصَ وَعَادَ إلَى عَشَرَةٍ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي عَشَرَةِ أَجْرِبَةٍ وَهُوَ النِّصْفُ وَيَتَخَيَّرُ فِي الْبَاقِي عَلَى قَوْلِ أُسْتَاذِي شَيْخِ الْإِسْلَامِ هَكَذَا ذَكَرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مَوْقُوفَةً عَلَى مَصَالِحِ مَسْجِدٍ مِنْ مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ سَنَةً بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ دَفَعَ هَذِهِ الْأَرْضَ إلَى رَجُلٍ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِ الدَّافِعِ فَلَمَّا حَصَدَ قَالَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ إنَّ الْآجِرَ لَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فَيَأْخُذُ ثُلُثَ الْغَلَّةِ لِلْمَسْجِدِ عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ فَقَبَضُوا مِنْهُ جَبْرًا فَإِنْ أَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْآجِرَ كَانَ مُتَوَلِّيًا فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ مَا قَبَضَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَيُقَسِّمُ ذَلِكَ مَعَ بَقِيَّةِ الْغَلَّةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَزَارِعِ عَلَى الشَّرْطِ الْمَشْرُوطِ وَعَلَيْهِ لِلْمَسْجِدِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى كَوْنِ الْآجِرِ مُتَوَلِّيًا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ وَيَسْتَرِدُّ مَا قَبَضَ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَيُقَسِّمَانِ عَلَى الشَّرْطِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. قَالَ شَرَفُ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيُّ وَالْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَقْفًا وَغَرَسَ فِيهَا وَبَنَى ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَبْقِيَهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ قِيلَ لَهُمَا وَلَوْ أَبَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ إلَّا الْقَلْعَ هَلْ لَهُمْ ذَلِكَ فَقَالَا لَا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قَرْيَةٌ فِيهَا أَرْضُ سَبِيلٍ آجَرَهَا أَهْلُ الْقَرْيَةِ سِنِينَ مَعْلُومَةً إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةُ الْقَرْيَةِ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُمْ فِيهَا. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَتُكْرَهُ إجَارَةُ أَرَاضِي مَكَّةَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ أَكَلَ أُجُورَ أَرَاضِي مَكَّةَ فَكَأَنَّمَا أَكَلَ الرِّبَا» . كَذَا فِي الْكَافِي فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ وَالِاسْتِحْسَانِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مُفَرِّدًا أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ فِي مِلْكِهِ إنْ لَمْ يَرْضَ الْمَالِكُ وَفَسَخَ فَقَدْ انْفَسَخَ فِي حَقِّهِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمَالِكُ لِذَلِكَ وَأَقَرَّ الْآجِرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الْآجِرُ وَلَمْ يَدَّعِ الْمَالِكُ شَيْئًا وَلَا يَتَعَرَّضُ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ. وَكِيلُ السُّلْطَانِ إذَا آجَرَ قَرْيَةً مِنْ رَجُلٍ إجَارَةً شَرْعِيَّةً فَزَرَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ ثُمَّ زَادَ آخَرُ فِي الْأُجْرَةِ فَأَخَذَ مِنْهُ وَآجَرَ مِنْ آخَرَ لَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ يَعْنِي فِي غَلَّاتِهَا وَحُبُوبِهَا لِأَنَّهُ مِلْكُ الْأَوَّلِ هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. مُزَارِعٌ بِالثُّلُثِ كَرَبَ الْأَرْضَ مِرَارًا ثُمَّ آجَرَهَا مَعَ رَبِّ الْأَرْضِ لِاِتِّخَاذِ الفاليز فَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ الْأَجْرِ بِعَقْدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا بِمُجَرَّدِ الْكِرَابِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آجَرَ عَبْدَهُ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَمَاتَ فِي يَدِهِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِيَ فَالْمُسْتَأْجِرُ فِي هَذَا يُخَالِفُ الرَّاهِنَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اكْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَارًا بِعَبْدِهِ سَنَةً فَسَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ ثُمَّ نَاقَضَهُ الْإِجَارَةَ فِي الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْعَبْدَ وَيُعْطِيهِ أَجْرَ مِثْلِ الدَّارِ وَإِذَا غَصَبَ رَجُلٌ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَةَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ تَرَكَهَا الْغَاصِبُ فَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ قَبْضِهَا فِي بَاقِي الْمُدَّةِ وَأَرَادَ الْآجِرُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ التَّسْلِيمِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْقَبْضِ فِي بَاقِي السَّنَةِ وَلَا لِلْآجِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ التَّسْلِيمِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي السَّنَةِ وَقْتٌ يُرْغَبُ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِأَجْلِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَتَخَيَّرُ وَفِي الْأَصْلِ إذَا اسْتَأْجَرَ عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ إلَى مَكَّةَ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بِعَيْنِهِ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ ثُمَّ إذَا كَانَ الْعَبْدُ بِعَيْنِهِ حَتَّى جَازَتْ الْإِجَارَةُ فَهَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَعْدَمَا اُسْتُوْفِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ مِثْلِ الدَّارِ وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ حَتَّى فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ الْمِثْلِ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ لَمْ يَمُتْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَأْجَرَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ الْبَائِعَ قَبْلَ قَبْضِهِ شَهْرًا بِدِرْهَمٍ لِتَعْلِيمِ الْعَبْدِ الْخُبْزَ أَوْ الْخِيَاطَةَ جَازَ وَلَهُ الْأَجْرُ إنْ عَلَّمَ، وَإِنْ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الشَّهْرِ أَوْ بَعْدَهُ مَاتَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَلَا يَكُونُ هَذَا قَبْضًا وَكَذَا لَوْ كَانَ ثَوْبًا فَاسْتَأْجَرَهُ لِغَسْلِهِ أَوْ خِيَاطَتِهِ جَازَ، وَإِنْ هَلَكَ فَإِنْ كَانَ نَقَصَهُ الْقَطْعُ أَوْ الْغَسْلُ صَارَ قَابِضًا فَيَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَمِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْمُشْتَرِي لِيَحْفَظَهُ لَهُ كَذَا بِكَذَا فَالْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ حِفْظَهُ عَلَى

الْبَائِعِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ اسْتِئْجَارِ الْمُسْتَقْرِضِ الْمُقْرِضَ. رَهَنَ دَارَ غَيْرِهِ وَهِيَ مُعَدَّةٌ لِلْإِجَارَةِ فَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهَا مُلْتَزِمًا لِلْأَجْرِ كَمَا لَوْ رَهَنَهَا الْمَالِكُ فَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ بَقَاءِ الْإِجَارَةِ. اسْتَأْجَرَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ لِحِفْظِ الرَّهْنِ لَمْ يَجُزْ اسْتَأْجَرَ الْمُودَعُ لِلْحِفْظِ جَازَ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَسُئِلَ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مُشَاهَرَةً وَخَرَجَ مِنْهَا وَخَلَّفَ امْرَأَتَهُ وَمَتَاعَهُ فِيهَا فَأَرَادَ الْمُؤَجِّرُ إخْرَاجَهَا وَفَسْخَ الْإِجَارَةَ قَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْخَصْمِ وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ يُؤَجِّرَ مِنْ آخَرَ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ فَمَتَى مَضَى هَذَا الشَّهْرُ فَقَدْ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى وَدَخَلَ الشَّهْرُ الثَّانِي فِي إجَارَةِ الثَّانِي ثُمَّ يُخْرِجُهَا وَيَأْمُرُهَا بِتَخْلِيَةِ الدَّارِ وَتُسَلَّمُ الدَّارُ إلَى الثَّانِي. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. رَجُلٌ تَكَارَى مَنْزِلًا كُلَّ شَهْرٍ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ فَطَلَّقَ الرَّجُلُ الْمُسْتَكْرِي الْمَرْأَةَ وَخَرَجَ مِنْ الْمِصْرِ وَذَهَبَ هَلْ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ سَبِيلٌ عَلَى الْمَرْأَةِ قَالَ لَا وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يُخْرِجَ الْمَرْأَةَ مِنْ الْمَنْزِلِ حَتَّى يَهُلَّ الْهِلَالُ فَإِنْ جَاءَ الْهِلَالُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ هَلْ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَيُخْرِجَ الْمَرْأَةَ مِنْ الدَّارِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا تَكَارَى مَنْزِلًا كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَنْزِلَهُ وَلَا يُنْزِلَ غَيْرَهُ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً أَوْ امْرَأَتَيْنِ فَلَهُ أَنْ يُنْزِلَهُمَا وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يَأْبَى وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُؤَوَّلَةٌ وَتَأْوِيلُهَا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمَنْزِلِ بِئْرُ بَالُوعَةٍ وَلَا بِئْرُ وُضُوءٍ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهِيَ فِي مَنْزِلٍ بِكِرَاءٍ فَمَكَثَ مَعَهَا سَنَةً فِيهِ ثُمَّ طَلَبَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ الْكِرَاءَ وَقَدْ أَخْبَرَتْ الْمَرْأَةُ الزَّوْجَ أَنَّ الْمَنْزِلَ مَعَهَا بِكِرَاءٍ أَوْ لَمْ تُخْبِرْهُ فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ فَإِنْ كَانَ قَالَ لَهَا لَك عَلَيَّ مَعَ نَفَقَتِك أَجْرُ الْمَنْزِلِ كَذَا وَكَذَا وَضَمِنَهُ لِرَبِّ الْمَنْزِلِ فَهُوَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَشْهَدَ لَهَا بِهِ وَلَمْ يَضْمَنْهُ لِرَبِّ الْمَنْزِلِ ثُمَّ لَمْ يُعْطِهَا فَلَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. امْرَأَةٌ سَكَنَتْ بَيْتَ أُخْتِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا سِنِينَ وَكَانَتْ تَتَقَاضَى عَلَيْهَا بِالْأُجْرَةِ فَعَلَيْهَا أَجْرُ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ أَيْضًا رَجُلَانِ اسْتَأْجَرَا مَنْزِلًا مِنْ رَجُلٍ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ وَاشْتَرَطَا فِيمَا بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ أَحَدُهُمَا فِي أَقْصَى الْحَانُوتِ وَالْآخَرُ فِي مُقَدَّمِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطَا ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْإِجَارَةِ قَالَ الْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَفْسُدُ إذَا لَمْ يَكُونَا شَرَطَا ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُمَا إذَا شَرَطَا ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْإِجَارَةِ هَلْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ بِأَنَّهُ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ بِأَنَّهُ لَا تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. مَنْزِلٌ بَيْنَ غَائِبٍ وَحَاضِرٍ قَدْ قُسِّمَ فَلِلْحَاضِرِ سُكْنَى نَصِيبِهِ لَا جَمِيعِهِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يُؤَجِّرَ كُلَّهُ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْخَرَابُ وَأَمْسَكَ الْأَجْرَ، وَإِنْ لَمْ يُقَسِّمْ سَكَنَ الشَّرِيكُ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْكُنُ الْجَمِيعَ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْخَرَابُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. دَارٌ مُعَدَّةٌ لِلْإِجَارَةِ صَارَتْ إرْثًا بَيْنَ ثَلَاثَةٍ سَكَنَهَا أَحَدُهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِينَ مُدَّةً لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حُجْرَةً فِي خَانْ مُدَّةً وَوَضَعَ فِيهَا مَتَاعَهُ وَأَقْفَلَهَا وَغَابَ فَجَاءَ مُتَقَبِّلُ الْخَانِ وَفَتَحَ الْقُفْلَ بِغَيْرِ مِفْتَاحٍ وَأَخْرَجَ الْمَتَاعَ مِنْهَا وَوَضَعَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أَعَادَ مَتَاعَهُ إلَى الْحُجْرَةِ وَأَقْفَلَهَا وَمَضَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ لَا يَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ مِنْ وَقْتِ إخْرَاجِ الْمَتَاعِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ أَبُو ذَرٍّ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَسَكَنَهَا غَاصِبٌ فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ فَقَالَ لَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ الْغَصْبِ وَسَأَلْت أَبَا الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيَّ عَنْ رَجُلٍ غَصَبَ صُفْرًا وَدَفَعَ إلَى الصَّائِغِ لِيَتَّخِذَ لَهُ قُمْقُمَةً بِكَذَا مِنْ الْأَجْرِ وَالصَّائِغُ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَاصِبٌ هَلْ لَهُ الْأَجْرُ عَلَى الْآمِرِ فَقَالَ نَعَمْ قُلْت لَهُ لَوْ غَصَبَ صُفْرًا وَاِتَّخَذَ قُمْقُمَةً ثُمَّ جَاءَ الْمَالِكُ هَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ قُلْت لَوْ غَصَبَ تِبْرًا فَجَعَلَهُ سِوَارًا فَجَاءَ الْمَالِكُ فَقَالَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ رَجُلٍ لَهُ دُكَّانٌ وَذَلِكَ الدُّكَّانُ فِي يَدِ رَجُلٍ آخَرَ فَطَلَبَ قَوْمٌ مِنْ الْمَالِكِ أَنْ يُؤْجِرَ ذَلِكَ الدُّكَّانَ مِنْهُمْ فَقَالَ لَا أُؤَجِّرُهُ مِنْكُمْ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِي فِيهِ الْيَوْمَ لِأَنَّى آجَرْته مِنْ ذِي الْيَدِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَيَّامٌ فَأَلَحُّوا عَلَيْهِ وَقَالُوا آجِرْهُ مِنَّا، وَإِنَّا نَدْفَعُ ذَا الْيَدِ وَنُخْرِجُهُ مِنْهُ فَآجَرَهُ مِنْهُمْ هَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِأَنَّهُ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَيَّامٌ وَهَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ مِنْهُمْ بَعْدَ هَذَا الْإِقْرَارِ فَقَالَ لَا تَصِحُّ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ الْأُولَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. آجَرَهَا الْغَاصِبُ وَرَدَّ أُجْرَتَهَا إلَى الْمَالِكِ تَطِيبُ لَهُ لِأَنَّ

أَخْذَ الْأُجْرَةِ إجَازَةٌ لِلْإِجَارَةِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَجَعَلَ أَخْذَ الْأُجْرَةِ إجَازَةً مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ قَالَ الْقُدُورِيُّ الْأَجْرُ لِلْمَالِكِ إنْ أَجَازَ قَبْلَ الْعَمَلِ، وَإِنْ أَجَازَ بَعْدَهُ فَلِلْعَاقِدِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ. سَكَنَ رَجُلٌ دَارَ الْوَقْفِ بِأَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ وَخَدَمِهِ فَأَجْرُ الْمِثْلِ عَلَيْهِ وَلَوْ غَصَبَ دَارًا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَوْقُوفَةً أَوْ لِلْيَتِيمِ وَآجَرَهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأَجْرٍ مُسَمًّى وَسَكَنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ قِيلَ لَهُ وَهَلْ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الْأَجْرُ لِمَنْ لَهُ الدَّارُ فَكَتَبَ لَا وَلَكِنْ يَرُدُّ مَا قَبَضَ عَلَى الْمَالِكِ وَهُوَ الْأَوْلَى ثُمَّ سُئِلَ أَيَلْزَمُ الْمُسَمَّى لِلْمَالِكِ أَمْ لِلْعَاقِدِ فَقَالَ لِلْعَاقِدِ وَلَا يَطِيبُ لَهُ بَلْ يَرُدُّهُ عَلَى الْمَالِكِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَصَدَّقُ بِهِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ بَقَاءِ الْإِجَارَةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَشَّاطَةً لِتَزْيِينِ الْعَرُوسِ قَالُوا لَا يَطِيبُ لَهَا الْأَجْرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْهَدِيَّةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا تَقَاضٍ وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ الْإِجَارَةُ إذَا كَانَتْ مُؤَقَّتَةً أَوْ كَانَ الْعَمَلُ مَعْلُومًا وَلَمْ يَنْقُشْ التَّمَاثِيلَ عَلَى وَجْهِ الْعَرُوسِ وَيَطِيبُ لَهَا الْأَجْرُ لِأَنَّ تَزْيِينَ الْعَرُوسِ مُبَاحٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي الْكُبْرَى أَهْلُ بَلْدَةٍ ثَقُلَتْ عَلَيْهِمْ مُؤْنَاتُ الْعَمَلِ فَاسْتَأْجَرُوا رَجُلًا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِيَذْهَبَ وَيَرْفَعَ أَمْرَهُمْ إلَى السُّلْطَانِ الْأَعْظَمِ لِيُخَفِّفَ عَنْهُمْ بَعْضَ الْحَيْفِ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ مِنْ عَامَّتِهِمْ غَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ ذَكَرَ هَهُنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ ذَهَبَ إلَى بَلَدِ السُّلْطَانِ تَهَيَّأَ لَهُ إصْلَاحُ الْأَمْرِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِمُدَّةٍ فَإِنْ وَقَّتُوا لِلْإِجَارَةِ وَقْتًا مَعْلُومًا فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ وَالْأَجْرُ كُلُّهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُوَقِّتُوا فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَالْأَجْرُ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِمْ وَمَنَافِعِهِمْ فِي ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ هَذَا مِنْهُ تَوْسِيعٌ وَنَوْعُ اسْتِحْسَانٍ أَمَّا عَلَى جَوَابِ الْكِتَابِ فَلَا تَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ إلَّا مُؤَقَّتَةً وَبِهِ يُفْتَى وَهَكَذَا ذَكَرَ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الرِّشْوَةِ مِنْ أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّوْقِيتِ، وَإِنْ كَانَ مُدَّةُ إصْلَاحِ الْأَمْرِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. عَيْنُ مَاءٍ لِقَرْيَةٍ اسْتَأْجَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَجِيرًا لِيَقْطَعَ الْأَحْجَارَ وَيَخْفِرَ الْجَبَلَ وَيَكْسَحَ الْعَيْنِ فَيَزِيدُ الْمَاءُ فَالزِّيَادَةُ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَكَذَا لَوْ حَفَرَ عَيْنًا أُخْرَى فِي حَرِيمِ هَذِهِ الْعَيْنِ أَوْ زَادَ فِي سَعَةِ هَذِهِ الْعَيْنِ أَوْ سَفَّلَهَا لِيُظْهِرَ زِيَادَةً فِي مَائِهَا فَهِيَ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَوْ حَفَرَ عَيْنًا أُخْرَى فِي غَيْرِ حَرِيمِ هَذِهِ الْعَيْنِ فَالْمَاءُ لَهُ. كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَالْأَجْرُ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْرِيَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ فِي نَهْرِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ إلَّا بِرِضَاهُمْ جَمِيعًا بَلْ يَحْفِرُ نَهْرًا آخَرَ فِي أَرْضِ الْمَوَاتِ أَوْ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ. كَذَا فِي الصُّغْرَى. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مَرًّا مِنْ رَجُلٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَوْدَعَ الْمَرَّ عِنْدَ الْآجِرِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ هَذِهِ الْعَشَرَةِ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ لِأَنَّ يَدَ الْمُودَعِ كَيَدِ الْمُودِعِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْوَدِيعَةِ عَارِيَّةٌ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَفِي وُجُوبِ الْأَجْرِ فِي مُدَّةِ الْعَارِيَّةِ رِوَايَتَانِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا أَرَاهُ مَوْضِعَهُ وَسَمَّى طُولَهُ فِي السَّمَاءِ وَطُولَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَعَرْضَهُ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ كُلَّ أَلْفٍ آجُرَّةٍ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ الْجِصِّ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَبَنَى فِي السُّفْلِ فَأَدْخَلَ أَلْفَ آجُرَّةٍ بِالْجِصِّ الْمُسَمَّى لَهَا ثُمَّ مَاتَ الْبَنَّاءُ فَإِنَّ الْأَجْرَ يُقَسَّمُ عَلَى مَوْضِعِ مَا بَقِيَ مِنْ الْحَائِطِ وَمَا بَنَى فَيُعْطَى بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ عَلَى الْقِسْمَةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اسْتَأْجَرَ دَارًا وَبَنَى فِيهَا حَائِطًا مِنْ تُرَابٍ كَانَ فِيهَا بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الدَّارِ ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ وَأَرَادَ نَقْضَ الْحَائِطِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ اتَّخَذَ مِنْ التُّرَابِ لَبِنًا وَبَنَى الْحَائِطَ مِنْ اللَّبِنِ فَلَهُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التُّرَابِ، وَإِنْ كَانَ بَنَى الْحَائِطَ مِنْ الطِّينِ (كه باخسه زده باشد) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْحَائِطَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي الْمُحِيطِ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الأوزجندي قَالَ لِطَيَّانٍ أَصْلِحْ لِي هَذَا الْخَرَابَ بِعَشَرَةٍ فَلَمَّا شَرَعَ فِي عِمَارَتِهِ ازْدَادَ الْخَرَابُ وَأَصْلَحَ الْكُلَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ سِوَى الْعَشَرَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَبْنِيَ لَهُ مَنَارَةً طُولُهَا كَذَا وَعَرْضُهَا كَذَا فَلَمَّا بَنَى بَعْضَهَا انْهَارَتْ يَجِبُ الْأَجْرُ بِحِسَابِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِيَحْفِرَ بِئْرًا عَشَرَةَ أَذْرُعٍ فَحَفَرَ

خَمْسَةَ أَذْرُعٍ ثُمَّ قَالَ لَا أَقْدِرُ أَنْ أَحْفِرَ الْبَقِيَّةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَحْبَسَهُ حَتَّى يَحْفِرَ وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا لِيَدْفَعَ إلَى فُلَانٍ فِي مِصْرَ كَذَا بِأَجْرٍ مِائَةٍ فَقَالَ الرَّسُولُ دَفَعْت وَأَنْكَرَ الْمُرْسِلُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ أَرْضًا وَآجَرَهَا مِنْ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ حَتَّى مَضَى بَعْضُ السَّنَةِ ثُمَّ عَلِمَ وَأَجَازَهَا قَالَ أَجْرُ مَا مَضَى مِنْ الْإِجَارَةِ لِلْغَاصِبِ وَمَا بَقِيَ لِرَبِّ الْأَرْضِ إلَى وَقْتِ الْإِجَازَةِ وَلَوْ لَمْ يُجِزْ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ فَالْأَجْرُ كُلُّهُ لِلْغَاصِبِ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَفِي الْقُدُورِيِّ لَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَارَيْنِ فَانْهَدَمَتْ إحْدَاهُمَا أَوْ غُصِبَتْ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْأُخْرَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى اثْنَانِ عَيْنًا أَحَدُهُمَا يَدَّعِي الْإِجَارَةَ وَالْآخَرُ الشِّرَاءَ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَأَرَادَ مُدَّعِي الشِّرَاءِ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى دَعْوَى الشِّرَاءِ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ ادَّعَيَا الْإِجَارَةَ فَأَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا فَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يُحَلِّفَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الصُّغْرَى. فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ دَارًا لِسُكْنَى الْإِمَامِ هَلْ لَهُ أَنْ يُؤْجِرَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤْجِرَهَا وَسُئِلَ عَنْهَا وَالِدِي فَأَجَابَ كَذَلِكَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ إنْ شَاءَ قَبَضَهُ بِالشِّرَاءِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَإِنْ شَاءَ آجَرَهُ سَنَةً بِكَذَا فَقَبَضَ وَهَلَكَ عِنْدَهُ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ عَلَى الْإِجَارَةِ فَلَوْ قَالَ أَرَدْت الْمِلْكَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الْأَجْرِ أَوْ أَكْثَرَ قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ أَكْثَرَ لَا يُصَدَّقُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ حَتَّى هَلَكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا وَآجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ وَهَذَا إذَا كَانَ مَنْقُولًا فَإِنْ كَانَ عَقَارًا فَقِيلَ هُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ وَقِيلَ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. تَعَيَّبَ الْحَانُوتُ عَيْبًا لَا يَصْلُحُ لِلْعَمَلِ فَأَصْلَحَ الْمَالِكُ نِصْفَهُ وَتَرَكَ النِّصْفَ حَتَّى تَمَّتْ السَّنَةُ فَعَلَيْهِ أَجْرُ كُلِّ الْحَانُوتِ مَا لَمْ يَرُدَّهُ لِكَوْنِهِ مَعِيبًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ النِّصْفَ دُونَ النِّصْفِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ عُجُولًا لِيُرَبِّيَهَا فَإِذَا كَبِرَتْ بَاعَهَا فَفَاضِلُ الثَّمَنِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهَا لِصَاحِبِهَا وَلِلْحَافِظِ أَجْرُ الْحِفْظِ مُسْتَأْجِرُ حَانُوتٍ أَفْلَسَ وَغَابَ لَيْسَ لِأَقْرِبَائِهِ أَنْ يَرُدُّوا الْحَانُوتَ إلَى مَالِكِهَا وَيَفْسَخُوا الْإِجَارَةَ وَلَوْ بَقِيَ الْعَقْدُ وَبَقِيَ الْمُسْتَأْجِرُ غَائِبًا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ فَإِنْ كَانَ فِي تَصَرُّفِ الْمُسْتَأْجِرِ وَغَلْقِهِ تَجِبُ الْأُجْرَةُ بِتَمَامِهَا. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَحْمِلَ لَهُ خَشَبَةً مُعَيَّنَةً مِنْ كرمينة إلَى بُخَارَى عَلَى الْعَجَلَةِ فَجَاءَ بِهَا عَلَى الْمَاءِ قِيلَ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ اكْتَرَى مِنْ رَجُلٍ إبِلًا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَى كُلِّ بَعِيرٍ مِائَةَ رِطْلٍ ثُمَّ أَتَاهُ الْجَمَّالُ بِإِبِلِهِ فَأَمَرَهُ الْمُسْتَكْرِي فَحَمَلَ وَقَدْ أَخْبَرَهُ الْمُسْتَكْرِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي كُلِّ حِمْلٍ إلَّا مِائَةُ رِطْلٍ فَحَمَلَ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَقَدْ عَطِبَ بَعْضُ الْإِبِلِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَكْرِي، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرًا ثُمَّ بَعْدَ الشَّهْرِ شَهِدَا أَنَّهَا لِلرَّجُلِ الْآخَرِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَلَوْ اسْتَأْجَرَ طَحَّانًا لِيَطْحَنَ لَهُ بِدِرْهَمٍ فَطَحَنَ وَعَجَنَ وَخَبَزَ وَأَكَلَ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الدَّقِيقَ وَلِلْعَامِلِ الْأَجْرُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْحِنْطَةَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. رَجُلَانِ اسْتَأْجَرَا شَيْئًا وَدَفَعَ أَحَدُهُمَا إلَى صَاحِبِهِ لِيُمْسِكَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ شَيْئًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ تَقَبَّلَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا عَلَى أَنْ يَحْمِلَهُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا الْيَوْمَ فَحَمَلَهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى بَلْ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَهَذِهِ الْإِجَارَةُ وَقَعَتْ جَائِزَةً فَيَجِبُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي فَتَاوَى آهُو قَالَ سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ (دَرِّ بَاغٍ مُسْتَأْجَر خَارَهَا برست) هَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْخُذَهَا كَأَخْذِ الثِّمَارِ قَالَ نَعَمْ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. أُجْرَةُ الْأَدِيبِ وَالْخَتَّانِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى أَبِيهِ وَأُجْرَةُ الْقَابِلَةِ عَلَى مَنْ دَعَاهَا مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَلَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْقَابِلَةِ وَأُجْرَةُ سَجَّانٍ سِجْنِ الْقَاضِي لَا تَجِبُ عَلَى الْمَحْبُوسِ قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ التُّمُرْتَاشِيُّ قِيلَ فِي زَمَانِنَا أُجْرَةُ السَّجَّانِ تَجِبُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ لَهُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَسُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ صَاحِبُ الْأَرْضِ اتَّخَذَ فاليزا بِبَذْرِهِ أَوْ بَذْرِ أَرْضِهِ بِبَذْرِهِ هَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ حِصَّةُ مَا يَحْصُلُ مِنْهَا قَالَ لَا وَلَوْ أَخَذَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَقِيمَتِهِ لَوْ كَانَ هَالِكًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَذْهَبَ بِحُمُولَةٍ لَهُ إلَى مَوْضِعِ كَذَا بِكَذَا فَلَمَّا سَارَ نِصْفَ الطَّرِيقِ بَدَا لِلْحَمَّالِ أَنْ

يَذْهَبَ إلَى أَمْرٍ آخَرَ فَتَرَكَ الْحُمُولَةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ثَمَّةَ وَطَلَبَ نِصْفَ الْأَجْرِ قَالَ لَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الطَّرِيقِ مِثْلُ الْأَوَّلِ فِي السُّهُولَةِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي فَصْلِ الِاسْتِصْنَاعِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي قِسْمَةِ الْأَجْرِ بِمِقْدَارِ الْمَرَاحِلِ لَا السُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ فَيُتَأَمَّلُ عِنْدَ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ سُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيُوقِدَ النَّارَ فِي الْمَطْمُورَةِ لَيْلَةً فَفَعَلَ وَنَامَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ فَاحْتَرَقَتْ الْمَطْمُورَةُ وَمَا فِيهَا هَلْ يَضْمَنُ الْأَجِيرُ قَالَ لَا قِيلَ لَهُ فَإِنْ أَوْقَدَ النَّارَ ثَانِيًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ هَلْ يَضْمَنُ قَالَ نَعَمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ مِنْ نُحَاسٍ وَاسْتَأْجَرَهُ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا لِيُدَقِّقَهُ فَصَارَ بَعْدَ التَّدْقِيقِ تِسْعَةَ أَمْنَاءٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ عَشَرَةِ أَمْنَاءٍ أَوْ تِسْعَةِ أَمْنَاءٍ قَالَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا كَمَا شَرَطَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ يَبِيعُ الشَّيْءَ فِي السُّوقِ فَاسْتَعَانَ بِوَاحِدٍ مِنْ السُّوقِيَّةِ عَلَى بَيْعِهِ فَأَعَانَهُ ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ الْأَجْرَ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ لِعَادَةِ أَهْلِ السُّوقِ فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ أَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ بِأَجْرٍ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَلَا وَمَا تَوَاضَعَ عَلَيْهِ السَّمَاسِرَةُ مِنْ الْمَقَادِيرِ فِي بَيْعِ الْأَشْيَاءِ فَذَلِكَ عُدْوَانٌ مَحْضٌ وَلَا شَيْءَ لَهُمْ سِوَى أَجْرِ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَبْنِيَ لَهُ فِي هَذِهِ السَّاحَةِ بَيْتَيْنِ ذَوَيْ سَقْفَيْنِ أَوْ ذَوَيْ سَقْفٍ وَاحِدٍ وَبَيَّنَ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ذَكَرَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ إذَا كَانَ بِآلَاتِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلتَّعَامُلِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَجُلٍ آجَرَ مِنْ رَجُلٍ دَارًا لَهُ كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَكَانَ الْمُشْتَرِي يَأْخُذُ أُجْرَةَ الدَّارِ مِنْ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ كُلَّ شَهْرٍ فَأَتَى عَلَى ذَلِكَ زَمَانٌ وَقَدْ وَعَدَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ إنْ رَدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ تُرَدُّ عَلَيْهِ دَارُهُ وَيَحْسُبُ عَلَيْهِ مَا أَخَذَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَجَاءَ الْبَائِعُ بِالدَّرَاهِمِ فَأَرَادَ أَنْ يَحْسُبُ الْأَجْرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَمَّا طَلَبَ الْمُشْتَرِي الْأَجْرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ إجَارَةً مِنْهُ وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ إجَارَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ وَجَمِيعُ مَا أَخَذَ مِنْ الْأَجْرِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مِنْ ذَلِكَ الْأَجْرِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَمُوَاضَعَةُ رَبِّ الدَّارِ مِنْهُ وَعْدٌ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ فِي الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَسُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ دَفَعَ إلَى طَبِيبٍ جَارِيَةً مَرِيضَةً وَقَالَ لَهُ عَالِجْهَا بِمَالِك فَمَا يَزْدَادُ مِنْ قِيمَتِهَا بِسَبَبِ الصِّحَّةِ فَالزِّيَادَةُ لَك فَفَعَلَ الطَّبِيبُ ذَلِكَ وَبَرِئَتْ الْجَارِيَةُ فَلِلطَّبِيبِ عَلَى الْمَالِكِ أَجْرُ مِثْلِ الْمُعَالَجَةِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ وَالنَّفَقَةُ وَلَيْسَ لَهُ سِوَى ذَلِكَ شَيْءٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَفَعَ جَارِيَةً مَرِيضَةً إلَى طَبِيبٍ وَقَالَ عَالِجْهَا فَإِنْ بَرِئَتْ فَمَا زَادَ مِنْ قِيمَتِهَا بِالصِّحَّةِ بَيْنَنَا فَعَالَجَهَا حَتَّى صَحَّتْ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَقَدْرُ مَا أَنْفَقَ فِي ثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ وَالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَلَا يَمْلِكُ حَبْسَهَا لِاسْتِيفَاءِ أَجْرِ الْمِثْلِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. مُعَلِّمٌ طَلَبَ مِنْ الصِّبْيَانِ ثَمَنَ الْحَصِيرِ أَوْ الْقَصَبِ أَوْ شَيْئًا آخَرَ مِنْ مَصَالِحِ الْمَكْتَبَةِ فَجَاءُوا بِدَرَاهِمَ فَخَلَطَهَا الْمُعَلِّمُ بِدَرَاهِمِ نَفْسِهِ أَوْ صَرَّفَ بَعْضَهَا إلَى حَاجَةِ نَفْسِهِ أَوْ اشْتَرَى حَصِيرًا وَبَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ زَمَانًا رَفَعَهُ وَجَعَلَهُ فِي بَيْتِهِ فَلَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. الصَّغِيرُ يَدْفَعُ إلَى الْمُعَلِّمِ شَيْئًا مِنْ الْمَأْكُولِ يَحِلُّ أَكْلُهُ فِي الْأَصَحِّ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَالَ الْكَرْخِيُّ قَالَ أَصْحَابُنَا جَمِيعًا فِي الْمُعَلِّمِ وَالْأُسْتَاذِ اللَّذَيْنِ يُسَلَّمُ إلَيْهِمَا الصَّبِيُّ فِي صِنَاعَةٍ إذَا ضَرَبَاهُ بِغَيْرِ إذْنِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ فَمَاتَ ضَمِنَاهُ وَأَمَّا إذَا ضَرَبَاهُ بِإِذْنِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ لَمْ يَضْمَنَاهُ وَهَذَا إذَا ضَرَبَاهُ ضَرْبًا مُعْتَادًا بِضَرْبِ مِثْلِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ضَمِنَا عَلَى كُلِّ حَالٍ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَفِي النَّوَازِلِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ أَجِيرٌ غَيْرُ مُدْرِكٍ هَلْ لَهُ أَنْ يُؤَدِّبَهُ إذَا رَأَى مِنْهُ بَطَالَةً قَالَ لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَذَكَرَ عَنْ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ أَنَّهُ سَلَّمَ ابْنَهُ إلَى رَجُلٍ فِي السُّوقِ فَرَأَى مِنْهُ بَطَالَةً وَشَكَا الرَّجُلُ إلَى خَلَفٍ وَقَالَ أُؤَدِّبُهُ فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّبَهُ وَقَالَ الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُؤَدِّبُهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ دَفَعَ غُلَامَهُ أَوْ ابْنَهُ إلَى النَّسَّاجِ وَاسْتَأْجَرَهُ لِيُعَلِّمَهُ عَمَلَ النَّسْجِ فَأَرَادَ النَّسَّاجُ أَنْ يُسَلِّمَ الْغُلَامَ إلَى نَسَّاجٍ آخَرَ لِيُعَلِّمَهُ ذَلِكَ الْعَمَلَ فَقَدْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ قَالَ أُرِيدُ إنْسَانًا يَكْتُبُ لِي صَكًّا فَقَالَ رَجُلٌ ادْفَعْ إلَيَّ شَيْئًا فَإِنِّي أَجِدُهُ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَكَتَبَهُ بِنَفْسِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ الشَّيْءِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَقِيلَ فِي الصَّكَّاكِ إذَا غَلِطَ فِي جَمِيعِ حُدُودِهِ أَوْ فِي بَعْضِهِ فَإِنْ لَمْ يُصْلِحْهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ أَصْلَحَهُ فَلِلْآمِرِ الْخِيَارُ إنْ رَضِيَ بِهِ فَلِلْكَاتِبِ

أَجْرُ مِثْلِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَرَ صَكَّاكًا فَكَتَبَ لَهُ صَكَّ الشِّرَاءِ فَأَفْتَى الْعُلَمَاءُ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. يَجُوزُ لِلْمُفْتِي أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى كِتَابَةِ الْجَوَابِ بِقَدْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ غَيْرُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْجَوَابُ إمَّا بِاللِّسَانِ أَوْ بِالْكِتَابَةِ وَلَفْظُ بَعْضِهِمْ إذَا حَكَمَ وَطَلَبَ الْأُجْرَةَ لِيَكْتُبَ شَهَادَتَهُ يَجُوزُ وَكَذَا الْمُفْتِي إذَا كَانَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ غَيْرُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى الْغَرَائِبِ. وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ الْأَجْرَ عَلَى كِتَابَةِ السِّجِلَّاتِ وَالْمَحَاضِرِ وَالْوَثَائِقِ وَيَأْخُذَ قَدْرَ مَا يَجُوزُ أَخْذُهُ لِغَيْرِهِ. كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْحَسَنِ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ مِقْدَارِ أُجْرَةِ الصَّكَّاكِينَ فَقَالَ الْوَثِيقَةُ إذَا كَانَتْ بِمَالٍ يَبْلُغُ أَلْفًا فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَإِنْ بَلَغَ أَلْفَيْنِ فَفِيهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ هَكَذَا إلَى عَشَرَةِ آلَافٍ حَتَّى يَجِبَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا فِي عَشَرَةِ آلَافٍ ثُمَّ مَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَلْفِ دِرْهَمٍ دِرْهَمٌ يُضَمُّ إلَى الْخَمْسِينَ الْوَاجِبَةِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَثِيقَةُ بِأَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ إنْ لَحِقَهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ مِثْلُ مَا يَلْحَقُهُ بِوَثِيقَةِ الْأَلْفِ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَإِنْ كَانَ ضِعْفَ ذَلِكَ فَفِيهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَإِنْ كَانَ نِصْفَ ذَلِكَ فَفِيهَا دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ وَفِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ عَلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَكَذَا ذَكَرَ لَنَا السَّيِّدُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْأُسْتَاذُ أَبُو شُجَاعٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا كَأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَأَمَّا أَجْرُ كِتَابِ الْقَاضِي وَقَسَّامِهِ فَإِنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى الْخُصُومِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ جَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَفِيهِ سَعَةٌ فَلَهُ ذَلِكَ وَأَجْرُ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ الَّتِي يَكْتُبُ فِيهَا دَعْوَى الْمُدَّعِي وَشَهَادَةَ الشُّهُودِ إنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ مِنْ الْمُدَّعِي فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا جَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ أُجْرَةُ السِّجِلِّ عَلَى مَنْ فَقَالَ عَلَى الْمُدَّعِي وَقَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَ الْكَاتِبَ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْجِرْهُ أَحَدٌ فَعَلَى الَّذِي أَخَذَ السِّجِلَّ وَأَمَّا أُجْرَةُ الرَّجَّالَةِ فَعَلَى مَنْ يَعْمَلُونَ لَهُ وَهُمْ الْمُدَّعُونَ لَكِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ فِي الْمِصْرِ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ إلَى دِرْهَمٍ وَإِذَا خَرَجُوا إلَى الرُّسْتَاقِ لَا يَأْخُذُونَ لِكُلِّ فَرْسَخٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةٍ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أُجْرَةُ الْمُشَخِّصِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ عَلَى الْمُتَمَرِّدِ كَالسَّارِقِ إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ فَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ وَالدُّهْنِ الَّذِي يُحْسَمُ بِهِ الْعُرُوقُ عَلَى السَّارِقِ لِأَنَّهُ الْمُسَبِّبُ لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي رَجُلًا بِمُلَازَمَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِاسْتِخْرَاجِ الْمَالِ وَيُسَمَّى مُوَكَّلًا فَمُؤْنَتُهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقِيلَ عَلَى الْمُدَّعِي وَهُوَ الْأَصَحُّ. الْمُزَكِّي يَأْخُذُ الْأَجْرَ مِنْ الْمُدَّعِي وَكَذَا الْمَبْعُوثُ لِلتَّعْدِيلِ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا بَعَثَ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعَلَامَةٍ فَعُرِضَتْ عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ وَأَشْهَدَ الْمُدَّعِيَ عَلَى ذَلِكَ فَأَثْبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي يَبْعَثُ إلَيْهِ ثَانِيًا فَتَكُونُ مُؤْنَةُ الرَّجَّالَةِ ثَانِيًا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ عَلَى الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مُؤْنَةَ الرَّجَّالَةِ عَلَى الْمُدَّعِي فِي الِابْتِدَاءِ فَإِذَا امْتَنَعَ وَاحْتِيجَ إلَيْهِ ثَانِيًا يَكُونُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَأَنَّ هَذَا اسْتِحْسَانٌ مَالَ إلَيْهِ لِلزَّجْرِ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُدَّعِي فِي الِانْتِهَاءِ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ لِحُصُولِ النَّفْعِ لَهُ فِي الْحَالَيْنِ وَأَمَّا الَّذِي يُسَمَّى صَاحِبَ الْمَجْلِسِ وَالْجِلْوَازَ وَهُوَ الَّذِي نَصَبَهُ الْقَاضِي حَتَّى يُقْعِدَ النَّاسَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُقِيمَهُمْ وَيُقْعِدَ الشُّهُودَ وَيُقِيمَهُمْ لَهُ وَيَزْجُرُ مَنْ يُسِيءُ الْأَدَبَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْمُدَّعِي شَيْئًا لِأَنَّهُ يَعْمَلُ لَهُ بِإِقْعَادِ الشُّهُودِ عَلَى التَّرْتِيبِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ لَا يَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمَيْنِ عَدْلِيَّيْنِ زَائِفَيْنِ مِنْ الدَّرَاهِمِ الرَّائِجَةِ فِي زَمَانِنَا. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلزَّاهِدِيِّ. وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى الْغَرَائِبِ. أُجْرَةُ الْقِسْمَةِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ الصَّغِيرُ وَالْبَالِغُ سَوَاءٌ قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ وَشَرَفُ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيُّ الْقَاضِي إذَا تَوَلَّى قِسْمَةَ التَّرِكَةِ لَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُكْفَ مُؤْنَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَفِي الْمُحِيطِ وَشَرْحِ أَبِي ذَرٍّ لَهُ الْأَجْرُ إذَا لَمْ يُكْفَ مُؤْنَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يَأْخُذَ قَالَ أُسْتَاذِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا أَجَابَ بِهِ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ وَشَرَفُ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيُّ حَسَنٌ فِي هَذَا الزَّمَانِ لِفَسَادِ الْقُضَاةِ إذْ لَوْ أُطْلِقَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لَا يَقْنَعُونَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرَيْنِ يَعْمَلَانِ لَهُ عَمَلَ الزِّرَاعَةِ بِبُقُورٍ لَهُ عَيَّنَ لِأَحَدِهِمَا بَقَرَيْنِ وَلِلْآخَرِ بَقَرَيْنِ فَاسْتَعْمَلَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ

مَا عُيِّنَ لَهُ فَهَلَكَ ضَمِنَ الْمُسْتَعْمِلُ قِيمَتَهُ وَهَلْ يَضْمَنُ الْآخَرُ بِالدَّفْعِ فَقَدْ قِيلَ يَضْمَنُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنَّهُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ أَحْمَالًا مِنْ الطَّعَامِ فَفَرَّغَ الْمُودَعُ الظُّرُوفَ وَجَعَلَ فِيهَا طَعَامًا لَهُ ثُمَّ إنَّ الْمُودِعَ سَأَلَ الْمُودِعَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ أَحْمَالَهُ حَتَّى يَحْمِلَ إلَى مَكَّةَ فَدَفَعَ إلَيْهِ طَعَامَ نَفْسِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِهِ فَحَمَلَهُ الْمُودِعُ عَلَى إبِلِهِ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ كَانَ لِلْمُودِعِ أَنْ يَأْخُذَ طَعَامَهُ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَوْ الْوَصِيُّ إذَا آجَرَ مَالَ الْيَتِيمِ أَوْ الْوَقْفَ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجِبُ الْمِثْلُ بَالِغًا مَا بَلَغَ عِنْدَ بَعْضِ عُلَمَائِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى الْوَصِيُّ إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى بَابِ الْقَاضِي فِي خُصُومَةٍ كَانَتْ عَلَى الصَّغِيرِ أَوْ لَهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مَا أَعْطَى الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ لَا يَضْمَنُ مِقْدَارَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الرِّشْوَةِ يَكُونُ ضَامِنًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ سَكَنَ دَارَ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ بِأَهْلِهِ وَأَتْبَاعِهِ فَأَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الرَّجُلِ الْمَتْبُوعِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. مَرِيضٌ آجَرَ دَارِهِ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَلَا تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا مَوْقُوفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ غُرْفَةً مِنْ مَالِهِ وَيَنْتَفِعَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ فِي أُجْرَةِ الْحَانُوتِ عَلَى قَدْرِ مَا اسْتَأْجَرَهُ فَإِنَّهُ لَا يُطْلَقُ لَهُ الْبِنَاءُ إلَّا أَنْ يَزِيدَ فِي أَجْرِهِ فَحِينَئِذٍ يَبْنِي عَلَى قَدْرِ مَا لَا يُخَافُ عَلَى الْبِنَاءِ الْقَدِيمِ مِنْ ضَرَرٍ، وَإِنْ كَانَ هَذَا حَانُوتًا يَكُونُ مُعَطَّلًا فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ، وَإِنَّمَا رَغِبَ فِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ لِأَجْلِ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فِي الْأَجْرِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حُجْرَةً مَوْقُوفَةً مِنْ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ فَكَسَّرَ فِيهَا الْحَطَبَ بِالْقَدُومِ وَالْجِيرَانُ لَا يَرْضَوْنَ بِذَلِكَ وَالْمُتَوَلِّي يَرْضَى بِهِ قَالُوا إنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ بِالْحُجْرَةِ مِثْلُ ضَرَرِ الْقَصَّارِ وَالْحَدَّادِ وَالْمُتَوَلِّي يَجِدُ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ كَانَ عَلَى الْمُتَوَلِّي أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحُجْرَةِ وَيُؤْجِرُهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَتْرُكَ الْحُجْرَةَ فِي يَدِهِ إلَّا إذَا خَافَ مِنْ ذَلِكَ الضَّرَرِ هَلَاكَ بِنَاءِ الْوَقْفِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا كُلَّ شَهْرٍ بِعَشَرَةٍ فَآجَرَهُ شَهْرًا فِي سَرْجِ الْمُسْتَأْجَرِ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا طَابَ لَهُ حِصَّةُ السَّرْجِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ لِحَمْلِ مِائَةٍ مِنْ رُطَبٍ إلَى بَلَدِ كَذَا فَجَفَّ فِي الطَّرِيقِ وَعَادَ إلَى خَمْسِينَ فَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَ لِحَمْلِ مِائَةٍ مِنْ هُنَا إلَى بَلَدِ كَذَا يَسْقُطُ النُّقْصَانُ مِنْ الْأُجْرَةِ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَلَاثَةَ أَوْقَارِ دُهْنٍ لِيَتَّخِذَ مِنْهَا صَابُونًا وَيَجْعَلَ الْقَلْيَ مِنْ عِنْدِهِ وَمَا يَحْتَاجُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ فَالصَّابُونُ لِرَبِّ الدُّهْنِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَغَرَامَةُ مَا جَعَلَ فِيهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ غُلَامًا شَهْرًا يَعْمَلُ لَهُ عَمَلًا مُسَمًّى ثُمَّ قَالَ بَلِّغْ هَذَا الْكِتَابَ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَلَك دِرْهَمَانِ لَا يَكُونُ لَهُ أَجْرَانِ وَلَكِنْ كَأَنَّهُ فَاسَخَهُ الْإِجَارَةَ فِي قَدْرِ مَا يُبَلِّغُ الْكِتَابَ وَلَهُ دِرْهَمَانِ وَإِذَا بَلَّغَ الْكِتَابَ وَرَجَعَ عَادَ إلَى الْإِجَارَةِ الْأُولَى وَيَرْفَعُ عَنْهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا بَلَّغَ الْكِتَابَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اسْتَأْجَرَ طَاحُونَةً وَآجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَانْهَدَمَ بَعْضُهَا فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي أَنْفِقْ فِي عِمَارَةِ هَذِهِ الطَّاحُونَةِ فَأَنْفَقَ هَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ إنْ عَلِمَ الثَّانِي أَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ وَلَيْسَ بِمَالِكٍ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ ظَنَّهُ مَالِكًا فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا يَرْجِعُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ وَفِي رِوَايَةٍ يَرْجِعُ بِدُونِ الشَّرْطِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ دَارٍ فِيهَا حُجْرَةٌ لِرَجُلٍ وَإِصْطَبْلٌ لِآخَرَ وَرُبَّمَا يُغْلِقُ بَابَ الدَّارِ رَبُّ الْإِصْطَبْلِ أَرَادَ رَبُّ الْحُجْرَةِ أَنْ يَمْنَعَهُ هَلْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ قَالَ لَهُ أَنْ يُغْلِقَ الْبَابَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُغْلِقُ النَّاسُ فِيهِ أَبْوَابَهُمْ فِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مَوْضِعًا لِيَعْمَلَ فِيهِ الدِّبَاغَةَ وَالْجِيرَانُ يَمْنَعُونَهُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ إنَّهُ ضَرَرٌ عَامٌّ (بازدارند) . كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. ثَلَاثَةٌ اُسْتُؤْجِرُوا عَلَى عَمَلٍ بِالشَّرِكَةِ فَمَرِضَ أَحَدُهُمْ وَعَمِلَ الْآخَرَانِ ذَلِكَ الْعَمَلَ فَالْأُجْرَةُ بَيْنَهُمْ وَكَانَا مُتَطَوِّعَيْنِ فِي نَصِيبِهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. (مردى آسِيًّا بمردى إجاره نهادهمين آجَرّ كندمها فَرَسَّتَا دبنزديك هَمِينَ مستأجرتا آرِدّ كَنِدِّ آرِدّ كردمز دواجب نشود وَاكَرٍ كَفَتْهُ

باشد آجُرٍّ كه بهمين آسِيًّا أُرِدْ كُنَّ مزد دواجب شود) . كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (مردى راازغله دارد وَكَانَ خويش غلهاى كَذَا شته ميبا يست وَغَلَّهُ دَار دَرِّ كَذَا رَدَّنِ غلهاى كذشته مِمَّا طُلْت ميكردوخداونددو كَانَ بِقَاضِي مرافعت كَرِدِّ قَاضِي دوكانمهر كرددر ينمدت كه بربن وَكَانَ مَهْر بِوُدِّهِ باشد غَلَّهُ وَاجِب شوديانى جَوَّاب آنَسَتْ كه نى جه غَلَّهُ دَار مَهْر قَاضِي رانتواند افكندن) فَصَارَ مَمْنُوعًا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالدُّكَّانِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْأَجْرُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ تَجِبُ الْغَلَّةُ (بافنده شانه بافند كَيْ بمزد كرفته إست هروز يبدل مَعْلُوم وآن باقنده درم مغاك وَقَفَ بافند كَيْ ميكرد ومتولى شَأْنه راازجهت غله دوكان كروبرجندروزبداشت مزدشانه دران مدت كه دردشت متولى بوده است وَاجِب شود جَواب آنست كه أكر بافنده راقوت مُقَابلَة بامتولى وستاندن شانه ازمتولى نيست نى) وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَاب أَنَّهُ تَجِبُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَزَرَعَ فَاصْطَلَمَهُ آفَةٌ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى وَسَقَطَ عَنْهُ أَجْرُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ الِاصْطِلَامِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا بَاعَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ دَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ جِهَةَ مَالِ الْإِجَارَةِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْآجِرُ حَاضِرًا كَانَ مُتَطَوِّعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْغَاصِبُ إذَا آجَرَ الدَّارَ أَوْ الْعَبْدَ ثُمَّ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَا أَمَرْتُك بِالْإِجَارَةٍ فَقَالَ الْغَاصِبُ مَا أَمَرْتنِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَوْ آجَرَ الْغَاصِبُ فَلَمَّا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ كُنْتُ أَجَزْت عَقْدَهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ غَصَبَ دَارًا فَآجَرَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ صَاحِبِهَا فَالْإِجَارَةُ مَاضِيَةٌ، وَإِنْ اسْتَقْبَلَهَا كَانَ أَفْضَلَ. الْغَاصِبُ إذَا آجَرَ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ آجَرَ مِنْ الْغَاصِبِ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ مِنْ الْغَاصِبِ كَانَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْأُجْرَةَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. أَخَذَ الْآبِقَ رَجُلٌ وَآجَرَهُ فَالْأُجْرَةُ لِلْعَاقِدِ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا فَإِنْ سَلَّمَهَا الْآجِرُ مَعَ الْعَبْدِ إلَى الْمَوْلَى وَقَالَ هَذِهِ غَلَّةُ عَبْدِك وَقَدْ سُلِّمَتْ إلَيْك فَهِيَ لِلْمَوْلَى وَيَحِلُّ لَهُ أَكْلُهَا اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى مُشْجِرَةً وَقَطَّعَهَا فَاسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَضَعَ فِيهَا الْأَشْجَارَ حَتَّى تَيْبَسَ وَالْأَرْضُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لَهَا طَرِيقٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ آخَرَ فَأَرَادَ مُشْتَرِي الْأَشْجَارِ أَنْ يَمُرَّ فِي الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا طَرِيقٌ إلَى الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ بِخَشَبِهِ وَحُمُولَاتِهِ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ غُلَامًا أَوْ عَرْضًا وَقَبَضَهُ وَآجَرَهُ مِنْ الْبَائِعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمُشْتَرَى هَلْ يُطَالِبُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِأُجْرَةِ مَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ فَقَدْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُطَالِبَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

كتاب المكاتب وفيه تسعة أبواب

[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ وَفِيهِ تِسْعَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْكِتَابَةِ وَرُكْنِهَا وَشَرْطِهَا وَحُكْمِهَا] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (كِتَابُ الْمُكَاتَبِ) (وَفِيهِ تِسْعَةُ أَبْوَابٍ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْكِتَابَةِ وَرُكْنِهَا وَشَرْطِهَا وَحُكْمِهَا) أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا فَهُوَ تَحْرِيرُ الْمَمْلُوكِ يَدًا فِي الْحَالِ وَرَقَبَةً فِي الْمَآلِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَأَمَّا) (رُكْنُهَا) فَهُوَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمَوْلَى وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُكَاتَبِ، أَمَّا الْإِيجَابُ، فَهُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ نَحْوُ قَوْلِ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا سَوَاءٌ ذَكَرَ فِيهِ حَرْفَ التَّعْلِيقِ أَمْ لَا بِأَنْ يَقُولَ عَلَى أَنَّكَ إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ تُؤَدِّيهَا إلَيَّ نُجُومًا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا، فَقِيلَ أَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ كُلَّ شَهْرٍ مِنْهَا كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَقَبِلَ أَوْ قَالَ: جَعَلْتُ عَلَيْك أَلْفَ دِرْهَمٍ تُؤَدِّيهَا إلَيَّ نُجُومًا كُلَّ نَجْمٍ كَذَا، فَإِذَا أَدَّيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَإِنْ عَجَزْتَ فَأَنْتَ رَقِيقٌ فَقَبِلَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي لَا لِلْأَلْفَاظِ، وَأَمَّا الْقَبُولُ، فَهُوَ أَنْ يَقُولَ قَبِلْت أَوْ رَضِيت أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِذَا وُجِدَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فَقَدْ تَمَّ الرُّكْنُ، ثُمَّ الْحَاجَةُ إلَى الرُّكْنِ فِيمَنْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْعَقْدِ فِيهِ مَقْصُودًا لَا تَبَعًا كَالْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْوَلَدِ الْمُشْتَرَى وَالْوَالِدِينَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا كُلُّ شَهْرٍ مِائَةٌ، فَأَنْت حُرٌّ فَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ لَيْسَتْ بِمُكَاتَبَةٍ اعْتِبَارًا بِالْأَدَاءِ بِدُفْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَأَمَّا) (شَرَائِطُهَا) فَأَنْوَاعٌ: بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَوْلَى وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُكَاتَبِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الرُّكْنِ ثُمَّ بَعْضُهَا شَرْطُ الِانْعِقَادِ، وَبَعْضُهَا شَرْطُ النَّفَاذِ، وَبَعْضُهَا شَرْطُ الصِّحَّةِ، أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَوْلَى، فَمِنْهَا الْعَقْلُ، وَأَنَّهُ شَرْطُ الِانْعِقَادِ فَلَا تَنْعَقِدُ الْمُكَاتَبَةُ مِنْ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْمَجْنُونِ، وَمِنْهَا الْبُلُوغُ وَهُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ حَتَّى لَا تَنْفُذُ الْكِتَابَةُ مِنْ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ وَإِنْ كَانَ حُرًّا مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ مِنْ قِبَلِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ. وَمِنْهَا الْمِلْكُ وَالْوِلَايَةُ، وَهَذَا شَرْطُ النَّفَاذِ، فَلَا تَنْفُذُ الْمُكَاتَبَةُ مِنْ الْفُضُولِيِّ لِانْعِدَامِ الْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ، وَتَنْفُذُ مِنْ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُوَكِّلِ، وَكَذَا مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ اسْتِحْسَانًا، وَمِنْهَا الرِّضَا، وَهُوَ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ فَلَا تَصِحُّ الْمُكَاتَبَةُ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالْهَزْلِ وَالْخَطَإِ، وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَلَيْسَتْ مِنْ شَرَائِطِ

جَوَازِ الْمُكَاتَبَةِ فَتَصِحُّ مُكَاتَبَةُ الْمُكَاتَبِ وَكَذَا إسْلَامُهُ فَتَجُوزُ مُكَاتَبَةُ الذِّمِّيِّ عَبْدَهُ الْكَافِرَ، وَكَذَا إذَا ابْتَاعَ عَبْدًا مُسْلِمًا فَكَاتَبَهُ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَأَمَّا مُكَاتَبَةُ الْمُرْتَدِّ فَمَوْقُوفَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ. وَإِنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ وَعِنْدَهُمَا هِيَ نَافِذَةٌ، وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُكَاتَبِ فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا، وَهُوَ مِنْ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ، وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَالًا، وَهُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ، فَلَا تَنْعَقِدُ الْمُكَاتَبَةُ عَلَى الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ حَتَّى لَا يُعْتَقُ وَإِنْ أَدَّى إلَّا إذَا كَانَ قَالَ: عَلَيَّ أَنَّك إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَدَّى فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِالشَّرْطِ، وَلَا يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِقِيمَتِهِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُتَقَوِّمًا، وَأَنَّهُ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ فَلَا تَصِحُّ مُكَاتَبَةُ الْمُسْلِمِ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، وَلَا مُكَاتَبَةُ الذِّمِّيِّ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنْ أَدَّى يَعْتِقُ. وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَتَجُوزُ مُكَاتَبَةُ عَبْدِهِ الْكَافِرِ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَإِنْ كَاتَبَ ذِمِّيٌّ عَبْدًا لَهُ كَافِرًا فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَالْمُكَاتَبَةُ مَاضِيَةٌ، وَعَلَى الْعَبْدِ قِيمَةُ الْخَمْرِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ النَّوْعِ وَالْقَدْرِ سَوَاءٌ كَانَ مَعْلُومَ الصِّفَةِ أَوْ لَا، وَهُوَ مِنْ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ فَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْقَدْرِ أَوْ مَجْهُولَ النَّوْعِ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومَ النَّوْعِ وَالْقَدْرِ مَجْهُولَ الصِّفَةِ جَازَتْ الْمُكَاتَبَةُ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْجَهَالَةَ مَتَى فَحُشَتْ مَنَعَتْ جَوَازَ الْكِتَابَةِ، وَإِلَّا فَلَا، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْبَدَلُ مِلْكَ الْمَوْلَى، وَهُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ حَتَّى لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى عَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ الْمَوْلَى لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ مِنْ الْكَسْبِ وَقْتَ الْمُكَاتَبَةِ. وَأَمَّا كَوْنُ الْبَدَلِ دَيْنًا فَهُوَ شَرْطُ جَوَازِ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الرُّكْنِ فَمِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ: خُلُوُّهُ عَنْ شَرْطٍ فَاسِدٍ، وَهُوَ الشَّرْطُ الْمُخَالِفُ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ الدَّاخِلِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ مِنْ الْبَدَلِ فَإِنْ لَمْ يُخَالِفْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ جَازَ الشَّرْطُ وَالْعَقْدُ، وَإِنْ خَالَفَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ لَكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي صُلْبِهِ يَبْطُلْ الشَّرْطُ، وَيَبْقَى الْعَقْدُ صَحِيحًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَأَمَّا) (حُكْمُهَا مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ) ، فَهُوَ فِكَاكُ الْحَجَرِ وَثُبُوتُ حُرِّيَّةِ الْيَدِ فِي الْحَالِ حَتَّى يَكُونُ الْعَبْدُ أَخَصَّ بِنَفْسِهِ وَكَسْبِهِ، وَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمَوْلَى بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ، وَثُبُوتُ حَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ عِنْدَ الْأَدَاءِ، وَمِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى ثُبُوتُ وِلَايَةِ الْمُطَالَبَةِ بِالْبَدَلِ لِلْحَالِ وَثُبُوتُ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ عِنْدَ الْأَدَاءِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. الْكِتَابَةُ إنْ كَانَتْ حَالَّةً فَلِلْمَوْلَى أَنْ يُطَالِبَ الْمُكَاتَبَ بِالْبَدَلِ كَمَا فَرَغَ مِنْ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً مُنَجَّمَةً فَإِنَّمَا يُطَالِبُ بِحِصَّةِ كُلِّ نَجْمٍ عِنْدَ مَحَلِّ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ أَكْسَابَ الْعَبْدِ، وَلَا اسْتِخْدَامَهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى صَدَقَةُ فِطْرِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا وَطِئَ الْمَوْلَى الْمُكَاتَبَةَ لَزِمَهُ الْعُقْرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْكِفَايَةِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّة الْبَيْهَقِيّ جِنَايَةُ الْمَوْلَى عَلَى الْمُكَاتَبَ عَمْدًا لَا تُوجِبُ الْقَوَدَ، وَلَوْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ مَوْلَاهُ يَجِبُ الْقَوَدُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَأَحْكَامُ الْمُكَاتَبَةِ فِي النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ كَأَحْكَامِ الْقِنَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ لِمَنْ عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا أَيْ عَلِمَ أَمَانَتَهُ وَرُشْدَهُ فِي التِّجَارَةِ وَقُدْرَتَهُ عَلَى الِاكْتِسَابِ كَانَ الْبَدَلُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا مُنَجَّمًا أَوْ غَيْرَ مُنَجَّمٍ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْخَيْرِ أَنْ لَا يَضُرَّ بِالْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّهُمْ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُكَاتِبَهُ فَلَوْ فَعَلَ جَازَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ كَذَا فِي الْكَافِي وَكُلُّ مَا يَصْلُحُ مَهْرًا فِي النِّكَاحِ يَصْلُحُ بَدَلًا فِي الْكِتَابَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الْبَدَلِ فَإِذَا أَدَّاهُ عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ الْمَوْلَى إنْ أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَلَا يَجِبُ حَطُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ عَنْ الْعَبْدِ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِذَا أَخَذَ بِالْمُكَاتَبَةِ رَهْنًا فِيهِ وَفَاءٌ بِهَا فَهَلَكَ الرَّهْنُ عَتَقَ الْعَبْدُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْكِتَابَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ مَالِهِ، وَالثَّانِي: أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَأَنْ يَقُولَ كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَكُلُّ مَالٍ هُوَ فِي يَدِهِ قَبْلَ هَذَا فَهُوَ لِمَوْلَاهُ، وَمَا يَكْتَسِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ فَإِذَا أَدَّى مِنْهُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ يُسَلِّمُ لَهُ الْفَضْلَ، وَالثَّانِي: كَاتَبْتُك عَلَى نَفْسِك وَمَالِك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَكُلُّ مَا فِي يَدِهِ وَمَا يَكْتَسِبُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ لَهُ دُونَ مَوْلَاهُ كَانَ مَالُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ أَوْ أَقَلَّ، وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى مِنْ مَالِهِ غَيْرُ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَمَالُهُ هُوَ الَّذِي

الباب الثاني في الكتابة الفاسدة

حَصَلَ لَهُ مِنْ كَسْبِ التِّجَارَةِ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي كَسْبِهِ، فَالْقَوْلُ لِلْمُكَاتَبِ، وَأَمَّا أَرْشُ الْجِنَايَاتِ وَالْعُقْرِ، فَإِنَّهُمَا لِلْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَيَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْكِتَابَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) إنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَدَّاهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى فَالْمُكَاتَبُ حُرٌّ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِأَلْفٍ مَكَانَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدًا لَهُ مَجْنُونًا أَوْ صَغِيرًا لَا تَنْعَقِدُ مُكَاتَبَتُهُ، فَإِذَا كَاتَبَهُ فَأَدَّى الْبَدَلَ عَنْهُ رَجُلٌ فَقَبِلَهُ الْمَوْلَى لَا يَعْتِقُ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا أَدَّى؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهُ بَدَلَا عَنْ الْعِتْقِ، وَلَمْ يَسْلَمْ الْعِتْقُ وَلَوْ قَبِلَ عَنْهُ رَجُلٌ الْكِتَابَةَ، وَرَضِيَ بِهِ الْمَوْلَى لَمْ يَجُزْ أَيْضًا، وَهَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْعَبْدِ بَعْدَ الْبُلُوغِ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْفُضُولِيِّ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ إذَا كَانَ لَهُ مُجِيزٌ وَقْتَ التَّصَرُّفِ، وَالصَّغِيرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ كَبِيرًا غَائِبًا، فَجَاءَ رَجُلٌ وَقَبِلَ الْكِتَابَةَ عَنْهُ وَرَضِيَ بِهِ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْإِجَازَةَ تَتَوَقَّفُ فَلَوْ أَدَّى الْقَابِلُ عَنْ الصَّغِيرِ إلَى الْمَوْلَى ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَعْتِقُ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ كَبِيرًا غَائِبًا، فَقَبِلَ الْكِتَابَةَ عَنْهُ فُضُولِيٌّ وَأَدَّاهَا إلَى الْمَوْلَى يَعْتِقُ اسْتِحْسَانًا، وَلَيْسَ لِلْقَابِلِ اسْتِرْدَادُهَا مِنْ الْمَوْلَى هَذَا إذَا أَدَّى الْكُلَّ، فَإِنْ أَدَّى الْبَعْضَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا إلَّا إذَا بَلَغَ الْعَبْدُ، فَأَجَازَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْقَابِلُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ بَعْدَ ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي) (الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ) لِلْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّ الْمُكَاتَبَ إلَى الرِّقِّ، وَيَفْسَخَ الْكِتَابَةَ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَفِي الْجَائِزَةِ لَا تُفْسَخُ إلَّا بِرِضَاهُ، وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَفْسَخَ فِي الْفَاسِدَةِ وَالْجَائِزَةِ جَمِيعًا بِغَيْرِ رِضَا الْمَوْلَى هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ، وَمَا كَانَ يَعْتِقُ بِأَدَائِهِ إلَى الْمَوْلَى فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ يَعْتِقُ بِأَدَائِهِ إلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى عَيْنٍ لِغَيْرِهِ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ عَرْضٍ، فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْأَظْهَرُ الْفَسَادُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ وَخِدْمَتِهِ سَنَةً أَوْ وَصَيْفٍ جَازَ، وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ وَخِدْمَتِهِ أَبَدًا فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ، وَيَعْتِقُ بِأَدَاءِ قِيمَتِهِ دُونَ خِدْمَتِهِ فَإِنْ أَدَّى الْأَلْفَ وَعَتَقَ إنْ كَانَ قَدْرَ قِيمَتِهِ لَمْ يَبْقَ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ سَبِيلٌ، وَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْفَضْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْقِيمَةُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً عَنْ الْمُسَمَّى لَا تَنْقُصُ عَنْ الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً زِيدَتْ عَلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ. لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ وَسَمَّى مِقْدَارًا مَعْلُومًا إنْ وَصَفَ ذَلِكَ بِصِفَةٍ بِأَنْ يَصِفَهُ بِشَرْطِ الْجَيِّدِ أَوْ الرَّدِيءِ أَوْ الْوَسَطِ انْعَقَدَ عَلَى ذَلِكَ الْوَصْفِ، وَإِنْ لَمْ يَصِفْ ذَلِكَ بِصِفَةٍ انْصَرَفَ إلَى الْوَسَطِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى عَيْنٍ فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ، وَهِيَ مِنْ كَسْبِهِ بِأَنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ كَاتَبَ عَلَى بَدَلٍ مَعْلُومٍ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ كَاتَبَ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ، وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى دَرَاهِمَ فِي يَدِ الْعَبْدِ يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ وَلَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ، فَعَلَى الْعَبْدِ مِثْلُهُ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا، وَهُوَ عَرْضٌ أَوْ حَيَوَانٌ يَرْجِعْ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَتِهِ لِلْمَوْلَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّجْرِيدِ. رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى جَارِيَةٍ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ، فَوَطِئَهَا الْمَوْلَى فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ قَالَ يَأْخُذُهَا الْمُسْتَحِقُّ وَعَلَى الْمَوْلَى عُقْرُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَلَا يَرْجِعُ بِالْعُقْرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ دَارٍ لَمْ تَنْعَقِدْ حَتَّى لَا يَعْتِقَ، وَإِنْ أَدَّى؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ وَالدَّارَ وَالْحَيَوَانَ مَجْهُولَةُ النَّوْعِ وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى ثَوْبٍ هَرْوِي أَوْ عَبْدٍ أَوْ جَارِيَةٍ أَوْ فَرَسٍ جَازَتْ الْمُكَاتَبَةُ وَيَقَعُ عَلَى الْوَسَطِ، وَلَوْ جَاءَ الْعَبْدُ بِقِيمَةِ الْوَسَطِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالْوَسَطُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الَّذِي قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ عَلَى قَدْرِ غَلَاءِ السِّعْرِ وَالرُّخْصِ، وَلَا يُنْظَرُ فِي قِيمَةِ الْوَسَطِ إلَى قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ

وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا هَكَذَا فِي الْكَافِي فِي بَابِ الْمَهْرِ. إذَا كَاتَبَهُ عَلَى قِيمَةِ نَفْسِهِ فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ أَدَّاهَا عَتَقَ عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا ثُمَّ الْقِيمَةُ تَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا عَلَى أَنَّ مَا أَدَّى قِيمَتُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا يَرْجِعُ إلَى تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ، فَإِنْ اتَّفَقَ اثْنَانِ عَلَى شَيْءٍ يُجْعَلُ ذَلِكَ قِيمَتَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقُوِّمَ أَحَدُهُمَا: بِالْأَلْفِ وَالْآخَرُ بِالْأَلْفِ وَعَشَرَةٍ لَا يُعْتِقُ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْأَقْصَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ قَالَ كَاتَبْتُك وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْبَدَلِ لَا تَنْعَقِدُ الْكِتَابَةُ أَصْلًا عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ كَاتَبَ عَلَى وَصَيْفٍ أَبْيَضَ فَصَالَحَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَصَيْفَيْنِ أَبْيَضَيْنِ أَوْ حَبَشِيَّيْنِ يَدًا بِيَدٍ، فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى لُؤْلُؤَةٍ أَوْ يَاقُوتَةٍ لَمْ تَنْعَقِدْ وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى حُكْمِهِ أَوْ عَلَى حُكْمِ نَفْسِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ هَاهُنَا أَفْحَشُ مِنْ جَهَالَةِ النَّوْعِ وَالْقَدْرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى وَصَيْفٍ فَأَعْطَاهُ وَصَيْفًا وَعَتَقَ بِهِ ثُمَّ أَصَابَ السَّيِّدُ بِهِ عَيْبًا فَاحِشًا رَدَّهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَيَرْجِعُ بِمِثْلِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَاتَبَ جَارِيَةً عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَلَدٍ تَلِدُهُ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ أَوْ عَلَى أَنْ تَخْدِمَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ، فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِنْ كَاتَبَ عَلَى دَارٍ قَدْ سَمَّاهَا وَوَصَفَهَا أَوْ عَلَى أَرْضٍ لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّ الدَّارَ وَالْأَرْضَ لَا تُثْبِتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعُقُودِ، فَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ الدَّارَ فَقَدْ كَاتَبَ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يُعْرَفْ، وَإِذَا عَيَّنَهَا فَقَدْ كَاتَبَ عَلَى مَا لَا يَمْلِكُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَاتَبَ جَارِيَةً عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَطَأَهَا مَا دَامَتْ مُكَاتَبَةً أَوْ عَلَى أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ، فَلَوْ أَنَّهَا أَدَّتْ الْأَلْفَ عَتَقَتْ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، ثُمَّ إذَا أَدَّتْ فَعَتَقَتْ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهَا، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلَا شَيْءَ لِلْمَوْلَى عَلَيْهَا، وَلَا لَهَا عَلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ رَجَعَ الْمَوْلَى عَلَيْهَا بِمَا زَادَ عَلَى الْأَلْفِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُكَاتَبَةِ أَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ، وَأَدَّتْ الْأَلْفَ، وَعَتَقَتْ هَلْ تَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى بِمَا أَخَذَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَتِهَا؟ قَالَ أَصْحَابُنَا الثَّلَاثَةُ: لَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَإِنْ وَطِئَهَا السَّيِّدُ، ثُمَّ أَدَّتْ الْكِتَابَةَ فَعَلَيْهِ عُقْرُهَا. رَجُلٌ كَاتَبَ أَمَةً حَامِلًا فَمَا فِي بَطْنِهَا دَاخِلٌ فِي كِتَابَتِهَا ذُكِرَ أَوْ لَمْ يُذْكَرْ فَإِنْ اسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا لَمْ تَجُزْ الْكِتَابَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ مُكَاتَبَةِ الْأَمَةِ الْحَامِلِ. لَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى دَرَاهِمَ، فَهِيَ فَاسِدَةٌ إلَّا أَنَّهُ لَوْ أَدَّى ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، فَإِنَّهُ يَعْتِقَ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِنْ كَاتَبَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمَ تُؤَدِّيهَا إلَيْهِ نُجُومًا، وَاشْتَرَطَ أَنَّهَا إنْ عَجَزَتْ عَنْ نَجْمٍ فَعَلَيْهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ سِوَى النَّجْمِ فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ مُنَجَّمَةٍ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ النَّجْمِ فَمُكَاتَبَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَهِيَ فَاسِدَةٌ قَالُوا الصَّحِيحُ: أَنَّ الْكِتَابَةَ الثَّانِيَةَ فَاسِدَةٌ دُونَ الْأُولَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا: جَائِزَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي النَّوَازِلِ لَوْ كَاتَبَ عَبْدَيْهِ كِتَابَةً وَاحِدَةً عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ ثُمَّ وَهَبَ السَّيِّدُ مَالَ الْكِتَابَةِ لِأَحَدِهِمَا عَتَقَا جَمِيعًا، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ عَادَتْ الْكِتَابَةُ، وَصَارَتْ الْأَلْفُ دَيْنًا عَلَيْهِمَا كَمَا كَانَتْ، وَهُمَا حُرَّانِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ كَاتَبَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى الْعَطَاءِ أَوْ الدِّيَاسِ أَوْ إلَى الْحَصَادِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ مِنْ الْأَجْلِ جَازَ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا فَإِنْ تَأَخَّرَ الْعَطَاءُ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ الْمَالُ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ الَّذِي يَخْرُجُ الْعَطَاءُ فِيهِ، وَلَهَا أَنْ تُعَجِّلَ الْمَالَ، وَتَعْتِقَ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَدَّى وَعَتَقَ فَعَلَيْهِ أَلْفٌ آخَرُ جَازَ، وَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ إذَا أَدَّى الْأَلْفَ عَتَقَ، وَعَلَيْهِ أَلْفٌ آخَرُ بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ قَالَ كَاتَبْتُكِ عَلَى هَذَا الْأَلْفِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَهُوَ لِغَيْرِهَا جَازَتْ الْمُكَاتَبَةُ، وَإِذَا أَدَّتْ غَيْرَهَا عَتَقَتْ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَتْ: كَاتَبَنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أُعْطِيَهُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ فَالْعِتْقُ جَائِزٌ، وَهَذَا الشَّرْطُ لَغْوٌ، وَإِذَا كَاتَبَهَا وَاشْتَرَطَ فِيهَا الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ أَوْ لَهَا جَازَ ذَلِكَ، فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ أَسْقَطَ صَاحِبُ الْخِيَارِ خِيَارَهُ، فَالْوَلَدُ مُكَاتَبٌ مَعَهَا، وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ إسْقَاطِ الْخِيَارِ وَالْخِيَارُ لَهُ أَوْ مَاتَتْ الْأَمَةُ، وَالْخِيَارُ لَهَا فَالْخِيَارُ يَسْقُطُ بِمَوْتِ مَنْ لَهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَيَسْعَى الْوَلَدُ فِيمَا عَلَيْهَا، وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى نِصْفَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْقُطَ خِيَارُهُ فَهَذَا مِنْهُ فَسْخُ الْكِتَابَةِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ جَمِيعَهَا، وَإِذَا انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ فَعَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ وَلَدَهَا كَانَ هَذَا فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهَا فَالْوَلَدُ يَعْتِقُ

الباب الثالث فيما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز

بِإِعْتَاقِ الْمَوْلَى، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهَا بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْبَدَلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ كَاتَبَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَوَلَدَتْ الْأَمَةُ وَلَدًا فَبَاعَ الْمَوْلَى الْوَلَدَ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ جَازَتْ تَصَرُّفَاتُهُ، وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. حَرْبِيٌّ كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي دَار الْحَرْب ثُمَّ أَسْلَمَا جَمِيعًا أَوْ صَارَا ذَوَيْ ذِمَّةٍ أَجَزْت ذَلِكَ فَإِنْ خَرَجَا مُسْتَأْمَنَيْنِ، وَالْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ عَلَى حَالِهِ فَخَاصَمَهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ أَبْطَلَهَا كَمَا أَبْطَلَ الْعِتْقَ وَالتَّدْبِيرَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْهُمْ إذَا خَرَجُوا بِأَمَانٍ، وَلَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ خَرَجَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا عَتَقَ وَبَطَلَتْ عَنْهُ الْكِتَابَةُ. مُسْلِمٌ تَاجِرٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَاتَبَ عَبْدَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ كَانَ جَائِزًا اسْتِحْسَانًا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ كَافِرًا قَدْ اشْتَرَاهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ كَافِرًا قَدْ اشْتَرَاهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَكَاتَبَهُ فَأَدَّى، وَعَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَجَزْته عَلَى الْمُسْلِمِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ مُكَاتَبَةِ الْمَرِيضِ وَالْمُرْتَدِّ. وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ، وَهُوَ خَيَّاطٌ أَوْ صَبَّاغٌ عَلَى عَبْدٍ مِثْلِهِ يَعْمَلُ عَمَلَهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ هَذِهِ الْكِتَابَةُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَصِحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَاتَبَ أَمَتَهُ مُكَاتَبَةً فَاسِدَةً فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ أَدَّتْ الْمُكَاتَبَةَ عَتَقَ وَلَدُهَا مَعَهَا، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ فَلَيْسَ عَلَى وَلَدِهَا أَنْ يَسْعَى فِي شَيْءٍ فَإِنْ اسْتَسْعَاهُ فِي مُكَاتَبَةِ الْأُمِّ فَأَدَّاهُ لَمْ يُعْتَقْ فِي الْقِيَاسِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُعْتَقُ هُوَ وَأُمُّهُ مُسْتَنِدٌ إلَى حَالِ حَيَّاتِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا الْمُكَاتَبُ إلَى غَرِيمٍ لَهُ كَانَتْ الْكِتَابَةُ جَائِزَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهَا الرَّجُلُ عَنْ سَيِّدِهِ، فَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ قَالَ: وَالضَّمَانُ جَائِزٌ أَيْضًا هَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ كَاتَبَ أَمَتَهُ وَعَلَيْهَا دَيْنٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا، وَأَدَّتْ الْمُكَاتَبَةُ ثُمَّ حَضَرَ الْغُرَمَاءُ، فَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الْكِتَابَةَ مِنْ السَّيِّدِ، وَيُضَمِّنُوهُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ وَيَرْجِعُونَ بِفَضْلِ الدَّيْنِ إنْ شَاءُوا عَلَى الْجَارِيَةِ، وَإِنْ شَاءُوا عَلَى الْوَلَدِ وَلَكِنْ لَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ إلَّا مِقْدَارَ قِيمَتِهِ، وَإِنْ شَاءُوا رَجَعُوا عَلَى الْجَارِيَةِ بِجَمِيعِ دُيُونِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْمَوْلَى قِيمَةَ الْوَلَدِ، وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ، فَعَلَى الْوَلَدِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ كَاتَبَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْمِصْرِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ وَكَّلَ آخَرَ لِيَعْتِقَ عَبْدَهُ فَكَاتَبَهُ لَا تَصِحُّ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ كَاتِب عَبْدَيْنِ تَاجِرَيْنِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً فَغَابَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ جَاءَ الْغُرَمَاءُ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوا الْحَاضِرَ فِي الرِّقِّ، وَلَكِنَّهُمْ يَسْتَسْعُونَهُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَمَا أَدَّى مِنْ الْمُكَاتَبَةِ، فَالْغُرَمَاءُ أَحَقُّ بِهِ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْمَوْلَى قِيمَتَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مُرْتَدٌّ كَاتَبَ عَبْدَهُ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ رَجَعَ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ دَفَعَ الْمُكَاتَبَ إلَى الْقَاضِي فَرَدَّهُ فِي الرِّقِّ، فَالْمُكَاتَبَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى مُكَاتَبَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ كِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ. وَلَوْ كَاتَبَهَا عَلَى مَيْتَةٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْأُمَّ لَمْ يَعْتِقْ وَلَدُهَا مَعَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَاتَبَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مُكَاتَبَةً فَاسِدَةً فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْأُمَّ عَتَقَ وَلَدُهَا مَعَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ مَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ وَمَا لَا يَجُوزُ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ وَمَا لَا يَجُوزُ) الْمُكَاتَبُ يُمْنَعُ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ إلَّا مَا جَرَتْ بِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَيَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالسَّفَرُ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ بِقَلِيلِ الثَّمَنِ وَكَثِيرِهِ وَبِأَيِّ جِنْسٍ كَانَ وَبِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ إلَّا بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَبِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالنَّقْدِ لَا بِالنَّسِيئَةِ، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ مِنْ مَوْلَاهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ مَوْلَاهُ مُرَابَحَةً إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ، وَكَذَلِكَ الْمَوْلَى فِيمَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ. وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ مَوْلَاهُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ صَارَ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهِ، فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ لِلْمَوْلَى لِمَا بَيَّنَّا، وَلَهُ أَنْ يَحُطَّ شَيْئًا بَعْدَ الْبَيْعِ بِعَيْبٍ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَوْ يَزِيدُ فِي ثَمَنِ شَيْءٍ قَدْ اشْتَرَاهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُطَّ بَعْدَ الْبَيْعِ بِغَيْرِ عَيْبٍ، وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَجُزْ، وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا اشْتَرَى بِعَيْبٍ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ مَوْلَاهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيَجُوزُ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ وَالِاسْتِيفَاءِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَإِذَا سُبِيَ

الْمُكَاتَبُ فَاسْتَدَانَ دَيْنًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا اسْتَدَانَهُ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ ارْتَدَّ الْمُكَاتَبُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَاسْتَدَانَ فِي رِدَّتِهِ أَيْضًا عُلِمَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ دَيْنِ الْمَرَضِ حَتَّى يَبْدَأَ بِمَا اسْتَدَانَهُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَكْسَابِهِ ثُمَّ مَا بَقِيَ لِلَّذِي أَدَانَهُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَمَا بَقِيَ بَعْدَ قَضَاءِ دُيُونِهِ وَأَدَاءِ مُكَاتَبَتِهِ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ. وَإِذَا سَعَى وَلَدُ الْمُكَاتَبِ الْمَوْلُودُ فِي مُكَاتَبَتِهِ، وَقَضَى مُكَاتَبَتَهُ وَعَتَقَ ثُمَّ حَضَرَ غُرَمَاءُ أَبِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ الْمَوْلَى مَا أَخَذَ وَلَكِنَّهُمْ يَتْبَعُونَ الْوَلَدَ بِدَيْنِهِمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمَوْلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَةَ سَيِّدِهِ بَقِيَ نِكَاحُهُ هَكَذَا فِي الْكَافِي فِي بَابِ الدَّعْوَةِ وَإِنْ رَهَنَ أَوْ ارْتَهَنَ أَوْ أَجَرَ أَوْ اسْتَأْجَرَ، فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَهُ، وَلَا ابْنَتَهُ، وَيُزَوِّجُ أَمَتَهُ وَمُكَاتَبَتَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ، وَلَا يُوَكِّلُ بِهِ فَلَوْ عَتَقَ، وَأَجَازَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لَاقَتْ عَقَدَا بَاطِلًا، وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْعِتْقِ: أَجَزْت تِلْكَ الْوِكَالَةَ يَكُونُ تَوْكِيلًا ابْتِدَاءً كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ زَوَّجَ الْمُكَاتَبُ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ، فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. الْمُكَاتَبَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ عَتَقَتْ كَانَ لَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا، فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا حَتَّى عَتَقَتْ جَازَ النِّكَاحُ، وَلَا خِيَارَ لَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُكَاتَبٌ كَاتَبَ عَبْدًا مِنْ أَكْسَابِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ أَخَذَ بِهِ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ إذَا جَازَتْ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ لَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الثَّانِي مُكَاتَبَتَهُ عَتَقَ وَإِذَا عَتَقَ الثَّانِي بِأَدَاءِ مُكَاتَبَتِهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُكَاتِبًا حَالَ عِتْقِ الثَّانِي فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَثْبُتُ لِمَوْلَى الْمُكَاتَبِ الْأَعْلَى، وَإِنْ كَانَ حُرًّا فَالْوَلَاءُ يَثْبُتُ لِلْمُكَاتَبِ الْأَعْلَى لَا لِمَوْلَاهُ، وَإِذَا ثَبَتَ الْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى إذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعَتَقَ لَا يَتَحَوَّلُ الْوَلَاءُ إلَى الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ وَإِنْ عَجَزَ الْأَوَّلُ. وَرُدَّ فِي الرِّقِّ وَلَمْ يُؤَدِّ الثَّانِي مُكَاتَبَتَهُ بَعْدُ بَقِيَ الثَّانِي مُكَاتَبًا عَلَى حَالِهِ، وَإِذَا بَقِيَ الثَّانِي مُكَاتَبًا يَصِيرُ مَمْلُوكًا لِلْمَوْلَى عَلَى الْحَقِيقَةِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ نَفَذَ عِتْقُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلَوْ أَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَعْجِزْ، وَلَكِنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ، وَلَمْ يُؤَدِّ الثَّانِي مُكَاتَبَتَهُ أَيْضًا بَعْدُ، فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ مَاتَ الْأَوَّلُ، وَتَرَكَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً سِوَى مَا تَرَكَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ الثَّانِي مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَبِهِ وَفَاءٌ بِبَدَلِ كِتَابَتِهِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا تَنْفَسِخُ كِتَابَتُهُ، فَيُؤَدِّي مُكَاتَبَتَهُ، وَيْحُكُمْ بِحُرِّيَّتِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَّاتِهِ، وَمَا بَقِيَ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ إنْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ أَحْرَارٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ يَكُونُ لِمَوْلَاهُ، وَيَبْقَى الثَّانِي مُكَاتَبًا عَلَى حَالِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مُكَاتَبَتَهُ إلَى وَارِثِ الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ، وَيُعْتَقُ وَإِذَا أَدَّى وَعَتَقَ كَانَ وَلَاؤُهُ لِلْمُكَاتَبِ الْأَعْلَى حَتَّى يَرِثَهُ الذُّكُورُ مِنْ وَرَثَتِهِ، الْوَجْهُ الثَّانِي: إذَا مَاتَ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا سِوَى مَا تَرَكَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ الثَّانِي مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَمَّا إنْ كَانَ مُكَاتَبَةُ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ مُكَاتَبَةِ الْأَوَّلِ، فَفِي هَذَا الْوَجْهِ تَنْفَسِخُ مُكَاتَبَةُ الْأَوَّلِ، وَيَكُونُ عَبْدًا، وَيَبْقَى الثَّانِي مُكَاتَبًا لِلْمَوْلَى يُؤَدِّي إلَيْهِ مُكَاتَبَتَهُ، وَيُعْتَقُ. وَإِنْ كَانَ مُكَاتَبَةُ الثَّانِي مِثْلَ مُكَاتَبَةِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَهَذَا الْوَجْهُ لَا يَخْلُو أَمَّا إنْ حَلَّتْ الْمُكَاتَبَةُ الثَّانِيَةُ وَقْتَ مَوْتِ الْأَوَّلِ لَا تَنْفَسِخُ كِتَابَةُ الْأَوَّلِ فَيُؤَدِّي الثَّانِي إلَى الْمَوْلَى قَدْرَ مُكَاتَبَةِ الْأَوَّلِ، وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّةِ الثَّانِي لِلْحَالِ وَبِحُرِّيَّةِ الْأَوَّلِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَّاتِهِ، وَمَا بَقِيَ مِنْ مُكَاتَبَةِ الثَّانِي يَكُونُ لِوَرَثَةِ الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ أَحْرَارٌ، وَيَكُونُ وَلَاءُ الثَّانِي لِوَرَثَةِ الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ لَا لِمَوْلَى الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ الْمُكَاتَبَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَوْلَى الْفَسْخَ مِنْ الْقَاضِي حَتَّى حَلَّتْ، فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا مَاتَ الْأَوَّلُ، وَقَدْ حَلَّ مَا عَلَى الثَّانِي وَقْتَ مَوْتِهِ، وَإِنْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي الْفَسْخَ فَالْقَاضِي يَفْسَخُ كِتَابَةَ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ أَدَّيَا جَمِيعًا مَعًا ثَبَتَ وَلَاؤُهُمَا لِلْمَوْلَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مُكَاتَبٍ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْأَعْلَى، وَقَدْ تَرَكَ وَفَاءً إلَّا أَنَّهُ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ، فَلَمْ يُخْرَجْ الدَّيْنُ حَتَّى أَدَّى الْأَسْفَلُ إلَى ابْنِ الْأَعْلَى فَإِنَّهُ يُعْتَقُ، وَوَلَاؤُهُ لِلْمَوْلَى فَإِنْ خَرَجَ الدَّيْنُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقُضِيَتْ الْكِتَابَةُ لَمْ يَتَحَوَّلْ وَلَاءُ الْأَسْفَلِ إلَى الْأَعْلَى، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي الْوَلَاءِ وَالْمِيرَاثِ إلَى يَوْمِ أَدَّى الْكِتَابَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُكَاتَبٌ كَاتَبَ عَبْدًا ثُمَّ

مَاتَ الْأَوَّلُ عَنْ ابْنٍ حُرٍّ، وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا مَا عَلَى الْآخَرِ ثُمَّ مَاتَ الْآخَرُ عَنْ ابْنِ وَلَدٍ لَهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِيمَا عَلَى أَبِيهِ فَيُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى الْمَوْلَى مِنْ مُكَاتَبَةِ الْأَوَّلِ، وَمَا فَضَلَ عَنْهَا فَهُوَ مِيرَاثٌ لِابْنِ الْأَوَّلِ عَنْ أَبِيهِ وَوَلَاءُ الِابْنِ الْآخَرِ لِابْنِ الْأَوَّلِ. مُكَاتَبٌ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ، وَلَمْ تَكُنْ وَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ كَاتَبَهَا، فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَهُوَ مَعَهَا فِي الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ عَتَقَتْ هِيَ وَأَوْلَادُهَا وَأَخَذَ أَوْلَادُهَا مَا بَقِيَ مِنْ مِيرَاثِهِ بَعْدَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَالْمَرْأَةُ وَوَلَدُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا سَعَوْا فِيمَا بَقِيَ عَلَى الْأَوَّلِ لِيُعْتَقُوا بِعِتْقِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ شَاءُوا سَعَوْا فِيمَا بَقِيَ عَلَى الْأُمِّ، وَيَسْعَوْنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَإِذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ امْرَأَتَهُ، وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُ ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ الْكِتَابَةِ ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ، وَلَمْ تَتْرُكْ وَفَاءً فَالِابْنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَعَى فِيمَا بَقِيَ عَلَى أُمِّهِ لِيُعْتَقَ بِأَدَائِهِ، وَإِنْ شَاءَ عَجَّزَ نَفْسَهُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُكَاتِبَ وَلَدَهُ، وَلَا وَالِدِيهِ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَاتِبَهُ إلَّا أُمَّ وَلَدِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. مُكَاتِبٌ كَاتَبَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا فَعَلِقَتْ مِنْهُ فَإِنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَإِنْ اخْتَارَتْ ذَلِكَ أَخَذَتْ عُقْرَهَا، وَإِنْ شَاءَتْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ وَلَدِهِ لَا يَبِيعُهَا كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ الْمُكَاتِبُ جَارِيَتَهُ، فَإِنْ عَجَزَتْ فَأَعْتَقَهَا الْمَوْلَى لَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ جَارِيَةً مِنْ كَسْبِ مُكَاتَبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَ وَلَدَهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ دَاخِلٌ فِي كِتَابَتِهِ، فَيُعْتَقُ بِعِتْقِهِ فَيَكُونُ مَمْلُوكًا لِلْمَوْلَى، وَلَكِنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ يَطَؤُهَا وَيَسْتَخْدِمُهَا فَلَمْ تَصِرْ مَمْلُوكَةً لِلْمَوْلَى، وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَبِيعَهَا أَيْضًا. مُكَاتِبٌ كَاتَبَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا الْمَوْلَى، فَعَلَيْهِ الْعُقْرُ لَهَا، وَالْوَلَدُ مَعَ أُمِّهِ بِمَنْزِلَتِهَا، فَإِنْ عَجَزَتْ أَخَذَ الْمَوْلَى الْوَلَدَ بِالْقِيمَةِ اسْتِحْسَانًا وَالْجَارِيَةُ مَمْلُوكَةٌ لِلْمُكَاتِبِ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْرُورِ، وَإِنْ كَانَ الْمَكَاتِبُ هُوَ الَّذِي وَطِئَهَا ثُمَّ مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا فَإِنْ لَمْ تَلِدْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ خُيِّرَتْ فَإِنْ شَاءَتْ رَفَضَتْ مُكَاتَبَتَهَا وَسَعَتْ هِيَ، وَوَلَدُهَا فِي مُكَاتَبَةِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى مُكَاتَبَتِهَا وَلَوْ كَانَ تَرَكَ مَالًا فِيهِ وَفَاءٌ بِالْمُكَاتَبَةِ أُدِّيَتْ مُكَاتَبَتُهُ وَحُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ وَحُرِّيَّةِ وَلَدِهِ وَتَبْطُلُ الْمُكَاتَبَةُ عَنْهَا، وَإِنْ عَجَزَتْ هِيَ، وَالْمَوْلَى هُوَ الْمُدَّعِي لِلْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ مَيِّتٌ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ، وَإِنْ كَانَ بِالْقِيمَةِ وَفَاءٌ بِالْمُكَاتَبَةِ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ، فَكَانَتْ الْأُمُّ مَمْلُوكَةً لِوَرَثَةِ الْمُكَاتَبِ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ سِوَى الْمَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَارَتْ لِلْمَوْلَى بِالْإِرْثِ، وَكَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ جَازَ فَإِنْ اسْتَدَانَ الْعَبْدُ دَيْنًا يَلْزَمْهُ فَإِنْ جَاءَ الْغُرَمَاءُ يَطْلُبُونَ الْعَبْدَ بِالدَّيْنِ يُبَاعُ بِالدَّيْنِ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْعَبْدِ، فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ دَيْنَهُ حَتَّى لَا يُبَاعَ الْعَبْدُ بِدَيْنِهِ إنْ كَانَ مَا أَدَّى مِثْلَ قِيمَتِهِ، فَإِنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ مَا فَدَى عَنْ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقِيمَةِ زِيَادَةٌ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا، فَهُوَ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا أَشَارَ فِي الْأَصْلِ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَا يَمْلِكُ التَّصَدُّقَ إلَّا بِشَيْءٍ يَسِيرٍ حَتَّى لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ فَقِيرًا دِرْهَمًا، وَلَا أَنْ يَكْسُوَهُ ثَوْبًا وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُهْدِيَ إلَّا شَيْئًا قَلِيلًا مِنْ الْمَأْكُولِ، وَلَهُ أَنْ يَدْعُوَ إلَى الطَّعَامِ، وَيَمْلِكَ الْإِجَارَةَ وَالْإِعَارَةَ وَالْإِيدَاعَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَا يُقْرِضُ حَتَّى لَوْ أَقْرَضَ لَا يَطِيبُ لِلْمُسْتَقْرِضِ أَكْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ يَجُوزُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ، وَلَا كَفَالَتُهُ بِالْمَالِ، وَلَا بِالنَّفْسِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَلَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَكَّلَ بِالشِّرَاءِ وَإِنْ كَانَ يُوجِبُ ضَمَّانَا عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْوِكَالَةَ مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ فَإِنْ أَدَّى فَعَتَقَ لَزِمَتْهُ الْكَفَالَةُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ صَغِيرًا حِينَ كَفَلَ لَمْ يُؤْخَذْ بِهَا، وَإِنْ عَتَقَ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَتَجُوزُ كَفَالَتُهُ عَنْ سَيِّدِهِ وَهَلْ تَجُوزُ لَهُ الْحَوَالَةُ؟ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِإِنْسَانٍ وَعَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ دَيْنٌ لِآخَرَ فَأَحَالَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ لِإِنْسَانٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَأَحَالَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَقَبِلَ الْحَوَالَةَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلَّذِي أَحَالَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. . وَإِذَا بَاعَ بَيْعًا وَأَقَالَ جَازَ وَلَهُ أَنْ

الباب الرابع في شراء المكاتب قريبه أو زوجته

يَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً، وَيَأْخُذَ مِنْ الْمَوْلَى مُضَارَبَةً، وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ وَيُبْضِعَ وَيَسْتَبْضِعَ وَإِنْ كَانَ إعَانَةً لِلْغَيْرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لِلْمُكَاتِبِ أَنْ يُكَاتِبَ اسْتِحْسَانًا فَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ كَمَا قَبْلَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ وَهَبَ لَهُ نِصْفَ الْمُكَاتَبَةِ أَوْ كُلَّهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ أَعْتَقَ الْمُكَاتِبُ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَ نَفْسَ الْعَبْدِ مِنْهُ بِمَالٍ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُشَارِكَ الْحُرَّ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْحُرَّ شَرِكَةَ عِنَانٍ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ ذَلِكَ انْقَطَعَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا قَالَ: وَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا اشْتَرَاهُ الْمَوْلَى، وَلِلْمَوْلَى فِيمَا اشْتَرَاهُ الْمُكَاتَبُ، وَلَوْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ شَرِكَةِ الْعِنَانِ بَقِيَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى حَالِهَا، وَإِنْ شَارَكَ الْغَيْرَ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ تَصِحَّ تِلْكَ الشَّرِكَةُ. وَإِنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ دَارًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَعَجَزَ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ انْقَطَعَ خِيَارُهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ، فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ بَعْدَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ كَمَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُكَاتَبِ الْمُشْتَرِي، فَبِيعَتْ دَارٌ إلَى جَنْبِهَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ تِلْكَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَأَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ يَكُونُ إسْقَاطًا مِنْهُ لِخِيَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا بِالشُّفْعَةِ حَتَّى رَدَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ، فَلَا شُفْعَةَ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي شِرَاءِ الْمُكَاتَبِ قَرِيبَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي شِرَاءِ الْمُكَاتَبِ قَرِيبَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا) لَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ فَيُعْتَقُ بِعِتْقِهِ، وَيُرَقُّ بِرِقِّهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ بَيْعُهُ، وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ يَمْلِكُهُ مِنْ قَرَابَةِ الْوِلَادِ كَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَوَلَدِ الْأَوْلَادِ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ، وَلَا يَرُدُّهُمْ بِعَيْبٍ إنْ كَانَ قَدْ اشْتَرَاهُمْ، وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ إلَّا إذَا عَجَزَ فَحِينَئِذٍ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ فَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْلَى أَوْ مَاتَ فَوِلَايَةُ الرَّدِّ إلَى الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً وَتَرَكَ وَلَدًا مَوْلُودًا فِي الْكِتَابَةِ سَعَى فِي كِتَابَةِ أَبِيهِ عَلَى نُجُومِهِ، فَإِذَا أَدَّى حَكَمْنَا بِعِتْقِ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَعَتَقَ الْوَلَدُ، وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا مُشْتَرًى فِي الْكِتَابَةِ قِيلَ لَهُ إمَّا أَنْ تُؤَدِّيَ الْكِتَابَةَ حَالَّةً أَوْ تُرَدَّ رَقِيقًا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْوَالِدَانِ يُرَدَّانِ فِي الرِّقِّ كَمَا مَاتَ، وَلَا يُؤَدِّيَانِ بَدَلَ الْكِتَابَةِ حَالًّا، وَلَا مُؤَجَّلًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا وَلَدَتْ مُكَاتَبَةٌ وَلَدًا فَاشْتَرَتْ وَلَدًا آخَرَ ثُمَّ مَاتَتْ يَسْعَى الْمَوْلُودُ فِي كِتَابَتِهَا عَلَى النُّجُومِ، وَمَا كَسَبَ الْوَلَدُ الْمُشْتَرَى أَخَذَ أَخُوهُ فَأَدَّى مِنْهُ كِتَابَتَهَا، وَمَا بَقِيَ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلِلْمَوْلُودِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُشْتَرَى بِأَمْرِ الْقَاضِي كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْوَلْوَالِجِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ بِنْتَهُ، وَهِيَ امْرَأَةُ الْمَوْلَى فَسَدَ نِكَاحُهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً لَهُ عَتَقَتْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ مَلَكَ الْمُكَاتَبُ أَبَا مَوْلَاهُ أَوْ ابْنَهُ لَمْ يُعْتَقْ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَ الْمُكَاتَبِ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُمْ، فَلَا يُعْتَقُونَ عَلَيْهِ، وَلَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُمْ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى وَلَدَهَا الْمَوْلُودَ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ الْمُشْتَرَى، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عِتْقُهُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ بَعْضٌ مِنْهَا وَرَقَبَتُهَا مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْلَى مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى يَنْفُذُ عِتْقُهُ فِي الْأُمِّ فَكَذَا فِي وَلَدِهَا بِخِلَافِ عَبْدٍ آخَرَ مِنْ كَسْبِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى أَخَاهُ أَوْ أُخْتَهُ أَوْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ سِوَى الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ نَحْوُ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَأَشْبَاهِهِمَا فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَتَكَاتَبُونَ عَلَيْهِ حَتَّى كَانَ لَهُ بَيْعُهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى ابْنَ عَمِّهِ لَا يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَدَّى مَالَ الْكِتَابَةِ، وَهُمْ فِي مِلْكِهِ عَتَقُوا، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْيَنَابِيعِ. وَإِذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ مِنْهَا كَانَ لَهُ بَيْعُهَا أَمَّا إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ إنْ مَلَكَهَا مَعَ الْوَلَدِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا، وَأَمَّا إذَا مَلَكَهَا وَحْدَهَا اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَإِذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ إنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدُهَا مِنْهُ دَخَلَ الْوَلَدُ فِي كِتَابَتِهِ، وَدَخَلَتْ الْأُمُّ فِي كِتَابَةِ الْوَلَدِ فَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ فَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِمَا، وَلَكِنْ إذَا أَدَّيَا مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ عِنْدَ الْمَوْتِ عَتَقَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُكَاتَبٌ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ فَدَخَلَ بِهَا، وَوَلَدَتْ وَلَدًا بَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ مَاتَ

الباب الخامس ولادة المكاتبة من المولى ومكاتبة المولى أم ولده

الْمُكَاتَبُ مِنْ غَيْرِ وَفَاءٍ، فَالْوَلَدُ يَسْعَى فِي مَهْرِ أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَى الْأَبِ، وَالْوَلَدُ الْمَوْلُودُ فِي الْكِتَابَةِ يَسْعَى فِي دُيُونِ الْأَبِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُكَاتَبٌ قَدْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ حَلَّ وَطْؤُهَا فَإِنْ وَلَدَتْ دَخَلَ الْوَلَدُ فِي كِتَابَةِ الْأَبِ تَبَعًا، وَدَخَلَتْ الْأُمُّ فِي كِتَابَةِ الْوَلَدِ تَبَعًا فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ لَا عَنْ وَفَاءٍ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَقَامَ الْوَلَدُ مَقَامَ الْأَبِ، وَسَعَيَا عَلَى نُجُومِهِ، وَعَتَقُوا بِالْأَدَاءِ، وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ، وَإِنْ بَقِيَتْ الْأُولَى تَدَاخَلَتْ، وَتُحَدُّ فِي الْأُولَى خَاصَّةً وَإِنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَحُكِمَ بِعِتْقِهِمْ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ وَظَهَرَ فَسَادُ نِكَاحِهَا، وَتَجِبُ عَلَيْهَا عِدَّتَانِ عِدَّةُ النِّكَاحِ حَيْضَتَانِ بِسَبَبِ الْفُرْقَةِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، وَهِيَ أَمَةٌ وَعِدَّةُ الِاسْتِيلَادِ بِمَوْتِ الْمَوْلَى ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَتَدَاخَلَتَا فَلَوْ لَمْ تَلِدْ بَقِيَتْ زَوْجَتُهُ، وَلَا تُعْتَقُ تَحْتَهُ أَمَةٌ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ فَمَلَكَهَا لَا تَحِلُّ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ طَلَاقَ الْأَمَةِ ثِنْتَانِ كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ الْمَوْلُودُ فِي مِلْكِهِ فِي حَيَاةِ الْمُكَاتَبِ ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ، فَإِنْ أَدَّتْ بَدَلَ الْكِتَابَةِ حِينَ مَوْتِهِ عَتَقَتْ، وَإِلَّا رُدَّتْ فِي الرِّقِّ فَبِيعَتْ فِي بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. الْمُكَاتَبَةُ إذَا اشْتَرَتْ زَوْجَهَا لَمْ يَبْطُلْ نِكَاحُهَا، وَلَهُ أَنْ يَطَأَهَا بِالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ رَقَبَتَهُ حَقِيقَةً كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. مُكَاتَبٌ ذِمِّيٌّ اشْتَرَى أَمَةً مُسْلِمَةً فَإِنْ أَوْلَدَهَا كَانَتْ عَلَى حَالِهَا، وَإِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ بِالْأَدَاءِ تَمَّ مِلْكُهُ فِيهَا، وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلذِّمِّيِّ، فَتَسْعَى فِي قِيمَتِهَا فَإِنْ عَجَزَ فَرُدَّ رَقِيقًا أُجْبِرَ الْمَوْلَى عَلَى بَيْعِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً وَاسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ ثُمَّ عَتَقَ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ، وَرُدَّ فِي الرِّقِّ مَعَ الْجَارِيَةِ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ ابْنَتَهُ أَوْ أُمَّهُ ثُمَّ عَجَزَ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْمَوْلَى، وَيَجْتَزِئُ بِمَا حَاضَتْ عِنْدَ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ الْعَجْزِ، وَإِنْ اشْتَرَى أُخْتَهُ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ مُكَاتَبَةً بِخِلَافِ الْأُمِّ وَالِابْنَةِ الْمُكَاتَبَةِ إذَا عَجَزَتْ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْمَوْلَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَاتَبَ نِصْفَ عَبْدِهِ ثُمَّ اشْتَرَى السَّيِّدُ مِنْ الْمُكَاتَبِ شَيْئًا جَازَ الشِّرَاءُ فِي النِّصْفِ، وَإِنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ مِنْ مَوْلَاهُ عَبْدًا فَفِي الِاسْتِحْسَانِ جَازَ شِرَاؤُهُ فِي الْكُلِّ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ إلَّا فِي النِّصْفِ، وَبِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الْخَامِس وِلَادَة الْمُكَاتَبَة مِنْ الْمَوْلَى وَمُكَاتَبَة الْمَوْلَى أُمّ وَلَده] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي وِلَادَةِ الْمُكَاتَبَةِ مِنْ الْمَوْلَى وَمُكَاتَبَةِ الْمَوْلَى أُمَّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرَهُ، وَتَدْبِيرِهِ وَمُكَاتَبَتِهِ وَإِقْرَارِ الْمُكَاتَبِ بِالدَّيْنِ لِلْمَوْلَى أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ وَمُكَاتَبَةِ الْمَرِيضِ) وَلَدَتْ مُكَاتَبَةٌ مِنْ سَيِّدِهَا مَضَتْ عَلَى كِتَابَتِهَا أَوْ عَجَزَتْ، وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَنَسَبُ وَلَدِهَا ثَابِتٌ بِالدَّعْوَةِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِهَا؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ رَقَبَةً، وَإِذَا مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ أَخَذَتْ عُقْرَهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ وَسَقَطَ عَنْهَا مَالُ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ مَالًا يُؤَدِّي كِتَابَتَهَا، وَمَا بَقِيَ مِيرَاثٌ لِوَلَدِهَا لِثُبُوتِ عِتْقِهَا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهَا، وَإِنْ لَمْ تَتْرُكْ مَالًا فَلَا سِعَايَةَ عَلَى هَذَا الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ، وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا عَلَيْهِ، وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ إنَّمَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ إذَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْمَوْلَى وَطْؤُهَا، وَإِنْ حَرُمَ فَلَا يَلْزَمْهُ حَتَّى إذَا عَجَّزَتْ نَفْسَهَا وَوَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ يُمْكِن الْعُلُوقُ بَعْدَ التَّعْجِيزِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ إلَّا إذَا نَفَاهُ صَرِيحًا كَسَائِرِ أَوْلَادِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ الْوَلَدَ الثَّانِيَ، وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ وَفَاءٍ سَعَى هَذَا الْوَلَدُ فِي بَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ تَبَعًا لَهَا، وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ عَتَقَ، وَبَطَلَتْ عَنْهُ السِّعَايَةُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ مِنْ مَوْلَاهَا ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى أَنَّهَا أَمَةٌ لِفُلَانٍ لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ صَدَقَتْهُ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَاتَبَ الْمَوْلَى أُمَّ وَلَدِهِ جَازَ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ وَسَقَطَ عَنْهَا بَدَلُ الْكِتَابَةِ غَيْرَ أَنَّهُ يُسَلِّمُ لَهَا الْأَوْلَادَ وَالْأَكْسَابَ وَلَوْ أَدَّتْ الْمُكَاتَبَةُ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالْكِتَابَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَاتَبَ أُمَّ وَلَدِهِ، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ الْكِتَابَةِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لَا يَلْزَمْهُ النَّسَبُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ

لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَهُوَ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الْمَوْلَى لِتَيَقُّنِنَا أَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ، وَهُوَ حُرٌّ وَقَدْ عَتَقَتْ هِيَ أَيْضًا بِمَوْتِ الْمَوْلَى وَإِنْ كَانَ حَيًّا، فَادَّعَاهُ، فَهُوَ ابْنُهُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَإِنْ جَنَتْ فِي كِتَابَتِهَا جِنَايَةً سَعَتْ فِيهَا، وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهَا كَانَ الْأَرْشُ لَهَا، وَإِنْ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ وَلَدًا وَلَدَتْهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ مِنْ غَيْرِ الْمَوْلَى سَعَى فِيمَا عَلَى أُمِّهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. نَصْرَانِيٌّ كَاتَبَ أُمَّ وَلَدِهِ فَأَدَّتْ بَعْضَ الْكِتَابَةِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ثُمَّ عَجَزَتْ فَرَدَّهَا الْقَاضِي إلَى الرِّقِّ، وَقَضَى عَلَيْهَا بِالْقِيمَةِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِهَا بِسَبَبِ الِاسْتِيلَادِ، فَإِنَّهُ لَا يُحْتَسَبُ بِمَا أَخَذَهُ السَّيِّدُ عَنْهَا مِنْ هَذِهِ الْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَدَّتْهُ بَعْدَ إسْلَامِهَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا كَاتَبَ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَمَتَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا وَصَيْفًا وَسَطًا فَالْكِتَابَةُ بَاطِلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ، فَكَاتَبَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا جَازَتْ الْكِتَابَةُ، فَإِنْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا رُدَّتْ فِي الرِّقِّ، وَتَسْعَى فِي قِيمَتِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . وَإِذَا كَاتَبَ مُدَبَّرَتَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ كَأُمِّ الْوَلَدِ، وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى، وَلَا مَالَ غَيْرُهَا كَانَتْ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ تَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا أَوْ جَمِيعِ مَالِ الْكِتَابَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَتْ، وَسَقَطَتْ عَنْهَا السِّعَايَةُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِذَا كَاتَبَ مُدَبَّرَتَهُ، فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ مَاتَتْ يَسْعَى الْوَلَدُ فِيمَا عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَا وَلَدَيْنِ، فَأَدَّى أَحَدُهُمَا الْمَالَ كُلَّهُ مِنْ سِعَايَتِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ إنْ كَاتَبَ مُدَبَّرَيْنِ جَمِيعًا لَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ الْآخَرِ ثُمَّ مَاتَا، وَتَرَكَ أَحَدُهُمَا وَلَدًا وُلِدَ لَهُ فِي مُكَاتَبَتِهِ مِنْ أَمَتِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي جَمِيعِ الْكِتَابَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ. دَبَّرَ مُكَاتَبَتَهُ صَحَّ التَّدْبِيرُ، وَلَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا وَصَارَتْ مُدَبَّرَةً فَإِنْ مَضَتْ عَلَى كِتَابَتِهَا فَمَاتَ الْمَوْلَى، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ سَعَتْ فِي ثُلُثَيْ مَالِ الْكِتَابَةِ أَوْ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا تَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْهُمَا، وَالْخِلَافُ فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي الْخِيَارِ أَمَّا الْمِقْدَارُ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَنَّ الْمَوْلَى بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ إنَّهُ دَبَّرَهُ هَلْ يَكُونُ تَدْبِيرُهُ نَقْضًا لِلْكِتَابَةِ قَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَدْبِيرُهُ نَقْضًا لِلْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يُكَاتِبُ الْمُدَبَّرَ، وَيُدَبِّرُ الْمُكَاتَبَ فَلَمْ يَفْعَلْ فِعْلًا مَنَعَهُ عَنْ الْكِتَابَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ دَبَّرَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى، وَلَهُ مَالٌ كَثِيرٌ عَتَقَ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِهِ فَسَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ لِوُقُوعِ الِاسْتِغْنَاءِ لَهُ عَنْ أَدَائِهَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى فِي حَيَاتِهِ، وَأَخَذَ الْوَرَثَةُ بِحِصَّةِ الْآخَرِ أَيَّهُمَا شَاءُوا فَإِنْ أَدَّاهَا الْمُدَبَّرُ رَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَدَّاهَا قَبْلَ عِتْقِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمَا عَتَقَ الْمُدَبَّرُ بِالتَّدْبِيرِ مِنْ الثُّلُثِ، وَيَسْعَى فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَثَمِائَةٍ وَمُكَاتَبَتُهُمَا أَلْفٌ بَطَلَتْ حِصَّةُ الْمُدَبَّرِ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ، وَاعْتُبِرَ قِيمَتُهُ ثَلَثَمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ وَالْمُتَيَقَّنُ مِنْ حَقِّ الْمَوْلَى هُوَ الْأَقَلُّ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْمَالَ ثَلَثُمِائَةٍ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ وَخَمْسُمِائَةٍ حِصَّةُ الْآخَرِ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ، ذَلِكَ ثَمَانمِائَةٍ وَثُلُثُهُ، وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَا دِرْهَمٍ يُسَلَّمُ لِلْمُدَبَّرِ مِنْ قِيمَتِهِ، وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ ثُمَّ يُؤْخَذُ الْمُدَبَّرُ بِمَا بَقِيَ عَلَى الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ كَفِيلٌ بِهِ، وَلَا يُؤْخَذُ الْمُكَاتَبُ بِمَا عَلَى الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ، وَلَزِمَتْهُ السِّعَايَةُ مِنْ قَبْلِ التَّدْبِيرِ وَالْمُكَاتَبُ لَمْ يَكُنْ كَفِيلًا عَنْهُ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمُكَاتَبَتُهُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاخْتَارَ الْمُدَبَّرُ أَنْ يَسْعَى فِي الْكِتَابَةِ، فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رُبَّمَا يَنْفَعُهُ عَسَى أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الْكِتَابَةِ مُنَجَّمًا مُؤَجَّلًا، وَإِذَا اخْتَارَ ذَلِكَ يَسْقُطُ ثُلُثُ الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ ثُلُثَا رَقَبَتِهِ بِالتَّدْبِيرِ، وَالْوَصِيَّةُ كَانَتْ لَهُ بِمَا هُوَ حَقُّ الْمَوْلَى، وَلِهَذَا يَسْقُطُ ثُلُثُ الْمُكَاتَبَةِ، وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَا الْمُكَاتَبَةِ عَلَيْهِمَا يَأْخُذُونَ بِذَلِكَ أَيَّهُمَا شَاءُوا فَإِنْ أَدَّى الْمُدَبَّرُ رَجَعَ عَلَى الْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ ذَلِكَ مِقْدَارُ حِصَّتِهِ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ رَجَعَ عَلَى الْمُدَبَّرِ بِرُبُعِ ذَلِكَ، وَهُوَ مِقْدَارُ مَا بَقِيَ مِنْ حِصَّتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مُكَاتَبَةٌ وَلَدَتْ بِنْتًا ثُمَّ وَلَدَتْ الْبِنْتُ بِنْتًا ثُمَّ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْوُسْطَى تُعْتَقُ السُّفْلَى عِنْدَ

أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا تُعْتَقُ كَذَا فِي الْكَافِي. مُكَاتَبَةٌ وَلَدَتْ ابْنَةً فَكَبُرَتْ وَارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِالدَّارِ ثُمَّ أُسِرَتْ لَمْ تَكُنْ فَيْئًا فَتُحْبَسُ حَتَّى تَتُوبَ أَوْ تَمُوتَ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ هِيَ الَّتِي فَعَلَتْ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَتْ الْمُكَاتَبَةُ مِنْ غَيْرِ وَفَاءٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُ الِابْنَةَ مِنْ الْحَبْسِ حَتَّى تَسْعَى فِيمَا عَلَى أُمِّهَا. مُكَاتَبَةٌ وَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ قَتَلَهَا الْوَلَدُ فَقَتْلُهَا بِمَنْزِلَةِ مَوْتِهَا، وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ جِنَايَتِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ جَنَتْ الْأُمُّ جِنَايَةً عَلَى إنْسَانٍ ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ يَسْعَى الْوَلَدُ فِي الْجِنَايَةِ وَالْكِتَابَةِ فَإِنْ عَجَزَ نَظَرَ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ بِالْقِيمَةِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ عَلَى الْوَلَدِ يُبَاعُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَمْ يَقْضِ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ بِشَيْءٍ بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ بِعَجْزِهِ كَمَا لَوْ عَجَزَتْ فِي حَالِ حَيَاتِهَا قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي ثُمَّ مَاتَتْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مَرِيضٌ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ نُجُومًا وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ عَجَّلَ مَا زَادَ مِنْ قِيمَتِهِ عَلَى ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ وَإِنْ شَاءَ رُدَّ فِي الرِّقِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَاتَبَ الْمَرِيضُ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ ثُمَّ مَاتَ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ، وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي ثُلُثَيْ الْأَلْفَيْنِ حَالًّا وَالْبَاقِي إلَى أَجَلِهِ أَوْ يُرَدُّ رَقِيقًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُؤَدِّي ثُلُثَيْ الْأَلْفِ حَالًّا وَالْبَاقِي إلَى أَجَلِهِ، وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ، وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ، وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ أَدَّى ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ حَالًّا أَوْ يُرَدُّ رَقِيقًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَاتَبَهُ فِي صِحَّتِهِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ، وَلَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ وَهَبَ لَهُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ فِي مَرَضِهِ، وَهُوَ حُرٌّ، وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَاتَبَهُ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَإِنْ شَاءَ سَعَى فِي ثُلُثَيْ مَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى قَدْ قَبَضَ ذَلِكَ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ سَعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَلَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ شَيْءٌ مِمَّا أَدَّى قَبْلَ ذَلِكَ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ اخْتَارَ فَسْخَ الْكِتَابَةِ وَالسِّعَايَةِ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَإِنْ أَدَّى إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ وَهَبَ لَهُ الْبَاقِيَ سَعَى فِي ثُلُثَيْ الْمِائَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ ثُمَّ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِأَلْفٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ لِهَذَا الْمُكَاتَبِ أَوْدَعَهَا إيَّاهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ، وَالْأَلْفُ الْوَدِيعَةُ مِنْ جِنْسِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ مَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ مِنْ الثُّلُثِ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ فِي الْمَرَضِ، وَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ أَجْوَدَ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَكَانَتْ الْكِتَابَةُ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، فَإِنْ قَالَ الْمُكَاتَبُ: إنِّي أَسْتَرِدُّ الْجِيَادَ وَأُعْطِي مِثْلَ حَقِّكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالزُّيُوفِ فِي يَدِهِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ لِمُكَاتَبٍ، وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ أَلْفٌ جِيَادٌ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ، وَيُقَسَّمُ هَذَا الْأَلْفُ بَيْنَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، وَيُؤْخَذُ الْمُكَاتَبُ بِمَا عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَاتَبَ رَجُلٌ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ، فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ فِي حَيَاتِهِ فَلَهُمْ أَنْ يَمْتَنِعُوا مِنْ الْإِجَازَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي سَائِرِ الْوَصَايَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ مُكَاتَبٌ أَقَرَّ لِمَوْلَاهُ فِي صِحَّتِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَدْ كَانَ الْمَوْلَى كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَقَرَّ الْمُكَاتَبُ لِأَجْنَبِيٍّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِي صِحَّتِهِ أَيْضًا ثُمَّ مَرِضَ الْمُكَاتَبُ، وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَاهَا إلَى الْمَوْلَى مِنْ الْمُكَاتَبَةِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهَا فَالْأَلْفُ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْمَوْلَى، وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمَانِ لِلْمَوْلَى، وَسَهْمٌ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ أَدَّى الْأَلْفَ إلَى الْمَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ لِلْمَوْلَى فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَالْأَجْنَبِيُّ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَلْفِ، وَبَطَلَ دَيْنُ الْمَوْلَى وَمُكَاتَبَتُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَقْضِهِ لَلدِّين وَمَاتَ وَتَرَكَهُ فَهُوَ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ تَرَكَ الْمُكَاتَبُ ابْنًا وُلِدَ لَهُ فِي كِتَابَتِهِ فَالْأَجْنَبِيُّ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَلْفِ مِنْ الْمَوْلَى

الباب السادس فيمن يكاتب عن العبد

وَيَتْبَعُ الْمَوْلَى ابْنَ الْمُكَاتَبِ بِالْكِتَابَةِ وَالدَّيْنِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْأَبِ، وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ قَدْ قَضَاهُ الْمَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ الْمَقَرِّ بِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ ثُمَّ مَاتَ، وَتَرَكَ ابْنًا مَوْلُودًا فِي كِتَابَتِهِ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ أَحَقَّ بِالْأَلْفِ أَيْضًا، وَيَتْبَعُ الْمَوْلَى ابْنَ الْمُكَاتَبِ بِالدَّيْنِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَإِذَا أَدَّى الِابْنُ الْمُكَاتَبَةَ وَالدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْأَبِ لَا يَنْقُضُ الْقَضَاءَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى مُكَاتَبَةِ مِثْلِهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِاسْتِيفَائِهَا، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ لَا يُصَدَّقْ فِي شَيْءٍ إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ يُعْتَقُ، وَيُؤْخَذُ بِالْكِتَابَةِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، فَهُوَ حُرٌّ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُ فَعَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي الثُّلُثَيْنِ فِي الْمُكَاتَبَةِ لِلْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَقَلَّ فَحِينَئِذٍ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ كَاتَبَهُ فِي صِحَّتِهِ وَاسْتَوْفَى، وَإِنْ كَاتَبَهُ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَاتَبَهُ فِي مَرَضِهِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ مُكَاتَبٌ لَهُ عَلَى مَوْلَاهُ دَيْنٌ فِي حَالِ الصِّحَّةِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَالَهُ عَلَى مَوْلَاهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ ثُمَّ مَاتَ، وَلَمْ يَدَّعِ مَالًا لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ. رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُكَاتَبَ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ، وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا الْأَلْفَ فَالْأَجْنَبِيُّ أَحَقُّ بِالْأَلْفِ مِنْ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْمَوْلَى دَيْنَ الصِّحَّةِ، وَدَيْنُ الْأَجْنَبِيِّ دَيْنُ الْمَرَضِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ دَيْنُ الصِّحَّةِ لِغَيْرِ الْمَوْلَى حَيْثُ كَانَ أَوْلَى بِالْقَضَاءِ مِنْ دَيْنِ الْمَرَضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ أَنَّ مُكَاتِبًا أَقَرَّ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ فُلَانًا، وَاسْتَوْفَى مُكَاتَبَتَهُ لَمْ يَجُزْ قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَ فِي مَرَضِهِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَقْرَضَهُ الْمَوْلَى أَلْفَ دِرْهَمٍ، ذَلِكَ فِي صِحَّةِ الْمُكَاتَبِ ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ، وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَهُ أَوْلَادٌ أَحْرَارٌ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْأَلْفِ لِلْمَوْلَى مِنْ الْمُكَاتَبَةِ، وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ مِنْ امْرَأَةٍ هِيَ مُعْتَقَةُ غَيْرِهِ فَالْأَبُ جَرَّ وَلَاءَ الْأَوْلَادِ إلَى مَوَالِيهِ، وَلَوْ تَرَكَ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَخَذَ الْمَوْلَى الْفَضْلَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَلْفَ الَّذِي أَقْرَضَهُ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِ الْمَوْلَى يُصْرَفُ إلَى الْوَرَثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِيمَنْ يُكَاتِبُ عَنْ الْعَبْدِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِيمَنْ يُكَاتِبُ عَنْ الْعَبْدِ) حُرٌّ قَالَ لِمَوْلَى الْعَبْدِ كَاتِبِ عَبْدَك فُلَانًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي إنْ أَدَّيْتُ إلَيْك أَلْفًا، فَهُوَ حُرٌّ فَكَاتَبَهُ الْمَوْلَى عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، وَقَبِلَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَدَّى أَلْفًا فَإِنَّهُ يُعْتَقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ قَبُولِ الْعَبْدِ وَإِجَازَتِهِ، وَإِذَا بَلَغَ الْعَبْدُ فَقَبِلَ صَارَ مُكَاتَبًا، وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ: لَا أَقْبَلُهُ فَأَدَّى عَنْهُ الرَّجُلُ الَّذِي كَاتَبَ عَنْهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ ارْتَدَّ بِرَدِّهِ، وَلَوْ ضَمِنَ الرَّجُلُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنِّي إنْ أَدَّيْتُ إلَيْك أَلْفًا، فَهُوَ حُرٌّ فَأَدَّى لَا يُعْتَقُ قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُعْتَقُ، وَلَوْ أَدَّى الْحُرُّ الْبَدَلَ عَنْهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا أَدَّى إلَى الْمَوْلَى إنْ أَدَّاهُ بِحُكْمِ الضَّمَانِ يَسْتَرِدُّهُ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: كَاتِبِ عَبْدَك عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ غَيْرَ الْوَاجِبِ، وَإِنْ أَدَّاهُ بِغَيْرِ ضَمَانٍ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فَلَوْ أَدَّى الْبَعْضَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ سَوَاءٌ أَدَّى بِضَمَانٍ أَوْ غَيْرِ ضَمَانٍ، وَلَكِنْ لَوْ أَدَّى الْبَعْضَ بَعْدَ إجَازَةِ الْعَبْدِ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ ثَمَّةَ حَصَلَ مَقْصُودٌ آخَرُ، وَهُوَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْعَبْدِ عَنْ بَعْضِ الْبَدَلِ هَذَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَوْلَى قَبْلَ إجَازَةِ الْعَبْدِ، فَلَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ بَعْدَ إجَازَةِ الْعَبْدِ فَلَوْ أَدَّى بِحُكْمِ الضَّمَانِ يَرْجِعُ، وَإِنْ أَدَّى بِغَيْرِ الضَّمَانِ لَا يَرْجِعُ سَوَاءٌ أَدَّى الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِنْ كَاتَبَ الْحُرُّ عَلَى عَبْدٍ لِرَجُلٍ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ عَنْهُ الْمُكَاتَبَةَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ الْبَدَلُ بِقَبُولِ الْحُرِّ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُ بَدَلِ الْكِتَابَةِ عَلَى الْحُرِّ ابْتِدَاءً بِقَبُولِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ ابْنًا لِهَذَا الْحُرِّ، وَهُوَ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَبِ عَلَى الِابْنِ فِي إلْزَامِ الْمَالِ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ عَبْدٌ وَابْنٌ لَهُ صَغِيرٌ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ كَاتَبَ الْأَبَ عَلَى ابْنِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنَّهُ إنْ أَدَّى الْأَبُ عَنْهُ فِي الْوَجْهَيْنِ يُعْتَقْ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَاتَبَ الْعَبْدُ الْحَاضِرُ وَالْعَبْدُ الْغَائِبُ، وَقَبِلَ الْحَاضِرُ صَحَّ الْعَقْدُ عَنْهُمَا اسْتِحْسَانًا

الباب السابع في كتابة العبد المشترك

وَأَيُّهُمَا أَدَّى عَتَقَا وَيُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى قَبُولِهِ وَأَيُّهُمَا أَدَّى لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ وَهَبَ الْمَوْلَى بَدَلَ الْكِتَابَةِ لِلْحَاضِرِ عَتَقَا، وَإِنْ وَهَبَهَا لِلْغَائِبِ لَمْ يُعْتَقَا؛ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَلَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ، فَإِنْ قَبِلَ الْعَبْدُ الْغَائِبُ الْعَقْدَ، فَهُوَ لَغْوٌ وَالْكِتَابَةُ لَازِمَةٌ لِلشَّاهِدِ كَمَا لَوْ لَمْ يَقْبَلْ، وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ الْغَائِبَ بِشَيْءٍ مِنْ الْبَدَل؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا بَلْ هُوَ تَبَعٌ فِي الْعَقْدِ كَوَلَدِ الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ حَرَّرَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ الْغَائِبَ عَتَقَ، وَسَقَطَ عَنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ، فَإِذَا بَطَلَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ لَمْ يُعْتَقْ الْحَاضِرُ حَتَّى يُؤَدِّيَ حِصَّتَهُ، وَإِنْ حَرَّرَ الْحَاضِرَ عَتَقَ وَبَطَلَ عَنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ، وَيُؤَدِّي الْغَائِبُ حِصَّتَهُ حَالًّا وَإِلَّا رُدَّ فِي الرِّقِّ كَذَا فِي الْكَافِي، فَإِنْ مَاتَ الْغَائِبُ لَمْ يُرْفَعْ عَنْ الْحَاضِرِ شَيْءٌ مِنْهُ، وَإِنْ مَاتَ الْحَاضِرُ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُطَالِبَ الْغَائِبَ بِشَيْءٍ مِنْ الْبَدَلِ، وَلَكِنْ إنْ قَالَ الْغَائِبُ: أَنَا أُؤَدِّي جَمِيعَ الْمُكَاتَبَةِ، وَجَاءَ بِهَا، وَقَالَ الْمَوْلَى: لَا أَقْبَلُهَا فَفِي الْقِيَاسِ لِلْمَوْلَى أَنْ لَا يَقْبَلَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ لَا يَقْبَلَ مِنْهُ، وَيُعْتَقَانِ جَمِيعًا بِأَدَاءِ هَذَا الْغَائِبِ، وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ، وَإِذَا كَانَا حَيَّيْنِ، فَأَرَادَ الْمَوْلَى بَيْعَ الْغَائِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْسَانِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَاتَبَ الْأَمَةَ عَنْ نَفْسِهَا وَعَنْ ابْنَيْنِ صَغِيرَيْنِ لَهَا صَحَّ وَأَيٌّ أَدَّى لَمْ يَرْجِعْ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَأَيُّهُمْ أَدَّى يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ، وَقَبُولُ الْأَوْلَادِ الْكِتَابَةَ وَرَدُّهُمْ لَا يُعْتَبَرُ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْأُمَّ بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ بِحِصَّتِهِمْ يُؤَدُّونَهَا فِي الْحَالِ، وَيُطَالِبُ الْمَوْلَى الْأُمَّ بِالْبَدَلِ دُونَهُمْ، وَلَوْ أَعْتَقَهُمْ سَقَطَ عَنْهَا حِصَّتُهُمْ وَعَلَيْهَا الْبَاقِي عَلَى نُجُومِهَا، وَلَوْ اكْتَسَبُوا شَيْئًا لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَهُ، وَلَا لَهُ أَنْ يَبِيعَهُمْ، وَلَوْ أَبْرَأَهُمْ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُمْ لَا يَصِحُّ، وَلَهَا يَصِحُّ فَتُعْتَقُ وَيُعْتَقُونَ مَعَهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ الصِّغَارِ هُوَ جَائِزٌ، فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ إدْرَاكِ الْوَلَدِ أَوْ بَعْدَهُ فَرُدَّ فِي الرِّقِّ كَانَ ذَلِكَ رَدَّا لِلْوَلَدِ أَيْضًا، فَإِنْ أَدْرَكَ وَلَدُهُ فَقَالُوا: نَحْنُ نَسْعَى فِي الْمُكَاتَبَةِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا بَالِغِينَ حِينَ عَجَزَ الْأَبُ، وَإِنْ مَاتَ الْأَبُ، وَلَمْ يَدَّعِ شَيْئًا سَعَوْا فِي الْمُكَاتَبَةِ عَلَى النُّجُومِ، فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى السِّعَايَةِ رُدُّوا فِي الرِّقِّ وَإِنْ كَانُوا يَقْدِرُونَ عَلَيْهَا فَسَعَى بَعْضُهُمْ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَأَدَّاهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَخَوَيْهِ بِشَيْءٍ، فَإِنْ ظَهَرَ لِلْأَبِ مَالٌ كَانَ مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ لِهَذَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ مَا أَدَّى، وَكَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْلَادِ بِجَمِيعِ الْمَالِ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ وَلَكِنْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ أَبِيهِ وَفِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِ الْأَبِ كَانَ قَبُولُهُ صَحِيحًا فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ فَيَأْخُذُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ الْمَالِ كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ لَا يُرْفَعُ عَنْ بَقِيَّتِهِمْ شَيْءٌ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ كَمَا لَوْ كَانَ مَعْدُومًا فِي الِابْتِدَاءِ، فَإِنْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى بَعْضَهُمْ رُفِعَ عَنْهُمْ حِصَّةُ قِيمَةِ الْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِمْ جَارِيَةٌ فَاسْتَوْلَدَهَا السَّيِّدُ أَخَذَتْ عُقْرَهَا، وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ عَلَى حَالِهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُعْجِزَ نَفْسَهَا لِمَكَانِ إخْوَتِهَا أَلَا يُرَى أَنَّهُمْ لَوْ أَدُّوا عَتَقَتْ هِيَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَادُ كِبَارًا حِين كَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهِمْ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ، وَأَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقُوا وَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَاتَبَ عَنْ عَبْدٍ لِرَجُلٍ رَضِيعٍ، وَقَبِلَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ آخَرُ، وَرَضِيَ الْمَوْلَى لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ أَدَّى إلَيْهِ الْمُكَاتَبَةَ عَتَقَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدٌ فَكَاتَبَاهُمَا مَعًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ كِتَابَةً وَاحِدَةً إنْ أَدَّيَا عَتَقَا وَإِنْ عَجَزَا رُدَّا فِي الرِّقِّ قَالَ: يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُكَاتَبًا بِحِصَّتِهِ لِصَاحِبِهِ حَتَّى إذَا أَدَّى حِصَّتَهُ مِنْ الْبَدَلِ إلَى مَوْلَاهُ يُعْتَقُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ) عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنْ يُكَاتِبَ نَصِيبَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَيَقْبِضَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ، فَكَاتَبَ نَفَذَ فِي حَظِّهِ فَقَطْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ، وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ الْفَسْخُ، فَإِنْ أَدَّى أَلْفًا عَتَقَ حَظُّهُ، وَلَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ بِرِضَاهُ، وَلَكِنْ يَسْعَى الْعَبْدُ فِي نَصِيبِ السَّاكِتِ وَإِنْ أَدَّى بَعْضَ الْأَلْفِ أَوْ كُلَّهُ سَلَّمَ لَهُ، وَلَيْسَ لِلسَّاكِتِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَهُ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ بِقَبْضِ الْبَدَلِ إذْنٌ لِلْمُكَاتَبِ بِالْأَدَاءِ وَالْإِذْنُ بِالْأَدَاءِ تَبَرُّعٌ مِنْهُ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْكَسْبِ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَقَدْ تَمَّ بِقَبْضِ الْمُكَاتِبِ فَسَلَّمَ كُلَّهُ لَهُ إلَّا إذَا نَهَاهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَيَصِحُّ

نَهْيُهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لَمْ يَتِمَّ، وَلَوْ أَذِنَ، وَهُوَ مَرِيضٌ، وَأَدَّى مِنْ كَسْبِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ صَحَّ مِنْ كُلِّ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اكْتَسَبَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ، وَأَذِنَ لَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَالْقَبْضِ مِنْهُ نَفَذَ مِنْ الثُّلُثِ وَعِنْدَهُمَا لَا تَتَجَزَّأُ فَيَكُونُ الْإِذْنُ بِكِتَابَةِ نَصِيبِهِ إذْنًا بِكِتَابَةِ الْكُلِّ، فَإِذَا كَاتَبَهُ يَكُونُ مُكَاتَبًا لَهُمَا، وَيَكُونُ بَدَلُ الْكِتَابَةِ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا قَبَضَ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا يَكُونُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْعَجْزِ وَبَعْدَهُ، وَلَوْ كَانَ بِلَا إذْنِ صَاحِبِهِ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَ حَظُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلسَّاكِتِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الَّذِي كَاتَبَ نِصْفَ مَا أَخَذَ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَاتَبَ كُلَّهُ بِالْأَلْفِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَخَذَ مِنْهُ شَرِيكُهُ، وَإِنْ كَاتَبَ نَصِيبَهُ بِأَلْفٍ رَجَعَ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ شَرِيكُهُ، وَعِنْدَهُمَا إذَا أَدَّى بَدَل الْكِتَابَةِ يُعْتَقُ كُلُّهُ، وَيَغْرَمُ الْمُكَاتِبُ لِغَرِيمِهِ نِصْفَ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَلِلسَّاكِتِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْعَبْدِ نِصْفَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ مِنْ الْأَكْسَابِ، وَلَوْ كَاتَبَ أَحَدُهُمَا كُلَّهُ أَوْ حَظَّهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ كَاتَبَ الْآخَرُ كُلَّهُ أَوْ حَظَّهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ صَارَ مُكَاتَبًا لَهُمَا أَمَّا عِنْدَهُ فَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَتَجَزَّأُ فَنَفَذَتْ كِتَابَةُ كُلٍّ فِي نَصِيبِهِ. وَأَمَّا عِنْدَهُمَا؛ فَلِأَنَّ الْأَوَّلَ إذَا كَاتَبَ نَصِيبَهُ صَارَ مُكَاتَبًا، وَلِلْآخَرِ حَقُّ الْفَسْخِ فَإِذَا كَاتَبَهُ كَانَ فَسْخًا مِنْهُ فِي نِصْفِهِ وَأَيُّهُمَا قَبَضَ شَيْئًا مِنْ بَدَلِ نَصِيبِهِ لَا يُشَارِكُهُ صَاحِبُهُ فِي ذَلِكَ، وَتَعَلَّقَ عِتْقُ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ الْمُسَمَّى فِي كِتَابَةِ نَصِيبِهِ، فَإِنْ أَدَّى إلَيْهِمَا مَعًا فَالْوَلَاءُ لَهُمَا عِنْدَهُمْ، وَإِنْ قَدَّمَ أَحَدَهُمَا صَارَ كَمَكَاتِبِهِمَا حَرَّرَهُ أَحَدُهُمَا فَيُعْتَقُ نِصْفُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَبْقَى نَصِيبُ صَاحِبِهِ مُكَاتَبًا، وَلَا ضَمَانَ. وَلَا سِعَايَةَ إلَّا أَنْ يَعْجِزَ الْمُكَاتَبُ فَيَضْمَنُ الْقَابِضُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَيَسْعَى الْمُكَاتَبُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ نَصِيبِهِ وَمِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فِي الْيَسَارِ، وَفِي الْإِعْسَارِ يَسْعَى فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلَانِ عَبْدَهُمَا مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً فَأَدَّى إلَى أَحَدِهِمَا حِصَّتَهُ لَمْ يُعْتَقْ نَصِيبُهُ مِنْهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ جَمِيعَ الْمُكَاتَبَةِ إلَيْهِمَا، وَإِنْ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا جَازَ، وَكَذَلِكَ إنْ وَهَبَ لَهُ نَصِيبَهُ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ عَتَقَ، وَكَذَلِكَ إنْ سَلَّمَ الشَّرِيكُ لِلْقَابِضِ مَا قَبَضَ أَوْ كَانَ قَبَضَ نَصِيبَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ الْمُكَاتَبُ بِالْخِيَارِ بَعْدَ إعْتَاقِ أَحَدِهِمَا إيَّاهُ إنْ شَاءَ عَجَزَ، وَيَكُونُ الشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ التَّضْمِينِ وَالسِّعَايَةِ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ وَالْعِتْقِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَيْنَ الْعِتْقِ وَالسِّعَايَةِ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْمُعْتِقُ نِصْفَ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَنِصْفِ مَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَكَذَلِكَ يَسْعَى الْعَبْدُ فِي الْأَقَلِّ عِنْدَ عُسْرَةِ الْمُعْتِقِ. وَإِنْ اخْتَارَ الْمُضِيَّ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ ثُمَّ مَاتَ عَنْ مَالٍ كَثِيرٍ أَخَذَ الْمَوْلَى الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ نِصْفَ الْمُكَاتَبَةِ مِنْ مَالِهِ كَمَا كَانَ يُطَالِبُهُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ الْبَاقِي بَعْدَ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ، وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلَانِ عَبْدَيْنِ بَيْنَهُمَا مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً إنْ أَدَّيَا عَتَقَا، وَإِنْ عَجَزَا رُدَّا، فَإِنَّهُ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُكَاتَبًا بَيْنَهُمَا عَلَى حِدَةٍ بِحِصَّتِهِ، ذَلِكَ بِأَنْ يُقْسَمَ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَتِهِمَا، وَيَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُكَاتَبًا بِحِصَّتِهِ، وَإِذَا أَدَّى أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ إلَيْهِمَا عَتَقَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ مُكَاتَبٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كُوتِبَ عَلَى أَلْفٍ فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا سِتَّمِائَةٍ، وَأَبْرَأَهُ الْآخَرُ عَنْ أَرْبَعِمِائَةٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ وَمَا قَبَضَ الْأَوَّلُ يَكُونُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْمُبْرِئَ عَلَى سِتَّةٍ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَرِضَ أَحَدُهُمَا، وَكَاتَبَهُ الصَّحِيحُ بِإِذْنِهِ جَازَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ إبْطَالُهُ، وَكَذَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ وَقَبَضَ بَعْضَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَارِثِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَإِذَا كَانَتْ جَارِيَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَاهَا فَوَطِئَهَا أَحَدُهُمَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ ثُمَّ وَطِئَهَا الْآخَرُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ ثُمَّ عَجَزَتْ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ، وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا بِوَطْئِهِ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً، وَيَضْمَنُ شَرِيكُهُ كَمَالَ عُقْرِهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ، وَيَكُونُ ابْنَهُ، وَأَيُّهُمَا دَفَعَ الْعُقْرَ إلَى الْمُكَاتَبَةِ جَازُوا، وَإِذَا عَجَزَتْ تُرَدُّ إلَى الْمَوْلَى، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ

أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ، وَلَا يَجُوزُ وَطْءُ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى الْأَوَّلُ الْوَلَدَ صَارَ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّ أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ يَجِبُ تَكْمِيلُهَا بِالْإِجْمَاعِ مَا أَمْكَنَ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلْفَسْخِ فَتَنْفَسِخُ فِيمَا لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُكَاتَبُ وَتَبْقَى الْكِتَابَةُ فِيمَا وَرَاءَ مَا أَمْكَنَ، وَإِذَا صَارَ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَلَا يَكُونُ حُرًّا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ، وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْعُقْرِ، وَإِذَا بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ، وَصَارَ كُلُّهَا مُكَاتَبَةً لَهُ قِيلَ يَجِبُ عَلَيْهَا نِصْفُ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَقِيلَ يَجِبُ كُلُّ الْبَدَلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَيَضْمَنُ الْأَوَّلُ لِشَرِيكِهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نِصْفَ قِيمَتِهَا مُكَاتَبَةً مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرَا وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا، وَمِنْ نِصْفِ مَا بَقِيَ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَإِذَا كَانَ الثَّانِي لَمْ يَطَأْهَا، وَلَكِنْ دَبَّرَهَا ثُمَّ عَجَزَتْ بَطَلَ التَّدْبِيرُ، وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ، وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ عُقْرِهَا وَنِصْفَ قِيمَتِهَا، وَالْوَلَدُ وَلَدٌ لِلْأَوَّلِ، وَهَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. مُكَاتَبَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ ابْنَةً ثُمَّ وَطِئَ أَحَدُهُمَا الِابْنَةَ فَعَلِقَتْ مِنْهُ قَالَ: يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَالِابْنَةُ عَلَى حَالِهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُخْرِجَ نَفْسَهَا مِنْ الْكِتَابَةِ لِتَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُسْتَوْلِدِ، وَعَلَى الْمُسْتَوْلِدِ عُقْرُهَا، وَلَكِنَّ عُقْرَهَا لِلْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ كَسْبِهَا وَإِنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْأُمِّ فِي الْكِتَابَةِ، فَإِنْ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ صَارَتْ الِابْنَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ ظُهُورِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْهَا قَدْ ارْتَفَعَ بِعَجْزِ الْأُمِّ، وَإِنَّمَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مِنْ حِينِ عَلِقَتْ مِنْهُ فَلِهَذَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ عَلِقَتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَعْجِزْ فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الِابْنَةَ بَعْدَ عُلُوقِهَا مِنْ الْأَوَّلِ عَتَقَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ نَصِيبَ الِابْنَةِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ مَا بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ فِيهَا فَيَنْفُذُ عِتْقُهُ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا وَوَلَدُهَا حُرٌّ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا وَالْمُكَاتَبَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى حَالِهَا تُعْتَقُ بِالْأَدَاءِ أَوْ تَعْجِزُ فَتَكُونُ أَمَةً بَيْنَهُمَا. مُكَاتَبَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا الْوَلَدَ عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْهُ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ حَتَّى تَعْجِزَ الْأُمُّ أَوْ تُعْتَقَ، فَإِنْ عَتَقَتْ عَتَقَ مَعَهَا، فَإِنْ عَجَزَتْ فَقَدْ زَالَ مَعْنَى التَّبَعِيَّةِ، وَصَارَ الْوَلَدُ مَقْصُودًا وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ يَعْتِقُهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَإِذَا اخْتَارَ التَّضْمِينَ يُضَمِّنُهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَقْتَ إعْتَاقِهِ لَا وَقْتَ عَجْزِ الْأُمِّ. مُكَاتَبَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ ابْنَةً فَوَطِئَا الِابْنَةَ فَعَلِقَتْ فَوَلَدَتْ مِنْهُمَا ثُمَّ مَاتَا فَالِابْنَةُ حُرَّةٌ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا فَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِمَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَاهَا، وَبَقِيَتْ الْأُمُّ عَلَى مُكَاتَبَتِهِمَا، وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ هِيَ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْهُمَا ثُمَّ مَاتَا عَتَقَتْ هِيَ بِجِهَةِ الِاسْتِيلَادِ، وَعَتَقَ وَلَدُهَا أَيْضًا، وَإِنْ عَجَزَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَالْوَلَدُ الْأَوَّلُ رَقِيقٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مُكَاتَبٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِشَرِيكِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْآخَرِ مُكَاتَبٌ عَلَى حَالِهِ لِكَوْنِ الْعِتْقِ مُتَجَزِّئًا عِنْدَهُ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ عَجَزَ صَارَ كَعَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَعَلَى قَوْلِهِمَا عَتَقَ وَالْوَلَاءُ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْتِقْهُ أَحَدُهُمَا، وَلَكِنْ دَبَّرَهُ صَارَ نَصِيبُهُ مُدَبَّرًا، وَيَكُونُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يُنَافِي الْكِتَابَةَ، فَإِنْ أَدَّى الْكُلَّ عَتَقَ وَالْوَلَاءُ يَثْبُتُ مِنْهُمَا، وَإِنْ عَجَزَ صَارَ كَعَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا صَارَ نَصِيبُهُ مُدَبَّرًا وَلِشَرِيكِهِ خَمْسُ خِيَارَاتٍ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَأَرْبَعُ خِيَارَاتٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ لَمْ يُدَبِّرْهُ وَلَكِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَصَارَ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ثُمَّ الْمُكَاتَبَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا، وَلَا تَصِيرُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ، فَإِنْ مَضَتْ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ أَخَذَتْ مِنْهُ عُقْرَهَا وَاسْتَعَانَتْ بِهِ عَلَى أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ فَإِنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُسْتَوْلِدِ، وَيَضْمَنُ الشَّرِيكُ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِلشَّرِيكِ مُكَاتَبَةً وَنِصْفَ عُقْرِهَا، وَلَا يَغْرَمُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ كَاتَبَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ فَاسْتَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ عَجَزَتْ فَكَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا لِشَرِيكِهِ، وَإِنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى كِتَابَتِهَا وَأَخَذَتْ عُقْرَهَا وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلَانِ جَارِيَةً بَيْنَهُمَا مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا عَنْ الْإِسْلَامِ فَأَدَّتْ الْمُكَاتَبَةُ إلَيْهِمَا ثُمَّ

الباب الثامن في عجز المكاتب وموته

قُتِلَ مُرْتَدًّا قَالَ: لَا تُعْتَقُ، وَلَيْسَ أَدَاؤُهَا إلَى الْمُرْتَدِّ بِشَيْءٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الشَّرِيكِ بِنِصْفِ مَا أَخَذَ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ أَخَذَ نَصِيبَهُ وَحْدَهُ، وَلِهَذَا لَا يُعْتَقُ نَصِيبُ الشَّرِيكِ مِنْهَا أَيْضًا ثُمَّ يَسْتَسْعُونَهَا فِي النِّصْفِ الْبَاقِي، فَإِنْ عَجَزَتْ رُدَّتْ فِي الرِّقِّ بِمَنْزِلَةِ مُكَاتَبَةٍ أَدَّتْ نِصْفَ الْبَدَلِ إلَى الْمَوْلَيَيْنِ ثُمَّ عَجَزَتْ. وَإِنْ كَاتَبَهَا فِي حَالَةِ الرِّدَّةِ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ لِبَدَلِ الْكِتَابَةِ، فَلَوْ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا بِدَارِ الْحَرْبِ فَأَدَّتْ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ إلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ لَمْ تُعْتَقْ، وَإِنْ أَدَّتْ إلَى الشَّرِيكِ الْبَاقِي وَإِلَى وَرَثَةِ الْمُرْتَدِّ عَتَقَتْ إذَا كَانَ قَدْ قَضَى بِلِحَاقِهِ كَمَا لَوْ مَاتَ فَدُفِعَتْ الْكِتَابَةُ إلَى الشَّرِيكِ الْحَيِّ، وَإِلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ عَجَزَتْ بَعْدَمَا ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا فَرَدَّاهَا فِي الرِّقِّ ثُمَّ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ فَهِيَ عَلَى مُكَاتَبَتِهَا، وَإِذَا ارْتَدَّ الشَّرِيكَانِ مَعًا ثُمَّ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ فَرَدَّاهَا فِي الرِّقِّ، فَإِنْ أَسْلَمَا فَهِيَ أَمَةٌ قِنَّةٌ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ قُتِلَا عَلَى الرِّدَّةِ فَهِيَ عَلَى مُكَاتَبَتِهَا، وَإِذَا كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَلَدَتْ ابْنَةً ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الْمَوْلَيَيْنِ وَطِئَ الِابْنَةَ فَعَلِقَتْ مِنْهُ، وَوَطِئَ الْآخَرُ الْأُمَّ، فَعَلِقَتْ مِنْهُ فَقَالَتَا نَحْنُ نَعْجَزُ فَذَلِكَ لَهُمَا، وَالْمُرَادُ أَنَّ لِلْأُمِّ أَنْ تُعْجِزَ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّهُ تَلَقَّاهَا جِهَتَا حُرِّيَّةٍ، وَأَمَّا الْوَلَدُ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْخِيَارِ فِي شَيْءٍ فَإِذَا اخْتَارَتْ الْأُمُّ الْمُضِيَّ عَلَى الْكِتَابَةِ أَخَذَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عُقْرَهَا مِنْ الْوَاطِئِ وَعُقْرُ الِابْنَةِ يَكُونُ لِلْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ الْكَسْبِ، وَإِنْ عَجَزَتْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي وَطِئَهَا، وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَنِصْفَ عُقْرِهَا لِشَرِيكِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ، وَلَا يُرَدَّ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَرْضَى الْعَبْدُ وَمَوْلَاهُ الَّذِي كَاتَبَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْكِتَابَةَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي عَجْزِ الْمُكَاتَبِ وَمَوْتِهِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي عَجْزِ الْمُكَاتَبِ وَمَوْتِهِ وَمَوْتِ الْمَوْلَى وَجِنَايَتِهِ عَلَى الْمَوْلَى وَجِنَايَةِ الْمَوْلَى أَوْ غَيْرِهِ عَلَيْهِ) إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ نَجْمٍ نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي حَالِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ يَقْبِضُهُ أَوْ مَالٌ يَقْدَمُ عَلَيْهِ لَمْ يُعَجِّلْ بِتَعْجِيزِهِ وَانْتَظَرَ عَلَيْهِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ وَالثَّلَاثَةُ هِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي ضُرِبَتْ لِإِبْلَاءِ الْأَعْذَارِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ طَلَبَ الْمَوْلَى تَعْجِيزَهُ عَجَزَ، وَفَسَخَ الْكِتَابَةَ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. فَإِنْ أَخَلَّ الْمُكَاتَبُ بِنَجْمٍ فَرَدَّهُ مَوْلَاهُ عِنْدَ غَيْرِ سُلْطَانٍ بِرِضَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْعَبْدُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِالْفَسْخِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَتَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ بِالْإِقَالَةِ وَكَذَا تَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْمَوْلَى بِأَنْ يَقُولَ: فَسَخْتُ الْكِتَابَةَ أَوْ كَسَرْتُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ فَاسِدَةً أَوْ صَحِيحَةً وَالْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْعَبْدِ وَهَلْ تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ؟ أَمَّا بِمَوْتِ الْمَوْلَى فَلَا تَنْفَسِخُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ فَيُؤَدِّي إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى فَيَعْتِقُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ كَسْبٌ فَيَكْسِبُ فَيُؤَدِّي فَيَعْتِقُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ رُدَّ إلَى الرِّقِّ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَوْلَى حَيًّا، وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى فَأَدَّى الْمُكَاتَبُ مُكَاتَبَتَهُ أَوْ بَقِيَّةً مِنْهَا إلَى وَرَثَتِهِ وَعَتَقَ، فَالْوَلَاءُ لِلذُّكُورِ مِنْ عَصَبَةِ الْمَوْلَى، وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَرُدَّ إلَى الرِّقِّ ثُمَّ كَاتَبَهُ الْوَرَثَةُ كِتَابَةً أُخْرَى فَأَدَّى إلَيْهِمْ وَعَتَقَ فَالْوَلَاءُ لِلْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، أَمَّا بِمَوْتِ الْمُكَاتَبِ فَيُنْظَرُ إنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ لَا تَنْفَسِخُ عِنْدَنَا، وَإِنْ مَاتَ لَا عَنْ وَفَاءٍ تَنْفَسِخُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا تَنْفَسِخُ بِرِدَّةِ الْمَوْلَى بِأَنْ كَاتَبَ مُسْلِمٌ عَبْدَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى حَقِيقَةً فَبِمَوْتِهِ حُكْمًا أَوْلَى أَنْ لَا تَنْفَسِخَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا مَاتَ لَا عَنْ وَفَاءٍ، وَلَا عَنْ وَلَدٍ فَاخْتَلَفُوا فِي بَقَاءِ الْكِتَابَةِ قَالَ الْإِسْكَافُ تَنْفَسِخُ حَتَّى لَوْ تَطَوَّعَ إنْسَانٌ بِأَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ عَنْهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَنْفَسِخُ مَا لَمْ يَقْضِ بِعَجْزِهِ حَتَّى لَوْ تَطَوَّعَ بِهِ إنْسَانٌ عَنْهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْفَسْخِ جَازَ، وَيُحْكَمُ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ كَذَا فِي التَّبْيِين. وَإِنْ مَاتَ، وَلَهُ وَلَدٌ مِنْ حُرَّةٍ وَتَرَكَ دَيْنًا فِيهِ وَفَاءٌ بِمُكَاتَبَتِهِ فَجَنَى الْوَلَدُ فَقَضَى بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَضَاءً بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ اخْتَصَمَ مَوَالِي الْأُمِّ وَمَوَالِي الْأَبِ فِي وَلَائِهِ فَقَضَى بِهِ لِمَوَالِي الْأُمِّ فَهُوَ قَضَاءٌ بِالْعَجْزِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَهُ وَصَايَا مِنْ تَدْبِيرٍ وَغَيْرِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا حُرًّا وَوُلِدَ لَهُ

وَلَدٌ فِي الْمُكَاتَبَةِ مِنْ أَمَتِهِ بُدِئَ مِنْ تَرِكَتِهِ بِدُيُونِ الْأَجَانِبِ ثُمَّ بِدَيْنِ الْمَوْلَى إنْ كَانَ ثُمَّ بِالْمُكَاتَبَةِ، فَإِنْ أُدِّيَتْ حُكِمَ بِحَرِيَّتِهِ، وَالْبَاقِي مِيرَاثٌ بَيْنَ أَوْلَادِهِ، وَبَطَلَتْ وَصَايَاهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، فَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ، وَتَرَكَ أَلْفًا، وَعَلَيْهِ لِلْمَوْلَى أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ بُدِئَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ يَبْدَأُ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا إلَّا دَيْنًا عَلَى إنْسَانٍ فَاسْتَسْعَى الْوَلَدُ الْمَوْلُودُ لَهُ فِي الْكِتَابَةِ، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمُكَاتَبِ سِوَاهَا فَعَجَزَ عَنْهُ، وَقَدْ أَيِسَ مِنْ الدَّيْنِ أَنْ يَخْرُجَ فَإِنَّهُ يُرَدُّ فِي الرِّقِّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَجِنَايَةٌ وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ وَمَهْرُ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى بُدِئَ بِالدَّيْنِ ثُمَّ بِالْجِنَايَةِ ثُمَّ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ بِالْمَهْرِ الْأَقْوَى فَالْأَقْوَى، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا لَكِنْ تَرَكَ أَوْلَادًا وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ سَعَى الْأَوْلَادُ فِيهَا عَلَى نَحْوِ مَا وَصَفْنَا؛ لِأَنَّ تَرْكَ وَلَدٍ يُؤَدِّي كَتَرْكِ مَالٍ يُؤَدَّى بِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. مُكَاتَبٌ اشْتَرَى ابْنَهُ ثُمَّ مَاتَ، وَتَرَكَ وَفَاءً وَرِثَهُ ابْنُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ هُوَ وَابْنُهُ مُكَاتَبَيْنِ كِتَابَةً وَاحِدَةً، وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا وَوَلَدًا كُوتِبَ مَعَهُ أَوْ وُلِدَ فِي كِتَابَتِهِ وَوَصِيًّا، فَالْوَصِيُّ يُؤَدِّي بَدَلَ الْكِتَابَةِ مِنْ مَالِهِ، وَيَعْتِقُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ، وَوَرِثَهُ أَوْلَادُهُ، وَمَلَكَ الْوَصِيُّ بَيْعَ الْعُرُوضِ، وَلَا يَمْلِكُ بَيْعَ الْعَقَارِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَلَا يَرِثُ الْوَلَدُ الْمَوْلُودُ مِنْ الْوَلَدِ الْحُرِّ إنْ مَاتَ الْوَلَدُ الْحُرُّ قَبْلَ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. . وَمَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ مِنْ الصَّدَقَاتِ إلَى مَوْلَاهُ، وَعَجَزَ طَابَ لِسَيِّدِهِ، وَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الْأَدَاءِ إلَى الْمَوْلَى يَطِيبُ لِلْمَوْلَى عِنْدَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَطِيبُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَطِيبُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. عَبْدٌ جَنَى فَكَاتَبَهُ مَوْلَاهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ ثُمَّ عَجَزَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ أَوْ يُفْدِي، وَكَذَلِكَ مُكَاتَبٌ جَنَى فَلَمْ يَقْضِ بِهِ حَتَّى عَجَزَ، وَإِنْ قَضَى عَلَيْهِ فِي كِتَابَتِهِ ثُمَّ عَجَزَ فَهُوَ دَيْنٌ يُبَاعُ فِيهِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَإِنْ صَالَحَ الْمُكَاتَبُ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ أَقَرَّ بِهِ، وَلَمْ يُؤَدِّ بَدَلَ الصُّلْحِ حَتَّى عَجَزَ، وَرُدَّ فِي الرِّقِّ فَالصُّلْحُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى فَاسِدٌ، وَلَا يُؤْخَذُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُؤْخَذُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ أَقَرَّ مُكَاتَبٌ بِأَنَّهُ افْتَضَّ بِالْأُصْبُعِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ صَبِيَّةً فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إقْرَارٌ بِالْجِنَايَةِ يُؤْخَذُ بِهِ مَا دَامَ مُكَاتَبًا فَإِذَا عَجَزَ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ. ارْتَدَّ مُسْلِمٌ، وَلَهُ عَبْدٌ وَكَاتَبَهُ ابْنُهُ فَقُتِلَ الْمُرْتَدُّ بَطَلَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ مُكَاتَبٌ ارْتَدَّ، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ يُوقَفُ أَمْرُهُ، فَإِنْ مَاتَ أُدِّيَ بَدَلُ الْكِتَابَةِ مِنْ مَالِهِ، وَقُسِّمَ مَا بَقِيَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، فَإِنْ عَادَ مُسْلِمًا يُسَلَّمُ مَالُهُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا قَتَلَ عَبْدُ الْمُكَاتَبِ رَجُلًا خَطَأً قِيلَ لِلْمُكَاتَبِ ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ بِالدِّيَةِ، وَإِذَا قَتَلَ عَبْدُهُ رَجُلًا عَمْدًا فَلَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ يُؤَدِّيهِ لِتَسْلَمَ لَهُ نَفْسُهُ كَمَا لِلْحُرِّ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ يُؤْخَذُ بِهِ وَإِنْ عَجَزَ، وَإِنْ جَنَتْ أَمَتُهُ جِنَايَةً خَطَأً فَبَاعَهَا أَوْ وَطِئَهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَهَذَا مِنْهُ اخْتِيَارٌ، وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ، وَإِنْ قَتَلَهُ عَبْدٌ لَهُ عَمْدًا فَالْعَبْدُ فِي قَتْلِ مَوْلَاهُ عَمْدًا كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ إذَا قَتَلَهُ عَبْدُهُ فَالْمُكَاتَبُ مِثْلُهُ ثُمَّ الْمُكَاتَبُ إذَا قُتِلَ عَمْدًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَالْقِصَاصُ وَاجِبٌ لِلْمَوْلَى، وَإِنْ تَرَكَ وَفَاءً، وَلَهُ وَارِثٌ سِوَى الْمَوْلَى فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاتِلِ لِاشْتِبَاهِ مِنْ يَسْتَوْفِيهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اجْتَمَعَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ، وَإِنْ قُتِلَ، وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَى الْمَوْلَى فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ الْقِصَاصُ لِمَوْلَاهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ جَنَى الْمُكَاتَبُ عَلَى مَوْلَاهُ أَوْ رَقِيقِ الْمَوْلَى كَانَتْ جِنَايَتُهُ مُعْتَبَرَةً، وَكَذَا جِنَايَةُ الْمَوْلَى عَلَى الْمُكَاتَبِ أَوْ رَقِيقِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اسْتَهْلَكَ عَبْدُ الْمُكَاتَبِ مَالًا فَهُوَ دَيْنٌ فِي عُنُقِهِ يُبَاعُ فِيهِ، وَإِنْ جَنَى عَبْدُهُ ثُمَّ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ، وَإِنْ عَجَزَ فَالْخِيَارُ إلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ وَامْرَأَتُهُ مُكَاتَبَيْنِ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً، فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَقَتَلَهُ الْمَوْلَى وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ الْكِتَابَةِ فَقِيمَتُهُ عَلَى مَوْلَاهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ قَدْ حَلَّتْ قَاصَصَهُمْ بِهَا ثُمَّ عَلَى الْمَوْلَى أَدَاءُ فَضْلِ الْقِيمَةِ إلَى الْأُمِّ، وَرَجَعَتْ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ بِمَا أَدَّتْ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ لَمْ تَحِلَّ أَدَّى الْمَوْلَى الْقِيمَةَ إلَى الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ مُكَاتَبًا مَعَهُمَا فَقَتَلَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ حَلَّتْ الْقِيمَةُ اُقْتُصَّ مِنْهَا بِقَدْرِ الْكِتَابَةِ إنْ كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ حَلَّتْ أَوْ لَمْ تَحِلَّ، وَيُؤَدَّى إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى فَضْلُ الْقِيمَةِ، وَالْأَبُ وَالْأُمُّ حِصَّتُهُمَا مِنْ الْمُكَاتَبَةِ ثُمَّ يُقَسَّمُ ذَلِكَ كُلُّهُ بَيْنَ وَرَثَةِ الِابْنِ

عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَرِثُ أَبَوَاهُ مَعَهُمْ، وَإِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَةً خَطَأً فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى بَعْدَمَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ فِي الْجِنَايَةِ الْأُولَى يَلْزَمْهُ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِمُوجَبِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا. حَفَرَ الْمُكَاتَبُ بِئْرًا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ حَفَرَ ثُمَّ إذَا وَقَعَ فِيهَا آخَرُ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْأُولَى أَوْ لَمْ يَحْكُمْ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ سَقَطَ حَائِطٌ لَهُ مَائِلٌ قَدْ أَشْهَدَ فِيهِ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارِهِ قَتِيلٌ أُخِذَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِيهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ فَيَنْقُصُ حِينَئِذٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً ثُمَّ عَجَزَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ قَضَى عَلَيْهِ بِالسِّعَايَةِ، فَهِيَ دَيْنٌ فَيَنْقُصُ حِينَئِذٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً ثُمَّ عَجَزَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ قَضَى عَلَيْهِ بِالسِّعَايَةِ فَهِيَ دَيْنٌ عَلَيْهِ يُبَاعُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ بِهَا عَلَيْهِ خُيِّرَ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فَالْوَاجِبُ أَرْشُ الْمَمَالِيكِ، وَإِنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا، فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ قَتَلَ ابْنَ الْمُكَاتِبِ أَوْ عَبَدَهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلَكِنْ عَلَى الْقَاتِلِ الْقِيمَةُ لَمَّا تَعَذَّرَ إيجَابُ الْقِصَاصِ، وَهُوَ لِلْمُكَاتِبِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ أَكْسَابِهِ، وَإِنْ عَفَوْا فَعَفَوْهُمَا بَاطِلٌ، وَإِنْ قَتَلَ الْمَوْلَى مُكَاتَبَهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا وَقَدْ تَرَكَ وَفَاءً فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَقْضِي بِهَا كِتَابَتَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ ابْنَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِجِنَايَةٍ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ مَا دَامَ مُكَاتَبًا، وَإِنْ عَجَزَ، وَرُدَّ فِي الرِّقِّ بَطَلَتْ عَنْهُ قُضِيَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُقْضَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَا: يُؤْخَذُ بِمَا قُضِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا خَاصَّةً، وَمَا أَدَّاهُ قَبْلَ الْعَجْزِ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَيُؤْخَذُ الْمُكَاتَبُ بِأَسْبَابِ الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ وَغَيْرِهِمَا نَحْوُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالسُّكْرِ وَالْقَذْفِ؛ لِأَنَّ الْقِنَّ مَأْخُوذٌ بِهَا فَالْمُكَاتَبُ أَوْلَى، وَلَا يُقْطَعُ فِي سَرِقَتِهِ مِنْ مَوْلَاهُ وَكَذَا لَا يُقْطَعُ فِي سَرِقَتِهِ مِنْ ابْنِ مَوْلَاهُ، وَلَا مِنْ امْرَأَةِ مَوْلَاهُ، وَلَا مِنْ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ مَوْلَاهُ وَكَذَا لَوْ سَرَقَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ الْمُكَاتَبِ لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ سَرَقَ مِنْهُ أَجْنَبِيٌّ يُقْطَعُ بِخُصُومَتِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَإِنْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ رُدَّ فِي الرِّقِّ فَاشْتَرَاهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ رَجُلٍ، وَلِذَلِكَ الرَّجُلِ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَطَلَب الْمَسْرُوقُ مِنْهُ دَيْنَهُ فَقَضَى الْقَاضِي أَنْ يُبَاعَ لَهُ فِي دَيْنِهِ وَقَدْ أَبَى الْمَوْلَى أَنْ يَفْدِيَهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِي الْقِيَاسِ، وَإِنْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ مُكَاتَبٍ آخَرَ لِمَوْلَاهُ لَمْ يُقْطَعْ كَمَا لَوْ سَرَقَ مِنْ مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ إنْ سَرَقَ مِنْ عَبْدٍ كَانَ بَيْنَ مَوْلَاهُ وَبَيْنَ آخَرَ، وَقَدْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَإِذَا سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ مُضَارِبِ مَوْلَاهُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لَا يُقْطَعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مَالَ رَجُلٍ لِمَوْلَاهُ عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ دَيْنٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ قِيلَ لَهُ أَدِّ الْمَالَ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى عَلَى نُجُومِهِ، فَإِنْ حَرَّرُوهُ عَتَقَ وَسَقَطَ مَالُ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَلَدٍ حُرٍّ فَجَاءَ رَجُلٌ بِوَدِيعَةٍ فَقَالَ هَذِهِ لِلْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ تُؤَدَّى مِنْهَا الْمُكَاتَبَةُ ثُمَّ إقْرَارُ الرَّجُلِ الْوَدِيعَةِ لِلْمُكَاتَبِ صَحِيحٌ فِي حَقِّهِ فَتُؤَدَّى مِنْهَا الْمُكَاتَبَةُ، وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقُ عَلَى جَرِّ الْوَلَاءِ قَالَ: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ الْمَوْلَى بِنَفْسِهِ: هَذِهِ وَدِيعَةٌ عِنْدِي لِلْمُكَاتَبِ أَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مِثْلِ الْكِتَابَةِ أَوْ قَالَ: قَدْ كُنْت اسْتَوْفَيْت الْكِتَابَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَكَانَ يُصَدَّقُ فِي جَرِّ وَلَاءِ الْوَلَدِ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ غَيْرُهُ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ إنْ تَبَرَّعَ إنْسَانٌ عَنْهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وَإِذَا تَرَكَ الْمُكَاتَبُ أُمَّ وَلَدٍ، وَلَيْسَ مَعَهَا وَلَدٌ بِيعَتْ فِي الْمُكَاتَبَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ سَعَتْ فِيهَا إلَى الْأَجَلِ الَّذِي كَانَ لِلْمُكَاتَبِ صَغِيرًا كَانَ وَلَدُهَا أَوْ كَبِيرًا، وَإِنْ كَانَ تَرَكَ مَالًا لَمْ يُؤَخَّرْ إلَى أَجَلِهِ، وَصَارَ حَالًّا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَالُ أُمِّ الْوَلَدِ بِغَيْرِ الْوَلَدِ كَحَالِهَا مَعَ الْوَلَدِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ حَتَّى تَسْعَى فِيهَا إلَى الْأَجَلِ، وَإِذَا تَرَكَ الْمُكَاتَبُ وَلَدَيْنِ وُلِدَا لَهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَمُكَاتَبَةٌ سَعَيَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَأَيُّهُمَا أَدَّاهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ، وَأَيُّهُمَا أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى عَتَقَ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، وَعَلَى الْآخَرِ أَنْ يَسْعَى فِي جَمِيعِ الْمُكَاتَبَةِ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَى الْأَبِ، وَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا أَيَّهُمَا شَاءُوا بِجَمِيعِ الدِّينِ، وَلَا يَرْجِعْ الَّذِي يُؤَدِّي

الباب التاسع في المتفرقات

مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا عَجَزَ، وَرَدَّهُ الْمَوْلَى أَوْ قَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي فَرَدَّهُ الْقَاضِي، وَلَا يَعْلَمُ الْقَاضِي بِمُكَاتَبَةِ الْآخَرِ مَعَهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ رَدُّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَاجِزًا فَالْكِتَابَةُ لَا تَنْفَسِخُ، فَإِنْ غَابَ هَذَا الَّذِي رُدَّ فِي الرِّقِّ بِسَبَبِ عَجْزِهِ وَجَاءَ الْآخَرُ وَاسْتَسْعَاهُ الْمَوْلَى فِي نَجْمٍ أَوْ فِي نَجْمَيْنِ فَعَجَزَ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ أَوْ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ كَاتَبَا عَبْدًا مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَقَدَّمَ الشَّاهِدُ الْعَبْدَ إلَى الْقَاضِي وَقَدْ عَجَّزَهُ لَا يَرُدُّهُ فِي الرِّقِّ حَتَّى يَجْتَمِعَ الْمَوْلَيَانِ جَمِيعًا، وَهَذَا بِخِلَافِ رَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدٌ عَلَى حِدَةٍ كَاتَبَاهُمَا كِتَابَةً وَاحِدَةً ثُمَّ عَجَزَ أَحَدُهُمَا كَانَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَفْسَخَ الْكِتَابَةَ، وَإِنْ كَانَ مَوْلَى الْآخَرِ غَائِبًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى وَاحِدًا فَمَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ كَانَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَرُدَّهُ فِي الرِّقِّ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَلَكِنْ لَوْ رَدَّهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ مِنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ هُوَ الْمَيِّتُ، وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ وُلِدَا فِي الْمُكَاتَبَةِ لَمْ يَسْتَطِعْ الْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا فِي الرِّقِّ، وَالْآخَرُ غَائِبٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ عَبْدًا مِنْ مَوْلَاهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ عَجَزَ ثُمَّ وَجَدَ السَّيِّدُ بِهِ عَيْبًا وَقَدْ اشْتَرَاهُ الْمُكَاتَبُ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ. مُكَاتَبٌ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ سَيِّدِهِ ثُمَّ عَجَزَ فَوَجَدَ بِهِ السَّيِّدُ عَيْبًا لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّهُ عَلَى عَبْدِهِ، وَلَا يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ مِنْ عَبْدِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ الْعَجْزِ ثُمَّ وَجَدَ السَّيِّدُ بِالْعَبْدِ عَيْبًا لَمْ يَرُدُّهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ فَقَذَفَهُ إنْسَانٌ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ. الْمُكَاتَبُ إذَا تَزَوَّجَ بِنْتَ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ، فَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ تَرَكَ وَفَاءً لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ بَطَلَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ، وَلَا الْمَهْرُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ يَجِبُ عَلَيْهَا الِاعْتِدَادُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ، وَيَجِبُ الْمَهْرُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَارِثٌ آخَرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا مَاتَ عَبْدُ الْمُكَاتَبِ فَالْمُكَاتَبُ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ حَضَرَ مَوْلَاهُ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَدِّمَهُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَم [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) الْمُكَاتَبُ لَا يُحْبَسُ فِي دَيْنِ مَوْلَاهُ فِي الْكِتَابَةِ وَفِيمَا سِوَى دَيْنِ الْكِتَابَةِ قَوْلَانِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ قَالَ لِلْبَائِعِ: قَدْ كُنْت كَاتَبْته بِعِشْرِينَ دِينَارًا، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا مِنْ الْمُشْتَرِي فَقَالَ: لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. عَبْدٌ كَافِرٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَكَاتَبَ الذِّمِّيُّ نَصِيبَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى خَمْرٍ تَجُوزُ الْمُكَاتَبَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا تَجُوزُ فِي قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا يَضْمَنُ لِلْمُسْلِمِ مَا أَخَذَ النَّصْرَانِيُّ مِنْ الْخَمْرِ سَوَاءٌ كَاتَبَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِنْ كَاتَبَاهُ جَمِيعًا عَلَى خَمْرٍ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً لَمْ تَجُزْ فِي نَصِيبِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ أَدَّى إلَيْهِمَا عَتَقَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لِلْمُسْلِمِ وَلِلذِّمِّيِّ نِصْفُ الْخَمْرِ، وَلَوْ أَنَّ ذِمِّيَّيْنِ كَاتِبَا عَبْدًا عَلَى خَمْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَلَهُمَا جَمِيعًا قِيمَةُ الْخَمْرِ يَوْمَ أَسْلَمَ فَإِذَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الْقِيمَةِ كَانَ الْمَقْبُوضُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَالْبَاقِي مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا الْخَمْرَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ كَاتَبَ نِصْفَ عَبْدِهِ صَارَ نِصْفُهُ مُكَاتَبًا لَا غَيْرَ فَإِذَا أَرَادَ الْعَبْدُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمِصْرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ يَوْمًا، وَيُخَلِّي عَنْهُ يَوْمًا فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَعَرُّضَ لَهُ فِي شَيْءٍ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَعْجِزَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ كَاتَبَ نِصْفَ أَمَتِهِ فَاسْتَدَانَتْ دَيْنًا سَعَتْ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ، فَإِنْ عَجَزَتْ كَانَ جَمِيعُ الدَّيْنِ فِي جَمِيعِ رَقَبَتِهَا تُبَاعُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ لِشَرِيكَيْنِ وَكَاتَبَهَا أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَاسْتَدَانَتْ دَيْنًا ثُمَّ عَجَزَتْ فَالدَّيْنُ فِي جَمِيعِ رَقَبَتِهَا تُبَاعُ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي نَوَادِرِ إبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الْعَبْدِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ حَطَّ عَنْهُ خَمْسَمِائَةٍ، فَبَلَغَ الْمَوْلَى فَأَجَازَ قَالَ: فَالْكِتَابَةُ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَلَوْ كَانَ وَهَبَ لَهُ الْأَلْفَ ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى، فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ وَالْكِتَابَةُ

بِأَلْفٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَاتَبَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَوَلَدَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَمَاتَتْ، وَبَقِيَ الْوَلَدُ بَقِيَ خِيَارُهُ وَعَقْدُ الْكِتَابَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهَا، وَإِذَا أَجَازَ سَعَى الْوَلَدُ عَلَى نُجُومِ أُمِّهِ، وَإِذَا أَدَّى عَتَقَتْ الْأُمُّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهَا وَعَتَقَ وَلَدُهَا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَاتَ بَعْضُ أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَجَازَ الْكِتَابَةَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْبَدَلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ لَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَجَازَ الْكِتَابَةَ جَازَ، وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَلَوْ كَاتَبَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهَا بِالْخِيَارِ، فَوَلَدَتْ فَأَعْتَقَ السَّيِّدُ الْوَلَدَ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا، وَإِنْ أَجَازَتْ الْكِتَابَةَ نَفَذَتْ وَلَكِنْ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْبَدَلِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمَوْلَى، فَأَعْتَقَ الْأُمَّ لَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ مَعَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهَا، وَأَعْتَقَهَا الْمَوْلَى يُعْتَقُ مَعَهَا وَلَدُهَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُكَاتَبَانِ كُوتِبَا مَعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً وَلَهُمَا أَمَةٌ فَوَلَدَتْ فَادَّعَيَاهُ مَعًا ثُمَّ مَاتَا عَنْ وَفَاءٍ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا فَأُدِّيَتْ كِتَابَتُهُمَا وَرِثَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ كِتَابَتُهُمَا مُتَفَرِّقَةً وَأُدِّيَتْ مَعًا لَا يَرِثْ وَاحِدًا مِنْهُمَا. مَجْهُولٌ النَّسَبِ كَاتَبَ عَبْدَهُ فَاشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَمَةً وَكَاتَبَهَا فَأَقَرَّ مَجْهُولُ النَّسَبِ بِالرِّقِّ عَلَى نَفْسِهِ لِمُكَاتَبَةِ مُكَاتَبِهِ فَصَدَقَته صَحَّ إقْرَارُهُ، وَصَارَ هُوَ مَعَ مُكَاتَبِهِ مِلْكًا لِمُكَاتَبَتِهِ، وَبَقِيَتْ كِتَابَتُهُمَا حَتَّى تَعَلَّقَ عِتْقُ كُلِّ وَاحِدٍ بِالْأَدَاءِ إلَى صَاحِبِهِ، فَإِنْ أَدَّيَا مَعًا أَوْ حَلَّ النَّجْمَانِ مَعًا وَوَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ عَتَقَا، وَلَا وَلَاءَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ إنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا فَلَهُ وَلَاءُ الْآخَرِ، وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَجَزَا مَعًا عَتَقَتْ وَمَلَكَتْهُمَا، وَإِنْ سَبَقَ عَجْزُ أَحَدِهِمَا عَتَقَ الْآخَرُ وَمَلَكَهُمَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَنْ مُكَاتَبِهِ وَلَهُ وَرَثَةٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ فَإِنَّهُ تُؤَدَّى كِتَابَتُهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ جَمِيعِ وَرَثَةِ الْمَوْلَى وَمَا فَضَلَ عَنْهَا فَلِلذُّكُورِ مِنْهُمْ دُونَ الْإِنَاثِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَاتَبِ وَارِثٌ سِوَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَمُتْ الْمُكَاتَبُ حَتَّى أَدَّى الْمُكَاتَبَةَ إلَيْهِمْ أَوْ وَهَبُوهَا لَهُ، وَأَعْتَقُوهُ ثُمَّ مَاتَ فَمِيرَاثُهُ لِلذُّكُورِ مِنْ وَرَثَةِ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَدَتْ أَمَةُ مُكَاتَبِهِ وَقَدْ حَبِلَتْ فِي مِلْكِهِ فَادَّعَى سَيِّدُهُ نَسَبَ الْوَلَدِ وَصَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ يَثْبُتُ النَّسَبُ كَمَا إذَا ادَّعَى وَلَدَ أَمَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَصَدَّقَهُ الْأَجْنَبِيُّ، وَعَلَيْهِ عُقْرُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهِ فَيَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ، وَلَمْ تَصِرْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدِهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُكَاتَبُ فِي النَّسَبِ لَمْ يَثْبُتْ، وَلَوْ مَلَكَهُ يَوْمًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ لِقِيَامِ الْمُوجِبِ وَزَوَالِ الْمَانِعِ، وَهُوَ حَقُّ الْمُكَاتَبِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمَوْلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَإِنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَةَ سَيِّدِهِ بَقِيَ نِكَاحُهَا، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ مَلَكَهَا الْمُكَاتَبُ إنْ صَدَّقَهُ ثَبَتَ النَّسَبُ، وَلَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ، وَلَا يَجِبُ الْعُقْرُ، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا وَادَّعَى الْمَوْلَى نَسَبَهُ وَصَدَّقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَا يَعْتِقُ. وَلَدَتْ مُكَاتَبَةُ الْمُكَاتَبِ فَادَّعَاهُ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ وَحَمْلُهَا بَعْدَ كِتَابَتِهَا إنْ صَدَّقَتْهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَيُحْمَلْ عَلَى أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ بِحُكْمِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَلَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ قَبْلَ عَجْزِهَا وَعَتَقَ بَعْدَ الْعَجْزِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ عَجْزِهَا صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ أَوْ كَذَّبَهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ كُوتِبَتْ فَادَّعَاهُ مَوْلَى الْمُكَاتَبِ وَصَدَّقَهُ عَتَقَ بِقِيمَتِهِ مُذْ وَلَدَتْ وَعُقْرُهَا لِلْمُكَاتَبِ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ لَا يَثْبُتْ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ إلَّا إذَا كَبِرَ الْوَلَدُ وَصَدَّقَ أَوْ عَجَزَتْ وَالْمُكَاتَبُ مُصَدِّقٌ. مُكَاتَبٌ كَاتَبَ أَمَتَهُ، وَأَدَّى فَعَتَقَ فَوَلَدَتْ وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ أَشْهُرٍ مُذْ كَاتَبَهَا فَادَّعَاهُ مَوْلَاهُ، وَصَدَّقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَعَتَقَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ كَاتَبَهَا فَادَّعَاهُ مَوْلَاهُ لَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ لِعَدَمِ الْغُرُورِ إلَّا إذَا عَجَزَتْ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ كُوتِبَتْ، وَلِأَقَلَّ مِنْهَا مُذْ عَتَقَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ عِتْقِهِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُذْ عَتَقَ وَزَعَمَ السَّيِّدُ أَنَّهُ وُلِدَ بِوَطْءٍ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَإِنْ صُدِّقَ فَكَانَ زَانِيًا لِعَدَمِ حَقِّ الْمِلْكِ، وَتَأْوِيلُهُ فَكَانَ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ نَكَحَهَا بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ إنْ صَدَّقَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ يَثْبُتْ النَّسَبُ، وَلَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ لِوُجُودِ شُبْهَةِ النِّكَاحِ، وَتُكَاتَبُ الْوَلَدُ تَبَعًا لِأُمِّهِ، فَإِنْ عَجَزَتْ فَهُمَا رَقِيقَانِ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ لَا يَثْبُتْ النَّسَبُ إلَّا إذَا عَجَزَتْ، وَهُوَ مُصَدَّقٌ، وَلَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ وُلِدَ بِوَطْءٍ كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ إنْ صَدَّقَاهُ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ، وَلَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ، وَإِنْ عَجَزَتْ أَخَذَ الْمَوْلَى الْوَلَدَ حُرًّا بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ مَعَ

وَلَدِهَا وَكَذَا إنْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ الْمُكَاتَبُ الْحُرُّ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ، وَإِنْ عَجَزَتْ، وَإِنْ صَدَقَ الْمُكَاتَبُ الْحُرُّ أَنَّ وَطْءَ الْمَوْلَى كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَكَذَّبَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ لَا يَثْبُتْ النَّسَبُ، وَبَعْدَ عَجْزِهَا يَثْبُتُ، وَيُعْتَقُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ عَجْزِهَا، وَصَارَتْ الْمُكَاتَبَةُ أَمَةً لِلْمُكَاتَبِ. مُكَاتَبَةُ الْمُكَاتَبِ مَلَكَتْ أَمَةً فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَادَّعَاهُ سَيِّدُهُ وَصَدَّقَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَلَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ، فَإِنْ عَجَزَتْ، وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ مَلَكَتْ، فَهُوَ حُرٌّ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَجْزِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يُعْتَقْ فَلَوْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ عَجْزِهَا أَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ فَأَدَّى فَعَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ فَالْجَوَابُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا لَمْ يُعْتَقْ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ مَلَكَتْهَا الْمُكَاتَبَةُ عَتَقَ الْوَلَدُ وَإِلَّا لَا، وَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ قَبْلَهَا أَوْ مَاتَ عَاجِزًا صَارَتْ دَعْوَتُهُ كَدَعْوَةِ وَلَدِ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ، وَحُكْمُهُ قَدْ مَرَّ كَذَا فِي الْكَافِي. جَارِيَةٌ بَيْنَ مُكَاتَبٍ وَحُرٍّ وَلَدَتْ فَادَّعَاهُ الْمُكَاتَبُ فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ، وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدِهِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ عُقْرِهَا لِلْمَوْلَى وَنِصْفَ قِيمَتِهَا لِلْحُرِّ يَوْمَ عَلِقَتْ مِنْهُ، وَلَا يَضْمَنُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا، فَإِنْ ضَمِنَ ذَلِكَ ثُمَّ عَجَزَ كَانَتْ الْجَارِيَةُ وَوَلَدُهَا مَمْلُوكَيْنِ لِلْمَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْهُ، وَلَمْ يُضَمِّنْهُ شَيْئًا حَتَّى عَجَزَ كَانَ نِصْفُ الْجَارِيَةِ وَنِصْفُ الْوَلَدِ لِشَرِيكِهِ الْحُرِّ وَلَكِنْ عَلَيْهِ نِصْفُ الْعُقْرِ، فَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً بَيْنَهُمَا وَادَّعَى الْمُكَاتَبُ وَلَدَهَا جَازَتْ الدَّعْوَةُ، وَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَأَخَذَتْ الْعُقْرَ مِنْ الْمُكَاتَبِ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا، وَإِنْ شَاءَتْ عَجَزَتْ، وَضَمِنَ الْمُكَاتَبُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا، فَإِنْ كَانَا ادَّعَيَا الْوَلَدَ، فَالدَّعْوَةُ دَعْوَةُ الْحُرِّ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمُضِيَّ عَلَى الْكِتَابَةِ ثُمَّ مَاتَ الْحُرُّ سَقَطَ نَصِيبُ الْحُرِّ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ عَنْهَا وَسَعَتْ فِي أَقَلَّ مِنْ حِصَّةِ الْمُكَاتَبِ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ وَمِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا، وَإِنْ اخْتَارَتْ الْعَجْزَ سَعَتْ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ضَمِنَ نِصْفَ الْقِيمَةِ لِلْمُكَاتَبِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا ضَمِنَ، فَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ وَطِئَهَا أَوَّلًا فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا الْحُرُّ فَوَلَدَتْ لَهُ فَادَّعَيَا الْوَلَدَيْنِ مَعًا، وَلَمْ يُعْلَمْ إلَّا بِقَوْلِهِمَا فَوَلَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ بِغَيْرِ قِيمَتِهِ، وَيَغْرَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهَا الصَّدَاقَ، وَهِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْعَجْزِ وَالْمُضِيِّ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ، فَإِنْ عَجَزَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْحُرِّ خَاصَّةً، وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا لِلْمُكَاتَبِ، وَوَلَدُ الْمُكَاتَبِ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لِلْحُرِّ، فَإِنْ عَجَزَتْ وَعَجَزَ الْمُكَاتَبُ مَعَهَا كَانَ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ رَقِيقًا بَيْنَ مَوْلَاهُ وَبَيْنَ الْحُرِّ، وَإِنْ كَانَ وَطْءُ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ وَطْءِ الْحُرِّ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْحُرِّ، وَوَلَدُ الْمُكَاتَبِ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَسْتَحْسِنُ أَنْ أُثْبِتَ نَسَبَهُ، وَهُوَ لِلْحُرِّ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ وَطِئَ الْمُكَاتَبُ أَمَةَ ابْنِهِ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ أَوْ مُكَاتَبٌ بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْ الْمُكَاتَبِ إلَّا بِتَصْدِيقِ الِابْنِ، فَإِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَمَلَكَ هَذَا الْوَلَدَ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ مَعَ الْجَارِيَةِ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ فِي حَالِ مُكَاتَبَتِهِ أَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ قَدْ اشْتَرَاهُ فَوَلَدَتْ أَمَةُ هَذَا الِابْنِ وَلَدًا، وَادَّعَاهُ الْمُكَاتَبُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَصَارَتْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَلَا يَضْمَنُ مَهْرَهَا، وَلَا قِيمَتَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ. وَلَا تَجُوزُ مُكَاتَبَةُ مَا فِي الْبَطْنِ وَإِنْ قَبِلَتْهَا الْأُمُّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ تَوَلَّى قَبُولَ ذَلِكَ حُرٌّ عَلَى مَا فِي الْبَطْنِ وَضَمِنَهُ إلَّا أَنَّ الْمَوْلَى إنْ كَانَ قَالَ لِلْحُرِّ: إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَهُوَ حُرٌّ فَأَدَّاهُ عَتَقَ إذَا وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ حَتَّى يُتَيَقَّنَ بِوُجُودِهِ فِي الْبَطْنِ يَوْمئِذٍ ثُمَّ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْمَالِ بِمَالِهِ، وَإِذَا وَهَبَ الْمُكَاتَبُ هِبَةً أَوْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنْ عَتَقَ بِالْأَدَاءِ رُدَّتْ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ حَيْثُ كَانَتْ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ بِاسْتِهْلَاكِهِ مَالًا لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ يُسْتَوْفَى ذَلِكَ مِنْ الْمُكَاتَبِ فِي حَالِ قِيَامِ الْكِتَابَةِ وَبَعْدَ الْعِتْقِ وَيَسْتَوْفِيه الْمَوْلَى بَعْدَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي كَسْبِهِ خَلَصَ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ ضَمَانِ الْمُكَاتَبِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ مُكَاتَبَانِ بَيْنَهُمَا جَارِيَةٌ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا، وَيَصِيرُ الْوَلَدُ مُكَاتَبًا مَعَهُمَا دَاخِلًا فِي كِتَابَتِهِمَا، وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا كَمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُ أُمِّ وَلَدِ الْحُرِّ، فَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَ لِوُجُودِ شَرْطِ الْعِتْقِ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ الْأَدَاءُ وَعَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْ الْوَلَدِ تَبَعًا لَهُ، وَبَقِيَ نَصِيبُ الْآخَرِ مُكَاتَبًا مَعَ الْآخَرِ

عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا ضَمَانَ فِي الْوَلَدِ، وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَدَّى أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْ الْوَلَدِ وَعَتَقَ الْبَاقِي مِنْ الْوَلَدِ أَيْضًا، وَلَا ضَمَانَ فِي الْوَلَدِ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ، وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي عَتَقَ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ صَاحِبِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَلَوْ أَنَّهُ حِينَ أَدَّى أَحَدُهُمَا عَجَزَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَتَقَ نَصِيبُ الْمُؤَدِّي مِنْ الْوَلَدِ، وَصَارَ نَصِيبُ الْآخَرِ عَبْدًا تَبَعًا لَهُ. وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لَلْمُؤَدِّي وَضَمِنَ الْمُؤَدِّي نِصْفَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ لِمَوْلَى الْعَاجِزِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ لَكِنْ يَسْعَى الْوَلَدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَى الْعَاجِزِ، وَلَوْ لَمْ يَعْجِزْ الْآخَرُ بَعْدَمَا أَدَّى أَحَدُهُمَا. وَلَكِنْ أَدَّى وَعَتَقَ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَتَقَ الْوَلَدُ عَلَى الْمُكَاتَبَيْنِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حِينَ أَدَّى أَحَدُهُمَا عَتَقَ كُلُّ الْوَلَدِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَجَزُّؤِ الْإِعْتَاقِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ، وَلَا سِعَايَةٍ، وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، فَلَا يَتَغَيَّرُ هَذَا الْحُكْمُ بِعِتْقِ الْآخَرِ، وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا حَتَّى عَجَزَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ الْوَلَدَ مُكَاتَبٌ مَعَ الَّذِي لَمْ يَعْجِزْ عِنْدَهُمَا وَهُوَ ابْنُهُمَا كَمَا كَانَ، وَيَضْمَنُ الْمُكَاتَبُ الَّذِي لَمْ يَعْجِزْ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْمُكَاتَبِ الَّذِي عَجَزَ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْأُمِّ فِي هَذَا الْفَصْلِ. وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا أَنْ تَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي لَمْ يَعْجِزْ، وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ نِصْفَ الْوَلَدِ مُكَاتَبًا مَعَ الَّذِي لَمْ يَعْجِزْ. وَنِصْفُهُ يَكُونُ رَقِيقًا لِمَوْلَى الَّذِي عَجَزَ، وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَصِيرُ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي لَمْ يَعْجِزْ، وَذَكَرَ عَلِيٌّ الرَّازِيّ فِي مَسَائِلِهِ وَالْكَرْخِيُّ أَنَّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُكَاتَبِ، وَنِصْفُهَا يَكُونُ رَقِيقًا لِمَوْلَى الَّذِي عَجَزَ، وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّهِ أَحَدٌ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَعْجِزْ وَلَكِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَتَرَكَ وَفَاءً بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَفَضْلًا فَإِنَّ مَوْلَى الْمَيِّتِ يَسْتَوْفِي بَدَلَ الْكِتَابَةِ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَيُحْكَمُ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَقُ نِصْفُ الْوَلَدِ تَبَعًا لِأَبِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَبْقَى مُكَاتَبًا تَبَعًا لِلْأَبِ الْآخَرِ، فَإِنْ أَدَّى الْآخَرُ عَتَقَ وَعَتَقَ الِابْنُ كُلُّهُ، وَلَا يَرِثُ أَبَاهُ الْأَوَّلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ الْآخَرُ وَلَكِنْ عَجَزَ فَالِابْنُ يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَى الْعَاجِزِ. وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَقَدْ صَارَ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَحُرِّيَّتِهِ، وَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ حُرًّا كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي أُمِّ وَلَدِ الْحُرِّ وَنَصِيبُ الْآخَرِ لَا يُتْرَكُ رَقِيقًا فَتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لِلْمُكَاتَبِ الْحَيِّ، وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهَا. وَهَذَا كُلُّهُ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا حَكَمْنَا بِحُرِّيَّةِ الْمَيِّتِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ حَكَمْنَا بِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ كَامِلًا إلَّا أَنْ يَعْجِزَ الْآخَرُ فَحِينَئِذٍ يَسْعَى الْوَلَدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَى الْعَاجِزِ، وَلَا يَرِثُ الِابْنُ مِنْ الْمُكَاتَبِ الْمَيِّتِ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَذِنَ لَهَا أَحَدُهُمَا فِي التِّجَارَةِ فَاسْتَدَانَتْ دَيْنًا ثُمَّ كَاتَبَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ مِنْهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَأَبَى الْغُرَمَاءُ أَنْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ ذَلِكَ، فَإِنْ رَضُوا بِهِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْغُرَمَاءُ حَتَّى أَخَذَ الْمَوْلَى الْكِتَابَةَ عَتَقَ نَصِيبُهُ لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَيَأْخُذُ الْغُرَمَاءُ نِصْفَ مَا أَخَذَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ كَسْبِهَا وَنِصْفَ حِصَّةِ نَصِيبِ الْآذِنِ، وَهُوَ مَشْغُولٌ بِدُيُونِهِمْ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ. أَمَةٌ مَأْذُونٌ لَهَا فِي التِّجَارَةِ عَلَيْهَا دَيْنٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا وَكَاتَبَ السَّيِّدُ الْوَلَدَ فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَرُدُّوا ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِالْأُمِّ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا وَفَاءٌ جَازَتْ الْكِتَابَةُ، فَإِنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْوَلَدَ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوهُ قِيمَتَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأُمِّ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُعْسِرًا فَلَهُمْ أَنْ يَسْتَسْعُوا الِابْنَ فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِمَّا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَاتَبَ الْأُمَّ وَعَلَيْهَا دَيْنٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَشَبَّ الْوَلَدُ، وَبَاعَ، وَاشْتَرَى، وَلَزِمَهُ دَيْنٌ ثُمَّ جَاءَ الْغُرَمَاءُ الْأَوَّلُونَ فَرَدُّوا الْمُكَاتَبَةَ فَقَدْ بَطَلَتْ الْمُكَاتَبَةُ بِرَدِّهِمْ لِقِيَامِ حَقِّهِمْ فِي مَالِيَّةِ الْأُمِّ تُبَاعُ الْأُمُّ لِغُرَمَائِهَا، وَيُبَاعُ الْوَلَدُ لِغُرَمَائِهِ خَاصَّةً دُونَ غُرَمَاءِ أُمِّهِ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ كَاتَبَ الْأُمَّ، وَلَكِنَّهُ أَذِنَ لِلْوَلَدِ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَاتَبَ عَبْدَيْنِ صَغِيرَيْنِ لَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً، وَهُمَا يَعْقِلَانِ ذَلِكَ فَهُمَا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْكَبِيرِينَ كَذَا

فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةٍ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ عَلَى أَنَّهُمَا إنْ أَدَّيَا عَتَقَا، وَإِنْ عَجَزَا رُدَّا فِي الرِّقِّ فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، فَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الْأَلْفِ عَتَقَا ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ حَتَّى إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً رَجَعَ بِنِصْفِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَدَّى أَحَدُهُمَا شَيْئًا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِهِ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِجَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَسْقُطْ عَنْ الْحَيِّ شَيْءٌ، وَإِنْ أَدَّى يُحْكَمْ بِعِتْقِهِمَا جَمِيعًا، وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا تَسْقُطْ حِصَّتُهُ، وَلَوْ كَاتَبَ أَمَتَيْنِ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا وَأَعْتَقَ السَّيِّدُ وَلَدَهَا لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ عَنْهُمَا، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: مَا بَيَّنَّا وَالثَّانِي أَنْ يُكَاتِبَهُمَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، وَفِي هَذَا إذَا أَدَّى أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الْمَالِ يُعْتَقُ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ الْمَوْلَى إنْ أَدَّيَا عَتَقَا، وَإِنْ عَجَزَا رُدَّا فِي الرِّقِّ، وَلَا يَذْكُرُ كَفَالَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ فَلَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَصِلْ جَمِيعُ الْمَالِ إلَى الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ عَتَقَ وَعَتَقَ أَوْلَادُهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ وَامْرَأَتَهُ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا فَقُتِلَ الْوَلَدُ تَكُونُ قِيمَتُهُ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ، وَإِنْ قَتَلَهُ الْمَوْلَى فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَكَانَتْ قِصَاصًا بِالْكِتَابَةِ إنْ كَانَتْ قَدْ حَلَّتْ أَوْ رَضِيَتْ هِيَ بِالْقِصَاصِ إنْ لَمْ تَكُنْ حَلَّتْ ثُمَّ تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِحِصَّتِهِ إذَا حَلَّتْ الْكِتَابَةُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقِيمَةِ فَضْلٌ عَلَى الْكِتَابَةِ فَذَلِكَ الْفَضْلُ، وَمَا تَرَكَ الْوَلَدُ مِنْ مَالٍ فَهُوَ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْوَلَدُ جَارِيَةً فَكَبُرَتْ وَوَلَدَتْ الِابْنَةُ ثُمَّ قُتِلَتْ السُّفْلَى كَانَتْ قِيمَتُهَا لِلْجَدَّةِ دَاخِلَةً فِي كِتَابَتِهَا، وَإِنْ مَاتَتْ الْجِدَّةُ وَبَقِيَ الْوَلَدَانِ وَالزَّوْجُ كَانَ عَلَى الْوَلَدَيْنِ مِنْ السِّعَايَةِ مَا كَانَ عَلَى الْجِدَّةِ، وَإِنْ أَدَّى أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِحِصَّتِهِ كَمَا لَوْ أَدَّتْ الْجِدَّةُ فِي حَيَاتِهَا جَمِيعَ الْبَدَلِ رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ بِحِصَّتِهِ ثُمَّ يُسَلَّمُ ذَلِكَ لَهُ دُونَ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْمُكَاتَبَ نَفَذَ عِتْقُهُ، وَسَقَطَ عَنْهُ مَالُ الْمُكَاتَبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَدَلِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فَإِنْ قَالَ الْمُكَاتَبُ: لَا أَقْبَلُ تَعُودُ الْمُكَاتَبَةُ وَيَكُونُ الْمُكَاتَبُ حُرًّا؛ لِأَنَّ هِبَةُ الدَّيْنِ تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إلَّا أَنَّ الْعِتْقَ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ مُؤَجَّلٍ، فَإِنْ أَدَّاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ، وَإِذَا كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَخْدِمَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّةَ لَمْ يَجُزْ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَخْدِمَهُ شَهْرًا فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا قَدْ سَمَّى لَهُ طُولَهَا وَعَرَضَهَا، وَأَرَاهُ مَكَانَهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ لَهُ دَارًا قَدْ أَرَاهُ آجُرَّهَا وَجِصَّهَا، وَمَا يَبْنِي بِهَا فَهُوَ عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي قُلْنَا، وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَخْدِمَ رَجُلًا شَهْرًا فَهُوَ جَائِزٌ فِي الْقِيَاسِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْكِتَابَةُ تَتَجَزَّأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَوْ كَاتَبَ نِصْفَ عَبْدِهِ جَازَ، وَكَانَ نِصْفُ كَسْبِهِ لَهُ وَنِصْفُ كَسْبِهِ لِسَيِّدِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ كَاتَبَ نِصْفَ جَارِيَتِهِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا، وَيَكُونُ نِصْفُ كَسْبِ الْوَلَدِ لِلْمَوْلَى، وَنِصْفُ كَسْبِهِ لِلْأُمِّ، فَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَ نِصْفُهَا وَعَتَقَ نِصْفُ الْوَلَدِ مَعَهَا وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَمَا اكْتَسَبَ الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهُوَ لَهُ دُونَ أُمِّهِ وَمَوْلَاهُ، وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ شَيْئًا مِنْ مُكَاتَبَتِهَا سَعَى الْوَلَدُ فِي الْمُكَاتَبَةِ، فَإِنْ أَدَّاهَا عَتَقَ نِصْفُ الْأُمِّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهَا، وَعَتَقَ نِصْفُ الْوَلَدِ أَيْضًا كَمَا لَوْ أَدَّتْ فِي حَيَاتِهَا، وَيَسْعَى بَعْدَ ذَلِكَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَلَا يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ، وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى مَالٍ مُنَجَّمٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ بَعْضَهُ وَيَحُطَّ عَنْهُ مَا بَقِيَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ فَارَقَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَفْسُدْ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ افْتِرَاقٌ عَنْ عَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى عَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ مُؤَجَّلٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ، فَإِنْ كَانَ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مُنَجَّمٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ مَعَ كُلِّ نَجْمٍ ثَوْبًا قَدْ سَمَّى جِنْسَهُ أَوْ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مَعَ كُلِّ نَجْمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، فَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَالْعَبْدُ فِي بَدَلِ الْكِتَابَةِ بِأَنْ قَالَ الْعَبْدُ: كَاتَبْتنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْمَوْلَى: كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْمَالِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا يَقُولُ: يَتَحَالَفَانِ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا

كتاب الولاء وهو مشتمل على ثلاثة أبواب

ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ، وَعَلَى الْمَوْلَى الْبَيِّنَةُ ثُمَّ إذَا جَعَلَ الْقَاضِي الْقَوْلَ قَوْلَ الْمُكَاتَبِ مَعَ يَمِينِهِ، وَأَلْزَمَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَقَامَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ لَزِمَهُ أَلْفَانِ وَيَسْعَى فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا قَوَامَ لِلْيَمِينِ إذَا جَاءَتْ الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْمَوْلَى الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَدَّى الْعَبْدُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَضَى الْقَاضِي بِعِتْقِهِ ثُمَّ أَقَامَ السَّيِّدُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ. فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُعْتَقَ مَا لَمْ يُؤَدِّ أَلْفَيْنِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هُوَ حُرٌّ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ أُخَرَ، وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدًا، وَاخْتَلَفَا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَقَالَ لِلْمَوْلَى: كَاتَبْتنِي عَلَى نَفْسِي وَمَالِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ السَّيِّدُ: لَا بَلْ كَاتَبْتُك عَلَى نَفْسِك دُونَ مَالِك فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَلَا يَتَحَالَفَانِ هَاهُنَا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُكَاتَبِ، وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى: كَاتَبْتُك يَوْمَ كَاتَبْتُك، وَهَذَا الْمَالُ فِي يَدِك، وَهُوَ مَالِي، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ: لَا بَلْ هُوَ لِي أَصَبْتُهُ بَعْدَمَا كَاتَبْتنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ وَكَانَ عَلَى الْمَوْلَى الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْمَوْلَى أَوْلَى، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصِلْ الْأَجَلِ أَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَصِلْ الْأَجَلِ وَمِقْدَارِهِ، وَلَكِنْ اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ، وَلَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَنَجَّمَ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ مِائَةً، وَقَالَ الْمَوْلَى لَا بَلْ نَجَّمْت عَلَيْك كُلَّ شَهْرٍ مِائَتَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْمُكَاتَبَةِ فِي وَلَدِهَا، فَقَالَ الْمَوْلَى وَلَدْتِهِ قَبْلَ أَنْ كَاتَبْتُك وَقَالَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَلْ وَلَدْته بَعْدَمَا كَاتَبْتنِي، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الْمَوْلَى فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى. وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الْمُكَاتَبَةِ، وَلَا يُعْلَمُ مَتَى وَلَدَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا اعْتِبَارًا لِلْيَدِ فِي الْفَصْلَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ فِي أَيْدِيهمَا رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ، فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُكَاتَبَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا فَسَادًا فِي الْكِتَابَةِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى الْعَقْدِ يَكُونُ اتِّفَاقًا مِنْهُمَا عَلَى مَا يُصَحِّحُ الْعَقْدَ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ. وَلَوْ كَاتَبَ الذِّمِّيُّ عَبْدًا لَهُ مُسْلِمًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ، وَأَقَامَ الْمَوْلَى بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى لَمْ تُقْبَلْ. حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى عَبْدًا ذِمِّيًّا، وَكَاتَبَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمُكَاتَبَةِ فَأَقَامَ الْمَوْلَى الْبَيِّنَةَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ بِأَمَانٍ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْعَبْدِ الذِّمِّيِّ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَتِهِ تُكَاتَبْ عَلَيْهِ، وَكَانَ كَسْبُ الْوَلَدِ لَهُ، وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ وَلَدًا دَخَلَ الْوَلَدُ فِي كِتَابَتِهَا فَكَانَتْ هِيَ أَحَقُّ بِهِ وَبِكَسْبِهِ، وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ وَكَاتَبَهُمَا فَوَلَدَتْ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهَا وَكَسْبُهُ لَهَا، وَلَوْ قُتِلَ هَذَا الْوَلَدُ تَكُونُ قِيمَتُهُ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَبِلَا الْكِتَابَةَ عَنْ أَنْفُسِهِمَا وَعَنْ وَلَدِهِمَا الصَّغِيرِ فَقَتْلُ الْوَلَدِ حَيْثُ تَكُونُ قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا، وَلَا تَكُونُ الْأُمُّ أَحَقَّ بِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. مُكَاتَبٌ تَزَوَّجَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ امْرَأَةً زَعَمَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَأَوْلَادُهَا عُبَيْدٌ لَا يَأْخُذُهُمْ بِالْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُف - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَبَانَتْ أَمَةً لَمْ يَأْذَنْ لَهَا مَوْلَاهَا فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ، وَيُؤْخَذُ بِالْعُقْرِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ إلَّا إذَا كَانَتْ بِكْرًا فَافْتَضَّهَا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا وَقَعَ الْمُكَاتَبُ عَلَى بِكْرٍ فَافْتَضَّهَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِوُجُودِ الزِّنَا الْمَحْضِ، وَهُوَ مُخَاطَبٌ، فَإِنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ شُبْهَةٌ، وَلَمْ تُطَاوِعْهُ الْمَرْأَةُ كَانَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ إلَّا أَنَّهَا إذَا طَاوَعَتْهُ فَقَدْ رَضِيَتْ بِتَأْخِيرِ حَقِّهَا فَيَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ تُطَاوِعْهُ لَمْ تَرْضَ بِتَأْخِيرِ حَقِّهَا فَيَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهَا كَانَ مُؤَاخَذًا بِالْأَرْشِ، فَإِنْ قَالَ زُوِّجْتهَا فَصَدَّقَتْهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْمَهْرُ إذَا أُعْتِقَ لِوُجُودِ إضَافَتِهَا بِتَأْخِيرِ حَقِّهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم. [كِتَابُ الْوَلَاءِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ وَلَاء الْعَتَاقَةِ وَفِيهِ فَصْلَانِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ سَبَب وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ وَشَرَائِطهِ وَصِفَتهِ وَحُكْمهِ] (كِتَابُ الْوَلَاءِ) وَهُوَ مِنْ الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ قَرَابَةٍ حَاصِلَةٍ بِسَبَبِ الْعِتْقِ أَوْ بِسَبَبِ الْمُوَالَاةِ هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْوَلَاءُ نَوْعَانِ وَلَاءُ عَتَاقَةٍ وَيُسَمَّى وَلَاءُ نِعْمَةٍ وَوَلَاءُ مُوَالَاةٍ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ

الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي، وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ وَفِيهِ فَصْلَانِ) : (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ) : فِي سَبَبِهِ وَشَرَائِطِهِ وَصِفَتِهِ وَحُكْمِهِ (أَمَّا) (سَبَبُ ثُبُوتِهِ) فَالْعِتْقُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ سَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ حَاصِلًا بِصُنْعِهِ، وَهُوَ الْإِعْتَاقُ أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَى الْإِعْتَاقِ شَرْعًا كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ وَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ أَوْ بِغَيْرِ صُنْعِهِ بِأَنْ وَرِثَ قَرِيبَهُ، وَسَوَاءٌ أَعْتَقَهُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِوَجْهِ الشَّيْطَانِ، وَسَوَاءٌ أَعْتَقَهُ تَطَوُّعًا أَوْ عَنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ كَالْإِعْتَاقِ عَنْ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالنَّذْرِ وَالْيَمِينِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِعْتَاقُ بِغَيْرِ بَدَلٍ أَوْ بِبَدَلٍ، وَهُوَ الْإِعْتَاقُ عَلَى مَالٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُنْجَزًا أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ أَوْ مُضَافًا إلَى وَقْتٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ صَرِيحًا أَوْ يَجْرِي مَجْرَى الصَّرِيحِ أَوْ كِنَايَةً أَوْ يَجْرِي مَجْرَى الْكِنَايَةِ. وَكَذَا الْعِتْقُ الْحَاصِلُ بِالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُعْتِقُ وَالْمُعْتَقُ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا، وَالْآخَرُ كَافِرًا، وَعَلَى هَذَا إذَا أَمَرَ الْمَوْلَى غَيْرَهُ بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ حَالَ حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَالْوَلَاءُ لِلْآمِرِ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرِ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَوْ أَعْتَقَ فَالْوَلَاءُ لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ عَنْهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي، وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلَ فَأَعْتَقَ فَالْوَلَاءُ لِلْمَأْمُورِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا آخَرَ فَأَعْتَقَ فَالْوَلَاءُ لِلْمَأْمُورِ، وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي فَالْعِتْقُ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ الْعَبْدِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقَبُولِ، فَإِنْ قَبِلَ فِي مَجْلِسٍ عَلِمَهُ يُعْتَقُ، وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا أَوْ ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا فَوَلَاءُ الْمُعْتَقِ فِيهِمَا لِلْمُعْتِقِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ لِانْعِدَامِ شَرْطِ الْإِرْثِ، وَهُوَ اتِّحَادُ الْمِلَّةِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ فِيهِمَا قِبَلَ مَوْتِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ يَرِثُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلذِّمِّيِّ الَّذِي هُوَ مُعْتِقٌ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ عَصَبَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ كَانَ لَهُ عَمٌّ مُسْلِمٌ أَوْ ابْنُ عَمٍّ مُسْلِمٍ، فَإِنَّهُ يَرِثُ الْوَلَاءَ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ يُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُرَدُّ إلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَأَعْتَقَاهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَنِصْفُ وَلَائِهِ لِلْمُسْلِمِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ الذِّمِّيِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ لَهُ عَصَبَةٌ مُسْلِمٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُرَدُّ إلَى بَيْتِ الْمَالِ. (وَأَمَّا) (شَرَائِطُهُ) فَبَعْضُهَا يَعُمُّ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ وَوَلَاءَ وَلَدِ الْعَتَاقَةِ وَبَعْضُهَا يَخُصُّ وَلَاءَ وَلَدِ الْعَتَاقَةِ أَمَّا الَّذِي يَعُمُّهُمَا جَمِيعًا فَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَبْدِ الْمُعْتَقِ أَوْ لِوَلَدِهِ عَصَبَةٌ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَرِثُهُ الْمُعْتَقُ، وَأَمَّا الَّذِي يَخُصُّ وَلَاءَ وَلَدِ الْعَتَاقَةِ فَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ مُعْتَقَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً فَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ مَا دَامَتْ مَمْلُوكَةً سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ حُرًّا أَوْ مَمْلُوكًا، وَمِنْهَا أَنْ لَا تَكُونَ الْأُمُّ حُرَّةً أَصْلِيَّةً، فَإِنْ كَانَتْ فَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَى وَلَدِهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْتَقًا، فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ مُعْتَقَةً وَالْأَبُ مُعْتَقًا فَالْوَلَدُ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْوَلَاءِ، وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِمَوْلَى الْأُمِّ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْأَبُ عَرَبِيًّا. فَإِنْ كَانَ الْأَبُ عَرَبِيًّا، وَالْأُمُّ مَوْلَاةً لِقَوْمٍ فَالْوَلَدُ تَابِعٌ لِلْأَبِ، وَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْأَبِ مَوْلَى عَرَبِيٌّ، فَإِنْ كَانَ فَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْعَرَبِيِّ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْوَلَدُ مُعْتَقًا، فَإِنْ كَانَ لَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لِمَوْلَى الْأَبِ وَلَا لِمَوْلَى الْأُمِّ بَلْ يَكُونُ، وَلَاؤُهُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ. (وَأَمَّا) (صِفَتُهُ) فَمِنْهَا أَنَّ الْإِرْثَ بِهِ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِ ثُبُوتِهِ وَشَرْطِهِ مِنْ طَرِيقِ التَّعْصِيبِ، وَيَكُونُ الْمُعْتَقُ آخِرَ عَصَبَاتِ الْمُعْتِقِ مُقَدَّمًا عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَعَلَى أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ فِي اسْتِحْقَاقِ مَا فَضَلَ عَنْ سِهَامِهِمْ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتِقِ وَارِثٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ لَهُ ذُو رَحِمٍ كَانَ كُلُّ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتَقِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَصْحَابُ الْفَرَائِضِ فَإِنَّهُ يُعْطَى فَرَائِضَهُمْ أَوَّلًا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ يُعْطَى الْمُعْتَقُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا يُرَدُّ الْفَاضِلُ عَلَى أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ، وَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ يُحْتَمَلُ الرَّدُّ عَلَيْهِ. وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يُورَثُ مِنْ الْمُعْتِقِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَا يَكُونُ سَبِيلُهُ عَلَى سَبِيلِ الْمِيرَاثِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ عَصَبَةُ الْمُعْتِقِ بِنَفْسِهَا، وَهُمْ الذُّكُورُ مِنْ عَصَبْته لَا الْإِنَاثُ، وَلَا الذُّكُورُ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَازِمٌ حَتَّى لَا يَقْدِرُ الْمُعْتِقُ عَلَى إبْطَالِهِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً بِأَنْ أَعْتَقَهُ، وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ سَائِبَةً لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ كَانَ شَرْطُهُ بَاطِلًا وَوَلَاؤُهُ لَهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. (وَأَمَّا) (أَحْكَامُهُ) فَمِنْهَا أَنْ يَرِثَ الْمُعْتِقُ مَالَ الْمُعْتَقِ، وَيَرِثَ مَالَ أَوْلَادِهِ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِ الْإِرْثِ، وَمِنْهَا الْعَقْلُ لِلتَّقْصِيرِ فِي النُّصْرَةِ وَالْحِفْظِ، وَمِنْهَا وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ إلَّا أَنَّهُ آخِرُ الْعَصَبَاتِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

الفصل الثاني فيمن يستحق الولاء وما يلحق به

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ الْوَلَاءَ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ] ِ) إذَا كَاتَبَ الْمُسْلِمُ عَبْدًا كَافِرًا ثُمَّ إنَّ الْمُكَاتَبَ كَاتَبَ أَمَةً مُسْلِمَةً ثُمَّ أَدَّى الْأَوَّلُ فَعَتَقَ فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَاهُ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، وَلَكِنَّهُ لَا يَرِثُهُ، وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ جِنَايَةً، فَإِنْ أَدَّتْ الْأَمَةُ فَعَتَقَتْ فَوَلَاؤُهَا لِلْمُكَاتَبِ الْكَافِرِ، فَإِنْ مَاتَتْ فَمِيرَاثُهَا لِلْمَوْلَى الْمُسْلِمِ، وَإِنْ جَنَتْ فَعَقْلُ جِنَايَتِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى الْمُسْلِمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. نَصْرَانِيٌّ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ أَعْتَقَ عَبْدًا مُسْلِمًا لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَمِيرَاثُ الْعَبْدِ لِأَقْرَبِ الْعَصَبَاتِ إلَى الْمُعْتَقِ مِنْ الْمُسْمَلِينَ وَعَقْلُهُ عَلَى قَبِيلَةِ الْمُعْتِقِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ كَافِرًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ، وَهِيَ حَالَّةٌ فَكَاتَبَ الْعَبْدُ أَمَةً عَلَى أَلْفَيْنِ ثُمَّ وَكَّلَ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ بِقَبْضِ الْأَلْفَيْنِ مِنْهَا عَلَى أَنَّ أَلْفًا مِنْهَا قَضَاءٌ لَهُ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ فَفَعَلَ فَإِنَّ، وَلَاءَ الْأَمَةِ لِلْمَوْلَى كَمَا لَوْ أَدَّتْ إلَى الْمُكَاتَبِ فَعَتَقَتْ قَبْلَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ كَانَ وَلَاؤُهَا لِلْمَوْلَى، وَإِنْ كَاتَبَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَبْدًا بِإِذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْمُكَاتَبَةَ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمَوْلَى دُونَ الْعَبْدِ الْمُعْتِقِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مُكَاتَبِ الْمُكَاتَبِ إذَا أَدَّى بَعْدَمَا عَتَقَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الثَّانِي مُكَاتَبٌ مِنْ جِهَةِ الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ حَقِّ الْمِلْكِ الَّذِي لَهُ فِي كَسْبِهِ، وَقَدْ انْقَلَبَ بِالْعِتْقِ حَقِيقَةُ ذَلِكَ الْمِلْكِ وَلِلصَّبِيِّ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ بِإِذْنِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتِقَهُ عَلَى مَالٍ، وَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ إلَيْهِ الْبَدَلَ فَوَلَاؤُهُ لِلصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى مِلْكِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ أَبِيهِ الْمَيِّتِ فَالثَّوَابُ لِلْمَيِّتِ وَالْوَلَاءُ لِلِابْنِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا فَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ فَهُوَ حُرٌّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يَكُنْ وَلَاؤُهُ لِلَّذِي أَدْخَلَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَعْتَقَ الَّذِي أَدْخَلَهُ فَوَلَاؤُهُ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . وَإِنْ أَعْتَقَ حَرْبِيٌّ عَبْدَهُ الْحَرْبِيَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَصِرْ بِذَلِكَ مَوْلَى لَهُ حَتَّى لَوْ خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَا وَلَاءَ لَهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عِنْدَهُمَا بِكَلَامِ الْإِعْتَاقِ، وَإِنَّمَا يُعْتَقُ بِالتَّخْلِيَةِ وَالْعِتْقُ الثَّابِتُ بِالتَّخْلِيَةِ لَا يُوجِبُ الْوَلَاءَ، وَلَوْ أَعْتَقَ مُسْلِمٌ عَبْدًا لَهُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَوَلَاؤُهُ لَهُ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَهُ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَصِيرُ مَوْلَاهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ مَوْلَاهُ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَخَرَجَا مُسْلِمَيْنِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَا وَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ عَلَى الْمُعْتَقِ، وَلِلْمُعْتَقِ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرِثُ الْمُعْتِقُ مِنْ الْمُعْتَقِ وَلَهُ وَلَاؤُهُ إذَا خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ، وَإِنْ سُبِيَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ كَانَ مَمْلُوكًا لِلَّذِي سَبَاهُ فِي قَوْلِهِمْ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَسُبِيَ فَاشْتَرَاهُ عَبْدُهُ الْمُعْتَقُ فَأَعْتَقَهُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ مَوْلَى صَاحِبِهِ حَتَّى إنْ أَيُّهُمَا مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ عَصَبَةً مِنْ النَّسَبِ وَرِثَهُ صَاحِبُهُ لِوُجُودِ سَبَبِ الْإِرْثِ وَشَرْطِهِ وَكَذَا الذِّمِّيُّ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ ثُمَّ هَرَبَ الذِّمِّيُّ الْمُعْتِقُ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَسُبِيَ، وَأَسْلَمَ فَاشْتَرَاهُ الْعَبْدُ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَهُ فَأَعْتَقَهُ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْلَى صَاحِبِهِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا أَعْتَقَتْ عَبْدًا لَهَا ثُمَّ ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَتْ فَاشْتَرَاهَا الَّذِي كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَعْتَقَتْهُ فَأَعْتَقَهَا فَإِنَّ الرَّجُلَ مَوْلَى الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ مَوْلَاةُ الرَّجُلِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ ارْتَدَّ، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَمَاتَ مَوْلًى لَهُ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ فَوَرِثَهُ الرَّجُلُ مِنْ وَرَثَتِهِ دُونَ النِّسَاءِ ثُمَّ رَجَعَ ثَانِيًا أَخَذَ مَا وَجَدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فِي يَدِ وَرَثَتِهِ، وَلَمْ يَأْخُذْ مَا وَجَدَهُ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ فِي أَيْدِيهمْ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حِينَ مَاتَ مَوْلَاهُ. امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَعْتَقَتْ عَبْدًا لَهَا فِي رِدَّتِهَا أَوْ قَبْلَ رِدَّتِهَا ثُمَّ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَسُبِيَتْ فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ فَأَعْتَقَهَا فَإِنَّهُ يَعْقِلُ عَنْ الْعَبْدِ بَنُو أَسَدٍ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ، وَتَرِثُهُ الْمَرْأَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ ثُمَّ رَجَعَ يَعْقُوبُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ هَذَا، وَقَالَ: يَعْقِلُ عَنْهُ هَمْدَانُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. ذِمِّيٌّ أَعْتَقَ عَبْدًا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ ثُمَّ نَقَضَ الذِّمِّيُّ الْعَهْدَ، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُوَالِيَ أَحَدًا؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ ثَابِتٌ عَلَيْهِ لِمُعْتِقِهِ، وَإِنْ صَارَ حَرْبِيًّا بِاعْتِبَارِ أَنَّ صَيْرُورَتَهُ حَرْبِيًّا كَمَوْتِهِ، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ وَكَانَتْ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ بِالْوَلَاءِ لِإِنْسَانٍ

وَإِنَّمَا يَعْقِلُ بَيْتُ الْمَالِ عَمَّنْ لَا عَشِيرَةَ لَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا وَرَثَةَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا تَزَوَّجَ عَبْدُ رَجُلٍ أَمَةً لِآخَرَ فَأَعْتَقَ مَوْلَى الْأَمَةِ الْأَمَةَ، وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ الْعَبْدِ عَتَقَتْ، وَعَتَقَ حَمْلُهَا وَوَلَاءُ الْحَمْلِ لِمَوْلَى الْأُمِّ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ أَبَدًا، وَكَذَا إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدَهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ يَتَعَلَّقَانِ مَعًا، فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَدًا فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى الْأُمِّ، فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ جَرَّ الْأَبُ وَلَاءَ ابْنِهِ وَانْتَقَلَ عَنْ مَوَالِي الْأُمِّ بِخِلَافِ مَا إذَا أُعْتِقَتْ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ حَيْثُ يَكُونُ الْوَلَدُ مَوْلًى لِمَوَالِي الْأُمِّ وَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ لِتَعَذُّرِ إضَافَةِ الْعُلُوقِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ الْبَائِنِ لِحُرْمَةِ الْوَاطِئِ، وَبَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ لِمَا أَنَّهُ يَصِيرُ مُرَاجِعًا بِالشَّكِّ فَاسْتُنِدَ إلَى حَالَةِ النِّكَاحِ فَكَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا عِنْدَ الْإِعْتَاقِ فَعَتَقَ مَقْصُودًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْأَصْلُ أَنَّ الْعِتْقَ مَتَى ثَبَتَ قَصْدًا لَا يَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ وَمَتَى ثَبَتَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ يَنْتَقِلُ كَذَا فِي الْكَافِي. امْرَأَةٌ اشْتَرَتْ عَبْدًا وَأَعْتَقَتْهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ الثَّانِي تَزَوَّجَ مُعْتَقَةَ قَوْمٍ وَحَدَثَ لَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ فَإِنَّ، وَلَاءَ الْأَوْلَادِ لِمَوَالِي الْأُمِّ فَلَوْ أَنَّ الْمُعْتِقَ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ جَرَّ هَذَا الْعَبْدُ وَلَاءَ وَلَدِهِ ثُمَّ جَرَّ الْمُعْتِقُ الْأَوَّلُ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ جَرَّتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهَا فَالْأَبُ يَجُرُّ وَلَاءَ الْوَلَدِ إلَى نَفْسِهِ، وَأَمَّا الْجَدُّ فَهَلْ يَجُرُّ وَلَاءَ حَافِدِهِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَجُرُّ سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَصُورَةُ ذَلِكَ عَبْدٌ تَزَوَّجَ مُعْتَقَةَ قَوْمٍ فَحَدَثَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ وَلِهَذَا الْعَبْدِ أَبٌ حَيٌّ فَأَعْتَقَ هَذَا الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَقِيَ هَذَا الْعَبْدُ عَبْدًا عَلَى حَالِهِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَهُوَ أَبُو الْوَلَدِ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا يَجُرُّ مِيرَاثَهُ كَانَ مِيرَاثُهُ لِمَوْلَى الْأُمِّ، وَلَوْ جَنَى كَانَ عَقْلُهُ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَلَمْ يَجُرَّ الْجَدُّ، وَلَاءَ حَافِدِهِ إلَى مَوَالِيه كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ حُرَّةً فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا فَأَوْلَادُهَا مَوَالٍ لِمَوَالِي الْأُمِّ مُعْتَقَةً كَانَتْ أَوْ مُوَالِيَةً فَمَتَى أَعْتَقَ أَبُوهُمْ جَرَّ، وَلَاءَهُمْ إلَى مَوْلَاهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مُعْتَقَةٌ تَزَوَّجَتْ بِعَبْدٍ فَوَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا فَجَنَى الْأَوْلَادُ فَعَقْلُهُمْ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ، فَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدُ جَرَّ وَلَاءَ الْأَوْلَادِ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ بَعْدَمَا عَقَلُوا هَلْ يَرْجِعُوا عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ بِمَا عَقَلُوا قَالَ لَا يَرْجِعُونَ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. حُرٌّ عَجَمِيٌّ نَكَحَ مُعْتَقَةً وَلَمْ يُعْتِقْهُ أَحَدٌ فَوَلَدَتْ فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوَالِيهَا، وَكَذَا إنْ كَانَ الْأَبُ وَالَى رَجُلًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُعْتَقَيْنِ أَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْتَقًا، وَالْأُمُّ مَوْلَاةً أَوْ كَانَ الْأَبُ عَرَبِيًّا، وَالْأُمُّ مُعْتَقَةً كَانَ الْوَلَد تَبَعًا لِلْأَبِ، وَكَذَا إذَا كَانَا عَرَبِيَّيْنِ أَوْ عَجَمِيَّيْنِ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَجَمِيًّا وَالْآخِرُ عَرَبِيًّا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. نَبَطِيٌّ كَافِرٌ تَزَوَّجَ بِمُعْتَقَةِ قَوْمٍ ثُمَّ أَسْلَمَ النَّبَطِيُّ وَوَالَى رَجُلًا وَعَاقَدَهُ ثُمَّ وَلَدَتْ أَوْلَادًا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مَوَالِيهمْ مَوَالِي أُمِّهِمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُوَالِ رَجُلًا فَمَوَالِيهمْ قَوْمُ أُمِّهِمْ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَإِنْ تَرَكَ الْمَوْلَى أَبَا وَابْنًا فَمِيرَاثُ الْمُعْتَقِ لِابْنِ الْمُعْتِقِ خَاصَّةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، وَكَذَا الْوَلَاءُ لِلْجَدِّ دُونَ الْأَخِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عُصُوبَةً عِنْدَهُ، وَكَذَا الْوَلَاءُ لِابْنِ الْمُعْتَقَةِ حَتَّى يَرِثَهُ دُونَ أَخِيهَا، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً فَعَقْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَخِ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ أَعْتَقَ أَمَةً ثُمَّ غَرِقَا جَمِيعًا لَا يُدْرَى أَيُّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا لَمْ يَرِثْ الْمَوْلَى مِنْهَا شَيْئًا، وَلَكِنَّ مِيرَاثَهَا لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ الْمَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ أَعْتَقَ رَجُلٌ عَبْدًا لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ، وَتَرَكَ ابْنَيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَتَرَكَ ابْنًا ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ فَوَلَاؤُهُ لِابْنِ الْمُعْتِقِ لِصُلْبِهِ لَا لِابْنِ ابْنِهِ إذْ هُوَ أَقْرَبُ عَصَبَاتِ الْمُعْتَقِ بِنَفْسِهَا وَالْأَصْلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُسْتَحِقِّ عَصَبَةً يَوْمَ مَوْتِ الْمُعْتِقِ لَا يَوْمَ مَوْتِ الْمُعْتَقِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ مَاتَ الِابْنَانِ لِأَحَدِهِمَا ابْنٌ وَلِلْآخَرِ ابْنَانِ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ فَمِيرَاثُ الْمُعْتِقِ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَمْ يَصِرْ مِيرَاثًا بَيْنَ ابْنِي الْمُعْتِقِ بَلْ هُوَ بَاقٍ لِلْمُعْتَقِ عَلَى حَالِهِ ثُمَّ يَخْلُفُهُ فِيهِ أَقْرَبُ عَصَبَةٍ، وَهَؤُلَاءِ فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَيْسَ لِلنِّسَاءِ شَيْءٌ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا وَلَاءَ مُعْتَقِهِنَّ أَوْ وَلَاءِ مُعْتَقِ مُعْتَقِهِنَّ أَوْ وَلَاءَ مُكَاتَبِهِنَّ أَوْ وَلَاءَ مُكَاتَبِ مُكَاتَبِهِنَّ أَوْ وَلَاءَ مُدَبَّرِهِنَّ أَوْ وَلَاءَ مُدَبَّرِ مُدَبَّرِهِنَّ أَوْ وَلَاءَ الَّذِي هُوَ مَجْرُورُ مُعْتَقِهِنَّ أَوْ وَلَاءَ الَّذِي هُوَ مَجْرُورُ مُعْتَقِ مُعْتَقِهِنَّ فَصُورَةُ وَلَاءِ مُعْتَقِهِنَّ بِأَنْ

أَعْتَقَتْ عَبْدَهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ وَتَرَكَ مُعْتِقَتَهُ هَذِهِ فَوَلَاؤُهُ لَهَا فَلَوْ أَعْتَقَ مُعْتَقُهَا عَبْدًا آخَرَ، وَمَاتَ الْمُعْتَقُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الثَّانِي فَوَلَاءُ الثَّانِي لَهَا أَيْضًا، وَهَذِهِ صُورَةُ مُعْتَقِ الْمُعْتَقِ وَصُورَةُ وَلَاءِ مُكَاتَبِهِنَّ بِأَنْ قَالَتْ امْرَأَةٌ لِعَبْدِهَا: كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَقَبِلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ فَإِذَا أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ يَكُونُ، وَلَاؤُهُ لِلْمَرْأَةِ. وَصُورَةُ وَلَاءِ مُكَاتَبِ مُكَاتَبِهِنَّ بِأَنْ كَاتَبَ هَذَا الْمُكَاتَبُ عَبْدًا فَوَلَاءُ مُكَاتَبِ الْمُكَاتَبِ لَهَا أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُكَاتَبَ الْأَوَّلَ، وَصُورَةُ وَلَاءِ مُدَبَّرِهِنَّ بِأَنْ دَبَّرَتْ امْرَأَةٌ عَبْدَهَا بِأَنْ قَالَتْ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي أَوْ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إذَا مِتُّ وَنَحْوُهُ ثُمَّ ارْتَدَّتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهَا فَعَتَقَ مُدَبَّرُهَا ثُمَّ جَاءَتْ الْمَرْأَةُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ مَاتَ الْمُدَبَّرُ فَوَلَاؤُهُ لَهَا. وَصُورَةُ وَلَاءِ مُدَبَّرِ مُدَبَّرِهِنَّ بِأَنْ اشْتَرَى هَذَا الْمُدَبَّرُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ عَبْدًا ثُمَّ دَبَّرَهُ ثُمَّ مَاتَ، وَجَاءَتْ الْمَرْأَةُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ مَوْتِ مُدَبَّرِهَا أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُدَبَّرُ الثَّانِي فَوَلَاؤُهُ لِمُدَبِّرَةِ مُدَبِّرِهِ وَصُورَةُ جَرِّ وَلَاءِ مُعْتَقِهِنَّ بِأَنْ زَوَّجَتْ امْرَأَةٌ عَبْدَهَا مُعْتَقَةَ الْغَيْرِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَيَكُونُ حُرًّا تَبَعًا لِأُمِّهِ وَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوَالِي الْأُمِّ يَعْقِلُونَ عَنْهُ، وَيَرِثُونَ مِنْهُ فَلَوْ أَنَّ الْمَرْأَةَ أَعْتَقَتْ الْعَبْدَ جَرَّ بِإِعْتَاقِهَا إيَّاهُ وَلَاءَ وَلَدِهِ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ نَفْسِهِ إلَى مَوْلَاتِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ ثُمَّ مَاتَ وَلَدُهُ، وَتَرَكَ مُعْتِقَةَ أَبِيهِ فَوَلَاؤُهُ انْتَقَلَ مِنْ مَوَالِي أُمِّهِ إلَيْهَا، وَإِذَا أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَابْنٍ وَبِنْتٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمَرْأَةِ خَاصَّةً، وَيَسْتَوِي إنْ كَانَتْ أَعْتَقَتْهُ بِجُعَلٍ أَوْ بِغَيْرِ جُعَلٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَصُورَةُ جَرِّ وَلَاءِ مُعْتَقِ مُعْتَقِهِنَّ بِأَنْ أَعْتَقَتْ امْرَأَةٌ عَبْدًا ثُمَّ اشْتَرَى الْمُعْتَقُ عَبْدًا، وَزَوَّجَ مُعْتَقَةَ غَيْرِهِ مِنْ عَبْدِهِ فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَوَلَاءُ هَذَا الْوَلَدِ لِمَوْلَى أُمِّهِ فَلَوْ أَنَّ الْمُعْتِقَ أَعْتَقَ عَبْدَهُ جَرَّ بِالْإِعْتَاقِ وَلَاءَ وَلَدِ مُعْتَقِهِ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ مِنْهُ إلَى مَوْلَاتِهِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. فَإِنْ اشْتَرَتْ أُخْتَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَبَاهُمَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، وَلَمْ يَتْرُكْ عَصَبَةً فَلِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ بِالنَّسَبِ، وَمَا بَقِيَ لَهُمَا أَيْضًا بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ اشْتَرَتْ إحْدَاهُمَا أَبَاهُمَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، وَلَمْ يَتْرُكْ عَصَبَةً، وَتَرَكَ ابْنَتَيْهِ هَاتَيْنِ فَلِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ بِالنَّسَبِ وَلِلَّتِي اشْتَرَتْ الْأَبَ الثُّلُثُ الْبَاقِي خَاصَّةً بِالْوَلَاءِ، فَإِنْ اشْتَرَتَا أَبَاهُمَا ثُمَّ إنَّ إحْدَاهُمَا وَالْأَبَ اشْتَرَيَا أَخًا لَهُمَا مِنْ الْأَبِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، فَإِنَّ الْمَالَ بَيْنَ الِابْنَتَيْنِ وَبَيْنَ الِابْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ حُرًّا عَنْ ابْنِ حُرٍّ وَابْنَتَيْنِ حُرَّتَيْنِ فَكَانَ الْمِيرَاثُ لَهُمْ بِالْقَرَابَةِ، وَلَا عِبْرَةَ لِلْوَلَاءِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ مَاتَ الِابْنُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِأُخْتَيْهِ الثُّلُثَانِ بِالنَّسَبِ وَالثُّلُثُ الْبَاقِي نِصْفُهُ لِلَّتِي اشْتَرَتْهُ مَعَ الْأَبِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ لَهَا نِصْفَ وَلَاءِ الْأَخِ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِشِرَائِهَا وَشِرَاءِ الْأَبِ وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي وَلَاءِ الْأَبِ فَصَارَتْ حِصَّةُ الْأَبِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ، وَتَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرِ لِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَانِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفُ ثُلُثِ الْبَاقِي، ذَلِكَ سَهْمَانِ لِلَّتِي اشْتَرَتْهُ مَعَ الْأَبِ بِالْوَلَاءِ وَنِصْفُ الثُّلُثِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَصَارَ لِلَّتِي اشْتَرَتْهُ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْأُخْرَى خَمْسَةُ أَسْهُمٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ بَعْدَمَا عَتَقَ عَلَى ابْنَتَيْهِ أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ ثُمَّ مَاتَ مُعْتِقُ الْأَبِ عَنْ الِابْنَةِ الْمُشْتَرِيَةِ كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْمُشْتَرِيَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي هَمْدَانَ تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ عَبْدًا فَالْوَلَاءُ يَثْبُتُ لَهَا وَوَلَدُهَا يَكُونُ تَبَعًا لِلْأَبِ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَإِذَا مَاتَتْ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمُعْتِقَةِ وَهُوَ الْوَلَدُ الْأَسَدِيُّ، وَلَوْ جَنَى جِنَايَةً تَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهَا مِنْ بَنِي هَمْدَانَ فَالْمِيرَاثُ لِبَنِي أَسَدٍ وَالْعَقْلُ عَلَى بَنِي هَمْدَانَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا مَاتَ الْمُعْتَقُ وَتَرَكَ عَصَبَةَ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهُ عَصَبَةُ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ بِخِلَافِ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ فِي هَذَا الْحُكْمِ. امْرَأَةٌ أَعْتَقَتْ عَبْدًا وَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ، وَتَرَكَتْ ابْنًا وَزَوْجًا أَبَا هَذَا الِابْنِ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَالْمِيرَاثُ لِابْنِهَا؛ لِأَنَّهُ عَصَبَتُهَا، وَلَوْ كَانَ الِابْنُ قَدْ مَاتَ وَتَرَكَ أَبًا هُوَ زَوْجُ الْمُعْتِقَةِ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَلَا مِيرَاثَ لِزَوْجِ الْمُعْتِقَةِ وَزَوْجُ الْمُعْتِقَةِ عَصَبَةُ ابْنِهِ وَابْنُهُ عَصَبَةُ الْمُعْتِقَةِ فَهَذَا عَصَبَةُ عَصَبَةِ الْمُعْتَقِ وَمَعَ هَذَا لَمْ يَرِثْ وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدًا ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ أَعْتَقَ عَبْدًا آخَرَ ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَقَ الثَّانِي أَعْتَقَ عَبْدًا وَمَاتَ الْمُعْتَقُ الثَّالِثُ وَتَرَكَ عَصَبَةَ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ يَرِثُهُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا فِي صُورَةِ عَصَبَةِ عَصَبَةِ الْمُعْتَقِ وَلَكِنْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَقَ الْأَوَّلَ جَرَّ، وَلَاءَ هَذَا الْمَيِّتِ فَيَرِثُهُ عَصَبَةُ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ لَا لِأَنَّهُ عَصَبَةُ عَصَبَةِ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ مَالًا، وَلَا

وَارِثَ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَارِثُهُ بِالْوَلَاءِ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ مَوْلَاهُ، وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَارِثُهُ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا حَتَّى يُفَسَّرَ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى اسْمٌ مُشْتَرَكٌ وَكَذَا إذَا شَهِدَ أَنَّ هَذَا مَوْلَاهُ مَوْلَى عَتَاقَةٍ؛ لِأَنَّ اسْمَ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ كَمَا يَتَنَاوَلُ الْأَعْلَى يَتَنَاوَلُ الْأَسْفَلَ وَالْأَعْلَى وَارِثٌ، وَالْأَسْفَلُ لَيْسَ بِوَارِثٍ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِي أَعْتَقَ هَذَا الْمَيِّتَ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَنَّهُ وَارِثُهُ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيَقْضِي بِالْمِيرَاثِ لِهَذَا الْمُدَّعِي، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ مُقِرًّا لِهَذَا الْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ، وَهَذَا الْمُدَّعِي أَعْتَقَهُ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، وَيَقْضِي بِالْمِيرَاثِ لِلْمُدَّعِي، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ أَبَا هَذَا الْمُدَّعِي أَعْتَقَ أَبَا الْمَيِّتِ هَذَا، وَهُوَ يَمْلِكُهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ وَتَرَكَ ابْنَهُ هَذَا الْمُدَّعِي ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ الْمُعْتَقُ، وَتَرَكَ ابْنَهُ هَذَا الْمَيِّتِ، وَقَدْ وُلِدَ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ قَضَى بِالْمِيرَاثِ لِلْمُدَّعِي، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ أَمَةٍ، وَقَدْ أَعْتَقَهُ مَوْلَى الْأَمَةِ كَانَ مِيرَاثُهُ لِمَوْلَى الْأَمَةِ، وَلَوْ شَهِدَا بِهَذَا، وَلَكِنْ قَالَا نُدْرِكُ أَبَا هَذَا الْمُدَّعِي الْمُعْتَقِ. وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْنَا ذَلِكَ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى الْوَلَاءِ بِالتَّسَامُعِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْوَلَاءِ بِالتَّسَامُعِ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ فَادَّعَى رَجُلٌ مِيرَاثَهُ، وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَ أُمَّ هَذَا الْمَيِّتِ وَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ مِنْ عَبْدِ فُلَانٍ، وَإِنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَبْدًا أَوْ مَاتَ هُوَ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَى مُعْتِقِ أُمِّهِ هَذَا الْمُدَّعِي قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا، وَقَضَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ، فَإِنْ جَاءَ مَوْلَى الْأَبِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَ الْأَبَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ هَذَا الْوَلَدُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ وَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ قَضَى الْقَاضِي بِالْمِيرَاثِ لِمَوْلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّ مَوْلَى الْأَبِ جَرَّ وَلَاءَ الِابْنِ إلَيْهِ بِإِعْتَاقِ الْأُمِّ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَخْطَأَ فِي الْقَضَاءِ بِالْمِيرَاثِ لِمَوْلَى الْأُمِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ادَّعَى رَجُلَانِ وَلَاءَهُ بِالْعِتْقِ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً جُعِلَ مِيرَاثُهُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ وَقَّتَا وَقْتًا فَالسَّابِقُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْعِتْقَ فِي وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ صَاحِبُهُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي، وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ كَانَ صَاحِبُ الْوَقْتِ الْآخَرِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَكَانَ عَقَدَ الثَّانِي نَقْضًا لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ شُهُودُ صَاحِبِ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ عَقَلَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَأَشْبَهَ، وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ، وَإِذَا أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ فَقَضَى لَهُ الْقَاضِي بِمِيرَاثِهِ وَوَلَائِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ فَيَبْطُلُ قَضَاءُ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ مَاتَ وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ لَا وَارِثَ لِأَبِيهِ، وَلَا لِهَذَا الْمَيِّتِ غَيْرُهُ، وَجَاءَ بِابْنَيْ أَخِيهِ فَشَهِدَا عَلَى ذَلِكَ قَالَ: لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِجَدِّهِمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَمْوَالًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ، وَجَاءَ رَجُلٌ، وَادَّعَى أَنَّهُ أَعْتَقَ الْمَيِّتَ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ قَضَى بِالْمَالِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَيِّنَتِهِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ إذْ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى وَاسْتِحْقَاقُ الْمَالِ يُبْتَنَى عَلَيْهِ، وَالْوَلَاءُ لَيْسَ شَيْئًا تُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَدُ فَلَا يُعْتَبَرُ أَحَدُهُمَا خَارِجًا وَالْآخَرُ صَاحِبُ الْيَدِ بَلْ كِلَاهُمَا خَارِجٌ فِيهِ فَيُقْضَى بَيْنَهُمَا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ ابْنَيْنِ وَبَنَاتٍ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ هَذَا الْمَيِّتَ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَشَهِدَ ابْنَا الْمَيِّتِ بِذَلِكَ وَادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَقَرَّتْ بِنْتُهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْوَلَاءِ لِصَاحِبِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ شَهِدَ لِلْآخَرِ ابْنٌ آخَرُ لِلْمَيِّتِ وَابْنَتَانِ لَهُ قَضَى بِالْوَلَاءِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ مِنْ الْمَوَالِي عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْعَرَبِ أَنَّهُ مَوْلَى هَذَا الْعَرَبِيِّ، وَأَنَّ هَذَا الْعَرَبِيَّ أَعْتَقَ أَبَاهُ، وَجَاءَ الْمُدَّعِي بِأَخَوَيْهِ لِأَبِيهِ يَشْهَدَانِ بِذَلِكَ وَالْعَرَبِيُّ يُنْكِرُهُ فَإِنَّ شَهَادَةَ الِابْنَيْنِ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِأَبِيهِمَا وَلِأَنْفُسِهِمَا؛ لِأَنَّ لَهُمَا فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ مَنْفَعَةً فَإِنَّهُ مَتَى ثَبَتَ، وَلَاءُ أَبِيهِمْ مِنْ الْعَرَبِيِّ ثَبَتَ وَلَاؤُهُمْ مِنْ الْعَرَبِيِّ أَيْضًا، فَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيَّانِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْعَرَبِيُّ يَدَّعِي الْوَلَاءَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَالِابْنُ يُنْكِرُ قُبِلَتْ شَهَادَةُ أَخَوَيْهِ وَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ فَأَخَذَ

رَجُلٌ مَالَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَالَ: لَا آخُذُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ، وَلَا أَضَعُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَقَامَ مُسْلِمٌ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ مُسْلِمٌ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَ ذِمِّيٌّ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَلِلْمُسْلِمِ نِصْفُ الْمِيرَاثِ، وَنِصْفُ الْمِيرَاثِ لِأَقْرَبِ النَّاسِ عَصَبَةً إلَى الذِّمِّيِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُمْ قَرَابَةٌ جَعَلْته لِبَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ نَصَارَى لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَلَكِنْ يَقْضِي بِوَلَائِهِ لِلْمُسْلِمِ وَبِجَمِيعِ الْمِيرَاثِ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِوَلَائِهِ وَمِيرَاثِهِ لِلْمُسْلِمِ فَيَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ، وَإِذَا اخْتَصَمَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ فِي، وَلَاءِ رَجُلٍ وَهُوَ حَيٌّ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَضَى بِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا، فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَالْعَبْدُ الْمُعْتَقُ كَافِرٌ قَضَى بِبَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ الذِّمِّيُّ أَسْبَقَهُمَا تَارِيخًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذِمِّيٌّ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ أَعْتَقَهُ فَأَقَامَ مُسْلِمٌ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ عَبْدُهُ، وَأَقَامَ الذِّمِّيُّ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ أَمْضَيْتُ الْعِتْقَ وَالْوَلَاءَ لِلذِّمِّيِّ كَمَا لَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ مُسْلِمًا، وَإِذَا كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ كُفَّارًا قَضَيْت بِهِ لِلْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ عَبْدُهُ دَبَّرَهُ أَوْ كَانَتْ جَارِيَتَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اسْتَوْلَدَهَا، وَأَقَامَ الذِّمِّيُّ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَلَى الْمِلْكِ وَالْعِتْقِ فَبَيِّنَةُ الذِّمِّيِّ أَوْلَى، وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فِي يَدَيْ ذِمِّيٍّ قَدْ وَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا أَمَتُهُ غَصَبَهَا هَذَا مِنْهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَلَدَتْ هَذَا مِنْهُ فِي مِلْكِهِ قَضَيْت بِهَا وَبِوَلَدِهَا لِلْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهَا أَمَتُهُ آجَرَهَا مِنْ ذِي الْيَدِ أَوْ أَعَارَهَا مِنْهُ أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ قَضَيْت بِهَا لِذِي الْيَدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهَا أَمَتُهُ أَعْتَقَهَا، وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ فَبَيِّنَةُ الْمُعْتِقِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ فِيهِ إثْبَاتَ حُرِّيَّتِهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُوطَأَ بِالْمِلْكِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى حُرِّيَّتِهَا، وَلَوْ شَهِدَ شُهُودُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ ذَلِكَ بِالْغَصْبِ عَلَى الْآخَرِ كَانَ شُهُودُ الْعِتْقِ أَيْضًا أَوْلَى وَاسْتِحْقَاقُ الْوَلَاءِ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِي شَهِدَ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ فَالْعَبْدُ حُرٌّ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ إذَا كَانَ الْبَائِعُ يَجْحَدُ، فَإِنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْوَلَاءُ وَرَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَكَذَلِكَ إنْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِي وَرَثَةُ الْبَائِعِ بَعْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ كَانَ دَبَّرَهُ فَهُوَ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَتَقَ الْعَبْدُ، فَإِنْ صَدَّقَ وَرَثَةُ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُهُمْ فِي حَقِّ لُزُومِ الْوَلَاءِ لِلْبَائِعِ، وَفِي حَقِّ رَدِّ الثَّمَنِ اسْتِحْسَانًا. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْعِتْقِ فَالْعَبْدُ يَخْرُجُ مِنْ الرِّقِّ إلَى الْحُرِّيَّةِ بِالسِّعَايَةِ، وَيَسْعَى لَهُمَا مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا وَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِهِمَا الْعَبْدُ حُرٌّ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ بَيْنَهُمَا. أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ صَاحِبِهِ وَصَاحِبُهُ يُنْكِرُ فَإِنَّ الْجَارِيَةَ تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مَوْقُوفَةً فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَتْ وَيَكُونُ وَلَاؤُهَا مَوْقُوفًا بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَةٌ لِرَجُلٍ مَعْرُوفَةٌ أَنَّهَا لَهُ وَلَدَتْ مِنْ آخَرَ فَقَالَ رَبُّ الْأَمَةِ: بِعْتُكَهَا بِأَلْفٍ وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ زَوَّجْتنِيهَا فَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ مَوْلَى الْأَمَةِ يَنْفِي وَلَاءَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَيَقُولُ: هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ عُلِّقَ فِي مِلْكِ أَبِيهِ وَالْجَارِيَةُ مَوْقُوفَةٌ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَلَا يَطَؤُهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَا يَسْتَخْدِمُهَا، وَلَا يَسْتَغِلُّهَا وَوَلَاؤُهَا مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْفِيه عَنْ نَفْسِهِ وَيَأْخُذُ الْبَائِعُ الْعُقْرَ مِنْ أَبِي الْوَلَدِ قِصَاصًا مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ فِي الْقِيَاسِ، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْأَبِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ الْوَلَاءُ لِلِابْنِ، وَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ إنَّ عَاقِلَةَ الْأَبِ هَلْ تَعْقِلُ عَنْهُ وَمَشَايِخُنَا فَصَّلُوا الْجَوَابَ فِيهِ تَفْصِيلًا، فَقَالُوا: إنْ كَانَ عَصَبَةُ الِابْنِ وَعَصَبَةُ الْأَبِ وَاحِدًا بِأَنْ أَعْتَقَهُمَا رَجُلٌ وَاحِدٌ وَقَوْمُهُمَا مِنْ حَيٍّ وَاحِدٍ كَانَ عَقْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ أَبِيهِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَصَبَةُ الِابْنِ غَيْرَ عَصَبَةِ الْأَبِ بِأَنْ أَعْتَقَ الْأَبَ رَجُلٌ وَأَعْتَقَ الِابْنَ رَجُلٌ آخَرُ لَا يَكُونُ عَقْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ وَيَكُونُ الْعَقْلُ

الباب الثاني ولاء الموالاة وفيه فصلان

مَوْقُوفًا هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الِابْنِ الْمُقِرِّ وَارِثٌ آخَرُ فَأَمَّا إذَا كَانَ وَارِثٌ آخَرُ وَقَدْ كَذَّبَهُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ كَانَ لِلْمُكَذِّبِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِي حِصَّتِهِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَاءُ هَذَا النِّصْفِ هُوَ حِصَّةُ الْمُسْتَسْعَى لِلْمُسْتَسْعِي، وَوَلَاءُ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ حِصَّةُ الْمُقِرِّ لِلْمَيِّتِ كَمَا لَوْ كَانَ الْكُلُّ لَهُ أَقَرَّ أَنَّ الْأَبَ أَعْتَقَهُ وَعِنْدَهُمَا وَلَاءُ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ حِصَّةُ الْمَيِّتِ، وَوَلَاءُ حِصَّةِ الْمُسْتَسْعَى مَوْقُوفٌ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَتَوَقَّفُ الْوَلَاءُ إذَا مَاتَ الْمُعْتَقُ فَمِيرَاثُهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَعَقْلُهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَعْقِلُ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ اشْتَرَتْ ثَلَاثُ بَنَاتٍ آبَاءَهُنَّ ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ وَتَرَكَتْ مَوْلَى أُمِّهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا ثُلُثَا مَالِهِ بِالْفَرْضِ وَثُلُثَا الثُّلُثِ بِالْوَلَاءِ يَبْقَى ثُلُثُ الثُّلُثِ لِلْبِنْتِ الْمَيِّتَةِ يَعُودُ إلَى الْأَبِ يَكُونُ لَهُمَا ثُلُثُ ثُلُثِ الثُّلُثِ وَثُلُثُ ثُلُثٍ، الثُّلُثُ لِمَوْلَى أُمِّهَا يَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لِثُلُثِ ثُلُثِهِ ثُلُثٌ، وَأَقَلُّهُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَسِتَّةٌ وَعِشْرُونَ لِلْبِنْتَيْنِ وَوَاحِدٌ لِمَوْلَى أُمِّ الْمَيِّتَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي وَلَاء الْمُوَالَاةِ وَفِيهِ فَصْلَانِ] [الْفَصْل الْأَوَّل فِي سَبَب ثُبُوت وَلَاء الموالاة وَشَرَائِطه وَحُكْمه] (الْبَابُ الثَّانِي فِي، وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ وَفِيهِ فَصْلَانِ) : (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ) : فِي سَبَبِ ثُبُوتِهِ وَشَرَائِطِهِ وَحُكْمِهِ وَصِفَةِ السَّبَبِ وَبَيَانِ صِفَةِ الْحُكْمِ (أَمَّا) (سَبَبُ ثُبُوتِهِ) فَهُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدِ إنْسَانٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنْتَ مَوْلَايَ تَرِثُنِي إذَا مِتُّ وَتَعْقِلُ عَنِّي إذَا جَنَيْت فَيَقُولُ قَبِلْت أَوْ يَقُولُ لَهُ وَالَيْتُك فَيَقُولُ قَبِلْت سَوَاءٌ كَانَ لِلَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ أَوْ لِآخَرَ، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ إنْسَانٍ، وَلَمْ يُوَالِهِ فَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ، وَوَالَى غَيْرَهُ فَهُوَ مَوْلَى لِلَّذِي وَالَاهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. (وَأَمَّا) (شَرَائِطُهُ) فَمِنْهَا عَقْلُ الْعَاقِدَيْنِ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَهُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ فِي جَانِبِ الْإِيجَابِ فَلَا يَنْعَقِدُ الْإِيجَابُ مِنْ الصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَ عَاقِلًا حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ، وَوَالَاهُ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَبُوهُ الْكَافِرُ لَا يَثْبُتُ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَبِ الْكَافِرِ عَلَى وَلَدِهِ الْمُسْلِمِ فَكَانَ إذْنُهُ، وَعَدَمُ الْإِذْنِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ سَائِرُ عُقُودِهِ بِإِذْنِهِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ. وَأَمَّا مِنْ جَانِبِ الْقَبُولِ فَهُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ حَتَّى لَوْ وَالَى بَالِغٌ صَبِيًّا فَقَبِلَ الصَّبِيُّ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ، فَإِنْ أَجَازَ جَازَ، وَكَذَا لَوْ وَالَى رَجُلٌ عَبْدًا فَقَبِلَ الْعَبْدُ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى فَإِذَا أَجَازَ جَازَ إلَّا أَنَّ فِي الْعَبْدِ إذَا أَجَازَ الْمَوْلَى فَالْوَلَاءُ مِنْ الْمَوْلَى، وَفِي الصَّبِيِّ إذَا أَجَازَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ يَكُونُ الْوَلَاءُ مِنْ الصَّبِيِّ، وَلَوْ وَالَى رَجُلٌ مُكَاتَبًا جَازَ وَكَانَ الْمَوْلَى مَوْلَى الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْمُكَاتَبِ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ الْوَلَاءَ يَكُونُ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَاقِدِ وَارِثٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ وَارِثِهِ مَنْ يُقِرُّ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَإِذَا كَانَ لَهُ زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ يَصِحُّ الْعَقْدُ، وَيُعْطِي نَصِيبَهُمَا وَالْبَاقِي لِلْمَوْلَى. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْعَرَبِ حَتَّى لَوْ وَالَى عَرَبِيٌّ رَجُلًا مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهِ لَمْ يَكُنْ مَوْلَاهُ وَلَكِنْ يُنْسَبُ إلَى عَشِيرَتِهِ، وَهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ، وَكَذَا لَوْ وَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْعَرَبِ رَجُلًا مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ مَوَالِي الْعَرَبِ؛ لِأَنَّ مَوْلَاهُمْ مِنْهُمْ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مُعْتَقًا. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ غَيْرُهُ. وَمِنْهَا أَنْ يُشْتَرَطَ الْمِيرَاثُ وَالْعَقْلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ شَرَطَا الْإِرْثَ كَانَ كَذَلِكَ، وَيَتَوَارَثَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَالْإِسْلَامُ عَلَى يَدِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَكَوْنُهُ مَجْهُولُ النَّسَبِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْمُوَالَاةِ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِهَذَا الْعَقْدِ فَيَجُوزُ مُوَالَاةُ الذِّمِّيِّ الذِّمِّيَّ وَالذِّمِّيِّ الْمُسْلِمَ وَالْمُسْلِمِ الذِّمِّيَّ، وَكَذَا الذُّكُورَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِهَذَا الْعَقْدِ فَيَجُوزُ مُوَالَاةُ الرَّجُلِ امْرَأَةً وَالْمَرْأَةِ رَجُلًا وَكَذَا دَارُ الْإِسْلَامِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ فَوَالَى مُسْلِمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مُوَالَاةٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَأَمَّا) (حُكْمُهُ) فَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ بِهِ الْإِرْثُ إذَا مَاتَ وَأَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ إذَا جَنَى، وَيَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُهُ الصِّغَارُ، وَمَنْ يُولَدُ لَهُ بَعْدَ عَقْدِ الْمُوَالَاةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَأَمَّا) (صِفَةُ الْعَقْدِ) فَهُوَ عَقْدٌ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ. (وَأَمَّا) (صِفَةُ الْحُكْمِ) فَهُوَ أَنَّ الْوَلَاءَ الثَّابِتَ بِهَذَا الْعَقْدِ لَا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ حَتَّى لَوْ بَاعَ رَجُلٌ وَلَاءَ مُوَالَاةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ بِعَبْدٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ كَانَ

الفصل الثاني فيمن يستحق الولاء وما يلحق به

إعْتَاقُهُ بَاطِلًا، وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى الْأَسْفَلُ وَلَاءَهُ مِنْ آخَرَ أَوْ وَهَبَهُ لَا يَكُونُ بَيْعًا، وَلَا هِبَةً لَكِنَّهُ يَكُونُ نَقْضًا لِلْوَلَاءِ الْأَوَّلِ وَمُوَالَاةً لِهَذَا الثَّانِي كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَنْتَقِلَ بِوَلَائِهِ إلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ كَالْوَصِيَّةِ، وَإِنَّمَا يَنْقُضُ الْعَقْدَ بِحَضْرَتِهِ، وَكَذَا لِلْأَعْلَى أَنْ يَبْرَأَ مِنْ وَلَاءِ الْأَسْفَلِ إذَا كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ، وَإِنْ وَالَى الْأَسْفَلُ رَجُلًا آخَرَ كَانَ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْعَقْدِ مَعَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ، وَإِذَا عَقَلَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْهُ بِوَلَائِهِ إلَى غَيْرِهِ، وَكَذَا لَا يَتَحَوَّلُ وَلَاءُ وَلَدِهِ بَعْدَ تَحَمُّلِ الْجِنَايَةِ عَنْ أَبِيهِ، وَكَذَا إذَا عَقَلَ عَنْ وَلَدِهِ لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَحَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْأَبَ مَعَ الِابْنِ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ فِي حُكْمِ الْوَلَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ الْوَلَاءَ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ الْوَلَاءَ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ) إذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَعَاقِدِهِ عَقْدَ الْمُوَالَاةِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ ابْنٌ مِنْ امْرَأَةٍ أَسْلَمَتْ عَلَى يَدِ الْآخَرِ وَوَالَتْهُ فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْأَبِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَسْلَمَتْ، وَوَالَتْهُ، وَهِيَ حُبْلَى ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ وَلَاءَ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْأَبِ، وَهَذَا بِخِلَافِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ فَإِنَّهَا إذَا أَعْتَقَتْ، وَهِيَ حُبْلَى وَوَلَدَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ، وَلَاءَ الْوَلَدِ يَكُونُ لِمَوْلَى الْأُمِّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ وُلِدُوا قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ الْأَبُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَتْهُ فَإِنَّ وَلَاءَ الْأَوْلَادِ لِمَوْلَى الْأَبِ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ: وَإِذَا أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ، وَلَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ وَوَالَتْهُ فَإِنَّ، وَلَاءَهَا وَوَلَاءَ وَلَدِهَا لِمَوْلَاهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا، وَلَاؤُهَا لِمَوْلَاهَا أَمَّا وَلَاءُ وَلَدِهَا لَيْسَ لِمَوْلَاهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ، وَلَهُ ابْنٌ كَبِيرٌ فَأَسْلَمَ الِابْنُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ آخَرَ وَوَالَاهُ أَيْضًا فَوَلَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلَّذِي وَالَاهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ الِابْنُ، وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا فَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ، وَلَا يَكُونُ مَوْلَى مُوَالَاةِ الْأَبِ، وَلَا يَكُونُ عَقْدُ الْأَبِ عَلَى نَفْسِهِ عَقْدًا عَلَى الِابْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذِمِّيٌّ أَسْلَمَ، وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا ثُمَّ أَسْلَمَ آخَرُ عَلَى يَدَيْهِ وَوَالَاهُ فَهُوَ مَوْلَاهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ عَلَى يَدَيْ حَرْبِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَوْلَاهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ ثُمَّ دَخَلَ أَبُوهُ بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ فَإِنَّ وَلَاءَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلَّذِي وَالَاهُ، وَلَا يَجُرُّ الْأَبُ وَلَاءَ الْوَلَدِ إلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ، وَأَسْلَمَ وَوَالَى رَجُلًا ثُمَّ أُسِرَ أَبُو هَذَا الْحَرْبِيِّ الَّذِي أَسْلَمَ وَعَتَقَ فَإِنَّهُ يَجُرُّ وَلَاءَ الْوَلَدِ إلَى نَفْسِهِ حَتَّى كَانَ وَلَاءُ الْوَلَدِ لِمُعْتَقِ الْأَبِ، وَإِذَا أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ وَوَالَاهُ هُنَاكَ أَوْ وَالَاهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ يَجُوزُ، فَإِنْ سُبِيَ ابْنُهُ وَأُعْتِقَ لَمْ يَجُرَّ وَلَاءَ الْأَبِ إلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ سُبِيَ أَبُوهُ وَأُعْتِقَ جَرَّ وَلَاءَ الِابْنِ إلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ إنَّ الذِّمِّيَّ نَقَضَ الْعَهْدَ، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَأُخِذَ أَسِيرًا فَصَارَ عَبْدَ الرَّجُلِ، وَأَرَادَ مُعْتَقُهُ أَنْ يُوَالِيَ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ أُعْتِقَ مَوْلَاهُ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ إنْ مَاتَ، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً بَعْدَ ذَلِكَ عَقَلَ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ مَوْلَاهُ هَكَذَا ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ قَالَ: يَرِثُهُ وَيَعْقِلُ عَنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَسْلَمَ رَجُلٌ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهِ وَوَالَاهُ لَمْ يَكُنْ مَوْلَاهُ وَلَكِنْ يُنْسَبُ إلَى عَشِيرَتِهِ وَأَصْلِهِ، وَهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ، وَيَرِثُونَهُ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ بَعْدَمَا وَالَى فِي كُفْرِهِ مُسْلِمًا كَانَ وَلَاؤُهُ لِلثَّانِي الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَوَالَاهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَكُونُ مَوْلًى لِلَّذِي وَالَاهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ مَوْلَى عَتَاقَةٍ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنْ فَوْقٍ أَوْ مِنْ تَحْتٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَوْلًى لَهُ يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ مَوْلَى مُوَالَاةٍ لِفُلَانٍ، وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ يَصِيرُ مَوْلًى مُوَالَاةٍ لِفُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُقِرِّ أَوْلَادٌ كِبَارٌ كَذَّبُوا الْأَبَ فِيمَا أَقَرَّ، وَقَالُوا أَبُونَا مَوْلَى فُلَانٍ آخَرَ فَالْأَبُ مُصَدَّقٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْأَوْلَادُ مُصَدَّقُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ إذَا كَانُوا كِبَارًا فَالْأَبُ لَا يَمْلِكُ مُبَاشَرَةَ عَقْدِ الْوَلَاءِ عَلَيْهِمْ فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَبِهِ فَارِقٌ مَا إذَا كَانَ الْأَوْلَادُ صِغَارًا؛ لِأَنَّ الْأَبَ يَمْلِكُ مُبَاشَرَةَ عَقْدِ الْوَلَاءِ عَلَيْهِمْ إذَا كَانُوا صِغَارًا فَيَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَإِذَا

كَانَتْ لِلرَّجُلِ امْرَأَةٌ وَهِيَ أُمُّ الْأَوْلَادِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: مَوْلَاةٌ أَنَا عَتَاقَةٌ لِفُلَانٍ وَصَدَّقَهَا فُلَانٌ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا مَوْلَى عَتَاقَةٍ لِفُلَانٍ آخَرَ، وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ آخَرُ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ مُصَدَّقًا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ، وَيَكُونُ، وَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْأَبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةَ مَوْلَاةٌ عَتَاقَةٍ مَعْرُوفَةٍ لَهَا زَوْجٌ مَوْلَى عَتَاقَةٍ وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وَلَدًا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: وَلَدْته بَعْدَ عِتْقِي بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَوَلَاؤُهُ لِمَوَالِيَّ، وَقَالَ الزَّوْجُ: وَلَدْتِهِ بَعْدَ عِتْقِك بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَوَلَاؤُهُ لِمَوَالِيَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ وَالَتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا فَوَلَدَتْ وَلَدًا لَا يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ يَدْخُلُ فِي وَلَائِهَا، وَكَذَا إنْ أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا مَوْلَاةُ فُلَانٍ، وَفِي يَدِهَا طِفْلٌ لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ يَصِحُّ إقْرَارُهَا عَلَيْهَا، وَعَلَى وَلَدِهَا وَيَصِيرَانِ مِنْ مَوَالِيَّ فُلَانٍ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَا يَثْبُتُ وَلَاءُ وَلَدِهَا مِنْ مَوْلَاهَا فِي الصُّورَتَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مِنْ الْعَرَبِ لَهُ زَوْجَةٌ لَا تُعْرَفُ وَوَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهَا مَوْلَاةٌ أَعْتَقَهَا فُلَانٌ وَصَدَّقَهَا فُلَانُ بِذَلِكَ فَإِنَّهَا مُصَدَّقَةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهَا، وَلَا تُصَدَّقُ عَلَى وَلَدِهَا، وَإِنْ كَذَّبَهَا فُلَانٌ فِي الْعِتْقِ، وَقَالَ: هِيَ أَمَتِي، وَمَا أَعْتَقْتُهَا فَإِنَّهَا أَمَتُهُ؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ عَلَى نَفْسِهَا بِالرِّقِّ لَهُ ثُمَّ ادَّعَتْ الْحُرِّيَّةَ عَلَيْهِ فَتُصَدَّقُ فِيمَا أَقَرَّتْ، وَلَا تُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَتْ، وَلَا تُصَدَّقُ عَلَى الْوَلَدِ الْمَوْجُودِ فِي الْبَطْنِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَأَمَّا الْوَلَدُ الَّذِي يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُصَدَّقَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَحْدُثَ رَقِيقًا، وَلَا تُصَدَّقُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَحْدُثَ حُرًّا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ فَقَالَ: أَنَا مَوْلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ قَدْ أَعْتَقَانِي فَأَقَرَّ بِهِ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يَعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا وَإِذَا قَالَ: أَنَا مَوْلَى فُلَانٍ أَعْتَقَنِي ثُمَّ قَالَ: لَا بَلْ أَنَا مَوْلَى فُلَانٍ الْآخَرِ قَدْ أَعْتَقَنِي هُوَ وَادَّعَيَاهُ جَمِيعًا فَهُوَ مَوْلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ قَالَ أَعْتَقَنِي فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ادَّعَى أَنَّهُ هُوَ الْمُعْتِقُ لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ شَيْءٌ، فَإِنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لِغَيْرِهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَيَصِيرُ مَوْلَى لِلْمُقِرِّ لَهُ فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ، يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ الْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ مَوْلَى امْرَأَةٍ أَعْتَقَتْهُ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَمْ أَعْتِقْك وَلَكِنْ أَسْلَمْت عَلَى يَدَيْ وَوَالَيْتنِي فَهُوَ مَوْلَاهَا، فَإِنْ أَرَادَ التَّحَوُّلَ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهَا، وَوَالَاهَا وَقَالَتْ هِيَ: قَدْ أَعْتَقْتُك فَهُوَ مَوْلَاهَا وَلَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ بِالْوَلَاءِ إلَى غَيْرِهَا، وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَهُ، وَأَنْكَرَ فُلَانٌ ذَلِكَ وَقَالَ: مَا أَعْتَقْتُك، وَلَا أَعْرِفُك ثُمَّ إنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا الْآخَرَ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَصِيرُ مَوْلًى لِلثَّانِي وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِلثَّانِي إذَا صَدَّقَهُ الثَّانِي فِي ذَلِكَ. إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى وَلَدِ رَجُلٍ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ أَبَاكَ وَصَدَّقَهُ الْوَلَدُ فِي ذَلِكَ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ لَهُ، وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَوْلَادٌ كِبَارٌ، وَصَدَّقَهُ بَعْضُ الْأَوْلَادِ فَاَلَّذِينَ صَدَّقُوهُ يَكُونُونَ مَوَالِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي اثْنَيْنِ فَصَدَّقَ بَعْضُ الْأَوْلَادِ أَحَدَهُمَا وَصَدَّقَ الْبَاقُونَ الْآخَرَ فَكُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ يَكُونُ مَوْلَى لِلَّذِي صَدَّقَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنِّي كُنْتُ عَبْدًا لَهُ وَأَنَّهُ أَعْتَقَنِي وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَنْتَ عَبْدِي كَمَا كُنْتَ وَمَا أَعْتَقْتُكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، فَإِنْ أَرَادَ الْعَبْدُ أَنْ يُحَلِّفَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَنْتَ حُرُّ الْأَصْلِ وَمَا كُنْتَ عَبْدًا لِي قَطُّ وَمَا أَعْتَقْتُكَ، وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ لَا يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ هَاهُنَا فِي الْوَلَاءِ لَا فِي الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى الْعِتْقِ، وَلَا اسْتِحْلَافَ فِي الْوَلَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى وَرَثَةِ حُرٍّ مَيِّتٍ مَاتَ، وَتَرَكَ ابْنَةً وَمَالًا، وَقَالَ: إنِّي كُنْتُ أَعْتَقْتُ الْمَيِّتَ وَلِي نِصْفُ الْمِيرَاثِ مَعَكِ بِسَبَبِ الْوَلَاءِ وَقَالَتْ: إنَّ أَبَاهَا حُرٌّ لَا تُسْتَحْلَفُ عَلَى الْوَلَاءِ وَتُسْتَحْلَفُ عَلَى الْمَالِ بِاَللَّهِ لَمْ تَعْلَمِي لِهَذَا الْمُدَّعِي فِي مِيرَاثِ أَبِيكِ حَقًّا، وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ فِي هَذَا كَوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ لَا يُسْتَحْلَفُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، فَإِنْ عَادَتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا إلَى تَصْدِيقِ الْمُدَّعِي بَعْدَمَا أَنْكَرَتْ دَعْوَاهُ فَهُوَ مَوْلَاهُ، وَلَا يَكُونُ إنْكَارُهَا نَقْضًا لِلْوَلَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ مِنْ الْمَوَالِي عَلَى عَرَبِيٍّ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ وَالْعَرَبِيُّ

كتاب الإكراه وفيه أربعة أبواب

غَائِبٌ ثُمَّ بَدَا لِلْمُدَّعِي فَادَّعَى ذَلِكَ عَلَى آخَرَ، وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ لَا يُسْتَحْلَفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ إنْ قَدِمَ الْغَائِبُ، وَصَدَّقَ الْمُدَّعِيَ فِيمَا ادَّعَاهُ لَا يَثْبُتْ الْوَلَاءُ مِنْ الثَّانِي، وَإِنْ كَذَّبَهُ يَثْبُتْ الْوَلَاءُ مِنْ الثَّانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْإِكْرَاهِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْإِكْرَاه وَأَنْوَاعِهِ وَشُرُوطِهِ وَحُكْمِهِ] (كِتَابُ الْإِكْرَاهِ) (وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ شَرْعًا وَأَنْوَاعِهِ وَشُرُوطِهِ وَحُكْمِهِ وَبَيَانِ بَعْضِ الْمَسَائِلِ) أَمَّا تَفْسِيرُهُ فِي الشَّرْعِ: فَهُوَ اسْمٌ لِفِعْلٍ يَفْعَلُهُ الْمَرْءُ بِغَيْرِهِ فَيَنْتَفِي بِهِ رِضَاهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. (وَأَمَّا) (أَنْوَاعُهُ) فَالْإِكْرَاهُ فِي أَصْلِهِ عَلَى نَوْعَيْنِ إمَّا إنْ كَانَ مُلْجِئًا أَوْ غَيْرَ مُلْجِئٍ فَالْإِكْرَاهُ الْمُلْجِئُ هُوَ الْإِكْرَاهُ بِوَعِيدِ تَلَفِ النَّفْسِ أَوْ بِوَعِيدِ تَلَفِ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ وَالْإِكْرَاهُ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُلْجِئٍ هُوَ الْإِكْرَاهُ بِالْحَبْسِ وَالتَّقْيِيدِ. (وَأَمَّا) (شَرْطُهُ) بِأَنْ يَكُونَ الْإِكْرَاهُ مِنْ السُّلْطَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا إذَا جَاءَ مِنْ غَيْرِ السُّلْطَانِ مَا يَجِيءُ مِنْ السُّلْطَانِ فَهُوَ إكْرَاهٌ صَحِيحٌ شَرْعًا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، فَإِنْ غَابَ الْمُكْرَهُ عَنْ بَصَرِ الْمُكْرِهِ يَزُولُ الْإِكْرَاهُ، وَنَفْسُ الْأَمْرِ مِنْ السُّلْطَانِ مِنْ غَيْرِ تَهْدِيدٍ يَكُونُ إكْرَاهًا، وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ مَا أُمِرَ بِهِ يُفْعَلُ بِهِ مَا يَفْعَلُ السُّلْطَانُ كَانَ أَمْرُهُ إكْرَاهًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي فَتَاوَى آهُو ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ الْإِكْرَاهُ مِنْ غَيْرِ السُّلْطَانِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِالْإِجْمَاعِ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بِالِاسْتِعَانَةِ مِنْ غَيْرِهِ، أَمَّا إذَا تَمَكَّنَ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَتَحَقَّقُ، وَعِنْدَهُمَا يَتَحَقَّقُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيُعْتَبَرُ فِي الْإِكْرَاهِ مَعْنًى فِي الْمُكْرَهِ وَمَعْنًى فِي الْمُكْرِهِ وَمَعْنًى فِيمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ وَمَعْنًى فِيمَا أَكْرَهَ بِهِ، فَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُكْرِهِ تَمَكُّنُهُ مِنْ إيقَاعِ مَا هَدَّدَ بِهِ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا مِنْ ذَلِكَ فَإِكْرَاهُهُ هَذَيَانٌ، وَفِي الْمُكْرَهِ الْمُعْتَبَرُ أَنْ يَصِيرَ خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْ جِهَةِ الْمُكْرِهِ فِي إيقَاعِ مَا هَدَّدَ بِهِ عَاجِلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُلْجَأً مَحْمُولًا طَبْعًا إلَّا بِذَلِكَ، وَفِيمَا أُكْرِهَ بِهِ أَنْ يَكُونَ مُتْلِفًا أَوْ مُزْمِنًا أَوْ مُتْلِفًا عُضْوًا أَوْ مُوجِبًا غَمًّا بِعَدَمِ الرِّضَا، وَفِيمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْمُكْرَهُ مُمْتَنِعًا مِنْهُ قَبْلَ الْإِكْرَاهِ، إمَّا لِحَقِّهِ أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ آخَرَ أَوْ لِحَقِّ الشَّرْعِ، وَبِحَسَبِ اخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. (وَأَمَّا) (حُكْمُهُ) وَهُوَ الرُّخْصَةُ أَوْ الْإِبَاحَةُ أَوْ غَيْرُهُمَا فَيَثْبُتُ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُكْرِهِ كُلَّهَا قَوْلًا مُنْعَقِدَةٌ عِنْدَنَا إلَّا أَنَّ مَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ مِنْهُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ يُفْسَخُ، وَمَا لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ مِنْهُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالنَّذْرِ فَهُوَ لَازِمٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. مَتَى حَصَلَ الْإِكْرَاهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى فِعْلٍ مِنْ الْأَفْعَالِ نُقِلَ الْفِعْلُ مِنْ الْمُكْرَهِ فِيمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الْمُكْرَهُ آلَةً لِلْمُكْرِهِ فَصَارَ كَأَنَّ الْمُكْرِهَ فَعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى قَتْلِ إنْسَانٍ أَوْ إتْلَافِ مَالِهِ، وَمَتَى حَصَلَ الْإِكْرَاهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ إنْ كَانَ قَوْلًا يَسْتَوِي فِيهِ الْجِدُّ وَالْهَزْلُ وَيَتَعَلَّقُ ثُبُوتُهُ بِالْقَوْلِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَحُكْمُهُ أَنْ يُعْتَبَرَ الْمُكْرَهُ آلَةً لِلْمُكْرِهِ فِي حَقِّ الْإِتْلَافِ وَيَنْتَقِلَ الْإِتْلَافُ إلَى الْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ فِي حَقِّ الْإِتْلَافِ يَصْلُحُ آلَةً لِلْمُكْرِهِ، وَفِي حَقِّ التَّلَفُّظِ بِهِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ آلَةً لَهُ فِيهِ يُعْتَبَرُ مَقْصُورًا عَلَى الْمُكْرِهِ، وَإِنْ كَانَ قَوْلًا لَا يَسْتَوِي فِيهِ الْجِدُّ وَالْهَزْلُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِقْرَارِ فَحُكْمُ الْإِكْرَاهِ فَسَادُ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ قَوْلًا يَسْتَوِي فِيهِ الْجِدُّ وَالْهَزْلُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ ثُبُوتُهُ بِاللَّفْظِ فَحُكْمُ الْإِكْرَاهِ فَسَادُهُ حَتَّى لَا تَصِحَّ رِدَّةُ الْمُكْرَهِ، فَالرِّدَّةُ يَسْتَوِي فِيهَا الْجِدُّ وَالْهَزْلُ وَلَا يَتَعَلَّقُ ثُبُوتُهَا بِاللَّفْظِ، حَتَّى أَنَّ مَنْ قَصَدَ أَنْ يَكْفُرَ فَقَبْلَ أَنْ يُقِرَّ بِهِ يَكُونُ كَافِرًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ حَصَلَ الْإِكْرَاهُ بِالْحَبْسِ وَالتَّقْيِيدِ عَلَى فِعْلٍ مِنْ الْأَفْعَالِ فَلَا حُكْمَ لَهُ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ، وَمَتَى حَصَلَ الْإِكْرَاهُ بِالْحَبْسِ وَالتَّقْيِيدِ عَلَى قَوْلٍ إنْ كَانَ قَوْلًا لَا يَسْتَوِي فِيهِ الْجِدُّ وَالْهَزْلُ فَحُكْمُهُ فَسَادُ ذَلِكَ الْقَوْلِ، وَإِنْ كَانَ قَوْلًا يَسْتَوِي فِيهِ الْجِدُّ وَالْهَزْلُ فَلَا حُكْمَ لَهُ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْمُكْرَهَ بَاشَرَ ذَلِكَ الْقَوْلِ بِاخْتِيَارِهِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. فَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ إجَارَةٍ بِقَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ حَبْسٍ مَدِيدٍ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُمْضِيَ

الْبَيْعَ أَوْ يَفْسَخَ، بِخِلَافِ مَا إذَا أُكْرِهَ بِحَبْسِ يَوْمٍ أَوْ قَيْدِ يَوْمٍ أَوْ ضَرْبِ سَوْطٍ إلَّا إذَا كَانَ الرَّجُلُ صَاحِبَ مَنْصِبٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ فَيَكُونُ مُكْرَهًا، وَقَدْرُ مَا يَكُونُ مِنْ الْحَبْسِ إكْرَاهًا مَا يَجِيءُ بِهِ الِاغْتِمَامُ الْبَيِّنُ، وَمِنْ الضَّرْبِ مَا يَجِدُ مِنْهُ الْأَلَمَ الشَّدِيدَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدٌّ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ بَلْ يَكُونُ مُفَوَّضًا إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ إلَّا بِضَرْبٍ شَدِيدٍ وَحَبْسٍ مَدِيدٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَضَرَّرُ بِأَدْنَى شَيْءٍ كَالشُّرَفَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ يَتَضَرَّرُونَ بِضَرْبَةِ سَوْطٍ أَوْ بِعَرْكِ أُذُنِهِ لَا سِيَّمَا فِي مَلَإٍ مِنْ النَّاسِ أَوْ بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ فَيَثْبُتُ فِي حَقِّهِ الْإِكْرَاهُ بِمِثْلِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ فَبَاعَ وَسَلَّمَ فَهُوَ بَيْعُ مُكْرَهٍ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ لَا غَيْرُ فَبَاعَ وَسَلَّمَ طَائِعًا فَهُوَ لَيْسَ بِبَيْعِ مُكْرَهٍ، فَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْبَيْعِ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا عَلَى التَّسْلِيمِ، فَيَكُونُ طَائِعًا فِي التَّسْلِيمِ وَيَكُونُ ذَلِكَ إجَازَةً مِنْهُ لِلْبَيْعِ، وَعَنْ هَذَا قُلْنَا: إنَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا عَلَى الْبَيْعِ وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَ الْمَبِيعِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا عَلَى التَّسْلِيمِ، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا عَلَى الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ، حَتَّى كَانَ الْبَيْعُ بِكُرْهٍ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي مَلَكَهُ مِلْكًا فَاسِدًا وَنَفَذَتْ تَصَرُّفَاتُهُ فِيهِ، وَبَعْدَمَا تَصَرَّفَ لَوْ خَاصَمَهُ الْمُكْرَهُ، فَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ وُقُوعِهِ كَانَ لِلْمُكْرَهِ أَنْ يَنْقُضَ تَصَرُّفَهُ وَيَسْتَرِدَّ الْعَيْنَ حَيْثُ وَجَدَهَا، وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ وُقُوعِهِ كَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا لَا يَكُونُ لِلْمُكْرَهِ نَقْضُهُ وَكَانَ لَهُ حَقُّ تَضْمِينِ الْقِيمَةِ، فَيَكُونُ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُكْرِهَ قِيمَتَهُ يَوْمَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ، فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبَضَ لَا يَوْمَ أَعْتَقَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ أَعْتَقَ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ طَوْعًا كَانَ إجَازَةً؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ طَائِعًا دَلِيلُ الرِّضَا وَهُوَ الشَّرْطُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ دُونَ التَّسْلِيمِ وَسَلَّمَ حَيْثُ لَا يَكُونُ إجَازَةً وَإِنْ سَلَّمَ طَوْعًا، وَإِنْ قَبَضَهُ مُكْرَهًا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِجَازَةٍ وَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ إنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِهِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ بِالْإِكْرَاهِ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ غَيْرُ مُكْرَهٍ وَالْبَائِعُ مُكْرَهٌ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُكْرَهِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُكْرِهَ، فَإِنْ ضَمِنَ الْمُكْرِهُ رَجَعَ الْمُكْرَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي فِيهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرَهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَبَاعَ الْآخَرُ مِنْ آخَرَ حَتَّى تَدَاوَلَتْهُ الْبِيَاعَاتِ نَفَذَ الْكُلُّ بِتَضْمِينِ الْأَوَّلِ، وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُشْتَرِينَ، فَأَيُّهُمْ ضَمَّنَهُ مَلَكَهُ وَجَازَتْ الْبِيَاعَاتِ الَّتِي بَعْدَهُ وَبَطَلَ مَا قَبْلَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَازَ الْمُكْرِهُ أَحَدَ هَذِهِ الْبِيَاعَاتِ حَيْثُ يَجُوزُ الْكُلُّ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ وَيَأْخُذُ هُوَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشَتَّرِي الْأَوَّلِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُكْرَهًا وَالْمُشْتَرِي غَيْرَ مُكْرَهٍ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ: نَقَضْتُ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ نَقْضُهُ، وَإِنْ نَقَضَ قَبْلَ الْقَبْضِ صَحَّ نَقْضُهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُكْرَهًا وَالْبَائِعُ غَيْرَ مُكْرَهٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقُّ الْفَسْخِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يَكُونُ الْفَسْخُ إلَى الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُكْرَهًا دُونَ الْبَائِعِ فَهَلَكَ الْمُشْتَرَى عِنْدَ الْمُشْتَرِي إنْ هَلَكَ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ يَهْلَكُ أَمَانَةً، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ أَكْرَهَ السُّلْطَانُ رَجُلًا عَلَى الشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ وَدَفَعَ الثَّمَنَ وَالْبَائِعُ غَيْرُ مُكْرَهٍ فَلَمَّا اشْتَرَى الْمُكْرَهُ وَقَبَضَهُ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ، أَوْ كَانَتْ أَمَةً فَوَطِئَهَا أَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ كَانَ إجَازَةً لِلشِّرَاءِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى وَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى أَعْتَقَهُ الْبَائِعُ نَفَذَ عِتْقُهُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ نَفَذَ إعْتَاقُهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ أَعْتَقَاهُ مَعًا قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ إعْتَاقُ الْبَائِعِ أَوْلَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أُكْرِهَ الْبَائِعُ وَلَمْ يُكْرَهْ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ حَتَّى أَعْتَقَهُ كَانَ عِتْقُهُ بَاطِلًا، فَإِنْ أَجَازَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ عِتْقِ الْمُشْتَرِي جَازَ الْبَيْعُ لِبَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَحَلًّا لِحُكْمِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ الْعِتْقُ الَّذِي كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ أَعْتَقَا جَمِيعًا الْعَبْدَ جَازَ عِتْقُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ صَادَفَ مِلْكَهُ وَانْتَقَضَ بِهِ الْبَيْعُ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَهُ ثُمَّ أَعْتَقَاهُ جَمِيعًا عَتَقَ الْعَبْدُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَا جَمِيعًا مُكْرَهَيْنِ عَلَى الْعَقْدِ وَالتَّقَابُضِ فَفَعَلَا ذَلِكَ وَقَالَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ: قَدْ أَجَزْتُ الْبَيْعَ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا مِنْ قِبَلِهِ وَبَقِيَ الْآخَرُ عَلَى حَالِهِ، فَإِنْ أَجَازَا جَمِيعًا بِغَيْرِ إكْرَاهٍ جَازَ الْبَيْعُ، وَلَوْ لَمْ

يُجِيزَا حَتَّى أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ جَازَ عِتْقُهُ، فَإِنْ أَجَازَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إجَازَتِهِ لِتَقَرُّرِ ضَمَانِ الْقِيمَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَفَوَاتِ مَحَلِّ الْعَقْدِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضَا فَأَجَازَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْإِكْرَاهِ فِي جَانِبِ صَاحِبِهِ كَانَ لِفَسَادِ الْبَيْعِ، فَإِنْ أَعْتَقَاهُ جَمِيعًا مَعًا وَقَدْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَقْبُوضٍ فَعِتْقُ الْبَائِعِ فِيهِ جَائِزٌ وَعِتْقُ الْمُشْتَرِي بَاطِلٌ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْآخَرُ. فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي أَجَازَ الْبَيْعَ وَقَدْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَهُ فَهَذَا إجَازَةٌ مِنْهُمَا لِلْبَيْعِ وَالثَّمَنُ الْمُسَمَّى لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَالْعِتْقُ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ مِلْكَهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَعْتَقَ أَوَّلًا فَهُوَ بِإِعْتَاقِهِ قَدْ نَقَضَ الْبَيْعَ وَنَفَذَ الْعِتْقُ مِنْ قِبَلِهِ فَلَا تَعْمَلُ فِيهِ إجَازَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَجَازَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُجِزْهُ الْبَائِعُ فَعِتْقُ الْبَائِعِ جَائِزٌ فِيهِ، وَقَدْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ بِهِ إنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْمُشْتَرِي أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ بَعْدَ إجَازَةِ الْمُشْتَرِي فَإِعْتَاقُ الْبَائِعِ صَادَفَ مِلْكَهُ فَيَنْفُذُ وَيُنْتَقَضُ بِهِ الْبَيْعُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِ جَارِيَتِهِ وَلَمْ يُسَمِّ أَحَدًا فَبَاعَهَا مِنْ إنْسَانٍ كَانَ فَاسِدًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَخَذَهُ بِمَالٍ يُؤَدِّيهِ فَأَكْرَهَهُ عَلَى أَدَائِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ جَارِيَتَهُ بِشَيْءٍ فَبَاعَ جَارِيَتَهُ لِيُؤَدِّيَ الْمَالَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ طَائِعٌ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الْمَالِ يَتَحَقَّقُ بِطَرِيقِ الِاسْتِقْرَاضِ وَالِاسْتِيهَابِ مِنْ غَيْرِ بَيْعِ الْجَارِيَةِ، وَهَذَا هُوَ عَادَةُ الظَّلَمَةِ إذَا أَرَادُوا أَنْ يُصَادِرُوا رَجُلًا تَحَكَّمُوا عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَلَا يَذْكُرُونَ لَهُ بَيْعَ شَيْءٍ مِنْ مِلْكِهِ حَتَّى إذًا بَاعَهُ يَنْفُذُ بَيْعُهُ عَلَيْهِ، فَالْحِيلَةُ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: مِنْ أَيْنَ أُؤَدِّي هَذَا الْمَالَ وَلَا مَالَ لِي فَإِذَا قَالَ لَهُ الظَّالِمُ: بِعْ جَارِيَتَكَ فَالْآنَ يَصِيرُ مُكْرَهًا عَلَى بَيْعِهَا فَلَا يَنْفُذُ بَيْعُهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ جَارِيَةٍ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهَا بِأَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ، أَوْ أُكْرِهَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ عَلَى بَيْعِهَا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهَا عَشَرَةُ آلَافٍ فَبَاعَهَا بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِ جَارِيَةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهَا بِدَنَانِيرَ قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَسَدَ الْبَيْعُ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهَا بِعَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ بِمِائَةِ دِينَارٍ قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ نَفَذَ الْبَيْعُ وَالْإِقْرَارُ فِي قَوْلِهِمْ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ جَازَ بَيْعُ الْكُلِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ فَوَهَبَ كَانَ جَائِزًا، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَلْفٍ فَوَهَبَهَا لَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ حَتَّى اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَى دَفْعِهِ الثَّمَنَ وَقَبَضَ الْعَبْدَ، وَقَدْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَلَفَ بِعِتْقِ كُلِّ عَبْدٍ يَمْلِكُهُ فِيمَا اسْتَقْبَلَ أَوْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ بِعَيْنِهِ فَقَدْ عَتَقَ الْعَبْدُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى شِرَاءِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ وَعَلَى قَبْضِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَاشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَزِمَ قِيمَتُهُ وَيَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَكَذَا لَوْ أَكْرَهَهُ بِشِرَاءِ أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْهُ بِالنِّكَاحِ وَبِقَبْضِهَا أَوْ بِشِرَاءِ أَمَةٍ قَدْ جَعَلَهَا مُدَبَّرَةً إنْ مَلَكَهَا وَقَبَضَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. السُّلْطَانُ إذَا أَكْرَهَ رَجُلًا بِوَعِيدِ تَلَفٍ أَوْ حَبْسٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَ مَتَاعَهُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَعْنِي مَتَاعَ السُّلْطَانِ وَالْمُشْتَرِي غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَى الشِّرَاءِ فَبَاعَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَالْعُهْدَةُ عَلَى السُّلْطَانِ لَا عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ طَلَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَتْ الْعُهْدَةُ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَتَاعَ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ وَالْمَتَاعُ كُلُّهُ لِلسُّلْطَانِ وَلَا عُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي، حَتَّى لَا يُطَالَبَ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ، فَإِنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ رَجَعَتْ الْعُهْدَةُ إلَيْهِ وَطُولِبَ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَهَبَ نِصْفَ دَارِهِ غَيْرَ مَقْسُومٍ أَوْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَقْسُومًا وَلَا غَيْرَهُ وَأُكْرِهَ عَلَى التَّسْلِيمِ فَوَهَبَ الدَّارَ كُلَّهَا وَسَلَّمَهَا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِ نِصْفِ دَارِهِ مَقْسُومًا فَبَاعَ الْكُلَّ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ بَيْعًا فَاسِدًا فَبَاعَهُ بَيْعًا جَائِزًا جَازَ الْبَيْعُ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ بَيْعًا جَائِزًا وَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ فَبَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَدَفَعَهُ إلَيْهِ

الباب الثاني فيما يحل للمكره أن يفعل وما لا يحل

فَهَلَكَ عِنْدَهُ لِلْبَائِعِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُكْرَهَ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِيَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ فَبَاعَ جَائِزًا جَازَ وَبِالْعَكْسِ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُكْرَهُ قِيمَتَهُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَأَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى هِبَةِ نِصْفِ دَارِهِ مَقْسُومًا أَوْ عَلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهِ فَوَهَبَ الْكُلَّ أَوْ بَاعَ الْكُلَّ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى هِبَةِ الدَّارِ لِرَجُلٍ فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّصَدُّقِ فَوَهَبَهَا لَهُ وَهُوَ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ غَيْرُ الصَّدَقَةِ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَوَهَبَهُ عَلَى عِوَضٍ وَتَقَابَضَا كَانَ جَائِزًا، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى هِبَةٍ عَلَى عِوَضٍ فَبَاعَهُ وَتَقَابَضَا كَانَ بَاطِلًا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَالتَّقَابُضِ فَوَهَبَهُ عَلَى عِوَضٍ وَتَقَابَضَا، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَفَعَلَ فَعَوَّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ فَقَبِلَهُ كَانَ هَذَا إجَازَةً، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْهِبَةِ فَنَحَلَهَا أَوْ أَعْمَرَهَا كَانَ بَاطِلًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَوْ أَجْنَبِيًّا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى هِبَةِ جَارِيَتِهِ لِعَبْدِ اللَّهِ فَوَهَبَهَا لِعَبْدِ اللَّهِ وَزَيْدٍ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي حِصَّةِ زَيْدٍ وَبَطَلَتْ فِي حِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ مَكَانَهَا أَلْفٌ فَالْهِبَةُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ فِي قَوْلِهِمْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. . وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يَهَبَ لَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِدَفْعِهِ فَوَهَبَهُ وَدَفَعَهُ فَقَالَ: قَدْ وَهَبْتُ لَكَ فَخُذْهُ فَأَخَذَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ لِلْمُكْرِهِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُكْرَهُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَابِضَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَحِلُّ لِلْمُكْرَهِ أَنْ يَفْعَلَ وَمَا لَا يَحِلُّ] وَمَسَائِلُ هَذَا الْبَابِ عَلَى أَقْسَامٍ أَرْبَعَةٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الْإِقْدَامُ عَلَى الْفِعْلِ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ وَبِالتَّرْكِ يَصِيرُ آثِمًا. وَالثَّانِي مَا يَكُونُ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ مَأْجُورًا بِالْإِقْدَامِ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ آثِمًا، وَالتَّرْكُ أَوْلَى لَهُ. وَالثَّالِثُ مَا يَكُونُ مَأْجُورًا بِتَرْكِ الْفِعْلِ وَبِالْإِقْدَامِ عَلَيْهِ يَصِيرُ آثِمًا. وَالرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ الْإِقْدَامُ عَلَى الْفِعْلِ وَالِامْتِنَاعُ عَنْ الْفِعْلِ عَلَى السَّوَاءِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. السُّلْطَانُ إذَا أَخَذَ رَجُلًا وَقَالَ: لَأَقْتُلَنَّكَ أَوْ لَتَشْرَبَنَّ هَذَا الْخَمْرَ أَوْ لَتَأْكُلَنَّ هَذِهِ الْمَيِّتَةَ أَوْ لَتَأْكُلَنَّ لَحْمَ هَذَا الْخِنْزِيرِ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ تَنَاوُلِهِ، بَلْ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ التَّنَاوُلُ إذَا كَانَ فِي غَالِبِ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَنَاوَلْ يُقْتَلُ، فَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ حَتَّى قُتِلَ كَانَ آثِمًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ آثِمٌ مَأْخُوذٌ بِدَمِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِالْإِبَاحَةِ حَالَةَ الضَّرُورَةِ فَلَمْ يَتَنَاوَلْ حَتَّى قُتِلَ يُرْجَى أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْإِبَاحَةِ كَانَ مَأْخُوذًا كَذَا قَالَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي غَالِبِ رَأْيِهِ أَنَّهُ يُمَازِحُهُ بِذَلِكَ وَيُهَدِّدُهُ وَلَا يَقْتُلُهُ لَوْ لَمْ يَتَنَاوَلْ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّنَاوُلُ وَيُحَكِّمُ رَأْيَهُ فِي هَذَا، وَكَذَا لَوْ أَوْعَدَهُ بِتَلَفِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ بِأَنْ قَالَ: لَأَقْطَعَنَّ يَدَكَ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْعَدَهُ بِضَرْبِ مِائَةِ سَوْطٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَخَافُ مِنْ ذَلِكَ تَلَفَ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، وَلَمْ يُقَدِّرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ذَلِكَ مِقْدَارًا بَلْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَى رَأْيِ الْمُكْرَهِ عَلَى الضَّرْبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ: فَإِنْ هَدَّدَهُ بِضَرْبِ سَوْطٍ أَوْ سَوْطَيْنِ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّنَاوُلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ: لَأَضْرِبَنَّكَ عَلَى عَيْنِكَ أَوْ عَلَى الْمَذَاكِيرِ، وَإِنْ هَدَّدَهُ بِالْحَبْسِ الْمُؤَبَّدِ أَوْ بِالْقَيْدِ الْمُؤَبَّدِ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّنَاوُلُ إذَا كَانَ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ. مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُتَنَعِّمًا ذَا مُرُوءَةٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِحَيْثُ يَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَتَنَاوَلْ يَمُوتُ بِسَبَبِ الْحَبْسِ أَوْ الْقَيْدِ أَوْ يَذْهَبُ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهِ يُبَاحُ لَهُ التَّنَاوُلُ، وَكَذَا لَوْ هَدَّدَهُ بِالْحَبْسِ فِي مَكَانٍ مُظْلِمٍ يَخَافُ مِنْهُ ذَهَابَ الْبَصَرِ لِطُولِ مَقَامِهِ فِيهِ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ التَّنَاوُلُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِأَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا أَجَابَ هَكَذَا بِنَاءً عَلَى مَا كَانَ مِنْ الْحَبْسِ فِي زَمَانِهِ، فَأَمَّا الْحَبْسُ الَّذِي أَحْدَثُوهُ الْيَوْمَ فِي زَمَانِنَا، فَإِنَّهُ يُبِيحُ التَّنَاوُلَ، وَإِنْ قَالَ: لَأُجِيعَنَّكَ أَوْ لَتَفْعَلَنَّ بَعْضَ مَا ذَكَرْنَا لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، حَتَّى يَجِيءَ مِنْ الْجُوعِ مَا يَخَافُ مِنْهُ التَّلَفَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ سَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ رُخِّصَ لَهُ إظْهَارُ كَلِمَةِ الْكُفْرِ وَالسَّبِّ، فَإِنْ أَظْهَرَ ذَلِكَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ فَلَا يَأْثَمُ، وَإِنْ صَبَرَ حَتَّى قُتِلَ كَانَ مُثَابًا، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ وَالسَّبِّ بِقَيْدٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إكْرَاهًا

حَتَّى يُكْرَهُ بِأَمْرٍ يَخَافُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى إتْلَافِ مَالِ مُسْلِمٍ بِأَمْرٍ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ رُخِّصَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ صَبَرَ حَتَّى قُتِلَ صَارَ مُثَابًا شَهِيدًا. وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ أَوْ الْقَيْدِ لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ وَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُكْرَهَ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَالَ هَذَا الرَّجُلِ أَوْ مَالَ هَذَا الرَّجُلِ الْآخَرِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَ مَالَ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ أَيُّ الْمَالَيْنِ أَوْلَى بِالْأَخْذِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ. الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ صَاحِبَا الْمَالَيْنِ فِي الْغِنَى عَلَى السَّوَاءِ وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ الْمَالَانِ فِي الْمِقْدَارِ عَلَى السَّوَاءِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَيُتْلِفَ مَالَ أَيِّهِمَا شَاءَ وَضَمَانُ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَيُتْلِفَ الْأَقَلَّ وَضَمَانُ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ، وَإِنْ أَتْلَفَ الْأَكْثَرَ ضَمِنَهُ وَلَا رُجُوعَ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْمَالَيْنِ أَغْنَى مِنْ الْآخَرِ، وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا: إنْ كَانَ الْمَالَانِ فِي الْمِقْدَارِ عَلَى السَّوَاءِ يُتْلِفُ مَالَ أَكْثَرِهِمَا غِنًى، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ يُتْلِفُ مَالَ أَكْثَرِهِمَا غِنًى. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَا فَقِيرَيْنِ وَهُمَا فِي الْفَقْرِ عَلَى السَّوَاءِ، فَإِنْ كَانَ الْمَالَانِ فِي الْمِقْدَارِ عَلَى السَّوَاءِ يَتَخَيَّرُ فِي الْأَخْذِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقَلَّ يَأْخُذُ الْأَقَلَّ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَفْقَرَ مِنْ الْآخَرِ لَا يَأْخُذُ مَالَ الْأَفْقَرِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مَالَ صَاحِبِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ لِصًّا أَكْرَهَ رَجُلًا بِوَعِيدِ تَلَفٍ حَتَّى أَعْطَى رَجُلًا مَالَهُ وَأَكْرَهَ الْآخَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ حَتَّى قَبَضَهُ مِنْهُ وَدَفَعَهُ فَهَلَكَ الْمَالُ عِنْدَهُ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُمَا دُونَ الْقَابِضِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَكْرَهَ الْقَابِضَ عَلَى قَبْضِهِ لِيَدْفَعَهُ إلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ فَقَبَضَهُ وَضَاعَ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْقَابِضِ إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ مَا أَخَذَهُ لِيَدْفَعَهُ إلَيْهِ طَائِعًا، وَمَا أَخَذَهُ إلَّا لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُكْرَهَ عَلَى دَفْعِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَكْرَهَ صَاحِبَ الْمَالِ عَلَى أَنْ يَهَبَهُ لِصَاحِبِهِ وَأَكْرَهَ الْآخَرَ عَلَى أَنْ يَقْبَلَهَا مِنْهُ وَيَقْبِضَهَا بِوَعِيدِ تَلَفٍ، فَإِنْ قَالَ الْقَابِضُ: قَبَضْتُهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ فِي يَدِي مِثْلَ الْوَدِيعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ قَالَ: أَخَذْتُهَا عَلَى الْهِبَةِ لِيُسَلِّمَ لِي كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَهُ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُكْرِهَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُكْرِهَ رَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَنَّ لِصًّا أَكْرَهَ رَجُلًا بِالْحَبْسِ عَلَى أَنْ يُودِعَ مَالَهُ عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ فَأَوْدَعَهُ فَهَلَكَ عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ وَهُوَ غَيْرُ مُكْرَهٍ لَمْ يَضْمَنْ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَا الْمُكْرَهُ شَيْئًا، فَإِنْ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُسْتَوْدَعَ، وَإِنْ شَاءَ الْمُكْرِهَ، وَأَيَّهُمَا ضَمَّنَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْوَدِيعَةِ. وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى بَيْعِ عَبْدِهِ وَأَكْرَهَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى شِرَائِهِ وَأَكْرَهَهُمَا عَلَى التَّقَابُضِ فَهَلَكَ الثَّمَنُ وَالْعَبْدُ ثُمَّ اخْتَصَمُوا فَضَمَانُ الْعَبْدِ لِلْبَائِعِ وَضَمَانُ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُلْجَأٌ عَلَى دَفْعِ مَالِهِ إلَى الْآخَرِ مِنْ جِهَتِهِ، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُضَمِّنَ صَاحِبَهُ سُئِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمَّا قَبَضَهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ قَبَضَهُ، فَإِنْ قَالَ: قَبَضْتُهُ عَلَى الْبَيْعِ الَّذِي أُكْرِهْنَا عَلَيْهِ لِيَكُونَ لِي وَقَالَا ذَلِكَ جَمِيعًا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ فِيهِ، وَإِنْ قَالَ: قَبَضْتُهُ مُكْرَهًا لِأَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَآخُذَ مِنْهُ مَا أَعْطَيْتُ وَحَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ضَمَانٌ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ أَنْ يَحْلِفَ لَمْ يَضْمَنْ الَّذِي حَلَفَ وَيَضْمَنُ الَّذِي لَمْ يَحْلِفْ مَا قَبَضَ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَبَى الْيَمِينَ هُوَ الَّذِي قَبَضَ الْعَبْدَ ضَمَّنَ الْبَائِعُ قِيمَةَ الْعَبْدِ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ ضَمَّنَهَا الْمُكْرِهَ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ ضَمَّنَهَا الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا عَلَى الْمُكْرِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَلَفَ وَأَبَى الْبَائِعُ الْيَمِينَ فَلَا ضَمَانَ فِي الْعَبْدِ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ، وَأَمَّا الثَّمَنُ فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي ضَمَّنَهُ الْمُكْرِهَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْبَائِعَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْبَائِعَ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَإِنْ ضَمَّنَهُ الْمُكْرِهَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ وَأَخْذِهِ. وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ غَيْرِهِ بِقَتْلٍ لَمْ يُرَخَّصْ وَلَمْ يَسَعْهُ أَنْ يُقْدِمَ عَلَيْهِ وَيَصْبِرَ حَتَّى يُقْتَلَ، فَإِنْ قَتَلَهُ كَانَ آثِمًا وَالْقِصَاصُ عَلَى الْمُكْرَهِ إنْ كَانَ عَمْدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ مُخْتَلِطَ الْعَقْلِ أَوْ صَبِيًّا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُكْرِهِ الْآمِرِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ

شَرْحِ الْهِدَايَةِ. إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ بِوَعِيدِ قَيْدٍ أَوْ حَبْسٍ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ فَفَعَلَ لَا يَصِحُّ الْإِكْرَاهُ وَعَلَى الْقَاتِلِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِهِمْ، كَذَا فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا أَكْرَهَ السُّلْطَانُ رَجُلًا بِالْقَتْلِ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ يَدَ نَفْسِهِ وَسِعَهُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ إنْ شَاءَ، فَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ خَاصَمَ الْمُكْرِهَ فِي ذَلِكَ فَعَلَى الْمُكْرِهِ الْقَوَدُ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِالْقَتْلِ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ لَا يَسَعْهُ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ، وَلَوْ قَتَلَ نَفْسَهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَلَوْ قَالَ السُّلْطَانُ لِرَجُلٍ أَلْقِ نَفْسَكَ فِي هَذِهِ النَّارِ وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ يَنْظُرُ إنْ كَانَتْ النَّارُ قَدْ يَنْجُو مِنْهَا وَقَدْ لَا يَنْجُو وَسِعَهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فِيهَا، فَإِنْ أَلْقَى وَمَاتَ كَانَ عَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانَتْ النَّارُ بِحَيْثُ لَا يَنْجُو مِنْهَا لَكِنْ لَهُ فِي إلْقَاءِ النَّفْسِ قَلِيلُ رَاحَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فِيهَا، فَقِيلَ: إنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ أَلْقَى نَفْسَهُ فِيهَا فَهَلَكَ كَانَ عَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْآمِرِ وَلَا قِصَاصَ وَلَا يُغَسَّلُ هَذَا الْمَيِّتُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي إلْقَاءِ النَّفْسِ قَلِيلُ رَاحَةٍ وَلَا يَنْجُو مِنْهَا لَا يَسَعُهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ، فَإِنْ أَلْقَى نَفْسَهُ فِيهَا فَهَلَكَ يُهْدَرُ دَمُهُ فِي قَوْلِهِمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ السُّلْطَانُ لِرَجُلٍ: أَلْقِ نَفْسَكَ فِي هَذَا الْمَاءِ وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْجُو لَا يَسَعْهُ أَنْ يَفْعَلَ، فَإِنْ فَعَلَ يُهْدَرُ دَمُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَدْنَى رَاحَةٍ يَسَعُهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا لَا يَسَعُهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَهَلَكَ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ الْآمِرُ بِنَفْسِهِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: دِيَتُهُ عَلَى الْآمِرِ فِي مَالِهِ وَلَا قِصَاصَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةٍ مِثْلُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لَهُ: لَتَقْطَعَنَّ يَدَكَ أَوْ لَأَقْطَعَنَّهَا أَنَا لَا يَسَعُهُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَ نَفْسِهِ، وَلَوْ قَطَعَ هُدِرَتْ يَدُهُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: لَتَقْتُلَنَّ نَفْسَكَ بِالسَّيْفِ أَوْ لَأَقْتُلَنَّكَ بِالسِّيَاطِ أَوْ ذَكَرَ لَهُ نَوْعًا مِنْ الْقَتْلِ هُوَ أَشَدُّ مِمَّا أَمَرَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ وَسِعَهُ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ بِالسَّيْفِ، وَإِذَا قَتَلَ نَفْسَهُ بِالسَّيْفِ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُكْرِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ السُّلْطَانُ لِرَجُلٍ: لَتُلْقِيَنَّ نَفْسَكَ مِنْ شَاهِقِ الْجَبَلِ وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْإِلْقَاءِ أَدْنَى رَاحَةٍ لَا يَسَعُهُ الْإِلْقَاءُ، فَإِنْ أَلْقَى فَهَلَكَ هُدِرَ دَمُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ أَدْنَى رَاحَةٍ يَسَعُهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ أَلْقَى نَفْسَهُ فَهَلَكَ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ، وَفِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَهَلَكَ كَانَ عَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ وَهِيَ فَرْعُ مَسْأَلَةِ الْقَتْلِ بِالْمُثْقِلِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَلِكَ لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ، وَعِنْدَهُمَا يُوجِبُ، وَفِعْلُ الْمَأْمُورِ كَفِعْلِ الْآمِرِ، وَلَوْ أَلْقَاهُ الْآمِرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ، وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةٍ عَلَى الْآمِرِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكَ وَيَرْجُو النَّجَاةَ وَأَلْقَى نَفْسَهُ فَهَلَكَ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ فِي قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ كَقَاتِلِ الْخَطَأِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ السُّلْطَانُ لِرَجُلٍ اقْطَعْ يَدَ فُلَانٍ وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ وَسِعَهُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَ فُلَانٍ، وَإِذَا قَطَعَ كَانَ الْقِصَاصُ عَلَى الْآمِرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ لَيَكْفُرَنَّ بِاَللَّهِ أَوْ لَيَقْتُلَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ كَانَ فِي سَعَةٍ أَنْ يَكْفُرَ بِاَللَّهِ إذَا كَانَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ وَلَا يَسَعُهُ الْقَتْلُ، وَإِنْ صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ كَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَ أَجْرًا، وَإِنْ أَبَى الْكُفْرَ وَقَتَلَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنْ لَا يُقْتَلَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا أَنَّ الْكُفْرَ يَسَعُهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْكُفْرَ يَسَعُهُ وَمَعَ هَذَا قَتَلَ ذَلِكَ الرَّجُلَ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْأَصْلِ، وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ الْقَوَدُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قِيلَ لَهُ: لَيَأْكُلَنَّ هَذِهِ الْمَيْتَةَ أَوْ يَقْتُلَ هَذَا الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ وَلَا يَقْتُلَ الرَّجُلَ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهَا حَتَّى قُتِلَ فَهُوَ آثِمٌ إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنْ أَكْلَ الْمَيْتَةِ يُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ الْمَيْتَةَ وَقَتَلَ الْمُسْلِمَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَسْأَلَةِ الْمَيْتَةِ لِإِيجَابِ الْقَوَدِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَسَعُهُ

أَكْلُ الْمَيْتَةِ، وَعَامَّةُ مَشَايِخِنَا قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الْمَيْتَةِ: يَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى الْمُكْرَهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلِمَ أَنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ يَسَعُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ مُسْلِمًا أَوْ يَزْنِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ أَحَدَهُمَا؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ وَالزِّنَا لَا يُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، فَإِنْ زَنَى حُدَّ قِيَاسًا وَلَا يُحَدُّ اسْتِحْسَانًا وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا، وَإِنْ قَتَلَ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ الْآمِرُ، وَلَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِحَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ أَوْ حَلْقِ لِحْيَةٍ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا، فَإِنْ قَتَلَ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ قِصَاصًا وَلَا يُقْتَلُ الْآمِرُ لِعَدَمِ الْإِكْرَاهِ بَلْ يُعَزَّرُ. وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ فُلَانًا الْمُسْلِمَ أَوْ يُتْلِفَ مَالَ الْغَيْرِ كَانَ لَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَ مَالَ الْغَيْرِ وَلَا يُتْلِفَهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ مَالِ الْغَيْرِ مُرَخَّصٌ وَلَيْسَ بِمُبَاحٍ، فَإِنْ قَتَلَ ذَلِكَ الْمُسْلِمَ وَلَمْ يُتْلِفْ مَالَ الْغَيْرِ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ مَالِ الْغَيْرِ مُرَخَّصٌ وَقَتْلَ الْمُسْلِمِ لَيْسَ بِمُرَخَّصٍ، وَإِنْ أَتْلَفَ مَالَ الْغَيْرِ يَضْمَنُ الْآمِرُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ أَبَى عَنْهُمَا حَتَّى قُتِلَ فَهُوَ أَفْضَلُ. وَلَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ قَتْلٍ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَهُ هَذَا أَوْ يُتْلِفَ مَالَهُ هَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ وَاحِدًا مِنْهُمَا حَتَّى قُتِلَ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ مَالَهُ وَلَمْ يَقْتُلْ عَبْدَهُ فَهُوَ أَحْسَنُ، وَكَانَ ضَمَانُ الْمَالِ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدَ وَلَمْ يَسْتَهْلِكْ الْمَالَ فَهُوَ آثِمٌ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ قَوَدٌ وَلَا ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ هَذَا قَتْلُ طَائِعٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَخَلَّصُ بِاسْتِهْلَاكِ الْمَالِ وَهُوَ مُبَاحٌ لَهُ شَرْعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ قَتْلٍ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ هَذَيْنِ وَأَحَدُهُمَا أَقَلُّ قِيمَةً مِنْ الْآخَرِ فَقَتَلَ أَحَدَهُمَا عَمْدًا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْمُكْرِهَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ عَمْدًا كَانَ الْقَوَدُ عَلَى الْمُكْرِهِ الْآمِرِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَضْرِبَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ مِائَةَ سَوْطٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ بِأَحَدِهِمَا فَمَاتَ مِنْهُ غَرِمَ الْمُكْرِهُ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ أَقَلَّهُمَا قِيمَةً، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَسْتَهْلِكَ الْمَالَ أَوْ يَضْرِبَ الْعَبْدَ مِائَةَ سَوْطٍ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِهْلَاكِ الْمَالِ، وَضَمَانُهُ عَلَى الْمُكْرِهِ الْآمِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ وَالْمَالُ لِلْمُكْرَهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ ضَرَبَ عَبْدَهُ فَمَاتَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُكْرِهِ الْآمِرِ ضَمَانٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. . وَلَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ قَتْلٍ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَهُ هَذَا أَوْ يَقْتُلَ الْعَبْدَ الَّذِي أَكْرَهَهُ أَوْ يَقْتُلَ ابْنَهُ، أَوْ قَالَ: اُقْتُلْ عَبْدَكَ هَذَا الْآخَرَ أَوْ اُقْتُلْ أَبَاكَ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَهُ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِهِ، فَإِنْ قَتَلَ عَبْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرِهِ سِوَى الْأَدَبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَسْتَهْلِكَ مَالَ هَذَا الرَّجُلِ أَوْ يَقْتُلَ الرَّجُلُ أَبَاهُ فَاسْتَهْلَكَهُ ضَمِنَهُ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمُكْرَهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَأْثَمْ فِي هَذَا الِاسْتِهْلَاكِ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْ الْمَالَ حَتَّى قَتَلَ الرَّجُلُ أَبَاهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إثْمٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا فَلَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ اسْتِهْلَاكَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قِيلَ لَهُ لَتَشْرَبَنَّ هَذَا الْخَمْرَ أَوْ لَتَأْكُلَنَّ هَذِهِ الْمَيْتَةَ أَوْ لَتَقْتُلَنَّ ابْنَكَ هَذَا أَوْ أَبَاكَ لَمْ يَسَعْهُ شُرْبُ الْخَمْرِ وَلَا أَكْلُ الْمَيْتَةِ لِانْعِدَامِ الضَّرُورَةِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ لَتَقْتُلَنَّ ابْنَكَ أَوْ أَبَاكَ أَوْ لَتَبِيعَنَّ عَبْدَكَ هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ قِيَاسًا وَلَكِنْ اُسْتُحْسِنَ فَقَالَ: الْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَكَذَا التَّهْدِيدُ بِقَتْلِ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَلَوْ قَالَ لَتَحْبِسَنَّ أَبَاكَ فِي السِّجْنِ أَوْ لَتَبِيعَنَّ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ عَبْدَكَ هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ قِيَاسًا، وَكَذَا فِي كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ ذَلِكَ كُلُّهُ إكْرَاهٌ وَلَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أُكْرِهَ بِقَتْلٍ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَهُ أَوْ يَقْطَعَ يَدَهُ لَمْ يَسَعْهُ، فَإِنْ فَعَلَ يَأْثَمْ وَيُقْتَلُ الْمُكْرَهُ فِي الْقَتْلِ، وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ فِي الْقَطْعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ يَدَ رَجُلٍ بِحَدِيدَةٍ فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ قَطَعَ رِجْلَهُ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ فَمَاتَ الْمَقْطُوعُ مِنْ ذَلِكَ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاطِعِ وَالْمُكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلَيْنِ أَحَدُهُمَا انْتَقَلَ إلَى الْمُكْرِهِ وَالْآخَرُ اقْتَصَرَ عَلَى الْقَاطِعِ فَصَارَ قَاتِلَيْنِ لَهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ فِي مَالِهِمَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يُرِيقَ جَرَّةَ السَّمْنِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُكْرِهِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. فِي التَّجْرِيدِ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَطْعِ يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: قَدْ أَذِنْتُ لَكَ فِي الْقَطْعِ فَاقْطَعْ، وَالْآذِنُ غَيْرُ مُكْرَهٍ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْطَعَ، وَإِنْ قَطَعَ فَهُوَ آثِمٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْقَاطِعِ وَلَا عَلَى الَّذِي أُكْرِهَ، وَإِذَا وَقَعَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْقَتْلِ فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَتَلَهُ فَهُوَ آثِمٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالدِّيَةُ فِي مَالِ الْآمِرِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا بَعَثَ الْخَلِيفَةُ

عَامِلًا عَلَى كُورَةٍ فَقَالَ لِرَجُلٍ لَتَقْتُلَنَّ هَذَا الرَّجُلَ بِالسَّيْفِ وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ لَا يَنْبَغِي لِلْمُكْرَهِ الْمَأْمُورِ أَنْ يَقْتُلَ وَلَكِنْ مَعَ هَذَا إذَا قَتَلَ فَالْقَوَدُ عَلَى الْآمِرِ الْمُكْرِهِ، وَالْمُكْرَهُ الْمَأْمُورُ بِالْقَتْلِ يَأْثَمُ وَيَفْسُقُ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَيُبَاحُ قَتْلُهُ، وَالْمُكْرِهُ الْآمِرُ يُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ دُونَ الْمُكْرَهِ الْمَأْمُورِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ لَهُ الْعَامِلُ: لَتَقْطَعَنَّ يَدَهُ أَوْ لَأَقْتُلَنَّكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ بِقَطْعِ أُصْبُعٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَإِنْ رَأَى الْخَلِيفَةُ أَنْ يُعَزِّرَ الْمُكْرَهَ الْمَأْمُورَ وَيَحْبِسَهُ فَعَلَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ أَمَرَهُ الْعَامِلُ أَنْ يَضْرِبَ سَوْطًا وَاحِدًا أَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ أَوْ أَنْ يُقَيِّدَهُ وَهَدَّدَهُ عَلَى ذَلِكَ بِالْقَتْلِ رَجَوْتُ أَنْ لَا يَكُونَ آثِمًا فِي فِعْلِهِ وَلَا فِي تَرْكِهِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ بِالرَّجَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ نَصًّا، وَالْفَتْوَى بِالرُّخْصَةِ فِيمَا هُوَ مِنْ مَظَالِمِ الْعِبَادِ بِالرَّأْيِ لَا تَجُوزُ فَلِهَذَا عَلَّقَهُ بِالرَّجَاءِ، وَإِنْ كَانَ هَدَّدَهُ عَلَى ذَلِكَ بِضَرْبِ سَوْطٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ أَوْ حَلْقِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يُقْدِمَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الظُّلْمِ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ حَتَّى يَفْتَرِيَ عَلَى مُسْلِمٍ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ مِنْهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَالَ فُلَانٍ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَخْذِهِ وَدَفْعِهِ إلَيْهِ وَالضَّمَانُ فِيهِ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنَّمَا يَسَعُهُ هَذَا مَا دَامَ حَاضِرًا عِنْدَ الْآمِرِ، فَإِنْ كَانَ أَرْسَلَهُ لِيَفْعَلَ فَخَافَ أَنْ يَقْتُلَهُ إنْ ظَفِرَ بِهِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ أَوْ يَفْعَلُ مَا هَدَّدَهُ بِهِ لَمْ يَحِلَّ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ الْآمِرِ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى قَتَلَهُ كَانَ فِي سَعَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ كَانَ الْمُكْرِهُ هَدَّدَهُ بِالْحَبْسِ أَوْ الْقَيْدِ لَنْ يَسَعَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ فَأَعْتَقَ أَوْ طَلَّقَ وَقَعَ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْمُكْرِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا ضَمِنَ. وَكَذَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَانَ الْمَهْرُ مُسَمًّى فِي الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى فِيهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْمُتْعَةِ، وَلَوْ قَالَ الْمُكْرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ: خَطَرَ بِبَالِي الْإِخْبَارُ بِالْحُرِّيَّةِ فِيمَا مَضَى كَاذِبًا، وَقَدْ أَرَدْتُ ذَلِكَ يَعْتِقُ الْعَبْدُ فِي الْقَضَاءِ وَلَا يُصَدَّقُ وَلَا يَعْتِقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَضْمَنُ الْمُكْرَهُ لَهُ شَيْئًا، وَلَوْ قَالَ: خَطَرَ بِبَالِي ذَلِكَ وَلَمْ أُرِدْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ بِهِ الْإِنْشَاءَ فِي الْحَالِ أَوْ لَمْ أُرِدْ بِهِ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِي شَيْءٌ عَتَقَ قَضَاءً وَدِيَانَةً، وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَعَلَى هَذِهِ التَّفَاصِيلِ الطَّلَاقُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إنْ قَالَ الْمُكْرَهُ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ: قَدْ خَطَرَ بِبَالِكَ الْإِخْبَارُ عَنْ الْعِتْقِ فِيمَا مَضَى كَاذِبًا، وَقَدْ أَرَدْتُ ذَلِكَ لَا عِتْقًا مُسْتَقْبَلًا فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تُضَمِّنَنِي، وَقَالَ الْمُكْرِهُ: لَا بَلْ أَرَدْت بِهِ عِتْقًا مُسْتَقْبَلًا وَلِي أَنْ أُضَمِّنَكَ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْعَبْدِ، وَلِلْمُكْرِهِ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ عَلَى مَا ادَّعَى، وَإِنْ اتَّهَمَ الْمُكْرَهُ الزَّوْجَ وَقَالَ: قَدْ أَرَدْتُ الْإِخْبَارَ بِالْكَذِبِ عَنْ الْمَاضِي لَا إنْشَاءَ الطَّلَاقِ، وَقَالَ الزَّوْجُ: لَا بَلْ أَرَدْتُ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أُكْرِهَ لِيَجْعَلَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ أَوْ عِتْقَ عَبْدِهِ بِيَدِ امْرَأَتِهِ أَوْ بِيَدِ عَبْدِهِ أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَطَلَّقَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ وَأَعْتَقَ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَيَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ وَبِقِيمَةِ الْعَبْدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ أَنَّ لِصًّا غَالِبًا أَكْرَهَ رَجُلًا بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَغَرِمَ لَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَطَلَّقَهَا وَغَرِمَ لَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ رَجَعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى إيقَاعِ الثَّلَاثِ يَكُونُ مُكْرَهًا عَلَى الْوَاحِدِ، وَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَعْتِقَ نِصْفَ عَبْدِهِ بِوَعِيدِ تَلَفٍ فَأَعْتَقَ الْكُلَّ فَالْعَبْدُ حُرٌّ كُلُّهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَلَا يَرْجِعُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرَا، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَعْتِقَ الْعَبْدَ كُلَّهُ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ كَانَ هَذَا، وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَعْتِقُ كُلُّهُ وَيَغْرَمُ الْمُكْرِهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتِقُ نِصْفُ الْعَبْدِ وَيَبْقَى النِّصْفُ رَقِيقًا، وَإِذَا أَعْتَقَ نِصْفَ الْعَبْدِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَهُوَ النِّصْفُ الَّذِي أَعْتَقَهُ مِنْ الْعَبْدِ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَأَمَّا النِّصْفُ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ عَلَى قَوْلِ

أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ يَضْمَنُ الْمُكْرَهُ أَوْ لَا؛ إنْ كَانَ الْمُكْرَهُ مُوسِرًا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ مَرِيضًا أَكْرَهَ امْرَأَتَهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ أَوْ حَبْسٍ، حَتَّى تَسْأَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً فَسَأَلَتْهُ ذَلِكَ فَطَلَّقَهَا كَمَا سَأَلَتْ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَتْهُ، وَلَوْ سَأَلَتْهُ تَطْلِيقَتَيْنِ بَائِنَتَيْنِ فَفَعَلَ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَرِثْهُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ جَعَلَ الزَّوْجُ أَمْرَهَا بِيَدِ رَجُلٍ بِتَطْلِيقَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأُكْرِهَ الزَّوْجُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِتَطْلِيقَةٍ أُخْرَى وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَطَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهَا التَّطْلِيقَةَ الَّتِي جَعَلَهَا الزَّوْجُ إلَيْهِ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ طَلَّقَهَا التَّطْلِيقَةَ الَّتِي أُكْرِهَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا ضَمِنَ نِصْفَ الْمَهْرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً إذَا شِئْتِ ثُمَّ أُكْرِهَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً إذَا شِئْتِ، فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا التَّطَلُّقَتَيْنِ جَمِيعًا غَرِمَ لَهَا الزَّوْجُ نِصْفَ الْمَهْرِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُسَلِّطَةُ فَأَكْرَهَتْهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا بِوَعِيدِ تَلَفٍ فَفَعَلَ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ، وَلَوْ كَانَتْ أَكْرَهَتْهُ بِالْحَبْسِ أَخَذَتْهُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ لِتَقْبَلَ مِنْ زَوْجِهَا تَطْلِيقَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبِلَتْ تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ، فَلَوْ أَنَّ الْمَرْأَةَ أَجَازَتْ الطَّلَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَالِ الَّذِي أُكْرِهَتْ عَلَيْهِ صَحَّتْ إجَازَتُهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَلْزَمُهَا الْمَالُ وَيَصِيرُ الطَّلَاقُ بَائِنًا، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْإِجَازَةُ بَاطِلَةٌ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي رِوَايَةٍ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ التَّطْلِيقَةِ خُلْعٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ عَلَى النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ. وَلَوْ أُكْرِهَ الزَّوْجُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ فَفَعَلَاهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ مَالٍ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الصُّلْحِ مِنْ الْقَوَدِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ، إلَّا أَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يُضَمِّنَ الْمُكْرِهَ قِيمَةَ عَبْدِهِ إنْ كَانَ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ قَتْلٍ، وَإِنْ كَانَ أَكْرَهَهُ بِحَبْسٍ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أُكْرِهَتْ أَمَةٌ أُعْتِقَتْ عَلَى أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ وَلَا لِمَوْلَاهَا وَلَا يَضْمَنُ الْمُكْرِهَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَكْرَهَ رَجُلٌ الزَّوْجَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا كُلُّ وَاحِدَةٍ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ جَمِيعَ ذَلِكَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَوَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَلَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِهَا لِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بِسَبَبٍ مُضَافٍ إلَيْهَا، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْمَهْرِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ الزَّوْجُ مِنْ عِنْدِهِ طَائِعًا كَافٍ فِي تَقْرِيرِ نِصْفِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَفَعَلَ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى نِصْفِ مَهْرِهَا، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَدَّى الزَّوْجُ إلَيْهَا الْفَضْلَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَيُرْجَعُ بِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ إنْ كَانَ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهِ الْأَلْفُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَبِلَهُ الْعَبْدُ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَالْعَبْدُ غَيْرُ مُكْرَهٍ فَالْعِتْقُ جَائِزٌ عَلَى الْمِائَةِ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مَوْلَى الْعَبْدِ، فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الَّذِي أَكْرَهَهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْعَبْدِ بِمِائَةٍ، وَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى أَخَذَ الْعَبْدَ بِالْمِائَةِ وَرَجَعَ عَلَى الْمُكْرَهِ بِتِسْعِمِائَةٍ تَمَامِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ أَكْرَهَهُ عَلَى الْعِتْقِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفٌ فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُكْرِهُ قِيمَةَ عَبْدِهِ وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْعَبْدَ بِأَلْفَيْنِ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ ذَلِكَ طَوْعًا، فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْمُكْرِهِ قَامَ الْمُكْرِهُ مَقَامَ الْمَوْلَى فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْعَبْدِ بِالْمُسَمَّى عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ، فَإِذَا أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ أَمْسَكَ أَلْفًا مِقْدَارَ مَا غَرِمَ وَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ بِكَسْبٍ خَبِيثٍ، وَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ الْعَبْدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَلْفَانِ نُجُومًا فَحَلَّ نَجْمٌ مِنْهَا فَطَلَبَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ بِذَلِكَ النَّجْمِ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ فَهَذَا مِنْهُ اخْتِيَارٌ لِاتِّبَاعِ الْعَبْدِ وَلَا ضَمَانَ لَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أُكْرِهَ

أَحَدُهُمَا حَتَّى أَعْتَقَهُ جَازَ عِتْقُهُ ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْعِتْقُ لَا يَتَجَزَّأُ وَيُعْتَقُ الْعَبْدُ كُلُّهُ وَالْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ، وَعَلَى الْمُكْرِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا ضَمَانُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا ضَمِنَ نَصِيبَ الْمُكْرَهِ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ، وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْمُكْرَهُ ضَامِنٌ نُصِيبَ الْمُكْرِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَفِي نَصِيبِ السَّاكِتِ إنْ كَانَ الْمُكْرَهُ مُوسِرًا فَالسَّاكِتُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَاهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُكْرَهَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ، فَإِنْ ضَمَّنَهُ رَجَعَ الْمُكْرَهُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْعَبْدِ وَاسْتَسْعَاهُ فِيهِ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ نِصْفَانِ، وَإِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ مُعْسِرًا فَلِلسَّاكِتِ حَقُّ الِاسْتِسْعَاءِ أَوْ الْإِعْتَاقِ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُكْرَهِ نِصْفَانِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَتَلَ عَبْدَ رَجُلٍ خَطَأً فَأَكْرَهَ مَوْلَاهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ ضَمِنَ الْمُكْرَهُ قِيمَتَهُ وَيَأْخُذُهَا الْمَوْلَى فَيَدْفَعَهَا إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ، وَلَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِحَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ يَضْمَنُ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ دُونَ الدِّيَةِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُكْرِهُ شَيْئًا لِمَوْلَاهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ لِصًّا أَكْرَهَ رَجُلًا بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يَعْتِقَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ وَقَبِلَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ طَائِعًا فَالْعَبْدُ حُرٌّ عَنْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ، ثُمَّ رَبُّ الْعَبْدِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ قِيمَةَ عَبْدِهِ الْمُعْتَقَ عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُكْرَهُ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُكْرَهُ قِيمَتَهُ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْمُعْتَقِ عَنْهُ وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لَهُ، وَإِنْ ضَمَّنَهَا الْمُعْتَقَ عَنْهُ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا عَلَى الْمُكْرَهِ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِحَبْسٍ كَانَتْ لَهُ الْقِيمَةُ عَلَى الْمُعْتَقِ عَنْهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُكْرَهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أُكْرِهَ الْمُعْتِقُ وَالْمُعْتَقُ عَنْهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ، حَتَّى فَعَلَا ذَلِكَ فَالْعَبْدُ حُرٌّ عَنْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ، وَالْوَلَاءُ لَهُ وَضَمَانُ الْعَبْدِ عَلَى الْمُكْرَهِ خَاصَّةً لِمَوْلَى الْعَبْدِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ إنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى بَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَأَكْرَهَ الْآخَرَ عَلَى شِرَائِهِ وَقَبْضِهِ وَعِتْقِهِ بِوَعِيدِ تَلَفٍ فَفَعَلَا ذَلِكَ، وَفِي هَذَا الضَّمَانِ يَكُونُ عَلَى الْمُكْرَهِ خَاصَّةً، فَكَذَلِكَ فِيمَا سَبَقَ، وَلَوْ أَكْرَهَهُمَا عَلَى ذَلِكَ بِالْحَبْسِ فَفَعَلَا ضَمِنَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ قِيمَتَهُ لِمَوْلَاهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرَهِ هَاهُنَا، وَلَوْ أُكْرِهَ الْمَوْلَى بِالْحَبْسِ وَالْمُعْتَقُ عَنْهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ فَالْعَبْدُ حُرٌّ عَنْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ ثُمَّ الْمُعْتَقُ عَنْهُ يُضَمِّنُ الَّذِي أَكْرَهُهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أُكْرِهَ الْعَبْدُ عَلَى قَبُولِ الْعَتَاقِ بِمَالٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَيَضْمَنُ الْمُكْرَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَالَ اللِّصُّ الْغَالِبُ لِرَجُلٍ لَأَقْتُلَنَّكَ أَوْ لَتَعْتِقَنَّ عَبْدَكَ أَوْ لَتُطَلِّقَنَّ امْرَأَتَكَ هَذِهِ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَفَعَلَ الْمُكْرَهُ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِالْمَرْأَةِ فَمَا بَاشَرَ نَافِذٌ وَيَغْرَمُ الْمُكْرِهُ الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ وَمِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا لَمْ يَغْرَمْ الْمُكْرَهُ لَهُ شَيْئًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي التَّجْرِيدِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَكَانَ الْإِكْرَاهُ بِحَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ فَفَعَلَ أَحَدَهُمَا لَمْ يَغْرَمْ الَّذِي أُكْرِهَ شَيْئًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَقُولَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا اسْتَقْبَلَ فَهُوَ حُرٌّ، فَقَالَ ذَلِكَ ثُمَّ مَلَكَ عَبْدًا عَتَقَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ وَرِثَ عَبْدًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَتَقَ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ: إنْ شِئْتَ فَأَنْت حُرٌّ، أَوْ إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ شَاءَ الْعَبْدُ أَوْ دَخَلَ الدَّارَ عَتَقَ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُعَلِّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ الْفِعْلُ أَمْرٌ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ كَصَلَاةِ الْفَرْضِ وَنَحْوِهَا أَوْ كَانَ فِعْلًا يَخَافُ بِتَرْكِهِ الْهَلَاكَ عَلَى نَفْسِهِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَفَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَهُ بِتَقَاضِي دَيْنِهِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرَهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْإِكْرَاهِ بِوَعِيدِ الْحَبْسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي عِتْقِهِ فَأَذِنَ لَهُ فِيهِ فَأَعْتَقَهُ عَتَقَ وَالْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى، وَيَضْمَنُ الْمُكْرِهُ قِيمَتَهُ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى الْأَمْرِ بِالْعِتْقِ، حَتَّى لَوْ كَانَ أَكْرَهَهُ عَلَى ذَلِكَ بِحَبْسٍ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ شَيْئًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أُكْرِهَ بِوَعِيدِ قَتْلٍ أَوْ بِحَبْسٍ أَوْ بِقَيْدٍ أَوْ بِضَرْبٍ حَتَّى تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَشَرَةِ آلَافٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا، وَيَكُونُ لَهَا مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَيَبْطُلُ الْفَضْلُ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَنَّ

الْمَرْأَةَ هِيَ الَّتِي أُكْرِهَتْ حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا الرَّجُلُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَزَوَّجَهَا أَوْلِيَاؤُهَا مُكْرَهِينَ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرَهِ، ثُمَّ هَلْ لِلْمَرْأَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ عَلَى هَذَا النِّكَاحِ.؟ فَإِنْ كَانَ كُفْئًا لَهَا وَقَدْ رَضِيَتْ بِالْمُسَمَّى كَانَ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا لَا أَصْلًا، وَلَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا فِي الِابْتِدَاءِ مِنْ كُفْءٍ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ لَهَا فَلِلْأَوْلِيَاءِ الِاعْتِرَاضُ عَلَى هَذَا النِّكَاحِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، هَذَا إذَا رَضِيَتْ بِالْمُسَمَّى وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا الزَّوْجُ، فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِالْمُسَمَّى يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كُفْئًا لَهَا فَلَهَا حَقُّ الِاعْتِرَاضِ عَلَى هَذَا النِّكَاحِ بِسَبَبِ نُقْصَانِ الْمَهْرِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، فَإِذَا رَفَعَتْ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي يُخَيِّرُ زَوْجَهَا فَيَقُولُ لَهُ: أَتِمَّ لَهَا مَهْرَهَا وَإِلَّا فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا، فَإِنْ أَتَمَّ نَفَذَ النِّكَاحُ، وَإِنْ أَبَى يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَكُونُ لَهَا مَهْرٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ كُفُؤًا لَهَا فَلَهَا وَلِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ عَلَى هَذَا النِّكَاحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ لِنُقْصَانِ الْمَهْرِ، وَعِنْدَهُمَا لَهَا حَقُّ الِاعْتِرَاضِ لِذَلِكَ وَلِلْأَوْلِيَاءِ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ لَا غَيْرُ، هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَهِيَ مُكْرَهَةٌ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كُفُؤًا لَهَا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى هَذَا النِّكَاحِ لِأَحَدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُفُؤًا لَهَا فَلِلْأَوْلِيَاءِ وَالْمَرْأَةِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ بِسَبَبِ عَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَأَمَّا إذَا دَخَلَ بِهَا وَهِيَ طَائِعَةٌ فَقَدْ رَضِيَتْ بِالْمَهْرِ الْمُسَمَّى دَلَالَةً فَكَانَ كَمَا لَوْ رَضِيَتْ بِالْمُسَمَّى نَصًّا، وَلَوْ رَضِيَتْ نَصًّا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ فَلِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَنُقْصَانِ الْمَهْرِ، وَعِنْدَهُمَا لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ لَا غَيْرُ، هَذَا خُلَاصَةُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُوَكِّلَ رَجُلًا بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوْ يَعْتِقَ عَبْدَهُ فَفَعَلَ الْوَكِيلُ فَالتَّوْكِيلُ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْوَكَالَةُ مَعَ الْإِكْرَاهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَبِنِصْفِ الْمَهْرِ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ غَرَضَ الْمُكْرِهِ زَوَالُ مِلْكِهِ إذَا بَاشَرَ الْوَكِيلُ وَكَانَ الزَّوَالُ مَقْصُودَهُ فَيَضْمَنُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إكْرَاهٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِوَعِيدِ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ قَتْلٍ عَلَى أَنْ يُوَكِّلَ هَذَا بِبَيْعِ عَبْدِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَكْرَهَهُ عَلَى دَفْعِ الْعَبْدِ إلَيْهِ لِيَبِيعَهُ فَفَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ بَاعَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَى الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَالْوَكِيلُ وَالْمُشْتَرِي طَائِعَانِ، فَمَوْلَى الْعَبْدِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُكْرِهَ قِيمَةَ الْعَبْدِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ، يُرِيدُ بِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ مِنْ ضَمَانِ الْقِيمَةِ إنَّمَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْوَكِيلِ رَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالثَّمَنِ فَيَتَقَاصَّانِ وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ، وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْمُكْرِهِ رَجَعَ الْمُكْرِهُ بِمَا ضَمِنَ إنْ شَاءَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَلَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِوَعِيدِ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ لَمْ يَضْمَنْ الْمُكْرِهُ شَيْئًا، وَإِذَا خَرَجَ الْمُكْرِهُ مِنْ الْوَسَطِ ذَكَرَ بَعْدَ هَذَا أَنَّ الْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ قِيمَةَ عَبْدِهِ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي بِمَا ضَمِنَ عَلَى أَحَدٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى وَالْوَكِيلُ مُكْرَهَيْنِ بِالْقَتْلِ كَانَ الْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ عَبْدِهِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُكْرِهَ بِإِكْرَاهِهِ إيَّاهُ عَلَى التَّسْلِيمِ بِوَعِيدِ تَلَفٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِهَا الْمُكْرِهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَلَوْ كَانُوا جَمِيعًا مُكْرَهِينَ بِالْقَتْلِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُكْرِهِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُكْرِهُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَالْآلَةِ، وَإِنْ كَانُوا مُكْرَهِينَ بِالْحَبْسِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَلِلْمَوْلَى أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ عَبْدِهِ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ بِالْقِيمَةِ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ مَنْ ضَمَّنَهُ، وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي فَهُوَ الَّذِي يَلِي خُصُومَتَهُ دُونَ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ كَانَ مُكْرَهًا عَلَى الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ

بِالْحَبْسِ، وَذَلِكَ يَنْفِي الْتِزَامَهُ الْعُهْدَةَ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ أُكْرِهَ الْمَوْلَى بِالْقَتْلِ وَأُكْرِهَ الْوَكِيلُ وَالْمُشْتَرِي بِالْحَبْسِ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يُضَمِّنَ قِيمَتَهُ أَيَّهُمْ شَاءَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ. وَإِنْ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُكْرِهَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ الَّتِي ضَمِنَ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ أُكْرِهَ الْمَوْلَى وَالْوَكِيلُ بِالْقَتْلِ وَالْمُشْتَرِي بِالْحَبْسِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يُضَمِّنَ الْمُكْرِهَ قِيمَتَهُ إنْ شَاءَ وَيَرْجِعُ بِهَا الْمُكْرِهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَوْ أُكْرِهَ الْمَوْلَى وَالْوَكِيلُ بِالْقَيْدِ وَالْمُشْتَرِي بِالْقَتْلِ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ لَا غَيْرُ، هَذَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُكْرَهًا بِالْقَتْلِ عَلَى الشِّرَاءِ دُونَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ لَمْ يَصِرْ مُضَافًا إلَى الْمُكْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا عَلَيْهِمَا فَلِلْمَوْلَى أَنْ يُضَمِّنَ الْمُكْرِهَ، وَلَوْ أُكْرِهَ الْمَالِكُ وَالْمُشْتَرِي بِالْقَتْلِ وَالْوَكِيلُ بِالْقَيْدِ، فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُكْرِهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى أَنْ يُوَكِّلَ هَذَا الرَّجُلَ بِأَنْ يَهَبَ عَبْدَهُ هَذَا لِهَذَا الرَّجُلِ فَوَكَّلَهُ بِذَلِكَ فَقَبَضَهُ الْوَكِيلُ وَدَفَعَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَاتَ فِي يَدِهِ، وَالْوَكِيلُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ غَيْرُ مُكْرَهَيْنِ، فَلِلْمَوْلَى أَنْ يُضَمِّنَ قِيمَتَهُ أَيَّهُمْ شَاءَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُكْرِهَ يَرْجِعُ الْمُكْرِهُ إنْ شَاءَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَرَجَعَ بِهِ الْوَكِيلُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِحَبْسٍ لَمْ يَضْمَنْ الْمُكْرِهُ شَيْئًا وَكَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُضَمِّنَ إنْ شَاءَ الْوَكِيلَ، وَإِنْ شَاءَ الْمَوْهُوبَ لَهُ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَبِيعَ مَالَ الْمُكْرَهِ أَوْ اشْتَرَى بِمَالِهِ فَطَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ وَلَزِمَتْهُ الْعُهْدَةُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَالنَّذْرُ لَا يَعْمَلُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ، حَتَّى لَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يُوجِبَ عَلَى نَفْسِهِ صَدَقَةً أَوْ صَوْمًا أَوْ حَجًّا أَوْ شَيْئًا يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَفَعَلَ لَزِمَهُ ذَلِكَ. وَكَذَا إنْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْيَمِينِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ مِمَّا لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ وَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْفَسْخُ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ. وَكَذَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يُظَاهِرُ مِنْ امْرَأَتِهِ كَانَ مُظَاهِرًا وَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ. وَكَذَا الرَّجْعَةُ. وَكَذَا الْفَيْءُ فِيهِ، وَالْخُلْعُ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ طَلَاقٌ أَوْ يَمِينٌ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ، لَوْ كَانَ هُوَ مُكْرَهًا عَلَى الْخُلْعِ وَالْمَرْأَةُ غَيْرُ مُكْرَهَةٍ لَزِمَهَا الْبَدَلُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَخْلَعَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ عَلَى أَلْفٍ وَمَهْرُهَا أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَلَمْ يُكْرِهُ الْمَرْأَةَ جَازَ عَلَى أَلْفٍ وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمُكْرِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَجَبَ عَلَى الرَّجُلِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ فَأَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ عَلَى أَنْ يَعْتِقَ عَنْ ظِهَارِهِ فَأَعْتَقَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ أَكْرَهَهُ عَلَى إعْتَاقِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَكْرَهَهُ عَلَى إقَامَةِ مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى إعْتَاقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ أَنَّ عَلَى الْمُكْرِهِ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَلَا يُجْزِئُ الْمُكْرَهَ عَنْ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى عِتْقٍ بِعِوَضٍ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ تَفْصِيلًا فَقَالَ: إنْ كَانَ الْعَبْدُ الَّذِي أَكْرَهَهُ عَلَى تَحْرِيرِهِ أَخَسَّ الْعَبِيدِ وَأَدْوَنَهُمْ قِيمَةً بِحَيْثُ لَا يَكُونُ عَبْدٌ آخَرُ أَخَسَّ وَأَدَوْنَ مِنْهُ قِيمَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَخَسَّ وَأَدَوْنَ مِنْهُ قِيمَةً ضَمَّنَ الْمُكْرِهُ قِيمَتَهُ وَلَا يُجْزِئُ الْمُكْرَهَ عَنْ الْكَفَّارَةِ، فَإِنْ قَالَ الْمُكْرِهُ: أَنَا أُبْرِئُ الْمُكْرَهَ عَنْ الْقِيمَةِ، حَتَّى يَجُوزَ الْعِتْقُ عَنْ الظِّهَارِ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الظِّهَارِ، كَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ عَنْ الْكَفَّارَةِ ثُمَّ أَبْرَأَ، فَإِنْ قَالَ الْمَظَاهِرُ حِينَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ: أُعْتِقُهُ عَنْ الظِّهَارِ لَا لِدَفْعِ الْإِكْرَاهِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُكْرِهِ ضَمَانٌ، وَلَكِنْ لَا يَسَعُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُمَكِّنَ نَفْسَهَا مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ الْعِتْقَ عَنْ الظِّهَارِ كَمَا أَمَرَنِي وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِي غَيْرُ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَهُ الْقِيمَةُ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِحَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ أَجْزَأَهُ عَنْهُ وَلَا ضَمَانَ لَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ حَتَّى آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ فَهُوَ مُولٍ، فَإِنْ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَبَانَتْ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَنْ يُقِرَّ بِهَا فِي الْمُدَّةِ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ كَالرَّاضِي بِمَا لَزِمَهُ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ، وَإِنْ قَرَّبَهَا كَانَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ

بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ: إنْ قَرَّبْتُهَا فَعَبْدِي هَذَا حُرٌّ، فَإِنْ قَرَّبَهَا عَتَقَ عَبْدُهُ وَلَمْ يَضْمَنْ الْمُكْرِهُ؛ لِأَنَّهُ مَا جَرَى عَلَى سُنَنِ إكْرَاهِهِ، وَإِنْ تَرَكَهَا فَبَانَتْ بِالْإِيلَاءِ قَبْلَ الدُّخُولِ غَرِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ مُدَبَّرًا أَوْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ حَلَفَ بِعِتْقِهَا فَقَرَّبَ الْمَرْأَةَ لَمْ يَضْمَنْ الْمُكْرِهُ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يُقَرِّبْهَا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ضَمِنَ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَرَجَعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ وَمِنْ قِيمَةِ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ قَالَ: إنْ قَرَّبْتُهَا فَمَالِي صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ فَتَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَبَانَتْ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوْ قَرَّبَهَا فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَلَزِمَتْهُ الصَّدَقَةُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى نَظِيرُ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى النَّذْرِ بِصَدَقَةِ مَالِهِ فِي الْمَسَاكِينِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى كَفَّارَةِ يَمِينٍ قَدْ حَنِثَ فِيهَا، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ أَكْرَهَهُ عَلَى أَصْلِ التَّكْفِيرِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ فَكَفَّرَ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى إعْتَاقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ، فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ أَدْنَى الْعَبِيدِ مِثْلَ أَدْنَى الصَّدَقَةِ وَالْكِسْوَةِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ أَدْنَى الْعَبِيدِ يَزِيدُ عَلَى أَدْنَى الصَّدَقَةِ وَالْكِسْوَةِ ضَمَّنَ الْمُكْرَهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، فَإِنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِوَعِيدِ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ وَيُجْزِئُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الصَّدَقَةِ بِوَعِيدِ قَتْلٍ، فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الطَّعَامِ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَى التَّصَدُّقِ بِهِ أَدْنَى مِنْ قِيمَةِ مَا يُجْزِئُ فِي الْكِسْوَةِ وَالْعِتْقِ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَإِنْ كَانَ يَزِيدُ عَلَى أَدْنَى مَا يَجُوزُ فِي الْكِسْوَةِ وَالْعِتْقِ ضَمَّنَ الْمُكْرِهَ فِيهِ وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ يَسْتَرِدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِوَعِيدِ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ فَلَا ضَمَانَ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ وَيَسْتَرِدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِالتَّسْلِيمِ مَعَ الْحَبْسِ وَالْقَيْدِ، فَإِنْ أَجَازَهُ الْمُتَصَدِّقُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا وَقْتَ الْإِجَازَةِ عَمِلَتْ إجَازَتُهُ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا تَعْمَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ وَجَبَ لِلَّهِ عَلَيْهِ مِنْ بَدَنَةٍ أَوْ هَدْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَجَّ فَأُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُمْضِيَهُ فَفَعَلَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ الْمُكْرِهُ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ وَيُجْزِئُ عَنْ الرَّجُلِ مَا أَمْضَاهُ، فَإِنْ أَوْجَبَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ عَلَى نَفْسِهِ صَدَقَةً فِي الْمَسَاكِينِ فَأُكْرِهَ بِحَبْسٍ أَوْ قَتْلٍ عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِذَلِكَ جَازَ مَا صَنَعَ مِنْهُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ لَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِمَا رَجُلٌ حَتَّى فَعَلَهُمَا أَجْزَأَهُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ أَهْدِيهِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ، فَأُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى أَنْ يَهْدِيَ بَعِيرًا أَوْ بَدَنَةً يَنْحَرُهَا وَيَتَصَدَّقُ بِهَا فَفَعَلَ كَانَ الْمُكْرِهُ ضَامِنًا لَقِيمَتِهَا وَلَا يُجْزِئُهُ مِمَّا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَدْنَى مَا يَكُونُ مِنْ الْهَدْيِ فِي الْقِيمَةِ وَغَيْرِهَا فَأَمْضَاهُ لَمْ يَغْرَمْ الْمُكْرِهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ مَا زَادَ عَلَى مَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ شَرْعًا، وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَأَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَعْتِقَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ بِقَتْلٍ فَأَعْتَقَهُ ضَمِنَ الْمُكْرِهُ قِيمَتَهُ وَلَمْ يُجْزِئُهُ عَنْ النَّذْرِ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي أَكْرَهَهُ عَلَى عِتْقِهِ أَدْنَى مَا يَكُونُ مِنْ الْعَبِيدِ فِي الْقِيمَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُكْرِهِ ضَمَانٌ وَأَجْزَأَ عَنْ الْعِتْقِ لِتَيَقُّنِنَا بِوُجُوبِ هَذَا الْمِقْدَارِ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِثَوْبٍ هَرَوِيٌّ أَوْ مَرْوِيٍّ فَأَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَوْبٍ بِعَيْنِهِ فَتَصَدَّقَ بِهِ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الَّذِي تَصَدَّقَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ مُحِيطًا بِأَنَّهُ أَدْنَى مَا يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فِي الْقِيمَةِ وَغَيْرِهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرَهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَقَلَّ قِيمَةٍ مِنْهُ يُنْظَرُ إلَى فَضْلِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ فَيَغْرَمُ الْمُكْرِهُ ذَلِكَ وَيَقَعُ الْمُؤَدِّي فِي الْمِقْدَارِ الْأَدْنَى مُجْزِئًا عَنْ الْوَاجِبِ، وَإِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِعَشْرَةِ أَقْفِزَةِ حِنْطَةٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَأُكْرِهَ بِوَعِيدِ قَتْلٍ عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِخَمْسَةِ أَقْفِزَةِ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ تُسَاوِي عَشْرَةَ أَقْفِزَةِ حِنْطَةٍ رَدِيئَةٍ فَالْمُكْرِهُ ضَامِنٌ مِنْ الطَّعَامِ مِثْلَهُ؛ لِأَنَّ الْمُؤَدَّى لَا يَخْرُجُ عَنْ جَمِيعِ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِالْجَوْدَةِ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ عِنْدَ مُقَابِلَتِهَا وَلَا يُمْكِنُ تَجْوِيزُهَا عَنْ خَمْسَةِ أَقْفِزَةِ حِنْطَةٍ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى النَّاذِرِ، وَعَلَى النَّاذِرِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَشْرَةِ أَقْفِزَةٍ رَدِيئَةٍ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَوَجَبَ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ وَسَطٌ، فَأُكْرِهَ بِوَعِيدِ قَتْلٍ عَلَى أَنْ

يَتَصَدَّقُ عَلَى الْمَسَاكِينِ بِابْنَةِ مَخَاضٍ جَيِّدَةٍ غَرِمَ الْمُكْرِهُ فَضْلَ قِيمَتِهَا عَلَى قِيمَةِ الْوَسَطِ؛ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ لَهُ فِي إلْزَامِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَقَدْ جَازَتْ الصَّدَقَةُ عَنْ الْمُتَصَدِّقِ فِي مِقْدَارِ الْوَسَطِ فَلَا يَغْرَمُ الْمُكْرَهُ. وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَالِ الرِّبَا فَيُمْكِنُ تَجْوِيزُ بَعْضِهِ عَنْ كُلِّهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أُكْرِهُ الرَّجُلُ عَلَى الزِّنَا بِامْرَأَةٍ فَزَنَى بِهَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا يَقُولُ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا، وَيَجِبُ الْمَهْرُ عَلَى الزَّانِي سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُكْرَهَةً عَلَى الزِّنَا أَوْ كَانَتْ طَائِعَةً، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُكْرِهِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْوَطْءِ حَصَلَتْ لِلزَّانِي وَكَانَ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ طَعَامِ نَفْسِهِ فَأَكَلَ إنْ كَانَ جَائِعًا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ شَبْعَانَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الطَّعَامِ، وَالْمَرْأَةُ إذَا أُكْرِهَتْ عَلَى الزِّنَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا، وَالرَّجُلُ آثِمٌ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الزِّنَا؛ لِأَنَّ الزِّنَا مِنْ الْمَظَالِمِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ مُكْرَهَةً عَلَى الزِّنَا هَلْ تَأْثَمُ. ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الزِّنَا أَنَّهَا إنْ أُكْرِهَتْ عَلَى أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهَا فَمَكَّنَتْ فَإِنَّهَا تَأْثَمُ، وَإِنْ لَمْ تُمَكِّنْ هِيَ مِنْ الزِّنَا وَزَنَى بِهَا لَا إثْمَ عَلَيْهَا، وَذَكَرَ أَيْضًا فِي الْإِكْرَاهِ إذَا أُكْرِهَتْ عَلَى الزِّنَا فَمَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا فَلَا إثْمَ عَلَيْهَا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ، فَإِنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِوَعِيدِ سِجْنٍ أَوْ قَيْدٍ فَعَلَى الرَّجُلِ الْحَدُّ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَكِنَّهَا تَأْثَمُ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُكْرَهُ عَنْ الزِّنَا حَتَّى قُتِلَ فَهُوَ مَأْجُورٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ الْحَرْبِيُّ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ: إنْ دَفَعْتَ إلَيَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ لِأَزْنِيَ بِهَا دَفَعْتُ إلَيْكَ أَلْفَ نَفْسٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تُخَلِّصُهُمْ عَنْ أَسْرِنَا لَا يَحِلُّ لِهَذَا الْمُسْلِمِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْجَارِيَةَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الرِّدَّةِ لَمْ تَبِنْ زَوْجَتُهُ مِنْهُ، فَإِنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: قَدْ بِنْتُ مِنْكَ، وَقَالَ هُوَ: قَدْ أَظْهَرَتْ ذَلِكَ وَقَلْبِي مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْفُرْقَةِ، وَلَوْ قَالَ الَّذِي أَكْرَهَهُ عَلَى إجْرَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ: خَطَرَ بِبَالِي فِي قَوْلِي كَفَرْتُ بِاَللَّهِ أَنْ أُخْبِرَ عَنْ أَمْرٍ مَاضٍ كَذِبًا، وَلَمْ أَكُنْ فَعَلْتُ كَذَا فِيمَا مَضَى بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ حُكْمًا وَلَمْ تَبِنْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ أَقَرَّ بِالْكُفْرِ فِيمَا مَضَى طَائِعًا ثُمَّ قَالَ: عَنَيْتُ بِهِ كَذِبًا لَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي وَيُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ قَالَ: خَطَرَ بِبَالِي الْإِخْبَارُ عَمَّا مَضَى وَمَا أَرَدْتُ بِهِ الْخَبَرَ بَلْ أَرَدْتُ بِهِ الْإِنْشَاءَ كَمَا طُلِبَ مِنِّي فَقَدْ أَقَرَّ بِالْكُفْرِ حَقِيقَةً فَتَبِينُ امْرَأَتُهُ مِنْهُ فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ قَالَ: لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِي شَيْءٌ وَلَكِنِّي كَفَرْتُ بِاَللَّهِ كُفْرًا مُسْتَقْبَلًا وَقَلْبِي مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ لَمْ تَبِنْ امْرَأَتُهُ، وَعَلَى هَذَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى الصَّلَاةِ لِلصَّلِيبِ أَوْ أَنْ يَسْجُدَ لِلصَّلِيبِ وَسَبِّ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وعلى آله - فَفَعَلَ وَقَالَ: خَطَرَ بِبَالِي الصَّلَاةُ لِلَّهِ وَسَبُّ رَجُلٍ آخَرَ وَنَوَيْتُ ذَلِكَ بَانَتْ مَنْكُوحَتُهُ فِي الْحُكْمِ وَلَمْ تَبِنْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ صَلَّى لِلصَّلِيبِ وَسَبَّ مُحَمَّدًا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وعلى آله - وَقَدْ خَطَرَ بِبَالِهِ الصَّلَاةُ لِلَّهِ وَسَبُّ غَيْرِ النَّبِيِّ بَانَتْ امْرَأَتُهُ قَضَاءً وَدِيَانَةً، وَإِنْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ شَيْءٌ وَصَلَّى لِلصَّلِيبِ وَسَبَّ مُحَمَّدًا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ لَمْ تَبِنْ مَنْكُوحَتُهُ لَا قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ إذَا لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ غَيْرُهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. . إذَا أَسْلَمَ مُكْرَهًا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى أَسْلَمَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْإِسْلَامِ لَا يُقْتَلُ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَعَلَى هَذَا إذَا قِيلَ لَهُ لَئِنْ صَلَّيْتَ لَأَقْتُلَنَّكَ فَخَافَ ذَهَابَ الْوَقْتِ فَقَامَ وَصَلَّى وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسَعُهُ تَرْكُهَا فَلَمَّا صَلَّى قُتِلَ لَمْ يَكُنْ آثِمًا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَمَسَّكَ بِالْعَزِيمَةِ، وَكَذَلِكَ صَوْمُ رَمَضَانَ لَوْ قِيلَ لَهُ وَهُوَ مُقِيمٌ لَئِنْ لَمْ تُفْطِرْ لَأَقْتُلَنَّكَ فَأَبَى أَنْ يُفْطِرَ حَتَّى قُتِلَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُهُ كَانَ مَأْجُورًا؛ لِأَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالْعَزِيمَةِ، وَإِنْ أَفْطَرَ وَسِعَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ آثِمًا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَصَامَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقِيلَ لَهُ لَأَقْتُلَنَّكَ أَوْ لَتُفْطِرَنَّ فَأَبَى أَنْ يُفْطِرَ حَتَّى قُتِلَ كَانَ آثِمًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَعَنْ ابْنِ شُجَاعٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: لَوْ قَالَ أَهْلُ الْحَرْبِ لِنَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أَخَذُوهُ إنْ قُلْتَ لَسْتُ بِنَبِيٍّ تَرَكْنَاكَ، وَإِنْ قُلْتَ أَنَا نَبِيٌّ قَتَلْنَاكَ لَا يَسَعُهُ سِوَى أَنْ يَقُولَ أَنَا نَبِيُّ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَإِنْ قَالُوا لِغَيْرِ نَبِيٍّ إنْ قُلْتَ: لَيْسَ هَذَا بِنَبِيٍّ تَرَكْنَا نَبِيَّكَ، وَإِنْ قُلْتَ: هُوَ نَبِيٌّ قَتَلْنَا نَبِيَّكَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ بِنَبِيٍّ حَتَّى يَدْفَعُ الْقَتْلَ عَنْ النَّبِيِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ مُحْرِمًا قِيلَ لَهُ: لَنَقْتُلَنَّكَ أَوْ لَتَقْتُلَنَّ هَذَا

الباب الثالث في مسائل عقود التلجئة

الصَّيْدَ فَأَبَى أَنْ يَفْعَلَ حَتَّى قُتِلَ كَانَ مَأْجُورًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنْ قَتَلَ الصَّيْدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْقِيَاسِ وَلَا عَلَى الَّذِي أَمَرَهُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَلَى الْقَاتِلِ الْكَفَّارَةُ أَمَّا الْآمِرُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَا مُحْرِمَيْنِ جَمِيعًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ، وَلَوْ تَوَعَّدَهُ بِالْحَبْسِ وَهُمَا مُحْرِمَانِ فَفِي الْقِيَاسِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْقَاتِلِ دُونَ الْآمِرِ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الصَّيْدِ فِعْلٌ وَلَا أَثَرَ لِلْإِكْرَاهِ بِالْحَبْسِ فِي الْأَفْعَالِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْجَزَاءُ، وَلَوْ كَانَا حَلَالَيْنِ فِي الْحَرَمِ وَقَدْ تَوَعَّدَهُ بِقَتْلٍ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَإِنْ تَوَعَّدَهُ بِالْحَبْسِ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْقَاتِلِ خَاصَّةً بِمَنْزِلَةِ ضَمَانِ الْمَالِ وَبِمَنْزِلَةِ الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِ الْآدَمِيِّ خَطَأً، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ فِي رَمَضَانَ نَهَارًا أَوْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ فَفَعَلَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى أَنْ يَزْنِيَ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَفْعَلَ، فَإِنْ فَعَلَ وَكَانَ مُحْرِمًا فَسَدَ إحْرَامُهُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ دُونَ الَّذِي أَكْرَهَهُ، وَلَوْ أُكْرِهَتْ امْرَأَةٌ مُحْرِمَةٌ بِالْقَتْلِ عَلَى الزِّنَا وَسِعَهَا أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهَا وَيَفْسُدُ إحْرَامُهَا وَتَجِبُ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ دُونَ الْمُكْرِهِ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ حَتَّى تُقْتَلَ فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَوْجَبْنَا الْكَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرَهِ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُكْرِهِ، وَلَوْ رَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ يُقْضَى بِهَا عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا الْتَزَمَهُ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا هَدَّدَ السُّلْطَانُ وَصِيَّ يَتِيمٍ بِقَتْلٍ أَوْ إتْلَافِ عُضْوٍ مِنْهُ لِيَدْفَعَ مَالَهُ إلَيْهِ فَفَعَلَ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ هَدَّدَهُ بِحَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ ضَمِنَ، وَلَوْ هَدَّدَهُ بِأَخْذِ مَالِ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ مَالَ الْيَتِيمِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَأْخُذُ بَعْضَ مَالِهِ وَيَتْرُكُ الْبَعْضَ وَفِي ذَلِكَ مَا يَكْفِيهِ لَا يَسَعُهُ التَّسْلِيمُ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ ضَمِنَ مِثْلَهُ، وَإِنْ خَشَى أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ مَالِهِ فَهُوَ مَعْذُورٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ، وَإِنْ أَخَذَ السُّلْطَانُ مَالَ الْيَتِيمِ بِنَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ قِيلَ لِرَجُلٍ: دُلَّنَا عَلَى مَالِكَ أَوْ لَنَقْتُلَنَّكَ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى قُتِلَ لَمْ يَكُنْ آثِمًا، وَإِنْ دَلَّهُمْ حَتَّى أَخَذُوهُ ضَمِنُوا لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثِ فِي مَسَائِلِ عُقُودِ التَّلْجِئَةِ] (الْبَابُ الثَّالِثِ فِي مَسَائِلِ عُقُودِ التَّلْجِئَةِ) إذَا قَالَ رَجُلٌ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبِيعَكَ عَبْدِي هَذَا تَلْجِئَةً لِأَمْرٍ أَخَافُهُ وَحَضَرَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ شُهُودٌ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: نَعَمْ، ثُمَّ خَرَجَا إلَى السُّوقِ وَتَبَايَعَا وَأَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا تَصَادَقَا بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُمَا بَنَيَا الْبَيْعَ عَلَى تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِذَا تَصَادَقَا بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُمَا قَدْ كَانَا أَعْرَضَا عَنْ تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ قَبْلَ هَذَا الْبَيْعِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْبَيْعُ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِذَا تَصَادَقَا عَلَى الْمُوَاضَعَةِ عَلَى التَّلْجِئَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا ادَّعَى الْبِنَاءَ عَلَى تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ وَادَّعَى الْآخَرُ الْإِعْرَاضَ عَنْ تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْإِعْرَاضَ عَنْ تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي جَوَازَ الْعَقْدِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ فَاسِدٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْبِنَاءَ عَلَى تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مَا عُرِفَ بِاتِّفَاقِهِمَا، وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْمُوَاضَعَةِ ثُمَّ قَالَا: لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِنَا شَيْءٌ وَقْتَ الْبَيْعِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ جَائِزٌ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا الْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْمُوَاضَعَةَ عَلَى التَّلْجِئَةِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ الْمُوَاضَعَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ لِلْمُوَاضَعَةِ. فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي لِلْمُوَاضَعَةِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ وَقَالَ: بَنَيْنَا الْبَيْعَ عَلَى تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ إنْ صَدَّقَهُ الْآخَرُ فِي الْبِنَاءِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَإِنْ قَالَ الْآخَرُ: أَعْرَضْنَا عَنْ تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ، عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ جَائِزٌ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا الْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا كَانَ تَلْجِئَةً ثُمَّ أَجَازَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ مَا لَمْ يُجِيزَاهُ جَمِيعًا، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ بَيْنَهُمَا تَلْجِئَةً وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى ذَلِكَ وَأَعْتَقَهُ كَانَ عِتْقُهُ بَاطِلًا وَقَدْ ثَبَتَ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا، وَلَوْ تَوَاضَعَا عَلَى أَنْ يُخْبِرَا أَنَّهُمَا تَبَايَعَا هَذَا الْعَبْدَ أَمْسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ ثُمَّ أَقَرَّا بِذَلِكَ فَلَيْسَ هَذَا بَيْعًا، وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ هَزْلٌ وَتَلْجِئَةٌ، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ جِدٌّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي لِلْجِدِّ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْجَوَازَ وَعَلَى الْآخَرِ الْبَيِّنَةُ. وَإِنْ

قَالَا: أَجَزْنَا هَذَا الْبَيْعَ الَّذِي أَخْبَرْنَا بِهِ لَا يَجُوزُ هَذَا إذَا كَانَتْ التَّلْجِئَةُ فِي ذَاتِ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ التَّلْجِئَةُ فِي الْبَدَلِ بِأَنْ تَوَاضَعَا فِي السِّرِّ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفٌ إلَّا أَنَّهُمَا يَتَبَايَعَانِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فِي الْعَلَانِيَةِ لِيَكُونَ أَحَدُ الْأَلْفَيْنِ سُمْعَةً، فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنْ تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُمَا بَنَيَا عَلَى تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ جَائِزٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ كَذَا ذَكَر شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ فِي شَرْحِهِ، وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ تَحْضُرْهُمَا نِيَّةٌ وَقْتَ الْمُعَاقَدَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ الْبَيْعُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ، وَقَالَ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي شَرْحِهِ، وَلَوْ تَوَاضَعَا فِي السِّرِّ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مِائَةَ دِينَارٍ وَتَعَاقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ انْعَقَدَ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ. وَإِنْ عَقَدَا فِي السِّرِّ الْبَيْعَ بِثَمَنٍ ثُمَّ عَقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ مَرَّةً أُخْرَى، فَإِنْ عَقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِجِنْسِ مَا عَقَدَا بِهِ فِي السِّرِّ إلَّا أَنَّهُ أَكْثَرُ مِمَّا عَقَدَا بِهِ فِي السِّرِّ، بِأَنْ تَبَايَعَا فِي السِّرِّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ تَبَايَعَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ إنْ أَشْهَدَا أَنَّ مَا يَعْقِدَانِ فِي الْعَلَانِيَةِ هَزْلٌ وَسُمْعَةٌ فَالْعَقْدُ عَقْدُ السِّرِّ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدَا أَنَّ الْعَلَانِيَةَ هَزْلٌ وَسُمْعَةٌ فَالْعَقْدُ عَقْدُ الْعَلَانِيَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ عَقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِجِنْسٍ آخَرَ فَالْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا إنْ أَشْهَدَا أَنَّ مَا يَعْقِدَانِ فِي الْعَلَانِيَةِ هَزْلٌ وَسُمْعَةٌ فَالْعَقْدُ عَقْدُ السِّرِّ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدَا عَلَى ذَلِكَ فَالْعَقْدُ عَقْدُ الْعَلَانِيَةِ، وَلَوْ قَالَا فِي السِّرِّ: نُرِيدُ أَنْ نُظْهِرَ بَيْعًا عَلَانِيَةً وَهُوَ بَيْعُ تَلْجِئَةٍ وَبَاطِلٍ وَاجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ عَلَانِيَةً وَصَاحِبَهُ حَاضِرٌ: إنَّا قَدْ كُنَّا قُلْنَا كَذَا وَكَذَا فِي السِّرِّ وَقَدْ بَدَا لِي أَنْ أَجْعَلَهُ بَيْعًا صَحِيحًا، وَصَاحِبُهُ يَسْمَعُ ذَلِكَ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا حَتَّى تَبَايَعَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ صَاحِبُهُ ذَلِكَ وَتَعَاقَدَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَإِنْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فَأَعْتَقَهُ. فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ الْبَائِعُ فَعِتْقُهُ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَةٍ: أَتَزَوَّجُكِ تَزْوِيجًا هَزْلًا، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: نَعَمْ وَوَافَقَهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْوَلِيُّ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ. . وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَةٍ وَوَلِيِّهَا أَوْ قَالَ لِوَلِيِّهَا دُونَهَا: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ فُلَانَةَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَنُسْمِعَ بِأَلْفَيْنِ وَالْمَهْرُ أَلْفٌ، فَقَالَ الْوَلِيُّ: نَعَمْ افْعَلْ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفَيْنِ عَلَانِيَةً كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا وَالصَّدَاقُ أَلْفُ دِرْهَمٍ إذَا تَصَادَقَا عَلَى مَا قَالَا فِي السِّرِّ أَوْ قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ. وَلَوْ قَالَ: الْمَهْرُ مِائَةُ دِينَارٍ وَلَكِنَّا نُسْمِعُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الظَّاهِرِ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا بِمَهْرِ مِثْلِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَا فِي السِّرِّ: عَلَى أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَتَزَوَّجَهَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ قَالَا عِنْدَ الْعَقْدِ: عَقْدُنَا عَلَى مَا تَرَاضِينَا بِهِ مِنْ الْمَهْرِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ عَقَدَا فِي السِّرِّ النِّكَاحَ بِأَلْفٍ ثُمَّ تَنَاكَحَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، إنْ أَشْهَدَا أَنَّ مَا يُظْهِرَانِ فِي الْعَلَانِيَةِ سُمْعَةٌ وَهَزْلٌ فَالْمَهْرُ مَهْرُ السِّرِّ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدَا أَنَّ مَا يُظْهِرَانِ فِي الْعَلَانِيَةِ سُمْعَةٌ فَالْمَهْرُ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا عَقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِجِنْسٍ آخَرَ، وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْعَلَانِيَةَ وَأَقَامَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ وَادَّعَى الْآخَرُ السِّرَّ وَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أُخِذَ بِبَيِّنَةِ الْعَلَانِيَةِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي السِّرِّ إنَّا نَشْهَدُ بِذَلِكَ فِي الْعَلَانِيَةِ سُمْعَةً، فَحِينَئِذٍ آخُذُ بِبَيِّنَةِ السِّرِّ وَأُبْطِلُ بَيِّنَةَ الْعَلَانِيَةِ. وَإِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى مَالٍ عَلَى وَجْهِ الْهَزْلِ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ عَلَى وَجْهِ الْهَزْلِ وَقَبِلَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ الْعَبْدُ أَوْ كَانَا تَوَاضَعَا فِي السِّرِّ أَنَّ مَا يُظْهِرَانِ هَزْلٌ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ وَالْمَالُ وَاجِبٌ كَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْهَزْلَ كَانَ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى أَوْ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ أَوْ فِي الْجَانِبَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْهَزْلُ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى لَا شَكَّ أَنَّ الْمَالَ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَعَلَى الْعَبْدِ مَتَى قَبِلَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ أَوْ فِي الْجَانِبَيْنِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ، عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

الباب الرابع في المتفرقات

لَا يَجِبُ الْمَالُ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ الْإِجَازَةُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ الْمَالُ وَلَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الْهَزْلِ، هَكَذَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ طَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ صَالَحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى مَالِ فِي السِّرِّ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ صَالَحَ فِي الْعَلَانِيَةِ مَرَّةً أُخْرَى إنْ كَانَ الثَّانِي بِجِنْسِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ أَكْثَرُ إنْ أَشْهَدَا أَنَّ مَا يُسَمِّيَانِ فِي الْعَلَانِيَةِ سُمْعَةٌ وَرِيَاءٌ فَالْبَدَلُ الْمُسَمَّى فِي السِّرِّ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدَا عَلَى ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَدَلُ مَا سَمَّيَا فِي السِّرِّ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالُوا: الْبَدَلُ مَا سَمَّيَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَيُجْعَلُ أَحَدُ الْأَلْفَيْنِ زِيَادَةً فِي بَدَلِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْبَدَلُ مَا سَمَّيَا فِي السِّرِّ، وَحَاصِلُ الْخِلَافِ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي بَدَلِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ هَلْ تَصِحُّ.؟ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ لَا تَصِحُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي بِجِنْسٍ آخَرَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إنْ أَشْهَدَا أَنَّ مَا يُسَمِّيَانِ فِي الْعَلَانِيَةِ سُمْعَةٌ فَالْمَهْرُ مَهْرُ السِّرِّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا تَوَاضَعَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ أَنَّ الْمَهْرَ دَنَانِيرُ وَتَزَوَّجَهَا فِي الْعَلَانِيَةِ عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا كَانَ مَهْرُهَا الدَّنَانِيرَ الَّتِي تَوَاضَعَا عَلَيْهَا فِي السِّرِّ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعَلَانِيَةِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الدَّنَانِيرُ مَهْرًا لَهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَسَكَتَ عَنْ الْمَهْرِ انْعَقَدَ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أُطَلِّقُكِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَكِنَّا نُسْمِعُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَطَلَّقَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَإِنْ تَوَاضَعَا أَنَّهُمَا يُسَمِّيَانِ الدَّنَانِيرَ سُمْعَةً وَهَزْلًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) وَلَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ عَلَى أَنْ يُقِرَّ فَأَقَرَّ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، فَإِنْ أُكْرِهَ بِحَبْسِ يَوْمٍ أَوْ قَيْدِ يَوْمٍ أَوْ ضَرْبِ سَوْطٍ عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَلْفٍ فَأَقَرَّ جَازَ، فَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الْحَبْسِ وَالْقَيْدِ يَغُمُّهُ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ حَيْثُ يَسْتَنْكِفُ مِنْ ضَرْبِ سَوْطٍ فِي الْمَلَأِ أَوْ قَيْدٍ أَوْ حَبْسِ يَوْمٍ أَوْ تَعْرِيكِ أُذُنِهِ فِي مَجْلِسِ السُّلْطَانِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُكْرَهًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ بِمِائَةِ دِينَارٍ قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ نَفَذَ الْإِقْرَارُ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فَأَقَرَّ بِخَمْسِمِائَةٍ لَا يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَوْ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا كَانَ مُكْرَهًا وَلَا يَلْزَمُهُ قَدْرُ مَا كَانَ مُكْرَهًا فِيهِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِنِصْفِ غَيْرِ مَا أَكْرَهُوهُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَهُوَ طَائِعٌ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ، وَلَوْ أَكْرَهُوهُ عَلَى أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فَأَقَرَّ لَهُ وَلِفُلَانٍ الْغَائِبِ بِأَلْفٍ فَالْإِقْرَارُ كُلُّهُ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ أَقَرَّ الْغَائِبُ بِالشَّرِكَةِ أَوْ أَنْكَرَهَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ صَدَّقَهُ الْغَائِبُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ بَطَلَ الْإِقْرَارُ كُلُّهُ، وَإِنْ قَالَ: لِي عَلَيْهِ نِصْفُ هَذَا الْمَالِ وَلَا شَرِكَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الَّذِي أَكْرَهُوهُ عَلَى الْإِقْرَارِ لَهُ جَازَ الْإِقْرَارُ لِلْغَائِبِ بِنِصْفِ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ: وَإِذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ أَوْ غَيْرِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِعِتْقٍ مَاضٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ نِكَاحٍ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ أَفْعَلْهُ فَأَقَرَّ بِهِ مُكْرَهًا فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ وَالْعَبْدُ عَبْدُهُ كَمَا كَانَ وَالْمَرْأَةُ زَوْجَتُهُ كَمَا كَانَتْ، وَالْإِكْرَاهُ بِالْحَبْسِ أَوْ الْقَتْلِ فِي هَذَا سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِالرَّجْعَةِ وَالْفَيْءِ بِالْإِيلَاءِ وَالْعَفْوِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ، وَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ فِي عَبْدِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ فِي جَارِيَتِهِ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِقْرَارِ. وَفِي التَّجْرِيدِ: إذَا أُكْرِهَ بِضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ حَتَّى يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ فَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِنْ خُلِّيَ سَبِيلُهُ ثُمَّ أُخِذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَقَرَّ بِهِ إقْرَارًا مُسْتَقْبَلًا أُخِذَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُخَلِّهِ وَلَكِنْ قَالَ: لَا آخُذُ بِإِقْرَارِكَ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَقِرَّ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا، وَهُوَ فِي يَدِهِ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَجُزْ الْإِقْرَارُ، وَإِنْ خُلِّيَ سَبِيلُهُ وَلَمْ يَتَوَارَ عَنْ بَصَرِ الْمُكْرِهِ بَعَثَ مَنْ أَخَذَهُ وَرَدَّهُ فَأَقَرَّ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِقِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ فَأَقَرَّ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، فَإِنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِمَا أَقَرَّ بِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ لَمْ

يُقْتَصَّ مِنْ الْمُكْرِهِ اسْتِحْسَانًا وَضَمِنَ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ اُقْتُصَّ مِنْ الْمُكْرِهِ فِيمَا فِيهِ قِصَاصٌ وَضَمِنَ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أُكْرِهَ لِيُقِرَّ بِغَصْبٍ أَوْ إتْلَافِ وَدِيعَةٍ فَأَقَرَّ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ أَكْرَهَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِإِسْلَامٍ مَاضٍ مِنْهُ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ أَوْ غَيْرِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ لَا قَوْدَ لَهُ قِبَلَ هَذَا الرَّجُلِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ بِهِ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ، فَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِهِ حُكِمَ لَهُ بِالْقَوَدِ؛ لِأَنَّ مَا سَبَقَ مِنْهُ بِالْعَفْوِ قَدْ بَطَلَ فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَأَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ أَوْ عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِعَبْدٍ وَأَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ فَإِقْرَارُهُ بِذَلِكَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَاذِبٌ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ قَبُولَ بَيِّنَتِهِ عَلَى مَا يَدَّعِي مِنْ النِّكَاحِ وَالرِّقِّ بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ الْكَفِيلَ بِالنَّفْسِ أَوْ بِالْمَالِ مِنْ الْكَفَالَةِ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ. فَلَوْ أُكْرِهَ الشَّفِيعُ عَلَى أَنْ يَسْكُتَ عَنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ فَسَكَتَ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ بَعْدَمَا طَلَبَهَا كَانَ تَسْلِيمُهُ بَاطِلًا، وَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ حِينَ عَلِمَ بِهَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِطَلَبِهَا فَأُكْرِهَ عَلَى أَنْ لَا يَنْطِقَ بِالطَّلَبِ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ كَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا خُلِّيَ عَنْهُ، فَإِنْ طَلَبَ عِنْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى زَوْجِهَا قَذْفًا وَجَحَدَهُ الرَّجُلُ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ وَزَكَّوْا فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَأَمَرَ الْقَاضِي الزَّوْجَ أَنْ يُلَاعِنَهَا فَأَبَى أَنْ يَفْعَلَ وَقَالَ لَمْ أَقْذِفْهَا وَقَدْ شَهِدُوا عَلِيَّ بِالزُّورِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُجْبِرُهُ عَلَى اللِّعَانِ وَيَحْبِسُهُ حَتَّى يُلَاعِنَ، فَإِنْ حَبَسَهُ حَتَّى لَاعَنَ أَوْ هَدَّدَهُ بِالْحَبْسِ حَتَّى لَاعَنَ وَقَالَ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا قَالَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيَّ إنْ كُنْتُ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَالْتَعَنَتْ الْمَرْأَةَ أَيْضًا وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ عَبِيدٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ أَوْ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُ اللِّعَانَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا وَيُبْطِلُ الْفُرْقَةَ وَيَرُدُّهَا إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي لَمْ يَحْبِسْهُ حَتَّى يُلَاعِنَ وَلَمْ يُهَدِّدْ بِحَبْسٍ وَلَكِنَّهُ قَالَ: قَدْ شَهِدُوا عَلَيْكَ بِالْقَذْفِ وَقَضَيْتُ عَلَيْكَ بِاللِّعَانِ فَالْتَعِنْ وَلَمْ يَزِدْهُ عَلَى هَذَا فَالْتَعْنَ الرَّجُلُ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ وَالْتَعَنَتْ الْمَرْأَةُ فَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ كَانُوا عَبِيدًا فَأَبْطَلَ شَهَادَتَهُمْ، فَإِنَّهُ يُمْضِي اللِّعَانَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ وَيُمْضِي الْفُرْقَةَ وَيَجْعَلُهَا بَائِنَةً مِنْ زَوْجِهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْخِزَانَةِ: وَلَوْ أُكْرِهَ الْقَاتِلُ عَلَى قَبُولِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى مَالٍ فَقَبِلَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَالُ وَيَبْطُلُ الْقِصَاصُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ فَعَفَا فَالْعَفْوُ جَائِزٌ وَلَا يَضْمَنُ الْمُكْرَهُ لِوَلِيِّ الْقِصَاصِ شَيْئًا، وَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى إبْرَاءِ مَدْيُونِهِ فَأَبْرَأهُ فَالْإِبْرَاءُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَكْرَهَ الْوَلِيُّ الْمَرْأَةَ عَلَى التَّزْوِيجِ بِمَهْرٍ فِيهِ غَبَنٌ فَاحِشٌ ثُمَّ زَالَ الْإِكْرَاهُ فَرَضِيَتْ الْمَرْأَةُ وَلَمْ يَرْضَ الْوَلِيُّ فَلِلْوَلِيِّ طَلَبُ الْفِرَاقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا أَكْرَهَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِضَرْبٍ مُتْلِفٍ لِتُصَالِحَ عَنْ الصَّدَاقِ أَوْ تُبْرِئَهُ كَانَ إكْرَاهًا لَا يَصِحُّ صُلْحُهَا وَلَا إبْرَاؤُهَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ أَكْرَهَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ وَهَدَّدَهَا بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالتَّزَوُّجِ عَلَيْهَا أَوْ بِالتَّسَرِّي لَا يَكُونُ إكْرَاهًا. وَلَوْ أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى إرْضَاعِ صَغِيرٍ أَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يُرْضِعَ مِنْ لَبَنِ امْرَأَتِهِ صَغِيرًا فَفَعَلَ تَثْبُتُ أَحْكَامُ الرَّضَاعِ. وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ فَحَلَفَ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ، حَتَّى لَوْ دَخَلَ كَانَ حَانِثًا. وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى مُبَاشَرَةِ شَرْطِ الْحِنْثِ بِأَنْ كَانَ حَلَفَ أَوَّلًا أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ أَوْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ أُكْرِهَ عَلَى الدُّخُولِ وَالْكَلَامِ فَفَعَلَ كَانَ حَانِثًا. وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَأُكْرِهَ عَلَى الدُّخُولِ بِهَا ثَبَتَ أَحْكَامُ الدُّخُولِ مِنْ تَأَكُّدِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ وَحُرْمَةِ نِكَاحِ بِنْتِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَوْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ مَالٌ لِرَجُلٍ فَقَالَ لَهُ السُّلْطَانُ: إنْ لَمْ تُعْطِنِي الْمَالَ حَبَسْتُكَ شَهْرًا أَوْ ضَرَبْتُكَ سَوْطًا أَوْ أَطُوفُ بِكَ فِي الْبِلَادِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ ضَمِنَ، وَإِنْ قَالَ: أَقْطَعُ يَدَكَ أَوْ أَضْرِبُكَ خَمْسِينَ سَوْطًا فَدَفَعَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا

فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَكْلِ الطَّعَامِ أَوْ لُبْسِ الثَّوْبِ فَفَعَلَ حَتَّى تَخَرَّقَ الثَّوْبُ لَا يَضْمَنُ الْمُكْرَهُ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَلَوْ أُعْتِقَتْ أَمَةٌ لَهَا زَوْجٌ حُرٌّ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَأُكْرِهَتْ بِوَعِيدِ تَلَفٍ أَوْ حَبْسٍ عَلَى أَنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي مَجْلِسِهَا بَطَلَ الصَّدَاقُ كُلُّهُ عَنْ زَوْجِهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَكْرَهَ امْرَأَةَ أَبِيهِ فَجَامَعَهَا يُرِيدُ بِهِ الْفَسَادَ عَلَى أَبِيهِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَبُوهُ كَانَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى ابْنِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ قَدْ دَخَلَ بِهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الِابْنِ بِشَيْءٍ، وَقَوْلُهُ يُرِيدُ بِهِ الْفَسَادَ أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ إفْسَادَ النِّكَاحِ، فَأَمَّا الزِّنَا لَا يَكُونُ فَسَادًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَهَبَ عَبْدَهُ مِنْ فُلَانٍ فَوَهَبَ وَسَلَّمَ وَغَابَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ فِي الصَّدَقَةِ. وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِ عَبْدِهِ وَتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي فَفَعَلَ وَغَابَ الْمُشْتَرِي بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَانَ لِلْمُكْرَهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ عَبْدِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أُكْرِهَ لِيُقِرَّ لِفُلَانٍ بِمَالٍ فَأَقَرَّ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ فَغَابَ الْمُقَرُّ لَهُ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ مُفْلِسًا كَانَ لِلْمُكْرَهِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُكْرِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ أَنْ يُدَبِّرَ عَبْدَهُ فَفَعَلَ صَحَّ التَّدْبِيرُ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ التَّدْبِيرِ عَلَى الْمُكْرِهِ فِي الْحَالِ، وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى يَعْتِقُ الْمُدَبَّرُ وَتَرْجِعُ وَرَثَةُ الْمَوْلَى بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا عَلَى الْآمِرِ أَيْضًا. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُودِعَ مَالَهُ عِنْدَ فُلَانٍ وَأُكْرِهَ الْمُودَعُ عَلَى الْأَخْذِ صَحَّ الْإِيدَاعُ وَيَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ الْآخِذِ، وَإِنْ أُكْرِهَ الْقَابِضُ عَلَى الْقَبْضِ لِيَدْفَعَهَا إلَى الْآمِرِ الْمُكْرِهِ فَقَبَضَهَا فَضَاعَتْ فِي يَدِ الْقَابِضِ، فَإِنْ قَالَ الْقَابِضُ: قَبَضْتُهَا حَتَّى أَدْفَعَهَا إلَى الْآمِرِ الْمُكْرِهِ كَمَا أَمَرَنِي بِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الضَّمَانِ، وَإِنْ قَالَ: قَبَضْتُهَا حَتَّى أَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا كَانَتْ أَمَانَةً عِنْدَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْهِبَةِ إذَا أُكْرِهَ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ وَأُكْرِهَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى الْقَبْضِ فَتَلِفَ الْمَالُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَبْدٌ لِرَجُلٍ عَلَى أَنْ يَقْبَلَ تَدْبِيرَ مَوْلَاهُ عَلَى مَالٍ بِعِوَضٍ فَفَعَلَ فَالْعَبْدُ مُدَبَّرٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ كَانَ الْمُكْرَهُ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا فَحُكْمُهُمَا فِي الْإِكْرَاهِ حُكْمُ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ، وَلَوْ كَانَ الْمُكْرَهُ غُلَامًا أَوْ مَعْتُوهًا لَهُ تَسَلُّطٌ كَانَ الْقَاتِلُ هُوَ الْمُكْرِهُ لَا الْمُبَاشِرُ لِلْقَتْلِ، فَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ بِعِوَضٍ فَفَعَلَ لَا يَرْجِعُ. وَكَذَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ بِعِوَضٍ تَعْدِلُهُ فَوَهَبَ وَقَبَضَ الْعِوَضَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ مُوَرِّثِهِ بِوَعِيدِ قَتْلٍ فَقَتَلَ لَا يُحْرَمُ الْقَاتِلُ عَنْ الْمِيرَاثِ وَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْمُكْرِهَ قِصَاصًا لِمُوَرِّثِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِالْحَبْسِ عَلَى أَنْ يَهَبَ مَالَهُ لِهَذَا وَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ وَأَكْرَهَ الْآخَرَ بِالْحَبْسِ عَلَى قَبُولِهِ وَقَبْضِهِ فَهَلَكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْقَابِضِ، وَلَوْ أُكْرِهَ الْقَابِضُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ الْقَابِضُ وَلَا الْمُكْرَهُ شَيْئًا، وَلَوْ أُكْرِهَ الْوَاهِبُ بِتَلَفٍ وَأُكْرِهَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِحَبْسٍ كَانَ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ إنْ شَاءَ الْمُكْرِهَ، وَإِنْ شَاءَ الْقَابِضَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُكْرِهَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْقَابِضِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِهَا فَطَلَّقَ تَطْلُقُ وَكَانَ الْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ وَلَا يَرْجِعُ، فَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا لَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ فَأَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ حَتَّى دَخَلَ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِخِلَافِ مَا إذَا حُمِلَ فَأُدْخِلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ: إنْ صِرْتُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَعَبْدِي هَذَا حُرٌّ فَحَمَلَهُ الْمُكْرِهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ الدَّارَ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَالْمَرْأَةُ إذَا أُكْرِهَتْ عَلَى النِّكَاحِ فَفَعَلَتْ صَحَّ النِّكَاحُ وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ. وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِ عَبْدِهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ فَفَعَلَ لَا يَرْجِعُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ قَالَ: إنْ قَرَبْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَقَرَبَهَا فَطَلُقَتْ وَلَزِمَهُ مَهْرُهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى بَانَتْ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

كتاب الحجر وفيه ثلاثة أبواب

وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ فَأُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَهْرِ مِثْلِهَا جَازَ النِّكَاحُ وَتَطْلُقُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُكْرِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ غَلَبَ قَوْمٌ مِنْ الْخَوَارِجِ الْمُتَأَوِّلِينَ عَلَى أَرْضٍ وَجَرَى فِيهَا حُكْمُهُمْ ثُمَّ أَكْرَهُوا رَجُلًا عَلَى شَيْءٍ، أَوْ أَكْرَهَ قَوْمٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ رَجُلًا عَلَى شَيْءٍ فَهَذَا فِي حَقِّ الْمُكْرَهِ فِيمَا يَسَعُهُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَسَعُهُ بِمَنْزِلَةِ إكْرَاهِ اللُّصُوصِ، فَأَمَّا مَا يَضْمَنُ فِيهِ اللُّصُوصُ أَوْ يَلْزَمُهُمْ بِهِ الْقَوَدُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ وَلَا عَلَى الْخَوَارِجِ الْمُتَأَوِّلِينَ كَمَا لَوْ بَاشَرُوا الْإِتْلَافَ بِأَيْدِيهِمْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْحَجْرِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَاب الْأَوَّل فِي تَفْسِير الْحَجَر وَبَيَان أسبابه] (كِتَابُ الْحَجْرِ) . (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ وَبَيَانِ أَسْبَابِهِ وَتَفْصِيلِ مَسَائِلِ الْحَجْرِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا) أَمَّا تَفْسِيرُهُ شَرْعًا فَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ قَوْلًا لِشَخْصٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْحَجْرِ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ. قَالَ الْقُدُورِيُّ الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَجْرِ الصِّغَرُ وَالْجُنُونُ وَالرِّقُّ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ، هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَحْجُرُ الْقَاضِي عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ إلَّا مَنْ يَتَعَدَّى ضَرُورَةً إلَى الْعَامَّةِ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ: الطَّبِيبُ الْجَاهِلُ الَّذِي يَسْقِي النَّاسَ مَا يَضُرُّهُمْ وَيُهْلِكُهُمْ وَعِنْدَهُ أَنَّهُ شِفَاءٌ وَدَوَاءٌ، وَالثَّانِي الْمُفْتِي الْمَاجِنُ وَهُوَ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْحِيَلَ أَوْ يُفْتِي عَنْ جَهْلٍ، وَالثَّالِثُ الْمُكَارِي الْمُفْلِسُ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ يَجُوزُ الْحَجْرُ بِمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ أُخَرَ وَهِيَ الدَّيْنُ وَالسَّفَهُ وَالْغَفْلَةُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلِلْمُكَارِي الْمُفْلِسِ أَنْ يَتَقَبَّلَ الْكِرَاءَ وَيُؤَجِّرَ الْإِبِلَ وَلَيْسَ لَهُ إبِلٌ وَلَا ظَهْرٌ يَحْمِلُ عَلَيْهِ وَلَا مَالٌ يَشْتَرِي بِهِ الدَّوَابَّ، فَالنَّاسُ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ وَيَدْفَعُونَ الْكِرَاءَ إلَيْهِ وَيَصْرِفُ هُوَ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ فِي حَاجَتِهِ، فَإِذَا جَاءَ أَوَانُ الْخُرُوجِ يُخْفِي هُوَ نَفْسَهُ فَيُذْهِبُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ، وَرُبَّمَا يَصِيرُ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَقَاعُدِهِمْ عَنْ الْخُرُوجِ إلَى الْحَجِّ وَالْغَزْوِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الصَّبِيِّ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَلَا تَصَرُّفُ عَبْدٍ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ رِعَايَةً لِحَقِّ سَيِّدِهِ كَيْ لَا تَتَعَطَّلُ مَنَافِعُ مَمْلُوكِهِ وَلَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ بِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِهِ؛ لِأَنَّ رَقَبَتَهُ مِلْكُ الْمَوْلَى لَكِنَّهُ إذَا أَذِنَ فِي التَّصَرُّفِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِفَوَاتِ حَقِّهِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ أَصْلًا، وَلَوْ أَجَازَ الْوَلِيُّ، وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ تَارَةً وَيُفِيقُ أُخْرَى فَهُوَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَالْعَاقِلِ وَالْمَعْتُوهُ كَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي تَصَرُّفَاتِهِ وَفِي رَفْعِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ هُوَ مَنْ كَانَ قَلِيلَ الْفَهْمِ مُخْتَلِطَ الْكَلَامِ فَاسِدَ التَّدْبِيرِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَضْرِبُ وَلَا يَشْتُمُ كَمَا يَفْعَلُ الْمَجْنُونُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَذَكَرَ فِي مَأْذُونِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ يَجُوزُ إذْنُ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَوَصِيِّهُمَا وَإِذْنُ الْقَاضِي وَوَصِيِّهِ لِلصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ وَعَبْدِ الصَّغِيرِ، وَلَا يَجُوزُ إذْنُ الْأُمِّ لِلصَّغِيرِ وَأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَخَالِهِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ. الصَّبِيُّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ الْبَيْعَ إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى فَأَجَازَهُ الْوَلِيُّ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ يَعْنِي أَنَّهُ يَعْقِلُ أَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ لِلْمِلْكِ وَالشِّرَاءُ جَاذِبٌ، وَيَعْرِفُ الْغَبَنَ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَاحِشِ، فَإِذَا تَصَرَّفَ فَالْوَلِيُّ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ أَجَازَهُ، وَإِذَا أَذِنَ لِمِثْلِ هَذَا الصَّبِيِّ بِالتَّصَرُّفِ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ فِيهِ غَبْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ أَذِنَ الْقَاضِي لِلصَّبِيِّ بِالتَّصَرُّفِ وَالْأَبُ يَأْبَى صَحَّ. إذَا تَصَرَّفَ الِابْنُ الْعَاقِلُ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ بِالتَّصَرُّفِ فَأَجَازَ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ نَفَذَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ يَعْنِي الصِّغَرَ وَالْجُنُونَ وَالرِّقَّ تُوجِبُ الْحَجْرَ فِي الْأَقْوَالِ الَّتِي تَتَرَدَّدُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَأَمَّا الْأَقْوَالُ الَّتِي فِيهَا نَفْعٌ مَحْضٌ فَالصَّبِيُّ فِيهَا كَالْبَالِغِ، وَلِهَذَا يَصِحُّ مِنْهُ قَبُولُ الْهِبَةِ وَالْإِسْلَامُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْوَلِيِّ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْمَعْتُوهُ، وَأَمَّا مَا يَتَمَحَّضُ مِنْهَا ضَرَرًا كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْإِعْدَامَ مِنْ الْأَصْلِ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ دُونَ الْعَبْدِ، وَلَا تُوجِبُ هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ الْحَجْرَ فِي الْأَفْعَالِ، حَتَّى إنَّ ابْنَ يَوْمٍ لَوْ انْقَلَبَ عَلَى قَارُورَةِ إنْسَانٍ فَكَسَرَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي الْحَالِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْمَجْنُونُ إنْ أَتْلَفَا شَيْئًا لَزِمَهُمَا الضَّمَانُ

الباب الثاني في الحجر للفساد وفيه فصلان

فِي الْحَالِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ فِعْلًا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَيُجْعَلُ عَدَمُ الْقَصْدِ فِي ذَلِكَ شُبْهَةً فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِمَا الْحَدُّ بِالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْقِصَاصُ بِالْقَتْلِ، هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ نَافِذٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لَزِمَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ لِعَجْزِهِ فِي الْحَالِ وَصَارَ كَالْمُعْسِرِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ طَلَاقٍ لَزِمَهُ لِلْحَالِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْحَجْرِ لِلْفَسَادِ وَفِيهِ فَصْلَانِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَسَائِلِهِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْحَجْرِ لِلْفَسَادِ وَفِيهِ فَصْلَانِ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَسَائِلِهِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا) لَا يَجُوزُ الْحَجْرُ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ بِسَبَبِ السَّفَهِ وَالدَّيْنِ وَالْفِسْقِ وَالْغَفْلَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْفِسْقِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْحَجْرُ عِنْدَهُمَا فِي تَصَرُّفَاتٍ لَا تَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ وَالْإِكْرَاهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، وَكُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنِّكَاحِ لَا يَجُوزُ الْحَجْرُ فِيهِ إجْمَاعًا. وَكَذَا الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ لِلْعُقُوبَةِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَالسَّفَهُ هُوَ الْعَمَلُ بِخِلَافِ مُوجَبِ الشَّرْعِ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى وَتَرْكُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَجْرُ، وَالسَّفِيهُ مِنْ عَادَتِهِ التَّبْذِيرُ وَالْإِسْرَافُ فِي النَّفَقَةِ وَأَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفَاتٍ لِأَغْرَاضٍ أَوْ لِغَرَضٍ لَا يَعُدُّهُ الْعُقَلَاءُ مِنْ أَهْلِ الدِّيَانَةِ غَرَضًا، مِثْلُ الدَّفْعِ إلَى الْمُغَنِّينَ وَاللَّعَّابِينَ وَشِرَاءِ الْحَمَامَةِ الطَّيَّارَةِ بِثَمَنٍ غَالٍ وَالْغَبْنِ فِي التِّجَارَاتِ مِنْ غَيْرِ مَحْمَدَةٍ، هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَتَبْذِيرُ الْمَالِ كَمَا يَكُونُ فِي الشَّرِّ بِأَنْ يَجْمَعَ أَهْلَ الشُّرْبِ وَالْفَسَقَةَ فِي دَارِهِ وَيُطْعِمَهُمْ وَيَسْقِيَهُمْ وَيُسْرِفَ فِي النَّفَقَةِ وَيَفْتَحَ بَابَ الْجَائِزَةِ وَالْعَطَاءِ عَلَيْهِمْ، كَذَلِكَ يَكُونُ فِي الْخَيْرِ بِأَنْ يَصْرِفَ جَمِيعَ مَالِهِ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَيَحْجُرُ عَلَيْهِ الْقَاضِي عِنْدَهُمَا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ثُمَّ لَا خِلَافَ عِنْدَهُمَا أَنَّ الْحَجْرَ بِسَبَبِ الدَّيْنِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَاخْتَلَفَا فِي الْحَجْرِ بِسَبَبِ الْفَسَادِ وَالسَّفَهِ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَيْضًا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ بِنَفْسِ السَّفَهِ هَذَا الْحَجْرُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمَحْجُورُ بِسَبَبِ السَّفَهِ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ وَأَدَّى، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا سَعَى عَلَى الْمَوْلَى بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ، وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِالْإِفْلَاسِ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا فِي يَدِهِ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا سَعَى عَلَى الْمَوْلَى بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ، الْمَحْجُورُ بِالدَّيْنِ يَنْفُذُ إقْرَارُهُ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِي الْمَالِ الْقَائِمِ حَالَةَ الْحَجْرِ بَعْدَ زَوَالِهِ وَيَنْفُذُ فِي الْمَالِ الْمُسْتَحْدَثِ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ، وَالْمَحْجُورُ بِالسَّفَهِ لَا يَنْفُذُ الْإِقْرَارُ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِي الْمَالِ الْقَائِمِ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ. وَكَذَا لَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمَالِ الْمُسْتَحْدَثِ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا حَجَرَ عَلَى مُفْسِدٍ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَطْلَقَهُ وَرَفَعَ عَنْهُ الْحَجْرَ وَأَجَازَ مَا صَنَعَ جَازَ إطْلَاقُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَضَاءً لِعَدَمِ الْمَقْضِيِّ لَهُ وَالْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَيَنْفُذُ قَضَاءُ الثَّانِي، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي الثَّالِثِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُنَفِّذَ قِضَاءَ الْأَوَّلِ بِالْحَجْرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَبَعْدَ هَذَا لَوْ رُفِعَ إلَى قَاضٍ ثَالِثٍ فَإِنَّهُ يُنَفِّذُ قَضَاءَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ قَضَى فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَيُنَفَّذُ بِالْإِجْمَاعِ، هَذَا إذَا أَجَازَ الثَّانِي تَصَرُّفَاتِهِ، فَأَمَّا إذَا أَبْطَلَهَا الثَّانِي ثُمَّ رُفِعَ إلَى ثَالِثٍ فَأَجَازَهَا ثُمَّ رُفِعَ إلَى الرَّابِعِ يُمْضِي قَضَاءَ الثَّانِي بِإِبْطَالِ التَّصَرُّفَاتِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ فَيُبْطِلُ قَضَاءَ الثَّالِثِ بِالْإِجَارَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ رُفِعَ شَيْءٌ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ مِنْ الْمَحْجُورِ إلَى الْقَاضِي الَّذِي حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ إطْلَاقِ الْقَاضِي الثَّانِي فَنَقَضَهَا وَأَبْطَلَهَا، ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضِي آخَرَ، فَإِنَّ الثَّانِي يُنَفِّذُ حَجْرَ الْأَوَّلِ وَقَضَاءَهُ، فَلَوْ أَنَّ الثَّانِي لَمْ يُنَفِّذْ حَجْرَ الْأَوَّلِ وَأَجَازَ مَا صَنَعَ الْمَحْجُورُ ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ ثَالِثٍ، فَإِنَّ الثَّالِثَ يُنَفِّذُ حَجْرَ الْأَوَّلِ وَيَرُدُّ مَا قَضَى الثَّانِي بِالْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِي الْأَوَّلَ حِينَ رُفِعَ إلَيْهِ حَجْرُهُ وَأَمْضَاهُ كَانَ ذَلِكَ قَضَاءً مِنْهُ لِوُجُودِ الْمَقْضِيِّ لَهُ وَالْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَيُنَفَّذُ هَذَا الْقَضَاءُ فَلَا يُنَفَّذُ إبْطَالُ الثَّانِي حَجْرَ الْأَوَّلِ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ قَالَ: وَقْفُهُ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْقَاضِي، وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ وَقْفُهُ

وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي فَهُمَا أَفْتَيَا بِصِحَّةِ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا صَارَ السَّفِيهُ مُصْلِحًا لِمَالِهِ بَعْدَمَا كَانَ مُفْسِدًا هَلْ يَزُولُ الْحَجْرُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي؟ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ، عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَزُولُ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي، حَتَّى لَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِزَوَالِ الْحَجْرِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَزُولُ الْحَجْرُ إذَا صَارَ مُصْلِحًا مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي أَيْضًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ لَا يَثْبُتُ الْحَجْرُ بِسَبَبِ إفْسَادِ الْمَالِ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَمْ يَرْتَفِعْ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَيْضًا وَإِنْ صَارَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْيَتِيمُ إذَا بَلَغَ بِالسِّنِّ رَشِيدًا وَمَالُهُ فِي يَدِ وَصِيِّهِ أَوْ وَلِيِّهِ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَيْهِ مَالَهُ، وَإِنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ مَالَهُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، فَإِذَا بَلَغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَدْفَعُ إلَيْهِ مَالَهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ مَا شَاءَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ مَالَهُ بَلْ يَمْنَعُ عَنْهُ، وَإِنْ بَلَغَ سَبْعِينَ سَنَةً أَوْ تِسْعِينَ مَا لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ، وَإِنْ بَلَغَ الْيَتِيمُ سَفِيهًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَنْفُذْ تَصَرُّفَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ بَعْدَمَا حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي لَا تَنْفُذْ تَصَرُّفَاتُهُ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ يُمْضِي مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ مَا كَانَ خَيْرًا لِلْمَحْجُورِ بِأَنْ رَبِحَ فِيمَا بَاع وَالثَّمَنُ قَائِمٌ فِي يَدِهِ أَوْ حُوبِيَ فِيمَا اشْتَرَى، فَإِنْ بَلَغَ الْيَتِيمُ مُصْلِحًا فَاتَّجَرَ بِمَالِهِ وَأَقَرَّ بِدُيُونٍ وَوَهَبَ وَتَصَدَّقَ وَغَيْرَ ذَلِكَ ثُمَّ فَسَدَ وَصَارَ بِحَالٍ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ، فَمَا صَنَعَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ قَبْلَ الْفَسَادِ تَكُونُ نَافِذَةً، وَمَا صَنَعَ بَعْدَمَا فَسَدَ تَكُونُ بَاطِلَةً عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، حَتَّى لَوْ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي يُمْضِي مَا فَعَلَ قَبْلَ الْفَسَادِ وَيُبْطِلُ مَا فَعَلَ بَعْدَ الْفَسَادِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَفْسِ الْفَسَادِ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي، حَتَّى لَوْ رُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَيُمْضِي مَا فَعَلَ قَبْلَ الْحَجْرِ وَهُوَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَجْرِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمَحْجُورُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ: أَحَدُهَا أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ فِي مَالِ الصَّبِيِّ جَائِزٌ وَفِي مَالِ الْمَحْجُورِ بَاطِلٌ، وَالثَّانِي أَنَّ إعْتَاقَ الْمَحْجُورِ وَتَدْبِيرَهُ وَتَطْلِيقَهُ وَنِكَاحَهُ جَائِزٌ، وَمِنْ الصَّبِيِّ بَاطِلٌ، وَإِنْكَاحُ الْمَحْجُورِ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ الصَّغِيرَةَ لَا يَجُوزُ، وَالثَّالِثُ أَنَّ الْمَحْجُورَ إذَا أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ جَازَتْ وَصِيَّتُهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَمِنْ الصَّبِيِّ لَا تَجُوزُ، وَالرَّابِعُ جَارِيَةُ الْمَحْجُورِ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا يَثْبُتُ مِنْ الصَّبِيِّ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ بَلَغَ الْيَتِيمُ سَفِيهًا غَيْرَ رَشِيدٍ فَقَبْلَ أَنْ يَحْجُرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ لَا يَكُونُ مَحْجُورًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ مَحْجُورًا مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْحَجْرِ حُضُورُ مَنْ يُرِيدُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ بَلْ يَصِحُّ الْحَجْرُ حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا إلَّا أَنَّ الْغَائِبَ لَا يَنْحَجِرُ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ أَنَّ الْقَاضِيَ حَجَرَ عَلَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ بَاعَ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ: فَإِنْ اشْتَرَى هَذَا الْمُسْتَحِقُّ لِلْحَجْرِ شَيْئًا أَوْ بَاعَهُ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْهُ، ثُمَّ إذَا رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْعَ رَغْبَةٍ يَكُونُ فِيهِ تَوْفِيرُ النَّظَرِ وَالْمَنْفَعَةِ عَلَى الْمَحْجُورِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، فَإِنْ كَانَ بَيْعَ رَغْبَةٍ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُجِيزُ الْبَيْعَ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَنْهَى الْمُشْتَرِي عَنْ دَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ، فَإِنْ أَجَازَ الْقَاضِي الْبَيْعَ وَنَهَاهُ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَبْرَأْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ وَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ وَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ أَجَازَ الْقَاضِي الْبَيْعَ مُطْلَقًا وَلَمْ يَنْهَهْ عَنْ دَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ يَجُوزُ وَيَبْرَأُ عَنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ أَجَازَ الْبَيْعَ مُطْلَقًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: نَهَيْتُ الْمُشْتَرِيَ عَنْ دَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ فَالنَّهْيُ بَاطِلٌ، حَتَّى لَوْ دَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ جَازَ وَيَبْرَأُ عَنْهُ، فَإِنْ بَلَغَ الْمُشْتَرِي نَهْيُ الْقَاضِي الْآنَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ وَيَثْبُتُ حُكْمُ النَّهْيِ فِي حَقِّهِ بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمَا، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَثْبُتُ، حَتَّى يُخْبِرَهُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ. وَإِنْ كَانَ قَبَضَ الثَّمَنَ وَهُوَ

قَائِمٌ فِي يَدِهِ كَانَ النَّظَرُ فِي إمْضَاءِ الْعَقْدِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُمْضِيهِ وَيُجِيزُهُ، وَهَذَا كَالصَّبِيِّ يَبِيعُ وَيَعْلَمُ بِهِ الْوَصِيُّ، ثُمَّ يُنْزَعُ الثَّمَنُ مِنْ هَذَا الْمُسْتَحِقِّ لِلْحَجْرِ حَتَّى يَظْهَرَ رُشْدُهُ كَمَا فِي سَائِرِ أَمْوَالِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بَيْعَ رَغْبَةٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْعَ رَغْبَةٍ بِأَنْ كَانَ فِيهِ مُحَابَاةٌ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجِيزُ هَذَا الْعَقْدَ بَلْ يُبْطِلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ الثَّمَنَ فَقَدْ بَرِئَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ وَاسْتُرِدَّ مِنْ يَدِهِ، وَإِنْ قَبَضَ الثَّمَنَ وَكَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ رَدَّهُ عَلَيْهِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا، فَأَمَّا إذَا قَبَضَ وَهَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَرُدُّ عَلَيْهِ هَذَا الْعَقْدَ وَلَا يُمْضِيهِ ثُمَّ لَا يُضَمِّنُ الْمَحْجُورَ الْمُشْتَرِي شَيْئًا وَإِنْ كَانَ الْمَحْجُورُ اسْتَهْلَكَ الثَّمَنَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِي الْبَيْعِ مُحَابَاةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجِيزُ هَذَا الْعَقْدَ، ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ اسْتَهْلَكَهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِأَنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ أَوْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُعْطِي الدَّافِعَ مِثْلَهُ مِنْ مَالِ الْمَحْجُورِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ ثُمَّ يُعْطِيهِ الْمِثْلَ مِنْ مَالِهِ. وَإِنْ كَانَ بَيْعَ رَغْبَةٍ فَإِنَّهُ يُجِيزُ هَذَا الْبَيْعَ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الثَّمَنَ فِيمَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِأَنْ صَرَفَهُ إلَى وُجُوهِ الْفَسَادِ لَا شَكَّ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجِيزُ هَذَا الْعَقْدَ سَوَاءٌ كَانَ بَيْعَ رَغْبَةٍ أَوْ كَانَ فِيهِ مُحَابَاةٌ، ثُمَّ إنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْمَحْجُورُ مِثْلَهُ لِلْمُشْتَرِي، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ صَالِحًا ثُمَّ فَسَدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَقَدْ كَانَ إنْسَانٌ اشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا فَاخْتَلَفَ الْمَحْجُورُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُهُ مِنْكَ فِي حَالِ صَلَاحِكَ، وَقَالَ الْمَحْجُورُ: لَا بَلْ اشْتَرَيْتَهُ مِنِّي فِي حَالِ الْحَجْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الَّذِي يَدَّعِي الصِّحَّةَ، وَلَوْ أَطْلَقَ عَنْهُ الْقَاضِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُهُ بَعْدَمَا أَطْلَقَ عَنْكَ، وَقَالَ الْمَحْجُورُ: لَا بَلْ اشْتَرَيْتَهُ مِنِّي فِي حَالِ الْحَجْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ غُلَامًا أَدْرَكَ مَدْرَكَ الرِّجَالِ وَهُوَ مُصْلِحٌ لِمَالِهِ فَدَفَعَ مَالَهُ إلَيْهِ وَصِيُّهُ أَوْ الْقَاضِي فَبَاعَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ وَكَانَ الثَّمَنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا حَتَّى صَارَ فَاسِدًا حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْحَجْرَ، فَدَفَعَ إلَيْهِ الْغَرِيمُ الْمَالَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الثَّمَنِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَبْرَأُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ وَهُوَ مُصْلِحٌ فَبَاعَهُ ثُمَّ صَارَ الْبَائِعُ مُفْسِدًا مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فَقَبَضَ الثَّمَنَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَبْرَأْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُوَصِّلَهُ الْقَابِضُ إلَى الْآمِر، فَإِنْ أَوْصَلَهُ بَرِئَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يُوَصَّلُ إلَى الْآمِرِ حَتَّى هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَاعَ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَرَفَعَ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَبْرَأْ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ أَمَرَهُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ وَالْمَأْمُورُ مُفْسِدٌ غَيْرُ مُصْلِحٍ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ فَبَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَالْآمِرُ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ بِفَسَادِهِ جَازَ بَيْعُهُ وَقَبْضُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى السَّفِيهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَيَشْتَرِيَ، فَبَاعَ وَاشْتَرَى جَازَ وَكَانَ إذْنُ الْقَاضِي إخْرَاجًا لَهُ مِنْ الْحَجْرِ، وَلَكِنْ إذَا وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِبَيْعِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ شِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَكُنْ هَذَا إخْرَاجًا لَهُ مِنْ الْحَجْرِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَاءِ الْبُرِّ خَاصَّةً كَانَ هَذَا إطْلَاقًا لَهُ مِنْ الْحَجْرِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا أَدْرَكَ الْيَتِيمُ مُفْسِدًا فَحَجَرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فَسَأَلَ وَصِيَّهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَضَاعَ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ فَالْوَصِيُّ ضَامِنٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ أَوْدَعَهُ الْمَالَ إيدَاعًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِي أَمَرَ غُلَامًا قَدْ بَلَغَ مُفْسِدًا غَيْرَ مُصْلِحٍ وَقَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَوْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ بِأَنْ يَبِيعَ مَالَهُ وَيَشْتَرِي بِهِ صَحَّ إذْنُهُ، حَتَّى لَوْ بَاعَ وَاشْتَرَى وَقَبَضَ الثَّمَنَ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا بِلَا خِلَافٍ، بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَإِنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ، فَإِنْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يَجُزْ، وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ جَازَ وَسَعَى الْغُلَامُ فِي قِيمَتِهِ كَمَا قَبْلَ الْإِذْنِ، وَإِنْ بَاعَ وَاشْتَرَى بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ جَازَ، وَإِنْ بَاعَ وَاشْتَرَى بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ شِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ جَازَ وَلَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ جَازَ تَدْبِيرُهُ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى وَلَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَوْ جَاءَتْ جَارِيَتُهُ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَنَّهُ ابْنُهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَكَانَ وَلَدُهُ حُرًّا مِنْ غَيْرِ سِعَايَةٍ، وَالْأُمُّ تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ سِعَايَةٍ

هَذَا إذَا كَانَ عُلُوقُ الْوَلَدِ فِي مِلْكِهِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَادَّعَى نَسَبَهُ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ لَكِنْ يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا بِالسِّعَايَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ لَا يُعْلَمُ لَهَا وَلَدٌ وَقَالَ هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ وَلَدِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا، فَإِنْ عَتَقَتْ سَعَتْ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ لَمْ يُولَدْ فِي مِلْكِهِ فَقَالَ هَذَا ابْنِي وَمِثْلُهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَهُوَ ابْنُهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيَسْعَى فِي قِيمَتِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ فِي الَّذِي لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ: لَوْ اشْتَرَى أَبَاهُ وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَقَبَضَ كَانَ شِرَاؤُهُ جَائِزًا، وَيَعْتِقُ الْأَبُ عَلَيْهِ، وَإِذَا عَتَقَ عَلَيْهِ ذُكِرَ أَنَّ الْمُشْتَرِي لَا يَضْمَنُ لِلْبَائِعِ الْقِيمَةَ وَلَكِنَّ الْعَبْدَ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ اشْتَرَى هَذَا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ ابْنَهُ وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَقَبَضَهُ كَانَ شِرَاؤُهُ فَاسِدًا وَيَعْتِقُ الْغُلَامُ حِينَ قَبْضِهِ ثُمَّ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِلْبَائِعِ وَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ فِي مَالِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وُهِبَ لَهُ ابْنُهُ الْمَعْرُوفُ أَوْ وُهِبَ لَهُ غُلَامٌ فَقَبَضَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَتَلْزَمُهُ السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَعْتَقَهُ، وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً صَحَّ نِكَاحُهُ وَيُنْظَرُ إلَى مَا تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ وَإِلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَيَلْزَمُهُ أَقَلُّهُمَا وَيَبْطُلُ الْفَضْلُ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا مِمَّا سُمِّيَ، وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ فِي مِقْدَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَتَنْصِيفُ الْمَفْرُوضِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ حُكْمٌ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ. وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ أَوْ تَزَوَّجَ كُلَّ يَوْمٍ وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَالْمَرْأَةُ الْمَحْجُورَةُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ الْمَحْجُورِ، فَإِنْ زَوَّجَتْ الْمَحْجُورَةُ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ كُفْءٍ يَجُوزُ نِكَاحُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً قَدْ بَلَغَتْ مَحْجُورَةً عَلَيْهَا لِإِفْسَادِهَا مَالَهَا تَزَوَّجَتْ رَجُلًا بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ بِأَكْثَرَ وَلَا وَلِيٌّ لَهَا ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَهُوَ كُفْءٌ لَهَا وَقَدْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ، قَالُوا: وَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَاب قَوْلُهُمْ جَمِيعًا وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيَكُونُ هَذَا رُجُوعًا مِنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ جَائِزٌ، هَذَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، فَأَمَّا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ مِنْ كُفْءٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ إنْ شَاءَ أَكْمَلَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، وَإِنْ أَبَى فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا حُطَّ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَانَ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ أَنْ يُكَمِّلَ مَهْرَ مِثْلِهَا وَبَيْنَ أَنْ يُفَرِّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، وَعَلَى قَوْلِهِمَا حَطَّهُمَا صَحِيحٌ وَلَيْسَ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَلْ هَذَا قَوْلُهُمَا، وَمَتَى اخْتَارَ الْفَسْخَ لَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْمَهْرِ شَيْءٌ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَإِنْ جَاءَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَ كُفْءٍ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اخْتَلَعَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّفِيهَةُ مِنْ زَوْجِهَا بِمَالٍ جَازَ الْخُلْعُ وَلَمْ يَجِبْ الْمَالُ عَلَيْهَا لَا فِي الْحَالِ وَلَا فِي الثَّانِي، ثُمَّ الطَّلَاقُ إنْ وَقَعَ بِمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي بَابِ الطَّلَاقِ كَانَتْ تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً يَمْلِكُ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ يَقَعُ بَائِنًا. وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْبَالِغَةِ الْمُصْلِحَةِ إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا، فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بَائِنًا سَوَاءٌ وَقَعَ بِلَفْظِ الصَّرِيحِ أَوْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ إنْ لَمْ يَجِبْ لِلْحَالِ يَجِبُ فِي الثَّانِي، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى يَجِبُ الْمَالُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى كَانَ عَلَيْهَا الْمَالُ بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ وَيُنْفِقُ عَلَى وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ ذَوِي أَرْحَامِهِ، الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى - كَالزَّكَاةِ وَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ حَقًّا لِلنَّاسِ فَهُوَ وَالْمُصْلِحُ فِيهِ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ، إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَدْفَعُ قَدْرَ الزَّكَاةِ إلَيْهِ لِيَصْرِفَهَا إلَى مَصْرِفَهَا لَكِنْ يَبْعَثُ أَمِينًا مَعَهُ لِئَلَّا يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِ وَجْهِهِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِنْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي مَالًا يَصِلُ بِهِ قَرَابَتَهُ الَّذِينَ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِمْ أَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْقَاضِي لَا يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ بَلْ يَدْفَعُهُ بِنَفْسِهِ إلَى ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْقَرَابَةِ وَعُسْرَةِ الْقَرِيبِ، كَذَا

فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ: وَلَا يُصَدَّقُ السَّفِيهُ فِي إقْرَارِهِ بِالنَّسَبِ إذَا كَانَ رَجُلًا إلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ فِي الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَالزَّوْجَةِ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ، فَأَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ كَانَ السَّفِيهُ امْرَأَةً، فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فِي الْوَالِدِ وَالزَّوْجِ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ وَلَا تُصَدَّقُ فِي الْوَلَدِ، ثُمَّ إذَا صُدِّقَ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ إنْ ثَبَتَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِنَّهُ تَجِبُ النَّفَقَةُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ غَيْرُهُمْ بِالْبَيِّنَةِ وَلَكِنَّ السَّفِيهَ أَقَرَّ فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ لِلْمَرْأَةِ بِنَفَقَةِ مَا مَضَى لِلْمَرْأَةِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ نَذَرَ نَذْرًا مِنْ هَدْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ وَيُكَفَّرُ يَمِينُهُ وَظِهَارُهُ بِالصَّوْمِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَأَعْتَقَ، فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الظِّهَارِ وَيَسْعَى الْغُلَامُ فِي قِيمَتِهِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْمَحْجُورَ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ رَجُلًا بِعَصَا كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ مُغَلَّظَةً ثُمَّ لَا يُكَفِّرُ بِالْعِتْقِ وَلَكِنْ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ كَفَّارَتِهِ وَجَبَتْ السِّعَايَةُ عَلَى الْعَبْدِ وَلَمْ يُجْزِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ كَمَا فِي الظِّهَارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَإِنْ صَامَ الْمُفْسِدُ أَحَدَ الشَّهْرَيْنِ ثُمَّ صَارَ مُصْلِحًا لَمْ يُجْزِهِ إلَّا الْعِتْقُ بِمَنْزِلَةِ مُعْسِرٍ أَيْسَرَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ أَرَادَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا وَلَا يُسَلِّمُ الْقَاضِي النَّفَقَةَ إلَيْهِ بَلْ يُسَلِّمُهَا إلَى ثِقَةٍ مِنْ الْحَاجِّ يُنْفِقُهَا عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ كَيْ لَا يُبَذِّرَ وَلَا يُسْرِفَ، وَلَوْ أَرَادَ عُمْرَةً وَاحِدَةً لَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يُمْنَعَ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَا مِنْ أَنْ يَسُوقَ بَدَنَةً، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. ثُمَّ الْقَارِنُ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ وَيُجْزِئُهُ قِيمَةُ الشَّاةِ عِنْدَنَا، وَلَكِنَّ الْبَدَنَةَ فِيهِ أَفْضَلُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ جَنَى فِي إحْرَامِهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ جِنَايَةً يَجُوزُ فِيهَا الصَّوْمُ كَقَتْلِ الصَّيْدِ وَالْحَلْقِ عَنْ أَذًى وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ بَلْ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ، وَإِنْ كَانَ جِنَايَةً لَا يُجْزِئُ فِيهَا الصَّوْمُ كَالْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَالتَّطَيُّبِ وَتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ وَلَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ التَّكْفِيرِ فِي الْحَالِ بَلْ يُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَصِيرَ مُصْلِحًا، بِمَنْزِلَةِ الْفَقِيرِ الَّذِي لَا يَجِدُ مَالًا وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ بَعْدَمَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ يَتَأَخَّرُ إلَى أَنْ يَصِيرَ مُصْلِحًا، وَإِنْ جَامَعَهَا قَبْلَ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ لَمْ يُمْنَعْ نَفَقَةَ الْمُضِيِّ فِي إحْرَامِهِ وَلَا يُمْنَعُ نَفَقَةَ الْعَوْدِ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ لِلْقَضَاءِ، وَيُمْنَعُ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَالْعُمْرَةُ فِي هَذَا كَالْحَجِّ، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ قَضَى حَجَّةَ الْإِسْلَامِ إلَّا طَوَافَ الزِّيَارَةِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَلَمْ يَطُفْ طَوَافَ الصَّدْرِ، فَإِنَّهُ يُطْلِقُ لَهُ نَفَقَةَ الرُّجُوعِ لِلطَّوَافِ، وَيَصْنَعُ فِي الرُّجُوعِ مِثْلَ مَا يَصْنَعُ فِي ابْتِدَاءِ الْحَجِّ، وَلَكِنْ يَأْمُرُ الَّذِي يَلِي النَّفَقَةَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهِ رَاجِعًا ثُمَّ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ بِحَضْرَتِهِ، وَإِنْ طَافَ جُنُبًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ لَمْ يُطْلَقْ لَهُ نَفَقَةُ الرُّجُوعِ لِلطَّوَافِ وَلَكِنْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَشَاةٌ لِطَوَافِ الصَّدْرِ يُؤَدِّيهِمَا إذَا صَلَحَ، وَإِنْ أُحْصِرَ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلَّذِي أُعْطِيَ نَفَقَتَهُ أَنْ يَبْعَثَ بِهَدْيٍ فَيَتَحَلَّلَ بِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ تَطَوُّعًا أَوْ بِعُمْرَةٍ تَطَوُّعًا، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُعْطِيهِ النَّفَقَةَ مِقْدَارَ مَا يَكْفِيهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْمَحْجُورَ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ تَطَوُّعًا لَمْ يُنْفَقُ عَلَيْهِ فِي قَضَائِهَا نَفَقَةَ السَّفَرِ وَلَكِنْ يُجْعَلُ لَهُ مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِيهِ فِي مَنْزِلِهِ وَلَا يُزَادُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي السَّفَرِ مِنْ زِيَادَةِ النَّفَقَةِ وَالرَّاحِلَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: إنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ مَاشِيًا، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا كَثِيرَ الْمَالِ وَقَدْ كَانَ الْحَاكِمُ يُوَسِّعُ عَلَيْهِ فِي مَنْزِلِهِ بِذَلِكَ وَكَانَ فِيمَا يُعْطِيهِ مِنْ النَّفَقَةِ فَضْلٌ عَلَى قُوتِهِ فَقَالَ: أَنَا أَتَكَارَى بِذَلِكَ وَأُنْفِقُ عَلَى نَفْسِي بِالْمَعْرُوفِ أَطْلَقَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ النَّفَقَةَ، وَلَكِنْ يَدْفَعُهَا إلَى ثِقَةٍ يُنْفِقُهَا عَلَيْهِ عَلَى مَا أَرَادَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ مَاشِيًا وَمَكَثَ حَرَامًا وَطَالَ بِهِ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَهُ مِنْ إحْرَامِهِ ذَلِكَ ضَرُورَةٌ يَخَافُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَرَضًا أَوْ غَيْرَهُ فَلَا بَأْسَ إذَا جَاءَتْ الضَّرُورَةُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ حَتَّى يَقْضِيَ إحْرَامَهُ وَيَرْجِعَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أُحْصِرَ فِي إحْرَامِ التَّطَوُّعِ لَمْ يَبْعَثْ الْهَدْيَ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَبْعَثَ بِهَدْيٍ مِنْ نَفَقَتِهِ، وَإِنْ شَاءَ ذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَفَقَتِهِ مَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ ذَلِكَ مِنْهُ تَرَكَهُ عَلَى حَالِهِ حَتَّى تَأْتِيَ الضَّرُورَةُ الَّتِي وَصَفْتُ لَكَ ثُمَّ يَبْعَثَ بِهَدْيٍ مِنْ مَالِهِ يَحِلُّ بِهِ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى مَا يُصْلِحُهُ وَيُصْلِحُ مَالَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّتِهِ إنْ كَانَتْ مُوَافِقَةً لِوَصَايَا أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ نَحْوَ الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ شَيْءٍ

مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَيُنَفَّذُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِوَصَايَا أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ لَا يَجِبُ تَنْفِيذُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ: إذَا دَفَعَ الْوَصِيُّ إلَى الْوَارِثِ مَالَهُ حِينَ أَدْرَكَ وَهُوَ فَاسِدٌ مِمَّنْ يُحْجَرُ عَلَيْهِ كَانَ دَفْعُهُ جَائِزًا وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَمَّا الْحَجْرُ بِسَبَبِ الْفِسْقِ فَعِنْدَنَا لَا يُحْجَرُ عَلَى الْفَاسِقِ إذَا كَانَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ، وَالْفِسْقُ الْأَصْلِيُّ وَالطَّارِئُ سَوَاءٌ. وَأَمَّا الْحَجْرُ بِسَبَبِ الْغَفْلَةِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مُفْسِدًا وَلَكِنَّهُ سَلِيمُ الْقَلْبِ لَا يَهْتَدِي إلَى التَّصَرُّفَاتِ الرَّابِحَةِ وَيَغْبِنُ فِي التِّجَارَاتِ وَلَا يَصِيرُ عَنْهَا، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْجُرُ عَلَى هَذَا الْمُكَلَّفِ الْمُغَفَّلِ عِنْدَهُمَا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَنَّ صَبِيًّا مَحْجُورًا اسْتَقْرَضَ مَالًا لِيُعْطِيَ صَدَاقَ الْمَرْأَةِ صَحَّ اسْتِقْرَاضُهُ، فَإِنْ لَمْ يُعْطِ الْمَرْأَةَ وَصَرَفَ الْمَالَ فِي بَعْضِ حَوَائِجِهِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إذَا اسْتَقْرَضَ مَالًا وَاسْتَهْلَكَهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَيُؤَاخَذُ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَوْ أَوْدَعَ إنْسَانٌ عَبْدًا مَحْجُورًا فَأَقَرَّ الْمَحْجُورُ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ لَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ صَارَ مُصْلِحًا بَعْدَ ذَلِكَ يُسْأَلُ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ، فَإِنْ قَالَ: مَا أَقْرَرْتُ بِهِ كَانَ حَقًّا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ قَالَ: كَانَ بَاطِلًا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ السَّفَهِ أَوْدَعَهُ رَجُلٌ مَالًا فَأَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ صَلَحَ بَعْدَ ذَلِكَ سُئِلَ عَنْ إقْرَارِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ فِي حَالِ فَسَادِهِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا، فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ كَانَ يَرَى الْحَجْرَ فِي السَّفِيهِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ فِي حَالِ صَلَاحِهِ ضَمِنَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَقْرَضَ مَالًا فَأَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِنَفَقَةِ مِثْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْقَاضِي أَنْفَقَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ قَضَاهُ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ أَنْفَقَهُ بِإِسْرَافٍ حَسَبَ الْقَاضِي لِلْمُقْرِضِ مِنْ ذَلِكَ مِثْلَ نَفَقَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَقَضَاهُ مِنْ مَالِهِ وَأَبْطَلَ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْدَعَ هَذَا السَّفِيهَ مَالًا وَاسْتَهْلَكَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ لَا يَضْمَنُ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَمَا صَارَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ كَانَ يَرَى الْحَجْرَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ، وَكَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ إذَا اسْتَهْلَكَ مَا كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا، وَضَمِنَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، هَذَا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَالًا سِوَى الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً فَقَتَلَهُ خَطَأً كَانَتْ قِيمَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَقَرَّ الْمَحْجُورُ بِذَلِكَ إقْرَارًا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا دَامَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، فَإِنْ صَلَحَ فَسُئِلَ عَمَّا كَانَ أَقَرَّ بِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فِي حَالِ صَلَاحِهِ أُخِذَتْ مِنْهُ الْقِيمَةُ مِنْ مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يُقْضَى عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ مَالَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَاسْتَهْلَكَهُ وَصَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ وَقَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُصَدِّقُ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَإِذَا صَلَحَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُؤَاخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ إلَّا أَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ إقْرَارِهِ بَعْدَمَا صَارَ مُصْلِحًا أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ وَهُوَ الِاسْتِهْلَاكُ كَانَ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا، فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الِاسْتِهْلَاكِ كَانَ حَقًّا يُؤَاخَذُ بِهِ وَيَصِيرُ مَا أَقَرَّ بِهِ دَيْنًا فِي مَالِهِ، وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ الْمُقَرُّ بِهِ ثَابِتًا وَكَانَ مُبْطِلًا فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ مَالَ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فِي حَالَةِ الصِّبَا ثُمَّ بَلَغَ فَقَالَ الْمُقَرُّ بِهِ كَانَ حَقًّا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ وَبِمِثْلِهِ، لَوْ قَالَ لَمْ يَكُنْ حَقًّا فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ، فَإِنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ كُنْتَ مُحِقًّا فِي إقْرَارِكَ وَقَالَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بَلْ كُنْتُ مُبْطِلًا فِي الْإِقْرَارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ فِي حَالِ السَّفَهِ. إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ مُبْطِلًا فِي إقْرَارِهِ وَادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُحِقًّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَبِمِثْلِهِ لَوْ قَالَ بَعْدَ الْكِبْرِ: أَقْرَضْتَنِي وَأَنَا صَبِيٌّ مَحْجُورٌ أَوْ أَوْدَعْتَنِي وَاسْتَهْلَكْتَ ذَلِكَ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ: لَا بَلْ أَوْدَعْتُكَ أَوْ أَقْرَضْتُكَ وَأَنْتَ مَأْذُونٌ بَالِغٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ وَعَلَى الصَّبِيِّ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَقْرَضَ مَحْجُورًا أَوْ أَوْدَعَهُ ثُمَّ صَارَ مُصْلِحًا فَقَالَ لِصَاحِبِ الْمَالِ كُنْتَ أَقْرَضْتَنِي فِي حَالِ فَسَادِي فَأَنْفَقْتُهَا، أَوْ قَالَ: أَوْدَعَتْنِي فِي حَالِ فَسَادِي فَأَنْفَقْتُهَا، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ: فِي حَالِ صَلَاحِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمَالِ وَيَضْمَنُ الْمَحْجُورُ، كَذَا

الفصل الثاني في معرفة حد البلوغ

فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَوْدَعْتُكَ أَوْ أَقْرَضْتُكَ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ إلَّا أَنَّكَ اسْتَهْلَكْتَ بَعْدَمَا صَلَحْتَ وَلِي عَلَيْكَ ضَمَانٌ، وَالْمَحْجُورُ يَقُولُ: لَا بَلْ اسْتَهْلَكْتُ فِي حَالِ الْفَسَادِ وَلَا ضَمَانَ لَكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَحْجُورِ، وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ الْبَيِّنَةُ إنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا فِي يَدِهِ بَعْدَمَا صَلَحَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ حَدِّ الْبُلُوغِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ حَدِّ الْبُلُوغِ) بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ الْإِحْبَالِ أَوْ الْإِنْزَالِ، وَالْجَارِيَةُ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ الْحَيْضِ أَوْ الْحَبَلِ، كَذَا فِي الْمُخْتَارِ. وَالسِّنُّ الَّذِي يُحْكَمُ بِبُلُوغِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ إذَا انْتَهَيَا إلَيْهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً لِلْغُلَامِ وَسَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً لِلْجَارِيَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَأَدْنَى مُدَّةِ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ وَنَحْوِهِ فِي حَقِّ الْغُلَامِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً، وَفِي الْجَارِيَةِ تِسْعُ سِنِينَ، وَلَا يُحْكَمُ بِالْبُلُوغِ إنْ ادَّعَى وَهُوَ مَا دُونَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً فِي الْغُلَامِ وَتِسْعِ سِنِينَ فِي الْجَارِيَةِ، كَذَا فِي الْمَعْدِنِ. فَإِنْ أَخْبَرَا بِهِ وَلَمْ يُكَذِّبْهُمَا الظَّاهِرُ قُبِلَ قَوْلُهُمَا كَمَا قُبِلَ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي الْحَيْضِ، وَإِذَا قَبِلْنَا قَوْلَهُمَا فِي ذَلِكَ صَارَتْ أَحْكَامُهُمَا أَحْكَامَ الْبَالِغِينَ، كَذَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْأَقْطَعِ. وَإِنْ حَاضَتْ الْجَارِيَةُ أَوْ احْتَلَمَ الْغُلَامُ أَوْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ فَاسْتَكْمَلَ الْغُلَامُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَالْجَارِيَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأُونِسَ مِنْهُمَا الرُّشْدُ وَاخْتُبِرَا بِالْحِفْظِ لِأَمْوَالِهِمَا وَالصَّلَاحِ فِي دِينِهِمَا دُفِعَتْ إلَيْهِمَا أَمْوَالُهُمَا، فَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُسْتَأْنَسَيْنِ لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِمَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مِثْلَ ذَلِكَ، إلَّا إذَا تَأَخَّرَ الِاحْتِلَامُ أَوْ الْحَيْضُ فَالْبُلُوغُ بِالسِّنِّ، فَإِذَا حُكِمَ بِالْبُلُوغِ عِنْدَ إدْرَاكِ السِّنِّ أَوْ بِالْحَيْضِ وَالِاحْتِلَامِ إنْ كَانَ رَشِيدًا مُصْلِحًا دُفِعَ إلَيْهِ الْمَالُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ بَلْ كَانَ مُفْسِدًا فَلِوَصِيِّهِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَمْنَعَ الْمَالَ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا رَاهَقَ الْغُلَامُ أَوْ الْجَارِيَةُ الْحُلُمَ وَأَشْكَلَ أَمْرُهُ فِي الْبُلُوغِ فَقَالَ: قَدْ بَلَغْتُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَأَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الْبَالِغِينَ، كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ بَعْدَمَا بَلَغَ مَبْلَغًا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْإِحْبَالُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيَحْكُمُ بِبُلُوغِهِ ضَرُورَةُ ثُبُوتِ نَسَبِ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْحَجْرِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْحَجْرِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ) فَالْحَجْرُ بِسَبَبِ الدَّيْنِ أَنْ يَرْكَبَ الرَّجُلَ دُيُونٌ تَسْتَغْرِقُ أَمْوَالَهُ أَوْ تَزِيدُ عَلَى أَمْوَالِهِ فَطَلَبَ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَهَبَ مَالَهُ وَلَا يَتَصَدَّقَ بِهِ وَلَا يُقِرَّ بِهِ لِغَرِيمٍ آخَرَ فَالْقَاضِي يَحْجُرُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا وَيَعْمَلُ حَجْرُهُ حَتَّى لَا تَصِحَّ هِبَتُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْمَلُ حَجْرُهُ حَتَّى تَصِحَّ مِنْهُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمَحْجُورُ امْرَأَةً صَحَّ نِكَاحُهُ، فَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَمِقْدَارُ مَهْرِ الْمِثْلِ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ يُحَاصُّ الْغَرِيمَ فِي ذَلِكَ وَمَا زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ وَيَظْهَرُ فِي الْمَالِ الَّذِي حَدَثَ لَهُ بَعْدَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يُبَاعُ عَلَى الْمَدْيُونِ مَالُهُ، فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعُرُوض وَالْعَقَارُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَكِنْ يَحْبِسُهُ أَبَدًا حَتَّى يَبِيعَهُ فِي دَيْنِهِ إيفَاءً لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، وَقَالَا يَبِيعُ مَالَهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ وَقَسْمِ ثَمَنِهِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ بِالْحِصَصِ، كَذَا فِي الْكَافِي. لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي بَيْعَ مَالِ الْمَدْيُونِ عَلَيْهِ إلَّا بِرِضَاهُ، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ وَهَذَا فِي الْمَدْيُونِ الْحَاضِرِ عِنْدَهُمَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمَشَايِخِ، وَفِي الْمَدْيُونِ الْغَائِبِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِمَا بَعْضُهُمْ قَالُوا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْقَاضِي عَلَيْهِ إذَا غَابَ الزَّوْجُ وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ فِي نَفَقَتِهَا فَالْقَاضِي لَا يَبِيعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَإِنْ كَانَ مَالُ الْغَائِبِ شَيْئًا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ يَبِيعُ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْغَائِبِ عَبْدٌ وَخَافَ الْقَاضِي أَنْ تَسْتَغْرِقَ قِيمَتُهُ نَفَقَتَهُ فَالْقَاضِي يَبِيعُهُ بِالْإِجْمَاعِ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيَصِحُّ هَذَا الْحَجْرُ عِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ الْمَحْجُورُ الْمَدْيُونُ غَائِبًا، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَجْرِ، حَتَّى أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ بَاشَرَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ يَكُونُ صَحِيحًا عِنْدَهُمَا، وَهُوَ قِيَاسُ الْحَجْرِ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ مِنْ حَيْثُ

أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِدُونِ عِلْمِ الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ يَصِحُّ هَذَا الْحَجْرُ قَبْلَ الْحَبْسِ وَبَعْدَهُ، وَكُلُّ تَصَرُّفٍ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقِّ غُرَمَائِهِ فَالْحَجْرُ يُؤْثِرُ فِيهِ، وَذَلِكَ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ جَازَ مِنْ هَذَا الْمَحْجُورِ، وَإِنْ بَاعَ بِالْغَبْنِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْغَبْنُ يَسِيرًا أَوْ فَاحِشًا، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ إزَالَةِ الْغَبْنِ وَبَيْنَ الْفَسْخِ، فَإِنْ بَاعَ مَالَهُ مِنْ الْغَرِيمِ وَجَعَلَ الدَّيْنَ بِالثَّمَنِ قِصَاصًا إنْ كَانَ الْغَرِيمُ وَاحِدًا جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ اثْنَيْنِ فَبَيْعُ مَالِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِمِثْلِ قِيمَتِهِ يَصِحُّ، كَمَا لَوْ بَاعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ، وَلَكِنَّ الْمُقَاصَّةَ لَا تَصِحُّ. وَكَذَا لَوْ قَضَى دَيْنَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لَا يَمْلِكُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِسَبَبِ الدَّيْنِ يُشْهِدُ أَنَّهُ قَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَالْإِشْهَادُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْحَجْرِ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْحَجْرِ أَحْكَامٌ وَرُبَّمَا يَقَعُ التَّجَاحُدُ فَيَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهِ فَيُشْهِدُ لِيَقَعَ الْأَمْنُ عَنْ التَّجَاحُدِ وَيُبَيِّنُ سَبَبَ الْحَجْرِ فَيَقُولُ: حَجَرْتُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ لِفُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَاهُ جَائِزًا تَخْتَلِفُ أَسْبَابُهُ وَهُوَ بِاخْتِلَافِ سَبَبِهِ يَخْتَلِفُ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ بِسَبَبِ السَّفَهِ يَعُمُّ الْأَمْوَالَ كُلَّهَا وَالْحَجْرُ بِسَبَبِ الدَّيْنِ يَخْتَصُّ بِالْمَالِ الْمَوْجُودِ لَهُ فِي الْحَالِ، فَأَمَّا مَا يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْمَالِ بِالْكَسْبِ وَغَيْرِهِ فَلَا يُؤَثِّرُ الْحَجْرُ فِيهِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي فَغَابَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَامْتَنَعَ عَنْ الْحُضُورِ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُنَصِّبُ الْقَاضِي عَنْهُ وَكِيلًا وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ إذَا سَأَلَ الْخَصْمُ ذَلِكَ، وَإِنْ سَأَلَ الْخَصْمُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْكُمُ وَلَا يَحْجُرُ، حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ ثُمَّ يَحْكُمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَحْجُرَ عَلَيْهِ عِنْدَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْجُرُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا قَبْلَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ دَرَاهِمَ وَمَالُهُ دَرَاهِمَ قَضَى الْقَاضِي بِغَيْرِ أَمْرِهِ إجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ دَرَاهِمَ وَمَالُهُ دَنَانِيرَ أَوْ بِعَكْسِهِ بَاعَهَا الْقَاضِي فِي دَيْنِهِ اسْتِحْسَانًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُبَاشِرَ هَذِهِ الْمُصَارَفَةَ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يَبِيعُ الْعُرُوضَ وَلَا الْعَقَارَ وَقَالَا يَبِيعُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ النُّقُودُ ثُمَّ الْعُرُوض ثُمَّ الْعَقَارُ يَبْدَأُ بِالْأَيْسَرِ فَالْأَيْسَرِ وَيُتْرَكُ عَلَيْهِ دَسْتُ مِنْ ثِيَابِ بَدَنِهِ وَيُبَاعُ الْبَاقِي وَقِيلَ دَسْتَانِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا كَانَ لِلْمَدْيُونِ ثِيَابٌ يَلْبَسُهَا وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَجْتَزِئَ بِدُونِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَبِيعُ ثِيَابَهُ فَيَقْضِي الدَّيْنَ بِبَعْضِ ثَمَنِهَا وَيَشْتَرِي بِمَا بَقِيَ ثَوْبًا يَلْبَسُهُ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إذَا كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْتَزِئَ بِمَا دُونَ ذَلِكَ يَبِيعُ ذَلِكَ الْمَسْكَنَ وَيَصْرِفُ بَعْضَ الثَّمَنِ إلَى الْغُرَمَاءِ وَيَشْتَرِي بِالْبَاقِي مَسْكَنًا لِيَبِيتَ فِيهِ، وَعَنْ هَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا: إنَّهُ يَبِيعُ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ، حَتَّى إنَّهُ يَبِيعُ اللِّبْدَ فِي الصَّيْفِ وَالنَّطْعَ فِي الشِّتَاءِ، وَإِذَا بَاعَ الْقَاضِي عِنْدَهُمَا مَالَ الْمَدْيُونِ لِقَضَاءِ دُيُونِهِ أَوْ أَمَرَ أَمِينَهُ بِالْبَيْعِ فَإِنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمَطْلُوبِ لَا عَلَى الْقَاضِي وَأَمِينِهِ، وَالْعُهْدَةُ هِيَ أَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمَطْلُوبِ لَا عَلَى الْقَاضِي وَأَمِينِهِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ كَانُونٌ مِنْ حَدِيدٍ يُبَاعُ وَيَتَّخِذُ مِنْ الطِّينِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. قَالَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ رَكِبَهُ دَيْنٌ فَاخْتَفَى وَيُتَخَوَّفُ أَنْ يُلْجِئَ مَالَهُ، قَالَ: إنْ كَانَ الْغُرَمَاءُ قَدْ أَثْبَتُوا دُيُونَهُمْ عِنْدِي حَجَرْتُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَثْبَتُوا دُيُونَهُمْ لَمْ أَحْجُرْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَغَيَّبَ فَبَاعَ عَلَيْهِ قَاضٍ أَجَزْتُ بَيْعَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَمَّا أَنَا فَلَا أَبِيعُ، وَسَأَلْتُهُ عَمَّنْ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْ مِنْ هَذَا الْمَحْجُورِ مَتَاعًا وَأَنَا ضَامِنٌ لِثَمَنِهِ فَبَاعَهُ مَتَاعًا، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَا حَالُ الْمَتَاعِ، قُلْتُ: قَبَضَهُ الْمَحْجُورُ وَاسْتَهْلَكَهُ، قَالَ: لَا يَضْمَنُ الضَّمِينُ شَيْئًا، وَإِنْ قَالَ: مَا بَايَعْتُهُ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى مِائَةٍ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَبَاعَهُ ثَوْبًا يُسَاوِي خَمْسِينَ بِمِائَةٍ وَقَبَضَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ، قَالَ: يَضْمَنُ قِيمَةَ الثَّوْبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ، فَإِنْ أَقَرَّ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ بِإِقْرَارٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَذَا الْمَالِ حَقُّ الْأَوَّلِينَ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إبْطَالِ حَقِّهِمْ بِالْإِقْرَارِ لِغَيْرِهِمْ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ مَالَ إنْسَانٍ، حَيْثُ يَصِيرُ الْمُتْلَفُ عَلَيْهِ أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اسْتَفَادَ مَالًا آخَرَ بَعْدَ الْحَجْرِ نَفَذَ إقْرَارُهُ فِيهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ كَانَ سَبَبُ وُجُوبِ الدَّيْنِ ثَابِتًا عِنْدَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ

الشُّهُودِ بِأَنْ شَهِدُوا عَلَى الِاسْتِقْرَاضِ أَوْ الشِّرَاءِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ شَارَكَ هَؤُلَاءِ الْغُرَمَاءُ غَرِيمَهُ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ قَبْلَ الْحَجْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى رَجُلٍ لِقَوْمٍ لَهُمْ دُيُونٌ مُخْتَلِفَةٌ فَقَضَى الْمَحْجُورُ دَيْنَ بَعْضِهِمْ شَارَكَ الْبَاقُونَ فِيمَا قَبَضَ يُسَلِّمُ لَهُ حِصَّتَهُ وَيَدْفَعُ مَا زَادَ عَلَى حِصَّتِهِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَلَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ صَحَّ إقْرَارُهُ. وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ صَحَّ إعْتَاقُهُ وَتَدْبِيرُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَسْتَوِي فِيهِ الْجِدُّ وَالْهَزْلُ يَنْفُذُ مِنْ الْمَحْجُورِ وَمَا لَا يَنْفُذُ مِنْ الْهَازِلِ لَا يَنْفُذُ مِنْ الْمَحْجُورِ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ مَالَ إنْسَانٍ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ لَزِمَهُ ضَمَانُ ذَلِكَ، وَمَنْ لَهُ الضَّمَانُ يُحَاصّ الْغَرِيمَ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ فِيمَا كَانَ فِي يَدِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى الْمَحْجُورُ جَارِيَةً بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا، فَإِنْ بَاعَ الْجَارِيَةَ يُحَاصّ الْغَرِيمَ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهَا، وَمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا يَأْخُذُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي يَحْدُثُ بَعْدَ الْحَجْرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُنْفَقُ عَلَى الْمَدْيُونِ وَعَلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَذَوِي أَرْحَامِهِ مِنْ مَالِهِ عِنْدَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لِلْمُفْلِسِ مَالٌ وَطَلَبَ غُرَمَاؤُهُ حَبْسَهُ وَهُوَ يَقُولُ: لَا مَالَ لِي حَبَسَهُ الْحَاكِمُ فِي كُلِّ دَيْنٍ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ خَلَّى سَبِيلَهُ لِوُجُوبِ النَّظْرَةِ إلَى الْمَيْسَرَةِ بِالنَّصِّ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ وُجِدَ ذُو إعْسَارٍ فَالْوَاجِبُ الْإِنْظَارُ إلَى وَقْتِ الْيَسَارِ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِعْسَارِ بَعْدَ الْحَبْسِ تُقْبَلُ بِالِاتِّفَاقِ فَيُطْلِقُهُ الْقَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا قَامَتْ قَبْلَ الْحَبْسِ فَفِي رِوَايَةٍ لَا تُقْبَلَ مَا لَمْ يُحْبَسْ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِذَا حَبَسَهُ الْحَاكِمُ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ يَسْأَلُ عَنْ حَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْكَشِفْ لَهُ مَالٌ خَلَّى سَبِيلَهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْأَقْطَعِ. وَلَا يُمَكَّنُ فِيهِ الْمُحْتَرِفُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِحِرْفَتِهِ فِي الصَّحِيحِ لِيَضْجَرَ قَلْبُهُ فَيَقْضِي دَيْنَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَفِيهِ مَوْضِعٌ يُمْكِنُهُ وَطْؤُهَا حَيْثُ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الْوَاقِعَاتِ: الْمَحْبُوسُ فِي السِّجْنِ إذَا مَرِضَ وَلَيْسَ لَهُ أَحَدٌ يُعَاهِدُهُ أُخْرِجَ مِنْ السِّجْنِ بِكَفِيلٍ، وَفِي الْخُلَاصَةِ هَذَا إذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْكَفِيلَ لَا يُطْلِقُهُ، فَإِنْ كَفَلَ رَجُلٌ وَأَطْلَقَهُ فَحَضْرَةُ الْخَصْمِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى طَعَامًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِعِيَالِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْمَحْبُوسُ بِالدَّيْنِ إذَا كَانَ يُسْرِفُ فِي اتِّخَاذِ الطَّعَامِ يَمْنَعُ الْقَاضِي عَنْ الْإِسْرَافِ وَيُقَدِّرُ لَهُ الْكَفَافَ الْمَعْرُوفَ، وَكَذَلِكَ فِي الثِّيَابِ يَقْتَصِدُ فِيهَا وَيَأْمُرهُ بِالْوَسَطِ وَلَا يُضَيِّقُ عَلَيْهِ فِي مَأْكُولِهِ وَمَشْرُوبِهِ وَمَلْبُوسِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي كَفَالَةِ الْأَصْلِ: لَا يُضْرَبُ الْمَحْبُوسُ وَلَا يُغَلُّ وَلَا يُقَيَّدُ وَلَا يُخَوَّفُ وَلَا يُجَرَّدُ وَلَا يُقَامُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْحَقِّ إهَانَةً وَلَا يُؤَجَّرُ، وَفِي الْمُنْتَقَى يُقَيَّدُ الْمَدْيُونُ، وَالْيَوْمُ يُفْعَلُ إذَا خِيفَ الْفِرَارُ، وَلَا يَخْرُجُ الْمَدْيُونُ لِجُمُعَةٍ وَلَا عِيدٍ وَلَا حَجٍّ وَلَا لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَلَا صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَا عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَيُحْبَسُ فِي مَوْضِعٍ وَحِشٍ لَا يُبْسَطُ لَهُ فَرْشٌ وَلَا وِطَاءٌ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ لِيَسْتَأْنِسَ بِهِ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي فَصْلِ الْحَبْسِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي. وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرَمَائِهِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَمْنَعُونَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَالسَّفَرِ حَالَةَ الْمُلَازَمَةِ، وَلَا يُجْلِسُونَهُ فِي مَكَان لِأَنَّهُ حُبِسَ، بَلْ يَدُورُ هُوَ حَيْثُ يَشَاءُ وَيَدُورُونَ مَعَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيَأْخُذُونَ فَضْلَ كَسْبِهِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ، هَذَا إذَا أَخَذُوا فَضْلَ كَسْبِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَوْ أَخَذَهُ الْقَاضِي وَقَسَّمَهُ بَيْنَهُمْ بِدُونِ اخْتِيَارِهِ، وَأَمَّا الْمَدْيُونُ فَفِي حَالِ صِحَّتِهِ لَوْ آثَرَ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ عَلَى غَيْرِهِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ بِاخْتِيَارِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ فَقَالَ رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسُمِائَةٍ وَلِآخَرَ مِنْهُمْ ثَلَثُمِائَةٍ وَلِآخَرَ مِنْهُمْ مِائَتَانِ، وَمَالُهُ خَمْسُمِائَةٍ، فَاجْتَمَعَ الْغُرَمَاءُ فَحَبَسُوهُ بِدُيُونِهِمْ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ كَيْفَ تُقَسَّمُ أَمْوَالُهُ بَيْنَهُمْ.؟ قَالَ: إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ حَاضِرًا، فَإِنَّهُ يَقْضِي دُيُونَهُ بِنَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَ الْبَعْضَ عَلَى الْبَعْضِ فِي الْقَضَاءِ وَيُؤْثِرَ الْبَعْضَ عَلَى الْبَعْضِ، وَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ غَائِبًا وَالدُّيُونُ ثَابِتَةً عِنْدَ الْقَاضِي يُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. . فَإِنْ أَقَامَ الْمَدْيُونُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِفْلَاسِ فَأَقَامَ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْيَسَارِ فَبَيِّنَةُ الطَّالِبِ أَوْلَى وَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ مَا يَثْبُتُ بِهِ

كتاب المأذون وفيه ثلاثة عشر بابا

الْيَسَارُ، وَفِي بَيِّنَةِ الْإِفْلَاسِ لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي فَصْلِ الْحَبْسِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي. وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ: إنَّهُ فَقِيرٌ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا وَلَا عَرْضًا مِنْ الْعُرُوضِ يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ حَالِ الْفَقْرِ، وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ: نَشْهَدُ أَنَّهُ مُفْلِسٌ مُعْدَمٌ لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا سِوَى كِسْوَتِهِ الَّتِي عَلَيْهِ وَثِيَابُ لَيْلِهِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ دَخَلَ دَارِهِ لِحَاجَتِهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: لَا يَتْبَعُهُ بَلْ يَجْلِسُ عَلَى بَابِ دَارِهِ إلَى أَنْ يَخْرُجَ وَقَالَ فِي الزِّيَادَاتِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ يُجْلِسُهُ عَلَى بَابِ الدَّارِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ الدُّخُولِ كَيْ لَا يَخْتَفِيَ أَوْ يَهْرُبَ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ فَيَفُوتَ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمُلَازَمَةِ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: لَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَمْنَعَ الْمَلْزُومَ أَنْ يَدْخُلَ فِي بَيْتِهِ لِغَائِطِ أَوْ غِذَاءٍ إلَّا إذَا أَعْطَاهُ الْغِذَاءَ، وَأَعَدَّ لَهُ مَوْضِعًا آخَرَ لِأَجْلِ الْغَائِطِ فَحِينَئِذٍ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى لَا يَهْرُبَ، وَفِيهِ إذَا كَانَ عَمَلُ الْمَلْزُومِ سَقْيَ الْمَاءِ وَنَحْوَهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ نَائِبَهُ أَوْ أَجِيرَهُ أَوْ غُلَامَهُ إلَّا إذَا كَفَاهُ نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ عِيَالِهِ وَأَعْطَاهُ، فَحِينَئِذٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي الْوَاقِعَاتِ: رَجُلٌ قُضِيَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ لِإِنْسَانٍ فَأَمَرَ غُلَامَهُ أَنْ يُلَازِمَ الْغَرِيمَ فَقَالَ الْغَرِيمُ: أَنَا لَا أُرِيدُ مُلَازَمَةَ الْغُلَامِ لَا أَجْلِسُ إلَّا مَعَ الْمُدَّعِي فَلَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اخْتَارَ الْمَطْلُوبُ الْحَبْسَ وَالطَّالِبُ الْمُلَازَمَةَ فَالْخِيَارُ إلَى الطَّالِبِ إلَّا إذَا عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَتَعَدَّى عَلَيْهِ فِي الْمُلَازَمَةِ بِأَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ دُخُولِهِ فِي دَارِهِ أَوْ يَتْبَعَهُ فِي الدُّخُولِ فَحِينَئِذٍ يَحْبِسُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِلرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا يُلَازِمُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَلَكِنَّهُ يَبْعَثُ امْرَأَةً أَمِينَةً تُلَازِمُهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَمَنْ أَفْلَسَ وَعِنْدَهُ مَتَاعٌ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ ابْتَاعَهُ مِنْهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ فِيهِ، صُورَتُهُ: رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا وَقَبَضَهُ فَلَمْ يُؤَدِّ ثَمَنَهُ حَتَّى أَفْلَسَ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ هَذَا الشَّيْءِ فَادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّهُ أَحَقُّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَادَّعَى الْغُرَمَاءُ التَّسْوِيَةَ فِي ثَمَنِهِ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ إنْ كَانَتْ الدُّيُونُ كُلُّهَا حَالَّةً، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا مُؤَجَّلًا وَبَعْضُهَا حَالًّا يُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ حَلَّتْ دُيُونُهُمْ، ثُمَّ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ شَارَكَهُمْ أَصْحَابُ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ فِيمَا قَبَضُوا بِالْحِصَصِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعُ ثُمَّ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَوْلَى بِثَمَنِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ إذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوْ أُخْتَهُ الصَّغِيرَةَ لَمْ يَجُزْ قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ رُشْدُهُ فَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ وَمَالُهُ فِي يَدَيْهِ فَبَاعَهُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: الْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [كِتَابُ الْمَأْذُونِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ عَشْرَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْإِذْنِ وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ] (كِتَابُ الْمَأْذُونِ) (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ عَشْرَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْإِذْنِ شَرْعًا وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ) أَمَّا تَفْسِيرُهُ شَرْعًا فَهُوَ فَكُّ الْحَجْرِ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ فَلَا يَتَوَقَّفُ بِزَمَانٍ وَلَا مَكَان وَلَا نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَأَمَّا رُكْنُهُ فَقَوْلُ الْقَائِلِ لِعَبْدِهِ أَذِنْتُ لَكَ فِي التِّجَارَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا شَرْطُهُ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مِمَّنْ يَعْقِلُ التَّصَرُّفَ وَيَقْصِدُهُ، وَالْآذِنُ مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ بَيْعًا وَإِجَارَةً وَرَهْنًا وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلرَّقَبَةِ، حَتَّى جَازَ الْإِذْنُ مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَالشَّرِيكِ مُفَاوَضَةً وَعِنَانًا وَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْقَاضِي وَالْوَلِيِّ. وَأَمَّا حُكْمُهُ فَهُوَ التَّفْسِيرُ الشَّرْعِيُّ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَوْ أَذِنَ لَهُ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا كَانَ مَأْذُونًا مُطْلَقًا مَا لَمْ يَنْهَهْ، وَكَذَلِكَ إذْنُ الْقَاضِي وَالْوَصِيِّ لِعَبْدِ الْيَتِيمِ، وَكَذَلِكَ لِلصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِلُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ثُمَّ الْإِذْنُ بِالتَّصَرُّفِ إنَّمَا لَا يَتَخَصَّصُ عِنْدَنَا إذَا صَادَفَ الْإِذْنُ عَبْدًا مَحْجُورًا، أَمَّا إذَا صَادَفَ عَبْدًا مَأْذُونًا يَتَخَصَّصُ، حَتَّى أَنَّ الْمَوْلَى إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وَقَالَ: اشْتَرِ لِي بِهِ الطَّعَامَ فَاشْتَرَى الْعَبْدُ بِهِ الرَّقِيقَ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَأْذُونِ، وَكَانَ الثَّمَنُ عَلَى الْمَأْذُونِ يَنْقُدُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ دُونَ مَالِ

الباب الثاني فيما يكون إذنا في التجارة وما لا يكون

مَوْلَاهُ وَمَعَ هَذَا لَوْ نَقَدَ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَتْبَعَهُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ مَالَ الْمَوْلَى، وَلَكِنْ يَتْبَعُ الْبَائِعَ، وَيَأْخُذَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَكُونُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ وَمَا لَا يَكُونُ] (الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَكُونُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ وَمَا لَا يَكُونُ) وَالْإِذْنُ كَمَا يَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ يَثْبُتُ بِالدَّلَالَةِ كَمَا إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ يَصِيرُ مَأْذُونًا سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ، وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ صَارَ مَأْذُونًا، وَلَا يَجُوزُ هَذَا التَّصَرُّفُ الَّذِي شَاهَدَهُ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ بِالْقَوْلِ سَوَاءٌ كَانَ مَا بَاعَهُ لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ، وَيَصِيرُ مَأْذُونًا فِيمَا يَتَصَرَّفُ بَعْدَ هَذَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَتَاعًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فَرَأَى مَوْلَى الْعَبْدِ يَبِيعُهُ، وَلَمْ يَنْهَهُ يَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ بِسُكُوتِ الْمَوْلَى، وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَتَاعِ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْمَتَاعِ ثُمَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْعُهْدَةُ تَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: تَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: الْعُهْدَةُ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ نَهَاهُ الْمَوْلَى أَوْ لَمْ يَرَهُ كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمَوْلَى لِيَسْتَرِدَّهُ، وَحَلَفَ الْغَاصِبُ ثُمَّ تَصَرَّفَ الْعَبْدُ، وَمَوْلَاهُ سَاكِتٌ ثُمَّ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ فَاسْتَرَدَّهُ لَا يَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا كَذَا فِي الْمُغْنِي. إذَا اغْتَصَبَ الْعَبْدُ مِنْ رَجُلٍ مَتَاعًا فَبَاعَهُ وَمَوْلَاهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ فَهُوَ إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَلَا يَنْفُذُ ذَلِكَ الْبَيْعُ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِأَمْرِ الْمَوْلَى أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَرَآهُ يَتَصَرَّفُ فَلَمْ يَنْهَهُ فَهُوَ رِضًا بِالْبَيْعِ لَحِقَهُ دَيْنٌ أَوْ لَا قَبَضَهُ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ ثُمَّ يَصِيرُ مَحْجُورًا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَفِي نُسْخَةٍ إذَا رَآهُ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ كَانَ ذَلِكَ إجَازَةً لِلْبَيْعِ فَيَبْطُلُ خِيَارُهُ، وَيَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا، وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَرَآهُ يَتَصَرَّفُ، وَلَمْ يَنْهَهُ فَإِنْ لَحِقَهُ دَيْنٌ فَهُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ، وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ ثُمَّ قِيلَ يَصِيرُ مَحْجُورًا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِيرُ مَحْجُورًا مِنْ وَقْتِ الْإِجَازَةِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ اكْتَسَبَ شَيْئًا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَمَا اكْتَسَبَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَذَلِكَ طَيِّبٌ لَهُ، وَقَبْلَ الْقَبْضِ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَقِيلَ هَذَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْكَسْبُ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي شَيْئًا بِدَرَاهِمِ الْمَوْلَى أَوْ دَنَانِيرِهِ فَلَمْ يَنْهَهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا فَإِنْ كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَرِدَّ، وَإِذَا اسْتَرَدَّ لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ الْبَيْعُ، وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمَوْلَى مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَاسْتَرَدَّ الْمَوْلَى يَبْطُلُ الْبَيْعُ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِهِ، وَاسْتَرَدَّ الْمَوْلَى لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ يَتَزَوَّجُ أَوْ رَأَى أَمَتَهُ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا فَسَكَتَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا كَذَا فِي الْمُغْنِي. فَإِنْ أَذِنَ لَهُ إذْنًا عَامًّا جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي سَائِرِ التِّجَارَاتِ، ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: أَذِنْتُ لَك فِي التِّجَارَةِ، وَلَا يُقَيِّدُهُ بِنَوْعٍ، كَذَا إذَا قَالَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ فَهُوَ مَأْذُونٌ فِي جَمِيعِهَا، وَسَوَاءٌ نَهَى عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ النَّوْعِ صَرِيحًا أَوْ سَكَتَ عَنْهُ يَكُونُ مَأْذُونًا فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَدِّ إلَيَّ غَلَّةَ كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَهَذَا إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَاتِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ وَأَنْتَ حُرٌّ، كَذَلِكَ إذَا قَالَ: ضَرَبْت عَلَيْك كُلَّ شَهْرٍ كَذَا أَوْ قَالَ: كُلُّ جُمُعَةٍ كَذَا حَتَّى تُؤَدِّيَهَا إلَيَّ يَصِيرُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ قَالَ لِلْعَبْدِ: اُقْعُدْ قَصَّارًا أَوْ خَيَّاطًا أَوْ صَبَّاغًا صَارَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَاتِ كُلِّهَا، وَإِذَا قَالَ لَهُ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ فِي الْخُبْزِ يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَاتِ كُلِّهَا، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: اشْتَرِ ثَوْبًا لِلْكِسْوَةِ أَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَحْمًا لِلْأَكْلِ أَوْ خُبْزًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا اسْتِحْسَانًا، وَيُعْتَبَرُ هَذَا الْإِذْنُ اسْتِخْدَامًا لَا إذْنًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ بِالْعُقُودِ الْمُتَكَرِّرَةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مُرَادَهُ الرِّبْحُ يُجْعَلُ ذَلِكَ إذْنًا، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ الرِّبْحَ لَا يُجْعَلُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ بَلْ يُعْتَبَرُ اسْتِخْدَامًا عُرْفًا وَعَادَةً حَتَّى لَوْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ ثَوْبًا وَبِعْهُ

يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لَهُ: بِعْ ثَوْبِي هَذَا وَاشْتَرِ بِثَمَنِهِ كَذَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ وَعَنْ هَذَا الْأَصْلِ قُلْنَا إذَا قَالَ: اذْهَبْ إلَى فُلَانٍ وَآجِرْ نَفْسَك مِنْهُ فِي عَمَلٍ كَذَا لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ قَالَ: آجِرْ نَفْسَك مِنْ النَّاسِ فِي عَمَلِ كَذَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ مَنْ يُعَامِلُ مِنْهُ فَيَكُونُ أَمْرًا بِالْمُعَامَلَةِ مَعَ النَّاسِ فَيَكُونُ أَمْرًا بِعُقُودٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَفِي النَّوَادِرِ جَعَلَ مَسْأَلَةَ الْإِجَارَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَمَّا إنْ قَالَ: آجِرْ نَفْسَك مِنْ فُلَانٍ لِتَخْدُمَهُ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ: آجِرْ نَفْسَك مِنْ فُلَانٍ لِتَتَّجِرَ لَهُ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ: آجِرْ نَفْسَك مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ، وَلَوْ آجَرَهُ الْمَوْلَى لِعَمَلِ التِّجَارَةِ مُدَّةً فَهُوَ إذْنٌ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمَا لَحِقَهُ مِنْ الدُّيُونِ فِيمَا اشْتَرَى لِلْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا دَفَعَ إلَى عَبْدِهِ رَاوِيَةً وَحِمَارًا لِيَسْقِيَ لَهُ وَلِعِيَالِهِ وَلِجِيرَانِهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ، فَهَذَا لَيْسَ بِإِذْنٍ فِي التِّجَارَةِ، وَكَذَلِكَ الطَّحَّانُ إذَا دَفَعَ إلَى غُلَامِهِ حِمَارًا لِيَنْقُلَ طَعَامًا إلَيْهِ لِيَطْحَنَهُ فَهَذَا لَيْسَ بِإِذْنٍ فِي التِّجَارَةِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ رَاوِيَةً وَحِمَارًا، وَقَالَ اسْقِ عَلَى هَذَا الْحِمَارِ وَبِعْهُ كَانَ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ، كَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ حِمَارًا فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْقُلَ الطَّعَامَ مِنْ النَّاسِ بِأَجْرٍ، وَيَنْقُلَ عَلَيْهِ كَانَ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ، كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَقُلْ مِنْ النَّاسِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ شَخْصًا فَهُوَ إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: اعْمَلْ فِي النَّقَّالِينَ أَوْ فِي الْحَنَّاطِينَ أَوْ قَالَ آجِرْ نَفْسَك فِي النَّقَّالِينَ أَوْ الْحَنَّاطِينَ فَهَذَا مِنْهُ إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ، وَلَوْ أَرْسَلَ عَبْدَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا أَوْ لَحْمًا بِدِرْهَمٍ لَمْ يَكُنْ هَذَا إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ قَالَ: اشْتَرِ ثَوْبًا فَأَقْطَعْهُ قَمِيصًا لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا بَلْ يُعْتَبَرُ اسْتِخْدَامًا لِلضَّرُورَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. الْإِذْنُ فِي الْإِجَارَةِ يَكُونُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ وَالْإِذْنُ بِالتِّجَارَةِ يَكُونُ إذْنًا فِي الْإِجَارَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا أَمَرَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ بِقَبْضِ غَلَّةِ دَارٍ أَوْ أَمَرَهُ بِقَبْضِ كُلِّ دَيْنٍ لَهُ عَلَى النَّاسِ أَوْ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ هَذَا بِإِذْنٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، كَذَلِكَ إنْ أَمَرَهُ بِالْقِيَامِ عَلَى زَرْعٍ لَهُ أَوْ أَرْضٍ أَوْ عَلَى عُمَّالٍ لَهُ فِي بِنَاءِ دَارِهِ أَوْ أَنْ يُحَاسِبَ غُرَمَاءَهُ أَوْ أَنْ يَتَقَاضَى دَيْنَهُ عَلَى النَّاسِ، وَيُؤَدِّيَ مِنْهُ خَرَاجَ أَرْضِهِ أَوْ يَقْضِيَ دَيْنًا عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ هُوَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَالَ: لِعَبْدِهِ لَا أَنْهَاك عَنْ التِّجَارَةِ كَانَ إذْنًا لَهُ، كَذَلِكَ إذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يَحْتَطِبَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِقَرْيَةٍ لَهُ عَظِيمَةٍ أَنْ يُؤَاجِرَ أَرَاضِيهَا وَيَشْتَرِيَ الطَّعَامَ وَيَزْرَعَ فِيهَا، وَيَبِيعَ مِنْ الثِّمَارِ وَيُؤَدِّيَ خَرَاجَهَا كَانَ إذْنًا لَهُ فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى عَبْدِهِ مَالًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ طَعَامًا فَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَأْذُونِ فِي مَوْضِعَيْنِ فَذَكَرَ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَذَكَرَ فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَقَالَ مَشَايِخُنَا: تَأْوِيلُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يَتَهَيَّأُ لَهُ الشِّرَاءُ بِهِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى مَرَّاتٍ حَتَّى يَكُونَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ عُقُودًا مُتَفَرِّقَةً، وَتَأْوِيلُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ قَلِيلًا بِحَيْثُ يَتَهَيَّأُ لَهُ الشِّرَاءُ بِهِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يَكُونَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ عَقْدًا وَاحِدًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى الْمَالِ الْعَظِيمِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ: يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. إذَا دَفَعَ إلَى غُلَامِهِ مَالًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ إلَى بَلَدِ كَذَا، وَيَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ فَيَشْتَرِيَ بِهِ الْبَزَّ ثُمَّ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ فَفَعَلَهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا دَفَعَ إلَى عَبْدِهِ أَرْضًا بَيْضَاءَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ طَعَامًا فَيَزْرَعَهُ فِيهَا وَيَسْتَأْجِرَ لَهُ أُجَرَاءَ فَيَكْرُونَ أَنْهَارَهَا وَيَسْقُونَ زَرْعَهَا وَيُؤَدِّيَ خَرَاجَهَا فَهَذَا إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: بِعْ ثَوْبِي هَذَا لِأَجْلِ الرِّبْحِ وَالنَّمَاءِ أَوْ قَالَ: عَلَى وَجْهِ الرِّبْحِ وَالنَّمَاءِ فَهَذَا إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: بِعْ ثَوْبِي مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى وَجْهِ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ قَالَ: قَدْ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ يَوْمًا وَاحِدًا فَإِذَا مَضَى رَأَيْت رَأْيًا فَهُوَ مَأْذُونٌ فِي التِّجَارَةِ أَبَدًا حَتَّى يَحْجُرَ عَلَيْهِ فِي أَهْلِ سُوقِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ فِي هَذَا الْحَانُوتِ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ، وَكَذَلِكَ الْإِذْنُ

فِي يَوْمٍ أَوْ سَاعَةٍ يَكُونُ إذْنًا فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فِي أَهْلِ سُوقِهِ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَإِذَا مَضَى هَذَا الشَّهْرُ قَدْ حَجَرْت عَلَيْك فَلَا تَبِيعَنَّ، وَلَا تَشْتَرِيَنَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَجْرُهُ هَذَا بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَذِنَ لِلْآبِقِ بِالتِّجَارَةِ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ عَلِمَ الْآبِقُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ بِالتِّجَارَةِ مَعَ مَنْ فِي يَدِهِ صَحَّ، وَإِنْ أَذِنَ لَلْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَهُ مِنْ الْغَاصِبِ وَغَيْرِهِ فَيَمْلِكُ إذْنَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ جَاحِدًا، وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمَالِكِ لَا يَصِحُّ الْإِذْنُ بِالتِّجَارَةِ كَمَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. وَلَوْ أَرْسَلَ غُلَامَهُ إلَى أُفُقٍ مِنْ الْآفَاقِ بِمَالٍ عَظِيمٍ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ الْبَزَّ وَنَهَاهُ عَنْ بَيْعِهِ فَهَذَا إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ مِنْ بَعِيدٍ وَلَمْ يَسْمَعْ لَمْ يَكُنْ إذْنًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لِوَاحِدٍ فَكَاتَبَ نِصْفَهُ كَانَ هَذَا إذْنًا لِجَمِيعِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ عِنْدَهُمَا يَصِيرُ الْكُلُّ مُكَاتَبًا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ نِصْفَهُ مُكَاتَبَا وَمَا اكْتَسَبَ مِنْ مَالٍ نِصْفُهُ لِلْمَوْلَى بِاعْتِبَارِ النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يُكَاتَبْ مِنْهُ وَنِصْفُهُ لِلْمُكَاتَبِ بِاعْتِبَارِ النِّصْفِ الَّذِي يُكَاتَبُ مِنْهُ، وَمَا لَحِقَهُ مِنْ دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لِرَجُلٍ فَقَالَ الْمَوْلَى لِأَهْلِ السُّوقِ: إذَا رَأَيْتُمْ عَبْدِي هَذَا يَتَّجِرُ فَسَكَتُّ، وَلَمْ أَنْهَهُ فَلَا إذْنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ رَآهُ يَتَّجِرُ فَسَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْبَابِ) يَجُوزُ إضَافَةُ الْإِذْنِ إلَى الْوَقْتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، كَذَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْحَجْرِ بِالشُّرُوطِ، وَلَا إضَافَتُهُ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ صَارَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا جَاءَ غَدٌ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ إذَا جَاءَ غَدٌ حَجَرْت عَلَيْك فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَلَا يَصِيرُ الْعَبْدُ مَحْجُورًا ثُمَّ الْعَبْدُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إلَّا بِالْعِلْمِ حَتَّى لَوْ قَالَ الْمَوْلَى: أَذِنْت لِعَبْدِي فِي التِّجَارَةِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا كَالْوَكَالَةِ، وَلَوْ قَالَ: بَايِعُوا عَبْدِي فَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايَعُوهُ، وَالْعَبْدُ لَا يَعْلَمُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْمَأْذُونِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يَكُونُ مَأْذُونًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا عَلِمَ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا، وَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي سُوقِهِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَإِنْ أَخْبَرَهُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَدْلَيْنِ كَانَا أَوْ غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ وَامْرَأَةٌ عَدْلَةٌ صَارَ مَحْجُورًا بِالْإِجْمَاعِ صَدَّقَهُ أَوْ كَذَّبَهُ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ أَرْسَلَ الْمَوْلَى إلَيْهِ رَسُولًا أَوْ كَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا فَبَلَغَهُ الرِّسَالَةُ أَوْ بَلَغَهُ الْكِتَابُ يَصِيرُ مَأْذُونًا كَيْفَمَا كَانَ الرَّسُولُ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ فُضُولِيٌّ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَالْمَذْكُورُ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ أَنَّ الْمُخْبِرَ إذَا كَانَ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ أَوْ غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ وَاحِدًا عَدْلًا يَصِيرُ مَأْذُونًا صَدَقَ الْمُخْبِرُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَصْدُقْ إذَا ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ، وَنَعْنِي بِظُهُورِ صِدْقِ الْخَبَرِ أَنْ يَحْضُرَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُقِرَّ بِالْإِذْنِ أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْإِذْنَ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ وَاحِدًا غَيْرَ عَدْلٍ إنْ صَدَّقَ الْعَبْدُ الْمُخْبِرَ فِي ذَلِكَ يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَإِنْ ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إذَا ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ، وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى أَنَّ الْعَبْدَ يَصِيرُ مَأْذُونًا كَيْفَمَا كَانَ الْمُخْبِرُ كَذَا فِي الْمُغْنِي. فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ الْحَجْرِ وَالْإِذْنِ عِنْدَهُ لَا يَثْبُتُ الْحَجْرُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا أَوْ أَخْبَرَهُ اثْنَانِ وَيَثْبُتُ الْإِذْنُ بِقَوْلِ الْفُضُولِيِّ الْوَاحِدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِذْنِ وَالْحَجْرِ إنَّمَا لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إلَّا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ صَادِقًا عِنْدَ الْعَبْدِ، وَكَذَا الْحَجْرُ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْفُضُولِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَادِقًا عِنْدَ الْعَبْدِ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ اعْلَمْ.

الباب الثالث في بيان ما يملكه العبد وما لا يملكه

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ وَمَا لَا يَمْلِكُهُ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ وَمَا لَا يَمْلِكُهُ) لِلْمَأْذُونِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَبِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِنُقْصَانٍ يَسِيرٍ إجْمَاعًا، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَعَلَى هَذَا الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ فَإِنْ حَابَى الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ فَمِنْ جَمِيعِ مَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا بِمَا فِي يَدِهِ يُقَالُ: لِلْمُشْتَرِي أَدِّ جَمِيعَ الْمُحَابَاةِ وَإِلَّا فَارْدُدْ الْبَيْعَ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَهُ أَنْ يُسْلِمَ، وَيَقْبَلَ السَّلَمَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلِلْعَبْدِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِنَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةٍ كَذَا فِي الْمُغْنِي. تَوْكِيلُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِالْخُصُومَةِ لَهُ وَعَلَيْهِ جَائِزٌ مِثْلَ الْحُرِّ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ مَوْلَاهُ أَوْ بَعْضَ غُرَمَائِهِ أَوْ ابْنَهُ وَابْنَ الْمُدَّعِي أَوْ مُكَاتَبَهُ أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْمَأْذُونُ إذَا وَكَّلَ الْمَوْلَى بِالْخُصُومَةِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا وَكَّلَ الْأَجْنَبِيُّ مَوْلَى الْمَأْذُونِ حَتَّى يُخَاصِمَ مَعَ الْمَأْذُونِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَالْمَوْلَى يَصْلُحُ وَكِيلًا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ عَنْ عَبْدِهِ، وَلَا يَصْلُحُ وَكِيلًا عَنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى عَبْدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِقْرَارُ وَكِيلِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي جَائِزٌ، وَإِنْ أَنْكَرَ مَوْلَاهُ أَوْ غُرَمَاؤُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي فَقَدَّمَهُ خَصْمُهُ إلَى الْقَاضِي وَادَّعَى إقْرَارَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ أَلْزَمَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ أَقْرَرْت بِهِ قَبْلَ أَنْ يُوَكِّلَنِي وَقَالَ الْخَصْمُ: أَقَرَّ بِهِ فِي الْوَكَالَةِ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي ذَلِكَ، وَإِنْ صَدَّقَهُ خَصْمُهُ فِي أَنَّهُ أَقَرَّ قَبْلَ الْوَكَالَةِ أَخْرَجَهُ الْقَاضِي عَنْ الْوَكَالَةِ، وَلَمْ يَقْضِ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ جَحَدَ الْوَكِيلُ الْإِقْرَارَ لَا يُسْتَحْلَفُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَ الْخَصْمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ الْوَكَالَةِ أَوْ بَعْدَمَا أَخْرَجَهُ الْقَاضِي عَنْ الْوَكَالَةِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَكَّلَ عَبْدٌ مَأْذُونٌ حُرًّا بِبَيْعِ مَتَاعِهِ وَبَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ لَهُ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ صَارَ قِصَاصًا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِمَا صَارَ قِصَاصًا بِدَيْنِ الْعَبْدِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْمُغْنِي. الْمَأْذُونُ إذَا تَوَكَّلَ عَنْ غَيْرِهِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ إنْ تَوَكَّلَ بِالشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ لَا يَجُوزُ التَّوَكُّلُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ تَوَكَّلَ بِالشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ يَجُوزُ التَّوَكُّلُ اسْتِحْسَانًا وَإِذَا تَوَكَّلَ عَنْ غَيْرِهِ بِالْبَيْعِ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا حَصَلَ التَّوْكِيلُ بِالنَّقْدِ أَوْ النَّسِيئَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا بَاعَ الْمَأْذُونُ جَارِيَةَ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ ثُمَّ قَتَلَهَا الْآمِرُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَ فَإِنْ قَتَلَهَا الْمَأْذُونُ قِيلَ لِمَوْلَاهُ ادْفَعْهُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ افْدِهِ بِالْجِنَايَةِ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَأَيُّهُمَا فَعَلَ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مَا قَامَ مَقَامَ الْجَارِيَةِ، وَأَدَّى الثَّمَنَ، وَلَوْ كَانَ مَوْلَى الْعَبْدِ هُوَ الَّذِي قَتَلَهَا، وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ قِيمَتُهَا إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ، وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَالْقِيمَةُ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الثَّمَنَ وَاسْتَوْفَى قِيمَتَهَا مِنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ بَاعَ جَارِيَةً مِمَّا فِي يَدِهِ مِنْ رَجُلٍ بِجَارِيَةٍ ثُمَّ قَتَلَهَا الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهَا بَطَلَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي كَسْبِهِ كَالْحُرِّ فِي التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ فَالْبَيْعُ فِي يَدِهِ مَضْمُونٌ بِمَا يُقَابِلُهُ، وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَكَذَلِكَ إنْ قَتَلَهَا الْمَوْلَى، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ خَالِصُ مِلْكِ الْمَوْلَى، وَالْعَبْدُ تَابِعٌ لِلْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَالْمَوْلَى ضَامِنٌ لَقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِغُرَمَائِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ وَكَّلَ عَبْدًا مَأْذُونًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا سَمَّاهُ بِثَمَنٍ مُسَمًّى، وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَاشْتَرَى فَمَا اشْتَرَى يَكُونُ لِلْعَبْدِ لَا لِلْآمِرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى دَفَعَ إلَى عَبْدِهِ جَارِيَةً لَيْسَتْ مِنْ تِجَارَةِ الْعَبْدِ وَأَمَرَهُ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا، وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى قَتَلَهَا مَوْلَى الْعَبْدِ فَالْبَيْعُ مُنْتَقَضٌ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهَا فَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى دَفْعَ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ، وَإِذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ انْتَقَضَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا تَوَكَّلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَنْ غَيْرِهِ بِبَيْعِ عَيْنٍ فَبَاعَ ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى حَجَرَ عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمُشْتَرَى عَيْبًا فَالْخَصْمُ هُوَ الْعَبْدُ فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ الْعَبْدُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِبَاءٍ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ بِإِقْرَارٍ بِالْعَيْبِ، وَالْعَيْبُ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِيعَ الْعَبْدُ الْمَرْدُودُ فِي الثَّمَنِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ، وَقَالَ فِيمَا إذَا رُدَّ عَلَيْهِ

وَهُوَ مَأْذُونٌ إنَّ الْمُطَالِبَ يُطَالِبُ الْمَأْذُونَ بِإِيفَاءِ الثَّمَنِ ثُمَّ الْمَأْذُونُ يَرُدُّ الْعَبْدَ الْمَرْدُودَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ ثُمَّ إذَا بِيعَ الْعَبْدُ الْمَرْدُودُ يَقْضِي مِنْ ثَمَنِهِ ثَمَنَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ نَقَصَ ثَمَنُهُ الثَّانِي عَنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ هَلْ يُبَاعُ بِذَلِكَ رَقَبَةُ الْمَحْجُورِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ مُوسِرًا لَا يُبَاعُ، وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْمَحْجُورِ ارْجِعْ بِمَا بَقِيَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَادْفَعْهُ إلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ مُعْسِرًا يُبَاعُ رَقَبَةُ الْمَحْجُورِ، وَيَكُونُ ثَمَنُ الْمَحْجُورِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ غُرَمَائِهِ بِالْحِصَصِ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ حَقِّ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ عَلَى مُوَكِّلِ الْعَبْدِ، كَذَلِكَ يَرْجِعُ غُرَمَاءُ الْمَحْجُورِ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِمَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنِ الْمَحْجُورِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا كَانَتْ بَيْنَ الْمَأْذُونِ وَبَيْنَ حُرٍّ جَارِيَةٌ فَأَمَرَهُ الْحُرُّ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا الْعَبْدُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّ شَرِيكَهُ قَدْ قَبَضَ جَمِيعَ الثَّمَنِ أَوْ نِصْفَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي، وَكَذَّبَهُ الشَّرِيكُ فَإِقْرَارُ الْعَبْدِ صَحِيحٌ فِي بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ ثُمَّ يَحْلِفُ الْعَبْدُ بِدَعْوَى الشَّرِيكِ فَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَنِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ غَرِمَ نِصْفَ الثَّمَنِ لِلشَّرِيكِ، وَيَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَنِ فَيَسْلَمُ لَهُ، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ هُوَ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّ الْعَبْدَ قَبَضَ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي، وَكَذَّبَهُ الْعَبْدُ بَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ أَيْضًا، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ وَيُحَلِّفُ الْآمِرُ الْعَبْدَ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ لِلْآمِرِ، وَإِنْ حَلَفَ بَرِيءَ مِنْ نَصِيبِ الْآمِرِ، وَأَخَذَ الْعَبْدُ مِنْ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَنِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ الْآمِرُ، وَلَوْ أَقَرَّ الْآمِرُ أَنَّ الْعَبْدَ قَبَضَ نِصْفَ الثَّمَنِ بَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ رُبُعِ الثَّمَنِ فَإِذَا بَرِئَ مِنْ رُبُعِ الثَّمَنِ بَقِيَ عَلَى الْمُشْتَرِي سَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا فَإِذَا قَبَضَ الْعَبْدُ مِنْهَا شَيْئًا فَلِلْآمِرِ ثُلُثُهُ وَلِلْعَبْدِ ثُلُثَاهُ عَلَى قَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهِمَا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي. وَلَوْ أَقَرَّ الْآمِرُ أَنَّ الْعَبْدَ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ، وَالثَّمَنُ كُلُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِذَلِكَ، وَأَنْكَرَ الْآمِرُ، وَلَوْ كَانَ شَرِيكُ الْعَبْدِ هُوَ الَّذِي وَلِي الْبَيْعَ بِأَمْرِ الْعَبْدِ ثُمَّ أَقَرَّ عَلَى الْعَبْدِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ بِقَبْضِ حِصَّتِهِ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي يَلِي الْبَيْعَ، وَلَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ كَانَ بَاطِلًا كَمَا لَوْ عَايَنَ الْإِبْرَاءَ أَوْ الْهِبَةَ مِنْ الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ عَلَى الْبَائِعِ بِأَنَّهُ وَهَبَ الثَّمَنَ أَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بَقِيَتْ دَعْوَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ الْإِبْرَاءُ عَنْ الثَّمَنِ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ جَمِيعَ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ نَكَلَ بَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ، وَلِلْعَبْدِ أَنْ يُضَمِّنَ الْبَائِعَ نِصْفَ الثَّمَنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ خَاصَّةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَلِرَجُلٍ آخَرَ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَوَكَّلَ الشَّرِيكُ الْعَبْدَ بِقَبْضِ نَصِيبِهِ لَمْ تَجُزْ الْوَكَالَةُ، وَمَا قَبَضَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ هَلَكَ هَلَكَ مِنْ مَالِهِمَا، وَلَوْ وَكَّلَ شَرِيكَهُ مَوْلَاهُ فَكَذَلِكَ حُكْمُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا وَجَبَ لِلْمَأْذُونِ وَلِشَرِيكٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَجَحَدَهَا فَوَكَّلَ الْعَبْدُ وَشَرِيكُهُ بِخُصُومَةٍ مَوْلَى الْعَبْدِ، وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ الْمَوْلَى عِنْدَ الْقَاضِي بِاسْتِيفَائِهِمَا الْمَالَ جَازَ إقْرَارُهُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ جَحَدَاهُ فَإِنْ ادَّعَى الشَّرِيكُ عَلَى الْعَبْدِ أَنَّهُ قَبَضَ نَصِيبَهُ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الشَّرِيكَ يَرْجِعُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ بِنِصْفِ حِصَّتِهِ يُبَاعُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى مَوْلَاهُ حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ. وَإِذَا اسْتَوْفَى الْعَبْدُ دَيْنَهُ وَفَضَلَ شَيْءٌ رَجَعَ الْأَجْنَبِيُّ بِحِصَّتِهِ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ صَدَّقَ الْمَوْلَى فِيمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِمَا، وَكَذَّبَهُ الْعَبْدُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ هُوَ الَّذِي وَكَّلَ الْعَبْدَ بِالْخُصُومَةِ فِي دَيْنِهِ، وَلَمْ يُوَكِّلْ الْمَوْلَى بِذَلِكَ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلشَّرِيكِ قِبَلَ الْغَرِيمِ، وَأَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْ الْغَرِيمِ نَصِيبَهُ، وَجَحَدَ ذَلِكَ الشَّرِيكُ بَرِئَ الْغَرِيمُ مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ، وَيَتْبَعُ الْعَبْدُ الْغَرِيمَ بِنِصْفِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ بِشَيْءٍ فَإِذَا أَخَذَهُ مِنْ الْغَرِيمِ شَارَكَهُ الشَّرِيكُ فِيهِ كَانَ عَلَى الْعَبْدَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ كَانَ لِلْعَبْدِ وَلِشَرِيكِهِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهَا فَغَابَ الْغَرِيمُ، وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ شَرِيكَهُ قَدْ قَبَضَ حَقَّهُ، وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ فَجَحَدَ الشَّرِيكُ، وَوَكَّلَ مَوْلَى

الْعَبْدِ بِخُصُومَةِ الْعَبْدِ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَوْ وَكَّلَ الشَّرِيكُ بَعْضَ غُرَمَاءِ الْعَبْدِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّ الشَّرِيكَ قَدْ اسْتَوْفَى نَصِيبَهُ مِنْ الْغَرِيمِ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ، وَلَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ ادَّعَى عَلَى الْعَبْدِ الِاسْتِيفَاءَ فَوَكَّلَ الْعَبْدُ بِالْخُصُومَةِ مَوْلَاهُ أَوْ بَعْضَ غُرَمَائِهِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ عَلَى الْعَبْدِ بِالِاسْتِيفَاءِ جَازَ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِلْمُقِرِّ فِي هَذَا لِإِقْرَارِ بَلْ عَلَيْهِ فِيهِ ضَرَرٌ، إذَا حَضَرَ الْغَرِيمُ، وَادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ قَبَضَ مَا قَالَ الْوَكِيلُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ فَلِهَذَا كَانَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَرِيمِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَالْوَكِيلُ هُوَ الْمَوْلَى فَيُصَدَّقُ عَلَى عَبْدِهِ فِي ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَوَكَّلَ الْغَرِيمُ ابْنَ الْعَبْدِ أَوْ أَبَاهُ أَوْ عَبْدَ أَبِيهِ أَوْ مُكَاتَبَهُ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ صُدِّقَ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ أَلْفٌ فَادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى نَصِيبَهُ، وَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَوَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَوْلَى الْعَبْدِ بِذَلِكَ فَالتَّوْكِيلُ بَاطِلٌ، وَإِقْرَارُ الْمَوْلَى بِهِ بَاطِلٌ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، إذَا حَضَرَ الْغَرِيمُ الْآخَرُ فَادَّعَى مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَوْلَى عَلَى شَرِيكِهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ بِنِصْفِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَكَّلَ صَاحِبَهُ بِخُصُومَةِ الْعَبْدِ فِي ذَلِكَ فَادَّعَى عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ اسْتَوْفَى مِنْ الْعَبْدِ حِصَّتَهُ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى شَرِيكِهِ، وَيَبْطُلُ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُمِائَةٍ ثُمَّ مَا أَخَذَ الشَّرِيكُ الْوَكِيلُ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ الْبَاقِيَةِ أَخَذَ صَاحِبُهُ مِنْهُ نِصْفَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَصْلُحُ وَكِيلًا عَنْ الْأَجْنَبِيِّ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَهُ مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ الْمَوْلَى أَنَّهُ قَبَضَ الدَّيْنَ مِنْ عَبْدِهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَلَا يَبْرَأُ الْعَبْدُ، كَذَلِكَ لَوْ قَبَضَ الْمَوْلَى الدَّيْنَ مِنْ الْمَأْذُونِ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ حَتَّى لَا يَبْرَأَ الْعَبْدُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ إذَا تَوَكَّلَ عَنْ أَجْنَبِيٍّ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَهُ مِنْ الْمَوْلَى صَحَّ التَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِيمَا قَبَضَ مِنْ الدَّيْنِ لِلْأَجْنَبِيِّ مِنْ مَوْلَاهُ عَامِلٌ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ، وَلَيْسَ بِعَامِلٍ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَرِّئُ نَفْسَهُ مِنْ الدَّيْنِ، وَلَا مِلْكَهُ، وَإِذَا صَلُحَ الْعَبْدُ وَكِيلًا عَنْ الْأَجْنَبِيِّ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ مَوْلَاهُ لَوْ دَفَعَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ دَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ إلَى الْعَبْدِ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ بَرِئَ الْمَوْلَى عَنْ الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ الدَّيْنَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَهَلَكَ فِي يَدِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ، وَبَرِئَ الْمَوْلَى عَنْ الدَّيْنِ، كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ الدَّيْنَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَهَلَكَ فِي يَدِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ، وَبَرِئَ الْمَوْلَى عَنْ دَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ يُسْتَحْلَفُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْقَبْضِ وَالْهَلَاكِ فَإِنْ حَلَفَ الْعَبْدُ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الْمَالُ فِي عُنُقِهِ يُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ عَبْدَانِ مَأْذُونَانِ فِي التِّجَارَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا لِأَجْنَبِيٍّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَوَكَّلَ الْأَجْنَبِيُّ الْآخَرَ بِقَبْضِهِ جَازَتْ الْوَكَالَةُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ يُصَدَّقُ فِيهِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ يَمِينِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ فِي عُنُقِهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. إذَا أَذِنَ لِعَبْدَيْهِ فِي التِّجَارَةِ فَلَحِقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنٌ فَوَكَّلَ بَعْضُ غُرَمَاءِ الْأَوَّلِ الْعَبْدَ الْآخَرَ بِقَبْضِ دَيْنِهِ فَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ جَازَ إقْرَارُهُ، وَلَوْ أَنَّ بَعْضَ غُرَمَاءِ الْآخَرِ وَكَّلَ الْأَوَّلَ أَوْ مَوْلَاهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ، وَلَوْ رَهَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَهْنًا بِدَيْنِهِ، وَوَضَعَهُ عَلَى يَدِ الْآخَرِ فَضَاعَ الرَّهْنَانِ فَرَهْنُ الْأَوَّلِ يَذْهَبُ بِمَا فِيهِ، وَرَهْنُ الثَّانِي يَذْهَبُ مِنْ مَالِ الثَّانِي، وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ أَحَالَ أَحَدَ غُرَمَائِهِ بِدَيْنِهِ عَلَى رَجُلٍ فَإِنْ كَانَ أَحَالَهُ بِمَالٍ كَانَ لِلْعَبْدِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَالْحَوَالَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مَالٌ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَالْحَوَالَةُ جَائِزَةٌ فَإِنْ وَكَّلَ الطَّالِبَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْهُ مِنْ الْعَبْدِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَصْلُ الدَّيْنِ أَوْ مَوْلَاهُ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ، وَإِنْ كَانَ وَكَّلَ بِقَبْضِهِ عَبْدًا آخَرَ لِلْمَوْلَى أَوْ مُكَاتَبَهُ أَوْ ابْنًا لِلْمَوْلَى أَوْ عَبْدًا لِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ جَازَ إقْرَارُهُ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَوْلَى فَأَحَالَ بِهِ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْغَرِيمَ وَكَّلَ عَبْدًا لِلْمَوْلَى بِقَبْضِهِ فَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إذَا تَوَكَّلَ عَنْ غَيْرِهِ بِبَيْعِ عَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، إذَا بَاعَ جَازَ بَيْعُهُ، وَكَانَ الثَّمَنُ لِلْآمِرِ إلَّا أَنَّ الْعُهْدَةَ لَا تَلْزَمُ الْعَبْدَ، وَتَلْزَمُ الْآمِرَ فَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ رَجَعَتْ الْعُهْدَةُ إلَيْهِ، وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يُعْتَقْ حَتَّى وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمَتَاعِ عَيْبًا فَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ مَوْلَى الْمَتَاعِ لَا الْعَبْدُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَيْبِ رَدَّهُ عَلَى الْآمِرِ، وَأَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْآمِرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ اُسْتُحْلِفَ الْآمِرُ عَلَى عِلْمِهِ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ عَبْدَ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ بَاعَهُ، وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ عَنْ

الدَّعْوَى، وَإِنْ نَكَلَ رَدَّ عَلَيْهِ الْعَيْنَ، وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ، وَلَوْ طَعَنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بِالْمَتَاعِ، وَلَكِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَيْبِ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ فَالْخَصْمُ هُوَ الْعَبْدُ يُقِيمُ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَبْدِ، وَيَحْلِفُ الْعَبْدُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْآمِرِ قَبْلَ عِتْقِ الْعَبْدِ فَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِهَا حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ فَالْخَصْمُ هُوَ الْعَبْدُ، وَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الْعَبْدِ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ، وَلَا يُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ، كَذَلِكَ إذَا أَقَامَ الْمُشْتَرِي شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى الْآمِرِ قَبْلَ عِتْقِ الْعَبْدِ ثُمَّ يُقِيمُ الْمُشْتَرِي شَاهِدًا آخَرَ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَا يُكَلَّفُ إعَادَةَ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ عَلَى الْعَبْدِ ثُمَّ إذَا نَقَضَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بِالْعَيْبِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْآمِرُ هُوَ الَّذِي قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرِي يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْآمِرِ، وَلَا يُطَالِبُ الْعَبْدَ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْآمِرِ فَالْمُشْتَرِي يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ قَدْ هَلَكَ فِي يَدِ الْعَبْدِ، وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ رَجَعَ الْعَبْدُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا غَصَبَ الْمَأْذُونُ مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَبَضَهَا مِنْهُ رَجُلٌ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ حَضَرَ صَاحِبُهَا فَاخْتَارَ ضَمَانَ الْأَجْنَبِيِّ بَرِئَ الْعَبْدُ مِنْهَا فَإِنْ وَكَّلَ الْعَبْدَ أَوْ مَوْلَاهُ بِالْقَبْضِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ جَازَ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِقَبْضِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَارَ ضَمَانَ الْعَبْدِ ثُمَّ وَكَّلَ الْأَجْنَبِيَّ بِقَبْضِهِ جَازَ، وَلَوْ وَكَّلَ الْمَوْلَى بِقَبْضِهِ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ تَوَكُّلُ الْمَوْلَى، وَلَا إقْرَارُهُ بِالْقَبْضِ، وَلَوْ دَبَّرَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَدْيُونَ فَاخْتَارَ الْغُرَمَاءُ تَضْمِينَهُ الْقِيمَةَ ثُمَّ وَكَّلُوا الْمُدَبَّرَ بِقَبْضِهَا مِنْهُ لَمْ يَجُزْ تَوْكِيلُهُ، وَلَا إقْرَارُ الْمُدَبَّرِ بِالْقَبْضِ، كَذَلِكَ إنْ اخْتَارُوا إتْبَاعَ الْمُدَبَّرِ، وَوَكَّلُوا الْمَوْلَى بِقَبْضِهَا مِنْهُ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهُ مُسْتَأْنَفًا فَإِنْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ الْمُدَبَّرِ عَنْ الْوَكَالَةِ الْأُولَى لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ، وَإِنْ وَكَّلُوهُ بَعْدَ الْعِتْقِ جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ كَذَا فِي الْكَافِي، إذَا أَرَادَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ بَعْضِ غُرَمَائِهِ أَوْ يُعْطِيَهُ بِهِ رَهْنًا فَلِلْآخَرِينَ أَنْ يَمْنَعُوهُ فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ وَاحِدًا فَرَهَنَهُ بِدَيْنِهِ رَهْنًا، وَوَضَعَاهُ عَلَى يَدِ الْمَوْلَى فَضَاعَ مِنْ يَدِهِ ضَاعَ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ، وَالدَّيْنُ عَلَيْهِ بِحَالِهِ، وَلَوْ وَضَعَاهُ عَلَى يَدِ عَبْدٍ لَهُ آخَرَ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ عَلَى يَدِ ابْنِهِ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْعَبْدِ ذَهَبَ بِالدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَضَعَاهُ عَلَى يَدِ عَبْدٍ لِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُعْرَفْ هَلَاكُهُ إلَّا بِقَوْلِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ أَنْ يُؤَاجِرَ أَرْضَهُ، وَيَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ، وَيَدْفَعَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً، وَيَأْخُذَ الْأَرْضَ مُزَارِعَةً كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ طَعَامًا، وَيَزْرَعَهُ فِيهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ طَعَامًا إلَى رَجُلٍ لِيَزْرَعَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فِي أَرْضِهِ بِالنِّصْفِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لِلْمَأْذُونِ أَنْ يَكْفُلَ بِكَفَالَةٍ بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى بِالْكَفَالَةِ فَكَفَلَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ، وَكَانَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ يَقُولُ: إذَا كَفَلَ بِالْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى أَوْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ لِلْحَالِ إنَّمَا يُؤَاخَذُ بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا ضَمِنَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ لِرَجُلٍ فَقَالَ لَهُ: إنْ مَاتَ فُلَانٌ وَلَمْ يَقْضِ حَقَّك، فَأَنَا ضَامِنٌ، وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَّةً فَبَاعَهُ الْقَاضِي بِأَلْفٍ دَفَعَ الْأَلْفَ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ يَسْتَوْثِقُ مِنْهُ، وَإِنْ مَاتَ، وَلَمْ يَقْضِهِ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ الْأَوَّلِ بِحِصَّةِ مَا كَفَلَ بِهِ، وَلَوْ كَفَلَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ بِالنَّفْسِ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً ثُمَّ بَاعَهُ الْمَوْلَى جَازَ، وَلَيْسَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ، وَيَتْبَعُ الْعَبْدَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ وَجَدَهُ فَيَأْخُذُهُ فِي الْكَفَالَةِ، وَهَذَا عَيْبٌ فَيَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي بِهِ إنْ شَاءَ، وَإِذَا أَمَرَ عَبْدَهُ أَنْ يَكْفُلَ بِأَلْفٍ عَلَى رَجُلٍ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ إنْ مَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّ الْمَالَ فَالْعَبْدُ ضَامِنٌ فَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ رَبِّ الْمَالِ جَازَ، وَالثَّمَنُ لِلْمَوْلَى يَفْعَلُ بِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ، وَلَمْ يَقْضِ دَيْنَهُ رَجَعَ الطَّالِبُ عَلَى الْبَائِعِ بِدَيْنِهِ فِي ثَمَنِهِ فَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ بَطَلَ الْفَضْلُ، وَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ، وَأَخَذَ ثَمَنَهُ يُبَاعُ الْعَبْدُ لَهُ بِدَيْنِهِ، وَإِنْ هَلَكَ الثَّمَنُ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا يَرُدُّهُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ، وَيُبَاعُ الْعَبْدُ فِي ثَمَنِهِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ أَخَذَهُ مِنْ دِينِهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَيَجُوزُ لِلْمَأْذُونِ أَنْ يُشَارِكَ غَيْرَهُ شَرِكَةَ عِنَانٍ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ غَيْرَهُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ تَنْعَقِدُ عِنَانًا لَا مُفَاوَضَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ شَرِكَةُ الْعِنَانِ إنَّمَا تَصِحُّ مِنْهُ إذَا اشْتَرَكَ الشَّرِيكَانِ

مُطْلَقًا عَنْ ذِكْرِ الشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ أَوْ النَّسِيئَةِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَكَ الْعَبْدَانِ الْمَأْذُونُ لَهُمَا فِي التِّجَارَةِ شَرِكَةَ عِنَانٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ مِنْ ذَلِكَ النَّسِيئَةُ، وَجَازَ النَّقْدُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُمَا الْمَوْلَيَانِ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى الشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا لَوْ أَذِنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْلَاهُ بِالْكَفَالَةِ أَوْ التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى بِشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ لَا تَجُوزُ الْمُفَاوَضَةُ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ فِي التِّجَارَاتِ كُلِّهَا، إذَا لَمْ تَجُزْ الْمُفَاوَضَةُ عَلَى الْعُمُومِ بَعْدَ إذْنِ الْمَوْلَى هَلْ تَجُورُ عَلَى الْخُصُوصِ مَرَّةً وَاحِدَةً؟ لَمْ يَذْكُرُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكِتَابِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ: وَلِقَائِلِ أَنْ يَقُولَ: تَجُوزُ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا تَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمَأْذُونُ يَمْلِكُ الْإِذْنَ فِي التِّجَارَةِ، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ وَالشَّرِيكُ شَرِكَةَ عِنَانٍ فِيمَا هُوَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي فَصْلٍ، وَهُوَ أَنَّ الْمُضَارِبَ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ إذَا أَذِنَ لِعَبْدٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ فِي التِّجَارَةِ أَنَّ الْعَبْدَ يَصِيرُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَاتِ كُلِّهَا أَمْ فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّهُ يَكُونُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَاتِ كُلِّهَا هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً، وَأَنْ يَأْخُذَ مُضَارَبَةً، وَلَهُ أَنْ يُبْضِعَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ، وَلَهُ أَنْ يُودِعَ وَأَنْ يَسْتَوْدِعَ، وَلَهُ أَنْ يُعِيرَ وَيَسْتَعِيرَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ فِيمَا بَدَا لَهُ مِنْ الْأَعْمَالِ عِنْدَنَا، وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ كَسْبَهُ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ أَنْ يُؤَجِّرَ أَمَتَهُ ظِئْرًا وَالْأَمَةُ الْمَأْذُونَةُ لَهَا أَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا ظِئْرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ نَفْسِهِ، وَلَا رَهْنُهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا يَمْلِكُ التَّزَوُّجَ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً حُرَّةً يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَمَا لَزِمَهُ مِنْ الْمَهْرِ بِسَبَبِ الدُّخُولِ يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يُزَوِّجُ مَمَالِيكَهُ فَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ لَمْ يَجُزْ إجْمَاعًا، وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ وَالْمُضَارِبُ وَشَرِيكُ الْعِنَانِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَيْسَ لِلْمَأْذُونِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ، وَإِنْ كَاتَبَهُ، وَأَجَازَ مَوْلَاهُ جَازَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ثُمَّ لَا سَبِيلَ لِلْعَبْدِ عَلَى قَبْضِ الْبَدَلِ بَلْ ذَلِكَ إلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ دَفَعَهَا الْمُكَاتَبُ إلَى الْعَبْدِ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ الْمَوْلَى بِقَبْضِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ لَحِقَهُ دَيْنٌ بَعْدَ إجَازَةِ الْمَوْلَى الْكِتَابَةَ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ أَوْ قَلِيلٌ فَمُكَاتَبَتُهُ بَاطِلَةٌ وَإِنْ أَجَازَ الْمَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ الْمُكَاتَبَةَ حَتَّى أَدَّاهَا فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى لَمْ يُجِزْهَا لَمْ يُعْتَقْ وَرُدَّ رَقِيقًا لِلْمَأْذُونِ فَبِيعَ فِي دَيْنِهِ وَصُرِفَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ فِي دَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى أَجَازَ الْمُكَاتَبَةَ وَأَمَرَ الْعَبْدَ بِقَبْضِهَا، وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ، وَبِمَا فِي يَدِهِ فَأَدَّى الْمُكَاتَبُ الْمُكَاتَبَةَ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا هُوَ حُرٌّ، وَالْمَوْلَى ضَامِنٌ لَقِيمَتِهِ لِلْغُرَمَاءِ، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ الَّتِي قَبَضَهَا الْمَوْلَى تُؤْخَذُ مِنْهُ فَيُصْرَفُ إلَى الْغُرَمَاءِ، وَلَوْ كَانَ دَيْنُ الْمَأْذُونِ لَا يُحِيطُ بِهِ وَبِمَالِهِ عَتَقَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ، وَيَأْخُذُ الْغُرَمَاءُ الْمُكَاتَبَةَ الَّتِي قَبَضَهَا الْمَوْلَى وَالْمَأْذُونُ مِنْ دَيْنِهِمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلِلْغُرَمَاءِ حَقُّ إبْطَالِ الْكِتَابَةِ قَبْلَ ثُبُوتِ الْعِتْقِ، وَإِذَا لَمْ يُبْطِلُوا الْكِتَابَةَ حَتَّى عَتَقَ بِالْأَدَاءِ ضَمِنَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْبَدَلَ إلَى الْمَوْلَى قَبْلَ الْإِجَازَةِ ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى لَمْ يُعْتَقْ وَسُلِّمَ الْمَقْبُوضُ إلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا مِنْ كَسْبِهِ عَلَى مَالٍ فَإِنْ أَعْتَقَ عَلَى مَالٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَأَجَازَ الْمَوْلَى عِتْقَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ عَمِلَتْ إجَازَتُهُ وَقَبْضُ الْبَدَلَ إلَى الْمَوْلَى، وَلَوْ لَحِقَ الْعَبْدَ بَعْدَ ذَلِكَ دَيْنٌ لَا يُصْرَفُ شَيْءٌ مِنْ بَدَلِ الْعِتْقِ إلَى دَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لَا تَعْمَلُ إجَازَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا تَعْمَلُ إجَازَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا عَمِلَتْ إجَازَتُهُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَضَمِنَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ، وَلَا سَبِيلَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَى الْعِوَضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَهَبُ، وَلَا يَتَصَدَّقُ بِالدِّرْهَمِ وَالثَّوْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا يُعَوَّضُ مِمَّا وَهَبَ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَلَا يُقْرِضُ فَإِنْ أَجَازَ الْمَوْلَى هَذِهِ التَّبَرُّعَاتِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَيَمْلِكُ التَّصَدُّقَ بِالْفَلْسِ وَالرَّغِيفِ وَبِالْفِضَّةِ بِمَا دُونَ الدِّرْهَمِ نَصَّ عَلَى

مَا دُونَ الدِّرْهَمِ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ، وَفِي الْأَصْلِ يَقُولُ: إنْ تَصَدَّقَ، وَكَانَتْ الصَّدَقَةُ شَيْئًا سِوَى الطَّعَامِ، وَقَدْ بَلَغَتْ قِيمَتُهَا دِرْهَمًا فَصَاعِدًا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَ الضِّيَافَةَ الْيَسِيرَةَ اسْتِحْسَانًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ الضِّيَافَةَ الْعَظِيمَةَ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ حَدٍّ فَاصِلٍ بَيْنَ الْعَظِيمَةِ وَالْيَسِيرَةِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ: عَلَى مِقْدَارِ مَالِ تِجَارَتِهِ إنْ كَانَ مَالُ تِجَارَتِهِ مَثَلًا عَشْرَةُ آلَافٍ فَاِتَّخَذَ الضِّيَافَةَ بِمِقْدَارِ عَشْرَةٍ كَانَ يَسِيرًا، وَإِنْ كَانَ مَالُ تِجَارَتِهِ عَشَرَةٌ مَثَلًا فَاتَّخَذَ ضِيَافَةً بِمِقْدَارِ دَانِقٍ فَذَلِكَ يَكُونُ كَثِيرًا عُرْفًا هَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي الضِّيَافَةِ. وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي الْهَدِيَّةِ فَنَقُولُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ يَمْلِكُ الْإِهْدَاءَ بِالْمَأْكُولَاتِ، وَلَا يَمْلِكُ الْإِهْدَاءَ بِمَا سِوَاهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ قَالَ مَشَايِخُنَا: إنَّمَا يَمْلِكُ الْإِهْدَاءَ بِالْمَأْكُولِ بِمِقْدَارِ مَا يَتَّخِذُ الدَّعْوَةَ مِنْ الْمَأْكُولَاتِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ بِإِجَابَةِ دَعْوَةِ الْعَبْدِ التَّاجِرِ وَإِعَارَةُ ثَوْبِهِ وَدَابَّتِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَة وَلَا ضَمَان فِيهِ عَلَى الرَّجُلِ إنْ هَلَكَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَيُكْرَهُ كِسْوَةُ ثَوْبِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ لَهُ الْمَوْلَى قُوتَ يَوْمِهِ فَدَعَا بَعْضَ رُفَقَائِهِ عَلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ فَلَا بَأْسَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ لَهُ قُوتَ شَهْرٍ، وَلَا بَأْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَصَدَّقَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا بِشَيْءٍ يَسِيرٍ كَرَغِيفٍ وَنَحْوِهِ بِدُونِ اسْتِطْلَاعِ رَأْيِ الزَّوْجِ كَذَا فِي الْكَافِي قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَفِي عُرْفِنَا الْمَرْأَةُ وَالْأَمَةُ لَا تَكُونُ مَأْذُونَةً بِالتَّصَدُّقِ بِالنَّقْدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا بَاعَ الْمَأْذُونُ جَارِيَةً، وَدَفَعَهَا ثُمَّ وَهَبَ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ بَعْضَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ حَطَّ عَنْهُ فَذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِنْ كَانَ وَهَبَ بَعْضَ الثَّمَنِ أَوْ حَطَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ بِعَيْبٍ طَعَنَ بِهِ الْمُشْتَرِي، فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَوْ حَطَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ أَوْ وَهَبَهُ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ جَارِيَةً، وَقَبَضَهَا ثُمَّ وَهَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِلْعَبْدِ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَلِكَ، وَلَوْ وَهَبَ لِلْمَوْلَى، وَقَبِلَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ هِبَتِهِ لِلْعَبْدِ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا الْمَوْلَى فِي هَذَا الْوَجْهِ وَلَمْ يَقْبَلْهَا الْعَبْدُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ كَانَتْ الْهِبَةُ بَاطِلَةٌ، وَالْمَالُ عَلَى الْعَبْدِ بِحَالِهِ فَإِنْ وَهَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِلْعَبْدِ أَوْ لِمَوْلَاهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدُ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي كُلِّ ثَمَنٍ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا بِعَيْنِهِ فَوَهَبَ الْمَأْذُونُ الْعَرَضَ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي الْهِبَةَ فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَهَبَ الْجَارِيَةَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْعَبْدُ فَقَبِلَهَا الْعَبْدُ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ ذَلِكَ فَسْخًا لِلْعَقْدِ، وَإِنْ وَهَبَهَا لِلْمَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَهَذَا نَقْضٌ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَقَبِلَهَا الْمَوْلَى وَقَبَضَهَا فَهَذَا لَيْسَ بِنَقْضٍ لِلْبَيْعِ، وَلَوْ تَقَابَضَا ثُمَّ وَهَبَ الْعَبْدُ الْعَرَضَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَقَبِلَهُ فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ أَيْ بَعْدَ التَّقَابُضِ لِلْمَأْذُونِ أَوْ لِمَوْلَاهُ جَازَتْ الْهِبَةُ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ الْمُبْتَدَإِ فَإِنْ وَجَدَ الْمَأْذُونُ بِالْعَرَضِ عَيْبًا، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِالْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَقَدْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ لِلْعَبْدِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَهَبَهَا لِمَوْلَاهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْعَرَضَ بِالْعَيْبِ، وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ يَوْمَ قَبَضَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَبَاعَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ جَارِيَةً مِمَّا فِي يَدِهِ بِغُلَامٍ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ حَدَثَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبٌ عِنْدَ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ وَلَدًا أَوْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي، وَهِيَ ثَيِّبٌ أَوْ بِكْرٌ أَوْ وَطِئَهَا رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ إنَّ مُشْتَرِيَ الْجَارِيَةِ وَهَبَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمَأْذُونِ أَوْ مِنْ مَوْلَاهُ، وَعَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الْمَأْذُونَ وَجَدَ بِالْغُلَامِ عَيْبًا فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُغْنِي. قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ بِغُلَامٍ مِمَّا فِي يَدِهِ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَبِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ وَهَبَ الْأَلْفَ الَّتِي قَبَضَ وَالْغُلَامَ مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فِي التِّجَارَةِ، وَقَبَضَهُمَا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ أَرَادَ رَدَّ الْجَارِيَةِ بِعَيْبٍ وَجَدَهُ فِيهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَكَذَلِكَ، لَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ لِلْمَوْلَى، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَالْهِبَةُ لِلْمَوْلَى كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْجَارِيَةَ بِالْعَيْبِ، وَيَأْخُذَ مِنْ الْبَائِعِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقِيمَةَ الْغُلَامِ فَإِنْ كَانَ أَخَذَ ذَلِكَ ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْغُرَمَاءُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبُوهُ لَهُ أَوْ لِلْمَوْلَى أَوْ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى لَمْ يَرُدَّ عَلَى الْبَائِعِ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ مِنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ فِي التِّجَارَةِ فَوَجَبَ لَهُ عَلَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ مُكَاتَبٍ ثَمَنَ بَيْعٍ أَوْ غَصْبٍ فَأَخَّرَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَأْخِيرُهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَ عَنْهُ ثُلُثًا مِنْهُ، وَقَبَضَ ثُلُثًا، وَحَطَّ ثُلُثًا كَانَ التَّأْخِيرُ جَائِزًا، وَالْحَطُّ بَاطِلًا، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي وَجَبَ لَهُ قَرْضًا أَقْرَضَهُ فَأَخَّرَهُ عَنْ صَاحِبِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ حَالًّا كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَإِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ كَانَ أَحْسَنَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ: وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَوَجَبَ لَهُ وَلِرَجُلٍ آخَرَ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ هُمَا فِيهِ شَرِيكَانِ فَأَخَّرَ الْعَبْدُ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَقَدْ كَانَ الْمَالُ حَالًّا فَإِنَّ التَّأْخِيرَ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمَالُ حَالٌّ عَلَى حَالِهِ مَا يَقْبِضُهُ أَحَدُهُمَا أَيُّهُمَا كَانَ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا التَّأْخِيرُ جَائِزٌ، وَمَا أَخَذَ السَّاكِتُ يَكُونُ لَهُ خَاصَّةً لَا يُشَارِكُهُ الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ كَذَا فِي الْمُغْنِي فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ كَانَ الْعَبْدُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ شَرِيكِهِ نِصْفَ مَا أَخَذَ ثُمَّ يَتْبَعَانِ الْغَرِيمَ بِالْبَاقِي، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ لَهُ الْمَقْبُوضَ، وَاخْتَارَ اتِّبَاعَ الْبَاقِي بِنَصِيبِهِ فِي الدَّيْنِ، وَلَوْ اقْتَضَى الْعَبْدُ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّ الْأَجَلِ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ مُؤَجَّلًا فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْهُ قَبْلَ حِلِّهِ كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا فَأَجَّلَهُ الْعَبْدُ سَنَةً ثُمَّ قَبَضَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ ثُمَّ أَبْطَلَ الْغَرِيمُ الْأَجَلَ الَّذِي أَجَّلَهُ الْعَبْدُ بِرِضًا مِنْهُ قَبْلَ مُضِيِّهِ فَقَدْ بَطَلَ الْأَجَلُ، وَلَكِنْ لَا سَبِيلَ لِلْعَبْدِ عَلَى مَا قَبَضَ شَرِيكُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ شَارَكَهُ فِي الْمَقْبُوضِ إنْ شَاءَ. وَإِنْ لَمْ يَنْقَضِ الْأَجَلُ، وَلَكِنَّ الْغَرِيمَ مَاتَ فَحَلَّ عَلَيْهِ شَارَكَ الْعَبْدُ شَرِيكَهُ فِيمَا قَبَضَ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ وَلَكِنَّهُمَا تَنَاقَضَا الْأَجَلَ ثُمَّ قَبَضَ الشَّرِيكُ حَقَّهُ كَانَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُشَارِكَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ حَالًّا فَقَبَضَ الشَّرِيكُ حَقَّهُ ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ أَخَّرَ الْغَرِيمَ حَقَّهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِقَبْضِهِ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَتَأْخِيرُهُ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى مَا قَبَضَ شَرِيكُهُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَإِذَا حَلَّ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ مَا قَبَضَ إنْ شَاءَ، وَلَوْ كَانَ مَالُهُمَا إلَى سَنَةٍ فَقَبَضَ الشَّرِيكُ عَاجِلًا ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ أَخَّرَ حَقَّهُ لِلْغَرِيمِ سَنَةً أُخْرَى، وَهُوَ يَعْلَمُ بِقَبْضِهِ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَتَأْخِيرُهُ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى مَا قَبَضَ شَرِيكُهُ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَتَانِ جَمِيعًا، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ حَالًّا فَأَخَذَ الشَّرِيكُ حَقَّهُ فَسَلَّمَهُ لَهُ الْعَبْدُ كَانَ تَسْلِيمُهُ جَائِزًا عِنْدَهُمْ حَتَّى يَتْوَى مَا عَلَى الْغَرِيمِ فَإِنْ تَوِي مَا عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَى شَرِيكه، فَيُشَارِكُهُ فِي الْمَقْبُوضِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ إلَى سَنَةٍ فَاشْتَرَى الْعَبْدُ مِنْ الْغَرِيمِ جَارِيَةً بِحِصَّتِهِ فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ بِنِصْفِ حَقِّهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدُ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا فَرَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَادَ الْمَالُ إلَى أَجَلِهِ، وَاسْتَرَدَّ الْعَبْدُ مِنْ شَرِيكِهِ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ. وَلَوْ كَانَ رَدَّهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ بِإِقَالَةٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الشَّرِيكِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَعْطَاهُ، وَيَكُونُ لِلْعَبْدِ وَلِشَرِيكِهِ عَلَى الْغَرِيمِ الْخَمْسِمِائَةِ الْبَاقِيَةِ إلَى أَجَلِهَا، وَلِلْعَبْدِ عَلَى الْغَرِيمِ خَمْسُمِائَةٍ حَالَّةٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ اشْتَرَى الْجَارِيَةَ مِنْ الْغَرِيمِ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ إلَّا أَنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ بِنِصْفِ الْأَلْفِ هَاهُنَا فَإِنْ كَانَ حِينَ أَقَالَ الْبَيْعَ أَوْ رَدَّهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ شَرَطَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ أَنَّ الثَّمَنَ إلَى أَجَلِهِ كَانَ إلَى أَجَلِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَأَبْرَأَهُ بَائِعُهُ عَنْ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَرَدَّهُ بِالْخِيَارِ صَحَّ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. الْمَأْذُونُ فِي إقَالَةِ الْبَيْعِ كَالْحُرِّ فَإِنْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ جَارِيَةً فَزَادَتْ فِي يَدِهِ حَتَّى صَارَ الثَّمَنُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ فِيهَا فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ أَمَةً بِأَلْفٍ وَقَبَضَهَا وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْهُ ثُمَّ تَقَايَلَا بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي فَلَوْ أَقَالَ الْبَيْعَ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ بِجَارِيَةٍ أُخْرَى أَوْ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بَاطِلَةً فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ لَمْ يَقْبِضْ الْجَارِيَةَ حَتَّى وَهَبَ الْبَائِعَ ثَمَنَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَالَهُ بِثَمَنٍ آخَرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَلَوْ لَمْ يَتَقَايَلَا الْبَيْعَ، وَلَكِنَّهُ رَأَى بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا فَلَمْ يَرْضَ بِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ رَآهَا فَلَمَّا رَآهَا لَمْ يَرْضَ بِهَا فَنَقَضَ الْبَيْعَ، وَقَدْ كَانَ وَهَبَ

لَهُ الثَّمَنَ فَنَقْضُهُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْإِبَانَةِ فِي الْمُنْتَقَى بَاعَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَبْدًا فِي تِجَارَتِهِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ الْمَوْلَى ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَالْخَصْمُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ هُوَ الْعَبْدُ فَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِالْعَيْبِ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَقَضَى عَلَيْهِ بِالرَّدِّ جَازَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا بَاعَ الْمَأْذُونُ شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى أَقَالَ الْبَيْعَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمَأْذُونُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يَوْمِئِذٍ فَمَا صَنَعَ الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ عَلَى عَبْدِهِ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ عِنْدَ الْإِقَالَةِ فَقَضَى الْمَوْلَى الدَّيْنَ أَوْ أَبْرَأَ الْغُرَمَاءُ الْعَبْدَ مِنْ دَيْنِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ الْقَاضِي الْإِقَالَةَ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ، وَإِنْ فَسَخَ الْقَاضِي الْإِقَالَةَ ثُمَّ أَبْرَأَ الْغُرَمَاءَ مِنْ الدَّيْنِ فَالْفَسْخُ مَاضٍ، وَإِذَا بَاعَ عَرَضًا بِثَمَنٍ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ تَقَايَلَا، وَالْعَرَضُ بَاقٍ، وَالثَّمَنُ هَالِكٌ قَبْلَ الْإِقَالَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَالْإِقَالَةُ مَاضِيَةٌ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا، وَالْعَرَضُ هَالِكٌ قَبْلَ الْإِقَالَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا بَاعَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَيْنًا مِنْ كَسْبِهِ، وَطَعَنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بِهِ بَعْدَمَا قَبَضَهُ، وَالْعَيْبُ يَحْدُثُ مِثْلُهُ أَوْ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ، وَخَاصَمَ الْمَأْذُونَ فِي ذَلِكَ فَقَبِلَهُ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِلَا يَمِينٍ وَلَا بَيِّنَةٍ عَلَى الْعَيْبِ فَقَبُولُهُ جَائِزٌ، وَالْبَيْعُ مُنْتَقِضٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ حَتَّى رُدَّ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ قَاضٍ إمَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِبَاءٍ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ إقْرَارٍ مِنْهُ بِالْعَيْبِ كَانَ جَائِزًا كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا بَاعَ الْمَأْذُونُ جَارِيَةً بِأَلْفٍ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ قَطَعَ الْمُشْتَرِي يَدَهَا أَوْ وَطِئَهَا أَوْ ذَهَبَتْ عَيْنُهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ، وَلَا يَعْلَمُ الْعَبْدُ بِذَلِكَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَلَوْ كَانَ الْوَاطِئُ أَوْ الْقَاطِعُ أَجْنَبِيًّا فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْعُقْرُ أَوْ الْأَرْشُ ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ، وَالْعَبْدُ يَعْلَمُ بِذَلِكَ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَحِيحَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ: وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً وَقَبَضَهَا مِنْهُ الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَخَاصَمَ الْعَبْدَ فِيهِ إلَى الْقَاضِي، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْمَأْذُونِ فَرَدَّ الْقَاضِي الْجَارِيَةَ عَلَى الْمَأْذُونِ وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا آخَرَ قَدْ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْعَبْدُ وَقْتَ الرَّدِّ، وَلَا عِلْمَ لِلْقَاضِي بِذَلِكَ فَالْمَأْذُونُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْفَسْخَ وَرَدَّ الْجَارِيَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ إلَّا حِصَّةَ مِقْدَارِ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الْمَأْذُونِ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْفَسْخَ، وَأَمْسَكَ الْجَارِيَةَ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الْمَأْذُونِ بِقَلِيلٍ، وَلَا كَثِيرٍ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهَا الْعَبْدُ حَتَّى حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ عِنْدَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْفَسْخِ إذَا وَجَدَ بِهَا عَيْبًا، وَقَدْ تَعَيَّبَتْ عِنْدَهُ فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهَا بِعَيْبِهَا الَّذِي حَدَثَ عِنْدَ الْعَبْدِ فَلَهُ ذَلِكَ فَإِنْ أَخَذَهَا وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْعَبْدِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّمَنِ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَيْبُ الْآخَرُ جِنَايَةً مِنْ الْعَبْدِ أَوْ وَطْئًا فَإِنْ كَانَ جِنَايَةً مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ وَطْئًا فَوَجَبَ الْعُقْرُ أَوْ الْأَرْشُ رَجَعَ الْعَبْدُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الْجَارِيَةَ بِحُدُوثِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلَّدَةِ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ، وَكَمَا أَنَّ حُدُوثَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ فَسْخَ الْعَقْدِ حَقًّا لِلشَّرْعِ فَكَذَلِكَ حُدُوثُهَا عِنْدَ الْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ فَإِذَا تَعَذَّرَ رَدُّهَا تَعَيَّنَ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الرُّجُوعِ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْجَارِيَةَ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ لَا بِالْعَيْبِ فَقَبَضَهَا الْعَبْدُ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَطَعَ يَدَهَا أَوْ وَطِئَهَا فَلَمْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ حَتَّى حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ عِنْدَ الْعَبْدِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا، وَأَعْطَى الْعَبْدَ جَمِيعَ الثَّمَنِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الْعَبْدُ نُقْصَانَ الْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ الثَّمَنِ يَعْنِي فِي الْجِنَايَةِ فِي الْوَطْءِ إذَا كَانَتْ بِكْرًا حَتَّى نَقَصَهَا الْوَطْءُ فِي مَالِيَّتِهَا فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَطِئَهَا، وَهِيَ ثَيِّبٌ فَلَمْ يَنْقُصْهَا الْوَطْءُ شَيْئًا لَمْ يَرْجِعْ الْعَبْدُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ. وَلَزِمَ الْعَبْدَ الْجَارِيَةُ، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيٌّ قَطَعَ يَدَهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ وَطِئَهَا فَوَجَبَ الْعُقْرُ أَوْ الْأَرْشُ ثُمَّ رَدَّهَا الْقَاضِي عَلَى الْعَبْدِ بِالْعَيْبِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا صَنَعَ الْأَجْنَبِيُّ ثُمَّ حَدَثَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبٌ عِنْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى مَا كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْجَارِيَةَ تُرَدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُرَدُّ عَلَيْهِ مَعَهَا نُقْصَانُ الْعَيْبِ

الباب الرابع في مسائل الديون التي تلحق المأذون

الَّذِي حَدَثَ عِنْدَ الْعَبْدِ مِنْ قِيمَتِهَا ثُمَّ يَأْخُذُ الْعَبْدُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ قَدْ رَدَّهُ إلَيْهِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ بِهَا عِنْدَ الْعَبْدِ مِنْ فِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ ذَلِكَ النُّقْصَانَ مِنْ الْعَبْدِ، وَيَرْجِعُ بِهِ الْعَبْدُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ الْبَائِعُ قَتَلَهَا أَوْ قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ فِي يَدِ الْعَبْدِ فَهُوَ سَوَاءٌ، وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَبْدِ قِيمَتَهَا، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ يَرْجِعُ الْعَبْدُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ. وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بَاعَهَا بَعْدَمَا قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي جَازَ بَيْعُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ بَاعَ الْمَأْذُونُ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ بِجَارِيَةٍ فَتَقَايَلَا، وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى وَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَلَدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَلْفٌ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَارِيَتَهُ وَوَلَدهَا فَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضَا بَعْدَمَا تَقَايَلَا حَتَّى مَاتَتْ الْأَمَتَانِ، وَأَرَادَا أَخْذَ الْوَلَدَيْنِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ الْوَلَدَ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَنِصْفَ قِيمَةِ أُمِّهِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَمِائَةٍ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ الْوَلَدَ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَثُلُثَ قِيمَةِ أُمِّهِ، وَلَوْ هَلَكَ الْوَلَدَانِ دُونَ الْأَمَتَيْنِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ جَارِيَتَهُ، وَلَمْ يَتْبَعْ صَاحِبَهُ بِشَيْءٍ، وَإِنْ هَلَكَتْ الْأَمَتَانِ، وَأَحَدُ الْوَلَدَيْنِ فَإِنَّ الَّذِي فِي يَدِهِ الْوَلَدُ الْحَيُّ يَدْفَعُهُ إلَى صَاحِبِهِ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ قِيمَةِ الْأَمَةِ الَّتِي هَلَكَتْ فِي يَدِ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ بَاعَ الْمَأْذُونُ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ تَقَايَلَا فَلَمْ يَقْبِضْ الْعَبْدُ الْجَارِيَةَ حَتَّى قَطَعَ رَجُلٌ يَدَهَا أَوْ وَطِئَهَا فَنَقَصَهَا الْوَطْءُ كَانَ الْعَبْدُ بِالْخِيَارِ، وَلَوْ اخْتَارَ أَخْذَهَا أَتْبَعَ الْوَاطِئَ أَوْ الْجَانِيَ بِالْعُقْرِ أَوْ الْأَرْشِ، وَإِنْ نَقَضَ الْإِقَالَةَ فَالْعُقْرُ وَالْأَرْشُ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَلْفِ عَرَضًا بِعَيْنِهِ كَانَ الْعَبْدُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَتْبَعَ الْجَانِيَ وَالْوَاطِئَ بِالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي يَوْمَ قَبَضَهَا وَسَلَّمَ لَهُ الْجَارِيَةَ، وَأَرْشُهَا وَعُقْرُهَا لِلْمُشْتَرِي، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قَتَلَهَا الْجَانِي كَانَ الْعَبْدُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَتْبَعَ عَاقِلَةَ الْجَانِي بِقِيمَتِهَا، وَإِنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهَا حَالَّةً ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي بِقِيمَتِهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ كَانَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا، وَلَوْ كَانَ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ مِنْ فِعْلِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ يُخَيَّرُ الْعَبْدُ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبَضَهَا مِنْهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَارِيَةَ، وَرَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، وَلَوْ كَانَ الْعَيْبُ أَحْدَثَهُ فِيهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِقَالَةِ ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ عَلِمَ الْعَبْدُ بِالْعَيْبِ يُخَيَّرُ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبَضَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا مَعِيبَةً، وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ. وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدُ إبْرِيقَ فِضَّةٍ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَتَقَابَضَا ثُمَّ تَقَايَلَا وَافْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْإِقَالَةُ مُنْتَقَضَةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَسَائِلِ الدُّيُونِ الَّتِي تَلْحَقُ الْمَأْذُونَ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَسَائِلِ الدُّيُونِ الَّتِي تَلْحَقُ الْمَأْذُونَ وَتَصَرُّفِ الْمَوْلَى فِي الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بِالْبَيْعِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْإِعْتَاقِ وَأَشْبَاهِهَا) اعْلَمْ أَنَّ الدُّيُونَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ دَيْنٌ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ اتِّفَاقًا، وَهُوَ دَيْنُ الِاسْتِهْلَاكِ، وَدَيْنٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ اتِّفَاقًا، وَهُوَ دَيْنٌ وَجَبَ بِمَا هُوَ لَيْسَ فِي مَعْنَى التِّجَارَةِ كَالْوَطْءِ وَالنِّكَاحِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، وَدَيْنٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَهُوَ دَيْنٌ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ، وَبِمَا هُوَ مِثْلَهَا كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ وَالْوَدَائِعِ وَالْأَمَانَاتِ إذَا جَحَدَ فِيهَا، وَمَا يَجِبُ مِنْ الْعُقْرِ بِوَطْءِ الْمُشْتَرَاةِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لِاسْتِنَادِهِ إلَى الشِّرَاءِ فَيَلْحَقُ بِهِ كَذَا فِي التَّرْصِيعِ كَذَا فِي الْمَعْدِنِ. وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَبَاعَ الْعَبْدُ، وَاشْتَرَى، وَلَحِقَهُ مِنْ ذَلِكَ دَيْنٌ كَثِيرٌ فَقَدَّمَهُ الْغُرَمَاءُ إلَى الْقَاضِي، وَالْمَوْلَى حَاضِرٌ فَطَلَبُوا بَيْعَهُ مِنْ الْمَوْلَى فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْعَبْدِ مَالٌ حَاضِرٌ يَفِي بِدُيُونِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي دُيُونَهُ مِنْ كَسْبِهِ، وَلَا يَبِيعُ الْمَأْذُونَ بِدَيْنِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مَالٌ حَاضِرٌ إلَّا أَنَّ لَهُ مَالًا غَائِبًا يُرْجَى قُدُومُهُ أَوْ دَيْنٌ حَالٌّ يُرْجَى خُرُوجُهُ فَإِنَّهُ لَا يُعَجِّلُ الْقَاضِي فِي بَيْعِهِ بَلْ يَتَلَوَّمُ وَيُؤَخِّرُ الْبَيْعَ حَتَّى يَقْدَمَ الْمَالُ أَوْ يَخْرُجَ الدَّيْنُ، وَلَمْ يُقَدِّرْ لِمُدَّةِ التَّلَوُّمِ تَقْدِيرًا فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: بِأَنَّ تَقْدِيرَ مُدَّةِ التَّلَوُّمِ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي؛ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ وَوَقَعَ فِي رَأْيِهِ أَنَّ مُدَّةَ التَّلَوُّمِ انْتَهَتْ بَاعَ الْعَبْدَ، وَإِنْ وَقَعَ فِي رَأْيِهِ أَنَّ مُدَّةَ التَّلَوُّمِ لَمْ تَنْتَهِ فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهُ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ

أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مُدَّةُ التَّلَوُّمِ مُقَدَّرَةٌ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ الْغَائِبُ بِحَيْثُ يَقْدَمُ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَبِيعُ الْعَبْدَ بَلْ يَتَلَوَّمُ حَتَّى يَقْدَمَ الْمَالُ أَوْ يَخْرُجَ الدَّيْنُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدَمُ الْمَالُ الْغَائِبُ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ. وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ التَّلَوُّمِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَلَمْ يَقْدَمْ الْمَالُ وَلَمْ يَخْرُجْ الدَّيْنُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ الْعَبْدَ بِدَيْنِهِمْ هَذَا إذَا كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا فَأَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُ الْعَبْدَ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَوْلَى ثُمَّ إذَا بَاعَ الْقَاضِي الْعَبْدَ بِحَضْرَةِ الْمَوْلَى يَقْسِمُ ثَمَنَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ بِالثَّمَنِ وَفَاءٌ بِالدُّيُونِ كُلِّهَا أَوْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَمَامُ حَقِّهِ، وَيَصْرِفُ الْفَضْلَ إلَى الْمَوْلَى إنْ كَانَ ثَمَّةَ فَضْلٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالثَّمَنِ وَفَاءٌ بِالدُّيُونِ كُلِّهَا يَضْرِبُ كُلُّ غَرِيمٍ فِي الثَّمَنِ بِقَدْرِ حَقِّهِ، وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِمْ حَتَّى يُعْتَقَ الْعَبْدُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ اشْتَرَى الْعَبْدَ مَوْلَاهُ الَّذِي بَاعَهُ عَلَيْهِ الْقَاضِي لِلْغُرَمَاءِ لَمْ يَتْبَعْهُ الْغُرَمَاءُ بِشَيْءٍ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ قَلِيلٍ، وَلَا كَثِيرٍ، وَإِنْ عَادَ الْعَبْدُ إلَى مِلْكِ مَنْ وَجَبَ الدَّيْنُ عَلَى الْعَبْدِ فِي مِلْكِهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الدَّيْنِ حَالًّا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ وَيُعْطِي أَصْحَابَ الْحَالِّ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْهُ وَيُمْسِكُ حِصَّةَ أَصْحَابِ الْأَجَلِ إلَى وَقْتِ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَهَذَا إذَا كَانَ كُلُّهُ ظَاهِرًا. وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ ظَاهِرًا وَبَعْضُهُ لَمْ يَظْهَرْ وَلَكِنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ قَدْ ظَهَرَ كَمَا لَوْ حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُهُ فِي الدَّيْنِ، وَيَدْفَعُ إلَى الْغَرِيمِ قَدْرَ دَيْنِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِثْلَ الثَّمَنِ دُفِعَ كُلُّهُ فَبَعْدَ ذَلِكَ إذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ دَابَّةٌ فَهَلَكَتْ يَرْجِعُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ عَلَى الْغَرِيمِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ فَيَضْرِبُ هَذَا بِقِيمَةِ الدَّابَّةِ، وَالْغَرِيمُ يَضْرِبُ بِدَيْنِهِ فَيَقْسِمَانِ الثَّمَنَ بِالْحِصَصِ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَلَوْ طَلَبَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ مِنْ الْقَاضِي الْبَيْعَ، وَالْبَعْضُ غُيَّبٌ فَبَاعَهُ الْقَاضِي لِلْحُضُورِ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ عَلَى الْكُلِّ ثُمَّ يَدْفَعُ الْقَاضِي إلَى الْحُضُورِ حِصَّتَهُمْ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَقِفُ حِصَّةُ الْغُيَّبِ فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ: قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ إنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِنْ الْمَالِ كَذَا وَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى بِذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُ وَفُلَانٌ غَائِبٌ، فَقَالَ الْغُرَمَاءُ الْحُضُورُ: لَيْسَ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ قَلِيلٌ، وَلَا كَثِيرٌ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ مُصَدَّقًا فِي ذَلِكَ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ، وَصَدَّقَ الْعَبْدَ فِي إقْرَارِهِ أَخَذَ حَقَّهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ قُسِمَ مَا وُقِفَ لَهُ بَيْنَ الْحُضُورِ بِالْحِصَصِ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَمَا بَاعَهُ الْقَاضِي، وَصَدَّقَهُ مَوْلَاهُ لَمْ يُصَدَّقَا عَلَى الْغُرَمَاءِ. وَيَدْفَعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ إلَى الْغُرَمَاءِ الْمَعْرُوفِينَ، فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّهِ أَتْبَعَ الْغُرَمَاءَ بِحِصَّتِهِ مِمَّا أَخَذُوهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَسْتَوْثِقَ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِكَفِيلٍ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ فَأَبَى الْغُرَمَاءُ أَنْ يَفْعَلُوا فَإِنَّهُمْ لَا يُجْبَرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ إنْ أَعْطَوْهُ ذَلِكَ، وَطَابَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ جَازَ، فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ بِدَيْنِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ أَيْضًا ثُمَّ إنْ كَانُوا أَعْطَوْا كَفِيلًا، وَثَبَتَ حَقُّ الْغَائِبِ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ إنْ شَاءَ مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ شَاءَ مِنْ الْكَفِيلِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ الْكَفِيلُ عَلَى الْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ ثُمَّ الْقَاضِي إذَا بَاعَ الْعَبْدَ لِلْغُرَمَاءِ أَوْ بَاعَ أَمِينُ الْقَاضِي الْعَبْدَ لِلْغُرَمَاءِ لَا تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ حَتَّى لَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَالْمُشْتَرِي لَا يَرُدَّهُ عَلَى الْقَاضِي، وَلَا عَلَى أَمِينِهِ. وَلَكِنَّ الْقَاضِيَ يُنَصِّبُ وَصِيًّا حَتَّى يَرُدَّهُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَضَاعَ مِنْ يَدِهِ، وَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَاضِي، وَلَا عَلَى أَمِينِهِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ فَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْغُرَمَاءُ يَرْجِعُونَ بِدُيُونِهِمْ عَلَى الْعَبْدِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَهَلْ يَرْجِعُونَ بِمَا ضَمِنُوا لِلْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ فَلَا ذِكْرَ لِهَذَا الْفَصْلِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْمَأْذُونِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا أَمَرَ أَمِينَهُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بِطَلَبِ الْغُرَمَاءِ إنْ قَالَ جَعَلْتُك أَمِينًا فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ لَا تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ: بِعْ هَذَا الْعَبْدَ، وَلَمْ يَزِدْ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ ثُمَّ فِي فَصْلِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إذَا نَصَبَ الْقَاضِي الْأَمِينَ خَصْمًا لِلْمُشْتَرِي، وَرَدَّ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الْأَمِينَ بِبَيْعِ الْعَبْدِ، وَيَأْمُرَهُ أَنْ يُبَيِّنَ الْعَيْبَ إذَا بَاعَهُ فَإِذَا بَاعَهُ الْأَمِينُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ بَدَأَ بِدَيْنِ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ الْآخَرُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ غَرِمَ الْغُرَمَاءُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الْفَضْلَ عَلَى

الثَّمَنِ الْآخَرِ. وَلَا يَغْرَمُ الْأَمِينُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ أُعْطِيَ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ، وَمَا بَقِيَ يَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ، وَإِنْ انْقَطَعَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ عَنْ الْعَبْدِ نَفَذَ الْبَيْعُ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ حِينَ رُدَّ عَلَى أَمِينِ الْقَاضِي بِالْعَيْبِ مَاتَ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ ثَانِيًا فَالْأَمِينُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغُرَمَاءِ فَيَأْخُذُ مِنْهُمْ الثَّمَنَ، وَيَرُدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى قَدْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ حَالَ مَا أَخَذَ الْمَوْلَى ذَلِكَ ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمَوْلَى رَدُّ مَا أَخَذَ إنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ، وَلَا ضَمَانُهُ إنْ كَانَ اسْتَهْلَكَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ حَالَ مَا أَخَذَ الْمَوْلَى ذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى رَدُّ مَا أَخَذَ إنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَضَمَانُهُ إنْ كَانَ اسْتَهْلَكَهُ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى أَخَذَ مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاسْتَهْلَكَهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ يَوْمئِذٍ ثُمَّ لَحِقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ دَيْنٌ آخَرُ يَأْتِي عَلَى رَقَبَتِهِ، وَعَلَى جَمِيعِ مَا قَبَضَ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْمَوْلَى يَغْرَمُ الْأَلْفَ كُلَّهُ فَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ، وَيُبَاعُ الْعَبْدُ أَيْضًا فِي دَيْنِهِ. وَلَوْ لَمْ يَلْحَقْ الْعَبْدَ دَيْنٌ آخَرُ لَمْ يَغْرَمْ الْمَوْلَى إلَّا نِصْفَهُ، وَإِذَا لَحِقَ الْمَأْذُونَ دَيْنٌ يَأْتِي عَلَى رَقَبَتِهِ، وَعَلَى جَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ فَأَخَذَ مِنْهُ مَوْلَاهُ الْغَلَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ حَتَّى أَخَذَ مِنْهُ مَالًا كَثِيرًا فَالْمَقْبُوضُ سَالِمٌ لِلْمَوْلَى اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ فِي أَخْذِ الْمَوْلَى الْغَلَّةَ مَنْفَعَةً لِلْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ تَبْقِيَةٌ لِلْإِذْنِ بِسَبَبِ مَا يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ الْغَلَّةِ، وَلَوْ كَانَ قَبَضَ كُلَّ شَهْرٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ كَانَ بَاطِلًا، وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مَا زَادَ عَلَى غَلَّةِ مِثْلِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَيَتَعَلَّقُ دَيْنُ التِّجَارَةِ بِالْكَسْبِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ، وَيَتَعَلَّقُ بِمَا يُقْبَلُ مِنْ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ قَبْلَ لُحُوقِ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بِدَيْنٍ خَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ اسْتَفَادَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَأَخَذَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ لَحِقَ الْمَأْذُونَ بَعْدَ ذَلِكَ دَيْنٌ يَأْتِي عَلَى قِيمَتِهِ وَعَلَى قِيمَةِ مَا قَبَضَهُ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْمَقْبُوضَ يُؤْخَذُ مِنْ الْمَوْلَى فَيُبَاعُ، وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ بَيْنَ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ أَدَّى الْمَوْلَى الدَّيْنَ الْأَوَّلَ سَلِمَ الْعَبْدُ لَهُ، وَبِيعَ لِلْآخَرِينَ فِي دَيْنِهِمْ، وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُخَاصِمَ بِمَا أَدَّى مِنْ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ الْمَوْلَى، وَلَكِنَّ الْغَرِيمَ الْأَوَّلَ أَبْرَأَ الْعَبْدَ مِنْ دَيْنِهِ بَعْدَمَا لَحِقَهُ الدَّيْنُ الْآخَرُ بِيعَ الْعَبْدُ الَّذِي قَبَضَهُ الْمَوْلَى فِي دَيْنِ الْآخَرِينَ، وَإِنْ كَانَ أَبْرَأَهُ مِنْ دَيْنِهِ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهُ الدَّيْنُ الْآخَرُ سَلِمَ الْعَبْدُ الَّذِي قَبَضَهُ الْمَوْلَى لَهُ، وَلَوْ لَمْ يُبَرِّئْهُ حَتَّى لَحِقَهُ الدَّيْنُ الْآخَرُ ثُمَّ أَقَرَّ الْغَرِيمُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ، وَأَنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ بِالدَّيْنِ كَانَ بَاطِلًا سَلِمَ الْعَبْدُ الَّذِي قَبَضَهُ الْمَوْلَى لَهُ، وَلَا يَتْبَعُهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْآخَرِ بِشَيْءٍ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَبْرَأَهُ الْغَرِيمُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى أَقَرَّ بِالدَّيْنِ الْأَوَّلِ كَمَا إنْ أَقَرَّ بِهِ الْعَبْدُ ثُمَّ قَالَ الْغَرِيمُ الْأَوَّلُ: لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، وَإِقْرَارُهُ لِي بَاطِلٌ فَإِنَّ الْغَرِيمَ الْآخَرَ يَأْخُذُ الْعَبْدَ الَّذِي قَبَضَهُ الْمَوْلَى لِيُبَاعَ فِي دَيْنِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَكَمَا تُبَاعُ رَقَبَةُ الْعَبْدِ فِي دَيْنِ التِّجَارَةِ تُبَاعُ رَقَبَتُهُ فِيمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ التِّجَارَةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ بِمَا لَحِقَهُ مِنْ دَيْنِ تِجَارَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ جَحَدَهَا أَوْ دَابَّةٍ عَقَرَهَا أَوْ بِضَاعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ جَحَدَهَا أَوْ ثَوْبٍ أَحْرَقَهُ أَوْ أَجَرَّ أَجِير أَوْ مَهْرِ جَارِيَةٍ اشْتَرَاهَا وَوَطِئَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَذَلِكَ كُلُّهُ لَازِمٌ لَهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ، وَتُبَاعُ رَقَبَتُهُ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قِيلَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي ضَمَانِ عَقْرِ الدَّابَّةِ وَإِحْرَاقِ الثَّوْبِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَخَذَ الثَّوْبَ أَوْ الدَّابَّةَ أَوَّلًا حَتَّى يَصِيرَ غَاصِبًا بِالْأَخْذِ ثُمَّ أَحْرَقَ الثَّوْبَ أَوْ عَقَرَ الدَّابَّةَ فَأَمَّا إذَا عَقَرَ الدَّابَّةَ أَوْ أَحْرَقَ الثَّوْبَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ لَا يُؤَاخَذَ بِهِ فِي الْحَالِ، وَلَا تُبَاعُ رَقَبَتُهُ فِيهِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَتُبَاعُ رَقَبَتُهُ فِيهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً مِنْ أَحَدٍ إلَى مَكَانٍ

مَعْلُومٍ فَذَهَبَ بِهَا إلَى مَكَانٍ آخَرَ حَتَّى صَارَ مُخَالِفًا ضَامِنًا تُبَاعُ رَقَبَتُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَدَخَلَ بِهَا إنْ كَانَ النِّكَاحُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى يُبَاعُ بِدَيْنِ الْمَهْرِ ثُمَّ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ بَيْعِ الْقَاضِي إذْنُ الْغُرَمَاءِ بِالْبَيْعِ، وَإِذْنُ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِأَمَتِهِ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ وَهَبَ لَهَا هِبَةً أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهَا بِصَدَقَةٍ أَوْ اكْتَسَبَتْ مَالًا مِنْ التِّجَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَغُرَمَاؤُهَا أَحَقُّ بِجَمِيعِ ذَلِكَ مِنْ مَوْلَاهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَذِنَ لِأَمَتِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا هَلْ يَسْرِي الدَّيْنُ إلَى وَلَدِهَا حَتَّى يُبَاعَ وَلَدُهَا فِي الدَّيْنِ كَالْأُمِّ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ وَلَدَتْ بَعْدَمَا لَحِقَهَا الدَّيْنُ أَوْ وَلَدَتْ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهَا الدَّيْنُ ثُمَّ لَحِقَهَا الدَّيْنُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَمَا لَحِقَهَا الدَّيْنُ فَإِنَّهُ يَسْرِي الدَّيْنُ إلَى وَلَدِهَا يُبَاعُ الْوَلَدُ مَعَهَا فِي الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُمَا الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُغْنِي وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا، وَعَلَيْهَا دَيْنٌ، وَبَعْدَ الْوِلَادَةِ لَحِقَهَا دَيْنٌ أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ اشْتَرَكَ الْغُرَمَاءُ جَمِيعًا فِي مَالِيَّتِهَا إذَا بِيعَتْ فَأَمَّا وَلَدُهَا فَلِأَصْحَابِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ خَاصَّةً، وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدَّيْنِ، وَالْآخَرُ بَعْدَ الدَّيْنِ لَحِقَ الدَّيْنُ الْوَلَدَ الْآخَرَ دُونَ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَا يَتَعَلَّقُ دَيْنُ الْعَبْدِ بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ الْمَوْلَى لِيَتَّجِرَ بِهِ بِخِلَافِ كَسْبِهِ الَّذِي فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى هُوَ مَالِي عِنْدَك لِتَتَّجِرَ بِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى عَبْدِهِ مَالًا يَعْمَلُ بِهِ بِشُهُودٍ، وَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَاعَ وَاشْتَرَى فَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ مَاتَ، وَفِي يَدِهِ مَالٌ، وَلَا يُعْرَفُ مَالُ الْمَوْلَى بِعَيْنِهِ فَجَمِيعُ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ لَا شَيْءَ لِلْمَوْلَى مِنْهُ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ شَيْءٌ لِلْمَوْلَى بِعَيْنِهِ فَيَأْخُذَهُ دُونَ الْغُرَمَاءِ، وَكَذَلِكَ لَوْ عُرِفَ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْمَوْلَى أَوْ بَاعَ بِهِ مَالَ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ بَعْدَمَا لَحِقَهُ الدَّيْنُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ مَالُ الْمَوْلَى الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَقَدْ عُرِفَ دَفْعُ الْمَالِ إلَى الْعَبْدِ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ مَالَ الْمَوْلَى بِعَيْنِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارُهُ صَحِيحًا، وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ بِذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فَإِنْ أَقَامَ الْمَوْلَى بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ الْمَالُ الَّذِي دَفَعَهُ إلَى الْعَبْدِ أَوْ أَقَرَّ غُرَمَاءُ الْعَبْدِ بِذَلِكَ كَانَ الْمَوْلَى أَحَقَّ بِهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ حَالٌّ وَدَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَقَضَى الْمَوْلَى مِنْ ثَمَنِهِ الْحَالَّ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ ضَمِنَهُ الْمَوْلَى، وَسَلَّمَ لِلْأَوَّلِ مَا قَبَضَ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ لِلْأَوَّلِ يَبِيعُهُ لِلثَّانِي، وَلَوْ طَلَبَ صَاحِبُ الْحَالِّ مِنْ الْقَاضِي بَيْعَهُ فَبَاعَهُ أَعْطَاهُ حِصَّتَهُ، وَدَفَعَ الْبَاقِيَ إلَى الْمَوْلَى حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَشَارَكَ الثَّانِي الْأَوَّلَ فِيمَا قَبَضَ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْمَوْلَى مَا قَبَضَ وَقَضَاهُ غَرِيمًا لَهُ ضَمِنَ لِلثَّانِي، فَإِنْ تَوِيَ مَا عَلَى الْمَوْلَى شَارَكَ الثَّانِي الْأَوَّلَ ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْغَرِيمِ الَّذِي قَضَاهُ الْمَوْلَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَلَوْ لَمْ يَبِعْ الْقَاضِي الْعَبْدَ لِلْغَرِيمِ وَلَكِنَّ الْمَوْلَى بَاعَهُ بِرِضَا صَاحِبِ الدَّيْنِ الْحَالِّ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ ثُمَّ يُعْطِي نِصْفُ الثَّمَنِ صَاحِبَ الدَّيْنِ الْحَالِّ فَيَسْلَمُ لِلْمَوْلَى نِصْفَ الثَّمَنِ فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ الْآخَرُ أَخَذَ صَاحِبُهُ مِنْ الْمَوْلَى نِصْفَ الْقِيمَةِ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الثَّمَنِ فَإِنْ تَوِيَ مَا عَلَى الْمَوْلَى مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الَّذِي أَخَذَ نِصْفَ الثَّمَنِ بِشَيْءٍ، إذَا بَاعَهُ الْمَوْلَى بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي وَالْغُرَمَاءِ فَبَيْعُهُ بَاطِلٌ فَإِنْ أَجَازُوا الْبَيْعَ أَوْ قَضَاهُمْ الْمَوْلَى الدَّيْنَ أَوْ كَانَ فِي الثَّمَنِ وَفَاءٌ بِدَيْنِهِمْ فَأَعْطَاهُمْ نَفَذَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا بَاعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ بِغَيْرِ رِضَا الْغُرَمَاءِ، وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ جَاءَ الْغُرَمَاءُ يَطْلُبُونَ الْعَبْدَ بِدُيُونِهِمْ فَأَرَادُوا أَنْ يَفْسَخُوا بَيْعَ الْمَوْلَى، وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي حَاضِرٌ إنْ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَفْسَخُوا الْبَيْعَ قَالَ مَشَايِخُنَا: هَذَا إذَا كَانُوا لَا يَصِلُونَ إلَى دُيُونِهِمْ فَأَمَّا إذَا كَانَ يَصِلُ إلَيْهِمْ الثَّمَنُ، وَفِي الثَّمَنِ وَفَاءٌ بِدُيُونِهِمْ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْبَيْعَ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا إمَّا الْبَائِعُ وَإِمَّا الْمُشْتَرِي أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَانَ غَائِبًا، وَالْبَائِعُ حَاضِرًا مَعَ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُخَاصِمُوا الْبَائِعَ، وَيَفْسَخُوا الْعَقْدَ مَعَهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا مَعَ الْعَبْدِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا خُصُومَةَ لَهُمْ مَعَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُغْنِي وَلَوْ أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَعَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إنَّمَا قَدَرُوا عَلَى الْبَائِعِ، وَأَرَادُوا أَنْ يُضَمِّنُوا الْبَائِعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَلَهُمْ ذَلِكَ ثُمَّ إذَا ضَمَّنُوا الْبَائِعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ اقْتَسَمُوهَا بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ، وَجَازَ فِي الْبَيْعِ الْعَبْدُ وَسُلِّمَ الثَّمَنُ لِلْمَوْلَى، وَلَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ عَلَى الْعَبْدِ سَبِيلٌ مَا لَمْ يُعْتَقْ الْعَبْدُ كَمَا لَوْ بِيعَ الْعَبْدُ بِدَيْنِهِمْ. وَلَوْ أَجَازُوا

الْبَيْعَ كَانَ الثَّمَنُ لَهُمْ، وَبَرِئَ الْبَائِعُ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِنْ هَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْبَائِعِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْغُرَمَاءِ، وَبَرِئَ الْبَائِعُ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ أَتْبَعُوهُ بِجَمِيعِ دَيْنِهِمْ، وَلَوْ أَنَّ الْغُرَمَاءَ أَجَازُوا الْبَيْعَ بَعْدَمَا هَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ صَحَّتْ الْإِجَازَةُ فَكَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْغُرَمَاءِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ اخْتَارَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ ضَمَانَ الْقِيمَةِ، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ الثَّمَنَ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَيَكُونُ فَائِدَةُ هَذَا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَيَكُونَ لِلَّذِينَ اخْتَارُوا الْقِيمَةَ حِصَّتُهُمْ مِنْ الْقِيمَةِ، وَلِلَّذِينَ اخْتَارُوا الثَّمَنَ حِصَّتُهُمْ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً، وَاخْتَارَ أَحَدُهُمْ ضَمَانَ الْقِيمَةِ لَهُ رُبُعُ الْقِيمَةِ لَا غَيْرَ، وَاَلَّذِينَ اخْتَارُوا الثَّمَنَ لَهُمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ، وَالْبَاقِي لِلْمَوْلَى، وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ حَاضِرَيْنِ وَالْعَبْدُ قَائِمٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ بَعْضُهُمْ الْبَيْعَ، وَأَبْطَلَهُ بَعْضُهُمْ كَانَ الْإِبْطَالُ أَوْلَى، وَلَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَلَوْ أَنَّ الْغُرَمَاءَ قَدَرُوا عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْعَبْدِ فَلَهُمْ الْخِيَارُ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْبَائِعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِيَ فَإِنْ ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِيَ قِيمَةَ الْعَبْدِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي نَقَدَهُ، وَإِنْ اخْتَارُوا تَضْمِينَ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْعَبْدِ جَازَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَأَيُّهُمَا اخْتَارَ الْغُرَمَاءُ ضَمَانَهُ بَرِئَ الْآخَرُ بَرَاءَةً مُؤَبَّدَةً بِحَيْثُ لَا يَعُودُ الضَّمَانُ إلَيْهِ أَبَدًا كَذَا فِي الْمُغْنِي فَإِنْ أَخَذَ الْغُرَمَاءُ الْقِيمَةَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ فَأَرَادُوا أَنْ يَأْخُذُوا الْعَبْدَ، وَيَرُدُّوا الْقِيمَةَ عَلَى مَنْ أَخَذُوا مِنْهُ الْقِيمَةَ يُنْظَرُ إنْ أَخَذَ الْغُرَمَاءُ الْقِيمَةَ بِزَعْمِ أَنْفُسِهِمْ بِأَنْ ادَّعَوْا أَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ كَذَا، وَأَنْكَرَ الَّذِي اخْتَارَ الْغُرَمَاءُ تَضْمِينَهُ فَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَوْا مِنْ الْقِيمَةِ، وَاسْتَحْلَفُوهُ، وَنَكَلَ لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ أَخَذُوا الْقِيمَةَ بِزَعْمِ الضَّامِنِ بِأَنْ ادَّعَى الضَّامِنُ أَنَّ قِيمَتَهُ كَذَا دُونَ مَا ادَّعَى الْغُرَمَاءُ، وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ بَيِّنَةٌ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الْعَبْدَ ثُمَّ إذَا اخْتَارُوا أَخْذَ الْقِيمَةِ مِنْ الْمَوْلَى، وَأَخَذُوا الْقِيمَةَ مِنْهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ. وَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ بِالْعَبْدِ وَرَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى الْبَائِعِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَالْمَوْلَى هَلْ يَرُدُّ الْعَبْدَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِهَذَا الْعَيْبِ؟ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى الْبَائِعُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ وَقْتَ بَيْعِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَفِي هَذَا الْوَجْه إنْ كَانَ الْعَيْبُ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ، وَقَدْ رُدَّ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِنُكُولِهِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ لَا يَرُدُّ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ عَيْبًا يَحْدُثُ مِثْلُهُ وَقَدْ رُدَّ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِنُكُولِهِ رَدَّهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ رَدَّهُ بِحُكْمِ إقْرَارِهِ لَا يَرُدُّ عَلَى الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ بِالْعَبْدِ قَبْلَ شِرَاءِ هَذَا الْمُشْتَرِي أَوْ يَسْتَحْلِفُهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَيَنْكُلُوا، الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى الْبَائِعُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ وَقْتَ الْبَيْعِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَهَذَا الْوَجْهُ عَلَى قِسْمَيْنِ: إنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ مَعِيبًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْعَبْدَ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ صَحِيحًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ إذَا كَانَ الْعَيْبُ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ أَوْ يَحْدُثُ إلَّا أَنَّهُ رُدَّ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِنُكُولِهِ مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْغُرَمَاءَ حِينَ أَرَادُوا أَخْذَ الْقِيمَةِ مِنْ الْمَوْلَى. قَالَ: إنَّ هَذَا الْعَبْدَ مَعِيبٌ بِعَيْبٍ كَانَ بِهِ وَقْتَ بَيْعِي إيَّاهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَصَدَّقَهُ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَضَمَّنُوهُ قِيمَتَهُ مَعِيبًا أَوْ كَذَّبُوهُ وَقَالُوا: لَا بَلْ كَانَ الْعَبْدُ صَحِيحًا وَقْتَ بَيْعِك إيَّاهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا حَدَثَ الْعَيْبُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَنَا حَقُّ تَضْمِينِك قِيمَتَهُ صَحِيحًا فَضَمَّنُوهُ قِيمَتَهُ صَحِيحًا، وَالْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَا فَإِنْ كَانَ الْغُرَمَاءُ أَخَذُوا الْقِيمَةَ مِنْ الْمَوْلَى وَظَهَرَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ بِالْعَبْدِ فَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى حَتَّى تَعَيَّبَ عِنْدَهُ بِعَيْبٍ آخَرَ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الرَّدِّ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، وَإِذَا رَجَعَ عَلَى الْمَوْلَى بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ ذَكَرُ الْمَسْأَلَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافِ بَعْضِ مَشَايِخِنَا قَالُوا هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ قَالُوا: وَقَدْ نَصَّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي بَعْضِ نُسِخَ هَذَا الْكِتَابِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى رَقِيقًا مِنْ رَقِيقِ الْمَأْذُونِ، وَعَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ هَلْ يَنْفُذُ عِتْقُهُ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَأْذُونِ مُسْتَغْرِقًا أَوْ

غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ أَوَّلًا: بِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ: بِأَنَّهُ يَنْفُذُ عِتْقُهُ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلًا وَاحِدًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَنْفُذُ عِتْقُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرْعٌ لِمَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ أَنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ هَلْ يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمِلْكِ لِلْمَوْلَى فِي أَكْسَابِهِ؟ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَمْنَعُ إنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ فَلَهُ فِيهِ قَوْلَانِ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ: يَمْنَعُ، وَعَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ لَا يَمْنَعُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَمْنَعُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا وَلَكِنْ يَمْنَعُ الْمَوْلَى عَنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ إذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ إذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى عَبْدًا مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَوْلَى مُعْسِرًا كَانَ لِلْغَرِيمِ إتْبَاعُ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْمُعْتِقِ، وَهُوَ الْمَوْلَى بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَأْذُونُ وَسَعَى فِي قِيمَتِهِ لِلْغُرَمَاءِ حَالَ إعْسَارِ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَإِنْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ لَمْ يُعْتَقُوا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُمْ لَمْ يُعْتَقُوا فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ، وَلَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُمْ وَيَسْتَوْفُوا دُيُونَهُمْ مِنْ ثَمَنِهِمْ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْمَوْلَى فَهُمْ أَحْرَارٌ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَوْ أَبْرَءُوهُمْ مِنْ الدِّينِ أَوْ بَاعُوهُمْ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ قَضَى الْمَوْلَى دَيْنَهُمْ فَإِنَّهُمْ أَحْرَارٌ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَنْفُذُ عِتْقُهُ فِيهِمْ، وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُمْ لِلْغُرَمَاءِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَسَعَوْا فِي قِيمَتِهِمْ إنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَرَجَعُوا بِذَلِكَ عَلَى الْمَوْلَى كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ لَحِقَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ دَيْنٌ كَثِيرٌ فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، وَأَخَذَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ فَاسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ اخْتَارَ الْغُرَمَاءُ إتْبَاعَ الْعَبْدِ، وَأَخَذُوا مِنْهُ الدَّيْنَ رَجَعَ الْعَبْدُ عَلَى الْمَوْلَى فِي الْمَالِ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ بِمَا أَدَّاهُ مِنْ الدَّيْنِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْمَوْلَى أَتْبَعَهُ الْعَبْدُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مِقْدَارَ مَا أَدَّى، وَمَا فَضَلَ مِنْهُ فَهُوَ لِلْمَوْلَى، كَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُوفِ الْعَبْدُ الدَّيْنَ، وَلَكِنَّ الْغُرَمَاءَ أَبْرَءُوهُ مِنْهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمَوْلَى بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ، كَذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَأَعْتَقَهَا، وَأَخَذَ مِنْهَا مَالَهَا وَوَلَدهَا وَأَرْشَ يَدِهَا، وَقَدْ كَانَ الدَّيْنُ لَحِقَهَا قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَالْجِنَايَةِ ثُمَّ حَضَرَ الْغُرَمَاءُ فَإِنَّ الْمَوْلَى يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا مَالَهَا لِتَقْضِيَ دَيْنَهَا، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْوَلَدِ وَالْأَرْشِ إنْ كَانَ لَمْ يَعْتِقْهَا، وَلَكِنْ تُبَاعُ فَيَقْضِي مِنْ ثَمَنِهَا وَمِنْ أَرْشِ الْيَدِ الدَّيْنَ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى أَعْتَقَهَا فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا ثُمَّ يُبَاعُ وَلَدُهَا فِي دَيْنِهِمْ أَيْضًا، وَيَأْخُذُونَ مِنْ الْمَوْلَى الْأَرْشَ أَيْضًا ثُمَّ يَتْبَعُونَ الْأَمَةَ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِمْ، وَإِنْ شَاءُوا أَتْبَعُوهَا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَتَرَكُوا إتْبَاعَ الْمَوْلَى فَإِنْ أَتْبَعُوهَا بِدَيْنِهِمْ فَأَخَذُوهُ مِنْهَا سُلِّمَ لِلْمَوْلَى وَلَدُ الْأَمَةِ، وَمَا أَخَذَ مِنْ أَرْشِ يَدِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَى الْمَوْلَى بِالْوَلَدِ وَالْأَرْشِ كَمَا لَا تَرْجِعُ بِقِيمَةِ نَفْسِهَا، وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَى الْمَوْلَى بِمَا أَخَذَ مِنْ مَالِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهَا الْغُرَمَاءُ بِدَيْنِهِمْ، وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ فَإِنْ شَاءَ الْغُرَمَاءُ أَخَذُوا الثَّمَنَ وَأَتْبَعُوا الْجَارِيَةَ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِمْ، وَإِنْ شَاءُوا أَتْبَعُوهَا بِجَمِيعِ دَيْنِهِمْ فَإِنْ أَخَذُوا ذَلِكَ مِنْهَا سَلِمَ لِلْمَوْلَى الثَّمَنُ، كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَوْلَى كَاتَبَهَا بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا جَمِيعَ مَا يَقْبِضُ الْمَوْلَى مِنْ الْمُكَاتَبَةِ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فِيهَا بِشَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِمْ مَا دَامَتْ مُكَاتَبَةً فَإِنْ قَبَضَ الْمَوْلَى جَمِيعَ الْمُكَاتَبَةِ وَعَتَقَتْ فَالْغُرَمَاءُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا أَخَذُوا الْمُكَاتَبَةَ مِنْ السَّيِّدِ ثُمَّ أَتْبَعُوا الْأَمَةَ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِمْ، وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الْأَمَةَ بِجَمِيعِ دَيْنِهِمْ فَإِنْ أَخَذُوهُ مِنْهَا سُلِّمْت الْمُكَاتَبَةُ لِلْمَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَلَهُ مَتَاعٌ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَتْلَفَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَأَعْتَقَ الْعَبْدَ فَالْغُرَمَاءُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُعْتَقَ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ قِيمَةَ الْمَتَاعِ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمَوْلَى أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَهُوَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتَقِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْغُرَمَاءِ، فَقَالَ الْغُرَمَاءُ لِلْمَوْلَى: قَدْ أَعْتَقْته فَلَنَا عَلَيْك الْقِيمَةُ، وَقَالَ الْمَوْلَى: لَمْ أَعْتِقْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَيُبَاعُ الْعَبْدُ لِلْغُرَمَاءِ وَإِقْرَارُهُمْ بِإِعْتَاقِ الْعَبْدِ لَا يَتَضَمَّنُ بَرَاءَةَ الْعَبْدِ، إذَا بَقِيَ دُيُونُهُمْ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ إقْرَارِهِمْ بِالْإِعْتَاقِ يُبَاعُ الْعَبْدُ بِدُيُونِهِمْ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِمْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ إذَا بَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ

فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَإِنَّهُ يَقِفُ عِتْقُهُ إنْ أَجَازَ الْغُرَمَاءُ الْبَيْعَ أَوْ قَضَى الْمَوْلَى دَيْنَ الْغُرَمَاءِ أَوْ أَبْرَأَ الْغُرَمَاءُ الْعَبْدَ عَنْ الدَّيْنِ يَنْفُذُ عِتْقُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَبَى الْغُرَمَاءُ أَنْ يُجِيزُوا الْبَيْعَ، وَأَبَى الْمَوْلَى أَنْ يَقْضِيَ دُيُونَهُمْ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ عِتْقُهُ، وَيُبَاعُ الْعَبْدُ لِلْغُرَمَاءِ بِدَيْنِهِمْ، وَأَمَّا إذَا قَبَضَ الْعَبْدُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عِتْقُهُ، إذَا نَفَذَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ فَالْغُرَمَاءُ بَعْدَ هَذَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا أَجَازُوا الْبَيْعَ وَأَخَذُوا الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْبَائِعَ الْقِيمَةَ، وَإِنْ ضَمَّنُوا قِيمَةَ الْعَبْدِ فَبَيْعُ الْمَوْلَى يَنْفُذُ، وَيُسَلَّمُ الثَّمَنُ لِلْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ لَمْ يَعْتِقْهُ الْمُشْتَرِي، وَلَكِنَّهُ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ بِبَعْضِ مَا وَصَفْنَا بِهِ إجَازَةً أَوْ قَضَاءَ دَيْنٍ أَوْ وَفَاءَ الثَّمَنِ بِدَيْنِهِمْ فَأَخَذُوهُ جَازَ مَا فَعَلَ الْمُشْتَرِي فِيهِ، وَلَوْ لَمْ يَبِعْهُ الْمَوْلَى، وَلَكِنَّهُ وَهَبَهُ لِرَجُلٍ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ ضَمَّنَهُ الْغُرَمَاءُ الْقِيمَةَ نَفَذَتْ الْهِبَةُ فَإِنْ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ بِحُكْمٍ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ سَلِمَ الْعَبْدُ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ الْقِيمَةُ، وَلَا لِلْغُرَمَاءِ عَلَى الْعَبْدِ سَبِيلٌ فَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا يَنْقُصُ مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ فَإِنْ كَانَ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْعَيْبِ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ رَجَعَ بِمَا بَيْنَ الْعَيْبِ وَالصِّحَّةِ مِنْ الْقِيمَةِ، وَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَرُدُّوا الْقِيمَةَ، وَيَبِيعُوا الْعَبْدَ فِي الدَّيْنِ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ إلَّا إنْ شَاءَ الْمَوْلَى أَنْ لَا يُطَالِبَهُمْ بِالنُّقْصَانِ، وَيَرْضَى بِهِ مَعِيبًا، وَإِنْ كَانَ هَذَا فِي جَارِيَةٍ قَدْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَوَجَبَ لَهَا الْعُقْرُ لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهَا سَبِيلٌ مِنْ أَجْلِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى بَاعَهُ وَغَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي فَضَمَّنَ الْغُرَمَاءُ الْمَوْلَى ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ وَحَدَثَ بِهِ عَيْبٌ آخَرُ فَرَجَعَ بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ عَلَى الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِالْقِيمَةِ، وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَهَا لِلْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا بَاعَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ شَيْئًا مِنْ أَكْسَابِهِ مِنْ الْمَوْلَى بِمِثْلِ قِيمَتِهِ جَازَ إنْ كَانَ مَدْيُونًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْيُونًا لَا يَجُوزُ فَإِنْ سَلَّمَ الْعَبْدُ الْمَبِيعَ إلَى الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمَوْلَى لَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ مِنْ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا بَاعَ مِنْ الْمَوْلَى شَيْئًا بِنُقْصَانٍ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَاحِشًا كَانَ الْغَبَنُ أَوْ يَسِيرًا وَعِنْدَهُمَا جَازَ الْبَيْعُ فَاحِشًا كَانَ الْغَبْنُ أَوْ يَسِيرًا وَلَكِنْ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ أَنْ يُزِيلَ الْغَبْنَ وَبَيْنَ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَهُ كَقَوْلِهِمَا كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَإِنْ بَاعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِأَقَلَّ بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ أَوْ لَا يَتَغَابَنُ، وَلَا يُؤْمَرُ الْأَجْنَبِيُّ أَنْ يُبْلِغَ الثَّمَنَ إلَى تَمَامِ الْقِيمَةِ فَالْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِي تَصَرُّفِ الْعَبْدِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ يُتَحَمَّلُ الْغَبْنُ الْيَسِيرُ وَالْفَاحِشُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنْ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ مِقْدَارِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ يَجُوزُ، وَلَا يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي أَنْ يُبْلِغَ الثَّمَنَ إلَى تَمَامِ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. ، إذَا بَاعَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بَعْضَ مَا فِي يَده مِنْ التِّجَارَة أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِبَعْضِ الْمَالِ الَّذِي مِنْ تِجَارَتِهِ وَحَابَى فِي ذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْمَوْلَى ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ جَائِزٌ حَابَى الْعَبْدُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ أَوْ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ مَا لَمْ تَتَجَاوَزْ الْمُحَابَاةُ ثُلُثَ مَالِ الْمَوْلَى فَإِذَا جَاوَزَتْ ثُلُثَ مَالِ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ أَدَّى مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَلَمْ يُؤَدِّ مَا زَادَ عَلَى ثُلُثٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَوْلَى صَحِيحًا، وَحَابَى الْعَبْدُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ أَوْ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَيْفَمَا كَانَ جَاوَزَتْ الْمُحَابَاةُ ثُلُثَ الْمَالِ أَوْ لَمْ تُجَاوِزْ ثُلُثَ مَالِهِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنْ بَاعَ وَاشْتَرَى وَحَابَى بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَيُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي إذَا لَمْ تُجَاوِزْ ثُلُثَ مَالِهِ، وَإِنْ جَاوَزَتْ ثُلُثَ مَالِهِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ بَاعَ الْمَوْلَى، وَاشْتَرَى بِنَفْسِهِ وَحَابَى مُحَابَاةً يَسِيرَةً، وَإِنْ بَاعَ وَاشْتَرَى وَحَابَى بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ عِنْدَهُمَا حَتَّى إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي: أَنَا أُؤَدِّي قَدْرَ الْمُحَابَاةِ، وَلَا أَنْقُضَ الْبَيْعَ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِمَا هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِرَقَبَتِهِ. وَبِمَا فِي يَدِهِ أَوْ لَا يُحِيطُ فَبَاعَ أَوْ اشْتَرَى وَحَابَى مُحَابَاةً يَسِيرَةً أَوْ فَاحِشَةً. فَالْجَوَابُ فِيهِ عِنْدَهُمْ

جَمِيعًا كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُحِيطًا بِجَمِيعِ مَالِ الْمَوْلَى أَوْ لَا يَكُونُ مُحِيطًا بِجَمِيعِ مَالِهِ؛ فَإِنْ كَانَ مُحِيطًا بِجَمِيعِ مَالِ الْمَوْلَى فَبَاعَ الْعَبْدُ، وَاشْتَرَى وَحَابَى فَالْمُحَابَاةُ لَا تُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي يَسِيرَةً كَانَتْ أَوْ فَاحِشَةً إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِي يُخَيَّرُ إذَا كَانَتْ الْمُحَابَاةُ يَسِيرَةً بِالْإِجْمَاعِ فَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى قَدْرَ الْمُحَابَاةِ كَمَا لَوْ بَاشَرَ الْمَوْلَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ فَاحِشَةً فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ لَا يُحِيطُ بِجَمِيعِ مَالِهِ فَالْبَيْعُ مِنْ الْمَأْذُونِ جَائِزٌ بِالْمُحَابَاةِ الْيَسِيرَةِ وَالْفَاحِشَةِ وَيُسَلَّمُ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي إنْ لَمْ تَتَجَاوَزْ الْمُحَابَاةُ ثُلُثَ مَالِهِ بَعْدَ الدَّيْنِ، وَإِنْ جَاوَزَتْ ثُلُثَ مَالِهِ بَعْدَ الدَّيْنِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، وَيُجْعَلُ بَيْعُ الْعَبْدِ كَبَيْعِ الْمَوْلَى. وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ يَسِيرَةً يَجُوزُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ، وَتُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي الْمُحَابَاةُ إنْ لَمْ تُجَاوِزْ ثُلُثَ مَالِهِ بَعْدَ الدَّيْنِ، وَإِنْ جَاوَزَتْ لَمْ تُسَلَّمْ لَهُ وَيُخَيَّرُ. وَإِنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ فَاحِشَةً لَا يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُمَا، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ يُحِيطُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَبِمَا فِي يَدَيْهِ، وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ كَثِيرٌ يُحِيطُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَبِمَا فِي يَدَيْهِ فَإِنَّ الْمُحَابَاةَ لَا تُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي يَسِيرَةً كَانَتْ أَوْ فَاحِشَةً، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ يَسِيرَةً عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ فَاحِشَةً فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَعِنْدَهُمَا لَا يُخَيَّرُ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا حَابَى الْمَأْذُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ فَأَمَّا إذَا حَابَى لِبَعْضِ وَرَثَةِ الْمَوْلَى بِأَنْ بَاعَ مِنْ بَعْضِ وَرَثَةِ الْمَوْلَى، وَحَابَى، وَقَدْ مَاتَ الْمَوْلَى مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا يُخَيَّرُ الْوَارِثُ، وَعِنْدَهُمَا الْبَيْعُ جَائِزٌ، وَيُخَيَّرُ الْوَارِثُ فَيُقَالُ: إنْ شِئْت نَقَضْت الْبَيْعَ. وَإِنْ شِئْت بَلَّغْت الثَّمَنَ إلَى تَمَامِ قِيمَتِهِ لَا يُسَلَّمُ لَك شَيْءٌ مِنْ الْمُحَابَاةِ، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يُجِيزَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ. وَيَسْتَوِي الْجَوَابُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ، كَذَا يَسْتَوِي الْجَوَابُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْلَى شَيْئًا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ جَازَ فَإِنْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ إلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ بَطَلَ الثَّمَنُ، إذَا بَطَل الثَّمَنُ صَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَمُرَادُهُ بِبُطْلَانِ الثَّمَنِ بُطْلَانُ تَسْلِيمِهِ وَالْمُطَالَبَةِ، وَلِلْمَوْلَى اسْتِرْجَاعُ الْمَبِيعِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، وَإِنْ حَبَسَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ جَازَ كَمَا لَوْ بَاعَ مِنْ مُكَاتَبِهِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا فَلِلْمَوْلَى أَنْ يُطَالِبَ الْعَبْدَ بِالْعَرَضِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى مَتَاعَهُ مِنْ عَبْدِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَالزِّيَادَةُ لَا تُسَلَّمُ لِلْمَوْلَى، وَيَكُونُ الْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ حَطَّ الْفَضْلَ عَنْ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بَاعَ الْمَوْلَى مِنْهُ ثَوْبًا فِي يَدِ الْمَوْلَى كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا لِلْمَوْلَى عَلَى الْعَبْدِ فِي الثَّوْبِ يُبَاعُ فَيَسْتَوْفِي الْمَوْلَى دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَالْفَضْلُ لِلْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ بَطَلَ ذَلِكَ الْقَدْرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْإِبَانَةِ. وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْعَبْدِ لِشَرِيكَيْنِ بَعْضُهُ حَالٌّ وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ فَوَهَبَهُ الْمَوْلَى لِأَحَدِهِمَا، وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَنْقُضَ الْهِبَةَ فَإِنْ نَقَضَهَا بِيعَ الْعَبْدُ فَاسْتَوْفَى الَّذِي نَقَضَ الْهِبَةَ حَقَّهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِلْمَوْلَى، وَلَا شَيْءَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَا عَلَى الْعَبْدِ، وَلَا عَلَى الشَّرِيكِ. وَلَوْ بَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ أَحَدِهِمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَأَبْطَلَ الْآخَرُ الْبَيْعَ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ بِيعَ لَهُمَا، وَاقْتَسَمَا ثَمَنَهُ، وَلَمْ يَبْطُلْ مِنْ دَيْنِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ، وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَبَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ فَالثَّمَنُ لِلْمَوْلَى، وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَحِلَّ الدَّيْنُ فَيَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْغَرِيمِ فَإِنْ تَوِيَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْمَوْلَى لَمْ يَكُنْ لِلْغَرِيمِ عَلَى الْمَوْلَى سَبِيلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لِآخَرَ مِثْلُ دَيْنِ الْمُشْتَرِي فَحَلَّ ضَمِنَ نِصْفَ الْقِيمَةِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الَّذِي لَمْ يَشْتَرِ الْعَبْدَ ثُمَّ يُسَلَّمُ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا يُشَارِكُهُ الْمُشْتَرِي فِيهِ؛ كَانَ شَرِيكًا فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْعَبْدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكًا، وَلَوْ شَارَكَ الْآخَرُ فِيمَا قَبَضَ مِنْ الْقِيمَةِ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُهُ الْمَوْلَى مِنْهُ ثُمَّ يَأْتِي الشَّرِيكُ الْآخَرُ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَبِيعَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْغُرَمَاءُ فِي بَيْعِهِ أَوْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ أَوْ يَكُونَ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي أَمَرَ بِبَيْعِهِ

كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ كَانَ دَيْنُ الْعَبْدِ مُؤَجَّلًا فَبَاعَهُ مَوْلَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ جَازَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَحْجُرُ الْمَوْلَى عَنْ بَيْعِهِ فَإِذَا حَلَّ دَيْنُ الْعَبْدِ لَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ، وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْعَبْدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فَإِعْتَاقُهُ جَائِزٌ، وَضَمِنَ الْمَوْلَى لِلْغُرَمَاءِ قِيمَتَهُ إذَا كَانَتْ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ وَمَا بَقِيَ مِنْ الدُّيُونِ طُولِبَ الْعَبْدُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ ضَمِنَ ذَلِكَ الْقَدْرَ فَقَطْ كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَكِنَّهُ قَتَلَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا خَطَأً فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ وَالْفِدَاءُ الدِّيَةُ إنْ كَانَ الْمَقْتُولُ حُرًّا، وَقِيمَةُ الْمَقْتُولِ إنْ كَانَ عَبْدًا إلَّا أَنْ تَزِيدَ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَيُنْقِصُ مِنْهَا عَشَرَةً فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ غَرِمَ قِيمَةَ عَبْدِهِ إلَّا أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَيُنْقِصُ مِنْهَا عَشَرَةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَجِنَايَاتٌ مُحِيطَةٌ فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ غَرِمَ لِلْغُرَمَاءِ قِيمَةً كَامِلَةً، وَلِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَاتِ قِيمَةً كَامِلَةً إلَّا إذَا زَادَ عَلَى عَشَرَةِ آلَافٍ فَيُنْقِصُ عَشْرَةً كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَإِذَا أَذِنَ لِلْمُدَبَّرِ أَوْ لِأُمِّ الْوَلَدِ فِي التِّجَارَةِ فَلَحِقَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنٌ فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَلَا مِنْ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى جَارِيَةَ الْمَأْذُونِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِقِيمَتِهِ وَمَا فِي يَدِهِ ثُمَّ قَضَى الْغُرَمَاءُ الدَّيْنَ أَوْ أَبْرَأَهُ الْغُرَمَاءُ أَوْ بَعْضُهُمْ حَتَّى صَارَ فِي قِيمَتِهِ وَفَاءً، وَفِي يَدِهِ فَضْلٌ عَنْ الدَّيْنِ جَازَ عِتْقُ الْمَوْلَى الْجَارِيَةَ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى جَارِيَةَ الْمَأْذُونِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بَطَلَ الْعِتْقُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ وَطِئَهَا الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ فَدَعْوَتُهُ جَائِزَةٌ، وَهُوَ ضَامِنٌ قِيمَتَهَا لِلْغُرَمَاءِ ثُمَّ الْجَارِيَةُ حُرَّةٌ لِسُقُوطِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ عَنْهَا بِالِاسْتِيلَادِ، وَعَلَى الْمَوْلَى الْعُقْرُ لِلْجَارِيَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا دَبَّرَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ فَتَدْبِيرُهُ جَائِزٌ، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَنْقُضُوا تَدْبِيرَهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَنْقُضُوا تَدْبِيرَ الْمَوْلَى كَانَ لَهُمْ الْخِيَارُ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمَوْلَى قِيمَةَ الْعَبْدِ، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَسْعَوْا الْعَبْدَ فِي دُيُونِهِمْ وَأَيُّ ذَلِكَ اخْتَارُوا بَطَلَ حَقُّهُمْ فِي الْآخَرِ، وَإِنْ ضَمَّنُوا الْمَوْلَى الْقِيمَةَ فَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ حَتَّى يُعْتَقَ، وَبَقِيَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا عَلَى حَالِهِ، وَإِذَا اسْتَسْعَوْا الْعَبْدَ أَخَذُوا مِنْ السِّعَايَةِ دُيُونَهُمْ بِكَمَالِهَا، وَبَقِيَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا عَلَى حَالِهِ، وَإِذَا بَقِيَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا عَلَى حَالِهِ فَإِنْ اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ، وَبَاعَ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ كَثِيرٌ كَانَ لِأَصْحَابِ هَذَا الدَّيْنِ أَنْ يَتْبَعُوا الْمُدَبَّرَ، وَاسْتَسْعَوْهُ بِدَيْنِهِمْ، وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْمَوْلَى وَلَهُمْ اسْتِسْعَاءُ الْمُدَبَّرِ بِخِلَافِ أَصْحَابِ الدَّيْنِ الَّذِينَ وَجَبَ لَهُمْ الدَّيْنُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَإِنَّ الْمَوْلَى يَضْمَنُ لَهُمْ الْقِيمَةَ فَإِذَا اسْتَسْعَى الْغُرَمَاءُ الْآخَرُونَ الْمُدَبَّرَ فِي دَيْنِهِمْ فَأَدَّى إلَيْهِمْ مِنْ سِعَايَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ ضَمَّنُوا الْمَوْلَى الْقِيمَةَ مِنْ ذَلِكَ لَا قَلِيلَ، وَلَا كَثِيرَ، وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ السِّعَايَةِ مِنْ الْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ يَكُونُ لِلْمَوْلَى، وَلَا يَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ الَّذِينَ ضَمَّنُوا الْمَوْلَى الْقِيمَةَ مِنْ ذَلِكَ لَا قَلِيلَ، وَلَا كَثِيرَ، وَإِنْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ حَتَّى وَجَبَ قِيمَتُهُ فَلَا شَيْءَ لِلْغُرَمَاءِ الْأَوَّلِينَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَتَكُونُ الْقِيمَةُ لِلْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ يَسْتَوْفُونَ مِنْ ذَلِكَ دُيُونَهُمْ كَذَا فِي الْمُغْنِي. إذَا لَحِقَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ دَيْنٌ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ دَبَّرَهُ الْمَوْلَى فَاخْتَارَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ إتْبَاعَ الْمَوْلَى بِالْقِيمَةِ، وَبَعْضُهُمْ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ فَذَلِكَ لَهُمْ فَإِنْ كَانَ اخْتَارَ ضَمَانَ الْمَوْلَى اثْنَانِ مِنْهُمْ كَانَ لَهُمَا ثُلُثَا الْقِيمَةِ، وَسَلِمَ لِلْمَوْلَى ثُلُثُ الْقِيمَةِ ثُمَّ الَّذِي اخْتَارَ السِّعَايَةَ إنْ أَخَذَهَا مِنْ الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْآخَرَانِ شَيْئًا مِنْ الْقِيمَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا حَقُّ الْمُشَارَكَةِ مَعَهُ فِيمَا قَبَضَ، إذَا أَرَادَ الَّذِي اخْتَارَ السِّعَايَةَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَوْلَى بِنَصِيبِهِ أَوْ يُشَارِكَ صَاحِبَيْهِ فِيمَا يَقْبِضَانِ مِنْ الْقِيمَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، كَذَلِكَ الْآخَرَانِ بَعْدَ اخْتِيَارِهِمَا ضَمَانَ الْمَوْلَى، وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَا الْمُدَبَّرَ بِدَيْنِهِمَا، وَيَدَعَا تَضْمِينَ الْمَوْلَى لَمْ يَكُنْ لَهُمَا ذَلِكَ، وَإِنْ سَلَّمَ ذَلِكَ لَهُمْ الْمَوْلَى فَإِنْ اشْتَرَى الْمُدَبَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَبَاعَ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ آخَرُ كَانَ جَمِيعُ كَسْبِ الْمُدَبَّرِ بَيْنَ صَاحِبِ الدَّيْنِ الَّذِي اخْتَارَ سِعَايَتَهُ، وَبَيْنَ أَصْحَابِ الدَّيْنِ الَّذِي لَحِقَهُ آخِرًا، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا دُونَ صَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ الَّذِي اخْتَارَ سِعَايَتَهُ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ سِعَايَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهُ الدَّيْنُ الْآخَرُ سَلَّمَ ذَلِكَ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْغُرَمَاءُ بِكِتَابَةِ الْمَوْلَى الْمَأْذُونِ حَتَّى أَدَّى الْمَأْذُونُ جَمِيعَ الْمُكَاتَبَةِ إلَى الْمَوْلَى عَتَقَ وَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَةُ الْعَبْدِ كَمَا

لَوْ نَجَّزَ الْعِتْقَ، وَبَعْدَ هَذَا فَالْغُرَمَاءُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمَوْلَى قِيمَةَ الْعَبْدِ، وَأَخَذُوا مِنْهُ مَا أَخَذَ مِنْ الْمُكَاتَبِ فَيَقْسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ دُيُونِهِمْ أَتْبَعُوا الْعَبْدَ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِمْ لِلْحَالِ، وَإِنْ شَاءُوا أَتْبَعُوا الْعَبْدَ بِجَمِيعِ دُيُونِهِمْ فَإِنْ أَتْبَعُوا الْعَبْدَ، وَأَخَذُوا مِنْهُ جَمِيعَ دُيُونِهِمْ سَلِمَ لِلْمَوْلَى قِيمَةُ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبَةُ أَيْضًا، وَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى مَوْلَاهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَا بِقَلِيلٍ، وَلَا بِكَثِيرٍ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَدَّى بَعْضَ الْكِتَابَةِ، وَبَقِيَ بَعْضُهَا ثُمَّ جَاءَ الْغُرَمَاءُ فَإِنَّهُمْ يُبْطِلُونَ الْكِتَابَةَ إنْ شَاءُوا، وَيُبَاعُ الْعَبْدُ لِلْغُرَمَاءِ بِدَيْنِهِمْ فَإِنْ لَمْ يُبْطِلُوا الْكِتَابَةَ، وَلَكِنَّهُمْ أَجَازُوهَا فَالْمُكَاتَبَةُ جَائِزَةٌ، وَمَا قَبَضَ الْمَوْلَى مِنْ الْمُكَاتَبَةِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ فَإِنْ كَانَ مَا قَبَضَ الْمَوْلَى قَبْلَ إجَازَتِهِمْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمَوْلَى ثُمَّ أَجَازَ الْغُرَمَاءُ الْكِتَابَةَ فَالْمُكَاتَبَةُ جَائِزَةٌ، وَالْمَوْلَى لَا يَضْمَنُ مَا قَبَضَ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنْ أَجَازَ الْكِتَابَةَ بَعْضُهُمْ، وَرَدَّهَا بَعْضُهُمْ لَمْ تَجُزْ الْكِتَابَةُ حَتَّى يُجِيزُوهَا، وَلَوْ أَنَّهُمْ أَرَادُوا رَدَّ الْكِتَابَةِ فَأَعْطَاهُمْ الْمَوْلَى دَيْنَهُمْ أَوْ الْمُكَاتَبُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ رَدُّ الْكِتَابَةِ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ إذَا كَانَ دَيْنُهُ إلَى أَجَلٍ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ، كَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ وَيَرْهَنَهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَانَ هَذَا عُذْرًا وَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَنْقُضُوا الْإِجَارَةَ فَأَمَّا الرَّهْنُ فَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ، وَلَا يَثْبُتُ لِلْغُرَمَاءِ بَعْدَ حِلِّ الْأَجَلِ نَقْضُ الرَّهْنِ كَمَا لَا يَثْبُتُ لَهُمْ حَقُّ نَقْضِ الْبَيْعِ الَّذِي نَفَذَ مِنْ الْمَوْلَى، وَلَكِنَّهُمْ يُضَمِّنُونَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ فَإِذَا أَرَادَ تَضْمِينَهُ فَافْتَكَّهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَدَفَعَهُ إلَيْهِمْ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ افْتَكَّهُ بَعْدَمَا قَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي بِضَمَانِ الْقِيمَةِ فَالْقِيمَةُ عَلَيْهِ، وَالْعَبْدُ لَهُ، وَلَا سَبِيلَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَوْ أَبَى الْمَوْلَى أَنْ يَفْتَكَّهُ فَقَضَى الْغُرَمَاءُ الدَّيْنَ لِيَبِيعُوهُ فِي دَيْنِهِمْ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. عَبْدٌ مَأْذُونٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ بَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ رَجُلٍ وَأَعْلَمَهُ بِالدَّيْنِ فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَرُدُّوا الْبَيْعَ وَتَأْوِيلُهُ إذَا كَانُوا لَا يَصِلُونَ إلَى الثَّمَنِ أَمَّا إذَا وَصَلُوا إلَى الثَّمَنِ، وَلَيْسَ فِي الْبَيْعِ مُحَابَاةٌ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوا الْبَيْعَ وَالصَّحِيحُ أَنْ يَرُدُّوا الْبَيْعَ إذَا لَمْ يَفِ الثَّمَنُ بِدُيُونِهِمْ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. ، وَلَوْ بَاعَ عَبْدَهُ الْمَدْيُونَ، وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ غَابَ الْبَائِعُ لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي خَصْمًا لِلْغُرَمَاءِ إذَا أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الدَّيْنَ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ صَدَّقَهُمْ الْمُشْتَرِي فِي الدَّيْنِ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَرُدُّوا الْبَيْعَ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا، وَالْمُشْتَرِي غَائِبًا فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَائِعِ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُشْتَرِي لَكِنْ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْبَائِعَ قِيمَتَهُ فَإِذَا ضَمَّنُوهُ الْقِيمَةَ جَازَ الْبَيْعُ، وَكَانَ الثَّمَنُ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ اخْتَارُوا إجَازَةَ الْبَيْعِ أَخَذُوا الثَّمَنَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ فَأَمَرَهُ مَوْلَاهُ أَنْ يَكْفُلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ الْعَبْدُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ: إنْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَا لَكَ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَلْفٌ فَهُوَ عَلَيَّ فَالضَّمَانُ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنْ مَاتَ فُلَانٌ، وَلَمْ يُعْطِك هَذَا الْمَالَ الَّذِي لَك عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَيَّ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا قَالَ: فَإِنْ أَخْرَجَهُ الْمَوْلَى عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْمَكْفُولُ لَهُ حَقَّهُ فَإِنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ يُضَمِّنُ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ دَيْنِهِ، وَمِنْ قِيمَتِهِ، وَلَا يَبْطُلُ بَيْعُ الْمَوْلَى فِي الْعَبْدِ، وَلَا هِبَتُهُ، كَذَلِكَ هَذَا فِي ضَمَانِ الدَّرَكِ لَوْ أَمَرَ عَبْدَهُ أَنْ يَضْمَنَ الدَّرَكَ فِي دَارٍ بَاعَهَا الْمَوْلَى ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى بَاعَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الثَّمَنِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ مَحَلَّ حَقِّهِ فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ الْمَوْلَى مِنْ مِلْكِهِ حَتَّى لَحِقَ الْعَبْدَ دَيْنٌ يُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْعَبْدَ يَلْزَمُهُ مَا ضَمِنَ مَعَ الدَّيْنِ الَّذِي فِي عُنُقِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى دَارًا مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لَا يَكُونُ بَيْعًا، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلَ قِيمَتِهَا أَوْ أَقَلَّ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تَبْطُلُ الزِّيَادَةُ، وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ إنْ رَضِيَ بِهِ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ، وَلَا شُفْعَةَ لِلْمَوْلَى فِيمَا بَاعَ عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ أَوْ اشْتَرَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ لِلْعَبْدِ فِيمَا بَاعَ مَوْلَاهُ أَوْ اشْتَرَاهُ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَالشُّفْعَةُ وَاجِبَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ

الباب الخامس فيما يصير المأذون محجورا به

إلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مَا إذَا بَاعَ الْعَبْدُ دَارًا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْلَى فِيهَا الشُّفْعَةُ، وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدُ مِنْ مَوْلَاهُ دَارًا، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَأَجْنَبِيٌّ شَفِيعُهَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَكَانَ الْبَيْعُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ بَاعَهَا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ يَتْرُكَهَا فَإِنْ تَرَكَهَا الشَّفِيعُ أَخَذَهَا الْمَوْلَى بِتَمَامِ الْقِيمَةِ إنْ شَاءَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْمَوْلَى إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ جَازَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ اشْتَرَى جَارِيَةً، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَزَوَّجَهَا الْمَوْلَى إيَّاهُ جَازَ، وَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ التِّجَارَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا، وَلَا تُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ فِيمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ اشْتَرَاهَا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَزَوَّجَهَا الْمَوْلَى مِنْهُ لَمْ يَجُزْ لِمَكَانِ الدَّيْنِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا، وَيَبِيعَ وَلَدَهَا مِنْهُ، وَلَوْ قَضَى دَيْنَهُ بَعْدَ التَّزْوِيجِ جَازَ وَصَارَ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ تَزْوِيجِهِ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. إذَا كَفَلَ الْمَأْذُونُ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِأَمْرِ مَوْلَاهُ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمَوْلَى فَلِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ، وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِ رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ وَلَكِنْ يَتْبَعَ الْعَبْدَ بِكَفَالَتِهِ حَيْثُ كَانَ، وَهَذَا عَيْبٌ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ بِهِ إنْ شَاءَ فَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ عَلَى أَنَّهُ كَفِيلٌ بِنَفْسِ الْمَطْلُوبِ إنْ لَمْ يُعْطِ الْمَطْلُوبُ مَا عَلَيْهِ إلَى كَذَا، وَكَذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ بِعَيْبِ هَذِهِ الْكَفَالَةِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَإِذَا وَجَبَ عَلَى الْعَبْدِ لِوُجُودِ شَرْطِهِ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهَا حِينَ اشْتَرَاهُ، وَإِنْ كَانَ عَلِمَ بِهَا حِينَ اشْتَرَاهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِهَذَا الْعَيْبِ أَبَدًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْمَوْلَى إذَا بَاعَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ صَحَّ وَتَحَوَّلَ الْحَقُّ إلَى الثَّمَنِ، وَالْمَوْلَى بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ حَتَّى لَوْ تَوِيَ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَانَ التَّوَى عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَلَوْ قَبَضَ الْمَوْلَى الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَلَكِنْ لَا يَسْقُطُ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ يَأْخُذُونَ الْعَبْدَ إذَا عَتَقَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَمَرَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ فَكَفَلَ لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّ الْغَرِيمَ إنْ مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ دَفَعَ الْمَالَ إلَى رَبِّ الْمَالِ فَالْعَبْدُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفٍ أَوْ بِأَقَلَّ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ وَيَقْبِضُ الثَّمَنَ فَيَصْنَعُ بِهِ مَا بَدَا لَهُ فَإِنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَالَ كَانَ لِلَّذِي اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْ الْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمَوْلَى فَيَأْخُذَهُ مِنْهُ قَضَاءً عَنْ دَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ هَلَكَ مِنْ الْمَوْلَى لَمْ يَضْمَنْ الْمَوْلَى شَيْئًا، وَإِنْ هَلَكَ بَعْضُهُ أَخَذَ الْبَاقِي بِدَيْنِهِ، وَالْهَالِكُ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ هَلَكَ الثَّمَنُ مِنْ الْمَوْلَى ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا رَدَّهُ إنْ شَاءَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَكِنْ يُبَاعُ لَهُ الْعَبْدُ الْمَرْدُودُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ الثَّمَنَ الَّذِي نَقَدَ الْبَائِعُ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَ هَذَا الْفَضْلَ مِنْ دَيْنِهِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ نَقَضَ الثَّمَنَ الْآخَرَ عَنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ شَيْءٌ مِنْ النُّقْصَانِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا يَصِيرُ الْمَأْذُونُ مَحْجُورًا بِهِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ) (فِيمَا يَصِيرُ الْمَأْذُونُ مَحْجُورًا بِهِ وَغَيْرَ مَحْجُورٍ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِإِقْرَارِ الْمَحْجُورِ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْإِذْنَ يَبْطُلُ بِالْحَجْرِ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحَجْرُ مِثْلَ الْإِذْنِ حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ الْإِذْنُ عَامًّا بِأَنْ عَلِمَ بِالْإِذْنِ أَهْلُ سُوقِهِ فَإِنَّمَا يَعْمَلُ الْحَجْرُ إذَا كَانَ عَامًّا بِأَنْ عَلِمَ بِالْحَجْرِ أَكْثَرُ أَهْلِ السُّوقِ، وَلَا يَعْمَلُ إذَا كَانَ دُونَهُ بِأَنْ حَجَرَهُ فِي بَيْتِهِ أَوْ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَوْ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً عَلِمَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَإِذَا كَانَ الْإِذْنُ خَاصًّا غَيْرَ مُنْتَشِرٍ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ سُوقِهِ بِأَنْ أَذِنَ لِلْعَبْدِ بِمَحْضَرٍ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَإِذَا حَجَرَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَعَلِمَ الْعَبْدُ عَمِلَ حَجْرُهُ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ بِحَضْرَةِ الْعَبْدِ لَا غَيْرَ فَحَجَرَهُ بِحَضْرَةٍ مِنْهُ يَعْمَلُ حَجْرُهُ، وَإِنْ حَجَرَهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ لَا يَعْمَلُ حَجَرُهُ، وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ وَعَلِمَ الْعَبْدُ بِهِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ بِالْحَجْرِ لَا يَعْمَلُ حَجْرُهُ، وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ بِالْإِذْنِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ بِالْحَجْرِ عَمَلَ حَجْرُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ سُوقِهِ يَنْحَجِرُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ خَرَجَ الْعَبْدُ إلَى بَلَدٍ لِلتِّجَارَةِ فَأَتَى الْمَوْلَى أَهْلَ سُوقِهِ فَأَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ قَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ، وَالْعَبْدُ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ هَذَا حَجْرًا عَلَيْهِ، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي الْمِصْرِ

وَلَكِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحَجْرِ فَلَيْسَ هَذَا بِحَجْرٍ عَلَيْهِ بَلْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ مَعَ أَهْلِ سُوقِهِ، وَمَعَ غَيْرِهِمْ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْحَجْرِ فَإِذَا عَلِمَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ حِينَ عَلِمَ وَمَا اشْتَرَى، وَبَاعَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ رَآهُ الْمَوْلَى يَبِيعُ، وَيَشْتَرِي بَعْدَمَا حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْعَبْدُ فَلَمْ يَنْهَهُ ثُمَّ عَلِمَ الْعَبْدُ بِالْحَجْرِ يَبْقَى مَأْذُونًا اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُغْنِي الْمَوْلَى إذَا بَاعَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلِمَ أَهْلُ السُّوقِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي، وَفِي الْأَوَّلِ يَصِيرُ مَحْجُورًا بِنَفْسِ الْبَيْعِ هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا فَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْعَبْدِ مُؤَجَّلًا لَا يَحْجُرُ الْمَوْلَى عَنْ بَيْعِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَهَبَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ مِنْ رَجُلٍ، وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ يَصِيرُ مَحْجُورًا فَلَوْ أَنَّهُ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ لَا يَعُودُ الْإِذْنُ، وَكَذَا فِي فَصْلِ الْبَيْعِ لَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا، وَرَدَّهُ بِقَضَاءِ قَاضٍ لَا يَعُودُ الْإِذْنُ، وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا بَاعَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ لَهُ بَيْعًا فَاسِدًا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَبَاعَ وَاشْتَرَى فِي يَدِهِ ثُمَّ رُدَّ إلَى الْبَائِعِ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِ الْبَائِعِ بِحَضْرَتِهِ أَوْ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ أَوْ قَبَضَهُ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَلَوْ قَبَضَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ بَعْدَمَا تَفَرَّقَا لَمْ يَصِرْ مَحْجُورًا، وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ لَمْ يَصِرْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ بَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَهُوَ عَلَى إذْنِهِ مَا لَمْ يَنْفُذْ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ حَجْرٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا حَجَرَ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ، وَالْعَبْدُ غَائِبٌ فَأَرْسَلَ الْمَوْلَى إلَيْهِ رَسُولًا يُخْبِرُهُ بِالْحَجْرِ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ صَارَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا سَوَاءٌ كَانَ الرَّسُولُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا، كَذَلِكَ لَوْ كَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا، وَوَصَلَ إلَيْهِ الْكِتَابُ صَارَ مَحْجُورًا سَوَاءٌ وَصَلَ إلَيْهِ الْكِتَابُ عَلَى يَدَيْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ امْرَأَةٌ عَدْلٌ أَوْ فَاسِقٌ كَذَا فِي الْمُغْنِي وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ رَجُلٌ لَمْ يُرْسِلْهُ مَوْلَاهُ لَمْ يَكُنْ حَجْرًا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يُخْبِرَهُ بِهِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ يَعْرِفُهُ الْعَبْدُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ حَقًّا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ حَقًّا أَنْ يَجِيءَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُقِرَّ بِالْحَجْرِ أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْحَجْرَ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ جُنَّ الْعَبْدُ جُنُونًا مُطْبِقًا صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَعُودُ إذْنُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطْبِقًا بِأَنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفْتِقُ لَا يَنْحَجِرُ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَحْدِيدِ الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الْجُنُونُ دُونَ الشَّهْرِ فَلَيْسَ بِمُطْبِقٍ، وَإِنْ كَانَ شَهْرًا فَصَاعِدًا فَهُوَ مُطْبِقٌ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ مَا دُونَ السَّنَةِ لَيْسَ بِمُطْبِقٍ وَالسَّنَةُ وَمَا فَوْقَهَا فَهُوَ مُطْبِقٌ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَفِي الْخُجَنْدِيِّ إذَا ارْتَدَّ الْعَبْدُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا فَأَمَّا إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَقْتَ اللُّحُوقِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ مِنْ وَقْتِ الِارْتِدَادِ، وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَصِرْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فَإِنْ أُسِرَ بَعْدَمَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَأَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ، فَالْمَوْلَى أَحَقُّ بِهِ وَالدَّيْنُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَهُوَ بِحَالِهِ عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا بَطَلَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا أَبَقَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ عَادَ الْعَبْدُ مِنْ الْإِبَاقِ هَلْ يَعُودُ الْإِذْنُ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيح أَنَّهُ لَا يَعُودُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بَاعَ وَاشْتَرَى فِي حَالِ إبَاقِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ الَّذِي بَايَعَ الْعَبْدَ: إنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَكُنْ آبِقًا، وَلَكِنْ أَرْسَلَهُ الْمَوْلَى، وَقَالَ الْمَوْلَى: كَانَ آبِقًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي بَايَعَهُ، وَعَلَى الْمَوْلَى الْبَيِّنَةُ إنَّ عَبْدَهُ كَانَ آبِقًا وَأَنَّهُ بَاعَ وَاشْتَرَى مِنْهُ فِي حَالِ إبَاقِهِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الَّذِي بَايَعَهُ، وَإِنْ اتَّفَقَ الْمَوْلَى وَاَلَّذِي بَايَعَ الْعَبْدَ عَلَى الْإِبَاقِ إلَّا أَنَّ الَّذِي بَايَعَ الْعَبْدَ قَالَ: بِعْت مِنْهُ قَبْلَ الْإِبَاقِ وَقَالَ الْمَوْلَى: بِعْت مِنْهُ بَعْدَ الْإِبَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَيْضًا فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُغْنِي الْمُدَبَّرُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا فَأَبَقَ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا، وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا

غَصَبَهُ غَاصِبٌ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ قَالُوا: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا أَسَرَهُ الْعَدُوُّ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَبَعْدَ الْإِحْرَازِ يَصِيرُ مَحْجُورًا، وَإِنْ وَصَلَ الْعَبْدُ إلَى مَوْلَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَعُودُ مَأْذُونًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ اشْتَرَى عَبْدًا، وَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ حَتَّى صَحَّ الْإِذْنُ ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى حَجَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا إنْ حَجَرَ عَلَى الثَّانِي لَا يَصِحُّ حَجْرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ حَجَرَ عَلَى الْعَبْدِ الْأَوَّلِ لَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ يَصِيرُ مَحْجُورًا وَهَلْ يَصِيرُ الثَّانِي مَحْجُورًا إنْ كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ؟ يَصِيرُ مَحْجُورًا؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ لَا يَصِيرُ الثَّانِي مَحْجُورًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ مَاتَ الْعَبْدُ الْأَوَّلُ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا حَجَرَ الْمَوْلَى عَلَى الْعَبْدِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْأَوَّلُ وَلَكِنْ مَاتَ الْمَوْلَى كَانَ ذَلِكَ حَجْرًا عَلَى الْعَبْدَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَا يَجُوزُ حَجْرُهُ عَلَى مَأْذُونِ مُكَاتَبِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ عَلَى مَأْذُونِ مَأْذُونِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا أَذِنَ الْمُكَاتَبُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ عَجَزَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهُوَ حَجْرٌ عَلَى الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ أَوْ عَنْ غَيْرِ وَفَاءٍ أَوْ عَنْ وَلَدٍ مَوْلُودٍ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَإِنْ أَذِنَ الْوَلَدُ لِلْعَبْدِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ فِي التِّجَارَةِ لَمْ يَجُزْ إذْنُهُ، كَذَلِكَ الْحُرُّ إذَا مَاتَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَهُ عَبْدٌ فَأَذِنَ لَهُ وَارِثُهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِذْنُهُ بَاطِلٌ فَإِنْ قَضَى الْوَارِثُ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَنْفُذْ إذْنُهُ أَيْضًا فَإِنْ أَبْرَأَ أَبَاهُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي قَضَى عَنْهُ بَعْدَ إذْنِهِ لِلْعَبْدِ نَفَذَ إذْنُهُ، وَجَازَ مَا اشْتَرَى قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَبَعْدَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، وَكَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْعَبْدِ فَإِذَا أَذِنَ الْوَارِثُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ جَازَ، وَكَذَلِكَ ابْنُ الْمُكَاتَبِ لَوْ أَذِنَ لِلْعَبْدِ الَّذِي تَرَكَهُ أَبُوهُ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ اسْتَقْرَضَ مَالًا مِنْ إنْسَانٍ فَقَضَى بِهِ الْكِتَابَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ صَحِيحًا، وَلَوْ وَهَبَ رَجُلٌ لِابْنِ الْمُكَاتَبِ مَالًا فَقَضَى بِهِ الْكِتَابَةَ جَازَ إذْنُهُ لِلْعَبْدِ الَّذِي فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَذِنَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ أَوْ لِعَبْدِهِ ثُمَّ مَاتَ وَأَوْصَى إلَى آخَرَ فَمَوْتُهُ حَجْرٌ عَلَيْهِ، إذَا أَذِنَ الْقَاضِي ثُمَّ عُزِلَ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ فَهُوَ عَلَى إذْنِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ، وَلَوْ أَذِنَ الْأَبُ لِعَبْدِ ابْنِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْأَبُ أَوْ وَرِثَهُ بَطَلَ الْإِذْنُ، وَلَا يَبْطُلُ إذْنُ عَبْدِ الصَّبِيِّ بِإِدْرَاكِهِ، كَذَا بِمَوْتِ الْأَبِ بَعْدَ إدْرَاكِهِ، وَسُكُوتُ الْأَبِ إذَا رَآهُ يَتَصَرَّفُ إذْنٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَوْلَى ثُمَّ بَاعَ الْعَبْدَ وَاشْتَرَى فَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقُضِيَ بِلَحَاقِهِ فَجَمِيعُ مَا صَنَعَ الْعَبْدُ بَعْدَ رِدَّةِ الْمَوْلَى بَاطِلٌ، وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ بِهَا أَوْ بَعْدَمَا لَحِقَ بِهَا قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي، وَرَجَعَ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - جَمِيعُ ذَلِكَ جَائِزٌ إلَّا مَا صَنَعَ الْعَبْدُ بَعْدَ لِحَاقِ الْمَوْلَى بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَبْطُلُ إذَا لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يَقْضِيَ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ، وَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ ذَلِكَ جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَوْ كَانَتْ امْرَأَةً فَارْتَدَّتْ فَمَأْذُونُهَا عَلَى إذْنِهِ، وَلَوْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقُضِيَ بِلَحَاقِهَا فَهُوَ حَجْرٌ عَلَى عَبْدِهَا، وَلَوْ رَجَعَتْ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهَا فَهُوَ عَلَى إذْنِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا أَذِنَ الْمُضَارِبُ لِعَبْدٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ فِي التِّجَارَةِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ فَحَجْرُهُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَمَةُ الْمَأْذُونَةُ مِنْ مَوْلَاهَا فَذَلِكَ حَجْرٌ عَلَيْهَا، وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا إنْ رَكِبَتْهَا دُيُونٌ، وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ مَوْلَاهَا يَنْحَجِرُ بِهِ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ انْفَصِلْ الْوَلَدُ مِنْهَا، وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَالْوَلَدُ لِلْمَوْلَى حَتَّى لَوْ لَحِقَهَا دَيْنٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا حَقَّ لِلْغُرَمَاءِ فِيهِ، وَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِي دَيْنِ الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ ثَبَتَ حَقُّهُمْ قَبْلَ الْوِلَادَةِ دُونَ الَّذِينَ ثَبَتَ حَقُّهُمْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. جَارِيَةٌ أُذِنَ لَهَا فِي التِّجَارَةِ فَاسْتَدَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا ثُمَّ دَبَّرَهَا الْمَوْلَى فَهِيَ مَأْذُونَةٌ لَهَا عَلَى حَالِهَا وَالْمَوْلَى ضَامِنٌ بِقِيمَتِهَا لِلْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَإِذَا حُجِرَ عَلَى الْمَأْذُونِ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ فِيمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُقِرُّ بِمَا فِي يَدِهِ أَنَّهُ أَمَانَةٌ لِغَيْرِهِ أَوْ غَصْبٌ مِنْهُ أَوْ يُقِرُّ بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ فَيَقْضِيَ بِمَا فِي يَدِهِ وَقَالَا لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيُؤْخَذُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَمَا فِي يَدِهِ لِمَوْلَاهُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا حَجَرَ الرَّجُلُ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ كَسْبُ الْإِذْنِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِلْحَالِ حَتَّى لَا يُؤَاخَذَ بِهِ لِلْحَالِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْن الْإِذْنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ كَسْبُ الْإِذْنِ فَهَذَا

لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ فَارِغًا عَنْ دَيْنِ الْإِذْنِ أَوْ كَانَ كُلُّهُ مَشْغُولًا بِدَيْنِ الْإِذْن أَوْ كَانَ بَعْضُهُ فَارِغًا عَنْ دَيْنِ الْإِذْنِ وَبَعْضُهُ مَشْغُولًا فَإِنْ كَانَ كُلُّهُ مَشْغُولًا بِدَيْنِ الْإِذْنِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْكَسْبِ الَّذِي فِي يَدِهِ حَتَّى لَا يُشَارِكَ الْمُقِرَّ لَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ غُرَمَاءُ الْإِذْنِ فِي كَسْبِ الْإِذْنِ بَلْ يَكُونُ جَمِيعُ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْكَسْبِ لِغُرَمَاءِ الْإِذْنِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ مِنْ الْكَسْبِ بَعْدَ الْحَجْرِ فَارِغًا عَنْ دَيْنِ الْإِذْنِ، وَبَعْضُهُ مَشْغُولًا صَحَّ إقْرَارُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَدْرِ الْفَارِغِ عَنْ دَيْنِ الْإِذْنِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَاقِيًا فِي مِلْكِ الْآذِنِ فَأَمَّا إذَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ أَقَرَّ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ كَسْبٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ حَصَلَ لَهُ بِالِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ فَأَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَخَذَهَا الْمَوْلَى ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهَا كَانَتْ وَدِيعَةً فِي يَدِهِ لِفُلَانٍ، وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ عَتَقَ لَمْ يَلْحَقْهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَ غَصْبًا أُخِذَ بِهِ إذَا أُعْتِقَ، وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ، وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ أَوْ مُضَارَبَةٌ أَوْ قَرْضٌ أَوْ غَصْبٌ فَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ، وَأَخَذَهَا صَاحِبُ الدَّيْنِ مِنْ حَقِّهِ ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدُ كَانَتْ الْأَلْفُ دَيْنًا عَلَيْهِ يُؤَاخَذُ بِهَا، وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ فَالْأَلْفُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِصَاحِبِ الدَّيْنِ فَإِذَا صَرَفَ الْمَالَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِالدَّيْنِ ثُمَّ عَتَقَ أَتْبَعَ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ، وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ أَوَّلًا الْوَدِيعَةِ كَانَتْ الْأَلْفُ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَيَتْبَعُهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إقْرَارُهُ الْوَدِيعَةِ بَاطِلٌ، وَالْأَلْفُ يَأْخُذُهَا الْمَوْلَى، وَلَا يَتْبَعُهُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ إذَا عَتَقَ فَأَمَّا الْمُقَرُّ لَهُ بِالدَّيْنِ فَيَتْبَعُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِدَيْنِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ إقْرَارًا مُتَّصِلًا فَقَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهَذِهِ الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ كَانَتْ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذَا أُعْتِقَ أَخَذَاهُ بِمَا بَقِيَ لَهُمَا، وَلَوْ بَدَأَ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ الْمُتَّصِلِ الْوَدِيعَةِ كَانَتْ الْأَلْفُ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ، وَلَوْ ادَّعَيَا جَمِيعًا فَقَالَ: صَدَقْتُمَا كَانَتْ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى فَأَقَرَّ فِي حَالِ إذْنِهِ الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بَعْدَ الْحَجْرِ أَنَّهُ قَدْ اغْتَصَبَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي حَالِ إذْنِهِ الْأَوَّلِ أَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ لِلْحَالِ، إنَّمَا يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَقَالَ: إنَّمَا أَقْرَرْت بِهِ بَعْدَ الْإِذْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَيُؤَاخَذُ بِهِ الْعَبْدُ لِلْحَالِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ أَنَّهُ كَانَ غَصَبَ مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ، وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ بِوَدِيعَةٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا ثُمَّ ضَاعَ الْمَالُ لَمْ يَلْحَقْ الْعَبْدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ حَتَّى يُعْتَقَ فَإِذَا عَتَقَ أُخِذَ بِالدَّيْنِ دُونَ الْوَدِيعَةِ، وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَأَقَرَّ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ آخَرَ أَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ فَالْأَلْفُ الَّتِي فِي يَدِهِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ خَاصَّةً، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّ هَذَا الدَّيْنَ كَانَ فِي حَالِ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِرَجُلٍ أَوْدَعَهَا إيَّاهُ فِي حَالِ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِالْأَلْفِ، وَيَتْبَعُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ الْعَبْدَ بِهَا فِي رَقَبَتِهِ وَعِنْدَهُمَا الْأَلْفُ لِمَوْلَاهُ وَيَتْبَعُ بِالدَّيْنِ فِي رَقَبَتِهِ فَيُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْمَوْلَى دَيْنَهُ، وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ، وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ خَمْسُمِائَةٍ فَأَقَرَّ بَعْدَ الْحَجْرِ بِدَيْنٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَأَقَرَّ أَنَّ تِلْكَ الْأَلْفَ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِهِ وَدِيعَةٌ أَوْدَعَهَا إيَّاهُ هَذَا الرَّجُلُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ عَلَى الْوَدِيعَةِ، وَالْأَلْفُ الَّتِي فِي يَدِهِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ مِنْهَا خَمْسُمِائَةٍ وَالْخَمْسُمِائَةُ الْبَاقِيَةُ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ بِالْأَلْفِ، وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَيَأْخُذُهَا الْعَبْدُ، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُمِائَةٍ فَيُؤَاخَذُ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَيَتْبَعُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِوَدِيعَتِهِ كُلِّهَا فَيُبَاعُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَقْضِيَهَا الْمَوْلَى، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى خَمْسُمِائَةٍ مِنْ الْأَلْفِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ وَخَمْسُمِائَةٍ لِلْمَوْلَى، وَيَتْبَعُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ الْعَبْدَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيَبْطُلُ مِنْ وَدِيعَتِهِ الْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي

الباب السادس في إقرار العبد المأذون له وإقرار مولاه

أَخَذَهَا الْمَوْلَى فَإِنْ هَلَكَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفِ خَمْسُمِائَةٍ فِي يَدِ الْعَبْدِ كَانَتْ الْخَمْسُمِائَةِ الْبَاقِيَةُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ خَاصَّةً، وَيَلْزَمُ رَقَبَةُ الْعَبْدِ مِنْ الْوَدِيعَةِ خَمْسُمِائَةٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَأَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ اسْتَقْرَضَ مِنْ هَذَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي حَالِ إذْنِهِ الْأَوَّلِ، وَقَبَضَهَا مِنْهُ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَ اسْتَوْدَعَهُ فِي حَالِ إذْنِهِ الْأَوَّلِ وَدِيعَةً، وَاسْتَهْلَكَهَا، وَصَدَّقَهُ بِذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ لِلْحَالِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ فِي حَالَةِ الْإِذْنِ بِالْقَرْضِ أَوْ بِاسْتِهْلَاكِ الْوَدِيعَةِ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ وَصَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ حَيْثُ لَا يُؤَاخَذُ لِلْحَالِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِاسْتِهْلَاكِ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ حَتَّى يُعْتَقْ فَإِذَا عَتَقَ أُخِذَ بِذَلِكَ، وَإِنْ ضَمِنَ عَنْهُ رَجُلٌ هَذَا الدَّيْنَ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقْ أُخِذَ بِهِ الْكَفِيلُ حَالًا فَإِنْ اشْتَرَاهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ فَأَعْتَقَهُ أَوْ أَمْسَكَهُ بَطَلَ دَيْنُهُ عَنْ الْعَبْدِ، وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ الْكَفِيلَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَمِمَّا ضَمِنَهُ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِهِ وَلَكِنَّ صَاحِبَهُ وَهَبَهُ مِنْهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ بَطَلَ دَيْنُهُ عَنْ الْعَبْدِ، وَعَنْ الْكَفِيلِ فَإِنْ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ لَمْ يَعُدْ الدَّيْنُ أَبَدًا، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعُودُ الدَّيْنُ بِرُجُوعِهِ فِي الْهِبَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ بَيْعِ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ. وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَعْلَمُ أَنَّهَا كَسْبُ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ فَأَقَرَّ أَنَّهَا كَانَتْ وَدِيعَةً لِفُلَانٍ أَوْ اغْتَصَبَهَا مِنْ فُلَانٍ وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَعْلَمُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي حَالِ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ فِي يَدِهِ فَأَقَرَّ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي يَدِهِ أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْ فُلَانٍ فِي حَالَةِ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: لَا يُصَدَّقُ الْعَبْدُ عَلَى الْأَلْفِ وَهِيَ لِلْمَوْلَى، وَيَتْبَعُ الْمُقَرُّ لَهُ الْعَبْدَ بِمَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فِي رَقَبَتِهِ فَيَتْبَعُهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِهَا بَعْدَمَا لَحِقَهُ الدَّيْنُ فِي الْإِذْنِ الثَّانِي فَالْأَلْفُ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا هِيَ لِلْمَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ السَّادِسُ فِي إقْرَارِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَإِقْرَارِ مَوْلَاهُ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي إقْرَارِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَإِقْرَارِ مَوْلَاهُ) ، وَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَقَرَّ بِدَيْنِ التِّجَارَةِ صَحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى حَتَّى يُؤَاخَذَ بِهِ لِلْحَالِ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْوَلِيُّ أَوْ كَذَّبَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لَيْسَ هُوَ مِنْ دَيْنِ التِّجَارَةِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ لِلْحَالِ، وَإِنَّمَا يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: إذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بِغَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ جَحَدَهَا أَوْ مُضَارَبَةٍ أَوْ بِضَاعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ جَحَدَهَا أَوْ دَابَّةٍ عَقَرَهَا أَوْ ثَوْبٍ أَحْرَقَهُ أَوْ أَجَّرَ أَجِيرُ أَوْ مَهْرِ جَارِيَةٍ اشْتَرَاهَا وَوَطِئَهَا فَاسْتُحِقَّتْ فِي يَدِهِ فَذَلِكَ كُلُّهُ دَيْنٌ يُؤَاخَذُ بِهِ لِلْحَالِ قَالُوا مَا ذَكَرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي الْأَصْلِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَقَرَّ بِعُقْرٍ أَوْ إحْرَاقٍ بَعْدَ الْقَبْضِ حَتَّى يَصِيرَ غَاصِبًا لَهُمَا بِالْأَخْذِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ مِنْ وَقْتِ الْأَخْذِ، وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْمَضْمُونُ مَالٌ فَأَمَّا إذَا أَحْرَقَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ عَقَرَ الدَّابَّةَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ حَتَّى لَا يُؤَاخَذَ بِهِ لِلْحَالِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ افْتَضَّ حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِكْرًا بِأُصْبُعِهِ فَعِنْدَهُمَا لَا يَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمَوْلَى، وَهُوَ إقْرَارٌ بِجِنَايَةٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ إقْرَارٌ بِالْمَالِ، وَيُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ، وَلَوْ غَصَبَ جَارِيَةً افْتَضَّهَا بِأُصْبُعِهِ فَإِنْ أَرَادَ مَوْلَاهَا تَضْمِينَهُ بِالْغَصْبِ قُبِلَ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ مِنْ التِّجَارَةِ، وَإِنْ أَرَادَ تَضْمِينَهُ بِالِافْتِضَاضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ فَلَا تَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ غَصَبَ جَارِيَةً بِكْرًا فَذَهَبَ بِهَا وَوَطِئَهَا فَإِنْ ضَمَّنَهُ الْمَوْلَى نُقْصَانَ الْبَكَارَةِ بِالْغَصْبِ ضَمَّنَهُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ ضَمَّنَهُ بِالْوَطْءِ لَمْ يَلْزَمْهُ حَتَّى يُعْتَقَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ أَنَّهُ

اشْتَرَى جَارِيَةَ هَذَا الرَّجُلِ، وَهِيَ بِكْرٌ فَافْتَضَّهَا لَزِمَهُ الْعُقْرُ كَغَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ، وَيُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً بِكْرًا فَافْتَضَّهَا رَجُلٌ فِي يَدِهِ ثُمَّ هَرَبَ كَانَ لِمَوْلَاهَا أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ بِعُقْرِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالِافْتِضَاضِ بِالنِّكَاحِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ فِي الِافْتِضَاضِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ بُدِئَ بِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ أَخَذَهُ مَوْلَى الْأَمَةِ مِنْ عُقْرِهَا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يُضْرَبَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ مَعَ الْغُرَمَاءِ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى أَوْ كَذَّبَهُ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَهَا بِنِكَاحٍ، وَجَحَدَ الْمَوْلَى أَنْ يَكُونَ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يُؤَاخَذْ بِالْمَهْرِ حَتَّى يُعْتَقَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا أَقَرَّ لِعَبْدٍ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ أَوْدَعَهُ أَوْ قَالَ: إنَّهُ حُرٌّ لَمْ يُمْلَكْ قَطُّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْمَأْذُونَ إذَا أَقَرَّ بِحُرِّيَّةٍ طَارِئَةٍ لِمَا فِي يَدِهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَمَتَى أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ الثَّابِتَةِ بِالظَّاهِرِ صَحَّ إقْرَارُهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُقِرًّا بِحُرِّيَّةٍ طَارِئَةٍ إذَا ظَهَرَ فِي الْعَبْدِ الْمُقِرِّ بِهِ أَمَارَاتُ الرِّقِّ وَعَلَامَاتُهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِأَنَّ هَذَا مَمْلُوكٌ وَرَقِيقٌ وَصَدَّقَهُ الْمَمْلُوكُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَأْذُونِ إنَّهُ مَمْلُوكٌ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ بِهَذَا إقْرَارٌ بِحُرِّيَّةٍ طَارِئَةٍ فَلَا يَصِحُّ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ فِي الْعَبْدِ الْمُقَرِّ بِهِ أَمَارَاتُ الرِّقِّ وَعَلَامَاتُهُ فَأَقَرَّ الْمَأْذُونُ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ فَهَذَا إقْرَارٌ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ لَا بِحُرِّيَّةٍ طَارِئَةٍ فَيَصِحُّ مِنْ الْمَأْذُونِ وَفِيمَا إذَا قَالَ: هَذَا الْعَبْدُ ابْنُ فُلَانٍ أَوْدَعَهُ فُلَانٌ، وَلَمْ يَظْهَرْ فِي الْعَبْدِ الْمُقَرِّ بِهِ أَمَارَاتُ الرِّقِّ فَإِذَا قَالَ: إنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ أَوْ قَالَ: إنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ كَانَ هَذَا إقْرَارًا بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ فَيَصِحُّ مِنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ سَاكِتٌ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ أَوْ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ لَمْ يُمْلَكْ قَطُّ لَمْ يُصَدَّقْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ غَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ بُدِئَ بِاَلَّذِي أَقَرَّ بِهِ بِعَيْنِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بِدُيُونٍ كَثِيرَةٍ فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يَشْتَرِكُونَ فِيمَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ الْكَسْبِ، وَفِي ثَمَنِ رَقَبَتِهِ إذَا بِيعَ، وَلَا يَكُونُ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ الْغُرَمَاءِ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْمُتَأَخِّرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا، وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ الْبَائِعَ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ إيَّاهُ أَوْ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَالْعَبْدُ مَمْلُوكٌ عَلَى حَالِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِالتَّدْبِيرِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَأَقَرَّ بِوِلَادَتِهَا مِنْ الْبَائِعِ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ انْتَقَضَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا، وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنِّي، وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ، وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّ الْمَأْذُونَ لَا يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى لَا يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ، وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى يُؤْمَرَ بِدَفْعِ الْعَبْدِ إلَى فُلَانٍ، وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِمَا ادَّعَاهُ الْمَأْذُونُ رَجَعَ الْمَأْذُونُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْمَأْذُونُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ أَوْ حَلَّفَ الْمَأْذُونُ الْبَائِعَ عَلَى مَا ادَّعَى، وَنَكَلَ رَجَعَ الْمَأْذُونُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ فَأَقَرَّ بِشَيْءٍ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ لِمَوْلَاهُ أَوْ لِابْنِ مَوْلَاهُ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لِعَبْدٍ لَهُ تَاجِرٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَوْ لِمُكَاتَبِ مَوْلَاهُ أَوْ لِأُمِّ وَلَدِهِ فَإِقْرَارُهُ لِمَوْلَاهُ وَمُكَاتَبِهِ وَعَبْدِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ بَاطِلٌ فَأَمَّا إقْرَارُهُ لِابْنِ مَوْلَاهُ أَوْ لِأَبِيهِ فَجَائِزٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ كَانَ إقْرَارُهُ جَائِزًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنْ لَحِقَهُ دَيْنٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَبْطُلُ حُكْمُ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ شَيْءٌ إنْ كَانَ هُوَ الْمَوْلَى أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ عَبْدَهُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ كَانَ أَقَرَّ لِمُكَاتَبِ مَوْلَاهُ أَوْ لِأَبِيهِ ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ اشْتَرَكُوا فِي ذَلِكَ، وَإِذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ لِابْنِهِ، وَهُوَ حُرٌّ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لِزَوْجَتِهِ وَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ مُكَاتَبِ ابْنِهِ أَوْ لِعَبْدِ ابْنِهِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِقْرَارُهُ لِهَؤُلَاءِ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا إقْرَارُهُ لِهَؤُلَاءِ جَائِزٌ، وَيُشَارِكُونَ الْغُرَمَاءَ فِي كَسْبِهِ. وَإِذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ دَيْنٌ فَأَذِنَ لِجَارِيَةٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَحِقَهَا دَيْنٌ إنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ لَهَا الْوَدِيعَةِ فِي يَدِهِ صُدِّقَ عَلَى ذَلِكَ، وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ

فَتَكُونُ هِيَ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ إلَّا أَنَّ فِي الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ هِيَ تُشَارِكُ غُرَمَاءَ الْمَأْذُونِ فِي كَسْبِهِ، وَفِي الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ هِيَ أَوْلَى بِالْعَيْنِ مِنْ غُرَمَاءِ الْمَأْذُونِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ أَقَرَّتْ الْجَارِيَةُ بِالدَّيْنِ أَوْ بِالْعَيْنِ لِلْعَبْدِ، وَعَلَيْهَا دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ فَإِقْرَارُهَا بِالْعَيْنِ جَائِزٌ، وَبِالدَّيْنِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُ غُرَمَاءِ الْجَارِيَةِ مُكَاتَبُ الْمَوْلَى أَوْ عَبْدُهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ صَحَّ إقْرَارُهُ لِغُرَمَائِهَا كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ كَانَ بَعْضُ غُرَمَاءِ الْجَارِيَةِ أَبَا الْمَوْلَى أَوْ ابْنَهُ فَأَقَرَّ لَهَا الْعَبْدُ بِوَدِيعَةٍ أَوْ دَيْنٍ وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُ غُرَمَائِهَا أَبَا الْعَبْدِ أَوْ ابْنَهُ وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِقْرَارُهُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَاطِلٌ، وَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِهِمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَعْضُ غُرَمَائِهَا مُكَاتَبًا لِأَبِي الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ أَوْ لِأَبْنِهِ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُ غُرَمَائِهَا أَخًا لِلْعَبْدِ كَانَ إقْرَارُهُ لَهَا جَائِزًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا طَلَبَ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْقَاضِي بَيْعَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِدُيُونِهِمْ فَقَبْلَ أَنْ يُبَاعَ قَالَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ عَلَيَّ كَذَا، وَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى وَالْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبُوهُ فَالْعَبْدُ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ، وَيُبَاعُ الْعَبْدُ، وَتُوقَفُ حِصَّةُ الْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ حَتَّى بَاعَهُ الْقَاضِي ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى فِي إقْرَارِهِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ آخَرُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ آخَرُ صَحَّ إقْرَارُهُ فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ فِي مَسْأَلَتِنَا إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى حَقِّهِ يَتْبَعْ الْغُرَمَاءَ وَيَأْخُذْ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ كَثِيرٌ فَأَقَرَّ بِدَيْنٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَتَحَاصُّوا فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بِدُيُونٍ كَثِيرَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ اسْتَهْلَكَهَا أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ اسْتَهْلَكَهَا هَلْ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ؟ فَفِيمَا إذَا أَقَرَّ بِغَصْبٍ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي إضَافَةِ الْغَصْبِ إلَى حَالَةِ الْحَجْرِ أَوْ كَذَّبَهُ فِي الْإِضَافَةِ إلَى حَالَةِ الْحَجْرِ فَقَالَ: لَا بَلْ غَصَبْت، وَأَنْتَ مَأْذُونٌ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ، وَيُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى وَفِيمَا إذَا أَقَرَّ بِالْقَرْضِ أَوْ بِاسْتِهْلَاكِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ أَوْ الْبِضَاعَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ صَدَّقَهُ فِي إضَافَةِ الِاسْتِهْلَاكِ إلَى حَالَةِ الْحَجْرِ، وَفِي كَوْنِهِ مُودِعًا مُسْتَعِيرًا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ لِلْحَالِ، إنَّمَا يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي إضَافَةِ الِاسْتِهْلَاكِ إلَى حَالَةِ الْحَجْرِ، فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَعْتُوهُ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، وَقَدْ أُذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَيُقِرُّ بِنَحْوِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إقْرَارُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا أَقَرَّ لِحُرٍّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ لَهُ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ حُرًّا كَزَوْجَتِهِ إذَا أَقَرَّ لَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْإِيضَاحِ لَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ عَلَى عَبْدٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَهْرٍ وَجَبَ عَلَيْهِ بِنِكَاحٍ جَائِزٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ شُبْهَةٍ فَإِنَّ إقْرَارَهُ بَاطِلٌ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ حَتَّى يُعْتَقَ أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ فَيَصِحُّ، وَلِلْمُقَرِّ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ صَغِيرًا أَوْ كَانَ صَغِيرًا حُرًّا أَوْ مَعْتُوهًا فَأَقَرُّوا بَعْدَ الْإِذْنِ أَنَّهُمْ قَدْ أَقَرُّوا لَهُ بِذَلِكَ قَبْلَ الْإِذْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ مِنْ غَصْبٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ وَدِيعَةٍ قَائِمَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ مُسْتَهْلَكَةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ قَائِمَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ مُسْتَهْلَكَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ التِّجَارَاتِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ وَجَبَ فِي صِحَّتِهِ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَبِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَبِمَا فِي يَدِهِ فَإِقْرَارُ الْعَبْدِ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْمَوْلَى بِالدَّيْنِ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ لَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَالِ الْمَوْلَى، وَفِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِيمَا فِي يَدِهِ فَضْلٌ عَلَى دَيْنِ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ قَدْ أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ فَإِقْرَارُ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ بِالدَّيْنِ فِي مَرَضِ الْمَوْلَى صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ فِي مَالِ الْمَوْلَى وَفِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِيمَا فِي يَدِهِ فَضْلٌ عَلَى دَيْنِ الْمَوْلَى صَحَّ إقْرَارُ الْعَبْدِ وَبُدِئَ بِدَيْنِ الْمَوْلَى وَالْفَضْلُ لِغُرَمَاءِ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ مَالُ الْمَوْلَى غَائِبًا وَبِيعَ الْعَبْدُ وَمَا فِي يَدِهِ وَقُضِيَ بِهِ دَيْنُ الْمَوْلَى ثُمَّ حَضَرَ مَالُ الْمَوْلَى، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ دَيْنِ الْمَوْلَى شَيْءٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي مِنْ الْمَالِ الَّذِي حَضَرَ مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِ الْمَوْلَى فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ نَظَرَ الْقَاضِي فِيمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِ الْمَوْلَى فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِقْدَارَ ثَمَنِ الْعَبْدِ وَثَمَنِ كَسْبِهِ، وَقَضَى مِنْ ذَلِكَ دَيْنَ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ

ذَلِكَ فَمَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْعَبْدِ وَمَالِيَّةِ كَسْبِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَوْلَى يَكُونُ لِوَارِثِهِ لَا حَقَّ فِيهِ لِغَرِيمِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ هَذَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ حِينَ أَقَرَّ فِي مَرَضِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنٌ وَجَبَ فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى، وَأَقَرَّ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْمَوْلَى فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِيمَا فِي يَدِهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِ الْعَبْدِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى، وَلَا يَفْضُلُ عَنْ دَيْنِ الْمَوْلَى، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْعَبْدِ وَيُبْدَأُ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ وَمَالِيَّةِ رَقَبَتِهِ بِدَيْنِ الْعَبْدِ الَّذِي كَانَ فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى ثُمَّ يَقْضِي مِنْ الْفَاضِلِ دَيْنَ غَرِيمِ الْمَوْلَى، الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِيمَا فِي يَدِهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِ الْمَوْلَى وَالْعَبْدِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِمَا فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَصِحُّ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِقَدْرِ الْفَاضِلِ عَنْ دَيْنِهِمَا فَيُبْدَأُ بِدَيْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ يَقْضِي دَيْنَ الْعَبْدِ الَّذِي وَجَبَ فِي حَالَةِ صِحَّةِ الْمَوْلَى ثُمَّ يَصْرِفُ الْفَاضِلَ إلَى الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْعَبْدُ فِي مَرَضِ الْمَوْلَى. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِيمَا فِي يَدِهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِ الْعَبْدِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْعَبْدِ هَكَذَا ذَكَر مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكِتَابِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ، وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ وَجَبَ فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى يُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ، وَبِمَا فِي يَدِهِ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ فِي مَرَضِ مَوْلَاهُ بِدَيْنِ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ صَحِيحٌ، وَيَبِيعُ الْقَاضِي رَقَبَةَ الْعَبْدِ، وَمَا فِي يَدِهِ، وَيَقْسِمُ الثَّمَنَ بَيْنَ غُرَمَاءِ الْعَبْدِ كُلِّهِمْ بِالْحِصَصِ لَا يُقَدِّمُ الْبَعْضَ عَلَى الْبَعْضِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ بِعَيْنِهِ لِإِنْسَانٍ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْمَوْلَى، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَوْلَى صَحَّ إقْرَارُهُ، وَيُبْدَأُ بِالْمُقَرِّ لَهُ بِالْعَيْنِ فَالْعَبْدُ بِمَرَضِ الْمَوْلَى إنَّمَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عَنْ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ أَوْ بِالْعَيْنِ إذَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا بِمَرَضِ الْمَوْلَى عَنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَبِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَمَا فِي يَدِهِ فَاسْتَقْرَضَ الْعَبْدُ فِي مَرَضِ الْمَوْلَى مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَبَضَهَا بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا، وَقَبَضَهُ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ الْعَبْدَ، وَمَا فِي يَدِهِ، وَيُبْدَأُ بِدَيْنِ الْعَبْدِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ يُقْضَى بِهِ دَيْنُ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ الْعَبْدِ فَمَرِضَ الْمَوْلَى، وَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ أَيْضًا بِدَيْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ الْعَبْدَ وَيَقْسِمُ ثَمَنَهُ بَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَرَّ أَوَّلًا فِي مَرَضِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى عَلَى نَفْسِهِ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَبْدَأُ بِدَيْنِ الْعَبْدِ فَيَقْضِيَهُ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ يَكُونُ لِغَرِيمِ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ بَدَأَ الْمَوْلَى فَأَقَرَّ بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفٍ إقْرَارًا مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ الثَّلَاثَةَ يَتَحَاصُّونَ فِي ثَمَنِهِ فَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفٍ إقْرَارًا مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا ضَرَبُوا بِجَمِيعِ ذَلِكَ مَعَ غُرَمَاءِ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَانَتْ الْأَقَارِيرُ كُلُّهَا مِنْ الْمَوْلَى فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَاضِي يَبِيعُ الْعَبْدَ وَيَقْسِمُ الثَّمَنَ بَيْنَ غُرَمَاءِ الْمَوْلَى وَغَرِيمِ الْعَبْدِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْسِمُ ثَمَنَ الْعَبْدِ بَيْنَ غَرِيمَيْ الْمَوْلَى وَبَيْنَ غَرِيمِ الْعَبْدِ بِالْحِصَصِ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ فِي مَرَضِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَى الْعَبْدُ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ، وَقَبَضَهُ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ الْعَبْدِ فَبِيعَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ اقْتَسَمَ غُرَمَاءُ الْعَبْدِ الثَّمَنَ بَيْنَهُمْ، وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِغَرِيمِ الْمَوْلَى، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَبْدًا وَلَكِنَّ الْمَوْلَى هُوَ الَّذِي اشْتَرَى عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا، وَقَبَضَهُ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى مِنْ مَرَضِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، وَبِيعَ الْعَبْدُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِدَيْنِ الْبَائِعِ، وَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَ غُرَمَاءِ الْعَبْدِ، وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ الْإِذْنُ فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى أَوْ فِي مَرَضِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفٍ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفٍ عَلَى

نَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَالْقَاضِي يَبِيعُ الْعَبْدَ وَيُعْطِي غَرِيمَ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ يُعْطِي غَرِيمَ الْمَوْلَى الْأَلْفَ الْبَاقِيَةَ فَإِنْ تَرَاجَعَ سِعْرُ الْعَبْدِ إلَى أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَبَاعَ الْقَاضِي الْعَبْدَ يُعْطِي غَرِيمَ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَالْبَاقِي لِغَرِيمِ الْمَوْلَى، وَإِنْ تَرَاجَعَ سِعْرُهُ إلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَثَمَنُ الْعَبْدِ كُلُّهُ لِغَرِيمِ الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَرَّ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى الْعَبْدِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَا دِرْهَمٍ وَقْتَ الْإِقْرَارَيْنِ ثُمَّ تَرَاجَعَ سِعْرُهُ ثُمَّ بِيعَ الْعَبْدُ قُسِمَ الثَّمَنُ بَيْنَ الْغَرِيمَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ الْمَوْلَى بِأَلْفٍ ثُمَّ الْعَبْدُ بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَبِيعَ بِأَلْفٍ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى لَمْ يَكُنْ لِغَرِيمِ الْمَوْلَى شَيْءٌ، وَيَتَحَاصُّ غُرَمَاءُ الْعَبْدِ، وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ ثُمَّ الْمَوْلَى بِأَلْفٍ ثُمَّ الْعَبْدُ بِأَلْفٍ فَبِيعَ بِأَلْفَيْنِ تَحَاصَّ الثَّلَاثُ بِالسَّوِيَّةِ فَإِنْ بَاعَهُ الْقَاضِي بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَهِيَ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ لِغَرِيمِ الْمَوْلَى سَهْمٌ مِنْ خَمْسَةٍ، وَإِنْ بِيعَ بِأَلْفٍ لَمْ يَكُنْ لِغَرِيمِ الْمَوْلَى شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ بَدَأَ الْعَبْدُ فَأَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفٍ إقْرَارًا مُتَّصِلًا أَوْ مُنْقَطِعًا ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَبِيعَ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ ضَرَبَ فِيهِ غُرَمَاءُ الْعَبْدِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ دَيْنِهِ وَضَرَبَ فِيهِ غُرَمَاءُ الْمَوْلَى كُلُّهُمْ بِأَلْفٍ فَقَطْ، وَلَوْ بِيعَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ ضَرَبَ فِيهِ غُرَمَاءُ الْعَبْدِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِمْ وَضَرَبَ فِيهِ غُرَمَاءُ الْمَوْلَى كُلُّهُمْ بِخَمْسِمِائَةٍ فَيَكُونُ الثَّمَنُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ غَرِيمَيْ الْعَبْدِ خُمُسَانِ، وَذَلِكَ سِتُّمِائَةٍ وَلِغَرِيمِ الْمَوْلَى خُمُسٌ، وَذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ فَإِنْ اقْتَسَمُوا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ دَيْنٌ كَانَ لِلسَّيِّدِ عَلَى النَّاسِ فَخَرَجَ مِنْهُ أَلْفٌ أَوْ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ فَغُرَمَاءُ الْمَوْلَى أَحَقُّ بِذَلِكَ، وَلَا حَقَّ لِغُرَمَاءِ الْعَبْدِ فِي تَرِكَةِ الْمَوْلَى، وَهُمْ مَا ضَرَبُوا مَعَ غُرَمَاءِ الْعَبْدِ فِي ثَمَنِهِ بِقَدْرِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ فَلِهَذَا كَانُوا أَحَقَّ بِجَمِيعِ مَا خَرَجَ مِنْهُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ أَخَذَ غُرَمَاءُ الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ أَلْفَيْنِ وَسَبْعَمِائَةٍ وَأَخَذَ غُرَمَاءُ الْعَبْدِ مِنْ ذَلِكَ ثَلَثَمِائَةٍ فَإِنْ كَانَ الَّذِي خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ أَلْفَيْنِ وَسِتِّمِائَةٍ يَأْخُذُ غُرَمَاءُ الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَأَخَذَ غُرَمَاءُ الْعَبْدِ مِنْ ذَلِكَ خَمْسِينَ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لَمْ يُقِرَّ بِالدَّيْنِ الْأَوَّلِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا أَخَذَ غُرَمَاءُ السَّيِّدِ جَمِيعَ مَا خَرَجَ مِنْ دَيْنِ السَّيِّدِ، وَهُوَ أَلْفَانِ وَسِتُّمِائَةٍ ثُمَّ يُبَاعُ الْعَبْدُ فَإِنْ بِيعَ بِأَلْفٍ ضَرَبَ فِيهِ غُرَمَاءُ الْمَوْلَى بِمَا بَقِيَ لَهُمْ، وَغَرِيمُ الْعَبْدِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ، وَهُوَ أَلْفٌ فَكَانَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمْ أَسْبَاعًا خَمْسَةُ أَسْبَاعِهِ لِغَرِيمِ الْعَبْدِ وَسُبْعَاهُ لِغُرَمَاءِ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِذَا أَذِنَ رَجُلٌ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ أَقَرَّ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ وَكَذَّبَهُ الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ لَزِمَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَإِذَا صَحَّ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ الْخِيَارُ إنْ شَاءُوا بَاعُوا الْعَبْدَ بِدَيْنِهِمْ، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَسْعَوْا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ عَلَيْهِ بِكَفَالَةِ مَالِهِ فَقَالَ: كَفَلْت لِفُلَانٍ عَنِّي بِكَذَا، وَأَنْكَرَ الْعَبْدُ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ كُلُّهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ عَشْرَةِ آلَافٍ، وَأَنْكَرَهَا عَلَيْهِ الْعَبْدُ فَبِيعَ فِي الدَّيْن فَاقْتَسَمَ الْغُرَمَاءُ ثَمَنَهُ فَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَتِهِ، وَلَوْ لَمْ يُبَعْ فِي الدَّيْنِ حَتَّى دَبَّرَهُ الْمَوْلَى فَلِلْغُرَمَاءِ الْخِيَارُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ وَبَيْنَ اسْتِسْعَاءِ الْمُدَبَّرِ فِي جَمِيعِ دَيْنِهِمْ فَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ هَاهُنَا أَخَذُوهُ بِقِيمَتِهِ فَقَطْ، وَإِنْ أَدَّى خَمْسَةَ آلَافٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى أَخَذُوا مِنْهُ أَيْضًا قِيمَتَهُ، وَبَطَلَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يُدَبِّرْهُ حَتَّى مَرِضَ الْمَوْلَى فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ مَاتَ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ فَيَأْخُذَهَا الْغُرَمَاءُ دُونَ الْوَرَثَةِ ثُمَّ يَأْخُذَ الْغُرَمَاءُ الْعَبْدَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا بِقِيمَتِهِ، وَلَا شَيْءَ لِلْوَرَثَةِ، وَلَا لِغُرَمَاءِ الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ عَلَى الْعَبْدِ بِالدَّيْنِ فِي الْمَرَضِ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا كَانَتْ الْقِيمَةُ

الْأُولَى لِغُرَمَاءِ الْمَوْلَى خَاصَّةً ثُمَّ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِغُرَمَاءِ الْعَبْدِ خَاصَّةً، وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ، وَلَكِنْ أَقَرَّ عَلَيْهِ بِجِنَايَةٍ خَطَأً فَإِنَّهُ يَدْفَعُهُ بِهَا أَوْ يَفْدِيهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ عَلَى أَمَةٍ فِي يَدَيْ الْعَبْدِ أَوْ عَبْدٍ فِي يَدَيْهِ بِدَيْنٍ أَوْ جِنَايَةٍ كَانَ مِثْلُ إقْرَارِهِ عَلَى الْعَبْدِ بِذَلِكَ فَإِنْ أَعْتَقَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ إعْتَاقِهِ الْعَبْدَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ إقْرَارِ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ. وَإِنْ أَقَرَّ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَكَذَّبَهُ الْعَبْدُ ثُمَّ إنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ فَالْمَوْلَى ضَامِنٌ لِلْغُرَمَاءِ ثُمَّ يَضْمَنُ الْمَوْلَى بِالْإِعْتَاقِ قَدْرَ قِيمَتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلَا يَضْمَنُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَإِنْ كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ الدَّيْنِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَإِذَا ضَمِنَ لِلْغُرَمَاءِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ذَكَرَ أَنَّ الْغُرَمَاءَ يَرْجِعُونَ عَلَى الْعَبْدِ بِأَلْفٍ أُخْرَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ أَيْضًا لَزِمَهُ الدَّيْنُ كُلُّهُ كَمَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ الْإِقْرَارُ مِنْ الْمَوْلَى بِهِ أَصْلًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْمَوْلَى، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَوْلَى فِي صِحَّتِهِ، وَلَا عَلَى الْعَبْدِ، وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ، وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ يُحِيطُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَبِمَا فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ الْعَبْدُ فِي إقْرَارِهِ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ أَصْلًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ إذَا كَانَ دَيْنُ الْمَوْلَى دَيْنَ الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْمَوْلَى دَيْنَ الْمَرَضِ فَإِقْرَارُ الْعَبْدِ بِالِاسْتِيفَاءِ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ لَا يَصِحُّ إنَّمَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْإِقْرَارِ لَهُ حَتَّى يَكُونَ الْمُشْتَرِي أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ فِيمَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِذَلِكَ إلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ كَمَا فِي حَقِّ الْمَوْلَى، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَبْدِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْضَ وَرَثَةِ الْمَوْلَى، وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ كَثِيرٌ مُحِيطٌ بِرَقَبَتِهِ وَبِجَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَوْلَى فَإِقْرَارُ الْعَبْدِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ وَرَثَتِهِ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ أَيْضًا مَعَ دَيْنِ الْعَبْدِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ أَوْ إجَارَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ غَصْبٍ بِعَيْنِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ التِّجَارَاتِ ثُمَّ مَاتَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ فَإِنَّ إقْرَارَهُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ إلَّا فِيمَا فَضَلَ عَنْ دَيْنِ الصِّحَّةِ فَيُبَاعُ مَا فِي يَدِهِ، وَيُبْدَأُ بِدَيْنِ الصِّحَّةِ، وَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فِي الْمَرَضِ قَدْ عَايَنَهُ الشُّهُودُ، وَكَذَلِكَ الْعَارِيَّةُ الْوَدِيعَةُ وَأَشْبَاهُهُمَا فَإِنْ عَرَفَ الشُّهُودُ عَيْنَ الْغَصْبِ وَعَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ أَحَقَّ بِالْعَيْنِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ وَعَيْنَ الْوَدِيعَةِ، إنَّمَا عَايَنُوا الْغَصْبَ وَالْإِعَارَةَ وَالْإِيدَاعَ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ أُسْوَةً لِغُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ دَيْنٍ لَزِمَهُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ كَانَ صَاحِبُ دَيْنِ الْمَرَضِ أُسْوَةً لِغُرَمَاءِ الصِّحَّةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي الصِّحَّةِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَجَبَ لَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى رَجُلٍ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى قَبْضِهِ، وَلَكِنْ يُقْسَمُ مَا كَانَ عَلَيْهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَرِيمِ الْآخَرِ نِصْفَيْنِ، وَإِذَا مَرِضَ الْمَأْذُونُ، وَعَلَيْهِ دُيُونُ الصِّحَّةِ فَقَضَى بَعْضَ غُرَمَائِهِ دُونَ بَعْضٍ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ بِوَدِيعَةٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ آخَرَ ثُمَّ مَاتَ، وَلَيْسَ فِي يَدِهِ إلَّا الْأَلْفُ الَّتِي أَقَرَّ بِعَيْنِهَا وَدِيعَةً فَإِنَّ الْأَلْفَ الْوَدِيعَةَ تُقْسَمُ بَيْنَ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَبَيْنَ الْغَرِيمِ نِصْفَانِ كَمَا فِي الْحُرِّ، وَإِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ، وَعَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ، وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ وَجَبَ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ فَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ ذَلِكَ الدَّيْنِ صَحَّ إقْرَارُهُ حَتَّى يَبْرَأَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ وَجَبَ لَهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ، وَعَلَيْهِ دَيْنُ الْمَرَضِ صَحَّ إقْرَارُهُ بِالِاسْتِيفَاءِ هَذَا إذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ وَجَبَ لَهُ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ وَجَبَ لَهُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالِاسْتِيفَاءِ لَا فِي حَقِّ بَرَاءَةِ غَرِيمِهِ عَنْ الدَّيْنِ، وَلَا فِي حَقِّ الْإِقْرَارِ لَهُ بِالدَّيْنِ حَتَّى لَا يَصِيرَ أُسْوَةً لِغُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنُ الْمَرَضِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالِاسْتِيفَاءِ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ غَرِيمِهِ حَتَّى لَا يَبْرَأَ غَرِيمُهُ عَنْ الدَّيْنِ، وَلَكِنْ يَصِحُّ فِي حَقِّ الْإِقْرَارِ لَهُ بِالدَّيْنِ حَتَّى يَصِيرَ الْمُقَرُّ لَهُ بِالِاسْتِيفَاءِ أُسْوَةً لِغُرَمَائِهِ فِيمَا عَلَيْهِ فَيَسْقُطَ عَنْهُ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ مِقْدَارَ مَا يَخُصُّهُ وَيُؤَدِّيَ الْبَاقِيَ إلَى غُرَمَائِهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا مَرِضَ الْمَأْذُونُ فَوَجَبَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنٍ مَبِيعٍ

أَوْ غَيْرِهِ فَأَقَرَّ بِاسْتِيفَائِهَا مِنْهُ، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَأْذُونِ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ الدَّيْنِ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ مَاتَ فَإِقْرَارُهُ بِالِاسْتِيفَاءِ جَائِزٌ، وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ بِالدَّيْنِ، وَلَكِنَّهُ لَحِقَهُ دَيْنٌ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ بَطَلَ إقْرَارُهُ بِالِاسْتِيفَاءِ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالْمُعَايَنَةِ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ الظَّاهِرِ عَلَيْهِ حِينَ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ إذَا لَا تُهْمَةَ فِي شَهَادَةِ الشُّهُودِ فَلِهَذَا يَبْطُلُ إقْرَارُهُ بِالِاسْتِيفَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى جَارِيَةَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ، وَتَوِيَ الثَّمَنُ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ أَمَرَ مَوْلَاهُ بِبَيْعِهَا لَمْ يَضْمَنْ الْمَوْلَى قِيمَتَهَا، وَلَوْ أَنْكَرَ ضَمِنَ هَذَا إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَائِمَةً أَوْ لَا تَدْرِي، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ كَذَّبَهُ الْعَبْدُ ضَمِنَ الْمَوْلَى قِيمَتَهَا فَإِنْ قَالَ: لَمْ آمُرْهُ وَلَكِنْ أَجَزْت الْبَيْعَ إنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَائِمَةً جَازَ، وَلَمْ يَضْمَنْ الْمَوْلَى، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَضَمِنَ، وَلَوْ حَجَر عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ الْعَبْدُ: كُنْت أَمَرْته بِالْبَيْعِ لَمْ يُقْبَلْ، وَبَقِيَ الْمَوْلَى ضَامِنًا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَمَا بَاعَهُ الْغُرَمَاءُ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ كَثِيرٌ فَبَاعَ جَارِيَةً لَهُ مِنْ ابْنِ مَوْلَاهُ أَوْ أَبِيهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ عَبْدٍ تَاجِرٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا، وَدَفَعَهَا إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَقَرَّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْهُ جَازَ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ إلَّا فِي الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ، وَوَكِيلُ الْعَبْدِ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَ ابْنُ الْعَبْدِ حُرًّا فَاسْتَهْلَكَ مَالًا لِلْعَبْدِ الَّذِي هُوَ أَبُوهُ أَوْ امْرَأَتِهِ أَوْ مُكَاتَبِ أَبِيهِ أَوْ عَبْدِهِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ أَنَّهُ قَدْ قَبَضَ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَهْلِكِ لَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَهْلِكُ أَخَاهُ كَانَ إقْرَارُهُ بِالْقَبْضِ مِنْهُ جَائِزًا، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْأَخِ بَعْدَ إقْرَارِ الْعَبْدِ بِالْقَبْضِ مِنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَمَرَ مَوْلَاهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ الْعَبْدَ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي يَحْلِفُ الْمَوْلَى عَلَى مَا يَقُولُ: فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الثَّمَنَ لِعَبْدِهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا أَذِنَ لِلْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَادَّانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَهُوَ يَجْحَدُ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى أَعْتَقَهُ فَالْغَرِيمُ الَّذِي ادَّانَ الْعَبْدَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْعَبْدِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنْ ضَمِنَهُ الْمَوْلَى لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَا عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ، وَإِنْ اخْتَارَ الْغَرِيمُ أَخْذَ دَيْنِهِ مِنْ الْعَبْدِ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى أَقَرَّ عَلَى الْعَبْدِ بِدَيْنٍ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ سِوَاهُ، وَجَحَدَ الْعَبْدُ ثُمَّ صَارَ عَلَى الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ثَمَنِهِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ، وَلَوْ كَانَ إقْرَارُ الْعَبْدِ أَوَّلًا بُدِئَ بِهِ، كَذَلِكَ لَوْ بِيعَ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَخَرَجَتْ مِنْهُمَا أَلْفٌ، وَتَوِيَتْ أَلْفٌ كَانَ الْخَارِجُ مِنْهُمَا لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ أَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَوْلَى بِأَلْفٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ يُبَاعُ، وَيَتَحَاصُّ فِي ثَمَنِهِ اللَّذَانِ أَقَرَّ لَهُمَا الْعَبْدُ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِمَا كَانَ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْمَوْلَى، وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ بِشَيْءٍ، وَأَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ بِدَيْنٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي كَلَامٍ مُنْقَطِعٍ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فَيُبْدَأُ بِالْأَوَّلِ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِلثَّانِي، وَإِنْ كَانَ وَصَلَ كَلَامَهُ، فَقَالَ: لِفُلَانٍ عَلَى عَبْدِي هَذَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ تَحَاصَّا فِي ثَمَنِهِ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْعَبْدُ فِي آخِرِهِمَا، وَالْكَلَامُ مُتَّصِلٌ أَوْ مُنْقَطِعٌ تَحَاصَّا فِي ثَمَنِهِ فَإِنْ صَدَّقَهُ فِي أَوَّلِهِمَا بُدِئَ بِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ إقْرَارُ الْمَوْلَى بِهِمَا مُنْقَطِعًا فَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا تَحَاصَّا فِي ثَمَنِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْمَوْلَى إذَا أَقَرَّ عَلَى عَبْدِهِ بِالدَّيْنِ صَحَّ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْعَبْدُ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ حَتَّى كَانَ لَهُمْ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ الْعَبْدِ بَالِغَةً مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَ عَتَقَ الْعَبْدُ لَا يَضْمَنُ إلَّا الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الدَّيْنِ كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ بِيعَ الْعَبْدُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ غَرِيمَيْ الْعَبْدِ فِي ثَمَنِهِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ، وَيَضْرِبُ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْمَوْلَى فِي ثَمَنِهِ بِخَمْسِمِائَةٍ فَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا، وَلَوْ لَمْ يَبِعْ وَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى

وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُمِائَةٍ كَانَ ضَامِنًا لَهُمَا قِيمَتَهُ بِالْإِعْتَاقِ ثُمَّ هَذِهِ الْقِيمَةُ بَدَلُ مَالِيَّةِ الرَّقَبَةِ كَالثَّمَنِ لَوْ بِيعَ الْعَبْدُ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا فَيُجْعَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ غَرِيمَيْ الْعَبْدِ خُمُسَاهُ سِتَّمِائَةٍ، وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْعَبْدِ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ، وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةٍ، وَيَرْجِعُ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْمَوْلَى عَلَى الْعَبْدِ بِمِائَتَيْنِ، وَإِنْ شَاء الْغُرَمَاءُ تَرَكُوا الْمَوْلَى، وَأَتْبَعُوا الْعَبْدَ بِالثَّابِتِ مِنْ دُيُونِهِمْ فَإِنْ أَتْبَعُوهُ أَخَذَ مِنْهُ الْغَرِيمَانِ اللَّذَانِ أَقَرَّ لَهُمَا الْعَبْدُ جَمِيعَ دَيْنِهِمَا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَأَخَذَ مِنْهُ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْمَوْلَى خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَيْضًا. وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ حَتَّى صَارَتْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ بِيعَ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَجَمِيعُ الثَّمَنِ لِلَّذِينَ أَقَرَّ لَهُمَا الْعَبْدُ خَاصَّةً، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَلَوْ اخْتَارَ اللَّذَانِ أَقَرَّ لَهُمَا الْعَبْدُ إتْبَاعَهُ، وَأَبْرَأَ مِنْ الْقِيمَةِ الْمَوْلَى كَانَ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمَوْلَى بِجَمِيعِ دَيْنِهِ. وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ فَأَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفٍ فِي كَلَامٍ مُنْقَطِعٍ ثُمَّ بِيعَ الْعَبْدُ بِأَلْفٍ فَهُوَ بَيْنَ الْأَوَّلِينَ أَثْلَاثًا يَضْرِبُ فِيهِ الْأَوَّلُ بِأَلْفٍ وَالثَّانِي بِخَمْسِمِائَةٍ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ ضَمِنَ قِيمَتَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ يَقْسِمُ الْأَوَّلَانِ هَذِهِ الْقِيمَةَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ الثَّابِتِ مِنْ دَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْعَبْدِ بِخَمْسِمِائَةٍ فَاقْتَسَمَاهَا أَثْلَاثًا، وَإِنْ طَلَبَا أَوَّلًا أَخْذَ الْعَبْدِ أَخَذَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِقْدَارَ قِيمَتِهِ، وَيَقْسِمَانِ ذَلِكَ أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ الثَّابِتِ مِنْ دَيْنِهِمَا ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْمَوْلَى بِجَمِيعِ قِيمَتِهِ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى أَقَرَّ بِهَذَا الدَّيْنِ إقْرَارًا مُتَّصِلًا كَانُوا شُرَكَاءَ فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى أَتْبَعُوا الْمَوْلَى بِالْقِيمَةِ ثُمَّ رَجَعُوا عَلَى الْعَبْدِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ مِمَّا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِمْ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ تَاوٍ. وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ أَزْدَادَتْ قِيمَتُهُ حَتَّى صَارَتْ أَلْفَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ بِيعَ الْعَبْدُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَهُوَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْآخَرِ نِصْفَانِ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَوْسَطِ، وَإِنْ بِيعَ بِأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ اسْتَوْفَى الْأَوَّلُ وَالْآخَرُ دَيْنَهُمَا، وَكَانَ الْفَضْلُ لِلْأَوْسَطِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ أَخَذَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ قِيمَتَهُ مِنْ الْمَوْلَى، وَلَا شَيْءَ لِلْأَوْسَطِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ أَخَذَ الْأَوَّلُ وَالْآخَرُ مِنْ الْمَوْلَى أَلْفَيْنِ وَكَانَتْ الْخَمْسُمِائَةِ الْبَاقِيَةُ لِلْأَوْسَطِ بِاعْتِبَارِ زَعْمِ الْمَوْلَى، وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنْ تَوِيَ بَعْضُ الْقِيمَةِ عَلَى الْمَوْلَى كَانَ التَّاوِي مِنْ نَصِيبِ الْأَوْسَطِ خَاصَّةً. وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ فَأَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ بِيعَ الْعَبْدُ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَسْتَوْفِي أَلْفَ دِرْهَمٍ تَمَامَ دَيْنِهِ، وَكَذَلِكَ الثَّانِي، وَتَبْقَى أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَهِيَ لِلثَّالِثِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفُ دِرْهَمِ، وَتَوِيَ الْبَاقِي كَانَ ثُلُثَا الْأَلْفِ لِلْأَوَّلِ، وَثُلُثُهَا لِلثَّانِي فَيَقْسِمَانِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى قَدْرِ الثَّابِتِ مِنْ دَيْنِهِمَا فَيَكُونُ الْخَارِجُ أَثْلَاثًا بَيْنَهُمَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَوَّلُ كَمَالَ دَيْنِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ يَكُونُ الْخَارِجُ لِلثَّانِي حَتَّى يَسْتَوْفِيَ تَمَامَ دَيْنِهِ، وَإِنْ اسْتَوْفَى الثَّانِي جَمِيعَ دَيْنِهِ ثُمَّ خَرَجَ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ لِلثَّالِثِ، وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ كُلُّهُ مُتَّصِلًا كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ دَيْنِهِمْ وَالتَّاوِي بَيْنَهُمْ جَمِيعًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَصَلَ الْإِقْرَارُ لَهُمْ بِكَلَامٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ مُنْقَطِعًا ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ بِيعَ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ فَإِنَّ الْغَرِيمَ الْأَوَّلَ، وَاَلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَمِيعَ دَيْنِهِ، وَكَذَلِكَ الثَّانِي الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْمَوْلَى يَأْخُذُ جَمِيعَ دَيْنِهِ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَا شَيْءَ لِلثَّالِثِ فَإِنْ تَوِيَ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَخَرَجَتْ أَلْفَانِ كَانَتَا بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَاَلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ أَخْمَاسًا لِلْأَوَّلِ خُمُسَاهُ، وَلِلثَّانِي الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ خُمُسَاهُ وَلِلثَّانِي الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْمَوْلَى خُمُسُهُ. إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى، وَبَاعَ حَتَّى صَارَ فِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ أَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَوْلَى بِأَلْفٍ فَالْأَلْفُ الَّذِي فِي يَدِهِ بَيْنَ الْغَرِيمَيْنِ نِصْفَانِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى أَقَرَّ عَلَيْهِ بِأَلْفَيْنِ مَعًا قُسِمَ ثَمَنُ الْعَبْدِ وَمَالُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْعَبْدِ خَمْسُمِائَةٍ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ أَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفٍ لَمْ يَضْرِبْ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْمَوْلَى فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ وَكَسْبِهِ مَعَ غَرِيمِهِ إلَّا بِخَمْسِمِائَةٍ، وَلَوْ كَانَ إقْرَارُ الْمَوْلَى قَبْلَ إقْرَارِ الْعَبْدِ بِالدَّيْنِ الْأَوَّلِ كَانَ ثَمَنُ الْعَبْدِ وَمَالِهِ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا سَهْمَانِ مِنْ ذَلِكَ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ

الباب السابع في العبد بين رجلين يأذن له أحدهما في التجارة أو كلاهما

الْمَوْلَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ غَرِيمَيْ الْعَبْدِ سَهْمٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْبَاب السَّابِع فِي الْعَبْد بَيْن رَجُلَيْنِ يَأْذَن لَهُ أَحَدهمَا فِي التِّجَارَة أَوْ كلاهما] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْعَبْدِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَأْذَنُ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي التِّجَارَةِ أَوْ كِلَاهُمَا) الْأَصْلُ أَنَّ إذْنَ أَحَدِ الْمَوْلَيَيْنِ صَحِيحٌ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الْعَبْدِ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ، إذَا صَحَّ الْإِذْنُ فِي نَصِيبِ الْآذِنِ دُونَ نَصِيبِ السَّاكِتِ فَأَرَادَ السَّاكِتُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِذْنَ فِي نَصِيبِهِ لَيْسَ لَهُ ثُمَّ قَالَ: وَتَجُوزُ جَمِيعُ أَشَرْيَته وَبِيَاعَاتِهِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ، إذَا جَازَتْ أَشَرْيَتُهُ وَبِيَاعَاتُهُ فِي الْكُلِّ فَلَحِقَتْهُ دُيُونٌ، وَفِي يَدِهِ كَسْبٌ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ إنَّمَا وَجَبَ عَلَى الْعَبْدِ بِسَبَبِ الْكَسْبِ الَّذِي فِي يَدِهِ بِأَنْ كَانَ كَسْبُ تِجَارَةٍ، وَقَدْ لَحِقَهُ الدَّيْنُ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ، وَعُلِمَ ذَلِكَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَصْرِفَ إلَى الدَّيْنِ مِنْ الْكَسْبِ مِنْ نَصِيبِ الْآذِنِ وَيُعْطِي النِّصْفَ لِلَّذِي لَمْ يَأْذَنْ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَصْرِفُ الْكُلَّ إلَى غُرَمَائِهِ نَصِيبَ الْآذِنِ وَنَصِيبَ السَّاكِتِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ إذَا كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ مَحْجُورًا، وَقَدْ اشْتَرَى وَبَاعَ، وَحَصَلَ فِي يَدِهِ كَسْبٌ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ، وَلَحِقَتْهُ دُيُونٌ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ فَإِنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْكَسْبِ الَّذِي وَجَبَ الدَّيْنُ بِسَبَبِهِ يُصْرَفُ إلَى دَيْنِهِ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يُصْرَفُ، وَيَكُونُ كُلُّهُ لِلْمَوْلَى، وَيَتَأَخَّرُ حَقُّ الْغُرَمَاءِ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَ الْكَسْبُ مُسْتَفَادًا لَا بِالسَّبَبِ الَّذِي وَجَبَ بِهِ الدَّيْنُ يُصْرَفُ بِالدَّيْنِ نَصِيبُ الْآذِنِ، وَلَا يُصْرَفُ نَصِيبُ غَيْرِ الْآذِنِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَم حَالَ الْكَسْبِ الَّذِي حَدَثَ هَلْ هُوَ بِالسَّبَبِ الَّذِي وَجَبَ بِهِ الدَّيْنُ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرَ السَّبَبِ الَّذِي وَجَبَ بِهِ الدَّيْنُ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَوْلَيَانِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ السَّاكِتُ: حَصَلَ الْكَسْبُ لَا بِالسَّبَبِ الَّذِي وَجَبَ بِهِ الدَّيْنُ بِأَنْ قَالَ: اسْتَفَادَ بِالْهِبَةِ لَا بِالتِّجَارَةِ، وَأَنَّهُ بَيْنَنَا نِصْفَانِ وَقَالَ الْآذِنُ مَعَ الْعَبْدِ: لَا بَلْ اسْتَفَادَهُ بِالتِّجَارَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ وُجُوبِ الدَّيْنِ، وَالْكُلُّ مَصْرُوفٌ إلَى الدَّيْنِ؟ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ أَصَابَهُ مِنْ تِجَارَتِهِ فَقَالَ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ لَهُ: أَنَا آخُذُ نِصْفَ هَذَا الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يُعْطِي مِنْهُ جَمِيعَ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْلَيَيْنِ نِصْفَهُ، وَإِنْ زَادَ الدَّيْنُ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ فِي نَصِيبِ الَّذِي أَذِنَ لَهُ خَاصَّةً مِنْ الرَّقَبَةِ، كَذَلِكَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْعَبْدُ مِنْ غَصْبٍ أَوْ اسْتِهْلَاكِ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ مَا لَا تُثْبِتُهُ بَيِّنَةٌ كَانَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ رَقَبَتِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ قَبْلَ إذْنِ أَحَدِهِمَا لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى وَبَاعَ وَمَوْلَاهُ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ لَهُ يَرَاهُ، وَلَمْ يَنْهَهُ كَانَ هَذَا إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ أَتَى أَهْلَ سُوقِهِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ مُبَايَعَتِهِ، وَقَالَ: إنْ بَايَعْتُمُوهُ فَهُوَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِي ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَشْتَرِي وَيَبِيعُ وَسَكَتَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَصِيرَ نَصِيبُهُ مَأْذُونًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَصِيرُ نَصِيبُهُ مَأْذُونًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ مَحْجُورًا، وَقَدْ نَهَى أَهْلَ السُّوقِ عَنْ الْمُبَايَعَةِ مَعَهُ ثُمَّ رَآهُ يَتَّجِرُ فَسَكَتَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَإِنْ سَبَقَ هَذَا السُّكُوتُ نَهْيٌ عَنْ التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَذِنَ لَهُ أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ فِي التِّجَارَةِ، وَأَتَى الْآخَرُ إلَى أَهْلِ سُوقِهِ فَنَهَاهُمْ عَنْ مُبَايَعَتِهِ ثُمَّ إنَّ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ لَهُ اشْتَرَى نَصِيبَ صَاحِبِهِ مِنْهُ فَقَدْ صَارَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَإِنْ رَآهُ الْمُشْتَرِي يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَلَمْ يَنْهَهُ فَهَذَا إذْنٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِشَرِيكِهِ: ائْذَنْ لَهُ فِي نَصِيبِك أَوْ قَالَ: فِي نَصِيبِي فَفَعَلَ فَهُوَ إذْنٌ مِنْهُ لَهُ فِي جَمِيعِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي أَنْ يُكَاتِبَ نَصِيبَهُ فَكَاتَبَهُ فَهَذَا إذْنٌ مِنْهُمَا لِلْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ، وَلَكِنَّ الْكِتَابَةَ تَقْتَصِرُ عَلَى نَصِيبِ الْمَكَاتِبِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى إنَّ نِصْفَ كَسْبِهِ لِلْمَوْلَى الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ، كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَنْ يُكَاتِبَ نَصِيبَهُ فَمَا اكْتَسَبَهُ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ نِصْفُهُ لِلْمَكَاتِبِ وَنِصْفُهُ لِلْوَكِيلِ، وَلَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِلْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ اشْتَرَى نَصِيبَ صَاحِبِهِ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ وَبَاعَ، وَالْمَوْلَى لَا يَعْلَمُ بِهِ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ فَإِنَّ الدَّيْنَ الْأَوَّلَ وَالْآخَرَ كُلَّهُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ يَعْلَمُ بَيْعَهُ وَشِرَاءَهُ بَعْدَمَا اشْتَرَى نَصِيبَ صَاحِبِهِ كَانَ هَذَا إذْنًا مِنْهُ لِلنِّصْفِ الَّذِي اشْتَرَاهُ فِي التِّجَارَةِ

ثُمَّ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ خَاصَّةً، وَالدَّيْنُ الْآخَرُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِ أَحَدِ مَوْلَيَيْهِ فِي التِّجَارَةِ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ قِيلَ لِلَّذِي أَذِنَ لَهُ أَدِّ دَيْنَهُ وَإِلَّا بِعْنَا نَصِيبَك فِيهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَكَاتَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهُ فَهَذَا إذْنٌ مِنْهُ لِنَصِيبِهِ فِي التِّجَارَةِ، وَلِلْآخَرِ أَنْ يُبْطِلَ الْكِتَابَةَ فَإِنْ لَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ أَبْطَلَ الْآخَرُ الْكِتَابَةَ كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ فِي نَصِيبِ الَّذِي كَاتَبَ خَاصَّةً، وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْ الْكِتَابَةَ حَتَّى رَآهُ يَشْتَرِي وَيَبِيعُ فَلَمْ يَنْهَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ إجَازَةً لِلْكِتَابَةِ، وَلَهُ أَنْ يُبْطِلَهَا وَكَانَ هَذَا إذْنًا مِنْهُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ رَدَّ الْكِتَابَةَ، وَقَدْ لَحِقَ الْعَبْدَ دَيْنٌ بِيعَ كُلُّهُ فِي الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ مَوْلَاهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. شَرِيكَانِ شَرِكَةَ مِلْكٍ أَذِنَا لِعَبْدِهِمَا فِي التِّجَارَةِ، وَأَدَانَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَأَدَانَهُ أَجْنَبِيٌّ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَيْ بَاعَهُ كُلُّ وَاحِدٍ عَيْنًا بِالنَّسِيئَةِ فَبِيعَ الْعَبْدُ بِمِائَةٍ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ عَنْ مِائَةٍ كَانَ نِصْفُهَا لِلْأَجْنَبِيِّ، وَالنِّصْفُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُغْنِي وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَدَانَهُ إلَّا أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَتْ الْمِائَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ أَثْلَاثًا لِلْمَوْلَى الَّذِي أَدَانَهُ ثُلُثَاهَا وَلِلْأَجْنَبِيِّ ثُلُثُهَا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمُهُمَا اللَّه تَعَالَى لِلْمَوْلَى رُبُعُهَا وَلِلْأَجْنَبِيِّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا كَانَ رَجُلَانِ شَرِيكَيْنِ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ أَوْ شَرِكَةَ عِنَانٍ وَبَيْنَهُمَا عَبْدٌ لَيْسَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَأَدَانَهُ أَحَدُهُمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، وَأَدَانَهُ أَجْنَبِيٌّ مِائَةً ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ، وَتَرَكَ مِائَةً أَوْ بِيعَ بِمِائَةٍ فَلِلْأَجْنَبِيِّ ثُلُثَاهَا، وَلِلشَّرِيكَيْنِ ثُلُثُهَا، وَلَوْ كَانَتْ شَرِكَتُهُمَا شَرِكَةَ عِنَانٍ، وَالْعَبْدُ مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَأَدَانَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، وَأَدَانَهُ أَجْنَبِيٌّ مِائَةَ دَرْهِهِمْ كَانَ ثُلُثَا الْمَالِ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَثُلُثَهُ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَأَدَانَاهُ أَوْ أَدَانَهُ أَحَدُهُمَا مِائَةً مِنْ شَرِكَتِهِمَا وَأَدَانَهُ أَجْنَبِيٌّ مِائَةً، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْمِائَةُ كُلُّهَا لِلْأَجْنَبِيِّ، وَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ هَاهُنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَلَحِقَهُ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَغَابَ أَحَدُهُمَا فَأَخَذَ الْغَرِيمُ الْحَاضِرُ، وَبَاعَ نَصِيبَهُ بِسَبْعِمِائَةٍ، وَأَخَذَهُ ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرُ وَبَاعَ نَصِيبَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ يُؤَدِّي إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ ثَلَثَمِائَةٍ تَمَامَ دَيْنِهِ بَقِيَ مِائَتَانِ فَيُعْطِي الَّذِي بِيعَ حِصَّتُهُ بِسَبْعِمِائَةٍ حَتَّى يَسْتَوِيَا فِي الْغُرْمِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلَانِ لِعَبْدٍ بَيْنَهُمَا فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ أَدَانَهُ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَأَدَانَهُ أَجْنَبِيٌّ مِائَةً ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى الَّذِي لَمْ يُدَنِّ الْعَبْدَ شَيْئًا غَابَ، وَحَضَرَ الْأَجْنَبِيُّ فَأَرَادَ بَيْعَ نَصِيبِ الْمَوْلَى الَّذِي أَدَانَ الْعَبْدَ فِي دَيْنِهِ بِيعَ لَهُ فَإِنْ بِيعَ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا أَخَذَهَا الْأَجْنَبِيُّ كُلُّهَا فَإِنْ حَضَرَ الْمَوْلَى الْآخَرُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ نَصِيبُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَلِلْمَوْلَى الَّذِي أَدَانَهُ فَيَقْسِمَانِ ذَلِكَ نِصْفَيْنِ، وَلَوْ كَانَ ثَمَنُ نَصِيبِ الْمَوْلَى الَّذِي أَدَانَ الْعَبْدَ تَوِيَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَبِيعَ نَصِيبُ الَّذِي لَمْ يَدِنْ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ فَإِنَّ ذَلِكَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا سَهْمَانِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَسَهْمٌ لِلْمَوْلَى الَّذِي أَدَانَ فَإِنْ اقْتَسَمَاهُ كَذَلِكَ ثُمَّ خَرَجَتْ الْخَمْسُونَ الْأُولَى أَخَذَهَا الْأَجْنَبِيُّ كُلُّهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا حَتَّى يَزِيدَ عَلَى ثُلُثَيْ الْمِائَةِ فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لِلْمَوْلَى الَّذِي أَدَانَ، وَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْ الْمَوْلَيَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ. وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَذِنَا لَهُ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَدَانَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ آخَرَ بِأَمْرِ صَاحِبِهَا، وَأَدَانَهُ أَجْنَبِيٌّ مِائَةً ثُمَّ بِيعَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَالْمِائَةُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالْمَوْلَيَيْنِ أَثْلَاثًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُهَا، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي أَدَانَهُ الْمَوْلَيَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالَيْنِ بَيْنَ الْمَوْلَى الَّذِي أَدَانَهُ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ قَدْ أَمَرَهُ بِإِدَانَةٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّ الْمِائَةَ تُقْسَمُ عَلَى عَشْرَةِ أَسْهُمٍ أَرْبَعَةٌ لِلْأَجْنَبِيِّ الَّذِي أَدَانَ الْعَبْدَ، وَأَرْبَعَةٌ لِلْأَجْنَبِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ شَارَكَهُمَا الْمَوْلَيَانِ فِي الْمِائَتَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمَانِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْلَيَيْنِ سَهْمٌ. وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَقِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَأَدَانَهُ أَجْنَبِيٌّ مِائَةً فَحَضَرَ الْغَرِيمُ فَطَلَبَ دَيْنَهُ، وَغَابَ أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ فَإِنَّ نَصِيبَ الْغَائِبِ لَا يُقْضَى فِيهِ بِشَيْءٍ حَتَّى يَحْضُرَ فَإِنْ بِيعَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَخَذَهَا الْغَرِيمُ كُلَّهَا فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ كَانَ لِلَّذِي بِيعَ نَصِيبُهُ أَنْ يَتْبَعَهُ بِخَمْسِينَ فِي نَصِيبِهِ حَتَّى يُبَاعَ فِيهِ أَوْ يَقْضِيَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ قُتِلَ فَأَخَذَ الْحَاضِرُ نِصْفَ قِيمَتِهِ كَانَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّهُ، وَيَرْجِعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ فِي نَصِيب شَرِيكِهِ إذَا حَضَرَ وَقَبَضَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الباب الثامن الاختلاف بين العبد المأذون وبين مولاه

[الْبَابُ الثَّامِنُ الِاخْتِلَاف بَيْنَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَبَيْنَ مَوْلَاهُ] الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَبَيْنَ مَوْلَاهُ فِيمَا فِي يَدِ الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْخُصُومَاتِ الَّتِي تَقَعُ بَعْدَ الْحَجْرِ) ، وَإِذَا كَانَ فِي يَدِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ مَالٌ، فَقَالَ الْمَوْلَى: هُوَ مَالِي وَقَالَ الْعَبْدُ: هُوَ مَالِي فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْن فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدَيْ الْعَبْدِ، وَفِي يَدَيْ الْمَوْلَى إنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا فَيُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَهُوَ فِي يَدِ الْمَوْلَى فَيَكُونُ لِلْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَالُ فِي يَدِ الْعَبْدِ وَفِي يَدِ الْمَوْلَى وَفِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَدَّعِيه لِنَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَهُوَ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْأَجْنَبِيِّ نِصْفَانِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ كَانَ ثَوْبٌ فِي يَدِ حُرٍّ وَعَبْدٍ مَأْذُونٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِيه، وَمُعْظَمُهُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِطَرَفِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُؤْتَزِرًا بِهِ أَوْ مُرْتَدِيًا أَوْ لَابِسًا وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقًا بِهِ أَوْ كَانَتْ دَابَّةٌ فَكَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبًا عَلَيْهَا، وَالْآخَرُ مُتَمَسِّكًا بِاللِّجَامِ فَهِيَ لِلرَّاكِبِ وَاللَّابِسِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا رَاكِبُهَا، وَكَانَ الْآخَرُ مُتَعَلِّقًا بِهَا لَا يَسْتَحِقُّ التَّرْجِيحُ بِتَعَلُّقِهِ بِهَا، وَلَوْ كَانَ هَذَا رَاكِبُهَا، وَلَمْ يَكُنْ الْآخَرُ مُتَعَلِّقًا بِهَا كَانَ الرَّاكِبُ أَوْلَى فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا سَبَبٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مِثْلُهُ كَانَ هُوَ أَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ حُرًّا آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ خَيَّاطِ لِيَخِيطَ مَعَهُ أَوْ يَبِيعَ لَهُ وَيَشْتَرِيَ وَكَانَ فِي يَدِ الْآجِرِ ثَوْبٌ، فَقَالَ الْأَجِيرُ: هُوَ لِي وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: هُوَ لِي إنْ كَانَ الْأَجِيرُ فِي حَانُوتِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ فِي مَنْزِلِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ كَانَ الْأَجِيرُ فِي السِّكَّةِ أَوْ فِي مَنْزِلِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْأَجِيرُ لَابِسًا ثَوْبًا، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَنْزِلِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ فِي السِّكَّةِ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذَا كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ شَيْئًا هُوَ مِنْ آلَةِ الْعَمَلِ فَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْأَجِيرُ فِي حَانُوتِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ فِي مَنْزِلِهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ كَانَ عَبْدًا مَحْجُورًا آجَرَهُ مَوْلَاهُ لِعَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَالِ فِي يَدِهِ ثَوْبٌ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: هُوَ لِي، وَقَالَ مَوْلَاهُ: هُوَ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَجِيرُ فِي مَنْزِلِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَفِي السِّكَّةِ وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إذَا آجَرَهُ الْمَوْلَى لِعَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَالِ سِوَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ حَتَّى يَبْقَى مَحْجُورًا أَمَّا إذَا آجَرَهُ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ هَكَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ كَانَ الْمَحْجُورُ لَابِسًا لِلثَّوْبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ رَاكِبًا عَلَى الدَّابَّةِ، وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمَوْلَى فِي الدَّابَّةِ حَيْثُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي مَنْزِلِ مَوْلَاهُ، وَفِي يَدِهِ ثَوْبٌ، فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: هُوَ لِي، وَقَالَ الْمَوْلَى: هُوَ لِي فَهُوَ لِلْمَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ وَفِي يَدِ الْعَبْدِ مَتَاعٌ، وَهُوَ فِي مَنْزِلِ مَوْلَاهُ فَقَالَ: هُوَ لِي، وَقَالَ الْعَبْدُ: هُوَ لِي فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ تِجَارَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ لِلْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ تِجَارَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ لِلْمَوْلَى، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ مَا إذَا كَانَ الْمَتَاعُ مِنْ تِجَارَتِهِمَا، وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ لِلْمَوْلَى، وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ لَابِسًا لِلثَّوْبِ أَوْ رَاكِبًا عَلَى الدَّابَّةِ وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْعَبْدِ فِي ذَلِكَ قَضَى بِهِ لِلْعَبْدِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ تِجَارَتِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْجَامِعِ رَجُلٌ وَهَبَ لِعَبْدِ إنْسَانٍ هِبَةً ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ، فَقَالَ الْعَبْدُ: أَنَا مَحْجُورٌ، وَلَيْسَ لَك أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ مَا لَمْ يَحْضُرْ مَوْلَايَ، وَقَالَ الْوَاهِبُ: لَا بَلْ أَنْتَ مَأْذُونٌ فَأَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ أَنَّهُ مَحْجُورٌ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعَبْدُ إذَا بَاعَ وَاشْتَرَى، وَلَمْ يَقُلْ وَقْتَ الْمُبَايَعَةِ إنِّي مَأْذُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ فَلَحِقَتْهُ دُيُونٌ ثُمَّ قَالَ: أَنَا مَحْجُورٌ لَمْ يَأْذَنْ لِي مَوْلَايَ فِي التِّجَارَةِ، وَقَالَ: الْغُرَمَاءُ لَا بَلْ أَنْتَ مَأْذُونٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغُرَمَاءِ اسْتِحْسَانًا، إذَا جَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَ الْغُرَمَاءِ، وَجَعَلْنَاهُ مَأْذُونًا أَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَرَّ بِالْإِذْنِ صَرِيحًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُبَاعَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْكَسْبِ بِدَيْنِهِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَوْلَى، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُبَاعُ كَسْبُهُ بِدَيْنِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ بَعْدَمَا بِيعَ كَسْبُهُ لَا تُبَاعُ رَقَبَتُهُ بِذَلِكَ

قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا مَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَوْلَى، وَلَوْ أَنَّ الْغُرَمَاءَ أَقَامُوا الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْعَبْدَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَالْعَبْدُ يَجْحَدُ، وَالْمَوْلَى غَائِبٌ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ حَتَّى لَا تُبَاعَ رَقَبَةُ الْعَبْدِ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِالْإِذْنِ، وَبَاعَ الْقَاضِي كَسْبَهُ وَقَضَى دَيْنَ الْغُرَمَاءِ ثُمَّ جَاءَ الْمَوْلَى، وَأَنْكَرَ الْإِذْنَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الْغُرَمَاءَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِذْنِ فَإِنْ أَقَامُوا بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا رَدُّوا عَلَى الْمَوْلَى جَمِيعَ مَا قَبَضُوا مِنْ ثَمَنِ أَكْسَابِهِ. وَلَا تُنْقَضُ الْبُيُوعُ الَّتِي جَرَتْ مِنْ الْقَاضِي هَذَا إذَا ادَّعَى الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إنِّي مَحْجُورٌ فَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْعَبْدَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَقَالَ: لَا أَدْفَعُ إلَيْهِ الْمَبِيعَ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَخَّرُ حَقِّي إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، فَقَالَ الْعَبْدُ: أَنَا مَأْذُونٌ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْعَبْدِ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى دَفْعِ مَا بَاعَ مِنْ الْعَبْدِ إلَيْهِ، وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْعَبْدِ، كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ الْعَبْدِ شَيْئًا ثُمَّ الْمُشْتَرِي قَالَ: إنَّ الْعَبْدَ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَقَالَ الْعَبْدُ: أَنَا مَأْذُونٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ بِلَا يَمِينٍ فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ قَالُوا: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ أَوْ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ كَذَا فِي الْمُغْنِي فَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي أَنَّهُ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْقَاضِي يَرُدُّ الْبَيْعَ فَإِنْ حَضَرَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَّبَ الْعَبْدَ فِيمَا قَالَ، وَقَالَ: كُنْت أَذِنْت الْعَبْدَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ جَازَ النَّقْضُ الَّذِي جَرَى بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَجَازَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ بَيْعَ الْعَبْدِ كَانَتْ إجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي لَمْ يَنْقُضْ الْبَيْعَ حِينَ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِكَوْنِهِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ حَتَّى حَضَرَ الْمَوْلَى وَأَجَازَ الْبَيْعَ جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ: لَا أُسَلِّمُ إلَيْك شَيْئًا؛ لِأَنَّك مَحْجُورٌ، وَقَالَ: أَنَا مَأْذُونٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ أَقَرَّ أَنَّهُ مَحْجُورٌ قَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى الْقَاضِي بَعْدَ الشِّرَاءِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ، إذَا كَانَ الرَّجُلُ يَشْتَرِي وَيَبِيعُ فَلَحِقَتْهُ دُيُونٌ، وَلَا يُدْرَى حَالُهُ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ، وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: هُوَ عَبْدِي، أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْغُرَمَاءُ: هُوَ حُرٌّ فَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى يَصِيرَ عَبْدًا لِفُلَانٍ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ حَتَّى لَا يَتَأَخَّرُ دُيُونُهُمْ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ قَالَ: وَيُبَاع هَذَا الْعَبْدُ، وَيَأْخُذُ الْغُرَمَاءُ دُيُونَهُمْ مِنْ ثَمَنِهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا وَجَبَ لِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ مِنْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ اسْتِهْلَاكٍ أَوْ كَانَ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةً ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ الْمَوْلَى فَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْعَبْدُ فَإِنْ دَفَعَ الْغُرَمَاءُ الدَّيْنَ إلَى الْعَبْدِ بَرِئَ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ دَفَعَ إلَى الْمَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ بَرِئَ عَنْ الثَّمَنِ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لَا يَبْرَأُ عَنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَمَا حُجِرَ عَلَيْهِ كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُخَاصِمَ فِي دُيُونِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ دُيُونَهُ؟ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ كَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي مَأْذُونِ الْأَصْلِ، وَذَكَرَ فِي وَكَالَةِ الْأَصْلِ أَنَّ لَهُ الْقَبْضَ، بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ فَمَا ذَكَرَ فِي الْمَأْذُونِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْثُوقًا بِهِ لَكِنْ يَقْدِرُ عَلَى التَّقَاضِي وَمَا ذَكَرَ فِي الْوَكَالَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ بَعْدَمَا حَجَرَ عَلَيْهِ الْمَوْلَى لَكِنْ أَخْرَجَهُ الْمَوْلَى عَنْ مِلْكِهِ فَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ الْمَوْلَى، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ؟ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَإِنْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ فَالْخَصْمُ فِيهِ هُوَ الْعَبْدُ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَبَاعَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا، وَقَبَضَ الرَّجُلُ مِنْهُ الْعَبْدَ، وَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى حَجَرَ عَلَيْهِ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَبْدِ رُدَّ عَلَيْهِ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الْمُشْتَرِي إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ مَالٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بُدِئَ بِالْعَبْدِ الْمَرْدُودِ فَيُبَاعُ وَيُعْطَى ثَمَنُهُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ الْمَرْدُودِ شَيْءٌ فَهُوَ لِغُرَمَاءِ الْمَحْجُورِ، وَإِنْ نَقَصَ شَارَكَ الْمُشْتَرِي غُرَمَاءَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي رَقَبَتِهِ فَيُبَاعُ لَهُمْ جَمِيعًا، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِي لَمْ يَحْبِسْ الْعَبْدَ الْمُشْتَرِي لِلثَّمَنِ بَلْ دَفَعَهُ إلَى الْمَحْجُورِ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ يَطْلُبُ الثَّمَنَ فَهُوَ أُسْوَةٌ لِغُرَمَاءِ الْمَحْجُورِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ الْمَرْدُودِ، وَفِي رَقَبَةِ الْمَحْجُورِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُشْتَرِي بَيِّنَةٌ فَطَلَبَ يَمِينَ الْمَحْجُورِ حَلَّفَ الْقَاضِي الْمَحْجُورَ عَلَى الْبَتَاتِ بِاَللَّهِ لَقَدْ سَلَّمَهُ بِحُكْمِ هَذَا الْبَيْعِ، وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ

الباب التاسع في الشهادة على العبد المأذون والمحجور والصبي والمعتوه

الْمَحْجُورَ لَمْ يُنْكِرْ الْعَيْبَ بَلْ أَقَرَّ بِهِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ رَدَّهُ الْقَاضِي عَلَى الْمَحْجُورِ، وَإِنْ كَانَ يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَالْقَاضِي لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ بَعْدَمَا أَقَرَّ بِالْعَيْبِ لَا يَبْقَى خَصْمًا لِلْمُشْتَرِي فَيُخَاصِمُ الْمُشْتَرِي الْمَوْلَى وَيُقِيمُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِالْعَيْبِ. وَيَرُدُّ الْعَبْدَ إلَيْهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُشْتَرَى بَيِّنَةٌ، وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَوْلَى حَلَّفَهُ عَلَى الْعِلْمِ فَإِنْ نَكَلَ أَوْ أَقَرَّ بِعَيْبٍ رُدَّ الْعَبْدُ عَلَى الْمَوْلَى فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْعَيْبُ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ يَصِحُّ الرَّدُّ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الْمَحْجُورِ، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا يَحْدُثُ مِثْلُهُ، وَكَذَّبَ غُرَمَاءُ الْمَحْجُورِ الْمَوْلَى فِيمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْعَيْبِ يَصِحُّ الرَّدُّ فِي حَقِّهِمَا دُونَ الْغُرَمَاءِ، وَيُبَاعُ الْعَبْدُ الْمَرْدُودُ فِي دَيْنِهِ، وَأُعْطِيَ ثَمَنُهُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ عَلَى ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ كَانَ لِغُرَمَاءِ الْمَحْجُورِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ نَقَصَ كَانَ النُّقْصَانُ فِي رَقَبَةِ الْمَحْجُورِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بِيعَ الْمَحْجُورُ يَبْدَأُ مِنْ ثَمَنِهِ لِغُرَمَاءِ الْمَحْجُورِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ثَمَنِ الْمَحْجُورِ شَيْءٌ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ كَانَ الْفَضْلُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ فَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ كَانَ ثَمَنُ الْمَرْدُودِ فِي رَقَبَةِ الْمَحْجُورِ، وَالْمَرْدُودُ يُبَاعَانِ فِيهِ، وَإِنْ حَلَفَ الْمَوْلَى عَلَى الْعَيْبِ لَمْ يُرَدَّ الْعَبْدُ فَإِذَا أُعْتِقَ الْمَحْجُورُ الْآنَ رُدَّ الْعَبْدُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب التَّاسِع فِي الشَّهَادَة عَلَى الْعَبْد الْمَأْذُون وَالْمَحْجُور وَالصَّبِيّ وَالْمَعْتُوه] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمَحْجُورِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ) الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ خَصْمٌ فِيمَا كَانَ مِنْ التِّجَارَةِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ، وَلَا تُعْتَبَرُ حَضْرَةُ الْمَوْلَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى عَبْدٍ مَأْذُونٍ بِغَصْبٍ اغْتَصَبَهُ أَوْ بِوَدِيعَةٍ اسْتَهْلَكَهَا أَوْ جَحَدَهَا أَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ أَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءِ أَوْ إجَارَةٍ، وَأَنْكَرَ الْعَبْدُ ذَلِكَ، وَمَوْلَاهُ غَائِبٌ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْعَبْدِ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ عَبْدٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِاسْتِهْلَاكِ مَالٍ أَوْ بِغَصْبٍ اغْتَصَبَهُ حَالَ غَيْبَةِ الْمَوْلَى لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَلَا يَقْضِي عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ قَالُوا: مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ حُكْمٍ يَرْجِعُ إلَى الْمَوْلَى، وَهُوَ بَيْعُ رَقَبَةِ الْعَبْدِ إنَّمَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ حُكْمٍ يَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ حَتَّى يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَكَمَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمَوْلَى هَاهُنَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى عَبْدٍ مَحْجُورٍ بِغَصْبٍ أَوْ إتْلَافِ وَدِيعَةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ إنْ شَهِدُوا بِمُعَايَنَةِ ذَلِكَ لَا بِالْإِقْرَارِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ، وَيُقْضَى بِالْغَصْبِ إذَا حَضَرَ الْمَوْلَى، وَفِي ضَمَانِ إتْلَافِ الْوَدِيعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ لَا يُقْضَى حَتَّى يُعْتَقَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ شَهِدَا عَلَى الْمَحْجُورِ بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ، وَالْمَوْلَى حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يُعْتَقَ فَإِذَا أُعْتِقَ لَزِمَهُ مَا شَهِدَا بِهِ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِقَتْلِ رَجُلٍ عَمْدًا أَوْ قَذْفِ مُحْصَنٍ أَوْ زِنًا أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ وَالْعَبْدُ جَاحِدٌ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَالَ غَيْبَةِ الْمَوْلَى، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَالَ غَيْبَةِ الْمَوْلَى فَفِيمَا يَعْمَلُ فِيهِ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَفِيمَا لَا يَعْمَلُ فِيهِ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ تُقْبَلُ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَالصَّبِيُّ الَّذِي أَذِنَ لَهُ أَبُوهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ وَصِيُّ أَبِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ تُسْمَعُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فِيمَا كَانَ مِنْ ضَمَانِ التِّجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ الْآذِنُ غَائِبًا، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْمَعْتُوهِ الْمَأْذُونِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى صَبِيٍّ مَأْذُونٍ أَوْ مَعْتُوهٍ مَأْذُونٍ بِقَتْلٍ عَمْدًا أَوْ قَذْفٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ زِنًا فَفِي الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ وَالزِّنَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْآذِنُ حَاضِرًا، وَفِي الْقَتْلِ إنْ كَانَ الْآذِنُ حَاضِرًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ بِبَعْضِ الْأَسْبَابِ الَّتِي ذَكَرْنَا لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْآذِنُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِسَرِقَةِ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْثَرَ، وَهُوَ يَجْحَدُ فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا قَطَعَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا ضَمِنَ السَّرِقَةَ، وَلَمْ يَقْطَعْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ شَهِدُوا بِسَرِقَةٍ أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْثَرَ، وَالْعَبْدُ يَجْحَدُ

قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ، وَلَا يَقْطَعُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ شَهِدُوا بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ، وَهُوَ يَجْحَدُ لَا يَقْضِي حَتَّى يَحْضُرَ مَوْلَاهُ فَيَقْضِي بِالْقَطْعِ وَرَدِّ الْعَيْنِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَلَا يَقْضِي بِالضَّمَانِ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ، وَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ، وَلَا بِالْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْمَالِ فِي حَقِّ الْمَوْلَى حَتَّى لَا تُبَاعَ رَقَبَتُهُ فِيهِ إنَّمَا يُؤَاخَذُ بِهِ الْعَبْدُ بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَالْمَعْتُوهِ الْمَأْذُونِ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَإِنْ كَانَ الْآذِنُ غَائِبًا، وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارِهِمَا بِالسَّرِقَةِ أَصْلًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا أَذِنَ الْمُسْلِمُ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا فَهُوَ جَائِزٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ اشْتَرَى مَيْتَةً أَوْ دَمًا أَوْ بَايَعَ كَافِرًا بِرِبًا فَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ كَافِرَانِ بِغَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ أَوْ بِبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ، وَهُوَ وَمَوْلَاهُ يُنْكِرَانِ ذَلِكَ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْكَافِرُ يَأْذَنُ لَهُ وَصِيُّهُ الْمُسْلِمُ أَوْ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ فِي التِّجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ مُسْلِمًا، وَمَوْلَاهُ كَافِرًا لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الْكَافِرِينَ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَإِنْ شَهِدَ الْكَافِرَانِ عَلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ الْكَافِرِ بِغَصْبٍ وَمَوْلَاهُ مُسْلِمٌ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ كَافِرًا فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ، إذَا أَذِنَ الْمُسْلِمُ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ فِي التِّجَارَةِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ كَافِرَانِ بِجِنَايَةٍ خَطَأً أَوْ بِقَتْلٍ عَمْدًا أَوْ بِشُرْبِ خَمْرٍ أَوْ بِقَذْفٍ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْكَافِرِينَ بِالزِّنَا، وَهُوَ وَمَوْلَاهُ مُنْكِرَانِ لِذَلِكَ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَالْمَوْلَى كَافِرًا، وَإِذَا أَذِنَ الْمُسْلِمُ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ فِي التِّجَارَةِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ كَافِرَانِ بِسَرِقَةِ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَقَلَّ قَضَى عَلَيْهِ بِضَمَانِ السَّرِقَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا لَمْ يُقْطَعْ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَالْمَوْلَى كَافِرًا كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةً، وَإِذَا أَذِنَ الْمُسْلِمُ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ فِي التِّجَارَةِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ كَافِرَانِ لِكَافِرٍ أَوْ لِمُسْلِمٍ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَالْعَبْدُ يَجْحَدُهُ، وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ فَشَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ جَائِزَةٌ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ كَافِرًا بِيعَ فِي الدَّيْنَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا بِيعَ الْعَبْدُ وَمَا فِي يَدِهِ فِي الدَّيْنِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ دَيْنِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَهُوَ لِلَّذِي شَهِدَ لَهُ الْكَافِرَانِ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مُسْلِمَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَشَهِدَ لِأَحَدِهِمَا مُسْلِمَانِ، وَشَهِدَ لِلْآخَرِ بِدَيْنِهِ كَافِرَانِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالدَّيْنِ كُلِّهِ عَلَيْهِ فَيَبْدَأُ بِاَلَّذِي شَهِدَ لَهُ الْمُسْلِمَانِ فَيَقْضِي دَيْنَهُ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِلَّذِي شَهِدَ لَهُ الْكَافِرَانِ، وَلَوْ صُدِّقَ الْعَبْدُ الَّذِي شَهِدَ لَهُ كَافِرَانِ اشْتَرَكَا فِي كَسْبِهِ وَثَمَنِ رَقَبَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ شَهِدَ لِمُسْلِمٍ كَافِرَانِ، وَلِكَافِرِ مُسْلِمَانِ تَحَاصَّا، وَلَوْ كَانَ أَرْبَابُ الدَّيْنِ ثَلَاثَةٌ مُسْلِمَانِ وَكَافِرٌ فَشَهِدَ لِلْكَافِرِ مُسْلِمَانِ، وَلِأَحَدِ الْمُسْلِمَيْنِ كَافِرَانِ، وَلِلْآخَرِ مُسْلِمَانِ فَبِيعَ الْعَبْدُ بُدِئَ بِدَيْنِ اللَّذَيْنِ لَهُمَا بَيِّنَةٌ مُسْلِمَةٌ. وَيَقْتَسِمَانِ نِصْفَيْنِ ثُمَّ مَا أَخَذَهُ الْكَافِرُ يُنَاصِفُهُ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ بَيِّنَةٌ كَافِرَةٌ كَذَا فِي الْمُغْنِي ثُمَّ لَا يَكُونُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ يَدِ هَذَا الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْكَافِرُ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ مُسْلِمًا شَهِدَ لَهُ كَافِرَانِ، وَالْآخَرَانِ كَافِرَانِ شَهِدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَافِرَانِ بُدِئَ بِدَيْنِ الْمُسْلِمِ فَإِنْ بَقِيَ بِشَيْءٍ بَعْدَ دَيْنِهِ كَانَ بَيْنَ الْكَافِرَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا، وَالْمَوْلَى كَافِرًا وَالْغُرَمَاءُ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ شَهِدَ لَهُ كَافِرَانِ، وَالْآخَرُ كَافِرٌ شَهِدَ لَهُ مُسْلِمَانِ، وَالْعَبْدُ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُ دَعْوَى الْمُسْلِمِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ كَافِرَانِ، وَيُبَاعُ الْعَبْدُ لِلْآخَرِ فِي دَيْنِهِ فَيُوَفِّيَهُ حَقَّهُ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ ثَمَنِهِ فَهُوَ لِلْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْفَصْلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى مُسْلِمًا وَالْعَبْدُ كَافِرًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ كَافِرَانِ لِمُسْلِمٍ أَنَّهُ غَصَبَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ مُسْلِمَانِ لِكَافِرٍ أَنَّهُ غَصَبَ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَضَى لِلْكَافِرِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ شَارَكَهُ الْمُسْلِمُ فِيهَا، وَبَقِيَّةُ دَيْن الْمُسْلِمِ عَلَى الْعَبْدِ يَأْخُذُ مِنْهُ بَعْدَ الْعَتَاقِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا أَذِنَ الْمُسْلِمُ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ كَافِرَانِ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ بِإِقْرَارِهِ أَوْ غَصْبٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ فَبَاعَ الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَضَاهَا الْغَرِيمُ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى الْعَبْدِ دَيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ الْعَبْدُ فَإِنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْخُذُ الْأَلْفَ

الباب العاشر في البيع الفاسد من العبد المأذون

مِنْ الْغَرِيمِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْكَافِرَانِ فَيَدْفَعُهَا إلَى هَذَا الْغَرِيمِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْمُسْلِمَانِ، وَلَوْ كَانَ الثَّانِي كَافِرًا أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ مَا أَخَذَ الْأَوَّلُ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ كَافِرًا وَشَاهِدَاهُ مُسْلِمَيْنِ وَالثَّانِي مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا أَوْ شَاهِدَاهُ كَافِرَيْنِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْأَوَّلِ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ. وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ فِي التِّجَارَةِ فَبَاعَ وَاشْتَرَى ثُمَّ أَسْلَمَ فَادَّعَى عَلَيْهِ رَجُلَانِ دَيْنًا فَجَاءَ أَحَدُهُمَا بِشَاهِدَيْنِ كَافِرَيْنِ عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ دَيْنٍ كَانَتْ عَلَيْهِ فِي حَالِ كُفْرِهِ، وَجَاءَ الْآخَرُ بِشَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَلَيْهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَالْمُدَّعِيَانِ مُسْلِمَانِ أَوْ كَافِرَانِ وَالْمَوْلَى مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ فَشَهَادَةُ الْمُسْلِمَيْنِ جَائِزَةٌ، وَلَا شَيْءَ لِلَّذِي شَهِدَ لَهُ الْكَافِرَانِ. وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ فِي التِّجَارَةِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ فَشَهِدَ عَلَيْهِ مُسْلِمَانِ لِمُسْلِمٍ بِدَيْنٍ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ ذِمِّيَّانِ لِمُسْلِمٍ بِدَيْنٍ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ مُسْتَأْمَنَانِ لِمُسْلِمٍ بِدَيْنٍ فَإِنَّ الْقَاضِي يُبْطِلُ شَهَادَةَ الْمُسْتَأْمَنِينَ وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ الذِّمِّيَّيْنِ وَالْمُسْلِمَيْنِ ثُمَّ يَبِيعُ الْعَبْدَ فَيَبْدَأُ بِدَيْنِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْمُسْلِمَانِ فَإِذَا أَخَذَ الْمُسْلِمُ حَقَّهُ وَبَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِلَّذِي شَهِدَ لَهُ الذِّمِّيَّانِ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ بَعْدَ دَيْنِهِ كَانَ لِلْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَوْلَى حَرْبِيًّا، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى وَعَبْدُهُ حَرْبِيَّيْنِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَقَضَى بِالدَّيْنِ كُلِّهِ عَلَى الْعَبْدِ وَبِيعَ فِيهِ فَيَبْدَأُ بِاَلَّذِي شَهِدَ لَهُ الْمُسْلِمَانِ ثُمَّ بِاَلَّذِي شَهِدَ لَهُ الذِّمِّيَّانِ ثُمَّ مَا فَضَلَ يَكُونُ لِلَّذِي شَهِدَ لَهُ الْحَرْبِيَّانِ فَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الدَّيْنِ كُلُّهُمْ أَهْلَ ذِمَّةٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا تَحَاصَّ فِي ثَمَنِهِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْمُسْلِمَانِ، وَاَلَّذِي شَهِدَ لَهُ الذِّمِّيَّانِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَهُوَ لِلَّذِي شَهِدَ لَهُ الْحَرْبِيَّانِ، وَلَوْ كَانَ أَصْحَابُ الدَّيْنِ كُلُّهُمْ مُسْتَأْمَنِينَ تَحَاصَّوْا جَمِيعًا فِي دَيْنِهِمْ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَالْعَبْدُ حَرْبِيًّا دَخَلَ بِأَمَانٍ فَاشْتَرَاهُ هَذَا الْمَوْلَى مِنْ مَوْلَاهُ، وَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الْحَرْبِيِّينَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ، وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ فَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ جَازَتْ شَهَادَةُ الْمُسْتَأْمَنِينَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ كَمَا تَجُوزُ عَلَى مَوْلَاهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ شَهِدَ لِمُسْلِمٍ حَرْبِيَّانِ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى عَبْدٍ تَاجِرٍ حَرْبِيٍّ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ، وَشَهِدَ لِذِمِّيٍّ ذِمِّيَّانِ بِدَيْنٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ لِحَرْبِيٍّ مُسْلِمَانِ بِدَيْنٍ أَلْفٍ فَبِيعَ بِأَلْفٍ يَكُونُ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ نِصْفَيْنِ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمُسْلِمُ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ الْحَرْبِيُّ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ كَانَتْ شُهُودُ الذِّمِّيِّ حَرْبِيِّينَ وَشُهُودُ الْمُسْلِمِ ذِمِّيِّينَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ الثَّمَنُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ نِصْفَيْنِ ثُمَّ يَأْخُذُ الذِّمِّيُّ نِصْفَ مَا أَصَابَ الْحَرْبِيُّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ شَهِدَ الْمُسْلِمَانِ لِلذِّمِّيِّ وَالذِّمِّيَّانِ لِلْحَرْبِيِّ وَالْحَرْبِيَّانِ لِلْمُسْلِمِ كَانَ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ نِصْفَيْنِ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمُسْلِمُ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ الْحَرْبِيُّ كَذَا فِي الْمُغْنِي. إذَا لَحِقَ الْعَبْدَ دَيْنٌ فَقَالَ مَوْلَاهُ: هُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَقَالَ الْغُرَمَاءُ: هُوَ مَأْذُونٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى فَإِنْ جَاءَا بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الْإِذْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ مَوْلَاهُ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَاءِ الْبَزِّ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَاءِ الطَّعَامِ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ غَيْرِ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ فَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَذِنَ فِي شِرَاءِ الْبَزِّ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ رَآهُ يَشْتَرِي الْبَزَّ فَلَمْ يَنْهَهُ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَآهُ يَشْتَرِي الطَّعَامَ فَلَمْ يَنْهَهُ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ رَآهُ يَشْتَرِي الْبَزَّ فَلَمْ يَنْهَهُ كَانَ الشِّرَاءُ جَائِزًا، وَكَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَفِي الْغُرُورِ فِي الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَبَاعَ جَارِيَةً أَوْ غُلَامًا أَوْ مَتَاعًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي فَأَعْتَقَ الْجَارِيَةَ وَالْغُلَامَ أَوْ بَاعَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، كَذَلِكَ مَا اشْتَرَى الْعَبْدُ مِنْ جَارِيَةٍ أَوْ غُلَامٍ أَوْ مَتَاعٍ شِرَاءً فَاسِدًا فَقَبَضَهُ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ جَازَ. إذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ جَارِيَةً أَوْ غُلَامًا بَيْعًا فَاسِدًا، وَقَبَضَهُ فَأَغَلَّ الْغُلَامُ أَوْ الْجَارِيَةُ عِنْدَ الْمَأْذُونِ غَلَّةً بِأَنْ آجَرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ أَوْ وُهِبَتْ لَهُ هِبَةٌ فَقِبَلَهَا هَلْ تُسَلَّمُ لِلْمَأْذُونِ؟ قَالَ: إنْ تَقَرَّرَ مِلْكُ الْمَأْذُونِ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ بِأَنْ بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ حَتَّى ضَمِنَ الْقِيمَةَ لِلْبَائِعِ فَإِنَّ الْغَلَّةَ تُسَلَّمُ لِلْمَأْذُونِ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَرَّرْ مِلْكُ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ عِنْدَهُ بِأَنْ رُدَّ الْعَبْدُ أَوْ الْجَارِيَةُ عَلَى الْبَائِعِ ذَكَرَ أَنَّهُ تُرَدُّ الْغَلَّةُ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ

قَالَ: مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إذَا رَدَّ الْمَأْذُونُ الْجَارِيَةَ أَوْ الْغُلَامَ عَلَى الْبَائِعِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُسَلَّمُ الْغَلَّةُ لِلْمَأْذُونِ، وَلَا يَرُدُّهَا عَلَى الْبَائِعِ، إذَا رَدَّ الْأَصْلَ وَرَدَّ الْغَلَّةَ مَعَ الْأَصْلِ إلَى الْبَائِعِ هَلْ يَتَصَدَّقُ الْبَائِعُ بِالْكَسْبِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ حُرًّا فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْكَسْبِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مَأْذُونًا لَا يَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ، إذَا لَمْ يَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ الْمَأْذُونُ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَى مِنْ ذَلِكَ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ طَابَ لِلْغُرَمَاءِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَأَخَذَهُ الْمَوْلَى قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا إلَّا أَنَّ الْمَوْلَى لَوْ كَانَ هُوَ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِالْغَلَّةِ، وَمَتَى كَانَ الْمَأْذُونُ هُوَ الْبَائِعُ قَالَ: يُسْتَحَبُّ لِلْمَوْلَى التَّصَدُّقُ ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا آجَرَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرِي نَفْسَهُ أَوْ وُهِبَتْ لَهُ هِبَةً حَتَّى كَانَ مِنْ كَسْبِهِ فَأَمَّا إذَا آجَرَهُ الْمَأْذُونُ فَإِنَّ الْكَسْبَ يُسَلَّمُ لِلْمَأْذُونِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْمُغْنِي. إذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَبَاعَ الْعَبْدُ جَارِيَةً بِجَارِيَةٍ بَيْعًا فَاسِدًا مِنْ رَجُلٍ، وَقَبَضَهَا الرَّجُلُ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِي بَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ الثَّانِي يَكُونُ جَائِزًا، وَلَا يَكُونُ نَقْضًا لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَجِبَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْمَأْذُونِ الثَّمَنُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَأْذُونِ الْقِيمَةُ لِلْمَأْذُونِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، إذَا بَاعَهَا مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ، وَدَفَعَهَا إلَيْهِ كَانَ هَذَا نَقْضًا لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَا يَجِبُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمَأْذُونِ ثَمَنٌ، وَيَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، إذَا بَاعَهَا مِنْ مَوْلَى الْمَأْذُونِ، وَدَفَعَهَا إلَى الْمَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ كَانَ نَقْضًا لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ فَإِنَّ الْبَيْعَ الثَّانِي يَكُونُ جَائِزًا حَتَّى يَجِبَ الثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمَوْلَى، وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَأْذُونِ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ لِلْمَأْذُونِ، إذَا بَاعَ مِنْ عَبْدٍ آخَرَ لِلْمَوْلَى مَأْذُونٌ، وَدَفَعَهَا إلَيْهِ هَلْ يَكُونُ نَقْضًا لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ؟ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا، وَلَا يَكُونُ نَقْضًا لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا دَيْنٌ إمَّا عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِمَّا عَلَى الثَّانِي فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ نَقْضًا أَيْضًا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ كَانَ نَقْضًا لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ مَتَى دَفَعَهُ إلَى الْعَبْدِ الثَّانِي إلَّا أَنَّهُ مَتَى دَفَعَهُ إلَى الْعَبْدِ الثَّانِي لَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَأْذُونِ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الْمَأْذُونِ الْأَوَّلِ أَوْ إلَى الْمَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ الْعَبْدُ الْآخَرُ الْجَارِيَةَ إلَى الْمَأْذُونِ، وَلَا إلَى الْمَوْلَى بَقِيَ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْعَبْدِ الثَّانِي ضَمِنَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَأْذُونِ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ، وَإِنْ بَاعَهَا مِنْ الْمَأْذُونِ بَيْعًا صَحِيحًا، وَلَمْ يَدْفَعْهَا إلَيْهِ بَقِيَ ضَامِنًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ، إذَا بَاعَهَا مِنْ مُضَارِبِ الْمَأْذُونِ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَلِكَ إنْ بَاعَهَا مِنْ مُضَارِبِ الْمَوْلَى وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَلَوْ بَاعَهَا مِنْ ابْنِ الْمَوْلَى أَوْ أَبِيهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ بَاعَهَا مِنْ الْمَوْلَى لِابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ فِي عِيَالِهِ فَهُوَ كُلُّهُ سَوَاءٌ، كَذَلِكَ لَوْ أَنَّ أَجْنَبِيًّا وَكَّلَ الْمَوْلَى بِشِرَائِهَا فَاشْتَرَاهَا لَهُ أَوْ وَكَّلَ الْمَأْذُونَ بِشِرَائِهَا فَاشْتَرَاهَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ لِلْآمِرِ، وَكَانَ الثَّمَنُ عَلَى الْعَبْدِ لِلْمُشْتَرِي، وَيَرْجِعُ بِهِ الْعَبْدُ عَلَى الْآمِرِ، وَلِلْعَبْدِ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْجَارِيَةِ فَتَكُونُ الْقِيمَةُ قِصَاصًا بِالثَّمَنِ، وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ. وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ الْبَائِعَ هُوَ الَّذِي وَكَّلَ إنْسَانًا بِشِرَائِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي لَهُ فَفَعَلَ، وَقَبَضَهَا فَهُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى هُوَ الَّذِي أَمَرَ رَجُلًا بِشِرَائِهَا لَهُ فَهَذَا وَشِرَاءُ الْمَوْلَى بِنَفْسِهِ سَوَاءٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَتَلَهَا الْمَأْذُونُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ فَوَقَعَتْ الْجَارِيَةُ فِيهَا أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَمْنَعْهَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ حَتَّى مَاتَتْ مِنْ حَفْرِهِ فَهُوَ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى هُوَ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ فَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَالْمَوْلَى غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ اسْتِرْدَادِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيَكُونُ هُوَ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فِيمَا فَعَلَهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ قِيمَتُهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ إذَا حَدَثَ الْمَوْتُ مِنْ فِعْلِهِ، وَإِنْ كَانَ حَدَثَ الْعَيْبُ مِنْ فِعْلِهِ، وَالْمَوْتُ مِنْ غَيْرِهِ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا بِسَبَبِ الْقَبْضِ، وَتَعَذُّرِ الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي مَالِهِ حَالًّا. وَإِنْ وَقَعَتْ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا الْمَأْذُونُ فِي دَارٍ مِنْ تِجَارَتِهِ فَمَاتَتْ أَوْ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا الْمَوْلَى فِي مِلْكِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْبَيْعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَمَنْ قَالَ لِلنَّاسِ هَذَا عَبْدِي، وَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايَعُوهُ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ دُيُونٌ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُسْتَحِقُّ أَنَّهُ كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّ الْعَبْدَ

يَبْقَى مَأْذُونًا، وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْإِذْنَ لَا يَلْحَقُ الْعَبْدُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ يَغْرَمُ الْأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ وَمِنْ الْقِيمَةِ لِلْغُرَمَاءِ حَيْثُ أَمَرَهُمْ بِالْمُبَايَعَةِ مَعَهُ عِنْدَ إضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ، وَقَدْ غَرَّهُمْ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ عَبْدِي أَوْ لَمْ يَقُلْ فَبَايَعُوهُ لَا يَغْرَمُ لَهُمْ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ثُمَّ فِي حُكْمِ الْغُرُورِ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ سَمِعَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَعَلِمَ بِهَا وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ. وَلَمْ يَعْلَمْ إذَا كَانَ الْآمِرُ قَالَ ذَلِكَ فِي عَامَّةِ أَهْلِ السُّوقِ، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ حِينَ جَاءَ إلَى أَهْلِ السُّوقِ قَالَ: هَذَا عَبْدِي فَبَايِعُوهُ فِي الْبَزِّ فَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي ذَلِكَ فَبَايَعَهُ أَهْلُ السُّوقِ فِي غَيْرِ الْبَزِّ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ مُسْتَحَقٌّ كَانَ لِلَّذِي بَايَعَهُ فِي غَيْرِ الْبَزِّ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الدَّيْنِ، وَكَانَ قَوْلُهُ فِي الْبَزِّ لَغْوًا مِنْ الْكَلَامِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِمُبَايَعَتِهِ ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى أَمَرَ رَجُلًا بِعَيْنِهِ أَوْ قَوْمًا بِأَعْيَانِهِمْ بِمُبَايَعَتِهِ فَبَايَعُوهُ وَقَوْمٌ آخَرُونَ، وَقَدْ عَلِمُوا بِأَمْرِ الْمَوْلَى فَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَوْ وُجِدَ حُرًّا أَوْ مُدَبَّرًا فَلِلَّذِينَ أَمَرَهُمْ الْمَوْلَى بِمُبَايَعَتِهِ عَلَيْهِ الْأَقَلَّ مِنْ حِصَّتِهِمْ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَمِنْ دَيْنِهِمْ، وَأَمَّا الْآخَرُونَ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ عَلَى الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ أَمَرَ قَوْمًا بِأَعْيَانِهِمْ بِمُبَايَعَتِهِ فِي الْبَزِّ فَبَايَعُوهُ فِي غَيْرِهِ أَوْ فِيهِ فَهُوَ سَوَاءٌ وَالضَّمَانُ وَاجِبٌ لَهُمْ عَلَى الْغَارِّ، وَإِنْ أَتَى بِهِ إلَى السُّوقِ فَقَالَ: بَايِعُوهُ، وَلَمْ يَقُلْ هُوَ عَبْدِي فَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَوْ وُجِدَ حُرًّا أَوْ مُدَبَّرًا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْآمِرِ شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَ أَتَى بِهِ إلَى السُّوقِ فَقَالَ: هَذَا عَبْدِي فَبَايِعُوهُ ثُمَّ دَبَّرَهُ ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ لَمْ يَضْمَنْ الْمَوْلَى شَيْئًا وَلَكِنَّ الْغُلَامَ يَسْعَى فِي الدَّيْنِ، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ، وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ ثُمَّ بَايَعُوهُ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْآمِرِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَوْ جَاءَ بِهِ إلَى السُّوقِ فَقَالَ: هَذَا عَبْدِي فَبَايِعُوهُ وَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايَعُوهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَوْ وُجِدَ حُرًّا، وَاَلَّذِي أَمَرَهُمْ بِمُبَايَعَتِهِ عَبْدٌ مَأْذُونٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ صَبِيٌّ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآمِرِ فِي ذَلِكَ إنْ عَلِمَ الَّذِي بَايَعُوهُ بِحَالِ الْآمِرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنْ كَانَ الْآمِرُ مُكَاتَبًا جَاءَ بِأَمَتِهِ إلَى السُّوقِ فَقَالَ: هَذِهِ أَمَتِي فَبَايِعُوهَا فَقَدْ أَذِنْت لَهَا فِي التِّجَارَةِ فَلَحِقَهَا دَيْنٌ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا قَدْ وَلَدَتْ فِي مُكَاتَبَةٍ قَبْلَ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُضَمِّنُوا الْمُكَاتَبَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَمَةً وَمَنْ دَيْنِهِمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَالَ لِأَهْلِ السُّوقِ: هَذَا عَبْدِي فَبَايِعُوهُ فَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايَعُوهُ ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ رَجُلٌ، وَقَدْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ أَذِنَ لِهَذَا الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الَّذِي كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآمِرِ بِالْمُبَايَعَةِ، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مُدَبَّرًا لِلْمُسْتَحِقِّ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُضَمِّنُوا الْآمِرَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ قِنًّا وَمِنْ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ فَأَتَى بِهِ هَذَا إلَى السُّوقِ، وَقَالَ: هَذَا عَبْدِي فَبَايِعُوهُ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْغَارِّ ضَمَانٌ، وَلَوْ كَانَ لَحِقَهُ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَبْلَ إذْنِ مَوْلَاهُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَأَلْفُ دِرْهَمٍ بَعْدَ إذْنِهِ فَإِنَّ لَهُ عَلَى الْغَارِّ الْأَقَلَّ مِنْ الدَّيْن الْأَوَّلِ وَمِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ. إذَا أَتَى الرَّجُلُ بِعَبْدٍ إلَى السُّوقِ فَقَالَ: هَذَا عَبْدُ فُلَانٍ فَقَدْ وَكَّلَنِي بِأَنْ آذَنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَأَنْ آمُرَكُمْ بِمُبَايَعَتِهِ، وَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايِعُوهُ فَاشْتَرَى وَبَاعَ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ حَضَرَ مَوْلَاهُ، وَأَنْكَرَ التَّوْكِيلَ فَالْوَكِيلُ ضَامِنٌ الْأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ وَمَنْ الْقِيمَةِ، وَلَوْ وُجِدَ الْعَبْدُ حُرًّا أَوْ اسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ أَوْ كَانَ مُدَبَّرًا لِمَوْلَاهُ فَالْوَكِيلُ ضَامِنٌ أَيْضًا، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ إنْ كَانَ أَقَرَّ بِالتَّوْكِيلِ الَّذِي ادَّعَاهُ، وَإِنْ أَنْكَرَ التَّوْكِيلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يُثْبِتَهَا بِالْبَيِّنَةِ. وَإِنْ قَالَ: هَذَا عَبْدُ ابْنِي، وَهُوَ صَغِيرٌ فِي عِيَالِي فَبَايِعُوهُ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَوْ وُجِدَ حُرًّا ضَمِنَ الْأَبُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَمِنْ الدَّيْنِ، كَذَلِكَ وَصِيُّ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَأَمَّا الْأُمُّ وَالْأَخُ وَمَا أَشْبَهَهُمَا فَإِنْ فَعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ غُرُورًا، وَلَمْ يَلْحَقْهُ ضَمَانٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَتَى الرَّجُلُ بِصَبِيٍّ إلَى أَهْلِ السُّوقِ، وَقَالَ: هَذَا ابْنِي فَبَايِعُوهُ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فَبَايَعُوهُ وَلَحِقَهُ مِنْ ذَلِكَ دَيْنٌ ثُمَّ إنَّ رَجُلًا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ ابْنَهُ، وَلَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحِقُّ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ شَيْءٌ لَا فِي الْحَالِ، وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ حَيْثُ يُؤَاخَذُ بِضَمَانِ الْقَوْلِ بَعْدَ الْعِتْقِ إلَّا أَنَّ الْغُرَمَاءَ يَرْجِعُونَ عَلَى الْآمِرِ بِالْمُبَايَعَةِ بِدُيُونِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَتَى بِعَبْدِهِ إلَى السُّوقِ، فَقَالَ: هَذَا عَبْدِي، وَهُوَ مُدَبَّرٌ فَبَايِعُوهُ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ

الباب الحادي عشر في جناية العبد المأذون

أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ لَهُ بَطَلَ عَنْ الْمُدَبَّرِ الدَّيْنُ حَتَّى يَعْتِقَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَارِّ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ، وَلَا مِنْ كَسْبِهِ، وَلَوْ قُتِلَ الْمُدَبَّرُ فِي يَدَيْ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ ضَمِنَ الْغَارُّ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا لِلْغُرَمَاءِ. وَلَوْ أَتَى بِجَارِيَةٍ إلَى السُّوقِ، فَقَالَ: هَذِهِ أَمَتِي فَبَايِعُوهَا فَلَحِقَهَا دَيْنٌ يُحِيطُ بِرَقَبَتِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ، وَأَخَذَهَا وَوَلَدَهَا ضَمِنَ الْغَارُّ قِيمَتَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ اُسْتُحِقَّتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ أَمَرَهُمْ بِمُبَايَعَتِهَا أَوْ أَقَلَّ ضَمِنَ الْغَارُّ قِيمَتَهَا يَوْمَ اُسْتُحِقَّتْ، وَلَوْ أَقَامَ الْغَارُّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهَا فِي التِّجَارَةِ قَبْلَ أَنْ يَغُرَّهُمْ أَوْ بَعْدَمَا غَرَّهُمْ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهُ دَيْنٌ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَجِنَايَةِ عَبْدِهِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ) إذَا جَنَى الْمَأْذُونُ عَلَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ جِنَايَةً خَطَأً، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قِيلَ لِمَوْلَاهُ ادْفَعْهُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ افْدِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَقَدْ طَهُرَ الْعَبْدُ مِنْ الْجِنَايَةِ فَبَقِيَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ فِيهِ فَيُبَاعُ فِي دَيْنِهِمْ، وَإِنْ دَفَعَهُ بِالْجِنَايَةِ أَتْبَعَهُ الْغُرَمَاءُ فِي أَيْدِي أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ فَبَاعُوهُ فِي دَيْنِهِمْ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ ثُمَّ إذَا بِيعَ الْعَبْدُ لِلْغُرَمَاءِ بَعْدَمَا دُفِعَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ لَا يَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْمَوْلَى بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْمَأْذُونِ قَبْلَ لُحُوقِ الدَّيْنِ، وَبِيعَ الْعَبْدُ لِلْغُرَمَاءِ بَعْدَمَا دُفِعَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ حَيْثُ يَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْمَأْذُونِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ جَنَى عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فَقَتَلَ رَجُلًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا خَطَأً فَإِنَّهُ يُخَاطَبُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ لَا الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُغْنِي. إذَا كَانَتْ لِلْمَأْذُونِ جَارِيَةٌ مِنْ تِجَارَةٍ فَقَتَلَتْ قَتِيلًا خَطَأً فَإِنْ شَاءَ الْمَأْذُونُ دَفَعَهَا، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ نَفْسًا وَقِيمَةُ الْجَارِيَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَفَدَاهَا الْمَأْذُونُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَوَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَيْهَا فَصَالَحَ الْمَأْذُونُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْذُونُ هُوَ الْقَاتِلُ فَصَالَحَ عَنْ نَفْسِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، إذَا أَبْطَلَ الْقَاضِي صُلْحَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ أَنْ يَقْتُلَ الْعَبْدَ، وَلَا يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِمَّا صَالَحَهُ حَتَّى يُعْتَقَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا عَمْدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَصَالَحَ الْمَوْلَى عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدَ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ بِحَقِّهِمْ لَمْ يَجُزْ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُ، وَقَدْ سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِصَاحِبِ الْجِنَايَةِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ كَانَ لِلْمَأْذُونِ دَارٌ مِنْ تِجَارَتِهِ فَوُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَفِي الْقِيَاسِ لَا شَيْءَ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَلَكِنْ يُخَاطَبُ بِدَفْعِ الْعَبْدِ أَوْ الْفِدَاءِ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ، وَجَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَ عَلَى الْمَأْذُونِ فِي حَائِطٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ مَائِلٍ فَلَمْ يَنْقُضْهُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَقَالَا: هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْقَتِيلِ يُوجَدُ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ هُوَ كَذَلِكَ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ عَلَى دَابَّةٍ فَقَتَلَهَا فَإِنَّ قِيمَتَهَا فِي عُنُقِ الْعَبْدِ فَيُبَاعُ فِيهَا أَوْ يَفْدِيَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ دَيْنٌ فَجَنَى جِنَايَةً فَبَاعَهُ مَوْلَاهُ مِنْ أَصْحَابِ الدُّيُونِ بِدُيُونِهِمْ إنْ كَانَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَبِعْ الْمَوْلَى الْعَبْدَ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى جَاءَ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ فَدَفَعَهُ الْمَوْلَى إلَى أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُضَمِّنَ قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُضَمِّنُ لِلْغُرَمَاءِ شَيْئًا، إذَا جَازَ الدَّفْعُ، وَلَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا كَانَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَبِيعُوهُ بِدَيْنِهِمْ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ

رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إنْ حَضَرَ الْغُرَمَاءُ، وَطَلَبُوا الْبَيْعَ بِدَيْنِهِمْ، وَهُوَ عِنْدَ مَوْلَاهُ، وَلَمْ يَدْفَعْهُ بِالْجِنَايَةِ، وَلَمْ يَحْضُرْ صَاحِبُ الْجِنَايَةِ يَطْلُبُ حَقَّهُ وَقَدْ أَقَرَّ الْمَوْلَى وَالْغُرَمَاءُ بِالْجِنَايَةِ وَأَخْبَرُوا بِهَا الْقَاضِيَ لَمْ يَبِعْ الْقَاضِي الْعَبْدَ لِأَصْحَابِ الدَّيْنِ حَتَّى يَحْضُرَ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِمْ أَوْ يَفْدِيه ثُمَّ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَوْفُوا دَيْنَهُمْ. وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ الْعَبْدَ لِلْغُرَمَاءِ وَأَصْحَابُ الْجِنَايَةِ غُيَّبٌ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَلَا شَيْءَ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَا عَلَى الْعَبْدِ، وَقَدْ بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَإِنْ بَاعَهُ الْقَاضِي مِنْ أَصْحَابِ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ بِأَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ أَعْطَى أَصْحَابَ الدَّيْنِ دَيْنَهُمْ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِمْ أَعْطَى مِنْ ذَلِكَ أَصْحَابَ الْجِنَايَةِ قَدْرَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَإِنَّ مَا فَضَلَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ يُصْرَفُ إلَى الْمَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْمَوْلَى بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ بِأَنْ بَاعَ الْعَبْدَ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفٌ، وَالدَّيْنُ أَلْفُ دِرْهَمٍ إذَا قَضَى دَيْنَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَبَقِيَ فِي يَدِ الْمَوْلَى أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَإِنَّهُ يُعْطِي لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَالْبَاقِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ يَكُونُ لِلْمَوْلَى وَبِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْجِنَايَةِ حَاضِرًا، وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ ثُمَّ بَاعَ الْقَاضِي الْعَبْدَ بَعْدَ الدَّفْعِ إلَى صَاحِبِ الْجِنَايَةِ بِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ. وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِ الْعَبْدِ، وَقَضَى مِنْ ذَلِكَ دَيْنَ الْعَبْدِ فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْ الثَّمَنِ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَلَا يَكُونُ لِلْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ عَمْدًا فَعَلَى قَاتِلِهِ الْقِصَاصُ لِلْمَوْلَى، وَلَا شَيْءَ لِلْغُرَمَاءِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنْ صَالَحَ الْقَاتِلُ مِنْ الدَّمِ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْعُرُوضِ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَصُلْحُهُ جَائِزٌ فَيَسْتَوْفِي مِنْ ذَلِكَ دُيُونَهُمْ، وَانْقَلَبَ الْقِصَاصُ مَالًا، وَتَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالْمَالِ فَإِنْ كَانَ بَدَلَ الصُّلْحِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ اقْتَضَوْهُ مِنْ دَيْنِهِمْ؛ لِأَنَّهُ جِنْسُ حَقِّهِمْ، وَإِنْ كَانَ عَرَضًا أَوْ عَبْدًا بِيعَ لَهُمْ فِي دَيْنِهِمْ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى بِجَمِيعِ الدَّيْنِ هَذَا إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَمْدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْتُلْ الْعَبْدُ الْمَأْذُون وَلَكِنْ قَتَلَ عَبْدٌ مِنْ كَسْبِ الْمَأْذُون فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ، وَلَا يَكُونُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ كَذَا فِي الْمُغْنِي فَإِنْ صَالَحَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونَ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ مَعَ الْقَاتِلِ هَلْ يَجُوزُ الصُّلْحُ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: بِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ عَلَى قِيَاسِ الْوَصِيِّ فَإِنَّ الْوَصِيَّ إذَا صَالَحَ عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ لِلْيَتِيمِ فِي النَّفْسِ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ الصُّلْحُ مِنْ الْمَأْذُونِ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ فِي الْوَصِيُّ لَهُ الصُّلْحُ فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ الصُّلْحُ مِنْ الْمَأْذُونِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ قَلَّ الدَّيْنُ أَوْ كَثُرَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمَوْلَى، وَلَا لِلْغُرَمَاءِ، وَلَا لِلْعَبْدِ الْقِصَاصُ لَا عَلَى الِانْفِرَادِ، وَلَا عَلَى الِاجْتِمَاعِ كَذَا فِي الْمُغْنِي وَعَلَى الْقَاتِلِ قِيمَةُ الْمَقْتُولِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ إلَّا أَنْ تَبْلُغَ الْقِيمَةُ عَشَرَةَ آلَافٍ فَحِينَئِذٍ يُنْقِصُ مِنْهَا عَشَرَةً وَيَكُونُ ذَلِكَ لِغُرَمَاءِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إذَا جَنَى عَبْدُ رَجُلٍ جِنَايَةً فَقَتَلَ رَجُلًا خَطَأً فَأَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي التِّجَارَةِ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَاشْتَرَى الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَبَاعَ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ هَذَا مِنْ الْمَوْلَى اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ، وَيُقَالُ لِلْمَوْلَى بَعْدَ هَذَا: إمَّا أَنْ تَدْفَعَ أَوْ تَفْدِيَ فَإِنْ فَدَى بِالْأَرْشِ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ بِيعَ الْعَبْدُ بِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ عَلَى الْمَوْلَى سَبِيلٌ. وَإِنْ لَمْ يَفْدِ، وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَى أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَتْبَعُوا الْعَبْدَ فَيَبِيعُونَهُ بِدَيْنِهِمْ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ قَضَوْا دَيْنَ الْعَبْدِ أَوْ لَمْ يَقْضُوا وَبِيعَ الْعَبْدُ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْمَوْلَى بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَمَنْ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ الْمَوْلَى، وَهَلَكَ مِنْ الِاسْتِخْدَام فَإِنَّ الْمَوْلَى لَا يَضْمَنُ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ رَآهُ يَشْتَرِي، وَيَبِيعُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَلَمْ يَنْهَهُ فَسُكُوتُهُ عَنْ النَّهْيِ بِمَنْزِلَةِ التَّصْرِيحِ بِالْإِذْنِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ

قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَحِقَهُ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً فَإِنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُ عَبْدَهُ بِالْجِنَايَةِ فَإِذَا دَفَعَ وَبِيعَ بِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ لَا يَكُونُ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ سَابِقَةً عَلَى الدَّيْنِ فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَى الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ لَحِقَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَأَلْفُ دِرْهَمٍ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ دُفِعَ الْعَبْدُ بِالْجِنَايَةِ بِيعَ فِي الدَّيْنَيْنِ جَمِيعًا فَإِنْ بِيعَ أَوْ فَدَاهُ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ بِالدَّيْنَيْنِ فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَى الْمَوْلَى بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَهُوَ حِصَّةُ أَصْحَابِ الدَّيْنِ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَتَلَ الْمَأْذُونُ أَوْ الْمَحْجُورُ رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ أَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ فَهَذَا لَا يَكُونُ مِنْهُ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَيُقَالُ لِلْمَوْلَى: إمَّا أَنْ تَدْفَعَ أَوْ تَفْدِيَ فَإِنْ فَدَى لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ بِيعَ الْعَبْدُ بِالدَّيْنِ لِلْغُرَمَاءِ، وَلَا يَبْقَى لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْمَوْلَى سَبِيلٌ، وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ، وَدَفَعَ إلَى أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يَبِيعُونَ الْعَبْدَ بِدَيْنِهِمْ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي ثُمَّ يَرْجِعُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَوْلَى بِقِيمَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى أَقَرَّ عَلَيْهِ بِقَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً ثُمَّ أَقَرَّ عَلَيْهِ بِقَتْلِ رَجُلٍ آخَرَ خَطَأً، وَكَذَّبَ أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ الْأُولَى الْمَوْلَى فِي إقْرَارِهِ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمَوْلَى: ادْفَعْ الْعَبْدَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَتَيْنِ أَوْ افْدِهِ بِدِيَتِهِمَا فَإِنْ دَفَعَ الْعَبْدَ إلَيْهِمَا رَجَعَ أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ الْأُولَى عَلَى الْمَوْلَى بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مَعْرُوفٌ أَوْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى يُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ فَأَقَرَّ الْمَوْلَى بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ بِدَيْنٍ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا عَمْدًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَصَالَحَ الْمَوْلَى صَاحِبَ الْجِنَايَةِ مِنْهَا عَلَى رَقَبَةِ الْعَبْدِ فَإِنَّ صُلْحَهُ لَا يَنْفُذُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ، وَلَكِنْ لَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّمِ أَنْ يَقْتُلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ يُبَاعُ الْعَبْدُ فِي دَيْنِهِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ بَعْدَ الدَّيْنِ كَانَ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَا عَلَى الْعَبْدِ فِي حَالَةِ رِقِّهِ، وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَوْ لَمْ يُصَالِحْ وَلَكِنْ عَفَا أَحَدُ وَلِيِّ الدَّمِ فَإِنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُ نِصْفَهُ إلَى الْآخَرِ أَوْ يَفْدِيَهُ ثُمَّ يُبَاعُ جَمِيعُ الْعَبْدِ فِي الدَّيْنِ، وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَانَ مُصَدَّقًا فِي ذَلِكَ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى أَوْ كَذَّبَهُ، وَإِنْ عَفَا أَحَدُ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ كُلُّهَا فَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَإِنْ فَدَاهُ، وَقَدْ صَدَّقَ الْعَبْدَ بِالْجِنَايَةِ قِيلَ لَهُ ادْفَعْ النِّصْفَ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ فَالْعَبْدُ كُلُّهُ لِلْمَوْلَى إذَا فَدَاهُ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَة رَجُلًا وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ حَضَرَ الْغُرَمَاءُ وَأَصْحَابُ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَدْفَعُهُ إلَى أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ ثُمَّ يَتْبَعُهُ أَصْحَابُ الدَّيْنِ فِي يَدَيْ أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ فَيَبِيعُونَهُ فِي دَيْنِهِمْ فَيَأْخُذُونَ قَدْرَ الدَّيْنِ، وَمَا فَضَلَ مِنْ الثَّمَنِ يَكُونُ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ هَذَا إذَا حَضَرُوا جَمِيعًا فَإِنْ حَضَرَ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ أَوَّلًا كَذَلِكَ يُدْفَعُ إلَيْهِمْ، وَلَا يُنْتَظَرُ حُضُورُ أَصْحَابِ الدَّيْنِ، وَلَوْ حَضَرَ أَصْحَابُ الدَّيْنِ أَوَّلًا فَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي بِالْجِنَايَةِ فَلَا يَبِيعُهُ فِي دَيْنِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَبَاعَهُ بَطَلَ حَقُّ أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْلَى كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. إذَا وَجَدَ الْمَأْذُونُ فِي دَارِ مَوْلَاهُ قَتِيلًا، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى فِي مَالِهِ حَالًّا الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دَيْنِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَتَلَ الْمَوْلَى بِيَدِهِ، وَلَوْ وَجَدَ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ الْمَأْذُونِ قَتِيلًا فِي دَارِ الْمَوْلَى، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَأْذُون فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِقِيمَتِهِ وَكَسْبِهِ فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ حَالَّةً، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لَا يُحِيطُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ كَانَتْ الْقِيمَةُ حَالَّةً فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَتَلَهُ الْمَوْلَى بِيَدِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَسَرَ الْعَدُوُّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ وَأَحْرَزُوهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ مَوْلَاهُ، وَكَانَ عَلَيْهِ جِنَايَةٌ أَوْ دَيْنٌ عَادَتْ الْجِنَايَةُ وَالدَّيْنُ، كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ وَأَخَذَهُ مَوْلَاهُ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ مَوْلَاهُ بِالثَّمَنِ عَادَ الدَّيْنُ دُونَ الْجِنَايَةِ، إذَا بِيعَ الْعَبْدُ بِالدَّيْنِ قِيلَ يُعَوَّضُ الَّذِي وَقَعَ الْعَبْدُ فِي سَهْمِهِ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا، وَقِيلَ لَا يُعَوَّضُ كَمَا لَوْ دُفِعَ الْعَبْدُ الْمَدْيُونُ بِالْجِنَايَةِ ثُمَّ بِيعَ بِالدَّيْنِ، وَلَوْ أَسْلَمَ الْمُشْرِكُونَ كَانَ الْعَبْدُ لَهُمْ وَبَطَلَتْ الْجِنَايَةُ دُونَ الدَّيْنِ، كَذَلِكَ لَوْ أَدْخَلَ الْكَافِرُ الْعَبْدَ دَارَنَا بِأَمَانٍ عَادَ الدَّيْنُ، وَلَا سَبِيلَ لِمَوْلَاهُ

الباب الثاني عشر في الصبي أو المعتوه يؤذن له في التجارات

عَلَيْهِ، وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ مَوْلَاهُ لَمْ تَعُدْ الْجِنَايَةُ وَعَادَ الدَّيْنُ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَلَوْ وَجَدَ الْمَوْلَى قَتِيلًا فِي دَارِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ كَانَتْ دِيَةُ الْمَوْلَى عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ لِوَرَثَتِهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا دَمُهُ هَدَرٌ، وَلَوْ وَجَدَ الْعَبْدُ قَتِيلًا فِي دَارِ نَفْسِهِ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَى الْمَوْلَى الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دَيْنِهِ حَالًّا فِي مَالِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وَجَدَ قَتِيلًا فِي دَارٍ أُخْرَى لِلْمَوْلَى، وَذَكَرَ فِي الْمَأْذُونِ الصَّغِيرِ أَنَّ هَذَا اسْتِحْسَانٌ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَلَوْ وَجَدَ الْغَرِيمُ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ قَتِيلًا فِي دَارِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ مَوْلَاهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَتِيلُ عَبْدًا لِلْغَرِيمِ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَبْدُهُ فِي ذَلِكَ كَعَبْدِ غَيْرِهِ. إذَا أَذِنَ الْمُكَاتَبُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَوُجِدَ فِي دَارِ الْمَأْذُونِ قَتِيلٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَعَلَى الْمُكَاتَبِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فِي مَالِهِ حَالًّا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارٍ أُخْرَى مِنْ كَسْب الْمُكَاتَبِ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي وُجِدَ قَتِيلًا فِي دَارِ الْعَبْدِ هُوَ الْمُكَاتَبُ كَانَ دَمُهُ هَدَرًا كَمَا لَوْ وُجِدَ قَتِيلًا فِي دَارٍ أُخْرَى لَهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَالْحُرِّ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ هُوَ الَّذِي وُجِدَ قَتِيلًا فِي دَارِهِ كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ قِيمَةِ الْمَأْذُونِ فِي مَالِهِ حَالًّا لِغُرَمَاءِ الْمَأْذُونِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَاب الثَّانِي عَشْر فِي الصَّبِيّ أَوْ الْمَعْتُوه يؤذن لَهُ فِي التِّجَارَات] (الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ يَأْذَنُ لَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ الْقَاضِي فِي التِّجَارَاتِ أَوْ يَأْذَنُونَ لِعَبْدِهِمَا وَفِي تَصَرُّفِهِمَا قَبْلَ الْإِذْنِ) إذَا أَذِنَ لِصَبِيٍّ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ يَجُوزُ يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ يَعْقِلُ مَعْنَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِأَنْ عَرَفَ أَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ لِلْمِلْكِ، وَالشِّرَاءُ جَالِبٌ وَعَرَفَ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مِنْ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ لَا نَفْسَ الْعِبَارَةِ كَذَا فِي الصُّغْرَى، إذَا أَذِنَ لِلصَّبِيِّ وَلِيَّهُ فِي التِّجَارَةِ فَهُوَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ حَتَّى يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ، وَالتَّصَرُّفَاتُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: ضَارٌّ مَحْضٌ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَلَا يَمْلِكُهُ الصَّبِيُّ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ، وَنَافِعٌ مَحْضٌ كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَيَمْلِكُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَائِرٌ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ فَيَمْلِكُهُ بِالْإِذْنِ، وَلَا يَمْلِكُهُ بِدُونِهِ وَوَلِيُّهُ أَبُوهُ ثُمَّ وَصِيُّ الْأَبِ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ ثُمَّ وَصِيُّهُ ثُمَّ الْوَلِيُّ أَوْ الْقَاضِي أَوْ وَصِيُّ الْقَاضِي فَأَمَّا الْأُمُّ أَوْ وَصِيُّ الْأُمِّ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا الْإِذْنُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَا يَجُوزُ إذْنُ الْعَمِّ وَالْأَخِ وَوَالِي الشَّرْطِ وَالْوَالِي الَّذِي لَمْ يُوَلَّ الْقَضَاءَ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَا يَجُوزُ إذْنُ أُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، إذَا صَحَّ الْإِذْنُ لِلصَّبِيِّ فِي التِّجَارَةِ يَصِيرُ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ الْبَالِغِ فِيمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْإِذْنِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ، وَأَنْ يَسْتَأْجِرَ لِنَفْسِهِ أَجِيرًا أَوْ أَنْ يَبِيعَ مِمَّا وَرِثَ عَقَارًا كَانَ أَوْ مَنْقُولًا كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْحُرِّ الْبَالِغِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُكَاتِبَ مَمْلُوكًا لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى الْأَبُ إذَا أَذِنَ لِابْنَيْهِ فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ يَجُوزُ، وَفِي الْوَصِيِّ لَا يَجُوزُ ابْنِ سِمَاعَةَ إذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِابْنَيْهِ فِي التِّجَارَةِ، وَهُمَا صَغِيرَانِ ثُمَّ أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْئًا لِلْآخَرِ لَا يَصِحُّ إذَا كَانَ هُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْهُمَا، إذَا عَبَّرَ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَالْآخَرُ بِنَفْسِهِ جَازَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا اشْتَرَى الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ عَبْدًا فَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا بَاعَ الصَّبِيُّ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ أَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا قَبْلَ الْإِذْنِ، وَهُوَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ يَنْعَقِدُ تَصَرُّفُهُ عِنْدَنَا، وَيَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَلِيِّ، كَذَلِكَ الصَّبِيُّ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ إذَا تَوَكَّلَ عَنْ غَيْرِهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَبَاعَ وَاشْتَرَى جَازَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَمْلِكُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ تَزْوِيجَ أَمَتِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ يَمْلِكَانِ ذَلِكَ، وَأَمَّا تَزْوِيجُ الْعَبْدِ فَلَا يَمْلِكُهُ الصَّبِيُّ، وَلَا يَمْلِكُهُ أَبُوهُ وَوَصِيُّهُ كَذَلِكَ لَوْ كَبِرَ الصَّبِيُّ فَأَجَازَهُ لَمْ يَجُزْ، كَذَلِكَ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ لَا يَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ، وَلَا مِنْ الْمَوْلَى، وَلَوْ أَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَ الْكِبَرِ لَمْ يَجُزْ وكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ أَجْنَبِيٌّ بِخِلَافِ مَا لَوْ زَوَّجَ الْأَجْنَبِيُّ أَمَتَهُ أَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ فَأَجَازَهُ

الصَّبِيُّ بَعْدَمَا كَبُرَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَا يَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنْ يَفْعَلَاهُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِذَا فَعَلَهُ أَجْنَبِيٌّ فَأَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَمَا كَبُرَ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ كَانَ فِعْلُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ جَائِزًا فِيهِ عَلَى الصَّبِيِّ فَإِذَا فَعَلَهُ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ أَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَمَا كَبُرَ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي الِانْتِهَاءِ كَالْإِذْنِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ تَنْفُذُ فِي الِابْتِدَاءِ بِالْإِذْنِ مِمَّنْ قَامَ رَأْيُهُ مَقَامَ رَأْيِ الصَّبِيِّ فَتَنْفُذُ بِالْإِجَازَةِ فِي الِانْتِهَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْآذِنِ أَوْ مِنْ الصَّبِيِّ بَعْدَمَا كَبُرَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ فِي هَذَا النَّظَرِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمِّ وِلَايَةُ التِّجَارَةِ فِيمَا وَرِثَ عَنْ أُمِّهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ زَوَّجَ هَذَا الصَّبِيُّ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَنَا، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى الصَّبِيِّ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ كَانَتْ لِلصَّبِيِّ امْرَأَةٌ فَخَلَعَهَا أَبُوهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ طَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَمَا كَبُرَ فَهُوَ بَاطِلٌ، إذَا قَالَ حِينَ كَبُرَ: قَدْ أَوْقَعْت عَلَيْهَا الطَّلَاقَ الَّذِي أَوْقَعَ عَلَيْهَا فُلَانٌ أَوْ قَدْ أَوْقَعْت عَلَى الْعَبْدِ ذَلِكَ الْعِتْقَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فُلَانٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي: الْأَبُ وَالْوَصِيُّ يَمْلِكَانِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ مَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ مِنْ اتِّخَاذِ الضِّيَافَةِ الْيَسِيرَةِ وَالصَّدَقَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. إذَا بَاعَ الصَّبِيُّ، وَهُوَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَبَضَ الثَّمَنَ، وَدَفَعَ الْعَبْدَ ثُمَّ ضَمِنَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي مَا أَدْرَكَهُ فِي الْعَبْدِ مِنْ دَرَكٍ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إنْ شَاءَ عَلَى الصَّبِيِّ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْكَفِيلِ فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْكَفِيلِ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الصَّبِيِّ إنْ كَانَ كَفَلَ بِأَمْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَالضَّمَانُ عَنْهُ بَاطِلٌ إنْ كَانَ الثَّمَنُ قَدْ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي يَدِهِ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي فِي أَصْلِ الشِّرَاءِ، وَضَمِنَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الصَّبِيِّ ثُمَّ دَفَعَ الثَّمَنَ عَلَى لِسَانِ الْكَفِيلِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ فَالضَّمَانُ جَائِزٌ، وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الْكَفِيلَ بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ إذَا بَاعَ عَبْدًا مِنْ أَبِيهِ فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ أَمَّا إنْ بَاعَهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ مِقْدَارَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ أَوْ لَا يَتَغَابَنُ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، وَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ جَازَ بَيْعُهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِي بَعْضِ نُسِخَ الْمَأْذُونِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا إذَا بَاعَ مِنْ وَصِيِّهِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ مِقْدَارَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَالُوا: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَعَلَى الْخِلَافِ إنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ إنْ بَاعَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ مِقْدَارَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ بِأَنْ بَاعَ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِحَيْثُ يُتَغَابَنُ فِي مِثْلِهِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. إذَا بَاعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ مِقْدَارَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ. وَإِنْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ أَوْ عَلَى وَصِيِّهِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا الْفَصْلِ ذَكَرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ يَجُوزُ، وَذَكَرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَالْإِقْرَارُ لِلْأَبِ أَوَالْوَصِيِّ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ فِيمَا اكْتَسَبَهُ يَجُوزُ فِيمَا وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْ الْوَصِيِّ، وَدَفْعُ الْوَصِيِّ مَالَهُ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِذْنِ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ، إذَا أَقَرَّ بِدَيْنِ التِّجَارَةِ صَحَّ إقْرَارُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْغِيَاثِيَّةِ لَوْ أَذِنَ لَهُ الْوَصِيُّ فَأَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ أَوْ أَقَرَّ بِغَصْبٍ قَبْلَ الْإِذْنِ جَازَ، كَذَا لَوْ تَصَرَّفَ فِي تَرِكَةِ أَبِيهِ

يَجُوزُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ أَوْ الْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونُ إذَا أَقَرَّ بِالْغَصْبِ أَوْ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَأَضَافَهُ إلَى حَالَةِ الْحَجْرِ يُؤَاخَذُ بِهِ لِلْحَالِ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُ كَمَا فِي الْعَبْدِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِقَرْضٍ أَوْ وَدِيعَةٍ اسْتَهْلَكَهَا فِي حَالَةِ الْحَجْرِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْإِضَافَةِ وَفِي كَوْنِهِ مُودَعًا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ لَا لِلْحَالِ، وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ يُؤَاخَذُ بِهِ لِلْحَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمَعْتُوهُ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ يَصِيرُ مَأْذُونًا بِإِذْنِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْجَدِّ دُونَ غَيْرِهِمْ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّبِيِّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْتُوهُ لَا يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فَأَذِنَ لَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ فِي التِّجَارَةِ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ أَذِنَ لِلْمَعْتُوهِ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي التِّجَارَةِ ابْنُهُ كَانَ بَاطِلًا وَعَلَى هَذَا لَوْ أَذِنَ لَهُ أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ أَوْ وَاحِدٌ مِنْ أَقْرِبَائِهِ سِوَى الْأَبِ وَالْجَدِّ فَإِذْنُهُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَذِنَ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ الْمَعْتُوهِ فِي التِّجَارَةِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الصَّبِيِّ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ يَصِحُّ الْإِذْنُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لَا يَصِحُّ الْإِذْنُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَهَذَا إذَا بَلَغَ مَعْتُوهًا فَأَمَّا إذَا بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ عَتِهَ فَأَذِنَ لَهُ الْأَبُ فِي التِّجَارَةِ هَلْ يَصِحُّ إذْنُهُ؟ كَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ يَقُولُ: يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيُّ يَقُولُ: يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا، وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَعَلَى هَذَا إذَا بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ، وَلَوْ عَتِهَ الْأَبُ أَوْ جُنَّ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلِابْنِ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ لَا غَيْرَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكُلُّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ وَالتِّجَارَةِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ فَلَهُ وِلَايَةُ إذْنِهِ فِي التِّجَارَةِ، كَذَلِكَ لَهُ وِلَايَةُ إذْنِ عَبْدِ الصَّغِيرِ إذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: الْأَبُ إذَا أَذِنَ لِعَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا وَصِيُّ الْأَبِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ وَالْجَدِّ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ إذَا أَذِنَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ يَصِحُّ إذْنُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إذْنُ الْجَدِّ، كَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ وَصِيُّ الْأَبِ لَا يَصِحُّ إذْنُ الْجَدِّ، وَهَذَا عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمُغْنِي. إذَا أَذِنَ الْقَاضِي لِعَبْدِ الْيَتِيمِ فِي التِّجَارَةِ، وَلَيْسَ لِلْيَتِيمِ وَصِيُّ الْأَبِ جَازَ إذْنُ الْقَاضِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَتَى صَحَّ إذْنُ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الْقَاضِي، وَلَحِقَ الْعَبْدَ دَيْنٌ يُبَاعُ رَقَبَتُهُ فِي دَيْنِ التِّجَارَةِ عِنْدَنَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مَاتَتْ، وَأَوْصَتْ إلَى رَجُلٍ وَتَرَكَتْ ابْنًا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ أَبٌ، وَلَا وَصِيُّ الْأَبِ، وَلَا جَدٌّ وَتَرَكَتْ أَمْوَالًا مِيرَاثًا لِهَذَا الصَّغِيرِ فَأَذِنَ الْوَصِيُّ لِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ الَّذِينَ وَرِثَهُمْ مِنْ الْأُمِّ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي لِلْعَبْدِ: اتَّجِرْ فِي الطَّعَامِ خَاصَّةً فَاتَّجَرَ فِي غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى بَالِغًا فَقَالَ لِعَبْدِهِ: اتَّجِرْ فِي الْبَزِّ خَاصَّةً كَانَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ فَكَذَلِكَ إذَا أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْقَاضِي: اتَّجِرْ فِي الْبَزِّ خَاصَّةً، وَلَا تَعْدُ إلَى غَيْرِهِ فَإِنِّي قَدْ حَجَرْت عَلَيْك أَنْ تَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَاتِ، وَقَوْلُ الْقَاضِي ذَلِكَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ هَذَا تَصَرَّفَ فَلَحِقَهُ بِذَلِكَ دُيُونٌ مِنْ التِّجَارَةِ الَّتِي أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ وَمِنْ التِّجَارَةِ الَّتِي لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ، وَخَاصَمَ أَرْبَابَ الدُّيُونِ إلَى الْقَاضِي فَأَبْطَلَ دُيُونَ الْغُرَمَاءِ الَّتِي لَحِقَتْهُ مِنْ تِجَارَةٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ النَّوْعِ، وَلَوْ رُفِعَ قَضَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى قَاضٍ آخَرُ لَا يَكُونُ لِذَلِكَ الْقَاضِي أَنْ يُبْطِلَ قَضَاءَهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْمُجْتَهِدَاتِ، كَذَلِكَ لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا، وَأَثْبَتَ دُيُونَ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ، وَلَا يَكُونُ لِقَاضٍ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُبْطِلَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي أَذِنَ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ عُزِلَ الْقَاضِي كَانَ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ عَلَى إذْنِهِمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَانَ لِلصَّغِيرِ أَوْ الْمَعْتُوهِ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ جَدٌّ أَبُو الْأَبِ فَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ فِي التِّجَارَةِ فَأَذِنَ لَهُ، وَأَبَى أَبُوهُ فَإِذْنُهُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَتْ وِلَايَةُ الْقَاضِي مُؤَخَّرَةً عَنْ وِلَايَةِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَحَجْرُهُمَا عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ فِي حَيَاةِ الْقَاضِي كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَإِنْ مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَحَجْرُهُ بَاطِلٌ، كَذَلِكَ لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ، إنَّمَا الْحَجْرُ عَلَيْهِ إلَى الْقَاضِي الَّذِي يَسْتَقْضِي بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ أَوْ عَزْلِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي نَوَادِرِ إبْرَاهِيمَ

الباب الثالث عشر في المتفرقات

عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَذِنَ الْقَاضِي لِعَبْدِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ وَالْوَصِيُّ كَارِهٌ جَازَ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا أَذِنَ الْقَاضِي لِعَبْدِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ، وَأَبُوهُ حَيٌّ كَارِهٌ جَازَ ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْمُغْنِي. وَفِي مَأْذُونِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْقَاضِي إذَا رَأَى الصَّغِيرَ أَوْ الْمَعْتُوهَ أَوْ عَبْدَ الصَّغِيرِ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ لَا يَكُونُ إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ قَالَ: وَالصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ آجَرَ وَاسْتَأْجَرَ يُوقَفُ ذَلِكَ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ إنْ رَأَى النَّفْعَ فِي الْإِجَازَةِ أَجَازَهُ، وَإِنْ رَأَى النَّفْعَ فِي النَّقْضِ نَقَضَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِابْنِهِ فِي التِّجَارَةِ، وَهُوَ صَغِيرٌ أَوْ مَعْتُوهٌ إلَّا أَنَّهُ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ أَوْ أَذِنَ لَهُ وَصِيُّهُ ثُمَّ إنَّ الْأَبَ أَوْ الْوَصِيَّ أَقَرَّ عَلَى أَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ أَوْ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ فِي يَدِهِ أَوْ مُضَارَبَةٍ فِي يَدِهِ أَوْ رَهْنٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِي يَدِهِ أَوْ جِنَايَةٍ فَإِنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَذَّبَهُمَا الصَّبِيُّ أَوْ الْمَعْتُوهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ عَلَى عَبْدِهِ بِالدَّيْنِ أَوْ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ أَقَرَّ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عَلَى عَبْدٍ مَأْذُونٍ لِهَذَا الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ إمَّا بِالدَّيْنِ أَوْ بِالْجِنَايَةِ كَانَ إقْرَارُهُ بَاطِلًا، وَإِنْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ أَوْ الْمَعْتُوهُ عَلَى عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِالدَّيْنِ أَوْ بِالْجِنَايَةِ أَوْ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ كَانَ إقْرَارُهُ جَائِزًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِابْنِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ صَحَّ حَجْرُهُ إذَا كَانَ الْحَجْرُ مِثْلَ الْإِذْنِ، كَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا أَذِنَ لِلصَّغِيرِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ يَصِحُّ حَجْرُهُ، كَذَلِكَ الْقَاضِي إذَا أَذِنَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لِلْمَعْتُوهِ أَوْ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ يَصِحُّ حَجْرُهُ إذَا كَانَ الْحَجْرُ مِثْلَ الْإِذْنِ، إذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِعَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَالِابْنُ صَغِيرٌ كَانَ مَوْتُهُ حَجْرًا لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَذِنَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ أَوْ لِعَبْدِهِ ثُمَّ مَاتَ، وَأَوْصَى إلَى آخَرَ فَمَوْتُهُ حَجْرٌ عَلَيْهِ، إذَا أَذِنَ الْقَاضِي ثُمَّ عُزِلَ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ فَهُوَ عَلَى إذْنِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ، وَوَرِثَهُ الْأَبُ فَهَذَا حَجْرٌ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ الِابْنِ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَذِنَ الْأَبُ لِعَبْدِ ابْنِهِ فِي التِّجَارَةِ فَأَدْرَكَ الِابْنُ فَهُوَ عَلَى إذْنِهِ، كَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ إذَا أَفَاقَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ مَاتَ الْأَبُ بَعْدَ إدْرَاكِ الصَّبِيِّ وَإِفَاقَةِ الْمَعْتُوهِ كَانَ الْعَبْدُ عَلَى إذْنِهِ. إذَا ارْتَدَّ الْأَبُ بَعْدَمَا أَذِنَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَحَجْرُهُ جَائِزٌ، وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَذَلِكَ حَجْرٌ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَاتَ وَابْنُهُ صَغِيرٌ، وَلَوْ أَذِنَ لِابْنِهِ فِي التِّجَارَةِ بَعْدَ رِدَّتِهِ فَبَاعَ وَاشْتَرَى، وَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَجَمِيعُ مَا صَنَعَ الِابْنُ مِنْ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ كَانَ جَمِيعُ مَا صَنَعَ الِابْنُ مِنْ ذَلِكَ بَاطِلًا، وَهَذَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَالذِّمِّيُّ فِي إذْنِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَعْتُوهِ فِي التِّجَارَةِ، وَهُوَ عَلَى دِينِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أُمِّهِ أَوْ بِإِسْلَامِ نَفْسِهِ بِأَنْ عَقَلَ فَأَسْلَمَ كَانَ إذْنُ الْأَبِ الذِّمِّيِّ لَهُ بَاطِلًا فَإِنْ أَسْلَمَ الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ الْإِذْنُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) مَنْ قَدِمَ مِصْرًا، وَقَالَ: أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ فَاشْتَرَى، وَبَاعَ لَزِمَهُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ التِّجَارَةِ، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَنْ يُخْبِرَ أَنَّ مَوْلَاهُ أَذِنَ لَهُ فَيُصَدَّقُ اسْتِحْسَانًا عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ، وَثَانِيَهُمَا أَنْ يَبِيعَ، وَيَشْتَرِي، وَلَا يُخْبِرَ بِشَيْءٍ، وَالْقِيَاسُ فِيهِ أَنْ لَا يَثْبُتَ الْإِذْنُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَثْبُتُ، إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مَأْذُونٌ صَحَّتْ تَصَرُّفَاتُهُ، وَلَزِمَتْهُ الدُّيُونُ فَتُسْتَوْفَى مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَسْبِ وَفَاءٌ لَمْ تُبَعْ رَقَبَتُهُ حَتَّى يَحْضُرَ سَيِّدُهُ فَإِنْ حَضَرَ مَوْلَاهُ، وَأَقَرَّ بِالْإِذْنِ بِيعَ فِي الدَّيْنِ، وَإِنْ قَالَ: هُوَ مَحْجُورٌ فَالْقَوْلُ لَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. مَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِعَمَلِ التِّجَارَةِ يُعْتَبَرُ الْعَبْدُ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ كَالْوَكِيلِ حَتَّى تُرَاعَى أَحْكَامُ الْوَكَالَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَا تُرَاعَى أَحْكَامُ الْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ حَتَّى يَرْجِعَ بِالْعُهْدَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَأْجِرَ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَ هُوَ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى عَبْدًا مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ حَتَّى تُرَاعَى أَحْكَامُ الْإِذْنِ بِالتِّجَارَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُغْنِي. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا مُشَاهَرَةً كُلُّ شَهْرٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ لِيَبِيعَ لَهُ، وَيَشْتَرِيَ مَا بَدَا لَهُ مِنْ التِّجَارَاتِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ فَإِنْ اشْتَرَى الْعَبْدُ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَبَاعَ كَمَا أَمَرَهُ فَلَحِقَتْهُ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ

فَالْغُرَمَاءُ لَا يُطَالِبُونَ الْمُسْتَأْجِرَ بِدُيُونِهِمْ، إنَّمَا يُطَالِبُونَ الْعَبْدَ، وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ الْأَدَاءِ بِنَفْسِهِ وَبَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُعْسِرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، وَلَيْسَ فِي يَدِ الْعَبْدِ كَسْبٌ فَالْعَبْدُ يُبَاعُ بِدُيُونِ الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى فَإِنْ فَدَاهُ الْمَوْلَى رَجَعَ بِمَا فَدَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَالْمَوْلَى هُوَ الَّذِي يَلِي الرُّجُوعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا سَبِيل لِلْعَبْدِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَبَى الْمَوْلَى الْفِدَاءَ وَبِيعَ الْعَبْدُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَدَيْنُ الْغُرَمَاءِ مَثَلًا عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ قُسِّمَ الْأَلْفُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ، وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِمْ بَعْدَمَا بِيعَ الْعَبْدُ لَهُمْ حَتَّى يُعْتَقَ الْعَبْدُ فَإِذَا أُعْتِقَ أَتْبَعُوهُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ: وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِثَمَنِ الْعَبْدِ، ذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ. وَيُسَلِّمُ ذَلِكَ لِلْمَوْلَى، وَلَا يَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ، وَيَنْصِبُ الْقَاضِي وَكِيلًا لِلْغُرَمَاءِ حَتَّى يُطَالِبَ الْمُسْتَأْجِرَ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِمْ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ أَنَّ الْمَوْلَى يُخَاصِمُ الْمُسْتَأْجِرَ، وَيَقْبِضُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَيُسَلِّمُ إلَى الْغُرَمَاءِ قَالَ الْحَاكِمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ فِي الرِّوَايَةِ. وَالْمَوْلَى هُوَ الَّذِي يُخَاصِمُ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَأْذُونِ فَإِنْ امْتَنَعَ عَنْ الْخُصُومَةِ فَالْقَاضِي يَنْصِبُ وَكِيلًا كَمَا ذَكَرَ هَا هُنَا كَذَا فِي الْمُغْنِي فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ شَيْئًا، وَتَرَكَ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ يَقْسِمُ ذَلِكَ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْغُرَمَاءِ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِلْمَوْلَى وَتِسْعَةُ أَسْهُمٍ لِلْغُرَمَاءِ، وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يُبَعْ بِالدَّيْنِ حَتَّى وُهِبَ لَهُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمِ، وَأَبَى الْمَوْلَى الْفِدَاءَ يُبَاعُ الْعَبْدَانِ بِالدَّيْنِ، وَسَوَّى فِي الْكِتَابِ بَيْنَهُمَا إذَا وُهِبَ لَهُ عَبْدٌ بَعْدَمَا لَحِقَهُ دَيْنٌ وَبَيْنَمَا إذَا وُهِبَ لَهُ عَبْدٌ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ إذَا وَجَبَ بَيْعُ الْمَوْهُوبِ مَعَ الْمَأْذُونِ وَبِيعَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ مَثَلًا يُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ، وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِثَمَنِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ. وَلَا يَرْجِعُ بِثَمَنِ الْعَبْدِ الْمَوْهُوبِ، وَيَنْصِبُ الْقَاضِي وَكِيلًا لِيُطَالِبَ الْمُسْتَأْجِرَ بِتِسْعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ بَقِيَّةُ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ وَأَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ الْعَبْدِ الْمَوْهُوبِ، وَيُسَلِّمُ ذَلِكَ لِلْمَوْلَى، وَلَوْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا مِنْ ثَمَنِ الْمَأْذُونِ وَثَمَنِ الْمَوْهُوبِ وَمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ حَتَّى مَاتَ وَتَرَكَ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ قُسِّمَ ذَلِكَ عَلَى عَشْرَةِ أَسْهُمٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، وَأَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ الْعَبْدِ الْمَوْهُوبِ، وَثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ لِلْغُرَمَاءِ فَمَا أَصَابَ ثَمَنُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فَهُوَ لِلْمَوْلَى. وَمَا أَصَابَ ثَمَانِيَةِ آلَافٍ دِرْهَم فَهُوَ لِلْغُرَمَاءِ، كَذَلِكَ مَا أَصَابَ ثَمَنُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَهُوَ لِلْغُرَمَاءِ لَا يَكُونُ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ سَبِيلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَمْ يَقْبِضُوا شَيْئًا مِنْ دُيُونِهِمْ حَتَّى وَهَبُوا ذَلِكَ لِلْعَبْدِ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْهُ بَعْدَمَا بِيعَ الْعَبْدُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ بَعْدَمَا مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يُبَعْ، وَإِنْ بِيعَ فَالْمَوْلَى يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِذَلِكَ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ حِينَ اسْتَأْجَرَ اسْتَأْجَرَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ الْبَزَّ خَاصَّةً وَيَبِيعَ فَاشْتَرَى الْبَزَّ وَبَاعَ فَمَا رَبِحَ فِيهِ فَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَمَا كَانَ مِنْ وَضِيعَةٍ فَهُوَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَوْ اشْتَرَى الْخَزَّ وَبَاعَ. وَرَبِحَ فِيهِ فَهُوَ لِلْمَوْلَى لَا يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَمَا كَانَ مِنْ وَضِيعَةٍ فَهُوَ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ يُبَاعُ فِيهِ، وَلَا يَكُونُ عَلَى الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ مِنْ رَجُلٍ كُرَّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ بِثَمَانِينَ دِرْهَمًا فَصَبَّ الْعَبْدُ فِيهِ مَاءً قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَأَفْسَدَهُ فَصَارَ يُسَاوِي ثَمَانِينَ دِرْهَمًا ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ بَعْدَ ذَلِكَ صَبَّ فِيهِ مَاءً فَأَفْسَدَهُ فَصَارَ يُسَاوِي سِتِّينَ دِرْهَمًا فَالْمَأْذُونُ بِالْخِيَارِ فَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَ الْكُرِّ أَخَذَهُ بِأَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ دِرْهَمًا، وَإِنْ تَرَكَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِمَا أَفْسَدَهُ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي صَبَّ فِيهِ الْمَاءَ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُشْتَرِي صَبَّ فِيهِ الْمَاءَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ، وَيُؤَدِّي أَرْبَعَةً وَسِتِّينَ دِرْهَمًا، كَذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ، وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَرَضًا أَفْسَدَهُ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا ثُمَّ أَفْسَدَهُ الْبَائِعُ فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَخَذَهُ وَسَقَطَ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَهُ الْبَائِعُ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَأَدَّى مِنْ الثَّمَنِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَهُ الْمُشْتَرِي. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَفْسَدَهُ بَعْدَ الْبَائِعِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَسَقَطَ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَهُ الْبَائِعُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْمَالُ لِلْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمَوْلَى فَرَهَنَهُ بِهِ رَهْنًا، وَوَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فَضَاعَ، وَذَهَبَ بِمَا فِيهِ بَرِئَ الْمَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. إذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ كُرَّ تَمْرٍ جَيِّدٍ بِعَيْنِهِ بِكُرٍّ رَدِيءٍ بِعَيْنِهِ فَصَبَّ الْعَبْدُ فِي الْكُرِّ الَّذِي اشْتَرَاهُ مَاءً فَأَفْسَدَهُ

ثُمَّ صَبَّ الْبَائِعُ فِيهِ مَاءً فَأَفْسَدَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَدَفَعَ الْكُرَّ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِنُقْصَانِ الْكُرِّ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي صَبَّ فِيهِ الْمَاءَ بَعْدَ الْبَائِعِ لَزِمَهُ الْكُرُّ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِعَيْبٍ إنْ وَجَدَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ بِالتَّعَيُّبِ الْحَاصِلِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمَا صَبَّ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَبٌ أَوْ وَصِيُّ أَمَةً لِلصَّغِيرِ أَوْ الْمَعْتُوهِ وَهِيَ ذَاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَعْتُوهِ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهِمَا، إنَّمَا يَنْفُذُ عَلَى الْأَبِ وَالْوَصِيِّ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا بَاعَ الْمَأْذُونُ مِنْ رَجُلٍ عَشْرَةَ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةٍ وَعَشْرَةَ أَقْفِزَةٍ شَعِيرٍ فَقَالَ أَبِيعُك هَذِهِ الْعَشَرَةَ الْأَقْفِزَةِ حِنْطَةً وَهَذِهِ الْعَشَرَةَ الْأَقْفِزَةَ شَعِيرًا كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فَإِنْ تَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ بِالْحِنْطَةِ عَيْبًا رَدَّهَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ عَلَى حِسَابِ كُلِّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: الْقَفِيزُ بِدِرْهَمٍ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ قَفِيزٍ مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ بِالْحِنْطَةِ عَيْبًا فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا عَلَى حِسَابِ كُلِّ قَفِيزٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالنِّصْفُ مِنْ الشَّعِيرِ بِدِرْهَمٍ، ذَلِكَ بِأَنْ يَقْسِمَ جَمِيعَ الثَّمَنِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا عَلَى قِيمَةِ الْحِنْطَةِ وَقِيمَةِ الشَّعِيرِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحِنْطَةِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَقِيمَةُ الشَّعِيرِ عَشَرَةً رَدَّ الْحِنْطَةَ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: الْقَفِيزُ مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ فَهَذَا، وَقَوْلُهُ كُلُّ قَفِيزٍ مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ سَوَاءٌ، وَلَوْ قَالَ: أَبِيعُك هَذِهِ الْحِنْطَةَ، وَهَذَا الشَّعِيرَ وَلَمْ يُسَمِّ كَيْلَهُمَا كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يُعْلَمَ الْكَيْلُ كُلُّهُ فَإِنْ أَعْلَمَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ كُلَّ قَفِيزِ حِنْطَةٍ بِدِرْهَمٍ، وَكُلَّ قَفِيزِ شَعِيرٍ بِدِرْهَمٍ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَعِنْدَهُمَا الْبَيْعُ جَائِزٌ كُلُّ قَفِيزٍ مِنْ الْحِنْطَةِ بِدِرْهَمٍ وَكُلُّ قَفِيزٍ مِنْ الشَّعِيرِ بِدِرْهَمٍ لَوْ قَالَ: كُلُّ قَفِيزِ شَعِيرٍ بِدِرْهَمٍ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ قَفِيزٍ مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ كَانَ الْبَيْعُ وَاقِعًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى قَفِيزٍ وَاحِدٍ نِصْفُهُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَنِصْفُهُ مِنْ الشَّعِيرِ بِدِرْهَمٍ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْقَفِيزِ الْوَاحِدِ إذَا عَلِمَ بِكَيْلِ ذَلِكَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ كُلَّ قَفِيزٍ مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْبَيْعُ لَازِمٌ لَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كُلُّ قَفِيزٍ مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ نِصْفُهُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَنِصْفُهُ مِنْ الشَّعِيرِ وَلَوْ قَالَ: أَبِيعُك هَذِهِ الْحِنْطَةَ عَلَى أَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ كُرٍّ فَاشْتَرَاهَا عَلَى ذَلِكَ فَوَجَدَهَا أَقَلَّ مِنْ كُرٍّ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَإِنْ وَجَدَهَا كُرًّا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ كُرٍّ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّهَا كُرٌّ أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ فَإِنْ وَجَدَهَا كُرًّا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ وَجَدَهَا أَكْثَرَ مِنْ كُرٍّ لَزِمَ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ كُرٌّ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُنْقِصَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْكُرِّ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّهَا كُرٌّ أَوْ أَكْثَرُ فَوَجَدَهَا كَذَلِكَ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ وَجَدَهَا أَقَلَّ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَوْجُودَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إذَا قَسَمَ عَلَى كُرٍّ. وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ مَأْذُونٍ شَيْئًا فَأَنْكَرَ اخْتَلَفُوا فِي تَحْلِيفِهِ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ يَحْلِفُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ مِنْ رَجُلٍ عَشَرَةَ أَرْطَالِ زَيْتٍ بِدِرْهَمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَهُ فِي قَارُورَةٍ جَاءَ بِهَا فَكَالَ الْبَائِعُ الزَّيْتَ فِي الْقَارُورَةِ فَلَمَّا كَالَ فِيهَا رَطْلَيْنِ انْكَسَرَتْ، وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمَانِ فَكَالَ بَعْدَ ذَلِكَ جَمِيعَ مَا بَاعَهُ مِنْ الزَّيْتِ فِيهَا فَسَالَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ الْعَبْدَ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا ثَمَنُ الرِّطْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الرِّطْلُ الْأَوَّلُ لَمْ يَنْسَلَّ كُلُّهُ حِينَ صَبَّ الْبَائِعُ الرِّطْلَ الثَّانِي فِيهَا فَالْبَائِعُ ضَامِنٌ لِمَا بَقِيَ مِنْ الرِّطْلِ الْأَوَّلِ فِي الْقَارُورَةِ. وَلَوْ كَانَتْ الْقَارُورَةُ مَكْسُورَةً حِينَ دَفَعَهَا إلَيْهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَ فِيهَا وَلَا يَعْلَمَانِ بِذَلِكَ فَكَالَ الْبَائِعُ فِيهَا عَشْرَةَ أَرْطَالٍ فَسَالَتْ كُلُّهَا فَالثَّمَنُ كُلُّهُ لَازِمٌ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ أَذِنَ لِمُدَبَّرِهِ فِي التِّجَارَةِ فَأَمَرَ رَجُلٌ هَذَا الْمُدَبَّرَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى جَارِيَةً كَمَا أَمَرَهُ، وَدَفَعَهَا إلَى الْآمِرِ فَمَاتَتْ عِنْدَهُ أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا أَوْ مَاتَتْ فِي يَدِ الْمُدَبَّرِ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعهَا إلَى الْآمِرِ فَذَلِكَ سَوَاءٌ تَهْلِكُ عَلَى الْآمِرِ وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَتْبَعَ الْمُدَبَّرَ بِالثَّمَنِ، وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَتْبَعَ الْآمِرَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِذَا أَتْبَعَ الْمُدَبَّرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَهُ فِي الثَّمَنِ وَلِلْمُدَبَّرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ بِنَفْسِهِ وَقَبْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُدَبَّرِ وَلَا عِنْدَ الْآمِرِ شَيْءٌ فَجَاءَ عَبْدٌ، وَقَطَعَ يَدَ الْمُدَبَّرِ وَدَفَعَ الْعَبْدَ بِالْجِنَايَةِ وَاكْتَسَبَ الْمُدَبَّرُ جَارِيَةً بِتِجَارَةٍ أَوْ هِبَةٍ فَإِنَّ

الْعَبْدَ الْمَدْفُوعَ بِالْجِنَايَةِ وَالْجَارِيَةَ الْمَكْسُوبَةَ يُبَاعَانِ بِدَيْنِ الْمُدَبَّرِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُمَا الْمَوْلَى فَإِنْ فَدَاهُمَا الْمَوْلَى رَجَعَ بِجَمِيعِ الْفِدَاءِ عَلَى الْآمِرِ. وَاَلَّذِي يَلِي الرُّجُوعَ هُوَ الْمَوْلَى دُونَ الْمُدَبَّرِ وَإِنْ أَبَى الْمَوْلَى الْفِدَاءَ بِيعَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَخَذَ الْبَائِعُ جَمِيعَ ذَلِكَ بِدَيْنِهِ، وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى بِثَمَنِ الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ عَلَى الْآمِرِ، وَلَا يَرْجِعُ بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ الْمُكْتَسَبَةِ، وَلَكِنَّ الْمُدَبَّرَ يَرْجِعُ بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ الْمُكْتَسَبَةِ، وَبِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِ الْبَائِعِ عَلَى الْآمِرِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ يَصْرِفُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ مِنْهَا إلَى الْبَائِعِ بَقِيَّةَ دَيْنِهِ إذْ كَانَ دَيْنُهُ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَتُصْرَفُ الْأَلْفُ الْأُخْرَى إلَى الْمَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمُدَبَّرُ وَلَا الْمَوْلَى شَيْئًا مِنْ الْآمِرِ حَتَّى مَاتَ الْآمِرُ وَتَرَكَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ يُقْسَمُ ذَلِكَ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٌ يُصْرَفُ إلَى الْمَوْلَى، وَأَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ تُصْرَفُ إلَى الْمُدَبَّرِ حَتَّى يَدْفَعَ ذَلِكَ إلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ لَمْ يَقْطَعْ يَدَ الْمُدَبَّرِ وَلَكِنَّهُ قُتِلَ خَطَأً وَغَرِمَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ صُرِفَ ذَلِكَ إلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْمُدَبَّرِ عَلَى الْآمِرِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْعَبْدِ الْمَوْهُوبِ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَإِذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ جَارِيَةً فَقَبَضَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ فَمَاتَتْ عِنْدَهُ أَوْ قَتَلَهَا مَوْلَاهُ وَلَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ أَعْتَقَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ أَنْ يُضَمِّنَ الْعَبْدَ وَلَا الْمَوْلَى قِيمَتَهَا، وَلَكِنَّهُ يُطَالِبُ الْعَبْدَ بِالثَّمَنِ فَيُبَاعُ لَهُ فِيهِ فَإِنْ نَقَصَ ثَمَنُهُ عَنْ حَقِّهِ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى تَمَامُ ذَلِكَ مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ الَّتِي اسْتَهْلَكَهَا، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِهَا فَقَبَضَهَا فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ قِيمَتَهَا لِلْبَائِعِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهَا الْوَكِيلُ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُحْلِلَهُ وَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَمَا أَحْرَمَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُحْلِلَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ عَبْدَيْنِ تَاجِرَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِرَجُلٍ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ مِنْ مَوْلَاهُ فَإِنْ عُلِمَ أَيُّهُمَا أَوَّلُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَشِرَاءُ الْأَوَّلِ لِصَاحِبِهِ جَائِزٌ ثُمَّ قَدْ صَارَ هَذَا الْمُشْتَرَى مِلْكًا لِمَوْلَى الْمُشْتَرِي، وَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَشِرَاءُ الثَّانِي مِنْ مَوْلَاهُ بَاطِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّ الْبَيْعَيْنِ أَوَّلَ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ كُلُّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَصَلَا مَعًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ شِرَاءُ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَجْبُرَ ذَلِكَ غُرَمَاؤُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ إقْرَارِ الْعَبْدِ فِي مَرَضِهِ. فِي الْمُنْتَقَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا وَكَّلَ وَكِيلًا بِقَضَاءِ دَيْنِهِ أَوْ اقْتِضَائِهِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ الْمَوْلَى فَقَضَى الْوَكِيلُ أَوْ اقْتَضَاهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْحَجْرِ فَهُوَ جَائِزٌ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُول: هُوَ جَائِزٌ عَلِمَ بِالْحَجْرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَزَعَمَ أَنَّهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِيهِ أَيْضًا عَبْدٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ اشْتَرَى ثَوْبًا، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَوْلَى بِذَلِكَ حَتَّى بَاعَ الْعَبْدُ ثُمَّ أَجَازَ شِرَاءَهُ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَاعَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَوْلَى بِهِ فَبَاعَ الْعَبْدُ ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ جَازَ كَذَا فِي الزَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ تَاجِرًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ إنَّ مَوْلَى الْعَبْدِ وَهَبَ الْعَبْدَ لِلْغَرِيمِ وَقَبَضَهُ جَازَتْ الْهِبَةُ، وَالدَّيْنُ لَازِمٌ عَلَيْهِ لِمَوْلَى الْعَبْدِ عَلَى حَالِهِ. وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ دَيْنٌ خَمْسِمِائَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَكَفَلَ لِرَجُلٍ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ ثُمَّ اسْتَدَانَ أَلْفًا أُخْرَى ثُمَّ كَفَلَ بِأَلْفٍ أُخْرَى ثُمَّ بِيعَ الْعَبْدُ بِأَلْفٍ فَنَقُولُ: أَمَّا الْكَفَالَةُ الْأُولَى فَيَبْطُلُ نِصْفُهَا وَيَضْرِبُ صَاحِبُهَا بِنِصْفِهَا فِي ثَمَنِهِ، وَالْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ فَيَضْرِبُ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَصَاحِبُ الدَّيْنِ الثَّانِي بِجَمِيعِ دَيْنِهِ، وَهُوَ أَلْفٌ، وَصَاحِبُ الْكَفَالَةِ الْأُولَى بِخَمْسِمِائَةٍ فَيَصِيرُ ثَمَنُ الْعَبْدِ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا غَيْرَ أَنَّك تَجْعَلُ كُلَّ خَمْسِمِائَةٍ سَهْمًا فَقَدْرُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ يُسَلَّمُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ وَمِثْلُهُ لِصَاحِبِ الْكَفَالَةِ الْأُولَى، وَمِقْدَارُ خَمْسِمِائَةٍ لِغَرِيمِ الْعَبْدِ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ إقْرَارِ الْعَبْدِ فِي مَرَضِهِ. وَلَوْ قَالَ: أَبِيعُكَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَى أَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ أَلْفِ ذِرَاعٍ فَوَجَدَهَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ ذِرَاعٍ فَإِنْ وَجَدَهَا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ، وَإِنْ وَجَدَهَا أَلْفَ ذِرَاعٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَإِذَا اخْتَارَ الْأَخْذَ لَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ بَيْعِ الْمَأْذُونِ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ صِنْفَيْنِ. الْعَبْدُ إذَا أَوْدَعَ إنْسَانًا شَيْئًا لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى أَخْذَ الْوَدِيعَةِ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا أَوْ مَحْجُورًا وَلَوْ أَنَّ الْمُوَدِّعَ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَوْلَاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنَّهُ عَشْرَةُ أَذْرُعٍ فَوَجَدَهُ ثَمَانِيَةً فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُك عَلَى أَنَّهُ ثَمَانِيَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ

يَمِينِهِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت الْعَبْدَ عَلَى أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ خَبَّازٌ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُهُ بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ تَحَالَفَا، وَتَرَادَّا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ بَيْعِ الْمَأْذُونِ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ صِنْفَيْنِ. وَفِي بَابِ الْحَجْرِ مِنْ الْمُنْتَقَى إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ الْمَوْلَى، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَهُوَ مُؤَجَّلٌ كَذَا فِي الْمُغْنِي. وَفِي الْمُنْتَقَى عَبْدٌ مَأْذُونٌ حَجَرَ عَلَيْهِ الْمَوْلَى، وَنَهَى غُرَمَاءَهُ أَنْ يُعْطُوهُ مِنْ دَيْنِهِ شَيْئًا قَالَ: إنْ أَعْطَاهُ الْغُرَمَاءُ بَرِئُوا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَوْلَى بَاعَ عَبْدًا، وَأَعْطَاهُ الْغُرَمَاءُ بَعْدَمَا بَاعَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَهَنَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ، وَأَبَقَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُضَمِّنُوا الْمُرْتَهِنَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْعَبْدُ الرَّهْنُ يَأْمُرُهُ مَوْلَاهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَفَعَلَ فَلَزِمَهُ فِي ذَلِكَ دَيْنٌ قَالَ: الرَّهْنُ عَلَى حَالِهِ وَلَكِنْ لَا سَبِيلَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَى الْعَبْدِ مَا دَامَ رَهْنًا كَذَا فِي الْمُغْنِي. الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا الْتَقَطَ لَقِيطًا وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَقَالَ الْمَوْلَى: كَذَبْت بَلْ هُوَ عَبْدِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْذُونِ ثُمَّ تَثْبُتُ الْحُرِّيَّةُ لِلَّقِيطِ بَعْدَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا يَجُوزُ مِنْ الْحُرِّ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهَا وَقَبَضَهَا، وَنَقَدَ الثَّمَنَ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ إنْ رَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَقَبَضَهَا وَبَاعَهَا نَفَذَ بَيْعُهُ فَإِنْ مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهُ الثَّمَنَ فَلَا سَبِيلَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْجَارِيَةِ وَلَكِنَّهُ يَتْبَعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ مَاتَتْ فِي يَدِهِ أَوْ قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ آخَرُ حَتَّى غَرِمَ قِيمَتَهَا فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَطِئَهَا وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ أَوْ جَنَى عَلَيْهَا جِنَايَةً أَوْ أَصَابَهَا عَيْبٌ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ ثُمَّ مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهَا وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ الْوَاطِئُ أَوْ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا فَوَجَبَ الْعُقْرُ أَوْ الْأَرْشُ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ عَلَى الْجَارِيَةِ سَبِيلٌ، وَلَوْ كَانَ حَدَثَ فِيهَا عَيْبٌ مِنْ فِعْلِ الْجَانِي الْأَجْنَبِيِّ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَارِيَةَ. وَأَتْبَعَ الْجَانِيَ بِمُوجِبِ مَا أَحْدَثَهُ فِيهَا مِنْ وَطْءٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَإِنْ سَلَّمَهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتْبَعَ الْأَجْنَبِيَّ بِذَلِكَ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْأَجْنَبِيُّ وَطِئَهَا، وَهِيَ بِكْرٌ حَتَّى تَمَكَّنَ نُقْصَانٌ فِي مَالِيَّتِهَا فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ شَيْئًا أَخَذَهَا الْبَائِعُ، وَأَخَذَ عُقْرَهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي تَرْكِهَا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي قَطَعَ يَدَ الْجَارِيَةِ أَوْ افْتَضَّهَا، وَهِيَ بِكْرٌ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَنِصْفَ ثَمَنِهَا فِي الْقَطْعِ، وَإِنْ كَانَ افْتَضَّهَا لَمْ يُنْظَرْ إلَى عُقْرِهَا وَلَكِنْ يُنْظَرُ إلَى مَا نَقَصَهَا الْوَطْءُ مِنْ قِيمَتِهَا فَيَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي حِصَّةَ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُنْظَرُ إلَى الْأَكْثَرِ مِنْ عُقْرِهَا وَمِمَّا نَقَصَهُ الْوَطْءُ مِنْ قِيمَتِهَا فَيَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي حِصَّةُ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِهَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ شَيْئًا أَخَذَهَا الْبَائِعُ. وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْوَطْءِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهَا، وَعَلَى عُقْرِهَا فَيَأْخُذُهَا الْبَائِعُ وَحِصَّةَ الْعُقْرِ مِنْ ثَمَنِهَا، وَلَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ وَلَدًا فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ مَضَتْ الْأَيَّامُ وَهُمَا حَيَّيْنٍ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ فَالْجَارِيَةُ وَوَلَدُهَا لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَنَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَلَمْ تَلِدْ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ، وَلَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ مَاتَتْ، وَبَقِيَ وَلَدُهَا فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ الْوَلَدَ لِلْمُشْتَرِي، وَأَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْوَلَدَ، وَرَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِحِصَّةِ الْأُمِّ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. عَبْدٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَدَانَ دُيُونًا فَنَهَى مَوْلَاهُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الْعَبْدِ فَقَضَاهُ الْغَرِيمُ فَإِنْ كَانَ رَدَّ عَلَى الْعَبْدِ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ بِأَعْيَانِهَا فَهُوَ بَرِيءٌ وَإِنْ قَضَى غَيْرَهَا لَمْ يَبْرَأْ

وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْرَأُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى الْجَارِيَةَ بِعَرَضٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِ الْبَائِعَ ذَلِكَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْخِيَارِ فَإِنْ حَدَثَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبٌ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي أَوْ فَقَأَ عَيْنَهَا أَوْ وَطِئَهَا، وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ الْبَائِعُ فَهَذَا، وَمَا وَصَفْنَا مِنْ الدَّرَاهِمِ سَوَاءٌ، وَلَوْ مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ مَا شَرَطَهُ ثُمَّ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ قَتَلَهَا كَانَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهَا، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى ثَمَنِهَا، وَلَوْ ذَهَبَتْ عَيْنُهَا أَوْ فَقَأَهَا الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ وَنِصْفَ قِيمَتِهَا وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الثَّمَنِ، وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيٌّ فَقَأَ عَيْنَهَا أَوْ قَتَلَهَا كَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهَا فِي الْقَتْلِ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي حَالًّا وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ، وَأَمَّا فِي فَقْءِ الْعَيْنِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَأْخُذُ الْجَارِيَةَ، وَيَتْبَعُ بِأَرْشِ الْعَيْنِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْجَانِيَ أَيَّهُمَا شَاءَ حَالًّا فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْجَانِي، وَلَا سَبِيلَ لِلْبَائِعِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ عَلَى الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. عَبْدٌ مَأْذُونٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ خَمْسُمِائَةٍ بَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ غَرِيمِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَيَكُونُ لَهُ خَمْسُمِائَةٍ دَيْنُهُ، وَيُؤَدِّي خَمْسَمِائَةٍ أُخْرَى إلَى الْمَوْلَى فَلَمْ يَحْكُمْ بِسُقُوطِ دَيْنِ الْغَرِيمِ هُنَا حَتَّى قَالَ: خَمْسُمِائَةٍ دَيْنُهُ مَعَ أَنَّهُ مِلْكُ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ الْمَأْذُونُ أَوْ الْحُرُّ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَقَابَضَا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ إنْ رَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِي وَطِئَ الْجَارِيَةَ، وَفَقَأَ عَيْنَهَا فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ رَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ جَارِيَتَهُ، وَيُضَمِّنَ الْمُشْتَرِي بِالْوَطْءِ عُقْرَهَا، وَفِي الْفَقْءِ نِصْفُ قِيمَتِهَا، وَإِنْ مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ تَمَّ الْبَيْعُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْعُقْرِ وَالْأَرْشِ، وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيٌّ فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ رَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ أَخَذَ جَارِيَتَهُ وَنِصْفَ قِيمَتِهَا فِي فَقْءِ الْعَيْنِ إنْ شَاءَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَيَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْفَاقِئِ، وَإِنْ شَاءَ مِنْ الْفَاقِئِ، وَفِي الْوَطْءِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَا يُنْقِصُهَا الْوَطْءُ أَخَذَهَا الْبَائِعُ، وَأَتْبَعَ الْوَاطِئَ بِعُقْرِهَا وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ لَمْ يَرُدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ حَتَّى مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ تَمَّ الْبَيْعُ وَأَتْبَعَ الْمُشْتَرِي الْفَاقِئَ أَوْ الْوَاطِئَ بِالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي وَطِئَهَا، وَفَقَأَ عَيْنَهَا فَقَدْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ إنْ رَدَّ الثَّمَنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرُدَّ، وَيَأْخُذُ جَارِيَتَهُ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ، وَلَمْ يَرُدَّ الثَّمَنَ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ وَالْعُقْرُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مِنْ الْجَامِعِ الْمَوْلَى إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْجَانِي فِي التِّجَارَةِ، وَلَحِقَهُ دَيْنٌ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ آجَرَهُ لَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْعَبْدِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدُ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ، وَقَبَضَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْجَارِيَةِ، وَلَا يَدْرِي مَا حَالُهَا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا ابْنَتُهُ، وَصَدَّقَهُ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي وَالْعَبْدُ فَالْجَارِيَةُ بِنْتُ الرَّجُلِ تُرَدُّ إلَيْهِ، وَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ، وَقَبَضَهَا مِنْهُ فَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِذَلِكَ انْتَقَضَتْ الْبُيُوعُ كُلُّهَا، وَتَرَاجَعُوا بِالثَّمَنِ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ بِمَحْضَرٍ مِنْهَا، وَقَبَضَهَا، وَهِيَ سَاكِتَةٌ لَا تُنْكِرُ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ، وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ أَنَّهَا ابْنَتُهُ، وَصَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ الْمَأْذُونُ وَالْجَارِيَةُ وَالْمُشْتَرِي، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْبَائِعُ مِنْ الْعَبْدِ فَالْجَارِيَةُ حُرَّةٌ بِنْتُ الَّذِي ادَّعَاهَا بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْآخَرُ أَنَّ الَّذِي بَاعَهَا مِنْ الْعَبْدِ كَانَ أَعْتَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ وَلَدَتْ لَهُ، وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ فَإِقْرَارُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَبْدِ بِذَلِكَ صَحِيحٌ، وَتَصْدِيقُ الْعَبْدِ إيَّاهُ بِذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِالْحُرِّيَّةِ فَهِيَ حُرَّةٌ مَوْقُوفَةُ الْوَلَاءِ وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ فِيهَا بِتَدْبِيرٍ أَوْ وِلَادَةٍ فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ فَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ عَتَقَتْ، وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْعَبْدِ حَتَّى يُعْتَقَ فَيَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ مُنْكِرًا جَمِيعَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ فِي هَذَا الْفَصْلِ بَعْدَ الْعِتْقِ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ ادَّعَى أَنَّ الَّذِي بَاعَهَا مِنْ الْعَبْدِ كَانَ كَاتَبَهَا قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا، وَصَدَّقَهُ الْمَأْذُونُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُ وَادَّعَتْ الْأَمَةُ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ مُكَاتَبَةً، وَهِيَ أَمَةٌ لِلْمُشْتَرِي يَبِيعُهَا إنْ شَاءَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كتاب الغصب وهو مشتمل على أربعة عشر بابا

[كِتَابُ الْغَصْبِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْغَصْبِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ] (كِتَابُ الْغَصْبِ) (وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْغَصْبِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ وَمَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ مِنْ بَيَانِ الْمِثْلِيَّاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَمَّا تَفْسِيرُهُ شَرْعًا فَهُوَ أَخْذُ مَالٍ مُتَقَوِّمٍ مُحْتَرَمٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ عَلَى وَجْهٍ يُزِيلُ يَدَ الْمَالِكِ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ يَقْصُرُ يَدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَصْبٍ وَمَنْ مَنَعَ مَالِكَهُ مِنْ حِفْظِ مَالَهُ حَتَّى هَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَأَمَّا شَرْطُهُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَوْنُ الْمَأْخُوذِ مَنْقُولًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ حَتَّى إنَّ غَصْبَ الْعَقَارِ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَأَمَّا حُكْمُهُ فَالْإِثْمُ وَالْمَغْرَمُ عِنْدَ الْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ بِدُونِ الْعِلْمِ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مَالُهُ أَوْ اشْتَرَى عَيْنًا ثُمَّ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُهُ فَالْمَغْرَمُ وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ عَيْنِهِ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رَدِّ عَيْنِهِ بِهَلَاكِهِ فِي يَدِهِ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مِثْلِهِ بِالِانْقِطَاعِ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَوْمَ الْغَصْبِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَوْمَ الِانْقِطَاعِ كَذَا فِي الْكَافِي. . وَإِنْ غَصَبَ مَا لَا مِثْلَ لَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ يَوْمِ الْغَصْبِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَحَدُّ الِانْقِطَاعِ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي السُّوقِ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ فِي الْبُيُوتِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ كَانُوا يُفْتُونَ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الْكَبِيرُ بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا أَفْتَوْا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكِفَايَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّرْفِ. ذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْغَصْبِ لَيْسَ كُلُّ مَكِيلٍ مِثْلِيًّا وَلَا كُلُّ مَوْزُونٍ وَإِنَّمَا الْمِثْلِيُّ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ مَا هُوَ مُتَقَارِبٌ وَأَمَّا مَا هُوَ مُتَفَاوِتٌ فَلَيْسَ بِمِثْلِيٍّ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ كُلِّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَيْلًا وَعَدَدًا وَوَزْنًا وَالْمُتَفَاوِتَةِ كُلِّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَمَا تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فِي الْقِيمَةِ فَهُوَ عَدَدِيٌّ مُتَفَاوِتٌ وَمَا لَا تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ وَإِنَّمَا تَتَفَاوَتُ أَنْوَاعُهُ كَالْبَاذِنْجَانِ فَهُوَ مُتَقَارِبٌ مِثْلِيٌّ فَعَلَى قِيَاسِ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْبَصَلُ وَالثُّومُ مِثْلِيَّيْنِ وَصَغِيرُ الْبَيْضِ وَكَبِيرُهُ سَوَاءٌ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِهِ الصَّحِيحَ أَنَّ النُّحَاسَ وَالصُّفْرَ مِثْلِيَّانِ وَالْمِشْمِشَ وَالْخَوْخَ كُلَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ؛ لِأَنَّهَا عَدَدِيٌّ مُتَقَارِبٌ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ الْعِنَبُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُ وَأَلْوَانُهُ وَكَذَا الزَّبِيبُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الرِّبَا. ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مَنْ أَتْلَفَ عَلَى آخَرَ جُبْنَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَلَمْ يَجْعَلْ الْجُبْنَ مِثْلِيًّا مَعَ أَنَّهُ مَوْزُونٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَفَاوِتٌ فِي نَفْسِهِ تَفَاوُتًا فَاحِشًا وَإِنْ اُعْتُبِرَ مِثْلِيًّا فِي حَقِّ جَوَازِ السَّلَمِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالشَّحْمُ مِثْلِيٌّ وَالْفَحْمُ مِثْلِيٌّ وَالتُّرَابُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَالْغَزْلُ مِثْلِيٌّ وَكَذَا الْمَصْبُوغُ مِنْهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي الْفَتَاوَى الْخَلُّ وَالْعَصِيرُ مِثْلِيَّانِ وَكَذَا الدَّقِيقُ وَالنُّخَالَةُ وَالْجِصُّ وَالنُّورَةُ وَالْقُطْنُ وَغَزْلُهُ وَالصُّوفُ وَغَزْلُهُ وَالتِّبْنُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ وَالْكَتَّانُ وَالْإِبْرَيْسَمُ وَالرَّصَاصُ وَالشِّبْهُ وَالْحَدِيدُ وَالْحِنَّاءُ وَالْوَسْمَةُ وَالرَّيَاحِينُ الْيَابِسَةُ كُلُّهَا مِثْلِيٌّ وَالْجَمْدُ مِثْلِيٌّ فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ قِيَمِيٌّ وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّ الْمَاءَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَالْكَاغَدُ مِثْلِيٌّ وَالرُّمَّانُ وَالسَّفَرْجَلُ وَالْقِثَّاءُ وَالْقَثَدُ وَالْبِطِّيخُ كُلُّهَا مِمَّا يَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فَيَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَالصَّابُونُ والسكنجبين والكاشكر مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ كُلُّ مَوْزُونَيْنِ إذَا اخْتَلَطَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا يَخْرُجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا وَيَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ. وَإِنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْآخَرِ رُبَّمَا يَكُونُ الدُّهْنُ أَكْثَرَ وَالْخَلُّ رُبَّمَا يَكُونُ فِي هَذَا أَقَلَّ مِنْهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَا عَلَى السَّوَاءِ بِأَنْ اُتُّخِذَا أَعْنِي الصَّابُونَيْنِ مِنْ دُهْنٍ وَاحِدٍ يَضْمَنُ مِثْلَهُ وَالسِّرْقِينُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَالْحَطَبُ وَأَوْرَاقُ الْأَشْجَارِ كُلِّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَالْبُسُطُ وَالْحَصِيرُ وَالْبَوَارِي وَأَمْثَالُهَا مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَكَذَا الْأُدُمُ وَالصَّرْمُ وَالْجُلُودُ كُلُّهَا قِيَمِيٌّ كَالثِّيَابِ وَالْأَبِرَةِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ فِي الطَّبْخِ وَالرَّيَاحِينُ الرُّطْبَةُ وَالْبُقُولُ وَالْقَصَبُ وَالْخَشَبُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَاللَّبَنُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ

وَأَمَّا الْهُدَبِدُ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ (جغرات) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ فِي الطَّبْخِ وَالْحُمُوضَةِ وَفِي بُيُوعِ فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ اللَّحْمُ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ فِي ضَمَانِ الْعُدْوَانِ إذَا كَانَ مَطْبُوخًا بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ نِيئًا فَكَذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَاللَّحْمُ الْمَطْبُوخُ وَالشَّحْمُ وَالْأَلْيَة والصقراط قِيَمِيَّةٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي الْبُرِّ الْمَخْلُوطِ بِالشَّعِيرِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي أَوَّلِ بُيُوعِ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْخُبْزَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْفُلَّيْقُ الْمُشَمَّسُ إذَا بَلَغَ تَشْمِيسُهَا غَايَتَهُ مِثْلِيٌّ وَقَبْلَهَا قِيَمِيٌّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَقَالَ بَعْض الْمَشَايِخِ (رَوِيَّيْنِ إز دَوَات قِيَم است) وَقَالَ قَاضِي خَانْ هُوَ مِثْلِيٌّ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. فِي كَوْنِ الْآجُرِّ وَاللَّبِنِ مِثْلِيًّا رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَالْمَغْصُوبُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُون غَيْرَ مَنْقُولٍ كَالدَّارِ وَالْأَرْضِ وَالْكَرْمِ وَالطَّاحُونَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ يَكُونَ مَنْقُولًا وَالْمَنْقُولُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا كَالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ الَّذِي لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ يَعْنِي الْغَيْرَ الْمَصْنُوعَ مِنْهُ، وَالْعَدَدِيُّ الْمُتَقَارِبُ كَالْجَوْزِ وَالْفُلُوسِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعَدَدِيِّ الَّذِي لَا يَتَفَاوَتُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ كَالْحَيَوَانَاتِ وَالزَّرْعِيَّاتِ وَالْعَدَدِيُّ الْمُتَفَاوِتُ كَالْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ، وَالْوَزْنِيُّ الَّذِي فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ وَهُوَ الْمَصْنُوعُ مِنْهُ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ غَيْرَ مَنْقُولٍ كَالدُّورِ وَالْعَقَارِ وَالْحَوَانِيتِ فَانْهَدَمَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ جَاءَ سَيْلٌ فَذَهَبَ بِالْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ أَوْ غَلَبَ السَّيْلُ عَلَى الْأَرْضِ فَنَقَصَتْ وَعَطِبَتْ تَحْتَ الْمَاءِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَإِنْ حَدَثَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ بِفِعْلِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ فَضَمَانُهُ عَلَى الْمُتْلِفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ حَدَثَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ وَسُكْنَاهُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ فِي الزَّادِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَمَا نَقَصَ مِنْ سُكْنَاهُ وَزِرَاعَتِهِ ضُمِنَ النُّقْصَانَ كَمَا فِي النَّقْلِيِّ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ النُّقْصَانِ فَقَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى إنَّهُ يَنْظُرُ بِكَمْ تُسْتَأْجَرُ هَذِهِ الْأَرْضُ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ وَبَعْدَهُ فَيَضْمَنُ تَفَاوُتَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ النُّقْصَانِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الْأَلْيَقُ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْكُبْرَى ثُمَّ يَأْخُذُ الْغَاصِبُ رَأْسَ مَالِهِ وَهُوَ الْبَذْرُ وَمَا غَرِمَ مِنْ النُّقْصَانِ وَمَا أَنْفَقَ عَلَى الزَّرْعِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - حَتَّى إذَا غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا كُرَّيْنِ فَأَخْرَجَتْ ثَمَانِيَةَ أَكْرَارٍ وَلَحِقَهُ مِنْ الْمُؤْنَةِ قَدْرُ كُرٍّ، وَنَقَصَهَا قَدْرَ كُرٍّ يَأْخُذُ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَكْرَارٍ وَيَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي كَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلٌ نَامَ عَلَى فِرَاشِ إنْسَانٍ أَوْ جَلَسَ عَلَى بِسَاطِهِ لَا يَكُونُ غَاصِبًا؛ لِأَنَّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - غَصْبُ الْمَنْقُولِ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ النَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ فَلَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يَهْلِكْ بِفِعْلِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اسْتِعْمَالُ عَبْدِ الْغَيْرِ غَصْبٌ لَهُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ ضَمِنَ الْمُسْتَعْمِلُ قِيمَتَهُ عَلِمَ الْمُسْتَعْمِلُ أَنَّهُ عَبْدُ الْغَيْرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنْ جَاءَ إلَيْهِ وَقَالَ أَنَا حُرٌّ فَاسْتَعْمَلَهُ وَهَذَا إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ نَفْسِهِ وَأَمَّا إذَا اسْتَعْمَلَهُ لَا فِي أَمْرِ نَفْسِهِ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. مَنْ قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ ارْتَقِ هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَانْثُرْ الْمِشْمِشَ لِتَأْكُلَهُ أَنْتَ فَوَقَعَ مِنْ الشَّجَرَةِ وَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ الْآمِرُ وَلَوْ قَالَ لِآكُلَ أَنَا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا ضَمِنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِصَبِيٍّ اُنْقُضْ هَذَا الْحَائِطَ فَفَعَلَ وَهَلَكَ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ اُنْقُضْ لِي يَضْمَنُ إجْمَاعًا وَلَوْ قَالَ لِصَبِيٍّ ارْتَقِ هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَانْقُضْ لِي ثِمَارًا فَصَعِدَ وَأَكَلَ الثَّمَرَةَ فَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ فِي حَلْقِهِ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى قَوْلِهِ فِعْلُ الصَّبِيِّ كَذَا فِي الْأَسْئِلَةِ وَالْأَجْوِبَةِ لِأَبِي الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأُسْرُوشَنِيّ. وَلَوْ قَادَ دَابَّةً

الباب الثاني المغصوب إذا تغير بعمل الغاصب أو غيره

أَوْ سَاقَهَا أَوْ رَكِبَهَا أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَالِكِ فَهُوَ ضَامِنٌ سَوَاءٌ عَطِبَتْ فِي تِلْكَ الْخِدْمَةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَهَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّانِي الْمَغْصُوبِ إذَا تَغَيَّرَ بِعَمَلِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْمَغْصُوبِ إذَا تَغَيَّرَ بِعَمَلِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ) إذَا تَغَيَّرَتْ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ حَتَّى زَالَ اسْمُهَا وَأَعْظَمُ مَنَافِعِهَا زَالَ مِلْكُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَنْهَا وَمَلَكَهَا الْغَاصِبُ وَضَمِنَهَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ بَدَلَهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ النُّقْصَانَ وَيَرُدُّهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَعَ ضَمَانِ النُّقْصَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ بِجِنَايَةِ غَيْرِ الْغَاصِبِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ فِي النُّقْصَانِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْجَانِي وَلَا يَرْجِعُ الْجَانِي عَلَى الْغَاصِبِ وَلَوْ زَادَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مَعَ الزِّيَادَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ فَصَاحِبُ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الثَّوْبِ أَبْيَضَ وَكَانَ الثَّوْبُ لِلْغَاصِبِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَضَمِنَ لِلْغَاصِبِ مَا زَادَ الصَّبْغُ وَإِنْ شَاءَ رَبُّ الثَّوْبِ بَاعَ الثَّوْبَ فَيَضْرِبُ فِي ثَمَنِهِ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَيَضْرِبُ الْغَاصِبُ بِمَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَقَعَ ثَوْبُ رَجُلٍ فِي صَبْغِ آخَرَ فَانْصَبَغَ بِهِ فَصَاحِبُ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ وَإِنْ شَاءَ يُبَاعُ لَهُ الثَّوْبُ فَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ صَبَغَ الْغَاصِبُ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ أَسْوَدَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ السَّوَادُ نُقْصَانٌ فَصَاحِبُ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهُ لِلْغَاصِبِ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ وَيَضْمَنَ النُّقْصَانَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - السَّوَادُ زِيَادَةٌ فَيَكُونُ حُكْمُهُ عَلَى مَا فِي الْعُصْفُرِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ جَوَابَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَرَجَ فِي وَقْتٍ كَانَ الصَّبْغُ بِالْأَسْوَدِ نُقْصَانًا أَوْ عَيْبًا فِي الثَّوْبِ وَجَوَابُهُمَا خَرَجَ فِي وَقْتٍ كَانَ الصَّبْغُ بِالْأَسْوَدِ زِيَادَةً فِي الثَّوْبِ فَوَجَبَ مُرَاعَاةُ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فِي الْمَصْبُوغِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ كَانَ ثَوْبًا يَنْقُصُهُ الصَّبْغُ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا مَثَلًا فَتَرَاجَعَتْ بِالصَّبْغِ إلَى عِشْرِينَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُنْظَرُ إلَى ثَوْبٍ يَزِيدُ فِيهِ ذَلِكَ الصَّبْغُ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ خَمْسَةً يَأْخُذُ رَبُّ الثَّوْبِ ثَوْبَهُ وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ غَصَبَ صَاحِبُ الثَّوْبِ عُصْفُرًا وَصَبَغَ بِهِ ثَوْبَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا وَمِنْ آخَرَ عُصْفُرًا فَصَبَغَهُ بِهِ ثُمَّ حَضَرَا جَمِيعًا يَأْخُذُهُ صَاحِبُ الْعُصْفُرِ حَتَّى يُعْطِيَهُ عُصْفُرًا مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ لَا يُوجَدُ مِثْلُهُ وَالسَّوَادُ فِي هَذَا كَغَيْرِهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ مَغْصُوبًا مِنْ إنْسَانٍ وَالصَّبْغُ مِنْ آخَرَ ثُمَّ لَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ إذَا أَخَذَ الثَّوْبَ ضَمِنَ لَهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ وَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ الثَّوْبِ بَاعَهُ فَضُرِبَ فِي الثَّمَنِ بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ وَصَاحِبُ الصَّبْغِ بِقِيمَةِ الصَّبْغِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا وَعُصْفُرًا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَصَبَغَهُ بِهِ كَانَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ مَصْبُوغًا وَبَرِئَ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَعُصْفُرًا مِثْلَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْعُصْفُرُ لِرَجُلٍ وَالثَّوْبُ لِآخَرَ فَرَضِيَا أَنْ يَأْخُذَا الثَّوْبَ مَصْبُوغًا فَلَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَكِنْ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ وَيَرُدَّ عَلَى الْغَاصِبِ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ وَيَتْبَعُ صَاحِبُ الْعُصْفُرِ الْغَاصِبَ بِمِثْلِ عُصْفُرِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ كَانَ ثَوْبًا رَهْنًا صَبَغَهُ الرَّاهِنُ بِعُصْفُرٍ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ وَالْعُصْفُرُ رَهْنًا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَعُصْفُرًا مِثْلَهُ وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِالثَّوْبِ مَصْبُوغًا فَيَكُونُ رَهْنًا فِي يَدِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ غَصَبَ الْعُصْفُرَ وَصَبَغَهُ وَبَاعَهُ فَلَا حَقَّ لِصَاحِبِ الْعُصْفُرِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا حَقُّهُ عَلَى الْغَاصِبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ بِعُصْفُرٍ لِنَفْسِهِ ثُمَّ بَاعَهُ وَغَابَ وَحَضَرَ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُسْتَوْثَقُ مِنْهُ بِكَفِيلٍ لِصَاحِبِ الْعُصْفُرِ وَيَنْتَقِضُ

الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَقُصَارَةُ الثَّوْبِ بِالنَّشَاسْتَجْ وَالْغِرَاءِ كَصَبْغِهِ وَوَشْمِهِ بِالطَّاهِرِ كَصَبْغِهِ بِالنَّجَسِ تَنْقِيصٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَفَتَلَهُ أَوْ غَسَلَهُ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْفَتْلَ لَيْسَ بِزِيَادَةِ عَيْنِ مَالٍ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ تَغْيِيرُ صِفَةِ أَجْزَائِهِ، وَالْغُسْلُ إزَالَةُ وَسَخِهِ وَالْأُشْنَانُ وَالصَّابُونُ لَا يَبْقَى لَهُ عَيْنٌ فِي الثَّوْبِ وَإِنَّمَا يَتْلَفُ بِالْمَاءِ وَأَمَّا الْفَتْلُ فَمُرَادُهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ حَرِيرٍ كَفَتْلِ أَهْدَابِهِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ أَمَّا بِالْحَرِيرِ فَهُوَ زِيَادَةٌ كَالصَّبْغِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. غَصَبَ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَ السَّوِيقِ وَسَلَّمَهُ لِلْغَاصِبِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَغَرِمَ مَا زَادَ السَّمْنُ فِيهِ وَقَالَ فِي الْأَصْلِ يَضْمَنُ قِيمَةَ السَّوِيقِ؛ لِأَنَّ السَّوِيقَ يَتَفَاوَتُ بِالْقَلْيِ فَلَمْ يَبْقَ مِثْلِيًّا وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْمِثْلُ سَمَّاهُ بِهِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. أَمَّا الْعَسَلُ وَالسَّمْنُ فَكِلَاهُمَا أَصْلَانِ إذَا اخْتَلَطَا وَإِذَا اخْتَلَطَ الدُّهْنُ بِالْمِسْكِ فَإِنْ كَانَ يَزِيدُ الدُّهْنَ وَيُصْلِحُهُ كَانَ الْمِسْكُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبْغِ وَإِنْ كَانَ هُنَا لَا يَصْلُحُ بِالْخَلْطِ وَلَا يَزِيدُ قِيمَتَهُ كَالْأَدْهَانِ الْمُنْتِنَةِ فَهُوَ هَلَاكٌ كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَرْخِيِّ. وَمَنْ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ وَلَمْ يَخِطْهُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْقَطْعُ لَا يُورِثُ عَيْبًا فَاحِشًا فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ نُقْصَانَ الْقَطْعِ وَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ التَّرْكِ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ أَوْرَثَ عَيْبًا فَاحِشًا مِنْ حَيْثُ يَكُونُ مُسْتَهْلِكًا لَهُ فَإِنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ ثَوْبَهُ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ النُّقْصَانِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ بِقِيمَتِهِ صَحِيحًا وَلَوْ خَاطَهُ بَعْدَ الْقَطْعِ انْقَطَعَ حَقُّ صَاحِبِهِ عَنْهُ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَقْتَ الْغَصْبِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. مَنْ خَرَقَ ثَوْبَ غَيْرِهِ خَرْقًا فَاحِشًا فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ كُلَّ قِيمَةِ ثَوْبِهِ وَكَانَ الثَّوْبُ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلَكٌ مِنْ وَجْهٍ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِجَمِيعِ مَا كَانَ صَالِحًا لَهُ قَبْلَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّبَ مِنْ وَجْهٍ لِكَوْنِهِ قَائِمًا حَقِيقَةً وَكَذَا بَعْضُ الْمَنَافِعِ وَإِنْ خَرَقَهُ خَرْقًا يَسِيرًا ضَمِنَ الْغَاصِبُ نُقْصَانَهُ وَأَخَذَ رَبُّ الثَّوْبِ ثَوْبَهُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ قَائِمٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْفَاحِشَ مَا يَفُوتُ بِهِ بَعْضُ الْعَيْنِ وَجِنْسُ الْمَنْفَعَةِ وَيَبْقَى بَعْضُ الْعَيْنِ وَبَعْضُ الْمَنْفَعَةِ وَالْيَسِيرُ مَا لَا يَفُوتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِيهِ النُّقْصَانُ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَعَلَ فِي الْأَصْلِ قَطْعُ الثَّوْبِ نُقْصَانًا فَاحِشًا وَالْفَائِتُ بِهِ بَعْضُ الْمَنَافِعِ كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ الشَّيْخُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَالْحُكْمُ الَّذِي فِي الْخَرْقِ فِي الثَّوْبِ مِنْ تَخْيِيرِ الْمَالِكِ إذَا كَانَ الْخَرْقُ فَاحِشًا وَإِمْسَاكُ الثَّوْبِ وَأَخْذُ النُّقْصَانِ إذَا كَانَ الْخَرْقُ يَسِيرًا فَهُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ عَيْنٍ مِنْ الْأَعْيَانِ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فَإِنَّ التَّعْيِيبَ هُنَاكَ فَاحِشًا كَانَ أَوْ يَسِيرًا مُوجِبٌ لِصَاحِبِهَا الْخِيَارَ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ الْعَيْنَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ الْعَيْنَ وَيُضَمِّنَهُ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّ تَضْمِينَ النُّقْصَانِ مُتَعَذَّرٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَعَفِنَ عِنْدَهُ أَوْ اصْفَرَّ أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَمَا نَقَصَهُ وَهَذَا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا فَإِذَا كَانَ كَثِيرًا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَعَفِنَ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ وَهَذَا الْفَاسِدُ لِلْغَاصِبِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الطَّعَامَ الْعَفِنَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً فَقَطَعَ رِجْلَهَا أَوْ يَدَهَا كَانَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهَا وَيَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَغْصُوبَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَأَخَذَ الْمَقْطُوعَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مَنْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ فَمَالِكُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ نُقْصَانَهَا وَكَذَا الْجَزُورُ وَكَذَا إذَا قَطَعَ يَدَهُمَا هَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَلَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ غَيْرَ مَأْكُولَةِ اللَّحْمِ فَقَطَعَ الْغَاصِبُ طَرَفَهَا لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا لِوُجُودِ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ قَطْعِ طَرَفِ الْمَمْلُوكِ حَيْثُ يَأْخُذُهُ مَعَ أَرْشِ الْمَقْطُوعِ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ يَبْقَى مُنْتَفَعًا بِهِ بَعْدَ قَطْعِ الطَّرَفِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَكَذَا فِي الْكُبْرَى. وَفِي النَّوَادِرِ إذَا قَطَعَ أُذُنَ الدَّابَّةِ أَوْ بَعْضَهَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَجَعَلَ قَطْعَ الْأُذُنِ مِنْ الدَّابَّةِ نُقْصَانًا يَسِيرًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ ذَنَبَهَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَعَنْ شُرَيْحٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إنْ قَطَعَ ذَنَبَ حِمَارِ الْقَاضِي يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ لَا غَيْرَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَطَعَ رِجْلَ حِمَارٍ أَوْ يَدِهِ، ثُمَّ ذَبَحَهُ صَاحِبُهُ لَا شَيْءَ لِصَاحِبِهِ عَلَى الْقَاطِعِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ضَرَبَ ثَوْرَ

غَيْرِهِ فَكَسَرَ أَضْلَاعَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا نُقْصَانَهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ فَقَأَ عَيْنَ بِرْذَوْنٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ عَلَيْهِ رُبُعُ قِيمَتِهِ وَكَذَا كُلُّ مَا يُعْمَلُ عَلَيْهِ مِنْ الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَمَا لَا يُعْمَلُ عَلَيْهِ مَا نَقَصَ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَفِي عَيْنِ بَقَرَةِ الْجَزَّارِ وَجَزُورِهِ رُبُعُ الْقِيمَةِ وَفِي عَيْنِ شَاةِ الْقَصَّابِ مَا نَقَصَهَا وَفِي الْحَمَلِ وَالطَّيْرِ وَالدَّجَاجَةِ وَالْكَلْبِ مَا نَقَصَهُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ فَقَأَ عَيْنَيْ حِمَارٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ شَاءَ سَلَّمَ الْجُثَّةَ وَضَمِنَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ الْجُثَّةَ وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْجُثَّةِ الْعَمْيَاءِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا سَلَخَ الشَّاةَ بَعْدَ الذَّبْحِ وَجَعَلَهَا عُضْوًا عُضْوًا فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَذْبُوحَ وَضَمَّنَهُ قِيمَتُهَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَذْبُوحَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ إذَا أَخَذَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَلَكِنَّهُ يُضَمِّنُهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ كُلَّ الْقِيمَةِ وَلَا يُمْسِكُ الْمَذْبُوحَ وَإِنْ قَتَلَهُ قَتْلًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. كُلُّ إنَاءٍ مَصُوغٍ كَسَرَهُ رَجُلٌ فَإِنْ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَصُوغًا مِنْ الذَّهَبِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الذَّهَبِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَصُوغًا مِنْ الْفِضَّةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَمَنْ عَدَا عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَهَشَّمَهُ وَكَانَ الْقَلْبُ مِنْ فِضَّةٍ كَانَ صَاحِبُ الْقَلْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَهْشُومًا وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مَصُوغًا مِنْ الذَّهَبِ وَإِنْ كَانَ ذَهَبًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَهْشُومًا وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَصُوغًا مِنْ فِضَّةٍ وَتَرَكَهُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ النُّقْصَانِ وَيَأْخُذَ الْمَهْشُومَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَبَعْدَ مَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ لَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَامَتْ مَقَامَ الْعَيْنِ ثُمَّ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ بِالصِّيَاغَةِ لَا يَخْرُجَانِ عَنْ اعْتِبَارِ الْوَزْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَدْ يَخْرُجُ بِالصِّيَاغَةِ عَنْ حَدِّ الْوَزْنِ وَقَدْ لَا يَخْرُجُ فَمَا كَانَ لَا يَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الْوَزْنِ بِالصِّيَاغَةِ نَحْوِ مَا إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ يُبَاعُ وَزْنًا وَلَا يُبَاعُ عَدَدًا فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْمَصُوغِ فَإِذَا كَسَرَهُ رَجُلٌ وَأَوْرَثَ فِيهِ عَيْبًا فَاحِشًا أَوْ يَسِيرًا يُخَيَّرُ صَاحِبُهُ بَيْنَ أَخْذِ الْجِنْسِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَبَيْنَ التَّسْلِيمِ إلَى الْكَاسِرِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَلَا يَكُونُ التَّقَابُضُ مِنْ شَرْطِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ بِالصِّيَاغَةِ عَنْ حَدِّ الْوَزْنِ وَصَارَ عَدَدِيًّا فَإِنْ كَانَ الْكَسْرُ لَمْ يُورِثْ فِيهِ عَيْبًا فَاحِشًا فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ خِيَارُ التَّرْكِ وَلَكِنْ يَحْبِسُهُ لِنَفْسِهِ وَيُضَمِّنُهُ النُّقْصَانَ مِنْ جِهَةِ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ الْكَسْرُ أَوْرَثَ فِيهِ عَيْبًا فَاحِشًا فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْهُ وَأَخَذَ قِيمَةَ النُّقْصَانِ مَعَهُ وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَهُ إلَى الْكَاسِرِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ صَحِيحًا غَيْرَ مَكْسُورٍ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِنْ اسْتَهْلَكَ السَّيْفَ الْمَكْسُورَ آخَرُ كَانَ عَلَيْهِ حَدِيدُ مِثْلِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ كَسَرَ دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ وَالْمَكْسُورُ لِلْكَاسِرِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا إذَا كَانَ الْكَسْرُ يُنْقِصُ مِنْ ضَرْبِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْكَسْرُ لَا يُنْقِصُ مِنْ ضَرْبِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا ذَلِكَ الْمَكْسُورُ وَهَذَا كَمَا قُلْنَا فِيمَنْ كَسَرَ رَغِيفَ إنْسَانٍ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ إلَّا الْمَكْسُورُ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ عَلَيْهِ مِثْلُهُ وَإِنْ شَاءَ صَاحِبُهُ أَخَذَهُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ سَوَاءٌ انْتَقَصَتْ مَالِيَّتُهُ بِالْكَسْرِ أَوْ لَمْ تُنْتَقَصْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً كَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى صَارَتْ عَجُوزًا فَإِنَّ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْخُذَهَا وَمَا نَقَصَتْ وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ غُلَامًا شَابًّا وَكَانَ عِنْدَهُ حَتَّى هَرِمَ أَخَذَهُ صَاحِبُهُ وَمَا نَقَصَهُ وَهَذَا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا فَإِنْ كَانَ فَاحِشًا يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ وَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا فَشُيِّبَ عِنْدَهُ أَوْ نَبَتَ شَعْرُ وَجْهِهِ عِنْدَهُ فَصَارَ مُلْتَحِيًا أَخَذَهُ صَاحِبُهُ وَلَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا وَلَوْ غَصَبَ جَارِيَةً نَاهِدَةً فَانْكَسَرَتْ ثَدْيُهَا عِنْدَهُ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا مُحْتَرِفًا فَنَسِيَ ذَلِكَ عِنْدَ الْغَاصِبِ كَانَ ضَامِنًا لِلنُّقْصَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا حَسَنَ الصَّوْتِ فَتَغَيَّرَ صَوْتُهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ كَانَ لَهُ النُّقْصَانُ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُغَنِّيًا فَنَسِيَ ذَلِكَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ حَلَقَ جَعْدَ غُلَامٍ فَنَبَتَ وَلَكِنْ لَمْ يَنْبُتْ كَمَا كَانَ

لَا يَضْمَنُ شَيْئًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ غَصَبَ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا فَضَرَبَهَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ آنِيَةً لَمْ يَزُلْ مِلْكُ مَالِكِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَأْخُذَهَا وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ مِنْهُ وَلَا يُعْطِيهِ بِعَمَلِهِ شَيْئًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا سَبِيلَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ وَعَلَيْهِ مِثْلُ الْفِضَّةِ الَّتِي غَصَبَهَا وَمَلَكَهَا الْغَاصِبُ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ وَلَوْ غَصَبَ فِضَّةً فَصَاغَهَا حُلِيًّا أَوْ ذَهَبًا فَصَاغَهُ حُلِيًّا فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَلَا يَضْمَنُ لِلْغَاصِبِ شَيْئًا لِأَجْلِ الصِّيَاغَةِ إلَّا إذَا جَعَلَ الْفِضَّةَ أَوْ الذَّهَبَ وَصْفًا مِنْ أَوْصَافِ مَالِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ فِي نَزْعِهِ مَضَرَّةٌ كَمَا إذَا جَعَلَهُ عُرْوَةً مُزَادَةً أَوْ صَفَائِحَ فِي سَقْفٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ تَنْقَطِعُ يَدُ صَاحِبِهَا عَنْهَا وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ مِثْلَهَا وَقْتَ الْغَصْبِ وَأَمَّا إذَا سَبَكَ الْفِضَّةَ أَوْ الذَّهَبَ وَلَمْ يَصُغْهُمَا وَلَمْ يَضْرِبْهُمَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بَلْ جَعَلَهُمَا صَفَائِحَ مُطَوَّلَةٍ أَوْ مُدَوَّرَةٍ أَوْ مُرَبَّعَةٍ لَمْ تَنْقَطِعْ يَدُ صَاحِبِهَا عَنْهَا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ غَصَبَ دَرَاهِمَ وَسَبَكَهَا وَلَمْ يَضْرِبْ مِنْهَا شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ غَصَبَ فُلُوسًا فَصَاغَ مِنْهَا إنَاءً ضَمِنَ الْفُلُوسَ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا عَنْ كَوْنِهَا ثَمَنًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ غَصَبَ صُفْرًا وَجَعَلَهُ كُوزًا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَكَانَ الْكَرْخِيُّ يَقُولُ: هَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الصَّنْعَةِ لَا يُبَاعُ وَزْنًا أَمَّا إذَا كَانَ يُبَاعُ وَزْنًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْقَطِعَ حَقُّ الْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي النُّقْرَةِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْجَوَابَ مُطْلَقٌ بِخِلَافِ النُّقْرَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَسَرَ صَاحِبُ الصُّفْرِ الْكُوزَ بَعْدَمَا ضَمِنَ لَهُ الْغَاصِبُ قِيمَةَ صُفْرِهِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى لَهُ بِالْقِيمَةِ قَالَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْكُوزِ صَحِيحًا، وَيَأْخُذُ الْكُوزَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: وَلَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ الضَّمَانَيْنِ قَالَ فِي الْكِتَابِ إلَّا أَنْ يُحَاسِبَهُ بِمَا عَلَيْهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: مُرَادُهُ مِنْ هَذَا إذَا اصْطَلَحَا عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ اسْتِبْدَالًا فَيَجُوزُ أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يُجَوِّزُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: تَأْوِيلُهُ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ صُفْرًا لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ حَتَّى وَجَبَتْ قِيمَةُ الصُّفْرِ فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ غَصَبَ حَيَوَانًا فَكَبِرَ وَازْدَادَتْ قِيمَتُهُ كَانَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ جَرِيحًا أَوْ مَرِيضًا فَدَاوَاهُ حَتَّى بَرِئَ وَصَحَّ وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ نَخْلٌ فَسَقَاهُ أَوْ كَانَ نَخْلًا فَأَبَّرَهُ وَلَقَّحَهُ وَقَامَ عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِيمَا أَنْفَقَ وَلَوْ حَصَدَ الزَّرْعَ أَوْ جَدَّ الثَّمَرَةَ وَاسْتَهْلَكَ كَانَ ضَامِنًا لِذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّجْرِيدِ. وَلَوْ غَصَبَ خُوصًا فَجَعَلَهُ زِنْبِيلًا فَلَا سَبِيلَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَيْهِ وَلَوْ غَصَبَ نَخْلًا فَشَقَّقَهُ جُذُوعًا كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَ تِلْكَ الْجُذُوعَ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَمْ يَزُلْ وَإِنَّمَا تَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهُ فَصَارَ كَالثَّوْبِ إذَا قَطَّعَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. غَصَبَ مِنْ آخَرَ مُصْحَفًا وَنَقَّطَهُ فَهُوَ زِيَادَةٌ وَصَاحِبُ الْمُصْحَفِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ ذَلِكَ فِيهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَنْقُوطٍ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَرَجُلٍ غَصَبَ غُلَامًا وَعَلَّمَهُ الْكِتَابَةَ غَصَبَ مِنْ آخَرَ كَاغِدَةً وَكَتَبَ عَلَيْهَا، ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ: فِيهِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ كَتَّانًا فَغَزَلَهُ وَنَسَجَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ لَا يُوجَدُ مِثْلُهُ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الثَّوْبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. غَصَبَ مِنْ آخَرَ قُطْنًا وَغَزَلَهُ وَنَسَجَهُ أَوْ غَصَبَ غَزْلًا وَنَسَجَهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَلَوْ غَصَبَ قُطْنًا وَغَزَلَهُ وَلَمْ يَنْسِجْهُ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا طَحَنَ الْغَاصِبُ الْحِنْطَةَ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا وَالدَّقِيقُ لَهُ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. عَجَنَ الْغَاصِبُ الدَّقِيقَ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. غَصَبَ دَقِيقًا وَخَبَزَهُ أَوْ لَحْمًا فَشَوَاهُ أَوْ سِمْسِمًا فَعَصَرَهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَكَذَلِكَ إذَا غَصَبَ سَاجَةً فَجَعَلَهَا بَابًا أَوْ حَدِيدَةً فَجَعَلَهَا سَيْفًا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْحَدِيدَةِ وَالسَّاجَةِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ لِلْغَاصِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ غَصَبَ سَاجَةً أَوْ خَشَبَةً وَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ أَوْ آجُرًّا فَأَدْخَلَهُ فِي بِنَائِهِ أَوْ جِصًّا فَبَنَى بِهِ فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ قِيمَتُهُ عِنْدَنَا وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ نَقْضُ بِنَائِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ غَصَبَ سَاجَةً وَبَنَى فِيهَا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَكَانَ لَهُ أَنْ

يَأْخُذَهَا وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ يَحْكِي عَنْ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ تَفْصِيلًا فَقَالَ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ السَّاجَةِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ السَّاجَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ السَّاجَةَ وَقَالَ الْمُرَادُ مِمَّا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ مَا قُلْنَا وَرَغْمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ مَشَايِخُنَا وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ مَسَائِلَ حُفِظَتْ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ لُؤْلُؤَةٌ فَسَقَطَتْ اللُّؤْلُؤَةُ فَابْتَلَعَتْهَا دَجَاجَةُ إنْسَانٍ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الدَّجَاجَةِ وَاللُّؤْلُؤَةِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّجَاجَةِ أَقَلَّ يُخَيَّرُ صَاحِبُ اللُّؤْلُؤَةِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الدَّجَاجَةَ وَضَمِنَ قِيمَتَهَا لِلْمَالِكِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَضَمِنَ صَاحِبُ الدَّجَاجَةِ قِيمَةَ اللُّؤْلُؤَةِ وَكَذَا لَوْ أَوْدَعَ رَجُلًا فَصِيلًا فَكَبِرَ الْفَصِيلُ فِي بَيْتِ الْمُودَعِ حَتَّى لَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ مِنْ الْبَيْتِ إلَّا بِنَقْضِ الْجِدَارِ يُنْظَرُ إلَى أَكْثَرِهِمَا قِيمَةً وَيُخَيَّرُ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ وَلَمْ يَذْكُرُ فِي الْأَصْلِ مَا إذَا أَرَادَ الْغَاصِبُ أَنْ يَنْقُضَ الْبِنَاءَ وَيَرُدُّ السَّاجَةَ هَلْ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ؟ وَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لَا يَحِلُّ لَهُ نَقْضُ الْبِنَاءِ وَإِذَا نَقَضَ لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّ السَّاجَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا يَحِلُّ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا لَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ غَصَبَ النَّجَّارُ خَشَبَةً وَأَدْرَجَهَا فِي بِنَاءِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ لَمْ يَمْلِكْ النَّجَّارُ وَلَا رَبُّ الدَّارِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ غَصَبَ لَوْحًا وَأَدْخَلَهُ فِي السَّفِينَةِ أَوْ إبْرَيْسَمًا وَخَاطَ بِهِ بَطْنَ نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَمَنْ غَصَبَ أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا أَوْ بَنَى قِيلَ لَهُ: اقْلَعْ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ وَرُدَّهَا وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِقَلْعِ ذَلِكَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ مَقْلُوعًا وَيَكُونُ لَهُ، وَمَعْنَاهُ قِيمَةُ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ يَوْمَ يَقْلَعُهُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِيهِ فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ بِدُونِ الشَّجَرِ أَوْ الْبِنَاءِ وَتُقَوَّمُ وَبِهَا شَجَرٌ أَوْ بِنَاءٌ أَمَرَ بِقَلْعِهِ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ بَنَى حَائِطًا فِي أَرْضِ الْغَصْبِ مِنْ تُرَابِ هَذِهِ الْأَرْضِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ الْحَائِطُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لَا سَبِيلَ لِلْبَانِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِنَقْضِ الْحَائِطِ تَصِيرُ تُرَابًا كَمَا كَانَ وَهَكَذَا قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ وَعَنْ غَيْرِهِمَا رَجُلٌ بَنَى حَائِطًا فِي كَرْمِ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الْكَرْمِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فَإِنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ وَيَكُونُ الْبَانِي مُتَبَرِّعًا بِعَمَلِهِ وَإِنْ كَانَ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فَإِنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِلْبَانِي وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التُّرَابِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا فِي الْكُبْرَى. غَصَبَ مِنْ آخَرَ دَارًا أَوْ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا بِنَاءً أَوْ زَرَعَ فِيهَا زَرْعًا فَقَلَعَ صَاحِبُهَا الزَّرْعَ وَهَدَمَ الْبِنَاءَ لَا يَضْمَنُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكْسِرَ خَشَبَ الْغَاصِبِ وَلَا آجُرَّهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. رَجُلٌ كَسَرَ عَصًا لِرَجُلٍ ضَمِنَ النُّقْصَانَ وَلَوْ كَانَ الْكَسْرُ فَاحِشًا بِأَنْ صَارَ حَطَبًا أَوْ وَتَدًا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ مَنْفَعَةَ الْعَصَا لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَا يَغْصِبُهُ الْأَتْرَاكُ مِنْ الْجُذُوعِ وَالْعَوَارِضِ وَسَائِرِ الْخَشَبِ وَيَكْسِرُونَهَا كَسْرًا مُتَفَاحِشًا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَإِنْ ازْدَادَتْ قِيمَتُهَا بِالْكَسْرِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ غَصَبَ دَارًا فَجَصَّصَهَا قِيلَ لِصَاحِبِهَا أَعْطِهِ مَا زَادَ التَّجْصِيصُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَرْضَى صَاحِبُ الدَّارِ أَنْ يَأْخُذَ الْغَاصِبُ جِصَّهُ مِنْهَا وَكَذَا لَوْ نَقَشَهَا بِالْأَصْبَاغِ فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا وَأَعْطَى الْغَاصِبَ قِيمَةَ مَا زَادَ الْأَصْبَاغُ فِيهَا وَإِنْ أَبَى جُعِلَتْ الدَّارُ لِلْغَاصِبِ بِقِيمَتِهَا إذَا كَانَ يَبْلُغُ الْأَصْبَاغُ شَيْئًا كَثِيرًا وَذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَبَى صَاحِبُ الدَّارِ عَنْ إعْطَاءِ قِيمَةِ مَا زَادَ الْأَصْبَاغُ فِيهَا أَمَرْتُهُ بِقَلْعِهِ وَأُضَمِّنُهُ مَا نَقَصَ الْقَلْعُ وَكَذَلِكَ لَوْ نَقَشَ الْبَابَ الْمَغْصُوبَ بِالْأَصْبَاغِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَ نَقْش الْبَابِ بِالنَّقْرِ وَلَيْسَ بِالْأَصْبَاغِ قَالَ فَهَذَا مُسْتَهْلِكٌ لِلْبَابِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَالْبَابُ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ نَقَشَ إنَاءَ فِضَّةٍ بِالنَّقْرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُشْتَرِي الدَّارِ مِنْ الْغَاصِبِ إذَا هَدَمَهَا وَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ ثُمَّ حَضَرَ الْمَالِكُ فَإِنْ كَانَ الْبِنَاءُ قَلِيلًا يَتَيَسَّرُ رَفْعُهُ يُرْفَعُ وَيُرَدُّ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يَتَعَذَّرُ رَفْعُهُ وَيَمْتَدُّ الزَّمَانُ فِي رَفْعِهِ فَلِلْمَالِكِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ لَا يَرْفَعُهُ بَلْ يَتْرُكُهُ وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْأَرْضِ مَعَ الْبِنَاءِ الْأَوَّلِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ هَذَا قَوْلُهُمْ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ. مُسْلِمٌ غَصَبَ خَمْرَ مُسْلِمٍ وَخَلَّلَهَا قَالَ فِي الْكِتَابِ لِرَبِّ الْخَمْرِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا خَلَّلَهَا بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ بِأَنْ نَقَلَ مِنْ الشَّمْسِ إلَى الظِّلِّ أَوْ

مِنْ الظِّلِّ إلَى الشَّمْسِ أَوْ أَلْقَى فِيهَا شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ الْمِلْحِ أَوْ الْخَلِّ بِحَيْثُ لَا قِيمَةَ لَهُ فَأَمَّا إذَا أَلْقَى فِيهَا مِلْحًا أَوْ خَلًّا لَهُ قِيمَةٌ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ الْخَلُّ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ أَلْقَى فِيهِ الْمِلْحَ أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَأَعْطَاهُ وَمَا زَادَ الْمِلْحُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ أَلْقَى فِيهِ الْخَلَّ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ كَيْلِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ خَلًّا وَخَلَطَهُ بِخَلٍّ آخَرَ وَيَسْتَوِي إنْ حَمُضَتْ مِنْ سَاعَتِهِ أَوْ بَعْدَ حِينٍ وَمَشَايِخُنَا قَالُوا إنْ كَانَتْ الْخَمْرُ الَّتِي صَبَّ فِيهَا خَلًّا كَثِيرًا حَتَّى صَارَتْ خَلًّا مِنْ سَاعَتِهِ فَهُوَ كُلُّهُ لِلْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلًا وَصَارَتْ خَلًّا بَعْدَ حِينٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ كَيْلِهِمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَتْ الْخَمْرُ لِمُسْلِمٍ غَصَبَهَا مِنْهُ ذِمِّيٌّ فَتَخَلَّلَتْ عِنْدَهُ أَوْ خَلَّلَهَا الْغَاصِبُ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا فَلَوْ هَلَكَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ بَعْدَمَا صَارَتْ خَلًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا الْغَاصِبُ ضَمِنَ مِثْلَهَا خَلًّا لِصَاحِبِهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. مُسْلِمٌ غَصَبَ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا هَلْ يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ الْخَمْرِ إلَيْهِ لَوْ لَمْ يَرُدَّهَا إلَيْهِ يُؤَاخَذُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إذَا عَلِمَ قَطْعًا أَنَّهُ يَسْتَرِدَّهَا لِيُخَلِّلَهَا كَانَ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَيُؤَاخَذُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَوْ تَرَافَعَا إلَى الْقَاضِي يَتَأَمَّلُ فِي حَالِهِ إنْ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهَا لِيُخَلِّلَهَا يَقْضِي بِرَدِّهَا إلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهَا لِيَشْرَبَهَا يَأْمُرُ الْغَاصِبَ بِالْإِرَاقَةِ وَهَذَا كَمَنْ فِي يَدِهِ سَيْفٌ لِرَجُلٍ فَجَاءَ مَالِكُهُ لِيَأْخُذَهُ مِنْهُ إنْ عَلِمَ صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ لِيَقْتُلَ بِهِ مُسْلِمًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ بَلْ يُمْسِكُهُ وَإِنْ عَلِمَ صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّهُ تَرَكَ الرَّأْيَ الْأَوَّلَ وَأَنَّهُ يَسْتَرِدُّهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ. مُسْلِمٌ غَصَبَ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا فَشَرِبَهَا لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ دَعْوَى فِي الدُّنْيَا وَعَلَيْهِ إثْمُ الْغَصْبِ إنْ كَانَتْ الْخَمْرُ خَمْرَ الْخَلَّالِينَ وَكَانَ اتَّخَذَ الْعِنَبَ وَالْعَصِيرَ لِلْخَلِّ أَمَّا إذَا كَانَ قَدْ اتَّخَذَهُمَا خَمْرًا لِلشُّرْبِ فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنَّمَا عَلَى الشَّارِبِ إثْمُ شُرْبِ الْخَمْرِ لَا غَيْرُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَجَدَ فِي دَارِ إنْسَانٍ خَمْرًا فَأَلْقَى فِيهَا مِلْحًا فَصَارَتْ خَلًّا فَهُوَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ الدَّنَّ عَنْ مَكَانِهِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عُرِفَ بِهَذَا أَنَّ بِنَفْسِ إلْقَاءِ الْمِلْحِ يَمْلِكُ الْخَلَّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا غَصَبَ عَصِيرًا فَصَارَ عِنْدَهُ خَمْرًا فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ مِثْلَهُ إنْ كَانَ فِي حِينِهِ وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ حِينِهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الْخَمْرَ وَلَا يُضَمِّنُهُ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ غَصَبَ لَبَنًا فَصَارَ مَخِيضًا أَوْ عِنَبًا فَصَارَ زَبِيبًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ النُّقْصَانِ وَكَذَا فِي جَمِيعِ الْمِثْلِيَّاتِ هَكَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَوْ غَصَبَ رُطَبًا فَصَارَ تَمْرًا فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ عَيْنَهُ لَا غَيْرُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَهُ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ وَدَبَغَهُ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مَجَّانًا وَإِنْ دَبَغَهُ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَطَرِيقُهُ أَنْ يُنْظَرَ أَنَّ هَذَا الْجِلْدُ لَوْ كَانَ ذَكِيًّا وَهُوَ غَيْرُ مَدْبُوغٍ بِكَمْ يُشْتَرَى وَمَدْبُوغًا بِكَمْ يُشْتَرَى؟ فَيُضَمَّنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ وَهَذَا إذَا أَخَذَ الْمَيْتَةَ مِنْ مَنْزِلِ صَاحِبِهَا فَدَبَغَ جِلْدَهَا فَأَمَّا إذَا أَلْقَى صَاحِبُ الْمَيْتَةِ الْمَيْتَةَ فِي الطَّرِيقِ فَأَخَذَ رَجُلٌ جِلْدَهَا وَدَبَغَهُ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَحْبِسَ الْجِلْدَ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ قِيمَتُهَا وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْجِلْدِ أَنْ يَتْرُكَ الْجِلْدَ عَلَى الْغَاصِبِ وَيُضَمِّنَهُ قِيمَةَ الْجِلْدِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ جِلْدَ الْمُذَكَّى كَانَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ مَشَايِخُنَا هَذَا الْفَرْقُ بَيْنَ جِلْدِ الْمَيْتَةِ وَبَيْنَ جِلْدِ الْمُذَكَّى شَيْءٌ ذَهَبَ إلَيْهِ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ وَالْجَوَابُ فِي الْمَيْتَةِ وَالْمُذَكَّى وَاحِدٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا هَلَكَ الْجِلْدُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ سَوَاءٌ دَبَغَهُ بِشَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ أَوْ لَا قِيمَةَ لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْغَاصِبُ بَعْدَ الدِّبَاغَةِ إنْ كَانَ دَبَغَهُ بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ دَبَغَهُ بِشَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الضَّمَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ أَنَّ الْغَاصِبَ جَعَلَ هَذَا الْجِلْدَ أَدِيمًا أَوْ زِقًّا أَوْ دَفْتَرًا أَوْ جِرَابًا أَوْ فَرْوًا لَمْ يَكُنْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْجِلْدُ ذَكِيًّا فَلَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ الْجِلْدُ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. إذَا اتَّخَذَ كُوزًا مِنْ طِينِ غَيْرِهِ كَانَ الْكُوزُ لَهُ فَإِنْ قَالَ رَبُّ الطِّينِ: أَنَا أَمَرْتُهُ بِذَلِكَ فَهُوَ لِرَبِّ الطِّينِ وَإِذَا غَصَبَ تُرَابًا وَلَبَّنَهُ

أَوْ جَعَلَهُ آنِيَةً فَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ فَهُوَ مِثْلُ الْحِنْطَةِ إذَا طَحَنَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فَهُوَ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الضَّمَانِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَحَقُّ بِذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ فَإِنْ ضَاعَ ذَلِكَ ضَاعَ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ وَلَا يَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى وَفِي الْقُدُورِيِّ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ يَكُونُ أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ فِي الثَّمَنِ وَلَا يَكُونُ أَخَصَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اغْتَصَبَ غُلَامًا قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ فَخَصَاهُ فَبَرَأَ فَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ خَمْسَمِائَةِ قِيمَتِهِ يَوْمَ خَصَاهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْغُلَامَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْغُلَامَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. غَصَبَ مِنْ آخَرَ دَوَابَّ بِالْكُوفَةِ وَرَدَّهَا عَلَيْهِ بِخُرَاسَانَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بِخُرَاسَانَ مِثْلَ قِيمَتِهَا بِالْكُوفَةِ أُمِرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِأَخْذِهَا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بِخُرَاسَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا بِالْكُوفَةِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الْكُوفَةِ قَالَ وَكَذَلِكَ الْخَادِمُ وَكُلُّ مَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ غَصَبَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَإِنَّ الْمَالِكَ يَأْخُذُهَا مِنْهُ حَيْثُ وَجَدَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي السِّعْرِ وَلَوْ غَصَبَ عَيْنًا فَلَقِيَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَالْعَيْنُ فِي يَدِهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مِثْلَ قِيمَتِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ، فَإِنْ شَاءَ الْمَالِكُ أَخَذَ الْقِيمَةَ عَلَى سِعْرِ مَكَانِ الْغَصْبِ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِثْلِيًّا وَهُوَ هَالِكٌ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي الْمَكَانَيْنِ سَوَاءٌ أَوْ فِي مَكَانِ الْمُطَالَبَةِ أَكْثَرَ يَرُدُّ الْمِثْلَ وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَقَلَّ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ مِثْلَهُ لِلْحَالِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ حَيْثُ غُصِبَ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ فَيَأْخُذَ مِنْهُ مِثْلَهُ وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ أَكْثَرَ فَالْغَاصِبُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَى مِثْلَهُ حَيْثُ خَاصَمَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ حَيْثُ غُصِبَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالتَّأْخِيرِ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمَكَانَيْنِ سَوَاءٌ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْمِثْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ الْمَالِكَ وَجَدَ الْغَاصِبَ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ وَقَدْ انْتَقَصَ سِعْرُ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْعَيْنَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْمُنْتَقَى غَصَبَ مِنْ آخَرَ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ يُسَاوِي مِائَةً ثُمَّ صَارَ يُسَاوِي مِائَةً وَخَمْسِينَ ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ وَعَزَّ وَارْتَفَعَ وَصَارَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِهِ وَصَارَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ الْغَاصِبُ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ مِائَتَيْ دِرْهَمِ قِيمَتَهُ يَوْمَ اسْتَهْلَكَهُ الْغَاصِبُ وَلَوْ غَصَبَ الْكُرَّ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ ثُمَّ صَارَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ ثُمَّ صَارَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ الْغَاصِبُ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ آخَرَ مَا كَانَ مَوْجُودًا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالزَّوَائِدُ الْمَغْصُوبَةُ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَالسَّمْنِ وَالْجِمَالِ لَا تَكُونُ مَغْصُوبَةً بَلْ تَحْدُثُ أَمَانَةً وَلَا تَصِيرُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ إلَّا بِإِتْلَافٍ أَوْ مَنْعٍ حَتَّى لَوْ جَاءَ الْمَالِكُ وَطَلَبَ اسْتِرْدَادَ الزَّوَائِدِ مِنْهُ فَمَنَعَهَا عَنْ التَّسْلِيمِ يُضَمَّنُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ بَاعَهَا وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي فَفِي الْمُنْفَصِلَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ يَوْمَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ لَا يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ زَادَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مَعَ الزِّيَادَةِ وَإِنْ فِي سِعْرٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ انْتَقَصَ ثُمَّ هَلَكَ عِنْدَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا وَرَدَّهُ إلَى مَالِكِهِ إنْ كَانَ النُّقْصَانُ فِي الْبَدَنِ ضَمِنَهُ وَإِنْ فِي السِّعْرِ لَا، وَإِنْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ النُّقْصَانِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ بِأَنْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَجَازَ الْبَيْعُ وَالثَّمَنُ لِلْغَاصِبِ أَوْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَبَطَلَ الْبَيْعُ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّسْلِيمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَازْدَادَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ الْغَصْبِ حَتَّى صَارَتْ أَلْفَيْنِ

الباب الثالث فيما لا يجب الضمان باستهلاكه

ثُمَّ قَتَلَهُ إنْسَانٌ كَانَ الْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ أَلْفًا يَوْمَ غَصَبَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَاتِلَ يَوْمَ قَتَلَهُ أَلْفَيْنِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ أَلْفًا رَجَعَ الْغَاصِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ بِأَلْفَيْنِ وَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَوْمَ غَصْبِهِ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَتَلَ نَفْسَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ أَحْرَقَ كُدْسَ إنْسَانٍ يُضَمِّنُهُ قِيمَةَ الْجِلِّ ثُمَّ إنْ كَانَ الْبُرُّ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْهُ فِي السُّنْبُلِ إذَا كَانَ خَارِجًا فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَإِذَا كَانَ الْخَارِجُ أَكْثَرُ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ وَعَلَيْهِ فِي الْجِلِّ الْقِيمَةُ رَجُلٌ غَصَبَ كُدْسًا فَدَاسَهُ تَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْجِلِّ وَهُوَ قَضِيبُ الزَّرْعِ إذَا حُصِدَ وَعَلَيْهِ الْبُرُّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ حَبَّةَ حِنْطَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهَا لَا قِيمَةَ لَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنَّ رِجَالًا غَصَبُوا مِنْ رَجُلٍ حَبَّةً مِنْ الْحِنْطَةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ قَفِيزَ حِنْطَةٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا غَصَبَ قَوْمٌ لِرَجُلٍ شَيْئًا لَهُ قِيمَةٌ ضَمَّنَهُمْ قِيمَتَهُ وَلَوْ جَاءَ بِرَجُلٍ بَعْدَ رَجُلٍ لَمْ أُضَمِّنْهُ شَيْئًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ غَصَبَ بَيْضَةً وَأَتْلَفَهَا فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا وَهَذَا آخِرُ قَوْلِهِ وَكَانَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الْقِيمَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْغَاصِبُ إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَغْصُوبَ وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ حَتَّى ضَمِنَ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ يُبَاعُ فِي السُّوقِ بِالدَّرَاهِمِ يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ وَإِنْ كَانَ يُبَاعُ بِالدَّنَانِيرِ يُقَوَّمُ بِالدَّنَانِيرِ وَإِنْ كَانَ يُبَاعُ بِهِمَا كَانَ الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِمَا كَانَ أَنْظَرَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ غَصَبَ شَاةً وَحَلَبَهَا ضَمِنَ قِيمَةَ لَبَنِهَا وَإِنْ غَصَبَ جَارِيَةً وَأَرْضَعَتْ وَلَدًا لَهُ لَا يَضْمَنُ قِيمَةَ لَبَنِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ غَصَبَ لَحْمًا فَشَوَاهُ أَوْ طَبَخَهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ لَا سَبِيلَ لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. أَرَاقَ زَيْتَ مُسْلِمٍ أَوْ سَمْنَهُ وَقَدْ وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَالْفَهْدُ الْمُعَلَّمُ وَالْبَازِي الْمُعَلَّمُ لِلْمُسْلِمِ أَتْلَفَهُ مُسْلِمٌ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ عِنْدَنَا. السِّرْقِينُ أَلْقَاهُ مُسْلِمٌ فِي أَرْضِهِ وَأَتْلَفَهُ إنْسَانٌ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. لَوْ دَخَلَ دَارِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَيْسَ فِي الدَّارِ أَحَدٌ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا لِلدَّارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا لَوْ سَكَنَهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ أَتْلَفَ عَلَى رَجُلٍ أَحَدَ مِصْرَاعَيْ بَابٍ وَأَحَدَ زَوْجَيْ خُفٍّ أَوْ مُكَعَّبٍ كَانَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ الْمِصْرَاعَ الْآخَرَ وَيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَالْجَامِعِ الْكَبِيرِ. إذَا كَسَرَ حَلْقَةَ خَاتَمٍ يَضْمَنُ الْحَلْقَةَ لَا الْفَصَّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ كَسَرَ أَحْنَاءَ سَرْجٍ ضَمِنَهَا وَلَمْ يَضْمَنْ السَّرْجَ قَالَ وَكُلُّ شَيْئَيْنِ مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ شَيْءٍ وَاحِدٍ يَخْلُصُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ بِلَا ضَرَرٍ مِثْلَ أَحْنَاءِ السَّرْجِ وَدَفَّتَيْهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا جَنَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَضْمَنُ غَيْرَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِاسْتِهْلَاكِهِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِاسْتِهْلَاكِهِ) كَسَرَ بَيْضَةً أَوْ جَوْزَةً لِغَيْرِهِ فَوَجَدَ دَاخِلَهَا فَاسِدًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ مَا اسْتَهْلَكَ مَالًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَسَرَ دِرْهَمًا لِرَجُلٍ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ سُتُّوقًا أَوْ رَصَاصًا وَقَبْلَ الْكَسْرِ كَانَ يَرُوجُ فَلَا ضَمَانَ لَهُ عَلَى الْكَاسِرِ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرَ فِيهِ الْغِشَّ وَالْخِيَانَةَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. رَجُلٌ أَفْسَدَ تَأْلِيفَ حَصِيرِ رَجُلٍ أَوْ نَزَعَ بَابَ دَارِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ أَوْ حَلَّ سَرْجَ إنْسَانٍ أَوْ كُلَّ مَا كَانَ مُؤَلَّفًا فَنَقَضَ تَأْلِيفَهُ يُنْظَرُ إنْ أَمْكَنَهُ إعَادَتُهُ إلَى مَا كَانَ يُؤْمَرُ النَّاقِضُ بِالْإِعَادَةِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُ إعَادَتُهُ إلَى مَا كَانَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ صَحِيحًا مُؤَلَّفًا وَسُلِّمَ الْمَنْقُوضُ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا حَلَّ شِرَاكَ نَعْلِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ النَّعْلُ مِنْ النِّعَالِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الْعَامَّةُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ فِي إعَادَةِ شِرَاكهَا وَإِنْ كَانَتْ النَّعْلُ عَرَبِيَّةً فَإِنْ كَانَ لَا يَنْقُصُ سَيْرُهَا وَلَا يَدْخُلُهَا عَيْبٌ لَوْ أُعِيدَ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ يَنْقُصُ سَيْرُهَا وَيَدْخُلُهَا عَيْبٌ لَوْ أُعِيدَ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ

حَلَّ سِلْسِلَةَ ذَهَبٍ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الْفِضَّةِ وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا شَدَّ أَسْنَانَ عَبْدِهِ بِذَهَبٍ فَرَمَى بِهَا. رَجُلٌ حَلَّ سَدَى الْحَائِكِ وَنَشَرَهُ قَالَ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ سَدَى وَإِلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ سَدَى فَعَلَيْهِ فَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا هَدَمَ الرَّجُلُ حَائِطَ جَارِهِ فَلِلْجَارِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَقِيمَةَ النُّقْصَانِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الْبِنَاءِ كَمَا كَانَ ثُمَّ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ قِيمَةِ الْحَائِطِ أَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ وَحِيطَانُهَا وَتُقَوَّمُ بِدُونِ الْحِيطَانِ فَفَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيمَةُ الْحَائِطِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ مِنْ التُّرَابِ وَبَنَاهُ نَحْوَ مَا كَانَ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَإِنْ كَانَ مِنْ خَشَبٍ وَبَنَاهُ مِنْ الْخَشَبِ كَمَا كَانَ فَكَذَلِكَ بَرِئَ وَإِنْ بَنَاهُ مِنْ خَشَبٍ آخَرَ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ حَتَّى لَوْ عَلِمَ أَنَّ الثَّانِي أَجْوَدُ يَبْرَأُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. هَدَمَ حَائِطُ مَسْجِدٍ يُؤْمَرُ بِتَسْوِيَتِهِ وَإِصْلَاحِهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. أَفْسَدَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ فَأَخَذَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ وَلَبِسَهُ عَالِمًا بِالْفَسَادِ لَيْسَ لَهُ التَّضْمِينُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا رَفَعَ التُّرَابَ مِنْ أَرْضِ الْغَيْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِرَفْعِهِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْكَبْسِ وَإِنْ قَالَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ كَانَ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ تَمَكَّنَ النُّقْصَانُ فِي الْأَرْضِ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَمَنْ حَفَرَ حَفِيرَةً بِأَرْضِ غَيْرِهِ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَرْضِهِ يَلْزَمُ النُّقْصَانَ وَقَوْلُهُ أَضَرَّ ذَلِكَ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِأَرْضِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الصَّيْرَفِيُّ إذَا انْتَقَدَ الدَّرَاهِمَ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا فَغَمَزَ دِرْهَمًا مِنْهَا فَانْكَسَرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّ صَاحِبَ الدَّرَاهِمِ إنْ كَانَ أَمَرَهُ بِالْغَمْزِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ إنْ كَانَ النَّاسُ إنَّمَا يَعْرِفُونَ الدَّرَاهِمَ بِالْغَمْزِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَإِلَّا فَيَضْمَنُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا طَبَخَ لَحْمَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ضَمِنَ وَلَوْ جَعَلَ صَاحِبُ اللَّحْمِ اللَّحْمَ فِي الْقِدْرِ وَوَضَعَ الْقِدْرَ عَلَى الْكَانُونِ وَوَضَعَ تَحْتَهَا الْحَطَبَ فَجَاءَ آخَرُ فَأَوْقَدَ النَّارَ فَطَبَخَ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا (وَمَنْ هَذَا الْجِنْسِ خَمْسُ مَسَائِلَ) إحْدَاهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ. الثَّانِيَةُ إذَا طَحَنَ حِنْطَةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ضَمِنَ وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْحِنْطَةِ جَعَلَ الْحِنْطَةَ فِي الزَّوْرَقِ وَرَبَطَ عَلَيْهِ الْحِمَارَ فَجَاءَ آخَرُ وَسَاقَ الْحِمَارَ فَطَحَنَ لَا يَضْمَنُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ إذَا رَفَعَ جَرَّةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَانْكَسَرَتْ يَضْمَنُ وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْجَرَّةِ رَفَعَ الْجَرَّةَ وَأَمَالَهَا إلَى نَفْسِهِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَأَعَانَهُ عَلَى الرَّفْعِ فَانْكَسَرَتْ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَنْ حَمَلَ عَلَى دَابَّةِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ حَتَّى هَلَكَتْ الدَّابَّةُ يَضْمَنُ وَلَوْ حَمَلَ الْمَالِكُ عَلَى دَابَّتِهِ شَيْئًا ثُمَّ سَقَطَ فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَحَمَّلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ لَا يَضْمَنُ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إنْ ذَبَحَ فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ لَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ الذَّابِحُ وَإِنْ كَانَ الذَّبْحُ فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ يَجُوزُ وَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ ثَابِتٌ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ دَلَالَةً وَالدَّلَالَةُ يَجِبُ اعْتِبَارُهَا مَا لَمْ يُوجَدْ الصَّرِيحُ بِخِلَافِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمِنْ جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الْمُزَارَعَةِ فِي بَابٍ قَبْلَ بَابِ الْمُزَارَعَةِ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا الْمُعَامَلَةُ أَنَّ مَنْ أَحْضَرَ فَعَلَةً لِهَدْمِ دَارِهِ فَجَاءَ آخَرُ وَهَدَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا فَصَارَ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ فِيهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ النَّاسِ دَلَالَةً فَأَمَّا إذَا كَانَ عَمَلًا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ لَا تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ النَّاسِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ الشَّاةَ بَعْدَ الذَّبْحِ لِلسَّلْخِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَسَلَخَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَصَّابٌ اشْتَرَى شَاةً فَجَاءَ إنْسَانٌ وَذَبَحَهَا فَإِنْ كَانَ أَخَذَ الْقَصَّابُ وَشَدَّ رِجْلَهَا لِلذَّبْحِ لَا يَضْمَنُ الذَّابِحُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَدَّ يَضْمَنُ كَذَا فِي الصُّغْرَى. وَمَنْ وَجَدَ فِي كَرْمِهِ أَوْ زَرْعِهِ دَابَّةً أَفْسَدَتْ الزَّرْعَ فَحَبَسَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ وَلَوْ أَخْرَجَهَا الْمُخْتَارُ أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَهَا وَسَاقَهَا فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا وَلَمْ يَسُقْهَا لَا يَضْمَنُ، وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَ دَابَّةً لِغَيْرِهِ مِنْ زَرْعِ غَيْرِهِ وَسَاقَهَا إلَى مَكَان يَأْمَنُ مِنْهَا عَلَى زَرْعِهِ كَأَنَّهُ أَخْرَجَهَا عَنْ زَرْعِهِ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى إذَا وَجَدَا دَابَّةً فِي زَرْعِهِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا فَأَسْرَعَتْ ضَمِنَ مَا أَصَابَتْهُ وَكَذَا إذَا تَبِعَهَا بَعْدَمَا أَخْرَجَهَا كَثِيرًا فَذَهَبَتْ ضَمِنَ وَإِنْ أَخْرَجَهَا أَجْنَبِيٌّ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الرَّاعِي إذَا وَجَدَ فِي بَارُوكِهِ بَقَرَةً لِغَيْرِهِ فَطَرَدَهَا قَدْرَ مَا تَخْرُجُ مِنْ بَارُوكِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ سَاقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ

الباب الرابع في كيفية الضمان

ضَمِنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. مَنْ وَجَدَ دَابَّةٌ فِي زَرْعِهِ فَأَخْرَجَهَا وَسَاقَهَا أَرَادَ رَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَعَطِبَتْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهَا يَضْمَنُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِهَذَا إنَّمَا نَأْخُذُ بِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ لَا يَضْمَنُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا وَجَدَ بَقَرَةً فِي زَرْعِهِ فَأَخْبَرَ صَاحِبَهَا فَأَفْسَدَتْ الدَّابَّةُ الزَّرْعَ إنْ أَمَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ صَاحِبَ الدَّابَّةِ بِالْإِخْرَاجِ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سَاقَ حِمَارَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَأَكَلَ الذِّئْبُ جَحْشَهُ أَوْ ضَاعَ الْجَحْشُ وَرُدَّ الْحِمَارُ إنْ كَانَ سَاقَ الْجَحْشَ مَعَ الْحِمَارِ يَضْمَنُ وَإِنْ انْسَاقَ الْجَحْشُ مَعَهُ بِلَا سَوْقِهِ وَضَاعَ لَا يَضْمَنُ الْجَحْشَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. الرَّاعِي إذَا قَادَهَا قَرِيبًا مِنْ الزَّرْعِ بِحَيْثُ لَوْ شَاءَتْ تَنَاوَلَتْ ضَمِنَ الرَّاعِي الزَّرْعَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. دَابَّةُ رَجُلٍ ذَهَبَتْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بِغَيْرِ إرْسَالِ صَاحِبِهَا فَأَفْسَدَتْ زَرْعَ رَجُلٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا وَبَذْرًا وَبَقَرَةً مُزَارَعَةً فَسَلَّمَ الْمَزَارِعُ الْبَقَرَةَ إلَى الرَّاعِي فَضَاعَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الرَّاعِي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ أَرَادَ سَقْيَ أَرْضِهِ فَمَنَعَهُ إنْسَانٌ حَتَّى فَسَدَ زَرْعُهُ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ وَجَدَ دَابَّةً فِي مَرْبِطٍ فَأَخْرَجَهَا فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ، غَصَبَ مَرْبِطًا وَشَدَّ فِيهِ دَوَابَّهُ فَأَخْرَجَهَا مَالِكُ الْمَرْبِطِ صَارَ ضَامِنًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَجَاءَ الْمَدْيُونُ إلَى صَاحِبِ دَيْنِهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ فَدَفَعَ الْمَالَ إلَى الطَّالِبِ لِيَنْتَقِدَهُ فَهَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الطَّالِبِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمَطْلُوبِ وَالدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ وَكِيلُ الْمَدْيُونِ فِي الِانْتِقَادِ فَكَأَنَّ يَدَهُ كَيَدِ الْمَدْيُونِ وَلَوْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ دَفَعَ الْمَالَ إلَى الطَّالِبِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَأَخَذَ مِنْهُ الطَّالِبُ ثُمَّ دَفَعَ إلَى الْمَدْيُونِ لِيَنْتَقِدَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمَدْيُونِ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ أَخَذَ حَقَّهُ فَإِذَا دَفَعَ إلَى الْمَدْيُونِ لِيَنْتَقِدَهُ الْمَطْلُوبُ صَارَ الْمَطْلُوبُ وَكِيلَ الطَّالِبِ فَكَانَ الْهَلَاكُ فِي يَدِ الْمَطْلُوبِ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْهَلَاكِ فِي يَدِ الطَّالِبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ فَمَاتَتْ مِنْ الْجِمَاعِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْغِيَاثِيَّةِ. سِنَّوْرٌ قَتَلَتْ حَمَامَةَ إنْسَانٍ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ السِّنَّوْرِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ أَخَذَ هِرَّةً وَأَلْقَاهَا إلَى حَمَامَةٍ أَوْ دَجَاجَةٍ فَأَكَلَتْهَا قَالُوا: إنْ أَخَذَتْ بِرَمْيِهِ ضَمِنَ وَإِنْ أَخَذَتْ بَعْدَ الرَّمْيِ وَالْإِلْقَاءِ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَتَلَ ذِئْبًا أَوْ أَسَدًا لِرَجُلٍ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ قَتَلَ قِرْدًا فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّ الْقِرْدَ لَهُ قِيمَةٌ؛ لِأَنَّ الْقِرْدَ يَخْدُمُ فِي الْبَيْتِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْكَلْبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَنْ أَتْلَفَ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا فَإِنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مُتْلِفِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُتْلِفُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَإِنْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى مُتْلِفِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُتْلِفُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا غَيْرَ أَنَّ الْمُتْلِفَ إنْ كَانَ ذِمِّيًّا يَجِبُ عَلَيْهِ مِثْلُ الْخَمْرِ وَإِنْ كَانَ الْمُتْلِفُ مُسْلِمًا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْخَمْرِ وَفِي الْخِنْزِيرِ يَجِبُ الْقِيمَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَلَوْ اسْتَهْلَكَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ خِنْزِيرًا لِذِمِّيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ الطَّالِبُ أَوْ الْمَطْلُوبُ أَوْ أَسْلَمَا جَمِيعًا فَلَا يَبْرَأُ الْمُسْتَهْلِكُ مِنْ الضَّمَانِ الَّذِي لَزِمَهُ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ خَمْرًا فَوَجَبَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الطَّالِبُ أَوْ أَسْلَمَا جَمِيعًا سَقَطَتْ الْخَمْرُ عَنْ ذِمَّتِهِ وَبَرِئَ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ أَسْلَمَ الْمَطْلُوبُ أَوَّلًا ثُمَّ أَسْلَمَ الطَّالِبُ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ فَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْرَأُ مِنْ الْخَمْرِ وَلَا يَتَحَوَّلُ إلَى الْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْقَبْضِ هَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَمَنْ أَتْلَفَ الشَّاةَ الْمَذْبُوحَةَ بِتَرْكِ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ الضَّمَانِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ الضَّمَانِ) قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ خَرَقَ طَيْلَسَانًا لِرَجُلٍ ثُمَّ رَفَاهُ قَالَ أُقَوِّمُهُ صَحِيحًا وَأُقَوِّمُهُ مَرْفُوًّا وَأُضَمِّنُهُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَطَمَّهَا رَجُلٌ بِتُرَابِهَا قَالَ أُقَوِّمُهَا مَحْفُورَةً وَغَيْرَ مَحْفُورَةٍ فَأُضَمِّنُهُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ طَرَحَ فِيهَا تُرَابًا أُجْبِرُهُ عَلَى أَنْ يُخْرِجَهُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الصَّحْرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْمَاءَ فَلَيْسَ عَلَى مَنْ طَمَّهَا شَيْءٌ وَإِنْ خَرَجَ الْمَاءُ فَقَدْ اسْتَحَقَّهَا؛ لِأَنَّهَا بِئْرُ عَطَنٍ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ

خَرَقَ صَكَّ رَجُلٍ أَوْ دَفْتَرَ حِسَابِهِ تَكَلَّمُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الصَّكِّ مَكْتُوبًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا كَسَرَ بَرْبَطَ إنْسَانٍ أَوْ طُنْبُورَهُ أَوْ دُفَّهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ آلَاتِ الْمَلَاهِي فَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا ضَمَانَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ الضَّمَانُ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ إلَّا إذَا فَعَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ: الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لِكَثْرَةِ الْفَسَادِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيَاسٌ وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ وَقَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ: ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا وَجَبَ الضَّمَانُ يَجِبُ عَلَى وَجْهِ الصَّلَاحِ لِغَيْرِ التَّلَهِّي عَلَى أَدْنَى وَجْهٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِذَلِكَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ النَّرْدُ وَالشِّطْرَنْجُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ سَنْجَاتِ الْوَزْنِ وَفِي الْقُدُورِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الطُّنْبُورِ وَالْبَرْبَطِ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ خَشَبًا مَنْحُوتًا وَفِي الْمُنْتَقَى يَضْمَنُ قِيمَتَهُ خَشَبًا أَوْ أَلْوَاحًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ وَالطَّبْلُ الَّذِي يُضْرَبُ لِلصِّبْيَانِ يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُسْلِمٌ أَتْلَفَ صَلِيبًا مَنْقُوشًا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَنْقُوشٍ بِتَمَاثِيلَ وَإِنْ كَانَ تَمَاثِيلَ مَقْطُوعَ الرَّأْسِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَنْقُوشًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَرَامٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْقُوشِ شَجَرٍ وَإِنْ أَحْرَقَ بِسَاطًا فِيهِ تَمَاثِيلُ رِجَالٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَنْقُوشًا؛ لِأَنَّ التَّمَاثِيلَ فِي الْبِسَاطِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ؛ لِأَنَّهُ يُوطَأُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ هِشَامٌ قُلْت لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَحْرَقَ بَابًا مَنْحُوتًا عَلَيْهِ تَمَاثِيلُ مَنْقُوشَةٌ قَالَ فِي قَوْلِي يَضْمَنُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَنْقُوشٍ بِتَمَاثِيلَ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ قَطَعَ رُءُوسَ التَّمَاثِيلِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَنْقُوشًا بِمَنْزِلَةِ مَنْقُوشِ شَجَرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ هَدَمَ بَيْتًا مُصَوَّرًا بِالْأَصْبَاغِ بِصُوَرِ التَّمَاثِيلِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَقِيمَةَ أَصْبَاغِهِ غَيْرَ مُصَوَّرٍ؛ لِأَنَّ التَّمَاثِيلَ فِي الْبَيْتِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ اسْتَهْلَكَ إنَاءَ فِضَّةٍ عَلَيْهِ تَمَاثِيلُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ غَيْرَ مُصَوَّرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلتَّمَاثِيلِ رُءُوسٌ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مُصَوَّرَةً كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَتَلَ جَارِيَةً مُغَنِّيَةً ضَمِنَ قِيمَتَهَا غَيْرَ مُغَنِّيَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغِنَاءُ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغِنَاءَ مَعْصِيَةٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَقَوَّمَ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ فَهُوَ عَيْبٌ فَيُعْتَدُّ بِهِ حَقُّ الْغَاصِبِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ حَسَنَةَ الصَّوْتِ إلَّا أَنَّهَا لَا تُغَنِّي فَهُوَ عَلَى حَسَنَةِ الصَّوْتِ وَالْحَمَامَةُ إذَا كَانَتْ تُقَرْقِرُ وَالْفَاخِتَةُ إذَا كَانَتْ تُقَرْقِرُ يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا مُقَرْقِرَةً وَالْحَمَامَةُ إذَا كَانَتْ تَجِيءُ مِنْ بَعِيدٍ لَا يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عَلَى ذَلِكَ وَالْفَرَسُ الَّذِي يَسْبِقُ عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَى السَّابِقِ قِيمَةٌ وَفِي الْحَمَامَةِ إذَا كَانَتْ طَائِرَةً يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا غَيْرُ طَائِرَةٍ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ بِغَيْرِ تَعْلِيمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَتْلَفَ كَبْشًا نَطُوحًا أَوْ دِيكًا مُقَاتِلًا لَا يَضْمَنُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَخْرَجَ شَجَرُ الْجَوْزِ جَوْزًا صِغَارًا رَطْبَةً فَأَتْلَفَ إنْسَانٌ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ يَضْمَنُ نُقْصَانَ الشَّجَرِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَالٍ حَتَّى لَا تُضْمَنَ بِالْإِتْلَافِ لَكِنْ لَا عَلَى الشَّجَرَةِ فَأَمَّا إتْلَافُهَا عَلَى الشَّجَرَةِ فَيُمْكِنُ نُقْصَانًا فِي تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَيُنْظَرُ أَنَّ هَذِهِ الشَّجَرَةَ مَعَ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ بِكَمْ تُشْتَرَى وَبِدُونِ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ بِكَمْ تُشْتَرَى فَيُضَمَّنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ الشَّجَرَةُ إذَا نَوَّرَتْ فِي الرَّبِيعِ فَنَقَصَهَا إنْسَانٌ حَتَّى تَنَاثَرَ نَوْرُهَا فَهُوَ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا كَسَرَ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ وَقِيمَةُ الْغُصْنِ قَلِيلَةٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ نُقْصَانَ الشَّجَرَةِ جَمِيعًا، وَالْغُصْنُ لِلْكَاسِرِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ نُقْصَانَ الشَّجَرَةِ إلَّا قَدْرَ الْغُصْنِ وَالْغُصْنُ لِرَبِّ الشَّجَرَةِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. قَطَعَ أَشْجَارَ كَرْمِ إنْسَانٍ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ غَيْرَ الْمِثْلِيِّ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يُقَوَّمَ الْكَرْمُ مَعَ الْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ وَيُقَوَّمَ مَقْطُوعُ الْأَشْجَارِ فَفَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيمَةُ الْأَشْجَارِ فَبَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْكَرْمِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ إلَى الْقَاطِعِ وَضَمَّنَهُ تِلْكَ الْقِيمَةَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَرَفَعَ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ قِيمَةَ الْمَقْطُوعَةِ وَيُضَمِّنُهُ الْبَاقِي. قَطَعَ شَجَرَةً فِي دَارِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَرَبُّ الدَّارِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الشَّجَرَةَ عَلَى الْقَاطِعِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ قَائِمَةً وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ مَعَ الشَّجَرَةِ قَائِمَةً وَتُقَوَّمَ بِغَيْرِ الشَّجَرَةِ فَيُضَمَّنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ الشَّجَرَةَ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ النُّقْصَانِ قَائِمَةً؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ الْقِيَامَ

الباب الخامس في خلط مال رجلين أو مال غيره بماله

وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنَّك إذَا عَرَفْتَ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ الْقَائِمَةِ بِالطَّرِيقِ الَّذِي تَقَدَّمَ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إلَى تِلْكَ الْقِيمَةِ وَإِلَى قِيمَةِ الشَّجَرَةِ الْمَقْطُوعَةِ فَفَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيمَةُ نُقْصَانِ الْقَطْعِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مَقْطُوعَةً وَغَيْرَ مَقْطُوعَةٍ سَوَاءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْكُبْرَى. رَجُلٌ قَطَعَ شَجَرَةً مِنْ ضَيْعَةِ رَجُلٍ وَاسْتَهْلَكَ الشَّجَرَةَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْحَطَبِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. جَاءَ إلَى رَأْسِ تَنُّورٍ وَقَدْ سُجِّرَ بِقَصَبٍ فَصَبَّ فِيهِ الْمَاءَ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ التَّنُّورِ كَذَلِكَ وَإِلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ مَسْجُورٍ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا فِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ فَتَحَ رَأْسَ تَنُّورِ إنْسَانٍ حَتَّى بَرَدَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْحَطَبِ مِقْدَارَ مَا سُجِّرَ بِهِ التَّنُّورُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يُنْظَرُ بِكَمْ يُسْتَأْجَرُ التَّنُّورُ الْمَسْجُورُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَجَّرَ ثَانِيًا فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْقَدْرَ أَوْ يُنْظَرُ إلَى أُجْرَتِهِ مَسْجُورًا وَغَيْرَ مَسْجُورٍ فَيَضْمَنُ تَفَاوُتَ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَتَحَ رَأْسَ تَنُّورٍ فَبَرَدَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ حَطَبٍ قَدْرَ مَا سُجِّرَ بِهِ قَالَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قَدْرَ مَا يُسْتَأْجَرُ التَّنُّورُ الْمَسْجُورُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَجِّرَهُ ثَانِيًا أَوْ تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ أُجْرَتِهِ مَسْجُورًا إلَى أُجْرَتِهِ غَيْرَ مَسْجُورٍ كَذَا فِي اللم. الرَّجُلُ إذَا فَتَقَ قَمِيصَ إنْسَانٍ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ مَخِيطًا وَغَيْرَ مَخِيطٍ فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَلْقَى نَجَاسَةً فِي بِئْرٍ خَاصَّةٍ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ دُونَ النَّزَحِ وَفِي الْبِئْرِ الْعَامَّةِ يُؤْمَرُ بِنَزْحِهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي خَلْطِ مَالِ رَجُلَيْنِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ بِمَالِهِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي خَلْطِ مَالِ رَجُلَيْنِ أَوْ مَالَ غَيْرِهِ بِمَالِهِ أَوْ اخْتِلَاطِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ بِالْآخَرِ مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ) الْغَاصِبُ إذَا خَلَطَ الْمَغْصُوبَ بِمَالِ نَفْسِهِ أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ خَلْطُ مُمَازَجَةٍ وَخَلْطُ مُجَاوَرَةٍ أَمَّا خَلْطُ الْمُمَازَجَةِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ خَلْطٌ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا بِالْقِسْمَةِ وَخَلْطٌ يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا بِالْقِسْمَةِ فَمَا لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا بِالْقِسْمَةِ كَخَلْطِ دُهْنِ الْجَوْزِ بِدُهْنِ الْبَذْرِ وَدَقِيقِ الْحِنْطَةِ بِدَقِيقِ الشَّعِيرِ فَالْخَالِطُ ضَامِنٌ وَلَا حَقَّ لِلْمَالِكِ فِي الْمَخْلُوطِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا بِالْقِسْمَةِ كَخَلْطِ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ مِثْلُ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ وَاللَّبَنُ بِاللَّبَنِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَ حَقِّهِ وَإِنْ شَاءَ شَارَكَهُ فِي الْمَخْلُوطِ وَاقْتَسَمَاهُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا وَأَمَّا خَلْطُ الْمُجَاوَرَةِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ خَلْطٌ يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بِلَا كُلْفَةٍ وَلَا مَشَقَّةٍ وَخَلْطٌ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ فَإِنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا بِلَا كُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ كَخَلْطِ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ وَالْبِيضِ بِالسُّودِ لَا يَضْمَنُ الْخَالِطُ وَيُمَيَّزُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّمْيِيزُ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْخَالِطُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِيَارَ لِلْمَالِكِ نَصًّا ثُمَّ اخْتَلَفُوا قِيلَ: هَذَا قَوْلُهُمَا وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُشْتَرَكُ؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ لَا تَخْلُو عَنْ حَبَّاتِ الشَّعِيرِ فَيَكُونُ خَالَطَ الْجِنْسَ بِالْجِنْسِ فَيَمْلِكُ عِنْدَهُ وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُمَا لَا يَشْتَرِكَانِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَلَوْ خَلَطَ حِنْطَةَ رَجُلٍ بِشَعِيرِ آخَرَ وَغَابَ الْخَالِطُ فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمَخْلُوطَ أَحَدُهُمَا وَيَضْمَنُ لِصَاحِبِهِ مِثْلَ كَيْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَخْلُوطَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَخْلُوطِ مِنْ شَرِيكِهِ وَإِنْ أَبَيَا بَاعَاهُ وَاقْتَسَمَا فَيَضْرِبُ صَاحِبُ الْحِنْطَةِ بِقِيمَةِ حِنْطَةٍ مَخْلُوطَةٍ بِالشَّعِيرِ وَصَاحِبُ الشَّعِيرِ بِقِيمَةِ الشَّعِيرِ غَيْرَ مَخْلُوطٍ بِالْحِنْطَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ مَعَ رَجُلٍ سَوِيقٌ وَمَعَ رَجُلٍ آخَرُ سَمْنٌ أَوْ زَيْتٌ فَاصْطَدَمَا فَانْصَبَّ زَيْتُ هَذَا أَوْ سَمْنُهُ فِي سَوِيقِ هَذَا فَإِنَّ صَاحِبَ السَّوِيقِ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ السَّمْنِ أَوْ الزَّيْتِ مِثْلَ كَيْلِ سَمْنِهِ أَوْ زَيْتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اخْتَلَطَ نَوْرَةُ رَجُلٍ بِدَقِيقِ آخَرَ بِغَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ يُبَاعُ الْمُخْتَلَطُ وَيُضْرَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقِيمَتِهِ مُخْتَلَطًا؛ لِأَنَّ هَذَا نُقْصَانٌ حَصَلَ لَا بِفِعْلِ أَحَدٍ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِإِيجَابِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. صَبَّ رَدِيئًا عَلَى جَيِّدٍ ضَمِنَ مِثْلَ الْجَيِّدِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا كَانَ شَرِيكًا بِقَدْرِ مَا صَبَّ

وَفِي الْقُدُورِيِّ صَبَّ مَاءً فِي طَعَامٍ فَأَفْسَدَهُ وَزَادَ فِي كَيْلِهِ فَلِصَاحِبِ الطَّعَامِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَصُبَّ فِيهِ الْمَاءَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ طَعَامًا مِثْلَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ صَبَّ مَاءً فِي دُهْنٍ أَوْ زَيْتٍ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ الْمُبْتَلَّ وَالدُّهْنَ الَّذِي صُبَّ الْمَاءُ فِيهِ لَا مِثْلَ لَهُ فَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَغْرَمَ مِثْلَ كَيْلِهِ قَبْلَ صَبِّ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ غَصْبٌ مُتَقَدِّمٌ حَتَّى لَوْ غَصَبَ ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ خَلَطَ دَرَاهِمَ جِيَادًا بِدَرَاهِمَ زُيُوفٍ فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا عَلِمَ أَنَّ فِي الْجِيَادِ زُيُوفًا وَفِي الزُّيُوفِ جِيَادًا؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ مُتَعَذِّرٌ حَقِيقَةً وَقِسْمَةً، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْجِيَادِ زُيُوفٌ وَلَا فِي الزُّيُوفِ جِيَادٌ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْجِيَادِ وَالزُّيُوفِ فَلَمْ يَكُنْ الْخَلْطُ اسْتِهْلَاكًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَرَاهِمَ يَنْظُرُ إلَيْهَا وَقَعَ بَعْضُهَا فِي دَرَاهِمِ غَيْرِهِ فَاخْتَلَطَتْ كَانَ الَّذِي وَقَعَ الدَّرَاهِمُ مِنْ يَدِهِ غَاصِبًا ضَامِنًا وَهَذِهِ جِنَايَةٌ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا دَخَلَتْ أُتْرُجَّةُ رَجُلٍ فِي قَارُورَةِ آخَرَ يُنْظَرُ إلَى أَكْثَرِهِمَا قِيمَةً فَيُؤْمَرُ صَاحِبُهُ بِأَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْآخَرِ وَلَوْ أَدْخَلَ رَجُلٌ أُتْرُجَّةَ رَجُلٍ قَارُورَةً الْآخَرِ يَضْمَنُ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَلَا خِيَارَ لِأَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا وَتَكُونُ الْأُتْرُجَّةُ وَالْقَارُورَةُ لَهُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْبَعِيرُ إذَا ابْتَلَعَ لُؤْلُؤَةً وَقِيمَةُ اللُّؤْلُؤَةِ أَكْثَرُ كَانَ لِصَاحِبِ اللُّؤْلُؤَةِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ الْبَعِيرِ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُ اللُّؤْلُؤَةِ شَيْئًا يَسِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِ الْبَعِيرِ. رَجُلٌ ابْتَلَعَ دُرَّةَ رَجُلٍ وَمَاتَ فَإِنْ تَرَكَ مَالًا أُعْطِيَ الضَّمَانُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ مَالًا لَا يُشَقُّ بَطْنُهُ وَلَوْ ابْتَلَعَ دُرَّةَ غَيْرِهِ وَهُوَ حَيٌّ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَلَا يُنْظَرُ إلَى أَنْ تَخْرُجَ مِنْهُ. شَجَرَةُ الْقَرْعِ إذَا نَبَتَتْ فِي مِلْكِ رَجُلٍ فَصَارَتْ فِي حُبِّ رَجُلٍ آخَرَ وَعَظُمَ الْقَرْعُ فَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ الْحُبِّ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ اللُّؤْلُؤَةِ إذَا ابْتَلَعَتْهَا دَجَاجَةٌ يُنْظَرُ إلَى أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ إنْ شِئْت أَعْطَيْت الْآخَرَ قِيمَةَ مَالِهِ فَيَصِيرُ لَك وَإِنْ أَبَى يُبَاعُ الْحُبُّ عَلَيْهِمَا وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حُبٌّ فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ إلَّا بِهَدْمِ شَيْءٍ مِنْ الْحَائِطِ يُنْظَرُ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ قِيمَةً مَا يَنْهَدِمُ مِنْ الْحَائِطِ بِإِخْرَاجِ الْحُبِّ وَالْحُبُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَقَعَ دِرْهَمٌ أَوْ لُؤْلُؤَةٌ فِي مِحْبَرَةٍ وَكَانَ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِكَسْرِهَا إنْ كَانَ ذَلِكَ بِفِعْلِ صَاحِبِ الْمِحْبَرَةِ وَكَانَ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ الْمِحْبَرَةِ كُسِرَتْ وَلَا غُرْمَ عَلَى صَاحِبِ الشَّيْءِ الْوَاقِعِ فِيهَا وَإِنْ وَقَعَ بِفِعْلِ صَاحِبِ الشَّيْءِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كُسِرَتْ أَيْضًا وَعَلَى صَاحِبِ الشَّيْءِ قِيمَةُ الْمِحْبَرَةِ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ حَتَّى تَنْكَسِرَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ أَدْخَلَتْ دَابَّةُ رَجُلٍ رَأْسَهَا فِي قِدْرِ آخَرَ وَلَا يُمْكِنُ الْإِخْرَاجُ إلَّا بِالْكَسْرِ كَانَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْآخَرَ بِقِيمَتِهِ، وَنَظَائِرُهَا كَثِيرَةٌ لِصَاحِبِ أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ أَنْ يَتَمَلَّك الْآخَرَ بِقِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا عَلَى السَّوَاءِ يُبَاعُ عَلَيْهِمَا وَيَقْسِمَانِ الثَّمَنَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لُؤْلُؤَةٌ وَقَعَتْ فِي دَقِيقِ رَجُلٍ إنْ كَانَ فِي قَلْبِ الدَّقِيقِ ضَرَرٌ لَا أَقْلِبُهُ وَأَنْتَظِرُ حَتَّى يُبَاعَ الدَّقِيقُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِهِ ضَرَرٌ أَمَرْتُهُ بِقَلْبِهِ قَالَ بِشْرٌ يُقَلِّبُهُ الَّذِي يَطْلُبُ اللُّؤْلُؤَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا فَصِيلًا وَأَدْخَلَهُ الْمُودَعُ فِي بَيْتِهِ حَتَّى عَظُمَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى إخْرَاجِهِ إلَّا بِقَلْعِ بَابِهِ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْفَصِيلِ يَوْمَ صَارَ الْفَصِيلُ فِي حَدٍّ لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْ الْبَابِ وَيَتَمَلَّكَ الْفَصِيلَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ قَلَعَ بَابَهُ وَرَدَّ الْفَصِيلَ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ مَا يَنْهَدِمُ مِنْ الْبَيْتِ بِإِخْرَاجِ الْفَصِيلِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْفَصِيلِ أَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْفَصِيلِ أَكْثَرُ وَأَبَى الْمُودَعُ قَلْعَ الْبَابِ لِإِخْرَاجِ الْفَصِيلِ يَجِبُ أَنْ يُؤْمَرَ صَاحِبُ الْفَصِيلِ بِدَفْعِ قِيمَةِ مَا يَنْهَدِمُ إلَى الْمُودَع وَإِخْرَاجِ الْفَصِيلِ وَفِي كِتَابِ الْحِيطَانِ هَذَا إذَا أَدْخَلَ الْمُودَع الْفَصِيلَ فِي بَيْتِهِ وَلَوْ اسْتَعَارَ الْمُودَعُ بَيْتًا وَأَدْخَلَ الْفَصِيلَ فِيهِ وَعَظُمَ الْفَصِيلُ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا يُقَالُ لِرَبِّ الْفَصِيلِ: إنْ أَمْكَنَكَ إخْرَاجُ الْفَصِيلِ فَأَخْرِجْهُ وَإِلَّا فَانْحَرْهُ وَاجْعَلْهُ قِطَعًا قِطَعًا وَإِنْ كَانَ بَغْلًا أَوْ حِمَارًا فَإِنْ كَانَ ضَرَرُ هَدْمِ الْبَابِ فَاحِشًا فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَلَهُ أَنْ يَقْلَعَ الْبَابَ وَيَغْرَمَ مِقْدَارَ مَا أَفْسَدَ مِنْ الْبَابِ وَهَذَا نَوْعُ اسْتِحْسَانٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَثْلَجَةٌ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا مِنْ مَثْلَجَةِ صَاحِبِهِ ثَلْجًا وَجَعَلَهُ فِي مَثْلَجَةِ نَفْسِهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَمَّا إنْ اتَّخَذَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ

الباب السادس في استرداد المغصوب من الغاصب

مَوْضِعًا يَجْتَمِعُ فِيهِ الثَّلْجُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى الْجَمْعِ فِيهِ أَوْ كَانَ مَوْضِعًا يَجْتَمِعُ فِيهِ الثَّلْجُ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ مَثْلَجَتِهِ إنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا أَوْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ يَوْمَ خَلْطِهِ إنْ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي الْمَسْأَلَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَمَّا إنْ أَخَذَ مِنْ الْحَيِّزِ الَّذِي فِي حَدِّ صَاحِبِهِ لَا مِنْ الْمَثْلَجَةِ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْمَثْلَجَةِ فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الَّذِي أَخَذَهُ وَفِي الْقِسْمِ الثَّانِي الْجَوَابُ كَالْجَوَابِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَمَنْ خَلَطَ مَالَهُ بِمَالِ غَيْرِهِ ضَمِنَ إلَّا عَبْدًا مَأْذُونًا عَلَيْهِ دَيْنٌ دَفَعَ مَوْلَاهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَيْهِ لِيَشْتَرِيَ لَهُ مَتَاعًا فَخَلَطَ بِدَرَاهِمِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ مَتَاعًا فَالْمَتَاعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْلَاهُ ذَكَرَهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دِرْهَمَيْنِ وَدَفَعَ دِرْهَمًا آخَرَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْلِطَهُمَا فَفَعَلَ ثُمَّ وَجَدَ فِيهِمَا دِرْهَمًا سُتُّوقًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ فِيهِ أَنَّهُ لِهَذَا فَإِنْ قَالَ الْأَمِينُ لَا أَدْرِي لِمَنْ هَذَا قَالَ أُضَمِّنُهُ الْأَمِينَ وَإِنْ خَلَطَ بِأَمْرِهِمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي اسْتِرْدَادِ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي اسْتِرْدَادِ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ وَفِيمَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَمَا لَا يَبْرَأُ) قَالَ الْكَرْخِيُّ إذَا أَحْدَثَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي الْغَصْبِ حَدَثًا يَصِيرُ بِهِ غَاصِبًا لَوْ وَقَعَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ صَارَ مُسْتَرِدًّا لِلْغَصْبِ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَذَلِكَ نَحْوُ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْمَغْصُوبَ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ إثْبَاتُ الْيَدِ عَلَى الْمَحَلِّ فَإِذَا أَحْدَثَ حَدَثًا يَصِيرُ بِهِ غَاصِبًا فَقَدْ أَثْبَتَ يَدَهُ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَثُبُوتُ يَدِ الْمَالِكِ يُوجِبُ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْ الْغَاصِبِ سَوَاءٌ عَرَفَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُبْتَنَى عَلَى السَّبَبِ دُونَ الْعِلْمِ وَلَا يَكُونُ الْغَاصِبُ غَاصِبًا بِالْغَصْبِ الْأَوَّلِ بِهَذَا إلَّا أَنْ يُحْدِثَ غَصْبًا مُسْتَقْبِلًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْغَاصِبَ كَسَا الثَّوْبَ رَبَّ الثَّوْبِ فَلَبِسَهُ حَتَّى تَخَرَّقَ عَرَفَهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ، وَكَذَا إذَا بَاعَهُ صَاحِبَهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَلَا يَعْرِفُهُ حَتَّى لَبِسَهُ وَتَخَرَّقَ وَكَذَلِكَ إذَا غَصَبَ طَعَامًا ثُمَّ أَطْعَمَهُ عَرَفَهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ وَكَذَلِكَ إذَا جَاءَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إلَى بَيْتِ الْغَاصِبِ وَأَكَلَ ذَلِكَ الطَّعَامَ بِعَيْنِهِ وَقَدْ عَرَفَهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ خَبَزَ الدَّقِيقَ أَوْ شَوَى اللَّحْمَ ثُمَّ أَطْعَمَهُ لَمْ يَبْرَأْ عَنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ مَا أَثْبَتَ يَدَهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِذَا اعْوَرَّتْ الْمَغْصُوبَةُ أَوْ سَقَطَتْ سِنُّهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ ثُمَّ زَالَ الْعَوَرُ وَنَبَتَ السِّنُّ فِي يَدِ الْمَالِكِ بَرِئَ الْغَاصِبُ عَنْ ضَمَانِ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَصَارَ فِي عَيْنِهِ بَيَاضٌ وَرَدَّهُ الْمَالِكُ وَضَمِنَ الْأَرْشَ فَبَاعَهُ رَبُّ الْعَبْدِ فَانْجَلَى الْبَيَاضُ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْغَاصِبُ عَلَى رَبِّ الْعَبْدِ بِمَا قَبَضَ مِنْ أَرْشِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ زَالَتْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. غَصَبَ دَارًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمَالِكِ، وَالدَّارُ لَيْسَتْ بِحَضْرَتِهِمَا لَا يَبْرَأُ وَإِنْ كَانَ هُوَ سَاكِنًا فِيهَا أَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى سُكْنَاهَا بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ لِوُجُوبِ الْأَجْرِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ أَنْ الْغَاصِبَ اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا مَعْلُومًا فَإِنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَأْخُذَ فِي عَمَلِ الْحَائِطِ فَإِذَا أَخَذَ فِي عَمَلِ الْحَائِطِ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ مِنْ الْمَالِكِ لِلْخِدْمَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ صَحَّ وَيَصِيرُ الْمُسْتَأْجِرُ قَابِضًا لَهُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ فَأَوْلَى أَنْ يَنُوبَ عَنْ قَبْضِ الْإِجَارَةِ فَإِذَا صَارَ قَابِضًا بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ صَارَ أَمِينًا وَارْتَفَعَ الضَّمَانُ فَلَا يَعُودُ الضَّمَانُ إلَّا بِاعْتِدَاءٍ مُسْتَأْنَفٍ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مَاتَ أَمَانَةً وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ الْأُجْرَةُ فِيمَا مَضَى مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَيَسْقُطُ الْبَاقِي فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَالْعَبْدُ حَيٌّ لَمْ يَعُدْ مَضْمُونًا وَفِي الْمُنْتَقَى غَصَبَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِيَعْمَلَ لَهُ عَمَلًا فَإِذَا أَخَذَ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ بَرِئَ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَعَارَ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ لَا يَبْرَأُ حَتَّى لَوْ

هَلَكَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ إذَا قَالَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ أَوْدَعْتُكَ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ هَلَكَ فِي يَدِهِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْإِبْرَاءُ عَنْ الضَّمَانِ نَصًّا وَالْأَمْرُ بِالْحِفْظِ وَعَقْدِ الْوَدِيعَةِ لَا يُنَافِيَانِ ضَمَانَ الْغَصْبِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. قَالُوا فِي الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا زَوَّجَ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ بَرِئَ مِنْ ضَمَانِهَا فِي الْحَالِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يَبْرَأْ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا فَرْعٌ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ هَلْ يَصِيرُ قَابِضًا بِالتَّزْوِيجِ أَمْ لَا أَمَّا لَوْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ اسْتَأْجَرَ الْغَاصِبَ لِيَعْمَلَ لِلْمَغْصُوبِ عَمَلًا مِنْ الْأَعْمَالِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ عَلَى ضَمَانِهِ إنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ ضَمِنَ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ لِغَسْلِ الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ كُرًّا مِنْ حِنْطَةٍ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَقَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ اطْحَنْهُ لِي فَطَحَنَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ حِنْطَتَهُ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُمْسِكَ الدَّقِيقَ، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ غَزْلًا ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَقَالَ انْسِجْهُ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ دَابَّةً ثُمَّ مَاتَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَجَاءَ وَارِثُهُ وَاسْتَعَارَ مِنْ الْغَاصِبِ فَأَعَارَهَا الْغَاصِبُ إيَّاهُ فَعَطِبَتْ تَحْتَهُ بَرِئَ الْغَاصِبُ عَنْ ضَمَانِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْغَاصِبُ إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبَ بِأَمْرِ الْقَاضِي يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِأَمْرِ مَالِكِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا أَمَرَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ بِبَيْعِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ صَحَّ وَيَصِيرُ وَكِيلًا وَلَا يَخْرُجُ عَنْ ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ بِالْبَيْعِ، وَكَذَا لَا يَخْرُجُ عَنْ ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَلَزِمَ الْغَاصِبَ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبَ بِنَفْسِهِ فَقَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي لَا يَخْرُجُ عَنْ ضَمَانِ الْغَاصِبِ، ثُمَّ الْغَاصِبُ إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبَ بِأَمْرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَرَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَغْصُوبَ بِالْعَيْبِ عَلَى الْغَاصِبِ إنْ كَانَ الرَّدُّ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَعُودُ مَضْمُونًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَمَرَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ أَنْ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ فَقَبْلَ التَّضْحِيَةِ لَا يَخْرُجُ عَنْ ضَمَانِ الْغَاصِبِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَجَوَابُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَبْرَأُ مُطْلَقًا وَقَالَ الشَّيْخُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ: الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَاصِلِ عَلَى وُجُوهٍ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ كَبِيرًا بَالِغًا فَالْجَوَابُ مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا إنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا إنْ كَانَ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ الْقَبْضَ وَالْحِفْظَ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إذَا رَدَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَمَا أُخِذَ مِنْهُ وَتَحَوَّلَ مِنْهُ إنْ رَدَّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْ مَكَانِ الْأَخْذِ يَبْرَأُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا يَعْقِلُ الْحِفْظَ وَالْقَبْضَ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْأَخْذَ وَالْإِعْطَاءَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْخِلَافِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ الْأَخْذَ وَالْإِعْطَاءَ لَا يَبْرَأُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَفِيهِ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ دَرَاهِمَ وَقَدْ اسْتَهْلَكَهَا الْغَاصِبُ، ثُمَّ رَدَّ مِثْلَ ذَلِكَ عَلَى الصَّبِيِّ وَهُوَ يَعْقِلُ يَبْرَأُ إنْ كَانَ مَأْذُونًا وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَا يَبْرَأُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. غَصَبَ سَرْجًا مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ، ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى ظَهْرِهَا لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. غَصَبَ حَطَبًا وَاسْتَأْجَرَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ بِأَنْ يَطْبُخَ لَهُ قِدْرًا فَأَوْقَدَ الْحَطَبَ تَحْتَ الْقِدْرِ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ قَالَ مَشَايِخُنَا لَا رِوَايَةَ لِهَذَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَأَخَذَ مِنْ مَالِهِ مِثْلَ حَقِّهِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِإِذْنِ الشَّرْعِ لَكِنْ بِهِ يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا طَرِيقُ قَضَاءِ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَأَخَذَ غَيْرَ صَاحِبِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ وَدَفَعَ إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى يَصِيرُ قِصَاصًا عَنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْآخِذَ بِمَنْزِلَةِ الْمُعِينِ لَهُ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَخْرَجَ خَاتَمَ النَّائِمِ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي النَّوْمِ يَبْرَأُ وَإِنْ اسْتَيْقَظَ، ثُمَّ نَامَ وَأَعَادَهُ فِي هَذَا

النَّوْمِ الثَّانِي لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ يَجِبُ الرَّدُّ إلَى النَّائِمِ وَقَدْ وُجِدَ، وَفِي الثَّانِي يَجِبُ عَلَى الْيَقْظَانِ وَلَمْ يُوجَدْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي إعَادَةِ الْخَاتَمِ إلَى أُصْبُعِ النَّائِمِ وَالْخُفِّ إلَى رِجْلِهِ وَالْقَلَنْسُوَةِ إلَى رَأْسِهِ الْإِمَامُ الثَّانِي يَعْتَبِرُ اتِّحَادَ النَّوْمِ فِي إزَالَةِ الضَّمَانِ كَمَا ذَكَرَ هُنَا وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتَبِرُ اتِّحَادَ الْمَجْلِسِ حَتَّى إذَا أَعَادَهُ فِي الْمَجْلِسِ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَوْ فِي نَوْمَةٍ أُخْرَى فَإِذَا لَمْ يُحَوِّلْهُ عَنْ مَكَانِهِ وَأَعَادَهُ إلَى أُصْبُعِهِ أَيَّ أُصْبُعٍ كَانَ أَوْ رِجْلِهِ زَالَ الضَّمَانُ عَنْهُ وَإِنْ حَوَّلَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي تِلْكَ النَّوْمَةِ أَوْ غَيْرِهَا لَا يَبْرَأُ مَا لَمْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ حَالَ الْيَقَظَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا لَبِسَ ثَوْبَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ حَالَ غَيْبَتِهِ، ثُمَّ نَزَعَهُ وَأَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ قَالَ مَشَايِخُنَا: وَهَذَا إذَا لَبِسَ كَمَا يُلْبَسُ الثَّوْبَ عَادَةً فَأَمَّا إذَا كَانَ قَمِيصًا فَوَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ أَخَذَ ثَوْبَ رَجُلٍ مِنْ بَيْتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَبِسَهُ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَى بَيْتِهِ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَهَلَكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ دَابَّةَ غَيْرِهِ مِنْ مَعْلَفِهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ، ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا فَذَهَبَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ أَخَذَ الدَّابَّةَ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ غَصْبًا، ثُمَّ رَدَّهَا فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا وَلَا خَادِمَهُ فَرَبَطَهَا فِي دَارِ صَاحِبِهَا عَلَى مَعْلَفِهَا فَهُوَ ضَامِنٌ نَصَّ عَلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ فِي كِيسِهِ أَلْفٌ أَخَذَ رَجُلٌ نِصْفَهَا، ثُمَّ رَدَّ النِّصْفَ إلَى الْكِيسِ بَعْدَ أَيَّامٍ يَضْمَنُ النِّصْفَ الْمَأْخُوذَ الْمَرْدُودَ لَا غَيْرَ وَلَا يَبْرَأُ بِرَدِّهَا إلَى الْكِيسِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي بَابِ وُجُوبِ الضَّمَانِ. وَلَوْ جَاءَ الْغَاصِبُ بِالْمَغْصُوبِ وَوَضَعَهُ فِي حِجْرِ الْمَالِكِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَجَاءَ إنْسَانٌ فَحَمَلَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْرَأُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ أَتْلَفَهُ وَأَعْطَاهُ الْقِيمَةَ بِلَا قَضَاءٍ فَلَمْ يَقْبَلْ وَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يَضَعَهُ فِي يَدِ الْمَالِكِ أَوْ فِي حِجْرِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ إلَى أَحَدٍ مِنْ وَرَثَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَمْ يَبْرَأْ عَنْ نَصِيبِ الْآخَرِينَ إذَا كَانَ الرَّدُّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. الْغَاصِبُ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ إلَى الْمَالِكِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ فَحَمَلَهُ الْغَاصِبُ إلَى مَنْزِلِهِ فَضَاعَ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ وَلَا يَتَجَدَّدُ الْغَصْبُ بِالْحَمْلِ إلَى مَنْزِلِهِ إذَا لَمْ يَضَعْهُ عِنْدَ الْمَالِكِ فَإِنْ وَضَعَهُ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهُ، ثُمَّ حَمَلَهُ ثَانِيًا إلَى مَنْزِلِهِ وَضَاعَ ضَمِنَهُ أَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَضَعْهُ عِنْدَ الْمَالِكِ فَقَالَ لِلْمَالِكِ خُذْهُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ صَارَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ أَبُو عِصْمَةَ عَنْ رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ كِيسِ رَجُلٍ دَرَاهِمَ فَأَنْفَقَهَا، ثُمَّ أَعَادَهَا فِي كِيسِهِ مِثْلَ مَا كَانَ أَخَذَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ صَاحِبُهُ وَخَلَطَهَا بِدَرَاهِمِهِ فَقَالَ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ صَاحِبَ الْكِيسِ أَنْفَقَ جَمِيعَ مَا فِي كِيسِهِ أَوْ حَمَلَ الْكِيسَ مِنْ مَوْضِعِهِ فَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ وَعَنْ نُصَيْرٍ إذَا رَأَى دَابَّةً وَاقِفَةً فِي الطَّرِيقِ فَنَحَّاهَا ضَمِنَ وَعَنْ ابْنِ سَلَمَةَ إذَا وَقَفَتْ ثُمَّ سَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ لَهُ كُرَّانِ مِنْ حِنْطَةٍ غَصَبَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا، ثُمَّ أَوْدَعَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ الْكُرَّ الْآخَرَ فَخَلَطَهُ الْغَاصِبُ بِالْكُرِّ الْمَغْصُوبِ ثُمَّ ضَاعَ ذَلِكَ كُلُّهُ ضَمِنَ الْكُرَّ الْمَغْصُوبَ وَلَا يَضْمَنُ كُرَّ الْوَدِيعَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. غَصَبَ مِنْ آخَرَ سَفِينَةً فَلَمَّا رَكِبَهَا وَبَلَغَ وَسَطَ الْبَحْرِ فَلَحِقَهُ صَاحِبُهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ الْغَاصِبِ وَلَكِنْ يُؤَاجِرُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إلَى الشَّطِّ مُرَاعَاةً لِلْجَانِبَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ دَابَّةً وَلَحِقَهَا صَاحِبُهَا فِي الْمَفَازَةِ فِي مَوْضِعِ الْمَهْلَكَةِ لَا يَسْتَرِدُّهَا مِنْهُ وَلَكِنْ يُؤَاجِرُهَا إيَّاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. كُفِّنَ فِي ثَوْبِ غَصْبٍ وَأُهِيلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ لَمْ تَمْضِ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الْكَفَنِ فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَكِنْ أَعْطَى رَجُلٌ قِيمَتَهُ فَعَلَى الْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ وَلَا يَنْبُشُ الْقَبْرَ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ تَصِلْ إلَيْهِ الْقِيمَةُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِآخِرَتِهِ وَإِنْ شَاءَ نَبَشَ الْقَبْرَ وَأَخَذَ الْكَفَنَ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ لِدِينِهِ وَدُنْيَاهُ فَإِنْ نَبَشَ الْقَبْرَ وَأَخَذَ الْكَفَنَ وَانْتَقَصَ الْكَفَنُ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الَّذِينَ كَفَّنُوهُ وَدَفَنُوهُ

الباب السابع في الدعوى الواقعة في الغصب واختلاف الغاصب والمغصوب منه

كَذَا فِي الْكُبْرَى. رَجُلٌ غَصَبَ ثَوْبًا أَوْ دَابَّةً أَوْ دَرَاهِمَ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا فَأَبْرَأَهُ مِنْهَا صَحَّ وَيَصِيرُ الْغَصْبُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، وَكَذَا إذَا أَحْلَلَهُ مِنْ ذَلِكَ بَرِئَ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا أَوْ مُسْتَهْلَكًا إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَهُوَ إبْرَاءٌ عَنْ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَهُوَ إبْرَاءٌ عَنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَتَصِيرُ الْعَيْنُ أَمَانَةً عِنْدَ الْغَاصِبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَطَعَ غُصْنًا فَنَبَتَ مَكَانَهَا آخَرُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَصَدَ زَرْعًا أَوْ بَقْلًا فَنَبَتَ مَكَانَهُ آخَرُ لَا يَبْرَأُ عَنْ ضَمَانِ الْمَحْصُودِ وَالْمَقْطُوعِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ غَصَبَ مِنْ آخَرَ سَاجَةً وَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ أَوْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ تَالَّةً وَغَرَسَهَا فِي أَرْضِهِ وَكَبِرَتْ حَتَّى انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ، ثُمَّ إنَّ الْمَالِكَ قَالَ لِلْغَاصِبِ وَهَبْت لَكَ السَّاجَةَ وَالتَّالَّةَ صَحَّ وَهَذَا إبْرَاءٌ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي النَّوَازِلِ هَشَّمَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ لِإِنْسَانِ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَهَشَّمَهُ هَشْمًا بَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ الضَّمَانِ وَضَمِنَ الثَّانِي مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ صَبَّ مَاءً عَلَى حِنْطَةِ إنْسَانٍ فَجَاءَ آخَرُ وَصَبَّ عَلَيْهَا مَاءً آخَرَ وَزَادَ فِي نُقْصَانِهَا بَرِئَ الْأَوَّلُ عَنْ الضَّمَانِ وَضَمِنَ الثَّانِي قِيمَتَهَا يَوْمَ صَبَّ الثَّانِي كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا كَسَرَ إنَاءَ فِضَّةٍ لِرَجُلٍ وَاسْتَهْلَكَهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَاسِرِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّضْمِينِ تَسْلِيمُ الْمَكْسُورِ وَقَدْ فُوِّتَ ذَلِكَ بِالِاسْتِهْلَاكِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ غَصَبَ شَيْئًا وَقَبَضَ لِلْحِفْظِ وَأَجَازَ الْمَالِكُ حِفْظَهُ كَمَا أَخَذَ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَلَوْ أَنَّهُ انْتَفَعَ بِهِ فَأَمَرَهُ بِالْحِفْظِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَوْدَعَ الرَّجُلُ مَالَ الْغَيْرِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ شَيْئًا فَغَابَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَجَاءَ الْغَاصِبُ إلَى الْقَاضِي وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ أَوْ يَفْرِضَ لَهُ النَّفَقَةَ فَالْقَاضِي لَا يَأْخُذُ وَلَا يَفْرِضُ لَهُ النَّفَقَةَ فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مَخُوفًا مِتْلَافًا فَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ وَيَبِيعَهُ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا نَظَرٌ مِنْ وَجْهٍ فَكَانَ لِلْقَاضِي فِي ذَلِكَ رَأْيٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب السَّابِع فِي الدَّعْوَى الْوَاقِعَة فِي الْغَصْب وَاخْتِلَاف الْغَاصِب والمغصوب مِنْهُ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي الدَّعْوَى الْوَاقِعَةِ فِي الْغَصْبِ وَاخْتِلَافِ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ) أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جَارِيَةً حَبَسْتُهُ حَتَّى يَجِيءَ بِهَا فَيَرُدَّهَا عَلَيْهِ ذَكَرَ أَبُو الْيُسْرِ وَالسَّرَخْسِيُّ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ مَسْمُوعَةٌ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ قَدْ يَكُونُ بَغْتَةً فَلَا يُمْكِنُ لِلشُّهُودِ مَعْرِفَةَ صِفَتِهَا وَقِيمَتِهَا فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ عِلْمِهِمْ بِالْأَوْصَافِ لِلتَّعَذُّرِ وَيَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمْ فِعْلُ الْغَصْبِ، ذَكَرَ بَكْرٌ إنْ لَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ فِي حَقِّ الْقَضَاءِ تَثْبُتُ فِي حَقِّ إيجَابِ الْحَبْسِ كَمَا فِي السَّرِقَةِ وَفِي الْأَقْضِيَةِ هَذَا كُلُّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّ الْجَارِيَةَ قَائِمَةٌ أَمَّا إذَا قَالَ هِيَ هَالِكَةٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى بَيَانُ الْقِيمَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَجِيءَ بِهَا فَيَرُدَّهَا أَيْ إذَا أَعَادَ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهَا يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَا فِي عَيْنِهَا بَعْدَ الْإِحْضَارِ فَإِنْ قَالَ الْغَاصِبُ: مَاتَتْ أَوْ أَبِقَتْ أَوْ بِعْتهَا وَسَلَّمْتهَا وَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ إنْ أَرَادَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ وَإِنْ كَذَّبَهُ يُحْبَسُ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى رَأْيِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَادِرًا أَخْرَجَهَا، ثُمَّ يُخَلِّيهِ وَيَقُولُ لِلْمُدَّعِي أَتُرِيدُ التَّلَوُّمَ عَلَى ظُهُورِ الْجَارِيَةِ أَوْ ضَمَانِ الْقِيمَةِ فَإِنْ أَرَادَ الْقِيمَةَ وَاتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ يُقْضَى بِتِلْكَ الْقِيمَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي وَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ وَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ مَا أَقَرَّ بِهِ، ثُمَّ لَوْ ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي أَخَذَ الْقِيمَةَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِتَصْدِيقِ الْغَاصِبِ إيَّاهُ فِي دَعْوَى الْقِيمَةِ أَوْ بِنُكُولِ الْغَاصِبِ فَلَا سَبِيلَ لِلْمَالِكِ عَلَيْهَا وَإِنْ أَخَذَ بِقَوْلِ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِهِ فَيُخَيَّرُ إنْ شَاءَ رَدَّ الْقِيمَةَ وَأَخَذَ الْجَارِيَةَ وَإِنْ رَضِيَ بِالْقِيمَةِ فَالْجَارِيَةُ لِلْغَاصِبِ قَالَ الْكَرْخِيُّ هَذَا إذَا ظَهَرَ أَنَّ الْقِيمَةَ أَكْثَرُ مِمَّا قَالَهُ الْغَاصِبُ وَإِنْ كَانَتْ كَمَا قَالَهُ فَلَا سَبِيلَ لِلْمَالِكِ عَلَيْهَا هَكَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْجَوَابُ مُطْلَقٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا جَاءَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَدَّعِي جَارِيَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا جَارِيَتُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهَا جَارِيَتُهُ وَرِثَهَا عَنْ أَبِيهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالشِّرَاءِ مِنْ رَجُلٍ وَالْآخَرُ بِالشِّرَاءِ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ أَوْ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهَا جَارِيَتُهُ غَصَبَهَا إيَّاهُ هَذَا

وَقَدْ بَاعَهَا الْغَاصِبُ مِنْ رَجُلٍ فَسَلَّمَ رَبُّ الْجَارِيَةِ الْبَيْعَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ يَجُوزُ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ هَلَكَ مِنْ مَالِ رَبِّ الْجَارِيَةِ وَكُلُّ مَا حَدَثَ لِلْجَارِيَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ وَلَدٍ أَوْ كَسْبٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ وَمَا شَابَهَهَا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمَ الْبَيْعَ وَأَخَذَهَا أَخَذَ جَمِيعَ ذَلِكَ مَعَهَا وَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ عِنْدَنَا فَإِنْ أَجَازَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْبَيْعَ بَعْدَمَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ جَازَ الْبَيْعُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا يَرْوِيهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ خَاصَمَا رَجُلًا فِي جَارِيَةٍ فَأَقَامَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَا الْيَدِ غَصَبَ مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ فِي وَقْتِ كَذَا وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَا الْيَدِ غَصَبَ مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَوَقَّتَ كَذَلِكَ وَقْتًا بَعْدَ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ قَالَ هِيَ لِلثَّانِي فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهَا لِلْأَوَّلِ وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجَارِيَةُ لِلْأَوَّلِ وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ لِلثَّانِي شَيْئًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ادَّعَى عَلَى عَمْرٍو أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جَارِيَةً مَمْلُوكَةً لَهُ فَقَالَ عَمْرُو: الْجَارِيَةُ الَّتِي ادَّعَاهَا أَنَا اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ عَمْرٍو، وَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ غَصَبَهَا صَاحِبُ الْيَدِ مِنْهُ وَلَمْ تَشْهَدْ شُهُودُ الْمُدَّعِي بِالْغَصْبِ وَإِنَّمَا شَهِدُوا لَهُ بِالْمِلْكِ فَأَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِالْجَارِيَةِ لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ هَلْ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا بِعْت وَلَا أَذِنْت لَهُ فِيهَا قَالَ لَا إلَّا أَنْ يَدَّعِي صَاحِبُ الْيَدِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ لِيَكُونَ أَحْكُمَ لِلْقَضَاءِ وَأَبْرَمَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ فَالْقَاضِي يُحَلِّفُهُ مَعَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّك مَا اسْتَوْفَيْت الدَّيْنَ وَلَا أَبْرَأْته وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْخَصْمُ ذَلِكَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْهَدُ لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا فَضَمِنَ عَنْهُ رَجُلٌ قِيمَتُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِيمَةِ فَقَالَ الْكَفِيلُ عَشْرَةٌ وَقَالَ الْغَاصِبُ عِشْرُونَ وَقَالَ الْمَالِكُ ثَلَاثُونَ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ وَلَا يُصَدَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ يَدَّعِي عَلَى الْكَفِيلِ زِيَادَةً وَهُوَ يُنْكِرُ وَالْغَاصِبُ يُقِرُّ بِزِيَادَةِ عَشْرَةٍ، وَإِقْرَارُ كُلِّ مُقِرٍّ يَصِحُّ فِي حَقِّهِ وَلَا يَصِحُّ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَيَلْزَمُهُ عَشْرَةٌ أُخْرَى دُونَ الْكَفِيلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا اخْتَلَفَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي الْغَصْبِ أَوْ فِي صِفَتِهِ أَوْ فِي قِيمَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ بِمَا ادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ قَدْ رَدَدْت ذَلِكَ عَلَيْك أَوْ رَدَدْت مَا لَزِمَنِي مِنْ الضَّمَانِ وَقَبَضْته مِنِّي لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْغَاصِبُ بَيِّنَةً وَلَوْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا صَحِيحًا أَوْ عَبْدًا صَحِيحًا وَأَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ جَنَى عَلَيْهِ وَأَحْدَثَ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ بِفِعْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَيَضْمَنُ مَا نَقَصَ الْعَبْدُ وَالثَّوْبُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. بَرْهَنَ الْمَالِكُ أَنَّ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ كَذَا وَالْغَاصِبُ عَلَى أَنَّهَا كَذَا فَبَيِّنَةُ الْمَالِكِ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمَالِكِ بَيِّنَةٌ فَأَرَادَ الْغَاصِبُ أَنْ يُبَرْهِنَ لَهُ ذَلِكَ وَبَرْهَنَ الْمَالِكُ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ قِيمَةَ الْغَصْبِ كَذَا وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ بِهِ لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ الْغَاصِبُ رَدَدْت الْمَغْصُوبَ عَلَيْك وَقَالَ الْمَالِكُ لَا بَلْ هَلَكَ عِنْدَك فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ كَمَا لَوْ قَالَ أَخَذْت مَالَك بِإِذْنِك وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْمَالِ وَلَوْ أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّ الدَّابَّةَ الْمَغْصُوبَةَ إلَى الْمَالِكِ وَأَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَفَقَتْ مِنْ رُكُوبِهِ أَوْ أَتْلَفَهَا الْغَاصِبُ ضَمِنَهَا الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ وَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ لِجَوَازِ أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْهِ، ثُمَّ رَكِبَهَا بَعْدَ الرَّدِّ وَنَفَقَتْ مِنْ رُكُوبِهِ وَلَوْ أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا وَنَفَقَتْ عِنْدَهُ وَأَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَفَقَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهَا نَفَقَتْ مِنْ رُكُوبِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ دَارًا وَأَقَامَ صَاحِبُهَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْغَاصِبَ هَدَمَ الدَّارَ وَأَقَامَ الْغَاصِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَدَّهَا، ثُمَّ انْهَدَمَتْ الدَّارُ كَانَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا أَوْلَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اخْتَلَفَ رَبُّ الثَّوْبِ وَالْغَاصِبُ فِي قِيمَةِ الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ وَقَدْ اسْتَهْلَكَهُ الْغَاصِبُ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الثَّوْبِ لِمَا فِيهَا مِنْ إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ

وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الثَّوْبِ بَيِّنَةٌ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ فَإِنْ أَقَامَ الْغَاصِبُ بَيِّنَةً أَنَّ قِيمَةَ ثَوْبِهِ كَانَتْ كَذَا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى بَيِّنَتِهِ وَلَا يَسْقُطُ الْيَمِينُ بِهَا عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ رَبُّ الثَّوْبِ أَنْ يُحَلِّفَ الْغَاصِبَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: أَنَا أَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَى رَبِّ الثَّوْبِ وَأُعْطِيَهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إنْ رَضِيَ رَبُّ الثَّوْبِ بِذَلِكَ وَقَالَ: أَنَا أَحْلِفُ فَتَرَاضِيهِمَا عَلَى مَا يُخَالِفُ حُكْمَ الشَّرْعِ يَكُونُ لَغْوًا فَإِنْ جَاءَ الْغَاصِبُ بِثَوْبٍ زُطِّيٍّ فَقَالَ هَذَا الَّذِي غَصَبْتُكَهُ وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ كَذَبْت بَلْ هُوَ ثَوْبُ هَرَوِيٌّ أَوْ مَرْوِيٌّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَنَّ هَذَا ثَوْبَهُ الَّذِي غَصَبْته إيَّاهُ وَمَا غَصَبْته هَرَوِيًّا وَلَا مَرْوِيًّا فَإِذَا حَلَفَ قَضَيْتُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ بِالثَّوْبِ وَأَبْرَأْتُ الْغَاصِبَ مِنْ دَعْوَى رَبِّ الثَّوْبِ وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ يُقْضَى عَلَيْهِ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَإِنْ جَاءَ الْغَاصِبُ بِثَوْبٍ هَرَوِيٌّ خَلَقٍ، وَقَالَ هَذَا الَّذِي غَصَبْتُك وَهُوَ عَلَى حَالِهِ وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: بَلْ كَانَ ثَوْبِي جَدِيدًا حِينَ غَصَبْته فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الثَّوْبِ أَنَّهُ غَصَبَهُ جَدِيدًا وَإِنْ لَمْ يُقِمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَيِّنَةً وَحَلَّفَ رَبُّ الثَّوْبِ الْغَاصِبَ فَأَخَذَ رَبُّ الثَّوْبِ الثَّوْبَ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ غَصَبَهُ إيَّاهُ جَدِيدًا ضَمَّنَ الْغَاصِبَ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ هَكَذَا فِي الْأَصْلِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: هَذَا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا فَإِنْ كَانَ فَاحِشًا فَرَبُّ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَضَمَّنَ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثَوْبٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ثَوْبُهُ غَصَبَهُ إيَّاهُ هَذَا وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدِهِ الثَّوْبَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ (قَالَ) أَقْضِي بِهِ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَيْعِ مِنْهُ بِثَمَنٍ مُسَمًّى أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ ثَوْبُهُ وَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ثَوْبُهُ غَصَبَهُ الْآخَرُ إيَّاهُ قَضَيْت بِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ثَوْبُهُ اسْتَوْدَعَهُ الْمَيِّتُ الَّذِي هَذَا وَارِثُهُ وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ثَوْبُهُ غَصَبَهُ إيَّاهُ الْمَيِّتُ قَضَيْت بِهِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى دَرَاهِمَ بِعَيْنِهَا أَنَّهَا مَالُهُ غَصَبَهُمَا إيَّاهُ الْمَيِّتُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الثَّوْبَ لَهُ وَأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ غَصَبَهُ مِنْهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَقَرَّ لَهُ بِهَذَا الثَّوْبِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الثَّوْبَ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِآخَرَ: غَصَبْتنِي هَذِهِ الْجُبَّةَ الْمَحْشُوَّةَ وَقَالَ الْغَاصِبُ: مَا غَصَبْتهَا وَلَكِنْ غَصَبْتُكَ الظِّهَارَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ، ثُمَّ إذَا حَلَفَ يَضْمَنُ قِيمَةَ الظِّهَارَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ قَالَ غَصَبْت مِنْك الْجُبَّةَ، ثُمَّ قَالَ: الْحَشْوُ لِي أَوْ الْبِطَانَةُ لِي أَوْ قَالَ غَصَبْتُك الْخَاتَمَ وَالْفَصُّ لِي أَوْ هَذِهِ الدَّارَ وَالْبِنَاءُ لِي أَوْ هَذِهِ الْأَرْضَ وَالْأَشْجَارُ لِي لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِنْ قَالَ غَصَبْت هَذِهِ الْبَقَرَةَ مِنْ فُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ وَلَدُهَا لِي قُبِلَ قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَاتَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَاتَ عِنْدَ الْمَالِكِ فَبَيِّنَةُ الْمَالِكِ أَوْلَى وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ غَصَبَ هَذَا الْعَبْدَ وَمَاتَ عِنْدَهُ وَشَهِدَ شُهُودُ الْغَاصِبِ أَنَّهُ مَاتَ فِي يَدِ مَوْلَاهُ قَبْلَ الْغَصْبِ لَمْ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ فِي يَدِ مَوْلَاهُ قَبْلَ الْغَصْبِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الرَّدَّ إنَّمَا يُفِيدُ نَفْيَ الْغَصْبِ وَبَيِّنَةُ الْمَوْلَى تُثْبِتُ الْغَصْبَ وَالضَّمَانَ فَكَانَتْ بَيِّنَتُهُ أَوْلَى وَلَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْغَاصِبَ غَصَبَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْكُوفَةِ وَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ هُوَ أَوْ الْعَبْدَ فَالضَّمَانُ وَاجِبٌ عَلَى الْغَاصِبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَجَدَ الْمَالِكُ عَبْدَهُ فَأَخَذَهُ مِنْ الْغَاصِبِ وَفِي يَدِهِ مَالٌ فَقَالَ الْغَاصِبُ: الْمَالُ لِي وَقَالَ مَالِكُهُ: لَا، بَلْ هُوَ لِي إنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي مَنْزِلِ الْغَاصِبِ فَوُجِدَ الْمَالُ فِي يَدِهِ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَنْزِلِهِ فَالْمَالُ لِمَالِكِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ غَاصِبُ الثَّوْبِ: صَبَغْت الثَّوْبَ أَنَا وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: غَصَبْتَهُ مَصْبُوغًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَعَلَى هَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي بِنَاءِ الدَّارِ وَحِلْيَةِ السَّيْفِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مَتَاعٍ مَوْضُوعٍ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فِي آجُرٍّ مَوْضُوعٍ أَوْ فِي بَابٍ مَوْضُوعٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ. رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدَ رَجُلٍ وَبَاعَهُ

الباب الثامن في تملك الغاصب المغصوب والانتفاع به

وَسَلَّمَ الْعَبْدَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَمَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَقَالَ أَنَا أَمَرْتُهُ بِالْبَيْعِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لَمْ آمُرْهُ وَلَكِنِّي أَجَزْت الْبَيْعَ حِينَ بَلَغَنِي لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الثَّمَن إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَجَازَ الْبَيْعَ قَبْلَ مَوْتِ الْعَبْدِ (هِشَامٌ فِي نَوَادِره) سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ أَتَى سُوقًا وَصَبَّ لِإِنْسَانٍ زَيْتًا أَوْ سَمْنًا أَوْ شَيْئًا مِنْ الْأَدْهَانِ أَوْ الْخَلِّ وَعَايَنَتْ الْبَيِّنَةُ ذَلِكَ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ فَقَالَ الْجَانِي: صَبَبْتُهُ وَهُوَ نَجِسٌ قَدْ مَاتَ فِيهِ فَأْرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قُلْت لَهُ: فَإِنْ أَتَى سُوقَ الْقَصَّابِينَ وَعَمَدَ إلَى طَوَابِيقِ اللَّحْمِ فَرَمَى بِهَا وَاسْتَهْلَكَهَا وَالشُّهُودُ عَايَنُوا ذَلِكَ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ؟ فَقَالَ الْجَانِي هِيَ مَيْتَةٌ قَالَ لَا أُصَدِّقُهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَسَعُ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهَا ذَكِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ فِي السُّوقِ لَحْمُ مَيْتَةٍ وَيُبَاعُ فِيهَا زَيْتٌ وَسَمْنٌ قَدْ مَاتَ فِيهِ الْفَأْرَةُ (إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) رَجُلٌ اتَّخَذَ مِنْ طِينِ رَجُلٍ لَبِنًا أَوْ جِدَارًا فَهُوَ لَهُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الطِّينِ وَإِنْ قَالَ رَبُّ الطِّينِ: أَنَا أَمَرْتُهُ أَنْ يَتَّخِذَهُ قَالَ هُوَ لِرَبِّ الطِّينِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. غَصَبَ جَارِيَةً، ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْ فُلَانٍ وَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَلَا يَبْطُلُ مَا فَعَلَ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ يُقْضَى لَهُ بِهَا وَبِوَلَدِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَالَ اغْتَصَبْنَا مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَكُنَّا عَشْرَةٌ قُضِيَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي تَمَلُّكِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي تَمَلُّكِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ) مَنْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ لَحْمًا فَطَبَخَهُ أَوْ غَصَبَ حِنْطَةً وَطَحَنَهَا وَصَارَ الْمِلْكُ لَهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْقِيمَةِ فَأَكْلُهُ حَلَالٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَكْلُهُ حَرَامٌ قَبْلَ أَنْ يَرْضَى صَاحِبُهُ وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ مَنْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ طَعَامًا فَمَضَغَهُ حَتَّى صَارَ بِالْمَضْغِ مُسْتَهْلَكًا فَلَمَّا ابْتَلَعَهُ ابْتَلَعَ حَلَالًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْطَ الطَّيِّبِ الْمِلْكُ بِالْبَدَلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا أَدَاءُ الْبَدَلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ غَصَبَ حِنْطَةً فَزَرَعَهَا، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا وَقَدْ أَدْرَكَ الزَّرْعُ أَوْ هُوَ بَقْلٌ فَعَلَيْهِ حِنْطَةٌ مِثْلُ حِنْطَتِهِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الزَّرْعِ عِنْدَنَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ وَعَلَى هَذَا لَوْ غَصَبَ نَوًى فَأَنْبَتَهُ أَوْ تَالَّةً فَغَرَسَهَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ فِي التَّالَّةِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا حَتَّى يُؤَدِّي الضَّمَانَ وَفِي الزَّرْعِ وَالنَّوَاةِ لَهُ ذَلِكَ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْجَوَابُ فِي الْفَصْلَيْنِ سَوَاءٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ غَصَبَ بَيْضَةً وَحَضَنَهَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ حَتَّى أَفْرَخَتْ، فَهَذَا وَمَسْأَلَةُ الزَّرْعِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَلَعَ تَالَّةً مِنْ أَرْضِ رَجُلٍ وَغَرَسَهَا فِي تِلْكَ الْأَرْضِ فِي نَاحِيَةٍ فَكَبُرَتْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ لِلَّذِي غَرَسَهَا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَّةِ يَوْمَ قَلَعَهَا وَيُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِقَلْعِ الشَّجَرَةِ فَإِنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ يُعْطِيَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ لَكِنْ مَقْلُوعَةً كَذَا فِي الْكُبْرَى. رَجُلٌ قَلَعَ تَالَّةً مِنْ أَرْضِ إنْسَانٍ وَأَنْبَتَهَا فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَكَبِرَتْ وَأَثْمَرَتْ فَهِيَ لِلْغَارِسِ وَلَا تَطِيبُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَفَادَهَا بِسَبَبٍ خَبِيثٍ وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْقَلْعِ فَإِنْ اسْتَمْهَلَ الْغَارِسُ إلَى الرَّبِيعِ لِيَقْلَعَهَا وَيَغْرِسَهَا فِي مَكَان آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يُمْهَلُ إلَّا أَنْ يَرْضَى صَاحِبُ الْأَرْضِ وَلَوْ اشْتَرَى صَاحِبُ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى الْغَارِسِ قِيمَةُ التَّالَّةِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْأُولَى يَوْمَ قَلْعِهَا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ شَاةً لِرَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَذَبَحَهَا وَطَبَخَهَا أَوْ شَوَاهَا كَانَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا لَا يَرْضَى أَنْ يُضَمِّنَهُ لَمْ يَسَعْ لِلَّذِي ذَبَحَهَا وَشَوَاهَا أَنْ يَأْكُلَهَا وَلَا يُطْعِمَ مِنْهَا أَحَدًا وَلَا يَسَعُ أَحَدًا أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ حَتَّى يَضْمَنَ الَّذِي صَنَعَ بِهَا ذَلِكَ قِيمَتَهَا لِصَاحِبِهَا فَإِنْ ضَمَّنَهُ صَاحِبُهَا قِيمَتَهَا بِقَضَاءِ قَاضٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ وَسِعَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَأَنْ يُطْعِمَ مَنْ أَحَبَّ إذَا أَدَّى الْقِيمَةَ أَوْ كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الْقِيمَةَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا وَإِنْ أَبَى صَاحِبُهَا أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ اللَّحْمَ وَهُوَ مَطْبُوخٌ أَوْ مَشْوِيٌّ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَوْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ عُصْفُرًا وَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا أَوْ غَصَبَ سَمْنًا وَلَتَّ بِهِ سَوِيقًا لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ حَتَّى يَرْضَى صَاحِبُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - غَصَبَ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَأَلْقَى فِيهَا دِينَارًا، ثُمَّ أَعْطَى مِنْهُ رَجُلًا دِينَارًا جَازَ، ثُمَّ دِينَارًا آخَرَ لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْجَوَامِعِ. رَجُلٌ غَصَبَ جَارِيَةً وَعَيَّبَهَا وَاخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ فَقَالَ صَاحِبُهَا قِيمَتُهَا أَلْفَيْنِ وَقَالَ الْغَاصِبُ قِيمَتُهَا أَلْفٌ فَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَلْفِ لَا يَحِلُّ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا وَلَا يَطَأَهَا وَلَا يَبِيعَهَا إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهَا تَامَّةً فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْغَاصِبُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ النَّاقِصَةِ يَجُوزُ عِتْقُهَا وَعَلَيْهِ تَمَامُ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السَّيْلِ يَذْهَبُ بِحِنْطَةٍ لِرَجُلٍ فَتَقَعُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَنَبَتَتْ قَالَ إنْ كَانَ لِلْحِنْطَةِ ثَمَنٌ فَإِنَّ جَمِيعَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا لِصَاحِبِ الْحِنْطَةِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً عَلَى الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ لَوْ اُسْتُحِقَّ لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَوْ اشْتَرَى بِالْأَلْفِ الْمَغْصُوبَةِ جَارِيَةً هَلْ يُبَاحُ لَهُ الْوَطْءُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّ فِي السَّبَبِ نَوْعَ خُبْثٍ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - غَصَبَ مِنْ آخَرَ دَرَاهِمَ وَاشْتَرَى بِهَا دَنَانِيرَ لَا يَسَعُهُ أَنْ يُنْفِقَ الدَّنَانِيرَ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَمَا افْتَرَقَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِي الدَّنَانِيرِ فَإِنْ قُضِيَ عَلَى غَاصِبِ الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا حَلَّتْ لَهُ الدَّنَانِيرُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالُوا لَوْ تَزَوَّجَ بِالدَّرَاهِمِ امْرَأَةً وَسِعَهُ أَنْ يَطَأَهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ غَصَبَ أَلْفًا وَاشْتَرَى بِهَا طَعَامًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَأَكَلَهُ أَوْ وَهَبَهُ لَا يَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا تَصَرَّفَ فِي الْمَغْصُوبِ وَرَبِحَ فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالْعُرُوضِ أَوْ لَا يَتَعَيَّنُ كَالنَّقْدَيْنِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ مِنْهُ قَبْلَ ضَمَانِ الْقِيمَةِ وَبَعْدَهُ يَحِلُّ إلَّا فِيمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَةِ وَهُوَ الرِّبْحُ فَإِنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ فَقَدْ قَالَ الْكَرْخِيُّ: إنَّهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إمَّا إنْ أَشَارَ إلَيْهِ وَنَقَدَ مِنْهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ وَنَقَدَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ أَطْلَقَ إطْلَاقًا وَنَقَدَ مِنْهُ أَوْ أَشَارَ إلَى غَيْرِهِ وَنَقَدَ مِنْهُ وَفِي كُلِّ ذَلِكَ يَطِيبُ لَهُ إلَّا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ وَنَقَدَ مِنْهُ قَالَ مَشَايِخُنَا لَا يَطِيبُ لَهُ بِكُلِّ حَالٍ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَهُ وَبَعْدَ الضَّمَانِ لَا يَطِيبُ الرِّبْحُ بِكُلِّ حَالٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالْجَوَابُ فِي الْجَامِعَيْنِ وَالْمُضَارَبَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ فِي زَمَانِنَا لِكَثْرَةِ الْحَرَامِ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قَوْلِهِمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ فِيمَا إذَا صَارَ بِالتَّقَلُّبِ مِنْ جِنْسِ مَا ضَمِنَ بِأَنْ ضَمِنَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَصَارَ فِي يَدِهِ مِنْ بَدَلِ الْمَضْمُونِ دَرَاهِمُ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ بَدَلِهِ خِلَافُ جِنْسِ مَا ضَمِنَ بِأَنْ ضَمِنَ دَرَاهِمَ وَفِي يَدِهِ مِنْ بَدَلِهِ طَعَامٌ أَوْ عُرُوضٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلٌ قَالَ إذَا: تَنَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ مَالِي فَهُوَ حَلَالٌ وَتَنَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ بِإِبَاحَتِهِ قَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ كُلُّ إنْسَانٍ تَنَاوَلَ مِنْ مَالِي فَهُوَ حَلَالٌ لَهُ قَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ سَلَّامٍ وَهُوَ جَائِزٌ وَجَعَلَ هَذَا إبَاحَةً وَالْإِبَاحَةُ لِلْمَجْهُولِ جَائِزَةٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ جَمِيعُ مَا تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَقَدْ جَعَلْتُك فِي حِلٍّ فَهُوَ حَلَالٌ لَهُ فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ قَالَ جَمِيعُ مَا تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَقَدْ أَبْرَأْتُكَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْرَأُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ جَعَلْتُك فِي حِلٍّ الدُّنْيَا أَوْ قَالَ جَعَلْتُك فِي حِلٍّ السَّاعَةَ هُوَ فِي حِلٍّ فِي الدُّنْيَا وَفِي السَّاعَاتِ كُلِّهَا وَلَوْ قَالَ لَا أُخَاصِمُك أَوْ لَا أُطَالِبُك مَالِي قِبَلَك فَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا اكْتَسَبَ الْمَغْصُوبُ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ الْمَالِكُ مَعَ الْكَسْبِ لَا يَتَصَدَّقُ بِالْكَسْبِ وَلَوْ ضَمِنَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ عِنْدَ الْهَلَاكِ أَوْ الْإِبَاقِ حَتَّى صَارَ الْكَسْبُ لَهُ تَصَدَّقَ بِالْكَسْبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَجَّرَهُ فَالْأُجْرَةُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِالْأُجْرَةِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأُجْرَةُ طَيِّبَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَآجَرَهُ وَأَخَذَ غَلَّتَهُ فَنَقَصَتْهُ الْغَلَّةُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ وَتَصَدَّقَ بِالْغَلَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ هَلَكَ الْمَغْصُوبُ مِنْ

الباب التاسع في الأمر بالإتلاف وما يتصل به

عَمَلِ الْغَاصِبِ أَوْ مِنْ غَيْرِ عَمَلِهِ فَضَمِنَ الْمَالِكُ قِيمَتَهُ لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِالْأُجْرَةِ فِي ضَمَانِ الْقِيمَةِ، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ فَقِيرًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ فَهَلَكَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَضَمِنَ الْمَالِكُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ فَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يَسْتَعِينُ بِالْأُجْرَةِ فِي أَدَاءِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا لَا يَسْتَعِينُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ غَرَسَ شَجَرَةً عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ عَامٍّ فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ بِشَرِيكٍ فِي النَّهْرِ يُرِيدُ أَخْذَهُ بِقَلْعِهَا فَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِأَكْثَرِ النَّاسِ فَلَهُ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى أَنْ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَأْمُرَهُ بِالْقَلْعِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. غَصَبَ حَانُوتًا وَاتَّجَرَ فِيهِ وَرَبِحَ يَطِيبُ الرِّبْحُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. بَيْتٌ أَوْ حَانُوتٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. نَهْرُ الْعَامَّةِ بِجَنْبِ أَرْضٍ فَحَفَرَ الْمَاءُ حَرِيمَ النَّهْرِ حَتَّى صَارَ النَّهْرُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَأَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَنْصِبَ فِي أَرْضِهِ رَحًى لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَصَبَ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْصِبَ فِي نَهْرِ الْعَامَّةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْصِبْ فِي مِلْكِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيِّ غَصَبَ دُودَ الْقَزِّ فَرَبَّاهَا فَالْفَيْلَقُ لِلْغَاصِبِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ وَالْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. عَلَفَ دُودَ الْقَزِّ مِنْ أَوْرَاقِ الْغَيْرِ غَصْبًا تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ عَلَى قِيمَةِ دُودِهِ يَوْمَ بِيعَ الْفَيْلَقُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا غَصَبَ رَجُلٌ أَرْضًا وَبَنَاهَا حَوَانِيتَ وَحَمَّامًا وَمَسْجِدًا فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ فَأَمَّا الْحَمَّامُ فَلَا يُدْخَلُ وَلَا يَسْتَأْجِرُ الْحَوَانِيتَ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْخُلَ الْحَوَانِيتَ لِشِرَاءِ الْمَتَاعِ قَالَ هِشَامٌ وَأَنَا أَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِيهِ حَتَّى يَطِيبَ بِذَلِكَ أَرْبَابُهُ وَأَكْرَهُ شِرَاءَ الْمَتَاعِ مِنْ أَرْضِ غَصْبٍ أَوْ حَوَانِيتِ غَصْبٍ وَلَا أَرَى أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَةُ الَّذِي يَبِيعُ فِي حَوَانِيتِ الْغَصْبِ إذَا عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ غَصْبٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْأَمْرِ بِالْإِتْلَافِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْأَمْرِ بِالْإِتْلَافِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ) الْجَانِي إذَا أَمَرَ الْعَوَانَ بِالْأَخْذِ فَفِيهِ نَظَرٌ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ لَا يَجِبُ عَلَى الْجَانِي، وَالضَّمَانُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْآخِذِ وَلَكِنْ بِاعْتِبَارِ السَّعْيِ لَا يَجِبُ عَلَى الْجَانِي فَيُتَأَمَّلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْفَتْوَى قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ خَانْ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْآخِذَ ضَامِنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، ثُمَّ هَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ إنْ كَانَ دَفَعَ الْمَأْخُوذَ إلَى الْآمِرِ يَرْجِعُ فَإِنْ هَلَكَ عِنْدَهُ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ أَنْفَقَهُ فِي حَاجَةِ الْآمِرِ بِأَمْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَأْمُورِ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فِي حَاجَةِ الْآمِرِ قَالَ بَعْضُهُمْ يُوجَبُ الرُّجُوعُ إذَا اُشْتُرِطَ الرُّجُوعُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُوجِبُ الرُّجُوعُ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الرُّجُوعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ فِي مَسْأَلَةِ الْجَانِي وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْجَانِي كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. الْجَانِي إذَا أَرَى الْعَوَانَ بَيْتَ صَاحِبِ الْمِلْكِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِشَيْءٍ أَوْ الشَّرِيكُ إذَا أَرَى الْعَوَانَ بَيْتَ الشَّرِيكِ حَتَّى أَخَذَ الْمَالَ أَوْ أَخَذَ مِنْ بَيْتِهِ رَهْنًا بِالْمَالِ الَّذِي طُولِبَ بِهِ لِأَجْلِ مِلْكِهِ وَضَاعَ الرَّهْنُ فَالشَّرِيكُ وَالْجَانِي لَا يَضْمَنَانِ بِلَا شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا أَمْرٌ وَلَا حَمْلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَمَرَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ أَنْ يَذْبَحَ لَهُ الشَّاةَ وَكَانَتْ الشَّاةُ لِجَارِهِ ضَمِنَ الذَّابِحُ عَلِمَ أَنَّ الشَّاةَ لِغَيْرِ الْآمِرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَهَلْ يُرْجَعُ بِالضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ إنْ عَلِمَ أَنَّ الشَّاةَ لِغَيْرِ الْآمِرِ حَتَّى عَلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ بِهِ لَمْ يَصِحَّ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى ظَنَّ صِحَّةَ الْآمِرِ رَجَعَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِذَبْحِ شَاةٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ، ثُمَّ إنَّ الْآمِرَ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَهَا الْمَأْمُورُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ بِشَيْءٍ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ لَمْ يَغُرَّهُ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَجُلِ جَاءَ بِدَابَّةٍ إلَى شَطِّ نَهْرٍ لِيَغْسِلَهَا وَهُنَاكَ رَجُلٌ وَاقِفٌ فَقَالَ الَّذِي جَاءَ بِالدَّابَّةِ لِلرَّجُلِ الْوَاقِفِ أَدْخِلْ هَذِهِ

الباب العاشر في زراعة الأرض المغصوبة

الدَّابَّةَ النَّهْرَ فَأَدْخَلَهَا وَغَرِقَتْ الدَّابَّةُ وَمَاتَتْ الدَّابَّةُ وَالْآمِرُ سَائِسُ الدَّابَّةِ إنْ كَانَ الْمَاءُ بِحَالَةٍ يُدْخِلُ النَّاسُ فِيهِ دَوَابَّهُمْ لِلْغَسْلِ وَالسَّقْيِ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّ لِلسَّائِسِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَبِيَدِ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ بِحَالٍ يُدْخِلُ النَّاسُ فِيهِ دَوَابَّهُمْ فَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ السَّائِسَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَأْمُورَ هَكَذَا ذَكَرَ هَاهُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ وَهُوَ السَّائِسُ فَإِنْ ضُمِّنَ السَّائِسُ لَا يَرْجِعُ السَّائِسُ عَلَى الْمَأْمُورِ وَإِنْ ضُمِّنَ الْمَأْمُورُ إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْآمِرَ سَائِسُ الدَّابَّةِ حَتَّى ظَنَّ صِحَّةَ الْآمِرِ رَجَعَ عَلَى السَّائِسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذَكَرَ فِي غَصْبِ الْعُدَّةِ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ اُخْرُقْ ثَوْبَ فُلَانٍ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي خَرَقَ لَا عَلَى الْآمِرِ وَاَلَّذِي يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ السُّلْطَانُ أَوْ الْمَوْلَى إذَا أَمَرَ عَبْدَهُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ اُخْرُقْ ثَوْبِي هَذَا أَوْ أَلْقِهِ فِي الْمَاءِ فَفَعَلَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِأَمْرِهِ لَكِنَّهُ يَأْثَمُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ احْفِرْ لِي بَابًا فِي هَذَا الْحَائِطِ فَفَعَلَ فَإِذَا الْحَائِطُ لِغَيْرِهِ يَضْمَنُ الْحَافِرُ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ وَلَوْ قَالَ احْفِرْ فِي هَذَا الْحَائِطِ بَابًا وَلَمْ يَقُلْ لِي أَوْ فِي حَائِطِي لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ سَاكِنًا فِي تِلْكَ الدَّارِ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى الْحَفْرِ رَجَعَ بِالضَّمَانِ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ (زَنَى مردي را كَفَتْ كه أَيْنَ خاك خَانَهُ بِيَرُونِ انداز) فَأَلْقَى الرَّجُلُ التُّرَابَ، ثُمَّ حَضَرَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ فَقَالَ إنِّي وَضَعَتْ كَذَا ذَهَبًا فِي ذَلِكَ التُّرَابِ فَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ وَضَعَ فِي التُّرَابِ ذَهَبًا فَالضَّمَانُ عَلَى الرَّجُلِ الْمَأْمُورِ الَّذِي أَلْقَى التُّرَابَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ) غَصَبَ مِنْ آخَرَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا وَنَبَتَ فَلِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ وَيَأْمُرَ الْغَاصِبَ بِقَلْعِ الزَّرْعِ تَفْرِيغًا لِمِلْكِهِ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَفْعَلَ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَفْعَلَهُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعُ فَالزَّرْعُ لِلْغَاصِبِ وَهَذَا مَعْرُوفٌ وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِنُقْصَانِ الْأَرْضِ إنْ انْتَقَصَتْ الْأَرْضُ بِسَبَبِ الزِّرَاعَةِ، ثُمَّ إنَّ الْمَشَايِخَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى اخْتَلَفُوا فِي مَعْرِفَةِ النُّقْصَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُنْظَرُ بِكَمْ تُؤَاجَرُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَبِكَمْ تُؤَاجَرُ بَعْدَهَا فَمِقْدَارُ التَّفَاوُتِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ وَإِنْ حَضَرَ الْمَالِكُ وَالزَّرْعُ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ الْأَرْضِ تَرَكَهَا حَتَّى يَنْبُتَ الزَّرْعُ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِالْقَلْعِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَةَ بَذْرِهِ لَكِنْ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ وَهُوَ أَنْ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ غَيْرَ مَبْذُورَةٍ وَمَبْذُورَةً فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا حِنْطَةً فَاخْتَصَمَا وَهِيَ بَذْرٌ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ فَصَاحِبُ الْأَرْضِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَهَا حَتَّى يَنْبُتَ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ اقْلَعْ زَرْعَكَ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الْبَذْرُ فِيهِ فَإِنْ اخْتَارَ أَدَاءَ الضَّمَانِ كَيْفَ يَضْمَنُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ بَذْرِهِ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ وَهُوَ أَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً بِبَذْرٍ لِغَيْرِهِ حَقُّ الْقَلْعُ إذَا نَبَتَ وَغَيْرَ مَبْذُورَةٍ فَفَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيمَةُ بَذْرٍ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ أَلْقَى بَذْرًا فِي أَرْضِ نَفْسِهِ فَجَاءَ آخَرُ وَأَلْقَى بَذْرَهُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ وَقَلَّبَ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ بَذْرُ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ لَمْ يُقَلِّبْ وَسَقَى الْأَرْضَ حَتَّى نَبَتَ الْبَذْرَانِ فَالنَّابِتُ لِلثَّانِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ خَلْطَ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ عِنْدَهُ اسْتِهْلَاكٌ وَلِلْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي قِيمَةُ بَذْرِهِ وَلَكِنْ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ نَفْسِهِ فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ وَلَا بَذْرَ فِيهَا وَتُقَوَّمُ وَفِيهَا بَذْرٌ فَيُرْجَعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُ الْبَذْرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَأَلْقَى بَذْرَ نَفْسِهِ مَرَّةً أُخْرَى وَقَلَّبَ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ الْبَذْرُ أَوْ لَمْ يُقَلِّبْ وَسَقَى الْأَرْضَ فَنَبَتَ الْبُذُورُ كُلُّهَا فَجَمِيعُ مَا نَبَتَ لِصَاحِبِ

الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ لِلْغَاصِبِ مِثْلُ بَذْرِهِ وَلَكِنْ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ وَلَمْ يُشْبِعْ الْجَوَابُ وَالْجَوَابُ الْمُشْبِعُ أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قِيمَةَ بَذْرِهِ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ نَفْسِهِ، ثُمَّ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ الْبَذْرَيْنِ مَبْذُورَيْنِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ كَذَلِكَ وَرُدَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّرْعُ نَابِتًا فَأَمَّا إذَا نَبَتَ زَرْعُ الْمَالِكِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَأَلْقَى بَذْرَهُ وَسَقَى فَإِنْ لَمْ يُقَلِّبْ حَتَّى نَبَتَ الثَّانِي فَالْجَوَابُ كَمَا قُلْنَا وَإِنْ قَلَّبَ فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ النَّابِتُ إذَا قَلَّبَ نَبَتَ مَرَّةً أُخْرَى فَالْجَوَابُ كَمَا قُلْنَا وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبُتُ مَرَّةً أُخْرَى فَمَا نَبَتَ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ لِلْمَالِكِ قِيمَةَ زَرْعِهِ نَابِتًا؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ كَذَا، وَرَدَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ سُئِلَ نُصَيْرٌ عَمَّنْ زَرَعَ أَرْضَ نَفْسِهِ بُرًّا فَجَاءَ آخَرُ فَزَرَعَهَا شَعِيرًا قَالَ عَلَى صَاحِبِ الشَّعِيرِ قِيمَةُ بُرِّهِ مَبْذُورًا رَوَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا إذَا رَضِيَ صَاحِبُ الْبُرِّ بِقِيمَةِ بُرِّهِ مَبْذُورًا فَأَمَّا إذَا لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَهُ حَتَّى يَنْبُتَ فَإِذَا نَبَتَ يَأْخُذُهَا بِالْقَلْعِ وَإِنْ شَاءَ أَبْرَأَهُ عَنْ الضَّمَانِ فَإِذَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ وَحَصَدَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ نَصِيبِهِمَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. سُئِلَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ عَمَّنْ غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَ فِيهَا الْقُطْنَ فَأَثَارَ الْمَالِكُ الْأَرْضَ وَزَرَعَ شَيْئًا آخَرَ هَلْ يَضْمَنُ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ شَيْئًا أَجَابَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا لَوْ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي لَفَعَلَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. أَلْقَى حَبَّ الْقُطْنِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ غَصْبًا وَنَبَتَ فَرَبَّاهُ مَالِكُ الْأَرْضِ فَالْجَوْزَقَةُ لِلْغَاصِبِ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ وَلَا يَكُونُ تَعَهُّدُهُ رِضًا بِهِ إلَّا إذَا ظَهَرَ أَنَّ تَعَهُّدَهُ لِلْغَاصِبِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَاقِعَةُ الْفَتْوَى زَرَعَ أَرْضًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ هَلْ لَلشَّرِيكِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالرُّبُعِ أَوْ بِالثُّلُثِ بِحِصَّةِ نَفْسِهِ مِنْ الْأَرْضِ كَمَا هُوَ عُرْفُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أُجِيبَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يُغَرِّمُهُ نُقْصَانَ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَرْضِ إنْ دَخَلَ فِيهَا النُّقْصَانُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ. أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ زَرَعَهَا كُلَّهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ أَمْرِ الشَّرِيكِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الزَّرْعُ قَدْ طَلَعَ فَتَرَاضَيَا أَنْ يُعْطِيَ الَّذِي لَمْ يَزْرَعْ الَّذِي زَرَعَ نِصْفَ بَذْرِهِ وَيَكُونُ الزَّرْعُ نِصْفَيْنِ جَازَ وَإِنْ تَرَاضَيَا بِذَلِكَ وَلَمْ يَنْبُتْ الزَّرْعُ بَعْدُ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ قَدْ نَبَتَ فَأَرَادَ الَّذِي لَمْ يَزْرَعْ أَنْ يَقْلَعَ الزَّرْعَ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَمَا أَصَابَ الَّذِي لَمْ يَزْرَعْ مِنْ الْأَرْضِ قَلَعَ مَا فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ وَيَضْمَنُ الزَّارِعُ لَهُ مَا دَخَلَ فِي أَرْضِهِ مِنْ نُقْصَانِ الْقَلْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلَيْنِ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ فَغَابَ أَحَدُهُمَا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَزْرَعَ نِصْفَ الْأَرْضِ وَلَوْ أَرَادَ فِي الْعَامِ الثَّانِي أَنْ يَزْرَعَ زَرَعَ النِّصْفَ الَّذِي كَانَ زَرَعَ كَذَا ذَكَرَ هَاهُنَا وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّ الزَّرْعَ يَنْفَعُ الْأَرْضَ وَلَا يَنْقُصُهَا فَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ كُلَّهَا وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِكُلِّ الْأَرْضِ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ رِضَا الْغَائِبِ فِي مِثْلِ هَذَا ثَابِتٌ دَلَالَةً وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الزَّرْعَ يَنْقُصُهَا، وَالتَّرْكُ يَنْفَعُهَا وَيَزِيدُهَا قُوَّةً فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ الرِّضَا غَيْرُ ثَابِتٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَاسْتَفْتَى جَدِّي عَمَّنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَقَالَ مَالِكُ الْأَرْضِ: لِمَاذَا زَرَعْت؟ فَقَالَ الزَّارِعُ: ادْفَعْ إلَيَّ مَا بَذَرْت وَأَكُونُ لَك أَكَّارًا وَالزَّرْعُ بَيْنَنَا كَمَا هُوَ الرَّسْمُ فَدَفَعَ إلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ الْبَذْرِ وَأَدْرَكَ الزَّرْعُ أَيَكُونُ بَيْنَهُمَا أَمْ يَكُونُ الْكُلُّ لِأَحَدِهِمَا (أَجَابَ) يَكُونُ الْكُلُّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلِلزَّارِعِ أَجْرُ مِثْلِهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَطَاءُ بْنُ حَمْزَةَ عَمَّنْ زَرَعَ أَرْضَ إنْسَانٍ بِبَذْرِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ هَلْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِحِصَّةِ الْأَرْضِ قَالَ نَعَمْ إنْ جَرَى الْعُرْفُ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ أَنَّهُمْ يَزْرَعُونَ الْأَرْضَ بِثُلُثِ الْخَارِجِ أَوْ رُبْعِهِ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مُقَدَّرٍ شَائِعٍ يَجِبُ ذَلِكَ الْقَدْرُ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعُرْفُ وَقِيلَ لَهُ هَلْ فِيهِ رِوَايَةٌ قَالَ نَعَمْ فِي آخِرِ الْمُزَارَعَةِ وَسُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَمَّنْ دَفَعَ كَرْمًا مُعَامَلَةً فَأَثْمَرَ الْكَرْمُ وَكَانَ الدَّافِعُ وَأَهْلُ دَارِهِ يَدْخُلُونَ الْكَرْمَ وَيَأْكُلُونَ وَيَحْمِلُونَ مِنْهُ وَالْعَامِلُ لَا يَدْخُلُ إلَّا قَلِيلًا هَلْ عَلَى الدَّافِعِ ضَمَانٌ (قَالَ) إنْ أَكَلُوا وَحَمَلُوا بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِينَ أَكَلُوا وَحَمَلُوا وَإِنْ كَانُوا أَكَلُوا بِإِذْنِهِ فَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ فَهُوَ ضَامِنٌ مِنْ نَصِيبِ الْعَامِلِ وَصَارَ كَأَنَّهُ هُوَ

الباب الحادي عشر فيما يلحق العبد المغصوب فيجب على الغاصب ضمانه

الَّذِي أَكَلَ وَإِنْ كَانُوا أَخَذُوا بِإِذْنِهِ وَهُمْ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ دَلَّ عَلَى اسْتِهْلَاكِ مَالِ الْغَيْرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الْحَادِي عَشْر فِيمَا يَلْحَق الْعَبْد الْمَغْصُوب فيجب عَلَى الْغَاصِب ضَمَانه] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِيمَا يَلْحَقُ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ فَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُهُ) قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ غَصَبَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً فَأَبَقَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَكُنْ أَبَقَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ زَنَتْ أَوْ سَرَقَتْ وَلَمْ تَكُنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ قَبْلَهُ فَعَلَى الْغَاصِبِ مَا اُنْتُقِصَ بِسَبَبِ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَعَيْبِ الزِّنَا وَكَذَلِكَ مَا حَدَثَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِمَّا تَنْقُصُ بِهِ الْقِيمَةُ مِنْ عَوَرٍ أَوْ شَلَلٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ صَحِيحًا وَيُقَوَّمُ بِهِ الْعَيْبُ فَيَأْخُذَهُ وَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا غَصَبَ جَارِيَةً وَزَنَى بِهَا، ثُمَّ مَاتَتْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ يُفِيدُ الْمِلْكَ فِي الْمَغْصُوبِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ أَمَّا لَوْ زَنَى بِهَا، ثُمَّ غَصَبَهَا وَمَاتَتْ وَضَمِنَ قِيمَتَهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْقُطُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ حُمَّتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ ابْيَضَّتْ عَيْنَاهَا فَرَدَّهَا وَرَدَّ ضَمَانَ النُّقْصَانِ، ثُمَّ ذَهَبَتْ الْحُمَّى وَالْبَيَاضُ يَرُدُّ الْمَوْلَى مَا أَخَذَ مِنْ ضَمَانِ النُّقْصَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ حَبِلَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ الزِّنَا أَخَذَهَا الْمَالِكُ وَنُقْصَانَ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُنْظَرُ إلَى مَا نَقَصَهَا الْحَبَلُ وَإِلَى أَرْشِ عَيْبِ الزِّنَا فَيَضْمَنُ الْأَكْثَرَ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَقَلُّ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا وَهُوَ الْقِيَاسُ فَإِنْ حَبِلَتْ مِنْ الزِّنَا فَوَلَدَتْ زَالَ عَيْبُ الْحَبَلِ بِالْوِلَادَةِ وَبَقِيَ عَيْبُ الزِّنَا فَإِنْ كَانَ عَيْبُ الزِّنَا أَكْثَرُ مِنْ عَيْبِ الْحَبَلِ وَقَدْ غَرِمَ الْغَاصِبُ عَيْبَ الْحَبَلِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُتَمِّمَ ضَمَانَ عَيْبِ الزِّنَا وَإِنْ كَانَ عَيْبُ الْحَبَلِ أَكْثَرُ فَمِقْدَارُ عَيْبِ الزِّنَا مُسْتَحَقٌّ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ زَالَ بِزَوَالِ الْحَبَلِ فَوَجَبَ رَدُّهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَوْ رَدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا حَامِلًا فَمَاتَتْ عِنْدَهُ مِنْ الْوِلَادَةِ وَبَقِيَ وَلَدُهَا ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَا يَضْمَنُ إلَّا نُقْصَانَ الْحَبَلِ خَاصَّةً وَلَوْ مَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ وَبَقِيَ وَلَدُهَا ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَا يُجْبَرُ النُّقْصَانُ بِالْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَضْمَنُ إلَّا مَا نَقَصَهَا الْحَبَلُ وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا مَا نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِمَوْتِ الْوَلَدِ وَلَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ وَوَلَدُهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ قِيمَةَ الْأُمِّ يَوْمَ قَبَضَهَا وَلَمْ يَضْمَنْ قِيمَةَ الْوَلَدِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ غَصَبَ جَارِيَةً وَزَنَى بِهَا، ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْمَوْلَى فَظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ عِنْدَ الْمَوْلَى فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمَالِكِ وَمَاتَتْ فِي الْوِلَادَةِ أَوْ فِي النِّفَاسِ فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ ظُهُورُ الْحَبَلِ عِنْدَ الْمَوْلَى لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ رَدِّ الْغَاصِبِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ زَنَى بِحُرَّةٍ فَحَبِلَتْ وَمَاتَتْ فِي الْوِلَادَةِ أَوْ فِي النِّفَاس فَإِنَّ ثَمَّةَ لَا يَضْمَنُ الزَّانِي شَيْئًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ سَرَقَتْ أَوْ زَنَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ فَقُطِعَتْ عِنْدَهُ أَوْ جُلِدَتْ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْغَاصِبُ فِي حَدِّ الزِّنَا الْأَكْثَرَ مِمَّا نَقَصَهَا الضَّرْبُ وَمَا نَقَصَهَا الزِّنَا وَفِي قَطْعِ السَّرِقَةِ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ نُقْصَانَ السَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَلَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَهَا الْجَلْدُ كَذَا فِي مُحِيط السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ رَدَّهَا حَامِلًا عَلَى الْمَالِكِ فَجُلِدَتْ فَمَاتَتْ بِالْجَلْدِ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَإِنْ كَانَتْ زَنَتْ فِي يَدِ الْمَوْلَى أَوْ سَرَقَتْ، ثُمَّ غَصَبَهَا فَأُخِذَتْ بِحَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا تَلِفَتْ بِسَبَبٍ كَانَ فِي يَدِ الْمَوْلَى، وَكَذَا لَوْ حَبِلَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ زَوْجٍ كَانَ لَهَا فِي يَدِ الْمَوْلَى فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَوْلَى أَحْبَلَهَا، ثُمَّ غَصَبَهَا فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ الْحَبَلِ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ بِسَبَبٍ كَانَ فِي يَدِ الْمَوْلَى فَهُوَ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ غَصَبَهَا وَهِيَ حُبْلَى مِنْ غَيْرِ إحْبَالٍ مِنْ الْمَوْلَى وَلَا مِنْ زَوْجٍ كَانَ لَهَا فِي يَدِ الْمَوْلَى فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهَا تَلِفَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِغَيْرِ فِعْلِ الْمَوْلَى

الباب الثاني عشر في غاصب الغاصب ومودع الغاصب

وَلَا بِسَبَبٍ كَانَ فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ غَصَبَ جَارِيَةً مَحْمُومَةً أَوْ حَامِلًا أَوْ مَرِيضَةً أَوْ مَجْرُوحَةً فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ فِي يَدِهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَبِهَا ذَلِكَ الْعَيْبُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ حُمَّتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَوْلَى فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ مِنْ تِلْكَ الْحُمَّى لَمْ يَضْمَنْ الْغَاصِبُ إلَّا مَا نَقَصَتْهَا الْحُمَّى فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا أَبَقَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ انْتَظَرَ إلَى ظُهُورِ عَبْدِهِ فَيَأْخُذُهُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَنْتَظِرْ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ فَلَوْ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ أَخَذَ صَاحِبَهُ الْقِيمَةَ الَّتِي سَمَّاهَا وَرَضِيَ بِهَا إمَّا بِتَصَادُقِهِمَا عَلَيْهَا وَإِمَّا بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ أَوْ بِنُكُولِ الْغَاصِبِ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ عِنْدَنَا وَلَوْ أَخَذَ الْقِيمَةَ بِقَوْلِ الْغَاصِبِ وَيَمِينِهِ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ مِنْ الزِّيَادَةِ فَإِنَّ الْمَالِكَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ حَبَسَ الْقِيمَةَ وَرَضِيَ بِهَا وَسَلَّمَ الْعَبْدَ إلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْقِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا وَيَسْتَرِدُّ الْعَبْدَ وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَحْبِسَ الْعَبْدَ حَتَّى يَأْخُذَ الْقِيمَةَ وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْغَاصِبِ قَبْلَ رَدِّ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ فَلَا يَرُدُّ الْقِيمَةَ وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْغَاصِبِ فَضْلَ الْقِيمَةِ إنْ كَانَ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ فَضْلٌ عَلَى مَا أَخَذَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ سِوَى الْقِيمَةِ الْمَأْخُوذَةِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ إذَا ظَهَرَ الْعَبْدُ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ مَا قَالَ الْغَاصِبُ فَلَا خِيَارَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ قَتِيلًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ جَنَى جِنَايَةً فِيمَا دُونَ النَّفْسِ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ مَالًا وَخُوطِبَ الْمَوْلَى بِالْبَيْعِ وَالْفِدَاءِ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِمَّا أَدَّى عَنْهُ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ غَصَبَهُ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَتَلَهُ قَاتِلٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَيَتَصَدَّقُ بِالْأَلْفِ الزَّائِدِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَاتِلَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَتْلِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَتْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَالْجُعْلُ عَلَى الْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا نَقَصَهُ الْإِبَاقُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبَقَ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِالْجُعْلِ عَلَى الْغَاصِبِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي غَاصِبِ الْغَاصِبِ وَمُودِعِ الْغَاصِبِ] (الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي غَاصِبِ الْغَاصِبِ وَمُودِعِ الْغَاصِبِ) وَلَوْ غَصَبَ رَجُلٌ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي فَإِنْ ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ يَرْجِعُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِمَا ضَمِنَ وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا ضَمِنَ وَلَوْ اخْتَارَ الْمَالِكُ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْآخَرِ عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْبِضْ الضَّمَانَ مِنْهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا ضَمَّنَ الْمَالِكُ أَحَدَهُمَا إمَّا الْغَاصِبَ أَوْ غَاصِبَ الْغَاصِبِ أَوْ مُودِعُهُ بَرِئَ الْآخَرُ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. غَاصِبُ الْغَاصِبِ إذَا اسْتَهْلَكَ الْغَصْبَ فَأَدَّى الْقِيمَةَ إلَى الْأَوَّلِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَبْرَأُ وَلَوْ رَدَّ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْأَوَّلِ بَرِئَ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ هَلَكَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَأَدَّى الْقِيمَةَ عَلَى الْغَاصِبِ يَبْرَأُ أَيْضًا حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْمَالِكِ بَعْدَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِي لِقِيَامِ الْقِيمَةِ مَقَامَ الْعَيْنِ وَهَذَا إذَا كَانَ قَبْضُ الْأَوَّلِ مَعْرُوفًا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ تَصْدِيقِ الْمَالِكِ فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ فِي تَضْمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ وَلَوْ بَاعَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ لَا يَكُونُ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ وَلَا يَكُونُ لَهُ إجَازَةُ الْبَيْعِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَبَيْنَ تَضْمِينِ مُودِعِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ فِي حَقِّهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَعَارَهُ الْغَاصِبُ خُيِّرَ الْمَالِكُ فَأَيُّهُمَا

ضُمِّنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْمُسْتَعِيرُ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ وَهَبَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ إنْسَانٍ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَاصِبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ وَسَلَّمَهُ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَجَازَ بَيْعُهُ، وَالثَّمَنُ لَهُ وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ وَبَطَل الْبَيْعُ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ وَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يُسَلِّمْ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اخْتَارَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَرَضِيَ بِهِ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ أَوْ لَمْ يَرْضَ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى لَهُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ وَيُضَمِّنَ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ وَيُضَمِّنَ الثَّانِي فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ فَلَمْ يُعْطِهِ الْأَوَّلُ شَيْئًا وَهُوَ مُعْدَمٌ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الْأَوَّلَ بِقَبْضِ مَالِهِ عَلَى الثَّانِي وَيَدْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَإِنْ أَبَى الْأَوَّلُ ذَلِكَ فَمَوْلَى الْعَبْدِ إذَا أَحْضَرَهُمَا قُبِلَتْ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ حَتَّى يُؤْخَذَ ذَلِكَ مِنْ الثَّانِي فَيَقْبِضُهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يُضَمِّنَ أَحَدَهُمَا بَعْضَ الْقِيمَةِ النِّصْفَ أَوْ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبُعَ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْآخَرَ الْبَاقِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً، قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَغَصَبَهَا مِنْ الْغَاصِبِ رَجُلٌ آخَرُ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْغَصْبِ الثَّانِي أَيْضًا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَبِقَتْ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي فَلِلْأَوَّلِ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِي قِيمَتَهَا وَإِنْ لَمْ يُضَمِّنْ الْمَالِكُ الْأَوَّلَ فَإِذَا أَخَذَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ الْقِيمَةَ بَرِئَ الثَّانِي عَنْ الضَّمَانِ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الثَّانِي مَضْمُونَةً عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا بِالْغَصْبِ فَإِذَا حَضَرَ الْمَالِكُ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ الْقِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ مَمْلُوكَةً لِلْغَاصِبِ الثَّانِي مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ قِيمَتَهَا ابْتِدَاءً بِالْغَصْبِ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ مَمْلُوكَةً لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ، ثُمَّ تَصِيرُ لِلْغَاصِبِ الثَّانِي مِنْ جِهَةِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ الْأَوَّلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَوْمَ الْغَصْبِ الثَّانِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَبِقَتْ مِنْ يَدِ الثَّانِي وَأَخَذَ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّانِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَهَلَكَتْ فِي يَدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَإِنَّمَا يُضَمِّنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَلَوْ أَنَّ الْمَوْلَى حَضَرَ وَالْقِيمَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ قَائِمَةٌ عَلَى حَالِهَا وَقَدْ ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ جَارِيَتَهُ حَيْثُمَا وُجِدَتْ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّانِي وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ فَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى أَخْذَ الْجَارِيَةِ رَجَعَ الْغَاصِبُ الثَّانِي عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ بِالْقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَهَا فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْأَوَّلِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ ذَلِكَ لِلْغَاصِبِ الثَّانِي وَإِنْ أَخَذَ الْمَوْلَى مِنْ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ الْقِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي سُلِّمَتْ الْجَارِيَةُ لِلْغَاصِبِ الثَّانِي وَإِنْ ضَمَّنَ الْمَوْلَى الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ الْأَوَّلِ سُلِّمَتْ الْقِيمَةُ الَّتِي أَخَذَهَا لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ يَتَصَدَّقُ بِأَحَدِ الْأَلْفَيْنِ وَهُوَ الْفَضْلُ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي أَدَّاهَا إلَى الْمَالِكِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ بَلْ يَطِيبُ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ وَلَدَتْ الْمَغْصُوبَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَغَصَبَهُمَا آخَرُ وَضُمِّنَ الْأَوَّلُ قِيمَةَ الْأُمِّ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِقِيمَتِهِمَا وَتَصَدَّقَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ تَمَلُّكِ الْوَلَدِ بِضَمَانِ الْأُمِّ، وَلَوْ صَالَحَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِتَمَامِ الْقِيمَةِ وَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا وَقَتَلَهُ فِي يَدِهِ قَاتِلٌ خَطَأً وَاخْتَارَ الْمَوْلَى إتْبَاعَ الْغَاصِبِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ حَالًا وَإِتْبَاعَ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ مُؤَجَّلًا فَأَجَابَ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ غَصَبَ مَالًا فَغَصَبَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالَ غَرِيمُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِي فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ لَمْ يَبْرَأْ الثَّانِي وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِي يَبْرَأُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. غَصَبَ عَبْدًا وَغَصَبَهُ آخَرُ

الباب الثالث عشر في غصب الحر والمدبر والمكاتب وأم الولد

مِنْهُ وَأَبَقَ وَقَالَ الْمَالِكُ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا مُنْذُ غَصَبْتَهُ، ثُمَّ غَصَبَهُ الثَّانِي وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَقَالَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ: لَا بَلْ غَصَبْته وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ وَزَادَ أَلْفًا وَنِصْفَهُ عِنْدِي فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ فِي حَقِّهَا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ زَادَ عِنْدِي فَالْقَوْلُ لَهُ فَإِنْ ظَهَرَ وَقِيمَتُهُ زَائِدَةٌ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَ وَأَخَذَ عَبْدَهُ فَإِذَا اخْتَارَ أَخْذَ الْعَبْدِ فَقَتَلَهُ الْغَاصِبُ الثَّانِي يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْفَسْخَ وَأَتْبَعَ الْعَاقِلَةَ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَهُ وَأَتْبَعَ الْأَوَّلَ بِقِيمَتِهِ مُذْ غَصَبَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَطَالَعْتُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْفِقْهِ رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا فَغَصَبَهُ مِنْهُ آخَرُ فَمَاتَ عِنْدَهُ فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ وَيُتْبِعُ الْأَوَّلَ الْآخَرَ وَإِنْ شَاءَ أَبْرَأَ الْأَوَّلَ وَأَتْبَعَ الْآخَرَ بِالْقِيمَةِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا وَأَوْدَعَهُ فَأَبَقَ مِنْ يَدِهِ فَاخْتَارَ الْمَالِكُ تَضْمِينَ الْمُودِعِ مَلَكَهُ غَاصِبُهُ فَنَفَذَ عَتَاقُهُ وَيَرْجِعُ الْمُودِعُ عَلَى الْغَاصِبِ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ بِنَفْسِهِ وَلَوْ عَادَ الْعَبْدُ مِنْ الْإِبَاقِ إلَى يَدِ الْمُودِعِ لِلْمُودِعِ أَنْ يَحْبِسَهُ لِاسْتِيفَاءِ الضَّمَانِ وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ مَنْعِهِ يَهْلِكُ أَمَانَةً وَكَذَلِكَ طَرْفُهُ وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَهُ يَهْلِكُ بِالْقِيمَةِ وَالْمُرْتَهِنُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي هَذَا كَالْمُودِعِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ أَوْ يَمْلِكَ مِنْ غَيْرِهِ حَتَّى يَخْتَارَ الْمَوْلَى فَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَ الْقِيمَةِ اسْتَأْنَفَ الِاسْتِبْرَاءَ وَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَهَا بَطَلَ مَا فَعَلَ مِنْ التَّصَرُّفِ إلَّا إذَا اسْتَوْلَدَهَا يَثْبُتُ النَّسَبُ اسْتِحْسَانًا وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ الثَّانِي أَنْ يَطَأَ الْجَارِيَةَ حَتَّى يَخْتَارَ الْمَوْلَى أَخْذَ الْقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَهَا الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ أَوْ يَخْتَارَ ضَمَانَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ حَاضَتْ حَيْضَةً بَعْدَمَا أَخَذَ الْأَوَّلُ الْقِيمَةَ مِنْ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْمَوْلَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ اخْتَارَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا يُجْتَزَى بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْقِيمَةِ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي فَهَذَا وَمَا لَوْ ثَبَتَ أَخْذُ الْقِيمَةِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ سَوَاءٌ، غَيْرَ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ هُوَ أَنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِي وَفِيمَا إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ لَيْسَ لِلْمَوْلَى تَضْمِينُ الثَّانِي وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ، ثُمَّ أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِقَبْضِ الْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْأَوَّلُ بِقَبْضِ الْجَارِيَةِ مِنْ الثَّانِي وَأَقَرَّ أَنَّهَا مَاتَتْ عِنْدَهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ حَتَّى كَانَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الثَّانِي فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ الثَّانِي عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ بِالْقِيمَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. غَصَبَ فَرَسًا وَغَصَبَهُ مِنْهُ آخَرُ وَسَرَقَهُ الْمَالِكُ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي، ثُمَّ إنَّ الْغَاصِبَ الثَّانِي اسْتَرَدَّهُ مِنْهُ بِالْغَلَبَةِ وَعَجَزَ الْمَالِكُ عَنْ مُخَاصَمَةِ الثَّانِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ مَعَ الْأَوَّلِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ إلَى الْمَالِكِ فَقَدْ بَرِئَ الْأَوَّلُ عَنْهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ غَصَبَ مَالًا لِآخَرَ وَأَخَذَ مِنْهُ آخَرُ لِيَرُدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَهُ لَا طَرِيقَ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ لَكِنْ لَوْ تَصَدَّقَ بِهَا نَرْجُو أَنَّ صَاحِبَهَا يَرْضَى بِثَوَابِ الصَّدَقَةِ. رَجُلٌ أَخْرَجَ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ لِيَرُدَّهَا إلَى الْمَالِكِ وَلَمْ يَجِدْهُ فَهُوَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ يَرُدُّ إلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ وَلَوْ رَدَّهَا إلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ فَقَدْ خَرَجَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ عَنْ الْعُهْدَةِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ سَرَقَ سَارِقٌ مِنْ الْغَاصِبِ وَعَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَالْمَالِكُ غَائِبٌ فَالْقَاضِي يَأْخُذُ الْمَالَ وَيَحْفَظُهُ مِنْ الْغَاصِبِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الْغَائِبِ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى حِفْظِهِ لَا فِيمَا يَرْجِعُ إلَى إبْرَاءِ حُقُوقِهِ وَكَوْنُ الْمَالِ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ مِنْ حُقُوقِ الْغَائِبِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ الثَّالِث عَشَر فِي غَصْب الْحُرّ وَالْمُدَبَّر وَالْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي غَصْبِ الْحُرِّ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ) فِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ فِي رَجُلٍ خَدَعَ امْرَأَةَ رَجُلٍ أَوْ بِنْتَهُ الصَّغِيرَةَ وَأَخْرَجَهَا مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا أَوْ أَبِيهَا فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا أَوْ يُعْلَمَ حَالُهَا وَفِيهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ سَرَقَ صَبِيًّا فَسُرِقَ مِنْ يَدِهِ وَلَمْ يَسْتَبِنْ لَهُ مَوْتٌ وَلَا قَتْلٌ لَا يَضْمَنُ وَلَكِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ أَوْ يُعْلَمَ حَالُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا مِنْ أَهْلِهِ فَمَرِضَ فَمَاتَ فِي يَدِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَمْرَضْ وَلَمْ يَمُتْ وَلَكِنْ عَقَرَهُ سَبُعٌ

الباب الرابع عشر في المتفرقات

فَقَتَلَهُ أَوْ نَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ فَإِنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الْغَاصِبِ الدِّيَةَ، وَجُمْلَةُ هَذَا أَنَّ الْحُرَّ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ وَالْحُرُّ لَا يَصْلُحُ فِيهِ التَّمْلِيكُ وَيُضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ إتْلَافٌ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَمَتَى مَاتَ الصَّغِيرُ بِسَبَبٍ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ مَاتَ بِسَبَبٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَإِنْ قَتَلَهُ رَجُلٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَإِنَّ لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يَتْبَعُوا أَيَّهُمَا شَاءُوا فَإِنْ شَاءُوا أَتْبَعُوا الْغَاصِبَ بِالدِّيَةِ وَإِنْ شَاءُوا الْقَاتِلَ فَإِنْ أَتْبَعُوا الْغَاصِبَ رَجَعَ عَلَى الْقَاتِلِ وَإِنْ أَتْبَعُوا الْقَاتِلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَاصِبِ وَكُلُّ هَذَا عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ وَلَوْ أَنَّ الصَّبِيَّ قَتَلَ نَفْسَهُ أَوْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ حَائِطٌ فَمَاتَ، الْغَاصِبُ ضَامِنٌ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ وَلَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِ الْحَائِطِ إنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ الْغَاصِبُ بِنَقْضِهِ وَلَوْ قَتَلَهُ رَجُلٌ عَمْدًا كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا قَتَلُوا الْقَاتِلَ وَبَرِئَ الْغَاصِبُ وَإِنْ شَاءُوا أَتْبَعُوا الْغَاصِبَ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَتَرْجِعُ عَاقِلَةُ الْغَاصِبِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ عَمْدًا وَلَا يَكُونُ لَهُمْ الْقِصَاصُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ غَصَبَ حُرًّا صَغِيرًا فَغَرِقَ أَوْ احْتَرَقَ ضَمِنَ لَا إذَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ قَتَلَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْغَاصِبِ وَلَا يَرْجِعُونَ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَكَذَلِكَ لَوْ أَتَى عَلَى شَيْءٍ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا رَكِبَ دَابَّةً فَأَلْقَى نَفْسَهُ مِنْهَا وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ بِجِنَايَةِ الصَّبِيِّ عَلَى نَفْسِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ الصَّبِيَّ قَتَلَ رَجُلًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَرَدَّهُ عَلَى أَبِيهِ فَضَمِنَ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ دِيَةَ الرَّجُلِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا غَصَبَ عَبْدًا وَمَعَهُ مَالُ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا لِلْمَالِ حَتَّى لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ الْمَالَ وَقِيمَةَ الْعَبْدِ. مَنْ غَصَبَ حُرًّا وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ فَإِنَّهُ لَا يُوجَبُ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ ثِيَابِهِ؛ لِمَا أَنَّهَا تَحْتَ يَدِهِ أَمَّا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ ضَمَانُ الثِّيَابِ كَمَا يَجِبُ ضَمَانُ عَيْنِهِ وَكَانَ ضَمَانُ ثَوْبِهِ تَبَعًا لِضَمَانِ عَيْنِهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مُدَبَّرًا وَأَبَقَ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَلَكِنْ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ يَرُدُّهُ عَلَى الْمَوْلَى وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُ الْقِيمَةَ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَبْسَهُ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. رَجُلٌ غَصَبَ مُدَبَّرًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ فِي يَدِهِ فَصَارَتْ أَلْفَيْنِ فَغَصَبَ مِنْهُ آخَرُ فَأَبَقَ مِنْ يَدِ الثَّانِي أَوْ مَاتَ فَالْمَالِكُ يُضَمِّنُ أَيَّهُمَا شَاءَ مُذْ غُصِبَ أَيْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ أَلْفًا وَغَاصِبَ الْغَاصِبِ أَلْفَيْنِ فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ أَلْفًا رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِأَلْفَيْنِ وَطَابَ لَهُ الْأَلْفُ وَوُقِفَ الْأَلْفُ الْآخَرُ فَإِنْ ظَهَرَ يَعُودُ عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الْأَلْفِ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ رَدُّ الْأَلْفَيْنِ إلَى الثَّانِي، ثُمَّ الْمَالِكُ إذَا ضَمَّنَ الْأَوَّلَ وَعَادَ الْمُدَبَّرُ إلَى يَدِ الثَّانِي بَعْدَ إتْبَاعِ الْمَوْلَى الْأَوَّلَ الْأَلْفَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ بَرِئَ عَنْ ضَمَانِ غَصْبِهِ حَيْثُ اخْتَارَ الْمَوْلَى تَضْمِينَ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَحْدُثْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْعٌ حَتَّى لَوْ طَلَبَ الْمَوْلَى وَمُنِعَهُ، ثُمَّ مَاتَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْمَالِكِ غَصْبٌ مُبْتَدَأٌ أَوْ كَذَا إذَا قَتَلَهُ الثَّانِي خَطَأً فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّ الْأَلْفَ إلَى الْأَوَّلِ وَيَتْبَعُ عَاقِلَةَ الثَّانِي بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَلَوْ لَمْ يُضَمِّنْ الْمَوْلَى الْأَوَّلَ شَيْئًا حَتَّى قَتَلَهُ الثَّانِي، ثُمَّ ضُمِّنَ الْأَوَّلُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِقَتْلِ الثَّانِي أَوْ لَا يَعْلَمْ بَرِئَ الثَّانِي وَخُيِّرَ الْأَوَّلُ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الثَّانِي ضَمَانَ الْغَصْبِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ عَاقِلَتَهُ ضَمَانَ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ غَصَبَ أُمَّ وَلَدٍ فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا وَإِنْ مَاتَتْ بِبَعْضِ مَا يُضْمَنُ بِهِ الصَّبِيُّ الْحُرُّ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا حَالَّةً فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهَا أَحَقُّ أَنْ تُضْمَنَ؛ لِأَنَّهَا أَوْلَى أَنْ تَكُونَ مَالًا مِنْ الصَّبِيِّ الْحُرِّ وَإِنْ غَصَبَ مُدَبَّرَةً فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. [الْبَابُ الرَّابِع عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) إذَا بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ رَجُلٍ وَأَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَهُ صَحَّتْ الْإِجَازَةُ إذَا اسْتَجْمَعَتْ الْإِجَازَةُ شَرَائِطَهَا وَهِيَ

قِيَامُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَأَنْ تَكُونَ الْإِجَازَةُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُشْتَرَطُ قِيَامُ الثَّمَنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إذَا كَانَ الْبَيْعُ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالدَّنَانِيرِ وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ قَدْ خَاصَمَ الْغَاصِبَ فِي الْمَغْصُوبِ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ لَهُ بِالْمِلْكِ، ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَصِحُّ إجَازَتُهُ هَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْإِجَازَةَ صَحِيحَةٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ قِيَامَ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْإِجَازَةِ بِأَنْ كَانَ قَدْ أَبِقَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْإِجَازَةَ صَحِيحَةٌ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ هَلَكَ الثَّمَنُ عَلَى مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ اعْتِبَارًا لِلْإِجَازَةِ فِي الِانْتِهَاء بِالْإِذْنِ فِي الِابْتِدَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ مَلَكَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ جِهَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ بَعْدَمَا بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ بِطَرَيَانِ الْمِلْكِ الْبَاتِّ عَلَى الْمِلْكِ الْمَوْقُوفِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ: اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَ وَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ مَخُوفًا وَأُخِذَ مَالُكَ فَأَنَا ضَامِنٌ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا يَضْمَنُ وَصَارَ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ بِالْغُرُورِ إنَّمَا يَثْبُتُ حَقُّ الرُّجُوعِ لِلْمَغْرُورِ عَلَى الْغَارِّ إذَا حَصَلَ ذَلِكَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ أَوْ ضَمِنَ الْغَارُّ لِلْمَغْرُورِ صِفَةَ السَّلَامَةِ نَصًّا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ طَيِّبٌ فَإِذَا هُوَ مَسْمُومٌ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ حَمَلَ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ إنْسَانًا بِغَيْرِ إذْنِهِ حَتَّى تَوَرَّمَ ظَهْرُ الدَّابَّةِ فَشَقَّهُ صَاحِبُهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ يَتَلَوَّمُ إنْ انْدَمَلَ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ وَإِنْ نَقَصَ فَإِنْ كَانَ مِنْ الشَّقِّ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَرَمِ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ، وَكَذَا إذَا مَاتَتْ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي اسْتَعْمَلَ الدَّابَّةَ مَعَ يَمِينِهِ إنْ حَلَفَ بَرِئَ عَنْ ضَمَانِ الدَّابَّةِ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ ضَمَانِ النُّقْصَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. نَخْلَةٌ لِرَجُلٍ فِي مِلْكِهِ خَرَجَ سَعَفُهَا إلَى جَارِهِ فَأَرَادَ جَارُهُ أَنْ يَقْطَعَ ذَلِكَ لِيُفَرِّغَ هَوَاءَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ النَّاطِفِيُّ فِي وَاقِعَاتِهِ: ظَاهِرُ لَفْظِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفِيدُ وِلَايَةَ الْقَطْعِ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي قِيلَ هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ يُمْكِنُ تَفْرِيغُ الْهَوَاءِ بِمَدِّ السَّعَفِ إلَى النَّخْلَةِ وَالشَّدِّ عَلَيْهَا بِالْحَبْلِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ وَلَوْ قَطَعَ يَضْمَنُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَطْلُبُ مِنْ صَاحِبِهِ أَنْ يَمُدَّ السَّعَفَ إلَى النَّخْلَةِ وَيَشُدَّ عَلَيْهَا بِحَبْلِهِ وَيُلْزِمُهُ الْقَاضِي ذَلِكَ إنْ لَجَّ وَكَذَلِكَ إذَا أَمْكَنَهُ مَدُّ بَعْضِ السَّعَفِ إلَى النَّخْلَةِ وَالشَّدِّ عَلَيْهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ ذَلِكَ الْبَعْضَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَفْرِيغُ الْهَوَاءِ إلَّا بِالْقَطْعِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَأْذِنَ صَاحِبَ النَّخْلَةِ حَتَّى يَقْطَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ بِالْقَطْعِ وَإِنْ اسْتَأْذَنَ وَأَبَى يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُجْبِرَهُ عَلَى الْقَطْعِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ الْجَارُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ قَطَعَ بِنَفْسِهِ ابْتِدَاءً فَإِنْ قَطَعَ مِنْ مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ الْقَطْعُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ أَعْلَى مِنْهُ أَوْ أَسْفَلَ أَنْفَعَ لِلْمَالِكِ لَا يَضْمَنُ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصُّلْحِ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْقَطْعَ فَإِنَّمَا يَقْطَعُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي بُسْتَانِ جَارِهِ حَتَّى يَقْطَعَهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ قَالَ مَشَايِخُنَا إنَّمَا يَكُونُ لَهُ الْقَطْعُ مِنْ جَانِبِ نَفْسِهِ إذَا كَانَ مِنْ جَانِبِ نَفْسِهِ مِثْلُ قَطْعِهِ مِنْ جَانِبِ صَاحِبِهِ فِي الضَّرَرِ وَأَمَّا إذَا كَانَ قَطْعُهُ مِنْ جَانِبِ صَاحِبِهِ أَقَلُّ ضَرَرًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ وَلَكِنْ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَهُ بِالْقَطْعِ فَإِنْ لَجَّ وَأَبَى بَعَثَ الْقَاضِي نَائِبًا حَتَّى يَقْطَعَهُ مِنْ جَانِبِ صَاحِبِ النَّخْلَةِ، ثُمَّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يَضْمَنُ إذَا قَطَعَ بِنَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ النَّخْلَةِ بِمَا أَنْفَقَ فِي مُؤْنَةِ الْقَطْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَطْرَافُ جُذُوعٍ شَاخِصَةٍ عَلَى جِدَارِ جَارِهِ وَهِيَ بِحَالٍ لَا يُتَحَمَّلُ مِثْلُهَا قَطَعَهَا صَاحِبُ الْجِدَارِ فَإِنْ أَعْلَمَ صَاحِبَ الْجُذُوعِ بِأَنْ قَالَ ارْفَعْهَا وَإِلَّا أَقْطَعُهَا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِقَطْعِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ يَضْمَنُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ قَمِيصًا وَخَاطَهُ فَاسْتَحَقَّ رَجُلٌ الْقَمِيصَ رَجَعَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ عَلَى الْغَاصِبِ وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا فَاسْتَحَقَّ دَقِيقَهَا رَجَعَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِحِنْطَةٍ مِثْلِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ لَحْمًا فَشَوَاهُ فَاسْتَحَقَّ الشِّوَاءَ

فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ اللَّحْمِ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ اللَّحْمَ كَانَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَشْوِيَهُ أَوْ كَانَ الثَّوْبُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَخِيطَهُ أَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ لَهُ قَبْلَ الطَّحْنِ لَمْ يَرْجِعْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ وَلَمْ يَخِيطُهُ أَوْ غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا حَتَّى لَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّ الْمَالِكِ، ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. غُلَامٌ حَمَلَ كُوزَ مَاءٍ لِيَنْقُلَهُ إلَى بَيْتِ مَوْلَاهُ بِإِذْنِهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ رَجُلٌ كُوزَهُ لِيَحْمِلَ مَاءً لَهُ مِنْ الْحَوْضِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ صَارَ نَاسِخًا لِفِعْلِ الْمَوْلَى فَيَصِيرُ غَاصِبًا كُلَّ الْعَبْدِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْمُسْلِمُ يَضْمَنُ بِغَصْبِ مَوْقُوذَةِ الْمَجُوسِيِّ وَإِتْلَافِهَا نَصَّ عَلَيْهِ السِّغْنَاقِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. لَوْ قَطَعَ شَجَرَتَهُ وَقَدْ دَخَلَتْ عُرُوقُهَا تَحْتَ بِنَاءِ رَجُلٍ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الْبِنَاءِ مِنْ قَطْعِ الْعُرُوقِ ضَمِنَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ قِيمَةَ عُرُوقِ شَجَرَتِهِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. غَصَبَ بَيْضَتَيْنِ وَجَعَلَ إحْدَاهُمَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ وَحَضَنَتْ الْأُخْرَى دَجَاجَةٌ أُخْرَى بِنَفْسِهَا وَأَفْرَخَتَا فَالْفَرْخَتَانِ لِلْغَاصِبِ وَعَلَيْهِ بَيْضَتَانِ وَلَوْ كَانَتَا مَكَانَةَ وَدِيعَةٍ فَاَلَّتِي حَضَنَتْ بِنَفْسِهَا لِلْمُودَعِ لَا لِصَاحِبِ الْبَيْضَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ إحْدَى الْبَيْضَتَيْنِ غَصْبًا وَالْأُخْرَى وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ فَحَضَنَتْهُمَا دَجَاجَةٌ فَأَفْرَخَتْ فَرْخَتَيْنِ فَفَرْخَةُ الْوَدِيعَةِ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَفَرْخَةُ الْغَصْبِ لِلْغَاصِبِ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ قَفِيزَيْ حِنْطَةٍ عِنْدَ رَجُلٍ أَحَدُهُمَا وَدِيعَةٌ وَالْآخَرُ غَصْبٌ فَهَبَّتْ الرِّيحُ بِهِمَا وَأَلْقَتْهُمَا فِي الْأَرْضِ فَنَبَتَا فَالزَّرْعُ الَّذِي نَبَتَ مِنْ الْوَدِيعَةِ لِصَاحِبِهَا وَالزَّرْعُ الَّذِي نَبَتَ مِنْ الْغَصْبِ لِلْغَاصِبِ وَيَضْمَنُ قَفِيزَ حِنْطَةٍ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ إحْدَى الْفَرْخَتَيْنِ مِنْ الْأُخْرَى فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ إنَّمَا هِيَ هَذِهِ وَإِنْ قَالَ لَا أَعْرِفُ فَالْفَرْخَتَانِ بَيْنَهُمَا وَعَلَى الْغَاصِبِ بَيْضَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الظَّالِمُ إذَا أَخَذَ مِنْ غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِمْ فَدُيُونُ الْمَيِّتِ عَلَيْهِمْ بَاقِيَةٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْبُرْهَانِيَّةِ. إنْ كَانَ غَاصِبُ الدَّارِ بَاعَهَا وَسَلَّمَهَا، ثُمَّ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَلَيْسَ لِرَبِّ الدَّارِ بَيِّنَةٌ فَإِقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي بَاطِلٌ، ثُمَّ لَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ لِلْمَالِكِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا جَاءَ الرَّجُلُ بِالْحِنْطَةِ إلَى الطَّحَّانِ وَوَضَعَهَا فِي صَحْنِ الطَّاحُونَةِ وَأَمَرَ صَاحِبَ الطَّاحُونَةِ أَنْ يُدْخِلَهَا بِاللَّيْلِ فِي بَيْتِ الطَّاحُونَةِ فَلَمْ يُدْخِلْهَا حَتَّى نُقِبَ الْحَائِطُ بِاللَّيْلِ وَسُرِقَتْ الْحِنْطَةُ فَإِنْ كَانَ صَحْنُ الطَّاحُونَةِ مَحُوطًا بِحَائِطٍ مُرْتَفِعٍ مِقْدَارَ مَا لَا يَرْتَقِي إلَّا بِسُلَّمٍ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ وَجَبَ الضَّمَانُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَفَعَ إلَى إسْكَافٍ خُفًّا لِيَخْرُزَهُ فَوَضَعَهُ الْإِسْكَافُ فِي حَانُوتِهِ الْخَارِجِ وَذَهَبَ إلَى الصَّلَاةِ وَتَرَكَ بَابَ حَانُوتِهِ مَفْتُوحًا مِنْ غَيْرِ حَافِظٍ فَسُرِقَ الْخُفُّ ضَمِنَ الْإِسْكَافُ؛ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ كَذَا فِي الْكُبْرَى. جَعَلَ الْقَصَّارُ فِي الثَّوْبِ الَّذِي دُفِعَ إلَيْهِ الْخُبْزَ أَوَانَ ذَهَابِهِ إلَى الْقِصَارَةِ وَسُرِقَ الثَّوْبُ إنْ لَفَّ فِيهِ كَمَا يُلَفُّ الْمِنْدِيلُ عَلَى مَا يُجْعَلُ فِيهِ يَضْمَنُ وَإِنْ جَعَلَ الثَّوْبَ تَحْتَ إبْطِهِ وَدَسَّ الْخُبْزَ فِيهِ فَلَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. الْحَمَّالُ إذَا نَزَلَ فِي مَفَازَةٍ وَتَهَيَّأَ لَهُ الِانْتِقَالُ فَلَمْ يَنْتَقِلْ حَتَّى فَسَدَ الْمَتَاعُ بِمَطَرٍ أَوْ سُرِقَ فَهُوَ ضَامِنٌ وَتَأْوِيلُهُ إذَا كَانَ الْمَطَرُ أَوْ السَّرِقَةُ غَالِبًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ دَفَعَ حُمُولَةً إلَى حَمَّالٍ لِيَحْمِلَهَا إلَى بَلْدَةٍ فَجَاءَ الْحَمَّالُ إلَى نَهْرٍ عَظِيمٍ وَفِي النَّهْرِ جَمْدٌ كَثِيرٌ يَجْرِي فِي الْمَاءِ كَمَا يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ فَرَكَّبَ الْحَمَّالُ حَمْلًا مِنْ الْأَحْمَالِ وَالْآخَرُ يَدْخُلُونَ الْمَاءَ عَلَى أَثَرِ هَذَا الْحَمْلِ فَنَفَرَ حَمْلٌ مِنْ الْأَحْمَالِ مِنْ جَرَيَانِ الْجَمَدِ فَسَقَطَ الْحَمْلُ فِي الْمَاءِ إنْ كَانَ النَّاسُ يَسْلُكُونَ فِي مِثْلِ هَذَا وَلَا يُنْكِرُونَ جِدًّا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَلَوْ جَاءَ إلَى قِطَارِ إبِلٍ وَحَلَّ بَعْضَهَا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْصِبْ إبِلًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ دَفَعَ غُلَامَهُ إلَى آخَرَ مُقَيَّدًا بِالسِّلْسِلَةِ وَقَالَ لَهُ اذْهَبْ بِهِ إلَى بَيْتِك مَعَ السِّلْسِلَةِ فَذَهَبَ بِدُونِ السِّلْسِلَةِ فَأَبَقَ الْعَبْدُ لَا يَضْمَنُ، جَزَّ غَنَمًا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَجَعَلَ صُوفَهَا لُبُودًا فَاللُّبُودُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِصُنْعِهِ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ جَزُّ الصُّوفِ لَا يُنْقِصُ مِنْ قِيمَةِ الْغَنَمِ شَيْئًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ الصُّوفِ وَإِنْ كَانَ يُنْقِصُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَ ذَلِكَ الصُّوفِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مَا دَخَلَ النُّقْصَانُ فِي الْغَنَمِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. غَصَبَ جَارِيَةً وَزَوْجَهَا وَدَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا، ثُمَّ إنَّ الْمَالِكَ لَمْ يُجِزْ النِّكَاحَ وَجَبَ

عَلَى الزَّوْجِ الْعُقْرُ قَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: الْعُقْرُ لِلْمَالِكِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّ الْأَجْرَ ثَمَّةَ يَكُونُ لِلْغَاصِبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ فَتَاوَى آهُو وَيَتَصَدَّقُ الْغَاصِبُ بِالْأَجْرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً وَغَابَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَطَلَبَ الْغَاصِبُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَقْبَلُ مِنْهُ الْمَغْصُوبَ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ بِالْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ وَيَتْرُكُهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَنَفَقَتُهُ تَكُونُ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ بِأَنْ كَانَ الْغَاصِبُ مَخُوفًا وَيُمْسِكُ الثَّمَنَ لِصَاحِبِهِ فَعَلَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّرْفِ إذَا اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ وَدَفَعَ الدِّينَارَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْقَلْبَ حَتَّى جَاءَ إنْسَانٌ وَقَبَضَ الْقَلْبَ، ثُمَّ أَجَازَ الْمُشْتَرِي قَبْضَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ الْقَابِضُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ لَهُ هَدَفٌ فِي دَارِهِ فَرَمَى إلَى الْهَدَفِ فَجَاوَزَ سَهْمُهُ دَارِهِ فَأَفْسَدَ شَيْئًا فِي دَارِ رَجُلٍ آخَرَ أَوْ قَتَلَ نَفْسًا كَانَ ضَامِنًا وَيَكُونُ ضَمَانُ الْمَالِ فِي مَالِ الرَّامِي، وَدِيَةُ الْقَتِيلِ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّامِي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ مَرَّ فِي قَرْيَةٍ مَعَ وِقْرٍ مِنْ قَصَبٍ وَقَدْ أَوْقَدَ الصِّبْيَانُ نَارًا فِي السِّكَّةِ وَأَلْقَوْا مِنْهَا شَيْئًا فِي الْقَصَبِ فَأَخَذَتْهُ النَّارُ فَدَخَلَ الْحِمَارُ تَحْتَ سَطْحٍ كَانَ فَوْقَهُ حَطَبٌ فَارْتَفَعَتْ النَّارُ مِنْ الْقَصَبِ إلَى الْحَطَبِ وَأَلْقَوْا ذَلِكَ الْحَطَبَ عَلَى الْحِمَارِ فَاحْتَرَقَ الْحِمَارُ (قَالَ) إنْ كَانَ هَذَا الْحَطَبُ الَّذِي أُلْقِيَ عَلَيْهِ تَوَقَّدَ مَعَ الْقَصَبِ فَمُلْقِي النَّارِ وَمُلْقِي الْحَطَبِ ضَامِنَانِ جَمِيعًا كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. حَرِيقٌ وَقَعَ فِي مَحَلَّةٍ فَهَدَمَ إنْسَانٌ دَارَ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهَا حَتَّى انْقَطَعَ الْحَرِيقُ مِنْ دَارِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ لَكِنْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ هَدَمَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبِغَيْرِ إذْنِ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ لَكِنْ يُعَزَّرُ وَهَذَا نَظِيرُ الْمُضْطَرِّ يَتَنَاوَلُ طَعَامَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سَفِينَةٌ حُمِلَتْ عَلَيْهَا أَحْمَالٌ فَاسْتَقَرَّتْ السَّفِينَةُ عَلَى بَعْضِ الْجَزَائِرِ فَرَفَعَ رَجُلٌ بَعْضَ الْأَحْمَالِ لِتَخِفَّ السَّفِينَةُ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَذَهَبَ بِالْأَحْمَالِ الَّتِي أُخْرِجَتْ هَلْ عَلَى الَّذِي أَخْرَجَ ضَمَانٌ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَمَّا إنْ لَمْ يَخَفْ الْغَرَقَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا وَإِنْ خِيفَ الْغَرَقُ فَإِنْ ذَهَبَ بِهِ إنْسَانٌ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَنَ غَرَقُهَا لَا يَضْمَنُ وَإِنْ ذَهَبَ بِهَا بَعْدَمَا أُمِنَ غَرَقُهَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ أَوْقَدَ فِي تَنُّورِهِ نَارًا فَأَلْقَى فِيهِ مِنْ الْحَطَبِ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ التَّنُّورُ فَأَحْرَقَتْ بَيْتَهُ وَتَعَدَّتْ النَّارُ إلَى دَارِ جَارِهِ فَأَحْرَقَتْهَا يَضْمَنُ صَاحِبُ التَّنُّورِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ سُئِلَ عَمَّنْ أَوْقَدَ النَّارَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَتَعَدَّتْ إلَى كُدْسِ حِنْطَةٍ أَوْ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ الْأَمْوَالِ فَأَحْرَقَتْهُ هَلْ يَضْمَنُ؟ قَالَ لَا وَلَوْ أَحْرَقَتْ شَيْئًا فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَوْقَدَ فِيهِ النَّارَ ضَمِنَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. سُئِلَ عَمَّنْ حَفَرَ فِي صَحْرَاءِ الْقَرْيَةِ الَّتِي هِيَ مَبِيتُ دَوَابِّهِمْ حَفِيرَة يُخَبِّئُ فِيهَا الْغَلَّةَ بِغَيْرِ إذْنِ أَحَدٍ وَأَوْقَدَ فِيهَا النَّارَ رَجُلٌ لِيَبِيتَهَا فَوَقَعَ فِيهَا حِمَارٌ قَالَ هَذَا عَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَأَلْقَى فِيهَا رَجُلٌ حَجَرًا فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ رَجُلٌ فَأَصَابَهُ الْحَجَرُ الَّذِي فِي الْبِئْرِ فَمَاتَ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْحَافِرِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا مَتَى احْتَرَقَ الْحِمَارُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَافِرِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِنْ أَدْخَلَ فِي دَارِ رَجُلٍ بَعِيرًا مُغْتَلِمًا وَفِي الدَّارِ بَعِيرُ صَاحِبِ الدَّارِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ الْمُغْتَلِمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنْ أَدْخَلَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَدْخَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَضْمَنُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْبَعِيرُ الْمُغْتَلِمُ هُوَ الَّذِي سَكِرَ مِنْ فَرْطِ شَهْوَتِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَسُئِلَ الْوَبَرِيُّ عَمَّنْ سَقَى أَرْضَهُ فَلَمْ يَسْتَوْثِقْ فِي سَدِّ الثُّقْبِ حَتَّى أَفْسَدَ الْمَاءُ وَأَضَرَّ جَارَهُ فَهَلْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ فَقَالَ إنْ كَانَ النَّهْرُ مُشْتَرَكًا فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا قَصَّرَ فِي سَدِّ ثُقْبِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا غَزَلَتْ الْمَرْأَةُ قُطْنَ زَوْجِهَا فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ إمَّا إنْ أَذِنَ لَهَا بِالْغَزْلِ أَوْ نَهَاهَا عَنْ الْغَزْلِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَلَمْ يَنْهَ وَلَكِنْ سَكَتَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِغَزْلِهَا فَإِنْ أَذِنَ لَهَا بِالْغَزْلِ فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَقُولَ لَهَا اغْزِلِيهِ لِي أَوْ يَقُولَ اغْزِلِيهِ لِنَفْسِك أَوْ يَقُولَ اغْزِلِيهِ لِيَكُونَ

الثَّوْبُ لِي وَلَك أَوْ قَالَ اغْزِلِيهِ وَلَمْ يَزِدْ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا قَالَ اغْزِلِيهِ لِي، كَانَ الْغَزْلُ لِلزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ قَالَ اغْزِلِيهِ لِي بِأَجْرِ كَذَا كَانَ الْغَزْلُ لِلزَّوْجِ؛ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِلْمَرْأَةِ. وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَجْرَ كَانَ الْغَزْلُ لِلزَّوْجِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مُتَطَوِّعَةٌ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ غَزَلْت بِأَجْرٍ وَقَالَ الزَّوْجُ لَمْ أَذْكُرْ الْأَجْرَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ وَلَوْ كَانَ قَالَ لَهَا اغْزِلِيهِ لِنَفْسِك كَانَ الْغَزْلُ لَهَا وَيَكُونُ الزَّوْجُ وَاهِبًا لِلْقُطْنِ مِنْهَا وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا أَذِنْت لَك لِتَغْزِلِيهِ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا بَلْ قُلْت اغْزِلِيهِ لِنَفْسِك كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ قَالَ لَهَا: اغْزِلِيهِ لِيَكُونَ الثَّوْبُ لِي وَلَك كَانَ الْغَزْلُ لِلزَّوْجِ وَلَهَا عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا بِبَعْضِ الْخَارِجِ فَتَفْسُدُ الْإِجَارَةُ وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ دَفَعَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ لِيَنْسِجَهُ بِالنِّصْفِ فَإِنَّ الثَّوْبَ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْغَزْلِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ قَالَ لَهَا: اغْزِلِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا كَانَ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا غَزَلَتْهُ تَبَرُّعًا مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ هَذَا كُلُّهُ إذَا أَذِنَ لَهَا بِالْغَزْلِ وَإِنْ كَانَ نَهَاهَا عَنْ الْغَزْلِ فَغَزَلَتْ بَعْدَ النَّهْيِ كَانَ الْغَزْلُ لَهَا وَعَلَيْهَا لِلزَّوْجِ مِثْلُ قُطْنِهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ غَاصِبَةً مُسْتَهْلِكَةً فَتَضْمَنُ كَمَنْ غَصَبَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا فَإِنَّ الدَّقِيقَ يَكُونُ لِلْغَاصِبِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ مِثْلُ الْحِنْطَةِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا وَلَمْ يَنْهَ فَغَزَلَتْ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ الزَّوْجُ بَائِعُ الْقُطْنِ كَانَ الْغَزْلُ لَهَا وَعَلَيْهَا الْقُطْنُ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ يَشْتَرِي الْقُطْنَ لِلتِّجَارَةِ وَكَانَ النَّهْيُ ثَابِتًا مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَائِعَ الْقُطْنِ فَاشْتَرَى قُطْنًا وَجَاءَ إلَى مَنْزِلِهِ فَغَزَلَتْ الْمَرْأَةُ كَانَ الْغَزْلُ لِلزَّوْجِ وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْأَجْرِ وَذَكَرَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ رَجُلٌ غَزَلَ قُطْنَ غَيْرِهِ فَاخْتَلَفَا فَقَالَ صَاحِبُ الْقُطْنِ: غَزَلْتَ بِإِذْنِي وَالْغَزْلُ لِي وَقَالَ الْآخَرُ غَزَلْتُهُ بِغَيْرِ إذْنِكَ فَالْغَزْلُ لِي وَلَك عَلَيَّ مِثْلُ قُطْنِك كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْقُطْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ إذَا مَاتَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَأَقَرَّ الْغَاصِبُ أَنَّهُ كَانَ غَصَبَهُ مِنْ فُلَانٍ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْقِيمَةِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَغَصَبَهُ مِنْهُ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْقِيمَةِ لِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا قَضَى بِالْقِيمَةِ لِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ وَأَخَذَهَا لَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ فَإِنْ وَصَلَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ بِعَيْنِهَا إلَى الْغَاصِبِ مِنْ جِهَةِ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِالْهِبَةِ أَوْ بِالْإِرْثِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ أَوْ بِالْمُبَايَعَةِ يُؤْمَرُ بِرَدِّهَا إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ وَصَلَ إلَى الْغَاصِبِ أَلْفٌ آخَرُ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ سِوَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ فَإِنْ وَصَلَ بِالْهِبَةِ أَوْ بِالْمُبَايَعَةِ لَا يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ وَصَلَ بِالْمِيرَاثِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي سِيَرِ الْعُيُونِ مُسْلِمٌ شَقَّ زِقَّ خَمْرٍ لِمُسْلِمٍ لَا يَضْمَنُ الْخَمْرَ وَيَضْمَنُ الزِّقَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا يَرَى ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَالذِّمِّيُّ إذَا أَظْهَرَ بَيْعَ الْخَمْرِ فِي الْمِصْرِ يُمْنَعُ عَنْهُ فَإِنْ أَتْلَفَ ذَلِكَ إنْسَانٌ يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا يَرَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي فَتَاوَى الْخُلَاصَةِ مَنْ أَرَاقَ خُمُورَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَكَسَرَ دِنَانَهَا وَشَقَّ زِقَاقَهَا إذَا أَظْهَرُوهَا فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَمْرًا بِالْمَعْرُوفِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْفَتَاوَى تَشَبَّثَ بِثَوْبِ رَجُلٍ فَجَذَبَهُ الْمُتَشَبِّثُ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ حَتَّى تَخَرَّقَ يَضْمَنُ تَمَامَ الْقِيمَةِ وَإِنْ جَذَبَهُ صَاحِبُهُ مِنْ يَدِ الْمُتَشَبِّثِ ضَمِنَ الْمُتَشَبِّثُ نِصْفَ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَوْ جَلَسَ رَجُلٌ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ وَصَاحِبُ الثَّوْبِ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَقَامَ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَانْشَقَّ الثَّوْبُ مِنْ جُلُوسِ الْجَالِسِ كَانَ عَلَى الْجَالِسِ نِصْفُ ضَمَانِ الشَّقِّ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةٍ يَضْمَنُ نُقْصَانَ الشَّقِّ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَدَفَعَ عَيْنًا إلَى دَلَّالٍ لِيَبِيعَهَا فَعَرَضَ الدَّلَّالُ عَلَى صَاحِبِ دُكَّانٍ وَتَرَكَهَا عِنْدَهُ فَهَرَبَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ وَذَهَبَ بِالْمَتَاعِ يَضْمَنُ الدَّلَّالُ وَذَكَرَ النَّسَفِيُّ فِي فَتَاوَاهُ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ذَكَرَ أَبُو الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيُّ فِي إشَارَاتِ الْجَامِعِ إنَّ غَصْبَ الْمَتَاعِ لَا يَتَحَقَّقُ وَذَكَرَ فِي الْأَقْضِيَةِ أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَ رَجُلٍ وَأَذِنَ لَهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ بِالْجُلُوسِ عَلَى وِسَادَةٍ فَجَلَسَ عَلَيْهَا فَإِذَا تَحْتَهَا قَارُورَةُ دُهْنٍ لَا يَعْلَمُ بِهَا فَانْدَقَّتْ الْقَارُورَةُ فَذَهَبَ الدُّهْنُ فَضَمَانُ الدُّهْنِ وَضَمَانُ مَا تَخَرَّقَ مِنْ الْوِسَادَةِ وَالْقَارُورَةِ عَلَى الْجَالِسِ وَلَوْ كَانَتْ الْقَارُورَةُ

تَحْتَ مُلَاءَةٌ وَقَدْ غَطَّاهَا فَأَذِنَ لَهُ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْمُلَاءَةِ لَا يَضْمَنُ الْجَالِسُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي الْوِسَادَةِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْبَعْضِ أَيْضًا وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْوِسَادَةَ لَا تُمْسِكُ الْجَالِسَ كَمَا لَا تُمْسِكُ الْمُلَاءَةُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ بِالْجُلُوسِ عَلَى السَّطْحِ فَوَقَعَ السَّطْحُ عَلَى مَمْلُوكِ الْآذِنِ ضَمِنَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا كَانَ فِي يَدِ الدَّلَّالِ ثَوْبٌ يَبِيعُهُ فَظَهَرَ أَنَّهُ مَسْرُوقٌ وَقَدْ كَانَ رَدَّهُ إلَى مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ فَطَلَبَ مِنْهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ الثَّوْبُ فَقَالَ الدَّلَّالُ رَدَدْتُهُ إلَى مَنْ كَانَ دَفَعَ إلَيَّ بَرِئَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَنْ أَهْلِ مَكْتَبٍ مِنْ الصِّبْيَانِ مَعَ الْمُعَلِّمِ أَصَابَهُمْ بَرْدٌ وَعَلَى الْجِدَارِ كُوَّةٌ مَفْتُوحَةٌ فَقَالَ الْمُعَلِّمُ لِوَاحِدٍ مِنْ الصِّبْيَانِ خُذْ الْفُوطَةَ الَّتِي مَعَ ذَلِكَ الصَّبِيِّ وَسُدَّ بِهَا الْكُوَّةَ لِدَفْعِ الْبَرْدِ فَفَعَلَ، ثُمَّ ضَاعَتْ الْفُوطَةُ هَلْ يَضْمَنُ الْمُعَلِّمُ أَوْ الصَّبِيُّ الَّذِي أَخَذَهَا قَالَ لَا؛ لِأَنَّ جَعْلَهَا فِي الْكُوَّةِ وَهُمْ حَاضِرُونَ لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ فَلَمْ يَضْمَنَا وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ قَوْمٍ يَتَّخِذُونَ دِبْسًا فِي كَرْمٍ فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ لِتُعِينَهُمْ فَأَخَذَتْ فِنْجَانَةً مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ مِنْهُمْ لِتَأْخُذَ بِهَا شَيْئًا مِنْ الْعَصِيرِ وَكَانَتْ فِي غَايَةِ الْحَرَارَةِ فَضَرَبَتْ الْفِنْجَانَةَ عَلَى الْأَرْضِ فَانْكَسَرَتْ هَلْ تَضْمَنُ قَالَ نَعَمْ؛ لِأَنَّهَا أَلْقَتْهَا وَلَوْ سَقَطَتْ لَمْ تَضْمَنْ وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّنْ مَاتَ وَانْهَدَمَ بَعْدَ مَوْتِهِ جِدَارُ دَارِهِ فَظَهَرَتْ نُقُودٌ فَعَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَقَالَ أَحْضِرُوهَا حَتَّى أَقْسِمَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فَجَاءُوا بِهَا إلَيْهِ وَكَانَتْ عِنْدَهُ أَيَّامًا حَتَّى بَعَثَ أَمِيرُ الْوِلَايَةِ إلَيْهِ فَقَالَ ابْعَثْهَا إلَيَّ حَتَّى أَقْسِمَهَا بَيْنَ الْوَرَثَةِ فَبَعَثَ بِهَا إلَيْهِ فَلَمْ يَدْفَعْهَا الْأَمِيرُ إلَى الْوَرَثَةِ هَلْ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُضَمِّنُوا الْقَاضِي ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ جَارِيَةٌ دَفَعَتْ جَارِيَةً أُخْرَى فَذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَيْهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا قَالَ بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - غَصَبَ عَبْدًا فَضَمِنَ رَجُلٌ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْعَبْدَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ غَدًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ الْغَاصِبُ فَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَلَمْ يَدْفَعْ الْغَاصِبُ إلَيْهِ غَدًا لَزِمَ الضَّامِنَ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَيَبْطُلُ الْفَضْلُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ فِيمَا زَادَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ ضَمِنَ الْقِيمَةَ وَسَمَّاهَا فَنَظَرَ فِي ذَلِكَ فَإِذَا هِيَ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَذَلِكَ قِيمَتُهُ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ بَطَلَ الْفَضْلُ عَلَى مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. غَصَبَ ثَوْبَ إنْسَانٍ فَلَبِسَهُ فَجَاءَ رَبُّ الثَّوْبِ فَمَدَّ ثَوْبَهُ وَالْغَاصِبُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَتَخَرَّقَ الثَّوْبُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ رُدَّ عَلَيَّ ثَوْبِي فَمَنَعَهُ فَمَدَّ مَدًّا لَا يُمَدُّ مِثْلُهُ مِنْ شِدَّتِهِ فَتَخَرَّقَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْضًا وَلَوْ مَدَّهُ كَمَا يَمُدُّ النَّاسُ عَادَةً فَتَخَرَّقَ مِنْهُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ نِصْفَ الْقِيمَةِ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ مِلْكًا لِمَنْ لَبِسَهُ فَمَدَّهُ إنْسَانٌ مَدًّا لَا يُمَدُّ مِثْلُهُ أَوْ يُمَدُّ مِثْلُهُ فَتَخَرَّقَ فَعَلَى الْمَادِّ جَمِيعُ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ إذَا مَرِضَ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ لَا يُعَادُ فِيهَا وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَصْحَابِ الصَّوَافِي وَيَأْكُلُ مَعَهُمْ قَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَلَدَتْ الْمَغْصُوبَةُ وَكَسَبَتْ وَوُهِبَ لَهَا وَقُطِعَتْ يَدُهَا وَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَمَاتَتْ وَقُضِيَ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ فَالْوَلَدُ وَالْهِبَةُ وَالْكَسْبُ لِلْمَوْلَى وَالْعُقْرُ وَالْأَرْشُ لِلْغَاصِبِ وَلَوْ صَالَحَ عَلَى قِيمَتِهَا بِلَا قَضَاءٍ فَالْكُلُّ لِلْمَوْلَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَدْخَلَ الْخَشَّابُ خَشَبَةً فِي مَنْزِلِهِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَأَرَادَ أَهْلُهَا أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ يَضَعُهَا عَلَى ظَهْرِ الدَّوَابِّ وَضْعًا لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِمْ إلَّا بِإِدْخَالِ الدَّابَّةِ وَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَطْرَحُهَا طَرْحًا يَضُرُّ بُنْيَانَهُمْ فَلَهُمْ مَنْعُهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. إذَا نَدِمَ الْغَاصِبُ عَلَى مَا صَنَعَ وَلَمْ يَظْفَرْ بِالْمَالِكِ قَالَ مَشَايِخُنَا أَمْسَكَ الْمَغْصُوبَ إلَى أَنْ يَرْجُوَ مَجِيءَ صَاحِبِهِ فَإِذَا انْقَطَعَ رَجَاؤُهُ بِمَجِيءِ صَاحِبِهِ تَصَدَّقَ بِهِ إنْ شَاءَ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَرْفَعَ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ تَدْبِيرًا وَرَأْيًا فَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يَقْطَعَ عَلَيْهِ رَأْيَهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا وَأَجَّرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ وَسَلِمَ مِنْ الْعَمَلِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ عَلَى مَا عُرِفَ فَإِنْ أَخَذَ الْعَبْدُ الْأَجْرَ وَأَخَذَ الْغَاصِبُ الْأَجْرَ مِنْهُ وَأَتْلَفَهُ لَا ضَمَانَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ

وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ قَائِمًا كَانَ لِلْمَالِكِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَنْ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ عَنْ أُسْتَاذِهِ سُئِلَ عَمَّنْ رَفَعَ عِمَامَةَ مَدْيُونِهِ عَنْ رَأْسِهِ رَهْنًا بِدَيْنِهِ وَأَعْطَاهُ مِنْدِيلًا صَغِيرًا يَلُفُّ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ إذَا جِئْت بِدَيْنِي أَرُدُّهَا عَلَيْك فَجَاءَ الْمَدْيُونُ بِدَيْنِهِ وَقَدْ هَلَكَتْ الْعِمَامَةُ فِي يَدِ الْآخَرِ قَالَ تَهْلِكُ هَلَاكَ الْمَرْهُونِ لَا الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا رَهْنًا وَتَرَكَ غَرِيمَهُ وَذَهَابُهُ رِضًا مِنْهُ بِكَوْنِهَا رَهْنًا كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. مَاتَتْ دَابَّةُ رَجُلٍ فِي دَارٍ آخَرَ إنْ كَانَ لِجِلْدِهَا قِيمَةٌ يُخْرِجُهَا الْمَالِكُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِجِلْدِهَا قِيمَةٌ يُخْرِجُهَا صَاحِبُ الدَّارِ وَكِيلٌ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ مِنْ غَرِيمِ الْمُوَكِّلِ وَجَعَلَهَا فِي مِخْلَاةٍ وَعَلَّقَهَا عَلَى الْحِمَارِ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ صَنَعَ بِهَا كَمَا يَصْنَعُ بِمَالِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. دَابَّةُ رَجُلٍ دَخَلَتْ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَإِخْرَاجُهَا عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ شَغَلَتْ دَارَ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ طَائِرُ الرَّجُلِ مَاتَ فِي بِئْرِ غَيْرِهِ فَإِخْرَاجُ الطَّيْرِ عَلَى صَاحِبِ الطَّيْرِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ نَزْحُ الْمَاءِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَفِي التَّفْرِيدِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ اشْتَرَى جَارِيَةً فَاسْتَوْلَدَهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَالْوَلَدُ حُرُّ الْأَصْلِ وَعَلَيْهِ لِلْمَوْلَى قِيمَةُ الْوَلَدِ هَكَذَا قَضَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَتَرَكَ مِيرَاثًا فَمِيرَاثُهُ لِأَبِيهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِلْمَوْلَى شَيْءٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ بِكَوْنِهَا مَغْصُوبَةٌ فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي وَوَلَدَتْ وَلَدًا وَمَاتَتْ فِي يَدِهِ، ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْجَارِيَةَ جَارِيَتُهُ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي بِالْعُقْرِ سَوَاءٌ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْبَائِعِ أَوْ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي وَفِي الْمَبِيعَةِ بَيْعًا فَاسِدًا إذَا وَجَبَ الْعُقْرُ، ثُمَّ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ أَوْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ هَلْ يَمْلِكُ الْعُقْرَ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْغَصْبُ نَظِيرُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَيَكُونُ فِي الْغَصْبِ فِي الْعُقْرُ رِوَايَتَانِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً وَغَصَبَ آخَرُ مِنْ رَبِّ الْجَارِيَةِ عَبْدًا وَتَبَايَعَا الْعَبْدَ بِالْجَارِيَةِ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ بَلَغَ الْمَالِكُ فَأَجَازَهُ كَانَ بَاطِلًا، وَلَوْ كَانَ مَالِكُهُمَا رَجُلَيْنِ فَبَلَغَهُمَا فَأَجَازَا كَانَ جَائِزًا وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ لِصَاحِبِ الْغُلَامِ وَالْغُلَامُ لِصَاحِبِ الْجَارِيَةِ وَعَلَى غَاصِبِ الْغُلَامِ قِيمَةُ الْغُلَامِ لِمَوْلَاهُ وَعَلَى غَاصِبِ الْجَارِيَةِ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ لِمَوْلَاهَا، وَلَوْ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالِكَيْنِ فِي الِابْتِدَاءِ بِأَنْ قَالَ صَاحِبُ الْغُلَامِ لِلَّذِي غَصَبَهُ: اشْتَرِ جَارِيَةَ فُلَانٍ بِغُلَامِي هَذَا وَقَالَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ لِغَاصِبِهَا اشْتَرِ غُلَامَ فُلَانٍ بِجَارِيَتِي هَذِهِ كَانَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ، رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ مِائَةَ دِينَارٍ وَغَصَبَ آخَرُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ تَبَايَعَ الْغَاصِبَانِ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ تَفَرَّقَا ثُمَّ حَضَرَ الْمَالِكُ فَأَجَازَهُ جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. غَصَبَ بِطِّيخَةً وَقَطَعَ مِنْهَا شَرِيدَةً لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ مَالِكِهَا وَلَوْ جَعَلَهَا كُلَّهَا شَرَائِدَ يَنْقَطِعُ لِزَوَالِ اسْمِهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا أَمَرَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِالْإِبَاقِ أَوْ قَالَ لَهُ: اُقْتُلْ نَفْسَك فَفَعَلَ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَلَوْ قَالَ أَتْلِفْ مَالَ مَوْلَاك فَأَتْلَفَ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَسُئِلَ عَمَّنْ غَصَبَ أَرُزًّا وَقَشَّرَهُ أَوْ حِنْطَةً وَاِتَّخَذَهَا كِشْكًا هَلْ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ قَالَ لَا؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَ قَائِمٌ كَمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةً وَسَلَخَهَا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ مَالِكِهَا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. أَدْخَلَ أَجْنَاسًا لَهُ فِي الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ إذْنِ خَادِمِهِ وَأَخَذَ مِفْتَاحَهُ وَجَاءَ سَيْلٌ فَأَهْلَكَ بُسُطَ الْمَسْجِدِ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ قَالَ سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ قَالَ سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ وَدِرْهَمَيْنِ لِآخَرَ اخْتَلَطَتْ فَضَاعَ دِرْهَمَانِ وَبَقِيَ دِرْهَمٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَا يُعْرَفُ مِنْ أَيُّهَا هُوَ؟ فَقَالَ: الدِّرْهَمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَلَقِيت ابْنَ شُبْرُمَةَ فَسَأَلْته عَنْهَا فَقَالَ أَسَأَلْت عَنْهَا أَحَدًا قُلْت نَعَمْ سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ إنَّهُ قَالَ لَك: الدِّرْهَمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا قُلْت نَعَمْ قَالَ أَخْطَأَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّا نَقُولُ دِرْهَمٌ مِنْ الدِّرْهَمَيْنِ الضَّائِعَيْنِ لِصَاحِبِ الدِّرْهَمَيْنِ بِلَا شَكٍّ وَالدِّرْهَمُ الثَّانِي مِنْ الضَّائِعَيْنِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ الدِّرْهَمَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الدِّرْهَمُ الْوَاحِدُ فَالدِّرْهَمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَاسْتَحْسَنْت جَوَابَهُ جِدًّا وَعُدْت إلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقُلْت لَهُ خُولِفْت فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ أَلَقِيت ابْنَ شُبْرُمَةَ وَقَالَ لَك كَذَا، وَكَذَا وَذَكَرَ جَوَابَهُ بِعَيْنِهِ فَقُلْت: نَعَمْ فَقَالَ إنَّ الثَّلَاثَةَ لَمَّا اخْتَلَطَتْ صَارَتْ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا

بِحَيْثُ لَا تَتَمَيَّزُ فَلِصَاحِبِ الدِّرْهَمَيْنِ ثُلُثَا كُلِّ دِرْهَمٍ وَلِصَاحِبِ الدِّرْهَمِ ثُلُثَ كُلِّ دِرْهَمٍ فَأَيُّ دِرْهَمٍ ذَهَبَ ذَهَبَ بِحِصَّتِهِ فَالدِّرْهَمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا فَبَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ بِخَمْسِمِائَةٍ إلَى سَنَةٍ وَالْعَبْدُ مَعْرُوفٌ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لِلْغَاصِبِ قَدْ اشْتَرَيْت مِنِّي هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَالَّةً فَقَبَضْته مِنِّي ثُمَّ بِعْتُهُ هَذَا الرَّجُلَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ وَقَالَ الْغَاصِبُ: مَا اشْتَرَيْتُهُ مِنْكَ قَطُّ وَلَكِنَّك أَمَرْتنِي فَبِعْته بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ بِأَمْرِك وَالْعَبْدُ قَائِمٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَالْعَبْدُ سَالِمٌ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى صِحَّةِ شِرَائِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ بِسَبَبِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ تَعَذُّرَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ كَانَ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ إقْرَارُهُ بِبَيْعِهِ مِنْ الْغَاصِبِ وَيُسْتَحْلَفُ الْغَاصِبُ بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَيْته فَإِنْ حَلَفَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَكَلَ كَانَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَدْ مَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَهَاهُنَا يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ وَهَبَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ رَجُلٍ وَسُلِّمَ إلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: بِعْت مِنْك بِأَلْفٍ، ثُمَّ وَهَبْتُهُ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا فِي الْبَيْعِ وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ ضَرَبَ الْعَبْدَ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ قَالَ الْغَاصِبُ ضَرَبْت بِأَمْرِ الْمَالِكِ وَقَالَ صَاحِبُ الْعَبْدِ لَا بَلْ بِعْتُهُ مِنْك فَضَرَبْت مِلْكَ نَفْسِك يَحْلِفُ الْغَاصِبُ أَوَّلًا، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الثَّمَنُ وَإِنْ حَلَفَ ضَمِنَ الْقِيمَةَ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ لِمَعْنًى مِنْ جِهَةِ الْغَاصِبِ ثُمَّ يَحْلِفُ الْمَالِكُ فَإِنْ نَكَلَ بَطَلَتْ الْقِيمَةُ وَإِنْ حَلَفَ فَلَهُ قِيمَتُهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَهُوَ نَظِيرُ الْهَلَاكِ فِيمَا تَقَدَّمَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سَكْرَانُ لَا يَعْقِلُ نَامَ فِي الطَّرِيقِ فَأَخَذَ رَجُلٌ ثَوْبَهُ لِيَحْفَظَهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَخَذَ ثَوْبَهُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ وَخَاتَمَهُ مِنْ أُصْبُعِهِ أَوْ كِيسَهُ مِنْ وَسَطِهِ أَوْ دِرْهَمًا مِنْ كُمِّهِ لِيَحْفَظَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَحْفُوظًا بِصَاحِبِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ أَقَرَّ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ عَبْدِ رَجُلٍ خَطَأً وَكَذَّبَتْهُ عَاقِلَةُ الْمُقِرِّ فِي إقْرَارِهِ، ثُمَّ غَصَبَهُ رَجُلٌ مِنْ مَوْلَاهُ فَمَاتَ عِنْدَهُ فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْجَانِي قِيمَتَهُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ أَقْطَعَ فِي مَالِهِ حَالًّا وَضَمَّنَ الْجَانِي أَرْشَ يَدِهِ وَهُوَ نِصْفُ قِيمَتِهِ فِي مَالِهِ فَإِنْ ضَمَّنَ الْجَانِي قِيمَتَهُ بِإِقْرَارِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الْجَانِي عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ أَقْطَعَ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. غَصَبَ الْعَبْدَ الْمَدْيُونَ وَمَاتَ عِنْدَهُ فَلِأَرْبَابِ الدُّيُونِ مُطَالَبَتَهُ بِالْقِيمَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَسُئِلَ أَبُو حَامِدٍ عَنْ رَجُلٍ فِي يَدِهِ دَارٌ مَرْهُونَةٌ غَصَبَهَا مِنْهُ غَاصِبٌ هَلْ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمَدْيُونَ بِالدَّيْنِ فَقَالَ يُنْظَرُ إنْ أَبَاحَ لَهُ الِانْتِفَاعَ فَغُصِبَتْ فِي حَالَةِ الِانْتِفَاعِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ وَإِنْ غُصِبَتْ فِي غَيْرِ حَالَةِ الِانْتِفَاعِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْهَلَاكِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ غَصَبَ مِنْ الذِّمِّيِّ مُسْلِمٌ أَوْ سَرَقَ مِنْهُ يُعَاقَبُ الْمُسْلِمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمُخَاصَمَةُ الذِّمِّيِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَشَدُّ فَظِلَامَةُ الْكَافِرِ أَشَدُّ مِنْ ظِلَامَةِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَبَدًا وَيَقَعُ لَهُ التَّخْفِيفُ فِي النَّارِ بِالظِّلَامَاتِ الَّتِي لَهُ قِبَلَ النَّاسِ فَلَا يُرْجَى مِنْهُ أَنْ يَتْرُكَهَا وَالْمُسْلِمُ يُرْجَى مِنْهُ الْعَفْوُ وَإِذَا خَاصَمَ الْكَافِرُ لَا وَجْهَ أَنْ يُعْطَى ثَوَابَ طَاعَةِ الْمُؤْمِنِ وَلَا وَجْهَ أَنْ يُوضَعَ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَبَالُ كُفْرِهِ فَتَعَيَّنَ الْعُقُوبَةُ وَلِهَذَا قَالَ خُصُومَةُ الدَّابَّةِ عَلَى الْآدَمِيِّ أَشَدُّ مِنْ خُصُومَةِ الْآدَمِيِّ عَلَى الْآدَمِيِّ كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَسُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ زَعِيمِ الْقَوْمِ إذَا أَخَذَهُمْ لِيَأْخُذَ مِنْهُمْ أَشْيَاءَ ظُلْمًا فَاخْتَفَى الْقَوْمُ غَيْرَ وَاحِدٍ فَأَخَذَ مِنْهُ ذَلِكَ الزَّعِيمُ تِلْكَ الْجِبَايَةَ، ثُمَّ لَمَّا ظَهَرَ الْقَوْمُ جَعَلَ يُحِيلُ الرَّجُلَ عَلَى الْقَوْمِ بَدَلًا مِمَّا كَانَ أَخَذَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَخَذَ مِنْهُمْ مَا أَخَذَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الظُّلْمِ، ثُمَّ نَدِمَ هَلْ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْ الْقَوْمِ فَقَالَ نَعَمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَهَا حِنْطَةٌ رَبِيعِيَّةٌ فِي خَابِيَةٍ وَخَرِيفِيَّةٌ فِي أُخْرَى فَأَمَرَتْ أُخْتَهَا أَنْ تَدْفَعَ إلَى حَرَّاثِهَا الْخَرِيفِيَّةَ فَأَخْطَأَتْ فَدَفَعَتْ إلَيْهِ الرَّبِيعِيَّةَ، ثُمَّ أَرْسَلَتْ الْآمِرَةُ بِنْتَهَا مَعَ الْحَرَّاثِ لِتَنْقُلَ إلَيْهِ الْحِنْطَةَ لِلْبَذْرِ فَفَعَلَتْ وَبَذَرَهَا فَلَمْ تَنْبُتْ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا رَبِيعِيَّةٌ تَضْمَنُ أَيَّ الثَّلَاثَةِ شَاءَتْ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا أَخْطَأَتْ الْأُخْتُ صَارَتْ غَاصِبَةً وَالْبِنْتُ وَالْحَرَّاثُ غَاصِبَا الْغَاصِبَةِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَذَا حَسَنٌ دَقِيقٌ يَخْرُجُ مِنْهُ كَثِيرٌ مِنْ الْوَاقِعَاتِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَسُئِلَ أَبُو حَامِدٍ عَنْ مُسَافِرٍ حَلَّ أَمْتِعَتَهُ عَلَى سَفِينَةٍ لِيَذْهَبَ إلَى بَلْدَةٍ، ثُمَّ مَاتَ وَمَعَهُ ابْنُهُ فَأَخْرَجَ الِابْنُ تِلْكَ الْأَمْتِعَةَ مِنْ تِلْكَ السَّفِينَةِ إلَى سَفِينَةٍ أُخْرَى لِيَذْهَبَ لِيُسَلِّمَهَا إلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ وَأَخَذَ طَرِيقًا يَسْلُكُهُ النَّاسُ

غَيْرَ الطَّرِيقِ الَّذِي كَانَ الْمَيِّتُ عَلَى عَزْمٍ أَنْ يَذْهَبَ فِيهِ، ثُمَّ غَرِقَتْ السَّفِينَةُ وَمَاتَ الِابْنُ وَضَاعَتْ الْأَمْتِعَةُ هَلْ يَضْمَنُ الِابْنُ نَصِيبَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ فَقَالَ لَا. سُئِلَ عَنْهَا مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ إنْ كَانَ أَخْرَجَهَا إلَى سَفِينَةٍ أُخْرَى وَمَضَى بِهَا إلَى مَكَان آخَرَ سِوَى وَطَنِ الْوَرَثَةِ ضَمِنَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْجَامِعُ الْأَصْغَرُ ادْفَعْ هَذِهِ الْقُمْقُمَةَ إلَى أَحَدٍ مِنْ الصَّفَّارِينَ لِيُصْلِحَهَا فَدَفَعَهَا إلَى أَحَدٍ وَنَسِيَهُ لَمْ يَضْمَنْ كَالْمُودِعِ إذَا نَسِيَ الْوَدِيعَةَ أَنَّهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى صَاعِدٍ ادْفَعْ هَذَا الْغَزْلَ إلَى نَسَّاجٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ وَلَمْ يَقُلْ إلَى مَنْ شِئْت فَدَفَعَ وَهَرَبَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ لَا يَضْمَنُ وَهَذَا بِخِلَافِ أَمْرِ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ وَكَّلَ أَحَدًا حَيْثُ لَا يَصِحُّ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ لَوْ قَالَ وَكِّلْ مَنْ شِئْت، وَكَذَا الْخَلِيفَةُ إذَا قَالَ لِوَالِي الْبَلْدَةِ قَلِّدْ أَحَدًا الْقَضَاءَ لَا يَصِحُّ وَلَوْ قَالَ مَنْ شِئْت صَحَّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَسُئِلَ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ غَاصِبٍ نَدِمَ عَلَى مَا فَعَلَ وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ الْمَالَ إلَى صَاحِبِهِ وَقَعَ لَهُ الْيَأْسُ عَنْ وُجُودِ صَاحِبِهِ فَتَصَدَّقَ بِهَذَا الْعَيْنِ هَلْ يَجُوزُ لِلْفَقِيرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَذَا الْعَيْنِ؟ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْبَلَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى مَنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّمَا أَجَابَ بِهَذَا الْجَوَابِ زَجْرًا لَهُمْ كَيْ لَا يَتَسَاهَلُوا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ أَمَّا لَوْ سَلَكَ الطَّرِيقَ فِي مَعْرِفَةِ الْمَالِكِ فَلَمْ يَجِدْهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ اللُّقَطَةِ قِيلَ لَهُ إذَا لَمْ يَجُزْ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْغَاصِبِ فَلَمْ يَجِدْ الْغَاصِبَ وَهَذَا الْعَيْنُ يَهْلِكُ فِي الصَّيْفِ وَلَا يَبْقَى إلَى أَنْ يَجِدَ الْغَاصِبَ أَوْ يَرْجِعَ إلَى الْغَاصِبِ كَيْفَ يَفْعَلُ فَقَالَ يُمْسِكُهُ حَتَّى يُمْكِنَهُ حَتَّى إذَا خَافَ هَلَاكَهُ بَاعَهُ وَأَمْسَكَ ثَمَنَهُ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَى مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ الْعَيْنَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَجَّلَ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ، ثُمَّ رَجَعَ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ عَيْنًا وَدَيْنًا وَغَصْبًا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَلَمْ يَصِلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَى الْوَرَثَةِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ بِذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُمْ وَرِثُوا مِنْهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ إنْ تَوِيَ الدَّيْنُ وَتَمَّ التَّوَى قَبْلَ الْمَوْتِ فَالثَّوَابُ لَهُ؛ لِأَنَّ التَّاوِي لَا يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ فَإِنْ تَوِيَ بَعْدَهُ فَالثَّوَابُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي الْإِرْثُ فِيهِ لِقِيَامِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ نَسِيَهُ هَلْ يُؤَاخَذُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ جِهَةِ التِّجَارَةِ يُرْجَى أَنْ لَا يُؤَاخَذَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ يُؤَاخَذُ بِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ مَاتَ أَبُوهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَدْ نَسِيَهُ وَالِابْنُ يَعْلَمُ بِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّيهِ فَإِنْ نَسِيَ الِابْنُ حَتَّى مَاتَ هُوَ أَيْضًا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. سَرَقَ شَيْئًا مِنْ أَبِيهِ، ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ وَهُوَ ضَمَانُ الْمَسْرُوقِ انْتَقَلَ إلَيْهِ وَأَثِمَ بِالسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَتَقَاضَاهُ فَمَنَعَهُ ظُلْمًا حَتَّى مَاتَ صَاحِبُ الدَّيْنِ وَانْتَقَلَ إلَى الْوَارِثِ تَكَلَّمُوا فِيهِ قَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ: لَا يَكُونُ حَقُّ الْخُصُومَةِ لِلْأَوَّلِ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّ الدَّيْنَ لِلْوَارِثِ وَالْخُصُومَةَ فِي الظُّلْمِ بِالْمَنْعِ لِلْأَوَّلِ لَا فِي الدَّيْنِ إذْ الدَّيْنُ انْتَقَلَ إلَى الْوَارِثِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَبَلَغَهُ أَنَّ الْمَدْيُونَ قَدْ مَاتَ فَقَالَ جَعَلْته فِي حِلٍّ أَوْ قَالَ وَهَبْتُهُ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ حَيٌّ لَيْسَ لِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ؛ لِأَنَّهُ وَهَبَهُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ لَهُ خَصْمٌ فَمَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ يَتَصَدَّقُ عَنْ صَاحِبِ الْحَقِّ الْمَيِّتِ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ لِيَكُونَ وَدِيعَةً عِنْدَ اللَّهِ فَيُوصَلُ إلَى خُصَمَائِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى امْرَأَةٍ حَقٌّ فَلَهُ أَنْ يُلَازِمَهَا وَيَجْلِسَ مَعَهَا وَيَقْبِضَ عَلَى ثِيَابِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَرَامٍ فَإِنْ هَرَبَتْ وَدَخَلَتْ خَلْوَةً دَخَلَهَا إذَا كَانَ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَحْفَظُهَا بِعَيْنِهِ بُعْدًا مِنْهَا، قَطَعَ مَالَ رَجُلٍ ظُلْمًا فَالْأَفْضَلُ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُحْلِلْهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. دَيْنٌ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِيفَائِهِ كَانَ إبْرَاؤُهُ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي الْإِبْرَاءِ تَخْلِيصًا مِنْ الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ وَكَانَ فِيهِ ثَوَابٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. غَلِطَ النَّقَّاشُ وَنَقَشَ فِي الْخَاتَمِ اسْمَ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إصْلَاحُهُ ضَمِنَهُ عِنْدَ الثَّانِي وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ بِكُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ رَجُلَيْنِ لِيَجْمَعَا لَهُ عَلَفَ الْحِمَارِ وَدَفَعَ إلَيْهِمَا حِمَارَيْنِ فَأَخَذَ مُتَغَلِّبٌ حِمَارَيْهِمَا فَذَهَبَا وَاسْتَرَدَّا مِنْهُ، ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا سَلَّمَ الْحِمَارَيْنِ إلَى الْآخَرِ وَرَجَعَ، ثُمَّ إنَّ الْآخَرَ سَاقَ الْحِمَارَ فَهَلَكَ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّرِيكَ الدَّافِعَ إلَى الْآخَرِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ سَائِقَ الْحِمَارِ

لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُتَعَدٍّ بِالدَّفْعِ إلَى الْآخَرِ وَالثَّانِي مُتَعَدٍّ بِالسَّوْقِ بِدُونِ الْآخَرِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَسُئِلَ عَمَّنْ غَصَبَ عُلْوًا وَسُفْلًا مِنْ آخَرَ وَخَرِبَ الْعُلْوُ فَمَاذَا يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ؟ أَجَابَ: إنَّ الْمَالِكَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ النَّقْضَ عَلَى الْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَ الْبِنَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى أَبِي الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأُسْرُوشَنِيّ. رَجُلٌ غَصَبَ عُجُولًا وَاسْتَهْلَكَهُ فَيَبِسَ لَبَنُ أُمِّهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْعُجُولِ وَنُقْصَانَ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الْوَلَدِ أَوْجَبَ نُقْصَانَ الْأُمِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. غَصَبَ عَبْدًا فَشَدَّهُ بِحَبْلٍ فَقَتَلَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ بَاعَ أَثْوَابًا وَمَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الدُّيُونِ وَلَمْ يَدْعُ وَارِثًا ظَاهِرًا فَأَخَذَ السُّلْطَانُ دُيُونَهُ مِنْ الْغُرَمَاءِ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ وَارِثٌ كَانَ عَلَى الْغُرَمَاءِ أَدَاءُ الدُّيُونِ إلَى الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ الْوَارِثُ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلسُّلْطَانِ حَقُّ الْأَخْذِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي تَجْنِيسِ الْمُنْتَخَبِ وَلَوْ انْهَدَمَ جِدَارُ الْمَيِّتِ فَظَهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ فَأَخَذَهُ الْقَاضِي فَعَلِمَ بِذَلِكَ الظَّلَمَةُ فَدَفَعَ الْقَاضِي إلَيْهِمْ ضَمِنَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ بَعَثَ غُلَامًا صَغِيرًا فِي حَاجَةٍ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِ الْغُلَامِ فَرَأَى الْغُلَامُ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ فَانْتَهَى إلَيْهِمْ وَارْتَقَى بِسَطْحِ بَيْتٍ فَوَقَعَ وَمَاتَ ضَمِنَ الَّذِي بَعَثَهُ فِي حَاجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِالِاسْتِعْمَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَسُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ عَمَّنْ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الْغَيْرِ أَوْ جَارِيَةَ الْغَيْرِ فَأَبَقَ فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ (قَالَ) فَهُوَ ضَامِنٌ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ إذَا أَبِق مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ وَمَنْ اسْتَعْمَلَ عَبْدًا مُشْتَرَكًا أَوْ حِمَارًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ يَصِيرُ غَاصِبًا نَصِيبَ شَرِيكِهِ. فِي أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ فِي اسْتِعْمَالِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ أَنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا وَفِي الدَّابَّةِ يَصِيرُ غَاصِبًا فِي الرِّوَايَتَيْنِ رُكُوبًا وَحَمْلًا. (وَرَدَ فِي زَمَانِنَا مِنْ بَعْضِ الْبُلْدَانِ فَتْوَى) وَصُورَتُهَا رَجُلٌ كَانَ يَكْسِرُ الْحَطَبَ فَجَاءَ غُلَامُ رَجُلٍ وَقَالَ أَعْطِنِي الْقَدُومَ وَالْحَطَبَ حَتَّى أَكْسِرَ أَنَا فَأَبَى صَاحِبُ الْحَطَبِ ذَلِكَ فَأَخَذَ الْغُلَامُ الْقَدُومَ مِنْهُ وَأَخَذَ الْحَطَبَ وَكَسَرَ بَعْضَهُ وَقَالَ ائْتِ بِآخَرَ حَتَّى أَكْسِرَ فَأَتَى صَاحِبُ الْحَطَبِ بِحَطَبٍ آخَرَ فَكَسَرَهُ الْغُلَامُ فَأَصَابَ بَعْضُ مَا يَكْسِرُ مِنْ الْحَطَبِ عَيْنَ الْغُلَامِ وَذَهَبَتْ عَيْنُهُ فَأَفْتَى مَشَايِخُ بُخَارَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْحَطَبِ شَيْءٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. جَمَاعَةٌ فِي بَيْتِ إنْسَانٍ أَخَذَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِرْآةً وَنَظَرَ فِيهَا وَدَفَعَ إلَى آخَرَ فَنَظَرَ فِيهَا، ثُمَّ ضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ أَحَدٌ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِهِ دَلَالَةً حَتَّى لَوْ كَانَ شَيْئًا يَجْرِي الشُّحُّ بِاسْتِعْمَالِهِ يَكُونُ غَصْبًا، رَفَعَ قَدُومَ النَّجَّارِ وَهُوَ يَرَاهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَاسْتَعْمَلَهُ وَانْكَسَرَ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. بَعَثَ جَارِيَةً إلَى نَخَّاسٍ وَأَمَرَهُ بِبَيْعِهَا فَبَعَثَتْهَا امْرَأَةُ النَّخَّاسِ فِي حَاجَةٍ لَهَا فَهَرَبَتْ فَلِصَاحِبِ الْجَارِيَةِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَرْأَةَ دُونَ النَّخَّاسِ؛ لِأَنَّ النَّخَّاسَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ وَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ دَلَّالُ الثِّيَابِ كَذَا فِي الْكُبْرَى. فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ جَارِيَةٌ جَاءَتْ إلَى النَّخَّاسِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا وَطَلَبَتْ الْبَيْعَ وَذَهَبَتْ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَتْ وَقَالَ النَّخَّاسُ: رَدَدْتهَا عَلَى الْمَوْلَى فَالْقَوْلُ قَوْلُ النَّخَّاسِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ النَّخَّاسَ لَمْ يَأْخُذْ الْجَارِيَةَ وَمَعْنَى الرَّدِّ أَنَّهُ أَمَرَهَا بِالذَّهَابِ إلَى مَنْزِلِ الْمَوْلَى وَكَانَ النَّخَّاسُ مُنْكِرًا لِلْغَصْبِ أَمَّا إذَا أَخَذَ النَّخَّاسُ الْجَارِيَةَ مِنْ الطَّرِيقِ أَوْ ذَهَبَ بِهَا مِنْ مَنْزِلِ مَوْلَاهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا يُصَدَّقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَكِبَ دَابَّةَ الْغَيْرِ لَا بِإِذْنِهِ ثُمَّ نَزَلَ فَمَاتَتْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يُحَرِّكَهَا مِنْ مَوْضِعِهَا لِيَتَحَقَّقَ الْغَصْبُ بِالنَّقْلِ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلٌ قَعَدَ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةِ رَجُلٍ وَلَمْ يُحَرِّكْهَا وَلَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَعَقَرَ الدَّابَّةَ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي عَقَرَ دُونَ الَّذِي رَكِبَ إذَا لَمْ تَهْلِكْ مِنْ رُكُوبِهِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي رَكِبَ الدَّابَّةَ جَحَدَهَا وَمَنَعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا قَبْلَ أَنْ تُعْقَرَ وَلَمْ يُحَرِّكْهَا فَجَاءَ آخَرُ وَعَقَرَهَا فَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَكَذَا إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ دَارَ إنْسَانٍ وَأَخَذَ مَتَاعًا وَجَحَدَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهُ وَإِنْ لَمْ يَجْحَدْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِفِعْلِهِ أَوْ يُخْرِجَهُ مِنْ الدَّارِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ فَأَخْرَجَ مِنْهَا ثَوْبًا فَوَضَعَهُ فِي مَنْزِلٍ آخَرَ فَضَاعَ فِيهِ

الثَّوْبُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْمَنْزِلَيْنِ فِي الْحِرْزِ تَفَاوُتٌ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْكُبْرَى. رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلًا فِي مَفَازَةٍ وَمَعَهُ مَالٌ فَضَاعَ الْمَالُ ضَمِنَ الْمَالَ كَذَا ذَكَرَ فِي الْعُيُونِ وَأَفْتَى ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَهَذَا أَلْيَقُ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إصْطَبْلٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ بَقَرَةٌ دَخَلَ أَحَدُهُمَا الْإِصْطَبْلَ وَشَدَّ بَقَرَةَ صَاحِبِهِ كَيْ لَا تَضْرِبَ بَقَرَتَهُ فَتَحَرَّكَتْ الْبَقَرَةُ وَتَخَنَّقَتْ بِالْحَبْلِ وَمَاتَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَنْقُلْهَا مِنْ مَكَان إلَى مَكَان آخَرَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. السُّلْطَانُ إذَا أَخَذَ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ رَجُلٍ وَرَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ فَهَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ طَائِعًا يَضْمَنُ وَيَكُونُ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ بَيْنَ تَضْمِينِ السُّلْطَانِ وَالْمُرْتَهِنِ وَيُبْتَنَى عَلَى هَذَا الْجَانِي الَّذِي يُقَال لَهُ (بايكار) إذَا أَخَذَ شَيْئًا رَهْنًا وَهُوَ طَائِعٌ يَضْمَنُ، وَكَذَا الصَّرَّافُ إذَا كَانَ طَائِعًا فِيهِ يَضْمَنُ وَصَارَ الصَّرَّافُ وَالْجَانِي مَجْرُوحَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُهْتَرُ مَحَلَّةٍ إذَا أَخَذَ شَيْئًا وَهُوَ طَائِعٌ فِيهِ يَضْمَنُ فَإِنْ وَقَعَ وَرَهِنَ عِنْدَ آخَرَ وَالْمُرْتَهِنُ طَائِعٌ فَالْجَوَابُ كَمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَالِكَ بِالْخِيَارِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إذَا أَخَذَ الْقَلَنْسُوَةَ مِنْ رَأْسِ رَجُلٍ وَوَضَعَهَا عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ آخَرَ فَطَرَحَهَا الْآخَرُ مِنْ رَأْسِهِ فَضَاعَتْ فَإِنْ كَانَتْ الْقَلَنْسُوَةُ بِمَرْأَى عَيْنِ صَاحِبِهَا وَأَمْكَنَهُ رَفْعُهَا وَأَخْذُهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَصَاحِبُ الْقَلَنْسُوَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْآخِذَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الطَّارِحَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا صَلَّى الرَّجُلُ فَوَقَعَتْ قَلَنْسُوَتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَحَّاهَا رَجُلٌ إنْ نَحَّاهَا وَوَضَعَهَا حَيْثُ يَتَنَاوَلُهَا الْمُصَلِّي فَسُرِقَتْ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهَا تُعَدُّ فِي يَدَيْهِ وَإِنْ نَحَّاهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَضَاعَتْ إنْ كَانَتْ الْقَلَنْسُوَةُ بِمَرْأَى صَاحِبِهَا وَأَمْكَنَهُ رَفْعُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا ضَمَانَ عَلَى الطَّارِحِ وَإِلَّا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَفِي الْفَتَاوَى فِي الْبُيُوعِ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ أَخَذَ مِنْ الْفُقَّاعِيِّ كُوزًا لِيَشْرَبَ الْفُقَّاعَ أَوْ قَدَحًا فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ رَجُلٌ تَقَدَّمَ إلَى خَزَّافٍ وَأَخَذَ مِنْهُ غَضَارَةً بِإِذْنِهِ لِيَنْظُرَ فِيهَا فَوَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ عَلَى غَضَارَاتٍ أُخَرَ وَانْكَسَرَتْ الْغَضَارَاتُ فَلَا ضَمَانَ فِي الْمَأْخُوذَةِ وَيَجِبُ الضَّمَانُ فِي الْبَاقِيَاتِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. شَرَعَ فِي الْحَمَّامِ وَأَخَذَ فِنْجَانَةً وَأَعْطَاهَا غَيْرَهُ فَوَقَعَتْ فِي يَدِ الثَّانِي وَانْكَسَرَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى صَاحِبِ الدُّكَّانِ بِإِذْنِهِ فَتَعَلَّقَ بِثَوْبِهِ شَيْءٌ مِمَّا فِي دُكَّانِهِ فَسَقَطَ لَا يَضْمَنُ، لَكِنَّ تَأْوِيلَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ السُّقُوطُ بِفِعْلِهِ وَمَدِّهِ وَكَذَلِكَ إذَا أَخَذَ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِهِ مِمَّا فِي دُكَّانِهِ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ فَسَقَطَ لَا يَضْمَنُ وَيَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ إلَّا إذَا أَخَذَ بِإِذْنِهِ إمَّا صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً رَجُلٌ دَخَلَ مَنْزِلَ رَجُلٍ بِإِذْنِهِ وَأَخَذَ إنَاءً مِنْ بَيْتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ فَلَا ضَمَانَ مَا لَمْ يُحْجَرْ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ دَلَالَةً أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ كُوزَ مَاءٍ وَشَرِبَ مِنْهُ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ وَانْكَسَرَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكُبْرَى. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ عِنْده وَدِيعَةٌ لِرَجُلٍ وَهِيَ ثِيَابٌ فَجَعَلَ الْمُودَعَ فِيهَا ثَوْبًا لَهُ، ثُمَّ طَلَبَهَا صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ فَدَفَعَ كُلَّهَا إلَيْهِ فَضَاعَ ثَوْبُ الْمُودَعِ فَصَاحِبُ الْوَدِيعَةِ ضَامِنٌ لَهُ قَالَ ثَمَّةَ كُلِّ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَضَافَ رَجُلًا فَنَسِيَ الضَّيْفُ عِنْدَهُ ثَوْبًا فَأَتْبَعَهُ الْمُضِيفُ بِالثَّوْبِ فَغَصَبَ الثَّوْبَ غَاصِبٌ فِي الطَّرِيقِ إنْ غُصِبَ فِي الْمَدِينَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضِيفِ وَإِنْ غُصِبَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. تَعَلَّقَ رَجُلٌ بِرَجُلٍ وَخَاصَمَهُ فَسَقَطَ عَنْ الْمُتَعَلَّقِ بِهِ شَيْءٌ فَضَاعَ قَالُوا يَضْمَنُ الْمُتَعَلِّقُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ سَقَطَ بِقُرْبٍ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ وَصَاحِبُ الْمَالِ يَرَاهُ وَيُمْكِنُهُ

كتاب الشفعة وهو مشتمل على سبعة عشر بابا

أَنْ يَأْخُذَهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. بَعَثَ إلَى قَصَّارٍ لِيَأْخُذَ ثَوْبَهُ فَدَفَعَ الْقَصَّارُ بِالْغَلَطِ ثَوْبًا آخَرَ وَضَاعَ عِنْدَ الرَّسُولِ إنْ كَانَ ثَوْبَ الْقَصَّارِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ ثَوْبَ غَيْرِهِ خُيِّرَ مَالِكُهُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْقَصَّارِ وَالرَّسُولِ وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآخَرِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ بَعَثَهُ إلَى مَاشِيَتِهِ فَرَكِبَ هُوَ دَابَّةَ الْآمِرِ فَعَطِبَتْ فِي الطَّرِيقِ قَالَ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ فِي أَنْ يَفْعَلَ فِي مَالِهِ مِثْلَ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَ كَذَا فِي الْحَاوِي أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِمَارَ صَاحِبِهِ الْخَاصِّ وَطَحَنَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَأَكَلَ الْحِمَارُ الْحِنْطَةَ فِي الرَّحَى وَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَمْ يُعْجِبْنَا ذَلِكَ لِاعْتِقَادِنَا الْعُرْفَ بِخِلَافِهِ لَكِنْ عُرِفَ بِجَوَابِهِ هَذَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِيمَا يُوجَدُ الْإِذْنُ دَلَالَةً وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ صَرِيحًا حَتَّى لَوْ فَعَلَ الْأَبُ بِحِمَارِ وَلَدِهِ ذَلِكَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِحِمَارِ الْآخَرِ وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ لِلْإِذْنِ دَلَالَةً وَلَوْ أَرْسَلَ جَارِيَةَ زَوْجَتِهِ فِي شَأْنِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَأَبِقَتْ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. زِقٌّ انْفَتَحَ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَخَذَهُ، ثُمَّ تَرَكَهُ فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ إذَا رَأَى مَا وَقَعَ مِنْ كُمِّ إنْسَانٍ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. أَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَأَخْرَجَهَا صَاحِبُ الدَّارِ فَهَلَكَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَضَعَ ثَوْبًا فِي دَارِ رَجُلٍ فَرَمَى بِهِ وَالْمَالِكُ غَائِبٌ ضَمِنَ هَكَذَا فِي الْحَاوِي وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [كِتَابُ الشُّفْعَةِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الشُّفْعَةِ وَشَرْطِهَا وَصِفَتِهَا وَحُكْمِهَا] (كِتَابُ الشُّفْعَةِ) وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ بَابًا الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَشَرْطِهَا وَصِفَتِهَا وَحُكْمِهَا أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا فَهُوَ تَمَلُّكُ الْبُقْعَةِ الْمُشْتَرَاةِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَأَمَّا) (شَرْطُهَا) (فَأَنْوَاعٌ) مِنْهَا عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ وَهُوَ الْبَيْعُ أَوْ مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ بِمَا لَيْسَ بِبَيْعٍ وَلَا بِمَعْنَى الْبَيْعِ حَتَّى لَا تَجِبَ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ تَمَلُّكٌ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ مَا تَمَلَّك هُوَ فَإِذَا انْعَدَمَ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ فَلَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ بِالْقِيمَةِ أَوْ مَجَّانًا لَا سَبِيلَ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ لَمْ يَتَمَلَّكْ بِالْقِيمَةِ وَلَا إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْجَبْرَ عَلَى التَّبَرُّعِ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ فَامْتَنَعَ الْأَخْذُ أَصْلًا وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَإِنْ تَقَابَضَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَا شُفْعَةَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ وَلَوْ وَهَبَ عَقَارًا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْعِوَضِ، ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ عَوَّضَهُ مِنْ ذَلِكَ دَارًا فَلَا شُفْعَةَ فِي الدَّارَيْنِ لَا فِي دَارِ الْهِبَةِ، وَلَا فِي دَارِ الْعِوَضِ وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الدَّارِ الَّتِي هِيَ بَدَلُ الصُّلْحِ سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ الدَّارِ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ، وَكَذَا تَجِبُ فِي الدَّارِ الْمُصَالَحِ عَنْهَا عَنْ إقْرَارٍ وَأَمَّا عَنْ إنْكَارٍ فَلَا تَجِبُ بِهِ الشُّفْعَةُ وَلَكِنَّ الشَّفِيعَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُدَّعِي فِي إقَامِهِ الْحُجَّةِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ لِلْمُدَّعِي أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ، وَكَذَلِكَ لَا تَجِبُ فِي الدَّارِ الْمُصَالَحِ عَنْهَا عَنْ سُكُوتٍ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ شَرْطِهِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُودِ شَرْطِهِ وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مَنَافِعَ فَلَا شُفْعَةَ فِي الدَّارِ الْمُصَالَحِ عَنْهَا سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعِي الدَّارَ وَيُعْطِيَهُ دَارًا أُخْرَى فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ تَجِبُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الدَّارَيْنِ الشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ الْأُخْرَى وَإِنْ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الدَّارَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُمَا مِلْكُ الْمُدَّعِي. (وَمِنْهَا) (مُعَاوَضَةُ الْمَالِيِّ بِالْمَالِ) وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا صَالَحَ عَنْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَلَى دَارٍ لَا تَجِبُ وَلَوْ صَالَحَ عَنْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الْأَرْشَ دُونَ الْقِصَاصِ عَلَى دَارٍ تَجِبُ فِيهَا الشُّفْعَةُ، وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَلَى دَارٍ لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقَارُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ لَا يَحْتَمِلُهَا كَالْحَمَّامِ وَالرَّحَى وَالْبِئْرِ وَالنَّهْرِ وَالْعَيْنِ وَالدُّورِ الصِّغَارِ (وَمِنْهَا) زَوَالُ مِلْكِ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ فَإِذَا لَمْ تَزُلْ فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ كَمَا

فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ حَتَّى لَوْ أَسْقَطَ خِيَارَهُ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ. وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لِلشَّفِيعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فَإِنْ أَجَازَ الشَّفِيعُ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَإِنْ فَسَخَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَالْحِيلَةُ لِلشَّفِيعِ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَفْسَخَ وَلَا يُجِيزَ حَتَّى يُجِيزَ الْبَائِعُ أَوْ يَجُوزَ هُوَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَتَكُونُ لَهُ الشُّفْعَةُ وَخِيَارُ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ لَا يَمْنَعَانِ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ. (وَمِنْهَا زَوَالُ حَقِّ الْبَائِعِ) فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الشِّرَاءِ فَاسِدًا، وَلَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا بَيْعًا صَحِيحًا فَجَاءَ الشَّفِيعُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالْبَيْعِ الثَّانِي فَإِنْ أَخَذَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي أَخَذَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ أَخَذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَخَذَ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ يَوْمَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ كَالْمَغْضُوبِ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يُخَرَّجُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا شِرَاءً فَاسِدًا فَبَنَى عَلَيْهَا أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَثْبُتُ (وَمِنْهَا) مِلْكُ الشَّفِيعِ وَقْتَ الشِّرَاءِ فِي الدَّارِ الَّتِي يَأْخُذُ بِهَا الشُّفْعَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِدَارٍ يَسْكُنُهَا بِالْإِجَارَةِ أَوْ الْإِعَارَةِ وَلَا بِدَارٍ بَاعَهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَلَا بِدَارِ جَعَلَهَا مَسْجِدًا (وَمِنْهَا) ظُهُورُ مِلْكِ الشَّفِيعِ عِنْدَ الْإِنْكَارِ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ وَهُوَ الْبَيِّنَةُ أَوْ تَصْدِيقُهُ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ شَرْطٌ لِظُهُورِ الْحَقِّ لَا شَرْطٌ لِثُبُوتِهِ فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي كَوْنَ الدَّارِ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا مَمْلُوكَةً لِلشَّفِيعِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا تَكُونَ الدَّارُ الْمَشْفُوعَةُ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَجِبْ الشُّفْعَةُ (وَمِنْهَا) عَدَمُ الرِّضَا مِنْ الشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ أَوْ بِحُكْمِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً فَإِنْ رَضِيَ بِالْبَيْعِ أَوْ بِحُكْمِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ وَكَّلَهُ صَاحِبُ الدَّارِ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْمُضَارِبُ إذَا بَاعَ دَارًا مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا بِدَارٍ أُخْرَى لَهُ لَا شُفْعَةَ لِرَبِّ الدَّارِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الدَّارِ رِبْحٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رِبْحٌ وَإِسْلَامُ الشَّفِيعِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فَتَثْبُتُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَدَالَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَتَجِبُ الشُّفْعَةُ لِلْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ وَالنِّسْوَانِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَأَهْلِ الْبَغْيِ إلَّا أَنَّ الْخَصْمَ فِيمَا يَجِبُ لِلصَّبِيِّ أَوْ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ مِنْ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْجَدِّ أَبِي الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْقَاضِي وَوَصِيِّ الْقَاضِي هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَأَمَّا) (صِفَتُهَا) فَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءٍ مُبْتَدَأً فَكُلُّ مَا ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ نَحْوِ الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ وَمَا لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِالشَّرْطِ لَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ إلَّا بِالشَّرْطِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. (وَأَمَّا) (حُكْمُهَا) فَجَوَازُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا وَتَأَكُّدِهَا بَعْدَ الطَّلَبِ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ بِالْقَضَاءِ بِهَا وَبِالرِّضَا هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. قَالَ أَصْحَابُنَا الشُّفْعَةُ لَا تَجِبُ فِي الْمَنْقُولَاتِ مَقْصُودًا وَإِنَّمَا تَجِبُ تَبَعًا لِلْعَقَارِ وَإِنَّمَا تَجِبُ مَقْصُودًا فِي الْعَقَارَاتِ كَالدَّارِ وَالْكَرْمِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَرَاضِيِ وَتَجِبُ فِي الْأَرَاضِيِ الَّتِي تُمْلَكُ رِقَابُهَا حَتَّى إنَّ الْأَرَاضِيِ الَّتِي حَازَهَا الْإِمَامُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيَدْفَعُهَا إلَى النَّاسِ مُزَارَعَةً فَصَارَ لَهُمْ فِيهَا كِرْدَارٌ كَالْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ وَالْكَبْسِ إذَا كَبَسُوهَا بِتُرَابٍ نَقَلُوهُ مِنْ مَوَاضِعَ يَمْلِكُونَهَا فَلَوْ بِيعَتْ هَذِهِ الْأَرَاضِي فَبَيْعُهَا بَاطِلٌ وَبَيْعٌ الْكِرْدَارِ إنْ كَانَ مَعْلُومًا يَجُوزُ وَلَكِنْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَكَذَا الْأَرَاضِي الميانديهية إذَا كَانَتْ الْأَكَرَةُ يَزْرَعُونَهَا فَبَيْعُهَا لَا يَجُوزُ وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ بِحَقِّ الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ دَارِ الْوَقْفِ فَلَا شُفْعَةَ لِلْوَاقِفِ وَلَا يَأْخُذُهَا الْمُتَوَلِّي وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الدَّارُ وَقْفًا عَلَى رَجُلٍ لَا يَكُونُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الشُّفْعَةُ بِسَبَبِ هَذِهِ الدَّارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ دَارٌ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَلَوْ بَاعَ هُوَ عِمَارَتَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ أَيْضًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَفِي التَّجْرِيدِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ الْعَقَارِ كَالْأَوْقَافِ لَا شُفْعَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ الْبَيْعِ فِي الْوَقْفِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى بِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ أُخْرَى فَلَهُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا تَجِب الشُّفْعَةُ فِي دَارٍ جُعِلْت مَهْرَ امْرَأَةٍ أَوْ أُجْرَةً أَوْ عِوَضَ عِتْقٍ هَكَذَا

فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى، ثُمَّ بَاعَهَا دَارِهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ تَجِبُ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الدَّارِ أَوْ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى، ثُمَّ قَبَضَتْ الدَّارَ مَهْرًا فَلَا شُفْعَةَ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى، ثُمَّ بَاعَهَا بِذَلِكَ الْمَهْرِ دَارًا تَجِبُ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ وَفَرَضَ لَهَا الْقَاضِي مَهْرًا، ثُمَّ بَاعَهَا دَارًا بِذَلِكَ الْمَفْرُوضِ تَجِبُ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى دَارٍ عَلَى أَنْ تَرُدَّ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ أَلْفًا فَلَا شُفْعَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الدَّارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي حِصَّةِ الْأَلْفِ وَكَذَلِكَ لَوْ خَالَعَ الْمَرْأَةَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الزَّوْجُ عَلَيْهَا أَلْفًا فَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا صَالَحَ عَنْ دَمِ عَمْدٍ عَلَى دَارٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الدَّمِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَا شُفْعَةَ فِي الدَّارِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُ مِنْهَا جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ مِنْ شِجَاجِ الْعَمْدِ الَّتِي فِيهَا الْقَوَدُ وَإِنْ صَالَحَهُ مِنْ مُوضِحَتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَمْدٌ وَالْأُخْرَى خَطَأٌ عَلَى دَارٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُ الشَّفِيعُ نِصْفَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ مُوضِحَةِ الْخَطَأِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ مَهْرٍ وَفَرَضَ لَهَا دَارِهِ مَهْرًا أَوْ قَالَ صَالَحْتُك عَلَى أَنْ أَجْعَلَهَا لَك مَهْرًا أَوْ قَالَ أَعْطَيْتُك هَذِهِ الدَّارَ مَهْرًا فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِي هَذِهِ الْفُصُولِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا، ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهَا دَارًا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ قَالَ الزَّوْجُ جَعَلْتهَا مَهْرَك فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَإِنْ قَالَ جَعَلْتهَا بِمَهْرِك فَفِيهَا الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ بِنْتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ عَلَى دَارٍ فَطَلَبَهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ فَسَلَّمَهَا الْأَبُ لَهُ بِثَمَنٍ مُسَمًّى مَعْلُومٍ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ بِقِيمَةِ الدَّارِ فَهَذَا بَيْعٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْبِنْتُ كَبِيرَةً فَسَلَّمَتْ فَهُوَ بَيْعٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَإِنْ صَالَحَ مِنْ كَفَالَةٍ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى دَارٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِ رَجُلٍ فِي قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ مَالٍ فَفِي حُكْمِ الشُّفْعَةِ وَبُطْلَانِ الصُّلْحِ فِي الْكُلِّ سَوَاءٌ لَوْ صَالَحَ مِنْ الْمَالِ الَّذِي يَطْلُبُ بِهِ فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ يَبْرَأَ فُلَانٌ مِنْ الْمَالِ كُلِّهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ صُلْحَ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ الدَّيْنِ عَلَى مِلْكِهِ صَحِيحٌ كَصُلْحِ الْمَدْيُونِ وَإِنْ قَالَ أَقْبَضْتُكَهَا عَنْهُ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَمَنْ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ وَكَالْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ التَّاجِرِ إذَا وَهَبَ بِعِوَضٍ لَا يَصِحُّ وَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ دَارًا عَلَى أَنْ يَهَبَهُ الْآخَرُ أَلْفَ دِرْهَمٍ شَرْطًا فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيهِ مَا لَمْ يَتَقَابَضَا إنْ قَالَ قَدْ أَوْصَيْتُ بِدَارِي بَيْعًا لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَاتَ الْمُوصِي فَقَالَ الْمُوصَى لَهُ قَبِلْتُ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَإِنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِأَنْ تُوهَبَ لَهُ عَلَى عِوَضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَهَذَا وَمَا لَوْ بَاشَرَ الْهِبَةَ بِنَفْسِهِ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ وَإِنْ وَهَبَ نَصِيبًا مِنْ دَارٍ مُسَمًّى بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَتَقَابَضَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ الشُّفْعَةُ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الشُّيُوعُ فِي الْعِوَضِ فِيمَا يُقْسَمُ وَإِنْ وَهَبَ دَارَ الرَّجُلِ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَقَبَضَ كَانَ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَهَا بِشَرْطِ الْإِبْرَاءِ مِمَّا يَدَّعِي فِي هَذِهِ الدَّارِ الْأُخْرَى وَقَبَضَهَا فَهُوَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالشُّفْعَةِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفٍ فَصَالَحَ مِنْ عَيْبٍ بِهَا عَلَى جُحُودٍ مِنْهُ أَوْ إقْرَارٍ بِالْعَيْبِ عَلَى دَارٍ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ فِي الصُّلْحِ. وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ عَيْبٍ عَلَى الدَّارِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَالْقَوْلُ لِلْمُصَالَحِ فِي نُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ يُقِرُّ بِهِ أَوْ يَجْحَدُهُ فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى دَارٍ أَوْ اشْتَرَى بِهِ مِنْهُ دَارًا وَقَبَضَهَا فَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ فَإِنْ اخْتَلَفَ هُوَ وَالشَّفِيعُ فِي مَبْلَغِ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَجِنْسِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ فِي الثَّمَنِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْحَقُّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ مَثَلًا جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى لِنَفْسِهِ فِيهَا دَعْوَى فَصَالَحَهُ أَحَدُ شُرَكَاءِ الدَّارِ عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْمُدَّعِي لِهَذَا الْمُصَالَحِ خَاصَّةً فَطَلَبَ الشَّرِيكَانِ الْآخَرَانِ الشُّفْعَةَ فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارِ شُرَكَاءِ الدَّارِ بِأَنْ أَقَرَّ شُرَكَاءُ الدَّارِ بِمَا

ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْمُدَّعِي لَهُ خَاصَّةً كَانَ لَهُمْ الشُّفْعَةُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارِ الشُّرَكَاءِ فَلَا شُفْعَةَ وَإِنْ كَانَ الْمُصَالَحُ مُقِرًّا بِحَقِّ الْمُدَّعِي وَأَنْكَرَ الشَّرِيكَانِ الْآخَرَانِ حَقَّهُ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الشَّرِيكَ الْمُصَالَحَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي، وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرٍ أَثْبَتَ مِلْكَ بَائِعِهِ فِيمَا اشْتَرَى حَتَّى يَثْبُتَ شِرَاؤُهُ وَإِذَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ صَارَ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِ الشُّرَكَاءِ وَهُنَاكَ لِلشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَيْنِ حَقُّ الشُّفْعَةِ فَهَاهُنَا كَذَلِكَ، وَإِذَا ادَّعَى حَقًّا فِي دَارِ وَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى سُكْنَى دَارِ أُخْرَى فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِي الدَّارِ الَّتِي وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ ادَّعَى دَيْنًا أَوْ وَدِيعَةً أَوْ جِرَاحَةً خَطَأً فَصَالَحَهُ عَلَى دَارٍ أَوْ حَائِطٍ مِنْ دَارٍ فَلِلشَّفِيعِ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَإِذَا صَالَحَ مِنْ سُكْنَى دَارٍ أَوْصَى لَهُ بِهَا أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ عَلَى مَيِّتٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَضَعَ جُذُوعَهُ عَلَى حَائِطِهِ وَيَكُونَ لَهُ مَوْضِعُهَا أَبَدًا أَوْ سِنِينَ مَعْلُومَةً فَفِي الْقِيَاسِ هَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ مَعْلُومٌ عَيْنًا كَانَ أَوْ مَنْفَعَةً، وَلَكِنْ تَرَكَ هَذَا الْقِيَاسَ فَقَالَ: الصُّلْحُ بَاطِلٌ وَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيهَا وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ أَنْ يَصْرِفَ مَسِيلَ مَائِهِ إلَى دَارٍ لَمْ يَكُنْ لِجَارِ الدَّارِ أَنْ يَأْخُذَ مَسِيلَ مَائِهِ بِالشُّفْعَةِ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى طَرِيقٍ مَحْدُودٍ مَعْرُوفٍ فِي دَارٍ كَانَ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ وَلَيْسَ الطَّرِيقُ فِيهَا كَمَسِيلِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الطَّرِيقِ تُمْلَكُ فَيَكُونُ شَرِيكًا بِالطَّرِيقِ وَلَا يَكُونُ شَرِيكًا بِوَضْعِ الْجِذْعِ فِي الْحَائِطِ وَالْهَرَادِيّ وَمَسِيلِ الْمَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِمْلَاءِ رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِلشَّفِيعِ ثَلَاثًا قَالَ إنْ قَالَ الشَّفِيعُ أَمْضَيْتُ الْبَيْعَ عَلَى أَنَّ آخُذَ بِالشُّفْعَةِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَخْذَ الشُّفْعَةِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ بَاعَ دَارِهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ حَاضِرٌ فَضَمِنَ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ جِهَةِ الشَّفِيعِ قَدْ تَمَّ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي الدَّارَ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الشَّفِيعُ الدَّرَكَ عَنْ الْبَائِعِ، وَالشَّفِيعُ حَاضِرٌ فَضَمِنَ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ أَبَدًا لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ فَإِنْ أَبْطَلَ الْمُشْتَرِي خِيَارَهُ وَاسْتَوْجَبَ الْبَيْعَ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ شَهْرًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ أَبْطَلَ الْمُشْتَرِي خِيَارَهُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ حَتَّى انْقَلَبَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَجَبَتْ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ، وَلَوْ بَاعَهُ بِخِيَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ زَادَهُ ثَلَاثَةً أُخْرَى وَقَدْ كَانَ الشَّفِيعُ طَلَبَ الشُّفْعَةَ وَقْتَ الْبَيْعِ أَخَذَهَا إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ الْأُولَى وَإِذَا رَدَّهَا أَحَدُ الْجَارَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ أَخَذَهَا الْجَارُ الْآخَرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِعَدَدٍ بِعَيْنِهِ وَشَرَطَ فِيهِ الْخِيَارَ لِأَحَدِهِمَا إنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِبَائِعِ الدَّارِ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ قَبْلَ تَمَامِ الْبَيْعِ سَوَاءٌ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي الدَّارِ أَوْ فِي الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ ثَلَاثًا لِمُشْتَرِي الدَّارِ فَلِلشَّفِيعِ فِيهِ الشُّفْعَةُ فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهَا فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ لَهُ فَإِنْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ وَأَبْطَلَ خِيَارَهُ سَلَّمَ الْعَبْدَ لِلْبَائِعِ فَإِنْ أَبَى أَنْ يُسَلِّمَ الْبَيْعَ أَخَذَ عَبْدَهُ وَدَفَعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الشَّفِيعِ إلَى الْبَائِعِ وَلَا يَكُونُ أَخْذُ الشَّفِيعِ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ اخْتِيَارًا مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِسْقَاطًا لِخِيَارِهِ فِي الْعَبْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهَا الْمُشْتَرِي فَذَلِكَ اخْتِيَارٌ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَيُسَلِّمَ الْعَبْدَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَرَدَّ الْمُشْتَرِي الدَّارَ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَةِ الْعِوَضِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِبَائِعِ الدَّارِ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ فَلِلْبَائِعِ فِيهَا حَقُّ الشُّفْعَةِ فَإِذَا أَخَذَهَا كَانَ هَذَا مِنْهُ نَقْضًا لِلْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ هَذِهِ الدَّارِ كَانَ لَهُ فِيهَا الشُّفْعَةُ فَإِذَا أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ كَانَ هَذَا مِنْهُ إجَازَةٌ لِلْبَيْعِ فَإِذَا جَاءَ الشَّفِيعُ وَأَخَذَ مِنْهُ الدَّارَ الْأُولَى بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الثَّانِيَةِ

سَبِيلَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَمَلَّكُهَا الْآنَ فَلَا يَصِيرُ بِهَا جَارًا لِلدَّارِ الْأُخْرَى مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ دَارٌ إلَى جَنْبِهَا وَالدَّارُ الثَّانِيَةُ سَالِمَةٌ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ أَخْذَ الشَّفِيعِ مِنْ يَدِهِ لَا يَنْفِي مِلْكَهُ مِنْ الْأَصْلِ وَلِهَذَا كَانَتْ عُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَبَيَّنُ بِهِ انْعِدَامُ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ حِينَ أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا اشْتَرَى دَارًا وَلَمْ يَكُنْ رَآهَا، ثُمَّ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ دَلَالَةُ الرِّضَا وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا يَبْطُلُ بِالرِّضَا دَلَالَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الْعَقَارَ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِمْ بِالْقِسْمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بِغَيْرِ قَضَائِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَا شُفْعَةَ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي مِمَّا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ أَوْ لَا يَمْلِكُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْمُشْتَرَى أَوْ لَمْ يَقْبِضْ وَهَذَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فِي الِابْتِدَاءِ أَمَّا إذَا فَسَدَ بَعْدَ انْعِقَادِهِ صَحِيحًا فَحَقُّ الشَّفِيعِ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ إذَا اشْتَرَى مِنْ نَصْرَانِيٍّ دَارًا بِخَمْرٍ وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ قَبَضَ الدَّارَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْخَمْرَ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ فَسَدَ الْبَيْعُ، الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الدَّارَ الْمُشْتَرَاةَ شِرَاءً فَاسِدًا حَتَّى صَارَتْ مِلْكًا لَهُ فَبِيعَتْ دَارٌ أُخْرَى بِجَنْبِ هَذِهِ الدَّارِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الدَّارَ الثَّانِيَةَ حَتَّى اسْتَرَدَّ الْبَائِعُ مِنْهُ مَا اشْتَرَى لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَخَذَهَا، ثُمَّ اسْتَرَدَّ الْبَائِعُ بِحُكْمِ الْفَسَادِ فَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مَاضٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ اشْتَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى بِيعَتْ دَارٌ إلَى جَنْبِهَا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ هَذِهِ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى فِي مِلْكِهِ بَعْدُ فَيَكُونُ جَارًا بِمِلْكِهِ لِلدَّارِ الْأُخْرَى، ثُمَّ إنْ سَلَّمَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَلَا شُفْعَةَ فِيهَا لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ جِوَارَهُ حَادِثٌ بَعْدَ بَيْعِ تِلْكَ الدَّارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا شِرَاءً فَاسِدًا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا أَمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِبَقَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ فِيهَا وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَلِاحْتِمَالِ الْفَسْخِ فَإِنْ بَنَى فِيهَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهَا وَتَجِبُ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّهُ فِي الِاسْتِرْدَادِ فَلَا يَجِبُ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْمُرَ الْمُشْتَرِي بِهَدْمِ الْبِنَاءِ فَإِنْ اتَّخَذَهَا الْمُشْتَرِي مَسْجِدًا فَعَلَى هَذَا، الْخِلَافُ، وَقِيلَ يَنْقَطِعُ حَقُّهُ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَسْلَمَ دَارًا فِي مِائَةِ قَفِيزٍ حِنْطَةً وَسَلَّمَهَا فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى افْتَرَقَا بَطَلَ السَّلَمُ وَالشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ، وَلَوْ تَنَاقَضَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَهُ بِهِ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَسْخٍ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ بَلْ بَيْعٌ جَدِيدٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا ثُمَّ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْوَصِيَّةِ، ثُمَّ بِيعَتْ الدَّارُ بِجَنْبِهَا فَادَّعَى الْوَرَثَةُ شُفْعَتَهَا فَلَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَبُولِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ دَارِهِ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهَا لِآخَرَ فَبِيعَتْ الدَّارُ بِجَنْبِهَا فَشُفْعَتُهَا لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. سُفْلٌ لِرَجُلٍ وَفَوْقَهُ عُلْوٌ لِغَيْرِهِ بَاعَ صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ فَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ بَاعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ عُلْوَهُ فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ الشُّفْعَةُ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ طَرِيقُ الْعُلْوِ فِي السُّفْلِ كَانَ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَ طَرِيقُ الْعُلْوِ فِي السِّكَّةِ الْعُظْمَى كَانَ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْجِوَارِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ صَاحِبُ الْعُلْوِ السُّفْلَ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى انْهَدَمَ الْعُلْوُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَبْطُلُ، وَلَوْ بِيعَ السُّفْلُ، وَالْعُلْوُ مُنْهَدِمٌ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ وَعِنْدَ مُحَمَّدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ قَرَارِ الْبِنَاءِ لَا بِسَبَبِ نَفْسِ الْبِنَاءِ وَحَقُّ قَرَارِ الْعُلْوِ بَاقٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ السُّفْلُ لِرَجُلٍ وَعُلْوُهُ لِآخَرَ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَالشُّفْعَةُ لَهُمَا فَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ قَبْلَ أَخْذِ الشُّفْعَةِ فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِقِيَامِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ وَهُوَ الْأَرْضُ وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ لِزَوَالِ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الشُّفْعَةُ لَهُمَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ قَائِمٌ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَبْنِي الْعُلْوَ إذَا بَنَى صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ وَلَهُ أَنْ يَبْنِيَ السُّفْلَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَبْنِيَ عَلَيْهِ الْعُلْوَ وَيَمْنَعُ صَاحِبَ السُّفْلِ عَنْ الِانْتِفَاعِ حَتَّى يُعْطِيَهُ حَقَّهُ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلَانِ اشْتَرَيَا دَارًا وَأَحَدُهُمَا شَفِيعُهَا

الباب الثاني في بيان مراتب الشفعة

فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيمَا صَارَ لِلْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَتِمُّ إلَّا بِقَبُولِ الشَّفِيعِ الْبَيْعَ لِنَفْسِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ آجَرَ دَارِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ شَفِيعُهَا فَالْبَيْعُ مَوْقُوفٌ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ لِقِيَامِ الْإِجَارَةِ، فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ نَفَذَ فِي حَقِّهِ، وَكَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ لِوُجُودِ سَبَبِهَا، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ لَكِنْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اشْتَرَى أَرْضًا مَبْذُورَةً فَنَبَتَ الزَّرْعُ وَحَصَدَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ أَخَذَ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً فَيَرْجِعُ بِحِصَّتِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى نَخْلًا لِيَقْطَعَهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهُ مُطْلَقًا فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِأُصُولِهَا وَمَوَاضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ فَفِيهَا الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى زَرْعًا أَوْ رَطْبَةً لِيَجُذَّهَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ شُفْعَةٌ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا مَعَ الْأَرْضِ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ فِي الْكُلِّ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لَا شُفْعَةَ فِي الزَّرْعِ وَإِذَا اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا شَجَرٌ صِغَارٌ فَكَبُرَتْ فَأَثْمَرَتْ أَوْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ فَأُدْرِكَ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا اشْتَرَى الْبِنَاءَ لِيَقْلَعَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيهِ فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِأَصْلِهِ فَلِلشَّفِيعِ فِيهِ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى نَصِيبَ الْبَائِعِ مِنْ الْبِنَاءِ وَهُوَ النِّصْفُ فَلَا شُفْعَةَ فِي هَذَا وَالْبَيْعُ فِيهِ فَاسِدٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْبِنَاءُ كُلُّهُ لِإِنْسَانٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا اشْتَرَى نَخْلًا لِيَقْطَعَهَا ثُمَّ اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ الْأَرْضَ وَتَرَكَ النَّخْلَ فِيهَا فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِي النَّخْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ لِيَجُذَّهَا وَالْبِنَاءَ لِيَهْدِمَهُ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَرْضَ لَمْ تَكُنْ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ إلَّا فِي الْأَرْضِ خَاصَّةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . وَلَوْ اشْتَرَى بَيْتًا وَرَحَى مَاءٍ فِيهِ وَنَهْرَهَا وَمَتَاعَهَا فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ فِي الْبَيْتِ وَفِي جَمِيعِ مَا كَانَ مِنْ آلَاتِ الرَّحَى الْمُرَكَّبَةِ بِبَيْتِ الرَّحَى لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِبَيْتِ الرَّحَى وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى الْحَمَّامَ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ الْحَمَّامَ مَعَ آلَاتِهَا الْمُرَكَّبَةِ مِنْ الْقِدْرِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَأْخُذُ مَا كَانَ مُزَايِلًا لِلْبَيْتِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَالْحَمَّامَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا الْحَجَرَ الْأَعْلَى مِنْ الرَّحَى فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَكَّبًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى أَجَمَةً فِيهَا قَصَبٌ وَسَمَكٌ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ صَيْدٍ أَخَذَ الْأَجَمَةَ وَالْقَصَبَ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ يَأْخُذْ السَّمَكَ وَإِذَا اشْتَرَى عَيْنًا أَوْ نَهْرًا أَوْ بِئْرًا بِأَصْلِهَا فَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ عَيْنَ قِيرٍ أَوْ نَفْطٍ أَوْ مَوْضِعِ مِلْحٍ أَخَذَ جَمِيعَ ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ لِوُجُودِ الِاتِّصَالِ مَعْنًى إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي قَدْ حَمَلَ ذَلِكَ مِنْ مَوْضِعِهِ فَلَا يَأْخُذُ مَا حُمِلَ مِنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي التَّفْرِيدِ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مَا دَخَلَ فِي الْبِنَاءِ وَالْكَنِيفِ وَكُلَّ شَيْءٍ أَمَّا الظُّلَّةُ إنْ كَانَ مِفْتَحُهَا فِي الدَّارِ فَعِنْدُهُمَا تَدْخُلُ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ قَالَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا تَدْخُلُ، وَإِلَّا فَلَا، وَالثَّمَرُ وَالشَّجَرُ وَالزَّرْعُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَدْخُلَ الثَّمَرُ مِنْ غَيْرِ الذِّكْرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اشْتَرَى كَرْمًا وَلَهُ شَفِيعٌ غَائِبٌ فَأَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ فَأَكَلَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ الْغَائِبُ وَأَخَذَ الْكَرْمَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ وَقْتَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي ذَاتَ وَرْدٍ وَلَمْ يَبْدُ الطَّلْعُ مِنْ الْوَرْدِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَدَأَ الطَّلْعُ وَقْتَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْكَرْمَ يَسْقُطُ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْكَرْمَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لَا قِيمَةَ لَهُ فَأَدْرَكَ الزَّرْعَ وَحَصَدَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَأَخَذَ الْأَرْضَ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْمُكَاتَبُ إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى دَارًا وَالْمَوْلَى شَفِيعُهَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى دَارًا وَمُكَاتَبُهُ شَفِيعُهَا كَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَرَاتِبِ الشُّفْعَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ) (مَرَاتِبِ الشُّفْعَةِ) أَسْبَابُ الشُّفْعَةِ إذَا اجْتَمَعَتْ يُرَاعَى فِيهَا التَّرْتِيبُ فَيُقَدَّمُ الْأَقْوَى فَالْأَقْوَى فَيُقَدَّمُ الشَّرِيكُ عَلَى الْخَلِيطِ

وَالْخَلِيطُ عَلَى الْجَارِ فَإِنْ سَلَّمَ الشَّرِيكُ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْخَلِيطِ وَإِذَا اجْتَمَعَ خَلِيطَانِ يُقَدَّمُ الْأَخَصُّ ثُمَّ الْأَعَمُّ وَإِنْ سَلَّمَ الْخَلِيطُ وَجَبَتْ لِلْجَارِ وَهَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ سَبَبٌ صَالِحٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ إلَّا أَنَّهُ يُرَجَّحُ الْبَعْضُ عَلَى الْبَعْضِ لِقُوَّتِهِ فِي التَّأْثِيرِ فَإِذَا سَلَّمَ الشَّرِيكُ الْتَحَقَتْ شَرِكَتُهُ بِالْعَدَمِ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فَيُرَاعَى التَّرْتِيبُ فِي الْبَاقِي كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ الْخَلْطَةُ وَالْجِوَارُ ابْتِدَاءً وَبَيَانُ هَذَا دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ طَرِيقُهَا مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَالشُّفْعَةُ لِشَرِيكِهِ فَإِنْ سَلَّمَ فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ السِّكَّةِ كُلُّهُمْ يَسْتَوِي فِيهَا الْمُلَاصِقُ وَغَيْرُ الْمُلَاصِقِ لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ خُلَطَاءَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ سَلَّمُوا فَالشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَلَوْ انْشَعَبَتْ مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ سِكَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ نَافِذَةٍ فَبِيعَتْ دَارٌ فِيهَا فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ هَذِهِ السِّكَّةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ خُلْطَةَ أَهْلِ هَذِهِ السِّكَّةِ أَخَصُّ مِنْ خُلْطَةِ أَهْلِ السِّكَّةِ الْعُلْيَا وَإِنْ بِيعَتْ دَارٌ فِي السِّكَّةِ الْعُلْيَا فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ السِّكَّةِ الْعُلْيَا وَأَهْلِ السِّكَّةِ السُّفْلَى؛ لِأَنَّ خُلْطَتَهُمْ فِي السِّكَّةِ الْعُلْيَا سَوَاءٌ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَهْلُ الدَّرْبِ يَسْتَحِقُّونَ الشُّفْعَةَ بِالطَّرِيقِ إنْ كَانَ مِلْكَهُمْ أَوْ كَانَ فِنَاءً غَيْرَ مَمْلُوكٍ وَإِنْ كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً فَبِيعَتْ دَارٌ فِيهَا فَلَا شُفْعَةَ إلَّا لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَكَذَلِكَ دَارَانِ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ نَافِذٌ غَيْرُ مَمْلُوكٍ فَبِيعَتْ إحْدَاهُمَا فَلَا شُفْعَةَ إلَّا لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا فَهِيَ فِي حُكْمِ غَيْرِ النَّافِذِ، وَالطَّرِيقُ النَّافِذُ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ مَا لَا يَمْلِكُ أَهْلُهُ سَدَّهُ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ النَّهْرُ إذَا كَانَ صَغِيرًا تُسْقَى مِنْهُ أَرْضُونَ مَعْدُودَةٌ أَوْ كُرُومٌ مَعْدُودَةٌ فَبِيعَتْ أَرْضٌ مِنْهَا أَوْ كَرْمٌ إنْ كَانَ الشُّرَكَاءُ كُلُّهُمْ شُفَعَاءَ يَسْتَوِي الْمُلَاصِقُ وَغَيْرُ الْمُلَاصِقِ وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ كَبِيرًا فَالشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَاخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَانَ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ فَهُوَ كَبِيرٌ وَإِنْ كَانَ لَا تَجْرِي فَهُوَ صَغِيرٌ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ عَبْدُ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيُّ أَرَادَ بِالسُّفُنِ هَاهُنَا الشَّمَّارِيَّاتِ الَّتِي هِيَ أَصْغَرُ السُّفُنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ نُزِعَ مِنْ هَذَا النَّهْرِ نَهْرٌ آخَرُ فِيهِ أَرْضُونَ أَوْ بَسَاتِينُ أَوْ كُرُومٍ فَبِيعَتْ أَرْضٌ أَوْ بُسْتَانٌ شُرْبُهُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ النَّازِعِ فَأَهْلُ هَذَا النَّهْرِ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ النَّهْرِ الْكَبِيرِ وَلَوْ بِيعَتْ أَرْضٌ عَلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ كَانَ أَهْلُهُ وَأَهْلُ النَّهْرِ النَّازِعِ فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءً، لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الشُّرْبِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ كَانَ فِنَاءٌ مُنْفَرِجٌ عَنْ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ أَوْ زُقَاقٌ أَوْ دَرْبٌ غَيْرُ نَافِذٍ فِيهِ دُورٌ فَبِيعَتْ دَارٌ مِنْهَا فَأَصْحَابُ الدُّورِ شُفَعَاءُ جَمِيعًا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ عَبْدُ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا كَانَ الْفِنَاءُ مُرَبَّعًا فَأَمَّا إذَا كَانَ مُدَوَّرًا فَالشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُلَازِقِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. بَيْتٌ فِي دَارٍ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَالْبَيْتُ لِاثْنَيْنِ وَالدَّارُ لِقَوْمٍ فَبَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْبَيْتِ فَالشُّفْعَةُ أَوَّلًا لِلشَّرِيكِ فِي الْبَيْتِ فَإِنْ سَلَّمَ فَلِلشَّرِيكِ الدَّارُ، فَإِنْ سَلَّمَ فَلِأَهْلِ السِّكَّةِ الْكُلُّ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنْ سَلَّمُوا فَلِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَهُوَ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ هَذِهِ الدَّارِ وَبَابُ دَارِهِ فِي سِكَّةٍ أُخْرَى فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ لِهَذِهِ الدَّارِ الَّتِي هَذَا الْبَيْتُ هُوَ فِيهَا جِيرَانٌ مُلَازِقُونَ فَاَلَّذِي هُوَ مُلَازِقُ هَذَا الْبَيْتِ الْمَبِيعِ وَاَلَّذِي هُوَ مُلَازِقُ لِأَقْصَى الدَّارِ لَا لِهَذَا الْبَيْتِ فِي الشُّفْعَةِ عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ مِنْ إنْسَانٍ فَالشُّفْعَةُ أَوَّلًا لِلشَّرِيكِ فِي الدَّارِ فَإِنْ سَلَّمَ فَلِلشَّرِيكِ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ فَإِنْ سَلَّمَ فَلِأَهْلِ السِّكَّةِ الْكُلُّ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنْ سَلَّمُوا فَلِلْجَارِ الَّذِي يَكُونُ ظَهْرُ هَذِهِ الدَّارِ إلَى دَارِهِ وَبَابُ تِلْكَ الدَّارِ فِي سِكَّةٍ أُخْرَى فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ ثُمَّ الْجَارُ الَّذِي هُوَ مُؤَخَّرٌ عَنْ الشَّرِيكِ فِي الطَّرِيقِ هُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ شَرِيكًا فِي الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ تَحْتَ الْحَائِطِ الَّذِي هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَمَّا إذَا كَانَ شَرِيكًا فِيهِ لَا يَكُونُ مُؤَخَّرًا بَلْ يَكُونُ مُقَدَّمًا وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ أَرْضٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ غَيْرَ مَقْسُومَةٍ بَنَيَا فِي وَسَطِهَا حَائِطًا ثُمَّ اقْتَسَمَا الْبَاقِي فَيَكُونُ الْحَائِطُ وَمَا تَحْتَ الْحَائِطِ مِنْ الْأَرْضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَكَانَ هَذَا الْجَارُ شَرِيكًا فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ أَمَّا إذَا اقْتَسَمَا الْأَرْضَ وَخَطَّا خَطًّا فِي وَسَطِهَا ثُمَّ أَعْطَى كُلٌّ مِنْهُمَا شَيْئًا حَتَّى بَنَيَا حَائِطًا فَكُلٌّ مِنْهُمَا جَارٌ لِصَاحِبِهِ فِي الْأَرْضِ شَرِيكٌ فِي الْبِنَاءِ لَا غَيْرُ، وَالشَّرِكَةُ فِي الْبِنَاءِ لَا تُوجِبُ الشُّفْعَةُ

وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ الشَّرِيكَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي تَحْتَ الْحَائِطِ يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى الْجَارِ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَقَالَ الْكَرْخِيُّ وَأَصَحُّ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الشَّرِيكَ فِي الْحَائِطِ أَوْلَى بِبَقِيَّةِ الدَّارِ مِنْ الْجَارِ قَالَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَسَائِلُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّرِيكَ فِي الْحَائِطِ أَوْلَى فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَائِطٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ خَشَبَةٌ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا إلَّا بِالْخَشَبَةِ فَبِيعَتْ إحْدَى الدَّارَيْنِ قَالَ فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ الْجَارِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَتَهُ لَمْ أَجْعَلْهُ شَرِيكًا وَقَوْلُهُ أَحَقُّ مِنْ الْجَارِ أَيْ أَحَقُّ بِالْجَمِيعِ لَا بِالْحَائِطِ وَهَذَا مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْإِطْلَاقِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ سَلَّمَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْجَارِ حَقُّ الشُّفْعَةِ إذَا كَانَ الْجَارُ قَدْ طَلَب الشُّفْعَةَ حِينَ سَمِعَ الْبَيْعَ أَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ حَتَّى سَلَّمَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ دَارٌ كَبِيرَةٌ فِيهَا مَقَاصِيرُ بَاعَ صَاحِبُ الدَّارِ مَقْصُورَةً أَوْ قِطْعَةً مَعْلُومَةً أَوْ بَيْتًا فَلِجَارِ الدَّارِ الشُّفْعَةُ فِيهَا كَانَ جَارًا مِنْ أَيِّ نَوَاحِيهَا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مِنْ جُمْلَةِ الدَّارِ وَالشَّفِيعَ جَارُ الدَّارِ فَكَانَ جَارًا لِلْمَبِيعِ فَإِنْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَقْصُورَةَ أَوْ الْقِطْعَةَ الْمَبِيعَةَ لَمْ تَكُنْ الشُّفْعَةُ إلَّا لِجَارِهَا لِأَنَّ الْمَبِيعَ صَارَ مَقْصُودًا وَمُفْرَدًا بِالْمِلْكِ فَخَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَعْضَ الدَّارِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. سُفْلٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا عَلِيَّةٌ عُلْوٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَبَاعَ الَّذِي لَهُ نَصِيبٌ فِي السُّفْلِ وَالْعُلْوُ نَصِيبُهُ فَلِشَرِيكِهِ فِي السُّفْلِ الشُّفْعَةُ فِي السُّفْلِ وَلِشَرِيكِهِ فِي الْعُلْوِ الشُّفْعَةُ فِي الْعُلْوِ وَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ فِي السُّفْلِ فِي الْعُلْوِ وَلَا لِشَرِيكِهِ فِي الْعُلْوِ فِي السُّفْلِ؛ لِأَنَّ شَرِيكَهُ فِي السُّفْلِ جَارٌ لِلْعُلْوِ وَشَرِيكٌ فِي حُقُوقِ الْعُلْوِ إنْ كَانَ طَرِيقُ الْعُلْوِ فِيهِ وَشَرِيكُهُ فِي الْعُلْوِ جَارٌ لِلسُّفْلِ أَوْ شَرِيكٌ فِي الْحُقُوقِ إذَا كَانَ طَرِيقُ الْعُلْوِ فِي تِلْكَ فَكَانَ الشَّرِيكُ فِي عَيْنِ الْبُقْعَةِ أَوْلَى وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عُلْوٌ عَلَى دَارِهِ، وَطَرِيقُهُ فِيهَا وَبَقِيَّةُ الدَّارِ لِآخَر فَبَاعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ الْعُلْوَ بِطَرِيقِهِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ الشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلَوْ كَانَ طَرِيقُ هَذَا الْعُلْوِ فِي دَارِ رَجُلٍ آخَرَ فَبِيعَ الْعُلْوُ فَصَاحِبُ الدَّارِ الَّتِي فِيهَا الطَّرِيقُ أَوْلَى بِشُفْعَةِ الْعُلْوِ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ الَّتِي عَلَيْهَا الْعُلْوُ، فَإِنْ سَلَّمَ صَاحِبُ الطَّرِيقِ الشُّفْعَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعُلْوِ جَارٌ مُلَازِقٌ أَخَذَهُ صَاحِبُ الدَّارِ الَّتِي عَلَيْهَا الْعُلْوُ بِالْجِوَارِ وَإِنْ كَانَ لِلْعُلْوِ جَارٌ مُلَازِقٌ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ مَعَ صَاحِبِ السُّفْلِ لِأَنَّهُمَا جَارَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَارُ الْعُلْوِ مُلَازِقًا وَبَيْنَ الْعُلْوِ وَبَيْنَ مَسْكَنِهِ طَائِفَةٌ مِنْ الدَّارِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَلَوْ وَبَاعَ صَاحِبُ السُّفْلِ السُّفْلَ كَانَ صَاحِبُ الْعُلْوِ شَفِيعًا وَلَوْ بِيعَتْ الدَّارُ الَّتِي فِيهَا طَرِيقُ الْعُلْوِ فَصَاحِبُ الْعُلْوِ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ الدَّارِ مِنْ الْجَارِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا حَائِطٌ فِي الدَّارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَبَاعَ الَّذِي لَهُ شِرْكَةٌ فِي الْحَائِطِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ وَالْحَائِطِ فَالشَّرِيكُ فِي الدَّارِ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ الدَّارِ وَالشَّرِيكُ فِي الْحَائِطِ أَوْلَى بِالْحَائِطِ وَهُوَ جَارٌ فِي بَقِيَّةِ الدَّارِ وَكَذَلِكَ دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا بِئْرٌ فِي الدَّارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَبَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ وَالْبِئْرِ فَالشَّرِيكُ فِي الدَّارِ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ الدَّارِ وَالشَّرِيكُ فِي الْبِئْرِ أَحَقُّ بِالْبِئْرِ وَهُوَ جَارٌ لِبَقِيَّةِ الدَّارِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ إلَّا مَوْضِعَ بِئْرٍ أَوْ طَرِيقٍ فِيهَا فَبَاعَ الشَّرِيكُ فِي الْجَمِيعِ نَصِيبَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ فَالشَّرِيكُ الَّذِي لَهُ فِي جَمِيعِ الدَّارِ نَصِيبٌ أَحَقُّ مِنْ الْآخَرِ الَّذِي لَهُ فِي بَعْضِ الدَّارِ نَصِيبٌ فَإِنَّ شِرْكَتَهُ أَعَمُّ وَمَنْ يَكُونُ أَقْوَى فَهُوَ مُقَدَّمٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. صَاحِبُ الطَّرِيقِ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ مِنْ صَاحِبِ مَسِيلِ الْمَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعُ مَسِيلِ الْمَاءِ مِلْكًا لَهُ وَصُورَةُ هَذَا إذَا بِيعَتْ دَارٌ وَلِرَجُلٍ فِيهَا طَرِيقٌ وَلِلْآخَرِ فِيهَا مَسِيلُ الْمَاءِ فَصَاحِبُ الطَّرِيقِ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ مِنْ صَاحِبِ مَسِيلِ الْمَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَارٌ فِيهَا ثَلَاثَةُ بُيُوتٍ بَيْتٌ فِي أَوَّلِ الدَّارِ ثُمَّ الْبَيْتُ الثَّانِي بِجَنْبِ هَذَا الْبَيْتِ ثُمَّ الْبَيْتُ الثَّالِثُ بِجَنْبِ الثَّانِي كُلُّ بَيْتٍ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَبَاعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَيْتَهُ إنْ كَانَ طَرِيقُ الْبُيُوتِ فِي الدَّارِ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِلْبَاقِينَ بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَتْ أَبْوَابُ الْبُيُوتِ فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ لَا فِي الدَّارِ فَإِنْ بِيعَ الْبَيْتُ الْأَوْسَطُ فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ وَإِنْ بِيعَ الْبَيْتُ الْأَعْلَى كَانَتْ الشُّفْعَةُ

لِصَاحِبِ الْأَوْسَطِ وَإِنْ بِيعَ الْأَسْفَلُ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ الْأَوْسَطِ لَا غَيْرُ. ثَلَاثَةُ بُيُوتٍ فِي دَارٍ، كُلُّ وَاحِدٍ فَوْقَ الْآخَرَ، كُلُّ وَاحِدٍ لِإِنْسَانٍ فَبَاعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَيْتَهُ فَإِنْ كَانَ طَرِيقُ الْكُلِّ فِي الدَّارِ فَلِلْبَاقِيَيْنِ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي الشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَتْ أَبْوَابُ الْبُيُوتِ فِي السِّكَّةِ، فَإِنْ بَاعَ الْأَوْسَطُ فَلِلْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ أَنْ يَأْخُذَا الشُّفْعَةَ وَإِنْ بَاعَ الْأَعْلَى فَالْأَوْسَطُ أَوْلَى وَإِنْ بَاعَ الْأَسْفَلُ فَالْأَوْسَطُ أَيْضًا أَوْلَى هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. دَارٌ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَبْيَاتٍ وَلَهَا سَاحَةٌ وَالسَّاحَةُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ وَالْبُيُوتُ بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ فَبَاعَ أَحَدُ مَالِكِي الْبُيُوتِ نَصِيبَهُ مِنْ الْبُيُوتِ وَالسَّاحَةِ مِنْ شَرِيكِهِ فِي الْبُيُوتِ وَالسَّاحَةِ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِمَا فِي السَّاحَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. دَارٌ لِرَجُلٍ فِيهَا بَيْتٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَبَاعَ الرَّجُلُ الدَّارَ فَطَلَبَ الْجَارُ الشُّفْعَةَ وَطَلَبَهَا الشَّرِيكُ فِي الْبَيْتِ فَصَاحِبُ الشَّرِكَةِ فِي الْبَيْتِ أَوْلَى بِالْبَيْتِ وَبَقِيَّةُ الدَّارِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اشْتَرَى حَائِطًا بِأَرْضِهِ ثُمَّ اشْتَرَى مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ طَلَبَ جَارُ الْحَائِطِ الشُّفْعَةَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِي الْحَائِطِ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِي بَقِيَّةِ الدَّارِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. دَرْبٌ غَيْرُ نَافِذٍ فِيهِ دُورٌ لِقَوْمٍ بَاعَ رَجُلٌ مِنْ أَرْبَابِ تِلْكَ الدُّورِ بَيْتًا شَارِعًا فِي السِّكَّةِ الْعُظْمَى وَلَمْ يَبِعْ طَرِيقُهُ فِي الدَّرْبِ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ مُشْتَرِي الْبَيْتِ بَابًا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَلِأَصْحَابِ الدَّرْبِ الشُّفْعَةُ لِشَرِكَتِهِمْ فِي الطَّرِيقِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَإِنْ سَلَّمُوهَا ثُمَّ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْبَيْتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ لِأَهْلِ الدَّرْبِ لِانْعِدَامِ شَرِكَتِهِمْ فِي الطَّرِيقِ وَقْتَ الْبَيْعِ الثَّانِي فَتَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُلَازِقِ وَهُوَ صَاحِبُ الدَّارِ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ قِطْعَةً مِنْ الدَّارِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ فِي الدَّرْبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. دَرْبٌ غَيْرُ نَافِذٍ فِي أَقْصَاهُ مَسْجِدُ خُطَّةٍ وَبَابُ الْمَسْجِدِ فِي الدَّرْبِ وَظَهْرُ الْمَسْجِدِ أَوْ جَانِبُهُ الْآخَرُ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَهَذَا دَرْبٌ نَافِذٌ لَوْ بِيعَتْ فِيهِ دَارٌ لَا شُفْعَةَ إلَّا لِلْجَارِ وَأَرَادَ بِمَسْجِدِ الْخُطَّةِ الَّذِي اخْتَطَّهُ الْإِمَامُ حِينَ قَسَّمَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا كَانَ خُطَّةً، وَظَهْرُهُ إلَى طَرِيقِ الْأَعْظَمِ وَلَيْسَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ دُورٌ تَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَهَذَا الدَّرْبُ بِمَنْزِلَةِ دَرْبٍ نَافِذٍ وَلَوْ كَانَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ دُورٌ تَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ كَانَ لِأَهْلِ الدَّرْبِ الشُّفْعَةُ بِالشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الدَّرْبَ لَا يَكُونُ نَافِذًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدُ الْخُطَّةِ فِي الْأَقْصَى لَكِنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ السِّكَّةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَوَّلِ السِّكَّةِ إلَى مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ نَافِذًا لَا تَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ إلَّا لِلْجَارِ الْمُلَازِقِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ يَكُونُ غَيْرَ نَافِذٍ حَتَّى كَانَ لِأَهْلِ تِلْكَ السِّكَّةِ كُلِّهِمْ الشُّفْعَةُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَسْجِدُ خُطَّةً بِأَنْ اشْتَرَى أَهْلُ الدَّرْبِ مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِهِ دَارًا فِي أَقْصَى الدَّرْبِ ظَهْرَهَا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَجَعَلُوهَا مَسْجِدًا وَجَعَلُوا فِي الدَّرْبِ بَابَهُ وَلَمْ يَجْعَلُوا لَهُ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ بَابًا أَوْ جَعَلُوا ثُمَّ بَاعَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الدَّرْبِ دَارِهِ فَلِأَهْلِ الدَّرْبِ الشُّفْعَةُ بِالشَّرِكَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ خَانٌ فِيهِ مَسْجِدٌ أَفْرَزَهُ صَاحِبُ الْخَانِ وَأَذِنَ لِلنَّاسِ بِالتَّأْذِينِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ فَفَعَلُوا حَتَّى صَارَ مَسْجِدًا ثُمَّ بَاعَ صَاحِبُ الْخَانِ كُلَّ حُجْرَةٍ فِي الْخَانِ مِنْ رَجُلٍ حَتَّى صَارَ دَرْبًا ثُمَّ بِيعَتْ مِنْهَا حُجْرَةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الشُّفْعَةُ لِجَمِيعِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَارٌ فِيهَا طَرِيقٌ إلَى الدَّرْبِ وَيَخْرُجُ مِنْ بَابٍ آخَرَ مِنْهَا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَإِنْ كَانَ طَرِيقًا لِلنَّاسِ فَلَا شُفْعَةَ لِأَهْلِ الدَّرْبِ؛ لِأَنَّ السِّكَّةَ نَافِذَةٌ وَإِنْ كَانَ طَرِيقًا لِأَهْلِ الدَّرْبِ خَاصَّةً فَهُمْ شُفَعَاءُ لِأَنَّ السِّكَّةَ غَيْرَ نَافِذَةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا الزُّقَيْقَاتُ الَّتِي ظَهْرُهَا وَادٍ فَلَا تَخْلُو مِنْ وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ مَوْضِعُ الْوَادِي مَمْلُوكًا فِي الْأَصْلِ وَأَحْدَثُوا الْوَادِيَ فَهَذَا وَالْمَسْجِدُ الَّذِي أَحْدَثُوا فِي أَقْصَى السِّكَّةِ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ وَادِيًا كَذَلِكَ فَهُوَ وَمَسْجِدُ الْخُطَّةِ سَوَاءٌ هَكَذَا حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ يَقُولُ الزُّقَيْقَاتُ الَّتِي عَلَى ظَهْرِهَا وَادٍ بِبُخَارَى إذَا بِيعَ فِي زَقِيقَةٍ مِنْهَا دَارٌ فَأَهْلُ الزُّقَيْقَةِ كُلُّهُمْ شُفَعَاءُ وَلَا يُجْعَلُ ذَلِكَ كَالطَّرِيقِ النَّافِذِ فَكَأَنَّهُ عَرَفَ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَام الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجْعَلُ حُكْمَ هَذِهِ الزُّقَيْقَاتِ حُكْمَ السِّكَكِ النَّافِذَةِ قِيلَ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَاسَ السِّكَكُ الَّتِي فِي أَقْصَاهَا الْوَادِي بِبُخَارَى وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيُبْنَى أَمْرُ الشُّفْعَةِ عَلَى النَّفَاذِ الْحَادِثِ وَعَلَى نَفَاذِ الْخُطَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ إذَا بِيعَتْ دَارٌ فِيهَا فَالشُّفْعَةُ لِجَمِيعِ أَهْلِ السِّكَّةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُدَوَّرَةِ

وَالْمُعْوَجَّةِ وَالْمُسْتَقِيمَةِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ فِيهَا عَطْفٌ مُدَوَّرٌ يُرِيدُ بِالْعَطْفِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (خُمّ كَرِدِّ) وَفِي الْعَطْفِ مَنَازِلُ فَبَاعَ رَجُلٌ مَنْزِلًا فِي أَعْلَى السِّكَّةِ أَوْ أَسْفَلِهَا أَوْ فِي الْعَطْفِ فَالشُّفْعَةُ لِجَمِيعِ الشُّرَكَاءِ وَإِنْ كَانَ الْعَطْفُ مُرَبَّعًا بِأَنْ تَكُونَ سِكَّةً مَمْدُودَةً فِي كُلِّ جَانِبٍ مِنْهَا زُقَيْقَةٌ وَفِي السِّكَّةِ دُورٌ وَفِي الزَّقِيقَتَيْنِ دُورٌ فَبَاعَ رَجُلٌ فِي الْعَطْفِ مَنْزِلًا فَالشُّفْعَةُ لِأَصْحَابِ الْعَطْفِ دُونَ أَصْحَابِ السِّكَّةِ وَلَوْ بَاعَ رَجُلٌ فِي السِّكَّةِ دَارًا كَانُوا فِيهَا جَمِيعًا شُرَكَاءَ فِي الشُّفْعَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ بِالْعَطْفِ الْمُدَوَّرِ لَا تَصِيرُ السِّكَّةُ فِي حُكْمِ السِّكَّتَيْنِ أَلَا يُرَى أَنَّ هَيْئَاتِ الدُّورِ فِي هَذَا الْعَطْفِ لَا تَتَغَيَّرُ فَكَانَتْ سِكَّةً وَاحِدَةَ أَمَّا الْعَطْفُ الْمُرَبَّعُ يَصِيرُ فِي حُكْمِ سِكَّةٍ أُخْرَى أَلَا يُرَى أَنَّ هَيْئَاتِ الدُّورِ فِي هَذَا الْعَطْفِ تَتَغَيَّرُ فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ سِكَّةٍ فِي سِكَّةٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سِكَّةٌ تَذْهَبُ طُولًا وَفِي أَسْفَلِهَا سِكَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ نَافِذَةٍ بَيْنَهُمَا حَاجِزُ دَرْبٍ وَلَا حَقَّ لِأَهْلِ السِّكَّةِ الْأُولَى فِيهَا فَبِيعَتْ دَارٌ مِنْ السِّكَّةِ الْعُلْيَا فَلِأَهْلِ السُّفْلَى الشُّفْعَةُ لِشَرِكَتِهِمْ وَلَوْ بِيعَتْ مِنْ السُّفْلَى فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِهَا خَاصَّةً وَكَذَا إذَا كَانَ فِيهَا زَائِغَةٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي دَرْبٍ فِيهِ زَائِغَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ لِجَمِيعِ الدَّرْبِ بِيعَتْ دَارٌ فِي هَذِهِ الزَّائِغَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الدَّرْبُ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الشُّفْعَةِ وَإِذَا كَانَ دَرْبٌ مُسْتَطِيلٌ فِيهِ زَائِغَةٌ لَيْسَتْ عَلَى مَا وَصَفْت لَك وَلَكِنَّهَا تُشْبِهُ السِّكَّةَ فَأَهْلُ تِلْكَ الزَّائِغَةِ شُرَكَاءُ فِي دُورِهِمْ وَلَا يُشْرِكُهُمْ أَهْلُ الدَّرْبِ فِي الشُّفْعَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ وَهُمْ شُرَكَاءُ فِي زَائِغَتِهِمْ دُونَ أَهْلِ الدَّرْبِ فِي الذَّخِيرَةِ. هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اشْتَرَى بَيْتًا مِنْ دَارٍ إلَى جَنْبِ دَارِهِ وَفَتَحَ بَابَهُ إلَى دَارِهِ ثُمَّ بَاعَ هَذَا الْبَيْتَ وَحْدَهُ فَجَاءَ جَارُ هَذَا الرَّجُلِ وَطَلَبَ هَذَا الْبَيْتَ بِالشُّفْعَةِ قَالَ إنْ كَانَ سَدُّ بَابِ هَذَا الْبَيْتِ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ وَفُتِحَ فِي هَذِهِ الدَّارِ حَتَّى عُدَّ الْبَيْتُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيهِ وَفِي الشُّفْعَةِ لِلْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ سِكَّةٌ غَيْرٌ نَافِذَةٍ فِيهَا عَطْفَةٌ مُنْفَرِدَةٌ نَفَذَتْ هَذِهِ الْعَطْفَةُ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ إلَى هَذِهِ السِّكَّةِ الَّتِي فِيهَا الْعَطْفَةُ فَبِيعَتْ دَارٌ فِي هَذِهِ الْعَطْفَةِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا إلَّا لِمَنْ دَارُهُ لَزِيقُ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَلَوْ لَمْ تَنْفُذْ هَذِهِ الْعَطْفَةُ إلَى السِّكَّةِ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِجَمِيعِ أَهْلِ هَذِهِ الْعَطْفَةِ فَإِنْ سَلَّمُوا الشُّفْعَةَ لَيْسَ لِأَهْلِ السِّكَّةِ الشُّفْعَةُ فِيهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَارٌ بِيعَتْ وَلَهَا بَابَانِ فِي زُقَاقَيْنِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ دَارَيْنِ بَابُ إحْدَاهُمَا فِي زُقَاقٍ وَبَابُ الْأُخْرَى فِي زُقَاقٍ آخَرَ فَاشْتَرَاهُمَا رَجُلٌ وَاحِدٌ وَرَفَعَ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا حَتَّى صَارَتْ كُلُّهَا دَارًا وَاحِدَةً فَلِأَهْلِ كُلِّ زُقَاقٍ أَنْ يَأْخُذَ الْجَانِبَ الَّذِي يَلِيه وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ دَارًا وَاحِدَةً وَلَهَا بَابَانِ فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ الزُّقَاقَيْنِ فِي جَمِيعِ الدَّارِ بِالسَّوِيَّةِ وَنَظِيرُ هَذَا الزُّقَاقِ إذَا كَانَ فِي أَسْفَلِهَا زُقَاقٌ آخَرُ إلَى جَمِيعِ الْجَانِبِ الْآخَرَ فَرَفَعَ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا حَتَّى صَارَ الْكُلُّ سِكَّةً وَاحِدَةً كَانَ لِأَهْلِ كُلِّ زُقَاقٍ شُفْعَةٌ فِي الزُّقَاقِ الَّذِي لَهُمْ خَاصَّةً وَلَا شُفْعَةَ لَهُمْ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ وَكَذَا سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ رَفَعَ الْحَائِطَ مِنْ أَسْفَلِهَا حَتَّى صَارَتْ نَافِذَةً فَهُمْ فِيهَا شُرَكَاءُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي آخِرِ شُفْعَةِ الْأَصْلِ دَارٌ فِيهَا حُجَرٌ، وَحُجْرَةٌ مِنْهَا بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْحُجْرَةِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَتْ الْحُجْرَةُ مَقْسُومَةً بَيْنَهُمَا فَالشُّفْعَةُ لِلشُّرَكَاءِ فِي طَرِيقِ الدَّارِ لَا لِلشَّرِيكِ فِي الْحُجْرَةِ فَإِنْ سَلَّمَ شُرَكَاءُ الطَّرِيقِ فِي الدَّارِ الشُّفْعَةَ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُلَازِقِ بِالدَّارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى قَوْمٌ أَرْضًا فَاقْتَسَمُوهَا دُورًا وَتَرَكُوا مِنْهَا سِكَّةً مَمْشَى لَهُمْ وَهِيَ سِكَّةٌ مَمْدُودَةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ فَبِيعَتْ دَارٌ مِنْ أَقْصَاهَا فَهُمْ جَمِيعًا شُرَكَاءُ فِي شُفْعَتِهَا وَمَنْ كَانَتْ دَارُهُ أَسْفَلَ مِنْ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ أَوْ أَعْلَى فِي الشُّفْعَةِ هُنَا سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا وَرِثُوا الدُّورَ عَنْ آبَائِهِمْ كَذَلِكَ وَلَا يَعْرِفُونَ كَيْفَ كَانَ أَصْلُهَا فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ فِي الْبِنَاءِ وَغَيْرِهِ. وَإِذَا اشْتَرَى بَيْتًا مِنْ دَار عُلْوُهُ لِآخَرَ وَطَرِيقُ الْبَيْتِ الَّذِي اشْتَرَى فِي دَارٍ أُخْرَى فَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ لِلَّذِي فِي دَارِهِ الطَّرِيقُ فَإِنْ سَلَّمَ صَاحِبُ الدَّارِ فَحِينَئِذٍ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ الشُّفْعَةُ بِالْجِوَارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ بِالْعُرُوضِ. وَإِذَا كَانَ لِلدَّارِ جَارَانِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ فَخَاصَمَ الْحَاضِرُ إلَى قَاضٍ لَا يَرَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ فَأَبْطَلَ شُفْعَتَهُ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَخَاصَمَهُ إلَى قَاضٍ يَرَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ قَضَى لَهُ بِجَمِيعِ الدَّارِ وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي الْأَوَّلُ قَدْ قَالَ أَبْطَلَتْ

كُلَّ الشُّفْعَةِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الدَّارِ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَةُ الْغَائِبِ. كَذَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. دَارٌ وَرِثَتْهَا جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِيهِمْ مَاتَ بَعْضُ وَلَدِ أَبِيهِمْ وَتَرَكَ نَصِيبَهُ مِيرَاثًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ وَهُمْ ثَلَاثَةُ بَنِينَ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْهَا فَشُرَكَاؤُهُ فِي مِيرَاثِ أَبِيهِمْ وَهُمْ أَبْنَاءُ الْمَيِّتِ الثَّانِي وَشُرَكَاءُ الْأَبِ وَهُمْ أَوْلَادُ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ شُفَعَاءُ فِيهَا لَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ قَوْمٌ وَرِثُوا دَارًا فِيهَا مَنَازِلُ وَاقْتَسَمُوهَا فَأَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَنْزِلًا فَرَفَعُوا فِيمَا بَيْنُهُمْ الطَّرِيقَ فَبَاعَ بَعْضُ مَنْ صَارَ لَهُ مَنْزِلٌ مَنْزِلَهُ وَسَلَّمَ الَّذِينَ لَهُمْ الْمَنَازِلُ فِي الدَّارِ الشُّفْعَةَ كَانَ لِلْجَارِ الشُّفْعَةُ إذَا كَانَ لَزِيقَ الْمَنْزِلِ الَّذِي بِيعَ وَإِنْ كَانَ لَزِيقَ الطَّرِيقِ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَلَيْسَ بِلَزِيقِ الْمَنْزِلِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَنْزِلَ بِطَرِيقِهِ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَزِيقَ الْمَنْزِلِ وَلَا لَزِيقَ الطَّرِيقِ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَكَانَ لَزِيقَ مَنْزِلٍ آخَرَ مِنْ الدَّارِ فَلَا شُفْعَةَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ كَمَا تَجِبُ لِجِيرَانِ الْمَبِيعِ تَجِبُ لِجِيرَانِ حَقِّ الْمَبِيعِ أَيْضًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي كِتَابِ الشُّرْبِ لِأَبِي عَمْرٍو الطَّبَرِيِّ دَارٌ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَبْيَاتٍ وَكُلُّ بَيْتٍ لِرَجُلِ عَلَى حِدَةٍ وَطَرِيقُ كُلِّ بَيْتٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَطَرِيقُ هَذِهِ الدَّارُ فِي دَارٍ أُخْرَى وَطَرِيقُ تِلْكَ الدَّارِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ بِيعَ بَيْتٌ مِنْ الْبُيُوتِ الَّتِي فِي الدَّارِ الدَّاخِلَةِ كَانَ صَاحِبُ الْبَيْتَيْنِ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ الْخَارِجَةِ فَإِنْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْخَارِجَةِ فَإِنْ سَلَّمَ هُوَ أَيْضًا فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ السِّكَّةِ. أَرْضٌ بَيْنَ قَوْمٍ اقْتَسَمُوهَا بَيْنَهُمْ وَرَفَعُوا طَرِيقًا بَيْنَهُمْ وَجَعَلُوهَا نَافِذَةً ثُمَّ بَنَوْا دُورًا يَمْنَةً وَيَسِرَةً وَجَعَلُوا أَبْوَابَ الدُّورِ شَارِعَةً إلَى السِّكَّةِ فَبَاعَ بَعْضُهُمْ دَارًا فَالشُّفْعَةُ بَيْنَهُمْ سَوَاءٌ وَإِنْ قَالُوا جَعَلْنَاهَا طَرِيقًا لِلْمُسْلِمِينَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ أَيْضًا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى دَارًا فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى دَارًا أُخْرَى فِي تِلْكَ السِّكَّةِ كَانَ لِأَهْلِ السِّكَّةِ أَنْ يَأْخُذُوا الْأُولَى بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَكُنْ شَفِيعًا وَقْتَ الشِّرَاءِ الْأَوَّلِ ثُمَّ صَارَ هُوَ شَفِيعًا مَعَ أَهْلِ السِّكَّةِ فِي الدَّارِ الثَّانِيَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ فَاشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَلِلْجَارِ أَنْ يَأْخُذَ الثُّلُثَ الْأَوَّلَ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ سَبِيلٌ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ فَاشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ الثَّلَاثَةِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَالرَّابِعُ غَائِبٌ ثُمَّ حَضَرَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ الْأَوَّلِ وَهُوَ فِي نَصِيبِ الْآخَرَيْنِ شَرِيكٌ وَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ نَصِيبَ الِاثْنَيْنِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ ثُمَّ حَضَرَ الرَّابِعُ كَانَ شَرِيكًا فِي النَّصِيبَيْنِ جَمِيعًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْهَارُونِيِّ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ اشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ اشْتَرَى نَصِيبَ آخَرَ ثُمَّ جَاءَ الثَّالِثُ الَّذِي لَمْ يَبِعْ نَصِيبَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ النَّصِيبَيْنِ جَمِيعًا بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الثَّالِثُ حَتَّى جَاءَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَطَلَبَ مِنْهُ الشُّفْعَةَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَيَقْضِي لَهُ بِهَا فَيَصِيرُ لَهُ النَّصِيبَانِ جَمِيعًا فَإِنْ جَاءَ الثَّالِثُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ غَائِبًا وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ أَخَذَ جَمِيعَ مَا اشْتَرَاهُ الْأَوَّلُ وَنِصْفَ مَا اشْتَرَاهُ الثَّانِي وَلَوْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَا اشْتَرَاهُ الثَّانِي قَضَى لِلثَّالِثِ بِالنَّصِيبَيْنِ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لِرَجُلٍ مَسِيلُ مَاءٍ فِي دَارٍ بِيعَتْ كَانَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ بِالْجِوَارِ لَا بِالشَّرِكَةِ وَلَيْسَ الْمَسِيلُ كَالشُّرْبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ لِرَجُلِ فِي أَرْضٍ لِرَجُلٍ عَلَيْهِ رَحَى مَاءٍ فِي بَيْتٍ فَبَاعَ صَاحِبُ النَّهْرِ النَّهْرَ وَالرَّحَى وَالْبَيْتَ فَطَلَبَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الشُّفْعَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ أَرْضِهِ وَبَيْنَ مَوْضِعِ الرَّحَى أَرْضٌ لِرَجُلٍ وَكَانَ جَانِبُ النَّهْرِ الْآخَرُ لِرَجُلٍ آخَرَ فَطَلَبَ الشُّفْعَةَ فَلَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْجِوَارِ إلَى النَّهْرِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ إلَى الرَّحَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. نَهْرٌ كَبِيرٌ كَدِجْلَةَ يَجْرِي لِقَوْمٍ مِنْهُ نَهْرٌ صَغِيرٌ فَصَارَ تَشْرَبُ أَرَاضِيهمْ مِنْ هَذَا النَّهْرِ الصَّغِيرِ فَبَاعَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا النَّهْرِ الصَّغِيرِ أَرْضَهُ بِشُرْبِهَا كَانَ لِلَّذِينَ شُرْبُهُمْ مِنْ هَذَا النَّهْرِ الصَّغِيرِ أَنْ يَأْخُذُوا تِلْكَ الْأَرْضَ بِالشُّفْعَةِ أَقْصَاهُمْ وَأَدْنَاهُمْ فِيهَا سَوَاءٌ فَإِنْ كَانَتْ مَعَ الْأَرْضِ الَّتِي بِيعَتْ قِطْعَةٌ أُخْرَى لَزِيقَةٌ بِهَذِهِ الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ، وَشُرْبُ هَذِهِ الْقِطْعَةِ مِنْ النَّهْرِ الْكَبِيرِ فَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ الْقِطْعَةِ مَعَ الَّذِينَ شُرْبُهُمْ مِنْ النَّهْرِ الصَّغِيرِ وَفِي كِتَابِ هِلَالٍ الْبَصْرِيِّ فِي نَهْرِ مُلْتَوٍ بِيعَ فِيهِ أَرْضُونَ

الباب الثالث في طلب الشفعة

خَلْفَ الِالْتِوَاءِ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ الِالْتِوَاءُ بِتَرْبِيعٍ فَهُوَ كَنَهْرَيْنِ فَتَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلشُّرَكَاءِ فِي الشُّرْبِ إلَى مَوْضِعِ الِالْتِوَاءِ خَاصَّةً فَإِنْ سَلَّمُوا فَهِيَ لِلْبَاقِينَ مِنْ أَهْلِ النَّهْرِ وَإِنْ كَانَ الِالْتِوَاءُ بِاسْتِدَارَةٍ وَانْحِرَافٍ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لَهُمْ جَمِيعًا جَعَلُوهُ كَالنَّهْرِ الْوَاحِدِ فِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَهْرٌ بَيْنَ قَوْمٍ وَلَهُمْ عَلَيْهِ أَرْضُونَ وَبَسَاتِينُ شُرْبُهَا مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ وَهُمْ شُرَكَاءُ فِيهِ فَلَهُمْ الشُّفْعَةُ فِيمَا بِيعَ مِنْ هَذِهِ الْأَرَاضِيِ وَالْبَسَاتِينِ فَإِنْ اتَّخَذُوا مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِينَ وَالْبَسَاتِينِ دُورًا وَاسْتَغْنَوْا عَنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ بَيْنَهُمْ إلَّا بِالْجِوَارِ بِمَنْزِلَةِ دُورُ الْأَمْصَارِ وَإِنْ بَقِيَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِينَ مَا يُزْرَعُ وَبَقِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَسَاتِينِ مَا يَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الشُّرْبِ عَلَى حَالِهِمْ وَشُرَكَاءُ فِي الشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. نَهْرٌ فِيهِ شُرْبٌ لِقَوْمٍ وَأَرْضُ النَّهْرِ لِغَيْرِهِمْ فَبَاعَ رَجُلٌ أَرْضَهُ وَالْمَاءُ مُنْقَطِعٌ فِي النَّهْرِ فَلَهُمْ الشُّفْعَةُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا شُفْعَةَ لَهُمْ بِحَقِّ الشُّرْبِ إذَا كَانَ الْمَاءُ مُنْقَطِعًا كَمَا فِي الْعُلْوَ الْمُنْهَدِمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ نَهْرًا بِأَصْلِهِ وَلِرَجُلٍ أَرْضٌ فِي أَعْلَاهُ إلَى جَنْبِهِ وَلِرَجُلٍ آخَرَ أَرْضٌ فِي أَسْفَلِهِ إلَى جَنْبِهِ فَلَهُمَا جَمِيعًا الشُّفْعَةُ فِي جَمِيعِ النَّهْرِ مِنْ أَعْلَاهُ إلَى أَسْفَلِهِ وَكَذَا الْقَنَاةُ وَالْعَيْنُ وَالْبِئْرُ فَهِيَ مِنْ الْعَقَارَاتِ يُسْتَحَقُّ فِيهَا الشُّفْعَةُ بِالْجِوَارِ وَكَذَلِكَ الْقَنَاةُ يَكُونُ مِفْتَحُهَا فِي أَرْضِ وَيَظْهَرُ مَاؤُهَا فِي أَرْضٍ أُخْرَى فَجِيرَانُهَا مِنْ مِفْتَحِهَا إلَى مَصَبِّهَا شُرَكَاءُ فِي الشُّفْعَةِ وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ لِرَجُلٍ خَالِصًا لَهُ عَلَيْهِ أَرْضٌ وَلِآخَرِينَ عَلَيْهِ أَرْضٌ وَلَا شُرْبَ لَهُمْ فِيهِ فَبَاعَ رَبُّ الْأَرْضِ النَّهْرَ خَاصَّةً فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الشُّفْعَةِ فِيهِ لِاتِّصَالِ مِلْكِهِمْ بِالْمَبِيعِ وَإِنْ بَاعَ الْأَرْضَ خَاصَّةً دُونَ النَّهْرِ فَالْمُلَازِقُ لِلْأَرْضِ أَوْلَاهُمْ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ بَاعَ النَّهْرَ وَالْأَرْضَ جَمِيعًا كَانُوا شُفَعَاءَ فِي النَّهْرِ لِاتِّصَالِ مِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالنَّهْرِ وَكَانَ الَّذِي هُوَ مُلَاصِقُ الْأَرْضِ أَوْلَاهُمْ بِالشُّفْعَةِ فِي الْأَرْضِ لِاتِّصَالِ مِلْكِهِ بِالْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ طَرِيقٍ فِي دَارٍ لِرَجُلٍ فَبَاعَ الطَّرِيقَ وَالطَّرِيقُ خَالِصٌ لَهُ فَجَارُ الطَّرِيقِ أَوْلَى بِهِ مِنْ جَارِ الْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ شَرِيكًا فِي الطَّرِيقِ أَخَذَ شُفْعَتَهُ مِنْ الدَّارِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَارِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ شَرِيكًا فِي النَّهْرِ أَخَذَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأَرْضِ وَكَانَ أَحَقَّ بِهَا جَمِيعًا مِنْ جِيرَانِ الْأَرْضِ وَالطَّرِيقُ وَالنَّهْرُ سَوَاءٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ لَهُ نَصِيبٌ فِي نَهْرٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِمَّنْ يَجْرِي النَّهْرُ فِي أَرْضِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ أَعْلَاهُ لِرَجُلٍ وَأَسْفَلُهُ لِآخَرَ وَمَجْرَاهُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ آخَرَ فَاشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ صَاحِبِ أَعْلَى النَّهْرِ فَطَلَبَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَصَاحِبُ أَسْفَلِ النَّهْرِ الشُّفْعَةَ فَالشُّفْعَةُ لَهُمَا جَمِيعًا بِالْجِوَارِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ صَاحِبِ أَسْفَلِ النَّهْرِ فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى بِالْجِوَارِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ قَنَاةٌ مِفْتَحُهَا بَيْنَ رَجُلَيْنِ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ، وَالْأَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا فَبَاعَ صَاحِبُ الْأَسْفَلِ ذَلِكَ الْأَسْفَلَ فَالشَّرِيكُ وَالْجِيرَانُ فِيهِ سَوَاءٌ وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ لِرَجُلٍ فَطَلَبَ إلَيْهِ رَجُلٌ لِيُكْرِيَ مِنْهُ نَهْرًا إلَى أَرْضِهِ ثُمَّ بِيعَ النَّهْرُ الْأَوَّلُ وَمَجْرَاهُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ آخَرَ فَصَاحِبُ الْأَرْضِ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَارٌ فِي سِكَّةٍ خَاصَّةٍ بَاعَهَا صَاحِبُهَا مِنْ رَجُلٍ بِلَا طَرِيقٍ فَلِأَهْلِ السِّكَّةِ الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَرْضًا بِلَا شُرْبٍ فَلِأَهْلِ الشُّرْبِ الشُّفْعَةُ وَلَوْ بِيعَتْ هَذِهِ الدَّارُ وَهَذِهِ الْأَرْضُ مَرَّةً أُخْرَى فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهَا الشُّفْعَةُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَرَاحٍ وَاحِدٍ فِي وَسَطِهِ سَاقِيَةٌ جَارِيَةٌ، شُرْبُ هَذَا الْقَرَاحِ مِنْهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَبِيعَ الْقَرَاحُ فَجَاءَ شَفِيعَانِ أَحَدُهُمَا يَلِي هَذِهِ النَّاحِيَةَ مِنْ الْقَرَاحِ وَالْآخَرُ يَلِي الْجَانِبَ الْآخَرَ قَالَ هُمَا شَفِيعَانِ فِي الْقَرَاحِ وَلَيْسَتْ السَّاقِيَّةُ مِنْ حُقُوقِ هَذَا الْقَرَاحِ فَلَا يُعْتَبَرُ فَاصِلًا كَالْحَائِطِ الْمُمْتَدِّ وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ السَّاقِيَةُ بِجِوَارِ الْقَرَاحِ وَيَشْرَبُ مِنْهَا أَلْفَ جَرِيبٍ خَارِجًا مِنْ هَذَا الْقَرَاحِ فَصَاحِبُ السَّاقِيَةِ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْجَارِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ) الشُّفْعَةُ تَجِبُ بِالْعَقْدِ وَالْجِوَارِ وَتَتَأَكَّدُ بِالطَّلَبِ وَالْإِشْهَادِ وَتَتَمَلَّكُ بِالْأَخْذِ ثُمَّ الطَّلَبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ طَلَبُ

مُوَاثَبَةٍ وَطَلَبُ تَقْرِيرٍ وَإِشْهَادٍ وَطَلَبُ تَمْلِيكٍ (أَمَّا طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ) فَهُوَ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ عَلَى الْفَوْرِ سَاعَتئِذٍ وَإِذَا سَكَتَ وَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْأَصْلِ الْمَشْهُورِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ طَلَبَ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَإِلَّا فَلَا بِمَنْزِلَةِ خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ وَخِيَارِ الْقَبُولِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ لَفْظِ الطَّلَبِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ بِأَيِّ لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ جَازَ حَتَّى لَوْ قَالَ طَلَبْت الشُّفْعَةَ وَأَطْلُبُهَا وَأَنَا طَالِبُهَا جَازَ وَلَوْ قَالَ الشُّفْعَةُ لِي أَطْلُبُهَا بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَلَوْ قَالَ لِلْمُشْتَرِي أَنَا شَفِيعُك وَآخُذُ الدَّارَ مِنْك بِالشُّفْعَةِ بَطَلَتْ وَإِذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ عَطَسَ صَاحِبُهُ فَشَمَّتَهُ أَوْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْك، وَقَدْ طَلَبْت شُفْعَتَهَا لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ مَنْ اشْتَرَاهَا وَبِكَمْ اشْتَرَاهَا وَإِذَا قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (مِنْ شفاعت خواهم) بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَالطَّلَبُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يُعْتَبَرُ وَقْتَ انْقِطَاعِ حَقِّ الْبَائِعِ لَا وَقْتَ شِرَائِهِ فَأَمَّا فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ أَوْ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ الطَّلَبُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْإِجَازَةِ. وَفِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يُعْتَبَرُ الطَّلَبُ وَقْتَ الْقَبْضِ وَفِي رِوَايَةٍ يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَوْ سَمِعَ الشَّرِيكُ وَالْجَارُ بَيْعَ الدَّارِ وَهُمَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ وَسَكَتَ الْجَارُ ثُمَّ تَرَكَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ لَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَأْخُذَ الشُّفْعَةَ. دَارٌ بِيعَتْ وَلَهَا شَفِيعَانِ وَأَحَدُهُمَا غَائِبُ وَطَلَبَ الْحَاضِرُ نِصْفَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَا حَاضِرَيْنِ وَطَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ثُمَّ عَلِمَهُ بِالْبَيْعِ قَدْ يَحْصُلُ بِسَمَاعِهِ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ يَحْصُلُ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِ لَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ وَالْعَدَالَةُ؟ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُشْتَرَطُ أَحَدُ هَذَيْنِ أَمَّا الْعَدَدُ فِي الْمُخْبِرِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ. وَأَمَّا الْعَدَالَةُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَلَا الْعَدَدُ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ بِالشُّفْعَةِ عَدْلًا كَانَ الْمُخْبِرُ أَوْ فَاسِقًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَسَكَتَ وَلَمْ يَطْلُبْ عَلَى فَوْرِ الْخَبَرِ عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ، أَوْ لَمْ يَطْلُبْ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عِنْدَهُمَا إذَا ظَهَرَ كَوْنُ الْخَبَرِ صَادِقًا وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ رَجُلًا وَاحِدًا غَيْرَ عَدْلٍ إنْ صَدَّقَهُ الشَّفِيعُ فِي ذَلِكَ ثَبَتَ الْبَيْعُ بِخَبَرِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ الْبَيْعُ بِخَبَرِهِ وَإِنْ ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ الْبَيْعُ بِخَبَرِهِ إذَا ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَأَمَّا طَلَبُ الْإِشْهَادِ) فَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ حَتَّى يَتَأَكَّدَ الْوُجُوبُ بِالطَّلَبِ عَلَى الْفَوْرِ وَلَيْسَ الْإِشْهَادُ شَرْطًا لِصِحَّةِ الطَّلَبِ لَكِنْ لِيَتَوَثَّقَ حَقُّ الشُّفْعَةِ إذَا أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي طَلَبَ الشُّفْعَةِ فَيَقُول لَهُ لَمْ تَطْلُبْ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمْتَ بَلْ تَرَكْت الطَّلَبَ وَقُمْت عَنْ الْمَجْلِسِ وَالشَّفِيعُ يَقُولُ طَلَبْت فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ وَقْتَ الطَّلَبِ تَوْثِيقًا وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَبُ الْإِشْهَادِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ أَوْ الْمَبِيعِ فَيَقُولُ عِنْدَ حَضْرَةِ وَاحِدِ مِنْهُمْ: إنَّ فُلَانًا اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارًا وَيَذْكُرُ حُدُودَهَا الْأَرْبَعَةَ وَأَنَا شَفِيعُهَا، وَقَدْ كُنْت طَلَبْتُ الشُّفْعَةَ وَأَنَا أَطْلُبُهَا الْآنَ فَاشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ طَلَبُ الْإِشْهَادِ مُقَدَّرٌ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الْإِشْهَادِ، فَمَتَى تَمَكَّنَ مِنْ الْإِشْهَادِ عِنْدَ حَضْرَةِ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَمْ يَطْلُبْ الْإِشْهَادَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمُشْتَرِي فَإِنْ تَرَكَ الْأَقْرَبَ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَذَهَبَ إلَى الْأَبْعَدِ إنْ كَانَ الْكُلُّ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ لَا تَبْطُلُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ الْأَبْعَدُ فِي مِصْرٍ آخَرَ أَوْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى هَذَا الْمِصْرِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ لِأَنَّ الْمِصْرَ الْوَاحِدَ مَعَ نَوَاحِيهِ وَأَمَاكِنِهِ جُعِلَ كَمَكَانٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ الْكُلُّ فِي مَكَان حَقِيقَةٍ وَطَلَبَ مِنْ أَبْعَدِهَا وَتَرَكَ الْأَقْرَبَ جَازَ، فَكَذَا هَذَا إلَّا أَنْ يَصِلَ إلَى الْأَقْرَبِ وَيَذْهَبَ إلَى الْأَبْعَدِ فَحِينَئِذٍ تَبْطُلُ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ لَمْ يُقْبَضْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَشْهَدَ عَلَى طَلَبِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمَبِيعِ وَإِنْ كَانَ

الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي النَّوَادِرِ لَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ عَلَى الْبَائِعِ وَنَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ إلَى طَلَبِ الْإِشْهَادِ بَعْدَهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِشْهَادُ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ بِأَنْ سَمِعَ الشِّرَاءَ حَالَ غَيْبَتِهِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ وَالدَّارِ. أَمَّا إذَا سَمِعَ عِنْدَ حَضْرَةِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَذَلِكَ يَكْفِيه وَيَقُومُ مَقَامَ الطَّلَبَيْنِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَأَمَّا طَلَبُ التَّمْلِيكِ فَهُوَ الْمُرَافَعَةُ إلَى الْقَاضِي لِيَقْضِيَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ تَرَكَ الْخُصُومَةَ إنْ كَانَ بِعُذْرٍ نَحْوَ مَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّوْكِيلُ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ فَإِنْ تَرَكَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَشْهَدَ وَتَرَكَ الْمُخَاصَمَةَ شَهْرًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَصُورَةُ طَلَبِ التَّمْلِيكِ أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ لِلْقَاضِي إنَّ فُلَانًا اشْتَرَى دَارًا وَبَيَّنَ مَحَلَّتَهَا وَحُدُودَهَا وَأَنَا شَفِيعُهَا بِدَارٍ لِي وَبَيَّنَ حُدُودَهَا فَمُرْهُ بِتَسْلِيمِهَا إلَيَّ وَبَعْدَ هَذَا الطَّلَبِ أَيْضًا لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلشَّفِيعِ فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ إلَّا بِحُكْمِ الْقَاضِي أَوْ بِتَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي الدَّارَ إلَيْهِ حَتَّى إنَّ بَعْدَ هَذَا الطَّلَبِ قَبْلَ حُكْمِ الْقَاضِي بِالدَّارِ لَهُ وَقَبْلَ تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي الدَّارَ إلَيْهِ لَوْ بِيعَتْ دَارٌ أُخْرَى بِجَنْبِ هَذِهِ الدَّارِ ثُمَّ حَكَمَ لَهُ الْحَاكِمُ أَوْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ إلَيْهِ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ بِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الشَّفِيعُ أَوْ بَاعَ دَارِهِ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ ذَكَرَ الْخَصَّافُ ذَلِكَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ بَذَلَ لَهُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَقْضِيَ الْقَاضِي لَهُ بِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِي لَا يَسْمَعُ دَعْوَاهُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ يُشْتَرَطُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى حَضْرَةُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ بِطَلَبِ الْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ وَالْيَدِ جَمِيعًا وَالْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي وَالْيَدُ لِلْبَائِعِ فَشَرَطَ حَضْرَتَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَفَاهُ حَضْرَةُ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ الشَّفِيعُ غَائِبًا يُؤَجَّلُ بَعْدَ الْعِلْمِ قَدْرَ مَسِيرَةِ الطَّلَبِ لِلْإِشْهَادِ فَإِنْ حَضَرَ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فَإِنْ قَدِمَ وَغَابَ وَأَشْهَدَ عَلَى الطَّلَبِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِتَأْخِيرِ طَلَبِ التَّمْلِيكِ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَعِنْدَهُمَا تَبْطُلُ إلَّا بِعُذْرٍ، وَهَا هُنَا تُرِكَ طَلَبُ التَّمْلِيكِ بِعُذْرٍ. فَإِنْ ظَهَرَ الْمُشْتَرِي فِي بَلَدٍ لَيْسَ فِيهِ الدَّارُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الشَّفِيعِ الطَّلَبُ هُنَاكَ وَإِنَّمَا يَطْلَبُ حَيْثُ الدَّارُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الشَّفِيعُ إذَا عَلِمَ بِالشِّرَاءِ وَهُوَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَطَلَبَ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ وَعَجَزَ عَنْ طَلَبِ الْإِشْهَادِ بِنَفْسِهِ يُوَكِّلُ وَكِيلًا لِيَطْلُبَ لَهُ الشُّفْعَةَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَمَضَى بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَكِّلُهُ فَوَجَدَ فَيْجًا يَكْتُبُ عَلَى يَدَيْهِ كِتَابًا وَيُوَكِّلُ وَكِيلًا فِي الْكِتَابِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ وَكِيلًا وَلَا فَيْجًا لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ حَتَّى يَجِدَ الْفَيْجَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ لَهُ شُفْعَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي يُقَدِّمُهُ إلَى السُّلْطَانِ الَّذِي تَوَلَّى الْقَضَاءَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ شُفْعَتُهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ فَامْتَنَعَ الْقَاضِي مِنْ إحْضَارِهِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا عُذْرٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الشَّفِيعُ إذَا عَلِمَ فِي اللَّيْلِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ وَالْإِشْهَادِ فَإِنْ أَشْهَدَ حِينَ أَصْبَحَ صَحَّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ وَقْتُ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى حَوَائِجِهِمْ يَخْرُجُ وَيَطْلُبُ كَذَا فِي الْحَاوِي فِي الْفَتَاوَى الْيَهُودِيِّ إذَا سَمِعَ الْبَيْعَ يَوْمَ السَّبْتِ فَلَمْ يَطْلُبُ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. شَفِيعٌ بِالْجِوَارِ إذَا خَافَ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ عِنْدَ الْقَاضِي وَالْقَاضِي لَا يَرَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ فَلَمْ يَطْلُبْهَا فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ لِأَنَّهُ تَرَكَ بِعُذْرٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ دَارًا مِنْ رَجُلٍ فِي عَسْكَرِهِ وَالشَّفِيعُ فِي عَسْكَرِ أَهْلِ الْعَدْلِ فَإِنْ

كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ وَكِيلًا وَلَا أَنْ يَدْخُلَ بِنَفْسِهِ عَسْكَرُهُمْ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَا يَضُرُّهُ تَرْكُ طَلَبِ الْإِشْهَادِ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ وَكِيلَا أَوْ يَدْخُلَ بِنَفْسِهِ عَسْكَرِهِمْ فَلَمْ يَطْلُبْ طَلَبَ الْإِشْهَادِ بِطَلَبِ شُفْعَتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الشَّفِيعُ إذَا كَانَ فِي عَسْكَرِ الْخَوَارِجِ أَوْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ لَوْ دَخَلَ فِي عَسْكَرِ أَهْلِ الْعَدْلِ فَلَمْ يَطْلُبْ الْإِشْهَادَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ بِأَنْ يَتْرُكَ الْبَغْيَ فَيَدْخُلَ عَسْكَرَ أَهْلِ الْعَدْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا اتَّفَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الشَّفِيعَ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ مُنْذُ أَيَّامٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الطَّلَبِ فَقَالَ الشَّفِيعُ طَلَبَتْ مُنْذُ عَلِمْت وَقَالَ الْمُشْتَرِي مَا طَلَبْتَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَعَلَى الشَّفِيعِ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ قَالَ الشَّفِيعُ عَلِمْتُ السَّاعَةَ وَأَنَا أَطْلُبُهَا وَقَالَ الْمُشْتَرِي عَلِمْتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ تَطْلُبْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ وَطَلَبَ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ ثَبَتَ حَقُّهُ لَكِنْ إذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلِمْت مُنْذُ كَذَا وَطَلَبَتْ لَا يُصَدَّقُ عَلَى الطَّلَب وَلَوْ قَالَ مَا عَلِمْتُ إلَّا السَّاعَةَ يَكُونُ كَاذِبًا فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لِإِنْسَانٍ أَخْبَرَنِي بِالشِّرَاءِ ثُمَّ يَقُولُ الْآنَ أُخْبِرْتُ يَكُونُ صَادِقًا وَإِنْ كَانَ أُخْبِرَ قَبْلَ ذَلِكَ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ فِي نَوَادِرِهِ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ قَدْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْوَقْتِ الْمُتَقَدِّمِ وَيَخْشَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ فَقَالَ: السَّاعَةَ عَلِمْت، وَأَنَا أَطْلُبُ الشُّفْعَةَ. يَسَعُهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْقَاضِي حَلِّفْهُ بِاَللَّهِ لَقَدْ طَلَبَ هَذِهِ الشُّفْعَةَ طَلَبًا صَحِيحًا سَاعَةَ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ حَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّ الشَّفِيعَ عَلِمَ بِالْبَيْعِ مُنْذُ زَمَانٍ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ وَأَقَامَ الشَّفِيعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ طَلَبَ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمَ بِالْبَيْعِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ وَالْقَاضِي يَقْضِي بِالشُّفْعَةِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْمُشْتَرِي إذَا أَنْكَرَ طَلَبَ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ عِنْدَ سَمَاعِ الْبَيْعِ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ وَإِنْ أَنْكَرَ طَلَبَهُ عِنْدَ لِقَائِهِ حَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. إذَا تَقَدَّمَ الشَّفِيعُ وَادَّعَى الشِّرَاءَ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ عِنْدَ الْقَاضِي يَسْأَلُ الْقَاضِي أَوَّلًا الْمُدَّعِي قَبْلَ أَنْ يُقْبِلَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ مَوْضِعِ الدَّارِ مِنْ مِصْرٍ وَمَحَلَّةٍ وَحُدُودِهَا لِأَنَّهُ ادَّعَى فِيهَا حَقًّا فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْمَجْهُولِ لَا تَصِحُّ فَصَارَ كَمَا ادَّعَى مِلْكَ رَقَبَتِهَا فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ سَأَلَهُ هَلْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبِضْهَا لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى يَحْضُرَ الْبَائِعُ، فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ سَأَلَهُ عَنْ سَبَبِ شُفْعَتِهِ وَحُدُودِ مَا يَشْفَعُ بِهَا؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ فَلَعَلَّهُ ادَّعَاهُ بِسَبَبٍ غَيْرِ صَالِحٍ أَوْ يَكُونُ هُوَ مَحْجُوبًا بِغَيْرِهِ فَإِذَا بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا وَلَمْ يَكُنْ مَحْجُوبًا بِغَيْرِهِ سَأَلَهُ أَنَّهُ مَتَى عَلِمَ؟ وَكَيْفَ صَنَعَ حِينَ عَلِمَ؟ لِأَنَّهَا تَبْطُلُ بِطُولِ الزَّمَانِ وَبِالْإِعْرَاضِ وَبِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ ذَلِكَ فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ سَأَلَهُ عَنْ طَلَبِ التَّقْرِيرِ كَيْفَ كَانَ وَعِنْدَ مَنْ أَشْهَدَ وَهَلْ كَانَ الَّذِي أَشْهَدَ عِنْدَهُ أَقْرَبَ مِنْ غَيْرِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيِّنَاهُ فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَلَمْ يُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ شُرُوطِهِ تَمَّتْ دَعْوَاهُ وَأَقْبَلَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ عَنْ الدَّارِ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا هَلْ هِيَ مِلْكُ الشَّفِيعِ أَمْ لَا؟ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ فِي يَدِ الشَّفِيعِ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ ظَاهِرًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يُصْلَحُ لِلِاسْتِحْقَاقِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ مِلْكِهِ بِحُجَّةٍ لِاسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ، فَيَسْأَلُهُ عَنْهُ فَإِنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا يَقُولُ لِلْمُدَّعِي أَقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا مِلْكُكَ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْبَيِّنَةِ وَطَلَبَ يَمِينَهُ اسْتَحْلَفَ الْمُشْتَرِيَ: مَا تَعْلَمُ أَنَّهُ مَالِكٌ لِلَّذِي ذَكَرَهُ مِمَّا يَشْفَعُ بِهِ؟ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ، ثُمَّ هُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. فَإِنْ نَكَلَ أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ أَوْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ ثَبَتَ مِلْكُ الشَّفِيعِ فِي الدَّارِ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا وَيَثْبُتُ السَّبَبُ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَقُولُ هَلْ اشْتَرَيْت أَمْ لَا؟ فَإِنْ أَنْكَرَ الشِّرَاءَ قَالَ لِلشَّفِيعِ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُشْتَرِي اسْتَحْلَفَ بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَى أَوْ بِاَللَّهِ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ شُفْعَةً مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ فَهَذَا تَحْلِيفٌ عَلَى الْحَاصِلِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَوَّلُ عَلَى السَّبَبِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

الباب الرابع في استحقاق الشفيع كل المشترى أو بعضه

فَإِنْ نَكَلَ أَوْ قَرَّ أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ قَضَى بِهَا لِظُهُورِ الْحَقِّ بِالْحُجَّةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي الْأَجْنَاسِ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ الشَّهَادَةِ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي بِجِوَارِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ مِلْكُ هَذَا الشَّفِيعِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْمُشْتَرِي هَذِهِ الدَّارَ وَهِيَ لَهُ إلَى هَذِهِ السَّاعَةِ لَا نَعْلَمُهَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ فَلَوْ قَالَا إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِهَذَا الْجَارِ لَا يَكْفِي وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ الشَّفِيعَ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ وَهِيَ فِي يَدِهِ أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ فَذَلِكَ يَكْفِي فَلَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِيَ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ. عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ فِي يَدِ أَبِيهِ مَاتَ وَهِيَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالدَّارِ وَلَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ. دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّهَا لِآخَرَ فَبِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ فَطَلَبَ الْمُقَرُّ لَهُ الشُّفْعَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ دَارُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَقَرَّ بِسَهْمٍ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ ثُمَّ بَاعَ مِنْهُ بَقِيَّةَ الدَّارِ فَالْجَارُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيَّ يُخَطِّئُ الْخَصَّافَ فِي هَذِهِ وَيُفْتِي بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ مَا ثَبَتَتْ إلَّا بِإِقْرَارِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلَانِ وَرِثَا عَنْ أَبِيهِمَا أَجَمَةً وَأَحَدُ الْوَارِثَيْنِ بِعَيْنِهِ لَمْ يَعْلَمْ بِالْمِيرَاثِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ لَهُ مِنْهَا نَصِيبًا فَبِيعَتْ أَجَمَةٌ أُخْرَى بِجِوَارِ هَذِهِ الْأَجَمَةِ فَلَمْ يَطْلُبْ هُوَ الشُّفْعَةَ فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّ لَهُ فِيهَا نَصِيبًا طَلَبَ الشُّفْعَةَ فِي الْأَجَمَةِ الْمَبِيعَةِ قَالُوا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ تَأَكُّدِ الشُّفْعَةِ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ فَإِذَا لَمْ يَطْلُبْ وَالْجَهْلُ لَيْسَ بِعُذْرٍ لَا تَبْقَى لَهُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي اسْتِحْقَاقِ الشَّفِيعِ كُلَّ الْمُشْتَرَى أَوْ بَعْضِهِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي اسْتِحْقَاقِ الشَّفِيعِ كُلَّ الْمُشْتَرَى أَوْ بَعْضِهِ) رَجُلٌ اشْتَرَى خَمْسَ مَنَازِلَ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ بِصَفْقَةٍ فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ مَنْزِلًا وَاحِدًا قَالُوا إنْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ لَا يَأْخُذُ الْبَعْضَ لِأَنَّهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ أَرَادَ الشُّفْعَةَ بِحُكْمِ الْجِوَارِ وَجِوَارُهُ فِي هَذَا الْمَنْزِلِ الَّذِي يُرِيدُ أَخْذَهُ لَا غَيْرُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الْمُشْتَرَى دُونَ بَعْضٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمْتَازًا عَنْ الْبَعْضِ بِأَنْ اشْتَرَى دَارًا وَاحِدَةً فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا بِالشُّفْعَةِ دُونَ الْبَعْضِ وَأَنْ يَأْخُذَ الْجَانِبَ الَّذِي يَلِي الدَّارَ دُونَ الْبَاقِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْكُلَّ أَوْ يَدْعُ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْذَ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ تَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِض فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلَانِ مِنْ رَجُلٍ دَارًا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ حَصَلَتْ مُتَفَرِّقَةً مِنْ الِابْتِدَاءِ فَلَا يَكُونُ أَخْذُ الْبَعْضِ تَفْرِيقًا سَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ ثَمَنٍ عَلَى حِدَةٍ أَوْ سَمَّى الْجُمْلَةَ ثَمَنًا وَاحِدًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي عَاقِدًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ فِي الْفَصْلَيْنِ حَتَّى لَوْ وَكَّلَ رَجُلَانِ جَمِيعًا وَاحِدًا بِالشِّرَاءِ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ مِنْ رَجُلَيْنِ فَجَاءَ الشَّفِيعُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ بِالشُّفْعَةِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ فَاشْتَرَيَا مِنْ وَاحِدٍ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مَا اشْتَرَاهُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوُكَلَاءُ عَشَرَةً اشْتَرَوْا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ مِنْ ثَلَاثَةٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنَّمَا أَنْظُرُ فِي هَذَا إلَى الْمُشْتَرِي وَلَا أَنْظُرُ إلَى الْمُشْتَرَى لَهُ وَهُوَ نَظَرٌ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَى بَعْضُهُ مُمْتَازٌ عَنْ الْبَعْضِ بِأَنْ اشْتَرَى دَارَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَ شَفِيعًا لَهُمَا جَمِيعًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَأْخُذُهُمَا جَمِيعًا أَوْ يَدَعُهُمَا وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارَانِ مُتَلَاصِقَتَيْنِ أَوْ مُتَفَرِّقَتَيْنِ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي مِصْرَيْنِ وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ شَفِيعًا لِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى وَوَقَعَ الْبَيْعُ صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ بِالشُّفْعَةِ؟ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

الباب الخامس في الحكم بالشفعة والخصومة فيها

أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا الشَّيْءَ الَّذِي يُجَاوِرُهُ بِالْحِصَّةِ. وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الدَّارَيْنِ الْمُتَلَاصِقَتَيْنِ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ جَارًا لِإِحْدَاهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ الشُّفْعَةُ إلَّا فِيمَا يَلِيه وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَقْرِحَةِ الْمُتَلَاصِقَةِ وَوَاحِدٌ مِنْهَا يَلِي أَرْضَ إنْسَانٍ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْأَقْرِحَةِ طَرِيقٌ وَلَا نَهْرٌ إلَّا مُسَنَّاةٌ، إنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ إلَّا فِي الْقَرَاحِ الَّذِي يَلِيه خَاصَّةً وَكَذَلِكَ فِي قَرْيَةٍ إذَا بِيعَتْ بِدُورِهَا وَأَرَاضِيهَا أَنَّ لِكُلِّ شَفِيعٍ أَنْ يَأْخُذَ الْقَرَاحَ الَّذِي يَلِيهِ خَاصَّةً وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِالشُّفْعَةِ قَالَ الْكَرْخِيُّ رِوَايَةُ الْحَسَنِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ مِثْلَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فَجُعِلَ كَالدَّارِ الْوَاحِدَةِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ وَالْخُصُومَةِ فِيهَا] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ وَالْخُصُومَةِ فِيهَا) وَلَا يَلْزَمُ الشَّفِيعَ إحْضَارُ الثَّمَنِ وَقْتَ الدَّعْوَى بَلْ يَجُوزُ لَهُ الْمُنَازَعَةُ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْ الثَّمَنَ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَإِذَا قَضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ لَهُ إحْضَارُ الثَّمَنِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْأَصْلِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِي لَا يَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُحْضِرَ الثَّمَنَ. ثُمَّ إذَا قَضَى لَهُ قَبْلَ إحْضَارِ الثَّمَنِ فَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ حَبْسِ الْعَقَارِ عَنْهُ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ وَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَلَوْ أَخَّرَ دَفْعَ الثَّمَنِ بَعْدَمَا قَالَ ادْفَعْ الثَّمَنَ إلَيْهِ لَا تَبْطُلُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. فَإِنْ أَخَذَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَعُهْدَتُهُ وَضَمَانُ مَالِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَخَذَهُمَا مِنْ الْبَائِعِ وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ فَعُهْدَتُهُ وَضَمَانُ مَالِهِ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَنَا وَرَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضْ الدَّارَ حَتَّى قَضَى الْقَاضِي لِلشَّفِيعِ بِحَضْرَتِهِمَا فَإِنَّهُ يَقْبِضُ الدَّارَ مِنْ الْبَائِعِ وَيَنْقُدُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ دَفَعَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَوْ أَنَّ الشَّفِيعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَجَدَ بِالدَّارِ عَيْبًا فَرَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهَا بِشِرَائِهِ وَأَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ ذَلِكَ الشِّرَاءِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا فَإِنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا عَلَى الْمُشْتَرِي لِيَكُونَ وَثِيقَةً لِلشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَهُ ذَلِكَ وَيَحْكِي فِي الْكِتَابِ شِرَاءَ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا ثُمَّ يُرَتِّبُ عَلَيْهِ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي كِتَابَ شِرَائِهِ الَّذِي كَتَبَ عَلَى بَائِعِهِ وَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلشَّفِيعِ أَنْ يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ فَيَشْهَدُ قَوْمًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي الدَّارَ إلَيْهِ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ أَخَذَ الدَّارَ مِنْ الْبَائِعِ يَكْتُبُ كِتَابًا عَلَى الْبَائِعِ نَحْوَ مَا يَكْتُبُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَكْتُبُ فِي هَذَا الْكِتَابِ إقْرَارَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ سَلَّمَ جَمِيعَ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَجَازَهُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَلَا فِي ثَمَنِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ الْكِتَابَ عَلَيْهِمَا بِتَسْلِيمِ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ إلَيْهِ وَقَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بِرِضَاهُ وَضَمَانُ الْبَائِعِ الدَّرَكُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي لِلشَّفِيعِ أَوْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي تَثْبُتُ بَيْنَهُمَا أَحْكَامُ الْبَيْعِ مِنْ خِيَارِ رُؤْيَةٍ وَخِيَارِ عَيْبِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ إلَّا أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَرْجِعُ بِضَمَانِ الْغُرُورِ حَتَّى لَوْ بَنَى فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ وَأَمَرَ بِنَقْضِ الْبِنَاءِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَرْجِعُ وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى سَنَةٍ مَثَلًا فَحَضَرَ الشَّفِيعُ فَطَلَبَ الشُّفْعَةَ وَأَرَادَ أَخْذَهَا إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَيَقُولُ الْقَاضِي لَهُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ إمَّا تَنْقُدُ الثَّمَنَ حَالًا أَوْ تَصْبِرُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ حَالًا وَكَانَ الْأَخْذُ مِنْ الْبَائِع سَقَطَ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ حَالًا وَكَانَ الْأَخْذُ مِنْ الْمُشْتَرِي يَبْقَى الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْبَائِعِ وِلَايَةُ مُطَالَبَةِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ وَإِنْ صَبَرَ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ هَذَا

الباب السادس في الدار إذا بيعت ولها شفعاء

إذَا كَانَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا وَأَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولًا نَحْوَ الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّفِيعُ أَنَا أُعَجِّلُ الثَّمَنَ وَآخُذُهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ بَاعَ إلَى أَجَلٍ فَاسِدٍ فَعَجَّلَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ جَازَ الْبَيْعُ وَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ وَكَذَا الْأَرْضُ تُبَاعُ وَفِيهَا زَرْعُ الْمَزَارِعِ يَطْلُبُ عِنْدَ الْبَيْعِ وَفِي الْمُجَرَّدِ رُوِيَ فِي الْخِيَارِ الْمُؤَبَّدِ وَالْأَجَلِ إلَى الْعَطَاءِ جَازَ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ فِي الْحَالِ بَطَلَتْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الشَّفِيعُ إذَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ فَالْقَاضِي يَسْأَلُهُ: تَرَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ يَقْضِي بِالشُّفْعَةِ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَبَاعَهَا مِنْ آخَرَ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَسَلَّمَهَا ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُهَا مِنْ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ وَيَدْفَعُ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيُقَالُ لَهُ اُطْلُبْ صَاحِبَك الَّذِي بَاعَك فَخُذْ مِنْهُ أَلْفًا آخَرَ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا حَضَرَ الشَّفِيعُ، وَقَدْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ وَسَلَّمَهَا وَغَابَ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ أَرَادَ أَخْذَهَا بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَشْتَرِطُ حَضْرَتُهُ وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَهَا بِالْبَيْعِ الثَّانِي لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِلَا خِلَافٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ إنْ لَمْ أَجِئْ بِالثَّمَنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الشُّفْعَةِ فَلَمْ يَجِئْ بِالثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَقَالَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ أَنَّ الشَّفِيعَ أَحْضَرَ الدَّنَانِيرَ وَالثَّمَنُ دَرَاهِمُ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ سَأَلَهُ الْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَخِّرَ الْخُصُومَةَ إلَى كَذَا وَهُوَ عَلَى خُصُومَتِهِ فَأَجَابَهُ فَهُوَ كَذَلِكَ وَفِي الْمُنْتَقَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ قَوْلَ الشَّفِيعِ لَا حَقَّ لِي عِنْدَ فُلَانٍ بَرَاءَةٌ مِنْ الشُّفْعَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَارٌ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ اشْتَرَى الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ وَأَنَا شَفِيعُهَا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهَا إيَّاهُ يَقْضِي الْقَاضِي لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ انْتَصَبَ خَصْمًا بِدَعْوَى الْفِعْلِ وَهُوَ شِرَاؤُهُ وَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ لَمْ يَدَّعِ الشِّرَاءَ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ إنَّمَا ادَّعَاهُ عَلَى رَجُلٍ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِ الْيَدِ إنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَأَشَارَ إلَى غَيْرِ صَاحِبِ الْيَدِ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَأَنَا شَفِيعُهَا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهَا إيَّاهُ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ هَاهُنَا انْتَصَبَ خَصْمًا بِحُكْمِ ظَاهِرِ الْيَدِ لَا بِدَعْوَى الْفِعْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى دَارًا بِالْجِيَادِ وَنَقَدَ الزُّيُوفَ أَوْ النَّبَهْرَجَةَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالْجِيَادِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِأَخْذِ الزُّيُوفِ عَنْ الْجِيَادِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الشَّفِيعِ بِالْجِيَادِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الدَّارِ إذَا بِيعَتْ وَلَهَا شُفَعَاءُ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الدَّارِ إذَا بِيعَتْ وَلَهَا شُفَعَاءُ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الشُّفَعَاءَ إذَا اجْتَمَعُوا فَحَقُّ كُلُّ وَاحِدٍ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَالْقَضَاءِ ثَابِتٌ فِي جَمِيعِ الدَّارِ حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ لِلدَّارِ شَفِيعَانِ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا الشُّفْعَةَ قَبْلَ الْأَخْذِ وَقَبْلَ الْقَضَاءِ كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ، وَبَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَبَعْدَ الْقَضَاءِ يَبْطُلُ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمَّا قَضَى لِصَاحِبِهِ حَتَّى إذَا كَانَ لِلدَّارِ شَفِيعَانِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالدَّارِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ وَإِذَا كَانَ بَعْضُ الشُّفَعَاءِ أَقْوَى مِنْ الْبَعْضِ فَقَضَى الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ لِلْقَوِيِّ بَطَلَ حَقُّ الضَّعِيفِ حَتَّى إنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الشَّرِيكُ وَالْجَارُ وَسَلَّمَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَهُ، كَانَ لِلْجَارِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالدَّارِ لِلشَّرِيكِ ثُمَّ سَلَّمَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ فَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا كَانَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ غَائِبًا كَانَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الدَّارِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ

النِّصْفَ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لَا أُعْطِيك إلَّا النِّصْفَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَ الْحَاضِرُ قَالَ فِي غَيْبَةِ الْغَائِبِ أَنَا آخُذُ النِّصْفَ أَوْ الثُّلُثَ وَهُوَ مِقْدَارُ حَقِّهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ أَوْ يَدَعَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي لِلْحَاضِرِ بِكُلِّ الدَّارِ ثُمَّ حَضَرَ آخَرُ وَقَضَى لَهُ بِالنِّصْفِ ثُمَّ حَضَرَ آخَرُ قَضَى لَهُ بِثُلُثِ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَصِيرَ مُسَاوِيًا لَهُمَا فَإِنْ قَالَ الَّذِي قُضِيَ لَهُ بِكُلِّ الدَّارِ أَوَّلًا لِلثَّانِي أَنَا أُسَلِّمُ لَك الْكُلَّ فَإِمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْكُلَّ أَوْ تَدَعَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلِلثَّانِي أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ حَضَرَ وَاحِدٌ مِنْ الشُّفَعَاءِ أَوَّلًا وَأَثْبَتَ شُفْعَتَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي لَهُ بِجَمِيعِهَا، ثُمَّ إذَا حَضَرَ شَفِيعٌ آخَرُ وَأَثْبَتَ شُفْعَتَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ إنْ كَانَ الثَّانِي شَفِيعًا مِثْلَ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِنِصْفِ الدَّارِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَوْلَى كَمَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ جَارًا وَالثَّانِي خَلِيطًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُ شُفْعَةَ الْأَوَّلِ وَيَقْضِي بِجَمِيعِ الدَّارِ لِلثَّانِي وَإِنْ كَانَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي لَهُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَنْ رَجُلًا اشْتَرَى دَارًا وَهُوَ شَفِيعُهَا ثُمَّ جَاءَهُ شَفِيعٌ مِثْلُهُ قَضَى الْقَاضِي بِنِصْفِهَا وَإِنْ جَاءَ لَهُ شَفِيعٌ آخَرُ أَوْلَى مِنْهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِيَ لَهُ بِجَمِيعِ الدَّارِ وَإِنْ جَاءَ شَفِيعٌ دُونَهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ قَضَى بِالدَّارِ لِلْحَاضِرِ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَرَدَّهَا ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ إلَّا نِصْفَ الدَّارِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَسَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ أَرَادَ الْغَائِبُ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ يَرُدُّ الْحَاضِرُ بِالْعَيْبِ وَيَدَعُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الرَّدُّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بَيْعٌ مُطْلَقٌ، فَكَانَ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الشُّفْعَةِ فَيَأْخُذُ الْكُلَّ بِالشُّفْعَةِ كَمَا يَأْخُذُ بِالْبَيْعِ الْمُبْتَدَأِ. هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَطْلَقَ الْجَوَابَ وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ قَبْلَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بَيْعٌ جَدِيدٌ، وَبَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ عَلَى أَصْلِهِ وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ إطْلَاقُ الْجَوَابِ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَسْتَقِيمُ عَلَى مَذْهَبِ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ بِقَضَاءٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُطْلَقٌ وَرَفْعٌ لِلْعِقْدِ مِنْ الْأَصْلِ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ يَخْتَصُّ بِالْبَيْعِ. وَلَوْ اطَّلَعَ الْحَاضِرُ عَلَى عَيْبٍ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْكُلَّ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَلَوْ رَدَّ الْحَاضِرُ الدَّارَ بِالْعَيْبِ بَعْدَ مَا قُضِيَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ حَضَرَ شَفِيعَانِ أَخَذَا ثُلُثَيْ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ، وَالْحُكْمُ فِي الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثِ سَوَاءٌ فَيَسْقُطُ حَقُّ الْغَائِبِ بِقَدْرِ حِصَّةِ الْحَاضِرِ وَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ اشْتَرَى الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ كُلَّ الدَّارِ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ كُلَّهَا بِالْبَيْعِ الثَّانِي وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ شَفِيعًا لِلدَّارِ فَاشْتَرَاهَا الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ مِنْهُ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الدَّارِ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقُّ الشِّرَاءِ قَبْلَ الشِّرَاءِ حَتَّى يَكُونَ بِشِرَائِهِ مُعْرِضًا عَنْهُ فَإِذَا بَاعَهُ مِنْ الشَّفِيعِ الْحَاضِرِ لَمْ يَثْبُتْ لِلْغَائِبِ إلَّا مِقْدَارُ مَا كَانَ يَخُصُّهُ بِالْمُزَاحَمَةِ مَعَ الْأَوَّلِ وَهُوَ النِّصْفُ لِأَنَّ السَّبَبَ عِنْدَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْجَبَ الشُّفْعَةَ لِلْكُلِّ فِي كُلِّ الدَّارِ، وَقَدْ بَطَلَ حَقُّ الشَّفِيعِ الْحَاضِرِ بِالشِّرَاءِ لِكَوْنِ الشِّرَاءِ دَلِيلَ الْإِعْرَاضِ فَبَقِيَ حَقُّ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْغَائِبِ فِي كُلِّ الدَّارِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا فَيَأْخُذُ الْغَائِبُ نِصْفَ الدَّارِ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ. وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْكُلَّ بِالْبَيْعِ الثَّانِي لِأَنَّ السَّبَبَ عِنْدَ الْعَقْدِ الثَّانِي أَوْجَبَ لِلشَّفِيعِ حَقَّ الشُّفْعَةِ ثُمَّ بَطَلَ حَقُّ الشَّفِيعِ الْحَاضِرِ عِنْدَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِإِقْدَامِهِ عَلَى الشِّرَاءِ الثَّانِي لِإِعْرَاضِهِ فَكَانَ لِلْغَائِبِ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ الدَّارِ بِالْعَقْدِ الثَّانِي وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ أَجْنَبِيًّا اشْتَرَاهَا بِأَلْفٍ فَبَاعَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِأَلْفَيْنِ فَحَضَرَ الشَّفِيعُ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي لِوُجُودِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَشَرْطُهُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَيْعَيْنِ فَإِنْ أَخَذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ سَلَّمَ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ الثَّانِي وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الثَّمَنَ مِنْ الْأَوَّلِ وَإِنْ أَخَذَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي تَمَّ الْبَيْعَانِ جَمِيعًا وَالْعُهْدَةُ عَلَى الثَّانِي، غَيْرَ أَنَّهُ إنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَالدَّارُ فِي يَدِهِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْبَيْعِ الثَّانِي سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ

الباب السابع في إنكار المشتري جوار الشفيع وما يتصل به

حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي. هَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنْ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ نِصْفَ الدَّارِ وَلَمْ يَبِعْ جَمِيعَهَا فَجَاءَ الشَّفِيعُ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ أَخَذَ جَمِيعَ الدَّارِ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَبِعْ الدَّارَ وَلَكِنَّهُ وَهَبَهَا مِنْ رَجُلٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى رَجُلٍ وَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبُ لَهُ حَاضِرٌ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ لَا بِالْهِبَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ حَضْرَةِ الْمُشْتَرِي، حَتَّى لَوْ حَضَرَ الشَّفِيعُ وَوَجَدَ الْمَوْهُوبَ لَهُ فَلَا خُصُومَةَ مَعَهُ حَتَّى يَجِدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَأْخُذُهَا بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَالثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ. كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. وَلَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الدَّارِ مَقْسُومًا وَسَلَّمَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الْبَاقِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ جَمِيعَ الدَّارِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَدَعُ وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ وَكَانَ الثَّمَنُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي لَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَلَهَا شَفِيعَانِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَطَلَبَ الْحَاضِرُ الشُّفْعَةَ فَقَضَى الْقَاضِي لَهُ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ الثَّانِي فَإِنَّ الشَّفِيعَ الثَّانِي يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ مِنْ الشَّفِيعِ الْحَاضِرِ الَّذِي قَضَى لَهُ الْقَاضِي لَا مِنْ الْمُشْتَرِي، هَذَا إذَا طَلَب الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ جَمِيعَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ طَلَبَ النِّصْفَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا النِّصْفَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَا حَاضِرَيْنِ فَطَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمَّا لَمْ يَطْلُبْ الْكُلَّ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يَطْلُبْ فَإِذَا بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فِي النِّصْفِ تَبْطُلُ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي إنْكَارِ الْمُشْتَرِي جِوَارَ الشَّفِيعِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي إنْكَارِ الْمُشْتَرِي جِوَارَ الشَّفِيعِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ) وَفِي الْأَجْنَاسِ بَيْنَ كَيْفِيَّةِ الشَّهَادَةِ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي بِجِوَارِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ مِلْكُ هَذَا الشَّفِيعِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْمُشْتَرِي هَذِهِ الدَّارَ وَهِيَ لَهُ إلَى هَذِهِ السَّاعَةِ لَا نَعْلَمُهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ فَلَوْ قَالَ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِهَذَا الْجَارِ لَا يَكْفِي لَوْ شَهِدَا أَنَّ الشَّفِيعَ كَانَ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ وَهِيَ فِي يَدِهِ أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ فَذَلِكَ يَكْفِي فَلَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. . وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا وَأَقَامَ بَيِّنَة أَنْ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ فِي يَدِ أَبِيهِ مَاتَ وَهِيَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالدَّارِ وَلَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ. دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّهَا لِآخَرَ فَبِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ فَطَلَبَ الْمُقَرُّ لَهُ الشُّفْعَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ دَارِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَلَهَا شَفِيعٌ فَأَقَرَّ الشَّفِيعُ أَنَّ دَارِهِ الَّتِي بِهَا الشُّفْعَةُ لِآخَرَ فَإِنْ كَانَ سَكَتَ عَنْ الشُّفْعَةِ وَلَمْ يَطْلُبْهَا بَعْدُ فَلَا شُفْعَةَ لِلْمُقِرِّ لَهُ وَإِنْ كَانَ طَلَبَ الشُّفْعَةَ فَلِلْمُقِرِّ لَهُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَقَرَّ بِسَهْمٍ مِنْ الدَّارِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ بَاعَ مِنْهُ بَقِيَّةَ الدَّارِ فَالْجَارُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيَّ يُخَطِّئُ الْخَصَّافَ فِي هَذِهِ وَيُفْتِي بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّامِن فِي تَصْرِف الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ قَبْلَ حُضُورِ الشَّفِيعِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ قَبْلَ حُضُورِ الشَّفِيعِ) إنْ بَنَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فِي تَسْلِيمِ السَّاحَةِ إلَى الشَّفِيعِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْقَلْعِ نُقْصَانٌ بِالْأَرْضِ فَلِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ

الْأَرْضَ بِالثَّمَنِ، وَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا، وَإِنْ شَاءَ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَلْعِ وَهَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ زَرَعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِهِ وَلَكِنَّهُ يَنْتَظِرُ إدْرَاكَ الزَّرْعِ ثُمَّ يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ فَيَأْخُذُ الْأَرْضَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. . ثُمَّ إذَا تَرَكَ الْأَرْضَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَتْرُكُ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَسْأَلَةٌ فِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصُورَتُهَا رَجُلٌ أَخَذَ أَرْضًا مُزَارَعَةً وَزَرْعَهَا فَلَمَّا صَارَ الزَّرْعُ بَقْلًا اشْتَرَى الْمَزَارِعُ الْأَرْضَ مَعَ نَصِيبِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ وَفِي نِصْفِ الزَّرْعِ لَكِنْ لَا يَأْخُذُ حَتَّى يُدْرِكَ الزَّرْعَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَزَرْعَهَا فَنَقَصَتْهَا الزِّرَاعَةُ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ، يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى الْأَرْضِ نَاقِصَةً وَعَلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ اشْتَرَاهَا فَيَأْخُذُ الشُّفْعَةَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اشْتَرَى دَارًا وَصَبْغَهَا بِأَلْوَانٍ كَثِيرَةٍ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ دَارًا وَهَدَمَ بِنَاءَهَا أَوْ هَدَمَهَا أَجْنَبِيٌّ أَوْ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ قُسِّمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا وَعَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ فَمَا أَصَابَ الْأَرْضَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِذَلِكَ. مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إذَا انْهَدَمَ الْبِنَاءُ وَبَقِيَ النَّقْضُ عَلَى حَالِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا انْهَدَمَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا، وَإِذَا انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِ مَهْدُومًا؛ لِأَنَّ بِالْهَدْمِ دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْهَادِمِ فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَبِالِانْهِدَامِ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ أَحَدٍ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي عَلَيْهَا مَهْدُومًا حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ قِيمَةُ السَّاحَةِ خَمْسَمِائَةٍ وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ خَمْسَمِائَةٍ فَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ وَبَقِيَ النَّقْضُ وَهُوَ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ فَالثَّمَنُ يُقَسَّمُ عَلَى قِيمَةِ السَّاحَةِ خَمْسَمِائَةٍ وَعَلَى قِيمَةِ النَّقْضِ ثَلَثَمِائَةٍ أَثْمَانًا فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ السَّاحَةَ بِخَمْسَةِ أَثْمَانِ الثَّمَنِ، وَلَوْ احْتَرَقَ الْبِنَاءُ أَوْ ذَهَبَ بِهِ السَّيْلُ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ النَّقْضِ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ السَّاحَةَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ لَهُ ثَمَنٌ وَلَوْ لَمْ يَهْدِمْ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ وَلَكِنْ بَاعَهُ غَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ أَرْضٍ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ الْكُلَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ قِيلَ لِلشَّفِيعِ إنْ شِئْت فَخُذْ الْعَرْصَةَ بِحِصَّتِهَا وَإِنْ شِئْت فَدَعْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ النَّقْضَ، وَكَذَا إذَا هَدَمَ الْبِنَاءَ أَجْنَبِيٌّ وَكَذَا إذَا انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَهْلِكْ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ سَقَطَتْ عَنْهُ وَهِيَ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ شَيْءٍ وَكَذَا لَوْ نَزَعَ الْمُشْتَرِي بَابَ الدَّارِ وَبَاعَهُ تَسْقُطُ عَنْ الشَّفِيعِ حِصَّتُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا فَغَرَقَ نِصْفُهَا فَصَارَ مِثْلَ الْفُرَاتِ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ لَا يُسْتَطَاعُ رَدُّ ذَلِكَ عَنْهَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَإِذَا اشْتَرَى فَوَهَبَ بِنَائِهَا الرَّجُلُ أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَهَدَمَ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ عَلَى الْبِنَاءِ سَبِيلٌ وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَهْدِمْ فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي وَيَأْخُذَ الدَّارَ كُلَّهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ، أَوْ شَجَرًا فِيهِ ثَمَرٌ وَاشْتَرَطَ ثَمَرَةً فِي الْبَيْعِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَالثَّمَرَةُ قَائِمَةً فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ أَجْمَعَ اسْتِحْسَانًا فَإِنْ جَاءَ، وَقَدْ جَذَّهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَلَا شُفْعَةَ فِي الثَّمَرَةِ، وَيَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَتَسْقُطُ عَنْهُ حِصَّةُ الثَّمَرَةِ، يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ وَالثَّمَرِ يَوْمَ الْعَقْدِ فَمَا أَصَابَ الثَّمَرَةَ سَقَطَ عَنْ الشَّفِيعِ، وَقِيلَ لَهُ خُذْ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِحِصَّتِهِمَا إنْ شِئْتَ فَإِنْ أَخَذَهُمَا الشَّفِيعُ وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَةُ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي رَدِّهَا وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ قَائِمَةً فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَأَكَلَهَا أَوْ بَاعَهَا أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ عَلَى وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَأَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ سَقَطَ عَنْهُ حِصَّةُ الثَّمَرَةِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ قَدْ وَقَعَ وَلَا ثَمَرَةَ ثُمَّ أَثْمَرَ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ وَالثَّمَرَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَلَوْ جَدَّهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَهُوَ قَائِمٌ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِحِصَّتِهِ إنْ شَاءَ وَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ ذَهَبَتْ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ بِأَنْ احْتَرَقَتْ أَوْ أَصَابَتْهَا آفَةٌ فَهَلَكَتْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ لَهُ قِيمَةٌ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ

وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي صَرَمَ الثَّمَرَ ثُمَّ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ بِأَنْ أَصَابَهُ سَيْلٌ فَذَهَبَ بِهِ أَوْ نَارٌ فَاحْتَرَقَ فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ صَارَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ فَلَا أُبَالِي هَلَكَتْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَمَّا انْفَصَلَتْ سَقَطَ حَقُّ الشَّفِيعِ عَنْهَا فَكَأَنَّهَا كَانَتْ فِي الْأَصْلِ مُنْفَصِلَةٌ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ وَلَا ثَمَرَةَ فِيهِ ثُمَّ أَثْمَرَ فِي يَدِهِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَالثَّمَرُ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّخْلِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ وَالثَّمَرَ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمَّا حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ فِي يَدِهِ جَذَّهَا ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَهِيَ قَائِمَةٌ أَوْ قَدْ اسْتَهْلَكَهَا الْمُشْتَرِي بِبَيْعٍ أَوْ أَكْلٍ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الثَّمَرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِأَنْ وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ آجَرَهَا أَوْ جَعَلَهَا مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهَا أَوْ وَقَفَهَا وَقْفًا أَوْ جَعَلَهَا مَقْبَرَةً وَدَفَنَ فِيهَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ وَيَنْقُضَ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ صَحِيحٌ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِالشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَأَنْ يُؤَجِّرَ، وَيَطِيبُ لَهُ الثَّمَنُ وَالْأَجْرُ وَكَذَا لَهُ أَنْ يَهْدِمَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ غَيْرَ أَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَنْقُضَ كُلَّ التَّصَرُّفِ إلَّا الْقَبْضَ وَمَا كَانَ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ أَلَا يُرَى أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ قَبْضَ الْمُشْتَرِي لِيُعِيدَ الدَّارَ إلَى يَدِ الْبَائِعِ وَيَأْخُذَهَا مِنْهُ لَا يَكُونُ لَهُ، ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى نِصْفَ دَارٍ غَيْرِ مَقْسُومٍ أَخَذَ الشَّفِيعُ حَظَّهُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ بِقِسْمَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِحُكْمِ الْقَاضِي أَوْ التَّرَاضِي بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَقَاسَمَ الْمُشْتَرِي الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَبِعْ حَيْثُ يَكُونُ لِلشَّفِيعِ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ مِنْ الَّذِي قَاسَمَ فَلَمْ تَكُنْ الْقِسْمَةُ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ نَقْضُ قِسْمَتِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ الْمُشْتَرِي فِي أَيِّ جَانِبٍ كَانَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلَانِ اشْتَرَيَا دَارًا وَهُمَا شَفِيعَانِ وَلَهَا شَفِيعٌ ثَالِثٌ اقْتَسَمَاهَا ثُمَّ جَاءَ الثَّالِثُ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ اقْتَسَمَاهَا بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَرَفَعَ مِنْهَا التُّرَابَ وَبَاعَهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ قَبْلَ رَفْعِ التُّرَابِ وَعَلَى قِيمَةِ التُّرَابِ الْمَرْفُوعِ ثُمَّ يُطْرَحُ عَنْ الشَّفِيعِ قِيمَةُ التُّرَابِ. وَقَالَ الْقَاضِي الْأَمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُطْرَحُ عَنْ الشَّفِيعِ نِصْفُ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُطْرَحُ عَنْهُ حِصَّةُ النُّقْصَانِ فَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَبَسَ الْأَرْضَ بَعْدَ مَا رَفْعَ مِنْهَا التُّرَابَ فَأَعَادَهَا كَمَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ الشَّفِيعُ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي ارْفَعْ مِنْ الْأَرْضِ مَا أَحْدَثَتْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ دَارٍ مِنْ رَجُلٍ لَيْسَ بِشَفِيعٍ وَقَاسَمَهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَقَدِمَ الشَّفِيعُ، وَنَصِيبُ الْبَائِعِ بَيْنَ دَارِ الشَّفِيعِ وَبَيْنَ نَصِيبِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ فَإِنْ بَاعَ الْبَائِعُ نَصِيبَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ قَبْلَ طَلَبِ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ الْأُولَى ثُمَّ طَلَبَ الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ قَضَى الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ الْأَخِيرَةِ جَعَلَهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ صَارَ جَارًا لِنَصِيبِ الْبَائِعِ كَالشَّفِيعِ فَاسْتَوَيَا فِيهِ وَإِنْ بَدَأَ فَقَضَى بِالْأُولَى لِلْأَوَّلِ قَضَى لَهُ بِالْأَخِيرَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مِلْكٌ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى قَالَ إذَا اشْتَرَى دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ بَاعَهَا بِأَلْفَيْنِ فَعَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ الثَّانِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْأَوَّلِ فَخَاصَمَ فِيهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ بِالْبَيْعِ الثَّانِي بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ مَا أَخَذَهُ وَبَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهَا صَاحِبُهَا بِأَلْفٍ ثُمَّ نَاقَضَهُ الْمُشْتَرِي وَرَدَّهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ شِرَاءَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي حِينَ اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ نَاقَضَهُ الْبَيْعُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ فَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. . لَوْ اشْتَرَاهَا بِأَلْفٍ فَزَادَهُ فِي

الباب التاسع فيما يبطل به حق الشفعة بعد ثبوته وما لا يبطل

الثَّمَنِ أَلْفًا فَعَلِمَ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْأَلْفِ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَلْفَيْنِ بِقَضَاءٍ أَبْطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ وَإِنْ أَخَذَهَا بِرِضًا كَانَ الْأَخْذُ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءٍ مُبْتَدَأٍ فَلَمْ يَبْقَ حَقُّ الشُّفْعَةِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَوْصَى الْمُشْتَرِي لِإِنْسَانٍ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَنْقُضَ الْوَصِيَّةَ وَيَأْخُذَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اشْتَرَى قَرْيَةً فِيهَا بُيُوتٌ وَأَشْجَارٌ وَنَخِيلٌ ثُمَّ إنَّهُ بَاعَ الْأَشْجَارَ وَالْبِنَاءَ فَقَطَعَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الْأَشْجَارِ وَهَدَمَ بَعْضَ الْبِنَاءِ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ كَانَ لَهُ الْأَرْضُ، وَمَا لَمْ يُقْطَعْ مِنْ الْأَشْجَارِ وَمَا لَمْ يُهْدَمْ مِنْ الْبِنَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا قُطِعَ وَيُطْرَحُ عَنْ الشَّفِيعِ حِصَّةُ مَا قُطِعَ مِنْ الشَّجَرِ وَمَا هُدِمَ مِنْ الْبِنَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا فَهَدَمَ بِنَاءَهَا ثُمَّ بَنَى فَأَعْظَمَ الْمَنْفَعَةَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهَا بِالشُّفْعَةِ وَيُقَسِّمُ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ الَّذِي كَانَ فِيهَا يَوْمَ اشْتَرَى وَيُسْقِطُ حِصَّةَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الَّذِي هَدَمَ الْبِنَاءَ وَيَنْقُضُ الْمُشْتَرِي بِنَاءَهُ الْمُحْدَثَ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ [الْبَاب التَّاسِع فِيمَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَمَا لَا يَبْطُلُ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَمَا لَا يَبْطُلُ) وَمَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ نَوْعَانِ اخْتِيَارِيٌّ وَضَرُورِيٌّ وَالِاخْتِيَارِيُّ نَوْعَانِ صَرِيحٌ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، وَدَلَالَةٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَحْوُ أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ أَبْطَلْتُ الشُّفْعَةَ أَوْ أَسْقَطْتُهَا أَوْ أَبْرَأْتُكَ عَنْهَا أَوْ سَلَّمْتُهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْبَيْعِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إنْ كَانَ بَعْدَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ إسْقَاطَ الْحَقِّ صَرِيحًا يَسْتَوِي فِيهِ الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ بِخِلَافِ الْإِسْقَاطِ مِنْ طَرِيقِ الدَّلَالَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ ثَمَّةَ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ، وَأَمَّا الدَّلَالَةُ فَهُوَ أَنْ يُوجَدَ مِنْ الشَّفِيعِ مَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِالْعَقْدِ، وَحُكْمُهُ لِلْمُشْتَرِي نَحْوُ مَا إذَا عَلِمَ بِالشِّرَاءِ فَتَرَكَ الطَّلَبَ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَوْ قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ تَشَاغَلَ عَنْ الطَّلَبِ بِعَمَلٍ آخَرَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ. وَكَذَا إذَا سَاوَمَ الشَّفِيعُ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ سَأَلَهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ إيَّاهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهَا الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَخَذَهَا مُزَارَعَةً أَوْ مُعَامَلَةً وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ الْعِلْمِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ اسْتَوْدَعَهُ أَوْ اسْتَوْصَاهُ أَوْ سَأَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ فَهُوَ تَسْلِيمٌ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي أُوَلِّيكَهَا بِكَذَا فَقَالَ الشَّفِيعُ نَعَمْ فَهُوَ تَسْلِيمٌ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَأَمَّا الضَّرُورِيُّ فَنَحْوُ أَنْ يَمُوتَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَهَذَا عِنْدَنَا وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ وَارِثِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ وَبَعْدَهُ صَحِيحٌ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ عَلِمَ مِنْ أَسْقَطَ إلَيْهِ هَذَا الْحَقُّ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ أَنْفَقْت عَلَيْهَا كَذَا فِي بِنَائِهَا وَأَنَا أُوَلِّيكَهَا بِذَلِكَ وَبِالثَّمَنِ فَقَالَ نَعَمْ فَهُوَ تَسْلِيمٌ مِنْهُ كَذَا فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ مِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْمَبْسُوطِ. وَلَا يَصِحُّ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ بَعْدَمَا أَخَذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَلَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ فِي الْهِبَةِ بِعِوَضٍ قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فِي هِبَةٍ بِعِوَضٍ بَعْدَ التَّقَابُضِ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّهَا كَانَتْ بَيْعًا بِذَلِكَ الْعِوَضِ لَمْ تَكُنْ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَإِنْ سَلَّمَهَا فِي هِبَةٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهَا كَانَتْ بِشَرْطِ عِوَضٍ أَوْ كَانَتْ بَيْعًا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ وَإِذَا وَهَبَ لِرَجُلٍ دَارًا عَلَى عِوَضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَهُوَ بَاطِلٌ حَتَّى إذَا قَبَضَ الْعِوَضَ الْآخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ، فَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ إنَّمَا تَصِيرُ كَالْبَيْعِ بَعْدَ التَّقَابُضِ، وَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ قَبْلَ تَقَرُّرِ سَبَبِ الْوُجُوبِ بَاطِلٌ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِذَا وَهَبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ أَوْ بَاعَهَا مِنْ إنْسَانٍ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا. هَكَذَا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهَادَةِ إذَا بَاعَ الشُّفْعَةَ كَانَ ذَلِكَ تَسْلِيمًا لِلشُّفْعَةِ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُفْعَةِ الْجَامِعِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَبِيعِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا فَلَهُ الشُّفْعَةُ

لِأَنَّ الْحَطَّ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ أُخْبِرَ بِالْبَيْعِ بِأَلْفٍ وَسَلَّمَ فَإِذَا الْبَيْعُ بِخَمْسِمِائَةٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا قَالَ الشَّفِيعُ سَلَّمْتُ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ كَانَ تَسْلِيمًا صَحِيحًا وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ أَحَدٌ أَوْ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِلْبَائِعِ سَلَّمَتْ لَكَ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ لِلْبَائِعِ بَعْدَمَا سَلَّمَ الدَّارَ إلَى الْمُشْتَرِي سَلَّمَتْ الشُّفْعَةَ لَكَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ سَلَّمَتْ الشُّفْعَةَ بِسَبَبِكَ أَوْ لِأَجْلِكَ صَحَّ تَسْلِيمُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَكِيلًا مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ بِشِرَاءِ الدَّارِ فَقَالَ الشَّفِيعُ سَلَّمْتُ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا كَانَ تَسْلِيمًا صَحِيحًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ سَلَّمْتُ لَك شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ صَحَّ التَّسْلِيمُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِلْوَكِيلِ بَعْدَ مَا دَفَعَ الدَّارَ إلَى الْمُوَكِّلِ صَحَّ التَّسْلِيمُ اسْتِحْسَانًا وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَكِيلًا مِنْ غَيْرِهِ بِالشِّرَاءِ فَقَالَ لَهُ الشَّفِيعُ سَلَّمْتُ لَك شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِكَ كَانَ هَذَا تَسْلِيمًا صَحِيحًا لِلْآمِرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لَأَجْنَبِيٍّ سَلَّمْتُ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ سَقَطَتْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ الشَّفِيعُ لِأَجْنَبِيٍّ ابْتِدَاءً سَلَّمْتُ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ لَكَ أَوْ قَالَ أَعْرَضْتُ عَنْهَا لَك لَا يَصِحُّ تَسْلِيمُهُ وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ سَلَّمْت الشُّفْعَةَ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ قَالَ وَهَبْتُهَا لِلْمُوَكِّلِ أَوْ قَالَ أَعْرَضْتُ عَنْهَا لِلْمُوَكِّلِ لِأَجْلِكَ وَشَفَاعَتِكَ. صَحَّ تَسْلِيمُهُ لِلْآمِرِ وَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِشَفِيعٍ أَجْنَبِيٍّ سَلِّمْ الشُّفْعَةَ لِلْمُوَكِّلِ فَقَالَ قَدْ سَلَّمْتُهَا لَك أَوْ وَهَبْتُهَا أَوْ أَعْرَضْتُ عَنْهَا كَانَ تَسْلِيمًا فِي الِاسْتِحْسَانِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا خَاطَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ لِزَيْدٍ فَقَالَ قَدْ سَلَّمْتهَا لَك كَانَ هَذَا كَلَامًا خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَوَابِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ سَلَّمْتهَا لَهُ لِأَجْلِكَ وَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ لَمَّا خَاطَبَهُ الْأَجْنَبِيُّ قَدْ سَلَّمْتَ لَكَ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ وَهَبْتُ لَكَ شُفْعَتَهَا أَوْ بِعْتهَا مِنْكَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَسْلِيمًا؛ لِأَنَّ هَذَا كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ فَلَا يَنْطَوِي تَحْتَ الْجَوَابِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ تَسْلِيمًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِلشَّفِيعِ أُصَالِحُكَ عَلَى كَذَا عَلَى أَنْ تُسَلِّمَ الشُّفْعَةَ فَسَلَّمَ كَانَ تَسْلِيمًا صَحِيحًا وَلَا يَجِبُ الْمَالُ وَلَوْ قَالَ أُصَالِحُكَ عَلَى كَذَا عَلَى أَنْ تَكُونَ الشُّفْعَةُ لِي كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا وَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَنَّ أَجْنَبِيًّا قَالَ لِلشَّفِيعِ أُصَالِحُكَ عَلَى كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ تُسَلِّمَ الشُّفْعَةَ وَلَمْ يَقُلْ لِي فَقَبِلَ الشَّفِيعُ لَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ لِلْبَائِعِ سَلَّمْتُ لَكَ بَيْعَكَ أَوْ قَالَ لِلْمُشْتَرِي سَلَّمْتُ لَكَ شِرَاءَك بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَإِنْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ سَلَّمْت لَك شِرَاءَ هَذِهِ الدَّارِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَسْلِيمًا وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ تَعْلِيقُ إبْطَالِهَا بِالشَّرْطِ جَائِزٌ حَتَّى لَوْ قَالَ سَلَّمْتهَا إنْ كُنْت اشْتَرَيْت لِأَجْلِ نَفْسِك فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ وَالْإِسْقَاطُ يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. لَوْ قَالَ الشَّفِيعُ لِلْبَائِعِ سَلَّمْت لَك الشُّفْعَةَ إنْ كُنْت بِعْتهَا مِنْ فُلَانٍ لِنَفْسِك فَكَانَ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَسْلِيمًا وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي سَلَّمْت لَك شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ فَإِذَا هُوَ قَدْ اشْتَرَاهَا لِغَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ هَذَا تَسْلِيمٌ لِلْآمِرِ وَالْمُخْتَارُ الْمَذْكُورُ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْحَاوِي إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِغَيْرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَطَلْت شُفْعَتُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَبْطُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا سَلَّمَ الْجَارُ الشُّفْعَةَ مَعَ قِيَامِ الشَّرِيكِ صَحَّ تَسْلِيمُهُ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ الشَّرِيكُ بَعْدَ ذَلِكَ شُفْعَتَهُ لَا يَكُونُ لِلْجَارِ أَنْ يَأْخُذَ الشُّفْعَةَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فَسَلَّمَهَا فَهُوَ جَائِزٌ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِنْ سَلَّمَهَا مَوْلَاهُ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ تَسْلِيمُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا يَجُوزُ تَسْلِيمُهُ بَعْدَ الْحَجْرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَتَسْلِيمُ الْمُكَاتَبِ شُفْعَتَهُ جَائِزٌ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أُخْبِرَ بِالْبَيْعِ بِقَدْرٍ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ جِنْسٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ فُلَانٍ فَسَلَّمَ فَظَهَرَ خِلَافُهُ هَلْ يَصِحُّ تَسْلِيمُهُ؟ فَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنْ يُنْظَرَ إنْ كَانَ لَا يَخْتَلِفُ غَرَضُ الشَّفِيعِ فِي التَّسْلِيمِ صَحَّ التَّسْلِيمُ وَبَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ غَرَضُهُ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَسَلَّمَ

ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الثَّمَنَ مِائَةُ دِينَارٍ قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَعِنْدَنَا هُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ وَإِلَّا فَتَسْلِيمُهُ صَحِيحٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . وَإِذَا قِيلَ لَهُ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ فُلَانٌ. فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُهُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَإِذَا قِيلَ لَهُ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ زَيْدٌ. فَسَلَّمَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ عَمْرٌو وَزَيْدٌ صَحَّ تَسْلِيمُهُ لِزَيْدٍ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ عَمْرٍو كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفٌ فَسَلَّمَ فَإِذَا الثَّمَنُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ شَيْءٌ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ فَإِذَا الثَّمَنُ صِنْفٌ آخَرُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ مَا ظَهَرَ مِثْلَ مَا أَخْبَرَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ شَيْءٌ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِذَا هُوَ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. . وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ شَيْءٌ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ شَيْءٌ آخَرُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ بِأَنْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ دَارٌ فَإِذَا الثَّمَنُ عَبْدٌ فَجَوَابُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ هَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ فِيمَا إذَا كَانَ قِيمَةُ مَا ظَهَرَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ مَا أُخْبِرَ بِهِ وَغَيْرُ صَحِيحٍ فِيمَا إذَا كَانَ قِيمَةُ مَا ظَهَرَ مِثْلَ قِيمَةِ مَا أُخْبِرَ بِهِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَلْفٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الثَّمَنَ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ فَجَوَابُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا هَذَا الْجَوَابُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَا ظَهَرَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ مَا أُخْبِرَ أَمَّا إذَا كَانَ مِثْلَ قِيمَةِ مَا أُخْبِرَ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَظَهَرَ أَنَّ قِيمَتَهُ أَقَلُّ مِنْ الْأَلْفِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفٌ أَوْ أَكْثَرُ فَلَا شُفْعَةَ وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الثَّمَنَ شَيْءٌ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ قِيمَةُ الثَّمَنِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أُخْبِرَ بِشِرَاءِ نِصْفِ الدَّارِ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَى الْكُلَّ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَلَوْ أُخْبِرَ بِشِرَاءِ الْكُلِّ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْجَوَابُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَنُ النِّصْفِ مِثْلَ ثَمَنِ الْكُلِّ بِأَنْ أُخْبِرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ بِأَلْفٍ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ بِأَلْفٍ أَمَّا إذَا أُخْبِرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ بِخَمْسِمِائَةٍ يَكُونُ عَلَى شُفْعَتِهِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ بَطَلَتْ فِي الْكُلِّ وَلَوْ طَلَبَ نِصْفَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ تَسْلِيمًا مِنْهُ لِلشُّفْعَةِ فِي الْكُلِّ اخْتَلَفَ فِيهِ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ طَلَبَ تَسْلِيمِ النِّصْفِ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا لِلْبَاقِي لَا صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ الشَّفِيعَ بَاعَ نِصْفَ دَارِهِ أَوْ ثُلُثَهَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ وَمَا بَاعَ شَائِعٌ فَلَهُ الشُّفْعَةُ بِمَا بَقِيَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الشَّفِيعُ إذَا ادَّعَى رَقَبَةَ الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ أَنَّهَا لَهُ لَا بِالشُّفْعَةِ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَإِنْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ ادَّعَى رَقَبَةَ الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ أَنَّهَا لَهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ صَالَحَ مِنْ شُفْعَتِهِ عَلَى عِوَضٍ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ وَرُدَّ الْعِوَضُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ ثَبَتَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَا يَظْهَرُ ثُبُوتُهُ فِي حَقِّ الِاعْتِيَاضِ وَلَا يَتَعَلَّقُ إسْقَاطُهُ بِالْجَائِزِ مِنْ الشَّرْطِ فَبِالْفَاسِدِ أَوْلَى، فَلَوْ قَالَ الشَّفِيعُ أَسْقَطْت شُفْعَتِي فِيمَا اشْتَرَيْت عَلَى أَنْ تُسْقِطَ شُفْعَتُك فِيمَا اشْتَرَيْت، فَإِنَّهُ تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُسْقِطْ الْمُشْتَرِي شُفْعَتَهُ فِيمَا اشْتَرَى الشَّفِيعُ، وَإِسْقَاطُ الشُّفْعَةِ بِالْعِوَضِ الْمَالِيِّ شَرْطٌ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُلَائِمٍ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ مُجَرَّدِ الْحَقِّ فِي الْمَحَلِّ وَهُوَ حَرَامٌ وَرِشْوَةٌ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ شَرِيكًا وَجَارًا فَبَاعَ نَصِيبَهُ الَّذِي يَشْفَعُ فِيهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ سَلَّمَ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ طَلَبَ الشُّفْعَةَ قَالَ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ كَذَا قَالَ لَيْثُ بْنُ مُشَاوِرٍ قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَبْطُلُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ كَانَ

الباب العاشر في الاختلاف بين الشفيع والمشتري والبائع

الْمُشْتَرِي وَاقِفًا مَعَ الِابْنِ فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ عَلَى ابْنِ الْمُشْتَرِي بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ سَلَّمَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِأَنْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْك وَلَا يَدْرِي عَلَى مَنْ سَلَّمَ سُئِلَ الشَّفِيعُ أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى الِابْنِ أَوْ عَلَى الْأَبِ فَإِنْ قَالَ عَلَى الْأَبِ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَإِنْ قَالَ عَلَى الِابْنِ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي سَلَّمْت عَلَى ابْنِي، وَقَدْ بَطَلَتْ شُفْعَتُك وَقَالَ الشَّفِيعُ سَلَّمْت عَلَيْك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أُخْبِرَ بِبَيْعِ الدَّارِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَقَدْ ادَّعَيْت شُفْعَتَهَا أَوْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَدْ ادَّعَيْت شُفْعَتَهَا فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. سَمِعَ الْبَيْعَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَدْ طَلَبْت شُفْعَتَهَا لَا تَبْطُلُ فِي الْمُخْتَارِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَقَالَ النَّاطِفِيُّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ كَيْفَ أَصْبَحْت أَوْ كَيْفَ أَمْسَيْت إذَا قَالَ لِلْمُشْتَرِي حِينَ لَقِيَهُ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك ثُمَّ طَلَبَ الشُّفْعَةَ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ (شُفْعَة مراست خواستم ويافتم) فَهُوَ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ سَأَلَهُ عَنْ حَوَائِجِهِ أَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ حَاجَةً ثُمَّ طَلَبَهَا بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَإِنْ سَأَلَهُ عَنْ ثَمَنِهَا فَأَخْبَرَهُ بِهِ ثُمَّ طَلَبَهَا بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. دَارٌ بِيعَتْ فَقَالَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ أَبَرِئْنَا عَنْ كُلِّ خُصُومَةٍ لَك قَبْلَنَا فَفَعَلَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَجِبُ لَهُ قَبْلَهُمَا شُفْعَةٌ لَا شُفْعَةَ لَهُ فِي الْقَضَاءِ وَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ لَا يُبْرِئُهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أُخْبِرَ بِالْبَيْعِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَمَضَى فِيهَا فَإِنْ كَانَ فِي الْفَرْضِ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَكَذَا إذَا كَانَ فِي الْوَاجِبِ وَإِنْ كَانَ فِي السُّنَّةِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ السُّنَنَ الرَّاتِبَةَ فِي مَعْنَى الْوَاجِبِ سَوَاءٌ كَانَتْ السُّنَّةُ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا كَالْأَرْبَعِ قَبْل الظُّهْرِ حَتَّى لَوْ أُخْبِرَ بَعْدَ مَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَوَصَلَ بِهِمَا الشَّفْعَ الثَّانِي لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَاجِبَةٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ إذَا عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَهُوَ فِي التَّطَوُّعِ فَجَعَلَهَا أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا فَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ تَبْطُلُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَالْمُضْمَرَاتِ الْكُبْرَى. وَفِي فَتَاوَى آهُو أُخْبِرَ وَقْتَ الْخُطْبَةِ فَلَمْ يَطْلُبْ حَتَّى فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ إنْ كَانَ قَرِيبًا بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ لَا تَبْطُلُ وَإِلَّا فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَلَوْ أُخْبِرَ بَعْدَمَا كَانَ قَعَدَ الْأَخِيرَةَ فَلَمْ يَطْلُبْ حَتَّى قَرَأَ الدَّعَوَاتِ إلَى قَوْلِهِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ثُمَّ سَلَّمَ بَطَلَتْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ فِيمَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ. وَفِي النَّوَازِلِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْتَتِحَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ بِجَمَاعَةٍ فَلَمْ يَذْهَبْ فِي طَلَبِهَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ وَالشَّهَادَةِ فِي الشُّفْعَةِ) الِاخْتِلَافُ الْوَاقِعُ بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الثَّمَنِ وَإِمَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمَبِيعِ أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الثَّمَنِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ وَإِمَّا أَنْ يَقَعَ فِي قَدْرِهِ وَإِمَّا أَنْ يَقَعَ فِي صِفَتِهِ فَإِنْ وَقَعَ فِي الْجِنْسِ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَالَ الشَّفِيعُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَعْرَفُ بِجِنْسِ الثَّمَنِ مِنْ الشَّفِيعِ فَيَرْجِعُ فِي مَعْرِفَةِ الْجِنْسِ إلَيْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَتَحَالَفَانِ وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي وَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي ثَمَنًا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَقَلَّ مِنْهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ وَكَانَ ذَلِكَ حَطًّا عَنْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَكْثَرَ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ، وَأَيُّهُمَا نَكَلَ، ظَهَرَ أَنَّ الثَّمَنَ مَا يَقُولُهُ الْآخَرُ فَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِذَلِكَ وَإِنْ حَلَفَا يَفْسَخُ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا وَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِقَوْلِ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ قَبَضَ الثَّمَنَ أَخَذَهَا بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي.

إنْ شَاءَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ نَقْدُ الثَّمَنِ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت الدَّارَ بِأَلْفٍ وَقَبَضْت الثَّمَنَ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِالْأَلْفِ وَلَوْ قَالَ قَبَضْت الثَّمَنَ وَهُوَ أَلْفٌ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا بِعَرْضٍ وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى هَلَكَ الْعَرْضُ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الدَّارَ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْعَرْضَ حَتَّى هَلَكَ أَوْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَبَقِيَ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ الْعَرْضِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قِيمَةِ الْعَرْضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي بِنَاءَ الدَّارِ حَتَّى سَقَطَ عَنْ الشَّفِيعِ قَدْرُ قِيمَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ قِيمَةَ السَّاحَةِ أَلْفٌ أَوْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالسَّاحَةِ جَمِيعًا فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْبِنَاءِ لَا غَيْرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالسَّاحَةِ فَإِنَّ السَّاحَةَ تَقُومُ السَّاعَةُ وَالْقَوْلُ فِي قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُبِلَتْ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الثَّمَنِ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ وَقَالَ الشَّفِيعُ لَا بَلْ اشْتَرَيْتُهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَبِيعِ فَهُوَ أَنْ يَخْتَلِفَ فِيمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهِ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ بِصَفْقَتَيْنِ نَحْوَ مَا الَّذِي اشْتَرَى دَارًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ الْعَرْصَةَ عَلَى حِدَةٍ بِأَلْفٍ وَقَالَ الشَّفِيعُ بَلْ اشْتَرَيْتُهُمَا جَمِيعًا بِأَلْفَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ وَلَمْ يُوَقِّتَا وَقْتًا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشَفِّعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَارًا وَلَهَا شَفِيعَانِ فَأَتَى إلَيْهِ أَحَدُهُمَا يَطْلُبُ شُفْعَتَهُ وَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي إنِّي اشْتَرَيْتهَا بِأَلْفٍ فَصَدَّقَهُ الشَّفِيعُ فِي ذَلِكَ وَأَخَذَهَا بِأَلْفٍ ثُمَّ أَنَّ الشَّفِيعَ الثَّانِي جَاءَ فَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ اشْتَرَاهَا بِخَمْسِمِائَةٍ فَالشَّفِيعُ الثَّانِي يَأْخُذُ مِنْ الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ نِصْفَهَا وَيَدْفَعُ إلَيْهِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ وَيَرْجِعُ الشَّفِيعُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ وَبَقِيَ فِي يَدِ الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ نِصْفُ الدَّارِ بِخَمْسِمِائَةٍ. وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَارًا وَقَبَضَهَا فَجَاءَ الشَّفِيعُ فَطَلَبَ الشُّفْعَةَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفَيْنِ وَقَالَ الشَّفِيعُ لَا بَلْ اشْتَرَيْتهَا بِأَلْفٍ وَلَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا ذَكَرَ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَدِمَ شَفِيعٌ آخَرُ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ بَاعَ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ الدَّارِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَيَرْجِعُ الشَّفِيعُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِخَمْسِمِائَةٍ حِصَّةِ النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ الشَّفِيعُ الثَّانِي، وَيُقَالُ لِلشَّفِيعِ الْأَوَّلِ إنْ شِئْتَ أَعِدْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْلِ النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِك وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَك وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّفِيعَ الْأَوَّلَ لَوْ قَالَ لِلْمُشْتَرِي: إنَّ الشَّفِيعَ الثَّانِي أَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ بِأَلْفٍ. فَيَكُونُ بِمُقَابَلَةِ النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِي خَمْسُمِائَةٍ، عَلَى أَنْ أَرْجِعَ عَلَيْك بِخَمْسِمِائَةٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا أَعَادَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ بِأَلْفٍ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الشَّفِيعَ الثَّانِي إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِبَيِّنَتِهِ نِصْفَ الدَّارِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ بَيِّنَةَ الشَّفِيعِ الثَّانِي لَمَّا عَمِلَتْ فِي نِصْفِ الدَّارِ ثَبَتَ الشِّرَاءُ بِأَلْفٍ فِي حَقِّ ذَلِكَ النِّصْفِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الشَّفِيعُ الثَّانِي لَا فِي حَقِّ النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ فَيَحْتَاجُ الشَّفِيعُ الْأَوَّلُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ لِيَثْبُتَ الشِّرَاءَ بِالْأَلْفِ فِي النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ فَيَسْتَحِقُّ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْخَمْسِمِائَةِ الزَّائِدَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا فَجَاءَ الشَّفِيعُ فَأَخَذَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ ثُمَّ وَجَدَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهَا بِخَمْسِمِائَةٍ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا فَبَيِّنَتُهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لَا تَقْبَلُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اتَّفَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَأَنْكَرَ الشَّفِيعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -.

وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِمَا وَإِنَّمَا ثَبَتَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَقَرَّا بِهِ وَفِي الْجَامِعِ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ الْخِيَارَ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَالْبَائِعُ يَدَّعِي إحْدَاثَ الشَّرْطِ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ وَالشَّفِيعُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ تَبَايَعَا فَطَلَبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِحَضْرَتِهِمَا فَقَالَ الْبَائِعُ كَانَ الْبَيْعُ بَيْنَنَا بَيْعَ مُعَامَلَةٍ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ لَا يَصْدُقَانِ عَلَى الشَّفِيعِ بَلْ الْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى جَوَازَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْحَالُ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ كَثِيرَ الْقِيمَةِ، وَقَدْ بِيعَ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ لَا يُبَاعُ بِهِ مِثْلُهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْقَوْلُ لَهُمَا وَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فِي الْمُنْتَقَى بَاعَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ وَالْبَائِعُ تَصَادَقَا أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ فَاسِدًا وَقَالَ الشَّفِيعُ كَانَ جَائِزًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ وَلَا أُصَدِّقُهُمَا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ بِشَيْءٍ وَلَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، أَجْعَلُ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلَ الَّذِي يَدَّعِي الصِّحَّةَ فَإِذَا زَعَمَا أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ فَاسِدًا بِشَيْءٍ أَجْعَلُ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ فَإِنِّي أُصَدِّقُهُمَا وَلَا أَجْعَلُ لِلشَّفِيعِ شُفْعَةً. يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ الْبَائِعَ مَعَ الْمُشْتَرِي إذَا اتَّفَقَا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ بِسَبَبٍ لَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي فَسَادِ الْعَقْدِ بِذَلِكَ السَّبَبِ لَا يُصَدَّقُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْجَوَازَ نَحْوَ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا أَجَلًا فَاسِدًا أَوْ خِيَارًا فَاسِدًا فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْفَسَادِ بِذَلِكَ السَّبَبِ لَا يُصَدَّقَانِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ. وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ بِسَبَبٍ لَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي فَسَادِ الْبَيْعِ بِذَلِكَ السَّبَبِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْفَسَادِ بِذَلِكَ السَّبَبِ يُصَدَّقَانِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ وَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمُنْتَقَى فَقَالَ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِعْتَنِيهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ فَقَالَ الْبَائِعُ صَدَقْت لَمْ أُصَدِّقْهُمَا عَلَى الشَّفِيعِ وَلَوْ قَالَ بِعْتنِيهَا بِخَمْرٍ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ هَذَا هُوَ لَفْظُ الْمُنْتَقَى وَجَعَلَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُنْتَقَى قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ قَالَ الْقُدُورِيُّ كَأَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَعْتَبِرُ هَذَا الِاخْتِلَافَ بِالِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتنِيهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ وَقَالَ الْبَائِعُ لَا بَلْ بِعْتهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتنِيهَا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِخَمْرٍ لَا جَوَازُ لَهُ بِحَالٍ وَإِنَّمَا يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْجَوَازَ فِي عَقْدٍ لَهُ جَوَازٌ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِأَجَلٍ فَاسِدٍ أَوْ بِأَلْفٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْفَسَادِ وَكَذَّبَهُمَا الشَّفِيعُ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَكَذَّبَهُمَا فِيهِ الشَّفِيعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اشْتَرَى عُشْرَ الضَّيْعَةِ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ ثُمَّ بَقِيَّتَهَا بِثَمَنٍ قَلِيلٍ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِي الْعُشْرِ دُونِ الْبَاقِي فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ مَا أَرَدْت بِذَلِكَ إبْطَالَ شُفْعَتِي لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ اسْتَحْلَفَهُ بِاَللَّهِ مَا كَانَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ تَلْجِئَةً فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ وَهُوَ خَصْمٌ، وَهُوَ تَأْوِيلُ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الِاسْتِحْلَافَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ إبْطَالَ الشُّفْعَةِ لَهُ ذَلِكَ أَيْ إذَا ادَّعَى أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ كَانَ تَلْجِئَةً كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي الْأَجْنَاسِ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ لِابْنِي الصَّغِيرِ وَأَنْكَرَ شُفْعَةَ الشَّفِيعِ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الشَّفِيعُ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ ابْنًا صَغِيرًا وَإِنْ أَنْكَرَ أَنَّ لَهُ ابْنًا يَحْلِفُ الشَّفِيعُ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ لَهُ ابْنًا صَغِيرًا وَإِنْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا، وَقَدْ سَلَّمَ الدَّارَ إلَيْهِ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الْخُصُومَةِ وَقَبِلَ تَسْلِيمَ الدَّارِ وَهُوَ خَصْمٌ لِلشَّفِيعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ امْرَأَةٍ فَأَرَادَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا إلَّا مَنْ لَهُ الشُّفْعَةُ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمْ لَا تَجُوزُ عَلَيْهَا إنْ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا شَهِدَ ابْنَا الْبَائِعِ عَلَى الشَّفِيعِ بِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ وَالدَّارِ فِي يَدِ الْبَائِعِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ يَدَّعِي تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ كَانَ يَجْحَدُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لَا يَجُرَّانِ إلَى أَبِيهِمَا مَغْنَمًا وَلَا يَدْفَعَانِ عَنْهُ مَغْرَمًا وَإِذَا شَهِدَ.

الْبَائِعَانِ عَلَى الشَّفِيعِ بِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُمَا كَانَا خَصْمَيْنِ فِي هَذِهِ الدَّارِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي وَمَنْ كَانَ خَصْمًا فِي شَيْءٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ خَصْمًا أَمَّا ابْنَاهُ فَمَا كَانَا خَصْمَيْنِ فِي هَذِهِ الدَّارِ هَذَا إذَا شَهِدَ ابْنَا الْبَائِعِ عَلَى الشَّفِيعِ بِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ فَأَمَّا إذَا شَهِدَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ الدَّارِ إلَى الشَّفِيعِ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْأَبِ أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَسَوَاءٌ ادَّعَى الْأَبُ أَوْ لَمْ يَدَّعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ جَمِيعًا بَاعُوهَا مِنْ فُلَانٍ وَادَّعَى ذَلِكَ فُلَانٌ وَجَحَدَ الشَّرِيكُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الشَّرِيكِ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ ثُلُثَيْ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ فَأَقَرَّ بِهِ الشُّرَكَاءُ جَمِيعًا فَشَهَادَتُهُمْ أَيْضًا بَاطِلَةٌ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ كُلَّهَا بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِشِرَاءِ دَارٍ أَوْ بَيْعِهَا فَاشْتَرَى أَوْ بَاعَ وَشَهِدَ ابْنَا الْمُوَكِّلِ عَلَى الشَّفِيعِ بِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَوْ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ أَوْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى أَبِيهِمَا بِتَقَرُّرِ الْمِلْكِ لِأَبِيهِمَا وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا شَهِدَ الْبَائِعَانِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الشَّفِيعَ قَدْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ وَالشَّفِيعُ مُقِرٌّ أَنَّهُ مُنْذُ أَيَّامٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي مَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ فَشَهَادَةُ الْبَائِعَيْنِ بَاطِلَةٌ وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ أَوْلَادِهِمَا كَمَا لَوْ شَهِدَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ الدَّارِ إلَى الشَّفِيعِ وَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ لَمْ أَعْلَمْ بِالشِّرَاءِ إلَّا السَّاعَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ شَهِدَ الْبَائِعَانِ أَنَّهُ عَلِمَ مُنْذُ أَيَّامٍ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ إنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الشَّفِيعَ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ سَلَّمَ الدَّارَ قُضِيَ بِهَا لِلَّذِي فِي يَدِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَفَلَ رَجُلَانِ بِالدَّرَكِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ شَهِدَا عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ إلَى الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَ أَنَّ الشَّفِيعَ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ فَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعَيْنِ فِي ذَلِكَ لَا تَقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِذَلِكَ ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفَانِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الشَّفِيعِ بِأَلْفٍ آخَرَ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفَانِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الشَّفِيعِ بِأَلْفٍ آخَرَ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي بِعَرْضٍ بِعَيْنِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَالْقَاضِي يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ وَيَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَسَلَّمَ الدَّارَ لِلشَّفِيعِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْعَرْضِ فَإِنْ كَانَ مَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي وَذَلِكَ أَلْفٌ أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْضِ رَجَعَ عَلَى الشَّفِيعِ بِمَا زَادَ عَلَى الْأَلْفِ إلَى تَمَامِ قِيمَةِ الْعَرْضِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْضِ رَجَعَ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْعَرْضِ إلَى تَمَامِ الْأَلْفِ وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى دَارٍ عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَى الزَّوْجِ أَلْفًا حَتَّى وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ فِي حِصَّةِ الْأَلْفِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَهْرِ مِثْلِهَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَقَالَ الزَّوْجُ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفًا وَلِلشَّفِيعِ نِصْفُ الدَّارِ وَقَالَ الشَّفِيعُ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسَمِائَةٍ وَلِي ثُلُثَا الدَّارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَهُمَا كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ الْهَالِكِ. وَإِذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ حَقًّا فِي أَرْضٍ أَوْ دَارٍ فَصَالَحَهُ عَلَى دَارٍ فَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْحَقِّ الَّذِي ادَّعَى فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ ذَلِكَ الْحَقِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الدَّارُ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى قِيمَتِهِ ذَكَرَ هُنَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَحْدَثْت فِيهَا هَذَا الْبِنَاءَ وَكَذَّبَهُ الشَّفِيعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ، وَعَلَى هَذَا اخْتِلَافُهُمَا فِي شَجَرِ الْأَرْضِ وَلَكِنْ إنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مُحْتَمَلًا حَتَّى إذَا قَالَ أَحْدَثْت فِيهَا هَذِهِ الْأَشْجَارَ أَمْسِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِيمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْتهَا مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ وَأَحْدَثْت فِيهَا هَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بَاعَنِي الْأَرْضَ ثُمَّ وَهَبَ لِي الْبِنَاءَ أَوْ قَالَ

الباب الحادي عشر في الوكيل بالشفعة وتسليم الوكيل الشفعة

وَهَبَ لِي الْبِنَاءَ ثُمَّ بَاعَنِي الْأَرْضَ وَقَالَ الشَّفِيعُ بَلْ اشْتَرَيْتهمَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُ الْمَبِيعُ بِلَا بِنَاءٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ لَمْ أَهَبْ لَك الْبِنَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَأْخُذُ بِنَاءَهُ وَإِنْ قَالَ قَدْ وَهَبْته لَك كَانَتْ الْهِبَةُ جَائِزَةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي وَهَبَ لِي هَذَا الْبَيْتَ مَعَ طَرِيقِهِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ ثُمَّ اشْتَرَيْت بَقِيَّتَهَا وَقَالَ الشَّفِيعُ لَا بَلْ اشْتَرَيْتَ الْكُلَّ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ فِيمَا أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَى وَلَا شُفْعَةَ فِيمَا ادَّعَى مِنْ الْهِبَةِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهَا تُثْبِتُ زِيَادَةَ الْهِبَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الشَّفِيعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهَا تُثْبِتُ زِيَادَةَ الِاسْتِحْقَاقِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ أَقَرَّ بِهِبَةِ الْبَيْتِ لِلْمُشْتَرِي وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْهِبَةَ كَانَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الْحُقُوقِ وَقْتَ شِرَاءِ الْبَاقِي وَالْجَارُ يَقُولُ لَا بَلْ كَانَ الشِّرَاءُ قَبْلَ الْهِبَةِ وَلِيَ الشُّفْعَةُ فِيمَا اشْتَرَيْت فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ وَإِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْهِبَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَإِنَّ صَاحِبَهَا أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْجَارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ جَحَدَا الْبَائِعَ هِبَةَ الْبَيْتِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي فِيمَا قَالَ كَانَ الْبَيْتُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا يُصَدَّقَانِ عَلَى إبْطَالِ الشُّفْعَةِ فِي الدَّارِ إلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْهِبَةِ قَبْلَ شِرَاءِ الدَّارِ فَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا فِي الدَّارِ فَيَتَقَدَّمُ عَلَى الْجَارِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَى دَارَيْنِ وَلَهُمَا شَفِيعٌ مُلَاصِقٌ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ فَأَنَا شَرِيكُك فِي الثَّانِيَةِ وَقَالَ الشَّفِيعُ لَا بَلْ اشْتَرَيْتَهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَلِيَ الشُّفْعَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَرَّ بِشِرَائِهِمَا وَذَلِكَ سَبَبٌ لِثُبُوتِ الْحَقِّ ثُمَّ يَدَّعِي حَقًّا لِنَفْسِهِ بِدَعْوَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَكَذَلِكَ كَ إذَا قَالَ: اشْتَرَيْت نِصْفًا ثُمَّ نِصْفًا وَقَالَ الشَّفِيعُ اشْتَرَيْت الْكُلَّ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت رُبْعًا ثُمَّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ فَلَكَ الرُّبْعُ وَقَالَ الشَّفِيعُ بَلْ اشْتَرَيْت ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ ثُمَّ رُبْعًا فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَرَّ بِشِرَاءِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ وَهُوَ سَبَبٌ لِثُبُوتِ حَقِّ الشَّفِيعِ ثُمَّ ادَّعَى مَا يُسْقِطُهُ وَهُوَ تَقَدُّمُ الرُّبْعِ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت صَفْقَةً وَاحِدَةً وَقَالَ الشَّفِيعُ اشْتَرَيْت نِصْفًا فَأَنَا آخُذُ النِّصْفَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْكُلَّ أَوْ يَدَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذَا الْبَيْتَ بِطَرِيقِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مُنْذُ شَهْرٍ قَضَيْت بِالْبَيْتِ لِصَاحِبِ الشَّهْرِ ثُمَّ لَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ شُهُودَ صَاحِبِ الْبَيْتِ قَضَيْت بِالْبَيْتِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَقَضَيْت بِبَقِيَّةِ الدَّارِ لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَى كُلَّهَا وَلَا شُفْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ سَبْقُ شِرَاءِ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ كَانَتْ الدَّارَانِ مُتَلَازِقَتَيْنِ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَى إحْدَاهُمَا مُنْذُ شَهْرٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَى الْأُخْرَى مُنْذُ شَهْرَيْنِ، قَضَيْت لَهُ بِشِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ مُنْذُ شَهْرَيْنِ كَمَا وَقَّتَ شُهُودُهُ، وَجَعَلْت لَهُ الشُّفْعَةَ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتَا قَضَيْت لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَارِهِ وَلَمْ أَقْضِ بِالشُّفْعَةِ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَبَضَ الدَّارَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْآخَرُ وَلَوْ وَقَّتَ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تُوَقِّتْ الْأُخْرَى قَضَيْت لِصَاحِبِ الْوَقْتِ بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا فَادَّعَى الشَّفِيعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هَدَمَ طَائِفَةً مِنْ الدَّارِ وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الشَّفِيعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْوَكِيلِ بِالشُّفْعَةِ وَتَسْلِيمِ الْوَكِيلِ الشُّفْعَةَ] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْوَكِيلِ بِالشُّفْعَةِ وَتَسْلِيمِ الْوَكِيلِ الشُّفْعَةَ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ) وَإِذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِشِرَاءِ الدَّارِ وَهِيَ فِي يَدِهِ وَجَبَتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَخَصَمَهُ الْوَكِيلُ وَلَا تُقْبَلُ مِنْ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ صَاحِبِهَا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا غَائِبًا حَتَّى لَوْ حَضَرَ صَاحِبُهَا بَعْدَ إقَامَةِ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ وَصَدَّقَهُ فِيمَا أَقَرَّ لَهُ مِنْ الْمِلْكِ وَكَذَّبَهُ فِيمَا ادَّعَى مِنْ الشِّرَاءِ يَسْتَرِدُّ الدَّارَ مِنْ يَدِ الشَّفِيعِ وَيُسَلِّمُ إلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْمِلْكِ كَانَ لَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ النَّقْلُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ يَحْلِفُ صَاحِبُهَا بِاَللَّهِ مَا بِعْتهَا مِنْ هَذَا

الْمُشْتَرِي فَإِذَا حَلَفَ حِينَئِذٍ تُرَدُّ الدَّارُ عَلَيْهِ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِمَحْضَرِ صَاحِبِهَا أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي يَثْبُتُ الشِّرَاءُ وَتُسَلَّمُ الدَّارُ لِلشَّفِيعِ وَتُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَمِنْ الشَّفِيعِ وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَالدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَضَى بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ وَقَالَ لَيْسَ لِفُلَانٍ فِيهَا شُفْعَةٌ سَأَلْت الْوَكِيلَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَقِّ الَّذِي وَجَبَتْ لَهُ بِهِ الشُّفْعَةُ مِنْ شَرِكَةٍ أَوْ جِوَارٍ فَإِذَا أَقَامَهَا قَضَيْت لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الدَّارَ الَّتِي إلَى جَنْبِ الْمَبِيعَةِ مِلْكٌ لِمُوَكَّلِهِ فُلَانٍ فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي إلَى جَنْبِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ فِي يَدِ مُوَكِّلِهِ لَمْ أَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ وَلَا أَقْبَلُ مِنْ ذَلِكَ شَهَادَةَ ابْنِي الْمُوَكِّلِ وَأَبَوَيْهِ وَزَوْجَتِهِ وَلَا شَهَادَةَ الْمَوْلَى إذَا كَانَ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُوَكِّلُ عَبْدًا لَهُ أَوْ مُكَاتَبًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا أَرَادَ إثْبَاتَ الشُّفْعَةِ بِالشَّرِكَةِ فَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنْ لِمُوَكَّلِهِ فُلَانٍ نَصِيبًا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا مِقْدَارَهُ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا بِأَخْذِ دَارٍ لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ الثَّمَنَ صَحَّ التَّوْكِيلُ وَإِذَا أَخَذَهَا الْوَكِيلُ بِمَا اشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي لَزِمَ الْمُوَكِّلَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ ثَمَنًا كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ أَخَذَهَا بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ الشَّفِيعَ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ فَأَظْهَرَ الشَّفِيعُ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ لِغَيْرِهِ تَسْلِيمٌ مِنْهُ لِلشُّفْعَةِ فَإِنَّمَا يَطْلُبُ الْبَيْعُ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ طَلَبَ الْبَيْعَ لِنَفْسِهِ كَانَ بِهِ مُسْلِمًا لِشُفْعَتِهِ فَإِذَا طَلَبَهَا لِغَيْرِهِ أَوْلَى وَلَمَّا كَانَ إظْهَارُهُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ التَّسْلِيمِ لِلشُّفْعَةِ اسْتَوَى فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا أَوْ غَيْرَ حَاضِرٍ فَإِنْ أَسَرَّ ذَلِكَ حَتَّى أَخَذَهَا ثُمَّ عَلِمَ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي سَلَّمَهَا إلَيْهِ بِغَيْرِ حُكْمٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَهِيَ لِلْآمِرِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مُسَلِّمًا شُفْعَتَهُ، وَلَكِنَّ تَسْلِيمَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ سَمْحًا بِغَيْرِ قَضَاءٍ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ الْمُبْتَدَأِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْآمِرِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ الشُّفْعَةَ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى بِهَا فَإِنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مُسَلِّمًا شُفْعَتَهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِغَيْرِ سَبَبٍ فَيَكُونُ قَضَاؤُهُ بَاطِلًا فَتُرَدُّ الدَّارُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الشَّفِيعِ الْمُشْتَرِيَ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ أَمْ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وُكِّلَ الْبَائِعُ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ جَازَ ذَلِكَ فِي الْقِيَاس، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِذَا قَالَ قَدْ وَكَّلْتُك بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ بِكَذَا دِرْهَمًا وَأَخَذَهُ فَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ وَقَعَ بِذَلِكَ أَوْ بِأَقَلَّ فَهُوَ وَكِيلٌ وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ فَلَيْسَ بِوَكِيلٍ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك بِطَلَبِهَا إنْ كَانَ فُلَانٌ اشْتَرَاهَا فَإِذَا قَدْ اشْتَرَاهَا غَيْرُهُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا، وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِالشُّفْعَةِ فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُخَاصِمَ الْآخَرَ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ وَإِذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا الشُّفْعَةَ عِنْدَ الْقَاضِي جَازَ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا وَكَّلَ وَكِيلًا بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ أَجَازَ مَا صَنَعَ فَإِنْ أَجَازَ مَا صَنَعَ وَوَكَّلَ الْوَكِيلُ وَكِيلًا وَأَجَازَ مَا صَنَعَ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْوَكِيلِ الثَّانِي أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ الْوَكِيلُ بِالشُّفْعَةِ إذَا سَلَّمَ الشُّفْعَةَ ذَكَرَ فِي شُفْعَةِ الْأَصْلِ أَنَّهُ إنْ سَلَّمَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي صَحَّ وَإِنْ سَلَّمَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ هَذَا وَقَالَ يَصِحُّ تَسْلِيمُهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي وَفِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي فَعَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ جَوَّزَ تَسْلِيمَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَالْمَأْذُون الْكَبِير أَنَّ تَسْلِيمَهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَبَيَّنَ بِمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَالْمَأْذُون الْكَبِير أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الشُّفْعَةِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ لِلدَّارِ شَفِيعَانِ فَوَكَّلَا رَجُلًا وَاحِدًا يَأْخُذُ لَهُمَا فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عِنْدَ الْقَاضِي وَأَخَذَهَا كُلَّهَا لِلْآخَرِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ قَالَ عِنْدَ الْقَاضِي قَدْ سَلَّمْت شُفْعَةَ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّهُمَا هُوَ وَقَالَ إنَّمَا طَلَبْت شُفْعَةَ الْآخَرَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُبَيِّنَ لِأَيِّهِمَا سَلَّمَ نَصِيبَهُ وَلِأَيِّهِمَا يَأْخُذُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْوَكِيلُ بِالشُّفْعَةِ إذَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي التَّسْلِيمَ إنْ ادَّعَى التَّسْلِيمَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَيَطْلُبُ يَمِينَ الْوَكِيلِ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ أَوْ يَطْلُبُ يَمِينَ الْمُوَكِّلِ بِاَللَّهِ مَا سَلَّمَنِي الشُّفْعَةَ فَإِنْ.

الباب الثاني عشر في شفعة الصبي

طَلَبَ يَمِينَ الْوَكِيلِ فَالْقَاضِي لَا يُحَلِّفُهُ وَإِنْ طَلَبَ يَمِينَ الْمُوَكِّلِ فَالْقَاضِي يَقُولُ لَهُ سَلِّمْ الدَّارَ إلَى الْوَكِيلِ لِيَأْخُذَهَا لِمُوَكِّلِهِ بِالشُّفْعَةِ وَانْطَلِقْ وَاطْلُبْ يَمِينَ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ ادَّعَى التَّسْلِيمَ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَطْلُبُ يَمِينَهُ فَالْقَاضِي لَا يُحَلِّفُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْوَكِيلِ أَنَّهُ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ عِنْدَ الْقَاضِي ثُمَّ عُزِلَ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ أَوْ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ وَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ إنْشَاءِ التَّسْلِيمِ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا شَهِدَ ابْنَا الْوَكِيلِ أَوْ ابْنَا الْمُوَكِّلِ أَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ أَجَزْت شَهَادَتَهُمْ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ابْنَيْ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَلَا شَهَادَةُ ابْنَيْ الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ دَارِهِ فَبَاعَهَا بِأَلْفٍ ثُمَّ حَطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِائَةَ دِرْهَمٍ وَضَمِنَ ذَلِكَ لِلْآمِرِ لَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ إلَّا بِأَلْفٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ الدَّارِ إذَا اشْتَرَى وَقَبَضَ فَجَاءَ الشَّفِيعُ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ مِنْ الْوَكِيلِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَكِيلُ الدَّارَ إلَى الْمُوَكِّلِ صَحَّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْوَكِيلِ إلَى الْمُوَكِّلِ لَا يَصِحُّ وَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَهَكَذَا فِي الْمُتُونِ. إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلَ الْغَائِبِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ إذَا كَانَتْ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ عَاقِدٌ وَكَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَصِيًّا لِمَيِّتِ فِيمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يُخَاصِمَهُ الشَّفِيعُ اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ وَسَلَّمَ إلَيْهِ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَمَا خَاصَمَهُ الشَّفِيعُ لَمْ تَسْقُطْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ شِرَائِهِ: إنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ شُفْعَةٍ فِي دَارٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَتَقَيَّدُ بِالتَّقْيِيدِ، وَقَدْ قَيَّدَ الْوَكَالَةَ بِالدَّارِ الَّتِي عَيَّنَهَا وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ شُفْعَةٍ تَكُونُ لَهُ كَانَ جَائِزًا وَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَ فِي كُلِّ شُفْعَةٍ تَحْدُثُ لَهُ كَمَا يُخَاصِمُ فِي كُلِّ شُفْعَةٍ وَاجِبَةٍ لَهُ وَلَا يُخَاصِمُ بِدَيْنٍ وَلَا حَقَّ سِوَى الشُّفْعَةِ لِتَقْيِيدِ الْوَكَالَةِ إلَّا فِي تَثْبِيتِ الْحَقِّ الَّذِي يَطْلُبُ بِهِ الشُّفْعَةَ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَبِ شُفْعَةٍ لَهُ فَأَخَذَهَا ثُمَّ جَاءَ مُدَّعٍ يَدَّعِي فِي الدَّارِ شَيْئًا فَالْوَكِيلُ لَيْسَ بِخَصْمٍ لَهُ وَلَوْ وَجَدَ فِي الدَّارِ عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِهِ وَلَا يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إلَى غَيْبَةِ الَّذِي وَكَّلَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَبِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ لَيْسَ أَنْ يَطْلُبَ شُفْعَتَهُ وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ شُفْعَةً قَدْ قَضَى بِهَا لِلْمُوَكِّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا وَكَّلَهُ بِطَلَبِ شُفْعَةٍ لَهُ فَجَاءَ الْوَكِيلُ، وَقَدْ غَرِقَ بِنَاءُ الدَّارِ أَوْ احْتَرَقَ نَخِيلُ الْأَرْضِ فَأَخَذَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَلَمْ يَرْضَ الْمُوَكِّلُ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ لَا يَسْتَطِيعُ رَدُّهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ مُدَّةً عَلَى أَنَّهُ عَلَى خُصُومَتِهِ وَشُفْعَتِهِ جَازَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ مَاتَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُهُ بِمَوْتِهِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ فَإِذَا مَضَى الْأَجَلُ وَعَلِمَ بِمَوْتِهِ فَلَمْ يَطْلُبْ أَوْ لَمْ يَبْعَثْ وَكِيلًا آخَرَ يَطْلُبُ لَهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَمَا كَانَ الْحُكْمُ فِي الِابْتِدَاءِ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ هَذَا الْوَكِيلَ وَمِقْدَارُ الْمُدَّةِ فِي ذَلِكَ مِقْدَارُ الْمَسِيرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ عَلَى سَيْرِ النَّاسِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي شُفْعَةِ الصَّبِيِّ] (الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي شُفْعَةِ الصَّبِيِّ) الصَّغِيرُ كَالْكَبِيرِ فِي اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ وَالْحَمْلُ فِي اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ وَالْكَبِيرِ سَوَاءٌ فَإِنْ وُضِعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ وَقَعَ الشِّرَاءُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةٍ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ وَقَعَ الشِّرَاءُ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ وُجُودُهُ وَقْتَ الْبَيْعِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ مَاتَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَوِرْث الْحَمْلُ مِنْهُ حِينَئِذٍ يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ وَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لِأَنَّ وُجُودَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ ثَابِتٌ

حُكْمًا لِمَا وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ إذَا أَوْجَبْنَا الشُّفْعَةَ لِلصَّغِيرِ فَاَلَّذِي يَقُومُ بِالطَّلَبِ وَالْأَخْذِ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ شَرْعًا فِي اسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِ وَهُوَ أَبُوهُ ثُمَّ وَصِيُّ أَبِيهِ ثُمَّ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ ثُمَّ وَصِيُّ الْجَدِّ ثُمَّ الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا أَدْرَكَ فَإِذَا أَدْرَكَ فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الْبُلُوغِ وَالشُّفْعَةُ فَاخْتَارَ رَدَّ النِّكَاحِ أَوْ طَلَبَ الشُّفْعَةِ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَوَّلًا يَجُوزُ وَيَبْطُلُ الثَّانِي وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ طَلَبْتهمَا أَيْ الشُّفْعَةَ وَالْخِيَارَ وَإِذَا كَانَ لَهُ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَتَرَكَ طَلَبَ الشُّفْعَةِ مَعَ الْإِمْكَانِ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا سَلَّمَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَمَنْ هُوَ بِمَعْنَاهُمَا شُفْعَةَ الصَّغِيرِ صَحَّ تَسْلِيمُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ سَوَاءٌ كَانَ التَّسْلِيمُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي أَوْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى الدَّارَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَالصَّبِيُّ شَفِيعُهَا فَسَلَّمَ الْأَبُ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ يَصِحُّ التَّسْلِيمُ هُنَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ لِكَثْرَةِ الثَّمَنِ وَسُكُوتُهُ عَنْ الطَّلَبِ وَتَسْلِيمُهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ مَالِكًا لِلْأَخْذِ فَيَبْقَى الصَّبِيُّ عَلَى حَقِّهِ إذَا بَلَغَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا سَلَّمَ الْأَبُ شُفْعَةَ الصَّغِيرِ وَالشِّرَاءَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِكَثِيرٍ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا رِوَايَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالْأَبُ شَفِيعُهَا كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ عِنْدَنَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى الْأَبُ مَالَ ابْنِهِ لِنَفْسِهِ ثُمَّ كَيْفَ يَأْخُذُ يَقُولُ اشْتَرَيْت وَأَخَذْت بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ وَصِيَّهُ إنْ كَانَ فِي أَخْذِ الْوَصِيِّ هَذِهِ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ مَنْفَعَةٌ لِلصَّغِيرِ بِأَنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ بِأَنْ كَانَ قِيمَةُ الدَّارِ مَثَلًا عَشَرَةً، وَقَدْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ بِأَحَدَ عَشَرَ فَإِنَّ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ يُتَحَمَّلُ مِنْ الْوَصِيِّ فِي تَصَرُّفِهِ مَعَ الْأَجَانِبِ وَبِأَخْذِ الْوَصِيِّ بِالشُّفْعَةِ يَرْتَفِعُ ذَلِكَ الْغَبْنُ فَإِذَا كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ كَانَ أَخْذُ الْوَصِيِّ بِالشُّفْعَةِ مُنْتَفَعًا بِهِ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَكَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي شِرَاءِ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَخْذِ الْوَصِيِّ هَذِهِ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ مَنْفَعَةٌ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ بِأَنْ وَقَعَ شِرَاءُ الدَّارِ لِلصَّغِيرِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ لَا يَكُونُ لِلْوَصِيِّ الشُّفْعَةُ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا لَا يَكُونُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَمَتَى كَانَ لِلْوَصِيِّ وِلَايَةُ الْأَخْذِ يَقُولُ اشْتَرَيْت وَطَلَبْت الشُّفْعَةَ ثُمَّ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُنَصِّبَ قَيِّمًا عَنْ الصَّبِيِّ فَيَأْخُذُ الْوَصِيُّ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ وَيُسَلِّمُ الثَّمَنَ إلَيْهِ ثُمَّ الْقَيِّمُ يُسَلِّمُ الثَّمَنَ إلَى الْوَصِيِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى الْأَبُ دَارًا وَابْنُهُ الصَّغِيرُ شَفِيعُهَا فَلَمْ يَطْلُبْ الْأَبُ الشُّفْعَةَ لِلصَّغِيرِ حَتَّى بَلَغَ الصَّغِيرُ فَلَيْسَ لِلَّذِي بَلَغَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَخْذِهَا بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يُنَافِي الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَسُكُوتُهُ يَكُونُ مُبْطِلًا لِلشُّفْعَةِ وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ دَارًا لِنَفْسِهِ وَابْنُهُ الصَّغِيرُ شَفِيعُهَا فَلَمْ يَطْلُبْ الْأَبُ الشُّفْعَةَ لِلصَّغِيرِ لَا تَبْطُلُ شُفْعَةُ الصَّغِيرِ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّ الْأَبَ هُنَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِكَوْنِهِ بَائِعًا وَسُكُوتُ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ لَا يَكُونُ مُبْطِلًا وَأَمَّا الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى دَارًا لِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَ دَارًا لَهُ وَالصَّبِيُّ شَفِيعُهَا فَلَمْ يَطْلُبْ الْوَصِيُّ شُفْعَتَهُ فَالْيَتِيمُ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا بَلَغَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي شِرَاءِ الْأَبِ دَارًا لِنَفْسِهِ وَابْنُهُ الصَّغِيرُ شَفِيعُهَا عَلَى التَّفْصِيلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ فِي هَذَا الْأَخْذِ ضَرَرٌ، بِأَنْ وَقَعَ شِرَاءُ الْأَبِ الدَّارَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ مِقْدَارِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ لَا تَكُونُ لِلصَّغِيرِ الشُّفْعَةُ إذَا بَلَغَ وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ فِي هَذَا الْأَخْذِ ضَرَرٌ بِأَنْ وَقَعَ شِرَاءُ الْأَبِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ مِقْدَارِ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ إذَا بَلَغَ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ مَعَ نَفْسِهِ عَلَى وَجْهِ الضَّرَرِ فَلَمْ يَكُنْ الْأَبُ مُتَمَكِّنًا فِي الْأَخْذِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَكُونُ سُكُوتُهُ مُبْطِلًا لِلشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِلصَّغِيرِ فَقَالَ لَهُ الشَّفِيعُ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّك اشْتَرَيْتهَا

الباب الثالث عشر في حكم الشفعة إذا وقع الشراء بالعروض

بِخَمْسِمِائَةٍ فَصَدَّقَهُ لَا يُصَدَّقُ وَيَأْخُذُ الدَّارَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِخَمْسِمِائَةٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْأَبُ إذَا اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ دَارًا ثُمَّ اخْتَلَفَ مَعَ الشَّفِيعِ فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ حَقَّ التَّمَلُّكِ لِلشَّفِيعِ بِمَا يَدَّعِيه وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ لَا يُفِيدُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِث عَشَرَ فِي حُكْمِ الشُّفْعَةِ إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ بِالْعُرُوضِ] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي حُكْمِ الشُّفْعَةِ إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ بِالْعُرُوضِ) مَنْ اشْتَرَى لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِمَا لَهُ مِثْلٌ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِمَا لَا مِثْلَ لَهُ كَالْمَزْرُوعَاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بِمَا لَهُ مِثْلٌ فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ بِمِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ بِمَا لَا مِثْلَ لَهُ يَأْخُذُ بِقِيمَتِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَلَوْ تَبَايَعَا دَارًا بِدَارٍ فَلِشَفِيعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الدَّارَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ بِقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَلَا يُمْكِنُ الْأَخْذُ بِمِثْلِهَا وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِعَرْضٍ وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى هَلَكَ الْعَرْضُ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الدَّارَ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْعَرْضَ حَتَّى هَلَكَ ثُمَّ الشَّفِيعُ إنَّمَا يَأْخُذُ بِمَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ لَا بِمَا أَعْطَى بَدَلًا مِنْ الْوَاجِبِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى الدَّارَ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ ثُمَّ دَفَعَ مَكَانَهُ عَرْضًا فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ بِالدَّرَاهِمِ لَا بِالْعَرْضِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. . وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ بِقِيمَةٍ الْعَبْدِ عِنْدِنَا فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْبَائِعُ انْتَقَضَ الشِّرَاءُ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ إنْ أَبْطَلَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ بِعَيْبٍ وَجَدَهُ بِالْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ الدَّارَ مِنْ الْبَائِعِ أَخَذَهَا بِقِيمَتِهِ وَالْعَبْدُ لِصَاحِبِهِ لَا سَبِيلَ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْعَبْدِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ دَخَلَهُ عَيْبٌ فَإِنَّ الْقِيمَةَ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارًا بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ الدَّارَ بِقِيمَةٍ الْعَبْدِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ وَأَخَذَ الدَّارَ مِنْ الشَّفِيعِ وَهَذَا إذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الدَّارَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ سَلَّمَ الدَّارَ إلَى الشَّفِيعِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ إنْ كَانَ قَدْ سَمَّى لِلشَّفِيعِ قِيمَةَ الْعَبْدِ كَذَا وَكَذَا حَتَّى صَارَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الدَّارِ سَبِيلٌ وَيَجْعَلُ ذَلِكَ بَيْعًا مُبْتَدَأً وَيَكُونُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الدَّارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لِلشَّفِيعِ قِيمَةَ الْعَبْدِ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قَالَ سَلَّمْت الدَّارَ لَك بِقِيمَةِ الْعَبْدِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الدَّارَ مِنْ الشَّفِيعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ ثُمَّ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ دَخَلَ فِي الْعَقْدِ بِصِفَةِ السَّلَامَةِ وَإِنَّمَا يَقُومُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي صَارَ مُسْتَحِقًّا بِالْعَقْدِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِدَارٍ فَهَذَا وَشِرَاءُ الدَّارِ بِالْعَبْدِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدِ غَيْرِهِ وَأَجَازَ صَاحِبُ الْعَبْدِ الشِّرَاءَ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَإِذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِعَيْنِهِ وَاسْتَحَقَّ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ فَقَدْ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ لِأَنَّ الْمَكِيلَ أَوْ الْمَوْزُونَ إذَا كَانَ بِعَيْنِهِ فَهُوَ وَالْعَبْدُ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ فِي الذِّمَّةِ فَأَوْفَاهُ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ فَشُفْعَةُ الشَّفِيعِ عَلَى حَالِهَا؛ لِأَنَّ الْمَكِيلَ أَوْ الْمَوْزُونَ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ وَالدَّرَاهِمُ سَوَاءٌ وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا بِالْكُوفَةِ بِكُرِّ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ خَاصَمَهُ الشَّفِيعُ فِي الدَّارِ بِمُرَوٍّ فَقَضَى لَهُ عَلَيْهِ بِالشُّفْعَةِ وَالدَّارُ بِالْكُوفَةِ أَوْ بِمُرَوٍّ قَالَ إنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الشَّفِيعُ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ حِنْطَةً مِثْلَهَا بِالْكُوفَةِ وَسَلَّمَ لَهُ الدَّارَ بِمُرَوٍّ وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ لَهُ الدَّارَ وَأَخَذَ مِنْهُ بِمُرَوٍّ قِيمَةَ الْحِنْطَةِ بِالْكُوفَةِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُنْتَقَى إنْ كَانَ قِيمَةُ الْكُرِّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاءٌ أَعْطَاهُ الْكَرَّ حَيْثُ قَضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مُتَفَاضِلَةً نَظَرَ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ الْكُرُّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُرِيدُ الشَّفِيعُ أَنْ يُعْطِيَ أَغْلَى فَذَلِكَ إلَى الشَّفِيعِ يُعْطِيه ذَلِكَ حَيْثُ شَاءَ وَإِنْ كَانَ أَرْخَصَ فَرَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَذَلِكَ إلَيْهِ وَإِنْ تَسَاوَيَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ ذَلِكَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ مَا يُسَاوِي فِي

الباب الرابع عشر في الشفعة في فسخ البيع والإقالة

مَوْضِعِ الشِّرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا بِكُرٍّ مِنْ رُطَبٍ فَجَاءَ الشَّفِيعُ بَعْدَمَا انْقَطَعَ الرُّطَبُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الدَّارَ بِقِيمَةِ الرُّطَبِ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِع عَشَرَ فِي الشُّفْعَةِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ] (الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الشُّفْعَةِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) مُشْتَرِي الدَّارِ إذَا وَجَدَ بِالدَّارِ عَيْبًا بَعْدَمَا قَبَضَهَا وَرَدَّهَا بِالْعَيْبِ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَمَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ إنْ كَانَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ وَلَوْ كَانَ الرَّدُّ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ قَبْضِ الدَّارِ فَإِنْ كَانَ بِقَضَاءٍ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالُوا لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا لَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الدَّارَ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ لَا يَتَجَدَّدُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ بِغَيْرِ تَرَاضِيهمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ رَدَّ الدَّارَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ، هُوَ فَسْخٌ جَدِيدٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ نَحْوَ الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَبِخِيَارِ الشَّرْطِ وَبِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَبَعْدَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ لَا يَتَجَدَّدُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ هُوَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الثَّالِثِ نَحْوَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَبِالرَّدِّ بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ يَتَجَدَّدُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ حَتَّى فَسَخَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا لَا يَبْطُلُ حَقُّ الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْفَسْخُ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ وَجْهِ بَيْعٍ جَدِيدٍ مِنْ وَجْهٍ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارًا أَوْ أَرْضًا فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ تَصَادَقَا أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ تَلْجِئَةً وَرَدَّ الْمُشْتَرِي الدَّارَ عَلَى الْبَائِعِ لَا يَتَجَدَّدُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ بَعْدَ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ لَمْ يَبْقَ لِلشَّفِيعِ حَقٌّ أَصْلًا فَإِقْرَارُهُمَا لَا يَتَضَمَّنُ بُطْلَانَ حَقِّهِ فَتَثْبُتُ التَّلْجِئَةُ بِإِقْرَارِهِمَا فَكَانَ الرَّدُّ بِسَبَبِ التَّلْجِئَةِ فَلَا يَتَجَدَّدُ بِهِ حَقُّ الشَّفِيعِ وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَهَا وَسَلَّمَ الشَّفِيعَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ قَالَ إنَّمَا كُنْت اشْتَرَيْتهَا لِفُلَانٍ وَقَالَ الشَّفِيعُ لَا بَلْ اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِك وَهَذَا مِنْك بَيْعٌ مُسْتَقْبَلٌ وَأَنَا آخُذُهَا بِالشُّفْعَةِ بِهَذَا الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ حَتَّى يَقْدُمَ الْغَائِبُ. وَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ إنَّ فُلَانًا كَانَ أَمَرَنِي بِذَلِكَ وَإِنِّي اشْتَرَيْتهَا لَهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ فُلَانٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ جَعَلَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ خِيَارَ يَوْمٍ جَازَ فَإِنْ نَقَضَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يَتَجَدَّدُ لِلشَّفِيعِ حَقٌّ رَوَاهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِيهِ الشُّفْعَةَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِس عَشَرَ فِي شُفْعَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ] (الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي شُفْعَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ) إذَا اشْتَرَى نَصْرَانِيٌّ مِنْ نَصْرَانِيٍّ دَارًا بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ دَارًا بِخَمْرٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ صَارَ الْخَمْرُ خَلًّا ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارَ وَحَضَرَ الشَّفِيعُ أَخَذَ النِّصْفَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْخَمْرِ وَلَا يَأْخُذُ بِنِصْفِ الْخَلِّ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الْخَلِّ إنْ كَانَ الْخَلُّ قَائِمًا فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ نِصْفِ الْخَلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ دَارًا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَشَفِيعُهَا ذِمِّيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ إذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ ذِمِّيًّا أَخَذَ الدَّارَ بِمِثْلِ الْخَمْرِ وَبِقِيمَةِ الْخِنْزِيرِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا أَخَذَهَا بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. دَارٌ بِيعَتْ بِخَمْرٍ وَلَهَا شَفِيعَانِ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ أَخَذَ الْكَافِرُ نِصْفَهَا بِنِصْفِ الْخَمْرِ وَأَخَذَ الْمُسْلِمُ نِصْفَهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْخَمْرِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ خَنَازِيرَ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ كَانَ شَفِيعُهَا مُسْلِمًا وَذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ

الذِّمِّيُّ أَخَذَهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْخَمْرِ كَمَا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَالْخَمْرُ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ وَالدَّارُ مَقْبُوضَةٌ أَوْ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَكِنْ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ فَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ إنْ كَانَ هُوَ مُسْلِمًا أَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ أَخَذَهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ الْخَمْرِ وَإِنْ كَانَ إسْلَامُ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَعْدَ قَبْضِ الْخَمْرِ قَبْلَ قَبْضِ الدَّارِ فَالْبَيْعُ بَيْنَهُمَا يَبْقَى صَحِيحًا وَإِذَا بَاعَ الذِّمِّيُّ كَنِيسَةً أَوْ بَيْعَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُرْتَدُّ دَارًا ثُمَّ قُتِلَ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِخُرُوجِ الْمَبِيعِ وَقَدْ خَرَجَ، وَانْفِسَاخُ الْعَقْدِ بَعْدَهُ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الشُّفْعَةِ وَلَوْ بَاعَ الْمُرْتَدُّ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا شُفْعَةَ فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ جَازَ بَيْعُهُ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَلَوْ كَانَ إسْلَامُهُ بَعْدَمَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقِسْمَةُ مَالِهِ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ فِيهَا شُفْعَةٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بَيْعُهُ جَائِزٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ أَسْلَمَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَإِذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ دَارًا وَالْمُرْتَدُّ شَفِيعُهَا وَقُتِلَ فِي رِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا لَهُ وَلَا لِوَرَثَتِهِ. وَلَوْ كَانَتْ امْرَأَةٌ مُرْتَدَّةٌ وَوَجَبَتْ لَهَا الشُّفْعَةُ فَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ الْمُرْتَدَّةُ بَائِعَةٌ لِلدَّارِ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ مُرْتَدًّا أَوْ مُرْتَدَّةً فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ جَازَ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ وَطَلَبَ أَخْذَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَقْضِ لَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ أَبْطَلَ الْقَاضِي شُفْعَتَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَإِنْ وَقَفَهُ الْقَاضِي حَتَّى يَنْظُرَ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ طَلَبَ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلَبَ إلَى أَنْ أَسْلَمَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِتَرْكِهِ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ بَعْدَ عَلِمَهُ بِالشِّرَاءِ وَلَوْ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ بِيعَتْ الدَّارُ قَبْلَ قِسْمَةِ مِيرَاثِهِ ثُمَّ قُسِّمَ الْمِيرَاثُ كَانَ لِوَرَثَتِهِ الشُّفْعَةُ وَإِذَا اشْتَرَى الْمُرْتَدُّ دَارًا مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِخَمْرِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَا شُفْعَةَ فِيهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا اشْتَرَى الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ دَارًا وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَالشَّفِيعُ عَلَى شُفْعَتِهِ مَتَى لَقِيَهُ؛ لِأَنَّ لَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَوْتِهِ وَمَوْتُ الْمُشْتَرِي لَا يَبْطُلُ شُفْعَةَ الشَّفِيعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ دَارًا وَشَفِيعُهَا حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ فَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَإِذَا اشْتَرَى الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ دَارًا وَشَفِيعُهَا حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ فَلَحِقَا جَمِيعًا بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيهَا؛ لِأَنَّ لَحَاقِ الشَّفِيعِ بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَوْتِهِ فِيمَا هُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَالدَّارُ الْمَبِيعَةُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مَعَ الشَّفِيعِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا عَلِمَ فَإِنْ دَخَلَ وَهُوَ يَعْلَمُ فَلَمْ يَطْلُبْ حَتَّى غَابَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَإِذَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ سَفَرٌ إلَى دَارِ الْحَرْبِ أَوْ إلَى غَيْرِهَا فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا كَانَ عَلَى طَلَبِهِ وَإِذَا كَانَ الشَّفِيعُ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا فَوَكَّلَ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ التَّوْكِيلِ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَوَكَّلَ مُسْتَأْمِنًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ ثُمَّ دَخَلَ الْوَكِيلُ دَارَ الْحَرْبِ بَطَلَتْ وَكَالَتُهُ وَالشَّفِيعُ عَلَى شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّ لَحَاقَ الْوَكِيلِ بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَوْتِهِ وَمَوْتُ الْوَكِيلِ يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ وَلَا يُبْطِلُ شُفْعَةُ الْمُوَكِّلِ فَكَذَلِكَ لَحَاقِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ دَارًا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَشَفِيعُهَا مُسْلِمٌ ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ كُلَّ حُكْمٍ لَا يُفْتَقَرُ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي فَدَارَ الْإِسْلَامِ وَدَارُ الْحَرْبِ فِي حَقِّ ذَلِكَ الْحُكْمِ عَلَى السَّوَاءِ، وَكُلُّ حُكْمٍ يُفْتَقَرُ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَثْبُتُ هَذَا الْحُكْمُ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِمُبَاشَرَةِ سَبَبِ ذَلِكَ الْحُكْمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ. نَظِيرُ الْأَوَّلِ جَوَازُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَصِحَّةُ الِاسْتِيلَادِ وَنَفَاذُ الْعِتْقِ وَوُجُوبُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ كُلَّهَا مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ وَتَجْرِي عَلَى مَنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَنَظِيرُ الثَّانِي الزِّنَا فَإِنَّ الْمُسْلِمَ إذَا زَنَى فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ صَارَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الباب السادس عشر في الشفعة في المرض

[الْبَابُ السَّادِس عَشَرَ فِي الشُّفْعَةِ فِي الْمَرَضِ] (الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الشُّفْعَةِ فِي الْمَرَضِ) وَإِذَا اشْتَرَى الْمَرِيضُ دَارًا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَهُ سِوَى ذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَابَاهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَذَلِكَ صَحِيحٌ مِنْهُ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ فَيَجِبُ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَإِنْ بَاعَهَا بِأَلْفَيْنِ وَقِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَشَفِيعُهَا أَجْنَبِيٌّ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِأَلْفَيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . بَاعَ الْمَرِيضُ دَارًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهَا أَلْفَانِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إنْ شِئْت خُذْهَا بِثُلُثَيْ الْأَلْفَيْنِ وَإِلَّا فَدَعْ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِأَلْفٍ وَثُلُثِ أَلْفٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا بَاعَهَا بِأَلْفَيْنِ إلَى أَجَلٍ وَقِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَالْأَجَلُ بَاطِلٌ وَلَكِنْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ أَوْ يُؤَدِّيَ الْأَلْفَيْنِ حَالًّا لِيَصِلَ إلَى الْوَرَثَةِ كَمَالُ حَقِّهِمْ، وَأَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ يَأْخُذُهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ حَالًّا وَإِنْ بَاعَهَا بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَتُهَا أَلْفَا دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَجَلَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ بَاطِلٌ وَلَكِنْ اخْتَلَفُوا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْأَجَلُ فِي الثُّلُثِ بِاعْتِبَارِ الثَّمَنِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِاعْتِبَارِ الثَّمَنِ فَيُعَجِّلُ ثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَذَلِكَ أَلْفَا دِرْهَمٍ إنْ شَاءَ وَالْأَلْفُ الثَّالِثُ إلَى أَجَلِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فَيُعَجِّلُ ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ أَلْفٌ وَثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةُ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ إنْ شَاءَ وَالْبَاقِي عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمَرِيضُ إذَا بَاعَ الدَّارَ مِنْ وَارِثِهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهَا وَشَفِيعُهَا أَجْنَبِيٌّ لَا شُفْعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَرِيضِ مِنْ وَارِثِهِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِهِ فَاسِدٌ عِنْدَهُ إلَّا إذَا أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، وَعِنْدَهُمَا جَائِزٌ فَتَجِبُ الشُّفْعَةُ وَلَوْ بَاعَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالْوَارِثُ شَفِيعُهَا لَا شُفْعَةَ لِلْوَارِثِ عِنْدَهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ وَارِثِهِ ابْتِدَاءً وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ هَذَا إذَا بَاعَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَأَمَّا إذَا بَاعَ وَحَابَى بِأَنْ بَاعَ بِأَلْفَيْنِ وَقِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ فَإِنْ بَاعَ مِنْ الْوَارِثِ وَشَفِيعُهَا أَجْنَبِيٌّ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا الْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَكِنْ يَدْفَعُ قَدْرَ الْمُحَابَاةِ فَتَجِبُ الشُّفْعَةُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْأَصَحُّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ بَاعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ لِلْوَارِثِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَكِنْ الشَّفِيعُ يَأْخُذُهَا بِتِلْكَ الصَّفْقَةِ بِالتَّحَوُّلِ إلَيْهِ أَوْ بِصَفْقَةٍ مُبْتَدَأَةٍ مُقَدَّرَةٍ سَوَاءٌ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ أَوْ لَمْ تُجِزْ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ مَحَلُّهَا الْعَقْدُ الْمَوْقُوفُ وَالشِّرَاءُ وَقَعَ نَافِذًا مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ قَدْرُ الثُّلُثِ وَهِيَ نَافِذَةٌ فِي الْأَلْفَيْنِ فَلَغَتْ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي فَتَلْغُو فِي حَقِّ الشُّفْعَةِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ وَارِثًا أَخَذَهَا الْآخَرُ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ فِي الصِّحَّةِ فَأَخَذَ الْوَارِثُ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ فِي مَرَضِهِ لَمْ تَجُزْ إلَّا بِإِجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَلَوْ كَانَ الْحَطُّ قَبْلَ أَخْذِ الْوَارِثِ فَإِنَّ أَخَذَ بَطَلَ الْحَطُّ وَإِنْ تَرَكَ صَحَّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْغِيَاثِيَّةِ. مَرِيضٌ بَاعَ دَارِهِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ مَاتَ وَابْنه شَفِيعُ الدَّارِ فَلَا شُفْعَةَ لِلِابْنِ فِيهَا لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا مِنْ ابْنِهِ بِهَذَا الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ. وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَتِهَا إنْ شَاءَ وَالْأَصَحُّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فَإِنَّهُ نَصَّ فِي الْجَامِعِ عَلَى أَنَّهُ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهَا فَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ اتِّفَاقًا كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَإِذَا بَاعَ الْمَرِيضُ دَارًا وَحَابَى فِيهَا ثُمَّ بَرِئَ فِي مَرَضِهِ وَالشَّفِيعُ وَارِثُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ إلَى الْآنِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ إذَا تَعَقَّبَهُ بُرْءٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حَالَةِ الصِّحَّةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ حَتَّى بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِع عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا بَاعَ بَعْضَ دَارِهِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ بِهَا الشُّفْعَةَ مُشَاعًا غَيْرُ مَقْسُومٍ بَعْدَ بَيْعِ الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ لَا تَبْطُلُ بِهِ شُفْعَتُهُ، وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَ بَعْضُهَا مَقْسُومًا مِمَّا لَا يَلِي جَانِبَ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ لَا تَبْطُلُ بِهِ شُفْعَتُهُ وَإِنْ بَاعَ بَعْضَهَا مَقْسُومًا مِمَّا يَلِي الْمَبِيعَةُ تَبْطُلُ بِهِ شُفْعَتُهُ. دَارَانِ طَرِيقُهُمَا وَاحِدَةٌ

وَإِحْدَى الدَّارَيْنِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَالْأُخْرَى لِرَجُلٍ خَاصَّةً بَاعَ صَاحِبُ الْخَاصَّةِ دَارِهِ فَلِلْآخَرَيْنِ الشُّفْعَةُ بِالطَّرِيقِ فَإِنْ اقْتَسَمَا الدَّارَ الْمُشْتَرِكَةَ فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا بَعْضَ الدَّارِ مَعَ كُلِّ الطَّرِيقِ الَّذِي كَانَ لَهَا وَأَصَابَ الْآخَرُ بَعْضَ الدَّارِ بِلَا طَرِيقٍ وَفَتَحَ الَّذِي لَا طَرِيقَ لَهُ لِنَصِيبِهِ بَابًا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَهُمَا جَمِيعًا جَارَانِ لِلدَّارِ الَّتِي بِيعَتْ فَاَلَّذِي صَارَ الطَّرِيقُ لَهُ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهَا فَإِنْ سَلَّمَ هُوَ الشُّفْعَةَ أَخَذَهَا الْآخَرُ بِالْجِوَارِ وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ بِسَبَبِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ بِالشُّفْعَةِ فَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَكَلَّفَ الْمُسْتَحِقُّ الشَّفِيعَ بِالْقَلْعِ فَقَلَعَ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ رَجَعَ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لَا عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ أَخَذَهَا مِنْهُ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ أَخَذَهَا مِنْهُ مَعْنَاهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا نَقَصَ بِالْقَلْعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالشُّفْعَةُ عِنْدَنَا عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهَا وَلِآخَرَ ثُلُثُهَا وَلِآخَرَ سُدُسُهَا فَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ نَصِيبَهُ وَطَلَبَ الْآخَرَانِ الشُّفْعَةَ قَضَى بِالشِّقْصِ الْمَبِيعِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ السُّدُسِ قَضَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فِي الْكُلِّ وَلَوْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ فَهِيَ لِلْبَاقِينَ لِلْكُلِّ عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ غَائِبًا يَقْضِي بِهَا بَيْنَ الْحُضُورِ عَلَى عَدَدِهِمْ وَإِذَا قَضَى لِلْحَاضِرِ بِالْكُلِّ ثُمَّ حَضَرَ آخَرُ قَضَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَلَوْ حَضَرَ ثَالِثٌ قَضَى لَهُ بِثُلُثِ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ فَلَوْ سَلَّمَ الْحَاضِرُ بَعْدَمَا قَضَى لَهُ بِالْكُلِّ لَا يَأْخُذُ الْقَادِمُ إلَّا بِالنِّصْفِ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ زَعَمَ أَنَّهُ بَاعَ دَارِهِ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا وَلَمْ يَأْخُذْ الثَّمَنَ فَقَالَ فُلَانٌ مَا اشْتَرَيْتهَا مِنْك كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ هَذَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ، وَفُلَانٌ حَاضِرٌ يُنْكِرُ الشِّرَاءُ، فَأَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَلَا خُصُومَةَ لِلشَّفِيعِ مَعَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَارٌ بِيعَتْ بِجَنْبِ دَارِ رَجُلٍ وَالْجَارُ يَزْعُمُ أَنَّ رَقَبَةَ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ لَهُ وَيَخَافُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى رَقَبَتَهَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَإِنْ ادَّعَى الشُّفْعَةَ لَا يُمْكِنُهُ دَعْوَى الدَّارِ أَنَّهَا لَهُ مَاذَا يَصْنَعُ حَتَّى لَا تَبْطُلَ شُفْعَتُهُ قَالُوا يَقُولُ هَذِهِ الدَّارُ دَارِي وَأَنَا أَدَّعِي رَقَبَتَهَا فَإِنْ وَصَلْت إلَيْهَا وَإِلَّا فَإِنَّا عَلَى شُفْعَتِي فِيهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ كَلَامٌ وَاحِدٌ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ السُّكُوتُ عَنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ادَّعَاهَا فَقَالَ بَيِّنَتِي غَيْبٌ وَلَكِنِّي آخُذُهَا بِالشُّفْعَةِ فَهُوَ إقْرَارٌ أَنَّ الْبَائِعَ مَالِكٌ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَنْهُ أَنَّهُ تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ بِدَعْوَى الْمِلْكِ وَلَوْ ادَّعَى النِّصْفَ وَقَالَ أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ وَآخُذُ الْبَاقِي بِالشَّرِكَةِ جَازَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة رَجُلٌ لَهُ دَارٌ غَصَبَهَا غَاصِبٌ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا وَالْغَاصِبُ وَالْمُشْتَرِي جَاحِدَانِ الدَّارَ وَالشُّفْعَةَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ حَتَّى إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ تَبَيَّنَ أَنَّ الشُّفْعَةَ ثَابِتَةٌ فَإِذَا طَلَبَ خَاصَمَ الْغَاصِبُ إلَى الْقَاضِي وَيُخْبِرُ الْقَاضِي عَلَى صُورَةِ الْأَمْرِ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَضَى لَهُ بِالدَّارِ وَبِالشُّفْعَةِ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ مُعَايَنَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَفَهُمَا جَمِيعًا فَإِنْ حَلَفَا لَا يَقْضِي لَهُ بِإِحْدَى الدَّارَيْنِ وَإِنْ نَكَلَا قَضَى لَهُ بِالدَّارَيْنِ وَإِنْ حَلَفَا الْغَاصِبُ وَنَكَلَ الْمُشْتَرِي لَا يَقْضِي بِالدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَيَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ وَإِقْرَارُ كُلِّ مُقِرٍّ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ خَاصَّةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا وَلَهَا شَفِيعٌ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ هَذِهِ الدَّارِ فَطَالَبَ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ وَقَضَى لَهُ بِهَا ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ يَقْضِي لَهُ بِالدَّارِ الَّتِي بِجِوَارِهِ وَيَمْضِي الْقَضَاءُ فِي الثَّانِيَةِ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ جَارًا لِلدَّارَيْنِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَقْضِي لَهُ بِكُلِّ الدَّارِ الْأُولَى وَالنِّصْفُ فِي الثَّانِيَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اشْتَرَى نِصْفَ دَارٍ ثُمَّ اشْتَرَى آخَرُ نِصْفَهَا الْآخَرَ فَخَاصَمَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَقَضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ بِالشَّرِكَةِ ثُمَّ خَاصَمَهُ الْجَارُ فِي الشُّفْعَتَيْنِ فَالْجَارُ أَحَقُّ بِالشِّرَاءِ الْأَوَّلِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الثَّانِي لِتَعَلُّقِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى نِصْفَهَا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي لِلنِّصْفِ الثَّانِي غَيْرَ الْمُشْتَرِي لِلنِّصْفِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يُخَاصِمْهُ فِيهِ حَتَّى أَخَذَ الْجَارُ النِّصْفَ الْأَوَّلَ فَالْجَارُ أَحَقُّ بِالنِّصْفِ الثَّانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْأَصْلُ أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِمِلْكٍ قَائِمٍ وَقْتَ الشِّرَاءِ لَا بِمِلْكٍ مُسْتَحْدَثٍ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ اتِّصَالُ الْمِلْكَيْنِ فَيُعْتَبَرُ قِيَامُهُ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَإِذَا أَخَذَ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ كَانَ بِقَضَاءٍ ثَبَتَ فِي حَقِّ كَافَّةِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ بِرِضًى ثَبَتَ فِي حَقِّهِمَا خَاصَّةً اشْتَرَى

دَارًا بِأَلْفَيْنِ وَتَقَابَضَا فَادَّعَى آخَرُ وَصَالَحَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى خَمْسِمِائَةٍ عَلَى إنْكَارٍ فَأَخَذَ الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ الْأَوَّل رَدَّ الْمُدَّعِي مَا قَبَضَ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمَّا قَضَى بِالشُّفْعَةِ فَقَدْ قَضَى بِكَوْنِ الدَّارِ مِلْكًا لِلْبَائِعِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي وَظَهَرَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَخَذَ مَالًا لَا بِإِزَاءِ حَقِّهِ وَلَا بِإِزَاءِ دَفْعِ الْخُصُومَةِ فَانْتَقَضَ الصُّلْحُ وَلَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَا يَرُدُّ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ حَصَلَ بِتَرَاضِيهِمَا وَتَرَاضِيهِمَا حُجَّةٌ فِي حَقِّهِمَا لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا فَيُجْعَلُ كَبَيْعٍ جَدِيدٍ جَرَى بَيْنَهُمَا فَظَهَرَ أَنَّهُ لَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَرِثَ دَارًا فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ بِيعَتْ دَارٌ أُخْرَى بِجَنْبِ الدَّارِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ الْمَوْرُوثَةُ وَطَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الدَّارَ الثَّانِيَةَ وَيَكُونُ الْوَارِثُ أَحَقُّ بِالدَّارِ الثَّالِثَةِ هَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا لَمْ يَطْلُبْ الْمُسْتَحِقُّ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ الدَّارَ الثَّانِيَةَ تُرَدُّ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ بِالشُّفْعَةِ يَعْنِي الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهَا وَالدَّارُ الثَّالِثَةُ تُتْرَكُ فِي يَدِي الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَهَا فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَهَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتهَا مِنْ فُلَانٍ وَخَرَجَتْ مِنْ يَدَيَّ ثُمَّ أَوْدَعَنِيهَا لَا يُصَدَّقُ وَجُعِلَ خَصْمًا لِلشَّفِيعِ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَهَبْتهَا لِفُلَانٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ أَوْدَعَنِيهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ فَإِنْ حَضَرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي لِلشَّفِيعِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ أَوْ عَلَى الْهِبَةِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَكَانَ الْقَضَاءُ بِالشُّفْعَةِ قَضَاءً عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبُ لَهُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَكُلُّ مَنْ ادَّعَى تَلَقِّي الْمِلْكَ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْيَدِ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ. دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَالدَّارُ تُعْرَفُ لِفُلَانٍ وَادَّعَى فُلَانٌ أَنَّهُ وَهَبَهَا لِلْمُدَّعِي وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ فُلَانٍ فَإِنْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي لِلْوَاهِبِ بِالرُّجُوعِ حَتَّى حَضَرَ شَفِيعُ الدَّارِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ الْوَاهِبِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الشَّفِيعُ قَضَى الْقَاضِي بِالرُّجُوعِ لِلْوَاهِبِ فَإِذَا قَضَى لَهُ بِالرُّجُوعِ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ نُقِضَ الرُّجُوعُ وَرُدَّتْ الدَّارُ عَلَى الشَّفِيعِ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ فُلَانًا بِالْخِيَارِ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَادَّعَى فُلَانٌ الْهِبَةَ وَالتَّسْلِيمَ وَحَضَرَ الشَّفِيعُ أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ وَبَطَلَ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ لَمَّا أَقَرَّ بِالْهِبَةِ. وَالتَّسْلِيمِ إلَى صَاحِبِ الْيَدِ فَقَدْ أَقَرَّ بِثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ وَإِقْرَارُهُ بِثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ إسْقَاطٌ مِنْهُ لِلْخِيَارِ وَصَاحِبُ الْيَدِ مُقِرٌّ بِالشِّرَاءِ فَثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ بِإِقْرَارِ صَاحِبِ الْيَدِ بِالشِّرَاءِ عِنْدَ سُقُوطِ خِيَارِ صَاحِبِ الدَّارِ وَفِي الْأَصْلِ إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَقَضَى الْقَاضِي لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ فَطَلَبَ الشَّفِيعُ مِنْ الْبَائِعِ الْإِقَالَةَ فَأَقَالَهُ الْبَائِعُ فَالْإِقَالَةُ جَائِزَةٌ وَتَعُودُ الدَّارُ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَا تَعُود إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْبَائِعُ اشْتَرَى الدَّارَ مِنْ الشَّفِيعِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقَضَى الْقَاضِي بِالدَّارِ لِلشَّفِيعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الشَّفِيعُ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ أَقَالَ مَعَ الْبَائِعِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَصَارَتْ الدَّارُ مِلْكًا لِلْبَائِعِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا مَاتَ الشَّفِيعُ بَعْدَمَا قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الدَّارَ وَقَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ كَانَتْ الدَّارُ لِوَرَثَةِ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ وَلَوْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَعْدَمَا اشْتَرَى الدَّارَ كَانَتْ الدَّارُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الشَّفِيعِ أَنْ يَرُدَّ الدَّارَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ وَالزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ تَصِيرُ الدَّارُ لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَتَبْطُلُ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّ رَدَّ الدَّارِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ. وَالْإِقَالَةُ إنَّمَا تَكُونُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَكَذَا لَوْ طَالَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الشَّفِيعِ بَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَرُدَّ الدَّارَ عَلَى الْبَائِعِ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ فَفَعَلَ كَانَتْ إقَالَةً وَالْإِقَالَةُ كَمَا تَكُونُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي تَتَحَقَّقُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالشَّفِيعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا مَاتَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لِوَارِثِهِ حَقُّ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَنَا وَلَوْ كَانَ بَيْعُ الدَّارِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَ لَهُ فِيهَا الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ حَيٌّ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي.

فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ حَيٌّ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّت دَيْنٌ لَا تُبَاعُ الدَّارُ فِي دَيْنِهِ وَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالدَّارِ حَقُّ الْغَرِيمِ وَالشَّفِيعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ بَاعَهَا الْقَاضِي أَوْ الْوَصِيُّ فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يُبْطِلَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي فِي حَيَاتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى فِيهَا بِوَصِيَّةٍ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ أَثْبَتَ الشُّفْعَةَ بِطَلَبَيْنِ وَمَاتَ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَخْذُهَا بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ قَدْ مَلَكَهَا بِتَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ يَكُونُ ذَلِكَ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا حَطَّ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الثَّمَنِ سَقَطَ ذَلِكَ عَنْ الشَّفِيع وَكَذَا إذَا حَطَّ بَعْدَمَا أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ يَحُطُّ عَنْ الشَّفِيعِ حَتَّى يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ وَكَذَا إذَا أَبْرَأهُ عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَطِّ وَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِمَا بَقِيَ وَإِذَا حَطَّ عَنْهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْ الشَّفِيعِ وَهَذَا إذَا كَانَ حَطُّ الْكُلِّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ بِكَلِمَاتٍ يَأْخُذُهَا بِالْأَخِيرَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا زَادَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي الثَّمَنِ لَمْ تَلْزَمْ الزِّيَادَةُ الشَّفِيعَ حَتَّى أَنَّهُ يَأْخُذَهَا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ زَادَهُ فِي الثَّمَنِ أَلْفًا آخَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَنَاقَضَا الْبَيْعَ ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْأَلْفَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَلْفِ فَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ بِحُكْمٍ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ فَإِنْ أَخَذَهَا بِحُكْمٍ أَبْطَلَهُ الْقَاضِي ثُمَّ قَضَى لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ بِالْأَلْفِ لِأَنَّهُ كَانَ قُضِيَ لَهُ بِغَيْرِ مَا وَجَبَتْ بِهِ الشُّفْعَةُ وَإِنْ أَخَذَهَا بِغَيْرِ حُكْمٍ فَهَذَا شِرَاءٌ مُبْتَدَأٌ فَلَا يَنْقُضْ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا فَوَهَبَهَا لِرَجُلٍ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ يَأْخُذُ الدَّارَ وَيَضَعُ الثَّمَنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَأْخُذُ حَتَّى يَحْضُرَ الْوَاهِبُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. مُكَاتَبٌ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ ثُمَّ بِيعَتْ دَارٌ بِجِوَارِهِ فَأَدَّى وَرَثَتُهُ كِتَابَتَهُ فَلَهُمْ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِحُرِّيَّتِهِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ فَيَثْبُتُ جِوَارُهُمْ قَبْلَ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَلَهَا شَفِيعٌ فَقَالَ الشَّفِيعُ أَجَزْت الْبَيْعَ وَأَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ قَالَ رَضِيت بِالْبَيْعِ وَأَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ قَالَ سَلَّمْت الْبَيْعَ وَأَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ وَفِي الْفَتَاوَى أَوْ لَا حَقَّ لِي فِيهَا فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا وَصَلَ، وَإِذَا فَصَلَ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ أَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا وَجَاءَ شَفِيعُ الدَّارِ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ شِرَاءِ هَذَا الْمُشْتَرِي فَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَدَفَعَ الدَّارَ إلَى الشَّفِيعِ ثُمَّ قَدِمَ شَفِيعٌ آخَرُ وَأَنْكَرَ شِرَاءَ الشَّفِيعِ أَخَذَ الدَّارَ كُلَّهَا بِالشُّفْعَةِ وَإِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ ابْتِدَاءً قَدْ كُنْت اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ قَبْلَ شِرَائِي وَهِيَ لَك بِشِرَائِك قَبْلِي وَقَالَ الشَّفِيعُ مَا اشْتَرَيْتهَا وَأَنَا آخُذُهَا بِشُفْعَتِي فَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَدِمَ الشَّفِيعُ الْآخَرُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا نِصْفُهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى دَارًا وَقَالَ اشْتَرَيْتهَا لِفُلَانٍ وَأَشْهَدُ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ فَهُوَ خَصْمٌ لَهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ خَصْمًا وَلَوْ قَالَ الْعَاقِدَانِ تَبَايَعْنَا بِأَلْفٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ وَقَالَ الشَّفِيعُ لَا بَلْ بِالْأَلْفِ فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى فَحَضَرَ الشَّفِيعُ يَأْخُذُ الْوَكِيلُ وَيَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ فَوَجَدَ الْعَبْدَ أَعْوَرَ فَرَضِيَهُ فَالشَّفِيعِ يَأْخُذُ الدَّارَ بِقِيمَتِهِ صَحِيحًا وَكَذَلِكَ لَوْ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ حِينَ وَقَعَ وَقَعَ بِالْعَبْدِ سَلِيمًا لَا مَعِيبًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَقَارًا بِدَرَاهِمَ جُزَافًا وَاتَّفَقَ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ مِقْدَارَ الدَّرَاهِمِ، وَقَدْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ التَّقَابُضِ فَالشَّفِيعُ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ يَأْخُذُ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ يُعْطِي الثَّمَنَ عَلَى زَعْمِهِ إلَّا إذَا أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ كَثِيرَةُ الْمُؤَنِ وَالْخَرَاجِ لَا يَشْتَرِيهَا أَحَدٌ فَبَاعَهَا مِنْ إنْسَانٍ مَعَ دَارٍ لَهُ قِيمَتُهَا أَلْفٌ بِأَلْفٍ وَلِلدَّارِ شَفِيعٌ يَأْخُذُهَا بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ فَيُقَسِّمُ الثَّمَنَ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الدَّارِ وَقِيمَةِ الْأَرْضِ إنْ اشْتَرَاهَا أَصْحَابُ السُّلْطَانِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا يَرْغَبُ فِيهَا أَحَدٌ يَعْتَبِرُ قِيمَتَهَا آخِرَ وَقْتٍ ذَهَبَ رَغَبَاتُ النَّاسِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ.

تَعْتَمِدُ الْقِيمَةَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجْعَلُ كُلَّ الْأَلْفِ بِمُقَابَلَةِ الدَّارِ إذَا لَمْ تَكُنْ لِلضَّيْعَةِ قِيمَةٌ أَصْلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَارٌ عَرَفَ الْقَاضِي أَنَّهَا لَهُ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ هَذِهِ فَقَالَ الشَّفِيعُ بَعْدَ بَيْعِ الدَّارِ الَّتِي فِيهَا الشُّفْعَةُ دَارِي هَذِهِ لِفُلَانٍ وَقَدْ بِعْتهَا مِنْهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَقَالَ هَذَا فِي وَقْتٍ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الشُّفْعَةِ وَلَوْ طَلَبهَا لِنَفْسِهِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَلَا لِلْمُقِرِّ لَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةً قَاصِرَةً تَصِحُّ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِلشَّفِيعِ فَقَالَ أَجَزْت عَلَى أَنَّ لِي الشُّفْعَةَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنَّ لِي الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يُجِيزَ الْبَائِعُ أَوْ تَمْضِيَ الْمُدَّةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. شَفِيعٌ اسْتَوْلَى عَلَى أَرْضٍ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِنْبَاطِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ قَالَ ذَلِكَ لَا يَصِيرُ فَاسِقًا وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ فَاسِقٌ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِظَالِمِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ ادَّعَى قَبْلَ رَجُلٍ شُفْعَةً بِالْجِوَارِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَرَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ وَأَنْكَرَ شُفْعَتَهُ. يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا قِبَلَكَ شُفْعَةٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى بِالشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى بِيعَتْ دَارٌ أُخْرَى بِجَنْبِهَا فَلِلْمُشْتَرِي الشُّفْعَةُ. رَجُلٌ طَلَبَ الشُّفْعَةَ فِي دَارٍ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي دَفَعْتهَا إلَيْك إنْ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ التَّسْلِيمُ صَحِيحٌ وَصَارَتْ الدَّارُ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ لَا تَصِيرُ الدَّارُ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ وَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ تَرَكَ دَارًا قِيمَتُهَا أَلْفَانِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَلْفٌ وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ فَرَأَى الْقَاضِي بَيْعَ الدَّارِ كُلِّهَا وَالْوَارِثُ وَالْمُوصَى لَهُ شَفِيعَانِ أَخَذَاهَا بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ فَرَأَى الْقَاضِي بَيْعَهَا فَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ وَلَا لِلْوَرَثَةِ شُفْعَةٌ وَلَا لِلصَّغِيرِ إنْ كَبُرَ وَطَلَبَهَا كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَسُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى دُكَّانًا وَطَلَبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَسَلَّمَ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي الشُّفْعَةَ إلَّا أَنَّهُمَا تَنَازَعَا فِي الثَّمَنِ فَلَمْ يَأْخُذْهُ وَأَتَى عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ ثَبَتَ أَنَّ الثَّمَنَ عَلَى مَا قَالَ الشَّفِيعُ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ إذَا صَحَّ أَنَّ الثَّمَنَ عَلَى مَا قَالَ الشَّفِيعُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَارٌ جَاءَهُ رَجُلٌ وَادَّعَى شُفْعَتَهَا وَقَالَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ هَذِهِ الدَّارُ اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّارُ وَرِثْتُهَا عَنْ أَبِي وَأَقَامَ الشَّفِيعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِي الْبَائِعِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِلْبَائِعِ وَلَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَيْعِ فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ إنْ شِئْت فَصَدِّقْ الشَّفِيعَ وَخُذْ مِنْهُ الثَّمَنَ وَتَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَيْك وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ أَخَذَ الشَّفِيعُ الدَّارَ وَدَفَعَ الثَّمَنَ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ وَهَبَهَا لِي فُلَانٌ وَقَالَ الشَّفِيعُ اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ وَصَدَّقَ الْبَائِعُ الشَّفِيعَ فَهُوَ عَلَى مَا وَصَفْت لَك كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دُورُ مَكَّةَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا إلَّا بِنَاءَهَا وَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَفِيهَا الشُّفْعَةُ وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ وَقْتِ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ بَنَى الشَّفِيعُ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهَا أَيْضًا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِقَضَاءٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى الدَّارَ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهَا أَوْ كَانَ بِهَا عَيْبٌ، عَلِمَ.

الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَرَضِيَ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ لَا يَرْضَى بِالْعَيْبِ وَيَرُدَّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْأَصْلِ اشْتَرَى دَارًا وَهُوَ شَفِيعُهَا وَلَهَا شَفِيعٌ غَائِبٌ وَتَصَدَّقَ الْمُشْتَرِي بِبَيْتٍ مِنْهَا وَطَرِيقُهُ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ بَاعَ مَا بَقِيَ مِنْهَا ثُمَّ قَدِمَ الشَّفِيعُ الْغَائِبُ فَأَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ صَدَقَةَ الْمُشْتَرِي وَبَيْعَهُ فَإِذَا بَاعَ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ مِنْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ صَدَقَتَهُ فِي كُلِّ الدَّارِ إنَّمَا يَنْقُضُ فِي النِّصْفِ وَإِذَا بَاعَ بَاقِيَ الدَّارِ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ كَانَ لِلْغَائِبِ أَنْ يَنْقُضَ تَصَدُّقَهُ فِي الْكُلِّ وَفِي الْأَصْلِ أَيْضًا تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ فِي الْبَيْعِ تَسْلِيمٌ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ حَتَّى أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا أُخْبِرَ بِالْبَيْعِ فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْعٌ وَكَانَ هِبَةً بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَكَذَلِكَ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ تَسْلِيمٌ فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَهُوَ شَفِيعُهَا بِالْجِوَارِ فَطَلَبَ جَارٌ آخَرُ فِيهَا الشُّفْعَةَ فَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ كُلَّهَا إلَيْهِ كَانَ نِصْفُ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ وَالنِّصْفُ بِالشِّرَاءِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا بَاعَ دَارًا عَلَى أَنْ يَكْفُلَ فُلَانٌ الثَّمَنَ وَهُوَ شَفِيعُهَا فَكَفَلَ لَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى دَيْنٍ عَلَى دَارٍ ثُمَّ تَصَادَقَا فَإِنَّهُ لَا دَيْنَ لَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الصُّلْحِ بَيْعٌ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً بِأَلْفٍ وَتَقَابَضَا وَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا يُنْقِصُهَا الْعُشْرَ فَأَقَرَّ الْبَائِعُ أَوْ جَحَدَ فَصَالَحَهُ عَلَى دَارٍ جَازَ وَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهَا بِحِصَّةِ الْعَيْبِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ الْفَائِتَ مَالٌ وَلِهَذَا لَوْ امْتَنَعَ الرَّدُّ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ النُّقْصَانِ مَعَ أَنَّ الِاعْتِيَاضَ عَنْ الْحَقِّ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اشْتَرَى بِحِصَّةِ الْعَيْبِ شَيْئًا يَجُوزُ فَثَبَتَ أَنَّ الدَّارَ مُلِكَتْ بِإِزَاءِ الْمَالِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً عَلَى كُلِّ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الدَّارَ وَالْأَمَةَ مُرَابَحَةً بِدُونِ الْبَيَانِ فَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالدَّارِ عَيْبًا فَرَدَّهَا بِقَضَاءٍ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا الشَّفِيعُ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَعَادَ الْمُشْتَرِي عَلَى حُجَّتِهِ فِي الْعَيْبِ وَلَهُ أَنْ يُرَابِحَ الْأَمَةَ عَلَى كُلِّ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَرْجِعْ بِالْعَيْبِ. اشْتَرَى دَارًا وَصَالَحَ مِنْ عَيْبِهَا عَلَى عَبْدٍ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِحِصَّتِهَا فَإِنْ فَعَلَ فَاسْتَحَقَّ الْعَبْدَ أَوْ رَدَّ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ فِي الصُّلْحِ فَالشَّفِيعُ فِي الْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَدَّى حَظَّ الْعَيْبِ إلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الدَّارَ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْحُجَّةِ مَعَ الْبَائِعِ إنْ أَخَذَهَا بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَكَذَا إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْعَبْدَ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ وَلَوْ رَدَّهُ بِرِضًى لَا شَيْءَ عَلَى الشَّفِيعِ كَذَا فِي الْكَافِي. الِاسْتِحْقَاقُ بِحَقٍّ سَابِقٍ عَلَى الْعَقْدِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَبِحَقٍّ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ لَا يُبْطِلُهُ وَالشَّفِيعُ كَمَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمُشْتَرِي يَتَقَدَّمُ عَلَى مَنْ قَامَ مَقَامَ الْمُشْتَرِي. اشْتَرَى دَارًا بِأَلْفٍ فَزَادَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ أَوْ صَالَحَ عَنْ دَعْوَى فِيهَا بِإِنْكَارٍ ثُمَّ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِأَلْفٍ بِقَضَاءٍ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالزِّيَادَةِ وَعَلَى الْمُدَّعِي بِبَدَلِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ اسْتَحَقَّهَا بِحَقٍّ سَابِقٍ عَلَى الصُّلْحِ وَعَلَى الزِّيَادَةِ فَأَوْجَبَ بُطْلَانَ الصُّلْحِ وَالزِّيَادَةِ مِنْ الْأَصْلِ وَلَوْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ إلَى الشَّفِيعِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَفِي الزِّيَادَةِ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَفِي بَدَلِ الصُّلْحِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي شَفِيعُهَا أَيْضًا فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَوَهَبَهَا لِرَجُلٍ فَلِشَرِيكِهِ أَخْذُ نِصْفِهَا فَإِذَا أَخَذَ تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة رَجُلٌ شَهِدَ بِدَارٍ لِرَجُلٍ، فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الشَّاهِدُ وَلَهَا شَفِيعٌ فَشَفِيعُهَا أَحَقُّ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَفِيعٌ وَلَكِنْ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهَا لِرَجُلِ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فَالدَّارُ لِلْآمِرِ دُونَ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ وَالشَّفِيعُ غَائِبٌ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ فَإِذَا اشْتَرَى الدَّارَ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ ثَانِيًا قَبْل أَنْ يَحْضُرَ الشَّفِيعُ فَحَضَرَ الشَّفِيعُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالشِّرَاءِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالشِّرَاءِ الثَّانِي وَلَوْ اشْتَرَى الدَّارَ رَجُلٌ آخَرُ مِنْ ذِي الْيَدِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الشَّاهِدُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ فَإِنْ أَخَذَهَا بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ بَطَلَ الْبَيْعُ الثَّانِي وَرَجَعَ الشَّاهِدُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ تَصَادَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ تَلْجِئَةً أَوْ كَانَ فِيهِ خِيَارُ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي، وَفَسَخَا الْعَقْدَ لَا يُصَدَّقَانِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ، وَلَهُ الشُّفْعَةُ، أَمَرَ بِشِرَاءِ دَارِ عَيْنٍ بِعَبْدِ عَيْنٍ لِلْمَأْمُورِ فَفَعَلَ صَحَّ الشِّرَاءُ لِلْآمِرِ وَرَجَعَ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ. دَارَانِ مُتَّصِلَتَانِ لِرَجُلَيْنِ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الدَّارَيْنِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا فَبَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَظَّهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ بِحَظِّ صَاحِبِهِ مِنْ الدَّارِ الْأُخْرَى فَالشُّفْعَةُ لَهُمَا دُونَ الْجِيرَانِ هَكَذَا فِي الْكَافِي. دَارٌ بِيعَتْ وَلَهَا ثَلَاثَةُ شُفَعَاءَ أَحَدُهُمْ حَاضِرٌ وَطَلَبَ الْكُلَّ وَأَخَذَهَا ثُمَّ

حَضَرَ أَحَدُ الْغَائِبَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ فَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى الثُّلُثِ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ حَضَرَ ذَلِكَ الثَّالِثُ أَخَذَ مِنْ صَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْآخَرِ فَيَقْسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَرِيكٌ رَابِعٌ أَخَذَ مِنْ صَاحِبِ الثُّلُثِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ فَيَقْسِمَانِهِ إلَى مَا فِي يَدِ الْآخَرِ وَقَسَمَاهُ أَثْلَاثًا يَكُونُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثٌ فَلَهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ وَلَوْ أَنَّ الرَّابِعَ ظَفَرَ بِمَنْ أَخَذَ الثُّلُثَ لَا غَيْرُ، وَقَدْ قُسِمَتْ الدَّارُ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَخَذَ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ. دَارٌ لَهَا ثَلَاثَةُ شُفَعَاءَ اشْتَرَى اثْنَانِ مِنْهُمْ الدَّارَ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا السُّدُسَ، وَالْبَاقِيَ لِلْآخَرِ صَحَّ الشَّرْطُ وَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا فِي نَصِيبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمَّا شَرَطَ لِصَاحِبِهِ نَصِيبًا مَعْلُومًا صَارَ مُسْلِمًا شُفْعَتَهُ فِيمَا صَارَ لِصَاحِبِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسَلِّمُ الْمَشْرُوطُ لِصَاحِبِهِ إذَا انْقَطَعَتْ شُفْعَتُهُ عَنْهُ فَإِنْ حَضَرَ الثَّالِثُ قُسِّمَتْ الدَّارُ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ؛ لِمُشْتَرِي السُّدُسِ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَانِيَةُ، وَالْمَسْأَلَةُ تُخَرَّجُ مِنْ تِسْعَةٍ لِأَنَّا نَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَلِثُلُثِهِ ثُلُثٌ وَلِثُلُثَيْهِ نِصْفٌ صَحِيحٌ وَأَقَلُّهُ تِسْعَةٌ؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ السُّدُسِ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِي ثُلُثَيْ الدَّارِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسَلِّمًا شُفْعَتَهُ فِي قَدْرِ الْمَأْخُوذِ فِي مِثْلِ الْمَأْخُوذِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ سَالَمَ لَهُ، وَمِثْلُهُ سُلِّمَ لِصَاحِبِهِ بِلَا تَسْلِيمٍ، فَظَهَرَ أَنَّ تَسْلِيمَهُ فِي ثُلُثَيْ الدَّارِ، فَكَانَ الثَّالِثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِاسْتِوَاءِ حُقُوقِهِمْ فِيهِ، وَالثُّلُثَانِ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَهَذِهِ السِّهَامُ تُخَرَّجُ مِنْ تِسْعَةٍ فَإِنْ لَقِيَ الثَّالِثُ صَاحِبَ السُّدُسِ وَلَمْ يَلْقَ الْآخَرَ أَخَذَ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ لَمَّا عَرَفَ وَإِنْ لَقِيَا الْآخَرَ قُسِّمَتْ الدَّارُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَلَى مَا مَرَّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. بَاعَ نِصْفَ دَارِهِ وَأَخَذَهُ الْجَارُ وَقَاسَمَهُ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَحَضَرَ الشَّرِيكُ فِي الطَّرِيقِ يَأْخُذُ مَا فِي يَدِهِ وَلَا يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا وَأَخَذَ الشَّفِيعَانِ وَاقْتَسَمَا ثُمَّ حَضَرَ الثَّالِثُ فَإِنْ حَضَرَ الشَّفِيعُ الثَّالِثُ وَلَمْ يَلْقَ الشَّفِيعَيْنِ بَلْ لَقِيَ أَحَدَهُمَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ لَا نِصْفَهُ. قَالَ الْمُشْتَرِي لِأَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ: اشْتَرَيْت الدَّارَ لَك بِأَمْرِك فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَالدَّارُ بَيْنَهُمَا بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: الدَّارُ لَك وَلَمْ تَكُنْ لِي أَوْ اشْتَرَيْتهَا قَبْلِي أَوْ وَهَبْتُك وَقَبَضْت فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَكَانَتْ الشُّفْعَةُ كُلُّهَا لِلْآخَرِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا بَاعَ الْمُفَاوِضُ دَارًا لَهُ خَاصَّةً مِنْ مِيرَاثٍ وَشَرِيكُهُ شَفِيعُهَا بِدَارٍ لَهُ خَاصَّةً مِنْ مِيرَاثٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَتَسْلِيمُ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ شُفْعَةَ صَاحِبِهِ بِسَبَبِ دَارٍ لَهُ خَاصَّةً وَرِثَهَا جَائِزٌ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ هُوَ الشَّفِيعُ بِدَارٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ فِيهَا رِبْحٌ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ غَيْرُهَا، فَسَلَّمَ الْمُضَارِبُ الشُّفْعَةَ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ وَإِنْ سَلَّمَ رَبُّ الْمَالِ كَانَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِبَعْضِهَا دَارًا وَاشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ إلَى جَنْبِهَا دَارًا أُخْرَى لِنَفْسِهِ فَلِلْمُضَارِبِ أَخْذُهَا بِالشُّفْعَةِ بِمَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ دَارَيْنِ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ يُسَاوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَبِيعَتْ دَارٌ إلَى جَنْبِ إحْدَاهُمَا فَلَا شُفْعَةَ لِلْمُضَارِبِ فِيهَا وَالشُّفْعَةُ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَشْغُولَةٌ بِرَأْسِ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ شَرِيكُهُ فِي الرِّبْحِ وَلَا رِبْحَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَلَا يَأْخُذُهَا الْمُضَارِبُ بِالشُّفْعَةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الدُّورَ لَا تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً لِمَا فِيهَا مِنْ التَّفَاوُتِ فِي الْمَنْفَعَةِ فَيُعْتَبَرُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ وَلَوْ كَانَ فِي إحْدَاهُمَا رِبْحٌ كَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِيهَا بِحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مُضَارِبٌ فِي يَده أَلْفَانِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، اشْتَرَى بِأَحَدِهِمَا دَارًا ثُمَّ اشْتَرَى بِالْآخَرِ دَارًا هُوَ شَفِيعُهَا بِدَارِ الْمُضَارَبَةِ وَبِدَارٍ لَهُ خَاصَّةً، وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا بِدَارٍ لَهُ، فَلِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثُهَا بِالشُّفْعَةِ وَثُلُثُهَا لِلْمُضَارِبِ خَاصَّةً وَثُلُثُهَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ شَفِيعٌ آخَرُ فَلَهُ ثُلُثُ الدَّارِ وَثُلُثُهَا بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارَبَةِ أَثْلَاثًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ طَلَبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ أَقَرَّ بِدَارِهِ لِرَجُلٍ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ الشُّفْعَةُ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ بِدَارِهِ دَارًا بِيعَتْ بِجَنْبِهَا بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ بِيعَتْ أُخْرَى بِجَنْبِ الْمَأْخُوذَةِ، فَأَخَذَهَا ثُمَّ أُخْرَى بِجَنْبِهَا بِقَضَاءٍ، فَاسْتُحِقَّتْ دَارُهُ الْأُولَى، رَدَّ الْمَأْخُوذَةَ الْأُولَى عَلَى الْمُشْتَرِي وَبَقِيَتْ الْأُخْرَى لِلْآخِذِ فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ إحْدَى الدَّارَيْنِ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ إلَّا إنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ فَحِينَئِذٍ.

كتاب القسمة وفيه ثلاثة عشر بابا

لَمْ تَبْطُلْ فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ شَفِيعًا أَيْضًا فَلِلشَّفِيعِ الْآخَرِ نِصْفُ الدَّارِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأُخْرَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. بَاعَ دَارًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ فَمَرِضَ الْبَائِعُ وَهُوَ مَوْرُوثُ الشَّفِيعِ وَحَطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْحَطُّ، وَلَوْ وَلَّاهُ الْمُشْتَرِي مِنْ وَارِثِ الْبَائِعِ، أَوْ رَابِحٍ، صَحَّ الْحَطُّ وَلَمْ يَلْزَمْ حَطَّ مِثْلِهِ عَنْ الْوَارِثِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْآمِرِ بِالشِّرَاءِ وَلَا شَهَادَةُ ابْنِهِ إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي جَازَتْ شَهَادَةُ ابْنِ الْبَائِعِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى تَسْلِيمِ الشَّفِيعِ وَاثْنَانِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي تَهَاتَرَا وَلَوْ شَهِدَ الشَّفِيعُ بِالشِّرَاءِ فَإِنْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ سَلَّمَ جَازَتْ، وَلَوْ قَالَ أَجَزْنَاهُ فَطَلَبَ جَازَ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ فُلَانٍ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَائِبًا لَمْ يَأْخُذْ حَتَّى يَحْضُرَ وَلَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُشْتَرَى فَلَا شُفْعَةَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا وَكَّلَ الذِّمِّيُّ الْمُسْلِمَ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْوَكِيلِ الْمُسْلِمِ بِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِقَوْلٍ مِنْهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ وَشَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا تَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ الذِّمِّيُّ هُوَ الْوَكِيلُ، وَقَدْ أَجَازَ الشَّفِيعُ مَا صَنَعَ الْوَكِيل قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَبَطَلَتْ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ جَازَ إقْرَارُهُ فَإِنَّ الْمُوَكِّلَ أَجَازَ صُنْعَهُ عَلَى الْعُمُومِ مُطْلَقًا فَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي إثْبَاتِ كَلَامِهِ حُجَّةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ وُهِبْتُهُ مِنْهُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته بِكَذَا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَرَجَعَ فِي الْهِبَةِ فَإِنْ حَضَرَ الشَّفِيعُ وَأَخَذَهَا بِالثَّمَنِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ أَخَذَهَا بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ حَضَرَ الْبَائِعُ وَأَنْكَرَ الْبَيْعَ أَخَذَهَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اشْتَرَى الْمُضَارِبُ دَارًا وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا فَسَلَّمَ ثُمَّ بَاعَهَا الْمُضَارِبُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ بَاعَ لَهُ وَلَا شُفْعَةَ لِمَنْ بِيعَ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي لِلْوَكِيلِ بِالشُّفْعَةِ فَأَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا كَتَبَ الْقَاضِي بِقَضَائِهِ كِتَابًا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الشُّهُودَ كَمَا أَنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُمْتَنِعًا مِنْ التَّسْلِيمِ وَالِانْقِيَادِ لَهُ فَكَذَلِكَ يَكْتُبُ لَهُ حُجَّةً بِقَضَائِهِ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ نَظَرًا لَهُ وَإِذَا كَانَ فِي سَائِرِ الْخُصُومَاتِ يُعْطِي الْقَاضِي الْمَقْضِيَّ لَهُ سِجِلًّا إنْ الْتَمَسَ ذَلِكَ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ فَكَذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ يُعْطِيه ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ اشْتَرَى نَصِيبًا مَعْلُومًا مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ، بَعْضُهُمْ حُضُورٌ وَبَعْضُهُمْ غُيَّبٌ، اشْتَرَى نَصِيبَ الْحُضُورِ هَلْ لِلشَّفِيعِ الْجَارِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى مَعَ غَيْبَةِ الشَّرِيكِ؟ فَقَالَ نَعَمْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ وَإِنْ حَضَرَ الشَّرِيكُ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْجَارِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ وُهِبَ رَجُلَانِ مِنْ رَجُلٍ دَارًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَا مِنْهُ الْأَلْفَ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا وَسَلَّمَا إلَيْهِ الدَّارَ جَازَ ذَلِكَ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِانْعِدَامِ الشُّيُوعِ فِي الدَّارِ فَالتَّمَلُّكُ فِيهَا وَاحِدٌ وَانْعِدَامُ الشُّيُوعِ فِي الْأَلْفِ حِينَ قَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ مَقْسُومًا، وَلَوْ كَانَ الْأَلْفُ غَيْرَ مَقْسُومٍ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الشُّيُوعَ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّعْوِيضِ كَمَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْهِبَةِ وَالْأَلْفُ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ [كِتَابُ الْقِسْمَةِ وَفِيهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَابًا] [الْبَاب الْأَوَّل فِي تَفْسِير الْقِسْمَة وَسَبَبِهَا وَرُكْنِهَا وَشَرْطِهَا وَحُكْمِهَا] (كِتَابُ الْقِسْمَةِ) (وَفِيهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَبَيَانِ مَاهِيَّةِ الْقِسْمَةِ وَسَبَبِهَا وَرُكْنِهَا وَشَرْطِهَا وَحُكْمِهَا) أَمَّا تَفْسِيرُهَا فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِفْرَازِ وَتَمَيُّزِ بَعْضِ الْأَنْصِبَاءِ عَنْ الْبَعْضِ وَأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْمُبَادَلَةِ لِأَنَّ مَا مِنْ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ إلَّا وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى نَصِيبَيْنِ فَكَانَ مَا يَقْبِضُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ مِلْكُهُ وَنِصْفُهُ مِلْكُ صَاحِبٍ صَارَ لَهُ بِإِزَاءِ مَا تَرَكَهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَصَارَ عِوَضًا عَمَّا تَرَكَ مِنْ نَصِيبِهِ فِي يَدِ صَاحِبِهِ إلَّا أَنَّ مَعْنَى الْإِفْرَازِ وَالتَّمَيُّزِ فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ أَرْجَحُ وَأَظْهَرُ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ مِثْلُ مَا تُرِكَ عَلَيْهِ فَجُعِلَ وُصُولُ مِثْلِ حَقِّهِ إلَيْهِ كَوُصُولِ عَيْنِ حَقِّهِ لِأَنَّ مَا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ لَيْسَ بِمِثْلٍ لِمَا

الباب الثاني في بيان كيفية القسمة

تَرَكَ عَلَى صَاحِبِهِ فَلَا يَكُونُ الْمَقْبُوضُ عَيْنَ حَقِّهِ وَلِهَذَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ غَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ وَيُجْبَرُ الْآبِي مِنْهُمَا عَلَى الْقِسْمَةِ وَمَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فِي غَيْرِ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ أَرْجَحُ وَأَظْهَرُ فَيَكُونُ مُبَادَلَةً حَقِيقَةً وَحُكْمًا كَمَا فِي الْقَرْضِ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ إفْرَازًا لِعَيْنِ الْحَقِّ حُكْمًا وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَفِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ يَجُوزُ إلَّا أَنَّهُ يُجْبَرُ الْآبِي مِنْهُمَا عَلَى الْقِسْمَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ تَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَيَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى الْمُبَادَلَةِ بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لِلْغَيْرِ لَا يُتَوَصَّلُ إلَّا بِهِ كَمَا أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الدَّارِ إلَى الشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ مُعَاوَضَةً وَكَالْعَدِيمِ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ لِإِيفَاءِ الدَّيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا سَبَبُهَا فَطَلَبُ الشُّرَكَاءِ أَوْ بَعْضِهِمْ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِهِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَأَمَّا رُكْنُهَا فَهُوَ الْفِعْلُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْإِفْرَازُ وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ كَالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونَاتِ وَالذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعَاتِ وَالْعَدَدِ فِي الْعَدَدِيَّاتِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَأَمَّا شَرْطُهَا فَمُشَاعٌ لَا تَتَبَدَّلُ مَنْفَعَتُهُ بِالْقِسْمَةِ وَلَا تَفُوتُ لِأَنَّ الْإِفْرَازَ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَتَتْمِيمِ ثَمَرَةِ الْمِلْكِ فَمَتَى تَبَدَّلَتْ الْمَنْفَعَةُ أَوْ فَاتَتْ كَانَتْ تَفْوِيتًا وَتَبْدِيلًا لَا إفْرَازًا وَتَقْسِيمًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا حُكْمُهَا فَتَعْيِينُ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَعَلُّقٌ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الْقِسْمَةُ فِي الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ نَوْعَانِ قِسْمَةُ أَعْيَانٍ وَقِسْمَةُ مَنَافِعَ وَهِيَ الْمُهَايَأَةُ ثُمَّ الْأَعْيَانُ تَارَةً تَكُونُ مِمَّا لَا يُنْقَلُ كَالدُّورِ وَالْعَقَارِ وَتَارَةً تَكُونُ مِمَّا يُنْقَلُ كَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْحُبُوبِ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ تَكُونُ الْقِسْمَةُ بِتَرَاضِي الشُّرَكَاءِ كُلِّهِمْ وَقَدْ تَكُونُ بِرِضَاءِ الْبَعْضِ وَذَلِكَ إلَى الْقَاضِي وَأَمِينِهِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ) سُفْلٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ عُلُوُّهُ لِغَيْرِهِمَا أَوْ عُلُوُّ سُفْلِهِ لِغَيْرِهِمَا فَأَرَادَ الْقِسْمَةَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجْعَلُ بِمُقَابَلَةِ خَمْسِينَ ذِرَاعًا مِنْ سَاحَةِ السُّفْلِ وَمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ سَاحَةِ الْعُلُوِّ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمُقَابَلَةِ كُلِّ ذِرَاعٍ ذِرَاعٌ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا بَيْتٌ لِسُفْلِهِ عُلُوٌّ وَسُفْلٌ لَا عُلُوَّ لَهُ بِأَنْ كَانَ عُلُوُّهُ لِغَيْرِهِمَا وَعُلُوٌّ لَا سُفْلَ لَهُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجْعَلُ بِإِزَاءِ مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ الْعُلُوِّ الَّذِي لَا سُفْلَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا وَثُلُثٌ مِنْ الْبَيْتِ الْكَامِلِ لِأَنَّ الْعُلُوَّ عِنْدَهُ مِثْلُ نِصْفِ السُّفْلِ كَمَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجْعَلُ بِإِزَاءِ خَمْسِينَ ذِرَاعًا مِنْ الْبَيْتِ الْكَامِلِ ذِرَاعٌ مِنْ السُّفْلِ الَّذِي لَا عُلُوَّ لَهُ أَوْ مِائَةُ ذِرَاعٍ مِنْ الْعُلُوِّ الَّذِي لَا سُفْلَ لَهُ لِأَنَّ الْعُلُوَّ وَالسُّفْلَ عِنْدَهُ سَوَاءٌ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَعْتَبِرُ الْمُعَادَلَةَ بِالْقِيمَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اقْتَسَمُوا دَارًا وَفِيهَا كَنِيفٌ شَارِعٌ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ أَوْ ظِلِّهِ لَمْ يُحْسَبْ ذَرْعُهُمَا فِي ذَرْعِ الدَّارِ لِأَنَّ الظُّلَّةَ وَالْكَنِيفَ لَيْسَ لَهُمَا حَقُّ الْقَرَارِ لَمَّا كَانَا مَبْنِيَّيْنِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ بَلْ هُمَا مُسْتَحِقَّا النَّقْضِ وَالْمُسْتَحِقُّ لِلنَّقْضِ كَالْمَنْقُوضِ وَلَكِنْ يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ وَقَعَ فِي حَيِّزِهِ وَلَا يُحْسَبُ فِي ذُرْعَانِ الدَّارِ فَإِنْ كَانَتْ الظُّلَّةُ عَلَى طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ اُحْتُسِبَ بِذَرْعِهَا فِي ذَرْعِ الدَّارِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَرْضَيْنِ أَوْ دَارَيْنِ فَطَلَبَ وَرَثَتُهُ الْقِسْمَةَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ كُلِّ الْأَرْضَيْنِ أَوْ الدَّارَيْنِ جَازَتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمْ لِلْقَاضِي اجْمَعْ نَصِيبِي مِنْ الدَّارَيْنِ وَالْأَرْضَيْنِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَفِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ وَأَبَى صَاحِبُهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْسِمُ الْقَاضِي كُلَّ دَارٍ وَكُلَّ أَرْضٍ عَلَى حِدَةٍ وَلَا يَجْمَعُ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَلَا فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ صَاحِبَاهُ الرَّأْيُ لِلْقَاضِي إنْ رَأَى الْجَمْعَ يَجْمَعُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ كَانَتْ الدَّارَانِ فِي مِصْرَيْنِ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا فِي الْكِتَابِ قَالُوا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجْمَعُ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ كَانَتَا فِي مِصْرَيْنِ أَوْ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ مُتَّصِلَتَيْنِ كَانَتَا أَوْ مُنْفَصِلَتَيْنِ وَرَوَى هِلَالٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُجْمَعُ فِي الْمِصْرَيْنِ وَالدُّورُ الْمُخْتَلِفَةُ بِمَنْزِلَةِ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ

بَيْتَانِ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُتَّصِلَيْنِ كَانَا أَوْ مُنْفَصِلَيْنِ وَلَوْ كَانَا بَيْنَهُمَا مَنْزِلَانِ إنْ كَانَا مُنْفَصِلَيْنِ فَهُمَا كَالدَّارَيْنِ لَا يَجْمَعُ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ وَلَكِنَّهُ يُقَسِّمُ كُلَّ مَنْزِلٍ قِسْمَةً عَلَى حِدَةٍ وَلَوْ كَانَا مُتَّصِلَيْنِ فَهُمَا كَالْبَيْتَيْنِ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا فِي وَاحِدٍ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ صَاحِبَاهُ: الدَّارُ وَالْبَيْتُ سَوَاءٌ وَالرَّأْيُ لِلْقَاضِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَتْ دَارٌ وَضِيعَةٌ أَوْ دَارٌ وَحَانُوتٌ قَسَّمَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا كَانَتْ فِي التَّرِكَةِ دَارٌ وَحَانُوتٌ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ كِبَارٌ وَتَرَاضَوْا عَلَى أَنْ يَدْفَعُوا الدَّارَ وَالْحَانُوتَ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ جَمِيعِ نَصِيبِهِ مِنْ التَّرِكَةِ جَازَ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا لَا يُجْمَعُ نَصِيبُ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ مِنْ الْقَاضِي وَأَمَّا عِنْدَ التَّرَاضِي فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَوْ دَفَعَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ الدَّارَ إلَى وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ عَنْ جَمِيعِ نَصِيبِهِ مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يَجُزْ يَعْنِي لَا يَنْفُذُ عَلَى الْبَاقِينَ إلَّا بِإِجَازَتِهِمْ وَيَكُونُ لَهُمْ اسْتِرْدَادُ الدَّارِ وَأَنْ يَجْعَلُوهَا فِي الْقِسْمَةِ إنْ شَاءُوا وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ فِي أَنَّ الدَّافِعَ هَلْ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ بَعْدَ اسْتِرْدَادِ الْبَاقِينَ قِيلَ: إنَّهُ لَا يَأْخُذُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَارٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ أَرَادُوا قِسْمَتَهَا وَفِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَضْلُ بِنَاءٍ فَأَرَادَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَكُونَ عِوَضُ الْبِنَاءِ الدَّرَاهِمَ وَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ عِوَضُهُ مِنْ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ عِوَضَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يُكَلِّفُ الَّذِي وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِهِ أَنْ يَرُدَّ بِإِزَاءِ الْبِنَاءِ مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ فَحِينَئِذٍ لِلْقَاضِي ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ أَرْضٌ أَوْ بِنَاءٌ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقَسِّمُ كُلَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقَسِّمَ الْأَرْضَ بِالْمِسَاحَةِ ثُمَّ يَرُدَّ مَنْ وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِهِ أَوْ مَنْ كَانَ نَصِيبُهُ أَجْوَدَ دَرَاهِمَ عَلَى الْآخَرِ حَتَّى يُسَاوِيَهُ فَتَدْخُلُ الدَّرَاهِمُ فِي الْقِسْمَةِ ضَرُورَةً وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى شَرِيكِهِ بِمُقَابِلَةِ الْبِنَاءِ مَا يُسَاوِيهِ مِنْ الْعَرْصَةِ وَإِنْ بَقِيَ فَضْلٌ وَيَتَعَذَّرُ تَحْقِيقُ التَّسْوِيَةِ بِأَنْ لَا تَفِيَ الْعَرْصَةُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فَحِينَئِذٍ يَرُدُّ الْفَضْلَ دَرَاهِمَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُرْفَعُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُرْفَعُ فَالْقَاضِي يَنْظُرُ إنْ أَمْكَنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَفْتَحَ طَرِيقًا فِي نَصِيبِهِ فَإِنَّهُ يُقَسِّمُ لِكُلٍّ وَلَا يَرْفَعُ طَرِيقًا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَرْفَعَ طَرِيقًا فِي نَصِيبِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقَسِّمُ قَدْرَ الطَّرِيقِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا تَتَضَمَّنُ تَفْوِيتَ مَنْفَعَةٍ لَهُمْ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: يُرِيدُ بِقَوْلِهِ يَفْتَحُ فِي نَصِيبِهِ طَرِيقًا يَمُرُّ فِيهِ رَجُلٌ لَا طَرِيقًا تَمُرُّ فِيهِ الْحُمُولَةُ وَإِنْ كَانَ لَا يَمُرُّ فِيهِ رَجُلٌ فَهَذَا لَيْسَ بِطَرِيقٍ أَصْلًا وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي سَعَةِ الطَّرِيقِ وَضِيقِهِ فِي قِسْمَةِ الدَّارِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجْعَلُ سَعَةَ الطَّرِيقِ أَكْبَرَ مِنْ عَرْضِ الْبَابِ الْأَعْظَمِ وَطُولَهُ مِنْ الْأَعْلَى إلَى السَّمَاءِ لَا بِقَدْرِ طُولِ الْبَابِ الْأَعْظَمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجْعَلُ سَعَةَ الطَّرِيقِ بِقَدْرِ عَرْضِ الْبَابِ الْأَعْظَمِ وَطُولَهُ مِنْ الْأَعْلَى بِقَدْرِ طُولِ الْبَابِ لِأَنَّ بِهَذَا الْقَدْرِ يُمْكِنُهُمْ الِانْتِفَاعُ عَلَى حَسَبِ مَا كَانُوا يَنْتَفِعُونَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَفَائِدَةُ قِسْمَةِ مَا وَرَاءَ طُولِ الْبَابِ مِنْ الْأَعْلَى هِيَ أَنَّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ جَنَاحًا فِي نَصِيبِهِ إنْ كَانَ فَوْقَ طُولِ الْبَابِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيمَا دُونَ طُولِ الْبَابِ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَرْضًا يَرْفَعُ مِقْدَارَ مَا يَمُرُّ فِيهِ ثَوْرٌ وَلَا يَجْعَلُ مِقْدَارَ الطَّرِيقِ مِقْدَارَ مَا يَمُرُّ ثَوْرَانِ مَعًا وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَمَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا يَحْتَاجُ إلَى الْعَجَلَةِ فَيُؤَدِّي إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ اخْتَصَمَ أَهْلُ الطَّرِيقِ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَهُ فَهُوَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْيَدِ عَلَى الطَّرِيقِ وَالِاسْتِعْمَالِ لَهُ وَلَا يُجْعَلُ عَلَى قَدْرِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ ذَرْعِ الدَّارِ وَالْمَنْزِلِ لِأَنَّ حَاجَةَ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ الصَّغِيرِ إلَى الطَّرِيقِ كَحَاجَةِ صَاحِبِ الدَّارِ الْكَبِيرَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ الشِّرْبِ فَإِنَّ عِنْدَ اخْتِلَافِ الشُّرَكَاءِ يُجْعَلُ الشُّرْب بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَرَاضِيِهِمْ وَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ الطَّرِيقِ كَيْفَ كَانَ بَيْنَهُمْ جَعَلْتُهُ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ دَارٌ لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ طَرِيقٌ فِيهَا فَمَاتَ صَاحِبُ الدَّارِ وَاقْتَسَمَ وَرَثَتُهُ الدَّارَ بَيْنَهُمْ وَرَفَعُوا الطَّرِيقَ لِصَاحِبِ الطَّرِيقِ وَلَهُمْ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَرَادُوا قِسْمَةَ ثَمَنِهِ فَلِصَاحِبِ الطَّرِيقِ نِصْفُهُ وَلِلْوَرَثَةِ نِصْفُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ أَصْلَ الدَّارِ بَيْنَهُمْ مِيرَاثٌ وَجَحَدُوا ذَلِكَ قُسِّمَ ذَلِكَ عَلَى عَدَدِ.

رُءُوسهمْ وَرَأْسِ صَاحِبِ الطَّرِيقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَيُقَسِّمُ الْقَاضِي الْأَعْدَادَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِأَنْ كَانَتْ الْمُجَانَسَةُ ثَابِتَةً بَيْنَ الْأَعْدَادِ اسْمًا وَمَعْنًى كَمَا فِي الْغَنَمِ أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ أَوْ الثِّيَابِ قِسْمَةَ جَمْعٍ عِنْدَ طَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ وَفِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَا يُقَسِّمُ الْأَعْدَادَ قِسْمَةَ جَمْعٍ عِنْدَ طَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ وَإِنْ كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ وَأَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى كَالرَّقِيقِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ هُوَ مَحَلٌّ لِقِسْمَةِ الْجَمْعِ فَالْقَاضِي يُقَسِّمُ الْكُلَّ قِسْمَةَ جَمْعٍ بِلَا خِلَافٍ وَيَجْعَلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ أَصْلًا فِي الْقِسْمَةِ وَالرَّقِيقَ تَبَعًا وَيَجُوزُ أَنْ يَثْبُتُ الشَّيْءُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ مَقْصُودًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ هُوَ مَحَلٌّ لِقِسْمَةِ الْجَمْعِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُقَسِّمُهُ قِسْمَةَ جَمْعٍ وَقَالَا: لِلْقَاضِي أَنْ يُقَسِّمَهُ قِسْمَةَ جَمْعٍ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا حِنْطَةٌ أَوْ دَرَاهِمُ أَوْ ثِيَابٌ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ جَازَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاسِمِ أَنْ يُصَوِّرَ مَا يَقْسِمُهُ عَلَى قِرْطَاسٍ لِيُمْكِنَهُ حِفْظُهُ وَيُسَوِّيهِ عَلَى سِهَامِ الْقِسْمَةِ وَيَقْطَعُهُ بِالْقِسْمَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَيَذْرَعُهُ لِيَعْرِفَ قَدْرَهُ وَيُقَوِّمَ الْبِنَاءَ فَرُبَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ وَيُفْرِزُ كُلَّ نَصِيبٍ عَنْ الْبَاقِي بِطَرِيقِهِ وَشِرْبِهِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِنَصِيبِ بَعْضِهِمْ بِنَصِيبِ الْآخَرِ تَعَلُّقٌ فَيَتَحَقَّقُ مَعْنَى التَّمْيِيزِ وَالْإِفْرَازِ عَلَى الْكَمَالِ وَيُلَقِّبُ أَوَّلَ الْأَنْصِبَاءِ بِالْأَوَّلِ وَاَلَّذِي يَلِيه بِالثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَى هَذَا ثُمَّ يَكْتُبُ أَسَامِيهِمْ وَيُخْرِجُ الْقُرْعَةَ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوَّلًا فَلَهُ السَّهْمُ الْأَوَّلُ وَمَنْ خَرَجَ ثَانِيًا فَلَهُ السَّهْمُ الثَّانِي وَالْأَصْلُ أَنْ يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ إلَى أَقَلِّ الْأَنْصِبَاءِ حَتَّى إذَا كَانَ الْأَقَلُّ ثُلُثًا جَعَلَهَا أَثْلَاثًا وَإِنْ كَانَ سُدُسًا جَعَلَهَا أَسْدَاسًا لِتُمْكِنَ الْقِسْمَةُ وَشَرْحُ ذَلِكَ أَرْضٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مُشْتَرَكَةٍ لِأَحَدِهِمْ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ وَلِآخَرَ خَمْسَةٌ وَلِآخَرَ سَهْمٌ وَأَرَادُوا قِسْمَتَهَا قُسِّمَتْ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ عَشَرَةٌ وَخَمْسَةٌ وَوَاحِدٌ وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ الْأَرْضَ عَلَى عَدَدِ سِهَامِهِمْ بَعْدَ أَنْ سُوِّيَتْ وَعُدِّلَتْ ثُمَّ تُجْعَلُ بَنَادِقُ سِهَامِهِمْ عَلَى عَدَدِ سِهَامِهِمْ وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَأَوَّلُ بُنْدُقَةٍ تَخْرُجُ تُوضَعُ عَلَى طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ السِّهَامِ فَهُوَ أَوَّلُ السِّهَامِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى الْبُنْدُقَةِ لِمَنْ هِيَ فَإِنْ كَانَتْ لِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ أَعْطَاهُ الْقَاضِي ذَلِكَ السَّهْمَ وَتِسْعَةَ أَسْهُمٍ مُتَّصِلَةٍ بِالسَّهْمِ الَّذِي وُضِعَتْ الْبُنْدُقَةُ عَلَيْهِ لِتَكُونَ سِهَامُ صَاحِبِهَا عَلَى الِاتِّصَالِ ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الْبَقِيَّةِ كَذَلِكَ فَأَوَّلُ بُنْدُقَةٍ تَخْرُجُ تُوضَعُ عَلَى طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ السِّتَّةِ الْبَاقِيَةِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى الْبُنْدُقَةِ لِمَنْ هِيَ فَإِنْ كَانَتْ لِصَاحِبِ الْخَمْسَةِ أَعْطَاهُ الْقَاضِي ذَلِكَ السَّهْمَ وَأَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ مُتَّصِلَةٍ بِذَلِكَ السَّهْمِ وَيَبْقَى السَّهْمُ الْوَاحِدُ لِصَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْبُنْدُقَةُ لِصَاحِبِ الْوَاحِدِ كَانَ لَهُ الطَّرَفُ الَّذِي وُضِعَتْ عَلَيْهِ الْبُنْدُقَةُ وَتَكُونُ الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ لِصَاحِبِ الْخَمْسَةِ وَتَفْسِيرُ الْبُنْدُقَةِ أَنْ يَكْتُبَ الْقَاضِي أَسْمَاءَ الشُّرَكَاءِ فِي بِطَاقَاتٍ ثُمَّ يَطْوِيَ كُلَّ بِطَاقَةٍ بِعَيْنِهَا وَيَجْعَلَهَا فِي كُلِّ قِطْعَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ يُدَلِّكَهَا بَيْنَ كَفَّيْهِ حَتَّى تَصِيرَ مُسْتَدِيرَةً فَتَكُونَ شِبْهَ الْبُنْدُقَةِ وَإِفْرَازُ كُلُّ نَصِيبٍ بِطَرِيقِهِ وَشِرْبِهِ أَفْضَلُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ جَازَ هَكَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَتَرَكَ خَمْسَةَ عَشْرَةَ خَابِيَةً خَمْسٌ مِنْهَا مَمْلُوءَةٌ خَلًّا وَخَمْسٌ مِنْهَا خَالِيَةٌ وَالْكُلُّ مُسْتَوِيَةٌ فَأَرَادَ الْبَنُونَ أَنْ يُقَسِّمُوا الْخَوَابِيَ عَلَى السَّوَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزِيلُوهَا عَنْ مَوَاضِعِهَا قَالُوا: الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُعْطَى أَحَدُ الْبَنِينَ خَابِيَتَيْنِ مَمْلُوءَتَيْنِ وَخَابِيَةً إلَى نِصْفِهَا وَخَابِيَتَيْنِ خَالِيَتَيْنِ وَيُعْطَى الثَّانِي كَذَلِكَ يَبْقَى خَمْسُ خَوَابٍ إحْدَاهَا مَمْلُوءَةٌ وَإِحْدَاهَا خَالِيَةٌ وَثَلَاثٌ إلَى نِصْفِهَا خَلٌّ فَيُعْطَى لِلِابْنِ الثَّالِثِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ بِذَلِكَ تَقَعُ رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ لِأَحَدِهِمَا رَغِيفَانِ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةٌ فَدَعَيَا رَجُلًا ثَالِثًا وَأَكَلُوا جَمِيعًا مُسْتَوِينَ ثُمَّ إنَّ الثَّالِثَ أَعْطَاهُمَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ: اقْتَسَمَاهَا بَيْنَكُمَا عَلَى قَدْرِ مَا أَكَلْت مِنْ أَرْغِفَتِكُمَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَكُونُ لِصَاحِبِ الرَّغِيفَيْنِ دِرْهَمَانِ وَلِصَاحِبِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَكَلَ رَغِيفًا وَثُلُثَيْ رَغِيفٍ مَشَاعًا ثُلُثَانِ مِنْ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الرَّغِيفَيْنِ وَرَغِيفٌ تَامٌّ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِ الثَّلَاثَةِ فَاجْعَلْ كُلَّ ثُلُثٍ سَهْمًا فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ آكِلًا سَهْمَيْنِ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِ الرَّغِيفَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِ الثَّلَاثَةِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فَيُقَسَّمُ الْبَدَلُ كَذَلِكَ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: عِنْدِي.

الباب الثالث في بيان ما يقسم وما لا يقسم

لِصَاحِبِ الرَّغِيفَيْنِ دِرْهَمٌ مِنْ الْبَدَلِ لِأَنَّهُ أَكَلَ مِنْ رَغِيفَيْهِ رَغِيفًا وَثُلُثَيْ رَغِيفٍ وَلَمْ يَأْكُلْ الثَّالِثُ مِنْ رَغِيفَيْهِ إلَّا ثُلُثَ رَغِيفٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَكَلَ رَغِيفًا وَثُلُثَيْ رَغِيفٍ فَالثَّالِثُ أَكَلَ مِنْ الْأَرْغِفَةِ الثَّلَاثَةِ رَغِيفًا وَثُلُثَ رَغِيفٍ فَكَانَ لِصَاحِبِ الثَّلَاثَةِ أَرْبَعَةٌ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلَانِ أَرَادَا أَنْ يَتَقَاسَمَا التِّبْنَ بَيْنَهُمَا بِالْحِبَالِ جَازَ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيهِ قَلِيلٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ سُلْطَانٍ غَرَّمَ أَهْلَ قَرْيَةٍ فَأَرَادُوا قِسْمَةَ تِلْكَ الْغَرَامَةِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَالَ بَعْضُهُمْ: تُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ قَالَ: إنْ كَانَتْ الْغَرَامَةُ لِتَحْصِينِ أَمْلَاكِهِمْ يُقَسَّمُ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الْمِلْكِ فَتَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَتْ الْغَرَامَةُ لِتَحْصِينِ الْأَبْدَانِ يُقَسَّمُ ذَلِكَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الرُّءُوسِ وَلَا شَيْءَ عَلَى النِّسْوَانِ وَالصِّبْيَانِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قِسْمَةُ الْعِنَبِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ بِالْوَزْنِ بِالْقَبَّانِ أَوْ الْمِيزَانِ أَوْ الْمِكْيَالِ تَصِحُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَا يُقَسَّمُ وَمَا لَا يُقَسَّمُ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَا يُقَسَّمُ وَمَا لَا يُقَسَّمُ وَمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا لَا يَجُوزُ) . دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ فَطَلَبَ صَاحِبُ الْكَثِيرِ الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْآخَرُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُقَسِّمَ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ طَلَبَ صَاحِبُ الْقَلِيلِ الْقِسْمَةَ وَأَبَى صَاحِبُ الْكَثِيرِ فَكَذَلِكَ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ الشَّيْخِ الْمَعْرُوفِ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فِي الْبَيْتِ الصَّغِيرِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إذَا كَانَ صَاحِبُ الْقَلِيلِ لَا يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَطَلَبَ صَاحِبُ الْقَلِيلِ الْقِسْمَةَ قَالُوا: لَا يُقَسَّمُ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَطَلَبَ الْقِسْمَةَ مِنْ الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُقَسِّمُ وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْآخَرُ لَا يُقَسِّمُ لِأَنَّ الطَّالِبَ مُتَعَنِّتٌ وَإِنْ كَانَ ضَرَرُ الْقِسْمَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا بِأَنْ كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ يَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَطَلَبَ صَاحِبُ الْكَثِيرِ الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْآخَرُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُقَسِّمُ وَإِنْ طَلَبَ صَاحِبُ الْقَلِيلِ لَا يُقَسِّمُ وَحُكِيَ عَنْ الْجَصَّاصِ عَلَى عَكْسِ هَذَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْأَصَحُّ مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا كَانَ الطَّرِيقُ بَيْنَ قَوْمٍ إنْ اقْتَسَمُوهُ لَمْ يَكُنْ لِبَعْضِهِمْ طَرِيقٌ وَلَا مَنْفَذٌ فَأَرَادَ بَعْضُهُمْ قِسْمَتَهُ وَأَبَى الْآخَرُ فَإِنِّي لَا أَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ طَرِيقٌ وَمَنْفَذٌ فَإِنِّي أَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: الْمَسْأَلَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ الطَّرِيقَ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قُسِّمَ بَيْنَهُمْ لَا يَبْقَى لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ طَرِيقٌ وَمَنْفَذٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ الطَّرِيقُ بَيْنَهُمْ عَلَى التَّفَاضُلِ بِحَيْثُ لَوْ قُسِّمَ لَا يَبْقَى لِصَاحِبِ الْقَلِيلِ طَرِيقٌ وَلَا مَنْفَذٌ وَيَبْقَى لِصَاحِبِ الْكَثِيرِ طَرِيقٌ وَمَنْفَذٌ فَالْقَاضِي يُقَسِّمُ بَيْنَهُمْ إذَا طَلَبَ صَاحِبُ الْكَثِيرِ الْقِسْمَةَ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْتِ إذَا طَلَبَ صَاحِبُ الْكَثِيرِ الْقِسْمَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الطَّرِيقُ لَا يُقَسَّمُ فِي الْحَالَيْنِ بِخِلَافِ الْبَيْتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ مَسِيلُ مَاءٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ ذَلِكَ وَأَبَى الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَوْضِعٌ يَسِيلُ مِنْهُ مَاؤُهُ سِوَى هَذَا قَسَّمْتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعٌ إلَّا بِضَرَرٍ لَمْ أُقَسِّمْهُ وَهَذَا وَالطَّرِيقُ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. بَيْتٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ انْهَدَمَ طَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ الْأَرْضِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تُقَسَّمُ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْنِيَ كَمَا كَانَ وَأَبَى الْآخَرُ ذَكَرَ فِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا عَلَيْهِ جِذْعٌ فَيُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ فَإِنْ كَانَ الْآبِي مُعْسِرًا يُقَالُ لِشَرِيكِهِ: ابْنِ أَنْتَ وَامْنَعْ الْآخَرَ مِنْ وَضْعِ الْجِذْعِ حَتَّى يُعْطِيَك نِصْفَ مَا أَنْفَقْت كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَا يُقَسَّمُ الْحَمَّامُ وَالْحَائِطُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فَإِنْ رَضُوا بِهِ جَمِيعًا قَسَّمْتُهُ لِوُجُودِ التَّرَاضِي مِنْهُمْ بِالْتِزَامِ الضَّرَرِ مِنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يَقُولُ هَذَا فِي الْحَمَّامِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ بِجِهَةٍ أُخْرَى بِأَنْ يَجْعَلَهُ بَيْتًا وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ مَقْصُودَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَأَمَّا فِي الْحَائِطِ إنْ رَضُوا بِالْقِسْمَةِ لِيَنْتَفِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِنَصِيبِهِ مِنْ غَيْرِ هَدْمٍ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَإِنْ رَضُوا بِالْهَدْمِ وَقِسْمَةِ الْأُسِّ بَيْنَهُمْ لَمْ يُبَاشِرْ الْقَاضِي ذَلِكَ وَلَكِنْ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ.

فِيمَا بَيْنَهُمْ لَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ بِنَاءٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي أَرْضِ رَجُلٍ قَدْ بَنَيَاهُ فِيهَا بِإِذْنِهِ ثُمَّ أَرَادَا قِسْمَةَ الْبِنَاءِ وَصَاحِبُ الْأَرْضِ غَائِبٌ فَلَهُمَا ذَلِكَ بِالتَّرَاضِي وَإِنْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ الْبِنَاءِ وَهَدْمَهُ وَأَبَى الْآخَرُ فَفِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ إتْلَافُ الْمِلْكِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَكِنْ إذَا أَرَادَا أَنْ يَفْعَلَاهُ لَمْ يَمْنَعْهُمَا عَنْ ذَلِكَ وَإِنْ أَخْرَجَهُمَا صَاحِبُ الْأَرْضِ هَدَمَاهُ ثُمَّ النَّقْضُ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمَا فَيَفْصِلُهُ الْقَاضِي عِنْدَ طَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: دُكَّانٌ فِي السُّوقِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَبِيعَانِ فِيهِ بَيْعًا أَوْ يَعْمَلَانِ فِيهِ بِأَيْدِيهِمَا فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهُ وَأَبَى الْآخَرُ وَصَاحِبُ الْأَرْضِ غَائِبٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ لَوْ قُسِّمَ أَمْكَنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَعْمَلَ فِي نَصِيبِهِ الْعَمَلَ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ قُسِّمَ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ لَا يُقَسَّمُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ الزَّرْعُ بَيْنَ وَرَثَةٍ فِي أَرْضٍ لِغَيْرِهِمْ فَأَرَادُوا قِسْمَةَ الزَّرْعِ فَإِنْ كَانَ قَدْ أُدْرِكَ لَمْ أُقَسِّمْهُ بَيْنَهُمْ حَتَّى يُحْصَدَ لَا بِالتَّرَاضِي وَلَا بِغَيْرِ التَّرَاضِي لِأَنَّ الْحِنْطَةَ مَالُ الرِّبَا فَلَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ مُجَازَفَةً إلَّا بِالْكَيْلِ وَلَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ بِالْكَيْلِ قَبْلَ الْحَصَادِ وَإِنْ كَانَ بَقْلًا لَمْ أُقَسِّمْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا فِي الْبَقْلِ أَنَّهُ يَجُذَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا أَصَابَهُ فَإِذَا اقْتَسَمُوهُ عَلَى هَذَا بِتَرَاضِيهِمْ أَجَزْتُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَانَ زَرْعٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَرَادَا قِسْمَةَ الزَّرْعِ فِيمَا بَيْنَهُمَا دُونَ الْأَرْضِ فَالْقَاضِي لَا يُقَسِّمُ أَمَّا إذَا بَلَغَ الزَّرْعُ وَتَسَنْبَلَ فَلِأَنَّهُ بَعْدَ مَا بَلَغَ وَتَسَنْبَلَ صَارَ مَالَ الرِّبَا وَفِي الْقِسْمَةِ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فَلَا تَجُوزُ مُجَازَفَةً وَأَمَّا إذَا كَانَ الزَّرْعُ بَقْلًا فَإِنَّمَا لَا يُقَسِّمُ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِشَرْطِ التَّرْكِ وَأَمَّا إذَا أَرَادَ الْقِسْمَةَ بِشَرْطِ الْقَلْعِ فَلَهُ أَنْ يُقَسِّمَ وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقَسِّمَ الْقَاضِي وَإِنْ رَضِيَا بِهِ هَذَا إذَا طَلَبَا الْقِسْمَةَ مِنْ الْقَاضِي وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ فَالْقَاضِي لَا يُقَسِّمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَوْ أَقْتَسَمَا الزَّرْعَ بِأَنْفُسِهِمَا. فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ قَدْ بَلَغَ وَتَسَنْبَلَ فَالْجَوَابُ فِيهِ قَدْ مَرَّ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بَقْلًا إنْ قَسَّمَا بِشَرْطِ التَّرْكِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ قَسَّمَا بِشَرْطِ الْقَلْعِ جَازَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا زَرْعٌ فِي أَرْضِهِمَا فَطَلَبَا قِسْمَةَ الزَّرْعِ دُونَ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بَقْلًا وَشَرَطَا تَرْكَهُ فِي الْأَرْضِ أَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ لَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الزَّرْعِ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْقَلْعِ جَازَتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ قَدْ أُدْرِكَ وَشَرَطَا الْحَصَادَ جَازَتْ الْقِسْمَةُ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ شَرَطَا التَّرْكَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَسَدَتْ الْقِسْمَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَتَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا طَلْعٌ عَلَى النَّخِيلِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَا قِسْمَتَهُ دُونَ النَّخِيلِ إنْ شَرَطَا التَّرْكَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَسَدَتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْجِذَاذِ فِي الْحَالِ جَازَتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ مُدْرَكًا وَشَرَطَا التَّرْكَ لَا تَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَتَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَ كُرُّ حِنْطَةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ثَلَاثُونَ رَدِيئَةٌ وَعَشَرَةٌ جَيِّدَةٌ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا عَشَرَةً وَالْآخَرُ ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ الْعَشَرَةِ مِثْلُ قِيمَةِ الثَّلَاثِينَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِنْ كَانَتْ قَوْصَرَّةُ تَمْرٍ بَيْنَهُمَا أَوْ دُنُّ خَلٍّ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهُ قَسَمْتُهُ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَتَأَتَّى فِيهِ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَالْقِسْمَةُ فِيهِ تَمْيِيزٌ مَحْضٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَفَرَّدَ بِهِ فَكَذَلِكَ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي عِنْدَ طَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَالْخَشَبُ وَالْبَابُ وَالرَّحَى وَالدَّابَّةُ وَاللُّؤْلُؤَةُ لَمْ تُقَسَّمْ إلَّا بِرِضَاهُمَا وَفِي التَّجْرِيدِ وَكَذَا فِي الْقَصَبِ وَكُلُّ شَيْءٍ يَحْتَاجُ إلَى شَقِّهِ وَكَسْرِهِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ وَكَذَا فِي الْخَشَبَةِ الْوَاحِدَةِ إذَا كَانَ فِي قَطْعِهَا ضَرَرٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا تُقَسَّمُ الْجَوَاهِرُ لِأَنَّ جَهَالَتَهَا مُتَفَاحِشَةٌ أَلَا يُرَى أَنَّهَا لَا يَصْلُحُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ مِنْهَا عِوَضًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي مُخْتَصَرِ خُوَاهَرْ زَادَهْ: وَلَا تُقَسَّمُ الْقَوْسُ وَالسَّرْجُ وَلَا الْمُصْحَفُ كَذَا فِي التتارخانية. فَإِنْ أَوْصَى بِصُوفٍ عَلَى ظَهْرِ غَنَمِهِ لِرَجُلَيْنِ فَأَرَادَا قِسْمَتَهُ قَبْلَ الْجِذَاذِ لَمْ أُقَسِّمْهُ، وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَالُ الرِّبَا فَإِنَّهُ مَوْزُونٌ أَوْ مَكِيلٌ لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ إلَّا بِوَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ وَذَلِكَ بَعْدَ الْحَلْبِ وَالْجِذَاذِ، فَأَمَّا الْوَلَدُ فِي الْبَطْنِ: فَلَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِحَالٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَسَمَا ذَلِكَ بَيْنَهُمَا بِالتَّرَاضِي لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ " مَا لَا يُقَسَّمُ ". وَإِنْ كَانَ ثَوْبٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَاقْتَسَمَاهُ وَشَقَّاهُ

طُولًا وَعَرْضًا بِتَرَاضٍ مِنْهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ بَعْدَ تَمَامِ الْقِسْمَةِ. هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ قِسْمَةِ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ. وَلَوْ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ثَوْبٌ مَخِيطٌ لَا يَقْسِمُهُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَقْسِمُ الْقَاضِي أَيْضًا ثَوْبَيْنِ عِنْدَ اخْتِلَافِ قِيمَتِهِمَا لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ التَّعْدِيلُ إلَّا بِزِيَادَةِ دَرَاهِمَ مَعَ الْأَوْكَسِ، وَلَا يَجُوزُ إدْخَالُ الدَّرَاهِمِ فِي الْقِسْمَةِ جَبْرًا فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ جَازَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْسِمَ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَيْنَ الشُّرَكَاءِ ثَوْبًا زُطِّيًّا وَثَوْبًا هَرَوِيًّا وَوِسَادَةً وَبِسَاطًا لَمْ يَقْسِمْهُ إلَّا بِرِضَاهُمْ وَلَوْ كَانَتْ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهَا وَأَبَى الْآخَرُ فَإِنِّي أَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَتْ قِسْمَتُهَا تَسْتَقِيمُ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ ثَوْبَيْنِ مِثْلَ قِيمَةِ الثَّالِثِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمَا فَيُعْطِي أَحَدَهُمَا ثَوْبَيْنِ وَالْآخَرَ ثَوْبًا وَإِنْ كَانَتْ لَا تَسْتَقِيمُ لَمْ أَقْسِمْهَا بَيْنَهُمْ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى شَيْءٍ هَكَذَا قَالَ فِي الْكِتَابِ وَالْأَصَحُّ أَنْ يُقَالَ: إنْ اسْتَوَتْ الْقِيمَةُ وَكَانَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبًا وَنِصْفًا فَإِنَّهُ يُقَسِّمُ الثَّوْبَيْنِ بَيْنَهُمَا وَيَدَعُ الثَّالِثَ مُشْتَرَكًا، وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَقَامَ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدَ الْقِسْمَيْنِ ثَوْبًا وَثُلُثَيْ الْآخَرِ وَالْقِسْمَ الْآخَرَ ثَوْبًا وَثُلُثَ الْآخَرِ أَوْ أَحَدَ الْقِسْمَيْنِ ثَوْبًا وَرُبْعًا وَالْآخَرَ ثَوْبًا وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ فَإِنَّهُ يُقَسِّمُ بَيْنَهُمْ وَيَتْرُكُ الثَّالِثَ مُشْتَرَكًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرَكُ قَنَاةً أَوْ نَهْرًا أَوْ بِئْرًا أَوْ عَيْنًا وَلَيْسَ مَعَهُ أَرْضٌ وَطَلَبَ الشُّرَكَاءُ الْقِسْمَةَ فَالْقَاضِي لَا يَقْسِمُ، وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ أَرْضٌ لَا شِرْبَ لَهَا إلَّا مِنْ ذَلِكَ قَسَمْتُ الْأَرْضَ وَتَرَكْتُ النَّهْرَ، وَالْبِئْرُ وَالْقَنَاةُ عَلَى الشَّرِكَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شِرْبُهُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لِلْأَرْضِ شِرْبًا مِنْ مَكَان آخَرَ أَوْ كَانَ أَرَضِينَ وَأَنْهَارًا مُتَفَرِّقَةً أَوْ آبَارًا قَسَمْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ، وَقِسْمَةُ النَّهْرِ وَالْعَيْنِ هُنَا تَبَعٌ لِقِسْمَةِ الْأَرَاضِي فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ فَالشِّرْبُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ تَبَعًا وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ لَا يَجُوزُ فِيهِ مَقْصُودًا فَكَذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَالْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةُ مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ كَالْإِجَّانَةِ وَالْقُمْقُمَةِ وَالطَّسْتِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ صُفْرٍ مُلْحَقَةٌ بِمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ فَلَا يَقْسِمُهَا الْقَاضِي جَبْرًا كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَيَقْسِمُ تِبْرَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِمَصُوغٍ مِنْ الْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَكَذَلِكَ عُلْوٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ وَالسُّفْلُ لِغَيْرِهِمَا أَوْ سُفْلٌ بَيْنَهُمَا وَالْعُلْوُ لِغَيْرِهِمَا فَذَلِكَ كُلُّهُ يُقْسَمُ إذَا طَلَبَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا قَسَّمَ الدُّورَ فَإِنَّهُ يُقَسِّمُ الْعَرْصَةَ بِالذِّرَاعِ وَيُقَسِّمُ الْبِنَاءَ بِالْقِيمَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ لِفَضْلِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْمَوْضِعِ لِأَنَّ الْمُعَادَلَةَ فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْأَنْصِبَاءِ وَاجِبَةٌ صُورَةً وَمَعْنًى مَا أَمْكَنَ وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ اعْتِبَارُ الْمُعَادَلَةِ فِي الصُّورَةِ تُعْتَبَرُ الْمُعَادَلَةُ فِي الْمَعْنَى، ثُمَّ هَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ اقْتَسَمُوا الْأَرْضَ نِصْفَيْنِ وَشَرَطُوا أَنَّ مَنْ وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِهِ يُعْطِي لِصَاحِبِهِ نِصْفَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ مَعْلُومَةٌ، أَوْ اقْتَسَمُوا كَذَلِكَ وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، أَوْ اقْتَسَمُوا الْأَرْضَ نِصْفَيْنِ وَلَمْ يَقْتَسِمُوا الْبِنَاءَ فَإِنْ اقْتَسَمُوا الْأَرْضَ نِصْفَيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْ وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِهِ يُعْطِي لِصَاحِبِهِ نِصْفَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ مَعْلُومَةٌ، جَازَ، وَإِنْ اقْتَسَمُوا كَذَلِكَ وَلَمْ يَعْرِفْ قِيمَةَ الْبِنَاءِ جَازَ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا، وَإِنْ اقْتَسَمُوا الْأَرْضَ نِصْفَيْنِ وَلَمْ يَقْتَسِمُوا الْبِنَاءَ جَازَتْ الْقِسْمَةُ ثُمَّ يَتَمَلَّكُ مَنْ وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِهِ نِصْفَ الْبِنَاءِ بِالْقِيمَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَبِهَذَا الطَّرِيقِ قُلْنَا: إنَّ الْأَرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إذَا قُسِّمَتْ وَفِيهَا أَشْجَارٌ وَزَرْعٌ قُسِّمَتْ الْأَرْضُ بِدُونِ الْأَشْجَارِ وَالزَّرْعِ فَوَقَعَ الْأَشْجَارُ وَالزَّرْعُ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ الَّذِي وَقَعَ الْأَشْجَارُ وَالزَّرْعُ فِي نَصِيبِهِ يَمْتَلِكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ مِنْ الْأَشْجَارِ وَالزَّرْعِ بِالْقِيمَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَعَنْ الثَّانِي أَرْضٌ مِيرَاثٌ بَيْنَ قَوْمٍ فِي بَعْضِهَا زَرْعٌ قَسَّمَ الْأَرْضَ بَيْنَهُمْ مِنْ غَيْرِ زَرْعٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَوِّمَ الزَّرْعَ فَمَنْ أَصَابَ الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ الزَّرْعُ أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ قَالَ: لَا أَرْضَى بِغُرْمِ الْقِيمَةِ وَلَا حَاجَةَ لِي فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى دَفْعِ قِيمَةِ الزَّرْعِ، وَكَذَا فِي الدَّارِ إذَا قَسَّمَ الْحَاكِمُ عَلَى الذِّرَاعِ وَلَمْ يُقَوِّمْ الْبِنَاءَ فَمَنْ وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي حِصَّتِهِ أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ سَمَّى الْقِيمَةَ أَوْ لَمْ يُسَمِّهَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَإِذَا حَضَرَ الشُّرَكَاءُ عِنْدَ الْقَاضِي وَفِي أَيْدِيهِمْ دَارٌ أَوْ عَقَارٌ ادَّعَوْا أَنَّهُمْ وَرِثُوهُ

عَنْ فُلَانٍ لَمْ يَقْسِمْهُ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَوْتِهِ وَعَدَدِ وَرَثَتِهِ، وَقَالَا: يَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ وَيَذْكُرُ الْقَاضِي فِي صَكِّ الْقِسْمَةِ أَنَّهُ قَسَمَهُ بِإِقْرَارِهِمْ وَلَوْ ادَّعَوْا فِي الْعَقَارِ أَنَّهُمْ اشْتَرَوْهُ قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ مَا سِوَى الْعَقَارِ وَادَّعَوْا أَنَّهُ مِيرَاثٌ قَسَمَهُ فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ ادَّعَوْا الْمِلْكَ وَلَمْ يَذْكُرُوا كَيْفَ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ كِتَابِ الْقِسْمَةِ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَرْضٌ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا فِي أَيْدِيهِمَا وَأَرَادَا الْقِسْمَةَ لَمْ يَقْسِمْهَا بَيْنَهُمَا حَتَّى يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا لِغَيْرِهِمَا ثُمَّ قِيلَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ الْكُلِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ ضَرْبَانِ: بِحَقِّ الْمِلْكِ تَكْمِيلًا لِلْمَنْفَعَةِ وَبِحَقِّ الْيَدِ تَتْمِيمًا لِلْحِفْظِ، وَامْتَنَعَ الْأَوَّلُ هَاهُنَا لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَكَذَا الثَّانِي لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ، وَإِذَا حَضَرَ وَارِثَانِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَوْتِ وَعَدَدِ الْوَرَثَةِ وَالدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا وَمَعَهُمَا وَارِثٌ غَائِبٌ أَوْ صَغِيرٌ قَسَمَ الْقَاضِي بِطَلَبِ الْحَاضِرَيْنِ وَيُنَصِّبُ وَكِيلًا بِقَبْضِ نَصِيبِ الْغَائِبِ أَوْ وَصِيًّا بِقَبْضِ نَصِيبِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ فِي هَذَا النَّصْبِ نَظَرًا لِلْغَائِبِ وَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَصْلِ الْمِيرَاثِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَهُ أَيْضًا بَلْ أَوْلَى وَعِنْدَهُمَا يَقْسِمَانِ بَيْنَهُمَا بِإِقْرَارِهِمَا وَيُعْزَلُ حَقُّ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ وَيُشْهِدُ أَنَّهُ قَسَّمَهَا بِإِقْرَارِ الْكِبَارِ الْحُضُورِ وَأَنَّ الْغَائِبَ أَوْ الصَّغِيرَ عَلَى حُجَّتِهِ وَلَوْ كَانُوا مُشْتَرِينَ لَمْ يَقْسِمْ مَعَ غَيْبَةِ أَحَدِهِمْ وَإِنْ أَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَإِنْ كَانَ الْعَقَارُ فِي يَدِ الْوَارِثِ الْغَائِبِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ لَمْ يَقْسِمْ، وَكَذَا إذَا كَانَ فِي يَدِ مُودِعِهِ وَكَذَا إذَا كَانَ فِي يَدِ الصَّغِيرِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ لَمْ يَقْسِمْ بِإِقْرَارِ الْحُضُورِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا الْفَصْلِ بَيْنَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِهَا فِي الصَّحِيحِ وَإِنْ حَضَرَ وَارِثٌ وَاحِدٌ لَمْ يَقْسِمْ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ خَصْمٌ وَالْحَاضِرُ إنْ كَانَ خَصْمًا عَنْ نَفْسِهِ فَلَيْسَ أَحَدٌ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ وَعَنْ الْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَ خَصْمًا عَنْهُمَا فَلَيْسَ أَحَدٌ يُخَاصِمُ عَنْ نَفْسِهِ يُقِيمُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، وَلَوْ كَانَ الْحَاضِرُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا نَصَّبَ الْقَاضِي عَنْ الصَّغِيرِ وَصِيًّا وَقَسَمَ إذَا أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فِي يَدِ أُمِّ الصَّغِيرِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فِي يَدِ الْغَائِبِ وَثَمَّةَ لَا يَقْسِمُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اعْلَمْ أَنَّ هَاهُنَا مَسْأَلَةً لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا وَهِيَ أَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يُنَصِّبُ وَصِيًّا عَنْ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ حَاضِرًا وَأَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَلَا يُنَصِّبُ عَنْهُ وَصِيًّا بِخِلَافِ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يُنَصِّبُ وَصِيًّا عَنْ الْغَائِبِ، ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّبِيِّ الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ فِي حَقِّ نَصْبِ الْوَصِيِّ هُوَ أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا كَانَ حَاضِرًا فَيُنَصِّبُ الْوَصِيَّ لِأَجْلِ الْجَوَابِ ضَرُورَةً لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ صَحَّتْ عَلَى الصَّبِيِّ؛ لِكَوْنِهِ حَاضِرًا إلَّا أَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْجَوَابِ فَيُنَصِّبُ عَنْهُ وَصِيًّا لِيُجِيبَ خَصْمَهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَلَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَوَجَّهْ الْجَوَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقَعْ الضَّرُورَةُ عَلَى نَصْبِ الْوَصِيِّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ مِيرَاثًا وَفِيهَا وَصِيَّةٌ بِالثُّلُثِ وَبَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبٌ وَالْبَعْضُ حُضُورٌ فَالْمُوصَى لَهُ شَرِيكٌ بِمَنْزِلَةِ الْوَارِثِ إنْ حَضَرَ بِنَفْسِهِ وَحْدَهُ فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ وَلَا يَقْسِمُ الدَّارَ بَيْنَهُمْ كَمَا لَوْ حَضَرَ وَاحِدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ حَضَرَ هُوَ مَعَ أَحَدِ الْوَرَثَةِ فَالْقَاضِي يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُمَا وَيَقْسِمُ الدَّارَ كَمَا لَوْ حَضَرَ وَارِثَانِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ رَفَعَا طَرِيقًا بَيْنَهُمَا وَكَانَ عَلَى الطَّرِيقِ ظُلَّةٌ وَكَانَ طَرِيقُ أَحَدِهِمَا عَلَى تِلْكَ الظُّلَّةِ وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَّخِذَ طَرِيقًا آخَرَ فَأَرَادَ صَاحِبُهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْمُرُورِ عَلَى ظَهْرِ الظُّلَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَفِيهَا صُفَّةٌ وَفِي الصُّفَّةِ بَيْتٌ وَطَرِيقُ الْبَيْتِ فِي الصُّفَّةِ وَمَسِيلُ مَاءِ

ظَهْرِ الْبَيْتِ عَلَى ظَهْرِ الصُّفَّةِ فَاقْتَسَمَا فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا الصُّفَّةَ وَقِطْعَةً مِنْ سَاحَةِ الدَّارِ وَأَصَابَ الْآخَرُ الْبَيْتَ وَقِطْعَةً مِنْ سَاحَةِ الدَّارِ وَلَمْ يَذْكُرَا فِي الْقِسْمَةِ الطَّرِيقَ وَمَسِيلَ الْمَاءِ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْبَيْتِ أَنْ يَمُرَّ فِي الصُّفَّةِ عَلَى حَالِهِ وَيَسِيلَ الْمَاءُ عَلَى ظَهْرِ الصُّفَّةِ إنْ أَمْكَنَ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ فَتْحُ الطَّرِيقِ وَتَسْيِيلُ الْمَاءِ فِي نَصِيبِهِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الصُّفَّةِ وَلَا حَقُّ تَسْيِيلِ الْمَاءِ عَلَى ظَهْرِهَا سَوَاءٌ ذَكَرَا فِي الْقِسْمَةِ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ بِحُقُوقِهِ أَوْ لَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ إمْكَانُ فَتْحِ الطَّرِيقِ وَتَسْيِيلِ الْمَاءِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ. فَإِنْ ذَكَرَا أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ بِحُقُوقِهِ دَخَلَ الطَّرِيقُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ فِي الْقِسْمَةِ وَتَجُوزُ الْقِسْمَةُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ فِي الْقِسْمَةِ وَفَسَدَتْ الْقِسْمَةُ. ذَكَرَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ وَذَكَرَ فِي آخِرِ الْبَابِ: إذَا اقْتَسَمَا دَارًا فَلَمَّا وَقَعَتْ الْحُدُودُ بَيْنَهُمَا إذَا أَحَدُهُمَا لَا طَرِيقَ لَهُ فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ لِنَصِيبِهِ فِي حَيِّزِهِ طَرِيقًا آخَرَ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ. وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ لِنَصِيبِهِ طَرِيقًا إنْ عَلِمَ وَقْتَ الْقِسْمَةِ أَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ، وَعَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي مَسْأَلَةِ آخِرِ الْبَابِ: إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ لِنَصِيبِهِ طَرِيقًا آخَرَ إنَّمَا تَفْسُدُ الْقِسْمَةُ إذَا لَمْ تُذْكَرْ الْحُقُوقُ فَأَمَّا إذَا ذُكِرَتْ الْحُقُوقُ يَدْخُلُ الطَّرِيقُ تَحْتَ الْقِسْمَةِ فَصَارَ حَاصِلُ الْجَوَابِ نَظَرًا إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ لِنَصِيبِهِ طَرِيقًا آخَرَ إنْ ذُكِرَتْ الْحُقُوقُ يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ فِي الْقِسْمَةِ وَلَا تَفْسُدُ الْقِسْمَةُ. وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ الْحُقُوقُ حَتَّى لَمْ يَدْخُلَا تَحْتَ الْقِسْمَةِ إنْ عَلِمَ وَقْتَ الْقِسْمَةِ أَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ وَلَا مَسِيلَ لَهُ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي بَابِ قِسْمَةِ الْأَرَضِينَ وَالْقُرَى أَنَّ الطَّرِيقَ وَمَسِيلَ الْمَاءِ يَدْخُلَانِ فِي الْقِسْمَةِ بِدُونِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ وَلَمْ يَكُونَا فِي أَنْصِبَائِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ إحْدَاثُ هَذِهِ الْحُقُوقِ فِي أَنْصِبَائِهِ حَتَّى لَا تَفْسُدَ الْقِسْمَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ اقْتَسَمَا دَارًا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ دَارًا لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقِسْمَةُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. كُلُّ قِسْمَةٍ عَلَى شَرْطِ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بَيْعٍ مِنْ الْمَقْسُومِ أَوْ غَيْرِهِ فَاسِدَةٌ وَكَذَا كُلُّ شِرَاءٍ عَلَى شَرْطِ قِسْمَةٍ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَالْقِسْمَةُ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ شَيْئًا مَعْرُوفًا جَائِزَةٌ كَالزِّيَادَةِ فِي الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ، وَالْمَقْبُوضُ بِالْقِسْمَةِ الْفَاسِدَةِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ وَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ كَالْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا الْجَمِيعَ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ أَرَادُوا قِسْمَةَ مِلْكٍ فَلِلْقَاضِي ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادُوا قِسْمَةَ حِفْظٍ وَانْتِفَاعٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْقَاضِي هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ كُلَّهَا وَيَأْخُذَ الْآخَرُ الْبِنَاءَ كُلَّهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ إذَا شَرَطَا فِي الْقِسْمَةِ عَلَى الْمَشْرُوطِ لَهُ الْبِنَاءُ قَلْعَ الْبِنَاءِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ سَكَتَا عَنْ الْقَلْعِ وَلَمْ يَشْتَرِطَا جَازَتْ الْقِسْمَةُ أَيْضًا وَإِنْ شَرَطَا تَرْكَ الْبِنَاءِ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا وَقَعَ الْحَائِطُ لِأَحَدٍ فِي الْقِسْمَةِ وَعَلَيْهِ جُذُوعُ الْآخَرِ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْحَائِطِ أَنْ يَرْفَعَ الْجُذُوعَ عَنْ الْحَائِطِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَا شَرَطَا فِي الْقِسْمَةِ رَفْعَ الْجُذُوعِ سَوَاءٌ كَانَ الْجُذُوعُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْخُصُوصِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَالْحَائِطُ بَيْنَهُمَا أَوْ كَانَ السَّقْفُ وَالْجُذُوعُ مَعَ الْحَائِطِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا ثُمَّ صَارَ الْحَائِطُ لِأَحَدِهِمَا بِالْقِسْمَةِ وَالسَّقْفُ وَالْجُذُوعُ لِآخَرَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي التَّجْرِيدِ وَكَذَلِكَ دَرَجٌ أَوْ دَرَجَةٌ أَوْ أُسْطُوَانَةٌ عَلَيْهَا جُذُوعٌ وَكَذَلِكَ رَوْشَنٌ وَقَعَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ مُشْرِفًا عَلَى نَصِيبِ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يَقْطَعَ الرَّوْشَنَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا قَطْعَهُ كَذَا فِي التتارخانية. وَلَوْ أَنَّ ضَيْعَةً بَيْنَ خَمْسَةٍ مِنْ الْوَرَثَةِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ صَغِيرٌ وَاثْنَانِ غَائِبَانِ وَاثْنَانِ حَاضِرَانِ فَاشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ أَحَدِ الْحَاضِرَيْنِ وَطَالَبَ شَرِيكَهُ الْحَاضِرَ بِالْقِسْمَةِ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَخْبَرَهُ بِالْقِصَّةِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ شَرِيكَهُ بِالْقِسْمَةِ وَيَجْعَلُ وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبَيْنِ وَالصَّغِيرِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَامَ مَقَامَ الْبَائِعِ وَقَدْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ شَرِيكَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

كَتَبَ ابْنُ سِمَاعَةَ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَوْمٍ وَرِثُوا دَارًا وَبَاعَ بَعْضُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَغَابَ الْأَجْنَبِيُّ الْمُشْتَرِي وَطَلَبَتْ الْوَرَثَةُ الْقِسْمَةَ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِيرَاثِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا حَضَرَ الْوَارِثَانِ قَسَمَهَا الْقَاضِي حَضَرَ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَحْضُرْ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِمَنْزِلَةِ الْوَارِثِ الَّذِي بَاعَهُ وَفِي الْأَصْلِ إذَا كَانَتْ الْقَرْيَةُ وَأَرْضُهَا بَيْنَ رَجُلَيْنِ بِالشِّرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ نَصِيبَهُ مِيرَاثًا فَأَقَامَ وَرَثَتُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِيرَاثِ وَعَلَى الْأَصْلِ وَشَرِيكُ أَبِيهِمْ غَائِبٌ لَمْ يَقْسِمْ الْقَاضِي حَتَّى يَحْضُرَ شَرِيكُ أَبِيهِمْ وَلَوْ حَضَرَ شَرِيكُ الْأَبِ وَغَابَ بَعْضُ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ قَسَمَهَا الْقَاضِي بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ حُضُورَ بَعْضِ الْوَرَثَةِ كَحُضُورِ الْمَيِّتِ لَوْ كَانَ حَيًّا أَوْ كَحُضُورِ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الشَّرِكَةِ بِالْمِيرَاثِ بِأَنْ كَانَا وَرِثَا قَرْيَةً عَنْ أَبِيهِمَا فَقَبْلَ أَنْ يَقْسِمَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ نَصِيبَهُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ فَحَضَرَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ الثَّانِي وَعَمُّهُمْ غَائِبٌ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى مِيرَاثِهِمْ عَنْ أَبِيهِمْ عَنْ جَدِّهِمْ قَسَمَهَا الْقَاضِي بَيْنَهُمْ وَيَعْزِلُ نَصِيبَ عَمِّهِمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَضَرَ عَمُّهُمْ وَغَابَ بَعْضُهُمْ قَسَمَهَا الْقَاضِي بَيْنَهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي النَّوَازِلِ: سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ قَرْيَةٍ مَشَاعٍ بَيْنَ أَهْلِهَا رُبْعُهَا وَقْفٌ وَرُبْعُهَا جَرِدٌ وَنِصْفُهَا مِلْكٌ شَائِعٌ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا مِنْهَا مَقْبَرَةً وَيُرِيدُونَ قِسْمَةَ بَعْضِهَا لِيَصْفُوَ لَهُمْ الْمِلْكُ وَيَجْعَلُوهَا مَقْبَرَةً قَالَ: إنْ قُسِّمَتْ الْقَرْيَةُ كُلُّهَا عَلَى مِقْدَارِ نَصِيبِ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ جَازَتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَقْسِمُوا مَوْضِعًا فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ كَذَا فِي التتارخانية. فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بَعْضَ نَصِيبِهِ ثُمَّ حَضَرَا يَعْنِي الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ وَطَلَبَا الْقِسْمَةَ فَالْقَاضِي لَا يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَحْضُرَ وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُ الْبَائِعِ، وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ نَصِيبَهُ ثُمَّ وَرِثَ الْبَائِعُ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ اشْتَرَى لَمْ يَكُنْ خَصْمًا لِلْمُشْتَرِي فِي نَصِيبِهِ الْأَوَّلِ فِي الدَّارِ حَتَّى يَحْضُرَ وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُهُ، وَلَوْ حَضَرَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَارِثِ وَوَارِثٌ آخَرُ وَغَابَ الْوَارِثُ الْبَائِعُ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى شِرَائِهِ وَقَبْضِهِ وَعَلَى الدَّارِ وَعَدَدِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الدَّارَ وَسَكَنَ الدَّارَ مَعَهُمْ ثُمَّ طَلَبَ الْقِسْمَةَ هُوَ وَوَارِثٌ آخَرُ غَيْرُ الْبَائِعِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَالْقَاضِي يَقْسِمُ الدَّارَ، وَكَذَلِكَ إذَا طَلَبَتْ الْوَرَثَةُ دُونَ الْمُشْتَرِي فَالْقَاضِي يَقْسِمُ الدَّارَ بَيْنَهُمْ بِطَلَبِهِمْ وَجَعَلَ نَصِيبَ الْغَائِبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَا يَقْضِي بِالشِّرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الدَّارَ عَزَلَ نَصِيبَ الْوَارِثِ الْغَائِبِ وَلَا يَدْفَعُ إلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي طَلَبَ الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْوَرَثَةُ لَمْ أَقْسِمْ؛ لِأَنِّي لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ مَالِكٌ وَلَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ عَلَى مَا اشْتَرَى وَالْبَائِعُ غَائِبٌ، وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ مَشَاعٌ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يُقَاسِمَ صَاحِبَ الدَّارِ وَيَقْبِضَ نَصِيبَهُ فَقَاسَمَهُ لَمْ يَجُزْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَارٌ وَنِصْفُ دَارٍ وَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الدَّارَ وَالْآخَرُ نِصْفَ الدَّارِ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ أَفْضَلَ قِيمَةً مِنْ نِصْفِ الدَّارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اصْطَلَحَ الرَّجُلَانِ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا دَارًا وَالْآخَرُ مَنْزِلًا فِي دَارٍ أُخْرَى أَوْ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِهَامًا مَعْلُومَةً مِنْ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا دَارًا وَالْآخَرُ عَبْدًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الِاصْطِلَاحِ فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ فَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَتْ مِائَةُ ذِرَاعٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ الدَّارِ الْأُخْرَى فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنَّ لِهَذَا مَا فِي هَذِهِ الدَّارِ مِنْ الذُّرْعَانِ وَلِهَذَا مَا فِي هَذِهِ الدَّارِ الْأُخْرَى لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ مِيرَاثٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي دَارٍ وَمِيرَاثٌ فِي دَارٍ أُخْرَى فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا مَا فِي هَذِهِ الدَّارِ وَلِلْآخَرِ مَا فِي تِلْكَ الدَّارِ وَزَادَ مَعَ ذَلِكَ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً فَإِنْ كَانَا سَمَّيَا السِّهَامَ كَمْ هِيَ سَهْمًا مِنْ كُلِّ دَارٍ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ سَمَّيَا مَكَانَ السِّهَامِ أَذْرُعًا مُسَمَّاةً مُكَسَّرَةً جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: وَلَمْ يَجُزْ فِي

قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. دَارَانِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ اقْتَسَمُوهَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمْ إحْدَى الدَّارَيْنِ وَالثَّانِي الدَّارَ الْأُخْرَى عَلَى أَنْ يَرُدَّ الَّذِي أَخَذَ الدَّارَ الْكُبْرَى عَلَى الَّذِي لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إذَا أَخَذَ الدَّارَ الْكُبْرَى اثْنَانِ مِنْهُمْ وَأَخَذَ الثَّالِثُ الدَّارَ الصُّغْرَى وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ دَارٌ وَاحِدَةٌ بَيْنَهُمْ وَأَخَذَهَا اثْنَانِ مِنْهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِفَةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يَرُدَّا عَلَى الثَّالِثِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَطُوا عَلَى أَحَدِهِمَا ثُلُثَيْ الدَّرَاهِمِ لِيَدْخُلَ فِي مَنْزِلِهِ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ يَكُونُ هُوَ مُشْتَرِيًا ثُلُثَيْ نَصِيبِ الثَّالِثِ وَصَاحِبُهُ الثُّلُثَ، وَكَذَلِكَ دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ اقْتَسَمَاهَا نِصْفَيْنِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ عَبْدًا بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يَزِيدَ الْآخَرُ مِائَةَ دِرْهَمٍ جَازَ، وَكَذَلِكَ لَوْ اقْتَسَمَاهَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الْبِنَاءَ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ الْخَرَابَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ صَاحِبُ الْبِنَاءِ عَلَى الْآخَرِ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً فَهُوَ جَائِزٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا السُّفْلَ وَالْآخَرُ الْعُلْوَ وَاشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اقْتَسَمَا الثِّيَابَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ هَذَا رَدَّ دِرْهَمًا وَمَنْ أَصَابَهُ هَذَا رَدَّ دِرْهَمَيْنِ جَازَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَانَتْ الْقَرْيَةُ وَالْأَرْضُ بَيْنَ قَوْمٍ اقْتَسَمُوا الْأَرْضَ مِسَاحَةً عَلَى أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ شَجَرٌ أَوْ بُيُوتٌ فِي أَرْضِهِ فَعَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا دَرَاهِمُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. شَرِيكَانِ اقْتَسَمَا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الصَّامِتَ وَلِلْآخَرِ الْعُرُوضَ وَقُمَاشَ الْحَانُوتِ وَالدُّيُونَ الَّتِي عَلَى النَّاسِ عَلَى أَنَّهُ إنْ تَوِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الدُّيُونِ رَدَّ عَلَيْهِ نِصْفَهُ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهَا مَعْنَى الْبَيْعِ وَالْبَيْعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَجُوزُ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرُدَّ عَلَى صَاحِبِهِ نِصْفَ مَا أَخَذَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَاقْتَسَمَاهَا عَلَى أَنْ يَزِيدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً فَهُوَ جَائِزٌ ثُمَّ كُلُّ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا مُسْتَحَقًّا بِالْبَيْعِ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ عِنْدَ تَرَاضِيهِمَا عَلَيْهِ فَالنُّقُودُ حَالَّةً كَانَتْ أَوْ مُؤَجَّلَةً وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًّا يَجُوزُ اسْتِحْقَاقُهُ عِوَضًا فِي الْبَيْعِ فَكَذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَكَانِ الْإِيفَاءِ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي السَّلَمِ وَالْإِجَارَاتِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنْ بَيَّنَا لِلتَّسْلِيمِ مَكَانًا جَازَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَا جَازَتْ الْقِسْمَةُ وَيَتَعَيَّنُ لِلتَّسْلِيمِ مَوْضِعُ الدَّارِ وَكَانَ يَنْبَغِي فِي الْقِيَاسِ أَنْ يَتَعَيَّنَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ كَمَا فِي السَّلَمِ عِنْدَهُمَا وَلَكِنَّهُمَا اسْتَحْسَنَا فَقَالَا: تَمَامُ الْقِسْمَةِ يَكُونُ عِنْدَ الدَّارِ وَإِنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ تَمَامِ الْقِسْمَةِ فَتَعَيَّنَ مَوْضِعُ الْوُجُوبِ فِيهِ لِلتَّسْلِيمِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ عِنْدَهُمَا يَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الدَّارِ لَا مَوْضِعُ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ مَوْصُوفًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَوْصُوفٍ مُؤَجَّلًا كَانَ أَوْ حَالًّا وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ ثِيَابًا مَوْصُوفَةً إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ لَهُ أَجَلًا لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ قِسْمَةِ الدُّورِ بِالدَّرَاهِمِ يَزِيدُهَا. وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَاقْتَسَمَاهَا فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا مُقَدَّمَهَا وَهُوَ الثُّلُثُ وَالْآخَرُ أَخَذَ مُؤَخَّرَهَا وَهُوَ الثُّلُثَانِ جَازَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَأَخَذَ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ بِنَصِيبِهِ بَيْتًا شَارِعًا وَصَاحِبُ الثُّلُثِ بِنَصِيبِهِ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ حَقِّهِ فَهَذَا جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الَّذِي وَقَعَ فِي قِسْمَةِ الْآخَرِ لَيْسَتْ لَهُ غَلَّةٌ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِذَا اقْتَسَمَا دَارًا بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِفَةً مِنْ الدَّارِ عَلَى أَنْ يَرْفَعَا طَرِيقًا بَيْنَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا ثُلُثُهُ وَلِلْآخَرِ ثُلُثَاهُ فَهَذَا جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ رَقَبَةَ الطَّرِيقِ مِلْكٌ لَهُمَا مَحَلٌّ لِلْمُعَاوَضَةِ وَإِذَا اقْتَسَمَ الرَّجُلَانِ دَارًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ مِنْ مُؤَخَّرِهَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ مِنْ مُقَدَّمِهَا بِحَقِّهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا غَبْنٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ قِسْمَةِ الدُّورِ بِتَفْصِيلِ بَعْضِهَا. وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اقْتَسَمَاهَا أَخَذَ أَحَدُهُمَا قَدْرَ النِّصْفِ وَأَخَذَ الْآخَرُ قَدْرَ الثُّلُثِ وَرَفَعَا طَرِيقًا بَيْنَهُمَا قَدْرَ السُّدُسِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الطَّرِيقُ لِصَاحِبِ الْأَقَلِّ وَلِلْآخَرِ فِيهِ حَقُّ الْمُرُورِ فَهُوَ جَائِزٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي جَوَازِ بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ رِوَايَتَيْنِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ هَذَا الْكِتَابِ مِنْ الْعِلَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ هَذِهِ

الْقِسْمَةِ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَإِنْ كَانَ فِي جَوَازِ بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ رِوَايَتَانِ قَالَ بِأَنْ كَانَ عَيْنُ الطَّرِيقِ مَمْلُوكًا لَهُمَا وَكَانَ لَهُمَا حَقُّ الْمُرُورِ فِيهِ وَقَدْ جَعَلَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ رَقَبَةِ الطَّرِيقِ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ عِوَضًا عَنْ بَعْضِ مَا أَخَذَهُ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ بِالْقِسْمَةِ وَبَقِيَ لِنَفْسِهِ حَقُّ الْمُرُورِ وَهَذَا جَائِزٌ بِالشَّرْطِ كَمَنْ بَاعَ طَرِيقًا مَمْلُوكًا مِنْ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ وَكَمَنْ بَاعَ السُّفْلَ عَلَى أَنَّهُ لَهُ حَقُّ قَرَارِ الْعُلْوِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَذَا هُنَا، وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَبَيْنَهُمَا شِقْصٌ مِنْ دَارٍ أُخْرَى اقْتَسَمَاهَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الدَّارَ وَالْآخَرُ الشِّقْصَ فَإِنْ عَلِمَا أَنَّ سِهَامَ الشِّقْصِ كَمْ هِيَ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا فَالْقِسْمَةُ مَرْدُودَةٌ، وَإِنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْآخَرُ فَالْقِسْمَةُ مَرْدُودَةٌ هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَلَمْ يُفَصِّلْ الْجَوَابَ فِيهَا تَفْصِيلًا، فَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِيهَا عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ عَلِمَ الْمَشْرُوطُ لَهُ الشِّقْصَ جَازَتْ الْقِسْمَةُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ جَهِلَ الْمَشْرُوطُ لَهُ وَعَلِمَ الشَّارِطُ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تَكُونُ الْقِسْمَةُ مَرْدُودَةً وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَكُونُ جَائِزَةً وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَلْ الْجَوَابُ فِي مَسْأَلَةِ الْقِسْمَةِ عَلَى مَا أَطْلَقَ وَالْقِسْمَةُ مَرْدُودَةٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اقْتَسَمَ الْقَوْمُ الْقَرْيَةَ وَهِيَ مِيرَاثٌ بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ وَفِيهِمْ صَغِيرٌ لَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ أَوْ غَائِبٌ لَيْسَ لَهُ وَكِيلٌ لَمْ تَجُزْ الْقِسْمَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اقْتَسَمُوهَا بِأَمْرِ صَاحِبِ الشَّرْطِ أَوْ عَامِلِ غَيْرِ الْقَاضِي كَالْعَامِلِ عَلَى الرُّسْتَاقِ أَوْ الطَّسُّوجِ أَوْ عَلَى الْخَرَاجِ أَوْ عَلَى الْمُؤْنَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ رَضُوا بِحُكْمِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَسَمِعَ بَيِّنَتَهُمْ عَلَى الْأَصْلِ وَالْمِيرَاثِ ثُمَّ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ وَفِيهِمْ صَغِيرٌ لَا وَصِيَّ لَهُ أَوْ غَائِبٌ لَا وَكِيلَ لَهُ لَمْ تَجُزْ لِأَنَّ الْحَكَمَ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ لِأَنَّهُ صَارَ حَكَمًا بِتَرَاضِي الْخُصُومِ فَتَقْتَصِرُ وِلَايَتُهُ عَلَى مَنْ وُجِدَ مِنْهُ الرِّضَا فَإِنْ أَجَازَ الْغَائِبُ أَوْ كَبِرَ الصَّبِيُّ وَأَجَازَ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ لِهَذَا الْعَقْدِ مُجِيزًا حَالَ وُقُوعِهِ أَلَا يُرَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ أَجَازَ جَازَ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ بَاعَ مَالَ الصَّبِيِّ فَكَبِرَ الصَّبِيُّ وَأَجَازَ ذَلِكَ جَازَ وَإِنْ مَاتَ الْغَائِبُ أَوْ الصَّغِيرُ فَأَجَازَ وَارِثُهُ لَمْ تَجُزْ فِي الْقِيَاسِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالِاسْتِحْسَانُ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْقِسْمَةِ قَائِمَةٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُورِثِ كَمَا كَانَتْ فِي حَيَاتِهِ فَلَوْ نُقِضَتْ تِلْكَ الْقِسْمَةُ اُحْتِيجَ إلَى إعَادَتِهَا فِي الْحَالِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَإِنَّمَا تَكُونُ إعَادَتُهَا بِرِضَا الْوَارِثِ فَلَا فَائِدَةَ فِي نَقْضِهَا مَعَ وُجُودِ الْإِجَازَةِ عِنْدَ النَّفَاذِ بِرِضَاهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. ثُمَّ إنَّمَا تَعْمَلُ الْإِجَازَةُ مِنْ الْغَائِبِ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ أَوْ مِنْ الْوَصِيِّ أَوْ مِنْ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ إذَا كَانَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْقِسْمَةُ قَائِمًا وَقْتَ الْإِجَازَةِ كَالْبَيْعِ الْمَحْضِ الْمَوْقُوفِ إنَّمَا تَعْمَلُ فِيهِ الْإِجَازَةُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَقْتَ الْإِجَازَةِ وَكَمَا تَثْبُتُ الْإِجَازَةُ صَرِيحًا بِالْقَوْلِ تَثْبُتُ الْإِجَازَةُ دَلَالَةً بِالْفِعْلِ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ لَا تُقْسَمُ الْكُتُبُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَلَكِنْ يَنْتَفِعُ بِهَا كُلُّ وَاحِدٍ بِالْمُهَايَأَةِ وَلَوْ أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنْ يَقْسِمَ بِالْأَوْرَاقِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُسْمَعُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْهُ وَلَا تُقْسَمُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَلَوْ كَانَ صُنْدُوقُ قُرْآنٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ تَرَاضَوْا جَمِيعًا فَالْقَاضِي لَا يَأْمُرُ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مُصْحَفٌ لِوَاحِدٍ وَسَهْمٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا مِنْهُ لِلْآخَرِ فَإِنَّهُ يُعْطَى يَوْمًا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا حَتَّى يَنْتَفِعَ وَلَوْ كَانَ كِتَابًا ذَا مُجَلَّدَاتٍ كَثِيرَةٍ كَشَرْحِ الْمَبْسُوطِ فَإِنَّهُ لَا يُقْسَمُ أَيْضًا وَلَا سَبِيلَ إلَى الْقِسْمَةِ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا فِي كُلِّ جِنْسٍ مُخْتَلِفٍ، وَلَا يَأْمُرُ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ وَلَوْ تَرَاضَيَا أَنْ تُقَوَّمَ الْكُتُبُ وَيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ بَعْضَهَا بِالْقِيمَةِ بِالتَّرَاضِي يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَابْنَيْنِ كَبِيرَيْنِ وَدَارًا وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ فَنَصَّبَ الْقَاضِي أَحَدَ الِابْنَيْنِ وَصِيًّا ثُمَّ إنَّ الْوَصِيَّ دَعَا رَجُلَيْنِ مِنْ أَقْرِبَائِهِ فَقُسِمَتْ التَّرِكَةُ بِحُضُورِهِمْ فَجَعَلَ الْكُتُبَ لِنَفْسِهِ وَلِأَخِيهِ الثَّانِي الْبَالِغِ أَيْضًا وَجَعَلَ الدَّارَ لِلصَّغِيرَيْنِ مَشَاعًا بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَالتَّعْدِيلِ هَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْقِسْمَةُ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْقَاسِمُ عَالِمًا وَرِعًا يَجُوزُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَسَأَلْت أَبَا حَامِدٍ عَنْ الْأَبِ هَلْ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ مَعَ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. وَسُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ اشْتَرَى أَرْضًا

الباب الرابع فيما يدخل تحت القسمة من غير ذكر

مُشْتَرَكَةً بَيْنَ جَمَاعَةٍ اشْتَرَى نَصِيبَ الْحُضُورِ وَبَعْضُهُمْ غُيَّبٌ كَيْفَ تُقْسَمُ هَذِهِ الْأَرْضُ مَعَ غَيْبَةِ الشَّرِيكِ؟ وَهَلْ لَهُ إلَى زِرَاعَتِهَا سَبِيلٌ؟ فَقَالَ: لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهَا حَالَ غَيْبَةِ الشُّرَكَاءِ أَوْ حَالَ غَيْبَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مَوْرُوثَةً فَيُنَصِّبُ الْقَاضِي قَيِّمًا عَنْ الْغَائِبِ فَيَقْسِمُ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا زِرَاعَتُهَا فَإِنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَأْذَنَ لِلشَّرِيكِ فِي زِرَاعَةِ كُلِّ الْأَرْضِ لِكَيْ لَا يُضَيِّعَ الْخَرَاجَ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي التتارخانية. بَاعَ مِنْ آخَرَ شَيْئًا وَضَمِنَ لَهُ إنْسَانٌ بِالدَّرَكِ ثُمَّ مَاتَ أَيْ الضَّامِنُ قَسَمَ مَالَهُ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ الْقِسْمَةِ وَلَوْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ بَاعَ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَدْرَكَ الْمَيِّتَ دَرَكٌ يَرْجِعُ إلَى الْوَرَثَةِ وَنُقِضَ بَيْعُهُمْ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ مُقَارِنٍ لِلْمَوْتِ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقِسْمَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقِسْمَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَمَا لَا يَدْخُلُ فِيهَا) وَيَدْخُلُ الشَّجَرُ فِي قِسْمَةِ الْأَرَاضِي وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا الْحُقُوقَ وَالْمَرَافِقَ كَمَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرَاضِي وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثِّمَارُ فِي قِسْمَةِ الْأَرَاضِي وَإِنْ ذَكَرُوا الْحُقُوقَ وَكَذَلِكَ إذَا ذَكَرُوا الْمَرَافِقَ مَكَانَ الْحُقُوقِ لَا تَدْخُلُ الثِّمَارُ وَالزُّرُوعُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ ذَكَرُوا فِي الْقِسْمَةِ بِكُلِّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهَا إنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِهَا لَا تَدْخُلُ الثِّمَارُ وَالزُّرُوعُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ حُقُوقِهَا تَدْخُلْ الثِّمَارُ وَالزُّرُوعُ، وَالْأَمْتِعَةُ الْمَوْضُوعَةُ فِيهَا لَا تَدْخُلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَأَمَّا الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ هَلْ يَدْخُلَانِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ فِي الْقِسْمَةِ؟ ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُمَا يَدْخُلَانِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ قَوْمٍ مِيرَاثًا اقْتَسَمُوهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَأَصَابَ كُلَّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ قَرَاحٌ عَلَى حِدَةٍ فَلَهُ شِرْبُهُ وَطَرِيقُهُ وَمَسِيلُ مِائَةِ وَكُلُّ حَقٍّ لَهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَتْ أَرْضٌ بَيْنَ قَوْمٍ لَهُمْ نَخْلٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِمْ فَاقْتَسَمُوا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ اثْنَانِ مِنْهُمْ الْأَرْضَ وَيَأْخُذَ الثَّالِثُ النَّخِيلَ بِأُصُولِهَا فَهَذَا جَائِزٌ لِأَنَّ النَّخْلَةَ بِأَصْلِهَا بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِ وَلَوْ شَرَطُوا لِأَحَدِهِمْ فِي الْقِسْمَةِ حَائِطًا بِنَصِيبِهِ فَهُوَ جَائِزٌ فَكَذَلِكَ النَّخْلَةُ وَإِنْ شَرَطُوا أَنَّ لِفُلَانٍ هَذِهِ الْقِطْعَةَ وَهَذِهِ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَةُ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْقِطْعَةِ وَلِلْآخَرِ قِطْعَةً أُخْرَى وَلِلثَّالِثِ الْقِطْعَةَ الَّتِي فِيهَا تِلْكَ النَّخْلَةُ فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ النَّخْلَةَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَالنَّخْلَةُ لِصَاحِبِهَا بِأَصْلِهَا لِأَنَّ النَّخْلَةَ كَالْحَائِطِ وَبِتَسْمِيَةِ الْحَائِطِ يَسْتَحِقُّهَا بِأَصْلِهَا وَهَذِهِ نَخْلَةٌ مَا لَمْ تُقْطَعْ فَأَمَّا بَعْدَ الْقَطْعِ فَهُوَ جِذْعٌ فَمِنْ ضَرُورَةِ اسْتِحْقَاقِ النَّخْلَةِ أَصْلُهَا فَإِنْ قَطَعَهَا فَلَهُ أَنْ يَغْرِسَ فِي مَوْضِعِهَا مَا بَدَا لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِنْ الْأَرْضِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَمُرَّ إلَيْهَا فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى الضَّرَرِ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى نَخْلَتِهِ فَإِنْ ذَكَرُوا فِي الْقِسْمَةِ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَلَهُ الطَّرِيقُ إلَى نَخْلَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الشَّجَرَةَ تُسْتَحَقُّ بِأَصْلِهَا فِي الْقِسْمَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مِقْدَارَ ذَلِكَ. بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ الْأَرْضِ مَا كَانَ بِإِزَاءِ الْعُرُوقِ يَوْمَ الْقِسْمَةِ أَعْنِي عُرُوقًا لَوْ قُطِعَتْ يَبِسَتْ الشَّجَرَةُ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَدْخُلُ مِنْ الْأَرْضِ مِقْدَارُ غِلَظِ الشَّجَرَةِ يَوْمَ الْقِسْمَةِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ فِي الْكِتَابِ فَإِنَّهُ

قَالَ: إذَا ازْدَادَتْ النَّخْلَةُ غِلَظًا كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَنْحِتَ مَا ازْدَادَتْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَدَّرَ مَا تَحْتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بِمِقْدَارِ غِلَظِ الشَّجَرَةِ وَقْتَ الْقِسْمَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَوْمٌ اقْتَسَمُوا ضَيْعَةً فَأَصَابَ بَعْضَهُمْ بُسْتَانٌ وَكَرْمٌ وَبُيُوتٌ وَكَتَبُوا فِي الْقِسْمَةِ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ لَمْ يَكْتُبُوا فَلَهُ مَا فِيهَا مِنْ الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهَا الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَتْ الْقَرْيَةُ مِيرَاثًا بَيْنَ قَوْمٍ وَاقْتَسَمُوهَا فَأَصَابَ أَحَدُهُمْ قَرَاحًا وَغَلَّاتٍ فِي قَرَاحٍ وَأَصَابَ الْآخَرُ كَرْمًا فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَانَتْ قَرْيَةٌ وَأَرْضٌ وَرَحَا مَاءٍ بَيْنَ قَوْمٍ بِالْمِيرَاثِ فَاقْتَسَمُوهَا فَأَصَابَ الرَّجُلُ الرَّحَا وَنَهَرَهَا وَأَصَابَ الْآخَرُ الْبُيُوتَ وَأَقْرِحَةً مُسَمَّاةً وَأَصَابَ آخَرُ أَيْضًا أَقْرِحَةً مُسَمَّاةً فَاقْتَسَمُوهَا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا فَأَرَادَ صَاحِبُ النَّهْرِ أَنْ يَمُرَّ إلَى نَهْرِهِ فِي أَرْضٍ أَصَابَ صَاحِبَهُ بِالْقِسْمَةِ فَمَنَعَهُ صَاحِبُهُ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ إذَا كَانَ النَّهْرُ فِي وَسَطِ أَرْضِ هَذَا وَلَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بِأَرْضِهِ وَإِنْ كَانَ يَصِلُ إلَى النَّهْرِ بِدُونِ أَرْضِهِ بِأَنْ كَانَ النَّهْرُ مُنْفَرِجًا عَنْ حَدِّ الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمُرَّ فِي أَرْضِ هَذَا، وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ إلَى النَّهْرِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ لَا فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ أَمْكَنَهُ الْوُصُولُ إلَى النَّهْرِ بِدُونِ تِلْكَ الْأَرْضِ أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الْقِسْمَةِ الْحُقُوقَ وَالْمَرَافِقَ وَمَا أَشْبَهَهُمَا وَكَانَ الطَّرِيقُ إلَى النَّهْرِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَتْحُ الطَّرِيقِ فِي نَصِيبِهِ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ إلَّا إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ وَقْتَ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ فَتْحُ الطَّرِيقِ فِي نَصِيبِهِ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا أَمْكَنَهُ الْمُرُورُ فِي بَطْنِ النَّهْرِ بِأَنْ نَضَبَ الْمَاءُ عَنْ مَوْضِعٍ مِنْهُ وَكَانَ يُمْكِنُهُ الْمُرُورُ فِي ذَلِكَ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَمُرَّ فِي نَصِيبِهِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ جَائِزَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ النَّهْرِ شَيْءٌ مَكْشُوفٌ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ لِلنَّهْرِ مُسَنَّاةٌ مِنْ جَانِبَيْهِ يَكُونُ طَرِيقُهُ عَلَيْهَا فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَطَرِيقُهُ عَلَيْهَا دُونَ أَرْضِ صَاحِبِهِ. وَإِنْ ذَكَرَ الْحُقُوقَ فِي الْقِسْمَةِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالنَّهْرِ بِالتَّطَرُّقِ عَلَى مُسَنَّاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمُسَنَّاةَ فِي الْقِسْمَةِ فَاخْتَلَفَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَالنَّهْرِ فَهِيَ لِصَاحِبِ النَّهْرِ لِمَلْقَى طِينِهِ وَطَرِيقِهِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا حَرِيمَ لِلنَّهْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلنَّهْرِ طَرِيقٌ فِي أَرْضِ قِسْمَةٍ فَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا طَرِيقَ لَهُ إذَا عَلِمَ يَوْمَئِذٍ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُ، وَكَذَلِكَ النَّخْلَةُ وَالشَّجَرَةُ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا فِي أَرْضِ الْآخَرِ وَاشْتَرَطَا أَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ فِي أَرْضِ صَاحِبِهِ فَهُوَ وَالنَّهْرُ سَوَاءٌ وَلَوْ كَانَ نَهْرٌ يَصُبُّ فِي أَجَمَةٍ كَانَ لِصَاحِبِ ذَلِكَ الصَّبِّ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَارٌ بَيْنَ قَوْمٍ اقْتَسَمُوهَا فَوَقَعَ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمْ بَيْتٌ فِيهِ حَمَامَاتٌ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا الْحَمَامَاتِ فِي الْقِسْمَةِ فَهِيَ بَيْنَهُمْ كَمَا كَانَتْ وَإِنْ ذَكَرُوهَا فَإِنْ كَانَتْ لَا تُؤْخَذُ إلَّا بِصَيْدٍ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ فِي الْقِسْمَةِ مَعْنَى الْبَيْعِ وَبَيْعُ الْحَمَامَاتِ إذَا كَانَتْ لَا تُؤْخَذُ إلَّا بِصَيْدٍ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَمَامَاتُ تُؤْخَذُ بِغَيْرِ صَيْدٍ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّ بَيْعَ الْحَمَامَاتِ إذَا كَانَتْ تُؤْخَذُ بِغَيْرِ صَيْدٍ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا اقْتَسَمُوهَا بِاللَّيْلِ حِينَ اجْتَمَعَتْ كُلُّهَا فِي الْبَيْتِ أَمَّا إذَا اقْتَسَمُوهَا بِالنَّهَارِ بَعْدَمَا خَرَجَتْ مِنْ الْبَيْتِ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَإِذَا اقْتَسَمَ الرَّجُلَانِ دَارًا فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا طَائِفَةً وَالْآخَرُ طَائِفَةً وَفِي نَصِيبِ الْآخَرِ ظُلَّةٌ عَلَى الطَّرِيقِ أَوْ كَنِيفٌ شَارِعٌ فَالْقِسْمَةُ فِي هَذَا كَالْبَيْعِ فَالْكَنِيفُ الشَّارِعُ يَدْخُلُ فِي قِسْمَةِ الدَّارِ سَوَاءٌ ذَكَرَا الْحُقُوقَ وَالْمَرَافِقَ أَوْ لَمْ يَذْكُرَا، وَالظُّلَّةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَدْخُلُ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا تَدْخُلُ إذَا كَانَ مَفْتَحُهَا فِي الدَّارِ سَوَاءٌ ذَكَرَا الْحُقُوقَ أَوْ لَمْ يَذْكُرَا فَإِنْ هَدَمَ أَهْلُ الطَّرِيقِ تِلْكَ الظُّلَّةَ لَمْ تُنْقَضْ الْقِسْمَةُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. كَرْمٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَاقْتَسَمَاهُ وَجَعَلَا الطَّرِيقَ الْقَدِيمَ لِأَحَدِهِمَا وَتَرَكَا طَرِيقًا حَدِيثًا لِلْآخَرِ وَفِي الطَّرِيقِ الْحَدِيثِ أَشْجَارٌ يُنْظَرُ إنْ جَعَلَا تِلْكَ الطَّرِيقَ لَهُ فَالْأَشْجَارُ لَهُ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ وَالْأَشْجَارُ تَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَإِنْ جَعَلَا حَقَّ الْمُرُورِ لَهُ فَالْأَشْجَارُ بَيْنَهُمَا كَمَا كَانَتْ لِأَنَّ

الباب الخامس في الرجوع عن القسمة واستعمال القرعة فيها

الطَّرِيقَ لَمْ تَصِرْ مِلْكًا لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ دَارٌ فَرَفَعَا بَابًا مِنْهَا وَوَضَعَاهُ فِيهَا ثُمَّ قَسَمَا الدَّارَ فَالْبَابُ الْمَوْضُوعُ لَا يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ إلَّا بِالذِّكْرِ كَمَا فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَالْحَوْضُ لَا يُقْسَمُ سَوَاءٌ كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ أَوْ أَقَلَّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْقِسْمَةِ وَاسْتِعْمَالِ الْقُرْعَةِ فِيهَا] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْقِسْمَةِ وَاسْتِعْمَالِ الْقُرْعَةِ فِيهَا) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَقَعُ لِوَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي سَهْمٍ بِعَيْنِهِ بِنَفْسِ الْقِسْمَةِ بَلْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ مَعَانٍ أَرْبَعَةٍ: إمَّا الْقَبْضُ أَوْ قَضَاءُ الْقَاضِي أَوْ الْقُرْعَةُ أَوْ بِأَنْ يُوَكِّلُوا رَجُلًا يُلْزِمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا كَانَتْ الْغَنَمُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَسَمَاهَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ أَقْرَعَا فَأَصَابَ هَذَا طَائِفَةٌ وَهَذَا طَائِفَةٌ ثُمَّ نَدِمَ أَحَدُهُمَا فَأَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ قَدْ تَمَّتْ بِخُرُوجِ السِّهَامِ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَضِيَا بِرَجُلٍ فَقَسَمَهَا وَلَمْ يَأْلُ أَنْ يَعْدِلَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فَإِنْ كَانَ الشُّرَكَاءُ ثَلَاثَةً فَخَرَجَ قُرْعَةُ أَحَدِهِمْ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الرُّجُوعُ فَإِنْ خَرَجَ قُرْعَةُ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَرْجِعَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الشُّرَكَاءُ أَرْبَعَةً مَا لَمْ يَخْرُجْ قُرْعَةُ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الرُّجُوعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ الْقَاسِمُ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ بِالتَّرَاضِي فَيَرْجِعُ بَعْضُهُمْ بَعْدَ خُرُوجِ بَعْضِ السِّهَامِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا خَرَجَ السِّهَامُ كُلُّهَا إلَّا لِوَاحِدٍ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ هَاهُنَا يَعْتَمِدُ التَّرَاضِيَ بَيْنَهُمْ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ وَبِخُرُوجِ بَعْضِ السِّهَامِ لَا يُتِمُّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِذَا كَانَتْ غَنَمٌ بَيْنَ قَوْمٍ تَسَاهَمُوا عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يَقْسِمُوهَا فَأَيُّهُمْ خَرَجَ سَهْمُهُ أَوَّلًا عَدُّوا لَهُ كَذَا الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمِيرَاثِ إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ فَجَعَلُوا الْإِبِلَ قِسْمًا وَالْبَقَرَ قِسْمًا وَالْغَنَمَ قِسْمًا ثُمَّ تَسَاهَمُوا عَلَيْهَا وَأَقْرَعُوا فَهَذَا جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْمِيرَاثِ إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ فَجَعَلُوا الْإِبِلَ قِسْمًا وَالْبَقَرَ قِسْمًا وَالْغَنَمَ قِسْمًا ثُمَّ تَسَاهَمُوا عَلَيْهَا وَأَقْرَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ الْإِبِلُ رَدَّ كَذَا دِرْهَمًا عَلَى صَاحِبَيْهِ نِصْفَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ مِنْ مُؤَخَّرِهَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ مِنْ مُقَدَّمِهَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ مَا لَمْ تَقَعْ الْحُدُودُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمَا بِمَا قَالَا قَبْلَ وُقُوعِ الْحُدُودِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمَا بَعْدَ وُقُوعِ الْحُدُودِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ أَنَّ الْقُرْعَةَ ثَلَاثٌ: الْأُولَى لِإِثْبَاتِ حَقِّ الْبَعْضِ وَإِبْطَالِ حَقِّ الْبَعْضِ وَإِنَّهَا بَاطِلَةٌ كَمَنْ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ ثُمَّ يُقْرِعُ، وَالثَّانِيَةُ لِطِيبَةِ النَّفْسِ وَإِنَّهَا جَائِزَةٌ كَالْقُرْعَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ لِلسَّفَرِ وَالْقُرْعَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ فِي الْبِدَايَةِ لِلْقَسْمِ، وَالثَّالِثَةُ لِإِثْبَاتِ حَقِّ وَاحِدٍ فِي مُقَابَلَةِ مِثْلِهِ فَيُفْرِزُ بِهَا حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فِي الْقِسْمَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ كُلُّ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ أَوَّلًا أَعْطَيْتُهُ جُزْءًا مِنْ هَذَا الْجَانِبِ وَاَلَّذِي يَلِيهِ فِي الْخُرُوجِ بِجَنْبِ نَصِيبِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْخِيَارِ فِي الْقِسْمَةِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْخِيَارِ فِي الْقِسْمَةِ) . الْقِسْمَةُ ثَلَاثُ أَنْوَاعٍ: قِسْمَةٌ لَا يُجْبَرُ الْآبِي كَقِسْمَةِ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَقِسْمَةٌ يُجْبَرُ الْآبِي فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ، وَقِسْمَةٌ يُجْبَرُ الْآبِي فِي غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ كَالثِّيَابِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ. وَالْخِيَارَاتُ ثَلَاثَةٌ: خِيَارُ شَرْطٍ وَخِيَارُ عَيْبٍ وَخِيَارُ رُؤْيَةٍ، فَفِي قِسْمَةِ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ تَثْبُتُ الْخِيَارَاتُ أَجْمَعُ وَفِي قِسْمَةِ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ يَثْبُتُ خِيَارُ الْعَيْبِ دُونَ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ وَفِي قِسْمَةِ غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ كَالثِّيَابِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ يَثْبُتُ خِيَارُ الْعَيْبِ، وَهَلْ يَثْبُتُ خِيَارُ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ؟ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ يَثْبُتُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى، ثُمَّ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ وَكُلَّ مَا يُكَالُ وَمَا يُوزَنُ وَأَثْبَتَ فِي قِسْمَتِهَا خِيَارَ الرُّؤْيَةِ قَالَ مَشَايِخُنَا: أَرَادَ بِمَا قَالَ الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ جَمِيعًا وَالْمَكِيلَ

وَالْمَوْزُونَ جَمِيعًا لَا أَحَدَهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ حَتَّى يَكُونَ الْمَقْسُومُ أَجْنَاسًا فَيَكُونُ قِسْمَةً لَا يُوجِبُهَا الْحُكْمُ بِتَرَاضِيهِمَا فَيَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الْحِنْطَةَ عَلَى الِانْفِرَادِ وَالشَّعِيرَ عَلَى الِانْفِرَادِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صِفَتُهَا مُخْتَلِفَةً بِأَنْ كَانَ الْبَعْضُ عِلْكَةً وَالْبَعْضُ رَخْوًا أَوْ الْبَعْضُ حُمْرًا وَالْبَعْضُ بِيضًا وَاقْتَسَمَا كَذَلِكَ حَتَّى تَكُونَ الْقِسْمَةُ وَاقِعَةً عَلَى وَجْهٍ لَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ أَوْ كَانَتْ صِفَتُهَا وَاحِدَةً إلَّا أَنَّهُ أَصَابَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَعْلَى الصُّبْرَةِ وَأَصَابَ الْآخَرُ مِنْ أَسْفَلِهَا وَهَكَذَا الْجَوَابُ فِي الذَّهَبِ التِّبْرِ وَالْفِضَّةِ التِّبْرِ وَكَذَلِكَ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْجَوَاهِرِ وَاللَّآلِئِ وَكَذَلِكَ الْعُرُوض كُلُّهَا وَكَذَلِكَ السِّلَاحُ وَالسُّيُوفُ وَالسُّرُوجُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَتْ أَلْفَا دِرْهَمٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كُلُّ أَلْفٍ فِي كِيسٍ فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا كِيسًا وَيَأْخُذَ الْآخَرُ الْكِيسَ الْآخَرَ وَقَدْ رَأَى أَحَدُهُمَا الْمَالَ كُلَّهُ وَلَمْ يَرَهُ الْآخَرُ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ عَلَى الَّذِي رَآهُ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قِسْمُ الَّذِي لَمْ يَرَ الْمَالَ شَرَّهُمَا فَيَكُونَ لَهُ الْخِيَارُ وَإِذَا قَسَّمَ الرَّجُلَانِ دَارًا وَقَدْ رَأَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ظَاهِرَ الدَّارِ وَظَاهِرَ الْمَنْزِلِ الَّذِي أَصَابَهُ وَلَمْ يَرَ جَوْفَهُ فَلَا خِيَارَ لَهُمَا وَكَذَلِكَ إذَا اقْتَسَمَا بُسْتَانًا وَكَرْمًا فَأَصَابَ أَحَدَهُمَا الْبُسْتَانُ وَالْآخَرَ الْكَرْمُ وَلَمْ يَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الَّذِي أَصَابَهُ وَلَا رَأَى جَوْفَهُ وَلَا نَخْلَهُ وَلَا شَجَرَهُ وَلَكِنَّهُ رَأَى الْحَائِطَ مِنْ ظَاهِرِهِ فَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ، وَرُؤْيَةُ الظَّاهِرِ مِثْلُ رُؤْيَةِ الْبَاطِنِ وَكَذَلِكَ فِي الثِّيَابِ الْمَطْوِيَّةِ يُجْعَلُ رُؤْيَةُ جُزْءٍ مِنْ ظَاهِرِ كُلِّ ثَوْبٍ كَرُؤْيَةِ الْجَمِيعِ فِي إسْقَاطِ الْخِيَارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: وَلَا رَأَى شَجَرَهُ وَلَا نَخْلَهُ. كُلُّ الشَّجَرِ وَكُلُّ النَّخْلِ إنَّمَا رَأَى رُءُوسَ الْأَشْجَارِ وَرُءُوسَ النَّخِيلِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَرَ رُءُوسَ الْأَشْجَارِ أَيْضًا لَا يَسْقُطُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَهَذَا الْقَائِلُ هَكَذَا يَقُولُ فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ، ثُمَّ إذَا ثَبَتَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْقِسْمَةِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ يَثْبُتُ يَبْطُلُ بِمَا يَبْطُلُ بِهِ هَذَا الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ يَثْبُتُ فِي نَوْعَيْ الْقِسْمَةِ جَمِيعًا وَمَنْ وَجَدَ مِنْ الشُّرَكَاءِ عَيْبًا فِي شَيْءٍ مِنْ قَسْمِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ رَدَّ جَمِيعَ نَصِيبِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ شَيْئًا وَاحِدًا أَوْ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ الْمَقْسُومُ شَيْئًا وَاحِدًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالدَّارِ الْوَاحِدَةِ أَوْ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ يَرُدُّ جَمِيعَ نَصِيبِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْسُومُ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً كَالْأَغْنَامِ يَرُدُّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً كَمَا فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ وَمَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ كَذَا يَبْطُلُ بِهِ فِي الْقِسْمَةِ، وَإِذَا اسْتَخْدَمَ الْجَارِيَةَ بَعْدَمَا وَجَدَ بِهَا عَيْبًا رَدَّهَا اسْتِحْسَانًا. وَإِذَا دَاوَمَ عَلَى سُكْنَى الدَّارِ بَعْدَمَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ بِالدَّارِ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ اسْتِحْسَانًا أَيْضًا وَإِذَا دَاوَمَ عَلَى لُبْسِ الثَّوْبِ أَوْ رُكُوبِ الدَّابَّةِ أَوْ دَاوَمَ بَعْدَمَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ لَا يَرُدُّهَا بِالْعَيْبِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَأَمَّا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ: إذَا سَكَنَ الدَّارَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ دَاوَمَ عَلَى السُّكْنَى ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ إذَا سَكَنَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ سَقَطَ خِيَارُهُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا أَنْشَأَ السُّكْنَى وَبَيْنَ مَا إذَا دَاوَمَ عَلَى السُّكْنَى فَمَنْ فَرَّقَ مِنْ الْمَشَايِخِ بَيْنَ إنْشَاءِ السُّكْنَى وَبَيْنَ الدَّوَامِ عَلَيْهَا فِي مَسْأَلَةِ الْقِسْمَةِ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَيَقُولُ: خِيَارُ الشَّرْطِ يَبْطُلُ بِإِنْشَاءِ السُّكْنَى وَلَا يَبْطُلُ بِالدَّوَامِ عَلَيْهَا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَمَنْ قَالَ: خِيَارُ الْعَيْبِ فِي الْقِسْمَةِ لَا يَبْطُلُ لَا بِإِنْشَاءِ السُّكْنَى وَلَا بِدَوَامِهَا قَالَ بِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ يَبْطُلُ بِإِنْشَاءِ السُّكْنَى وَبِدَوَامِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ السُّكْنَى فِي خِيَارِ الْعَيْبِ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِإِمْكَانِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ مُدَّةَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَدْ تَطُولُ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ لَا يَكُونُ إلَّا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا وَعَسَى لَا يَرْضَى بِهِ خَصْمُهُ فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ وَالْقَضَاءُ يَعْتَمِدُ سَابِقَةَ الْخُصُومَةِ وَعَسَى تَطُولُ فَمَتَى لَمْ يَسْكُنْهَا تَخْرَبُ لِأَنَّ الدَّارَ تَخْرَبُ إذَا لَمْ يَسْكُنْ فِيهَا أَحَدٌ فَيَعْجَزُ عَنْ الرَّدِّ حِينَئِذٍ فَيَحْتَاجُ إلَى السُّكْنَى؛ لِإِمْكَانِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَلَا يَكُونُ اخْتِيَارًا لِلْمِلْكِ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ فَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ بِهِ خِيَارُ الْعَيْبِ فَأَمَّا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى السُّكْنَى لِإِمْكَانِ الرَّدِّ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى قَضَاءٍ أَوْ رِضًا فَلَا تَطُولُ مُدَّةُ الرَّدِّ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى السُّكْنَى؛ لِإِمْكَانِ الرَّدِّ فَكَانَ لِاخْتِيَارِ الْمِلْكِ فَيُوجِبُ

الباب السابع في بيان من يلي القسمة على الغير

سُقُوطَ خِيَارِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا بَاعَ مَا أَصَابَهُ بِالْقِسْمَةِ مِنْ الدَّارِ وَلَا يَعْلَمُ بِالْعَيْبِ فَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ فَإِنْ قَبِلَهُ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ قَبِلَهُ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ، وَالْبَيِّنَةُ فِي ذَلِكَ وَإِبَاءُ الْيَمِينِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ هَدَمَ شَيْئًا مِنْ الدَّارِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ قَالَ: وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ قَاسَمَهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ مُطْلَقَةً مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: مَا ذُكِرَ هَاهُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَحْدَهُ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَى مَنْ قَاسَمَهُ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ قَوْلُ الْكُلِّ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْخِلَافِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ هُوَ الَّذِي هَدَمَ شَيْئًا مِنْهُ وَلَمْ يَبِعْهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي أَنْصِبَاءِ شُرَكَائِهِ إلَّا أَنْ يَرْضُوا بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ وَرَدِّهِ بِعَيْنِهِ مَهْدُومًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. خِيَارُ الشَّرْطِ يَثْبُتُ فِي الْقِسْمَةِ حَيْثُ يَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ عَلَى الْوِفَاقِ وَعَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ وَمَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ يَبْطُلُ بِهِ فِي الْقِسْمَةِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى نَحْوِ مَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ حَتَّى يَجُوزَ اشْتِرَاطُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَا خِلَافٍ، وَمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ يَكُونُ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَإِنْ مَضَتْ الثَّلَاثُ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الرَّدَّ بِالْخِيَارِ فِي الثَّلَاثِ وَادَّعَى الْآخَرُ الْإِجَازَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْإِجَازَةِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الرَّدَّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ السَّابِعُ فِي بَيَانِ مَنْ يَلِي الْقِسْمَةَ عَلَى الْغَيْرِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي بَيَانِ مَنْ يَلِي الْقِسْمَةَ عَلَى الْغَيْرِ وَمَنْ لَا يَلِي) الْأَصْلُ أَنَّ مَنْ مَلَكَ بَيْعَ شَيْءٍ مَلَكَ قِسْمَتَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قِسْمَةُ الْأَبِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ جَائِزَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا غَبْنٌ فَاحِشٌ وَوَصِيُّ الْأَبِ فِي ذَلِكَ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَبِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيُّ الْأَبِ وَتَجُوزُ قِسْمَةُ وَصِيِّ الْأُمِّ فِيمَا تَرَكَتْ إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأُمِّ وَتَصَرُّفُهَا فِيمَا هُوَ مِلْكُ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ صَحِيحٌ بِالْبَيْعِ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ فَكَذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ، وَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْأُمِّ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَالزَّوْجِ عَلَى امْرَأَتِهِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ الْغَائِبَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْكَافِرِ أَوْ الْمَمْلُوكِ أَوْ الْمُكَاتَبِ عَلَى ابْنِهِ الْحُرِّ الصَّغِيرِ الْمُسْلِمِ وَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْمُلْتَقِطِ عَلَى اللَّقِيطِ وَإِنْ كَانَ يَعُولُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا جَعَلَ الْقَاضِي وَصِيًّا لِيَتِيمٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَقَاسَمَ عَلَيْهِ فِي الْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ جَازَ، وَلَوْ جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي النَّفَقَةِ أَوْ فِي حِفْظِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَا يَجُوزُ وَهَذَا بِخِلَافِ وَصِيِّ الْأَبِ إذَا جَعَلَهُ الْأَبُ وَصِيًّا فِي شَيْءٍ خَاصٍّ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَصِيًّا فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَصِيِّ بَيْنَ الصَّغِيرَيْنِ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَالَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ الْأَبِ فَإِنَّهُ إذَا قَاسَمَ مَالَ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ بَيْنَهُمْ يَجُوزُ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ بَعْضِ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ مِنْ الْبَعْضِ، وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ أَحَدِ الصَّغِيرَيْنِ مُشَاعَةً مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ يُقَاسِمَ مَعَ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ نَصِيبَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَ حِصَّةَ الصَّغِيرِ الَّذِي بَاعَ نَصِيبَهُ لِذَلِكَ الصَّغِيرِ فَيَمْتَازَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّغِيرَيْنِ وَإِنَّمَا جَازَتْ هَذِهِ الْقِسْمَةُ لِأَنَّهَا جَرَتْ بَيْنَ اثْنَيْنِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ الْوَصِيِّ، وَحِيلَةٌ أُخْرَى أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُمَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُفْرَزَةً كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قِسْمَةُ الْوَصِيِّ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ لَا تَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلصَّغِيرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَجُوزُ وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ وَيَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَقْسِمَ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ فِيهَا مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صِغَارٌ وَكِبَارٌ وَالْكِبَارُ حُضُورٌ فَقَاسَمَ الْوَصِيُّ الْكِبَارَ وَمَيَّزَ نَصِيبَ الصِّغَارِ جُمْلَةً وَلَمْ يَفْرِزْ نَصِيبَ كُلِّ صَغِيرٍ جَازَتْ الْقِسْمَةُ، فَإِنْ قَسَمَ الْوَصِيُّ حِصَّةَ الصِّغَارِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْقِسْمَةُ وَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَصِيِّ عَلَى الْكِبَارِ الْغُيَّبِ فِي الْعَقَارِ وَتَجُوزُ

قِسْمَتُهُ فِي الْعُرُوضِ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ كِبَارًا وَبَعْضُهُمْ حُضُورٌ وَبَعْضُهُمْ غُيَّبٌ فَقَاسَمَ الْحُضُورَ وَأَفْرَزَ نَصِيبَهُمْ زَادَ الْبَقَّالِيُّ فِي كِتَابِهِ: الْعُرُوض مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ غَائِبٌ وَكِبَارٌ حُضُورٌ فَعَزَلَ الْوَصِيُّ نَصِيبَ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ مَعَ نَصِيبِ الصِّغَارِ وَقَاسَمَ الْكِبَارَ الْحُضُورَ جَازَ فِي الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ عَلَى الْكَبِيرِ فِي الْعَقَارِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ بَيْعَ الْوَصِيِّ عَلَى الْكِبَارِ جَائِزٌ فِي الْعَقَارِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ أَوْ مَعَهُمْ صَغِيرٌ فَكَذَلِكَ الْقِسْمَةُ وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَكِبَارًا فَعَزَلَ الْوَصِيُّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ وَقَسَمَ بَيْنَ الْكُلِّ لَا تَجُوزُ أَصْلًا، وَلَوْ قَاسَمَ الْوَصِيُّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَالْوَرَثَةُ صِغَارٌ فَدَفَعَ الثُّلُثَ إلَيْهِ وَأَخَذَ الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ صَحَّ، وَلَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا غُيَّبًا فَقَاسَمَ الْوَصِيُّ الْمُوصَى لَهُ وَأَخَذَ نَصِيبَ الْوَرَثَةِ جَازَ كَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ. وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَائِبًا وَالْوَرَثَةُ كِبَارٌ حُضُورٌ وَقَاسَمَ الْوَصِيُّ الْوَرَثَةَ وَأَخَذَ نَصِيبَ الْمُوصَى لَهُ فَالْقِسْمَةُ بَاطِلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَفِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ وَطَلَبَتْ الْوَرَثَةُ مِنْ الْوَصِيِّ أَنْ يَعْزِلَ مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ الدَّيْنِ وَيَقْسِمَ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمْ كَانَ لَهُ أَلَّا يَقْسِمَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَيَبِيعَ ذَلِكَ الْقَدْرَ مَشَاعًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا قَسَمَ الْوَصِيَّانِ الْمَالَ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَ بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَأَخَذَ الْآخَرُ نَصِيبَ بَعْضِ الْوَرَثَةِ لَا يَجُوزُ، وَإِذَا غَابَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَقَاسَمَ الْآخَرُ الْوَرَثَةَ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ عَلَى الْمُبَرْسَمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَاَلَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ إلَّا بِرِضَاهُ أَوْ وَكَالَتِهِ فِي حَالَةِ صِحَّتِهِ وَإِفَاقَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَصِيٌّ ذِمِّيٌّ وَالْوَرَثَةُ مُسْلِمُونَ يُخْرَجُ مِنْ الْوَصِيَّةِ وَتَجُوزُ قِسْمَتُهُ إنْ فَعَلَهَا قَبْلَ الْإِخْرَاجِ لِأَنَّهُ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ لِأَنَّ الْوِصَايَةَ لَيْسَتْ إلَّا تَوْكِيلًا بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ حَالَ الْحَيَاةِ جَائِزٌ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْوَفَاةِ إلَّا أَنَّ الذِّمِّيَّ مُتَّهَمٌ بِالْخِيَانَةِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ يُعَادِيهِ فِي الدِّينِ فَيَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْوِصَايَةِ؛ وَلِأَنَّهُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ وَصِيٌّ فَتَجُوزُ قِسْمَتُهُ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لِغَيْرِ الْمَيِّتِ وَصِيٌّ مَا لَمْ يُخْرَجْ لِأَنَّهُ يُصْبِحُ تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ إلَيْهِ حَالَ حَيَاتِهِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ إلَّا أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْقِيَامِ بِمَا فُوِّضَ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ مَشْغُولًا بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى فَيُخْرَجُ مِنْ الْوِصَايَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الْقِسْمَةِ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ إلَّا فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ يَكُونَانِ بَيْنَهُمْ وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ قِسْمَتَهُمَا وَأَبَى بَعْضُهُمْ فَإِنِّي أُجْبِرُهُمْ عَلَى الْقِسْمَةِ كَمَا أُجْبِرُهُمْ عَلَى قِسْمَةِ غَيْرِهِمَا وَإِنْ اقْتَسَمُوا فِيمَا بَيْنَهُمَا خَمْرًا وَفُضِّلَ بَعْضُهُمْ فِي كَيْلِهَا لَمْ يَجُزْ الْفَضْلُ فِي ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَإِذَا كَانَ وَصِيُّ الذِّمِّيِّ مُسْلِمًا كُرِهَتْ لَهُ مُقَاسَمَةُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَلَكِنَّهُ يُوَكِّلُ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَيُقَاسِمُ لِلصَّغِيرِ وَيَبِيعُ ذَلِكَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَإِنْ وَكَّلَ الذِّمِّيُّ الْمُسْلِمَ بِقِسْمَةِ مِيرَاثٍ فِيهِ خَمْرٌ وَخِنْزِيرٌ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْلِمِ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ الْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ بِقِسْمَةِ ذَلِكَ غَيْرَهُ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَرْضَ بِرَأْيِ غَيْرِهِ فِيهِ فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِ فَوَكَّلَ ذِمِّيًّا بِهِ جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ فَوَكَّلَ ذِمِّيًّا يُقَاسِمُ الْخُمُورَ وَالْخَنَازِيرَ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا كَمَا لَوْ وَكَّلَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا بِبَيْعِ الْخَمْرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْ الْخَمْرِ فَجَعَلَهُ خَلًّا كَانَ الْمُسْلِمُ ضَامِنًا لِحِصَّةِ شُرَكَائِهِ مِنْ الْخَمْرِ الَّذِي خَلَّلَهُ وَيَكُونُ الْخَلُّ لَهُ وَإِذَا كَانَ فِي تَرِكَةِ الذِّمِّيِّ خَمْرٌ أَوْ خِنْزِيرٌ وَغُرَمَاؤُهُ مُسْلِمُونَ وَلَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ فَإِنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُوَلِّيَ بِبَيْعِ ذَلِكَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَيَبِيعَهُ وَيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَاسَمَ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ عَلَى ابْنِهِ الذِّمِّيِّ لَمْ تَجُزْ، وَلَوْ كَانَ وَلَدُهُ مِثْلَهُ جَازَتْ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْمُسْتَأْمَنِ عَلَى ابْنِهِ الذِّمِّيِّ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمُسْلِمِ مِنْ الذِّمِّيِّ وَلِهَذَا لَا يَرِثُ الْمُسْتَأْمَنُ مِنْ الذِّمِّيِّ كَمَا لَا يَرِثُ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَقِسْمَةُ الْمُرْتَدِّ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ عَلَى الْخِلَافِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْمُرْتَدِّ إذَا قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ عَلَى وَلَدٍ لَهُ صَغِيرٍ مِثْلِهِ مُرْتَدٍّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَقِسْمَةُ الْمَأْذُونِ مِثْلُ قِسْمَةِ الْحُرِّ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

الباب الثامن في قسمة التركة وعلى الميت أو له دين

وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ فِي الْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ وَفِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ كَالْبَيْعِ وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِمَوْلَاهُ فَسْخُهَا وَلَا تَجُوزُ مُقَاسَمَةُ الْمَوْلَى عَلَى الْمُكَاتَبِ بِغَيْرِ رِضَاهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُكَاتَبُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَصَارَ ذَلِكَ لِمَوْلَاهُ لَمْ تَجُزْ تِلْكَ الْقِسْمَةُ كَمَا لَا يَنْفُذُ سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ وَكَّلَ الْمُكَاتَبُ بِالْقِسْمَةِ وَكِيلًا ثُمَّ عَجَزَ أَوْ مَاتَ لَمْ يَجُزْ لِوَكِيلِهِ أَنْ يُقَاسِمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ أُعْتِقَ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ فَإِنْ أَوْصَى الْمُكَاتَبُ عِنْدَ مَوْتِهِ إلَى وَصِيٍّ فَقَاسَمَ الْوَصِيُّ وَرَثَةَ الْمُكَاتَبِ الْكِبَارَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَقَدْ تَرَكَ وَفَاءً فَإِنَّ قِسْمَتَهُ فِي هَذَا جَائِزَةٌ عَلَى مَا تَجُوزُ عَلَيْهِ قِسْمَتُهُ وَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي كِتَابَتَهُ وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَكَأَنَّهُ أَدَّى الْكِتَابَةَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ فَيَكُونُ وَصِيُّهُ فِي التَّصَرُّفِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ كَوَصِيِّ الْحُرِّ وَقَالَ فِي الزِّيَادَاتِ: وَصِيَّتُهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ الْحُرِّ فِي حَقِّ الِابْنِ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ حَتَّى تَجُوزَ قِسْمَتُهُ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ، وَمَا ذُكِرَ هُنَاكَ أَصَحُّ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَقَاسَمَ الْوَصِيُّ الْوَلَدَ الْكَبِيرَ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَقَدْ سَعَوْا فِي الْمُكَاتَبَةِ لَمْ تَجُزْ فَإِنْ أَدَّوْا الْمُكَاتَبَةَ قَبْلَ أَنْ يَرُدُّوا الْقِسْمَةَ أَجَزْتُ الْقِسْمَةَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي قِسْمَةِ التَّرِكَةِ وَعَلَى الْمَيِّتِ أَوْ لَهُ دَيْنٌ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي قِسْمَةِ التَّرِكَةِ وَعَلَى الْمَيِّتِ أَوْ لَهُ دَيْنٌ أَوْ مُوصًى لَهُ وَفِي ظُهُورِ الدَّيْنِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَفِي دَعْوَى الْوَارِثِ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ أَوْ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ) وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَجَحَدَ الْبَاقُونَ قُسِمَتْ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ وَيُؤْمَرُ الْمُقِرُّ بِقَضَاءِ كُلِّ الدَّيْنِ مِنْ نَصِيبِهِ عِنْدَنَا إذَا كَانَ نَصِيبُهُ يَفِي لِكُلِّ دَيْنٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ دَارَ الْمَيِّتِ أَوْ أَرْضَ الْمَيِّتِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَجَاءَ الْغَرِيمُ يَطْلُبُ الدَّيْنَ فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَنْقُضُوا الْقِسْمَةَ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَإِذَا طَلَبُوا قِسْمَةَ التَّرِكَةِ مِنْ الْقَاضِي وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَالْقَاضِي يَعْلَمُ بِهِ وَصَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبٌ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ فَالْقَاضِي لَا يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُمْ فِي التَّرِكَةِ فَلَا يَكُونُ فِي الْقِسْمَةِ فَائِدَةٌ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ فَالْقِيَاسُ أَلَّا يَقْسِمَهَا أَيْضًا بَلْ يُوقِفَ الْكُلَّ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُوقِفُ مِقْدَارَ الدَّيْنِ وَيَقْسِمُ الْبَاقِيَ وَلَا يَأْخُذُ كَفِيلًا مِنْهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِالدَّيْنِ سَأَلَهُمْ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ. سَأَلَهُمْ عَنْ مِقْدَارِ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَخْتَلِفُ وَإِنْ قَالُوا: لَا دَيْنَ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ قَائِمُونَ مَقَامَ الْمَيِّتِ، ثُمَّ يَسْأَلُهُمْ هَلْ فِيهَا وَصِيَّةٌ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ. سَأَلَهُمْ أَنَّهَا حَصَلَتْ بِالْعَيْنِ أَوْ مُرْسَلَةً لِأَنَّ الْحُكْمَ يَخْتَلِفُ فَإِنْ قَالُوا: لَا وَصِيَّةَ فِيهَا. قَسَمَهَا حِينَئِذٍ بَيْنَهُمْ فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ دَيْنٌ نَقَضَ الْقَاضِي الْقِسْمَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَسْأَلْ الْوَرَثَةَ عَنْ الدَّيْنِ وَقَسَمَ التَّرِكَةَ بَيْنَهُمْ حَتَّى جَازَتْ الْقِسْمَةُ ظَاهِرًا ثُمَّ ظَهَرَ الدَّيْنُ فَالْقَاضِي يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ إلَّا أَنْ يَقْضُوا الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِمْ فَحِينَئِذٍ لَا يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ الْغَرِيمُ الْمَيِّتَ عَنْ الدَّيْنِ لَا يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَعْزِلْ الْوَرَثَةُ نَصِيبَ الْغَرِيمِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ سِوَى مَا اقْتَسَمُوا. أَمَّا إذَا عَزَلُوا نَصِيبَ الْغَرِيمِ أَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ سِوَى مَا اقْتَسَمُوا فَالْقَاضِي لَا يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ وَارِثٌ آخَرُ لَمْ يَعْرِفْهُ الشُّهُودُ أَوْ ظَهَرَ مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ: نَحْنُ نَقْضِي حَقَّ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ مِنْ مَالِنَا وَلَا نَنْقُضُ الْقِسْمَةَ. لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِمْ إلَّا أَنْ يَرْضَى هَذَا الْوَارِثُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ وَإِذَا ظَهَرَ غَرِيمٌ أَوْ مُوصًى لَهُ بِأَلْفٍ مُرْسَلَةٍ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: نَحْنُ نَقْضِي حَقَّهُ مِنْ مَالِنَا وَلَا نَنْقُضُ الْقِسْمَةَ. لَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّ حَقَّ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يُعْطُوا حَقَّهُ مِنْ مَالِهِمْ فَقَدْ قَصَدُوا شِرَاءَ نَصِيبِهِ مِنْ التَّرِكَةِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِرِضَاهُ، وَأَمَّا حَقُّ الْغَرِيمِ وَالْمُوصَى لَهُ بِأَلْفٍ مُرْسَلَةٍ فَلَيْسَ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ بَلْ فِي مَعْنَى التَّرِكَةِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ مَالِيَّةِ التَّرِكَةِ وَإِيفَاءُ حَقِّهِمْ مِنْ التَّرِكَةِ وَمِنْ مَالِ الْوَارِثِ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَضَى وَاحِدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ حَقَّ الْغَرِيمِ مِنْ مَالِهِ عَلَى أَلَّا يَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ فَالْقَاضِي لَا يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ بَلْ يُمْضِيهَا لِأَنَّ حَقَّ الْغَرِيمِ

قَدْ سَقَطَ وَلَمْ يَثْبُتْ لِلْوَارِثِ دَيْنٌ آخَرُ لِأَنَّهُ شَرَطَ أَلَّا يَرْجِعَ فَأَمَّا إذَا شَرَطَ الرُّجُوعَ أَوْ سَكَتَ فَالْقِسْمَةُ مَرْدُودَةٌ إلَّا أَنْ يَقْضُوا حَقَّ الْقَاضِي مِنْ مَالِهِمْ لِأَنَّ دَيْنَ الْقَاضِي فِي التَّرِكَةِ بِمَنْزِلَةِ دَيْنِ الْغَرِيمِ وَهَذَا الْجَوَابُ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا شَرَطَ الرُّجُوعَ، مُشْكِلٌ فِيمَا إذَا سَكَتَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مُتَطَوِّعًا إذَا سَكَتَ، وَالْجَوَابُ أَنَّا لَمْ نَجْعَلْهُ مُتَطَوِّعًا لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ فِي الْقَضَاءِ أَلَا يُرَى أَنَّ الْغَرِيمَ لَوْ قَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ إلَّا بَعْدَ الدَّيْنِ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ ثُمَّ ظَهَرَ وَارِثٌ آخَرُ أَوْ مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ فَالْقَاضِي يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ فَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ قَاضٍ ثُمَّ ظَهَرَ وَارِثٌ آخَرُ أَوْ مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ فَالْوَارِثُ لَا يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ إذَا عَزَلَ الْقَاضِي نَصِيبَهُ، وَأَمَّا الْمُوصَى لَهُ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَنْقُضُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ لَا يَكُونُ لِلْغَرِيمِ حَقُّ نَقْضِ الْقِسْمَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَرَادُوا قِسْمَةَ التَّرِكَةِ وَفِيهَا دَيْنٌ فَالْحِيلَةُ فِيهَا أَنْ يَضْمَنَ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ الْغَرِيمِ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الضَّمَانُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ لَا تَنْفُذُ الْقِسْمَةُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ يَكُونُ حَوَالَةً فَيُنْقَلُ الدَّيْنُ إلَيْهِ وَتَخْلُو التَّرِكَةُ عَنْ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَضَى الدَّيْنَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَاقِينَ شَرَطَ أَوْ لَمْ يَشْرِطْ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ مُطَالَبٌ حَتَّى لَوْ قَدَّمَهُ الْغَرِيمُ إلَى الْقَاضِي قَضَى عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَكَانَ مُجْبَرًا عَلَى الْقَضَاءِ وَمُضْطَرًّا فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا إلَّا إذَا قَصَدَ بِذَلِكَ التَّبَرُّعَ بِأَنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا اقْتَسَمَتْ الْوَرَثَةُ دَارًا وَفِيهِمْ امْرَأَةُ الْمَيِّتِ ثُمَّ ادَّعَتْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مَهْرًا عَلَى زَوْجِهَا وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ بَعْدَ تَمَامِ الْقِسْمَةِ صَحَّتْ دَعْوَاهُ وَسُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مِيرَاثٌ بَيْنَ قَوْمٍ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ فَمَاتَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَعَلَى الْمَيِّتِ الثَّانِي دَيْنٌ أَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ أَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ غَائِبٌ أَوْ صَغِيرٌ فَاقْتَسَمَتْ الْوَرَثَةُ مِيرَاثَ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ الثَّانِي أَنْ يَطْلُبُوا الْقِسْمَةَ وَكَذَلِكَ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ وَالْوَارِثِ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ كَذَا فِي التتارخانية. وَلَوْ أَنَّ وَارِثًا ادَّعَى لِابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ وَصِيَّةً بِالثُّلُثِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَدْ قَسَمُوا الدَّارَ فَإِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ لَا تُبْطِلُ حَقَّ ابْنِهِ فِي الْوَصِيَّةِ إلَّا أَنَّ الْأَبَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ وَصِيَّةَ ابْنِهِ وَلَا أَنْ يُبْطِلَ الْقِسْمَةَ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَمَّتْ بِهِ وَمَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ بِهِ ضَلَّ سَعْيُهُ وَإِقْدَامُهُ عَلَى الْقِسْمَةِ اعْتِرَافٌ بِأَنْ لَا وَصِيَّةَ لِابْنِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ، وَلِلِابْنِ إذَا كَبِرَ أَنْ يَطْلُبَ حَقَّهُ وَيَرُدَّ الْقِسْمَةَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ قَوْمٍ فَاقْتَسَمُوهَا عَلَى قَدْرٍ مِنْ مِيرَاثِهِمْ مِنْ أَبِيهِمْ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّ أَخًا لَهُ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ قَدْ وَرِثَ أَبَاهُ مَعَهُمْ وَأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ أَبِيهِ فَوَرِثَهُ هُوَ وَأَرَادَ مِيرَاثَهُ مِنْهُ وَقَالَ: إنَّمَا قَسَمْتُمْ لِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي وَلَمْ يَكْتُبُوا فِي الْقِسْمَةِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِبَعْضِهِمْ فِيمَا أَصَابَ الْبَعْضُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ وَلَمْ تُنْقَضْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ كَانُوا كَتَبُوا فِي الْقِسْمَةِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِبَعْضِهِمْ فِيمَا أَصَابَ الْبَعْضُ فَهُوَ نَفْيٌ لِدَعْوَاهُ وَمُرَادُهُ مِنْ قَوْلِهِ " وَلَمْ يَكْتُبُوا " إزَالَةُ الْإِشْكَالِ وَبَيَانُ التَّسْوِيَةِ فِي الْفَصْلَيْنِ فِي الْجَوَابِ وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِيهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ وَقَبَضَهَا مِنْهُ أَوْ أَنَّهَا كَانَتْ لِأُمِّهِ وَرِثَهَا مِنْهَا لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا قَسَمَتْ الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِلْمَيِّتِ فَاقْتَسَمُوا الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ جُمْلَةً بِأَنْ شَرَطُوا فِي الْقِسْمَةِ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ لِهَذَا الْوَارِثِ مَعَ هَذِهِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنَ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ الْآخَرِ لِهَذَا الْوَارِثِ الْآخَرِ مَعَ هَذِهِ الْعَيْنِ فَهَذِهِ الْقِسْمَةُ بَاطِلَةٌ فِي الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنْ اقْتَسَمُوا الْأَعْيَانَ ثُمَّ اقْتَسَمُوا الدُّيُونَ فَقِسْمَةُ الْأَعْيَانِ صَحِيحَةٌ وَقِسْمَةُ الدُّيُونِ بَاطِلَةٌ وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَيِّتِ وَاقْتَسَمُوا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَيْنَ غَرِيمٍ عَلَى حِدَةٍ أَوْ اقْتَسَمُوا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ أَحَدُهُمْ سَائِرَ الدُّيُونِ فَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ مَشْرُوطًا فِي الْقِسْمَةِ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الضَّمَانُ مَشْرُوطًا فِي الْقِسْمَةِ إنَّمَا ضَمِنَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِغَيْرِ شَرْطٍ، إنْ ضَمِنَ بِشَرْطِ إتْبَاعِ

الباب التاسع في الغرور في القسمة

التَّرِكَةِ لَمْ تَكُنْ الْقِسْمَةُ نَافِذَةً عَلَى مَعْنَى أَنَّ لَهُ نَقْضَهَا وَإِنْ ضَمِنَ عَلَى أَلَّا يُتْبِعَ الْمَيِّتَ وَلَا مِيرَاثَهُ بِشَيْءٍ وَعَلَى أَنْ يُبَرِّئَ الْغَرِيمُ الْمَيِّتَ كَانَ هَذَا جَائِزًا إنْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ بِضَمَانِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ أَبَى الْغُرَمَاءُ أَنْ يَقْبَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ نَقْضُ الْقِسْمَةِ فَإِنْ رَضُوا بِضَمَانِهِ وَأَبْرَءُوا الْمَيِّتَ ثُمَّ تَوِيَ الْمَالُ عَلَيْهِ رَجَعُوا فِي مَالِ الْمَيِّتِ حَيْثُ كَانَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى أَنْ يُبَرِّئَ الْغَرِيمُ الْمَيِّتَ لَا تَنْفُذُ الْقِسْمَةُ وَإِنْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ بِضَمَانِهِ وَالْغَرِيمُ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ إذَا أَجَازَ الْقِسْمَةَ الَّتِي قَسَمَهَا الْوَارِثُ ثُمَّ أَرَادَ نَقْضَهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا كَانَتْ الْأَرَاضِي مِيرَاثًا بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ عَنْ أَبِيهِمْ مَاتَ أَحَدُهُمْ وَتَرَكَ ابْنًا كَبِيرًا فَاقْتَسَمَ هُوَ وَعَمَّيْهِ الْأَرَاضِيَ عَلَى مِيرَاثِ الْجَدِّ ثُمَّ إنَّ ابْنَ الِابْنِ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ جَدَّهُ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَأَرَادَ إبْطَالَ الْقِسْمَةِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ وَصِيَّةً مِنْ الْجَدِّ وَلَكِنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ صَحَّتْ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ وَيَثْبُتُ الدَّيْنُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَصَارَ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ عِيَانًا وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ ثَابِتًا مُعَايَنًا كَانَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ وَلَيْسَ لِعَمَّيْهِ أَنْ يَقُولَا: إنَّ دَيْنَك عَلَى أَبِيك لَيْسَ عَلَى الْجَدِّ وَقَدْ أَعْطَيْنَاك نَصِيبَ أَبِيك فَإِنْ شِئْت فَبِعْهُ فِي الدَّيْنِ وَإِنْ شِئْت فَأَمْسِكْهُ وَلَيْسَ لَك أَنْ تَنْقُضَ الْقِسْمَةَ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَك فِي النَّقْضِ لِأَنَّ بَعْدَ النَّقْضِ يُقْضَى دَيْنُك مِنْ نَصِيبِ أَبِيك لَا مِنْ مِيرَاثِ الْجَدِّ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ: لَا بَلْ لِي فِي النَّقْضِ فَائِدَةٌ لِأَنَّ الشَّيْءَ مَشَاعًا رُبَّمَا يُشْتَرَى أَكْثَرَ مِمَّا يُشْتَرَى بِهِ مُفْرَدًا فَكَانَ فِي النَّقْضِ فَائِدَةٌ لِأَنَّهُ يَزْدَادُ بِهِ مَالُ الْمَيِّتِ وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِيرَاثًا بَيْنَ قَوْمٍ فَاقْتَسَمُوهَا وَتَقَابَضُوا ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمْ اشْتَرَى مِنْ الْآخَرِ قَسْمَهُ وَقَبَضَهُ ثُمَّ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِدَيْنٍ عَلَى الْأَبِ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ وَالشِّرَاءَ كِلَاهُمَا تَصَرُّفٌ مِنْ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ فَلَا يَنْفُذُ مَعَ قِيَامِ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا وَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ أَوْ لِوَرَثَتِهِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِنَفْسِهِ عَلَى الْمَيِّتِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مُتَنَاقِضًا فِي الدَّعْوَى لِأَنَّ مَا سَبَقَ مِنْهُ قَبْلَ هَذِهِ الدَّعْوَى هُوَ الْإِقْرَارُ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَتْرُوكَةُ الْمَيِّتِ لِأَنَّ مِيرَاثَ الْمَيِّتِ مَا تَرَكَهُ وَالدَّيْنُ وَالْوَصِيَّةُ لَا يُنَافِيَانِ كَوْنَهَا مَتْرُوكَةَ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يُقْضَيَانِ مِنْ مَتْرُوكِ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَ فِي الْإِقْرَارِ لَفْظَ لَهُمْ أَوْ لِلْوَرَثَةِ وَلَوْ كَانَ قَالَ: تَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لَهُمْ أَوْ قَالَ: لِوَرَثَتِهِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا مِيرَاثٌ مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا مِيرَاثٌ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ فَذَلِكَ غَيْرُ مَسْمُوعٍ لِلتَّنَاقُضِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَوْمٌ اقْتَسَمُوا دَارًا مِيرَاثًا عَنْ رَجُلٍ وَالْمَرْأَةُ مُقِرَّةٌ بِذَلِكَ فَأَصَابَهَا الثُّمُنُ فَعُزِلَ لَهَا ثُمُنُهَا عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ ادَّعَتْ الْمَعْزُولُ لَهَا أَنَّ زَوْجَهَا أَصْدَقَهَا إيَّاهَا أَوْ أَنَّهَا اشْتَرَتْهَا مِنْهُ بِصَدَاقِهَا لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهَا لِأَنَّهَا لَمَّا سَاعَدَتْهُمْ عَلَى الْقِسْمَةِ فَقَدْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا كَانَتْ لِزَوْجِهَا عِنْدَ مَوْتِهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا وَكَذَا لَوْ اقْتَسَمُوا دَارًا وَأَرْضًا وَأَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ طَائِفَةً بِمِيرَاثِهِ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمْ فِي قَسْمِ الْآخَرِ بِنَاءً أَوْ نَخْلًا زَعَمَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي بَنَاهُ أَوْ غَرَسَهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْغُرُورِ فِي الْقِسْمَةِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْغُرُورِ فِي الْقِسْمَةِ) الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ قِسْمَةٍ وَقَعَتْ بِاخْتِيَارِ الْقَاضِي أَوْ بِاخْتِيَارِهِمَا إنْ كَانَتْ قِسْمَةً لَوْ أَبَى أَحَدُهُمَا يُجْبَرُ الْآبِي وَلَوْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي كَالْقِسْمَةِ فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا بَنَى أَوْ غَرَسَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُ النَّصِيبَيْنِ لَمْ يَرْجِعْ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَغْرُورًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُضْطَرٌّ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ إلَى تَخْلِيصِ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِ صَاحِبِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ ارْتِفَاقُ صَاحِبِهِ بِمِلْكِهِ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مُضْطَرًّا فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ، وَالْغُرُورُ مِنْ الْمُضْطَرِّ لَا يَتَحَقَّقُ وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ مِنْ الْمُخْتَارِ وَإِنْ كَانَتْ قِسْمَةً لَا يُجْبَرُ الْآبِي مِنْهُمَا كَقِسْمَةِ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ لِأَنَّ حَقَّهُ يَحْيَا بِقِسْمَةِ كُلِّ جِنْسٍ عَلَى حِدَةٍ بِلَا تَفْوِيتِ جِنْسِ مَنْفَعَةٍ وَهَذِهِ مُبَادَلَةٌ مَحْضَةٌ فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ

الباب العاشر في القسمة يستحق منها شيء

ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ نَصِيبِهِ وَإِذَا اقْتَسَمَا دَارًا أَوْ أَرْضًا نِصْفَيْنِ وَبَنَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي نَصِيبِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَلَوْ كَانَتْ دَارَانِ أَوْ أَرْضَانِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ دَارًا بِحَقِّهِ فَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي دَارِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قِيلَ: هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَرْجِعُ وَقِيلَ: هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ اقْتَسَمَا جَارِيَتَيْنِ فَوَطِئَ أَحَدُهُمَا الْجَارِيَةَ الَّتِي أَخَذَهَا فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَضَمِنَ قِيمَةَ الْوَلَدِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ قِسْمَةَ الْجَبْرِ عِنْدَهُ لَا تَجْرِي فِي الرَّقِيقِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْقِسْمَةُ مُعَاوَضَةً بَيْنَهُمَا عَنْ اخْتِيَارٍ، فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَقِسْمَةُ الْجَبْرِ تَجْرِي فِي الرَّقِيقِ فَلَا يَتَحَقَّقُ مَعْنَى الْغُرُورِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ الْجَارِيَةِ الَّتِي فِي يَدِ شَرِيكِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ وَاحِدَةٌ وَأَرْضٌ بَيْضَاءُ بَيْنَ وَرَثَةٍ فَاقْتَسَمُوا بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي قَسْمِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ وَنَقَضَ بِنَاءَهُ وَرَدَّ الْقِسْمَةَ لَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، كَذَا ذَكَرَ فِي بَعْضِ نُسَخِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اقْتَسَمُوا الدَّارَ عَلَى حِدَةٍ وَالْأَرْضَ عَلَى حِدَةٍ فَتَكُونُ هَذِهِ قِسْمَةٌ يُوجِبُهَا الْحُكْمُ، وَذَكَرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اقْتَسَمَا وَأَخَذَ أَحَدُهُمَا الدَّارَ وَأَخَذَ الْآخَرُ الْأَرْضَ فَتَكُونُ هَذِهِ قِسْمَةٌ لَا يُوجِبُهَا الْحُكْمُ، وَإِذَا كَانَتْ الدُّورُ بَيْنَ قَوْمٍ قَسَمَهَا الْقَاضِي بَيْنَهُمْ وَجَمَعَ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي دَارٍ عَلَى حِدَةٍ وَأَجْبَرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَبَنَى أَحَدُهُمْ فِي الدَّارِ الَّتِي أَصَابَتْهُ بِنَاءً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ هَذِهِ الدَّارُ وَهَدَمَ بِنَاءَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى شُرَكَائِهِ بِالْقِيمَةِ، أَمَّا عِنْدَهُمَا؛ فَلِأَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ يُوجِبُهَا الْحُكْمُ عِنْدَهُمَا مَتَى رَأَى الْقَاضِي الصَّلَاحَ فِيهَا، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ فَلِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمَّا قَسَمَهَا قِسْمَةَ جَمْعٍ فَقَدْ حَصَلَ قَضَاؤُهُ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَالْتُحِقَتْ الدُّورُ بِالدَّارِ الْوَاحِدَةِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ جَاءَ رَجُلٌ إلَى أَحَدِهِمَا وَقَالَ: وَكَّلَنِي شَرِيكُك حَتَّى أُقَاسِمَك فَلَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ فَقَاسَمَهُ حَتَّى بَنَى الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ ثُمَّ جَاءَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ وَكَّلَهُ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْبِنَاءِ عَلَى الْوَكِيلِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْقِسْمَةِ يُسْتَحَقُّ مِنْهَا شَيْءٌ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْقِسْمَةِ يُسْتَحَقُّ مِنْهَا شَيْءٌ) قَالَ فِي الْأَصْلِ: إذَا وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْهَا فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: (الْأَوَّلُ) أَنْ يُسْتَحَقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ الْكُلِّ بِأَنْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ كُلِّ الدَّارِ أَوْ ثُلُثُ الدَّارِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ. (الْوَجْهُ الثَّانِي) إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ بِعَيْنِهِ مِمَّا أَصَابَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقِسْمَةُ صَحِيحَةٌ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ إلَّا أَنَّ لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ الْخِيَارَ لِأَنَّهُ تَعَيَّبَ نَصِيبُهُ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فَإِنْ نَقَضَ الْقِسْمَةَ عَادَ الْأَمْرُ إلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَتُسْتَأْنَفُ الْقِسْمَةُ فِيمَا وَرَاءَ الْمُسْتَحَقِّ وَإِنْ أَجَازَ الْقِسْمَةَ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِعِوَضِ الْمُسْتَحَقِّ وَذَلِكَ رُبْعُ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ مَثَلًا إنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ نِصْفَ نَصِيبِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ. (الْوَجْهُ الثَّالِثُ) إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِمَّا أَصَابَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا تَفْسُدُ الْقِسْمَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَكُونُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فَإِنْ أَجَازَ الْقِسْمَةَ وَكَانَ الْمُسْتَحَقُّ نِصْفَ نَصِيبِهِ مَثَلًا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبْعِ مَا فِي يَدِهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ وَتُسْتَأْنَفُ الْقِسْمَةُ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ ذَكَرَ فِي نُسَخِ أَبِي حَفْصٍ قَوْلَهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ فِي نُسَخِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَوْلَهُ مَعَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَكَذَا أَثْبَتَهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فَقَدْ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ وَابْنُ رُسْتُمَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ مَا أَصَابَهُ بِالْقِسْمَةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مَا بَقِيَ لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبْعِ مَا فِي يَدِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُخَيَّرُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْبَيْعِ حَيْثُ يُخَيَّرُ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْبَيْعِ قَادِرٌ عَلَى رَدِّ مَا بَقِيَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ

الباب الحادي عشر في دعوى الغلط في القسمة

وَبَعْدَ الْبَيْعِ عَجَزَ عَنْ رَدِّ مَا وَرَاءَ الْمُسْتَحَقِّ فَلِهَذَا سَقَطَ خِيَارُهُ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي كِتَابِ الشُّرُوطِ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ ثَمَّةَ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ كُلِّ الدَّارِ وَذَكَرَ مَكَانَهُ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ جَمِيعُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَذَكَرَ أَنَّ الْقِسْمَةَ بَاطِلَةٌ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُسْتَحَقَّ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْآخَرِ لَمْ يَبِعْهُ وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ فَالْبَيْعُ مَاضٍ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ نِصْفَ قِيمَةِ مَا بَاعَ، وَذَكَرَ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ بِعَيْنِهِ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَأَجَابَ أَنَّ الْقِسْمَةَ بَاطِلَةٌ فِي الْكُلِّ بِخِلَافِ مَا كَتَبْنَا فِي الْمَتْنِ، وَذَكَرَ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا عَلَى نَحْوِ مَا كَتَبْنَا فِي الْمَتْنِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَلَكِنْ يُخَيَّرُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى إنْ شَاءَ نَقَضَ الْقِسْمَةَ وَضَمَّ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ إلَى مَا فِي يَدِ الْآخَرِ إنْ كَانَ الْآخَرُ لَمْ يَبِعْ مَا أَصَابَهُ وَيَقْسِمَانِ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ بَاعَ نَصِيبَهُ يَضُمُّ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ إلَى قِيمَةِ مَا كَانَ فِي يَدِ الْآخَرِ فَيَقْسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ وَرِثُوا دُورًا ثَلَاثَةً أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَارًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ دَارِ أَحَدِهِمْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ قَوْلُنَا: الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ: إنْ شَاءَ نَقَضَ الْقِسْمَةَ كُلَّهَا وَاسْتَقْبَلُوهَا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ النِّصْفَ وَرَجَعَ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَإِنْ كَانَتْ دَارٌ وَاحِدَةٌ وَاقْتَسَمُوهَا أَثْلَاثًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْقِسْمَةُ بِحُكْمٍ وَبِغَيْرِ حُكْمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اقْتَسَمَا دَارًا فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَهَا وَالْآخَرُ ثُلُثَيْهَا وَقِيمَةُ النَّصِيبَيْنِ سَوَاءٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُسْتَحَقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ النَّصِيبَيْنِ أَوْ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَوْ مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ النَّصِيبَيْنِ انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَيْتٌ بِعَيْنِهِ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا لَا تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ لَكِنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبْعِ مَا فِي يَدِهِ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْقِسْمَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ بَاعَ صَاحِبُ الثُّلُثِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْبَاقِي يَرْجِعُ بِرُبْعِ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَبَيْعُهُ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا بَاعَ فَيَقْسِمُ مَعَ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ عِنْدَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقِسْمَةَ وَقَعَتْ فَاسِدَةً وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ قِسْمَةٍ فَاسِدَةٍ مَمْلُوكٌ لَهُ كَالْمَقْبُوضِ بِحُكْمِ بَيْعٍ فَاسِدٍ فَجَازَ بَيْعُهُ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهِ فَيَلْزَمُهُ رَدُّ قِيمَةِ نِصْفِ مَا بَاعَ وَعِنْدَهُمَا بِالِاسْتِحْقَاقِ لَا تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فَإِذَا بَاعَ مَا فِي يَدِهِ بَطَلَ الْخِيَارُ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ وَيَرْجِعُ بِرُبْعِ مَا فِي يَدِهِ لِأَنَّ مَا اُسْتُحِقَّ نِصْفُهُ مِلْكُهُ، وَنِصْفُهُ عِوَضٌ عَمَّا تَرَكَهُ عِنْدَ شَرِيكِهِ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ عِوَضَهُ يَرْجِعُ بِمَا تَرَكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَلِكَ أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ نِصْفَيْنِ وَهِيَ مِائَةُ جَرِيبٍ فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا بِحَقِّهِ عَشَرَةَ أَجْرِبَةٍ تُسَاوِي أَلْفًا وَيَأْخُذَ الْآخَرُ بِحَقِّهِ تِسْعِينَ جَرِيبًا تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الَّذِي أَصَابَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جَرِيبٌ مِنْ الْعَشَرَةِ الْأَجْرِبَةِ فَرَدَّ الْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ مِنْهَا عَلَى الْبَائِعِ فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ التِّسْعِينَ جَرِيبًا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَكُونُ تِسْعَةُ أَجْرِبَةٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَضْمَنُ صَاحِبُ التِّسْعِينَ جَرِيبًا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ لِصَاحِبِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَانَتْ مِائَةُ شَاةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ نِصْفَيْنِ فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا أَرْبَعِينَ مِنْهَا تُسَاوِي خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ سِتِّينَ تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَاسْتُحِقَّ شَاةٌ مِنْ الْأَرْبَعِينَ تُسَاوِي عَشَرَةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي السِّتِّينَ شَاةً فِي قَوْلِهِمْ وَتَكُونُ الْقِسْمَةُ جَائِزَةً عِنْدَهُمْ وَلَا يُخَيَّرُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الْغَلَطِ فِي الْقِسْمَةِ]

ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمِينَ الْغَلَطَ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ بِأَنْ ادَّعَى غَبْنًا فِي الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا بِحَيْثُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ فَإِنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالْقَضَاءِ لَا بِالتَّرَاضِي تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَتْ بِتَرَاضِي الْخَصْمَيْنِ لَا بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إنْ قِيلَ: تُسْمَعُ فَلَهُ وَجْهٌ وَإِنْ قِيلَ: لَا تُسْمَعُ فَلَهُ وَجْهٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ، وَحُكِيَ عَنْ الْفَضْلِيِّ أَنَّهُ تُسْمَعُ كَمَا إذَا كَانَتْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي شَرْحِهِ لِلْمُخْتَصَرِ، وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِهِ: هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُقِرَّ الْخَصْمُ بِالِاسْتِيفَاءِ أَمَّا إذَا أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ الْغَلَطَ وَالْغَبْنَ إلَّا إذَا ادَّعَى الْغَصْبَ فَحِينَئِذٍ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. إنْ ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ غَلَطًا فِي مِقْدَارِ الْوَاجِبِ بِالْقِسْمَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ مُدَّعِيًا الْغَصْبَ بِدَعْوَى الْغَلَطِ كَمِائَةِ شَاةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اقْتَسَمَا ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: قَبَضْت خَمْسَةً وَخَمْسِينَ غَلَطًا وَأَنَا مَا قَبَضْت إلَّا خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ الْآخَرُ: مَا قَبَضْت شَيْئًا غَلَطًا وَإِنَّمَا اقْتَسَمْنَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ وَلَك خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَلَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، يَجِبُ التَّحَالُفُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بِمَعْنَى الْبَيْعِ وَفِي الْبَيْعِ إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يَتَحَالَفَانِ إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَائِمًا فَكَذَا فِي الْقِسْمَةِ إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُمَا إقْرَارٌ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ فَأَمَّا إذَا سَبَقَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى الْغَلَطِ إلَّا مِنْ حَيْثُ الْغَصْبُ، وَإِنْ قَالَ: اقْتَسَمْنَا بِالسَّوِيَّةِ وَأَخَذْنَا ذَلِكَ ثُمَّ أَخَذْت خَمْسَةً مِنْ نَصِيبِي غَلَطًا. وَقَالَ الْآخَرُ: مَا أَخَذْت مِنْ نَصِيبِك شَيْئًا غَلَطًا وَلَكِنَّا اقْتَسَمْنَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي خَمْسٌ وَخَمْسُونَ وَلَك خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا لَا يَتَحَالَفَانِ وَيُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَلَطُ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا اقْتَسَمَ الْقَوْمُ أَرْضًا أَوْ دَارًا أَوْ قَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمْ غَلَطًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي ذَلِكَ: لَا تُعَادُ الْقِسْمَةُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا يَدَّعِي فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أُعِيدَتْ الْقِسْمَةُ فِيمَا بَيْنَهُمْ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَكَانَ يَجِبُ أَلَّا تُعَادَ الْقِسْمَةُ لِأَنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَبَضَ حَقَّهُ وَدَعْوَى الْغَلَطِ بَعْدَ الْقَبْضِ دَعْوَى الْغَصْبِ وَفِي دَعْوَى الْغَصْبِ يُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِمَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَلَا تُعَادُ الْقِسْمَةُ، وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ إعَادَةَ الْقِسْمَةِ عِنْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى دَعْوَى الْغَلَطِ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ الدَّعْوَى فَتُحْمَلُ دَعْوَاهُ عَلَى وَجْهٍ تَجِبُ إعَادَةُ الْقِسْمَةِ عِنْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ مُدَّعِي الْغَلَطِ لِصَاحِبِهِ: قَسَمْنَا الدَّارَ بَيْنَنَا بِالسَّوِيَّةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي أَلْفُ ذِرَاعٍ وَلَك أَلْفُ ذِرَاعٍ وَقَبَضْنَا ثُمَّ إنَّك أَخَذْتَ مِائَةَ ذِرَاعٍ مِنْ نَصِيبِي مِنْ مَكَان بِعَيْنِهِ غَلَطًا وَيَقُولَ الْآخَرُ: لَا بَلْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَلَك تِسْعُمِائَةِ ذِرَاعٍ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ الْقِسْمَةَ كَانَتْ عَلَى السَّوِيَّةِ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ هَذَا أَخَذَ مِائَةَ ذِرَاعٍ مِنْ مَكَان بِعَيْنِهِ مِنْ نَصِيبِ الْمُدَّعِي ثَبَتَ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْقِسْمَةَ كَانَتْ بِالسَّوِيَّةِ وَفِي يَدِ أَحَدِهِمَا زِيَادَةٌ وَلَا يَدْرِي أَنَّ حَقَّ الْمُدَّعِي فِي أَيِّ جَانِبٍ فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ لِيَسْتَوِيَا. وَتَكُونُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ مَسْمُوعَةً وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِالْغَصْبِ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْغَلَطِ فِي هَذَا الْوَجْهِ يَدَّعِي شَيْئَيْنِ الْقِسْمَةَ بِالسَّوِيَّةِ وَغَصْبَ مِائَةِ ذِرَاعٍ وَالشُّهُودُ شَهِدُوا بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ الْقِسْمَةُ بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَى يَحْلِفُ الْمُدَّعِي قَبْلَ الْغَلَطِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي قَبْلَهُ الْغَلَطَ لَمْ يَثْبُتْ الْغَلَطُ وَالْقِسْمَةُ مَاضِيَةٌ عَلَى حَالِهَا وَإِنْ نَكَلَ يَثْبُتُ الْغَلَطُ فَتُعَادُ الْقِسْمَةُ كَمَا فِي فَصْلِ الْبَيِّنَةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ قِسْمَةٍ فِي غَنَمٍ أَوْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ ادَّعَى فِيهَا أَحَدُهُمْ غَلَطًا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَالْقَبْضِ فَهُوَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَلَمْ يَرِدْ بِهَذِهِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي حَقِّ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهَا التَّسْوِيَةَ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ أَنْ لَا تُعَادَ الْقِسْمَةُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى أَلَا يُرَى أَنَّ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذَا أَقَامَ مُدَّعِي الْغَلَطِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى لَا تُعَادُ الْقِسْمَةُ بَلْ يُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا وَفِي الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالثِّيَابِ وَالْأَشْيَاءِ الَّتِي تَتَفَاوَتُ تَجِبُ إعَادَةُ الْقِسْمَةِ كَمَا فِي.

مَسْأَلَةِ الدَّارِ. وَإِذَا اقْتَسَمَ رَجُلَانِ دَارَيْنِ وَأَخَذَ أَحَدُهُمَا دَارًا وَالْآخَرُ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا غَلَطًا وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ لَهُ كَذَا كَذَا ذِرَاعًا فِي الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَضْلًا فِي قَسْمِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِتِلْكَ الْأَذْرُعِ وَلَا تُعَادُ الْقِسْمَةُ وَلَيْسَ هَذَا كَالدَّارِ الْوَاحِدَةِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالدَّعْوَى فَاسِدَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي دَارَيْنِ وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَقَاسِمَيْنِ ادَّعَى عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا مِنْ نَصِيبِهِ فِي الْقِسْمَةِ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ فَاسِدَةً لِأَنَّ الَّذِي شَرَطَ زِيَادَةَ أَذْرُعٍ مِنْ نَصِيبِهِ لِصَاحِبِهِ صَارَ بَائِعًا لِذَلِكَ مِنْ صَاحِبِهِ وَبَيْعُ كَذَا أَذْرُعٍ مِنْ الدَّارِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَكَذَا فِي الْقِسْمَةِ فَإِذَا ثَبَتَ فَسَادُ الدَّعْوَى تَجِبُ إعَادَةُ الْقِسْمَةِ رَفْعًا لِلْفَسَادِ وَعِنْدَهُمَا بَيْعُ كَذَا أَذْرُعٍ جَائِزٌ فَتَجُوزُ الْقِسْمَةُ ثُمَّ إنَّهُمَا فَرَّقَا بَيْنَ الدَّارَيْنِ وَبَيْنَ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ فَقَالَا فِي الدَّارَيْنِ: لَا تُعَادُ الْقِسْمَةُ وَفِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ تُعَادُ الْقِسْمَةُ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ لَا تُعَادَ الْقِسْمَةُ فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ أَيْضًا وَيُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ نَصِيبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الدَّارَيْنِ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ لِنَفْيِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُدَّعِي كَيْ لَا يَتَفَرَّقَ نَصِيبُهُ. وَلَا وَجْهَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَشَرَةَ أَذْرُعٍ بِعَيْنِهَا فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ مَتَى قُضِيَ لَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ هَكَذَا اسْتَحَقَّ بِأَصْلِ الْقِسْمَةِ وَإِنْ ادَّعَى عَشَرَةَ أَذْرُعٍ شَائِعَةٍ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ لِنَفْسِهِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ شَائِعَةً مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ رُبَّمَا يَتَفَرَّقُ نَصِيبُهُ مَتَى قُسِّمَ مَرَّةً أُخْرَى صَارَ رَاضِيًا بِالتَّفَرُّقِ وَإِنَّمَا أَوْجَبَ الْإِعَادَةَ فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّ صَاحِبَهُ شَرَطَ لَهُ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ نَصِيبِهِ وَقَالَ: لَا أَدْرِي كَيْفَ شَرَطَ لِي عَشَرَةً بِعَيْنِهَا مُتَّصِلَةً بِنَصِيبِي أَوْ شَائِعَةً فِي جَمِيعِ نَصِيبِ صَاحِبِي وَشَهِدَ الشُّهُودُ لَهُ بِعَشَرَةٍ مُطْلَقَةٍ وَمَتَى كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ لَا يَثْبُتُ الرِّضَا مِنْ الْمُدَّعِي بِالتَّفَرُّقِ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ لَهُ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ بِعَيْنِهَا مُتَّصِلَةً بِنَصِيبِهِ لَا يَكُونُ رَاضِيًا بِالتَّفَرُّقِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ شَائِعَةً يَكُونُ رَاضِيًا بِالتَّفَرُّقِ فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي كَيْفَ كَانَ الشَّرْطُ يَبْنِي الْقَضَاءَ عَلَى مَا هُوَ الْمُسْتَحَقُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ بِالْقِسْمَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُجْتَمِعًا فِي مَكَان وَاحِدٍ بِخِلَافِ الدَّارَيْنِ فَإِنَّ فِي الدَّارَيْنِ وَإِنْ حَمَلْنَا الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَالَ: لَا أَدْرِي كَيْفَ شَرَطَ لِي الْعَشَرَةَ لَا تُعَادُ الْقِسْمَةُ لِأَنَّ بِإِعَادَةِ الْقِسْمَةِ فِي الدَّارَيْنِ لَا يَزُولُ مَا كَانَ يَلْحَقُهُ مِنْ زِيَادَةِ ضَرَرٍ. وَإِنْ كَانَ شَرَطَ لِنَفْسِهِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ مَكَان بِعَيْنِهِ مُتَّصِلٍ بِدَارِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَقَعُ لَهُ فِي الْقِسْمَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ مُتَّصِلَةٌ بِدَارِهِ فَلَا تُفِيدُهُ إعَادَةُ الْقِسْمَةِ فَيُقْضَى لَهُ بِعَشَرَةِ أَذْرُعٍ شَائِعَةٍ كَمَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اقْتَسَمَ الرَّجُلَانِ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَأَخَذَ أَحَدُهُمَا أَرْبَعَةً وَأَخَذَ الْآخَرُ سِتَّةً فَادَّعَى آخُذُ الْأَرْبَعَةِ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ مِنْ السِّتَّةِ أَنَّهُ أَصَابَهُ فِي قَسْمِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَا ادَّعَى مِنْ الزِّيَادَةِ أَوْ لَمْ يُقِرَّ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ صَاحِبَهُ يُسْتَحْلَفُ وَلَمْ يُوجِبْ التَّحَالُفَ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ مَا ادَّعَى ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ صَاحِبَهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ غَلَطًا فَيَكُونُ مُدَّعِيًا الْغَصْبَ عَلَى صَاحِبِهِ وَفِي مِثْلِ هَذَا لَا يَجِبُ التَّحَالُفُ فَإِنْ ادَّعَى آخِذُ الْأَرْبَعَةِ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ مِنْ السِّتَّةِ أَنَّهُ أَصَابَهُ فِي قَسْمِهِ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَصَابَهُ فِي قَسْمِهِ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ صَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ فِيهِ قَالَ: وَالْإِشْهَادُ عَلَى الْقِسْمَةِ لَا يَمْنَعُ دَعْوَى الزِّيَادَةِ عَلَى صَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. . وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَقَاسِمُونَ فَشَهِدَ الْقَاسِمَانِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ الْخَصَّافُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ قَوْلِهِمَا وَقَاسَمَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا سَوَاءٌ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إذَا قَسَمَا بِأَجْرٍ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِلَيْهِ مَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. شَهَادَةُ الْقَاسِمَيْنِ مَقْبُولَةٌ سَوَاءٌ قَسَمَا بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ شَهِدَ قَاسِمٌ وَاحِدٌ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عَلَى الْغَيْرِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ شَهِدَ قَاسِمُ الْقَاضِي عَلَى الْقِسْمَةِ مَعَ غَيْرِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَاسِمٌ قَسَمَ دَارًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَأَعْطَى أَحَدَهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ غَلَطًا وَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ قَالَ: يَسْتَقْبِلُونَ الْقِسْمَةَ فَمَنْ وَقَعَ بِنَاؤُهُ فِي قَسْمِ غَيْرِهِ رَفَعَ بِنَاءَهُ وَلَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْقَاسِمِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَلَكِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِالْأَجْرِ الَّذِي أَخَذَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلَانِ اقْتَسَمَا أَقْرِحَةً فَأَصَابَ أَحَدَهُمَا قَرَاحَانِ وَالْآخَرَ أَرْبَعَةُ أَقْرِحَةٍ ثُمَّ ادَّعَى صَاحِبُ الْقَرَاحَيْنِ أَحَدَ الْأَقْرِحَةِ الَّتِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَصَابَهُ بِالْقِسْمَةِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ وَكَذَا هَذَا فِي الْأَثْوَابِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الَّذِي فِي يَدِهِ وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَهُ فِي الْقِسْمَةِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي حَدٍّ بِأَنْ كَانَتْ حَائِلَةً بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: هَذَا نَصِيبِي أُدْخِلَ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْحَدِّ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَمَّا فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً تَحَالَفَا وَيُجْعَلُ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ لَهُ وَيَبْقَى الْمَوْضِعُ مُشْتَرَكًا فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ بَعْدَ التَّحَالُفِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا نَقْضَ الْقِسْمَةِ تُنْقَضُ وَلَا تَنْفَسِخُ إلَّا بِالْقَضَاءِ كَمَا فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَسَمَهَا الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: الَّذِي فِي يَدَيَّ هُوَ الَّذِي أَصَابَك وَاَلَّذِي فِي يَدِك لِي وَقَالَ الْآخَرُ: لَا بَلْ الَّذِي فِي يَدَيَّ هُوَ الَّذِي أَصَابَنِي قَالَ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي يَدِهِ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ دَارًا وَابْنَيْنِ فَاقْتَسَمَا الدَّارَ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ وَأَشْهَدَ عَلَى الْقِسْمَةِ وَالْقَبْضِ وَالْوَفَاءِ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا بَيْتًا فِي يَدِ صَاحِبِهِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ صَاحِبُهُ مِنْ قَبْلُ أَنَّهُ قَدْ أَشْهَدَ عَلَى الْوَفَاءِ يَعْنِي قَدْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ كَمَالِ حَقِّهِ فَبَعْدَ ذَلِكَ هُوَ مُنَاقِضٌ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ إنْ أَقَرَّ بِهِ صَاحِبُهُ فَإِقْرَارُهُ مُلْزِمٌ إيَّاهُ وَالْمُنَاقِضُ إذَا صَدَّقَهُ خَصْمُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ يَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ عَلَى الْوَفَاءِ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالْقِسْمَةِ حَتَّى قَالَ: اقْتَسَمْنَا فَأَصَابَتْنِي هَذِهِ النَّاحِيَةُ وَهَذَا الْبَيْتُ وَالْبَيْتُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَقَالَ شَرِيكُهُ: بَلْ أَصَابَنِي الْبَيْتُ وَمَا فِي يَدَيَّ كُلُّهُ فَإِنِّي أَسْأَلُ الْمُدَّعِيَ عَنْ الْبَيْتِ أَكَانَ فِي يَدِ شَرِيكِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ أَوْ غَصَبَ مِنْهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ قَالَ: كَانَ فِي يَدَيَّ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَغَصَبَنِي أَوْ أَعَرْتُهُ أَوْ آجَرْتُهُ لَمْ أَنْقُضْ الْقِسْمَةَ وَإِنْ قَالَ كَانَ فِي يَدِ صَاحِبِي قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيَّ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا. وَلَوْ ادَّعَى غَلَطًا فِي الذَّرْعِ فَقَالَ: أَصَابَنِي أَلْفٌ وَأَصَابَك أَلْفٌ فَصَارَ فِي يَدِك أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَفِي يَدِي تِسْعُمِائَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ: أَصَابَك أَلْفٌ وَأَصَابَنِي أَلْفٌ وَقَبَضْتهَا وَلَمْ أَزِدْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي يَدَّعِي قِبَلَهُ الْغَلَطَ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ قَالَ: أَصَابَنِي أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَأَصَابَك أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ أَصَابَنِي أَلْفٌ وَأَصَابَك أَلْفٌ فَقَبَضْت أَنْتَ أَلْفًا وَمِائَةً وَقَبَضْت تِسْعَمِائَةٍ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا وَلَوْ قَالَ: كُنْت قَبَضْتُهَا فَغَصَبْتَنِيهَا لَمْ أَنْقُضْ الْقِسْمَةَ وَأُحَلِّفُ الْمُدَّعِيَ قِبَلَهُ الْفَضْلَ. وَلَوْ اقْتَسَمَا مِائَةَ شَاةٍ فَصَارَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا سِتُّونَ وَفِي يَدِ الْآخَرِ أَرْبَعُونَ فَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْأَرْبَعُونَ: أَصَابَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا خَمْسُونَ وَتَقَابَضْنَا ثُمَّ غَصَبْتَنِي عَشَرًا بِأَعْيَانِهَا وَخَلَطْتَهَا بِغَنَمِك فَهِيَ لَا تُعْرَفُ وَجَحَدَ الْآخَرُ الْغَصْبَ وَقَالَ: بَلْ أَصَابَنِي سِتُّونَ وَلَك أَرْبَعُونَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَلَوْ قَالَ الْأَوَّلُ: أَصَابَنِي خَمْسُونَ فَدَفَعْت إلَيَّ أَرْبَعِينَ وَبَقِيَ فِي يَدِك عَشَرَةٌ لَمْ تَدْفَعْهَا إلَيَّ وَقَالَ الْآخَرُ: أَصَابَنِي سِتُّونَ وَأَصَابَك أَرْبَعُونَ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْوَفَاءِ قَبْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الَّذِي فِي يَدِهِ سِتُّونَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ ادَّعَى الْغَصْبَ بَعْدَ الْقَبْضِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِالْوَفَاءِ فَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْأَرْبَعُونَ: كَانَتْ غَنَمُ وَالِدِي مِائَةَ شَاةٍ فَأَصَابَنِي خَمْسُونَ وَأَصَابَك خَمْسُونَ وَتَقَابَضْنَا ثُمَّ غَصَبْتَنِي عَشْرًا وَهِيَ هَذِهِ وَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ سِتُّونَ: بَلْ كَانَتْ غَنَمُ وَالِدِي مِائَةً وَعِشْرِينَ فَأَصَابَنِي.

الباب الثاني عشر في المهايأة

سِتُّونَ وَأَصَابَك سِتُّونَ وَلَمْ أَغْصِبْك وَقَدْ تَقَابَضْنَا فَإِنْ هَذَا إقْرَارٌ بِفَضْلِ عَشْرٍ مِنْ الْغَنَمِ لَيْسَ فِيهَا قِسْمَةٌ وَإِذَا حَلَفَ بِعَيْنِ هَذِهِ الْعَشَرَةِ فِي يَدِهِ غَيْرَ مَقْسُومَةٍ فَيَرُدُّهَا لِتُقْسَمَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِفَضْلٍ عَلَى مِائَةٍ وَقَالَ: كَانَتْ مِائَةً فَأَصَابَنِي سِتُّونَ وَأَصَابَك أَرْبَعُونَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعَيْنِ الَّذِي ادَّعَاهُ صَاحِبُهُ قِبَلَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ شَرِيكَهُ قَدْ أَبْرَأهُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الْمِائَةِ وَلَمْ يُبَرِّئْهُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الْفَضْلِ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ الْعَشَرَةُ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا اقْتَسَمَاهَا نِصْفَيْنِ وَإِلَّا فَسَدَتْ الْقِسْمَةُ فَالسَّبِيلُ أَنْ تُرَدَّ السِّتُّونَ وَالْأَرْبَعُونَ وَتُسْتَقْبَلَ الْقِسْمَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا لِفَسَادِ الْقِسْمَةِ الْأُولَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي عَشْرَ فِي الْمُهَايَأَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي عَشْرَ فِي الْمُهَايَأَةِ) وَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ وَأَنَّهَا جَائِزَةٌ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا وَاجِبَةٌ إذَا طَلَبَهَا بَعْضُ الشُّرَكَاءِ وَلَمْ يَطْلُبْ الشَّرِيكُ الْآخَرُ قِسْمَةَ الْأَصْلِ وَأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِالزَّمَانِ وَقَدْ تَكُونُ بِالْمَكَانِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ وَالْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ يُقَسِّمُ الْقَاضِي كَذَا فِي الْكَافِي. تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ جَوَازِهَا بَعْضُهُمْ قَالُوا: إنْ جَرَتْ الْمُهَايَأَةُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُتَفَاوِتَةِ تَفَاوُتًا يَسِيرًا كَمَا فِي الثِّيَابِ وَالْأَرَاضِي تُعْتَبَرُ إفْرَازًا مِنْ وَجْهٍ مُبَادَلَةً مِنْ وَجْهٍ حَتَّى لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِهَذِهِ الْمُهَايَأَةِ فَإِذَا طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَطْلُبْ الْآخَرُ قِسْمَةَ الْأَصْلِ أُجْبِرَ الْآخَرُ عَلَيْهَا وَإِنْ جَرَتْ فِي الْجِنْسِ الْمُخْتَلِفِ كَالدُّورِ وَالْعَبِيدِ تُعْتَبَرُ مُبَادَلَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى لَا تَجُوزَ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ مَا كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَهَذَا بِعِوَضٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَتْرُكُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى صَاحِبِهِ فِي نَوْبَةِ صَاحِبِهِ إنَّمَا يَتْرُكُ بِشَرْطِ أَنْ يَتْرُكَ صَاحِبُهُ نَصِيبَهُ عَلَيْهِ فِي نَوْبَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا يَبْطُلُ التَّهَايُؤُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا بِمَوْتِهِمَا لِأَنَّهُ لَوْ انْتَقَضَ لَاسْتَأْنَفَهُ الْحَاكِمُ وَلَا فَائِدَةَ فِي النَّقْضِ ثُمَّ الِاسْتِئْنَافِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَهُمَا أَنْ يَقْسِمَا الْعَيْنَ وَيُبْطِلَا الْمُهَايَأَةَ إذَا بَدَا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَابِ الْمُهَايَأَةِ فِي الْحَيَوَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَقْضُ الْمُهَايَأَةِ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا النَّقْضُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إذَا حَصَلَتْ الْمُهَايَأَةُ بِتَرَاضِيهِمَا أَمَّا إذَا حَصَلَتْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْقُضَ مَا لَمْ يَصْطَلِحَا عَلَى النَّقْضِ فَأَمَّا إذَا حَصَلَتْ بِتَرَاضِيهِمَا لَوْ نَقَضَاهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ مِثْلِهَا ثَانِيًا وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى مَا هُوَ أَعْدَلُ مِنْ هَذِهِ الْقِسْمَةِ وَهِيَ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُحْدِثَ فِي مَنْزِلِهِ بِنَاءً أَوْ يَنْقُضَهُ أَوْ يَفْتَحَ بَابًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِيهَا مَنَازِلُ تَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْزِلًا مَعْلُومًا أَوْ عُلُوًّا أَوْ سُفْلًا أَوْ يُؤَاجِرَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ تَهَايَآ فِي الدَّارِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ بِأَنْ تَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً وَهَذَا سَنَةً أَوْ يُؤَاجِرَ هَذَا سَنَةً وَهَذَا سَنَةً فَالتَّهَايُؤُ فِي السُّكْنَى جَائِزٌ إذَا فُعِلَ بِتَرَاضِيهِمَا وَأَمَّا إذَا تَهَايَآ عَلَى أَنْ يُؤَاجِرَهَا هَذَا سَنَةً وَهَذَا سَنَةً اخْتَلَفُوا فِيهِ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ إذَا اسْتَوَتْ الْغَلَّتَانِ فِيهِمَا وَإِنْ فَضَلَتْ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْفَضْلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَا التَّهَايُؤُ فِي الدَّارَيْنِ عَلَى السُّكْنَى وَالْغَلَّةِ بِأَنْ تَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا هَذِهِ الدَّارَ وَهَذَا هَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى أَوْ يُؤَاجِرَ هَذَا هَذِهِ الدَّارَ وَهَذَا هَذِهِ الدَّارَ إنْ فَعَلَا ذَلِكَ بِتَرَاضِيهِمَا جَازَ وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجْبِرُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ يُجْبِرُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُجْبِرُ عَلَى التَّهَايُؤِ إلَّا أَنَّ فِي الدَّارَيْنِ إذَا أَغَلَّتْ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِمَّا أَغَلَّتْ الْأُخْرَى لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَفِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ إذَا تَهَايَآ فِي الْغَلَّةِ فَأَغَلَّتْ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِمَّا أَغَلَّتْ فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ يَشْتَرِكَا فِي الْفَضْلِ وَلَوْ تَهَايَآ فِي دَارَيْنِ فِي مِصْرَيْنِ إنْ فَعَلَا ذَلِكَ بِتَرَاضِيهِمَا جَازَ وَلَا يُجْبِرُ الْقَاضِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا آجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِهِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَنْقُضَ الْمُهَايَأَةَ وَيُقَسِّمَ رَقَبَةَ الدَّارِ فَلَهُ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَأَمَّا إذَا لَمْ تَمْضِ فَلَيْسَ لِلْآخِرِ نَقْضُ الْمُهَايَأَةِ صِيَانَةً لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. . وَإِذَا تَهَايَآ فِي اسْتِخْدَامِ عَبْدٍ عَلَى أَنْ يَسْتَخْدِمَ هَذَا هَذَا الْعَبْدَ شَهْرًا وَيَسْتَخْدِمَ هَذَا هَذَا الْعَبْدَ شَهْرًا فَالتَّهَايُؤُ جَائِزٌ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ التَّهَايُؤُ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ عَلَى الِاسْتِغْلَالِ بِأَنْ تَهَايَآ عَلَى أَنْ يُؤَاجِرَهُ هَذَا شَهْرًا وَيَأْكُلَ غَلَّتَهُ وَيُؤَاجِرَهُ هَذَا شَهْرًا آخَرَ وَيَأْكُلَ غَلَّتَهُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ تَهَايَآ فِي الْعَبْدَيْنِ عَلَى خِدْمَتِهِمَا سَنَةً جَازَ وَلَوْ تَهَايَآ فِي غَلَّتِهِمَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إذَا اسْتَوَتْ الْغَلَّتَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ جَارِيَتَانِ مُشْتَرَكَتَانِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَتَهَايَآ أَنْ تُرْضِعَ إحْدَاهُمَا وَلَدَ أَحَدِهِمَا وَالْأُخْرَى وَلَدَ الْآخَرِ جَازَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلَانِ تَوَاضَعَا فِي بَقَرَةٍ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ تَكُونَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا يَحْلِبُ لَبَنَهَا كَانَ بَاطِلًا وَلَا يَحِلُّ فَضْلُ اللَّبَنِ لِأَحَدِهِمَا وَإِنْ جَعَلَهُ صَاحِبُهُ فِي حِلٍّ لِأَنَّهُ هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقَسَّمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْفَضْلِ اسْتَهْلَكَ الْفَضْلَ فَإِذَا جَعَلَهُ صَاحِبُهُ فِي حِلٍّ كَانَ ذَلِكَ إبْرَاءً مِنْ الضَّمَانِ فَيَجُوزُ أَمَّا حَالَ قِيَامِ الْفَضْلِ يَكُونُ هِبَةً أَوْ إبْرَاءً عَنْ الْعَيْنِ وَإِنَّهُ بَاطِلٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَا نَخْلٌ وَشَجَرٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَتَهَايَآ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِفَةً مِنْ ثَمَرِهَا لَمْ يَجُزْ وَكَذَا لَوْ كَانَ غَنَمُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِفَةً يَرْعَاهَا وَيَنْتَفِعُ بِأَلْبَانِهَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَالْحِيلَةُ فِي الثِّمَارِ وَنَحْوِهَا أَنْ يَشْتَرِيَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ ثُمَّ يَبِيعَ كُلَّهَا بَعْدَ مُضِيِّ نَوْبَتِهِ أَوْ يَنْتَفِعَ بِاللَّبَنِ الْمُقَدَّرِ بِطَرِيقِ الْقَرْضِ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ إذْ قَرْضُ الْمُشَاعِ جَائِزٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي الدَّابَّتَيْنِ وَالدَّابَّةِ الْوَاحِدَةِ لَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا رُكُوبًا وَلَا اسْتِغْلَالًا وَعِنْدَهُمَا تَجُوزُ فِي الدَّابَّتَيْنِ رُكُوبًا وَاسْتِغْلَالًا وَفِي الدَّابَّةِ الْوَاحِدَةِ إذَا تَهَايَآ اسْتِغْلَالًا لَا يَجُوزُ وَإِنْ تَهَايَآ رُكُوبًا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لَا رُكُوبًا وَلَا اسْتِغْلَالًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا تَهَايَآ فِي الْمَمْلُوكَيْنِ اسْتِخْدَامًا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَبَقَ انْتَقَضَتْ الْمُهَايَأَةُ وَلَوْ اسْتَخْدَمَ الشَّهْرَ كُلَّهُ إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ نَقَصَ الْآخَرُ مِنْ شَهْرِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَخْدَمَهُ الشَّهْرَ كُلَّهُ وَزِيَادَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ لَا يَزْدَادُ الْآخَرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ أَبَقَ أَحَدُهُمَا الشَّهْرَ كُلَّهُ وَاسْتَخْدَمَ الْآخَرُ الشَّهْرَ كُلَّهُ فَلَا ضَمَانَ وَلَا أَجْرَ وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ نِصْفَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَلَوْ عَطِبَ أَحَدُ الْخَادِمَيْنِ فِي خِدْمَةِ مَنْ شُرِطَ لَهُ هَذَا الْخَادِمِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمَنْزِلُ لَوْ انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَى مَنْ شُرِطَ لَهُ فَلَا ضَمَانَ وَكَذَلِكَ لَوْ احْتَرَقَ الْمَنْزِلُ مِنْ نَارٍ أَوْقَدَهَا فِيهِ فَلَا ضَمَانَ وَكَذَا لَوْ تَوَضَّأَ فِيهِ فَزَلِقَ رَجُلٌ بِوَضُوئِهِ أَوْ وُضِعَ فِيهِ شَيْءٌ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِيهَا ضَمِنَ بِقَدْرِ مَا كَانَ مِلْكُ صَاحِبِهِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ مِلْكُ صَاحِبِهِ الثُّلُثَ ضَمِنَ الثُّلُثَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ النِّصْفَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: هَذَا الْجَوَابُ غَلَطٌ فِي الْبِنَاءِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: فَإِنْ كَانَ مَا قَالَ هَؤُلَاءِ حَقًّا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي الْمُسْتَأْجِرِ هَكَذَا إذَا بَنَى فِيهَا بِنَاءً فَعَطِبَ بِهَا إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ وَضَعَ فِيهِ شَيْءٌ

الباب الثالث عشر في المتفرقات

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالرِّوَايَةُ هَاهُنَا بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ وَالرِّوَايَةُ هَاهُنَا تَكُونُ رِوَايَةً فِي فَصْلِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُبَاعُ نَصِيبُهُ فِي دَيْنِهِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَاسِدًا لَا تَبْطُلُ الْمُهَايَأَةُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ كَمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِخِيَارِ الْمُشْتَرِي تَبْطُلُ الْمُهَايَأَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ خَافَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَيْهَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: تَكُونُ عِنْدَك يَوْمًا وَعِنْدِي يَوْمًا وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ نَضَعُهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَإِنِّي أَجْعَلُهَا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمًا وَلَا أَضَعُهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ فَإِنْ تَشَاحَّا فِي الْبُدَاءَةِ فَالْقَاضِي يَبْدَأُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَقْرَعَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الْأَوْلَى أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمَا وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. عَبْدٌ وَأَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَهَايَآ فِيهِمَا عَلَى أَنْ تَخْدِمَ الْأَمَةُ أَحَدَهُمَا وَيَخْدِمَ الْعَبْدُ الْآخَرَ عَلَى أَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَعَامُ الْخَادِمِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ فِي الْمُهَايَأَةِ فَاعْلَمْ أَنَّ هَاهُنَا ثَلَاثَ مَسَائِلَ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ (إحْدَاهَا) إذَا سَكَتَا عَنْ ذِكْرِ الطَّعَامِ فِي الْقِيَاسِ يَجِبُ طَعَامُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ طَعَامُ الْخَادِمِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ فِي الْمُهَايَأَةِ وَفِي الْكِسْوَةِ إنْ سَكَتَا عَنْ ذِكْرِهَا تَجِبُ كِسْوَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، (وَالثَّانِيَةُ) إذَا شَرَطَا فِي الْمُهَايَأَةِ أَنْ يَكُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَعَامُ الْخَادِمِ الَّذِي شُرِطَ فِي الْمُهَايَأَةِ وَلَمْ يُقَدَّرْ الطَّعَامُ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَفِي الْكِسْوَةِ إذَا لَمْ يُبَيِّنَا الْمِقْدَارَ لَمْ يَجُزْ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا. (وَالثَّالِثَةُ) إذَا بَيَّنَا مِقْدَارًا مِنْ الطَّعَامِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَكَذَلِكَ فِي الْكِسْوَةِ إذَا شَرَطَا شَيْئًا مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَالْمُهَايَأَةُ فِي رَعْيِ الدَّوَابِّ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ لَوْ تَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَا لَهُمَا أَجِيرًا جَازَ وَالْمُهَايَأَةُ فِي دَارٍ وَأَرْضٍ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا هَذِهِ الدَّارَ وَيَزْرَعَ هَذَا هَذِهِ الْأَرْضَ جَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ الْمُهَايَأَةُ فِي دَارٍ وَحَمَّامٍ وَالْمُهَايَأَةُ فِي دَارٍ وَمَمْلُوكٍ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً وَيَخْدِمَ هَذَا هَذَا الْمَمْلُوكَ سَنَةً جَائِزَةٌ وَعَلَى الْغَلَّةِ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّهَايُؤِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فِي مَحَلٍّ يَحْتَمِلُهُمَا يَأْمُرُهُمَا الْقَاضِي بِأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ فَإِنْ اخْتَارَاهُ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ يَقْرَعُ فِي الْبُدَاءَةِ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ أَمَتَانِ إحْدَاهُمَا أَفْضَلُ خِدْمَةً فَتَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْتَخْدِمَ أَحَدُهُمَا الْفَاضِلَةَ سَنَةً وَالْآخَرُ الْأُخْرَى سَنَتَيْنِ جَازَ وَلَوْ تَهَايَآ فِي أَمَتَيْنِ فَعَلِقَتْ إحْدَاهُمَا مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ بَطَلَتْ الْمُهَايَأَةُ وَتُسْتَأْنَفُ فِي الْأُخْرَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثَ عَشْرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشْرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ عَلَى الْقِسْمَةِ أَجْرًا وَلَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يَأْخُذَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ قَاسِمًا يُرْزَقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِيُقَسِّمَ بَيْنَ النَّاسِ بِلَا أَجْرٍ بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ نَصَّبَ قَاسِمًا يُقَسِّمُ بِأَجْرٍ عَلَى الْمُتَقَاسِمَيْنِ وَيُقَدَّرُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ كَيْلًا يَتَحَكَّمَ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِمْ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا عَالِمًا بِالْقِسْمَةِ أَمِينًا وَلَا يُجْبِرُ الْقَاضِي النَّاسَ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرُوا قَاسِمًا وَاحِدًا كَذَا فِي الْكَافِي. أُجْرَةُ الْقَسَّامِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ الشُّرَكَاءُ لِلْقِسْمَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا عَلَى مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَى مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ قَاسِمُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا أُجْرَةُ الْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ فِي الْقِسْمَةِ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: هِيَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ فِيهِمَا كَقَوْلِهِمَا وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْآخَرُ فَأَمَرَ الْقَاضِي قَاسِمَهُ لِيُقَسِّمَ بَيْنَهُمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الطَّالِبِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْأُجْرَةُ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اصْطَلَحُوا فَاقْتَسَمُوا جَازَ إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ صَغِيرٌ فَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إلَى أَمْرِ الْقَاضِي وَلَا يَتْرُكُ الْقُسَّامُ يَشْتَرِكُونَ.

كَذَا فِي الْكَافِي. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَجْرُ قَاسِمِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَقَالَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ وَصُورَتُهُ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهَا وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا وَلِلْآخَرِ سُدُسُهَا قَالُوا: وَهَذَا إذَا طَلَبُوا مِنْ الْقَاضِي الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمْ فَقَسَّمَ بَيْنَهُمْ قَاسِمُ الْقَاضِي فَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرُوا رَجُلًا بِأَنْفُسِهِمْ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِمْ عَلَى السَّوِيَّةِ وَهَلْ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْقَلِيلِ عَلَى صَاحِبِ الْكَثِيرِ بِالزِّيَادَةِ؟ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَرْجِعُ وَقَالَا: يَرْجِعُ وَكَذَلِكَ إذَا وَكَّلُوا رَجُلًا لِيَسْتَأْجِرَ رَجُلًا يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ فَاسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الْوَكِيلِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرُّجُوعِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِالْأُجْرَةِ عَلَى السَّوَاءِ وَقَالَا: يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ الْمِلْكِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرُوا رَجُلًا لِكَيْلِ طَعَامٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ ذَرْعِ ثَوْبٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ إنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ لِلْقِسْمَةِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا وَإِنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى نَفْسِ الْكَيْلِ وَالذَّرْعِ لِيَصِيرَ الْمَكِيلُ أَوْ الثَّوْبُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ فَالْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ وَفِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَكْرَارَ حِنْطَةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَجْرُ الْكَيَّالِ عَلَى مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ وَأَجْرُ الْحَسَّابِ عَلَى الرُّءُوسِ قَالَ: مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ فَهُوَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ وَمَا كَانَ مِنْ حِسَابٍ فَهُوَ عَلَى الرُّءُوسِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا عَلَى الْأَنْصِبَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَنَى فِيهَا أَحَدُهُمَا فَقَالَ الْآخَرُ: ارْفَعْ عَنْهَا بِنَاءَك فَإِنَّهُ يَقْسِمُ الْأَرْضَ بَيْنَهُمَا فَمَا وَقَعَ مِنْ الْبِنَاءِ فِي نَصِيبِ الَّذِي لَمْ يَبْنِ فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ أَوْ يُرْضِيَهُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَوْ رَفَعَ يَبْطُلُ حَقُّ الْبَانِي فِي الْكُلِّ وَلَوْ قَسَّمَ لَا يَبْطُلُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي بَنَى فِي مِلْكِهِ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ أَوْلَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْبَاقُونَ فَاسْتَأْجَرَ الطَّالِبُ قَسَّامًا كَانَ الْأَجْرُ عَلَيْهِ خَاصَّةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ صَاحِبَاهُ: يَكُونُ عَلَى الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا بَنَى فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَنْقُضَ بِنَاءَهُ وَفِيهِ أَيْضًا عَبْدَانِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ فَجَاءَ أَجْنَبِيٌّ إلَى الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ وَقَالَ: قَاسِمْنِي هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ فَإِنَّهُ يَسْتَحْسِنُ قِسْمَتِي فَقَاسَمَهُ الْحَاضِرُ وَأَخَذَ الْحَاضِرُ عَبْدًا وَاحِدًا وَالْأَجْنَبِيُّ عَبْدًا ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ وَأَجَازَ الْقِسْمَةَ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَقَبْضُ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ وَلِلْغَائِبِ نِصْفُ الْعَبْدِ الْبَاقِي وَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي تَضْمِينِ حِصَّتِهِ مِنْ الْعَبْدِ الْمَيِّتِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الَّذِي مَاتَ فِي يَدِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ بِمَا ضَمِنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَقَعَتْ شَجَرَةٌ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَغْصَانُهَا مُتَدَلِّيَةٌ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى قَطْعِهَا لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الشَّجَرَةَ بِأَغْصَانِهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَقَعَ لِأَحَدِهِمَا فِي قِسْمِهِ بِنَاءٌ وَلِلْآخَرِ بِجَنْبِهِ سَاحَةٌ فَأَرَادَ صَاحِبُهَا بِنَاءَ بَيْتٍ فِي سَاحَتِهِ وَهُوَ يَسُدُّ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ عَلَى صَاحِبِ الْبِنَاءِ فَلَهُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَالَ نُصَيْرٌ وَالصَّفَّارُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ مَنْعُهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. ثَلَاثَةُ نَفَرٍ وَرِثُوا دَارًا عَنْ أَبِيهِمْ وَاقْتَسَمُوهَا أَثْلَاثًا وَتَقَابَضُوا ثُمَّ أَنَّ رَجُلًا غَرِيبًا اشْتَرَى مِنْ أَحَدِهِمْ قِسْمَهُ وَقَبَضَهُ ثُمَّ جَاءَ أَحَدُ الْبَاقِيَيْنِ وَقَالَ: أَنَا لَا أَقْسِمُ وَاشْتَرَى هَذَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ الثُّلُثَ شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ ثُمَّ جَاءَ الِابْنُ الثَّالِثُ وَقَالَ: قَدْ اقْتَسَمْنَاهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ الثَّانِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَدْرِي أَقَسَّمْتُمْ أَمْ لَا فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ ثَبَتَتْ بِحُجَّةٍ قَامَتْ مِنْ الْخَصْمِ وَالْقِسْمَةُ بَعْدَ تَمَامِهَا لَا تَبْطُلُ بِجُحُودِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَاعَ نَصِيبَ نَفْسِهِ خَاصَّةً فَجَازَ بَيْعُهُ وَأَمَّا الثَّانِي إنَّمَا بَاعَ ثُلُثَ الدَّارِ شَائِعًا ثُلُثُ ذَلِكَ مِنْ قِسْمِهِ وَثُلُثَا ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ غَيْرِهِ فَيَنْفُذُ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ خَاصَّةً فَجَازَ بَيْعُهُ وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِيهِ إنْ شَاءَ أَخَذَ ثُلُثَ قِسْمِهِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالتَّرَاضِي عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَفْرَزُوا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يُبْطِلُوا الْقِسْمَةَ بِالتَّرَاضِي وَيَجْعَلُوا الدُّورَ وَالْأَرَاضِي مُشْتَرَكَةً مُشَاعًا كَمَا.

كَانَتْ فَلَهُمْ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ: وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ بَيْتٍ مِنْهَا كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُبْطِلَ الْبَيْعَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ بَيْتًا مِنْهَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الشَّرِيكِ فَإِنْ أَجَازَ شَرِيكُهُ جَازَ وَالْبَيْتُ لِلْمُشْتَرِي وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَطَلَ الْبَيْعُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ الْأَرْضِ أَوْ مَكَانًا مَعْلُومًا وَلَوْ كَانَتْ ثِيَابٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَوْ غَنَمٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُقَسَّمُ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ شَاةٍ أَوْ ثَوْبٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُبْطِلَهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ هَذَا وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى سَوَاءٌ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ شَرِيكِهِ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ (قَالَ) : وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ دَارٌ فَأَقَرَّ بِبَيْتٍ مِنْهَا لِرَجُلٍ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ فَإِنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ مَوْقُوفٌ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالْعَيْنِ لِحَقِّ الْآخَرِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ يَدْفَعُ إلَيْهِ وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يُقَسِّمُ مَا أَصَابَ الْمُقِرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِذَرْعِ الْبَيْتِ وَيَضْرِبُ الْمُقِرُّ بِنِصْفِ ذَرْعِ الدَّارِ بَعْدَ ذَرْعِ الْبَيْتِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْرِبُ الْمُقِرُّ كَمَا قَالَا وَيَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِنِصْفِ ذَرْعِ الْبَيْتِ لَا بِجَمِيعِهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ جَمِيعَ ذَرْعِ الدَّارِ مِائَةً مَعَ الْبَيْتِ وَذَرْعَ الْبَيْتِ عَشْرَةً فَإِنَّ الدَّارَ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ مَا أَصَابَ الْمُقِرَّ يُجْعَلُ عَلَى خَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ سَهْمًا يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِعَشْرَةٍ وَذَلِكَ جَمِيعُ ذَرْعِ الْبَيْتِ وَيَضْرِبُ الْمُقِرُّ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا. وَذَلِكَ نِصْفُ الْبَاقِي بَعْدَ ذَرْعِ الْبَيْتِ فَاجْعَلْ كُلَّ خَمْسَةٍ سَهْمًا فَيَصِيرُ مَا أَصَابَهُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا سَهْمَانِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَتِسْعَةُ أَسْهُمٍ لِلْمُقِرِّ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَسِّمُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَضْرِبُ بِخَمْسَةِ أَذْرُعٍ عِنْدَهُ هَذَا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالدَّارِ وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالْحَمَّامِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِبَيْتٍ مِنْهُ بِعَيْنِهِ لِرَجُلٍ وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَةِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِجِذْعٍ فِي الدَّارِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ شَيْءٌ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ وَهُوَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَاقْتَسَمَاهُ فَاَلَّذِي لَيْسَ فِي يَدِهِ لَمْ يَقْبِضْ نَصِيبَهُ حَتَّى هَلَكَ نَصِيبَهُ فَاَلَّذِي هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَيْهِمَا وَاَلَّذِي بَقِيَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا الْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَجْنَاسِهَا أَنَّ فِي قِسْمَةِ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ إذَا هَلَكَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَيَعُودُ الْأَمْرُ إلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَوْ كَانَ الْهَالِكُ نَصِيبُ مَنْ كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ فِي يَدِهِ دُونَ نَصِيبِ الْآخَرِ لَا تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ وَعَنْ هَذَا الْأَصْلِ قُلْنَا: إنَّ الدِّهْقَان إذَا قَالَ لِلْأَكَّارِ: اقْسِمْ الْغَلَّةَ وَاعْزِلْ نَصِيبِي مِنْ نَصِيبِك فَفَعَلَ ثُمَّ هَلَكَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الدِّهْقَانُ نَصِيبَهُ إنْ هَلَكَ نَصِيبُ الدِّهْقَانِ فَالْقِسْمَةُ تُنْتَقَضُ وَيَرْجِعُ الدِّهْقَانُ عَلَى الْأَكَّارِ بِنِصْفِ مَا قَبَضَ لِأَنَّ نَصِيبَ الدِّهْقَانِ هَلَكَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ هَلَكَ نَصِيبُ الْأَكَّارِ لَا تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ قَسَّمَ الصُّبْرَةَ وَأَفْرَزَ نَصِيبَ الدِّهْقَانِ وَحَمَلَ نَصِيبَ نَفْسِهِ إلَى بَيْتِهِ أَوَّلًا فَلَمَّا رَجَعَ إذَا قَدْ هَلَكَ مَا أَفْرَزَهُ لِلدِّهْقَانِ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ وَرَثَةً وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْمَسَاكِينِ فَقَسَّمَ الْقَاضِي وَعَزَلَ الثُّلُثَ لِلْمَسَاكِينِ وَالثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ فَلَمْ يُعْطِ أَحَدًا مِنْهُمْ شَيْئًا حَتَّى ضَاعَ الثُّلُثُ أَوْ الثُّلُثَانِ كَانَ مَا ضَاعَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا وَتُعَادُ الْقِسْمَةُ وَبِمِثْلِهِ الْقَاضِي لَوْ أَعْطَى الثُّلُثَ لِلْمَسَاكِينِ وَضَاعَ الثُّلُثَانِ وَالْوَرَثَةُ غُيَّبٌ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ غَائِبٌ أَوْ صَغِيرٌ فَالثُّلُثَانِ يَضِيعَانِ مِنْ مَالِ الْوَرَثَةِ رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا طَعَامٌ أَمَرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالْقِسْمَةِ وَدَفَعَ إلَيْهِ جُوَالِقًا فَقَالَ: كُلْ حِصَّتِي مِنْ الطَّعَامِ فِيهِ فَفَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ وَهَذَا قَبْضٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعِرْنِي جَوَالِقَك هَذَا وَكِلْ حِصَّةً لِي فِيهِ وَإِنْ قَالَ: أَعِرْنِي جُوَالَقًا مِنْ عِنْدِك وَلَمْ يَقُلْ هَذَا وَكِلْ لِي فِيهِ فَفَعَلَ فَهَذَا لَيْسَ بِقَبْضٍ لِحِصَّتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ حَضَرَ جَمَاعَةٌ وَالْتَمَسُوا مِنْ الْحَاكِمِ أَنْ يُقَسِّمَ التَّرِكَةَ بَيْنَهُمْ وَادَّعُوا بِأَنَّهَا مِيرَاثٌ لَمْ يُقَسِّمْهَا حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَوْتِهِ وَعَدَدِ وَرَثَتِهِ فَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِالْمَوْتِ وَقَالُوا: إنَّهُ لَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ غَيْرَ هَؤُلَاءِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ فِي الْقِيَاسِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ وَإِنْ قَالُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَ هَؤُلَاءِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ قَالُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْمِصْرِ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَعِنْدَهُمَا لَا تُقْبَلُ فَإِذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا تُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى يَسْتَوِي فِيهَا مَنْ يَحْجُبُ بِغَيْرِهِ لَوْ ظَهَرَ وَمَنْ لَا يَحْجُبُ إلَّا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ فَإِنَّهُ يُعْطِي لَهُمَا أَكْثَرَ النَّصِيبَيْنِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلزَّوْجَةِ الرُّبْعُ فَإِنْ شَهِدُوا بِالْمَوْتِ وَسَكَتُوا عَمَّا سِوَاهُ لَمْ يُقَسِّمْهَا عُرُوضًا كَانَتْ التَّرِكَةُ أَوْ عَقَارًا وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ كَالْعَمِّ وَالْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لَا يُقَسِّمُهَا بَيْنَهُمْ عُرُوضًا كَانَتْ التَّرِكَةُ أَوْ عَقَارًا وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ كَالْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْوَلَدِ قَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ يُعْطَى أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَكْثَرَ النَّصِيبَيْنِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُعْطَى الزَّوْجُ الرُّبْعَ وَلِلزَّوْجَةِ رُبْعُ الثَّمَنِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلزَّوْجِ الْخُمْسُ وَلِلزَّوْجَةِ رُبْعُ التُّسْعِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. رَجُلٌ مَاتَ عَنْ امْرَأَةٍ وَابْنَيْنِ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِي أَنَّهَا حَامِلٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: تُعْرَضُ عَلَى امْرَأَةٍ هِيَ ثِقَةٌ أَوْ امْرَأَتَيْنِ حَتَّى تَمَسَّ جَنْبَيْهَا فَإِنْ لَمْ تَقِفْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَمْلِ يُقَسَّمُ الْمِيرَاثُ وَإِنْ وَقَفَتْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَمْلِ إنْ تَرَبَّصُوا حَتَّى تَلِدَ فَإِنَّهُ لَا يُقَسَّمُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ امْرَأَةً حَامِلًا وَابْنًا فَإِنَّ الْقَاضِي لَا يُقَسِّمُ الْمِيرَاثَ حَتَّى تَلِدَ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَلَمْ يَنْتَظِرُوا الْوِلَادَةَ إنْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ بَعِيدَةً يُقَسَّمُ وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً لَا يُقَسَّمُ وَمِقْدَارُ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَإِذَا قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ يُوقَفُ نَصِيبُ الْحَمْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا يُوقَفُ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَذَا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ مِمَّنْ يَرِثُونَ مَعَ الْحَمْلِ إنْ كَانَ ابْنًا فَإِنْ كَانُوا لَا يَرِثُونَ مَعَ الِابْنِ بِأَنْ مَاتَ عَنْ إخْوَةٍ وَامْرَأَةٍ حَامِلٍ يُوقَفُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ وَلَا تُقَسَّمُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا مَاتَ صَاحِبُ الدَّارِ وَتَرَكَ وَرَثَةً كِبَارًا وَامْرَأَةً حَامِلًا قَسَّمَ الدَّارَ بَيْنَهُمْ وَلَا يَعْزِلُ نَصِيبَهُ فَإِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا تُسْتَأْنَفُ الْقِسْمَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ مَاتَ عَنْ امْرَأَةٍ حَامِلٍ وَابْنَيْنِ وَابْنَتَيْنِ فَطَلَبَ الْأَوْلَادُ قِسْمَةَ الْمِيرَاثِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهَا ثُمْنُ الْمِيرَاثِ خَمْسَةٌ مِنْ أَرْبَعِينَ سَهْمًا وَلِلِابْنَتَيْنِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلِابْنَيْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَيُوقَفُ لِأَجْلِ الْحَمْلِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَعَلَى مَا اخْتَارُوا لِلْفَتْوَى يُوقَفُ نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ وَتَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ لِلْمَرْأَةِ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ لِلِابْنَتَيْنِ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ لِلِابْنَيْنِ وَيُوقَفُ لِأَجْلِ الْحَمْلِ نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، حَامِلٌ مَاتَتْ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ يَتَحَرَّكُ مِقْدَارَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: مَاتَ الْوَلَدُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَمُتْ فَدُفِنَتْ الْمَرْأَةُ كَذَلِكَ ثُمَّ نَبَشُوهَا فَإِذَا مَعَهَا ابْنَةٌ مَيِّتَةٌ وَتَرَكَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجًا وَأَبَوَيْنِ هَلْ يَكُونُ لِهَذِهِ الْبِنْتِ الَّتِي وُجِدَتْ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ؟ قَالَ مَشَايِخُ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: إنْ أَقَرَّتْ الْوَرَثَةُ أَنَّ هَذِهِ ابْنَتُهَا خَرَجَتْ بَعْدَ وَفَاتِهَا حَيَّةً وَرَثَتْهَا الِابْنَةُ ثُمَّ تَرِثُ مِنْ الِابْنَةِ وَرَثَتُهَا وَإِنْ جَحَدُوا لِمَ يُقْضَ لَهَا بِالْمِيرَاثِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عُدُولٌ أَنَّهَا وَلَدَتْهَا حَيَّةً وَإِنَّمَا يَسَعهُمْ الشَّهَادَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا لَمْ يُفَارِقُوا قَبْرَهَا مُنْذُ دُفِنَتْ إلَى أَنْ نُبِشَ وَقَدْ سَمِعُوا صَوْتَ الْوَلَدِ مِنْ تَحْتِ الْقَبْرِ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُمْ الْعِلْمُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شُهُودٌ وَحَلَفَ الْوَرَثَةُ عَلَى الْعِلْمِ فَإِنْ حَلَفُوا لَا يَكُونُ لَهَا الْمِيرَاثُ وَإِذَا خَرَجَ رَأْسُ الْوَلَدِ وَهُوَ يَصِيحُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْبَاقِي لَا مِيرَاثَ لَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. عَيَّنَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِي الْأَرْضِ رَجُلَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا: اقْتَسِمَاهَا عَلَيَّ بِالسَّوِيَّةِ مَعَهُمْ ثُمَّ قَالَا: فَعَلْنَا ذَلِكَ فَقَالَ: إنْ فَعَلْتُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَهُوَ جَيِّدٌ ثُمَّ لَمَّا وَقَفَ عَلَى الْقِسْمَةِ أَنْكَرَهَا وَقَالَ: فِيهَا غَبْنٌ فَاحِشٌ هَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْقِسْمَةُ؟ فَكَتَبَ لَا قُسِّمَتْ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَفِيهِمْ شَرِيكٌ غَائِبٌ فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهَا قَالَ: لَا أَرْضَى لِغَبْنٍ فِيهَا ثُمَّ أَذِنَ لِحُرَّاثِهِ فِي زِرَاعَةِ نَصِيبِهِ لَا يَكُونُ هَذَا رِضَاءً بِتِلْكَ الْقِسْمَةِ بَعْدَمَا رَدَّ أَرْضٌ قُسِّمَتْ فَلَمْ يَرْضَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ بِنَصِيبِهِ ثُمَّ زَرَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا كَانَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ بَيْتٌ مِنْ الدَّارِ وَفِي يَدِ آخَرَ بَيْتَانِ وَفِي يَدِ آخَرَ مَنْزِلٌ عَظِيمٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَدَّعِي جَمِيعَ الدَّارِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا فِي يَدِهِ وَسَاحَةُ الدَّارِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ وَرَثَةٍ كَانَ لِوَرَثَتِهِ ثُلُثُ السَّاحَةِ وَإِنْ اقْتَسَمُوا دَارًا وَرَفَعُوا طَرِيقًا بَيْنَهُمْ صَغِيرًا أَوْ عَظِيمًا أَوْ مَسِيل مَاءٍ كَذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ.

كتاب المزارعة وفيه أربعة وعشرون بابا

كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ وَفِيهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بَابًا] [الْبَاب الْأَوَّل شرعية الْمُزَارَعَة وتفسيرها وَرُكْنهَا وَشَرَائِط جِوَازهَا وَحُكْمهَا] (كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ) (وَفِيهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي شَرْعِيَّتِهَا وَتَفْسِيرِهَا وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِ جَوَازِهَا وَحُكْمِهَا وَصِفَتِهَا) (أَمَّا) (شَرْعِيَّتُهَا) فَهِيَ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا جَائِزَةٌ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لِحَاجَةِ النَّاسِ (وَأَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا) فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدِ الزِّرَاعَةِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَهُوَ إجَارَةُ الْأَرْضِ أَوْ الْعَامِلِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَأَمَّا) (رُكْنُهَا) فَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ: دَفَعْت إلَيْك هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً بِكَذَا وَيَقُولَ الْعَامِلُ: قَبِلْت أَوْ رَضِيت أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهِ وَرِضَاهُ فَإِذَا وُجِدَا تَمَّ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا. (وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَنَوْعَانِ) شَرَائِطُ مُصَحِّحَةٌ لِلْعَقْدِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ الْمُزَارَعَةَ وَشَرَائِطُ مُفْسِدَةٌ لَهُ. أَمَّا الْمُصَحِّحَةُ فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُزَارِعِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْآلَةِ لِلْمُزَارَعَةِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَزْرُوعِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْخَارِجِ مِنْ الزَّرْعِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَزْرُوعِ فِيهِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ. أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُزَارِعِ فَنَوْعَانِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَلَا تَصِحُّ مُزَارَعَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ الْمُزَارَعَةَ وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الْمُزَارَعَةِ حَتَّى تَجُوزُ مُزَارَعَةُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَكَذَلِكَ الْحُرِّيَّةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ فَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَالثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ مُرْتَدًّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قِيَاسِ قَوْلِ مَنْ أَجَازَ وَعِنْدَهُمَا هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الْمُزَارَعَةِ وَمُزَارَعَةُ الْمُرْتَدِّ نَافِذَةٌ لِلْحَالِ وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَزْرُوعِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَهُوَ أَنْ يُبَيِّنَ مَا زُرِعَ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ: ازْرَعْ فِيهَا مَا شِئْت فَيَجُوزُ وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا مَا شَاءَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْغَرْسَ لِأَنَّ الدَّاخِلَ تَحْتَ الْعَقْدِ الزَّرْعُ دُونَ الْغَرْسِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مِقْدَارِ الْبَذْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِإِعْلَامِ الْأَرْضِ إنْ لَمْ يُبَيِّنَا جِنْسَ الْبَذْرِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ جَازَ لِأَنَّ فِي حَقِّهِ الْمُزَارَعَةَ لَا تَتَأَكَّدُ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ وَعِنْدَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ يَصِيرُ الْأَمْرُ مَعْلُومًا وَالْإِعْلَامُ عِنْدَ التَّأْكِيدِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْلَامِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَلَمْ يُبَيِّنَا جِنْسَ الْبَذْرِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْأَرْضِ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فَلَا تَجُوزُ إلَّا إذَا فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى الْعَامِلِ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ بِأَنْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى أَنْ تَزْرَعَهَا مَا بَدَا لَك أَوْ بَدَا لِي لِأَنَّهُ لَمَّا فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَيْهِ فَقَدْ رَضِيَ بِالضَّرَرِ وَإِنْ لَمْ يُفَوِّضْ الْأَمْرَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ وَكَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَلَمْ يُبَيِّنَا جِنْسَ الْبَذْرِ فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ فَإِذَا زَرَعَهَا شَيْئًا تَنْقَلِبُ جَائِزَةً لِأَنَّهُ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ وَتَرَكَهَا فِي يَدِهِ حَتَّى أَلْقَى الْبَذْرَ فَقَدْ تَحَمَّلَ الضَّرَرَ فَيَزُولُ الْمُفْسِدُ فَيَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْخَارِجِ مِنْ الزَّرْعِ فَأَنْوَاعٌ: مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَذْكُورًا فِي الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَسَدَ الْعَقْدُ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا حَتَّى لَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لِأَحَدِهِمَا لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُزَارِعِينَ بَعْضَ الْخَارِجِ حَتَّى لَوْ شَرَطَا أَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ لِأَنَّ مَعْنَى الشَّرِكَةِ لَازِمٌ لِهَذَا الْعَقْدِ. فَكُلُّ شَرْطٍ يَكُونُ قَاطِعًا لِلشَّرِكَةِ يَكُونُ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِنْ الْخَارِجِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ مِنْ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ أَوْ نَحْوِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الْجُمْلَةِ حَتَّى لَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانٌ مَعْلُومَةٌ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ وَكَذَا إذَا ذَكَرَا جُزْءًا شَائِعًا وَشَرَطَا زِيَادَةَ أَقْفِزَةٍ مَعْلُومَةٍ لَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ وَعَلَى هَذَا إذَا شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا الْبَذْرَ لِنَفْسِهِ وَأَنْ يَكُونَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا لَا تَصْلُحُ الْمُزَارَعَةُ لِجَوَازِ أَنْ لَا تُخْرِجَ الْأَرْضُ إلَّا قَدْرَ الْبَذْرِ. وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَزْرُوعِ فِيهِ وَهُوَ الْأَرْضُ فَأَنْوَاعٌ: مِنْهَا أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ سَبِخَةً أَوْ نَزَّةً لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ فِي الْمُدَّةِ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ زَرْعُهَا وَقْتَ الْعَقْدِ بِعَارِضٍ مِنْ انْقِطَاعِ الْمَاءِ وَزَمَانِ الشِّتَاءِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعَوَارِضِ الَّتِي هِيَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ فِي الْمُدَّةِ.

تَجُوزُ مُزَارَعَتُهَا وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً فَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً لَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَلَوْ دَفَعَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً عَلَى أَنَّ مَا يُزْرَعُ فِيهَا حِنْطَةٌ فَكَذَا وَمَا يُزْرَعُ فِيهَا شَعِيرًا فَكَذَا فَسَدَ الْعَقْدُ لِأَنَّ الْمَزْرُوعَ فِيهِ مَجْهُولٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يَزْرَعَ بَعْضَهَا حِنْطَةً وَبَعْضَهَا شَعِيرًا لِأَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى التَّبْعِيضِ تَنْصِيصٌ عَلَى التَّجْهِيلِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ مَا زَرَعْت فِيهَا حِنْطَةً فَكَذَا وَمَا زَرَعْت فِيهَا شَعِيرًا فَكَذَا جَازَ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَرْضَ كُلَّهَا ظَرْفًا لِزَرْعِ الْحِنْطَةِ أَوْ لِزَرْعِ الشَّعِيرِ فَانْعَدَمَ التَّجْهِيلُ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مُسَلَّمَةً إلَى الْعَاقِدِ مُخَلَّاةً وَهُوَ أَنْ يُوجَدَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالْعَامِلِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ لَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ لِانْعِدَامِ التَّخْلِيَةِ فَكَذَا إذَا اشْتَرَطَ عَمَلَهُمَا جَمِيعًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالتَّخْلِيَةُ أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ: سَلَّمْت إلَيْك الْأَرْضَ وَمِنْ التَّخْلِيَةِ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ فَارِغَةً عِنْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ قَدْ نَبَتَ يَجُوزُ الْعَقْدُ وَيَكُونُ مُعَامَلَةً وَلَا يَكُونُ مُزَارَعَةً وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ قَدْ أَدْرَكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْعَمَلِ فَتَعَذَّرَ تَجْوِيزُهَا مُعَامَلَةً هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى آلَةِ الْمُزَارَعَةِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْبَقَرُ فِي الْعَقْدِ تَابِعًا فَإِنْ جُعِلَ مَقْصُودًا فِي الْعَقْدِ تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُدَّةِ فَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً فَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ إلَّا بِبَيَانِ الْمُدَّةِ لِتَفَاوُتِ وَقْتِ ابْتِدَاءِ الزِّرَاعَةِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَفَاوَتُ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْمُدَّةِ وَهُوَ عَلَى أَوَّلِ زَرْعٍ يَخْرُجُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ بَيَّنَا وَقْتًا لَا يُتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الزِّرَاعَةِ فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ وَصَارَ ذِكْرُهُ وَعَدَمُ ذِكْرِهِ سَوَاءً وَكَذَلِكَ إذَا بَيَّنَا مُدَّةً لَا يَعِيشُ أَحَدُهُمَا إلَى مِثْلِهَا غَالِبًا لَا تَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمِنْهَا بَيَانُ النَّصِيبِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ فِي الْخَارِجِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ بَيَّنَا نَصِيبَ أَحَدِهِمَا يُنْظَرُ إنْ بَيَّنَا نَصِيبَ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ بَيَّنَا نَصِيبَ مَنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَتِهِ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمِنْهَا بَيَانُ مَنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ لِأَنَّ الْبَذْرَ إنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ اسْتِئْجَارًا لِلْعَامِلِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ اسْتِئْجَارًا لِلْأَرْضِ. وَكَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَجْهُولًا وَأَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةٌ أَيْضًا فَإِنَّ الْعَقْدَ فِي حَقِّ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْهُ يَكُونُ لَازِمًا فِي الْحَالِ وَفِي حَقِّ صَاحِبِ الْبَذْرِ لَا يَكُونُ الْعَقْدُ لَازِمًا قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ وَلِهَذَا لَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا وَبَذْرًا مُزَارَعَةً جَائِزَةً ثُمَّ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ أَخَذَ الْأَرْضَ وَالْبَذْرَ وَزَرَعَهَا كَانَ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْمُزَارَعَةِ وَلَا يَكُونُ إعَانَةً وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: يُحَكَّمُ فِيهِ الْعُرْفُ إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ أَوْ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُهُمْ وَيُجْعَلُ عَلَى مَنْ كَانَ الْبَذْرُ عَلَيْهِ فِي عُرْفِهِمْ إنْ كَانَ عُرْفُهُمْ مُسْتَمِرًّا، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا لَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ لَفْظًا يُعْلَمُ بِهِ صَاحِبُ الْبَذْرِ فَإِنْ ذَكَرَ لَفْظًا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ: دَفَعْت إلَيْك الْأَرْضَ لِتَزْرَعَهَا لِي أَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِتَعْمَلَ فِيهَا بِنِصْفِ الْخَارِجِ يَكُونُ بَيَانَ أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَإِنْ قَالَ: لِتَزْرَعَهَا لِنَفْسِك كَانَ بَيَانًا أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَوَادِره أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: آجَرْتُك أَرْضِي هَذِهِ سَنَةً بِالنِّصْفِ أَوْ قَالَ: بِالثُّلُثِ يَجُوزُ وَالْبَذْرُ عَلَى الْمُزَارِعِ. وَلَوْ قَالَ: دَفَعْت إلَيْك أَرْضِي مُزَارَعَةً أَوْ قَالَ: أَعْطَيْتُك أَرْضِي مُزَارَعَةً بِالثُّلُثِ لَا يَجُوزُ إذْ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ مَنْ عَلَيْهِ الْبَذْرُ وَإِنَّهُ شَرْطٌ وَلَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِتَزْرَعَ أَرْضِي هَذِهِ بِالثُّلُثِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْبَذْرُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَأَمَّا الشُّرُوطُ الْمُفْسِدَةُ لِلْمُزَارَعَةِ فَأَنْوَاعٌ) مِنْهَا كَوْنُ الْخَارِجِ لِأَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ وَمِنْهَا شَرْطُ الْعَمَلِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ وَمِنْهَا شَرْطُ الْبَقْرِ عَلَيْهِ وَمِنْهَا شَرْطُ الْحَصَادِ وَالرَّفْعِ إلَى الْبَيْدَرِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الزَّرْعُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ وَجَفَافِهِ مِمَّا يَرْجِعُ إلَى إصْلَاحِهِ مِنْ السَّقْيِ وَالْحِفْظِ وَقَلْعِ الْحَشَاوَةِ وَحَفْرِ الْأَنْهَارِ وَنَحْوِهَا فَعَلَى الْمُزَارِعِ وَكُلُّ عَمَلٍ يَكُونُ.

بَعْدَ تَنَاهِي الزَّرْعِ وَإِدْرَاكِهِ وَجَفَافِهِ قَبْلَ قِسْمَةِ الْحَبِّ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِخُلُوصِ الْحَبِّ وَتَنْقِيَتِهِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى شَرْطِ الْخَارِجِ وَكُلُّ عَمَلٍ يَكُونُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مِنْ الْحَمْلِ إلَى الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِحْرَازِ الْمَقْسُومِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ فِي نَصِيبِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ أَجَازَ شَرْطَ الْحَصَادِ وَالرَّفْعَ إلَى الْبَيْدَرِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَى الْمُزَارِعِ لِتَعَامُلِ النَّاسِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا مِمَّنْ وَرَاءَ النَّهْرِ يُفْتُونَ بِهِ أَيْضًا وَهُوَ اخْتِيَارُ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ مَشَايِخِ خُرَاسَانَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَشَرْطُ الدِّيَاسِ وَالْحَصَادِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَى الْعَامِلِ مُفْسِدٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْكُبْرَى وَعَنْ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمَا قَالَا: هَذَا كُلُّهُ يَكُونُ عَلَى الْعَامِلِ شَرَطَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ بِحُكْمِ الْعُرْفِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي دِيَارِنَا وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ كَانَ إذَا اسْتَفْتَى عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَقُولُ: فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَمِنْهَا شَرْطُ التِّبْنِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَشْتَرِطَ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَى الْمُزَارِعِ عَمَلًا يَبْقَى أَثَرُهُ وَمَنْفَعَتُهُ بَعْدَ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ كَبِنَاءِ الْحَائِطِ وَالشُّرْفَةِ وَاسْتِحْدَاثِ حَفْرِ النَّهْرِ وَرَفْعِ الْمُسَنَّاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَبْقَى أَثَرُهُ وَمَنْفَعَتُهُ إلَى مَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَأَمَّا الْكِرَابُ فَإِنْ شَرَطَاهُ فِي الْعَقْدِ مُطْلَقًا عَنْ صِفَةِ التَّثْنِيَةِ قَالَ عَامَّتُهُمْ: لَا تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ شَرَطَاهُ مَعَ التَّثْنِيَةِ فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ لِأَنَّ التَّثْنِيَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ عِبَارَةً عَنْ الْكِرَابِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً لِلزِّرَاعَةِ وَمَرَّةً بَعْدَ الْحَصَادِ لِيَرُدَّ الْأَرْضَ عَلَى صَاحِبِهَا مَكْرُوبَةً وَهَذَا شَرْطٌ مُفْسِدٌ لَا شَكَّ فِيهِ لِأَنَّ الْكِرَابَ بَعْدَ الْحَصَادِ لَيْسَ مِنْ عَمَل هَذِهِ السَّنَةِ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ عِبَارَةً عَنْ الْكِرَابِ مَرَّتَيْنِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّهُ عَمَلٌ يَبْقَى أَثَرُهُ وَمَنْفَعَتُهُ إلَى مَا بَعْدَ الْمُدَّةِ فَكَانَ مُفْسِدًا حَتَّى لَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ لَا تَفْسُدُ. (وَأَمَّا) (أَحْكَامُهَا) مِنْهَا أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ عَمَلِ الْمُزَارَعَةِ مِمَّا يَحْتَاجُ الزَّرْعُ إلَيْهِ لِإِصْلَاحِهِ فَعَلَى الْمُزَارِعِ وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّرْعِ مِنْ السِّرْقِينِ وَقَلْعِ الْحَشَاوَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا وَكَذَلِكَ الْحَصَادُ وَالْحَمْلُ إلَى الْبَيْدَرِ وَالدِّيَاسِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَمِنْهَا أَنَّهَا إذَا لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا أَجْرَ الْعَمَلِ وَلَا أَجْرَ الْأَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ أَوْ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ هَلَكَ الْخَارِجُ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ بِأَنْ اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمِنْهَا أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمِ فِي جَانِبِ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَلَازِمٌ فِي جَانِبِ صَاحِبِهِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ بَعْدَمَا عُقِدَ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ وَقَالَ: لَا أُرِيدُ زِرَاعَةَ الْأَرْضِ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ عُذْرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ. وَلَوْ امْتَنَعَ صَاحِبُهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ عُذْرٍ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ أَلْقَى الْبَذْرَ فِي الْأَرْضِ تَصِيرُ لَازِمَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَتَّى لَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بِعُذْرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُزَارِعِ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُبْطِلَ الْمُزَارَعَةَ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ الْبَذْرَ إلَى الْمُزَارِعِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُبْطِلَهَا وَلَيْسَ لِلْمُزَارِعِ أَنْ يُبْطِلَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمِنْهَا وِلَايَةُ جَبْرِ الْمُزَارِعِ عَلَى الْكِرَابِ وَعَدَمِهَا وَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ شَرَطَا الْكِرَابَ فِي الْعَقْدِ أَوْ سَكَتَا عَنْ شَرْطِهِ فَإِنْ شَرَطَاهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ سَكَتَا عَنْهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِمَّا تُخْرِجُ الزَّرْعَ بِدُونِ الْكِرَابِ زَرْعًا مُعْتَادًا يُقْصَدُ مِثْلُهُ فِي عُرْفِ النَّاسِ لَا يُجْبَرُ الْمُزَارِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُخْرِجُ أَصْلًا أَوْ تُخْرِجُ شَيْئًا قَلِيلًا لَا يُقْصَدُ مِثْلُهُ بِالْعَمَلِ يُجْبَرُ عَلَى الْكِرَابِ وَعَلَى هَذَا إذَا امْتَنَعَ الْمُزَارِعُ عَنْ السَّقْيِ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِمَّا تَكْتَفِي بِمَاءِ السَّمَاءِ وَتُخْرِجُ زَرْعًا مُعْتَادًا بِدُونِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى السَّقْيِ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا تَكْتَفِي بِمَاءِ السَّمَاءِ يُجْبَرُ وَمِنْهَا جَوَازُ الزِّيَادَةِ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْخَارِجِ وَالْحَطِّ عَنْهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا احْتَمَلَ إنْشَاءَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ احْتَمَلَ الزِّيَادَةَ وَمَا لَا فَلَا وَالْحَطُّ جَائِزٌ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا وَالزِّيَادَةُ أَوْ الْحَطُّ فِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُزَارِعِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَبَعْدَمَا اُسْتُحْصِدَ الزَّرْعُ وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ.

الباب الثاني في بيان أنواع المزارعة

الْعَامِلِ وَكَانَتْ الْمُزَارَعَةُ عَلَى النِّصْفِ مَثَلًا فَزَادَ الْمُزَارِعُ صَاحِبَ الْأَرْضِ السُّدُسَ فِي حِصَّتِهِ وَجَعَلَ لَهُ الثُّلُثَيْنِ وَرَضِيَ بِهِ صَاحِبُ الْأَرْضِ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ وَإِنْ زَادَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْمُزَارِعَ السُّدُسَ فِي حِصَّتِهِ وَتَرَاضَيَا فَالزِّيَادَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَجْرِ بَعْدَ انْتِهَاءِ عَمَلِ الْمُزَارِعِ بِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ وَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ وَالثَّانِي حَطُّ عَنْ الْأُجْرَةِ وَإِنَّهُ لَا يَسْتَدْعِي قِيَامَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَزَادَ صَاحِبَ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ زَادَ الْمُزَارِعَ جَازَ هَذَا إذَا زَادَ أَحَدُهُمَا بَعْدَمَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ فَإِنْ زَادَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْصِدَ جَازَ أَيُّهُمَا كَانَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الْمُزَارَعَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ) (أَنْوَاعِ الْمُزَارَعَةِ) الْأَصْلُ أَنَّ اسْتِئْجَارَ الْأَرْضِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْهَا جَائِزٌ وَكَذَلِكَ اسْتِئْجَارُ الْعَامِلِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْهَا جَائِزٌ وَأَمَّا اسْتِئْجَارُ غَيْرِهِمَا بِبَعْضِ الْخَارِجِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ الْمُزَارَعَةُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ الْمُزَارَعَةَ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لَهُمَا فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ وُجُوهٍ: ثَلَاثَةٌ مِنْهَا جَائِزَةٌ وَثَلَاثَةٌ مِنْهَا فَاسِدَةٌ أَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ: فَأَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ وَشَرَطَا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ شَيْئًا مَعْلُومًا مِنْ الْخَارِجِ جَازَ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ يَكُونُ مُسْتَأْجِرًا الْأَرْضَ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْخَارِجِ. وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَاقِي مِنْ الْآخَرِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلْعَامِلِ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْخَارِجِ لِيَعْمَلَ فِي أَرْضِهِ بِبَقَرِهِ وَبَذْرِهِ، وَالثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ وَالْبَقَرُ مِنْ الْآخَرِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلْعَامِلِ لِيَعْمَلَ الْعَامِلُ بِبَقَرِهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ رَوُّ الْبَذْرِ وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الْفَاسِدَةُ فَأَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَاقِي مِنْ الْآخَرِ فَذَلِكَ فَاسِدٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَكَانِ الْعُرْفِ وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ لَا تُجَانِسُ مَنْفَعَةَ الْبَقَرِ فَإِنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ إنْبَاتُ الْبَذْرَةِ لِقُوَّةٍ فِي طَبْعِهَا وَمَنْفَعَةَ الْبَقَرِ الْعَمَلُ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَنْفَعَةُ الْبَقَرِ مِنْ جِنْسِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ لَا يَكُونُ الْبَقَرُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فَيَبْقَى اسْتِئْجَارُ الْبَقَرِ مَقْصُودًا بِشَيْءٍ مِنْ الْخَارِج وَذَلِكَ فَاسِدٌ كَمَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا الْبَقَرُ فَقَطْ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَاقِي مِنْ الْآخَرِ وَذَلِكَ فَاسِدٌ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا الْأَرْضَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ وَهِيَ فِي يَدِ الْعَامِلِ لَا فِي يَدِ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَى هَذَا لَوْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ وَمِنْ الْبَعْضِ الْبَقَرُ وَحْدَهُ أَوْ الْبَذْرُ وَحْدَهُ كَانَ فَاسِدًا وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ وَالْبَقَرُ مِنْ وَاحِدٍ وَالْعَمَلُ وَالْأَرْضُ مِنْ الْآخَرِ وَإِنَّهُ فَاسِدٌ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا. فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا وَشَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا إنْ شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى غَيْرِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَشَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَانَتْ فَاسِدَةً لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَصِيرُ قَائِلًا لِلْعَامِلِ: ازْرَعْ أَرْضِي بِبَذْرِي عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِي وَازْرَعْ بِبَذْرِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّ هَذِهِ مُزَارَعَةٌ بِجَمِيعِ الْخَارِجِ بِشَرْطِ إعَارَةِ نِصْفِ الْأَرْضِ مِنْ الْعَامِلِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْعَامِلِ وَثُلُثُهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّ فِيهِ إعَارَةَ الْأَرْضِ. وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ بَذْرِهِمَا وَيُسَلِّمُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مَا أَخَذَ مِنْ الْخَارِجِ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ حَصَلَ فِي أَرْضِهِ وَلَهُ عَلَى الْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْآخَرَ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ أَرْضِهِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَمَا أَخَذَ مِنْ الْخَارِجِ يَطِيبُ لَهُ مِقْدَارُ بَذْرِهِ وَيُرْفَعُ مِنْ الْبَاقِي أَجْرُ نِصْفِ الْأَرْضِ وَمَا أَنْفَقَ أَيْضًا.

وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ حَصَلَتْ لَهُ مِنْ أَرْضِ الْغَيْرِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ مِنْهُمَا وَشَرَطَا الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ جَازَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَامِلٌ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ بِبَذْرِهِ فَكَانَتْ هَذِهِ إعَارَةَ نِصْفِ الْأَرْضِ لَا بِشَرْطِ الْعَمَلِ لَهُ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا وَشَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ وَالْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْهُ يَكُونُ قَائِلًا لِلْآخَرِ: ازْرَعْ أَرْضَك بِبَذْرِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك وَازْرَعْ أَرْضِي بِبَذْرِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِي فَكَانَ الْعَقْدُ فِي حَقِّهِ مُزَارَعَةً بِجَمِيعِ الْخَارِجِ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الدَّافِعِ وَالْعَمَلُ عَلَى الْآخَرِ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لَا يَجُوزُ أَيْضًا لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ شَرَطَ لِصَاحِبِهِ هِبَةَ نِصْفِ الْبَذْرِ أَوْ إقْرَاضَ نِصْفِ الْبَذْرِ بِمُقَابَلَةِ الْعَمَلِ لَهُ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَا ثُلُثَيْ الْخَارِجِ لِلْعَامِلِ وَالثُّلُثَ لِلدَّافِعِ أَوْ شَرَطَا ثُلُثَيْ الْخَارِجِ لِلدَّافِعِ وَالثُّلُثَ لِلْعَامِلِ لِأَنَّ الدَّافِعَ شَرَطَ لِنَفْسِهِ زِيَادَةَ شَيْءٍ مِنْ الْخَارِجِ بِمُجَرَّدِ الْبَذْرِ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ وَشَرَطَا ثُلُثَيْ الْخَارِجِ لِلْعَامِلِ جَازَ لِأَنَّ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْهُ صَارَ دَافِعًا أَرْضَهُ مُزَارَعَةً لِيَزْرَعَهَا الْعَامِلُ بِبَذْرِ الْعَامِلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ ثُلُثَا الْخَارِجِ لِلْعَامِلِ وَذَلِكَ جَائِزٌ. وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ مِنْهُمَا وَشَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى أَحَدِهِمَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ جَازَ وَيَكُونُ غَيْرُ الْعَامِلِ مُسْتَعِينًا فِي نَصِيبِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ مِنْهُمَا وَشَرَطَا لِلدَّافِعِ ثُلُثَ الْخَارِجِ وَالثُّلُثَيْنِ لِلْعَامِلِ لَا يَجُوزُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ لِأَنَّ الْخَارِجَ نَمَاءُ بَذْرِهِمَا فَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا كَانَ الْخَارِجُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَصَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ إنَّمَا يَأْخُذُ الزِّيَادَةَ بِحُكْمِ الْعَمَلِ وَمَنْ عَمِلَ فِي مَحَلٍّ مُشْتَرَكٍ لَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ وَلَوْ شَرَطَا ثُلُثَيْ الْخَارِجِ لِلدَّافِعِ لَا يَجُوزُ أَيْضًا لِأَنَّ الدَّافِعَ شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ نَصِيبِ الْعَامِلِ مِنْ غَيْرِ أَرْضٍ وَلَا بَذْرٍ وَلَا عَمَلٍ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُمَا وَشَرَطَا ثُلُثَيْ الْبَذْرِ عَلَى الدَّافِعِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الدَّافِعَ شَرَطَ لِصَاحِبِهِ بِمُقَابَلَةِ عَمَلِهِ إقْرَاضَ سُدُسِ الْبُذُورِ وَلَوْ شَرَطَا ثُلُثَيْ الْبَذْرِ عَلَى الْعَامِلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الدَّافِعَ فِي التَّقْدِيرِ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ لِلْعَامِلِ: ازْرَعْ أَرْضَك بِبَذْرِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لَك وَازْرَعْ أَرْضِي بِبَذْرِي وَبَذْرِك عَلَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ الْخَارِجِ لِي وَأَنَّهَا مُزَارَعَةٌ بِجَمِيعِ الْخَارِجِ فَلَا تَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بَذْرًا مِنْ رَجُلٍ حَتَّى يَزْرَعَهَا وَيَكُونُ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَمِنْ الْحِيلَةِ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ نِصْفَ الْبَذْرِ مِنْهُ وَيُبْرِئُهُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: ازْرَعْهَا بِالْبَذْرِ كُلِّهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. (وَأَمَّا) (أَحْكَامُ الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ) (فَأَنْوَاعٌ) مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَزَارِعِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِ الْمُزَارَعَةِ لِأَنَّ وُجُوبَهُ بِالْعَقْدِ وَلَمْ يَصِحَّ، وَمِنْهَا أَنَّ الْخَارِجَ كُلَّهُ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ الْمُزَارِعِ وَلَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ، وَمِنْهَا أَنَّ الْبَذْرَ إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَانَ لِلْعَامِلِ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ كَانَ عَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ، وَمِنْهَا أَنَّ الْبَذْرَ إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَاسْتَحَقَّ الْخَارِجَ وَغَرِمَ لِلْعَامِلِ أَجْرَ مِثْلِهِ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ طَيِّبٌ لَهُ وَإِذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَاسْتَحَقَّ الْخَارِجَ وَغَرِمَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَجْرَ مِثْلِ أَرْضِهِ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ بَلْ يَأْخُذُ مِنْ الزَّرْعِ قَدْرَ بَذْرِهِ وَقَدْرَ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ وَيَطِيبُ ذَلِكَ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ، وَمِنْهَا أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ لَا يَجِبُ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ مَا لَمْ يُوجَدْ اسْتِعْمَالُ الْأَرْضِ، وَمِنْهَا أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ يَجِبُ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ اسْتَعْمَلَهَا الْمُزَارِعُ، وَمِنْهَا أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ يَجِبُ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ مُقَدَّرًا بِالْمُسَمَّى وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ تَامًّا وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ وَهِيَ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسَمَّاةً فِي الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسَمَّاةً يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ تَامًّا بِالْإِجْمَاعِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا أَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعُ أَنْ يَطِيبَ لَهُمَا الزَّرْعُ فِي مَوْضِعٍ فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا أَوْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَوْضِعٍ صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ عِنْدَهُمَا فَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ مَا حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ إسْمَاعِيلَ الزَّاهِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُمَيِّزُ النَّصِيبَيْنِ نَصِيبَ رَبِّ الْأَرْضِ وَنَصِيبَ الْمُزَارِعِ وَيَقُولُ رَبُّ الْأَرْضِ لِلْمُزَارِعِ: وَجَبَ لِي عَلَيْك.

الباب الثالث في الشروط في المزارعة

أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ أَوْ نُقْصَانُهَا وَوَجَبَ لَك عَلَيَّ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِك وَثِيرَانِك وَقَدْرُ بَذْرِك فَهَلْ صَالَحْتَنِي عَلَى هَذِهِ الْحِنْطَةِ وَعَلَى مَا وَجَبَ لَك عَلَيَّ عَمَّا وَجَبَ لِي عَلَيْك فَيَقُولُ الْمُزَارِعُ: صَالَحْت وَيَقُولُ الْمُزَارِعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ: قَدْ وَجَبَ لِي عَلَيْك أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِي وَثَوْرِي وَبَذْرِي وَوَجَبَ لَك عَلَيَّ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ أَوْ نُقْصَانُهَا فَهَلْ صَالَحْتَنِي عَلَى مَا وَجَبَ لَك عَلَيَّ عَمَّا وَجَبَ لِي عَلَيْك وَعَلَى هَذِهِ الْحِنْطَةِ؟ فَيَقُولُ رَبُّ الْأَرْضِ: صَالَحْت فَإِذَا تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ جَازَ وَيَطِيبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَصَابَهُ لِأَنَّ الْحَقَّ بَيْنَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا فَإِذَا تَرَاضَيَا فَقَدْ زَالَ الْمُوجِبُ لِلْخَبَثِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ تَفْسُدْ الْمُزَارَعَةُ إذَا شَرَطَ الْبَقَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ إذَا شَرَطَ اسْتِئْجَارَ الْبَقَرِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَإِنْ شُرِطَ فِي الْمُزَارَعَةِ عَقْدٌ آخَرُ وَهُوَ اسْتِئْجَارُ الْبَقَرِ فَيَكُونُ صَفْقَةً مَشْرُوطَةً فِي صَفْقَةٍ. وَإِنَّمَا لَمْ تَفْسُدْ الْمُزَارَعَةُ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذِكْرِ اسْتِئْجَارِ الْبَقَرِ بَيَانُ مَنْ عَلَيْهِ الْبَقَرُ لَا حَقِيقَةُ الِاسْتِئْجَارِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ اسْتِئْجَارُ الْبَقَرِ وَلَمْ يَسْتَأْجِرْ الْبَقَرَ وَلَكِنْ كَرَبَ الْأَرْضَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِبَقَرٍ وُهِبَ لَهُ أَوْ وَرِثَ أَوْ اشْتَرَى جَازَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْجِرْ وَإِذَا صَارَ ذِكْرُ الِاسْتِئْجَارِ عِبَارَةً عَنْ اشْتِرَاطِ الْبَقَرِ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا عَنْ حَقِيقَةِ الْإِجَارَةِ صَارَ قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَحَدُهُمَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنَّ الْبَقَرَ مِنْ أَحَدِهِمَا، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْهُمَا فَإِنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ الْأَرْضُ وَصُورَتُهُ رَجُلٌ دَفَعَ أَرْضَهُ إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَبَقَرِهِ سَنَةَ هَذِهِ وَيَبْذُرُهَا كُرًّا مِنْ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا فَنَقُولُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ ثُلُثُ الْخَارِجِ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَالثُّلُثُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ ثُلُثَا الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالثُّلُثُ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَفِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ بَذْرِهِمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الشُّرُوطِ فِي الْمُزَارَعَةِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الشُّرُوطِ فِي الْمُزَارَعَةِ) رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِنَفْسِهِ وَبَقَرِهِ وَأُجَرَائِهِ فَإِنْ شَرَطَا الْخَارِجَ كُلَّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَهَذَا جَائِزٌ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ فَهُوَ جَائِزٌ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ جَائِزَةٌ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ لَيْسَ بِمُزَارَعَةٍ لِأَنَّ فِي الْمُزَارَعَةِ الْخَارِجَ يَكُونُ مُشْتَرَكًا وَالْخَارِجُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ بِمُشْتَرَكٍ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّ اشْتِرَاطَ جَمِيعِ الْخَارِجِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ جَائِزٌ، وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمُزَارِعِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَأَرَادَ بِهِ أَنَّ اشْتِرَاطَ جَمِيعِ الْخَارِجِ لِلْمُزَارِعِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْمُزَارِعِ فَهَذَا عَلَى وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِرَجُلٍ: ازْرَعْ أَرْضِي بِكُرٍّ مِنْ طَعَامِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِي وَهَذِهِ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلْأَرْضِ بِكُلِّ الْخَارِجِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَالشَّرْعُ إنَّمَا جَوَّزَ اسْتِئْجَارَ الْأَرْضِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ وَبَقِيَ جَوَازُ الِاسْتِئْجَارِ بِكُلِّ الْخَارِجِ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ وَإِذَا فَسَدَ هَذَا الْعَقْدُ كَانَ جَمِيعُ الْخَارِجِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَيَطِيبُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ مِنْ الْخَارِجِ قَدْرُ بَذْرِهِ وَمَا غَرِمَ وَيَتَصَدَّقُ بِالزِّيَادَةِ، وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ لِلْمُزَارِعِ: ازْرَعْ أَرْضِي بِبَذْرِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِي فَهَذَا الشَّرْطُ جَائِزٌ وَيَصِيرُ الْعَامِلُ مُقْرِضًا لِلْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَيَكُونُ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَيَكُونُ الْمُزَارِعُ مُعِينًا فِي الْعَمَلِ، وَلَوْ قَالَ: ازْرَعْ أَرْضِي لِي بِبَذْرِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك فَهُوَ فَاسِدٌ وَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلِلْمُزَارِعِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِثْلُ بَذْرِهِ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ: ازْرَعْ أَرْضِي بِبَذْرِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك فَهُوَ جَائِزٌ وَيَكُونُ الْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَيَكُونُ صَاحِبُ الْأَرْضِ مُعِيرًا لَهُ أَرْضَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ: ازْرَعْهَا لِي بِبَذْرِك عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ جَائِزَةً وَكَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَصَارَ الْمُزَارِعُ مُقْرِضًا لِلْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ بِمُقْتَضَى أَمْرِ رَبِّ.

الْأَرْضِ إيَّاهُ بِالْمُزَارَعَةِ بِقَوْلِهِ: ازْرَعْهَا لِي فَصَارَ رَبُّ الْأَرْضِ قَابِضًا لِذَلِكَ حُكْمًا لِاتِّصَالِهِ بِمِلْكِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ إذَا قَالَ لِلْمُزَارِعِ: أَقْرِضْنِي مِائَةَ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرِ لِي بِهَا كُرَّ حِنْطَةٍ وَابْذُرْهَا لِي فِي أَرْضِي عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ أَلَيْسَ أَنَّهُ يَجُوزُ فَكَذَا هُنَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ دَفَعَ الْبَذْرَ مُزَارَعَةً بِأَنْ دَفَعَ إلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهُ فِي أَرْضِهِ وَيَعْمَلَ فِيهِ سَنَتَهُ هَذِهِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ وَالزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي مُزَارَعَةِ الْأَصْلِ وَذُكِرَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْمَأْذُونِ أَنَّ الزَّرْعَ لِلْمُزَارِعِ وَهُوَ صَاحِبُ الْأَرْضِ قَالَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَكِنَّ تَأْوِيلَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ كِتَابِ الْمَأْذُونِ أَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ قَالَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ: ازْرَعْهَا لِنَفْسِك لِيَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الزَّرْعُ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَهُوَ الْمُزَارِعُ لِأَنَّ الْمُزَارِعَ صَارَ مُسْتَقْرِضًا لِلْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ عُرِفَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ازْرَعْهَا لِنَفْسِك فَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ بَقِيَ الزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَقَدْ ذَكَرَ هِشَامٌ مَسْأَلَةَ الْمَأْذُونِ فِي نَوَادِرِهِ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا، وَفِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ قَالَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ: ازْرَعْهَا لِنَفْسِك إنَّمَا ذَكَرَ أَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ قَالَ لَهُ: ازْرَعْهَا لِيَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَنَا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَصِيرُ الْمُزَارِعُ مُسْتَقْرِضًا الْبَذْرَ وَبَقِيَ الْبَذْرُ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ فَيَكُونُ الرِّبْحُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ عِنْدَ فَسَادِ الْمُزَارَعَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْبَذْرِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ: ازْرَعْهَا لِنَفْسِك عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَنَا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا كَانَ الْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَأْذُونِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ بَذْرًا إلَى رَجُلٍ وَقَالَ: ازْرَعْهُ فِي أَرْضِك لِيَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك أَوْ قَالَ: ازْرَعْ أَرْضَك بِبَذْرِي لِيَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك فَهَذَا جَائِزٌ وَيَصِيرُ صَاحِبُ الْبَذْرِ مُقْرِضًا لِلْبَذْرِ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ لِيَزْرَعَهُ فِي أَرْضِهِ وَقَدْ قَبَضَهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِيَدِهِ حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْبَذْرِ قَالَ لَهُ: ازْرَعْ لِي أَرْضَك بِبَذْرِي لِيَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك فَهَذَا فَاسِدٌ وَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَإِذَا دَفَعَ بَذْرًا إلَى رَجُلٍ لِيَزْرَعَهُ فِي أَرْضِهِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ كُلَّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فَهَذَا جَائِزٌ وَيَصِيرُ صَاحِبُ الْبَذْرِ مُسْتَعِيرًا لِلْأَرْضِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَمُسْتَعِينًا بِهِ لِيَزْرَعَ لَهُ بَذْرَهُ وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَ قَالَ: اُبْذُرْ هَذَا فِي أَرْضِك لِنَفْسِك عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ لِي كُلُّهُ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلِصَاحِبِ الْبَذْرِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ مِثْلُ بَذْرِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَزْرَعَهَا عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَسَكَتَا عَنْ شَرْطِ الْبَقَرِ عَلَى الْعَامِلِ أَوْ اشْتَرَطَا الْبَقَرَ عَلَى الْعَامِلِ فَالْبَقَرُ عَلَى الْعَامِلِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُ أَوْ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْبَقَرَ آلَةُ الْعَمَلِ فَيَكُونُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الْعَمَلُ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا شُرِطَ فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ بَعْضُ الْخَارِجِ لِرَجُلٍ سِوَى الْمُزَارِعِ وَرَبِّ الْأَرْضِ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَمَلُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ لَمْ يُوجِبْ فَسَادَ الْمُزَارَعَةِ وَيَكُونُ مَا شُرِطَ لَهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَإِنْ شُرِطَ عَمَلُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ بِأَنْ دَفَعَ أَرْضَهُ إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَبِبَقَرِهِ وَيَعْمَلَ فِيهَا هَذَا الرَّجُلُ الْآخَرُ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَالثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَالثُّلُثُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَالثُّلُثُ لِلْعَامِلِ الَّذِي لَا بَذْرَ لَهُ فَهَذِهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ أَرَادَ بِهِ الْفَسَادَ فِي حَقِّ الْمُزَارِعِ الثَّانِي لَا الْمُزَارِعِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ الثَّانِيَةَ غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ فِي الْمُزَارَعَةِ الْأُولَى حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ الثَّانِيَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْمُزَارَعَةِ الْأُولَى بِأَنْ قَالَ: عَلَى أَنْ يَعْمَلَ هَذَا الرَّجُلُ الْآخَرُ مَعَهُ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ الْأُولَى فَاسِدَةً عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَتْ هَذِهِ مُزَارَعَةً جَائِزَةً لِأَنَّ الْبَذْرَ إذَا كَانَ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَانَ مُسْتَأْجِرًا لِلْعَامِلِينَ بِبَعْضِ الْخَارِجِ فَهَذَا جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا شُرِطَ فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ بَعْضُ الْخَارِجِ لِعَبْدِ أَحَدِهِمَا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَقَدْ شُرِطَ ثُلُثُ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالثُّلُثُ لِلْمُزَارِعِ وَالثُّلُثُ لِعَبْدِ رَبِّ الْأَرْضِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ شُرِطَ عَمَلُ الْعَبْدِ مَعَ الْمُزَارِعِ أَوْ لَمْ يَشْرُطْ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَشُرِطَ ثُلُثُ.

الْخَارِجِ لِعَبْدِ رَبِّ الْأَرْضِ وَإِنْ شُرِطَ ثُلُثُ الْخَارِجِ لِعَبْدِ الْمُزَارِعِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ شُرِطَ عَمَلُ الْعَبْدِ مَعَ الْمُزَارِعِ أَوْ لَمْ يَشْرُطْ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَإِنْ شُرِطَ ثُلُث الْخَارِجِ لِعَبْدِ رَبِّ الْأَرْضِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ وَلَمْ يُشْرَطْ عَمَلُهُ وَيُعْتَبَرُ الْمَشْرُوطُ لِلْعَبْدِ مَشْرُوطًا لِلْمَوْلَى مِنْ الِابْتِدَاءِ، وَإِنْ شُرِطَ عَمَلُ الْعَبْدِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَمَلُ الْعَبْدِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَيَكُونُ الْمَشْرُوطُ لِلْعَبْدِ مَشْرُوطًا لِمَوْلَاهُ كَأَنَّهُمَا شَرَطَا مِنْ الِابْتِدَاءِ ثُلُثَيْ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَثُلُثَهُ لِلْمُزَارِعِ. وَإِنْ شُرِطَ عَمَلُ الْعَبْدِ مَعَ ذَلِكَ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ شُرِطَ ثُلُثُ الْخَارِجِ لِعَبْدِ الْمُزَارِعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَمَلُهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَكُونُ ثُلُثَا الْخَارِجِ لِلْمُزَارِعِ وَالثُّلُثُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ شَرَطَا عَمَلَ الْعَبْدِ مَعَ ذَلِكَ إنْ شُرِطَ عَمَلُ الْعَبْدِ فِي الْعَقْدِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ فِي حَقِّهِمَا جَمِيعًا وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَمَلُ الْعَبْدِ فِي الْعَقْدِ بَلْ عُطِفَ عَلَيْهِ فَالْمُزَارَعَةُ فِيمَا بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ جَائِزَةٌ وَفِي حَقِّ الْعَبْدِ فَاسِدَةٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَمَلُ الْعَبْدِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَيَكُونُ الْمَشْرُوطُ لِلْعَبْدِ مَشْرُوطًا لِلْمُزَارِعِ وَإِنْ شُرِطَ عَمَلُهُ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ وَقَدْ شُرِطَ عَمَلُهُ وَلَوْ شُرِطَ بَعْضُ الْخَارِجِ لِبَقَرِ أَحَدِهِمَا فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا شُرِطَ بَعْضُ الْخَارِجِ لِعَبْدِ أَحَدِهِمَا وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَإِذَا شُرِطَ ثُلُثُ الْخَارِجِ لِلْمَسَاكِينِ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ وَكَانَ مَا شُرِطَ لِلْمَسَاكِينِ مَشْرُوطًا لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُوجِبُ فَسَادَ الْمُزَارَعَةِ وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الْجَوَابِ فِيمَا إذَا شُرِطَ بَعْضُ الْخَارِجِ لِعَبْدِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا شُرِطَ بَعْضُ الْخَارِجِ لِمُدَبَّرِ أَحَدِهِمَا أَوْ سَائِرِ مَنْ يَمْلِكُ الْمَوْلَى كَسْبَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ شَرَطَا الثُّلُثَ لِمُكَاتَبِ أَحَدِهِمَا أَوْ قَرِيبِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ إنْ شَرَطَا عَمَلَهُ جَازَ وَهُوَ مُزَارِعٌ مَعَهُ وَلَهُ ثُلُثُ الْخَارِجِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا عَمَلَهُ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَثُلُثُ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَمَلُهُ فَهِيَ جَائِزَةٌ وَمَا شُرِطَ لَهُ فَهُوَ لِلْعَامِلِ وَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَإِنْ شُرِطَ عَمَلُهُ وَعَمِلَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى الْعَامِلِ وَمَا شُرِطَ لَهُ فَهُوَ لِلْعَامِلِ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ فِيمَا بَيْنَ الْعَامِلِ وَصَاحِبِ الْأَرْضِ جَائِزَةٌ وَفِيمَا بَيْنَ الْعَامِلِ وَاَلَّذِي شُرِطَ عَمَلُهُ فَاسِدَةٌ وَصَارَ كَمَا لَوْ دَفَعَ أَرْضَهُ إلَى رَجُلَيْنِ لِيَزْرَعَاهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَمِنْ الْآخَرِ مُجَرَّدَ عَمَلٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَرْضَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ ثُلُثَ الْخَارِجِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ ثُلُثَهُ عَلَى أَنْ يَكْرُبَهَا وَيُعَالِجَهَا بِبَقَرِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ ثُلُثَ الْخَارِجِ فَرَضِيَ فُلَانٌ بِذَلِكَ فَعَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ الْبَقَرِ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ الْبَقَرَ بِثُلُثِ الْخَارِجِ وَالْبَقَرُ لَا يَكُونُ مَقْصُودًا فِي الْمُزَارَعَةِ فَكَانَ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا فَاسِدًا وَقَدْ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ بَقَرِ فُلَانٍ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَثُلُثُ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَثُلُثَاهُ لِلْعَامِلِ طَيِّبٌ لَهُ لِأَنَّهُ لَا فَسَادَ فِي الْعَقْدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَإِذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ كَانَ الثُّلُثَانِ لَهُ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْبَقَرِ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ بِثُلُثِ الْخَارِجِ وَهُوَ جَائِزٌ وَاسْتَأْجَرَ الْبَقَرَ مَقْصُودًا بِثُلُثِ الْخَارِجِ وَهُوَ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ فَالْمُزَارَعَةُ فِيمَا بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ جَائِزَةٌ فَاسِدَةٌ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْبَقَرِ وَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ الْبَقَرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ شَرَطَا أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ لِأَحَدِهِمَا وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ خَرَاجِيَّةً فَشَرَطَا رَفْعَ الْخَرَاجِ وَأَنْ يَكُونَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَهَذَا إذَا كَانَ خَرَاجًا مُوَظَّفًا لِأَنَّهُ عَسَى لَا يَخْرُجُ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرُ فَأَمَّا إذَا كَانَ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ نَحْوُ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ يَجُوزُ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ شُرِطَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ قَدْرُ الْعُشْرِ مِنْ الْخَارِجِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ فِي الْخَارِجِ لِأَنَّ الْخَارِجَ وَإِنْ قَلَّ يَكُونُ لَهُ عُشْرٌ وَهَذَا هُوَ الْحِيلَةُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَصِلَ.

إلَيْهِ قَدْرُ الْبَذْرِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ قَدْرَ الْبَذْرِ بِاسْمِ الْعُشْرِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَلَوْ اُشْتُرِطَ الْعُشْرُ لِمَنْ لَا بَذْرَ مِنْ قِبَلِهِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ جَازَ، وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ عُشْرِيَّةٍ فَاشْتَرَطَا رَفْعَ الْعُشْرِ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَشْرَبُ سَيْحًا أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ إنْ كَانَتْ تَشْرَبُ بِدَلْوٍ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذَا جَائِزٌ فَإِنْ حَصَلَ الْخَارِجُ أَخَذَ السُّلْطَانُ حَقَّهُ مِنْ عُشْرٍ أَوْ نِصْفِ عُشْرٍ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ السُّلْطَانُ مِنْهُمَا شَيْئًا أَوْ أَخَذَا بَعْضَ طَعَامِهِمَا سِرًّا مِنْ السُّلْطَانِ فَإِنَّ الْعُشْرَ الَّذِي شُرِطَ مِنْ ذَلِكَ لِلسُّلْطَانِ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى قِيَاسِ مَنْ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُهُ قَالَ لِلْعَامِلِ: لَسْتُ أَدْرِي مَا يَأْخُذُ السُّلْطَانُ مِنَّا الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ فَأُعَامِلُك عَلَى أَنَّ النِّصْفَ لِي مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ بَعْدَ الَّذِي يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ وَلَك النِّصْفُ فَهَذَا فَاسِدٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ جَائِزٌ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا قَالَا وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَرْضَ قَدْ تَكُونُ بِحَيْثُ تَكْتَفِي بِمَاءِ السَّمَاءِ عِنْدَ كَثْرَةِ الْأَمْطَارِ وَقَدْ تَحْتَاجُ إلَى أَنْ تُسْقَى بِالدِّلَاءِ عِنْدَ قِلَّةِ الْمَطَرِ وَفِي مِثْلِهِ السُّلْطَانُ يَعْتَبِرُ الْأَغْلَبَ فِيمَا يَأْخُذُ مِنْ الْعُشْرِ أَوْ نِصْفِ الْعُشْرِ فَكَأَنَّهُمَا قَالَا: لَا نَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ حَالُ الْمَطَرِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَمَاذَا يَأْخُذُ السُّلْطَانُ مِنْ الْخَارِجِ فَتَعَاقَدَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ثُمَّ إنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ يَكُونُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فَبِهَذَا الشَّرْطِ هُمَا شَرَطَا لِرَبِّ الْأَرْضِ جُزْءًا مَجْهُولًا مِنْ الْخَارِجِ وَهُوَ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ يَكُونُ فِي الْخَارِجِ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَهَذَا فِي مَعْنَى اشْتِرَاطِ جَمِيعِ الْخَارِجِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ شَرَطَا فِي الْمُزَارَعَةِ أَنَّ جَمِيعَ مَا خَرَجَ مِنْ الْحِنْطَةِ فَبَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَمَا خَرَجَ مِنْ شَعِيرٍ فَهُوَ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ أَوْ شُرِطَ أَنْ تَكُونَ الْحِنْطَةُ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَالشَّعِيرُ لِلْآخَرِ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ خَرَاجِيَّةً فَقَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْمُزَارِعِ: إنَّا لَا نَدْرِي أَنَّ السُّلْطَانَ يَأْخُذُ مِنَّا هَذِهِ السَّنَةَ خَرَاجَ وَظِيفَةٍ أَوْ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الْأَرَاضِي تَكُونُ خَرَاجِيَّةً خَرَاجَ وَظِيفَةٍ إلَّا أَنَّهَا فِي بَعْضِ السِّنِينَ لَا تُطِيقُ خَرَاجَ الْوَظِيفَةِ وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْخُذَ خَرَاجَ الْوَظِيفَةِ إنَّمَا يَأْخُذُ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ وَذَلِكَ إلَى نِصْفِ الْخَارِجِ فَالْمَالِكُ يَقُولُ: لَا نَدْرِي أَنَّ الْأَرَاضِي فِي هَذِهِ السَّنَةِ هَلْ تُطِيقُ خَرَاجَ الْوَظِيفَةِ فَيَأْخُذُ السُّلْطَانُ ذَلِكَ أَوْ لَا تُطِيقُ فَيَأْخُذُ السُّلْطَانُ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ؟ فَيَقُولُ لِلْمُزَارِعِ: أُعَامِلُك عَلَى أَنْ يُرْفَعَ مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ حَظُّ السُّلْطَانِ مُقَاسَمَةً كَانَتْ أَوْ وَظِيفَةً فَالْبَاقِي بَيْنَنَا فَهَذِهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ، وَلَوْ دَفَعَ أَرْضَهُ إلَى رَجُلَيْنِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَاهَا بِبَذْرِهِمَا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَ الْخَارِجِ وَلِلْآخَرِ تِسْعِينَ قَفِيزًا مِنْ الْخَارِجِ تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ فِي الْكُلِّ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا جَازَتْ فِي حَقِّ صَاحِبِ الثُّلُثِ وَتَفْسُدُ فِي حَقِّ مَنْ شُرِطَ لَهُ تِسْعُونَ قَفِيزًا مِنْ الْخَارِجِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ شُرِطَ فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ الْكِرَابُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ جَازَ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ شَرَطَا عَلَى الْعَامِلِ كَرْيَ الْأَنْهَارِ وَإِصْلَاحَ الْمُسَنَّاةِ حَتَّى فَسَدَ الْعَقْدُ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ كَانَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ نَمَاءُ بَذْرِهِ وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَيْهِ أَجْرُ الْأَرْضِ وَلِلْعَامِلِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ أَجْرُ عَمَلِهِ وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ فَيَتَقَاصَّانِ وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَرْيُ الْأَنْهَارِ مَشْرُوطًا عَلَى الْعَامِلِ فِي الْعَقْدِ فَكَرَى الْعَامِلُ الْأَنْهَارَ بِنَفْسِهِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ جَائِزَةً وَلَا أَجْرَ لَهُ فِي كَرْيِ الْأَنْهَارِ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَشَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ كَرْيَ الْأَنْهَارِ وَإِصْلَاحَ الْمُسَنَّاةِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَيَكُونُ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ عَمَلِهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَوْ شَرَطَا عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ كَرْيَ الْأَنْهَارِ وَإِصْلَاحَ الْمُسَنَّاةِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَاءُ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ جَائِزَةً عَلَى شَرْطِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ أَوْ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ شُرِطَ فِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى

أَحَدِهِمَا إلْقَاءُ السِّرْقِينِ إنْ شُرِطَ عَلَى الْمُزَارِعِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ وَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمُزَارِعِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَلَا يَغْرَمُ رَبُّ الْأَرْضِ شَيْئًا لِلْمُزَارِعِ مِنْ قِيمَةِ السِّرْقِينِ الَّذِي طَرَحَهُ فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَالْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِ الْمُزَارِعِ فِي أَرْضِهِ وَقِيمَةُ مَا طَرَحَ مِنْ السِّرْقِينِ، وَإِنْ شَرَطَ السِّرْقِينَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَالْخَارِجُ لِلْمُزَارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَقِيمَةُ السِّرْقِينِ، فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ شُرِطَ إلْقَاءُ سِرْقِينِ رَبِّ الْأَرْضِ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي الْإِمَامِ عَبْدِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ شُرِطَ عَلَى الْمُزَارِعِ جَازَ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ وَإِنْ شُرِطَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ شُرِطَ الْكِرَابُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ يَجُوزُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا شَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ مِنْ الْمُزَارِعِ أَنْ يُسَرِّقَنَّهَا قِيلَ: تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا تَفْسُدُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ وَعَزِيزُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ: كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. رَجُلٌ دَفَعَ كَرْمَهُ أَوْ أَرْضَهُ مُعَامَلَةً أَوْ مُزَارَعَةً إلَى إنْسَانٍ وَذَلِكَ الْإِنْسَانُ يَلْتَزِمُ إلْقَاءَ السِّرْقِينِ وَإِصْلَاحَ الْمُسَنَّاةِ وَحَفْرَ الْأَنْهَارِ وَكَبْسَ الشُّقُوقِ فَلَوْ شُرِطَ يَفْسُدُ وَلَوْ سَكَتَ لَمْ يَلْزَمْ وَلَوْ وَعَدَ رُبَّمَا لَا يَفِي فَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ الْإِعْلَامِ بِأُجْرَةٍ يَسِيرَةٍ غَيْرِ مَشْرُوطَةٍ فِي الْعَقْدِ فَيَصِحُّ ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ شُرِطَ الدُّولَابُ وَالدَّالِيَةُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَهُوَ كَاشْتِرَاطِ الْبَقَرِ عَلَى أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الدَّالِيَةَ وَالدُّولَابَ آلَةُ السَّقْيِ وَالسَّقْيُ عَلَى الْمُزَارِعِ فَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا عَلَى الْمُزَارِعِ فَهِيَ جَائِزَةٌ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ، وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَهِيَ جَائِزَةٌ كَمَا فِي اشْتِرَاطِ الْبَقَرِ، فَأَمَّا إذَا شُرِطَ الدَّابَّةُ الَّتِي يُسْتَقَى بِهَا مَعَ الْعَلَفِ عَلَى أَحَدِهِمَا فَإِنْ شُرِطَ الدَّابَّةُ مَعَ الْعَلَفِ عَلَى الْمُزَارِعِ جَازَتْ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ كَمَا فِي اشْتِرَاطِ الْبَقَرِ وَإِنْ شُرِطَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ فَهِيَ جَائِزَةٌ كَمَا فِي اشْتِرَاطِ الْبَقَرِ وَأَمَّا إذَا شُرِطَتْ الدَّابَّةُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالْعَلَفُ عَلَى غَيْرِ صَاحِبِهَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ رَبُّ الْأَرْضِ أَنَّهُ إنْ زَرَعَهَا بِغَيْرِ كِرَابٍ فَلِلْمُزَارِعِ الرُّبْعُ وَإِنْ زَرَعَهَا بِكِرَابٍ فَلِلْمُزَارِعِ الثُّلُثُ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ زِيَادَةً لَمْ يَذْكُرْهَا فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ وَتِلْكَ الزِّيَادَةُ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ لَوْ قَالَ لِلْمُزَارِعِ: وَإِنْ زَرَعْت وَثَنَّيْت فَلَكَ النِّصْفُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ مَتَى ثَنَّى وَزَرَعَ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عَلَى مَا شَرَطَا طَعَنَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ وَقَالَ: مَا ذُكِرَ أَنَّهُ مَتَى ثَنَّى وَزَرَعَ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عَلَى مَا شَرَطَا لَا يَكَادُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ عُقُودٍ ثَلَاثَةٍ فَمَتَى مَالَ إلَى أَحَدِهَا يُجْعَلُ كَأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ الِابْتِدَاءِ مَا عُقِدَ إلَّا عَلَى الَّذِي اخْتَارَهُ وَلَوْ عُقِدَ الْعَقْدُ مِنْ الِابْتِدَاءِ عَلَى الْكِرَابِ وَالتَّثْنِيَةِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً وَإِلَى هَذَا مَالَ الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ صَحِيحٌ وَكَأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَمَا إذَا عُقِدَتْ الْمُزَارَعَةُ عَلَى التَّثْنِيَةِ وَحْدِهَا وَبَيْنَمَا إذَا كَانَ مَعَ التَّثْنِيَةِ غَيْرُهَا مَتَى كَانَ مَعَ التَّثْنِيَةِ مُزَارَعَةٌ أُخْرَى جُوِّزَتْ الْمُزَارَعَةُ بِشَرْطِ التَّثْنِيَةِ وَإِذَا كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ وَحْدَهَا بِشَرْطِ التَّثْنِيَةِ لَمْ تَجُزْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْحَبُّ وَالتِّبْنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ جَازَ وَيَكُونُ الْحَبُّ وَالتِّبْنُ بَيْنَهُمَا كَمَا شَرَطَا وَكَذَا لَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الرِّيعُ أَوْ الزَّرْعُ أَوْ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا جَازَ وَيَكُونُ الْكُلُّ بَيْنَهُمَا كَمَا شَرَطَا، وَلَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْحَبُّ لِأَحَدِهِمَا وَالتِّبْنُ لِلْآخَرِ فَهِيَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ سِتَّةٌ مِنْهَا فَاسِدَةٌ وَثِنْتَانِ جَائِزَتَانِ أَمَّا السِّتَّةُ الْفَاسِدَةُ فَإِحْدَاهَا إذَا شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْحَبُّ لِلدَّافِعِ وَالتِّبْنُ لِلْعَامِلِ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ التِّبْنُ لِلدَّافِعِ وَالْحَبُّ لِلْعَامِلِ، وَالثَّالِثَةُ إذَا شَرَطَا أَنْ يَكُونَ التِّبْنُ بَيْنَهُمَا وَالْحَبُّ لِلدَّافِعِ، وَالرَّابِعَةُ إذَا شَرَطَا أَنْ يَكُونَ التِّبْنُ بَيْنَهُمَا وَالْحَبُّ لِلْعَامِلِ، الْخَامِسَةُ إذَا شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْحَبُّ بَيْنَهُمَا وَالتِّبْنُ لِلدَّافِعِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ شَرَطَا التِّبْنَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ جَازَ وَإِنْ شَرَطَاهُ لِغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ وَعَنْ.

أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَصْلًا وَعَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ إذَا شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْحَبُّ بَيْنَهُمَا وَسَكَتَا عَنْ التِّبْنِ كَانَ الْحَبُّ وَالتِّبْنُ بَيْنَهُمَا لِمَكَانِ الْعُرْفِ، وَالسَّادِسَةُ إذَا شَرَطَا أَنْ يَكُونَ التِّبْنُ بَيْنَهُمَا وَسَكَتَا عَنْ الْحَبِّ لَا يَجُوزُ فَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ إنَّمَا لَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَقْصُودِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَحْصُلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، وَلَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْحَبُّ بَيْنَهُمَا وَسَكَتَا عَنْ التِّبْنِ جَازَ وَيَكُونُ الْحَبُّ بَيْنَهُمَا وَالتِّبْنُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَصَارَ هَذَا مِنْ الْوُجُوهِ الْفَاسِدَةِ، وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ صَارَ بَقْلًا مُزَارَعَةً وَشَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْحَبُّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالتِّبْنُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْحَبُّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَسَكَتَا عَنْ التِّبْنِ جَازَ وَيَكُونُ التِّبْنُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَلَوْ شَرَطَا التِّبْنَ لِلْعَامِلِ كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّ دَفْعَ الزَّرْعِ الَّذِي صَارَ بَقْلًا مُزَارَعَةً كَدَفْعِ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ مُزَارَعَةً وَثَمَّةَ لَوْ شَرَطَا التِّبْنَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ جَازَ وَإِنْ شَرَطَاهُ لِلْآخَرِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا شَرَطَ عَلَى الْمُزَارِعِ أَنْ يَزْرَعَ الْعُصْفُرَ وَشَرَطَا الشَّرِكَةَ فِي الْعُصْفُرِ وَالْقُرْطُمِ وَالسَّاقِ جَازَ، وَإِنْ شَرَطَا الْعُصْفُرَ وَالْقُرْطُمَ بَيْنَهُمَا وَالسَّاقَ لِأَحَدِهِمَا إنْ شَرَطَا السَّاقَ لِمَنْ لَهُ الْبَذْرُ جَازَ وَإِنْ شَرَطَا السَّاقَ لِمَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ شَرَطَا الْعُصْفُرَ وَالْقُرْطُمَ لِأَحَدِهِمَا وَالسَّاقَ لِلْآخَرِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ شَرَطَا الْعُصْفُرَ لِأَحَدِهِمَا وَالْقُرْطُمَ لِلْآخَرِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ الْأَرْضَ لِيَزْرَعَهَا الْقَتَّ وَشَرَطَا الْقَتَّ لِأَحَدِهِمَا وَالْبَذْرَ لِلْآخَرِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ دَفَعَ أَرْضًا لِيَزْرَعَ حِنْطَةً وَشَعِيرًا عَلَى أَنَّ الْحِنْطَةَ تَكُونُ لِأَحَدِهِمَا وَالشَّعِيرُ لِلْآخَرِ بِعَيْنِهِ كَانَ فَاسِدًا وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ لَهُ نَوْعَانِ مِنْ الرَّيْعِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودٌ كَبَذْرِ الْكَتَّانِ وَالْكَتَّانُ إذَا شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ الْكَتَّانُ وَلِلْآخَرِ بِعَيْنِهِ الْبَذْرُ، وَاشْتِرَاطُ بَذْرِ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ لِأَحَدِهِمَا بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ التِّبْنِ بِخِلَافِ بَذْرِ الرُّطَبَةِ مَعَ الرُّطَبَةِ وَالْعُصْفُرِ مَعَ الْقُرْطُمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَصْلُ أَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ مَعَ الْمُزَارِعِ إذَا شَرَطَا فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ شَرْطًا فَاسِدًا يُنْظَرُ إلَيْهِ إنْ كَانَ شَرْطًا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَنْ شَرَطَا أَنْ لَا يَبِيعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الْخَارِجِ أَوْ لَا يَأْكُلَ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي الشَّرْطِ فَائِدَةٌ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ الشَّرْطُ دَاخِلًا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بِأَنْ كَانَ لَهُ حَظٌّ مِنْ الْبَدَلِ فَإِنَّ الْبَدَلَ مِنْ صُلْبِ الْعَقْدِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ بِدُونِهِ فَإِنَّ الْمُزَارَعَةَ تَفْسُدُ بِهَذَا الشَّرْطِ وَلَا تَعُودُ جَائِزَةً، وَإِنْ أَبْطَلَ مَنْ لَهُ الشَّرْطُ الشَّرْطَ بِأَنْ شَرَطَا فِي الْمُزَارَعَةِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لِأَحَدِهِمَا مَعَ نِصْفِ الْخَارِجِ ثُمَّ أَبْطَلَ مَنْ شُرِطَ لَهُ الدَّرَاهِمُ الدَّرَاهِمَ قَبْلَ الْعَمَلِ، أَوْ شَرَطَا الْحَصَادَ وَالدِّيَاسَ عَلَى أَحَدِهِمَا حَتَّى فَسَدَ الْعَقْدُ عَلَى جَوَابِ الْكِتَابِ ثُمَّ أَبْطَلَ مَنْ لَهُ الشَّرْطُ هَذَا الشَّرْطَ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مُسْتَعَارًا فِي الْعَقْدِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ صُلْبِ الْعَقْدِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَظٌّ مِنْ الْبَدَلِ بِأَنْ شَرَطَ فِي الْمُزَارَعَةِ خِيَارَ مَجْهُولٍ أَوْ أَجَلَ مَجْهُولٍ لِأَحَدِهِمَا فَأَسْقَطَ مَنْ لَهُ الشَّرْطُ الشَّرْطَ قَبْلَ تَقَرُّرِ الْمُفْسِدِ فَإِنَّ الْمُزَارَعَةَ تَنْقَلِبُ جَائِزَةً فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ هَذَا الشَّرْطُ مَشْرُوطًا لَهُمَا لَا تَعُودُ جَائِزَةً مَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى الْإِبْطَالِ. أَمَّا بِإِبْطَالِ أَحَدِهِمَا لَا تَعُودُ جَائِزَةً لِأَنَّهُ يَبْقَى مَشْرُوطًا لِلْآخَرِ وَإِنَّهُ كَافٍ فِي إفْسَادِ الْعَقْدِ وَإِنْ شَرَطَا عَلَى أَحَدِهِمَا أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ. فَإِنْ أَبْطَلَهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي لَا تَعُودُ جَائِزَةً وَلَوْ أَبْطَلَاهُ جَمِيعًا عَادَتْ الْمُزَارَعَةُ إلَى الْجَوَازِ، وَلَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يَهَبَ نَصِيبَهُ مِنْ الْخَارِجِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً، فَإِنْ أَبْطَلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الشَّرْطَ قَبْلَ الْعَمَلِ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: يَجِبُ أَنْ لَا تَعُودَ الْمُزَارَعَةُ جَائِزَةً بِإِبْطَالِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَحْدَهُ وَلَكِنْ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَصَحُّ، وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ وَشَرَطَ بَعْضَ الْعَمَلِ عَلَى الْمُزَارِع أَوْ عَلَى نَفْسِهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَإِنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ شَرَطَ بَعْضَ أَعْمَالِ الْمُزَارَعَةِ عَلَى الْمُزَارِعِ وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي أَوْ شَرَطَ بَعْضَ أَعْمَالِ الْمُزَارَعَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي أَوْ شَرَطَ بَعْضَ أَعْمَالِ الْمُزَارَعَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَشَرَطَ الْبَعْضَ عَلَى الْمُزَارِعِ.

فَإِنْ شَرَطَ بَعْضَ أَعْمَالِ الْمُزَارَعَةِ عَلَى الْمُزَارِعِ وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْرُبَهَا وَيَزْرَعَهَا وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ السَّقْيِ فَهَذَا عَلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَيْثُ لَا تُخْرِجُ شَيْئًا بِدُونِ السَّقْيِ أَوْ تُخْرِجُ شَيْئًا وَلَكِنْ لَا يُرْغَبُ فِيهِ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأَرْضِ وَفِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَرَاضِي تُخْرِجُ شَيْئًا مَرْغُوبًا فِيهِ بِدُونِ السَّقْيِ إلَّا أَنَّهُ يَيْبَسُ بِدُونِ السَّقْيِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَيْثُ تُخْرِجُ شَيْئًا مَرْغُوبًا فِيهِ مِنْ مِثْلِهَا وَلَا يَيْبَسُ بِدُونِ السَّقْيِ بِأَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فِي بَلْدَةٍ كَثِيرَةِ الْمَطَرِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ السَّقْيُ يُؤَثِّرُ فِي زِيَادَةِ الْجَوْدَةِ فِي الْخَارِجِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ جَائِزَةً، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّ السَّقْيَ هَلْ يُؤَثِّرُ فِي جَوْدَةِ الْخَارِجِ بِأَنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّ الْمَطَرَ يَقِلُّ أَوْ يَكْثُرُ، الْوَجْهُ الثَّانِي إذَا شَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْضَ الْأَعْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ السَّقْيَ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْبَاقِي فَهَذَا عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا إنْ عَلِمَ يَقِينًا أَنَّ السَّقْيَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْخَارِجِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ شَرَطَ فِيهَا عَمَلَ رَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ لَا يُفْسِدُ وَكُلُّ شَرْطٍ لَا يُفْسِدُ وُجُودُهُ وَالْعَدَمُ بِمَنْزِلَةٍ وَلَوْ عُدِمَ الشَّرْطُ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ جَائِزَةً، وَكَذَلِكَ إذَا صَارَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ شَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ السَّقْيَ عَلَى نَفْسِهِ وَالْبَاقِي عَلَى الْعَامِلِ فَهَذَا وَمَا لَوْ شَرَطَ السَّقْيَ عَلَى نَفْسِهِ وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي سَوَاءٌ، الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَشَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْضَ الْأَعْمَالِ عَلَى الْمُزَارِعِ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْذُرَهَا وَسَكَتَ عَنْ السَّقْيِ مَثَلًا فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ، وَإِذَا شَرَطَ بَعْضَ الْأَعْمَالِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَعْضَ عَلَى الْعَامِلِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ وَقَدْ شَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْضَ الْعَمَلِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ شَرَطَ الْبَعْضَ عَلَى نَفْسِهِ وَالْبَعْضَ عَلَى الْعَامِلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ أَرْضَهُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ الْمُزَارِعُ بِبَذْرِ نَفْسِهِ هَذِهِ السَّنَةَ مَا بَدَا لَهُ مِنْ غَلَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَعَلَى أَنَّ الَّذِي يَلِي طَرْحَ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ رَبُّ الْأَرْضِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ أَرْضًا وَبَذْرًا إلَى رَجُلٍ مُزَارَعَةً وَقَالَ لَهُ: مَا زَرَعْتَهَا بِكِرَابٍ فَبِكَذَا أَوْ بِغَيْرِ كِرَابٍ فَبِكَذَا وَبِكِرَابٍ وَثَنَيَانِ فَبِكَذَا فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: مَا زَرَعْتَ فِيهَا بِكِرَابٍ فَبِكَذَا وَبِغَيْرِ كِرَابٍ فَبِكَذَا فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: مَا زَرَعْتَ مِنْهَا بِكِرَابٍ فَبِكَذَا وَمَا زَرَعْتَ مِنْهَا بِغَيْرِ كِرَابٍ فَبِكَذَا فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَأَيُّ عَمَلٍ اخْتَارَهُ الْمُزَارِعُ كَانَ لَهُ مَا شَرَطَ بِإِزَائِهِ قَالُوا: مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ خَطَأٌ لَا وَجْهَ لِتَصْحِيحِهِ وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً مَتَى ذَكَرَ كَلِمَةَ مِنْ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ فَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَزْرَعَ الْبَعْضَ بِكِرَابٍ وَالْبَعْضَ بِغَيْرِ كِرَابٍ وَذَلِكَ الْبَعْضُ مَجْهُولٌ لَا يُدْرَى وَأَوْجَبَ ذَلِكَ فَسَادَ الْمُزَارَعَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مَسَائِلُ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ فَمِنْ جُمْلَتِهَا إذَا قَالَ الدَّافِعُ: مَا زَرَعْتَ مِنْهَا حِنْطَةً فَلَكَ كَذَا وَمَا زَرَعْتَ مِنْهَا شَعِيرًا فَلَكَ كَذَا وَمَا زَرَعْتَ مِنْهَا سِمْسِمًا فَلَكَ كَذَا فَالْمُزَارَعَةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ فَاسِدَةٌ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ إذَا قَالَ الدَّافِعُ: مَا زَرَعْتَ مِنْهَا فِي جُمَادَى الْأُولَى فَلَكَ كَذَا وَمَا زَرَعْتَ مِنْهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ فَلَكَ كَذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ: مَا زَرَعْتَ مِنْهَا بِمَاءِ السَّمَاءِ فَلَكَ كَذَا وَمَا زَرَعْتَ مِنْهَا بِغَرْبٍ أَوْ دَالِيَةٍ فَلَكَ كَذَا فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِرَابِ قَوْلُهُمَا وَمَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ يَرَى جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلتَّبْعِيضِ وَعِنْدَهُمَا لِلصِّلَةِ فَصَارَ حَاصِلُ الْجَوَابِ.

عَلَى قَوْلِهِمَا الْجَوَازَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكِرَابِ وَجَعْلُ كَلِمَةِ مِنْ لِلصِّلَةِ عِنْدَهُمَا فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ قَالُوا: بِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ قَوْلُهُمَا وَمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِرَابِ قَوْلُهُمَا أَيْضًا وَهَذَا الْقَائِلُ يَجْعَلُ كَلِمَةَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ حَقِيقَتُهَا لِلتَّبْعِيضِ لُغَةً وَإِنَّمَا تُذْكَرُ لِلصِّلَةِ مَجَازًا وَالْكَلَامُ لِحَقِيقَتِهِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَتَمَكَّنُ الْجَهَالَةُ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْجَهَالَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِرَابِ لَا تُوجِبُ فَسَادَ الْمُزَارَعَةِ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ زَالَتْ وَقْتَ تَأَكُّدِ الْمُزَارَعَةِ وَإِذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ زَائِلَةً وَقْتَ تَأَكُّدِ الْمُزَارَعَةِ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَتْ زَائِلَةً وَقْتَ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ الْجَهَالَةُ قَائِمَةٌ وَقْتَ تَأَكُّدِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْلَمُ الْبَعْضُ الْمَزْرُوعُ حِنْطَةً مِنْ الْبَعْضِ الْمَزْرُوعِ شَعِيرًا بِإِلْقَاءِ الْبَذْرِ فَوَقْتَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ الَّذِي هُوَ حَالُ تَأَكُّدِ الْعَقْدِ تَكُونُ الْجَهَالَةُ قَائِمَةً وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ جُمَادَى وَفِي مَسْأَلَةِ السَّقْيِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرَادَ السَّقْيَ الْمُعْتَادَ بَيْنَهُمْ وَهُوَ السَّقْيُ بَعْدَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فَالْجَهَالَةُ تَكُونُ قَائِمَةً وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا السَّقْيَ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةً كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكِرَابِ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ تَكُونُ زَائِلَةً وَقْتَ تَأَكُّدِ الْعَقْدِ وَأَمَّا إذَا نَصَّ عَلَى الْبَعْضِ فَقَالَ: عَلَى أَنَّ مَا زَرَعْت بَعْضًا مِنْهَا بِكِرَابٍ فَلَكَ كَذَا وَمَا زَرَعْت بَعْضًا مِنْهَا بِغَيْرِ كِرَابٍ فَلَكَ كَذَا هَلْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا يَزْرَعُهَا سَنَتَهُ هَذِهِ بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَهَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ زَرَعَهَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ الثُّلُثَانِ مِنْ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالثُّلُثُ لِلْمُزَارِعِ فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ جَائِزٌ وَالثَّانِي فَاسِدٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الشَّرْطَانِ جَائِزَانِ فَإِنْ زَرَعَهَا فِي جُمَادَى الْأُولَى فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ زَرَعَهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَأَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَعِنْدَهُمَا الشَّرْطَانِ جَمِيعًا جَائِزَانِ فَإِنْ زَرَعَهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ مَا زُرِعَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ فِي يَوْمِ كَذَا فَالْخَارِجُ مِنْهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَمَا زُرِعَ مِنْهَا فِي يَوْمِ كَذَا فَلِلْمُزَارِعِ ثُلُثُ الْخَارِجِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ ثُلُثَاهُ فَهَذَا فَاسِدٌ كُلُّهُ وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى زَرَعَ نِصْفَهَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى وَنِصْفَهَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ فَمَا زُرِعَ فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَمَا زُرِعَ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَفِي الْقَوْلِ الثَّانِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ مَا زُرِعَ مِنْهَا وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَهَا بِدَالِيَةٍ أَوْ سَانِيَةٍ فَالثُّلُثَانِ لِلْمُزَارِعِ وَالثُّلُثُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَإِنْ زَرَعَهَا بِمَاءٍ سَيْحٍ أَوْ بِسَقْيِ السَّمَاءِ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَهَذَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخِرِ فَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَفْسُدُ الشَّرْطَانِ جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ مَا زُرِعَ مِنْهَا بِدَلْوٍ فَلِلْعَامِلِ ثُلُثَاهُ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ ثُلُثُهُ وَإِنْ زَرَعَهَا بِمَاءٍ سَيْحٍ فَلِلْعَامِلِ نِصْفُهُ فَهَذِهِ مُزَارَعَةٌ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ دَفَعَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمُزَارِعِ فَهَذَا جَائِزٌ لِأَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْمُزَارَعَةِ وَالْإِعَارَةِ فَإِنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَالْخَارِجُ لِلْمُزَارِعِ، وَلَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فَهَذَا جَائِزٌ فِي الْحِنْطَةِ فَإِنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمُزَارِعِ وَعَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا وَكُرَّ حِنْطَةٍ وَكُرَّ شَعِيرٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَ الْحِنْطَةَ فِيهَا فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالشَّعِيرُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ وَلَوْ زَرَعَهَا الشَّعِيرَ فَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَيَرُدُّ الْحِنْطَةَ كُلَّهَا فَهُوَ كُلُّهُ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَلَوْ اشْتَرَطَا الْخَارِجَ مِنْ الشَّعِيرِ لِلْعَامِلِ جَازَ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ

الباب الرابع في رب الأرض أو النخيل إذا تولى العمل بنفسه

زَرَعَهَا حِنْطَةً فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ وَإِنْ زَرَعَهَا سِمْسِمًا فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فَهَذَا جَائِزٌ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ فَاسِدٌ فِي السِّمْسِمِ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَهَذَا جَائِزٌ لِأَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْمُزَارَعَةِ وَبَيْنَ الِاسْتِعَانَةِ وَبَيْنَ إعَارَةِ الْأَرْضِ وَإِقْرَاضِ الْبَذْرِ وَمِثْلُ هَذَا جَائِزٌ فِي الْإِجَارَةِ الْمَحْضَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ سَنَتَهُ هَذِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ ثُلُثُهُ وَإِنْ زَرَعَهَا سِمْسِمًا فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ رُبْعُهُ جَازَ عَلَى مَا اشْتَرَطَا لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْأَرْضِ تَتَأَكَّدُ عِنْدَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ وَعِنْدَ ذَلِكَ الْبَذْرُ مَعْلُومٌ، وَلَوْ زَرَعَ بَعْضَهَا شَعِيرًا وَبَعْضَهَا سِمْسِمًا جَازَ أَيْضًا عَلَى مَا اشْتَرَطَا فِي كُلِّ نَوْعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَيْضًا ثَلَاثِينَ سَنَةً عَلَى أَنَّ مَا زَرَعَ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ شَيْءٍ مِنْ غَلَّةِ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَمَا غَرَسَ مِنْهَا مِنْ شَجَرٍ أَوْ كَرْمٍ أَوْ نَخْلٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ ثُلُثُهُ وَلِلْعَامِلِ ثُلُثَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا سَوَاءٌ زَرَعَ الْكُلَّ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ أَوْ زَرَعَ بَعْضَهَا وَجَعَلَ بَعْضَهَا كَرْمًا فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَبَقَرِهِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ بَعْضَهَا حِنْطَةً وَبَعْضَهَا شَعِيرًا وَبَعْضَهَا سِمْسِمًا فَمَا زَرَعَ مِنْهَا حِنْطَةً فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَمَا زَرَعَ مِنْهَا شَعِيرًا فَلِرَبِّ الْأَرْضِ ثُلُثُهُ وَمَا زَرَعَ مِنْهَا سِمْسِمًا فَلِرَبِّ الْأَرْضِ مِنْهَا ثُلُثَاهُ فَهُوَ فَاسِدٌ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ كَانَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا يَزْرَعُهَا سَنَتَهُ هَذِهِ بِبَذْرِهِ وَبَقَرِهِ وَعَمَلِهِ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ فِيهَا أُجَرَاءَ مِنْ مَالِ الْمُزَارِعِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنْ يَسْتَأْجِرَ أُجَرَاءَ مِنْ مَالِ رَبِّ الْأَرْضِ فَهَذِهِ مُزَارَعَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ عَمَلِ أَجِيرِ رَبِّ الْأَرْضِ كَاشْتِرَاطِ عَمَلِ رَبِّ الْأَرْضِ مَعَ الْمُزَارِعِ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْمُزَارَعَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَا أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأُجَرَاءَ مِنْ مَالِ الْمُزَارِعِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِهِ فِيمَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ فَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي شَرَطَ فِيهِ رُجُوعَ الْمُزَارِعِ مِنْ الرِّيعِ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرُوطِ لِلْمُزَارِعِ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ لَهُ أَقْفِزَةً مَعْلُومَةً مِنْ الْخَارِجِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ فَاشْتَرَطَ عَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرَ الْأُجَرَاءِ مِنْ مَالِهِ جَازَ، وَلَوْ اشْتَرَطَا أَجْرَ الْأُجَرَاءِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ عَمَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرُ مَعَ الْمُزَارِعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَاهُ عَلَى الْمُزَارِعِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِهِ فِي الْخَارِجِ فَهُوَ فَاسِدٌ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ شَرَطَا لَهُ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ الْخَارِجِ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ وَيَكُونُ الرِّيعُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ وَأَجْرُ مِثْلِ أُجَرَائِهِ فِيمَا عَمِلُوا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الرَّابِع فِي رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ النَّخِيلِ إذَا تَوَلَّى الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ النَّخِيلِ إذَا تَوَلَّى الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ إنَّ رَبَّ الْأَرْضِ تَوَلَّى الزِّرَاعَةَ بِنَفْسِهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا: الْأَوَّلُ أَنْ يَتَوَلَّى الزِّرَاعَةَ بِأَمْرِ الْمُزَارِعِ وَأَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَمَّا إنْ اسْتَعَانَ الْمُزَارِعُ بِرَبِّ الْأَرْضِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْخَارِجُ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَبَيْنَ الْمُزَارِعِ عَلَى مَا شَرَطَا نِصْفَانِ قَالُوا: إنَّمَا يَكُونُ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا إذَا لَمْ يَقُلْ رَبُّ الْأَرْضِ وَقْتَ الْمُزَارَعَةِ: أَزْرَعُهَا لِنَفْسِي أَمَّا إذَا قَالَ: أَزْرَعُهَا لِنَفْسِي يَكُونُ كُلُّ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَتُنْتَقَضُ الْمُزَارَعَةُ إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَطْلَقَ الْجَوَابَ إطْلَاقًا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الْجَوَابُ عَلَى مَا أَطْلَقَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَحِيحٌ، الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُزَارِعُ رَبَّ الْأَرْضِ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ لِيَعْمَلَ عَمَلَ الْمُزَارَعَةِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ وَالْمُزَارَعَةُ عَلَى حَالِهَا، الْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنْ هَذَا إذَا دَفَعَ الْمُزَارِعُ الْأَرْضَ إلَى رَبِّ الْأَرْضِ مُزَارَعَةً بِطَائِفَةٍ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُزَارَعَةُ الثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ وَالْمُزَارَعَةُ الْأُولَى عَلَى حَالِهَا هَذَا إذَا تَوَلَّى رَبُّ الْأَرْضِ الْمُزَارَعَةَ بِأَمْرِ الْمُزَارِعِ، فَأَمَّا إذَا تَوَلَّاهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَالْبَذْرُ.

مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ نَاقِضًا لِلْمُزَارَعَةِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَالْجَوَابُ فِي هَذَا الْوَجْهِ فِيمَا إذَا زَرَعَ بِأَمْرِ الْمُزَارِعِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُزَارِعِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إلَّا فِي خَصْلَةٍ هِيَ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إذَا زَرَعَ بِأَمْرِ الْمُزَارِعِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُزَارِعِ فِي هَذَا الْوَجْهِ يَضْمَنُ الْمُزَارِعُ بَذْرًا مِثْلَ بَذْرِهِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ بَذْرَهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ وَأَمَرَ الْمُزَارِعُ رَبَّ الْأَرْضِ حَتَّى اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فِي ذَلِكَ فَالْخَارِجُ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ عَلَى مَا شَرَطَا وَيَرْجِعُ رَبُّ الْأَرْضِ بِأَجْرِ الْأَجِيرِ عَلَى الْمُزَارِعِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَعَانَ الْمُزَارِعُ رَبَّ الْأَرْضِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِاسْتِئْجَارِ الْأَجِيرِ فَإِنَّ هُنَاكَ لَا يَرْجِعُ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى الْمُزَارِعِ بِأَجْرِ الْأَجِيرِ وَالْجَوَابُ فِي الْمُعَامَلَةِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الْمُزَارَعَةِ حَتَّى أَنَّ مَنْ دَفَعَ نَخِيلَهُ إلَى رَجُلٍ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ يُلَقِّحَهُ وَيَحْفَظَهُ وَيَسْقِيَهُ فَاسْتَعَانَ الْعَامِلُ بِرَبِّ النَّخِيلِ فِي ذَلِكَ وَفَعَلَ صَاحِبُ النَّخِيلِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ النَّخِيلِ قَبَضَ النَّخِيلَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْعَامِلِ وَفَعَلَ مَا ذُكِرَ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ وَتُنْتَقَضُ الْمُعَامَلَةُ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ النَّخِيلِ لَا يَمْلِكُ نَقْضَ الْمُعَامَلَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ النَّخِيلِ أَخَذَ النَّخِيلَ بَعْدَ مَا خَرَجَ الطَّلْعُ وَقَدْ قَامَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْعَامِلِ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ أَخَذَهَا قَبْلَ خُرُوجِ الطَّلْعِ وَقَدْ قَامَ عَلَيْهَا ثُمَّ أَخَذَ الْعَامِلُ مِنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَقَامَ عَلَيْهَا حَتَّى صَارَ تَمْرًا فَجَمِيعُ ذَلِكَ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ، وَإِذَا دَفَعَ أَرْضًا وَبَذْرًا مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ إنَّ الْمُزَارِعَ بَعْدَ مَا قَبَضَ الْأَرْضَ دَفَعَهَا إلَى رَبِّ الْأَرْضِ مُزَارَعَةً عَلَى أَنَّ لِلْمُزَارِعِ الثُّلُثَ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَيْنِ فَالْمُزَارَعَةُ الثَّانِيَةُ فَاسِدَةٌ وَمَا خَرَجَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا دَفَعَ أَرْضًا مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ وَشَرَطَ الْبَذْرَ عَلَى الْمُزَارِعِ فَلَمَّا زَرَعَ الْمُزَارِعُ وَسَقَاهُ وَنَبَتَ قَامَ عَلَيْهِ رَبُّ الْأَرْضِ بِنَفْسِهِ وَأُجَرَائِهِ وَسَقَاهُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ الْمُزَارِعِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ فَالْخَارِجُ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ عَلَى مَا شَرَطَا، وَلَوْ أَنَّ الْمُزَارِعَ بَذَرَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْقِهِ وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى سَقَاهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُزَارِعِ قَبْلَ النَّبَاتِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْبَذْرَ قَبْلَ النَّبَاتِ قَائِمٌ فِي الْأَرْضِ حَقِيقَةً أَلَا يَرَى أَنَّهُ يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ بِتَكَلُّفٍ فَكَانَ كَوْنُهُ فِي بَطْنِ الْأَرْضِ كَكَوْنِهِ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ فَلَوْ كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ فَأَخَذَهُ رَبُّ الْأَرْضِ وَبَذَرَهُ وَسَقَاهُ حَتَّى نَبَتَ يَصِيرُ نَاقِضًا لِلْمُزَارَعَةِ كَذَا هَذَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا فِي الْمُزَارَعَةِ لِأَنَّ سَقْيَ رَبِّ الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَصَلَ بِإِذْنِ الْمُزَارِعِ هَذَا إذَا بَذَرَهُ الْمُزَارِعُ وَسَقَاهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَأَمَّا إذَا بَذَرَهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُزَارِعِ فَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى سَقَاهُ الْمُزَارِعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ ذَكَرَ أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْقِيَاسَ وَالِاسْتِحْسَانَ هَاهُنَا، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ فَجَاءَ رَبُّ الْأَرْضِ وَأَخَذَهَا وَبَذَرَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُزَارِعِ يَصِيرُ نَاقِضًا لِلْمُزَارَعَةِ، وَلَوْ جَاءَ الْمُزَارِعُ وَبَذَرَهَا وَسَقَاهَا بِغَيْرِ أَمْرِ رَبِّ الْأَرْضِ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا هَذِهِ السَّنَةَ بِالنِّصْفِ فَبَذَرَهُ الْعَامِلُ وَسَقَاهُ حَتَّى نَبَتَ فَقَامَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِأُجَرَائِهِ وَسَقَاهُ حَتَّى اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُزَارِعِ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَرَبُّ الْأَرْضِ مُتَطَوِّعٌ فِيمَا صَنَعَ فَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَ كَذَلِكَ فَعَمَلُ أَجِيرِهِ كَعَمَلِهِ وَأَجْرُ الْأَجِيرِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ، وَلَوْ أَنَّ الْعَامِلَ بَذَرَ الْبَذْرَ فَلَمْ يَنْبُتْ وَلَمْ يَسْقِهِ فَسَقَاهُ رَبُّ الْأَرْضِ قَبْلَ النَّبَاتِ فَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى نَبَتَ وَاسْتُحْصِدَ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا اسْتِحْسَانًا وَيَكُونُ رَبُّ الْأَرْضِ مُتَبَرِّعًا وَفِي الْقِيَاسِ كَانَ الْخَارِجُ لِرَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ قَبْلَ النَّبَاتِ فِي الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي الْجَوَالِقِ وَالْفَتْوَى عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ لِأَنَّ إلْقَاءَ الْبَذْرِ سَبَبٌ لِلنَّبَاتِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ فَسْخَ الْعَقْدِ قَصْدًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَذَرَهُ رَبُّ الْأَرْضِ وَلَمْ يَسْقِهِ وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى سَقَاهُ الْمُزَارِعُ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى اُسْتُحْصِدَ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَلَوْ أَخَذَهُ رَبُّ الْأَرْضِ فَبَذَرَهُ فِي الْأَرْضِ وَسَقَاهُ فَنَبَتَ ثُمَّ إنَّ الْمُزَارِعَ يَقُومُ عَلَيْهِ وَيَسْقِيهِ حَتَّى اُسْتُحْصِدَ فَالْخَارِجُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعُ مُتَطَوِّعٌ فِي عَمَلِهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

الباب الخامس في دفع المزارع إلى غيره مزارعة

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي دَفْعِ الْمُزَارِعِ إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي دَفْعِ الْمُزَارِعِ إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً) إذَا أَرَادَ الْمُزَارِعُ أَنْ يَدْفَعَ الْأَرْضَ إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْأَرْضَ إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِذَلِكَ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْأَرْضِ: اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أُجَرَاءَ بِمَالِهِ لِإِقَامَةِ عَمَلِ الْمُزَارَعَةِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ فَلَوْ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ مَعَ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ مَا أَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ لَا نَصًّا وَلَا دَلَالَةً ذَكَرَ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ جَائِزَةٌ بَيْنَ الْمُزَارِعِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ أَنْ يَضْمَنَ بَذْرَهُ أَيُّهُمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمِنَ الْأَوَّلُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الثَّانِي وَإِنْ ضَمِنَ الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ قَدْ انْتَقَصَتْ كَانَ النُّقْصَانُ عَلَى الْمُزَارِعِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْقَوْلِ الْآخَرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى مَا أَصَابَ الْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ مِنْ نِصْفِ الْخَارِجِ فَيَطِيبُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ مَا غَرِمَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ الْفَضْلَ مِنْ أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ وَمَا أَصَابَ الْمُزَارِعُ الثَّانِي مِنْ نِصْفِ الْخَارِجِ قَالُوا: يَطِيبُ لَهُ جَمِيعُ ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا أَذِنَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ لِلْمُزَارِعِ بِذَلِكَ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ قَالَ لَهُ: اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك وَقَدْ كَانَ شَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ لِلْمُزَارِعِ الْأَوَّلِ النِّصْفَ فَدَفَعَ الْأَوَّلُ إلَى الثَّانِي مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ الثَّانِيَةُ وَمَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ مِنْ الزَّرْعِ فَنِصْفُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَنِصْفُهُ لَلْمُزَارِعِ الثَّانِي وَخَرَجَ الْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ مِنْ الْبَيْنِ وَإِنْ شَرَطَ الْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُزَارِعِ الثَّانِي أَنَّ نِصْفَ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْمَالِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بَيْنَ الْمُزَارِعِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَثْلَاثًا أَوْ نِصْفَانِ فَذَلِكَ جَائِزٌ أَيْضًا وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمْ عَلَى الشَّرْطِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا وَبَذْرًا يَزْرَعُهَا سَنَتَهُ هَذِهِ بِالنِّصْفِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ: اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَدَفَعَهَا الْمُزَارِعُ إلَى رَجُلٍ آخَرَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا سَنَتَهُ هَذِهِ بِذَلِكَ الْبَذْرِ عَلَى أَنَّ لِلْآخَرِ ثُلُثَ الْخَارِجِ وَلِلْأَوَّلِ ثُلُثَيْنِ فَعَمِلَهَا الثَّانِي عَلَى هَذَا فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا كَمَا شَرَطَاهُ فِي الْعَقْدِ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا وَالْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ صَارَ مُخَالِفًا بِإِشْرَاكِ الْغَيْرِ فِي الْخَارِجِ بِغَيْرِ رِضَا رَبِّ الْأَرْضِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُضَمِّنَ بَذْرَهُ أَيَّهمَا شَاءَ وَكَذَلِكَ نُقْصَانُ الْأَرْضِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ فَإِنْ ضَمَّنَهَا الْآخَرَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنْ ضَمَّنَهَا الْأَوَّلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآخَرِ وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ إنَّمَا يُضَمِّنُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ لِلْآخَرِ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ يَأْخُذُ الْأَوَّلُ مِنْ نَصِيبِهِ بَذْرَهُ الَّذِي ضَمِنَ وَمَا غَرِمَ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ وَلَا يَتَصَدَّقُ الْآخَرُ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ قَالَ لَهُ: اعْمَلْ فِيهَا بِرَأْيِك وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ ثُلُثُ الْخَارِجِ لِلْآخَرِ إذَا وَجَبَ لَهُ ثُلُثُ الْخَارِجِ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ فَيَنْصَرِفُ ذَلِكَ إلَى نَصِيبِهِ خَاصَّةً. وَذَلِكَ ثُلُثَا نَصِيبِهِ وَرَبُّ الْأَرْضِ مُسْتَحِقٌّ لِنِصْفِ الْخَارِجِ كَمَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ وَيَبْقَى ثُلُثُ نَصِيبِ الْمُزَارِعِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ سُدُسُ جَمِيعِ الْخَارِجِ فَيَكُونُ لَهُ بِضَمَانِ الْعَمَلِ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ الْبَذْرَ وَالْأَرْضَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا سَنَتَهُ هَذِهِ فَمَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِك فَدَفَعَهَا الْمُزَارِعُ إلَى رَجُلٍ بِالنِّصْفِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ الْخَارِجِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ مَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ هُنَا نِصْفُ جَمِيعِ الْخَارِجِ وَإِنَّمَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ نِصْفَ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْأَوَّلِ وَذَلِكَ مَا وَرَاءُ نَصِيبِ الْآخَرِ فَكَانَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ إنَّمَا شَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ لِنَفْسِهِ نِصْفَ جَمِيعِ الْخَارِجِ فَلَا يُنْتَقَضُ حَقُّهُ بِعَقْدِ الْأَوَّلِ مَعَ الثَّانِي وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى لَكَ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ أَوْ قَالَ: مَا أَصَبْتَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ فَهَذَا وَقَوْلُهُ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى سَوَاءٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ: اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ الْأَوَّلُ مُخَالِفًا ضَامِنًا حِينَ زَرَعَهَا الْآخَرُ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَيُضَمِّنُ رَبُّ الْأَرْضِ بَذْرَهُ أَيَّهمَا شَاءَ وَفِي نُقْصَانِ الْأَرْضِ خِلَافٌ كَمَا بَيَّنَّا وَلَوْ لَمْ يَزْرَعْ الْآخَرُ حَتَّى ضَاعَ الْبَذْرُ مِنْ يَدِهِ أَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ فَفَسَدَتْ وَدَخَلَهَا عَيْبٌ يُنْقِصُهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ إلَى الثَّانِي لَا يَصِيرُ مُخَالِفًا أَلَا تَرَى.

أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الْبَذْرَ وَالْأَرْضَ وَاسْتَعَانَ بِهِ فِي عَمَلِ الزِّرَاعَةِ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ الْأَوَّلُ مِنْ غَيْرِهِ فَالْخَارِجُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَرَبِّ الْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ الْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ دَفَعَ الْأَرْضَ إلَى غَيْرِهِ عَارِيَّةً لِيَزْرَعَهَا لِنَفْسِهِ كَانَتْ الْإِعَارَةُ جَائِزَةً وَإِذَا زَرَعَهَا الْمُسْتَعِيرُ سَلَّمَ الْخَارِجَ لَهُ وَيَغْرَمُ الْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرَ مِثْلِ جَمِيعِ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ مِنْهُ بِنِصْفِ الْخَارِجِ وَلَمْ يُسَلِّمْ لِرَبِّ الْأَرْضِ شَيْئًا مِنْ الْخَارِجِ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَمَا إذَا لَمْ يُعِرْ الْأَرْضَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَزْرَعْ بِنَفْسِهِ أَوْ أَعَارَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَزْرَعْهَا الْمُسْتَعِيرُ فَإِنَّهُ لَا يَغْرَمُ الْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ لِرَبِّ الْأَرْضِ شَيْئًا مِنْ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ أَرْضًا يَزْرَعُهَا سَنَتَهُ هَذِهِ بِبَذْرِهِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِك أَوْ لَمْ يَقُلْ فَدَفَعَهَا الْمُزَارِعُ وَبَذْرًا مَعَهَا إلَى رَجُلٍ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ فَهُوَ جَائِزٌ ثُمَّ إذَا حَصَلَ الْخَارِجُ هُنَا فَنِصْفُهُ لِلْآخَرِ بِمُقَابَلَةِ عَمَلِهِ كَمَا أَوْجَبَهُ لَهُ صَاحِبُ الْبَذْرِ وَنِصْفُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ بِإِزَاءِ مَنْفَعَةِ أَرْضِهِ كَمَا شَرَطَ لَهُ صَاحِبُ الْبَذْرِ وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَلَوْ كَانَ شَرَطَ لِلْمُزَارِعِ الْآخَرِ ثُلُثَ الْخَارِجِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا جَازَ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ النِّصْفُ وَلِلْأَوَّلِ السُّدُسُ طَيِّبٌ لَهُ وَلَوْ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهَا بِبَذْرِهِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَدَفَعَهَا الْأَوَّلُ إلَى الْآخَرِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهَا بِبَذْرِهِ عَلَى أَنَّ لِلْآخَرِ ثُلُثَيْ الْخَارِجِ وَلِلْأَوَّلِ الثُّلُثَ فَعَمَلَهَا عَلَى ذَلِكَ فَثُلُثَا الْخَارِجِ لِلْآخَرِ لِأَنَّ الْخَارِجَ نَمَاءُ بَذْرِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْغَيْرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْهُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَإِنَّمَا شَرَطَ لِلْأَوَّلِ ثُلُثَ الْخَارِجِ ثُمَّ هَذَا الثُّلُثُ يَكُونُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى الْمُزَارِعِ الْأَوَّلِ أَجْرُ مِثْلِ ثُلُثِ أَرْضِهِ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْأَوَّلِ كَانَ ثُلُثَا الْخَارِجِ لِلْآخَرِ كَمَا أَوْجَبَهُ الْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ وَالثُّلُثُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ ثُلُثِ أَرْضِهِ عَلَى الْمُزَارِعِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ تَوْلِيَةِ الْمُزَارِعِ وَمُشَارَكَتِهِ وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا وَبَذْرًا مُزَارَعَةً عَلَى أَنَّ لِلْمُزَارِعِ مِنْ الْخَارِجِ عِشْرِينَ قَفِيزًا وَلِرَبِّ الْأَرْضِ مَا بَقِيَ وَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِك فِيهِ أَوْ لَمْ يَقُلْ فَدَفَعَ الْمُزَارِعُ الْأَرْضَ وَالْبَذْرَ إلَى رَجُلٍ بِالنِّصْفِ مُزَارَعَةً فَعَمِلَ فَالْخَارِجُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلِلْآخَرِ عَلَى الْأَوَّلِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلِلْأَوَّلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَرْضَ وَالْبَذْرَ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ وَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِك أَوْ لَمْ يَقُلْ فَدَفَعَهَا إلَى آخَرَ مُزَارَعَةً عَلَى أَنَّ لِلْآخَرِ مِنْهُ عِشْرِينَ قَفِيزًا فَالْمُزَارَعَةُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَاسِدَةٌ وَلِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَالْخَارِجُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَرَبِّ الْأَرْضِ نِصْفَانِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ بِعِشْرِينَ قَفِيزًا مِنْ الْخَارِجِ وَالْبَاقِي لِلْمُزَارِعِ أَوْ كَانَ شَرَطَ أَقْفِزَةً لِلْمُزَارِعِ وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْأَرْضِ فَدَفَعَهَا الْمُزَارِعُ إلَى آخَرَ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ وَالْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ فَعَمِلَ فَالْخَارِجُ بَيْنَ الْمُزَارِعَيْنِ نِصْفَانِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ الْآخَرُ فِي الْأَرْضِ بَعْدَمَا تَعَاقَدَا الْمُزَارَعَةَ حَتَّى أَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَخْذَ الْأَرْضِ وَنَقْضَ مَا تَعَاقَدَا عَلَيْهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ يُنْقَضُ الْعَقْدُ الثَّانِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ لِاسْتِحْقَاقِ نَقْضِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِسَبَبِ الْفَسَادِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ الْأَوَّلِ يُنْقَضُ اسْتِئْجَارُ الْأَوَّلِ الثَّانِي لِفَسَادِ الْعَقْدِ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ قَدْ زَرَعَ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُ أَرْضِهِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ دَفَعَهَا إلَى الْأَوَّلِ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ وَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ فِيهَا بِرَأْيِك أَوْ لَمْ يَقُلْ فَدَفَعَهَا الْأَوَّلُ وَبَذْرًا مَعَهَا إلَى الثَّانِي مُزَارَعَةً بِعِشْرِينَ قَفِيزًا مِنْ الْخَارِجِ فَالْعَقْدُ الثَّانِي فَاسِدٌ وَلِلْآخَرِ عَلَى الْأَوَّلِ أَجْرُ عَمَلِهِ وَالْخَارِجُ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ نِصْفَانِ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْآخَرِ كَانَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَهُ وَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ مُشَارَكَةِ الْعَامِلِ مَعَ آخَرَ. دَفَعَ أَرْضَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِمَا جَمِيعًا وَالْبَقَرُ مِنْ عِنْدِ الْأَكَّارِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَشَارَكَ الْأَكَّارُ فِي نَصِيبِهِ رَجُلًا فَعَمِلَ مَعَهُ فَالْمُزَارَعَةُ وَالشَّرِكَةُ فَاسِدَتَانِ وَالزَّرْعُ بَيْنَ الدَّافِعِ وَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ عَلَى قَدْرِ بَذْرِهِمَا وَلِصَاحِبِ الْبَذْرِ عَلَى الْمُزَارِعِ الْأَوَّلِ أَجْرُ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ وَعَلَى الْمُزَارِعِ الْأَوَّلِ أَيْضًا لِلْعَامِلِ الثَّانِي أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ وَلَيْسَ.

الباب السادس في المزارعة التي تشترط فيها المعاملة

لِلْمُزَارِعِ الْأَوَّلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِيمَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ فَلَا يَسْتَوْجِبُ بِذَلِكَ أَجْرًا وَيَتَصَدَّقُ الْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ بِفَضْلِ نَفَقَتِهِ وَبَذْرِهِ وَمَا غَرِمَ لِأَنَّهُ فَضْلُ زَرْعٍ خَرَجَ لَهُ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. دَفَعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَرْضَهُ إلَيْهِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَبَقَرِهِ مَعَ هَذَا الرَّجُلِ الْآخَرِ عَلَى أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ شَيْءٍ فَثُلُثُهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَثُلُثُهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَالْبَقَرِ وَثُلُثُهُ لِذَلِكَ الْعَامِلِ وَهَذَا صَحِيحٌ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْعَامِلِ الْأَوَّلِ فَاسِدٌ فِي حَقِّ الْعَامِلِ الثَّانِي فَيَكُونُ ثُلُثُ الْخَارِجِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَثُلُثَاهُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَلِلْعَامِلِ الثَّانِي أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَفْسُدَ الْمُزَارَعَةُ فِي حَقِّ الْكُلِّ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ وَهُوَ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ جَمَعَ بَيْنَ اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ وَالْعَامِلِ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمْ عَلَى الشَّرْطِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْمُزَارَعَةِ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِيهَا الْمُعَامَلَةُ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْمُزَارَعَةِ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِيهَا الْمُعَامَلَةُ) الْمُعَامَلَةُ إذَا شُرِطَتْ فِي الْمُزَارَعَةِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ جَمِيعًا وَلَوْ كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ مَعْطُوفَةً عَلَى الْمُزَارَعَةِ جَازَتْ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ وَإِذَا دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا بَيْضَاءَ مُزَارَعَةً وَفِيهَا نَخِيلٌ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ عَلَى أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَاشْتَرَطَ ذَلِكَ سِنِينَ مَعْلُومَةً فَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّ فِي حَقِّ الْأَرْضِ الْعَامِلَ مُسْتَأْجِرٌ لَهَا بِنِصْفِ الْخَارِجِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَفِي حَقِّ النَّخِيلِ رَبُّ النَّخِيلِ مُسْتَأْجِرٌ لَهُ بِنِصْفِ الْخَارِجِ فَهُمَا عَقْدَانِ مُخْتَلِفَانِ لِاخْتِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَدْ جَاءَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ شَرْطًا فِي الْآخَرِ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ الْخَارِجُ مِنْ الْأَرْضِ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَيَتَصَدَّقُ الْمُزَارِعُ بِالْفَضْلِ لِأَنَّهُ رَبَّى زَرْعَهُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَالْخَارِجُ مِنْ الْعَمَلِ كُلُّهُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ فِي النَّخِيلِ وَيَطِيبُ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ وَلَوْ كَانَ الشَّرْطُ بَيْنَهُمَا فِي النَّخِيلِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ أَوْ فِي الزَّرْعِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ. فَالْجَوَابُ وَاحِدٌ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا جَازَ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ لِيَعْمَلَ فِي أَرْضِهِ وَنَخْلِهِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ فِيهِمَا وَاحِدًا لِاتِّحَادِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْفَعَةُ الْعَامِلِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ فِي النَّخِيلِ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الثِّمَارِ وَفِي الزَّرْعِ النِّصْفَ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مِقْدَارِ الْبَذْرِ الْمَشْرُوطِ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا وَكَرْمًا عَلَى نَحْوِ هَذَا كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي النَّخْلِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا بَيْضَاءَ فِيهَا نَخِيلٌ فَقَالَ: أَدْفَعُ إلَيْك هَذِهِ الْأَرْضَ تَزْرَعُهَا بِبَذْرِك وَعَمَلِك عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَك نِصْفَانِ وَأَدْفَعُ إلَيْك مَا فِيهَا مِنْ النَّخْلِ مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ وَتَسْقِيَهُ وَتُلَقِّحَهُ فَمَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ أَوْ قَالَ: لَك مِنْهُ الثُّلُثُ وَلِي الثُّلُثَانِ وَقَدْ وَقَّتَا لِذَلِكَ سِنِينَ مَعْلُومَةً فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ أَحَدَ الْعَقْدَيْنِ هَاهُنَا شَرْطًا فِي الْآخَرِ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ مَعْطُوفًا وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا وَكَرْمًا وَقَالَ: ازْرَعْ هَذِهِ الْأَرْضَ بِبَذْرِك وَقُمْ عَلَى هَذَا الْكَرْمِ فَاكْسَحْهُ وَاسْقِهِ فَهَذَا عَقْدٌ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ مَا شَرَطَ أَحَدَ الْعَقْدَيْنِ فِي الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْخِلَافِ فِي الْمُزَارَعَةِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْخِلَافِ فِي الْمُزَارَعَةِ) إذَا دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا حِنْطَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ غَيْرَ الْحِنْطَةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَى الْأَرْضِ وَأَقَلَّ ضَرَرًا بِالْأَرْضِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: خُذْ هَذِهِ الْأَرْضَ تَزْرَعُهَا حِنْطَةً أَوْ لِتَزْرَعَهَا حِنْطَةً أَوْ قَالَ: فَازْرَعْهَا حِنْطَةً بِالْفَاءِ فَهَذَا كُلُّهُ شَرْطٌ حَتَّى لَوْ زَرَعَ غَيْرَ الْحِنْطَةِ يَصِيرُ مُخَالِفًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ قَالَ: وَازْرَعْهَا حِنْطَةً بِالْوَاوِ هَلْ يَكُونُ شَرْطًا أَوْ يَكُونُ مَشُورَةً لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُزَارَعَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُضَارَبَةِ إذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً وَقَالَ: خُذْ هَذَا الْأَلْفَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَاعْمَلْ بِهِ.

الباب الثامن في الزيادة والحط من رب الأرض والنخيل والمزارع والعامل

فِي الْكُوفَةِ فَهَذَا مَشُورَةٌ حَتَّى لَوْ عَمِلَ بِهِ فِي غَيْرِ الْكُوفَةِ لَا يَصِيرُ مُخَالِفًا فَمِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي الْمُزَارَعَةِ كَذَلِكَ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَقُولُ: يُعْتَبَرُ هَذَا شَرْطًا فِي الْمُزَارَعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ شَرْطًا كَانَ هَذَا بَيَانًا لِنَوْعِ الْبَذْرِ فَتَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَشُورَةً لَا يَكُونُ بَيَانًا لِنَوْعِ الْبَذْرِ فَلَا تَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ قِيَاسًا بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُزَارِعٌ سَنَةً زَرَعَ الْأَرْضَ فَأَكَلَهُ الْجَرَادُ أَوْ أَكَلَ أَكْثَرَهُ وَبَقِيَ شَيْءٌ قَلِيلٌ فَأَرَادَ الْمُزَارِعُ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا شَيْئًا آخَرَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ قَالُوا: يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ بَيْنَهُمَا أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا نَوْعًا مُعَيَّنًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ غَيْرَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ عَامَّةً عَلَى أَنْ يَزْرَعَ مَا شَاءَ أَوْ مُطْلَقَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا شَاءَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدِي وَإِنْ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي نَوْعٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا مَا هُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ أَوْ دُونَهُ فِي الضَّرَرِ بِالْأَرْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّامِن فِي الزِّيَادَة وَالْحَطّ مِنْ رَبّ الْأَرْض وَالنَّخِيل وَالْمَزَارِع وَالْعَامِل] (الْبَابُ الثَّامِن فِي الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَالنَّخِيلِ وَالْمُزَارِعِ وَالْعَامِلِ) أَصْلُهُ إنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِحَالٍ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْمُزَارَعَةِ عَلَيْهِ جَازَتْ الزِّيَادَةُ وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْبَدَلِ مُعْتَبَرَةٌ بِالْأَصْلِ وَالْأَصْلُ يَقْتَضِي مَعْقُودًا عَلَيْهِ لِيَكُونَ بِإِزَائِهِ وَكَذَلِكَ الزِّيَادَةُ تَقْتَضِي مَعْقُودًا عَلَيْهِ لِتُجْعَلَ بِإِزَائِهِ وَالْحَطُّ جَائِزٌ فِي الْحَالَيْنِ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ بَعْضِ الْبَدَلِ فَيَسْتَدْعِي قِيَامَ الْبَدَلِ لَا قِيَامَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِذَا زَادَ أَحَدُهُمَا فِي الْخَارِجِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ اسْتِحْصَادِ الزَّرْعِ وَتَنَاهَى عِظَمُ الْبُسْرِ جَازَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ عَلَى الْخَارِجِ مَا دَامَ فِي حَدِّ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِيهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَعْدِهِ لَا تَجُوزُ مِنْ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَالنَّخْلِ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ وَتَجُوزُ مِمَّنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ صَاحِبِ الْبَذْرِ فِي حَالٍ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْمُزَارَعَةِ عَلَى الْخَارِجِ فَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ زِيَادَةٍ فِي الْبَدَلِ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنَافِعُ وَلَا يُمْكِنُ تَجْوِيزُهَا بِطَرِيقِ الْحَطِّ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ مُسْتَأْجِرٌ وَالْمُسْتَأْجِرُ مُشْتَرٍ وَالزِّيَادَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يُمْكِنُ تَجْوِيزُهَا حَطًّا لِأَنَّ الثَّمَنَ عَلَيْهِ لَا لَهُ فَكَذَا هُنَا الْخَارِجُ فَلَا يُمْكِنُ حَطُّهُ فَأَمَّا مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ مُؤَاجِرٌ وَالْمُؤَاجِرُ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ حَطُّ الْأُجْرَةِ فَتُجْعَلُ الزِّيَادَةُ مِنْهُ فِي الْخَارِجِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ حَطًّا مِنْهُ عَنْ بَعْضِ الْأَجْرِ وَالْحَطُّ جَائِزٌ حَالَ فَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالزَّرْعُ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَقْتَ الْحَطِّ وَحَطُّ الْأَعْيَانِ لَا يَصِحُّ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَيْنًا وَقْتَ الْعَقْدِ فَصَحَّ الْحَطُّ وَصَارَ الْمَحْطُوطُ مِلْكًا لِمَنْ وَقَعَ الْحَطُّ لَهُ كَالْبَائِعِ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْمُشْتَرِي عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ صَحَّ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَقْتَ الْحَطِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا تَعَاقَدَ الرَّجُلَانِ مُزَارَعَةً أَوْ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ وَعَمِلَ فِيهَا الْعَامِلُ حَتَّى حَصَلَ الْخَارِجُ ثُمَّ زَادَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مِنْ نَصِيبِهِ السُّدُسَ وَحَصَلَ لَهُ الثُّلُثَانِ وَرَضِيَ بِذَلِكَ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ اسْتِحْصَادِ الزَّرْعِ وَلَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُ الْبُسْرِ جَازَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ اسْتِحْصَادِ الزَّرْعِ وَتَنَاهَى عِظَمُ الْبُسْرِ فَإِنْ كَانَ الزَّائِدُ صَاحِبَ الْأَرْضِ وَصَاحِبَ النَّخْلِ فِي الْمُعَامَلَةِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ هُوَ الزَّائِدُ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الَّذِي لَا بَذْرَ مِنْ قِبَلِهِ هُوَ الَّذِي زَادَ صَاحِبَ الْبَذْرِ وَإِذَا اشْتَرَطَا الْخَارِجَ فِي الْمُعَامَلَةِ وَالْمُزَارَعَةِ نِصْفَيْنِ فَاشْتَرَطَا لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ أَوْ الشَّرْطُ ثُمَّ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَلِصَاحِبِ النَّخِيلِ فِي الْمُعَامَلَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ زَادَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عِشْرِينَ قَفِيزًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب التَّاسِع مَاتَ رَبّ الْأَرْض أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّة وَالزَّرْع بَقْلٌ أَوْ الْخَارِجُ بُسْرٌ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا إذَا مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ أَوْ الْخَارِجُ بُسْرٌ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ مَوْتِ الْمُزَارِعِ أَوْ الْعَامِلِ أَوْ مَوْتِهِ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ) (وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْضُ مَسَائِلِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّرْعِ)

إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا مُزَارَعَةً وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَمَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْدَ مَا نَبَتَ الزَّرْعُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْصَدَ فَالْقِيَاسُ أَنْ تُنْقَضَ الْمُزَارَعَةُ وَلِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذُوا أَرْضَهُمْ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَبْقَى الْعَقْدُ إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ وَلَا يُثْبِتُ إجَارَةً مُبْتَدَأَةً وَكَانَ لِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثَةٌ إنْ شَاءُوا قَلَعُوا الزَّرْعَ. وَيَكُونُ الْمَقْلُوعُ بَيْنَهُمْ وَإِنْ شَاءُوا أَنْفَقُوا عَلَى الزَّرْعِ بِأَمْرِ الْقَاضِي حَتَّى يَرْجِعُوا عَلَى الْمُزَارِعِ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ وَإِنْ شَاءُوا غَرِمُوا حِصَّةَ الْمُزَارِعِ مِنْ الزَّرْعِ وَالزَّرْعُ لَهُمْ هَذَا إذَا مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَأَمَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَلَكِنْ بَعْدَمَا عَمِلَ الْمُزَارِعُ فِي الْأَرْضِ بِأَنْ كَرِبَ الْأَرْضَ وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ وَسَوَّى الْمُسَنَّاةَ انْتَقَضَتْ الْمُزَارَعَةُ وَلَا تَبْقَى صِيَانَةً لِحَقِّهِ فِي الْأَعْمَالِ وَأَمَّا إذَا مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ قَبْلَ النَّبَاتِ هَلْ تَبْقَى الْمُزَارَعَةُ؟ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ لَمْ يَمُتْ رَبُّ الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَكِنَّ الْمُزَارِعَ قَدْ كَانَ أَخَّرَ الزِّرَاعَةَ فَزَرَعَ فِي آخِرِ السَّنَةِ وَانْقَضَتْ السَّنَةُ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ لَمْ يُسْتَحْصَدْ فَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَ الزَّرْعَ وَأَبَى الْمُزَارِعُ لَا يَتَمَكَّنُ رَبُّ الْأَرْضِ مِنْ الْقَلْعِ وَيَثْبُتُ بَيْنَهُمَا إجَارَةً فِي نِصْفِ الزَّرْعِ حُكْمًا إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ صِيَانَةً لِحَقِّ الْمُزَارِعِ فِي الزَّرْعِ حَتَّى يَغْرَمَ الْمُزَارِعُ نِصْفَ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَفِيمَا إذَا مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ فِي وَسَطَ الْمُدَّةِ وَقَالَ الْمُزَارِعُ: لَا أَقْلَعُ الزَّرْعَ لَا يَثْبُتُ إجَارَةً مُبْتَدَأَةً بَلْ يَبْقَى عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ حَتَّى لَا يَغْرَمَ الْمُزَارِعُ لِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ شَيْئًا وَالْعَمَلُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ فِي وَسَطِ السَّنَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَإِنَّ جَمِيعَ الْعَمَلِ عَلَى الْمُزَارِعِ حَتَّى لَا يَقْلَعَ الزَّرْعَ. وَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْمُزَارِعُ أَجْرَ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُرِدْ الْمُزَارِعُ الْقَلْعَ فَإِنْ أَرَادَ الْقَلْعَ كَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثَةٌ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَفِي حَقِّ وَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا إذَا مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ فِي وَسَطِ الْمُدَّةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ وَبَيْنَ مَا إذَا انْتَهَتْ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَقَالَ فِي فَصْلِ الْمَوْتِ: إذَا أَنْفَقَ وَرَثَةُ رَبِّ الْأَرْضِ بِأَمْرِ الْقَاضِي عَلَى الزَّرْعِ رَجَعُوا عَلَى الْمُزَارِعِ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ وَفِي فَصْلِ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ قَالَ: إذَا أَنْفَقَ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى الزَّرْعِ بِأَمْرِ الْقَاضِي رَجَعَ عَلَى الْمُزَارِعِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُعَامَلَةِ وَالثَّمَرُ لَمْ يُدْرَكْ بَعْدُ وَأَبَى الْعَامِلُ الصَّرْمَ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ إجَارَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُزَارَعَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَإِنَّهُ تُتْرَكُ الْأَرْضُ فِي يَدِ الْمُزَارِعِ بِأَجْرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَزَرَعَ الْأَرْضَ ثُمَّ مَاتَ الْمُزَارِعُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْصِدَ فَقَالَ وَرَثَتُهُ: نَحْنُ نَعْمَلُ فِيهَا عَلَى حَالِهَا فَلَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ وَلَا أَجْرَ لَهُمْ فِي الْعَمَلِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ قَالُوا لَا نَعْمَلُ لَا يُجْبَرُونَ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ اقْلَعْ الزَّرْعَ فَيَكُونُ بَيْنَك وَبَيْنَهُمْ نِصْفَيْنِ أَوْ: أَعْطِهِمْ قِيمَةَ حِصَّتِهِمْ مِنْ الزَّرْعِ أَوْ أَنْفِقْ عَلَى حِصَّتِهِمْ وَتَكُونُ نَفَقَتُك فِي حِصَّتِهِمْ مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَلَمَّا صَارَ الزَّرْعُ بَقْلًا انْقَضَى وَقْتُ الزِّرَاعَةِ فَأَيُّهُمَا أَنْفَقَ وَالْآخَرُ غَائِبٌ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي النَّفَقَةِ وَلَا أَجْرَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ وَإِذَا رَفَعَ الْعَامِلُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْأَرْضِ غَائِبٌ فَإِنَّهُ يُكَلِّفُهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ادَّعَى وَإِذَا تَأَخَّرَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَخِيفَ الْفَسَادُ عَلَى الزَّرْعِ فَإِنَّ الْقَاضِي يَقُولُ لَهُ: أَمَرْتُك بِالْإِنْفَاقِ إنْ كُنْت صَادِقًا فَالنَّظَرُ بِهَذَا يَحْصُلُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا كَانَ الْأَمْرُ مِنْ الْقَاضِي فِي مَوْضِعِهِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْأَمْرِ وَيَجْعَلُ الْقَاضِي عَلَيْهِ أَجْرَ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا سَنَتَهُ هَذِهِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَزَرَعَهَا وَلَمْ يَسْتَحْصِدْ حَتَّى هَرَبَ الْعَامِلُ فَأَنْفَقَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِأَمْرِ الْقَاضِي عَلَى الزَّرْعِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ ثُمَّ قَدِمَ الْمُزَارِعُ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الزَّرْعِ حَتَّى يُوفِيَ صَاحِبَ الْأَرْضِ جَمِيعَ نَفَقَتِهِ وَلَا يَقُولُ الْقَاضِي وَلَا يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عِنْدَهُ عَلَى مَا يَقُولُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي ثُبُوتَ وِلَايَةِ النَّظَرِ لِلْقَاضِي فِي الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى هَذَا الزَّرْعِ وَلَا يَعْرِفُ الْقَاضِي سَبَبَهُ فَيُكَلِّفُهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَيَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ مِنْهُ لِيَكْشِفَ الْحَالَ بِغَيْرِ خَصْمٍ أَوْ يَكُونُ الْقَاضِي فِيهِ خَصْمَهُ كَمَا يَكُونُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَاللُّقَطَةِ فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ كَانَ

الباب العاشر في زراعة أحد الشريكين الأرض المشتركة وزراعة الغاصب

أَمْرُ الْقَاضِي إيَّاهُ بِالْإِنْفَاقِ كَأَمْرِ الْمُودِعِ لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِجَمِيعِ مَا أَنْفَقَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ النَّفَقَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُزَارِعِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ لَمْ يَهْرُبْ وَلَكِنَّهُ انْقَضَى وَقْتُ الْمُزَارَعَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ وَالْمُزَارِعُ غَائِبٌ فَإِنَّ الْقَاضِي يَقُولُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ: أَنْفِقْ عَلَيْهِ إنْ شِئْت فَإِذَا اسْتَحْصَدَ لَمْ يَصِلْ الْعَامِلُ إلَى الزَّرْعِ حَتَّى يُعْطِيَك النَّفَقَةَ فَإِنْ أَبَى أَنْ يُعْطِيَك النَّفَقَةَ أَبِيعُ حِصَّتَهُ مِنْ الزَّرْعِ وَأُعْطِيكَ مِنْ الثَّمَنِ حِصَّتَهُ مِنْ النَّفَقَةِ فَإِنْ لَمْ تَفِ بِذَلِكَ حِصَّتُهُ فَلَا شَيْءَ لَك عَلَيْهِ فَإِنْ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ النَّفَقَةَ بَاعَ الْقَاضِي حِصَّتَهُ قِيلَ هَذَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمَا فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَبِيعُ الْقَاضِي حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ وَقِيلَ: بَلْ هُوَ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا وَلَا يَتَصَدَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْ الزَّرْعِ الَّذِي صَارَ لَهُ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ خَبَثٌ وَلَا فَسَادٌ فِي السَّبَبِ الَّذِي بِهِ سَلَّمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الزَّرْعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُزَارَعَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ وَغَابَ أَحَدُهُمَا فَإِنْ كَانَ الْغَائِبُ رَبَّ الْأَرْضِ فَرَفَعَ الْمُزَارِعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَهُ بِالْإِنْفَاقِ فَالْقَاضِي لَا يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ أَنَّ الزَّرْعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبِ فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ حِينَئِذٍ يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ وَلَيْسَ سَمَاعُ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَإِنَّ رَبَّ الْأَرْضِ لَوْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ الشَّرِكَةَ وَقَالَ: الْأَرْضُ وَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِي وَقَدْ غَصَبَهَا مِنِّي لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِالنَّفَقَةِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مَا لَمْ يُعِدْ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الزَّرْعَ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا سَمَاعُ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ لِإِيجَابِ الْحِفْظِ عَلَى الْقَاضِي لِأَنَّ الْمُدَّعِي بِمَا ادَّعَى يُرِيدُ بِهِ إيجَابَ الْحِفْظِ عَلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّ حِفْظَ مَالِ الْغَائِبِ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي فَكَانَ لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَلْتَزِمَ ذَلِكَ بِمَجْرَدِ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِدُونِ الْبَيِّنَةِ فَقَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ إنْ شَاءَ أَمَرَهُ بِالْإِنْفَاقِ مُقَيَّدًا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَنْفِقْ إنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا وَصَفْت وَبَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ مُطْلَقًا حَتْمًا فَيَقُولُ لَهُ: أَنْفِقْ وَإِنْ خَافَ الْقَاضِي الْهَلَاكَ عَلَى الزَّرْعِ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ مُقَيَّدًا عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا وَتَقْدِيرُ قَوْلِ الْقَاضِي لَهُ أَنْفِقْ إنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا وَصَفْت إنْ كَانَ الزَّرْعُ مُشْتَرَكًا بَيْنَك وَبَيْنَ فُلَانٍ فَقَدْ أَمَرْتُك بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَنَّ لَك الرُّجُوعَ بِالنَّفَقَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشْتَرَكًا وَقَدْ غَصَبْتَهَا مَزْرُوعَةً فَلَا رُجُوعَ لَك وَإِنْ أَمَرْتُك بِالْإِنْفَاقِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَا يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ وَكَذَا لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَبَى أَنْ يُنْفِقَ وَلَوْ غَابَ الْمُزَارِعُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ يُنْفِقُ الْحَاضِرُ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ مَا أَنْفَقَ عَلَى الْغَائِبِ هَلَكَ الزَّرْعُ أَوْ بَقِيَ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَامِلُ مُعْسِرًا لَيْسَ لَهُ مَا يُنْفِقُ فَالْجَوَابُ مَا ذَكَرْنَا وَلَوْ أَنْفَقَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا يُجْبَرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُزَارَعَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَ الزَّرْعَ وَأَبَى الْمُزَارِعُ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلْمُزَارِعِ مِنْ الْخِيَارَاتِ مَا ثَبَتَ لِرَبِّ الْأَرْضِ حَتَّى أَنَّ الْمُزَارِعَ لَوْ قَالَ: أَنَا أُعْطِي قِيمَةَ حِصَّةِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ رِضَا رَبِّ الْأَرْضِ وَلَوْ أَرَادَ الْمُزَارِعُ الْقَلْعَ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْمُزَارِعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ صَاحِبُ أَصْلٍ وَالْمُزَارِعَ صَاحِبُ تَبَعٍ وَلِصَاحِبِ الْأَصْلِ أَنْ يَتَمَلَّكَ التَّبَعَ مِنْ غَيْرِ رِضَا صَاحِبِ التَّبَعِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ التَّبَعِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْأَصْلَ مِنْ غَيْرِ رِضَا صَاحِبِ الْأَصْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي زِرَاعَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْأَرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ وَزِرَاعَةِ الْغَاصِبِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي زِرَاعَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْأَرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ وَزِرَاعَةِ الْغَاصِبِ) فِي النَّوَازِلِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلَيْنِ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ فَغَابَ أَحَدُهُمَا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَزْرَعَ نِصْفَ الْأَرْضِ، وَلَوْ أَرَادَ فِي الْعَامِ الثَّانِي أَنْ يَزْرَعَ زَرَعَ النِّصْفَ الَّذِي كَانَ زَرَعَ، كَذَا ذَكَرَهَا هُنَا، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّ الزَّرْعَ يَنْفَعُ الْأَرْضَ أَوْ لَا يَنْقُصُهَا فَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ كُلَّهَا، وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِكُلِّ الْأَرْضِ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ فِي مِثْلِ هَذَا ثَابِتٌ دَلَالَةً، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الزَّرْعَ يَنْقُصُهَا أَوْ التَّرْكَ يَنْفَعُهَا وَيَزِيدُهَا قُوَّةً لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ

شَيْئًا مِنْهَا أَصْلًا؛ لِأَنَّ الرِّضَا غَيْرُ ثَابِتٍ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. . أَرَاضِي مُشَاعَةٌ بَيْنَ قَوْمٍ عَمَدَ بَعْضُهُمْ إلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَزَرَعَهُ بِبَذْرِهِ وَسَاقَ الْبَعْضُ الْمَاءَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمْ وَاشْتَرَكَ الْأَرْضَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ سِنِينَ، وَذَلِكَ كُلُّهُ بِغَيْرِ أَمْرِ شُرَكَائِهِ، إنْ كَانَ الَّذِي اُشْتُغِلَ مِنْ الْأَرْضِ هُوَ مِقْدَارُ حِصَّتِهِ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْمُهَايَأَةِ، وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَتَهَايَئُونَ وَلَمْ يَكُنْ شُرَكَاؤُهُ طَلَبُوا الْقِسْمَةَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا اُشْتُغِلَ وَلَا يُشْرِكُهُ شُرَكَاؤُهُ فِيمَا اشْتَرَكَ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. . فِي بَعْضِ الْكُتُبِ رَجُلٌ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ إنَّ الزَّارِعَ قَالَ لِرَبِّ الْأَرْضِ: ادْفَعْ إلَيَّ بَذْرِي وَأَكُونُ أَكَّارًا لَكَ فَدَفَعَ، فَقَدْ قِيلَ: إنْ كَانَ الزَّارِعُ قَالَ هَذَا وَقْتَ كَانَتْ الْحِنْطَةُ الْمَبْذُورَةُ قَائِمَةً فِي الْأَرْضِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَيَصِيرُ الزَّارِعُ مُمَلَّكًا الْحِنْطَةَ الْمَزْرُوعَةَ بِحِنْطَةٍ مِثْلِهَا وَذَلِكَ جَائِزٌ، وَيَصِيرُ الزَّارِعُ أَكَّارًا لَهُ، وَتَكُونُ هَذِهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً عَلَى مَا هُوَ جَوَابُ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُبَيِّنَا مُدَّةَ الْمُزَارَعَةِ، وَإِنْ قَالَ الْمُزَارِعُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ بَعْدَ مَا فَسَدَتْ الْحِنْطَةُ الْمَزْرُوعَةُ لَا يَجُوزُ، وَعَنْ الثَّانِي لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي أَرْضِهِ فَزَرَعَ ثُمَّ إنَّ رَبَّهَا أَرَادَ إخْرَاجَ الْمُزَارِعِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ تَغْرِيرَ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، وَإِنْ قَالَ لَهُ رَبُّهَا: خُذْ بَذْرَكَ وَنَفَقَتَكَ وَيَكُونُ الزَّرْعُ لِي وَرَضِيَ بِهِ الْمُزَارِعُ، إنْ كَانَ قَبْلَ النَّبَاتِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ بَيْعَ الزَّرْعِ قَبْلَ النَّبَاتِ لَا يَجُوزُ، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ حَالَ قِيَامِ الْبَذْرِ أَوْ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهِ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ تَأْوِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ بَعْدَ مَا كَانَ الْبَذْرُ مُسْتَهْلَكًا حَتَّى تَصِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُوَافِقَةً لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، أَوْ يُحْمَلَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. . زَرَعَ أَرْضَ الْغَيْرِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ صَاحِبُ الْأَرْضِ إلَّا عِنْدَ الِاسْتِحْصَادِ وَرَضِيَ بِهِ حِينَ عَلِمَ أَوْ قَالَ مَرَّةً لَا أَرْضَى بِهِ ثُمَّ قَالَ رَضِيتُ طَابَ الزَّرْعُ لِلْمَزَارِعِ، نَصَّ فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ الْفَقِيهِ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. . وَلَوْ أَنَّ ثَلَاثَةً أَخَذُوا أَرْضًا بِالنِّصْفِ لِيَزْرَعُوهَا بِالشَّرِكَةِ فَغَابَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَزَرَعَ الِاثْنَانِ بَعْضَ الْأَرْضِ حِنْطَةً ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرُ وَزَرَعَ بَعْضَ الْأَرْضِ شَعِيرًا، إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِإِذْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَالْحِنْطَةُ بَيْنَهُمْ وَيَرْجِعُ صَاحِبَا الْحِنْطَةِ عَلَى الْآخَرِ بِثُلُثِ الْحِنْطَةِ الَّتِي بَذَرَا وَالشَّعِيرُ أَيْضًا بَيْنَهُمْ، وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الشَّعِيرِ عَلَيْهِمَا بِثُلُثَيْ الشَّعِيرِ الَّذِي بَذَرَ بَعْدَ رَفْعِ نَصِيبِ صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنٍ فَالْحِنْطَةُ ثُلُثُهَا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَثُلُثَاهَا لَهُمَا وَيَغْرَمَانِ نُقْصَانَ ثُلُثِ الْأَرْضِ وَيَطِيبُ لَهُمَا ثُلُثُ الْخَارِجِ، وَأَمَّا الثُّلُثُ الْآخَرُ يَرْفَعَانِ مِنْهُ نَفَقَتَهَا وَيَتَصَدَّقَانِ بِالْفَضْلِ؛ لِأَنَّ ثُلُثَيْ ذَلِكَ نَصِيبُهُمَا وَقَدْ زَرْعَاهُ فَهُوَ عَلَى الشَّرْطِ، وَفِي الثُّلُثِ الْآخَرِ صَارَا غَاصِبَيْنِ فَصَارَ كُلُّ الْخَارِجِ مِنْهُ لَهُمَا، وَأَمَّا صَاحِبُ الشَّعِيرِ فَلَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الشَّعِيرِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ السُّدُسُ؛ لِأَنَّ ثُلُثَيْ ذَلِكَ زُرِعَ غَصْبًا فَهُوَ لَهُ وَثُلُثَهُ زُرِعَ بِحَقٍّ فَنِصْفُهُ لَهُ أَيْضًا وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ فِي مِقْدَارِ ثُلُثَيْ ذَلِكَ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. إذَا انْتَقَصَتْ الْأَرْضُ بِزِرَاعَةِ الْغَاصِبِ ثُمَّ زَالَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ رَبِّ الْأَرْضِ لَا يَبْرَأُ أَصْلًا، وَإِنْ زَالَ بِدُونِ فِعْلِهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنْ زَالَ قَبْلَ الرَّدِّ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ يَبْرَأُ، وَإِنْ زَالَ بَعْدَ الرَّدِّ لَا يَبْرَأُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَبْرَأُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَبِهِ يُفْتَى، كَالْمَبِيعِ إذَا زَالَ عَنْهُ الْعَيْبُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ يَنْقَطِعُ عَنْهُ خُصُومَةُ الْمُشْتَرِي فِي الْحَالَيْنِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً وَشَرَطَ الْبَذْرَ عَلَى الْمُزَارِعِ فَزَرَعَهَا الْمُزَارِعُ فَجَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّهَا، أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ بِدُونِ الزَّرْعِ وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِ الزَّرْعِ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بَقْلًا، وَلَا تُتْرَكُ الْأَرْضُ فِي يَدِ الْمُزَارِعِ بِإِجَارَةٍ إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ وَيَكُونَ الْقَلْعُ عَلَى الدَّافِعِ وَالْمُزَارِعِ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ الْمُزَارِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِنِصْفِ الْمَقْلُوعِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الدَّافِعِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْمَقْلُوعَ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ حِصَّتِهِ نَابِتًا فِي أَرْضِهِ لَا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: ضَمَّنَهُ قِيمَةَ حِصَّتِهِ نَابِتًا فِي أَرْضِهِ قِيمَةَ حِصَّتِهِ مِنْ زَرْعٍ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، ثُمَّ الْمُسْتَحِقُّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُضَمِّنُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ الْمُزَارِعَ خَاصَّةً وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ الْأَرْضَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ، وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُسْتَحِقُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ نُقْصَانَ الْأَرْضِ الدَّافِعَ، وَإِنْ شَاءَ الْمُزَارِعَ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُزَارِعُ بِهِ عَلَى الدَّافِعِ وَهُوَ بِنَاءً عَلَى

مَسْأَلَةِ غَصْبِ الْعَقَارِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. هَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الدَّافِعِ وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الْأَرْضَ وَأَمَرَهُمَا بِالْقَلْعِ وَقَلَعَا، فَالْمُزَارِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِنِصْفِ الْمَقْلُوعِ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْمَقْلُوعَ عَلَى الدَّافِعِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ عَلَى قَوْلِ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَبِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ عَلَى قَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْأَصْلِ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْجَوَابَ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ، إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ لَا تَعْمَلُ إجَازَتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ صَحَّتْ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ قَبْلَ الْمُزَارَعَةِ، وَلَا تَصِحُّ إجَازَتُهُ بَعْدَ الْمُزَارَعَةِ وَكَانَ كَمَنْ آجَرَ دَارَ غَيْرِهِ شَهْرًا فَأَجَازَ صَاحِبُ الدَّارِ الْإِجَازَةَ، إنْ أَجَازَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ جَازَ، وَإِنْ أَجَازَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ غَصَبَ أَرْضًا وَدَفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً سَنَةً، إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَزَرَعَهَا الْمُزَارِعُ وَلَمْ يَنْبُتْ الزَّرْعُ حَتَّى أَجَازَ رَبُّ الْأَرْضِ الْمُزَارَعَةَ جَازَتْ إجَازَتُهُ، وَمَا خَرَجَ مِنْهَا فَهُوَ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ عَلَى مَا شَارَطَهُ الْغَاصِبُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا مَا نَقَصَهَا قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ رَبُّ الْأَرْضِ، فَإِنَّ ذَلِكَ النُّقْصَانَ يَضْمَنُهُ الْمُزَارِعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ شَاءَ رَبُّ الْأَرْضِ ضَمَّنَ الْمُزَارِعَ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ، وَلَوْ نَبَتَ الزَّرْعُ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ ثُمَّ أَجَازَ رَبُّ الْأَرْضِ الْمُزَارَعَةَ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهَا بَعْدَ مَا أَجَازَهَا وَلَكِنْ لَا شَيْءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ، وَمَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنْ الْحَبِّ فَجَمِيعُ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُزَارِعِ وَالْغَاصِبِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: لَوْ أَجَازَ رَبُّ الْأَرْضِ الْمُزَارَعَةَ جَازَتْ أَنْ لَا يَكُونَ لِرَبِّ الْأَرْضِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُزَارِعَ بِقَلْعِ الزَّرْعِ وَتَفْرِيغِ الْأَرْضِ وَقَبْلَ الْإِجَازَةِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ لَا أَنْ يَصِيرَ الزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَفِي الْمُنْتَقَى أَيْضًا رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ أَرْضًا وَدَفَعَهَا إلَى رَجُلٍ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الدَّافِعِ، ثُمَّ إنَّ رَبَّ الْأَرْضِ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ وَكَانَتْ الْإِجَازَةُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَالْإِجَازَةُ بَاطِلَةٌ حَتَّى لَا يَكُونَ لِرَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ، وَالْمَعْنَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْبَذْرَ إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الدَّافِعِ فَالْعَقْدُ لَمْ يَرِدْ عَلَى حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ، قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: وَالْأَرْضُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ بِمَنْزِلَةِ الْعَارِيَّةِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَالْمُزَارِعِ. فَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إجَازَتِهِ وَيَأْخُذَ أَرْضَهُ فَإِنْ كَانَ الْمُزَارِعُ لَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ بَعْدُ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمُزَارِعُ قَدْ زَرَعَ الْأَرْضَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَنَبَتَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ أَوْ زَرَعَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَنَبَتَ أَوْ زَرَعَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَلَمْ يَنْبُتْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا أَجَازَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْرِيرَ الْمُؤْمِنِ وَأَنَّهُ حَرَامٌ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَالِكُ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ بَعْدَ مَا تَسَنْبَلَ الزَّرْعُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسْتَحْصَدْ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا أَجَازَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْغَاصِبِ: اغْرَمْ لَهُ أَجْرَ مِثْلِ أَرْضِهِ إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعَ وَبَقِيَتْ الْمُزَارَعَةُ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمُزَارِعِ عَلَى مَا كَانَتْ، فَإِنْ قَالَ الْغَاصِبُ: أَنَا أَغْرَمُ الْأَجْرَ بِقَدْرِ حِصَّتِي مِنْ الزَّرْعِ، لَمْ يُجْبَرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ لِلْمَزَارِعِ: اغْرَمْ أَنْتَ مِنْ أَجْرِ الْأَرْضِ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِكَ مِنْ الزَّرْعِ، فَإِنْ كَانَا غَرِمَا مِنْ ذَلِكَ وَرَضِيَا بِهِ كَانَ عَمَلُ الزَّرْعِ حَتَّى يَسْتَحْصِدَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ حِينَ أَبَى أَنْ يَغْرَمَ الْأَجْرَ كُلَّهُ صَارَ كَأَنَّهُ زَرْعٌ بَيْنَهُمَا زَرَعَاهُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ، فَإِنْ قَالَ الْغَاصِبُ: لَا أَغْرَمُ مِنْ الْأَجْرِ شَيْئًا وَلَكِنِّي أَقْلَعُ الزَّرْعَ فَالْمُزَارِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَلَعَ مَعَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى أَجْرَ مِثْلِ الْأَرْضِ مِنْ مَالِهِ وَعَمِلَ فِي الزَّرْعِ بِنَفْسِهِ وَأُجَرَائِهِ. فَإِذَا اسْتَحْصَدَ نَظَرَ إلَى نَصِيبِ الْغَاصِبِ فَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ مَا غَرِمَ مِنْ أَجْرِ الْأَرْضِ وَأَجْرِ الْإِجْرَاءِ فِي نَصِيبِ الْغَاصِبِ، وَكَانَ الْفَضْلُ لِلْغَاصِبِ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ أَجْرًا لِعَمَلِهِ، وَإِنْ قَالَ الْمُزَارِعُ: لَا أَغْرَمُ أَجْرًا وَلَا أَعْمَلُ فِي ذَلِكَ عَمَلًا وَأَنَا أَقْلَعُ الزَّرْعَ، فَإِنْ اجْتَمَعَ الْغَاصِبُ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ قَلْعًا وَسَلَّمَا الْأَرْضَ لِصَاحِبِهَا، وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ الْغَاصِبُ كَانَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يُؤَدِّيَ أَجْرَ مِثْلِ الْأَرْضِ وَيُقَالُ لَهُ: قُمْ عَلَى الزَّرْعِ فَاعْمَلْهُ بِنَفْسِكَ وَأُجَرَائِكَ حَتَّى يَسْتَحْصِدَ فَتَأْخُذَ مِنْ حِصَّتِهِ الزَّرْعَ مَا غَرِمْتَ عَنْهُ مِنْ أَجْرِ الْأَرْضِ وَالْأُجَرَاءِ، وَكَانَ حَالُكَ فِيهِ مِثْلُ حَالِ الْمُزَارِعِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، فَأَمَّا إذَا فَعَلَهُ

أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي وَلَا رِضَا مِنْ صَاحِبِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِيهِ وَسَلَّمَ لِلْآخَرِ نَصِيبَهُ مِنْهُ كَمُلَا. وَلَيْسَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا أَصَابَهُ مِنْ الزَّرْعِ إلَّا مَا وَجَبَ لِلْغَاصِبِ مِنْ الزَّرْعِ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ رَبُّ الْأَرْضِ الْمُزَارَعَةَ، وَإِنْ أَجَازَ رَبُّ الْأَرْضِ الْمُزَارَعَةَ قَبْلَ أَنْ يَبْذُرَ، ثُمَّ بَذَرَ فَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى أَرَادَ أَخْذَ أَرْضِهِ فَقَالَ الْمُزَارِعُ: أَنَا أَدْعُ الْمُزَارَعَةَ وَلَا حَاجَةَ لِي فِي الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْبَذْرَ لَمْ يَنْبُتْ، وَقَالَ الْغَاصِبُ: أَنَا أَمْضِي عَلَى الْمُزَارَعَةِ؛ لِأَنَّ الْبَذْرَ قَدْ فَسَدَ حِينَ طُرِحَ فِي الْأَرْضِ قِيلَ لِلْغَاصِبِ عَلَيْكَ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ، فَإِذَا رَضِيَ بِذَلِكَ وَجَبَ عَلَى الْمُزَارِعِ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى الْمُزَارَعَةِ كَمَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْغَاصِبُ، وَكَانَ الْأَجْرُ كُلُّهُ عَلَى الْغَاصِبِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُزَارِعِ وَلَا فِي حِصَّتِهِ بِشَيْءٍ، فَإِنْ قَالَ الْغَاصِبُ: لَا أُعْطِي الْأَجْرَ وَأَنَا آخُذُ الْبَذْرَ يَعْنِي مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، قِيلَ لِلْمُزَارِعِ: أَنْتَ بِالْخِيَارِ إنْ شِئْتَ فَأَبْطِلْ الْمُزَارَعَةَ وَسَلِّمْ الْغَاصِبَ بَذْرَهُ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ أَرْضِهِ، وَإِنْ شِئْتَ كَانَ عَلَيْكَ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ، فَإِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ وَلَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْبَذْرِ عَلَى أَخْذِ بَذْرِهِ سَبِيلٌ، وَيَكُونُ الْمُزَارِعُ مُتَطَوِّعًا فِيمَا غَرِمَ مِنْ أَجْرِ الْأَرْضِ وَتَكُونُ الْمُزَارَعَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَلَا يَتَصَدَّقَانِ بِشَيْءٍ مِمَّا وَجَبَ لَهُمَا مِنْ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ وَالْبَذْرَ عَلَى حَالَةٍ قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ. وَيَكُونُ لَهُ قِيمَتُهُ فَلَا يَتَصَدَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ مِنْ زِيَادَةِ الزَّرْعِ بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. وَإِذَا غَصَبَ بَذْرًا وَزَرَعَهُ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ فَقَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ، كَانَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ أَنْ يُجِيزَ فِعْلَهُ؛ لِأَنَّ قَبْلَ النَّبَاتِ الْحِنْطَةُ قَائِمَةٌ فِي الْأَرْضِ فَيُعْتَبَرُ بِمَا لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَبَعْدَ النَّبَاتِ لَا تَعْمَلُ إجَازَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا ثُمَّ زَرَعَ فَوْقَ زَرْعِهِ رَجُلٌ آخَرُ، فَالزَّرْعُ لِلثَّانِي لَكِنْ يَضْمَنُ لِلْأَوَّلِ مِثْلَ بَذْرِهِ، وَإِنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ فَضَمَانُ نُقْصَانِهَا عَلَى الْأَوَّلِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْعُيُونِ: رَجُلٌ غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا حِنْطَةً ثُمَّ اخْتَصَمَا وَهِيَ بَذْرٌ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ، فَصَاحِبُ الْأَرْضِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَهَا حَتَّى تَنْبُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: اقْلَعْ زَرْعَكَ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الْبَذْرُ فِيهِ، وَتَفْسِيرُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ وَلَيْسَ فِيهَا بَذْرٌ وَتُقَوَّمُ وَفِيهَا بَذْرٌ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ بَذْرِهِ لَكِنْ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَذَرَ أَرْضًا لَهُ وَلَمْ يَنْبُتْ فَسَقَاهُ أَجْنَبِيٌّ فَنَبَتَ، فِي الْقِيَاسِ يَكُونُ الزَّرْعُ لِلَّذِي سَقَاهُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَرْضَى بِهَذَا السَّقْيِ دَلَالَةً بِخِلَافِ مَا قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْحَبِّ مَبْذُورًا فِي الْأَرْضِ عَلَى شَرْطِ الْقَرَارِ إنْ سَقَاهَا قَبْلَ أَنْ يَفْسُدَ الْبَذْرُ فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ سَقَاهَا بَعْدَ مَا فَسَدَ الْبَذْرُ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ نَبَاتًا لَهُ قِيمَةٌ فَنَبَتَ بِسَقْيِهِ فَإِنَّ فِي الْقِيَاسِ عَلَيْهِ نُقْصَانَ الْأَرْضِ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً وَقَدْ فَسَدَ حَبُّهَا وَتُقَوَّمُ غَيْرَ مَبْذُورَةٍ فَيَغْرَمُ النُّقْصَانَ وَالزَّرْعَ لِلسَّاقِي، وَإِنْ سَقَاهَا بَعْدَ مَا نَبَتَ الزَّرْعُ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الزَّرْعِ يَوْمَ سَقَاهَا وَالزَّرْعُ لِلسَّاقِي، وَإِنْ سَقَاهَا بَعْدَ مَا اسْتَغْنَى الزَّرْعُ عَنْ السَّقْيِ لَكِنَّ السَّقْيَ أَجْوَدُ لَهُ، فَإِنَّ الزَّرْعَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَا شَيْءَ لِلسَّاقِي، وَهَذَا جَوَابُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَجَوَابُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَجْنَبِيُّ السَّاقِي مُتَطَوِّعٌ وَلَا شَيْءَ لَهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَلْقَى بَذْرًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ سَقَى الزَّرْعَ حَتَّى أَدْرَكَ، أَخَذْتُ هَاهُنَا بِالْقِيَاسِ، وَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْحَبِّ إنْ كَانَ سَقَاهُ وَهُوَ حَبٌّ قِيمَتُهُ مَبْذُورًا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّ الْقَرَارِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ سَقَاهَا بَعْدَ مَا فَسَدَ الْحَبُّ فِي الْأَرْضِ فَخَرَجَ الزَّرْعُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْلَا السَّقْيُ لَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ أَوْ كَانَ يَخْرُجُ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ، فَالزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالسَّقْيُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَيْضًا كَانَ سَبِيلُهُ مَعَهُ كَسَبِيلِ السَّاقِي مَعَ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَالْأَرْضِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا زَرَعَ أَرْضَهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَأَلْقَى بَذْرَهُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ فَخَرَجَ الزَّرْعُ، إنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ سَقْيٍ فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْحَبِّ مَبْذُورًا فِي الْأَرْضِ عَلَى حَقِّ الْقَرَارِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ أَلْقَى الْبَذْرَ بَعْدَ مَا فَسَدَ الْحَبُّ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ نَبَتَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ الْمَبْذُورَةِ عَلَى

الباب الحادي عشر في بيع الأرض المدفوعة مزارعة

حَقِّ الْقَرَارِ وَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلثَّانِي، وَإِنْ بَذَرَ بَعْدَ مَا خَرَجَ الزَّرْعُ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ، ثُمَّ أَدْرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ مُخْتَلِطًا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ زَرْعِ رَبِّ الْأَرْضِ نَابِتًا فِي الْأَرْضِ عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ يَوْمَ ظَهَرَ اخْتِلَاطُهُ بِزَرْعِ صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا فِي هَذِهِ الْفُصُولِ كُلِّهَا عَلَى الشَّرِكَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَدْرَكَ الزَّرْعُ مِنْ غَيْرِ سَقْيٍ أَوْ بِسَقْيِ صَاحِبِ الْبَذْرِ الَّذِي لَا أَرْضَ لَهُ، وَلَوْ أَدْرَكَ الزَّرْعُ بِسَقْيِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ لِلْآخَرِ قِيمَةُ حَبِّهِ إنْ سَقَاهُ قَبْلَ أَنْ يَفْسُدَ حَبُّهُ، وَإِنْ سَقَاهُ بَعْدَ مَا فَسَدَ لَمْ يَلْزَمْهُ الضَّمَانُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَدْ ذَكَرْنَا جِنْسَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ الْمَدْفُوعَةِ مُزَارَعَةً] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ الْمَدْفُوعَةِ مُزَارَعَةً) وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً سَنَةً لِيَزْرَعَهَا الْمُزَارِعُ بِبَذْرِهِ وَآلَاتِهِ فَلَمَّا زَرَعَهَا الْمُزَارِعُ بَاعَهَا رَبُّ الْأَرْضِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: (الْأَوَّلُ) أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ بَقْلًا، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْبَيْعُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمُزَارِعِ سَوَاءٌ بَاعَ الْأَرْضَ مَعَ الزَّرْعِ أَوْ بَاعَ الْأَرْضَ بِدُونِ الزَّرْعِ، فَإِنْ أَجَازَ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ فِي الْأَرْضِ وَالزَّرْعِ جَمِيعًا نَفَذَ الْبَيْعُ وَانْقَسَمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ وَعَلَى قِيمَةِ الزَّرْعِ يَوْمَ الْبَيْعِ، فَمَا أَصَابَ الْأَرْضَ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَمَا أَصَابَ الزَّرْعَ فَهُوَ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَبَيْنَ الْمُزَارِعِ نِصْفَانِ، هَذَا إذَا أَجَازَ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ فَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ فَالْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ تَرَبَّصَ حَتَّى يُدْرِكَ الزَّرْعُ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ، هَذَا إذَا بَاعَ الْأَرْضَ وَالزَّرْعَ جُمْلَةً، وَإِنْ بَاعَ الْأَرْضَ وَحْدَهَا بِدُونِ الزَّرْعِ فَإِنْ أَجَازَ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ فَالْأَرْضُ لِلْمُشْتَرِي وَالزَّرْعُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُزَارِعِ نِصْفَانِ. وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا، وَإِنْ بَاعَ الْأَرْضَ وَحِصَّتَهُ مِنْ الزَّرْعِ وَأَجَازَ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْأَرْضَ وَحِصَّةَ رَبِّ الْأَرْضِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ وَإِنْ أَرَادَ الْمُزَارِعُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. (الْوَجْهُ الثَّانِي) إذَا بَاعَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْدَ مَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ فَإِنْ بَاعَ الْأَرْضَ بِدُونِ الزَّرْعِ جَازَ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ، وَإِنْ بَاعَ الْأَرْضَ مَعَ جَمِيعِ الزَّرْعِ نَفَذَ الْبَيْعُ فِي الْأَرْضِ وَحِصَّةِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ وَيَتَوَقَّفُ فِي نَصِيبِ الْمُزَارِعِ، فَإِنْ أَجَازَ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ كَانَ لِلْمُزَارِعِ مِنْ الثَّمَنِ حِصَّةُ نَصِيبِهِ مِنْ الزَّرْعِ وَالْبَاقِي مِنْ الثَّمَنِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْمُزَارَعَةِ وَقْتَ الشِّرَاءِ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَاعَ الْأَرْضَ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَلَمْ يُجِزْ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ فَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَفْسَخْ الْبَيْعَ حَتَّى اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ نَفَذَ الْبَيْعُ فِي الْأَرْضِ وَحِصَّةِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْضَ وَحِصَّةَ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ بِحِصَّتِهِمَا مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَإِنْ كَانَ بَاعَ الْأَرْضَ مَعَ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ فَلَمْ يُجِزْ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ، وَلَمْ يَفْسَخْهُ الْمُشْتَرِي حَتَّى اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ نَفَذَ الْبَيْعُ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهُمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا خِيَارَ لَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ الْأَرْضَ دُونَ الزَّرْعِ فَلَمْ يُجِزْ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ وَلَمْ يَفْسَخْ الْمُشْتَرِي حَتَّى اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ نَفَذَ الْبَيْعُ فِي الْأَرْضِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَ الْمُزَارِعُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْنَعَ الْمُزَارِعَ مِنْ الزِّرَاعَةِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُزَارِعُ شَرَعَ فِي الْعَمَلِ وَلَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ الْمُزَارَعَةِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُزَارِعِ حُكْمًا وَدِيَانَةً، وَإِنْ كَانَ عَمِلَ بَعْضَ الْأَعْمَالِ نَحْوَ حَفْرِ الْأَنْهَارِ وَإِصْلَاحِ الْمُسَنَّاةِ فَكَذَلِكَ حُكْمًا، وَلَكِنْ يُفْتَى لِرَبِّ الْأَرْضِ بِأَنْ يُرْضِي الْمُزَارِعَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ بِاعْتِبَارِ مَا عَمِلَ لَهُ فِي أَرْضِهِ دِيَانَةً لَا عَلَى وَجْهِ الشَّرْعِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ الْمُزَارَعَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ دَفَعَ كَرْمَهُ مُعَامَلَةً فَعَمِلَ الْعَامِلُ فِي الْكَرْمِ عَمَلًا قَلِيلًا ثُمَّ بَاعَ كَرْمَهُ بِرِضَا الْعَامِلِ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ شَيْءٌ لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ

الباب الثاني عشر في العذر في فسخ المزارعة والمعاملة

الْمَوْجُودَ مِنْهُ الْعَمَلُ وَمُجَرَّدُ الْعَمَلِ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَرْضَهُ مَعَ نَصِيبِ نَفْسِهِ بَعْدَ مَا خَرَجَ الثَّمَرُ مِنْ الْكَرْمِ، فَإِنْ أَجَازَ الْعَامِلُ جَازَ وَيَكُونُ نَصِيبُ الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَنَصِيبُ الْعَامِلِ لِلْعَامِلِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْبَيْعُ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِي الْحُكْمِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا قَبْلَ النَّبَاتِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ بَعْدَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. بَاعَ أَرْضًا فِيهَا بَذْرٌ لَمْ يَنْبُتْ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ قَدْ عَفِنَ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَهُوَ لِلْبَائِعِ فَإِنْ سَقَاهُ الْمُشْتَرِي حَتَّى نَبَتَ وَلَمْ يَكُنْ عَفِنَ عِنْدَ الْبَيْعِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ أَيْضًا وَالْمُشْتَرِي مُتَطَوِّعٌ فِيمَا فَعَلَ، وَكَذَا لَوْ نَبَتَ لَكِنْ لَمْ يُتَقَوَّمْ بَعْدُ، وَاخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لِلْبَائِعِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا إلَّا إذَا بِيعَ مَعَ الْأَرْضِ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْكُبْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَاب الثَّانِي عَشْر فِي الْعُذْر فِي فَسْخِ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ] (الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْعُذْرِ فِي فَسْخِ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ) أَمَّا الْمَعَانِي الَّتِي هِيَ عُذْرٌ فِي فَسْخِ الْمُزَارَعَةِ فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُزَارِعِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ الدَّيْنُ الْفَادِحُ الَّذِي لَا قَضَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِ هَذِهِ الْأَرْضِ تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ بِهَذَا الْعُذْرِ إذَا أَمْكَنَ الْفَسْخُ بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَوْ بَعْدَهَا إذَا أَثْمَرَ الزَّرْعُ وَبَلَغَ مَبْلَغَ الْحَصَادِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْمُضِيُّ فِي الْعَقْدِ إلَّا بِضَرَرٍ يَلْحَقُهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ تَحَمُّلُ الضَّرَرِ فَيَبِيعُ الْقَاضِي الْأَرْضَ بِدَيْنِهِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَفْسَخُ الْمُزَارَعَةَ وَلَا تَنْفَسِخُ بِنَفْسِ الْعُذْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْفَسْخُ بِأَنْ كَانَ الزَّرْعُ لَمْ يُدْرِكْ وَلَمْ يَبْلُغْ مَبْلَغَ الْحَصَادِ لَا تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَلَا يُفْسَخُ إلَى أَنْ يُدْرِكَ، وَيُطْلَقَ مِنْ السِّجْنِ إنْ كَانَ مَحْبُوسًا إلَى غَايَةِ الْإِدْرَاكِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ جَزَاءُ الْمَطْلِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُمَاطِلٍ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ لِكَوْنِهِ مَمْنُوعًا عَنْ بَيْعِ الْأَرْضِ شَرْعًا وَالْمَمْنُوعُ مَعْذُورٌ، فَإِذَا أَدْرَكَ الزَّرْعُ يُرَدُّ فِي الْحَبْسِ ثَانِيًا لِيَبِيعَ أَرْضَهُ وَيُؤَدِّيَ دَيْنَهُ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَيَبِيعُ الْقَاضِي عَلَيْهِ. (وَأَمَّا الثَّانِي) فَنَحْوُ الْمَرَضِ لِأَنَّهُ يُعْجِزُ عَنْ الْعَمَلِ وَالسَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَتَرْكِ حِرْفَةٍ إلَى حِرْفَةٍ؛ لِأَنَّ مِنْ الْحِرَفِ مَا لَا يُغْنِيهِ مِنْ جُوعٍ وَمَانِعٍ يَمْنَعُهُ عَنْ الْعَمَلِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَفِي الْمُعَامَلَةِ إذَا امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْمُضِيِّ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِعُذْرٍ، فَالْمُعَامَلَةُ لَازِمَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ وَقَالَ الْمُزَارِعُ: أَنَا أُرِيدُ تَرْكَ الْمُزَارَعَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، أَوْ قَالَ: أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَزْرَعَ أَرْضًا أُخْرَى فِي هَذِهِ السَّنَةِ سِوَى هَذِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْمُزَارَعَةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْإِبَانَةِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فَصْلُ الْمَرَضِ عَلَى التَّفْصِيلِ أَيْضًا عَلَى قِيَاسِ فَصْلِ السَّفَرِ، وَإِنْ أَخَذَهُ مُعَامَلَةً لِيَعْمَلَ بِنَفْسِهِ وَأُجَرَائِهِ لَا يَكُونُ مَرَضُهُ عُذْرًا، وَإِذَا أَخَذَهُ مُعَامَلَةً لِيَعْمَلَ بِنَفْسِهِ يَكُونُ مَرَضُهُ عُذْرًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَمِنْ الْعُذْرِ مِنْ قِبَلِ رَبِّ النَّخِيلِ وَرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَلْحَقَهُ دَيْنٌ فَادِحٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِ النَّخِيلِ أَوْ الْأَرْضِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْفَسْخِ مِنْ الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا عَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ، وَعَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَضَاءٍ وَلَا إلَى الرِّضَا، بَعْضُ مَشَايِخِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ أَخَذُوا بِرِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ، وَبَعْضُهُمْ أَخَذُوا بِرِوَايَةِ الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَإِنْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي النَّقْضَ قَبْلَ الْبَيْعِ فَالْقَاضِي لَا يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ يَبِيعُهُ بِنَفْسِهِ وَيَثْبُتُ الدَّيْنُ عِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى يُمْضِيَ الْقَاضِي الْبَيْعَ وَيَنْقُضَ الْعَقْدَ حُكْمًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَا يَنْفَسِخُ بِهِ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ بَعْدَ وُجُودِهِ فَأَنْوَاعٌ: (مِنْهَا) الْفَسْخُ وَهُوَ نَوْعَانِ صَرِيحٌ وَدَلَالَةٌ، فَالصَّرِيحُ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْفَسْخِ وَالْإِقَالَةِ، وَالدَّلَالَةُ نَوْعَانِ: الْأَوَّلُ امْتِنَاعُ صَاحِبِ الْبَذْرِ عَنْ الْمُضِيِّ فِي الْعَقْدِ، فَإِذَا قَالَ: لَا أُرِيدُ مُزَارَعَةَ الْأَرْضِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ فِي حَقِّهِ فَكَانَ بِسَبِيلٍ مِنْ الِامْتِنَاعِ عَنْ الْمُضِيِّ فِيهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. الثَّانِي حَجْرُ الْمَوْلَى عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بَعْدَ مَا دَفَعَ الْأَرْضَ وَالْبَذْرَ مُزَارَعَةً. (وَمِنْهَا) انْقِضَاءُ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ. (وَمِنْهَا) مَوْتُ صَاحِبِ الْأَرْضِ سَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَسَوَاءٌ أَدْرَكَ الزَّرْعُ أَوْ هُوَ بَقْلٌ. (وَمِنْهَا) مَوْتُ الْمُزَارِعِ سَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَوْ بَعْدَهَا بَلَغَ الزَّرْعُ حَدَّ الْحَصَادِ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

الباب الثالث عشر مات المزارع أو العامل ولم يدر ماذا صنع بالزرع

[الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ مَاتَ الْمُزَارِعُ أَوْ الْعَامِلُ وَلَمْ يَدْرِ مَاذَا صَنَعَ بِالزَّرْعِ] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُزَارِعُ أَوْ الْعَامِلُ، وَلَمْ يَدْرِ مَاذَا صَنَعَ بِالزَّرْعِ أَوْ بِالثَّمَرِ) وَإِذَا مَاتَ الْمُزَارِعُ بَعْدَ مَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ وَلَا يَدْرِي مَا فَعَلَ، فَضَمَانُ حِصَّةِ رَبِّ الْأَرْضِ فِي مَالِ الْمُزَارِعِ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ رَبِّ الْأَرْضِ كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُزَارِعِ، فَإِذَا مَاتَ مُجْهِلًا لَهُ كَانَ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ كَالْوَدِيعَةِ تَصِيرُ دَيْنًا بِمَوْتِ الْمُودِعِ فِي تَرِكَتِهِ إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ مَا صَنَعَ بِهَا، وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ الْعَامِلُ بَعْدَ مَا طَلَعَ الثَّمَرُ فَبَلَغَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ فَلَمْ يُوجَدْ فِي النَّخِيلِ لِأَنَّ نَصِيبَ رَبِّ النَّخِيلِ كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْعَامِلِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا مَاتَ الْمُزَارِعُ وَلَمْ يُدْرَ مَاذَا صَنَعَ بِالزَّرْعِ فَقَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ: اسْتَهْلَكَهُ الْمُزَارِعُ، وَقَالَ وَرَثَةُ الْمُزَارِعِ: سُرِقَ الزَّرْعُ، فَإِنَّ حِصَّةَ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ تَكُونُ دَيْنًا فِي مَالِ الْمُزَارِعِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ وَرَثَةِ الْمُزَارِعِ أَنَّهُ سُرِقَ الزَّرْعُ، وَهَذَا لِأَنَّ حِصَّةَ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ كَانَتْ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُزَارِعِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا هَلَكَ الزَّرْعُ فِي يَدِ الْمُزَارِعِ لَمْ يَضْمَنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ شَيْئًا، فَإِذَا كَانَتْ أَمَانَةً فِي يَدِهِ وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَهَذَا أَمِينٌ مَاتَ مُجْهِلًا فَيَصِيرُ ضَامِنًا، فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ قِيمَةِ الزَّرْعِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الْمُزَارِعِ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْمُعَامَلَةِ إذَا مَاتَ الْعَامِلُ وَلَا يُدْرَى مَاذَا صَنَعَ بِالثِّمَارِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا عَرَفَ خُرُوجَ الثِّمَارِ وَنَبَاتَ الزَّرْعِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ تَرَكَ الْعَامِلُ مَالًا مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ فَصَاحِبُ الْأَرْضِ وَالنَّخِيلِ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ يُرِيدُ بِهِ إذَا عَلِمَ بِالْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ الْمُعَامَلَةَ وَالْمُزَارَعَةَ إلَّا بِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ دَيْنِ الْمَرِيضِ الَّذِي وَجَبَ بِإِقْرَارِهِ فِي الْمَرَضِ فَيَكُونُ مُؤَخَّرًا عَنْ دُيُونِ الصِّحَّةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي مُزَارَعَةِ الْمَرِيضِ وَمُعَامَلَتِهِ] (الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي مُزَارَعَةِ الْمَرِيضِ وَمُعَامَلَتِهِ) مَسَائِلُ هَذَا الْفَصْلِ تَبْتَنِي عَلَى أَصْلِ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ فِيمَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ أَوْ الْوَرَثَةِ عَلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ لَا يُبْطِلُ حَقَّ الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ بَلْ يَنْتَقِلُ حَقُّهُمْ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ هُوَ مِثْلُهُ فِي الْمَالِيَّةِ نَحْوَ الْبَيْعِ وَأَشْبَاهِهِ، وَهَذَا الْقِسْمُ مِنْ تَصَرُّفِهِ هُوَ وَتَصَرُّفِ الصَّحِيحِ سَوَاءٌ، وَقِسْمٌ يُبْطِلُ حَقَّ الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ، وَهَذَا الْقِسْمُ مِنْ تَصَرُّفِهِ مَحْجُورٌ عَنْهُ كَالتَّبَرُّعِ، ثُمَّ حَقُّ الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَالٍ يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ كَأَعْيَانِ التَّرِكَةِ، أَمَّا مَا لَا يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ كَالْمَنَافِعِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهُمْ، وَكَذَا مَا يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا لَهُ حُكْمُ الْمَالِ كَالْقِصَاصِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهُمْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ. وَإِذَا دَفَعَ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ أَرْضًا مُزَارَعَةً بِشَرَائِطِهَا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: (الْأَوَّلُ) أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْمُزَارِعِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُزَارَعُ أَجْنَبِيًّا أَوْ وَارِثًا وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَشْرُوطُ لِلْمَرِيضِ مِنْ الْخَارِجِ مِثْلَ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ أَوْ أَقَلَّ، وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْمَرِيضِ مَالٌ آخَرُ سِوَى الْأَرْضِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. (الْوَجْهُ الثَّانِي) إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْمَرِيضِ أَيْضًا وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ مَالٌ آخَرُ سِوَى الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ، وَهَذَا الْوَجْهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمُزَارَعُ أَجْنَبِيًّا وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى حِصَّةِ الْمُزَارِعِ مِنْ الزَّرْعِ يَوْمَ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ، وَإِلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِ الْمُزَارَعِ فِي الزِّرَاعَةِ، فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ يَوْمَ نَبَتَ فَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ مِثْلَ أَجْرِ عَمَلِ الْمُزَارَعِ أَوْ أَقَلَّ سَلَّمَ لِلْمُزَارِعِ حِصَّتَهُ مِنْ الزَّرْعِ مَعَ مَا يَزْدَادُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى يَوْمِ الْحَصَادِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الزِّيَادَةِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ يَوْمَ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ حِصَّةُ الْمُزَارِعِ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ يَكُونُ الْكُلُّ سَالِمًا لِلْمُزَارَعِ بَعْضُهُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَبَعْضُهُ بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ. وَإِنْ كَانَ حِصَّتُهُ مِنْ الزَّرْعِ لَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ إنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ فَكَذَا الْجَوَابُ يُسَلَّمُ لِلْمُزَارَعِ جَمِيعُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ يُسَلَّمُ لِلْمُزَارَعِ قَدْرُ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ بِحُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ، وَثُلُثُ مَا بَقِيَ إلَى تَمَامِ الْمَشْرُوطِ يُسَلَّمُ لَهُ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ وَالْبَاقِي يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ، وَتُعْتَبَرُ الْوَصِيَّةُ فِي جَمِيعِ مَا ازْدَادَ عَلَى أَجْرِ

الْمِثْلِ إلَى يَوْمِ الْحَصَادِ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ فِيمَا زَادَ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحَصَادِ، هَذَا إذَا كَانَ الْمُزَارَعُ أَجْنَبِيًّا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مَا، أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِجَمِيعِ مَالِهِ إمَّا دَيْنُ الصِّحَّةِ وَإِمَّا دَيْنُ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ حِصَّةِ الْمُزَارِعِ يَوْمَ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ وَإِلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ يَوْمَ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةُ مِثْلِ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، فَإِنَّ مَا شُرِطَ لِلْمُزَارَعِ مِنْ الزَّرْعِ لَا يُسَلَّمُ لَهُ بَلْ يُشَارِكُهُ فِيمَا قَبَضَ غُرَمَاءُ الْمَرِيضِ وَيُقَسَّمُ مَا قَبَضَ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ مَالٌ سِوَى هَذَا، يَضْرِبُ الْمُزَارَعُ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ زَائِدَةً إلَى يَوْمِ الْحَصَادِ وَالْغُرَمَاءِ بِدُيُونِهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ حِصَّةِ الْمُزَارِعِ مِنْ الزَّرْعِ يَوْمَ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ. فَإِنَّ الْمُزَارَعَ يَضْرِبُ فِي الزَّرْعِ بِمِقْدَارِ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَالْغُرَمَاءُ يَضْرِبُونَ بِحُقُوقِهِمْ وَلَا يُسَلَّمُ لِلْمُزَارَعِ شَيْءٌ مِمَّا زَادَ عَلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، إلَّا أَنَّ مَا يَخُصُّ الْمُزَارَعَ يَأْخُذُهُ مِنْ الزَّرْعِ وَمَا أَصَابَ الْغُرَمَاءَ يُبَاعُ فَتُقْضَى دُيُونُهُمْ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَ الْمُزَارَعُ أَجْنَبِيًّا، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُزَارَعُ وَارِثًا فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ كَانَ يَرَى جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّ الْوَارِثُ شَيْئًا مِنْ الْخَارِجِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ دَرَاهِمَ لَا غَيْرُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ كَانَ قِيمَةُ حِصَّةِ الْوَارِثِ مِنْ الزَّرْعِ مِثْلَ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى حِصَّةِ الْوَارِثِ مِنْ الزَّرْعِ يَوْمَ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ وَإِلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ. فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ يَوْمَ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ مِثْلَ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ أَوْ أَقَلَّ كَانَ لَهُ الْمَشْرُوطُ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْ الزِّيَادَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى يَوْمِ الْحَصَادِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْأَجْنَبِيِّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ يَوْمَ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فَإِنَّ لَهُ مِنْ الْخَارِجِ بِقَدْرِ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَيْسَ لَهُ مِمَّا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ الْمَشْرُوطِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَحَقَّهُ اسْتَحَقَّهُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَلَا وَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ مَعَ الدَّيْنِ، وَالْجَوَابُ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. صَحِيحٌ دَفَعَ أَرْضًا إلَى مَرِيضٍ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ وَالْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ فَأَخْرَجَتْ الْأَرْضُ ثُمَّ مَاتَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا دَفَعَ الْمَرِيضُ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً، وَالْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ عَلَى الْفُصُولِ الَّتِي ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْمَرِيضُ هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْعَامِلِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ، وَهُنَا الْمَرِيضُ مُسْتَأْجِرٌ لِلْأَرْضِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ، وَالْمُعَامَلَةُ فِي هَذَا كَالْمُزَارَعَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا دَفَعَ الْمَرِيضُ زَرْعًا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ بَقْلٌ لَمْ يُسْتَحْصَدْ أَوْ كُفُرَّى فِي رُءُوسِ النَّخِيلِ أَوْ ثَمَرًا فِي شَجَرٍ حِينَ طَلَعَ أَخْضَرَ، وَلَمْ يَبْلُغْ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ فَمَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْمُزَارَعَةِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْمَرِيضِ، وَإِذَا دَفَعَ الْمَرِيضُ إلَى رَجُلٍ نَخْلًا مُعَامَلَةً هَذِهِ السَّنَةَ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ وَيَسْقِيَهُ وَيُلَقِّحَهُ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَأَخْرَجَ النَّخِيلُ كُفُرَّى

فصل إقرار المريض في المزارعة والمعاملة

يَكُونُ نِصْفُهُ مِثْلَ أَجْرِ الْعَامِلِ أَوْ أَقَلَّ فَقَامَ عَلَيْهِ وَسَقَاهُ حَتَّى صَارَ بُسْرًا يُسَاوِي مَالًا عَظِيمًا ثُمَّ صَارَ حَشَفًا قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الْكُفُرَّى حِينَ خَرَجَ ثُمَّ مَاتَ صَاحِبُ النَّخِيلِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ، فَإِنَّ جَمِيعَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَبَيْنَ الْغُرَمَاءِ يَضْرِبُ فِيهِ الْغُرَمَاءُ بِدُيُونِهِمْ وَيَضْرِبُ الْعَامِلُ فِيهِ بِقِيمَةِ نِصْفِ الْحَشَفِ وَلَا يَضْمَنُ الْعَامِلُ مَا نَقَصَ مِنْ الثَّمَرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا كَانَ لِلْعَامِلِ نِصْفُ الْحَشَفِ وَلِلْوَرَثَةِ نِصْفُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [فَصْلُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ] (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا فَصْلُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا مَرِضَ الرَّجُلُ وَفِي يَدِهِ أَرْضٌ لِرَجُلٍ يَزْرَعُهَا وَعَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ فَأَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّ الْبَذْرَ كَانَ مِنْ قِبَلِهِ وَأَنَّهُ شَرَطَ لِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الزَّرْعِ، ثُمَّ مَاتَ وَأَنْكَرَ الْغُرَمَاءُ ذَلِكَ، يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَرِيضُ أَقَرَّ بِهَذَا بَعْدَ مَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى إقْرَارِهِ وَبُدِئَ بِدَيْنِ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، وَإِذَا قَضَى دَيْنَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ يُنْظَرُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ ثُلُثَيْ الْخَارِجِ يُعْطَى لِرَبِّ الْأَرْضِ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ أَجْرِ مِثْلِ أَرْضِهِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ ثُلُثَيْ الْخَارِجِ يَكُونُ وَصِيَّةً لِرَبِّ الْأَرْضِ فَيُسَلَّمُ لَهُ إنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ. وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِذَلِكَ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ صُدِّقَ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، فَإِنْ قَضَى الدَّيْنَ فَبَقِيَ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ أَعْطَى صَاحِبَ الْأَرْضِ تَمَامَ الْمَشْرُوطِ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، هَذَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنُ الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنُ الْمَرَضِ وَجَبَ بِإِقْرَارِهِ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ وَأَقَرَّ الْمَرِيضُ بِمَا ذَكَرْنَا، فَإِنْ أَقَرَّ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ بُدِئَ بِحَقِّ رَبِّ الْأَرْضِ فَيُعْطَى لَهُ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ مِنْ ثُلُثَيْ الْخَارِجِ إنْ كَانَ ثُلُثَا الْخَارِجِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ الْمَرِيضِ بَعْدَ مَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْمُزَارَعَةِ سَابِقًا عَلَى الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ يُعْطَى لِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ أَوَّلًا، ثُمَّ يُقْضَى دَيْنُ الْمَرَضِ، وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ سَابِقًا فَإِنَّ رَبَّ الْأَرْضِ يُحَاصُّ الْمُقَرَّ لَهُ بِالدَّيْنِ بِمِقْدَارِ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ، هَذَا إذَا أَقَرَّ الْمُزَارَعُ بِمَا ذَكَرْنَا وَالْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْمُزَارَعِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ صُدِّقَ فِي إقْرَارِهِ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَ اسْتِحْصَادِ الزَّرْعِ أَوْ قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ رَبَّ الْأَرْضِ وَأَقَرَّ بِمَا قُلْنَا فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْمُزَارِعِ، وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ نَخِيلًا مُعَامَلَةً فَلَمَّا صَارَ تَمْرًا مَرِضَ الْعَامِلُ فَقَالَ: شَرَطَ لِي رَبُّ النَّخِيلِ السُّدُسَ وَصَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ رَبُّ النَّخِيلِ وَكَذَّبَهُ الْغُرَمَاءُ وَالْوَرَثَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ. فَإِنْ قَالَ وَرَثَةُ الْعَامِلِ أَوْ غُرَمَاؤُهُ: نَحْنُ نُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ رَبَّ النَّخِيلِ شَرَطَ لَهُ النِّصْفَ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُمْ، وَلَوْ طَلَبُوا اسْتِحْلَافَ رَبِّ النَّخِيلِ عَلَى دَعْوَاهُمْ لَمْ يَحْلِفْ رَبُّ النَّخِيلِ عَلَى دَعْوَاهُمْ قَالُوا: مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ رَبَّ النَّخِيلِ لَا يُسْتَحْلَفُ عَلَى دَعْوَى الْوَرَثَةِ أَنَّهُ مَا شَرَطَ لَهُ النِّصْفَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيُسْتَحْلَفُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَامِلُ حَيًّا وَأَقَرَّ أَنَّ رَبَّ النَّخِيلِ شَرَطَ لَهُ السُّدُسَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ رَبُّ النَّخِيلِ مَا شَرَطَ لَهُ السُّدُسَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ النِّصْفَ وَأَنِّي أَقْرَرْتُ بِالسُّدُسِ كَاذِبًا وَطَلَبِ يَمِينَ رَبِّ النَّخِيلِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ رَبُّ النَّخِيلِ. هَذَا إذَا كَانَ الْعَامِلُ أَجْنَبِيًّا مِنْ رَبِّ النَّخِيلِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَامِلُ وَارِثَ رَبِّ النَّخِيلِ فَأَقَرَّ الْعَامِلُ أَنَّ رَبَّ النَّخِيلِ شَرَطَ لَهُ السُّدُسَ بَعْدَ مَا أَدْرَكَ الثَّمَرُ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ وَرَثَةُ الْعَامِلِ أَوْ غُرَمَاؤُهُ: نَحْنُ نُقِيمُ بَيِّنَةً أَنَّ رَبَّ النَّخِيلِ شَرَطَ لَهُ النِّصْفَ سَمِعَ بَيِّنَتَهُمْ، وَلَوْ طَلَبُوا يَمِينَ رَبِّ النَّخِيلِ عَلَى ذَلِكَ يُسْتَحْلَفُ رَبُّ النَّخِيلِ، وَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّهُ دَفَعَ إلَى وَارِثِهِ نَخْلًا مُعَامَلَةً وَالثَّمَرُ لَمْ يُدْرِكْ بَعْدُ، ثُمَّ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِدَيْنٍ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ مَاتَ بُدِئَ بِدَيْنِ الْعَامِلِ فَيُعْطَى لَهُ مِقْدَارُ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، ثُمَّ يُقْضَى الدَّيْنُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ لِمَرِيضٍ، هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ وَلَعَلَّ هَذَا قَوْلُهُمَا، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، فَإِنْ قَالَ الْوَارِثُ الْعَامِلُ: بَقِيَ لِي إلَى تَمَامِ حَقِّي شَيْءٌ لَمْ يَصِلْ إلَيَّ، وَقَالَ بَاقِي الْوَرَثَةِ: لَمْ يَبْقَ لَكَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ حَقَّكَ كَانَ أَجْرَ الْمِثْلِ وَقَدْ وَصَلَ إلَيْكَ، فَأَرَادَ الْعَامِلُ اسْتِحْلَافَ بَاقِي الْوَرَثَةِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ قَالَ الْوَارِثُ الْعَامِلُ: كَانَ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ، وَالْإِقْرَارُ كَانَ فِي حَالِ الْمَرَضِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُمْ، وَإِنْ قَالَ: كَانَ

الباب الخامس عشر في الرهن في المزارعة والمعاملة

عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ فِي حَالِ الْمَرَضِ لَمْ يَسْتَحْلِفْهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الرَّهْنِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ] (الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الرَّهْنِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ) رَهَنَ أَرْضًا وَنَخْلًا لَهُ فَقَالَ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ: اسْقِهِ وَأَلْقِحْهُ وَاحْفَظْهُ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ نِصْفَانِ فَقَبِلَ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي التَّلْقِيحِ وَالسَّقْيِ دُونَ الْحِفْظِ وَالْأَرْضُ وَالْخَارِجُ رَهْنٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ أَرْضًا مَزْرُوعَةً صَارَ الزَّرْعُ بَقْلًا فِيهَا، وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ أَرْضًا بَيْضَاءَ فَمُزَارَعَةُ الرَّاهِنِ وَالْبَذْرُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ جَائِزَةٌ وَالْخَارِجُ عَلَى الشَّرْطِ وَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ وَلَا تَعُودُ إلَيْهِ إلَّا بِتَجْدِيدٍ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الرَّاهِنِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهَا رَهْنًا بَعْدَ الزَّرْعِ، وَلَوْ ارْتَهَنَ أَرْضًا بَيْضَاءَ وَفِيهَا نَخِيلٌ فَأَمَرَهُ أَنْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ سَنَةً بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ بِالنِّصْفِ وَيَقُومُ عَلَى النَّخِيلِ وَيَسْقِيهِ وَيُلَقِّحُهُ وَيَحْفَظُهُ بِالنِّصْفِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ الْمُزَارَعَةَ عَلَى الْأَرْضِ جَازَتْ وَتَخْرُجُ عَنْ الرَّهْنِ، وَلَوْ أَفْرَدَ الْمُعَامَلَةَ عَلَى النَّخِيلِ لَا تَجُوزُ فَكَذَا إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا جَازَ مَا يَجُوزُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَبَطَلَ مَا يَبْطُلُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَفَسَادُ الْمُعَامَلَةِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْمُزَارَعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْمُزَارَعَةِ غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ فِيهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ مَعَ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ] (الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ مَعَ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ) إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ أَرْضَهُ عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَرَضِيَ بِذَلِكَ الْعَبْدُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: (الْأَوَّلُ) أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى وَالْبَذْرُ وَالْعَمَلُ مِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَالْعِتْقُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُزَارَعَةٌ شُرِطَ فِيهَا عِتْقٌ وَعِتْقٌ شُرِطَ فِيهِ مُزَارَعَةٌ غَيْرَ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ تَبْطُلُ بِاشْتِرَاطِ عَقْدٍ آخَرَ فِيهَا وَالْعِتْقُ لَا يَبْطُلُ، فَإِنْ زَرَعَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخْرَجَتْ الْأَرْضُ زَرْعًا فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْعَبْدِ، وَعَلَى الْعَبْدِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِمَوْلَاهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْمُزَارَعَاتِ الْفَاسِدَاتِ، وَعَلَى الْعَبْدِ أَيْضًا قِيمَةُ نَفْسِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ. (الْوَجْهُ الثَّانِي) : أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى وَمِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ مُجَرَّدُ الْعَمَلِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ أَيْضًا وَالْعِتْقُ جَائِزٌ وَالْخَارِجُ فِي هَذَا الْوَجْهِ لِلْمَوْلَى، وَعَلَى الْمَوْلَى لِلْعَبْدِ بِسَبَبِ الْمُزَارَعَةِ أَجْرُ مِثْلِ الْعَبْدِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَلِلْمَوْلَى عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْعِتْقِ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ الْمُكَاتَبُ أَرْضَ الْمَوْلَى سَنَتَهُ هَذِهِ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: (الْأَوَّلُ) أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى وَمَنْ جَانِبِ الْمُكَاتَبِ مُجَرَّدُ الْعَمَلِ. وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ أَيْضًا، وَإِذَا فَسَدَتْ الْكِتَابَةُ كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَنْقُضَهَا كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُضْهَا حَتَّى زَرَعَ الْمُكَاتَبُ الْأَرْضَ وَأَخْرَجَتْ زَرْعًا فَجَمِيعُ مَا خَرَجَ لِلْمَوْلَى، وَلِلْمُكَاتَبِ عَلَى الْمَوْلَى أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ لِأَنَّهُ أَوْجَدَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْعِتْقُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ وَهُوَ زِرَاعَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ هَذِهِ السَّنَةَ وَزِرَاعَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ هَذِهِ السَّنَةَ مَعْلُومَةٌ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَإِذَا كَانَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْعِتْقُ مَعْلُومًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَقَدْ أَوْجَدَهُ الْمُكَاتَبُ يُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى رِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ وَأَدَّى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ لِلْمَوْلَى عَلَى الْمُكَاتَبِ قِيمَتُهُ، وَلِلْمُكَاتَبِ عَلَى الْمَوْلَى أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، فَإِنْ كَانَا سَوَاءً تَقَاصَّا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرٍ مِثْلِ عَمَلِ الْمُكَاتَبِ رَجَعَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِالْفَضْلِ، وَإِنْ كَانَ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ أَكْثَرَ لَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمَوْلَى بِشَيْءٍ. (الْوَجْهُ الثَّانِي) إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى وَالْبَذْرُ وَالْعَمَلُ مِنْ قِبَلِ الْمُكَاتَبِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ فَاسِدَتَانِ أَيْضًا، وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَنْقُضَ الْكِتَابَةَ، وَإِذَا لَمْ يَنْقُضْهَا حَتَّى أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ زَرْعًا كَثِيرًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْ شَيْئًا لَا يُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ، وَالْجَوَابُ فِي الْمُعَامَلَةِ فِي هَذَا الْبَابِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الْمُزَارَعَةِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

الباب السابع عشر في التزويج والخلع والصلح عن دم العمد

[الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي التَّزْوِيجِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ] (الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي التَّزْوِيجِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ) وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمُزَارَعَةِ أَرْضِهِ هَذِهِ السَّنَةَ عَلَى أَنْ تَزْرَعَهَا الْمَرْأَةُ بِبَذْرِهَا وَعَمَلِهَا فَمَا خَرَجَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَصَدَاقُهَا مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الْأَرْضِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِنْ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ، فَإِنْ زَرَعَتْ الْمَرْأَةُ الْأَرْضَ فَأَخْرَجَتْ أَوْ لَمْ تُخْرِجْ، وَلَمْ يُطَلِّقْهَا فَالْخَارِجُ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهَا نِصْفُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهَا أَجْرُ مِثْلِ جَمِيعِ الْأَرْضِ وَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمِنْ أَجْرِ الْأَرْضِ، فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ أَجْرِ الْأَرْضِ أَوْ أَكْثَرَ فَقَدْ اسْتَوْفَتْ مَا وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ فَصَارَ قِصَاصًا، فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ تَرُدُّ عَلَيْهِ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا إلَى تَمَامِ أَجْرِ الْأَرْضِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ رُبْعُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا بِسَبَبِ الْمُزَارَعَةِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا الْمُتْعَةُ. وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا رُبْعُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ صَدَاقًا وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا بِسَبَبِ الْمُزَارَعَةِ تَمَامُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ لِفَسَادِ الْمُزَارَعَةِ فَيَتَقَاصَّانِ بِقَدْرِ الرُّبْعِ وَتُرَدُّ الزِّيَادَةُ إلَى تَمَامِ أَجْرِ مِثْلِ جَمِيعِ الْأَرْضِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا الْمُتْعَةُ بِسَبَبِ النِّكَاحِ لَمَّا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَوَجَبَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا أَجْرُ مِثْلِ جَمِيعِ الْأَرْضِ وَلَا يَتَقَاصَّانِ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا أَجْرُ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ بِسَبَبِ النِّكَاحِ وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا بِسَبَبِ الْمُزَارَعَةِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا عَلَى الزَّوْجِ بِسَبَبِ النِّكَاحِ الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمِنْ جَمِيعِ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا شَيْءٌ بِسَبَبِ الْمُزَارَعَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَدْ وَجَبَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ بِسَبَبِ فَسَادِ الْمُزَارَعَةِ. وَقَدْ وَجَبَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ بِسَبَبِ النِّكَاحِ، فَبِقَدْرِ النِّصْفِ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ وَيَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ نِصْفِ الْأَجْرِ عَلَى الزَّوْجِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ بِسَبَبِ النِّكَاحِ الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِنْ أَجْرِ مِثْلِ جَمِيعِ الْأَرْضِ وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا بِسَبَبِ فَسَادِ الْمُزَارَعَةِ أَجْرُ مِثْلِ جَمِيعِ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ أَجْرِ جَمِيعِ الْأَرْضِ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهَا لَا تَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا وَوَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ وَالْعَمَلُ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ وَمِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ الْأَرْضُ لَا غَيْرُ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ بِأَنْ كَانَ مِنْ جَانِبِهَا الْأَرْضُ وَمِنْ جَانِبِهِ الْبَذْرُ وَالْعَمَلُ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ. وَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِذَا زَرَعَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلزَّوْجِ، وَعَلَى الزَّوْجِ بِسَبَبِ الْمُزَارَعَةِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِلْمَرْأَةِ، وَلِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ بِسَبَبِ النِّكَاحِ مَهْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ بَذَلَ بِمُقَابَلَةِ بُضْعِهَا نِصْفَ الْخَارِجِ وَأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَتَسْمِيَةُ مَا هُوَ مَجْهُولٌ بِمُقَابَلَةِ الْبُضْعِ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا. بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ هُنَاكَ الزَّوْجُ بَذَلَ بِإِزَاءِ بُضْعِهَا مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ وَأَنَّهُ مَعْلُومٌ فَيُمْنَعُ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ كَانَ قَبْلَ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ فَلِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ بِسَبَبِ النِّكَاحِ الْمُتْعَةُ وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا بِسَبَبِ الْمُزَارَعَةِ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ فَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ الْمُتْعَةُ بِسَبَبِ النِّكَاحِ وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ بِسَبَبِ الْمُزَارَعَةِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَلِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِسَبَبِ النِّكَاحِ وَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ بِسَبَبِ الْمُزَارَعَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَلِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِسَبَبِ النِّكَاحِ وَأَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ بِسَبَبِ الْمُزَارَعَةِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ وَالْأَرْضُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ وَمِنْ جَانِبِهَا مُجَرَّدُ الْعَمَلِ فَهَذَا وَمَا لَوْ كَانَ الْبَذْرُ وَالْعَمَلُ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ مِنْ جَانِبِهَا وَمِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ مُجَرَّدُ الْعَمَلِ فَهَذَا وَمَا لَوْ كَانَ الْبَذْرُ وَالْعَمَلُ

الباب الثامن عشر في التوكيل في المزارعة والمعاملة

مِنْ جَانِبِهَا سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا نَخْلًا مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ شَرَطَ لَهَا نِصْفَ الْخَارِجِ بِمُقَابَلَةِ بُضْعِهَا وَعَمَلِهَا، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ نَخْلًا مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ الْتَزَمَ الْعَمَلَ بِمُقَابَلَةِ بُضْعِهَا وَنِصْفِ الْخَارِجِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (وَأَمَّا مَسَائِلُ الْخُلْعِ) فَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي بَابِ الْخُلْعِ نَظِيرُ الرَّجُلِ فِي بَابِ النِّكَاحِ لِأَنَّ مَنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْبَذْلُ فِي الْخُلْعِ الْمَرْأَةُ، وَمَنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْبَذْلُ فِي بَابِ النِّكَاحِ الزَّوْجُ، فَإِنْ بَذَلَتْ الْمَرْأَةُ مَنْفَعَةَ أَرْضِهَا أَوْ مَنْفَعَةَ نَفْسِهَا فَلِلزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِسَبَبِ الْخُلْعِ نِصْفُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ الْمَهْرِ الَّذِي سَمَّى لَهَا وَمِنْ أَجْرِ مِثْلِ جَمِيعِ الْأَرْضِ، وَإِنْ بَذَلَتْ نِصْفَ الْخَارِجِ مِنْهَا يَقَعُ الْخُلْعُ بِالْمَهْرِ الَّذِي سُمِّيَ لَهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَالْجَوَابُ فِي الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الْخُلْعِ إنْ كَانَ مَنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْبَذْلُ وَهُوَ الْقَاتِلُ بَذَلَ مَنْفَعَةَ أَرْضِهِ أَوْ نَفْسِهِ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ نِصْفُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ وَنِصْفُ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَمِنْ أَجْرِ مِثْلِ جَمِيعِ الْأَرْضِ، وَإِنْ بَذَلَ الْقَاتِلُ نِصْفَ الْخَارِجِ بِأَنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَتِهِ فَلِوَلِيِّ الْقَتِيلِ عَلَى الْقَاتِلِ جَمِيعُ الدِّيَةِ وَالْعَفْوُ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ مِمَّا لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ، هَذَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْخَطَأِ أَوْ عَنْ عَمْدٍ لَا يُسْتَطَاعُ فِيهِ الْقِصَاصُ حَتَّى كَانَ الْوَاجِبُ هُوَ الْمَالُ فَإِنَّ الْمُزَارَعَةَ وَالصُّلْحَ جَمِيعًا يَفْسُدَانِ وَيَبْقَى حَقُّ الْوَلِيِّ فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ قِبَلَ الْجَانِي كَمَا قَبْلَ الصُّلْحِ، وَإِذَا فَسَدَ الصُّلْحُ صَارَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ فَيَبْقَى حَقُّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ] (الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ) لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً أَوْ نَخِيلَهُ مُعَامَلَةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ جَازَ إنْ عَيَّنَ الْأَرْضَ وَالنَّخِيلَ فِي التَّوْكِيلِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ يَنْصَرِفُ إلَى أَوَّلِ زِرَاعَةِ هَذِهِ السَّنَةِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْخَارِجَ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ عِنْدَهُمَا وَكَذَا عِنْدَهُ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَكَذَا فِي مُعَامَلَةِ النَّخِيلِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ جَازَ دَفْعُهُ بِقَلِيلٍ وَكَثِيرٍ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ، وَإِنْ خَالَفَ الْأَمْرَ صَارَ غَاصِبًا، وَإِنْ وَافَقَ فَحَقُّ قَبْضِ الْخَارِجِ لِلْمُوَكِّلِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُ، وَكَذَا فِي مُعَامَلَةِ الْأَشْجَارِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ فَحَقُّ الْقَبْضِ لِلْوَكِيلِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ أَرْضَهُ هَذِهِ مُزَارَعَةً فَأَعْطَاهَا رَجُلًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَزْرَعَهَا حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ سِمْسِمًا أَوْ أُرْزًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ هَذِهِ الْأَرْضَ وَبَذْرًا مَعَهَا مُزَارَعَةً فَأَخَذَهَا مَعَ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحُبُوبَاتِ جَازَ ذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً فَأَخَذَهَا مِنْ صَاحِبِهَا لِلْمُوَكِّلِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا حِنْطَةً أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ شَعِيرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ إلَّا مَا شَرَطَ عَلَيْهِ رَبُّ الْأَرْضِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ أَرْضًا لَهُ مُزَارَعَةً هَذِهِ السَّنَةَ فَآجَرَهَا لِيَزْرَعَ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا بِكُرٍّ مِنْ حِنْطَةٍ وَسَطٍ أَوْ بِكُرٍّ مِنْ شَعِيرٍ وَسَطٍ أَوْ سِمْسِمٍ أَوْ أُرْزٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ فَذَلِكَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ هُوَ مُخَالِفٌ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ إنَّمَا رَضِيَ بِالْمُزَارَعَةِ لِيَكُونَ شَرِيكًا فِي الْخَارِجِ. وَقَدْ أَتَى بِغَيْرِ ذَلِكَ حِينَ آجَرَهَا بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: قَدْ حَصَلَ مَقْصُودُ الْآمِرِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ أَنْفَعَ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَهَا مُزَارَعَةً فَلَمْ يَزْرَعْهَا أَوْ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ شَيْءٌ، وَهُنَا نُقَرِّرُ حَقَّ رَبِّ الْأَرْضِ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ زِرَاعَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْ أَوْ أَصَابَ الْأَرْضَ آفَةٌ، وَمَتَى أَتَى الْوَكِيلُ بِجِنْسِ مَا أَمَرَ بِهِ وَهُوَ أَنْفَعُ لِلْآمِرِ مِمَّا نَصَّ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا كَانَ عَقْدُهُ كَعَقْدِ الْمُوَكِّلِ بِنَفْسِهِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَزْرَعَهَا مَا بَدَا لَهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ غَيْرُ مُفِيدٍ هُنَا فِي حَقِّ رَبِّ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِي الْخَارِجِ بِخِلَافِ الدَّفْعِ مُزَارَعَةً، وَإِنْ آجَرَهَا بِدَرَاهِمَ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا

الباب التاسع عشر في بيان ما يجب من الضمان على المزارع

لَا يَزْرَعُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ فَرَبُّ الْأَرْضِ نَصَّ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهَا مُزَارَعَةً وَذَلِكَ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ، فَإِذَا آجَرَهَا الْوَكِيلُ بِشَيْءٍ لَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ كَانَ مُخَالِفًا فِي جِنْسِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُوَكِّلُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إذَا بَاعَ بِأَلْفِ دِينَارٍ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فَاسْتَأْجَرَهَا بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهِ لَمْ تَجُزْ إلَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ فَأَخَذَهَا الْوَكِيلُ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ كُرُّ حِنْطَةٍ أَوْ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ جَازَ، وَلَوْ شَرَطَ الْوَكِيلُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ دَرَاهِمَ أَوْ ثِيَابًا لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِهِ الْآمِرُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَأْخُذَهَا لَهُ مُزَارَعَةً بِالثُّلُثِ فَأَخَذَهَا الْوَكِيلُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا الْمُزَارِعُ، وَيَكُونُ لِلْمُزَارِعِ ثُلُثُ الْخَارِجِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ ثُلُثَاهُ لَمْ يَجُزْ هَذَا عَلَى الْمُزَارِعِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي قَالَهُ الْمُزَارِعُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْخَارِجَ عِوَضًا عَنْ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ، فَمَا يَصْحَبُهُ حَرْفُ الْبَاءِ يَكُونُ حِصَّتُهُ مِنْ الْخَارِجِ وَقَدْ أَتَى بِضِدِّهِ، وَلَوْ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ وَالثُّلُثَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا جَازَ ذَلِكَ عَلَى الْمُزَارِعِ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُنَا عَمَلُ الْعَامِلِ وَهُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْخَارِجَ بِمُقَابَلَةِ عَمَلِهِ فَإِذَا شَرَطَ الثُّلُثَ لَهُ كَانَ مُمْتَثِلًا أَمْرَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُؤَجِّرَ أَرْضَهُ سَنَةً بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ فَدَفَعَهَا مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا حِنْطَةً فَزَرَعَهَا كَانَ الْوَكِيلُ مُخَالِفًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا مُزَارَعَةً بِالثُّلُثِ فَدَفَعَهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثُ جَازَ، فَإِنْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: إنَّمَا عَيَّنْتُ لِلْمُزَارِعِ الثُّلُثَ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ حِينَئِذٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي بَيَانِ مَا يَجِبُ مِنْ الضَّمَانِ عَلَى الْمُزَارِعِ] (الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي بَيَانِ مَا يَجِبُ مِنْ الضَّمَانِ عَلَى الْمُزَارِعِ) وَلَوْ كَانَ الْأَكَّارُ تَرَكَ سَقْيَ الْأَرْضِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَتَّى يَبِسَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الزَّرْعِ نَابِتًا وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّقْوِيمِ حِينَ صَارَ الزَّرْعُ بِحَالٍ يَضُرُّهُ تَرْكُ السَّقْيِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّرْعِ قِيمَةٌ حِينَئِذٍ فَإِنَّهُ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَزْرُوعَةً وَغَيْرَ مَزْرُوعَةٍ فَيَضْمَنُ نِصْفَ فَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. أَخَّرَ الْأَكَّارُ السَّقْيَ إنْ كَانَ تَأْخِيرًا مُعْتَادًا يَفْعَلُهُ النَّاسُ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا تَرَكَ الْأَكَّارُ حِفْظَ الزَّرْعِ حَتَّى أَصَابَتْهُ آفَةٌ مِنْ أَكْلِ الدَّوَابِّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ يَضْمَنُ، وَإِذَا لَمْ يَطْرُدْ الْجَرَادَ حَتَّى أَكَلَ الزَّرْعَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْجَرَادُ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُ طَرْدُهُ وَدَفْعُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَرَكَ الْأَكَّارُ الْحِفْظَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ يَجِبُ الضَّمَانُ وَمَا لَا فَلَا، وَهَذَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعَ فَأَمَّا إذَا أَدْرَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُزَارِعِ بِتَرْكِ الْحِفْظِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الذَّارِيُّ: يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ كَدَسِّهِ لَيْلًا إذَا كَانَ الْحِفْظُ عَلَيْهِ مُتَعَارَفًا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَنَّ الْمُزَارِعَ حَصَدَ الزَّرْعَ وَجَمَعَ وَدَاسَ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَحِصَّةُ الدَّافِعِ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَتَغَافَلَ عَنْهُ حَتَّى هَلَكَ الزَّرْعُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَضْمَنُ الْهَالِكَ، وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ تَأْخِيرًا لَا يَفْعَلُ النَّاسُ مِثْلَهُ يَضْمَنُ، وَإِذَا أَخَّرَ تَأْخِيرًا يَفْعَلُ النَّاسُ مِثْلَهُ لَا يَضْمَنُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا اخْتَارَهُ أَئِمَّةُ بَلْخٍ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ صِحَّةِ اشْتِرَاطِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ عَلَى الْمُزَارِعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا هَذَا فِي اجْتِنَاءِ الْقُطْنِ إذَا انْفَتَقَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. تَرَكَ الْأَكَّارُ إخْرَاجَ الْجَزَرِ وَالْحِنْطَةِ الرَّطْبَةِ إلَى الصَّحْرَاءِ وَكَانَ الشَّرْطُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَرْثٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَسَدَ الزَّرْعُ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَأَمَرَهُ الْقَاضِي فَامْتَنَعَ ضَمِنَ إذَا فَسَدَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْخُلَاصَةِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ إذَا كَانَ بَقَرُ الْمَالِكِ فِي يَدِ الْأَكَّارِ فَبَعَثَ إلَى الرَّاعِي إلَى السَّرْحِ لَا يَضْمَنُ هُوَ وَلَا الرَّاعِي وَالْبَقَرُ الْمُسْتَعَارُ وَالْمُسْتَأْجَرُ عَلَى هَذَا، قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَاضْطَرَبَتْ الرِّوَايَاتُ مِنْ

الباب العشرون في الكفالة في المزارعة والمعاملة

الْمَشَايِخِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيُفْتَى بِهَذَا لِأَنَّ الْمُودَعَ يَحْفَظُ مَالَ الْوَدِيعَةِ كَمَا يَحْفَظُ مَالَ نَفْسِهِ وَهُوَ يَحْفَظُ بَقَرَهُ فِي السَّرْحِ فَكَذَا بَقَرُ الْوَدِيعَةِ، وَلَوْ تَرَكَ الْبَقَرَ يَرْعَى فَضَاعَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ: وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا هَذِهِ السَّنَةَ وَجَعَلَ الْبَدَلَ كُرَّ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهِ فِي يَدِ الْمُزَارَعِ فَهُوَ جَائِزٌ، فَإِنْ زَرَعَ الْمُزَارَعُ سَنَتَهُ هَذِهِ كُلَّهَا فَلَمَّا انْقَضَتْ السَّنَةُ وَاسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ اسْتَهْلَكَ الْمُزَارَعُ الْكُرَّ الَّذِي بِهِ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ فَعَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ طَعَامُ مِثْلِ ذَلِكَ الطَّعَامِ، وَإِذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَجَبَ عَلَى الْمُزَارِعِ رَدُّ مَا اسْتَوْفَى مِنْ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَتَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهَا فَيَجِبُ رَدُّ قِيمَتِهَا وَقِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ أَجْرُ الْمِثْلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَتْلَفَ شِرْبَ إنْسَانٍ بِأَنْ اسْتَسْقَى أَرْضَهُ بِشِرْبِ غَيْرِهِ قِيلَ: يَضْمَنُ، وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. سُئِلَ (مُعْتَاد آنَسَتْ كه كديوران بتابستان درباغ باشند وَاكَرٍ كديوري بتابستان درباغ نباشد وَبَاغٍ راضايع ماند تادرخت بركند نديا جوب وارنج بردند) اتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ عَلَى أَنَّ عَلَى الكديور الضَّمَانَ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ ( مُعْتَادُ أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ آنست كه كديوران درز مستان در محلها ميبا شندنه درباغها أَمَّا وَقْت تابستان درباغها در آيند وباغ را مطالعه كنندو آن مطالعه را از جُمْلَة حفظ دانندوا كر بزمستان كسي درباغ بيايد وُجُوبهَا وارنج ببرديا درختان بركند حُكْم مَسْأَلَة آنست كه أكر كديور مطالعه مُعْتَاد كرد تاوان دَار نشودو اكر مطالعه مُعْتَاد نكرده باشد تاوان دَار شود) ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الْعُشْرُونَ فِي الْكَفَالَةِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ] (الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي الْكَفَالَةِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ) وَلَوْ شَرَطَ الْكَفَالَةَ بِالزِّرَاعَةِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَالْبَذْرِ مِنْ الْعَامِلِ فَسَدَتَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْكَفَالَةُ مَشْرُوطَةً فِيهَا بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ وَصَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّ الْبَذْرَ مَتَى كَانَ مِنْ الْعَامِلِ فَالْعَمَلُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ عَمِلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَالْكَفَالَةُ بِعَمَلٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ فَاسِدَةٌ، وَمَتَى شَرَطَا فِي الْمُزَارَعَةِ فَقَدْ شَرَطَا شَرْطًا فَاسِدًا لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فَيَفْسُدُ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَمَتَى لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً فِيهَا فَقَدْ خَلَا الْعَقْدُ عَنْ الْمُفْسِدِ فَصَحَّ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ شَرَطَ فِي الْمُزَارَعَةِ عَمَلَ الْمُزَارَعِ بِنَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ، فَإِنْ شَرَطَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَالْمُزَارَعَةُ جَمِيعًا كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ أَمْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ كَفَلَ بِمَضْمُونٍ أَمْكَنَهُ اسْتِيفَاؤُهُ عَنْ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُزَارَعِ يُجْبَرُ عَلَى إيفَائِهِ وَقَدْ لَزِمَهُ هَذَا الْعَمَلُ بِحُكْمِ الْمُزَارَعَةِ وَأَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْكَفِيلِ، فَإِنْ أَخَذَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَالْكَفِيلُ بِالْعَمَلِ وَعَمِلَ ذَلِكَ الْكَفِيلُ فَلِلْكَفِيلِ عَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِهِ، فَأَمَّا إذَا شَرَطَ فِي الْمُزَارَعَةِ عَمَلَ الْمُزَارَعِ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ فَسَدَتَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ وَبَطَلَتْ الْكَفَالَةُ؛ لِأَنَّهُ كَفَلَ بِمَا لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْكَفِيلِ لِأَنَّ عَمَلَ الْمُزَارَعِ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ غَيْرِهِ فَكَانَتْ هَذِهِ كَفَالَةً بَاطِلَةً كَمَا فِي الْإِجَارَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْجَوَابُ فِي الْمُعَامَلَةِ إذَا أَخَذَ رَبُّ النَّخِيلِ مِنْ الْعَامِلِ كَفِيلًا بِالْعَمَلِ نَظِيرَ الْجَوَابِ فِي الْمُزَارَعَةِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ أَرْضًا مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ وَأَخَذَ رَبُّ الْأَرْضِ مِنْ الْمُزَارِعِ كَفِيلًا بِحِصَّتِهِ أَوْ أَخَذَ الْمُزَارِعُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ كَفِيلًا بِحِصَّتِهِ فَهَذِهِ الْكَفَالَةُ حَصَلَتْ بِصِفَةِ الْفَسَادِ، فَإِنْ شُرِطَتْ فِي الْمُزَارَعَةِ تُفْسِدُ الْمُزَارَعَةَ وَمَا لَا فَلَا

الباب الحادي والعشرون في مزارعة الصبي والعبد

وَإِنْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ إنْ اسْتَهْلَكَهُ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْمُزَارَعَةِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً فِي الْمُزَارَعَةِ فَالْمُزَارَعَةُ وَالْكَفَالَةُ جَائِزَتَانِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ فَالْكَفَالَةُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي مُزَارَعَةِ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ] (الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي مُزَارَعَةِ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ) الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً بِشَرَائِطِهَا فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمُزَارَعِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَخَذَ مُزَارَعَةً بِشَرَائِطِهَا جَازَ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ يَمْلِكُ أَخْذَ الْأَرْضِ وَدَفْعَهَا مُزَارَعَةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَفَعَ الْمَأْذُونُ لَهُ أَرْضًا لَهُ مُزَارَعَةً، ثُمَّ حَجَرَهُ الْمَوْلَى فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمُزَارَعِ، فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْمُزَارَعِ بَقِيَتْ الْمُزَارَعَةُ حَجَرَهُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَمْ بَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَبْدِ إنْ حَجَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ بَقِيَتْ الْمُزَارَعَةُ، وَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ انْتَقَضَتْ الْمُزَارَعَةُ، وَلَوْ أَخَذَ الْمَأْذُونُ أَرْضًا مُزَارَعَةً فَحَجَرَ عَلَيْهِ الْمَوْلَى، فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ بَقِيَتْ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ فِي جَانِبِ الْعَبْدِ فَلَا يَعْمَلُ الْحَجْرُ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَبْدِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ لَازِمَةً وَقَبْلَهَا بَطَلَتْ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ الزِّرَاعَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ فَعَمِلَ الْحَجْرُ وَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ مَعَ الْحَجْرِ فَفَاتَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَيُفْسَخُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِذَا دَفَعَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا وَبَذْرًا مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا هَذِهِ السَّنَةَ بِالنِّصْفِ، ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى نَهَى عَنْ الزِّرَاعَةِ وَفَسَخَ الْمُزَارَعَةَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْجُرْ عَلَى عَبْدِهِ فَالْمُزَارَعَةُ عَلَى حَالِهَا وَلَا يَعْمَلُ نَهْيُ الْمَوْلَى حَتَّى كَانَ لِلْمُزَارِعِ أَنْ يَزْرَعَ؛ لِأَنَّهُ حَجْرٌ خَاصٌّ وَرَدَ عَلَى إذْنٍ عَامٍّ فَلَا يَصِحُّ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ أَرْضًا مُزَارَعَةً وَالْبَذْرُ مِنْ جِهَتِهِ فَمَنَعَهُ الْمَوْلَى مِنْ الزِّرَاعَةِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْمَلُ مَنْعُهُ وَكَانَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَزْرَعَهَا لِمَا قُلْنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ مَحْجُورٌ دَفَعَ أَرْضَهُ لِيَزْرَعَهَا الْعَامِلُ بِبَذْرِهِ وَالْخَارِجُ نِصْفَانِ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، فَإِنْ عَمِلَ وَأَخْرَجَتْ وَلَمْ تَنْقُصْ فَالْخَارِجُ نِصْفَانِ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ نَقَصَتْهَا الزِّرَاعَةُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ وَالْخَارِجُ كُلُّهُ لَهُ، وَإِذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ رَجَعَ الْمُزَارِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ إلَى مَوْلَاهُ وَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْعَبْدُ مِنْ الْمُزَارِعِ نِصْفَ مَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ، وَيَكُونُ لَهُ مِقْدَارُ مَا غَرِمَ لِلْمُزَارِعِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ فَالْفَضْلُ لِمَوْلَاهُ، فَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى: لَا آخُذُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ وَأَرْضَى بِنِصْفِ الْخَارِجِ فَلَهُ ذَلِكَ قَبْلَ عِتْقِ الْعَبْدِ وَبَعْدَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْمَأْذُونِ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ أَوْجَبَتْ الْمُزَارَعَةُ نُقْصَانًا فِي الْأَرْضِ أَوْ لَمْ تُوجِبْ، وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ الْحُرُّ إلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَوْ إلَى الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الَّذِي يَعْقِلُ أَرْضًا مُزَارَعَةً بِشَرَائِطِهَا، فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَسَلِمَ الْعَبْدُ عَنْ الْعَمَلِ فَالْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ الْمُزَارَعَةُ بَاطِلَةً وَيَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةٌ وَيَكُونُ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ أَوْ الصَّبِيُّ قَدْ مَاتَ بَعْدَ مَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ مَاتَا حَتْفَ أَنْفِهِمَا لَا مِنْ عَمَلِ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ فِي الْعَبْدِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ، وَفِي الصَّبِيِّ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا، وَإِذَا ضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ كَانَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ، وَأَمَّا فِي الصَّبِيِّ فَالْخَارِجُ بَيْنَ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَوَرَثَةِ الصَّبِيِّ عَلَى مَا اشْتَرَطَا، وَأَمَّا إذَا مَاتَا مِنْ عَمَلِهِمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي، فَإِنْ كَانَ الْمُزَارِعُ عَبْدًا فَإِنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ سَوَاءٌ مَاتَ الْعَبْدُ مِنْ عَمَلٍ كَانَ مِنْهُ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ الِاسْتِحْصَادِ أَوْ مِنْ عَمَلٍ وُجِدَ مِنْهُ بَعْدَ الِاسْتِحْصَادِ، وَيَكُونُ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَيْسَ لِمَوْلَى الْعَبْدِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُزَارِعُ صَبِيًّا، فَإِنْ مَاتَ مِنْ عَمَلٍ كَانَ مِنْهُ قَبْلَ اسْتِحْصَادِ الزَّرْعِ فَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ دِيَةُ الصَّبِيِّ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ عَمَلِهِ بَعْدَ

الباب الثاني والعشرون في الاختلاف الواقع بين رب الأرض والمزارع

الِاسْتِحْصَادِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ أَوْ الصَّبِيِّ فَجَمِيعُ الْخَارِجِ يَكُونُ لِلصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا وَلَا ضَمَانَ النُّقْصَانِ، أَمَّا النُّقْصَانُ فَلِأَنَّ الزِّرَاعَةَ حَصَلَتْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَقَوْلُهُ لَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا أَرَادَ بِهِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ نَفْيَ الْأَجْرِ فِي الْحَالِ أَمَّا بَعْدَ الْعِتْقِ فَيُخَاطَبُ بِالْأَجْرِ وَأَرَادَ بِهِ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ نَفْيَ الْأَجْرِ فِي الْحَالِ، وَبَعْدَ الْبُلُوغِ فَالْعَبْدُ الْمَحْجُورُ يُؤَاخَذُ بِضَمَانِ الْأَقْوَالِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَصِيٌّ يَأْخُذُ أَرْضَ الْيَتِيمِ مُزَارَعَةً، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى آخَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ بَذْرِهِ حَالًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَصِيِّ جَازَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا أَرْضَ الْيَتِيمِ فَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِئْجَارِ الْوَصِيِّ الصَّغِيرِ وَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ لِلْيَتِيمِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ أَوْ ضَمَانُ الْمِثْلِ أَوْ ضَمَانُ النُّقْصَانِ وَالْبَذْرُ لَوْ كَانَ مِنْ الْيَتِيمِ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ مِمَّا يُصِيبُهُ مِنْ الْخَارِجِ لَمْ تَجُزْ الْمُزَارَعَةُ، وَإِنْ كَانَ مَا يُصِيبُهُ مِنْ الْخَارِجِ خَيْرًا لَهُ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّ تَمَامَ النَّظَرِ لِلصَّبِيِّ فِي هَذَا، عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا أَخَذَ بَذْرَ الْيَتِيمِ فَزَرَعَهُ فِي أَرْضِ الْيَتِيمِ وَأَشْهَدَ عَلَى الْمُزَارَعَةِ وَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ قَرْضًا وَاسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ، فَإِنْ كَانَ الرِّيعُ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ فَلَهُ الرِّيعُ، وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ خَيْرًا لَهُ فَلَهُ الْأَجْرُ هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّانِي وَالْعُشْرُونَ فِي الِاخْتِلَاف الْوَاقِع بَيْن رَبّ الْأَرْض وَالْمَزَارِع] (الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارَعِ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الِاخْتِلَافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الْمُزَارَعِ وَبَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَخْتَلِفَا فِي جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ وَفَسَادِهَا، وَدَعْوَى الْجَوَازِ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُوجِبُ قَطْعَ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ، وَدَعْوَى الْفَسَادِ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا شَرْطًا يُوجِبُ قَطْعَ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَدَّعِيَ اشْتِرَاطَ أَقْفِزَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَالثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ اشْتِرَاطَ النِّصْفِ وَزِيَادَةَ عَشْرَةٍ وَالثَّالِثُ أَنْ يَدَّعِيَ اشْتِرَاطَ النِّصْفِ إلَّا عَشَرَةً، فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا اشْتِرَاطَ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ وَادَّعَى الْآخَرُ اشْتِرَاطَ أَقْفِزَةٍ مَعْلُومَةٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارَعِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي لِلْفَسَادِ صَاحِبَ الْأَرْضِ أَوْ صَاحِبَ الْبَذْرِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ إنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْجَوَازَ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْبَذْرِ سَوَاءٌ كَانَ يَدَّعِي الْجَوَازَ أَوْ الْفَسَادَ وَسَوَاءٌ أَخْرَجَتْ الْأَرْضَ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْجَوَازَ. الْوَجْهُ الثَّانِي إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ رَبُّ الْأَرْضِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْمُزَارَعِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَمَا عَرَفْتَ مِنْ الْأَحْكَامِ فِي جَانِبِ الْمُزَارَعِ ثَمَّةَ فَهُوَ كَذَلِكَ فِي جَانِبِ رَبِّ الْأَرْضِ فِي هَذَا الْوَجْهِ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَقْفِزَةً مَعْلُومَةً، وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ شَرَطَ النِّصْفَ وَزِيَادَةَ عَشَرَةٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ. إنْ كَانَ الْمُدَّعِي لِزِيَادَةِ الْأَقْفِزَةِ عَلَى النِّصْفِ صَاحِبَ الْبَذْرِ وَهُوَ رَبُّ الْأَرْضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُزَارِعِ الَّذِي يَدَّعِي النِّصْفَ سَوَاءٌ وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَوْ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي زِيَادَةَ الْعَشَرَةِ الْأَقْفِزَةِ. وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي لِزِيَادَةِ الْعَشَرَةِ الْأَقْفِزَةِ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْمُزَارَعُ إنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْجَوَازِ وَهُوَ صَاحِبُ الْبَذْرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْمُزَارَعُ. فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ أَنْ يُثْبِتُ زِيَادَةَ الْعَشَرَةِ الْأَقْفِزَةِ، هَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَإِنَّ الْمُزَارَعَ فِي هَذَا الْوَجْهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ رَبِّ الْأَرْضِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، فَمَا عَرَفْتَ مِنْ الْأَحْكَامِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَهُوَ مِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ، هَذَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ وَادَّعَى الْآخَرُ شَرْطَ النِّصْفِ وَزِيَادَةَ عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ، وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ إلَّا عَشَرَةً فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ

أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ، فَإِنْ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ شَيْئًا وَالْمُدَّعِي لِشَرْطِ النِّصْفِ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْمُزَارِعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ. وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَهُوَ رَبُّ الْأَرْضِ أَيْضًا، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْبَذْرِ أَيْضًا، هَذَا إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا: أَمَّا إنْ كَانَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ صَاحِبَ الْبَذْرِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْبَذْرِ. وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ الْمُزَارِعَ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ إذَا اخْتَلَفَا فِي جَوَازِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ، وَأَمَّا إذَا اتَّفَقَا عَلَى جَوَازِ الْعَقْدِ وَاخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْمَشْرُوطِ قَالَ صَاحِبُ الْبَذْرِ لِلْآخَرِ: شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَا بَلْ شَرَطْتَ لِي النِّصْفَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُزَارَعِ، مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ يُبْدَأُ بِيَمِينِ رَبِّ الْأَرْضِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْبِدَايَةُ بِيَمِينِ الْمُزَارَعِ عَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا تَحَالَفَا فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا إذَا طَلَبَا أَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ، فَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ بَعْدَ مَا حَلَفَا إنْ كَانَ الْقَاضِي قَدْ فَسَخَ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا لَا يَلْتَفِتُ إلَى بَيِّنَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَسَخَ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَأَيُّهُمَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ يَعْنِي قَبْلَ التَّحَالُفِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ، هَذَا إنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ إنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ قَامَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ الْمُزَارِعِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ لَا يَتَحَالَفَانِ، هَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْمُزَارِعِ فَالْمُزَارِعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ رَبِّ الْأَرْضِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ لَا يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ يَتَحَالَفَانِ وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ رَبِّ الْأَرْضِ، قَالُوا مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَالَ صَاحِبُ الْبَذْرِ: أَنَا لَا أَنْقُضُ الْمُزَارَعَةَ. فَأَمَّا إذَا قَالَ: أَنَا أَنْقُضُ الْمُزَارَعَةَ لَا مَعْنَى لِلتَّحَالُفِ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَاخْتَلَفَ وَرَثَتُهُمَا فِي شَرْطِ الْأَنْصِبَاءِ فَالْقَوْلُ لِوَرَثَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْآخَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي صَاحِبِ الْبَذْرِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُزَارِعِ وَوُرَّاثِهِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْآخَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْبَذْرِ وَفِي الشَّرْطِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ وَالزَّارِعُ صَاحِبُ الْيَدِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ فَلَمَّا حَصَدَ الزَّرْعَ قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ: كُنْتَ أَجِيرِي زَرَعْتَهَا بِبَذْرِي، وَقَالَ الْمُزَارِعُ: كُنْتُ أَكَّارًا وَزَرَعْتُ بِبَذْرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُزَارِعِ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ كَانَ فِي يَدِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ ذِي الْيَدِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلَيْنِ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَاهَا سَنَتَهُمَا هَذِهِ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ فَلِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ الثُّلُثُ مِنْهُ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَانِ وَلِلْآخَرِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا، لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ أَحَدَهُمَا بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ لِلْعَمَلِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَاسْتَأْجَرَ الْآخَرَ بِجُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْعَقْدَيْنِ جَائِزٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ زَرْعًا كَثِيرًا فَاخْتَلَفَ الْعَامِلَانِ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا صَاحِبُ الثُّلُثِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ أَخَذَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ الثُّلُثَ بِإِقْرَارِهِ وَأَخَذَ الْآخَرُ الثُّلُثَ بِبَيِّنَتِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ اسْتِحْقَاقِهِ ثُلُثَ الْخَارِجِ انْتِفَاءَ الْأَجْرِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ. وَلَوْ لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا صَاحِبُ الْأَجْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

الباب الثالث والعشرون في زراعة الأراضي بغير عقد

عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِائَةُ دِرْهَمٍ لِأَحَدِهِمَا بِإِقْرَارِ رَبِّ الْأَرْضِ لَهُ وَلِلْآخَرِ بِإِثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى بَيِّنَةِ رَبِّ الْأَرْضِ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَلَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مَعَ بَيِّنَتِهِمَا. وَلَوْ كَانَ دَفَعَ الْأَرْضَ إلَيْهِمَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَاهَا بِبَذْرِهِمَا عَلَى أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْهُ فَلِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ نِصْفُهُ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَيْهِ أَجْرُ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ الزَّرْعِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ سُدُسُ الزَّرْعِ فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ آجَرَ الْأَرْضَ مِنْهُمَا نِصْفُهَا مِنْ أَحَدِهِمَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَنِصْفُهَا مِنْ الْآخَرِ بِثُلُثِ مَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ النِّصْفُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْعَقْدَيْنِ صَحِيحٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، فَإِنْ زَرَعَاهَا فَلَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِرَبِّ الْأَرْضِ: أَنَا شَرَطْت: لَكَ سُدُسَ الزَّرْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا زَعَمَ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أُخِذَ بِبَيِّنَةِ رَبِّ الْأَرْضِ. وَلَوْ أَخْرَجَتْ زَرْعًا كَثِيرًا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي شَرَطَ لَهُ الْأَجْرَ وَادَّعَى صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَى أَحَدِهِمَا الْأَجْرَ وَعَلَى الْآخَرِ سُدُسَ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْأَجْرَ مِنْ الَّذِي ادَّعَاهُ عَلَيْهِ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ، وَفِي حَقِّ الْآخَرِ رَبُّ الْأَرْضِ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ بَعْضِ الْخَارِجِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَيُقَالُ لِرَبِّ الْأَرْضِ: أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى السُّدُسِ الَّذِي ادَّعَيْتَهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أُخِذَ بِبَيِّنَةِ رَبِّ الْأَرْضِ. وَلَوْ دَفَعَ رَجُلَانِ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ فَمَا خَرَجَ مِنْهُ فَثُلُثَاهُ لِلْعَامِلِ وَالثُّلُثُ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الْأَرْضِ بِعَيْنِهِ وَلِلْآخَرِ مِائَةُ دِرْهَمٍ أَجْرُ نَصِيبِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، فَإِنْ أَخْرَجَتْ زَرْعًا كَثِيرًا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْ الْأَرْضِ أَنَّهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُزَارِعِ، فَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْ الْأَرْضِ الْبَيِّنَةَ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ الْخَارِجِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى بَيِّنَةِ الْمُزَارِعِ مَعَ بَيِّنَتِهِمَا. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلَيْنِ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ ثُلُثَ الْخَارِجِ وَلِلْآخَرِ عِشْرُونَ قَفِيزًا مِنْ الْخَارِجِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ مَا بَقِيَ فَزَرَعَاهَا فَأَخْرَجَتْ الْأَرْضُ زَرْعًا كَثِيرًا فَالثُّلُثُ لِلَّذِي سُمِّيَ لَهُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلِلْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِهِ أَخْرَجَتْ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي شَرَطَ لَهُ الثُّلُثَ صَحِيحٌ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ فَاسِدٌ وَلَكِنْ عَقْدُهُ مَعَ أَحَدِهِمَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْعَقْدِ مَعَ الْآخَرِ بِحَرْفِ الْعَطْفِ وَلَيْسَ بِمَشْرُوطٍ فِيهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الَّذِي شَرَطَ لَهُ الثُّلُثَ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ الْخَارِجِ لِأَحَدِهِمَا بِإِقْرَارِ رَبِّ الْأَرْضِ لَهُ بِهِ وَلِلْآخَرِ بِإِثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَوْ لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْأَرْضِ فِي الَّذِي لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ مِنْهُمَا، فَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ بِبَيِّنَتِهِ يُثْبِتُ شَرْطَ صِحَّةِ الْعَقْدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ وَالْآخَرُ يَنْفِي ذَلِكَ بِبَيِّنَتِهِ وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي تُثْبِتُ شَرْطَ صِحَّةِ الْعَقْدِ تَتَرَجَّحُ. وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ اثْنَيْنِ عَلَى مِثْلِ هَذَا الشَّرْطِ دَفَعَاهُ إلَى وَاحِدٍ وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ كَانَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ مِثْلَ مَا بَيَّنَّا مِنْ حُكْمِ صَاحِبِ الْأَرْضِ حِينَ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنَى، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي زِرَاعَةِ الْأَرَاضِي بِغَيْرِ عَقْدٍ] (الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي زِرَاعَةِ الْأَرَاضِي بِغَيْرِ عَقْدٍ) رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا مُزَارَعَةً سَنَةً لِيَزْرَعَهَا الْمُزَارِعُ بِبَذْرِهِ فَزَرَعَهَا، ثُمَّ زَرَعَهَا بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا فَعَلِمَ صَاحِبُهَا بِذَلِكَ قَبْلَ نَبَاتِ الزَّرْعِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَمْ يُجِزْ، قَالُوا: إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ أَنَّهُمْ يَزْرَعُونَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ الْعَقْدِ جَازَ وَكَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا فِي الْعَقْدِ فِيمَا مَضَى، وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ إسْمَاعِيلَ الزَّاهِدِ أَنَّهُ قَالَ: ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَالَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَعَلَى الْمُزَارِعِ أَنْ يَرْفَعَ مِنْ الْخَارِجِ مِقْدَارَ أَجْرِ عَمَلِهِ وَثِيرَانِهِ وَبَذْرِهِ وَيَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي كَمَا فِي الْغَصْبِ، قَالَ وَمَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَانُوا يُفْتُونَ بِجَوَابِ الْكِتَابِ إلَّا أَنِّي رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ كَمَا لَوْ دَفَعَ أَرْضَهُ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ: دَفَعْت إلَيْكَ هَذِهِ الْأَرْضَ عَلَى مَا كَانَتْ مَعَ فُلَانٍ عَامَ أَوَّلٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فَهَذَا أَوْلَى قَالَ مَوْلَانَا: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعِنْدِي إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِدَفْعِهَا مُزَارَعَةً وَنَصِيبُ الْعَامِلِ مِنْ الْخَارِجِ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَا يَخْتَلِفُ فَزَرَعَهَا رَجُلٌ جَازَ اسْتِحْسَانًا. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِدَفْعِهَا مُزَارَعَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ نَصِيبُ الْعَامِلِ مِنْ الْخَارِجِ

الباب الرابع والعشرون في المتفرقات

وَاحِدًا عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بَلْ كَانَ مُخْتَلِفًا فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا يَجُوزُ، وَيَكُونُ الْمُزَارِعُ غَاصِبًا، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى الْعَادَةِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ زَرَعَهَا غَصْبًا، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ زَرَعَهَا غَصْبًا بِأَنْ أَقَرَّ الزَّارِعُ عِنْدَ الزَّرْعِ أَنَّهُ يَزْرَعُهَا لِنَفْسِهِ لَا عَلَى الْمُزَارَعَةِ أَوْ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ لَا يَأْخُذُ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَيَأْنَفُ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ غَاصِبًا وَيَكُونُ الْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ مَا زَرَعَ وَقَالَ: زَرَعْتهَا غَصْبًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَ شَيْءٍ مِنْ الْخَارِجِ لِغَيْرِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى (زمين هاكه درديه هاست يَا وَقَفَ يَا مُلْك وَعَادَتْ آن مَوْضِع آنست كه هر كرا بايدبدين زمينها كشاوزري كندوا زمتولئ أَوَقَافٍ دُسْتُورِيّ نميخوا هدو وأزمالك ني ومتولي ومالكان ايشانرا منع نمي كنندو كارند كَانَ بِوَقْتِ إدْرَاك غله حِصَّة دهقاني بدهند ومنع نمي كنندا كردرجنين زمينها كسى كشاورزي كندبي آنكه از خداونديا ازمتولي بمزارعه كيرد اين كشتن وي بروجه مزارعه باشد اما اكر موضعي باشد كه هراينه بدستور خداوند كار كارندو اكر كسي بيدستور خداوند كار كارد خداوند أَوْ رامنع كنديا خداوند كارخود كارد وكاهي بكديوري دهدجون كسي بيدستور خداوند كارديا بيدستور متولي در وَقَفَ بِرّ مزارعه حمل كنيم ودر مُلْك ني) ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَكَّارٌ رَفَعَ لِخَارِجٍ وَبَقِيَ فِي الْأَرْضِ حَبَّاتُ حِنْطَةٍ قَدْ تَنَاثَرَتْ فَنَبَتَ وَأَدْرَكَ فَهُوَ بَيْنَ الْأَكَّارِ وَصَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى مَا كَانَ قَدْرُ نَصِيبِهِمَا مِنْ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهُ نَبَتَ مِنْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا وَيَنْبَغِي لِلْأَكَّارِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ مِنْ نَصِيبِهِ، وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ سَقَاهُ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى نَبَتَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَاهُ فَقَدْ اسْتَهْلَكَهُ، فَإِنْ كَانَ لِتِلْكَ الْحَبَّاتِ قِيمَةٌ كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ سَقَاهُ أَجْنَبِيٌّ تَطَوُّعًا كَانَ النَّابِتُ بَيْنَ الْأَكَّارِ وَصَاحِبِ الْأَرْضِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. نَبَتَتْ شَجَرَةٌ أَوْ زَرْعٌ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزْرَعَهَا أَحَدٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ أَرْضِهِ فَيَكُونُ جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا سَنَتَهُ هَذِهِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَصَارَ قَصِيلًا فَأَرَادَ أَنْ يَقْصِلَاهُ وَيَبِيعَاهُ فَحَصَادُ الْقَصِيلِ وَبَيْعُهُ عَلَيْهِمَا وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ الْمُزَارِعِ، وَلَوْ اسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ فَمَنَعَهُمْ السُّلْطَانُ مِنْ حَصَادِهِ إمَّا ظُلْمًا أَوْ لِمَصْلَحَةٍ رَأَى فِي ذَلِكَ أَوْ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُمْ الْخَرَاجَ فَالْحِفْظُ عَلَيْهِمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الْمُزَارَعَةَ. وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ رَهْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَرَادَ آخَرُ أَنْ يَأْخُذَهَا مُزَارَعَةً مِنْ الرَّاهِنِ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَهَا مُزَارَعَةً مِنْ الرَّاهِنِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ ثُمَّ أَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يُخْرِجَ الْأَرْضَ مِنْ يَدِ الْمُزَارِعِ فَقَالَ لِلْمُزَارِعِ: ازْرَعْهَا بِبَذْرِكَ أَوْ اُتْرُكْهَا عَلَيَّ، فَقَالَ الْمُزَارِعُ: أَعْطِنِي أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِي فَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: بَلَى أَعْطَيْتُكَ فَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَزْرَعَهَا بِنَفْسِهِ فَلَمَّا عَلِمَ الْمُزَارِعُ ذَلِكَ ذَهَبَ وَزَرَعَ الْأَرْضَ ثُمَّ أَدْرَكَ الزَّرْعُ، فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ أَجَازَ صُنْعَهُ ذَلِكَ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا وَالْمَسْأَلَةُ كَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى، وَإِذَا مَاتَ الْآجِرُ فَدَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بَذْرًا إلَى وَرَثَةِ الْآجِرِ، وَقَالَ: ازْرَعُوا فِي هَذِهِ الْأَرْضِ فَزَرَعُوا فَالْخَارِجُ لِمَنْ يَكُونُ؟ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ أَنَّ الْخَارِجَ يَكُونُ لِوَرَثَةِ الْآجِرِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْفَسَخَ بِمَوْتِ الْآجِرِ

فَيَكُونُ هَذَا إقْرَاضًا مِنْهُ لِلْبَذْرِ لِوَرَثَةِ الْآجِرِ إذْ لَيْسَ فِي قَوْلِ الْمُسْتَأْجِرِ مَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ شَيْءٍ مِنْ الْخَارِجِ لِنَفْسِهِ مِنْ قَوْلِهِ: ازْرَعُوهَا لِي أَوْ لِيَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَنَا، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى وَرَثَةِ الْآجِرِ مِثْلُ ذَلِكَ الْبَذْرِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ دَفَعَتْ ضَيْعَةَ ابْنِهَا الْبَالِغِ مُعَامَلَةً وَكَانَ الِابْنُ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ، قَالَ: لَا يَكُونُ رِضًا، سُئِلَ أَيْضًا عَمَّنْ أَعْطَى الْمُسْتَأْجِرَ الْآجِرُ ضَيْعَتَهُ مُعَامَلَةً سَنَةً بِأَلْفِ مَنٍّ مِنْ الْعِنَبِ الْقَلَانِسِيِّ قَالَ: لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اسْتَأْجَرَ أَرْضًا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ، ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى الْآجِرِ مُزَارَعَةً إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَأْجِرِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الْآجِرِ لَا يَجُوزُ هَكَذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَحْمَدُ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي شُرُوطِهِ فِي مَسَائِلِ الْمُزَارَعَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ فِي نَوَادِرِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَجَعَلَ هَذَا قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلَ، أَمَّا عَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الْأَرْضِ إلَى الْآجِرِ مُزَارَعَةً سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْمُؤَاجِرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ سَقَى أَرْضَهُ أَوْ كَرْمَهُ بِمَاءٍ حَرَامٍ أَوْ نَجِسٍ يَطِيبُ لَهُ مَا خَرَجَ، كَمَنْ عَلَفَ حِمَارَهُ بِعَلَفِ غَيْرِهِ فَمَا أَخَذَ مِنْ الْكِرَاءِ يَطِيبُ لَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اسْتَأْجَرَ مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى امْرَأَةِ الْآجِرِ أَوْ إلَى ابْنِ الْآجِرِ مُزَارَعَةً وَشَرَطَ الْبَذْرَ عَلَى الْمُزَارِعِ وَالِابْنُ فِي عِيَالِ الْأَبِ فَزَرَعَهَا الْأَبُ وَهُوَ الْآجِرُ، فَإِنْ زَرَعَهَا بِطَرِيقِ الْإِعَانَةِ لِلِابْنِ بِأَنْ كَانَ أَقْرَضَ الْبَذْرَ لِلِابْنِ فَالْغَلَّةُ بَيْنَ الِابْنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الشَّرْطِ، وَإِنْ زَرَعَهَا لِنَفْسِهِ بِأَنْ لَمْ يُقْرِضْ الْبَذْرَ لِلِابْنِ فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْآجِرِ وَهُوَ الْمُزَارِعُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ أَرْضًا مِنْ امْرَأَةٍ وَقَبَضَهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى زَوْجِهَا مُزَارَعَةً أَوْ مُعَامَلَةً أَوْ مُقَاطَعَةً كَانَ جَائِزًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَكِبَارًا وَامْرَأَةً وَالْأَوْلَادُ الْكِبَارُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى لِهَذَا الْمَيِّتِ فَعَمِلَ الْأَوْلَادُ الْكِبَارُ عَمَلَ الْحِرَاثَةِ فَزَرَعُوا فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ فِي أَرْضٍ الْغَيْرِ بِطَرِيقِ (الكديورين) كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ بَيْنَ النَّاسِ، وَهَؤُلَاءِ الْأَوْلَادُ كُلُّهُمْ فِي عِيَالِ الْمَرْأَةِ تَتَعَاهَدُ أَحْوَالَهُمْ وَهُمْ يَزْرَعُونَ وَيَجْمَعُونَ الْغَلَّاتِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيُنْفِقُونَ مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً فَهَذِهِ الْغَلَّاتُ تَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْأَوْلَادِ أَوْ تَكُونُ خَاصَّةً لِلْمُزَارِعِينَ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ أَنَّهُمْ إنْ زَرَعُوا مِنْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ إنْ كَانُوا كِبَارًا أَوْ بِإِذْنِ الْوَصِيِّ إنْ كَانَ الْبَاقُونَ صِغَارًا كَانَتْ الْغَلَّاتُ كُلُّهَا عَلَى الشَّرِكَةِ، وَإِنْ زَرَعُوا مِنْ بَذْرِ أَنْفُسِهِمْ كَانَتْ الْغَلَّاتُ لِلْمُزَارِعِينَ، وَإِنْ زَرَعُوا مِنْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَصِيِّ فَالْغَلَّاتُ لِلْمُزَارِعِينَ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا غَصَبَة، وَمَنْ غَصَبَ بَذْرًا وَزَرَعَ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا مُزَارَعَةً وَفِيهَا قَوَائِمُ الْقُطْنِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ لَا يَمْنَعُهُ قَوَائِمُ الْقُطْنِ عَنْ الزِّرَاعَةِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ إلَّا إذَا أَضَافَ إلَى وَقْتِ فَرَاغِ الْأَرْضِ فَحِينَئِذٍ تَجُوزُ، وَإِنْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَفَعَ أَرْضًا إلَى رَجُلٍ مُزَارَعَةً بِشَرَائِطِهَا فَزَرَعَ الرَّجُلُ الْأَرْضَ وَأَدْرَكَتْ الْغَلَّةُ فَجَاءَ رَجُلٌ إلَى الْمُزَارِعِ وَقَالَ: إنِّي اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْأَرْضَ مِنْ فُلَانٍ غَيْرِ الَّذِي دَفَعَ إلَيْكَ الْأَرْضَ وَكَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكَهُ فَنِصْفُ الْغَلَّةِ لِي فَأَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ الْغَلَّةِ ثُمَّ جَاءَ الدَّافِعُ، فَإِنْ صَدَقَ الْمُدَّعِي فِيمَا قَالَ وَلَمْ يُخَاصِمْ الْمُزَارِعَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَخَاصَمَ الْمُزَارِعَ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ الْمُدَّعِي أَخَذَ نِصْفَ الْغَلَّةِ تَغَلُّبًا فَلِلدَّافِعِ أَنْ يُشَارِكَ الْمُزَارِعَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ مَا هَلَكَ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ يَهْلَكُ عَلَى الشَّرِكَةِ وَمَا بَقِيَ يَبْقَى عَلَى الشَّرِكَةِ ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا أَخَذَ إنْ وَجَدَاهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُزَارِعُ دَفَعَ النِّصْفَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَغَلُّبٍ مِنْهُ عَنْ اخْتِيَارِهِ كَانَ لِلدَّافِعِ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ مِنْ الْمُزَارِعِ وَيَجْعَلُ الْمُزَارِعَ دَافِعًا نَصِيبَهُ إلَى الْمُدَّعِي، وَالْمَسْأَلَةُ كَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي حِينَمَا أَخَذَ نِصْفَ الْغَلَّةِ قَالَ لِلْمُزَارِعِ: خُذْ هَذِهِ الْأَرْضَ مِنِّي مُزَارَعَةً فَأَخَذَ هَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْمُزَارَعَةُ وَهَلْ تَنْفَسِخُ الْمُزَارَعَةُ؟ . الْأَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ لَا يَصِحُّ هَذَا وَلَا يَنْفَسِخُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ

الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ وِلَايَةُ الْفَسْخِ مَعَ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفَسِخَ هُنَا بِخِلَافِ مَا إذَا فَسَخَ ابْتِدَاءً، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ كَرْمَهُ إلَى رَجُلٍ مُعَامَلَةً فَلَمْ يَعْمَلْ الرَّجُلُ فِي الْكَرْمِ عَمَلًا لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ ثِمَارِ الْكَرْمِ، وَكَذَا إذَا عَمِلَ عَمَلًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ الْأَشْجَارَ وَالثِّمَارَ حَتَّى ضَاعَتْ الثِّمَارُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَمَلِ أَيْضًا فِي حَقِّ الْعَامِلِ، فَأَمَّا الْمُزَارِعُ إذَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الزِّرَاعَةِ نَحْوَ التَّشْذِيبِ أَوْ السَّقْيِ حَتَّى انْتَقَصَ الزَّرْعُ هَلْ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْخَارِجِ؟ . فَقِيلَ: الْجَوَابُ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَتِهِ يَسْتَحِقُّ بِخِلَافِ الْعَامِلِ إذَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الْكَرْمِ اُجْتُنِيَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ فَسَدَتْ حَيْثُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ لَيْسَ نَمَاءَ مِلْكِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَفَعَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً سَنَةً فَحَصَدَ الزَّرْعَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ انْتَقَضَتْ الْمُزَارَعَةُ إذَا كَانَتْ بَقِيَّةُ السَّنَةِ لَا تَكْفِي لِزِرَاعَةِ شَيْءٍ آخَرَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا لِيَغْرِسَهَا النَّوَاةَ عَلَى أَنْ يُحَوِّلَ مِنْ مَوْضِعِهِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُعَيِّنَ مَوْضِعَ التَّحْوِيلِ بِأَنْ يَقُولَ عَلَى أَنْ يُحَوِّلَ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ الْأُخْرَى أَوْ قَالَ أَنْ يُحَوِّلَ فِي هَذَا الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ فَسَدَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ أَوْ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَ التَّحْوِيلِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ الْعَقْدُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ، وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا يُحَوَّلُ، وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى نَحْوُ شَجَرَةِ الْبَاذِنْجَانِ وَغَيْرِهَا، دَفَعَ رَجُلٌ إلَى آخَرَ أَرْضًا خَرَابًا لِيَعْمُرَهَا الْمُزَارِعُ وَيَزْرَعَهَا الْعَامِلُ مَعَ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِبَذْرِهِمَا ثَلَاثَ سِنِينَ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ شَرْطَ عِمَارَةِ الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، فَإِنْ زَرَعَهَا صَاحِبُ الْأَرْضِ وَالْعَامِلُ بِبَذْرِهِمَا سَنَةً فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ، وَيَكُونُ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ بَذْرِهِمَا، وَلِلْعَامِلِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ فِيمَا عَمِلَ مِنْ عِمَارَةِ الْأَرْضِ أَجْرُ عَمَلِهِ وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ الَّذِي اشْتَغَلَ بِبَذْرِ الْمُزَارِعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ زَرَعَ أَرْضًا عَلَى شَطِّ جَيْحُونَ وَبَلَغَ الزَّرْعُ فَجَاءَ قَوْمٌ وَزَعَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ قَالَ: أَمَّا الزَّرْعُ فَلِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَأَمَّا رَقَبَةُ الْأَرْضِ الْمُزَارَعَةِ فَإِنْ أَثْبَتَ الْقَوْمُ كَانَ لَهُمْ وَإِلَّا فَلِمَنْ أَحْيَاهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. مُسَنَّاةٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ إحْدَاهُمَا أَرْفَعُ مِنْ الْأُخْرَى، وَعَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ لَا يُعْرَفُ غَارِسُهَا، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْمَاءُ يَسْتَقِرُّ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى بِدُونِ الْمُسَنَّاةِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي إمْسَاكِ الْمَاءِ إلَى الْمُسَنَّاةِ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمُسَنَّاةِ قَوْلَ صَاحِبِ الْأَرْضِ الْعُلْيَا مَعَ يَمِينِهِ، وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمُسَنَّاةِ قَوْلَهُ كَانَتْ الْأَشْجَارُ لَهُ مَا لَمْ يُقِمْ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ السُّفْلَى تَحْتَاجُ فِي إمْسَاكِ الْمَاءِ إلَى الْمُسَنَّاةِ كَانَتْ الْمُسَنَّاةُ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ الْأَشْجَارِ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يُصَدَّقُ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ لَهُ خَاصَّةً إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ الْيَمِينُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَخَذَا أَرْضًا مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ يَزْرَعَاهَا بِبَذْرِ صَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا الثُّلُثُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ الثُّلُثُ، وَبَذَرَا فَلَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ الزَّرْعِ لِآفَةٍ أَصَابَتْهُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: لَا نَعْمَلُ فِيهِ الْخَرِيفِيَّ فَعَمِلَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ عِلْمِ صَاحِبِهِ وَحَصَلَ الرَّيْعُ هَلْ لِصَاحِبِهِ فِي الرَّيْعِ الْخَرِيفِيِّ شَيْءٌ لِأَجْلِ عَمَلِهِ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ فِيمَا مَضَى فَقَالَ: لَا لَكِنْ لَوْ طَلَبَ رِضَاهُ بِشَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ أَفْضَلَ، وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْعَمَلَ لَا يُتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِمُجَرَّدِ الْعَمَلِ بِدُونِ الْعَقْدِ، لَكِنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّهُ يَطْلُبُ رِضَا الْعَامِلِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سُئِلَ عَنْ مَحْدُودٍ عُقِدَ عَلَيْهِ بَيْعُ الْوَفَاءِ فَوَقَعَ التَّقَابُضُ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الْبَدَلَيْنِ وَزَرَعَ فِيهِ الْمُشْتَرِي سِنِينَ وَأَخَذَ الْغَلَّةَ فَخَرَاجُهُ عَلَى مَنْ؟ فَقَالَ: عَلَى الْبَائِعِ إنْ نَقَصَ الْأَرْضَ بِالزِّرَاعَةِ، قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْبَائِعُ بِضَمَانِ النُّقْصَانِ هَلْ يَلْزَمُهُ الْخَرَاجُ أَيْضًا؟ فَقَالَ: نَعَمْ (خرمن كوفتن) بِنِصْفِ التِّبْنِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ

وَذَكَرَ فِي مَسْأَلَةِ نَسْجِ الثَّوْبِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ أَنَّ مَشَايِخَ بَلْخٍ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذُوا بِالْجَوَازِ لِتَعَامُلِ النَّاسِ، وَمَشَايِخَ بُخَارَى - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذُوا بِجَوَابِ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ، وَعَلَى هَذَا (بنبه جيدن وارزن كوفتن وكندم درويدن) ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا دَفَعَ الْمُرْتَدُّ أَرْضَهُ وَبَذْرَهُ إلَى رَجُلٍ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ فَعَمِلَ عَلَى ذَلِكَ وَخَرَجَ الزَّرْعُ، فَإِنْ أَسْلَمَ فَهُوَ عَلَى مَا اشْتَرَطَا، وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَالْخَارِجُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْبَذْرِ، وَنُقْصَانُ الْأَرْضِ لِلدَّافِعِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْهُ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا هَذِهِ الْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةٌ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ عَلَى الْعَامِلِ وَقُتِلَ الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ نُقْصَانٌ غَرِمَ الْعَامِلُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ كُلُّهُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ نُقْصَانٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ الْخَارِجُ عَلَى الشَّرْطِ بَيْنَ الْعَامِلِ وَوَرَثَةِ الْمُرْتَدِّ. وَهَذَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَالْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ هُوَ الْمُزَارِعُ وَالْبَذْرُ مِنْهُ فَالْخَارِجُ لَهُ وَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ إذَا قُتِلَ الْمُرْتَدُّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الدَّافِعِ فَالْخَارِجُ عَلَى الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَلَوْ كَانَا جَمِيعًا مُرْتَدِّينَ وَالْبَذْرُ مِنْ الدَّافِعِ فَالْخَارِجُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ غُرْمُ الْبَذْرِ وَنُقْصَانُ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ صَارَ كَالْغَاصِبِ لِلْأَرْضِ وَالْبَذْرِ حِينَ لَمْ يَصِحَّ أَمْرُ الدَّافِعِ إيَّاهُ بِالزِّرَاعَةِ، وَلَوْ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ صَاحِبُ الْبَذْرِ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ كَمَا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا عِنْدَ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ وَقَدْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ كَانَ الْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ إذْنَ الدَّافِعِ فِي عَمَلِ الزِّرَاعَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا نُقْصَانٌ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَسْلَمَ رَبُّ الْأَرْضِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فِي الِابْتِدَاءِ، وَإِنْ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ الْمُزَارِعُ وَقُتِلَ الْآخَرُ عَلَى الرِّدَّةِ ضَمِنَ الْمُزَارِعُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ عَلَى الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ إيَّاهُ بِالزِّرَاعَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْهَا شَيْئًا فَالْقِيَاسُ فِيهِ أَنَّ الْخَارِجَ لِلْمُزَارِعِ وَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ إنْ قُتِلَا أَوْ أَسْلَمَا أَوْ لَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ مَاتَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مُزَارَعَةِ الْمُرْتَدَّةِ وَمُعَامَلَتِهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَيَجُوزُ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَكَذَا بَيْنَ الْحَرْبِيَّيْنِ أَوْ الْمُسْلِمَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ سَوَاءٌ دَخَلَا بِأَمَانٍ أَوْ أَسْلَمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَوْ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ فَأَرَاضِيهِمْ فَيْءٌ، وَأَمَّا الْخَارِجُ فَمَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الْحَرْبِيِّ يَكُونُ فَيْئًا وَمَا كَانَ لِلْمُسْلِمِ لَا يَكُونُ فَيْئًا، وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ أَرَاضِيَهُمْ عَلَيْهِمْ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ أَوْ أَسْلَمُوا فَالْمُعَامَلَاتُ بَيْنَهُمْ مُقَرَّرَةٌ عَلَى حَالِهَا إلَّا مُعَامَلَةً تَفْسُدُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ شَرَطَ مُسْلِمٌ لِلْعَرَبِيِّ عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ مِنْ الْخَارِجِ صَحَّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا تَجُوزُ الْعُقُودُ الْفَاسِدَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ خِلَافًا لَهُ، وَلَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ صَحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً فَاسِدَةً فَكَرَبَ الزَّارِعِ وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ، ثُمَّ امْتَنَعَ صَاحِبُ الْبَذْرِ عَنْ الزِّرَاعَةِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِ الْمُزَارِعِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. ذَكَرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ أَكَّارٌ طَلَبَ مِنْ الدِّهْقَانِ أَنْ يُعْطِيَهُ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً بِالرُّبُعِ لِلدِّهْقَانِ فَقَالَ الدِّهْقَانُ: إنْ زَرَعْتُهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ لِي فَافْعَلْ وَإِلَّا فَلَا، فَلَمَّا زَرَعَ وَحَصَدَ اخْتَلَفَا، ذَكَرَ أَنَّ الثُّلُثَ لِلدِّهْقَانِ وَالْبَاقِي لِلْعَامِلِ، وَفِيهِ أَيْضًا زَرْعٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا فَحَصَدَهُ الْآخَرُ كَانَ مُتَبَرِّعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كتاب المعاملة وفيه بابان

[كِتَاب الْمُعَامَلَةِ وَفِيهِ بَابَانِ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير المعاملة وَشَرَائِطِهَا وَأَحْكَامِهَا] (كِتَاب الْمُعَامَلَةِ وَفِيهِ بَابَانِ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَشَرَائِطِهَا وَأَحْكَامِهَا) أَمَّا تَفْسِيرُهَا فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْعَقْدِ عَلَى الْعَمَلِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مَعَ سَائِرِ شَرَائِطِ جَوَازِهَا. وَأَمَّا شَرَائِطُهَا (فَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدَانِ عَاقِلَيْنِ فَلَا يَجُوزُ عَقْدُ مَنْ لَا يَعْقِلُ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونَا مُرْتَدَّيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مَنْ أَجَازَ الْمُعَامَلَةَ حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُرْتَدًّا وَوَقَعَتْ الْمُعَامَلَةُ إنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ هُوَ الدَّافِعَ، فَإِنْ أَسْلَمَ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، وَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلدَّافِعِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ وَلِلْآخَرِ أَجْرُ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَ، وَعِنْدَهُمَا الْخَارِجُ بَيْنَ الْعَامِلِ الْمُسْلِمِ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الْمُرْتَدِّ الدَّافِعِ عَلَى الشَّرْطِ فِي الْحَالَتَيْنِ كَمَا إذَا مَاتَا مُسْلِمَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ هُوَ الْعَامِلَ، فَإِنْ أَسْلَمَ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ بِالْإِجْمَاعِ، هَذَا إذَا كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَمُرْتَدٍّ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ ثُمَّ ارْتَدَّا أَوْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا فَالْخَارِجُ عَلَى الشَّرْطِ، وَتَجُوزُ مُعَامَلَةُ الْمُرْتَدَّةِ قَوْلًا وَاحِدًا بِالْإِجْمَاعِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَدْفُوعُ مِنْ الشَّجَرِ الَّذِي فِيهِ ثَمَرٌ مُعَامَلَةً مِمَّا تَزِيدُ ثَمَرَتُهُ بِالْعَمَلِ، فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ نَخْلًا فِيهِ طَلْعٌ أَوْ بُسْرٌ قَدْ احْمَرَّ أَوْ اخْضَرَّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَنَاهَى عِظَمُهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُرْطِبْ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، وَيَكُونُ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لَهُمَا فَلَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لِأَحَدِهِمَا فَسَدَ. (وَمِنْهَا) أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ بَعْضِ الْخَارِجِ مُشَاعَةً مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ. (وَمِنْهَا) التَّسْلِيمُ إلَى الْعَامِلِ وَهُوَ التَّخْلِيَةُ حَتَّى لَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا فَسَدَ فَأَمَّا بَيَانُ الْمُدَّةِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الْمُعَامَلَةِ اسْتِحْسَانًا، وَيَقَعُ عَلَى أَوَّلِ ثَمَرَةٍ تَخْرُجُ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ لِتَعَامُلِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْمُدَّةِ، وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا لِيَزْرَعَ فِيهَا الرَّطَابَ أَوْ دَفَعَ أَرْضًا فِيهَا أُصُولٌ رَطْبَةٌ بَاقِيَةٌ، وَلَمْ يُسَمِّ الْمُدَّةَ، فَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَيْسَ لِابْتِدَاءِ نَبَاتِهِ وَلَا لِانْتِهَاءِ جَذِّهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ كَانَ وَقْتُ جَذِّهِ مَعْلُومًا يَجُوزُ وَيَقَعُ عَلَى الْجَذَّةِ الْأُولَى كَمَا فِي الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ. وَأَمَّا الشَّرَائِطُ الْمُفْسِدَةُ فَأَنْوَاعٌ: (مِنْهَا) كَوْنُ الْخَارِجِ كُلِّهِ لِأَحَدِهِمَا. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانٌ مُسَمَّاةٌ. (وَمِنْهَا) شَرْطُ الْعَمَلِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ. (وَمِنْهَا) شَرْطُ الْحَمْلِ وَالْحِفْظِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ. (وَمِنْهَا) شَرْطُ الْجِذَاذِ وَالْقِطَافِ عَلَى الْعَامِلِ بِلَا خِلَافٍ. (وَمِنْهَا) شَرْطُ عَمَلٍ تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُعَامَلَةِ نَحْوَ السَّرْقَنَةِ وَنَصْبِ الْعَرِيشِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَتَقْلِيبِ الْأَرْضِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَمَقَاصِدِهِ. (وَمِنْهَا) شَرِكَةُ الْعَامِلِ فِيمَا يَعْمَلُ حَتَّى أَنَّ النَّخْلَ لَوْ كَانَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَدَفَعَهُ أَحَدُهُمَا إلَى صَاحِبِهِ مُعَامَلَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لَهُ وَثُلُثُهُ لِلشَّرِيكِ السَّاكِتِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ وَلَا أَجْرَ لِلْعَامِلِ عَلَى شَرِيكِهِ، وَلَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لَهُمَا عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ، وَلَوْ أَمَرَ الشَّرِيكُ السَّاكِتُ الشَّرِيكَ الْعَامِلَ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا يُلَقِّحُ بِهِ النَّخْلَ فَاشْتَرَاهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ ثَمَنِهِ وَجَازَتْ الْمُعَامَلَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ، حَتَّى لَوْ دَفَعَ نَخْلَهُ إلَى رَجُلَيْنِ مُعَامَلَةً بِالثُّلُثِ جَازَ وَسَوَاءٌ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا فَضْلًا. وَأَمَّا حُكْمُ الْمُعَامَلَةِ الصَّحِيحَةِ فَأَنْوَاعٌ: (مِنْهَا) أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ عَمَلِ الْمُعَامَلَةِ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الشَّجَرُ وَالْكَرْمُ وَالرِّطَابُ وَأُصُولُ الْبَاذِنْجَانِ مِنْ السَّقْيِ وَإِصْلَاحِ النَّهْرِ وَالْحِفْظِ وَتَلْقِيحِ النَّخِيلِ فَعَلَى الْعَامِلِ، وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ وَالْأَرْضِ مِنْ السِّرْقِينِ وَتَقْلِيبِ الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا الْكَرْمُ وَالشَّجَرُ وَالرِّطَابُ وَنَصْبِ الْعَرِيشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا، وَكَذَلِكَ الْجِذَاذُ وَالْقِطَافُ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ. (وَمِنْهَا) أَنَّهُ إذَا لَمْ يُخْرِجْ الشَّجَرُ شَيْئًا لَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. (وَمِنْهَا) أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَتَّى لَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا الِامْتِنَاعَ وَالْفَسْخَ مِنْ غَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ. (وَمِنْهَا) وِلَايَةُ الْجَبْرِ عَلَى الْعَمَلِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ (وَمِنْهَا) جَوَازُ الزِّيَادَةِ عَلَى الشَّرْطِ وَالْحَطِّ عَنْهُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ احْتَمَلَ إنْشَاءَ الْعَقْدِ احْتَمَلَ الزِّيَادَةَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْحَطُّ جَائِزٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَإِذَا دَفَعَ نَخْلًا بِالنِّصْفِ مُعَامَلَةً فَخَرَجَ الثَّمَرُ، فَإِنْ لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ جَازَتْ الزِّيَادَةُ مِنْهُمَا أَيُّهُمَا كَانَ، وَلَوْ تَنَاهَى عِظَمُ الْبُسْرِ جَازَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْعَامِلِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ شَيْئًا

الباب الثاني في المتفرقات

وَمِنْهَا) أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى غَيْرِهِ مُعَامَلَةً إلَّا إذَا قَالَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ. (وَأَمَّا حُكْمُ الْمُعَامَلَةِ الْفَاسِدَةِ فَأَنْوَاعٌ) : مِنْهَا أَنْ لَا يُجْبَرَ الْعَامِلُ عَلَى الْعَمَلِ. (وَمِنْهَا) أَنَّ الْخَارِجَ كُلَّهُ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْهُ. (وَمِنْهَا) أَنَّ وُجُوبَ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يَجِبُ عَلَى الْخَارِجِ بَلْ يَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ الشَّجَرُ شَيْئًا. (وَمِنْهَا) أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ فِيهَا يَجِبُ مُقَدَّرًا بِالْمُسَمَّى لَا يَتَجَاوَزُ عَنْهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ تَمَامًا، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إذَا كَانَ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسَمَّاةً فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسَمَّاةً فِي الْعَقْدِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ تَمَامًا بِلَا خِلَافٍ. (وَأَمَّا) (الْمَعَانِي الَّتِي هِيَ عُذْرٌ فِي فَسْخِهَا) : فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ سَارِقًا مَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ فَيُخَافُ عَلَى الثَّمَرَةِ. وَأَمَّا الَّتِي تَنْفَسِخُ بِهَا الْمُعَامَلَةُ فَالْإِقَالَةُ وَانْقِضَاءُ الْمُدَّةِ وَمَوْتُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَتُفْسَخُ بِمَرَضِ الْعَامِلِ إذَا كَانَ بِضَعْفِهِ عَنْ الْعَمَلِ، وَلَوْ أَرَادَ الْعَامِلُ تَرْكَ الْعَمَلِ لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ فِي الصَّحِيحِ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) الْمُعَامَلَةُ فِي الْأَشْجَارِ وَالْكَرْمِ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَرَةِ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا جَائِزَةٌ إذَا ذَكَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَسَمَّى جُزْءًا مُشَاعًا وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةَ. وَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الرِّطَابِ وَأُصُولِ الْبَاذِنْجَانِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى آخَرَ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا أَوْ كَرْمًا مُعَامَلَةً أَشْهُرًا مَعْلُومَةً يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ النَّخْلَ وَالشَّجَرَ وَالْكَرْمَ لَا يُخْرِجُ ثَمَرَةً فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ مُدَّةً قَدْ تُخْرِجُ الثَّمَرَةَ وَقَدْ لَا تُخْرِجُ فَالْمُعَامَلَةُ مَوْقُوفَةٌ، فَإِنْ أَخْرَجَتْ الثَّمَرَةَ فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ صَحَّتْ الْمُعَامَلَةُ، وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ فَسَدَتْ، وَهَذَا إذَا أَخْرَجَتْ فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ مَا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَإِنْ أَخْرَجَتْ شَيْئًا لَا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ لَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُرْغَبُ فِيهِ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ، وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ النَّخِيلُ شَيْئًا فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ يُنْظَرُ إنْ أَخْرَجَتْ بَعْدَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِعِلَّةٍ حَدَثَتْ بِهَا فَالْمُعَامَلَةُ جَائِزَةٌ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا مُعَامَلَةً خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ سَنَةٍ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً جَازَ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا دَفَعَ نَخِيلًا مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ تَكُونَ النَّخِيلُ مَعَ الثَّمَرِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إنْ كَانَ النَّخِيلُ فِي حَدِّ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فَالْمُعَامَلَةُ فِي حَقِّ النَّخِيلِ وَالثِّمَارِ جَائِزَةٌ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ خُرُوجُ الْأَشْجَارِ عَنْ حَدِّ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ إذَا بَلَغَتْ وَأَثْمَرَتْ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ كَرْمًا مُعَامَلَةً، وَفِيهَا أَشْجَارٌ لَا تَحْتَاجُ إلَى عَمَلٍ سِوَى الْحِفْظِ قَالُوا: إنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَوْ لَمْ تُحْفَظْ لَذَهَبَتْ ثَمَرَتُهَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ، وَيَكُونُ الْحِفْظُ هَاهُنَا لِلنَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَا تَذْهَبُ ثَمَرَتُهَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ لَوْ لَمْ تُحْفَظْ لَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ فِي تِلْكَ الْأَشْجَارِ وَلَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ نَصِيبٌ مِنْ تِلْكَ الثِّمَارِ، وَلَوْ دَفَعَ شَجَرَ الْجَوْزِ إلَى رَجُلٍ مُعَامَلَةً قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ جَازَ دَفْعُهَا مُعَامَلَةً وَلِلْعَامِلِ حِصَّةٌ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ أَوْ الْحِفْظِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَحَدِهِمَا لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي مُخْتَصَرِ خُوَاهَرْ زَادَهْ رَجُلٌ دَفَعَ نَخْلًا إلَى رَجُلَيْنِ مُعَامَلَةً عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا السُّدُسَ وَلِلْآخَرِ النِّصْفَ وَلِرَبِّ النَّخِيلِ الثُّلُثَ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ نَخِيلًا مُعَامَلَةً إلَى رَجُلَيْنِ عَلَى أَنْ يُلَقِّحَاهُ بِتَلْقِيحٍ مِنْ عِنْدِهِمَا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَنَا أَثْلَاثًا فَهَذَا جَائِزٌ، وَلَوْ شَرَطُوا أَنَّ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ الثُّلُثَ وَلِأَحَدِ الْعَامِلَيْنِ بِعَيْنِهِ الثُّلُثَيْنِ وَلِلْآخَرِ مِائَةً عَلَى الْعَامِلِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ الثُّلُثَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ، وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُعَامَلَةُ كَانَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ النَّخِيلِ وَلِلْعَامِلِ الْآخَرِ عَلَى الْعَامِلِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ الثُّلُثَانِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزْ بِهِ الْمُسَمَّى، ثُمَّ يَرْجِعُ الْعَامِلُ الَّذِي شُرِطَ لَهُ الثُّلُثَانِ عَلَى رَبِّ النَّخِيلِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَبِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِ الْآخَرِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَإِذَا شَرَطَ رَبُّ النَّخِيلِ بَعْضَ أَعْمَالِ الْمُعَامَلَةِ عَلَى الْعَامِلِ وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ السَّقْيِ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ شَيْئًا لَا بُدَّ مِنْهُ

لِتَحْصِيلِ الْخَارِجِ بِأَنْ كَانَ الثَّمَرُ لَا يُخْرِجُ شَيْئًا أَصْلًا بِدُونِ السَّقْيِ أَوْ يُخْرِجُ بِدُونِ السَّقْيِ شَيْئًا لَا يُرْغَبُ فِيهِ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ النَّخِيلِ أَوْ يُخْرِجُ شَيْئًا مَرْغُوبًا إلَّا أَنَّهُ يَيْبَسُ بِدُونِ السَّقْيِ، وَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْخَارِجِ أَصْلًا أَوْ يُؤَثِّرُ فِي جَوْدَتِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مَعْلُومًا لِلْحَالِ أَوْ كَانَ لَا يَدْرِي فِي الْحَالِ أَنَّهُ هَلْ يُؤَثِّرُ فِي زِيَادَةِ الْجَوْدَةِ أَوْ لَا يُؤَثِّرُ فَالْمُعَامَلَةُ جَائِزَةٌ، فَإِنْ شَرَطَ رَبُّ النَّخِيلِ السَّقْيَ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ السَّقْيَ لَا يُؤَثِّرُ فِي تَحْصِيلِ الْخَارِجِ فَالْمُعَامَلَةُ فِيهَا جَائِزَةٌ، وَإِنْ شَرَطَ عَمَلَ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ السَّقْيَ يُؤَثِّرُ فِي تَحْصِيلِ الْخَارِجِ إمَّا أَصْلًا أَوْ جَوْدَةً فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّ السَّقْيَ هَلْ يُؤَثِّرُ فِي الْخَارِجِ أَوْ لَا يُؤَثِّرُ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ أَيْضًا، وَإِذَا شَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ السَّقْيَ عَلَى نَفْسِهِ وَالْبَاقِي عَلَى الْعَامِلِ فَهَذَا وَمَا لَوْ شَرَطَ السَّقْيَ عَلَى نَفْسِهِ وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي سَوَاءٌ، وَإِذَا شَرَطَ الْحِفْظَ عَلَى رَبِّ النَّخِيلِ فِي مَكَان لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْحِفْظِ بِأَنْ كَانَ فِي حَائِطٍ وَالْحَائِطُ حَصِينٌ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي اشْتِرَاطِ السَّقْيِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ إذَا كَانَ السَّقْيُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْخَارِجِ أَصْلًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ نَخِيلًا مُعَامَلَةً عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَعَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ فُلَانًا يَعْمَلُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ هَذَا فَاسِدًا، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ أَجِيرًا، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْأَجِيرَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. نَخِيلٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَفَعَاهُ إلَى رَجُلٍ سَنَتَهُ هَذِهِ يَقُومُ عَلَيْهِ فَمَا خَرَجَ فَنِصْفُهُ لِلْعَامِلِ ثُلُثَا ذَلِكَ النِّصْف مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَثُلُثُهُ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ وَالْبَاقِي بَيْنَ صَاحِبَيْ النَّخِيلِ ثُلُثَاهُ لِلَّذِي شَرَطَ الثُّلُثَ مِنْ نَصِيبِهِ وَثُلُثُهُ لِلْآخَرِ جَازَ، وَلَوْ شَرَطَا ثُلُثَيْ الْبَاقِي لِشَارِطِ الثُّلُثَيْنِ مِنْ نَصِيبِهِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَانَ النَّخِيلُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَفَعَاهُ إلَى رَجُلٍ مُعَامَلَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنَّ نِصْفَ الْخَارِجِ لِلْعَامِلِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بَيْنَ صَاحِبَيْ النَّخِيلِ نِصْفَانِ فَهَذَا جَائِزٌ وَأَنَّهُ ظَاهِرٌ، وَلَوْ شَرَطَا أَنَّ نِصْفَ الْخَارِجِ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ النَّخِيلِ بِعَيْنِهِ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْءٌ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بَيْنَ صَاحِبِ النَّخِيلِ الْآخَرِ وَالْعَامِلِ نِصْفَانِ أَوْ عَلَى الْمُثَالَثَةِ فَهَذَا فَاسِدٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَطُوا أَنَّ لِلْعَامِلِ نِصْفَ الْخَارِجِ ثُلُثُهُ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَثُلُثَاهُ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ عَلَى أَنَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ بَيْنَ صَاحِبَيْ النَّخِيلِ نِصْفَانِ فَهُوَ فَاسِدٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَفَعَ رَجُلٌ نَخْلَهُ إلَى رَجُلَيْنِ يَقُومَانِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ نِصْفَ الْخَارِجِ وَلِلْآخَرِ سُدُسَهُ وَلِرَبِّ النَّخِيلِ ثُلُثَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ أَحَدَهُمَا بِنِصْفِ الْخَارِجِ وَالْآخَرَ بِسُدُسِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ لِأَحَدِ الْعَامِلَيْنِ مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى رَبِّ النَّخِيلِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَ وَلِرَبِّ النَّخِيلِ الثُّلُثَيْنِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمَا بِبَدَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَذَلِكَ جَائِزٌ حَالَةَ الِانْفِرَادِ، وَلَوْ شَرَطُوا لِرَبِّ النَّخِيلِ الثُّلُثَ وَلِأَحَدِ الْعَامِلَيْنِ بِعَيْنِهِ الثُّلُثَيْنِ وَلِلْآخَرِ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ أَجْرَ مِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ أَجْرُ الْعَامِلَيْنِ عَلَى صَاحِبِ النَّخِيلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ دَفَعَ نِصْفَ النَّخِيلِ مُعَامَلَةً لَا يَجُوزُ، وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ نَخِيلًا مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فَيَكُونُ النَّخِيلُ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةً، فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى غَيْرِهِ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ قَدْ صَارَ بَقْلًا عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ وَيَسْقِيَهُ حَتَّى يَسْتَحْصِدَ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى آخَرَ أَرْضًا بَيْضَاءَ لِيَغْرِسَ فِيهَا أَغْرَاسًا عَلَى أَنَّ الْأَغْرَاسَ وَالثِّمَارَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ شَرَطَا أَنْ تَكُونَ الْأَغْرَاسُ لِأَحَدِهِمَا وَالثِّمَارُ لِأَحَدِهِمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ قَاطِعٌ لِلشَّرِكَةِ فَإِنَّهُ عَسَى لَا يُثْمِرُ النَّخِيلُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَصَاحِبُ الْغَرْسِ لَا يُصِيبُهُ شَيْءٌ، وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالْأَغْرَاسُ خَاصَّةً لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، فَإِنْ شَرَطَ الْأَغْرَاسَ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ شَرَطَ الْأَغْرَاسَ لِمَنْ لَمْ تَكُنْ الْأَغْرَاسُ مِنْ جِهَتِهِ فَذَلِكَ فَاسِدٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ، وَإِنْ شَرَطَا أَنْ تَكُونَ الثِّمَارُ بَيْنَهُمَا وَسَكَتَا عَنْ الْأَغْرَاسِ فَالْأَغْرَاسُ لِمَنْ كَانَتْ الْأَغْرَاسُ مِنْ جِهَتِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى غَيْرِهِ أَرْضًا بِيضًا سِنِينَ مُسَمَّاةً عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا نَخْلًا أَوْ شَجَرًا أَوْ كَرْمًا عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَجَرٍ أَوْ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَعَلَى

أَنَّ الْأَرْضَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ، وَإِذَا فَسَدَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ وَقَبَضَ الْعَامِلُ الْأَرْضَ عَلَى هَذَا وَغَرَسَهَا نَخْلًا أَوْ شَجَرًا أَوْ كَرْمًا فَأَخْرَجَتْ ثَمَرًا كَثِيرًا فَجَمِيعُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَالْكَرْمِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ قِيمَةُ الْأَغْرَاسِ لِلْغَارِسِ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ شَيْئًا مِنْ الْأَرْضِ وَلَكِنْ قَالَ لَهُ اغْرِسْهَا شَجَرًا أَوْ نَخْلًا أَوْ كَرْمًا عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَعَلَى أَنَّ لَكَ عَلَيَّ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ كُرَّ حِنْطَةٍ أَوْ نِصْفَ أَرْضٍ أُخْرَى بِعَيْنِهَا سِوَى الْأَرْضِ الَّتِي غَرَسَ فِيهَا فَهَذَا كُلُّهُ فَاسِدٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْغَرْسُ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْأَرْضِ وَاشْتَرَطَ أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَعَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَإِذَا عَمِلَ عَلَى هَذَا فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَوْ كَانَ الْغَرْسُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَقَدْ اشْتَرَطَا أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى الْمُزَارِعِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَهَذَا فَاسِدٌ، ثُمَّ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ، وَلَوْ كَانَ الْغَرْسُ وَالْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ فَاسِدًا أَيْضًا وَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ وَقِيمَةُ غَرْسِهِ وَبَذْرُ مِثْلِ بَذْرِهِ عَلَى الزَّارِعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ لَهُ الْغَارِسُ مَكَانَ الْمِائَةِ حِنْطَةً أَوْ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَالْكُلُّ فِي الْمَعْنَى الَّذِي يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ دَفَعَ النَّخِيلَ مُعَامَلَةً بَعْدَ خُرُوجِ الثَّمَرِ، فَإِنْ كَانَ يَزِيدُ بِعَمَلِهِ الثَّمَرُ حَتَّى صَارَ شَرِيكًا فِيهِ جَازَ، فَإِنْ اسْتَحَقَّ رَجَعَ عَلَى الدَّافِعِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا لِيَغْرِسَ فِيهَا الْأَشْجَارَ وَالْكَرْمَ بِقُضْبَانٍ مِنْ قِبَلِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، وَلَمْ يُوَقِّتْ لِذَلِكَ وَقْتًا فَغَرَسَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ وَأَدْرَكَ الْكَرْمُ وَكَبُرَتْ الْأَشْجَارُ وَاسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ مِنْ صَاحِبِهَا كُلَّ سَنَةٍ بِأَجْرٍ مُسَمًّى، ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ أَخَذَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ وَقْتَ الرَّبِيعِ قَبْلَ النَّيْرُوزِ حَتَّى يَرْفَعَ الْأَشْجَارَ، قَالُوا: إنْ أَخَذَهُ بِذَلِكَ فِي وَقْتٍ قَبْلَ خُرُوجِ الثِّمَارِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَارِسَ لَا يَتَضَرَّرُ بِقَلْعِ الْأَشْجَارِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ضَرَرًا زَائِدًا، قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعِنْدِي إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ وَقَدْ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ مُسَانَهَةً لَا يُجْبِرُ الْمُسْتَأْجِرَ عَلَى قَلْعِ الْأَشْجَارِ إنْ أَبَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا دَفَعَ إلَى ابْنٍ لَهُ أَرْضًا لِيَغْرِسَ فِيهَا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَمْ يُوَقِّتْ لَهُ وَقْتًا فَغَرَسَ فِيهَا، ثُمَّ مَاتَ الدَّافِعُ وَخَلَفَ الِابْنُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ وَوَرَثَةٌ سِوَاهُ فَأَرَادَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَنْ يُكَلَّفَ الِابْنُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ قَلْعَ الْأَشْجَارِ كُلِّهَا لِيُقَسِّمُوا الْأَرْضَ، قَالَ: إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ قُسِّمَتْ بَيْنَهُمْ فَمَا أَصَابَ حِصَّةَ الْغَارِسِ فَذَلِكَ لَهُ مَعَ غَرْسِهِ وَمَا وَقَعَ فِي نَصِيبِ غَيْرِهِ كُلِّفَ قَلْعَهُ وَتَسْوِيَةَ أَرْضِهِ إنْ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمْ صُلْحٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَا تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ يُكَلَّفُ بِقَلْعِ الْكُلِّ إلَّا إذَا جَرَى بَيْنَهُمْ صُلْحٌ، وَإِذَا دَفَعَ أَرْضًا إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا أَغْرَاسًا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ يُخَيَّرُ رَبُّ الْأَرْضِ إنْ شَاءَ غَرِمَ نِصْفَ قِيمَةِ الشَّجَرِ وَيَمْلِكُهَا، وَإِنْ شَاءَ قَلَعَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَكَّارٌ غَرَسَ فِي أَرْضِ الدَّافِعِ تَالَّةً بِأَمْرِهِ، فَإِنْ كَانَتْ التَّالَّةُ لِلدَّافِعِ فَالْأَشْجَارُ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْأَكَّارِ وَقَدْ قَالَ لِلْأَكَّارِ: اغْرِسْهَا لِي فَكَذَلِكَ وَلِلْأَكَّارِ قِيمَةُ التَّالَّةِ، وَلَوْ قَالَ: اغْرِسْهَا وَلَمْ يَقُلْ: لِي فَغَرَسَهَا بِغِرَاسٍ مِنْ عِنْدِهِ فَالْغِرَاسُ لِلْغَارِسِ وَيُكَلِّفُهُ الْمَالِكُ قَلْعَهُ، وَلَوْ قَالَ اغْرِسْهَا عَلَى أَنَّ الْغِرَاسَ أَنْصَافًا جَازَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا لِيَغْرِسَ فِيهَا وَدَفَعَ إلَيْهِ التَّالَّةَ فَغَرَسَ فَقَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ: أَنَا دَفَعْتُ التَّالَّةَ وَالْأَشْجَارَ لِي، وَقَالَ: الْغَارِسُ قَدْ سُرِقَتْ تِلْكَ التَّالَّةُ وَأَنَا غَرَسْتُ بِتَالَّةٍ مِنْ عِنْدِي وَالشَّجَرُ لِي، قَالُوا فِي الْأَشْجَارِ: يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ مُتَّصِلَةٌ بِأَرْضِهِ، وَالْقَوْلُ فِي سَرِقَةِ التَّالَّةِ الَّتِي دَفَعَهَا إلَيْهِ قَوْلُ الْغَارِسِ حَتَّى لَا يَكُونَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِينًا فِيهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ دَفَعَ أَرْضَهُ إلَى آخَرَ لِيَتَّخِذَ كَرْمًا فَكُلُّ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلِلْغَارِسِ قِيمَةُ مَا أَخَذَهُ وَأُجْرَةُ مَا عَمِلَ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ كَرْمَهُ إلَى غَيْرِهِ مُعَامَلَةً وَقَامَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ مُدَّةً ثُمَّ تَرَكَهُ ثُمَّ جَاءَ عِنْدَ الْإِدْرَاكِ يَطْلُبُ الشَّرِكَةَ إنْ كَانَ رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهَا بَعْدَ مَا خَرَجَتْ الثَّمَرَةُ وَالْعِنَبُ وَصَارَ بِحَالٍ لَوْ قُطِعَتْ كَانَ لَهَا قِيمَةٌ لَا تَبْطُلُ شَرِكَتُهُ وَهُوَ الشَّرِيكُ عَلَى الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِنْ كَانَ رَدَّهُ

قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا وَلَكِنْ فِي وَقْتٍ لَوْ قُطِعَتْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ فَلَا شَرِكَةَ فِيهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ رُطَبَةً قَدْ انْتَهَى جِذَاذُهَا عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا الْعَامِلُ وَيَسْقِيَهَا حَتَّى يَخْرُجَ بَذْرُهَا عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَذْرِهَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا وَقْتًا؛ لِأَنَّ إدْرَاكَ الْبَذْرِ لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ وَالْبَذْرُ بَيْنَهُمَا وَالرُّطَبَةُ لِصَاحِبِهَا، وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنْ تَكُونَ الرُّطَبَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَسَدَتْ الْمُعَامَلَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ غِرَاسَ شَجَرٍ أَوْ كَرْمٍ أَوْ نَخْلٍ قَدْ عُلِّقَ فِي الْأَرْضِ، وَلَمْ تَبْلُغْ الثَّمَرَةُ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ وَيَسْقِيَهُ وَيُلَقِّحَ نَخْلَهُ فَمَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذِهِ مُعَامَلَةٌ فَاسِدَةٌ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ سِنِينَ مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي فِي كَمْ تَحْمِلُ النَّخْلُ وَالشَّجَرُ وَالْكَرْمُ، وَالْأَشْجَارُ تَتَفَاوَتُ فِي ذَلِكَ لِتَفَاوُتِ مَوَاضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ بِالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، فَإِنْ بَيَّنَا مُدَّةً مَعْلُومَةً صَارَ مِقْدَارُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلِ الْعَامِلِ مَعْلُومًا فَيَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَا ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا دَفَعَ النَّخْلَ مُعَامَلَةً وَأَرَادَ الْعَامِلُ أَنْ يَضَعَ الْوَصْلَ عَلَى الْأَشْجَارِ فَأَصْلُ الْقَضِيبِ عَلَى الدَّافِعِ، ثُمَّ الْعَمَلُ فِي الْوَصْلِ مِنْ ضَرْبِ آلَةِ الشَّقِّ حَتَّى يَنْشَقَّ الشَّجَرُ فَيَدْخُلُ قَضِيبُ الْوَصْلِ فِي الشَّقِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَتِمَّ الْوَصْلُ عَلَى الْعَامِلِ، وَعَلَى هَذَا الْقَضِيبُ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْهُ الْغَرْسُ عَلَى صَاحِبِ الْكَرْمِ وَالْعَمَلِ لِيَصِيرَ غَرْسًا عَلَى الْعَامِلِ، وَكَذَا الدَّعَائِمُ عَلَى صَاحِبِ الْكَرْمِ وَنَصُّهَا فِي الْكَرْمِ عَلَى الْعَامِلِ عَلَى هَذَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي دِيَارِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. حَرَّاثٌ غَرَسَ أَشْجَارًا فِي أَرْضٍ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَمَّا كَبُرَتْ الْأَشْجَارُ اخْتَصَمَا فِيهَا، فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ مُقِرًّا بِأَنَّ الْأَشْجَارَ غَرَسَهَا الْحَرَّاثُ مِنْ مِلْكِ نَفْسِهِ فَهِيَ لِلْحَرَّاثِ لَكِنْ لَا تَطِيبُ لَهُ دِيَانَةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ غَرَسَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَرَسَ بِأَمْرِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ شَرِكَةٍ تَطِيبُ لَهُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ تَالَّةً لِيَغْرِسَهَا عَلَى حَافَّةِ نَهْرٍ لِأَهْلِ قَرْيَةٍ فَلَمَّا غَرَسَ وَأَدْرَكَ الشَّجَرُ قَالَ الدَّافِعُ لِلْغَارِسِ كُنْتَ خَادِمِي، وَفِي عِيَالِي دَفَعْتُ إلَيْكَ التَّالَّةَ لِتَغْرِسَهَا لِي فَتَكُونُ الْأَشْجَارُ لِي، قَالُوا: إنْ عَلِمَ أَنَّ التَّالَّةَ كَانَتْ لِلْغَارِسِ كَانَتْ الْأَشْجَارُ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ التَّالَّةُ لِلدَّافِعِ، فَإِنْ كَانَ الْغَارِسُ فِي عِيَالِ الدَّافِعِ يَعْمَل لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ كَانَتْ الْأَشْجَارُ لِلدَّافِعِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغَارِسُ يَعْمَلُ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ، وَلَمْ يَغْرِسْهَا بِإِذْنِهِ فَهِيَ لِلْغَارِسِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَّةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْغَارِسُ قَلَعَ التَّالَّةَ مِنْ أَرْضِ رَجُلٍ وَغَرَسَهَا فَهِيَ لِلْغَارِسِ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قِيمَةُ التَّالَّةِ يَوْمَ قَلَعَهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَفَعَ كَرْمَهُ مُعَامَلَةً فَأَثْمَرَ وَكَانَ الدَّافِعُ وَأَهْلُ دَارِهِ يَدْخُلُونَ الْكَرْمَ كُلَّ يَوْمٍ فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَحْمِلُونَ وَالْعَامِلُ لَا يَدْخُلُ إلَّا قَلِيلًا، فَإِنْ أَكَلَ أَهْلُ دَارِ الدَّافِعِ أَوْ حَمَلُوا بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ دُونَ الدَّافِعِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ أَخَذُوا بِإِذْنِهِ وَهُمْ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ فَهُوَ ضَامِنٌ نَصِيبَ الْعَامِلِ كَمَا لَوْ قَبَضَ هُوَ بِنَفْسِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ وَهُنَاكَ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ نَخْلًا لَهُ مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ وَيَسْقِيَهُ وَيُلَقِّحَهُ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَقَامَ عَلَيْهِ وَلَقَّحَهُ حَتَّى صَارَ بُسْرًا أَخْضَرَ، ثُمَّ مَاتَ صَاحِبُ الْأَرْضِ فَقَدْ انْتَقَضَتْ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْقِيَاسِ، وَكَانَ الْبُسْرُ بَيْنَ وَرَثَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَبَيْنَ الْعَامِلِ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ بِبَعْضِ الْخَارِجِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِدَرَاهِمَ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا أَيُّهُمَا مَاتَ، فَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَهُ بِبَعْضِ الْخَارِجِ، ثُمَّ انْتِقَاضُهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا بِمَنْزِلَةِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى نَقْضِهَا فِي حَيَاتِهِمَا، وَلَوْ نَقَضَاهَا وَالْخَارِجُ بُسْرٌ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: لِلْعَامِلِ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ يَقُومُ حَتَّى يُدْرِكَ الثَّمَرُ، وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ لِأَنَّ فِي انْتِقَاضِ الْعَقْدِ بِمَوْتِ رَبِّ الْأَرْضِ إضْرَارًا بِالْعَامِلِ وَإِبْطَالًا لِمَا كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهُ بِعَقْدِ الْمُعَامَلَةِ وَهُوَ تَرْكُ الثِّمَارِ فِي الْأَشْجَارِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ، وَإِذَا انْتَقَضَ الْعَقْدُ يُكَلَّفُ الْجِذَاذَ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ. وَكَمَا يَجُوزُ نَقْضُ الْإِجَارَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ يَجُوزُ إبْقَاؤُهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ الْعَقْدَ ابْتِدَاءً لِدَفْعِ الضَّرَرِ يَجُوزُ إبْقَاؤُهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَإِنْ قَالَ الْعَامِلُ أَنَا: آخُذُ نِصْفَ الْبُسْرِ، لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ

إبْقَاءَ الْعَقْدِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ، فَإِذَا رَضِيَ بِالْتِزَامِ الضَّرَرِ انْتَقَضَ الْعَقْدُ بِمَوْتِ رَبِّ الْأَرْضِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلْحَاقَ الضَّرَرِ بِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْوَرَثَةِ، فَإِنْ شَاءُوا صَرَمُوا الْبُسْرَ فَقَسَمُوهُ نِصْفَيْنِ، وَإِنْ شَاءُوا أَعْطَوْهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْبُسْرِ وَصَارَ الْبُسْرُ كُلُّهُ لَهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا أَنْفَقُوا عَلَى الْبُسْرِ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَرْجِعُونَ بِنِصْفِ نَفَقَتِهِمْ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ مِنْ الثَّمَرِ، وَلَوْ كَانَ مَاتَ الْعَامِلُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَرِهَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَهُ، وَإِنْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ نَحْنُ نَصْرِمُهُ بُسْرًا كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مِنْ الْخِيَارِ مِثْلُ مَا وَصَفْنَا لِوَرَثَتِهِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ مَاتَا جَمِيعًا كَانَ الْخِيَارُ فِي الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَتَرْكِهِ إلَى وَرَثَةِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ الْعَامِلِ وَقَدْ كَانَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ هَذَا الْخِيَارُ بَعْدَ مَوْتِ رَبِّ الْأَرْضِ فَكَذَلِكَ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ تَوْرِيثِ الْخِيَارِ بَلْ مِنْ بَابِ خِلَافَةِ الْوَارِثِ الْمُورِثَ فِيمَا هُوَ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ لَهُ وَهُوَ تَرْكُ الثِّمَارِ عَلَى النَّخِيلِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ. وَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهِ كَانَ الْخِيَارُ إلَى وَرَثَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى مَا وَصَفْنَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَكِنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُعَامَلَةِ وَالْبُسْرُ أَخْضَرُ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ وَالْخِيَارُ فِيهِ إلَى الْعَامِلِ، فَإِنْ شَاءَ عَمِلَ عَلَى مَا كَانَ يَعْمَلُ حَتَّى يَبْلُغَ الثَّمَرُ وَيَكُونَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إلَّا أَنَّ هُنَاكَ الْعَامِلُ إذَا اخْتَارَ التَّرْكَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا دَفَعَ كَرْمَهُ مُعَامَلَةً فَمَاتَ الْعَامِلُ فِي السَّنَةِ فَأَنْفَقَ رَبُّ الْكَرْمِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا وَرَجَعَ بِهِ فِي الثَّمَرِ وَلَا سَبِيلَ لِلْعَامِلِ عَلَى الْغَلَّةِ حَتَّى يُعْطِيَهُ نَفَقَتَهُ وَكَذَا فِي الزَّرْعِ، وَلَوْ غَابَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَمْ يَرْجِعْ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ الْحُرُّ إلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ نَخِيلًا لَهُ مُعَامَلَةً هَذِهِ السَّنَةَ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ وَيَسْقِيَهُ وَيُلَقِّحَهُ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ فَعَمِلَ عَلَى هَذَا فَالْخَارِجُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَبَيْنَ صَاحِبِ النَّخِيلِ نِصْفَانِ إذَا سَلِمَ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ مِنْ الْعَمَلِ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ مَاتَا مِنْ الْعَمَلِ فِي النَّخِيلِ إنْ كَانَ الْعَامِلُ عَبْدًا فَجَمِيعُ الثَّمَرِ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ، وَعَلَى صَاحِبِ النَّخِيلِ قِيمَةُ الْعَبْدِ لِمَوْلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ صَبِيًّا فَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِ النَّخِيلِ دِيَةُ الصَّبِيِّ وَالثَّمَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الصَّبِيِّ نِصْفَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَفَعَ الْعَبْدُ أَوْ الصَّبِيُّ نَخْلَهُ مُعَامَلَةً، وَلَمْ يَعْمَلْ حَتَّى حُجِرَ عَلَيْهِ لَا تُنْتَقَضُ؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ لَازِمَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَتَّى لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ نَقْضَهَا قَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الْحَجْرُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا مَحْجُورًا أَوْ صَبِيًّا مَحْجُورًا فِي يَدِهِ نَخِيلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ بِالنِّصْفِ فَعَمِلَ الْعَامِلُ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ وَلَا أَجْرَ لِلْعَامِلِ إنْ كَانَ الدَّافِعُ صَبِيًّا لَا فِي الْحَالِ وَلَا فِي ثَانِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ عَبْدًا لَا يُؤَاخَذُ بِأَجْرِ مِثْلِ الْعَامِلِ فِي الْحَالِ وَيُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَكَّارٌ غَرَسَ أَشْجَارًا فِي أَرْضِ الدِّهْقَانِ وَمَضَتْ مُدَّةُ الْمُعَامَلَةِ، إنْ غَرَسَهَا لِلدِّهْقَانِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ، وَإِنْ أَمَرَ الدِّهْقَانَ بِشِرَائِهَا وَغَرْسِهَا فَهِيَ لِلدِّهْقَانِ، وَعَلَى الدِّهْقَانِ الْمَالُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْأَشْجَارَ، وَإِنْ غَرَسَهَا لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ الدِّهْقَانِ فَهِيَ لِلْأَكَّارِ وَيُطَالِبُهُ الدِّهْقَانُ بِتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ. مُعَلِّمٌ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ لِأَهْلِ قَرْيَةٍ فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ وَجَاءَ كُلٌّ بِشَيْءٍ مِنْ الْبَذْرِ وَبَذَرُوا لِلْمُعَلِّمِ فَالْخَارِجُ لِأَرْبَابِ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوا الْبَذْرَ لِلْمُعَلِّمِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. نَهْرٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ عَلَى ضِفَّتِهِ أَشْجَارٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ يَدَّعِي الْأَشْجَارَ، قَالُوا: إنْ عُرِفَ غَارِسُهَا فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَمَا كَانَ مِنْ الْأَشْجَارِ فِي مَوْضِعٍ هُوَ مِلْكُ أَحَدِهِمَا خَاصَّةً كَانَ لَهُ، وَمَا كَانَ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُشْتَرَكَةِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مُسْتَأْجِرُ الْكَرْمِ إجَارَةً طَوِيلَةً إذَا اشْتَرَى الْأَشْجَارَ وَالزَّرَاجِين، ثُمَّ دَفَعَ الْأَشْجَارَ وَالزَّرَاجِين إلَى الْآخَرِ مُعَامَلَةً جَازَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. مُزَارِعٌ زَرَعَ ثُومًا فَقَلَعَ بَعْضَهَا وَبَقِيَ الْبَعْضُ غَيْرَ مَقْلُوعٍ فَنَبَتَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُعَامَلَةِ بِسَقْيِهِ، وَإِنْبَاتِهِ فَمَا نَبَتَ مِمَّا بَقِيَ فِي الْأَرْضِ غَيْرَ مَقْلُوعٍ فَهُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا، وَمَا نَبَتَ مِمَّا صَارَ مَقْلُوعًا وَهُوَ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ فَهُوَ لِلْمُزَارِعِ الَّذِي نَبَتَ بِسَقْيِهِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا اسْتَهْلَكَ، وَإِنْ نَبَتَ مِنْ غَيْرِ سَقْيٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا فِي الْبَذْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. غَرَسَ أَشْجَارًا عَلَى طَرَفِ حَوْضِ الْقَرْيَةِ، ثُمَّ قَلَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَنَبَتَ مِنْ عُرُوقِهَا فَالنَّابِتُ لِلْغَارِسِ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ مِلْكِهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي النَّوَازِلِ مَبْطَخَةٌ بَقِيَتْ فِيهَا بَقِيَّةٌ

فَانْتَهَبَهَا النَّاسُ إنْ تُرِكَ لِيَأْخُذَ مَنْ شَاءَ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا لَوْ حَصَدَ زَرْعَهُ وَبَقِيَ هُنَاكَ سَنَابِلُ لَا بَأْسَ بِالْتِقَاطِهَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَجِبُ لِلْعَامِلِ حِفْظُ نَفْسِهِ عَنْ الْحَرَامِ، لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْرِقَ شَيْئًا مِنْ الْأَشْجَارِ وَالْقُضْبَانِ لِطَبْخِ الْقِدْرِ وَلَا مِنْ الدَّعَائِمِ وَالْعَرِيشِ، وَإِذَا رَفَعَ الْقُضْبَانَ وَقْتَ الرَّبِيعِ وَأَخْرَجَ مِنْ الْكَرْمِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْقُضْبَانِ يَعْنِي مِنْ مَدِّ فَيْجٍ (يَعْنِي شاخ خشك) ، وَلَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ الْعِنَبِ وَالثِّمَارِ لِلضَّيْفِ وَغَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْكَرْمِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَفَعَ الْمَرِيضُ نَخْلًا لَهُ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ فَقَامَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ وَلَقَّحَهُ وَسَقَاهُ حَتَّى أَثْمَرَ، ثُمَّ مَاتَ رَبُّ النَّخِيلِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ النَّخِيلِ وَثَمَرِهِ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الثَّمَرِ يَوْمَ طَلَعَ مِنْ النَّخِيلِ وَصَارَ كُفُرَّى وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ، فَإِنْ كَانَ نِصْفُ قِيمَتِهِ مِثْلَ أَجْرِ الْعَامِلِ أَوْ أَقَلَّ فَلِلْعَامِلِ نِصْفُ الثَّمَرِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ نُظِرَ إلَى مِقْدَارِ أَجْرِ مِثْلِ الْعَامِلِ يَوْمَ تَقَعُ الْقِسْمَةُ فَيُعْطَى الْعَامِلُ ذَلِكَ، وَثُلُثُ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ مِمَّا يَبْقَى مِنْ حِصَّتِهِ وَصِيَّةً لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَارِثًا فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النِّصْفِ مِنْ الْكُفُرَّى حِينَ طَلَعَتْ مِثْلَ أَجْرِهِ ضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِنِصْفِ جَمِيعِ الثَّمَرِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ نِصْفِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ ضَرَبَ مَعَهُمْ فِي التَّرِكَةِ بِمِقْدَارِ أَجْرِ مِثْلِهِ لِيُمْكِنَ الْوَصِيَّةُ هَاهُنَا بِطَرِيقِ الْمُحَابَاةِ، وَلَوْ دَفَعَ الصَّحِيحُ إلَى الْمَرِيضِ نَخْلًا لَهُ مُعَامَلَةً عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ جُزْءًا مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ فَقَامَ عَلَيْهِ الْمَرِيضُ بِأُجَرَائِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَقَاهُ وَلَقَّحَهُ حَتَّى صَارَ ثَمَرًا ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَرَبُّ النَّخِيلِ مِنْ وَرَثَتِهِ وَأَجْرُ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ أَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهِ، فَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَا شُرِطَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ هَاهُنَا فِيمَا لَا حَقَّ فِيهِ لِغُرَمَائِهِ وَلِوَرَثَتِهِ وَهُوَ مَنَافِعُ بَدَنِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَشْجَارٌ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ لِأَقْوَامٍ يَجْرِي ذَلِكَ النَّهْرُ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ، بَعْضُ الْأَشْجَارِ فِي سَاحَةٍ لِهَذِهِ السِّكَّةِ فَادَّعَى بَعْضُ أَهْلِ السِّكَّةِ أَنَّ غَارِسَهَا فُلَانٌ وَأَنَا وَارِثُهُ، وَأَنْكَرَ أَهْلُ السِّكَّةِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يُطْلَبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَمَا كَانَ مِنْ الْأَشْجَارِ خَارِجًا مِنْ حَرِيمِ النَّهْرِ فَلِجَمِيعِ أَهْلِ السِّكَّةِ وَمَا كَانَ عَلَى حَرِيمِ النَّهْرِ فَهُوَ لِأَرْبَابِ النَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْرَفْ الْغَارِسُ وَلَا مَالِكُ التَّالَّةِ تَحْكُمُ الْأَرْضُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ نَبَتَ مِنْ عُرُوقِهَا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ هُوَ الَّذِي سَقَاهُ وَأَنْبَتَ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ نَبَتَ بِنَفْسِهِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ إنْ صَدَّقَهُ رَبُّ الْأَرْضِ أَنَّهُ نَبَتَ مِنْ عُرُوقِ شَجَرِهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. نَوَاةُ رَجُلٍ ذَهَبَتْ بِهَا الرِّيحُ إلَى كَرْمِ غَيْرِهِ فَنَبَتَتْ مِنْهَا شَجَرَةٌ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ؛ لِأَنَّ النَّوَاةَ لَا قِيمَةَ لَهَا، وَكَذَا لَوْ وَقَعَتْ خَوْخَةُ رَجُلٍ فِي كَرْمِ غَيْرِهِ فَنَبَتَتْ مِنْهَا شَجَرَةٌ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ نَبَتَتْ مِنْ النَّوَاةِ بَعْد مَا ذَهَبَ لَحْمُ الْخَوْخَةِ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ خَرَجَ الثَّمَرُ فِي النَّخِيلِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ فَالْكُلُّ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ عَلَى الدَّافِعِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَرِ لَا يَجِبُ لِلْعَامِلِ شَيْءٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَافِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ لَهُ شَجَرَةٌ (تَحَرَّقَتْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَنَبَتَتْ الْعُرُوقُ) فَوَهَبَ صَاحِبُ الشَّجَرَةِ تِلْكَ التَّالَّاتِ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ، فَإِنْ كَانَتْ التَّالَّاتُ تَيْبَسُ إذَا قُطِعَتْ الشَّجَرَةُ لَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَيْبَسُ فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. الْعَامِلُ إذَا غَرَسَ الْأَشْجَارَ فِي كَرْمِ الدِّهْقَانِ فِي مُدَّةِ الْمُعَامَلَةِ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُعَامَلَةِ، يُنْظَرُ إنْ غَرَسَهَا لِلدِّهْقَانِ مُتَبَرِّعًا فَهِيَ لِلدِّهْقَانِ، وَإِنْ أَمَرَ الدِّهْقَانُ بِشِرَائِهَا وَغَرْسِهَا فِي كَرْمِهِ فَهِيَ لِلدِّهْقَانِ، وَعَلَى الدِّهْقَانِ لِلْعَامِلِ مِثْلُ الدَّرَاهِمِ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا الْأَشْجَارَ، وَإِنْ

غَرَسَهَا لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ الدِّهْقَانِ فَهِيَ لِلْأَكَّارِ، وَالدِّهْقَانُ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْعَامِلُ فِي الْكَرْمِ إذَا بَاعَ أَوْرَاقَ الْفِرْصَادِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْكَرْمِ يُنْظَرُ إنْ أَجَازَ صَاحِبُ الْكَرْمِ الْبَيْعَ حَالَ قِيَامِ الْأَوْرَاقِ فَالثَّمَنُ لَهُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي الْأَوْرَاقَ، ثُمَّ أَجَازَ صَاحِبُ الْكَرْمِ الْبَيْعَ أَوْ لَمْ يُجِزْ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْعَامِلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. دَفَعَهَا مُعَامَلَةً وَلَمْ تُخْرِجْ الْأَشْجَارُ شَيْئًا فَبَاعَ صَاحِبُهَا أَشْجَارَهُ نَفَذَ الْبَيْعُ وَفَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ؛ لِأَنَّهَا اسْتِئْجَارٌ بِبَعْضِ الْخَارِجِ فَإِذَا لَمْ تُخْرِجْ شَيْئًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّهُ فَصَحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَ سَقَى الْأَشْجَارَ وَحَفِظَهَا لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ لِنَفْسِهِ وَحَقُّهُ فِي الْخَارِجِ وَلَمْ يُوجَدْ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ نَخْلًا بِعَيْنِهِ فَأَخَذَهُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ جَازَ عَلَى الشَّرْطِ وَصَاحِبُ النَّخْلِ هُوَ الَّذِي يَلِي قَبْضَ نَصِيبِهِ، وَإِنْ أَخَذَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ قِلَّةِ نَصِيبِ الْعَامِلِ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِلَ ذَلِكَ إلَّا إنْ شَاءَ، فَإِنْ عَمِلَهُ وَقَدْ عَلِمَ نَصِيبَهُ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَانَ لَهُ نَصِيبُهُ الَّذِي سُمِّيَ لَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ نَخِيلًا لَهُ وَوَكَّلَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا مُعَامَلَةً هَذِهِ السَّنَةَ فَدَفَعَهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَعَمِلَ الْعَامِلُ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ النَّخِيلِ وَلِلْعَامِلِ عَلَى الْوَكِيلِ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَفِي الْمُزَارَعَةِ يَكُونُ الْخَارِجُ بَيْنَ الْمُزَارِعِ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ عَلَى مَا شَرَطَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. دَفَعَ أَشْجَارًا إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا وَيَشُدَّ مِنْهَا مَا يَحْتَاجُ إلَى الشَّدِّ وَيُشَذِّبَ مِنْهَا مَا يَحْتَاجُ إلَى التَّشْذِيبِ، فَأَخَّرَ الْأَكَّارُ شَدَّ الْأَشْجَارِ حَتَّى أَصَابَهَا الْبَرَدُ وَهِيَ أَشْجَارٌ إنْ لَمْ تُشَدَّ أَفْسَدَهَا الْبَرَدُ، فَالْأَكَّارُ ضَامِنٌ قِيمَةَ مَا أَصَابَهُ الْبَرَدُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ بِالْمُعَامَلَةِ فِي النَّخِيلِ وَالْأَشْجَارِ، فَإِنْ كَانَ وَكِيلًا مِنْ جَانِبِ الْعَامِلِ فَهُوَ الَّذِي يَلِي قَبْضَ نَصِيبِ الْعَامِلِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا مِنْ جَانِبِ رَبِّ النَّخِيلِ فَعَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ نَصِيبِ رَبِّ النَّخِيلِ، وَعَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ يَمْلِكُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ كَانَ الْعَامِلُ غَرَسَهَا نَخْلًا وَكَرْمًا وَشَجَرًا وَقَدْ كَانَ أَذِنَ لَهُ الدَّافِعُ فِي ذَلِكَ فَلَمَّا بَلَغَ وَأَثْمَرَ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ أَرْضَهُ وَيَقْلَعُ مِنْ النَّخِيلِ وَالْكَرْمِ وَالشَّجَرِ مَا فِيهَا وَيَضْمَنَانِ لِلْمُسْتَحِقِّ نُقْصَانَ الْقَلْعِ إذَا قَلَعَا ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ، وَيَضْمَنُ الْغَارِسُ لَهُ أَيْضًا نُقْصَانَ الْغَرْسِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ، وَيَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ مِنْ نُقْصَانِ الْقَلْعِ وَالْغَرْسِ عَلَى الدَّافِعِ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الدَّافِعَ جَمِيعَ ذَلِكَ النُّقْصَانِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْغَاصِبُ ضَامِنٌ كَالْمُتْلِفِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ضَمَانُ ذَلِكَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمُتْلِفِ دُونَ الْغَاصِبِ، ثُمَّ الْغَارِسُ يَرْجِعُ عَلَى الدَّافِعِ لِأَجْلِ الْغُرُورِ الَّذِي تَمَكَّنَ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ نَخْلًا لَهُ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ، وَلَمْ يَقُلْ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ فَدَفَعَ الْعَامِلُ إلَى آخَرَ مُعَامَلَةً فَعَمِلَ فِيهِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ وَلِلْعَامِلِ الْآخَرِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا أَجْرَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، (قَالَ) : وَقَوْلُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ هَلَكَ الثَّمَرُ فِي يَدِ الْعَامِلِ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ عَمَلِهِ وَهُوَ فِي رُءُوسِ النَّخِيلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ هَلَكَ مِنْ عَمَلِهِ فِي أَمْرٍ خَالَفَ فِيهِ أَمْرَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ فَالضَّمَانُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ عَلَى الْعَامِلِ الْآخَرِ دُونَ الْأَوَّلِ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ مِنْ عَمَلِهِ فِي أَمْرٍ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَمْرَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ فَلِصَاحِبِ النَّخِيلِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْآخَرِ يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ، هَذَا إذَا لَمْ يَقُلْ لَهُ: اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِكَ، فَأَمَّا إذَا قَالَ وَشَرَطَ لَهُ النِّصْفَ فَدَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ آخَرَ بِثُلُثِ الْخَارِجِ فَهَذَا جَائِزٌ، وَمَا خَرَجَ مِنْ الثَّمَرِ فَنِصْفُهُ لِرَبِّ النَّخِيلِ وَالسُّدُسُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ وَشَرَطَ لَهُ شَيْئًا مَعْلُومًا وَشَرَطَ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي مِثْلَ ذَلِكَ فَهُمَا فَاسِدَانِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

كتاب الذبائح وفيه ثلاثة أبواب

[كِتَابُ الذَّبَائِحِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي رُكْن الذَّبْح وَشَرَائِطِهِ وَحُكْمِهِ وَأَنْوَاعِهِ] (كِتَابُ الذَّبَائِحِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي رُكْنِهِ وَشَرَائِطِهِ وَحُكْمِهِ وَأَنْوَاعِهِ) الذَّكَاة نَوْعَانِ: اخْتِيَارِيَّةٌ وَاضْطِرَارِيَّةٌ، أَمَّا الِاخْتِيَارِيَّةُ فَرُكْنُهَا الذَّبْحُ فِيمَا يُذْبَحُ مِنْ الشَّاةِ وَالْبَقَرِ، وَالنَّحْرُ فِيمَا يُنْحَرُ وَهُوَ الْإِبِلُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ، وَلَا يَحِلُّ بِدُونِ الذَّبْحِ أَوِالنَّحْرِ، وَالذَّبْحِ هُوَ فَرْيُ الْأَوْدَاجِ وَمَحَلُّهُ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ، وَالنَّحْرُ فَرْيُ الْأَوْدَاجِ وَمَحَلُّهُ آخِرُ الْحَلْقِ، وَلَوْ نَحَرَ مَا يُذْبَحُ أَوْ ذَبَحَ مَا يُنْحَرُ يَحِلُّ لِوُجُودِ فَرْيِ الْأَوْدَاجِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الْإِبِلِ النَّحْرُ وَفِي غَيْرِهَا الذَّبْحُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَا بَأْسَ بِالذَّبْحِ فِي الْحَلْقِ كُلِّهِ أَسْفَلَهُ وَأَوْسَطَهُ وَأَعْلَاهُ، وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ قَصَّابٌ ذَبَحَ الشَّاةَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ فَقَطَعَ أَعْلَى مِنْ الْحُلْقُومِ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ يَحْرُمُ أَكْلُهَا؛ لِأَنَّهُ ذَبَحَ فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ وَهُوَ الْحُلْقُومُ، فَإِنْ قَطَعَ الْبَعْضَ، ثُمَّ عَلِمَ فَقَطَعَ مَرَّةً أُخْرَى الْحُلْقُومَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَوَّلِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَمَّا إنْ قَطَعَ الْأَوَّلَ بِتَمَامِهِ أَوْ قَطَعَ شَيْئًا مِنْهُ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَطَعَ الْأَوَّلَ بِتَمَامِهِ كَانَ مَوْتُهَا مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ أَسْرَعَ مِنْ مَوْتِهَا مِنْ الثَّانِي، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَحِلُّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطَيْنِ. وَأَمَّا الِاضْطِرَارِيَّةُ فَرُكْنُهَا الْعَقْرُ وَهُوَ الْجُرْحُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ وَذَلِكَ فِي الصَّيْدِ، وَكَذَلِكَ مَا نَدَّ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الصَّيْدِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَأْنَسًا، وَسَوَاءٌ نَدَّ الْبَعِيرُ وَالْبَقَرُ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ فِي الْمِصْرِ فَذَكَاتُهُ الْعَقْرُ، كَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا الشَّاةُ إنْ نَدَّتْ فِي الصَّحْرَاءِ فَذَكَاتُهَا الْعَقْرُ، وَإِنْ نَدَّتْ فِي الْمِصْرِ لَمْ يَجُزْ عَقْرُهَا، وَكَذَلِكَ مَا وَقَعَ مِنْهَا فِي قَلِيبٍ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إخْرَاجِهِ وَلَا مَذْبَحِهِ وَلَا مَنْحَرِهِ. وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى فِي الْبَعِيرِ إذَا صَالَ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ وَهُوَ يُرِيدُ الذَّكَاةَ حَلَّ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الصَّيْدِ. (وَأَمَّا شَرَائِطُ الذَّكَاةِ فَأَنْوَاعٌ) : بَعْضُهَا يَعُمُّ الذَّكَاةَ الِاخْتِيَارِيَّةَ وَالِاضْطِرَارِيَّة وَبَعْضُهَا يَخُصُّ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ، أَمَّا الَّذِي يَعُمُّهُمَا فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الذَّبْحَ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَكَذَا السَّكْرَانُ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا فَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَدُّ غُلَامًا مُرَاهِقًا لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُؤْكَلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ رِدَّتَهُ صَحِيحَةٌ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ لَا تَصِحُّ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَيَسْتَوِي فِيهِ أَهْلُ الْحَرْبِ مِنْهُمْ وَغَيْرُهُمْ، وَكَذَا يَسْتَوِي فِيهِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى دِينِ نَصَارَى الْعَرَبِ. فَإِنْ انْتَقَلَ الْكِتَابِيُّ إلَى دِينِ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ الْكَفَرَةِ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَلَوْ انْتَقَلَ غَيْرُ الْكِتَابِيِّ مِنْ الْكَفَرَةِ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى حَالِهِ وَدِينِهِ وَقْتَ ذَبْحِهِ دُونَ مَا سِوَاهُ، وَهَذَا أَصْلُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ مِلَّةٍ مِنْ الْكُفْرِ إلَى مِلَّةٍ يُقِرُّ بِهَا يُجْعَلُ كَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْمِلَّةِ مِنْ الْأَصْلِ، وَالْمَوْلُودُ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَغَيْرِ كِتَابِيٍّ تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ أَيُّهُمَا كَانَ الْكِتَابِيُّ الْأَبُ أَوْ الْأُمُّ عِنْدَنَا، فَأَمَّا الصَّابِئُونَ فَتُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُؤْكَلُ، ثُمَّ إنَّمَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْكِتَابِيِّ إذَا لَمْ يُشْهَدْ ذَبْحُهُ، وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ شَيْءٌ، أَوْ شُهِدَ وَسُمِعَ مِنْهُ تَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ شَيْءٌ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ كَمَا بِالْمُسْلِمِ، وَلَوْ سُمِعَ مِنْهُ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنَّهُ عَنَى بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمَسِيحَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالُوا تُؤْكَلُ إلَّا إذَا نَصَّ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَلَا يَحِلُّ، فَأَمَّا إذَا سُمِعَ مِنْهُ أَنَّهُ سَمَّى الْمَسِيحَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَحْدَهُ أَوْ سَمَّى اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَسَمَّى الْمَسِيحَ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ. (وَمِنْهَا) التَّسْمِيَةُ حَالَةَ الذَّكَاةِ عِنْدَنَا أَيُّ اسْمٍ كَانَ، وَسَوَاءٌ قَرَنَ بِالِاسْمِ الصِّفَةَ بِأَنْ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَعْظَمُ، اللَّهُ أَجَلُّ، اللَّهُ الرَّحْمَنُ، اللَّهُ الرَّحِيمُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَقْرُنْ بِأَنْ قَالَ: اللَّهُ، أَوْ الرَّحْمَنُ، أَوْ الرَّحِيمُ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَكَذَا التَّهْلِيلُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّسْبِيحُ وَسَوَاءٌ كَانَ جَاهِلًا بِالتَّسْمِيَةِ الْمَعْهُودَةِ أَوْ عَالِمًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ أَيِّ لِسَانٍ كَانَ وَسَوَاءٌ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ يُحْسِنُهَا، كَذَا رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا سَمَّى عَلَى الذَّبِيحَةِ بِالرُّومِيَّةِ

أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ لَا يُحْسِنُهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ التَّسْمِيَةِ. وَمِنْ شَرَائِطِ التَّسْمِيَةِ أَنْ تَكُونَ التَّسْمِيَةُ مِنْ الذَّابِحِ حَتَّى لَوْ سَمَّى غَيْرُهُ وَالذَّابِحُ سَاكِتٌ وَهُوَ ذَاكِرٌ غَيْرُ نَاسٍ لَا يَحِلُّ. (وَمِنْهَا) أَنْ يُرِيدَ بِهَا التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ، فَإِنْ أَرَادَ بِهَا التَّسْمِيَةَ لِافْتِتَاحِ الْعَمَلِ لَا يَحِلُّ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ التَّسْمِيَةَ بَلْ أَرَادَ بِهِ الْحَمْدَ عَلَى سَبِيلِ الشُّكْرِ لَا يَحِلُّ، وَكَذَا لَوْ سَبَّحَ أَوْ هَلَّلَ أَوْ كَبَّرَ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ وَصْفَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالتَّنَزُّهِ عَنْ صِفَاتِ الْمُحْدِثِ لَا غَيْرُ لَا يَحِلُّ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ عَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ يُرِيدُ بِهِ التَّحْمِيدَ عَلَى الْعُطَاسِ فَذَبَحَ لَا يَحِلُّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا) تَجْرِيدُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ اسْمَ النَّبِيِّ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَقْصِدَ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعْظِيمَهُ عَلَى الْخُلُوصِ لَا يَشُوبُهُ مَعْنَى الدُّعَاءِ، حَتَّى لَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَسْمِيَةً؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَالدُّعَاءُ لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّعْظِيمُ الْمَحْضُ، وَأَمَّا وَقْتُ التَّسْمِيَةِ فَوَقْتُهَا عَلَى الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَقْتَ الذَّبْحِ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ إلَّا بِزَمَانٍ قَلِيلٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، وَأَمَّا وَقْتُ الِاضْطِرَارِيَّةِ فَوَقْتُهَا وَقْتُ الرَّمْيِ وَالْإِرْسَالِ. وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُذَكَّى وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا، وَهَذَا فِي الذَّكَاةِ الِاضْطِرَارِيَّةِ دُونَ الِاخْتِيَارِيَّةِ. وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى مَحَلِّ الذَّكَاةِ: (فَمِنْهَا) تَعْيِينُ الْمَحَلِّ بِالتَّسْمِيَةِ فِي الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا ذَبَحَ وَسَمَّى، ثُمَّ ذَبَحَ أُخْرَى يَظُنُّ أَنَّ التَّسْمِيَةَ الْأُولَى تُجْزِئُ عَنْهُمَا لَمْ تُؤْكَلْ فَلَا بُدَّ أَنْ يُجَدِّدَ لِكُلِّ ذَبِيحَةٍ تَسْمِيَةً عَلَى حِدَةٍ. (وَمِنْهَا) قِيَامُ أَصْلِ الْحَيَاةِ فِي الْمُسْتَأْنَسِ وَقْتَ الذَّبْحِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُكْتَفَى بِقِيَامِ أَصْلِهَا بَلْ تُعْتَبَرُ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. الْمُتَرَدِّيَةُ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالشَّاةُ الْمَرِيضَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَشْقُوقَةُ الْبَطْنِ إذَا ذُبِحَتْ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّتْ بِالذَّبْحِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْحَيَاةُ فِيهَا مُسْتَقِرَّةً تَحِلُّ بِالذَّبْحِ سَوَاءٌ عَاشَ أَوْ لَا يَعِيشُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا خُرُوجُ الدَّمِ بَعْدَ الذَّبْحِ فِيمَا لَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّبْحِ فَهَلْ هُوَ مِنْ شَرَائِطِ الْحِلِّ فَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَذَكَرَ فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ شَيْئَيْنِ إمَّا التَّحَرُّكُ، وَإِمَّا خُرُوجُ الدَّمِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَا تَحِلُّ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ ذَبَحَ شَاةً أَوْ بَقَرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ، وَلَمْ تَتَحَرَّكَ وَخُرُوجُهُ مِثْلُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَيِّ أُكِلَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ. رَجُلٌ ذَبَحَ شَاةً مَرِيضَةً فَلَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْهَا إلَّا فُوهَا إنْ فَتَحَتْ فَاهَا لَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ ضَمَّتْهُ أُكِلَتْ، وَإِنْ فَتَحَتْ عَيْنَهَا لَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ غَمَّضَتْهَا أُكِلَتْ، وَإِنْ مَدَّتْ رِجْلَيْهَا لَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ قَبَضَتْهُمَا أُكِلَتْ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ شَعْرُهَا لَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ قَامَ أُكِلَتْ، هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهَا حَيَّةٌ وَقْتَ الذَّبْحِ لِتَكُونَ هَذِهِ عَلَامَةَ الْحَيَاةِ فِيهَا، أَمَّا إذَا عُلِمَتْ حَيَاتُهَا يَقِينًا وَقْتَ الذَّبْحِ أُكِلَتْ بِكُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَأَمَّا) (حُكْمُهَا) فَطَهَارَةُ الْمَذْبُوحِ وَحِلُّ أَكْلِهِ مِنْ الْمَأْكُولِ وَطَهَارَةُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ لِلِانْتِفَاعِ لَا بِجِهَةِ الْأَكْلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْخُنْثَى وَالْمُخَنَّثُ تَجُوزُ ذَبِيحَتُهُمَا، هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. لَا يُكْرَهُ ذَبْحُ الْأَبْرَصِ، وَخُبْزُهُ وَطَبْخُهُ وَغَيْرُهُ أَوْلَى، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ وَالْكِتَابِيَّةُ فِي الذَّبْحِ كَالرَّجُلِ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كِتَابِيًّا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَحِلُّ مَا ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الصَّيْدِ سَوَاءٌ ذَبَحَهُ فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ، وَكَذَا لَا يَحِلُّ مَا ذُبِحَ فِي الْحَرَمِ مِنْ الصَّيْدِ سَوَاءٌ كَانَ الذَّابِحُ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا ذَبَحَ الْمُحْرِمُ غَيْرَ الصَّيْدِ أَوْ ذُبِحَ فِي الْحَرَمِ غَيْرُ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَشْرُوعٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. نَصْرَانِيٌّ ذَبَحَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ لَا يَحِلُّ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. مُسْلِمٌ ذَبَحَ شَاةَ الْمَجُوسِيِّ لِبَيْتِ نَارِهِمْ أَوْ الْكَافِرِ لِآلِهَتِهِمْ تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى - وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى. وَفِي الْمُشْكِلِ ذَبَحَ عِنْدَ مَرْأَى الضَّيْفِ تَعْظِيمًا لَهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا

وَكَذَا عِنْدَ قُدُومِ الْأَمِيرِ أَوْ غَيْرِهِ تَعْظِيمًا، فَأَمَّا إذَا ذَبَحَ عِنْدَ غَيْبَةِ الضَّيْفِ لِأَجْلِ الضِّيَافَةِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَفِي التَّجْرِيدِ الْمُسْلِمُ إذَا ذَبَحَ فَأَمَرَّ الْمَجُوسِيُّ بِالسِّكِّينِ بَعْدَ الذَّبْحِ لَمْ يَحْرُمْ، وَلَوْ ذَبَحَ الْمَجُوسِيُّ وَأَمَرَّ الْمُسْلِمُ بَعْدَهُ لَمْ يَحِلَّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَالْعُرُوقُ الَّتِي تُقْطَعُ فِي الذَّكَاةِ أَرْبَعَةٌ: الْحُلْقُومُ وَهُوَ مَجْرَى النَّفَسِ، وَالْمَرِيءُ وَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ، وَالْوَدَجَانِ وَهُمَا عِرْقَانِ فِي جَانِبَيْ الرَّقَبَةِ يَجْرِي فِيهَا الدَّمُ، فَإِنْ قُطِعَ كُلُّ الْأَرْبَعَةِ حَلَّتْ الذَّبِيحَةُ، وَإِنْ قُطِعَ أَكْثَرُهَا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَا: لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَأَحَدِ الْوَدَجَيْنِ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِمَا أَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا قَطَعَ نِصْفَ الْحُلْقُومِ وَنِصْفَ الْأَوْدَاجِ وَنِصْفَ الْمَرِيءِ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ مُتَعَلِّقٌ بِقَطْعِ الْكُلِّ أَوْ الْأَكْثَرِ وَلَيْسَ لِلنِّصْفِ حُكْمُ الْكُلِّ فِي مَوْضِعِ الِاحْتِيَاطِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ وَالْأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ وَدَجَيْنِ يَحِلُّ وَمَا لَا فَلَا، قَالَ مَشَايِخُنَا: وَهُوَ أَصَحُّ الْجَوَابَاتِ، وَإِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ مِنْ قِبَلِ الْقَفَا، فَإِنْ قَطَعَ الْأَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ حَلَّتْ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ قَطْعِ الْأَكْثَرِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا تَحِلُّ، وَيُكْرَهُ هَذَا الْفِعْلُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ، وَفِيهِ زِيَادَةُ إيلَامٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. شَاةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَشْرَفَتْ عَلَى الْوِلَادَةِ قَالُوا يُكْرَهُ ذَبْحُهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيعَ الْوَلَدِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ عِنْدَهُ الْجَنِينَ لَا يَتَذَكَّى بِذَكَاةِ الْأُمِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَنْ نَحَرَ نَاقَةً أَوْ ذَبَحَ بَقَرَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا جَنِينًا مَيِّتًا لَمْ يُؤْكَلْ أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا تَمَّ خَلْقُهُ أُكِلَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. الْجَنِينُ إذَا خَرَجَ حَيًّا، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يَقْدِرُ عَلَى ذَبْحِهِ فَمَاتَ يُؤْكَلُ، وَهَذَا التَّفْرِيعُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. رَجُلٌ شَقَّ بَطْنَ شَاةٍ فَأَخْرَجَ الْوَلَدَ حَيًّا وَذَبَحَ ثُمَّ ذَبَحَ الشَّاةَ قَالُوا: إنْ كَانَتْ الشَّاةُ لَا تَعِيشُ مِنْ ذَلِكَ لَا تَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَكُونُ بِالْأَوَّلِ وَذَلِكَ لَيْسَ بِذَكَاةٍ، وَإِنْ كَانَتْ تَعِيشُ مِنْ ذَلِكَ حَلَّتْ؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ هُوَ الثَّانِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَدْخَلَ يَدَهُ فِي فَرْجِ بَقَرَةٍ وَذَبَحَ وَلَدَهَا فِي بَطْنِهَا حِينَ عَسُرَتْ الْوِلَادَةُ عَلَيْهَا، إنْ مِنْ مَذْبَحٍ حَلَّ، وَإِنْ مِنْ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الذَّبْحُ مِنْ الْمَذْبَحِ حَلَّ، وَإِنْ أَمْكَنَ لَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. سِنَّوْرٌ قَطَعَ رَأْسَ دَجَاجَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ بِالذَّبْحِ، وَإِنْ كَانَ يَتَحَرَّكُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَالْآلَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ قَاطِعَةٌ وَفَاسِخَةٌ وَالْقَاطِعَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ حَادَّةٌ وَكَلِيلَةٌ، فَالْحَادَّةُ يَجُوزُ الذَّبْحُ بِهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ حَدِيدًا كَانَ أَوْ غَيْرَ حَدِيدٍ، كَمَا لَوْ ذَبَحَ بِاللِّيطَةِ أَوْ بِالْمَرْوَةِ أَوْ بِشَقَّةِ الْعَصَا أَوْ بِالْعَظْمِ، وَالْكَلِيلَةُ يَجُوزُ الذَّبْحُ بِهَا وَيُكْرَهُ، وَلَوْ ذَبَحَ بِسِنٍّ أَوْ ظُفْرٍ مَنْزُوعٍ يَحِلُّ وَيُكْرَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا الْآلَةُ الَّتِي تُفْسَخُ فَالظُّفْرُ الْقَائِمُ وَالسِّنُّ الْقَائِمُ لَا يَجُوزُ الذَّبْحُ بِهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ ذَبَحَ كَانَتْ مَيْتَةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالسُّنَّةُ فِي الْبَعِيرِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ يُنْحَرَ قَائِمًا مَعْقُولَ الْيَدِ الْيُسْرَى، فَإِنْ أَضْجَعَهُ جَازَ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ، وَالسُّنَّةُ فِي الشَّاةِ وَالْبَقَرِ أَنْ يُذْبَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَضْجَعًا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِقَطْعِ الْعُرُوقِ وَيُسْتَقْبَلُ الْقِبْلَةُ فِي الْجَمِيعِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ بِالنَّهَارِ وَيُسْتَحَبُّ فِي الذَّبْحِ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِآلَةٍ حَادَّةٍ مِنْ الْحَدِيدِ كَالسِّكِّينِ وَالسَّيْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيُكْرَهُ بِغَيْرِ الْحَدِيدِ وَبِالْكَلِيلِ مِنْ الْحَدِيدِ، وَمِنْهَا التَّرْفِيقُ فِي قَطْعِ الْأَوْدَاجِ، وَيُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ الذَّبْحُ مِنْ قِبَلِ الْحُلْقُومِ، وَيُكْرَهُ الذَّبْحُ مِنْ قِبَلِ الْقَفَا، وَمِنْ الْمُسْتَحَبِّ قَطْعُ الْأَوْدَاجِ كُلِّهَا وَيُكْرَهُ قَطْعُ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، وَيُسْتَحَبُّ الِاكْتِفَاءُ بِقَطْعِ الْأَوْدَاجِ وَلَا يُبَايَنُ الرَّأْسُ وَلَوْ فَعَلَ يُكْرَهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الذَّبْحِ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ، وَإِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الذَّبْحِ أَوْ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِهِ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ: لَا تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ، وَيُكْرَهُ لَهُ بَعْدَ الذَّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَبْرُدَ أَنْ يَنْخَعَهَا وَهُوَ أَنْ يَنْحَرَهَا حَتَّى يَبْلُغَ النُّخَاعَ وَأَنْ يَسْلُخَهَا قَبْلَ أَنْ تَبْرُدَ، فَإِنْ نَخَعَ أَوْ سَلَخَ قَبْلَ أَنْ تَبْرُدَ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا، وَيُكْرَهُ جَرُّهَا بِرِجْلِهَا إلَى الْمَذْبَحِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُضْجِعَهَا وَيَحُدَّ الشَّفْرَةَ بَيْنَ يَدَيْهَا، وَهَذَا كُلُّهُ

لَا تَحْرُمُ بِهِ الذَّبِيحَةُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ ذَبَحَ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ النَّحْرُ أَوْ نَحَرَ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ الذَّبْحُ جَازَ وَلَكِنْ تَرَكَ السُّنَّةَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ ضَرَبَ عُنُقَ جَزُورٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ شَاةٍ وَأَبَانَهَا وَسَمَّى، فَإِنْ كَانَ ضَرَبَهَا مِنْ قِبَلِ الْحُلْقُومِ تُؤْكَلُ وَقَدْ أَسَاءَ، فَإِنْ ضَرَبَ عَلَى التَّأَنِّي وَالتَّوَقُّفِ لَا تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ قَبْلَ الذَّكَاةِ فَكَانَتْ مَيْتَةً، وَإِنْ قَطَعَ الْعُرُوقَ قَبْلَ مَوْتِهَا تُؤْكَلُ لِوُجُودِ فِعْلِ الذَّكَاةِ وَهِيَ حَيَّةٌ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ زَادَ فِي أَلَمِهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، فَإِنْ أَمْضَى فِعْلَهُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَوْتَهَا بِالذَّكَاةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا ذَبَحَهَا بِغَيْرِ تَوَجُّهِ الْقِبْلَةِ حَلَّتْ وَلَكِنْ يُكْرَهُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. أَشْرَفَ ثَوْرُهُ عَلَى الْهَلَاكِ وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا مَا يَجْرَحُ مَذْبَحَهُ، وَلَوْ طَلَبَ آلَةَ الذَّبْحِ لَا يُدْرِكُ ذَكَاتَهُ فَجَرَحَ مَذْبَحَهُ لَا يَحِلُّ إلَّا إذَا قَطَعَ الْعُرُوقَ، قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ يَحِلُّ إنْ جَرَحَهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَكُرِهَ النَّخْعُ وَهُوَ أَنْ يَبْلُغَ بِالسِّكِّينِ النُّخَاعَ وَتُؤْكَلُ الذَّبِيحَةُ، وَالنُّخَاعُ عِرْقٌ أَبْيَضُ فِي عَظْمِ الرَّقَبَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَمُدَّ رَأْسَهُ حَتَّى يَظْهَرَ مَذْبَحُهُ، وَقِيلَ: أَنْ يَكْسِرَ عُنُقَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْكُنَ مِنْ الِاضْطِرَابِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ تَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ زِيَادَةُ أَلَمٍ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الذَّكَاةِ مَكْرُوهٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ الْبَقَّالِيُّ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُ أَكْبَرُ يَعْنِي بِدُونِ الْوَاوِ وَمَعَ الْوَاوِ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ يَقْطَعُ فَوْرَ التَّسْمِيَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْمَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوْصُولًا بِغَيْرِ وَاوٍ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَنْصِبَ مُحَمَّدًا أَوْ يَخْفِضَهُ أَوْ يَرْفَعَهُ، وَفِي كُلِّهَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ غَيْرُ مَذْكُورٍ عَلَى سَبِيلِ الْعَطْفِ فَيَكُونُ مُبْتَدَأً لَكِنْ يُكْرَهُ لِوُجُودِ الْوَصْلِ صُورَةً، وَإِنْ ذَكَرَ مَعَ الْوَاوِ إنَّ خَفَضَهُ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ ذَابِحًا بِهِمَا وَإِنْ رَفَعَهُ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ، وَإِنْ نَصَبَهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لَوْ ذَكَرَ اسْمًا آخَرَ مَعَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّ بِغَيْرِ الْهَاءِ، إنْ أَرَادَ بِهِ التَّسْمِيَةَ يَحِلُّ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَحْذِفُ حَرْفًا تَرْخِيمًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ يَحِلُّ وَيُكْرَهُ، وَلَوْ قَالَ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ عِنْدَ الذَّبْحِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَذَبَحَ النِّصْفَ مِنْ الْوَدَجَيْنِ وَالْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ، ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَطَعَ الْبَاقِيَ لَا يَحِلُّ، وَتَجْرِيدُ التَّسْمِيَةِ فَرِيضَةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَصَلَّى اللَّه عَلَى مُحَمَّد، أَوْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَى مُحَمَّد بِدُونِ الْوَاوِ حَلَّ الذَّبِيحُ لَكِنْ يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَفِي الْبَقَّالِيِّ حَلَّ الذَّبِيحُ إنْ وَافَقَ التَّسْمِيَةَ وَالذَّبْحَ، قِيلَ: إنْ أَرَادَ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الِاشْتِرَاكَ فِي التَّسْمِيَةِ لَا يَحِلُّ، وَإِنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحِلُّ الذَّبِيحُ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ تَارِكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا، وَإِنْ تَرَكَهَا نَاسِيًا تَحِلُّ وَالْمُسْلِمُ وَالْكِتَابِيُّ فِي تَرْكِ التَّسْمِيَةَ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَالصَّبِيُّ كَالْكَبِيرِ فِي النِّسْيَانِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَالَ الْقَصَّابُ: تَرَكْتُ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا لَمْ يَحِلَّ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ أُكِلَ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَضْجَعَ شَاةً وَأَخَذَ السِّكِّينَ وَسَمَّى، ثُمَّ تَرَكَهَا وَذَبَحَ شَاةً أُخْرَى وَتَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا عَلَيْهَا، لَا تَحِلُّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَضْجَعَ شَاةً لِيَذْبَحَهَا وَأَخَذَ السِّكِّينَ وَسَمَّى، ثُمَّ أَلْقَى تِلْكَ السِّكِّينَ وَأَخَذَ أُخْرَى وَذَبَحَ بِهَا حَلَّتْ، وَإِنْ أَخَذَ سَهْمًا وَسَمَّى ثُمَّ وَضَعَ ذَلِكَ السَّهْمَ وَأَخَذَ آخَرَ وَرَمَى لَمْ يَحِلَّ بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَإِذَا أَضْجَعَ شَاةً لِيَذْبَحَهَا وَسَمَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ كَلَّمَ إنْسَانًا أَوْ شَرِبَ مَاءً أَوْ حَدَّدَ سِكِّينًا أَوْ أَكَلَ لُقْمَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلٍ لَمْ يَكْثُرْ حَلَّتْ بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ، وَإِنْ طَالَ الْحَدِيثُ وَكَثُرَ الْعَمَلُ كُرِهَ أَكْلُهَا وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَقْدِيرٌ بَلْ يُنْظَرُ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ إنْ اسْتَكْثَرَهُ النَّاسُ فِي الْعَادَةِ يَكُونُ كَثِيرًا أَوْ إنْ كَانَ يُعَدُّ قَلِيلًا فَهُوَ قَلِيلٌ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ لَفْظَةَ الْكَرَاهَةِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهَا، وَفِي أَضَاحِي الزَّعْفَرَانِيِّ إذَا حَدَّدَ الشَّفْرَةَ تَنْقَطِعُ تِلْكَ التَّسْمِيَةُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَمَا

الباب الثاني في بيان ما يؤكل من الحيوان وما لا يؤكل

إذَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ سَمَّى ثُمَّ انْفَلَتَتْ الشَّاةُ وَقَامَتْ مِنْ مَضْجَعِهَا ثُمَّ أَعَادَهَا إلَى مَضْجَعِهَا فَقَدْ انْقَطَعَتْ التَّسْمِيَةُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ نَظَرَ إلَى قَطِيعِ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ وَأَرْسَلَ كَلْبَهُ وَسَمَّى وَأَخَذَ حَلَّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَظَرَ إلَى غَنَمِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، ثُمَّ أَخَذَ وَاحِدَةً فَأَضْجَعَهَا وَذَبَحَهَا وَتَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا وَظَنَّ أَنَّ تِلْكَ التَّسْمِيَةِ تُجْزِئُهُ لَا تُؤْكَلُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَضْجَعَ إحْدَى الشَّاتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى تَكْفِي تَسْمِيَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا ذَبَحَهُمَا بِإِمْرَارٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ جَمَعَ الْعَصَافِيرَ فِي يَدِهِ فَذَبَحَ وَسَمَّى، وَذَبَحَ آخَرَ عَلَى أَثَرِهِ وَلَمْ يُسَمِّ لَمْ يَحِلَّ الثَّانِي، وَلَوْ أَمَرَّ السِّكِّينَ عَلَى الْكُلِّ جَازَ بِتَسْمِيَةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّانِي فِي بَيَان مَا يُؤْكَلُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَمَا لَا يُؤْكَلُ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَا يُؤْكَلُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَمَا لَا يُؤْكَلُ) الْحَيَوَانُ فِي الْأَصْلِ نَوْعَانِ نَوْعٌ يَعِيشُ فِي الْبَحْرِ وَنَوْعٌ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ، أَمَّا الَّذِي يَعِيشُ فِي الْبَحْرِ فَجَمِيعُ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ الْحَيَوَانِ يَحْرُمُ أَكْلُهُ إلَّا السَّمَكُ خَاصَّةً فَإِنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا مَا طَفَا مِنْهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَعِيشُ فِي الْبَرِّ فَأَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ: مَا لَيْسَ لَهُ دَمٌ أَصْلًا وَمَا لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ وَمَا لَهُ دَمٌ سَائِلٌ، فَمَا لَا دَمَ لَهُ مِثْلُ الْجَرَادِ وَالزُّنْبُورِ وَالذُّبَابِ وَالْعَنْكَبُوتِ وَالْخُنْفُسَاءِ وَالْعَقْرَبِ وَالْبَبْغَاءِ وَنَحْوِهَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا الْجَرَادُ خَاصَّةً، وَكَذَلِكَ مَا لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ مِثْلُ الْحَيَّةِ وَالْوَزَغِ وَسَامٍّ أَبْرَصَ وَجَمِيعِ الْحَشَرَاتِ وَهُوَ أُمُّ الْأَرْضِ مِنْ الْفَأْرِ وَالْجَرَادِ وَالْقَنَافِذِ وَالضَّبِّ وَالْيَرْبُوعِ وَابْنِ عِرْسٍ وَنَحْوِهَا وَلَا خِلَافَ فِي حُرْمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إلَّا فِي الضَّبِّ فَإِنَّهُ حَلَالٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَمَا لَهُ دَمٌ سَائِلٌ نَوْعَانِ: مُسْتَأْنَسٌ وَمُتَوَحِّشٌ، أَمَّا الْمُسْتَأْنَسُ مِنْ الْبَهَائِمِ فَنَحْوُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ يَحِلُّ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الْمُتَوَحِّشُ نَحْوُ الظِّبَاءِ وَبَقَرِ الْوَحْشِ وَحُمُرِ الْوَحْشِ وَإِبِلِ الْوَحْشِ فَحَلَالٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا الْمُسْتَأْنَسُ مِنْ السِّبَاعِ وَهُوَ الْكَلْبُ وَالْفَهْدُ وَالسِّنَّوْرُ وَالْأَهْلِيُّ فَلَا يَحِلُّ، وَكَذَلِكَ الْمُتَوَحِّشُ فَمِنْهَا الْمُسَمَّى بِسِبَاعِ الْوَحْشِ وَالطَّيْرِ، وَهُوَ كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَكُلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ، فَذُو النَّابِ مِنْ سِبَاعِ الْوَحْشِ مِثْلُ الْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالضَّبُعِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالثَّعْلَبِ وَالسِّنَّوْرِ الْبَرِّيِّ وَالسِّنْجَابِ وَالسَّمُّورِ وَالدَّلَقِ وَالدُّبِّ وَالْقِرْدِ وَنَحْوِهَا فَلَا خِلَافَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ إلَّا فِي الضَّبُعِ فَإِنَّهُ حَلَالٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَذُو الْمِخْلَبِ مِنْ الطَّيْرِ كَالْبَازِي وَالْبَاشِقِ وَالصَّقْرِ وَالشَّاهِينَ وَالْحَدَأَةِ وَالْبُغَاثِ وَالنَّسْرِ وَالْعِقَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَمَا لَا مِخْلَبَ لَهُ مِنْ الطَّيْرِ، وَالْمُسْتَأْنَسُ مِنْهُ كَالدَّجَاجِ وَالْبَطِّ، وَالْمُتَوَحِّشُ كَالْحَمَامِ وَالْفَاخِتَةِ وَالْعَصَافِيرِ وَالْقَبْجِ وَالْكُرْكِيِّ وَالْغُرَابِ الَّذِي يَأْكُلُ الْحَبَّ وَالزَّرْعَ وَنَحْوِهَا حَلَالٌ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَا بَأْسَ بِالْقَمَرِيِّ وَالسُّودَانِيِّ وَالزُّرْزُورِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُكْرَهُ أَكْلُ لُحُومِ الْإِبِلِ الْجَلَّالَةِ وَهِيَ الَّتِي الْأَغْلَبُ مِنْ أَكْلِهَا النَّجَاسَةُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ غَالِبُ أَكْلِهَا النَّجَاسَةَ يَتَغَيَّرُ لَحْمُهَا وَيُنْتِنُ فَيُكْرَهُ أَكْلُهُ كَالطَّعَامِ الْمُنْتِنِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا مِنْ الْعَمَلِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ تُحْبَسَ أَيَّامًا وَتُعْلَفَ فَحِينَئِذٍ تَحِلُّ، وَمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ أَجْوَدُ، ثُمَّ لَيْسَ لِحَبْسِهَا تَقْدِيرٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُوَقِّتُ فِي حَبْسِهَا، وَقَالَ: تُحْبَسُ حَتَّى لَطَفَتْ، وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا تُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَرَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّاقَةِ الْجَلَّالَةِ وَالشَّاةِ الْجَلَّالَةِ وَالْبَقَرَةِ الْجَلَّالَةِ: إنَّمَا تَكُونُ جَلَّالَةً إذَا نَتُنَ وَتَغَيَّرَ لَحْمُهَا وَوُجِدَتْ مِنْهُ رِيحٌ مُنْتِنَةٌ فَهِيَ الْجَلَّالَةُ حِينَئِذٍ لَا يُشْرَبُ لَبَنُهَا وَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا وَبَيْعُهَا وَهِبَتُهَا جَائِزٌ، هَذَا إذَا كَانَتْ لَا تَخْلِطُ وَلَا تَأْكُلُ إلَّا الْعُذْرَةَ

الباب الثالث في المتفرقات

غَالِبًا، فَإِنْ خَلَطَتْ فَلَيْسَتْ بِجَلَّالَةٍ فَلَا تُكْرَهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْتِنُ، وَلَا يُكْرَهُ أَكْلُ الدَّجَاجِ الْمَخْلِيِّ، وَإِنْ كَانَ يَتَنَاوَلُ النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ أَكْلُ النَّجَاسَةِ بَلْ يَخْلِطُهَا بِغَيْرِهَا وَهُوَ الْحَبُّ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْبَسَ الدَّجَاجُ حَتَّى يَذْهَبَ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ النَّجَاسَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. أَكْلُ الْخَطَّافِ وَالصُّلْصُلِ وَالْهُدْهُدِ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الطُّيُورِ الَّتِي هِيَ ذَوَاتُ مِخْلَبٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْعَقْعَقِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، فَقُلْتُ: إنَّهُ يَأْكُلُ النَّجَاسَاتِ، فَقَالَ: إنَّهُ يَخْلِطُ النَّجَاسَةَ بِشَيْءٍ آخَرَ، ثُمَّ يَأْكُلُ فَكَانَ الْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ مَا يَخْلِطُ كَالدَّجَاجِ لَا بَأْسَ، وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُكْرَهُ الْعَقْعَقُ كَمَا تُكْرَهُ الدَّجَاجَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَأَكْلُ دُودِ الزُّنْبُورِ قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الْحَيَاةُ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. عَنْ خَلَفٍ يُكْرَهُ أَكْلُ بُيُوتِ الزَّنَابِيرِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ فِي كِتَابِ الْكَرَاهَةِ. وَالدُّبْسِيُّ يُؤْكَلُ، وَأَمَّا الْخُفَّاشُ فَقَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ يُؤْكَلُ، وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ لَهُ نَابًا وَقِيلَ الشِّقَرَّاقُ لَا يُؤْكَلُ، وَالْبُومَ يُؤْكَلُ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَأَيْتُ: هَذَا بِخَطِّ وَالِدِي وَالشَّقِرَّاقُ طَائِرٌ أَخْضَرُ يُخَالِطُهُ قَلِيلُ حُمْرَةٍ يَصُولُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَإِذَا أُخِذَ فَرْخَهُ تَقَيَّأَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ الطَّاوُوسِ، وَعَنْ الشَّعْبِيِّ يُكْرَهُ أَشُدَّ الْكَرَاهَةِ وَبِالْأَوَّلِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْحَمَّادِيَّةِ. عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ كُلَّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ وَمَا أَكَلَ الْجِيَفَ وَبِهِ نَأْخُذُ، فَإِنَّ مَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ كَالْغِدَافِ وَالْغُرَابِ الْأَبْقَعِ مُسْتَخْبَثٌ طَبْعًا، فَأَمَّا الْغُرَابُ الزَّرْعِيُّ الَّذِي يَلْتَقِطُ الْحَبَّ مُبَاحٌ طَيِّبٌ، وَإِنْ كَانَ الْغُرَابُ بِحَيْثُ يَخْلِطُ فَيَأْكُلُ الْجِيَفَ تَارَةً وَالْحَبَّ أُخْرَى فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى قِيَاسِ الدَّجَاجَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَأَمَّا الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ فَلَحْمُهُ حَرَامٌ، وَكَذَلِكَ لَبَنُهُ وَشَحْمُهُ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي شَحْمِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهِ الْأَكْلِ فَحَرَّمَهُ بَعْضُهُمْ قِيَاسًا عَلَى الْأَكْلِ وَأَبَاحَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ إذَا صَارَ أَهْلِيًّا وَوُضِعَ عَلَيْهِ الْإِكَافُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَالْأَهْلِيُّ إذَا تَوَحَّشَ لَا يُؤْكَلُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. يُكْرَهُ لَحْمُ الْخَيْلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي تَفْسِيرِ الْكَرَاهَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا التَّحْرِيمَ وَلَبَنُهُ كَلَحْمِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَحْوَطُ وَمَا قَالَا أَوْسَعُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَأَمَّا الْبَغْلُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَحْمُهُ مَكْرُوهٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَعِنْدَهُمَا كَذَلِكَ إنْ كَانَ الْفَرَسُ نَزَا عَلَى الْأَتَانِ، وَإِنْ كَانَ الْحِمَارُ نَزَا عَلَى الرَّمَكَةِ فَقَدْ قِيلَ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْجَدْيُ إذَا كَانَ يُرَبَّى بِلَبَنِ الْأَتَانِ، وَالْخِنْزِيرِ إنْ اعْتَلَفَ أَيَّامًا فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْجَلَّالَةِ وَالْجَلَّالَةُ إذَا حُبِسَتْ أَيَّامًا فَعُلِفَتْ لَا بَأْسَ بِهَا فَكَذَا هَذَا، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) شَاةٌ وَلَدَتْ وَلَدًا بِصُورَةِ الْكَلْبِ فَأَشْكَلَ أَمْرُهُ، فَإِنْ صَاحَ مِثْلَ الْكَلْبِ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ صَاحَ مِثْلَ الشَّاةِ يُؤْكَلُ، وَإِنْ صَاحَ مِثْلَهُمَا يُوضَعُ الْمَاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ إنْ شَرِبَ بِاللِّسَانِ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ كَلْبٌ، وَإِنْ شَرِبَ بِالْفَمِ يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ شَاةٌ، وَإِنْ شَرِبَ بِهِمَا جَمِيعًا يُوضَعُ التِّبْنُ وَاللَّحْمُ قِبَلَهُ إنْ أَكَلَ التِّبْنَ يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ شَاةٌ، وَإِنْ أَكَلَ اللَّحْمَ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ أَكَلَهُمَا جَمِيعًا يُذْبَحُ إنْ خَرَجَ الْأَمْعَاءُ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ خَرَجَ الْكِرْشُ يُؤْكَلُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَأَمَّا بَيَانُ مَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ سَبْعَةٌ: الدَّمُ الْمَسْفُوحُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ وَالْقُبُلُ وَالْغُدَّةُ وَالْمَثَانَةُ وَالْمَرَارَةُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ ذَبَحَ الشَّاةَ فَاضْطَرَبَتْ فَوَقَعَتْ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّتْ مِنْ مَوْضِعٍ لَمْ يَضُرَّهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الذَّكَاةِ قَدْ اسْتَقَرَّ فِيهَا فَإِنَّمَا انْزَهَقَ حَيَاتُهَا بِهِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِاضْطِرَابِهَا بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الذَّكَاةِ فَهَذَا لَحْمٌ وَقَعَ فِي مَاءٍ

كتاب الأضحية وفيه تسعة أبواب

أَوْ سَقَطَ مِنْ مَوْضِعٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَجَاجَةٌ لِرَجُلٍ تَعَلَّقَتْ بِشَجَرَةٍ وَصَاحِبُهَا لَا يَصِلُ إلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهَا الْفَوَاتَ وَالْمَوْتَ وَرَمَاهَا لَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ خَافَ الْفَوَاتَ فَرَمَاهَا تُؤْكَلُ، وَالْحَمَامَةُ إذَا طَارَتْ مِنْ صَاحِبِهَا فَرَمَاهَا صَاحِبُهَا أَوْ غَيْرُهُ قَالُوا: إنْ كَانَتْ لَا تَهْتَدِي إلَى الْمَنْزِلِ حَلَّ أَكْلُهَا سَوَاءٌ أَصَابَ السَّهْمُ الْمَذْبَحَ أَوْ مَوْضِعًا آخَرَ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ تَهْتَدِي إلَى الْمَنْزِلِ، فَإِنْ أَصَابَ السَّهْمُ الْمَذْبَحَ حَلَّ، وَإِنْ أَصَابَ مَوْضِعًا آخَرَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا مَرْوِيٌّ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ تَهْتَدِي إلَى مَنْزِلِهِ يُقَدَّرُ عَلَى الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، وَالظَّبْيُ إذَا عُلِّمَ فِي الْبَيْتِ فَخَرَجَ إلَى الصَّحْرَاءِ فَرَمَاهُ رَجُلٌ وَسَمَّى، فَإِنْ أَصَابَ الْمَذْبَحَ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا إلَّا أَنْ يَتَوَحَّشَ فَلَا يُؤْخَذُ إلَّا بِصَيْدٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ذَبَحَ شَاةً وَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْأَوْدَاجَ إلَّا أَنَّ الْحَيَاةَ فِيهَا بَاقِيَةٌ فَقَطَعَ إنْسَانٌ مِنْهُمَا قِطْعَةً يَحِلُّ أَكْلُ الْمَقْطُوعِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَذْبَحَ شَاةً فَلَمْ يَذْبَحْهَا حَتَّى بَاعَهَا الْآمِرُ مِنْ ثَالِثٍ، ثُمَّ ذَبَحَهَا الْمَأْمُورُ ضَمِنَهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى آمِرِهِ عَلِمَ بِالْبَيْعِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَلَوْ انْتَزَعَ الذِّئْبُ رَأْسَ الشَّاةِ وَهِيَ حَيَّةٌ تَحِلُّ بِالذَّبْحِ بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ، قَطَعَ الذِّئْبُ مِنْ أَلْيَةِ الشَّاةِ قِطْعَةً لَا يُؤْكَلُ الْمُبَانُ وَأَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَأْكُلُونَهُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا أُبِينَ مِنْ الْحَيِّ فَهُوَ مَيْتَةٌ» وَفِي الصَّيْدِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الصَّيْدُ يَعِيشُ بِدُونِ الْمُبَانِ فَالْمُبَانُ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعِيشُ بِلَا مُبَانٍ كَالرَّأْسِ يُؤْكَلَانِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي الْمُنْتَقَى بَعِيرٌ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ فَوَجَأَهُ صَاحِبُهُ وَجْأَةً يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ مِنْهَا فَمَاتَ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا أُكِلَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ. سَلَّمَ غَنَمَهُ إلَى رَاعٍ فَذَبَحَ شَاةً مِنْهَا، وَقَالَ: ذَبَحْتُهَا وَهِيَ مَيْتَةٌ، وَقَالَ: لَا بَلْ ذَبَحْتُهَا وَهِيَ حَيَّةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاعِي مَعَ يَمِينِهِ، وَلَمْ يَحِلَّ أَكْلُهَا، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. شَاةٌ قَطَعَ الذِّئْبُ أَوْدَاجَهَا وَهِيَ حَيَّةٌ لَا تُذَكَّى لِفَوَاتِ مَحَلِّ الذَّبْحِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَطَعَ شَاةً نِصْفَيْنِ، ثُمَّ إنَّ رَجُلًا فَرَى أَوْدَاجَهَا وَالرَّأْسُ يَتَحَرَّكُ أَوْ شَقَّ بَطْنَهَا فَأَخْرَجَ مَا فِي جَوْفِهَا، وَفَرَى رَجُلٌ آخَرَ الْأَوْدَاجَ فَإِنَّ هَذَا لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَاتِلٌ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَتْ الضَّرْبَةُ مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ لَمْ تُؤْكَلْ الشَّاةُ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ أُكِلَتْ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ وَفِيهِ تِسْعَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَاب الْأَوَّل فِي تَفْسِير الْأُضْحِيَّة وَرُكْنِهَا وَصِفَتِهَا وَشَرَائِطِهَا وَحُكْمِهَا] (كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ وَفِيهِ تِسْعَةُ أَبْوَابٍ) . (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَرُكْنِهَا وَصِفَتِهَا وَشَرَائِطِهَا وَحُكْمِهَا وَفِي بَيَانِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا تَجِبُ) الْأُضْحِيَّةِ وَهِيَ فِي الشَّرْعِ اسْمٌ لِحَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ بِسِنٍّ مَخْصُوصٍ يُذْبَحُ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ فِي يَوْمٍ مَخْصُوصٍ عِنْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهَا وَسَبَبِهَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَأَمَّا) (رُكْنُهَا) : فَذَبْحُ مَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ فِي الْأُضْحِيَّةِ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ فِي أَيَّامِهَا؛ لِأَنَّ رُكْنَ الشَّيْءِ مَا يَقُومُ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ، وَالْأُضْحِيَّةُ إنَّمَا تَقُومُ بِهَذَا الْفِعْلِ فَكَانَ رُكْنًا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. (وَأَمَّا) (صِفَةُ التَّضْحِيَةِ) : فَالتَّضْحِيَةُ نَوْعَانِ وَاجِبٌ وَتَطَوُّعٌ. وَالْوَاجِبُ مِنْهَا أَنْوَاعٌ: مِنْهَا مَا يَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ، وَمِنْهَا مَا يَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ دُونَ الْغَنِيِّ، وَمِنْهَا مَا يَجِبْ عَلَى الْغَنِيِّ دُونَ الْفَقِيرِ. أَمَّا الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ فَالْمَنْذُورُ بِهِ بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ شَاةً أَوْ بَدَنَةً أَوْ هَذِهِ الشَّاةَ أَوْ هَذِهِ الْبَدَنَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ ذَلِكَ وَهُوَ مُعْسِرٌ، ثُمَّ أَيْسَرَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ شَاتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ النَّذْرِ أُضْحِيَّةٌ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فَلَا يُحْتَمَلُ الْإِخْبَارُ فَيُحْمَلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ أُضْحِيَّةٌ بِنَذْرِهِ وَأُخْرَى بِإِيجَابِ الشَّرْعِ. وَأَمَّا التَّطَوُّعُ: فَأُضْحِيَّةُ الْمُسَافِرِ وَالْفَقِيرِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ النَّذْرُ بِالتَّضْحِيَةِ وَلَا شِرَاءُ الْأُضْحِيَّةِ لِانْعِدَامِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَشَرْطِهِ، وَأَمَّا الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ دُونَ الْغَنِيِّ فَالْمُشْتَرَى لِلْأُضْحِيَّةِ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي فَقِيرًا، بِأَنْ اشْتَرَى فَقِيرٌ شَاةً يَنْوِي أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ، وَلَوْ مَلَكَ إنْسَانٌ شَاةً فَنَوَى أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، أَوْ اشْتَرَى شَاةً وَلَمْ يَنْوِ الْأُضْحِيَّةَ وَقْتَ الشِّرَاءِ ثُمَّ نَوَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا. وَأَمَّا الَّذِي يَجِبُ

عَلَى الْغَنِيِّ دُونَ الْفَقِيرِ فَمَا يَجِبُ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ وَلَا شِرَاءٍ لِلْأُضْحِيَّةِ بَلْ شُكْرًا لِنِعْمَةِ الْحَيَاةِ وَإِحْيَاءً لِمِيرَاثِ الْخَلِيلِ حِينَ أَمَرَهُ اللَّهُ بِذَبْحِ الْكَبْشِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَأَمَّا) (شَرَائِطُ الْوُجُوبِ) : مِنْهَا الْيَسَارُ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ دُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ فَلَيْسَا بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ يُضَحِّي عَنْهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ مِنْ مَالِهِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَا يَضْمَنَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا ضَمِنَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمِنْهَا الْإِسْلَامُ فَلَا تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ كَافِرًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، ثُمَّ أَسْلَمَ فِي آخِرِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ مُنْفَصِلٌ عَنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ فَيَكْفِي فِي وُجُوبِهَا بَقَاءُ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ، وَمِنْهَا الْحُرِّيَّةُ فَلَا تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ أَوْ مُكَاتَبًا، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُ حُرًّا مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ بَلْ تَكْفِي فِيهِ الْحُرِّيَّةُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ، حَتَّى لَوْ عَتَقَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَمَلَكَ نِصَابًا تَجِبُ عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ، وَمِنْهَا الْإِقَامَةُ فَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ وَلَا تُشْتَرَطُ الْإِقَامَةُ فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ كَانَ مُسَافِرًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ أَقَامَ فِي آخِرِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ سَافَرَ ثُمَّ أَقَامَ تَجِبُ عَلَيْهِ، هَذَا إذَا سَافَرَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأُضْحِيَّةَ فَإِنْ اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ ثُمَّ سَافَرَ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى: لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَلَا يُضَحِّيَ بِهَا، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَبِيعُهَا، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ فَقَالَ: إنْ كَانَ مُوسِرًا فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ وَلَا تَسْقُطَ عَنْهُ بِالسَّفَرِ، وَإِنْ سَافَرَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الشُّرُوطِ يَسْتَوِي فِيهِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَأَمَّا) (حُكْمُهَا) : فَالْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ فِي الدُّنْيَا وَالْوُصُولُ إلَى الثَّوَابِ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعُقْبَى، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَالْمُوسِرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَنْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ شَيْءٌ يَبْلُغُ ذَلِكَ سِوَى مَسْكَنِهِ وَمَتَاعِ مَسْكَنِهِ وَمَرْكُوبِهِ وَخَادِمِهِ فِي حَاجَتِهِ الَّتِي لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا، فَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ سَائِمَةٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ خَيْلٍ أَوْ مَتَاعٍ لِتِجَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ يَسَارِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عَقَارٌ وَمُسْتَغَلَّاتُ مِلْكٍ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ الْمُتَأَخِّرُونَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فَالزَّعْفَرَانِيُّ وَالْفَقِيهُ عَلِيٌّ الرَّازِيّ اعْتَبَرَا قِيمَتَهَا، وَأَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ وَغَيْرُهُ اعْتَبَرُوا الدَّخْلَ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ إنْ كَانَ يَدْخُلُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ قُوتُ سَنَةٍ فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: قُوتُ شَهْرٍ، وَمَتَى فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ مِائَتِي دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ، وَإِنْ كَانَ الْعَقَارُ وَقْفًا عَلَيْهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَدْ وَجَبَ لَهُ فِي أَيَّامِ الْأَضْحَى قَدْرُ مِائَتِي دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيِّةِ. وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِحَيْثُ لَوْ صُرِفَ فِيهِ نَقَصَ نِصَابُهُ لَا تَجِبُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ لَا يَصِلُ إلَيْهِ فِي أَيَّامِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُ غَنِيًّا فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ كَانَ فَقِيرًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، ثُمَّ أَيْسَرَ فِي آخِرِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَزَكَّى خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ حَضَرَ أَيَّامَ النَّحْرِ وَمَالُهُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ لَا رِوَايَةَ فِيهِ، ذَكَرَ الزَّعْفَرَانِيُّ أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَصَ بِالصَّرْفِ إلَى جِهَةٍ هِيَ قُرْبَةٌ فَيُجْعَلُ قَائِمًا تَقْدِيرًا، حَتَّى لَوْ صَرَفَ خَمْسَةً مِنْهَا إلَى النَّفَقَةِ لَا تَجِبُ، وَلَوْ اشْتَرَى الْمُوسِرُ شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فَضَاعَتْ حَتَّى انْتَقَصَ نِصَابُهُ وَصَارَ فَقِيرًا فَجَاءَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ شَاةً أُخْرَى، فَلَوْ أَنَّهُ وَجَدَهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ وَذَلِكَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، وَلَوْ ضَاعَتْ ثُمَّ اشْتَرَى أُخْرَى وَهُوَ مُوسِرٌ فَضَحَّى بِهَا، ثُمَّ وَجَدَ الْأُولَى وَهُوَ مُعْسِرٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالْمَرْأَةُ تُعْتَبَرُ مُوسِرَةً بِالْمَهْرِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَلِيًّا عِنْدَهُمَا، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ لَا تُعْتَبَرُ مُوسِرَةً بِذَلِكَ قِيلَ: هَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي الْمُعَجَّلِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (دست بيمان) ، وَأَمَّا الْمُؤَجَّلُ الَّذِي سُمِّيَ بِالْفَارِسِيَّةِ (كابين) فَالْمَرْأَةُ لَا تُعْتَبَرُ مُوسِرَةً بِذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ، وَفِي الْأَجْنَاسِ إنْ كَانَ خَبَّازٌ عِنْدَهُ حِنْطَةٌ قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ يَتَّجِرُ بِهَا أَوْ مِلْحٌ قِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ قَصَّارٌ عِنْدَهُ صَابُونٌ أَوْ أُشْنَانٌ قِيمَتُهُمَا مِائَتَا دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ لَهُ مُصْحَفٌ قِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَهُوَ مِمَّنْ يُحْسِنُ أَنْ يَقْرَأَ مِنْهُ

فَلَا أُضْحِيَّةَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ يَقْرَأُ مِنْهُ أَوْ يَتَهَاوَنُ وَلَا يَقْرَأُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ أَنْ يَقْرَأَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ حَبَسَ الْمُصْحَفَ لِأَجْلِهِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَى الْأُسْتَاذِ فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ، وَكُتُبُ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ مِثْلُ مُصْحَفِ الْقُرْآنِ فِي هَذَا الْحُكْمِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الصُّغْرَى وَبِالْكُتُبِ لَا يُعَدُّ غَنِيًّا إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ كِتَابَانِ بِرِوَايَةٍ وَاحِدَةٍ عَنْ شَيْخٍ وَاحِدٍ، وَعَنْ شَيْخٍ بِرِوَايَتَيْنِ كَرِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ وَأَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تَجِبُ وَلَا يُعَدُّ غَنِيًّا بِكُتُبِ الْأَحَادِيثِ وَالتَّفْسِيرِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ كِتَابَانِ، وَصَاحِبُ كُتُبِ الطِّبِّ وَالنُّجُومِ وَالْأَدَبِ يُعَدُّ غَنِيًّا بِهَا إذَا بَلَغَ قِيمَتُهَا نِصَابًا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي الْأَجْنَاسِ رَجُلٌ بِهِ زَمَانَةٌ اشْتَرَى حِمَارًا يَرْكَبُهُ وَيَسْعَى فِي حَوَائِجِهِ وَقِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَلَا أُضْحِيَّةَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ فِيهَا بَيْتَانِ شَتْوِيٌّ وَصَيْفِيٌّ وَفَرْشٌ شَتْوِيٌّ وَصَيْفِيٌّ لَمْ يَكُنْ بِهَا غَنِيًّا، فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا ثَلَاثَةُ بُيُوتٍ وَقِيمَةُ الثَّالِثِ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ وَكَذَا فِي الْفَرْشِ الثَّالِثِ، وَالْغَازِي بِفَرَسَيْنِ لَا يَكُونُ غَنِيًّا وَبِالثَّالِثِ يَكُونُ غَنِيًّا، وَلَا يَصِيرُ الْغَازِي بِالْأَسْلِحَةِ غَنِيًّا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ كُلِّ سِلَاحٍ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَفِي الْفَتَاوَى الدِّهْقَانُ لَيْسَ بِغَنِيٍّ بِفَرَسٍ وَاحِدٍ وَبِحِمَارٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فَرَسَانِ أَوْ حِمَارَانِ أَحَدُهُمَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَهُوَ نِصَابٌ، وَالزَّارِعُ بِثَوْرَيْنِ وَآلَةِ الْفَدَّانِ لَيْسَ بِغَنِيٍّ، وَبِبَقَرَةٍ وَاحِدَةٍ غَنِيٌّ، وَبِثَلَاثَةِ ثِيرَانٍ إذَا سَاوَى أَحَدُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ صَاحِبُ نِصَابٍ، وَصَاحِبُ الثِّيَابِ لَيْسَ بِغَنِيٍّ بِثَلَاثِ دَسْتَجَاتٍ إحْدَاهَا لِلْبِذْلَةِ وَالْأُخْرَى لِلْمِهْنَةِ وَالثَّالِثَةُ لِلْأَعْيَادِ وَهُوَ غَنِيٌّ بِالرَّابِعَةِ، وَصَاحِبُ الْكَرْمِ غَنِيٌّ إذَا سَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ أَوْلَادِهِ الْكِبَارِ وَامْرَأَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَفِي الْوَلَدِ الصَّغِيرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تُسْتَحَبُّ وَلَا تَجِبُ بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: تَجِبُ عَلَى الْأَبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلِلْوَصِيِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يُضَحِّيَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ قِيَاسًا عَلَى صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَلَا يَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهِ وَلَكِنْ يَأْكُلُهُ الصَّغِيرُ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ لَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ يَشْتَرِي بِذَلِكَ مَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ مَالِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَا تَجِبُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ لَيْسَ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنْ يَفْعَلَا ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ الْأَبُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَإِنْ فَعَلَ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَضْمَنُ كَمَا لَا يَضْمَنُ الْأَبُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَأْكُلُ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ، وَالْمَعْتُوهُ وَالْمَجْنُونُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ، وَأَمَّا الَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ رَقِيقِهِ وَلَا عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ مَمَالِيكِهِ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَمَنْ بَلَغَ مِنْ الصِّغَارِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَهُوَ مُوسِرٌ تَجِبُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِينَ وَلَا عَلَى الْحَاجِّ إذَا كَانَ مُحْرِمًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. (وَأَمَّا) (كَيْفِيَّةُ الْوُجُوبِ) : مِنْهَا أَنَّهَا تَجِبُ فِي وَقْتِهَا وُجُوبًا مُوَسَّعًا فِي جُمْلَةِ الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ عَيْنٍ، فَفِي أَيِّ وَقْتٍ ضَحَّى مَنْ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ كَانَ مُؤَدِّيًا لِلْوَاجِبِ سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ فِي وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ، وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، ثُمَّ صَارَ أَهْلًا فِي آخِرِهِ، بِأَنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ فَقِيرًا أَوْ مُسَافِرًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، ثُمَّ صَارَ أَهْلًا فِي آخِرِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ أَهْلًا فِي أَوَّلِهِ ثُمَّ لَمْ يَبْقَ أَهْلًا فِي آخِرِهِ بِأَنْ ارْتَدَّ أَوْ أَعْسَرَ أَوْ سَافَرَ فِي آخِرِهِ لَا تَجِبُ، وَلَوْ ضَحَّى فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَهُوَ فَقِيرٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْأُضْحِيَّةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ ثُمَّ صَارَ فَقِيرًا صَارَ قِيمَةُ شَاةٍ صَالِحَةٍ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ يَتَصَدَّقُ بِهَا مَتَى وَجَدَهَا، وَلَوْ مَاتَ الْمُوسِرُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يُضَحِّيَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا فِي الْوَقْتِ، حَتَّى لَوْ تَصَدَّقَ بِعَيْنِ

الباب الثاني في وجوب الأضحية بالنذر وما هو في معناه

الشَّاةِ أَوْ قِيمَتِهَا فِي الْوَقْتِ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ تَجْرِي فِيهَا النِّيَابَةُ فَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُضَحِّيَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ فَتَجْرِي فِيهَا النِّيَابَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْذُونُ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا، وَمِنْهَا أَنَّهَا تُقْضَى إذَا فَاتَتْ عَنْ وَقْتِهَا، ثُمَّ قَضَاؤُهَا قَدْ يَكُونُ بِالتَّصَدُّقِ بِعَيْنِ الشَّاةِ حَيَّةً، وَقَدْ يَكُونُ بِالتَّصَدُّقِ بِقِيمَةِ الشَّاةِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَوْجَبَ التَّضْحِيَةَ عَلَى نَفْسِهِ بِشَاةٍ بِعَيْنِهَا فَلَمْ يُضَحِّهَا حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ فَيَتَصَدَّقُ بِعَيْنِهَا حَيَّةً سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى شَاةً لِيُضَحِّيَ بِهَا فَلَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ، وَمِنْهَا أَنَّ وُجُوبَهَا نَسَخَ كُلَّ ذَبْحٍ كَانَ قَبْلَهَا مِنْ الْعَقِيقَةِ وَالرَّجَبِيَّةِ وَالْعَتِيرَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّانِي فِي وُجُوب الْأُضْحِيَّةِ بِالنَّذْرِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ بِالنَّذْرِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ) . رَجُلٌ اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ وَأَوْجَبَهَا بِلِسَانِهِ، ثُمَّ اشْتَرَى أُخْرَى جَازَ لَهُ بَيْعُ الْأُولَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ شَرًّا مِنْ الْأُولَى وَذَبَحَ الثَّانِيَةَ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَ الْأُولَى بِلِسَانِهِ فَقَدْ جَعَلَ مِقْدَارَ مَالِيَّةِ الْأُولَى لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَسْتَفْضِلَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا، وَلِهَذَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِالْفَضْلِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: هَذَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ فَقِيرًا فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَضْلِ الْقِيمَةِ، قَالَ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ الْجَوَابَ فِيهِمَا عَلَى السَّوَاءِ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِالْفَضْلِ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا؛ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْغَنِيِّ فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ الْمَحَلُّ بِتَعْيِينِهِ فَتَعَيَّنَ هَذَا الْمَحَلُّ بِقَدْرِ الْمَالِيَّةِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُفِيدُ فِي ذَلِكَ، وَإِذَا اشْتَرَى الْغَنِيُّ أُضْحِيَّةً فَضَلَّتْ فَاشْتَرَى أُخْرَى، ثُمَّ وَجَدَ الْأُولَى فِي أَيَّامِ النَّحْرِ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ، وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَاشْتَرَى شَاةً وَأَوْجَبَهَا ثُمَّ وَجَدَ الْأُولَى قَالُوا: عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهِمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ عَشْرَ أُضْحِيَّاتٍ قَالُوا: لَا يَلْزَمُهُ إلَّا اثْنَتَانِ لِأَنَّ الْأَثَرَ جَاءَ بِالثِّنْتَيْنِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ الْكُلُّ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ، ثُمَّ بَاعَهَا وَاشْتَرَى أُخْرَى فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَهَذَا عَلَى وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ. (الْأَوَّلُ) : إذَا اشْتَرَى شَاةً يَنْوِي بِهَا الْأُضْحِيَّةَ. (وَالثَّانِي) : أَنْ يَشْتَرِيَ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ، ثُمَّ نَوَى الْأُضْحِيَّةَ. (وَالثَّالِثُ) : أَنْ يَشْتَرِي بِغَيْرِ نِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ، ثُمَّ يُوجِبُ بِلِسَانِهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا فَيَقُولُ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا عَامَنَا هَذَا، فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً مَا لَمْ يُوجِبْهَا بِلِسَانِهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّهُ تَصِيرُ أُضْحِيَّةً بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَمَا لَوْ أَوْجَبَهَا بِلِسَانِهِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُنْتَقَى: إذَا اشْتَرَى شَاةً لِيُضَحِّيَ بِهَا وَأَضْمَرَ نِيَّةَ التَّضْحِيَةِ عِنْدَ الشِّرَاءِ تَصِيرُ أُضْحِيَّةً كَمَا نَوَى. فَإِنْ سَافَرَ قَبْلَ أَيَّامِ النَّحْرِ بَاعَهَا وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ بِالْمُسَافَرَةِ، وَأَمَّا الثَّانِي إذَا اشْتَرَى شَاةً بِغَيْرِ نِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ، ثُمَّ نَوَى الْأُضْحِيَّةَ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً حَتَّى لَوْ بَاعَهَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَبِهِ نَأْخُذُ، فَأَمَّا إذَا اشْتَرَى شَاةً، ثُمَّ أَوْجَبَهَا أُضْحِيَّةً بِلِسَانِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ تَصِيرُ أُضْحِيَّةً فِي قَوْلِهِمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ذَبَحَ الْمُشْتَرَاةَ لَهَا بِلَا نِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ جَازَتْ اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ عِنْدَ الشِّرَاءِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ بَاعَ الْأُولَى بِعِشْرِينَ فَزَادَتْ الْأُولَى عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَصَارَتْ تُسَاوِي ثَلَاثِينَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بَيْعُ الْأَوْلَى جَائِزٌ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِحِصَّةِ زِيَادَةٍ حَدَثَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْعُ الْأُولَى بَاطِلٌ فَتُؤْخَذُ الْأُولَى مِنْ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا بِلِسَانِهِ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَتْ الْأَيَّامُ تَصَدَّقَ بِهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَوْ ضَحَّى بِشَاتَيْنِ فَالْأَصَحُّ أَنْ تَكُونَ الْأُضْحِيَّةُ بِهِمَا، فَإِنَّهُ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّهُ لَا بَأْسَ فِي الْأُضْحِيَّةِ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ ضَحَّى بِشَاتَيْنِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ لَا تَكُونُ الْأُضْحِيَّةُ إلَّا بِوَاحِدَةٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ: تَكُونُ الْأُضْحِيَّةُ بِهِمَا، وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ، رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِالْأُضْحِيَّةِ بِالشَّاةِ

الباب الثالث في وقت الأضحية

وَالشَّاتَيْنِ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُضَحِّي كُلَّ سُنَّةٍ بِشَاتَيْنِ وَضَحَّى عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بِمِائَةِ بَدَنَةٍ» كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اشْتَرَى الْأُضْحِيَّةَ بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا الشَّاتَانِ أَفْضَلُ مِنْ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى بِعِشْرِينَ حَيْثُ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا شَاتَانِ عَلَى مَا يَجِبُ مِنْ إكْمَالِ الْأُضْحِيَّةِ فِي السِّنِّ وَالْكِبَرِ، وَلَا يُوجَدُ بِعِشْرِينَ حَتَّى لَوْ وُجِدَ كَانَ شِرَاءُ الشَّاتَيْنِ أَفْضَلَ، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ بِثَلَاثِينَ كَانَ شِرَاءُ الْوَاحِدَةِ أَفْضَلَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. نَذَرَ أَنْ يُضَحِّيَ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا، عَلَيْهِ شَاةٌ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا، وَإِنْ أَكَلَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ شَاةً فَضَحَّى بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً جَازَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ) . وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ الْعَاشِرُ وَالْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ، أَوَّلُهَا أَفْضَلُهَا وَآخِرُهَا أَدْوَنُهَا، وَيَجُوزُ فِي نَهَارِهَا وَلَيْلِهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي عَشَرَ، إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ الذَّبْحُ فِي اللَّيْلِ، وَإِذَا شَكَّ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ إلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَإِنْ أَخَّرَ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْكُلِّ فَيَتَصَدَّقُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَ الْمَذْبُوحِ وَغَيْرِ الْمَذْبُوحِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ إلَّا بِذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةٌ، وَالْكُلُّ يَمْضِي بِأَرْبَعَةٍ أَوَّلُهَا نَحْرٌ لَا غَيْرُ وَآخِرُهَا تَشْرِيقٌ لَا غَيْرُ وَالْمُتَوَسِّطَانِ نَحْرٌ وَتَشْرِيقٌ، وَالتَّضْحِيَةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَقَعُ وَاجِبَةً أَوْ سُنَّةً، وَالتَّصَدُّقُ تَطَوُّعٌ مَحْضٌ فَيُفَضَّلُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ لِلتَّضْحِيَةِ فِي حَقِّ أَهْلِ السَّوَادِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَفِي حَقِّ أَهْلِ الْمِصْرِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ ذَبَحَ وَالْإِمَامُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا إذَا ضَحَّى قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، وَلَوْ ذَبَحَ بَعْدَ مَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ السَّلَامِ قَالُوا: عَلَى قِيَاسٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِصُنْعِهِ فَرْضٌ عِنْدَهُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ ضَحَّى بَعْدَ مَا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً جَازَتْ الْأُضْحِيَّةُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ صَلَّى الْإِمَامُ وَلَمْ يَخْطُبْ جَازَ الذَّبْحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. صَلَّى الْإِمَامُ وَضَحَّوْا، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ صَلَّى بِلَا وُضُوءٍ جَازَتْ الْأُضْحِيَّةُ، وَلَوْ تَذَكَّرَ قَبْلَ تَفَرُّقِ النَّاسِ تُعَادُ الصَّلَاةُ وَلَا تُعَادُ الْأُضْحِيَّةُ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ لَا يُعِيدُ النَّاسُ وَيُعِيدُ الْإِمَامُ وَحْدَهُ، وَلَوْ نَادَى بِالنَّاسِ لِيُعِيدُوهَا فَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ جَازَتْ وَمَنْ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَجُزْ ذَبْحُهُ إذَا ذَبَحَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ يَجُوزُ، هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا تَرَكَ الصَّلَاةَ يَوْمَ النَّحْرِ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَتَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ فِي الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ وَقْتُ الصَّلَاةِ بِزَوَالِ الشَّمْسِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةُ فِي الْغَدِ تَقَعُ قَضَاءً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْوَاقِعَاتِ لَوْ أَنَّ بَلْدَةً وَقَعَتْ فِيهَا فَتْرَةٌ وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا وَالٍ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ صَلَاةَ الْعِيدِ فَضَحَّوْا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ جَازَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الْبَلْدَةَ صَارَتْ فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ كَالسَّوَادِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ فِيمَا يَرَى أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَوْمُ النَّحْرِ جَازَتْ الْأُضْحِيَّةُ، وَلَوْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ الْيَوْمُ الثَّانِي أَجُزْأَهُ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ أَيْضًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا اسْتَحْلَفَ الْإِمَامُ مَنْ يُصَلِّي بِالضَّعَفَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِع وَخَرَجَ بِنَفْسِهِ إلَى الْجَبَّانَةِ مَعَ الْأَقْوِيَاءِ فَضَحَّى رَجُلٌ بَعْدَ مَا انْصَرَفَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي أَهَلُ الْجَبَّانَةِ، الْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجُوزُ إنْ ضَحَّى بَعْدَ مَا فَرَغَ أَهْلُ الْجَبَّانَةِ قَبْلَ أَهْلِ الْمَسْجِدِ، قِيلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ: يَجُوزُ

الباب الرابع فيما يتعلق بالمكان والزمان

قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَقِيلَ: الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِيهِمَا وَاحِدٌ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا إذَا ضَحَّى رَجُلٌ مِنْ الْفَرِيقِ الَّذِي صَلَّى، فَأَمَّا إذَا ضَحَّى رَجُلٌ مِنْ الْفَرِيقِ الَّذِي لَمْ يُصَلِّ فَلَمْ تَجُزْ أُضْحِيَّتُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَفِي الْأَضَاحِيّ لِلزَّعْفَرَانِيِّ إذَا ضَحَّى رَجُلٌ مِنْ النَّاحِيَةِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا أَوْ مِنْ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمُسْتَحَبُّ ذَبْحُهَا بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِاسْتِيفَاءِ الْعُرُوقِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَفِي النَّوَازِلِ إذَا صَلَّى الْإِمَامُ صَلَاةَ الْعِيدِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَضَحَّى النَّاسُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَهُ شُهُودٌ عَلَى هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ لَمْ يَشْهَدُوا، فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ جَازَتْ الصَّلَاةُ وَالتَّضْحِيَةُ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ هَذَا الْخَطَأِ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَالتَّدَارُكَ أَيْضًا غَيْرُ مُمْكِنٍ غَالِبًا فَيُحْكَمُ بِالْجَوَازِ صِيَانَةً لِجَمْعِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَتَى جَازَتْ الصَّلَاةُ جَازَتْ التَّضْحِيَةُ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ وَالتَّضْحِيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي التَّجْوِيزَ، وَمَتَى لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ، وَهَا هُنَا إذَا لَمْ تَجُزْ لَوْ ضَحَّى النَّاسُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ لَمْ يُصَلِّ، فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ ضَحَّى قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي يَوْمٍ هُوَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي الْمَسْأَلَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: إمَّا أَنْ يُضَحِّيَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَإِنْ ضَحَّى قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنْ كَانَ يَرْجُو أَنَّ الْإِمَامَ يُصَلِّي لَا يُجْزِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرْجُو يُجْزِيهِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا ضَحَّى النَّاسُ بَعْدَ الزَّوَالِ يُجْزِيهِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَكِنْ شَكُّوا فِيهِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا شَهِدُوا بِهِ عِنْدَهُ لَهُمْ أَنْ يُضَحُّوا مِنْ الْغَدِ مِنْ أَوَّلِ الْغَدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ فَهَذَا أَحَقُّ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَشْهَدُوا عِنْدَهُ الِاحْتِيَاطُ أَنْ يُضَحُّوا مِنْ الْغَدِ بَعْدَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّ رَجَاءَ الصَّلَاةِ إنَّمَا يَنْقَطِعُ مِنْ الْغَدِ بَعْدَ الزَّوَالِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ شَهِدُوا بَعْدَ الزَّوَالِ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ الْأَضْحَى ضَحَّوْا، وَإِنْ شَهِدُوا قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، وَفِي تَجْنِيسِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مُسَافِرًا وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُضَحُّوا عَنْهُ فِي الْمِصْرِ لَمْ يَجُزْ عَنْهُ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ) وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ دَخَلَ الْمِصْرَ لِصَلَاةِ الْأَضْحَى وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُضَحُّوا عَنْهُ جَازَ أَنْ يَذْبَحُوا عَنْهُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنْظُرُ فِي هَذَا إلَى مَوْضِعِ الذَّبْحِ دُونَ الْمَذْبُوحِ عَنْهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ بِخِلَافِ هَذَا وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ بِالسَّوَادِ وَأَهْلُهُ بِالْمِصْرِ لَمْ تَجُزْ التَّضْحِيَةُ عَنْهُ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرُوِيَ عَنْهُمَا أَيْضًا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ فِي مِصْرٍ وَأَهْلُهُ فِي مِصْرٍ آخَرَ فَكَتَبَ إلَيْهِمْ لِيُضَحُّوا عَنْهُ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ مَكَانُ التَّضْحِيَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُضَحُّوا عَنْهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ صَلَاتِهِ فِي الْمِصْرِ الَّذِي يُضَحَّى عَنْهُ فِيهِ، وَعَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُصَلِّيَ فِي الْمِصْرَيْنِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَخْرَجَ الْأُضْحِيَّةَ مِنْ الْمِصْرِ فَذَبَحَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ قَالُوا: إنْ خَرَجَ مِنْ الْمِصْرِ مِقْدَارَ مَا يُبَاحُ لِلْمُسَافِرِ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ جَازَ الذَّبْحُ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ لَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ فَقَدْ فَاتَهُ الذَّبْحُ فَإِنْ كَانَ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ شَاةً بِعَيْنِهَا بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ الشَّاةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوجِبُ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا، أَوْ كَانَ الْمُضَحِّي فَقِيرًا وَقَدْ اشْتَرَى شَاةً بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً، وَإِنْ كَانَ مَنْ لَمْ يُضَحِّ غَنِيًّا وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى نَفْسِهِ شَاةً بِعَيْنِهَا تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ شَاةٍ اشْتَرَى أَوْ لَمْ يَشْتَرِي، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. يُعْتَبَرُ آخِرُ أَيَّامِ النَّحْرِ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَالْمَوْتِ وَالْوِلَادَةِ لَوْ اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ وَلَدِهِ فَلَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِتِلْكَ الشَّاةِ أَوْ بِقِيمَتِهَا، وَقَالَ الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَ أَوْجَبَ شَاةً بِعَيْنِهَا أَوْ اشْتَرَى شَاةً لِيُضَحِّيَ بِهَا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً وَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ

الباب الخامس في بيان محل إقامة الواجب

مِنْهَا، فَإِنْ بَاعَهَا تَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا فَإِنْ ذَبَحَهَا وَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا جَازَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا حَيَّةً أَكْثَرَ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ، وَلَوْ أَكَلَ مِنْهَا شَيْئًا غَرِمَ قِيمَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى جَاءَ أَيَّامَ النَّحْرِ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ فَضَحَّى بِهَا عَنْ الْعَامِ الْمَاضِي لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا، فَإِنْ بَاعَهَا بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ بَاعَهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُضَحَّى عَنْهُ وَلَمْ يُسَمِّ شَاةً وَلَا بَقَرَةً وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ أَيْضًا جَازَ وَتَقَعُ عَلَى الشَّاةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا وَلَا ثَمَنًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَلَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ سَقَطَتْ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الْإِيصَاءُ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ لَمْ يَسْقُطْ التَّصَدُّقُ بِقِيمَةِ الشَّاةِ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْإِيصَاءُ بِهِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مِصْرِيٌّ وَكَّلَ وَكِيلًا بِأَنْ يَذْبَحَ شَاةً لَهُ وَخَرَجَ إلَى السَّوَادِ فَأَخْرَجَ الْوَكِيلُ الْأُضْحِيَّةَ إلَى مَوْضِعٍ لَا يُعَدُّ مِنْ الْمِصْرِ فَذَبَحَهَا هُنَاكَ فَلَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ فِي السَّوَادِ جَازَتْ أُضْحِيَّتُهُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ قَدْ عَادَ إلَى الْمِصْرِ وَعَلِمَ الْوَكِيلُ بِقُدُومِهِ لَمْ تَجُزْ الْأُضْحِيَّةُ عَنْ الْمُوَكِّلِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِعَوْدِ الْمُوَكِّلِ إلَى الْمِصْرِ اخْتَلَفَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُجْزِئُهُ، وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ مَحَلِّ إقَامَةِ الْوَاجِبِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ مَحَلِّ إقَامَةِ الْوَاجِبِ) وَهَذَا الْبَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَى بَيَانِ جِنْسِ الْوَاجِبِ وَنَوْعِهِ وَسِنِّهِ، وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ. (أَمَّا جِنْسُهُ) : فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ: الْغَنَمِ أَوْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ، وَيَدْخُلُ فِي كُلِّ جِنْسٍ نَوْعُهُ، وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنْهُ وَالْخَصِيُّ وَالْفَحْلُ لِانْطِلَاقِ اسْمِ الْجِنْسِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْمَعْزُ نَوْعٌ مِنْ الْغَنَمِ وَالْجَامُوسُ نَوْعٌ مِنْ الْبَقَرِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيّ شَيْءٌ مِنْ الْوَحْشِيِّ، فَإِنْ كَانَ مُتَوَلَّدًا مِنْ الْوَحْشِيِّ وَالْإِنْسِيِّ فَالْعِبْرَةُ لِلْأُمِّ، فَإِنْ كَانَتْ أَهْلِيَّةً تَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا، حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْبَقَرَةُ وَحْشِيَّةً وَالثَّوْرُ أَهْلِيًّا لَمْ تَجُزْ، وَقِيلَ: إذَا نَزَا ظَبْيٌ عَلَى شَاةٍ أَهْلِيَّةٍ، فَإِنْ وَلَدَتْ شَاةً تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ، وَإِنْ وَلَدَتْ ظَبْيًا لَا تَجُوزُ، وَقِيلَ: إنْ وَلَدَتْ الرَّمَكَةُ مِنْ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ حِمَارًا لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ وَلَدَتْ فَرَسًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْفَرَسِ، وَإِنْ ضَحَّى بِظَبْيَةٍ وَحْشِيَّةٍ أُنِسَتْ أَوْ بِبَقَرَةٍ وَحْشِيَّةٍ أُنِسَتْ لَمْ تَجُزْ. (وَأَمَّا سِنُّهُ) فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ إلَّا الثَّنِيُّ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ وَإِلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ خَاصَّةً إذَا كَانَ عَظِيمًا، وَأَمَّا مَعَانِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ فَقَدْ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَالُوا: الْجَذَعُ مِنْ الْغَنَمِ ابْنُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالثَّنِيُّ ابْنُ سَنَةٍ وَالْجَذَعُ مِنْ الْبَقَرِ ابْنُ سَنَةٍ وَالثَّنِيُّ مِنْهُ ابْنُ سَنَتَيْنِ وَالْجَذَعُ مِنْ الْإِبِلِ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ وَالثَّنِيُّ ابْنُ خَمْسٍ، وَتَقْدِيرُ هَذِهِ الْأَسْنَانِ بِمَا قُلْنَا يَمْنَعُ النُّقْصَانَ، وَلَا يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ، حَتَّى لَوْ ضَحَّى بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا لَا يَجُوزُ، وَلَوْ ضَحَّى بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا يَجُوزُ وَيَكُونُ أَفْضَلَ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْأُضْحِيَّةِ حَمَلٌ وَلَا جَدْيٌ وَلَا عَجُولٌ وَلَا فَصِيلٌ. . (وَأَمَّا قَدْرُهُ) : فَلَا تَجُوزُ الشَّاةُ وَالْمَعْزُ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَتْ عَظِيمَةً سَمِينَةً تُسَاوِي شَاتَيْنِ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهِمَا، وَلَا يَجُوزُ بَعِيرٌ وَاحِدٌ وَلَا بَقَرَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ عَنْ سَبْعَةٍ وَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. (وَأَمَّا صِفَتُهُ) : فَهُوَ أَنْ يَكُونَ سَلِيمًا مِنْ الْعُيُوبِ الْفَاحِشَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيَجُوزُ بِالْجَمَّاءِ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا، وَكَذَا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ بَلَغَ الْكَسْرُ الْمُشَاشَ لَا يُجْزِيهِ، وَالْمُشَاشُ رُءُوسُ الْعِظَامِ مِثْلُ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيَجُوزُ الْمَجْبُوبُ الْعَاجِزُ عَنْ الْجِمَاعِ، وَاَلَّتِي بِهَا السُّعَالُ، وَالْعَاجِزَةُ عَنْ الْوِلَادَةِ لِكِبَرِ سِنِّهَا، وَاَلَّتِي بِهَا كَيٌّ، وَاَلَّتِي لَا يَنْزِلُ لَهَا لَبَنٌ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ، وَاَلَّتِي لَهَا وَلَدٌ، وَفِي الْأَجْنَاسِ وَإِنْ كَانَتْ الشَّاةُ لَهَا أَلْيَةٌ صَغِيرَةٌ خُلِقَتْ بِشَبَهِ الذَّنَبِ تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا أَلْيَةٌ خُلِقَتْ كَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا تَجُوزُ الْعَمْيَاءُ وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا وَهِيَ الَّتِي لَا تَقْدِرُ أَنْ تَمْشِيَ بِرِجْلِهَا إلَى الْمَنْسَكِ، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَمَقْطُوعَةُ الْأُذُنَيْنِ وَالْأَلْيَةِ وَالذَّنَبِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاَلَّتِي لَا أُذُنَ لَهَا فِي الْخِلْقَةِ، وَتُجْزِئُ السَّكَّاءُ وَهِيَ صَغِيرَةُ الْأُذُنِ فَلَا تَجُوزُ مَقْطُوعَةُ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ بِكَمَالِهَا وَاَلَّتِي لَهَا إذْنٌ

وَاحِدَةٌ خِلْقَةً، وَلَوْ ذَهَبَ بَعْضُ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ دُونَ بَعْضٍ مِنْ الْأُذُنِ وَالْأَلْيَةِ وَالذَّنَبِ وَالْعَيْنِ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إنْ كَانَ الذَّاهِبُ كَثِيرًا يَمْنَعُ جَوَازَ التَّضْحِيَةِ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَمْنَعُ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ فِي الْأَصْلِ وَفِي الْجَامِعِ أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَهَبَ الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الثُّلُثَ وَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَهَابُ قَدْرِ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ مِنْ الْعَيْنِ بِأَنْ تُشَدَّ الْعَيْنِ الْمَعِيبَةِ بَعْدَ أَنْ لَا تَعْتَلِفَ الشَّاةُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ يُقَرَّبُ الْعَلَفُ إلَيْهَا قَلِيلًا قَلِيلًا، فَإِذَا رَأَتْهُ مِنْ مَوْضِعٍ أُعْلِمَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ، ثُمَّ تُشَدُّ عَيْنُهَا الصَّحِيحَةُ وَيُقَرَّبُ الْعَلَفُ إلَى الشَّاةِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى إذَا رَأَتْهُ مِنْ مَكَان أُعْلِمَ ذَلِكَ الْمَكَانُ، ثُمَّ يُقَدَّرُ مَا بَيْنَ الْعَلَامَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِنْ الْمَسَافَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُمَا الثُّلُثَ فَقَدْ ذَهَبَ الثُّلُثُ وَبَقِيَ الثُّلُثَانِ، وَإِنْ كَانَ نِصْفًا فَقَدْ ذَهَبَ النِّصْفُ وَبَقِيَ النِّصْفُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَأَمَّا الْهَتْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا، فَإِنْ كَانَتْ تَرْعَى وَتَعْتَلِفُ جَازَتْ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَتَجُوزُ الثَّوْلَاءُ وَهِيَ الْمَجْنُونَةُ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ يَمْنَعُ الرَّعْيَ وَالِاعْتِلَافَ فَلَا تَجُوزُ، وَتَجُوزُ الْجَرْبَاءُ إذَا كَانَتْ سَمِينَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَهْزُولَةً لَا تَجُوزُ، وَتُجْزِئُ الشَّرْقَاءُ وَهِيَ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ طُولًا، وَالْمُقَابَلَةُ أَنْ يُقْطَعَ مِنْ مُقَدَّمِ أُذُنِهَا شَيْءٌ وَلَا يُبَانُ بَلْ يُتْرَكُ مُعَلَّقًا، وَالْمُدَابَرَةُ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ بِمُؤَخَّرِ الْأُذُنِ مِنْ الشَّاةِ، وَمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِالشَّرْقَاءِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالْمُدَابَرَةِ وَالْخَرْقَاءِ» فَالنَّهْيُ فِي الشَّرْقَاءِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالْمُدَابَرَةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ، وَفِي الْخَرْقَاءِ عَلَى الْكَثِيرِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَقَاوِيلِ فِي حَدِّ الْكَثِيرِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَا تُجْزِئُ الْجَدْعَاءُ وَهِيَ مَقْطُوعَةُ الْأَنْفِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْحَوْلَاءُ تُجْزِئُ وَهِيَ الَّتِي فِي عَيْنِهَا حَوَلٌ، وَكَذَا الْمَجْزُوزَةُ وَهِيَ الَّتِي جُزَّ صُوفُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا تَجُوزُ الْحَذَّاءُ وَهِيَ الْمَقْطُوعَةُ ضَرْعُهَا، وَلَا الْمُصَرَّمَةُ وَهِيَ الَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرْضِعَ فَصِيلَهَا، وَلَا الْجَدَّاءُ وَهِيَ الَّتِي يَبِسَ ضَرْعُهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْيَتِيمَةِ كَتَبْتُ إلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ الْمَرْغِينَانِيُّ، وَلَوْ كَانَتْ الشَّاةُ مَقْطُوعَةَ اللِّسَانِ هَلْ تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهَا؟ . فَقَالَ: نَعَمْ إنْ كَانَ لَا يُخِلُّ بِالِاعْتِلَافِ، وَإِنْ كَانَ يُخِلُّ بِهِ لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَقَطْعُ اللِّسَانِ فِي الثَّوْرِ يُمْنَعُ، وَفِي الشَّاةِ اخْتِلَافٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَاَلَّتِي لَا لِسَانَ لَهَا فِي الْغَنَمِ تَجُوزُ، وَفِي الْبَقَرِ لَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَسُئِلَ عَمْرُو بْنُ الْحَافِظِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ إذَا كَانَ الذَّاهِبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُذُنَيْنِ السُّدُسَ هَلْ يُجْمَعُ حَتَّى يَكُونَ مَانِعًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيَاسًا عَلَى النَّجَاسَاتِ فِي الْبَدَنِ أَمْ لَا يُجْمَعُ كَمَا فِي الْخُرُوقِ فِي الْخُفَّيْنِ؟ . قَالَ: لَا يُجْمَعُ، وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّنْ قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِ الْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ هَلْ تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.؟ فَقَالَ: لَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا تَجُوزُ الْجَلَّالَةُ وَهِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْعُذْرَةَ وَلَا تَأْكُلُ غَيْرَهَا، فَإِنْ كَانَتْ الْجَلَّالَةُ إبِلًا تُمْسَكُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى يَطِيبَ لَحْمُهَا وَالْبَقَرُ يُمْسَكُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَالْغَنَمُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَالدَّجَاجَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْعُصْفُورُ يَوْمًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا تُجْزِئُ الْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي وَيَسْتَوِي أَنْ يَشْتَرِيَهَا كَذَلِكَ أَوْ صَارَتْ عِنْدَهُ كَذَلِكَ وَهُوَ مُوسِرٌ أَمَّا إذَا كَانَ مُعْسِرًا أَجْزَأَتْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وَاجِبَ فِي ذِمَّتِهِ بَلْ يَثْبُتُ الْحَقُّ فِي الْعَيْنِ فَيَتَأَدَّى بِالْعَيْنِ عَلَى أَيِّ خِلْقَةٍ كَانَتْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ كَانَتْ مَهْزُولَةً فِيهَا بَعْضُ الشَّحْمِ جَازَ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ كَانَتْ مَهْزُولَةً عِنْدَ الشِّرَاءِ فَسَمِنَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَقْطُوعَةُ رُءُوسِ ضُرُوعِهَا لَا تَجُوزُ، فَإِنْ ذَهَبَ مِنْ وَاحِدٍ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ فِي الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ، وَفِي الشَّاةِ وَالْمَعْزِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُمَا، قَوْلُهُ: وَالدَّجَاجَةُ إلَخْ هَذِهِ فَائِدَةٌ ذُكِرَتْ تَتْمِيمًا لِلْعِبَارَةِ الْمُتَقَوَّلَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْأُضْحِيَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. مُصَحِّحُهُ، قَوْلُهُ: لَا تُنْقِي مَأْخُوذٌ مِنْ النِّقْي بِكَسْرِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَهُوَ الْمُخُّ أَيْ لَا مُخَّ لَهَا، كَذَا فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا تَفْسِيرُ النِّقْي بِالْمُخِّ اهـ. مُصَحِّحُهُ.

إحْدَى حَلَمَتَيْهَا خَلِقَةً أَوْ ذَهَبَتْ بِآفَةٍ وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ لَمْ تَجُزْ، وَفِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ إنْ ذَهَبَتْ وَاحِدَةٌ تَجُوزُ، وَإِنْ ذَهَبَتْ اثْنَتَانِ لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْخِزَانَةِ لَا يَجُوزُ مَقْطُوعُ إحْدَى الْقَوَائِمِ الْأَرْبَعِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِالشَّاةِ الْخُنْثَى؛ لِأَنَّ لَحْمَهَا لَا يَنْضَجُ، تَنَاثُرُ شَعْرِ الْأُضْحِيَّةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ يَجُوزُ إذَا كَانَ لَهَا نِقْيٌ أَيْ مُخٌّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَالشَّطُورُ لَا تُجْزِئُ وَهِيَ مِنْ الشَّاةِ مَا انْقَطَعَ اللَّبَنُ عَنْ إحْدَى ضَرْعَيْهَا، وَمِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ مَا انْقَطَعَ اللَّبَنُ مِنْ ضَرْعَيْهِمَا؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَ أَضْرُعٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ يَذْكُرُ لِهَذَا الْفَصْلِ أَصْلًا وَيَقُولُ: كُلُّ عَيْبٍ يُزِيلُ الْمَنْفَعَةَ عَلَى الْكَمَالِ أَوْ الْجَمَالِ عَلَى الْكَمَالِ يَمْنَعُ الْأُضْحِيَّةَ، وَمَا لَا يَكُونُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا يَمْنَعُ، ثُمَّ كُلُّ عَيْبٍ يَمْنَعُ الْأُضْحِيَّةَ فَفِي حَقِّ الْمُوسِرِ يَسْتَوِي أَنْ يَشْتَرِيَهَا كَذَلِكَ أَوْ يَشْتَرِيَهَا وَهِيَ سَلِيمَةٌ فَصَارَتْ مَعِيبَةً بِذَلِكَ الْعَيْبِ لَا تَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَفِي حَقِّ الْمُعْسِرِ تَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ أُضْحِيَّةً وَهِيَ سَمِينَةٌ فَعَجَفَتْ عِنْدَهُ حَتَّى صَارَتْ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ تُجْزِئْهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَجْزَأَتْهُ إذْ لَا أُضْحِيَّةَ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنْ اشْتَرَاهَا لِلْأُضْحِيَّةِ فَقَدْ تَعَيَّنَتْ الشَّاةُ لِلْأُضْحِيَّةِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْفَقِيرُ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أُضْحِيَّةً لَا تَجُوزُ هَذِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً وَهِيَ صَحِيحَةُ الْعَيْنِ، ثُمَّ اعْوَرَّتْ عِنْدَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ قُطِعَتْ أُذُنُهَا كُلُّهَا أَوْ أَلْيَتُهَا أَوْ ذَنَبُهَا أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهَا فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَمْشِيَ لَا تُجْزِي عَنْهُ، وَعَلَيْهِ مَكَانَهَا أُخْرَى بِخِلَافِ الْفَقِيرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ عِنْدَهُ أَوْ سُرِقَتْ، وَلَوْ قَدَّمَ أُضْحِيَّةً لِيَذْبَحَهَا فَاضْطَرَبَتْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَذْبَحُهَا فِيهِ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا، ثُمَّ ذَبَحَهَا عَلَى مَكَانِهَا أَجْزَأَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ انْفَلَتَتْ عَنْهُ الْبَقَرَةُ فَأُصِيبَتْ عَيْنُهَا فَذَهَبَتْ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ. وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا عَيْبٌ دَخَلَهَا قَبْلَ تَعْيِينِ الْقُرْبَةِ بِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ قَبْلَ حَالِ الذَّبْحِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لِأَنَّ الشَّاةَ تَضْطَرِبُ فَتَلْحَقُهَا الْعُيُوبُ مِنْ اضْطِرَابِهَا، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّهُ قَالَ: لَوْ عَالَجَ أُضْحِيَّةً لِيَذْبَحَهَا فَكَسَرَهَا أَوْ اعْوَرَّتْ فَذَبَحَهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوْ مِنْ الْغَدِ فَإِنَّهَا تُجْزِي كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. سَبْعَةٌ مِنْ الرِّجَالِ اشْتَرَوْا بَقَرَةً بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا لِلْأُضْحِيَّةِ، وَسَبْعَةٌ آخَرُونَ اشْتَرَوْا سَبْعَ شِيَاهٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ تَكَلَّمُوا أَنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي، وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ الثَّانِي كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. عَشَرَةُ نَفَرٍ اشْتَرَوْا مِنْ رَجُلٍ عَشْرَ شِيَاهٍ جُمْلَةً فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُ هَذِهِ الْعَشَرَةَ لَكُمْ كُلَّ شَاةٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَقَالُوا: اشْتَرَيْنَا، فَصَارَتْ الْعَشَرَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ، وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً وَضَحَّى عَنْ نَفْسِهِ جَازَ، فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهَا شَاةٌ عَوْرَاءُ فَأَنْكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ تَكُونَ الْعَوْرَاءُ لَهُ لَا تَجُوزُ تَضْحِيَتُهُمْ؛ لِأَنَّ تِسْعَ شِيَاهٍ عَنْ عَشَرَةِ نَفَرٍ لَا تَجُوزُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْخَصِيُّ أَفْضَلُ مِنْ الْفَحْلِ؛ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لَحْمًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ أَنَّ الْبَدَنَةَ أَفْضَلُ أَمْ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الشَّاهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْبَدَنَةِ فَالشَّاةُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ كُلَّهَا فَرْضٌ وَالْبَدَنَةَ سُبْعُهَا فَرْضٌ، وَالْبَاقِي يَكُونُ فَضْلًا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَدَنَةُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ لَحْمًا مِنْ الشَّاةِ وَمَا قَالُوا: إنَّ الْبَدَنَةَ يَكُونُ بَعْضُهَا نَفْلًا فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذَا نُحِرَتْ عَنْ وَاحِدٍ كَانَ كُلُّهَا فَرْضًا، وَشَبَّهَهُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ جَازَ، وَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ يَكُونُ الْكُلُّ فَرْضًا، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ إذَا كَانَ قِيمَةُ الشَّاةِ وَالْبَدَنَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الشَّاةُ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ لَحْمَهَا أَطْيَبُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالشَّاةُ أَفْضَلُ مِنْ سُبْعِ الْبَقَرَةِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الْقِيمَةِ وَاللَّحْمِ؛ لِأَنَّ لَحْمَ الشَّاةِ أَطْيَبُ، وَإِنْ كَانَ سُبْعُ الْبَقَرَةِ أَكْثَرَ لَحْمًا فَسُبْعُ الْبَقَرَةِ أَفْضَلُ، وَالْحَاصِلُ فِي هَذَا أَنَّهُمَا إذَا اسْتَوَيَا فِي اللَّحْمِ وَالْقِيمَةِ فَأَطْيَبُهُمَا لَحْمًا أَفْضَلُ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي اللَّحْمِ وَالْقِيمَةِ فَالْفَاضِلُ أَوْلَى، فَالْفَحْلُ الَّذِي يُسَاوِي عِشْرِينَ أَفْضَلُ مِنْ خَصِيٍّ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقِيمَةِ، وَالْفَحْلُ أَكْثَرُ لَحْمًا فَالْفَحْلُ أَفْضَلُ، وَالْأُنْثَى مِنْ الْبَقَرِ أَفْضَلُ مِنْ الذَّكَرِ إذَا

الباب السادس في بيان ما يستحب في الأضحية والانتفاع بها

اسْتَوَيَا لِأَنَّ لَحْمَ الْأُنْثَى أَطْيَبُ وَالْبَقَرَةُ أَفْضَلُ مِنْ سِتِّ شِيَاهٍ إذَا اسْتَوَيَا، وَسَبْعُ شِيَاهٍ أَفْضَلُ مِنْ بَقَرَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْكَبْشُ وَالنَّعْجَةُ إذَا اسْتَوَيَا فِي الْقِيمَةِ وَاللَّحْمِ فَالْكَبْشُ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَتْ النَّعْجَةُ أَكْثَرَ قِيمَةً أَوْ لَحْمًا فَهِيَ أَفْضَلُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. شِرَاءُ الْأُضْحِيَّةِ بِعَشَرَةٍ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَلْفٍ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَفِي أُصُولِ التَّوْحِيدِ لِلْإِمَامِ الصَّفَّارِ وَالتَّضْحِيَةُ بِالدِّيكِ وَالدَّجَاجَةِ فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ مِمَّنْ لَا أُضْحِيَّةَ عَلَيْهِ لِإِعْسَارِهِ تَشْبِيهًا بِالْمُضَحِّينَ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رُسُومِ الْمَجُوسِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَمَنْ لَا أُضْحِيَّةَ عَلَيْهِ لِإِعْسَارِهِ لَوْ ذَبَحَ دَجَاجَةً أَوْ دِيكًا يُكْرَهُ، كَذَا فِي وَجِيزِ الْكَرْدَرِيِّ. وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْأُضْحِيَّةُ أَسْمَنَهَا وَأَحْسَنَهَا وَأَعْظَمَهَا، وَأَفْضَلُ الشَّاةِ أَنْ تَكُونَ كَبْشًا أَمْلَحَ أَقْرَنَ مَوْجُوء، أَوْ أَنْ تَكُونَ آلَةُ الذَّبْحِ حَادَّةً مِنْ الْحَدِيدِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُتَرَبَّصَ بَعْدَ الذَّبْحِ بِقَدْرِ مَا يَبْرُدُ وَيَسْكُنُ مِنْ جَمِيعِ أَعْضَائِهِ وَتَزُولُ الْحَيَاةُ مِنْ جَمِيعِ جَسَدِهِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُضَحَّى وَيُسْلَخَ قَبْلَ أَنْ يَبْرُدَ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَذْبَحَ أُضْحِيَّتَهُ بِيَدِهِ إنْ كَانَ يُحْسِنُ الذَّبْحَ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَى فِي الْقُرْبَاتِ أَنْ يَتَوَلَّى بِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُهُ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِغَيْرِهِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَهَا بِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ: وَلَوْ أَمَرَ مَجُوسِيًّا فَذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ هَذَا إفْسَادٌ لَا تَقَرُّبٌ فَإِنَّ ذَبِيحَةَ الْمَجُوسِيِّ لَا تُؤْكَلُ، وَلَوْ أَمَرَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا بِذَلِكَ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الذَّبْحِ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ عَمَلِ الْقُرْبَةِ وَفِعْلُهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ وَيُطْعِمَ مِنْهَا غَيْرَهُ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ وَيَتَّخِذَ الثُّلُثَ ضِيَافَةً لِأَقَارِبِهِ وَأَصْدِقَائِهِ، وَيَدَّخِرَ الثُّلُثَ، وَيُطْعِمَ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيَهَبُ مِنْهَا مَا شَاءَ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ تَصَدَّقَ بِالْكُلِّ جَازَ، وَلَوْ حَبَسَ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ جَازَ، وَلَهُ أَنْ يَدَّخِرَ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا أَنَّ إطْعَامَهَا وَالتَّصَدُّقَ بِهَا أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ ذَا عِيَالٍ وَغَيْرَ مُوَسَّعِ الْحَالِ فَإِنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَدَعَهُ لِعِيَالِهِ وَيُوَسِّعَ عَلَيْهِمْ بِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إنْ وَجَبَتْ بِالنَّذْرِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا شَيْئًا، وَلَا أَنْ يُطْعِمَ غَيْرَهُ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ سَوَاءٌ كَانَ النَّاذِرُ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا؛ لِأَنَّ سَبِيلَهَا التَّصَدُّقُ وَلَيْسَ لِلْمُتَصَدِّقِ أَنْ يَأْكُلَ صَدَقَتَهُ، وَلَا أَنْ يُطْعِمَ الْأَغْنِيَاءَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَأَمَّا فِي الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْغَنِيِّ أَوْ الْفَقِيرِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْكُلَ وَلَا أَنْ يُؤَكِّلَ الْغَنِيَّ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. رَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ لَهُ تِسْعَةٌ مِنْ الْعِيَالِ وَهُوَ الْعَاشِرُ فَضَحَّى بِعَشْرٍ مِنْ الْغَنَمِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ عِيَالِهِ، وَلَا يَنْوِي شَاةً بِعَيْنِهَا لَكِنْ يَنْوِي الْعَشَرَةَ عَنْهُمْ، وَعَنْهُ جَازَ فِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب السَّادِس فِي بَيَان مَا يُسْتَحَبّ فِي الْأُضْحِيَّة وَالِانْتِفَاع بِهَا] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ مَا يُسْتَحَبُّ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا) . وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْبِطَ الْأُضْحِيَّةَ قَبْلَ أَيَّامِ النَّحْرِ بِأَيَّامٍ وَأَنْ يُقَلِّدَهَا وَيُجَلِّلَهَا وَأَنْ يَسُوقَهَا إلَى الْمَنْسَكِ سَوْقًا جَمِيلًا لَا عَنِيفًا، وَأَنْ لَا يَجُرَّ بِرِجْلِهَا إلَى الْمَذْبَحِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا ذَبَحَهَا تَصَدَّقَ بِجِلَالِهَا وَقَلَائِدِهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ يُكْرَهُ أَنْ يَحْلِبَهَا أَوْ يَجُزَّ صُوفَهَا فَيَنْتَفِعَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَهَا لِلْقُرْبَةِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا قَبْلَ إقَامَةِ الْقُرْبَةِ بِهَا، كَمَا لَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِلَحْمِهَا إذَا ذَبَحَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: هَذَا فِي الشَّاةِ الْمَنْذُورِ بِهَا بِعَيْنِهَا مِنْ الْمُعْسِرِ وَالْمُوسِرِ، وَفِي الشَّاةِ الْمُشْتَرَاةِ لِلْأُضْحِيَّةِ مِنْ الْمُعْسِرِ

فَأَمَّا الْمُشْتَرَاةُ مِنْ الْمُوسِرِ لِلْأُضْحِيَّةِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْلُبَهَا وَيَجُزَّ صُوفَهَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُوسِرَ وَالْمُعْسِرَ فِي حَلْبِهَا وَجَزِّ صُوفِهَا سَوَاءٌ هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ حَلَبَ اللَّبَنَ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ جَزَّ صُوفَهَا يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا ذَبَحَهَا فِي وَقْتِهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَحْلِبَ لَبَنَهَا وَيَجُزَّ صُوفَهَا وَيَنْتَفِعَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ أُقِيمَتْ بِالذَّبْحِ، وَالِانْتِفَاعُ بَعْدَ إقَامَةِ الْقُرْبَةِ مُطْلَقٌ كَالْأَكْلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ وَيُخَافُ يَنْضَحُ ضَرْعَهَا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ، فَإِنْ تَقَلَّصَ وَإِلَّا حَلَبَ وَتَصَدَّقَ، وَيُكْرَهُ رُكُوبُهَا وَاسْتِعْمَالُهَا كَمَا فِي الْهَدْيِ، فَإِنْ فَعَلَ فَنَقَصَهَا فَعَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِمَا نَقَصَ، وَإِنْ آجَرَهَا تَصَدَّقَ بِأَجْرِهَا، وَلَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً حَلُوبَةً وَأَوْجَبَهَا أُضْحِيَّةً فَاكْتَسَبَ مَالًا مِنْ لَبَنِهَا يَتَصَدَّقُ بِمِثْلِ مَا اكْتَسَبَ وَيَتَصَدَّقُ بِرَوْثِهَا، فَإِنْ كَانَ يَعْلِفُهَا فَمَا اكْتَسَبَ مِنْ لَبَنِهَا أَوْ انْتَفَعَ مِنْ رَوْثِهَا فَهُوَ لَهُ، وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا أَوْ يَعْمَلُ مِنْهُ نَحْوَ غِرْبَالٍ وَجِرَابٍ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ مَعَ بَقَائِهِ اسْتِحْسَانًا وَذَلِكَ مِثْلُ مَا ذَكَرْنَا، وَلَا يَشْتَرِي بِهِ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ نَحْوَ اللَّحْمِ وَالطَّعَامِ، وَلَا يَبِيعُهُ بِالدَّرَاهِمِ لِيُنْفِقَ الدَّرَاهِمَ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ، وَاللَّحْمُ بِمَنْزِلَةِ الْجِلْدِ فِي الصَّحِيحِ حَتَّى لَا يَبِيعَهُ بِمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ. وَلَوْ بَاعَهَا بِالدَّرَاهِمِ لِيَتَصَدَّقَ بِهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ كَالتَّصَدُّقِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَهَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي. وَلَوْ اشْتَرَى بِلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ جِرَابًا لَا يَجُوزُ، وَلَوْ اشْتَرَى بِلَحْمِهَا حُبُوبًا جَازَ، وَلَوْ اشْتَرَى بِلَحْمِهَا لَحْمًا جَازَ قَالُوا: وَالْأَصَحُّ فِي هَذَا أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْمَأْكُولِ بِالْمَأْكُولِ وَغَيْرِ الْمَأْكُولِ بِغَيْرِ الْمَأْكُولِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ بِالْمَأْكُولِ، وَلَا بَيْعُ الْمَأْكُولِ بِغَيْرِ الْمَأْكُولِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَدْخَلَ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ فِي قِرْطَالَةٍ أَوْ جَعَلَهُ جِرَابًا إنْ اسْتَعْمَلَ الْجِرَابَ فِي أَعْمَالِ مَنْزِلِهِ جَازَ، وَلَوْ آجَرَ لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْأَجْرِ، وَأَمَّا الْقِرْطَالَةُ إنْ اسْتَعْمَلَهَا فِي مَنْزِلِهِ أَوْ أَعَارَ جَازَ، وَإِنْ آجَرَهَا هَلْ يَطِيبُ لَهُ الْأَجْرُ قَالُوا: يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْقِرْطَالَةُ جَدِيدَةً لَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِالْأَجْرِ، وَإِنْ كَانَتْ خَلَقًا مُتَخَرِّقًا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِنِصْفِ الْأَجْرِ دُونَ نِصْفِهِ، نَحْوُ مَا إذَا آجَرَهَا بِدَانِقَيْنِ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِدَانِقٍ؛ لِأَنَّ الْقِرْطَالَةَ إذَا كَانَتْ جَدِيدَةً لَا يُحْتَاجُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا إلَى الْجِلْدِ فَيَكُونُ الْجِلْدُ تَبَعًا لَهَا وَيَكُونُ كُلُّ الْأَجْرِ بِإِزَاءِ الْقِرْطَالَةِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ خَلَقًا يُحْتَاجُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا إلَى الْجِلْدِ فَكَانَ نِصْفُ الْأَجْرِ لِلْقِرْطَالَةِ وَنِصْفُ الْأَجْرِ لِلْجِلْدِ، وَالْقِرْطَالَةُ الْكُوَّارَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ شَحْمِهَا وَأَطْرَافِهَا وَرَأْسِهَا وَصُوفِهَا وَوَبَرِهَا وَشَعْرِهَا وَلَبَنِهَا الَّذِي يَحْلُبُهُ مِنْهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا بِشَيْءٍ، لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِاسْتِهْلَاكِ عَيْنِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ، وَلَا أَنْ يُعْطِيَ أَجْرَ الْجَزَّارِ وَالذَّابِحِ مِنْهَا، فَإِنْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا نَفَذَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لَا يَنْفُذُ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا أَخَذَ شَيْئًا مِنْ الصُّوفِ مِنْ طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ الْأُضْحِيَّةِ لِلْعَلَامَةِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطْرَحَ ذَلِكَ الصُّوفَ، وَلَا أَنْ يَهَبَ لِأَحَدٍ، بَلْ يَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ الصُّوفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي أَضَاحِي الزَّعْفَرَانِيِّ فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا ذَبَحَهَا وَوَلَدَهَا مَعَهَا، مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: هَذَا فِي الْمُعْسِرِ الَّذِي وَجَبَ بِإِيجَابِهِ، أَمَّا فِي الْمُوسِرِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْأَضْحَى، فَإِنْ ذَبَحَ الْوَلَدَ يَوْمَ الْأَضْحَى قَبْلَ الْأُمِّ أَوْ بَعْدَهَا جَازَ، وَلَوْ لَمْ يَذْبَحْهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ حَيًّا جَازَ فِي أَيَّامِ الْأَضَاحِيّ، وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ تَصَدَّقَ بِالْوَلَدِ حَيًّا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ بَاعَ الْوَلَدَ فِي أَيَّامِ الْأَضْحَى يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ، فَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ وَلَمْ يَذْبَحْهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْوَلَدِ حَيًّا، وَإِذَا ذَبَحَ الْوَلَدَ مَعَ الْأُمِّ يَأْكُلُ مِنْ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ الْوَلَدِ، فَإِنْ أَكَلَ تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ مَا أَكَلَ، وَالتَّصَدُّقُ بِالْوَلَدِ حَيًّا أَحَبُّ إلَيَّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ بَاعَ الْأُضْحِيَّةَ جَازَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ

الباب السابع في التضحية عن الغير وفي التضحية بشاة الغير عن نفسه

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَشْتَرِي بِقِيمَتِهَا أُخْرَى وَيَتَصَدَّقُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ. أُضْحِيَّةٌ خَرَجَ مِنْ بَطْنِهَا وَلَدٌ حَيٌّ قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ: يَفْعَلُ بِالْوَلَدِ مَا يَفْعَلُ بِالْأُمِّ، فَإِنْ لَمْ يَذْبَحْهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ يَتَصَدَّقُ بِهِ حَيًّا، فَإِنْ ضَاعَ أَوْ ذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ، وَلَدُ الْأُضْحِيَّةِ لَا يُجَزُّ صُوفُهُ وَلَا شَعْرُهُ كَالْأُمِّ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِنْ بَقِيَ الْوَلَدُ عِنْدَهُ حَتَّى كَبِرَ وَذَبَحَهُ لِلْعَامِ الْقَابِلِ أُضْحِيَّةً لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ أُخْرَى لِعَامِهِ الَّذِي ضَحَّى، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ مَذْبُوحًا مَعَ قِيمَةِ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ، وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب السَّابِع فِي التَّضْحِيَة عَنْ الْغَيْر وَفِي التَّضْحِيَة بِشَاةِ الْغَيْر عَنْ نَفْسه] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي التَّضْحِيَةِ عَنْ الْغَيْرِ، وَفِي التَّضْحِيَةِ بِشَاةِ الْغَيْرِ عَنْ نَفْسِهِ) ذَكَرَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ضَحَّى بِشَاةِ نَفْسِهِ عَنْ غَيْرِهِ بِأَمْرِ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَجْوِيزُ التَّضْحِيَةِ عَنْ الْغَيْرِ إلَّا بِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ لِذَلِكَ الْغَيْرِ فِي الشَّاةِ، وَلَنْ يَثْبُتَ الْمِلْكُ لَهُ فِي الشَّاةِ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَلَمْ يُوجَدْ قَبْضُ الْآمِرِ هَاهُنَا لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِنَائِبِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ عَنْ الْمَالِكِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ صَرِيحًا يَقَعُ عَنْ الْمَالِكِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الذَّابِحِ اسْتِحْسَانًا، أُطْلِقَ هُنَا وَلَمْ يُقَيَّدْ بِمَا إذَا أَضْجَعَهَا الْمَالِكُ لِلتَّضْحِيَةِ وَقَيَّدَ بِهِ فِي الْأَجْنَاسِ، وَالْمُخْتَارُ هُوَ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ ضَحَّى بِبَدَنَةٍ عَنْ نَفْسِهِ وَعُرْسِهِ وَأَوْلَادِهِ لَيْسَ هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ: إنْ كَانَ أَوْلَادُهُ صِغَارًا جَازَ عَنْهُ وَعَنْهُمْ جَمِيعًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانُوا كِبَارًا إنْ فَعَلَ بِأَمْرِهِمْ جَازَ عَنْ الْكُلِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ فَعَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِ بَعْضِهِمْ لَا تَجُوزُ عَنْهُ وَلَا عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ نَصِيبَ مَنْ لَمْ يَأْمُرْ صَارَ لَحْمًا فَصَارَ الْكُلُّ لَحْمًا، وَفِي قَوْلِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ إذَا ضَحَّى بِبَدَنَةٍ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ خَمْسَةٍ مِنْ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَعَنْ أُمِّ وَلَدِهِ بِأَمْرِهَا أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهَا لَا تَجُوزُ عَنْهُ وَلَا عَنْهُمْ، قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَجُوزُ عَنْ نَفْسِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَإِنْ ضَمَّنَهُ الْمَالِكُ قِيمَتَهَا يَجُوزُ عَنْ الذَّابِحِ دُونَ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الْإِرَاقَةَ حَصَلَتْ عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ أَخَذَهَا مَذْبُوحَةً تُجْزِئُ عَنْ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَوَاهَا فَلَيْسَ يَضُرُّهُ ذَبْحُ غَيْرِهِ لَهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا غَلِطَ رَجُلَانِ فَذَبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ صَحَّ عَنْهُمَا، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا اسْتِحْسَانًا، وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مَسْلُوخَتَهُ مِنْ صَاحِبِهِ وَلَا يُضَمِّنُهُ، فَإِنْ كَانَا قَدْ أَكَلَا ثُمَّ عَلِمَا فَلْيُحْلِلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَيُجْزِيهِمَا، وَإِنْ تَشَاحَّا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُضَمِّنُ صَاحِبَهُ قِيمَةَ شَاتِهِ، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ إنْ كَانَتْ انْقَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ اللَّحْمِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الرَّوْضَةِ: رَجُلَانِ أَدْخَلَا شَاتَيْهِمَا مَرْبَطًا، ثُمَّ غَلِطَا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةً وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً وَتَرَكَا شَاةً لَا يَدَّعِيَانِهَا، فَاَلَّتِي لَا يَدَّعِيَانِهَا لِبَيْتِ الْمَالِ وَاَلَّتِي تَنَازَعَا فِيهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَا تُجْزِئُ الْأُضْحِيَّةُ عَنْهُمَا، وَلَوْ كَانَتْ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً جَازَ عَنْهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ، أَرْبَعَةُ نَفَرٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ حَبَسُوهَا فِي بَيْتٍ فَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ لَا يُدْرَى لِمَنْ هِيَ؟ . تُبَاعُ هَذِهِ الْأَغْنَامُ جُمْلَةً وَتُشْتَرَى بِثَمَنِهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ، ثُمَّ يُوَكِّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ بِذَبْحِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَيُحَلِّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَصْحَابَهُ أَيْضًا حَتَّى يَجُوزَ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا رَبَطُوا ثَلَاثَ أُضْحِيَّاتٍ فِي رِبَاطٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ وَجَدُوا بِوَاحِدَةٍ عَيْبًا يَمْنَعُ جَوَازَ التَّضْحِيَةِ، وَأَنْكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ تَكُونَ لَهُ الْمَعِيبَةُ وَتَنَازَعُوا فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَالْمَعِيبَةُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيُقْضَى بِالْأُخْرَيَيْنِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ اشْتَرَى شَاةً شِرَاءً فَاسِدًا فَذَبَحَهَا عَنْ الْأُضْحِيَّةِ جَازَ، وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ، فَإِنْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا حَيَّةً فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُضَحِّي، وَإِنْ أَخَذَهَا مَذْبُوحَةً قِيلَ: عَلَى الْمُضَحِّي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا حَيَّةً؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ

سَقَطَتْ عَنْ الْمُضَحِّي حَيْثُ أَخَذَهَا مَذْبُوحَةً، فَكَأَنَّهُ بَاعَهَا بِالْقِيمَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ عَلَى الْمُضَحِّي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا مَذْبُوحَةً لَكِنَّ الْمُشْتَرِي صَالَحَهُ عَلَيْهَا مَذْبُوحَةً مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ بَاعَهَا بِتِلْكَ الْقِيمَةِ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ وَهَبَ لَهُ شَاةً هِبَةً فَاسِدَةً فَضَحَّى بِهَا فَالْوَاهِبُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا حَيَّةً وَتَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ وَيَأْكُلُ مِنْهَا، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَدَّهَا وَاسْتَرَدَّ قِيمَةَ النُّقْصَانِ وَيَضْمَنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ قِيمَتَهَا فَيَتَصَدَّقُ بِهَا إذَا كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ لَوْ وَهَبَ شَاةً مِنْ رَجُلٍ فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَضَحَّى بِهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَالْغُرَمَاءُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا اسْتَرَدُّوا عَيْنَهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوهُ قِيمَتَهَا فَتَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ، فَإِذَا رَدَّهَا فَقَدْ أَسْقَطَ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً بِثَوْبٍ فَضَحَّى بِهَا ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بِالثَّوْبِ عَيْبًا فَرَدَّهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الشَّاةِ وَلَا يَتَصَدَّقُ الْمُضَحِّي وَيَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَدَّهَا نَاقِصَةً مَذْبُوحَةً، فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَكْثَرَ يَتَصَدَّقُ بِالثَّوْبِ كَأَنَّهُ بَاعَهَا بِالثَّوْبِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيَمُهُ الشَّاةِ أَكْثَرَ مِنْهُ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَةِ الشَّاةِ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ فَبِرَدِّهَا أَسْقَطَ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ كَأَنَّهُ بَاعَهَا بِثَمَنِ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ قِيمَتِهَا، وَلَوْ وَجَدَ بِالشَّاةِ عَيْبًا فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَهَا وَرَدَّ الثَّمَنَ وَيَتَصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إلَّا حِصَّةَ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ النُّقْصَانَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ وَرَدَّ حِصَّةَ الْعَيْبِ، وَلَا يَتَصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ النُّقْصَانَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْقُرْبَةِ وَإِنَّمَا دَخَلَ فِي الْقُرْبَةِ مَا ذُبِحَ، وَقَدْ ذُبِحَ نَاقِصًا إلَّا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ هَذَا الْعَيْبِ عَدْلٌ لِلصَّيْدِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ شَاةً فَضَحَّى بِهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ ذَبَحَهَا لِمُتْعَةٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ، ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي الْهِبَةِ صَحَّ الرُّجُوعُ وَجَازَتْ الْأُضْحِيَّةُ وَالْمُتْعَةُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ وَلَيْسَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَالْمُتْعَةِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مَرِيضٌ وَهَبَ لِإِنْسَانٍ شَاةً فَضَحَّى بِهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ مِنْ مَرَضِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهَا فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يُضَمِّنُوهُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا حَيَّةً أَوْ يَأْخُذُوا ثُلُثَيْهَا مَذْبُوحَةً، وَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً، وَجَازَتْ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ ضَحَّى بِمِلْكِ نَفْسِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ: رَجُلٌ اشْتَرَى خَمْسَ شِيَاهٍ فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهَا فَذَبَحَ رَجُلٌ وَاحِدَةً مِنْهَا يَوْمَ الْأَضْحَى بِغَيْرِ أَمْرِهِ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ يَعْنِي أُضْحِيَّةَ صَاحِبِ الشَّاةِ، فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمَّا لَمْ يُعَيِّنْهَا لَمْ يَأْذَنْ بِذَبْحِ عَيْنِهَا دَلَالَةً، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي الْمُنْتَقَى لَوْ غَصَبَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ وَذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ وَضَمِنَ الْقِيمَةَ لِصَاحِبِهَا أَجْزَأَهُ مَا صَنَعَ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِسَابِقِ الْغَصْبِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَوْ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ شَاةً فَضَحَّى بِهَا لَا يَجُوزُ، وَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا نَاقِصَةً وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا حَيَّةً، فَتَصِيرُ الشَّاةُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ فَتَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى شَاةً فَضَحَّى بِهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ، فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ جَازَ، وَإِنْ اسْتَرَدَّ الشَّاةَ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ أَوْدَعَ رَجُلٌ رَجُلًا شَاةً فَضَحَّى بِهَا الْمُسْتَوْدَعُ عَنْ نَفْسِهِ يَوْمَ النَّحْرِ فَاخْتَارَ صَاحِبُهَا الْقِيمَةَ وَرَضِيَ بِهَا فَأَخَذَهَا فَإِنَّهَا لَا تُجْزِي الْمُسْتَوْدَعَ عَنْ أُضْحِيَّتِهِ، وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْتَهُ فِي الْوَدِيعَةِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ بِأَنْ اسْتَعَارَ نَاقَةً أَوْ ثَوْرًا أَوْ بَقَرًا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ فَضَحَّى بِهِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ سَوَاءٌ أَخَذَهَا الْمَالِكُ أَوْ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ كَانَتْ الشَّاةُ رَهْنًا فَضَحَّى بِهَا، ثُمَّ ضَمِنَهَا لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ دَعَا قَصَّابًا لِيُضَحِّيَ لَهُ فَضَحَّى الْقَصَّابُ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ عَنْ الْآمِرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. اشْتَرَى أُضْحِيَّةً وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِذَبْحِهَا فَذَبَحَهَا وَقَالَ: تَرَكْتُ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا ضَمِنَ الذَّابِحُ قِيمَةَ الشَّاةِ لِلْآمِرِ وَيَشْتَرِي الْآمِرُ بِقِيمَتِهَا شَاةً وَيُضَحِّي وَيَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا، وَلَا يَأْكُلُ هَذَا إذَا كَانَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ بَاقِيَةً، وَإِنْ مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَمَرَ رَجُلٌ رَجُلًا أَنْ يَذْبَحَ شَاةً لَهُ فَلَمْ يَذْبَحْهَا الْمَأْمُورُ

الباب الثامن فيما يتعلق بالشركة في الضحايا

حَتَّى بَاعَهَا الْآمِرُ، ثُمَّ ذَبَحَهَا فَالْمَأْمُورُ ضَامِنٌ، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْآمِرِ عَلِمَ بِالْبَيْعِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، أَمَّا إذَا عَلِمَ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلِأَنَّهُ مَا غَرَّهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَمَرَهُ بِالذَّبْحِ كَانَتْ الشَّاةُ لَهُ، كَذَا فِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ. وَفِي الْأَجْنَاسِ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَمَرَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ بِذَبْحِ شَاةٍ، وَقَدْ كَانَ الْآمِرُ بَاعَهَا فَذَبَحَهَا الْمَأْمُورُ وَهُوَ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ، فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ وَيَتْبَعَ الذَّابِحَ فَيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلذَّابِحِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ لَا يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ عَلَّلَ فَقَالَ: لِأَنَّهُ لَوْ ضَمَّنَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ، فَكَأَنَّهُ هُوَ فَعَلَ ذَلِكَ فَيُنْقَضُ الْبَيْعُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ. فَإِنْ اشْتَرَى ثَلَاثَةُ نَفَرٍ ثَلَاثَ شِيَاهٍ، ثُمَّ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ عِنْدَ الذَّبْحِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَنْبَغِي أَنْ يُوَكِّلَ كُلُّ وَاحِدٍ أَصْحَابَهُ بِالذَّبْحِ حَتَّى لَوْ ذَبَحَ شَاةَ نَفْسِهِ جَازَ، وَلَوْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ جَازَ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَوَضَعَ صَاحِبُ الشَّاةِ يَدَهُ عَلَى السِّكِّينِ مَعَ يَدِ الْقَصَّابِ حَتَّى تَعَاوَنَا عَلَى الذَّبْحِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ: يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّسْمِيَةُ حَتَّى لَوْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا التَّسْمِيَةَ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرِكَةِ فِي الضَّحَايَا] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرِكَةِ فِي الضَّحَايَا) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الشَّاةَ لَا تُجْزِئُ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَتْ عَظِيمَةً، وَالْبَقَرُ وَالْبَعِيرُ يُجْزِي عَنْ سَبْعَةٍ إذَا كَانُوا يُرِيدُونَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّقْدِيرُ بِالسَّبْعِ يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ، وَلَا يَمْنَعُ النُّقْصَانَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَا يُشَارِكُ الْمُضَحِّي فِيمَا يَحْتَمِلُ الشَّرِكَةَ مَنْ لَا يُرِيدُ الْقُرْبَةَ رَأْسًا، فَإِنْ شَارَكَ لَمْ يَجُزْ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ، وَكَذَا هَذَا فِي سَائِرِ الْقُرَبِ إذَا شَارَكَ الْمُتَقَرِّبُ مَنْ لَا يُرِيدُ الْقُرْبَةَ لَمْ تَجُزْ عَنْ الْقُرْبَةِ، وَلَوْ أَرَادُوا الْقُرْبَةَ - الْأُضْحِيَّةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْقُرَبِ - أَجْزَأَهُمْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقُرْبَةُ وَاجِبَةً أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ وَجَبَ عَلَى الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ جِهَاتُ الْقُرْبَةِ أَوْ اخْتَلَفَتْ بِأَنْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ الْأُضْحِيَّةَ وَبَعْضُهُمْ جَزَاءَ الصَّيْدِ وَبَعْضُهُمْ هَدْيَ الْإِحْصَارِ وَبَعْضُهُمْ كَفَّارَةً عَنْ شَيْءٍ أَصَابَهُ فِي إحْرَامِهِ وَبَعْضُهُمْ هَدْيَ التَّطَوُّعِ وَبَعْضُهُمْ دَمَ الْمُتْعَةِ أَوْ الْقِرَانِ وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ الْعَقِيقَةَ عَنْ وَلَدٍ وُلِدَ لَهُ مِنْ قَبْلُ، كَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَوَادِرِ الضَّحَايَا، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ الْوَلِيمَةَ وَهِيَ ضِيَافَةُ التَّزْوِيجِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَرِهَ الِاشْتِرَاكَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَهَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَبِيًّا أَوْ كَانَ شَرِيكُ السَّبْعِ مَنْ يُرِيدُ اللَّحْمَ أَوْ كَانَ نَصْرَانِيًّا وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْآخَرَيْنِ أَيْضًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ ذِمِّيًّا كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ وَهُوَ يُرِيدُ اللَّحْمَ أَوْ يُرِيدُ الْقُرْبَةَ فِي دِينِهِ لَمْ يُجْزِئْهُمْ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ الْقُرْبَةُ، فَكَانَتْ نِيَّتُهُ مُلْحَقَةً بِالْعَدَمِ، فَكَأَنْ يُرِيدَ اللَّحْمَ وَالْمُسْلِمُ لَوْ أَرَادَ اللَّحْمَ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا أَوْ مُدَبَّرًا وَيُرِيدُ أُضْحِيَّةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، ثُمَّ أَشْرَكَ فِيهَا سِتَّةً يُكْرَهُ وَيُجْزِيهِمْ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ سَبْعِ شِيَاهٍ حُكْمًا، إلَّا أَنْ يُرِيدَ حِينَ اشْتَرَاهَا أَنْ يُشْرِكَهُمْ فِيهَا فَلَا يُكْرَهُ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا كَانَ أَحْسَنَ، وَهَذَا إذَا كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا مُعْسِرًا فَقَدْ أَوْجَبَ بِالشِّرَاءِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرِكَ فِيهَا، وَكَذَا لَوْ أَشْرَكَ فِيهَا سِتَّةً بَعْدَ مَا أَوْجَبَهَا لِنَفْسِهِ لَمْ يَسَعْهُ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَهَا كُلَّهَا لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ أَشْرَكَ جَازَ، وَيَضْمَنُ سِتَّةَ أَسْبَاعِهَا، وَقِيلَ فِي الْغَنِيِّ: إنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ. اشْتَرَكَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فِي بَقَرَةٍ لِوَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا وَلِلْآخَرَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ سُبْعَاهَا، فَمَاتَ مَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا وَتَرَكَ ابْنًا وَبِنْتًا صَغِيرَيْنِ وَتَرَكَ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ مَعَ حِصَّةِ الْبَقَرَةِ فَضَحَّى الْوَصِيُّ عَنْهُمَا حِصَّةَ الْمَيِّتِ مِنْ الْبَقَرَةِ لَا تُجْزِي عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الِابْنَةِ صَارَ لَحْمًا لِأَنَّهَا فَقِيرَةٌ لِأَنَّهَا أَصَابَتْ مِيرَاثَ الْأَبِ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَإِنْ تَرَكَ الْمَيِّتُ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ سِوَى حِصَّةِ الْبَقَرَةِ جَازَتْ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهَا غَنِيَّةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ اشْتَرَكَ خَمْسَةٌ فِي بَقَرَةً فَجَاءَ رَجُلٌ فَسَأَلَهُمْ الشَّرِكَةَ فِيهَا فَأَجَابَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ وَامْتَنَعَ الْوَاحِدُ فَضَحَّوْا جَازَ؛ لِأَنَّ الَّذِي جَعَلَ نَصِيبَهُ مِنْ نَصِيبِ الْأَرْبَعَةِ يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ السُّبْعِ، فَخُذْهَا مِنْ خَمْسَةٍ

وَعِشْرِينَ لِحَاجَتِنَا إلَى حِسَابٍ لَهُ خُمْسٌ وَلِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ خُمْسٌ، أَمَّا الْخُمْسُ فَلِأَنَّ الشُّرَكَاءَ خَمْسَةٌ فَكَانَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خُمْسًا، وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسُ فَلِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ لَمَّا أَجَابُوهُ فَقَدْ جَعَلُوهُ مُسَاوِيًا أَنْصِبَاءَهُمْ وَهِيَ أَرْبَعُ أَخْمَاسٍ بَيْنَ خَمْسَةٍ، وَأَقَلُّهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ خَمْسَةٌ، فَإِذَا أَجَابَهُ الْأَرْبَعَةُ فَقَدْ جَعَلُوا أَنْصِبَاءَهُمْ بَيْنَ خَمْسَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةٌ، وَأَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ أَكْثَرُ مِنْ السُّبْعِ، وَذَلِكَ يَسْهُلُ مَعْرِفَتُهُ بِالْبَسْطِ وَالتَّجْنِيسِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ كَانُوا سِتَّةً فَأَشْرَكَ خَمْسَةٌ مِنْهُمْ وَاحِدًا وَأَبَى الْوَاحِدُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ نَصِيبَهُ أَقَلُّ مِنْ السُّبْعِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ حِسَابِهِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةٌ، فَيَكُونُ لِخَمْسَةٍ ثَلَاثُونَ، وَقَدْ جُعِلُوا عَلَى سِتَّةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ، وَخَمْسَةٌ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ أَقَلُّ مِنْ السُّبْعِ. ثَلَاثَةُ نَفَرٍ اشْتَرَكُوا فِي بَقَرَةٍ فَأَشْرَكَ أَحَدُهُمْ رَجُلًا فِي الرُّبْعِ جَازَ وَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مِثْلًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَمْ يَصِحَّ الْجَعْلُ فِي نَصِيبِ الشُّرَكَاءِ فَصَحَّ فِي نَصِيبِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَاهَا ثَلَاثَةٌ وَأَشْرَكَ وَاحِدٌ رَجُلًا فِي نَصِيبِهِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا وَجَازَتْ الْقُرْبَةُ، وَإِنْ أَشْرَكَ فِي السُّبْعِ جَازَ إنْ أَجَازَ شُرَكَاؤُهُ، وَعِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ لَهُ سُبْعُ نَصِيبِهِ فَلَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَجَازَ وَاحِدٌ فَلَهُ سَبْعُ نَصِيبِهِمَا فَلَا يَجُوزُ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا وَاحِدٌ وَأَشْرَكَ سَبْعَةً لَمْ تَجُزْ الْأُضْحِيَّةُ، وَتَصَدَّقَ بِقِيمَةِ سُبْعِهِ إذَا مَضَتْ الْأَيَّامُ وَلَيْسَ عَلَى شُرَكَائِهِ أَنْ يَتَصَدَّقُوا بِشَيْءٍ، وَلَوْ قَالَ لِسِتَّةٍ: أَشْرَكْتُكُمْ فَقَبِلَ أَحَدُهُمْ فَلَهُ السُّبْعُ وَيَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ نِصْفُ الْبَقَرَةِ لِوَاحِدٍ وَالنِّصْفُ لِاثْنَيْنِ فَضَاعَتْ فَاشْتَرَوْا أُخْرَى أَثْلَاثًا ثُمَّ وُجِدَتْ الْأُولَى، فَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ الْأُولَى تَصَدَّقُوا بِمَا بَيْنَ ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً لِلْأُضْحِيَّةِ وَنَوَى السُّبْعَ مِنْهَا لِعَامِهِ هَذَا وَسِتَّةَ أَسْبَاعِهَا عَنْ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ يَجُوزُ عَنْ الْعَامِ وَلَا يَجُوزُ عَنْ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ نَوَى بَعْضُ الشُّرَكَاءِ التَّطَوُّعَ وَبَعْضُهُمْ يُرِيدُ الْأُضْحِيَّةَ لِلْعَامِ الَّذِي صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ وَبَعْضُهُمْ الْأُضْحِيَّةَ الْوَاجِبَةَ عَنْ عَامِهِ ذَلِكَ جَازَ الْكُلُّ، وَتَكُونُ عَنْ الْوَاجِبِ عَمَّنْ نَوَى الْوَاجِبَ عَنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَتَكُونُ تَطَوُّعًا عَمَّنْ نَوَى الْقَضَاءَ عَنْ الْعَامِ الْمَاضِي، وَلَا تَكُونُ عَنْ قَضَائِهِ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَةِ شَاةٍ وَسَطٍ لِمَا مَضَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ فِي الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ ثَمَانِيَةً لَمْ يُجْزِهِمْ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ أَقَلُّ مِنْ السُّبْعِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَانِيَةِ إلَّا أَنَّ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ أَقَلُّ مِنْ السُّبْعِ، بِأَنْ مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ امْرَأَةً وَابْنًا وَبَقَرَةً فَضَحَّى بِهَا يَوْمَ الْعِيدِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمَرْأَةِ أَقَلُّ مِنْ السُّبْعِ فَلَمْ يَجْرِ فِي نَصِيبِهَا وَلَمْ يَجْرِ فِي نَصِيبِ الِابْنِ أَيْضًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي أَضَاحِي الزَّعْفَرَانِيِّ وَلَوْ كَانَتْ الْبَدَنَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَضَحَّيَا بِهَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَنِصْفُ السُّبْعِ تَبَعٌ فَلَا يَصِيرُ لَحْمًا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهَذَا اخْتِيَارُ الْإِمَامِ الْوَالِدِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ دَفَعَ أَحَدُهُمْ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ وَنِصْفًا، وَالْآخَرُ دِينَارَيْنِ وَنِصْفًا، وَالْآخَرُ دِينَارًا جَازَتْ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ النَّصِيبِ هُوَ السُّبْعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَكَ خَمْسَةٌ وَدَفَعَ أَحَدُهُمْ دِينَارَيْنِ وَالثَّانِي دِينَارَيْنِ وَنِصْفًا وَالثَّالِثُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ وَالرَّابِعُ كَذَلِكَ وَالْخَامِسُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ وَنِصْفًا جَازَتْ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ النَّصِيبِ هُوَ السُّبْعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اشْتَرَى سَبْعَةٌ بَقَرَةً لِيُضَحُّوا بِهَا فَمَاتَ أَحَدُ السَّبْعَةِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ وَهُمْ كِبَارٌ: اذْبَحُوهَا عَنْهُ وَعَنْكُمْ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ ذَبَحَ الْبَاقُونَ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ لَا يُجْزِئُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَعْضُهَا قُرْبَةً لِعَدَمِ الْإِذْنِ مِنْهُمْ فَلَمْ يَقَعْ الْكُلُّ قُرْبَةً ضَرُورَةَ عَدَمِ التَّجَزِّي كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ، أَحَدُهُمْ بِعَشَرَةٍ، وَالْآخَرُ بِعِشْرِينَ، وَالْآخَرُ بِثَلَاثِينَ، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِثْلُ ثَمَنِهَا فَاخْتَلَطَتْ حَتَّى

الباب التاسع في المتفرقات

لَا يَعْرِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاتَهُ بِعَيْنِهَا، وَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً فَيُضَحِّيَ بِهَا أَجْزَأَتْهُمْ، وَيَتَصَدَّقُ صَاحِبُ الثَّلَاثِينَ بِعِشْرِينَ وَصَاحِبُ الْعِشْرِينَ بِعَشَرَةٍ وَلَا يَتَصَدَّقُ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَذْبَحَهَا عَنْهُ أَجْزَأَهُمْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ اشْتَرَى عَشَرَةٌ عَشْرَ أَغْنَامٍ بَيْنَهُمْ فَضَحَّى كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدَةً جَازَ، وَيُقَسَّمُ اللَّحْمُ بَيْنَهُمْ بِالْوَزْنِ، وَإِنْ اقْتَسَمُوا مُجَازَفَةً يَجُوزُ إذَا كَانَ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ شَيْئًا مِنْ الْأَكَارِعِ أَوْ الرَّأْسِ أَوْ الْجِلْدِ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَطَتْ الْغَنَمُ فَضَحَّى كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدَةً وَرَضُوا بِذَلِكَ جَازَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْأَضَاحِيّ لِلزَّعْفَرَانِيِّ اشْتَرَى سَبْعَةُ نَفَرٍ سَبْعَ شِيَاهٍ بَيْنَهُمْ وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ بِعَيْنِهَا فَضَحَّوْا بِهَا كَذَلِكَ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ، فَقَوْلُهُ اشْتَرَى سَبْعَةُ نَفَرٍ سَبْعَ شِيَاهٍ بَيْنَهُمْ يَحْتَمِلُ شِرَاءَ كُلِّ شَاةٍ بَيْنَهُمْ وَيَحْتَمِلُ شِرَاءَ شِيَاهٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ شَاةً وَلَكِنْ لَا بِعَيْنِهَا، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هُوَ الثَّانِي فَمَا ذُكِرَ فِي الْجَوَابِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَصِيرُ مُضَحِّيًا شَاةً كَامِلَةً، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هُوَ الْأَوَّلُ فَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، فَإِنَّ الْغَنَمَ إذَا كَانَتْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ضَحَّيَا بِهَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. شَاتَانِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ذَبَحَاهُمَا عَنْ نُسُكَيْهِمَا أَجْزَأَهُمَا، بِخِلَافِ الْعَبْدَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَاهُمَا عَنْ كَفَارَتَيْهِمَا لَا يَجُوزُ. إبِلٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ ضَحَّيَا بِهِ، فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا سُبْعٌ أَوْ سُبْعَانِ وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) اشْتَرَى شَاتَيْنِ لِلْأُضْحِيَّةِ فَضَاعَتْ إحْدَاهُمَا فَضَحَّى بِالثَّانِيَةِ، ثُمَّ وَجَدَهَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ هِيَ أَرْفَعَ مِنْ الَّتِي ضَحَّى بِهَا أَوْ أَدْوَنَ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بَقَرَةً سَوْدَاءَ لِلْأُضْحِيَّةِ فَاشْتَرَى بَلْقَاءَ وَهِيَ الَّتِي اجْتَمَعَ فِيهَا السَّوَادُ وَالْبَيَاضُ لَزِمَ الْآمِرَ، وَإِنْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ كَبْشًا أَقْرَنَ أَعْيَنَ لِلْأُضْحِيَّةِ فَاشْتَرَى كَبْشًا أَجَمَّ لَيْسَ أَعْيَنَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَرْغَبُ فِيهِ النَّاسُ لِلْأُضْحِيَّةِ فَخَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ الثَّنِيَّ مِنْ الْبَقَرِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا ثَمَنًا فَاشْتَرَى مُسِنَّةً فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ الثَّنِيُّ يُشْتَرَى بِأَقَلَّ مِمَّا يُشْتَرَى بِهِ الْمُسِنَّةُ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُسِنَّةُ وَالثَّنِيُّ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لَزِمَ الْآمِرَ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ إلَى خَيْرٍ، وَإِنْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ وَاسْتَأْجَرَ إنْسَانًا حَتَّى قَادَهَا بِدِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ شَاةً أَوْ أُضَحِّيَ بِشَاةٍ فَأَهْدَى بَقَرَةً أَوْ جَزُورًا أَوْ ضَحَّى بِبَقَرَةٍ أَوْ جَزُورٍ جَازَ. رَجُلٌ ضَحَّى بِشَاةٍ تُسَاوِي تِسْعِينَ، وَرَجُلٌ آخَرُ ضَحَّى بِبَقَرَةٍ تُسَاوِي سَبْعِينَ، وَرَجُلٌ آخَرُ تَصَدَّقَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأُضْحِيَّةُ صَاحِبِ الشَّاةِ أَعْلَى مِنْ أُضْحِيَّةِ صَاحِبِ الْبَقَرَةِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الشَّاةِ أَكْثَرُ وَاَلَّذِي ضَحَّى بِبَقَرَةٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الَّذِي تَصَدَّقَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ. اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَهُوَ فَقِيرٌ وَضَحَّى بِهَا ثُمَّ أَيْسَرَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ قَالَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الحرميني - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالُوا: لَا يُعِيدُ وَبِهِ نَأْخُذُ. وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فَاعْلَمْ بِأَنَّ الشَّاةَ اسْمُ جِنْسٍ يَتَنَاوَلُ الضَّأْنَ وَالْمَعْزَ جَمِيعًا، وَإِنْ وَكَّلَ إنْسَانًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ضَأْنًا فَاشْتَرَى مَعْزًا أَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَوْصَى أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَهُوَ جَائِزٌ وَيَقَعُ عَلَى الشَّاةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُوصِ وَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَشْتَرِيَ بَقَرَةً بِجَمِيعِ مَالِهِ وَيُضَحِّيَ بِهَا عَنْهُ فَمَاتَ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ بِالثُّلُثِ بِلَا خِلَافٍ، وَيَشْتَرِي بِالثُّلُثِ شَاةً وَيُضَحِّي بِهَا عَنْهُ، وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يَشْتَرِيَ بَقَرَةً بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا مِنْ مَالِهِ وَيُضَحِّيَ بِهَا عَنْهُ فَمَاتَ وَثُلُثُ مَالِهِ أَقَلُّ مِنْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَإِنَّهُ يُضَحِّي عَنْهُ عَلَى مَذْهَبِنَا بِمَا بَلَغَتْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَاةً بِهَذِهِ الْعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَيُضَحِّيَ عَنْهُ إنْ مَاتَ، ثُمَّ مَاتَ

فَضَاعَ مِنْ الدَّرَاهِمِ دِرْهَمٌ لَمْ يُضَحِّ عَنْهُ بِمَا بَقِيَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي قَوْلِهِمَا يَشْتَرِي بِمَا بَقِيَ فَيُضَحِّي عَنْهُ عَلَى قِيَاسِ النَّسَمَةِ، وَالنَّسَمَةُ رَقَبَةٌ تُشْتَرَى لِلْعِتْقِ. رَجُلٌ اشْتَرَى بَقَرَةً فَقَالَ: يَا فُلَانُ قَدْ أَشْرَكْتُكَ فِي ثُلُثَيْهَا كَانَ لَهُ الثُّلُثَانِ، وَلَوْ قَالَ: أَشْرَكْتُكَ فِي جَمِيعِهَا كَانَ لَهُ النِّصْفُ؛ لِأَنَّا لَوْ أَعْطَيْنَاهُ الْجَمِيعَ لَا يَكُونُ شَرِيكًا، وَإِنْ قَالَ: قَدْ جَعَلْتُ لَهُ نَصِيبًا أَوْ سَهْمًا فَهُوَ بَاطِلٌ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ السُّدُسُ فِي قَوْلِهِ: قَدْ جَعَلْتُ لَكَ سَهْمًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ السَّهْمَ عِنْدَهُ مُفَسَّرٌ بِالسُّدُسِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا، لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا دُونَ السُّدُسِ وَلِذَلِكَ بَطَلَ. اشْتَرَى بَقَرَةً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَقَبَضَهَا، ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ: قَدْ أَشْرَكْتُكَ بِدِينَارَيْنِ فَقَبِلَ كَانَ خُمْسُ الْبَقَرَةِ لَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اشْتَرَى شَاةً فَضَحَّى بِهَا، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا يُنْقِصُهَا وَلَكِنْ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ حَدِّ الضَّحَايَا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِذَا رَجَعَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ الْمَعِيبَةَ جَازَتْ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَرَاءَ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا آخُذُهَا مَذْبُوحَةً فَلَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا أَخَذَهَا وَرَدَّ الثَّمَنَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا اشْتَرَى مِنْ الْبَائِعِ إلَّا حِصَّةَ نُقْصَانِ الْعَيْبِ، فَإِنْ تَوَى الثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَوَى الْبَعْضُ وَوَصَلَ إلَيْهِ الْبَعْضُ يَتَصَدَّقُ مِنْهُ بِمَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الشَّاةِ، فَلَا يَتَصَدَّقُ بِقَدْرِ حِصَّةِ نُقْصَانِ الْعَيْبِ، حَتَّى لَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَشَرَةً وَنُقْصَانُ الْعَيْبِ دِرْهَمٌ يَتَصَدَّقُ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَا يُعْتَبَرُ الشَّعْرُ الْمُسْتَرْسِلُ مَعَ الذَّنَبِ فِي الْمَانِعِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ غَصَبَ أُضْحِيَّةً مَذْبُوحَةً ضَمِنَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ أُخِذَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِذَا أَخَذَ الْمُضَحِّي قِيمَتَهَا يَتَصَدَّقُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ بِالتَّضْمِينِ مَلَكَهَا مِنْهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ، وَإِذَا بَاعَهَا مِنْهُ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِقِيمَتِهَا فَكَذَا هَذَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَهَا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ رَدَّ الْقِيمَةَ عَلَى الْغَاصِبِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُضَحِّي؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِلَا صُنْعِهِ، فَإِنْ أَبْرَأَهُ الْمُضَحِّي عَنْ الْقِيمَةِ وَهُوَ غَنِيٌّ أَوْ فَقِيرٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي الِابْتِدَاءِ كَانَ لَهُ أَنْ يَهَبَ الْأَصْلَ مِنْ الْغَاصِبِ فَكَذَا يَمْلِكُ الْبَدَلَ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ قِيمَتِهَا لَا غَيْرُ لِأَنَّهُ إبْرَاءُ الْبَعْضِ وَاسْتِيفَاءُ الْبَعْضِ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ مَأْكُولٍ أَوْ مَتَاعٍ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ الْمَأْكُولَ وَيَنْتَفِعَ بِالْمَتَاعِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ يَكُونُ عَلَى صِفَةِ الْأَصْلِ وَنَهْجِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. اشْتَرَى الْمُعْسِرُ شَاةً وَمَاتَتْ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَخَرَجَ مِنْهَا جَنِينٌ تَصَدَّقَ بِالْوَلَدِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَاهَا بِنُقْرَةِ فِضَّةٍ بِعَيْنِهَا فَضَحَّى بِهَا، ثُمَّ رَدَّ الْبَائِعُ النُّقْرَةَ بِعَيْبٍ وَأَخَذَ الْمَذْبُوحَ تَصَدَّقَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَجَازَتْ الْقُرْبَةُ، وَلَوْ تَبَايَعَا كَبْشًا بِنَعْجَةٍ وَضَحَّيَا فَوَجَدَ مُشْتَرِي الْكَبْشِ بِهِ عَيْبًا يُنْقِصُهُ الْعُشْرَ، فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِعُشْرِ النَّعْجَةِ مَذْبُوحَةً وَلَا صَدَقَةَ عَلَيْهِ، وَيَتَصَدَّقُ الْآخَرُ بِقِيمَةِ مَا رَدَّ مِنْ اللَّحْمِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِقِيمَةِ عُشْرِ النَّعْجَةِ حَيًّا وَلَا صَدَقَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَضِيَ بَائِعُ الْكَبْشِ أَنْ يَأْخُذَهُ مَذْبُوحًا فَالْآخَرُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ النَّعْجَةِ فَيَتَصَدَّقُ بِهَا إلَّا حِصَّةَ الْعَيْبِ لَوْ كَانَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّعْجَةَ مَذْبُوحَةً وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا إذَا دَفَعَ النَّعْجَةَ لَا يَتَصَدَّقُ بِالْكَبْشِ الَّذِي رَضِيَ بِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَهَا دَارٌ تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا تَسْكُنُهَا مَعَ زَوْجِهَا فَعَلَيْهَا الْأُضْحِيَّةُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ إذَا قَدَرَ زَوْجُهَا عَلَى الْإِسْكَانِ قعم يخ كب لَا تَجِبُ عَلَيْهَا أُضْحِيَّةٌ وَلَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ مُوسِرًا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ مُعْسِرًا، قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَاخْتِلَافُهُمْ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا إنْ لَمْ تَسْكُنْهَا يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ عِنْدَهُمْ وَبِهِ أَجَبْتُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قِيلَ: لِعَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ دَيْنٌ عَلَى مُقِرٍّ مُفْلِسٍ هَلْ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ؟ . (قَالَ: لَا) ، فَقِيلَ: وَهَلْ عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ؟ . فَقَالَ: لَا مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَهُ دَيْنٌ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ عَلَى مُقِرٍّ مَلِيٍّ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ مَا يُمَكِّنُهُ شِرَاءَ الْأُضْحِيَّةِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ فَيُضَحِّيَ، وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا إذَا وَصَلَ إلَيْهِ الدَّيْنُ، لَكِنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْأَلَ مِنْهُ ثَمَنَ الْأُضْحِيَّةِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَدْفَعُهُ. لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ غَائِبٌ فِي يَدِ شَرِيكِهِ أَوْ مُضَارِبِهِ وَمَعَهُ مَا يَشْتَرِي بِهِ الْأُضْحِيَّةَ مِنْ الْحَجَرَيْنِ أَوْ مَتَاعِ الْبَيْتِ تَلْزَمُهُ الْأُضْحِيَّةُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

كتاب الكراهية وهو مشتمل على ثلاثين بابا

فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: أَرْبَعَةُ نَفَرٍ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً لَوْنُهَا وَسَمْتُهَا وَاحِدٌ، فَحَبَسُوهَا فِي بَيْتٍ فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَجَدُوا وَاحِدَةً مِنْهَا مَاتَتْ وَلَا يُدْرَى لِمَنْ هِيَ، فَإِنَّهُ تُبَاعُ هَذِهِ الْأَغْنَامُ جُمْلَةً وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ، ثُمَّ يُوَكِّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ بِذَبْحِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، وَيُحَلِّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ أَيْضًا حَتَّى يَجُوزَ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَتْ لِزَوْجِهَا: ضَحِّ عَنِّي كُلَّ عَامٍ مِنْ مَهْرِي الَّذِي لِي عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا فَفَعَلَ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ، لَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِقِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ وَقْتِهَا عَلَى الزَّوْجَةِ الْمُعْسِرَةِ، وَلَا عَلَى الزَّوْجِ الْمُعْسِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً (ظت) وَلَا عَلَى أُمِّهِ الْمُعْسِرَةِ تَصَدُّقٌ بِلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الْفَقِيرِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ، لَا يُجْزِئُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. إذَا لَمْ يَجِدْ أُضْحِيَّةً فِي بَلَدِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ لِطَلَبِهَا إلَى مَوْضِعٍ يَمْشُونَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدِهِ لِشِرَاءِ الشِّيَاهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثِينَ بَابًا] (كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ) تَكَلَّمُوا فِي مَعْنَى الْمَكْرُوهِ، وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَصًّا أَنَّ كُلَّ مَكْرُوهٍ حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِدْ فِيهِ نَصًّا قَاطِعًا لَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهِ لَفْظَ الْحَرَامِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إلَى الْحَرَامِ أَقْرَبُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَهُوَ الْمُخْتَارُ، هَكَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ. هَذَا هُوَ الْمَكْرُوهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ، وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ فَإِلَى الْحَلَالِ أَقْرَبُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ. وَالْأَصْلُ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا أَنْ يُنْظَرَ إلَى الْأَصْلِ، فَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ إثْبَاتُ الْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا سَقَطَتْ الْحُرْمَةُ لِعَارِضٍ، يُنْظَرُ إلَى الْعَارِضِ إنْ كَانَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَكَانَتْ الضَّرُورَةُ قَائِمَةً فِي حَقِّ الْعَامَّةِ فَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ الضَّرُورَةُ هَذَا الْمَبْلَغَ فَهِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ فَصَارَ إلَى الْأَصْلِ، وَعَلَى الْعَكْسِ إنْ كَانَ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةَ يُنْظَرُ إلَى الْعَارِضِ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ وُجُودُ الْمُحَرَّمِ فَالْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ لِلتَّنْزِيهِ، نَظِيرُ الْأَوَّلِ سُؤْرُ الْهِرَّةِ، وَنَظِيرُ الثَّانِي لَبَنُ الْأَتَانِ وَلُحُومُهَا، وَنَظِيرُ الثَّالِثِ سُؤْرُ الْبَقَرَةِ الْجَلَّالَةِ وَسِبَاعِ الطَّيْرِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. (وَهَذَا الْكِتَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثِينَ بَابًا) . [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَصْلَيْنِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ أَمْرٍ دِينِيٍّ] (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ) وَهَذَا الْبَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَصْلَيْنِ. (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ أَمْرٍ دِينِيٍّ) نَحْوُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَجَاسَةِ الْمَاءِ وَطَهَارَتِهِ، وَالْإِخْبَارِ عَنْ حُرْمَةِ الْمَحَلِّ وَإِبَاحَتِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مِنْ تَعَارُضِ الْخَبَرَيْنِ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ وَطَهَارَتِهِ، وَفِي حُرْمَةِ الْعَيْنِ وَإِبَاحَتِهِ. خَبَرُ الْوَاحِدِ يُقْبَلُ فِي الدِّيَانَاتِ كَالْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَالطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ إذَا كَانَ مُسْلِمًا عَدْلًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا مَحْدُودًا أَوْ لَا، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَالْعَدَدُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْهِدَايَةِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِي الدِّيَانَاتِ إلَّا إذَا كَانَ قَبُولُ قَوْلِ الْكَافِرِ فِي الْمُعَامَلَاتِ يَتَضَمَّنُ قَوْلَهُ فِي الدِّيَانَاتِ، فَحِينَئِذٍ تَدْخُلُ الدِّيَانَاتُ فِي ضِمْنِ الْمُعَامَلَاتِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا ضَرُورَةً هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. مِنْ أَرْسَلَ رَسُولًا مَجُوسِيًّا أَوْ خَادِمًا فَاشْتَرَى لَحْمًا فَقَالَ: اشْتَرَيْتُهُ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ وَسِعَهُ أَكْلُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، مَعْنَاهُ إذَا كَانَ ذَبِيحَةَ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ وَالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْحِلِّ

أَوْلَى أَنْ يُقْبَلَ فِي الْحُرْمَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَسْتُورِ فِي الدِّيَانَاتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْكَافِي. خَبَرُ مُنَادِي السُّلْطَانِ مَقْبُولٌ عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِذَا حَضَرَ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً إلَّا فِي إنَاءٍ فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهُ قَذِرٌ وَهُوَ عِنْدَهُ مُسْلِمٌ مَرْضِيٌّ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً أَوْ امْرَأَةً حُرَّةً، هَذَا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا أَوْ مَسْتُورًا نُظِرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، وَإِنْ أَرَاقَهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ أَحْوَطَ، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ تَوَضَّأَ بِهِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِهِ وَأَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَلَا تَيَمُّمَ عَلَيْهِ، هَذَا هُوَ جَوَابُ الْحُكْمِ، فَأَمَّا فِي الِاحْتِيَاطِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بَعْدَ الْوُضُوءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ، فَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي هَذَا الْوَجْهِ قَالَ فِي الْكِتَابِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُرِيقَ الْمَاءَ ثُمَّ يَتَيَمَّمَ، وَلَوْ تَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى جَازَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا يَعْقِلَانِ مَا يَقُولَانِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ خَبَرَهُمَا فِي هَذَا كَخَبَرِ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ اشْتَرَى لَحْمًا فَلَمَّا قَبَضَهُ فَأَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ قَدْ خَالَطَهُ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَأْكُلَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. مُسْلِمٌ اشْتَرَى لَحْمًا وَقَبَضَهُ فَأَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْكُلَ وَلَا يُطْعِمَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ أَخْبَرَهُ بِحُرْمَةِ الْعَيْنِ وَبُطْلَانِ الْمِلْكِ، وَحُرْمَةُ الْعَيْنِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى - فَيَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا بُطْلَانُ الْمِلْكِ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بُطْلَانُ الْمِلْكِ، وَإِذَا ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِ الْعَيْنِ هَاهُنَا لَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَا أَنْ يَحْبِسَ الثَّمَنَ عَنْ الْبَائِعِ إذْ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ، وَلَوْ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ اللَّحْمَ وَلَكِنَّ الَّذِي كَانَ اللَّحْمُ فِي يَدِهِ أَذِنَ لَهُ بِالتَّنَاوُلِ فَأَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَلَوْ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ بِالتَّنَاوُلِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْإِذْنِ أَوْ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ حَرَامُ الْعَيْنِ لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اشْتَرَى رَجُلٌ طَعَامًا أَوْ جَارِيَةً أَوْ مَلَكَ ذَلِكَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةً فَجَاءَ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ فَشَهِدَ أَنَّ هَذَا لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ غَصَبَهُ مِنْهُ الْبَائِعُ أَوْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَيِّتُ.؟ فَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَوَطْءِ الْجَارِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَنَزَّهْ كَانَ فِي سَعَةٍ، وَكَذَلِكَ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَذِنَ لَهُ فِي أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ: هَذَا غَصْبٌ فِي يَدَيْهِ مِنْ فُلَانٍ، وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ يُكَذِّبُهُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَهُ وَهُوَ مُتَّهَمٌ غَيْرُ ثِقَةٍ؟ . فَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْهُ، فَإِنْ أَكَلَهُ أَوْ شَرِبَهُ أَوْ تَوَضَّأَ بِهِ كَانَ فِي سَعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ وُضُوءًا غَيْرَهُ وَهُوَ فِي سَفَرٍ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ مَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ الَّذِي أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ ثِقَةً عَدْلًا، وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَلَكَهُ لَمْ يَغْصِبْهُ مِنْ أَحَدٍ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ لَا يَتَنَزَّهُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَيْنِ تَسَاقَطَا بِحُكْمِ التَّعَارُضِ فَتُعْتَبَرُ الْإِبَاحَةُ الْأَصْلِيَّةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فَاسِقًا، وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ قَالَ: يَتَنَزَّهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَعَلَى هَذَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَحْمًا فَقَالَ لَهُ خَارِجٌ عَدْلٌ: لَا تَشْتَرِ فَإِنَّهُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ، وَقَالَ الْقَصَّابُ: اشْتَرِ فَإِنَّهُ ذَبِيحَةُ مُسْلِمٍ وَالْقَصَّابُ ثِقَةٌ، فَإِنَّهُ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِقَوْلِ الْقَصَّابِ عَلَى قَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ الْمَشَايِخِ لَا تَزُولُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ دَخَلَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَأْكُلُونَ طَعَامًا وَيَشْرَبُونَ شَرَابًا فَدَعَوْهُ إلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ قَدْ عَرَفَهُ: هَذَا اللَّحْمُ ذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ وَهَذَا الشَّرَابُ قَدْ خَالَطَهُ الْخَمْرُ، وَقَالَ الَّذِينَ دَعَوْهُ إلَى ذَلِكَ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ بَلْ هُوَ حَلَالٌ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ فِي حَالِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا عُدُولًا ثِقَاتٍ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ كَانُوا مُتَّهَمِينَ أَخَذَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْرَبَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، قَالَ: وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ بِالْحُرْمَةِ مُسْلِمًا حُرًّا كَانَ أَوْ مَمْلُوكًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، فَإِنْ كَانَ فِي الْقَوْمِ رَجُلَانِ ثِقَتَانِ أَخَذَ بِقَوْلِهِمَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ وَاحِدٌ ثِقَةٌ عَمِلَ فِيهِ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ رَأْيٌ وَاسْتَوَى الْحَالَانِ عِنْدَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ ذَلِكَ وَشُرْبِهِ وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ تَمَسَّكَ بِأَصْلِ الطَّهَارَةِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ حَلَالٌ مَمْلُوكَيْنِ ثِقَتَيْنِ وَاَلَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَاحِدًا حُرًّا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ. وَإِنْ كَانَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ

الفصل الثاني في العمل بخبر الواحد في المعاملات

مَمْلُوكَيْنِ ثِقَتَيْنِ وَاَلَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ حَلَالٌ حُرًّا وَاحِدًا ثِقَةً، يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَأْكُلَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخْبَرَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ عَبْدٌ ثِقَةٌ وَبِالْآخَرِ حُرٌّ ثِقَةٌ عَمِلَ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ فِيهِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مَمْلُوكَانِ ثِقَتَانِ وَبِالْأَمْرِ الْآخَرِ حُرَّانِ ثِقَتَانِ أَخَذَ بِقَوْلِ الْحُرَّيْنِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حُرَّانِ عَدْلَانِ، وَمِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْعَبِيدِ، وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ وَمِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ أَرْبَعَةَ أَعْبُدٍ يَتَرَجَّحُ خَبَرُ الْأَرْبَعَةِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ خَبَرَ الْمَمْلُوكِ وَالْحُرِّ فِي الْأَمْرِ الدِّينِيِّ عَلَى السَّوَاءِ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْعَدَالَةِ، فَيَطْلُبْ التَّرْجِيحَ أَوَّلًا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ، فَإِذَا اسْتَوَى الْعَدَدَانِ، يَطْلُبُ التَّرْجِيحَ بِكَوْنِهِ حُجَّةً فِي الْأَحْكَامِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِذَا اسْتَوَيَا يَطْلُبُ التَّرْجِيحَ مِنْ حَيْثُ التَّحَرِّي، وَكَذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ رَجُلَانِ وَبِالْآخِرِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ يُؤْخَذُ بِخَبَرِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعَدَدِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مُسْلِمًا شَهِدَ عِنْدَ رَجُلٍ أَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ فُلَانٍ وَهِيَ مُقِرَّةٌ لَهُ بِالرِّقِّ أَمَةٌ لِفُلَانٍ غَصَبَهَا وَاَلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ يَجْحَدُ ذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ مَأْمُونٍ؟ . فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهَا وَإِنْ اشْتَرَاهَا وَوَطِئَهَا فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلَوْ أَخْبَرَهُ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ أَوْ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً لِهَذَا الَّذِي فِي يَدَيْهِ فَأَعْتَقَهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ) يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالضَّرُورَةِ، وَمِنْ الْمُعَامَلَاتِ الْوَكَالَاتُ وَالْمُضَارَبَاتُ وَالرِّسَالَاتُ فِي الْهَدَايَا وَالْإِذْنُ فِي التِّجَارَاتِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا صَحَّ قَوْلُ الْوَاحِدِ فِي أَخْبَارِ الْمُعَامَلَاتِ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ فَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ تَغْلِيبِ رَأْيِهِ فِيهِ إنْ أَخْبَرَهُ صَادِقٌ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى رَأْيِهِ ذَلِكَ عَمِلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ لِرَجُلٍ فَأَخَذَهَا رَجُلٌ آخَرُ وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ عَرَفَهَا لِلْأَوَّلِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ هَذَا مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَلَكَهَا مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ أَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا، وَإِنْ اشْتَرَاهَا جَازَ وَيَكُونُ مَكْرُوهًا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَالِكَ أَذِنَ لَهُ بِالْبَيْعِ أَوْ مَلَكَهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ وَيَكُونُ الشِّرَاءُ جَائِزًا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. وَإِنْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ إنِّي اشْتَرَيْتُهَا أَوْ وَهَبَهَا لِي أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيَّ أَوْ وَكَّلَنِي بِبَيْعِهَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ إذَا كَانَ عَدْلًا مُسْلِمًا، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرَطَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْيَدِ مُسْلِمًا عَدْلًا، وَالْعَدَالَةُ شَرْطٌ أَمَّا الْإِسْلَامُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالْحَاكِمُ الشَّهِيدُ ذَكَرَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْعَدَالَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِسْلَامَ، وَتَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَنَّ ذِكْرَ الْإِسْلَامِ مِنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اتِّفَاقِيٌّ لَا أَنْ يَكُونَ شَرْطًا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ فَاسِقًا لَا تَثْبُتُ إبَاحَةُ الْمُعَامَلَةِ مَعَهُ بِنَفْسِ الْخَبَرِ بَلْ يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى أَنَّهُ صَادِقٌ حَلَّ لَهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ، وَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى أَنَّهُ كَاذِبٌ لَا يَحِلُّ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ يَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ كَمَا فِي الدِّيَانَاتِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَمْ يَعْرِفْ كَوْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْيَدِ حَتَّى أَخْبَرَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ أَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِلْكُ فُلَانٍ وَأَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِبَيْعِهَا لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فُلَانًا مَلَكَهَا مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْ أَذِنَ لَهُ بِبَيْعِهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ أَنَّ الْجَارِيَةَ مِلْكُ الْغَيْرِ وَلَمْ يُخْبِرْهُ صَاحِبُ الْيَدِ بِذَلِكَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ ذِي الْيَدِ. وَإِنْ كَانَ ذُو الْيَدِ فَاسِقًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الشَّيْءَ فِي الْغَالِبِ، وَذَلِكَ كَدُرَّةٍ نَفِيسَةٍ فِي يَدِ فَقِيرٍ لَا يَمْلِكُ قُوتَ يَوْمِهِ وَكَكِتَابٍ فِي يَدِ جَاهِلٍ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَنَزَّهَ، وَلَا يَتَعَرَّضَ لَهُ بِشِرَاءٍ، وَلَا قَبُولِ هَدِيَّةٍ، وَلَا صَدَقَةٍ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَتَاهُ بِذَلِكَ امْرَأَةً حُرَّةً كَانَ الْجَوَابُ فِيهَا كَالْجَوَابِ فِي الرَّجُلِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَتَى بِهِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ هِبَةً، وَلَا صَدَقَةً حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ الْعَبْدُ أَنَّ مَوْلَاهُ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ

وَصَدَقَتِهِ. فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ ثِقَةً لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فَاسِقًا فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ بَقِيَ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ كَمَا فِي الْحُرِّ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَتَى بِهِ غُلَامًا صَغِيرًا أَوْ جَارِيَةً صَغِيرَةً حُرًّا أَوْ مَمْلُوكًا لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ قَبْلَ السُّؤَالِ، فَإِنْ قَالَ: إنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ عَدْلًا، فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ التَّحَرِّي، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ هَذَا الصَّغِيرُ أَرَادَ أَنْ يَهَبَ مَا أَتَى بِهِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ لَا يَقْبَلَ هَدِيَّتَهُ، وَلَا صَدَقَتَهُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ، فَإِنْ قَالَ: إنَّهُ مَأْذُونٌ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَالْقَابِضُ يَتَحَرَّى وَيَبْنِي الْحُكْمَ عَلَى مَا يَقَعُ تَحَرِّيهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ التَّحَرِّي، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِنَّمَا يُصَدِّقُ الصَّغِيرَ فِيمَا يُخْبِرُ بَعْدَ مَا تَحَرَّى وَوَقَعَ تَحَرِّيهِ أَنَّهُ صَادِقٌ إذَا قَالَ: هَذَا الْمَالُ مَالُ أَبِي أَوْ مَالُ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مَالُ مَوْلَايَ، وَقَدْ بَعَثَ بِهِ إلَيْكَ هَدِيَّةً أَوْ صَدَقَةً، فَأَمَّا إذَا قَالَ: هُوَ مَالُنَا، وَقَدْ أَذِنَ لَنَا أَبُونَا أَنْ نَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْكَ أَوْ نَهَبَهُ لَكَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالْفَقِيرُ إذَا أَتَاهُ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ مَوْلَاهُ يَتَحَرَّى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَذِنَ فِي دُخُولِ الدَّارِ عَبْدُ رَجُلٍ أَوْ ابْنُهُ الصَّغِيرُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَتَحَرَّى إلَّا أَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَا يَمْتَنِعُونَ عَنْ ذَلِكَ فَيَجُوزُ لِأَجَلِ ذَلِكَ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ إذَا أَتَى بَقَّالًا أَوْ نَحْوَهُ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا وَأَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّهُ أَمَرَتْهُ بِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ طَلَبَ الصَّابُونَ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ مِنْهُ، وَإِنْ طَلَبَ الزَّبِيبَ وَالْبَاقِلَاءَ وَالْقُبَيْطَاءَ مِمَّا يَأْكُلُهُ الصِّبْيَانُ عَادَةً لَا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. جَارِيَةٌ قَالَتْ لِرَجُلٍ: بَعَثَنِي مَوْلَايَ إلَيْكَ هَدِيَّةً وَسِعَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقْبُولٌ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ بَعْدَ أَنْ كَانَ عَاقِلًا وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَهَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَرَفَ جَارِيَةً لِرَجُلٍ يَدَّعِيهَا وَيَزْعُمُ أَنَّهَا لَهُ وَالْأَمَةُ تُصَدِّقُهُ فِي أَنَّهَا لَهُ، ثُمَّ رَأَى الْجَارِيَةَ فِي يَدِ رَجُلٍ آخَرَ يَقُولُ هَذَا الَّذِي فِي يَدِهِ: كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ فُلَانٍ، وَفُلَانٌ ذَلِكَ كَانَ مُدَّعِيًا أَنَّهَا لَهُ وَالْجَارِيَةُ تُصَدِّقُهُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْجَارِيَةَ كَانَتْ لِي، وَإِنَّمَا أَمَرْتُ فُلَانًا بِذَلِكَ لِأَمْرٍ خَفِيٍّ وَصَدَّقَتْهُ الْجَارِيَةُ فِي قَوْلِهِ هَذَا وَالْمُدَّعِي مُسْلِمٌ ثِقَةٌ لَا بَأْسَ لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِ السَّامِعِ أَنَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ كَاذِبٌ فِيمَا يَقُولُ لَا يَنْبَغِي لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، وَلَا يَقْبَلَ هِبَتَهُ، وَلَا صَدَقَتَهُ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ ذُو الْيَدِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ قَالَ: هِيَ لِي ظَلَمَنِي فُلَانٌ وَغَصَبَهَا مِنِّي فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ لَا يَنْبَغِي لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ، وَلَا يَقْبَلَ هِبَتَهُ وَلَا صَدَقَتَهُ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ ثِقَةً أَوْ غَيْرَ ثِقَةٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْغَصْبَ، وَإِنَّمَا أَقَرَّ بِالتَّلْجِئَةِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ أَمْرٌ مُسْتَنْكَرٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، أَمَّا فِي التَّلْجِئَةِ مَا أَخْبَرَ بِخَبَرٍ مُسْتَنْكَرٍ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ. وَإِنْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ: كَانَ فُلَانٌ ظَلَمَنِي وَغَصَبَهَا مِنِّي، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ظُلْمِهِ فَأَقَرَّ بِهَا لِي وَدَفَعَهَا إلَيَّ، فَإِنْ كَانَ ثِقَةً لَا بَأْسَ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ وَيَشْتَرِيَ مِنْهُ الْجَارِيَةَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: غَصَبَهَا مِنِّي فُلَانٌ فَخَاصَمْتُهُ إلَى الْقَاضِي فَقَضَى الْقَاضِي لِي بِهَا بِبَيِّنَةٍ أَقَمْتُهَا أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّامِعِ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ إذَا كَانَ ثِقَةً، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ كَاذِبًا فِي أَكْبَرِ رَأْيِ السَّامِعِ فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِيهَا مِنْهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ، وَإِنْ قَالَ: قَضَى لِي بِهَا الْقَاضِي فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَدَفَعَهَا إلَيَّ، أَوْ قَالَ: قَضَى الْقَاضِي لِي بِهَا فَأَخَذْتُهَا مِنْ مَنْزِلِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، إنْ كَانَ ثِقَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ، وَإِنْ قَالَ: قَضَى لِي بِهَا فَجَحَدَنِي الْقَضَاءَ فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً، كَمَا لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ فُلَانٍ وَنَقَدْتُهُ الثَّمَنَ، ثُمَّ جَحَدَ الْبَيْعَ فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ فُلَانٍ وَنَقَدْتُهُ الثَّمَنَ وَقَبَضْتُهَا بِأَمْرِهِ وَهُوَ مَأْمُونٌ ثِقَةٌ عِنْدَ السَّامِعِ، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ: إنَّ فُلَانًا ذَلِكَ جَحَدَ هَذَا الْبَيْعَ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ مِنْهُ شَيْئًا، وَالْقَائِلُ الثَّانِي مَأْمُونٌ ثِقَةٌ أَيْضًا، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلسَّامِعِ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ وَأَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ. وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ الثَّانِي غَيْرَ ثِقَةٍ إلَّا أَنَّ فِي أَكْبَرِ رَأْيِ السَّامِعِ أَنَّ الثَّانِي صَادِقٌ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا غَيْرَ ثِقَتَيْنِ وَفِي

أَكْبَرِ رَأْيِ السَّامِعِ أَنَّ الثَّانِي صَادِقٌ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ وَلَا يَقْبَلَ قَوْلَهُ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ الثَّانِي ثِقَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ رَأَى رَجُلًا يَبِيعُ جَارِيَةً عُرِفَتْ لِآخَرَ فَشَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ أَنَّ مَوْلَاهَا أَمَرَهُ بِبَيْعِهَا فَاشْتَرَى وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَقَبَضَ، ثُمَّ حَضَرَ مَوْلَاهَا وَجَحَدَ الْأَمْرَ، فَالْمُشْتَرِي فِي سَعَةٍ مِنْ مَنْعِهَا حَتَّى يُخَاصِمَ إلَى الْقَاضِي، وَإِذَا قَضَى بِهَا لِلْمَالِكِ لَمْ يَسَعْهُ إمْسَاكُهَا إلَّا أَنْ يُجَدِّدَ الشَّهَادَةَ بِالْوَكَالَةِ عِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى يَقْضِيَ بِهَا شَرْعًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ: إنَّ فُلَانًا أَمَرَنِي بِبَيْعِ جَارِيَتِهِ الَّتِي فِي مَنْزِلِهِ وَدَفَعَهَا إلَى مُشْتَرِيهَا فَلَا بَأْسَ بِشِرَائِهَا مِنْهُ وَقَبْضِهَا مِنْ مَنْزِلِ مَوْلَاهَا بِأَمْرِ الْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إذَا أَوْفَاهُ ثَمَنَهَا، إذَا كَانَ الْبَائِعُ ثِقَةً أَوْ كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ، وَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ لَمْ يَسَعْ لَهُ أَنْ يَعْتَرِضَ لَهُ حَتَّى يَسْتَأْمِرَ مَوْلَاهَا فِي أَمْرِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَهَا وَوَطِئَهَا ثُمَّ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ الْبَائِعَ كَذَبَ فِيمَا قَالَ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَكْبَرُ ظَنِّهِ، فَإِنَّهُ يَعْتَزِلُ وَطْأَهَا حَتَّى يَتَعَرَّفَ خَبَرَهَا، وَهَكَذَا أَمْرُ النَّاسِ مَا لَمْ يَجِئْ التَّجَاحُدُ مِنْ الَّذِي كَانَ يَمْلِكُ الْجَارِيَةَ، فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ لَمْ يَقْرَبْهَا وَرَدَّهَا عَلَيْهِ وَيَتْبَعُ الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ، وَيَنْبَغِي لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ الْعُقْرَ إلَى مَوْلَى الْجَارِيَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا وَكِيلُ فُلَانٍ وَقَدْ زَوَّجْتُكَ ابْنَتَهُ هَذِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ لَهُ أَنْ يَطَأهَا، وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ وَهِيَ فِي حِجْرِ أَخِيهَا فَلَا حَتَّى يُقِرَّ الْأَخُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى غَابَ عَنْهَا وَأَخْبَرَ مُخْبِرٌ أَنَّهَا قَدْ ارْتَدَّتْ، فَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ عِنْدَهُ ثِقَةً وَهُوَ حُرٌّ أَوْ مَمْلُوكٌ أَوْ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ وَسِعَهُ أَنْ يُصَدِّقَ الْمُخْبِرَ وَيَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ ثِقَةً وَفِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ، وَلَوْ أَنَّ مُخْبِرًا أَخْبَرَ الْمَرْأَةَ أَنَّ زَوْجَهَا قَدْ ارْتَدَّ ذَكَرَ فِي الِاسْتِحْسَانِ مِنْ الْأَصْلِ أَنَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ، وَسَوَّى بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَذَكَرَ فِي السِّيَرِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهَا رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الصَّحِيحُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ وُقُوعُ الْفُرْقَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَفِي هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً فَأَخْبَرَهُ إنْسَانٌ أَنَّهَا ارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّهِ أَوْ أُخْتِهِ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ إنْسَانٌ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ مُرْتَدَّةٌ يَوْمَ تَزَوَّجَهَا أَوْ كَانَتْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَالْمُخْبِرُ ثِقَةٌ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا مَا لَمْ يَشْهَدْ بِذَلِكَ عِنْدَهُ شَاهِدَا عَدْلٍ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِفَسَادِ عَقْدٍ كَانَ مَحْكُومًا بِصِحَّتِهِ ظَاهِرًا فَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدَا عَدْلٍ بِذَلِكَ وَسِعَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا، وَلَوْ أَتَاهَا رَجُلٌ فَأَخْبَرَهَا أَنَّ أَصْلَ نِكَاحِهَا كَانَ فَاسِدًا أَوْ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ أَخًا لَهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ كَانَ مُرْتَدًّا لَمْ يَسَعْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُشْتَهَاةً فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّ أَبَا الزَّوْجِ أَوْ ابْنَهُ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا أَوْ أَرْبَعٍ سِوَاهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِسَبْقِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ عَلَى النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ ثَمَّةَ يُنَازِعُهُ، وَفِي الْعَارِضِ لَا يُنَازِعُهُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ، فَإِنْ وَقَعَ عِنْدَهُ صِدْقُهُ وَجَبَ قَبُولُهُ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. امْرَأَةٌ غَابَ زَوْجُهَا فَأَتَاهَا مُسْلِمٌ غَيْرُ ثِقَةٍ بِكِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ زَوْجِهَا، وَلَا تَدْرِي أَنَّهُ كِتَابُهُ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ أَكْبَرَ رَأْيِهَا أَنَّهُ حَقٌّ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَعْتَدَّ ثُمَّ تَتَزَوَّجَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا غَابَ الرَّجُلُ عَنْ امْرَأَتِهِ فَأَتَاهَا مُسْلِمٌ عَدْلٌ فَأَخْبَرَهَا أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا تَتَحَرَّى، ثُمَّ إذَا أَخْبَرَهَا عَدْلٌ مُسْلِمٌ أَنَّهُ مَاتَ زَوْجُهَا إنَّمَا تَعْتَمِدُ عَلَى خَبَرِهِ إذَا قَالَ: عَايَنْتُهُ مَيِّتًا، أَوْ قَالَ: شَهِدْتُ جِنَازَتَهُ، أَمَّا إذَا قَالَ: أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ لَا تَعْتَمِدُ عَلَى خَبَرِهِ، وَإِنْ أَخْبَرَهَا وَاحِدٌ بِمَوْتِهِ وَرَجُلَانِ آخَرَانِ أَخْبَرَا بِحَيَاتِهِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَهَا بِمَوْتِهِ قَالَ: عَايَنْتُهُ مَيِّتًا أَوْ شَهِدْتُ جِنَازَتَهُ حَلَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ، وَإِنْ كَانَ اللَّذَانِ أَخْبَرَا بِحَيَاتِهِ ذَكَرًا تَارِيخًا لَاحِقًا فَقَوْلُهُمَا أَوْلَى، وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِمَوْتِهِ أَوْ قَتْلِهِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ حَيٌّ فَشَهَادَةُ الْمَوْتِ أَوْلَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ لِلْمَرْأَةِ أَنَّ

الباب الثاني في العمل بغالب الرأي

زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ يَجْحَدُ، ثُمَّ غَابَا أَوْ مَاتَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي لَمْ يَسَعْ الْمَرْأَةَ أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ وَأَنْ تَدَعَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا، وَلَا يَسَعُهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عِنْدَ الْمَرْأَةِ بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا وَسِعَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ زَوْجِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ سَمِعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَجَحَدَ الزَّوْجُ ذَلِكَ وَحَلَفَ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ الْقَاضِي لَمْ يَسَعْهَا الْمَقَامُ مَعَهُ، وَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ بِمَالِهَا أَوْ تَهْرَبَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ قَتَلَتْهُ، وَإِذَا هَرَبَتْ مِنْهُ لَمْ يَسَعْهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَا ذُكِرَ أَنَّهَا إذَا هَرَبَتْ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ جَوَابُ الْقَضَاءِ، أَمَّا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى - فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ بَعْدَ مَا اعْتَدَّتْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِرَجُلٍ: إنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتِي، فَإِنْ كَانَتْ عَدْلَةٌ وَسِعَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَإِنْ كَانَتْ فَاسِقَةً تَحَرَّى وَعَمِلَ بِمَا وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا إذَا قَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي وَتَزَوَّجْتُ بِزَوْجٍ آخَرَ وَدَخَلَ بِي، ثُمَّ طَلَّقَنِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي فَلَا بَأْسَ عَلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا كَانَتْ عِنْدَهُ ثِقَةً أَوْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ، وَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: حَلَلْتُ لَكَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مَا لَمْ يَسْتَفْسِرْهَا لِلِاخْتِلَافِ بَيْنَ النَّاسِ فِي حِلِّهَا لَهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ مُطْلَقَ خَبَرِهَا بِالْحِلِّ، وَلَوْ أَنَّ جَارِيَةً صَغِيرَةً لَا تُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهَا فِي يَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهَا لَهُ فَلَمَّا كَبِرَتْ لَقِيَهَا رَجُلٌ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَقَالَتْ: أَنَا حُرَّةُ الْأَصْلِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَإِنْ قَالَتْ: كُنْتُ أَمَةً لِلَّذِي كُنْتُ عِنْدَهُ فَأَعْتَقَنِي وَكَانَتْ عِنْدَهُ ثِقَةً أَوْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ لَمْ أَرَ بَأْسًا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ إذَا تَزَوَّجَتْ رَجُلًا، ثُمَّ قَالَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ: إنَّ نِكَاحِي كَانَ فَاسِدًا لِمَا أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ لَا يَسَعُ لِهَذَا أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهَا وَلَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِأَمْرٍ مُسْتَنْكَرٍ، وَإِنْ قَالَتْ طَلَّقَنِي بَعْدَ النِّكَاحِ أَوْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَسِعَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى خَبَرِهَا وَيَتَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِخَبَرٍ مُحْتَمَلٍ، وَإِذَا أَخْبَرَتْ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهَا، وَإِنْ أَخْبَرَتْ بِالْحُرْمَةِ بِأَمْرٍ عَارِضٍ بَعْدَ النِّكَاحِ مِنْ رَضَاعٍ طَارِئٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ ثِقَةً عِنْدَهُ أَوْ لَمْ تَكُنْ ثِقَةً وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَمَلِ بِغَالِبِ الرَّأْيِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَمَلِ بِغَالِبِ الرَّأْيِ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْعَمَلَ بِغَالِبِ الرَّأْيَ جَائِزٌ فِي بَابِ الدِّيَانَاتِ، وَفِي بَابِ الْمُعَامَلَاتِ، وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ بِغَالِبِ الرَّأْيِ فِي الدِّمَاءِ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنْ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى غَيْرِهِ لَيْلًا وَهُوَ شَاهِرٌ سَيْفَهُ أَوْ مَادٌّ رُمْحَهُ يَشُدُّ نَحْوَهُ وَلَا يَدْرِي صَاحِبُ الْمَنْزِلِ أَنَّهُ لِصٌّ أَوْ هَارِبٌ مِنْ اللُّصُوصِ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِرَأْيِهِ، فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ لِصٌّ قَصَدَهُ لِيَأْخُذَ مَالَهُ وَيَقْتُلَهُ إنْ مَنَعَهُ، وَخَافَ أَنَّهُ إنْ زَجَرَهُ أَوْ صَاحَ بِهِ أَنْ يُبَادِرَهُ بِالضَّرْبِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشُدَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَيْتِ بِالسَّيْفِ لِيَقْتُلَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ هَارِبٌ مِنْ اللُّصُوصِ لَمْ يَسَعْ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ عَلَيْهِ وَلَا يَقْتُلَهُ، وَإِنَّمَا يَتَوَصَّلُ إلَى أَكْبَرِ رَأْيِهِ فِي حَقِّ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُحَكِّمَ زِيَّهُ وَهَيْئَتَهُ، أَوْ كَانَ قَدْ عَرَفَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْجُلُوسِ مَعَ أَهْلِ الْخَيْرِ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ هَارِبٌ مِنْ اللُّصُوصِ، وَإِنْ عَرَفَهُ بِالْجُلُوسِ مَعَ السُّرَّاقِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ سَارِقٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالُوا فِيمَا إذَا اسْتَقْبَلَ الْمُسْلِمِينَ جَمَاعَةٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَأَشْكَلَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَالُهُمْ أَنَّهُمْ أَعْدَاءٌ أَوْ مُسْلِمُونَ فَإِنَّهُمْ يَتَحَرَّوْنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَسُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِهِ أَيَحِلُّ لَهُ قَتْلُهُ؟ . قَالَ: إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْزَجِرُ عَنْ الزِّنَا بِالصِّيَاحِ أَوْ بِالضَّرْبِ بِمَا دُونَ السِّلَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتُلُهُ، وَلَا يُقَاتِلُ مَعَهُ بِالسِّلَاحِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ إلَّا بِالْقَتْلِ وَالْمُقَاتِلَةِ مَعَهُ بِالسِّلَاحِ حَلَّ لَهُ الْقَتْلُ، كَذَا فِي فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا وَجَدَ الرَّجُلُ مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ رَجُلًا يُرِيدُ أَنْ يَغْلِبَهَا عَلَى نَفْسِهَا فَيَزْنِيَ بِهَا قَالَ: لَهُ أَنْ

الباب الثالث في الرجل رأى رجلا يقتل أباه

يَقْتُلَهُ، فَإِنْ رَآهُ مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ مَعَ مَحْرَمٍ لَهُ وَهِيَ تُطَاوِعُهُ عَلَى ذَلِكَ قَتَلَ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ إذَا عَرَضَ الرَّجُلُ فِي الصَّحْرَاءِ يُرِيدُ أَخْذَ مَالَهُ إنْ كَانَ مَالُهُ عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُ قَتْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ يُقَاتِلُهُ وَلَا يَقْتُلُهُ، وَلَوْ رَأَى رَجُلًا يَزْنِي مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ امْرَأَةِ آخَرَ وَهُوَ مُحْصَنٌ فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يَذْهَبْ وَلَمْ يَمْتَنِعْ عَنْ الزِّنَا حَلَّ لَهُ قَتْلُهُ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَكَذَا رَجُلٌ رَأَى مَنْ يَسْرِقُ مَالَهُ فَصَاحَ بِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ أَوْ رَأَى رَجُلًا يَنْقُبُ حَائِطَهُ أَوْ حَائِطَ آخَرَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالسَّرِقَةِ فَصَاحَ بِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ حَلَّ قَتْلُهُ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُكْرِهَ غُلَامًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى فَاحِشَةٍ عَلَيْهِمَا أَنْ يُقَاتِلَا، فَإِنْ قَتَلَهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ مَنْعَهُ إلَّا بِالْقَتْلِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَمْ يَرَهَا فَأَدْخَلَهَا عَلَيْهِ إنْسَانٌ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَسِعَهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ وَيَطَأَهَا إذَا كَانَ ثِقَةً عِنْدَهُ أَوْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّجُلِ رَأَى رَجُلًا يَقْتُلُ أَبَاهُ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّجُلِ رَأَى رَجُلًا يَقْتُلُ أَبَاهُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ) إذَا رَأَى الرَّجُلُ رَجُلًا يَقْتُلُ أَبَاهُ مُتَعَمِّدًا وَأَنْكَرَ الْقَاتِلُ أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ أَوْ قَالَ لِابْنِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إنِّي قَتَلْتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ وَالِدِي فُلَانًا عَمْدًا أَوْ لِأَنَّهُ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَعْلَمْ الِابْنُ شَيْئًا مِمَّا قَالَ الْقَاتِلُ، وَلَا وَارِثَ لِلْمَقْتُولِ غَيْرُهُ فَالِابْنُ فِي سَعَةٍ مِنْ قَتْلِهِ، وَإِذَا أَقَامَ الِابْنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ بِأَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ فَقَضَى لَهُ الْقَاضِي بِالْقَوَدِ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ قَتْلِهِ، وَإِذَا شَهِدَ عِنْدَ الِابْنِ شَاهِدَا عَدْلٍ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَتَلَ أَبَاهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُوجِبُ الْحَقَّ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَضَاءُ الْقَاضِي، وَاَلَّذِي بَيَّنَّا فِي الِابْنِ كَذَلِكَ فِي غَيْرِهِ إذَا عَايَنَ الْقَتْلَ أَوْ سَمِعَ إقْرَارَ الْقَاتِلِ بِهِ، أَوْ عَايَنَ قَضَاءَ الْقَاضِي بِهِ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَنْ يُعِينَ الِابْنَ عَلَى قَتْلِهِ، وَإِذَا شَهِدَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يُعِينَهُ عَلَى قَتْلِهِ بِشَهَادَتِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَ الْقَاضِي لِلِابْنِ بِذَلِكَ، وَإِنْ أَقَامَ الْقَاتِلُ عِنْدَ الِابْنِ شَاهِدِينَ عَدْلَيْنِ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ قَتَلَ أَبَا هَذَا الرَّجُلِ عَمْدًا فَقَتَلَتْهُ لَمْ يَنْبَغِ لِلِابْنِ أَنْ يُعَجِّلَ بِقَتْلِهِ حَتَّى يَنْظُرَ فِيمَا شَهِدَا بِهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لِغَيْرِهِ أَنْ يُعِينَهُ عَلَى ذَلِكَ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ بِمَا قُلْنَا أَوْ بِأَنَّهُ كَانَ مُرْتَدًّا حَتَّى يَتَثَبَّتَ فِيهِ، وَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ مَحْدُودَانِ فِي قَذْفٍ أَوْ عَبْدَانِ أَوْ نِسْوَةٌ عُدُولٌ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ أَوْ فَاسِقَانِ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ قَتْلِهِ، وَإِنْ تَثَبَّتَ فِيهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ شَاهِدٌ عَدْلٌ مِمَّنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَقَالَ الْقَاتِلُ: عِنْدِي شَاهِدٌ آخَرُ مِثْلُهُ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنْ لَا يُعَجِّلَ بِقَتْلِهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيَأْتِيهِ بِآخَرَ أَمْ لَا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَ الِابْنِ عَدْلَانِ بِالْقَتْلِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْقَاتِلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَلَا لِلْآخِرِ أَنْ يُعِينَهُ إلَّا إذَا قَضَى بِهِ الْقَاضِي، وَإِذَا قَضَى ثُمَّ شَهِدَ بِهِ عَدْلَانِ أَنَّ أَبَاهُ قَتَلَ وَلِيَّهُ عَمْدًا أَوْ كَانَ مُرْتَدًّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ بِقَتْلِهِ فِي الدِّيَانَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَالٌ فِي يَدِ رَجُلٍ شَهِدَ عَدْلَانِ عِنْدَ رَجُلٍ أَنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ لِأَبِيكَ غَصَبَهُ هَذَا الرَّجُلُ مِنْهُ، وَلَا وَارِثَ لِلْأَبِ غَيْرُهُ فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِشَهَادَتِهِمْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْمَالَ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ الْقَاضِي وَيَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَا يَسَعُ لِغَيْرِ الْوَارِثِ أَنْ يُعِينَ الْوَارِثَ عَلَى أَخْذِهِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا الْقَضَاءُ، وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ عَايَنَ أَخْذَهُ مِنْ أَبِيهِ وَسِعَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ الْآخِذُ عِنْدَهُ بِالْأَخْذِ، وَكَذَلِكَ يَسَعُ مَنْ عَايَنَ ذَلِكَ إعَانَتُهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ إذَا امْتَنَعَ وَهُوَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى سُلْطَانٍ يَأْخُذُ لَهُ حَقَّهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِإِقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ مِنْ أَبِيهِ لَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى يُثْبِتَهُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَمَنْ سَمِعَ إقْرَارَ رَجُلٍ بِمَالٍ ثُمَّ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ صَارَ هِبَةً لَهُ، فَإِنْ شَاءَ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْمَالِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَشْهَدْ، وَلَوْ كَانَ شَاهِدًا بِالنِّكَاحِ أَوْ الرِّقِّ ثُمَّ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ لَمْ يَشْهَدْ بِالنِّكَاحِ وَالرِّقِّ، وَكَذَا الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ، وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا عَلِمَ عَلَى مُورِثِهِ دَيْنًا لِرَجُلٍ فَأَخْبَرَهُ عَدْلَانِ بِالْقَضَاءِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْعِلْمِ، وَكَذَا إذَا كَانَ أَخْبَرَهُ الْمَيِّتُ بِالْقَضَاءِ أَوْ أَخْبَرَهُ مَعَ عَدْلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَحْلِفَ ثَمَّةَ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الباب الرابع في الصلاة والتسبيح ورفع الصوت عند قراءة القرآن

[الْبَاب الرَّابِع فِي الصَّلَاة وَالتَّسْبِيح وَرَفَعَ الصوت عِنْد قِرَاءَة الْقُرْآن] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيحِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ) صَلَّى وَهُوَ مَشْدُودُ الْوَسَطِ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ مُسْلِمٍ ثَوْبًا أَوْ بِسَاطًا صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَائِعُهُ شَارِبَ خَمْرٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ يَجْتَنِبُ النَّجَاسَةَ، وَلَوْ صَلَّى فِي إزَارِ الْمَجُوسِيِّ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ حِذَاءَ الْبَالُوعَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ بِقُرْبِهِ، قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي بَيْتٍ فِيهِ بَالُوعَةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَأْسِ الصُّورَةِ بِلَا جُثَّةٍ هَلْ يُكْرَهُ اتِّخَاذُهُ وَالصَّلَاةُ عِنْدَهُ؟ . اتِّخَاذُ الصُّوَرِ فِي الْبُيُوتِ وَالثِّيَابِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الصَّلَاةِ عَلَى نَوْعَيْنِ نَوْعٍ يَرْجِعُ إلَى تَعْظِيمِهَا فَيُكْرَهُ وَنَوْعٍ يَرْجِعُ إلَى تَحْقِيرِهَا فَلَا يُكْرَهُ، وَعَنْ هَذَا قُلْنَا إذَا كَانَتْ الصُّورَةُ عَلَى الْبِسَاطِ مَفْرُوشًا لَا يُكْرَهُ، وَإِذَا كَانَ الْبِسَاطُ مَنْصُوبًا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْكَلَامُ مِنْهُ مَا يُوجِبُ أَجْرًا كَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ وَعِلْمِ الْفِقْهِ، وَقَدْ يَأْثَمُ بِهِ إذَا فَعَلَهُ فِي مَجْلِسِ الْفِسْقِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِهْزَاءِ وَالْمُخَالَفَةِ لِمُوجِبِهِ، وَإِنْ سَبَّحَ فِيهِ لِلِاعْتِبَارِ وَالْإِنْكَارِ وَلِيَشْتَغِلُوا عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ الْفِسْقِ فَحَسَنٌ، وَكَذَا مَنْ سَبَّحَ فِي السُّوقِ بِنِيَّةِ أَنَّ النَّاسَ غَافِلُونَ مُشْتَغِلُونَ بِأُمُورِ الدُّنْيَا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِالتَّسْبِيحِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ تَسْبِيحِهِ وَحْدَهُ فِي غَيْرِ السُّوقِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. مَنْ جَاءَ إلَى تَاجِرٍ يَشْتَرِي مِنْهُ ثَوْبًا فَلَمَّا فَتَحَ التَّاجِرُ الثَّوْبَ سَبَّحَ اللَّهَ تَعَالَى وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِهِ إعْلَامَ الْمُشْتَرِي جَوْدَةَ ثَوْبِهِ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ شَرِبَ الْخَمْرَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَوْ أَكَلَ شَيْئًا غَصَبَهُ مِنْ إنْسَانٍ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَارِسٌ يَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَوْ يَقُولُ: صَلَّى اللَّه عَلَى مُحَمَّد يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ لِذَلِكَ ثَمَنًا، بِخِلَافِ الْعَالِمِ إذَا قَالَ: فِي الْمَجْلِسِ صَلَّوْا عَلَى النَّبِيِّ، أَوْ الْغَازِي يَقُولُ: كَبِّرُوا حَيْثُ يُثَابُ، كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَإِنْ سَبَّحَ الْفُقَّاعِيُّ أَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ فَتْحِ فُقَّاعِهِ عَلَى قَصْدِ تَرْوِيجِهِ وَتَحْسِينِهِ، أَوْ الْقَصَّاصُ إذَا قَصَدَ بِهَا. (كومئ هنكامه) أَثِمَ، وَعَنْ هَذَا يُمْنَعُ إذَا قَدِمَ وَاحِدٌ مِنْ الْعُظَمَاءِ إلَى مَجْلِسٍ فَسَبَّحَ أَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ إعْلَامًا بِقُدُومِهِ حَتَّى يَنْفَرِجَ لَهُ النَّاسُ أَوْ يَقُومُوا لَهُ يَأْثَمُ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَاضٍ عِنْدَهُ جَمْعٌ عَظِيمٌ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ جُمْلَةً لَا بَأْسَ بِهِ، وَالْإِخْفَاءُ أَفْضَلُ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى - وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ يُخْفُونَ، وَالْإِخْفَاءُ أَفْضَلُ عِنْدَ الْفَزَعِ فِي السَّفِينَةِ أَوْ مُلَاعَبَتِهِمْ بِالسُّيُوفِ، وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ بِلَا تَعْظِيمٍ بِلَا إرْدَافِ وَصْفٍ صَالِحٍ لِلتَّعْظِيمِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ سَمِعَ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى - يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَظِّمَهُ وَيَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَوْ سَمِعَ اسْمَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَإِنْ سَمِعَ مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا مَرَّةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ عِنْدَ كُلِّ سَمَاعٍ، وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ، كَذَا فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ. لَوْ سَمِعَ اسْمَ اللَّهِ مِرَارًا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَظِّمَ وَيَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَبَارَكَ اللَّهُ عِنْدَ كُلِّ سَمَاعٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. إنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ عِنْدَ سَمَاعِ اسْمِهِ تَبْقَى الصَّلَاةُ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي الذِّمَّةِ، بِخِلَافِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ كُلَّ وَقْتٍ مَحَلٌّ لِلْأَدَاءِ فَلَا يَكُونُ مَحَلُّ الْقَضَاءِ وَالسَّلَامُ يُجْزِي عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وأَصْحَابِهِ - وَحْدَهُ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فُلَانٍ، وَلَوْ جَمَعَ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَجِبُ الرِّضْوَانُ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ سَمِعَ اسْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ

يَقْرَأُ لَا يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْقُرْآنِ فَحَسَنٌ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَمَرَّ عَلَى اسْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ فَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى تَأْلِيفِهِ وَنَظْمِهِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَإِنْ فَرَغَ فَفَعَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَسُئِلَ الْبَقَّالِيُّ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَهِيَ أَفْضَلُ أَمْ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا فَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالدُّعَاءُ وَالتَّسْبِيحُ أَوْلَى مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَكَانَ السَّلَفُ يُسَبِّحُونَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، وَلَا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. يُفَضَّلُ بَعْضُ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَنَحْوِهَا، وَمَعْنَى الْأَفْضَلِيَّةِ أَنَّ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ كَثِيرٌ، وَقِيلَ بِأَنَّهُ لِلْقَلْبِ أَيْقَظُ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ وَبِهَذَا الْمَعْنَى يُقَالُ: إنَّ الْقُرْآنَ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُفَضَّلَ بَعْضُ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ أَصْلًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى أَحْسَنِ أَحْوَالِهِ يَلْبَسُ صَالِحَ ثِيَابِهِ وَيَتَعَمَّمُ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ؛ لِأَنَّ تَعْظِيمَ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ وَاجِبٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَإِنْ أَرَادَ افْتِتَاحَ أَمْرٍ لَا يَتَعَوَّذُ، وَإِنْ أَرَادَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ يَتَعَوَّذُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ أَرَادَ قِرَاءَةَ سُورَةٍ أَوْ قِرَاءَةَ آيَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَيُتْبِعَ ذَلِكَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَإِنْ اسْتَعَاذَ بِسُورَةِ الْأَنْفَالِ وَسَمَّى وَمَرَّ فِي قِرَاءَتِهِ إلَى سُورَةِ التَّوْبَةِ وَقَرَأَهَا كَفَاهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاسْتِعَاذَةِ وَالتَّسْمِيَةِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُخَالِفَ الَّذِينَ اتَّفَقُوا وَكَتَبُوا الْمَصَاحِفَ الَّتِي فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى خَتْمِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ فَقَطَعَ الْقِرَاءَةَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبْتَدِئَ سُورَةَ التَّوْبَةِ كَانَ كَإِرَادَتِهِ ابْتِدَاءَ قِرَاءَتِهِ مِنْ الْأَنْفَالِ فَيَسْتَعِيذُ وَيُسَمِّي، وَكَذَلِكَ سَائِرُ السُّوَرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ التَّعَوُّذِ كَيْفَ هُوَ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقُولَ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ حَتَّى يَكُونَ مُوَافِقًا لِلْقُرْآنِ، وَلَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ أَوْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ جَازَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّعَوُّذُ مَوْصُولًا بِالْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مُعَدًّا لِلنَّجَاسَةِ، فَإِنْ كَانَ يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الْحَمَّامِ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ رَفَعَ صَوْتَهُ يُكْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَأَمَّا التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ رَفَعَ صَوْتَهُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ خَارِجَ الْحَمَّامِ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ غُسَالَةُ النَّاسِ نَحْوُ مَجْلِسِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ وَالثِّيَابِيِّ فَقَدْ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِيهِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُكْرَهُ، وَلَيْسَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. يُكْرَهُ أَنْ يُقْرَأَ الْقُرْآنُ فِي الْحَمَّامِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ النَّجَاسَاتِ، وَلَا يُقْرَأُ فِي بَيْتِ الْخَلَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَا يُقْرَأُ الْقُرْآنُ فِي الْمَخْرَجِ وَالْمُغْتَسَلِ وَالْحَمَّامِ إلَّا حَرْفًا حَرْفًا، وَقِيلَ: يُكْرَهُ ذَلِكَ أَيْضًا وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَتُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الطَّوَافِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. لَا يُقْرَأُ جَهْرًا عِنْدَ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْأَعْمَالِ وَمِنْ حُرْمَةِ الْقُرْآنِ أَنْ لَا يُقْرَأَ فِي الْأَسْوَاقِ، وَفِي مَوْضِعِ اللَّغْوِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. لَوْ قَرَأَ طَمَعًا فِي الدُّنْيَا فِي الْمَجَالِسِ يُكْرَهُ، وَإِنْ قَرَأَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُكْرَهُ، وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ إذَا اجْتَمَعُوا أَمَرُوا أَحَدَهُمْ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ مِنْ الْمَصَاحِفِ أَوْ يَقْرَأُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْ الْأَجِلَّةِ أَوْ الْأَشْرَافِ فَقَامَ الْقَارِئُ لِأَجَلِهِ قَالُوا: إنْ دَخَلَ عَالَمٌ أَوْ أَبُوهُ أَوْ أُسْتَاذُهُ الَّذِي عَلَّمَهُ الْعِلْمَ جَازَ لَهُ أَنْ يَقُومَ لِأَجَلِهِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إذَا وَضَعَ جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَضُمَّ رِجْلَيْهِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ مُضْطَجِعًا إذَا أَخْرَجَ رَأْسَهُ مِنْ اللِّحَافِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ كَاللُّبْسِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مِنْ الْأَسْبَاعِ جَائِزَةٌ وَالْقِرَاءَةُ مِنْ الْمُصْحَفِ أَحَبُّ؛ لِأَنَّ الْأَسْبَاعَ مُحْدَثَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْأَفْضَلُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ خَارِجَ الصَّلَاةِ الْجَهْرُ، وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ

بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ لِأَجَلِ الْمُهِمَّاتِ مُخَافَتَةً أَوْ جَهْرًا مَعَ الْجَمْعِ مَكْرُوهَةٌ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ أَنَّهَا لَا تُكْرَهُ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي الْإِمَامُ جَلَالُ الدِّينِ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ بَعْدَهَا سُنَّةٌ تُكْرَهُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قِرَاءَةُ الْكَافِرُونَ إلَى الْآخِرِ مَعَ الْجَمْعِ مَكْرُوهَةٌ؛ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا عَنْ التَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَوْمٌ يَجْتَمِعُونَ وَيَقْرَءُونَ الْفَاتِحَةَ جَهْرًا دُعَاءً لَا يُمْنَعُونَ عَادَةً، وَالْأَوْلَى الْمُخَافَتَةُ فِي الْخُجَنْدِيِّ إمَامٌ يَعْتَادُ كُلَّ غَدَاةٍ مَعَ جَمَاعَتِهِ قِرَاءَةَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَآخِرِ الْبَقَرَةِ وَشَهِدَ اللَّهُ وَنَحْوِهَا جَهَرًا لَا بَأْسَ بِهِ وَالْأَفْضَلُ الْإِخْفَاءُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي الْعُيُونِ الْجُنُبُ إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ عَلَى سَبِيلِ الدُّعَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ لَكِنْ قَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أُفْتِي بِهِ، وَإِنْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي مِثْلِ الْفَاتِحَةِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ. قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ أَوْلَى مِنْ الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ، إذَا حَفِظَ الْإِنْسَانُ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ، وَتَفْسِيرُ النِّسْيَانِ أَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْقِرَاءَةُ مِنْ الْمُصْحَفِ، قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مِنْ الْكُرَّاسَةِ الْمُودَعَةِ عِنْدَهُ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الْكُرَّاسَةُ الْمَغْصُوبَةُ لَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ مِنْهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَالْكُرَّاسَةُ الْمُسْتَعَارَةُ إنْ كَانَتْ لِلْبَالِغِ تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِلصَّبِيِّ فَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. رَجُلٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَرَجُلٌ آخَرُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ خَمْسَةَ آلَافِ مَرَّةٍ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ قَارِئًا فَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَفْضَلُ الْقِرَاءَةِ أَنْ يَتَدَبَّرَ فِي مَعْنَاهُ حَتَّى قِيلَ: يُكْرَهُ أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَخْتِمُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تَعْظِيمًا لَهُ، وَيُقْرَأُ بِقِرَاءَةٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَنُدِبَ لِحَافِظِ الْقُرْآنِ أَنْ يَخْتِمَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي كُلِّ يَوْمٍ حِزْبٌ وَثُلُثَا حِزْبٍ أَوْ أَقَلُّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى. مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي السَّنَةِ مَرَّةً لَا يَكُونُ هَاجِرًا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْخَتْمَةُ فِي الصَّيْفِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَفِي الشِّتَاءِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قِرَاءَةُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَقِيبَ الْخَتْمِ لَمْ يَسْتَحْسِنْهَا بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَاسْتَحْسَنَهَا أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ دَخَلَ فِي قِرَاءَةِ الْبَعْضِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ، وَلَا بَأْسَ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى قِرَاءَةِ الْإِخْلَاصِ جَهْرًا عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ، وَلَوْ قَرَأَ وَاحِدٌ وَاسْتَمَعَ الْبَاقُونَ فَهُوَ أَوْلَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ عِنْدَ الْخَتْمِ وَيَدْعُوَ لَهُمْ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. يُكْرَهُ لِلْقَوْمِ أَنْ يَقْرَءُوا الْقُرْآنَ جُمْلَةً لِتَضَمُّنِهَا تَرْكَ الِاسْتِمَاعِ وَالْإِنْصَاتِ الْمَأْمُورِ بِهِمَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالتَّرْجِيعِ قِيلَ: لَا تُكْرَهُ، وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ: تُكْرَهُ وَلَا تَحِلُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِفِعْلِ الْفَسَقَةِ حَالَ فِسْقِهِمْ، وَلَا يَظُنُّ أَحَدٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّرْجِيعِ الْمُخْتَلَفِ الْمَذْكُورِ اللَّحْنُ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ، فَإِذَا قَرَأَ بِالْأَلْحَانِ وَسَمِعَهُ إنْسَانٌ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ لَقَّنَهُ الصَّوَابَ لَا تَدْخُلُهُ الْوَحْشَةُ يُلَقِّنُهُ، وَإِنْ دَخَلَهُ الْوَحْشَةُ فَهُوَ فِي سَعَةٍ أَنْ لَا يُلَقِّنَهُ، فَإِنَّ كُلَّ أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ يَتَضَمَّنُ مُنْكَرًا يَسْقُطُ وُجُوبُهُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إنْ قَرَأَ بِالْأَلْحَانِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ إنْ غَيَّرَ الْكَلِمَةَ وَيَقِفُ فِي مَوْضِعِ الْوَصْلِ أَوْ يَصِلُ فِي مَوْضِعِ الْوَقْفِ يُكْرَهُ وَإِلَّا لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. يَجُوزُ لِلْمُحْتَرِفِ كَالْحَائِكِ وَالْإِسْكَافِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ إذَا لَمْ يَشْغَلْ عَمَلُهُ قَلْبَهُ عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ كَانَ الْقَارِئُ وَاحِدًا فِي الْمَكْتَبِ يَجِبُ عَلَى الْمَارِّينَ الِاسْتِمَاعُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ وَيَقَعُ الْخَلَلُ فِي الِاسْتِمَاعِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ. صَبِيٌّ يَقْرَأُ فِي الْبَيْتِ وَأَهْلُهُ مَشْغُولُونَ بِالْعَمَلِ يُعْذَرُونَ فِي تَرْكِ الِاسْتِمَاعِ إنْ افْتَتَحُوا الْعَمَلَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا قِرَاءَةُ الْفِقْهِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. مُدَرِّسٌ يُدَرِّسُ فِي الْمَسْجِدِ وَفِيهِ مُقْرِئٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِحَيْثُ لَوْ سَكَتَ عَنْ دَرْسِهِ يَسْمَعُ الْقُرْآنَ يُعْذَرُ فِي دَرْسِهِ، وَيُكْرَهُ الصَّعْقُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الرِّيَاءِ وَهُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَقَدْ شَدَّدَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَالسَّلَفُ الصَّالِحُونَ فِي الْمَنْعِ مِنْ الصَّعْقِ وَالزَّعْقِ وَالصِّيَاحِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْمُحْدِثُ إذَا كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِتَقْلِيبِ الْأَوْرَاقِ بِقَلَمٍ أَوْ سِكِّينٍ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. (قَالَ إسْمَاعِيلُ الْمُتَكَلِّمُ) وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِلصَّبِيِّ: احْمِلْ هَذَا الْمُصْحَفَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلْمُتَفَقِّهِ أَهِيَ أَفْضَلُ أَمْ دَرْسُ الْفِقْهِ؟ . قَالَ: حُكِيَ عَنْ

أَبِي مُطِيعٍ أَنَّهُ قَالَ: النَّظَرُ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. يُكَرِّرُ مِنْ الْفِقْهِ وَغَيْرُهُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِمَاعُ قَالَ الْوَبَرِيُّ فِي الْمَسْجِدِ عِظَةٌ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، فَالِاسْتِمَاعُ إلَى الْعِظَةِ أَوْلَى كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ يَكْتُبُ الْفِقْهَ وَبِجَنْبِهِ رَجُلٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَلَا يُمْكِنُهُ اسْتِمَاعُ الْقُرْآنِ كَانَ الْإِثْمُ عَلَى الْقَارِئِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَاتِبِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَرَأَ عَلَى السَّطْحِ فِي اللَّيْلِ جَهْرًا يَأْثَمُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. يَقُولُ عِنْدَ تَمَامِ وِرْدِهِ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَوْ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ إعْلَامًا بِانْتِهَائِهِ يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَيُخَافُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ الرِّيَاءُ لَا يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ لِأَجَلِ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعْقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ، وَلِلْمَسْأَلَةِ عِبَارَتَانِ بِمَعْقِدٍ وَمَقْعَدٍ وَالْأُولَى مِنْ الْعَقْدِ وَالثَّانِيَةُ مِنْ الْقُعُودِ، وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَةِ الثَّانِيَةِ لِاسْتِحَالَتِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَا الْأُولَى، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ مِنْ دُعَائِهِ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلْكَ بِمَقْعَدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ، وَالْأَحْوَطُ الِامْتِنَاعُ لِكَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ فِيمَا يُخَالِفُ الْقَطْعِيَّ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ: بِحَقِّ فُلَانٍ، وَكَذَا بِحَقِّ أَنْبِيَائِكَ وَأَوْلِيَائِكَ أَوْ بِحَقِّ رُسُلِكَ أَوْ بِحَقِّ الْبَيْتِ أَوْ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَخْلُوقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ فِي الدُّعَاءِ: بِدَعْوَةِ نَبِيِّكَ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالدُّعَاءُ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَالْمَأْثُورُ بِهِ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180] كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْأَفْضَلُ فِي الدُّعَاءِ أَنْ يَبْسُطَ كَفَّيْهِ وَيَكُونَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ، وَإِنْ قَلَّتْ، وَلَا يَضَعُ إحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ عُذْرٍ أَوْ بَرْدٍ شَدِيدٍ فَأَشَارَ بِالْمِسْبَحَةِ قَامَ مَقَامَ بَسْطِ كَفَّيْهِ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ عِنْدَ الدُّعَاءِ بِحِذَاءِ صَدْرِهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. مَسْحُ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ إذَا فَرَغَ مِنْ الدُّعَاءِ قِيلَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - اعْتَبَرُوا ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ وَرَدَ الْخَبَرُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. عَنْ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ: يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إلَيْهِ، وَلَكِنْ يَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ، قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الدُّعَاءُ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَكْرُوهٌ لَكِنَّ هَذَا شَيْءٌ لَا يُفْتَى بِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. يَكْرَهُ الدُّعَاءُ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ بِجَمَاعَةٍ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -. الْمُصَلِّي لَا يَدْعُو بِمَا يَحْضُرُهُ مِنْ الدُّعَاءِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ فِي صَلَاتِهِ بِدُعَاءٍ مَحْفُوظٍ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ حَالَةِ الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ بِمَا يَحْضُرُهُ، وَلَا يَسْتَظْهِرُ الدُّعَاءَ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الدُّعَاءِ يُذْهِبُ بِرِقَّةِ الْقَلْبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: بِاَللَّهِ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا لَا يَجِبُ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ الْفِعْلِ شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِي بِهِ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا قَالَ: بِحَقِّ اللَّهِ أَوْ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ، وَالْأَحْسَنُ بِالْمُرُوءَةِ أَنْ يُعْطِيَهُ، هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: الدُّعَاءُ أَرْبَعَةٌ: دُعَاءُ رَغْبَةٍ وَدُعَاءُ رَهْبَةٍ وَدُعَاءُ تَضَرُّعٍ وَدُعَاءُ خُفْيَةٍ، فِي دُعَاءِ الرَّغْبَةِ يَجْعَلُ بُطُونَ كَفَّيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَفِي دُعَاءِ الرَّهْبَةِ يَجْعَلُ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إلَى وَجْهِهِ كَالْمُسْتَغِيثِ مِنْ الشَّرِّ، وَفِي دُعَاءِ التَّضَرُّعِ يَعْقِدُ الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصِرَ وَيُحَلِّقُ الْإِبْهَامَ وَالْوُسْطَى وَيُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ، وَدُعَاءُ الْخُفْيَةِ مَا يَفْعَلُهُ الْمَرْءُ فِي نَفْسِهِ، كَذَا فِي مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى نَاقِلًا عَنْ شَرْحِ السَّرَخْسِيِّ. لِمُخْتَصَرِ الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ فِي بَابِ قِيَامِ الْفَرِيضَةِ. رَجُلٌ دَعَا بِدُعَاءٍ وَقَلْبُهُ سَاهٍ، فَإِنْ كَانَ دُعَاؤُهُ عَلَى الرِّقَّةِ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَدْعُوَ إلَّا وَهُوَ سَاهٍ فَالدُّعَاءُ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِ الدُّعَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا دَعَا بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ جَهْرًا وَمَعَهُ الْقَوْمُ أَيْضًا لِيَتَعَلَّمُوا الدُّعَاءَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِذَا تَعَلَّمُوا حِينَئِذٍ يَكُونُ جَهْرُ الْقَوْمِ بِدْعَةً، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا دَعَا الْمُذَكِّرُ عَلَى الْمِنْبَرِ دُعَاءً مَأْثُورًا وَالْقَوْمُ يَدْعُونَ مَعَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ لِتَعْلِيمِ الْقَوْمِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِتَعْلِيمِ الْقَوْمِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. التَّكْبِيرُ جَهْرًا فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا يُسَنَّ إلَّا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَاللُّصُوصِ، وَقَاسَ عَلَيْهِمَا بَعْضُهُمْ الْحَرِيقَ وَالْمَخَاوِفَ كُلَّهَا

الباب الخامس في آداب المسجد والقبلة والمصحف وما كتب فيه شيء من القرآن

كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَوْمٍ قَرَءُوا قِرَاءَةَ وِرْدٍ وَكَبَّرُوا بَعْدَ ذَلِكَ جَهْرًا؟ . قَالَ: إنْ أَرَادُوا بِذَلِكَ الشُّكْرَ لَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ: وَإِذَا كَبَّرُوا بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى إثْرِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ، وَإِنَّهُ بِدْعَةٌ، وَإِذَا كَبَّرُوا فِي الرِّبَاطَاتِ لَا يُكْرَهُ إذَا أَرَادُوا بِهِ إظْهَارَ الْقُوَّةِ وَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ الْخَوْفِ، وَإِذَا كَبَّرُوا فِي مَسَاجِدِ الرِّبَاطَاتِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ مَخُوفًا يُكْرَهُ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَسَمِعْتُ شَيْخِي أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: سُئِلَ إبْرَاهِيمُ عَنْ تَكْبِيرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الْأَسْوَاقِ وَالْجَهْرِ بِهَا قَالَ: ذَلِكَ تَكْبِيرُ الْحَوْكَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّهُ يَجُوزُ، قَالَ الْفَقِيهُ: أَنَا لَا أَمْنَعُهُمْ عَنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ لِلْوَعْظِ إذَا أَرَادَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. الْوَاعِظُ إذَا سَأَلَ النَّاسَ شَيْئًا فِي الْمَجْلِسِ لِنَفْسِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اكْتِسَابُ الدُّنْيَا بِالْعِلْمِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْخُلَاصَةِ. رَفْعُ الصَّوْتِ عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَالْوَعْظِ مَكْرُوهٌ، وَمَا يَفْعَلُهُ الَّذِينَ يَدَّعُونَ الْوَجْدَ وَالْمَحَبَّةَ لَا أَصْلَ لَهُ، وَيُمْنَعُ الصُّوفِيَّةُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ وَتَخْرِيقِ الثِّيَابِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. الْكَافِرُ إذَا دَعَا هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالُ يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُ؟ . ذَكَرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ: فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، بَعْضُهُمْ قَالُوا - مِنْهُمْ أَبُو الْحَسَنِ الرُّسْتُغْفَنِيُّ إنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا - مِنْهُمْ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَاكِمُ وَأَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ يَجُوزُ، قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْأَجْنَاسِ عَنْ الْإِمَامِ: لَيْسَ لِلْجِنِّ ثَوَابٌ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. كُرِهَ أَنْ يَقُومَ رَجُلٌ بَعْدَ مَا اجْتَمَعَ الْقَوْمُ لِلصَّلَاةِ وَيَدْعُوَ لِلْمَيِّتِ وَيَرْفَعَ صَوْتَهُ، وَكُرِهَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ الْإِفْرَاطِ فِي مَدْحِ الْمَيِّتِ عِنْدَ جِنَازَتِهِ، حَتَّى كَانُوا يَذْكُرُونَ مَا هُوَ يُشْبِهُ الْمُحَالَ، وَأَصْلُ الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ، وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَنْ الْمَيِّتِ وَدَعَا لَهُ يَجُوزُ وَيَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الْخَامِس فِي آدَاب الْمَسْجِد وَالْقِبْلَة وَالْمُصْحَف وَمَا كَتَبَ فِيهِ شَيْء مِنْ الْقُرْآن] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي آدَابِ الْمَسْجِدِ وَالْقِبْلَةِ وَالْمُصْحَفِ وَمَا كُتِبَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ نَحْوُ الدَّرَاهِمِ وَالْقِرْطَاسِ أَوْ كُتِبَ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى) لَا بَأْسَ بِنَقْشِ الْمَسْجِدِ بِالْجِصِّ وَالسَّاجِ وَمَاءِ الذَّهَبِ، وَالصَّرْفُ إلَى الْفُقَرَاءِ أَفْضَلُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَّا التَّجْصِيصُ فَحَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ إحْكَامٌ لِلْبِنَاءِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَكَرِهَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا النُّقُوشَ عَلَى الْمِحْرَابِ وَحَائِطِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَشْغَلُ قَلْبَ الْمُصَلِّي، وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ نَقْشَ الْحِيطَانِ مَكْرُوهٌ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ، فَأَمَّا نَقْشُ السَّقْفِ فَالْقَلِيلُ يُرَخِّصُ فِيهِ وَالْكَثِيرُ مَكْرُوهٌ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا جَعَلَ الْبَيَاضَ فَوْقَ السَّوَادِ أَوْ بِالْعَكْسِ لِلنَّقْشِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا فَعَلَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَا يُسْتَحْسَنُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُطَيَّنَ الْمَسْجِدُ بِطِينٍ قَدْ بُلَّ بِمَاءٍ نَجِسٍ، بِخِلَافِ السِّرْقِينِ إذَا جُعِلَ فِيهِ الطِّينُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرُورَةً وَهُوَ تَحْصِيلُ غَرَضٍ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَا بَأْسَ بِجَعْلِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي سَقْفِ الدَّارِ وَأَنْ يَنْقُشَ الْمَسْجِدَ بِمَاءِ الْفِضَّةِ مِنْ مَالِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُكْرَهُ مَدُّ الرِّجْلَيْنِ إلَى الْكَعْبَةِ فِي النَّوْمِ وَغَيْرِهِ عَمْدًا، وَكَذَلِكَ إلَى كُتُبِ الشَّرِيعَةِ، وَكَذَلِكَ فِي حَالِ مُوَاقَعَةِ الْأَهْلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. يُكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى الْمُتَوَضَّأِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى الْمَخْرَجِ وَالْحَمَّامِ وَالْقَبْرِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ فِي مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى الْحَمَّامِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يُرِدْ بِهِ حَائِطَ الْحَمَّامِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْمَحَمَّ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُصَبُّ فِيهِ الْحَمِيمُ وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ الْأَنْجَاسِ وَاسْتِقْبَالُ الْأَنْجَاسِ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ، فَأَمَّا إنْ اسْتَقْبَلَ حَائِطَ الْحَمَّامِ فَلَمْ يَسْتَقْبِلْ الْأَنْجَاسَ، وَإِنَّمَا اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ وَالْمَدَرَ فَلَا يُكْرَهُ، وَكَذَلِكَ تَكَلَّمُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى الْمَخْرَجِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِهِ نَفْسَ الْمَخْرَجِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِهِ حَائِطَ الْمَخْرَجِ، وَتَكَلَّمُوا أَيْضًا فِي مَعْنَى الْكَرَاهَةِ إلَى الْقَبْرِ

قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِالْيَهُودِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ فِي الْمَقْبَرَةِ عِظَامَ الْمَوْتَى وَعِظَامُ الْمَوْتَى أَنْجَاسٌ وَأَرْجَاسٌ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ حَائِطٌ أَوْ سُتْرَةٌ، أَمَّا إذَا كَانَ لَا يُكْرَهُ وَيَصِيرُ الْحَائِطُ فَاصِلًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ سُتْرَةٌ فَإِنَّمَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَاتِ، فَأَمَّا فِي مَسْجِدِ الْبُيُوتِ فَلَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. كَرِهَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِقْبَالَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بِالْفَرْجِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُكْرَهُ الرَّمْيُ إلَى هَدَفٍ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ فِي مُصَلَّى الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ هَدَفٌ لِلرَّمْيِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. مَنْدُوبٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُعِدَّ فِي بَيْتِهِ مَكَانًا يُصَلِّي فِيهِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْمَكَانَ لَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْمَسْجِدِ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا غَصَبَ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ حَانُوتًا فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَالدُّخُولِ فِي الْحَمَّامِ لِلِاغْتِسَالِ وَفِي الْحَانُوتِ لِلشِّرَاءِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا، وَإِنْ غَصَبَ دَارًا فَجَعَلَهَا مَسْجِدًا لَا يَسَعُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَلَا أَنْ يَدْخُلَهُ، وَإِنْ جَعَلَهَا مَسْجِدًا جَامِعًا لَا يُجْمَعُ فِيهِ، وَإِنْ جَعَلَهَا طَرِيقًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمُرَّ بِهَا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. رَجُلٌ بَنَى مَسْجِدًا فِي مَفَازَةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْكُنُهَا أَحَدٌ وَقَلَّ مَا يَمُرُّ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَصِرْ مَسْجِدًا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى صَيْرُورَتِهِ مَسْجِدًا، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَلَوْ كَانَ إلَى الْمَسْجِدِ مَدْخَلٌ مِنْ دَارِ مَوْقُوفَةٍ لَا بَأْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَدْخُلَ لِلصَّلَاةِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَسْكُنَ فِي بَيْتٍ هُوَ وَقْفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. دَارٌ لِمُدَرِّسِ الْمَسْجِدِ مَمْلُوكَةٌ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِحَائِطِ الْمَسْجِدِ هَلْ لَهُ أَنْ يَنْقُبَ حَائِطَ الْمَسْجِدِ وَيَجْعَلَ مِنْ بَيْتِهِ بَابًا إلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَشْتَرِي هَذَا الْبَابَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ؟ . فَقَالُوا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ ضَمَانَ نُقْصَانِ ظَهْرٍ فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. يَجُوزُ الدَّرْسُ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِعْمَالُ اللُّبُودِ وَالْبَوَارِي الْمُسَبَّلَةِ لِأَجَلِ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَسُئِلَ الْخُجَنْدِيُّ عَنْ قَيِّمِ الْمَسْجِدِ يُبِيحُ فِنَاءَ الْمَسْجِدِ لِيَتَّجِرَ الْقَوْمُ هَلْ لَهُ هَذِهِ الْإِبَاحَةُ؟ . فَقَالَ: إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قِيلَ: لَهُ لَوْ وَضَعَ فِي الْفِنَاءِ سُرُرًا فَآجَرَهَا النَّاسَ لِيَتَّجِرُوا عَلَيْهَا وَأَبَاحَ لَهُمْ فِنَاءَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَوْ كَانَ لِصَلَاحِ الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَمَرًّا لِلْعَامَّةِ، وَسُئِلَ عَنْ فِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْ جِدَارِهِ أَمْ هُوَ سُدَّةُ بَابِهِ فَحَسْبُ؟ . فَقَالَ: فِنَاءُ الْمَسْجِدِ مَا يُظِلُّهُ ظُلَّةُ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَمَرًّا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، قِيلَ لَهُ: لَوْ وَضَعَ الْقَيِّمُ عَلَى فِنَاءِ الْمَسْجِدِ كَرَاسِيَّ وَسُرُرًا وَآجَرَهَا قَوْمًا لِيَتَّجِرُوا عَلَيْهَا وَيَصْرِفَ ذَلِكَ إلَى وَجْهِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى الْإِمَامِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا. قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعِنْدَنَا لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْأَجْرَ إلَى مَنْ شَاءَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. وَفِي صَلَاةِ الْأَثَرِ قَالَ: سَأَلَتْ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ دُكَّانٍ اُتُّخِذَ لِلْمَسْجِدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ طَرِيقٌ وَهُوَ نَاءٍ عَنْ الْمَسْجِدِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْحَرِّ أَيُضَاعَفُ لِلصَّلَاةِ فِيهِ الْأَجْرُ كَمَا يُضَاعَفُ فِي الْمَسْجِدِ؟ . قَالَ: نَعَمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَهْلُ مَحَلَّةٍ قَسَمُوا الْمَسْجِدَ وَضَرَبُوا فِيهِ حَائِطًا وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ إمَامٌ عَلَى حِدَةٍ وَمُؤَذِّنُهُمْ وَاحِدٌ لَا بَأْسَ بِهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ مُؤَذِّنٌ، قَالَ رُكْنُ الصَّبَّاغِيُّ كَمَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَجْعَلُوا الْمَسْجِدَ الْوَاحِدَ مَسْجِدَيْنِ فَلَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا الْمَسْجِدَيْنِ وَاحِدًا لِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ، أَمَّا لِلتَّذْكِيرِ وَالتَّدْرِيسِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ مَا بُنِيَ لَهُ وَإِنْ جَازَ فِيهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. سُئِلَ بُرْهَانُ الدِّينِ عَنْ حَانُوتٍ مَوْقُوفٍ عَلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ غَابَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَخَلَّفَ خَلِيفَةً يَؤُمُّهُمْ، ثُمَّ حَضَرَ فَأُجْرَةُ الْحَانُوتِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي غَابَ يَجُوزُ أَخْذُهَا لَهُ أَمْ لَا؟ . قَالَ (7 شايد جون وي باكس وى بامروي بغله داده باشد وَلْيَكُنْ سَبِيل وي تَصَدَّقَ بود) . كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى آهُو. سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْمُعْتَكِفِ إذَا احْتَاجَ إلَى الْفَصْدِ أَوْ الْحِجَامَةِ هَلْ يَخْرُجُ

فَقَالَ: لَا، وَفِي اللَّآلِئِ وَاخْتُلِفَ فِي الَّذِي يَفْسُو فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمْ يَرَ بَعْضُهُمْ بَأْسًا، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يَفْسُو وَيَخْرُجُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَا بَأْسَ لِلْمُحْدِثِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَيُكْرَهُ النَّوْمُ وَالْأَكْلُ فِيهِ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ فَيَدْخُلَ فِيهِ وَيَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَدْرِ مَا نَوَى أَوْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَفْعَلَ مَا شَاءَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَا بَأْسَ لِلْغَرِيبِ وَلِصَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَتَوَرَّعَ فَلَا يَنَامُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَلَا بَأْسَ بِمَسْحِ الرِّجْلِ بِالْحَشِيشِ الْمُجْتَمِعِ فِي الْمَسْجِدِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّلَاةِ مَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا مِنْ وَضْعِ الْبَوَارِي فِي الْمَسْجِدِ وَمِسْحِ الْأَقْدَامِ عَلَيْهَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَاخِلُ الْمِحْرَابِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ عُشُّ خُطَّافٍ أَوْ خُفَّاشٍ يُقْذِرُ الْمَسْجِدَ لَا بَأْسَ بِرَمْيِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْفِرَاخِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ، وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ لَا يَتَّخِذُ طَرِيقًا فِي الْمَسْجِدِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ بَابَانِ فَيَدْخُلَ مِنْ هَذَا وَيَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ مُتَنَعِّلًا مَكْرُوهٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. لَا حُرْمَةَ لِتُرَابِ الْمَسْجِدِ إذَا جُمِعَ، وَلَهُ حُرْمَةٌ إذَا بُسِطَ. أَصَابَهُ الْبَرْدُ الشَّدِيدُ فِي الطَّرِيقِ فَدَخَلَ مَسْجِدًا فِيهِ خَشَبُ الْغَيْرِ، وَلَوْ لَمْ يُوقِدْ نَارًا يَهْلِكُ فَخَشَبُ الْمَسْجِدِ فِي الْإِيقَادِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ. يَجُوزُ إدْخَالُ الْحُبُوبِ وَأَثَاثِ الْبَيْتِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْخَوْفِ فِي الْفِتْنَةِ الْعَامَّةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ يَبِيعُ التَّعْوِيذَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَيَكْتُبُ فِي التَّعْوِيذِ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالْفُرْقَانَ وَيَأْخُذُ عَلَيْهِ الْمَالَ وَيَقُولُ: ادْفَعْ إلَيَّ الْهَدِيَّةَ. لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَيُكْرَهُ كُلُّ عَمَلٍ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا فِي الْمَسْجِدِ، وَلَوْ جَلَسَ الْمُعَلِّمُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْوَرَّاقُ يَكْتُبُ، فَإِنْ كَانَ الْمُعَلِّمُ يُعَلِّمُ لِلْحِسْبَةِ وَالْوَرَّاقُ يَكْتُبُ لِنَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ، وَإِنْ كَانَ بِالْأُجْرَةِ يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَقَعَ لَهُمَا الضَّرُورَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مُبَاشَرَةُ عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الْمَسَاجِدِ مُسْتَحَبٌّ وَاخْتِيَارُ ظَهِيرِ الدِّينِ خِلَافُ هَذَا، وَلَا يَدْخُلُ الَّذِي عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ الْمَسْجِدَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِلْمُرُورِ فَلَمَّا تَوَسَّطَهُ نَدِمَ، قِيلَ: يَخْرُجُ مِنْ بَابٍ غَيْرِ الَّذِي قَصَدَهُ، وَقِيلَ يُصَلِّي، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ فِي الْخُرُوجِ. قَالَ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيُّ إنْ كَانَ مُحْدِثًا يَخْرُجُ مِنْ حَيْثُ دَخَلَ إعْلَامًا لِمَا جَنَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ غَرْسُ الشَّجَرِ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ لِنَفْعِ النَّاسِ بِظِلِّهِ، وَلَا يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ، وَلَا يُفَرِّقُ الصُّفُوفَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لِنَفْعِ نَفْسِهِ بِوَرَقِهِ أَوْ ثَمَرِهِ أَوْ يُفَرِّقُ الصُّفُوفَ أَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقَعُ بِهِ الْمُشَابَهَةُ بَيْنَ الْبِيعَةِ وَالْمَسْجِدِ يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ الْجَوَامِعُ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الْمَحَالِّ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الشَّوَارِعِ فَإِنَّهَا أَخَفُّ رُتْبَةً حَتَّى لَا يَعْتَكِفَ فِيهَا أَحَدٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إمَامٌ مَعْلُومٌ وَمُؤَذِّنٌ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الْبُيُوتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ فِيهَا إلَّا لِلنِّسَاءِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. ذَكَرَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي التَّنْبِيهِ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوَّلُهَا أَنْ يُسَلِّمَ وَقْتَ الدُّخُولِ إذَا كَانَ الْقَوْمُ جُلُوسًا غَيْرَ مَشْغُولِينَ بِدَرْسٍ وَلَا بِذِكْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَدٌ أَوْ كَانُوا فِي الصَّلَاةِ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا، وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. وَالثَّانِي أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ. وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَلَا يَبِيعَ. وَالرَّابِعُ أَنْ لَا يَسُلَّ السَّيْفَ. وَالْخَامِسُ أَنْ لَا يَطْلُبَ الضَّالَّةَ فِيهِ. وَالسَّادِسُ أَنْ لَا يَرْفَعَ فِيهِ الصَّوْتَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالسَّابِعُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِيهِ مِنْ أَحَادِيثِ الدُّنْيَا. وَالثَّامِنُ أَنْ لَا يُخَطِّي رِقَابَ النَّاسِ. وَالتَّاسِعُ أَنْ لَا يُنَازِعَ فِي الْمَكَانِ. وَالْعَاشِرُ أَنْ لَا يُضَيِّقَ عَلَى أَحَدٍ فِي الصَّفِّ. وَالْحَادِيَ عَشَرَ أَنْ لَا يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي. وَالثَّانِي عَشَرَ أَنْ لَا يَبْزُقَ فِيهِ. وَالثَّالِثَ عَشَرَ أَنْ لَا يُفَرْقِعَ أَصَابِعَهُ فِيهِ. وَالرَّابِعَ عَشَرَ أَنْ يُنَزِّهَهُ عَنْ النَّجَاسَاتِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ. وَالْخَامِسَ عَشَرَ أَنْ يُكْثِرَ فِيهِ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْحَدِيثِ لَا يُبَاحُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَا بُنِيَ لِأُمُورِ الدُّنْيَا، وَفِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ الْمُبَاحَ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ. قَالَ: وَلَا يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ الدُّنْيَا، وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ الْكَلَامُ الْمُبَاحُ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا يَجُوزُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَشْتَغِلَ بِذَكَرِ اللَّهِ تَعَالَى - كَذَا

فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَإِذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ كَانَ لَلْمُصَلِّي أَنْ يُزْعِجَ الْقَاعِدَ عَنْ مَوْضِعِهِ لِيُصَلِّيَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالذِّكْرِ أَوْ الدَّرْسِ أَوْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ الِاعْتِكَافِ، وَكَذَا لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَمْنَعُوا مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ إذَا ضَاقَ بِهِمْ الْمَسْجِدُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ الصُّعُودُ عَلَى سَطْحِ كُلِّ مَسْجِدٍ مَكْرُوهٌ، وَلِهَذَا إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ يُكْرَهُ أَنْ يُصَلُّوا بِالْجَمَاعَةِ فَوْقَهُ إلَّا إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ فَحِينَئِذٍ لَا يُكْرَهُ الصُّعُودُ عَلَى سَطْحِهِ لِلضَّرُورَةِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَأَمَّا بِنَاءُ مَنَارَةِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ بِنَاؤُهَا مَصْلَحَةً لِلْمَسْجِدِ بِأَنْ يَكُونَ أَسْمَعَ لِلْقَوْمِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَصْلَحَةً لَا يَجُوزُ بِأَنْ يَسْمَعَ كُلُّ أَهْلِ الْمَسْجِدِ الْأَذَانَ بِغَيْرِ مَنَارَتِهِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ شِرَاءُ الْمُصَلَّيَاتِ لِتَعْلِيقِهَا بِالْأَسَاطِينِ وَيَجُوزُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَلَكِنْ لَا تُعَلَّقُ بِالْأَسَاطِينِ، وَلَا يَجُوزُ إعَارَتُهَا لِمَسْجِدٍ آخَرَ. (قُلْتُ:) هَذَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ حَالُ الْوَاقِفِ أَمَّا إذَا أَمَرَ بِتَعْلِيقِهَا وَأَمَرَ بِالدَّرْسِ فِيهِ وَبَنَاهُ لِلدَّرْسِ وَعَايَنَ الْعَادَةَ الْجَارِيَةَ فِي تَعْلِيقِهَا بِالْأَسَاطِينِ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي يُدَرَّسُ فِيهَا فَلَا بَأْسَ بِشِرَائِهَا بِمَالِ الْوَقْفِ فِي مَصْلَحَتِهِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا، وَلَا يَضْمَنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُدَرَّسَ الْكِتَابُ بِسِرَاجِ الْمَسْجِدِ. وَالْجَوَابُ فِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَوْضُوعًا لِلصَّلَاةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ وُضِعَ لَا لِلصَّلَاةِ بِأَنْ فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاةِ وَذَهَبُوا، فَإِنْ أَخَّرَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أَخَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ. رَفَعَ الْمُتَعَلِّمُ مِنْ كُولَانِ الْمَسْجِدِ وَوَضَعَهُ فِي كِتَابِهِ عَلَامَةً فَهُوَ عَفْوٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا فِي كَاغِدَةٍ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى كَانَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا أَوْ بَاطِنِهَا، بِخِلَافِ الْكِيسِ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَإِذَا كُتِبَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كَاغَدٍ وَوُضِعَ تَحْتَ طَنْفَسَةٍ يَجْلِسُونَ عَلَيْهَا فَقَدْ قِيلَ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: لَا يُكْرَهُ، وَقَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ فِي الْبَيْتِ لَا بَأْسَ بِالنَّوْمِ عَلَى سَطْحِهِ كَذَا هَاهُنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَجُوزُ لَفُّ شَيْءٍ فِي كَاغَدٍ فِيهِ مَكْتُوبٌ مِنْ الْفِقْهِ، وَفِي الْكَلَامِ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُفْعَلَ، وَفِي كُتُبِ الطِّبِّ يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ اسْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَيَجُوزُ مَحْوُهُ لِيُلَفَّ فِيهِ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ مَحَا لَوْحًا كُتِبَ فِيهِ الْقُرْآنُ وَاسْتَعْمَلَهُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا يَجُوزُ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ مَحْوِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْبُزَاقِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَمَحْوُ بَعْضِ الْكِتَابَةِ بِالرِّيقِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. سُئِلَ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الْكَوَاغِدِ مِنْ الْأَخْبَارِ وَمِنْ التَّعْلِيقَاتِ يَسْتَعْمِلُهَا الْوَرَّاقُونَ فِي الْغِلَافِ فَقَالَ: إنْ كَانَ فِي الْمُصْحَفِ أَوْ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ أَوْ فِي التَّفْسِيرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي كُتُبِ الْأَدَبِ وَالنُّجُومِ يُكْرَهُ لَهُمْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. حَكَى الْحَاكِمُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ اسْتِعْمَالَ الْكَوَاغِدِ فِي وَلِيمَةٍ لِيُمْسَحَ بِهَا الْأَصَابِعُ، وَكَانَ يُشَدِّدُ فِيهِ وَيَزْجُرُ عَنْهُ زَجْرًا بَلِيغًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُتَعَلِّمٌ مَعَهُ خَرِيطَةٌ فِيهَا كُتُبٌ مِنْ أَخْبَارِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله - أَوْ كُتُبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ غَيْرُهُ فَتَوَسَّدَ بِالْخَرِيطَةِ إنْ قَصَدَ الْحِفْظَ لَا يُكْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْحِفْظَ يُكْرَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. التَّوَسُّدُ بِالْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ الْأَخْبَارُ لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى نِيَّةِ الْحِفْظِ لَهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَضْعُ الْمُصْحَفِ تَحْتَ رَأْسِهِ فِي السَّفَرِ لِلْحِفْظِ لَا بَأْسَ بِهِ وَبِغَيْرِ الْحِفْظِ يُكْرَهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. يَجُوزُ قُرْبَانُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتٍ فِيهِ مُصْحَفٌ مَسْتُورٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ رَجُلٌ أَمْسَكَ الْمُصْحَفَ فِي بَيْتِهِ، وَلَا يَقْرَأُ قَالُوا: إنْ نَوَى بِهِ الْخَيْرَ وَالْبَرَكَةَ لَا يَأْثَمُ بَلْ يُرْجَى لَهُ الثَّوَابُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا حَمَلَ الْمُصْحَفَ أَوْ شَيْئًا مِنْ كُتُبِ الشَّرِيعَةِ عَلَى دَابَّةٍ فِي جُوَالِقَ وَرَكِبَ صَاحِبُ الْجُوَالِقِ عَلَى الْجُوَالِقِ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَدُّ الرِّجْلَيْنِ إلَى جَانِبِ الْمُصْحَفَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِحِذَائِهِ لَا يُكْرَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُصْحَفُ مُعَلَّقًا فِي الْوَتَدِ وَهُوَ قَدْ مَدَّ الرِّجْلَ إلَى ذَلِكَ الْجَانِبِ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ جُوَالِقُ، وَفِيهَا دَرَاهِمُ مَكْتُوبٌ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ، أَوْ كَانَ فِي الْجُوَالِقِ كُتُبُ الْفِقْهِ أَوْ كُتُبُ التَّفْسِيرِ أَوْ الْمُصْحَفُ فَجَلَسَ عَلَيْهَا أَوْ نَامَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ قَصْدِهِ الْحِفْظُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى الْمُصْحَفِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْفَافِ يَكْفُرُ

وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. لَا بَأْسَ بِكِتَابَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ صَاحِبِهِ الْعَلَامَةُ لَا التَّهَاوُنُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ كَتَبَ عَلَى خَاتَمِهِ اسْمَهُ أَوْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مَا بَدَا لَهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى نَحْوَ قَوْلِهِ: حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، أَوْ رَبِّي اللَّهُ، أَوْ نِعْمَ الْقَادِرُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا يَكُونُ عَلَى الطَّهَارَةِ أَنْ يَأْخُذَ فُلُوسًا عَلَيْهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ مَعَ الرَّجُلِ فِي خِرْقَةٍ دِرْهَمٌ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ كَانَ فِي كُمِّهِ كِتَابٌ فَجَلَسَ لِلْبَوْلِ أَيُكْرَهُ ذَلِكَ؟ . قَالَ: إنْ كَانَ أَدْخَلَهُ مَعَ نَفْسِهِ الْمَخْرَجَ يُكْرَهُ، وَإِنْ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ مَبَالًا طَاهِرًا فِي مَكَان طَاهِرٍ لَا يُكْرَهُ، وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ فِي جَيْبِهِ دَرَاهِمُ مَكْتُوبٌ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ فَأَدْخَلَهَا مَعَ نَفْسِهِ الْمَخْرَجَ يُكْرَهُ، وَإِنْ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ مَبَالًا طَاهِرًا فِي مَكَان طَاهِرٍ لَا يُكْرَهُ، وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ خَاتَمٌ وَعَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ مَكْتُوبٌ أَوْ كُتِبَ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى فَدَخَلَ الْمَخْرَجَ مَعَهُ يُكْرَهُ، وَإِنْ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ مَبَالًا طَاهِرًا فِي مَكَان طَاهِرٍ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كُتِبَ الْقُرْآنُ عَلَى الْحِيطَانِ وَالْجُدَرَانِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: يُرْجَى أَنْ يَجُوزَ، وَبَعْضُهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ مَخَافَةَ السُّقُوطِ تَحْتَ أَقْدَامِ النَّاسِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. كِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَى مَا يُفْتَرَشُ وَيُبْسَطُ مَكْرُوهَةٌ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. بِسَاطٌ أَوْ مُصَلَّى كُتِبَ عَلَيْهِ الْمُلْكُ لِلَّهِ يُكْرَهُ بَسْطُهُ وَالْقُعُودُ عَلَيْهِ وَاسْتِعْمَالُهُ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ قِطْعَةُ بَيَاضٍ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَامَةً فِيمَا بَيْنَ الْأَوْرَاقِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِابْتِذَالِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ قُطِعَ الْحَرْفُ مِنْ الْحَرْفِ أَوْ خِيطَ عَلَى بَعْضِ الْحُرُوفِ فِي الْبِسَاطِ أَوْ الْمُصَلَّى حَتَّى لَمْ تَبْقَ الْكَلِمَةُ مُتَّصِلَةً لَمْ تَسْقُطْ الْكَرَاهَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِمَا الْمُلْكُ لَا غَيْرُ، وَكَذَلِكَ الْأَلِفُ وَحْدَهَا وَاللَّامُ وَحْدَهَا، كَذَا فِي الْكُبْرَى. إذَا كُتِبَ اسْمُ فِرْعَوْنَ أَوْ كُتِبَ أَبُو جَهْلٍ عَلَى غَرَضٍ يُكْرَهُ أَنْ يَرْمُوا إلَيْهِ؛ لِأَنَّ لِتِلْكَ الْحُرُوفِ حُرْمَةً، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُصَغَّرَ الْمُصْحَفُ وَأَنْ يَكْتُبَهُ بِقَلَمٍ دَقِيقٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَالَ الْحَسَنُ وَبِهِ نَأْخُذُ، قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَعَلَّهُ أَرَادَ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ لَا الْإِثْمَ، وَيَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ كِتَابَةَ الْقُرْآنِ أَنْ يَكْتُبَهُ بِأَحْسَنِ خَطٍّ وَأَبْيَنِهِ عَلَى أَحْسَنِ وَرَقَةٍ وَأَبْيَضِ قِرْطَاسٍ بِأَفْخَمِ قَلَمٍ وَأَبْرَقِ مِدَادٍ، وَيُفَرِّجَ السُّطُورَ وَيُفَخِّمَ الْحُرُوفَ وَيَضُمَّ الْمُصْحَفَ وَيُجَرِّدَهُ عَمَّا سِوَاهُ مِنْ التَّعَاشِيرِ، وَذِكْرُ الْآيِ وَعَلَامَاتِ الْوَقْفِ صَوْنًا لِنَظْمِ الْكَلِمَاتِ كَمَا هُوَ مُصْحَفُ الْإِمَامِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَالتَّعْشِيرُ هُوَ التَّعْلِيمُ عَلَى كُلِّ عَشْرِ آيَاتٍ، وَهُوَ الْفَصْلُ بَيْنَ كُلِّ عَشْرِ آيَاتٍ وَعَشْرِ آيَاتٍ بِعَلَامَةٍ، يُقَالُ: فِي الْقُرْآنِ سِتُّمِائَةِ عَاشِرَةٍ وَثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ عَاشِرَةٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَا بَأْسَ بِكِتَابَةِ أَسَامِي السُّوَرِ وَعَدَدِ الْآيِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ إحْدَاثًا فَهُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ، وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ كَانَ إحْدَاثًا وَهُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ، وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ يَقُولُ لَا بَأْسَ أَنْ يُكْتَبَ مِنْ تَرَاجِمِ السُّوَرِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَمَا يَكْتُبُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَوَائِلِهَا لِلْفَصْلِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَا بَأْسَ بِأَنْ يَجْعَلَ الْمُصْحَفَ مَذْهَبًا أَوْ مُفَضَّضًا أَوْ مُضَبَّبًا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُكْرَهُ جَمِيعُ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أُعَلِّمُ النَّصْرَانِيَّ الْفِقْهَ وَالْقُرْآنَ لَعَلَّهُ يَهْتَدِي، وَلَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ، وَإِنْ اغْتَسَلَ ثُمَّ مَسَّ لَا بَأْسَ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. الْمُصْحَفُ إذَا صَارَ خَلِقًا لَا يُقْرَأُ مِنْهُ وَيُخَافُ أَنْ يَضِيعَ يُجْعَلُ فِي خِرْقَةٍ طَاهِرَةٍ وَيُدْفَنُ، وَدَفْنُهُ أَوْلَى مِنْ وَضْعِهِ مَوْضِعًا يُخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَيُلْحَدُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شُقَّ وَدُفِنَ يَحْتَاجُ إلَى إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ، وَفِي ذَلِكَ نَوْعُ تَحْقِيرٍ إلَّا إذَا جُعِلَ فَوْقَهُ سَقْفٌ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ التُّرَابُ إلَيْهِ فَهُوَ حَسَنٌ أَيْضًا، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. الْمُصْحَفُ إذَا صَارَ خَلَقًا وَتَعَذَّرَتْ الْقِرَاءَةُ مِنْهُ لَا يُحْرَقُ بِالنَّارِ، أَشَارَ الشَّيْبَانِيُّ إلَى هَذَا فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا يَجُوزُ فِي الْمُصْحَفِ الْخَلِقِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ لِلْقِرَاءَةِ أَنْ يُجَلَّدَ بِهِ الْقُرْآنُ. اللُّغَةُ وَالنَّحْوُ نَوْعٌ وَاحِدٌ فَيُوضَعُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَالتَّعْبِيرُ فَوْقَهُمَا

الباب السادس في المسابقة

وَالْكَلَامُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَالْفِقْهُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَالْأَخْبَارُ وَالْمَوَاعِظُ وَالدَّعَوَاتُ الْمَرْوِيَّةُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَالتَّفْسِيرُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَالتَّفْسِيرُ الَّذِي فِيهِ آيَاتٌ مَكْتُوبَةٌ فَوْقَ كُتُبِ الْقُرَّاءِ. حَانُوتٌ أَوْ تَابُوتٌ فِيهِ كُتُبٌ فَالْأَدَبُ أَنْ لَا يَضَعَ الثِّيَابَ فَوْقَهُ، وَيَجُوزُ رَمْيُ بُرَايَةِ الْقَلَمِ الْجَدِيدِ، وَلَا تُرْمَى بُرَايَةُ الْمُسْتَعْمَلِ لِاحْتِرَامِهِ، كَحَشِيشِ الْمَسْجِدِ وَكُنَاسَتِهِ لَا يُلْقَى فِي مَوْضِعٍ يَخِلُّ بِالتَّعْظِيمِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَرِهَ الْجِوَارَ بِمَكَّةَ وَالْمُقَامَ بِهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْمُسَابَقَةِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْمُسَابَقَةِ) السِّبَاقُ يَجُوزُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: فِي الْخُفِّ يَعْنِي الْبَعِيرَ، وَفِي الْحَافِرِ يَعْنِي الْفَرَسَ وَالْبَغْلَ، وَفِي النَّصْلِ يَعْنِي الرَّمْيَ، وَفِي الْمَشْيِ بِالْأَقْدَامِ يَعْنِي الْعَدْوَ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْبَدَلُ مَعْلُومًا فِي جَانِبٍ وَاحِدٍ بِأَنْ قَالَ: إنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ سَبَقْتُكَ لَا شَيْءَ لِي عَلَيْكَ أَوْ عَلَى الْقَلْبِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْبَدَلُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَهُوَ قِمَارٌ حَرَامٌ إلَّا إذَا أَدْخَلَا مُحَلِّلًا بَيْنَهُمَا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: إنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ سَبَقْتُكَ فَلِي كَذَا، وَإِنْ سَبَقَ الثَّالِثُ لَا شَيْءَ لَهُ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْجَوَازِ الْحِلُّ لَا الِاسْتِحْقَاقُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. . ثُمَّ إذَا كَانَ الْمَالُ مَشْرُوطًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَأَدْخَلَا بَيْنَهُمَا ثَالِثًا وَقَالَا لِلثَّالِثِ: إنْ سَبَقْتَنَا فَالْمَالَانِ لَكَ، وَإِنْ سَبَقْنَاكَ فَلَا شَيْءَ لَنَا يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، ثُمَّ إذَا أَدْخَلَا ثَالِثًا، فَإِنْ سَبَقَهُمَا الثَّالِثُ اسْتَحَقَّ الْمَالَيْنِ، وَإِنْ سَبَقَا الثَّالِثَ إنْ سَبَقَاهُ مَعًا فَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ سَبَقَاهُ عَلَى التَّعَاقُبِ فَاَلَّذِي سَبَقَ صَاحِبَهُ يَسْتَحِقُّ الْمَالَ عَلَى صَاحِبِهِ وَصَاحِبُهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَالَ عَلَيْهِ، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ: إدْخَالُ الثَّالِثِ إنَّمَا يَكُونُ حِيلَةً لِلْجَوَازِ إذَا كَانَ الثَّالِثُ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا وَمَسْبُوقًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ يُتَيَقَّنُ أَنَّهُ يَسْبِقُهُمَا لَا مَحَالَةَ أَوْ يُتَيَقَّنُ أَنَّهُ يَصِيرُ مَسْبُوقًا فَلَا يَجُوزُ، وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُتَفَقِّهَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ وَأَرَادَا الرُّجُوعَ إلَى الْأُسْتَاذِ وَشَرَطَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْتَ أُعْطِيكَ كَذَا، وَإِنْ كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْتُ فَلَا آخُذُ مِنْكَ شَيْئًا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ عَلَى قِيَاسِ الِاسْتِبَاقِ عَلَى الْأَفْرَاسِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ لِمِثْلِهِ: تَعَالَ حَتَّى نُطَارِحَ الْمَسَائِلَ، فَإِنْ أَصَبْتَ وَأَخْطَأْتُ أَعْطَيْتُكَ كَذَا، وَإِنْ أَصَبْتُ وَأَخْطَأْتَ فَلَا آخُذُ مِنْكَ شَيْئًا يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَا يَفْعَلُهُ الْأُمَرَاءُ فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا بِأَنْ يَقُولُوا لِاثْنَيْنِ: أَيُّكُمَا سَبَقَ فَلَهُ كَذَا. طَلَبَةُ الْعِلْمِ إذَا اخْتَصَمُوا فِي السَّبْقِ فَمَنْ كَانَ أَسْبَقَ يُقَدَّمُ سَبْقُهُ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي السَّبْقِ إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ بَيِّنَةٌ تُقَامُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُمْ قَدِمُوا مَعًا كَمَا فِي الْحَرْقَى وَالْغَرْقَى إذَا لَمْ يُعْرَفْ الْأَوَّلُ يُجْعَلُ كَأَنَّهُمْ مَاتُوا مَعًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْجَوْزُ الَّذِي يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ يَوْمَ الْعِيدِ يُؤْكَلُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَامَرَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ فَهَذَا الصَّنِيعُ حَرَامٌ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ السَّابِعُ فِي السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ) إذَا أَتَى رَجُلٌ بَابَ دَارِ إنْسَانٍ يَجِبُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ قَبْلَ السَّلَامِ، ثُمَّ إذَا دَخَلَ يُسَلِّمُ أَوَّلًا ثُمَّ يَتَكَلَّمُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْفَضَاءِ يُسَلِّمُ أَوَّلًا ثُمَّ يَتَكَلَّمُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَاخْتَلَفُوا فِي أَيِّهِمَا أَفْضَلُ أَجْرًا قَالَ بَعْضُهُمْ: الرَّادُّ أَفْضَلُ أَجْرًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُسَلِّمُ أَفْضَلُ أَجْرًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. يَنْبَغِي لِمَنْ يُسَلِّمُ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُسَلِّمَ بِلَفْظِ الْجَمَاعَةِ

وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَالْأَفْضَلُ لَلْمُسَلِّمِ أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَالْمُجِيبُ كَذَلِكَ يَرُدُّ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَى الْبَرَكَاتِ شَيْءٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لِكُلِّ شَيْءٍ مُنْتَهَى وَمُنْتَهَى السَّلَامِ الْبَرَكَاتُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَأْتِي بِوَاوِ الْعَطْفِ فِي قَوْلِهِ: وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ، وَإِنْ حَذَفَ وَاوَ الْعَطْفِ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ قَالَ الْمُبْتَدِئُ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَوْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَلِلْمُجِيبِ أَنْ يَقُولَ فِي الصُّورَتَيْنِ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَلَكِنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ أَوْلَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا دَخَلَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَوْمٍ، فَإِنْ تَرَكُوا السَّلَامَ فَكُلُّهُمْ آثِمُونَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ سَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ جَازَ عَنْهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ سَلَّمَ كُلُّهُمْ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ تَرَكُوا الْجَوَابَ فَكُلُّهُمْ آثِمُونَ، وَإِنْ رَدَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَجْزَأَهُمْ وَبِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ أَجَابَ كُلُّهُمْ فَهُوَ أَفْضَلُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (فِي فَتَاوَى آهُو) رَجُلٌ أَتَى قَوْمًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ رَدُّهُ، فَإِنْ سَلَّمَ ثَانِيًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ ثَانِيًا، وَكَذَلِكَ التَّشْمِيتُ لَمْ يَجِبْ ثَانِيًا وَيُسْتَحَبُّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ جَالِسٌ مَعَ قَوْمٍ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ فَرَدَّهُ بَعْضُ الْقَوْمِ يَنُوبُ ذَلِكَ عَنْ الَّذِي سَلَّمَ عَلَيْهِ الْمُسَلِّمُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْجَوَابُ، يُرِيدُ بِهِ إذَا أَشَارَ إلَيْهِمْ وَلَمْ يُسَمِّ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ التَّسْلِيمُ عَلَى الْكُلِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يُشَارَ إلَى الْجَمَاعَةِ بِخِطَابِ الْوَاحِدِ هَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَأَمَّا إذَا سَمَّاهُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا زَيْدُ فَأَجَابَهُ غَيْرُ زَيْدٍ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْ زَيْدٍ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ وَأَشَارَ إلَى زَيْدٍ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ التَّسْلِيمُ عَلَى الْكُلِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَرَّ عَلَى قَوْمٍ يَأْكُلُونَ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا وَعَرَفَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَهُ سَلَّمَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. السَّائِلُ إذَا سَلَّمَ لَا يَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. السَّائِلُ إذَا أَتَى بَابَ دَارٍ إنْسَانٍ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ لَا يَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا سَلَّمَ عَلَى الْقَاضِي فِي الْمَحْكَمَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمِصْرِيِّ وَالْقَرَوِيِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُسَلِّمُ الَّذِي جَاءَ مِنْ الْمِصْرِ عَلَى الَّذِي يَسْتَقْبِلُهُ مِنْ الْقُرَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى الْقَلْبِ، وَيُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَالْقَائِمُ عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ، وَالصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُسَلِّمُ الْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ وَيُسَلِّمُ الَّذِي يَأْتِيكَ مِنْ خَلْفِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الرَّجُلُ مَعَ الْمَرْأَةِ إذَا الْتَقَيَا سَلَّمَ الرَّجُلُ أَوَّلًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اسْتَقْبَلَهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ فِي الْحُكْمِ لَا فِي الدِّيَانَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا الْتَقَيَا فَأَفْضَلُهُمَا أَسْبَقُهُمَا، فَإِنْ سَلَّمَا مَعًا يَرُدُّ كُلُّ وَاحِدٍ وَيُسْتَحَبُّ الرَّدُّ مَعَ الطَّهَارَةِ وَيُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ يُسَلِّمُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُسَلِّمُ فِي كُلِّ دَخْلَةٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ. اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الصِّبْيَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: التَّسْلِيمُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَأَمَّا التَّسْلِيمُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسَلِّمِ حَاجَةٌ إلَى الذِّمِّيِّ، وَإِذَا كَانَ لَهُ حَاجَةٌ فَلَا بَأْسَ بِالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، وَلَا بَأْسَ بِرَدِّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَكِنْ لَا يُزَادُ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَيْكُمْ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ مَرَرْتَ بِقَوْمٍ وَفِيهِمْ كُفَّارٌ فَأَنْتَ بِالْخِيَارِ إنْ شِئْت قُلْتَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَتُرِيدُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. السَّلَامُ تَحِيَّةُ الزَّائِرِينَ، وَاَلَّذِينَ جَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ لِلْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ أَوْ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ مَا جَلَسُوا فِيهِ لِدُخُولِ الزَّائِرِينَ عَلَيْهِمْ فَلَيْسَ هَذَا أَوَانَ السَّلَامِ فَلَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ الدَّاخِلُ وَسِعَهُمْ أَنْ لَا يُجِيبُوهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. يُكْرَهُ السَّلَامُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ جَهْرًا، وَكَذَا عِنْدَ مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ، وَعِنْدَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَيْضًا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. إنْ سَلَّمَ فِي حَالَةِ التِّلَاوَةِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَهُوَ اخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ، وَهَكَذَا اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَا يُسَلِّمُ عِنْدَ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَاشْتِغَالِهِمْ بِالصَّلَاةِ لَيْسَ فِيهِمْ أَحَدٌ إلَّا يُصَلِّي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فِي الْأَصْلِ: وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَوْمِ أَنْ يُشَمِّتُوا الْعَاطِسَ، وَلَا أَنْ يَرُدُّوا السَّلَامَ يَعْنِي وَقْتَ الْخُطْبَةِ (فِي صَلَاةِ الْأَثَرِ) رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمْ يَرُدُّونَ السَّلَامَ وَيُشَمِّتُونَ الْعَاطِسَ، وَيَتَبَيَّنُ بِمَا ذَكَرَ فِي صَلَاةِ الْأَثَرِ أَنَّ مَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَالُوا: الْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُرَدَّ السَّلَامُ فِي الْحَالِ هَلْ يُرَدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْخُطْبَةِ؟ . عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُرَدُّ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُرَدُّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى قَوْمٍ هُمْ فِي مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ أَوْ أَحَدُهُمْ وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ، وَإِنْ سَلَّمَ فَهُوَ آثِمٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يُسَلِّمُ الْمُتَفَقِّهُ عَلَى أُسْتَاذِهِ، وَلَوْ فَعَلَ لَا يَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِيمَنْ جَلَسَ لِلذَّكَرِ أَيْ ذِكْرٍ كَانَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ: وَسِعَهُ أَنْ لَا يَرُدَّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يُسَلَّمُ عَلَى الشَّيْخِ الْمُمَازِحِ أَوْ الرَّنْدِ أَوْ الْكَذَّابِ أَوْ اللَّاغِي، وَمَنْ يَسُبُّ النَّاسَ وَيَنْظُرُ إلَى وُجُوهِ النِّسْوَانِ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يُعْرَفُ تَوْبَتُهُمْ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا يُسَلَّمُ عَلَى الَّذِي يَتَغَنَّى وَاَلَّذِي يَبُولُ وَاَلَّذِي يُطَيِّرُ الْحَمَامَ، وَلَا يُسَلَّمُ فِي الْحَمَّامِ، وَلَا عَلَى الْعَارِي إذَا كَانَ مُتَّزِرًا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الرَّدُّ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَاخْتُلِفَ فِي السَّلَامِ عَلَى الْفُسَّاقِ فِي الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَوْ كَانَ لَهُ جِيرَانٌ سُفَهَاءُ إنْ سَالَمَهُمْ يَتْرُكُونَ الشَّرَّ حَيَاءً مِنْهُ، وَإِنْ أَظْهَرَ خُشُونَةً يَزِيدُونَ الْفَوَاحِشَ يُعْذَرُ فِي هَذِهِ الْمُسَالَمَةِ ظَاهِرًا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَامِ عَلَى الَّذِينَ يَلْعَبُونَ الشِّطْرَنْجَ لِلتَّلَهِّي، وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّأْدِيبِ وَالزَّجْرِ لَهُمْ حَتَّى لَا يَفْعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لِتَشْحِيذِ الْخَاطِرِ لَا بَأْسَ بِالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِمْ، وَكُتِبَ فِي الْمُسْتَزَادِ لَمْ يَرَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالتَّسْلِيمِ عَلَى مَنْ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ بَأْسًا لِيَشْغَلَهُ ذَلِكَ عَمَّا هُوَ فِيهِ، وَكَرِهَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَلِكَ تَحْقِيرًا لَهُمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ سَلَّمَ عَلَى مَنْ كَانَ فِي الْخَلَاءِ يَتَغَوَّطُ وَيَبُولُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ بِقَلْبِهِ لَا بِلِسَانِهِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ لَا بِالْقَلْبِ وَلَا بِاللِّسَانِ وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ أَيْضًا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَاجَةِ. وَإِذَا سَلَّمَتْ الْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ عَلَى رَجُلٍ إنْ كَانَتْ عَجُوزًا رَدَّ الرَّجُلُ عَلَيْهَا السَّلَامَ بِلِسَانِهِ بِصَوْتٍ تَسْمَعُ، وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً رَدَّ عَلَيْهَا فِي نَفْسِهِ، وَالرَّجُلُ إذَا سَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَالْجَوَابُ فِيهِ عَلَى الْعَكْسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْرَأَ سَلَامَهُ عَلَى فُلَانٍ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَابِ الْجَعَائِلِ مِنْ السِّيَرِ حَدِيثًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ بَلَّغَ إنْسَانًا سَلَامًا مِنْ غَائِبٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْجَوَابَ عَلَى الْمُبَلِّغِ أَوَّلًا، ثُمَّ عَلَى ذَلِكَ الْغَائِبِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَا يَسْقُطُ فَرْضُ جَوَابِ السَّلَامِ إلَّا بِالْإِسْمَاعِ كَمَا لَا يَجِبُ إلَّا بِالْإِسْمَاعِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ الْمُسَلِّمُ أَصَمَّ يَنْبَغِي أَنْ يُرِيَهُ تَحْرِيكَ شَفَتَيْهِ، وَكَذَلِكَ جَوَابُ الْعَطْسَةِ، كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَيُكْرَهُ السَّلَامُ بِالسَّبَّابَةِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَاجِبٌ إنْ حَمِدَ الْعَاطِسُ فَيُشَمِّتُهُ إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ هُوَ مُخَيَّرٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَيَنْبَغِي لِمَنْ يَحْضُرُ الْعَاطِسَ أَنْ يُشَمِّتَ الْعَاطِسَ إذَا تَكَرَّرَ عُطَاسُهُ فِي مَجْلِسٍ إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، فَإِنْ عَطَسَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَالْعَاطِسُ يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى - فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَمَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ إنْ شَمَّتَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَحَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يُشَمِّتْ بَعْدَ الثَّلَاثِ فَحَسَنٌ أَيْضًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ مَنْ عَطَسَ مِرَارًا يُشَمَّتُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، فَإِنْ أَخَّرَ كَفَاهُ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا عَطَسَ الرَّجُلُ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى فَيَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَوْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَا يَقُولَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي لِمَنْ حَضَرَهُ أَنْ يَقُولَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَيَقُولَ لَهُ الْعَاطِسُ: يَغْفِرُ اللَّهُ

الباب الثامن فيما يحل للرجل النظر إليه وما لا يحل له

لَنَا وَلَكُمْ أَوْ يَقُولَ: يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ، وَلَا يَقُولَ غَيْرَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ عَطَسَتْ إنْ كَانَتْ عَجُوزًا يَرُدُّ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً يَرُدُّ عَلَيْهَا فِي نَفْسِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا عَطَسَ الرَّجُلُ تُشَمِّتُهُ الْمَرْأَةُ، فَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا يَرُدُّ الرَّجُلُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً يَرُدُّ فِي نَفْسِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. شَابَّةٌ جَمِيلَةٌ عَطَسَتْ لَا يُشَمِّتُهَا غَيْرُ الْمَحْرَمِ جَهْرًا، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. إذَا عَطَسَ رَجُلٌ حَالَ الْأَذَانِ يَحْمَدُ وَيُشَمِّتُهُ غَيْرُهُ، وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ لَا يَحْمَدُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَوْ عَطَسَ الْمُصَلِّي فَقَالَ رَجُلٌ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ الْمُصَلِّي: غَفَرَ اللَّهُ لِي وَلَكَ كَانَ جَوَابًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَاب الثَّامِن فِيمَا يَحِلّ لِلرّجلِ النَّظَر إلَيْهِ وَمَا لَا يَحِلّ لَهُ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِيمَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ النَّظَرُ إلَيْهِ وَمَا لَا يَحِلُّ لَهُ وَمَا يَحِلُّ لَهُ مَسَّهُ وَمَا لَا يَحِلُّ) يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ مَسَائِلَ النَّظَرِ تَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: نَظَرُ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ، وَنَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى الْمَرْأَةِ، وَنَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ، وَنَظَرُ الرَّجُلِ إلَى الْمَرْأَةِ. (أَمَّا بَيَانُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ) فَنَقُولُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ إلَّا إلَى عَوْرَتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَعَوْرَتُهُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ حَتَّى تُجَاوِزَ رُكْبَتَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمَا دُونَ السُّرَّةِ إلَى مَنْبَتِ الشَّعْرِ عَوْرَةٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، ثُمَّ حُكْمُ الْعَوْرَةِ فِي الرُّكْبَةِ أَخَفُّ مِنْهُ فِي الْفَخِذِ وَفِي الْفَخْذِ أَخَفُّ مِنْهُ فِي السَّوْأَةِ حَتَّى أَنَّ مَنْ رَأَى غَيْرَهُ مَكْشُوفَ الرُّكْبَةِ يُنْكِرُ عَلَيْهِ بِرِفْقٍ وَلَا يُنَازِعُهُ إنْ لَجَّ، وَإِذَا رَآهُ مَكْشُوفَ الْفَخْذِ أَنْكَرَ عَلَيْهِ بِعُنْفٍ، وَلَا يَضْرِبُهُ إنْ لَجَّ، وَإِذَا رَآهُ مَكْشُوفَ السَّوْأَةِ أَمَرَهُ بِسِتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَدَّبَهُ عَلَى ذَلِكَ إنْ لَجَّ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الْإِبَانَةِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرَى بَأْسًا بِنَظَرِ الْحَمَّامِيِّ إلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَمَا يُبَاحُ النَّظَرُ لِلرَّجُلِ مِنْ الرَّجُلِ يُبَاحُ الْمَسُّ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَوَلَّى صَاحِبُ الْحَمَّامِ عَوْرَةَ إنْسَانٍ بِيَدِهِ عِنْدَ التَّنْوِيرِ إذَا كَانَ يَغُضُّ بَصَرَهُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ لَا فِي غَيْرِهَا وَيَنْبَغِي لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَتَوَلَّى عَانَتَهُ بِيَدِهِ إذَا تَنَوَّرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَأَمَّا بَيَانُ الْقِسْمِ الثَّانِي) فَنَقُولُ: نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى الْمَرْأَةِ كَنَظَرِ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إلَى بَطْنِ امْرَأَةٍ عَنْ شَهْوَةٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهَا الْمَرْأَةُ الْفَاجِرَةُ؛ لِأَنَّهَا تَصِفُهَا عِنْدَ الرِّجَالِ فَلَا تَضَعُ جِلْبَابَهَا، وَلَا خِمَارَهَا عِنْدَهَا، وَلَا يَحِلُّ أَيْضًا لِامْرَأَةٍ مُؤْمِنَةٍ أَنْ تَكْشِفَ عَوْرَتَهَا عِنْدَ أَمَةٍ مُشْرِكَةٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً لَهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. (وَأَمَّا بَيَانُ الْقِسْمِ الثَّالِثِ) فَنَقُولُ: نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ كَنَظَرِ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ تَنْظُرُ إلَى جَمِيعِ جَسَدِهِ إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ حَتَّى يُجَاوِزَ رُكْبَتَهُ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَعْلَمُ قَطْعًا وَيَقِينًا إنَّهَا لَوْ نَظَرَتْ إلَى بَعْضِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الرَّجُلِ لَا يَقَعُ فِي قَلْبِهَا شَهْوَةٌ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَتْ أَنَّهُ تَقَعُ فِي قَلْبِهَا شَهْوَةٌ أَوْ شَكَّتْ وَمَعْنَى الشَّكِّ اسْتِوَاءُ الظَّنَّيْنِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تَغُضَّ بَصَرَهَا مِنْهُ، هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ، فَقَدْ ذَكَرَ الِاسْتِحْسَانَ فِيمَا إذَا كَانَ النَّاظِرُ إلَى الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ هُوَ الْمَرْأَةُ وَفِيمَا إذَا كَانَ النَّاظِرُ إلَى الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ هُوَ الرَّجُلُ قَالَ: فَلْيَجْتَنِبْ بِجَهْدِهِ، وَهُوَ دَلِيلُ الْحُرْمَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا، وَلَا تَمَسُّ شَيْئًا مِنْهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا شَابًّا فِي حَدِّ الشَّهْوَةِ وَإِنْ أَمِنَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا الشَّهْوَةَ، فَأَمَّا الْأَمَةُ فَيَحِلُّ لَهَا النَّظَرُ إلَى جَمِيعِ أَعْضَاءِ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ سِوَى مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ حَتَّى تُجَاوِزَ رُكْبَتَهُ، وَتَمَسُّ جَمِيعَ ذَلِكَ إذَا أَمِنَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا الشَّهْوَةَ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ الْأَمَةَ تَغْمِزُ رِجْلَ زَوْجِ مَوْلَاتِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرِ مُنْكِرٍ وَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمَسِّ؟ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَأَمَّا بَيَانُ الْقِسْمِ الرَّابِعِ) فَنَقُولُ: نَظَرُ الرَّجُلِ إلَى الْمَرْأَةِ يَنْقَسِمُ أَقْسَامًا أَرْبَعَةً: نَظَرُ الرَّجُلِ إلَى زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ، وَنَظَرُ الرَّجُلِ إلَى ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ، وَنَظَرُ الرَّجُلِ إلَى الْحُرَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَنَظَرُ الرَّجُلِ إلَى إمَاءِ الْغَيْرِ. أَمَّا النَّظَرُ إلَى زَوْجَتِهِ وَمَمْلُوكَتِهِ فَهُوَ حَلَالٌ مِنْ قَرْنِهَا إلَى قَدَمِهَا عَنْ شَهْوَةٍ وَغَيْرِ شَهْوَةٍ وَهَذَا ظَاهِرٌ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْظُرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى عَوْرَةِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالْمُرَادُ بِالْأَمَةِ هَاهُنَا هِيَ الَّتِي يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَحِلُّ لَهُ كَأَمَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الْمُشْرِكَةِ أَوْ كَانَتْ أُمَّهُ أَوْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أَمَّ امْرَأَتِهِ أَوْ بِنْتَهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ

النَّظَرُ إلَى فَرْجِهَا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يَقُولُ: الْأَوْلَى أَنْ يَنْظُرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَتِهِ وَقْتَ الْوِقَاعِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي تَحْصِيلِ مَعْنَى اللَّذَّةِ كَذَا التَّبْيِينِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: سَأَلَتْ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ يَمَسُّ فَرْجَ امْرَأَتِهِ وَهِيَ تَمَسُّ فَرْجَهُ لِتُحَرِّكَ آلَتَهُ هَلْ تَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا؟ قَالَ: لَا وَأَرْجُو أَنْ يُعْطَى الْأَجْرَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُجَرِّدُ زَوْجَتَهُ لِلْجِمَاعِ إذَا كَانَ الْبَيْتُ صَغِيرًا مِقْدَارَ خَمْسَةِ أَذْرُعٍ أَوْ عَشَرَةِ قَالَ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيُّ وَرُكْنُ الصَّبَّاغِيُّ وَالْحَافِظُ السَّائِلِيُّ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَجَرَّدَا فِي الْبَيْتِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْخُلَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ مَحَارِمُهُمَا وَهُمَا فِي الْفِرَاشِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ بِاسْتِئْذَانٍ، وَلَا يَدْخُلُونَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَكَذَا الْخَادِمُ حِينَ يَخْلُو الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ وَكَذَا الْأَمَةُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. أَخَذَ بِيَدِ أَمَتِهِ وَأَدْخَلَهَا بَيْتًا وَأَغْلَقَ بَابًا وَعَلِمُوا أَنَّهُ يُرِيدُ وَطْئَهَا كُرِهَ وَطْءُ زَوْجَتِهِ بِحَضْرَةِ ضَرَّتِهَا أَوْ أَمَتِهِ، يُكْرَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَرِهَ لِهَذَا أَهْلُ بُخَارَى النَّوْمَ عَلَى السَّطْحِ، كَذَا فِي اللَّمَمِ. وَأَمَّا نَظَرُهُ إلَى ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ فَنَقُولُ: يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إلَى مَوْضِعِ زِينَتِهَا الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ وَهِيَ الرَّأْسُ وَالشَّعْرُ وَالْعُنُقُ وَالصَّدْرُ وَالْأُذُنُ وَالْعَضُدُ وَالسَّاعِدُ وَالْكَفُّ وَالسَّاقُ وَالرِّجْلُ وَالْوَجْهُ، فَالرَّأْسُ مَوْضِعُ التَّاجِ وَالْإِكْلِيلِ وَالشَّعْرُ مَوْضِعُ الْعِقَاصِ وَالْعُنُقُ مَوْضِعُ الْقِلَادَةِ وَالصَّدْرُ كَذَلِكَ وَالْقِلَادَةُ الْوِشَاحُ، وَقَدْ يَنْتَهِي إلَى الصَّدْرِ وَالْأُذُنُ مَوْضِعُ الْقُرْطِ وَالْعَضُدُ مَوْضِعُ الدُّمْلُوجِ وَالسَّاعِدُ مَوْضِعُ السِّوَارِ وَالْكَفُّ مَوْضِعُ الْخَاتَمِ وَالْخِضَابِ وَالسَّاقُ مَوْضِعُ الْخَلْخَالِ وَالْقَدَمُ مَوْضِعُ الْخِضَابِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَا بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ أُمِّهِ وَابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ وَأُخْتِهِ وَكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ كَالْجَدَّاتِ وَالْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ إلَى شَعْرِهَا وَصَدْرِهَا وَذَوَائِبِهَا وَثَدْيِهَا وَعَضُدِهَا وَسَاقِهَا، وَلَا يَنْظُرُ إلَى ظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا، وَلَا إلَى مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا إلَى أَنْ يُجَاوِزَ الرُّكْبَةَ وَكَذَا إلَى كُلِّ ذَاتِ مَحْرَمٍ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ كَزَوْجَةِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِنْ عَلَا وَزَوْجَةِ ابْنِ الِابْنِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ. وَإِنْ سَفَلُوا وَابْنَةِ الْمَرْأَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِأُمِّهَا فَهِيَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِالزِّنَا اخْتَلَفُوا فِيهَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَثْبُتُ فِيهَا إبَاحَةُ النَّظَرِ وَالْمَسِّ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ تَثْبُتُ إبَاحَةُ النَّظَرِ وَالْمَسِّ لِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ الْمُؤَبَّدَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَا حَلَّ النَّظَرُ إلَيْهِ حَلَّ مَسُّهُ وَنَظَرُهُ وَغَمْزُهُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَلَكِنْ إنَّمَا يُبَاحُ النَّظَرُ إذَا كَانَ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ الشَّهْوَةَ، فَأَمَّا إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الشَّهْوَةَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ، وَكَذَلِكَ الْمَسُّ إنَّمَا يُبَاحُ لَهُ إذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا الشَّهْوَةَ، وَأَمَّا إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَيْهَا الشَّهْوَةَ فَلَا يَحِلُّ الْمَسُّ لَهُ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَنْظُرَ إلَى بَطْنِهَا أَوْ إلَى ظَهْرِهَا، وَلَا إلَى جَنْبِهَا، وَلَا يَمَسُّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلِلِابْنِ أَنْ يَغْمِزَ بَطْنَ أُمِّهِ وَظَهْرَهَا خِدْمَةً لَهَا مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَمِعْتُ الشَّيْخَ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْمِزَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ إلَى السَّاقِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَغْمِزَ الْفَخْذَ وَيَمَسَّهُ وَرَاءَ الثَّوْبِ وَيَقُولُ: يَغْمِزُ الرَّجُلُ رِجْلَ وَالِدَيْهِ، وَلَا يَغْمِزُ فَخْذَ وَالِدَيْهِ وَالْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُبِيحُ أَنْ يَغْمِزَ الْفَخْذَ وَيَمَسَّهَا وَرَاءَ الثَّوْبِ وَغَيْرَهَا، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَيَخْلُوَ بِهَا يَعْنِي بِمَحَارِمِهِ إذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَشْتَهِيهَا أَوْ تَشْتَهِيه إنْ سَافَرَ بِهَا أَوْ خَلَا بِهَا أَوْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فَلَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى حَمْلِهَا وَإِنْزَالِهَا فِي السَّفَرِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَ بَطْنَهَا وَظَهْرَهَا مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ، فَإِنْ خَافَ الشَّهْوَةَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَيْهَا فَلْيَجْتَنِبْ بِجَهْدِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْتَنِبَ أَصْلًا مَتَى أَمْكَنَهَا الرُّكُوبُ وَالنُّزُولُ بِنَفْسِهَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهَا ذَلِكَ تَكَلَّفَ الْمَحْرَمُ فِي ذَلِكَ زِيَادَةَ تَكَلُّفٍ بِالثِّيَابِ حَتَّى لَا يَصِلَ إلَيْهِ حَرَارَةُ بَدَنِهَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ تَكَلَّفَ الْمَحْرَمُ لِدَفْعِ الشَّهْوَةِ عَنْ قَلْبِهِ يَعْنِي لَا يَقْصِدُ بِهَا فِعْلَ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَأَمَّا النَّظَرُ إلَى أَمَةِ الْغَيْرِ فَهُوَ كَنَظَرِهِ إلَى ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَى ظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا كَمَا فِي حَقِّ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا يَنْظُرُ إلَى مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا إلَى رُكْبَتِهَا، وَلَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إلَى مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْأَمَةِ وَالْمُسْتَسْعَاةُ كَالْمُكَاتَبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

كَذَا فِي الْكَافِي. وَكُلُّ مَا يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ إمَاءِ الْغَيْرِ يُبَاحُ مَسُّهُ إذَا أَمِنَ الشَّهْوَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِنَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَالِجَهَا فِي الْإِرْكَابِ وَالْإِنْزَالِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا أَمِنَ الشَّهْوَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ الْخَلْوَةَ وَالْمُسَافَرَةَ بِإِمَاءِ الْغَيْرِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَحِلُّ وَإِلَيْهِ مَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَحِلُّ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ أَنْ يَمَسَّ مَا سِوَى الْبَطْنِ وَالظَّهْرِ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْهَا إذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ وَإِنْ خَافَ أَنْ يَشْتَهِيَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَهَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ يُرِيدُ شِرَاءَ جَارِيَةٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمَسَّ سَاقَهَا وَصَدْرَهَا وَذِرَاعَيْهَا وَأَنْ يَنْظُرَ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ مَكْشُوفًا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَقَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يُبَاحُ النَّظَرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِنْ اشْتَهَى لِلضَّرُورَةِ، وَلَا يُبَاحُ الْمَسُّ إذَا اشْتَهَى أَوْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ اسْتِمْتَاعٍ، وَفِي غَيْرِ حَالَةِ الشِّرَاءِ يُبَاحُ النَّظَرُ وَالْمَسُّ بِشَرْطِ عَدَمِ الشَّهْوَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا تُعْرَضُ الْأَمَةُ إذَا بَلَغَتْ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ وَالْمُرَادُ بِالْإِزَارِ مَا يَسْتُرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّ ظَهْرَهَا وَبَطْنَهَا عَوْرَةٌ فَلَا يَجُوزُ كَشْفُهُمَا وَاَلَّتِي بَلَغَتْ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَهِيَ كَالْبَالِغَةِ لَا تُعْرَضُ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِوُجُودِ الِاشْتِهَاءِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَأَمَّا النَّظَرُ إلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ فَنَقُولُ: يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى مَوَاضِعِ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ مِنْهُنَّ وَذَلِكَ الْوَجْهُ وَالْكَفُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَشْتَهِي فَهُوَ حَرَامٌ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. النَّظَرُ إلَى وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ شَهْوَةٍ لَيْسَ بِحَرَامٍ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى قَدَمِهَا أَيْضًا، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ قَالَ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى قَدَمِهَا. وَفِي جَامِعِ الْبَرَامِكَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى ذِرَاعَيْهَا أَيْضًا عِنْدَ الْغَسْلِ وَالطَّبْخِ قِيلَ: وَكَذَلِكَ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَى ثَنَايَاهَا وَذَلِكَ كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ النَّظَرُ عَنْ شَهْوَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ يُبَاحُ النَّظَرُ إذَا شَكَّ فِي الِاشْتِهَاءِ، كَذَا فِي الْكَافِي. قِيلَ: وَكَذَلِكَ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَى سَاقِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ النَّظَرُ عَنْ شَهْوَةٍ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ يَشْتَهِي أَوْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ ذَلِكَ فَلْيَجْتَنِبْ بِجَهْدِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلَّ عُضْوٍ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ لَا يَجُوزُ بَعْدَهُ كَشَعْرِ رَأْسِهَا وَقُلَامَةِ رِجْلِهَا وَشَعْرِ عَانَتِهَا، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَمَسَّ وَجْهَهَا، وَلَا كَفَّهَا، وَإِنْ كَانَ يَأْمَنُ الشَّهْوَةَ وَهَذَا إذَا كَانَتْ شَابَّةً تُشْتَهَى، فَإِنْ كَانَتْ لَا تُشْتَهَى لَا بَأْسَ بِمُصَافَحَتِهَا وَمَسِّ يَدِهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ شَيْخًا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَافِحَهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَيْهَا فَلْيَجْتَنِبْ، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَبَاحَ الْمَسَّ لِلرَّجُلِ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَجُوزًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَ الرَّجُلِ بِحَالٍ لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ، وَفِيمَا إذَا كَانَ الْمَاسُّ هِيَ الْمَرْأَةَ قَالَ إذَا كَانَا كَبِيرَيْنِ لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ وَلَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَلَا بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ فَتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُعَانِقَ الْعَجُوزَ مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ثِيَابُهَا تَصِفُ مَا تَحْتَهَا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ ثِيَابٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَأَمَّلَ جَسَدَهَا؛ لِأَنَّ نَظَرَهُ إلَى ثِيَابِهَا لَا إلَى جَسَدِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي بَيْتٍ فَنَظَرَ إلَى جِدَارِهِ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ ثِيَابُهَا مُلْتَزِقَةً بِهَا بِحَيْثُ تَصِفُ مَا تَحْتَهَا كَالْقَبَاءِ التُّرْكِيَّةِ، وَلَمْ تَكُنْ رَقِيقَةً بِحَيْثُ تَصِفُ مَا تَحْتَهَا، فَإِنْ كَانَتْ بِخِلَافِ ذَلِكَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَغُضَّ بَصَرَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الثَّوْبَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَسْتُرُهَا بِمَنْزِلَةِ شَبَكَةٍ عَلَيْهَا. هَذَا إذَا كَانَتْ فِي حَدِّ الشَّهْوَةِ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُشْتَهَى مِثْلُهَا فَلَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَمِنْ مَسِّهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِبَدَنِهَا حُكْمُ الْعَوْرَةِ، وَلَا فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ مَعْنَى خَوْفِ الْفِتْنَةِ، ثُمَّ النَّظَرُ إلَى الْحُرَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ قَدْ يَصِيرُ مُرَخَّصًا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْكَافِرَةُ كَالْمُسْلِمَةِ وَرُوِيَ لَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إلَى شَعْرِ الْكَافِرَةِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. يَجُوزُ لِلْقَاضِي إذَا أَرَادَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهَا وَلِلشَّاهِدِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى وَجْهِهَا وَإِنْ خَافَ أَنْ يَشْتَهِيَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ بِهِ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ أَوْ الْحُكْمَ عَلَيْهَا لَا قَضَاءَ الشَّهْوَةِ

الباب التاسع في اللبس ما يكره من ذلك وما لا يكره

وَأَمَّا النَّظَرُ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ إذَا اشْتَهَى قِيلَ: يُبَاحُ كَمَا فِي النَّظَرِ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا، وَإِنْ خَافَ أَنْ يَشْتَهِيَهَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْغُلَامُ الَّذِي بَلَغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ كَالْبَالِغِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَالْغُلَامُ إذَا بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ، وَلَمْ يَكُنْ صَبِيحًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الرِّجَالِ، وَإِنْ كَانَ صَبِيحًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ النِّسَاءِ، وَهُوَ عَوْرَةٌ مِنْ قَرْنِهِ إلَى قَدَمِهِ لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ عَنْ شَهْوَةٍ، فَأَمَّا الْخَلْوَةُ وَالنَّظَرُ إلَيْهِ لَا عَنْ شَهْوَةٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَلِهَذَا لَا يُؤْمَرُ بِالنِّقَابِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَفِي حُكْمِ الصَّلَاةِ كَالرِّجَالِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ لِلْخَاتِنِ وَلِلْقَابِلَةِ وَلِلطَّبِيبِ عِنْدَ الْمُعَالَجَةِ وَيَغُضُّ بَصَرَهُ مَا اسْتَطَاعَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ النَّظَرُ إلَى فَرْجِ الرَّجُلِ لِلْحُقْنَةِ كَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ بِهِ هُزَالٌ فَاحِشٌ فَقِيلَ لَهُ: إنَّ الْحُقْنَةَ تُزِيلُ مَا بِكَ مِنْ الْهُزَالِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُبْدِيَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ لِلْحُقْنَةِ وَهَذَا صَحِيحٌ، فَإِنَّ الْهُزَالَ الْفَاحِشَ نَوْعُ مَرَضٍ يَكُونُ آخِرُهُ الدِّقَّ وَالسُّلَّ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّوْمِ أَنَّ الْحُقْنَةَ إنَّمَا تَجُوزُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ ضَرُورَةٍ وَلَكِنْ فِيهَا مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ بِأَنْ يَتَقَوَّى بِسَبَبِهَا عَلَى الْجِمَاعِ لَا يَحِلُّ عِنْدَنَا، وَإِذَا كَانَ بِهِ هُزَالٌ، فَإِنْ كَانَ هُزَالٌ يُخْشَى مِنْهُ التَّلَفُ يَحِلُّ، وَمَا لَا فَلَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَدْخُلُ عَلَى الْأُمِّ وَالْبِنْتِ وَالْأُخْتِ إلَّا بِإِذْنٍ أَمَّا عَلَى امْرَأَتِهِ يُسَلِّمُ، وَلَا يَسْتَأْذِنُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. امْرَأَةٌ أَصَابَتْهَا قُرْحَةٌ فِي مَوْضِعٍ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ لَا يَحِلُّ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا لَكِنْ تُعْلِمُ امْرَأَةً تُدَاوِيهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا امْرَأَةً تُدَاوِيهَا، وَلَا امْرَأَةً تَتَعَلَّمُ ذَلِكَ إذَا عُلِّمَتْ وَخِيفَ عَلَيْهَا الْبَلَاءُ أَوْ الْوَجَعُ أَوْ الْهَلَاكُ، فَإِنَّهُ يُسْتَرُ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ إلَّا مَوْضِعَ تِلْكَ الْقُرْحَةِ، ثُمَّ يُدَاوِيهَا الرَّجُلُ وَيَغُضُّ بَصَرَهُ مَا اسْتَطَاعَ إلَّا عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِنَّ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى الْعَوْرَةِ لَا يَحِلُّ بِسَبَبِ الْمَحْرَمِيَّةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ خَافَتْ الِافْتِصَادَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَفْصِدَهَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَالْعَبْدُ فِي النَّظَرِ إلَى مَوْلَاتِهِ الْحُرَّةِ الَّتِي لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ الْحُرِّ يَنْظُرُ إلَى وَجْهِهَا وَكَفِّهَا، وَلَا يَنْظُرُ إلَى مَا لَا يَنْظُرُ الْأَجْنَبِيُّ الْحُرُّ مِنْ الْحُرَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ سَوَاءً كَانَ الْعَبْدُ خَصِيًّا أَوْ فَحْلًا إذَا بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ، وَأَمَّا الْمَجْبُوبُ الَّذِي جَفَّ مَاؤُهُ فَبَعْضُ مَشَايِخِنَا رَخَّصُوا اخْتِلَاطَهُ بِالنِّسَاءِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُرَخَّصُ وَيُمْنَعُ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى مَوْلَاتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا إجْمَاعًا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُسَافِرُ بِسَيِّدَتِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا بَأْسَ بِدُخُولِ الصِّبْيَانِ عَلَى النِّسَاءِ مَا لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ وَقُدِّرَ ذَلِكَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَحْتَلِمُ وَالْوَاحِدُ وَالْكَثِيرُ فِيهَا سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْكُبْرَى. سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ أَوْ عَلَى الْحَائِضِ أَنْ تَنْظُرَ إلَى فَرْجِهَا وَقْتَ كُلِّ صَلَاةٍ؟ فَقَالَ: لَا وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ النَّظَرِ إلَى عِظَامِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا مِثْلُ جُمْجُمَتِهَا هَلْ يَجُوزُ فَقَالَ: لَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْكَرَاهَةِ. اللِّوَاطَةُ مَعَ مَمْلُوكِهِ أَوْ مَمْلُوكَتِهِ أَوْ امْرَأَتِهِ حَرَامٌ. الْمَرْأَةُ إذَا انْقَطَعَ حِجَابُهَا الَّذِي بَيْنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَطَأَهَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُمْكِنَهُ أَنْ يَأْتِيَهَا فِي الْقُبُلِ مِنْ غَيْرِ الْوُقُوعِ فِي الدُّبُرِ، وَإِنْ شَكَّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي اللُّبْسِ مَا يَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا لَا يُكْرَهُ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي اللُّبْسِ مَا يَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا لَا يُكْرَهُ) نُدِبَ لُبْسِ السَّوَادِ وَإِرْسَالُ ذَنَبِ الْعِمَامَةِ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ إلَى وَسَطِ الظَّهْرِ، كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا يَنْبَغِي مِنْ ذَنَبِ الْعِمَامَةِ مِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَ بِشِبْرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إلَى وَسَطِ الظَّهْرِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إلَى مَوْضِعِ الْجُلُوسِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُجَدِّدَ لَفَّ الْعِمَامَةِ نَقَضَهَا كَمَا لَفَّهَا، وَلَا يُلْقِيهَا عَلَى الْأَرْضِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْقَلَانِسِ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَلْبَسُهَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ لُبْسَ الْحَرِيرِ، وَهُوَ مَا كَانَتْ لُحْمَتُهُ حَرِيرًا وَسُدَاهُ حَرِيرًا حَرَامٌ عَلَى

الرِّجَالِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُكْرَهُ فِي حَالَةِ الْحَرْبِ وَيُكْرَهُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْحَرْبِ، وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَفِي شَرْحِ الْقَاضِي الْإِمَامِ الْإِسْبِيجَابِيِّ أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا لَا يُكْرَهُ لُبْسِ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ فِي حَالَةِ الْحَرْبِ إذَا كَانَ صَفِيقًا يَدْفَعُ مَعَرَّةَ السِّلَاحِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ رَقِيقًا لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. أَمَّا مَا كَانَ سُدَاهُ حَرِيرًا وَلُحْمَتُهُ غَيْرَ حَرِيرٍ فَلَا بَأْسَ بِلُبْسِهِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الثَّوْبَ إذَا كَانَتْ لُحْمَتُهُ مِنْ قُطْنٍ وَكَانَ سُدَاهُ مِنْ إبْرَيْسَمٍ، فَإِنْ كَانَ الْإِبْرَيْسَمُ يُرَى كُرِهَ لِلرِّجَالِ لُبْسُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُرَى لَا يُكْرَهُ لَهُمْ لُبْسُهُ هَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْحَرْبِ. (جِئْنَا إلَى حَالَةِ الْحَرْبِ) فَنَقُولُ: لَا شَكَّ أَنَّ مَا كَانَ لُحْمَتُهُ غَيْرَ حَرِيرٍ وَسُدَاهُ حَرِيرًا يُبَاحُ لُبْسُهُ فِي حَالَةِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لُبْسُهُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْحَرْبِ فَلَأَنْ يُبَاحَ لُبْسُهُ فِي حَالَةِ الْحَرْبِ وَالْأَمْرُ فِيهِ وَاسِعٌ كَانَ أَوْلَى، وَأَمَّا مَا كَانَ لُحْمَتُهُ حَرِيرًا وَسُدَاهُ غَيْرَ حَرِيرٍ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ لُبْسُهُ فِي حَالَةِ الْحَرْبِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. يُكْرَهُ لُبْسِ الدِّيبَاجِ لِلرِّجَالِ وَلَا بَأْسَ بِتَوَسُّدِهِ وَالنَّوْمِ عَلَيْهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُكْرَهُ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مِثْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَيْسَ الْقُعُودُ عَلَى الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ كَاللُّبْسِ فِي الْكَرَاهَةِ، فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ الْقُعُودُ عَلَيْهِمَا كَاللُّبْسِ نَفَى الْكَرَاهَةَ أَصْلًا صَارَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْقُعُودِ عَلَى الدِّيبَاجِ رِوَايَتَانِ، فَإِنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْقُعُودَ عَلَى الدِّيبَاجِ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ إثْبَاتَ التَّفَاوُتِ فِي الْكَرَاهَةِ لَا يَصِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَكْرُوهٌ إلَّا أَنَّ اللُّبْسَ أَشَدُّ كَرَاهَةٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ فِي الْحَرْبِ وَقِيلَ: يُكْرَهُ هُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فِي الْعُيُونِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرَى بَأْسًا بِلُبْسِ الْخَزِّ لِلرِّجَالِ، وَإِنْ كَانَ سُدَاهُ إبْرَيْسَمًا أَوْ حَرِيرًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَمَا كَانَ مِنْ الثِّيَابِ الْغَالِبِ عَلَيْهِ الْقَزُّ كَالْخَزِّ وَنَحْوِهِ لَا بَأْسَ وَيُكْرَهُ مَا كَانَ ظَاهِرُهُ الْقَزَّ، وَكَذَا مَا كَانَ خَطٌّ مِنْهُ خَزٌّ وَخَطٌّ مِنْهُ قَزٌّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا خَيْرَ فِيهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرَى بَأْسًا بِلُبْسِ الْخَزِّ لِلرِّجَالِ وَإِنْ كَانَ سُدَاهُ حَرِيرًا. (قَالَ الْعَبْدُ) : الْخَزُّ فِي زَمَانِهِمْ كَانَ مِنْ أَوْبَارِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ الْمَائِيِّ الَّذِي يُسَمَّى بِالْعَرَبِيَّةِ خَزًّا وَقُضَاعَةً وَبِالتُّرْكِيَّةِ (قندز) وَالْيَوْمَ يُتَّخَذُ مِنْ الْحَرِيرِ الْعَفَنِ فَيَجِبُ أَنْ يُكْرَهَ كَالْقَزِّ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِالْخَزِّ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُهْرَةٌ وَإِلَّا فَلَا خَيْرَ فِيهِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَمَا يُكْرَهُ لِلرِّجَالِ لُبْسُهُ يُكْرَهُ لِلْغِلْمَانِ وَالصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّ النَّصَّ حَرَّمَ الذَّهَبَ وَالْحَرِيرَ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِهِ بِلَا قَيْدِ الْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ، وَالْأَثِمُ عَلَى مَنْ أَلْبَسَهُمْ؛ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِحِفْظِهِمْ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. اسْتِعْمَالُ اللِّحَافِ مِنْ إبْرَيْسَمٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ لُبْسٍ. لَا بَأْسَ بِمُلَاءَةِ حَرِيرٍ تُوضَعُ عَلَى مَهْدِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلُبْسٍ، وَكَذَا الْكِلَّةُ مِنْ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ لِأَنَّهَا كَالْبَيْتِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي الْإِسْبِيجَابِيِّ لَا بَأْسَ بِجَعْلِ اللِّفَافَةِ مِنْ الْحَرِيرِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَفِي فَتَاوَى الْعَصْرِ وَفَتَاوَى أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيِّ يُكْرَهُ جَعْلُ اللِّفَافَةِ مِنْ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ فَقَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ: لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا بَأْسَ بِسِتْرِ الْحَرِيرِ وَتَعْلِيقِهِ عَلَى الْبَابِ وَقَالَا: يُكْرَهُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. دَلَّالٌ يُلْقِي ثَوْبَ الدِّيبَاجِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ لِلْبَيْعِ يَجُوزُ إذَا لَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي الْكُمَّيْنِ قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ: فِيهِ كَلَامٌ بَيْنَ الْمَشَايِخِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ يَحِلُّ لَهُنَّ لُبْسِ الْحَرِيرِ الْخَالِصِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَمَّا لُبْسِ مَا عَلَمُهُ حَرِيرٌ أَوَمَكْفُوفٌ بِهِ فَمُطْلَقٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَرُوِيَ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْعَلَمِ مِنْ الْحَرِيرِ فِي الثَّوْبِ

إذَا كَانَ أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ أَوْ دُونَهَا، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ أَنَّهُ بَأْسٌ بِالْعَلَمِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ، وَلَمْ يُقَدِّرْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. عِمَامَةٌ طُرَّتُهَا قَدْرُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مِنْ إبْرَيْسَمٍ مِنْ أَصَابِعِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَذَلِكَ قَيْسُ شِبْرِنَا يُرَخَّصُ فِيهِ قَالَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ: الْمُعْتَبَرُ فِي الرُّخْصَةِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ لَا مَضْمُومَةً كُلَّ الضَّمِّ، وَلَا مَنْشُورَةً كُلَّ النَّشْرِ قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ التُّمُرْتَاشِيُّ: الْمُعْتَبَرُ أَرْبَعُ أَصَابِعَ كَمَا هِيَ عَلَى هَيْئَتِهَا لَا أَصَابِعُ السَّلَفِ، وَفِي فَتَاوَى أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيِّ أَرْبَعُ أَصَابِعَ مَنْشُورَةٌ، قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ: التَّحَرُّزُ عَنْ مِقْدَارِ الْمَنْشُورَةِ أَوْلَى فِي فَتَاوَى أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيِّ وَالْعَلَمُ فِي الْعِمَامَةِ فِي مَوَاضِعَ يُجْمَعُ قَالَ أَبُو حَامِدٍ لَا يُجْمَعُ قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ: فِي الْمُتَفَرِّقِ خِلَافٌ قَالَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْجَمْعِ فِي الْمُتَفَرِّقِ إلَّا إذَا كَانَ خَطٌّ مِنْهُ قَزًّا وَخَطٌّ مِنْهُ غَيْرَهُ بِحَيْثُ يُرَى كُلُّهُ قَزًّا فَلَا يَجُوزُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي جَمْعِ التَّفَارِيقِ لِلْبَقَّالِيِّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مُسْتَبِينًا كَالطِّرَازِ فِي الْعِمَامَةِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. لَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ مِنْطَقَةٍ مُلْتَقَاهَا فِضَّةُ، الْمِنْطَقَةُ الْمُفَضَّضَةُ قِيلَ: تُكْرَهُ وَقِيلَ: لَا بَأْسَ بِهَا وَبِالدِّيبَاجِ فِي وَسَطِ الْمِنْطَقَةِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ عَرْضُهَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لِلرِّجَالِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. يُكْرَهُ أَنْ يَلْبَسَ الذُّكُورُ قَلَنْسُوَةً مِنْ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْكِرْبَاسِ الَّذِي خِيطَ عَلَيْهِ إبْرَيْسَمٌ كَثِيرٌ أَوْ شَيْءٌ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى طَرَفِ الْقَلَنْسُوَةِ قَدْرُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا عَلَى طَرَفِ الْعِمَامَةِ، وَكَذَا عَلَمُ الْجُبَّةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. (وَفِي فَتَاوَى آهُو) سُئِلَ الْقَاضِي بُرْهَانُ الدِّينِ (اكر عُنُق راجكلن كردنديا كشيده از إبْرَيْسَمَ) فَلَبِسَهُ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلَكًا فَيَكُونُ تَبَعًا وَأَشَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ إلَى أَنَّهُ يَكُونُ تَبَعًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. يَضُرُّهُ النَّظَرُ الدَّائِمُ إلَى الثَّلْجِ، وَهُوَ يَمْشِي فِيهِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشُدَّ عَلَى عَيْنِهِ خِمَارًا أَسْوَدَ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ، قُلْتُ: فَفِي الْعَيْنِ الرَّمِدَةُ أَوْلَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ مِنْ الْخَزِّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الثَّوْبِ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ إذَا كَانَ إزَارُهُ دِيبَاجًا أَوْ ذَهَبًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ لَا بَأْسَ بِتِكَّةِ الْحَرِيرِ لِلرَّجُلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَيْمَانِ الْوَاقِعَاتِ أَنَّهُ يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ مَكْتُوبٌ بِخَطِّهِ أَنَّ فِي تِكَّةِ الْحَرِيرِ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَصْحَابِنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. تُكْرَهُ التِّكَّةُ الْمَعْمُولَةُ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَا الْقَلَنْسُوَةُ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ الْعِمَامَةِ وَالْكِيسُ الَّذِي يُعَلَّقُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَعَلَى الْخِلَافِ لُبْسُ التِّكَّةِ مِنْ الْحَرِيرِ قِيلَ: يُكْرَهُ بِالِاتِّفَاقِ، وَكَذَا عِصَابَةُ الْمُفْتَصَدِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ أَصَابِعَ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ صَلَّى مَعَ تِكَّةِ إبْرَيْسَمٍ جَازَ، وَهُوَ مُسِيءٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ جَعَلَ الْقَزَّ حَشْوًا لِلْقَبَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ وَلَوْ جُعِلَتْ ظِهَارَتُهُ أَوْ بِطَانَتُهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا مَقْصُودٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ أَكْرَهُ ثَوْبَ الْقَزِّ يَكُونُ بَيْنَ الْفَرْوِ وَبَيْنَ الظِّهَارَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَرِهَ بَطَائِنَ الْقَلَانِسِ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. لَا بَأْسَ بِالْعَلَمِ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ فَأَمَّا لِلرِّجَالِ، فَقَدْرُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَمَا فَوْقَهُ يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَلْبَسَ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ بِالْعُصْفُرِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِالصَّبْغِ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ سُئِلَ عَنْ الزِّينَةِ وَالتَّجَمُّلِ فِي الدُّنْيَا قَالَ «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَرُبَّمَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ قِيمَتُهُ أَرْبَعَةُ

آلَافِ دِرْهَمٍ» «، وَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَوْمًا وَعَلَيْهِ رِدَاءُ خَزٍّ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّ اللَّهَ تَعَالَى - إذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ» وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَرْتَدِي بِرِدَاءٍ قِيمَتُهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لُبْسُ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ سُنَّةُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّهُ آيَةُ التَّوَاضُعِ وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَهُمَا سُلَيْمَانُ النَّبِيُّ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِي الْحَدِيثِ نَوِّرُوا قُلُوبَكُمْ بِلِبَاسِ الصُّوفِ، فَإِنَّهُ مَذَلَّةٌ فِي الدُّنْيَا وَنُورٌ فِي الْآخِرَةِ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُفْسِدُوا دِينَكُمْ بِمَحْمَدَةِ النَّاسِ وَثَنَائِهِمْ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. لُبْسُ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ مُبَاحٌ إذَا لَمْ يَتَكَبَّرْ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا كَمَا كَانَ قَبْلَهَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَا يَجُوزُ صَبْغُ الثِّيَابِ أَسْوَدَ أَوْ أَكْهَبَ تَأَسُّفًا عَلَى الْمَيِّتِ قَالَ صَدْرُ الْحُسَامِ لَا يَجُوزُ تَسْوِيدُ الثِّيَابِ فِي مَنْزِلِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْكَسْبِ يَنْبَغِي أَنْ يَلْبَسَ فِي عَامَّةِ الْأَوْقَاتِ الْغَسِيلَ وَيَلْبَسَ الْأَحْسَنَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ إظْهَارًا لِنِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى -، وَلَا يَلْبَسُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤْذِي الْمُحْتَاجِينَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُظَاهِرَ بَيْنَ جُبَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ إذَا كَانَ يَكْفِيهِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ جُبَّةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ ذَلِكَ يُؤْذِي الْمُحْتَاجِينَ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ اكْتِسَابِ سَبَبِ أَذَى الْغَيْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَمَّا الدِّثَارُ فَيُكْرَهُ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ الْمُخَرْفَجَةِ وَهِيَ الَّتِي تَقَعُ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمَيْنِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَعَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ سُنَّةِ الْإِسْلَامِ لُبْسِ الْمُرَقَّعِ وَالْخَشِنِ مِنْ الثِّيَابِ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ سُنَّةٌ، وَهُوَ مِنْ أَسْتَرِ الثِّيَابِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. فِي غَرِيبِ الرِّوَايَةِ يُرَخَّصُ لِلْمَرْأَةِ كَشْفُ الرَّأْسِ فِي مَنْزِلِهَا وَحْدَهَا فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ لَهَا لُبْسِ خِمَارٍ رَقِيقٍ يَصِفُ مَا تَحْتَهُ عِنْدَ مَحَارِمِهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. تَقْصِيرُ الثِّيَابِ سُنَّةٌ وَإِسْبَالُ الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ بِدْعَةٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْإِزَارُ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ إلَى نِصْفِ السَّاقِ وَهَذَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَيُرْخِينَ إزَارَهُنَّ أَسْفَلَ مِنْ إزَارِ الرِّجَالِ لِيَسْتُرَ ظَهْرَ قَدَمِهِنَّ. إسْبَالُ الرَّجُلِ إزَارَهُ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْخُيَلَاءِ فَفِيهِ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَاخْتُلِفَ فِي السَّدْلِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَقِيلَ: يَكْرَهُ بِدُونِ الْقَمِيصِ، وَلَا يُكْرَهُ عَلَى الْقَمِيصِ وَفَوْقَ الْإِزَارِ وَقِيلَ: يُكْرَهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِلُبْسِ قَلَنْسُوَةِ الثَّعَالِبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَكَانَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سِنْجَابٌ وَعَلَى الضَّحَّاكِ قَلَنْسُوَةُ سَمُّورٍ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِالْفَرْوِ مِنْ السِّبَاعِ كُلِّهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغَةِ وَالْمُذَكَّاةِ وَقَالَ ذَكَاتُهَا دِبَاغُهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ بِجُلُودِ النَّمِرِ وَالسِّبَاعِ كُلِّهَا إذَا دُبِغَتْ أَنْ يَجْعَلَ مِنْهَا مُصَلًّى أَوْ مِيثَرَةَ السَّرْجِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَلَا بَأْسَ بِخِرْقَةِ الْوُضُوءِ وَالْمُخَاطِ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يُكْرَهُ الْخِرْقَةُ الَّتِي تُحْمَلُ لِيُمْسَحَ بِهَا الْعَرَقُ؛ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ تَكَبُّرًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِحَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ لَمْ يُكْرَهْ، كَذَا فِي الْكَافِي قَالَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ رَأَيْتُ عَلَى أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَعْلَيْنِ مَحْفُوفَيْنِ بِمَسَامِيرِ الْحَدِيدِ فَقُلْتُ لَهُ: أَتَرَى بِهَذَا الْحَدِيدِ بَأْسًا؟ فَقَالَ: لَا فَقُلْتُ لَهُ: إنَّ سُفْيَانَ وَثَوْرَ بْنَ يَزِيدَ كَرِهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالرُّهْبَانِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَهَا شُعُورٌ» وَإِنَّهَا مِنْ لِبَاسِ الرُّهْبَانِ، فَقَدْ أَشَارَ إلَى أَنَّ صُورَةَ الْمُشَابَهَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ صَلَاحُ الْعِبَادِ لَا تَضُرُّ، وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الْأَحْكَامِ صَلَاحُ الْعِبَادِ، فَإِنَّ مِنْ الْأَرَاضِي مَا لَا يُمْكِنُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ فِيهَا إلَّا بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الْإِحْكَامِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتُ. امْرَأَةٌ لَهَا صَنْدَلَةٌ فِي مَوْضِعِ قَدَمِهَا سُمْكٌ مُتَّخَذٌ مِنْ غَزْلِ الْفِضَّةِ وَذَلِكَ الْغَزْلُ مِمَّا يَخْلُصُ حَلَّ لَهَا اسْتِعْمَالُهَا

الباب العاشر في استعمال الذهب والفضة

قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ: يُكْرَهُ، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَأَمَّا الْفِضَّةُ فِي الْمَكَاعِبِ فَيُكْرَهُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ الرَّجُلِ سِتْرٌ مِنْ دِيبَاجٍ وَفُرُشٌ مِنْ دِيبَاجٍ لِلتَّجَمُّلِ لَا يَقْعُدُ عَلَيْهَا، وَلَا يَنَامُ عَلَيْهَا نَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ الِانْتِفَاعُ وَالِانْتِفَاعُ فِي الْقُعُودِ وَالنَّوْمِ عَلَى الْفُرُشِ، كَذَا فِي الْكُبْرَى. اتِّخَاذُ النَّعْلِ مِنْ الْخَشَبِ بِدْعَةٌ وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ الْخُفُّ الْأَحْمَرُ خُفُّ فِرْعَوْنَ وَالْخُفُّ الْأَبْيَضُ خُفُّ هَامَانَ وَالْخُفُّ الْأَسْوَدُ خُفُّ الْعُلَمَاءِ وَلَقَدْ لَقِيتُ عِشْرِينَ مِنْ كِبَارِ فُقَهَاءِ بَلْخٍ فَمَا رَأَيْتُ لِأَحَدِهِمْ خُفًّا أَبْيَضَ، وَلَا أَحْمَرَ، وَلَا سَمِعْتُ أَنَّهُ أَمْسَكَهُ وَرُوِيَ أَنَّهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمْسَكَ خُفًّا أَسْوَدَ أُهْدِيَ لَهُ خُفَّانِ أَسْوَدَانِ فَقَبَضَ وَلَبِسَ» ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي اسْتِعْمَالِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي اسْتِعْمَالِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) يُكْرَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْأَدْهَانُ وَالتَّطَيُّبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَالُوا: وَهَذَا إذَا كَانَ يَصُبُّ الدُّهْنَ مِنْ الْآنِيَةِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَمَّا إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي إنَاءٍ وَأَخْرَجَ مِنْهَا الدُّهْنَ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَخَذَ الطَّعَامَ مِنْ الْقَصْعَةِ وَوَضَعَهُ عَلَى خُبْزٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَكَلَ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْهُنَ رَأْسَهُ بِمَدْهَنٍ فِضَّةٍ، وَكَذَا إنْ صَبَّ الدُّهْنَ عَلَى رَاحَتِهِ، ثُمَّ يَمَسُّهُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ، وَفِي الْغَالِيَةِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا يَصُبُّ الْغَالِيَةَ عَلَى الرَّأْسِ مِنْ الْمِدْهَنِ وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ بِمِلْعَقَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَعَلَى خِوَانِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْوُضُوءُ مِنْ طَسْتِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَكَذَا الْإِبْرِيقُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا الِاسْتِجْمَارُ مِنْ مِجْمَرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلتَّجَمُّلِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَكَذَا لَا يَجُوزُ الِاكْتِحَالُ بِمِيلِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَكَذَا الْمُكْحَلَةُ وَكُلّ مَا كَانَ يَعُودُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَى الْبَدَنِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فِي طَسْتٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. يُكْرَهُ الْجُلُوسُ عَلَى كُرْسِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. يُكْرَهُ النَّظَرُ فِي الْمِرْآةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ بِالْقَلَمِ الْمُتَّخَذِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ مِنْ دَوَاةٍ كَذَلِكَ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الذِّكْرُ وَالْأُنْثَى، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. لَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ الرَّجُلِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلتَّجَمُّلِ لَا يَشْرَبُ مِنْهَا نَصُّ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ الِانْتِفَاعُ، وَالِانْتِفَاعُ فِي الْأَوَانِي الشُّرْبُ، كَذَا فِي الْكُبْرَى. ثُمَّ الَّذِي اتَّخَذَ مِنْ الْفِضَّةِ مِنْ الْأَوَانِي كُلُّ مَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَأَخْرَجَ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَ لَا بَأْسَ وَكُلُّ مَا يَصُبُّ مِنْ الْآنِيَةِ مِثْلُ الْأُشْنَانِ وَالدُّهْنِ وَالْغَالِيَةِ وَنَحْوِهِ فَكَانَ مَكْرُوهًا، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مِنْ إنَاءٍ مُذَهَّبٍ وَمُفَضَّضِ إذَا لَمْ يَضَعْ فَاهُ عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَكَذَا الْمُضَبَّبُ مِنْ الْأَوَانِي وَالْكَرَاسِيِّ وَالسَّرِيرِ إذَا لَمْ يَقْعُدْ عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَكَذَا فِي حَلْقَةِ الْمِرْآةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَكَذَا الْمِجْمَرُ وَاللِّجَامُ وَالسَّرْجُ وَالثُّفْرُ وَالرِّكَابُ إذَا لَمْ يَقْعُدْ عَلَيْهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَرِهَ جَمِيعَ ذَلِكَ وَقِيلَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَهُ وَقِيلَ: مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. فِي الزَّادِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَا يُكْرَهُ لُبْسُ ثِيَابٍ كُتِبَ عَلَيْهَا بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَكَذَلِكَ اسْتِعْمَالُ كُلِّ مُمَوَّهٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا ذُوِّبَ لَمْ يَخْلُصْ مِنْهُ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَلْبَسَ ثَوْبًا فِيهِ كِتَابَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَ نَصْلُ السِّكِّينِ أَوْ فِي قَبْضَةِ السَّيْفِ فِضَّةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَخَذَ السِّكِّينَ مِنْ مَوْضِعِ الْفِضَّةِ يُكْرَهُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُكْرَهُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا التَّمْوِيهُ الَّذِي لَا يَخْلُصُ فَلَا بَأْسَ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي السِّيَرِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحَلَّى السَّيْفُ بِذَهَبٍ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَرْبِ لِأَنَّ الْحِلْيَةَ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا فِي الْحَرْبِ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلزِّينَةِ قَالَ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي السَّيْفِ فَفِي حَمَائِلِهِ أَوْلَى، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَا بَأْسَ بِحِلْيَةِ السَّيْفِ وَحَمَائِلِهِ وَالْمِنْطَقَةُ مِنْ فِضَّةٍ

لَا مِنْ الذَّهَبِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ كَانَ سِكِّينٌ مُفَضَّضًا كُلُّهُ مَشْدُودٌ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ يُكْرَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى طَرَفِ الْمَقْبَضِ بِحَيْثُ لَا تَقَعُ يَدُهُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَقِيلَ: هَذَا الْجَوَابُ فِي الْفِضَّةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي التَّهْذِيبِ لَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ سِكِّينِ الْقَلَمِ وَالْمَهْنَةِ وَالْمِقْرَاضِ وَالْمِقْلَمَةِ وَالدَّوَاةِ وَالْمِرْآةِ بِالذَّهَبِ وَهَلْ يَجُوزُ بِالْفِضَّةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَتَحْلِيَةُ السِّكِّينِ الَّذِي هُوَ لِلْحَرْبِ مُبَاحٌ وَتُكْرَهُ الْفِضَّةُ فِي الْمَكَاتِبِ فِي رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَا بَأْسَ بِمَسَامِيرَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَيُكْرَهُ الْبَابُ مِنْهُ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْرَبَ مِنْ كَفٍّ فِي خِنْصَرِهِ خَاتَمُ ذَهَبٍ وَالنِّسَاءُ فِيمَا سِوَى الْحُلِيِّ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْأَدْهَانِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْقُعُودُ بِمَنْزِلَةِ الرِّجَالِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الشُّرْبِ مِنْ الْقَصْعَةِ الْمُضَبَّبَةِ مِنْ الذَّهَبِ الْعَرِيضِ وَالْفِضَّةِ الْعَرِيضَةِ: يُجْعَلُ عَلَى وَجْهِ الْبَابِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أَمَّا الضِّبَابُ عَلَى الْقَصْعَةِ إذَا كَانَتْ لِتُقَوَّمَ الْقَصْعَةُ بِهَا لَا لِلزِّينَةِ لَا بَأْسَ بِوَضْعِ الْفَمِ عَلَى الضِّبَابِ، وَإِنْ كَانَتْ الضِّبَابُ لِأَجَلِ الزِّينَةِ لَا لِتُقَوِّمَ الْقَصْعَةُ بِهَا كُرِهَ وَضْعُ الْفَمِ عَلَى الضِّبَابِ، وَهَذَا الْقَائِلُ يَسْتَدِلُّ بِمَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ فِي بَابِ الْأَنْفَالِ وَصُورَتِهَا إذَا قَالَ الْأَمِيرُ لِلْجُنْدِ مَنْ أَصَابَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَهُوَ لَهُ فَأَصَابَ رَجُلٌ قَصْعَةً مُضَبَّبَةً بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ قَدَحًا مُضَبَّبًا، فَإِنْ كَانَتْ الضِّبَابُ لِزِينَةِ الْقَصْعَةِ لَا لِتُقَوَّمَ الْقَصْعَةُ بِهَا كَانَتْ الضِّبَابُ لِلْمُنَفَّلِ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الضِّبَابُ لِتُقَوَّمَ الْقَصْعَةُ بِهَا بِحَيْثُ لَوْ نُزِعَتْ الضِّبَابُ لَا تَبْقَى الْقَصْعَةُ لَمْ تَكُنْ الضِّبَابُ لِلْمُنَفَّلِ لَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا بَأْسَ بِالْجَوْشَنِ وَالْبَيْضَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الْحَرْبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا بَأْسَ بِتَمْوِيهِ السِّلَاحِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَا بَأْسَ بِآنِيَةِ الْعَقِيقِ وَالْبِلَّوْرِ وَالزُّجَاجِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالرَّصَاصِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ آنِيَةِ الْيَاقُوتِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِالْأَوَانِي الْمُمَوَّهَةِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَلْبَسَ الصَّبِيُّ اللُّؤْلُؤَ، وَكَذَا الْبَالِغُ وَيُكْرَهُ الْخَلْخَالُ وَالسِّوَارُ لِلصَّبِيِّ الذَّكَرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. ثُمَّ الْخَاتَمُ مِنْ الْفِضَّةِ إنَّمَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ إذَا ضُرِبَ عَلَى صِفَةِ مَا يَلْبَسُهُ الرِّجَالُ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى صِفَةِ خَوَاتِمِ النِّسَاءِ فَمَكْرُوهٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فَصَّانِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنَّمَا يَجُوزُ التَّخَتُّمُ بِالْفِضَّةِ إذَا كَانَ عَلَى هَيْئَةِ خَاتَمِ الرِّجَالِ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى هَيْئَةِ خَاتَمِ النِّسَاءِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ فَصَّانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِلرِّجَالِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ التَّخَتُّمِ بِمَا سِوَى الْفِضَّةِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَالتَّخَتُّمُ بِالذَّهَبِ حَرَامٌ فِي الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي الْخُجَنْدِيِّ التَّخَتُّمُ بِالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ مَكْرُوهٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا، وَأَمَّا الْعَقِيقُ فَفِي التَّخَتُّمِ بِهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَصَحِيحٌ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقَالَ قَاضِي خَانْ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَأَمَّا الْيَشْبُ وَنَحْوُهُ فَلَا بَأْسَ بِالتَّخَتُّمِ بِهِ كَالْعَقِيقِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. التَّخَتُّمُ بِالْعَظْمِ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَّخِذَ خَاتَمَ حَدِيدٍ قَدْ لُوِيَ عَلَيْهِ فِضَّةٌ أَوْ أُلْبِسَ بِفِضَّةٍ حَتَّى لَا يُرَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ الْحَلْقَةُ فِي الْخَاتَمِ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ؛ لِأَنَّ قِوَامَ الْخَاتَمِ بِهَا، وَلَا مُعْتَبَرُ بِالْفَصِّ حَتَّى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَجَرًا أَوْ غَيْرَهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا بَأْسَ بِسَدِّ ثُقْبِ الْفَصِّ بِمِسْمَارِ الذَّهَبِ كَذَا فِي الِاخْتِبَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فِضَّةُ الْخَاتَمِ الْمِثْقَالَ، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَقِيلَ: لَا يَبْلُغُ بِهِ الْمِثْقَالَ وَبِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إنَّمَا يُسَنُّ التَّخَتُّمُ بِالْفِضَّةِ مِمَّنْ يَحْتَاجُ إلَى الْخَتْمِ كَسُلْطَانٍ أَوْ قَاضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَعِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ التَّرْكُ أَفْضَلُ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَرِهَ بَعْضُ النَّاسِ اتِّخَاذَ الْخَاتَمِ إلَّا لِذِي سُلْطَانٍ وَأَجَازَهُ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَإِذَا تَخَتَّمَ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ الْفَصَّ إلَى بَطْنِ كَفِّهِ لَا إلَى ظَهْرِهِ بِخِلَافِ النِّسْوَانِ؛ لِأَنَّهُنَّ يَفْعَلْنَ لِلتَّزْيِينِ وَالرِّجَالُ لِلْحَاجَةِ إلَى التَّخَتُّمِ كَذَا

الباب الحادي عشر في الكراهة في الأكل وما يتصل به

فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْفَتَاوَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْبَسَ الْخَاتَمَ فِي خِنْصَرِهِ الْيُسْرَى دُونَ سَائِرِ أَصَابِعِهِ وَدُونَ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ فِي الْيُمْنَى عَلَامَةُ الرَّفْضِ، وَأَمَّا الْجَوَازُ فَثَابِتٌ فِي الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ جَمِيعًا وَبِكُلِّ ذَلِكَ وَرَدَ الْأَثَرُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَا يَشُدُّ الْأَسْنَانَ بِالذَّهَبِ وَيَشُدُّهَا بِالْفِضَّةِ يُرِيدُ بِهِ إذَا تَحَرَّكَتْ الْأَسْنَانُ وَخِيفَ سُقُوطُهَا فَأَرَادَ صَاحِبُهَا أَنْ يَشُدَّهَا يَشُدُّهَا بِالْفِضَّةِ، وَلَا يَشُدُّهَا بِالذَّهَبِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَشُدُّهَا بِالذَّهَبِ أَيْضًا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيلَ: هُوَ مَعَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ: هُوَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ تَحَرَّكَتْ سِنُّ رَجُلٍ وَخَافَ سُقُوطُهَا فَشَدَّهَا بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْفِضَّةِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ السِّنِّ وَالْأَنْفِ فَقَالَ فِي السِّنِّ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشُدَّهَا بِالذَّهَبِ، وَفِي الْأَنْفِ كُرِهَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِأَنْ يُعِيدَ سِنَّ نَفْسِهِ وَأَنْ يَشُدَّهَا، وَإِنْ كَانَ سِنَّ غَيْرِهِ يُكْرَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَالَ بِشْرٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَجْلِسٍ آخَرَ سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَرَ بِإِعَادَتِهَا بَأْسًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قُطِعَتْ أُنْمُلَتُهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَهَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ أُصْبُعُهُ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْكَرَاهَةِ فِي الْأَكْلِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْكَرَاهَةِ فِي الْأَكْلِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ) أَمَّا الْأَكْلُ فَعَلَى مَرَاتِبَ: فَرْضٌ، وَهُوَ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْهَلَاكُ، فَإِنْ تَرَكَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ حَتَّى هَلَكَ فَقَدْ عَصَى. وَمَأْجُورٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّلَاةِ قَائِمًا وَيَسْهُلَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ. وَمُبَاحٌ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى الشِّبَعِ لِتَزْدَادَ قُوَّةُ الْبَدَنِ، وَلَا أَجْرَ فِيهِ، وَلَا وِزْرَ وَيُحَاسَبُ عَلَيْهِ حِسَابًا يَسِيرًا إنْ كَانَ مِنْ حِلٍّ. وَحَرَامٌ، وَهُوَ الْأَكْلُ فَوْقَ الشِّبَعِ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ التَّقَوِّيَ عَلَى صَوْمِ الْغَدِ أَوْ لِئَلَّا يَسْتَحْيِيَ الضَّيْفُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ فَوْقَ الشِّبَعِ، وَلَا تَجُوزُ الرِّيَاضَةُ بِتَقْلِيلِ الْأَكْلِ حَتَّى يَضْعُفَ عَنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ، فَأَمَّا تَجْوِيعُ النَّفْسِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعْجِزُ عَنْ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ فَهُوَ مُبَاحٌ، وَفِيهِ رِيَاضَةُ النَّفْسِ وَبِهِ يَصِيرُ الطَّعَامُ مُشْتَهًى بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ إهْلَاكُ النَّفْسِ، وَكَذَا الشَّابُّ الَّذِي يَخَافُ الشَّبَقَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْأَكْلِ لِيَكْسِرَ شَهْوَتَهُ بِالْجُوعِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعْجِزُ عَنْ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَإِنْ أَكَلَ الرَّجُلُ مِقْدَارَ حَاجَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ لِمَصْلَحَةِ بَدَنِهِ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. إذَا أَكَلَ الرَّجُلُ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ لِيَتَقَيَّأَ قَالَ الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَأْكُلُ أَلْوَانًا مِنْ الطَّعَامِ وَيُكْثِرُ، ثُمَّ يَتَقَيَّأُ وَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مِنْ السَّرَفِ الْإِكْثَارُ فِي الْبَاجَّاتِ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ بِأَنْ يَمَلَّ مِنْ بَاجَّةٍ فَيَسْتَكْثِرَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ شَيْئًا فَيَجْتَمِعُ لَهُ قَدْرَ مَا يَتَقَوَّى عَلَى الطَّاعَةِ أَوْ قَصَدَ أَنْ يَدْعُوَ الْأَضْيَافَ قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ إلَى أَنْ يَأْتُوا إلَى آخِرِ الطَّعَامِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَاِتِّخَاذُ أَلْوَانِ الْأَطْعِمَةِ وَوَضْعُ الْخُبْزِ عَلَى الْمَائِدَةِ أَكْثَرَ مِنْ الْحَاجَةِ سَرَفٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قَصْدِهِ أَنْ يَدْعُوَ الْأَضْيَافَ قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ حَتَّى يَأْتُوا عَلَى آخِرِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ فَائِدَةً، وَمِنْ الْإِسْرَافِ أَنْ يَأْكُلَ وَسَطَ الْخُبْزِ وَيَدَعَ حَوَاشِيَهُ أَوْ يَأْكُلَ مَا انْتَفَخَ مِنْهُ وَيَتْرُكَ الْبَاقِيَ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعُ تَجَبُّرٍ إلَّا يَكُونُ غَيْرُهُ يَتَنَاوَلُهُ فَلَا

بَأْسَ بِهِ كَمَا إذَا اخْتَارَ رَغِيفًا دُونَ رَغِيفٍ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَمِنْ الْإِسْرَافِ تَرْكُ اللُّقْمَةِ السَّاقِطَةِ مِنْ الْيَدِ بَلْ يَرْفَعُهَا أَوَّلًا وَيَأْكُلُهَا قَبْلَ غَيْرِهَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَمِنْ إكْرَامِ الْخُبْزِ أَنْ لَا يَنْتَظِرَ الْإِدَامَ إذَا حَضَرَ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَالسُّنَّةُ غَسْلُ الْأَيْدِي قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ وَآدَابُ غَسْلِ الْأَيْدِي قَبْلَ الطَّعَامِ أَنْ يَبْدَأَ بِالشُّبَّانِ، ثُمَّ بِالشُّيُوخِ وَبَعْدَ الطَّعَامِ عَلَى الْعَكْسِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ غَسْلُ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ أَوْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ لَا يَكْفِي لِسُنَّةِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ وَذَلِكَ إلَى الرُّسْغِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ قَبْلَ الطَّعَامِ بِالْمِنْدِيلِ لِيَكُونَ أَثَرُ الْغَسْلِ بَاقِيًا وَقْتَ الْأَكْلِ وَيَمْسَحُهَا بَعْدَهُ لِيَزُولَ أَثَرُ الطَّعَامِ بِالْكُلِّيَّةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ وَالِدِي عَنْ غَسْلِ الْفَمِ عِنْدَ الْأَكْلِ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ كَغَسْلِ الْيَدِ فَقَالَ لَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ غَسَلَ يَدَهُ أَوْ رَأْسَهُ بِالنُّخَالَةِ أَوْ أَحْرَقَهَا إنْ لَمْ يَبْقَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الدَّقِيقِ وَهِيَ نُخَالَةٌ تُعْلَفُ بِهَا الدَّوَابُّ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ غَسْلِ الْيَدَيْنِ بِالدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ بَعْدَ الطَّعَامِ مِثْلُ الْغُسْلِ بِالْأُشْنَانِ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَرَ بَأْسًا بِذَلِكَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلِي، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيُكْرَهُ لِلْجُنُبِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً أَنْ يَأْكُلَ طَعَامًا أَوْ يَشْرَبَ قَبْلَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالْفَمِ، وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ لِلْحَائِضِ وَالْمُسْتَحَبُّ تَطْهِيرُ الْفَمِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَصُبَّ الْمَاءَ مِنْ الْآنِيَةِ عَلَى يَدِهِ بِنَفْسِهِ، وَلَا يَسْتَعِينُ بِغَيْرِهِ وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ هَذَا كَالْوُضُوءِ وَنَحْنُ لَا نَسْتَعِينُ بِغَيْرِنَا فِي وُضُوئِنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَسُنَنُ الطَّعَامِ الْبَسْمَلَةُ فِي أَوَّلِهِ وَالْحَمْدَلَةُ فِي آخِرِهِ، فَإِنْ نَسِيَ الْبَسْمَلَةَ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ إذَا ذَكَرَ: " بِسْمِ اللَّهِ عَلَى أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ "، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَإِذَا قُلْتَ: " بِسْمِ اللَّهِ " فَارْفَعْ صَوْتَكَ حَتَّى تُلَقِّنَ مَنْ مَعَكَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. يَبْدَأُ بِاسْمِ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي أَوَّلِهِ إنْ كَانَ الطَّعَامُ حَلَالًا وَبِالْحَمْدِ لِلَّهِ فِي آخِرِهِ كَيْفَمَا كَانَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ جُلَسَاؤُهُ فَرَغُوا عَنْ الْأَكْلِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمِلْحِ وَيَخْتِمَ بِالْمِلْحِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُقَلِّلُ الْأَكْلَ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ فَضْلُ بْنُ غَانِمٍ سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ هَلْ يُكْرَهُ؟ قَالَ: لَا إلَّا مَا لَهُ صَوْتٌ مِثْلُ " أُفٍّ "، وَهُوَ تَفْسِيرُ النَّهْيِ، وَلَا يُؤْكَلُ طَعَامٌ حَارٌّ، وَلَا يُشَمُّ، وَلَا يُنْفَخُ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يَأْكُلَ الطَّعَامَ مِنْ وَسَطِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَكْلِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَمِنْ السُّنَّةِ لَعْقُ الْأَصَابِعِ قَبْلَ الْمَسْحِ بِالْمِنْدِيلِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَمِنْ السُّنَّةِ لَعْقُ الْقَصْعَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَأْكُلَ مَا سَقَطَ مِنْ الْمَائِدَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْأَكْلُ عَلَى الطَّرِيقِ مَكْرُوهٌ، وَلَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ مُتَّكِئًا إذَا لَمْ يَكُنْ بِالتَّكَبُّرِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مُتَّكِئًا أَوْ وَاضِعًا شِمَالَهُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مُسْتَنِدًا كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. أَكْلُ الْمَيْتَةِ حَالَةَ الْمَخْمَصَةِ قَدْرَ مَا يُدْفَعُ بِهِ الْهَلَاكُ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. تَكَلَّمُوا فِي حَدِّ الِاضْطِرَارِ الَّذِي يَحِلُّ لَهُ الْمَيْتَةُ قِيلَ: إذَا كَانَ بِحَالٍ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَ بِحَالٍ لَوْ دَخَلَ السُّوقَ لَا يَنْظُرُ إلَى شَيْءٍ سِوَى الْحَرَامِ وَقِيلَ: إذَا كَانَ يَضْعُفُ عَنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَقِيلَ: بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ طَبَائِعِ النَّاسِ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ أَكْلِهِ قِيلَ: أَكْلُهُ حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ وُضِعَ الْأَثِمُ

عَنْهُ وَقِيلَ: هُوَ حَلَالٌ لَا يَسَعُهُ تَرْكُهُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَوْتَ مِنْ الْجُوعِ وَمَعَ رَفِيقٍ لَهُ طَعَامٌ ذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الطَّعَامِ قَدْرَ مَا يَدْفَعُ جُوعَهُ عَلَى شَرْطِ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَمَنْ أَصَابَتْهُ مَخْمَصَةٌ وَعِنْدَهُ طَعَامُ رَفِيقِهِ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ كَرْهًا بِالْقِيمَةِ بَلْ صَبَرَ حَتَّى مَاتَ جُوعًا يُثَابُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَوْتَ مِنْ الْعَطَشِ وَمَعَ رَفِيقِهِ مَاءٌ جَازَ لَهُ أَنْ يُقَاتِلَ مَعَهُ بِدُونِ السِّلَاحِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْمَاءَ بِقَدْرِ مَا يَدْفَعُ عَطَشَهُ وَلَوْ كَانَ الرَّفِيقُ يَخَافُ الْمَوْتَ يَأْخُذُ مِنْهُ بَعْضَهُ وَيَتْرُكُ الْبَعْضَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إنْ اُضْطُرَّ إلَى طَعَامٍ وَالْمَالِكُ يَمْنَعَهُ وَسِعَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ، وَلَا يُقَاتِلُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ تَرَكَ حَتَّى مَاتَ كَانَ فِي سَعَةٍ، وَلَوْ اُضْطُرَّ إلَى مَاءٍ فِي بِئْرٍ وَهُنَاكَ أَحَدٌ يَمْنَعُهُ لَهُ أَنْ يُقَاتِلَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ حَازَهُ الْإِنْسَانُ يَمْلِكُهُ كَالطَّعَامِ وَالْمَاءِ الَّذِي يَحُوزُهُ، فَإِنَّ الْمُضْطَرَّ يُقَاتِلُهُ بِمَا دُونَ السِّلَاحِ، وَأَمَّا فِي الْبِئْرِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُقَاتِلُهُ بِالسِّلَاحِ وَغَيْرِ السِّلَاحِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. خَافَ الْهَلَاكَ عَطَشًا وَعِنْدَهُ خَمْرٌ لَهُ شُرْبُهُ قَدْرَ مَا يَدْفَعُ الْعَطَشَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَدْفَعُهُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. مُضْطَرٌّ لَمْ يَجِدْ مَيْتَةً وَخَافَ الْهَلَاكَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ اقْطَعْ يَدَيَّ وَكُلْهَا أَوْ قَالَ اقْطَعْ مِنِّي قِطْعَةً وَكُلْهَا لَا يَسَعُهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ أَمْرُهُ بِهِ كَمَا لَا يَسَعُ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَقْطَعَ قِطْعَةً مِنْ نَفْسِهِ فَيَأْكُلَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْأَبُ إذَا احْتَاجَ إلَى تَنَاوُلِ مَالِ وَلَدِهِ إنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ وَاحْتَاجَ لِفَقْرِهِ أَكَلَ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَفَازَةِ وَاحْتَاجَ لِعَدَمِ الطَّعَامِ أَكَلَ بِالْقِيمَةِ إنْ كَانَ مُوسِرًا يَعْنِي لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يَحِلُّ لِلْأَبِ تَنَاوُلُ مَالِ ابْنِهِ اللَّئِيمِ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ، فَإِنْ كَانَ كَرِيمًا يَحِلُّ أَيْضًا عِنْدَ غَيْرِ الْحَاجَةِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَمَنْ امْتَنَعَ عَنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ حَالَةَ الْمَخْمَصَةِ أَوْ صَامَ، وَلَمْ يَأْكُلْ حَتَّى مَاتَ يَأْثَمُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ جَاعَ، وَلَمْ يَأْكُلْ مَعَ قُدْرَتِهِ حَتَّى مَاتَ يَأْثَمُ، كَذَا فِي الْكُبْرَى. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْكَسْبِ وَيُفْتَرَضُ عَلَى النَّاسِ إطْعَامُ الْمُحْتَاجِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَعْجِزُ عَنْ الْخُرُوجِ وَالطَّلَبِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُحْتَاجَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْخُرُوجِ يُفْتَرَضُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَعْلَمُ أَنْ يُطْعِمَهُ مِقْدَارَ مَا يَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الْخُرُوجِ وَأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى إذَا مَاتَ، وَلَمْ يُطْعِمْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ يَعْلَمُ اشْتَرَكُوا جَمِيعًا فِي الْمَأْثَمِ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ بِحَالِهِ مَا يُطْعِمُهُ وَلَكِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ إلَى النَّاسِ لِيُخْبِرَ بِحَالِهِ فَيُوَاسُوهُ فَيُفْرَضُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِذَا امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ اشْتَرَكُوا فِي الْمَأْثَمِ، وَلَكِنْ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ. الْفَصْلُ الثَّانِي: إذَا كَانَ الْمُحْتَاجُ قَادِرًا عَلَى الْخُرُوجِ وَلَكِنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ وَمَنْ يَعْلَمُ بِحَالِهِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فَلْيُؤَدِّهِ إلَيْهِ حَتْمًا، وَإِنْ كَانَ الْمُحْتَاجُ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ. الْفَصْلُ الثَّالِثُ: إذَا كَانَ الْمُحْتَاجُ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ وَلَكِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ وَيَطَّوَّفَ عَلَى الْأَبْوَابِ، فَإِنَّهُ يُفْرَضُ عَلَيْهِ ذَلِكَ حَتَّى إذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَقَدْ هَلَكَ كَانَ آثِمًا عِنْدَ اللَّهِ - تَعَالَى -، ثُمَّ قَالَ: وَالْمُعْطِي أَفْضَلُ مِنْ الْآخِذِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُعْطِي مُؤَدِّيًا لِلْوَاجِبِ وَالْآخِذُ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ وَلَكِنَّهُ مُحْتَاجٌ فَهَاهُنَا الْمُعْطِي أَفْضَلُ بِالِاتِّفَاقِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُعْطِي وَالْآخِذُ كُلُّ وَاحِدٍ مُتَبَرِّعًا أَمَّا الْمُعْطِي فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْآخِذُ بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُعْطِي أَفْضَلُ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُعْطِي مُتَبَرِّعًا وَالْآخِذُ مُفْتَرِضًا بِأَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُعْطِي أَفْضَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْفِقْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ: إذَا تَنَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ مَالِي فَهُوَ حَلَالٌ لَهُ فَتَنَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ بِإِبَاحَتِهِ جَازَ

وَلَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ لِآخَرَ جَمِيعُ مَا تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَقَدْ جَعَلْتُكَ فِي حِلٍّ مِنْهُ فَهُوَ حَلَالٌ لَهُ، وَلَوْ قَالَ جَمِيعُ مَا تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَقَدْ أَبْرَأْتُكَ عَنْهُ لَا يَبْرَأُ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ مَالِي حَيْثُمَا أَصَبْتَهُ فَخُذْ مَا شِئْتَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهُوَ فِي حِلٍّ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ خَاصَّةً وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ فَاكِهَةً مِنْ أَرْضِهِ، وَلَا شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ نَخْلٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: كُلْ مِنْهُ مَا أَحْبَبْتَ وَهَبْ لِمَنْ شِئْتَ جَازَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَيَكُونُ إبَاحَةً، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ كَمْ أَكَلْتَ مِنْ تَمْرِي؟ فَقَالَ خَمْسَةٌ، وَهُوَ قَدْ أَكَلَ الْعَشَرَةَ لَا يَكُونُ كَاذِبًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ بِكَمْ اشْتَرَيْتَ هَذَا الثَّوْبَ؟ فَقَالَ بِخَمْسَةٍ، وَهُوَ قَدْ اشْتَرَى بِعَشَرَةٍ لَا يَكُونُ كَاذِبًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْبَيْضَةُ إذَا خَرَجَتْ مِنْ دَجَاجَةٍ مَيْتَةٍ أُكِلَتْ وَكَذَا اللَّبَنُ الْخَارِجُ مِنْ ضَرْعِ الشَّاةِ الْمَيْتَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. أَكْلُ دُودِ الْقَزِّ قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَكْلُ دُودِ الزُّنْبُورِ قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَدْيٌ أَوْ حَمَلٌ يَرْضَعُ بِلَبَنِ الْأَتَانِ يَحِلُّ أَكْلُهُ وَيُكْرَهُ، وَلَوْ شَرِبَتْ الشَّاةُ خَمْرًا فَذُبِحَتْ مِنْ سَاعَتِهِ لَا يُكْرَهُ، وَإِنْ مَكَثَتْ تُحْبَسُ بِمَنْزِلَةِ الدَّجَاجَةِ الْمُخَلَّاةِ. دُودُ اللَّحْمِ وَقَعَ فِي مَرَقَةٍ لَا تَنْجُسُ، وَلَا يُؤْكَلُ الدُّودُ، وَكَذَا الْمَرَقَةُ إذَا انْفَسَخَتْ الدُّودَةُ فِيهَا وَيَجُوزُ أَكْلُ مَرَقَةٍ يَقَعُ فِيهَا عَرَقُ الْآدَمِيِّ أَوْ نُخَامَتُهُ أَوْ دَمْعُهُ، وَكَذَا الْمَاءُ إذَا غَلَبَ وَصَارَ مُسْتَقْذَرًا طَبْعًا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. امْرَأَةٌ تَطْبُخُ الْقِدْرَ فَدَخَلَ زَوْجُهَا بِقَدَحٍ مِنْ الْخَمْرِ فَصَبَّ فِي الْقِدْرِ فَصَبَّتْ الْمَرْأَةُ فِي الْقِدْرِ خَلًّا حَتَّى صَارَتْ الْمَرَقَةُ فِي الْحُمُوضَةِ كَالْخَلِّ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قِدْرٌ طُبِخَ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تُؤْكَلْ الْمَرَقَةُ، وَكَذَا اللَّحْمُ إذَا كَانَ فِي حَالَةِ الْغَلَيَانِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَالَةِ الْغَلَيَانِ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِعَجْنِ الْعَجِينِ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى وَلَوْ عُجِنَ الدَّقِيقُ بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ وَخُبِزَ لَا يُكْرَهُ لِلْآدَمِيِّ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ الْحَوَارِيَّ وَيَدْفَعَ خشكاره لِمَمَالِيكِهِ. خُبْزٌ وُجِدَ فِي خِلَالِهِ السِّرْقِينَ، فَإِنْ كَانَ السِّرْقِينُ عَلَى صَلَابَتِهِ يُرْمَى وَيُؤْكَلُ الْخُبْزُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَنَّسْ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ رَأَى كِسْرَةَ خُبْزٍ فِي النَّجَاسَةِ يُعْذَرُ فِي تَرْكِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ الْفَأْرِ تَكْسِرُ الْحِنْطَةَ بِفِيهَا هَلْ يَجُوزُ أَكْلُهَا فَقَالَ نَعَمْ لِأَجَلِ الضَّرُورَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. سِنُّ آدَمِيٍّ طُحِنَ فِي وِقْرِ حِنْطَةٍ لَا يُؤْكَلُ، وَلَا يُؤْكِلُهُ الْبَهَائِمَ بِخِلَافِ مَا يُقَشَّرُ مِنْ جِلْدَةِ كَفِّهِ قَدْرَ جَنَاحِ الذُّبَابِ أَوْ نَحْوِهِ وَاخْتَلَطَ بِالطَّعَامِ لِلضَّرُورَةِ، وَكَذَا الْعَرَقُ إذَا تَقَاطَرَ فِي الْعَجِينِ فَالْقَلِيلُ مِنْهُ لَا يَمْنَعُ الْأَكْلَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا بَأْسَ بِشَعِيرٍ يُوجَدُ فِي بَعْرِ الْإِبِلِ وَالشَّاةِ فَيُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ وَإِنْ كَانَ فِي أَخْثَاءِ الْبَقَرِ وَرَوْثِ الْفَرَسِ لَا يُؤْكَلُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. يُكْرَهُ غَسْلُ الْأَرُزِّ وَالْعَدَسِ وَالْمَاشِّ وَنَحْوِهِ فِي بَالُوعَةٍ يَتَنَاثَرُ فِيهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَاللَّحْمُ إذَا أَنْتَنَ يَحْرُمُ أَكْلُهُ وَالسَّمْنُ وَاللَّبَنُ وَالزَّيْتُ وَالدُّهْنُ إذَا أَنْتَنَ لَا يَحْرُمُ وَالطَّعَامُ إذَا تَغَيَّرَ وَاشْتَدَّ تَنَجَّسَ. وَالْأَشْرِبَةُ بِالتَّغَيُّرِ لَا تَحْرُمُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. رَحِمُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ حَلَالٌ إنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ حِينَ ذُبِحَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ إذَا مَرَّ الرَّجُلُ بِالثِّمَارِ فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ وَأَرَادَ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْهَا وَالثِّمَارُ سَاقِطَةٌ تَحْتَ الْأَشْجَارِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ لَا يَسَعُهُ التَّنَاوُلُ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا قَدْ أَبَاحَ إمَّا نَصًّا أَوْ دَلَالَةً بِالْعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي تَبْقَى مِثْلُ الْجَوْزِ وَغَيْرِهِ لَا يَسَعُهُ الْأَخْذُ إلَّا إذَا عَلِمَ الْإِذْنَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي لَا تَبْقَى تَكَلَّمُوا فِيهِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّنَاوُلِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ النَّهْيُ، إمَّا صَرِيحًا أَوْ عَادَةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ أَرْبَابَهَا رَضُوا بِذَلِكَ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّسَاتِيقِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي تَبْقَى لَا يَسَعُهُ الْأَخْذُ إلَّا إذَا عَلِمَ الْإِذْنَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي لَا تَبْقَى فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّنَاوُلِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ النَّهْيُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَحِلُّ حَمْلُ شَيْءٍ مِنْهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْجَوَامِعِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الثِّمَارُ عَلَى الْأَشْجَارِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ مَوْضِعٍ مَا إلَّا بِالْإِذْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعًا كَثِيرَ الثِّمَارِ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَكْلُ ذَلِكَ فَيَسَعُهُ الْأَكْلُ، وَلَا يَسَعُهُ الْحَمْلُ، وَأَمَّا أَوْرَاقُ الشَّجَرِ إذَا سَقَطَتْ عَلَى الطَّرِيقِ فِي أَيَّامِ الْفُلَّيْقِ فَأَخَذَ إنْسَانٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الشَّجَرِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا وَرَقَ شَجَرٍ يُنْتَفَعُ بِهِ نَحْوُ التُّوتِ وَمَا أَشْبَهَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ، وَلَوْ أَخَذَ يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ، وَإِذَا أَخَذَ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ دَخَلَ بَيْتَ صِدِّيقِهِ وَسَخَّنَ الْقِدْرَ وَأَكَلَ جَازَ، وَلَوْ أَخَذَ مِنْ كَرْمِ صِدِّيقِهِ شَيْئًا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَ الْكَرْمِ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ وَلْيَنْظُرْ، فَإِنَّ الطَّامِعَ غَالِطٌ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَيَجُوزُ رَفْعُ الثِّمَارِ مِنْ نَهْرٍ جَارٍ وَأَكْلُهَا، وَإِنْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَفْسُدُ إذَا كَانَ تُرِكَ فَيَكُونُ مَأْذُونًا بِالرَّفْعِ دَلَالَةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْحَطَبُ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْمَاءِ إنْ كَانَ لَا قِيمَةَ لَهُ حِينَ يَأْخُذُهُ فَهُوَ حَلَالٌ، وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ لَا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْفَتَاوَى سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ وَجَدَ جَوْزَةً، ثُمَّ أُخْرَى حَتَّى بَلَغَتْ عَشْرًا وَصَارَتْ لَهَا قِيمَةٌ قَالَ إنْ وَجَدَهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَهِيَ كَاللُّقَطَةِ، وَإِنْ وَجَدَهَا فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ كَمَنْ جَمَعَ نَوَاةً مِنْ أَمَاكِنَ مُتَفَرِّقَةٍ حَتَّى صَارَ لَهَا قِيمَةٌ، فَإِنَّهَا تَطِيبُ لَهُ قَالَ الْفَقِيهُ وَعِنْدِي أَنَّهُ إذَا وَجَدَ الْجَوْزَاتِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ فَهِيَ كَاللُّقَطَةِ لَا تَحِلُّ لَهُ إنْ كَانَ غَنِيًّا بِخِلَافِ النَّوَاةِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَرْمُونَ النَّوَاةَ فَصَارَتْ مُبَاحَةً بِالرَّمْيِ، وَأَمَّا الْجَوْزَاتُ لَا يَرْمُونَهَا إلَّا إذَا وَجَدَهَا تَحْتَ أَشْجَارِ الْجَوْزِ يَلْتَقِطُهَا كَالسَّنَابِلِ إذَا بَقِيَتْ فِي الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا اشْتَرَوْا مِقْلَاةً مِنْ أُرْزٍ فَقَالُوا مَنْ أَظْهَرَ بَطْنَ الْمِقْلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِثْلَهُ فَيَأْكُلَهُ فَأَظْهَرَ وَاحِدٌ وَاشْتَرَى مَا أَوْجَبُوا عَلَيْهِ يُكْرَهُ الْأَكْلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْلِيقًا بِالشَّرْطِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. شَجَرَةٌ فِي مَقْبَرَةٍ قَالُوا إنْ كَانَتْ نَابِتَةً فِي الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَهَا مَقْبَرَةً فَمَالُكَ الْأَرْضِ أَحَقُّ بِهَا يَصْنَعُ مَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَوَاتًا لَا مَالَكَ لَهَا فَجَعَلَهَا أَهْلُ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ أَوْ الْقَرْيَةِ مَقْبَرَةً، فَإِنَّ الشَّجَرَةَ وَمَوْضِعَهَا مِنْ الْأَرْضِ عَلَى مَا كَانَ حُكْمُهَا فِي الْقَدِيمِ، وَإِنْ نَبَتَتْ الشَّجَرَةُ بَعْدَمَا جُعِلَتْ مَقْبَرَةً، فَإِنْ كَانَ الْغَارِسُ مَعْلُومًا كَانَتْ لَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا، وَإِنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ نَبَتَتْ بِنَفْسِهَا فَحُكْمُهَا يَكُونُ لِلْقَاضِي إنْ رَأَى قَلْعَهَا، وَإِنْفَاقَهَا عَلَى الْمَقْبَرَةِ فَعَلَ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْغَنِيُّ إذَا أَكَلَ مِمَّا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى الْفَقِيرِ إنْ أَبَاحَ الْفَقِيرُ فَفِي حِلِّ التَّنَاوُلِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمَشَايِخِ، وَإِنْ مَلَّكَهُ الْفَقِيرُ الْغَنِيَّ لَا بَأْسَ بِهِ. ابْنُ السَّبِيلِ إذَا تُصُدِّقَ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَصَلَ إلَى مَالِهِ وَالصَّدَقَةُ قَائِمَةٌ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ تِلْكَ الصَّدَقَةِ، وَكَذَلِكَ الْفَقِيرُ إذَا تُصُدِّقَ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْنَى وَالصَّدَقَةُ قَائِمَةٌ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَنَاوَلَ تِلْكَ الصَّدَقَةِ. أَكْلُ الطِّينِ مَكْرُوهٌ، هَكَذَا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ صَوْمِهِ إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَهُ أَوْرَثَهُ ذَلِكَ عِلَّةً أَوْ آفَةً لَا يُبَاحُ لَهُ التَّنَاوُلُ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ سِوَى الطِّينِ، وَإِنْ كَانَ يَتَنَاوَلُ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحْيَانَا لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الطِّينُ الَّذِي يُحْمَلُ مِنْ مَكَّةَ وَيُسَمَّى طِينَ حَمْزَةَ هَلْ الْكَرَاهِيَةُ فِيهِ

كَالْكَرَاهِيَةِ فِي أَكْلِ الطِّينِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ؟ قَالَ: الْكَرَاهِيَةُ فِي الْجَمِيعِ مُتَّحِدَةٌ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَسُئِلَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَنْ أَكْلِ الطِّينِ الْبُخَارِيُّ وَنَحْوِهِ قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَضُرَّ وَكَرَاهِيَةُ أَكْلِهِ لَا لِلْحُرْمَةِ بَلْ لِتَهْيِيجِ الدَّاءِ، وَعَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَرُدُّ الْجَارِيَةَ مِنْ أَكْلِ الطِّينِ وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ أَكَلَ الطِّينَ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ الْعُقَلَاءِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَالْمَرْأَةُ إذَا اعْتَادَتْ أَكْلَ الطِّينِ تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ يُوجِبُ نُقْصَانًا فِي جَمَالِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْفَالُوذَجِ وَأَنْوَاعِ الْأَطْعِمَةِ الشَّهِيَّةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا بَأْسَ بِالتَّفَكُّهِ بِأَنْوَاعِ الْفَاكِهَةِ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا بَأْسَ بِالشُّرْبِ قَائِمًا، وَلَا يَشْرَبُ مَاشِيًا وَرَخَّصَ لِلْمُسَافِرِينَ، وَلَا يَشْرَبُ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ، وَلَا مِنْ فَمِ السِّقَاءِ وَالْقِرْبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ أَنْ يَدْخُلَ حَلْقَهُ مَا يَضُرُّهُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. شُرْبُ الْمَاءِ مِنْ السِّقَايَةِ جَائِزٌ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَة. وَيُكْرَهُ رَفْعُ الْجَرَّةِ مِنْ السِّقَايَةِ وَحَمْلُهَا إلَى مَنْزِلِهِ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ لِلشُّرْبِ لَا لِلْحَمْلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَحَمْلُ مَاءٍ السِّقَايَةِ إلَى أَهْلِهِ إنْ كَانَ مَأْذُونًا لِلْحَمْلِ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. قَطْرَةٌ مِنْ خَمْرٍ وَقَعَتْ فِي دِنٍّ الْخَلِّ لَا يَحِلُّ شُرْبُهُ إلَّا بَعْدَ سَاعَةٍ، وَلَوْ صُبَّ كُوزٌ مِنْ خَمْرٍ فِي دِنٍّ خَلٍّ، وَلَا يُوجَدُ لَهُ طَعْمٌ، وَلَا رَائِحَةٌ يَحِلُّ شُرْبُهُ فِي الْحَالِ، كَذَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ مِنْ الْمُلْتَقَطِ وَلَا يَسْقِي أَبَاهُ الْكَافِرَ خَمْرًا، وَلَا يُنَاوِلُهُ الْقَدَحَ وَيَأْخُذُ مِنْهُ، وَلَا يَذْهَبُ بِهِ إلَى الْبَيْعَةِ وَيَرُدُّهُ عَنْهَا وَيُوقِدُ تَحْتَ قِدْرِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَيْتَةٌ أَوْ لَحْمُ خِنْزِيرٍ، وَلَا يَحْضُرُ الْمُسْلِمُ مَائِدَةً يُشْرَبُ فِيهَا خَمْرٌ أَوْ تُؤْكَلُ الْمَيْتَةُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَا يَجُوزُ وَضْعُ الْقِصَاعِ عَلَى الْخُبْزِ وَالسُّكُرُّجَةُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قَالَ الْإِمَامُ الصَّفَّارُ لَا أَجِدُ فِي نِيَّةِ الذَّهَابِ إلَى الضِّيَافَةِ سِوَى أَنْ أَرْفَعَ الْمَمْلَحَةَ عَنْ الْخُبْزِ، كَذَا فِي فِي الْخُلَاصَةِ. وَالْأَصَحُّ إنْ كَانَ مَمْلَحَةٌ يُرِيدُ أَكْلَ الْخُبْزِ بِهِ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَيَجُوزُ وَضْعُ كَاغِدٍ فِيهَا مِلْحٌ عَلَى الْخُبْزِ وَوَضْعُ الْبُقُولِ عَلَيْهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَقَالَ (خوان ازبهرا ينهابود) قَالَ عَلَاءٌ التَّرْجُمَانِيُّ وَعَلَاءٌ الْحَمَّامِيُّ مِثْلَهُ وَرَأَيْنَا كَثِيرًا فَعَلُوا ذَلِكَ بِبُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ بِحَضْرَةِ الْكِبَارِ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَلَمْ يَمْنَعُوا قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الْمَأْكُولَاتِ كالزماورد والسينوسج وَأَشْبَاهِهَا يَجُوزُ وَضْعُهَا عَلَى الْخُبْزِ عِنْدَهُمْ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُكْرَهُ تَعْلِيقُ الْخُبْزِ بِالْخِوَانِ بَلْ يُوضَعُ بِحَيْثُ لَا يُعَلَّقُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ وَضْعِ قِطْعَةِ خُبْزٍ تَحْتَ الْخِوَانِ لِيَسْتَوِيَ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُفْتِي بِالْكَرَاهَةِ فِي وَضْعِ الْمَمْلَحَةِ عَلَى الْخُبْزِ، وَفِي تَعْلِيقِ الْخُبْزِ بِالْخِوَانِ، وَفِي وَضْعِ الْخُبْزِ تَحْتَ الْقَصْعَةِ، وَفِي مَسْحِ الْأُصْبُعِ وَالسِّكِّينِ بِالْخُبْزِ إذَا كَانَ يَأْكُلُ ذَلِكَ الْخُبْزَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ أَفْتَى بِكَرَاهِيَةِ مَسْحِ الْأُصْبُعِ وَالسِّكِّينِ بِالْخُبْزِ، وَإِنْ أَكَلَ الْخُبْزَ بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ عَلَاءٌ التَّرْجُمَانِيُّ يُكْرَهُ قَطْعُ الْخُبْزِ بِالسِّكِّينِ وَقَالَ أَبُو الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيُّ وَأَبُو حَامِدٍ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَسُئِلَ عَنْهَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ فَقَالَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ خُبْزُ مَكَّةَ مَعْجُونًا بِالْحَلِيبِ فَلَا يُكْرَهُ، وَلَا بَأْسَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَعَاجِمِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. وَعَنْ الثَّوْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الِاسْتِمْدَادِ مِنْ حِبْرِ غَيْرِهِ قَالَ هُوَ مَالُ غَيْرِهِ فَلْيَسْتَأْذِنْهُ، وَلَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ، وَلَا إشَارَةٍ وَمَهْمَا أَمْكَنَ لَا يَسْتَأْذِنُ؛ لِأَنَّهُ سُؤَالٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. الْجِيرَانُ يَأْخُذُونَ الْخَمْرَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَدْفَعُونَ بَدَلَهُ مُجَازَفَةً، فَإِنَّهُ يَجُوزُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. الْمُسَافِرُونَ إذَا خَلَطُوا أَزْوَادَهُمْ أَوْ أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِرْهَمًا

الباب الثاني عشر في الهدايا والضيافات

عَلَى عَدَدِ الرُّفْقَةِ وَاشْتَرَوْا بِهِ طَعَامًا وَأَكَلُوا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ تَفَاوَتُوا فِي الْأَكْلِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْهَدَايَا وَالضِّيَافَاتِ] (الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْهَدَايَا وَالضِّيَافَاتِ) أَهْدَى إلَى رَجُلٍ شَيْئًا أَوْ أَضَافَهُ إنْ كَانَ غَالِبُ مَالِهِ مِنْ الْحَلَالِ فَلَا بَأْسَ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّهُ حَرَامٌ، فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْحَرَامَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ، وَلَا يَأْكُلَ الطَّعَامَ إلَّا أَنْ يُخْبِرَهُ بِأَنَّهُ حَلَالٌ وَرِثْتُهُ أَوْ اسْتَقْرَضْتُهُ مِنْ رَجُلٍ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَا يَجُوزُ قَبُولُ هَدِيَّةِ أُمَرَاءِ الْجَوْرِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي مَالِهِمْ الْحُرْمَةُ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ أَكْثَرَ مَالِهِ حَلَالٌ بِأَنْ كَانَ صَاحِبَ تِجَارَةٍ أَوْ زَرْعٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ أَمْوَالَ النَّاسِ لَا تَخْلُو عَنْ قَلِيلٍ حَرَامٍ فَالْمُعْتَبَرُ الْغَالِبُ، وَكَذَا أَكْلُ طَعَامِهِمْ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَأَمَّا هَدَايَا الْأُمَرَاءِ فِي زَمَانِنَا فَقَدْ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبُخَارِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَدَايَا الْأُمَرَاءِ فِي زَمَانِنَا قَالَ تُرَدُّ عَلَى أَرْبَابِهَا وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَامِدٍ سُئِلَ عَنْ هَذَا فَقَالَ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَذَكَرَ ذَلِكَ لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ فَقَالَ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ الْمَذْهَبَ هَذَا إلَّا أَنِّي لَمْ أُفْتِ بِهِ مَخَافَةَ أَنْ يُوضَعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ الْأُمَرَاءُ يَصْرِفُونَهَا إلَى شَهَوَاتِهِمْ وَلَهْوِهِمْ، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ يُمْسِكُونَ بَيْتَ الْمَالِ لِشَهَوَاتِهِمْ لَا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَخْذِ الْجَائِزَةِ مِنْ السُّلْطَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يُعْطِيهِ مِنْ حَرَامٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ مَا لَمْ نَعْرِفْ شَيْئًا حَرَامًا بِعَيْنِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَصْحَابِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي شَرْحِ حِيَلِ الْخَصَّافِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْقَاسِمِ الْحَكِيمَ كَانَ يَأْخُذُ جَائِزَةَ السُّلْطَانِ وَكَانَ يَسْتَقْرِضُ لِجَمِيعِ حَوَائِجِهِ، وَمَا يَأْخُذُ مِنْ الْجَائِزَةِ يَقْضِي بِهَا دُيُونَهُ وَالْحِيلَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنْ يَشْتَرِيَ نَسِيئَةً، ثُمَّ يُنْقَدُ ثَمَنَهُ مِنْ أَيِّ مَالٍ شَاءَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَأَلَتْ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْحِيلَةِ فِي مِثْلِ هَذَا فَأَجَابَنِي بِمَا ذَكَرْنَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ أَطْعِمَةِ الظَّلَمَةِ لِتَقْبِيحِ الْأَمْرِ عَلَيْهِمْ وَزَجْرِهِمْ عَمَّا يَرْتَكِبُونَ، وَإِنْ كَانَ يَحِلُّ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ الَّذِي لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ جَائِزَةَ السُّلْطَانِ وَيُفَرِّقَهَا عَلَى مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَوْ لَا يَقْبَلَ، قَالَ لَا يَقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ أَخْذَ الصَّدَقَةِ قِيلَ: أَلَيْسَ إنَّ أَبَا نُصَيْرٍ أَخَذَ جَائِزَةَ إِسْحَاقَ بْنِ أَحْمَدَ وَإِسْمَاعِيلَ؟ قَالَ كَانَتْ لَهُمَا أَمْوَالٌ وَرِثَاهَا عَنْ أَبِيهِمَا فَقِيلَ: لَهُ لَوْ أَنَّ فَقِيرًا يَأْخُذُ جَائِزَةَ السُّلْطَانِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ السُّلْطَانَ يَأْخُذُهَا غَصْبًا أَيَحِلُّ لَهُ؟ قَالَ إنْ خَلَطَ ذَلِكَ بِدَرَاهِمَ أُخْرَى، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ دَفَعَ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ لَمْ يَجُزْ قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْجَوَابُ خَرَجَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ أُنَاسٍ مَتَى خُلِطَ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ، فَقَدْ مَلَكَهَا الْغَاصِبُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا غَصَبَ وَقَالَا لَا يَمْلِكُ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ وَهِيَ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ رَجُلٌ دَخَلَ عَلَى السُّلْطَانِ فَقَدِمَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مَأْكُولٍ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِالثَّمَنِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِ ذَلِكَ وَلَكِنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَا يَفْهَمُ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ بِعَيْنِهِ حَلَّ لَهُ أَكْلُهُ، هَكَذَا ذُكِرَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى مَالِ السُّلْطَانِ وَيَبْنِي الْحُكْمَ عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِأَنْ يُجِيبَ دَعْوَةَ رَجُلٍ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا جَوَابُ الْحُكْمِ، فَأَمَّا الْأَفْضَلُ أَنْ يَتَوَرَّعَ عَنْ الْإِجَابَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لِأَجَلِ الدَّيْنِ أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ الْحَالُ قَالَ

شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَالَةُ الْإِشْكَالِ إنَّمَا يَتَوَرَّعُ إذَا كَانَ يَدْعُوهُ قَبْلَ الْإِقْرَاضِ فِي كُلِّ عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْدَ الْإِقْرَاضِ جَعَلَ يَدْعُوهُ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ زَادَ فِي الْبَاجَّاتِ أَمَّا إذَا كَانَ يَدْعُوهُ بَعْدَ الْإِقْرَاضِ فِي كُلِّ عِشْرِينَ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْبَاجَّاتِ فَلَا يَتَوَرَّعُ إلَّا إذَا نَصَّ أَنَّهُ أَضَافَهُ لِأَجَلِ الدَّيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاخْتُلِفَ فِي إجَابَةِ الدَّعْوَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَاجِبَةٌ لَا يَسَعُ تَرْكُهَا وَقَالَتْ الْعَامَّةُ هِيَ سُنَّةٌ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُجِيبَ إذَا كَانَتْ وَلِيمَةً وَإِلَّا فَهُوَ مُخَيَّرٌ وَالْإِجَابَةُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ فِيهَا إدْخَالَ السُّرُورِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَوْ دُعِيَ إلَى دَعْوَةٍ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُجِيبَهُ إلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَعْصِيَةٌ، وَلَا بِدْعَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ كَانَ عَاصِيًا وَالِامْتِنَاعُ أَسْلَمُ فِي زَمَانِنَا إلَّا إذَا عَلِمَ يَقِينًا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا بِدْعَةٌ، وَلَا مَعْصِيَةٌ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ أَعَلَمُ الْعُلَمَاءِ السَّمَرْقَنْدِيُّ الْحِيلَةُ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِضِيَافَةٍ فِيهَا شُبْهَةُ الْحَرَامِ أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الضَّيْفِ مَلَّكْتُ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ الْفَقِيرِ فَإِذَا مَلَكَهُ صَارَ مِلْكًا لِلْفَقِيرِ، وَإِذَا صَارَ مِلْكًا لِلْفَقِيرِ لَوْ مَلَكَ غَيْرَهُ يَجُوزُ، وَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يُكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ مِنْ مَالِ الْفَقِيرِ يَعْنِي مِنْ مَالٍ أَخَذَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ لَا إذَا مَلَكَهَا بِجِهَةٍ أُخْرَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. لَا يُجِيبُ دَعْوَةَ الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِفِسْقِهِ، وَكَذَا دَعْوَةُ مَنْ كَانَ غَالِبُ مَالِهِ مِنْ حَرَامٍ مَا لَمْ يُخْبَرْ أَنَّهُ حَلَالٌ وَبِالْعَكْسِ يُجِيبُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ عِنْدَهُ أَنَّهُ حَرَامٌ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَفِي الرَّوْضَةِ يُجِيبُ دَعْوَةَ الْفَاسِقِ وَالْوَرَعُ أَنْ لَا يُجِيبَهُ وَدَعْوَةُ الَّذِي أَخَذَ الْأَرْضَ مُزَارِعَةً أَوْ يَدْفَعُهَا عَلَى هَذَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. آكِلُ الرَّبَّا وَكَاسِبُ الْحَرَامِ أَهْدَى إلَيْهِ أَوْ أَضَافَهُ وَغَالِبُ مَالِهِ حَرَامٌ لَا يَقْبَلُ، وَلَا يَأْكُلُ مَا لَمْ يُخْبِرْهُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ أَصْلُهُ حَلَالٌ وَرِثَهُ أَوْ اسْتَقْرَضَهُ، وَإِنْ كَانَ غَالِبُ مَالِهِ حَلَالًا لَا بَأْسَ بِقَبُولِ هَدِيَّتِهِ وَالْأَكْلِ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. لَا يَنْبَغِي التَّخَلُّفُ عَنْ إجَابَةِ الدَّعْوَةِ الْعَامَّةِ كَدَعْوَةِ الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ وَنَحْوِهِمَا، وَإِذَا أَجَابَ، فَقَدْ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَأْكُلَ لَوْ كَانَ غَيْرَ صَائِمٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. مَنْ دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ فَوَجَدَ ثَمَّةَ لَعِبًا أَوْ غِنَاءً فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْعُدَ وَيَأْكُلَ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَنْعِ يَمْنَعُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ يَصْبِرْ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُقْتَدَى بِهِ أَمَّا إذَا كَانَ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهِمْ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ، وَلَا يَقْعُدُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْمَائِدَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْعُدَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدًى بِهِ وَهَذَا كُلُّهُ بَعْدَ الْحُضُورِ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ قَبْلَ الْحُضُورِ فَلَا يَحْضُرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَقُّ الدَّعْوَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا هَجَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ عَلِمَ الْمُقْتَدَى بِهِ بِذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَهُوَ مُحْتَرَمٌ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ يَتْرُكُونَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ وَإِلَّا لَمْ يَدْخُلْ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. رَجُلٌ اتَّخَذَ ضِيَافَةً لِلْقَرَابَةِ أَوْ وَلِيمَةً أَوْ اتَّخَذَ مَجْلِسًا لِأَهْلِ الْفَسَادِ فَدَعَا رَجُلًا صَالِحًا إلَى الْوَلِيمَةِ قَالُوا إنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ بِحَالٍ لَوْ امْتَنَعَ عَنْ الْإِجَابَةِ مَنَعَهُمْ عَنْ فِسْقِهِمْ لَا تُبَاحُ لَهُ الْإِجَابَةُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُجِيبَ؛ لِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ بِحَالٍ لَوْ لَمْ يُجِبْ لَا يَمْنَعُهُمْ عَنْ الْفِسْقِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُجِيبَ وَيَطْعَمَ وَيُنْكِرَ مَعْصِيَتَهُمْ وَفِسْقَهُمْ؛ لِأَنَّهُ إجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَاجِبَةٌ أَوْ مَنْدُوبَةٌ فَلَا يَمْتَنِعُ بِمَعْصِيَةٍ اقْتَرَنَتْ بِهَا، وَوَلِيمَةُ الْعُرْسِ سُنَّةٌ، وَفِيهَا مَثُوبَةٌ عَظِيمَةٌ وَهِيَ إذَا بَنَى الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ الْجِيرَانَ وَالْأَقْرِبَاءَ وَالْأَصْدِقَاءَ وَيَذْبَحَ لَهُمْ وَيَصْنَعَ لَهُمْ طَعَامًا، وَإِذَا اتَّخَذَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُجِيبُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا أَثِمُوا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا أَجَابَ وَدَعَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا أَكَلَ وَدَعَا، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ أَثِمَ وَجَفَا» ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْعُوَ يَوْمَئِذٍ مِنْ الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ، ثُمَّ يَنْقَطِعُ الْعُرْسُ وَالْوَلِيمَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

حَمْلُ الطَّعَامِ إلَى صَاحِبِ الْمُصِيبَةِ وَالْأَكْلُ مَعَهُمْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ جَائِزٌ لِشَغْلِهِمْ بِالْجَهَازِ، وَبَعْدَهُ يُكْرَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يُبَاحُ اتِّخَاذُ الضِّيَافَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي أَيَّامِ الْمُصِيبَةِ وَإِذَا اتَّخَذَ لَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ مِنْهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ اتَّخَذَ طَعَامًا لِلْفُقَرَاءِ كَانَ حَسَنًا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ بَالِغِينَ، فَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ لَمْ يَتَّخِذُوا ذَلِكَ مِنْ التَّرِكَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا كَانَ الرَّجُلُ عَلَى مَائِدَةٍ فَنَاوَلَ غَيْرَهُ مِنْ طَعَامِ الْمَائِدَةِ إنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَرْضَى بِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَرْضَى فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ لَا يُنَاوِلُ، وَلَا يُعْطِي سَائِلًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانُوا عَلَى مَائِدَتَيْنِ لَا يُنَاوِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إلَّا إذَا تَيَقَّنُوا رِضَا رَبِّ الْبَيْتِ وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ: ضِيَافَةٌ فِيهَا مَوَائِدُ فَأَعْطَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ عَلَى مَائِدَةٍ أُخْرَى طَعَامًا لِيَأْكُلَ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْمَائِدَةِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَإِنْ نَاوَلَ الضَّيْفُ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ إلَى مَنْ كَانَ ضَيْفًا مَعَهُ عَلَى الْخِوَانِ تَكَلَّمُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ أَخَذَ أَنْ يَأْكُلَ ذَلِكَ بَلْ يَضَعُهُ عَلَى الْمَائِدَةِ، ثُمَّ يَأْكُلُ مِنْ الْمَائِدَةِ وَأَكْثَرُهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِذَلِكَ عَادَةً، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ كَانَ عَلَى الْمَائِدَةِ أَنْ يُعْطِيَ إنْسَانًا دَخَلَ هُنَاكَ لِطَلَبِ إنْسَانٍ أَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ دُونَ التَّرَدُّدِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَكَذَا لَا يَدْفَعُ إلَى وَلَدِ صَاحِبِ الْمَائِدَةِ وَعَبْدِهِ وَكَلْبِهِ وَسِنَّوْرِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الضَّيْفُ إذَا نَاوَلَ مِنْ الْمَائِدَةِ هِرَّةً لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ لِغَيْرِهِ شَيْئًا مِنْ الْخُبْزِ أَوْ قَلِيلًا مِنْ اللَّحْمِ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ أَذِنَ عَادَةً، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ كَلْبٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ لِغَيْرِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يُنَاوِلَهُ شَيْئًا مِنْ اللَّحْمِ أَوْ الْخُبْزِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُ لَا إذْنَ فِيهِ عَادَةً، وَلَوْ نَاوَلَ الْعِظَامَ أَوْ الْخُبْزَ الْمُحْتَرِقَ وَسِعَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَهَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْكُبْرَى. رَجُلٌ دَعَا قَوْمًا إلَى طَعَامٍ وَفَرَّقَهُمْ عَلَى أَخْوِنَةٍ لَيْسَ لِأَهْلِ هَذَا الْخِوَانِ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ طَعَامِ خِوَانٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ إنَّمَا أَبَاحَ لِأَهْلِ كُلِّ خِوَانٍ أَنْ يَأْكُلَ مَا كَانَ عَلَى خِوَانِهِ لَا غَيْرَ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْقِيَاسُ كَذَلِكَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ إذَا أَعْطَى مَنْ كَانَ فِي ضِيَافَةِ تِلْكَ جَازَ، وَإِنْ أَعْطَى بَعْضَ الْخَدَمِ الَّذِي هُنَاكَ جَازَ أَيْضًا، وَكَذَا لَوْ نَاوَلَ وَالضَّيْفَ مِنْ الْمَائِدَةِ شَيْئًا مِنْ الْخُبْزِ أَوْ قَلِيلًا مِنْ اللَّحْمِ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ نَاوَلَ الطَّعَامَ الْفَاسِدَ أَوْ الْخُبْزَ الْمُحْتَرِقَ فَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَفْعُ الزَّلَّةِ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ إلَّا إذَا وُجِدَ الْإِذْنُ وَالْإِطْلَاقُ مِنْ الْمَضِيفِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. رَجُلٌ يَأْكُلُ خُبْزًا مَعَ أَهْلِهِ فَاجْتَمَعَ كِسْرَاتُ الْخُبْزِ، وَلَا يَشْتَهِيهَا أَهْلُهُ فَلَهُ أَنْ يُطْعِمَ الدَّجَاجَةَ وَالشَّاةَ وَالْبَقَرَ، وَهُوَ أَفْضَلُ، وَلَا يَنْبَغِي إلْقَاؤُهَا فِي النَّهْرِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ إلَّا إذَا كَانَ الْإِلْقَاءُ لِأَجَلِ النَّمْلِ لِيَأْكُلَ النَّمْلَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ، هَكَذَا فَعَلَهُ السَّلَفُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُطْعِمَ الْمَجْنُونَ الْمَيْتَةَ بِخِلَافِ الْهِرَّةِ، وَإِذَا تَنَجَّسَ الْخُبْزُ أَوْ الطَّعَامُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ الصَّغِيرَ أَوْ الْمَعْتُوهَ أَوْ الْحَيَوَانَ الْمَأْكُولَ اللَّحْمِ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَيْتَةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ، وَلَا يُطْعِمُهَا الْكِلَابَ وَالْجَوَارِحَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. يُسْتَحَبُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يَجْلِسَ حَيْثُ يُجْلَسُ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجِبُ عَلَى الضَّيْفِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: أَوَّلُهَا: أَنْ يَجْلِسَ حَيْثُ يُجْلَسُ. وَالثَّانِي: أَنْ يَرْضَى بِمَا قُدِّمَ إلَيْهِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يَقُومَ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْبَيْتِ. وَالرَّابِعُ: أَنْ يَدْعُوَ لَهُ إذَا خَرَجَ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ الْمَضِيفُ أَحْيَانَا كُلْ مِنْ

الباب الثالث عشر في النهبة ونثر الدراهم والسكر وما رمى به صاحبه

غَيْرِ إلْحَاحٍ، وَلَا يُكْثِرُ السُّكُوتَ عِنْدَ الْأَضْيَافِ، وَلَا يَغِيبُ عَنْهُمْ، وَلَا يَغْضَبُ عَلَى خَادِمِهِ عِنْدَ الْأَضْيَافِ، وَلَا يَقْتُرُ عَلَى أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ لِأَجَلِ الْأَضْيَافِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْأَفْضَلُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ عَلَى عِيَالِهِ وَمَا فَضَلَ يَتَصَدَّقُ، وَلَا يُعْطِي الْفَاسِقَ أَكْثَرَ مِنْ قُوتِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. يَكْرَهُ السُّكُوتُ حَالَةَ الْأَكْلِ؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالْمَجُوسِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَا يَسْكُتُ عَلَى الطَّعَامِ وَلَكِنْ يَتَكَلَّمُ بِالْمَعْرُوفِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْدُمَ الْمَضِيفُ بِنَفْسِهِ اقْتِدَاءً بِإِبْرَاهِيمَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا دَعَوْتَ قَوْمًا إلَى طَعَامِكَ. فَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ قَلِيلًا فَجَلَسْتَ مَعَهُمْ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّ خِدْمَتَكَ إيَّاهُمْ عَلَى الْمَائِدَةِ مِنْ الْمُرُوءَةِ، وَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ كَثِيرًا فَلَا تَقُمْ مَعَهُمْ وَاخْدِمْهُمْ بِنَفْسِكَ، وَلَا تَغْضَبُ عَلَى الْخَادِمِ عِنْدَ الْأَضْيَافِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُجْلِسَ مَعَهُمْ مَنْ يُثْقِلُ عَلَيْهِمْ فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ الطَّعَامِ وَاسْتَأْذَنُوا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْنَعَهُمْ، وَإِذَا حَضَرَ الْقَوْمُ وَأَبْطَأَ آخَرُونَ فَالْحَاضِرُ أَحَقُّ أَنْ يُقَدَّمَ مِنْ الْمُتَخَلِّفِ وَيَنْبَغِي لِصَاحِبِ الضِّيَافَةِ أَنْ لَا يُقَدِّمَ الطَّعَامَ مَا لَمْ يُقَدِّمْ الْمَاءَ لِغَسْلِ الْأَيْدِي وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَبْدَأَ بِمَنْ هُوَ فِي آخِرِ الْمَجْلِسِ وَيُؤَخِّرَ صَاحِبَ الصَّدْرِ، وَلَكِنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَحْسَنُوا بِالْبِدَايَةِ بِصَاحِبِ الصَّدْرِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِذَا أَرَادُوا غَسْلَ أَيْدِيهِمْ بَعْدَ الطَّعَامِ، فَقَدْ كَرِهُوا أَنْ يُفَرِّغَ الطَّسْتَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ الدُّسُومَةَ إذَا سَالَتْ فِي الطَّسْتِ فَرُبَّمَا تَنْتَضِحُ عَلَى ثِيَابِهِ فَتُفْسِدُ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ وَكَانَ فِي الْأَمَدِ الْأَوَّلِ غَالِبُ طَعَامِهِمْ الْخُبْزَ وَالتَّمْرَ أَوْ الطَّعَامَ قَلِيلَ الدُّسُومَةِ. وَأَمَّا الْيَوْمَ، فَقَدْ أَكَلُوا الْبَاجَّاتِ وَالْأَلْوَانَ وَيُصِيبُ أَيْدِيَهُمْ بِذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِصَبِّهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ قَالَ الْفَقِيهُ: إذَا تَخَلَّلَ الرَّجُلُ فَمَا خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ، فَإِنْ ابْتَلَعَهُ جَازَ، وَإِنْ أَلْقَاهُ جَازَ وَيُكْرَهُ الْخِلَالُ بِالرَّيْحَانِ وَبِالْآسِ وَبِخَشَبِ الرُّمَّانِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْخِلَالُ مِنْ الْخِلَافِ الْأَسْوَدِ. وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْمِيَ بِالْخِلَالِ وَبِالطَّعَامِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ عِنْدَ النَّاسِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ ثِيَابَهُمْ وَلَكِنَّهُ يُمْسِكُهُ فَإِذَا أَتَى بِالطَّسْتِ لِغَسْلِ الْيَدِ أَلْقَاهُ فِيهِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُرُوءَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْبُسْتَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّالِث عَشْر فِي النُّهْبَة ونثر الدَّرَاهِم والسكر وَمَا رَمَى بِهِ صَاحِبه] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي النُّهْبَةِ وَنَثْرِ الدَّرَاهِمِ وَالسُّكَّرِ وَمَا رَمَى بِهِ صَاحِبَهُ) ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ أَنَّ النُّهْبَةَ جَائِزَةٌ إذَا أَذِنَ صَاحِبُهُ فِيهَا إذَا وَضَعَ الرَّجُلُ مِقْدَارًا مِنْ السُّكَّرِ أَوْ عَدَدًا مِنْ الدَّرَاهِمِ بَيْنَ قَوْمٍ وَقَالَ مَنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ قَالَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ فَكُلُّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا يَصِيرُ مِلْكًا لَهُ وَلَا يَكُونُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. نَثْرُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ الَّتِي كُتِبَ عَلَيْهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى مَكْرُوهٌ عِنْدَ الْبَعْضِ وَقِيلَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ تَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ فِي نَثْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ كَانَتْ عَلَيْهَا كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ بَعْضُهُمْ لَمْ يَكْرَهُوا ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَا بَأْسَ بِنَثْرِ السُّكَّرِ وَالدَّرَاهِمِ فِي الضِّيَافَةِ وَعَقْدِ النِّكَاحِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَإِذَا نَثَرَ السُّكَّرَ فَحَضَرَ رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَقْتَ النَّثْرِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِبَ الْمَنْثُورَ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا هَلْ لَهُ ذَلِكَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا نَثَرَ السُّكَّرَ وَوَقَعَ فِي ذَيْلِ رَجُلٍ أَوْ كُمِّهِ وَأَخَذَهُ غَيْرُهُ كَانَ ذَلِكَ لِلْآخِذِ هَكَذَا فِي الْمُنْتَقَى وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ وَفَصَّلَ الْجَوَابَ تَفْصِيلًا قَالَ إنْ كَانَ بَسَطَ ذَيْلَهُ أَوْ كُمَّهُ لِيَقَعَ عَلَيْهِ السُّكَّرُ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ أَخْذُهُ وَلَوْ أَخَذَهُ كَانَ لِصَاحِبِ الذَّيْلِ وَالْكُمِّ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَبْسُطْ ذَيْلَهُ أَوْ كُمَّهُ لِذَلِكَ فَالسُّكْرُ لِلْآخِذِ

الباب الرابع عشر في أهل الذمة والأحكام التي تعود إليهم

وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الذَّيْلِ وَالْكُمِّ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ نَثَرَ السُّكَّرَ فِي عُرْسٍ فَوَقَعَ فِي حِجْرِ رَجُلٍ فَأَخَذَهُ آخَرُ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ فَتَحَ حِجْرَهُ لِيَقَعَ فِيهِ السُّكَّرُ وَلَوْ أَخَذَ بِيَدِهِ ثُمَّ وَقَعَ مِنْهُ وَأَخَذَهُ آخَرُ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. إذَا دَخَلَ مَقْصُورَةَ الْجَامِعِ وَوَجَدَ فِيهَا سُكَّرًا جَازَ لَهُ الْأَخْذُ إلَّا عَلَى قَوْلِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ مَرَّ بِسُوقِ الفانيذ فَوَجَدَ سُكَّرًا لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَأْخُذَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى غَيْرِهِ سُكَّرًا أَوْ دَرَاهِمَ لِيَنْثُرَهُ عَلَى الْعَرُوسِ فَأَرَادَ أَنْ يَحْبِسَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا فَفِيمَا إذَا كَانَ الْمَدْفُوعُ دَرَاهِمَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى غَيْرِهِ لِيَنْثُرَ ذَلِكَ الْغَيْرُ وَإِذَا نَثَرَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَلْتَقِطَ مِنْهُ شَيْئًا. وَفِيمَا إذَا كَانَ الْمَدْفُوعُ سُكَّرًا لَهُ أَنْ يَحْبِسَ قَدْرَ مَا يَحْبِسُهُ النَّاسُ فِي الْعَادَةِ هَكَذَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَعْضِ مَشَايِخِنَا قَالُوا لَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ السُّكَّرَ إلَى غَيْرِهِ لِيَنْثُرَهُ فَإِذَا نَثَرَ لَهُ أَنْ يَلْتَقِطَ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمُهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الدَّرَاهِمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ نَفَقَ حِمَارُهُ فَأَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَسَلَخَهُ ثُمَّ حَضَرَ صَاحِبُ الْحِمَارِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى أَخْذِ الْجِلْدِ وَلَوْ لَمْ يُلْقِ الْحِمَارَ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ مِنْ مَنْزِلِ صَاحِبِهِ وَسَلَخَهُ وَأَخَذَ جِلْدَهُ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَ الْجِلْدَ وَيَرُدَّ مَا زَادَ الدَّبَّاغُ فِيهِ. وَعَنْهُ أَيْضًا فِي شَاةٍ مَيِّتَةٍ نَبَذَهَا أَهْلُهَا فَأَخَذَ رَجُلٌ صُوفَهَا وَجِلْدَهَا وَدَبَغَهُ فَذَلِكَ لَهُ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَ الْجِلْدَ وَيَرُدُّ مَا زَادَ الدَّبَّاغُ فِيهِ وَجَوَابُهُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّاةِ يُخَالِفُ جَوَابَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحِمَارِ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَاسَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى فَيَصِيرُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ رِوَايَتَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْمَبْطَخَةُ إذَا قُلِعَتْ وَبَقِيَتْ فِيهَا بَقِيَّةٌ فَانْتَهَبَ النَّاسُ ذَلِكَ إنْ كَانَ تَرَكَهَا لِيَأْخُذَهَا النَّاسُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَمَلَ زَرْعَهُ وَبَقِيَ مِنْهُ سَنَابِلُ إنْ تَرَكَ مَا يُتْرَكُ عَادَةً لِيَأْخُذَهُ النَّاسُ فَلَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا فَزَرَعَهَا وَلَوْ رَفَعَ الزَّرْعَ وَبَقِيَتْ فِيهِ بَقِيَّةٌ مِثْلَ مَا يَتْرُكُ النَّاسُ عَادَةً فَسَقَاهَا رَبُّ الْأَرْضِ وَنَبَتَتْ بِسَقْيِهِ فَهِيَ لِرَبِّ الْأَرْضِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الرَّابِع عَشْر فِي أَهْل الذِّمَّة وَالْأَحْكَام الَّتِي تَعُود إلَيْهِمْ] (الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْأَحْكَامِ الَّتِي تَعُودُ إلَيْهِمْ) لَا بَأْسَ بِدُخُولِ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْيَتِيمَةِ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ الدُّخُولُ فِي الْبَيْعَةِ وَالْكَنِيسَةِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَجْمَعُ الشَّيَاطِينِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُقُّ الدُّخُولِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ اشْتَرَوْا مِنْ الْمُسْلِمِينَ دَارًا فِي الْمِصْرِ لِيَتَّخِذُوهَا مَقْبَرَةً قَالَ لَمَّا مَلَكُوهَا يَفْعَلُونَ فِيهَا مَا شَاءُوا وَإِنْ أَضَرَّ بِبُيُوتِ الْجِيرَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اتَّخَذُوا بَيْعَةً أَوْ كَنِيسَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ فِي الْمِصْرِ لَمْ يَمْلِكُوا ذَلِكَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الزُّنَّارِ مِنْ النَّصْرَانِيِّ وَالْقَلَنْسُوَةِ مِنْ الْمَجُوسِيِّ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ هَلْ يُؤْخَذُ عَهْدٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بالكستيجات قَالَ مَرَّةً لَا يُؤْخَذُونَ بِهِ وَمَرَّةً قَالَ إنَّهُمْ يُؤْخَذُونَ بِهِ إذَا كَانُوا كَثِيرًا لِيَعْرِفُوا كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. يُكْرَهُ لِلْمَشْهُورِ الْمُقْتَدَى بِهِ الِاخْتِلَاطُ إلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ وَالشَّرِّ إلَّا بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ يَعْظُمُ أَمْرُهُ بَيْنَ أَيْدِي النَّاسِ وَلَوْ كَانَ رَجُلًا لَا يُعْرَفُ يُدَارِيهِ لِيَدْفَعَ الظُّلْمَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إثْمٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَقَالَ الْقُدُورِيُّ فِي النَّصْرَانِيَّةِ تَحْتَ مُسْلِمٍ لَا تَنْصِبُ فِي بَيْتِهِ صَلِيبًا وَتُصَلِّي فِي بَيْتِهِ حَيْثُ شَاءَتْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي كِتَابِ

الْخَرَاجِ لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلِلرَّجُلِ أَنْ يَأْمُرَ جَارِيَتَهُ الْكِتَابِيَّةَ بِالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَيَجْبُرُهَا عَلَى ذَلِكَ قَالُوا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ الْكِتَابِيَّةُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا أَدَعُ مُشْرِكًا يَضْرِبُ الْبَرْبَطَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ شَيْءٍ أَمْنَعُ مِنْهُ الْمُسْلِمَ فَإِنِّي أَمْنَعُ مِنْهُ الْمُشْرِكَ إلَّا الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي أَوَانِي الْمُشْرِكِينَ قَبْلَ الْغَسْلِ وَمَعَ هَذَا لَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِيهَا قَبْلَ الْغَسْلِ جَازَ وَلَا يَكُونُ آكِلًا وَلَا شَارِبًا حَرَامًا وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِنَجَاسَةِ الْأَوَانِي فَأَمَّا إذَا عَلِمَ فَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرَبَ وَيَأْكُلَ مِنْهَا قَبْلَ الْغَسْلِ وَلَوْ شَرِبَ أَوْ أَكَلَ كَانَ شَارِبًا وَآكِلًا حَرَامًا وَهُوَ نَظِيرُ سُؤْرِ الدَّجَاجَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى مِنْقَارِهَا نَجَاسَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ وَالصَّلَاةُ فِي سَرَاوِيلِهِمْ نَظِيرُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مِنْ أَوَانَيْهِمْ إنْ عَلِمَ أَنَّ سَرَاوِيلَهُمْ نَجِسَةٌ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَلَوْ صَلَّى يَجُوزُ وَلَا بَأْسَ بِطَعَامِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كُلِّهِ مِنْ الذَّبَائِحِ وَغَيْرِهَا وَيَسْتَوِي الْجَوَابُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَكَذَا يَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ كَنَصَارَى الْعَرَبِ وَلَا بَأْسَ بِطَعَامِ الْمَجُوسِ كُلِّهِ إلَّا الذَّبِيحَةَ، فَإِنَّ ذَبِيحَتَهُمْ حَرَامٌ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَكْلَ مَعَ الْمَجُوسِيِّ وَمَعَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ أَنَّهُ هَلْ يَحِلُّ أَمْ لَا وَحُكِيَ عَنْ الْحَاكِمِ الْإِمَامِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَاتِبِ أَنَّهُ إنْ اُبْتُلِيَ بِهِ الْمُسْلِمُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَأَمَّا الدَّوَامُ عَلَيْهِ فَيُكْرَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ أَنَّ الْمَجُوسِيَّ إذَا كَانَ لَا يُزَمْزِمُ فَلَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ يُزَمْزِمُ فَلَا يَأْكُلُ مَعَهُ لِأَنَّهُ يُظْهِرُ الْكُفْرَ وَالشِّرْكَ وَلَا يَأْكُلُ مَعَهُ حَالَ مَا يُظْهِرُ الْكُفْرَ وَالشِّرْكَ وَلَا بَأْسَ بِضِيَافَةِ الذِّمِّيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا مَعْرِفَةٌ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَفِي التَّفَارِيقِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُضِيفَ كَافِرًا لِقَرَابَةٍ أَوْ لِحَاجَةٍ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَا بَأْسَ بِالذَّهَابِ إلَى ضِيَافَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي أُضْحِيَّةِ النَّوَازِلِ الْمَجُوسِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ إذَا دَعَا رَجُلًا إلَى طَعَامِهِ تُكْرَهُ الْإِجَابَةُ وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْت اللَّحْمَ مِنْ السُّوقِ فَإِنْ كَانَ الدَّاعِي نَصْرَانِيًّا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَمَا ذُكِرَ فِي النَّوَازِلِ فِي حَقِّ النَّصْرَانِيِّ يُخَالِفُ رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذَكَرَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمَ وَالْمُشْرِكَ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا مُحَارِبًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا وَأَرَادَ بِالْمُحَارَبِ الْمُسْتَأْمَنِ وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ الْمُسْتَأْمَنِ فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَصِلَهُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ إذَا كَانَ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَكَانَ الْحَالُ حَالَ صُلْحٍ وَمُسَالَمَةٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَصِلَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. هَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي صِلَةِ الْمُسْلِمِ الْمُشْرِكَ. وَجِئْنَا إلَى صِلَةِ الْمُشْرِكِ الْمُسْلِمَ فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَخْبَارًا مُتَعَارِضَةً فِي بَعْضِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَبِلَ هَدَايَا الْمُشْرِكِ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْبَلْ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّوْفِيقِ وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي وَجْهِ التَّوْفِيقِ فَعِبَارَةُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّ مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْهَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَقْبَلْهَا مِنْ شَخْصٍ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا يُقَاتِلُهُمْ طَمَعًا فِي الْمَالِ لَا لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَلَا يَجُوزُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ مِنْ مِثْلِ هَذَا الشَّخْصِ فِي زَمَانِنَا وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ قَبِلَهَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ قَبِلَ مِنْ شَخْصٍ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا يُقَاتِلُهُمْ لِإِعْزَازِ الدِّينِ وَلِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ الْعُلْيَا لَا لِطَلَبِ الْمَالِ وَقَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنْ مِثْلِ هَذَا الشَّخْصِ

الباب الخامس عشر في الكسب

جَائِزٌ فِي زَمَانِنَا أَيْضًا وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ وَفَّقَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْ شَخْصٍ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ مِنْهُ لَا يَقِلُّ صَلَابَتَهُ وَعِزَّتَهُ فِي حَقِّهِ وَيَلِينُ لَهُ بِسَبَبِ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ وَقَبِلَ مِنْ شَخْصٍ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقِلُّ صَلَابَتُهُ وَعِزَّتُهُ فِي حَقِّهِ وَلَا يَلِينُ بِسَبَبِ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ مُعَامَلَةٌ إذَا كَانَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا كَانَ لِرَجُلٍ أَوْ لِامْرَأَةٍ وَالِدَانِ كَافِرَانِ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا وَبِرُّهُمَا وَخِدْمَتُهُمَا وَزِيَارَتُهُمَا فَإِنْ خَافَ أَنْ يَجْلِبَاهُ إلَى الْكُفْرِ إنْ زَارَهُمَا جَازَ أَنْ لَا يَزُورَهُمَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يَدْعُو لِلذِّمِّيِّ بِالْمَغْفِرَةِ وَلَوْ دَعَا لَهُ بِالْهُدَى جَازَ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ «اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» كَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَوْ قَالَ لِيَهُودِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ يَا كَافِرُ يَأْثَمُ إنْ شَقَّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا قَالَ لِلذِّمِّيِّ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك إنْ كَانَ نِيَّتُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُطِيلُ بَقَاءَهُ لِيُسْلِمَ أَوْ يُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ عَنْ ذُلٍّ وَصَغَارٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ لَوْ يَنْوِ شَيْئًا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ دَعَا لِلذِّمِّيِّ بِطُولِ الْعُمْرِ قِيلَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ التَّمَادِي عَلَى الْكُفْرِ وَقِيلَ يَجُوزُ لِأَنَّ فِي طُولِ عُمْرِهِ نَفْعًا لِلْمُسْلِمِينَ بِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ فَيَكُونُ دُعَاءً لَهُمْ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْعَافِيَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ إذَا كَتَبْت إلَى الْيَهُودِيِّ أَوْ النَّصْرَانِيِّ فِي الْحَاجَةِ فَاكْتُبْ السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتْبَعْ الْهُدَى وَيَلْقَى الْكَافِرَ وَالْمُبْتَدِعَ بِوَجْهٍ مُكْفَهِرٍّ تُكْرَهُ الْمُصَافَحَةُ مَعَ الذِّمِّيِّ وَإِنْ صَافَحَهُ يَغْسِلُ يَدَهُ إنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَلَا بَأْسَ بِمُصَافَحَةِ الْمُسْلِمِ جَارَهُ النَّصْرَانِيَّ إذَا رَجَعَ بَعْدَ الْغَيْبَةِ وَيَتَأَذَّى بِتَرْكِ الْمُصَافَحَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا بَأْسَ بِعِيَادَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَفِي الْمَجُوسِيِّ اخْتِلَافٌ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَيَجُوزُ عِيَادَةُ الذِّمِّيِّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَاخْتَلَفُوا فِي عِيَادَةِ الْفَاسِقِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا وَإِذَا مَاتَ الْكَافِرُ قَالَ لِوَالِدِهِ أَوْ قَرِيبِهِ فِي تَعْزِيَتِهِ أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْك خَيْرًا مِنْهُ وَأَصْلَحَك أَيْ أَصْلَحَك بِالْإِسْلَامِ وَرَزَقَك وَلَدًا مُسْلِمًا لِأَنَّ الْخَيْرِيَّةَ بِهِ تَظْهَرُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَى الذِّمِّيِّ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ مُسْلِمٌ وَلَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ ارْتَدَّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا مَجُوسِيًّا فَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ وَقَالَ إنْ بِعْتنِي مِنْ مُسْلِمٍ قَتَلْت نَفْسِي جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ مَجُوسِيٍّ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. لَا يُتْرَكُ مَمْلُوكٌ مُسْلِمٌ فِي مِلْكِ ذِمِّيٍّ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ إنْ كَانَ مَحَلَّ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ إذَا دَخَلَ يَهُودِيٌّ الْحَمَّامَ هَلْ يُبَاحُ لِلْخَادِمِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَخْدِمَهُ قَالَ إنْ خَدَمَهُ طَمَعًا فِي فُلُوسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ خَدَمَهُ تَعْظِيمًا لَهُ يُنْظَرُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِيُمِيلَ قَلْبَهُ إلَى الْإِسْلَامِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ فَعَلَ تَعْظِيمًا لِلْيَهُودِيِّ دُونَ أَنْ يَنْوِيَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَا كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ. وَعَلَى هَذَا إذَا دَخَلَ ذِمِّيٌّ عَلَى مُسْلِمٍ فَقَامَ لَهُ إنْ قَامَ طَمَعًا فِي إسْلَامِهِ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ قَامَ تَعْظِيمًا لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَا أَوْ قَامَ طَمَعًا لِغِنَاهُ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَسْأَلَ الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ عَنْ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَلَا يَكْتُبُهُ وَلَا يَتَعَلَّمُهُ وَلَا يُسْتَدَلُّ لِإِثْبَاتِ الْمَطَالِبِ بِمَا ذُكِرَ فِي تِلْكَ الْكُتُبِ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ الْعُلَمَاءِ فِي إثْبَاتِ رِسَالَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَذْكُورِ فِي أَسْفَارِ التَّوْرَاةِ وَصُحُفِ الْإِنْجِيلِ فَذَلِكَ لِلْإِلْزَامِ عَلَيْهِمْ بِمَا عِنْدَهُمْ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْكَسْبِ] (وَهُوَ أَنْوَاعٌ) فَرْضٌ وَهُوَ الْكَسْبُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَقَضَاءِ دُيُونِهِ وَنَفَقَةِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فَإِنْ تَرَكَ

الِاكْتِسَابَ بَعْدَ ذَلِكَ وَسِعَهُ وَإِنْ اكْتَسَبَ مَا يَدَّخِرُهُ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ فَهُوَ فِي سَعَةٍ فَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ادَّخَرَ قُوتَ عِيَالِهِ سَنَةً كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَكَذَا إنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ مُعْسِرَانِ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ الْكَسْبُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِمَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَمُسْتَحَبٌّ وَهُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ لِيُوَاسِيَ بِهِ فَقِيرًا أَوْ يُجَازِيَ بِهِ قَرِيبًا فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي لِنَفْلِ الْعِبَادَةِ. وَمُبَاحٌ وَهُوَ الزِّيَادَةُ لِلزِّيَادَةِ وَالتَّجَمُّلُ وَمَكْرُوهٌ وَهُوَ الْجَمْعُ لِلتَّفَاخُرِ وَالتَّكَاثُرِ وَإِنْ كَانَ مِنْ حِلٍّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى حَالِ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ قَعَدُوا فِي الْمَسَاجِدِ والخانقاهات وَأَنْكَرُوا الْكَسْبَ وَأَعْيُنُهُمْ طَامِحَةٌ وَأَيْدِيهِمْ مَادَّةٌ إلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُسَمُّونَ أَنْفُسَهُمْ الْمُتَوَكِّلَةَ وَلَيْسُوا كَذَلِكَ هَكَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُكْرَهُ أَنْ يَجْتَمِعَ قَوْمٌ فَيَعْتَزِلُوا إلَى مَوْضِعٍ وَيَمْتَنِعُوا عَنْ الطَّيِّبَاتِ يَعْبُدُونَ اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ وَيُفْرِغُونَ أَنْفُسَهُمْ لِذَلِكَ وَكَسْبُ الْحَلَالِ وَلُزُومُ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ فِي الْأَمْصَارِ أَحَبُّ وَأَلْزَمُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة قِيلَ كُلُّ قَارِئٍ تَرَكَ الْكَسْبَ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ مِنْ دِينِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَأَفْضَلُ أَسْبَابِ الْكَسْبِ الْجِهَادُ ثُمَّ التِّجَارَةُ ثُمَّ الزِّرَاعَةُ ثُمَّ الصِّنَاعَةُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَالتِّجَارَةُ أَفْضَلُ مِنْ الزِّرَاعَةِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الزِّرَاعَةَ أَفْضَلُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ تَغْزِلُ فِي دَارِ رَجُلٍ وَيُعْطِيهَا كُلَّ يَوْمٍ قُطْنًا وَخُبْزًا فَالْغَزْلُ يَطِيبُ لَهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهَا الْغَزْلَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. غَزْلُ الرَّجُلِ إذَا كَانَ عَلَى مِثَالِ غَزْلِ الْمَرْأَةِ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِهِنَّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَمَنْ كَانَ لَهُ قُوتُ يَوْمِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ السُّؤَالُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَمَا جَمَعَ السَّائِلُ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ خَبِيثٌ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَفِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي امْرَأَةٍ نَائِحَةٍ أَوْ صَاحِبِ طَبْلٍ أَوْ مِزْمَارٍ اكْتَسَبَ مَالًا قَالَ إنْ كَانَ عَلَى شَرْطٍ رَدَّهُ عَلَى أَصْحَابِهِ إنْ عَرَفَهُمْ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ عَلَى شَرْطٍ إنْ شَرَطُوا لَهَا فِي أَوَّلِهِ مَالًا بِإِزَاءِ النِّيَاحَةِ أَوْ بِإِزَاءِ الْغِنَاءِ وَهَذَا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَخْذُ عَلَى الشَّرْطِ كَانَ الْمَالُ بِمُقَابَلَةِ الْمَعْصِيَةِ فَكَانَ الْأَخْذُ مَعْصِيَةً وَالسَّبِيلُ فِي الْمَعَاصِي رَدُّهَا وَذَلِكَ هَاهُنَا بِرَدِّ الْمَأْخُوذِ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ رَدِّهِ بِأَنْ عَرَفَ صَاحِبَهُ وَبِالتَّصَدُّقِ بِهِ إنْ لَمْ يَعْرِفْهُ لِيَصِلَ إلَيْهِ نَفْعُ مَالِهِ إنْ كَانَ لَا يَصِلُ إلَيْهِ عَيْنُ مَالِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَخْذُ عَلَى شَرْطٍ لَمْ يَكُنْ الْأَخْذُ مَعْصِيَةً وَالدَّفْعُ حَصَلَ مِنْ الْمَالِكِ بِرِضَاهُ فَيَكُونُ لَهُ وَيَكُونُ حَلَالًا لَهُ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كَسْبِ الْمُغَنِّيَةِ إنْ قُضِيَ بِهِ دَيْنٌ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَهُوَ يُجْبَرُ عَلَى الْأَخْذِ وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا إذَا أَخَذَتْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ يَسَعُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يَأْخُذَهُ. ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْكَسْبِ كَسْبُ الْخَصِيِّ مَكْرُوهٌ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ مَا اكْتَسَبَهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ خَصِيًّا وَخِصَاؤُهُ مَكْرُوهٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. يَبِيعُ تَعْوِيذًا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَيَكْتُبُ فِيهِ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَالْفُرْقَانَ وَيَأْخُذُ عَلَيْهَا مَالًا وَيَقُولُ أَنَا أَدْفَعُ هَذَا هَدِيَّةً لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَكَسْبُهُ خَبِيثٌ فَالْأَوْلَى لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَرُدُّوا الْمَالَ إلَى أَرْبَابِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا أَرْبَابَهُ تَصَدَّقُوا بِهِ وَإِنْ كَانَ كَسْبُهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحِلُّ وَابْنُهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَمَاتَ الْأَبُ وَلَا يَعْلَمُ الِابْنُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ فَهُوَ حَلَالٌ لَهُ فِي الشَّرْعِ وَالْوَرَعُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ بِنِيَّةِ خُصَمَاءِ أَبِيهِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَوْمٍ وَرِثُوا خَمْرًا وَهُمْ مُسْلِمُونَ لَا يُقْسَمُ الْخَمْرُ بَيْنَهُمْ وَلَكِنْ يُخَلَّلُ ثُمَّ يُقْسَمُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَهُ مَالٌ فِيهِ شُبْهَةٌ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى أَبِيهِ يَكْفِيهِ ذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّصَدُّقُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَكَذَا إذَا كَانَ ابْنُهُ مَعَهُ حِينَ كَانَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَفِيهَا بُيُوعٌ فَاسِدَةٌ فَوَهَبَ جَمِيعَ مَالِهِ لِابْنِهِ هَذَا خَرَجَ مِنْ الْعُهْدَةِ كَذَا

الباب السادس عشر في زيارة القبور وقراءة القرآن في المقابر

فِي الْقُنْيَةِ. سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَمَّنْ اكْتَسَبَ مَالًا مِنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ وَجَمَعَ الْمَالَ مِنْ أَخْذِ الْغَرَامَاتِ الْمُحَرَّمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ هَلْ يَحِلُّ لِأَحَدٍ عَرَفَ ذَلِكَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ أَحَبُّ إلَيَّ فِي دِينِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهُ وَيَسَعُهُ أَكْلُهُ حُكْمًا إنْ كَانَ ذَلِكَ الطَّعَامُ لَمْ يَقَعْ فِي يَدِ الْمُطْعِمِ غَصْبًا أَوْ رِشْوَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الصَّبْرُ عَلَى الْفَقْرِ أَفْضَلُ مِنْ الشُّكْرِ عَلَى الْغِنَى، الِامْتِنَاعُ مِنْ الْكَسْبِ أَوْلَى مِنْ الِاشْتِغَالِ بِهِ عَلَى قَصْدِ الْإِنْفَاقِ عَلَى وُجُوهِ الْخَيْرِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب السَّادِس عَشْر فِي زِيَارَة الْقُبُور وَقِرَاءَة الْقُرْآن فِي الْمَقَابِر] (الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْمَقَابِرِ) لَا بَأْسَ بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَظَاهِرُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْتَضِي الْجَوَازَ لِلنِّسَاءِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ الرِّجَالَ وَفِي الْأَشْرِبَةِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ لِلنِّسَاءِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا وَفِي التَّهْذِيبِ يُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْقُبُورِ وَكَيْفِيَّةُ الزِّيَارَةِ كَزِيَارَةِ ذَلِكَ الْمَيِّتِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَإِذَا أَرَادَ زِيَارَةَ الْقُبُورِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْفَاتِحَةَ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالْإِخْلَاصَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَجْعَلُ ثَوَابَهَا لِلْمَيِّتِ يَبْعَثُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ نُورًا وَيَكْتُبُ لِلْمُصَلِّي ثَوَابًا كَثِيرًا ثُمَّ لَا يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ فِي الطَّرِيقِ فَإِذَا بَلَغَ الْمَقْبَرَةَ يَخْلَعُ نَعْلَيْهِ ثُمَّ يَقِفُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلًا لِوَجْهِ الْمَيِّتِ وَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ وَيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ أَنْتُمْ لَنَا سَلَفٌ وَنَحْنُ بِالْأَثَرِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَإِذَا أَرَادَ الدُّعَاءَ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَإِنْ كَانَ شَهِيدًا يَقُولُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ. وَإِذَا كَانَ قُبُورُ الْمُسْلِمِينَ مُخْتَلِطَةً بِقُبُورِ الْكُفَّارِ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَاتِحَةِ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةَ {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلة: 1] وَأَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الْمَقَابِرِ إذَا أَخْفَى وَلَمْ يَجْهَرْ لَا تُكْرَهُ وَلَا بَأْسَ بِهَا إنَّمَا يُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الْمَقْبَرَةِ جَهْرًا أَمَّا الْمُخَافَتَةُ فَلَا بَأْسَ بِهَا وَإِنْ خَتَمَ، وَكَانَ الصَّدْرُ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَافِظُ يَحْكِي عَنْ أُسْتَاذِهِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى الْمَقَابِرِ سُورَةَ الْمُلْكِ سَوَاءٌ أَخْفَى أَوْ جَهَرَ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَإِنَّهُ لَا يَقْرَأُ فِي الْمَقَابِرِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْخُفْيَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. وَإِنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عِنْدَ الْقُبُورِ إنْ نَوَى بِذَلِكَ أَنْ يُؤْنِسَهُ صَوْتُ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ حَيْثُ كَانَتْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَأَجْلَسَ وَارِثُهُ عَلَى قَبْرِهِ مَنْ يَقْرَأُ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَأَفْضَلُ أَيَّامِ الزِّيَارَةِ أَرْبَعَةٌ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ وَالزِّيَارَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ حَسَنٌ وَيَوْمَ السَّبْتِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَقِيلَ فِي آخِرِ النَّهَارِ وَكَذَا فِي اللَّيَالِيِ الْمُتَبَرَّكَةِ لَا سِيَّمَا لَيْلَةَ بَرَاءَةَ وَكَذَلِكَ فِي الْأَزْمِنَةِ الْمُتَبَرَّكَةِ كَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَالْعِيدَيْنِ وَعَاشُورَاءَ وَسَائِرِ الْمَوَاسِمِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. إذَا مَرَّ بِمَقْبَرَةٍ وَقَرَأَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ بِنِيَّةِ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِمْ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ زِيَارَةِ الْقُبُورِ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي مَنْ قَرَأَهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ غَيْرَ مَغْفُورٍ لَهُ يُغْفَرُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَغْفُورًا لَهُ غُفِرَ لِهَذَا الْقَارِئِ وَوَهَبَ ثَوَابًا لِلْمَيِّتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. وَإِنْ قَرَأَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ فَهُوَ

الباب السابع عشر في الغناء واللهو وسائر المعاصي والأمر بالمعروف

أَحْسَنُ وَمَنْ أَرَادَ غَايَةَ الْكَمَالِ فَلْيَزِدْ عَلَيْهَا بِالتَّضَرُّعِ وَالِابْتِهَالِ سُوَرًا أُخَرَ وَمَنْ قَرَأَ عَلَى قَبْرٍ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ رَفَعَ اللَّهُ الْعَذَابَ وَالضِّيقَ وَالظُّلْمَةَ عَنْ صَاحِبِ الْقَبْرِ أَرْبَعِينَ سَنَةً كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. قَالَ بُرْهَانُ التَّرْجُمَانِيُّ لَا نَعْرِفُ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْمَقَابِرِ سُنَّةً وَلَا مُسْتَحْسَنًا وَلَا نَرَى بِهِ بَأْسًا وَقَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ هَكَذَا وَجَدْنَاهُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْ السَّلَفِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيُّ بِدْعَةٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا يَمْسَحُ الْقَبْرَ وَلَا يُقَبِّلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَادَةِ النَّصَارَى وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ قَبْرِ وَالِدَيْهِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ الْخُجَنْدِيُّ عَنْ رَجُلٍ قَبْرُ وَالِدَيْهِ بَيْنَ الْقُبُورِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ بِالدُّعَاءِ وَالتَّسْبِيحِ وَيَزُورَهُمَا فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ وَطْءِ الْقُبُورِ وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّنْ لَهُ بُقْعَةٌ مَمْلُوكَةٌ بَيْنَ الْمَقَابِرِ يُرِيدُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ وَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَّا عَلَى الْمَقَابِرِ هَلْ لَهُ أَنْ يَتَخَطَّى الْمَقَابِرَ فَقَالَ إنْ كَانَ الْأَمْوَاتُ فِي التَّوَابِيتِ فَلَا بَأْسَ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا فِي غَيْرِ التَّوَابِيتِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ وَجَدَ طَرِيقًا فِي الْمَقْبَرَةِ يَتَحَرَّى فَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ هَذَا طَرِيقٌ أَحْدَثُوهُ عَلَى الْقُبُورِ لَا يَمْشِي فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِهِ ذَلِكَ يَمْشِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَصْعَدَ فِي الْمَقَابِرِ وَالْوَبَرِيُّ كَانَ يُوَسِّعُ فِي ذَلِكَ وَيَقُولُ سُقُوفُهَا بِمَنْزِلَةِ سُقُوفِ الدَّارِ فَلَا بَأْسَ بِالصُّعُودِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَيُكْرَهُ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَأَنْ أَطَأَ عَلَى جَمْرٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ عَلَى قَبْرٍ. قَالَ عَلَاءٌ التَّرْجُمَانِيُّ يَأْثَمُ بِوَطْءِ الْقُبُورِ لِأَنَّ سَقْفَ الْقَبْرِ حَقُّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَعَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَخَّصَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْمَشْيَ عَلَى الْقُبُورِ وَقَالُوا يَمْشِي عَلَى سَقْفِ الْقَبْرِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَرْفَعَ سِتْرَ الْمَيِّتِ لِيَرَى وَجْهَهُ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الدَّفْنِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. دَفَنَ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ فَالْمَالِكُ إنْ شَاءَ نَبَشَ أَوْ تَرَكَ أَوْ سَوَّى الْقَبْرَ وَزَرَعَ فَوْقَهُ أَوْ ضَمَّنَ الْوَارِثَ قِيمَةَ الْحُفْرَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. حَامِلٌ أَتَى عَلَى حَمْلِهَا سَبْعَةُ أَشْهُرٍ وَكَانَ الْوَلَدُ يَتَحَرَّكُ فِي بَطْنِهَا مَاتَتْ فَدُفِنَتْ ثُمَّ رُئِيَتْ فِي الْمَنَامِ أَنَّهَا قَالَتْ وَلَدَتْ لَا يُنْبَشُ الْقَبْرُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. يُكْرَهُ اتِّخَاذُ الْمَقْبَرَةِ فِي السِّكَكِ وَالْأَسْوَاقِ وَلَوْ اتَّخَذَ كَاشَانَةً لِيَدْفِنَ فِيهَا مَوْتَى كَثِيرَةً يُكْرَهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْمَقَابِرِ يُكْرَهُ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَّخِذَ لِنَفْسِهِ تَابُوتًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي التَّابُوتِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَضْعُ الْوُرُودِ وَالرَّيَاحِينِ عَلَى الْقُبُورِ حَسَنٌ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ الْوَرْدِ كَانَ أَحْسَنَ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَإِخْرَاجُ الشُّمُوعِ إلَى رَأْسِ الْقُبُورِ فِي اللَّيَالِيِ الْأُوَلِ بِدْعَةٌ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. ثَوْبُ الْجِنَازَةِ تَخَرَّقَ بِحَيْثُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا كَانَ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ لَا يَجُوزُ لِلْمُتَوَلَّى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَلَكِنْ يَبِيعُهُ بِثَمَنٍ وَيَشْتَرِي بِهِ وَبِزِيَادَةِ مَالٍ ثَوْبًا آخَرَ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب السَّابِع عَشْر فِي الغناء وَاللَّهْو وَسَائِر الْمَعَاصِي وَالْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ] (الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْغِنَاءِ وَاللَّهْوِ وَسَائِرِ الْمَعَاصِي وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ) اخْتَلَفُوا فِي التَّغَنِّي الْمُجَرَّدِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَالِاسْتِمَاعُ إلَيْهِ مَعْصِيَةٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ سَمِعَ بَغْتَةً فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَغَنَّى لِيَسْتَفِيدَ بِهِ نَظْمَ الْقَوَافِي وَالْفَصَاحَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجُوزُ التَّغَنِّي لِدَفْعِ الْوَحْشَةِ إذَا كَانَ وَحْدَهُ وَلَا يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ اللَّهْوِ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَلَوْ كَانَ فِي الشَّعْرِ حِكَمٌ أَوْ عِبَرٌ أَوْ فِقْهٌ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْشَادُ مَا هُوَ مُبَاحٌ مِنْ الْأَشْعَارِ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِذَا كَانَ فِي الشِّعْرِ صِفَةُ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا وَهِيَ حَيَّةٌ يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً لَا يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً مُرْسَلَةً لَا يُكْرَهُ وَفِي النَّوَازِلِ. قِرَاءَةُ شِعْرِ الْأَدِيبِ إذَا كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الْفِسْقِ وَالْخَمْرِ وَالْغُلَامِ يُكْرَهُ وَالِاعْتِمَادُ فِي الْغُلَامِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا

فِي الْمَرْأَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قِيلَ إنَّ مَعْنَى الْكَرَاهَةِ فِي الشِّعْرِ أَنْ يَشْتَغِلَ الْإِنْسَانُ بِهِ فَيَشْغَلُهُ ذَلِكَ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ مِنْ قَصْدِهِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى عِلْمِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ الْحَلْوَانِيُّ عَمَّنْ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ بِالصُّوفِيَّةِ فَاخْتَصُّوا بِنَوْعِ لُبْسِهِ وَاشْتَغَلُوا بِاللَّهْوِ وَالرَّقْصِ وَادَّعَوْا لِأَنْفُسِهِمْ مَنْزِلَةً فَقَالَ: افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَسُئِلَ إنْ كَانُوا زَائِغِينَ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ هَلْ يُنْفَوْنَ مِنْ الْبِلَادِ لِقَطْعِ فِتْنَتِهِمْ عَنْ الْعَامَّةِ فَقَالَ إمَاطَةُ الْأَذَى أَبْلَغُ فِي الصِّيَانَةِ وَأَمْثَلُ فِي الدِّيَانَةِ وَتَمْيِيزُ الْخَبِيثِ مِنْ الطَّيِّبِ أَزْكَى وَأَوْلَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - السَّمَاعُ وَالْقَوْلُ وَالرَّقْصُ الَّذِي يَفْعَلُهُ الْمُتَصَوِّفَةُ فِي زَمَانِنَا حَرَامٌ لَا يَجُوزُ الْقَصْدُ إلَيْهِ وَالْجُلُوسُ عَلَيْهِ وَهُوَ وَالْغِنَاءُ وَالْمَزَامِيرُ سَوَاءٌ وَجَوَّزَهُ أَهْلُ التَّصَوُّفِ وَاحْتَجُّوا بِفِعْلِ الْمَشَايِخِ مِنْ قَبْلِهِمْ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ مَا يَفْعَلُونَهُ غَيْرُ مَا يَفْعَلُهُ هَؤُلَاءِ فَإِنَّ فِي زَمَانِهِمْ رُبَّمَا يُنْشِدُ وَاحِدٌ شِعْرًا فِيهِ مَعْنًى يُوَافِقُ أَحْوَالَهُمْ فَيُوَافِقُهُ وَمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ رَقِيقٌ إذَا سَمِعَ كَلِمَةً تُوَافِقُهُ عَلَى أَمْرٍ هُوَ فِيهِ رُبَّمَا يُغْشَى عَلَى عَقْلِهِ فَيَقُومُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ وَتَخْرُجُ حَرَكَاتٌ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَذَلِكَ مِمَّا لَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا مِمَّا لَا يُؤْخَذُ بِهِ وَلَا يُظَنُّ فِي الْمَشَايِخِ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مِثْلَ مَا يَفْعَلُ أَهْلُ زَمَانِنَا مِنْ أَهْلِ الْفِسْقِ وَاَلَّذِينَ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ وَإِنَّمَا يَتَمَسَّكُ بِأَفْعَالِ أَهْلِ الدِّينِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَسُئِلَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الدُّفِّ أَتَكْرَهُهُ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ بِأَنْ تَضْرِبَ الْمَرْأَةُ فِي غَيْرِ فِسْقٍ لِلصَّبِيِّ؟ قَالَ: لَا أَكْرَهُهُ. وَأَمَّا الَّذِي يَجِيءُ مِنْهُ اللَّعِبُ الْفَاحِشُ لِلْغِنَاءِ فَإِنِّي أَكْرَهُهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا بَأْسَ بِضَرْبِ الدُّفِّ يَوْمَ الْعِيدِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَا بَأْسَ بِالْمِزَاحِ بَعْدَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ الْإِنْسَانُ فِيهِ بِكَلَامٍ يَأْثَمُ بِهِ أَوْ يَقْصِدُ بِهِ إضْحَاكَ جُلَسَائِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْمُصَارَعَةُ بِدْعَةٌ وَهَلْ تَتَرَخَّصُ لِلشُّبَّانِ؟ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَتْ بِبِدْعَةٍ وَقَدْ جَاءَ الْأَثَرُ فِيهَا إلَّا أَنَّهُ يُنْظَرُ إنْ أَرَادَ بِهَا التَّلَهِّيَ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَيُمْنَعُ عَنْهُ وَإِنْ أَرَادَ تَحْصِيلَ الْقُوَّةِ لِيَقْدِرَ عَلَى الْمُقَاتَلَةِ مَعَ الْكَفَرَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُثَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَشُرْبِ الْمُثَلَّثِ إذَا أَرَادَ التَّطَرُّبَ وَالتَّلَهِّيَ يُمْنَعُ عَنْهُ وَيُزْجَرُ وَإِنْ كَانَ مُقَاتِلًا وَأَرَادَ بِهِ الْقُوَّةَ وَالْقُدْرَةَ عَلَيْهَا جَازَ ذَلِكَ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ مَلِكُ الْمُلُوكِ اللَّعِبُ الَّذِي يَلْعَبُ الشُّبَّانُ أَيَّامَ الصَّيْفِ بِالْبِطِّيخِ بِأَنْ يَضْرِبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مُبَاحٌ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى فِي الْبَابِ السَّادِسِ. وَيُكْرَهُ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَكُلُّ لَهْوٍ مَا سِوَى الشِّطْرَنْجِ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا الشِّطْرَنْجُ فَاللَّعِبُ بِهِ حَرَامٌ عِنْدَنَا وَاَلَّذِي يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ هَلْ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ وَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَإِنْ قَامَرَ بِهِ سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ وَلَمْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُقَامِرْ لَمْ تَسْقُطْ عَدَالَتُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَمْ يَرَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ تَعَالَى بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ بَأْسًا وَكَرِهَ ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمِهِمَا اللَّهُ تَعَالَى تَحْقِيرًا لَهُمْ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَالْكَذِبُ مَحْظُورٌ إلَّا فِي الْقِتَالِ لِلْخُدْعَةِ وَفِي الصُّلْحِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَفِي إرْضَاءِ الْأَهْلِ وَفِي دَفْعِ الظَّالِمِ عَنْ الظُّلْمِ، وَيُكْرَهُ التَّعْرِيضُ بِالْكَذِبِ إلَّا لِحَاجَةٍ كَقَوْلِك لِرَجُلٍ كُلْ فَيَقُولُ أَكَلْت يَعْنِي أَمْسِ فَإِنَّهُ كَذِبٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَعَزَمَ عَلَيْهَا وَأَصَرَّ أَثِمَ بِهَا كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيفُ أَوَّلًا بِاللُّطْفِ وَالرِّفْقِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الْمَوْعِظَةِ وَالنَّصِيحَةِ ثُمَّ التَّعْنِيفِ بِالْقَوْلِ لَا بِالسَّبِّ وَالْفُحْشِ ثُمَّ بِالْيَدِ كَإِرَاقَةِ الْخَمْرِ وَإِتْلَافِ الْمَعَازِفِ ذَكَرَ الْفَقِيهُ فِي كِتَابِ الْبُسْتَانِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى وُجُوهٍ إنْ كَانَ يَعْلَمُ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ يَقْبَلُونَ ذَلِكَ مِنْهُ وَيُمْنَعُونَ عَنْ الْمُنْكَرِ فَالْأَمْرُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَلَا يَسَعُهُ تَرْكُهُ وَلَوْ عَلِمَ بِأَكْبَرِ

رَأْيِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ قَذَفُوهُ وَشَتَمُوهُ فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَضْرِبُونَهُ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى ذَلِكَ وَيَقَعُ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ وَيَهِيجُ مِنْهُ الْقِتَالُ فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَوْ ضَرَبُوهُ صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَشْكُو إلَى أَحَدٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُجَاهِدٌ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ مِنْهُ وَلَا يَخَافُ مِنْهُ ضَرْبًا وَلَا شَتْمًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَالْأَمْرُ أَفْضَلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اسْتَقْبَلَهُ الْآمِرُ بِالْمَعْرُوفِ وَخَشِيَ أَنْ لَوْ أَقْدَمَ عَلَيْهِ قُتِلَ فَإِنْ أَقْدَمَ عَلَيْهِ وَقُتِلَ يَكُونُ شَهِيدًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيُقَالُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ بِالْيَدِ عَلَى الْأُمَرَاءِ وَبِاللِّسَانِ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَبِالْقَلْبِ لِعَوَامِّ النَّاسِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الزندويستي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ يَحْتَاجُ إلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ، أَوَّلُهَا: الْعِلْمُ لِأَنَّ الْجَاهِلَ لَا يُحْسِنُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَقْصِدَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِعْلَاءَ كَلِمَتِهِ الْعُلْيَا. وَالثَّالِثُ: الشَّفَقَةُ عَلَى الْمَأْمُورِ فَيَأْمُرُهُ بِاللِّينِ وَالشَّفَقَةِ. وَالرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ صَبُورًا حَلِيمًا. وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ عَامِلًا بِمَا يَأْمُرُهُ كَيْ لَا يَدْخُلَ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2] وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ مِنْ الْعَوَامّ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ لِلْقَاضِي وَالْمُفْتِي وَالْعَالِمِ الَّذِي اشْتَهَرَ لِأَنَّهُ إسَاءَةٌ فِي الْأَدَبِ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ بِهِ ضَرَرُهُ فِي ذَلِكَ وَالْعَامِّيُّ لَا يَفْهَمُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. رَجُلٌ رَأَى مُنْكَرًا وَهَذَا الرَّائِي مِمَّنْ يَرْتَكِبُ هَذَا الْمُنْكَرَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْهَى عَنْهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ تَرْكُ الْمُنْكَرِ وَالنَّهْيُ عَنْهُ فَبِتَرْكِ أَحَدِهِمَا لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْآخَرُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَهَكَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَالْمُحِيطِ. رَجُلٌ عَلِمَ أَنَّ فُلَانًا يَتَعَاطَى مِنْ الْمُنْكَرِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَى أَبِيهِ بِذَلِكَ قَالُوا إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَتَبَ إلَى أَبِيهِ يَمْنَعُهُ الْأَبُ عَنْ ذَلِكَ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ أَبَاهُ لَوْ أَرَادَ مَنْعَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَكْتُبُ وَكَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَبَيْنَ السُّلْطَانِ وَالرَّعِيَّةِ وَالْحَشَمِ إنَّمَا يَجِبُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ يَسْتَمِعُونَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَأْمُرَ وَلَدَهُ بِشَيْءٍ وَيُخَافُ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ لَا يَمْتَثِلُ أَمْرَهُ يَقُولُ لَهُ (خوب آيداي بُسْرًا كراين كاركني يانكني) وَلَا يَأْمُرُهُ حَتَّى لَا يَلْحَقَهُ عُقُوبَةُ الْعُقُوقِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ أَتَى بِفَاحِشَةٍ ثُمَّ تَابَ وَأَنَابَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْبِرَ الْإِمَامَ بِمَا صَنَعَ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ لِأَنَّ السِّتْرَ مَنْدُوبٌ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ يَرَى رَجُلًا يَسْرِقُ مَالَ إنْسَانٍ قَالَ إنْ كَانَ لَا يَخَافُ الظُّلْمَ مِنْهُ يُخْبِرُهُ وَإِنْ كَانَ خَافَ سَكَتَ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. رَجُلٌ أَظْهَرَ الْفِسْقَ فِي دَارِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ إبْلَاءً لِلْعُذْرِ فَإِنْ كَفَّ عَنْهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُفَّ عَنْهُ فَالْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ حَبَسَهُ وَإِنْ شَاءَ زَجَرَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدَّبَهُ أَسْوَاطًا وَإِنْ شَاءَ أَزْعَجَهُ عَنْ دَارِهِ وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَحْرَقَ بَيْتَ الْخَمَّارِ وَعَنْ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ الصَّفَّارِ أَنَّهُ أَمَرَ بِتَخْرِيبِ دَارِ الْفَاسِقِ بِسَبَبِ الْفِسْقِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ أَنَّهُ يَكْسِرُ دِنَانَ الْخَمْرِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَلْقَى فِيهَا الْمِلْحَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْكَاسِرِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْرِقْ الزِّقَّ إذَا كَانَ فِيهِ خَمْرٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ نَصْرَانِيٍّ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ إذَا أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَإِنْ كَانَ غَالِبُ رَأْيِهِ أَنَّهُ يَقْتُلُ إذَا كَانَ فِي غَالِبِ رَأْيِهِ أَنَّهُ يَنْكِي فِيهِمْ نِكَايَةً بِقَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ هَزِيمَةٍ وَإِنْ كَانَ غَالِبُ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَا يَنْكِي فِيهِمْ أَصْلًا لَا بِقَتْلٍ وَلَا بِجُرْحٍ وَلَا هَزِيمَةٍ وَيُقْتَلُ هُوَ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ وَحْدَهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُبَاحَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَنْهَى قَوْمًا مِنْ فُسَّاقِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ مُنْكَرٍ وَكَانَ مِنْ

الباب الثامن عشر في التداوي والمعالجات

غَالِبِ رَأْيِهِ أَنَّهُ يُقْتَلُ لِأَجْلِهِ وَلَا يَنْكِي فِيهِمْ نِكَايَةً بِضَرْبٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعَزِيمَةُ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَرَخَّصَ بِالسُّكُوتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَا بَأْسَ بِتَعْلِيقِ الْأَجْرَاسِ عَلَى عُنُقِ الْفَرَسِ وَالثَّوْرِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهَةِ تَعْلِيقِ الْجَرَسِ عَلَى الدَّوَابِّ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِكَرَاهَتِهِ فِي الْأَسْفَارِ كُلِّهَا الْغَزْوُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ فِي الْحَضَرِ كَمَا يَقُولُ بِكَرَاهَتِهِ فِي السَّفَرِ وَيَقُولُ أَيْضًا بِكَرَاهَةِ اتِّخَاذِ الْجَلَاجِلِ فِي رِجْلِ الصَّغِيرِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إنَّمَا يُكْرَهُ اتِّخَاذُ الْجَرَسِ لِلْغُزَاةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْجَرَسِ عَلَى الدَّوَابِّ إنَّمَا يُكْرَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ الْعَدُوَّ يَشْعُرُ بِمَكَانِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ قِلَّةٌ يَتَبَادَرُونَ إلَيْهِمْ فَيَقْتُلُونَهُمْ وَإِنْ كَانَ بِهِمْ كَثْرَةٌ فَالْكُفَّارُ يَتَحَرَّزُونَ عَنْهُمْ وَيَتَحَصَّنُونَ فَعَلَى هَذَا قَالُوا إذَا كَانَ الرَّكْبُ فِي الْمَفَازَةِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يَخَافُونَ مِنْ اللُّصُوصِ يُكْرَهُ لَهُمْ تَعْلِيقُ الْجَرَسِ عَلَى الدَّوَابِّ أَيْضًا حَتَّى لَا يَشْعُرَ بِهِمْ اللُّصُوصُ فَلَا يَسْتَعِدُّونَ لِقَتْلِهِمْ وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الْجَوَابِ فِي الْجَرَسِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْجَلَاجِلِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السَّيْرِ فَأَمَّا مَا كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِصَاحِبِ الرَّاحِلَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ وَفِي الْجَرَسِ مَنْفَعَةٌ جَمَّةٌ مِنْهَا إذَا ضَلَّ وَاحِدٌ مِنْ الْقَافِلَةِ يَلْحَقُ بِهَا بِصَوْتِ الْجَرَسِ وَمِنْهَا أَنَّ صَوْتَ الْجَرَسِ يُبْعِدُ هَوَامَّ اللَّيْلِ عَنْ الْقَافِلَةِ كَالذِّئْبِ وَغَيْرِهِ وَمِنْهَا أَنَّ صَوْتَ الْجَرَسِ يَزِيدُ فِي نَشَاطِ الدَّوَابِّ فَهُوَ نَظِيرُ الْحِدَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمُحْتَسِبُ إذَا نَهَى قَطَّانًا عَنْ وَضْعِ الْقُطْنِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَلَمْ يَمْتَنِعْ فَأَوْقَدَ الْمُحْتَسِبُ النَّارَ فِي قُطْنِهِ وَأَحْرَقَهُ يَضْمَنُ إلَّا إذَا عَلِمَ فَسَادًا فِي ذَلِكَ وَرَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي إحْرَاقِهِ فَلَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي التَّدَاوِي وَالْمُعَالَجَاتِ] (الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي التَّدَاوِي وَالْمُعَالَجَاتِ وَفِيهِ الْعَزْلُ وَإِسْقَاطُ الْوَلَدِ) الِاشْتِغَالُ بِالتَّدَاوِي لَا بَأْسَ بِهِ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الشَّافِيَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَّهُ جَعَلَ الدَّوَاءَ سَبَبًا أَمَّا إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الشَّافِيَ هُوَ الدَّوَاءُ فَلَا. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا بَأْسَ بِالتَّدَاوِي بِالْعَظْمِ إذَا كَانَ عَظْمُ شَاةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ بَعِيرٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الدَّوَابِّ إلَّا عَظْمَ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ التَّدَاوِي بِهِمَا فَقَدْ جَوَّزَ التَّدَاوِي بِعَظْمِ مَا سِوَى الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَمَا إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ ذَكِيًّا أَوْ مَيِّتًا وَبَيْنَمَا إذَا كَانَ الْعَظْمُ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ ذَكِيًّا لِأَنَّ عَظْمَهُ طَاهِرٌ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعَاتِ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا فَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ مَيِّتًا فَإِنَّمَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِعَظْمِهِ إذَا كَانَ يَابِسًا وَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ إذَا كَانَ رَطْبًا وَأَمَّا عَظْمُ الْكَلْبِ فَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ هَكَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الِانْتِفَاعُ بِأَجْزَاءِ الْآدَمِيِّ لَمْ يَجُزْ قِيلَ لِلنَّجَاسَةِ وَقِيلَ لِلْكَرَامَةِ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُنْتَفَعُ مِنْ الْخِنْزِيرِ بِجِلْدِهِ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا الشَّعْرُ لِلْأَسَاكِفَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُكْرَهُ الِانْتِفَاعُ أَيْضًا بِالشَّعْرِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَظْهَرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ بِرَجُلٍ جِرَاحَةٌ يُكْرَهُ الْمُعَالَجَةُ بِعَظْمِ الْخِنْزِيرَ وَالْإِنْسَانِ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَذَا فِي الْكُبْرَى وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ظَهَرَ بِهِ دَاءٌ فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ قَدْ غَلَبَ عَلَيْك الدَّمُ فَأَخْرِجْهُ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَ لَا يَكُونُ

آثِمًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّ شِفَاءَهُ فِيهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتُسْتَحَبُّ الْحِجَامَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَا يَنْبَغِي لِلْحَامِلِ أَنْ تَحْتَجِمَ وَلَا تَفْتَصِدَ مَا لَمْ يَتَحَرَّكْ الْوَلَدُ فَإِذَا تَحَرَّكَ جَازَ مَا لَمْ تَقْرُبْ الْوِلَادَةُ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَلَدِ إلَّا إذَا لَحِقَهَا بِتَرْكِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. امْرَأَةٌ أَتَى عَلَى حَمْلِهَا شَهْرٌ فَأَرَادَتْ إلْقَاءَ الْعَلَقِ عَلَى الظَّهْرِ لِأَجْلِ الدَّمِ تَسْأَلُ أَهْلَ الطِّبِّ فَإِنْ قَالُوا يَضُرُّ بِالْحَمْلِ لَا تَفْعَلُ كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَإِنْ شَرِبَتْ الْمَرْأَةُ دَوَاءً لِتَصِحَّ نَفْسَهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَهُوَ أَوْلَى وَإِنْ سَقَطَ الْوَلَدُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. الْحِجَامَةُ بَعْدَ نِصْفِ الشَّهْرِ يَوْمَ السَّبْتِ حَسَنٌ نَافِعٌ جِدًّا وَيُكْرَهُ قَبْلَ نِصْفِ الشَّهْرِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. مَرِضَ أَوْ رَمِدَ فَلَمْ يُعَالِجْ حَتَّى مَاتَ لَا يَأْثَمُ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَالرَّجُلُ إذَا اسْتَطْلَقَ بَطْنَهُ أَوْ رَمِدَتْ عَيْنَاهُ فَلَمْ يُعَالِجْ حَتَّى أَضْعَفَهُ ذَلِكَ وَأَضْنَاهُ وَمَاتَ مِنْهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَمَا إذَا جَاعَ وَلَمْ يَأْكُلْ مَعَ الْقُدْرَةِ حَتَّى مَاتَ حَيْثُ يَأْثَمُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَكْلَ مِقْدَارُ قُوتِهِ مُشْبِعٌ بِيَقِينٍ فَكَانَ تَرْكُهُ إهْلَاكًا وَلَا كَذَلِكَ الْمُعَالَجَةُ وَالتَّدَاوِي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَتُكْرَهُ أَلْبَانُ الْأَتَانِ لِلْمَرِيضِ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ لُحُومُهَا وَكَذَلِكَ التَّدَاوِي بِكُلِّ حَرَامٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَتُكْرَهُ أَبْوَالُ الْإِبِلِ وَلَحْمُ الْفَرَسِ وَقَالَا لَا بَأْسَ بِأَبْوَالِ الْإِبِلِ وَلَحْمِ الْفَرَسِ لِلتَّدَاوِي كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ اعْلَمْ بِأَنَّ الْأَسْبَابَ الْمُزِيلَةَ لِلضَّرَرِ تَنْقَسِمُ إلَى مَقْطُوعٍ بِهِ كَالْمَاءِ الْمُزِيلِ لِضَرَرِ الْعَطَشِ وَالْخُبْزِ الْمُزِيلِ لِضَرَرِ الْجُوعِ وَإِلَى مَظْنُونٍ كَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَشُرْبِ الْمُسْهِلِ وَسَائِرِ أَبْوَابِ الطِّبِّ أَعْنِي مُعَالَجَةَ الْبُرُودَةِ بِالْحَرَارَةِ وَمُعَالَجَةَ الْحَرَارَةِ بِالْبُرُودَةِ وَهِيَ الْأَسْبَابُ الظَّاهِرَةُ فِي الطِّبِّ وَإِلَى مَوْهُومٍ كَالْكَيِّ وَالرُّقْيَةِ أَمَّا الْمَقْطُوعُ بِهِ فَلَيْسَ تَرْكُهُ مِنْ التَّوَكُّلِ بَلْ تَرْكُهُ حَرَامٌ عِنْدَ خَوْفِ الْمَوْتِ وَأَمَّا الْمَوْهُومُ فَشَرْطُ التَّوَكُّلِ تَرْكُهُ إذْ بِهِ وَصَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ - الْمُتَوَكِّلِينَ وَأَمَّا الدَّرَجَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ وَهِيَ الْمَظْنُونَةُ كَالْمُدَاوَاةِ بِالْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ فَفِعْلُهُ لَيْسَ مُنَاقِضًا لِلتَّوَكُّلِ بِخِلَافِ الْمَوْهُومِ وَتَرْكُهُ لَيْسَ مَحْظُورًا بِخِلَافِ الْمَقْطُوعِ بِهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ فِعْلِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَفِي حَقِّ بَعْضِ الْأَشْخَاصِ فَهُوَ عَلَى دَرَجَةٍ بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُسْعَطَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ الْمَرْأَةِ وَيَشْرَبَهُ لِلدَّوَاءِ وَفِي شُرْبِ لَبَنِ الْمَرْأَةِ لِلْبَالِغِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ اخْتِلَافُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ أَنَّ مَرِيضًا أَشَارَ إلَيْهِ الطَّبِيبُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ أَنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ يَصِحُّ حَلَّ لَهُ التَّنَاوُلُ وَقَالَ الْفَقِيهُ عَبْدُ الْمَلِكِ حَاكِيًا عَنْ أُسْتَاذِهِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ التَّنَاوُلُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُدَاوِيَ بِالْخَمْرِ جُرْحًا أَوْ دُبُرَ دَابَّةٍ وَلَا أَنْ يَسْقِيَ ذِمِّيًّا وَلَا أَنْ يَسْقِيَ صَبِيًّا لِلتَّدَاوِي وَالْوَبَالُ عَلَى مَنْ سَقَاهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. يَجُوزُ لِلْعَلِيلِ شُرْبُ الدَّمِ وَالْبَوْلِ وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ لِلتَّدَاوِي إذَا أَخْبَرَهُ طَبِيبٌ مُسْلِمٌ أَنَّ شِفَاءَهُ فِيهِ وَلَمْ يَجِدْ مِنْ الْمُبَاحِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَإِنْ قَالَ الطَّبِيبُ يَتَعَجَّلُ شِفَاؤُك فِيهِ وَجْهَانِ. هَلْ يَجُوزُ شُرْبُ الْقَلِيلِ مِنْ الْخَمْرِ لِلتَّدَاوِي؟ إذَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهِ وَجْهَانِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ قَالَ لَهُ الطَّبِيبُ الْحَاذِقُ عِلَّتُك لَا تَنْدَفِعُ إلَّا بِأَكْلِ الْقُنْفُذِ أَوْ الْحَيَّةِ أَوْ دَوَاءٍ يُجْعَلُ فِيهِ الْحَيَّةَ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَأَكْلُ التِّرْيَاقِ يُكْرَهُ إذَا كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْحَيَّاتِ وَإِنْ بَاعَ ذَلِكَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِيهِ شَيْئًا مِنْ الْحَيَّاتِ لَا بَأْسَ بِشُرْبِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَأَكْلُ خَرْءِ الْحَمَامِ لِلدَّوَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. مَضْغُ الْعِلْكِ لِلنِّسَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ بِلَا خِلَافٍ وَاخْتُلِفَ فِي مَضْغِهِ لِلرِّجَالِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا إذَا كَانَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَسُئِلَ أَبُو مُطِيعٍ عَنْ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَبْقَبَةَ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ

تَلْتَمِسُ السِّمَنَ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ تَأْكُلْ فَوْقَ الشِّبَعِ وَإِذَا أَكَلَتْ فَوْقَ الشِّبَعِ لَا يَحِلُّ لَهَا كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَالْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ تُسْمِنُ نَفْسَهَا لِزَوْجِهَا لَا بَأْسَ بِهِ وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. أَدْخَلَ الْمَرَارَةَ فِي أُصْبُعِهِ لِلتَّدَاوِي قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. الْعَجِينُ إذَا وُضِعَ عَلَى الْجُرْحِ إنْ عَرَفَ أَنَّ فِيهِ شِفَاءً لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَا بَأْسَ بِكَيِّ الصِّبْيَانِ إذَا كَانَ لِدَاءٍ أَصَابَهُمْ وَكَذَا لَا بَأْسَ بِكَيِّ الْبَهَائِمِ لِلْعَلَامَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُكْرَهُ الْكَيُّ فِي الْوَجْهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَاخْتُلِفَ فِي الِاسْتِرْقَاءِ بِالْقُرْآنِ نَحْوَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمَلْدُوغِ أَوْ يُكْتَبَ فِي وَرَقٍ وَيُعَلَّقَ أَوْ يُكْتَبَ فِي طَسْتٍ فَيُغْسَلَ وَيُسْقَى الْمَرِيضَ فَأَبَاحَهُ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو قِلَابَةَ وَكَرِهَهُ النَّخَعِيّ وَالْبَصْرِيُّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْمَشَاهِيرِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَاَلَّذِي رَعَفَ فَلَا يُرْقَأُ دَمُهُ فَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بِدَمِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ يَجُوزُ. وَكَذَا لَوْ كَتَبَ عَلَى جِلْدِ مَيْتَةٍ إذَا كَانَ فِيهِ شِفَاءٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا بَأْسَ بِتَعْلِيقِ التَّعْوِيذِ وَلَكِنْ يَنْزِعُهُ عِنْدَ الْخَلَاءِ وَالْقُرْبَانِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. قَالَ إنْ أَرَادَتْ امْرَأَةٌ أَنْ تَضَعَ التَّعْوِيذَ لِيُحِبَّهَا زَوْجُهَا بَعْدَمَا كَانَ يَبْغُضُهَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَوْ وُلِدَ وَلَدٌ يُكْرَهُ أَنْ يُلْطَخَ رَأْسُهُ بِدَمِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. قَالَ شِهَابُ الدِّينِ الْآدَمِيُّ لَا بَأْسَ بِإِحْرَاقِ الْغُثَاءِ الْمُلْتَقَطِ مِنْ الطَّرِيقِ وَإِدَارَتِهِ حَوْلَ مَنْ أَصَابَتْهُ الْعَيْنُ وَنَظِيرُهُ صَبُّ الشَّمْعِ فَوْقَ الصَّبِيِّ الْخَائِفِ قَالَ الشَّيْخُ اللَّبَّادِي إنَّمَا يُبَاحُ إذَا لَمْ يَرَ الشِّفَاءَ مِنْهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. لَا بَأْسَ بِوَضْعِ الْجَمَاجِمِ فِي الزُّرُوعِ وَالْمَبْطَخَةِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْعَيْنِ عُرِفَ ذَلِكَ بِالْآثَارِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. كِتَابَةُ الرِّقَاعِ وَإِلْزَاقُهَا عَلَى الْأَبْوَابِ أَيَّامَ النَّيْرُوزِ لِأَجْلِ الْهَوَامِّ مَكْرُوهٌ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. يُكْرَهُ كِتَابَةُ الرِّقَاعِ فِي أَيَّامِ النَّيْرُوزِ وَإِلْصَاقُهَا بِالْأَبْوَابِ حَرَامٌ لِأَنَّ فِيهَا إهَانَةَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّشَبُّهَ بِالْمُنَجِّمِينَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا أَحْرَقَ الطِّيبَ أَوْ غَيْرَهُ أَفْتَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا فِعْلُ الْعَوَامّ الْجُهَّالِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَجُلٌ عَزَلَ عَنْ امْرَأَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا لِمَا يَخَافُ مِنْ الْوَلَدِ السُّوءِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَظَاهِرُ جَوَابِ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَسْعَهُ وَذَكَرَ هُنَا يَسَعُهُ لِسُوءِ هَذَا الزَّمَانِ كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَلَهُ مَنْعُ امْرَأَتِهِ مِنْ الْعَزْلِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِنْ أَسْقَطَتْ بَعْدَ مَا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْعِلَاجُ لِإِسْقَاطِ الْوَلَدِ إذَا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ كَالشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَنَحْوِهِمَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَبِينِ الْخَلْقِ يَجُوزُ وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا يَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَفِي الْيَتِيمَةِ سَأَلْت عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ عَنْ إسْقَاطِ الْوَلَدِ قَبْلَ أَنْ يُصَوَّرَ فَقَالَ أَمَّا فِي الْحُرَّةِ فَلَا يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَمَّا فِي الْأَمَةِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْمَنْعُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْضِعَةِ دَفْعُ لَبَنِهَا لِلتَّدَاوِي إنْ أَضَرَّ بِالصَّبِيِّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. امْرَأَةٌ مُرْضِعَةٌ ظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ وَانْقَطَعَ لَبَنُهَا وَتَخَافُ عَلَى وَلَدِهَا الْهَلَاكَ وَلَيْسَ لِأَبِي هَذَا الْوَلَدِ سَعَةٌ حَتَّى يَسْتَأْجِرَ الظِّئْرَ يُبَاحُ لَهَا أَنْ تُعَالِجَ فِي اسْتِنْزَالِ الدَّمِ مَا دَامَ نُطْفَةً أَوْ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً لَمْ يُخْلَقْ لَهُ عُضْوٌ وَخَلْقُهُ لَا يَسْتَبِينُ إلَّا بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا أَرْبَعُونَ نُطْفَةً وَأَرْبَعُونَ عَلَقَةً وَأَرْبَعُونَ مُضْغَةً كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الباب التاسع عشر في الختان والخصاء وحلق المرأة شعرها ووصلها شعر غيرها

[الْبَاب التَّاسِع عَشْر فِي الْخِتَان وَالْخِصَاء وَحَلَقَ الْمَرْأَة شَعَرهَا ووصلها شعر غَيْرهَا] (الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْخِتَانِ وَالْخِصَاءِ وَقَلْمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ وَحَلْقِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا وَوَصْلِهَا شَعْرَ غَيْرِهَا) وَاخْتَلَفُوا فِي الْخِتَانِ قِيلَ إنَّهُ سُنَّةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. ابْتِدَاءُ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبُّ لِلْخِتَانِ مِنْ سَبْعِ سِنِينَ إلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ وَقْتِ الْوِلَادَةِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي خِتَانِ النِّسَاءِ ذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ سُنَّةٌ هَكَذَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ أَنَّ خِتَانَ النِّسَاءِ مَكْرُمَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. غُلَامٌ خُتِنَ فَلَمْ تُقْطَعْ الْجِلْدَةُ كُلُّهَا فَإِنْ قُطِعَ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ يَكُونُ خِتَانًا وَإِنْ كَانَ نِصْفًا أَوْ دُونَهُ فَلَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي صَلَاةِ النَّوَازِلِ الصَّبِيُّ إذَا لَمْ يُخْتَنْ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَمُدَّ جِلْدَتَهُ لِتُقْطَعَ إلَّا بِتَشْدِيدٍ وَحَشَفَتُهُ ظَاهِرَةٌ إذَا رَآهُ إنْسَانٌ يَرَاهُ كَأَنَّهُ خُتِنَ يَنْظُرُ إلَيْهِ الثِّقَاتُ وَأَهْلُ الْبَصَرِ مِنْ الْحَجَّامِينَ فَإِنْ قَالُوا هُوَ عَلَى خِلَافِ مَا يُمْكِنُ الِاخْتِتَانُ فَإِنَّهُ لَا يُشَدَّدُ عَلَيْهِ وَيُتْرَكُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الشَّيْخُ الضَّعِيفُ إذَا أَسْلَمَ وَلَا يُطِيقُ الْخِتَانَ إنْ قَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ لَا يُطِيقُ يُتْرَكُ لِأَنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ بِالْعُذْرِ جَائِزٌ فَتَرْكُ السُّنَّةِ أَوْلَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قِيلَ فِي خِتَانِ الْكَبِيرِ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَخْتِنَ نَفْسَهُ فَعَلَ وَإِلَّا لَمْ يَفْعَلْ إلَّا أَنْ يُمْكِنَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَوْ يَشْتَرِيَ خِتَانَةً فَتَخْتِنُهُ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَيَخْتِنُهُ الْحَمَّامِيُّ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. اخْتَتَنَ الصَّبِيُّ ثُمَّ طَالَتْ جِلْدَتُهُ إنْ صَارَ بِحَالٍ تَسْتُرُ حَشَفَتَهُ يُقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلِلْأَبِ أَنْ يَخْتِنَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ وَيَحْجُمَهُ وَيُدَاوِيَهُ وَكَذَا وَصِيُّ الْأَبِ وَلَيْسَ لِوَصِيِّ الْخَالِ وَالْعَمِّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي عِيَالِهِ فَإِنْ مَاتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ إنْ فَعَلَتْ الْأُمُّ ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ لَيْسَ لِوَصِيِّ الْعَمِّ وَالْخَالِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي حِجْرِهِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَالْجَدُّ وَوَصِيُّ الْجَدِّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِوَصِيِّ الْأُمِّ وَإِنْ كَانَ فِي حِجْرِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْمُلْتَقَطِ. إذَا حَجَمَهُ أَوْ خَتَنَهُ أَوْ رَبَطَ قُرْحَتَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلِيٍّ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَا بَأْسَ بِثَقْبِ آذَانِ النِّسْوَانِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا بَأْسَ بِثَقْبِ آذَانِ الْأَطْفَالِ مِنْ الْبَنَاتِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ كَذَا فِي الْكُبْرَى. خِصَاءُ بَنِي آدَمَ حَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ وَأَمَّا خِصَاءُ الْفَرَسِ فَقَدْ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ حَرَامٌ وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْبَهَائِمِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ فَهُوَ حَرَامٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. خِصَاءُ السِّنَّوْرِ إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَفِي رَوْضِهِ الزندويستي أَنَّ السُّنَّةَ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ إمَّا الْفَرْقُ وَإِمَّا الْحَلْقُ وَذَكَرَ الطَّحْطَاوِيُّ الْحَلْقُ سُنَّةٌ وَنُسِبَ ذَلِكَ إلَى الْعُلَمَاءِ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. يُسْتَحَبُّ حَلْقُ الرَّأْسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَلَا بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَحْلِقَ وَسَطَ رَأْسِهِ وَيُرْسِلَ شَعْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْتِلَهُ وَإِنْ فَتَلَهُ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُشَابِهًا بِبَعْضِ الْكَفَرَةِ وَالْمَجُوس فِي دِيَارِنَا يُرْسِلُونَ الشَّعْرَ مِنْ غَيْرِ فَتْلٍ وَلَكِنْ لَا يَحْلِقُونَ وَسَطَ الرَّأْسِ بَلْ يَجُزُّونَ النَّاصِيَةَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيَجُوزُ حَلْقُ الرَّأْسِ وَتَرْكُ الْفَوْدَيْنِ إنْ أَرْسَلَهُمَا وَإِنْ شَدَّهُمَا عَلَى الرَّأْسِ فَلَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. يُكْرَهُ الْقَزَعُ وَهُوَ أَنْ يَحْلِقَ الْبَعْضَ وَيَتْرُكَ الْبَعْضَ قَطْعًا مِقْدَارَ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُكْرَهُ أَنْ يَحْلِقَ قَفَاهُ إلَّا عِنْدَ الْحِجَامَةِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَقَلْمُ الْأَظْفَارِ سُنَّةٌ إلَّا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّ تَرْكَهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْأَفْضَلُ أَنْ يُقَلِّمَ أَظْفَارَهُ وَيُحْفِيَ شَارِبَهُ وَيَحْلِقَ عَانَتَهُ وَيُنَظِّفَ بَدَنَهُ بِالِاغْتِسَالِ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفِي كُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا يُعْذَرُ فِي تَرْكِهِ وَرَاءَ الْأَرْبَعِينَ فَالْأُسْبُوعُ هُوَ الْأَفْضَلُ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ الْأَوْسَطُ وَالْأَرْبَعُونَ

الْأَبْعَدُ وَلَا عُذْرَ فِيمَا وَرَاءَ الْأَرْبَعِينَ وَيَسْتَحِقُّ الْوَعِيدَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي الْإِبْطِ يَجُوزُ الْحَلْقُ وَالنَّتْفُ أَوْلَى وَيَبْتَدِئُ فِي حَلْقِ الْعَانَةِ مِنْ تَحْتِ السُّرَّةِ وَلَوْ عَالَجَ بِالنُّورَةِ فِي الْعَانَةِ يَجُوزُ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. فِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ حَلْقُ عَانَتِهِ بِيَدِهِ وَحَلْقُ الْحَجَّامِ جَائِزٌ إنْ غَضَّ بَصَرَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ وَقَّتَ لِقَلْمِ أَظَافِيرِهِ أَوْ لِحَلْقِ رَأْسِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالُوا إنْ كَانَ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَأَخَّرَهُ إلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ تَأْخِيرًا فَاحِشًا كَانَ مَكْرُوهًا لِأَنَّ مَنْ كَانَ ظُفْرُهُ طَوِيلًا يَكُونُ رِزْقُهُ ضَيِّقًا وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْحَدَّ وَإِنْ أَخَّرَهُ تَبَرُّكًا بِالْإِخْبَارِ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ قَصِّ الْأَظَافِيرِ مِنْ الْيَدِ الْيُمْنَى وَكَذَا الِانْتِهَاءُ بِهَا فَيَبْدَأُ بِسَبَّابَةِ الْيَدِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمُ بِإِبْهَامِهَا وَفِي الرِّجْلِ يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى. حُكِيَ أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ سَأَلَ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَصِّ الْأَظَافِيرِ فِي اللَّيْلِ فَقَالَ يَنْبَغِي فَقَالَ مَا الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْخَيْرُ لَا يُؤَخَّرُ» كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. فَإِذَا قَلَّمَ أَطِّفَارَهُ أَوْ جَزَّ شَعْرَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَدْفِنَ ذَلِكَ الظُّفْرَ وَالشَّعْرَ الْمَجْزُوزَ فَإِنْ رَمَى بِهِ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي الْكَنِيفِ أَوْ فِي الْمُغْتَسَلِ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ يُورَثُ دَاءً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. يَدْفِنُ أَرْبَعَةً الظُّفْرَ وَالشَّعْرَ وَخِرْقَةَ الْحَيْضِ وَالدَّمَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. حَلَقَ شَعْرَهُ وَهُوَ مَمْلُوءٌ قَمْلًا يَدْفِنُهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيَأْخُذُ مِنْ شَارِبِهِ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْحَاجِبِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَتْرُكُ سِبَالَيْهِ هُمَا أَطْرَافُ الشَّوَارِبِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ أَنَّ قَصَّ الشَّارِبِ حَسَنٌ، وَتَقْصِيرُهُ أَنْ يُؤْخَذَ حَتَّى يَنْقُصَ مِنْ الْإِطَارِ وَهُوَ الطَّرَفُ الْأَعْلَى مِنْ الشَّفَةِ الْعُلْيَا قَالَ وَالْحَلْقُ سُنَّةٌ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ الْقَصِّ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبِيهِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالُوا لَا بُدَّ عَنْ طُولِ الشَّارِبِ لِلْغُزَاةِ لِيَكُونَ أَهِيبَ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَا بَأْسَ إذَا طَالَتْ لِحْيَتُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَطْرَافِهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْبِضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَإِنْ زَادَ عَلَى قَبْضَتِهِ مِنْهَا شَيْءٌ جَزَّهُ وَإِنْ كَانَ مَا زَادَ طَوِيلَةً تَرَكَهُ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَالْقَصُّ سُنَّةٌ فِيهَا وَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ الرَّجُلُ لِحْيَتَهُ فَإِنْ زَادَ مِنْهَا عَلَى قَبْضَتِهِ قَطَعَهُ كَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْآثَارِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يَحْلِقُ شَعْرَ حَلْقِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِأَخْذِ الْحَاجِبِينَ وَشَعْرَ وَجْهِهِ مَا لَمْ يَتَشَبَّهْ بِالْمُخَنَّثِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَنَتْفُ الْفَنِيكَيْنِ بِدْعَةٌ وَهُمَا جَانِبَا الْعَنْفَقَةِ وَهِيَ شَعْرُ الشَّفَةِ السُّفْلَى كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَلَا يَنْتِفُ أَنْفَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُورَثُ الْأَكْلَةَ. وَفِي حَلْقِ شَعْرِ الصَّدْرِ وَالظَّهْرِ تَرْكُ الْأَدَبِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ قَطْعُ الظُّفْرِ بِالْأَسْنَانِ مَكْرُوهٌ يُورِثُ الْبَرَصَ. حَلْقُ الشَّعْرِ حَالَةَ الْجَنَابَةِ مَكْرُوهٌ وَكَذَا قَصُّ الْأَظَافِيرِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَلَوْ حَلَقَتْ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا فَإِنْ فَعَلَتْ لِوَجَعٍ أَصَابَهَا لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ تَشَبُّهًا بِالرَّجُلِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَذَا فِي الْكُبْرَى. مَجْنُونَةٌ أَصَابَهَا الْأَذَى فِي رَأْسِهَا وَلَا وَلِيَّ لَهَا فَمَنْ حَلَقَ شَعْرَهَا فَهُوَ مُحْسِنٌ بَعْدَ أَنْ يَتْرُكَ عَلَامَةً فَاصِلَةً لِلنِّسَاءِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَوَصْلُ الشَّعْرِ بِشَعْرِ الْآدَمِيِّ حَرَامٌ سَوَاءٌ كَانَ شَعْرَهَا أَوْ شَعْرَ غَيْرَهَا كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَا بَأْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَجْعَلَ فِي قُرُونِهَا وَذَوَائِبهَا شَيْئًا مِنْ الْوَبَرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي جَوَازِ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ مَعَ شَعْرِ غَيْرِهَا الْمَوْصُولِ اخْتِلَافٌ بَيْنَهُمْ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. قَالَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ شَعْرٌ فِي الْجَبْهَةِ فَلَا بَأْسَ لِلتُّجَّارِ أَنْ يُعَلِّقُوا عَلَى جَبْهَتِهِ شَعْرًا لِأَنَّهُ يُوجِبُ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَبْدُ لِلْخِدْمَةِ وَلَا يُرِيدُ بَيْعَهُ

الباب العشرون في الزينة واتخاذ الخادم للخدمة

أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ لِلتَّاجِرِ أَنْ يَحْلِقَ شَعْرَ جَبْهَةِ الْغُلَامِ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لِلْخِدْمَةِ لَا يُرِيدُ بِهِ التِّجَارَةَ لَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي الزِّينَة وَاِتِّخَاذِ الْخَادِمِ لِلْخِدْمَةِ] (الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي الزِّينَةِ وَاِتِّخَاذِ الْخَادِمِ لِلْخِدْمَةِ) اتَّفَقَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْخِضَابَ فِي حَقِّ الرِّجَالِ بِالْحُمْرَةِ سُنَّةٌ وَأَنَّهُ مِنْ سِيمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَامَاتِهِمْ وَأَمَّا الْخِضَابُ بِالسَّوَادِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الْغُزَاةِ لِيَكُونَ أَهْيَبَ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ فَهُوَ مَحْمُودٌ مِنْهُ، اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِيُزَيِّنَ نَفْسَهُ لِلنِّسَاءِ وَلِيُحَبِّبَ نَفْسَهُ إلَيْهِنَّ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ كَمَا يُعْجِبُنِي أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي يُعْجِبُهَا أَنْ أَتَزَيَّنَ لَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْخِضَابَ حَسَنٌ لَكِنْ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتْمِ وَالْوَسْمَةِ وَأَرَادَ بِهِ اللِّحْيَةَ وَشَعْرَ الرَّأْسِ وَالْخِضَابُ فِي غَيْرِ حَالِ الْحَرْبِ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْأَصَحِّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَا بَأْسَ بِغَالِيَةِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. نَتْفُ الشَّيْبِ مَكْرُوهٌ لِلتَّزْيِينِ لَا لِتَرْهِيبِ الْعَدُوِّ كَذَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخَضِّبَ يَدَيْ الصَّبِيِّ الذَّكَرِ وَرِجْلَهُ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. جُنُبٌ اخْتَضَبَ وَاخْتَضَبَتْ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ الْخِضَابِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا تُصَلِّي فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْجُنُبُ قَدْ غَسَلَ مَوْضِعَ الْخِضَابِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا بَأْسَ لِلنِّسَاءِ بِتَعْلِيقِ الْخَرَزِ فِي شُعُورِهِنَّ مِنْ صُفْرٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ شَبَّةٍ أَوْ حَدِيدٍ وَنَحْوِهَا لِلزِّينَةِ وَالسُّوَارُ مِنْهَا وَلَا بَأْسَ بِشَدِّ الْخَرَزِ عَلَى سَاقَيْ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَهْدِ تَعْلِيلًا لَهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. لَا بَأْسَ بِالْإِثْمِدِ لِلرِّجَالِ بِاتِّفَاقِ الْمَشَايِخِ وَيُكْرَهُ الْكُحْلُ الْأَسْوَدُ بِالِاتِّفَاقِ إذَا قَصَدَ بِهِ الزِّينَةَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الزِّينَةَ عَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَّخِذَ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ سَرِيرًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَعَلَيْهِ الْفُرُشُ مِنْ الدِّيبَاجِ يَتَجَمَّلُ بِذَلِكَ لِلنَّاسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْعُدَ أَوْ يَنَامَ عَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَنْقُولٌ عَنْ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ النَّاسُ مِنْ الْبِنَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ إذَا بَنَى مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتُرَ حِيطَانَ الْبُيُوتِ بِاللُّبُودِ الْمُنَقَّشَةِ إذَا كَانَ قَصْدُ فَاعِلِهِ دَفْعَ الْبَرْدِ وَإِنْ كَانَ قَصْدُ فَاعِلِهِ الزِّينَةَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ السِّيَرِ أَيْضًا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتُرَ حِيطَانَ الْبَيْتِ بِاللُّبُودِ إذَا كَانَ قَصْدُ فَاعِلِهِ دَفْعَ الْبَرْدِ وَزَادَ عَلَيْهَا فَقَالَ أَوْ بِالْحَشِيشِ إذَا كَانَ قَصْدُ فَاعِلِهِ دَفْعَ الْحَرِّ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَكُونُ عَلَى قَصْدِ الزِّينَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إرْخَاءُ السِّتْرِ عَلَى الْبَابِ مَكْرُوهٌ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَتَكَبُّرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّكَبُّرِ يُكْرَهُ وَإِنْ فَعَلَ لِحَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ لَا هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَلِّقَ فِي مَوْضِعٍ شَيْئًا فِيهِ صُورَةٌ ذَاتُ رُوحٍ وَيَجُوزُ أَنْ يُعَلِّقَ مَا فِيهِ صُورَةٌ غَيْرَ ذَاتِ رُوحٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبْسُطَ فِي بَيْتِهِ مَا شَاءَ مِنْ الثِّيَابِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الصُّوفِ وَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ الْمَصْبُوغَةِ وَغَيْرِهَا وَالْمُنَقَّشَةِ وَغَيْرِهَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَا بَأْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَنْ يَخْدِمُهُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُكَلِّفَهُ مِنْ الْخِدْمَةِ قَدْرَ مَا يُطِيقُ وَعَنْ هَذَا قُلْنَا لَا بَأْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَذْهَبَ رَاكِبًا حَيْثُ شَاءَ وَغُلَامُهُ يَمْشِي

الباب الحادي والعشرون فيما يسع من جراحات بني آدم والحيوانات

مَعَهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ يُطِيقُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يُطِيقُ ذَلِكَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنَّمَا يُكْرَهُ الرُّكُوبُ وَمَعَهُ رَجَّالَةٌ إذَا أَرَادَ بِهِ الرِّيَاءَ وَالتَّكَبُّرَ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتْرُكَ الْعَبْدَ أَوْ الْأَمَةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ لِيَنَامَ أَوْ يَسْتَرِيحَ وَيَجِبَ عَلَى الْمَالِكِ أَنْ لَا يَشْغَلَهُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ عَنْ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ أَدَاءِ الصَّلَاةِ يَبْقَى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَتْرُكَ مَمْلُوكَهُ حَتَّى يَتَعَلَّمَ مِنْ الْقُرْآنِ قَدْرَ مَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ فِي عُنُقِ عَبْدِهِ طَوْقًا مِنْ حَدِيدٍ وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ فِي زَمَانِنَا لِغَلَبَةِ الْإِبَاقِ خُصُوصًا فِي الْهِنْدِيَّةِ وَلَا يُكْرَهُ التَّقْيِيدُ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الْحَادِي وَالْعُشْرُونَ فِيمَا يسع مِنْ جِرَاحَات بَنِي آدَم وَالْحَيَوَانَات] (الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِيمَا يَسَعُ مِنْ جِرَاحَاتِ بَنِي آدَمَ وَالْحَيَوَانَاتِ وَقَتْلِ الْحَيَوَانَاتِ وَمَا لَا يَسَعُ مِنْ ذَلِكَ) فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي امْرَأَةٍ حَامِلٍ مَاتَتْ وَعُلِمَ أَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا حَيٌّ فَإِنَّهُ يَشُقُّ بَطْنَهَا مِنْ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِمْ أَنَّهُ حَيٌّ يَشُقُّ بَطْنَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَحَكَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَعَاشَ الْوَلَدُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَا يَرِثُ الْوَلَدُ إذَا تَحَرَّكَ فِي بَطْنِهَا لِأَنَّ حَرَكَتَهُ قَدْ تَكُونُ بِرِيحٍ أَوْ دَمٍ مُجْتَمِعٍ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. الْبِكْرُ إذَا جُومِعَتْ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَحَبِلَتْ بِأَنْ دَخَلَ الْمَاءُ فِي فَرْجِهَا فَلَمَّا قَرُبَ أَوَانُ وِلَادَتِهَا تُزَالُ عُذْرَتُهَا بِبَيْضَةٍ أَوْ بِحَرْفِ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ الْوَلَدُ بِدُونِ ذَلِكَ وَإِذَا اعْتَرَضَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِ الْحَامِلِ وَلَمْ يَجِدُوا سَبِيلًا لِاسْتِخْرَاجِ الْوَلَدِ إلَّا بِقَطْعِ الْوَلَدِ إرْبًا إرْبًا وَلَوْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ يَخَافُ عَلَى الْأُمِّ قَالُوا إنْ كَانَ الْوَلَدُ مَيِّتًا فِي الْبَطْنِ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ حَيًّا لَمْ نَرَ جَوَازَ قَطْعِ الْوَلَدِ إرْبًا إرْبًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَا بَأْسَ بِقَطْعِ الْعُضْوِ إنْ وَقَعَتْ فِيهِ الْآكِلَةُ لِئَلَّا تَسْرِيَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ لَا بَأْسَ بِقَطْعِ الْيَدِ مِنْ الْآكِلَةِ وَشَقِّ الْبَطْنِ لِمَا فِيهِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَقْطَعَ إصْبَعًا زَائِدَةً أَوْ شَيْئًا آخَرَ قَالَ نُصَيْرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى مَنْ قَطَعَ مِثْلَ ذَلِكَ الْهَلَاكَ فَإِنَّهُ لَا يَفْعَلُ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ هُوَ النَّجَاةُ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ قَطَعَ الْإِصْبَعَ الزَّائِدَةِ مِنْ وَلَدِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَضْمَنُ وَلَهُمَا وِلَايَةُ الْمُعَالَجَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَهَلَكَ كَانَ ضَامِنًا وَالْأَبُ وَالْأُمُّ إنَّمَا يَمْلِكَانِ ذَلِكَ إذَا كَانَ لَا يَخَافُ التَّعَدِّيَ وَالْوَهْنَ فِي الْيَدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مَنْ لَهُ سِلْعَةٌ زَائِدَةٌ يُرِيدُ قَطْعَهَا إنْ كَانَ الْغَالِبُ الْهَلَاكَ فَلَا يَفْعَلُ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. جَرَّاحٌ اشْتَرَى جَارِيَةً رَتْقَاءَ فَلَهُ شَقُّ الرَّتَقِ وَإِنْ أَلَمَّتْ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا بَأْسَ بِشَقِّ الْمَثَانَةِ إذَا كَانَتْ فِيهَا حَصَاةٌ وَفِي الْكَيْسَانِيَّاتِ فِي الْجِرَاحَاتِ الْمَخُوفَةِ وَالْقُرُوحِ الْعَظِيمَةِ وَالْحَصَاةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمَثَانَةِ وَنَحْوِهَا إنْ قِيلَ قَدْ يَنْجُو وَقَدْ يَمُوتُ أَوْ يَنْجُو وَلَا يَمُوتُ يُعَالَجُ وَإِنْ قِيلَ لَا يَنْجُو أَصْلًا لَا يُدَاوَى بَلْ يُتْرَكُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ كَلْبٌ عَقُورٌ يَعَضُّ كُلَّ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ فَلِأَهْلِ الْقَرْيَةِ أَنْ يَقْتُلُوهُ فَإِنْ تَقَدَّمَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ إلَى صَاحِبِ الْكَلْبِ وَلَمْ يَقْتُلْهُ ثُمَّ عَضَّ إنْسَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِنْ عَضَّهُ قَبْلَ التَّقَدُّمِ إلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَرْيَةٌ فِيهَا كِلَابٌ كَثِيرَةٌ وَلِأَهْلِ الْقَرْيَةِ مِنْهَا ضَرَرٌ يُؤْمَرُ أَرْبَابُ الْكِلَابِ أَنْ يَقْتُلُوا الْكِلَابَ فَإِنْ أَبَوْا رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُلْزِمَهُمْ ذَلِكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي أُضْحِيَّةِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ لَهُ كِلَابٌ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَلِجِيرَانِهِ فِيهَا ضَرَرٌ فَإِنْ أَمْسَكَهَا فِي مِلْكِهِ

فَلَيْسَ لِجِيرَانِهِ مَنْعُهُ وَإِنْ أَرْسَلَهَا فِي السِّكَّةِ فَلَهُمْ مَنْعُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ وَإِلَّا رَفَعُوهُ إلَى الْقَاضِي أَوْ إلَى صَاحِبِ الْحِسْبَةِ حَتَّى يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَنْ أَمْسَكَ دَجَاجَةً أَوْ جَحْشًا أَوْ عُجُولًا فِي الرُّسْتَاقِ فَهُوَ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْأَجْنَاسِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَ كَلْبًا إلَّا أَنْ يَخَافَ مِنْ اللُّصُوصِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَكَذَا الْأَسَدُ وَالْفَهْدُ وَالضَّبُعُ وَجَمِيعُ السِّبَاعِ وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ اقْتِنَاءَ الْكَلْبِ لِأَجْلِ الْحَرَسِ جَائِزٌ شَرْعًا وَكَذَلِكَ اقْتِنَاؤُهُ لِلِاصْطِيَادِ مُبَاحٌ وَكَذَلِكَ اقْتِنَاؤُهُ لِحِفْظِ الزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ذَبَحَ كَلْبَهُ أَوْ حِمَارَهُ جَازَ أَنْ يُطْعِمَ سِنَّوْرَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَهُ خِنْزِيرَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْ الْمَيْتَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. الْهِرَّةُ إذَا كَانَتْ مُؤْذِيَةً لَا تُضْرَبُ وَلَا تُعْرَكُ أُذُنُهَا بَلْ تُذْبَحُ بِسِكِّينٍ حَادٍّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ وَطِئَ بَهِيمَةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ الْبَهِيمَةُ لِلْوَاطِئِ يُقَالُ لَهُ اذْبَحْهَا وَاحْرَقْهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْبَهِيمَةُ لِلْوَاطِئِ كَانَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى الْوَاطِئِ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ يَذْبَحَهَا الْوَاطِئُ وَيَحْرِقَ إنْ لَمْ تَكُنْ مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ وَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ تُذْبَحُ وَلَا تُحْرَقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْأَجْنَاسِ عَنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى تُذْبَحُ وَتُحْرَقُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ أَمَّا بِهَذَا الْفِعْلِ لَا يَحْرُمُ أَكْلُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَلَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْجَرَادِ لِأَنَّهُ صَيْدٌ يَحِلُّ قَتْلُهُ لِأَجْلِ الْأَكْلِ فَلِدَفْعِ الضَّرَرِ أَوْلَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُكْرَهُ حَرْقُهَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَتْلُ النَّمْلَةِ تَكَلَّمُوا فِيهَا وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إذَا ابْتَدَأَتْ بِالْأَذَى لَا بَأْسَ بِقَتْلِهَا وَإِنْ لَمْ تَبْتَدِئْ يُكْرَهُ قَتْلُهَا وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ إلْقَاؤُهَا فِي الْمَاءِ وَقَتْلُ الْقَمْلَةِ يَجُوزُ بِكُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِحْرَاقُ الْقَمْلِ وَالْعَقْرَبِ بِالنَّارِ مَكْرُوهٌ وَطَرْحُ الْقَمْلِ حَيًّا مُبَاحٌ لَكِنْ يُكْرَهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَدَبِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا وَجَدُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ عَقْرَبًا فَإِنَّهُمْ لَا يَقْتُلُونَهَا وَلَكِنْ يَنْزِعُونَ ذَنَبَهَا قَطْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَقْتُلُونَهَا لِأَنَّ فِي قَتْلِهَا قَطْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْكَفَرَةِ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ نَسْلُهَا وَفِيهِ مَنْفَعَةُ الْكُفَّارِ وَكَذَلِكَ إنْ وَجَدُوا حَيَّةً فِي رِحَالِهِمْ إنْ أَمْكَنَهُمْ نَزْعُ أَنْيَابِهَا فَعَلُوا ذَلِكَ قَطْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَقْتُلُونَهَا لِأَنَّ فِيهِ قَطْعَ نَسْلِهَا وَفِيهِ مَنْفَعَةُ الْكُفَّارِ وَقَدْ أُمِرْنَا بِضَرَرِهِمْ. قَتْلُ الزُّنْبُورِ وَالْحَشَرَاتِ هَلْ يُبَاحُ فِي الشَّرْعِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ إيذَاءٍ وَهَلْ يُثَابُ عَلَى قَتْلِهِمْ؟ قَالَ لَا يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْإِيذَاءُ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ بِقَتْلِ شَيْءٍ مِنْهُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَلَا تُحْرَقُ بُيُوتُ النَّمْلِ لِنَمْلَةٍ وَاحِدَةٍ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ الْفَيْلَقُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (بِبَلِّهِ) يُلْقَى فِي الشَّمْسِ لِيَمُوتَ الدِّيدَانُ وَلَا يَكُونُ بِهِ بَأْسًا لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةَ النَّاسِ أَلَا يَرَى أَنَّ السَّمَكَةَ تُلْقَى فِي الشَّمْسِ فَتَمُوتُ وَلَا يُكْرَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا بَأْسَ بِقَطْعِ إلْيَةَ الشَّاةِ إذَا انْفَلَتَتْ وَيَمْنَعُهَا مِنْ اللُّحُوقِ بِالْقَطِيعِ وَيَخَافُ عَلَيْهَا الذِّئْبَ وَكَذَا الْحِمَارُ إذَا مَرِضَ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُذْبَحَ فَيُسْتَرَاحَ مِنْهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. إذَا احْتَرَقَتْ السَّفِينَةُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ أَنَّهُمْ لَوْ أَلْقَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْبَحْرِ خَلَصُوا بِالسِّبَاحَةِ يَجِبُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانُوا بِحَالٍ لَوْ أَلْقَوْا أَنْفُسَهُمْ فِيهِ غَرِقُوا وَلَوْ لَمْ يُلْقُوا أُحْرِقُوا فَهُمْ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالْإِلْقَاءِ. مِنْ قَتْلِ نَفْسِهِ كَانَ إثْمُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يَقْتُلَ غَيْرَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَتْلُ الْأَعْوِنَةِ وَالسُّعَاةِ وَالظَّلَمَةِ فِي أَيَّامِ الْفَتْرَةِ أَفْتَى كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِإِبَاحَتِهِ وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الصَّفَّارِ أَنَّ الْجَصَّاصَ أَوْرَدَ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ مَنْ ضَرَبَ الضَّرَائِبَ عَلَى النَّاسِ حَلَّ دَمُهُ وَكَانَ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو شُجَاعٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ يَقُولُ يُثَابُ قَاتِلُهُمْ وَكَانَ يُفْتِي بِكُفْرِ الْأَعْوِنَةِ وَكَذَلِكَ الْقَاضِي عِمَادُ الدِّينِ كَانَ يُفْتِي بِكُفْرِهِمْ وَنَحْنُ لَا نُفْتِي بِكُفْرِهِمْ.

الباب الثاني والعشرون في تسمية الأولاد وكناهم والعقيقة

كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ فَيَلْتَزِمُ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ يُرِيدُ قَتْلَ نَفْسِهِ وَأَخْذَ مَالَهُ فَلْيُقَاتِلْ وَإِنْ قُتِلَ نَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَهِيدًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيُكْرَهُ تَعْلِيمُ الْبَازِي بِالصَّيْدِ الْحَيِّ يَأْخُذُهُ وَيُعَذِّبُهُ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُعَلِّمَ بِالْمَذْبُوحِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّانِي وَالْعُشْرُونَ فِي تَسْمِيَة الْأَوْلَاد وكناهم وَالْعَقِيقَة] (الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي تَسْمِيَةِ الْأَوْلَادِ وَكُنَاهُمْ وَالْعَقِيقَةِ) أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ لَكِنَّ التَّسْمِيَةَ بِغَيْرِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَوْلَى لِأَنَّ الْعَوَامَّ يُصَغِّرُونَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ لِلنِّدَاءِ وَالتَّسْمِيَةِ بَاسِمٍ يُوجَدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْعَلِيِّ وَالْكَبِيرِ وَالرَّشِيدِ وَالْبَدِيعِ جَائِزَةٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ وَيُرَادُ فِي حَقِّ الْعِبَادِ غَيْرُ مَا يُرَادُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَفِي الْفَتَاوَى التَّسْمِيَةُ بِاسْمٍ لَمْ يَذْكُرْهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي عِبَادِهِ وَلَا ذَكَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا اسْتَعْمَلَهُ الْمُسْلِمُونَ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ وُلِدَ مَيِّتًا لَا يُسَمَّى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا لَا بَأْسَ بِأَنْ يُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي» مَنْسُوخٌ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَنَّى ابْنَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ أَبَا الْقَاسِمِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ كَنَّى ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَبِي بِكْرٍ أَوْ غَيْرِهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنَّ النَّاسَ يُرِيدُونَ التَّفَاؤُلَ أَنَّهُ يَصِيرُ أَبًا فِي ثَانِي الْحَالِ لَا التَّحْقِيقُ فِي الْحَالِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. يُكْرَهُ أَنْ يَدْعُوَ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَالْمَرْأَةُ زَوْجَهَا بِاسْمِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. الْعَقِيقَةُ عَنْ الْغُلَامِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ وَهِيَ ذَبْحُ شَاةٍ فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ وَضِيَافَةِ النَّاسِ وَحَلْقِ شَعْرِهِ مُبَاحَةٌ لَا سُنَّةٌ وَلَا وَاجِبَةٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْعَقِيقَةِ فَمَنْ شَاءَ فَعَلَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى الْإِبَاحَةِ فَيَمْنَعُ كَوْنَهَا سُنَّةً وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَا يَعُقُّ عَنْ الْغُلَامِ وَلَا عَنْ الْجَارِيَةِ وَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْكَرَاهِيَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّالِث وَالْعُشْرُونَ فِي الْغِيبَة وَالْحَسَد وَالنَّمِيمَة وَالْمَدْح] (الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْغِيبَةِ وَالْحَسَدِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْمَدْحِ) رَجُلٌ ذَكَرَ مَسَاوِئَ إنْسَانٍ عَلَى وَجْهِ الِاهْتِمَامِ لَا بَأْسَ بِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مُرِيدًا لِلسَّبِّ وَالنَّقْصِ وَمَنْ اغْتَابَ أَهْلَ كُورَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ لَمْ تَكُنْ غِيبَةً حَتَّى يُسَمِّيَ قَوْمًا مَعْرُوفِينَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. الرَّجُلُ إذَا كَانَ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَضُرُّ النَّاسَ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ فَذَكَرُهُ بِمَا فِيهِ لَا يَكُونُ غِيبَةً وَإِنْ أَخْبَرَ السُّلْطَانَ بِذَلِكَ لِيَزْجُرَهُ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَعَارَهُ ثَوْبًا أَوْ أَقْرَضَهُ دَرَاهِمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَنَعَهُ مِنْهُ أَيَّامًا كَثِيرَةً وَسُوَّفَهُ فَوَصَفَهُ عِنْدَ النَّاسِ بِكَوْنِهِ خَائِنًا وَكَذَّابًا يُعْذَرُ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ فِي طَاعَةٍ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عِلْمًا فَهُوَ يُعَلِّمُ النَّاسَ وَيَقْضِي بِهِ» الْحَدِيثَ بِظَاهِرِهِ دَلِيلٌ عَلَى إبَاحَةِ الْحَسَدِ فِي هَذَيْنِ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ التَّحْرِيمِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ التَّحْرِيمِ الْإِبَاحَةُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَقْتَضِيه ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَالْحَسَدُ حَرَامٌ فِي هَذَيْنِ كَمَا هُوَ حَرَامٌ فِي غَيْرِهِمَا وَإِنَّمَا مَعْنَى الْحَدِيثِ لَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَحْسُدَ غَيْرَهُ وَلَوْ حَسَدَ فَإِنَّمَا يَحْسُدُ فِي هَذَيْنِ لَا لِكَوْنِ الْحَسَدِ فِيهِمَا مُبَاحًا بَلْ لِمَعْنًى آخَرَ هُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَحْسُدُ غَيْرَهُ عَادَةً لِنِعْمَةٍ يَرَاهَا عَلَيْهِ فَيَتَمَنَّى تِلْكَ لِنَفْسِهِ وَمَا عَدَا هَذَيْنِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا لَيْسَ بِنِعْمَةٍ لِأَنَّ مَآلَ ذَلِكَ سَخَطُ اللَّهِ تَعَالَى وَالنِّعْمَةُ مَا يَكُونُ مَآلُهُ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَانِ مَآلُهُمَا رِضَا اللَّهِ تَعَالَى فَهُمَا النِّعْمَةُ دُونَ مَا سِوَاهُمَا ثُمَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا الْحَسَدُ الْمَذْكُورُ

الباب الرابع والعشرون في دخول الحمام

الْمَذْمُومُ أَنْ يَرَى عَلَى غَيْرِهِ نِعْمَةً فَيَتَمَنَّى زَوَالَ تِلْكَ النِّعْمَةِ عَنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَكَيْنُونَتَهَا لِنَفْسِهِ أَمَّا لَوْ تَمَنَّاهَا لِنَفْسِهِ فَذَلِكَ لَا يُسَمَّى حَسَدًا بَلْ يُسَمَّى غِبْطَةً وَكَانَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ يَقُولُ لَوْ تَمَنَّى تِلْكَ النِّعْمَةَ بِعَيْنِهَا لِنَفْسِهِ فَهُوَ حَرَامٌ مَذْمُومٌ أَمَّا إذَا تَمَنَّى مِثْلَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْحَسَدَ مَذْمُومٌ يَضُرُّ الْحَاسِدَ إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى فَهُوَ مَحْمُودٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحَسَدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ بَلْ غِبْطَةٌ وَالْحَسَدُ أَنْ يَتَمَنَّى الْحَاسِدُ أَنْ تَذْهَبَ نِعْمَةُ الْمَحْسُودِ عَنْهُ وَيَتَكَلَّفَ لِذَلِكَ وَيَعْتَقِدَ أَنَّ تِلْكَ النِّعْمَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَمَعْنَى الْغِبْطَةِ أَنْ يَتَمَنَّى لِنَفْسِهِ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّفَ وَيَتَمَنَّى ذَهَابَ ذَلِكَ عَنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَدْحُ الرَّجُلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنْ يُمْدَحَ فِي وَجْهِهِ وَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ وَالثَّانِي أَنْ يَمْدَحَهُ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَبْلُغُهُ فَهَذَا أَيْضًا مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَالثَّالِثُ أَنْ يَمْدَحَهُ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ وَهُوَ لَا يُبَالِي أَنْ يَبْلُغَهُ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ لَا يَمْدَحُهُ بِمَا هُوَ فِيهِ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الرَّابِع وَالْعُشْرُونَ فِي دُخُول الْحَمَّامِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ) وَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَدْخُلَ النِّسَاءُ الْحَمَّامَ إذَا كَانَتْ النِّسَاءُ خَاصَّةً لِعُمُومِ الْبَلْوَى وَيَدْخُلْنَ بِمِئْزَرٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَبِدُونِ الْمِئْزَرِ حَرَامٌ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. دُخُولُ الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ إزَارٍ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَادَةً لَا يَعْدِلُ فِي شَهَادَتِهِ أُرِيدَ بِذَلِكَ لَمْ يَعْرِفْ رُجُوعَهُ عَنْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالدُّخُولُ مِنْ غَيْرِ إزَارٍ مَرَّةً وَاحِدَةً يَكْفِي لِسُقُوطِ الْعَدَالَةِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَلَوْ أَرَادَ الِاغْتِسَالَ لَا يَتَجَرَّدُ بِدُونِ إزَارٍ وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا وَلَوْ فَعَلَهُ يُكْرَهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُكْرَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ مُتَجَرِّدًا فِي الْمَاءِ الْجَارِي أَوْ غَيْرِهِ فِي الْخَلْوَةِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَدُخُولُ الْحَمَّامِ فِي الْغَدَاةِ لَيْسَ مِنْ الْمُرُوءَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. غَمْزُ الْأَعْضَاءِ فِي الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مَكْرُوهٌ وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ وَذَكَرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ أَنَّهُ يُبَاحُ ذَلِكَ فِيمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَفِيمَا دُونَ الرُّكْبَةِ وَلَا يُبَاحُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا لَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِشَرْطَيْنِ أَحَدِهِمَا: أَنْ لَا يَكُونَ لِلْخَادِمِ لِحْيَةٌ لِأَنَّ فِيهِ إهَانَةَ صَاحِبِ اللِّحْيَةِ. وَثَانِيهِمَا: أَنْ لَا يَغْمِزَ رِجْلَهُ لِأَنَّ فِيهِ إهَانَةَ الْخَادِمِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَمِعْت الشَّيْخَ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ لَا بَأْسَ أَنْ يَغْمِزَ الرَّجُلُ الرِّجْلَ إلَى السَّاقِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَغْمِزَ الْفَخِذَ وَيَمَسَّهُ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَنَحْنُ نُبِيحُ هَذَا وَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ لَا بَأْسَ أَنْ يَغْمِزَ الرَّجُلُ رِجْلَ وَالِدَتِهِ وَلَا يَغْمِزُ فَخِذَ وَالِدَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. لَوْ كَشَفَ إزَارَهُ فِي الْحَمَّامِ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ لِيَغْسِلَهُ أَوْ يَعْصِرَهُ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ أَرَادَ عَصْرَ إزَارِهِ فِي الْحَمَّامِ وَلَيْسَ لَهُ إزَارٌ آخَرُ لَا عَصْرَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَيْهِ وَيَكْفِيهِ وَيَرْوِيهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا تَجَرَّدَ فِي بَيْتِ الْحَمَّامِ الصَّغِيرِ لِعَصْرِ إزَارِهِ وَحَلْقِ عَانَتِهِ قِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الْخَامِس وَالْعُشْرُونَ فِي الْبَيْعِ وَالِاسْتِيَامِ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْبَيْعِ وَالِاسْتِيَامِ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ) وَيَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ بِالتِّجَارَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَحْكَامَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَا يَجُوزُ مِنْهُ وَمَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي

السِّرَاجِيَّةِ. لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّدْبِ وَكَرَاهَةِ بَيْعِهِ قَبْلَ إعْلَامِهِ. قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا سَأَلْته أَنَّ مَا يُشْتَرَى مِنْ السُّوقِ وَيُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُمْ يُبَايِعُونَ الْأَتْرَاكَ وَمِنْ غَالِبِ مَالِهِمْ الْحَرَامِ وَيَجْرِي بَيْنَهُمْ الرِّبَا وَالْعُقُودُ الْفَاسِدَةُ كَيْفَ يَكُونُ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَكُلُّ عَيْنٍ قَائِمَةٍ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُمْ أَخَذُوهَا مِنْ الْغَيْرِ بِالظُّلْمِ وَبَاعُوهَا فِي السُّوقِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي وَالثَّانِي إنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَالَ الْحَرَامَ بِعَيْنِهِ قَائِمٌ إلَّا أَنَّهُ اخْتَلَطَ بِالْغَيْرِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ عَنْهُ فَإِنَّ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْخَلْطِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ حَتَّى يَرْضَى الْخَصْمُ بِدَفْعِ الْعِوَضِ فَإِنْ اشْتَرَاهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَالثَّالِثُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ تَبْقَ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ أَوْ الْمَأْخُوذُ بِالرِّبَا وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا بَاعَهَا لِغَيْرِهِ فَإِنَّ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ تَبْقَ تِلْكَ الْعَيْنُ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُمْ هَذَا كُلُّهُ مِنْ حَيْثُ الْفَتْوَى أَمَّا إذَا كَانَ أَمْكَنَهُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ مِنْهُمْ شَيْئًا كَانَ أَوْلَى أَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَلَعَلَّ أَنَّهُ يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ فِي بِلَادِ الْعَجَمِ وَسَمِعْت أَنَّ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ سُوقًا خَاصًّا يُبَاعُ فِيهِ الْحَلَالُ وَالسُّوقُ الْأَعْظَمُ يُبَاعُ فِيهِ كُلُّ شَيْءٍ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الْحَلَالِ شَيْئًا فَإِنَّهُمْ لَا يَبِيعُونَهُ إلَّا إذَا كَانَ مِمَّنْ يَكُونُ مَالُهُ حَلَالًا فَإِنْ أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ الْعَوَامّ أَنْ يُعَامِلَ مَعَهُمْ وَيَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ يَأْمُرُونَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ ثُمَّ يُعْطُوهُ مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا فَيَأْمُرُونَهُ بِأَنْ يَتَّجِرَ مَعَهُمْ بِذَلِكَ الْمَالِ وَيَكْتُبُونَ اسْمَهُ فِي الْكُتُبِ بِأَنَّ أَصْلَ مَالِهِ مِنْ الزَّكَاةِ أَخَذَهَا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ ثُمَّ يُعَامِلُونَ مَعَهُ وَفِي الْجُمْلَةِ أَنَّ طَلَبَ الْحَلَالِ مِنْ هَذِهِ الْبِلَادِ صَعْبٌ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا عَلَيْك بِتَرْكِ الْحَرَامِ الْمَحْضِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَإِنَّك لَا تَجِدُ شَيْئًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ أَكْثَرَ بِيَاعَاتِ أَهْلِ السُّوقِ لَا تَخْلُو عَنْ الْفَسَادِ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْحَرَامَ يَتَنَزَّهُ عَنْ شِرَائِهِ وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَوْ اشْتَرَاهُ يَطِيبُ لَهُ الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا إذَا كَانَ عَقْدُ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرِ صَحِيحًا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَاسْتَرَدَّهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ جَازَ فِيمَا لَا يُخَالِفُ الْعَادَةَ وَالرَّسْمَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْرَهُ أَنْ يَمْدَحَ الرَّجُلُ سِلْعَتَهُ عِنْدَ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلتَّاجِرِ أَنْ لَا تَشْغَلَهُ تِجَارَتُهُ عَنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ تِجَارَتَهُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِبَيْعِ ثَوْبٍ نَجِسٍ وَلَا يُبَيِّنُ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُصَلِّي فِيهِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُبَيِّنَ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَفِي النَّوَازِلِ سُئِلَ نُصَيْرٌ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى فَرْوَ الْخَلْقَانِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْعَبِيدِ وَلَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ فَيَسْتَعْمِلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَغْسِلَ قَالَ أَرْجُو أَنَّهُ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ قَاضِي خَانْ يَجُوزُ شِرَاءُ الْعَصَافِيرِ مِنْ الصَّيَّادِ وَإِعْتَاقُهَا إذَا قَالَ مَنْ أَخَذَهَا فَهِيَ لَهُ وَلَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْإِعْتَاقِ وَقَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيعَ الْمَالِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْجَارِيَةِ مِمَّنْ لَا يَسْتَبْرِئُهَا أَوْ يَأْتِيهَا فِي غَيْرِ الْمَأْتَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. اشْتَرَى جَارِيَةً وَلَهَا لَبَنٌ فَأَجَّرَهَا لَهُ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً. بَاعَ جَارِيَةً فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ لَا يَطَأُ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ الْخُصُومَةَ وَيَرْضَى بِيَمِينِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا لَكِنْ يُكْرَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ أَهْلُ بَلْدَةٍ أَوْ رُسْتَاقٍ زَادُوا فِي صَنَجَاتِهِمْ الَّتِي يُوزَنُ بِهَا الدَّرَاهِمُ وَالْإِبْرَيْسَمُ زِيَادَةً لَا تُوَافِقُ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي سَائِرِ الْبِلَادِ وَأَرَادُوا أَنْ يَتَوَاضَعُوا عَلَى ذَلِكَ وَبَعْضُ أَهْلِ تِلْكَ الرُّسْتَاقِ يُوَافِقُونَهُمْ وَبَعْضُهُمْ لَا يُوَافِقُونَهُمْ هَلْ لَهُمْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ فَقَالَ لَا قِيلَ لَهُ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى تِلْكَ الزِّيَادَةِ الْمُخَالِفَةِ لِصَنَجَاتِ الْبُلْدَانِ

الباب السادس والعشرون في الرجل يخرج إلى السفر ويمنعه أبواه أو أحدهما

فَقَالَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ. وُكِّلَ بِشِرَاءِ طَعَامٍ فَاشْتَرَى بِمِائَةٍ غَلَّةً وَأَخْبَرَهُ فَأَعْطَاهُ الصِّحَاحَ فَصَرَفَهُ بِالْغَلَّةِ حَلَّ الْفَضْلُ وَلِلْمُضَارِبِ لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأَرْجَحَ لَهُ دَانِقًا قَالَ لَا يَقْبَلُهُ حَتَّى يَقُولَ أَنْتَ فِي حِلٍّ أَوْ هُوَ لَك كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اشْتَرَى لَحْمًا أَوْ سَمَكًا أَوْ شَيْئًا مِنْ الثِّمَارِ فَذَهَبَ الْمُشْتَرِي وَأَبْطَأَ وَخَشِيَ الْبَائِعُ أَنْ يَفْسُدَ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَيَحِلُّ شِرَاءُ ذَلِكَ مِنْهُ. إذَا مَرِضَ الرَّجُلُ فَاشْتَرَى لَهُ ابْنُهُ أَوْ وَالِدُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ مَا يَحْتَاجُ الْمَرِيضُ إلَيْهِ جَازَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَيُكْرَهُ بَيْعُ الْإِبِلِ الْجَلَّالَةِ وَهِيَ الَّتِي تَعْتَادُ أَكْلَ الْجِيفَةِ وَالدَّجَاجَةِ مَا دَامَ رِيحُهَا الْكَرِيهَةُ بَاقِيَةً. قَالَ شِهَابٌ الْآدَمِيُّ لَهُ حِنْطَةٌ نَقِيَّةٌ أَرَادَ أَنْ يَخْلِطَ فِيهَا مِنْ التُّرَابِ مَا يَكُونُ فِيهَا عَادَةً لِيَبِيعَهَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَهِيَ لِغَيْرِ الْبَائِعِ أَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَهُوَ لِغَيْرِ الْبَائِعِ فَوَطِئَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَلَبِسَ الثَّوْبَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ثُمَّ عَلِمَ فَهَلْ عَلَى الْمُشْتَرِي إثْمٌ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْجِمَاعَ وَاللُّبْسَ حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ يُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي الْإِثْمُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوَطْءُ حَلَالٌ وَهُوَ مَأْجُورٌ فِي إتْيَانِ الْجَارِيَةِ. وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ مَنْكُوحَةَ الْغَيْرِ وَقَدْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُكْرَهُ بَيْعُ خَاتَمِ الْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَنَحْوِهِ وَبَيْعُ طِينِ الْأَكْلِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ اصْطَلَحَ أَهْلُ بَلْدَةٍ عَلَى سِعْرِ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَشَاعَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَاشْتَرَى رَجُلٌ مِنْهُمْ خُبْزًا بِدِرْهَمٍ أَوْ لَحْمًا فَأَعْطَاهُ الْبَائِعُ نَاقِصًا وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ إذَا عَرَفَ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ فِي الْخُبْزِ دُونَ اللَّحْمِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب السَّادِس وَالْعُشْرُونَ فِي الرَّجُل يَخْرَج إلَى السَّفَر وَيَمْنَعهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدهمَا] (الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الرَّجُلِ يَخْرُجُ إلَى السَّفَرِ وَيَمْنَعُهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ يَمْنَعُهُ الدَّائِنُ أَوْ الْعَبْدُ يَخْرُجُ وَيَمْنَعُهُ الْمَوْلَى أَوْ الْمَرْأَةُ تَخْرُجُ وَيَمْنَعُهَا الزَّوْجُ) الِابْنُ الْبَالِغُ يَعْمَلُ عَمَلًا لَا ضَرَرَ فِيهِ دِينًا وَلَا دُنْيَا بِوَالِدِيهِ وَهُمَا يَكْرَهَانِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْذَانِ فِيهِ إذَا كَانَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ جَمْعُ مُرَاعَاةِ حَقِّ الْوَالِدَيْنِ بِأَنْ يَتَأَذَّى أَحَدُهُمَا بِمُرَاعَاةِ الْآخَرِ يُرَجَّحُ حَقُّ الْأَبِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى التَّعْظِيمِ وَالِاحْتِرَامِ وَحَقُّ الْأُمِّ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْخِدْمَةِ وَالْإِنْعَامِ وَعَنْ عَلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْحَمَّامِيِّ قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى الْأَبُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأُمِّ فِي الِاحْتِرَامِ، وَالْأُمُّ فِي الْخِدْمَةِ، حَتَّى لَوْ دَخَلَا عَلَيْهِ فِي الْبَيْتِ يَقُومُ لِلْأَبِ وَلَوْ سَأَلَا مِنْهُ مَاءً وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ يَدِهِ أَحَدُهُمَا فَيَبْدَأُ بِالْأُمِّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُسَافِرَ إلَى غَيْرِ الْجِهَادِ لِتِجَارَةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَكَرِهَ ذَلِكَ أَبَوَاهُ فَإِنْ كَانَ يَخَافُ الضَّيْعَةَ عَلَيْهِمَا بِأَنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ وَنَفَقَتُهُمَا عَلَيْهِ وَمَالُهُ لَا يَفِي بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَنَفَقَتُهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ سَفَرًا يَخَافُ عَلَى الْوَلَدِ الْهَلَاكَ فِيهِ كَرُكُوبِ السَّفِينَةِ فِي الْبَحْرِ أَوْ دُخُولِ الْبَادِيَةِ مَاشِيًا فِي الْبَرْدِ أَوْ الْحَرِّ الشَّدِيدَيْنِ أَوْ لَا يَخَافُ عَلَى الْوَلَدِ الْهَلَاكَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ الضَّيْعَةَ عَلَيْهِمَا بِأَنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ وَلَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُمَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ سَفَرًا لَا يَخَافُ عَلَى الْوَلَدِ الْهَلَاكَ فِيهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا وَإِنْ كَانَ سَفَرًا يَخَافُ عَلَى الْوَلَدِ الْهَلَاكَ فِيهِ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَا الْجَوَابُ فِيمَا إذَا خَرَجَ لِلتَّفَقُّهِ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى إنْ كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ بِسَبَبِ هَذَا الْخُرُوجِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ السَّفَرِ لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْجِهَادِ هَذَا إذَا خَرَجَ لِلتِّجَارَةِ إلَى مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا إذَا خَرَجَ لِلتِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ بِأَمَانٍ

الباب السابع والعشرون في القرض والدين

فَكَرِهَا خُرُوجَهُ فَإِنْ كَانَ أَمْرًا لَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَكَانُوا قَوْمًا يُوفُونَ بِالْعَهْدِ يُعْرَفُونَ بِذَلِكَ وَلَهُ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْصِيَهُمَا. وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ فِي تِجَارَةٍ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَعَ عَسْكَرٍ مِنْ عَسَاكِرِ الْمُسْلِمِينَ فَكَرِهَ ذَلِكَ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَسْكَرُ عَظِيمًا لَا يَخَافُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعَدُوِّ بِأَكْبَرِ الرَّأْيِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ وَإِنْ كَانَ يُخَافُ عَلَى أَهْلِ الْعَسْكَرِ مِنْ الْعَدُوِّ بِغَالِبِ الرَّأْيِ لَا يَخْرُجُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ سَرِيَّةً أَوْ جَرِيدَةَ خَيْلٍ أَوْ نَحْوَهَا فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا لِأَنَّ الْغَالِبَ هُوَ الْهَلَاكُ فِي السَّرَايَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ بِغَيْرِ إذْنِ وَالِدِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا عُقُوقًا قِيلَ هَذَا إذَا كَانَ مُلْتَحِيًا فَإِنْ كَانَ أَمْرَدَ صَبِيحَ الْوَجْهِ فَلِأَبِيهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ الْخُرُوجِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ خَرَجَ إلَى التَّعَلُّمِ إنْ كَانَ قَدَرَ عَلَى التَّعَلُّمِ وَحِفْظِ الْعِيَالِ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَفْضَلُ وَلَوْ حَصَّلَ مِقْدَارَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مَالَ إلَى الْقِيَامِ بِأَمْرِ الْعِيَالِ وَلَا يَخْرُجُ إلَى التَّعَلُّمِ إنْ خَافَ عَلَى وَلَدِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَنَابِيعِ. إذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ السَّفِينَةَ فِي الْبَحْرِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا فَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ غَرِقَتْ السَّفِينَةُ أَمْكَنَهُ دَفْعُ الْغَرَقِ عَنْ نَفْسِهِ بِكُلِّ سَبَبٍ يَدْفَعُ الْغَرَقَ بِهِ حَلَّ لَهُ الرُّكُوبُ فِي السَّفِينَةِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُ الْغَرَقِ بِكُلِّ مَا يَدْفَعُ بِهِ الْغَرَقَ لَا يَحِلُّ لَهُ الرُّكُوبُ وَعَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَاسَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى دُخُولَ دَارِ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَقَالُوا إنْ كَانَ الدَّاخِلُ بِحَالٍ لَوْ قَصَدَ الْمُشْرِكُونَ قَتْلَهُ أَمْكَنَهُ دَفْعُ الْقَتْلِ عَنْ نَفْسِهِ بِكُلِّ سَبَبٍ يَدْفَعُ بِهِ الْقَتْلَ حَلَّ لَهُ الدُّخُولُ وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ قَصْدِهِمْ لَا يَحِلُّ لَهُ الدُّخُولُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا فَوْقَهَا وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَكْرَهُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ يَوْمًا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ فِي الثَّلَاثِ أَمَّا مَا دُونَ الثَّلَاثِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ أَهْوَنُ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَالَ حَمَّادٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُسَافِرَ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ مَعَ الصَّالِحِينَ، وَالصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ لَيْسَا بِمَحْرَمَيْنِ وَالْكَبِيرُ الَّذِي يَعْقِلُ مَحْرَمٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيُكْرَهُ لِلْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فِي زَمَانِنَا الْمُسَافِرَةُ بِلَا مَحْرَمٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي زَمَانِنَا هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْقَرْضِ وَالدَّيْنِ] (الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْقَرْضِ وَالدَّيْنِ) وَالْقَرْضُ هُوَ أَنْ يَقْرِضَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ أَوْ شَيْئًا مِثْلِيًّا يَأْخُذُ مِثْلَهُ فِي ثَانِي الْحَالِ، وَالدَّيْنُ هُوَ أَنْ يَبِيعَ لَهُ شَيْئًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَدِينَ الرَّجُلُ إذَا كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ لَا بُدَّ مِنْهَا وَهُوَ يُرِيدُ قَضَاءَهَا وَلَوْ اسْتَدَانَ دَيْنًا وَقَصَدَ أَنْ لَا يَقْضِيَهُ فَهُوَ آكِلٌ السُّحْتَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ قَرْضٌ ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ نَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ مُؤَاخَذًا فِي دَارِ الْآخِرَةِ إذَا كَانَ فِي نِيَّتِهِ قَضَاءُ الدَّيْنِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. عَلَيْهِ حَقٌّ غَابَ صَاحِبُهُ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ مَكَانَهُ وَلَا يَعْلَمُ أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُهُ فِي الْبِلَاد كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَسُئِلَ نُصَيْرٌ عَمَّنْ يَجْحَدُ دَيْنَ رَجُلٍ هَلْ يَسْتَحْلِفُهُ الطَّالِبُ أَوْ يَتْرُكُهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ قَالَ هُوَ بِالْخِيَارِ فِي الِاسْتِحْلَافِ فَإِنْ مَاتَ الطَّالِبُ صَارَ الدَّيْنُ لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ قَضَاهُ الْوَرَثَةُ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ وَعَلَيْهِ وِزْرُ مُمَاطَلَتِهِ وَجُحُودِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْضِ فَالْأَجْرُ لِلطَّالِبِ دُونَ وَرَثَتِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَوْ مَاتَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ جَاحِدٌ فَالْأَجْرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ دُونَ الْوَرَثَةِ سَوَاءٌ اسْتَحْلَفَ أَوْ لَمْ يَسْتَحْلِفْ

وَلَوْ قَضَى الْمَطْلُوبَ وَرَثَتُهُ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ مُقِرًّا وَمَاتَ الطَّالِبُ قَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى حَقُّ الْخُصُومَةِ فِي الْآخِرَةِ لَا يَكُونُ لِلْأَوَّلِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِلْأَوَّلِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الدَّيْنُ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. الظَّالِمُ إذَا أَخَذَ مِنْ غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ مَا لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِمْ فَدُيُونُ الْمَيِّتِ عَلَيْهِمْ بَاقِيَةٌ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. عَلَيْهِ دُيُونٌ لِأُنَاسٍ لَا يَعْرِفُهُمْ مِنْ غُصُوبٍ وَمَظَالِمَ وَجِبَايَاتٍ يَتَصَدَّقُ بِقَدْرِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ عَلَى عَزِيمَةِ الْقَضَاءِ إنْ وَجَدَهُمْ مَعَ التَّوْبَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيُعْذَرُ وَلَوْ صَرَفَ ذَلِكَ إلَى الْوَالِدَيْنِ أَوْ الْمَوْلُودِينَ يَصِيرُ مَعْذُورًا وَكَذَا فِي إزَالَةِ الْخُبْثِ عَنْ الْأَمْوَالِ. (قَالَ إسْمَاعِيلُ الْمُتَكَلِّمُ) عَلَيْهِ دُيُونٌ لِأُنَاسٍ شَتَّى لِزِيَادَةٍ فِي الْأَخْذِ وَنُقْصَانٍ فِي الدَّفْعِ فَلَوْ تَحَرَّى ذَلِكَ وَتَصَدَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِثَوْبٍ قُوِّمَ بِذَلِكَ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ فِي مِثْلِ هَذَا لَا يُشْتَرَطُ التَّصَدُّقُ بِجِنْسِ مَا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَارِثُ بِدَيْنِهِ فَأَكَلَ مِيرَاثَهُ قَالَ شَدَّادٌ لَا يُؤَاخَذُ الِابْنُ بِدَيْنِهِ وَإِنْ عَلِمَ الْوَارِثُ بِدَيْنِ الْمُوَرَّثِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُوَرَّثِ وَإِنْ نَسِيَ الِابْنُ بَعْدَ مَا عَلِمَ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي دَارِ الْآخِرَةِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ وَدِيعَةٌ فَنَسِيَهَا حَتَّى مَاتَ لَا يُؤَاخَذُ بِهَا فِي دَارِ الْآخِرَةِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ وَهُمَا فِي الطَّرِيقِ فَخَرَجَ اللُّصُوصُ عَلَيْهِمَا وَقَصَدُوا أَخْذَ أَمْوَالِهِمَا فَأَعْطَى الْمَدْيُونُ صَاحِبَ الْمَالِ دَيْنَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ وَلَيْسَ لِلطَّالِبِ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْهُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عِنْدِي لِلطَّالِبِ أَنْ لَا يَأْخُذَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حُبِسَ بِدَيْنٍ وَكَانَ لَهُ عَلَى النَّاسِ دُيُونٌ يُخْرِجُهُ الْقَاضِي حَتَّى يَدَّعِيَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْهُمْ شَيْءٌ يَحْبِسُهُ ثَانِيًا كَذَا فِي صِنْوَانِ الْقَضَاءِ. وَلَوْ كَانَ لِمُسْلِمٍ عَلَى نَصْرَانِيٍّ دَيْنٌ فَبَاعَ النَّصْرَانِيُّ خَمْرًا وَأَخَذَ ثَمَنَهَا وَقَضَاهُ لِمُسْلِمٍ مِنْ دَيْنِهِ جَازَ لَهُ أَخْذُهُ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَهَا مُبَاحٌ. وَلَوْ كَانَ الدَّيْنِ لِمُسْلِمٍ عَلَى مُسْلِمٍ فَبَاعَ الْمُسْلِمُ خَمْرًا وَأَخَذَ ثَمَنَهَا وَقَضَاهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ كُرِهَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ مِنْ دَيْنِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَدَّ الْعَدْلِيَّاتِ مَنْ لَهُ بِصَارَةٌ عَلَى أَنَّهَا زَيْفٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى مَنْ يَأْخُذُهَا مَكَانَ الْجَيِّدَةِ لِأَنَّهُ تَلْبِيسٌ وَغَدْرٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي الزَّادِ مَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ مِثْلَ دَيْنِهِ وَأَنْفَقَهُ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ زُيُوفٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَرُدُّ مِثْلَ الزُّيُوفِ وَيَرْجِعُ بِالْجِيَادِ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. لِرَجُلٍ عَلَى النَّاسِ دُيُونٍ وَهُمْ غُيَّبٌ فَقَالَ مَنْ كَانَ لِي عَلَيْهِ فَهُوَ فِي حِلٍّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِمَا لَهُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ جَائِزٌ وَهُمْ فِي حِلٍّ إذَا كَانَ عَلَيْهِمْ دَيْنٌ أَمَّا إذَا كَانَ شَيْئًا قَائِمًا لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِمَا لَهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ حَقٌّ فَأَبْرَأَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ قَالَ أَبْرَأْت جَمِيعَ غُرَمَائِي وَلَمْ يُسَمِّهِمْ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَنْوِهِمْ وَلَا وَاحِدًا

الباب الثامن والعشرون في ملاقاة الملوك والتواضع لهم وتقبيل أيديهم

مِنْهُمْ بِجِنَانِهِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَوَى ابْنُ مُقَاتِلٍ عَنْ عُلَمَائِنَا أَنَّهُمْ لَا يَبْرَءُونَ وَلَوْ قَالَ: كُلُّ غَرِيمٍ لِي فَهُوَ فِي حِلٍّ. قَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ لَا يَبْرَأُ غُرَمَاؤُهُ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَا لَوْ قَالَ لَيْسَ لِي بِالرَّيِّ شَيْءٌ ثُمَّ جَاءَ فِي الْغَدِ وَادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِي مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَهِيَ بِالرَّيِّ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ أَمَّا عِنْدِي فَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا يَبْرَأُ غُرَمَاؤُهُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ قَالَ أَعْطُوا ابْنَ فُلَانٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَإِنِّي أَكَلْت مِنْ مَالِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ تَجِدُوهُ فَأَعْطُوا وَرَثَتَهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا وَرَثَتَهُ فَتَصَدَّقُوا عَنْهُ فَوَجَدُوا امْرَأَتَهُ لَا غَيْرُ. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ إنْ ادَّعَتْ مَهْرَهَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْرِفْ وَارِثٌ سِوَاهَا يَدْفَعُ إلَيْهَا مَهْرَهَا وَإِنْ لَمْ تَدَّعِ الْمَهْرَ فَلَهَا الرُّبْعُ مِنْهَا إذَا قَالَتْ لَا وَلَدَ لَهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَمَنْ وَضَعَ دِرْهَمًا عِنْدَ بَقَّالٍ لِيَأْخُذَ مِنْهُ مَا شَاءَ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّ رَجُلًا فَقِيرًا لَهُ دِرْهَمٌ يَخَافُ أَنْ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ يَهْلَكُ أَوْ يُصْرَفُ إلَى حَاجَتِهِ لَكِنَّ حَاجَتَهُ إلَى الْمُعَامَلَةِ مَعَ الْبَقَّالِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهَا كَمَا فِي شِرَاءِ التَّوَابِلِ وَالْمِلْحِ وَالْكِبْرِيتِ وَلَيْسَ لَهُ فُلُوسٌ حَتَّى يَشْتَرِيَ بِهَا مَا سَخَطَ مِنْ الْحَاجَةِ كُلَّ سَاعَةٍ فَيُعْطِيَ الدِّرْهَمَ الْبَقَّالَ لِأَجْلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَا بِحِسَابِهِ جُزْءًا فَجُزْءًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا يُقَابِلُ الدِّرْهَمَ وَهَذَا الْفِعْلُ مِنْهُ مَكْرُوهٌ لِأَنَّ حَاصِلَ هَذَا الْفِعْلِ رَاجِعٌ إلَى أَنْ يَكُونَ هُوَ قَرْضًا فِيهِ جَرُّ نَفْعٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَلَكِنَّ الْحِيلَةَ فِيهِ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ الْبَقَّالَ دِرْهَمًا ثُمَّ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا شَاءَ فَإِذَا ضَاعَ فَهُوَ وَدِيعَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَمَّا أَخَذَ الْمُودِعُ مِنْ الْبَقَّالِ شَيْئًا فَشَيْئًا يَمْلِكُهُ مَا أَعْطَاهُ جُزْءًا فَجُزْءًا بِمُقَابَلَةِ مَا يَأْخُذُهُ فَيَحْصُلُ لَهُ الْمَقْصُودُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَفِي التَّجْرِيدِ وَلَوْ أَمَرَ صَائِغًا أَنْ يَصُوغَ لَهُ خَاتَمًا فِيهِ وَزْنُ دِرْهَمٍ مِنْ عِنْدِهِ وَجَعَلَ لَهُ أَجْرَ دَانِقٍ فَصَاغَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَرْضُ الْمُشَاعِ جَائِزٌ بِأَنْ أَعْطَاهُ أَلْفًا وَقَالَ نِصْفُهَا مُضَارَبَةٌ عِنْدَك بِالنِّصْفِ وَنِصْفُهَا قَرْضٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَاسْتِقْرَاضُ الْخَلِّ وَالْمُرَبَّى وَالرُّبِّ وَالْعَصِيرِ وَالْعَسَلِ وَالدُّهْنِ وَالسَّمْنِ يَجُوزُ كَيْلًا وَاسْتِقْرَاضُ الْحَدِيدِ يَجُوزُ وَزْنًا. وَكَذَا الصُّفْرُ وَالنُّحَاسُ وَالْمَرّ وَالْفَاسُ وَالْمِنْشَارُ وَالْمِنْشَرَةُ وَأَوَانِي الْخَزَفِ وَالْحَبَّابُ كُلُّهَا لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهَا وَاسْتِقْرَاضُ الْغَزْلِ وَزْنًا يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الزُّجَاجِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الْفَاكِهَةِ كُلِّهَا حُزَمًا وَلَا الْقَتِّ وَلَا التِّبْنِ أَوَقَارًا أَوَقَارًا وَلَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي الْقُرُوضِ عِنْدَنَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي النَّوَازِلِ كَانَ عَلَى الرَّجُلِ دَيْنٌ فَجَاءَ لِقَبْضِهِ فَدَفَعَهُ إلَى الطَّالِبِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْقُدَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِ الطَّالِبِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمَطْلُوبِ وَالدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْمَطْلُوبُ شَيْئًا فَأَخَذَ الطَّالِبُ ثُمَّ دَفَعَ إلَى الْمَطْلُوبِ لِيَنْقُدَ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الطَّالِبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّامِن وَالْعُشْرُونَ فِي مُلَاقَاة الْمُلُوك وَالتَّوَاضُع لَهُمْ وَتَقْبِيل أيديهم] (الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي مُلَاقَاةِ الْمُلُوكِ وَالتَّوَاضُعِ لَهُمْ وَتَقْبِيلِ أَيْدِيهِمْ أَوْ يَدِ غَيْرِهِمْ وَتَقْبِيلِ الرَّجُلِ وَجْهَ غَيْرِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) عَنْ أَبِي اللَّيْثِ الْحَافِظِ أَنَّهُ يُكْرَهُ الدُّخُولُ عَلَى السَّلَاطِينِ وَيُفْتِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ وَأَفْتَى بِإِبَاحَتِهِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلٌ دَعَاهُ الْأَمِيرُ فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تَكَلَّمَ بِمَا يُوَافِقُ الْحَقَّ يُصِيبُهُ الْمَكْرُوهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا يُخَالِفُ الْحَقَّ وَهَذَا إذَا كَانَ لَا يَخَافُ الْقَتْلَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا إتْلَافَ عُضْوٍ وَلَا إتْلَافَ غَيْرِهِ وَلَا مَالِهِ فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالتَّوَاضُعُ لِغَيْرِ اللَّهِ حَرَامٌ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. مَنْ سَجَدَ لِلسُّلْطَانِ عَلَى وَجْهِ التَّحِيَّةِ أَوْ قَبَّلَ الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يَكْفُرُ وَلَكِنْ يَأْثَمُ لِارْتِكَابِهِ الْكَبِيرَةَ هُوَ الْمُخْتَارُ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ سَجَدَ لِلسُّلْطَانِ بِنِيَّةِ الْعِبَادَةِ أَوْ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ فَقَدْ كَفَرَ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْحَرْبِ لِلْمُسْلِمِ اُسْجُدْ لِلْمَلِكِ وَإِلَّا قَتَلْنَاك قَالُوا إنْ أَمَرُوهُ بِذَلِكَ لِلْعِبَادَةِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ لَا يَسْجُدَ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَكْفُرَ كَانَ الصَّبْرُ أَفْضَلَ وَإِنْ أَمَرُوهُ بِالسُّجُودِ لِلتَّحِيَّةِ وَالتَّعْظِيمِ لَا الْعِبَادَةِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تَقْبِيلُ الْأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْ الْعَظِيمِ حَرَامٌ وَإِنَّ الْفَاعِلَ وَالرَّاضِيَ آثِمَانِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَتَقْبِيلُ الْأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْ الْعُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ فِعْلُ الْجُهَّالِ وَالْفَاعِلُ وَالرَّاضِي آثِمَانِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. الِانْحِنَاءُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ لِغَيْرِهِ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ فِعْلَ الْمَجُوسِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَيُكْرَهُ الِانْحِنَاءُ عِنْدَ التَّحِيَّةِ وَبِهِ وَرَدَ النَّهْيُ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. تَجُوزُ الْخِدْمَةُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقِيَامِ وَأَخْذِ الْيَدَيْنِ وَالِانْحِنَاءِ وَلَا يَجُوزُ السُّجُودُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. (وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي تَقْبِيلِ الْيَدِ) فَإِنْ قَبَّلَ يَدَ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَإِنْ قَبَّلَ يَدَ غَيْرِهِ إنْ قَبَّلَ يَدَ عَالِمٍ أَوْ سُلْطَانٍ عَادِلٍ لِعِلْمِهِ وَعَدْلِهِ لَا بَأْسَ بِهِ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ وَإِنْ قَبَّلَ يَدَ غَيْرِ الْعَالِمِ وَغَيْرِ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ إنْ أَرَادَ بِهِ تَعْظِيمَ الْمُسْلِمِ وَإِكْرَامِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ عِبَادَةً لَهُ أَوْ لِيَنَالَ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَكَانَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ يُفْتِي بِالْكَرَاهَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. تَقْبِيلُ يَدِ الْعَالِمِ وَالسُّلْطَانِ الْعَادِلِ جَائِزٌ وَلَا رُخْصَةَ فِي تَقْبِيلِ يَدِ غَيْرِهِمَا هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. طَلَبَ مِنْ عَالِمٍ أَوْ زَاهِدٍ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ قَدَمَهُ لِيُقَبِّلَهُ لَا يُرَخَّصُ فِيهِ وَلَا يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ عِنْدَ الْبَعْضِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ وَكَذَا إذَا اسْتَأْذَنَهُ أَنْ يُقَبِّلَ رَأْسَهُ أَوْ يَدَيْهِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَمَا يَفْعَلُهُ الْجُهَّالُ مِنْ تَقْبِيلِ يَدِ نَفْسِهِ بِلِقَاءِ صَاحِبِهِ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. (وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي تَقْبِيلِ الْوَجْهِ) حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلَ وَجْهَ الرَّجُلِ إذَا كَانَ فَقِيهًا أَوْ عَالِمًا أَوْ زَاهِدًا يُرِيدُ بِذَلِكَ إعْزَازَ الدِّينِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ وَجْهَ آخَرَ أَوْ جَبْهَتَهُ أَوْ رَأْسَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. يُكْرَهُ أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ فَمَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِالتَّقْبِيلِ وَالْمُعَانَقَةِ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَتْ الْمُعَانَقَةُ فَوْقَ قَمِيصٍ أَوْ جُبَّةٍ أَوْ كَانَتْ الْقُبْلَةُ عَلَى وَجْهِ الْمَبَرَّةِ دُونَ الشَّهْوَةِ جَازَ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. يُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْمَرْأَةِ فَمَ امْرَأَةٍ أُخْرَى أَوْ خَدَّهَا عِنْدَ اللِّقَاءِ أَوْ الْوَدَاعِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ قَدِمَ شَيْخٌ مِنْ السَّفَرِ فَأَرَادَ أَنْ يُقَبِّلَ أُخْتَهُ وَهِيَ شَيْخَةٌ قَالَ إنْ كَانَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا يَجُوزُ كَذَا رَوَى خَلَفٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. ذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ التَّقْبِيلَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ قُبْلَةُ الرَّحْمَةِ كَقُبْلَةِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ وَقُبْلَةُ التَّحِيَّةِ كَقُبْلَةِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَقُبْلَةُ الشَّفَقَةِ كَقُبْلَةِ الْوَلَدِ وَالِدَيْهِ وَقُبْلَةُ الْمَوَدَّةِ كَقُبْلَةِ الرَّجُلِ أَخَاهُ عَلَى الْجَبْهَةِ وَقُبْلَةُ الشَّهْوَةِ كَقُبْلَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ قُبْلَةَ الدِّيَانَةِ وَهِيَ قُبْلَةُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. قَبَّلَ امْرَأَةَ أَبِيهِ وَهِيَ بِنْتُ خَمْسِ أَوْ سِتِّ سِنِينَ عَنْ شَهْوَةٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُشْتَهَاةٍ وَإِنْ اشْتَهَاهَا هَذَا الِابْنُ لَا يُنْظَرُ إلَى ذَلِكَ فَقِيلَ إنْ كَبُرَتْ حَتَّى خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الشَّهْوَةِ. وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا تَحْرُمُ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَتَجُوزُ الْمُصَافَحَةُ وَالسُّنَّةُ فِيهَا أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الباب التاسع والعشرون في الانتفاع بالأشياء المشتركة

[الْبَاب التَّاسِع وَالْعُشْرُونَ فِي الِانْتِفَاع بِالْأَشْيَاءِ الْمُشْتَرَكَة] (الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْأَشْيَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ) ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِ الْأَصْلِ فِي الدَّارِ إذَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبٌ وَأَرَادَ الْحَاضِرُ أَنْ يُسَكِّنَهَا إنْسَانًا أَوْ يُؤَاجِرَهَا إنْسَانًا قَالَ أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ وَفِي الْقَضَاءِ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ آجَرَ وَأَخَذَ الْأَجْرَ يُنْظَرُ إلَى حِصَّةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْ الْأَجْرِ وَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا يَتَصَدَّقْ وَكَانَ كَالْغَاصِبِ إذَا آجَرَ وَقَبَضَ الْأَجْرَ بِتَصَدُّقٍ أَوْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَمَّا مَا يَخُصُّ نَصِيبَهُ يَطِيبُ لَهُ هَذَا إذَا أَسْكَنَ غَيْرَهُ أَمَّا إذَا سَكَنَ بِنَفْسِهِ وَشَرِيكُهُ غَائِبٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا لَوْ أَسْكَنَ غَيْرَهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُ ذَلِكَ. وَفِي الْعُيُونِ لَوْ أَنَّ دَارًا غَيْرُ مَقْسُومَةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَسِعَ الْحَاضِرُ أَنْ يَسْكُنَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَيَسْكُنَ الدَّارَ كُلَّهَا وَكَذَا خَادِمٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا فَلِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْخَادِمَ بِحِصَّتِهِ وَفِي الدَّابَّةِ لَا يَرْكَبُهَا الْحَاضِرُ وَفِي إجَارَاتِ النَّوَازِلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ أَنَّ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ قَدْرَ نَصِيبِهِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ جَمِيعَ الدَّارِ إذَا خَافَ عَلَى الدَّارِ الْخَرَابَ إنْ لَمْ يَسْكُنْهَا وَرَوَى ابْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَرْضِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَفِي الدَّارِ لَهُ أَنْ يَسْكُنَ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الدَّابَّةِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اسْتَعْمَلَهَا أَحَدُهُمَا فِي الرُّكُوبِ أَوْ حَمْلِ الْمَتَاعِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ كَذَا فِي الصُّغْرَى. دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ قَوْمٍ فَلِبَعْضِهِمْ أَنْ يَرْبِطَ فِيهَا دَابَّةً وَأَنْ يَتَوَضَّأَ فِيهَا وَيَضَعَ فِيهَا خَشَبَةً وَلَوْ عَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْفِرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ يَبْنِيَ بِنَاءً بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَإِنْ بَنَى أَوْ حَفَرَ ضَمِنَ النُّقْصَانَ وَيُؤْمَرُ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ طَرِيقًا فِي مِلْكِهِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ بِحَاجَةٍ لَهُ قَالَ يَنْظُرُ الْقَاضِي فِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بِأَصْحَابِ السِّكَّةِ وَاسْتَوْثَقَ ذَلِكَ الْبَابَ حَتَّى يَصِيرَ كَالْجِدَارِ لَمْ يَمْنَعْهُ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ إحْدَاثَ ظُلَّةٍ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَلَا يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ فَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ حَقَّ الْمَنْعِ وَحَقَّ الطَّرْحِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ حَقُّ الْمَنْعِ مِنْ الْإِحْدَاثِ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الطَّرْحِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمَنْعِ وَلَا حَقَّ الطَّرْحِ وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِينَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ حَقُّ الطَّرْحِ وَالْمَنْعِ فَإِنْ أَرَادَ إحْدَاثَ الظُّلَّةِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الضَّرَرُ وَعَدَمُ الضَّرَرِ عِنْدَنَا بَلْ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِذْنُ مِنْ الشُّرَكَاءِ وَهَلْ يُبَاحُ إحْدَاثُ الظُّلَّةِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يُبَاحُ وَلَا يَأْثَمُ قَبْلَ أَنْ يُخَاصِمَهُ أَحَدٌ وَبَعْدَ مَا خَاصَمَهُ أَحَدٌ لَا يُبَاحُ الْإِحْدَاثُ وَلَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ وَيَأْثَمُ بِتَرْكِ الظُّلَّةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُبَاحُ لَهُ الِانْتِفَاعُ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ ذَلِكَ بِالْعَامَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الرَّجُلِ إذَا طَيَّنَ جِدَارَ دَارِهِ وَشَغَلَ هَوَاءَ الْمُسْلِمِينَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَنْقُضَ ذَلِكَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَنْقُضُ وَيُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ وَرُوِيَ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُطَيِّنَ دَارِهِ نَحْوَ السِّكَّةِ خَدَشَهُ ثُمَّ طَيَّنَهُ كَيْ لَا يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ الْهَوَاءِ. ثُمَّ سُئِلَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى عَنْ الْجِذْعِ إذَا كَانَ خَارِجًا مِنْ السِّكَّةِ أَوْ مُتَعَلِّقًا بِجِدَارِ الشَّرِيكِ فَأَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ أَوْ يَقْطَعَ قَالَ إنْ كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ فَإِذَا نَقَضَهُ لَا يُؤْمَرُ بِبِنَائِهِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْجِذْعِ حَقُّ الْقَرَارِ وَإِنْ كَانَتْ السِّكَّةُ غَيْرَ نَافِذَةٍ فَإِنْ كَانَ قَدِيمًا فَلِصَاحِبِهِ حَقُّ الْقَرَارِ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ حَقُّ النَّقْضِ وَإِذَا نَقَضَ يُؤْمَرُ بِالْبِنَاءِ ثَانِيًا وَإِنْ كَانَ مُحْدَثًا

فَلِصَاحِبِهِ حَقُّ النَّقْضِ وَإِذَا نَقَضَ لَا يُؤْمَرُ بِالْبِنَاءِ ثَانِيًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ كَنِيفًا أَوْ ظُلَّةً عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَإِنَى أَمْنَعُهُ عَنْ ذَلِكَ وَإِنْ بَنَى ثُمَّ اخْتَصَمُوا نَظَرْت فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ أَمَرْته أَنْ يَقْلَعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرُ تَرِكَتِهِ عَلَى حَالِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَخْرَجَ الْكَنِيفَ وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِي دَارِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرُ تَرِكَتِهِ وَإِنْ أَدْخَلَهُ دَارِهِ مُنِعَ عَنْهُ. وَقَالَ فِي رَجُلٍ لَهُ ظُلَّةٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَلَيْسَ لِأَصْحَابِ السِّكَّةِ أَنْ يَهْدِمُوهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ كَيْفَ كَانَ أَمْرُهَا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ بَنَاهَا عَلَى السِّكَّةِ هُدِمَتْ وَلَوْ كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً هُدِمَتْ فِي الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ أَهْدِمُهَا وَإِلَّا فَلَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجْعَلُ حَدِيثًا حَتَّى كَانَ لِلْإِمَامِ رَفْعُهُ وَمَا كَانَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ إذَا لَمْ يَعْلَمْ يُجْعَلُ قَدِيمًا حَتَّى لَا يَكُونَ لِأَحَدٍ رَفْعُهُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَتَأْوِيلُ هَذَا فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ أَنْ تَكُونَ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ قَوْمٍ أَوْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمْ بَنَوْا فِيهَا مَسَاكِنَ وَحُجُرَاتٍ وَرَفَعُوا بَيْنَهُمْ طَرِيقًا حَتَّى تَكُونَ الطَّرِيقُ مِلْكًا لَهُمْ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ فِي الْأَصْلِ أُحِيطَتْ بِأَنْ بَنَوْا دَارًا وَتَرَكُوا هَذَا الطَّرِيقَ لِلْمُرُورِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ لِأَنَّ هَذَا الطَّرِيقَ بَقِيَ عَلَى مِلْكِ الْعَامَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا هَذِهِ السِّكَّةَ عِنْدَ الزِّحَامِ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْأَجَلِّ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي حَدِّ السِّكَّةِ الْخَاصَّةِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا قَوْمٌ يُحْصُونَ أَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا قَوْمٌ لَا يُحْصُونَ فَهِيَ سِكَّةٌ عَامَّةٌ وَالْحُكْمُ فِيهَا نَظِيرُ الْحُكْمِ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَسُئِلَ عَنْ سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فِي وَسَطِهَا مَزْبَلَةٌ فَأَرَادَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنْ يُفْرِغَ كَنِيفًا لَهُ وَيُحَوِّلَهُ إلَى تِلْكَ الْمَزْبَلَةِ وَيَتَأَذَّى بِهِ الْجِيرَانُ فَقَالَ: لَهُمْ مَنْعُهُ عَنْ ذَلِكَ وَعَنْ كُلِّ شَيْءٍ يَتَأَذَّوْنَ بِهِ تَأَذِّيًا شَدِيدًا. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. أَحْدَثَ مُسْتَرَاحًا فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ بِرِضَا الْجِيرَانِ ثُمَّ قَبْلَ تَمَامِ الْعِمَارَةِ مَنَعُوهُ وَلَيْسَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَلَهُمْ الْمَنْعُ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اتَّخَذَ عَلَى بَابِ دَارِهِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ أَرِيًّا يُمْسِكُ دَابَّتَهُ هُنَاكَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ أَنْ يَنْقُضَ الْأَرِيَّ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ إمْسَاكِ الدَّوَابِّ عَلَى بَابِ دَارِهِ لِأَنَّ السِّكَّةَ إذَا كَانَتْ غَيْرَ نَافِذَةٍ فَهِيَ كَدَارٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَسْكُنَ فِي نِصْفِهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا أَوْ يَبْنِيَ فِيهَا وَاِتِّخَاذُ الْأَرِيَّ مِنْ الْبِنَاءِ وَإِمْسَاكُ الدَّوَابِّ عَلَى الْأَبْوَابِ مِنْ السُّكْنَى وَفِي بِلَادِنَا كَانَ الرَّسْمُ إمْسَاكَ الدَّوَابِّ عَلَى أَبْوَابِ دُورِهِمْ وَلَوْ كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهَا إمْسَاكُ الدَّابَّةِ عَلَى بَابِ دَارِهِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. هَدَمَ وَاحِدٌ بَيْتَهُ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَفِيهِ جَنَاحٌ فَلَهُ أَنْ يَبْنِيَهُ كَمَا كَانَ وَلَيْسَ لِلْجِيرَانِ حَقُّ الْمَنْعِ إنْ كَانَ قَدِيمًا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ قَلْعُ الْجِنَاحِ فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ هَدَمَ بَيْتَهُ وَلَمْ يَبْنِ وَالْجِيرَانُ يَتَضَرَّرُونَ بِذَلِكَ كَانَ لَهُمْ جَبْرُهُ عَلَى الْبِنَاءِ إذَا كَانَ قَادِرًا وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِيعَتْ دَارٌ كَبِيرَةٌ مِيزَابُهَا عَلَى مَنْهَرَةٍ مِنْ جَمَاعَةٍ فَاتَّخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ دَارًا عَلَى حِدَةٍ وَوَضَعَ مِيزَابَهَا عَلَى تِلْكَ الْمَنْهَرَةِ فَكَثُرَتْ الْمَيَازِيبُ عَلَيْهَا فَهَلْ لِلْجِيرَانِ مَنْعُهُمْ مِنْهَا فَأَجَابَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْجِيرَانِ مَنْعُهُمْ كَمَا إذَا أَسْكَنَ الْبَائِعُ فِيهَا جَمَاعَةً مِنْ النَّاسِ وَكَمَا إذَا اشْتَرَى الدَّارَ الْوَاحِدَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ النَّاسِ مِنْ وَاحِدٍ وَسَكَنُوهَا وَكَثُرَتْ مِيَاهُهُمْ عَلَى مِيزَابِهَا فَإِنَّ ضَرَرَ الْمَيَازِيبِ لَيْسَ إلَّا كَثْرَةُ الْمَاءِ وَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ. وَكَذَا إذَا بَاعَ دَارِهِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ مِنْ جَمَاعَةٍ فَلَيْسَ لِأَهْلِهَا الْمَنْعُ وَإِنْ لَزِمَهُمْ ضَرَرُ

الباب الثلاثون في المتفرقات

كَثْرَةِ الشُّرَكَاءِ وَالْمَارَّةِ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ وَرَدَ الْفَتْوَى وَالْجَوَابَ عَلَى شَيْخِنَا نَجْمِ الْأَئِمَّةِ الْحَلِيمِيِّ فَتَوَقَّفَ وَبَاحَثَ فِيهِ أَصْحَابَهُ وَأَهْلَ عَصْرِهِ أَيَّامًا ثُمَّ تَقَرَّرَ رَأْيَهُ عَلَى أَنَّ لِلْجِيرَانِ الْمَنْعَ بِخِلَافِ تِلْكَ الْمَسَائِلِ فَإِنَّ الضَّرَرَ فِيهَا غَيْرُ لَازِمٍ وَلَا دَائِمٍ وَلَا كَذَلِكَ هَهُنَا. عَنْ شَدَّادٍ أَرَادَ أَنْ يَغْرِسَ فِي النَّهْرِ الْعَامِّ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ غَرَسَ شَجَرًا عَلَى فِنَاءِ دَارِهِ وَفِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَفِي السِّكَّةِ أَشْجَارٌ غَيْرُ تِلْكَ فَأَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ أَنْ يَقْلَعَهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْأَشْجَارِ الْأُخَرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ وَلَيْسَ بِمُحْتَسِبٍ. وَكَذَلِكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ جَنَاحًا خَارِجًا فِي الطَّرِيقِ الْجَادَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا مُحْتَسِبًا يَتَعَرَّضُ لِجَمِيعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو نَصْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا غَرَسَ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ عَامٍّ لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ فَذَلِكَ يُبَاحُ لَهُ وَلِمَنْ شَاءَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَأْخُذَهُ بِرَفْعِ ذَلِكَ وَإِنْ جَعَلَهُ وَقْفًا صَارَ وَقْفًا وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَحُكِيَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَلَمَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ قَدْ بَنَى دُكَّانًا عَلَى بَابِهِ وَأَرِيًّا لِدَابَّتِهِ فَقِيلَ لِلشَّيْخِ أَبِي نَصْرٍ مَا تَقُولُ بِهِ قَالَ لَا أُبْعِدُهُ عَنْ الصَّوَابِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ غَرَسَ أَشْجَارًا عَلَى شَطِّ النَّهْرِ بِحِذَاءِ بَابِ دَارِهِ وَبَيْنَ دَارِهِ وَالْأَشْجَارِ طَرِيقٌ جَادَّةٌ أَيُكْرَهُ ذَلِكَ قَالَ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْجَارُ لَا تَضُرُّ بِالنَّهْرِ وَأَهْلِهِ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ غَارِسُهَا فِي سَعَةٍ وَيَخْلُفُهُ مَنْ بَعْدَهُ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَفِي النَّوَازِلِ غَرَسَ شَجَرَةً عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ عَامٍّ فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ بِشَرِيكٍ فِي النَّهْرِ يُرِيدُ أَخْذَهُ بِقَلْعِهَا فَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِأَكْثَرِ النَّاسِ فَلَهُ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَرْفَعَ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَأْمُرَهُ بِالْقَلْعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا رَفَعَ طِينًا أَوْ تُرَابًا مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَفِي أَيَّامِ الْأَوْحَالِ جَازَ بَلْ هُوَ أَوْلَى وَفِي غَيْرِ أَيَّامِ الْأَوْحَالِ إنْ لَمْ يَصِرْ كَالْأَرْضِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَالْأَرْضِ وَاحْتَاجَ الرَّافِعُ إلَى قَلْعِهِ لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ فِيهِ مَضَرَّةٌ بِالْمَارَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَخَذَ الرَّدْغَةَ عَنْ وَسَطِ الطَّرِيقِ أَوْ أَخَذَ التُّرَابَ عَنْ حَافَّتَيْ النَّهْرِ الْعَامِّ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَامَّةِ وَفِي النَّوَازِلِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الطَّرِيقِ فَلَا بَأْسَ بِرَفْعِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ إذْنَ الْوَالِي وَكِلَاهُمَا حَسَنٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ يَتَّخِذُ طِينًا فِي زُقَيْقَةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ قَالَ إنْ تَرَكَ مِقْدَارَ الْمَمَرِّ لِلنَّاسِ وَيَرْفَعُهُ سَرِيعًا وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْأَحَايِينِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ يُجَوِّزُ بَلَّ الطِّينِ فِيهَا لِلْأَرِيِّ وَالدُّكَّانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ تُرَابِ سُورِ الْمَدِينَةِ قَالَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ قِيلَ فَإِنْ انْهَدَمَ شَيْءٌ مِنْ السُّورِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. حَوْضٌ لِلسَّبِيلِ رَفَعَ إنْسَانٌ مِنْهُ جَرَّةً مِنْ مَاءٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَضَعَهَا عَلَى شَطِّ الْحَوْضِ فَإِنْ فَعَلَ فَأَصَابَ شَيْئًا ضَمِنَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّلَاثُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الثَّلَاثُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) لَهُ امْرَأَةٌ فَاسِقَةٌ لَا تَنْزَجِرُ بِالزَّجْرِ لَا يَجِبُ تَطْلِيقُهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي النَّوَازِلِ إذَا أَدْخَلَ الرَّجُلُ ذَكَرَهُ فِي فَمِ امْرَأَتِهِ قَدْ قِيلَ يُكْرَهُ وَقَدْ قِيلَ بِخِلَافِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. تَضْرِبُ الْمَرْأَةُ جَارِيَةَ زَوْجِهَا غِيرَةً وَلَا تَتَّعِظُ بِوَعْظٍ فَلَهُ ضَرْبُهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. سُئِلَ أَيْضًا عَنْ الشَّافِعِيَّةِ فَهَلْ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَ زَوْجَهَا مِنْ نَفْسِهَا فِي الْيَوْمِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ حَيْضِهَا وَزَوْجُهَا حَنَفِيُّ الْمَذْهَبِ فَقَالَ إنَّمَا يُفْتِي الْمُفْتِي عَلَى مَذْهَبِهِ لَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُسْتَفْتِي كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. مَرِضَتْ الْجَارِيَةُ مَرَضَ الْمَوْتِ فَإِعْتَاقُهَا أَوْلَى لِتَمُوتَ حُرَّةً كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. امْرَأَةٌ تُرْضِعُ صَبِيًّا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ إلَّا إذَا خَافَتْ هَلَاكَ الرَّضِيعِ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ

مَنْ أَمْسَكَ حَرَامًا لِأَجْلِ غَيْرِهِ كَالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ إنْ أَمْسَكَ لِمَنْ يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ كَالْخَمْرِ يُمْسِكُهُ لِلْمُسْلِمِ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ أَمْسَكَ لِمَنْ يَعْتَقِدُ إبَاحَتَهُ كَمَا لَوْ أَمْسَكَ لِكَافِرٍ يُكْرَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَمْسَكَ الْخَمْرَ فِي بَيْتِهِ لِلتَّخْلِيلِ جَازَ وَلَا يَأْثَمُ. وَلَوْ أَمْسَكَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْمَعَازِفِ وَالْمَلَاهِي كُرِهَ وَيَأْثَمُ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَعْمِلُهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اجْتَمَعَ قَوْمٌ مِنْ الْأَتْرَاكِ وَالْأُمَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ فِي مَوْضِعِ الْفَسَادِ فَنَهَاهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْمُنْكَرِ فَلَمْ يَنْزَجِرُوا فَاشْتَغَلَ الْمُحْتَسِبُ وَقَوْمٌ مِنْ بَابِ السَّيِّدِ الْأَجَلِّ الْإِمَامِ لِيُفَرِّقُوهُمْ وَيُرِيقُوا خُمُورَهُمْ فَذَهَبُوا مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَظَفِرُوا بِبَعْضِ الْخُمُورِ فَأَرَاقُوهَا وَجَعَلُوا الْمِلْحَ فِي بَعْضِ الدِّنَانِ بِالتَّخْلِيلِ فَأَخْبَرَ الشَّيْخَ بِذَلِكَ فَقَالَ لَا تَدَعُوا وَاكْسِرُوا الدِّنَانَ كُلَّهَا وَأَرِيقُوا مَا بَقِيَ وَإِنْ جُعِلَ فِيهِ الْمِلْحُ قَالَ وَقَدْ ذُكِرَ فِي كِتَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ مَنْ أَرَاقِّ خُمُورَ الْمُسْلِمِينَ وَكَسَرَ دِنَانَهُمْ وَشَقَّ زُقَاقَهُمْ الَّتِي فِيهَا الْخَمْرُ حِسْبَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. . وَكَذَا مَنْ أَرَاقَ خُمُورَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَكَسَرَ دِنَانَهَا وَشَقَّ زُقَاقَهَا إذَا أَظْهَرُوا ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِطَرِيقِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. لَا يَنْبَغِي لِلشَّيْخِ الْجَاهِلِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الشَّابِّ الْعَالِمِ فِي الْمَشْيِ وَالْجُلُوسِ وَالْكَلَامِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَالشَّابُّ الْعَالِمُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الشَّيْخِ الْغَيْرِ الْعَالِمِ وَالْعَالِمُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْقُرَشِيِّ الْغَيْرِ الْعَالِمِ قَالَ الزندويستي حَقُّ الْعَالِمِ عَلَى الْجَاهِلِ وَحَقُّ الْأُسْتَاذِ عَلَى التِّلْمِيذِ وَاحِدٌ عَلَى السَّوَاءِ وَهُوَ أَنْ لَا يَفْتَتِحَ بِالْكَلَامِ قَبْلَهُ وَلَا يَجْلِسَ مَكَانَهُ وَإِنْ غَابَ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى كَلَامِهِ وَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ فِي مَشْيِهِ. وَحَقُّ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا وَتُطِيعُهُ عَلَى كُلِّ مُبَاحٍ يَأْمُرُهَا بِهِ وَتَقَدَّمَ مَالَهُ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَالَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْحَلِيمِيُّ اتَّخَذَ (تَابَخَانَهْ) فِي دَارٍ مُسْبَلَةٍ مُسْتَأْجَرَةٍ وَوَضَعَ فِيهَا كُوًى لِلنُّورِ وَالْجَارُ الْمُقَابِلُ يَقُولُ إنَّ تَلَامِذَتَهُ تَطْلُعُ عَلَيْنَا إذَا كُنَّا فِي السَّطْحِ أَوْ الْمُبْرِزِ أَوْ عِنْدَ الْبَابِ فَسَدَّ الْكُوَى لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَلَوْ زَرَعَ فِي أَرْضِهِ أُرْزًا وَيَتَضَرَّرُ الْجِيرَانُ بِالنَّزِّ ضَرَرًا بَيِّنًا لَيْسَ لَهُمْ الْمَنْعُ مِنْهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْمَثَاعِبُ الَّتِي تَكُونُ فِي الطَّرِيقِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُخَاصِمَ فِيهَا وَلَا يَرْفَعَهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَلَا يَجُوزُ حَمْلُ تُرَابِ رَبْضِ الْمِصْرِ لِأَنَّهُ حِصْنٌ فَكَانَ حَقَّ الْعَامَّةِ فَإِنْ انْهَدَمَ الرَّبْضُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ جَازَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَفِي تَجْنِيسِ الْمُلْتَقَطِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ سَطْحُهُ وَسَطْحُ جَارِهِ سَوَاءٌ وَفِي صُعُودِ السَّطْحِ يَقَعُ بَصَرُهُ فِي دَارِ جَارِهِ فَلِلْجَارِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ الصُّعُودِ مَا لَمْ يَتَّخِذْ سُتْرَةً وَإِذَا كَانَ بَصَرُهُ لَا يَقَعُ فِي دَارِهِ وَلَكِنْ يَقَعُ عَلَيْهِمْ إذَا كَانُوا عَلَى السَّطْحِ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ نَاصِرُ الدِّينِ هَذَا نَوْعُ اسْتِحْسَانٍ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُمْنَعَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْيَتِيمَةِ سَأَلْت أَبَا حَامِدٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ ضَيْعَةٌ أَرْضُهَا مُرْتَفِعَةٌ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسِيلَ النَّهْرَ يَوْمًا أَوْ نِصْفَ يَوْمٍ بِغَيْرِ رِضَا الْأَسْفَلِينَ حَتَّى يَسْقِيَهَا فَقَالَ نَعَمْ وَهَكَذَا نَصَّ حِمْيَرُ الْوَبَرِيُّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ مَشَى فِي الطَّرِيقِ وَكَانَ فِي الطَّرِيقِ مَاءٌ فَلَمْ يَجِدْ مَسْلَكًا إلَّا أَرْضَ إنْسَانٍ فَلَا بَأْسَ بِالْمَشْيِ فِيهَا وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ مَسْأَلَةَ الْمُرُورِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ لِأَرْضِ الْغَيْرِ حَائِطٌ وَحَائِلٌ لَا يَمُرُّ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَائِطٌ فَلَا بَأْسَ بِالْمُرُورِ فِيهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذَا الْبَابِ عَادَاتُ النَّاسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي النَّوَازِلِ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَمُرَّ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمُرَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَهُ أَنْ يَمُرَّ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ فَإِذَا مَنَعَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمُرَّ فِيهَا وَهَذَا فِي حَقِّ الْوَاحِدِ أَمَّا الْجَمَاعَةُ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَمُرُّوا مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ الْمُرُورِ فِي طَرِيقٍ مُحْدَثٍ قَالَ إذَا وَضَعَ صَاحِبُ الْمِلْكِ ذَلِكَ جَازَ الْمُرُورُ فِيهِ حَتَّى يَعْرِفَ أَنَّهَا غَصْبٌ قَالَ

أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ شَاذَانَ بْنُ إبْرَاهِيمَ يَمُرُّ فِي سُوقِ الْقَطَّانِينَ وَيَرْبِطُ بَغْلَتَهُ هُنَاكَ عَلَى رَأْسِ سِكَّةِ الْأَصْفَهَانِيَّةِ وَكَذَلِكَ نُصَيْرٌ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعَامَّةُ سُلُوكِي فِي ذَلِكَ وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَقَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَأَيْت أَهْلَ تِلْكَ السِّكَّةِ يُخْرِجُونَ الْجِنَازَةَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ وَكَرِهُوا الْمُرُورَ فِي ذَلِكَ السُّوقِ وَقَالُوا هُوَ جَوْرٌ لَكِنَّ الْأَخْذَ بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْعَوَامّ وَلَا بَأْسَ بِالْمُرُورِ هُنَاكَ وَإِخْرَاجِ الْجِنَازَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. مَنْ لَهُ مَجْرَى نَهْرٍ فِي دَارِ رَجُلٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَمُرَّ فِي بَطْنِ النَّهْرِ أَوْ فِي مُسِنَّاتِهِ وَأَرَادَ إصْلَاحَهُ وَيَمْنَعُهُ صَاحِبُ الدَّارِ يُقَالُ لِصَاحِبِ الدَّارِ إمَّا أَنْ تَدَعَهُ حَتَّى يُصْلِحَهُ وَإِمَّا أَنْ تُصْلِحَهُ مِنْ مَالِهِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ. وَهَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْحَائِط وَصُورَتُهُ رَجُلٌ لَهُ حَائِطٌ وَجْهُهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُطَيِّنَ الْحَائِطَ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الدَّارِ عَنْ دُخُولِ دَارِهِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى تَطْيِينِ الْحَائِطِ إلَّا مِنْ دَارِهِ قَالَ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ تَطْيِينِ حَائِطِهِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ قِيلَ فَإِنْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَوَقَعَ الطِّينُ فِي دَارِ جَارِهِ فَأَرَادَ نَقْلَ الطِّينِ وَلَيْسَ لَهُ سَبِيلٌ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ الدَّارَ قَالَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ قِيلَ فَيَتْرُكُ مَالَهُ فِي دَارِهِ قَالَ لَا يُمْنَعُ مِنْ مَالِهِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ مَعْنَاهُ أَنْ يُقَالَ لِصَاحِبِ الدَّارِ إمَّا أَنْ تَأْذَنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ أَوْ تُخْرِجَ أَنْتَ طِينَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. . وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ نَهْرٌ لِرَجُلٍ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَرَادَ صَاحِبُ النَّهْرِ أَنْ يَدْخُلَ الْأَرْضَ لِيُعَالِجَ نَهَرَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَمْشِيَ فِي بَطْنِ النَّهْرِ وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ ضَيِّقًا لَا يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ فِي بَطْنِهِ لَا يَدْخُلُ فِي الْأَرْضِ أَيْضًا قِيلَ هَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ لَا حَرِيمَ لِلنَّهْرِ عِنْدَهُ أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا أَنَّ لِصَاحِبِ النَّهْرِ حَرِيمَهُ فَلَهُ أَنْ يَمُرَّ عَلَى الْحَرِيمِ وَقِيلَ مَا ذَكَرَ قَوْلَ الْكُلِّ وَتَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنَّ صَاحِبَ النَّهْرِ بَاعَ الْحَرِيمَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَرَّ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِحْلَالُ إنْ أَضَرَّ بِهَا كَالْمَزْرُوعَةِ أَوْ الرَّطْبَةِ وَإِلَّا فَلَا إلَّا إذَا رَآهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِحْلَالُ لِإِيذَائِهِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَمَرَّ فِيهَا مَعَ فَرَسِهِ أَوْ حِمَارِهِ قَبْلَ أَنْ يُثْبِتَهُ بِالْحُجَّةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْمُرُورِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ. نَصَبَ مِنْوَالًا لِاسْتِخْرَاجِ الْإِبْرَيْسَمِ مِنْ الْفَيْلَقِ فَلِلْجِيرَانِ الْمَنْعُ إذَا تَضَرَّرُوا بِالدُّخَانِ وَرَائِحَةِ الدِّيدَانِ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ يَرْفَعُ إلَى الْمُحْتَسِبِ فَيَمْنَعُهُ إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ. قَالَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ اتَّخَذَ فِي دَارِ أَبَوَيْهِ بِرِضَاهُمَا عَمَلَ نَسْجِ الْعَتَّابِيَّاتِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ مَنْعُهُ وَلَوْ اتَّخَذَ طَاحُونَةً لِنَفْسِهِ لَا يُمْنَعُ وَلِلْأُجْرَةِ يُمْنَعُ. وَلِلْجِيرَانِ مَنْعُ دَقَّاقِ الذَّهَبِ مِنْ دَقِّهِ بَعْدَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ إذَا تَضَرَّرُوا بِهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَنْ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ. رَجُلٌ اتَّخَذَ بُسْتَانًا وَغَرَسَ فِيهِ أَشْجَارًا بِجَنْبِ دَارِ جَارِهِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ لَيْسَ فِي هَذَا تَقْدِيرٌ وَيَجِبُ أَنْ يَتَبَاعَدَ مِنْ حَائِطِ جَارِهِ قَدْرَ مَا لَا يَضُرُّ بِدَارِ جَارِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ مُجَمَّدَةٌ فَأَرَادَ جَارُهُ أَنْ يَبْنِيَ بِجَنْبِهَا أَتُونًا لَا يُمْنَعُ عَنْ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ اتَّخَذَ فِي دَارِهِ إصْطَبْلًا وَكَانَ فِي الْقَدِيمِ مَسْكَنًا وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِجَارِهِ فَإِنْ كَانَ وَجَّهَ الدَّوَابَّ إلَى جِدَارِ دَارِهِ لَا يَمْنَعُهُ وَإِنْ كَانَ حَوَافِرُهَا إلَى جِدَارِ دَارِهِ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. خَبَّازٌ اتَّخَذَ حَانُوتًا فِي وَسَطِ الْبَزَّازِينَ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ كُلُّ ضَرَرٍ عَامٍّ وَبِهِ أَفْتَى أَبُو الْقَاسِمِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَلَا يُمْنَعُ الْمُرَاقُ والزلنبغي لِأَنَّ رَائِحَتَهُ لَيْسَتْ بِضَرَرٍ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَلِذُّ بِهَا إلَّا إذَا كَانَ دُخَانُهُ دَائِمًا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ سُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ سَرَقَ مَاءً وَأَسَالَهُ إلَى أَرْضِهِ وَكَرْمِهِ فَأَجَابَ أَنَّهُ يَطِيبُ لَهُ مَا خَرَجَ، بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ غَصَبَ شَعِيرًا أَوْ تِبْنًا وَسَمَّنَ بِهِ دَابَّةً فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ

قِيمَةُ مَا غَصَبَ وَمَا زَادَ فِي الدَّابَّةِ طِيبَ لَهُ، ذِكْرُ الْقِيمَةِ وَقَعَ سَهْوًا وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا غَصَبَ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ حَكَى عَنْ بَعْضِ الزَّاهِدِينَ أَنَّ الْمَاءَ وَقَعَ فِي كَرْمِهِ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهِ فَأَمَرَ بِقَطْعِ كَرْمِهِ وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِقَطْعِ الْكَرْمِ وَلَكِنْ لَوْ تَصَدَّقَ بِنُزُلِهِ كَانَ حَسَنًا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ فِي الْحُكْمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ زَرَعَ أَرْضَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُ الْأَرْضِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ فَعَلِمَ وَرَضِيَ بِهِ هَلْ يَطِيبُ لِلزَّارِعِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ لَهُ فَإِنْ قَالَ لَا أَرْضَى ثُمَّ قَالَ رَضِيت هَلْ يَطِيبُ لَهُ قَالَ يَطِيبُ لَهُ أَيْضًا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ أَخَذَ أَرْضَ الْحَوْزِ مُزَارَعَةً مِنْ مُتَصَرِّفِيهَا قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَصِيبُ الْأُكْرَةِ يَطِيبُ لَهُمْ إذَا أَخَذُوا الْأَرْضَ مُزَارَعَةً أَوْ اسْتَأْجَرُوهَا فَإِنْ كَانَ الْحَوْزُ كُرُومًا أَوْ أَشْجَارًا إنْ كَانَ يَعْرِفُ أَرْبَابَهَا لَا يَطِيبُ لِلْأُكْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَرْبَابَهَا طَابَ لَهُمْ لِأَنَّ تَدْبِيرَ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِي لَا يُعْرَفُ مَالِكُهَا إلَى السُّلْطَانِ وَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ أَرْضِ الْمَوَاتِ وَيَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِنِصْفِ الْخَارِجِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَانَ آثِمًا وَأَمَّا نَصِيبُ الْأُكْرَةِ فَيَطِيبُ لَهُمْ وَيَطِيبُ لِمَنْ يَأْكُلُ مِنْ ذَلِكَ بِرِضَاهُمْ وَإِنْ كَانَ لَا يَخْلُو ذَلِكَ عَنْ نَوْعِ شُبْهَةٍ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا زَمَانُنَا زَمَانُ الشُّبُهَاتِ فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَّقِيَ الْحَرَامَ الْمُعَايَنَ. امْرَأَةٌ زَوْجُهَا فِي أَرْضِ الْحَوْزِ وَلَهُ مَالٌ يَأْخُذُهُ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ وَهِيَ تَقُولُ لَا أَقْعُدُ مَعَك فِي أَرْضِ الْحَوْزِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَكَلَتْ مِنْ طَعَامِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَيْنُ ذَلِكَ الطَّعَامِ غَصْبًا فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَكْلِهِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى لَهَا طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً مِنْ مَالٍ أَصْلُهُ لَيْسَ بِطِيبٍ فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ تَنَاوُلِ ذَلِكَ الطَّعَامِ وَالثِّيَابِ وَيَكُونُ الْإِثْمُ عَلَى الزَّوْجِ وَأَرْضُ الْحَوْزِ أَرْضٌ لَا يَقْدِرُ صَاحِبُهَا عَلَى زِرَاعَتِهَا وَأَدَاءِ خَرَاجِهَا فَيَدْفَعُهَا إلَى الْإِمَامِ لِتَكُونَ مَنْفَعَتُهَا لِلْمُسْلِمِينَ مَقَامَ الْخَرَاجِ وَتَكُونُ الْأَرْضُ مِلْكًا لِصَاحِبِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِهِ تَوَجَّهَ عَلَى جَمَاعَةٍ جِبَايَةٌ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلِبَعْضِهِمْ دَفْعُهَا عَنْ نَفْسِهِ إذَا لَمْ تُحْمَلْ حِصَّتُهُ عَلَى الْبَاقِينَ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَدْفَعَهَا عَنْ نَفْسِهِ. دَفَعَ ظُلْمًا عَنْ إنْسَانٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ عِشْرِينَ دِينَارًا فَبَاعَ الْآخَرُ مِنْهُ دِرْهَمًا بِعِشْرِينَ دِينَارًا لِيَحِلَّ لَهُ لَا يَحِلُّ لَهُ قَالَ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيُّ هَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلَا بَأْسَ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُلْجَأً كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ لَهُ مَالٌ وَعِيَالٌ وَيَحْتَاجُ النَّاسُ إلَيْهِ فِي حِفْظِ الطَّرِيقِ وَالْبَذْرَقَةِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَحْفَظَ وَلَا يُضَيِّعَ عِيَالَهُ كَانَ الْحِفْظُ أَفْضَلَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِيَامُ بِهِمَا كَانَ الْقِيَامُ بِأَمْرِ الْعِيَالِ أَوْلَى بِهِ فَإِنْ قَامَ بِحِفْظِ الطَّرِيقِ فَأَهْدَى إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ فَهُوَ أَفْضَلُ وَإِنْ أَخَذَهَا فَلَيْسَ بِحَرَامٍ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. قَالَ إسْمَاعِيلُ الْمُتَكَلِّمُ سَلَّمَ الْمُؤْذِي عَلَى الْمُؤْذَى إلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَكَانَ يَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَيُحْسِنُ إلَيْهِ حَتَّى غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُؤْذَى أَنَّهُ قَدْ سَرَّى عَنْهُ وَرَضِيَ عَنْهُ لَا يُعْذَرُ وَالِاسْتِحْلَالُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بِمِثْلِهِ. قَالَ إسْمَاعِيلُ الْمُتَكَلِّمُ آذَاهُ وَلَا يَسْتَحِلُّهُ لِلْحَالِ لِأَنَّهُ يَقُولُ هُوَ مُمْتَلِئٌ غَضَبًا فَلَا يَعْفُو

عَنِّي لَا يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الِاسْتِحْلَالِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ. دَفَعَ إلَى رَاعِي الْأُمَرَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ خُبْزًا لِيُضْجِعَ غَنَمَهُ فِي حَظِيرَتِهِ أَوْ أَرْضَهُ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ لَا يَجُوزُ وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْأَغْنَامُ مِلْكًا لِلرَّاعِي لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ وَكَذَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِاشْتِرَاطِ الْإِبَاتَةِ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ عُرْفًا وَلِلدَّافِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَسْتَعِيرَ الشِّيَاهَ مِنْ مَالِكِهَا وَيَأْمُرَ مَالِكُهَا الرَّاعِيَ بِالْإِبَاتَةِ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ وَيَدْفَعَ ذَلِكَ الْقَدْرَ إلَيْهِ إحْسَانًا لَا أُجْرَةً قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَوْ كَانَ الرَّاعِي لَا يُبَيِّتُهَا أَيْضًا بِأَمْرِهِ إلَّا بِرِزْقٍ كَانَ رِشْوَةً أَيْضًا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ. وَيُسْتَحَبُّ التَّنَعُّمُ بِنَوْمِ الْقَيْلُولَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَا تَقِيلُ» كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. تُسْتَحَبُّ الْقَيْلُولَةُ فِيمَا بَيْنَ الْمِنْجَلَيْنِ بَيْنَ رَأْسِ الشَّعِيرِ وَرَأْسِ الْحِنْطَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنَامَ الرَّجُلُ طَاهِرًا وَيَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ سَاعَةً ثُمَّ يَنَامُ عَلَى يَسَارِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَيُكْرَهُ النَّوْمُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَفِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مَا كَانَتْ نَوْمَةٌ أَحَبَّ إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ نَوْمَةٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ نَوْمُهُ عَلَى الْفِرَاشِ الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ اللِّينِ وَالْخُشُونَةِ وَيَتَوَسَّدُ كَفَّهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ وَيَذْكُرُ أَنَّهُ سَيَضْطَجِعُ فِي اللَّحْدِ كَذَلِكَ وَحِيدًا لَيْسَ مَعَهُ إلَّا الْأَعْمَالُ وَيُقَالُ الِاضْطِجَاعُ بِالْجَنْبِ الْأَيْمَنِ اضْطِجَاعُ الْمُؤْمِنِ وَبِالْأَيْسَرِ اضْطِجَاعُ الْمُلُوكِ وَمُتَوَجِّهًا إلَى السَّمَاءِ اضْطِجَاعُ الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى الْوَجْهِ اضْطِجَاعُ الْكُفَّارِ وَلَوْ كَانَ مُمْتَلِئًا يَخَافُ وَجَعَ الْبَطْنِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَجْعَلَ وِسَادَةً تَحْتَ بَطْنِهِ وَيَنَامَ عَلَيْهَا يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى فِي حَالَةِ النَّوْمِ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّسْبِيحِ حَتَّى يَذْهَبَ بِهِ النَّوْمُ فَإِنَّ النَّائِمَ يُبْعَثُ عَلَى مَا بَاتَ عَلَيْهِ وَالْمَيِّتُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ وَيَقُومُ مِنْ مَقَامِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تَشْتَكِي إلَى اللَّهِ مِنْ غُسْلِ الزَّانِي وَدَمٍ حَرَامٍ يُسْفَكُ عَلَيْهَا وَنَوْمَةٍ بَعْدَ الصُّبْحِ وَيَسْتَيْقِظُ ذَاكِرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَعَازِمًا عَلَى التَّقْوَى عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَنَاوِيًا أَنْ لَا يَظْلِمَ أَحَدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. (وَفِي فَتَاوَى آهُو) . سُئِلَ الْقَاضِي بُرْهَانُ الدِّينِ (مُرْدَى ازكوه سِنّك خِرَاس بركند وبعضى رانابر يَدِهِ ماند) فَجَاءَ رَجُلٌ (وَبَاقِي رابركند) فَهُوَ لِلثَّانِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَا أَحْرَزَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. . الصُّبْرَةُ إذَا أَصَابَتْ طَرَفًا مِنْهَا نَجَاسَةٌ وَلَا يَعْرِفُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ فَعَزَلَ مِنْهَا قَفِيزًا أَوْ قَفِيزَيْنِ فَغَسَلَ ذَلِكَ أَوْ زَالَ ذَلِكَ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الصُّبْرَةِ وَيَحِلُّ أَكْلُهُ وَلَا رِوَايَةَ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي هَذِهِ وَمَشَايِخُنَا اسْتَخْرَجُوهَا مِنْ مَسْأَلَةٍ فِي السِّيَرِ صُورَتُهَا دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ حِصْنًا مِنْ حُصُونِ أَهْلِ الْحَرْبِ قَدْ حَاصَرَهُ الْمُسْلِمُونَ ثُمَّ إنَّ الْمُسْلِمِينَ فَتَحُوا الْحِصْنَ وَأَخَذُوا بِالرِّجَالِ وَعَلِمُوا يَقِينًا أَنَّ الذِّمِّيَّ فِيهِمْ إلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوهُ بِعَيْنِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَدَّعِي أَنَّهُ الذِّمِّيُّ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ قَتْلُهُمْ وَلَوْ قُتِلَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ بَعْدَ مَا دَخَلَ الذِّمِّيُّ فِيهِ أَوْ مَاتَ أَوْ خَرَجَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ قَتْلُهُمْ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَا مَاتَ وَاحِدٌ أَوْ قُتِلَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْحِصْنِ لَمْ يُتَيَقَّنْ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ هُوَ مُحَرَّمُ الْقَتْلِ لِجَوَازِ أَنَّ مُحَرَّمَ الْقَتْلِ مَنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْحِصْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اخْتَلَطَ وَدَكُ الْمَيْتَةِ بِالدُّهْنِ جَازَ أَنْ يَسْتَصْبِحَ

بِهِ وَيَدْبُغَ بِهِ الْجِلْدَ إذَا كَانَ الدُّهْنُ غَالِبًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِذَا قُرِئَ صَكٌّ عَلَى صَبِيٍّ وَهُوَ لَا يَفْهَمُ ثُمَّ كَبِرَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَالِغَ إذَا قُرِئَ عَلَيْهِ صَكٌّ وَهُوَ لَا يَفْهَمُ مَا فِيهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا فِيهِ. قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَرِهَ بَعْضُ النَّاسِ السَّمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَأَجَازَهُ بَعْضُ النَّاسِ قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - السَّمَرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ فِي مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ النَّوْمِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ السَّمَرُ فِي أَسَاطِيرِ الْأَوَّلِينَ وَالْأَحَادِيثِ الْكَاذِبَةِ وَالسُّخْرِيَةِ وَالضَّحِكِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَالثَّالِثُ أَنْ يَتَكَلَّمُوا لِلْمُؤَانَسَةِ وَيَجْتَنِبُوا الْكَذِبَ وَقَوْلَ الْبَاطِلِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالْكَفُّ عَنْهُ أَفْضَلُ وَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رُجُوعُهُمْ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالتَّسْبِيحِ وَالِاسْتِغْفَارِ حَتَّى يَكُونَ خَتْمُهُ بِالْخَيْرِ. السُّؤَالُ عَنْ الْأَخْبَارِ الْمُحْدَثَةِ فِي الْبَلْدَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالِاسْتِخْبَارِ وَالْإِخْبَارِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَا بَأْسَ لِلْعَالِمِ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ عَالِمٌ لِيَظْهَرَ عِلْمُهُ فَيَسْتَفِيدَ مِنْهُ النَّاسُ وَلْيَكُنْ ذَلِكَ تَحْدِيثًا بِنِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ إنَّ الْعِلْمَ عَلَى الْأَنْوَاعِ وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَذَلِكَ لَيْسَ كَالْفِقْهِ وَيَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ تَعَلُّمُ الْفِقْهِ أَهَمَّ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ وَإِذَا أَخَذَ الْإِنْسَانُ حَظًّا وَافِرًا فِي الْفِقْهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى الْفِقْهِ وَلَكِنْ يَنْظُرُ فِي عِلْمِ الزُّهْدِ وَفِي حِكَمِ الْحُكَمَاءِ وَشَمَائِلِ الصَّالِحِينَ. طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ بِقَدْرِ الشَّرَائِعِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ أَحْكَامِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَسَائِرِ الشَّرَائِعِ وَلِأُمُورِ مَعَاشِهِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ لَيْسَ بِفَرْضٍ فَإِنْ تَعَلَّمَهَا فَهُوَ أَفْضَلُ وَإِنْ تَرَكَهَا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَفِي النَّوَازِلِ وَعَنْ أَبِي عَاصِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ طَلَبُ الْأَحَادِيثِ حِرْفَةُ الْمَفَالِيسِ يَعْنِي بِهِ إذَا طَلَبَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَطْلُبْ فِقْهَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَتَعَلُّمُ عِلْمِ النُّجُومِ لِمَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ وَأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ لَا بَأْسَ بِهِ وَالزِّيَادَةُ حَرَامٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. تَعَلُّمُ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ وَالْمُنَاظَرَةِ فِيهِ وَرَاءَ قَدْرِ الْحَاجَةِ مَكْرُوهٌ وَقِيلَ الْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّ كَثْرَةَ الْمُنَاظَرَةِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الْمُجَادَلَةِ مَكْرُوهٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى إشَاعَةِ الْبِدَعِ وَالْفِتَنِ وَتَشْوِيشِ الْعَقَائِدِ وَهَذَا مَمْنُوعٌ جِدًّا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَا يُنَاظِرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْكَلَامِيَّةِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا عَلَى وَجْهِهَا وَكَانَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُنَاظِرُ فِيهَا كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ نَظَرْت فِي الْكُتُبِ الَّتِي صَنَّفَهَا الْمُتَقَدِّمُونَ فِي عِلْمِ التَّوْحِيدِ فَوَجَدْت بَعْضَهَا لِلْفَلَاسِفَةِ مِثْلَ إِسْحَاقَ الْكِنْدِيِّ وَالِاسْتِقْرَارِيّ وَأَمْثَالِهِمَا وَذَلِكَ كُلُّهُ خَارِجٌ عَنْ الدِّينِ الْمُسْتَقِيمِ زَائِغٌ عَنْ الطَّرِيقِ الْقَوِيمِ فَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ فِي تِلْكَ الْكُتُبِ وَلَا يَجُوزُ إمْسَاكُهَا فَإِنَّهَا مَشْحُونَةٌ مِنْ الشِّرْكِ وَالضَّلَالِ قَالَ وَوَجَدْت أَيْضًا تَصَانِيفَ كَثِيرَةً فِي هَذَا الْفَنِّ لِلْمُعْتَزِلَةِ مِثْلَ عَبْدِ الْجَبَّارِ الرَّازِيّ وَالْجُبَّائِيُّ وَالْكَعْبِيِّ وَالنَّظَّامِ وَغَيْرِهِمْ فَلَا يَجُوزُ إمْسَاكُ تِلْكَ الْكُتُبِ وَالنَّظَرُ فِيهَا كَيْ لَا تَحْدُثَ الشُّكُوكُ وَلَا يَتَمَكَّنُ الْوَهْنُ فِي الْعَقَائِدِ وَكَذَلِكَ الْمُجَسِّمَةُ صَنَّفُوا كُتُبًا فِي هَذَا الْفَنِّ مِثْلُ مُحَمَّدِ بْنِ هَيْصَمٍ وَأَمْثَالِهِ فَلَا يَحِلُّ النَّظَرُ فِي تِلْكَ الْكُتُبِ وَلَا إمْسَاكُهَا فَإِنَّهُمْ شَرُّ أَهْلِ الْبِدَعِ وَقَدْ صَنَّفَ الْأَشْعَرِيُّ كُتُبًا كَثِيرَةً لِتَصْحِيحِ مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ ثُمَّ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا تَفَضَّلَ عَلَيْهِ بِالْهُدَى صَنَّفَ كِتَابًا نَاقِضًا لِمَا صَنَّفَ لِتَصْحِيحِ مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ خَطَّئُوهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي أَخْطَأَ فِيهَا أَبُو الْحَسَنِ فَمَنْ وَقَفَ عَلَى الْمَسَائِلِ وَعَرَفَ خَطَأَهُ فَلَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ فِي كُتُبِهِ وَإِمْسَاكِهَا وَعَامَّةُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذُوا بِمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ وَيَطُولُ تَعْدَادُ مَا أَخْطَأَ أَبُو الْحَسَنِ وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِإِمْسَاكِ تَصَانِيفِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ وَهُوَ أَقْدَمُ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَأَقَاوِيلُهُ تُوَافِقُ

أَقَاوِيلَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ قَلَائِلَ لَا تَبْلُغُ عَشْرَ مَسَائِلَ فَإِنَّهُ خَالَفَ فِيهَا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لَكِنْ إنَّمَا يَحِلُّ النَّظَرُ بِشَرْطِ الْوُقُوفِ عَلَى مَا أَخْطَأَ فِيهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمِنْ الْعُلُومِ الْمَذْمُومَةِ عُلُومُ الْفَلَاسِفَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قِرَاءَتُهَا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّجِرًا فِي الْعِلْمِ وَسَائِرِ الْحِجَجِ عَلَيْهِمْ وَحَلِّ شُبُهَاتِهِمْ وَالْخُرُوجِ عَنْ إشْكَالَاتِهِمْ. (الْعُلُومُ ثَلَاثَةٌ) عِلْمٌ نَافِعٌ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ وَهُوَ عِلْمُ مَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ وَخَلْقِ الْأَشْيَاءِ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَبَعْدَ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَمَا بُعِثَ الْأَنْبِيَاءُ بِهِ وَعِلْمٌ يَجِبُ الِاجْتِنَابُ عَنْهُ وَهُوَ السِّحْرُ وَعِلْمُ الْحِكْمَةِ وَالطَّلْسَمَاتُ وَعِلْمُ النُّجُومِ إلَّا عَلَى قَدْرَ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي مَعْرِفَةِ الْأَوْقَاتِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ وَالتَّوَجُّهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَالْهِدَايَةِ فِي الطَّرِيقِ. وَعِلْمٌ آخَرُ لَيْسَ فِيهِ نَفْعٌ يُرْفَعُ إلَى الْآخِرَةِ وَهُوَ عِلْمُ الْجَدَلِ وَالْمُنَاظَرَاتِ فَيَكُونُ الِاشْتِغَالُ بِهِ تَضْيِيعَ الْعُمْرِ فِي شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِنَّمَا يَشْتَغِلُونَ بِهِ لِقَهْرِ الْخُصُومِ لَا لِإِظْهَارِ الْحَقِّ وَالْوُقُوفِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسَائِلِ وَإِخْرَاجِ التَّنَاقُضِ مِنْ بَيْنِ الْأَحْكَامِ فَإِنْ اشْتَغَلُوا بِغَيْرِهِ مِمَّا نَفْعُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَا تَضْيِيعَ لِلْعُمْرِ فِيهِ كَانَ أَوْلَى كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَإِذَا تَعَلَّمَ رَجُلَانِ عِلْمًا كَعِلْمِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا أَحَدُهُمَا يَتَعَلَّمُ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ وَالْآخَرُ يَتَعَلَّمُ لِيَعْمَلَ بِهِ فَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. التَّمْوِيهُ فِي الْمُنَاظَرَةِ وَالْحِيلَةِ فِيهَا هَلْ يَحِلُّ إنْ كَانَ يُكَلِّمُهُ مُتَعَلِّمًا مُسْتَرْشِدًا أَوْ غَيْرَ مُسْتَرْشِدٍ عَلَى الْإِنْصَافِ بِلَا تَعَنُّتٍ لَا يَحِلُّ وَإِنْ كَانَ يُكَلِّمُهُ مَنْ يُرِيدُ التَّعَنُّتَ وَيُرِيدُ أَنْ يَطْرَحَهُ يَحِلُّ أَنْ يَحْتَالَ كُلَّ حِيلَةٍ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ دَفْعَ التَّعَنُّتِ مَشْرُوعٌ بِأَيِّ طَرِيقٍ يُمْكِنُ الدَّفْعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . فِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ تَعْلِيمُ الْعَاصِي لِيَجْتَنِبَ جَائِزٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لِلْعَرَبِيَّةِ فَضْلٌ عَلَى سَائِرِ الْأَلْسُنِ وَهُوَ لِسَانُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمَنْ تَعَلَّمَهَا أَوْ عَلَّمَ غَيْرَهُ فَهُوَ مَأْجُورٌ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ لَا يَأْخُذَ الْعِلْمَ إلَّا مِنْ أَمِينٍ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ طَلَبُ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ إذَا صَحَّتْ النِّيَّةُ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَكَذَا الِاشْتِغَالُ بِزِيَادَةِ الْعِلْمِ إذَا صَحَّتْ النِّيَّةُ لِأَنَّهُ أَعَمُّ نَفْعًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَدْخُلَ النُّقْصَانُ فِي فَرَائِضِهِ وَصِحَّةُ النِّيَّةِ أَنْ يَقْصِدَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْآخِرَةَ لَا طَلَبَ الدُّنْيَا وَالْجَاهَ وَلَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ الْجَهْلِ وَمَنْفَعَةِ الْخَلْقِ وَإِحْيَاءِ الْعِلْمِ فَقِيلَ تَصِحُّ نِيَّتُهُ أَيْضًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَصْحِيحِ النِّيَّةِ فَالتَّعَلُّمُ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُتَعَلِّمِ أَنْ يَكُونَ بَخِيلًا بِعِلْمِهِ إذَا اسْتَعَارَ مِنْهُ إنْسَانٌ كِتَابًا أَوْ اسْتَعَانَ بِهِ فِي تَفَهُّمِ مَسْأَلَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَبْخَلَ بِهِ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ بِتَعَلُّمِهِ مَنْفَعَةَ الْخَلْقِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَ مَنْفَعَتَهُ فِي الْحَالِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ مَنْ بَخِلَ بِعِلْمِهِ اُبْتُلِيَ بِأَحَدِ ثَلَاثٍ إمَّا أَنْ يَمُوتَ فَيَذْهَبَ عِلْمُهُ أَوْ يُبْتَلَى بِسُلْطَانٍ أَوْ يَنْسَى عِلْمَهُ الَّذِي حَفِظَهُ. وَيَنْبَغِي لِلْمُتَعَلِّمِ أَنْ يُوَقِّرَ الْعِلْمَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَضَعَ الْكِتَابَ عَلَى التُّرَابِ وَإِذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ فَأَرَادَ أَنْ يَمَسَّ الْكِتَابَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْخُذَ الْكِتَابَ وَيَنْبَغِي لِلْمُتَعَلِّمِ أَنْ يَرْضَى بِالدُّونِ مِنْ الْعَيْشِ وَيَنْزَوِيَ مِنْ النِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتْرُكَ حِفْظَ نَفْسِهِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنَّوْمِ وَيَنْبَغِي لِلْمُتَعَلِّمِ أَنْ يُقِلَّ مُعَاشَرَةَ النَّاسِ وَمُخَالَطَتَهُمْ وَلَا يَشْتَغِلَ بِمَا لَا يَعْنِيهِ وَيَنْبَغِي لِلْمُتَعَلِّمِ أَنْ يَدْرُسَ عَلَى الدَّوَامِ وَيَتَذَاكَرَ الْمَسَائِلَ مَعَ أَصْحَابِهِ أَوْ وَحْدَهُ. وَيَنْبَغِي لِلْمُتَعَلِّمِ إذَا وَقَعَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إنْسَانٍ مُنَازَعَةٌ أَوْ خُصُومَةٌ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الرِّفْقَ وَالْإِنْصَافَ لِيَكُونَ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَاهِلِ. وَيَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُرَاعِيَ حُقُوقَ أُسْتَاذِهِ وَآدَابِهِ لَا يَضَنُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَلَا يُقْتَدَى بِهِ فِي سَهْوِهِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَيُقَدِّمُ حَقَّ مُعَلَّمِهِ عَلَى حَقِّ أَبَوَيْهِ وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ قَالَ لِأُسْتَاذِهِ مَوْلَانَا لَا بَأْسَ بِهِ وَقَدْ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِابْنِهِ الْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قُمْ بَيْنَ يَدَيْ مَوْلَاك عَنَى أُسْتَاذَه. وَكَذَا لَا بَأْسَ بِهِ إذَا قَالَ لِمَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ وَيَتَوَاضَعُ لِمَنْ عَلَّمَهُ خَيْرًا وَلَوْ حَرْفًا

وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْذُلَهُ وَلَا يَسْتَأْثِرَ عَلَيْهِ أَحَدًا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ فَصَمَ عُرْوَةً مِنْ عُرَى الْإِسْلَامِ وَمِنْ إجْلَالِهِ أَنْ لَا يَقْرَعَ بَابَهُ بَلْ يَنْتَظِرُ خُرُوجَهُ. وَلَا يُعَلِّمُ إلَّا أَهْلَهُ وَلَا يَكْتُمُ عَنْ أَهْلِهِ فَإِنَّ وَضْعَ الْعِلْمِ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ إضَاعَةٌ وَمَنْعَهُ عَنْ أَهْلِهِ ظُلْمٌ وَجَوْرٌ. وَعَنْ ابْنِ مُقَاتِلٍ النَّظَرُ فِي الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] خَمْسَةَ آلَافِ مَرَّةً كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ تَعَلَّمَ بَعْضَ الْقُرْآنِ ثُمَّ وَجَدَ فَرَاغًا فَإِنَّهُ يَتَعَلَّمُ تَمَامَ الْقُرْآنِ وَتَعَلُّمُ الْفِقْهِ أَوْلَى مِنْ تَعَلُّمِ تَمَامِ الْقُرْآنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الرَّجُلُ إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ وَيَنْظُرَ بِالنَّهَارِ فِي الْعِلْمِ فَإِنْ كَانَ لَهُ ذِهْنٌ يَعْلَمُ وَيَعْقِلُ الزِّيَادَةَ فَالنَّظَرُ فِي الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ وَتَعَلُّمُ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. . قَالَ الْفَقِيهُ إذَا أَرَادَ الْمُعَلِّمُ أَنْ يَنَالَ الثَّوَابَ وَيَكُونُ عَمَلُهُ عَمَلَ الْأَنْبِيَاءِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْفَظَ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ أَوَّلُهَا أَنْ لَا يُشَارِطَ الْأَجْرَ وَلَا يَسْتَقْصِي فِيهِ فَكُلُّ مَنْ أَعْطَاهُ شَيْئًا أَخَذَهُ وَمَنْ لَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا تَرَكَهُ وَإِنْ شَارَطَ عَلَى تَعْلِيمِ الْهِجَاءِ وَحِفْظِ الصِّبْيَانِ جَازَ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ أَبَدًا عَلَى الْوُضُوءِ وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ نَاصِحًا فِي تَعْلِيمِهِ مُقْبِلًا عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ وَالرَّابِعُ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَ الصِّبْيَانِ إذَا تَنَازَعُوا وَيُنْصِفَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَلَا يَمِيلَ إلَى الْأَوْلَادِ الْأَغْنِيَاءِ دُونَ الْفُقَرَاءِ وَالْخَامِسُ أَنْ لَا يَضْرِبَ الصِّبْيَانَ ضَرْبًا مُبَرِّحًا وَلَا يُجَاوِزَ الْحَدَّ فَإِنَّهُ يُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. أَهْلُ قَرْيَةٍ جَمَعُوا بُذُورًا مِنْ أُنَاسٍ وَزَرَعُوا لَأَجْلِ الْإِمَامِ قَالُوا النُّزُلُ الْحَاصِلُ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ لِأَرْبَابِ الْبُذُورِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْبُذُورَ إلَى الْإِمَامِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَيْسَ لِلْفُقَهَاءِ فِي بَيْتِ الْمَالِ نَصِيبٌ إلَّا فَقِيهٌ فَرَّغَ نَفْسَهُ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ الْفِقْهَ وَالْقُرْآنَ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. فِي كِتَابِ الْقَاضِي لَيْسَ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ التَّبَرُّعِ بِمَالِ الْيَتِيمِ إلَّا فِي الْفُرُوضِ خَاصَّةً حِفْظًا لَهُ عَلَيْهِمْ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَدْ رَخَّصَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ قَائِمًا وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَبِهِ نَقُولُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. يُكْرَهُ أَنْ يَخْرِقَ نَعْلَهُ أَوْ يُلْقِيَهُ فِي الْمَاءِ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ الْمَالِ بِلَا فَائِدَةٍ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ تَمَنَّى الْمَوْتَ هَلْ يُكْرَهُ قَالَ إنْ تَمَنَّى الْمَوْتَ لِضِيقِ عِيشَةٍ أَوْ لِغَضَبٍ دَخَلَ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ يَخَافُ ذَهَابَ مَالِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ تَمَنَّى لِتَغَيُّرِ أَهْلِ زَمَانِهِ فَيَخَافُ مِنْ نَفْسِهِ الْوُقُوعَ فِي الْمَعْصِيَةِ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. رَجُلٌ كَانَ فِي الْبَيْتِ أَخَذَتْهُ الزَّلْزَلَةُ لَا يُكْرَهُ لَهُ الْفِرَارُ إلَى الْفَضَاءِ بَلْ يُسْتَحَبُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ مَرَّ بِحَائِطٍ مَائِلٍ فَأَسْرَعَ فِي الْمَشْيِ فَقِيلَ لَهُ أَتَفِرُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ قَالَ أَفِرُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ إلَى قَضَاءِ اللَّهِ» وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إذَا وَقَعَ الرِّجْزُ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا وَإِذَا وَقَعَ وَأَنْتُمْ فِيهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا» وَالرِّجْزُ الْعَذَابُ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْوَبَاءُ هُنَا وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكِلِ الْآثَارِ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ تَأْوِيلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِحَالٍ لَوْ دَخَلَ وَابْتَلَى بِهِ وَقَعَ عِنْدَهُ أَنَّهُ ابْتَلَى بِدُخُولِهِ وَلَوْ خَرَجَ وَنَجَا وَقَعَ عِنْدَهُ أَنَّهُ نَجَا بِخُرُوجِهِ فَلَا يَدْخُلُ وَلَا يَخْرُجُ صِيَانَةً لِاعْتِقَادِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِقَدَرِ اللَّهِ وَأَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إلَّا مَا كَتَبَهُ اللَّهُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْخُلَ وَيَخْرُجَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. . قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُدَارِيَ مَعَ النَّاسِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الرَّجُلِ لَيِّنًا وَوَجْهُهُ مُنْبَسِطًا مَعَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ وَالسُّنِّيِّ وَالْمُبْتَدِعِ مِنْ غَيْرِ مُدَاهَنَةٍ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يَظُنُّ أَنَّهُ يُرْضِي بِمَذْهَبِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَلِلرَّجُلِ أَنْ يَدْخُلَ الدَّارَ الَّتِي آجَرَهَا وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِيَنْظُرَ حَالَهَا وَيَرُمَّ مَا اسْتَرَمَّ مِنْهَا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا وَهَرَبَ وَدَخَلَ دَارِهِ فَلَا بَأْسَ لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ أَنْ

يَتْبَعَهُ وَيَدْخُلَ دَارِهِ وَيَأْخُذَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَقَعَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي دَارِ إنْسَانٍ وَخَافَ أَنَّهُ لَوْ أَعْلَمَ صَاحِبَ الدَّارِ يَمْنَعُهُ وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ هَلْ يَدْخُلُ دَارِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؟ قَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يُعْلِمَ بِذَلِكَ أَهْلَ الصَّلَاحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ أَهْلُ الصَّلَاحِ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَدْخُلَ وَيَأْخُذَ مَالَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ هَذَا إذَا خَافَ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَلْ يُعْلِمُ صَاحِبَ الدَّارِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ بِالدُّخُولِ أَوْ يُخْرِجَ الْمَالَ إلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ أَبُو الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيُّ عَنْ الدَّقِيقِ الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ الْحَائِكُونَ وَالنَّشَاءُ يَسْتَعْمِلُهُ الْقَصَّارُونَ هَلْ يُعْذَرُونَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَسُئِلَ عَنْهَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ فَقَالَ مَا أُحِبُّ ذَلِكَ وَالتَّحَرُّزَ عَنْهُ أُحِبُّ. وَسُئِلَ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الْخُبْزِ يُسْتَعْمَلُ فِي أَهْدَابِ الْمَنْفَعَةِ يُمْضَغُ وَيُسْتَعْمَلُ هَلْ يَجُوزُ فَقَالَ نَعَمْ يَجُوزُ وَسُئِلَ عَنْهَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ فَقَالَ يُكْرَهُ ذَلِكَ. وَسَأَلْت أَبَا حَامِدٍ عَنْ الْخَطَّافِ إذَا اتَّخَذَ وَكْرًا فِي الْبَيْتِ وَهُوَ يَخْرَأُ عَلَى الثِّيَابِ وَالْحَصِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ هَلْ يُعْذَرُ الْإِنْسَانُ فِي أَنْ يُدَافِعَهُ وَيُسْقِطَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَفِيهِ أَوْلَادٌ صِغَارٌ قَالَ لَا بَلْ يَصْبِرُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ يَكُفُّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي فِنَاءِ قَوْمٍ رَوَى ابْنُ رُسْتُمَ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِتَسْوِيَتِهِ وَلَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَلَوْ هَدَمَ حَائِطَ الْمَسْجِدِ كَذَلِكَ يُؤْمَرُ بِتَسْوِيَتِهِ وَلَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ. وَلَوْ هَدَمَ حَائِطًا لِدَارِ رَجُلٍ مِلْكًا أَوْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّسْوِيَةِ وَلَا بِبِنَاءِ الْحَائِطِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. يُكْرَهُ الْكَلَامُ عِنْدَ الْوَطْءِ وَلَا يَتَكَلَّمُ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى الصَّلَاةِ إلَّا بِخَيْرٍ وَقِيلَ بَعْدَهَا أَيْضًا إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُكْرَهُ الضَّحِكُ عِنْدَ الْهُجُوعِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. . سَأَلْته فِي جَمَاعَةٍ لَا يُسَافِرُونَ فِي صَفَرٍ وَلَا يَبْدَؤُنَ بِالْأَعْمَالِ فِيهِ مِنْ النِّكَاحِ وَالدُّخُولِ وَيَتَمَسَّكُونَ بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَشَّرَنِي بِخُرُوجِ صَفَرٍ بَشَّرْته بِالْجَنَّةِ» هَلْ يَصِحُّ هَذَا الْخَبَرُ؟ وَهَلْ فِيهِ نُحُوسَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ الْعَمَلِ؟ وَكَذَا لَا يُسَافِرُونَ إذَا كَانَ الْقَمَرُ فِي بُرْجِ الْعَقْرَبِ وَكَذَا لَا يَخِيطُونَ الثِّيَابَ وَلَا يَقْطَعُونَهُمْ إذَا كَانَ الْقَمَرُ فِي بُرْجِ الْأَسَدِ هَلْ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمُوا قَالَ أَمَّا مَا يَقُولُونَ فِي حَقِّ صَفَرٍ فَذَلِكَ شَيْءٌ كَانَتْ الْعَرَبُ يَقُولُونَهُ وَأَمَّا مَا يَقُولُونَ فِي الْقَمَرِ فِي الْعَقْرَبِ أَوْ فِي الْأَسَدِ فَإِنَّهُ شَيْءٌ يَذْكُرُهُ أَهْلُ النُّجُومِ لِتَنْفِيذِ مَقَالَتِهِمْ يَنْسِبُونَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ كَذِبٌ مَحْضٌ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَإِنْ رَأَى رُؤْيَا عَجِيبَةً حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى لِأَنَّهَا نِعْمَةٌ ثُمَّ إنْ شَاءَ قَصَّهَا عَلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقُصَّهَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ سُقِينَا بِنَوْءِ الثُّرَيَّا أَوْ طَلَعَ سُهَيْلٌ فَبَرَّدَ اللَّيْلَ لِأَنَّ سُهَيْلًا لَا يَأْتِي بِالْحَرِّ وَالْبَرْدِ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُقَالُ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ كَذَا مِنْ عَمَلِهِ وَعَنْ النَّخَعِيّ لَا يُقَالُ قِرَاءَةُ فُلَانٍ أَوْ سُنَّةُ أَبِي بَكْرٍ وَإِنَّمَا سُنَّةُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُقَالُ أَسْلَمْتُ فِي كَذَا وَلَكِنْ أَسْلَفْتُ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْإِسْلَامُ إلَّا اللَّهُ هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَتُكْرَهُ الْإِشَارَةُ إلَى الْهِلَالِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ تَعْظِيمًا لَهُ أَمَّا إذَا أَشَارَ إلَيْهِ لِيُرِيَهُ صَاحِبَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْفَتَاوَى قَالَ نُصَيْرٌ سَأَلْت الْحَسَنَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ نَهْرٍ مَغْصُوبٍ أَيَجُوزُ التَّوَضُّؤُ مِنْهُ وَالشُّرْبُ قَالَ إنْ كَانَ النَّهْرُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي كَانَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ حَوَّلَ عَنْ مَوْضِعِهِ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ أَحَدٌ. وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ نَصَبَ طَاحُونَةً وَأَجْرَى مَاءَهَا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ

بِغَيْرِ طِيبٍ مِنْ نَفْسِ صَاحِبِهَا قَالَ لَا يَحِلُّ لِمَنْ يَعْلَمُ بِغَصْبِهَا أَنْ يَشْتَرِيَ تِلْكَ الطَّاحُونَةَ وَلَا يَسْتَأْجِرَهَا وَلَا يَحْمِلَ إلَيْهَا طَعَامًا مَا يَطْحَنُ فِيهَا بِأُجْرَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَوْ كَتَبَ الشَّهَادَةَ وَطَلَبُوا الْأَدَاءَ وَلَيْسَ فِي الصَّكِّ جَمَاعَةٌ سِوَاهُ أَوْ هُوَ أَسْرَعُ قَبُولًا لَا يَسَعُهُ تَرْكُ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَإِنْ كَانَ سِوَاهُ جَمَاعَةٌ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ وَسِعَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ فِي يَدِهِ حُرٌّ فَتَوَاضَعَ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُ حُرِّيَّتَهُ مَعَ صَاحِبِ الْيَدِ أَنْ يَهَبَهُ وَهُوَ يَهَبُ الثَّمَنَ لَهُ أَيْضًا فَفَعَلَ ذَلِكَ وَقَبَضَهُ الرَّجُلُ وَمَاتَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ وَلَا يُعْذَرُ دِيَانَةً فِي مَنْعِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ الْأَعْوِنَةِ إذَا دَخَلَ سِكَّةً وَمَعَهُ خَطٌّ فِيهِ يُعْطِي أَهْلَ السِّكَّةِ كَذَا كَذَا فَيَأْخُذُ وَاحِدًا وَيَحْبِسُهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ هَلْ لِلْمَأْخُوذِ أَنْ يَقُولَ ائْتُوا لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ لِجِيرَانِهِ بِحُكْمِ أَنَّ هَذَا الْخَطَّ عَلَى الْكُلِّ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ هَذَا الْقَدْرِ بِنَفْسِهِ أَمْ الْوَاجِبُ فِي حَقِّهِ السُّكُوتُ وَالصَّبْرُ عَلَى مَا يَلْحَقُهُ فَقَالَ الصَّبْرُ أَوْلَى. وَسَأَلْت أَبَا الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيَّ وَيُوسُفَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَحِمْيَرًا الْوَبَرِيَّ وَعُمَرَ الْحَافِظَ رَجُلٌ لَهُ أَوْلَادٌ يَتَّخِذُ لَهُمْ لِبَاسًا وَيَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ هِيَ عَوَارِي فِي أَيْدِيهِمْ حَتَّى إذَا قَصَدَ عَنْ أَحَدِهِمْ صَرَفَهُ إلَى الْآخَرِ احْتِرَازًا عَنْ ضَمَانٍ يَجِبُ عَلَى الْأَبِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ أَمْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُمَلِّكَهُمْ ذَلِكَ أَمْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ حَاجَتِهِمْ وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِالْإِعَارَةِ فَقَالُوا بَلْ الْوَاجِبُ دَفْعُ الْحَاجَةِ وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِالْإِعَارَةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ إلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَرْغِينَانِيِّ فَقَالَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ اللِّبَاسَ إلَيْهِمْ عَلَى وَجْهِ الْإِعَارَةِ كَمَا أَجَابُوا وَسَأَلْت أَبَا الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيَّ هَذَا وَيُوسُفَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ فِي الزَّوْجَةِ فَقَالَ نَعَمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ لَهُ أَوْلَادٌ فَأَقَرَّ بِجَمِيعِ ضَيَاعِهِ لِوَلَدٍ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ فَلَوْ أَبْطَلَ قَاضٍ إقْرَارَهُ إنْ أَبْطَلَ بِتَأْوِيلٍ مُعْتَبَرٍ فِي الشَّرْعِ وَهُوَ فَقِيهٌ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا هَكَذَا ذُكِرَ وَهَذَا إذَا كَانَ أَوْلَادُهُ كُلُّهُمْ صُلَحَاءَ أَمَّا إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ فَاسِقًا فَأَقَرَّ بِجَمِيعِ مَالِهِ لِلصَّالِحِ فَلَا يَأْثَمُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. لَا بَأْسَ بِرَشِّ الْمَاءِ فِي الطَّرِيقِ لِتَسْكِينِ الْغُبَارِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى الْحَاجَةِ لَا تَحِلُّ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. حَبَسَ بُلْبُلًا فِي قَفَصٍ وَعَلَفَهَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. سُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ رَجُلٍ وَكَّلَ رَجُلًا بِإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ لَهُ فَأَحْيَاهُ الْوَكِيلُ أَهُوَ لِلْوَكِيلِ كَمَا فِي التَّوْكِيلِ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ أَمْ يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ كَمَا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ؟ فَقَالَ إنْ أَذِنَ الْإِمَامُ الْمُوَكَّلُ بِالْإِحْيَاءِ يَقَعُ لَهُ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ وَكَّلَ غَيْرَهُ وَكَالَةً مُطْلَقَةً فَقَبِلَهَا وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِكِتَابَةِ الْوَثِيقَةِ وَكَتَبَهَا ثُمَّ ضَاعَتْ تِلْكَ الْوَثِيقَةُ مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ تَمَزَّقَتْ أَوْ مَزَّقَهَا إنْسَانٌ هَلْ يَحِلُّ لِلْكَاتِبِ أَنْ يَكْتُبَ أُخْرَى بِعَيْنِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ؟ فَقَالَ نَعَمْ يَجُوزُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الْخَنَّاقُ وَالسَّاحِرُ يُقْتَلَانِ لِأَنَّهُمَا يَسْعَيَانِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ وَإِنْ تَابَا لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُمَا وَإِنْ أُخِذَا ثُمَّ تَابَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمَا وَيُقْتَلَانِ وَكَذَا الزِّنْدِيقُ الْمَعْرُوفُ الدَّاعِي. وَبِهِ يُفْتَى

كتاب التحري وفيه أربعة أبواب

كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ التَّحَرِّي وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَاب الْأَوَّل فِي تَفْسِير التَّحَرِّي وَبَيَان رُكْنه وَشَرْطه وَحُكْمه] (كِتَابُ التَّحَرِّي) (وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ التَّحَرِّي وَبَيَانِ رُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ) أَمَّا تَفْسِيرُهُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ طَلَبِ الشَّيْءِ بِغَالِبِ الرَّأْيِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَأَمَّا رُكْنُهُ فَهُوَ طَلَبُ الصَّوَابِ بِقَلْبِهِ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ يَقُومُ بِهِ وَأَمَّا شَرْطُ جَوَازِهِ فَفَقْدُ سَائِرِ الْأَدِلَّةِ حَالَةُ اشْتِبَاهِ الْمَطْلُوبِ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ إنَّمَا جُعِلَ حُجَّةً حَالَ الِاشْتِبَاهِ وَفَقْدِ الْأَدِلَّةِ لِضَرُورَةِ عَجْزِهِ عَنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ. وَأَمَّا حُكْمُهُ فَوُقُوعُ الْعَمَلِ صَوَابًا فِي الشَّرْعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلَانِ تَحَرَّيَا فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَسْتَوِيَا فِي الْأَجْرِ لِأَنَّ الْمُصِيبَ اخْتَصَّ بِصَوَابِ الْإِصَابَةِ كَذَا فِي مَجْمُوعَةِ الْفَتَاوَى. اشْتَبَهَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ إنْ شَكَّ فِي الدُّخُولِ يَصْبِرُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ بِالدُّخُولِ وَلَا يَتَحَرَّى وَإِنْ شَكَّ فِي الْخُرُوجِ يَنْوِي تِلْكَ الصَّلَاةَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ صَلَّى بِالتَّحَرِّي إلَى الْجِهَةِ فِي مَفَازَةٍ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ لَكِنَّهُ لَا يَعْرِفُ النُّجُومَ فَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ قَالَ أُسْتَاذُنَا ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِي الْجَهْلِ بِالْأَدِلَّةِ الظَّاهِرَةِ الْمُعْتَادَةِ نَحْوَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَغَيْرِهِمَا فَأَمَّا دَقَائِقُ عُلُومِ الْهَيْئَةِ وَصُوَرُ النُّجُومِ الثَّوَابِتِ فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي الْجَهْلِ بِهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. امْرَأَةٌ مَكْفُوفَةٌ لَا تَجِدُ مَنْ يُوَجِّهُهَا إلَى الْقِبْلَةِ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ تَجِدْ أَحَدًا فَإِنَّهَا تَتَحَرَّى وَتُصَلِّي كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. ذَكَرَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ مِنْ الْأَصْلِ مَسْأَلَةً تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّحَرِّيَ فِي بَابِ الْقِبْلَةِ كَمَا يَجُوزُ فِي خَارِجِ الْمِصْرِ يَجُوزُ فِي الْمِصْرِ وَصُورَتُهَا قَوْمٌ مَرْضَى فِي بَيْتٍ بِاللَّيْلِ أَمَّهُمْ وَاحِدٌ وَصَلَّى بَعْضُهُمْ إلَى الْقِبْلَةِ وَبَعْضُهُمْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ أَصَابُوا يَعْنِي تَحَرَّوْا فَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ لِأَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ الْأَصِحَّاءِ حَالَةَ الِاشْتِبَاهِ فَمِنْ الْمَرْضَى أَوْلَى وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَكَمَ بِجَوَازِ صَلَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَمَا إذَا كَانَ الْبَيْتُ فِي الْمِصْرِ أَوْ خَارِجَ الْمِصْرِ. . وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ ضَيْفًا وَكَانَ لَيْلًا وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَسْأَلُهُ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّي تَطَوُّعًا جَازَ لَهُ التَّحَرِّي. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ مَسْأَلَةَ الضَّيْفِ فَقَالَ إذَا كَانَ الرَّجُلُ ضَيْفًا فِي بَيْتِ إنْسَانٍ فَنَامَ الْقَوْمُ فَأَرَادَ الضَّيْفُ أَنْ يَتَهَجَّدَ بِاللَّيْلِ وَكَرِهَ أَنْ يُوقِظَهُمْ ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ مَشَايِخِنَا قَالُوا لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي وَبَعْضُهُمْ قَالُوا إنْ كَانَ يُرِيدُ إقَامَةَ الْمَكْتُوبَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ تَهَجُّدَ اللَّيْلِ يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ مَشَايِخِنَا: إنَّ الصَّحِيحَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي فِي الْمِصْرِ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ إلَى إصَابَةِ الْجِهَةِ بِالسُّؤَالِ أَوْ يَجِدُ مَنْ يَسْأَلُهُ غَالِبًا وَالْحُكْمُ يَنْبَنِي عَلَى الْغَالِبِ قَالُوا وَمَا ذُكِرَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ مَحْمُولٌ عَلَى الْبَيْتِ الَّذِي يَكُونُ فِي الرِّبَاطِ وَلَا يَكُونُ ثَمَّةَ سَاكِنُونَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ دَخَلَ فِي مَسْجِدِ قَوْمٍ فَإِنْ كَانَ فِيهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِهِ يَجِبُ السُّؤَالُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي وَإِنْ تَحَرَّى لَا يُجْزِئُهُ إلَّا إذَا أَصَابَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ فَصَلَّى بِالتَّحَرِّي ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّ لَا يَجُوزُ. وَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدِ نَفْسِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: هُوَ كَالْبَيْتِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ كَمَسْجِدِ غَيْرِهِ فِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ. رَجُلَانِ خَرَجَا إلَى الْمَفَازَةِ فَتَحَرَّى كُلُّ وَاحِدٍ وَوَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى غَيْرِ جِهَةِ صَاحِبِهِ جَازَتْ صَلَاتُهُمَا فَإِنْ بَدَا لِأَحَدِهِمَا فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ أَنْ يُحَوِّلَ وَجْهَهُ إلَى صَاحِبِهِ وَيَقْتَدِيَ إنْ اسْتَقْبَلَ التَّكْبِيرَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَقَدْ مَرَّ كَثِيرٌ مِنْ مَسَائِلِ التَّحَرِّي

الباب الثاني في التحري في الزكاة

فِي الْقِبْلَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْبَابُ الثَّانِي فِي التَّحَرِّي فِي الزَّكَاةِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي التَّحَرِّي فِي الزَّكَاةِ) وَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ حَالُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ بَعْدَ مَا تَحَرَّى وَوَقَعَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ أَخْبَرَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ أَوْ عَدَّلَ آخَرُ أَنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ رَآهُ فِي زِيِّ الْفُقَرَاءِ أَوْ رَآهُ جَالِسًا فِي صَفِّ الْفُقَرَاءِ أَوْ رَآهُ يَسْأَلُ النَّاسَ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ فَقِيرٌ فَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِشَيْءٍ أَوْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ غَنِيٌّ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ غَنِيٌّ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجَوَابُ كَذَلِكَ إلَّا فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ غَنِيٌّ فَإِنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ عِنْدَهُ ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ غَنِيٌّ وَجَازَتْ الصَّدَقَةُ عِنْدَهُمَا هَلْ يَحِلُّ لِلْقَابِضِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَطِيبُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَطِيبُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَرُدُّهُ إلَى الْمُدَّعِي عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّكِ ثُمَّ الْمُعْطِي هَلْ يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ يُثَابُ ثَوَابَ الْمُجَامَلَةِ مَعَ النَّاسِ وَالْبِرِّ بِهِمْ وَلَا يُثَابُ ثَوَابَ الصَّدَقَةِ، وَاسْتَشْهَدَ فِي الْكِتَابِ حُجَّةً لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فَقَالَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ وَصَلَّى ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ غَيْرَ طَاهِرٍ وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا يُجْزِئُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ فَإِذَا عَلِمَ أَعَادَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَحْتَ هَذَا اللَّفْظِ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ فَإِنَّهُ جَعَلَ تِلْكَ الصَّلَاةَ مُجْزِئَةً مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ كُلُّ صَلَاةٍ وَقَعَتْ فَاسِدَةً وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهَا وَقَعَتْ جَائِزَةً فَمَاتَ قَبْلَ الْعِلْمِ لَمْ يُعَاتَبْ، وَالْعِبْرَةُ لِمَا عِنْدَهُ لَا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ نَظِيرُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اشْتَرَى أَمَةً وَوَطِئَهَا مِرَارًا ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ أَنَّ وَطْأَهَا حَلَالٌ لَهُ وَلَا يَسْقُطُ إحْصَانُهُ وَعَلَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْوَطْءُ حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّالِث فِي التَّحَرِّي فِي الثِّيَاب وَالْمَسَالِيخ والأواني وَالْمَوْتَى] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّحَرِّي فِي الثِّيَابِ وَالْمَسَالِيخِ وَالْأَوَانِي وَالْمَوْتَى) إذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ ثَوْبَانِ أَوْ ثِيَابٌ وَالْبَعْضُ نَجَسٌ وَالْبَعْضُ طَاهِرٌ فَإِنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بِالْعَلَامَةِ يُمَيَّزُ وَإِنْ تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ بِالْعَلَامَةِ إنْ كَانَتْ الْحَالَةُ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ بِأَنْ لَا يَجِدَ ثَوْبًا طَاهِرًا بِيَقِينٍ وَاحْتَاجَ إلَى الصَّلَاةِ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَغْسِلُ بِهِ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ أَوْ أَحَدَ الثِّيَابِ يَتَحَرَّى وَإِنْ كَانَتْ الْحَالَةُ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلطَّاهِرِ يَتَحَرَّى وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلنَّجَسِ أَوْ كَانَا عَلَى السَّوَاءِ لَا يَتَحَرَّى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا وَقَعَ تَحَرِّيهِ فِي الثَّوْبَيْنِ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنَّهُ هُوَ الطَّاهِرُ فَصَلَّى فِيهِ الظُّهْرَ ثُمَّ وَقَعَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ عَلَى أَنَّ الْآخَرَ هُوَ الطَّاهِرُ فَصَلَّى فِيهِ الْعَصْرَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّا حِينَ حَكَمْنَا بِجَوَازِ الظُّهْرِ فِيهِ فَإِنَّ الطَّاهِرَ ذَلِكَ الثَّوْبُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ الْحُكْمُ بِنَجَاسَةِ الثَّوْبِ الْآخَرِ فَلَا يُعْتَبَرُ أَكْبَرُ رَأْيِهِ بَعْدَ مَا جَرَى الْحُكْمُ بِخِلَافِهِ فَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الظُّهْرَ هُوَ النَّجِسُ أَعَادَ صَلَاةَ

الظُّهْرِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ تَحَرَّ وَلَكِنَّهُ أَخَذَ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ فَصَلَّى فِيهِ الظُّهْرَ فَهَذَا وَمَا لَوْ فَعَلَهُ بِالتَّحَرِّي سَوَاءٌ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُسْلِمِ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّحَّةِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْفَسَادَ فِيهِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الطَّاهِرَ هَذَا الثَّوْبُ وَيُحْكَمُ بِجَوَازِ صَلَاتِهِ إنْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ لَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ فَتَحَرَّى وَصَلَّى الظُّهْرَ فِي أَحَدِهَا وَصَلَّى الْعَصْرَ فِي الثَّانِي وَصَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الثَّالِثِ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي الْأَوَّلِ فَصَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَائِزَةٌ وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ لَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَقَدْ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِمَا فَتَعَيَّنَ الثَّالِثُ لِلنَّجَاسَةِ فَلَمْ تَجُزْ الْمَغْرِبُ فِيهِ وَحِينَ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي الثَّوْبِ الطَّاهِرِ فَقَدْ صَلَّى وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْمَغْرِبِ فَلَمْ تَجُزْ أَيْضًا لِمُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى صَلَاةُ الْعِشَاءِ جَائِزَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي النَّوَادِرِ إذَا كَانَ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ نَجِسًا فَصَلَّى فِي أَحَدِهِمَا الظُّهْرَ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ وَصَلَّى فِي الْآخَرُ الْعَصْرَ ثُمَّ وَقَعَ تَحَرِّيه عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ طَاهِرٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا لَمْ يُصَلِّ شَيْئًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَلَاةُ الظُّهْرِ جَائِزَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي النَّوَادِرِ رَجُلَانِ فِي السَّفَرِ وَمَعَهُمَا ثَوْبَانِ أَحَدُهُمَا طَاهِرٌ وَالْآخَرُ نَجِسٌ وَصَلَّى أَحَدَهُمَا فِي الثَّوْبِ بِالتَّحَرِّي وَصَلَّى الْآخَرَ فِي الثَّوْبِ الْآخَرِ بِالتَّحَرِّي تَجُوزُ صَلَاةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا وَلَوْ أَمَّ أَحَدُهُمَا وَاقْتَدَى بِهِ الْآخَرُ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ جَائِزَةٌ دُونَ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلَانِ تَلَاعَبَا فَسَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا قَطْرَةُ دَمٍ وَجَحَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ فَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا جَازَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ اقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى ثَلَاثَةُ نَفَرٍ تَلَاعَبُوا فَسَالَ مِنْ أَحَدِهِمْ قَطْرَةٌ مِنْ دَمٍ أَوْ فَسَا أَحَدُهُمْ أَوْ ضَرَطَ ثُمَّ جَحَدُوا جَمِيعًا ثُمَّ أَمَّ أَحَدُهُمْ فِي الظُّهْرِ وَالثَّانِي فِي الْعَصْرِ وَالثَّالِثُ فِي الْمَغْرِبِ فَصَلَاةُ الظُّهْرِ جَائِزَةٌ لِلْكُلِّ وَلَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْعَصْرِ لِإِمَامِ الْمَغْرِبِ وَلَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ لِإِمَامِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَفِي إمَامِ الْمَغْرِبِ رِوَايَتَانِ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ تَجُوزُ الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي السَّفَرِ وَمَعَهُ أَوَانٍ بَعْضُهَا نَجِسٌ وَبَعْضُهَا طَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلطَّاهِرِ يَجُوزُ التَّحَرِّي حَالَةَ الِاخْتِيَارِ وَحَالَةَ الِاضْطِرَارِ لِلشُّرْبِ وَالْوُضُوءِ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلنَّجِسِ أَوْ كَانَا سَوَاءً إنْ كَانَتْ الْحَالَةُ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ لَا يَتَحَرَّى لَا لِلشُّرْبِ وَلَا لِلْوُضُوءِ وَإِنْ كَانَتْ الْحَالَةُ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ يَتَحَرَّى لِلشُّرْبِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَتَحَرَّى لِلْوُضُوءِ عِنْدَنَا وَلَكِنَّهُ يَتَيَمَّمُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْكِتَابِ يَقُولُ إذَا كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْمَاءِ النَّجِسِ يُرِيقُ الْكُلَّ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ وَهَذَا احْتِيَاطٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَكِنَّهُ إنْ أَرَاقَ فَهُوَ أَحْوَطُ لِيَكُونَ تَيَمُّمُهُ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ بِيَقِينٍ وَإِنْ لَمْ يُرِقْ أَجْزَأَهُ أَيْضًا وَالطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ فِي كِتَابِهِ يَخْلِطُ الْمَاءَيْنِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ وَهُوَ أَحْوَطُ لِأَنَّ بِالْإِرَاقَةِ يَنْقَطِعُ عَنْهُ مَنْفَعَتُهُ وَبِالْخَلْطِ لَا فَإِنَّ بَعْدَ الْخَلْطِ يَسْقِي دَوَابَّهُ وَيَشْرَبُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْعَجْزِ فَهُوَ أَوْلَى وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ كَانَ يَقُولُ يَتَوَضَّأُ بِالْإِنَاءَيْنِ جَمِيعًا احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ بِزَوَالِ الْحَدَثِ وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِهَذَا لِأَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مُتَوَضِّئًا بِمَاءٍ تَيَقَّنَ نَجَاسَتَهُ وَتَتَنَجَّسُ أَعْضَاؤُهُ خُصُوصًا رَأْسُهُ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْمَسْحِ بِالْمَاءِ النَّجِسِ وَإِنْ مَسَحَهُ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ لَا يَطْهُرُ فَلَا مَعْنَى لِلْأَمْرِ بِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ تَوَضَّأَ بِالْمَاءَيْنِ وَصَلَّى فَإِنَّهُ تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ إذَا مَسَحَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا اخْتَلَطَ إنَاؤُهُ بِأَوَانِي أَصْحَابِهِ فِي السَّفَرِ وَهُمْ غُيَّبٌ قَالَ بَعْضُهُمْ يَتَحَرَّى وَيَأْخُذُ آنِيَةً وَيَتَوَضَّأُ بِهَا بِمَنْزِلَةِ طَعَامٍ

الباب الرابع في المتفرقات

مُشْتَرَكٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ غَابَ أَصْحَابُهُ وَاحْتَاجَ الْحَاضِرُ إلَى نَصِيبِهِ فَيَرْفَعُ قَدْرَ نَصِيبِهِ وَكَذَا رَغِيفُهُ إذَا اخْتَلَطَ بِأَرْغِفَةِ صَاحِبِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَتَحَرَّى وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَتَحَرَّى فِي الْأَوَانِي وَالْأَرْغِفَةِ وَلَكِنْ يَتَرَبَّصُ حَتَّى يَجِيءَ أَصْحَابُهُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ فَجَازَ التَّحَرِّي فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مَسَالِيخُ بَعْضُهَا ذَبِيحَةٌ وَبَعْضُهَا مَيِّتَةٌ فَإِنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بِالْعَلَامَةِ يُمَيِّزُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَيُبَاحُ التَّنَاوُلُ وَإِنْ تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ بِالْعَلَامَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْحَالَةُ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ يَعْنِي بِهِ أَنْ لَا يَجِدَ ذَكِيَّةً بِيَقِينٍ وَاضْطُرَّ إلَى الْأَكْلِ يَتَنَاوَلُ بِالتَّحَرِّي عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ كَانَتْ الْحَالَةُ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْحَرَامِ أَوْ كَانَا سَوَاءً لَمْ يَجُزْ التَّنَاوُلُ بِالتَّحَرِّي وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْحَلَالِ يَجُوزُ التَّنَاوُلُ بِالتَّحَرِّي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمِنْ الْعَلَامَةِ أَنَّ الْمَيْتَةَ إذَا أُلْقِيَتْ فِي الْمَاءِ يَطْفُو الْمَاءُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّمِ فِيهَا، وَالذَّكِيَّةُ يَرْسُبُ وَقَدْ يَعْرِفُ النَّاسُ ذَلِكَ بِكَثْرَةِ النَّسِيسِ وَبِسُرْعَةِ الْفَسَادِ إلَيْهَا وَلَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ يَنْعَدِمُ إذَا كَانَ الْحَرَامُ ذَبِيحَةَ الْمَجُوسِيِّ أَوْ ذَبِيحَةَ مُسْلِمٍ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَ السَّمْنُ أَوْ الزَّيْتُ غَالِبًا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَيَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيمَا سِوَى الْأَكْلِ لِأَنَّ الْغَلَبَةَ لَمَّا كَانَتْ لِلْحَلَالِ صَارَ الْمَغْلُوبُ فِيهَا هَالِكًا فَاعْتَبَرْنَا كَوْنَ الْحَرَامِ الْمَغْلُوبِ كَالْهَالِكِ فِي حَقِّ الِانْتِفَاعِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ إذْ النَّجَاسَةُ غَيْرُ مَانِعَةٍ مِنْ الِانْتِفَاعِ فِيمَا سِوَى الْأَكْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْأَرْوَاثِ بِإِلْقَائِهَا فِي الْأَرَاضِي وَبِالتُّرَابِ النَّجِسِ وَاعْتَبَرْنَا قِيَامَ الْحَرَامِ حَقِيقَةً فِي حَقِّ حُرْمَةِ الْأَكْلِ احْتِيَاطًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) رَجُلٌ لَهُ أَرْبَعُ جَوَارٍ أَعْتَقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ ثُمَّ نَسِيَهَا لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَتَحَرَّى لِلْوَطْءِ وَكَمَا لَا يَتَحَرَّى لِلْوَطْءِ هَاهُنَا لَا يَتَحَرَّى لِلْبَيْعِ وَلَا يُخَلِّي الْحَاكِمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ حَتَّى تَتَبَيَّنَ الْمُعْتَقَةُ فَإِنْ بَاعَ ثَلَاثًا مِنْ الْجَوَارِي بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِجَوَازِ بَيْعِهِنَّ وَجَعَلَ الْبَاقِيَةَ هِيَ الْمُعْتَقَةَ ثُمَّ رُجِعَ إلَيْهِ مِمَّا بَاعَ شَيْءٌ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٌ أَوْ مِيرَاثٌ لَمْ يَسَعْ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْقَضَاءِ بِغَيْرِ الْعِلْمِ إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَلَا بَأْسَ بِوَطْئِهَا لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً فَالنِّكَاحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَهِيَ حَلَالٌ لَهُ بِالْمِلْكِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَوْمٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ جَارِيَةٌ أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ جَارِيَتَهُ ثُمَّ لَمْ يَعْرِفُوا الْمُعْتَقَةَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَطَأَ جَارِيَتَهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا مُعْتَقَتُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِ أَحَدِهِمْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَعْتَقَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا وَإِنْ قَرِبَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَرَامًا حَتَّى يَتَيَقَّنَ وَلَوْ اشْتَرَاهُنَّ جَمِيعًا رَجُلٌ وَاحِدٌ قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْرَبَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ حَتَّى يَعْرِفَ الْمُعْتَقَةَ وَلَوْ اشْتَرَاهُنَّ إلَّا وَاحِدَةً حَتَّى يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهُنَّ فَإِنْ وَطِئَهُنَّ ثُمَّ اشْتَرَى الْبَاقِيَةَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْءُ شَيْءٍ مِنْهُنَّ وَلَا بَيْعُهُ حَتَّى يَعْلَمَ الْمُعْتَقَةَ مِنْهُنَّ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَحَدَ أَصْحَابِ الْجَوَارِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَهُ عَشْرُ خَوَابٍ مِنْ خَلٍّ وَجَدَ فِي إحْدَاهَا فَأْرَةً مَيِّتَةً وَأَخْرَجَهَا ثُمَّ نَسِيَ تِلْكَ الْخَابِيَةَ فَإِنَّهُ يُرْسِلُ فِيهَا الْهِرَّةَ فَعَلَى أَيَّتِهَا جَلَسَتْ فَهِيَ النَّجِسَةُ وَالْبَوَاقِي طَاهِرَةٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَفِيهِ بَابَانِ] [الْبَاب الْأَوَّل فِي تَفْسِير الْمَوَات وَبَيَان مَا يَمْلِك الْإِمَام مِنْ التَّصَرُّف فِي الْمَوَات] (كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) (وَفِيهِ بَابَانِ) الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْمَوَاتِ وَبَيَانِ مَا يَمْلِكُ الْإِمَامُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَوَاتِ وَفِي بَيَانِ مَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِي الْمَوَاتِ وَمَا يَثْبُتُ بِهِ الْحَقُّ فِيهِ دُونَ الْمِلْكِ وَبَيَانِ حُكْمِهِ أَمَّا تَفْسِيرُهُ فَالْأَرْضُ الْمَوَاتُ هِيَ أَرْضٌ خَارِجُ الْبَلَدِ لَمْ تَكُنْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَلَا حَقًّا لَهُ خَاصًّا فَلَا يَكُونُ دَاخِلَ الْبَلَدِ

مَوَاتٌ أَصْلًا وَكَذَا مَا كَانَ خَارِجَ الْبَلْدَةِ مِنْ مَرَافِقِهَا مُحْتَطَبًا لِأَهْلِهَا وَمَرْعًى لَهُمْ لَا يَكُونُ مَوَاتًا حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْإِمَامُ إقْطَاعَهَا وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْمِلْحِ وَالْقَارِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا الْمُسْلِمُونَ لَا تَكُونُ أَرْضَ مَوَاتٍ حَتَّى لَا يَجُوزَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَهَا لِأَحَدٍ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا مِنْ الْعُمْرَانِ شَرَطَهُ الطَّحَاوِيُّ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى إنَّ بَحْرًا قَرِيبًا مِنْ الْبَلْدَةِ جَزَرَ مَاؤُهُ، أَوْ أَجَمَةٌ عَظِيمَةٌ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لِأَحَدٍ يَكُونُ أَرْضَ مَوَاتٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ لَا يَكُونُ وَالصَّحِيحُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَإِنَّ الْمَوَاتَ اسْمٌ لِمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَلَا حَقًّا خَاصًّا لَهُ لَمْ يَكُنْ مُنْتَفَعًا بِهِ فَكَانَ مَوَاتًا بَعِيدًا عَنْ الْبَلْدَةِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ الْقُدُورِيُّ فَمَا كَانَ عَادِيًّا أَيْ قَدَمَ خَرَابُهُ لَا مَالِكَ لَهُ أَوْ كَانَ مَمْلُوكًا فِي الْإِسْلَامِ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالِكٌ بِعَيْنِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ الْقَرْيَةِ بِحَيْثُ إذَا وَقَفَ إنْسَانٌ مِنْ أَقْصَى الْعَامِرِ فَصَاحَ لَمْ يُسْمَعْ الصَّوْتُ فِيهِ فَهُوَ مَوَاتٌ وَقَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ عَلَى طَرَفِ عُمْرَانِ الْقَرْيَةِ فَيُنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ إلَى أَيِّ مَوْضِعٍ يَنْتَهِي إلَيْهِ صَوْتُهُ يَكُونُ مِنْ فِنَاءِ الْعُمْرَانِ لِأَنَّ أَهْلَ الْقَرْيَةِ يَحْتَاجُونَ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِرَعْيِ الْمَوَاشِي أَوْ غَيْرِهِ وَمَا وَرَاءُ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْ الْمَوَاتِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالِكٌ وَالْبُعْدُ عَنْ الْقَرْيَةِ عَلَى مَا قَالَ شَرَطَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ انْقِطَاعُ ارْتِفَاقِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ عَنْهُ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْقَرْيَةِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ اعْتَمَدَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. وَيَمْلِكُ الْإِمَامُ إقْطَاعَ الْمَوَاتِ فَلَوْ أَقَطَعَ الْإِمَامُ إنْسَانًا فَتَرَكَهُ وَلَمْ يُعَمِّرْهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ فَإِذَا مَضَى ثَلَاثُ سِنِينَ فَقَدْ عَادَ مَوَاتًا وَلَهُ أَنْ يَقْطَعَهُ غَيْرُهُ وَالْمِلْكُ فِي الْمَوَاتِ يَثْبُتُ بِالْإِحْيَاءِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْإِحْيَاءِ وَيَمْلِكُ الذِّمِّيُّ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا يَمْلِكُ الْمُسْلِمُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لَا يَمْلِكُهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ صَاحِبَاهُ يَمْلِكُهَا وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ أَنَّ الْقَاضِيَ فِي وِلَايَتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي آخِرِ كِتَابِ الزَّكَاةِ. وَلَوْ تَرَكَهَا بَعْدَ الْإِحْيَاءِ وَزَرَعَهَا غَيْرُهُ قِيلَ الثَّانِي أَحَقُّ بِهَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَوَّلَ أَحَقُّ بِهَا لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالْإِحْيَاءِ فَلَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِالتَّرْكِ وَإِنْ حَجَّرَ الْأَرْضَ لَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِحْيَاءٍ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ جَعْلُهَا صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ وَالتَّحْجِيرُ بِوَضْعِ عَلَامَةٍ مِنْ حَجَرٍ أَوْ بِحَصَادِ مَا فِيهَا مِنْ الْحَشِيشِ وَالشَّوْكِ وَتَنْقِيَةِ عُشْبِهَا وَجَعْلِهِ حَوْلَهَا أَوْ بِإِحْرَاقِ مَا فِيهَا مِنْ الشَّوْكِ وَغَيْرِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ لَكِنَّهُ هُوَ أَوْلَى بِهَا فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُحْيِيَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ حَتَّى تَمْضِيَ ثَلَاثُ سِنِينَ وَهَذَا مِنْ طَرِيقِ الدِّيَانَةِ وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ فَإِذَا أَحْيَاهَا غَيْرُهُ قَبْلَ مُضِيِّهَا مَلَكَهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَنْ تَحَجَّرَ عَلَى أَرْضٍ مَوَاتٍ شِبْهَ الْمَنَارَةِ فَقَدْ أَحْيَاهَا لِأَنَّهُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ وَلَوْ حَوَّطَهَا وَسَنَّمَهَا بِحَيْثُ يَعْصِمُ الْمَاءَ فَإِنَّهُ يَكُونُ إحْيَاءً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَتَفْسِيرُ الْإِحْيَاءِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهَا أَوْ يَغْرِسَ فِيهَا أَوْ يَكْرُبَهَا أَوْ يَسْقِيهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَأَرَاضِي مَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَخُوَارِزْمَ لَيْسَتْ بِمَوَاتٍ لِدُخُولِهَا فِي الْقِسْمَةِ وَتُصْرَفُ إلَى أَقْصَى مَالِكٍ أَوْ بَائِعٍ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ وَرَثَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَحِينَئِذٍ التَّصَرُّفُ إلَى الْحَاكِمِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَالْأَرَاضِي الْمَمْلُوكَةُ إذَا انْقَرَضَ أَهْلُهَا فَهِيَ كَاللُّقَطَةِ وَقِيلَ كَالْمَوَاتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً أَوْ زَرَعَ زَرْعًا أَوْ جَعَلَ لِلْأَرْضِ مُسَنَّاةً وَنَحْوَ ذَلِكَ يَكُونُ لَهُ مَوْضِعُ الْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ عَمَّرَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ يَكُونُ إحْيَاءً لَهَا وَلِمَا بَقِيَ وَإِنْ عَمَّرَ نِصْفَهَا لَهُ مَا عَمَّرَ دُونَ مَا بَقِيَ فَقَدْ اُعْتُبِرَ الْكَثْرَةُ

هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الْمَوَاتُ فِي وَسَطِ مَا يُحْيِي يَكُونُ إحْيَاءً لِلْكُلِّ وَإِنْ كَانَ الْمَوَاتُ فِي نَاحِيَةٍ لَا يَكُونُ إحْيَاءً لِمَا بَقِيَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا فَسَاقَ إلَيْهَا مَاءً فَقَدْ أَحْيَاهَا زَرَعَ أَوْ لَمْ يَزْرَعْ وَلَوْ حَفَرَ فِيهَا أَنْهَارًا لَمْ يَكُنْ إحْيَاءً إلَّا أَنْ يَجْرِيَ فِيهَا الْمَاءُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ إحْيَاءً وَإِنْ أَحْرَقَ فِيهَا حَشِيشًا فَلَيْسَ بِإِحْيَاءٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ أَجَمَةٌ أَوْ غَيْضَةٌ فَقَطَعَ قَصَبَهَا أَوْ أَشْجَارَهَا فَسَوَّاهَا فَهُوَ إحْيَاءٌ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَكَّلَ رَجُلًا بِإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ لَهُ فَأَحْيَاهُ فَهُوَ لِلْمُوَكَّلِ إنْ أَذِنَ الْإِمَامُ لَهُ فِي الْإِحْيَاءِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا يَجُوزُ إحْيَاءُ مَا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرُ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَمَا تَرَكَ الْفُرَاتَ أَوْ الدِّجْلَةَ فَعَدَّلَ عَنْهُ الْمَاءَ فَإِنْ كَانَ يَجُوزُ عَوْدُهُ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ إحْيَاؤُهُ لِحَاجَةِ الْعَامَّةِ إلَى كَوْنِهِ نَهْرًا وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ فَهُوَ الْمَوَاتُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. أَرْضٌ غَرِقَتْ وَصَارَتْ بَحْرًا ثُمَّ نَضَبَ الْمَاءُ عَنْهَا أَوْ خَرِبَتْ بِوَجْهٍ آخَرَ ثُمَّ جَاءَ إنْسَانٌ وَعَمَّرَهَا قِيلَ هِيَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ وَقِيلَ لِمَنْ أَحْيَاهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إمَامٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُعَمِّرَ أَرْضًا مَيْتَةً عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا وَلَا يَكُونُ الْمِلْكُ لَهُ فَأَحْيَاهَا لَمْ يَمْلِكْهَا لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ عِنْدَهُ لَا يَمْلِكُ الْأَرْضَ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ بِالتَّمَلُّكِ لَا يَمْلِكُهُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. رَجُلٌ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً ثُمَّ جَاءَ إنْسَانٌ وَأَحْيَا أَرَاضِي حَوْلَهَا حَتَّى أَحَاطَ الْإِحْيَاءُ بِجَوَانِبِهَا الْأَرْبَعَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَطَرَّقَ إلَى أَرْضِهِ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي أَحْيَاهَا آخَرُ فَإِنْ جَاءَ أَرْبَعَةٌ وَأَحْيَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَانِبًا حَتَّى أَحَاطَ إحْيَاؤُهُمْ بِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَطَرَّقَ إلَى أَرْضِهِ مِنْ أَيِّ أَرْضٍ شَاءَ إذَا أَحْيَوْا جَوَانِبَهَا مَعًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الْمَوَاتِ وَبَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ ذِرَاعٌ ثُمَّ حَفَرَهُ آخَرُ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ تَرَكَهُ وَقُدِّرَ بِشَهْرٍ وَلَوْ حَفَرَهُ مِقْدَارَ ذِرَاعٍ فَهُوَ تَحْجِيرٌ وَلَيْسَ بِإِحْيَاءٍ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ مِثْلُ دِجْلَةَ عَلَيْهِ مُحْتَطَبٌ وَمَرْعَاةٌ فَهُوَ لِمَنْ أَحْيَاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِنَاءَ قَرْيَةٍ فَسَدَ فِنَاءَهُمْ فَيُمْنَعُ وَلِلْوَالِي أَنْ يَقْطَعَ مِنْ طَرِيقِ الْجَادَّةِ إنْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِينَ قَالَ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِلْخَلِيفَةِ وَلِمَنْ وَلَّاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا حَفَرَ بِئْرًا فِي أَسْفَلِ جَبَلٍ مَلَكَهُ إلَى أَعْلَاهُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَأَمَّا بَيَانُ حُكْمِ أَرْضِ الْمَوَاتِ فَلَهُ حُكْمَانِ أَحَدُهُمَا حُكْمُ الْحَرِيمِ وَالثَّانِي حُكْمُ الْوَظِيفَةِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْكَلَامُ فِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي أَصْلِ الْحَرِيمِ وَالثَّانِي فِي قَدْرِهِ أَمَّا أَصْلُهُ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي أَرْضِ الْمَوَاتِ يَكُونُ لَهَا حَرِيمٌ حَتَّى لَوْ أَرَادَ غَيْرُهُ أَنْ يَحْفِرَ فِي حَرِيمِهَا لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ وَكَذَا الْعَيْنُ لَهَا حَرِيمٌ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا تَقْدِيرُهُ فَحَرِيمُ الْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. ثُمَّ قِيلَ هُوَ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَالذِّرَاعُ هُوَ الْمُكَسِّرَةُ وَهُوَ سِتُّ قَبَضَاتٍ وَكَانَ ذِرَاعُ الْمِلْكِ سَبْعَ قَبَضَاتٍ فَكُسِرَ مِنْهُ قَبْضَةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَحَرِيمُ بِئْرِ الْعَطَنِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. قِيلَ الْأَرْبَعُونَ مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ عَشَرَةٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُرَادَ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَأَمَّا حَرِيمُ بِئْرِ النَّاضِحِ فَسِتُّونَ ذِرَاعًا فِي قَوْلِهِمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا أَعْرِفُ إلَّا أَنَّهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا وَبِهِ يُفْتَى ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي قَضَاءِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ مَنْ أَحْيَا نَهْرًا فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْتَحِقُّ لَهُ حَرِيمًا وَعِنْدَهُمَا يَسْتَحِقُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ لَهُ حَرِيمًا بِالْإِجْمَاعِ وَذُكِرَ فِي النَّوَازِلِ وَحَرِيمُ النَّهْرِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ نِصْفُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِقْدَارُ عَرْضِ النَّهْرِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَأَمَّا الْحُكْمُ الثَّانِي حُكْمُ الْوَظِيفَةِ فَإِنْ أَحْيَاهَا مُسْلِمٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ مِنْ حَيِّزِ أَرْضِ الْعُشْرِ فَهِيَ عُشْرِيَّةٌ وَإِنْ أَحْيَاهَا مِنْ حَيِّزِ أَرْضِ الْخَرَاجِ فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَحْيَاهَا بِمَاءِ الْعُشْرِ فَهِيَ عُشْرِيَّةٌ وَإِنْ أَحْيَاهَا بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ وَإِنْ أَحْيَاهَا ذِمِّيٌّ فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ كَيْفَ مَا كَانَتْ بِالْإِجْمَاعِ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. . وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ حَرِيمُ النَّاضِحِ سِتُّونَ ذِرَاعًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَبْلُ سَبْعِينَ ذِرَاعًا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْحَرِيمُ بِقَدْرِ الْحَبْلِ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْبِئْرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا احْتَفَرَ الرَّجُلُ بِئْرًا فِي مَفَازَةٍ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَاحْتَفَرَ فِي حَرِيمِهَا بِئْرًا كَانَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَسُدَّ مَا احْتَفَرَهُ الثَّانِي وَكَذَلِكَ لَوْ بَنَى أَوْ زَرَعَ أَوْ أَحْدَثَ فِيهِ شَيْئًا لِلْأَوَّلِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ لِمِلْكِهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَمَا عَطِبَ فِي بِئْرِ الْأَوَّلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي حَفْرِهِ وَمَا عَطِبَ فِي بِئْرِ الثَّانِي فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي تَسَبُّبِهِ وَلَوْ أَنَّ الثَّانِيَ حَفَرَ بِئْرًا بِأَمْرِ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ حَرِيمِ الْأَوَّلِ وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْهُ فَذَهَبَ مَاءُ بِئْرِ الْأَوَّلِ وَعَرَفَ أَنَّ ذَهَابَ ذَلِكَ مِنْ حَفْرِ الثَّانِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مَنْ أَخْرَجَ قَنَاةً فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ اسْتَحَقَّ الْحَرِيمَ بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ بِأَيِّ قَدْرٍ يَسْتَحِقُّ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ الْقَنَاةُ بِمَنْزِلَةِ الْبِئْرِ فَلَهَا مِنْ الْحَرِيمِ مَا لِلْبِئْرِ ذَكَرَ هَذَا الْقَدْرَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ مَشَايِخَنَا زَادُوا عَلَى هَذَا فَقَالُوا الْقَنَاةُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَظْهَرُ الْمَاءُ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ الْفَوَّارَةِ فَيَكُونُ لَهَا مِنْ الْحَرِيمِ حِينَئِذٍ مِثْلُ مَا لِلْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يَقَعُ الْمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ الْقَنَاةُ بِمَنْزِلَةِ النَّهْرِ إلَّا أَنَّهُ يَجْرِي تَحْتَ الْأَرْضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ اسْتِحْقَاقُ الْحَرِيمِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فِي الْمَوَاتِ مِنْ الْأَرَاضِي فِيمَا لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِ فَأَمَّا فِيمَا هُوَ حَقُّ الْغَيْرِ فَلَا حَتَّى لَوْ حَفَرَ إنْسَانٌ بِئْرًا وَجَاءَ أَحَدٌ وَحَفَرَ بِئْرًا عَلَى مُنْتَهَى حَدِّ حَرِيمِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْحَرِيمَ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي هُوَ حَرِيمُ صَاحِبِ الْبِئْرِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ مِمَّا لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. قَنَاةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحْيَا أَحَدُهُمَا أَرْضًا مَيْتَةً لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْقِيَهَا مِنْ الْقَنَاةِ أَوْ يَجْعَلَ شِرْبَهَا مِنْهَا لِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَفْضِلَ عَلَى شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الْأَرْضِ شِرْبٌ مِنْ هَذِهِ الْقَنَاةِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَفْضِلَ عَلَى شَرِيكِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَنْ غَرَسَ شَجَرَةً بِإِذْنِ الْإِمَامِ عِنْدَ الْكُلِّ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ عِنْدَهُمَا هَلْ يَسْتَحِقُّ لَهَا حَرِيمًا حَتَّى لَوْ جَاءَ آخَرُ وَأَرَادَ أَنْ يَغْرِسَ بِجَنْبِ شَجَرَتِهِ شَجَرًا هَلْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ وَمَشَايِخُنَا قَالُوا يَسْتَحِقُّ مِقْدَارَ خَمْسَةِ أَذْرُعٍ بِهِ وَرَدَتْ السُّنَّةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا حَفَرَ رَجُلَانِ بِنَفَقَتِهِمَا بِئْرًا فِي أَرْضِ الْمَوَاتِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْبِئْرُ لِأَحَدِهِمَا وَالْحَرِيمُ لِلْآخَرِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُمَا اصْطَلَحَا عَلَى خِلَافِ مُوجَبِ الشَّرْعِ فَإِنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ الْحَرِيمَ تَبَعًا لِلْبِئْرِ لِيُمْكِنَ لِصَاحِبِهِ الِانْتِفَاعُ بِالْبِئْرِ فَكَانَ الْحَرِيمُ لِمَالِكِ الْبِئْرِ فَإِنْ كَانَتْ الْبِئْرُ لِوَاحِدٍ كَانَ الْحَرِيمُ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ الْبِئْرُ بَيْنَهُمَا كَانَ الْحَرِيمُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْحَرِيمُ وَالْبِئْرُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يُنْفِقَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ بِنِصْفِ الْفَضْلِ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي إحْرَازٍ مُبَاحٍ لِيَكُونَ الْمُبَاحُ بَيْنَهُمَا شَرِكَةً وَالشَّرِكَةُ فِي إحْرَازِ الْمُبَاحِ تَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ فَإِذَا شَرَطَ زِيَادَةَ النَّفَقَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ وَيَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَنْهُ بِأَمْرِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا شَرَطُوا أَنْ يَحْفِرُوا نَهْرًا وَيُحْيُوا أَرْضًا وَالنَّهْرُ لِوَاحِدٍ وَالْأَرْضُ لِآخَرَ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَكُونَا بَيْنَهُمَا وَإِذَا كَانَا بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَسْقِيَ أَرْضًا لَهُ خَاصَّةً وَإِنْ شَرَطُوا عَلَى بَعْضِهِمْ مِنْ النَّفَقَةِ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ

الباب الثاني في كري الأنهار وإصلاحها

وَيَرْجِعُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. نَهْرَانِ لِقَرْيَتَيْنِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي حَرِيمِهِمَا فَمَا كَانَ مَشْغُولًا بِتُرَابِ أَحَدِ النَّهْرَيْنِ فَهُوَ فِي أَيْدِي أَهْلِ ذَلِكَ النَّهْرِ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لَهُمْ وَلَا يُصَدَّقُ الْآخَرُونَ عَلَى دَعْوَاهُمْ فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَمَا كَانَ بَيْنَ النَّهْرَيْنِ مِنْ مَوْضِعٍ فَارِغٍ لَمْ يُشْغَلْ بِتُرَابِ أَحَدِهِمَا وَلَا تَنَازُعَ فِيهِ لِأَهْلِ الْقَرْيَتَيْنِ فَهُوَ بَيْنَ أَهْلِ الْقَرْيَتَيْنِ نِصْفَانِ إلَّا أَنْ تَقُومَ لِإِحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ بَيِّنَةٌ أَنَّ ذَلِكَ لَهُمْ خَاصَّةً وَقَدْ مَرَّ نَحْوُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ كَذَا فِي الْكُبْرَى. مَنْ كَانَ لَهُ نَهْرٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ حَرِيمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مُسَنَّاةٌ يَمْشِي عَلَيْهَا وَيُلْقِي عَلَيْهَا طِينَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ. مَنْ بَنَى قَصْرًا فِي مَفَازَةٍ لَا يَسْتَحِقُّ لِذَلِكَ حَرِيمًا وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِلْقَاءِ الْكُنَاسَةِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالْقَصْرِ بِدُونِ الْحَرِيمِ وَلَا يُقَاسُ عَلَى الْبِئْرِ لِأَنَّ حَاجَتَهُ إلَيْهِ دُونَ حَاجَةِ صَاحِبِ الْبِئْرِ إلَى الْحَرِيمِ كَذَا فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ. بِئْرٌ لِرَجُلٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ حَقُّ إلْقَاءِ الطِّينِ فِي دَارِهِ إذَا حَفَرَ الْبِئْرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَرَادَ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا فِي مَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ أَوْ فِي مَحَلَّةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَفِيهِ نَفْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا قَالَ هَاهُنَا وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَابِ الْمَسْجِدِ قَبْلَ كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا يُحْفَرُ فِي الْمَسْجِدِ بِئْرٌ وَمَنْ حَفَرَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا حَفَرَ وَالْفَتْوَى عَلَى الْمَذْكُورِ هُنَاكَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي كَرْيِ الْأَنْهَارِ وَإِصْلَاحِهَا] (الْبَابُ الثَّانِي فِي كَرْيِ الْأَنْهَارِ وَإِصْلَاحِهَا) وَالْأَنْهَارُ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مَا يَكُونُ كَرْيُهُ عَلَى السُّلْطَانِ وَمِنْهَا مَا يَكُونُ كَرْيُهُ عَلَى أَصْحَابِ النَّهْرِ فَإِذَا امْتَنَعُوا يُجْبَرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَمِنْهَا مَا يَكُونُ كَرْيُهُ عَلَى أَصْحَابِ النَّهْرِ فَإِذَا امْتَنَعُوا لَا يُجْبَرُونَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ النَّهْرُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَقَاسِمِ كَالْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ وَجَيْحُونَ وَسَيْحُونُ وَالنِّيلِ وَهُوَ نَهْرٌ فِي الرُّومِ إذَا احْتَاجَ إلَى الْكَرْيِ وَإِصْلَاحِ شَطِّهِ يَكُونُ عَلَى السُّلْطَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ يُجْبِرُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى كَرْيِهِ وَيُخْرِجُهُمْ لِأَجْلِهِ فَإِنْ أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكْرِيَ مِنْهَا نَهْرًا لِأَرْضِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْعَامَّةِ فَإِنْ أَضَرَّ بِالْعَامَّةِ بِأَنْ يَنْكَسِرَ شَطُّ النَّهْرِ أَوْ يُخَافَ مِنْهُ الْغَرَقُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا الَّذِي يَكُونُ كَرْيُهُ وَإِصْلَاحُهُ عَلَى أَهْلِ النَّهْرِ فَإِنْ امْتَنَعُوا أَجْبَرَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ الْأَنْهَارُ الْعِظَامُ الَّتِي دَخَلَتْ فِي الْمَقَاسِمِ. عَلَيْهِ قُرًى وَاحْتَاجَ إلَى الْكَرْيِ وَالْإِصْلَاحِ كَانَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ النَّهْرِ فَإِذَا امْتَنَعُوا أَجْبَرَهُمْ لِأَنَّ فَسَادَ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى الْعَامَّةِ وَفِيهِ تَقْلِيلُ الْمَاءِ عَلَى أَهْلِ الشَّفَةِ وَعَسَى يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى عِزَّةِ الطَّعَامِ فَإِذَا كَانَ مَنْفَعَةُ الْمَاءِ تَعُودُ إلَيْهِمْ وَضَرَرُ تَرْكِ الْكَرْيِ يَرْجِعُ إلَى الْعَامَّةِ أَجْبَرَهُمْ عَلَى الْكَرْيِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْرِيَ مِنْ هَذَا النَّهْرِ نَهْرًا لِأَرْضِهِ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ النَّهْرِ أَوْ لَمْ يَضُرَّ وَلَا يَسْتَحِقُّ بِهَذَا الْمَاءِ الشُّفْعَةَ. وَأَمَّا النَّهْرُ الَّذِي يَكُونُ كَرْيُهُ عَلَى أَهْلِ النَّهْرِ وَإِذَا امْتَنَعُوا لَا يُجْبَرُونَ فَهُوَ النَّهْرُ الْخَاصُّ وَتَكَلَّمُوا فِي النَّهْرِ الْخَاصِّ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ النَّهْرُ لِعَشَرَةٍ فَمَا دُونَهَا أَوْ عَلَيْهِ قَرْيَةٌ وَاحِدَةٌ يُقَسَّمُ مَاؤُهُ فِيهَا فَهُوَ نَهْرٌ خَاصٌّ يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ لِمَا دُونَ الْأَرْبَعِينَ فَهُوَ نَهْرٌ خَاصٌّ وَإِنْ كَانَ لِأَرْبَعِينَ فَهُوَ عَامٌّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ لِمَا دُونَ الْمِائَةِ فَهُوَ خَاصٌّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ لِمَا دُونَ الْأَلْفِ فَهُوَ خَاصٌّ وَأَصَحُّ مَا قِيلَ إنَّهُ يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْمُجْتَهِدِ حَتَّى يَخْتَارَ أَيَّ الْأَقَاوِيلِ شَاءَ. ثُمَّ فِي النَّهْرِ الْخَاصِّ لَوْ أَرَادَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْكَرْيَ وَامْتَنَعَ الْبَاقُونَ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُجْبِرُهُمْ الْإِمَامُ

كتاب الشرب وفيه خمسة أبواب

وَلَوْ حَفَرَهُ الَّذِينَ طَلَبُوا الْحَفْرَ كَانُوا مُتَطَوِّعِينَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ يُجْبَرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي النَّفَقَاتِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُ الَّذِينَ طَلَبُوا الْكَرْيَ بِالْكَرْيِ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ كَانَ لَهُمْ مَنْعُ الْآخَرِينَ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ حَتَّى يَدْفَعُوا إلَيْهِمْ حِصَصَهُمْ مِنْ مُؤْنَةِ الْكَرْيِ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ أَرَادَ كُلُّهُمْ تَرْكَ الْكَرْيِ فِي ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لَا يُجْبِرُهُمْ الْإِمَامُ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يُجْبِرُهُمْ الْإِمَامُ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى كَرْيِ النَّهْرِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبِدَايَةُ بِالْكَرْيِ مِنْ أَعْلَاهُ. فَإِذَا جَاوَزَ أَرْضَ رَجُلٍ رَفَعَ عَنْهُ مُؤْنَةَ الْكَرْيِ وَكَانَ عَلَى مَنْ بَقِيَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ الْكَرْيُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا مِنْ أَوَّلِ النَّهْرِ إلَى آخِرِهِ بِحِصَصِ الشُّرْبِ وَالْأَرَاضِي وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ الشَّفَةِ مِنْ الْكَرْيِ شَيْءٌ لِأَنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ وَبِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذُوا فِي الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَبَيَانُهُ أَنَّ الشُّرَكَاءَ فِي النَّهْرِ إذَا كَانُوا عَشَرَةً فَمُؤْنَةُ الْكَرْيِ مِنْ أَوَّلِ النَّهْرِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عُشْرُ الْمُؤْنَةِ إلَى أَنْ يُجَاوِزَ أَرْضَ أَحَدِهِمْ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ مُؤْنَةُ الْكَرْيِ عَلَى الْبَاقِينَ أَتْسَاعًا إلَى أَنْ يُجَاوِزَ أَرْضًا أُخْرَى ثُمَّ يَكُونُ عَلَى الْبَاقِينَ أَثْمَانًا عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إلَى آخِرِ النَّهْرِ وَعِنْدَهُمَا الْمُؤْنَةُ عَلَيْهِمْ أَعْشَارًا مِنْ أَوَّلِ النَّهْرِ إلَى آخِرِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ كَانَتْ فُوَّهَةُ النَّهْرِ لِأَرْضِهِ فِي وَسَطِ أَرْضِهِ فَكَرَى إلَى فُوَّهَةِ النَّهْرِ هَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْكَرْيُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَسْقُطُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَسْقُطُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ أَرْضَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَمَتَى جَاوَزَ الْكَرْيُ أَرْضَهُ هَلْ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ الْمَاءَ لِيَسْقِيَ أَرْضَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَفْتَحُ حَتَّى يَفْرُغَ الْكُلُّ لِأَنَّهُ لَوْ فَتَحَ قَبْلَ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالْمَاءِ قَبْلَ الشُّرَكَاءِ وَلِهَذَا قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ يَبْدَأُ بِالْكَرْيِ مِنْ أَسْفَلِ النَّهْرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَأَمَّا الطَّرِيقُ الْخَاصُّ بَيْنَ قَوْمٍ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ إذَا وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى إصْلَاحِهِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ فَإِصْلَاحُ أَوَّلِهِ عَلَيْهِمْ بِالْإِجْمَاعِ فَإِذَا بَلَغُوا دَارَ رَجُلٍ مِنْهُمْ هَلْ يُرْفَعُ عَنْهُ مُؤْنَةُ الْإِصْلَاحِ لَا رِوَايَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ حَاكِيًا عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ رَأَيْتُ فِي كُتُبِ بَعْضِ مَشَايِخِنَا أَنَّهُ يُرْفَعُ عَنْهُ بِالِاتِّفَاقِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ النَّهْرُ عَظِيمًا عَلَيْهِ قُرًى يَشْرَبُونَ مِنْهَا وَهِيَ الَّتِي تُدْعَى بِالْفَارِسِيَّةِ (كَامٍ) فَاتَّفَقُوا عَلَى كَرْيِ هَذَا النَّهْرِ فَبَلَغُوا فُوَّهَةَ نَهْرِ قَرْيَةٍ هَلْ يُرْفَعُ عَنْهُمْ مُؤْنَةُ الْكَرْيِ فَلَا رِوَايَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْأَصْلِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي النَّوَادِرِ وَأَنَّهُ يُرْفَعُ عَنْهُمْ مُؤْنَةُ الْكَرْيِ بِالِاتِّفَاقِ وَعَلَى قِيَاسِ النَّهْرِ الْخَاصِّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُرْفَعَ عَنْهُمْ مُؤْنَةُ الْكَرْيِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْكَرْي أَرَاضِيَ قَرْيَتِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الشِّرْبِ وَفِيهِ خَمْسَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير الشُّرْب وَرُكْنِهِ وَشَرْطِ حِلِّهِ وَحُكْمِهِ] (كِتَابُ الشِّرْبِ) (وَفِيهِ خَمْسَةُ أَبْوَابٍ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ وَرُكْنِهِ وَشَرْطِ حِلِّهِ وَحُكْمِهِ) أَمَّا تَفْسِيرُهُ شَرْعًا فَالنَّصِيبُ مِنْ الْمَاءِ لِلْأَرَاضِيِ لَا لِغَيْرِهَا وَأَمَّا رُكْنُهُ فَالْمَاءُ لِأَنَّ الشِّرْبَ يَقُومُ بِهِ وَأَمَّا شَرْطُ حِلِّهِ أَنْ يَكُونَ ذَا حَظٍّ مِنْ الشِّرْبِ وَأَمَّا حُكْمُهُ فَالْإِرْوَاءُ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ مَا يُفْعَلُ لِأَجْلِهِ وَإِنَّمَا تَشْرَبُ الْأَرْضُ لِتُرْوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْمِيَاهُ أَنْوَاعٌ الْأَوَّلُ مَاءُ الْبَحْرِ وَهُوَ عَامٌّ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِالشَّفَةِ وَسَقْيُ الْأَرْضِ وَشَقُّ الْأَنْهَارِ حَتَّى إنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْرِيَ نَهْرًا مِنْهَا إلَى أَرْضِهِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ وَالِانْتِفَاعُ بِمَاءِ الْبَحْرِ كَالِانْتِفَاعِ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْهَوَاءِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شَاءَ. وَالثَّانِي مَاءُ الْأَوْدِيَةِ الْعِظَامِ كَجَيْحُونَ وَسَيْحُونُ وَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ وَالنِّيلِ لِلنَّاسِ فِيهَا حَقُّ الشَّفَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَحَقُّ سَقْيِ الْأَرْضِ بِأَنْ أَحْيَا

وَاحِدٌ أَرْضًا مَيْتَةً وَكَرَى مِنْهَا نَهْرًا لِيَسْقِيَهَا إنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ وَلَا يَكُونُ النَّهْرُ فِي مِلْكِ أَحَدٍ وَلَهُمْ نَصْبُ الْأُرْجِيَّةِ وَالدَّوَالِي إنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْهُمْ وَاجِبٌ وَذَلِكَ بِأَنْ يَمِيلَ الْمَاءُ إلَى هَذَا الْجَانِبِ إذَا انْكَسَرَتْ ضِفَّتُهُ فَتُغْرِقُ الْقُرَى وَالْأَرَاضِي وَكَذَا شَقُّ السَّاقِيَةِ وَالدَّالِيَةِ. وَالثَّالِثُ مَا يَجْرِي عَلَى نَهْرٍ خَاصٍّ لِقَرْيَةٍ فَلِغَيْرِهِمْ فِيهِ شَرِكَةٌ فِي الشَّفَةِ وَهُوَ الشِّرْبُ وَسَقْيُ الدَّوَابِّ. وَالرَّابِعُ مَا أُحْرِزَ فِي حَبٍّ وَنَحْوِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَلَهُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ بِالْإِحْرَازِ فَصَارَ كَالصَّيْدِ وَالْحَشِيشِ إلَّا أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي سَرِقَتِهِ لِقِيَامِ شُبْهَةِ الشَّرِكَةِ فِيهِ حَتَّى لَوْ سَرَقَهُ إنْسَانٌ فِي مَوْضِعٍ يَعِزُّ وُجُودُهُ وَهُوَ يُسَاوِي نِصَابًا لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْمَاءُ الَّذِي فِي بِئْرِ رَجُلٍ أَوْ حَوْضِ رَجُلٍ فَلِغَيْرِهِ نَوْعُ شَرِكَةٍ مِنْ حَيْثُ الشَّفَةِ وَسَقْيِ دَوَابِّهِ حَتَّى إذَا أَخَذَ إنْسَانٌ مِنْ حَوْضِ غَيْرِهِ أَوْ بِئْرِهِ مَاءً لِلشِّرْبِ فَلَيْسَ صَاحِبُ الْحَوْضِ وَالْبِئْرِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ فَإِنْ كَانَتْ الشَّفَةُ تَأْتِي عَلَى الْمَاءِ كُلِّهِ ذَكَرَ شِيحُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ مَنْعُ ذَلِكَ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِي هَذَا الْفَصْلِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ لِصَاحِبِ الْمَاءِ وِلَايَةَ الْمَنْعِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْعُيُونِ نَهْرٌ فِي مَدِينَةٍ أَجْرَاهُ الْإِمَامُ لِلشَّفَةِ فَأَرَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَتَّخِذَ عَلَيْهِ بَسَاتِينَ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِأَهْلِ الشَّفَةِ وَسِعَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَضَرَّ لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. نَهْرٌ لِقَوْمٍ وَلِرَجُلٍ أَرْضٌ بِجَنْبِهِ لَيْسَ لَهُ شِرْبٌ مِنْ هَذَا النَّهْرِ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَشْرَبَ وَيَتَوَضَّأَ وَيَسْقِيَ دَوَابَّهُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْقِيَ مِنْهُ أَرْضًا أَوْ شَجَرًا أَوْ زَرْعًا وَلَا أَنْ يَنْصِبَ دُولَابًا عَلَى هَذَا النَّهْرِ لِأَرْضِهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ الْمَاءَ مِنْهُ بِالْقُرَبِ وَالْأَوَانِي وَيَسْقِيَ زَرْعَهُ أَوْ شَجَرَهُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلِأَهْلِ النَّهْرِ أَنْ يَمْنَعُوهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْوَجِيزِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالتَّبْيِينِ وَالظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ لَيْسَ لَهُمْ شِرْبٌ مِنْ هَذَا النَّهْرِ أَنْ يَسْقُوا دَوَابَّهُمْ مِنْهُ قَالُوا إنْ كَانَ الْمَاءُ لَا يَنْقَطِعُ بِسَقْيِ الدَّوَابِّ وَلَا يَفْنَى لَيْسَ لِأَهْلِ النَّهْرِ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَنْقَطِعُ بِسَقْيِهِمْ بِأَنْ كَانَتْ الْإِبِلُ كَثِيرَةً كَانَ لَهُمْ حَقُّ الْمَنْعِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ تَنْكَسِرُ ضِفَّةُ النَّهْرِ وَيَخْرُبُ بِالسَّقْيِ كَانَ لَهُمْ حَقُّ الْمَنْعِ وَإِلَّا فَلَا. وَكَذَا الْعَيْنُ وَالْحَوْضُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ الْمَاءُ بِغَيْرِ إحْرَازٍ وَاحْتِيَالٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّهْرِ الْخَاصِّ. وَاخْتَلَفُوا فِي التَّوَضُّؤِ بِمَاءِ السِّقَايَةِ جَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا كُلُّ مَاءٍ أُعِدَّ لِلشِّرْبِ حَتَّى قَالُوا فِي الْحِيَاضِ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلشِّرْبِ لَا يَجُوزُ مِنْهَا التَّوَضُّؤُ وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ مَاءَ السِّقَايَةِ إلَى بَيْتِهِ لِيَشْرَبَ أَهْلُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ أَوْ زَرْعَهُ مِنْ نَهْرِ الْغَيْرِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ قَنَاتِهِ اُضْطُرَّ لِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُضْطَرَّ وَإِنْ سَقَى أَرْضَهُ أَوْ زَرْعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ النَّهْرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا أَخَذَ مِنْ الْمَاءِ وَإِنْ أَخَذَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ يُؤَدِّبُهُ السُّلْطَانُ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ إنْ رَأَى ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَرَادَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ النَّهْرِ الْخَاصِّ أَوْ مِنْ حَوْضِ رَجُلٍ أَوْ مِنْ بِئْرِ رَجُلٍ مَاءً بِالْجَرَّةِ لِلْوُضُوءِ أَوْ لِغَسْلِ الثِّيَابِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَهُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَتْ الْبِئْرُ أَوْ الْعَيْنُ أَوْ الْحَوْضُ أَوْ النَّهْرُ فِي مِلْكِ رَجُلٍ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ يُرِيدُ الشَّفَةَ مِنْ الدُّخُولِ فِي مِلْكِهِ إذَا كَانَ يَجِدُ مَاءً آخَرَ بِقُرْبِ هَذَا الْمَاءِ فِي غَيْرِ مِلْكِ أَحَدٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ ذَلِكَ يُقَالُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ إمَّا أَنْ تُخْرِجَ الْمَاءَ إلَيْهِ أَوْ تَتْرُكَهُ لِيَأْخُذَ بِنَفْسِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكْسِرَ ضِفَّتَهُ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الشَّفَةِ فِي الْمَاءِ الَّذِي فِي حَوْضِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَقِيلَ هَذَا إذَا احْتَفَرَهَا فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَمَّا إذَا احْتَفَرَهَا فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ فَلَيْسَ لَهُ

مَنْعُهُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوَاتَ كَانَ مُشْتَرَكًا وَالْحَفْرُ لِإِحْيَاءِ حَقٍّ مُشْتَرَكٍ وَهُوَ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فَلَا يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ فِي الشَّفَةِ وَلَوْ مَنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَدَابَّتِهِ الْعَطَشَ لَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُ بِالسِّلَاحِ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُحْرَزًا فِي الْأَوَانِي فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي يَخَافُ الْهَلَاكَ مِنْ الْعَطَشِ أَنْ يُقَاتِلَ صَاحِبَ الْمَاءِ بِالسِّلَاحِ عَلَى الْمَنْعِ وَلَكِنْ يُقَاتِلُهُ عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرِ سِلَاحٍ كَذَا فِي الْكَافِي. هَذَا إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ كَثِيرٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مِقْدَارَ مَا يَرُدُّ رَمَقَهُمَا أَوْ كَانَ يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ يَرُدُّ رَمَقَهُمَا كَانَ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْبَعْضَ وَيَتْرُكَ الْبَعْضَ وَإِنْ كَانَ لَا يَكْفِي إلَّا لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَتْرُكُ الْمَاءَ لِلْمَالِكِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. (وَأَمَّا الْكَلَأُ فَعَلَى أَوْجُهٍ) أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ فَالنَّاسُ فِيهِ شُرَكَاءُ فِي الِاحْتِشَاشِ وَالرَّعْيِ كَالشَّرِكَةِ فِي مَاءِ الْبِحَارِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ نَبَتَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إنْبَاتٍ لَا يَمْنَعُهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ قَبْلَ الْإِحْرَازِ إلَّا أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ الدُّخُولِ فِي أَرْضِهِ لِأَجْلِ الْكَلَأِ قَالَ مَشَايِخُنَا إذَا وَقَعَتْ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَبَيْنَ مَنْ يُرِيدُ الْكَلَأَ إنْ كَانَ الْمُرِيدُ لِلْكَلَأِ يَجِدُ الْكَلَأَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إمَّا أَنْ تُعْطِيَهُ الْكَلَأَ أَوْ تَأْذَنَ لَهُ بِالدُّخُولِ فَيَأْخُذُ حَقَّهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. . وَأَمَّا مَا أَنْبَتَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِأَنْ سَقَى أَرْضَهُ وَكَرَبَهَا لِيُنْبِتَ فِيهَا الْحَشِيشَ لِدَوَابِّهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْهُ إلَّا بِرِضَاهُ لِأَنَّهُ كَسْبُهُ وَالْكَسْبُ لِلْمُكْتَسِبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ دَخَلَ إنْسَانٌ أَرْضَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَاحْتَشَّ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ سَقَاهُ وَقَامَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ أَيْضًا وَعَنْ مَشَايِخِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إذَا قَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَسَقَاهُ فَقَدْ مَلَكَهُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَهُ الِاسْتِرْدَادُ إنْ احْتَشَّهُ أَحَدٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا نَبَتَ فِي أَرْضِهِ مِنْ الْحَشِيشِ إلَّا إذَا قَطَعَهُ فَحَزَمَهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِمَّنْ أَخَذَ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْمَرَاعِي فَإِنْ أَرَادَ الْحِيلَةَ فِي جَوَازِهِ فَإِنَّهُ يُؤَاجِرُ قِطْعَةً مِنْ أَرْضِهِ مَعْلُومَةً ثُمَّ يُبِيحُ لَهُ كَلَأَهُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. ثُمَّ تَفْسِيرُ الْكَلَأِ كُلُّ مَا يَنْجُمُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَيْ يَنْبَسِطُ وَيَنْتَشِرُ وَلَا يَكُونُ لَهُ سَاقٌ فَهُوَ كَلَأٌ وَمَا كَانَ لَهُ سَاقٌ فَهُوَ شَجَرٌ فَعَلَى هَذَا قَالُوا الشَّوْكُ الْأَحْمَرُ وَالشَّوْكُ الْأَبْيَضُ يُقَالُ لَهُ الْغَرْقَدُ مِنْ الشَّجَرِ لَا مِنْ الْكَلَأِ حَتَّى لَوْ نَبَتَ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ وَأَخَذَ غَيْرُهُ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ فَأَمَّا الشَّوْكُ الْأَخْضَرُ اللَّيِّنُ تَأْكُلُهُ الْإِبِلُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ جَعَلَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْكَلَأِ وَفِي رِوَايَةٍ جَعَلَهُ مِنْ الشَّجَرِ وَلَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ بَلْ أَرَادَ بِمَا قَالَ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَأِ مَا يَنْبَسِطُ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَلَا يَكُونُ لَهُ سَاقٌ وَأَرَادَ بِمَا قَالَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الشَّجَرِ إذَا كَانَ لَهُ سَاقٌ فَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا يَقُومُ عَلَى سَاقٍ إذَا نَبَتَ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ فَهُوَ مِلْكُهُ وَلَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ النَّاسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالشَّوْكُ وَالشَّرَكُ كَالْكَلَأِ وَالْقِيرِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْفَيْرُوزَجِ كَالشَّجَرِ وَمَنْ أَخَذَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ضَمِنَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الْحَطَبُ فِي الْمُرُوجِ وَهِيَ مِلْكٌ لِرَجُلٍ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَطِبَهَا إلَّا بِإِذْنِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْتَطِبَ وَإِنْ كَانَ يُنْسَبُ إلَى قَرْيَةٍ وَأَهْلِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْكُبْرَى وَإِنْ كَانَ يُنْسَبُ ذَلِكَ إلَى قَرْيَةٍ وَإِلَى أَهْلِهَا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْتَطِبَ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ مِلْكُهَا وَكَذَلِكَ الزِّرْنِيخُ وَالْكِبْرِيتُ وَالثِّمَارُ فِي الْمُرُوجِ وَالْأَوْدِيَةِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. الْمُحْتَطِبُ يَمْلِكُ الْحَطَبَ بِنَفْسِ الِاحْتِطَابِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَشُدَّهُ وَيَجْمَعَهُ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ الْمِلْكُ وَالسَّاقِي مِنْ الْبِئْرِ لَا يَمْلِكُ بِنَفْسِ مِلْءِ الدَّلْوِ حَتَّى يُنَحِّيَهُ عَنْ رَأْسِ الْبِئْرِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. لَوْ كَانَ فِي

الباب الثاني في بيع الشرب وما يتصل بذلك

أَرْضِ رَجُلٍ مُمْلِحَةٍ فَأَخَذَ إنْسَانٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَخَذَ مِنْ حَوْضِهِ وَإِنْ صَارَ الْمَاءُ مِلْحًا فَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ النَّهْرُ إذَا انْبَسَطَ حَتَّى صَارَ فِي أَرْضِهِ ذِرَاعٌ مِنْ طِينٍ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ الطِّينِ وَلَوْ أَخَذَ كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. (وَبَيَانُ الشَّرِكَةِ فِي النَّارِ) أَنَّ مَنْ أَوْقَدَ نَارًا فِي صَحْرَاءَ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ حَقٌّ فِي نَارِهِ مِنْ حَيْثُ الِاصْطِلَاءُ بِهَا وَتَجْفِيفُ الثِّيَابِ وَالْعَمَلُ بِضَوْئِهَا فَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ الْجَمْرِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذَا مَنَعَهُ صَاحِبُ النَّارِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَطَبٌ أَوْ فَحْمٌ قَدْ أَحْرَزَهُ الَّذِي أَوْقَدَ النَّارَ وَإِنَّمَا الشَّرِكَةُ الَّتِي أَثْبَتَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّارِ، وَالنَّارُ جَوْهَرُ الْحَرِّ دُونَ الْحَطَبِ وَالْفَحْمِ فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ ذَلِكَ الْجَمْرِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا لَهُ قِيمَةٌ إذَا جَعَلَهُ صَاحِبُهُ فَحْمًا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا قِيمَةَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَمْنَعُونَ هَذَا الْقَدْرَ عَادَةً وَالْمَانِعُ يَكُونُ مُتَعَنِّتًا لَا مُنْتَفِعًا وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُتَعَنِّتَ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّعَنُّتِ شَرْعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَذُكِرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنْ كَانَتْ النَّارُ بِحَالٍ لَوْ خَمَدَتْ تَصِيرُ فَحْمًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتَبِسَ مِنْهَا لِأَنَّ لَهَا قِيمَةً لَا مَحَالَةَ وَإِنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَوْ خَمَدَتْ تَصِيرُ رَمَادًا فَلَهُ أَنْ يَقْتَبِسَ مِنْهَا وَقِيلَ إنْ كَانَتْ النَّارُ مِنْ حَطَبٍ مُبَاحٍ بِأَنْ أَوْقَدَ الشَّجَرَ الْقَائِمَ كَمَا يَكُونُ فِي الْفَيَافِيِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْرِزَهُ أَوَّلًا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتَبِسَ مِنْهَا وَإِنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَوْ خَمَدَتْ تَصِيرُ فَحْمًا وَأَمَّا إذَا أَحْرَزَهُ أَوَّلًا حَتَّى صَارَ مِلْكًا لَهُ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيْعِ الشِّرْبِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيْعِ الشِّرْبِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) إذَا آجَرَ أَرْضًا مَعَ شِرْبِ أَرْضٍ أُخْرَى لَا يَجُوزُ. وَإِذَا قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَبِعْتُك شِرْبَهَا هَلْ يَجُوزُ بَيْعُ الشِّرْبِ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الشِّرْبَ صَارَ مَقْصُودًا فِي الْبَيْعِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا يَجُوزُ لِأَنَّ الشِّرْبَ صَارَ تَبَعًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ ثَمَنًا حَتَّى لَوْ ذَكَرَ لِلشِّرْبِ ثَمَنًا بِأَنْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ بِأَلْفٍ وَبِعْتُك شِرْبَهَا بِمِائَةٍ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ صَارَ أَصْلًا مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ مَسَائِلِ بَيْعِ الشِّرْبِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ شِرْبَهَا دَخَلَ الشِّرْبُ فِي الْإِجَارَةِ اسْتِحْسَانًا وَإِذَا اشْتَرَى أَرْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ الشِّرْبَ وَلَا مَسِيلَ الْمَاءِ لَمْ يَدْخُلَا فِي الْبَيْعِ وَإِنْ ذَكَرَ الشِّرْبَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسِيلَ دَخَلَ الشِّرْبُ فِي الْبَيْعِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَسِيلُ وَلَوْ اشْتَرَاهَا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا كَانَ لَهُ الشِّرْبُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ جَمِيعًا وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِمَرَافِقِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ اسْقِنِي يَوْمًا مِنْ نَهْرِك عَلَى أَنْ أَسْقِيَك يَوْمًا مِنْ نَهْرِي لَمْ يَجُزْ وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ مُقَابِلًا بِثَوْبٍ أَوْ عَبْدٍ وَلَوْ أَخَذَ الثَّوْبَ أَوْ الْعَبْدَ رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِمَا انْتَفَعَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِذَا قَالَ اسْقِنِي يَوْمًا بِخِدْمَةِ عَبْدِي هَذَا شَهْرًا أَوْ قَالَ بِرُكُوبِ دَابَّتِي هَذِهِ شَهْرًا أَوْ قَالَ كَذَا وَكَذَا يَوْمًا فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ بَاعَ مَاءً لَهُ بِمَجَارِيهِ بِغَيْرِ أَرْضٍ، وَفِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ الْخَرَاجُ عَلَى الْمَاءِ وَتُبَاعُ الْمِيَاهُ بِمَجَارِيهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَا خَرَاجَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ شَرَطَا الْخَرَاجَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي عَقْدِ الْبَيْعِ يَنْبَغِي أَنْ يَفْسُدَ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْبَائِعِ عَلَى حَالِهِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْعُرْفِ فِي الْخَرَاجِ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ

مِنْ الْإِمَامِ فَلَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ بِالْعُرْفِ. اشْتَرَى شِرْبًا بِغَيْرِ أَرْضٍ فَقَبَضَهُ وَبَاعَهُ مَعَ أَرْضِهِ فَالْبَيْعُ فِي الشِّرْبِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَقَعْ عَلَى شَيْءٍ مَوْجُودٍ أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْأَرْضَ وَالشِّرْبَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُنْقَطِعًا وَقْتَ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى مَا يُحْدِثُ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ الثَّانِي لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْأَوَّلِ وَقِيلَ شِرَاءُ الشِّرْبِ بِغَيْرِ الْأَرْضِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِذَا اتَّصَلَ الْقَبْضُ بِهِ وَبَاعَهُ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. نَهْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا أَرْضَهُ الَّتِي بِجَنْبِ هَذَا النَّهْرِ وَوَرَاءَ هَذَا النَّهْرِ طَرِيقٌ وَذَكَرَ فِي الصَّكِّ حَدَّ الْأَرْضِ الَّتِي بَاعَهَا الطَّرِيقَ قَالَ أَبُو نَصْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَدْخُلُ النَّهْرُ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَدْخُلُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ بَاعَ الشِّرْبَ بِعَبْدٍ أَوْ آجَرَهُ وَقَبَضَ الْعَبْدَ وَأَعْتَقَهُ جَازَ عِتْقُهُ وَضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَعَلِقَتْ مِنْهُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَعُقْرُهَا وَفِي رِوَايَةُ الْبُيُوعِ لَا عُقْرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ بَاعَ الْأَرْضَ بِشِرْبِ أَرْضٍ أُخْرَى اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الشِّرْبُ إذَا بِيعَ مَعَ الْأَرْضِ كَانَ لَهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ قِطْعَتَا كَرْمٍ لِرَجُلٍ بَاعَ إحْدَاهُمَا مِنْ رَجُلٍ وَالْأُخْرَى مِنْ رَجُلٍ وَكَانَ مَجْرَاهُمَا وَاحِدًا فَمَنَعَ مُشْتَرِي الْقِطْعَةِ الْأَعْلَى مَجْرَى مَاءٍ الْقِطْعَةِ السُّفْلَى ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ وَلَمْ يُشْبِعْ فِي جَوَابِهَا وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَمَّا إنْ كَانَ مَالِكُ الْقِطْعَتَيْنِ مُخْتَلِفًا، أَوْ كَانَ مَالِكُهُمَا وَاحِدًا، إنْ كَانَ الْمَالِكَ مُخْتَلِفًا إنْ لَمْ يَذْكُرْ الشِّرْبَ فِي الْبَيْعِ لَا نَصًّا وَلَا دَلَالَةً لَا يَدْخُلُ الشِّرْبُ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ ذَكَرَاهُ إمَّا نَصًّا وَإِمَّا دَلَالَةً كَانَ لِكُلِّ مُشْتَرٍ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ إلَى أَرْضِهِ وَيَقُومُ كُلُّ مُشْتَرٍ مَقَامَ بَائِعِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ وَاحِدًا فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الشِّرْبَ فِي الْبَيْعِ لَا نَصًّا وَلَا دَلَالَةً لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ وَإِنْ ذَكَرَاهُ فَإِنْ بَاعَ الْقِطْعَةَ الْعُلْيَا أَوَّلًا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْقِطْعَةِ السُّفْلَى إجْرَاءُ الْمَاءِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ الْبَائِعُ وَقْتَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ إلَى الْقِطْعَةِ السُّفْلَى وَإِنْ بَاعَ الْقِطْعَةَ السُّفْلَى أَوَّلًا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ إلَى أَرْضِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَارَانِ لِرَجُلٍ مَسِيلُ مَاءٍ سَطْحِ إحْدَاهُمَا عَلَى سَطْحِ الْأُخْرَى فَبَاعَ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَسِيلُ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ الْأُخْرَى مِنْ رَجُلٍ آخَرَ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ أَنْ يَمْنَعَ الثَّانِيَ عَنْ إسَالَةِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِهِ فَلَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ وَقْتَمَا بَاعَهُ أَنَّ مَسِيلَ مَاءِ الَّتِي لَمْ أَبِعْ فِي الدَّارِ الَّتِي بِعْت. وَفِي النَّوَازِلِ دَارَانِ مُتَلَاصِقَتَانِ إحْدَاهُمَا عَامِرَةٌ وَالْأُخْرَى غَيْرُ عَامِرَةٍ فَبَاعَ الْخَرَابَ وَكَانَ مَصَبُّ مِيزَابِ الدَّارِ الْعَامِرَةِ وَمَلْقَى ثَلْجِهَا فِي الدَّارِ الْخَرَابِ فَرَضِيَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَرَادَ الْمَنْعَ فَلَهُ الْمَنْعُ وَإِنْ اسْتَثْنَى الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ مَسِيلَ الْمَاءِ وَطَرْحَ الثَّلْجِ فَاسْتِثْنَاؤُهُ مَسِيلَ الْمَاءِ جَائِزٌ وَطَرْحُ الثَّلْجِ لَا يَجُوزُ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ لَهُ مِيزَابٌ فِي تِلْكَ الدَّارِ وَمَسِيلُ سَطْحِهِ إلَى هَذَا الْجَانِبِ وَعَرَفَ أَنَّ ذَلِكَ قَدِيمٌ فَمَسِيلُهُ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَسِيلُ مَاءِ سَطْحِهِ إلَى دَارِ رَجُلٍ وَلَهُ فِيهَا مِيزَابٌ قَدِيمٌ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ مَنْعُهُ عَنْ مَسِيلِ الْمَاءِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ لَهُ مَجْرَى مَاءٍ عَلَى سَطْحِ جَارٍ لَهُ فَخَرِبَ سَطْحُ الْجَارِ فَإِصْلَاحُ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ السَّطْحِ بِمَنْزِلَةِ السُّفْلِ مَعَ الْعُلُوِّ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْعِمَارَةِ وَيُقَالُ لِلَّذِي لَهُ حَقُّ الْإِجْرَاءِ اصْنَعْ نَاوِقًا فِي مَوْضِعِ الْمَجْرَى عَلَى سَطْحِ الْجَارِ لِتَنْفِيذِ الْمَاءِ إلَى مَصَبِّهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْبَقَّالِيِّ رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا بِشِرْبِهَا فَلِلْمُشْتَرِي قَدْرُ مَا يَكْفِي لِهَذِهِ الْأَرْضِ مِنْ الْمَاءِ وَلَيْسَ لَهُ جُمْلَةُ مَا لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ

الباب الثالث ما يحدثه الإنسان وما يمنع عنه وما لا يمنع وما يوجب الضمان وما لا يوجب

وَنَهْرٌ خَاصٌّ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ فَبَاعَ النَّهْرَ مِنْ رَجُلٍ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحَرِيمُ إلَّا بِالذِّكْرِ كَالطَّرِيقِ فَإِنْ أَرَادَ مُشْتَرِي النَّهْرِ أَنْ يَمُرَّ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ عَلَى جَوَانِبِ النَّهْرِ لِإِصْلَاحِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهَا وَيَمُرُّ فِي بَطْنِ النَّهْرِ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَى شَطِّ نَهْرِ الْعَامَّةِ أَرْضٌ لِلْعَامَّةِ أَنْ يَمُرُّوا فِيهَا لِلشَّفَةِ وَإِصْلَاحِ الْوَادِي وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مَنْعُهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ طَرِيقٌ لَهُمْ إلَّا فِي هَذِهِ الْأَرْضِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. بِئْرٌ فِي أَرْضٍ وَالْبِئْرُ وَالْأَرْضُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْبِئْرِ بِطَرِيقِهِ فِي الْأَرْضِ وَلَمْ يَبِعْ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَرْضِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ قِطْعَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ مَوْضِعٍ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ كَمَا قَالُوا فِي دَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ بَيْتٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ فَكَذَا هُنَا ذِكْرُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَقُلْ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْبِئْرِ وَالطَّرِيقِ جَمِيعًا أَوْ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الطَّرِيقِ خَاصَّةً فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْبِئْرِ وَالطَّرِيقِ جَمِيعًا فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا جَمِيعًا لِأَنَّ الْبِئْرَ وَالطَّرِيقَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَهَيَّأُ الِانْتِفَاعُ بِالْبِئْرِ مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ فَصَارَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَإِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ فِي بَعْضِهِ فَسَدَ فِي كُلِّهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِيهِمَا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَيَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْبِئْرِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْبِئْرِ وَلَا يَجُوزُ فِي الطَّرِيقِ إجْمَاعًا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ الْبِئْرِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ جَازَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَرْضِ مَعَ الْبِئْرِ وَنَصِيبُهُ نِصْفُ الْأَرْضِ جَازَ كُلُّهُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَعْلُومٌ وَالْمُشْتَرِي يَقُومُ مَقَامَ الْبَائِعِ فِي مِلْكِهِ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الشَّرِيكِ فِي صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. سُئِلَ عَمَّنْ اشْتَرَى حِصَّةَ الْمَاءِ الَّذِي كَانَ يَسُوقُهُ مَالِكُهُ مَعَ شُرَكَائِهِ إلَى أَسْفَلِ الْقَرْيَةِ لِمَنْ لَهُ أَرْضٌ فِي أَعْلَى هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ قَالَ إنْ بَاعَ بِمَجَارِيهِ جَازَ الْبَيْعُ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ الَّتِي شَرَّبَهَا مِنْ هَذِهِ النَّهْرِ غَيْرَ أَنَّهُ يُخْلِي عَنْ الْمَاءِ فِي نَوْبَتِهِ وَيَكُونُ النَّهْرُ مُمْتَلِئًا عِنْدَ حَاجَةِ الْآخَرِينَ إلَى أَخْذِ الْمَاءِ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ مَا يُحْدِثُهُ الْإِنْسَانُ وَمَا يُمْنَعُ عَنْهُ وَمَا لَا يُمْنَعُ وَمَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَمَا لَا يُوجِبُ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُحْدِثُهُ الْإِنْسَانُ وَمَا يُمْنَعُ عَنْهُ وَمَا لَا يُمْنَعُ وَمَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَمَا لَا يُوجِبُ) الْأَنْهَارُ ثَلَاثَةٌ نَهْرٌ عَامٌّ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ كَالْفُرَاتِ وَجَيْحُونَ وَنَهْرٌ عَامٌّ مَمْلُوكٌ لِلْعَامَّةِ كَنَهْرِ مَرْوَ وَبَلْخٍ وَنَهْرٌ خَاصٌّ مَمْلُوكٌ لِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصَةٍ أَمَّا النَّهْرُ الْعَامُّ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ فَلِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَكْرِيَ مِنْهُ نَهْرًا إلَى أَرْضِهِ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّهْرِ الْأَعْظَمِ وَإِنْ أَضَرَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْعَامَّةِ أَوْلَى مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْوَاحِدِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ الْأَمِيرُ أَنْ يَجْعَلَ شِرْبًا لِرَجُلٍ مِنْ النَّهْرِ الْأَعْظَمِ أَوْ يَزِيدَ كَوَّةً إنْ كَانَ يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِهِمْ جَازَ. رَجُلٌ اتَّخَذَ فِي أَرْضٍ لَهُ رَحَى مَاءٍ عَلَى النَّهْرِ الْأَعْظَمِ مِفْتَحُهَا وَمَسِيلَهَا فِي أَرْضِهِ لَا يَضُرُّ بِأَحَدٍ

وَأَرَادَ بَعْضُ جِيرَانِهِ أَنْ يَمْنَعُوهُ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَنَهْرٌ مَمْلُوكٌ دَخَلَ مَاؤُهُ تَحْتَ الْمَقَاسِمِ إلَّا أَنَّ الشَّرِكَةَ فِيهِ عَامَّةٌ وَحَدُّهَا أَنْ يَكُونَ الشُّرَكَاءُ فِيهِ مِائَةً فَصَاعِدًا وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْرِيَ مِنْهُ نَهْرًا إلَى أَرْضٍ أَحْيَاهَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ عَنْهُ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ النَّهْرِ أَوْ لَمْ يَضُرَّ. وَنَهْرٌ مَمْلُوكٌ دَخَلَ مَاؤُهُ تَحْتَ الْمَقَاسِمِ إلَّا أَنَّ الشَّرِكَةَ فِيهِ خَاصَّةٌ وَحَدُّهَا أَنْ يَكُونَ الشُّرَكَاءُ فِيهِ أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ فَالْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا أَيْضًا أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْرِيَ مِنْهُ نَهْرًا إلَى أَرْضٍ أَحْيَاهَا مُنِعَ عَنْهُ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ النَّهْرِ أَوْ لَمْ يَضُرَّ. وَإِذَا أَرَادَ أَهْلُ أَعْلَى النَّهْرِ أَنْ يَحْبِسُوا الْمَاءَ عَنْ أَهْلِ الْأَسْفَلِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا فِي النَّهْرِ بِحَيْثُ لَوْ أُرْسِلَ وَلَمْ يُسْكَرْ يَصِلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَى حَقِّهِ فِي الشِّرْبِ لَا يَكُونُ لِأَهْلِ الْأَعْلَى وِلَايَةُ الْحَبْسِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي النَّهْرِ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يَصِلُ أَهْلُ الْأَعْلَى إلَى حَقِّهِمْ فِي الشِّرْبِ إلَّا بِالسَّكْرِ. فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ الْمَاءُ بِحَالٍ لَوْ أُرْسِلَ إلَى أَهْلِ الْأَسْفَلِ لَا يُمْكِنُ لِأَهْلِ الْأَسْفَلِ الِانْتِفَاعُ أَصْلًا بِأَنْ كَانَ النَّهْرُ يُنَشِّفُهُ كَانَ لِأَهْلِ الْأَعْلَى الْحَبْسُ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ بِحَالٍ لَوْ أُرْسِلَ إلَى أَهْلِ الْأَسْفَلِ يُمْكِنُهُمْ الِانْتِفَاعُ بِهِ لَا يَكُونُ لِأَهْلِ الْأَعْلَى السَّكْرُ بَلْ يَبْدَأُ بِأَهْلِ الْأَسْفَلِ حَتَّى يَرْوُوا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْأَعْلَى أَنْ يَسْكُرُوا لِيَرْتَفِعَ الْمَاءُ إلَى أَرَاضِيِهِمْ قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ. وَاسْتَحْسَنَ مَشَايِخُنَا فِي هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ بِالْأَيَّامِ إذَا أَبَى أَهْلُ الْأَسْفَلِ السَّكْرَ ثُمَّ يَصْنَعُ أَهْلُ الْأَعْلَى فِي نَوْبَتِهِمْ مَا أَحَبُّوا نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمْ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ لِأَهْلِ الْأَعْلَى السَّكْرُ فَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ بِوَضْعِ لَوْحٍ فِي النَّهْرِ وَمَا أَشْبَهَهُ لَا بِالتُّرَابِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَى أَنَّ الْأَعْلَى يَسْكُرُ النَّهْرَ حَتَّى تَشْرَبَ أَرْضُهُ جَازَ وَكَذَا لَوْ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَسْكُرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي نَوْبَتِهِ جَازَ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَقِلُّ فِي النَّهْرِ فَيَحْتَاجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَى ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمَاءُ الَّذِي يَنْحَدِرُ عَنْ الْجَبَلِ فِي الْوَادِي اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ لِأَهْلِ الْأَعْلَى السَّكْرُ وَالْمَنْعُ عَنْ أَهْلِ الْأَسْفَلِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ قَصْدُ الْإِضْرَارِ بِأَهْلِ الْأَسْفَلِ فِي مَنْعِ الْمَاءِ مَا وَرَاءَ الْحَاجَةِ وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ إنَّهُ لَمَّا دَخَلَ الْوَادِيَ صَارَ كَالْمَاءِ فِي النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ ثَمَّةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيْلُ انْحَدَرَ وَانْتَشَرَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَيَكُونُ لِمَنْ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَإِذَا كَانَ النَّهْرُ بَيْنَ قَوْمٍ وَلَهُمْ عَلَيْهِ أَرَضُونَ أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَكْرِيَ مِنْ هَذَا النَّهْرِ نَهْرًا لِأَرْضٍ كَانَ شِرْبُهَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ أَوْ لِأَرْضٍ أُخْرَى لَمْ يَكُنْ شِرْبُهَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الشُّرَكَاءِ أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَكْرِيَ لِأَرْضٍ لَمْ يَكُنْ شِرْبُهَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ فَلِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ زِيَادَةَ الْمَاءِ وَلِأَنَّهُ يَكْسِرُ ضِفَّةً مُشْتَرَكَةً وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَكْرِيَ لِأَرْضٍ كَانَ شِرْبُهَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ فَلِلْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَنْصِبَ عَلَيْهِ رَحَى مَاءٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا أَصْحَابِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَضَعُ عَلَيْهِ الرَّحَى مِلْكَهُ بِأَنْ كَانَ حَافَّتَا النَّهْرِ وَبَطْنُ النَّهْرِ مِلْكَهُ، وَلِغَيْرِهِ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ يُنْظَرُ إنْ أَضَرَّ بِإِجْرَاءِ الْمَاءِ مُنِعَ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ لَمْ يُمْنَعْ عَنْهُ وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنْصِبَ عَلَيْهِ دَالِيَةً أَوْ سَانِيَةً فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الرَّحَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كُوًى مُسَمَّاةٌ فِي نَهْرٍ خَاصٍّ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَزِيدَ كَوَّةً وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِأَهْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْكِوَى بِالنَّهْرِ الْأَعْظَمِ فَزَادَ فِي مِلْكِهِ كَوَّةً أَوْ كَوَّتَيْنِ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ بِأَهْلِ النَّهْرِ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَسُئِلَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ نَهْرٍ بَيْنَ قَوْمٍ يَأْخُذُ الْمَاءَ مِنْ النَّهْرِ الْأَعْظَمِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْمِ مِنْ هَذَا النَّهْرِ كَوَّةٌ مُسَمَّاةٌ فَأَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَسُدَّ كَوَّةً وَيَفْتَحَ أُخْرَى لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ نَهْرٌ خَاصٌّ يَأْخُذُ الْمَاءَ مِنْ الْوَادِي الْكَبِيرِ كَالْفُرَاتِ وَالدِّجْلَةِ وَالسَّيْحُونِ وَالْجَيْحُونِ شِرْبًا لِأَرْضٍ لَهُ خَاصَّةً وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذَا النَّهْرِ شَرِيكٌ وَعَلَى الْوَادِي الْكَبِيرِ أَنْهَارٌ وَجَفَّفَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ

تِلْكَ وَأَرَادَ أَنْ يَسُوقَ الْمَاءَ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى قَالَ فِي الْكِتَابِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ الْمَدِّ أَوْ كَانَ مَاءُ الْوَادِي كَثِيرًا لَا يَحْتَاجُ أَهْلُ الْأَنْهَارِ الَّتِي عَلَى الْوَادِي إلَى هَذَا الْمَاءِ وَلَا يَضُرُّ بِهِمْ كَانَ لِصَاحِبِ هَذَا النَّهْرِ أَنْ يَسُوقَ الْمَاءَ إلَى حَيْثُ شَاءَ وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ ذَلِكَ بِأَهْلِ الْأَنْهَارِ وَهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى هَذَا الْمَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسُوقَ الْمَاءَ إلَى غَيْرِ تِلْكَ الْأَرْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ كَوَّةٌ عَلَى نَهْرٍ لِقَوْمٍ فَأَرَادَ أَنْ يَكْرِيَهَا فَيُسَفِّلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا لِيَكُونَ أَكْثَرَ أَخْذًا لِلْمَاءِ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِهَذَا الْكَرْيِ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْكَوَّةُ وَعَنْ الشَّيْخُ الْإِمَامِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ هَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ مُتَسَفِّلَةً فِي الْأَصْلِ وَارْتَفَعَتْ بِالِانْكِبَاسِ فَهُوَ بِالتَّسْفِيلِ يُعِيدُهَا إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْأَصْلِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَأَرَادَ أَنْ يُسَفِّلَهَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِهَذَا أَنْ يَأْخُذَ زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْمَاءُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إنْ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ الْكِوَى وَكَانَتْ مُتَسَفِّلَةً لِيَكُونَ أَقَلَّ لِلْمَاءِ فِي أَرْضِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَعَلَى مَا قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا كَانَ بِالرَّفْعِ يُعِيدُهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ فَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يُغَيِّرَهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ يُمْنَعُ مِنْهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنْ يُوَسِّعَ كَوَّةَ نَهْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَالَ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ فِيهَا الْمَاءَ زَائِدًا عَلَى حَقِّهِ فَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَلَوْ كَرَى أَسْفَلَ النَّهْرِ جَازَ وَلَوْ زَادَ فِي عَرْضِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ نَهْرٍ مَرْوَ وَهُوَ نَهْرٌ عَظِيمٌ إذَا دَخَلَ مَرْوَ أَوْ كَانَ مَاؤُهُ بَيْنَ أَهْلِهَا كُوًى بِالْحِصَصِ لِكُلِّ قَوْمٍ كَوَّةٌ مَعْرُوفَةٌ فَأَحْيَا رَجُلٌ أَرْضًا مَيْتَةً لَمْ يَكُنْ لَهَا شِرْبٌ مِنْ هَذَا النَّهْرِ فَكَرَى لَهَا نَهْرًا مِنْ فَوْقِ مَرْوَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَمْلِكُهُ أَحَدٌ فَسَاقَ الْمَاءَ إلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا النَّهْرُ الْحَادِثُ يَضُرُّ بِأَهْلِ مَرْوَ ضَرَرًا بَيِّنًا فِي مَائِهِمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَمْنَعُهُ السُّلْطَانُ عَنْ ذَلِكَ وَكَذَا لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَمْنَعَهُ لِأَنَّ مَاءَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ حَقُّ الْعَامَّةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَامَّةِ دَفْعُ الضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِأَهْلِ مَرْوَ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَا يُمْنَعُ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي الْوَادِي الْعَظِيمِ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ لَا يَصِيرُ حَقًّا لِلْبَعْضِ مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَقَاسِمِ وَلِهَذَا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا كَرَى نَهْرًا مِنْ فَوْقِ مَرْوَ وَأَمَّا إذَا كَانَ أَضَرَّ بِهِمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَكُونُ مَمْنُوعًا مِنْ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْغَيْرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ خَاصٌّ لِرَجُلٍ يَأْخُذُهُ مِنْ نَهْرٍ خَاصٍّ بَيْنَ قَوْمٍ فَأَرَادَ أَنْ يُقَنْطِرَ عَلَيْهِ وَيَسْتَوْثِقَ مِنْهُ لَهُ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ مُقَنْطَرًا أَوْ مُسْتَوْثَقًا مِنْهُ فَأَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ ذَلِكَ لِعِلَّةٍ أَوْ غَيْرِ عِلَّةٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَزِيدُ ذَلِكَ فِي أَخْذِ الْمَاءِ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ بِنَاءً خَالِصَ مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ يَزِيدُ فِي أَخْذِ الْمَاءِ مُنِعَ مِنْهُ لِحَقِّ الشُّرَكَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي وَسَأَلْتُهُ عَنْ نَهْرٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لَهُ خَمْسُ كُوًى مِنْ هَذَا النَّهْرِ الْأَعْظَمِ بَيْنَ قَوْمٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَهْرٌ مِنْهُ فَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ كَوَّتَانِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ لَهُ ثَلَاثٌ فَقَالَ صَاحِبُ الْأَسْفَلِ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى إنَّكُمْ لَتَأْخُذُونَ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِكُمْ لِأَنَّ رِفْعَةَ الْمَاءِ وَكَثْرَتَهُ مِنْ أَعْلَى النَّهْرِ قَدْ جَعَلَ فِي كَوَّاكُمْ شَيْئًا كَثِيرًا وَلَا يَأْتِينَا إلَّا وَهُوَ قَلِيلٌ غَائِرٌ فَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نُنْقِصَكُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَنَجْعَلَ لَكُمْ أَيَّامًا مَعْلُومَةً وَنَسُدَّ فِيهَا كَوَّانَا، وَلَنَا أَيَّامٌ مَعْلُومَةٌ تَسُدُّونَ فِيهَا كَوَّاكُمْ قَالَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَيُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْيَوْمِ لِأَنَّهَا قُسِّمَتْ مَرَّةً فَلَا يَكُونُ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يُطَالِبَ بِقِسْمَةٍ أُخْرَى ثُمَّ الْأَصْلُ أَنَّ مَا وُجِدَ قَدِيمًا فَإِنَّهُ يُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ وَلَا يُغَيَّرُ إلَّا بِحُجَّةٍ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ أَهْلُ الْأَسْفَلِ نَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نُوَسِّعَ رَأْسَ النَّهْرِ وَنَزِيدَ فِي كَوَّاهُ وَقَالَ أَهْلُ الْأَعْلَى إنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ كَثُرَ الْمَاءُ حَتَّى يَفِيضَ فِي أَرْضِنَا وَتَنَزَّ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْأَسْفَلِ أَنْ يُحَدِّثُوا فِيهِ شَيْئًا وَإِنْ بَاعَ رَجُلٌ مِنْهُمْ كَوَّةً كُلَّ يَوْمٍ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ أَوْ آجَرَهُ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ سَقَى أَرْضَهُ فَتَعَدَّى الْمَاءُ إلَى أَرْضٍ جَارِهِ إنْ أَجْرَى

الْمَاءَ إجْرَاءً لَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ بَلْ يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِ جَارِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ جَارُهُ قَدْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ بِالْإِحْكَامِ وَالسَّدِّ فَلَمْ يَسُدَّ يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَيْهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُهُ فِي صِعْدَةٍ وَأَرْضُ جَارِهِ فِي هِبْطَةٍ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ سَقَى أَرْضَهُ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ يَضْمَنُ وَيُؤْمَرُ بِرَفْعِ الْمُسَنَّاةِ حَتَّى يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّعَدِّي وَيُمْنَعَ مِنْ السَّقْيِ حَتَّى يَرْفَعَ الْمُسَنَّاةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَرْضُهُ فِي صِعْدَةٍ لَا يُمْنَعُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْمَذْكُورُ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ إنْ سَقَى غَيْرَ مُعْتَادٍ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ مُعْتَادًا لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِهِ ثَقْبٌ أَوْ حَجَرٌ فَإِنْ عَلِمَ بِالثَّقْبِ وَلَمْ يَسُدَّ حَتَّى فَسَدَ أَرْضُ جَارِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ سَقَى أَرْضَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ أَوْ أَجْرَى الْمَاءَ زِيَادَةً عَلَى مَا يُطِيقُهُ النَّهْرُ أَوْ حَوَّلَ الْمَاءَ إلَى نَهْرٍ أَوْ مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ أَوْ سَكَرَ النَّهْرَ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَارْتَفَعَ الْمَاءُ وَسَالَ عَنْ ضِفَّةِ النَّهْرِ أَوْ خَرَّبَ ضِفَّةَ النَّهْرِ حَتَّى سَالَ الْمَاءُ وَأَفْسَدَ زَرْعَ إنْسَانٍ ضَمِنَ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ رَجُلٌ سَقَى أَرْضَهُ وَمَلَأَهَا فَسَالَ مِنْ مَائِهِ فِي أَرْضٍ أُخْرَى وَغَرَّقَهَا أَوْ نَزَّتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ هَذَا إذَا سَقَى أَرْضَهُ سَقْيًا مُعْتَادًا يُسْقَى مِثْلُهُ فِي الْعَادَةِ فَأَمَّا إذَا سَقَى سَقْيًا غَيْرَ مُعْتَادٍ ضَمِنَ. فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي أَرْضِهِ جُحْرُ فَأْرَةٍ فَسَقَى أَرْضَهُ وَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ وَغَرِقَتْ يُنْظَرُ إنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ بِجُحْرِ الْفَأْرَةِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَإِنْ عَلِمَ ضَمِنَ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَعَلَى هَذَا قَالُوا إذَا فَتَحَ رَأْسَ نَهْرِهِ فَسَالَ شَيْءٌ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَغَرِقَتْ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فَتَحَ مِنْ الْمَاءِ مِقْدَارَ مَا يُفْتَحُ مِنْ الْمَاءِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ النَّهْرِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ فَتَحَ مِقْدَارَ مَا لَا يُفْتَحُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ النَّهْرِ ضَمِنَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَحْرَقَ كَلَأً أَوْ حَصَائِدَ فِي أَرْضِهِ فَذَهَبَتْ النَّارُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَأَحْرَقَتْ شَيْئًا لِغَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا التَّسْبِيبِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُوقِدَ النَّارَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ مُطْلَقًا وَتَصَرَّفَ الْمَالِكُ فِي مِلْكِهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةُ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا هَذَا إذَا كَانَتْ الرِّيَاحُ هَادِئَةً حِينَ أَوْقَدَ النَّارَ فَأَمَّا إذَا أَوْقَدَ النَّارَ فِي يَوْمِ رِيحٍ عَلَى وَجْهٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرِّيحَ تَذْهَبُ بِالنَّارِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَوْقَدَ النَّارَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ صَبَّ فِي مِيزَابِهِ مَائِعًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ تَحْتَ الْمِيزَابِ إنْسَانًا جَالِسًا فَأَفْسَدَ ذَلِكَ الْمَائِعُ ثِيَابَهُ كَانَ الَّذِي صَبَّهُ ضَامِنًا؟ وَإِنْ كَانَ صَبَّهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي النَّوَازِلِ نَهْرٌ يَجْرِي فِي أَرْضِ قَوْمٍ فَانْشَقَّ النَّهْرُ وَخَرَّبَ بَعْضَ أَرْضِ قَوْمٍ لِأَصْحَابِ الْأَرَضِينَ أَنْ يَأْخُذُوا أَصْحَابَ النَّهْرِ بِعِمَارَةِ النَّهْرِ دُونَ عِمَارَةِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ أَلْقَى شَاةً مَيْتَةً فِي نَهْرِ الطَّاحُونَةِ فَسَالَ بِهَا الْمَاءُ إلَى الطَّاحُونَةِ فَخَرِبَتْ الطَّاحُونَةُ إنْ كَانَ النَّهْرُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ فَهُوَ ضَامِنٌ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا خَرِبَتْ مِنْ ذَلِكَ. فَلَمْ يَجْعَلْ الْمُلْقِيَ مُتَعَدِّيًا فِي الْإِلْقَاءِ إذَا كَانَ النَّهْرُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ قُوَّتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ اسْتَقَرَّتْ فِي الْمَاءِ كَمَا أَلْقَاهَا وَوَقَفَتْ ثُمَّ ذَهَبَتْ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَهَكَذَا فِي الْكُبْرَى. رَجُلٌ سَقَى أَرْضَهُ وَأَرْسَلَ الْمَاءَ فِي النَّهْرِ حَتَّى جَاوَزَ أَرْضَهُ وَقَدْ كَانَ طَرَحَ رَجُلٌ أَسْفَلُ مِنْهُ فِي النَّهْرِ تُرَابًا فَمَالَ الْمَاءُ عَنْ النَّهْرِ حَتَّى خَرَّبَهُ فَجَاوَزَ فَغَرِقَ قُطْنُ رَجُلٍ فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ أَحْدَثَ فِي النَّهْرِ تُرَابًا وَلَيْسَ عَلَى مُرْسِلِ الْمَاءِ شَيْءٌ إنْ كَانَ لَهُ فِي النَّهْرِ حَقٌّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ لَهُ مَجْرَى مَاءٍ بِقُرْبِ دَارِ رَجُلٍ فَأَجْرَى فِي النَّهْرِ الْمَاءَ فَدَخَلَ الْمَاءُ مِنْ جُحْرٍ إلَى دَارِ جَارِهِ قَالُوا إنْ أَجْرَى مَاءً يَحْتَمِلُهُ النَّهْرُ وَكَانَ الثَّقْبُ خَفِيًّا وَلَوْلَا الثَّقْبُ لَا يَدْخُلُ الْمَاءُ فِي دَارُ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَجْرَى مَاءً لَا يَحْتَمِلُهُ النَّهْرُ فَتَعَدَّى إلَى دَارِ جَارِهِ ضَمِنَ وَكَذَا لَوْ كَانَ الثَّقْبُ ظَاهِرًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَاءَ يَتَعَدَّى مِنْهُ إلَى دَارِ جَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَلَعَ شَجَرَةً لَهُ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ فَوَقَعَ تُرَابُهُ فِي النَّهْرِ وَسَدَّهُ

فَاسْتَأْجَرَ مُلَّاكُ النَّهْرِ رَجُلًا لِيُرْسِلَ الْمَاءَ فِي النَّهْرِ حَتَّى يَبْتَلَّ ذَلِكَ التُّرَابُ وَيَسْهُلَ كَرْيُهُ فَنَامَ الْأَجِيرُ حَتَّى امْتَلَأَ النَّهْرُ وَغَرِقَ كُدْسُ رَجُلٍ لَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ وَأَمَّا قَالِعُ الشَّجَرَةِ إنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ بَلَغَتْ النَّهْرَ حَتَّى ضَاقَ جَانِبَا النَّهْرِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ جَانِبَيْ النَّهْرِ فَقَلِعَ النَّهْرُ ضَمِنَ. سَكَرَ النَّهْرَ وَخَرَّبَ قَصْرَ رَجُلٍ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي فَتَاوَى الْبَقَّالِيِّ لَوْ فَتَحَ الْمَاءَ وَتَرَكَهُ فَازْدَادَ الْمَاءُ أَوْ فَتَحَ النَّهْرَ وَلَيْسَ فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ جَاءَ لَا يَضْمَنُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. وَلَوْ سَدَّ أَنْهَارَ الشُّرَكَاءِ حَتَّى امْتَلَأَ النَّهْرُ وَانْبَثَقَ وَغَرِقَ قُطْنُ رَجُلٍ أَوْ أَرْسَلَ الْمَاءَ فِي النَّهْرِ وَعَلَى النَّهْرِ أَنْهَارٌ صِغَارٌ مَفْتُوحَةُ الْفُوَّهَاتِ فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْفُوَّهَاتِ فَأَفْسَدَ زَرْعَ غَيْرِهِ ضَمِنَ فِي الْوَجْهَيْنِ. وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى رَجُلٌ أَتْلَفَ شِرْبَ إنْسَانٍ بِأَنْ سَقَى أَرْضَهُ بِشِرْبِ غَيْرِهِ قَالَ الْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ ضَمِنَ وَتَفْسِيرُ ضَمَانِ الشِّرْبِ فِي شِرْبِ الْأَصْلِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ يُنْظَرُ بِكَمْ يُشْتَرَى لَوْ كَانَ بَيْعُهُ جَائِزًا؟ وَقَالَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ لَا يَضْمَنُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ فِي دَارِهِ مَجْرَى الْمَاءِ حَوَّلَهُ إلَى نَاحِيَةٍ مِنْ دَارِهِ فَانْهَدَمَ حَائِطُ جَارِهِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ هُوَ ضَامِنٌ قِيلَ لَهُ لَوْ تَرَكَ فَجْوَةً بَيْنَ الْمَجْرَى وَبَيْنَ الْحَائِطِ فَنَزَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ هُوَ ضَامِنٌ تَرَكَ فَجْوَةً أَوْ لَمْ يَتْرُكْ لِأَنَّهُ جَانٍ فِي تَحْوِيلِ الْمَجْرَى لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي حَقِّ الْغَيْرِ فَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَلَوْ تَرَكَ الْمَجْرَى الْأَوَّلَ عَلَى حَالِهِ وَفَتَحَ نَهْرًا آخَرَ قَالَ إنْ تَرَكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَائِطِ الْجَارِ مَجْرًى قَدْرَ ذِرَاعَيْنِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ هَذَا شَيْءٌ قَدْ أَحْدَثَهُ فِي مِلْكِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا خَرَجَ الْمَاءُ مِنْ النَّهْرِ مِنْ مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْإِخْرَاجِ مِنْهُ فَأَمَّا إذَا شَقَّ حَافَّةَ النَّهْرِ فِي مَوْضِعٍ لَهُ حَقٌّ وَأَجْرَى الْمَاءَ مِنْهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إذَا بَقِيَتْ بَيْنَهُمَا فَجْوَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَرْضٌ كَانَتْ عَلَى شَطِّ النَّهْرِ الْعَامِّ أَوْ عَلَى الْفُرَاتِ وَكَانَ لِلْعَامَّةِ حَقُّ الْمُرُورِ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ لِلسَّقْيِ وَإِصْلَاحِ النَّهْرِ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ طَرِيقٌ إلَّا فِي هَذِهِ الْأَرْضِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. رَجُلٌ لَهُ شِرْبٌ مِنْ نَهْرٍ لِأَرْضٍ فَاشْتَرَى أَرْضًا أُخْرَى لَيْسَ لَهَا شِرْبٌ مِنْ هَذَا النَّهْرِ الَّذِي بِجَنْبِ أَرْضِهِ الْأُولَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْرِيَ الْمَاءَ مِنْ الْأُولَى إلَيْهَا أَوْ يَجْعَلَهَا مَكَانَ الْأُولَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْقِيَ نَخِيلًا لَهُ أَوْ زَرْعًا فِي أَرْضٍ أُخْرَى إلَّا أَنْ يَمْلَأَ الْأُولَى وَيَسُدَّ عَنْهَا الْمَاءَ ثُمَّ يَفْتَحَهُ إلَى الْأُخْرَى يَفْعَلُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ كَانَ النَّهْرُ فِي دَارِ إنْسَانٍ وَاحْتَاجَ إلَى حَفْرِهِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الدُّخُولُ فِي بَطْنِ النَّهْرِ دَخَلَ وَحَفَرَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ يُقَالُ لِصَاحِبِ الدَّارِ إمَّا أَنْ تَأْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَحْفِرَ وَإِلَّا فَاحْفِرْهُ أَنْتَ بِمَالِهِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. لِرَجُلٍ نَهْرٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَأَرَادَ دُخُولَ أَرْضِهِ لِإِصْلَاحِ النَّهْرِ وَمَنَعَهُ رَبُّ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي بَطْنِ النَّهْرِ وَكَذَلِكَ الْقَنَاةُ قِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ لَا حَرِيمَ لِلنَّهْرِ عِنْدَهُ فَتَكُونُ الْمُسَنَّاةُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الدُّخُولِ فِي مِلْكِهِ وَعِنْدَهُمَا لِلنَّهْرِ حَرِيمٌ فَتَكُونُ الْمُسَنَّاةُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَمُرَّ عَلَيْهَا لِإِصْلَاحِ نَهْرِهِ وَقِيلَ هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا إلَّا أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النَّهْرَ وَالْمُسَنَّاةَ كَانَا لِصَاحِبِ النَّهْرِ ثُمَّ بَاعَ الْمُسَنَّاةَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَا يَمُرُّ فِي أَرْضِهِ لِإِصْلَاحِ نَهْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَمُرُّوا فِي أَرْضُ رَجُلٍ لِاسْتِقَاءِ الْمَاءِ مِنْ الْمَشْرَعَةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ طَرِيقٌ غَيْرُهَا فَلَهُمْ ذَلِكَ وَذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ وَلَوْ كَانَ النَّهْرُ ضَيِّقًا لَا يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ فِيهِ فَصَاحِبُ الْأَرْضِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَذِنَ بِأَنْ يُصْلِحَهُ وَيُسَوِّيَ نَهْرَ نَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ سَوَّى هُوَ نَهْرَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَهْرٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اتَّخَذَ أَحَدُهُمَا فِيهِ سَكْرًا فَهَلَكَ زَرْعُ شَرِيكِهِ بَعْضُهُ عَطَشًا وَبَعْضُهُ غَرَقًا قَالَ يَضْمَنُ مَا هَلَكَ غَرَقًا وَلَا

يَضْمَنُ مَا هَلَكَ عَطَشًا. وَإِذَا وَضَعَ السَّكْرَ فِي نَهْرِ الْعَامَّةِ لِيَسْقِيَ أَرْضَهُ فَسَقَى وَتَرَكَ السَّكْرَ كَذَلِكَ ثُمَّ وَصَلَ الْمَاءُ وَوَقَعَ فِي أَرْضِ رَجُلٍ بِسَبَبِ السَّكْرِ فَأَفْسَدَ زَرْعَهُ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا إنْ أَجْرَى الْمَاءَ أَوْ جَرَى الْمَاءُ بِنَفْسِهِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الضَّمَانُ عَلَى الْمُجْرِي وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي سَكَرَ. سَقَى أَرْضَهُ مِنْ نَهْرِ الْعَامَّةِ وَعَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ أَنْهَارٌ صِغَارٌ مَفْتُوحَةُ الْفُوَّهَاتِ فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْأَنْهَارِ الصِّغَارِ وَفَسَدَ بِذَلِكَ أَرَاضِي قَوْمٍ فَهُوَ ضَامِنٌ كَأَنَّهُ أَجْرَى فِيهَا الْمَاءَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي النَّوَادِرِ سَاقِيَةٌ بَيْنَ قَوْمٍ لَهُمْ عَلَيْهَا أَرْضُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةُ أَجْرِبَةٍ فَكَانَ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمْ فَضْلٌ عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَرْضُهُ وَاحْتَاجَ أَصْحَابُهُ إلَى تِلْكَ الْفَضْلَةِ فَإِنَّ شُرَكَاءَهُ أَوْلَى بِتِلْكَ الْفَضْلَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسُوقَ ذَلِكَ الْمَاءَ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى وَلَا يُشْبِهُ مَا لَوْ كَانَ لَهُ سُدُسُ الْمَاءِ مِنْ نَهْرٍ بَيْنَ قَوْمٍ أَوْ عُشْرُهُ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَأَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي نَهْرٍ لَهُ خَاصَّةً لَهُ أَنْ يَسُوقَهُ إلَى مَا شَاءَ مِنْ الْأَرْضِينَ وَلَوْ اسْتَغْنَى عَنْهُ لَيْسَ لِشُرَكَائِهِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ. نَهْرٌ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ مُحَمَّدٍ وَزَيْدٍ وَعَلِيٌّ وَجَعْفَرٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِفْتَحُ الْمَاءِ إلَى أَرْضِهِ مِنْ هَذَا النَّهْرِ وَمِفْتَحُ مُحَمَّدٍ يُجَاوِرُهُ مِفْتَحُ زَيْدٍ وَمِفْتَحُ زَيْدٍ يُجَاوِرُهُ مِفْتَحُ عَلِيٍّ وَمِفْتَحُ عَلِيٍّ يُجَاوِرُهُ مِفْتَحُ جَعْفَرٍ فَإِنْ جَفَّفَ جَعْفَرٌ أَرْضَهُ صَارَ مَاؤُهُ لِعَلِيٍّ وَإِنْ جَفَّفَ جَعْفَرٌ وَعَلِيٌّ جَمِيعًا فَمَاؤُهُمَا لِزَيْدٍ وَإِنْ جَفَّفَ جَعْفَرٌ وَعَلِيٌّ وَزَيْدٌ فَجَمِيعُ مِيَاهِهِمْ لِمُحَمَّدٍ فَإِنْ جَفَّفَ عَلِيٌّ أَرْضَهُ وَلَمْ يُجَفِّفْ غَيْرُهُ فَمَاؤُهُ لَجَعْفَرٍ وَحْدَهُ فَإِنْ جَفَّفَ زَيْدٌ أَرْضَهُ وَحْدَهُ صَارَ مَاؤُهُ لِعَلِيٍّ وَجَعْفَرٍ بِقَدْرِ جَرَيَانِ أَرْضِهِمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. غَطَّى مَجْرَى مَاءٍ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَكُنْ قَدِيمًا فَلِأَرْبَابِ الْمَجْرَى أَنْ يَأْخُذُوهُ بِكَشْفِ ذَلِكَ وَرَفْعِ الْغِطَاءِ كَذَا فِي الْحَاوِي. نَهْرٌ يَجْرِي فِي سِكَّةٍ يُحْفَرُ فِي كُلُّ سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ فَيَجْتَمِعُ فِي السِّكَّةِ تُرَابٌ كَثِيرٌ فَإِنْ كَانَ التُّرَابُ عَلَى حَرِيمِ النَّهْرِ لَيْسَ لِأَهْلِ السِّكَّةِ أَنْ يُكَلِّفُوا أَرْبَابَ النَّهْرِ نَقْلَ التُّرَابِ وَإِنْ كَانَ التُّرَابُ جَاوَزَ حَرِيمَ النَّهْرِ فَلَهُمْ ذَلِكَ. نَهْرٌ لِقَوْمٍ يَجْرِي فِي أَرْضِ رَجُلٍ حَفَرُوا النَّهْرَ وَأَلْقَوْا التُّرَابَ فِي أَرْضِهِ إنْ كَانَ التُّرَابُ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ أَصْحَابَ النَّهْرِ بِنَقْلِ التُّرَابِ. بِئْرٌ لِمَاءِ الْمَطَرِ فِي سِكَّةٍ عِنْدَ بَابِ دَارِ رَجُلٍ امْتَلَأَ وَلِصَاحِبِ الدَّارِ ضَرَرٌ بِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ أَنْ يَكْبِسَ الْبِئْرَ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْبِئْرُ بِئْرًا قَدِيمًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُحْدَثًا كَانَ لَهُ ذَلِكَ. بِئْرٌ لِرَجُلٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ حَقُّ إلْقَاءِ الطِّينِ فِي دَارِهِ إذَا حَفَرَ الْبِئْرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. خَرَّبَ رَجُلٌ ضِفَّةَ نَهْرٍ وَالْمَاءُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُنْقَطِعٌ ثُمَّ وَصَلَ الْمَاءُ فَوَقَعَ مِنْ مَوْضِعِ التَّخْرِيبِ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَأَضَرَّ بِالْأَرْضِ أَوْ أَفْسَدَ زَرْعًا فِي الْأَرْضِ قَالَ يُنْظَرُ إنْ جَرَى الْمَاءُ بِنَفْسِهِ يَضْمَنُ الْمُخَرِّبُ إذَا كَانَ النَّهْرُ لِلْعَامَّةِ لِأَنَّهُ مُسَبِّبٌ مُتَعَدٍّ وَإِنْ أَجْرَى الْمَاءَ رَجُلٌ وَفَتَحَ رَأْسَ النَّهْرِ رَجُلٌ آخَرُ ضَمِنَ الْمُجْرِي وَالْفَاتِحُ دُونَ الْمُخَرِّبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَهْرٌ عَظِيمٌ لِأَهْلِ قَرْيَةٍ يَتَشَعَّبُ مِنْهُ نَهْرَانِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّهْرَيْنِ طَاحُونَةٌ فَخَرِبَتْ إحْدَى الطَّاحُونَتَيْنِ فَأَرَادَ صَاحِبُهَا أَنْ يُرْسِلَ الْمَاءَ كُلَّهُ فِي النَّهْرِ الْآخَرِ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّاحُونَةُ الْأُخْرَى حَتَّى يَغْمُرَ طَاحُونَتَهُ وَذَلِكَ يَضُرُّ بِالطَّاحُونَةِ الْأُخْرَى لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُرِيدُ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْإِضْرَارِ بِغَيْرِهِ. وَفِيهِ أَيْضًا حَوْضٌ فِي بُسْتَانِ رَجُلٍ مُسْتَنْقَعٍ لِمَاءِ أَقْوَامٍ وَالرَّجُلُ مُقِرٌّ لَهُمْ بِالْمَجْرَى وَبِأَنَّ اسْتِنْقَاعَ الْمَاءِ حَقٌّ قَدِيمٌ لَهُمْ وَهَذَا الْحَوْضُ يَضُرُّ بِبِنَاءِ الرَّجُلِ فَأَرَادَ أَنْ يَمْنَعَهُمْ عَنْ إجْرَاءِ الْمَاءِ حَتَّى يُصْلِحُوا الْحَوْضَ فَإِنْ كَانَ فِي الْحَوْضِ عَيْبٌ يَضُرُّ لِأَجْلِهِ بِبِنَاءِ الرَّجُلِ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ انْشَقَّ ضِفَّةُ النَّهْرِ وَيَسِيلُ الْمَاءُ عَنْهُ فَيَتَضَرَّرُ النَّاسُ بِهِ فَأَصْحَابُ النَّهْرِ يُؤْمَرُونَ بِإِصْلَاحِهِ كَذَا فِي

خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَهْرٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ أَرَادَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ أَنْ يُدْخِلَ الْمَاءَ فِي دَارِهِ وَيَجْرِيَ إلَى بُسْتَانٍ فَلِلْجِيرَانِ أَنْ يَمْنَعُوهُ وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَمْنَعَ الْجِيرَانَ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ وَمَنْ أَجْرَى قَبْلَ ذَلِكَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ أَحْدَثَهُ فَلَهُمْ مَنْعُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ قَدِيمًا لَمْ يُمْنَعْ بِمَنْزِلَةِ الظُّلَّةِ فَوْقَ السِّكَّةِ. وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ لَهُ مُسَنَّاةٌ مُتَفَرِّقَةٌ فِي قَرْيَةٍ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ كُلَّهُ وَيَجْعَلَهُ فِي (شبانروز) وَاحِدٍ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّهِ وَلَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ عَلَى الشُّرَكَاءِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ شِرْبُ يَوْمٍ فِي نَهْرِ قَرْيَةٍ أَرَادَا أَنْ يَسْتَوْفِيَا مَاءَهُمَا جَمِيعًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلَهُمَا ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلشُّرَكَاءِ مَنْعُهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . بَالُوعَةٌ قَدِيمَةٌ لِرَجُلٍ عَلَى نَهْرِ الشَّفَةِ فَدَخَلَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ لَا عِبْرَةَ لِلْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ فِي هَذَا وَيُؤْمَرُ بِرَفْعِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى صَاحِبِ الْحِسْبَةِ لِيَأْمُرَهُ بِالرَّفْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَرَادَ سَقْيَ أَرْضِهِ أَوْ زَرْعِهِ مِنْ مَجْرَى مَائِهِ فَمَنَعَ الرَّجُلَ حَتَّى ضَاعَ الزَّرْعُ لَا يَضْمَنُ الْمَانِعُ كَمَا لَوْ مَنَعَ الرَّاعِيَ حَتَّى هَلَكَ الْمَوَاشِي كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. حَائِطٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِ حُمُولَاتُهُمَا فَرَفَعَ أَحَدُهُمَا الْحَائِطَ بِرِضَا صَاحِبِهِ ثُمَّ بَنَاهُ صَاحِبُهُ بِمَالِهِ بِرِضَا الْآخَرِ عَلَى أَنْ يُعِيرَهُ صَاحِبُهُ مَجْرَى مَاءٍ فِي دَارِهِ لِيُجْرِيَ مَاءَهُ مِنْهَا إلَى دَارِهِ وَيَسْقِيَ بُسْتَانَه فَفَعَلَ وَأَعَارَهُ الْمَجْرَى ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْمَجْرَى كَانَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ الَّذِي مَنَعَ الْمَجْرَى يَغْرَمُ لِبَانِي الْحَائِطِ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ فِي بِنَاءِ الْحَائِطِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْعُيُونِ نَهْرٌ فِي مَدِينَةٍ أَجْرَاهُ الْإِمَامُ لِلشَّفَةِ أَرَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَتَّخِذُوا عَلَيْهِ بَسَاتِينَ إنْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ الشَّفَةِ وَسِعَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ الشَّفَةِ لَا يَسَعُهُمْ ذَلِكَ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَغْرِسَ عَلَى هَذَا النَّهْرِ وَالنَّهْرُ فِي الطَّرِيقِ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالطَّرِيقِ وَسِعَهُ ذَلِكَ وَلِلنَّاسِ أَنْ يَمْنَعُوهُ عَنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. نَهْرٌ سَاقِيَةٌ لِقَوْمٍ فِي بُسْتَانِ رَجُلٍ فَلِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ أَنْ يَغْرِسَ عَلَى حَافَّتَيْهِ وَإِذَا ضَاقَ نَهْرُهُمْ بِسَبَبِهَا فَحِينَئِذٍ يُؤْمَرُ بِقَلْعِهَا إلَّا أَنْ يُوَسِّعَ النَّهْرَ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ بِقَدْرِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَفَاوَتُ فِي حَقِّ أَصْحَابِ النَّهْرِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَعَنْ شَدَّادٍ فِي النَّهْرِ الْعَامِّ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَغْرِسَ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. نَهْرٌ يَجْرِي فِي دَارِ رَجُلٍ وَصَاحِبُ الدَّارِ يَسْقِي بُسْتَانَه مِنْ هَذَا النَّهْرُ فَغَرَسَ شَجَرَةً عَلَى شَطِّ النَّهْرِ فَدَخَلَ مَاءُ هَذَا النَّهْرِ فِي عُرُوقِ الشَّجَرَةِ إلَى دَارِ رَجُلٍ فَتَدَاعَتْ الدَّارُ إلَى الْخَرَابِ قَالُوا إنْ لَمْ يَغْرِسْ الشَّجَرَةَ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ لَا يُؤْمَرُ بِقَلْعِ الشَّجَرَةِ وَإِنْ كَانَتْ عُرُوقُ الشَّجَرَةِ دَخَلَتْ دَارَ جَارِهِ فَعَلَيْهِ قَطْعُهَا فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهَا كَانَ لِلْجَارِ قَطْعُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ خَرَّبَ النَّهْرَ فَاحْتَاجُوا إلَى الْحَفْرِ فِي أَرْضِ رَجُلٍ لِيُصْلِحُوا نَهْرَهُمْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بَيْعِهِ بِكُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا كَانَ فِي أَرْضِ رَجُلٍ نَهْرٌ لِقَوْمٍ فَلَهُ أَنْ يَسْقِيَ مِنْهُ أَرْضَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِأَصْحَابِ النَّهْرِ وَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ وَإِنْ كَانَ بَطْنُهُ وَحَافَّتَاهُ لَهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَضَرَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الباب الرابع في الدعوى في الشرب وما يتصل به وفي سماع البينة

[الْبَاب الرَّابِع فِي الدَّعْوَى فِي الشُّرْب وَمَا يتصل بِهِ وَفِي سَمَاع الْبَيِّنَة] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الدَّعْوَى فِي الشِّرْبِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ وَفِي سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ) وَإِذَا ادَّعَى شِرْبًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَرْضٍ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ قِيَاسًا وَتُسْمَعُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ نَهْرٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَرَادَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَ النَّهْرِ مِنْ إجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا إلَى أَرْضِ صَاحِبِ النَّهْرِ وَقْتَ الْخُصُومَةِ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَجْرِي الْمَاءُ إلَى أَرْضِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالنَّهْرِ لِصَاحِبِ النَّهْرِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ النَّهْرَ مِلْكُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ جَارِيًا وَقْتَ الْخُصُومَةِ وَلَا عَلِمَ جَرَيَانَهُ إلَى أَرْضِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ النَّهْرِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ النَّهْرَ كَانَ مِلْكَهُ. فِي الْمُنْتَقَى قَالَ هِشَامٌ سَأَلَتْ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ نَهْرٍ عَظِيمِ الشِّرْبِ لِأَهْلِ قُرًى لَا يُحْصَوْنَ حَبَسَهُ قَوْمٌ فِي أَعْلَى النَّهْرِ عَنْ الْأَسْفَلِينَ وَقَالُوا هُوَ لَنَا وَفِي أَيْدِينَا وَقَالَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِ النَّهْرِ بَلْ هُوَ لَنَا كُلُّهُ وَلَا حَقَّ لَكُمْ فِيهِ قَالَ إذَا كَانَ يَجْرِي إلَى الْأَسْفَلِينَ يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ تُرِكَ عَلَى حَالِهِ يَجْرِي كَمَا يَجْرِي إلَى الْأَسْفَلِينَ وَشِرْبُهُمْ مِنْهُ جَمِيعًا كَمَا كَانَ وَلَيْسَ لِلْأَعْلَيْنَ أَنْ يَسْكُرُوهُ عَنْهُمْ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُنْقَطِعًا عَنْ الْأَسْفَلِينَ يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ وَلَكِنْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَجْرِي إلَى الْأَسْفَلِينَ فِيمَا مَضَى وَأَنَّ أَهْلَ الْأَعْلَى حَبَسُوهُ عَنْهُمْ أَوْ أَقَامَ أَهْلُ الْأَسْفَلِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ النَّهْرَ كَانَ يَجْرِي إلَيْهِمْ وَأَنَّ أَهْلَ الْأَعْلَى حَبَسُوهُ عَنْهُمْ أُمِرَ أَهْلُ الْأَعْلَى بِإِزَالَةِ الْحَبْسِ عَنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ كَيْفَ كَانَ شِرْبُ أَهْلِ الْأَعْلَى وَأَهْلِ الْأَسْفَلِ مِنْ هَذَا النَّهْرِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّ شِرْبَ الْكُلِّ كَانَ مِنْهُ وَقَدْ ادَّعَى كُلُّ فَرِيقٍ الْيَدَ عَلَى النَّهْرِ عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْآخَرِ لَا مِنْ حَيْثُ الْبَيِّنَةُ وَلَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ يَجْعَلُ النَّهْرَ بَيْنَهُمْ وَتَكُونُ قِسْمَةُ الشِّرْبِ عَلَى قَدْرِ مِسَاحَةِ الْأَرَاضِي قُلْت أَرَأَيْت هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُحْصَوْنَ إذَا ادَّعَى بَعْضُهُمْ هَذَا النَّهْرَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لِقُرًى مَعْلُومَةٍ لَا يُحْصَى أَهْلُهَا أَيُقْضَى بِهَا لِأَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ بِدَعْوَى هَذَا وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لَا يُحْصَوْنَ وَقَدْ حَضَرَ بَعْضُهُمْ وَفِيهِمْ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ هَذَا عَلَى مَا تَصِفُ فَإِنَّ هَذَا النَّهْرَ بِمَنْزِلَةِ طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ نَافِذٍ فَإِنْ أَقَامَ قَوْمٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ اسْتَحَقُّوهُ وَخَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَهْرَ الْجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَصَارَ لِأَهْلِ تِلْكَ الْقُرَى خَاصَّةً وَاكْتَفَى الْقَاضِي بِوَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّعِينَ وَبِوَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ خَاصًّا لِقَوْمٍ مَعْرُوفِينَ يُحْصَوْنَ وَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهِمْ بِحَضْرَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَقَضَى عَلَى مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . نَهْرٌ لِرَجُلٍ يَجْرِي فِي أَرْضِ آخَرَ اخْتَلَفَا فِي مُسَنَّاتِهِ فَادَّعَاهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا يَدْرِي فِي يَدِ مَنْ هِيَ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ يَغْرِسُ فِيهَا مَا بَدَا لَهُ وَيَزْرَعُ فِيهَا وَيَمْنَعُ صَاحِبَ النَّهْرِ عَنْ إلْقَاءِ الطِّينِ وَعَنْ الْمُرُورِ فِيهَا وَلَا يَهْدِمُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا مِلْكٌ لِصَاحِبِ النَّهْرِ تَكُونُ مُلْقَى طِينِهِ قِيلَ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ صَاحِبَ النَّهْرِ يَسْتَحِقُّ حَرِيمًا لِنَهْرِهِ عِنْدَهُمَا فَكَانَ الْحَرِيمُ فِي يَدِ صَاحِبِ النَّهْرِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلنَّهْرِ فَيَكُونُ لَهُ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا حَرِيمَ لِلنَّهْرِ فَلَمْ تَكُنْ الْمُسَنَّاةُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنَّ الْمُسَنَّاةَ أَشْبَهُ بِالْأَرْضِ مِنْ النَّهْرِ لِأَنَّ الْمُسَنَّاةَ تَصْلُحُ لِلْغِرَاسَةِ

وَالزِّرَاعَةُ كَالْأَرْضِ، وَالنَّهْرُ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ وَمَتَى تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنَّ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا مَا هُوَ أَشْبَهُ بِالْمُتَنَازَعِ فِيهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ مَا هُوَ أَشْبَهُ بِالْمُتَنَازَعِ فِيهِ كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي أَحَدِ مِصْرَاعَيْ الْبَابِ الْمَوْضُوعِ عَلَى الْأَرْضِ وَالْمِصْرَاعُ الْآخَرُ مُعَلَّقٌ عَلَى بَابِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْمَوْضُوعِ لِمَنْ كَانَ الْمِصْرَاعُ الْآخَرُ مُعَلَّقًا عَلَى بَابِهِ وَقِيلَ لَا خِلَافَ أَنَّ لِلنَّهْرِ حَرِيمًا فِي أَرْضِ الْمَوَاتِ كَمَا يَأْتِي لَكِنَّ الْخِلَافَ هَاهُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ الْمُسَنَّاةَ فِي يَدِ صَاحِبِ النَّهْرِ بِأَنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْأَرْضِ مُسَاوِيَةً لَهَا وَلَمْ تَكُنْ أَعْلَى مِنْهَا فَالظَّاهِرُ شَاهِدٌ أَنَّهَا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مِنْ جُمْلَةِ أَرْضِهِ إذْ لَوْ لَمْ تَكُنْ هَكَذَا كَانَتْ أَعْلَى مِنْ الْأَرَاضِي لِإِلْقَاءِ الطِّينِ فِيهَا وَعِنْدَهُمَا الظَّاهِرُ شَاهِدٌ أَنَّهَا لِصَاحِبِ النَّهْرِ حَرِيمًا لَهُ فَوَقَعَ الْكَلَامُ بَيْنَهُمْ فِي التَّرْجِيحِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ نَهْرٌ لِرَجُلٍ وَعَلَى شَطِّ النَّهْرِ أَرْضٌ لِرَجُلٍ فَتَنَازَعَا فِي الْمُسَنَّاةِ إنْ كَانَ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالنَّهْرِ حَائِلٌ كَالْحَائِطِ وَنَحْوِهِ فَالْمُسَنَّاةُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ وَإِلَّا فَهِيَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلِصَاحِبِ النَّهْرِ فِيهَا حَقٌّ حَتَّى إنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ لَوْ أَرَادَ رَفْعَهَا كَانَ لِصَاحِبِ النَّهْرِ مَنْعُهُ وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا وَيُلْقِيَ طِينَهُ وَيَجْتَازَ فِيهَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي رَقَبَةِ النَّهْرُ فَإِنْ كَانَ يَجْرِي فِيهِ مَاءٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِحُجَّةٍ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ مَجْرًى فِي النَّهْرِ فَلَهُ حَقُّ الْإِجْرَاءِ دُونَ الرَّقَبَةِ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ مَصَبَّ الْمَاءِ فِي هَذَا النَّهْرِ أَوْ فِي هَذِهِ الْأَجَمَةِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. نَهْرٌ لِرَجُلٍ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَادَّعَى رَجُلٌ شِرْبَ يَوْمٍ مِنْ النَّهْرِ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ وَكَذَلِكَ مَسِيلُ الْمَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ ادَّعَى شِرْبَ يَوْمَيْنِ فِي الشَّهْرِ وَشَهِدَ لَهُ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِشِرْبِ يَوْمٍ فِي الشَّهْرِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِشِرْبِ يَوْمَيْنِ فِي الشَّهْرِ ذُكِرَ أَنْ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْضَى لَهُ بِشَيْءٍ وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِالْأَوَّلِ وَهُوَ شِرْبُ يَوْمٍ ذُكِرَ هَذَا الْخِلَافُ فِي بَعْضِ نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْبَعْضِ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا تَكُونُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ إذَا شَهِدَا عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشِرْبِ يَوْمٍ لِهَذَا الْمُدَّعِي وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ بِشِرْبِ يَوْمَيْنِ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ الْإِقْرَارُ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْإِقْرَارَيْنِ إلَّا شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَشْهَدَا عَلَى الْإِقْرَارِ وَإِنَّمَا شَهِدَا عَلَى نَفْسِ الشِّرْبِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِشِرْبِ يَوْمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِشِرْبِ يَوْمَيْنِ يَجِبُ أَنْ تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ عَلَى شِرْبِ يَوْمٍ وَهُوَ الْأَقَلُّ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ شَهِدَا بِشِرْبِ يَوْمٍ وَلَمْ يُسَمُّوا عَدَدَ الْأَيَّامِ بِأَنْ يَقُولُوا مِنْ الشَّهْرِ أَوْ مِنْ السَّنَةِ أَوْ مِنْ الْأُسْبُوعِ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ لَهُ فِي رَقَبَةِ النَّهْرِ شَيْئًا لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ مَجْهُولٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ ادَّعَى عُشْرَ نَهْرٍ أَوْ عُشْرَ قَنَاةٍ فَشَهِدَ لَهُ أَحَدُهُمَا بِالْعُشْرِ وَالْآخَرُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ وَإِنْ شَهِدُوا بِالْإِقْرَارِ لِاخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى وَعَلَى قَوْلِهِمَا تُقْبَلُ عَلَى الْأَقَلِّ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْخَمْسِ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ لِأَنَّهُ قَدْ شَهِدَ لَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى. وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَرْضًا عَلَى نَهْرٍ بِشِرْبِهَا مِنْهُ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ أَنَّهَا لَهُ وَلَمْ يَذْكُرَا مِنْ الشِّرْبِ شَيْئًا فَإِنِّي

أَقْضِي لَهُ بِهَا وَبِحِصَّتِهِ مِنْ الشِّرْبِ وَإِنْ شَهِدَا لَهُ بِالشِّرْبِ دُونَ الْأَرْضِ لَمْ يُقْضَ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الْأَرْضَ بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ شَهِدَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْأَرْضَ وَالشِّرْبَ بِأَلْفٍ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ شَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَى الْأَرْضَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا بِأَلْفٍ جَازَ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى شِرَاءِ الْأَرْضِ وَالشِّرْبِ لِأَنَّ الشِّرْبَ مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ فَمَنْ شَهِدَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا فَقَدْ شَهِدَ بِالْأَرْضِ وَالشِّرْبِ جَمِيعًا هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَ نَهْرٌ بَيْنَ قَوْمٍ لَهُمْ عَلَيْهِ أَرَضُونَ وَلِبَعْضِ أَرَاضِيِهِمْ سَوَاقِي عَلَى ذَلِكَ النَّهْرِ وَلِبَعْضِهَا دَوَالٍ وَسَوَانٍ وَبَعْضُهَا لَيْسَتْ لَهَا سَانِيَةٌ وَلَا دَالِيَةٌ وَلَيْسَ لَهَا شِرْبٌ مَعْرُوفٌ مِنْ هَذَا النَّهْرِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فَاخْتَصَمُوا فِي هَذَا النَّهْرِ فَادَّعَى صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنَّ لَهَا شِرْبًا وَهِيَ عَلَى شَطِّ النَّهْرِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي فِي الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ النَّهْرُ بَيْنَ أَصْحَابِ السَّوَانِي وَالدَّوَالِي دُونَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَلَكِنْ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ النَّهْرُ بَيْنَهُمْ جَمِيعًا عَلَى قَدْرِ أَرَاضِيِهِمْ الَّتِي عَلَى شَطِّ النَّهْرِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِحَفْرِ النَّهْرِ سَقْيُ الْأَرَاضِي لَا اتِّخَاذُ السَّوَانِي وَالدَّوَالِي فَفِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ حَالُهُمْ عَلَى السَّوَاءِ فِي إثْبَاتِ الْيَدِ فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ لَهُمْ شِرْبٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْرُوفِ وَإِلَّا فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَرَاضِيِهِمْ وَإِنْ كَانَ لِهَذِهِ الْأَرْضِ شِرْبٌ مَعْرُوفٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا النَّهْرِ فَلَهَا شِرْبُهَا مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ وَلَيْسَ لَهَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ شِرْبٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شِرْبٌ مِنْ غَيْرِهِ وَقُضِيَتْ لَهَا فِيهِ بِشِرْبٍ وَكَانَ لِصَاحِبِهَا أَرْضٌ أُخْرَى إلَى جَنْبِهَا لَيْسَ لَهَا شِرْبٌ مَعْرُوفٌ فَإِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ أَجْعَلَ لِأَرَاضِيِهِ كُلِّهَا إنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةَ الشِّرْبِ مِنْ هَذَا النَّهْرِ وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَسْتَحِقُّ الشِّرْبَ مِنْ هَذَا النَّهْرِ لِلْأَرْضِ الْأُخْرَى إلَّا بِحُجَّةٍ وَإِنْ كَانَ إلَى جَنْبِ أَرْضِهِ أَرْضٌ لِلْآخَرِ وَأَرْضُ الْأَوَّلِ بَيْنَ النَّهْرِ وَبَيْنَهَا وَلَيْسَ لِهَذِهِ الْأَرْضِ شِرْبٌ مَعْرُوفٌ وَلَا يَدْرِي مِنْ أَيْنَ كَانَ شِرْبُهَا فَإِنِّي أَجْعَلُ لَهَا شِرْبًا مِنْ هَذَا النَّهْرِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّهْرُ مَعْرُوفًا لِقَوْمٍ خَاصٍّ فَلَا أَجْعَلُ لِغَيْرِهِمْ فِيهِ شِرْبًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ كَانَ هَذَا النَّهْرُ يَصُبُّ فِي أَجَمَةٍ وَعَلَيْهِ أَرْضٌ لِقَوْمٍ مُخْتَلِفِينَ وَلَا يَدْرِي كَيْفَ كَانَتْ حَالُهُ وَلَا لِمَنْ كَانَ أَصْلُهُ فَتَنَازَعَ أَهْلُ الْأَرْضِ وَأَهْلُ الْأَجَمَةِ فِيهِ فَإِنِّي أَقْضِي بِهِ بَيْنَ أَصْحَابِ الْأَرْضِ بِالْحِصَصِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقْطَعُوهُ عَنْ أَهْلِ الْأَجَمَةِ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْأَجَمَةِ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ مِنْ الْمَسِيلِ فِي أَجَمَتِهِمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ لَهُ أَرْضَانِ عَلَى نَهْرٍ إحْدَاهُمَا فِي أَعْلَى وَالْأُخْرَى فِي أَسْفَلَ فَادَّعَى أَنَّ شِرْبَهُمَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ وَأَنْكَرَ الشُّرَكَاءُ شِرْبَ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ يَسْقِي تِلْكَ الْأَرْضَ مِنْ نَهْرٍ آخَرَ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلَيْنِ لَهُمَا نَهْرٌ وَعَلَى ضِفَّتِهِ أَشْجَارٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِيهَا قَالَ إنْ عُرِفَ غَارِسُهَا فَهِيَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَمَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ مَمْلُوكٍ لِأَحَدِهِمَا خَاصَّةً فَهُوَ لَهُ وَمَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ مُشْتَرَكٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ. وَسُئِلَ عَمَّنْ لَهُ أَشْجَارٌ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرِ ماذيانات وَنَبَتَ مِنْ عُرُوقِهَا أَشْجَارٌ فِي

الباب الخامس في المتفرقات

الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنْ النَّهْرِ وَلِرَجُلٍ فِي هَذَا الْجَانِبِ كَرْمٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا الْجَانِبِ طَرِيقٌ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَذِهِ الْأَشْجَارَ قَالَ إنْ عُرِفَ أَنَّهَا نَبَتَتْ مِنْ عُرُوقِ تِلْكَ الْأَشْجَارِ فَهِيَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ وَلَا عُرِفَ غَارِسُهَا فَتِلْكَ الْأَشْجَارُ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا صَاحِبُ الْكَرْمِ وَلَا صَاحِبُ الْأَشْجَارِ. سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ لَهُ ضَيْعَةٌ بِجَنْبِ نَهْرِ مَاذِيَانَاتٍ وَعَلَى ضِفَّةِ النَّهْرِ أَشْجَارٌ يُرِيدُ صَاحِبُ الضَّيْعَةِ بَيْعَهَا قَالَ إنْ نَبَتَتْ الْأَشْجَارُ مِنْ غَيْرِ مُسْتَنْبِتٍ وَأَرْبَابُ النَّهْرِ قَوْمٌ لَا يُحْصَوْنَ فَهِيَ لِمَنْ أَخَذَهَا وَقَطَعَهَا وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَبِيعَهَا صَاحِبُ الضَّيْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْطَعَهَا وَلَوْ كَانَ لَهَا مُسْتَنْبِتٌ لَكِنْ لَا يُعْرَفُ فَهِيَ كَاللُّقَطَةِ وَسُئِلَ عَنْ أَشْجَارٍ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ لِأَقْوَامٍ يَجْرِي ذَلِكَ النَّهْرُ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَبَعْضُ الْأَشْجَارِ فِي سَاحَةٍ لِهَذِهِ السِّكَّةِ فَادَّعَى وَاحِدٌ أَنَّ غَارِسَهَا فُلَانٌ وَإِنِّي وَارِثُهُ قَالَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَمَا كَانَ عَلَى حَرِيمِ النَّهْرِ فَهُوَ لِأَرْبَابِ النَّهْرِ وَمَا كَانَ فِي سَاحَةِ السِّكَّةِ فَهُوَ لِجَمِيعِ أَهْلِ السِّكَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) وَلَوْ مَاتَ صَاحِبُ الشِّرْبِ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لَمْ يَبِعْ شِرْبَهُ بِدُونِ الْأَرْضِ فِي دَيْنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَرْضٌ فَيُبَاعُ مَعَ أَرْضِهِ ثُمَّ الْإِمَامُ مَاذَا يَصْنَعُ بِهَذَا الشِّرْبِ؟ قِيلَ يَتَّخِذُ حَوْضًا وَيَجْمَعُ فِيهِ ذَلِكَ الْمَاءَ فِي كُلِّ نَوْبَةٍ ثُمَّ يَبِيعُ الْمَاءَ الَّذِي جَمَعَهُ فِي الْحَوْضِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَيَقْضِي بِهِ الدَّيْنَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ بِدُونِ الشِّرْبِ وَمَعَ الشِّرْبِ فَيُصْرَفُ تَفَاوُتُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الثَّمَنِ إلَى قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ اشْتَرَى عَلَى تَرِكَةِ هَذَا الْمَيِّتِ أَرْضًا بِغَيْرِ شِرْبٍ ثُمَّ ضَمَّ هَذَا الشِّرْبَ إلَيْهَا وَبَاعَهَا فَيُؤَدِّي مِنْ الثَّمَنِ ثَمَنَ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَاةِ وَالْفَاضِلُ لِلْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي. فِي الْبَقَّالِيِّ إذَا بَاعَ أَرْضًا بِشِرْبِهَا فَلِلْمُشْتَرِي قَدْرُ مَا يَكْفِيهَا وَلَيْسَ لَهُ جَمِيعُ مَا لِلْبَائِعِ وَيَجْرِي الْإِرْثُ فِي الشِّرْبِ بِدُونِ الْأَرْضِ وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي كَيْفِيَّةِ اعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَسْأَلُ مِنْ الْمُقَوِّمِينَ مِنْ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْعُلَمَاءَ لَوْ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الشِّرْبِ بِلَا أَرْضٍ بِكَمْ يُشْتَرَى هَذَا الشِّرْبُ فِيمَا بَيْنَكُمْ؟ فَإِنْ قَالُوا يُشْتَرَى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يُضَمُّ إلَى هَذَا الشِّرْبِ جَرِيبٌ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ أَقْرَبِ مَا يَكُونُ مِنْ هَذَا الشِّرْبِ وَيُنْظَرُ بِكَمْ يُشْتَرَى مَعَ الشِّرْبِ وَبِدُونِ الشِّرْبِ فَيَكُونُ فَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيمَةَ الشِّرْبِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الثُّلُثِ. وَإِذَا كَانَ النَّهْرُ بَيْنَ قَوْمٍ عَلَى شِرْبٍ مَعْلُومٍ فَغَصَبَ الْوَالِي نَصِيبَ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فَالْبَاقِي يَكُونُ بَيْنَ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ وَيُعْتَبَرُ الْغَصْبُ وَارِدًا عَلَى الْكُلِّ وَإِنْ قَالَ الْغَاصِبُ أَنَا غَصَبْت نَصِيبَ فُلَانٍ لَا غَيْرَ كَذَا ذِكْرُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَإِذَا أَصْغَى أَمِيرُ خُرَاسَانَ شِرْبَ رَجُلٍ وَأَرْضُهُ وَأَقْطَعَهَا لِرَجُلٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ وَيُرَدُّ إلَى صَاحِبِهَا الْأَوَّلِ وَإِلَى وَرَثَتِهِ. وَسَأَلْت أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَمِيرِ خُرَاسَانَ إذَا جَعَلَ لِرَجُلٍ شِرْبًا فِي هَذَا النَّهْرِ الْأَعْظَمِ وَذَلِكَ الشِّرْبُ لَمْ يَكُنْ فِيمَا مَضَى أَوْ كَانَ لَهُ شِرْبُ كَوَّتَيْنِ فَزَادَ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَقْطَعَهُ إيَّاهُ

وَجَعَلَ مِفْتَحَهُ فِي أَرْضٍ يَمْلِكُهَا الرَّجُلُ أَوْ فِي أَرْضٍ لَا يَمْلِكُهَا قَالَ إنْ كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّهُمْ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مِلْكِ أَحَدٍ لِأَنَّ لِلسُّلْطَانِ وِلَايَةَ النَّظَرِ دُونَ الْإِضْرَارِ بِالْعَامَّةِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَنَى حَائِطًا مِنْ حِجَارَةٍ فِي الْفُرَاتِ وَاتَّخَذَ عَلَيْهِ رَحًى يُطْحَنُ بِالْمَاءِ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ وَمَنْ خَاصَمَهُ مِنْ النَّاسِ فَلَهُ هَدْمُهُ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْفُرَاتِ حَقُّ الْعَامَّةِ بِمَنْزِلَةِ الطَّرِيقِ الْعَامِّ. . وَلَوْ بَنَى رَجُلٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يُخَاصِمَهُ فِي ذَلِكَ وَيَهْدِمَهُ فَأَمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَائِطُ الَّذِي بَنَاهُ فِي الْفُرَاتِ يَضُرُّ بِمَجْرَى السُّفُنِ أَوْ الْمَاءِ لَمْ يَسَعْهُ وَهُوَ فِيهِ آثِمٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِأَحَدٍ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِمَنْزِلَةِ الطَّرِيقِ الْعَامِّ إذَا بَنَى فِيهِ بِنَاءً فَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ فَهُوَ آثِمٌ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِهَا فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ خَاصَمَهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ قُضِيَ عَلَيْهِ بِهَدْمِهِ وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ وَالْمُكَاتَبُونَ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا خُصُومَةَ فِي ذَلِكَ وَالصَّبِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ تَبَعٌ لَا خُصُومَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَالْمَغْلُوبُ وَالْمَعْتُوهُ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُخَاصِمَ عَنْهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ جَعَلَ عَلَى النَّهْرِ الْعَامِّ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ قَنْطَرَةً أَوْ عَلَى النَّهْرِ الْخَاصِّ بِغَيْرِ إذْنِ الشُّرَكَاءِ وَاسْتَوْثَقَ فِي الْعَمَلِ وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ وَالدَّوَابُّ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ ثُمَّ انْكَسَرَ أَوْ وَهَى فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ ضَمِنَ وَإِنْ مَرَّ بِهِ إنْسَانٌ مُتَعَمِّدًا وَهُوَ يَرَاهُ أَوْ سَاقَ دَابَّةً عَلَيْهِ مُتَعَمِّدًا لَا يَضْمَنُ الَّذِي اتَّخَذَ الْقَنْطَرَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . فِي الْمُنْتَقَى قَالَ هِشَامٌ سَأَلْت مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ نَهْرٍ يَجْرِي فِي قَرْيَةٍ ثَبَتَ لِتِلْكَ الْقَرْيَةِ عَلَى ذَلِكَ النَّهْرِ شِرْبُهُمْ لِلشَّفَةِ وَلِدَوَابِّهِمْ مِنْهُ وَعَلَيْهِ غَرْسُ أَشْجَارٍ لَهُمْ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ حَقٌّ فِي أَصْلِ النَّهْرِ لَوْ أَرَادَ أَهْلُ النَّهْرِ تَحْوِيلَ النَّهْرِ عَنْ تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَفِي ذَلِكَ خَرَابُ الْقَرْيَةُ قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ. قَالَ وَسَأَلْته عَنْ رَجُلٍ لَهُ قَنَاةٌ خَالِصَةٌ عَلَيْهَا أَشْجَارٌ لِقَوْمٍ أَرَادَ صَاحِبُ الْقَنَاةِ أَنْ يَصْرِفَ قَنَاتَهُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ وَيَحْفِرَ لَهُ مَوْضِعًا آخَرَ قَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ بَاعَ صَاحِبُ الْقَنَاةِ الْقَنَاةَ كَانَ صَاحِبُ الشَّجَرَةِ شَفِيعَ جِوَارٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. هِشَامٌ قَالَ قُلْت لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَهْرٍ بَيْنَ قَوْمٍ فَأَذِنُوا كُلُّهُمْ رَجُلًا لِيَسْقِيَ الْمَاءَ إلَّا رَجُلًا مِنْهُمْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ أَوْ فِي أَصْحَابِ النَّهْرِ صَبِيٌّ قَالَ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَسْقِيَ حَتَّى يَأْذَنُوا كُلُّهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا احْتَفَرَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ نَهْرًا عَلَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ عَلَى مِسَاحَةِ أَرَاضِيِهِمْ وَتَكُونُ نَفَقَتُهُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَوَضَعُوا عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ غَلَطًا رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَوْ وَضَعُوا عَلَيْهِ أَقَلَّ مِمَّا يُصِيبُهُ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِالْفَضْلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اصْطَلَحَ صَاحِبُ الْقَنَاةِ وَصَاحِبُ الدَّارِ عَلَى أَنْ يُحَوِّلَ الْقَنَاةَ إلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى فَلَا رُجُوعَ فِيهِ إنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى إبْطَالِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. نَهْرٌ بَيْنَ قَوْمٍ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَقْسِمُوا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شِرْبًا وَمِنْهُمْ غَائِبٌ فَقَدِمَ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ قِسْمَتَهُمْ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ إنْ لَمْ يَكُونُوا أَوْفُوهُ وَإِنْ كَانُوا أَوْفُوهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ النَّقْضُ وَهَذَا بِخِلَافِ قِسْمَةِ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ إذَا كَانَ وَاحِدٌ مِنْ الشُّرَكَاءِ غَائِبًا وَلَمْ يَكُنْ عَنْ الْغَائِبِ خَصْمٌ إذَا حَضَرَ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ قِسْمَتَهُمْ وَإِنْ كَانُوا أَوْفُوهُ حَقَّهُ. نَهْرٌ كَبِيرٌ وَنَهْرٌ صَغِيرٌ بَيْنَهُمَا مُسَنَّاةٌ وَاحْتِيجَ إلَى إصْلَاحِهَا فَإِصْلَاحُهَا عَلَى أَهْلِ النَّهْرَيْنِ وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ إنْ كَانَ كُلُّهُ حَرِيمًا لِلنَّهْرَيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ قِلَّةُ الْمَاءِ وَكَثْرَتُهُ كَجِدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ

حُمُولَةُ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ فَاحْتِيجَ إلَى النَّفَقَةِ عَلَيْهِ فَهِيَ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. نَهْرٌ كَبِيرٌ يَنْشَعِبُ مِنْهُ نَهْرٌ صَغِيرٌ فَخَرِبَتْ فُوَّهَةُ النَّهْرِ الصَّغِيرِ فَأَرَادُوا إصْلَاحَهَا بِالْآجُرِّ وَالْجِصِّ فَالْإِصْلَاحُ عَلَى صَاحِبِ النَّهْرُ الصَّغِيرِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَقْفٌ عَلَى مَرَمَّةِ نَهْرٍ لِسِكَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَكَانَ يَنْصَبُّ فِي دَرْبِهِ ثُمَّ يَسِيلُ إلَى سِكَّةٍ ثُمَّ يَسِيلُ مِنْهَا إلَى السِّكَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي وَقَفَ الْوَاقِفُ عَلَيْهَا فَاسْتَرَمَّ النَّهْرُ فِي السِّكَّةِ فَأَرَادُوا أَنْ يَرُمُّوهُ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ فَإِنَّهُ لَا يَرُمُّوهُ إنَّمَا يُرَمُّ مِنْهَا النَّهْرُ الَّذِي يَجْرِي فِي السِّكَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ يَنْصَبُّ مِنْ النَّهْرِ الْعَظِيمِ وَيَسِيلُ إلَى فَضَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ شَارِبَةٌ وَلَا شَفَةٌ ثُمَّ يَسِيلُ مِنْ الْفَضَاءِ إلَى السِّكَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا يُرَمُّ النَّهْرُ مِنْ أَعْلَاهُ إلَى أَنْ يُجَاوِزَ السِّكَّةَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنْ يُقَالَ أَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ النَّهْرُ يُنْسَبُ إلَى السِّكَّتَيْنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا سِكَّةٌ فَإِنَّ النَّهْرَ مِنْ أَعْلَاهُ إلَى أَنْ يُجَاوِزَ السِّكَّةَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهَا يُنْسَبُ إلَى السِّكَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا وَكَذَا إذَا احْتَاجَ إلَى الْحَفْرِ لَا يَحْفِرُ مِنْ تِلْكَ الْغَلَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ يَخَافُ تَخْرِيبَ الْمُسَنَّاةِ لَوْ لَمْ يَحْفِرْ جَازَ الْحَفْرُ مِنْهَا وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ لَهُ أَرْضٌ وَفِي أَرْضِهِ مَجْرَى مَاءٍ فَكَنَسُوا النَّهْرَ وَأَلْقَوْا التُّرَابَ فِي أَرْضِهِ هَلْ لَهُ أَخْذُهُمْ بِتَفْرِيغِ أَرْضِهِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ إذَا قَصَدُوا بِالْإِلْقَاءِ مَوْضِعَ الْحَرِيمِ فَلَهُ أَخْذُهُمْ بِرَفْعِ مَا جَاوَزَ الْحَرِيمَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. حَائِطٌ لِرَجُلٍ بَاعَ نِصْفَهُ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَتَّخِذَ لِنِصْفِهِ فِي النَّهْرِ الْعَامِّ مِفْتَحًا كَانَ لَهُ ذَلِكَ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي مِلْكَهُ وَلَا يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ وَإِنْ أَضَرَّ بِأَنْ يَنْكَسِرَ النَّهْرُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُتَصَدَّقَ بِشِرْبِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّ حَاجَةَ الْمَسَاكِينِ إلَى الطَّعَامِ دُونَ الْمَاءِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الشِّرْبِ مَنْ لَهُ أَرْضٌ وَلَيْسَ لِلْمَسَاكِينِ ذَلِكَ وَلَا بَدَلٌ لِلشِّرْبِ حَتَّى يَصْرِفَ بَدَلَهُ إلَى الْمَسَاكِينِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ فَكَانَ بَاطِلًا. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَسْقِيَ مِسْكَيْنَا بِعَيْنِهِ فِي حَيَاتِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ فِيهِ بِاعْتِبَارِ عَيْنِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ شِرْبُهُ مِنْ فُلَانٍ فَذَلِكَ بَاطِلٌ لِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُهُ حَالَ حَيَاتِهِ لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ. وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَسْقِيَ أَرْضَ فُلَانٍ سَنَةَ كَذَا جَازَ مِنْ ثُلُثِهِ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِشِرْبِهِ مُؤَبَّدًا جَازَ فَيَجُوزُ مُوَقَّتًا وَإِذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْوَصِيَّةُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ الشِّرْبَ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا حَقِيقَةً إلَّا أَنَّهُ مَنْفَعَةٌ مَعْنًى لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْأَرْضِ كَالْمَنَافِعِ وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ وَأَمَّا إذَا أَوْصَى لَهُ بِالشِّرْبِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُوَقِّتْ لِذَلِكَ وَقْتًا ثُمَّ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالشِّرْبِ هَلْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَيَصِيرُ الشِّرْبُ مِيرَاثًا لِوَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَإِنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَهَذَا الشِّرْبُ صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ فَذَلِكَ بَاطِلٌ. وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ شِرْبِهِ بِغَيْرِ أَرْضِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الرِّقَابِ أَوْ الْفُقَرَاءِ كَانَ بَاطِلًا لِأَنَّ هَذِهِ وَصِيَّةٌ بِبَيْعِ الشِّرْبِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحُجَّ وَيُعَاوِنَ الرِّقَابَ بِعَيْنِ الشِّرْبِ وَإِنَّمَا يُمْكِنُ بِثَمَنِهِ وَالْوَصِيَّةُ بِبَيْعِ الشِّرْبِ بِلَا أَرْضٍ بَاطِلَةٌ وَالْوَصِيَّةُ بِالشِّرْبِ لِلْفُقَرَاءِ وَصِيَّةٌ بِالتَّصَدُّقِ عَلَيْهِمْ وَالْوَصِيَّةُ بِالتَّصَدُّقِ بِالشِّرْبِ بِلَا أَرْضٍ لَا تَجُوزُ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ حَقِّهِ فِي النَّهْرِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ جَازَ لِأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِثُلُثِ رَقَبَةِ النَّهْرِ فَجَازَ وَيَدْخُلُ الشِّرْبُ فِيهِ تَبَعًا كَمَا لَوْ أَوْصَى

بِالشِّرْبِ مَعَ الْأَرْضِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ زُوِّجَتْ امْرَأَةٌ عَلَى شِرْبٍ بِغَيْرِ أَرْضٍ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَيْسَ لَهَا مِنْ الشِّرْبِ شَيْءٌ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى شِرْبٍ بِغَيْرِ أَرْضٍ كَانَ بَاطِلًا وَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الشِّرْبِ شَيْءٌ وَلَكِنَّ الْخُلْعَ صَحِيحٌ وَعَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ الْمَهْرَ الَّذِي أَخَذَتْ وَالصُّلْحُ مِنْ الدَّعْوَى عَلَى الشِّرْبِ بَاطِلٌ فَإِنْ كَانَ قَدْ شَرَّبَ مِنْ ذَلِكَ الشِّرْبِ مُدَّةً طَوِيلَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ مِنْ قِصَاصٍ فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونَهَا فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَجَازَ الْعَفْوُ وَعَلَى الْقَاتِلِ وَالْقَاطِعِ الدِّيَةُ وَأَرْشُ الْجِرَاحَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. نَهْرٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَ أَنْ يَسُوقَ الْمَاءَ فِيهِ هَذَا يَوْمٌ وَهَذَا يَوْمٌ جَازَ وَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ نَهْرٌ خَاصٌّ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَسْقِيَ هَذَا مِنْ نَهْرِ صَاحِبِهِ وَهَذَا مِنْ نَهْرِ صَاحِبِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ. امْرَأَةٌ لَهَا تِسْعَةُ أَجْرِبَةٍ مِنْ الْأَرَضِينَ خَرَّبَ السَّيْلُ مَجْرَى هَذِهِ الْأَرَضِينَ فَاسْتَأْجَرَتْ أَقْوَامًا لِيُعَمِّرُوا الْمَجْرَى عَلَى أَنْ تُعْطِيَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْرِبَةٍ مِنْ الْأَرَضِينَ فَعَمَّرُوهَا ذُكِرَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ أَرْجُو أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً وَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ إعْطَاءِ الثَّلَاثَةِ الْأَجْرِبَةِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْجَوَابُ يُوَافِقُ قَوْلَهُمَا وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ وَبِهِ يُفْتَى فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ عَيَّنَتْ الْأَجْرِبَةَ الثَّلَاثَةَ وَقْتَ الِاسْتِئْجَارِ جَازَ إجْمَاعًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ لَهُ مَجْرَى مَاءٍ فِي دَارِ رَجُلٍ فَخَرِبَ الْمَجْرَى فَأَخَذَ صَاحِبُ الدَّارِ صَاحِبَ الْمَجْرَى بِإِصْلَاحِهِ لَا يُجْبِرُ صَاحِبَ الْمَجْرَى عَلَى إصْلَاحِهِ وَهَذَا كَرَجُلٍ لَهُ مَجْرًى عَلَى سَطْحِ رَجُلٍ فَخَرِبَ السَّطْحُ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ السَّطْحِ أَنْ يَأْخُذَ صَاحِبَ الْمَجْرَى بِإِصْلَاحِ سَطْحِهِ فَإِنْ كَانَ النَّهْرُ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْمَجْرَى أُخِذَ بِإِصْلَاحِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إصْلَاحُ النَّهْرِ عَلَى صَاحِبِ الْمَجْرَى وَلَيْسَ هَذَا كَالسَّطْحِ لِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يَجْرِي فِي النَّهْرِ مِلْكُهُ فَهُوَ الَّذِي يَسْتَعْمِلُ النَّهْرَ بِمِلْكِهِ فَيَكُونُ إصْلَاحُهُ عَلَيْهِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ أُسْتَاذُنَا الْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ إصْلَاحَ الْمِلْكِ عَلَى صَاحِبِ الْمِلْكِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. نَهْرٌ فِي دَارِ رَجُلٍ يَتَأَتَّى الضَّرَرُ الْبَيِّنُ مِنْ مَائِهِ إلَى دِهْلِيزِ الْجَارِ ثُمَّ يَتَأَتَّى مِنْ الدِّهْلِيزِ إلَى دَارِ امْرَأَةٍ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ إنْ لَمْ يَكُنْ النَّهْرُ مِلْكًا لِرَجُلٍ إنَّمَا لِلنَّهْرِ مَجْرًى فِي دَارِهِ وَالْمَاءُ لِأَهْلِ الشَّفَةِ فَكُلُّ مَنْ كَانَتْ لَهُ مَضَرَّةٌ فَعَلَيْهِ إصْلَاحُ النَّهْرِ وَدَفْعُ الْمَضَرَّةِ عَنْ نَفْسِهِ كَذَا ذُكِرَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَعْمَشِ وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ أَنَّ إصْلَاحَهُ عَلَى أَصْحَابِ الْمَجْرَى وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. . وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ دَارِ مَالِكٌ عَلَى حِدَةٍ فَبَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بِحُقُوقِهَا لَمْ يَكُنْ لِمُشْتَرِي الدَّارِ الْأَوَّلِ أَنْ يَمْنَعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِيَ عَنْ مَسِيلِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِهِ وَكَذَا فِي الْحَائِطَيْنِ إذَا كَانَ مَجْرَى الْحَائِطِ الثَّانِي فِي الْحَائِطِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ رَجُلٌ لَهُ مَسِيلُ مَاءٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ بَاعَ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ مَعَ الْمَسِيلِ وَرَضِيَ بِهِ صَاحِبُ الْمَسِيلِ فَلَهُ أَنْ

كتاب الأشربة وفيه بابان

يَضْرِبَ بِحِصَّةِ الْمَسِيلِ فِي الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ لَهُ الْمَجْرَى دُونَ الرَّقَبَةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي كِتَابِ الشِّرْبِ مِنْ الْأَصْلِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلشِّرْبِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِشِرَاءِ الْأَرْضِ وَحَدَّهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِشِرَاءِ الْأَرْضِ مَعَ شِرْبِهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ الَّذِي شَهِدَ بِشِرَاءِ الْأَرْضِ مَعَ الشِّرْبِ جَعَلَ بَعْضَ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ الشِّرْبِ فَظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ خَطَأٌ لَيْسَ كَمَا ظَنُّوا لِأَنَّ مَوْضُوعَ مَسْأَلَةِ كِتَابِ الشِّرْبِ أَنَّ مَالِكَ الْأَرْضِ وَالشِّرْبِ وَاحِدٌ وَأَنَّ الشِّرْب بِيعَ مَعَ الْأَرْضِ وَلِلشِّرْبِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إذَا بِيعَ مَعَ الْأَرْضِ وَمَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشِّرْبَ لِغَيْرِ مَالِكِ الرَّقَبَةِ فَكَانَ بَيْعُ الشِّرْبِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الشِّرْبِ بِانْفِرَادِهِ وَالشِّرْبُ بِانْفِرَادِهِ لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ لَمْ يَبِعْ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ وَلَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْمَسِيلِ أَبْطَلْتُ حَقِّي فِي الْمَسِيلِ فَإِنْ كَانَ لَهُ إجْرَاءُ الْمَاءِ دُونَ الرَّقَبَةِ بَطَلَ حَقُّهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ الرَّقَبَةُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْأَعْيَانِ لَا يَقْبَلُ الْإِبْطَالَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْعُيُونِ نَهْرٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَأَرَادَ أَنْ يَسُوقَ مِنْهُ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا جَازَ لِأَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُمَا وَلَا يَضُرُّ غَيْرَهُمَا. وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نَهْرٌ خَاصٌّ وَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَسْقِيَ هَذَا مِنْ نَهْرِ صَاحِبِهِ وَهَذَا مِنْ نَهْرِ صَاحِبِهِ لَمْ يَجُزْ كَإِجَارَةِ السُّكْنَى لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ وَبَيْعُ الشِّرْبِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ وَفِيهِ بَابَانِ] [الْبَاب الْأَوَّل فِي تَفْسِير الْأَشْرِبَة وَالْأَعْيَان الَّتِي تَتَّخِذ مِنْهَا الْأَشْرِبَة] . (كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ وَفِيهِ بَابَانِ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْأَشْرِبَةِ وَالْأَعْيَانِ الَّتِي تُتَّخَذُ مِنْهَا الْأَشْرِبَةُ وَأَسْمَاؤُهَا وَمَاهِيَّاتُهَا وَأَحْكَامُهَا) أَمَّا تَفْسِيرُهَا فَاسْمِ الشَّرَابِ يَقَعُ عَلَى مَا حَرُمَ مِنْهُ وَأَمَّا أَسْمَاؤُهَا فَاثْنَا عَشْرَ سَبْعَةٌ لِمَا يُتَّخَذُ مِنْ الْعِنَبِ: الْخَمْرُ وَالْبَاذِقُ وَالطِّلَاءُ وَالْمُنَصَّفُ وَالْبُخْتُجُ وَالْجُمْهُورِيُّ وَالْحُمَيْدِيُّ وَاثْنَانِ لِلْمُتَّخَذِ مِنْ الزَّبِيبِ: النَّقِيعُ وَالنَّبِيذُ وَثَلَاثَةٌ لِلْمُتَّخَذِ مِنْ التَّمْرِ: السَّكَرُ وَالْفَضِيخُ وَالنَّبِيذُ وَأَمَّا مَاهِيَّاتُهَا فَالْأَشْرِبَةُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الْعِنَبِ (أَحَدُهَا الْخَمْرُ) وَهُوَ اسْمٌ لِلنِّيءِ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ بَعْدَ مَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ وَسَكَنَ عَنْ الْغَلَيَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا إذَا غَلَى وَاشْتَدَّ فَهُوَ خَمْرٌ وَإِنْ لَمْ يَقْذِفْ بِالزَّبَدِ (وَالثَّانِي الْبَاذَقُ) وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُطْبَخُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى يَذْهَبَ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الثُّلُثُ أَوْ النِّصْفُ أَوْ يُطْبَخُ أَدْنَى طَبْخَةٍ بَعْدَ مَا صَارَ مُسْكِرًا وَسَكَنَ عَنْ الْغَلَيَانِ (وَالثَّالِثُ الطِّلَاءُ) وَهُوَ اسْمٌ لِلْمُثَلَّثِ وَهُوَ مَا إذَا طُبِخَ مَاءُ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ فَصَارَ مُسْكِرًا (وَالرَّابِعُ الْمُنَصَّفُ) وَهُوَ مَا إذَا طُبِخَ مَاءُ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ نِصْفُهُ وَبَقِيَ نِصْفُهُ (وَالْخَامِسُ: الْبَخْتُجُ) وَهُوَ أَنْ يُصَبَّ الْمَاءُ عَلَى الْمُثَلَّثِ حَتَّى يَرِقَّ وَيُتْرَكَ حَتَّى يَشْتَدَّ وَيُسَمَّى أَبَا يُوسُفِيٍّ لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَثِيرًا كَانَ يَسْتَعْمِلُ هَذَا (وَالسَّادِسُ الْجُمْهُورِيُّ) وَهُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَقَدْ طُبِخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُهُ وَبَقِيَ ثُلُثَاهُ (وَأَمَّا مَا يُتَّخَذُ مِنْ الزَّبِيبِ فَنَوْعَانِ) نَقِيعٌ وَهُوَ أَنْ يُنْقَعَ الزَّبِيبُ فِي الْمَاءِ حَتَّى خَرَجَتْ حَلَاوَتُهُ إلَى الْمَاءِ ثُمَّ اشْتَدَّ وَغَلَى وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ وَالثَّانِي: النَّبِيذُ وَهُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءِ الزَّبِيبِ إذَا طُبِخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ وَغَلَى وَاشْتَدَّ

وَأَمَّا مَا يُتَّخَذُ مِنْ التَّمْرِ فَثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:) أَحَدُهَا: السَّكَرُ وَهُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءِ التَّمْرِ إذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالثَّانِي الْفَضِيخُ وَهُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءِ الْبُسْرِ الْمُذَنَّبِ إذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ وَالثَّالِثُ النَّبِيذُ وَهُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءِ التَّمْرِ إذَا طُبِخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ وَغَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ وَكَذَا يَقَعُ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي أُنْقِعَ فِيهِ التَّمْرُ وَخَرَجَتْ حَلَاوَتُهُ وَغَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ. (وَأَمَّا أَحْكَامُ هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ فَهِيَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ:) فِي وَجْهٍ حَلَالٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَفِي وَجْهٍ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَفِي وَجْهٍ حَرَامٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَفِي وَجْهٍ حَلَالٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِبَعْضِ النَّاسِ، وَفِي وَجْهٍ حَلَالٌ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ أَمَّا مَا هُوَ حَلَالٌ بِالْإِجْمَاعِ فَهُوَ كُلُّ شَرَابٍ حُلْوٍ لَمْ يَشْتَدَّ، وَأَمَّا مَا هُوَ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ فَهُوَ الْخَمْرُ وَالسَّكَرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ. (وَأَمَّا الْخَمْرُ فَلَهَا أَحْكَامٌ سِتَّةٌ:) أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا، وَيَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهَا لِلتَّدَاوِي وَغَيْرِهِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَكْفُرُ جَاحِدُ حُرْمَتِهَا. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَحْرُمُ تَمْلِيكُهَا وَتَمَلُّكُهَا بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لِلْعِبَادِ فِيهِ صُنْعٌ. وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ قَدْ بَطَلَ تَقَوُّمُهَا حَتَّى لَا يَضْمَنَ مُتْلِفُهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاخْتَلَفُوا فِي سُقُوطِ مَالِيَّتِهَا وَالصَّحِيحُ: أَنَّهَا مَالٌ لِجَرَيَانِ الشُّحِّ وَالضِّنَةِ فِيهَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَالْخَامِسُ: هِيَ نَجِسَةٌ غَلِيظَةٌ كَالْبَوْلِ وَالدَّمِ. وَالسَّادِسُ: يَجِبُ الْحَدُّ بِشُرْبِهَا قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَيُبَاحُ تَخْلِيلُهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يُؤَثِّرُ الطَّبْخُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الطَّبْخَ فِي الشَّرْعِ لِلْمَنْعِ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ لَا لِإِبْطَالِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهَا؛ لِأَنَّ الطَّبْخَ أَثَرُهُ فِي إزَالَةِ صِفَةِ الْإِسْكَارِ وَبَعْدَ مَا صَارَ خَمْرًا لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا ثُمَّ قِيلَ: لَا يُحَدُّ فِيهِ مَا لَمْ يُسْكِرْ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ بِالْقَلِيلِ مَخْصُوصٌ بِالنِّيءِ، وَهَذَا مَطْبُوخٌ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُحَدُّ مِنْ الشُّرْبِ مِنْهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَالْخَمْرُ إذَا صَارَتْ خَلًّا، وَدَخَلَ فِيهَا بَعْضُ الْحُمُوضَةِ، وَلَكِنَّ فِيهَا بَعْضَ الْمَرَارَةِ لَا تَكُونُ خَلًّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى تَذْهَبَ الْمَرَارَةُ وَعِنْدَهُمَا بِقَلِيلِ الْحُمُوضَةِ يَحِلُّ هَذَا إذَا تَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ أَمَّا إذَا خَلَّلَهُ بِعِلَاجٍ بِالْمِلْحِ أَوْ بِغَيْرِهِ يَحِلُّ عِنْدَنَا الْكُلُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَفِي شَرْحِ الشَّافِي لَوْ صُبَّ الْخَلُّ فِي الْخَمْرِ يُؤْكَلُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْخَمْرِ أَوْ لِلْخَلِّ بَعْدَ مَا صَارَ حَامِضًا، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ الْخَمْرُ هِيَ الْغَالِبَ فَكَذَلِكَ، أَمَّا إذَا كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْخَلِّ ذُكِرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَا يَحِلُّ مِنْ سَاعَتِهِ مَا لَمْ يَمْضِ زَمَانٌ عُلِمَ أَنَّهُ صَارَ خَلًّا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: إذَا طُرِحَ فِي الْخَمْرِ رَيْحَانٌ يُقَالُ لَهُ: سَوْسَنٌ حَتَّى تُوجَدَ رَائِحَتُهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُدْهَنَ أَوْ يُتَطَيَّبَ بِهَا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَإِنْ تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهَا بِمَا أُلْقِيَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ خَلًّا، وَالْخَمْرُ مَا لَمْ تَصِرْ خَلًّا لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَلَا تَمْتَشِطُ الْمَرْأَةُ بِهَا، وَهُوَ عَادَةُ بَعْضِ النِّسَاءِ قِيلَ: إنَّهَا تَزِيدُ فِي بَرِيقِ الشَّعْرِ، وَلَا يُدَاوِي بِهَا جُرْحًا فِي بَدَنِهِ أَوْ دُبُرِ دَابَّتِهِ، وَلَا يَحْتَقِنُ بِهَا، وَلَا يَقْطُرُ

فِي الْإِحْلِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَبُلَّ الطِّينَ بِالْخَمْرِ، وَأَنْ يَسْقِيَ الدَّوَابَّ بِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: لَوْ نَقَلَ الدَّابَّةَ إلَى الْخَمْرِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَوْ نَقَلَ الْخَمْرَ إلَى الدَّابَّةِ يُكْرَهُ، وَكَذَا قَالُوا فِيمَنْ أَرَادَ تَخْلِيلَ الْخَمْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يَحْمِلَ الْخَلَّ إلَى الْخَمْرِ، وَيَصُبَّهُ فِيهَا أَمَّا لَوْ نَقَلَ الْخَمْرَ إلَى الْخَلِّ يُكْرَهُ، وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ حَمْلَ الْخَمْرِ إنَّمَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ الْحَمْلُ لِأَجْلِ الشُّرْبِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الشُّرْبِ لَا بَأْسَ بِهِ، أَلَا يُرَى أَنَّهُ إذَا خَلَّلَهَا بِالنَّقْلِ مِنْ الشَّمْسِ إلَى الظِّلِّ، وَمِنْ الظِّلِّ إلَى الشَّمْسِ لَا يُكْرَهُ، وَقَدْ حَصَلَ حَمْلُ الْخَمْرِ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يُسْقَى الصَّبِيُّ وَالذِّمِّيُّ وَالْإِثْمُ عَلَى مَنْ سَقَاهُمَا هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَيُكْرَهُ الِاكْتِحَالُ بِالْخَمْرِ وَأَنْ تُجْعَلَ فِي السَّعُوطِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا عَجَنَ الدَّقِيقَ بِالْخَمْرِ وَخَبَزَهُ لَا يُؤْكَلُ، وَلَوْ أَكَلَ لَا يُحَدُّ. وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَتْ الْحِنْطَةُ فِي الْخَمْرِ لَا تُؤْكَلُ قَبْلَ الْغَسْلِ فَإِنْ غُسِلَتْ وَطُحِنَتْ أَوْ لَمْ تُطْحَنْ، وَلَمْ تُوجَدْ رَائِحَةُ الْخَمْرِ، وَلَا طَعْمُهَا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ قِيلَ: هَذَا إذَا لَمْ تَنْتَفِخْ الْحِنْطَةُ، أَمَّا إذَا انْتَفَخَتْ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تَطْهُرُ أَبَدًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تُغْسَلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَتُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَتُؤْكَلُ. وَعَلَى هَذَا إذَا طُبِخَ اللَّحْمُ فِي الْخَمْرِ، فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ أَبَدًا، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُغْلَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَيُبَرَّدُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا طُرِحَ الْخَمْرُ فِي مَرَقٍ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِّ وَطُبِخَ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ هَذَا مَرَقٌ نَجِسٌ، وَلَوْ حِسًّا مِنْهُ لَا يُحَدُّ مَا لَمْ يُسْكِرْ. وَإِذَا طُرِحَ الْخَمْرُ فِي سَمَكٍ أَوْ مِلْحٍ أَوْ خَلٍّ وَرُبِّيَ حَتَّى صَارَ حَامِضًا فَلَا بَأْسَ بِهِ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ مُطْلَقَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَانَ يُفَصِّلُ الْجَوَابَ فِيهَا تَفْصِيلًا، وَكَانَ يَقُولُ: إنْ كَانَ السَّمَكُ أَوْ الْمِلْحُ مَغْلُوبًا بِالْخَمْرِ يَطْهُرُ إذَا صَارَ حَامِضًا وَيَحِلُّ أَكْلُهُ، وَإِنْ كَانَ السَّمَكُ أَوْ الْمِلْحُ غَالِبًا لَا يَطْهُرُ، وَلَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ، وَإِنْ صَارَ حَامِضًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا وَقَعَتْ فَأْرَةٌ فِي حُبِّ الْخَمْرِ فَمَاتَتْ وَرُمِيَتْ الْفَأْرَةُ ثُمَّ صَارَتْ الْخَمْرُ خَلًّا كَانَ طَاهِرًا، وَإِنْ تَفَسَّخَتْ الْفَأْرَةُ فِيهَا كَانَ الْخَلُّ نَجِسًا؛ لِأَنَّ مَا فِيهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْفَأْرَةِ لَمْ يَصِرْ خَلًّا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهَا عَلَى وَجْهِ التَّلَهِّي كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَفِي فَتَاوَى مَا وَرَاءَ النَّهْرِ قَطْرَةٌ مِنْ الْخَمْرِ وَقَعَتْ فِي جَرَّةٍ فِيهَا مَاءٌ ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ فِي حُبِّ الْخَلِّ قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ: يَفْسُدُ الْخَلُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَفْسُدُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَا كَانَ نَجِسًا بِعَيْنِهِ بَلْ لِمُجَاوَرَةِ الْخَمْرِ فَإِذَا تَخَلَّلَ الْخَمْرُ بِوُقُوعِهِ فِي الْخَلِّ زَالَتْ الْمُجَاوَرَةُ فَيَعُودُ الْمَاءُ طَاهِرًا كَالرَّغِيفِ إذَا وَقَعَ فِي خَمْرٍ ثُمَّ فِي خَلٍّ يَطْهُرُ وَكَذَا الرَّغِيفُ إذَا خُبِزَ بِخَمْرٍ ثُمَّ وَقَعَ فِي خَلٍّ وَالثَّوْبُ إذَا وَقَعَ فِي خَمْرٍ ثُمَّ فِي خَلٍّ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ. بِخِلَافِ الدَّقِيقِ إذَا عُجِنَ بِخَمْرٍ وَخُبِزَ فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا، وَلَا يَطْهُرُ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْعَجِينِ مِنْ أَجْزَاءِ الْخَمْرِ لَمْ يَصِرْ خَلًّا بِالْخُبْزِ فَلَا يَطْهُرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ سَقَى شَاةً خَمْرًا لَا يُكْرَهُ لَحْمُهَا وَلَبَنُهَا؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ، وَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً فِي مَعِدَتِهَا فَلَمْ تَخْتَلِطْ بِلَحْمِهَا، وَإِنْ اسْتَحَالَ الْخَمْرُ لَحْمًا يَجُوزُ كَمَا لَوْ اسْتَحَالَ خَلًّا إلَّا إذَا سَقَاهَا خَمْرًا كَثِيرًا بِحَيْثُ تُؤَثِّرُ رَائِحَةُ الْخَمْرِ فِي لَحْمِهَا فَإِنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُ لَحْمِهَا كَمَا لَوْ اعْتَادَتْ أَكْلَ الْجِلَّةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اعْتَادَتْ شُرْبَ الْخَمْرِ، وَصَارَتْ بِحَالٍ تُوجَدُ رَائِحَةُ الْخَمْرِ مِنْهَا فَفِي الشَّاةِ تُحْبَسُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَفِي الْبَقَرَةِ عِشْرِينَ، وَفِي الْبَعِيرِ ثَلَاثِينَ، وَفِي الدَّجَاجَةِ يَوْمًا

كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُكْرَهُ شُرْبُ دُرْدِيِّ الْخَمْرِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ، وَلَوْ شَرِبَ مِنْهُ، وَلَمْ يَسْكَرْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ فِي خَلٍّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ خَلًّا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْعَطَشِ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ بِقَدْرِ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْعَطَشُ عِنْدَنَا إنْ كَانَتْ الْخَمْرُ تَرُدُّ ذَلِكَ الْعَطَشَ كَمَا يُبَاحُ لِلْمُضْطَرِّ تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَكَذَا لَوْ غَصَّ، وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَجِدُ مَا يُزِيلُ بِهِ إلَّا الْخَمْرَ يُبَاحُ لَهُ شُرْبُهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْفَتَاوَى الْمُضْطَرُّ لَوْ شَرِبَ قَدْرَ مَا يَرْوِيهِ فَسَكِرَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ السُّكْرَ بِمُبَاحٍ، وَلَوْ قَدْرَ مَا يَرْوِيهِ وَزِيَادَةً، وَلَمْ يَسْكَرْ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الْحَدُّ كَمَا لَوْ شَرِبَ هَذَا الْقَدْرَ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَسْكَرْ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. (وَأَمَّا مَا هُوَ حَرَامٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ) فَهُوَ الْبَاذَقُ وَالْمُنَصَّفُ، وَنَقِيعُ الزَّبِيبِ، وَالتَّمْرُ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ وَالسَّكَرُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَقَالَ أَصْحَابُ الظَّوَاهِرِ: بِأَنَّهُ مُبَاحٌ شُرْبُهُ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْعَامَّةِ لَكِنَّ حُرْمَةَ هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ دُونَ حُرْمَةِ الْخَمْرِ حَتَّى لَا يُحَدَّ شَارِبُهَا مَا لَمْ يَسْكَرْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَنَجَاسَةُ الْمُنَصَّفِ وَالْبَاذِقِ غَلِيظَةٌ أَمْ خَفِيفَةٌ؟ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ كُلَّ مَا هُوَ حَرَامٌ شُرْبُهُ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ قَالُوا: وَهَكَذَا رَوَى هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَحُكِيَ عَنْ الْفَضْلِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ نَجِسًا نَجَاسَةً خَفِيفَةً وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ نَجِسٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً، وَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَاذَقِ وَالْمُنَصَّفِ وَالسَّكَرِ وَنَقِيعِ الزَّبِيبِ وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ فِي الْبَيْعِ أَمَّا فِي الضَّمَانِ إنْ كَانَ الْمُتْلِفُ قَصَدَ الْحِسْبَةَ، وَذَلِكَ يُعْرَفُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْحِسْبَةَ فَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ أَيْضًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (وَأَمَّا مَا هُوَ حَلَالٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ) فَهُوَ الطِّلَاءُ، وَهُوَ الْمُثَلَّثُ وَنَبِيذُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبُ فَهُوَ حَلَالٌ شُرْبُهُ مَا دُونَ السَّكَرِ لِاسْتِمْرَاءِ الطَّعَامِ وَالتَّدَاوِي وَلِلتَّقْوَى عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - لَا لِلتَّلَهِّي وَالْمُسْكِرُ مِنْهُ حَرَامٌ، وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يُسْكِرُ، وَهُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ، وَإِذَا سَكِرَ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: أَنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ حَرَامٌ وَلَكِنْ لَا يَجِبُ الْحَدُّ مَا لَمْ يُسْكِرْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يُحَدَّ مَنْ سَكِرَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْعَسَلِ وَاللَّبَنِ وَالتِّينِ؛ لِأَنَّ الْفُسَّاقَ يَجْتَمِعُونَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ فِي زَمَانِنَا، وَيَقْصِدُونَ السُّكْرَ وَاللَّهْوَ بِشُرْبِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْعَصِيرُ إذَا شُمِّسَ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ يَحِلُّ شُرْبُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَفِي النَّوَازِلِ سَأَلْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ عَنْ ثُلَاثِيٍّ صُبَّ عَلَيْهِ عَصِيرٌ قَالَ يُسْتَأْنَفُ عَلَيْهِ الطَّبْخُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ وَيَبْقَى ثُلُثُهُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (وَأَمَّا الْبَخْتُجُ) فَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُفِينِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ عَصِيرُ الْعِنَبِ يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ يُطْبَخُ قَبْلَ الْغَلَيَانِ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ وَيَبْقَى ثُلُثُهُ فَيَكُونَ الذَّاهِبُ مِنْ الْعَصِيرِ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثَيْنِ يَحِلُّ شُرْبُهُ مَا دَامَ حُلْوًا وَإِذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ يَحْرُمُ قَلِيلُهُ

الباب الثاني في المتفرقات

وَكَثِيرُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْبَخْتُجُ هُوَ الْحُمَيْدِيُّ وَهُوَ أَنْ يُصَبَّ الْمَاءُ عَلَى الْمُثَلَّثِ وَيُتْرَكَ حَتَّى يَشْتَدَّ وَيُقَالُ لَهُ: أَبُو يُوسُفِيٍّ لِكَثْرَةِ مَا اسْتَعْمَلَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِإِبَاحَتِهِ هَذَا أَنْ يُطْبَخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ بَعْدَ مَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ قَبْلَ الْغَلَيَانِ وَالشِّدَّةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى نَحْوِ مَا اخْتَلَفُوا فِي الْمُثَلَّثِ فَإِنْ غَلَى وَاشْتَدَّ حَلَّ شُرْبُهُ مَا لَمْ يَسْكَرْ مِنْهُ فَإِنْ سَكِرَ مِنْهُ يُحَدُّ. (وَأَمَّا الْجُمْهُورِيُّ) فَهُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءٍ الْعِنَبِ إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَطُبِخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ مَا دَامَ حُلْوًا حَلَّ شُرْبُهُ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ فَهُوَ وَالْبَاذِقُ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ فَإِنْ صُبَّ الْمَاءُ عَلَى عُصَارَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَعُصِرَ وَاسْتُخْرِجَ الْمَاءُ فَغَلَى وَاشْتَدَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْخَمْرِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْخَمْرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) إذَا شَرِبَ تِسْعَةَ أَقْدَاحٍ مِنْ نَبِيذِ التَّمْرِ فَأُوجِرَ الْعَاشِرَ فَسَكِرَ لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّ السُّكْرَ يُضَافُ إلَى مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ خُلِطَ عَصِيرُ الْعِنَبِ بِعَصِيرِ التَّمْرِ أَوْ بِنَقِيعِ الزَّبِيبِ ثُمَّ طُبِخَ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ، وَكَذَا إذَا صُبَّ فِي الْمَطْبُوخِ قَدَحٌ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ أَوْ عَصِيرِ الرُّطَبِ أَوْ نَبِيذِ التَّمْرِ أَوْ نَقِيعِ الزَّبِيبِ، وَهُوَ نِيءٌ ثُمَّ اشْتَدَّ قَبْلَ أَنْ يُطْبَخَ لَمْ يَحِلَّ فَإِنْ طُبِخَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ إنْ كَانَ الْمَصْبُوبُ فِيهِ عَصِيرَ الْعِنَبِ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ بِالطَّبْخِ، وَإِنْ كَانَ الْمَصْبُوبُ مِنْ سَائِرِ الْأَنْبِذَةِ يَكْفِي أَصْلُ الطَّبْخِ لِلْحِلِّ، وَلَوْ أُلْقِيَ فِي الْمَطْبُوخِ عِنَبٌ أَوْ تَمْرٌ أَوْ زَبِيبٌ ثُمَّ اشْتَدَّ رَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْمُلْقَى قَلِيلًا لَا يُتَّخَذُ مِنْهُ نَبِيذٌ فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لَا بَأْسَ بِشُرْبِهِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يُتَّخَذُ النَّبِيذُ مِنْ مِثْلِهِ ثُمَّ اشْتَدَّ قَبْلَ أَنْ يُطْبَخَ لَمْ يَحِلَّ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ طُبِخَ الْعِنَبُ كَمَا هُوَ ثُمَّ يُعْصَرُ يُكْتَفَى بِأَدْنَى طَبْخَةٍ كَذَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مَا لَمْ يَذْهَبْ ثُلُثَاهُ بِالطَّبْخِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْعَصِيرَ فِيهِ قَائِمٌ فَيَسْتَوِي اعْتِبَارُ الطَّبْخِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَقَبْلَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أُلْقِيَ الْعِنَبُ فِي نَبِيذِ التَّمْرِ أَوْ فِي نَبِيذِ الْعَسَلِ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يُطْبَخَ وَيَذْهَبَ ثُلُثَاهُ كَمَا فِي عَصِيرِ الْعِنَبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَا يُتَّخَذُ مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ. فَإِنْ جُمِعَ فِي الطَّبْخِ بَيْنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ أَوْ بَيْنَ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ لَا يَحِلُّ مَا لَمْ يَذْهَبْ بِالطَّبْخِ ثُلُثَاهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ خُلِطَ عَصِيرُ الْعِنَبِ بِنَقِيعِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ النَّبِيذَ الْمَطْبُوخَ إنْ لَمْ يَفْسُدْ بِالْبَقَاءِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا فَهُوَ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ يَفْسُدُ فَهُوَ حَلَالٌ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. التَّمْرُ الْمَطْبُوخُ يُمْرَسُ فِيهِ الْعِنَبُ وَالْعِنَبُ غَيْرُ مَطْبُوخٍ فَيَغْلِيَانِ جَمِيعًا قَالَ يُكْرَهُ، وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهُ حَتَّى يَسْكَرَ إذَا كَانَ التَّمْرُ الْمَطْبُوخُ غَالِبًا، وَإِنْ كَانَ الْعِنَبُ غَالِبًا يُحَدُّ

كَمَا لَوْ خُلِطَ الْخَمْرُ بِالْمَاءِ اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ فَكَذَا هَذَا. وَلَوْ طُبِخَ عَصِيرٌ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُهُ، وَتَرَكَهُ حَتَّى بَرَدَ ثُمَّ أَعَادَ الطَّبْخَ حَتَّى ذَهَبَ نِصْفُ مَا بَقِيَ فَإِنْ أَعَادَ الطَّبْخَ قَبْلَ أَنْ يَغْلِيَ وَيَتَغَيَّرَ عَنْ حَالِ الْعَصِيرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ الطَّبْخَ وُجِدَ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بِالْغَلَيَانِ وَالشِّدَّةِ فَإِنْ أَعَادَ الطَّبْخَ بَعْدَ أَنْ غَلَى وَتَغَيَّرَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الطَّبْخَ الثَّانِيَ وُجِدَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ فَلَا يَنْفَعُ، وَإِذَا طَبَخَ عَشَرَةَ أَرْطَالِ عَصِيرٍ حَتَّى ذَهَبَ مِنْهُ رِطْلٌ ثُمَّ أَهْرَاقَ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَرْطَالٍ ثُمَّ أَرَادَ طَبْخَ الْبَقِيَّةِ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ يَطْبُخُ حَتَّى يَبْقَى مِنْهُ رِطْلَانِ وَتُسْعَا رِطْلٍ؛ لِأَنَّ الرِّطْلَ الَّذِي ذَهَبَ بِالطَّبْخِ دَخَلَ فِي تِسْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي أَجْزَاءِ الْبَاقِي، وَلَمْ يُرْفَعْ مِنْهُ فَالْبَاقِي بَعْدَ الْغَلَيَانِ إنْ كَانَ تِسْعَةَ أَرْطَالٍ صُورَةً فَهُوَ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ مَعْنًى فَاقْسِمْ الرِّطْلَ الْعَاشِرَ عَلَى تِسْعَةِ أَرْطَالٍ فَصَارَ مَعَ كُلِّ رِطْلٍ مِنْ التِّسْعَةِ الْبَاقِيَةِ تُسْعُ الرِّطْلِ الْعَاشِرِ لِأَنَّ الْعَاشِرَ فِيهِ فَإِذَا أَهْرَاقَ ثَلَاثَةَ أَرْطَالٍ فَقَدْ فَاتَ ثَلَاثَةُ أَرْطَالٍ، وَثَلَاثَةُ أَتْسَاعِ رِطْلٍ، وَبَقِيَ سِتَّةُ أَرْطَالٍ، وَسِتَّةُ أَتْسَاعِ رِطْلٍ فَيَطْبُخُ حَتَّى يَبْقَى رِطْلَانِ وَتُسْعَا رِطْلٍ، فَإِنْ كَانَ ذَهَبَ مِنْهُ بِالْغَلَيَانِ رِطْلَانِ ثُمَّ أَهْرَاقَ رِطْلَيْنِ فَإِنَّهُ يَطْبُخُ حَتَّى يَبْقَى مِنْهُ رِطْلَانِ وَنِصْفٌ، وَلَوْ ذَهَبَ بِالْغَلَيَانِ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ ثُمَّ أَهْرَاقَ مِنْهُ رِطْلًا يَطْبُخُ الْبَاقِيَ حَتَّى يَبْقَى مِنْهُ رِطْلَانِ وَثُلُثَا رِطْلٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ صَبَّ رَجُلٌ فِي قِدْرٍ عَشَرَةَ دَوَارِقَ عَصِيرٍ وَعِشْرِينَ دَوْرَقًا مِنْ مَاءٍ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَذْهَبُ بِالطَّبْخِ قَبْلَ الْعَصِيرِ فَإِنَّهُ يَطْبُخُهُ حَتَّى يَذْهَبَ ثَمَانِيَةُ أَتْسَاعِهِ وَيَبْقَى التُّسْعُ؛ لِأَنَّهُ إذَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ بِالْغَلَيَانِ فَالذَّاهِبُ هُوَ الْمَاءُ فَقَطْ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَطْبُخَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ لَا يَذْهَبُ بِالطَّبْخِ قَبْلَ الْعَصِيرِ فَإِنَّهُ يَطْبُخُهُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَصِيرُ مَعَ الْمَاءِ يَذْهَبَانِ مَعًا فَإِنَّهُ يَطْبُخُهُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ؛ لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِالْغَلَيَانِ ثُلُثَا الْعَصِيرِ وَثُلُثَا الْمَاءِ، وَالْبَاقِي ثُلُثُ الْعَصِيرِ وَثُلُثُ الْمَاءِ فَهُوَ وَمَا لَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي الْعَصِيرِ بَعْدَ مَا طَبَخَهُ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. ، وَأَمَّا الْأَشْرِبَةُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الشَّعِيرِ أَوْ الذُّرَةِ أَوْ التُّفَّاحِ أَوْ الْعَسَلِ إذَا اشْتَدَّ، وَهُوَ مَطْبُوخٌ أَوْ غَيْرُ مَطْبُوخٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ شُرْبُهُ مَا دُونَ السَّكَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَرَامٌ شُرْبُهُ قَالَ الْفَقِيهِ: وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ سَكِرَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ فَالسَّكَرُ وَالْقَدَحُ الْمُسْكِرُ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ إذَا سَكِرَ قَالَ الْفَقِيهِ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُحَدُّ فِيمَا لَيْسَ مِنْ أَصْلِ الْخَمْرِ، وَهُوَ التَّمْرُ وَالْعِنَبُ كَمَا لَا يُحَدُّ مِنْ الْبَنْجِ وَلَبَنِ الرِّمَاكِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُحَدُّ، وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِنْ شَرِبَ رَجُلٌ مَاءً فِيهِ خَمْرٌ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ غَالِبًا بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ فِيهِ طَعْمُ الْخَمْرِ، وَلَا رِيحُهَا، وَلَا لَوْنُهَا لَمْ يُحَدَّ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْخَمْرُ غَالِبًا حَتَّى كَانَ يُوجَدُ فِيهِ طَعْمُهَا وَرِيحُهَا وَتَبَيَّنَ لَوْنُهَا حَدَدْتُهُ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ فِيهِ رِيحَهَا وَوَجَدَ طَعْمَهَا حُدَّ، وَلَوْ مَلَأَ فَاهُ خَمْرًا ثُمَّ مَجَّهُ، وَلَمْ يُدْخِلْ جَوْفَهُ مِنْهَا شَيْئًا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَثْرَدَ فِي الْخَمْرِ خُبْزًا فَأَكَلَ الْخُبْزَ إنْ كَانَ الطَّعْمُ يُوجَدُ فِيهِ وَتَبَيَّنَ اللَّوْنُ حَدَدْتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْخَمْرُ بَيْضَاءَ لَا يُرَى لَوْنُهَا فَإِنِّي أَحُدُّهُ إذَا كَانَ الطَّعْمُ يُوجَدُ. وَفِي الْبَقَّالِيِّ: إذَا عُجِنَ الدَّوَاءُ بِالْخَمْرِ تُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ يَعْنِي فِي حَقِّ الْحَدِّ، وَإِذَا ادَّعَى الْإِكْرَاهَ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَالْإِكْرَاهُ مُعْتَبَرٌ كَذَا فِي

تصرفات السكران

الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [تَصَرُّفَاتُ السَّكْرَانِ] (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْبَابِ تَصَرُّفَاتُ السَّكْرَانِ) وَاعْلَمْ بِأَنَّ جَمِيعَ تَصَرُّفَاتِ السَّكْرَانِ نَافِذَةٌ إلَّا الرِّدَّةَ، وَالْإِقْرَارُ بِالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ السَّكْرَانُ مِنْ الْخَمْرِ وَالْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ نَحْوِ النَّبِيذِ وَالْمُثَلَّثِ وَغَيْرِهِ عِنْدَنَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ وَتَزْوِيجِ الِابْنَةِ الصَّغِيرَةِ وَالِابْنِ الصَّغِيرِ وَالْإِقْرَاضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ إذَا قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، وَبِهِ أَخَذَ الْمَشَايِخُ وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَحْيَدِ أَنَّهُ قَالَ: يَنْفُذُ مِنْ السَّكْرَانِ كُلُّ تَصَرُّفٍ يَنْفُذُ مَعَ الْهَزْلِ، وَلَا تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ، وَيَنْفُذُ مِنْهُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَتَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ وَالصَّغِيرِ أَمَّا رِدَّتُهُ فَلَا تَصِحُّ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا، وَتَصِحُّ قِيَاسًا؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ وَاجِبُ النَّفْيِ وَالِانْعِدَامِ لَا وَاجِبُ التَّحَقُّقِ؛ وَلِهَذَا لَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ كَلِمَةُ الْكُفْرِ خَطَأً لَا يَكْفُرُ، هَذَا إذَا كَانَ السُّكْرُ مِنْ الشَّرَابِ الْمُتَّخَذِ مِنْ أَصْلِ الْخَمْرِ نَحْوِ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَالزَّبِيبِ، وَأَمَّا السُّكْرُ مِنْ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْعَسَلِ وَالثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ فَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَهُوَ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ فَمَنْ قَالَ: يَجِبُ الْحَدُّ بِالسُّكْرِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ يَقُولُ: تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ لِيَكُونَ زَجْرًا لَهُ، وَمَنْ قَالَ: لَا يَجِبُ الْحَدُّ فِي هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ، وَهُوَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ؛ لِأَنَّ نَفَاذَ التَّصَرُّفِ كَانَ لِلزَّجْرِ فَإِذَا لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ عِنْدَهُمَا زَجْرًا لَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ. وَإِنْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ أَوْ بِلَبَنِ الرِّمَاكِ لَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ. وَكَذَا لَوْ شَرِبَ شَرَابًا حُلْوًا فَلَمْ يُوَافِقْهُ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَطَلَّقَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَذَا كُلُّهُ فِي السَّكْرَانِ إذَا شَرِبَ طَائِعًا، وَإِنْ شَرِبَ مُكْرَهًا فَطَلَّقَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَقَعُ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ إذَا سَكِرَ وَطَلَّقَ قَالَ شَدَّادٌ لَا يَقَعُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقَعُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. السُّكْرُ مِنْ الْبَنْجِ وَلَبَنِ الرَّمَكَةِ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَإِنْ خُلِطَ الْخَمْرُ بِالنَّبِيذِ وَشَرِبَهُ رَجُلٌ، وَلَمْ يَسْكَرْ فَإِنْ كَانَتْ الْخَمْرُ هِيَ الْغَالِبَةَ حَدَدْتُهُ، وَإِنْ كَانَ النَّبِيذُ هُوَ الْغَالِبَ لَمْ نَحُدَّهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا طَبَخَ عَصِيرًا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُهُ ثُمَّ صَنَعَ مِنْهُ عَلِيقًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ صَنَعَهُ بَعْدَ مَا غَلَى وَتَغَيَّرَ عَنْ حَالَةِ الْعَصِيرِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا غَلَى، وَاشْتَدَّ صَارَ مُحَرَّمًا. وَالْعَلِيقُ الْمُتَّخَذ مِنْ الْمُحَرَّمِ لَا يَكُونُ حَلَالًا كَالْمُتَّخَذِ مِنْ الْخَمْرِ فَأَمَّا قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ فَهُوَ حَلَالُ الشُّرْبِ. فَأَمَّا صُنْعُ الْعَلِيقِ مِنْ عَصِيرٍ فَحَلَالٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْقِدْرُ الَّتِي يُطْبَخُ فِيهَا الْعَصِيرُ قِدْرٌ قَاعِدَتُهَا مُسَطَّحَةٌ غَيْرُ مُقَعَّرَةٍ، وَجِدَارُهَا الْمُحِيطُ بِهَا مُسْتَدِيرٌ فِي ارْتِفَاعِهِ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ، وَارْتِفَاعُهَا مَقْسُومٌ بِثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ، فَتُمْلَأُ وَتُطْبَخُ إلَى أَنْ يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ وَيَرْجِعَ الْبَاقِي فِي الْقِدْرِ إلَى الْعَلَامَةِ السُّفْلَى، وَيَنْبَغِي أَنْ يُطْبَخَ طَبْخًا مَوْصُولًا غَيْرَ مُنْقَطِعٍ. فَإِنْ انْقَطَعَ الطَّبْخُ قَبْلَ ذَهَابِ ثُلُثَيْ الْعَصِيرِ قَالُوا: هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أُعِيدَ قَبْلَ تَغَيُّرِ الْمَطْبُوخِ وَحُدُوثِ الْمَرَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا فِيهَا كَانَ حَلَالًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الطَّبْخِ الْمَوْصُولِ، وَإِنْ أُعِيدَ الطَّبْخُ بَعْدَ تَغَيُّرِ الْمَطْبُوخِ وَحُدُوثِ الْمَرَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا كَانَ حَرَامًا؛ لِأَنَّهُ

تَعَذَّرَ أَنْ يُجْعَلَ بِمَنْزِلَةِ الطَّبْخِ الْمَوْصُولِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَأَمَّا الْوِسَاقُ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبُقُولِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ بِالْمَاءِ إذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ مَا حُكْمُهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَمْرِ وَقِيلَ: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ نَقِيعِ الزَّبِيبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. . خَابِيَةُ مِنْ خَمْرٍ صُبَّتْ فِي نَهْرٍ عَظِيمٍ مِثْلِ الْفُرَاتِ أَوْ أَصْغَرَ مِنْهُ وَرَجُلٌ أَسْفَلَ مِنْهُ يَتَوَضَّأُ بِذَلِكَ الْمَاءِ أَوْ يَشْرَبُ مِنْهُ إنْ كَانَ لَا يُوجَدُ فِي الْمَاءِ طَعْمُ الْخَمْرِ، وَلَا لَوْنُهَا، وَلَا رِيحُهَا يُبَاحُ الشُّرْبُ وَالتَّوَضُّؤُ، وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يُبَاحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ حَبَّاتِ عِنَبٍ وَقَعَتْ فِي نَبِيذٍ فَانْتَقَعَتْ قَالَ: إنْ كَانَتْ الْحَبَّاتُ وَحْدَهَا لَوْ أُنْبِذَتْ غَلَتْ فَإِذَا وَقَعَتْ فِي نَبِيذٍ فَغَلَى بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُشْرَبُ النَّبِيذُ، وَإِنْ كَانَتْ وَحْدَهَا لَا تَغْلِي فَلَا بَأْسَ بِشُرْبِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ صُبَّ الْخَمْرُ فِي قَدَحٍ مِنْ الْمَاءِ أَوْ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ يَخْلُصُ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ لَا يَحِلُّ شُرْبُ ذَلِكَ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ قَلِيلٌ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَيَتَنَجَّسُ فَإِنْ شَرِبَهُ إنْ كَانَ لَا يُوجَدُ فِيهِ طَعْمُ الْخَمْرِ، وَلَا لَوْنُهَا، وَلَا رِيحُهَا لَا يُحَدُّ، وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يُحَدُّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . ذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُنْتَقَى فِي خَمْرٍ وَقَعَتْ فِي دِنٍّ الْخَلِّ قَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ. وَذَكَرَ الْحَاكِمُ بَعْدَ هَذَا فِي الْمُنْتَقَى فِي الْخَمْرِ إذَا جُعِلَ فِي الْمَرِيءِ وَالْمَرِيءُ هُوَ الْغَالِبُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ صُبَّ رِطْلٌ مِنْ خَمْرٍ فِي دَنٍّ مِنْ خَلٍّ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ فَقَدْ اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْخَمْرِ إذَا وَقَعَتْ فِي النَّبِيذِ الشَّدِيدِ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ حَلَالٌ قَالَ: الْخَمْرُ تُفْسِدُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا صُبَّ الْخَمْرُ فِي ظَرْفٍ يَتَنَجَّسُ الظَّرْفُ، وَإِنْ خَرَجَتْ الْخَمْرُ مِنْ الظَّرْفِ يُغْسَلُ الظَّرْفُ ثَلَاثًا فَيَطْهُرُ إنْ كَانَ عَتِيقًا، وَإِنْ كَانَ ظَرْفًا جَدِيدًا صُبَّ فِيهِ الْخَمْرُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُغْسَلُ ثَلَاثًا وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَيَطْهُرُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَطْهُرُ أَبَدًا، وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ لَمْ يُجَفَّفْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لَكِنْ مَلَأَهُ بِالْمَاءِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَمَا دَامَ الْمَاءُ يَخْرُجُ مِنْهُ مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ لَا يَطْهُرُ وَإِذَا خَرَجَ الْمَاءُ صَافِيًا غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَإِنْ لَمْ يُغْسَلْ الظَّرْفُ، وَبَقِيَ الْخَمْرُ فِيهِ حَتَّى صَارَ خَلًّا لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ حُكْمَ الظَّرْفِ، وَحُكِيَ عَنْ الْحَاكِمِ أَبِي نَصْرٍ الْمَهْرَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: مَا يُوَازِي الْإِنَاءَ مِنْ الْخَلِّ يَطْهُرُ أَمَّا أَعْلَى الْحُبِّ الَّذِي انْتَقَصَ مِنْهُ الْخَمْرُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ خَلًّا يَكُونُ نَجِسًا فَيُغْسَلُ أَعْلَاهُ بِالْخَلِّ حَتَّى يَطْهُرَ الْكُلُّ، وَإِنْ لَمْ يُفْعَلْ كَذَلِكَ حَتَّى صُبَّ الْعَصِيرُ فِيهِ، وَمَلَأَهُ يَتَنَجَّسُ الْعَصِيرُ، وَلَا يَحِلُّ شُرْبُهُ؛ لِأَنَّهُ عَصِيرٌ خَالَطَهُ خَمْرٌ وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا صَارَ مَا فِيهِ مِنْ الْخَمْرِ خَلًّا يَطْهُرُ الظَّرْفُ كُلُّهُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ، وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ صَاحِبَاهُ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا لَا يُكْرَهُ إذَا بَاعَهُ مِنْ ذِمِّيٍّ بِثَمَنٍ لَا يَشْتَرِيهِ الْمُسْلِمُ بِذَلِكَ أَمَّا إذَا وَجَدَ مُسْلِمًا يَشْتَرِيهِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ يُكْرَهُ إذَا بَاعَهُ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، وَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ الْكَرْمَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَّخِذُ الْعِنَبَ خَمْرًا لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ قَصْدُهُ مِنْ الْبَيْعِ تَحْصِيلَ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ تَحْصِيلَ الْخَمْرِ يُكْرَهُ وَغِرَاسَةُ الْكَرْمِ عَلَى هَذَا إذَا كَانَ يَغْرِسُ

كتاب الصيد وفيه سبعة أبواب

الْكَرْمَ بِنِيَّةِ تَحْصِيلِ الْخَمْرِ يُكْرَهُ، وَإِنْ كَانَ لِتَحْصِيلِ الْعِنَبِ لَا يُكْرَهُ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَبِيعَ الْعَصِيرَ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الصَّيْدِ وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير الصَّيْد وَرُكْنه وَحُكْمِهِ] (كِتَابُ الصَّيْدِ، وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ وَرُكْنِهِ وَحُكْمِهِ) أَمَّا تَفْسِيرُهُ فَالصَّيْدُ هُوَ الْحَيَوَانُ الْمُتَوَحِّشُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ الْآدَمِيِّ مَأْكُولًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . وَأَمَّا رُكْنُهُ فَصُدُورُ فِعْلِ الِاصْطِيَادِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ بِشَرْطِهِ. وَأَمَّا حُكْمُهُ فَثُبُوتُ الْمِلْكِ عِنْدَ الِاتِّخَاذِ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا أَعْنِي بِالتَّقْدِيرِ مَا إذَا أَخْرَجَهُ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ. وَأَمَّا حِلُّ أَكْلِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ شَرْطًا خَمْسَةٌ فِي الصَّائِدِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ، وَأَنْ يُوجَدَ مِنْهُ الْإِرْسَالُ، وَأَنْ لَا يُشَارِكَهُ فِي الْإِرْسَالِ مَنْ لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ، وَأَنْ لَا يَتْرُكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا، وَأَنْ لَا يَشْتَغِلَ بَيْنَ الْإِرْسَالِ وَالْأَخْذِ بِعَمَلٍ آخَرَ، وَخَمْسَةٌ فِي الْكَلْبِ: أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا، وَأَنْ يَذْهَبَ عَلَى سُنَنِ الْإِرْسَالِ، وَأَنْ لَا يُشَارِكَهُ فِي الْأَخْذِ مَا لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ، وَأَنْ يَقْتُلَهُ جُرْحًا، وَأَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهُ، وَخَمْسَةٌ فِي الصَّيْدِ: أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْحَشَرَاتِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مِنْ دَوَابِّ الْمَاءِ إلَّا السَّمَكُ، وَأَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ بِجَنَاحَيْهِ أَوْ بِقَوَائِمِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مُتَقَوِّيًا بِنَابِهِ أَوْ بِمِخْلَبِهِ، وَأَنْ يَمُوتَ بِهَذَا قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى ذَبْحِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّانِي فِي بَيَان مَا يَمْلِك بِهِ الصَّيْد وَمَا لَا يَمْلِك بِهِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا لَا يُمْلَكُ بِهِ) الصَّيْدُ يُمْلَكُ بِالْأَخْذِ وَالْأَخْذُ نَوْعَانِ حَقِيقِيٌّ وَحُكْمِيٌّ فَالْحَقِيقِيُّ ظَاهِرٌ، وَالْحُكْمِيُّ بِاسْتِعْمَالِ مَا هُوَ مَوْضُوعٌ لِلِاصْطِيَادِ قَصَدَ بِهِ الِاصْطِيَادَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ حَتَّى إنَّ مَنْ نَصَبَ شَبَكَةً فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ مَلَكَهُ صَاحِبُ الشَّبَكَةِ قَصَدَ بِنَصْبِ الشَّبَكَةِ الِاصْطِيَادَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ؛ لِأَنَّ الشَّبَكَةَ إنَّمَا تُنْصَبُ لِأَجْلِ الصَّيْدِ حَتَّى لَوْ نَصَبَهَا لِلْجَفَافِ فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ لَا يَتَمَلَّكُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ آخِذًا لَهُ بِالشَّبَكَةِ، وَالْأَخْذُ الْحُكْمِيُّ يَكُونُ أَيْضًا بِاسْتِعْمَالِ مَا لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ لِلِاصْطِيَادِ إذَا قَصَدَ بِهِ الِاصْطِيَادَ حَتَّى إنَّ مَنْ نَصَبَ فُسْطَاطًا، وَتَعَقَّلَ بِهِ صَيْدٌ إنْ قَصَدَ بِنَصْبِ الْفُسْطَاطِ الصَّيْدَ مَلَكَهُ، وَإِنْ لَمْ

يَقْصِدْ بِهِ الصَّيْدَ لَا يَمْلِكُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. نَصَبَ شَبَكَةً فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَأَخَذَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَخَلَّصَ وَيَطِيرَ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ انْعَقَدَ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ، وَلَمْ يُنْتَقَضْ السَّبَبُ بَعْدُ حَتَّى لَوْ أَخَذَهُ الثَّانِي بَعْدَ مَا تَخَلَّصَ، وَطَارَ فَهُوَ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ انْتَقَضَ السَّبَبُ قَبْلَ أَخْذِ الثَّانِي كَذَا فِي الْكُبْرَى وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الشَّبَكَةِ أَخَذَهُ ثُمَّ انْفَلَتَ مِنْهُ ثُمَّ أَخَذَهُ آخَرُ فَهُوَ مِلْكٌ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْأَخْذِ وَانْفِلَاتُهُ بِمَنْزِلَةِ إبَاقِ الْعَبْدِ وَشُرُودِ الْبَعِيرِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ زَوَالَ مِلْكِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ هَيَّأَ مَوْضِعًا يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ إلَى أَرْضٍ لَهُ لِيَصِيدَ السَّمَكَ فِي أَرْضِهِ فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إلَى أَرْضِهِ بِسَمَكٍ كَثِيرٍ، ثُمَّ ذَهَبَ الْمَاءُ وَبَقِيَ السَّمَكُ فِي أَرْضِهِ، أَوْ لَمْ يَذْهَبْ الْمَاءُ إلَّا أَنَّهُ قَلَّ حَتَّى صَارَ السَّمَكُ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ صَيْدٍ فَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَى هَذَا السَّمَكِ، وَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا ضَمِنَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا لَا يُقْدَرُ عَلَى السَّمَكِ الَّذِي فِيهِ إلَّا بِصَيْدٍ فَمَنْ اصْطَادَ مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَلْقَى الشَّبَكَةَ فِي الْمَاءِ وَطَرَحَ غَيْرُهُ فِيهِ الشَّصَّ فَوَقَعَتْ سَمَكَةٌ فِي الشَّبَكَةِ وَتَعَلَّقَتْ بِالشَّصِّ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْخُيُوطِ الضَّيِّقَةِ مِنْ الشَّبَكَةِ، فَهِيَ لِصَاحِبِ الشَّبَكَةِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. الشَّصُّ إذَا رَمَى بِهِ الرَّجُلُ فِي الْمَاءِ فَتَعَلَّقَتْ بِهِ سَمَكَةٌ إنْ رَمَى بِهَا خَارِجَ الْمَاءِ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا فَاضْطَرَبَتْ فَوَقَعَتْ فِي الْمَاءِ مَلَكَهَا، وَإِنْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ الْمَاءِ لَا يَمْلِكُهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ حَفَرَ فِي أَرْضِهِ حَفِيرَةً، وَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ فَجَاءَ رَجُلٌ، وَأَخَذَهُ فَإِنَّ الصَّيْدَ يَكُونُ لِلْآخِذِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ اتَّخَذَ تِلْكَ الْحَفِيرَةَ لِأَجْلِ الصَّيْدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالصَّيْدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ صَيْدًا بَاضَ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَوْ تَكَنَّسَ فِيهَا وَجَاءَ آخَرُ، وَأَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ هَذَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَعِيدًا مِنْ الصَّيْدِ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ لَوْ مَدَّ يَدَهُ أَمَّا إذَا كَانَ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ أَخَذَهُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا حَفَرَ بِئْرًا، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الِاصْطِيَادَ فَوَقَعَ الصَّيْدُ فِيهَا فَجَاءَ آخَرُ وَأَخَذَهُ إنْ دَنَا صَاحِبُ الْبِئْرِ مِنْ الصَّيْدِ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ فِي الْعُيُونِ إذَا دَخَلَ الصَّيْدُ دَارَ إنْسَانٍ وَأَغْلَقَ صَاحِبُ الدَّارِ الْبَابَ عَلَيْهِ، وَصَارَ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ صَيْدٍ فَإِنْ أَغْلَقَ الْبَابَ لِأَجْلِ الصَّيْدِ مَلَكَهُ، وَإِنْ أَغْلَقَهُ لِأَمْرٍ آخَرَ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى لَوْ أَخَذَهُ آخَرُ كَانَ لِصَاحِبِ الدَّارِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَكُونُ لِلْآخِذِ قَالَ مَشَايِخُنَا: وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ: يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ صَيْدٍ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي أَخْذِهِ إلَى الْمُعَالَجَةِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَخْذُهُ بِقَلِيلِ الْمُعَالَجَةِ مِنْ غَيْرِ نَصْبِ شَبَكَةٍ. وَفِي الْمُنْتَقَى نَصَبَ حِبَالَةً فَوَقَعَ بِهَا صَيْدٌ فَاضْطَرَبَ، وَقَطَعَهَا وَانْفَلَتَ، فَجَاءَ آخَرُ وَأَخَذَ الصَّيْدَ فَالصَّيْدُ لِلْآخِذِ، وَلَوْ جَاءَ صَاحِبُ الْحِبَالَةِ لِيَأْخُذَهُ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ إنْ شَاءَ اضْطَرَبَ حَتَّى انْفَلَتَ فَأَخَذَهُ آخَرُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْحِبَالَةِ، وَكَذَا صَيْدُ الْكَلْبِ وَالْبَازِي عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَالْحِبَالَةُ خَيْطٌ مُسْتَدِيرٌ يَتَعَقَّلُ بِهِ رَأْسُ الصَّيْدِ أَوْ رِجْلُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمَنْ أَخَذَ بَازِيًا أَوْ شِبْهَهُ فِي مِصْرٍ أَوْ سَوَادٍ فِي رِجْلَيْهِ سَيْرٌ أَوْ جَلَاجِلُ وَيُعْرَفُ أَنَّهُ أَهْلِيٌّ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَ ظَبْيًا، وَفِي عُنُقِهِ قِلَادَةٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ

حَمَامَةً فِي الْمِصْرِ يَعْرِفُ أَنَّ مِثْلَهَا لَا يَكُونُ وَحْشِيًّا، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ؛ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ اتَّخَذَ بُرْجَ حَمَامٍ فَأَوْكَرَتْ فِيهَا حَمَامُ النَّاسِ فَمَا يَأْخُذُ مِنْ فِرَاخِهَا لَا يَحِلُّ لَهُ لِأَنَّ الْفَرْخَ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ فَقِيرًا يَحِلُّ أَنْ يَتَنَاوَلَ لِحَاجَتِهِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ مِنْهُ بِشَيْءٍ فَيَتَنَاوَلَ، وَهَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ شَيْخُنَا الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ مُولَعًا بِأَكْلِ الْحَمَامِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ رَمَى صَيْدًا، فَصَرَعَهُ فَغُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً مِنْ غَيْرِ جُرْحٍ ثُمَّ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَشْيُ فَمَضَى أَوْ كَانَ طَائِرًا فَطَارَ فَرَمَاهُ رَجُلٌ آخَرُ فَصَرَعَهُ، وَأَخَذَهُ فَهُوَ لِلْآخِذِ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ الْأَوَّلُ فِي غَشْيَتِهِ تِلْكَ، وَأَخَذَهُ الْآخَرُ، وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ وَتَحَامُلِهِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا، وَأَنَّهُ ظَاهِرٌ وَالِاسْتِقْلَالُ الِارْتِفَاعُ. رَجُلٌ رَمَى صَيْدًا فَجَرَحَهُ جِرَاحَةً لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا النُّهُوضَ أَيْ الْقِيَامَ فَلَبِثَ كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ بَرِئَ، وَتَمَاثَلَ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ، وَأَخَذَهُ فَالصَّيْدُ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَهُ، وَأَثْخَنَهُ حَتَّى لَا يَسْتَطِيعَ بَرَاحًا مِنْ مَكَانِهِ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ، فَأَصَابَهُ وَمَاتَ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ هَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الرَّمْيَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيَّةِ الرَّمْيَتَيْنِ مَاتَ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الرَّمْيَةِ الْأُولَى حَلَّ، وَالْعِبْرَةُ فِي حَقِّ الْحِلِّ لِوَقْتِ الرَّمْيِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَمَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ، وَلَمْ يُثْخِنْهُ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ فَرَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلثَّانِي وَيُؤْكَلُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَثْخَنَهُ فَرَمَاهُ الْآخَرُ فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَلَمْ يُؤْكَلْ، وَهَذَا إذَا كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَنْجُو مِنْهُ الصَّيْدُ حَتَّى يَكُونَ الْمَوْتُ مُضَافًا إلَى الرَّمْيِ الثَّانِي أَمَّا إذَا كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ لَا يَنْجُو مِنْهُ الصَّيْدُ بِأَنْ بَقِيَ فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى فِي الْمَذْبُوحِ كَمَا لَوْ أَبَانَ رَأْسَهُ يَحِلُّ، وَإِنْ كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ لَا يَعِيشُ مِنْهُ الصَّيْدُ غَيْرَ أَنَّهُ بَقِيَ فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي الْمَذْبُوحِ بِأَنْ كَانَ يَعِيشُ يَوْمًا أَوْ دُونَهُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْرُمُ بِالرَّمْيَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْحَيَاةِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ لِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْحَيَاةِ عِبْرَةً عِنْدَهُ فَصَارَ الْجَوَابُ فِيهِ وَالْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَسْلَمُ مِنْهُ الصَّيْدُ سَوَاءٌ فَلَا يَحِلُّ، وَضَمِنَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ، وَهَذَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِالثَّانِي بِأَنْ كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَجُوزُ أَنْ يَسْلَمَ الصَّيْدُ مِنْهُ لِيَكُونَ الْقَتْلُ مُضَافًا إلَى الثَّانِي، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ مِنْ الْجُرْحَيْنِ أَوْ لَمْ يَدْرِ ضَمِنَ الثَّانِي مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ؛ لِأَنَّهُ جَرَحَ حَيَوَانًا مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ، وَقَدْ نَقَصَهُ فَضَمِنَ مَا نَقَصَهُ ثُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحَيْنِ لِحُصُولِ الْمَوْتِ بِالْجُرْحَيْنِ فَكَانَ مُتْلِفًا نِصْفَهُ، وَهُوَ مَمْلُوكُ غَيْرِهِ فَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ بِصُنْعِهِ، وَقَدْ ضَمِنَ الثَّانِي مَرَّةً فَلَا يَضْمَنُهُ ثَانِيًا ثُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ لَحْمِهِ ذَكِيًّا لِأَنَّهُ بِالرَّمْيِ الْأَوَّلِ صَارَ بِحَالٍ يَحِلُّ بِذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ لَوْ لَمْ يَكُنْ الرَّمْيُ الثَّانِي فَهُوَ بِالرَّمْيِ الثَّانِي أَفْسَدَ عَلَيْهِ نِصْفَ اللَّحْمِ فَيَضْمَنُهُ، وَلَا يَضْمَنُ النِّصْفَ الْآخَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَهُ مَرَّةً فَدَخَلَ ضَمَانُ اللَّحْمِ فِيهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ رَمَاهُ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ سَهْمُ الْأَوَّلِ فَقَتَلَهُ لَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ، وَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ بَعْدَ مَا أَصَابَهُ سَهْمُ الْأَوَّلِ يَتَحَامَلُ، وَيَطِيرُ فَرَمَاهُ الثَّانِي، وَقَتَلَهُ يَكُونُ لِلثَّانِي، وَيَحِلُّ أَكْلُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِنْ رَمَى رَجُلَانِ صَيْدًا فَأَصَابَهُ سَهْمُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ، وَأَثْخَنَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَيْدًا ثُمَّ أَصَابَهُ سَهْمُ الْآخَرِ فَهُوَ لِلَّذِي أَصَابَهُ سَهْمُهُ أَوَّلًا، وَإِنْ رَمَيَاهُ مَعًا، وَلَوْ أَصَابَهُ السَّهْمَانِ مَعًا فَهُوَ لَهُمَا. وَالْعِبْرَةُ فِي حَقِّ الْمِلْكِ بِحَالَةِ الْإِصَابَةِ لَا بِحَالَةِ الرَّمْيِ، وَفِي حَقِّ الْحِلِّ تُعْتَبَرُ حَالَةُ الرَّمْيِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ أَصَابَهُ سَهْمُ الْأَوَّلِ، فَوَقَذَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ سَهْمُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُؤْكَلُ، وَالصَّيْدُ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ وَرَمَى رَجُلٌ آخَرُ فَأَصَابَ السَّهْمُ الثَّانِي السَّهْمَ الْأَوَّلَ، وَأَمْضَاهُ حَتَّى أَصَابَ الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ جُرْحًا إنْ كَانَ السَّهْمُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ الصَّيْدَ بِدُونِ الثَّانِي فَالصَّيْدُ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْآخِذُ حَتَّى لَوْ كَانَ الثَّانِي مَجُوسِيًّا أَوْ مُحْرِمًا لَا يَحِلُّ، وَإِنْ كَانَ السَّهْمُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَبْلُغُ الصَّيْدَ بِدُونِ سَهْمِ الثَّانِي، فَالصَّيْدُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ فِي الْأَخْذِ، وَهُوَ كَافٍ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي مُحْرِمًا أَوْ مَجُوسِيًّا لَا يَحِلُّ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ دَخَلَ ظَبْيٌ دَارَ رَجُلٍ أَوْ حَائِطَهُ أَوْ دَخَلَ حِمَارُ وَحْشٍ دَارَ رَجُلٍ أَوْ حَائِطَهُ فَإِنْ كَانَ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ صَيْدٍ فَهُوَ لِرَبِّ الدَّارِ، وَكَذَلِكَ الْحَظِيرَةُ لِلسَّمَكِ، وَهَذَا الْجَوَابُ يُخَالِفُ جَوَابَ الْأَصْلِ. وَفِي الْأَصْلِ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَاتَّبَعَهُ الْكَلْبُ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَوْ دَارِهِ كَانَ لِصَاحِبِ الْكَلْبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَدَّ عَلَى صَيْدٍ حَتَّى أَخْرَجَهُ، وَأَدْخَلَهُ دَارَ إنْسَانٍ فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخْرَجَهُ، وَاضْطَرَّهُ فَقَدْ أَخَذَهُ بِيَدِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ اصْطَادَ طَائِرًا فِي دَارِ رَجُلٍ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ فَهُوَ لِلصَّيَّادِ سَوَاءٌ اصْطَادَهُ مِنْ الْهَوَاءِ أَوْ مِنْ الشَّجَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ الدَّارِ: اصْطَدْتُ قَبْلَكَ، وَأَنْكَرَ الصَّيَّادُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ الْهَوَاءِ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ دَارِهِ أَوْ شَجَرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَخْذِهِ مِنْ الْهَوَاءِ أَوْ الْجِدَارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَمَنْ اصْطَادَ سَمَكَةً مِنْ نَهْرٍ جَارٍ لِرَجُلٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ صَيْدِهِ فَهُوَ لِلَّذِي أَخَذَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَجَمَةٌ لَا يُقْدَرُ عَلَى أَخْذِ صَيْدِهَا إلَّا بِالِاصْطِيَادِ فَصَاحِبُ الْأَجَمَةِ مَا صَارَ مُحْرِزًا لِمَا حَصَلَ فِيهَا مِنْ السَّمَكِ، وَإِنَّمَا الْمُحْرِزُ الْآخِذُ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَجَمَةِ احْتَالَ لِذَلِكَ حَتَّى أَخْرَجَ الْمَاءَ وَبَقِيَ السَّمَكُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَجَمَةِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: إنْ أَخْرَجَ الْمَاءَ، وَلَيْسَ قَصْدُهُ السَّمَكَ فَهُوَ لِلْآخِذِ، وَإِنْ نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ أَخْذَ السَّمَكِ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهُ إلَّا بِصَيْدٍ فَهُوَ لِلْآخِذِ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ صَيْدٍ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَجَمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى دَاوُد بْنُ رَشِيدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَحْلٌ اتَّخَذَتْ كُوَّارَاتٍ فِي أَرْضِ رَجُلٍ، فَخَرَجَ مِنْهَا عَسَلٌ كَثِيرٌ كَانَ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَى أَخْذِهِ قَالَ: وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الصَّيْدَ وَبَيْضَهُ، وَأَشَارَ إلَى مَعْنَى الْفَرْقِ فَقَالَ: إنَّهُ يَجِيءُ، وَيَذْهَبُ وَالْبَيْضُ يَصِيرُ طَائِرًا وَيَطِيرُ، وَإِنَّمَا يُشْبِهُ الطَّيْرُ فِي هَذَا النَّحْلَ نَفْسَهَا، وَلَوْ أَخَذَ النَّحْلَ أَحَدٌ كَانَتْ لَهُ، وَأَمَّا الْعَسَلُ فَلَمْ يَكُنْ صَيْدًا، وَلَا يَصِيرُ صَيْدًا قَطُّ، وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا وَضَعَ رَجُلٌ كُوَّارَاتِ النَّحْلِ فَتَعَسَّلَتْ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْكُوَّارَاتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْمُلْتَقَطِ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ حَمَامَةٌ ذَكَرٌ وَلِلْآخَرِ أُنْثَى فَالْفِرَاخُ لِصَاحِبِ الْأُنْثَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الباب الثالث في شرائط الاصطياد

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي شَرَائِطِ الِاصْطِيَادِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي شَرَائِطِ الِاصْطِيَادِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الصَّيَّادُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَعْقِلَ الذَّبْحَ وَالتَّسْمِيَةَ حَتَّى لَا يُؤْكَلَ صَيْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ إذَا كَانَا لَا يَعْقِلَانِ الذَّبْحَ وَالتَّسْمِيَةَ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ مِلَّةُ التَّوْحِيدِ دَعْوَى وَاعْتِقَادًا كَالْمُسْلِمِ أَوْ دَعْوَى لَا اعْتِقَادًا كَالْكِتَابِيِّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ مُحْرِمًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْحَرَمِ حَتَّى لَا يُؤْكَلَ صَيْدُ الْمُحْرِمِ، وَلَا مَا اصْطَادَهُ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ، وَلَا بَأْسَ بِصَيْدِ الْأَخْرَسِ الْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُشْتَرَطُ فِي الرَّمْيِ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الرَّمْيِ، وَفِي إرْسَالِ الْكَلْبِ وَالْبَازِي، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ وَقْتَ الْإِرْسَالِ. وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الصَّيْدِ فِي الْإِرْسَالِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا أَوْ بَازِيًا عَلَى صَيْدٍ فَأَخَذَ ذَلِكَ الصَّيْدَ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ أَخَذَ عَدَدًا مِنْ الصُّيُودِ يَحِلُّ الْكُلُّ بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ مَا دَامَ فِي وَجْهِ الْإِرْسَالِ. وَلَوْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عِنْدَ الرَّمْيِ أَوْ عِنْدَ إرْسَالِ الْكَلْبِ عَامِدًا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَإِنْ تَرَكَ نَاسِيًا حَلَّ أَكْلُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ اخْتِيَارًا فَكَذَا اضْطِرَارًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَرْسَلَ النَّصْرَانِيُّ أَوْ رَمَى وَسَمَّى الْمَسِيحَ لَمْ يُؤْكَلْ. وَالْإِرْسَالُ شَرْطٌ فِي الْكَلْبِ وَالْبَازِي حَتَّى إنَّ الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ إذَا انْفَلَتَ مِنْ صَاحِبِهِ، وَأَخَذَ صَيْدًا وَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ، فَإِنْ صَاحَ بِهِ صَاحِبُ الْكَلْبِ صَيْحَةً بَعْدَ مَا انْفَلَتَ، وَسَمَّى فَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِصِيَاحِهِ بِأَنْ لَمْ يَزْدَدْ طَلَبًا وَحِرْصًا عَلَى الْأَخْذِ، فَأَخَذَ الصَّيْدَ لَا يُؤْكَلُ أَمَّا إذَا انْزَجَرَ بِصِيَاحِهِ أُكِلَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ فَانْزَجَرَ بِزَجْرِهِ، فَلَا بَأْسَ بِصَيْدِهِ، وَالْمُرَادُ بِالزَّجْرِ الْإِغْرَاءُ بِالصِّيَاحِ عَلَيْهِ وَبِالِانْزِجَارِ إظْهَارُ طَلَبِ الزِّيَادَةِ، وَلَوْ أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ فَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ فَانْزَجَرَ لَمْ يُؤْكَلْ، وَكُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ ذَكَاتُهُ كَالْمُرْتَدِّ وَالْمُحْرِمِ وَتَارِكِ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمَجُوسِيِّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَقَدْ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّيْدِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسْلِمِ إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ إذَا زَجَرَهُ الْمَجُوسِيُّ فِي ذَهَابِهِ، فَأَمَّا إذَا وَقَفَ الْكَلْبُ عَنْ سُنَنِ الْإِرْسَالِ ثُمَّ زَجَرَهُ الْمَجُوسِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَانْزَجَرَ بِزَجْرِهِ لَا يُؤْكَلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ أَحَدٌ وَلَكِنَّهُ انْبَعَثَ الْكَلْبُ أَوْ الْبَازِي عَلَى أَثَرِ الصَّيْدِ بِغَيْرِ إرْسَالٍ وَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ فَانْزَجَرَ فَأَخَذَ يَحِلُّ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَحِلَّ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ لَمْ يَحِلَّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا، وَتَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا، فَلَمَّا مَضَى الْكَلْبُ فِي أَثَرِ الصَّيْدِ سَمَّى وَزَجَرَهُ فَأَخَذَ الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ انْزَجَرَ بِزَجْرِهِ أَوْ لَمْ يَنْزَجِرْ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. . مِنْ شَرَائِطِ الِاصْطِيَادِ أَنْ لَا يُشَارِكَهُ فِي الْإِرْسَالِ وَالرَّمْيِ مَنْ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ كَالْوَثَنِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ وَتَارِكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا، وَكَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ بِعَمَلٍ آخَرَ بَعْدَ الرَّمْيِ وَالْإِرْسَالِ بَلْ يَتْبَعُ أَثَرَ الصَّيْدِ وَالْكَلْبِ، وَإِذَا تَوَارَى الْكَلْبُ وَالصَّيْدُ عَنْ الْمُرْسِلِ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ

الباب الرابع في بيان شرائط الصيد

وَقْتٍ، وَقَدْ قَتَلَهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ لَا يَتْرُكَ الطَّلَبَ حَتَّى وَجَدَهُ كَذَلِكَ وَالْكَلْبُ عِنْدَهُ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقِيَاسُ: أَنْ لَا يُؤْكَلَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: يُؤْكَلُ قَالُوا: هَذَا الشَّرْطُ لَازِمٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ عِنْدَهُ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ. فَأَمَّا إذَا وَجَدَ الصَّيْدَ مَيِّتًا وَالْكَلْبَ قَدْ انْصَرَفَ عَنْهُ لَا يُؤْكَلُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِذَا اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ حَتَّى إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ اللَّيْلِ طَلَبَهُ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا، وَالْكَلْبُ عِنْدَهُ، وَبِهِ جِرَاحَةٌ لَا يَدْرِي أَنَّ الْكَلْبَ جَرَحَهُ، أَوْ غَيْرَهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ: كَرِهْتُ أَكْلَهُ، وَنَصَّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ، وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَجَدَهُ، وَبِهِ جِرَاحَةٌ وَاحِدَةٌ يَعْلَمُ أَنَّهَا جِرَاحَةُ الْكَلْبِ أَمَّا إذَا عَلِمَ بِالْعَلَامَةِ أَنَّهَا جِرَاحَةُ غَيْرِ الْكَلْبِ، أَوْ عَلِمَ أَنَّهَا جِرَاحَةُ الْكَلْبِ إلَّا أَنَّ بِهَا جِرَاحَةً أُخْرَى لَيْسَتْ مِنْ جِرَاحَةِ الْكَلْبِ لَا يُؤْكَلُ، تَرَكَ الطَّلَبَ أَوْ لَمْ يَتْرُكْ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْبَازِي وَالصَّقْرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ. وَالْجَوَابُ فِي الرَّمْيِ هَكَذَا إذَا رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ أَصَابَهُ، وَتَوَارَى عَنْ بَصَرِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا وَبِهِ جِرَاحَةٌ أُخْرَى سِوَى جِرَاحَةِ السَّهْمِ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ كَانَ فِي طَلَبِهِ، وَإِنْ وَجَدَهُ، وَلَيْسَ بِهِ جِرَاحَةٌ أُخْرَى إنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِعَمَلٍ آخَرَ يُؤْكَلُ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ لَا يُؤْكَلُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي فَتَاوَى (آهُو) رَمَى طَيْرًا فِي الْمَاءِ، وَجَرَحَهُ فَاشْتَغَلَ الرَّامِي بِنَزْعِ الْخُفِّ ثُمَّ دَخَلَ الْمَاءَ بَعْدَ نَزْعِ الْخُفِّ فَوَجَدَ الطَّيْرُ مَيِّتًا بِذَلِكَ الْجُرْحِ قَالَ: يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: اشْتِغَالُ الرَّامِي بِنَزْعِ الْخُفِّ لَيْسَ بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ تَرَكَ الطَّلَبَ فَقَدْ حَرُمَ أَكْلُهُ. سُئِلَ أَيْضًا رَمَى صَيْدًا، وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالطَّلَبِ قَالَ: يَجُوزُ. قِيلَ إذَا أَرْسَلَ الْكَلْبَ، وَلَمْ يُسَمِّ نَاسِيًا فَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ سَمَّى، وَلَمْ يَدْعُهُ حَتَّى أَخَذَ لَا يُؤْكَلُ، وَفِي الرَّمْيِ يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ التَّدَارُكَ فِي الْكَلْبِ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَدْعُوَهُ، وَفِي السَّهْمِ لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ شَرَائِطِ الصَّيْدِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ شَرَائِطِ الصَّيْدِ) الْآلَةُ نَوْعَانِ جَمَادٌ كَالْمِزْرَاقِ وَالْمِعْرَاضِ وَأَشْبَاهِهِمَا وَحَيَوَانٌ كَالْكَلْبِ وَنَحْوِهِ وَالصَّقْرِ وَالْبَازِي وَنَحْوِهِمَا فَإِنْ كَانَتْ الْآلَةُ حَيَوَانًا فَمِنْ شَرْطِهَا أَنْ تَكُونَ مُعَلَّمَةً، وَلَا يَكُونَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا إلَّا بِالْإِمْسَاكِ عَلَى الْمَالِكِ وَتَرْكِ الْأَكْلِ، وَأَنْ يُجِيبَهُ إذَا دَعَاهُ، وَإِذَا أَرْسَلَهُ إلَى الصَّيْدِ، فَعَلَامَةُ تَعَلُّمِ الْكَلْبِ، وَمَا بِمَعْنَاهُ تَرْكُ الْأَكْلِ مِنْ الصَّيْدِ، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحُدُّ فِي ذَلِكَ حَدًّا، وَلَا يُوَقِّتُ وَقْتًا وَكَانَ يَقُولُ: إذَا كَانَ مُعَلَّمًا فَكُلْ، وَرُبَّمَا كَانَ يَقُولُ: إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الصَّائِدِ أَنَّهُ مُعَلَّمٌ فَهُوَ مُعَلَّمٌ، وَرُبَّمَا كَانَ يَقُولُ: يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّيَّادِينَ، فَإِذَا قَالُوا: صَارَ مُعَلَّمًا فَهُوَ مُعَلَّمٌ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْهُ إذَا تَرَكَ الْأَكْلَ ثَلَاثًا فَهُوَ مُعَلَّمٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ ثُمَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الثَّالِثُ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ الرَّابِعُ وَرُوِيَ عَنْهُمَا أَنَّهُ يَحِلُّ الثَّالِثُ أَيْضًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَأَمَّا الْبَازِي، وَمَا بِمَعْنَاهُ فَتَرْكُ الْأَكْلِ فِي حَقِّهِ لَيْسَ عَلَامَةَ تَعَلُّمِهِ، وَإِنَّمَا عَلَامَةُ تَعَلُّمِهِ أَنْ يُجِيبَ صَاحِبَهُ إذَا دَعَاهُ حَتَّى إنَّ الْبَازِيَ وَمَا بِمَعْنَاهُ إذَا أَكَلَ مِنْ الصَّيْدِ يُؤْكَلُ صَيْدُهُ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَازِي هَذَا إذَا أَجَابَ صَاحِبَهُ عِنْدَ

الدَّعْوَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْمَعَ فِي اللَّحْمِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُجِيبُ إلَّا لِيَطْمَعَ فِي اللَّحْمِ لَا يَكُونَ مُعَلَّمًا وَمَتَى حُكِمَ بِتَعَلُّمِ الْبَازِي فَفَرَّ مِنْ صَاحِبِهِ، وَلَمْ يُجِبْهُ إذَا دَعَاهُ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْمُعَلَّمِ، وَلَا يَحِلُّ صَيْدُهُ. وَكَذَا الْكَلْبُ إذَا أَكَلَ الصَّيْدَ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْمُعَلَّمِ، وَحَرُمَ مَا عِنْدَ صَاحِبِهِ مِنْ صُيُودِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا تَحْرُمُ الصُّيُودُ الَّتِي أَحْرَزَهَا صَاحِبُهَا، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَهْدُ قَرِيبًا بِأَخْذِ ذَلِكَ الصَّيْدِ أَمَّا إذَا كَانَ الْعَهْدُ بَعِيدًا بِأَنْ مَضَى شَهْرٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَقَدْ قَدَّدَ صَاحِبُهُ تِلْكَ الصُّيُودَ لَمْ تَحْرُمْ بِلَا خِلَافٍ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْفَصْلَيْنِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَا لَمْ يُحْرِزْهُ الْمَالِكُ مِنْ صُيُودِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا مَا بَاعَ الْمَالِكُ مِمَّا قَدَّدَ مِنْ صُيُودِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ فِيهِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يُنْقَضَ الْبَيْعُ إذَا تَصَادَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى كَوْنِ الْكَلْبِ جَاهِلًا قَالَ: وَلَا يَحِلُّ صَيْدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَتَعَلَّمَ، وَحَدُّ تَعَلُّمِهِ مَا ذَكَرْنَا فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ عَلَى الْخِلَافِ، وَكَذَلِكَ هَذَا الْخِلَافُ فِي الْبَازِي إذَا فَرَّ مِنْ صَاحِبِهِ فَدَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى حُكِمَ بِكَوْنِهِ جَاهِلًا هَذَا إذَا أَجَابَ صَاحِبَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْوَلَاءِ يُحْكَمُ بِتَعَلُّمِهِ عِنْدَهُمَا. وَلَوْ شَرِبَ مِنْ دَمِ الصَّيْدِ يُؤْكَلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَخَذَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ صَيْدًا، وَأَخَذَهُ مِنْهُ صَاحِبُهُ، وَأَخَذَ صَاحِبُ الْكَلْبِ مِنْهُ قِطْعَةً فَأَلْقَاهَا إلَى الْكَلْبِ فَأَكَلَهَا الْكَلْبُ فَهُوَ عَلَى تَعْلِيمِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْكَلْبِ أَخَذَ الصَّيْدَ مِنْ الْكَلْبِ ثُمَّ وَثَبَ الْكَلْبُ عَلَى الصَّيْدِ فَأَخَذَ مِنْهُ قِطْعَةً فَأَكَلَهَا، وَهُوَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ عَلَى تَعْلِيمِهِ، وَكَذَلِكَ قَالُوا: لَوْ سَرَقَ الْكَلْبُ مِنْ الصَّيْدِ بَعْدَ دَفْعِهِ إلَى صَاحِبِهِ. وَإِنْ أُرْسِلَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ عَلَى صَيْدٍ فَنَهَشَهُ فَقَطَعَ مِنْهُ قِطْعَةً فَأَكَلَهَا ثُمَّ وَجَدَ الصَّيْدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ مِنْهُ فِي حَالِ الِاصْطِيَادِ دَلِيلُ عَدَمِ التَّعَلُّمِ. فَإِنْ نَهَشَهُ فَأَلْقَى مِنْهُ بِضْعَةً وَالصَّيْدُ حَيٌّ ثُمَّ اتَّبَعَ الصَّيْدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَخَذَهُ فَقَتَلَهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّعَلُّمِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَطَعَ قِطْعَةً مِنْهُ لِيُثْخِنَهُ فَيَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى أَخْذِهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْجُرْحِ. وَإِنْ أَخَذَ صَاحِبُ الْكَلْبِ الصَّيْدَ مِنْ الْكَلْبِ بَعْدَ مَا قَتَلَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْكَلْبُ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَرَّ بِتِلْكَ الْقِطْعَةِ فَأَكَلَهَا يُؤْكَلُ صَيْدُهُ. وَإِنْ اتَّبَعَ الصَّيْدَ فَنَهَشَهُ فَأَخَذَ مِنْهُ بِضْعَةً فَأَكَلَهَا، وَهُوَ حَيٌّ فَانْفَلَتَ الصَّيْدُ مِنْهُ ثُمَّ أَخَذَ الْكَلْبُ صَيْدًا آخَرَ فِي فَوْرِهِ فَقَتَلَهُ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ، وَقَالَ: أَكْرَهُ أَكْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ فِي حَالِ الِاصْطِيَادِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّعْلِيمِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبًا إلَى صَيْدٍ فَلَمْ يَأْخُذْهُ وَأَخَذَ غَيْرَهُ إنْ ذَهَبَ عَلَى سُنَنِهِ فَقَدْ حَلَّ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. لَوْ رَمَى بَعِيرًا فَأَصَابَ صَيْدًا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ نَادٍّ أَوْ غَيْرُ نَادٍّ لَمْ يُؤْكَلْ الصَّيْدُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْبَعِيرَ كَانَ نَادًّا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِبِلِ الِاسْتِئْنَاسُ فَيَتَمَسَّكُ بِهِ حَتَّى يَعْلَمَ غَيْرَهُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَرْسَلَ بَازِيَهُ إلَى أَرْنَبٍ فَأَصَابَ مِنْ ذَلِكَ صَيْدًا، وَهُوَ لَا يَصْطَادُ إلَّا الْأَرْنَبَ لَمْ يُؤْكَلْ مَا اصْطَادَهُ. وَإِنْ أَرْسَلَ إلَى خِنْزِيرٍ أَوْ إلَى ذِئْبٍ فَأَخَذَ ظَبْيًا حَلَّ أَكْلُهُ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ أَرْسَلَ بَازِيًا إلَى ظَبْيٍ، وَهُوَ لَا يَصِيدُ الظَّبْيَ فَأَصَابَ صَيْدًا لَمْ يُؤْكَلْ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ وَسَمَّى فَأَخَذَ فِي إرْسَالِهِ ذَلِكَ صُيُودًا كَثِيرَةً وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَلَّ

الْكُلُّ وَكَذَا لَوْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ السَّهْمُ، وَنَفَذَ، وَأَصَابَ آخَرَ وَنَفَذَ، وَأَصَابَ آخَرَ حَلَّ الْكُلُّ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِنْ أَخَذَ صَيْدًا وَجَثَمَ عَلَيْهِ طَوِيلًا ثُمَّ مَرَّ بِهِ آخَرُ فَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا بِإِرْسَالٍ مُسْتَقْبَلٍ أَوْ بِزَجْرٍ أَوْ بِتَسْمِيَةٍ عَلَى وَجْهٍ يَنْزَجِرُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الزَّجْرَ لِبُطْلَانِ الْفَوْرِ. وَكَذَلِكَ إنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازِيَهُ عَلَى صَيْدٍ فَعَدَلَ عَنْ الصَّيْدِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً وَتَشَاغَلَ بِغَيْرِ طَلَبِ الصَّيْدِ وَفَتَرَ عَنْ سُنَنِهِ ذَلِكَ ثُمَّ تَبِعَ صَيْدًا فَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِإِرْسَالٍ مُسْتَأْنَفٍ أَوْ أَنْ يَزْجُرَهُ صَاحِبُهُ، وَيُسَمِّيَ فَيَنْزَجِرَ فِيمَا يَحْتَمِلُ الزَّجْرَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَشَاغَلَ بِغَيْرِ طَلَبِ الصَّيْدِ فَقَدْ انْقَطَعَ حُكْمُ الْإِرْسَالِ، وَإِذَا صَادَ صَيْدًا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ تَرَسَّلَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَحِلُّ صَيْدُهُ إلَّا أَنْ يَزْجُرَهُ صَاحِبُهُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الزَّجْرَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَأَخْطَأَهُ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ صَيْدٌ آخَرُ فَقَتَلَهُ يُؤْكَلُ، وَإِنْ رَجَعَ فَعَرَضَ لَهُ صَيْدٌ آخَرُ فِي رُجُوعِهِ فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ؛ لِأَنَّ الْإِرْسَالَ بَطَلَ بِالرُّجُوعِ وَبِدُونِ الْإِرْسَالِ لَا يَحِلُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ أُرْسِلَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ صَيْدٌ، فَإِذَا هُوَ لَيْسَ بِصَيْدٍ فَعَرَضَ لَهُ صَيْدٌ فَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبَهُ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ إنْسَانٌ، وَسَمَّى، فَإِذَا هُوَ صَيْدٌ يُؤْكَلُ هُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَرْسَلَ عَلَى صَيْدٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْفَهْدُ إذَا أُرْسِلَ فَكَمَنَ، وَلَا يَتْبَعُ حَتَّى يَسْتَمْكِنَ فَيَمْكُثَ سَاعَةً ثُمَّ أَخَذَ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، وَكَذَا الْكَلْبُ إذَا أُرْسِلَ يَصْنَعُ كَمَا يَصْنَعُ الْفَهْدُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا صَادَ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِرْسَالِ كَالْوُثُوبِ وَالْعَدْوِ، وَكَذَلِكَ الْبَازِي إذَا أُرْسِلَ فَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَطَارَ، فَأَخَذَ الصَّيْدَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، وَكَذَلِكَ الرَّامِي إذَا رَمَى صَيْدًا بِسَهْمٍ فَمَا أَصَابَهُ فِي سُنَنِهِ ذَلِكَ وَوَجْهِهِ أُكِلَ، وَإِنْ أَصَابَ وَاحِدًا ثُمَّ نَفَذَ إلَى آخَرَ وَآخَرَ أُكِلَ الْكُلُّ. فَإِنْ أَمَالَتْ الرِّيحُ السَّهْمَ إلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى يَمِينًا أَوْ شِمَالًا فَأَصَابَ صَيْدًا آخَرَ لَمْ يُؤْكَلْ، فَإِنْ لَمْ تَرُدَّ الرِّيحُ عَنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ أُكِلَ الصَّيْدُ. وَلَوْ أَصَابَ حَائِطًا أَوْ صَخْرَةً فَرَجَعَ فَأَصَابَ صَيْدًا فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ، فَإِنْ مَرَّ السَّهْمُ مِنْ الشَّجَرِ فَجَعَلَ يُصِيبُ الشَّجَرَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ لَكِنَّ السَّهْمَ عَلَى سُنَنِهِ فَأَصَابَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، فَإِنْ رَدَّهُ شَيْءٌ مِنْ الشَّجَرِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً لَا يُؤْكَلُ، فَإِنْ مَرَّ السَّهْمُ فَجَحَشَ حَائِطًا، وَهُوَ عَلَى سُنَنِهِ فَأَصَابَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ أُكِلَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ عَلَى صَيْدٍ فَشَارَكَهُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ كَلْبٌ لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى - عَلَيْهِ عَمْدًا أَوْ كَلْبٌ لِمَجُوسِيٍّ لَمْ يُؤْكَلْ، وَلَوْ رَدَّ الصَّيْدَ عَلَيْهِ الْكَلْبُ الثَّانِي، وَلَمْ يَجْرَحْ مَعَهُ وَمَاتَ بِجُرْحِ الْأَوَّلِ كُرِهَ أَكْلُهُ قِيلَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَقِيلَ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ رَدَّ الصَّيْدَ عَلَى الْكَلْبِ مَجُوسِيٌّ حَتَّى أَخَذَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَجُوسِيِّ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ فِعْلِ الْكَلْبِ فَلَمْ تَثْبُتْ الْمُشَارَكَةُ، وَلَوْ لَمْ يَرُدَّهُ الْكَلْبُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَكِنَّهُ اشْتَدَّ عَلَى الْأَوَّلِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى الصَّيْدِ فَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ حَلَّ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ مَدَّ الْمَجُوسِيُّ مَعَ الْمُسْلِمِ قَوْسًا إلَى صَيْدٍ، وَأَصَابَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَمِنْ شَرْطِهَا أَنْ لَا يُوجَدَ مِنْهُ بَعْدَ الْإِرْسَالِ بَوْلٌ، وَلَا أَكْلٌ حَتَّى إذَا وُجِدَ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ طَالَتْ وَقْفَتُهُ لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ، وَكَذَلِكَ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَكُونَ جَارِحًا حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ مِنْ غَيْرِ جُرْحٍ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الزِّيَادَاتِ، وَفِي الْمُخْتَصَرِ لِعِصَامٍ وَأَشَارَ فِي الْأَصْلِ إلَى

أَنَّهُ يَحِلُّ فَإِنَّهُ قَالَ أَخَذَهُ وَقَتَلَهُ، وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَمَا إذَا قَتَلَهُ جُرْحًا أَوْ خَنْقًا وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ يَحِلُّ، وَإِنْ لَمْ يَجْرَحْهُ، مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ: مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ إيجَازٌ، وَمَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ إشْبَاعٌ وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ. وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا كَسَرَ عُضْوًا فَقَتَلَهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ لِأَنَّ الْكَسْرَ جِرَاحَةٌ فِي الْبَاطِنِ فَيُعْتَبَرُ بِالْجِرَاحَةِ فِي الظَّاهِرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . وَلَوْ أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ وَسَمَّى فَأَدْرَكَهُ الْكَلْبُ فَضَرَبَهُ وَوَقَذَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ ثَانِيًا، فَقَتَلَهُ أُكِلَ وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَيْنِ، فَوَقَذَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ قَتَلَهُ الْآخَرُ أُكِلَ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ الْجُرْحِ بَعْدَ الْجُرْحِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّعْلِيمِ فَجُعِلَ عَفْوًا، وَلَوْ أَرْسَلَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَلْبًا فَوَقَذَهُ أَحَدُهُمَا، وَقَتَلَهُ الْآخَرُ أُكِلَ لِمَا بَيَّنَّا وَالْمِلْكُ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَرْسَلَ كَلْبَهُ الْمُعَلَّمَ عَلَى صَيْدٍ فَكَسَرَ رِجْلَهُ أَوْ عَقَرَهُ عَقْرًا أَخْرَجَهُ مِنْ الصَّيْدِيَّةِ ثُمَّ إنَّ رَجُلًا آخَرَ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى ذَلِكَ الصَّيْدِ فَكَسَرَ رِجْلَهُ الْأُخْرَى، أَوْ عَقَرَهُ عَقْرًا فَمَاتَ الصَّيْدُ مِنْ الْعَقْرَيْنِ فَنَقُولُ: الصَّيْدُ لِلْأَوَّلِ، وَلَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ هَذَا إذَا أَرْسَلَ الثَّانِي كَلْبَهُ بَعْدَ مَا أَصَابَ الْكَلْبُ الْأَوَّلُ الصَّيْدَ وَأَثْخَنَهُ، فَلَوْ أَنَّ الْكَلْبَ الْأَوَّلَ جَرَحَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُثْخِنْهُ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الصَّيْدِيَّةِ حَتَّى أَرْسَلَ الثَّانِي كَلْبَهُ فَأَصَابَهُ الثَّانِي وَجَرَحَهُ وَأَثْخَنَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الصَّيْدِيَّةِ فَالصَّيْدُ لِلثَّانِي وَيَحِلُّ تَنَاوُلُهُ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْجُرْحَيْنِ بِحَالٍ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّيْدِيَّةِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَلَمَّا اجْتَمَعَا خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَيْدًا فَالصَّيْدُ لَهُمَا، وَكَذَلِكَ إذَا أَصَابَاهُ مَعًا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْأَخْذِ، وَالْحِلُّ ثَابِتٌ. وَإِنْ أَرْسَلَ الثَّانِي كَلْبَهُ قَبْلَ إصَابَةِ الْكَلْبِ الْأَوَّلِ الصَّيْدَ فَالْمِلْكُ لِأَوَّلِهِمَا إصَابَةً كَمَا فِي السَّهْمَيْنِ، وَالْحِلُّ ثَابِتٌ. وَلَوْ أَرْسَلَا مَعًا فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا الصَّيْدَ قَبْلَ الْآخَرِ، وَأَخَذَهُ وَأَثْخَنَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ الْآخَرُ فَالصَّيْدُ لِأَوَّلِهِمَا إصَابَةً. وَكَذَلِكَ لَوْ أَرْسَلَا عَلَى التَّعَاقُبِ فَأَصَابَ الْكَلْبُ الثَّانِي الصَّيْدَ أَوَّلًا وَأَثْخَنَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ الْكَلْبُ الْأَوَّلُ فَالصَّيْدُ لِصَاحِبِ الْكَلْبِ الثَّانِي، وَلَوْ أَصَابَاهُ جُمْلَةً أَوْ أَصَابَهُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُثْخِنْهُ حَتَّى أَصَابَهُ الْآخَرُ فَالصَّيْدُ لَهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي تَجْنِيسِ خُوَاهَرْ زَادَهْ: وَإِذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ لَا يَرَاهُ أَوْ رَمَاهُ فَأَصَابَ الصَّيْدَ، وَالرَّجُلُ فِي طَلَبِهِ فَوَجَدَهُ حَلَّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا ضَرَبَ الْبَازِي بِمِنْقَارِهِ أَوْ بِمِخْلَبِهِ الصَّيْدَ حَتَّى أَثْخَنَهُ، أَوْ جَرَحَهُ الْكَلْبُ فَجَاءَ صَاحِبُهُ، وَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ، فَلَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى ضَرَبَهُ الْبَازِي أَوْ الْكَلْبُ مَرَّةً أُخْرَى فَمَاتَ فَعِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يُؤْكَلُ مَا أَصَابَهُ الْمِعْرَاضُ بِعَرْضِهِ، وَلَا يُؤْكَلُ مَا أَصَابَتْهُ الْبُنْدُقَةُ فَمَاتَ بِهَا كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا إنْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ، وَإِنْ جَرَحَهُ إذَا كَانَ ثَقِيلًا، وَبِهِ حِدَّةٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِثِقَلِهِ، وَإِنْ كَانَ الْحَجَرُ خَفِيفًا وَبِهِ حِدَّةٌ حَلَّ لِأَنَّ الْمَوْتَ بِالْجُرْحِ، وَإِنْ كَانَ الْحَجَرُ خَفِيفًا وَجَعَلَهُ طَوِيلًا كَالسَّهْمِ، وَبِهِ حِدَّةٌ حَلَّ. وَلَوْ رَمَاهُ بِمَرْوَةِ حَدِيدٍ، وَلَمْ تُبْضِعْ بِضْعًا يَحْرُمُ، وَكَذَا إنْ رَمَاهُ بِهَا فَأَبَانَ رَأْسَهُ أَوْ قَطَعَ أَوْدَاجَهُ، وَلَوْ رَمَاهُ بِعَصًا أَوْ بِعُودٍ حَتَّى قَتَلَهُ حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ ثِقَلًا لَا جُرْحًا إلَّا إذَا كَانَ لَهُ حَدٌّ يُبْضِعُ بِضْعًا فَحِينَئِذٍ يَحِلُّ لِأَنَّهُ كَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ

الْمَوْتَ إذَا أُضِيفَ إلَى الْجُرْحِ قَطْعًا حَلَّ الصَّيْدُ، وَإِنْ أُضِيفَ إلَى الثِّقَلِ قَطْعًا حَرُمَ، وَإِنْ وَقَعَ الشَّكُّ، وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ مَاتَ بِالثِّقَلِ أَوْ بِالْجُرْحِ حَرُمَ احْتِيَاطًا. ، وَإِنْ رَمَاهُ بِسَيْفٍ أَوْ بِسِكِّينٍ فَأَصَابَهُ بِحَدِّهِ فَجَرَحَهُ حَلَّ، وَإِنْ أَصَابَهُ بِقَفَا السِّكِّينِ أَوْ بِمِقْبَضِ السَّيْفِ حَرُمَ، وَلَوْ رَمَاهُ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ بِالْجُرْحِ إنْ كَانَ الْجُرْحُ مُدْمِيًا حَلَّ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدْمِيًا حَلَّ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يُشْتَرَطُ الْإِدْمَاءُ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ إنْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ كَبِيرَةً حَلَّ بِلَا إدْمَاءٍ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يَحِلُّ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ رَمَى سَهْمًا فَعَرَضَهُ سَهْمٌ آخَرُ فَرَدَّهُ عَنْ سُنَنِهِ فَأَصَابَ صَيْدًا وَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ وَذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ يُؤْكَلُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ أَحْمَدُ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَأْوِيلُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الرَّامِيَ الثَّانِيَ لَمْ يَقْصِدْ الرَّمْيَ إلَى الصَّيْدِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ اللَّعِبَ أَوْ تَعَلُّمَ الرَّمْيِ، وَتَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا حَتَّى لَوْ قَصَدَ الِاصْطِيَادَ يَحِلُّ عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مُسْلِمٌ رَمَى صَيْدًا فَأَصْأَبَ سَهْمًا مَوْضُوعًا، فَرَفَعَهُ فَأَصَابَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ جُرْحًا يُؤْكَلُ، وَكَذَا لَوْ رَمَى بِمِعْرَاضٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ بُنْدُقَةٍ فَأَصَابَ سَهْمًا فَرَفَعَهُ فَأَصَابَ السَّهْمُ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ يَحِلُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَجُوسِيٌّ رَمَى سَهْمًا بَعْدَ سَهْمِ الْمُسْلِمِ فَأَصَابَ سَهْمُهُ سَهْمَ الْأَوَّلِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْلَا سَهْمُ الْمَجُوسِيِّ لَمَا وَصَلَ إلَى الصَّيْدِ فَهُوَ حَرَامٌ، وَكَذَلِكَ إنْ رَدَّهُ عَنْ سُنَنِهِ، فَلَوْ زَادَهُ قُوَّةً، وَلَمْ يَقْطَعْهُ عَنْ سُنَنِهِ فَالصَّيْدُ لِلْمُسْلِمِ، وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. مَجُوسِيٌّ رَمَى إلَى صَيْدٍ فَفَرَّ الصَّيْدُ مِنْ سَهْمِهِ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَفَرَّ مِنْ كَلْبِهِ فَرَمَاهُ مُسْلِمٌ بِسَهْمٍ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ لَمْ يَحِلَّ إلَّا إذَا وَقَعَ سَهْمُ الْمَجُوسِيِّ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ انْصَرَفَ كَلْبُهُ قَبْلَ رَمْيِ الْمُسْلِمِ وَإِرْسَالِهِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ اشْتَرَكَ الْحَلَالُ وَالْمُحْرِمُ فِي رَمْيِ الصَّيْدِ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْإِسْلَامُ وَقْتَ الرَّمْيِ وَوَقْتَ الْإِرْسَالِ شَرْطٌ حَتَّى لَوْ رَمَى وَأَرْسَلَ، وَهُوَ مُسْلِمٌ ثُمَّ ارْتَدَّ يَحِلُّ، وَعَلَى عَكْسِهِ لَا يَحِلُّ هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. الْمَجُوسِيُّ إذَا تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ يُؤْكَلُ صَيْدُهُ وَذَبِيحَتُهُ وَالنَّصْرَانِيُّ إذَا تَمَجَّسَ لَا يُؤْكَلُ صَيْدُهُ وَذَبِيحَتُهُ وَالْمُسْلِمُ إذَا ارْتَدَّ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ صَيْدُهُ وَكَذَلِكَ إذَا تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْمَجُوسِ رَمَوْا سِهَامَهُمْ فَأَقْبَلَ الصَّيْدُ نَحْوَ مُسْلِمٍ فَارًّا مِنْ سِهَامِهِمْ فَرَمَاهُ الْمُسْلِمُ وَسَمَّى فَأَصَابَهُ سَهْمُ الْمُسْلِمِ، وَقَتَلَهُ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ سَهْمُ الْمَجُوسِيِّ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى رَمَاهُ الْمُسْلِمُ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ إلَّا أَنْ يُدْرِكَهُ الْمُسْلِمُ، وَيُذَكِّيَهُ فَحِينَئِذٍ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُمْ أَعَانُوهُ فِي الرَّمْيِ دُونَ حَقِيقَةِ الذَّكَاةِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالرَّمْيِ مَعَ وُجُودِ حَقِيقَةِ الذَّكَاةِ، وَإِنْ وَقَعَتْ سِهَامُ الْمَجُوسِ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ رَمَاهُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا حَلَّ أَكْلُهُ، وَكَذَلِكَ الْمَجُوسُ إذَا أَرْسَلُوا كِلَابَهُمْ إلَى الصَّيْدِ فَأَقْبَلَ الصَّيْدُ هَارِبًا فَرَمَاهُ الْمُسْلِمُ فَقَتَلَهُ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَيْهِ أَوْ بَازِيًا لَهُ أَوْ صَقْرًا لَهُ فَأَصَابَ الْكَلْبُ فَقَتَلَهُ إنْ كَانَ رَمْيُ الْمُسْلِمِ وَإِرْسَالُهُ حَالَ اتِّبَاعِ صَقْرِ الْمَجُوسِيِّ وَبَازِيهِ الصَّيْدَ لَا يَحِلُّ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ رُجُوعِ صَقْرِهِ وَبَازِيهِ حَلَّ وَكَذَلِكَ لَوْ اتَّبَعَ الصَّيْدَ كَلْبٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ بَازٍ غَيْرُ مُعَلَّمٍ فَأَقْبَلَ الصَّيْدُ فَارًّا مِنْهُ فَرَمَاهُ الْمُسْلِمُ بِسَهْمٍ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازِيَهُ أَوْ صَقْرَهُ فَأَصَابَهُ، وَقَتَلَ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيُشْتَرَطُ فِي الصَّيْدِ أَنْ لَا يُشَارِكَ فِي مَوْتِهِ سَبَبٌ آخَرُ

الباب الخامس فيما لا يقبل الذكاة من الحيوان وفيما يقبل

سِوَى جِرَاحَةِ السَّهْمِ أَوْ الْكَلْبِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ نَحْوُ التَّرَدِّي مِنْ مَوْضِعٍ وَالْوُقُوعِ فِي الْمَاءِ وَجِرَاحَةٍ أُخْرَى يُتَوَهَّمُ مَوْتُهُ مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا أَصَابَ السَّهْمُ الصَّيْدَ فَوَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى آجُرَّةٍ مَطْرُوحَةٍ عَلَى الْأَرْضِ فَمَاتَ يَحِلُّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَإِنْ وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ عَلَى جَبَلٍ أَوْ صَخْرَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ أَوْ حَائِطٍ أَوْ عَلَى سِنَانِ رُمْحٍ مَرْكُوزٍ أَوْ عَلَى حَرْفِ آجُرَّةٍ أَوْ لَبِنَةٍ مَنْصُوبَةٍ ثُمَّ وَقَعَ مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَحِلَّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَإِنَّ التَّرَدِّي مِمَّا يَنْفَكُّ عَنْهُ الِاصْطِيَادُ، فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ بِالْمَاءِ أَوْ بِالتَّرَدِّي فَاجْتَمَعَ الْمُبِيحُ وَالْمُحَرَّمُ فَيَحْرُمُ احْتِيَاطًا حَتَّى لَوْ كَانَ الطَّيْرُ مَائِيًّا فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ، وَلَمْ تُغْمَسْ جِرَاحَتُهُ يَحِلُّ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ مَوْتُهُ بِسَبَبِ الْمَاءِ، وَإِنْ أُغْمِسَتْ جِرَاحَتُهُ لَا يُؤْكَلُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِالْمَاءِ هَذَا كُلُّهُ إذَا جَرَحَهُ جُرْحًا يُرْجَى حَيَاتُهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ جُرْحًا لَا يُرْجَى حَيَاتُهُ مِنْهُ يَحِلُّ لِانْعِدَامِ هَذَا الِاحْتِمَالِ إذَا بَقِيَ فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ مِقْدَارُ مَا يَكُونُ فِي الْمَذْبُوحِ بَعْدَ الذَّبْحِ بِأَنْ أَبَانَ رَأْسَهُ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِمَّا لَا يَقْتُلُ مِنْهُ كَالسَّطْحِ وَالْجَبَلِ يَحِلُّ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ عَلَى مَكَان مُسْتَوٍ كَوُقُوعِهِ عَلَى الْأَرْضِ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَقْتُلُ مِثْلُ حِدَّةِ الرُّمْحِ وَالْقَصَبَةِ الْمَنْصُوبَةِ وَحِدَّةِ الْآجُرَّةِ وَاللَّبِنَةِ الْقَائِمَةِ وَنَحْوِهَا لَمْ يَحِلَّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَمِنْ شَرَائِطِهِ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الصَّائِدُ إلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ حِلُّهُ بِلَا شُبْهَةٍ وَخِلَافٍ، فَإِنَّهُ لَوْ وَصَلَ إلَيْهِ الصَّائِدُ، وَهُوَ حَيٌّ فَفِيهِ كَلِمَاتٌ، وَمِنْ شَرَائِطِهَا أَنْ يَكُونَ مُتَنَفِّرًا مُتَوَحِّشًا، وَلَا يَكُونَ آلِفًا كَالدَّوَاجِنِ مِنْ الْوُحُوشِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَاب الْخَامِس فِيمَا لَا يَقْبَل الذَّكَاة مِنْ الْحَيَوَان وَفِيمَا يَقْبَل] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا لَا يَقْبَلُ الذَّكَاةَ مِنْ الْحَيَوَانِ، وَفِيمَا يَقْبَلُ) وَإِنْ أَدْرَكَ الْمُرْسِلُ الصَّيْدَ حَيًّا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُذَكِّيَهُ، وَإِنْ تَرَكَ تَذْكِيَتَهُ حَتَّى مَاتَ حَرُمَ أَكْلُهُ وَكَذَا الْبَازِي وَالسَّهْمُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ ذَكَاةَ الِاخْتِيَارِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَهَذَا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ أَمَّا إذَا وَقَعَ فِي يَدِهِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ، وَفِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ فَوْقَ مَا يَكُونُ فِي الْمَذْبُوحِ لَمْ يُؤْكَلْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَحِلُّ، وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ لِفَقْدِ الْآلَةِ لَمْ يُؤْكَلْ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ لِضِيقِ الْوَقْتِ لَمْ يُؤْكَلْ عِنْدَنَا، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ يَحِلُّ اسْتِحْسَانًا، وَبِالِاسْتِحْسَانِ أَخَذَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَهَذَا إذَا كَانَ يُتَوَهَّمُ بَقَاؤُهُ حَيًّا مَعَ الْجُرْحِ الَّذِي جَرَحَهُ الْكَلْبُ أَمَّا إذَا لَمْ يُتَوَهَّمْ بَقَاؤُهُ حَيًّا بِأَنْ شَقَّ بَطْنَهُ وَأَخْرَجَ مَا فِيهِ ثُمَّ وَقَعَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ حَيًّا فَمَاتَ حَلَّ تَنَاوُلُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ فِيهِ فِعْلُ الذَّكَاةِ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَمَا بَقِيَ فِيهِ اضْطِرَابُ الْمَذْبُوحِ، وَقِيلَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَحِلُّ، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي يَدِهِ حَيًّا فَلَا يَحِلُّ بِدُونِ ذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ كَالْمُتَرَدِّيَةِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا تَرَكَ التَّذْكِيَةَ فَلَوْ ذَكَّاهُ حَلَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَالذَّكَاةُ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

الباب السادس في صيد السمك

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَاتُهُ الذَّبْحُ، وَقَدْ وُجِدَ، وَعِنْدَهُمَا حَلَّ بِلَا ذَبْحٍ، وَكَذَا الْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ، وَاَلَّذِي بَقَرَ الذِّئْبُ بَطْنَهُ، وَفِيهِ حَيَاةٌ خَفِيَّةٌ أَوْ بَيِّنَةٌ يَحِلُّ إذَا ذَكَّاهُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَدْرَكَهُ، وَلَمْ يَأْخُذْهُ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ لَوْ أَخَذَهُ أَمْكَنَهُ ذَبْحُهُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ ذَبْحُهُ أُكِلَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ذَبَحَ شَاةً مَرِيضَةً، وَقَدْ بَقِيَ فِيهَا مِنْ الْحَيَاةِ مِقْدَارُ مَا يَبْقَى فِي الْمَذْبُوحِ بَعْدَ الذَّبْحِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ الذَّكَاةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَصَّ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْمُنْتَسِبُ إلَى إسْبِيجَابَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ يُقْبَلُ الذَّكَاةُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا رَمَى إلَى صَيْدٍ فَانْكَسَرَ الصَّيْدُ بِسَبَبٍ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ السَّهْمُ ثُمَّ أَصَابَهُ السَّهْمُ حَلَّ؛ لِأَنَّهُ حِينَ رَمَاهُ كَانَ صَيْدًا، وَالْعِبْرَةُ فِي حَقِّ الْحِلِّ لِوَقْتِ الرَّمْيِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّيْدِ وَصُورَتُهَا الْحَلَالُ إذَا رَمَى صَيْدًا وَالرَّامِي وَالصَّيْدُ فِي الْحِلِّ فَلَمْ يَصِلْ السَّهْمُ الصَّيْدَ حَتَّى دَخَلَ الصَّيْدُ فِي الْحَرَمِ وَالسَّهْمُ عَلَى أَثَرِهِ فَأَصَابَهُ السَّهْمُ فِي الْحَرَمِ وَمَاتَ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْحِلِّ لَا يُؤْكَلُ فَاعْتُبِرَ وَقْتُ الْإِصَابَةِ أَمَّا فِيمَا عَدَاهَا فَالْعِبْرَةُ لِحَالَةِ الرَّمْيِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَلَالٌ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ فِي الْحِلِّ، وَمَاتَ فِي الْحَرَمِ أَوْ رَمَاهُ مِنْ الْحَرَمِ وَأَصَابَهُ فِي الْحِلِّ وَمَاتَ فِي الْحِلِّ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ تَمَامَهُ فِي الْحَرَمِ، وَفِي الثَّانِي ابْتِدَاءَهُ فِي الْحَرَمِ، وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَكَذَا إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ مِنْ الْحَرَمِ وَقَتَلَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ لَا يَحِلُّ، وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. إذَا رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَهُ، وَوَقَعَ عِنْدَ مَجُوسِيٍّ مِقْدَارُ مَا يَقْدِرُ عَلَى ذَبْحِهِ فَمَاتَ لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَبْحِهِ بِتَقْدِيمِ الْإِسْلَامِ. وَإِذَا وَقَعَ عِنْدَ نَائِمٍ، وَالنَّائِمُ بِحَالٍ لَوْ كَانَ مُسْتَيْقِظًا يَقْدِرُ عَلَى تَذْكِيَتِهِ، فَمَاتَ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ النَّائِمَ عِنْدَهُ كَالْيَقْظَانِ فِي مَسَائِلَ مَعْدُودَةٍ مِنْ جُمْلَتِهَا هَذِهِ، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَحِلُّ، وَإِنْ وَقَعَ عِنْدَ صَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ الذَّبْحَ يَحِلُّ، وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ الذَّبْحَ لَا يَحِلُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي صَيْدِ السَّمَكِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي صَيْدِ السَّمَكِ) السَّمَكُ وَالْجَرَادُ يُؤْكَلَانِ غَيْرَ أَنَّ الْجَرَادَ يُؤْكَلُ مَاتَ بِعِلَّةٍ أَوْ بِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَالسَّمَكُ إذَا مَاتَ بِغَيْرِ عِلَّةٍ لَا يُؤْكَلُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا أَخَذَ سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا سَمَكَةً أُخْرَى لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا، وَإِنْ أَكَلَهَا كَلْبٌ فَشَقَّ بَطْنَهُ فَخَرَجَتْ السَّمَكَةُ تُؤْكَلُ إذَا كَانَتْ صَحِيحَةً، وَلَا تُؤْكَلُ إذَا زَرَقَهَا طَائِرٌ. وَلَوْ ضَرَبَ سَمَكَةً فَقَطَعَ بَعْضَهَا لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا، فَإِنْ وَجَدَ الْبَاقِيَ مِنْهَا يُؤْكَلُ أَيْضًا، وَالْأَصْلُ أَنَّ السَّمَكَ مَتَى مَاتَ بِسَبَبٍ حَادِثٍ حَلَّ أَكْلُهُ، وَإِنْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ لَا بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَإِنْ أَلْقَى سَمَكَةً فِي حُبِّ مَاءٍ فَمَاتَتْ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ بِسَبَبٍ حَادِثٍ، وَهُوَ ضِيقُ الْمَكَانِ، وَكَذَا إذَا جَمَعَ السَّمَكَ فِي حَظِيرَةٍ لَا تَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْهَا، وَهُوَ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهَا بِغَيْرِ صَيْدٍ فَمَاتَتْ فِيهَا لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُؤْخَذُ بِغَيْرِ صَيْدٍ لَا خَيْرَ فِي أَكْلِهَا. وَلَوْ وَجَدَ سَمَكَةً بَعْضُهَا فِي الْمَاءِ وَبَعْضُهَا عَلَى الْأَرْضِ، وَقَدْ مَاتَتْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ رَأْسُهَا عَلَى الْأَرْضِ لَا بَأْسَ

الباب السابع في المتفرقات

بِأَكْلِهَا؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ بِآفَةٍ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُهَا فِي الْمَاءِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْهَا أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ، أَوْ النِّصْفَ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ النَّفَسِ فِي الْمَاءِ فَلَا يَكُونُ الْمَوْتُ بِآفَةٍ فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الطَّافِي، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا أُكِلَتْ؛ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ الْكُلُّ عَلَى الْأَرْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَخَذَ سَمَكَةً فَرَبَطَهَا فِي الْمَاءِ فَمَاتَتْ تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ بِآفَةٍ، وَهُوَ ضِيقُ الْمَكَانِ، وَكَذَا إذَا مَاتَتْ السَّمَكَةُ فِي الشَّبَكَةِ إنْ كَانَ يُمْكِنُهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا لَا تَحِلُّ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَاتَتْ فِي الْبَحْرِ، وَإِلَّا فَتَحِلُّ لِأَنَّهَا مَاتَتْ بِآفَةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ انْجَمَدَ الْمَاءُ فَمَاتَتْ الْحِيتَانُ تَحْتَ الْجَمْدِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَنْبَغِي أَنْ تُؤْكَلَ عِنْدَ الْكُلِّ. رَجُلٌ اشْتَرَى سَمَكَةً فِي خَيْطٍ مَشْدُودٍ فِي الْمَاءِ وَقَبَضَهَا ثُمَّ دَفَعَ الْخَيْطَ إلَى الْبَائِعِ، وَقَالَ احْفَظْهَا فَجَاءَتْ سَمَكَةٌ أُخْرَى فَابْتَلَعَتْ الْمُشْتَرَاةَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمُبْتَلِعَةُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي صَادَهَا لِأَنَّ الْخَيْطَ فِي يَدِهِ فَمَا تَعَلَّقَ بِالْخَيْطِ يَصِيرُ فِي يَدِهِ فَيَكُونُ لَهُ فَيُخْرِجُ السَّمَكَةَ الْمُشْتَرَاةَ مِنْ بَطْنِ الْمُبْتَلِعَةِ وَتُسَلَّمُ إلَى الْمُشْتَرِي، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ انْتَقَصَتْ الْمُشْتَرَاةُ بِالِابْتِلَاعِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرَاةَ هِيَ الَّتِي ابْتَلَعَتْ الْأُخْرَى فَهُمَا جَمِيعًا يَكُونَانِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَادَهَا مِلْكُ الْمُشْتَرِي فَتَكُونُ لِلْمُشْتَرِي. وَلَوْ لَدَغَتْ حَيَّةٌ سَمَكَةً فِي الْمَاءِ فَقَتَلَتْهَا أَوْ نَضَبَ الْمَاءُ عَنْهَا ثُمَّ مَاتَتْ فِي الشَّبَكَةِ أُكِلَتْ إلَّا مَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ؛ لِأَنَّهُ طَافٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَا مَاتَ مِنْ حَرَارَةِ الْمَاءِ أَوْ بُرُودَتِهِ أَوْ كُدُورَتِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ السَّمَكَ لَا يَمُوتُ بِسَبَبِ بُرُودَةِ الْمَاءِ وَحَرَارَتِهِ غَالِبًا فَيَكُونُ مَيِّتًا بِغَيْرِ آفَةٍ ظَاهِرًا فَلَا يَحِلُّ كَالطَّافِي، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِآفَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ بِسَبَبِ بُرُودَةِ الْمَاءِ وَكُدُورَتِهِ، فَيُحَالُ بِالْمَوْتِ عَلَيْهِ، وَهَذَا أَرْفَقُ بِالنَّاسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُؤْكَلُ الطَّافِي لَا لِأَنَّهُ حَرَامٌ لَكِنْ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ فَيَنْفِرُ الطَّبْعُ عَنْهُ فَصَارَ مِنْ الْخَبَائِثِ، وَلَوْ مَاتَ فِي الْمَاءِ، وَلَمْ يَطُفْ أُكِلَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا مَاتَ بِسَبَبٍ يَحِلُّ بِأَنْ ضَرَبَهُ بِخَشَبٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ قَطَعَهُ سَمَكَةٌ أُخْرَى، أَوْ قَطَعَهُ غَيْرُهُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَجَدَ نِصْفَ سَمَكَةٍ فِي الْمَاءِ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ بِآفَةٍ وَهَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا قَطَعَهَا حَجَرٌ أَوْ غَيْرُهُ فَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا قَطَعَهَا إنْسَانٌ بِسَيْفٍ وَنَحْوِهِ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِلْكًا لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ الجريت وَالْمَارْمَاهِي بِلَا ذَكَاةٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. سُئِلَ عَمَّنْ أَخْرَجَ مِنْ الْبَحْرِ وَالْجَيْحُونِ حُبًّا، وَفِي الْحُبِّ مَاءٌ وَسَمَكَةٌ ثُمَّ مَاتَتْ السَّمَكَةُ فِيهِ هَلْ يَحِلُّ أَكْلُ السَّمَكَةِ فَقَالَ نَعَمْ. وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ مِلْحٍ ذَابَ فَوْقَ جَمْدِ الْبَحْرِ ثُمَّ اخْتَلَطَ مَاءُ الْبَحْرِ بِمَاءِ الْمِلْحِ فَمَاتَتْ سَمَكَاتٌ كَانَتْ فِي الْبَحْرِ بِهَذَا السَّبَبِ هَلْ يَجُوزُ أَكْلُ السَّمَكَاتِ؟ قَالَ: نَعَمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) وَلَوْ سَمِعَ حِسًّا فَظَنَّهُ صَيْدًا، فَأَرْسَلَ كَلْبَهُ فَأَصَابَ صَيْدًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَسْمُوعَ حِسُّهُ كَانَ آدَمِيًّا أَوْ بَقَرَةً أَوْ شَاةً لَمْ

يُؤْكَلُ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَمِعَ حِسًّا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ حِسُّ صَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ فِي صِحَّةِ الْإِرْسَالِ فَلَا تَثْبُتُ الصِّحَّةُ بِالشَّكِّ. وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ الْمَسْمُوعَ حِسُّهُ صَيْدٌ فَأَرْسَلَ كَلْبًا، فَإِذَا هُوَ حِسُّ صَيْدٍ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِ مَأْكُولٍ، فَأَصَابَ صَيْدًا آخَرَ يُؤْكَلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَصَابَ الْمَسْمُوعَ حِسُّهُ، وَقَدْ ظَنَّهُ آدَمِيًّا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ صَيْدٌ حَلَّ؛ لِأَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِظَنِّهِ مَعَ تَعْيِينِهِ صَيْدًا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَقَالَ فِي الْمُنْتَقَى: إذَا سَمِعَ حِسًّا بِاللَّيْلِ فَظَنَّ أَنَّهُ إنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ أَوْ حَيَّةٌ، فَرَمَاهُ فَإِذَا ذَلِكَ الَّذِي سَمِعَ حِسَّهُ صَيْدٌ فَأَصَابَ سَهْمُهُ ذَلِكَ الَّذِي سَمِعَ حِسَّهُ أَوْ أَصَابَ صَيْدًا آخَرَ، وَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ رَمَاهُ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ الصَّيْدَ ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَحِلُّ الصَّيْدُ إلَّا بِوَجْهَيْنِ: أَنْ يَرْمِيَهُ، وَهُوَ يُرِيدُ الصَّيْدَ، وَأَنْ يَكُونَ الَّذِي أَرَادَهُ، وَسَمِعَ حِسَّهُ، وَرَمَى إلَيْهِ صَيْدًا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ أَمْ لَا، وَهَذَا يُنَاقِضُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا أَوْجَهُ لِأَنَّ الرَّمْيَ إلَى الْآدَمِيِّ وَنَحْوِهِ لَيْسَ بِاصْطِيَادٍ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ، وَلَوْ أَصَابَ صَيْدًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ أَرْسَلَ إلَى مَا يَظُنُّ أَنَّهُ شَجَرَةٌ أَوْ إنْسَانٌ فَإِذَا هُوَ صَيْدٌ فَأَصَابَهُ يُؤْكَلُ هُوَ الْمُخْتَارُ فَإِنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَرْسَلَ إلَى الصَّيْدِ. وَإِنْ أَرْسَلَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ صَيْدٌ، فَإِذَا هُوَ لَيْسَ بِصَيْدٍ فَعَرَضَ لَهُ صَيْدٌ فَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. فِي النَّوَادِرِ، وَلَوْ رَمَى ظَبْيًا أَوْ طَيْرًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ، وَذَهَبَ الْمَرْمِيُّ، وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ كَانَ مُتَوَحِّشًا أَوْ مُسْتَأْنَسًا أَكَلَ الصَّيْدَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الصَّيْدِ التَّوَحُّشُ وَالتَّنَفُّرُ فَيَتَمَسَّكُ بِالْأَصْلِ حَتَّى يَعْلَمَ إلْفَهُ وَاسْتِئْنَاسَهُ مِنْهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ ظَنَّ حِينَ رَآهُ صَيْدًا ثُمَّ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ، وَصَارَ أَكْبَرَ رَأْيِهِ أَنَّ الَّذِي رَمَاهُ كَانَ إلْفًا أَهْلِيًّا يَحِلُّ الصَّيْدُ الَّذِي أَصَابَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عِنْدَنَا صَيْدٌ بِحُكْمِ الْأَصْلِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ غَيْرُ صَيْدٍ. وَلَوْ رَمَى إلَى بَعِيرٍ غَيْرِ نَادٍّ فَأَصَابَ صَيْدًا فَذَهَبَ الْبَعِيرُ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ نَادٍّ أَوْ غَيْرُ نَادٍّ لَمْ يُؤْكَلْ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ نَادًّا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْإِلْفُ وَالِاسْتِئْنَاسُ دُونَ التَّنَفُّرِ. وَكَذَا لَوْ رَمَى إلَى ظَبْيٍ مَرْبُوطٍ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ صَيْدٌ فَأَصَابَ ظَبْيًا آخَرَ لَمْ يُؤْكَلْ؛ لِأَنَّهُ بِالرَّبْطِ لَمْ يَبْقَ صَيْدًا. وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ مُوَثَّقٍ فِي يَدِهِ فَصَادَ غَيْرَهُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ فَهْدًا عَلَى فِيلٍ فَأَصَابَ ظَبْيًا لَمْ يُؤْكَلْ، وَلَوْ رَمَى سَمَكًا أَوْ جَرَادًا فَأَصَابَ صَيْدًا فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يُؤْكَلُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْأَصْلُ أَنَّ الْأَنِسِيَّ إذَا تَوَحَّشَ، وَوَقَعَ الْعَجْزُ عَنْ الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ يَحِلُّ بِالذَّكَاةِ الِاضْطِرَارِيَّةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. السَّهْمُ إذَا أَصَابَ الظِّلْفَ أَوْ الْقَرْنَ فَإِنْ كَانَ أَدْمَاهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، وَإِنْ لَمْ يُدْمِهِ لَا يُؤْكَلُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ رَمَى صَيْدًا بِسَيْفٍ فَأَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا، وَمَاتَ أُكِلَ الصَّيْدُ كُلُّهُ إلَّا مَا أَبَانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبَانَ ذَلِكَ الْعُضْوَ مِنْهُ أُكِلَ ذَلِكَ الْعُضْوُ أَيْضًا، وَإِنْ تَعَلَّقَ ذَلِكَ الْعُضْوُ مِنْهُ بِجِلْدِهِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يُتَوَهَّمُ اتِّصَالُهُ بِعِلَاجٍ فَهُوَ، وَالْمُبَانُ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُتَوَهَّمُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ

كتاب الرهن وفيه اثنا عشر بابا

إبَانَةً فَيُؤْكَلُ كُلُّهُ، وَإِنْ قَطَعَهُ نِصْفَيْنِ طُولًا يُؤْكَلُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ بَقَاءُ الصَّيْدِ حَيًّا بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الذَّبْحِ، وَإِنْ قَطَعَ الثُّلُثَ مِنْهُ مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ فَأَبَانَهُ، فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ الثُّلُثَانِ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ، وَلَا يُؤْكَلُ الثُّلُثُ الَّذِي مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ، وَإِنْ قَطَعَ الثُّلُثَ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَ النِّصْفِ إلَى الْعُنُقِ مَذْبَحٌ؛ لِأَنَّ الْأَوْدَاجَ تَكُونُ مِنْ الْقَلْبِ إلَى الدِّمَاغِ أَمَّا إذَا أَبَانَ الثُّلُثَ مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ لَمْ تَتِمَّ الذَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ الْأَوْدَاجَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَانَ الثُّلُثَ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ الْأَوْدَاجَ فَيَتِمُّ فِعْلُ الذَّكَاةِ، فَيُؤْكَلُ؛ وَلِهَذَا لَوْ قَدَّهُ نِصْفَيْنِ يَتِمُّ فِعْلُ الذَّكَاةِ بِقَطْعِ الْأَوْدَاجِ فَيُؤْكَلُ كُلُّهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ: وَلَوْ ضَرَبَ صَيْدًا، وَسَمَّى فَأَبَانَ طَائِفَةٌ مِنْ الرَّأْسِ إنْ كَانَ الْمُبَانُ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الرَّأْسِ لَا يُؤْكَلُ الْمُبَانُ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ بَقَاءُ الصَّيْدِ حَيًّا بَعْدَ قَطْعِ هَذَا الْمِقْدَارِ، وَإِنْ كَانَ الْمُبَانُ نِصْفَ الرَّأْسِ، أَوْ أَكْثَرَ يُؤْكَلُ الْكُلُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ذَبَحَ شَاةً وَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْأَوْدَاجَ إلَّا أَنَّ الْحَيَاةَ بَاقِيَةٌ فِيهَا، فَقَطَعَ إنْسَانٌ بِضْعَةً مِنْهَا تَحِلُّ تِلْكَ الْبِضْعَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ كَلْبًا مُعَلَّمًا لِغَيْرِهِ أَوْ بَازِيًا مُعَلَّمًا لِغَيْرِهِ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ هِرَّةَ غَيْرِهِ وَكُلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ يَجِبُ الضَّمَانُ بِإِتْلَافِهِ. وَهِبَةُ الْمُعَلَّمِ مِنْ الْكِلَابِ وَوَصِيَّتُهُ جَائِزَةٌ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ تَقَبَّلَ بَعْضَ الْمَفَازَةِ مِنْ السُّلْطَانِ فَاصْطَادَ فِيهِ غَيْرُهُ كَانَ الصَّيْدُ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَلَا يَصِحُّ التَّقَبُّلُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَالَ: وَأَكْرَهُ تَعْلِيمَ الْبَازِي بِالطَّيْرِ الْحَيِّ يَأْخُذُهُ فَيَعْبَثُ بِهِ قَالَ: وَيَعْلَمُ بِالْمَذْبُوحِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ وَالِاسْتِحْسَانِ. وَإِنْ اشْتَرَكَ الْحَلَالُ وَالْمُحْرِمُ فِي رَمْيِ الصَّيْدِ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مُسْلِمٌ عَجَزَ عَنْ مَدِّ قَوْسِهِ بِنَفْسِهِ فَأَعَانَهُ عَلَى مَدِّهِ مَجُوسِيٌّ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِاجْتِمَاعِ الْمُحَرَّمِ وَالْمُحَلَّلِ فَيَحْرُمُ كَمَا لَوْ أَخَذَ مَجُوسِيٌّ بِيَدِ الْمُسْلِمِ فَذَبَحَ، وَالسِّكِّينُ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَلْ يَحِلُّ إرْسَالُ الصَّيْدِ حَكَى أُسْتَاذُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْإِرْسَالُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا إذَا أَرْسَلَهُ مُبِيحًا لِمَنْ أَخَذَهُ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ. [كِتَابُ الرَّهْنِ وَفِيهِ اثْنَا عَشَرَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير الرَّهْن وَرُكْنه وَشَرَائِطِهِ وَحُكْمِهِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْل الْأَوَّل فِي تَفْسِير الرَّهْن وَرُكْنِهِ وَشَرَائِطِهِ وَحُكْمِهِ] (كِتَابُ الرَّهْنِ، وَفِيهِ اثْنَا عَشَرَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ وَرُكْنِهِ وَشَرَائِطِهِ وَحُكْمِهِ، وَمَا يَقَعُ بِهِ الرَّهْنُ، وَمَا لَا يَقَعُ، وَمَا يَجُوزُ الِارْتِهَانُ بِهِ، وَمَا لَا يَجُوزُ، وَمَا يَجُوزُ رَهْنُهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ، وَرَهْنُ الْوَصِيِّ وَالْأَبِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الرَّهْنِ وَرُكْنِهِ وَشَرَائِطِهِ وَحُكْمِهِ) أَمَّا تَفْسِيرُهُ شَرْعًا فَجَعْلُ الشَّيْءِ مَحْبُوسًا بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الرَّهْنِ كَالدُّيُونِ حَتَّى لَا يَصِحَّ الرَّهْنُ إلَّا بِدَيْنٍ وَاجِبٍ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا فَأَمَّا بِدَيْنٍ مَعْدُومٍ فَلَا يَصِحُّ؛ إذْ حُكْمُهُ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ، وَالِاسْتِيفَاءُ يَتْلُو الْوُجُوبَ كَذَا فِي الْكَافِي وَأَمَّا رُكْنُ عَقْدِ الرَّهْنِ فَهُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الرَّاهِنُ: رَهَنْتُكَ هَذَا الشَّيْءَ

بِمَا لَكَ عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ يَقُولَ: هَذَا الشَّيْءُ رَهْنٌ بِدَيْنِكَ، وَمَا يَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى، وَيَقُولَ الْمُرْتَهِنُ: ارْتَهَنْتُ أَوْ قَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ فَأَمَّا لَفْظَةُ الرَّهْنِ فَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِدَرَاهِمَ فَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ ثَوْبًا، وَقَالَ لَهُ: أَمْسِكْ هَذَا الثَّوْبَ حَتَّى أُعْطِيَكَ الثَّمَنَ، فَالثَّوْبُ رَهْنٌ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَعْنَى الْعَقْدِ، وَالْعِبْرَةُ فِي بَابِ الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَأَمَّا شَرَائِطُهُ فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الرَّهْنِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ، وَلَا مُضَافًا إلَى وَقْتٍ، وَأَمَّا مَا يَرْجِعُ إلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فَعَقْلُهُمَا حَتَّى لَا يَجُوزَ الرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ، وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ حَتَّى يَجُوزَ مِنْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، وَكَذَا السَّفَرُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الرَّهْنِ فَيَجُوزُ الرَّهْنُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ. وَأَمَّا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمَرْهُونِ فَأَنْوَاعٌ مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا قَابِلًا لِلْبَيْعِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ مَالًا مُطْلَقًا مُتَقَوِّمًا مَمْلُوكًا مَعْلُومًا مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ فَلَا يَجُوزُ رَهْنُ مَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ عِنْدَ الْعَقْدِ. وَلَا رَهْنُ مَا يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ كَمَا إذَا رَهَنَ مَا يُثْمِرُ نَخِيلُهُ أَوْ مَا تَلِدُ أَغْنَامُهُ السَّنَةَ، أَوْ مَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا رَهْنُ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ لِانْعِدَامِ مَالِيَّتِهِمَا، وَلَا رَهْنُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَلَا رَهْنُ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ أَصْلًا، وَلَا رَهْنُ أُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُدَبَّرُ الْمُطْلَقُ وَالْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَكُونُونَ أَمْوَالًا مُطْلَقَةً. وَلَا رَهْنُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ مِنْ مُسْلِمٍ سَوَاءٌ كَانَ الْعَاقِدَانِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا لِانْعِدَامِ مَالِيَّةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إيفَاءُ الدَّيْنِ وَالِارْتِهَانُ اسْتِيفَاؤُهُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ إيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ الْخَمْرِ وَاسْتِيفَاؤُهُ إلَّا أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا كَانَ ذِمِّيًّا كَانَتْ الْخَمْرُ مَضْمُونَةً عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إذَا لَمْ يَصِحَّ كَانَتْ الْخَمْرُ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ، وَخَمْرُ الذِّمِّيِّ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِ بِالْغَصْبِ، وَإِذَا كَانَ الرَّاهِنُ مُسْلِمًا وَالْمُرْتَهِنُ ذِمِّيًّا لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَى الذِّمِّيِّ لِأَنَّ خَمْرَ الْمُسْلِمِ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَى أَحَدٍ، وَأَمَّا فِي حَقِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَيَجُوزُ رَهْنُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَارْتِهَانُهُمَا مِنْهُمْ لِأَنَّ ذَلِكَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِّ وَالشَّاةِ عِنْدَنَا. وَلَا رَهْنُ الْمُبَاحَاتِ مِنْ الصَّيْدِ وَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَمْلُوكَةٍ فِي أَنْفُسِهَا فَأَمَّا كَوْنُهُ مَمْلُوكًا لِلرَّاهِنِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الرَّهْنِ حَتَّى يَجُوزَ. ارْتِهَانُ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ يَرْهَنُ مَالَ الصَّبِيِّ بِدَيْنِهِ وَبِدَيْنِ نَفْسِهِ، فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ أَنْ يَفْتِكَهُ الْأَبُ هَلَكَ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِمَّا رَهَنَ بِهِ فَضَمِنَ الْأَبُ قَدْرَ مَا سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَ نَفْسِهِ بِمَالِ وَلَدِهِ فَيَضْمَنُ، وَلَوْ أَدْرَكَ الْوَلَدُ، وَالرَّهْنُ قَائِمٌ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي، وَلَكِنْ يُؤْمَرُ الْأَبُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَرَدِّ الرَّهْنِ عَلَى وَلَدِهِ، وَلَوْ قَضَى الْوَلَدُ دَيْنَ أَبِيهِ وَأَفْتَكَ الرَّهْنَ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا، وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ مَا قَضَى عَلَى أَبِيهِ، وَكَذَا حُكْمُ الْوَصِيِّ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا حُكْمُ الْأَبِ. وَكَذَلِكَ يَجُوزُ رَهْنُ مَالِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ شَيْئًا مِنْ إنْسَانٍ لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنٍ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَأَمَّا شَرْطُ جَوَازِهِ فَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَرْهُونُ مَقْسُومًا مَحُوزًا فَارِغًا عَنْ الشُّغْلِ، وَأَنْ يَكُونَ بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الرَّهْنِ حَتَّى لَوْ رَهَنَ بِمَا لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الرَّهْنِ كَانَ الرَّهْنُ بَاطِلًا كَالرَّهْنِ بِالْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَالَ

مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الرَّهْنِ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ إلَّا مَقْبُوضًا فَقَدْ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطُ جَوَازِ الرَّهْنِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ الرَّهْنُ قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ لَازِمًا فِي حَقِّ الرَّاهِنِ بِالْقَبْضِ، وَكَانَ الْقَبْضُ شَرْطَ اللُّزُومِ لَا شَرْطَ الْجَوَازِ كَالْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَبْضُ الرَّهْنِ يَثْبُتُ بِالتَّخْلِيَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي الْمَنْقُولِ إلَّا بِالنَّقْلِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَمَا لَمْ يَقْبِضْهُ فَالرَّاهِنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْ الرَّهْنِ فَإِذَا سَلَّمَهُ إلَيْهِ، وَقَبَضَهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَأَمَّا بَيَانُ شَرْطِ صِحَّةِ الْقَبْضِ فَأَنْوَاعٌ مِنْهَا أَنْ يَأْذَنَ الرَّاهِنُ، وَالْإِذْنُ نَوْعَانِ نَصٌّ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَى النَّصِّ، وَدَلَالَةٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَأَنْ يَقُولَ: أَذِنْتُ لَهُ بِالْقَبْضِ أَوْ رَضِيتُ بِهِ أَوْ اقْبِضْ وَمَا يَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى، فَيَجُوزُ قَبْضُهُ سَوَاءٌ قَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ اسْتِحْسَانًا، وَأَمَّا الدَّلَالَةُ فَأَنْ يَقْبِضَ الْمُرْتَهِنُ بِحَضْرَةِ الرَّاهِنِ فَيَسْكُتَ، وَلَا يَنْهَاهُ فَيَصِحَّ اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ رَهَنَ شَيْئًا مُتَّصِلًا بِمَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الرَّهْنُ كَالثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الشَّجَرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ فِيهِ إلَّا بِالْفَصْلِ وَالْقَبْضِ فَفَصْلٌ وَقَبْضٌ فَإِنْ قَبَضَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْفَصْلُ وَالْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ، وَإِنْ قَبَضَ بِإِذْنِهِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ جَائِزٌ، وَمِنْهَا الْحِيَازَةُ عِنْدَنَا فَلَا يَصِحُّ قَبْضُ الْمُشَاعِ سَوَاءٌ كَانَ مُشَاعًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ لَا يَحْتَمِلُهَا، وَسَوَاءٌ رَهَنَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ شَرِيكِهِ، وَسَوَاءٌ قَارَنَ الْعَقْدَ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ فَارِغًا عَمَّا لَيْسَ بِمَرْهُونٍ فَإِنْ كَانَ مَشْغُولًا بِهِ بِأَنْ رَهَنَ دَارًا فِيهَا مَتَاعُ الرَّاهِنِ وَسَلَّمَ الدَّارَ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ الْمَتَاعِ لَمْ يَجُزْ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مُنْفَصِلًا مُتَمَيِّزًا عَمَّا لَيْسَ بِمَرْهُونٍ فَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ، وَمِنْهَا أَهْلِيَّةُ الْقَبْضِ وَهِيَ الْعَقْلُ. وَأَمَّا بَيَانُ أَنْوَاعِ الْقَبْضِ فَهُوَ نَوْعَانِ نَوْعٌ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَنَوْعٌ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ أَمَّا الْقَبْضُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ فَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ بِنَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْقَبْضُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ فَنَوْعَانِ نَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى الْقَابِضِ وَنَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْقَبْضِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَيَجُوزُ قَبْضُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ عَنْ الصَّبِيِّ، وَكَذَا قَبْضُ الْعَدْلِ يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْقَبْضِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ إذَا كَانَ مَقْبُوضًا عِنْدَ الْعَقْدِ فَهَلْ يَنُوبُ ذَلِكَ عَنْ قَبْضِ الرَّهْنِ فَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْقَبْضَيْنِ إذَا تَجَانَسَا نَابَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَإِذَا اخْتَلَفَا نَابَ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى، وَمِنْهَا دَوَامُ الْقَبْضِ عِنْدَنَا وَالشِّيَاعُ يَمْنَعُ دَوَامَ الْحَبْسِ فَيَمْنَعُ جَوَازَ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الشُّيُوعُ مُقَارَنًا أَوْ طَارِئًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّهْنُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ شَرِيكِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَأَمَّا حُكْمُهُ فَمِلْكُ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ فِي حَقِّ الْحَبْسِ حَتَّى يَكُونَ أَحَقَّ بِإِمْسَاكِهِ إلَى وَقْتِ إيفَاءِ الدَّيْنِ فَإِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ فَيُسْتَوْفَى مِنْهُ دَيْنُهُ فَمَا فَضَلَ يَكُونُ لِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ، وَلَوْ مَاتَ وَأَفْلَسَ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَخَصَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَنُقْصَانُ الرَّهْنِ إنْ

الفصل الثاني فيما يقع به الرهن وما لا يقع

كَانَ مِنْ حَيْثُ الْعَيْنُ يُوجِبُ سُقُوطَ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ السِّعْرُ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَقَعُ بِهِ الرَّهْنُ وَمَا لَا يَقَعُ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَقَعُ بِهِ الرَّهْنُ وَمَا لَا يَقَعُ) رَجُلٌ اشْتَرَى بَيْتًا فَقَالَ لِلْبَائِعِ: أَمْسِكْ هَذَا الثَّوْبَ حَتَّى أُعْطِيَكَ الثَّمَنَ فَهُوَ رَهْنٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. . رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَأَعْطَاهُ ثَوْبًا فَقَالَ: أَمْسِكْ هَذَا حَتَّى أُعْطِيَكَ مَالَكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ رَهْنٌ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَكُونُ وَدِيعَةً لَا رَهْنًا فَإِنْ قَالَ: أَمْسِكْ هَذَا بِمَالِكَ أَوْ قَالَ: أَمْسِكْ هَذَا رَهْنًا حَتَّى أُعْطِيَكَ مَالَكَ فَهُوَ رَهْنٌ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ غَلَّةً لِرَجُلٍ، فَقَالَ: أَمْسِكْ هَذِهِ الْأَلْفَ الْوَضَحَ بِحَقِّكَ وَاشْهَدْ لِي بِالْقَبْضِ قَالَ: هَذَا اقْتِضَاءٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: اشْهَدْ لِي بِالْقَبْضِ، فَقَالَ: صَاحِبُ الدَّيْنِ أَعْطِنِي حَتَّى أَشْهَدَ لَكَ، فَقَالَ: أَمْسِكْ الْأَلْفَ الْوَضَحَ وَاشْهَدْ لِي بِالْقَبْضِ، وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذِهِ الْأَلْفَ الْوَضَحَ حَتَّى آتِيَكَ بِحَقِّكَ وَاشْهَدْ لِي بِالْقَبْضِ فَأَخَذَ فَهُوَ رَهْنٌ وَلَا يَكُونُ اقْتِضَاءً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ قَالَ: رَهَنْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَأَطْلَقَ وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ دَخَلَ فِيهِ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ وَالْكَرْمُ الَّذِي فِي الْأَرْضِ وَالرَّطْبَةُ وَالزَّرْعُ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ أَنَّ الْمَدْيُونَ قَضَاهُ الدَّيْنَ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا، وَقَالَ: خُذْ هَذَا رَهْنًا بِمَا كَانَ فِيهَا مِنْ زَائِفٍ أَوْ سَتُّوقٍ فَهُوَ رَهْنٌ جَائِزٌ بِمَا كَانَ سُتُّوقًا، وَلَا يَكُونُ رَهْنًا بِمَا كَانَ زَائِفًا؛ لِأَنَّ قَبْضَ الزُّيُوفِ اسْتِيفَاءٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ الرَّهْنُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ بِخِلَافِ السَّتُّوقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . لَوْ اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ وَسَلَّمَ حِمَارَهُ إلَى الْمُقْرِضِ لِيَسْتَعْمِلَ إلَى شَهْرَيْنِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ دَرَاهِمَهُ أَوْ دَارًا لِيَسْكُنَهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ إنْ اسْتَعْمَلَهُ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. الْفُقَّاعِيِّ لَوْ أَخَذَ رَهْنًا بِالزِّنْبِيلِ وَالْكِيزَانِ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. دَفَعَ إلَيْهِ رَهْنًا لِيَدْفَعَ لَهُ ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ ثَلَاثَمِائَةٍ، وَامْتَنَعَ عَنْ دَفْعِ الْبَاقِي فَهُوَ رَهْنٌ بِهَذَا الْقَدْرِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَجُوزُ الِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَجُوزُ الِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا يَصِحُّ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ أَوْ بِدَيْنٍ وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ كَالرَّهْنِ بِالْأَجْرِ قَبْلَ وُجُوبِهِ أَمَّا الرَّهْنُ بِدَيْنٍ لَا يَجِبُ، وَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُ وُجُوبِهِ كَالرَّهْنِ بِالدَّرْكِ لَا يَصِحُّ ثُمَّ لَا يُشْتَرَطُ وُجُوبُ الدَّيْنِ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِصِحَّةِ الرَّهْنِ لَا مَحَالَةَ بَلْ يُكْتَفَى بِوُجُوبِهِ ظَاهِرًا بَيَانُهُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ مِنْ جُمْلَتِهَا: رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ ذَلِكَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ، وَأَعْطَاهُ بِهَا رَهْنًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَا دَيْنَ فَإِنَّ عَلَى الْمُرْتَهِنِ قِيمَةَ الرَّهْنِ خَمْسَمِائَةٍ لِلرَّاهِنِ وَاعْلَمْ بِأَنَّ هَذَا الرَّهْنَ جَائِزٌ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، فَإِنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْإِنْكَارِ جَائِزٌ عِنْدَنَا، وَبَدَلُ الصُّلْحِ وَاجِبٌ عِنْدَنَا، أَلَا يَرَى أَنَّهُمَا لَوْ رَفَعَا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَقَصَّا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ

الفصل الرابع فيما يجوز رهنه وما لا يجوز

فَالْقَاضِي يُلْزِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيمَ بَدَلِ الصُّلْحِ، وَإِذَا امْتَنَعَ عَنْ التَّسْلِيمِ يَحْبِسُهُ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي، فَعَلِمَ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الرَّهْنُ وَاجِبٌ ظَاهِرًا، وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ صَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ حُكْمًا بِهَلَاكِ الرَّهْنِ فَيُعْتَبَرُ بِمَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ حَقِيقَةً بِالْيَدِ، وَلَوْ اسْتَوْفَاهُ حَقِيقَةً بِالْيَدِ ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، وَأَنَّ الدَّعْوَى وَقَعَتْ بَاطِلَةً كَانَ عَلَى الْمُسْتَوْفِي رَدُّ مَا اسْتَوْفَى كَذَا هَهُنَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ. وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِقِصَاصٍ فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونَهَا وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً جَازَ الرَّهْنُ. وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. الرَّهْنُ بِالْخَرَاجِ جَائِزٌ لِأَنَّ الْخَرَاجَ دَيْنٌ كَسَائِرِ الدُّيُونِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِعَيْنِهَا وَأَخَذَتْ بِهَا رَهْنًا لَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا. وَلَوْ صَالَحَ عَنْ دَمٍ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، وَأَخَذَ رَهْنًا لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ شَيْئًا وَأَعْطَى بِالْأَجْرِ رَهْنًا جَازَ، وَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لِلْأَجْرِ، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ قِيمَةِ الرَّهْنِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ لَهُ ثَوْبًا وَأَخَذَ مِنْ الْخَيَّاطِ رَهْنًا بِالْخِيَاطَةِ جَازَ وَإِنْ أَخَذَ الرَّهْنَ بِخِيَاطَةِ هَذَا الْخَيَّاطِ بِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إبِلًا إلَى مَكَّةَ وَأَخَذَ مِنْ الْجَمَّالِ بِالْحُمُولَةِ رَهْنًا جَازَ، وَلَوْ أَخَذَ رَهْنًا بِحُمُولَةِ هَذَا الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِدَابَّةٍ بِعَيْنِهَا لَا يَجُوزُ وَلَوْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَأَخَذَ الْمُعِيرُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ رَهْنًا بِرَدِّ الْعَارِيَّةِ جَازَ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا بِرَدِّ الْعَارِيَّةِ بِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ أَخَذَ رَهْنًا مِنْ الْمُسْتَعِيرِ بِالْعَارِيَّةِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ نَوَّاحَةً أَوْ مُغَنِّيَةً، وَأَعْطَى بِالْأَجْرِ رَهْنًا لَا يَجُوزُ، وَيَكُونُ بَاطِلًا، وَكَذَا الرَّهْنُ بِدَيْنِ الْقِمَارِ أَوْ بِثَمَنِ الْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ أَوْ الرَّهْنِ بِثَمَنِ الْخَمْرِ مِنْ الْمُسْلِمِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ بِثَمَنِ الْخِنْزِيرِ بَاطِلٌ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْعَبْدِ الْجَانِي وَلَا بِالْعَبْدِ الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْمَوْلَى لَوْ هَلَكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ رَجُلٍ بِدَرَاهِمَ بِعَيْنِهَا، وَأَعْطَى بِهَا رَهْنًا كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ مِثْلُهَا فِي الذِّمَّةِ، وَالرَّهْنُ غَيْرُ مُضَافٍ إلَى مَا فِي الذِّمَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . وَفِي رَهْنِ الْعُيُونِ الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: الرَّهْنُ بِعَيْنٍ هِيَ أَمَانَةٌ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ الثَّانِي: الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِغَيْرِهَا كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ يَهْلِكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ هَذَا قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ الثَّالِثُ: الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا كَالْأَعْيَانِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمُتَزَوَّجِ عَلَيْهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَمِنْ قِيمَةِ الْعَيْنِ، وَيَأْخُذُ الْعَيْنَ، وَإِنْ هَلَكَ الْعَيْنُ قَبْلَ هَلَاكِ الرَّهْنِ فَإِنَّ الرَّهْنَ يَكُونُ رَهْنًا بِالْقِيمَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يَجُوزُ رَهْنُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يَجُوزُ رَهْنُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ) مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ يَجُوزُ رَهْنُهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَوْ رَهَنَ أَرْضًا وَقَبَضَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ طَائِفَةً مِنْهَا إنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ غَيْرَ مُعَيَّنٍ يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ بِعَيْنِهِ بَقِيَ الرَّهْنُ فِي الْبَاقِي جَائِزًا

وَلَا يَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ فِيمَا بَقِيَ، وَلَا يَكُونُ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِشَيْءٍ آخَرَ، وَيَكُونُ الْبَاقِي مَحْبُوسًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ارْتَهَنَ رَجُلَانِ مِنْ رَجُلٍ رَهْنًا بِدَيْنٍ لَهُمَا عَلَيْهِ، وَهُمَا شَرِيكَانِ فِيهِ، أَوْ لَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ إذَا قَبِلَا، وَلَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ قَضَى الرَّاهِنُ دَيْنَ أَحَدِهِمَا، وَقَدْ قَبِلَا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ نِصْفَ الرَّهْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . وَلَوْ ارْتَهَنَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِمَا رَهْنًا وَاحِدًا جَازَ، وَالرَّهْنُ رَهْنٌ بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُمْسِكَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ عَبْدَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَضَاهُ خَمْسَمِائَةٍ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: رَهَنْتُكَ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَضَاهُ خَمْسَمِائَةٍ، فَأَرَادَ أَنْ يَقْبِضَ أَحَدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ وَفِي رَهْنِ الْأَصْلِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُؤَدِّ جَمِيعَ الدَّيْنِ قِيلَ: مَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُهُمَا. وَكَذَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ خَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ وَخَمْسمِائَةِ دِينَارٍ فَقَضَى أَحَدَهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ أَحَدَهُمَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا رَهَنَ مِنْ رَجُلَيْنِ النِّصْفَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ رَهَنَهُمَا مُطْلَقًا يَجُوزُ. وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا، نِصْفُهُ بِسِتِّمِائَةٍ، وَنِصْفُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ رَهَنَ التَّمْرَ دُونَ النَّخْلِ أَوْ النَّخْلَ دُونَ التَّمْرِ أَوْ النَّخْلَ وَالْبِنَاءَ وَالزَّرْعَ دُونَ الْأَرْضِ أَوْ الْأَرْضَ بِدُونِهَا لَا يَجُوزُ، وَعَنْ ابْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْأَرْضِ دُونَ النَّخْلِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَنِنْ دَخَلَ النَّخْلُ وَالتَّمْرُ وَالزَّرْعُ وَالْبِنَاءُ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَوْ رَهَنَ النَّخْلَ وَالشَّجَرَ وَالْكَرْمَ بِمَوَاضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ جَازَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَهَنَ عَشْرَ كُرْدٍ ثُمَّ بَانَ أَنَّ فِيهَا وَاحِدَةً مُسَبَّلَةً وَأُخْرَى مُشَاعَةً صَحَّ الرَّهْنُ فِي الْبَوَاقِي كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَهَنَ شَاتَيْنِ بِثَلَاثِينَ إحْدَاهُمَا بِعَشَرَةٍ، وَالْأُخْرَى بِعِشْرِينَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّهُمَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ بِسَبَبِ هَذِهِ الْجَهَالَةِ تَقَعُ بَيْنَهُمَا الْمُنَازَعَةُ عِنْدَ الْهَلَاكِ فَإِنَّهُ إذَا هَلَكَتْ إحْدَاهُمَا لَا يَدْرِي مَاذَا سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِإِزَائِهَا، وَلَوْ بَيَّنَ وَهَلَكَتْ إحْدَاهُمَا سَقَطَ الدَّيْنُ بِقَدْرِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَهْنُ الْحَيَوَانِ الْمَمْلُوكِ بِالدَّيْنِ جَائِزٌ بِخِلَافِ مَا يَقُولُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ الْحَيَوَانَ عُرْضَةٌ لِلْهَلَاكِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَمَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَالْخُبْزِ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ وَرَثَةٍ كِبَارٍ وَصِغَارٍ فَرَهَنَهَا الْوَصِيُّ وَالْكِبَارُ بِخَرَاجِ ضَيْعَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمْ صَحَّ صَفْقَةً وَاحِدَةً. رَهَنَ دَارِهِ، وَفِيهَا جِدَارٌ مُشْتَرَكٌ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ اسْتَثْنَى الْجِدَارَ الْمُشْتَرَكَ صَحَّ إلَّا إذَا كَانَ جِدَارُهُ مُتَّصِلًا بِالْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ. . رَهَنَ دَارًا وَالْحِيطَانُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِيرَانِ صَحَّ فِي الْعَرْصَةِ وَالسَّقْفِ وَالْحِيطَانِ الْخَاصَّةِ، وَاتِّصَالُ السَّقْفِ بِالْحِيطَانِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ لِكَوْنِهِ تَبَعًا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ رَهَنَ بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ دَارٍ أَوْ طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةً مِنْ دَارٍ، وَسَلَّمَ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. بَاعَ مِلْكَ الْغَيْرِ وَارْتَهَنَ بِالثَّمَنِ شَيْئًا وَأَجَازَهُمَا الْمَالِكُ لَا يَصِحُّ. وَرَهْنُ الْمَرِيضِ يَصِحُّ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ كَإِيدَاعِهِ، وَلَكِنْ لَا يَظْهَرُ حُكْمُهُ فِي سَائِرِ الْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ رَهَنَ دَارًا فِيهَا

مَتَاعُ الرَّاهِنِ شَيْءٌ كَثِيرٌ أَوْ قَلِيلٌ يَنْتَفِعُ بِهِ أَوْ رَهَنَ جُوَالِقًا فِيهَا مَتَاعُ الرَّاهِنِ بِدُونِ الْمَتَاعِ وَسَلَّمَ الْكُلَّ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفْرِغَ الدَّارَ أَوْ الْجُوَالِقَ وَيُسَلِّمَ. وَلَوْ رَهَنَ مَا فِي الدَّارِ مِنْ الْمَتَاعِ بِدُونِ الدَّارِ، وَمَا فِي الْجُوَالِقِ مِنْ الْحُبُوبِ بِدُونِ الْجُوَالِقِ وَسَلَّمَ الْكُلَّ إلَيْهِ جَازَ، وَالْحِيلَةُ لِجَوَازِ الرَّهْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنْ يُودِعَ مَا فِي الدَّارِ وَالْجُوَالِقِ أَوَّلًا ثُمَّ يُسَلِّمَ إلَيْهِ مَا رَهَنَ فَيَصِحُّ التَّسْلِيمُ وَالرَّهْنُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ رَهَنَ دَارًا وَالرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي جَوْفِهَا، فَقَالَ: سَلَّمْتُهَا، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: قَبِلْتُ لَمْ يَتِمَّ الرَّهْنُ حَتَّى يَخْرُجَ الرَّاهِنُ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ يَقُولَ: سَلَّمْتُهَا إلَيْكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَهَنَ عِمَارَةَ حَانُوتٍ قَائِمَةً عَلَى أَرْضٍ سُلْطَانِيَّةٍ سَلَّمَهَا إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَكَانَ يَتَصَرَّفُ الْمُرْتَهِنُ فِيهَا، وَيُؤَاجِرُهَا وَيَأْخُذُ الْأَجْرَ مِنْهَا سِنِينَ وَأَعْوَامًا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَلَا يَطِيبُ لِلْمُرْتَهِنِ مَا أَخَذَ مِنْ أَجْرِهَا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ رَهَنَ سَرْجًا عَلَى دَابَّةٍ أَوْ لِجَامًا عَلَى رَأْسِهَا أَوْ رَسَنًا فِي رَأْسِهَا، وَدَفَعَ إلَيْهِ الدَّابَّةَ مَعَ اللِّجَامِ وَالسَّرْجِ وَالرَّهْنِ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا حَتَّى يُنْزَعَ مِنْ الدَّابَّةِ وَيُسَلَّمَ إلَيْهِ. وَلَوْ رَهَنَ دَابَّةً عَلَيْهَا حَمْلٌ دُونَ الْحَمْلِ لَمْ يَتِمَّ الرَّهْنُ حَتَّى يُلْقِيَ الْحَمْلَ ثُمَّ يُسَلِّمَهَا إلَى الْمُرْتَهِنِ. وَلَوْ رَهَنَ الْحَمْلَ دُونَ الدَّابَّةِ، وَدَفَعَهَا إلَيْهِ تَمَّ فِي الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ مَشْغُولَةٌ بِالْحَمْلِ أَمَّا الْحَمْلُ فَلَيْسَ بِمَشْغُولٍ بِالدَّابَّةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ رَهَنَ جَارِيَةً ذَاتَ زَوْجٍ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ جَازَ، وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَمْنَعَ الزَّوْجَ مِنْ غِشْيَانِهَا، فَإِنْ مَاتَتْ مِنْ غِشْيَانِهَا صَارَتْ كَأَنَّهَا مَاتَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَيَسْقُطُ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَسْقُطَ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ حِينَ رَهَنَهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، فَإِنْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ جَازَ النِّكَاحُ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَمْنَعَ الزَّوْجَ مِنْ غِشْيَانِهَا فَإِنْ غَشِيَهَا الزَّوْجُ يَصِيرُ الْمَهْرُ رَهْنًا مَعَ الْجَارِيَةِ وَقَبْلَ الْغِشْيَانِ لَا يَكُونُ الْمَهْرُ رَهْنًا فَإِنْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ مِنْ غِشْيَانِهَا فِي هَذَا الْوَجْهِ كَانَ الْمُرْتَهِنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الزَّوْجَ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَى الْمَوْلَى إذَا لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِالرَّهْنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ رَهَنَهَا جَازَ، وَلَا يَسْقُطُ بِنُقْصَانِ وِلَادَتِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ عِتْقِ الْوَلَدِ حَيْثُ يَسْقُطُ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ إلَّا إذَا كَانَ بِالْوَلَدِ وَفَاءٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. ارْتَهَنَ الْمُسْلِمُ مِنْ كَافِرٍ خَمْرًا فَصَارَتْ خَلًّا فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ، وَيَكُونُ الْخَلُّ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، وَالرَّاهِنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَقَضَاهُ دَيْنَهُ وَإِنْ شَاءَ يَدَعُ الْخَلَّ بِدَيْنِهِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْخَمْرِ يَوْمَ الرَّهْنِ كَالدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَهَنَ الْكَافِرُ خَمْرًا مِنْ الْمُسْلِمِ لَا يَجُوزُ، وَيَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ. ارْتَهَنَ مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ عَصِيرًا فَصَارَ خَمْرًا فَلِلْمُرْتَهِنِ تَخْلِيلُهَا، وَيَكُونُ رَهْنًا، وَتَبْطُلُ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ يَعْنِي مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ كَافِرًا يَأْخُذُ الْخَمْرَ، وَالدَّيْنُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُخَلِّلَهَا، وَإِنْ خَلَّلَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ خَلَّلَ، وَرَجَعَ بِدَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ مُسْلِمًا فَخَلَّلَهَا لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ رَهَنَ الذِّمِّيُّ عِنْدَ ذِمِّيٍّ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَهُ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا، وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيُعْطِيَهُ قِيمَةَ الدِّبَاغَةِ إنْ كَانَ دَبَغَهُ بِشَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ بِمَنْزِلَةِ مَنْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَهُ. وَإِذَا ارْتَهَنَ الذِّمِّيُّ مِنْ الذِّمِّيِّ خَمْرًا ثُمَّ أَسْلَمَا، فَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ فَإِنْ خَلَّلَهَا فَهِيَ رَهْنٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَيُّهُمَا كَانَ ثُمَّ صَارَتْ خَلًّا فَهِيَ رَهْنٌ

الفصل الخامس في رهن الأب والوصي

وَيَنْقُصُ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ مِنْهَا. وَإِذَا ارْتَهَنَ الْكَافِرُ مِنْ الْكَافِرِ خَمْرًا وَوَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ مُسْلِمٍ عَدْلٍ وَقَبَضَهَا فَالرَّهْنُ جَائِزٌ. وَالْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ فِي الرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ كَالذِّمِّيِّ فَإِنْ رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ فَأَخَذُوهُ أَسِيرًا، وَلَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ رَهْنٌ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ، فَقَدْ بَطَلَ الدَّيْنُ وَصَارَ الرَّهْنُ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ بِذَلِكَ الدَّيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ: مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُبَاعُ الرَّهْنُ فَيَسْتَوْفِي الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِمَنْ أَسَرَهُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ رَهْنٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ رَدُّ الرَّهْنِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَبَطَلَ دَيْنُهُمْ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَرَهْنُ الْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ لَا يَصِحُّ مِنْ ذِمِّيٍّ وَغَيْرِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَرُوِيَ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا رَهَنَ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ جَازَ الرَّهْنُ. وَلَوْ وَجَدَ عَيْبًا بِالْمَبِيعِ فَرَهَنَهُ الْبَائِعُ بِالْعَيْبِ لَمْ يَجُزْ. وَلَوْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ عَيْنًا تَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ مَعَ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ تَهْلَكُ الْعَيْنُ بِحِصَّتِهَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ، وَلَا بِمَوْتِ الْمُرْتَهِنِ وَلَا بِمَوْتِهِمَا وَيَبْقَى الرَّهْنُ رَهْنًا عِنْدَ الْوَرَثَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي رَهْنِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ] (الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي رَهْنِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ) وَلَوْ رَهَنَ الْأَبُ مَالَ ابْنِهِ الْكَبِيرِ فِي دَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ مَتَاعًا لِوَلَدِهِ بِمَالٍ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ وَلِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَهُوَ جَائِزٌ بِخِلَافِ مَا إذَا رَهَنَ عَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ ابْنِهِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْكَبِيرُ، فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ ضَمِنَ الْأَبُ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ وَالْوَصِيُّ فِي ذَلِكَ كَالْأَبِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَبِ فِي التَّصَرُّفِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ إلَّا أَنَّ الْأَبَ يَمْلِكُ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ أَحَدِ الصَّغِيرَيْنِ مِنْ الْآخَرِ، وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ عَلَى قِيَاسِ الرَّهْنِ مِنْ نَفْسِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ مَتَاعَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ عِنْدَ رَجُلٍ فَأَدْرَكَ الْوَلَدُ وَمَاتَ الْأَبُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ حَتَّى يَقْضِيَ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لَزِمَهُ مِنْ الْأَبِ فِي حَالِ قِيَامِ وِلَايَتِهِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ قَائِمٌ مَقَامَ الْوَلَدِ إنْ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا فَلَوْ كَانَ الْأَبُ رَهَنَهُ لِنَفْسِهِ وَقَضَاهُ الِابْنُ يَرْجِعُ بِهِ فِي مَالِ الْأَبِ، وَكَذَا إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَكَّهُ كَذَا فِي الْكَافِي. الْأُمُّ إذَا رَهَنَتْ مَالَ طِفْلِهَا لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً أَوْ مَأْذُونَةً مِنْ جِهَةِ مَنْ يَلِي الطِّفْلَ، وَإِنْ أَجَازَ الْحَاكِمُ إرْهَانَهَا مَالَ الطِّفْلِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَيَثْبُتُ لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الْحَبْسِ وَالِاخْتِصَاصُ دُونَ الْبَيْعِ وَإِنْ أَرَهَنَتْ وَوَكَّلَتْ الْمُرْتَهِنَ بِالْبَيْعِ فَأَجَازَ الْحَاكِمُ الْوَكَالَةَ وَالْبَيْعَ كَانَ الْوَكِيلُ وَكِيلًا مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ، وَلَوْ عُزِلَ الْقَاضِي الَّذِي أَجَازَ الرَّهْنَ وَوَلِيَ آخَرُ، وَقَدْ بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ فَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي الثَّانِي إجَازَةُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ بِالْبَيْعِ فَإِنَّهُ يُنَفِّذُهُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ إمْضَاءُ الْقَاضِي التَّوْكِيلَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ إذَا كَانَ لِلطِّفْلِ فِيهِ مَصْلَحَةٌ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَإِذَا كَانَ لِلْأَبِ أَوْ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَلَى ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ فَرَهَنَ الْأَبُ مَتَاعَ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ التَّاجِرِ جَازَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. يَجُوزُ أَنْ

يَرْهَنَ مَالَهُ عِنْدَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِدَيْنِ مَا عَلَيْهِ وَيَحْبِسَهُ لِأَجْلِ الْوَلَدِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ هَذَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِذَا ارْتَهَنَ الْوَصِيُّ خَادِمًا مَا لِلْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ رَهَنَ خَادِمًا لِنَفْسِهِ مِنْ الْيَتِيمِ بِحَقٍّ لِلْيَتِيمِ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَلِكَ ارْتِهَانُ الْيَتِيمِ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَصِيُّ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْآخَرُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْهَنَ مَتَاعَ الْيَتِيمِ مِنْ ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ أَوْ عَبْدٍ لَهُ تَاجِرٍ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَمَا لَا يَرْهَنُهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ رَهَنَ مِنْ ابْنٍ لَهُ كَبِيرٍ أَوْ مِنْ أَبِيهِ أَوْ مِنْ مُكَاتَبِهِ أَوْ مِنْ عَبْدٍ لَهُ تَاجِرٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ اسْتَدَانَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ فِي كِسْوَتِهِ وَطَعَامِهِ فَرَهَنَ مَتَاعًا لِلْيَتِيمِ جَازَ، وَكَذَا لَوْ اتَّجَرَ لِلْيَتِيمِ فَرَهَنَ أَوْ ارْتَهَنَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ اسْتَدَانَ الْوَصِيُّ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَرَهَنَ بِهِ مَتَاعَهُمْ فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ اسْتَدَانَ لِنَفَقَتِهِمْ وَحَوَائِجِهِمْ وَنَوَائِبِهِمْ كَالْخَرَاجِ أَوْ اسْتَدَانَ لِنَفَقَةِ رَقِيقِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ وَكُلُّ وَجْهٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ كِبَارًا أَوْ صِغَارًا فَإِنْ اسْتَدَانَ لِنَفَقَتِهِمْ وَرَهَنَ بِهِ، وَهُمْ كِبَارٌ حُضُورٌ أَوْ غُيَّبٌ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا وَكِبَارًا يَجُوزُ اسْتِدَانَتُهُ وَرَهْنُهُ عَلَى الصِّغَارِ خَاصَّةً دُونَ الْكِبَارِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْمَنْقُولَ مِنْ التَّرِكَةِ جَازَ عَلَى الْكُلِّ أَمَّا إذَا اسْتَدَانَ لِنَفَقَةِ رَقِيقِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ كِبَارًا حُضُورًا لَا يَجُوزُ اسْتِدَانَتُهُ، وَرَهْنُهُ مِنْ مَتَاعِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا غُيَّبًا جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ حُضُورًا، وَبَعْضُهُمْ غُيَّبًا أَوْ كَانُوا صِغَارًا وَكِبَارًا حَاضِرِينَ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى الْغُيَّبِ وَالصِّغَارِ خَاصَّةً وَلَا يَجُوزُ رَهْنُهُ عَلَى الْكُلِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، وَلَهُ وَصِيٌّ فَرَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ تَرِكَتِهِ عِنْدَ غَرِيمٍ مِنْ غُرَمَائِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَلْآخَرِينَ أَنْ يَرُدُّوهُ فَإِنْ قَضَى دَيْنَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَرُدُّوهُ جَازَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ غَرِيمٌ آخَرُ جَازَ الرَّهْنُ وَبِيعَ فِي دَيْنِهِ، وَإِذَا ارْتَهَنَ الْوَصِيُّ بِدَيْنِ الْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ جَازَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ هُوَ الَّذِي ارْتَهَنَ فَوَصِيُّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي إمْسَاكِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْهَنَ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ فِيمَا هُوَ مِنْ حَوَائِجِ الْمَيِّتِ، وَإِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ حَوَائِجِهِ، وَيَمْلِكُهُ الْوَصِيُّ فَكَذَلِكَ الرَّهْنُ بِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ بَاعَ وَصِيُّهُ الرَّهْنَ وَقَضَى الدَّيْنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ نَصَّبَ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا، وَأَمَرَهُ بِبَيْعِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ رَهَنَ الْوَارِثُ الْكَبِيرُ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ الْمَيِّتِ، وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَإِنْ خَاصَمَ الْغَرِيمَ فِي ذَلِكَ أَبْطَلَ الرَّهْنَ وَبِيعَ لَهُ فِي دَيْنِهِ فَإِنْ قَضَى الْوَارِثُ الدَّيْنَ جَازَ الرَّهْنُ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَرَهَنَ الْوَارِثُ الْكَبِيرُ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ بِمَالٍ أَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ كَانَ الْوَارِثُ صَغِيرًا فَفَعَلَ ذَلِكَ الْوَصِيُّ ثُمَّ رُدَّتْ عَلَيْهِمْ سِلْعَةٌ بِالْعَيْبِ كَانَ الْمَيِّتُ بَاعَهَا فَهَلَكَتْ فِي أَيْدِيهِمْ، وَصَارَ ثَمَنُهَا دَيْنًا فِي مَالِ الْمَيِّتِ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ مَا رَهَنَ بِالنَّفَقَةِ فَالرَّهْنُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَ يُسَلِّمَ الرَّهْنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، وَالْعَيْنُ كَانَ مِلْكًا لِوَارِثٍ فَارِغًا عَنْ حَقِّ الْغَيْرِ فَيَلْزَمُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِيهِ ثُمَّ لِحَقِّ الدَّيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ بِرَدِّ السِّلْعَةِ بِالْعَيْبِ فَلَا يُبْطِلُ ذَلِكَ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ الَّذِي كَانَ الْمَيِّتُ بَاعَهُ أَوْ وُجِدَ حُرًّا، فَإِنَّ الرَّهْنَ يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ وَاجِبًا

الباب الثاني في الرهن بشرط أن يوضع على يدي عدل

عَلَى الْمَيِّتِ حِينَ رَهَنَ الْوَارِثُ التَّرِكَةَ فَالْحُرُّ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ، وَلَا يَمْلِكُ ثَمَنَهُ، وَبِالِاسْتِحْقَاقِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ مِنْ الْأَصْلِ، وَلَكِنَّ الرَّاهِنَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ وَصِيًّا كَانَ أَوْ وَارِثًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَحِقَ الْمَيِّتَ دَيْنٌ وَجَبَ قَضَاءُ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَالْوَارِثُ قَدْ مَنَعَ ذَلِكَ بِتَصَرُّفِهِ فَكَانَ فِي حُكْمِ الْمُسْتَهْلِكِ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَالْوَصِيُّ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْوَصِيَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَيِّتِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ زَوَّجَ أَمَتَهُ، وَأَخَذَ مَهْرَهَا فَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ دُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، وَصَارَ الْمَهْرُ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ كَانَ الرَّهْنُ جَائِزًا، وَالِابْنُ ضَامِنٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ تَلِفَ فِيهِ إنْسَانٌ بَعْدَ مَوْتِهِ حَتَّى صَارَ ضَمَانُهُ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ التَّصَرُّفُ الَّذِي تَمَّ مِنْ الْوَارِثِ، وَلَكِنَّهُ ضَامِنٌ لِلْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّ الْغَيْرِ فِي الْعَيْنِ بِتَصَرُّفِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ مَتَاعًا لِلْيَتِيمِ فِي دَيْنٍ اسْتَدَانَهُ عَلَيْهِ، وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ اسْتَعَارَهُ الْوَصِيُّ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِحَاجَةِ الْيَتِيمِ فَضَاعَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ، فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ، وَهَلَكَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ، وَإِذَا لَمْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْوَصِيِّ بِالدَّيْنِ كَمَا كَانَ يَرْجِعُ بِهِ قَبْلَ الرَّهْنِ، وَيَرْجِعُ بِهِ الْوَصِيُّ عَلَى الصَّبِيِّ، وَلَوْ اسْتَعَارَهُ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ ضَمِنَهُ لِلصَّبِيِّ. وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ ثُمَّ غَصَبَهُ فَاسْتَعْمَلَهُ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ حَتَّى هَلَكَ عِنْدَهُ فَالْوَصِيُّ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ فَيَقْضِي مِنْهُ الدَّيْنَ إذَا حَلَّ، وَالْفَضْلُ لِلْيَتِيمِ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ أَدَّى قَدْرَ الْقِيمَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَأَدَّى الزِّيَادَةَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَدَّى إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْيَتِيمِ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ فَالْقِيمَةُ رَهْنٌ لِقِيَامِهَا مَقَامَ الرَّهْنِ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ كَانَ الْجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الَّذِي مَرَّ فَلَوْ غَصَبَهُ وَاسْتَعْمَلَهُ لِحَاجَةِ الصَّبِيِّ حَتَّى هَلَكَ فِي يَدِهِ يَضْمَنُهُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا يَضْمَنُهُ لِحَقِّ الصَّبِيِّ، وَيَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ بِالدَّيْنِ إنْ حَلَّ وَيَرْجِعُ الْوَصِيُّ عَلَى الصَّغِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْهُ، وَرَجَعَ الْوَصِيُّ عَلَى الْيَتِيمِ بِذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي الرَّهْنِ بِشَرْطِ أَنْ يُوضَعَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي الرَّهْنِ بِشَرْطِ أَنْ يُوضَعَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِذَا ارْتَهَنَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ رَهْنًا وَسَلَّمَهُ عَلَى أَنْ يَضَعَاهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَرَضِيَ بِهِ الْعَدْلُ وَقَبَضَهُ تَمَّ الرَّهْنُ. حَتَّى لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدَيْ الْعَدْلِ يَسْقُطُ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ كَمَا لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَيَصِيرُ الْعَدْلُ نَائِبًا عَنْ الْمُرْتَهِنِ فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ، وَنَائِبًا عَنْ الرَّاهِنِ فِي حَقِّ حُكْمِ الضَّمَانِ. حَتَّى لَوْ اُسْتُحِقَّ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْعَدْلِ، وَضَمِنَ الْمُسْتَحِقُّ الْعَدْلَ فَالْعَدْلُ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَرَطَا أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ جَعَلَاهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ جَازَ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ لِلْعَدْلِ أَنْ يَقُومَ مَقَامَ الْمُرْتَهِنِ فِي الِابْتِدَاءِ فَكَذَلِكَ فِي الْبَقَاءِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَيْسَ لِلْعَدْلِ أَنْ يَدْفَعَ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ قَبْلَ سُقُوطِ الدَّيْنِ إلَّا بِرِضَا الْمُرْتَهِنِ وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ إلَّا بِرِضَا الرَّاهِنِ، فَإِنْ دَفَعَ إلَى أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ، وَيُعِيدَهُ إلَى يَدِهِ، وَإِذَا هَلَكَ قَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ ضَمِنَ الْعَدْلُ قِيمَتَهُ فَإِنْ أَرَادَ الْعَدْلُ أَنْ يَجْعَلَ الْقِيمَةَ رَهْنًا عِنْدَهُ لَا يَقْدِرُ

عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَجَبَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَوْ جَعَلْنَاهَا رَهْنًا صَارَ الْوَاحِدُ قَاضِيًا وَمَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إمَّا أَنْ يَجْتَمِعَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ، وَيَقْبِضَانِ ذَلِكَ مِنْ الْعَدْلِ وَيَجْعَلَانِهِ رَهْنًا عَلَى يَدَيْ هَذَا الْعَدْلِ أَوْ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ آخَرَ أَوْ يَرْفَعُ أَحَدُهُمَا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَأْخُذَ الْقَاضِي الْقِيمَةَ وَيَجْعَلَهَا رَهْنًا عِنْدَ ذَلِكَ الْعَدْلِ أَوْ عِنْدَ عَدْلٍ آخَرَ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْعَدْلَ إنْ تَعَمَّدَ الدَّفْعَ إلَى أَحَدِهِمَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ، وَتُوضَعُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ آخَرَ، وَإِنْ أَخْطَأَ فِي الدَّفْعِ، وَكَانَ بِحَيْثُ يَجْهَلُ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ ثُمَّ يُرَدُّ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ خِيَانَةٌ فَبَقِيَ عَدْلًا عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ إذَا جَعَلَ الْقِيمَةَ فِي يَدَيْ الْعَدْلِ وَقَضَى الرَّاهِنُ دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْعَدْلُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ يَدْفَعُ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ فَالْقِيمَةُ تُسَلَّمُ لِلْعَدْلِ، وَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ قَدْ ضَمِنَ بِدَفْعِ الرَّهْنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ مِنْهُ، وَهَلْ يَرْجِعُ الْعَدْلُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْعَدْلُ دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْوَدِيعَةِ، وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ يَمْلِكُهُ، وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعَارَ أَوْ أَوْدَعَ مِلْكَهُ، فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ يَضْمَنُ. وَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ دَفَعَ إلَى الْمُرْتَهِنِ رَهْنًا بِأَنْ قَالَ: هَذَا رَهَنَكَ خُذْهُ بِحَقِّكَ وَاحْبِسْهُ بِدَيْنِكَ رَجَعَ الْعَدْلُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ اسْتَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ هَلَكَ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَضَعَا الرَّهْنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَسَلَّطَاهُ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ سَلَّطَا عَلَى بَيْعِهِ غَيْرَ الْعَدْلِ أَوْ سَلَّطَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ عَلَى بَيْعِهِ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا عَزْلَهُ، فَإِذَا بَاعَ فَالثَّمَنُ هُوَ الرَّهْنُ. وَلَوْ سَلَّطَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ عَلَى بَيْعِهِ جَازَ أَيْضًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. وَإِنْ بَاعَ الْعَدْلُ مِنْ وَلَدِهِ الرَّهْنَ أَوْ زَوْجَتِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ جَائِزٌ، وَإِنْ أَجَازَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَرَادَ الرَّاهِنُ عَزْلَ الْعَدْلِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ إنْ كَانَ الْبَيْعُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ لَا يَمْلِكُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: هُوَ الصَّحِيحُ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَمْلِكُ عَزْلَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَمْلِكُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِذَا أَخْرَجَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ الْعَدْلَ مِنْ التَّسْلِيطِ عَلَى الْبَيْعِ وَسَلَّطَا غَيْرَهُ أَوْ لَمْ يُسَلِّطَا، فَقَدْ خَرَجَ الْعَدْلُ مِنْ ذَلِكَ إذَا عَلِمَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَا يَمْلِكُ الْعَدْلُ الْبَيْعَ إلَّا بِالتَّسْلِيطِ الْمَشْرُوطِ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ، أَوْ بَعْدَ تَمَامِ عَقْدِ الرَّهْنِ، وَعَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ إذَا بَاعَ فَالثَّمَنُ رَهْنٌ فِي يَدِهِ فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْعَدْلِ سَقَطَ الدَّيْنُ كَمَا إذَا هَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَكَذَا إذَا هَلَكَ الثَّمَنُ بِالتَّوَى عَلَى الْمُشْتَرِي فَالتَّوَى عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِقِيَامِ الثَّمَنِ مَقَامَ الْعَيْنِ، وَالرَّهْنُ إذَا تَمَّ فَالتَّوَى بَعْدَهُ فِي أَيِّ يَدٍ كَانَ يَكُونُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ أَبَى الْعَدْلُ الْبَيْعَ إنْ كَانَ

الْبَيْعُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِهِ أُجْبِرَ، وَإِنْ بَعْدَ تَمَامِ الرَّهْنِ فَعَنْ الثَّانِي، وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ يُجْبَرُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَقِيلَ: لَا يُجْبَرُ، وَبِهِ أَخَذَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَتَفْسِيرُ الْجَبْرِ أَنْ يَحْبِسَ الْعَدْلَ أَيَّامًا، فَإِنْ لَجَّ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى الْبَيْعِ فَإِنْ امْتَنَعَ بَاعَ الْحَاكِمُ بِنَفْسِهِ قِيلَ هَذَا قَوْلُهُمَا بِنَاءً عَلَى بَيْعِ الْحَاكِمِ مَالَ الْمَدْيُونِ إذَا امْتَنَعَ، وَقِيلَ: هَذَا قَوْلُ الْكُلِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ ثُمَّ إذَا أُجْبِرَ عَلَى الْبَيْعِ، وَبَاعَ لَا يَفْسُدُ هَذَا الْبَيْعُ بِهَذَا الْإِجْبَارِ؛ لِأَنَّ الْإِجْبَارَ وَقَعَ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ بِأَيِّ طَرِيقٍ شَاءَ حَتَّى لَوْ قَضَاهُ بِغَيْرِهِ صَحَّ، وَإِنَّمَا الْبَيْعُ طَرِيقٌ مِنْ طُرُقِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. ارْتَدَّ الْعَدْلُ ثُمَّ بَاعَ الرَّهْنَ ثُمَّ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ. وَلَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ رَجَعَ مُسْلِمًا فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ قِيلَ: هَذَا إذَا عَادَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِلُحُوقِهِ أَمَّا بَعْدَهُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَعُودُ وَكِيلًا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعُودُ وَقِيلَ: بِالِاتِّفَاقِ يَعُودُ وَكِيلًا، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا ارْتَدَّ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فَلَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ قُتِلَا عَلَى الرِّدَّةِ ثُمَّ بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ جَازَ بَيْعُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَالْعَدْلُ عَلَى حَالِهِ فِي إمْسَاكِ الرَّهْنِ وَبَيْعِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ لَا يَبْطُلُ التَّسْلِيطُ عَلَى الْبَيْعِ إنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فَكَذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْعَدْلُ يُخَالِفُ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ الْمُفْرَدِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْعَدْلَ يَبِيعُ الْوَلَدَ، وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ إمَّا عَلَى الْوِفَاقِ أَوْ عَلَى الْخِلَافِ، وَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الرَّاهِنِ عَلَى الْوِفَاقِ أَوْ عَلَى الْخِلَافِ، وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ عَلَى الْوِفَاقِ أَوْ عَلَى الْخِلَافِ، وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ غَيْرُ ثَابِتَةٍ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْمُفْرَدِ، وَفِيمَا عَدَا هَذِهِ الْأَحْكَامَ الْعَدْلُ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمُفْرَدِ عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِمَوْتِ الْعَدْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ فِي الْعَقْدِ، وَلَا يَقُومُ وَارِثُهُ، وَلَا وَصِيُّهُ مَقَامَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ كَانَ غَيْرُ الْعَدْلِ مُسَلَّطًا عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ فَمَاتَ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ بَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ وَرَثَةِ الرَّاهِنِ كَمَا يَبِيعُهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْهُ كَذَا فِي الْكَافِي. الْعَدْلُ الْمُسَلَّطُ عَلَى الْبَيْعِ إذَا بَاعَ بَعْضَ الرَّهْنِ بَطَلَ الرَّهْنُ فِي الْبَاقِي كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ وَكَّلَ الْعَدْلُ وَكِيلًا فَبَاعَهُ بِحَضْرَةِ الْعَدْلِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ، وَلَوْ ذَكَرَ الْعَدْلُ ثَمَنًا فَبَاعَهُ بِهِ جَازَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا كَانَ الْعَدْلُ اثْنَيْنِ، وَقَدْ سُلِّطَا عَلَى الْبَيْعِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ، وَرَأْيُ الْوَاحِدِ لَا يَكُونُ كَرَأْيِ الْمُثَنَّى فَإِنْ أَجَازَ الْآخَرُ جَازَ، وَكَذَلِكَ إنْ أَجَازَهُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ فُضُولِيٌّ آخَرُ، وَأَجَازَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ، وَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ أَجْنَبِيٌّ، وَأَجَازَ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَجَازَاهُ جَمِيعًا وَأَبَى الْعَدْلُ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ رَهَنَ شَيْئًا بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَسَلَّطَ الْعَدْلَ عَلَى بَيْعِهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَلَمْ يَقْبِضْ الْعَدْلُ الرَّهْنَ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ، وَالْوَكَالَةُ بِالْبَيْعِ بَاقِيَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا ارْتَهَنَ الرَّجُلُ دَارًا، وَسَلَّطَ الرَّاهِنُ رَجُلًا عَلَى بَيْعِهَا وَدَفْعِ الثَّمَنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُرْتَهِنُ حَتَّى حَلَّ الْمَالُ لَمْ يَكُنْ

رَهْنًا، وَإِنْ بَاعَ الْعَدْلُ الدَّارَ جَازَ بَيْعُهُ بِالْوَكَالَةِ لَا بِالرَّهْنِ، وَكَذَلِكَ الشِّقْصُ فِي الْخَادِمِ وَالدَّارِ، وَإِذَا بَاعَ الْعَدْلُ ذَلِكَ دَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الرَّاهِنِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ دَفَعَ الْعَدْلُ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الرَّاهِنُ لَمْ يَكُنْ لِلْعَدْلِ أَنْ يَبِيعَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَالْمُرْتَهِنُ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ فِيهِ. وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ عَبْدٌ فَدُفِعَ بِهِ أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ فَدُفِعَ بِالْعَيْنِ كَانَ الْعَدْلُ مُسَلَّطًا عَلَى بَيْعِ الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا سُلِّطَ الْعَدْلُ عَلَى الْبَيْعِ مُطْلَقًا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِأَيِّ جِنْسٍ كَانَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَغَيْرِهَا وَبِأَيِّ قَدْرٍ كَانَ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ قَدْرَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَبِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ فَسَلَّطَهُ عَلَى الْبَيْعِ عِنْدَ الْمَحَلِّ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِجِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ، وَلَا بِالنَّسِيئَةِ وَلَا بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ إلَّا أَنَّهُمَا جَوَّزَا فِي السَّلَمِ الْبَيْعَ بِجِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ. . وَلَوْ نَهَاهُ الرَّاهِنُ عَنْ الْبَيْعِ بِالنَّسِيئَةِ فَإِنْ نَهَاهُ عِنْدَ الرَّهْنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّسِيئَةِ، وَلَوْ نَهَاهُ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ نَهْيُهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا بَاعَ الْعَدْلُ بِالنَّسِيئَةِ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ قَالُوا: هَذَا إذَا بَاعَ بِنَسِيئَةٍ مَعْهُودَةٍ بَيْنَ النَّاسِ أَمَّا إذَا بَاعَ بِنَسِيئَةٍ غَيْرِ مَعْهُودَةٍ بِأَنْ بَاعَ مَثَلًا إلَى عَشْرِ سِنِينَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ: الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ إذَا تَقَدَّمَ مِنْ الرَّاهِنِ مَا يَدُلُّ عَلَى النَّقْدِ بِأَنْ قَالَ: إنَّ الْمُرْتَهِنَ يُطَالِبُنِي وَيُؤْذِينِي فَبِعْهُ حَتَّى أَنْجُوَ مِنْهُ فَبَاعَهُ بِالنَّسِيئَةِ لَا يَجُوزُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ: بِعْ عَبْدِي، فَإِنِّي أَحْتَاجُ إلَى النَّفَقَةِ. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ عَدْلٌ وَسَلَّطَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ عَلَى بَيْعِهِ وَاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِهِ فَبَاعَ نَسِيئَةً جَازَ بَيْعُهُ كَيْفَمَا كَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ فِي الرَّهْنِ عَدْلٌ وَسَلَّطَهُ عَلَى بَيْعِهِ وَإِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ فَبَاعَهُ بِالدَّرَاهِمِ، وَكَانَ الدَّيْنُ دَنَانِيرَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الثَّمَنَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بِالدَّرَاهِمِ، وَدَيْنُهُ حِنْطَةٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالدَّرَاهِمِ حِنْطَةً، وَيَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ، فَقَالَ: بِعْتُهُ بِتِسْعِينَ، وَالدَّيْنُ مِائَةٌ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّهُ يَسْأَلُ الرَّاهِنَ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ وَادَّعَى أَكْثَرَ مِنْ تِسْعِينَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ، وَالْعَدْلِ فِيهِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الرَّاهِنُ بِالْبَيْعِ، وَقَالَ: هَلَكَ فِي يَدَيْ الْعَدْلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ. وَإِذَا أَقَرَّ بِالْبَيْعِ، فَقَالَ: الرَّاهِنُ بِعْتُهُ بِمِائَةٍ، وَقَالَ الْعَدْلُ: بِعْتُهُ بِتِسْعِينَ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: بِعْتُهُ بِثَمَانِينَ، وَقَدْ تَقَابَضَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ، فَإِنْ أَقَامَ الْعَدْلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بَاعَهُ بِتِسْعِينَ وَأَعْطَاهَا لِلْمُرْتَهِنِ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: لَمْ تَبِعْهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ، وَأَنَّهُ مَاتَ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ عَلَى هَذَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا كَانَ الْعَدْلُ مُسَلَّطًا عَلَى الْبَيْعِ إذَا حَلَّ أَجَلُ كَذَا، فَقَالَ: الْمُرْتَهِنُ كَانَ الْأَجَلُ إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ، وَقَدْ دَخَلَ رَمَضَانَ، وَقَالَ: الرَّاهِنُ كَانَ الْأَجَلُ إلَى شَوَّالٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ فِي وَقْتِ التَّسْلِيطِ عَلَى الْبَيْعِ وَفِي وَقْتِ حُلُولِ الدَّيْنِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَةِ الْمُرْتَهِنِ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ قَوْلِهِ وَالتَّسْلِيطُ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ

فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي وَقْتِهِ قَوْلَهُ. وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْأَجَلِ أَنَّهُ شَهْرٌ وَاخْتَلَفَا فِي مُضِيِّهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا غَابَ الرَّاهِنُ، وَالرَّهْنُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، فَقَالَ: الْمُرْتَهِنُ أَمَرَكَ الرَّاهِنُ بِالْبَيْعِ، وَقَالَ الْعَدْلُ لَمْ يَأْمُرْنِي بِبَيْعِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أَقْبَلُ بَيِّنَةَ الْمُرْتَهِنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ ذَهَبَ عَقْلُ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ وَيَئِسَ مِنْ أَنْ يَبْرَأَ فَالْعَدْلُ عَلَى وَكَالَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ جُنَّ الْعَدْلُ جُنُونًا وَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ إفَاقَتِهِ يَنْعَزِلُ، وَإِنْ جُنَّ جُنُونًا يُرْجَى إفَاقَتُهُ لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى إذَا عَادَ عَقْلُهُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ إلَّا أَنَّهُ إذَا بَاعَ فِي جُنُونِهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ سَوَاءٌ كَانَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ أَوْ لَا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ بَيْعُهُ إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَبَاعَ جَازَ إلَّا أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْوَكَالَةِ فَمِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ قَالَ عَلَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ فِي الْوَكَالَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَمِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ فَرَّقَ، وَإِلَيْهِ مَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَكَّلَهُ وَهُوَ صَحِيحُ الْعَقْلِ فَهُوَ مَا رَضِيَ بِبَيْعِهِ إلَّا بِاعْتِبَارِ رَأْيٍ كَامِلٍ، وَقَدْ انْعَدَمَ ذَلِكَ بِجُنُونِهِ، وَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ، وَهُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَقَدْ رَضِيَ بِبَيْعِهِ بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الرَّأْيِ فَيَكُونُ هُوَ فِي الْبَيْعِ مُمْتَثِلًا أَمْرَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْإِمْلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا مَاتَ الْعَدْلُ، وَقَدْ كَانَ وَكِيلًا بِبَيْعِ الرَّهْنِ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِبَيْعِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ قَالَ لَهُ فِي أَصْلِ الْوَكَالَةِ: وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ، وَأَجَزْتُ لَكَ مَا صَنَعْتَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِوَصِيِّهِ أَنْ يَبِيعَ، وَلَيْسَ لِوَصِيِّهِ أَنْ يُوصِيَ بِهِ إلَى ثَالِثٍ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ وَصِيَّ الْعَدْلِ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَكَذَا رَوَى ابْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُضَارِبِ إذَا مَاتَ وَالْمَالُ عُرُوضٌ، فَإِنَّ وَصِيَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَرَادَ وَارِثُ الْعَدْلِ بَيْعَهُ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اجْتَمَعَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَلَى وَضْعِهِ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ آخَرَ، وَقَدْ مَاتَ الْأَوَّلُ أَوْ عَلَى يَدِ الْمُرْتَهِنِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فَإِنْ اخْتَلَفَا وَضَعَهُ الْقَاضِي عَلَى يَدِ عَدْلٍ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ، وَإِذَا عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ مِثْلُ الْعَدْلِ فِي الْعَدَالَةِ يَضَعُهُ عَلَى يَدَيْهِ، وَإِنْ كَرِهَ الرَّاهِنُ فَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَضَعَهُ فِي يَدَيْ الرَّاهِنِ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ مَاتَ الْعَدْلُ فَوُضِعَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ آخَرَ عَنْ تَرَاضٍ أَوْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَوَضَعَهُ الْقَاضِي عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَلَيْسَ لِلْعَدْلِ الثَّانِي أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُسَلَّطًا عَلَى الْبَيْعِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ الْعَدْلُ رَجُلَيْنِ، وَالرَّهْنُ مِمَّا لَا يُقْسَمُ فَوَضَعَاهُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا جَازَ وَلَمْ يَضْمَنَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُقْسَمُ لَا يَضْمَنُ الْقَابِضُ بِالْإِجْمَاعِ، وَيَضْمَنُ الدَّافِعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يَمْلِكُ الْمُسَافَرَةَ بِالرَّهْنِ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا وَإِذَا كَانَ أَمْنًا إنْ وُجِدَ التَّقْيِيدُ بِالْمِصْرِ لَا يَمْلِكُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ التَّقْيِيدُ بِالْمِصْرِ يَمْلِكُ، وَذُكِرَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ أَمْنًا يَمْلِكُ الْمُسَافَرَةَ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَمْلِكُ إذَا كَانَ الرَّهْنُ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ

سَفَرًا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ، وَقَضَى الْمَالَ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَالْخَصْمُ فِيهِ هُوَ الْعَدْلُ، فَإِذَا رُدَّ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ الْقَابِضُ لِلثَّمَنِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَيَكُونُ الرَّهْنُ رَهْنًا عَلَى حَالَتِهِ الْأُولَى يَبِيعُهُ الْعَدْلُ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَى الْعَيْبِ، وَلَكِنَّ الْعَدْلَ أَقَرَّ بِهِ، وَكَانَ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَلَمْ يُقِرَّ بِهِ، وَلَكِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ حَتَّى رَدَّهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْأَوَّلِ عِنْدَنَا، وَإِنْ أَقَرَّ لَزِمَهُ خَاصَّةً، وَلَوْ أَقَالَهُ الْبَيْعَ أَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ يَحْدُثُ مِثْلُهُ أَوْ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ لَزِمَ ذَلِكَ الْعَدْلَ خَاصَّةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ وَسَلَّمَ الثَّمَنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْعَدْلِ ثُمَّ الْعَدْلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِالثَّمَنِ، وَيَعُودُ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ. وَلَوْ أَنَّ الْعَدْلَ بَاعَ الرَّهْنَ، وَلَمْ يُسَلِّمْ الثَّمَنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ فَإِنَّ الْعَدْلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ هَذَا إذَا كَانَ التَّسْلِيطُ عَلَى الْبَيْعِ شَرْطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ، فَإِنْ كَانَ التَّسْلِيطُ عَلَى الْبَيْعِ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ قَالُوا: الْعَدْلُ هَاهُنَا يَكُونُ وَكِيلُ الرَّاهِنِ، وَمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْعُهْدَةِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ دَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ، أَوْ لَمْ يَدْفَعْ وَلَوْ أَنَّ الْعَدْلَ أَقَرَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ بَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ، وَسَلَّمَ إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَدْلِ وَيَبْطُلُ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ ثُمَّ وَهَبَ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا أَبْرَأ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ قَالَ: قَبَضْتُهُ فَهَلَكَ عِنْدِي كَانَ مُصَدَّقًا فِي ذَلِكَ، وَكَانَ مِنْ مَالِ الْمُرْتَهِنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: دَفَعْتُهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا نَقُولُ بِإِقْرَارِ الْعَدْلِ يَثْبُتُ وُصُولُ الثَّمَنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَكِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ وَهَبَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ قَالَ حَطَطْت عَنْك مِنْ الثَّمَنِ كَذَا، وَكَذَا فَذَلِكَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْرَمَ مِثْلَهُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ مَالِهِ، وَالْمَقْبُوضُ سَالِمٌ لِلْمُرْتَهِنِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَضَافَ الْهِبَةَ إلَى الْمَقْبُوضِ. وَإِذَا بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ بِعَيْبٍ فَمَاتَ عِنْدَهُ أَوْ اُسْتُحِقَّ أَوْ هُوَ بَاقٍ فِي يَدِهِ، وَقَدْ أَخَذَ بِالثَّمَنِ حَتَّى أَدَّاهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ رَخُصَ سِعْرُهُ ثُمَّ بَاعَهُ فَالْعِبْرَةُ بِالثَّمَنِ، وَلَا يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ مَا نَقَصَ مِنْ السِّعْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَمَا رَخُصَ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الرَّهْنِ، وَيَصْدُقُ الرَّاهِنُ أَنَّهُ هَلَكَ قَبْلَ الْبَيْعِ بَعْدَ مَا رَخُصَ سِعْرُهُ وَبَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْلَى. وَلَوْ قَتَلَهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ مَا رَخُصَ سِعْرُهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَسَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ مَا نَقَصَ مِنْ السِّعْرِ. وَلَوْ بَاعَهُ الْعَدْلُ بِأَلْفَيْنِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ، وَالدَّيْنُ أَلْفٌ فَهَلَكَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ سَقَطَ نِصْفُ الدَّيْنِ، وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الرَّهْنِ أَلْفَيْنِ فَبِيعَ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ فَهَلَكَ أَلْفَانِ فَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْغِيَاثِيَّةِ. فَإِذَا دَفَعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ إلَى أَجْنَبِيٍّ وَدِيعَةً مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَهُوَ ضَامِنٌ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلِلْعَدْلِ أَنْ يُسَلِّمَ الرَّهْنَ إلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَخَادِمِهِ

بيان من يصلح عدلا في الرهن ومن لا يصلح

وَوَلَدِهِ وَأُجَرَائِهِ الَّذِينَ يَتَصَرَّفُونَ فِي مَالِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُطَالِبَ الرَّاهِنَ بِالدَّيْنِ وَيَحْبِسَهُ بِهِ فَإِنْ خَاصَمَهُ إلَى الْحَاكِمِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمَ الدَّيْنِ فَإِنْ امْتَنَعَ حَبَسَهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ بَيْعِهِ حَتَّى يَقْضِيَ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ، وَلَوْ قَضَاهُ الْبَعْضَ فَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ كُلَّ الرَّهْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْبَقِيَّةَ فَإِذَا قَضَاهُ الدَّيْنَ قِيلَ لَهُ: سَلِّمْ الرَّهْنَ إلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ: رَجُلٌ رَهَنَ جَارِيَةً بِمَالٍ وَوَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، وَأَمَرَهُ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا الْعَدْلُ، وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَأَوْفَاهُ الْمُرْتَهِنَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الرَّهْنُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ قَائِمًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هَالِكًا، فَإِنْ كَانَ قَائِمًا وَأَخَذَهُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَالثَّمَنُ عَلَى الْعَدْلِ، وَالْعَدْلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ، وَإِذَا رَجَعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ هَالِكًا فَالْمُسْتَحِقُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْعَدْلَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمُرْتَهِنَ إلَّا إذَا أَجَازَ الْبَيْعَ، وَأَخَذَ ثَمَنَهُ فَحِينَئِذٍ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ أَيْضًا فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الرَّاهِنِ، فَقَدْ تَمَّ الرَّهْنُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ وَيُبْطِلُ الْبَيْعَ، وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَدْلِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْعَدْلَ فَالْعَدْلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَعْطَاهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَإِنْ وَضَعَا الرَّهْنَ عَلَى يَدِهِ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ وَضَعَاهُ عَلَى يَدِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهُوَ أَيْضًا جَائِزٌ وَلَكِنَّ عُهْدَةَ الْبَيْعِ لَا تَكُونُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَتَضَرَّرُ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتْوَى مَالِيَّتَهُ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْعُهْدَةُ عَلَى الَّذِي سَلَّطَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَكَذَا الصَّبِيُّ الْحُرُّ الَّذِي يَعْقِلُ إذَا جَعَلَ عَدْلًا فَهُوَ، وَالْعَبْدُ سَوَاءٌ فَإِنْ كَانَ أَبُوهُ أَذِنَ لَهُ فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الَّذِي أَمَرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبُوهُ أَذِنَ لَهُ فَاسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الَّذِي قَبَضَ الْمَالَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي انْتَفَعَ بِهَذَا الْعَقْدِ حِينَ سَلَّمَ الثَّمَنَ لَهُ، وَإِذَا رَجَعَ عَلَيْهِ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَالِهِ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ كَانَ مَأْمُورًا مِنْ جِهَتِهِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ بَيْعُهُ، وَقَبَضَ الثَّمَنَ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [بَيَانُ مَنْ يَصْلُحُ عَدْلًا فِي الرَّهْنِ وَمَنْ لَا يَصْلُحُ] (وَأَمَّا بَيَانُ مَنْ يَصْلُحُ عَدْلًا فِي الرَّهْنِ، وَمَنْ لَا يَصْلُحُ) فَالْمَوْلَى لَا يَصْلُحُ عَدْلًا فِي رَهْنِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ حَتَّى لَوْ رُهِنَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَلَى أَنْ يَضَعَ عَلَى يَدِ مَوْلَاهُ لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَالْعَبْدُ يَصْلُحُ عَدْلًا فِي رَهْنِ مَوْلَاهُ حَتَّى لَوْ رَهَنَ إنْسَانٌ عَلَى أَنْ يَضَعَ فِي يَدِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ يَصِحُّ الرَّهْنُ، وَالْمَوْلَى يَصْلُحُ عَدْلًا فِي رَهْنِ مُكَاتَبِهِ، وَالْمُكَاتَبُ يَصْلُحُ عَدْلًا فِي رَهْنِ مَوْلَاهُ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ لَا يَصْلُحُ عَدْلًا فِي رَهْنِ الْكَفِيلِ، وَكَذَا الْكَفِيلُ لَا يَصْلُحُ عَدْلًا فِي رَهْنِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَأَحَدُ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ لَا يَصْلُحُ عَدْلًا فِي رَهْنِ صَاحِبِهِ بِدَيْنِ التِّجَارَةِ، وَكَذَا أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ لَا يَصْلُحُ عَدْلًا فِي رَهْنِ صَاحِبِهِ بِدَيْنِ التِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ التِّجَارَةِ فَهُوَ جَائِزٌ فِي الشَّرِيكَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ صَاحِبِهِ فِي غَيْرِ دَيْنِ التِّجَارَةِ فَلَمْ تَكُنْ يَدُهُ كَيَدِ صَاحِبِهِ، وَرَبُّ الْمَالِ لَا يَصْلُحُ عَدْلًا فِي رَهْنِ الْمُضَارِبِ، وَلَا الْمُضَارِبُ فِي رَهْنِ رَبِّ الْمَالِ، وَالْأَبُ لَا يَصْلُحُ عَدْلًا فِي رَهْنِهِ بِثَمَنِ مَا اشْتَرَى لِلصَّغِيرِ فَإِنْ اشْتَرَى الْأَبُ لِلصَّغِيرِ شَيْئًا وَرَهَنَ بِثَمَنِ مَا اشْتَرَى لَهُ عَلَى أَنْ يَضَعَهُ عَلَى يَدِ نَفْسِهِ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ، وَالرَّهْنُ

الباب الثالث في هلاك المرهون بضمان أو بغير ضمان

بَاطِلٌ. وَهَلْ يَصْلُحُ الرَّاهِنُ عَدْلًا فِي الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ يَدِهِ بَعْدُ لَا يَصْلُحُ حَتَّى لَوْ شَرَطَ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ، ثُمَّ وُضِعَ عَلَى يَدِهِ جَازَ بَيْعُهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا كَانَ الْعَدْلُ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ فَجَعَلَ الرَّهْنَ عَلَى يَدِهِ لَمْ يَجُزْ، وَلَمْ يَكُنْ رَهْنًا، وَلَوْ كَبِرَ وَعَقَلَ وَبَاعَ الرَّهْنَ جَازَ الْبَيْعُ بِتَسْلِيطِ الرَّاهِنِ إيَّاهُ عَلَى الْبَيْعِ، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ. وَإِذَا كَانَ الْعَدْلُ ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا وَالرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ فِي الْمُعَامَلَاتِ بِمَنْزِلَةِ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ يَدٍ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَنْفُذَ بَيْعُهُ بِتَسْلِيطِ الْمَالِكِ كَمَا يَنْفُذَ بَيْعُهُ بِاعْتِبَارِ مِلْكِهِ فَإِنْ لَحِقَ الْحَرْبِيُّ بِالدَّارِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ، وَهُوَ فِي الدَّارِ فَإِنْ رَجَعَ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ بِالْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ الرَّاجِعُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ هُوَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَالْعَدْلُ ذِمِّيٌّ أَوْ حَرْبِيٌّ مُقِيمٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي هَلَاكِ الْمَرْهُونِ بِضَمَانٍ أَوْ بِغَيْرِ ضَمَانٍ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي هَلَاكِ الْمَرْهُونِ بِضَمَانٍ أَوْ بِغَيْرِ ضَمَانٍ) إذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ فِي يَدِ الْعَدْلِ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَإِلَى الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ سَقَطَ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ سَقَطَ الدَّيْنُ، وَهُوَ فِي الْفَضْلِ أَمِينٌ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ قَدْرُ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِفَضْلِ الدَّيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا رَهَنَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِعَشَرَةٍ فَهَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ سَقَطَ دَيْنُهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ خَمْسَةً يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِخَمْسَةٍ أُخْرَى، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَالْفَضْلُ أَمَانَةٌ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْكَافِي هَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ الصَّحِيحِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمَقْبُوضَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَأَمَّا الْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْبَاطِلِ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ أَصْلًا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ وَالْبَاطِلُ مِنْ الرَّهْنِ مَا لَا يَكُونُ مُنْعَقِدًا أَصْلًا كَالْبَاطِلِ مِنْ الْبُيُوعِ، وَالْفَاسِدُ مِنْ الرَّهْنِ مَا يَكُونُ مُنْعَقِدًا لَكِنْ بِوَصْفِ الْفَسَادِ كَالْفَاسِدِ مِنْ الْبُيُوعِ. وَشَرْطُ انْعِقَادِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مَالًا، وَالْمُقَابَلُ بِهِ يَكُونُ مَالًا مَضْمُونًا إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ فَقْدِ بَعْضِ شَرَائِطِ الْجَوَازِ يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ لِوُجُودِ شَرْطِ الِانْعِقَادِ لَكِنْ بِصِفَةِ الْفَسَادِ لِانْعِدَامِ شَرْطِ الْجَوَازِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ مَالًا أَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُقَابَلُ بِهِ مَضْمُونًا لَا يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ أَصْلًا فَعَلَى هَذَا تَخْرُجُ الْمَسَائِلُ هَذَا بَيَانُ حُكْمِ الْهَلَاكِ، وَأَمَّا حُكْمُ النُّقْصَانِ فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ مِنْ حَيْثُ الْعَيْنُ يُوجِبُ سُقُوطَ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ السِّعْرُ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا بَرِئَ الرَّاهِنُ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ أَدَاءٍ، وَلَا إيفَاءٍ إمَّا بِالْهِبَةِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ، ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ الرَّاهِنِ هَلَكَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَهْلِكُ أَمَانَةً، وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا. وَأَمَّا إذَا بَرِئَ الرَّاهِنُ بِالْإِيفَاءِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ هَلَكَ مَضْمُونًا حَتَّى يَجِبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ

مَا اسْتَوْفَى عَلَى الرَّاهِنِ. اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ، وَأَعْطَاهُ بِالثَّمَنِ رَهْنًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدَ حُرًّا أَوْ اُسْتُحِقَّ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَبِهَا رَهْنٌ عِنْدَ صَاحِبِ الْمَالِ فَقَضَى رَجُلٌ دَيْنَ الرَّاهِنِ تَطَوُّعًا سَقَطَ الدَّيْنُ، وَكَانَ لِلْمَطْلُوبِ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ حَتَّى هَلَكَ الرَّهْنُ كَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمُتَطَوِّعِ مَا أَخَذَ، وَيَعُودُ مَا أَخَذَ إلَى الْمُتَطَوِّعِ لَا إلَى مِلْكِ الْمُتَطَوَّعِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا أَحَالَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ عَلَى رَجُلٍ بِمَالٍ وَهَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ ذَلِكَ يَهْلِكُ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْأَصْلِ مَا إذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ أَنْ يَأْخُذَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ قَالُوا: ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الزِّيَادَاتِ فِي مَوْضِعَيْنِ ذَكَرَ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا رَهَنَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَكَانَ هَذَا التَّصَادُقُ بَعْدَمَا هَلَكَ الرَّهْنُ كَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرُدَّ أَلْفًا عَلَى الرَّاهِنِ، فَأَمَّا إذَا تَصَادَقَا قَبْلَ هَلَاكِ الرَّهْنِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ هَلْ يَهْلِكُ مَضْمُونًا أَوْ أَمَانَةً ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَصَّ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ يَهْلِكُ أَمَانَةً كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَهَنَ عَيْنًا ثُمَّ دَفَعَ عَيْنًا أُخْرَى مَكَانَهَا، وَأَخَذَهَا الْمُرْتَهِنُ جَازَ لَكِنَّ الرَّهْنَ هُوَ الْأَوَّلُ مَا لَمْ يَرُدَّهُ وَبَعْدَهُ يَصِيرُ الثَّانِي رَهْنًا ثُمَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَ الرَّهْنَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ، وَلَوْ بَقِيَ دِرْهَمٌ. وَلَوْ أَدَّى الدَّيْنَ أَوْ بَعْضَهُ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَسْتَرِدُّ الزِّيَادَةَ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ إذَا رَهَنَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَجَاءَ بِجَارِيَةٍ فَقَالَ: خُذْهَا وَرُدَّ إلَيَّ الْعَبْدَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَا يَسْقُطُ ضَمَانُ الْأَوَّلِ حَتَّى يَرُدَّهُ، وَالثَّانِي أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ حَتَّى يَرُدَّ الْأَوَّلَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَارَتْ الْجَارِيَةُ مَضْمُونَةً فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَوَّلِ خَمْسَمِائَةٍ، وَقِيمَةُ الثَّانِي أَلْفًا، وَالدَّيْنُ كَذَلِكَ يَهْلِكُ بِالْأَلْفِ، وَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّانِي خَمْسَمِائَةٍ، وَقِيمَةُ الْأَوَّلِ أَلْفًا فَهَلَكَ الثَّانِي فِي يَدِهِ هَلَكَ بِخَمْسِمِائَةٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَهَنَ حِنْطَةً ثُمَّ قَالَ: خُذْ الشَّعِيرَ مَكَانَهَا فَأَخَذَهُ وَرَدَّ نِصْفَهَا ثُمَّ هَلَكَ الشَّعِيرُ، وَمَا بَقِيَ مِنْهَا هَلَكَ مَا بَقِيَ بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَلَا يَضْمَنُ الشَّعِيرَ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. رَجُلٌ رَهَنَ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ فَمَاتَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بَطَلَ الدَّيْنُ بِطَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ. وَكَذَا الرَّهْنُ بِالسَّلَمِ إذَا هَلَكَ يَبْطُلُ السَّلَمُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ. وَإِذَا ارْتَهَنَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ ثَوْبًا، وَقَبْضُهُ وَقِيمَتُهُ وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ فَاسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ، وَيَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ. وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَ قِيمَتَهُ أَيَّهُمَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَنَّ الرَّاهِنَ كَانَ غَاصِبًا، وَالْمُرْتَهِنَ غَاصِبَ الْغَاصِبِ، فَإِنْ ضَمِنَ الرَّاهِنُ كَانَ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِقِيمَةِ الرَّهْنِ، وَيَرْجِعُ بِالدَّيْنِ أَيْضًا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ عَبْدًا فَأَبَقَ فَضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الْمُرْتَهِنَ قِيمَتَهُ، وَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ وَبِالدَّيْنِ ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ لِلرَّاهِنِ، وَلَا يَكُونُ رَهْنًا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ أَمَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ مَاتَتْ هِيَ وَأَوْلَادُهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ قِيمَتَهَا إنْ شَاءَ الْمُرْتَهِنَ، وَإِنْ شَاءَ الرَّاهِنَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَاحِدًا مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا أَخَذَ رَهْنًا بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ كَذَا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يُقْرِضَهُ هَلَكَ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِمَّا سَمَّى لَهُ مِنْ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ بِسَوْمِ الرَّهْنِ فَكَانَ مَضْمُونًا كَالْمَقْبُوضِ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: أَعْطِ الرَّهْنَ لِلدَّلَّالِ حَتَّى يَبِيعَهُ وَخُذْ دَرَاهِمَكَ فَأَعْطَاهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا رَهَنَ ثَلَاثَةٌ عَبْدًا عِنْدَ رَجُلٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَحَّ، وَإِنْ مَاتَ ذَهَبَ مِنْ دَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْعَبْدِ وَتَرَاجَعُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَعَلَى آخَرَ أَلْفٌ، وَعَلَى آخَرَ خَمْسُمِائَةٍ فَرَهَنُوا عَبْدًا بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا قِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَهَلَكَ صَارَ مُسْتَوْفِيًا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَيْ مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ مَضْمُونٌ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ وَالرَّهْنِ أَقَلَّ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَانِ فَيَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَهِيَ أَلْفَانِ وَالْأَلْفَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ قَدْرُ ثُلُثَيْهَا فَيَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا مِنْ صَاحِبِ أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَمِنْ صَاحِبِ الْأَلْفِ سِتَّمِائَةٍ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ، وَمِنْ صَاحِبِ الْخَمْسِمِائَةِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا وَيَبْقَى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ دَيْنِهِ ثُمَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ يَضْمَنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَاضِيًا مِنْ دَيْنِهِ أَلْفًا ثُلُثُهُ مِنْ نَصِيبِهِ، وَذَلِكَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَثُلُثُهُ مِنْ نَصِيبِ مَنْ عَلَيْهِ أَلْفٌ، وَثُلُثُهُ مِنْ نَصِيبِ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ، فَيَضْمَنُ لَهُمَا مِقْدَارَ مَا قُضِيَ مِنْ دَيْنِهِ مِنْ نَصِيبِهِمَا، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَلْفُ يَضْمَنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ مِائَتَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَتُسْعَيْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَاضِيًا مِنْ دَيْنِهِ سِتَّمِائَةٍ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ ثُلُثُهَا مِنْ نَصِيبِهِ، وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَتِسْعَانِ وَثُلُثُهَا مِنْ نَصِيبِ مَنْ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَثُلُثُهَا مِنْ نَصِيبِ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ فَيَضْمَنُ لِصَاحِبَيْهِ مِقْدَارَ مَا قَضَى دَيْنَهُ مِنْ نَصِيبِهِمَا وَاَلَّذِي عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ صَارَ قَاضِيًا مِنْ دَيْنِهِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا، ثُلُثُهُ مِنْ نَصِيبِهِ. وَذَلِكَ مِائَةٌ وَأَحَدَ عَشَرَ وَتِسْعٌ وَثُلُثُهُ مِنْ نَصِيبِ مَنْ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فَيَضْمَنُ لِصَاحِبَيْهِ مِقْدَارَ مَا قَضَى مِنْ نَصِيبِهِمَا ثُمَّ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَهُمْ تَقَاصَّوا أَوْ لَمْ يَتَقَاصَّوا؛ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ فَمَنْ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ اسْتَوْجَبَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا، وَهُوَ قَدْ اسْتَوْجَبَ عَلَيْهِ مِائَةً وَأَحَدَ عَشَرَ وَتِسْعًا فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِهَذَا الْقَدْرِ، وَيَرْجِعُ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ عَلَيْهِ بِمَا بَقِيَ، وَهُوَ مِائَتَانِ وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَتِسْعَانِ، وَكَذَا مَنْ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ اسْتَوْجَبَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ أَلْفٌ مِائَتَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ وَتِسْعِينَ، وَهُوَ قَدْ اسْتَوْجَبَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ، وَأَحَدَ عَشَرَ وَتِسْعٍ فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِهَذَا الْقَدْرِ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا بَقِيَ، وَهُوَ مِائَةٌ وَأَحَدَ عَشَرَ وَتِسْعٌ، وَكَذَا مَنْ عَلَيْهِ أَلْفٌ اسْتَوْجَبَ الرُّجُوعَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ، وَهُوَ اسْتَوْجَبَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِمِائَتَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ وَتِسْعَيْنِ فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِهَذَا الْقَدْرِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْفَضْلِ، وَهُوَ مِائَةٌ وَأَحَدَ عَشَرَ وَتِسْعٌ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيَصِحُّ الرَّهْنُ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَثَمَنِ الصَّرْفِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنْ رَهْنَ بِرَأْسِ مَالِ الْمُسْلِمِ، وَهَلَكَ الرَّهْنُ فِي الْمَجْلِسِ صَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا لِرَأْسِ مَالِهِ إذَا كَانَ بِهِ وَفَاءٌ، وَالسَّلَمُ جَائِزٌ بِحَالِهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَالْفَاضِلُ أَمَانَةٌ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ صَارَ

مُسْتَوْفِيًا بِقَدْرِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ بِالْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يَهْلِكْ حَتَّى افْتَرَقَا بَطَلَ السَّلَمُ، وَعَلَيْهِ رَدُّ الرَّهْنِ فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الرَّدِّ هَلَكَ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَلَا يَنْقَلِبُ السَّلَمُ جَائِزًا، وَكَذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ إذَا أَخَذَ بِهِ رَهْنًا فَإِنَّهُ إذَا هَلَكَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا إنْ كَانَ بِهِ وَفَاءٌ وَبِقَدْرِهِ إنْ كَانَ أَقَلَّ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَالزِّيَادَةُ أَمَانَةٌ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ هَلَاكِهِ وَهَلَكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ بَطَلَ الصَّرْفُ وَيَجِبُ رَدُّ مِقْدَارِ مَا كَانَ مَرْهُونًا، وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ أَمَانَةً، وَلَوْ أَخَذَ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ رَهْنًا، وَهَلَكَ فِي الْمَجْلِسِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ، وَيَكُونُ فِي الزِّيَادَةِ أَمِينًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ صَارَ مُسْتَوْفِيًا بِقَدْرِهَا، وَرَجَعَ بِالْبَاقِي كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ يَجِبُ عَلَيْهِ مِقْدَارُ مَا كَانَ مَضْمُونًا، وَلَا يَعُودُ السَّلَمُ جَائِزًا كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ تَفَاسَخَا السَّلَمَ وَبِالْمُسْلَمِ فِيهِ رَهْنٌ يَكُونُ ذَلِكَ رَهْنًا بِرَأْسِ الْمَالِ حَتَّى يَحْبِسَهُ بِهِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَحْبِسَهُ بِهِ. وَلَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ التَّفَاسُخِ يَهْلِكُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ لَا بِرَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مَرْهُونٌ بِالطَّعَامِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي رَأْسِ الْمَالِ فِي الْحَبْسِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُهُ، وَقَائِمٌ مَقَامَهُ فَإِذَا هَلَكَ يَهْلِكُ بِالْأَصْلِ كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَسَلَّمَ وَأَخَذَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ لَهُ حَبْسُهُ لِأَخْذِ الْمَبِيعِ، وَلَوْ هَلَكَ الْمَرْهُونُ يَهْلِكُ بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى رَجُلٍ فِي طَعَامٍ مُسَمًّى فَارْتَهَنَ بِهِ عَبْدًا يُسَاوِي ذَلِكَ الطَّعَامَ ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ فِي الْقِيَاسِ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ الْعَبْدَ، وَلَا يَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَ الرَّهْنَ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الرَّهْنَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَأْسَ الْمَالِ فَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمْنَعَهُ فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعْطِيَ مِثْلَ الطَّعَامِ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَيَأْخُذَ رَأْسَ مَالِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لَهُ رَأْسَ الْمَالِ بَعْدَ الصُّلْحِ ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ فَعَلَيْهِ طَعَامُ مِثْلِهِ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ أَقْرَضَ كُرَّ حِنْطَةٍ وَارْتَهَنَ مِنْهُ ثَوْبًا قِيمَتُهُ مِثْلُ قِيمَتِهِ، فَصَالَحَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْكُرُّ عَلَى كُرَّيْ شَعِيرٍ يَدًا بِيَدٍ جَازَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّوْبَ حَتَّى يَدْفَعَ كَرَّيْ الشَّعِيرِ، وَلَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ بَطَلَ طَعَامُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الشَّعِيرِ سَبِيلٌ، وَلَوْ بَاعَهُ الْكُرَّ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا بَطَلَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُمَا افْتَرَقَا عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَبَقِيَ الطَّعَامُ عَلَيْهِ وَالثَّوْبُ رَهْنٌ بِهِ بِخِلَافِ الشَّعِيرِ فَإِنَّهُ عَيْنٌ فَإِنَّمَا افْتَرَقَا هُنَا عَنْ عَيْنٍ بِدَيْنٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الشَّعِيرُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَتَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنْ لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الشَّعِيرَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِمُقَابَلَةِ الْحِنْطَةِ يَكُونُ مَبِيعًا، وَبَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَوْبَيْنِ، وَقَالَ: خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ بِالْمِائَةِ الَّتِي عَلَيَّ فَأَخَذَهُمَا فَضَاعَا فِي يَدِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: لَا يَذْهَبُ بِالدَّيْنِ شَيْءٌ وَجَعَلَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ عَلَيْهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الطَّالِبِ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: خُذْ مِنْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَبَضَهَا فَضَاعَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا ضَاعَتْ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ، وَالدَّيْنُ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبَيْنِ، وَقَالَ: خُذْ أَحَدَهُمَا رَهْنًا بِدَيْنِكَ فَأَخَذَهُمَا، وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَذْهَبُ نِصْفُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ مِثْلَ الدَّيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَهَنَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ بِخَمْسَةٍ وَقَضَى دِينَارَيْنِ ثُمَّ قَالَ: يَكُونُ الرَّهْنُ رَهْنًا بِمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فَهُوَ رَهْنٌ بِالْخَمْسَةِ

حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الرَّاهِنُ بِدِينَارَيْنِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرِ دَرَاهِمَ، وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ الْمَبِيعَ، وَأَعْطَاهُ ثَوْبًا آخَرَ حَتَّى يَكُونَ رَهْنًا بِالثَّمَنِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَمْ يَكُنْ هَذَا رَهْنًا بِالثَّمَنِ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّوْبَ الثَّانِيَ، فَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ الثَّانِي عِنْدَ الْبَائِعِ، وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ يَهْلِكُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَضْمُونًا بِخَمْسَةٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْكُبْرَى إذَا أَعْطَى الْمَدْيُونُ إلَى الدَّائِنِ ثَوْبًا، وَقَالَ: هَذَا رَهْنٌ بِبَعْضِ حَقِّكَ ثُمَّ هَلَكَ فِي يَدِهِ يَهْلِكُ بِمَا شَاءَ الْمُرْتَهِنُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَقَضَاهُ بَعْضَهُ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ عَبْدًا، وَقَالَ: هَذَا رَهْنٌ عِنْدَكَ بِمَا بَقِيَ مِنْ مَالِكَ، أَوْ قَالَ: رَهْنٌ عِنْدَكَ بِشَيْءٍ إنْ كَانَ بَقِيَ لَكَ فَإِنِّي لَا أَدْرِي أَبَقِيَ لَكَ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَبْقَ فَهُوَ رَهْنٌ جَائِزٌ، وَهُوَ رَهْنٌ بِمَا بَقِيَ إنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ. وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَخَذَ رَهْنًا بِالْعَيْبِ فِي الْمُشْتَرِي أَوْ بِالْعَيْبِ فِي الدَّرَاهِمِ الَّتِي اقْتَضَى لَمْ يَجُزْ. وَلَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا، فَقَالَ الْمُقْرِضُ: إنَّهَا لَا تَكْفِيَكَ لَكِنْ ابْعَثْ إلَيَّ بِرَهْنٍ حَتَّى أَبْعَثَ إلَيْكَ مَا يَكْفِيَكَ فَبَعَثَ إلَيْهِ بِالرَّهْنِ فَضَاعَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الرَّهْنِ وَمِنْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ إذَا سَمَّى شَيْئًا، وَرَهَنَ فَهَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ أَنْ يُقْرِضَهُ فَالرَّهْنُ مَضْمُونٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِمَّا سَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى شَيْئًا، فَقَدْ اخْتَلَفَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ قَالَ: أَمْسِكْهُ بِدَرَاهِمَ فَهُوَ مَضْمُونٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَفِي الْمُجَرَّدِ إذَا دَفَعَهُ رَهْنًا لِيُقْرِضَهُ عَشَرَةً فَلَمْ يُقْرِضْهُ، وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّدَّ عَلَيْهِ، وَحَلَفَ ضَمِنَ الْعَشَرَةَ، وَلَوْ أَعْطَاهُ رَهْنًا بِنُقْصَانِ مَا ادَّعَى فَإِنْ ظَهَرَ النُّقْصَانُ فَهُوَ رَهْنٌ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ نِصْفِ الدَّيْنِ. وَلَوْ قَالَ: خُذْ هَذِهِ الْعَشَرَةَ رَهْنًا بِدِرْهَمِكَ، وَكَانَتْ خَمْسَةً يَهْلِكُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ. وَلَوْ رَهَنَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَكَانَتْ خَمْسَةٌ سَتُّوقَةٌ تُسَاوِي دِرْهَمًا فَفِيهَا سُدُسُ الدَّيْنِ. وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ سَلِيمٌ، وَكَانَ مَعِيبًا، وَفِيهِ وَفَاءٌ يَهْلِكُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ، وَبِهِ كَفِيلٌ فَأَخَذَ الطَّالِبُ مِنْ الْكَفِيلِ رَهْنًا، وَمِنْ الْأَصِيلِ رَهْنًا، وَأَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ وَبِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّهْنَيْنِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُ الرَّهْنَيْنِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ هَلَكَ الرَّهْنُ الثَّانِي إنْ كَانَ الرَّاهِنُ الثَّانِي عَلِمَ بِالرَّهْنِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَهْلِكُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَهَلَكَ يَهْلِكُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ الثَّانِيَ يَهْلِكُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِلْمَ وَالْجَهْلَ، وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطَالَبٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَيَجْعَلُ الرَّهْنَ الثَّانِيَ زِيَادَةً فِي الرَّهْنِ فَيَقْسِمُ الدَّيْنَ عَلَى قَدْرِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا فَأَيُّهُمَا هَلَكَ يَهْلِكُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَرَهَنَ أَجْنَبِيٌّ بِالْأَلْفِ عَبْدًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَطْلُوبِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ، وَرَهَنَ بِهَا عَبْدًا آخَرَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَطْلُوبِ أَيْضًا فَهُوَ جَائِزٌ وَالْأَوَّلُ رَهْنٌ بِالْأَلْفِ وَالثَّانِي بِخَمْسِمِائَةٍ، وَفِي آخِرِ رَهْنِ الْأَصْلِ

رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ رَهَنَ بِهَا رَهْنًا يُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ جَاءَ فُضُولِيٌّ وَزَادَهُ فِي الرَّهْنِ مَا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَفْتَكَّ أَحَدَ الرَّهْنَيْنِ بِقَضَاءِ نِصْفِ الْمَالِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَأَيُّهُمَا هَلَكَ هَلَكَ بِنِصْفِ الدَّيْنِ. وَرَوَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا هَلَكَ رَهْنُ الْمَدْيُونِ هَلَكَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ. وَإِذَا هَلَكَ رَهْنُ الْمُتَبَرِّعِ هَلَكَ بِنِصْفِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَكَفَلَ إنْسَانٌ بِإِذْنِ الْمَدْيُونِ فَأَعْطَى الْمَدْيُونُ صَاحِبَ الدَّيْنِ رَهْنًا بِذَلِكَ الْمَالِ ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ أَدَّى الدَّيْنَ إلَى الطَّالِبِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الطَّالِبِ فَإِنَّ الْكَفِيلَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الطَّالِبِ، وَيَرْجِعُ الْمَطْلُوبُ عَلَى الطَّالِبِ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَقْرَضَ الرَّجُلُ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ، وَأَخَذَ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ رَهْنًا بِالطَّعَامِ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَقْرِضَ اشْتَرَى الطَّعَامَ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ بِالدَّرَاهِمِ وَدَفَعَ إلَيْهِ الدَّرَاهِمَ، وَبَرِئَ مِنْ الطَّعَامِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ بِالطَّعَامِ الَّذِي كَانَ قَرْضًا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلَ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ مَا قَبَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَهَنَ عَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ فَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا أَوْ بَانَ حُرًّا، وَقَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: إنْ احْتَجْتَ إلَى أَحَدِهِمَا فَرُدَّهُ إلَيَّ فَرَدَّهُ الْمُرْتَهِنُ فَالْبَاقِي رَهْنٌ بِحِصَّتِهِ لَكِنْ لَا يَفْتَكُّهُ إلَّا بِكُلِّ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَأَعْطَاهُ بِالثَّمَنِ رَهْنًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ ثُمَّ وُجِدَ الْعَبْدُ حُرًّا أَوْ اُسْتُحِقَّ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. اشْتَرَى خَلًّا بِدِرْهَمٍ أَوْ شَاةً عَلَى أَنَّهَا مَذْبُوحَةٌ بِدِرْهَمٍ، وَرَهَنَ بِهِ شَيْئًا ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فَظَهَرَ أَنَّ الْخَلَّ خَمْرٌ، وَالشَّاةَ مَيْتَةٌ يَهْلِكُ مَضْمُونًا؛ لِأَنَّهُ رَهْنٌ بِدَيْنٍ ظَاهِرٍ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَيْتَةً أَوْ حُرًّا، وَرَهَنَ بِالثَّمَنِ شَيْئًا، وَهَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ رَهْنٌ بَاطِلٌ لَا فَاسِدٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. ارْتَهَنَ عَبْدًا بِكُرِّ حِنْطَةٍ فَمَاتَ عِنْدَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْكُرَّ لَمْ يَكُنْ عَلَى الرَّاهِنِ فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ قِيمَةُ الْكُرِّ دُونَ الْعَبْدِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ أَحَالَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِالْمَالِ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ فَهُوَ بِمَا فِيهِ، وَبَطَلَتْ الْحَوَالَةُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. سَأَلَ مِنْ الْبَزَّازِ ثَوْبًا لِيُرِيَهُ غَيْرَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ، فَقَالَ الْبَزَّازُ: لَا أَدْفَعُهُ إلَيْكَ إلَّا بِرَهْنٍ فَرَهَنَ عِنْدَهُ مَتَاعًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ، وَالثَّوْبُ قَائِمٌ فِي يَدِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ لَا يَضْمَنُ الْبَزَّازُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَهَنَ شَجَرَةَ فَرِصَادٍ تُسَاوِي مَعَ الْوَرِقِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَذَهَبَ وَقْتُ الْأَوْرَاقِ وَانْتَقَصَ ثَمَنُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ: يَذْهَبُ مِنْ الدَّيْنِ بِحِصَّةِ النُّقْصَانِ وَلَيْسَ هَذَا كَتَغَيُّرِ السِّعْرِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ فِي الثَّمَنِ لِنُقْصَانٍ فِي نَفْسِ الشَّجَرَةِ أَوْ لِتَنَاثُرِ الْأَوْرَاقِ فَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِهِ، وَقَوْلُ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَشْبَهُ وَأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ؛ لِأَنَّ الْأَوْرَاقَ بَعْدَ ذَهَابِ وَقْتِهَا لَا قِيمَةَ لَهَا أَصْلًا، وَلَا تُقَابَلُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا أَخَذَ عِمَامَةَ الْمَدْيُونِ بِغَيْرِ رِضَاهُ لِتَكُونَ رَهْنًا عِنْدَهُ لَمْ تَكُنْ رَهْنًا بَلْ غَصْبًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ إذَا أَخَذَ عِمَامَةَ الْمَدْيُونِ لِتَكُونَ رَهْنًا عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُهَا وَتَهْلَكُ هَلَاكَ الْمَرْهُونِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ رَجُلٌ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ فَتَقَاضَاهُ وَلَمْ يُعْطِهِ فَرَفَعَ الْعِمَامَةَ عَنْ رَأْسِهِ رَهْنًا

بِدَيْنِهِ وَأَعْطَاهُ مِنْدِيلًا صَغِيرًا يَلُفُّهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ: أَحْضِرْ دَيْنِي حَتَّى أَرُدَّهَا عَلَيْكَ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ وَجَاءَ بِدَيْنِهِ بَعْدَ أَيَّامٍ، وَقَدْ هَلَكَتْ الْعِمَامَةُ فَإِنَّهَا تَهْلِكُ هَلَاكَ الْمَرْهُونِ لَا هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكَهَا رَهْنًا بِدَيْنِهِ، وَالْغَرِيمُ بِتَرْكِهَا عِنْدَهُ وَبِذَهَابِهِ صَارَ رَاضِيًا بِأَنْ تَكُونَ رَهْنًا فَصَارَتْ رَهْنًا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. رَجُلٌ رَهَنَ عَبْدًا وَأَبَقَ سَقَطَ الدَّيْنُ فَإِنْ وُجِدَ عَادَ رَهْنًا، وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِحِسَابِ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ إنْ كَانَ هَذَا أَوَّلَ إبَاقٍ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ أَبَقَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَنْقُصْ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ هَكَذَا ذُكِرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ يَبْطُلُ الدَّيْنُ بِقَدْرِ مَا نَقَصَهُ الْإِبَاقُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي جَعَلَ الرَّهْنَ بِمَا فِيهِ حِينَ أَبَقَ ثُمَّ ظَهَرَ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَرْضٌ مَرْهُونَةٌ غَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْآبِقِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَقِلُّ الْمَاءُ فَتَصِيرُ الْأَرْضُ مُنْتَفَعًا بِهَا، فَكَانَ احْتِمَالُ عَوْدِهَا مُنْتَفَعًا بِهَا قَائِمًا فَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ، وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُخْتَصَرِ لَا حَقَّ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ هَلَكَ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الشَّيْءِ بِخُرُوجِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ كَالشَّاةِ إذَا مَاتَتْ؛ وَلِهَذَا بَطَلَ الْبَيْعُ إذَا صَارَتْ الْأَرْضُ بَحْرًا قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ نَضَبَ الْمَاءُ فَهِيَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهَا فَإِنْ أَفْسَدَ شَيْئًا مِنْهَا ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ رَهَنَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ ثُمَّ صَارَ خَلًّا كَانَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ، وَيَطْرَحُ مِنْ الدَّيْنِ مَا نَقَصَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ تَرْكُهُ بِالدَّيْنِ. وَالشَّاهُ إذَا هَلَكَتْ فَدُبِغَ جِلْدُهَا يَكُونُ رَهْنًا بِحِصَّتِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِعَشَرَةٍ فَصَارَ خَمْرًا ثُمَّ صَارَتْ خَلًّا يُسَاوِي عَشَرَةً فَهُوَ رَهْنٌ بِعَشَرَةٍ يَفْتَكُّهُ بِذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَهَنَ ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا فَصَارَتْ خَلًّا لَا يَنْقُصُ مِنْ قِيمَتِهِ يَبْقَى رَهْنًا ثُمَّ عِنْدَهُمَا يَتَخَيَّرُ الرَّاهِنُ إنْ شَاءَ افْتَكَّ الرَّهْنَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَأَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ خَمْرًا مِثْلَ خَمْرِهِ فَيَصِيرُ الْخَلُّ مِلْكًا لِلْمُرْتَهِنِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ رَهَنَ شَاةً فَمَاتَتْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ فَإِنْ دَبَغَ الْمُرْتَهِنُ جِلْدَهَا فَهُوَ رَهْنٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ الشَّاةِ الْمُشْتَرَاةِ إذَا مَاتَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَيَدْبُغُ الْبَائِعُ جِلْدَهَا، فَإِنَّ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ لَا يَعُودُ رَهْنًا هُنَاكَ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَكَانَتْ الشَّاةُ تُسَاوِي عَشْرَةً، وَالْجِلْدُ يُسَاوِي دِرْهَمًا فَهُوَ رَهْنٌ بِدِرْهَمٍ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّاةُ تُسَاوِي عِشْرِينَ يَوْمَ الرَّهْنِ، وَالدَّيْنُ عَشَرَةٌ، وَكَانَ الْجِلْدُ يُسَاوِي دِرْهَمًا يَوْمَئِذٍ فَالْجِلْدُ رَهْنٌ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَلَوْ ارْتَهَنَ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ خَمْرًا فَصَارَتْ فِي يَدِهِ خَلًّا لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْخُذَ الْخَلَّ، وَلَا يُعْطِيَهُ أَجْرًا، وَالدَّيْنُ كَمَا كَانَ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُسْلِمًا، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ كَافِرًا، وَكَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ رَهَنَ، وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ فَلَهُ أَنْ يَدَعَ الْخَلَّ، وَيُبْطِلَ الدَّيْنَ قِيلَ: هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ ذِمِّيًّا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي فَتَاوَى الدِّينَارِيِّ إذَا رَهَنَ مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ شَيْئًا بِخَمْرٍ، وَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لَا يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِهَلَاكِهِ، وَهَذَا الرَّهْنُ بَاطِلٌ وَيَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَهُ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ هَلَكَ لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ شَيْءٌ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُسْلِمًا، وَالرَّاهِنُ كَافِرًا فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ، وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَالرَّهْنُ

الباب الرابع في نفقة الرهن وما شاكلها

صَحِيحٌ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَيَفْتَكُّهُ بِمِثْلِ الْخَمْرِ أَوْ بِثَمَنِهَا إنْ اشْتَرَى، وَيَهْلِكُ بِمَا فِيهِ لَوْ هَلَكَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَبَى الْبَائِعُ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَدْفَعُ إلَيْكَ الثَّمَنَ حَتَّى تَدْفَعَهَا إلَيَّ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَضَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ حَتَّى يَدْفَعَ الْبَائِعُ إلَيْهِ الْجَارِيَةَ، فَهَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْعَدْلِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي. وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ قَالَ: ضَعْ رَهْنًا بِالثَّمَنِ عَلَى يَدَيْ هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى أَدْفَعَ إلَيْكَ الْجَارِيَةَ، فَوَضَعَ رَهْنًا بِالثَّمَنِ فَهَلَكَ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ بِمِائَةٍ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ مِنْ الْمِائَةِ نِصْفُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَوَّمُ الْعَبْدُ صَحِيحًا وَيُقَوَّمُ أَعْوَرَ فَيَبْطُلُ مَا بَيْنَهُمَا، وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِهِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَإِنْ ذَهَبَتْ عَيْنُ الدَّابَّةِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَقِيمَتُهَا مِثْلُ الدَّيْنِ سَقَطَ رُبْعُ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ ثُمَّ رَهَنَهَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الرَّهْنَ جَائِزٌ فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَنَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ لَا يَذْهَبُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ بِنُقْصَانِ الْوِلَادَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ ضَامِنٌ لِلْفَضْلِ أَوْ اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ إنْ مَاتَ الْعَبْدُ لَا يَبْطُلُ الدَّيْنُ فَإِنَّهُ رَهْنٌ فَاسِدٌ، وَفِي الْكُبْرَى قَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ: إذَا ذَكَرَ لَفْظَ الرَّهْنِ ثُمَّ سُقُوطَ ضَمَانِ الْفَضْلِ أَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ أَمَانَةً فَالرَّهْنُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الرَّهْنِ فَالرَّهْنُ فَاسِدٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ ارْتَهَنَتْ الْمَرْأَةُ رَهْنًا بِصَدَاقِهَا، وَهُوَ مُسَمًّى، وَقِيمَتُهُ مِثْلُهُ ثُمَّ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ، وَلَمْ تَمْنَعْهُ حَتَّى هَلَكَ عِنْدَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا فِيهِ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ثُمَّ لَمْ تَمْنَعْهُ حَتَّى مَاتَ. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى وَأَعْطَاهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ رَهْنًا فَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي نِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسَمَّى فِي النِّكَاحِ الَّذِي فِيهِ تَسْمِيَةٌ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا سَقَطَ جَمِيعُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَهَا الْمُتْعَةُ ثُمَّ فِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ الرَّهْنَ بِالْمُتْعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي نَفَقَةِ الرَّهْنِ وَمَا شَاكَلَهَا] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي نَفَقَةِ الرَّهْنِ وَمَا شَاكَلَهَا) وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِمَصْلَحَةِ الرَّهْنِ بِنَفْسِهِ وَتَبْقِيَتِهِ فَعَلَى الرَّاهِنِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الرَّهْنِ فَضْلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ، وَكَذَا مَنَافِعُهُ مَمْلُوكَةٌ لَهُ فَيَكُونُ إصْلَاحُهُ وَتَبْقِيَتُهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مِثْلُ النَّفَقَةِ مِنْ مَأْكَلِهِ

وَمَشْرَبِهِ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ كِسْوَةُ الرَّقِيقِ، وَأُجْرَةُ ظِئْرِ وَلَدِ الرَّهْنِ، وَكَرْيِ الرَّهْنِ وَسَقْيِ الْبُسْتَانِ، وَتَلْقِيحِ نَخْلِهِ وَجُذَاذِهِ، وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ، وَكُلُّ مَا كَانَ لِحِفْظِهِ كَرَدِّهِ إلَى يَدِ الرَّاهِنِ أَوْ كَرَدِّ جُزْءٍ مِنْهُ كَمُدَاوَاةِ الْجُرْحِ فَهُوَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ مِثْلُ أُجْرَةِ الْحَافِظِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ كَفَنِّهِ عَلَى الرَّاهِنِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَا يَجِبُ عَلَى الرَّاهِنِ إذَا أَدَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ، وَكَذَلِكَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إذَا أَدَّاهُ الرَّاهِنُ، وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ مَا يَجِبُ عَلَى الرَّاهِنِ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَوْ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الرَّاهِنُ إذَا أَدَّى مَا يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَوْ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا غَابَ الرَّاهِنُ فَأَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ غَائِبًا، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَرْجِع عَلَيْهِ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا لَكِنْ أَبَى أَنْ يُنْفِقَ، فَأَمَرَ الْقَاضِي الْمُرْتَهِنَ بِالْإِنْفَاقِ، فَأَنْفَقَ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَإِذَا قَضَى الدَّيْنَ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَمْنَعَ الرَّاهِنَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ النَّفَقَةَ، فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى حَالِهَا كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى النَّفَقَةِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ يَحْلِفُ الرَّاهِنُ عَلَى عِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا، وَهُوَ يُنْكِرُ وَالِاسْتِحْلَافُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ عَلَى الْعِلْمِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَثَمَنُ الدَّوَاءِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ مُطْلَقَةً فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِ الرَّهْنِ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ مُدَاوَاةَ الْجِرَاحَاتِ وَالْقُرُوحِ، وَمُعَالَجَةَ الْأَمْرَاضِ، وَالْفِدَاءَ مِنْ الْجِنَايَةِ بِحَسَبِ قِيمَتِهَا فَمَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الْمَضْمُونِ فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَمَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الْأَمَانَةِ فَعَلَى الرَّاهِنِ وَهَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ قَالَ: إنَّمَا يَجِبُ ثَمَنُ الدَّوَاءِ، وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ أَوْ الْمَرَضُ حَدَثَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ أَمَّا إذَا كَانَ حَادِثًا عِنْدَ الرَّاهِنِ يَجِبُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: لَا بَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّ مَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ مِنْ ذَلِكَ فَثَمَنُ الدَّوَاءِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَمَا كَانَ عِنْدَ الرَّاهِنِ إنْ لَمْ يَزْدَدْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ إلَى زِيَادَةِ مُدَاوَاةٍ، فَالدَّوَاءُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ ازْدَادَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى اُحْتِيجَ فِيهِ إلَى زِيَادَةِ مُدَاوَاةٍ فَالْمُدَاوَاةُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لَكِنْ لَا يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُ: هَذَا أَمْرٌ حَدَثَ عِنْدَكَ، فَإِنْ أَرَدْتَ إصْلَاحَ مَالِكَ وَإِحْيَاءَهُ حَتَّى لَا يُتْوَى مَالُكَ فَدَاوِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: وَحِفْظُ الْمَرْهُونِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ حَتَّى إنَّ الرَّاهِنَ لَوْ شَرَطَ لِلْمُرْتَهِنِ شَيْئًا عَلَى الْحِفْظِ لَا يَصِحُّ، وَلَا يَسْتَحِقُّهُ. وَأَجْرُ الرَّاعِي إذَا كَانَ الرَّهْنُ شَيْئًا يَحْتَاجُ إلَى رَعْيِهِ عَلَى الرَّاهِنِ. وَأَجْرُ

الباب الخامس فيما يجب للمرتهن من الحق في الرهن

الْمَأْوَى وَالْمَرِيضِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَجُعْلُ الْآبِقِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَالْفَضْلُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ وَالدَّيْنِ سَوَاءً أَوْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَقَلَّ، فَالْجُعْلُ كُلُّهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ فَبِقَدْرِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَبِقَدْرِ الزِّيَادَةِ عَلَى الرَّاهِنِ. الرَّهْنُ إذَا كَانَ كَرْمًا فَالْعِمَارَةُ وَالْخَرَاجُ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْنَةُ الْمِلْكِ وَأَمَّا الْعُشْرُ فَفِي الْخَارِجِ يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِي الْبَاقِي بِخِلَافِ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الرَّهْنِ شَائِعًا أَنَّهُ يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِي الْبَاقِي. وَلَوْ كَانَ فِي الرَّهْنِ نَمَاءٌ، وَأَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَجْعَلَ النَّفَقَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا عَلَيْهِ فِي نَمَاءِ الرَّهْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا يَجِبُ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ الْحَقِّ فِي الرَّهْنِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا يَجِبُ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ الْحَقِّ فِي الرَّهْنِ) إذَا مَاتَ الرَّاهِنُ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلِلْمُرْتَهِنِ إمْسَاكُ الرَّهْنِ بِالدَّيْنِ الَّذِي أَرْهَنَ بِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ بِدَيْنٍ آخَرَ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ قَبْلَ الرَّهْنِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَوْ قَضَاهُ بَعْضَ الدَّيْنِ الَّذِي رَهَنَ بِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْكُلَّ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا بَقِيَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِذَا رَهَنَ مِنْ آخَرَ رَهْنًا فَاسِدًا عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ تَنَاقَضَا الرَّهْنَ بِحُكْمِ الْفَسَادِ، وَأَرَادَ الرَّاهِنُ اسْتِرْدَادَ الرَّهْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَرُدَّ عَلَى الْمُرْتَهِنِ مَا أَدَّاهُ الْمُرْتَهِنُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ إنَّمَا أَدَّاهُ الدَّرَاهِمَ مُقَابِلًا بِمَا قَبَضَ مِنْ الرَّهْنِ فَلَا يَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ نَقْضِ يَدِ الْمُرْتَهِنِ مَا لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا أَدَّاهُ فَإِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِالرَّهْنِ مِنْ غُرَمَاءِ الرَّاهِنِ، كَمَا كَانَ حَالَ حَيَاتِهِ، وَلَوْ كَانَ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ رَهْنًا فَاسِدًا، وَسَلَّمَهُ ثُمَّ تَنَاقَضَا الرَّهْنَ وَأَرَادَ الرَّاهِنُ اسْتِرْدَادَ الرَّهْنِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ فَلَهُ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ فَالْمُرْتَهِنُ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالرَّهْنِ مِنْ غُرَمَاءِ الرَّاهِنِ كَمَا لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الرَّاهِنِ حَالَ حَيَاتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ شَيْئًا لَا يَكُونُ رَهْنًا كَانَ لِلرَّاهِنِ حَقُّ أَخْذِ الرَّهْنِ قَبْلَ نَقْدِ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّهْنُ بِدَيْنٍ سَابِقٍ أَوْ بِدَيْنٍ لَاحِقٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا رَهَنَ مِنْ آخَرَ أَعْيَانًا، وَقَبَضَهَا الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ إنَّ الرَّاهِنَ قَضَى بَعْضَ الدَّيْنِ وَأَرَادَ أَنْ يَقْبِضَ بَعْضَ الرَّهْنِ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ بَيَّنَ ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قِيلَ: مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ: فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي النَّوَادِرِ جَوَابَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمِثْلِ مَا أَجَابَ بِهِ فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا تَفَاسَخَا عَقْدَ الرَّهْنِ ثُمَّ أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ حَبْسَهُ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ إلَّا بِالرَّدِّ عَلَى سَبِيلِ الْفَسْخِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الزِّيَادَةِ فِي الرَّهْنِ مِنْ الرَّاهِنِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الزِّيَادَةِ فِي الرَّهْنِ مِنْ الرَّاهِنِ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الرَّهْنِ حَالَ قِيَامِ الْعَقْدِ صَحِيحَةٌ اسْتِحْسَانًا عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -

وَصُورَتُهَا: أَنْ يَرْهَنَ رَجُلٌ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ يَزِيدَ الرَّاهِنُ ثَوْبًا لِيَكُونَ رَهْنًا مَعَ الْعَبْدِ بِالدَّيْنِ الَّذِي رَهَنَ بِهِ الْعَبْدَ صَحَّتْ الزِّيَادَةُ اسْتِحْسَانًا وَالْتُحِقَتْ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَجُعِلَ كَأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ حَتَّى صَارَ الثَّوْبُ مَعَ الْعَبْدِ رَهْنًا مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ الَّذِي رَهَنَ بِهِ الْعَبْدَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ رَهَنَ عِنْدَ آخَرَ عَبْدًا بِمِائَةٍ، وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ ثُمَّ زَادَهُ عَبْدًا آخَرَ قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَمَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ نِصْفُهُ بِمَوْتِهِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ أَمَانَةٌ هَكَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. رَجُلٌ رَهَنَ أَمَةً تُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَزَادَتْ فِي بَدَنِهَا خَيْرًا، أَوْ فِي السِّعْرِ حَتَّى صَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَلَوْ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى، وَهُوَ مُعْسِرٌ سَعَتْ فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ لَا فِي كُلِّ الدَّيْنِ، وَلَوْ لَمْ تَزْدَدْ قِيمَتُهَا، وَلَكِنَّهَا وَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى، وَهُوَ مُعْسِرٌ سَعْيًا فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ لَا فِي قَدْرِ قِيمَتِهَا، وَلَوْ لَمْ تَزْدَدْ، وَلَمْ تَلِدْ لَكِنْ قَتَلَهَا عَبْدٌ يُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَدَفَعَ بِهَا فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى سَعَى فِي أَلْفٍ أَيْضًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَهَنَ أَمَةً بِأَلْفٍ فَوَلَدَتْ فَمَاتَتْ فَزَادَ عَبْدًا، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ وَالزِّيَادَةِ أَلْفٌ فَيُقْسَمُ الدَّيْنُ أَوَّلًا عَلَى الْأُمِّ وَالْوَلَدِ نِصْفَيْنِ سَقَطَ بِهَلَاكِهَا نِصْفُ الدَّيْنِ، وَبَقِيَ فِي الْوَلَدِ نِصْفُ الدَّيْنِ، وَتَبِعَهُ الْعَبْدُ، وَقُسِمَ بَاقِيهِ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْوَلَدِ إلَى وَقْتِ الْفِكَاكِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْوَلَدُ قَبْلَ فَكِّهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَلَدِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ، وَأَنَّ الْأُمَّ هَلَكَتْ بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمْ تَصِحَّ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ أَيْضًا قَبْلَ هَلَاكِ الْوَلَدِ أَوْ بَعْدَ هَلَاكِهِ يَهْلِكُ أَمَانَةً، وَلَوْ لَمْ يَهْلِكْ الْوَلَدُ وَزَادَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا فَصَارَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْفَكِّ أَلْفَيْنِ فَالدَّيْنُ يُقْسَمُ أَوَّلًا عَلَى الْأُمِّ أَثْلَاثًا ثُلُثُهُ فِي الْأُمِّ، وَقَدْ سَقَطَ بِهَلَاكِهَا ثُمَّ يُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ فِي الْوَلَدِ، وَثُلُثُهُ فِي الزِّيَادَةِ، وَإِنْ نَقَصَتْ فَصَارَتْ خَمْسَمِائَةٍ يُقْسَمُ الدَّيْنُ بَيْنَ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ أَثْلَاثًا: ثُلُثَاهُ فِي الْأُمِّ، وَقَدْ سَقَطَ، وَثُلُثُهُ فِي الْوَلَدِ ثُمَّ مَا أَصَابَ الْوَلَدُ يُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ أَثْلَاثًا: ثُلُثُهُ فِي الْوَلَدِ، وَثُلُثَاهُ فِي الزِّيَادَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ رَهَنَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ بِأَلْفَيْنِ، وَازْدَادَ فِي بَدَنِهِ أَوْ فِي سِعْرِهِ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ ثُمَّ دَبَّرَهُ الْمَوْلَى، وَهُوَ مُعْسِرٌ سَعَى الْعَبْدُ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ فَلَوْ لَمْ يَسْعَ الْمُدَبَّرُ فِي شَيْءٍ حَتَّى أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، وَهُوَ مُعْسِرٌ سَعَى فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ هَذَا الْقَدْرِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ عَلَى وَجْهٍ يُسْتَوْفَى مِنْ كَسْبِهِ فَلَا يَسْقُطُ، وَلَوْ زَادَ فِي التَّدْبِيرِ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَعَى فِي أَلْفَيْنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ لَا تَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى إذَا رَهَنَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ حَدَثَ لِلْمُرْتَهِنِ زِيَادَةُ دَيْنٍ عَلَى الرَّاهِنِ بِالِاسْتِقْرَاضِ أَوْ بِالشِّرَاءِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ فَجَعَلَ الرَّهْنَ بِالدَّيْنِ الْقَدِيمِ رَهْنًا بِهِ وَبِالدَّيْنِ الْحَادِثِ فَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَصِيرُ رَهْنًا بِالدَّيْنِ الْحَادِثِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ لَهَلَكَ بِالدَّيْنِ الْقَدِيمِ، وَلَا يَهْلِكُ بِالدَّيْنِ الْحَادِثِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ رَهْنًا بِالدَّيْنِ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ جَمِيعًا حَتَّى يَهْلِكَ بِهِمَا ثُمَّ إذَا صَحَّتْ الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ فَإِنَّمَا تَصِيرُ رَهْنًا بِالدَّيْنِ الْقَائِمِ وَقْتَ شَرْطِ الزِّيَادَةِ دُونَ السَّاقِطِ وَالْمُسْتَوْفَى؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إيفَاءٌ، وَإِيفَاءُ السَّاقِطِ وَالْمُسْتَوْفَى لَا يُتَصَوَّرُ، وَيَنْقَسِمُ الدَّيْنُ عَلَى الْأَصْلِ، وَعَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا غَيْرَ أَنَّ قِيمَةَ الْأَصْلِ تُعْتَبَرُ وَقْتَ الْقَبْضِ بِحُكْمِ الْعَقْدِ وَقِيمَةَ الزِّيَادَةِ تُعْتَبَرُ وَقْتَ الْقَبْضِ بِحُكْمِ الزِّيَادَةِ، وَأَيُّهُمَا هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ إمَّا الْأَصْلُ أَوْ الزِّيَادَةُ هَلَكَ بِمَا فِيهِ مِنْ الدَّيْنِ وَبَقِيَ الْبَاقِي رَهْنًا

بِمَا فِيهِ. (نَمَاءُ الرَّهْنِ نَوْعَانِ) نَوْعٌ لَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ، وَهُوَ مَا لَا يَكُونُ مُتَوَلِّدًا مِنْ الْعَيْنِ، وَلَا يَكُونُ بَدَلًا عَنْ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الْكَسْبِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَأَشْبَاهِهَا، وَنَوْعٌ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ مُتَوَلِّدًا مِنْ الْعَيْنِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ وَالصُّوفِ وَالْوَبَرِ أَوْ يَكُونُ بَدَلًا عَنْ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْعَيْنِ كَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ، وَمَعْنَى دُخُولِ هَذَا النَّوْعِ مِنْ النَّمَاءِ تَحْتَ الرَّهْنِ أَنَّهُ يُحْبَسُ كَمَا يُحْبَسُ الْأَصْلُ أَمَّا لَا يَكُونُ مَضْمُونًا، وَلَا يَسْرِي إلَيْهِ حُكْمُ الضَّمَانِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ النَّمَاءِ قَبْلَ الْفِكَاكِ لَا يَسْقُطُ بِمُقَابَلَتِهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ وَإِذَا كَانَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ النَّمَاءِ رَهْنًا مَعَ الْأَصْلِ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا يَنْقَسِمُ مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصْلِ، وَعَلَى النَّمَاءِ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ بِدُونِ الدَّيْنِ لَا يَكُونُ فَيَجِبُ قِسْمَةُ الدَّيْنِ لَكِنْ بِشَرْطِ بَقَاءِ النَّمَاءِ إلَى وَقْتِ الْفِكَاكِ، فَإِذَا بَقِيَ إلَى وَقْتِ الْفِكَاكِ تَقَرَّرَتْ الْقِسْمَةُ، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ بِمُقَابَلَتِهِ شَيْءٌ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، وَأَنَّ الدَّيْنَ كُلَّهُ كَانَ بِمُقَابَلَةِ الْأُمِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَنْقَسِمُ الدَّيْنُ عَلَى الْأَصْلِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَعَلَى الزِّيَادَةِ يَوْمَ الْفِكَاكِ وَتَفْسِيرُهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْأَصْلِ أَلْفًا وَقِيمَةُ الْوَلَدِ أَلْفًا فَالدَّيْنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فِي الظَّاهِرِ، فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ ذَهَبَ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَبَقِيَتْ الْأُمُّ رَهْنًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَلَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ، وَبَقِيَ الْوَلَدُ فَإِنْ افْتَكَّهُ افْتَكَّهُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَإِنْ هَلَكَ الْوَلَدُ بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ ذَهَبَ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَذَهَبَ كُلُّ الدَّيْنِ بِمَوْتِ الْأُمِّ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَكِنْ انْتَقَصَتْ قِيمَةُ الْأُمِّ بِتَغَيُّرِ السِّعْرِ فَصَارَتْ تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ أَوْ زَادَتْ فَصَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ وَالْوَلَدُ عَلَى حَالِهِ يُسَاوِي أَلْفًا فَالدَّيْنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَا يَتَغَيَّرُ عَمَّا كَانَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ عَلَى حَالِهَا وَانْتَقَصَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ بِعَيْبٍ دَخَلَهُ أَوْ بِتَغَيُّرِ السِّعْرِ فَصَارَتْ تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَالدَّيْنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا الثُّلُثَانِ فِي الْأُمِّ وَالثُّلُثُ فِي الْوَلَدِ وَلَوْ ازْدَادَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ فَصَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَثُلُثَا الدَّيْنِ فِي الْوَلَدِ، وَالثُّلُثُ فِي الْأُمِّ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الْأُمُّ بَقِيَ الْوَلَدُ بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ، وَهَذَا يَطَّرِدُ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ قِيمَةَ الْأُمِّ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَقِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ الْفِكَاكِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ثُمَّ هَذَا النَّوْعُ مِنْ النَّمَاءِ إذَا صَارَ رَهْنًا مَعَ الْأَصْلِ يَعُودُ بِسَبَبِهِ بَعْضُ مَا كَانَ سَاقِطًا مِنْ الدَّيْنِ حَتَّى إنَّ الْمَرْهُونَ إذَا كَانَ جَارِيَةً فَاعْوَرَّتْ حَتَّى سَقَطَ نِصْفُ الدَّيْنِ ثُمَّ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَدًا يَعُودُ بَعْضُ مَا كَانَ سَاقِطًا مِنْ الدَّيْنِ، وَيُجْعَلُ الْوَلَدُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَوَرِ كَالْوَلَدِ الْحَادِثِ قَبْلَ الْعَوَرِ، وَإِذَا صَارَتْ الزِّيَادَةُ الْمَشْرُوطَةُ رَهْنًا مَعَ الْأَصْلِ لَا يَعُودُ بِسَبَبِهَا شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ، وَلَا تُجْعَلُ الزِّيَادَةُ الْمَشْرُوطَةُ بَعْدَ عَوَرِهَا كَالزِّيَادَةِ الْمَشْرُوطَةِ قَبْلَ عَوَرِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَهَنَ أَمَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ بِأَلْفٍ فَاعْوَرَّتْ سَقَطَ نِصْفُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ فَلَوْ زَادَ عَبْدًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ صَحَّتْ لِوُجُودِ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ، وَيُقْسَمُ نِصْفُ الدَّيْنِ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِمَا. فَإِنْ وَلَدَتْ الْعَوْرَاءُ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا قُسِمَ كُلُّ الدَّيْنِ عَلَى الْأَمَةِ وَالْوَلَدِ نِصْفَيْنِ، فَقَدْ جُعِلَ الْوَلَدُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَوَرِ كَالْحَادِثِ قَبْلَ الْعَوَرِ فِي حَقِّ قِسْمَةِ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ فَسَقَطَ بِالْعَوَرِ نِصْفُ مَا فِيهَا، وَهُوَ رُبْعُ كُلِّ الدَّيْنِ، وَبَقِيَ فِيهَا رُبْعُ الدَّيْنِ، وَفِي الْوَلَدِ نِصْفُ الدَّيْنِ غَيْرَ أَنَّ الْوَلَدَ نِصْفُهُ صَارَ أَصْلًا لِفَوَاتِ

نِصْفِ الْأَمَةِ وَنِصْفُهُ بَقِيَ تَبَعًا لِقِيَامِ نِصْفِ الْأَمَةِ، وَيُجْعَلُ رُبْعُ الدَّيْنِ الَّذِي فِي النِّصْفِ التَّابِعِ فِي حَقِّ قِسْمَةِ الزِّيَادَةِ كَأَنَّهُ فِي الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَتْبَعُ النِّصْفَ الَّذِي هُوَ تَبَعٌ فَصَارَ فِي الْأَمَةِ خَمْسُمِائَةٍ، وَفِي الْوَلَدِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ فَانْقَسَمَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهَا صَارَ رَهْنًا مَعَ الْأَمَةِ وَثُلُثُهَا صَارَ رَهْنًا مَعَ نِصْفِ الْأَصْلِ مِنْ الْوَلَدِ ثُمَّ رُبْعُ كُلِّ الدَّيْنِ الَّذِي فِي النِّصْفِ الْأَصْلُ مِنْ الْوَلَدِ يَنْقَسِمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ الزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا، وَقِيمَةُ النِّصْفِ الْأَصْلُ مِنْ الْوَلَدِ خَمْسُمِائَةٍ، وَقِيمَةُ ثُلُثِ الزِّيَادَةِ ثُلُثُ خَمْسِمِائَةٍ فَجَعَلْنَا كُلَّ ثُلُثِ خَمْسِمِائَةٍ سَهْمًا فَصَارَ ثُلُثُ الزِّيَادَةِ سَهْمًا. وَنِصْفُ الْوَلَدِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ فَانْقَسَمَ رُبْعُ الدَّيْنِ عَلَى أَرْبَعَةٍ، وَأَقَلُّ حِسَابٍ لِرُبْعِهِ رُبْعُ سِتَّةَ عَشَرَ فَجَعَلْنَا الدَّيْنَ سِتَّةَ عَشَرَ رُبْعُهُ أَرْبَعَةٌ فَانْقَسَمَ بَيْنَ نِصْفِ الْوَلَدِ، وَبَيْنَ ثُلُثِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعَةٍ، وَفِي الْأَمَةِ نِصْفُ الدَّيْنِ ثَمَانِيَةٌ فَانْقَسَمَ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ ثُلُثَيْ الزِّيَادَةِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِمَا وَقِيمَةُ ثُلُثَيْ الزِّيَادَةِ ثُلُثَا خَمْسِمِائَةٍ، وَقِيمَةُ الْأَمَةِ خَمْسُمِائَةٍ، فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا بِثُلُثِ خَمْسِمِائَةٍ فَجَعَلْنَا كُلَّ ثُلُثِ خَمْسِمِائَةٍ سَهْمًا فَصَارَ الْكُلُّ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ فَانْقَسَمَ نِصْفُ الدَّيْنِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا، وَقِسْمَةُ ثَمَانِيَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ لَا تَسْتَقِيمُ فَضَرَبْنَا أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ فِي مَخْرَجِ خَمْسَةٍ، فَيَكُونُ ثَمَانِينَ فَمِنْهُ تَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ سَقَطَ بِالْعَوَرِ رُبْعُهُ عِشْرُونَ، وَفِي النِّصْفِ الْأَصْلُ مِنْ الْوَلَدِ رُبْعُ الدَّيْنِ، وَهُوَ عِشْرُونَ انْقَسَمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعَةٍ رُبْعُهُ فِي ثُلُثِ الزِّيَادَةِ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةَ عَشَرَ فِي نِصْفِ الْوَلَدِ ثُمَّ الدَّيْنُ الَّذِي فِي الْأَمَةِ، وَهُوَ أَرْبَعُونَ يُقْسَمُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ثُلُثَيْ الزِّيَادَةِ أَخْمَاسًا خُمُسَاهُ فِي ثُلُثَيْ الزِّيَادَةِ سِتَّةَ عَشَرَ. وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ فِي الْأَمَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ انْقَسَمَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ نِصْفِ الْوَلَدِ التَّابِعِ نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ اثْنَا عَشَرَ فَاجْتَمَعَ فِي الزِّيَادَةِ مَرَّةً خَمْسَةٌ وَمَرَّةً سِتَّةَ عَشَرَ فَيَكُونُ الْكُلُّ أَحَدًا وَعِشْرِينَ، وَفِي الْوَلَدِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَفِي الْأَمَةِ اثْنَا عَشَرَ فَيَكُونُ الْكُلُّ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَفْتَكُّ الْعَوْرَاءَ وَوَلَدَهَا بِتِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ ثَمَانِينَ جُزْءًا مِنْ الدَّيْنِ، وَالزِّيَادَةُ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ، وَسَقَطَ عِشْرُونَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُلَقَّبُ بِالْعَوْرَاءِ وَالثَّمَانِينَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَضَى الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ زَادَهُ فِي الرَّهْنِ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفَانِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ تُلْتَحَقُ بِالْخَمْسِمِائَةِ الْبَاقِيَةِ فَتُقْسَمُ عَلَى نِصْفِ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ، وَهِيَ خَمْسُمِائَةٍ، وَعَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ الزِّيَادَةُ، وَهِيَ أَلْفَانِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهَا فِي الْعَبْدِ، وَثُلُثُهَا فِي الْجَارِيَةِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ هَلَكَ بِثُلُثَيْ الْخَمْسِمِائَةِ وَذَلِكَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَلَوْ هَلَكَتْ الْجَارِيَةُ تَهْلِكُ بِالثُّلُثِ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، وَلَوْ قَضَى خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ اعْوَرَّتْ الْجَارِيَةُ قَبْلَ أَنْ يَزِيدَ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ زَادَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ يُقْسَمُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ عَلَى نِصْفِ الْجَارِيَةِ الْعَوْرَاءِ، وَعَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ أَرْبَعَةٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الزِّيَادَةِ وَسَهْمٌ فِي الْجَارِيَةِ الْعَوْرَاءِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَكَلَ الْمُرْتَهِنُ الثِّمَارَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ لَا يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِهِ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَكَلَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ أَكَلَهُ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِهِمَا لَا يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ، وَلَكِنْ لَا تَعُودُ حِصَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْهَلَاكِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ الْهَلَاكِ جُعِلَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَهَذَا اسْتِهْلَاكٌ إلَّا أَنَّهُ بِإِذْنٍ فَلَا يُوجِبُ الضَّمَانَ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْأَصْلُ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ يَهْلِكُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ لَوْ قُسِمَ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الرَّهْنِ وَقِيمَةِ النَّمَاءِ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ، وَكَذَلِكَ لَوْ هَلَكَ الْأَصْلُ أَوَّلًا، وَالنَّمَاءُ قَائِمٌ

الباب السابع في تسليم الرهن عند قبض المال

ثُمَّ أَكَلَ الْمُرْتَهِنُ النَّمَاءَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ أَكَلَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِهِمَا فَلَا تَسْقُطُ حِصَّةُ النَّمَاءِ مِنْ الدَّيْنِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِخِلَافِ الْهَلَاكِ. وَلَوْ أَكَلَهُ الرَّاهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا فَإِنَّ الْآكِلَ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَتَقُومُ مَقَامَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَهَنَ أَمَتَيْنِ بِأَلْفَيْنِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَلْفٌ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا وَلَدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَمَاتَتْ الْأُمُّ، وَبَقِيَ الْوَلَدُ يُقْسَمُ الدَّيْنُ بَيْنَ الْأَمَتَيْنِ ثُمَّ مَا فِي الْأُمِّ يُقْسَمُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا نِصْفَيْنِ فَسَقَطَ بِهَلَاكِ الْأُمِّ رُبْعُ الدَّيْنِ، وَبَقِيَ فِي الْوَلَدِ رُبْعُهُ، وَفِي الْأَمَةِ الْحَيَّةِ نِصْفُهُ فَلَوْ زَادَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَالزِّيَادَةُ تُقْسَمُ عَلَى الْأَمَةِ، وَعَلَى الْوَلَدِ عَلَى قَدْرِ دَيْنِهِمَا أَثْلَاثًا فَثُلُثُهَا يَكُونُ رَهْنًا تَبَعًا لِلْوَلَدِ ثُمَّ الدَّيْنُ الَّذِي فِي الْوَلَدِ يُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ الزِّيَادَةِ الَّتِي هِيَ رَهْنٌ مَعَهُ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ أَلْفٌ، وَقِيمَةُ ثُلُثِ الزِّيَادَةِ ثُلُثُ الْأَلْفِ فَيُجْعَلُ كُلُّ ثُلُثٍ سَهْمًا فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا رُبْعُهُ، وَهُوَ سَهْمُ ثُلُثِ الزِّيَادَةِ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِلْوَلَدِ، وَثُلُثَاهُ تَبَعًا لِلْحَيَّةِ فَيُقْسَمُ مَا فِيهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهَا، وَقِيمَةُ ثُلُثَيْ الزِّيَادَةِ ثُلُثَا الْأَلْفِ، وَقِيمَةُ الْحَيَّةِ أَلْفٌ فَيُجْعَلُ كُلَّ ثُلُثٍ سَهْمًا فَيُقْسَمُ عَلَيْهَا أَخْمَاسًا خُمُسَاهُ فِي ثُلُثَيْ الْعَبْدِ الزِّيَادَةِ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ فِي الْحَيَّةِ وَيَهْلِكُ الْعَبْدُ أَوْ الْحَيَّةُ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ هَلَكَ الْوَلَدُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأُمَّ هَلَكَتْ بِأَلْفٍ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَلَدِ شَيْءٌ، وَأَنَّ الزِّيَادَةَ تَبَعٌ لِلْحَيَّةِ، وَلَوْ زَادَ الْوَلَدُ أَلْفًا، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فِيمَا فِي أُمِّهِ، وَهُوَ أَلْفٌ يُقْسَمُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا أَثْلَاثًا ثُلُثُهُ لِلْأُمِّ سَقَطَ بِهَلَاكِهَا، وَثُلُثَاهُ فِي الْوَلَدِ، وَانْقَسَمَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْحَيَّةِ وَالْوَلَدِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِمَا أَخْمَاسًا سَهْمَانِ يَكُونَانِ رَهْنًا مَعَ الْوَلَدِ وَقُسِمَ مَا فِي الْوَلَدِ مِنْ الدَّيْنِ، وَهُوَ ثُلُثَا الْأَلْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خُمُسَيْ الزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا أَسْدَاسًا سَهْمٌ فِي الزِّيَادَةِ، وَخَمْسَةُ أَسْهُمٍ فِي الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ خُمُسَيْ الزِّيَادَةِ أَرْبَعُمِائَةٍ، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَيُجْعَلُ كُلُّ أَرْبَعِمِائَةٍ سَهْمًا فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ سِتَّةَ أَسْهُمٍ، وَثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ تَكُونُ رَهْنًا تَبَعًا لِلْأَمَةِ، وَيُقْسَمُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي الْأَمَةِ، وَهُوَ أَلْفٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا، وَقِيمَةُ ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الزِّيَادَةِ سِتُّمِائَةٍ، وَقِيمَةُ الْأَمَةِ أَلْفٌ، فَيُجْعَلُ كُلُّ مِائَتَيْنِ سَهْمًا، فَيَكُونُ الْكُلُّ ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ لِلْأَمَةِ، وَثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الزِّيَادَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا وَلَدَتْ الْمَرْهُونَةُ وَلَدَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً مَعًا أَوْ مُتَفَرِّقِينَ فَذَلِكَ سَوَاءٌ، وَيُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ الْعَقْدِ، وَعَلَى قِيمَتِهِمْ يَوْمَ الْفِكَاكِ، وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ وَلَدَ الْوَلَدُ وَلَدًا فَكَأَنَّهُمَا فِي الْحُكْمِ وَلَدَانِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي تَسْلِيمِ الرَّهْنِ عِنْدَ قَبْضِ الْمَالِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي تَسْلِيمِ الرَّهْنِ عِنْدَ قَبْضِ الْمَالِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ: رَجُلٌ رَهَنَ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَجَاءَ الْمُرْتَهِنُ يَطْلُبُ دَيْنَهُ فَأَبَى الرَّاهِنُ ذَلِكَ حَتَّى يُحْضِرَ الْمُرْتَهِنُ الْجَارِيَةَ، وَالرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي مِصْرِهِمَا أَنَّهُ يُؤْمَرُ الْمُرْتَهِنُ بِإِحْضَارِ الْجَارِيَةِ أَوَّلًا، وَلَوْ لَقِيَهُ فِي غَيْرِ الْمِصْرِ الَّذِي رَهَنَهُ فِيهِ، وَطَالَبَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَأَبَى الرَّاهِنُ ذَلِكَ حَتَّى يُحْضِرَ الرَّهْنَ أُجْبِرَ الرَّاهِنُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَلَا يُؤْمَرُ الْمُرْتَهِنُ بِإِحْضَارِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّهْنُ شَيْئًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ أَوْ لَا حَمْلَ لَهُ، وَلَا مُؤْنَةَ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ قَالَ: هَذَا الْجَوَابُ فِي الَّذِي لَا حَمْلَ لَهُ، وَلَا مُؤْنَةَ جَوَابُ الْقِيَاسِ

وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى إحْضَارِ الرَّهْنِ أَوَّلًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: مَا ذُكِرَ جَوَابُ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: الْجَارِيَةُ فِي مَنْزِلِي فَادْفَعْ الدَّيْنَ إلَيَّ حَتَّى تَذْهَبَ مَعِي، وَتَأْخُذَهَا فِي الْمَنْزِلِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَيُؤْمَرُ بِإِحْضَارِ الرَّهْنِ، فَإِذَا أَحْضَرَهُ يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَوَّلًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مُنَجَّمٍ فَرَهَنَهُ بِالْمَالِ كُلِّهِ رَهْنًا يُسَاوِيهِ فَحَلَّ نَجْمٌ فَطَالَبَهُ الْمُرْتَهِنُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ وَأَبَى الرَّاهِنُ أَدَاءَهُ حَتَّى يُحْضِرَ الرَّهْنَ لَا يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى إحْضَارِ الرَّهْنِ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، فَإِنْ قَالَ الرَّاهِنُ: قَدْ تَوَى الرَّهْنُ وَصَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ فَلَيْسَ لَهُ عَلَيَّ قَضَاءُ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ، وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِحْضَارِهِ لِيَصِيرَ حَالُهُ مَعْلُومًا، فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَأْمُرَهُ بِالْإِحْضَارِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ قَالَ: إذَا كَانَا فِي الْمِصْرِ الَّذِي رَهَنَهُ فِيهِ يَأْمُرُهُ بِالْإِحْضَارِ، وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي فِي الْمِصْرِ أَنْ لَا يُكَلِّفَهُ إحْضَارَ الرَّهْنِ وَيُحَلِّفَهُ أَلْبَتَّةَ بِاَللَّهِ مَا ضَاعَ الرَّهْنُ، وَلَا تَوَى، وَيَأْمُرُ الرَّاهِنَ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا حَلَّ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنِهِ فَعَلَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، وَأَمَرَ أَنْ يُودِعَهُ غَيْرَهُ فَفَعَلَهُ الْعَدْلُ ثُمَّ جَاءَ الْمُرْتَهِنُ يَطْلُبُ دَيْنَهُ لَا يُكَلِّفُ الْمُرْتَهِنَ إحْضَارَ الرَّهْنِ وَأَمَرَ الرَّاهِنَ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَمْ يَرْضَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُ مَا لَيْسَ فِي يَدِهِ أَلَا يَرَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْعَدْلِ يَكُونُ غَاصِبًا ضَامِنًا فَكَيْفَ يُلْزِمُهُ إحْضَارُ شَيْءٍ لَوْ أَخَذَهُ يَصِيرُ غَاصِبًا، وَلَوْ أَوْدَعَهُ الْعَدْلُ عِنْدَ مَنْ فِي عِيَالِهِ، وَغَابَ وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ، وَقَالَ الْمُودَعُ: أَوْدَعَنِي فُلَانٌ، وَلَا أَدْرِي لِمَنْ هُوَ أَوْ الْعَدْلُ غَابَ بِالرَّهْنِ، وَلَمْ يَدْرِ أَيْنَ هُوَ لَا يُكَلِّفُ الْمُرْتَهِنَ إحْضَارَ الرَّهْنِ، وَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ عَاجِزٌ عَنْ التَّسْلِيمِ. وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُودَعُ الْإِيدَاعَ، وَقَالَ: هُوَ مَا لِي لَا يَمْلِكُ الْمُرْتَهِنُ قَبْضَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ بِالْجُحُودِ تَوَى الرَّهْنُ فَيَثْبُتُ الِاسْتِيفَاءُ فَلَا يَمْلِكُ قَبْضَ الدَّيْنِ حَتَّى يُثْبِتَ كَوْنَهُ رَهْنًا كَذَا فِي الْكَافِي. رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ جَارِيَةً وَوَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَمَاتَ الْعَدْلُ، وَأَوْدَعَ الرَّهْنَ عِنْدَ مَنْ فِي عِيَالِهِ فَحَضَرَ الْمُرْتَهِنُ يَطْلُبُ دَيْنَهُ مِنْ الرَّاهِنِ، فَقَالَ الرَّاهِنُ: لَا أُعْطِيَكَ حَتَّى تُحْضِرَ الرَّهْنَ، وَقَالَ الْمُودَعُ: أَوْدَعَنِي فُلَانٌ، وَلَا أَدْرِي لِمَنْ هُوَ فَإِنَّ الرَّاهِنَ يُجْبَرُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنْ تَوَى الرَّهْنُ فِي يَدِ الْعَدْلِ رَجَعَ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِمَا أَعْطَاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ ادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّ الرَّهْنَ قَدْ هَلَكَ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ حَلَفَ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُجْبَرْ. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ عَبْدًا فَقَتَلَهُ رَجُلٌ خَطَأً وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ لَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنْ حَلَّ ثُلُثُ الْقِيمَةِ لَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ حَتَّى يُسَلِّمَ لَهُ كُلَّ الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ فَكُلَّمَا حَلَّ شَيْءٌ اقْتَضَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْغَنَمِ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ سَلَّطَ الرَّاهِنُ الْعَدْلَ عَلَى بَيْعِ الْمَرْهُونِ فَبَاعَهُ بِنَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةٍ جَازَ فَلَوْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ لَا يُكَلِّفُ الْمُرْتَهِنَ إحْضَارَ الرَّهْنِ، وَلَا إحْضَارَ بَدَلِهِ، وَهُوَ الثَّمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْإِحْضَارِ، وَكَذَا إذَا أَمَرَ الْمُرْتَهِنَ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ، وَلَمْ يَقْبِضْ لَا يُجْبَرُ عَلَى إحْضَارِ الثَّمَنِ بَلْ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى أَدَاءِ دَيْنِهِ، وَلَوْ قَبَضَهُ يُكَلَّفُ إحْضَارَ الثَّمَنِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ أَوْ الْعَدْلِ، وَأَخَّرَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ أَوْ كَانَ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ يُطَالِبُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ

الباب الثامن في تصرف الراهن أوالمرتهن في المرهون

دَيْنًا بِتَسْلِيطٍ مِنْهُ، فَإِنْ تَوَى الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدَّ الْمُرْتَهِنُ مَا قَبَضَ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ أَوْالْمُرْتَهِنِ فِي الْمَرْهُونِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ: فِي تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ فِي الْمَرْهُونِ) وَتَصَرُّفُ الرَّاهِنِ قَبْلَ سُقُوطِ الدَّيْنِ فِي الْمَرْهُونِ إمَّا تَصَرُّفٌ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ كَالْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِقْرَارِ وَنَحْوِهَا، أَوْ تَصَرُّفٌ لَا يُحْتَمَلُ الْفَسْخُ كَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ أَمَّا الَّذِي يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ لَا يَنْفُذُ بِغَيْرِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ، وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ، وَإِذَا قَضَى الدَّيْنَ وَبَطَلَ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ نَفَذَتْ التَّصَرُّفَاتُ كُلُّهَا. وَلَوْ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ تَصَرُّفَ الرَّاهِنِ نَفَذَ وَخَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا وَالدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ، وَفِي الْبَيْعِ يَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا مَكَانَ الْمَبِيعِ، وَكَذَا إذَا كَانَ تَصَرُّفُهُ فِي الِابْتِدَاءِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَاَلَّذِي لَا يُحْتَمَلُ الْفَسْخُ يَنْفُذُ وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ ثُمَّ إذَا صَارَ حُرًّا عِنْدَنَا، وَخَرَجَ عَنْ حُكْمِ الرَّهْنِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا لَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ، وَالضَّمَانُ عَلَى حَالِهِ عَلَى الرَّاهِنِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًا يُجْبَرُ عَلَى قَضَائِهِ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا، وَحَلَّ الْأَجَلُ فَكَذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَحِلَّ نَفَذَ الْعِتْقُ فَيَأْخُذُ مِنْ الرَّاهِنِ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَيَحْبِسُهَا رَهْنًا مَكَانَ الْعَبْدِ ثُمَّ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ وَرَدَّ الْفَضْلَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ حَبَسَهَا بِالدَّيْنِ، كَمَا كَانَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِي الْأَقَلِّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، أَوْ مُؤَجَّلًا فَيُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ وَقْتَ الرَّهْنِ، وَإِلَى قِيمَتِهِ وَقْتَ الْعَتَاقِ، وَإِلَى الدَّيْنِ فَيَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْهَا ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ إذَا أَيْسَرَ بِمَا سَعَى؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ مُضْطَرًّا. وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ إنْ بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ بَقِيَّةٌ نَحْوُ أَنْ يَرْهَنَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ ازْدَادَتْ ثُمَّ أَعْتَقَهُ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَسْعَى فِي الْأَلْفِ قَدْرَ قِيمَتِهِ وَقْتَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَثْبُتُ فِي قَدْرِ الْأَلْفِ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ يَسْقُطُ ذَلِكَ الْقَدْرُ، وَلَوْ لَمْ يُعْتِقْهُ الرَّاهِنُ، وَلَكِنْ دَبَّرَهُ نَفَذَ تَدْبِيرُهُ، وَبَطَلَ الرَّهْنُ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا، وَالدَّيْنُ حَالٌّ أَخَذَ جَمِيعَ دَيْنِهِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَيَأْخُذُ قِيمَتَهُ مِنْ الرَّاهِنِ، وَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ كَمَا فِي الْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا، وَالدَّيْنُ حَالٌّ فَإِنَّهُ يَسْتَسْعِي الْمُدَبَّرَ فِي جَمِيعِ دَيْنِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَيَسْتَسْعِيهِ فِي جَمِيعِ الْقِيمَةِ وَيَحْبِسُهَا مَكَانَهُ، فَوَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّدْبِيرِ وَالْإِعْتَاقِ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ فِي الْعِتْقِ إذَا كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ السِّعَايَةُ فِي الْأَقَلِّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ. وَفِي التَّدْبِيرِ يَجِبُ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْقِيمَةِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَعَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي جَمِيعِ الْقِيمَةِ، وَفِي الثَّانِي أَنَّ فِي الْإِعْتَاقِ يَرْجِعُ الْعَبْدُ بِمَا سَعَى عَلَى الرَّاهِنِ، وَفِي التَّدْبِيرِ لَا يَرْجِعُ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِالتَّدْبِيرِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَنْ تَكُونَ سِعَايَتُهُ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى فَلَا يَرْجِعُ، وَيَسْعَى فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ، وَبِالْعِتْقِ خَرَجَ مِنْ أَنْ تَكُونَ سِعَايَتُهُ لِلرَّاهِنِ. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ جَارِيَةً فَحَبِلَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَادَّعَاهُ الرَّاهِنُ أَنَّهُ مِنْهُ، فَإِنْ ادَّعَاهُ قَبْلَ الْوَضْعِ صَحَّتْ دَعْوَاهُ وَثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَصَارَ حُرًّا قَبْلَ

أَنْ يَدْخُلَ فِي الرَّهْنِ، وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَخَرَجَتْ عَنْ الرَّهْنِ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْوَلَدِ، وَيَكُونُ حُكْمُ الْجَارِيَةِ كَحُكْمِ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ إذَا دَبَّرَهُ الرَّاهِنُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ وَضَعَتْ حَمْلَهَا أَوَّلًا ثُمَّ ادَّعَاهُ الرَّاهِنُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ أَيْضًا، وَثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَعَتَقَ بَعْدَ مَا دَخَلَ فِي الرَّهْنِ وَصَارَتْ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الدَّيْنِ، وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَخَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ فَيُقَسَّمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الْجَارِيَةِ يَوْمَ رَهَنَتْ، وَعَلَى قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ كَانَتْ الدَّعْوَةُ فَيَكُونُ حُكْمُ الْجَارِيَةِ فِي حِصَّتِهَا مِنْ الدَّيْنِ كَحُكْمِ الْمُدَبَّرِ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ، وَحُكْمُ الْوَلَدِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ كَحُكْمِ الْمُعْتَقِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا إلَّا أَنَّ هُنَا يُنْظَرُ إلَى شَيْئَيْنِ إلَى قِيمَةِ الْوَلَدِ وَقْتَ الدَّعْوَةِ. وَإِلَى حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَيَسْعَى فِي أَقَلِّهِمَا إذَا كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا وَيَرْجِعُ بِمَا سَعَى هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. رَهَنَ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفَيْنِ وَصَارَتْ قِيمَتُهَا أَلْفَيْنِ بِزِيَادَةِ سِعْرٍ، أَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا يَفْتَكُّهُمَا بِأَلْفَيْنِ، وَلَوْ هَلَكَتْ هَلَكَتْ بِأَلْفَيْنِ، وَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى وَهُوَ مُعْسِرٌ سَعَتْ فِي الْأَلْفِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهُمَا سَعْيَا فِي الْأَلْفِ، وَرَجَعَا بِذَلِكَ عَلَى الْمَوْلَى، وَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْمَوْلَى بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَهَنَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ بِأَلْفٍ فَعَادَ سِعْرُهُ إلَى خَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الرَّاهِنُ، وَهُوَ مُعْسِرٌ سَعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ لَا فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ. رَجُلٌ رَهَنَ رَجُلًا عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفَيْنِ وَازْدَادَتْ قِيمَتُهُ فَبَلَغَتْ أَلْفَيْنِ ثُمَّ دَبَّرَهُ الْمَوْلَى، وَهُوَ مُعْسِرٌ فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ، وَلَوْ لَمْ يَسْعَ حَتَّى أَعْتَقَهُ يَسْعَى فِي أَلْفَيْنِ إذَا كَانَ الْعِتْقُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ، فَإِنْ دَبَّرَهُ ثُمَّ ازْدَادَتْ الْقِيمَةُ سَعَى فِي أَلْفَيْنِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ سَعَى فِي أَلْفٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ أَمَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ هِيَ قِيمَتُهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ يُسَاوِي أَلْفًا فَادَّعَاهُ بَعْدَ مَا وَلَدَتْهُ، وَهُوَ مُوسِرٌ ضَمِنَ الْمَالَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَتْ الْأَمَةُ فِي نِصْفِ الْمَالِ، وَالْوَلَدُ فِي نِصْفِهِ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ الْوَلَدُ شَيْئًا حَتَّى مَاتَتْ الْأُمُّ قَبْلَ أَنْ تَفْرُغَ مِنْ السِّعَايَةِ سَعَى، وَلَدُهَا فِي الْأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَمِنْ نِصْفِ الدَّيْنِ، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِمَوْتِ الْأُمِّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَهَنَ رَجُلَانِ رَهْنًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، أَوْ مُعْسِرَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا وَالدَّيْنُ حَالٌّ، أَوْ مُؤَجَّلٌ، فَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ وَالدَّيْنُ حَالٌّ، وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَعَلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ عَلَى شَرِيكِهِ؛ لِأَجَلِ الدَّيْنِ لَا لِأَجَلِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ تَلِفَ بِإِعْتَاقِ أَحَدِهِمَا، وَهُمَا مُوسِرَانِ، وَالدَّيْنُ حَالٌّ فَيُؤَاخَذَانِ بِدَيْنِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا ضَمِنَ الْمُعْتَقُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ نَصِيبَهُ فَيَأْخُذُهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْهُ، وَيَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ إلَى أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ. وَيُنْظَرُ مَاذَا يَخْتَارُ السَّاكِتُ، فَإِنْ اخْتَارَ الضَّمَانَ أَوْ سِعَايَةَ الْعَبْدِ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّهْنِ فَيَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ أَخَذَهُ بِدَيْنِهِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْعِتْقَ فَالْمُرْتَهِنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُعْتَقَ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ حَقَّهُ بِالْإِعْتَاقِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ السَّاكِتَ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ حَقَّهُ فِي بَدَلِهِ فَإِنَّهُ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُعْتَقِ، أَوْ السِّعَايَةُ عَلَى الْعَبْدِ، وَبِالْإِعْتَاقِ بَرِئَا عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا كَانَا لَمُعْسِرَيْنِ، وَالدَّيْنُ حَالٌّ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِي الْأَلْفِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ كُلُّهُ بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ عِنْدَهُمَا فَيَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَارَ نَصِيبُ السَّاكِتِ مُكَاتَبًا، وَالْمُكَاتَبُ

لَا يَصْلُحُ رَهْنًا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ يَدًا، وَالْمُعْتَقُ مُعْسِرٌ، فَكَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ، وَإِذَا أَخَذَ السِّعَايَةَ مِنْ الْعَبْدِ أَخَذَ بِدَيْنِهِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّهْنِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، وَيَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ إلَى أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُعْتَقُ مُوسِرًا وَالسَّاكِتُ مُعْسِرًا، وَالدَّيْنُ حَالٌّ ضَمِنَ الْمُعْتَقُ نَصِيبَهُ مِنْ دَيْنِهِ، وَفِي نَصِيبِ السَّاكِتِ يُنْظَرُ: إنْ اخْتَارَ السِّعَايَةَ، أَوْ الضَّمَانَ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّهْنِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْعِتْقَ ضَمِنَ الْمُعْتَقُ نَصِيبَ السَّاكِتِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ حَقَّهُ فِي الرَّهْنِ، وَيَرْجِعُ الْمُعْتَقُ بِذَلِكَ عَلَى السَّاكِتِ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ مُعْسِرًا وَالسَّاكِتُ مُوسِرًا، وَالدَّيْنُ حَالٌّ يَسْتَسْعِي الْمُرْتَهِنُ الْعَبْدَ فِي نَصِيبِ الْمُعْتَقِ، وَيَأْخُذُ مِنْ السَّاكِتِ نِصْفَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ الرَّهْنَ، وَالدَّيْنُ حَالٌّ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا يَسْتَسْعِي الْمُرْتَهِنُ الْعَبْدَ فِي الْأَلْفِ كُلِّهَا، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ إنْ اخْتَارَ السَّاكِتُ السِّعَايَةَ أَخَذَ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ عَلَيْهِمَا، وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى الْمُعْتَقِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى السَّاكِتِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْعِتْقَ، فَإِذَا قَضَى دَيْنَهُ رَجَعَ بِنِصْفِ السِّعَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ بِدَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّهْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْعَبْدُ بِنِصْفِ السِّعَايَةِ عَلَى السَّاكِتِ وَبِنِصْفِهَا عَلَى الْمُعْتَقِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَدَبَّرَهُ الْآخَرُ، وَهُمَا مُعْسِرَانِ يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي جَمِيعِ الْأَلْفِ ثُمَّ الْعَبْدُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتَقِ بِنِصْفِ السِّعَايَةِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِ، وَهُوَ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُدَبَّرِ بِنِصْفِ السِّعَايَةِ إنْ اخْتَارَ الْعِتْقَ، وَإِنْ اخْتَارَ السِّعَايَةَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِفَضْلِ مَا بَيْنَ نِصْفِ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا وَنِصْفِ قِيمَتِهِ قِنًّا حَتَّى لَوْ كَانَ نِصْفُ قِيمَتِهِ قِنًّا خَمْسَمِائَةٍ، وَنِصْفُ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا أَرْبَعَمِائَةٍ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ، وَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ ضَمِنَا الْأَلْفَ لِلْمُرْتَهِنِ. وَيَسْعَى الْمُدَبَّرُ لِلَّذِي دَبَّرَهُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ تَلِفَ بِإِعْتَاقِ أَحَدِهِمَا، وَالدَّيْنُ حَالٌّ فَيُؤَاخَذَانِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا يَضْمَنُ الْمُعْتَقُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ، وَفِي نَصِيبِ الْمُدَبَّرِ الْمُرْتَهِنِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُعْتَقُ نَصِيبَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُدَبَّرُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّدْبِيرِ أَتْلَفَ حَقَّهُ فِي بَدَلِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْمُدَبَّرِ تَضْمِينُ الْمُعْتَقِ قِيمَةَ نَصِيبِ السَّاكِتِ وَبِالتَّدْبِيرِ بَرِئَ الْمُعْتَقُ مِنْ ضَمَانِ نَصِيبِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْهَنَ الرَّهْنَ، فَإِنْ رَهَنَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ كَانَ لِلرَّاهِنِ الْأَوَّلِ أَنْ يُبْطِلَ الرَّهْنَ الثَّانِيَ، وَيُعِيدَهُ إلَى يَدِهِ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الثَّانِي قَبْلَ الْإِعَادَةِ إلَى الْأَوَّلِ فَالرَّاهِنُ الْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الثَّانِيَ، فَإِنْ ضَمِنَ الْأَوَّلَ فَيَكُونُ ضَمَانُهُ رَهْنًا، وَمَلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ بِالضَّمَانِ فَصَارَ كَأَنَّهُ رَهَنَ مِلْكَ نَفْسِهِ، وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي بِالدَّيْنِ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي يَكُونُ الضَّمَانُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ وَبَطَلَ الرَّهْنُ عِنْدَ الثَّانِي وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ بِمَا ضَمِنَ وَبِدَيْنِهِ. وَلَوْ رَهَنَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ عِنْدَ الثَّانِي بِإِذْنِ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ صَحَّ الرَّهْنُ الثَّانِي، وَبَطَلَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ فَصَارَ كَأَنَّ الْمُرْتَهِنَ اسْتَعَارَ مَالَ الرَّاهِنِ فَرَهَنَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ ارْتَهَنَ الرَّجُلُ دَابَّةً، وَقَبَضَهَا ثُمَّ آجَرَهَا مِنْ الرَّاهِنِ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ، وَيَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَعُودَ فِي الرَّهْنِ، وَيَأْخُذَ الدَّابَّةَ، وَإِنْ آجَرَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ يَخْرُجُ مِنْ الرَّهْنِ، وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لِلرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ يَكُونُ الْأَجْرُ لِلْمُرْتَهِنِ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ

يُعِيدَهَا فِي الرَّهْنِ، وَإِنْ آجَرَهَا الرَّاهِنُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِأَمْرِ الْمُرْتَهِنِ يَخْرُجُ مِنْ الرَّهْنِ وَالْأَجْرُ لِلرَّاهِنِ، وَإِنْ آجَرَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُرْتَهِنِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً، وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهَا فِي الرَّهْنِ، وَإِنْ آجَرَهَا أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ ثُمَّ أَجَازَ الرَّاهِنُ الْإِجَارَةَ كَانَ الْأَجْرُ لِلرَّاهِنِ، وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهَا فِي الرَّهْنِ، وَإِنْ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ دُونَ الرَّاهِنِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً، وَيَكُونُ الْأَجْرُ لِلَّذِي آجَرَهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهَا فِي الرَّهْنِ، وَإِنْ أَجَازَا جَمِيعًا كَانَ الْأَجْرُ لِلرَّاهِنِ. وَيَخْرُجُ مِنْ الرَّهْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ آجَرَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ سَنَةً بِغَيْرِ أَمْرِ الرَّاهِنِ وَانْقَضَتْ السَّنَةُ ثُمَّ أَجَازَ الرَّاهِنُ الْإِجَارَةَ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لَاقَتْ عَقْدًا مَقْضِيًّا مَنْسُوخًا فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْخُذَهُ حَتَّى يَصِيرَ رَهْنًا، كَمَا كَانَ، وَإِنْ أَجَازَ بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ جَازَ، وَنِصْفُ الْأَجْرِ لِلْمُرْتَهِنِ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَنِصْفُهُ لِلرَّاهِنِ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهَا فِي الرَّهْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. اعْلَمْ بِأَنَّ عَيْنَ الرَّهْنِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ فَعَلَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةِ لَا يَغْرَمُ فَكَذَلِكَ إذَا فَعَلَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ بِالرَّهْنِ لَا يَغْرَمُ إلَّا أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا هَلَكَتْ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا، وَالرَّهْنُ إذَا هَلَكَ سَقَطَ الدَّيْنُ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ فَعَلَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةِ يَغْرَمُ فَكَذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِالرَّهْنِ ثُمَّ الْوَدِيعَةُ لَا تُودَعُ، وَلَا تُعَارُ، وَلَا تُؤَاجَرُ كَذَلِكَ الرَّهْنُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُؤَاجِرَ الرَّهْنَ، وَإِذَا آجَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ، وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَالرَّاهِنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ قِيمَتَهُ وَقْتَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمَّنَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَجْرِ مَا اسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ إلَى وَقْتِ الْهَلَاكِ، وَيَكُونُ لَهُ، وَلَا يَطِيبُ، وَإِذَا ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ. وَلَوْ سَلِمَ، وَاسْتَرَدَّهُ الْمُرْتَهِنُ عَادَ رَهْنًا كَمَا كَانَ، وَكَذَلِكَ لَوْ آجَرَهُ الرَّاهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَجُوزُ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُبْطِلَ الْإِجَارَةَ، وَلَوْ آجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، أَوْ آجَرَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ أَجَازَ صَاحِبُهُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَبَطَلَ الرَّهْنُ، فَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لِلرَّاهِنِ، وَتَكُونُ وِلَايَةُ قَبْضِهَا إلَى الْعَاقِدِ، وَلَا يَعُودُ رَهْنًا إذَا انْقَضَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ إلَّا بِالِاسْتِئْنَافِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْمُرْتَهِنُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، وَبَطَلَ الرَّهْنُ إذَا جُدِّدَ الْقَبْضُ لِلْإِجَارَةِ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ

الْإِجَارَةِ، أَوْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا، وَلَمْ يَحْبِسْهُ مِنْ الرَّاهِنِ هَلَكَ أَمَانَةً، وَلَا يَذْهَبُ بِهَلَاكِهِ شَيْءٌ، وَلَوْ حَبَسَهُ عَنْ الرَّاهِنِ بَعْدَمَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ صَارَ غَاصِبًا هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. فَإِنْ رَكِبَ الْمُرْتَهِنُ الدَّابَّةَ أَوْ كَانَ عَبْدًا فَاسْتَخْدَمَهُ، أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ، أَوْ سَيْفًا فَتَقَلَّدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ مِلْكَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَكُونُ كَالْغَاصِبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَلَّدَ السَّيْفَ عَلَى سَيْفٍ أَوْ سَيْفَيْنِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ لَا مِنْ بَابِ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ بِاعْتِبَارِ التَّعَدِّي، وَهُوَ فِي الِانْتِفَاعِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا، فَإِذَا نَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ، وَنَزَعَ الثَّوْبَ وَكَفَّ عَنْ الْخِدْمَةِ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ إنْ هَلَكَ ذَهَبَ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ هَلَكَ فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ بِإِذْنِهِ هَلَكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَعَارَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، أَوْ أَعَارَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ وَلَكِنْ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهُ إلَى يَدِ نَفْسِهِ. وَلَوْ وَلَدَتْ الْمَرْهُونَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ رَاهِنًا كَانَ، أَوْ مُرْتَهِنًا، أَوْ أَجْنَبِيًّا فَالْوَلَدُ رَهْنٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَبِيَدِ الْإِجَارَةِ، وَالرَّهْنُ يُبْطِلُ عَقْدَ الرَّهْنِ وَبِيَدِ الْوَدِيعَةِ لَا يُبْطِلُ عَقْدَ الرَّهْنِ حَتَّى لَوْ أَوْدَعَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهُ إلَى يَدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ مُصْحَفًا، أَوْ كِتَابًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَمَا دَامَ يَقْرَأُ فِيهِ كَانَ عَارِيَّةً، فَإِذَا فَرَغَ عَنْهَا عَادَ رَهْنًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَهَنَ مُصْحَفًا وَأَمَرَهُ بِقِرَاءَتِهِ مِنْهُ إنْ هَلَكَ حَالَ قِرَاءَتِهِ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ الْحَبْسُ فَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ بِإِذْنِهِ تَغَيَّرَ حُكْمُهُ، وَبَطَلَ الرَّهْنُ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِرَاءَةِ هَلَكَ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ لَبِسَ خَاتَمًا فَوْقَ خَاتَمٍ فَهَلَكَ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَجَمَّلُ بِخَاتَمَيْنِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَتَجَمَّلُ بِهِ يَهْلَكُ بِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حَافِظٌ إيَّاهُ، وَقَدْ ذُكِرَ بَعْضُ مَسَائِلِ الْخَاتَمِ فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ طَيْلَسَانًا أَوْ قَبَاءً فَلَبِسَهُ لُبْسًا مُعْتَادًا ضَمِنَ، وَإِنْ حَفِظَهُ عَلَى عَاتِقِهِ فَهَلَكَ يَهْلِكُ رَهْنًا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتِعْمَالٌ وَالثَّانِي حِفْظٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. ، وَلَوْ تَوَاضَعَا أَنْ يَنْتَفِعَ الْمُرْتَهِنُ بِالرَّهْنِ، وَيَكُونُ الرَّهْنُ صَحِيحًا فَالْحِيلَةُ فِيهِ إنْ كَانَ الرَّهْنُ دَارًا أَنْ يَأْذَنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْكُنَ فِي الدَّارِ، وَيُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ

كُلَّمَا نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ إذْنًا مُسْتَقْبَلًا مَا لَمْ يَقْضِهِ هَذَا الرَّاهِنُ دَيْنَهُ، وَيَقْبَلْ الْمُرْتَهِنُ الْإِذْنَ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الرَّهْنُ أَرْضًا فَأَذِنَ لَهُ فِي زَرْعِهَا، أَوْ شَجَرًا، أَوْ كَرْمًا فَأَبَاحَ لَهُ ثِمَارَهَا، أَوْ بَهِيمَةً فَأَبَاحَ لَهُ شُرْبَ أَلْبَانِهَا فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي ذَلِكَ إذْنًا مُسْتَأْنَفًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ، وَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا إمَّا الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بِإِجَازَةٍ صَاحِبِهِ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا، وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إجَازَةِ صَاحِبِهِ فَأَجَازَ صَاحِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا فَكَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا مَكَانَهُ قَبَضَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْبِضْ، فَإِنْ تَوَى الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ تَوَى بَعْدَمَا قَبَضَ مِنْهُ كَانَ التَّوَى عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَكَانَ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ الْحَبْسِ فِي الثَّمَنِ مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْحَبْسِ فِي الرَّهْنِ الَّذِي بِيعَ إلَى أَنْ يَحِلَّ دَيْنُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ قَالَ الْقُدُورِيُّ وَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ الْبَيْعُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ فَالثَّمَنُ رَهْنٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ انْتِقَالَ الْحَقِّ إلَى الثَّمَنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ لَمْ نَجِدْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ رِوَايَةَ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إنْ شَرَطَ فِي الْإِجَازَةِ أَنَّ الثَّمَنَ رَهْنٌ فَهُوَ رَهْنٌ وَإِلَّا، فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ الثَّمَنَ رَهْنٌ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ رَهَنَ رَجُلٌ ثَوْبًا يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَلَبِسَهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، وَانْتَقَصَ مِنْهُ سِتَّةُ دَرَاهِمَ فَلَبِسَهُ مَرَّةً أُخْرَى بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ، وَانْتَقَصَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ ثُمَّ هَلَكَ الثَّوْبُ، وَقِيمَتُهُ عِنْدَ الْهَلَاكِ عَشَرَةٌ قَالُوا: يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ مِنْ دَيْنِهِ، وَيَسْقُطُ مِنْ دَيْنِهِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَقِيمَةُ الثَّوْبِ يَوْمَ الرَّهْنِ عِشْرِينَ كَانَ نِصْفُ الثَّوْبِ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ وَنِصْفُهُ أَمَانَةً، فَإِذَا انْتَقَصَ مِنْ الثَّوْبِ بِلُبْسِهِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ سَنَةً لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ لُبْسَ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَلُبْسِ الرَّاهِنِ فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَمَا انْتَقَصَ بِلُبْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَمَا وَجَبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ تَصِيرُ قِصَاصًا بِقَدْرِهَا مِنْ الدَّيْنِ فَإِذَا هَلَكَ الثَّوْبُ، وَقِيمَتُهُ بَعْدَ النُّقْصَانِ عَشَرَةٌ نِصْفُهَا مَضْمُونٌ، وَنِصْفُهَا أَمَانَةٌ، فَبِقَدْرِ الْمَضْمُونِ يَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ

دِرْهَمٌ وَاحِدٌ فَلِهَذَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَثْمَرَ النَّخْلُ، أَوْ الْكَرْمُ، وَهُوَ رَهْنٌ فَخَافَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الثَّمَرِ الْهَلَاكَ فَبَاعَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، وَكَانَ ضَامِنًا، وَلَوْ بَاعَهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي، أَوْ بَاعَهُ الْقَاضِي بِنَفْسِهِ نَفَذَ الْبَيْعُ، وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ، وَإِنْ جَذَّ الثَّمَرَ وَقَطَفَ الْعِنَبَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْحِفْظِ ، وَحِفْظُ الْمَرْهُونِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: هَذَا إذَا جَذَّ كَمَا يُجَذُّ، وَلَمْ يَحْدُثْ فِيهِ نُقْصَانٌ، فَإِنْ تَمَكَّنَ فِيهِ نَقْصٌ مِنْ عَمَلِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ سَقَطَ حِصَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ فِي الرَّهْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا حَلَبَ الْغَنَمَ وَالْإِبِلَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَتْ شَاةٌ، أَوْ بَقَرَةٌ فَذَبَحَهَا، وَهُوَ يَخَافُ الْهَلَاكَ يَضْمَنُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَالْحَاصِلُ: أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يُزِيلُ الْعَيْنَ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَذَلِكَ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لِلْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ فَعَلَ يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَحْصِينٌ وَحِفْظٌ مِنْ الْفَسَادِ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَحِينَئِذٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يُزِيلُ الْعَيْنَ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي إذَا كَانَ فِيهِ تَحْصِينٌ وَحِفْظٌ عَنْ الْفَسَادِ. فَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ جِنْسُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ إذَا رَهَنَ مِنْ آخَرَ شَاةً تُسَاوِي عَشَرَةً بِعَشَرَةٍ، وَأَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْلِبُ لَبَنَهَا، وَيَشْرَبَ مِنْهَا فَفَعَلَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَفِعْلِ الرَّاهِنِ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ فَعَلَ الرَّاهِنُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ لَا ضَمَانَ، فَكَذَا إذَا فَعَلَهُ الْمُرْتَهِنُ، فَإِنْ حَضَرَ الرَّاهِنُ بَعْدَ ذَلِكَ افْتَكَّهَا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، فَإِنْ هَلَكَتْ الشَّاةُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ الرَّاهِنُ ثُمَّ حَضَرَ الرَّاهِنُ قَالَ: يُقَسَّمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الشَّاةِ يَوْمَ قَبَضَ، وَعَلَى قِيمَةِ اللَّبَنِ يَوْمَ شَرِبَ فَيُسْقِطُ حِصَّةَ الشَّاةِ، وَيَقْضِي حِصَّةَ اللَّبَنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَأَكَلَ الْمُرْتَهِنُ الْوَلَدَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي اللَّبَنِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَكَلَ الْأَجْنَبِيُّ الْوَلَدَ، أَوْ اللَّبَنَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا أَكَلَ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَكَلَ اللَّبَنَ وَالْوَلَدَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَصَارَ الضَّمَانُ مَعَ الشَّاةِ مَحْبُوسًا بِالدَّيْنِ، فَإِنْ هَلَكَتْ الشَّاةُ بَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَتْ بِحِصَّتِهَا مِنْ الدَّيْنِ، وَأَخَذَ الرَّاهِنُ الضَّمَانَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ أَكَلَ الرَّاهِنُ اللَّبَنَ، أَوْ الْوَلَدَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ، وَيَكُونُ الضَّمَانُ

الباب التاسع في اختلاف الراهن والمرتهن في الرهن

مَحْبُوسًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ مَعَ الشَّاةِ، وَإِنْ هَلَكَ هَلَكَ هَدَرًا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ قَائِمٌ مَقَامَ اللَّبَنِ وَالْوَلَدِ، وَلَوْ هَلَكَ اللَّبَنُ، أَوْ الْوَلَدُ هَلَكَ هَدَرًا، فَإِنْ هَلَكَتْ الشَّاةُ بَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَتْ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ هَلَكَتْ بَعْدَ هَلَاكِ الْوَلَدِ وَاللَّبَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ رَهَنَ جَارِيَةً فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا لِلْمُرْتَهِنِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْآدَمِيِّ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي اخْتِلَافِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي اخْتِلَافِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ، وَفِي الشَّهَادَةِ فِيهِ) إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قَدْرِ الْمَرْهُونِ بِهِ فَقَالَ الرَّاهِنُ: إنَّهُ رَهَنَ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بِأَلْفٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: رَهَنْتُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ الَّذِي لَكَ، وَهُوَ أَلْفٌ، وَالرَّهْنُ يُسَاوِي أَلْفًا وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: ارْتَهَنْتُ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَالرَّهْنُ قَائِمٌ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ، وَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ أَنْ يَتَحَالَفَا كَانَ كَمَا قَالَ الْمُرْتَهِنُ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الرَّهْنَ كَانَ بِأَلْفٍ وَاخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْجَارِيَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ زِيَادَةَ ضَمَانٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ ثَوْبَيْنِ هَلَكَ أَحَدُهُمَا فَاخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ

فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ فِي زِيَادَةِ الْقِيمَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الرَّهْنِ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: رَهَنْتَنِي هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: رَهَنْتُ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ. وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِكَ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: قَبَضْتَهُ مِنِّي بَعْدَ الرَّهْنِ فَهَلَكَ فِي يَدِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى دُخُولِهِ فِي الضَّمَانِ، وَالْمُرْتَهِنُ يَدَّعِي الْبَرَاءَةَ، وَالرَّاهِنُ يُنْكِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ اسْتِيفَاءَ الدَّيْنِ، وَبَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ تَنْفِي ذَلِكَ، فَالْبَيِّنَةُ الْمُثْبِتَةُ أَوْلَى، وَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: هَلَكَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ قَبْلَ أَنَّ أَقْبِضَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ يَدَّعِي دُخُولَهُ فِي الضَّمَانِ، وَهُوَ يُنْكِرُ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الضَّمَانَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ بِأَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ إلَى شَهْرٍ، وَجَعَلَ رَجُلًا مُسَلَّطًا عَلَى بَيْعِهَا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ جَاءَ الْمُرْتَهِنُ بِجَارِيَةٍ، وَطَلَبَ مِنْ الْعَدْلِ بَيْعَهَا فَقَالَ الرَّاهِنُ: لَيْسَتْ هَذِهِ جَارِيَتِي إنْ تَصَادَقَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ أَنَّ الْمَرْهُونَةَ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَالدَّيْنُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْمُرْتَهِنُ تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَّا أَنَّ الرَّاهِنَ أَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ هِيَ الْمَرْهُونَةَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ فِي حَقِّ الرَّهْنِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَنْكَرَ الْعَدْلُ، وَقَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ تِلْكَ الْجَارِيَةَ، أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى الْعِلْمِ، فَإِنْ حَلَفَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ نَكِلَ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْعَدْلِ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ، وَهُوَ الْمُرْتَهِنُ فَيُجْبَرُ، وَإِذَا بَاعَ الْعَدْلُ كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَى الْعَدْلِ، وَيَرْجِعُ الْعَدْلُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ حَلَفَ الْعَدْلُ لَا يُجْبَرُ الْعَدْلُ عَلَى الْبَيْعِ، وَيَأْمُرُ الْقَاضِي الرَّاهِنَ بِالْبَيْعِ، فَإِنْ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ لَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ، وَلَكِنْ يَبِيعُهُ الْقَاضِي، كَمَا لَوْ مَاتَ الْعَدْلُ، وَإِذَا بَاعَ الْقَاضِي كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَلَوْ جَاءَ الْمُرْتَهِنُ بِجَارِيَةٍ قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ: لَيْسَتْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ جَارِيَتِي، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: هَذِهِ تِلْكَ الْجَارِيَةُ، وَانْتَقَصَ سِعْرَهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ وَيَحْلِفُ، فَإِنْ حَلَفَ تُجْعَلُ الْجَارِيَةُ هَالِكَةً بِالدَّيْنِ فِي زَعْمِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى الْعَدْلِ إنْ أَقَرَّ الْعَدْلُ بِمَا قَالَ الْمُرْتَهِنُ يُقَالُ: لَهُ بِعْهَا لِلْمُرْتَهِنِ، فَإِذَا بَاعَ دَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ لَا يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ إلَّا إذَا

أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا قَالَ فَيَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ عَلَى الرَّاهِنِ هَذَا إذَا تَصَادَقَا أَنَّ قِيمَةَ الْمَرْهُونَةِ كَانَتْ أَلْفًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: مَا رَهَنْتَنِي إلَّا جَارِيَةً قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا، وَهَذِهِ غَيْرُ تِلْكَ الْجَارِيَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْعَدْلُ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَنْقَصَ مِنْ الدَّيْنِ يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ امْتَنَعَ الْعَدْلُ عَنْ بَيْعِهَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى بَيْعِهَا، أَوْ يَبِيعُهَا الْقَاضِي، وَتَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَبَقِيَّةُ الدَّيْنِ كَذَلِكَ يَكُونُ عَلَى الرَّاهِنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ عَبْدًا فَاخْتَلَفَا فَقَالَ الرَّاهِنُ: كَانَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الرَّهْنِ أَلْفًا فَذَهَبَ بِالِاعْوِرَارِ النِّصْفُ خَمْسُمِائَةٍ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: لَا بَلْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الرَّهْنِ خَمْسَمِائَةٍ، وَإِنَّمَا ازْدَادَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا ذَهَبَ مِنْ حَقِّي الرُّبْعُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِالْحَالِ عَلَى الْمَاضِي فَكَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا لِأَنَّهَا تُثْبِتُ زِيَادَةَ ضَمَانٍ فَكَانَتْ أَوْلَى بِالْقَبُولِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. عِيسَى بْنُ أَبَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الرَّهْنُ ثَوْبًا، وَأَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي لُبْسِهِ فَلَبِسَهُ فَهَلَكَ، وَاخْتَلَفَا فِي هَلَاكِهِ فِي حَالَةِ اللُّبْسِ، أَوْ بَعْدَمَا نَزَعَهُ، وَعَادَ إلَى الرَّهْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ الرَّهْنِ فَلَا يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِي دَعْوَاهُ الْعُودَ إلَى الرَّهْنِ. وَعَنْهُ أَيْضًا رَهَنَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَسَلَّطَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ عَلَى بَيْعِهِ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: بِعْتُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: لَمْ تَبِعْهُ، وَلَكِنْ مَاتَ فِي يَدِكَ فَإِنَّ الرَّاهِنَ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ بَاعَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَلَا يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ لَقَدْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي لُبْسِ ثَوْبٍ مَرْهُونٍ يَوْمًا فَجَاءَ بِهِ الْمُرْتَهِنُ مُتَخَرَّقًا، وَقَالَ: تَخَرَّقَ فِي لُبْسِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَقَالَ: مَا لَبِسْتُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلَا تَخَرَّقَ فِيهِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ، وَإِنْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِاللُّبْسِ فِيهِ، وَلَكِنْ قَالَ: تَخَرَّقَ قَبْلَ اللُّبْسِ، أَوْ بَعْدَهُ، فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ أَصَابَهُ فِي اللُّبْسِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ الضَّمَانِ فَكَانَ الْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى قَدْرِ مَا عَادَ مِنْ الضَّمَانِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ عَبْدًا فَأَقَامَ الرَّاهِنُ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَأَقَامَ الْمُرْتَهِنُ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَبَقَ مِنْ يَدِ الرَّاهِنِ بَعْدَمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: آخُذُ

بِبَيِّنَةِ الْمُرْتَهِنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَالَ: رَهَنْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ وَقَبَضْتَهُ مِنِّي، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: رَهَنْتَنِي هَذَا الْعَبْدَ وَقَبَضْتَهُ مِنْكَ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ إذَا كَانَ الْعَبْدُ وَالثَّوْبُ قَائِمَيْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَا هَالِكَيْنِ، وَقِيمَةُ مَا يَدَّعِيهِ الرَّاهِنُ أَكْثَرُ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: ارْتَهَنْتُهُمَا جَمِيعًا، وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ رَهَنْتُكَ هَذَا وَحْدَهُ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ. وَإِذَا قَالَ الْمُرْتَهِنُ: رَهَنْتَنِي هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتُهُ مِنْكَ وَلِي عَلَيْكَ سِوَى ذَلِكَ مِائَتَا دِينَارٍ لَمْ تُعْطِنِي بِهَا رَهْنًا، وَقَالَ الرَّاهِنُ: غَصَبْتَنِي هَذَا الْعَبْدَ وَلَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِغَيْرِ رَهْنٍ، وَقَدْ رَهَنْتُكَ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ أَمَةً يُقَالُ: لَهَا فُلَانَةُ وَقَبَضْتَهَا مِنِّي، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: لَمْ أَرْتَهِنْ مِنْكَ فُلَانَةَ، وَهِيَ أَمَتُكَ، وَالْعَبْدُ وَالْأَمَةُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الرَّاهِنُ عَلَى دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ يَتَعَلَّقُ بِهِ اللُّزُومُ فِي جَانِبِ الرَّاهِنِ، وَالْمُرْتَهِنُ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا لِنَفْسِهِ لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ فَإِذَا أَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ، فَإِنْ حَلَفَ يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِي الْعَبْدِ، وَإِنْ نَكِلَ عَنْ الْيَمِينِ كَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِأَلْفٍ، وَأَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَلَا يَحْلِفُ فِي الْأَمَةِ بِشَيْءٍ، وَلَكِنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ لَا يَكُونُ لَازِمًا فِي جَانِبِ الْمُرْتَهِنِ فَجُحُودُهُ الرَّهْنَ فِي الْأَمَةِ بِمَنْزِلَةِ رَدِّهِ إيَّاهَا، وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الرَّاهِنِ، فَإِنْ كَانَتْ مَرْهُونَةً عِنْدَهُ فَالِاسْتِحْلَافُ لَا يَكُونُ مُفِيدًا فِيهَا، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ لَهُمَا أُمْضِيَتْ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهَا مُلْزِمَةٌ لِلرَّاهِنِ، وَبَيِّنَةُ الرَّاهِنِ لَا تُلْزِمُ الْمُرْتَهِنَ شَيْئًا فِي الْأَمَةِ فَلَا مَعْنَى لِلْقَضَاءِ بِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ قَدْ مَاتَتْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَحِينَئِذٍ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الرَّاهِنِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي وَلَدِ الْمَرْهُونَةِ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ، وَلَدَتْ عِنْدِي فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ، وَلَمْ يُقِرَّ بِأَخْذِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ ارْتَهَنْتُ الْأُمَّ وَالْوَلَدَ جَمِيعًا، وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ الْأُمُّ وَحْدَهَا، فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَإِنْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مَعَ الْقَبْضِ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ ادَّعَى الرَّهْنَ فَقَطْ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْدِ لَيْسَ بِلَازِمٍ. وَإِنْ جَحَدَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ عَلَى الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ قِبَلِ الْمُرْتَهِنِ سَوَاءٌ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَبْضِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ آخِرًا، وَهُوَ قَوْلُهُمَا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَإِذَا أَقَامَ الرَّاهِنُ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَهَنَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ، وَلَا يَدْرِي مَا صَنَعَ بِالْعَبْدِ

الباب العاشر في رهن الفضة بالفضة والذهب بالذهب

ضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ يُحْتَسَبُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارَ الدَّيْنِ، وَيُرَدُّ الْبَاقِي عَلَى الرَّاهِنِ، وَلَوْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِالرَّهْنِ، وَالْمَوْتُ عِنْدَهُ هَلَكَ بِمَا فِيهِ، وَلَا يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي الزِّيَادَةِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ جُحُودٌ فَلَا يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي رَهْنِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي رَهْنِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ) وَيَجُوزُ رَهْنُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، فَإِنْ رُهِنَتْ بِجِنْسِهَا فَهَلَكَتْ هَلَكَتْ بِمِثْلِهَا مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجَوْدَةِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الْقِيمَةَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، وَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ وَالْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ حَالَةَ الْهَلَاكِ حَالَةُ الِاسْتِيفَاءِ لَا مَحَالَةَ، فَالِاسْتِيفَاءُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوَزْنِ وَعِنْدَهُمَا حَالَةُ الْهَلَاكِ حَالَةُ الِاسْتِيفَاءِ إذَا لَمْ يُفْضِ إلَى الضَّرَرِ. (بَيَانُهُ) إذَا رَهَنَ مُدْهَنَ فِضَّةٍ وَزْنُهُ عَشَرَةٌ بِعَشَرَةٍ، وَهَلَكَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ عَشَرَةٌ سَقَطَ الدَّيْنُ بِالِاتِّفَاقِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ سَقَطَ الدَّيْنُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ، فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ قِيمَتَهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، وَإِنْ انْكَسَرَ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ وَزْنِهِ عَشَرَةٌ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الرَّاهِنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ نَاقِصًا بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ قِيمَتَهُ مِنْ جِنْسِهِ، أَوْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ وَيَكُونُ الضَّمَانُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قَائِمًا مَقَامَ الْأَوَّلِ، وَيَصِيرُ الْمَرْهُونُ مِلْكًا لِلْمُرْتَهِنِ بِالضَّمَانِ، وَلَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى الْفِكَاكِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ نَاقِصًا بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ بِالدَّيْنِ فَيَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ. وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَضْمَنَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ ثَمَانِيَةٌ ضَمِنَ قِيمَتَهُ جَيِّدًا مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ تَحَرُّزًا عَنْ الرِّبَا، أَوْ رَدِيئًا مِنْ جِنْسِهِ، وَيَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ اثْنَا عَشَرَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ بِخِلَافِ جِنْسِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَتَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ قِيمَتِهِ، وَيَكُونُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْمَكْسُورِ مِلْكًا لَهُ

بِالضَّمَانِ، وَسُدُسُ الْمَكْسُورِ يُفْرَزُ حَتَّى لَا يَبْقَى الرَّهْنُ شَائِعًا؛ لِأَنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَالشُّيُوعِ الْمُقَارَنِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ لَا يَمْنَعُ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّمْيِيزِ، وَيَكُونُ مَعَ قِيمَةِ خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْمَكْسُورِ رَهْنًا عِنْدَهُ بِالدَّيْنِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ انْتَقَصَ بِالِانْكِسَارِ مِنْ قِيمَتِهِ دِرْهَمٌ، أَوْ دِرْهَمَانِ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى الْفِكَاكِ بِقَضَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ انْتَقَصَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ يُخَيَّرُ الرَّاهِنُ، فَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ لِلْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ افْتَكَّهُ نَاقِصًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَلَوْ كَانَ وَزْنُهُ ثَمَانِيَةً، وَهَلَكَ سَقَطَ مِنْ دَيْنِهِ ثَمَانِيَةٌ قُلْتُ قِيمَتُهُ، أَوْ كَثُرَتْ. أَوْ سَاوَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْوَزْنِ عِنْدَهُ، وَكَذَا عِنْدَهُمَا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ، فَإِنْ انْتَقَصَتْ، أَوْ زَادَتْ فَكَانَتْ سَبْعَةً، أَوْ تِسْعَةً، أَوْ عَشَرَةً ضَمِنَ قِيمَتَهُ مِنْ خِلَافِهِ، فَإِنْ كَانَتْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ضَمِنَ خَمْسَةَ أَسْدَاسِهِ، وَإِنْ انْكَسَرَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَمَانِيَةً فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - افْتَكَّهُ بِكُلِّ الدَّيْنِ، أَوْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ مِنْ جِنْسِهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِثَمَانِيَةٍ مِنْ الدَّيْنِ اعْتِبَارًا لِحَالَةِ الِانْكِسَارِ بِحَالَةِ الْهَلَاكِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ سَبْعَةً، أَوْ أَكْثَرَ تِسْعَةً، أَوْ عَشَرَةً إنْ شَاءَ الرَّاهِنُ افْتَكَّهُ بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ اثْنَيْ عَشَرَ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ قِيمَةَ خَمْسَةِ أَسْدَاسِهِ، أَوْ يَفْتَكُّهُ بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَكَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ انْتَقَصَ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمَيْنِ، وَلَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى الْفِكَاكِ بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ وَزْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَهَلَكَ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ بِثُلُثَيْهِ. وَالثُّلُثُ أَمَانَةٌ قَلَّتْ قِيمَتُهُ، أَوْ كَثُرَتْ، وَكَذَا عِنْدَهُمَا إنْ كَانَتْ مِثْلَ وَزْنِهِ، أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ، فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ، أَوْ مِثْلَهُ عَشَرَةً ضَمِنَ قِيمَتَهُ مِنْ خِلَافِهِ، وَإِنْ كَانَتْ اثْنَيْ عَشَرَ ضَمِنَ قِيمَةَ خَمْسَةِ أَسْدَاسِهِ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ انْكَسَرَ إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثُلُثَيْهِ قَلَّتْ، أَوْ كَثُرَتْ عِنْدَهُ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ثُلُثَيْهِ بِدَيْنِهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ ثُلُثَهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ عِشْرِينَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ

ضَمَّنَهُ قِيمَةَ نِصْفِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ نِصْفِهِ تَبْلُغُ قَدْرَ الدَّيْنِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ انْتَقَصَ قَدْرَ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ بِالِانْكِسَارِ يُجْبَرُ عَلَى الْفِكَاكِ بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَإِنْ انْتَقَصَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ثُلُثَيْ الرَّهْنِ بِدَيْنِهِ، وَأَخَذَ الثُّلُثَ. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ اثْنَيْ عَشَرَ إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ خَمْسَةِ أَسْدَاسِهِ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ عَشَرَةً، أَوْ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ تِسْعَةً إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ جَمِيعِهِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ عِنْدَهُمَا (فَصَارَتْ الْأَقْسَامُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ فَصْلًا) لِأَنَّ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ سِتَّةَ فُصُولٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، فَثَلَاثَةٌ بِتَقْدِيرِ هَلَاكِهِ وَثَلَاثَةٌ بِتَقْدِيرِ انْكِسَارِهِ، وَالْقِسْمَ الثَّانِيَ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ ثَمَانِيَةً عَشَرَةُ فُصُولٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ سَبْعَةً، أَوْ مِثْلَ وَزْنِهِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ تِسْعَةً، أَوْ عَشَرَةً، أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ وَالْقِسْمَ الثَّالِثَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَيْضًا عَشَرَةُ فُصُولٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ مِثْلَ الدَّيْنِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ، وَأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ فَخَمْسَةٌ بِتَقْدِيرِ الْهَلَاكِ، وَخَمْسَةٌ بِتَقْدِيرِ الِانْكِسَارِ كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ ارْتَهَنَ مِنْ آخَرَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ دِرْهَمٌ، وَفِيهِ فَصٌّ يُسَاوِي تِسْعَةَ دَرَاهِمَ بِعَشَرَةٍ فَهَلَكَ فَهُوَ بِمَا فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْحَلْقَةِ دِرْهَمًا، أَوْ أَكْثَرَ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْفِضَّةِ الَّتِي فِي الْخَاتَمِ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ، فَإِنْ كَانَتْ نِصْفَ دِرْهَمٍ مَثَلًا، فَإِنَّ بِهَلَاكِ الْفَصِّ يَسْقُطُ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ، وَلِلرَّاهِنِ الْخِيَارُ فِي الْفِضَّةِ الَّتِي فِي الْخَاتَمِ إنْ شَاءَ جَعَلَهُ بِدَيْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَلْقَةِ نِصْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدِرْهَمٍ، فَأَمَّا إذَا انْكَسَرَ الْفَصُّ دُونَ الْحَلْقَةِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي كَانَ بِإِزَاءِ الْفَصِّ بِقَدْرِ مَا انْتَقَصَ الْفَصُّ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ انْكَسَرَتْ الْحَلْقَةُ فَالرَّاهِنُ بِالْخِيَارِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحَلْقَةِ دِرْهَمًا، أَوْ أَقَلَّ، فَإِنْ اخْتَارَ التَّرْكَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَتْرُكُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ

أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ بِأَنْ كَانَتْ دِرْهَمًا، وَنِصْفًا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اخْتَارَ التَّرْكَ يُضَمِّنُهُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ دِرْهَمًا وَنِصْفًا وَلَكِنْ مِنْ الذَّهَبِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتْرُكُ عَلَيْهِ ثُلُثَيْ الْحَلْقَةِ بِقِيمَتِهِ مِنْ الذَّهَبِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَوْجَبَ الْكَسْرُ نُقْصَانَ نِصْفِ دِرْهَمٍ قَدْرَ الصِّيَاغَةِ فَإِنَّهُ يُجْبِرُ الرَّاهِنَ عَلَى الْفِكَاكِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَلَا يُخَيَّرُ، وَإِنْ أَوْجَبَ الْكَسْرُ نُقْصَانًا أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ يَتَخَيَّرُ الرَّاهِنُ، وَإِذَا اخْتَارَ التَّرْكَ يُتْرَكُ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ لَا بِالْقِيمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ ارْتَهَنَ سَيْفًا مُحَلَّى، قِيمَةُ السَّيْفِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، وَفِضَّتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَهَلَكَتْ فَهُوَ بِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّ فِي مَالِيَّتِهِ وَفَاءً بِالدَّيْنِ، وَإِنْ انْكَسَرَ النَّصْلُ وَالْحِلْيَةُ بَطَلَ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِ نُقْصَانِ النَّصْلِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ رَهَنَ فُلُوسًا فَكَسَدَتْ، فَقَدْ هَلَكَتْ بِالدَّيْنِ، وَلَوْ رَخَّصَ سِعْرَهُ لَمْ يُعْتَبَرْ، وَلَوْ انْكَسَرَتْ ضَمِنَ الْقِيمَةَ قَدْرَ الدَّيْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ مَلَكَ الْمُرْتَهِنُ بَعْضَ الْقُلْبِ بِالضَّمَانِ يُمَيِّزُ، وَيَكُونُ الْبَاقِي رَهْنًا مَعَ الضَّمَانِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ فُلُوسًا فَغُلَّتْ لَمْ يُعْتَبَرْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ فِي الْأَصْلِ: رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ طَسْتًا، أَوْ تَوْرًا، أَوْ كُوزًا بِدِرْهَمٍ، وَفِي الرَّهْنِ وَفَاءٌ، وَفَضْلٌ، فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ هَلَكَ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ انْكَسَرَ، فَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَا يُوزَنُ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ مِنْ الدَّيْنِ حِصَّةَ النُّقْصَانِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْزُونًا فَإِنَّ الرَّاهِنَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُرِكَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ، وَذِكْرُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: وَمَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا إذَا كَانَ فِي الرَّهْنِ فَضْلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ رَهَنَ رَجُلًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُرَّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَإِنْ هَلَكَ صَارَ الدَّيْنُ مُسْتَوْفًى بِنِصْفِهِ، فَإِنْ أَصَابَهُ مَاءٌ فَعَفِنَ وَانْتَفَخَ إنْ شَاءَ الرَّاهِنُ افْتَكَّهُ بِالدَّيْنِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَ نِصْفِ الْكُرِّ الْجَيِّدِ، وَيَصِيرُ النِّصْفُ الْفَاسِدُ مِلْكًا لِلْمُرْتَهِنِ، وَيَكُونُ مَا ضَمِنَ مَعَ نِصْفِهِ رَهْنًا عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يَجْعَلَ نِصْفَهُ بِالدَّيْنِ إنْ شَاءَ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا

الباب الحادي عشر في المتفرقات

مَلَكَهُ فَضْلٌ لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) رَجُلٌ رَهَنَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا، وَهَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ مَلَكَهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ سَابِقًا عَلَى عَقْدِ الرَّهْنِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ رَهَنَ مِلْكَ نَفْسِهِ، وَأَنَّ الْمُرْتَهِنَ صَارَ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ، فَلَا يَرْجِعُ بِالدَّيْنِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ رَجَعَ بِمَا ضُمِّنَ عَلَى الرَّاهِنِ وَيَرْجِعُ بِالدَّيْنِ عَلَيْهِ أَيْضًا. فَإِذَا شَرَطَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ هُوَ الرَّاهِنَ، وَيَكُونُ الرَّهْنُ عِنْدَهُ يَبِيعُهُ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: إذَا شَرَطَا ذَلِكَ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ. الْوَجْهُ الثَّانِي: إذَا شَرَطَا ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ الرَّهْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ، وَإِذَا قَبَضَهُ صَحَّ ثُمَّ إذَا قَبَضَهُ وَبَاعَهُ الرَّاهِنُ إنْ بَاعَهُ، وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَالثَّمَنُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ بَاعَهُ فَالثَّمَنُ لِلرَّاهِنِ، وَلَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَخَصَّ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَجِنَايَةُ غَيْرِ الرَّاهِنِ عَلَى الرَّهْنِ) لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَتْ فِي النَّفْسِ، أَوْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَتْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، أَوْ فِي مَعْنَى الْخَطَأِ وَالْجَانِي لَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، فَإِنْ كَانَتْ فِي النَّفْسِ عَمْدًا، وَالْجَانِي حُرٌّ فَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَقْتَصَّ إذَا اجْتَمَعَا عَلَى الِاقْتِصَاصِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَاصُ، وَإِنْ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ كَذَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ الِاخْتِلَافَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلِهِ، وَإِنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ، وَإِذَا اقْتَصَّ الْقَاتِلُ سَقَطَ الدَّيْنُ هَذَا إذَا اجْتَمَعَا، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا لَا يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ، وَعَلَى الْقَاتِلِ قِيمَةُ الْمَقْتُولِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَكَانَتْ الْقِيمَةُ رَهْنًا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَأَبْطَلَ الْقَاضِي الْقِصَاصَ ثُمَّ قَضَى الرَّاهِنُ الدَّيْنَ فَلَا قِصَاصَ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ قِيمَتُهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ يَقْبِضُهَا الْمُرْتَهِنُ فَتَكُونُ رَهْنًا ثُمَّ إنْ كَانَ

الرَّهْنُ مُؤَجَّلًا كَانَتْ فِي يَدِهِ إلَى حِلِّ الْأَجَلِ، وَإِذَا حَلَّ، فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ مِنْهَا، وَإِنْ بَقِيَ فِيهَا فَضْلٌ رَدَّهُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْهَا اسْتَوْفَى الدَّيْنَ بِقَدْرِهَا، وَيَرْجِعُ بِالْبَقِيَّةِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ حَبَسَهَا إلَى وَقْتِ الْفِكَاكِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا فَالْحُكْمُ فِيهِ، وَفِيمَا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا فَحَلَّ سَوَاءٌ. وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي ضَمَانِ الِاسْتِهْلَاكِ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ، وَفِي ضَمَانِ الرَّهْنِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَيُعْتَبَرُ حَالُ وُجُودِ السَّبَبِ حَتَّى لَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الرَّهْنِ أَلْفًا فَانْتَقَصَتْ قِيمَتُهُ، وَتَرَاجَعَتْ إلَى خَمْسِمِائَةٍ فَقُتِلَ غَرِمَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ خَمْسَمِائَةٍ وَسَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُمِائَةٍ، وَإِذَا غَرِمَ خَمْسَمِائَةٍ بِالِاسْتِهْلَاكِ كَانَتْ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ رَهْنًا بِمِثْلِهَا مِنْ الدَّيْنِ، وَيَسْقُطُ الْبَاقِي مِنْ الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَهُ الْمُرْتَهِنُ غَرِمَ قِيمَتَهُ، وَالْحُكْمُ فِيهِ، وَفِي الْأَجْنَبِيِّ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ الْجَانِي عَبْدًا، أَوْ أَمَةً يُخَاطَبُ مَوْلَى الْقَاتِلِ بِالدَّفْعِ، أَوْ بِالْفِدَاءِ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ، فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَقْتُولِ مِثْلَ قِيمَةِ الْمَدْفُوعِ، أَوْ أَكْثَرَ فَالْمَدْفُوعُ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى الِافْتِكَاكِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَقْتُولِ أَلْفًا. وَالدَّيْنُ أَلْفٌ، وَقِيمَةُ الْمَدْفُوعِ مِائَةٌ فَهُوَ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ أَيْضًا، وَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى افْتِكَاكِ الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ لَمْ يَكُنْ بِقِيمَةِ الْقَاتِلِ وَفَاءٌ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ فَالرَّاهِنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ الرَّهْنَ نَقَصَ فِي السِّعْرِ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَدَفَعَ بِهِ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ هَذَا إذَا اخْتَارَ مَوْلَى الْقَاتِلِ الدَّفْعَ أَمَّا إذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَإِنَّهُ يَفْدِيهِ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ، وَكَانَتْ الْقِيمَةُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ كَانَ رَهْنًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ دَيْنِهِ، وَيُخَيَّرُ الرَّاهِنُ بَيْنَ الِافْتِكَاكِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَبَيْنَ التَّرْكِ لِلْمُرْتَهِنِ بِالدَّيْنِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي النَّفْسِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، فَإِنْ كَانَ الْجَانِي حُرًّا يَجِبُ أَرْشُهُ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً، أَوْ عَمْدًا، وَكَانَ الْأَرْشُ رَهْنًا مَعَ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ الْجَانِي عَبْدًا يُخَاطَبُ مَوْلَاهُ بِالدَّفْعِ، أَوْ الْفِدَاءِ

بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ بِالْأَرْشِ كَانَ الْأَرْشُ مَعَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ رَهْنًا، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ يَكُونُ الْجَانِي مَعَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ رَهْنًا. (وَأَمَّا جِنَايَةُ الرَّهْنِ عَلَى غَيْرِ الرَّاهِنِ) فَلَا تَخْلُو إمَّا إنْ كَانَتْ عَلَى بَنِي آدَمَ، أَوْ عَلَى غَيْرِ بَنِي آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ سَائِرِ الْأَمْوَالِ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى بَنِي آدَمَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَتْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، أَوْ فِي مَعْنَاهُ، فَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا يُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ رَهْنًا سَوَاءٌ قَتَلَ أَجْنَبِيًّا، أَوْ الرَّاهِنَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ، وَإِذَا قَتَلَ قِصَاصًا سَقَطَ الدَّيْنُ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَأَمَّا إذَا كَانَتْ خَطَأً أَوْ مُلْحَقَةً بِالْخَطَأِ بِأَنْ كَانَتْ شِبْهَ عَمْدٍ، أَوْ كَانَتْ عَمْدًا لَكِنَّ الْقَاتِلَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ يُوجَبُ الدَّفْعُ، أَوْ الْفِدَاءُ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ مَضْمُونًا بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ، أَوْ دُونَهُ نَحْوَ أَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفًا وَالدَّيْنُ أَلْفٌ، أَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَلْفًا، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسُمِائَةٍ يُخَاطَبُ الْمُرْتَهِنُ أَوَّلًا بِالْفِدَاءِ، وَإِذَا فَدَاهُ بِالْأَرْشِ، فَقَدْ اسْتَخْلَصَهُ، وَاصْطَفَاهُ عَنْ الْجِنَايَةِ، وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ أَصْلًا، فَيَبْقَى رَهْنًا كَمَا كَانَ، وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِمَّا فَدَى عَلَى الرَّاهِنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ. وَلَوْ أَبَى الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَفْدِيَ يُخَاطَبُ الرَّاهِنُ بِالدَّفْعِ، أَوْ الْفِدَاءِ، فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ بَطَلَ الرَّهْنُ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ، وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَاضِيًا بِمَا فَدَى حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْفِدَاءَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِحُصُولِ الْجِنَايَةِ فِي ضَمَانِهِ فَيُنْظَرُ إلَى مَا فَدَى، وَإِلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَإِلَى الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْفِدَاءُ مِثْلَ الدَّيْنِ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِثْلُ الدَّيْنِ، أَوْ أَكْثَرُ سَقَطَ الدَّيْنُ، وَإِنْ كَانَ الْفِدَاءُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِثْلُ الدَّيْنِ، أَوْ أَكْثَرُ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ الْفِدَاءِ، وَحُبِسَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِالْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ الْفِدَاءُ قَدْرَ الدَّيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ قَدْرُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَلَا يَسْقُطُ أَكْثَرُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ مَضْمُونًا، وَالْبَعْضُ أَمَانَةً بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَيْنِ وَالدَّيْنُ أَلْفًا فَالْفِدَاءُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَمَعْنَى خِطَابِ الدَّفْعِ فِي جَانِبِ الْمُرْتَهِنِ الرِّضَا بِالدَّفْعِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الدَّفْعِ لَيْسَ إلَيْهِ ثُمَّ إذَا خُوطِبَ بِذَلِكَ إمَّا أَنْ اجْتَمَعَا عَلَى الدَّفْعِ، وَإِمَّا أَنْ اجْتَمَعَا عَلَى الْفِدَاءِ، وَإِمَّا أَنْ اخْتَلَفَا فَاخْتَارَ أَحَدُهُمَا الدَّفْعَ، وَالْآخَرُ الْفِدَاءَ. وَالْحَالُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَا حَاضِرَيْنِ، أَوْ غَائِبَيْنِ، وَإِمَّا أَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا، فَإِنْ كَانَا حَاضِرَيْنِ وَاجْتَمَعَا عَلَى الدَّفْعِ وَدَفَعَا، فَقَدْ سَقَطَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ اجْتَمَعَا عَلَى الْفِدَاءِ فَدَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الْأَرْشِ، وَإِذَا فَدَيَا طَهُرَتْ رَقَبَةُ الْعَبْدِ عَنْ الْجِنَايَةِ، وَيَكُونُ

رَهْنًا كَمَا كَانَ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَبَرِّعًا لَا يَرْجِعُ بِمَا فَدَى، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الْفِدَاءَ، وَالْآخَرُ الدَّفْعَ فَأَيُّهُمَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَاخْتِيَارُهُ أَوْلَى ثُمَّ أَيُّهُمَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَى الْعَبْدَ بِجَمِيعِ الْأَرْشِ، وَلَا يَمْلِكُ الْآخَرُ دَفْعَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ الَّذِي اخْتَارَ الْفِدَاءَ هُوَ الْمُرْتَهِنُ فَفَدَى بِجَمِيعِ الْأَرْشِ بَقِيَ الْعَبْدُ رَهْنًا كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ طَهُرَتْ رَقَبَةُ الْعَبْدِ عَنْ الْجِنَايَةِ بِالْفِدَاءِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ. وَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحِصَّةِ الْأَمَانَةِ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ: لَا يَرْجِعُ بَلْ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا، وَفِي رِوَايَةٍ يَرْجِعُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِدَيْنِهِ خَاصَّةً، وَلَمْ يَذْكُرْ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ. وَإِنْ كَانَ الَّذِي اخْتَارَ الْفِدَاءَ هُوَ الرَّاهِنُ فَفَدَاهُ بِجَمِيعِ الْأَرْشِ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بَلْ يَكُونُ قَاضِيًا بِنِصْفِ الْفِدَاءِ دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ نِصْفُ الْفِدَاءِ مِثْلَ كُلِّ الدَّيْنِ سَقَطَ الدَّيْنُ كُلُّهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ، وَرَجَعَ بِالْفَضْلِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَيَحْبِسُهُ رَهْنًا بِهِ هَذَا إذَا كَانَا حَاضِرَيْنِ فَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا فَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الدَّفْعِ أَيُّهُمَا كَانَ الرَّاهِنَ، أَوْ الْمُرْتَهِنَ، فَإِنْ كَانَ الْحَاضِرُ هُوَ الْمُرْتَهِنَ فَفَدَاهُ بِجَمِيعِ الْأَرْشِ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي نِصْفِ الْفِدَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ وَبِنِصْفِ الْفِدَاءِ، وَلَكِنَّهُ يَحْبِسُ الْعَبْدَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ رَهْنًا بِنِصْفِ الْفِدَاءِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُتَبَرِّعًا فِي نِصْفِ الْفِدَاءِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ إلَّا بِدَيْنِهِ خَاصَّةً كَمَا لَوْ فَدَاهُ بِحَضْرَةِ الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَ الْحَاضِرُ هُوَ الرَّاهِنَ فَفَدَاهُ بِجَمِيعِ الْأَرْشِ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي نِصْفِ الْفِدَاءِ بِالْإِجْمَاعِ بَلْ يَكُونُ قَاضِيًا بِنِصْفِ الْفِدَاءِ دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ هَذَا إذَا جَنَى الرَّهْنُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَأَمَّا إذَا جَنَى عَلَى الرَّاهِنِ، أَوْ الْمُرْتَهِنِ فَجِنَايَتُهُ عَلَى نَفْسِ الرَّاهِنِ جِنَايَةٌ مُوجِبَةٌ لِلْمَالِ. وَأَمَّا عَلَى مَالِهِ فَهَدَرٌ، وَأَمَّا جِنَايَتُهُ عَلَى نَفْسِ الْمُرْتَهِنِ فَهَدَرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مُعْتَبَرَةٌ يَدْفَعُ، أَوْ يَفْدِي إنْ رَضِيَ بِهِ الْمُرْتَهِنُ، وَيَبْطُلُ الدَّيْنُ، وَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: لَا أَطْلُبُ الْجِنَايَةَ لِمَا فِي الدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ مِنْ سُقُوطِ حَقِّي فَلَهُ ذَلِكَ، وَبَطَلَتْ الْجِنَايَةُ، وَالْعَبْدُ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ هَكَذَا أَطْلَقَ الْكَرْخِيُّ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَفَصَّلَ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ فَهُوَ عَلَى

الِاخْتِلَافِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ مَضْمُونًا، وَبَعْضُهُ أَمَانَةً فَجِنَايَتُهُ مُعْتَبَرَةٌ بِالِاتِّفَاقِ فَيُقَالُ لِلرَّاهِنِ: إنْ شِئْتَ فَادْفَعْ، وَإِنْ شِئْتَ فَافْدِهِ، فَإِنْ دَفَعَهُ وَقَبِلَ الْمُرْتَهِنُ بَطَلَ الدَّيْنُ كُلُّهُ، وَصَارَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَنِصْفُهُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَنِصْفُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، فَمَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الْمُرْتَهِنِ يَبْطُلُ، وَمَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الرَّاهِنِ يُفْدَى وَالْعَبْدُ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ هَذَا إذَا جَنَى عَلَى نَفْسِ الْمُرْتَهِنِ. وَأَمَّا إذَا جَنَى عَلَى مَالِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ وَالدَّيْنُ سَوَاءً، وَلَيْسَ فِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ فَجِنَايَتُهُ هَدَرٌ إجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَعْتَبِرُ الْجِنَايَةَ فِي قَدْرِ الْأَمَانَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْجِنَايَةِ أَصْلًا، وَأَمَّا جِنَايَةُ الرَّهْنِ عَلَى ابْنِ الرَّاهِنِ أَوْ ابْنِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ هَذَا الَّذِي ذُكِرَ حُكْمُ جِنَايَةِ الرَّهْنِ عَلَى بَنِي آدَمَ. وَأَمَّا جِنَايَتُهُ عَلَى سَائِرِ الْأَمْوَالِ بِأَنْ اسْتَهْلَكَ مَالًا يَسْتَغْرِقُ رَقَبَتَهُ فَحُكْمُهَا وَحُكْمُ جِنَايَةِ غَيْرِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ، وَهُوَ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِرَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ لَوْ قَضَى الرَّاهِنُ، أَوْ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ فَإِذَا قَضَى أَحَدُهُمَا فَالْحُكْمُ فِيهِ، وَالْحُكْمُ فِيمَا ذَكَرْنَا فِي الْفِدَاءِ، وَمِنْ جِنَايَتِهِ عَلَى بَنِي آدَمَ سَوَاءٌ، وَأَنَّهُ إذَا قَضَى الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ يَبْقَى دَيْنُهُ، وَبَقِيَ الْعَبْدُ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْفِدَاءِ اسْتَفْرَغَ رَقَبَتَهُ عَنْ الدَّيْنِ وَاسْتَصْفَاهَا عَنْهُ فَيَبْقَى الْعَبْدُ رَهْنًا بِدَيْنِهِ كَمَا كَانَ كَمَا لَوْ فَدَاهُ عَنْ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ أَبَى الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَقْضِيَ، وَقَضَاهُ الرَّاهِنُ بَطَلَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ امْتَنَعَا عَنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ يُبَاعُ الْعَبْدُ بِالدَّيْنِ وَيُقْضَى دَيْنُ الْغَرِيمِ مِنْ ثَمَنِهِ. ثُمَّ إذَا بِيعَ الْعَبْدُ، وَقُضِيَ دَيْنُ الْغَرِيمِ مِنْ ثَمَنِهِ فَثَمَنُهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ وَفَاءٌ بِدَيْنِ الْغَرِيمِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ وَفَاءٌ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ بِدَيْنِهِ فَدَيْنُهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ سَقَطَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ زَالَ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ بِسَبَبٍ وُجِدَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فَصَارَ كَأَنَّهُ هَلَكَ، وَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ يَكُونُ لِلرَّاهِنِ، وَلِأَنَّهُ بَدَلُ مِلْكِهِ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِ فَيَكُونُ لَهُ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ سَقَطَ مِنْ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ بِقَدْرِهِ، وَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بِمَا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فَبَقِيَ رَهْنًا ثُمَّ إنْ كَانَ الدَّيْنُ قَدْ حَلَّ أَخَذَهُ بِدَيْنِهِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ جِنْسِهِ أَمْسَكَهُ إلَى أَنْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ. وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لَمْ يَحِلَّ أَمْسَكَهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ إلَى أَنْ يَحِلَّ، هَذَا إذَا كَانَ كُلُّ الْعَبْدِ

مَرْهُونًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ نِصْفُهُ مَضْمُونًا، وَنِصْفُهُ أَمَانَةً لَا يُصْرَفُ الْفَاضِلُ كُلُّهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ بَلْ يُصْرَفُ نِصْفُهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَنِصْفُهُ إلَى الرَّاهِنِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ قَدْرُ الْمَضْمُونِ وَغَيْرِهِ عَلَى التَّفَاضُلِ يُصَرَّفُ الْفَضْلُ إلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ تَفَاوُتِ الْمَضْمُونِ وَالْأَمَانَةِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ وَفَاءٌ بِدَيْنِ الْغَرِيمِ أَخَذَ الْغَرِيمُ ثَمَنَهُ وَمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ مُتَأَخِّرٌ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ، وَإِذَا عَتَقَ وَأَدَّى مَا بَقِيَ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَدَّى عَلَى أَحَدٍ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ جِنَايَةِ وَلَدِ الرَّاهِنِ عَلَى سَائِرِ الْأَمْوَالِ وَحُكْمُ جِنَايَةِ الْأُمِّ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِرَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ كَمَا فِي الْأُمِّ إلَّا أَنَّ هُنَا لَا يُخَاطَبُ الْمُرْتَهِنُ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْغَرِيمِ بَلْ يُخَيَّرُ الرَّاهِنُ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ الْوَلَدَ وَبَيْنَ أَنْ يَسْتَخْلِصَهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، فَإِنْ قَضَى الدَّيْنَ بَقِيَ الْوَلَدُ رَهْنًا كَمَا كَانَ، وَإِنْ بِيعَ بِالدَّيْنِ لَا يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ شَيْءٌ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا حُكْمُ جِنَايَةِ عَبْدِ الرَّهْنِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَعَلَى غَيْرِ الرَّاهِنِ. وَأَمَّا حُكْمُ جِنَايَةِ الرَّهْنِ عَلَى الرَّهْنِ فَنَوْعَانِ جِنَايَةٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَجِنَايَةٌ عَلَى جِنْسِهِ فَأَمَّا جِنَايَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَهِيَ وَالْهَلَاكُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ سَوَاءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ مَضْمُونًا سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ مَضْمُونًا، وَبَعْضُهُ أَمَانَةً سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ قَدْرُ مَا انْتَقَصَ مِنْ الْمَضْمُونِ لَا مِنْ الْأَمَانَةِ، وَأَمَّا جِنَايَةُ الرَّهْنِ عَلَى جِنْسِهِ فَضَرْبَانِ جِنَايَةٌ بَنِي آدَمَ عَلَى جِنْسِهِ، وَجِنَايَةُ الْبَهِيمَةِ عَلَى جِنْسِهَا، وَعَلَى غَيْرِ جِنْسِهَا أَمَّا جِنَايَةُ بَنِي آدَمَ عَلَى جِنْسِهِ بِأَنْ كَانَ الرَّهْنُ عَبْدَيْنِ فَجَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَالْعَبْدَانِ لَا يَخْلُوَانِ إمَّا أَنْ كَانَا رَهْنًا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِمَّا أَنْ كَانَا رَهْنًا فِي صَفْقَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَا رَهْنًا فِي صَفْقَةٍ فَجَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَنَقُولُ: جِنَايَتُهُ لَا تَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ جِنَايَةِ الْمَشْغُولِ عَلَى الْمَشْغُولِ، وَجِنَايَةِ الْمَشْغُولِ عَلَى الْفَارِغِ، وَجِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ. وَجِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْفَارِغِ، وَالْكُلُّ هَدَرٌ إلَّا وَاحِدًا، وَهِيَ جِنَايَةُ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ فَإِنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ، وَيَتَحَوَّلُ مَا فِي الْمَشْغُولِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْفَارِغِ، وَيَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ (بَيَانُهُ) : إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَلْفَيْنِ، وَالرَّهْنُ عَبْدَيْنِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، أَوْ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِمَّا قَلَّ أَرْشُهَا أَوْ كَثُرَ فَجِنَايَتُهُ هَدَرٌ، وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ الَّذِي كَانَ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ، وَلَا يَتَحَوَّلُ قَدْرُ مَا سَقَطَ إلَى الْجَانِي، وَجِنَايَةُ الْمَشْغُولِ عَلَى الْمَشْغُولِ هَدَرٌ فَجُعِلَ كَأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ

وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَلْفًا، فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَلَا دَفْعَ، وَلَا فِدَاءَ، وَكَانَ الْقَاتِلُ رَهْنًا بِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الدَّيْنِ خَمْسَمِائَةٍ فَكَانَ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَارِغًا وَنِصْفُهُ مَشْغُولًا، وَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَقَدْ جَنَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ نِصْفَيْ الْقَاتِلِ عَلَى النِّصْفِ الْمَشْغُولِ وَالنِّصْفِ الْفَارِغِ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَجِنَايَةُ الْقَدْرِ الْمَشْغُولِ عَلَى الْمَشْغُولِ أَوْ الْمَشْغُولِ عَلَى الْفَارِغِ. أَوْ الْفَارِغِ عَلَى الْفَارِغِ هَدَرٌ فَيَسْقُطُ مَا كَانَ فِيهِ إلَى الْجَانِي، وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، وَقَدْ كَانَ فِي جَانِبِ الْجَانِي خَمْسُمِائَةٍ فَكَانَ رَهْنًا بِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَلَوْ فَقَأَ أَحَدُهُمَا عَيْنَ صَاحِبِهِ يَتَحَوَّلُ نِصْفُ مَا كَانَ مِنْ الدَّيْنِ فِي الْعَيْنِ إلَى الْفَاقِئِ فَيَصِيرُ الْفَاقِئُ رَهْنًا بِسِتِّمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَبَقِيَ الْمَفْقُوءُ عَيْنُهُ رَهْنًا بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدَانِ رَهْنًا فِي صَفْقَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا فَضْلٌ عَلَى الدَّيْنِ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ أَلْفًا، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ تُعْتَبَرُ الْجِنَايَةُ بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا اُعْتُبِرَتْ الْجِنَايَةُ يُخَيَّرُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ، فَإِنْ شَاءَا جَعَلَا الْقَاتِلَ مَكَانَ الْمَقْتُولِ فَيَبْطُلُ مَا كَانَ فِي الْقَاتِلِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَا فَدَيَا الْقَاتِلَ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ، وَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَ الْمَقْتُولِ، وَالْقَاتِلُ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا فَضْلٌ عَلَى الدَّيْنِ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ أَلْفَيْنِ، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ، وَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَإِنْ دَفَعَاهُ فِي الْجِنَايَةِ قَامَ الْمَدْفُوعُ مَقَامَ الْمَقْتُولِ، وَيَبْطُلُ الدَّيْنُ فِي الْقَاتِلِ، فَإِنْ قَالَا: نَفْدِي فَالْفِدَاءُ كُلُّهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ دَفَعَ الرَّاهِنُ أَلْفًا وَاحِدَةً، وَكَانَتْ الْأَلْفُ الْأُخْرَى قِصَاصًا بِهَذِهِ الْأَلْفِ إذَا كَانَ قَتَلَهُ. وَلَوْ فَقَأَ أَحَدُهُمَا عَيْنَ الْآخَرِ قِيلَ لَهُمَا: ادْفَعَاهُ، أَوْ افْدِيَاهُ، فَإِنْ فَدَيَاهُ كَانَ الْفِدَاءُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ دَفَعَاهُ بَطَلَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَكَانَ الْفِدَاءُ رَهْنًا مَعَ الْمَفْقُوءِ عَيْنُهُ، فَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: أَنَا لَا أَفْدِي، وَلَكِنْ أَدَعُ الرَّهْنَ عَلَى حَالِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ الْفَاقِئُ رَهْنًا مَكَانَهُ عَلَى حَالِهِ، وَقَدْ ذَهَبَ نِصْفُ مَا كَانَ مِنْ الْمَفْقُوءِ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْجِنَايَةِ إنَّمَا كَانَ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ لَا لِحَقِّ الرَّاهِنِ فَإِذَا رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ صَارَ هَدَرًا، وَإِنْ قَالَ الرَّاهِنُ أَنَا أَفْدِي، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: لَا أَفْدِي كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَفْدِيَهُ، وَهَذَا إذَا طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ حُكْمَ الْجِنَايَةِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ أَبَى الرَّاهِنُ أَنْ يَفْدِيَ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: أَنَا أَفْدِي بِجَمِيعِ الْأَرْشِ فَدَى، وَكَانَ مُتَطَوِّعًا لَا يَلْحَقُ الرَّاهِنَ مِمَّا فَدَى عَنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ

مُتَبَرِّعٌ بِفِدَاءِ مِلْكِ الْغَيْرِ، وَلَمْ يَكُنْ مُجْبَرًا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَمَا فَدَاهُ الرَّاهِنُ يَرُدُّ عَلَى الرَّاهِنِ الْفِدَاءَ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ بَرِئَ عَنْ الدَّيْنِ بِالْإِيفَاءِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُوفِيًا دَيْنَهُ بِالْفِدَاءِ ثُمَّ اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا أَنَّهُ يَرُدُّ الْأَلْفَ الْمُسْتَوْفَاةَ بِالْفِدَاءِ، أَوْ الْمُسْتَوْفَاةَ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: يَرُدُّ الْأَلْفَ الْمُسْتَوْفَاةَ بِالْهَلَاكِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ بِالْهَلَاكِ وُجِدَ بَعْدَ الْفِدَاءِ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِنَا: إنَّهُ يَرُدُّ الْأَلْفَ الْفِدَاءَ كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَهُ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ يَرُدُّ مَا قَبَضَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. الْمَرْهُونَةُ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا فَقَتَلَ إنْسَانًا خَطَأً فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَضَمَانُهُ عَلَى الرَّاهِنِ يُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، فَإِنْ فَدَى فَهُوَ رَهْنٌ مَعَ أُمِّهِ عَلَى حَالِهِ، فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ، فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: أَنَا أَفْدِي فَلَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَهْلَكَ مَالَ إنْسَانٍ فَخُوطِبَ الرَّاهِنُ بِالْبَيْعِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ كَذَا فِي الظهيرية. وَإِذَا كَانَتْ الْأَمَةُ رَهْنًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهَا أَلْفٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ جَنَى الْوَلَدُ عَلَى الرَّاهِنِ، أَوْ عَلَى مِلْكِهِ فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ جَنَى عَلَى الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَدْفَعَ، أَوْ يَفْدِيَ، فَإِنْ دَفَعَ لَمْ يَبْطُلْ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَاتَ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ نِصْفُ الْفِدَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مَرْهُونَةٌ بِأَلْفٍ قِيمَتُهَا أَلْفٌ وَلَدَتْ وَلَدًا قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ فَقَتَلَهُمَا عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَلْفٌ، وَدَفَعَ بِهِمَا فَاعْوَرَّ يَفْتَكُّهُ الرَّاهِنُ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ الدَّيْنِ، وَذَهَبَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ لَمَّا وَلَدَتْ انْقَسَمَ الدَّيْنُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا ظَاهِرًا عَلَى تَقْدِيرِ السَّلَامَةِ فَلَمَّا قَتَلَهُمَا عَبْدٌ، وَدَفَعَ بِهِمَا قَامَ مَقَامَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ بِإِزَاءِ الْأُمِّ، وَثُلُثُهُ بِإِزَاءِ الْوَلَدِ فَلَمَّا اعْوَرَّ ذَهَبَ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ كَانَ بِإِزَاءِ الْأُمِّ سِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ فَصَارَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا، وَقَدْ كَانَ ثُلُثُهُ بِإِزَاءِ الْوَلَدِ، وَقَدْ ذَهَبَ نِصْفُهُ فَبَقِيَ سُدُسُهُ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ هَذَا حَاصِلُ مَا بَقِيَ مِنْهُ، وَالْمُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ أَلْفٌ، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْفِكَاكِ، وَذَلِكَ سُدُسُ الْأَلْفِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ؛ لِأَنَّ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الثُّلُثُ، وَعَادَ بِالْعَوَرِ إلَى النِّصْفِ أَعْنِي نِصْفَ الثُّلُثِ، وَلَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الدَّيْنِ إلَّا حَالَ قِيَامِهِ فَيُجْعَلُ الْوَلَدُ سَهْمًا، وَالْأُمُّ سِتَّةَ أَسْهُمٍ فَتَصِيرُ سَبْعَةً، وَقَدْ ذَهَبَ بِالْعَوَرِ نِصْفُ مَا فِي الْأُمِّ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَبَقِيَ فِي الْأُمِّ ثَلَاثَةٌ، وَفِي الْوَلَدِ سَهْمٌ فَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةِ أَسْهُمٍ، وَذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ

ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ؛ فَلِهَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَفْتَكُّهُ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَنَى عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ فَرَهَنَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ افْتَكَّهُ فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الْجِنَايَةِ فَلَهُ أَنْ يَتْبَعَ صَاحِبَ الْجِنَايَةِ بِجَمِيعِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا فِي الْقِيَاسِ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ، أَوْ بَاعَ فَرُدَّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ ارْتَهَنَ شَيْئًا مِنْ رَجُلَيْنِ، وَأَحَدُهُمَا شَرِيكُهُ فِي الدَّيْنِ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا كَانَ كَفِيلًا عَنْ الْآخَرِ جَازَ، وَلَوْ ارْتَهَنَا عَيْنًا ثُمَّ رَدَّ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمُرْتَهِنَيْنِ أَنَّهُ كَانَ تَلْجِئَةً بَطَلَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حِصَّةِ الْآخَرِ. وَلَوْ رَهَنَا عَبْدًا بَيْنَهُمَا بِدِينَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَانَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ رَهْنًا بِدَيْنِهِ وَبِدَيْنِ صَاحِبِهِ وَيَتَرَاجَعَانِ عِنْدَ الْهَلَاكِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَهْنُ الْمُفَاوِضِ وَارْتِهَانُهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ جَائِزٌ عَلَى شَرِيكِهِ، وَلَوْ رَهَنَ بِضَمَانِ جِنَايَتِهِ صَحَّ وَضَمِنَ لِشَرِيكِهِ، وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَنْقُضَهُ، وَلَوْ أَعَارَ مَتَاعًا فَرَهَنَهُ الْمُسْتَعِيرُ جَازَ عَلَى شَرِيكِهِ الْمُفَاوِضِ خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. وَإِذَا ارْتَهَنَ الْمُفَاوِضُ رَهْنًا فَوَضَعَهُ عِنْدَ شَرِيكِهِ فَضَاعَ فَهُوَ بِمَا فِيهِ. وَإِذَا رَهَنَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ رَهْنًا بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا لَمْ يَجُزْ، وَكَانَ ضَامِنًا لِلرَّهْنِ، وَلَوْ ارْتَهَنَ بِدَيْنٍ لَهُمَا ادَّانَاهُ وَقَبَضَ لَمْ يَجُزْ عَلَى شَرِيكِهِ، فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ ذَهَبَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ، وَيَرْجِعُ شَرِيكُهُ بِحِصَّتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَيُرَدُّ الْمَطْلُوبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَإِنْ شَاءَ الشَّرِيكُ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ حِصَّتَهُ، وَلَوْ كَانَتْ شَرِكَتُهُمَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرَأْيِهِ فِيهَا، فَمَا رَهَنَ أَحَدُهُمَا أَوْ ارْتَهَنَ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى صَاحِبِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ رَهَنَ الْمُضَارِبُ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ جَازَ وَالدَّيْنُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارِبِ كُلُّهُ أَمَّا لَوْ ارْتَهَنَ بِدَيْنٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ جَائِزٌ. وَلَوْ مَاتَ رَبُّ الْمَالِ، وَالْمُضَارَبَةُ عُرُوضٌ فَرَهَنَ الْمُضَارِبُ شَيْئًا مِنْهَا لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا. وَلَوْ رَهَنَ رَبُّ الْمَالِ مَتَاعًا مِنْ الْمُضَارَبَةِ، وَفِيهِ فَضْلٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَضْلٌ جَازَ وَضَمِنَ رَبُّ الْمَالِ كَأَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ، أَوْ بَاعَهُ فَأَكَلَ ثَمَنَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. اسْتَعَارَ

مِنْ آخَرَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْهَنَهُ ثُمَّ رَهَنَهُ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ افْتَكَّهُ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَلَوْ تَرَكَ الِاسْتِعْمَالَ ثُمَّ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أُخْرَى لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنِهِ فَرَهَنَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ أَخَذَ الْمُسْتَعِيرَ بِثَوْبِهِ لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ يَرْهَنُهُ إلَى سَنَةٍ فَإِنْ افْتَكَّهُ رَبُّ الثَّوْبِ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا، وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا وَصَدَّقَ الْمُرْتَهِنُ رَبَّ الثَّوْبِ أَنَّهُ ثَوْبُهُ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ، وَيَأْخُذُ دَيْنَهُ، وَلَمْ يَكُنْ رَبُّ الثَّوْبِ مُتَطَوِّعًا، وَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: لَا أَعْلَمُ ثَوْبَكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الثَّوْبِ سَبِيلٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَعَارَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ لَهُ شَيْئًا، أَوْ سَمَّى لَهُ مَالًا أَوْ عَيَّنَ لَهُ مَكَانًا، أَوْ مَتَاعًا، أَوْ شَخْصًا، فَإِنْ أَعَارَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ، وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَرْهَنُهُ بِهِ، فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ بِأَيِّ قَدْرٍ، وَبِأَيِّ نَوْعٍ شَاءَ، وَإِنْ سَمَّى لَهُ مِقْدَارًا فَرَهَنَ بِأَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ بِجِنْسٍ آخَرَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ضَمِنَ لِأَنَّهُ خَالَفَ إلَى شَرٍّ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَهَنَهُ بِأَقَلَّ مِمَّا سَمَّى، وَقِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلُ قِيمَةِ الدَّيْنِ، أَوْ أَكْثَرُ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُعِيرُ فَإِنَّ بَعْضَهُ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَبَعْضُهُ مَضْمُونًا، وَهُوَ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ بَلْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَجْعَلَ كُلَّهُ مَضْمُونًا، وَأَمَّا إذَا رَهَنَهُ بِأَكْثَرَ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ الْمُعِيرُ إلَى الْفِكَاكِ لِيَصِلَ إلَى مِلْكِهِ وَرُبَّمَا يَتَعَسَّرُ عَلَيْهِ الْفِكَاكُ مَتَى زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى لَمْ يَضْمَنْ بِأَنْ أَعَارَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ بِعَشَرَةٍ وَقِيمَتُهُ تِسْعَةٌ، فَإِنْ رَهَنَ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ تِسْعَةً لَا يَضْمَنُ، وَأَمَّا إذَا رَهَنَهُ بِجِنْسٍ آخَرَ ضَمِنَ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا، وَأَمَّا إذَا أَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ مِنْ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ فَرَهَنَهُ مِنْ غَيْرِهِ ضَمِنَ، وَلَوْ أَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ بِالْكُوفَةِ فَرَهَنَهُ بِالْبَصْرَةِ ضَمِنَ. اخْتَلَفَا فِي الْهَلَاكِ وَالنُّقْصَانِ قَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَعِيرِ، وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُعِيرِ، فَإِنْ ادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّ الْمُعِيرَ اسْتَرَدَّ الرَّهْنَ قَبْلَ الْفِكَاكِ، وَصَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ تَصَادَقَا عَلَى فَسْخِ الرَّهْنِ، وَالرَّهْنُ عَقْدٌ جَرَى بَيْنَهُمَا، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُمَا أَنَّهُمَا فَسَخَا ذَلِكَ، وَيَرْجِعُ الْمُعِيرُ عَلَى الرَّاهِنِ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ بِالدَّيْنِ فَلَوْ أَرَادَ الْمُعِيرُ افْتِكَاكَهُ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ، وَالْمُرْتَهِنِ مَنْعُهُ، وَيَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَا قَضَى؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ فِي قَضَائِهِ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ وَمِلْكِهِ، وَلَوْ هَلَكَ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ قَبْلَ الرَّهْنِ، أَوْ بَعْدَ الِافْتِكَاكِ

لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ، فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: قَبَضْتُ مِنْكَ الْمَالَ، وَأَعْطَيْتُكَ الثَّوْبَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ قَبَضْتَ الْمَالَ وَهَلَكَ الثَّوْبُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ، فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ عَارِيَّةً، فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: أَمَرْتُكَ أَنْ تَرْهَنَهُ بِخَمْسَةٍ، وَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ بِعَشَرَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَتِهِ، وَلَوْ أَنْكَرَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ بِهِ مُقَيَّدًا بِصِفَةٍ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَعِيرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اسْتَعَارَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ بِعَشَرَةٍ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، أَوْ أَكْثَرُ فَهَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بَطَلَ الْمَالُ عَنْ الرَّاهِنِ وَجَبَ مِثْلُهُ لِرَبِّ الثَّوْبِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَكَذَا لَوْ أَصَابَهُ عَيْبٌ ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ، وَعَلَى الرَّاهِنِ نُقْصَانُهُ لِرَبِّ الثَّوْبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ، وَلَوْ رَهَنَهُ الْمُسْتَعِيرُ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لَمْ يَأْخُذْ الْمُعِيرُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ الرَّهْنَ مِنْ رَجُلَيْنِ ثُمَّ قَضَى نِصْفَ الدَّيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إلَى نَصِيبِ أَحَدِهِمَا. وَلَوْ آجَرَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَالْأَجْرُ لِلرَّاهِنِ، وَبَطَلَ الرَّهْنُ، وَلَوْ هَلَكَ فَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَضْمَنَ إنْ شَاءَ الرَّاهِنُ، وَإِنْ شَاءَ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ. وَلَوْ قَضَى الرَّاهِنُ دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ رَدَّ مَا قَبَضَ، وَيَضْمَنُ الرَّاهِنُ لِلْمُعِيرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ قَضَى الرَّاهِنُ الْمَالَ، وَبَعَثَ وَكِيلًا قَبَضَ الْعَبْدَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ لِصَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مِنْ عِيَالِهِ، وَكَذَا لَوْ قَبَضَهُ الرَّاهِنُ ثُمَّ بَعَثَهُ إلَى صَاحِبِهِ مَعَ وَكِيلِهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. وَلَوْ اسْتَعَارَ أَمَةً لِيَرْهَنَهَا فَرَهَنَهَا، ثُمَّ وَطِئَهَا الرَّاهِنُ، أَوْ الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّهُ يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْهُمَا، وَيَكُونُ الْمَهْرُ عَلَى الْوَاطِئِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ لَا يَنْفَكُّ مِنْ حَدٍّ، أَوْ مَهْرٍ، وَالْمَهْرُ بِمَنْزِلَةِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْمُسْتَوْفَى، وَالْمُسْتَوْفَى فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ فَيَكُونُ رَهْنًا مَعَهَا، فَإِذَا افْتَكَّهَا الرَّاهِنُ سَلِمَتْ الْأَمَةُ، وَمَهْرُهَا لِمَوْلَاهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ، وَلَوْ وَهَبَ لَهَا هِبَةً، أَوْ اكْتَسَبَتْ كَسْبًا فَذَلِكَ لِمَوْلَاهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً لِيَرْهَنَهَا بِدَيْنِهِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَعِيرُ، وَلَمْ يَدَعْ مَالًا فَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَبِيعَهَا بِدَيْنِهِ، وَأَبَى صَاحِبُ الْجَارِيَةِ ذَلِكَ فَالْقَاضِي لَا يَبِيعُهَا، وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْمُرْتَهِنِ: احْبِسْ الْمَرْهُونَ حَتَّى يَقْضِيَ الْمُعِيرُ حَقَّكَ، فَإِنْ قَالَ الْمُعِيرُ، وَهُوَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ لِلْقَاضِي: بِعْهَا بِالدَّيْنِ، وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ

إنْ كَانَ فِي ثَمَنِهَا وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إبَاءِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إزَالَةُ يَدِهِ عَنْ الْمَرْهُونِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهَا وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ لَا تُبَاعُ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ كَانَ فِي ثَمَنِهَا وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ فَبِيعَتْ فِي الدَّيْنِ، وَاسْتَوْفَى الْمُرْتَهِنُ ثَمَنَهَا ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمُسْتَعِيرِ مَالٌ رَجَعَ الْمُعِيرُ بِمَا أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْمُسْتَعِيرُ، وَلَكِنْ مَاتَ الْمُعِيرُ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ مُعْسِرًا كَانَتْ الْجَارِيَةُ رَهْنًا عَلَى حَالِهَا، فَإِنْ اجْتَمَعَ غُرَمَاءُ الْمُعِيرِ، وَوَرَثَتُهُ عَلَى بَيْعِهَا لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ، فَالْجَوَابُ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا فِيمَا إذَا أَرَادَ ذَلِكَ حَالَ حَيَاتِهِ، وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا فَرَهَنَهُ بِدَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ فَهَلَكَ الْمَالُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ تَمَّ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ فَيَصِيرُ رَاهِنًا مَالَ نَفْسِهِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْمُرْتَهِنَ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَا ضُمِّنَ، وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ هُوَ الْقَبْضُ، وَعَقْدُ الرَّهْنِ كَانَ قَبْلَهُ فَلَا يَنْفُذُ الرَّهْنُ بِمِلْكٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ الْعَقْدِ. وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ دَفَعَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ إلَى رَجُلٍ وَدِيعَةً ثُمَّ رَهَنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الْعَبْدِ وَضَمَّنَ الْغَاصِبَ، أَوْ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ، فَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ جَازَ الرَّهْنُ فِي الْوَجْهَيْنِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ لِإِنْسَانٍ فَرَهَنَهُ الْمُودَعُ عِنْدَ رَجُلٍ فَهَلَكَ عِنْدَهُ فَجَاءَ الْمَالِكُ وَضَمَّنَ الرَّاهِنَ، أَوْ الْمُرْتَهِنَ لَا يَنْفُذُ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ضَمِنَ بِالدَّفْعِ إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَعَقْدُ الرَّهْنِ كَانَ قَبْلَ الدَّفْعِ، فَلَا يَكُونُ مَالِكًا وَقْتَ الرَّهْنِ، فَلَا يَجُوزُ كَرَجُلٍ رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ عَبْدًا لِغَيْرِهِ فَعَقَدَا عَقْدَ الرَّهْنِ، وَلَمْ يَدْفَعْ إلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ إنَّ الرَّاهِنَ اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْ مَوْلَاهُ، وَدَفَعَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَرَهْنُ الْمُرْتَدِّ وَارْتِهَانُهُ مَوْقُوفٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ، فَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ، وَهَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَقِيمَتُهُ وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ، وَقَدْ كَانَ الدَّيْنُ قَبْلَ الرِّدَّةِ، وَالرَّهْنُ مِنْ مَالٍ اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ، أَوْ كَانَ الدَّيْنُ فِي رِدَّتِهِ بِإِقْرَارٍ مِنْهُ، أَوْ بَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَيْهِ، وَالرَّهْنُ مِمَّا اكْتَسَبَهُ فِي الرِّدَّةِ أَيْضًا فَهُوَ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الرَّهْنِ فَضْلٌ عَلَى الدَّيْنِ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَضْمَنُ الْفَضْلَ، وَلَوْ اسْتَدَانَ دَيْنًا فِي رِدَّتِهِ، وَرَهَنَ بِهِ مَتَاعًا اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ ثُمَّ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ وَالْمُرْتَهِنُ ضَامِنٌ

قِيمَتَهُ إنْ هَلَكَ يَرُدُّ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَيَكُونُ دَيْنُهُ فِيمَا اكْتَسَبَهُ فِي الرِّدَّةِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَالْمَتَاعُ مِنْ كَسْبِهِ فِي الرِّدَّةِ، فَالْمُرْتَهِنُ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فَيْئًا مَعَ مَا اكْتَسَبَ فِي الرِّدَّةِ فَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِمَالِهِ فِيمَا اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ رَهَنَ عَبْدًا، وَغَابَ ثُمَّ إنَّ الْمُرْتَهِنَ وَجَدَ الْعَبْدَ حُرًّا، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَرَّ بِالرِّقِّ عِنْدَ الرَّهْنِ لَا يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ، وَرَهَنَ عِنْدَهَا بِالْمَهْرِ عَيْنًا تُسَاوِي أَلْفًا فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَهَا بَعْدَمَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ عَلَيْهَا رَدُّ نِصْفِ الصَّدَاقِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا وَرَهَنَ عِنْدَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ رَهْنًا فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَهَا، وَفِيهِ وَفَاءٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَتَصِيرُ مُسْتَوْفِيَةً مَهْرَ الْمِثْلِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ عَلَيْهَا رَدُّ مَا زَادَ عَلَى مُتْعَةِ مِثْلِهَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. دَخَلَ خَانًا فَقَالَ الْخَانِيُّ: لَا أَدَعُكَ تَنْزِلُ حَتَّى تُعْطِيَنِي شَيْئًا، فَدَفَعَ لَهُ رَهْنًا وَهَلَكَ عِنْدَهُ إنْ رَهَنَهُ لِأَجْلِ أَجْرِ الْبَيْتِ فَهُوَ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ لِأَجْلِ أَنَّهُ سَارِقٌ يَضْمَنُ قَالَ الْفَقِيهُ: إنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ فِي الدَّفْعِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ رَهْنًا يُذْهَبُ مِنْهُ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ غَصَبَ غُلَامًا شَابًّا فَشَاخَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ فَكَذَلِكَ فِي الرَّهْنِ يُذْهَبُ بِالْحِسَابِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَ أَمْرَدَ فَالْتَحَى لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً نَاهِدَةً فَانْكَسَرَ ثَدْيُهَا حَيْثُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ نُقْصَانٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ رَهَنَ فَرْوًا قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةٍ فَأَكَلَهُ السُّوسُ، وَصَارَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةً فَإِنَّهُ يَفْتَكُّهُ بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ رَهَنَهُ بِهَا عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ، وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ أَنَّ الرَّهْنَ لِرَجُلٍ اغْتَصَبَهُ الرَّاهِنُ مِنْهُ لَمْ يُصَدَّقْ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ فَيُؤَدِّي الرَّاهِنُ الدَّيْنَ، وَيَأْخُذُ الْعَبْدَ وَلَا سَبِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَا عَلَى مَا أَخَذَ الْمُرْتَهِنُ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ وَفَاءً بِدَيْنِهِ وَزِيَادَةً، فَكَانَ ضَامِنًا جَمِيعَ قِيمَتِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِالْهَلَاكِ، وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يُقِرَّ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَلَكِنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ لِرَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنًا أَلْفَ دِرْهَمٍ اسْتَهْلَكَهَا، وَقَدْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَوْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ، وَقَدْ كَانَ الرَّاهِنُ جَعَلَ فِيمَا بَيْنَهُمَا عَدْلًا يَبِيعُهُ، وَيُوَفِّي الْمُرْتَهِنَ حَقَّهُ فَبَاعَهُ الْعَدْلُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَدَفَعَهُ، وَقَبَضَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَنَقَدَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ ذَلِكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَعْطَى الرَّاهِنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَإِنْ أَجَازَ الْمُقَرُّ لَهُ الْبَيْعَ أَخَذَ الْأَلْفَ الَّتِي أَخَذَهَا الْمُرْتَهِنُ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى أَخْذِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يُقِرَّ بِالرَّقَبَةِ، وَلَكِنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ اسْتَهْلَكَ لِرَجُلٍ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَدْفَعُ الْأَلْفَ الَّتِي قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ أَجَازَ الْبَيْعَ، أَوْ لَمْ يُجِزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَهَنَ عَبْدًا بِأَلْفٍ فَحَفَرَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ افْتَكَّ الرَّاهِنُ وَأَخَذَ الْعَبْدَ فَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا إنْ وَقَعَ فِيهَا دَابَّةٌ ثُمَّ دَابَّةٌ، أَوْ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ ثُمَّ إنْسَانٌ، أَوْ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ ثُمَّ دَابَّةٌ أَوْ وَقَعَ فِيهَا دَابَّةٌ ثُمَّ إنْسَانٌ، فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا دَابَّةٌ ثُمَّ تَلِفَتْ وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفًا فَالْعَبْدُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى، فَإِنْ بِيعَ بِأَلْفٍ وَأَخَذَهَا صَاحِبُ الدَّابَّةِ يَرْجِعُ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِالدَّيْنِ الَّذِي قَضَاهُ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ دَابَّةٌ أُخْرَى قِيمَتُهَا أَلْفٌ يُشَارِكُ صَاحِبَ الدَّابَّةِ الْأُولَى وَيَأْخُذُ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ، وَلَا يَرْجِعُ الْأَوَّلُ عَلَى الرَّاهِنِ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا إذَا تَلِفَ فِيهَا إنْسَانٌ فَدَفَعَ الْعَبْدَ بِهِ رَجَعَ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِمَا قَضَاهُ مِنْ الدَّيْنِ، فَإِنْ تَلِفَ فِيهَا إنْسَانٌ آخَرُ بَعْدَمَا دَفَعَ الْعَبْدَ فَوَلِيُّ الثَّانِي يُشَارِكُ الْأَوَّلَ فِي الْعَبْدِ فَأَمَّا إذَا وَقَعَ فِيهَا دَابَّةٌ فَبِيعَ الْعَبْدُ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ إلَى صَاحِبِهَا ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ فِيهَا آدَمِيٌّ فَمَاتَ فَدَفَعَ الْعَبْدُ بِالْجِنَايَةِ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا دَابَّةٌ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ: إمَّا أَنْ تَبِيعَ الْعَبْدَ، أَوْ تَقْضِيَ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَتَيْنِ اسْتَنَدَتَا إلَى وَقْتِ الْحَفْرِ فَكَأَنَّهُمَا وَقَعَا مَعًا، وَلَوْ وَقَعَا مَعًا فَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْفِدَاءِ فَكَذَا هَذَا. عَبْدَانِ حَفَرَا بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِيهَا الْعَبْدُ الرَّهْنُ فَدَفَعَا بِهِ ثُمَّ وَقَعَ أَحَدُهُمَا فِيهَا فَمَاتَ بَطَلَ نِصْفُ الدَّيْنِ وَهُدِرَ دَمُهُ

الباب الثاني عشر في الدعاوى في الرهن والخصومات فيه

لِأَنَّهُمَا قَامَا مَقَامَ الْعَبْدِ الْأَوَّلِ، وَأَخَذَا حُكْمَ الْأَوَّلِ، وَلَوْ وَقَعَ الْعَبْدُ الْأَوَّلُ فِي الْبِئْرِ، وَذَهَبَ نِصْفُهُ بِأَنْ ذَهَبَ عَيْنُهُ، أَوْ شُلَّتْ يَدُهُ سَقَطَ نِصْفُ الدَّيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ حَفَرَ الْمَغْصُوبُ الْمَرْهُونُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ رَدَّهُ الْغَاصِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ افْتَكَّهُ الرَّاهِنُ، وَقَضَى الدَّيْنَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ يُقَالُ لِلرَّاهِنِ: ادْفَعْ عَبْدَكَ أَوْ افْدِهِ فَأَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُفْلِسًا، أَوْ غَائِبًا رَجَعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِمَا قَضَاهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ وَالرَّهْنُ سَوَاءً لِيَكُونَ الْفِدَاءُ مِنْ مَالِ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ عَطِبَ بِالْحَجَرِ الْآخَرِ بَعْدَ دَفْعِ الْعَبْدِ إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ يُقَالُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ: ادْفَعْ نِصْفَهُ، أَوْ افْدِهِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا فِي فِنَائِهِ فَعَطِبَ فِيهَا الرَّاهِنُ، أَوْ غَيْرُهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فِي فِنَاءِ نَفْسِهِ فَعَلَى عَاقِلَةِ الرَّاهِنِ، وَلَوْ أَمَرَهُ الرَّاهِنُ، أَوْ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ فَدَفَعَ بِهِ فَعَلَى الْآمِرِ قِيمَتُهُ فَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُ لِيَسْقِيَ دَابَّةً فَأَوْطَأَتْ إنْسَانًا فَأَيُّهُمَا بَعَثَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَيُؤَاخِذُ الْبَاعِثُ بِالدَّفْعِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. وَإِذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، وَهُوَ رَهْنٌ بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَوَقَعَ فِيهَا عَبْدٌ فَذَهَبَ عَيْنَاهُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْعَبْدُ الرَّهْنَ، أَوْ يَفْدِي بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ فَقَأَ عَيْنَيْ الْعَبْدِ بِيَدِهِ، وَالْفِدَاءُ كُلُّهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ فَدَاهُ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ، وَأَخَذَ الْمُرْتَهِنُ الْعَبْدَ الْأَعْمَى، فَكَانَ لَهُ مَكَانَ مَا أَدَّى مِنْ الْفِدَاءِ، وَإِنْ دَفَعَ الْعَبْدُ الرَّهْنَ، وَأَخَذَ الْأَعْمَى كَانَ رَهْنًا مَكَانَهُ بِالْأَلْفِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ آخَرُ اشْتَرَكُوا فِي الْعَبْدِ الْحَافِرِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ، أَوْ يَفْدِيهِ مَوْلَاهُ الَّذِي عِنْدَهُ بِالْأَلْفِ، وَلَا يَلْحَقُ الْأَعْمَى مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: مَا بِعْتَ فُلَانًا قِيمَتُهُ عَلَيَّ، وَأَعْطَاهُ بِهِ رَهْنًا قَبْلَ الْمُبَايَعَةِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ ثُمَّ إنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ رَهَنَ عَيْنًا مِنْ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ الْمَكْفُولِ بِهِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ لَمْ تَحِلَّ بَعْدُ. (رَجُلٌ) كَفَلَ بِدَيْنٍ عَنْ إنْسَانٍ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ رَهَنَ عَيْنًا بِالدَّيْنِ الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْ الْكَفِيلِ قَبْلَ أَدَاءِ الْكَفِيلِ جَازَ. رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ عَلَى رَجُلٍ فَارْتَهَنَا مِنْهُ أَرْضًا بِدَيْنِهِمَا، وَقَبَضَاهَا ثُمَّ قَالَ أَحَدُ الْمُرْتَهِنَيْنِ: إنَّ الْمَالَ الَّذِي لَنَا عَلَى فُلَانٍ بَاطِلٌ، وَالْأَرْضُ فِي أَيْدِينَا تَلْجِئَةٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَيَبْرَأُ مِنْ حِصَّتِهِ، وَالرَّهْنُ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. مَرْهُونَةٌ بِأَلْفٍ قِيمَتُهَا أَلْفٌ وَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَقَتَلَتْهَا أَمَةٌ تُسَاوِي مِائَةً فَدَفَعَتْ بِهَا فَوَلَدَتْ الْمَدْفُوعَةُ وَلَدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَاعْوَرَّتْ الْمَدْفُوعَةُ ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا، وَذَلِكَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِرْهَمٍ نَاقِصًا بِجُزْءٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ، وَهُوَ تِسْعُمِائَةٍ وَسَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَرُبْعُ دِرْهَمٍ وَجُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةِ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ (بَيَانُهُ) : أَنَّ الْأُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ انْقَسَمَ الدَّيْنُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْعَقْدِ، وَهِيَ أَلْفٌ، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْفِكَاكِ، وَهِيَ أَلْفٌ أَيْضًا فَلَمَّا قَتَلَتْهَا أَمَةٌ قِيمَتُهَا مِائَةٌ، وَدَفَعَتْ بِهَا بَقِيَ مَا فِيهَا مِنْ الدَّيْنِ لِقِيَامِهَا مَقَامَهَا لَحْمًا وَدَمًا كَأَنَّ الْأُولَى تَرَاجَعَ سِعْرُهَا فَلَمَّا وَلَدَتْ الْقَاتِلَةُ وَلَدًا انْقَسَمَ مَا فِيهَا عَلَى قِيمَةِ الْقَاتِلَةِ، وَهِيَ مِائَةٌ، وَعَلَى قِيمَةِ وَلَدِهَا، وَهِيَ أَلْفٌ فَصَارَ نِصْفُ الدَّيْنِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ فَصَارَ نِصْفُ الدَّيْنِ فِي الْوَلَدِ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ فَصَارَ كُلُّهُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ سَهْمًا فِي الْقَاتِلَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ بِالْعَوَرِ نِصْفُهُ فَانْكَسَرَ فَصَارَ بِالتَّضْعِيفِ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ فِي الْوَلَدِ الثَّانِي وَسَهْمَانِ فِي الْقَاتِلَةِ ذَهَبَ بِالْعَوَرِ سَهْمٌ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا كَذَا فِي الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الدَّعَاوَى فِي الرَّهْنِ وَالْخُصُومَاتِ فِيهِ] (الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الدَّعَاوَى فِي الرَّهْنِ وَالْخُصُومَاتِ فِيهِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) وَإِذَا ادَّعَى الرَّهْنَ الْوَاحِدَ رَجُلَانِ مِنْ وَاحِدٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ رَهَنَهُ مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَبَضَهُ مِنْهُ فَهَذِهِ

الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: (الْأَوَّلِ) : أَنْ تَقَعَ الدَّعْوَى حَالَ حَيَاةِ الرَّاهِنِ، وَأَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ فِي يَدِ أَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ لَمْ يُؤَرِّخَا، أَوْ أَرَّخَا وَتَارِيخُهُمَا عَلَى السَّوَاءِ يُقْضَى بِالرَّهْنِ لِذِي الْيَدِ، وَإِنْ أَرَّخَا، وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ يُقْضَى لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا خَارِجًا كَانَ، أَوْ ذَا الْيَدِ كَمَا فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ. الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ فِي أَيْدِيهِمَا. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ، وَفِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إنْ أَرَّخَا، وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ يُقْضَى لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا، وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخَا، أَوْ أَرَّخَا تَارِيخًا عَلَى السَّوَاءِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ مِنْ الرَّهْنِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُقْضَى بِنِصْفِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ حَقِّهِ، وَبِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ لِقُوَّةِ وَجْهِهِ، هَكَذَا ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُقْضَى لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ مِنْ الرَّهْنِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا قَالُوا: وَمَا ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَصَحُّ (الْوَجْهِ الثَّانِي) : أَنْ تَقَعَ الدَّعْوَى بَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ، وَأَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَيْضًا، وَفِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إنْ أَرَّخَا، وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ يُقْضَى لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا، وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا تَارِيخَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ فَفِيمَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ فِي أَيْدِيهِمَا، أَوْ فِي يَدِ الرَّاهِنِ، فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُقْضَى لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ، وَهُمَا أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ، وَبِالْقِيَاسِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الرَّهْنِ بِنِصْفِ حَقِّهِ يُبَاعُ الرَّهْنُ فَيُقْضَى نِصْفُ دَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ نِصْفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُصْرَفُ الْفَاضِلُ إلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، وَإِلَى الرَّاهِنِ بِالْحِصَصِ وَبِالِاسْتِحْسَانِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ فِي الْكُتُبِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا ادَّعَيَا الرَّهْنَ مِنْ وَاحِدٍ. وَأَمَّا إذَا ادَّعَيَا الرَّهْنَ مِنْ اثْنَيْنِ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ، وَالرَّهْنُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: (الْوَجْهُ الْأَوَّلُ) : أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنَانِ غَائِبَيْنِ، رَاهِنُ الْخَارِجِ، وَرَاهِنُ ذِي الْيَدِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يُقْضَى بِالرَّهْنِ لِذِي الْيَدِ، وَإِنْ أَرَّخَا مَعَ ذَلِكَ، وَتَارِيخُ الْخَارِجِ أَسْبَقُ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنَانِ حَاضِرَيْنِ يُقْضَى بِهِ رَهْنًا لِلْخَارِجِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الرَّاهِنَيْنِ حَاضِرًا، وَالْآخَرُ غَائِبًا فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى لِلْخَارِجِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الرَّاهِنُ الْآخَرُ فَإِذَا حَضَرَ الْآخَرُ الْآنَ يُقْضَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدٌ عِنْدَ رَجُلٍ ادَّعَاهُ رَجُلٌ أَنَّهُ عَبْدُهُ، وَأَنَّهُ رَهَنَهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَبَضَهُ فُلَانٌ مِنْهُ، وَذُو الْيَدِ يَقُولُ: الْعَبْدُ عَبْدِي فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ انْتَصَبَ خَصْمًا لَهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ فِي الْعَبْدِ فَإِذَا قَضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي ذُكِرَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُوضَعُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، وَلَوْ غَابَ الرَّاهِنُ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: هَذَا الْعَبْدُ رَهْنٌ فِي يَدَيَّ مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ بِكَذَا، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي فِي يَدَيْهِ غَصَبَهُ، أَوْ اسْتَعَارَهُ، أَوْ اسْتَأْجَرَهُ مِنِّي، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنِّي أَدْفَعُ الْعَبْدَ إلَيْهِ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَاضِي لَا يَقْضِي لَهُ بِالرَّهْنِ؛ لِأَنَّ فِيهِ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ بِالدَّيْنِ، وَلَيْسَ عَنْهُ خَصْمٌ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنْ يُقْضَى بِأَنَّ وُصُولَ هَذَا الْعَيْنِ إلَى يَدِ ذِي الْيَدِ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعِي بِالْغَصْبِ أَوْ الْإِجَارَةِ، أَوْ الْإِعَارَةِ كَمَا شَهِدَ بِهِ شُهُودُهُ فَيُقْضَى لَهُ بِحَقِّ الِاسْتِرْدَادِ، وَذُو الْيَدِ خَصْمٌ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَمْ يَدَّعِ عَلَى ذِي الْيَدِ الْأَخْذَ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّ ذَا الْيَدِ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا لَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي حِيَلِ الْخَصَّافِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ رَهْنٌ، وَالرَّاهِنُ غَائِبٌ، وَأَرَادَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يُثْبِتَ الرَّهْنَ عِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى يُسَجِّلَ لَهُ بِذَلِكَ، وَيَحْكُمَ بِأَنَّهُ رَهْنٌ فِي يَدَيْهِ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ الْمُرْتَهِنُ رَجُلًا غَرِيبًا حَتَّى يَدَّعِيَ رَقَبَةَ هَذَا الرَّهْنِ، وَيَقْدَمُ الْمُرْتَهِنُ إلَى الْقَاضِي فَيُقِيمُ الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَهُ فَيَسْمَعُ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ عَلَى الرَّهْنِ وَيَقْضِي بِكَوْنِهِ رَهْنًا عِنْدَهُ وَيَدْفَعُ عَنْهُ خُصُومَةَ الْغَرِيبِ فَهَذَا تَنْصِيصٌ مِنْ الْخَصَّافِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الرَّهْنِ مَسْمُوعَةٌ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا، وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي دَعْوَى الْجَامِعِ، وَفِي الْأَصْلِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَذَكَرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ رَهْنِ الْأَصْلِ وَشَرَطَ حَضْرَةَ الرَّاهِنِ لِسَمَاعِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ، وَالْمَشَايِخُ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ بَعْضُهُمْ قَالُوا: مَا ذُكِرَ فِي رَهْنِ الْأَصْلِ أَنَّ حَضْرَةَ الرَّاهِنِ شَرْطٌ وَقَعَ غَلَطًا مِنْ الْكَاتِبِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ حَالَ غَيْبَةِ الرَّاهِنِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى الْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ قَالَ

شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ كِتَابِ الْحِيَلِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَقَدْ أَجَابَ بِهَذَا فِي نَظَائِرِهِ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ فَقَالَ: الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ إذَا أُسِرَ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ فَوَجَدَهُ الْمُرْتَهِنُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَهْنٌ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ، وَأَخَذَهُ لَا يَكُونُ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ بِالرَّهْنِ. وَإِذَا قَالَ الرَّاهِنُ: رَهَنْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ وَقَبَضْتَهُ مِنِّي، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: رَهَنْتَنِي هَذَا الْعَبْدَ، وَقَبَضْتُهُ مِنْكَ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ إذَا كَانَ الْعَبْدُ وَالثَّوْبُ قَائِمَيْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَا هَالِكَيْنِ وَقِيمَةُ مَا يَدَّعِي الرَّاهِنُ أَنَّهُ رَهَنَهُ أَكْثَرَ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ. وَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: رَهَنْتَنِي الْعَبْدَ وَالثَّوْبَ جَمِيعًا وَقَبَضْتُهُمَا مِنْكَ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: لَا بَلْ رَهَنْتُكَ الثَّوْبَ وَحْدَهُ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ. وَإِذَا أَقَامَ الرَّاهِنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ بِأَلْفٍ، وَقَبَضَهُ مِنْهُ، وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ، وَلَا يَدْرِي مَا فَعَلَ بِالرَّهْنِ فَالْمُرْتَهِنُ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْعَبْدِ كُلِّهَا، وَإِذَا ضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ يُحْسَبُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَيُرَدُّ الْبَاقِي عَلَى الرَّاهِنِ، وَلَوْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ، وَادَّعَى الْمَوْتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الدَّيْنِ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ جُحُودٌ حَتَّى يَضْمَنَ الزِّيَادَةَ بِالْجُحُودِ، وَلَوْ لَمْ يَجْحَدْ الرَّهْنَ، وَجَاءَ بِعَبْدٍ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ، وَقَالَ: هُوَ هَذَا الْعَبْدُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الرَّهْنَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ، وَاَلَّذِي أَحْضَرَهُ لَيْسَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، فَالظَّاهِرُ يُكَذِّبُهُ فِيمَا قَالَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا جَحَدَ الرَّاهِنُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ فَادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدْيُونِ أَنَّهُ رَهَنَهُ عَبْدًا لَهُ وَقَبَضَهُ مِنْهُ، وَالْمَدْيُونُ يَجْحَدُ ذَلِكَ قَضَى الْقَاضِي بِالرَّهْنِ بِبَيِّنَةِ رَبِّ الدَّيْنِ. وَلَوْ كَانَ الْمَدْيُونُ يَدَّعِي الرَّهْنَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ وَرَبُّ الدَّيْنِ يَجْحَدُ، فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِالرَّهْنِ بِبَيِّنَةِ الْمَطْلُوبِ عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الرَّهْنِ، وَعَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَاتِ يَقْضِي، وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ هَالِكًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْمَدْيُونِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّ جُحُودَ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ بَعْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْتَمِلَ فَسْخًا لِلرَّهْنِ فَيُجْعَلُ إنْكَارًا لِلْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ فَيَتَمَكَّنُ الرَّاهِنُ مِنْ إثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِذَا أَقَامَ الرَّاهِنُ بَيِّنَةً عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ رَهْنًا وَأَقْبَضَهُ، وَلَمْ يُسَمِّ الشُّهُودُ الرَّهْنَ، وَلَمْ يَعْرِفُوهُ فَإِنَّهُ يَسْأَلُ الْمُرْتَهِنَ عَنْ الرَّهْنِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ عِنْدَ مَشَايِخِ بَلْخٍ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: تَأْوِيلُهُ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ رَهَنَ مِنْهُ شَيْئًا، وَقَبَضَ أَمَّا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ رَهَنَ شَيْئًا مَجْهُولًا، وَقَبَضَ وَشَهِدُوا عَلَى مُعَايَنَةِ الرَّهْنِ وَالْقَبْضِ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ، وَإِذَا أَقَامَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اسْتَوْدَعَ ذَا الْيَدِ هَذَا الثَّوْبَ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ ارْتَهَنَهُ مِنْهُ يُؤْخَذُ بِبَيِّنَةِ الْمُرْتَهِنِ، وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ أَوْدَعَ أَوَّلًا ثُمَّ رَهَنَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ يُرَدُّ عَلَى الْإِيدَاعِ، وَإِنْ كَانَ الْإِيدَاعُ لَا يُرَدُّ عَلَى الرَّهْنِ إلَّا بِرِضَا الْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ كَانَ الرَّاهِنُ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ، وَأَقَامَ الْمُرْتَهِنُ بَيِّنَةً عَلَى الرَّهْنِ جَعَلْتُهُ بَيْعًا وَأَبْطَلْتُ الرَّهْنَ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ رُهِنَ أَوَّلًا ثُمَّ بَاعَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ عَلَى الرَّهْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ الرَّهْنَ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ، وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ، وَقَبَضَهُ أَخَذْت بِبَيِّنَةِ الْهِبَةِ. وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ الشِّرَاءَ وَالْقَبْضَ، وَآخَرُ الرَّهْنَ وَالْقَبْضَ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ، وَهُوَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ أَخَذْتُ بِبَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الرَّهْنَ كَانَ قَبْلَهُ، وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ جَعَلْتُهُ رَهْنًا إلَّا أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ الشِّرَاءِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ أَوَّلًا. وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ فَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ، وَادَّعَى الْآخَرُ الصَّدَقَةَ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلَى الْقَبْضِ فَصَاحِبُ الرَّهْنِ أَوْلَى بِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْقَبْضَ بِحُكْمِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ كَانَ مِنْ قَبْلَ الرَّهْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَوْ الْمُضَارِبُ هَلَاكَ الْمَالِ، وَادَّعَى رَبُّ الْمَالِ عَلَيْهِمَا الِاسْتِهْلَاكَ، وَتَصَالَحَا، وَأَعْطَاهُ بِهِ رَهْنًا فَهَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَضْمَنُ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّجْرِيدِ. إذَا اسْتَوْدَعَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا ثُمَّ رَهَنَهُ إيَّاهُ ثُمَّ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فَهُوَ فِيهِ مُؤْتَمَنٌ لِأَنَّ يَدَ الْمُودَعِ كَيَدِ الْمُودِعِ فَمَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُرْتَهِنُ لَا يُثْبِتُ حُكْمَ يَدِ الرَّهْنِ لَهُ وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْقَبْضَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ، فَإِنْ أَقَامَ الرَّاهِنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَبَضَهُ بِالرَّهْنِ وَهَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ هَلَكَ عِنْدَهُ الْوَدِيعَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ لِلرَّهْنِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ

بِبَيِّنَةِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ إيفَاءَ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ الرَّاهِنُ رَجُلَيْنِ، وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِمَا رَهْنًا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنَّهُ رَهَنَهُ وَقَبَضَهُ، وَالْمَتَاعُ لَهُمَا جَمِيعًا، وَهُمَا يَجْحَدَانِ فَإِنَّ لِمُدَّعِي الرَّهْنَ أَنْ يُحَلِّفَ الَّذِي لَمْ يُقِمْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ نَكِلَ ثَبَتَ الرَّهْنُ عَلَيْهِمَا بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عَلَى النَّاكِلِ بِالنُّكُولِ، وَعَلَى الْآخَرِ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَثْبُتْ الرَّهْنُ فِي حَقِّهِ، وَلَا يُقْضَى بِالرَّهْنِ بِنَصِيبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّا لَوْ قَضَيْنَا بِهِ لَقَضَيْنَا بِرَهْنِ الْمُشَاعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ وَاحِدًا، وَالْمُرْتَهِنُ اثْنَيْنِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: ارْتَهَنْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا الثَّوْبَ مِنْكَ بِمِائَةٍ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ، وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ الْآخَرُ، وَقَالَ: لَمْ تَرْهَنْهُ، وَقَدْ قَبَضَا الثَّوْبَ وَجَحَدَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ فَإِنَّ الرَّهْنَ يُرَدُّ عَلَى الرَّاهِنِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَا أَقْضِي بِهِ رَهْنًا، وَأَجْعَلُهُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ، وَعَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَإِذَا قَضَى الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ مَالَهُ أَخَذَ الرَّهْنَ، فَإِنْ هَلَكَ ذَهَبَ نَصِيبُ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ مِنْ الْمَالِ، فَأَمَّا نَصِيبُ الْآخَرِ، فَلَا يَثْبُتُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَ شُهُودَهُ بِجُحُودِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنِهِ، وَقَبَضَهُ وَرَهَنَهُ ثُمَّ إنَّ رَبَّ الثَّوْبِ مَعَ الرَّاهِنِ اخْتَلَفَا، وَقَدْ هَلَكَ الثَّوْبُ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: هَلَكَ قَبْلَ الْفِكَاكِ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: هَلَكَ بَعْدَ الْفِكَاكِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: هَلَكَ الثَّوْبُ قَبْلَ أَنْ أَرْهَنَهُ، وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: هَلَكَ بَعْدَمَا رَهَنْتَهُ قَبْلَ أَنْ تَفْتَكَّهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الثَّوْبِ، وَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَرَبُّ الثَّوْبِ فِي قِيمَةِ الثَّوْبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ. وَلَوْ اخْتَلَفَ رَبُّ الثَّوْبِ وَالرَّاهِنُ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: أَمَرْتُكَ أَنْ تَرْهَنَهُ بِخَمْسَةٍ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: أَمَرْتَنِي أَنْ أَرْهَنَهُ بِعَشَرَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ، وَبَرِئَ عَنْ ضَمَانِ الْقِيمَةِ. وَإِذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الرَّهْنِ بِمِائَةٍ، وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الرَّهْنِ بِمِائَتَيْنِ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُقْضَى بِالرَّهْنِ أَصْلًا وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِالرَّهْنِ بِمِائَةٍ. وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِمِائَةٍ، وَالْآخَرُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ يَدَّعِي الْمِائَةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ يَدَّعِي الْمِائَةَ وَالْخَمْسِينَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِائَةِ، وَيُقْضَى بِالرَّهْنِ بِمِائَةٍ، وَهَذَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

كتاب الجنايات وفيه سبعة عشر بابا

[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ وَفِيهِ سَبْعَةَ عَشَرَ بَابًا] [الْبَاب الْأَوَّل تَعْرِيفِ الْجِنَايَةِ وَأَنْوَاعِهَا وَأَحْكَامِهَا] (كِتَابُ الْجِنَايَاتِ) (وَفِيهِ سَبْعَةَ عَشَرَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الْجِنَايَةِ وَأَنْوَاعِهَا وَأَحْكَامِهَا) وَهِيَ فِي الشَّرْعِ اسْمٌ لِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَالٍ أَوْ نَفْسٍ لَكِنْ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ يُرَادُ بِإِطْلَاقِ اسْمِ الْجِنَايَةِ الْفِعْلُ فِي النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْأَوَّلُ يُسَمَّى قَتْلًا وَهُوَ فِعْلٌ مِنْ الْعِبَادِ تَزُولُ بِهِ الْحَيَاةُ وَالثَّانِي يُسَمَّى قَطْعًا وَجُرْحًا كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. الْجِنَايَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ أَحَدُهُمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ، وَهُوَ الْعَمْدُ وَالْآخَرُ لَا يُوجِبُهُ، وَمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: فِي النَّفْسِ وَالْآخَرُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْقَتْلُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: عَمْدٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ وَخَطَأٌ، وَمَا جَرَى مَجْرَى الْخَطَأِ، وَالْقَتْلُ بِسَبَبٍ وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْوَاعُ الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ أَمَّا الْعَمْدُ فَمَا تَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِسِلَاحٍ أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَى السِّلَاحِ فِي تَفْرِيقِ الْأَجْزَاءِ كَمُحَدِّدِ الْخَشَبِ وَالْحَجَرِ وَلِيطَةِ الْقَصَبِ وَالنَّارِ كَذَا فِي الْكَافِي وَمُوجِبُ ذَلِكَ الْمَأْثَمُ وَالْقَوَدُ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ الْأَوْلِيَاءُ، أَوْ يُصَالِحُوا، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَمِنْ حُكْمِهِ حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ وَوُجُوبُ الْمَالِ بِهِ عِنْدَ التَّرَاضِي أَوْ عِنْدَ تَعَذُّرِ إيجَابِ الْقِصَاصِ لِلشُّبْهَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. وَشِبْهُ الْعَمْدِ أَنْ يَتَعَمَّدَ الضَّرْبَ بِمَا لَيْسَ بِسِلَاحٍ وَلَا مَا جَرَى مَجْرَى السِّلَاحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا ضَرَبَهُ

الباب الثاني فيمن يقتل قصاصا ومن لا يقتل

بِحَجَرٍ عَظِيمٍ أَوْ خَشَبَةٍ عَظِيمَةٍ فَهُوَ عَمْدٌ وَشِبْهُ الْعَمْدِ أَنْ يَتَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ غَالِبًا وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَمُوجَبُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْإِثْمُ وَالْكَفَّارَةُ، وَكَفَّارَتُهُ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَذَا فِي الْكَافِي وَهَذَا التَّغْلِيظُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ إذَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ مِنْهَا لَا مِنْ شَيْءٍ آخَرَ، وَمِنْ مُوجَبِ شِبْهِ الْعَمْدِ أَيْضًا حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ شِبْهُ الْعَمْدِ قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ مَا جُعِلَ شِبْهَ عَمْدٍ فِي النَّفْسِ فَهُوَ عَمْدٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْخَطَأُ عَلَى نَوْعَيْنِ: خَطَأٌ فِي الْقَصْدِ وَهُوَ أَنْ يَرْمِيَ شَخْصًا يَظُنُّهُ صَيْدًا فَإِذَا هُوَ آدَمِيٌّ أَوْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا فَإِذَا هُوَ مُسْلِمٌ وَخَطَأٌ فِي الْفِعْلِ وَهُوَ أَنْ يَرْمِيَ غَرَضًا فَيُصِيبَ آدَمِيًّا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَمُوجِبُ ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَتَحْرِيمُ الْمِيرَاثِ وَسَوَاءٌ قَتَلَ مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًّا فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ، وَلَا مَأْثَمَ فِيهِ فِي الْوَجْهَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ خَطَأً فِي الْقَصْدِ، أَوْ خَطَأً فِي الْفِعْلِ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا تَعَمَّدْتَ شَيْئًا مِنْ إنْسَانٍ فَأَصَبْتَ شَيْئًا آخَرَ مِنْهُ سِوَى مَا تَعَمَّدْتَهُ فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ، وَإِنْ أَصَبْتَ غَيْرَهُ يَعْنِي غَيْرَ ذَلِكَ الْإِنْسَانِ فَهُوَ خَطَأٌ قَالَ هِشَامٌ: تَفْسِيرُ هَذَا: رَجُلٌ تَعَمَّدَ أَنْ يَضْرِبَ يَدَ رَجُلٍ فَأَخْطَأَ، وَأَصَابَ عُنُقَ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَأَبَانَ رَأْسَهُ وَقَتَلَهُ فَهُوَ عَمْدٌ، وَفِيهِ الْقَوَدُ، وَلَوْ أَرَادَ يَدَ هَذَا الرَّجُلِ فَأَصَابَ عُنُقَ غَيْرِهِ فَهُوَ خَطَأٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي الْبَقَّالِيِّ: إذَا قَصَدَ رَأْسَهُ بِالْعَصَا فَأَصَابَ عَيْنَهُ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ ضَرْبَهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ كَفَّ رَجُلٍ فِي قِصَاصٍ لَهُ قَبْلَهُ - فَأَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ كَفَّهُ بِالسَّيْفِ فَأَصَابَ الْيَدَ مِنْ الْمَنْكِبِ فَأَبَانَهَا فَضَمَانُهُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ مَحْضٌ، وَلَا قِصَاصَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ كَفَّهُ، وَلَوْ رَمَى قَلَنْسُوَةً عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ، فَأَصَابَ الرَّجُلَ فَهَذَا خَطَأٌ قَالَ هِشَامٌ قُلْتُ: رَجُلٌ رَمَى إنْسَانًا بِسَهْمٍ فَأَخْطَأَ فَأَصَابَ السَّهْمُ حَائِطًا ثُمَّ عَادَ السَّهْمُ فَأَصَابَ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ، وَقَتَلَهُ قَالَ: هَذَا خَطَأٌ، وَلَوْ لَوَى ثَوْبًا فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَ رَجُلٍ فَشَجَّهُ مُوضِحَةً فَهُوَ عَمْدٌ، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ صَارَ خَطَأً ذَكَرَهُ فِي الْعُيُونِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَمَّا مَا جَرَى مَجْرَى الْخَطَأِ فَهُوَ مِثْلُ النَّائِمِ يَنْقَلِبُ عَلَى رَجُلٍ فَيَقْتُلُهُ فَلَيْسَ هَذَا بِعَمْدٍ، وَلَا خَطَأٍ كَذَا فِي الْكَافِي وَكَمَنْ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ، أَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ لَبِنَةٌ، أَوْ خَشَبَةٌ، وَأَصَابَتْ إنْسَانًا وَقَتَلَتْهُ، أَوْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ فَوَطِئَتْ دَابَّتُهُ إنْسَانًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ - وَحُكْمُهُ - حُكْمُ الْخَطَأِ مِنْ سُقُوطِ الْقِصَاصِ وَوُجُوبِ الدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَحِرْمَانِ الْمِيرَاثِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَأَمَّا الْقَتْلُ بِسَبَبٍ فَمِثْلُ حَفْرِ الْبِئْرِ وَوَضْعِ الْحَجَرِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ وَطِئَتْ دَابَّتُهُ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ، وَهُوَ سَائِقُهَا، أَوْ قَائِدُهَا فَهُوَ قَتْلٌ بِسَبَبٍ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَمُوجِبُهُ إذَا تَلِفَ بِهِ آدَمِيٌّ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَا حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ يُقْتَلُ قِصَاصًا وَمَنْ لَا يُقْتَلُ] (الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ يُقْتَلُ قِصَاصًا، وَمَنْ لَا يُقْتَلُ) يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْحُرِّ كَذَا فِي الْكَنْزِ وَيُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى وَالْأُنْثَى بِالذَّكَرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَيُقْتَلُ الْكَافِرُ بِالْمُسْلِمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ وَيُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِالذِّمِّيِّ كَذَا فِي الْكَافِي. وَالذِّمِّيُّ إذَا قَتَلَ ذِمِّيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ بِحَرْبِيٍّ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَا يُقْتَلُ مُسْتَأْمَنٌ بِمُسْتَأْمَنٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُسْلِمٌ قَتَلَ مُرْتَدًّا، أَوْ مُرْتَدَّةً لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمُسْلِمُ إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا، وَهُمَا دَاخِلَانِ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عِنْدَنَا وَلَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ أَسِيرًا مُسْلِمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَلَا دِيَةَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ صَاحِبَاهُ: عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُقْتَلُ الْكَبِيرُ بِالصَّغِيرِ وَالصَّحِيحُ بِالْأَعْمَى وَبِالزَّمِنِ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ قَتَلَ آخَرَ، وَهُوَ فِي النَّزْعِ قُتِلَ، وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا قِصَاصَ فِيمَا بَيْنَ الصِّبْيَانِ وَعَمْدُ

الصَّبِيِّ وَخَطَؤُهُ سَوَاءٌ عِنْدَنَا حَتَّى تَجِبَ الدِّيَةُ فِي الْحَالَيْنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ فِي فَصْلِ الْعَمْدِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ عِنْدَنَا، وَلَا يُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ عِنْدَنَا، وَالْجَوَابُ فِي الْمَعْتُوهِ وَالْمَجْنُونِ إذَا قَتَلَ فِي حَالِ جُنُونِهِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الصَّبِيِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُقْتَلُ الصَّحِيحُ وَسَلِيمُ الْأَطْرَافِ بِالْمَرِيضِ وَنَاقِصِ الْأَطْرَافِ صُورَةً، أَوْ مَعْنًى كَالْأَشَلِّ وَنَحْوِهِ وَالْعَاقِلُ بِالْمَجْنُونِ، وَلَا يُقْتَلُ الْمَجْنُونُ بِالْعَاقِلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْقَاضِي إذَا قَضَى بِالْقِصَاصِ عَلَى الْقَاتِلِ فَقَبْلَ أَنْ يُدْفَعَ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ جُنَّ الْقَاتِلُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا وَتَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ جُنَّ الْقَاتِلُ بَعْدَ مَا قُضِيَ بِالْقِصَاصِ، وَدُفِعَ إلَى الْوَلِيِّ يُقْتَلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْعُيُونِ، وَإِذَا قُتِلَ الرَّجُلُ وَلَهُ، وَلِيٌّ فَلَمَّا قَضَى الْقَاضِي بِالْقِصَاصِ قَالَ الْقَاتِلُ: لِي حُجَّةٌ ثُمَّ جُنَّ الْقَاتِلُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي الْقِيَاسِ يُقْتَلُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُؤْخَذُ مِنْهُ الدِّيَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: مَنْ يُجَنُّ وَيُفِيقُ إذَا قَتَلَ إنْسَانًا فِي حَالَةِ الْإِفَاقَةِ يُقْتَلُ كَالصَّحِيحِ، فَإِنْ جُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْجُنُونُ مُطْبَقًا سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُطْبِقٍ لَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلًا ثُمَّ عَتِهَ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِالْقَتْلِ، وَهُوَ مَعْتُوهٌ فَإِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ لَا أَقْتُلَهُ، وَأَجْعَلَ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إذَا مَاتَ سَقَطَ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيُقْتَلُ الْوَلَدُ بِالْوَالِدِ وَالْوَالِدَةِ وَالْجَدِّ، وَإِنْ عَلَا وَالْجَدَّةِ، وَإِنْ عَلَتْ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ، أَوْ الْأُمَّهَاتِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِابْنِهِ وَالْجَدُّ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَإِنْ عَلَا فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ، وَكَذَا الْوَالِدَةُ وَالْجَدَّةُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ قَرُبَتْ، أَوْ بَعُدَتْ كَذَا فِي الْكَافِي ثُمَّ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ الدِّيَةُ بِقَتْلِ الِابْنِ عَمْدًا فِي أَمْوَالِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَإِنْ كَانَ الْوَالِدُ قَتَلَ وَلَدَهُ خَطَأً فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ عِنْدَنَا، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَمْلُوكًا لِإِنْسَانٍ فَقَتَلَهُ أَبُوهُ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِمَوْلَاهُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ وَلَوْ كَانَ فِي وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ وَلَدُ الْقَاتِلِ، أَوْ وَلَدُ وَلَدِهِ، وَإِنْ سَفُلَ بَطَلَ الْقِصَاصُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَخَوَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا أَبَاهُمَا عَمْدًا، وَالْآخَرُ أُمَّهُمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ قَتِيلِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولَيْنِ وَارِثٌ سِوَاهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِعَبْدِهِ، وَلَا مُدَبَّرِهِ، وَلَا مُكَاتَبِهِ، وَلَا بِعَبْدِ وَلَدِهِ وَكَذَا لَا يُقْتَلُ بِعَبْدٍ مَلَكَ بَعْضَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِمَوْلَاهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَتَلَ عَبْدَ الْوَقْفِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَا يُقْتَلُ شَرِيكُ مَنْ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ كَالْأَبِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَالْعَامِدِ وَالْخَاطِئِ وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّهْذِيبِ وَكَالْأَجْنَبِيِّ إذَا شَارَكَ الزَّوْجَ فِي قَتْلِ زَوْجَتِهِ، وَلَهُ وَلَدٌ مِنْهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا اشْتَرَكَ الرَّجُلَانِ فِي قَتْلِ رَجُلٍ أَحَدُهُمَا: بِعَصًا وَالْآخَرُ بِحَدِيدَةٍ فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيَجِبُ الْمَالُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ ثُمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ يُجْعَلُ كَالْمُنْفَرِدِ بِهِ فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى صَاحِبِ الْحَدِيدَةِ فِي مَالِهِ، وَنِصْفُهَا عَلَى صَاحِبِ الْعَصَا عَلَى عَاقِلَتِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. الْقِصَاصُ وَاجِبٌ بِقَتْلِ كُلِّ مَحْقُونِ الدَّمِ عَلَى التَّأْبِيدِ إذَا قَتَلَ عَمْدًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إلَّا بِالسَّيْفِ وَنَحْوِهِ كَذَا فِي الْكَافِي حَتَّى إنَّ مَنْ حَرَقَ رَجُلًا بِالنَّارِ، أَوْ غَرَّقَهُ بِالْمَاءِ تُضْرَبُ عِلَاوَتُهُ بِالسَّيْفِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَطَعَ طَرَفَ إنْسَانٍ وَمَاتَ تُحَزُّ رَقَبَتُهُ بِالسَّيْفِ، وَلَا يُقْطَعُ طَرَفُهُ، وَكَذَلِكَ إنْ شَجَّهُ هَاشِمَةً، وَمَاتَ تُقْطَعُ عِلَاوَتُهُ بِالسَّيْفِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَمَنْ شَجَّ نَفْسَهُ وَشَجَّهُ رَجُلٌ، وَعَقَرَهُ أَسَدٌ، وَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ، وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ ثُلُثُ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً فَحَضَرَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِينَ قُتِلَ بِجَمَاعَتِهِمْ، وَلَا شَيْءَ لَهُمْ غَيْرُ

ذَلِكَ، وَإِنْ حَضَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قُتِلَ لَهُ وَسَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا قَتَلَ جَمَاعَةٌ وَاحِدًا عَمْدًا تُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ كَذَا فِي الْكَافِي. مَنْ ضَرَبَ - رَجُلًا بِمَرٍّ فَقَتَلَهُ، فَإِنْ أَصَابَهُ بِالْحَدِيدِ قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ أَصَابَهُ بِالْعُودِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَذَا إذَا أَصَابَهُ بِحَدِّ الْحَدِيدِ، وَإِنْ أَصَابَهُ بِظَهْرِ الْحَدِيدِ فَعِنْدَهُمَا يَجِبُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ إذَا جُرِحَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَعَلَى هَذَا الضَّرْبُ بِصَنَجَاتِ الْمِيزَانِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَمَنْ جَرَحَ رَجُلًا فَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ ضَرَبَ رَجُلًا بِإِبْرَةٍ، وَمَا يُشْبِهُهَا عَمْدًا، فَمَاتَ لَا قَوَدَ فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْمِسَلَّةِ وَنَحْوِهَا الْقَوَدُ وَقِيلَ: إنْ غُرِزَ بِالْإِبْرَةِ فِي الْمَقْتَلِ قُتِلَ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ عَضَّهُ حَتَّى مَاتَ ذُكِرَ فِي الْأَجْنَاسِ كُلُّ آلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِهَا الزَّكَاةُ فِي الْبَهَائِمِ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْقِصَاصُ فِي الْآدَمِيِّ، وَمَا لَا فَلَا يَعْنِي لَا يَجِبُ بِالْعَضِّ، وَلَوْ ضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ، وَوَالَى فِي الضَّرَبَاتِ حَتَّى مَاتَ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ الْعَصَا الصَّغِيرُ إذَا وَالَى بِهِ فِي الضَّرَبَاتِ حَتَّى مَاتَ لَا يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ عِنْدَنَا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. وَمَنْ ضَرَبَ رَجُلًا مِائَةَ سَوْطٍ فَبَرَأَ مِنْ تِسْعِينَ وَمَاتَ مِنْ عَشَرَةٍ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ بِضَرْبِ التِّسْعِينَ شَيْءٌ، وَظَاهِرُ الْجَوَابِ فِي كُلِّ جِرَاحَةٍ انْدَمَلَتْ، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ لَا شَيْءَ فِيهَا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ أَوْجَبَ حُكُومَةَ الْعَدْلِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ أَوْجَبَ قِيمَةَ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ قَالُوا: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا بَرَأَ مِنْ تِسْعِينَ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ أَصْلًا، فَإِنْ بَقِيَ لَهُ أَثَرٌ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ حُكُومَةُ الْعَدْلِ لِلْأَسْوَاطِ وَدِيَةٌ لِلْقَتْلِ، وَإِنْ ضَرَبَ رَجُلًا مِائَةَ سَوْطٍ وَجَرَحَهُ وَبَرَأَ مِنْهَا وَبَقِيَ لَهُ أَثَرٌ يَجِبُ حُكُومَةُ الْعَدْلِ لِبَقَاءِ الْأَثَرِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ خَنَقَ رَجُلًا لَا يُقْتَلُ إلَّا إذَا كَانَ الرَّجُلُ خَنَّاقًا مَعْرُوفًا خَنَقَ غَيْرَ وَاحِدٍ فَيُقْتَلُ سِيَاسَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، فَإِنْ تَابَ مِنْ ذَلِكَ إنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِي يَدِ الْإِمَامِ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَإِنْ تَابَ بَعْدَ مَا وَقَعَ فِي يَدِ الْإِمَامِ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَهُوَ نَظِيرُ السَّاحِرِ إذَا تَابَ. ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ زِيَادَاتِ الْأَصْلِ أَنَّ مَنْ غَرَّقَ إنْسَانًا بِالْمَاءِ إنْ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا لَا يَقْتُلُ مِثْلَهُ غَالِبًا وَتُرْجَى مِنْهُ النَّجَاةُ بِالسِّبَاحَةِ فِي الْغَالِبِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ خَطَأُ الْعَمْدِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَاءُ عَظِيمًا إنْ كَانَ بِحَيْثُ تُمْكِنُهُ النَّجَاةُ مِنْهُ بِالسِّبَاحَةِ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مَشْدُودٍ، وَلَا مُثْقَلٍ، وَهُوَ يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ فَمَاتَ يَكُونُ خَطَأَ الْعَمْدِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا تُمْكِنُهُ النَّجَاةُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ خَطَأُ الْعَمْدِ، وَلَا قِصَاصَ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا: هُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَخَذَ رَجُلٌ رَجُلًا فَقَمَطَهُ ثُمَّ أَلْقَاهُ فِي الْبَحْرُ فَرَسَبَ فِي الْمَاءِ، وَمَاتَ ثُمَّ طَفَا مَيِّتًا لَا يُقْتَلُ بِهِ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً، وَكَذَا لَوْ غَطَّهُ فِي الْبَحْرِ، أَوْ فِي الْفُرَاتِ فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ بِهِ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا طَرَحَ رَجُلًا مِنْ سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ، أَوْ فِي دِجْلَةَ، وَهُوَ لَا يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ فَرَسَبَ لَا يُقْتَلُ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ ارْتَفَعَ سَاعَةً، وَسَبَحَ ثُمَّ غَرِقَ وَمَاتَ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ قِصَاصٌ، وَلَا دِيَةٌ وَكَذَا جَيِّدُ السِّبَاحَةِ فَأَخَذَ يَسْبَحُ سَاعَةَ طُرِحَ فِي الْبَحْرِ لِيَتَخَلَّصَ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْبَحُ حَتَّى فَتَرَ وَغَرِقَ وَمَاتَ فَلَا قَوَدَ، وَلَا دِيَةَ، وَلَوْ أَنَّهُ حِينَ طُرِحَ فِي الْمَاءِ، وَلَا يُدْرَى مَاتَ، أَوْ خَرَجَ، وَلَمْ يُرَ لَهُ أَثَرٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، وَلَوْ أَنَّهُ اُرْتُمِسَ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا وَانْغُمِسَ وَبِهِ حَيَاةٌ، وَلَمْ يُدْرَ مَا حَالُهُ، وَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الَّذِي صَنَعَ شَيْءٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إذَا أَحْمَى تَنُّورًا فَأَلْقَى فِيهَا إنْسَانًا أَوْ أَلْقَاهُ فِي نَارٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْهَا فَأَحْرَقَتْهُ النَّارُ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْإِحْمَاءَ يَكْفِي، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ نَارٌ قَالَ الْبَقَّالِيُّ فِي فَتَاوَاهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَلْقَاهُ فِي النَّارِ ثُمَّ أُخْرِجَ وَبِهِ رَمَقٌ فَمَكَثَ أَيَّامًا، وَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ قُتِلَ، وَإِنْ كَانَ يَجِيءُ، وَيَذْهَبُ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْتَلْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَمَطَ رَجُلًا ثُمَّ - أَغْلَى لَهُ مَاءً فِي قِدْرٍ ضَخْمَةٍ حَتَّى إذَا صَارَ كَأَنَّهُ نَارٌ أَلْقَاهُ فِي الْمَاءِ، فَسُلِخَ سَاعَةَ أَلْقَاهُ فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ حَارًّا لَا يَغْلِي غَلَيَانًا شَدِيدًا فَأَلْقَاهُ فِيهِ ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ مَاتَ وَقَدْ تَنَفَّطَ جَسَدُهُ أَيْ

صَارَ بِهِ نَفْطَةٌ، أَوْ نَضَّجَهُ الْمَاءُ قُتِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ هُوَ أُخْرِجَ مِنْ الْقِدْرِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَقَدْ انْسَلَخَ وَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ، أَوْ مِنْ يَوْمِهِ، أَوْ مَكَثَ أَيَّامًا مَضَيْنَ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ تَمَاثَلَ حَتَّى يَجِيءَ، وَيَذْهَبَ ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُقْتَلْ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ أَلْقَى رَجُلًا فِي مَاءٍ بَارِدٍ فِي يَوْمِ الشِّتَاءِ فَكُزَّ، وَيَبِسَ سَاعَةَ أَلْقَاهُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَرَّدَهُ، فَجَعَلَهُ فِي سَطْحٍ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْبَرْدِ، وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ مِنْ الْبَرْدِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَمَطَهُ، وَجَعَلَهُ فِي الثَّلْجِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَمَطَ رَجُلًا، أَوْ صَبِيًّا ثُمَّ وَضَعَهُ فِي الشَّمْسِ فَلَمْ يَتَخَلَّصْ حَتَّى مَاتَ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِذَا أَلْقَاهُ مِنْ سَطْحٍ، أَوْ جَبَلٍ، أَوْ أَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا خَطَأُ الْعَمْدِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا إنْ كَانَ مَوْضِعًا تُرْجَى مِنْهُ النَّجَاةُ غَالِبًا فَهُوَ خَطَأُ الْعَمْدِ، وَإِنْ كَانَ لَا تُرْجَى مِنْهُ النَّجَاةُ، فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِهِ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا سَقَى رَجُلًا سُمًّا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَوْجَرَهُ إيجَارًا عَلَى كُرْهٍ مِنْهُ، أَوْ نَاوَلَهُ ثُمَّ أَكْرَهَهُ عَلَى شُرْبِهِ حَتَّى شَرِبَ، أَوْ نَاوَلَهُ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَوْجَرَهُ، أَوْ نَاوَلَهُ وَأَكْرَهَهُ عَلَى شُرْبِهِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ، وَإِذَا نَاوَلَهُ فَشَرِبَ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ، وَلَا دِيَةٌ سَوَاءٌ عَلِمَ الشَّارِبُ بِكَوْنِهِ سُمًّا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَيَرِثُ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِآخَرَ: كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ طَيِّبٌ فَأَكَلَهُ، فَإِذَا هُوَ مَسْمُومٌ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ رَجُلًا، فَقَيَّدَهُ وَحَبَسَهُ فِي بَيْتٍ حَتَّى مَاتَ جُوعًا فَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أُوجِعُهُ عُقُوبَةً، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ دَفَنَهُ فِي قَبْرٍ حَيًّا فَمَاتَ يُقْتَلُ بِهِ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ أَدْخَلَ نَائِمًا، أَوْ صَبِيًّا، أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْبَيْتُ ضَمِنَ فِي الصَّبِيِّ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ دُونَ النَّائِمِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي جِنَايَاتِ الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَمَّطَ رَجُلًا فَطَرَحَهُ قُدَّامَ سَبُعٍ فَقَتَلَهُ السَّبُعُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ قَوَدٌ، وَلَا دِيَةٌ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ وَيُضْرَبُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَأَمَّا أَنَا فَأَرَى أَنْ يُحْبَسَ أَبَدًا حَتَّى يَمُوتَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثَ عَشَرَ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَدْخَلَ رَجُلًا فِي بَيْتٍ، وَأَدْخَلَ مَعَهُ سَبُعًا، وَأَغْلَقَ عَلَيْهِمَا الْبَابَ فَأَخَذَ الرَّجُلَ السَّبُعُ فَقَتَلَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ نَهَشَتْهُ حَيَّةٌ، أَوْ لَسَعَتْهُ عَقْرَبٌ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ أَدْخَلَ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ مَعَهُ، أَوْ كَانَتَا فِي الْبَيْتِ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِصَبِيٍّ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا شَقَّ - رَجُلٌ بَطْنَ رَجُلٍ، وَأَخْرَجَ أَمْعَاءَهُ ثُمَّ ضَرَبَ رَجُلٌ عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي ضَرَبَ الْعُنُقَ، وَيُقْتَصُّ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً تَجِبُ الدِّيَةُ، وَعَلَى الَّذِي شَقَّ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ الشَّقُّ نَفَذَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ فَثُلُثَا الدِّيَةِ هَذَا إذَا كَانَ مِمَّا يَعِيشُ بَعْدَ شَقِّ الْبَطْنِ يَوْمًا، أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، فَإِنْ كَانَ لَا يَعِيشُ، وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ الْحَيَاةُ مَعَهُ، وَلَا يَبْقَى مَعَهُ إلَّا اضْطِرَابُ الْمَوْتِ فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي شَقَّ الْبَطْنَ وَيُقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ، وَاَلَّذِي ضَرَبَ الْعِلَاوَةَ يُعَزَّرُ، وَكَذَا لَوْ جُرِحَ رَجُلٌ جِرَاحَةً مُثْخِنَةً لَا يُتَوَهَّمُ الْعَيْشُ مَعَهَا، وَجَرَحَهُ آخَرُ جِرَاحَةً أُخْرَى فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي جَرَحَ الْجِرَاحَةَ الْمُثْخِنَةَ هَذَا إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَتَانِ عَلَى التَّعَاقُبِ، فَإِنْ كَانَتَا مَعًا فَكِلَاهُمَا قَاتِلَانِ، وَكَذَا لَوْ جَرَحَهُ رَجُلٌ عَشْرَ جِرَاحَاتٍ، وَالْآخَرُ جَرَحَهُ جِرَاحَةً وَاحِدَةً فَكِلَاهُمَا قَاتِلَانِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَطَعَ عُنُقَ الرَّجُلِ وَبَقِيَ شَيْءٌ قَلِيلٌ مِنْ الْحُلْقُومِ، وَفِيهِ الرُّوحُ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَيِّتٌ فَلَوْ مَاتَ ابْنُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَرِثَهُ ابْنُهُ، وَلَمْ يَرِثْ هُوَ مِنْ ابْنِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي الْمُنْتَقَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا ثُمَّ إنَّ الْمَقْطُوعَةَ يَدُهُ قَتَلَ ابْنَ الْقَاطِعِ عَمْدًا ثُمَّ مَاتَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ مِنْ الْقَطْعِ فَعَلَى الْقَاطِعِ الْقِصَاصُ لِوَلِيِّ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ فِيهَا الْقِيَاسَ وَالِاسْتِحْسَانَ، فَقَالَ: الْقِيَاسُ أَنَّ عَلَى الْقَاطِعِ الْقِصَاصَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا قِصَاصَ

الباب الثالث فيمن يستوفي القصاص

وَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ. رَجُلٌ قَتَلَ ابْنًا لِرَجُلٍ عَمْدًا ثُمَّ إنَّ الْمَقْتُولَ قَطَعَ يَدَ الْقَاتِلِ خَطَأً، وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ قِصَاصًا، وَلَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهِ الدِّيَةُ عَلَى أَبِي الْمَقْتُولِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . رَجُلٌ قَالَ: أَنَا ضَرَبْتُ فُلَانًا بِالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ خَطَأٌ حَتَّى يَقُولَ عَمْدًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ: ضَرَبْتُ بِسَيْفِي فَقَتَلْتُ فُلَانًا، أَوْ قَالَ: وَجَأْتُ بِسِكِّينٍ فَقَتَلْتُ فُلَانًا ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا أَرَدْتُ غَيْرَهُ فَأَصَبْتُهُ دُرِئَ عَنْهُ الْقَتْلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . رَجُلٌ قَالَ - ضَرَبْتُ فُلَانًا بِالسَّيْفِ عَمْدًا، وَلَا أَدْرِي أَنَّهُ مَاتَ مِنْهَا، وَلَكِنَّهُ مَاتَ، وَقَالَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ: بَلْ مَاتَ بِضَرْبِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ، وَإِنْ قَالَ الْقَاتِلُ مَاتَ مِنْهَا، وَمِنْ حَيَّةٍ نَهَشَتْهُ، أَوْ مِنْ ضَرْبِ رَجُلٍ آخَرَ ضَرَبَهُ بِالْعَصَا، وَقَالَ الْوَلِيُّ: بَلْ مَاتَ مِنْ ضَرْبِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الضَّارِبِ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا قَتَلَ الْقَاتِلَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ، فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَإِنْ قَالَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ بَعْدَ مَا قَتَلَهُ الْأَجْنَبِيُّ: كُنْتُ أَمَرْتُهُ بِقَتْلِهِ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. صَفَّيْنٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ الْتَقَيَا فَقَتَلَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُشْرِكٌ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ قَالُوا: إنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ إذَا كَانُوا مُخْتَلَطِينَ، فَإِنْ كَانَ فِي صَفِّ الْمُشْرِكِينَ لَا تَجِبُ لِسُقُوطِ عِصْمَتِهِ بِتَكْثِيرِ سَوَادِهِمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَمَنْ شَهَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَيْفًا وَجَبَ قَتْلُهُ، وَلَا شَيْءَ بِقَتْلِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا شَهَرَ عَلَى رَجُلٍ سِلَاحًا فَقَتَلَهُ، أَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ دَفْعًا عَنْهُ فَلَا يَجِبُ بِقَتْلِهِ شَيْءٌ، وَلَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِاللَّيْلِ، أَوْ النَّهَارِ فِي الْمِصْرِ، أَوْ خَارِجَ الْمِصْرِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَنْ شَهَرَ عَلَيْهِ عَصًا لَيْلًا فِي مِصْرٍ، أَوْ نَهَارًا فِي غَيْرِ مِصْرٍ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ عَمْدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَهَرَ عَلَيْهِ عَصًا نَهَارًا فِي الْمِصْرِ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ عَمْدًا قُتِلَ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ شَهَرَ الْمَجْنُونُ عَلَى غَيْرِهِ سِلَاحًا فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَعَلَى هَذَا الصَّبِيُّ وَالدَّابَّةُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَمَنْ شَهَرَ عَلَى رَجُلٍ سِلَاحًا فَضَرَبَهُ وَانْصَرَفَ ثُمَّ إنَّ الْمَضْرُوبَ ضَرَبَ الضَّارِبَ ضَرْبَةً، وَقَتَلَهُ فَعَلَى الْقَاتِلِ الْقِصَاصُ وَهَذَا إذَا ضَرَبَهُ الْأَوَّلُ، وَكَفَّ عَنْ الضَّرْبِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُرِيدُ ضَرْبَهُ ثَانِيًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَمَنْ شَهَرَ عَلَى غَيْرِهِ سِلَاحًا فِي الْمِصْرِ فَضَرَبَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ الْآخَرُ فَعَلَى الْقَاتِلِ الْقِصَاصُ مَعْنَاهُ إذَا ضَرَبَهُ فَانْصَرَفَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لَيْلًا، وَأَخْرَجَ السَّرِقَةَ فَاتَّبَعَهُ، وَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَتَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ إنْ كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ إلَّا بِالْقَتْلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَمَّا أَنَّهُ لَوْ صَاحَ بِهِ يَتْرُكُ مَا أَخَذَهُ، وَيَذْهَبُ فَلَمْ يَفْعَلْ هَكَذَا، وَلَكِنْ قَتَلَهُ كَانَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَنْ يَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَنْ يَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ) لِلْأَبِ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَيَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ مَنْ يَسْتَحِقُّ مِيرَاثَهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَكَذَا الدِّيَةُ وَلَيْسَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ إذَا كَانُوا كِبَارًا حَتَّى يَجْتَمِعُوا وَلَيْسَ لَهُمْ، وَلَا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يُوَكِّلَ بِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْقِصَاصُ يَسْتَحِقُّهُ الْمَقْتُولُ ثُمَّ يَخْلُفُهُ وَارِثُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا قُتِلَ الرَّجُلُ عَمْدًا، وَلَهُ وَلِيٌّ وَاحِدٌ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ قِصَاصًا قَضَى الْقَاضِي بِهِ، أَوْ لَمْ يَقْضِ، وَيَقْتُلُهُ بِالسَّيْفِ وَيَحُزُّ رَقَبَتَهُ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ بِغَيْرِ السَّيْفِ مُنِعَ عَنْ ذَلِكَ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ يُعَزَّرُ إلَّا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ بِأَيِّ طَرِيقٍ قَتَلَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قُتِلَ وَلِيُّ الْمَعْتُوهِ فَلِأَبِيهِ أَنْ يَقْتُلَ، وَلَهُ أَنْ يُصَالِحَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ، وَكَذَلِكَ إنْ قُطِعَتْ يَدُ الْمَعْتُوهِ عَمْدًا وَالْوَصِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْتُلُ وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذَا الْإِطْلَاقِ الصُّلْحُ عَنْ النَّفْسِ وَاسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ فِي الطَّرْفِ، وَالصَّبِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْتُوهِ فِي هَذَا، وَالْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْقِصَاصَ

إذَا كَانَ كُلُّهُ لِلصَّغِيرِ لَيْسَ لِلْأَخِ الْكَبِيرِ وِلَايَةُ الِاسْتِيفَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِذَا كَانَ الْقِصَاصُ بَيْنَ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ فَلِلْكَبِيرِ اسْتِيفَاؤُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكُ أَبًا لَهُ فَيَسْتَوْفِيَهُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ إذَا كَانَ شَرِيكُ الْكَبِيرِ مَعْتُوهًا أَوْ مَجْنُونًا، وَهُوَ أَخٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ لِلسُّلْطَانِ اسْتِيفَاؤُهُ مَعَ الْكَبِيرِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ كَانَ الْكُلُّ صِغَارًا قِيلَ الِاسْتِيفَاءُ إلَى السُّلْطَانِ، وَقِيلَ: يُنْظَرُ إلَى بُلُوغِهِمْ أَوْ بُلُوغِ أَحَدِهِمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَنْ قُتِلَ، وَلَا وَلِيٌّ لَهُ فَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ، وَكَذَا الْقَاضِي كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَإِذَا قُتِلَ الْعَبْدُ عَمْدًا فَالْقِصَاصُ لِسَيِّدِهِ، وَالْمُدَبَّرُ، وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ لَهُ عَبْدَانِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ عَمْدًا فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ مِنْ الْقَاتِلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمَبْسُوطِ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فَقُتِلَ لَيْسَ لِلْكَبِيرِ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ الصَّغِيرُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ فَوِلَايَةُ الِاسْتِيفَاءِ لَهُمْ جَمِيعًا لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمْ، وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمْ يَنْقَلِبُ حَقُّ الْبَاقِينَ مَالًا إلَى الْقِيمَةِ كَمَا يَنْقَلِبُ فِي الْحُرِّ إلَى الدِّيَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ فَمَاتَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ الْمَوْلَى فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَقْتُلَ قَاتِلَهُ، وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ وَرَثَةٌ غَيْرُ الْمَوْلَى فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاتِلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلًا فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَشَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ عَبْدَهُ فَأَعْتَقَهُ، وَهُوَ حُرٌّ الْيَوْمَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ قَضَيْتُ لِوَارِثِهِ بِالْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ وَبِالدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَلِمَوْلَاهُ قِيمَتُهُ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الثَّامِنِ. إذَا قُتِلَ الْمُكَاتَبُ عَمْدًا، وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا الْمَوْلَى وَتَرَكَ وَفَاءً فَلَهُ الْقِصَاصُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ تَرَكَ وَفَاءً وَلَهُ وَارِثٌ غَيْرُ الْمَوْلَى فَلَا قِصَاصَ وَإِنْ اجْتَمَعُوا مَعَ الْمَوْلَى، وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً، وَلَهُ وَرَثَةٌ أَحْرَارٌ، وَجَبَ الْقِصَاصُ لِلْمَوْلَى فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ إذَا قَتَلَ عَاجِزًا ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ عَبْدَهُ فَلَا قَوَدَ فِيهِ، وَلَوْ قَتَلَ عَبْدَ الْمُكَاتَبَةِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ ابْنَهُ عَمْدًا، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا قُتِلَ عَمْدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا قِصَاصَ، وَإِنْ اجْتَمَعَ الْمَوْلَى وَالْغُرَمَاءُ مَعًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قُتِلَ عَبْدُ الرَّهْنِ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ حَتَّى يَجْتَمِعَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ اجْتَمَعَا كَانَ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ إلَى الرَّاهِنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قُتِلَ عَبْدُ الْإِجَارَةِ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِلْمُؤْجِرِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. الْعَبْدُ الْمَبِيعُ إذَا قُتِلَ قَبْلَ الْقَبْضِ عَمْدًا يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْمُضِيِّ وَالرَّدِّ، وَإِذَا اخْتَارَ الْمُضِيَّ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ لَهُ الِاسْتِيفَاءُ إلَّا بَعْدَ نَقْدِ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ، وَإِنْ نَقَضَ فَلِلْبَائِعِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ كَذَلِكَ إنْ أَجَازَ الْبَيْعَ، وَإِنْ فَسَخَ فَلَا قِصَاصَ لِلْبَائِعِ، وَوَجَبَتْ لَهُ الْقِيمَةُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجِبُ الْقِيمَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ قُتِلَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لَهُ فَالْقِصَاصُ لَهُ قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ اتَّبَعَ الْقَاتِلَ فَيَقْتُلُهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَبَعْدَ التَّضْمِينِ لَا قِصَاصَ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْعَبْدُ الْمَمْهُورُ فِي يَدِ الزَّوْجِ، وَالْمُخَالَعُ عَلَيْهِ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ، وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا قُتِلَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ إذَا قُتِلَ قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ رَضِيَ الْمُسْتَحِقُّ بِاتِّبَاعِ الْقَاتِلِ، فَقَدْ تَنَاهَى مِلْكُهُ وَتَمَّ، فَيَجِبُ الْقِصَاصُ لَهُ، وَإِنْ طَالَبَ بِالْقِيمَةِ فَالْمِلْكُ قَدْ انْفَسَخَ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ لِلْآخَرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ إذَا قُتِلَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ عَمْدًا، فَإِنْ شَاءَ الْمَالِكُ يَقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ عَبْدِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْقَاتِلِ بِمَا يَضْمَنُ، وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَالْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِلْآخَرِ إذَا قُتِلَ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا، وَيَكُونَ الْمُسْتَوْفِي عِنْدَ

الباب الرابع في القصاص فيما دون النفس

الِاجْتِمَاعِ صَاحِبَ الرَّقَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ بِالْقِصَاصِ، فَإِنَّهُ تَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَيَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا آخَرَ، وَيَكُونُ حَالُهُ مِثْلَ حَالِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ. وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِإِنْسَانٍ فَقُتِلَ عَمْدًا قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ، وَقَدْ مَاتَ الْمُوصِي، وَتَرَكَ وَارِثًا، وَلَا يَدْرِي أَنَّ الْعَبْدَ قُتِلَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، أَوْ قَبْلَهُ لَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ، وَإِنْ اُتُّفِقَ أَنَّ الْمُوصِيَ مَاتَ أَوَّلًا ثُمَّ قُتِلَ الْعَبْدُ لَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ ثُمَّ يُنْظَرُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ كَانَ لَهُ عَلَى الْقَاتِلِ قِيمَةُ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ، وَإِنْ رَدَّ الْوَصِيَّةَ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَتَلَ رَجُلَانِ رَجُلًا فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ أَحَدِهِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْآخَرَ وَكَذَا لَوْ قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ فَعَفَا أَحَدُ وَلِيِّ الْمَقْتُولَيْنِ فَلِوَلِيِّ الْآخَرِ أَنْ يَقْتُلَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ) وَيُعْتَبَرُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ الْمُسَاوَاةُ فِي الْبَدَلِ فَلَا تُقْطَعُ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى، وَلَا الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى، وَلَا الصَّحِيحَةُ بِالشَّلَّاءِ، وَلَا يَدُ الْمَرْأَةِ بِيَدِ الرَّجُلِ، وَلَا يَدُ الرَّجُلِ بِيَدِ الْمَرْأَةِ، وَلَا تُقْطَعُ يَدُ الْحُرِّ بِيَدِ الْعَبْدِ، وَلَا يَدُ الْعَبْدِ بِيَدِ الْحُرِّ، وَلَا يَدُ الْعَبْدِ بِيَدِ الْعَبْدِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِي يَدِ الْعَبْدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَالْقِيمَةُ مُخْتَلِفَةٌ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْأَطْرَافِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ يَعْنِي الذِّمِّيَّ وَكَذَا بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ الْحُرَّتَيْنِ وَالْمُسْلِمَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ وَكَذَا بَيْنَ الْكِتَابِيَّتَيْنِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِنْ الشُّعُورِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا قِصَاصَ فِي جِلْدِ الرَّأْسِ، أَوْ الْبَدَنِ إذَا قُطِعَ مِنْهَا شَيْءٌ، وَكَذَا فِي لَحْمِ الْخَدَّيْنِ وَالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ إذَا قُطِعَ مِنْهَا شَيْءٌ وَكَذَا فِي الذَّقَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا قِصَاصَ لِلَّطْمَةِ، وَلَا لِلَّكْمَةِ، أَوْ الْوَجْأَةِ وَالدَّقَّةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَا قِصَاصَ فِي الْعَظْمِ إلَّا فِي السِّنِّ كَذَا فِي الْكَافِي. كُلُّ قَطْعٍ مِنْ مَفْصِلٍ فَفِيهِ الْقِصَاصُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَأَمَّا كُلُّ قَطْعٍ لَا يَكُونُ مِنْ مَفْصِلٍ بَلْ يَكُونُ بِكَسْرِ الْعَظْمِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَمَنْ ضَرَبَ عَيْنَ رَجُلٍ فَذَهَبَ ضَوْءُهَا، وَهِيَ بَاقِيَةٌ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِأَنْ تُحْمَى لَهُ مِرْآةٌ ثُمَّ تُقَرَّبُ مِنْهَا، وَيُرْبَطُ عَلَى عَيْنِهِ الْأُخْرَى، وَعَلَى وَجْهِهِ قُطْنٌ رَطْبٌ، وَتُقَابَلُ عَيْنُهُ بِالْمِرْآةِ فَيَذْهَبُ ضَوْءُهَا هَكَذَا فِي الْكَافِي وَتَكَلَّمُوا فِي مَعْرِفَةِ ذَهَابِ الْبَصَرِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ: يُقَابَلُ عَيْنُهُ بِالشَّمْسِ مَفْتُوحَةً، فَإِنْ دَمَعَتْ عُلِمَ أَنَّ الضَّوْءَ بَاقٍ، وَإِنْ لَمْ تَدْمَعْ عُلِمَ أَنَّ الضَّوْءَ قَدْ ذَهَبَ، وَذَكَرَ الطَّحْطَاوِيُّ أَنَّهُ يُلْقَى بَيْنَ يَدَيْهِ حَيَّةٌ فَإِنْ رَهِبَ مِنْ الْحَيَّةِ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَنْظُرُ إلَى الْبَصَرِ أَهْلُ الْبَصَرِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْبَتَاتِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ إذَا قُوِّرَتْ وَانْخَسَفَتْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ ضَرَبَ عَيْنَ إنْسَانٍ عَمْدًا فَابْيَضَّتْ بِحَيْثُ لَا يُبْصِرُ بِهَا لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَجِبُ الْقِصَاصُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا حَصَلَ الضَّرْبُ بِالسِّلَاحِ، أَوْ بِشَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ السِّلَاحِ كَالْأُصْبُعِ وَنَحْوِهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَا قِصَاصَ فِي قَلْعِ الْحَدَقَةِ، فَإِنْ قَلَعَ حَدَقَةَ إنْسَانٍ فَقَالَ الْمَقْلُوعُ حَدَقَتُهُ: أَنَا أَرْضَى بِأَنْ يُخْسَفَ عَيْنُ هَذَا، وَلَا يُقْلَعَ حَدَقَتُهُ آخُذُ دُونَ حَقِّي ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَذْهَبَ الْعَيْنَ الْيُمْنَى مِنْ رَجُلٍ وَيُسْرَى الْجَانِي ذَاهِبَةٌ وَيُمْنَاهُ صَحِيحَةٌ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْ عَيْنِهِ الْيُمْنَى وَتُرِكَ أَعْمَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. عَنْ الْحَسَنِ إذَا فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ وَكَانَتْ عَيْنُهُ حَوْلَاءَ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِبَصَرِهِ، وَلَا يُنْقِصُ مِنْهُ شَيْئًا فَفَقَأَهَا إنْسَانٌ عَمْدًا يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْحَوَلُ شَدِيدًا يَضُرُّ بِبَصَرِهِ فَفُقِئَتْ كَانَ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَلَوْ كَانَتْ عَيْنُ الْفَاقِئِ شَدِيدَ الْحَوَلِ يَضُرُّ بِبَصَرِهِ فَفَقَأَ عَيْنًا لَيْسَ بِهَا حَوَلٌ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اقْتَصَّ، وَرَضِيَ بِالنُّقْصَانِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ الْيُمْنَى بَيْضَاءَ، فَأَذْهَبَ الْعَيْنَ الْيُمْنَى مِنْ رَجُلٍ آخَرَ فَالْمَفْقُوءَةُ يُمْنَاهُ بِالْخِيَارِ

إنْ شَاءَ أَخَذَ عَيْنَهُ النَّاقِصَةَ إذَا كَانَ يُسْتَطَاعُ فِيهِ الْقِصَاصُ بِأَنْ يُبْصِرَ شَيْئًا قَلِيلًا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ دِيَةَ عَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ شَحْمَةً بَيْضَاءَ لَا يُبْصِرُ شَيْئًا أَصْلًا لَا قِصَاصَ فِيهَا، فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا حَتَّى فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَ الْفَاقِئِ، فَقَدْ بَطَلَ حَقُّ الْأَوَّلِ فِي عَيْنِهِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْمَفْقُوءَةُ عَيْنُهُ الْأَوَّلُ الدِّيَةَ، ثُمَّ فَقَأَ أَجْنَبِيٌّ عَيْنَ الْفَاقِئِ إنْ صَحَّ اخْتِيَارُهُ يَنْتَقِلُ حَقُّهُ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الدِّيَةِ، وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِفَوَاتِ الْعَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ اخْتِيَارُهُ بَطَلَ حَقُّهُ، وَصِحَّةُ اخْتِيَارِهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى تَخْيِيرِ الْجَانِي إيَّاهُ أَمَّا إذَا اخْتَارَ بِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ الِاخْتِيَارُ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَصِحُّ الِاخْتِيَارُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْقِصَاصِ إذَا انْجَلَى الْبَيَاضُ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ صَحَّ الِاخْتِيَارُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْقِصَاصِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَتْ عَيْنُهُ الْيُمْنَى بَيْضَاءَ وَجَنَى عَلَى إنْسَانٍ فِي عَيْنِهِ الْيُمْنَى فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ عَنْ عَيْنِ الْجَانِي كَانَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ عَيْنِ الْجَانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ضَرَبَ عَيْنَ رَجُلٍ فَابْيَضَّتْ مِنْ ضَرْبِهِ ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ وَأَبْصَرَ لَا شَيْءَ عَلَى الضَّارِبِ لَكِنْ هَذَا إذَا عَادَ الْبَصَرُ كَمَا كَانَ أَمَّا إذَا عَادَ دُونَ الْأَوَّلِ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا جَنَى عَلَى عَيْنٍ فِيهَا بَيَاضٌ يُبْصِرُ بِهَا، وَعَيْنُ الْجَانِي أَيْضًا فِيهَا بَيَاضٌ يُبْصِرُ بِهَا لَا قِصَاصَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ ضَرَبَ الْعَيْنَ ضَرْبَةً فَابْيَضَّ بَعْضُ النَّاظِرِ، أَوْ أَصَابَهَا قُرْحٌ، أَوْ رِيحُ سَبَلٍ، أَوْ شَيْءٌ مِمَّا يَهِيجُ بِالْعَيْنِ فَنَقَصَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِصَاصٌ إنَّمَا تَجِبُ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فِي الْهَارُونَيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي امْرَأَةٍ خَرَجَ رَأْسُ وَلَدِهَا، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ غَيْرُ الرَّأْسِ فَجَاءَ رَجُلٌ فَفَقَأَ عَيْنَهُ جَعَلْتُ عَلَيْهِ الدِّيَةَ، وَلَا أَجْعَلُ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ مَا لَمْ يَخْرُجْ مَعَ الرَّأْسِ نِصْفُهُ، أَوْ أَكْثَرُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَقَأَ عَيْنَ صَبِيٍّ حِينَ وُلِدَ أَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ، فَقَالَ: لَمْ يُبْصِرْ بِهَا، أَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَبْصَرَ بِهَا أَمْ لَا فَالْقَوْلُ لَهُ، وَعَلَيْهِ أَرْشُ حُكُومَةِ عَدْلٍ فِيمَا شَأْنُهُ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُبْصِرُ بِهَا بِأَنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِسَلَامَتِهَا إنْ كَانَ خَطَأً فَفِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ الْعَيْنِ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى، وَلَا مِنْ الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى، وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ أَكْبَرَ مِنْ عَيْنِ الْجَانِي، أَوْ أَصْغَرَ فَهُوَ سَوَاءٌ، وَيُقْتَصُّ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا قَطَعَ الْأُذُنَ كُلَّهَا عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهَا فَفِيهِ الْقِصَاصُ إذَا كَانَ يُسْتَطَاعُ، وَيُعْرَفُ هَذَا لَفْظُ الْكَرْخِيِّ وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لِلْأُذُنِ مَفَاصِلُ، فَإِذَا قَطَعَ مِنْهَا شَيْئًا وَعُلِمَ أَنَّ الْقَطْعَ مِنْ الْمَفْصِلِ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَالْمَرْجِعُ فِي مَعْرِفَةِ الْمَفْصِلِ إلَى أَهْلِ الْبَصَرِ، فَإِنْ قَالُوا: لِلْأُذُنِ مَفَاصِلُ، وَقَدْ حَصَلَ الْقَطْعُ مِنْ مَفْصِلٍ يُقْتَصُّ مِنْ ذَلِكَ الْمَفْصِلِ فَإِنْ قَالُوا: لَا مَفْصِلَ لَهَا يُقْطَعُ مِنْ أُذُنِ الْقَاطِعِ قَدْرُ مَا قَطَعَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْأَجْنَاسِ: إذَا كَانَتْ أُذُنُ الْقَاطِعِ صَغِيرَةَ الْحَلْقَةِ، وَالْأُذُنُ الْمَقْطُوعَةُ كَبِيرَةَ الْحَلْقَةِ كَانَ الْمَقْطُوعَةُ أُذُنُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَإِنْ شَاءَ قَطَعَهَا عَلَى صِغَرِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ خَرْقَاءَ مَشْقُوقَةً، فَإِنْ كَانَتْ النَّاقِصَةُ هِيَ الَّتِي قُطِعَتْ كَانَ لَهُ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ جَذَبَ أُذُنَهُ، وَانْتَزَعَ مِنْهَا شَحْمَةً لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ فِي مَالِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا قَطَعَ كُلَّ الْمَارِنِ عَمْدًا يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَإِذَا قَطَعَ بَعْضَهُ لَا يَجِبُ، وَإِذَا قَطَعَ بَعْضَ قَصَبَةِ الْأَنْفِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ عَظْمٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَقِيلَ فِي أَرْنَبَةِ الْأَنْفِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا كَانَ أَنْفُ الْقَاطِعِ أَصْغَرَ كَانَ الْمَقْطُوعُ أَنْفُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَطَعَ أَنْفَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ أَرْشَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا كَانَ قَاطِعُ الْأَنْفِ أَخْشَمَ لَا يَجِدُ الرِّيحَ، أَوْ أَخَرْمَ الْأَنْفِ، أَوْ كَانَ بِأَنْفِهِ نُقْصَانٌ مِنْ شَيْءٍ أَصَابَهُ خُيِّرَ الْمَقْطُوعُ أَنْفُهُ بَيْنَ قَطْعِ أَنْفِ الْقَاطِعِ وَبَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ دِيَةَ أَنْفِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْأَنْفُ إذَا قُطِعَ مِنْ أَصْلِهِ شَيْءٌ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَظْمٌ لَيْسَ يَنْفَصِلُ، وَإِذَا قُطِعَ أَنْفُ الصَّبِيِّ مِنْ أَصْلِ الْعَظْمِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ سَوَاءٌ كَانَ يَجِدُ الرِّيحَ أَمْ لَا وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ، وَمُرَادُهُ مِنْ هَذَا الْمَارِنِ وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَالِغِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ

عَظْمَ أَنْفِ الصَّغِيرِ، وَإِنْ كَانَ كَالْغُضْرُوفِ وَلَكِنْ لَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ كَمَا فِي سَائِرِ عِظَامِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ رِوَايَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا قَطَعَ شَفَةَ رَجُلٍ السُّفْلَى، أَوْ الْعُلْيَا إنْ كَانَ يُسْتَطَاعُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ الْعُلْيَا بِالْعُلْيَا، وَالسُّفْلَى بِالسُّفْلَى، وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا قَطَعَ كُلَّ الشَّفَةِ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهَا لَا يَجِبُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا قِصَاصَ فِي قَطْعِ اللِّسَانِ عَمْدًا سَوَاءٌ قُطِعَ الْبَعْضُ، أَوْ الْكُلُّ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي السِّنُّ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ سِنُّ مَنْ يُقْتَصُّ مِنْهُ أَكْبَرَ مِنْ سِنِّ الْآخَرِ، وَلَا قِصَاصَ فِي عَظْمٍ إلَّا فِي السِّنِّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَا قِصَاصَ فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالْقِصَاصُ فِي السِّنِّ لَا يَكُونُ عَلَى اعْتِبَارِ قَدْرِ سِنِّ الْكَاسِرِ وَالْمَكْسُورِ صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا بَلْ عَلَى قَدْرِ مَا كُسِرَ مِنْ السِّنِّ إنْ نِصْفًا، أَوْ ثُلُثًا أَوْ رُبُعًا، فَكَذَلِكَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَا تُؤْخَذُ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى، وَلَا الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى، وَتُؤْخَذُ الثَّنِيَّةُ بِالثَّنِيَّةِ، وَالنَّابُ بِالنَّابِ، وَالضِّرْسُ بِالضِّرْسِ، وَلَا يُؤْخَذُ الْأَعْلَى بِالْأَسْفَلِ، وَلَا الْأَسْفَلُ بِالْأَعْلَى كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. إنْ كُسِرَ نِصْفُ سِنِّهِ، أَوْ ثُلُثُهَا أَوْ رُبُعُهَا كَسْرًا مُسْتَوِيًا يُسْتَطَاعُ فِي مِثْلِهَا الْقِصَاصُ اُقْتُصَّ بِمِبْرَدٍ، وَإِنْ كَانَ كَسْرُ مِثْلِهَا لَيْسَ بِمُسْتَوٍ بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ فَعَلَيْهِ أَرْشٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ قَلَعَ لَا يُقْلَعُ مِنْهُ لَكِنْ يُؤْخَذُ بِالْمِبْرَدِ مِنْهُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى اللَّحْمِ، وَيَسْقُطَ مَا سِوَاهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَلَوْ كُسِرَ بَعْضُهَا فَاسْوَدَّتْ الْبَاقِيَةُ، أَوْ احْمَرَّتْ أَوْ اخْضَرَّتْ، أَوْ دَخَلَهَا عَيْبٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ بِالْكَسْرِ لَا قِصَاصَ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ قَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ: أَنَا أَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ مِنْ الْمَكْسُورِ، وَأَتْرُكُ مَا اسْوَدَّ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا كُسِرَ مِنْ سِنِّ رَجُلٍ طَائِفَةٍ مِنْهَا انْتَظَرَ بِهَا حَوْلًا، فَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَيُبْرَدُ بِالْمِبْرَدِ، وَيُطْلَبُ لِذَلِكَ طَبِيبٌ عَالِمٌ، وَيُقَالُ لَهُ: قُلْ لَنَا كَمْ ذَهَبَ مِنْهَا، فَإِنْ ذَهَبَ النِّصْفُ يُبْرَدُ مِنْ سِنِّ الْفَاعِلِ النِّصْفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِذَا كُسِرَ مِنْ رَجُلٍ بَعْضُهَا، وَسَقَطَ مَا بَقِيَ لَا قِصَاصَ فِي الْمَشْهُورِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلَانِ قَامَا فِي الْمَلْعَبِ لِيَكِزَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فَوَكَزَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَكَسَرَ سِنَّهُ فَعَلَى الضَّارِبِ الْقِصَاصُ وَالْمَسْأَلَةُ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى فَاتَّفَقَتْ الْفَتَاوَى عَلَى هَذَا، وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ (دَهٍ دَهٍ) فَوَكَزَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَكَسَرَ سِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ اقْطَعْ يَدَيَّ فَقَطَعَهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا قَلَعَ الرَّجُلُ ثَنِيَّةَ رَجُلٍ عَمْدًا فَاقْتُصَّ لَهُ مِنْ ثَنِيَّةِ الْقَالِعِ ثُمَّ نَبَتَتْ ثَنِيَّةُ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْتَصِّ لَهُ أَنْ يَقْلَعَ تِلْكَ الثَّنِيَّةَ الَّتِي نَبَتَتْ ثَانِيًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ نَزَعَ سِنَّ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ الْمَنْزُوعَةُ سِنُّهُ سِنَّ النَّازِعِ قِصَاصًا ثُمَّ نَبَتَتْ سِنُّ الْأَوَّلِ كَانَ عَلَى النَّازِعِ الثَّانِي أَرْشُ سِنِّ النَّازِعِ الْأَوَّلِ خَمْسَمِائَةٍ، وَلَوْ نَبَتَتْ سِنُّهُ مُعْوَجَّةً كَانَ فِيهَا حُكُومَةُ الْعَدْلِ، وَلَوْ نَبَتَ نِصْفُ السِّنِّ كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ أَرْشِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ ضَرَبَ سِنَّ رَجُلٍ فَسَقَطَتْ يُنْتَظَرُ حَتَّى يَبْرَأَ مَوْضِعُ السِّنِّ، وَلَا يَنْتَظِرُ حَوْلًا إلَّا فِي رِوَايَةِ الْمُجَرَّدِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ نَبَاتَ سِنِّ الْبَالِغِ نَادِرٌ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا نَزَعَ سِنَّ صَبِيٍّ يُسْتَأْنَى هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ مِنْ الْجَانِي ضَمِينًا، فَإِنْ نَبَتَتْ مَكَانَهَا كَمَا كَانَتْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ تَنْبُتْ سِنُّ الصَّبِيِّ حَتَّى مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ لَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا ضَرَبَ سِنَّ إنْسَانٍ وَتَحَرَّكَ بِسَبَبِ ضَرْبِهِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ بِهَا حَوْلًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَالِغًا، أَوْ صَبِيًّا ثُمَّ إذَا وَجَبَ الِاسْتِيفَاءُ حَوْلًا، فَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الضَّارِبِ، وَإِنْ سَقَطَتْ السِّنُّ فِي السَّنَةِ مِنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا

يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً تَجِبُ الدِّيَةُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا أَجَّلَهُ الْقَاضِي فِي التَّحَرُّكِ ثُمَّ جَاءَ الْمَضْرُوبُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ، وَقَدْ سَقَطَتْ فَقَالَ: إنَّمَا سَقَطَتْ مِنْ الضَّرْبَةِ، وَقَالَ الضَّارِبُ: إنَّمَا ضَرَبَكَ آخَرُ فَالْقَوْلُ لِلْمَضْرُوبِ، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْحَوْلِ فَالْقَوْلُ لِلضَّارِبِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا نَزَعَ الرَّجُلُ سِنَّ رَجُلٍ فَنَبَتَ نِصْفُهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ أَرْشِهَا، وَلَا قِصَاصَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ نَبَتَتْ بَيْضَاءَ تَامَّةً ثُمَّ نَزَعَهَا آخَرُ انْتَظَرَ بِهَا سَنَةً فَإِنْ نَبَتَتْ، وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ نَبَتَتْ صَغِيرَةً فَعَلَيْهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا نَزَعَ سِنَّ رَجُلٍ، وَسِنُّ الْجَانِي سَوْدَاءُ، أَوْ صَفْرَاءُ، أَوْ حَمْرَاءُ، أَوْ خَضْرَاءُ خُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ نَزَعَهَا بِنُقْصَانِهَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ أَرْشَ سِنِّهِ خَمْسَمِائَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ فِي سِنِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ شَيْئًا حَتَّى سَقَطَتْ السِّنُّ السَّوْدَاءُ، وَنَبَتَتْ مَكَانَهَا أُخْرَى صَحِيحَةٌ، فَقَدْ بَطَلَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَلَعَ رَجُلٌ ثَنِيَّةَ رَجُلٍ، وَثَنِيَّةُ الْقَالِعِ مَقْطُوعَةٌ فَنَبَتَتْ ثَنِيَّتُهُ بَعْدَ الْقَلْعِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَلِلْمَقْلُوعَةِ ثَنِيَّتُهُ أَرْشُهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ صَاحِبُ الْيَدِ يَدَهُ، وَقَلَعَ سِنَّ الْعَاضِّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَنْ أَرَادَ قَلْعَ سِنِّكَ ظُلْمًا فِي مَوْضِعٍ لَا يَغْشَاكَ النَّاسُ فَلَكَ قَتْلُهُ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْرُدَ سِنَّكَ بِالْمِبْرَدِ ظُلْمًا فَلَا تَقْتُلْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَغْشَاكَ النَّاسُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمَنْ قَطَعَ يَدَ غَيْرِهِ مِنْ الْمَفْصِلِ عَمْدًا قُطِعَتْ يَدُهُ، وَلَوْ كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ يَدِ الْمَقْطُوعِ، وَهَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْبُرْءِ، وَلَا قِصَاصَ قَبْلَ الْبُرْءِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَكَذَا فِي الْأَصَابِعِ الْقِصَاصُ إذَا قُطِعَتْ مِنْ مَفَاصِلِهَا، وَلَا قِصَاصَ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَطْعُ لَا مِنْ الْمَفَاصِلِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الرِّجْلِ فِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ إذَا قُطِعَ مِنْ مَفْصِلِ الْقَدَمِ، أَوْ مِنْ مَفْصِلِ الْوَرِكِ بِخِلَافِ مَا إذَا قُطِعَ مِنْ غَيْرِ مَفْصِلٍ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي أَصَابِعِ الرِّجْلِ إنْ قُطِعَتْ مِنْ الْمَفْصِلِ عَمْدًا يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ قُطِعَتْ مِنْ غَيْرِ الْمَفْصِلِ لَا يَجِبُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا تُقْطَعُ الْيَدُ بِالرِّجْلِ، وَلَا أُصْبُعٌ مِنْ يَدٍ بِأُصْبُعٍ مِنْ رِجْلٍ، وَلَا تُقْطَعُ يَدَانِ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَا تُقْطَعُ السَّبَّابَةُ الْيُمْنَى إلَّا بِالسَّبَّابَةِ الْيُمْنَى، وَلَا السَّبَّابَةُ الْيُسْرَى إلَّا بِالْيُسْرَى، وَكَذَلِكَ لَا يُقْطَعُ الْإِبْهَامُ بِالسَّبَّابَةِ، وَلَا السَّبَّابَةُ بِالْوُسْطَى، وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْ الْأَعْضَاءِ إلَّا بِمِثْلِهِ مِنْ الْقَاطِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا تُقْطَعُ الْيَدُ الصَّحِيحَةُ بِالْمَنْقُوصَةِ الْأَصَابِعِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَطَعَ الرَّجُلُ يَدَ رَجُلٍ، وَفِيهَا ظُفْرٌ مُسْوَدٌّ، أَوْ جُرْحٌ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ ظُفْرٌ مُسْوَدٌّ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْقَاطِعِ ظُفْرٌ مُسْوَدٌّ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ جِرَاحَةٌ لَا تُوجِبُ نُقْصَانَ دِيَةِ يَدِهِ بِأَنْ كَانَ نُقْصَانًا لَا يُوهِنُ فِي الْبَطْشِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ، وَيُجْعَلُ وُجُودُ هَذَا الْعَيْبِ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ، وَإِنْ كَانَ نُقْصَانًا يُوهِنُ فِي الْبَطْشِ حَتَّى يَجِبَ بِقَطْعِهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ لَا نِصْفُ الدِّيَةِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْيَدِ الشَّلَّاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ قَطَعَ أُصْبُعًا زَائِدَةً، وَفِي يَدِهِ مِثْلُهَا فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ قَطَعَ الْكَفَّ، وَفِيهِ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ تُوهِنُ الْكَفَّ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُوهِنُ الْكَفَّ يَجِبُ الْقِصَاصُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ، أَوْ رِجْلَهُ مِنْ نِصْفِ السَّاقِ عَمْدًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قِصَاصٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا كَانَتْ يَدُ الْمَقْطُوعِ صَحِيحَةً، وَيَدُ الْقَاطِعِ شَلَّاءَ، أَوْ نَاقِصَةَ الْأَصَابِعِ فَالْمَقْطُوعُ يَدُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَطَعَ الْيَدَ الْمَعِيبَةَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ كَامِلًا كَذَا فِي الْكَافِي وَكَانَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ إنَّمَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِلْمَقْطُوعِ يَدُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَتْ الشَّلَّاءُ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهَا مَعَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهَا فَهِيَ لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِلْقِصَاصِ فَلَا يُخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بَلْ لَهُ دِيَةُ يَدٍ صَحِيحَةٍ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاطِعِ تِلْكَ الْيَدُ أَصْلًا، وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ ذَهَبَتْ الْمَعِيبَةُ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ قُطِعَتْ ظُلْمًا بَطَلَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عِنْدَنَا بِخِلَافِ مَا إذَا قُطِعَتْ بِحَقٍّ عَلَيْهِ مِنْ قَوَدٍ، أَوْ سَرِقَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَرْشُ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ كَذَا

فِي الْكَافِي هَذَا إذَا كَانَتْ نَاقِصَةً وَقْتَ الْقَطْعِ أَمَّا إذَا اُنْتُقِصَتْ بَعْدَ الْقَطْعِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ النُّقْصَانُ حَاصِلًا لَا بِفِعْلِ أَحَدٍ بِأَنْ سَقَطَ أُصْبُعٌ مِنْ أَصَابِعِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ نَاقِصَةً وَقْتَ الْقَطْعِ، وَإِنْ كَانَتْ بِفِعْلِ أَحَدٍ بِأَنْ قُطِعَ أُصْبُعٌ مِنْ أَصَابِعِهِ ظُلْمًا، أَوْ قَطَعَ الْقَاطِعُ أُصْبُعًا مِنْ أَصَابِعِهِ، أَوْ قُضِيَ بِهَا حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا لَوْ فَاتَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ، وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَحْمَدُ الطَّوَاوِيسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ أَنَّهَا إذَا قُطِعَتْ بِقِصَاصٍ فَلَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ قُطِعَتْ ظُلْمًا، أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا خِيَارَ، وَأَشَارَ إلَى الْفَرْقِ، فَقَالَ: مَا قُطِعَ قِصَاصًا فَهُوَ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ مَنَعَهَا فَيُوجِبُ الْخِيَارَ، وَلَا كَذَلِكَ مَا ذَهَبَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا حَتَّى وَجَبَ الْقِصَاصُ فَقُطِعَتْ يَدُ الْقَاطِعُ بِأَكِلَةٍ، أَوْ ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ يَبْطُلُ الْقِصَاصُ، وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الْأَرْشِ وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُ الْقَاطِعِ بِقِصَاصِ رَجُلٍ آخَرَ أَوْ فِي سَرِقَةٍ كَانَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ الْأَرْشُ لِصَاحِبِ الْقِصَاصِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ، وَلَا يَمِينَ لِلْقَاطِعِ فَحَقُّ الْمَقْطُوعِ يَدُهُ فِي الْأَرْشِ فِي مَالِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا قَطَعَ لَهُ أُصْبُعَيْنِ، وَلَيْسَ لِلْقَاطِعِ إلَّا أُصْبُعٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ يَقْطَعُهَا وَيَأْخُذُ أَرْشَ الْأُخْرَى كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ مِنْ الْمَفْصِلِ فَاقْتُصَّ مِنْهُ، وَبَرَأَ ثُمَّ قَطَعَ أَحَدُهُمَا ذِرَاعَ صَاحِبِهِ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَقْطَعَيْنِ وَالْأَشَلَّيْنِ لَا قِصَاصَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَطَعَ الرَّجُلُ أُصْبُعَ رَجُلٍ مِنْ الْمَفْصِلِ مِنْ يُمْنَاهُ ثُمَّ قَطَعَ يُمْنَى آخَرَ أَوْ بَدَأَ بِالْيَدِ ثُمَّ قَطَعَ الْأُصْبُعَ ثُمَّ حَضَرَا جَمِيعًا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ أُصْبُعُهُ أَوَّلًا بِأُصْبُعِ الْآخَرِ ثُمَّ يُخَيَّرُ صَاحِبُ الْيَدِ، فَإِنْ شَاءَ قَطَعَ مَا بَقِيَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ دِيَةَ يَدِهِ، وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُ الْيَدِ أَوَّلًا قُطِعَتْ لَهُ الْيَدُ ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْآخَرُ قُضِيَ لَهُ بِالْأَرْشِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَطَعَ رَجُلٌ أُصْبُعَ رَجُلٍ مِنْ الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى ثُمَّ قَطَعَ أُصْبُعَ آخَرَ مِنْ الْمَفْصِلِ الْأَوْسَطِ ثُمَّ قَطَعَ أُصْبُعَ آخَرَ مِنْ الْمَفْصِلِ الْأَسْفَلِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي أُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ حَضَرُوا، وَطَلَبُوا مِنْ الْقَاضِي حَقَّهُمْ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْطَعُ الْمَفْصِلَ الْأَعْلَى لِصَاحِبِ الْأَعْلَى، وَلَا يَقْطَعُ لِصَاحِبِ الْأَوْسَطِ وَالْأَسْفَلِ، وَإِنْ كَانَ حَقُّ صَاحِبِ الْأَوْسَطِ وَالْأَسْفَلِ ثَابِتًا فِي الْأَعْلَى ثُمَّ خُيِّرَ صَاحِبُ الْمَفْصِلِ الْأَوْسَطِ، فَإِنْ شَاءَ قَطَعَ مِنْ الْقَاطِعِ مَفْصِلَهُ الْأَوْسَطَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ دِيَةِ الْأُصْبُعِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْطَعْ وَضَمَّنَهُ ثُلُثَيْ دِيَةِ الْأُصْبُعِ، فَإِذَا قَطَعَ يُخَيَّرُ صَاحِبُ الْمَفْصِلِ الْأَسْفَلِ، فَإِنْ شَاءَ قَطَعَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ دِيَةِ الْأُصْبُعِ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ أَخَذَ دِيَةَ أُصْبُعِهِ بِكَمَالِهَا مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ حَضَرَ أَحَدُهُمْ وَغَابَ الْآخَرَانِ إنْ كَانَ الْحَاضِرُ صَاحِبَ الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى يُقْطَعُ لَهُ، فَإِنْ قُطِعَ الْمَفْصِلُ الْأَعْلَى لَهُ ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرَانِ فَإِنَّهُمَا يُخَيَّرَانِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْقَطْعَ لَا يَضْمَنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْئًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ حَضَرَ صَاحِبُ الْأُصْبُعِ أَوَّلًا وَظَهَرَ حَقُّهُ، وَلَمْ يَحْضُرْ صَاحِبُ الْمَفْصِلَيْنِ، وَلَا صَاحِبُ الْمَفْصِلِ عِنْدَ الْقَاضِي قُضِيَ لِلثَّالِثِ بِكُلِّ الْأُصْبُعِ ثُمَّ إنْ حَضَرَ صَاحِبُ الْمَفْصِلِ وَالْمَفْصِلَيْنِ قُضِيَ لَهُمَا بِالْأَرْشِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. لَوْ قَطَعَ كَفَّ رَجُلٍ مِنْ مَفْصِلٍ ثُمَّ قَطَعَ يَدَ آخَرَ مِنْ الْمِرْفَقِ ثُمَّ اجْتَمَعَا، فَإِنَّ الْكَفَّ يُقْطَعُ لِصَاحِبِ الْكَفِّ ثُمَّ يُخَيَّرُ صَاحِبُ الْمِرْفَقِ، فَإِنْ شَاءَ قَطَعَ مَا بَقِيَ لِحَقِّهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ، وَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا، وَالْآخَرُ غَائِبًا فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِحَقِّ الْحَاضِرِ أَيُّهُمَا كَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَطَعَ أُصْبُعَ يَدِ رَجُلٍ ثُمَّ قَطَعَ الْمَقْطُوعَةُ أُصْبُعُهُ يَدَ الْقَاطِعِ مِنْ الْمَفْصِلِ خُيِّرَ، فَإِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَهُ نَاقِصَةً، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ، وَيَبْطُلُ حَقُّ صَاحِبِ الْأُصْبُعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا، وَيَدُ الْقَاطِعِ صَحِيحَةٌ، فَقَطَعَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ أُصْبُعًا مِنْ أَصَابِعِ الْقَاطِعِ ثُمَّ قَطَعَ قَاطِعُ الْيَدِ يَدَ رَجُلٍ صَحِيحَةً فَالْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ آخِرًا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَطَعَ مَا بَقِيَ مِنْ يَدِ الْقَاطِعِ مَعَ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ الْأَوَّلِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ دِيَةَ يَدِهِ، فَإِنْ قَطَعَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ آخِرًا أُصْبُعًا مِنْ أَصَابِعِ الْقَاطِعِ أَيْضًا، فَقَدْ بَطَلَ خِيَارُهُ، وَيَقْطَعُ مَا بَقِيَ مِنْ يَدِ الْقَاطِعِ لَهُ وَلِلْأَوَّلِ، وَإِذَا قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ لَهُمَا يَضْمَنُ الْقَاطِعُ لِلْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ أَوَّلًا نِصْفَ أَرْشِ يَدِهِ مُؤَجَّلًا فِي

سَنَتَيْنِ ثُلُثَاهَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَثُلُثُهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَيَضْمَنُ لِلْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ آخِرًا ثَلَاثَةَ أَثْمَانِ دِيَةِ يَدِهِ مُؤَجَّلًا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ، وَيَدُهُ صَحِيحَةٌ وَقَطَعَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ أُصْبُعًا مِنْ أَصَابِعِ الْقَاطِعِ ثُمَّ قَطَعَ الْقَاطِعُ يَدَ رَجُلٍ آخَرَ فَقَطَعَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ الثَّانِي أُصْبُعًا مِنْ أَصَابِعِ الْقَاطِعِ ثُمَّ إنَّ الْقَاطِعَ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثَالِثٍ فَقَطَعَ الْمَقْطُوعُ الثَّالِثُ أُصْبُعًا مِنْ أَصَابِعِ الْقَاطِعِ ثُمَّ اجْتَمَعُوا عِنْدَ الْقَاضِي فَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي أَخْذِ الدِّيَةِ، وَيَقْطَعُ مَا بَقِيَ مِنْ يَدِهِ لَهُمْ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ لِلْمَقْطُوعِ الْأَوَّلِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ دِيَةِ يَدِهِ، وَثُلُثُ خُمُسِهَا، وَلِلثَّانِي نِصْفُ دِيَةِ يَدِهِ وَثُلُثُ رُبُعِهَا وَلِلثَّالِثِ أَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ دِيَةِ يَدِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ لَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى مِنْ آخَرَ قُطِعَتْ يَدَاهُ بِهِمَا، وَكَذَلِكَ إنْ قَطَعَهُمَا مِنْ وَاحِدٍ، وَلَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يُمْنَى رَجُلَيْنِ قُطِعَتْ يَمِينُهُ بِهِمَا، وَغَرِمَ دِيَةَ يَدِ وَاحِدٍ بَيْنَهُمَا عِنْدَنَا سَوَاءٌ قَطَعَهُمَا مَعًا، أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ وَلَوْ عَفَا أَحَدُهُمَا عَنْهُ قَبْلَ الْقِصَاصِ اُقْتُصَّ مِنْهُ لِلْبَاقِي، وَلَا شَيْءَ لِلْعَافِي، وَلَوْ حَضَرَ أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ لَمْ يُنْتَظَرْ الْغَائِبُ، وَيُقْتَصُّ لِهَذَا الْحَاضِرِ ثُمَّ إذَا قَدِمَ الْغَائِبُ كَانَ لَهُ أَخْذُ الدِّيَةِ، وَإِنْ اجْتَمَعَا فَقُضِيَ لَهُمَا بِالْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَأَخَذَا الدِّيَةَ ثُمَّ عَفَا أَحَدُهُمَا عَنْ الْقِصَاصِ جَازَ عَفْوُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ وَإِنَّمَا لَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَوْفِيَا الدِّيَةَ حَتَّى عَفَا أَحَدُهُمَا بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لِلْآخَرِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ لَمْ يَكُونَا أَخَذَا الْمَالَ، وَأَخَذَا بِهِ كَفِيلًا ثُمَّ عَفَا أَحَدُهُمَا فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَا أَخَذَا بِالْمَالِ رَهْنًا كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَبْضِ الْمَالِ ثُمَّ إنْ عَفَا أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا، وَقَطَعَ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ تِلْكَ الْيَدَ أَيْضًا عَمْدًا فَقَطَعَ أَحَدُهُمَا يَدَ الْقَاطِعِ مِنْ الْمَرْفِقِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ إحْدَى الْيَدَيْنِ مِنْ الْقَاطِعِ الْأَوَّلِ، وَيَجِبُ عَلَى الْقَاطِعِ الْأَوَّلِ دِيَةُ يَدٍ بَيْنَ الْمَقْطُوعَيْ يَدَاهُمَا نِصْفَانِ ثُمَّ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ مِنْ الْمَرْفِقِ، وَهُوَ الْقَاطِعُ الْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَطَعَ الذِّرَاعَ مِنْ الَّذِي قَطَعَ يَدَهُ مِنْ الْمَرْفِقِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ دِيَةَ يَدِهِ وَحُكُومَةَ عَدْلٍ فِي الذِّرَاعِ، وَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ فِي سَنَتَيْنِ ثُلُثَاهَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَثُلُثُهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ ذَلِكَ عَلَى ثُلُثَيْ الدِّيَةِ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ الزِّيَادَةُ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَطَعَ الْمَفْصِلَ الْأَعْلَى مِنْ أُصْبُعِ رَجُلٍ عَمْدًا فَبَرَأَ، وَلَمْ يَقْتَصَّ حَتَّى قَطَعَ مَفْصِلًا آخَرَ مِنْ تِلْكَ الْأُصْبُعِ يَقْطَعُ لَهُ الْمَفْصِلَ الْأَعْلَى دُونَ الْأَسْفَلِ، وَعَلَيْهِ أَرْشُ الْأَسْفَلِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَرَأَ الثَّانِي ثُمَّ قَطَعَ الْمَفْصِلَ الثَّالِثَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْقَطْعَيْنِ بُرْءٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي كُلِّ الْأُصْبُعِ بِقَطْعِهَا مِنْ أَصْلِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَطَعَ الْمَفْصِلَ الْأَعْلَى وَبَرَأَ ثُمَّ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَلَهُ ابْنٌ مَقْطُوعُ الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى مِنْ ذَلِكَ الْأُصْبُعِ ثُمَّ جَاءَ الْقَاطِعُ وَقَطَعَ الِابْنُ مَفْصِلَهُ الثَّانِيَ يَجِبُ عَلَى الْقَاطِعِ الْقِصَاصُ فِي الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى لِمُورَثِهِ، وَالْأَرْشُ لِلْوَارِثِ فِي مَفْصِلِهِ الثَّانِي كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. لَوْ قَطَعَ الْمَفْصِلَ الْأَعْلَى وَبَرَأَ وَاقْتَصَّ مِنْ الْقَاطِعِ ثُمَّ عَادَ وَقَطَعَ الْمَفْصِلَ الثَّانِيَ وَبَرَأَ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَوْ قَطَعَ مِنْ أُصْبُعِ رَجُلٍ نِصْفَ مَفْصِلٍ، وَكُسِرَ كَسْرًا وَبَرَأَ ثُمَّ قَطَعَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَفْصِلِ، وَبَرَأَ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا بَرْءٌ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْمَفْصِلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَطَعَ أَصَابِعَ رَجُلٍ عَمْدًا ثُمَّ قَطَعَ كَفَّهُ مِنْ الْمَفْصِلِ قَبْلَ الْبَرْءِ تُقْطَعُ يَدُ الْقَاطِعِ دُونَ أَصَابِعِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا بَرْءٌ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْأَصَابِعِ وَحُكُومَةُ عَدْلٍ فِي الْكَفِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَطَعَ مِنْ رَجُلٍ الْمَفْصِلَ الْأَعْلَى مِنْ أُصْبُعِهِ فَقَبْلَ الْبَرْءِ عَادَ وَقَطَعَ نِصْفَ الْمَفْصِلِ الثَّانِي لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَلَوْ تَخَلَّلَ الْبَرْءُ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْأَعْلَى وَالْأَرْشُ فِي الْبَاقِي كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ ضَرَبَ أُصْبُعَ رَجُلٍ عَمْدًا فَسَقَطَ الْكَفُّ إنْ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ الْمَفْصِلِ وَالسُّقُوطُ مِنْ الْمَفْصِلِ اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا مِنْ الْمَفْصِلِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّمَا أَنْظُرُ إلَى السُّقُوطِ لَا إلَى أَصْلِ الْجِرَاحَةِ، فَإِنْ كَانَ السُّقُوطُ مِنْ الْمَفْصِلِ يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا قِصَاصَ

الباب الخامس في الشهادة في القتل والإقرار به

فِي ذَلِكَ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعَ رَجُلٍ عَمْدًا فَشُلَّتْ الْكَفُّ فَلَا قِصَاصَ فِي الْأُصْبُعِ، وَفِي الْيَدِ دِيَةٌ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ مَفْصِلًا مِنْ أُصْبُعِ رَجُلٍ فَشُلَّتْ الْكَفُّ فَفِيمَا شُلَّ مِنْ ذَلِكَ دِيَةٌ، وَلَا قِصَاصَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَشُلَّتْ بِجَنْبِهَا أُخْرَى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْأُصْبُعَيْنِ وَقَالَا: يُقْتَصُّ مِنْ الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ أَرْشُهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَنْ قَطَعَ أُصْبُعَ إنْسَانٍ فَسَقَطَ أُصْبُعٌ أُخْرَى بِجَنْبِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يَجِبُ دِيَةُ الْأُصْبُعَيْنِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْأُصْبُعِ الْأُولَى، وَالدِّيَةُ فِي الْأُصْبُعِ الثَّانِيَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْأُصْبُعَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا قَطَعَ الرَّجُلُ أُصْبُعَ إنْسَانٍ عَمْدًا فَانْسَلَّ السِّكِّينُ إلَى أُصْبُعٍ أُخْرَى يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْأُصْبُعِ الْأُولَى، وَالدِّيَةُ فِي الْأُصْبُعِ الثَّانِيَةِ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا قَطَعَ مَفْصِلًا مِنْ السَّبَّابَةِ فَسَقَطَتْ الْوُسْطَى مِنْ الضَّرْبَةِ قُطِعَتْ الْوُسْطَى، وَالْمَفْصِلُ مِنْ السَّبَّابَةِ، وَلَوْ شُلَّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّبَّابَةِ، وَسَقَطَتْ الْوُسْطَى فَإِنِّي أَقْطَعُ الْوُسْطَى، وَلَا أُقْتَصُّ مِنْ السَّبَّابَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ فَاقْتُصَّ لَهُ فَمَاتَ الْمَقْطُوعُ الْأَوَّلُ قُتِلَ الْمَقْطُوعُ الثَّانِي بِهِ، وَهُوَ الْقَاطِعُ الْأَوَّلُ قِصَاصًا، وَلَوْ مَاتَ الْمُقْتَصُّ، وَهُوَ الْمَقْطُوعُ قِصَاصًا مِنْ الْقَطْعِ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُقْتَصِّ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. مَنْ قَطَعَ يَدَهُ فَقَتَلَهُ أُخِذَ بِهِمَا سَوَاءٌ كَانَا عَمْدَيْنِ، أَوْ خَطَأَيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ تَخَلَّلَ بَرْءٌ، أَوْ لَا إلَّا فِي خَطَأَيْنِ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَرْءٌ فَتَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ كَانَ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْدًا قَبْلَ أَنْ تَبْرَأَ يَدُهُ، فَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ قَالَ: اقْطَعُوهُ ثُمَّ اُقْتُلُوهُ، وَإِنْ شَاءَ قَالَ: اُقْتُلُوهُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يُقْتَلُ، وَلَا يُقْطَعُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ جَنَى جِنَايَتَيْنِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ اتَّحِدَا جِنْسًا بِأَنْ كَانَا عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَمَاتَ اُعْتُبِرَتَا وَاحِدَةً، وَإِنْ تَخَلَّلَ الْبَرْءُ أَوْ اخْتَلَفَا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَمْدًا، وَالْآخَرُ خَطَأً وَالْجَانِي وَاحِدٌ، أَوْ اثْنَانِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمُ نَفْسِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ قَطَعَ أُصْبُعَهُ، أَوْ يَدَهُ ثُمَّ قَطَعَ الْآخَرُ مَا بَقِيَ مِنْ الْيَدِ فَمَاتَ كَانَ الْقِصَاصُ عَلَى الثَّانِي فِي النَّفْسِ دُونَ الْأَوَّلِ وَيَقْطَعُ أُصْبُعَ الْأَوَّلِ، أَوْ يَدَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْكُتُبِ الظَّاهِرَةِ أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ فِي قَطْعِ الْأُنْثَيَيْنِ الْقِصَاصُ حَالَةَ الْعَمْدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا قَطَعَ الْحَشَفَةَ كُلَّهَا عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهَا فَلَا قِصَاصَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ الذَّكَرِ فَلَا قِصَاصَ، وَلَوْ قَطَعَ كُلَّ الذَّكَرِ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِيهِ الْقِصَاصَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ قَالَ فِي الْأَصْلِ إذَا قَطَعَ ذَكَرَ مَوْلُودٍ، فَإِنْ كَانَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ بِأَنْ قَدْ تَحَرَّكَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ إذَا قَطَعَهُ مِنْ الْحَشَفَةِ، وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ كَمَلًا وَأَرَادَ بِالتَّحَرُّكِ التَّحَرُّكَ لِلْبَوْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ فَعَلَيْهِ حُكُومَةُ الْعَدْلِ كَمَا فِي آلَةِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ وَتَصْدِيقِ الْقَاتِلِ الْمُدَّعِي وَلِيَّ الْجِنَايَةِ أَوْ تَكْذِيبِهِ) إنْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ بِالْعَمْدِ حُبِسَ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْهُمَا، فَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ حَبَسَهُ أَيْضًا أَيَّامًا، فَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ آخَرَ، وَإِلَّا خُلِّيَ سَبِيلُهُ، الْعَمْدُ فِي ذَلِكَ وَالْخَطَأُ وَشِبْهُ الْعَمْدِ سَوَاءٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ خَطَأً، وَادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً حَاضِرَةً فِي الْمِصْرِ وَطَلَبَ أَخْذَ الْكَفِيلِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: شُهُودِي غُيَّبٌ وَطَلَبَ أَخْذَ الْكَفِيلِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالشُّهُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجِيبُهُ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ، فَإِنْ ادَّعَى الْعَمْدَ وَأَرَادَ أَخْذَ الْكَفِيلِ لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي

لَا قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَا بَعْدَهَا إلَّا أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يُلَازِمُهُ وَبَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَحْبِسُهُ الْقَاضِي زَجْرًا ثُمَّ إذَا عُدِّلَتْ الشُّهُودُ وَشَهِدُوا بِقَتْلٍ يُوجِبُ الْقِصَاصَ يَقْضِي الْقَاضِي بِالْقِصَاصِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ ابْنَانِ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ، فَأَقَامَ الْحَاضِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَتْلِ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ، وَلَمْ يُقْتَلْ وَلَكِنْ يُحْبَسُ الْقَاتِلُ، فَإِذَا قَدِمَ الْأَخُ الْغَائِبُ كُلِّفَ أَنْ يُعِيدَ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَا يُعِيدُ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً، أَوْ كَانَ دَيْنٌ لِأَبِيهِمَا عَلَى الْآخَرِ لَمْ يُعِدْ بِالْإِجْمَاعِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ يُحْبَسُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْقِصَاصِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْغَائِبُ وَكَذَلِكَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قُتِلَ عَمْدًا، وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَهُوَ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا حَضَرَتْ الْوَرَثَةُ جَمِيعًا فَادَّعَوْا دَمَ أَبِيهِمْ عَلَى رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ، وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا بِالْقَتْلِ عَمْدًا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْحَاضِرِ، وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ، وَيُقْتَلُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَائِبِ، وَلَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْغَائِبِ، فَإِذَا حَضَرَ وَأَنْكَرَ الْقَتْلَ يَحْتَاجُ الْوَرَثَةُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْغَائِبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ ضَرَبَ رَجُلًا بِالسَّيْفِ فَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الشُّهُودَ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ . لَا فِي الْعَمْدِ، وَلَا فِي الْخَطَأِ وَلَكِنَّهُمْ إنْ شَهِدُوا أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُبْطِلْ شَهَادَتَهُمْ، وَجَازَتْ إذَا كَانُوا عُدُولًا، وَإِذَا شَهِدَا أَنَّهُ ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَزِيدَا عَلَى ذَلِكَ فَهَذَا عَمْدٌ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ إنْ سَأَلَهُمَا أَتَعَمَّدَ ذَلِكَ؟ فَهُوَ أَوْثَقُ وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَ أَنَّهُ طَعَنَهُ بِرُمْحٍ، أَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ، أَوْ نُشَّابَةٍ فَهَذَا كُلُّهُ عَمْدٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ قَالَا قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ خَطَأً تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ قَالَا: لَا نَدْرِي قَتَلَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّهَادَةَ مَقْبُولَةٌ جَوَابُ الِاسْتِحْسَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ بِالْقَتْلِ خَطَأً وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِذَلِكَ فَهَذَا بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى الْقَتْلِ، وَاخْتَلَفَا فِي الْوَقْتِ، أَوْ الْمَكَانِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِ زِيَادَاتِ الْأَصْلِ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَكَانِ، وَالْمَكَانَانِ مُتَقَارِبَانِ كَبَيْتٍ صَغِيرٍ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَآهُ قَتَلَهُ فِي هَذَا الْجَانِبِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَوْضِعِ الْجِرَاحَةِ مِنْ بَدَنِهِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ، وَالْآخَرُ شَهِدَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالْحَجَرِ حَتَّى اخْتَلَفَتْ الْآلَةُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسِّكِّينِ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالْحَجَرِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْعَصَا لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا بِالسَّيْفِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا بِالسِّكِّينِ، وَقَالَ الْمُدَّعِي: أُقِرُّ بِمَا قَالَا إلَّا أَنَّهُ مَا قَتَلَهُ إلَّا طَعْنًا بِالرُّمْحِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ، وَاقْتُصَّ مِنْ الْقَاتِلِ ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ بِالْعَصَا، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَلَا أَدْرِي بِمَاذَا قَتَلَهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَإِذَا شَهِدَ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَقَالَا: لَا نَدْرِي بِمَاذَا قَتَلَهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ، وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِ، وَلَا يُقْضَى بِالْقِصَاصِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُمَا قَتَلَا رَجُلًا أَحَدُهُمَا بِسَيْفٍ، وَالْآخَرُ بِعَصًا، وَلَا يَدْرِيَانِ أَيُّهُمَا صَاحِبُ الْعَصَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ بِقَطْعِ أُصْبُعٍ، وَعَلَى آخَرَ بِقَطْعِ أُخْرَى مِنْ تِلْكَ الْيَدِ، وَلَا يُمَيِّزَانِ قَاطِعَ هَذِهِ الْأُصْبُعِ مِنْ قَاطِعِ الْأُخْرَى وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا بِالْخَطَأِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا مِنْ الْمَفْصِلِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَطَعَ رِجْلَهُ مِنْ الْمَفْصِلِ ثُمَّ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ وَالْوَلِيُّ يَدَّعِي ذَلِكَ كُلَّهُ عَمْدًا فَإِنِّي أَقْضِي عَلَى الْقَاتِلِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَى الرَّجُلِ شَاهِدَانِ فَلَمْ يُزَكِّيَا وَلَوْ زَكَّى أَحَدُ شَاهِدَيْ الْيَدِ وَأَحَدُ شَاهِدَيْ الرِّجْلِ لَمْ يُؤْخَذْ الْقَاتِلُ بِشَيْءٍ وَإِنْ زَكَّوْا جَمِيعًا قَضَيْتُ عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ، فَإِنْ طَلَبِ الْوَلِيُّ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ الْيَدِ وَالرِّجْلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ مِنْ الْمَفْصِلِ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْدًا كَانَ لِوَارِثِهِ

أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ يَقْتُلَهُ فَإِنْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي اُقْتُلْهُ، وَلَا تَقْتَصَّ مِنْ يَدِهِ فَذَلِكَ حَسَنٌ أَيْضًا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَأْمُرُهُ بِقَتْلِهِ، وَلَا يَجْعَلُ لَهُ الْقِصَاصَ فِي يَدِهِ، وَلَوْ كَانَ إحْدَى الْجِنَايَتَيْنِ خَطَأً، وَالْأُخْرَى عَمْدًا أُخِذَ بِهِمَا، فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى خَطَأً فَإِنَّهُ تَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَيُقْتَلُ قِصَاصًا، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ خَطَأً فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْيَدِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي النَّفْسِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِقَتْلِهِ خَطَأً وَحُكِمَ بِالدِّيَةِ فَجَاءَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا فَلِلْعَاقِلَةِ أَنْ يُضَمِّنُوا الْوَلِيَّ، أَوْ الشُّهُودَ ثُمَّ يَرْجِعُوا عَلَى الْوَلِيِّ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَقُتِلَ بِهِ ثُمَّ جَاءَ حَيًّا تُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْوَلِيِّ الدِّيَةَ، أَوْ الشُّهُودِ، فَإِنْ ضَمَّنُوا الشُّهُودَ لَمْ يَرْجِعُوا عَلَى الْوَلِيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُونَ عَلَى الْوَلِيِّ كَمَا فِي الْخَطَأِ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي الْخَطَأِ، وَفِي الْعَمْدِ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ ثُمَّ جَاءَ حَيًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى قَتْلِ الْخَطَأِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْفُرُوعِ، وَلَكِنْ يَرُدُّ الْوَلِيُّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَوْ جَاءَ الشَّاهِدَانِ الْأَصْلَانِ وَأَنْكَرَا الْإِشْهَادَ لَمْ يَصِحَّ إنْكَارُهُمَا فِي حَقِّ الْفَرْعَيْنِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِمَا الضَّمَانُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَصْلَيْنِ أَيْضًا، وَإِنْ قَالَ الْأُصُولُ: قَدْ أَشْهَدْنَاهُمَا بِبَاطِلٍ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ يَوْمَئِذٍ أَنَّا كَاذِبُونَ قَالَ: لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعَاقِلَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْأُصُولَ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ، فَإِنْ ضَمَّنُوا الْأَصْلَيْنِ رَجَعَا عَلَى الْوَلِيِّ، وَإِنْ ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ لَمْ يَرْجِعْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ شَجَّ وَلِيَّهُ مُوضِحَةً وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْمُوضِحَةِ وَالْبُرْءِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيُقْضَى بِالْقِصَاصِ فِي الْمُوضِحَةِ وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالسِّرَايَةِ، وَالْآخَرُ بِالْبُرْءِ تُقْبَلُ عَلَى الشَّجَّةِ لِاتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الْبُرْءَ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ الَّتِي شَهِدَتْ بِالسِّرَايَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ الشَّجَّةُ شَيْئًا دُونَ الْمُوضِحَةِ لَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ إلَّا بِاتِّصَالِ السِّرَايَةِ بِهَا نَحْوُ السِّمْحَاقِ، وَمَا أَشْبَهَهُ فَادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ مَاتَ مِنْهَا وَلِيُّ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا كَمَا ادَّعَى الْمُدَّعِي، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ بَرَأَ مِنْ ذَلِكَ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّجَّةِ، وَقُضِيَ بِأَرْشِهَا فِي مَالِ الْجَانِي، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ عَبْدًا لِرَجُلٍ فَادَّعَى مَوْلَاهُ أَنَّ الشَّاجَّ شَجَّهُ مُوضِحَةً عَمْدًا وَمَاتَ مِنْهَا، وَأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ الْقَوَدَ، وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا كَمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ بَرَأَ مِنْهَا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِأَرْشِ الشَّجَّةِ فِي مَالِ الْجَانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قُتِلَ، وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا، وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً عَلَيْهِ، وَعَلَى آخَرَ أَنَّهُمَا قَتَلَا أَبَاهُ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ وَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى الَّذِي أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ فِي رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَقَامَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا وَأَقَامَ الِابْنُ الْآخَرُ بَيِّنَةً عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ خَطَأً فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِمُدَّعِي الْعَمْدِ نِصْفُ الدِّيَةُ فِي مَالِ مَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلِمُدَّعِي الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَمُوصًى لَهُ فَادَّعَى أَحَدُ الِابْنَيْنِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ فُلَانًا بِعَيْنِهِ، أَوْ رَجُلًا آخَرَ قَتَلَ أَبَاهُ خَطَأً وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فَالْمُوصَى لَهُ إنْ صَدَّقَ مُدَّعِي الْخَطَأِ يُقْضَى لِمُدَّعِي الْخَطَأِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَيُقْضَى لِمُدَّعِي الْعَمْدِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ الَّذِي يَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَمْدَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَإِنْ صَدَّقَ الْمُوصَى لَهُ مُدَّعِيَ الْعَمْدِ فَلِمُدَّعِي الْخَطَأِ ثُلُثُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَثُلُثُ النِّصْفِ لِلْمُوصَى لَهُ وَثُلُثَا النِّصْفِ لِمُدَّعِي الْعَمْدِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، وَإِنْ كَذَّبَهُمَا الْمُوصَى لَهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَكَذَلِكَ إذَا صَدَّقَهُمَا، وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي قُتِلَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ حَتَّى لَوْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ

يُقْضَى لَهُ كَمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْمُوصَى لَهُ ابْنٌ ثَالِثٌ فَالْجَوَابُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّ الِابْنَ الثَّالِثَ إذَا صَدَّقَ مُدَّعِي الْعَمْدِ يُقْضَى لَهُمَا بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ، وَفِي الْمُوصَى لَهُ كَانَ يُقْضَى لَهُمَا بِنِصْفِ الدِّيَةِ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قُضِيَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلِلْآخَرِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لَوْ تَوَى مَالُ أَحَدِهِمَا، وَخَرَجَ مَالُ الْآخَرِ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ الَّذِي تَوَى حَقُّهُ أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ فِيمَا خَرَجَ لَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ ابْنَانِ أَقَامَ الْأَكْبَرُ بَيِّنَةً عَلَى الْأَصْغَرِ أَنَّهُ قَتَلَ الْأَبَ، وَأَقَامَ الْأَصْغَرُ بَيِّنَةً عَلَى الْأَجْنَبِيِّ أَنَّهُ قَتَلَهُ قُضِيَ لِلْأَكْبَرِ عَلَى الْأَصْغَرِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَلِلْأَصْغَرِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الْأَكْبَرِ عَلَى الْأَصْغَرِ بِالدِّيَةِ إنْ كَانَ خَطَأً وَبِالْقِصَاصِ إنْ كَانَ عَمْدًا وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ عَلَى أَخِيهِ قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَإِرْثُهُ لَهُمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ الْبَنُونَ ثَلَاثَةً فَأَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بَيِّنَةً عَلَى زَيْدٍ أَنَّهُ قَتَلَ الْأَبَ وَأَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً عَلَى عَمْرٍو أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَأَقَامَ عَمْرٌو بَيِّنَةً عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَهَاهُنَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَاتُ عَلَى الِاتِّفَاقِ، وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ خَطَأً وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا عِنْدَهُمَا أَيْضًا. وَلَوْ أَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو أَنَّهُمَا قَتَلَا أَبَاهُمْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَأَقَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً تَهَاتَرَتْ الْبَيِّنَتَانِ عِنْدَهُمَا وَبَقِيَتْ الْوِرَاثَةُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِنِصْفِ الدِّيَةِ فِي مَالِهِمَا إنْ كَانَ عَمْدًا، أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا إنْ كَانَ خَطَأً، وَيُقْضَى لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ إنْ كَانَ عَمْدًا فَفِي مَالِ عَبْدِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْمِيرَاثُ يَكُونُ نِصْفُهُ لِعَبْدِ اللَّهِ، وَنِصْفُهُ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَلَوْ أَقَامَ عَمْرٌو عَلَى زَيْدٍ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ وَأَقَامَ زَيْدٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَمْرٍو أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ وَلَمْ يُقِمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِعَبْدِ اللَّهِ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا فَبَعْدَ هَذَا الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَمَّا إنْ ادَّعَى عَبْدُ اللَّهِ الْقَتْلَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، أَوْ لَمْ يَدَّعِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ: لَمْ يَقْتُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِمَا بِأَنْ قَالَ: هُمَا قَتَلَاهُ. فَإِنْ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، وَهُوَ عَمْرٌو فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى عَلَى عَمْرٍو بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ زَيْدٍ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ نِصْفَيْنِ إنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا فَفِي مَالِ عَمْرٍو، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَةِ عَمْرٍو وَيُقْضَى لِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ بِرُبُعِ الدِّيَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي مَالِ زَيْدٍ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَنِصْفُهُ لِعَبْدِ اللَّهِ وَنِصْفُهُ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ مَا وَجَبَ لِزَيْدٍ يُضَمُّ إلَى مَا وَجَبَ لِعَبْدِ اللَّهِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَيُقْضَى لِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى عَمْرٍو بِالْقَوَدِ إنْ كَانَ عَمْدًا وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ عَمْرٍو إنْ كَانَ خَطَأً وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ نِصْفَيْنِ وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ عَبْدُ اللَّهِ الْقَتْلَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ: لَمْ يَقْتُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو بِرُبُعِ الدِّيَةِ وَلِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ بِرُبُعِ الدِّيَةِ إنْ كَانَ عَمْدًا فَفِي مَالِهِمَا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا، وَلَا شَيْءَ لِعَبْدِ اللَّهِ مِنْ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْضَى هَاهُنَا بِشَيْءٍ لَا بِالدِّيَةِ، وَلَا بِالْقِصَاصِ، وَكَانَ الْمِيرَاثُ أَثْلَاثًا، وَإِنْ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَيْهِمَا بِأَنْ قَالَ أَنْتُمَا قَتَلْتُمَا فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْضَى لِعَبْدِ اللَّهِ بِشَيْءٍ مِنْ الدِّيَةِ وَيُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبُعِ الدِّيَةِ، وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَنِصْفُهُ لِعَبْدِ اللَّهِ وَنِصْفُهُ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ تَهَاتَرَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَا بَيِّنَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى مَا يَدَّعِي فَلَا يُقْضَى بِشَيْءٍ مِنْ الدِّيَةِ، وَالْمِيرَاثُ يَكُونُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَرَكَ ابْنًا وَأَخًا وَادَّعَى كُلٌّ عَلَى صَاحِبِهِ لَغَتْ بَيِّنَةُ الْأَخِ وَقُضِيَ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ، وَصَدَّقَ الْأَخُ أَحَدَهُمَا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي

فَإِنْ أَقَامَ الْأَخُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الِابْنَيْنِ أَنَّهُمَا قَتَلَاهُ بَعْدَ أَنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ الْبَيِّنَةَ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ هُوَ الْقَاتِلُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْأَخِ وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ لَهُ وَيُقْتَلُ الِابْنَانِ إنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا الدِّيَةُ، وَلَمْ يُذْكَرْ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّ عِنْدَهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخِ وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ وَيَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثَ بَنِينَ فَأَقَامَ اثْنَانِ مِنْهُمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الثَّالِثِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ وَأَقَامَ الثَّالِثُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بَيِّنَةُ الِابْنَيْنِ أَوْلَى وَيُقْضَى بِالْقِصَاصِ عَلَى الثَّالِثِ لِلْأَخَوَيْنِ إنْ كَانَ عَمْدًا وَبِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ خَطَأً، وَلَا يَرِثُ الِابْنُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ الْمُدَّعِيَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَتَرَجَّحْ بَيِّنَةُ الِابْنَيْنِ عَلَى بَيِّنَةِ الثَّالِثِ وَيُقْضَى لِلِابْنَيْنِ عَلَى الثَّالِثِ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ إنْ كَانَ عَمْدًا فَفِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَيُقْضَى لِلثَّالِثِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِثُلُثِ الدِّيَةِ وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَإِذَا قُتِلَ الرَّجُلُ، وَتَرَكَ ثَلَاثَ بَنِينَ، فَأَقَامَ الْأَكْبَرُ بَيِّنَةً عَلَى الْأَوْسَطِ أَنَّهُ قَتَلَ الْأَبَ، وَأَقَامَ الْأَوْسَطُ عَلَى الْأَصْغَرِ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَتَلَ الْأَبَ، وَأَقَامَ الْأَصْغَرُ بَيِّنَةً عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِذَلِكَ فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الَّذِي أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِثُلُثِ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِلْأَكْبَرِ عَلَى الْأَوْسَطِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَلِلْأَوْسَطِ عَلَى الْأَصْغَرِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَلَا يُقْضَى لِلْأَصْغَرِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِشَيْءٍ، وَالْمِيرَاثُ بَيْنَ الْأَكْبَرِ وَالْأَوْسَطِ نِصْفَانِ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَصْغَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا، وَقَالَ الْوَلِيُّ: قَتَلْتُمَاهُ جَمِيعًا فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمَا، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَشَهِدَ الْآخَرُونَ عَلَى الْآخَرِ بِقَتْلِهِ، وَقَالَ الْوَلِيُّ: قَتَلْتُمُوهُ جَمِيعًا بَطَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: أَنَا قَتَلْتُ وَلِيَّكَ عَمْدًا فَصَدَّقَهُ وَقَتَلَهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، وَقَالَ: أَنَا قَتَلْتُهُ عَمْدًا فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ أَيْضًا فَلَوْ أَنَّ الْأَوَّلَ حِينَ مَا قَالَ قَالَ لَهُ: أَنْتَ قَتَلْتَهُ عَمْدًا وَحْدَكَ وَقَتَلَهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، وَقَالَ: بَلْ أَنَا قَتَلْتُهُ وَحْدِي وَصَدَّقَهُ الْوَلِيُّ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الَّذِي قَتَلَهُ، وَلَهُ عَلَى الْآخَرِ الدِّيَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ قُتِلَ خَطَأً، وَادَّعَى وَلِيُّهُ الْعَمْدَ فَلَهُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَقَرَّ الْقَاتِلُ بِالْعَمْدِ، وَادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ الْخَطَأَ لَا شَيْءَ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَلَوْ صَدَّقَ الْوَلِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ الْقَاتِلَ، وَقَالَ: إنَّكَ قَتَلْتَهُ عَمْدًا فَلَهُ الدِّيَةُ عَلَى الْقَاتِلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُمَا قَتَلَا وَلِيَّهُ عَمْدًا بِحَدِيدَةٍ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِقَتْلِهِ وَحْدَهُ عَمْدًا وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا وَحْدَهُ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْمُقِرَّ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَعَلَى الْمُقِرِّ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ وَحْدَهُ عَمْدًا، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ الْقَتْلَ، وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي كَانَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَقْتُلَ الْمُقِرَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلَيْنِ عَمْدًا فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِالْخَطَأِ، وَالْآخَرُ بِالْعَمْدِ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُمَا قَتَلَا وَلِيَّهُ عَمْدًا بِحَدِيدَةٍ وَلَهُ عَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: صَدَقْتَ، وَقَالَ الْآخَرُ: ضَرَبْتُهُ أَنَا خَطَأً بِالْعَصَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ عَلَيْهِمَا بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِمَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ هَاهُنَا اسْتِحْسَانٌ، وَإِذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ الْخَطَأَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَأَقَرَّا بِالْعَمْدِ لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ، وَإِذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ الْخَطَأَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَقَرَّ بِالْخَطَأِ كَمَا ادَّعَى تَجِبُ الدِّيَةُ، وَلَوْ ادَّعَى الْخَطَأَ عَلَيْهِمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِالْعَمْدِ، وَالْآخَرُ بِالْخَطَأِ فَالْجَوَابُ فِيهِ، وَالْجَوَابُ فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِالْخَطَأِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ ادَّعَى الْعَمْدَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: قَتَلْنَاهُ عَمْدًا وَجَحَدَ الْآخَرُ الْقَتْلَ أَصْلًا يُقْتَلُ الْمُقِرُّ، وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الْخَطَأَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. لَوْ قَالَ رَجُلٌ أَنَا قَتَلْتُ وَفُلَانٌ وَلِيَّكَ عَمْدًا وَقَالَ فُلَانٌ: قَتَلْنَاهُ خَطَأً وَقَالَ الْوَلِيُّ لِلْمُقِرِّ بِالْعَمْدِ: قَتَلْتَهُ وَحْدَكَ عَمْدًا فَإِنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْتُلَ الْمُقِرَّ عَمْدًا، وَإِنْ ادَّعَى الْوَلِيُّ الْخَطَأَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ

الباب السادس في الصلح والعفو والشهادة فيه

لَا يَجِبُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَطَعْتُ يَدَهُ أَنَا عَمْدًا، وَفُلَانٌ قَطَعَ رِجْلَهُ عَمْدًا وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ الْوَلِيُّ: لَا بَلْ أَنْتَ قَطَعْتَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ عَمْدًا، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ الشَّرِكَةَ كَانَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَإِنْ قَالَ الْوَلِيُّ بَلْ أَنْتَ قَطَعْتَ يَدَهُ عَمْدًا، وَلَا أَدْرِي مَنْ قَطَعَ رِجْلَهُ لَا يُقْتَلُ إلَّا إذَا زَالَ الْإِبْهَامُ بِأَنْ قَالَ تَذَكَّرْتُ أَنَّ فُلَانًا قَطَعَ رِجْلَهُ عَمْدًا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْمُقِرَّ، وَيَكُونَ هَذَا عُذْرًا حَتَّى لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِبُطْلَانِ حَقِّهِ حِينَ أُبْهِمَ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ لَا يَعُودُ حَقُّهُ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. رَجُلٌ قَتِيلٌ مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ ادَّعَى وَلِيُّهُ أَنَّ فُلَانًا قَطَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَمْدًا وَفُلَانًا قَطَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَمْدًا وَمَاتَ مِنْهُمَا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَطْعُ يَدِهِ الْيُسْرَى: أَنَا قَطَعْتُ يَدَهُ الْيُسْرَى عَمْدًا وَمَاتَ مِنْهَا خَاصَّةً وَأَنْكَرَ الْآخَرُ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْمُقِرَّ، وَإِنْ قَالَ الْوَلِيُّ: قَطَعَ فُلَانٌ يَدَهُ الْيُسْرَى عَمْدًا، وَلَا أَدْرِي مَنْ قَطَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى إلَّا أَنَّهَا قُطِعَتْ عَمْدًا وَمَاتَ مِنْ الْقَطْعَيْنِ، وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَطْعُ الْيَدِ الْيُسْرَى: أَنَا قَطَعْتُ يَدَهُ الْيُسْرَى عَمْدًا وَمَاتَ مِنْهَا خَاصَّةً لَا شَيْءَ عَلَى الْمُقِرِّ. وَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ: قَطَعَ فُلَانٌ يَدَهُ الْيُمْنَى عَمْدًا وَفُلَانٌ يَدَهُ الْيُسْرَى عَمْدًا، وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَطْعُ الْيَدِ الْيُسْرَى: قَطَعْتُ يَدَهُ الْيُسْرَى عَمْدًا، وَلَا أَدْرِي مَنْ قَطَعَ الْيُمْنَى إلَّا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ الْيُمْنَى قُطِعَتْ عَمْدًا وَمَاتَ مِنْهَا فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي الصُّلْحِ وَالْعَفْوِ وَالشَّهَادَةِ فِيهِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الصُّلْحِ وَالْعَفْوِ وَالشَّهَادَةِ فِيهِ) لِلْأَبِ أَنْ يُصَالِحَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي الصُّلْحِ عَنْ النَّفْسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا اصْطَلَحَ الْقَاتِلُ، وَأَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ عَلَى مَالٍ سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَوَجَبَ الْمَالُ قَلِيلًا كَانَ، أَوْ كَثِيرًا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا حَالًّا، وَلَا مُؤَجَّلًا فَهُوَ حَالٌّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَقَالَ: صَالَحْتُكَ عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ، أَوْ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يُسَمِّ لِذَلِكَ أَجَلًا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي وَقَبْلَ تَرَاضِيهِمَا عَلَى نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الدِّيَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُؤَجَّلًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ حُرًّا وَعَبْدًا فَأَمَرَ الْحُرُّ وَمَوْلَى الْعَبْدِ رَجُلًا بِأَنْ يُصَالِحَ عَنْ دَمِهِمَا عَلَى أَلْفٍ فَفَعَلَ فَالْأَلْفُ عَلَى الْحُرِّ، وَعَلَى الْمَوْلَى نِصْفَانِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ثُمَّ الصُّلْحُ فِي فَصْلِ الْخَطَأِ إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الدِّيَةِ، أَوْ بَعْدَ تَرَاضِيهِمَا عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَ عَلَى النَّوْعِ الَّذِي وَقَعَ الْقَضَاءُ بِهِ، أَوْ وَقَعَ التَّرَاضِي عَلَيْهِ، وَكَانَ الصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى أَقَلَّ مِمَّا وَقَعَ بِهِ الْقَضَاءُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ نَسِيئَةً كَانَ، أَوْ يَدًا بِيَدٍ، وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى خِلَافِ جِنْسِ الْمَقْضِيِّ بِهِ، وَقَدْ صَالَحَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا قُضِيَ بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَقْضِيُّ بِهِ دَرَاهِمَ، وَقَدْ اصْطَلَحَا عَلَى دَنَانِيرَ أَكْثَرَ مِنْهُ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ فَرَسًا، أَوْ حِمَارًا أَوْ عَبْدًا إنْ كَانَ دَيْنًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِنْ كَانَ صَالَحَهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الْمَقْضِيِّ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ بِهِ أَحَدَهُمَا دَنَانِيرَ، وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ نَسِيئَةً، وَيَجُوزُ يَدًا بِيَدٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ بِهِ دَرَاهِمَ، وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ عَرَضًا مِنْ الْعُرُوضِ إنْ كَانَ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ يَجُوزُ سَوَاءٌ قُبِضَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ لَمْ يُقْبَضْ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا اصْطَلَحَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَالرِّضَا فَأَمَّا إذَا اصْطَلَحَا قَبْلَ الْقَضَاءِ وَالرِّضَا إنْ اصْطَلَحَا عَلَى مَالٍ فُرِضَ فِي الدِّيَةِ إنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَلْفِ دِينَارٍ، أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ نَسِيئَةً كَانَ أَوْ يَدًا بِيَدٍ، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ لَمْ يُفْرَضْ فِي الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا جَازَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قُتِلَ عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا الْقَاتِلَ عَنْ جَمِيعِ الدَّمِ عَلَى خَمْسِينَ أَلْفًا جَازَ الصُّلْحُ فِي نَصِيبِهِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ الدِّيَةِ خَمْسَةُ آلَافٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ بَاطِلٌ وَوَجَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ خَمْسَةُ آلَافٍ وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ هِيَ الْأُولَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمَنْ عَفَا مِنْ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ عَنْ الْقِصَاصِ رَجُلٌ، أَوْ امْرَأَةٌ، أَوْ أُمٌّ

أَوْ جَدَّةٌ، أَوْ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنْ النِّسَاءِ، أَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ امْرَأَةً فَعَفَا زَوْجُهَا عَنْ الْقَاتِلِ فَلَا سَبِيلَ إلَى الْقِصَاصِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إنْ صَالَحَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى عِوَضٍ، أَوْ عَفَا سَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ عَنْ الْقِصَاصِ وَكَانَ لَهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ، وَلَا يَجِبُ لِلْعَافِي شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ، وَإِذَا كَانَ الْقِصَاصُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ عَفَا أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ وَعَلِمَ الْآخَرُ أَنَّ الْقَتْلَ حَرَامٌ عَلَيْهِ فَقَتَلَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُرْمَةِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ عَلِمَ بِالْعَفْوِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلَيْنِ، وَوَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْقِصَاصِ فِي أَحَدِهِمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِالْآخَرِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. اثْنَانِ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ أَحَدِهِمَا يَقْتُلُ الْآخَرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَتَلَ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ رَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِيٌّ فَعَفَا وَلِيُّ أَحَدِ الْمَقْتُولَيْنِ عَنْ الْقَاتِلِ فَلِوَلِيِّ الْآخَرِ أَنْ يَقْتُلَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَوْ عَفَا الْوَلِيُّ قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَيُقْتَلُ قِيَاسًا وَلَوْ قَطَعَ الْوَلِيُّ يَدَ الْقَاتِلِ ثُمَّ عَفَا عَنْهُ ضَمِنَ دِيَةَ يَدِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قُتِلَ عَمْدًا وَقُضِيَ لِوَلِيِّهِ بِالْقِصَاصِ عَلَى الْقَاتِلِ فَأَمَرَ الْوَلِيُّ رَجُلًا بِقَتْلِهِ ثُمَّ إنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنْ الْوَلِيِّ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْقَاتِلِ فَعَفَا عَنْهُ فَقَتَلَهُ الْمَأْمُورُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْعَفْوِ قَالَ: عَلَيْهِ الدِّيَةُ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ عَفَا الْوَلِيُّ، أَوْ الْوَصِيُّ عَنْ دَمِ الصَّغِيرِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ قُتِلَ عَمْدًا فَأَقَامَ أَخُو الْمَقْتُولِ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَ الْقَاتِلُ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ ابْنًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْأَخِ وَيَتَأَنَّى فِي ذَلِكَ وَإِنْ أَقَامَ الْقَاتِلُ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ ابْنًا وَرِثَهُ قَدْ صَالَحَهُ عَلَى الدِّيَةِ وَقَبَضَهَا مِنْهُ، أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الِابْنَ قَدْ عَفَا عَنْهُ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الْقَاتِلِ، فَإِنْ جَاءَ الِابْنُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَنْكَرَ الْعَفْوَ وَالصُّلْحَ كُلِّفَ الْقَاتِلُ أَنْ يُعِيدَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الِابْنِ، وَلَا يُقْضَى عَلَى الِابْنِ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أَقَامَهَا الْقَاتِلُ عَلَى الْأَخِ وَلَوْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ أَخَوَانِ وَأَقَامَ الْقَاتِلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنَّ الْأَخَ الْغَائِبَ صَالَحَهُ عَلَى خَمْسَةِ آلَافٍ جَازَ ذَلِكَ، فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ الصُّلْحَ لَا يُكَلَّفُ الْقَاتِلُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَإِذَا لَمْ يُكَلَّفْ الْقَاتِلُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ هُنَا يَكُونُ لِلْحَاضِرِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَا شَيْءَ لِلْغَائِبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا كَانَ لِلدَّمِ وَلِيَّانِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَادَّعَى الْقَاتِلُ أَنَّ الْغَائِبَ عَفَا عَنْهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنِّي أَقْبَلُهُ، وَأُجِيزُ الْعَفْوَ عَنْ الْغَائِبِ، وَإِذَا قُضِيَ بِالْعَفْوِ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ لَمْ يُعِدْ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، وَإِذَا ادَّعَى عَفْوَ الْغَائِبِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْحَاضِرَ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ حَتَّى يَقْدُمَ الْغَائِبُ فَيَحْلِفَ، فَإِذَا قَدِمَ فَحَلَفَ اُقْتُصَّ مِنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ الْقَاتِلُ: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ عَلَى عَفْوِ الْغَائِبِ فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْقِصَاصُ لِلْحَاضِرِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ فِي دَعْوَى الْعَفْوِ يُؤَجِّلُهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى قَالَ: وَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْقَاضِيَ يُؤَجِّلُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ، فَإِنْ قَالَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ: شُهُودِي غُيَّبٌ، أَوْ قَالَ مِنْ الِابْتِدَاءِ: شُهُودِي غُيَّبٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْقِصَاصُ، وَلَا يُؤَخِّرُهُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْقِصَاصُ إلَّا أَنْ يَقَعَ فِي عِلْمِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَأَقَامَهَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. اثْنَانِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ عَفَا فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ صَدَّقَهُ صَاحِبُهُ وَالْقَاتِلُ جَمِيعًا، أَوْ كَذَّبَاهُ، أَوْ كَذَّبَهُ صَاحِبُهُ، وَصَدَّقَهُ الْقَاتِلُ، أَوْ عَلَى عَكْسِهِ، أَوْ سَكَتَا جَمِيعًا، فَالْعَفْوُ وَاقِعٌ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا، وَأَمَّا الدِّيَةُ، فَإِنْ تَصَادَقُوا فَلِلشَّاهِدِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَذَّبَاهُ فَلَا شَيْءَ لِلشَّاهِدِ وَيَجِبُ لِلسَّاكِتِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ كَذَّبَهُ صَاحِبُهُ وَصَدَّقَهُ الْقَاتِلُ ضَمِنَ دِيَةً بَيْنَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَذَّبَ الْقَاتِلُ الشَّاهِدَ فِي شَهَادَتِهِ وَصَدَّقَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فِي شَهَادَتِهِ فَالْعَفْوُ وَاقِعٌ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ لِلشَّاهِدِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا الثَّلَاثَةُ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ الْقَاتِلُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الشَّاهِدَ فِي شَهَادَتِهِ، وَلَا كَذَّبَاهُ بَلْ سَكَتَا الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا لَوْ كَذَّبَا الشَّاهِدَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ

مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْعَفْوِ فَلَا يَخْلُو: إمَّا إنْ يَشْهَدَا مَعًا، أَوْ مُتَعَاقِبًا، فَإِنْ شَهِدَا مَعًا إنْ كَذَّبَهُمَا الْقَاتِلُ بَطَلَ حَقُّهُمَا، وَكَذَلِكَ إنْ صَدَّقَهُمَا الْقَاتِلُ مَعًا، وَإِنْ صَدَّقَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ فَلَهُمَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَلَوْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا وَكَذَّبَ الْآخَرَ ضَمِنَ لِلَّذِي صَدَّقَهُ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَأَمَّا إذَا شَهِدَا مُتَعَاقِبًا، فَإِنْ كَذَّبَهُمَا الْقَاتِلُ فَلِلشَّاهِدِ آخِرًا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ إنْ صَدَّقَهُمَا مَعًا فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ، وَلِلثَّانِي نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ صَدَّقَهُمَا مُتَعَاقِبًا فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لَهُمَا، وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا إنْ صَدَّقَ الْأَوَّلَ وَكَذَّبَ الثَّانِيَ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَإِنْ صَدَّقَ الثَّانِيَ وَكَذَّبَ الْأَوَّلَ فَلِلثَّانِي نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ كَانَ الدَّمُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ قَدْ عَفَا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُمَا الْقَاتِلُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ بَطَلَ نَصِيبُ الْعَافِي وَانْقَلَبَ نَصِيبُ الشَّاهِدَيْنِ مَالًا، وَإِنْ كَذَّبَاهُمَا فَلَا شَيْءَ لِلشَّاهِدَيْنِ وَيَصِيرُ نَصِيبُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَالًا، وَإِنْ صَدَّقَهُمَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ غَرِمَ الْقَاتِلُ ثُلُثَ الدِّيَةِ، وَهُوَ نَصِيبُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلشَّاهِدَيْنِ، وَإِنْ صَدَّقَهُمَا الْقَاتِلُ وَحْدَهُ غَرِمَ الْقَاتِلُ الدِّيَةَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدَا عَلَى بَعْضِهِمْ أَنَّهُ عَفَا مِنْ حِصَّتِهِ فِي الدِّيَةِ فِي الْقَتْلِ الْخَطَأِ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ إذَا لَمْ يَقْبِضْ الشَّاهِدَانِ نَصِيبَهُمَا مِنْ الدِّيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَوْمٌ اجْتَمَعُوا عَلَى كَلْبٍ عَقُورٍ فَرَمَوْهُ بِالنِّبَالِ فَأَخْطَأَ نَبْلٌ فَأَصَابَ جَارِيَةً صَغِيرَةً فَمَاتَتْ وَشَهِدَ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا سَهْمُ فُلَانٍ، وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ فُلَانًا رَمَاهُ فَصَالَحَ الْأَبُ صَاحِبَ السَّهْمِ عَلَى كَرْمٍ ثُمَّ طَلَبَ الْمُصَالَحُ رَبَّ الصُّلْحِ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُصَالِحَ هُوَ الْجَارِحُ وَأَنَّ الصَّبِيَّةَ مَاتَتْ مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ سِوَى مَعْرِفَةِ السَّهْمِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَ السَّهْمِ هُوَ رَمَاهُ فَاسْتَقْبَلَهَا أَبُوهَا وَلَطَمَهَا وَسَقَطَتْ وَمَاتَتْ، وَمَا يَدْرِي مِنْ اللَّطْمَةِ مَاتَتْ، أَوْ مِنْ الرَّمْيَةِ، فَإِنْ كَانَ صَالَحَ الْأَبُ بِإِذْنِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ جَازَ وَالْبَدَلُ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ، وَلَا مِيرَاثَ لِلْأَبِ، وَإِنْ صَالَحَ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. الْعَفْوُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ عَنْ الْعَمْدِ أَوْ عَنْ الْخَطَأِ وَكُلُّ وَجْهٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ عَنْ الْجِنَايَةِ، أَوْ عَنْ الشَّجَّةِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا أَوْ عَنْ الْقَطْعِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ، أَوْ عَنْ الْقَطْعِ أَوْ عَنْ الشَّجَّةِ وَحْدَهَا، فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا ثُمَّ قَالَ الْمَقْطُوعُ لِلْقَاطِعِ: عَفَوْتُكَ عَنْ الْجِنَايَةِ، أَوْ عَنْ الْقَطْعِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ، أَوْ الشَّجَّةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا يَبْرَأُ عَنْ الْقَطْعِ وَالسِّرَايَةِ وَلَوْ قَالَ: عَفَوْتُكَ عَنْ الْقَطْعِ، أَوْ عَنْ الشَّجَّةِ لَا يَكُونُ عَفْوًا عَنْ السِّرَايَةِ وَلَوْ مَاتَ يَجِبُ الْقِصَاصُ قِيَاسًا، وَالدِّيَةُ اسْتِحْسَانًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَبْرَأُ عَنْ السِّرَايَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ خَطَأً فَعَفَا عَنْ الْقَطْعِ، أَوْ الشَّجَّةِ ثُمَّ سَرَى وَمَاتَ كَانَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَإِنْ عَفَا عَنْ الْقَطْعِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ، أَوْ عَنْ الْجِنَايَةِ صَحَّ الْعَفْوُ عَنْ الْكُلِّ كَمَا فِي الْعَمْدِ إلَّا أَنَّ فِي الْعَمْدِ تُعْتَبَرُ الدِّيَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَفِي الْخَطَأِ مِنْ الثُّلُثِ وَيَكُونُ وَصِيَّةً لِلْعَاقِلَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. امْرَأَةٌ قَطَعَتْ يَدَ رَجُلٍ فَتَزَوَّجَهَا الرَّجُلُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا، وَقَدْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْقَطْعِ، فَإِنْ بَرَأَ مِنْ ذَلِكَ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَصَارَ أَرْشُ يَدِهِ مَهْرًا لَهَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا سُلِّمَ لَهَا جَمِيعُ الْأَرْشِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا سُلِّمَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ وَرَدَّتْ عَلَى الزَّوْجِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَالتَّسْمِيَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ ثُمَّ الْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهَا الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَإِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهَا، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْجِنَايَةِ، أَوْ عَلَى الْقَطْعِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ إنْ بَرَأَ مِنْ ذَلِكَ صَارَ أَرْشُ يَدِهِ مَهْرَ مِثْلِهَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَسَلَّمَ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَتْ التَّسْمِيَةُ، وَكَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَسَقَطَ الْقِصَاصُ مَجَّانًا بِغَيْرِ شَيْءٍ. وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً، وَقَدْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْقَطْعِ إنْ بَرَأَ مِنْ ذَلِكَ صَارَ أَرْشُ يَدِهِ مَهْرًا لَهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا سُلِّمَ لَهَا جَمِيعُ ذَلِكَ وَسَقَطَ عَنْ الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا سَلَّمَ لَهَا نِصْفَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَتُؤَدِّي الْعَاقِلَةُ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ إلَى زَوْجِهَا، فَأَمَّا إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَتْ التَّسْمِيَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ لَهَا

الباب السابع في اعتبار حالة القتل

مَهْرُ مِثْلِهَا، وَعَلَى عَاقِلَتِهَا دِيَةُ الزَّوْجِ وَعِنْدَهُمْ تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ، وَتَصِيرُ دِيَةُ الزَّوْجِ مَهْرًا لَهَا، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْقَطْعِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ، أَوْ عَلَى الْجِنَايَةِ خَطَأً إنْ بَرَأَ مِنْ ذَلِكَ صَارَ أَرْشُ يَدِهِ مَهْرًا لَهَا، وَيَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْ عَاقِلَتِهَا، وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الدِّيَةَ تَصِيرُ مَهْرًا لَهَا، وَتَسْقُطُ عَنْ الْعَاقِلَةِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا، وَإِلَى الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ الدِّيَةِ لَا شَكَّ أَنَّ الْكُلَّ يُسَلَّمُ لَهَا سَوَاءٌ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْقَطْعِ حَالَ مَا يَجِيءُ وَيَذْهَبُ، أَوْ بَعْدَ مَا صَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ. وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ إنْ تَزَوَّجَهَا فِي حَالِ مَا يَجِيءُ، وَيَذْهَبُ فَالْكُلُّ يُسَلَّمُ لَهَا، وَإِنْ حَصَلَ مُتَبَرِّعًا بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا فِي حَالِ مَا صَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ تَبْرَأُ الْعَاقِلَةُ عَنْ ذَلِكَ وَتُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَصِيَّةً لِلْعَاقِلَةِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَخْرُجُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَبِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ يَسْقُطُ عَنْ الْعَاقِلَةِ، وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَصِيَّةً لَهُمْ، وَيَرُدُّونَ الْبَاقِيَ إلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ هَذَا إذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا الزَّوْجُ قَبْلَ مَوْتِهِ حَتَّى مَاتَ، فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا سَلَّمَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةَ آلَافٍ إنْ كَانَ خَمْسَةُ آلَافٍ مَهْرَ مِثْلِهَا وَيَسْقُطُ عَنْ الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ آلَافٍ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا إلَى تَمَامِ خَمْسَةِ آلَافٍ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَكَذَا يَسْقُطُ عَنْ الْعَاقِلَةِ خَمْسَةُ آلَافٍ، وَإِنْ كَانَ لَا تَخْرُجُ فَبِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَمِقْدَارُ مَهْرِ مِثْلِهَا يَسْقُطُ عَنْ الْعَاقِلَةِ، وَيَرُدُّونَ الْبَاقِيَ إلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَتَيْنِ ثُمَّ عَفَا الْمَشْجُوجُ عَنْ إحْدَى الْمُوضِحَتَيْنِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُمَا ثُمَّ مَاتَ مِنْهُمَا قَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِقْرَارٍ مِنْ الشَّاجِّ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِلْقَاتِلِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ وَصِيَّةٌ لِلْعَاقِلَةِ فَيَجُوزُ، وَيُرْفَعُ عَنْهُمْ نِصْفُ الدِّيَةِ إنْ كَانَ يَخْرُجُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّجَّتَانِ عَمْدًا، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْ أَحَدِهِمَا عَفْوٌ عَنْهُمَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً عَمْدًا فَعَفَا لَهُ عَنْهَا، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا ثُمَّ شَجَّهُ أُخْرَى عَمْدًا فَلَمْ يَعْفُ عَنْهَا فَعَلَى الْجَانِي الدِّيَةُ كَامِلَةً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ إذَا مَاتَ مِنْهَا جَمِيعًا، وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَلَمْ يَجُزْ لَهُ الْعَفْوُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً عَمْدًا وَصَالَحَهُ الْمَشْجُوجُ مِنْ الْمُوضِحَةِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا عَلَى مَالٍ مُسَمًّى وَقَبَضَهُ ثُمَّ شَجَّهُ رَجُلٌ آخَرُ مُوضِحَةً عَمْدًا، وَمَاتَ مِنْ الْمُوضِحَتَيْنِ فَعَلَى الْآخَرِ الْقِصَاصُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الصُّلْحُ مَعَ الْأَوَّلِ بَعْدَ مَا شَجَّهُ الْآخَرُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً عَمْدًا، وَصَالَحَهُ مِنْهَا، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَقَبَضَهَا ثُمَّ شَجَّهُ آخَرُ خَطَأً وَمَاتَ مِنْهُمَا فَعَلَى الثَّانِي خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَيَرْجِعُ الْأَوَّلُ فِي مَالِ الْمَقْتُولِ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ) مَنْ رَمَى مُسْلِمًا فَارْتَدَّ الْمُرْمَى إلَيْهِ ثُمَّ وَقَعَ السَّهْمُ فَمَاتَ فَعَلَى الرَّامِي الدِّيَةُ لِوَرَثَةِ الْمُرْتَدِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَا شَيْءَ عَلَى الرَّامِي كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ رَمَى إلَيْهِ، وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ وَقَعَ بِهِ السَّهْمُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَكَذَا إذَا رَمَى حَرْبِيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ رَمَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ أَصَابَهُ السَّهْمُ فَمَاتَ مِنْهُ فَعَلَى الرَّامِي قِيمَتُهُ لِلْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا قَضَى الْقَاضِي بِرَجْمِ رَجُلٍ فَرَمَاهُ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ الشُّهُودِ حَالَةَ الرَّمْيِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهِ الْحَجَرُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّامِي كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِذَا رَمَى الْمَجُوسِيُّ صَيْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ وَقَعَ الرَّمْيَةُ بِالصَّيْدِ لَمْ يُؤْكَلْ، وَإِنْ رَمَاهُ، وَهُوَ مُسْلِمٌ ثُمَّ تَمَجَّسَ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ أُكِلَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ رَمَى الْمُحْرِمُ صَيْدًا ثُمَّ حَلَّ فَأَصَابَهُ السَّهْمُ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَإِنْ رَمَى حَلَالٌ صَيْدًا ثُمَّ أَحْرَمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الباب الثامن في الديات

[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الدِّيَاتِ] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الدِّيَاتِ) الدِّيَةُ الْمَالُ الَّذِي هُوَ بَدَلُ النَّفْسِ وَالْأَرْشُ اسْمٌ لِلْوَاجِبِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ كَذَا فِي الْكَافِي. ثُمَّ الدِّيَةُ تَجِبُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ، وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ، وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ، وَفِي الْقَتْلِ بِسَبَبٍ، وَفِي قَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَهَذِهِ الدِّيَاتُ كُلُّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا فِي قَتْلِ الْأَبِ ابْنَهُ عَمْدًا فَإِنَّهَا فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَا تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَكُلُّ عَمْدٍ سَقَطَ الْقِصَاصُ فِيهِ بِشُبْهَةٍ فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، وَكُلُّ أَرْشٍ وَجَبَ بِالصُّلْحِ فَهُوَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ غَيْرَ أَنَّ الْأَوَّلَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَالثَّانِيَ يَجِبُ حَالًّا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَكُلُّ دِيَةٍ وَجَبَتْ بِنَفْسِ الْقَتْلِ يُقْضَى مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْإِبِلِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مِنْ الْإِبِلِ مِائَةٌ، وَمِنْ الْعَيْنِ أَلْفُ دِينَارٍ، وَمِنْ الْوَرِقِ عَشَرَةُ آلَافٍ، وَلِلْقَاتِلِ الْخِيَارُ يُؤَدِّي أَيَّ نَوْعٍ شَاءَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَقَالَا: وَمِنْ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ، وَمِنْ الْغَنَمِ أَلْفَا شَاةٍ، وَمِنْ الْحُلَلِ مِائَتَا حُلَّةٍ كُلُّ حُلَّةٍ ثَوْبَانِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ثُمَّ لَا تَجِبُ الْإِبِلُ كُلُّهَا مِنْ سِنٍّ وَاحِدٍ بَلْ مِنْ أَسْنَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَفِي الْخَطَأِ الْمَحْضِ تَجِبُ الْمِائَةُ أَخْمَاسًا عِشْرُونَ ابْنَةَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ ابْنَةَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ تَجِبُ الْمِائَةُ أَرْبَاعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ابْنَةَ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ ابْنَةَ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَدِيَةُ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْكَافِي. وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ فِي نَفْسِهَا، وَمَا دُونَهَا نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ، وَإِنْ كَانَتْ جِنَايَةً لَيْسَ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ وَالْوَاجِبُ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قِيلَ: يَسْتَوِي الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِيهِ، وَقِيلَ: بِنِصْفٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً، فَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ الْكَبِيرُ أَبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ الدِّيَةِ حِصَّةَ نَفْسِهِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ وَحِصَّةَ الصَّغِيرِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ الْكَبِيرُ أَخًا أَوْ عَمًّا، وَلَمْ يَكُنْ وَصِيًّا لِلصَّغِيرِ يَسْتَوْفِي حِصَّةَ نَفْسِهِ، وَلَا يَسْتَوْفِي حِصَّةَ الصَّغِيرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِ إنْسَانٍ، وَلَمْ يَنْبُتْ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ فِيهِ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِالدِّيَةِ حَالَ الْحَلْقِ بَلْ يُؤَجَّلُ سَنَةً، فَإِنْ أُجِّلَ سَنَةً وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي السَّنَةِ، وَالشَّعْرُ لَمْ يَنْبُتْ لَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْحَاجِبَيْنِ إذَا حَلَقَهُمَا عَلَى وَجْهٍ أَفْسَدَ الْمَنْبِتَ، أَوْ نَتَفَ فَأَفْسَدَ الْمَنْبِتَ تَجِبُ فِيهِمَا الدِّيَةُ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَفِي ثِنْتَيْنِ مِنْ الْأَهْدَابِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي إحْدَاهُمَا رُبُعُ الدِّيَةِ، وَفِي كُلِّهَا الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا حَلَقَ لِحْيَةَ رَجُلٍ، وَلَمْ يَنْبُتْ مَكَانَهَا أُخْرَى فَفِيهَا كَمَالُ الدِّيَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَيَسْتَوِي الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي حَلْقِ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا حَلَقَ نِصْفَ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ حَلَقَ نِصْفَ اللِّحْيَةِ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ نِصْفٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْفَائِتَ كَمْ هُوَ تَجِبُ حُكُومَةُ الْعَدْلِ، وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا نَتَفَ بَعْضَ لِحْيَةِ رَجُلٍ تُقَسَّمُ الدِّيَةُ عَلَى مَا ذَهَبَ، وَعَلَى مَا بَقِيَ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي بِحِسَابِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَتَكَلَّمُوا فِي لِحْيَةِ الْكَوْسَجِ، وَالْأَصَحُّ فِي ذَلِكَ مَا فَصَّلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ النَّابِتُ عَلَى ذَقَنِهِ شَعَرَاتٍ مَعْدُودَةً فَلَيْسَ فِي حَلْقِ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ عَلَى الذَّقَنِ وَالْخَدِّ جَمِيعًا وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا فَفِيهِ كَمَالُ الدِّيَةِ، فَإِنْ نَبَتَ حَتَّى اسْتَوَى كَمَا كَانَ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَكِنَّهُ يُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا نَبَتَ مَكَانَهُ أَبْيَضُ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ وَقَالَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ حُرًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَحُكُومَةُ عَدْلٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِمَا حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يُفْتِي بِقَوْلِهِمَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ رَوَى شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ

تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَقْدِيرُ حُكُومَةِ الْعَدْلِ فِي الْحُرِّ أَنْ يُقَوَّمُ أَبْيَضُ اللِّحْيَةِ لَوْ كَانَ عَبْدًا، وَأَسْوَدُ اللِّحْيَةِ فَيَلْزَمهُ النُّقْصَانُ الَّذِي بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ حَلَقَ لِحْيَةَ إنْسَانٍ فَنَبَتَ بَعْضُهَا دُونَ الْبَعْضِ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي أَجْنَاسِ النَّاطِفِي إذَا قَطَعَ ضَفِيرَةَ امْرَأَتِهِ، أَوْ امْرَأَةَ غَيْرِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ شَيْءٌ فِي الْحَالُ، وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَطَعَ قُرُونَ امْرَأَةٍ، أَوْ حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِ جَارِيَةٍ، وَذَلِكَ يُنْقِصُهَا قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ يُؤَدَّبُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا جَبَّ رَجُلًا حَتَّى سَقَطَتْ اللِّحْيَةُ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِأَجْلِ اللِّحْيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَقَ الشَّارِبَ فَلَمْ يَنْبُتْ تَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي جِنَايَاتِ الْحَسَنِ: وَإِذَا حَلَقَ اللِّحْيَةَ مَعَ الشَّارِبِ لَا يَدْخُلُ ضَمَانُ الشَّارِبِ فِي ضَمَانِ اللِّحْيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَذُكِرَ فِي الْهَارُونَيِّ لَوْ حَلَقَ رَأْسَ رَجُلٍ فَقَالَ: كَانَ أَصْلَعَ فَلَمْ يَنْبُتْ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ مَا زَعَمَ الْحَالِقُ أَنَّهُ كَانَ فِي رَأْسِهِ مِنْ الشَّعْرِ، وَكَذَا اللِّحْيَةُ لَوْ حَلَقَهَا، وَقَالَ: كَانَ كَوْسَجًا لَمْ يَكُنْ فِي عَارِضِهِ شَعْرٌ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَاجِبَيْنِ وَالْأَشْفَارِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ صَحِيحًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْأُذُنَيْنِ الشَّاخِصَتَيْنِ فِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ كَمَلًا، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِذَا يَبِسَتْ الْأُذُنُ وَانْخَسَفَتْ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا ضَرَبَ أُذُنَ إنْسَانٍ حَتَّى ذَهَبَ سَمْعُهُ تَجِبُ الدِّيَةُ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَهَابِ سَمْعِهِ أَنْ يُطْلَبَ غَفْلَةً فَيُنَادَى، فَإِنْ أَجَابَ عُلِمَ أَنَّ سَمْعَهُ لَمْ يَذْهَبْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْعَيْنَيْنِ إذَا فُقِئَتَا خَطَأً كَمَالُ الدِّيَةِ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ تُفْقَأْ وَلَكِنَّهُمَا انْخَسَفَتَا، أَوْ ذَهَبَ بَصَرُهُمَا، وَهُمَا قَائِمَتَانِ يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ فِيهِمَا، وَنِصْفُ الدِّيَةِ فِي إحْدَاهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَفِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ نِصْفُ الدِّيَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَطَعَ الْجُفُونَ بِأَهْدَابِهَا فَفِيهِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي قَطْعِ الْجُفُونِ الَّتِي لَا شُعُورَ عَلَيْهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَإِنْ كَانَ الْجَانِي عَلَى الْأَهْدَابِ وَاحِدًا، وَعَلَى الْجُفُونِ وَاحِدًا كَانَ عَلَى الَّذِي جَنَى عَلَى الْأَهْدَابِ تَمَامُ الدِّيَةِ، وَعَلَى الَّذِي جَنَى عَلَى الْجُفُونِ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي قَطْعِ الْأَنْفِ دِيَةُ النَّفْسِ، وَكَذَا إذَا قَطَعَ الْمَارِنَ، وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ، وَإِنْ قَطَعَ نِصْفَ قَصَبَةِ الْأَنْفِ لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَفِيهِ دِيَةُ النَّفْسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْمُنْتَقَى إذَا جَنَى عَلَيْهِ فَصَارَ لَا يَتَنَفَّسُ مِنْ أَنْفِهِ، وَلَكِنْ يَتَنَفَّسُ مِنْ فِيهِ فَعَلَيْهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إذَا قَطَعَ الْمَارِنَ ثُمَّ الْأَنْفَ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْبَرْءِ تَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْبَرْءِ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْمَارِنِ، وَحُكُومَةُ عَدْلٍ فِي الْبَاقِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْأَصْلِ إذَا كَسَرَ أَنْفَ إنْسَانٍ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ضَرَبَ أَنْفَ رَجُلٍ فَلَمْ يَجِدْ شَمَّ رَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ، وَلَا رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا ذُكِرَ فِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَذُكِرَ فِي جِنَايَاتِ أَبِي سُلَيْمَانَ إذَا أَقَرَّ الضَّارِبُ بِذَهَابِ الشَّمِّ فَفِيهِ الدِّيَةُ، وَهُوَ كَالسَّمْعِ هَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ وَبِهِ يُفْتَى ثُمَّ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَهَابِ الشَّمِّ أَنْ يُخْتَبَرَ بِالرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الشَّفَتَيْنِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي أُذُنِ الصَّغِيرِ وَأَنْفِهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيَجِبُ فِي كُلِّ سِنٍّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْأَنْيَابُ وَالضَّوَاحِكُ وَالنَّوَاجِذُ وَالطَّوَاحِنُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَيْسَ فِي نَفْسِ الْآدَمِيِّ شَيْءٌ مِنْ الْأَعْضَاءِ يَزْدَادُ أَرْشُهُ عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ إلَّا الْأَسْنَانُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ حَتَّى لَوْ كَانَتْ ثَمَانِيًا وَعِشْرِينَ فَعَلَيْهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثِينَ فَخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَجِبُ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَذَلِكَ دِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ دِيَةٍ يُؤَدِّي ذَلِكَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَسِتَّمِائَةٍ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا، وَفِي الثَّالِثَةِ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ كَذَا ذُكِرَ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ فِي الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ قَلَعَ سِنَّ رَجُلٍ فَنَبَتَتْ مَكَانَهَا أُخْرَى سَقَطَ الْأَرْشُ

هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَيْهِ الْأَرْشُ كَامِلًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَإِنْ نَبَتَتْ الْأُخْرَى سَوْدَاءَ بَقِيَ الْأَرْشُ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ غَيْرِهِ فَرَدَّهَا صَاحِبُهَا مَكَانَهَا وَنَبَتَ عَلَيْهَا اللَّحْمُ فَعَلَى الْقَالِعِ كَمَالُ الْأَرْشِ كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ ضَرَبَ سِنَّ إنْسَانٍ فَتَحَرَّكَ فَأُجِّلَ، فَإِنْ اخْضَرَّ، أَوْ احْمَرَّ تَجِبُ دِيَةُ السِّنِّ خَمْسَمِائَةٍ، وَإِنْ اصْفَرَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِنْ اسْوَدَّ تَجِبُ دِيَةُ السِّنِّ إذَا فَاتَتْ مَنْفَعَةُ الْمَضْغِ، وَإِنْ لَمْ تَفُتْ إلَّا أَنَّهُ مِنْ الْأَسْنَانِ الَّتِي تُرَى حَتَّى فَاتَ جَمَالُهُ فَكَذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ قَالَ الضَّارِبُ: إنَّمَا اسْوَدَّتْ مِنْ ضَرْبَةٍ حَدَثَتْ فِيهَا بَعْدَ ضَرْبَتِي، وَكَذَّبَهُ الْمَضْرُوبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَضْرُوبِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الضَّارِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي سِنِّ الْمَمْلُوكِ إذَا اصْفَرَّ تَجِبُ حُكُومَةُ الْعَدْلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ صَاحِبَاهُ: فِي الِاصْفِرَارِ تَجِبُ حُكُومَةُ الْعَدْلِ حُرًّا كَانَ، أَوْ مَمْلُوكًا، وَإِذَا ضَرَبَ سِنَّ رَجُلٍ فَاسْوَدَّ السِّنُّ بِضَرْبِهِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَنَزَعَهَا فَعَلَى الْأَوَّلِ تَمَامُ أَرْشِهَا، وَعَلَى الثَّانِي حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ وَكَذَا فِي قَطْعِ بَعْضِ اللِّسَانِ إذَا مَنَعَ الْكَلَامَ الدِّيَةُ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى التَّكَلُّمِ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ قِيلَ: يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الْحُرُوفِ، وَقِيلَ: عَلَى عَدَدِ حُرُوفٍ تَتَعَلَّقُ بِاللِّسَانِ، وَقِيلَ: إنْ قَدَرَ عَلَى أَدَاءِ أَكْثَرِ الْحُرُوفِ تَجِبُ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ الْأَكْثَرِ يَجِبُ كُلُّ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْكَافِي قَالُوا: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا ادَّعَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ذَهَابَ الْكَلَامِ يُسْتَغْفَلُ عَنْهُ حَتَّى يُسْمَعَ كَلَامُهُ، أَوْ لَا يُسْمَعَ، وَفِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَطَعَ لِسَانَ صَبِيٍّ إنْ اسْتَهَلَّ تَجِبُ حُكُومَةُ الْعَدْلِ، وَإِنْ تَكَلَّمَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ وَفِي اللَّحْيَيْنِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْيَدَيْنِ إذَا قُطِعَتَا خَطَأً كَمَالُ الدِّيَةِ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَا يُفَضَّلُ الْيَمِينُ عَلَى الشِّمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْيَمِينُ أَكْثَرَ بَطْشًا مِنْ الشِّمَالِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالْأَصْلُ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّهُ إذَا فَوَّتَ جِنْسَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْكَمَالِ، أَوْ أَزَالَ جَمَالًا مَقْصُودًا فِي الْآدَمِيِّ عَلَى الْكَمَالِ يَجِبُ كُلُّ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي يَدِ الْخُنْثَى مَا فِي يَدِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا نِصْفُ مَا فِي يَدِ الرَّجُلِ، وَنِصْفُ مَا فِي يَدُ الْمَرْأَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ، أَوْ الرِّجْلَيْنِ عُشْرُ الدِّيَةِ، وَالْأَصَابِعُ كُلُّهَا سَوَاءٌ، وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ فِيهَا ثَلَاثُ مَفَاصِلَ فَفِي أَحَدِهِمَا ثُلُثُ دِيَةِ الْأُصْبُعِ، وَمَا فِيهَا مَفْصِلَانِ فَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُ دِيَةِ الْأُصْبُعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، وَفِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ، وَإِذَا قَطَعَ الْكَفَّ مَعَ بَعْضِ الْأَصَابِعِ، أَوْ مَعَ كُلِّ الْأَصَابِعِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَطَعَهُ، وَالْأَصَابِعُ كُلُّهَا قَائِمَةٌ فِي الْكَفِّ أَنَّ الْكَفَّ يُجْعَلُ تَابِعًا لِلْأَصَابِعِ حَتَّى يَجِبَ أَرْشُ الْأَصَابِعِ، وَلَا يَجِبُ فِي الْكَفِّ شَيْءٌ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْكَفِّ ثَلَاثُ أَصَابِعَ أَنَّهُ يَجِبُ أَرْشُ الْأَصَابِعُ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، أَوْ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ، وَلَا يَجِبُ فِي الْكَفِّ شَيْءٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْكَفِّ أُصْبُعَانِ، أَوْ أُصْبُعٌ وَاحِدَةٌ، أَوْ مَفْصِلٌ وَاحِدٌ مِنْ أُصْبُعٍ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجْعَلُ الْكَفُّ تَبَعًا وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا ضَرَبَ رَجُلٌ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَشُلَّتْ الْيَدُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ قَطَعَ أُصْبُعَ رَجُلٍ مِنْ الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى فَشُلَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْأُصْبُعِ، أَوْ الْيَدِ كُلِّهَا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الدِّيَةُ فِي الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى، وَفِيمَا بَقِيَ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَفِي السَّاعِدِ إذَا كُسِرَ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَكَذَا فِي الزَّنْدِ إذَا كُسِرَ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَفِي الْيَدِ إذَا قُطِعَتْ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ دِيَةُ الْيَدِ، وَحُكُومَةُ عَدْلٍ فِيمَا بَيْنَ الْكَفِّ إلَى السَّاعِدِ، وَإِنْ كَانَ إلَى الْمَرْفِقِ كَانَ فِي الذِّرَاعِ بَعْدَ دِيَةِ الْيَدِ حُكُومَةُ عَدْلٍ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ قَطَعَ يُمْنَى رَجُلَيْنِ فَقَطَعَ أَحَدُهُمَا إبْهَامَ الْقَاطِعِ وَقَطَعَ أَجْنَبِيٌّ آخَرُ الْأَصَابِعَ الْبَوَاقِيَ ثُمَّ إنَّ الْمَقْطُوعَةَ يَدُهُ الَّذِي لَمْ يَقْطَعْ أَصْلًا قَطَعَ الْكَفَّ، وَلَا أُصْبُعَ فِيهَا ثُمَّ اجْتَمَعُوا عِنْدَ الْقَاضِي جَمِيعًا فَالْقَاضِي يَقْضِي عَلَى الْقَاطِعِ الْيَدَيْنِ بِدِيَةِ يَدٍ وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْقِصَاصِ أَخْمَاسًا، وَيَغْرَمُ الْأَجْنَبِيُّ لِقَاطِعِ الْيَدَيْنِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَإِنْ اجْتَمَعَ الْمَقْطُوعَةُ أَيْدِيهِمَا عَلَى قَطْعِ الْكَفِّ ثُمَّ أَخَذَا دِيَةَ الْيَدِ قُسِّمَتْ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا لِلَّذِي لَمْ يَقْطَعْ الْإِبْهَامَ، وَخُمُسَاهَا لِلَّذِي قَطَعَ الْإِبْهَامَ، وَإِنْ بَدَأَ الْأَجْنَبِيُّ فَقَطَعَ أُصْبُعًا مِنْ أَصَابِعِ الْقَاطِعِ ثُمَّ قَطَعَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْقِصَاصِ بَعْدَ ذَلِكَ أُصْبُعًا مِنْ أَصَابِعِ قَاطِعِ الْيَدَيْنِ ثُمَّ عَادَ الْأَجْنَبِيُّ فَقَطَعَ أُصْبُعًا مِنْ أَصَابِعِ الْقَاطِعِ ثُمَّ إنَّ الَّذِي لَمْ يَقْطَعْ شَيْئًا مِنْ أَصَابِعِ الْقَاطِعِ قَطَعَ الْكَفَّ، وَعَلَيْهِ الْأُصْبُعَانِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي عَلَى الْقَاطِعِ بِدِيَةِ يَدٍ وَاحِدَةٍ رُبُعُهَا لِلَّذِي قَطَعَ الْكَفَّ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِلَّذِي قَطَعَ الْأُصْبُعَ، فَإِنْ اجْتَمَعَ صَاحِبَا الْقِصَاصِ عَلَى قَطْعِ الْكَفِّ مَعَ الْأُصْبُعَيْنِ، فَالدِّيَةُ الْمَأْخُوذَةُ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا أَثْمَانًا ثَلَاثَةُ أَثْمَانِهَا لِقَاطِعِ الْأُصْبُعِ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةُ أَثْمَانِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْأُنْمُلَةِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَالظُّفْرُ إذَا نَبَتَ كَمَا كَانَ لَا شَيْءَ فِيهِ كَمَا فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَإِنْ نَبَتَ عَلَى عَيْبٍ فَحُكُومَةٌ دُونَ الْأَوَّلِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الرِّجْلَيْنِ كَمَالُ الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي يَدِ الصَّغِيرِ وَرِجْلِهِ حُكُومَةٌ إذَا لَمْ يَمْشِ، وَلَمْ يَقْعُدْ، وَلَمْ يُحَرِّكْهُمَا أَمَّا إذَا كَانَ يُحَرِّكُهُمَا فَفِيهِمَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَفِي قَطْعِ الرِّجْلِ الْعَرْجَاءِ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَطَعَ الرِّجْلَ خَطَأً مِنْ نِصْفِ السَّاقِ تَجِبُ الدِّيَةُ لِأَجْلِ الْقَدَمِ، وَحُكُومَةُ الْعَدْلِ فِيمَا وَرَاءَ الْقَدَمِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ كَسَرَ فَخِذَهُ وَبَرَأْتُ وَاسْتَقَامَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حُكُومَةُ عَدْلٍ وَذَكَرَ أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْحَجِّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَنْ كَسَرَ عَظْمًا مِنْ إنْسَانٍ يَدًا، أَوْ رِجْلًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَبَرَأَ، أَوْ عَادَ كَهَيْئَتِهِ فَلَيْسَ فِيهِ عَقْلٌ، فَإِنْ كَانَ نَقْصٌ، أَوْ عَثْمٌ فَفِيهِ مِنْ عَقْلِهِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ عَثْمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الضِّلْعِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَفِي التَّرْقُوَةِ حُكُومَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَفِي ثَدْيَيْ الرَّجُلِ حُكُومَةٌ، وَفِي حَلَمَتَيْهِ حُكُومَةٌ دُونَ الْأُولَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي إحْدَى ثَدْيَيْ الرَّجُلِ نِصْفُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ الدِّيَةُ وَكَذَا فِي حَلَمَتَيْ ثَدْيَيْهَا، وَحْدَهُمَا، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْكُتُبِ الظَّاهِرَةِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِي ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ إذَا قُطِعَتَا عَمْدًا وَالصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي ثَدْيَيْ الْخُنْثَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا فِي ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ، وَعِنْدَهُمَا نِصْفُ مَا فِي ثَدْيَيْ الرَّجُلِ، وَنِصْفُ مَا فِي ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ ضَرَبَ عَلَى الظَّهْرِ فَفَاتَ مَنْفَعَةُ الْجِمَاعِ، أَوْ صَارَ أَحْدَبَ تَجِبُ دِيَةُ النَّفْسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا لَمْ يُحْدِبْهُ بِهِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ عَنْ الْجِمَاعِ، فَإِنْ بَقِيَ لِلْجِرَاحَةِ أَثَرٌ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرُ الضَّرْبِ فَلَا شَيْءَ وَقَالَا: أُجْرَةُ الطَّبِيبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَصَدْرُ الْمَرْأَةِ إذَا كُسِرَ وَانْقَطَعَ الْمَاءُ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الذَّكَرِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَفِي ذَكَرِ الْخَصِيِّ حُكُومَةُ عَدْلٍ عِنْدَنَا سَوَاءٌ كَانَ يَتَحَرَّكُ، أَوْ لَا يَتَحَرَّكُ وَيَقْدِرُ الْخَصِيُّ عَلَى الْجِمَاعِ، أَوْ لَا يَقْدِرُ، وَهُوَ الْحُكْمُ فِي ذَكَرِ الْعِنِّينِ وَأَمَّا ذَكَرُ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي ذَكَرِ الْخَصِيِّ وَذَكَرِ الْعِنِّينِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا قَطَعَ الْحَشَفَةَ يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ، فَإِنْ جَاءَ وَقَطَعَ مَا بَقِيَ مِنْ الذَّكَرِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ تَخَلُّلِ الْبَرْءِ

جامع امرأته فذهبت منها عين أو أفضاها أو ماتت

تَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ قَطَعَ الذَّكَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا بَرْءٌ يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ فِي الْحَشَفَةِ وَحُكُومَةُ الْعَدْلِ فِي الْبَاقِي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ كَمَالُ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَطَعَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَيَيْنِ مِنْ الرَّجُلِ الصَّحِيحِ خَطَأً إنْ بَدَأَ بِقَطْعِ الذَّكَرِ فَفِيهِ دِيَتَانِ، وَلَوْ بَدَأَ بِالْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ بِالذَّكَرِ فَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَفِي الذَّكَرِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَإِنْ قَطَعَهُمَا مِنْ جَانِبِ الْفَخِذِ مَعًا فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَطَعَ إحْدَى أُنْثَيَيْهِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهُ فَفِيهِ الدِّيَةُ، وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِأَنْ يُقِرَّ الْجَانِي بِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْأَلْيَتَيْنِ إذَا قُطِعَتَا خَطَأً كَمَالُ الدِّيَةِ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ طَعَنَ بَطْنَهُ بِرُمْحٍ فَصَارَ بِحَالٍ لَا يَسْتَمْسِكُ الطَّعَامَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ طَعَنَ بِرُمْحٍ، أَوْ غَيْرِهِ فِي الدُّبُرِ فَلَا يَسْتَمْسِكُ الطَّعَامَ جَوْفُهُ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبَهُ فَسَلِسَ بَوْلُهُ، وَلَا يَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَطَعَ فَرْجَ امْرَأَةٍ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا قَطَعَ فَرْجَ امْرَأَةٍ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يُسْتَطَاعُ وِقَاعُهَا فَفِيهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا ضُرِبَتْ امْرَأَةٌ فَصَارَتْ مُسْتَحَاضَةً يَنْتَظِرُ حَوْلًا، فَإِنْ بَرِئَتْ وَإِلَّا يُقْضَى بِالدِّيَةِ، وَفِي مَسْأَلَةِ سَلَسِ الْبَوْلِ يَجِبُ أَنْ يَنْتَظِرَ حَوْلًا أَيْضًا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الطَّعْنِ فِي الْبَطْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَإِنْ أَفْضَى امْرَأَةً فَلَا تَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ فَفِيهَا الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَتْ تَسْتَمْسِكُ فَهِيَ جَائِفَةٌ يَجِبُ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. [جَامَعَ امْرَأَتَهُ فَذَهَبَتْ مِنْهَا عَيْنٌ أَوْ أَفْضَاهَا أَوْ مَاتَتْ] رَجُلٌ جَامَعَ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَمَاتَتْ إنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَتَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ جَامَعَ امْرَأَتَهُ، وَمِثْلُهَا يُجَامَعُ فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ فَذَهَبَتْ مِنْهَا عَيْنٌ، أَوْ أَفْضَاهَا، أَوْ مَاتَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَضْمَنُ فِي هَذَا كُلِّهِ إلَّا الْإِفْضَاءَ وَالْقَتْلَ مِنْ الْجِمَاعِ قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِيمَا حَكَاهُ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. عَنْ الْفَقِيهِ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ إذَا دَفَعَ أَجْنَبِيَّةً فَسَقَطَتْ وَذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا فَعَلَى الدَّافِعِ مَهْرُ مِثْلِهَا، وَالتَّعْزِيرُ، وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ أَنَّ عَلَيْهِ الصَّدَاقَ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ دَفَعَ امْرَأَتَهُ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَلَوْ دَفَعَ امْرَأَةَ الْغَيْرِ وَذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَدَخَلَ بِهَا وَجَبَ لَهَا مَهْرَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ] (فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ) مَوْضِعُ الشَّجَّةِ الرَّأْسُ وَالْوَجْهُ إلَى الذَّقَنِ وَتَحْتَ الذَّقَنِ لَيْسَ مَوْضِعَ الشَّجَّةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَاللَّحْيَانِ مِنْ الْوَجْهِ عِنْدَنَا هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ (الشِّجَاجُ عَشَرَةٌ) الْحَارِصَةُ وَهِيَ الَّتِي تَحْرِصُ الْجِلْدَ أَيْ تَخْدِشُهُ وَلَا تُخْرِجُ الدَّمَ وَالدَّامِعَةُ وَهِيَ الَّتِي تُظْهِرُ الدَّمَ وَلَا تُسِيلُهُ كَالدَّمْعِ فِي الْعَيْنِ وَالدَّامِيَةُ وَهِيَ الَّتِي تُسِيلُ الدَّمَ وَالْبَاضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي تَبْضَعُ الْجِلْدَ أَيْ تَقْطَعُهُ وَالْمُتَلَاحِمَةُ وَهِيَ الَّتِي تَأْخُذُ فِي اللَّحْمِ وَالسِّمْحَاقُ وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إلَى السِّمْحَاقِ وَهِيَ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ بَيْنَ اللَّحْمِ وَعَظْمِ الرَّأْسِ وَالْمُوضِحَةُ وَهِيَ الَّتِي تُوَضِّحُ الْعَظْمَ أَيْ تُبَيِّنُهُ وَالْهَاشِمَةُ وَهِيَ الَّتِي تَكْسِرُ الْعَظْمَ وَالْمُنَقِّلَةُ وَهِيَ الَّتِي تُنَقِّلُ الْعَظْمَ بَعْدَ الْكَسْرِ أَيْ تُحَوِّلُهُ وَالْآمَّةُ وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إلَى أُمِّ الرَّأْسِ وَهُوَ الَّذِي فِيهِ الدِّمَاغُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ الْجَائِفَةُ الَّتِي تَخْرِقُ الْجِلْدَةَ وَتَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعِيشُ مِنْهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا قِصَاصَ فِي غَيْرِ الْمُوضِحَةِ وَهَذَا رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ

وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ، وَفِي الْوَاضِحَةِ الْقِصَاصُ إنْ كَانَ عَمْدًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَمَا فَوْقَهَا مِنْ الشِّجَاجِ لَا قِصَاصَ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَفِي كُلِّ مَا ذُكِرَ مِنْ الشِّجَاجِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فَحُكْمُهَا عَمْدًا، وَحُكْمُ الْخَطَأِ سَوَاءٌ فَيَجِبُ فِيهَا إذَا كَانَتْ عَمْدًا مَا يَجِبُ فِيهَا إذَا كَانَتْ خَطَأً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْمُوضِحَةِ إنْ كَانَتْ خَطَأً نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَفِي الْهَاشِمَةِ عُشْرُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ عُشْرُ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَفِي الْآمَّةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، فَإِنْ نَفَذَتْ فَهُمَا جَائِفَتَانِ فَفِيهِمَا ثُلُثُ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي هَذَا كُلِّهِ إذَا بَرَأَ، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ لَا يَجِبُ شَيْءٌ إلَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ قَالَ: يَجِبُ مِقْدَارُ مَا أَنْفَقَ إلَى أَنْ يَبْرَأَ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. شَجَّ رَجُلًا مُنَقِّلَةً فَبَرَأَتْ وَبَقِيَ شَيْءٌ مِنْ أَثَرِهَا بَعْدَ الْبَرْءِ، وَإِنْ قَلَّ فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْمُنَقِّلَةِ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ إذَا وَجَبَ لَا يَسْقُطُ إلَّا إذَا زَالَ وُجُوبُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِيمَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ الشِّجَاجُ السِّتُّ إذَا كَانَتْ خَطَأً حُكُومَةُ الْعَدْلِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ حُكُومَةِ الْعَدْلِ فَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: السَّبِيلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَوَّمَ لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا بِدُونِ هَذَا الْأَثَرِ، وَيُقَوَّمَ مَعَ هَذَا الْأَثَرِ ثُمَّ يُنْظَرَ إلَى تَفَاوُتِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ نِصْفَ عُشْرِ الْقِيمَةِ يَجِبُ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ رُبُعِ الْعُشْرِ يَجِبُ رُبُعُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا تَكُونُ الْآمَّةُ إلَّا فِي الرَّأْسِ، أَوْ فِي الْوَجْهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَخْلُصُ مِنْهُ إلَى الدِّمَاغِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ طَعَنَ رَجُلًا فِي أُذُنِهِ فَخَرَجَ مِنْ الْأُخْرَى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَإِنْ طَعَنَ فِي فِيهِ فَخَرَجَ مِنْ دِمَاغِهِ حَتَّى نَفَذَتْ مِنْ الْفَمِ إلَى الدِّمَاغِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَمِنْ الدِّمَاغِ إذَا نَفَذَتْ إلَى الْفَرْقِ فَفِيهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَلَوْ رَمَى الزُّجَّ أَوْ السَّهْمَ فِي عَيْنِهِ، وَأَنْفَذَهَا فِي قَفَاهُ فَفِي عَيْنِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الْبَاقِي حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَإِنْ أَصَابَ الدِّمَاغَ، وَنَفَذَتْ فَعَلَيْهِ فِي الْعَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَمِنْهَا إلَى أَنْ تَصِلَ الدِّمَاغَ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَفِي الدِّمَاغِ حَتَّى نَفَذَتْ إلَى الْفَرْقِ ثُلُثُ الدِّيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْجِرَاحَاتُ الَّتِي فِي غَيْرِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ فَفِيهَا حُكُومَةٌ إذَا أَوْضَحَتْ الْعَظْمَ، أَوْ كَسَرَتْهُ إذَا بَقِيَ لَهَا أَثَرٌ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِلْجِرَاحَةِ أَثَرٌ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَلْزَمُهُ قِيمَةُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَبْرَأَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْجَائِفَةُ مَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ مِنْ الْبَطْنِ أَوْ الظَّهْرِ أَوْ الصَّدْرِ أَوْ مَا يَتَوَصَّلُ مِنْ الرَّقَبَةِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي إذَا وَصَلَ إلَيْهِ الشَّرَابُ كَانَ مُفْطِرًا فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِفَةٌ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِجَائِفَةٍ وَلَا يَكُونُ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْفَخِذِ وَالْفَمِ وَالرَّأْسِ جَائِفَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ بَيْنَ الْأُنْثَيَيْنِ وَالذَّكَرِ حَتَّى تَصِلَ إلَى الْجَوْفِ فَهِيَ جَائِفَةٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَقِصَاصُ الشَّجَّةِ يُسْتَوْفَى عَلَى مِسَاحَةِ الشَّجَّةِ فِي طُولِهَا وَعَرْضِهَا، فَإِذَا كَانَتْ فِي مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، أَوْ فِي مُؤَخَّرِهِ، أَوْ وَسَطِهِ أَوْ جَنْبَيْهِ فَعَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فِي الشَّاجِّ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِالرَّأْسِ وَلَوْ شَجَّهُ مُوضِحَةً فَأَخَذَتْ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الْمَشْجُوجِ، وَهِيَ لَا تَأْخُذُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّاجِّ خُيِّرَ الْمَشْجُوجُ إنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَبَدَأَ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ شَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ مِقْدَارَ طُولِ الْأُولَى إلَى حَيْثُ يَبْلُغُ ثُمَّ يَكُفُّ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ، وَإِنْ كَانَتْ أَخَذَتْ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّاجِّ أَيْضًا وَيُفَضَّلُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ، وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّاجِّ، وَلَا يَزِيدُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي طُولِ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ، وَهِيَ تَأْخُذُ مِنْ جَبْهَةِ الشَّاجِّ إلَى قَفَاهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ، وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ إلَى مِثْلِ مَوْضِعِهَا مِنْ رَأْسِهِ، وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جَبْهَةِ الْمَشْجُوجِ إلَى قَفَاهُ، وَلَمْ يَبْلُغْ مِنْ الشَّاجِّ إلَّا إلَى نِصْفِ ذَلِكَ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ، وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ مِقْدَارَ شَجَّتِهِ إلَى حَيْثُ يَبْلُغُ وَيَبْدَأُ مِنْ أَيِّ الْجَانِبَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ. شَجَّهُ عِشْرِينَ مُوضِحَةً إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ الْبَرْءُ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَإِنْ تَخَلَّلَ الْبَرْءُ يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ كَذَا فِي الْكَافِي فِي بَابِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَمَنْ شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً فَذَهَبَ عَقْلُهُ أَوْ شَعْرُ جَمِيعِ رَأْسِهِ فَلَمْ يَنْبُتْ دَخَلَ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي الدِّيَةِ، وَلَمْ يَدْخُلْ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ، وَإِنْ تَنَاثَرَ بَعْضُ الشَّعْرِ أَوْ شَيْءٌ يَسِيرٌ مِنْهُ فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ، وَدَخَلَ فِيهِ الشَّعْرُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْبُتْ شَعْرُ رَأْسِهِ

الباب التاسع في الأمر بالجناية ومسائل الصبيان وما يناسبها

أَمَّا إذَا نَبَتَ، وَرَجَعَ كَمَا كَانَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ شَجَّ رَجُلًا فِي حَاجِبِهِ مُوضِحَةً خَطَأً وَسَقَطَ فَلَمْ يَنْبُتْ كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَدَخَلَ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ ذَهَبَ سَمْعُهُ، أَوْ بَصَرُهُ أَوْ كَلَامُهُ فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ مَعَ الدِّيَةِ قَالُوا: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الشَّجَّةَ تَدْخُلُ فِي دِيَةِ السَّمْعِ وَالْكَلَامِ، وَلَا تَدْخُلُ فِي دِيَةِ الْبَصَرِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً عَمْدًا، فَذَهَبَتْ عَيْنَاهُ فَلَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِيهِمَا وَقَالَا فِي الْمُوضِحَةِ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ فِي الْبَصَرِ، وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْمُوضِحَةِ وَالْعَيْنَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ أَصْلَعُ ذَهَبَ شَعْرُهُ مِنْ كِبَرٍ فَشَجَّهُ مُوضِحَةً إنْسَانٌ مُتَعَمِّدًا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُقْتَصُّ، وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ، وَإِنْ قَالَ الشَّاجُّ: رَضِيتُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنِّي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الشَّاجُّ أَيْضًا أَصْلَعَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ مُوضِحَةُ الْأَصْلَعِ أَنْقَصُ مِنْ مُوضِحَةِ غَيْرِهِ فَكَانَ الْأَرْشُ أَنْقَصَ أَيْضًا، وَفِي الْهَاشِمَةِ يَسْتَوِيَانِ، وَفِي الْمُنْتَقَى شَجَّ رَجُلًا أَصْلَعَ مُوضِحَةً خَطَأً فَعَلَيْهِ لِلشَّجَّةِ أَرْشٌ دُونَ الْمُوضِحَةِ فِي مَالِهِ، وَإِنْ شَجَّهُ هَاشِمَةً فَفِيهَا أَرْشٌ دُونَ أَرْشِ الْهَاشِمَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب التَّاسِع فِي الْأَمْر بِالْجِنَايَةِ وَمَسَائِلِ الصِّبْيَانِ وَمَا يُنَاسِبُهَا] (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْأَمْرِ بِالْجِنَايَةِ وَمَسَائِلِ الصِّبْيَانِ، وَمَا يُنَاسِبُهَا) رَجُلٌ أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ بِسَيْفٍ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، وَلَا تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ، أَوْ يَفْقَأَ عَيْنَهُ فَفَعَلَ فَلَا ضَمَانَ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اقْطَعْ يَدَيَّ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي هَذَا الثَّوْبَ، أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فَفَعَلَ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ: بِعْتُ دَمِي مِنْكَ بِفَلْسٍ فَقَتَلَهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: اُقْتُلْ ابْنِي، أَوْ اقْطَعْ يَدَ ابْنِي، وَهُوَ صَغِيرٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: أَسْتَحْسِنُ فِي ذَلِكَ، وَأُغَرِّمُهُ الدِّيَةَ، وَلَوْ قَالَ: اُقْتُلْ عَبْدِي، أَوْ اقْطَعْ يَدَهُ فَفَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْ أَخِي فَقَتَلَهُ، وَالْآمِرُ وَارِثُهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَسْتَحْسِنُ أَنْ آخُذَ الدِّيَةَ مِنْ الْقَاتِلِ، وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشُجَّهُ فَشَجَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ كَانَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: اُقْتُلْ أَبِي فَقَتَلَهُ فَعَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ لِابْنِهِ، وَلَوْ قَالَ: اقْطَعْ يَدَ أَبِي فَقَطَعَهُ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ اُقْتُلْ نَفْسَكَ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: اجْنِ عَلَيَّ فَرَمَاهُ بِحَجَرٍ فَجَرَحَهُ جَرْحًا يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهِ، وَيُسَمَّى جَانِيًا، وَلَا يُسَمَّى قَاتِلًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي، وَإِنْ جَرَحَهُ جَرْحًا لَا يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهِ فَهَذَا قَاتِلٌ، وَلَا يُسَمَّى جَانِيًا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَلَوْ قَالَ: اجْنِ عَلَيَّ فَقَتَلَهُ بِالسَّيْفِ لَمْ أَقْتَصَّ مِنْهُ وَجَعَلْتُ عَلَيْهِ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَمَرَ صَبِيٌّ صَبِيًّا بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ، وَلَا تَرْجِعُ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ عَبْدًا يَرْجِعُ مَوْلَى الْعَبْدِ بِمَا دَفَعَ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. رَجُلٌ أَمَرَ صَبِيًّا بِقَتْلِ رَجُلٍ فَقَتَلَهُ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، وَتَرْجِعُ عَاقِلَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ عَبْدًا مَحْجُورًا صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا يُخَيَّرُ مَوْلَاهُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَأَيًّا مَا اخْتَارَ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ عَلَى الْآمِرِ فِي مَالِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ وَلَوْ أَمَرَ بَالِغٌ بَالِغًا بِذَلِكَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَمَرَ صَبِيًّا بِقَتْلِ دَابَّةِ إنْسَانٍ، أَوْ بِخَرْقِ ثَوْبِهِ، أَوْ بِأَكْلِ طَعَامِهِ فَفَعَلَ فَضَمَانُهُ عَلَى الصَّبِيِّ فِي مَالِهِ، وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ، وَلَوْ أَمَرَ الصَّبِيُّ بَالِغًا بِذَلِكَ فَفَعَلَ لَمْ يَضْمَنْ الصَّبِيُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا مَأْذُونًا أَمَرَ صَبِيًّا بِتَخْرِيقِ

ثَوْبِ إنْسَانٍ، أَوْ أَرْسَلَ صَبِيًّا فِي حَاجَتِهِ فَعَطِبَ الصَّبِيُّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَضْمَنُ الْآمِرُ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِقَتْلِ رَجُلٍ فَفَعَلَ لَا يَضْمَنُ الْآمِرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. عَبْدٌ مَأْذُونٌ صَغِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ أَمَرَ عَبْدًا مَحْجُورًا، أَوْ مَأْذُونًا صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا بِقَتْلِ رَجُلٍ فَقَتَلَهُ وَخُيِّرَ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ فِي رَقَبَةِ الْآمِرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ عَبْدًا مَحْجُورًا، وَالْمَأْمُورُ كَذَلِكَ، وَاخْتَارَ مَوْلَى الْقَاتِلِ الدَّفْعَ أَوْ الْفِدَاءَ لَا يَرْجِعُ عَلَى مَوْلَى الْآمِرِ فِي الْحَالِ، وَلَكِنْ يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ صَغِيرًا هَاهُنَا لَا يُؤَاخَذُ بَعْدَ الْعِتْقِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ حُرًّا صَغِيرًا وَالْآمِرُ عَبْدًا مَحْجُورًا تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، وَلَا يَرْجِعُونَ عَلَى مَوْلَى الْعَبْدِ لَا فِي الْحَالِ، وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. مُكَاتَبٌ صَغِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ أَمَرَ عَبْدًا مَحْجُورًا، أَوْ مَأْذُونًا صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا بِقَتْلِ رَجُلٍ وَقَتَلَ وَدَفَعَهُ مَوْلَاهُ، أَوْ فَدَاهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةً، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَانَ لِمَوْلَى الْقَاتِلِ أَنْ يَتَّبِعَ مَوْلَى الْمُكَاتَبِ، وَيُطَالِبَهُ بِبَيْعِهِ، وَإِنْ أُعْتِقَ بَعْدَ مَا عَجَزَ، أَوْ قَبْلَ الْعَجْزِ، فَإِنْ شَاءَ مَوْلَى الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ اتَّبَعَ الْمُعْتِقَ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ عَبْدِهِ، وَمِنْ قِيمَةِ الْمُعْتَقِ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمُعْتِقَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ مُكَاتَبًا صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا، وَالْمَأْمُورُ صَبِيٌّ حُرٌّ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَتَرْجِعُ عَاقِلَتُهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا حُكْمُ جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ، فَإِنْ كَانَ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِقِيمَتِهِ لِلْعَاقِلَةِ بَطَلَ حَقُّ الْعَاقِلَةِ عَنْ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ كَانَ عَجَزَ بَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لِلْعَاقِلَةِ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَطَلَ حَقُّهُمْ عَنْهُ فِي الْحَالِ، وَتَأَخَّرَ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَبْطُلُ وَيُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَأَدَّى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَمَا أَدَّى يُسَلَّمُ لِعَاقِلَةِ الْقَاتِلِ، وَمَا لَمْ يُؤَدِّ بَطَلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمْ لَا يَبْطُلُ لَكِنْ يُبَاعُ بِمَا بَقِيَ مِنْ دِيَتِهِمْ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُمْ الْمَوْلَى كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ الْعَجْزِ وَبَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ فَعَاقِلَةُ الْقَاتِلِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لَا غَيْرُ، وَيَرْجِعُونَ بِالْبَاقِي عَلَى الْمُعْتَقِ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْعَبْدَ، وَمَا ذُكِرَ أَنَّ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْمَوْلَى، أَوْ الْعَبْدَ قَوْلُهُمَا فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَيْسَ لَهُمْ تَضْمِينُ الْمَوْلَى؛ إذْ لَيْسَ لَهُمْ تَضْمِينُ الْعَبْدِ لِلْحَالِ فَالْمَوْلَى مَا أَعْتَقَ عَبْدًا مَدْيُونًا فَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ لَمْ يَعْجِزْ، وَلَكِنَّهُ أَدَّى فَعَتَقَ، وَكَانَ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ، أَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَالْعَاقِلَةُ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ حَالَّةً إلَّا أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ بِحَسَبِ أَدَائِهِمْ، وَهُمْ يُؤَدُّونَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَيَرْجِعُونَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى بِثُلُثِ الْقِيمَةِ، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ بِثُلُثٍ آخَرَ، وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ بِثُلُثٍ آخَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ وَالْمَأْمُور مُكَاتَبَيْنِ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. رَجُلٌ أَمَرَ آخَرَ أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ سَوْطًا فَضَرَبَهُ سَوْطًا وَشَجَّهُ مُوضِحَةً، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَدْ بَطَلَ نِصْفُ الْجِنَايَةِ فِي النَّفْسِ، وَيَلْزَمُ الْجَانِيَ النِّصْفُ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَضْرِبَهُ سَوْطًا فَضَرَبَهُ سَوْطَيْنِ وَضَرَبَهُ الْمَوْلَى سَوْطًا ثُمَّ ضَرَبَهُ أَجْنَبِيٌّ سَوْطًا آخَرَ ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمَأْمُورِ أَرْشُ السَّوْطِ الثَّانِي مَضْرُوبًا سَوْطًا، وَسُدُسُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا أَرْبَعَةَ أَسْوَاطٍ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَرْشُ السَّوْطِ الرَّابِعِ مَضْرُوبًا ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ، وَثُلُثُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا بِأَرْبَعَةِ أَسْوَاطٍ، وَيَبْطُلُ مَا سِوَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ ضَرَبَهُ ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَأْمُورِ أَرْشَ السَّوْطِ الثَّالِثِ أَيْضًا، وَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ أَرْشُ السَّوْطِ الْخَامِسِ مَضْرُوبًا أَرْبَعَةَ أَسْوَاطٍ

وَثُلُثُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا خَمْسَةَ أَسْوَاطٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَمَرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَنْ يَضْرِبَهُ سَوْطًا فَضَرَبَهُ سَوْطًا ثُمَّ ضَرَبَهُ سَوْطَيْنِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الضَّارِبُ ثُمَّ ضَرَبَهُ سَوْطًا آخَرَ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَعَلَى الضَّارِبِ نِصْفُ أَرْشِ الثَّانِي مَضْرُوبًا سَوْطًا فِي مَالِهِ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا إنْ كَانَ مُوسِرًا لِشَرِيكِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ، وَعَلَيْهِ أَرْشُ السَّوْطِ الثَّالِثِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ فِي مَالِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ يَسْتَوْفِي مِنْهُ الْمُعْتِقُ نِصْفَ الْقِيمَةِ الَّتِي أَحَالَ الشَّرِيكُ، وَمَا بَقِيَ لِوَرَثَةِ الْعَبْدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ لَمْ يَرِثْ الْمُعْتِقُ مِنْ ذَلِكَ، وَوَرِثَهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ مِنْ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَعَلَى الضَّارِبِ نِصْفُ أَرْشِ السَّوْطِ الثَّانِي مَضْرُوبًا سَوْطًا فِي مَالِهِ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُ السَّوْطِ الثَّالِثِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ يَأْخُذُ الْمَوْلَى الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ مِنْ ذَلِكَ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَنِصْفُهُ لِلْمَوْلَى الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ، وَنِصْفُهُ لِعَصَبَةِ الْمُعْتِقِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اضْرِبْهُ سَوْطًا، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَهُ ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَعَلَى الضَّارِبِ نِصْفُ أَرْشِ السَّوْطِ الثَّانِي مَضْرُوبًا سَوْطًا فِي مَالِهِ، وَعَلَى الْمُعْتِقِ إنْ كَانَ مُوسِرًا لِشَرِيكِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ، وَعَلَى الضَّارِبِ أَرْشُ السَّوْطِ الثَّالِثِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَيَسْتَوْفِيهَا أَوْلِيَاءُ الْعَبْدِ، وَيَأْخُذُ الْمُعْتِقُ مِنْ ذَلِكَ مَا غَرِمَ، وَيَكُونُ الْبَاقِي لِوَرَثَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ فَلِلْحَالِفِ. وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الضَّارِبِ الضَّمَانُ كَمَا وَصَفْنَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إلَّا أَرْشَ السَّوْطِ الثَّالِثِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَيَكُونُ نِصْفُهُ فِي مَالِهِ وَنِصْفُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَيَأْخُذُ الضَّارِبُ مِنْ ذَلِكَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فَلِوَرَثَةِ الْعَبْدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، فَنِصْفُهُ لِلْمَوْلَى الْمُعْتِقِ، وَنِصْفُهُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الضَّارِبِ مِنْ الْعَصَبَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ثُمَّ ضَرَبَهُ الْآمِرُ سَوْطًا ثُمَّ ضَرَبَهُ الْأَجْنَبِيُّ سَوْطًا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَعَلَى الْمَأْمُورِ نِصْفُ أَرْشِ السَّوْطِ الثَّانِي مَضْرُوبًا سَوْطًا فِي مَالِهِ لِشَرِيكِهِ. وَعَلَى عَاقِلَةِ الْمَأْمُورِ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا أَرْشُ السَّوْطِ الثَّالِثِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ وَسُدُسُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا خَمْسَةَ أَسْوَاطٍ، وَعَلَى الْآمِرِ أَرْشُ السَّوْطِ الرَّابِعِ مَضْرُوبًا ثَلَاثَةَ أَسَوَاطٍ، وَثُلُثُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا خَمْسَةَ أَسَوَاطٍ فِي مَالِهِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَرْشُ السَّوْطِ الْخَامِسِ مَضْرُوبًا أَرْبَعَةَ أَسَوَاطٍ وَثُلُثُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا خَمْسَةَ أَسَوَاطٍ، وَيَكُونُ مَا أَخَذَ مِنْ عَاقِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَمِنْ الْآمِرِ، وَمِنْ الْمَأْمُورِ لِلْعَبْدِ. وَيَأْخُذُ الْمَأْمُورُ مِنْ الْآمِرِ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ، وَيَرْجِعُ الْآمِرُ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْعَبْدِ، وَمَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فَلِعَصَبَةِ الْمَوْلَى الْآمِرِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ عَصَبَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ مُعْسِرًا فَعَلَى الْمَأْمُورِ نِصْفُ أَرْشِ السَّوْطِ الثَّانِي فِي مَالِهِ، وَأَرْشُ السَّوْطِ الثَّالِثِ، وَسُدُسُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا خَمْسَةَ أَسَوَاطٍ نِصْفُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَنِصْفُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَعَلَى الْآمِرِ مَا قَدْ وَصَفْنَا إذَا كَانَ مُوسِرًا إلَّا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ مَا قَدْ وَصَفْنَا، وَيَأْخُذُ الْمَأْمُورُ مِنْ ذَلِكَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ مِيرَاثٌ لِعَصَبَةِ الْمَوْلَيَيْنِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. فِي الْعُيُونِ إذَا قَالَ لِرَجُلَيْنِ: اضْرِبَا مَمْلُوكِي هَذَا مِائَةَ سَوْطٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَضْرِبَ الْمِائَةَ كُلَّهَا، وَإِنْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَضَرَبَهُ الْآخَرُ سَوْطًا وَاحِدًا فَفِي الْقِيَاسِ يَضْمَنُ ضَارِبُ الْأَكْثَرِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ أَعْطَى صَبِيًّا سِلَاحًا لِيُمْسِكَهُ فَعَطِبَ الصَّبِيُّ بِذَلِكَ تَجِبُ دِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُعْطِي وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ: أَمْسِكْهُ لِي الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَضْمَنُ أَيْضًا، وَلَوْ دَفَعَ السِّلَاحَ إلَى الصَّبِيِّ فَقَتَلَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ لَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ: عَطِبَ الصَّبِيُّ أَنَّ الصَّبِيَّ قَتَلَ نَفْسَهُ فَإِنَّ هُنَاكَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعْطِي إنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ عَلَى بَعْضِ بَدَنِهِ وَعَطِبَ بِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ قَالَ لِصَبِيٍّ مَحْجُورٍ: اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ، وَانْفُضْ لِي ثِمَارَهَا فَصَعِدَ الصَّبِيُّ، وَسَقَطَ وَهَلَكَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ دِيَةُ الصَّبِيِّ

وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِحَمْلِ شَيْءٍ، أَوْ كَسْرِ حَطَبٍ، وَلَوْ قَالَ لِصَبِيٍّ: اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ، وَانْفُضْ الثِّمَارَ، وَلَمْ يَقُلْ لِي فَفَعَلَ الصَّبِيُّ ذَلِكَ، وَعَطِبَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ سَوَاءٌ قَالَ: اُنْفُضْ لِي الثَّمَرَ، أَوْ قَالَ: اُنْفُضْ وَلَمْ يَقُلْ لِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ: ارْتَقِ هَذِهِ الشَّجَرَةَ، وَانْفُضْ الثَّمَرَ لِتَأْكُلَهُ أَنْتَ فَفَعَلَ وَسَقَطَ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ قَالَ: حَتَّى آكُلَهُ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ضَمِنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَمَرَ عَبْدَ الْغَيْرِ بِكَسْرِ الْحَطَبِ، أَوْ بِعَمَلٍ آخَرَ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. رَجُلٌ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ، وَقَالَ لَهُ: أَمْسِكْهَا لِي، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُ سَبِيلٌ فَسَقَطَ عَنْ الدَّابَّةِ وَمَاتَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ دِيَتُهُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ مِمَّنْ يَرْكَبُ مِثْلُهُ، أَوْ لَا يَرْكَبُ، وَإِنْ سَيَّرَ الصَّبِيُّ الدَّابَّةَ فَأَوْطَأَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ، وَالصَّبِيُّ مُسْتَمْسِكٌ عَلَيْهَا فَدِيَةُ الْقَتِيلِ تَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، وَلَا شَيْءَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مِمَّنْ لَا يَسِيرُ عَلَى الدَّابَّةِ لِصِغَرٍ، وَلَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَدَمُ الْقَتِيلِ هَدَرٌ، وَإِنْ سَقَطَ عَنْ الدَّابَّةِ، وَالدَّابَّةُ تَسِيرُ فَمَاتَ الصَّبِيُّ كَانَتْ دِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى كُلُّ حَالٍ سَوَاءٌ سَقَطَ بَعْدَ مَا سَارَتْ الدَّابَّةُ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ، أَوْ لَا يَسْتَمْسِكُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا حَمَلَ الرَّجُلَ مَعَ الصَّبِيِّ عَلَى الدَّابَّةِ، وَمِثْلُهُ لَا يَضْرِبُ، وَلَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَوَطِئَتْ الدَّابَّةُ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ خَاصَّةً، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ يَضْرِبُ الدَّابَّةَ، وَيَسِيرُ عَلَيْهَا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا جَمِيعًا، وَيَرْجِعُ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِلسَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا حَمَلَ صَبِيًّا حُرًّا عَلَى دَابَّةٍ فَوَقَعَ الصَّبِيُّ مِنْهَا وَمَاتَ فَدِيَةُ الصَّبِيِّ تَكُونُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ يَدْفَعُهُ الْمُوَلَّى بِهَا، أَوْ يَفْدِي، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَعَ الصَّبِيِّ عَلَى الدَّابَّةِ فَسَارَا عَلَيْهَا فَوَطِئَتْ الدَّابَّةُ إنْسَانًا، وَمَاتَ فَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي عُنُقِ الْعَبْدِ نِصْفُهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا حَمَلَ الْحُرُّ الْكَبِيرُ الْعَبْدَ الصَّغِيرَ عَلَى الدَّابَّةِ، وَمِثْلُهُ يَضْرِبُهَا وَيَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ عَلَيْهَا فَأَوْطَأَ إنْسَانًا فَذَلِكَ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ يَدْفَعُهُ بِهِ مَوْلَاهُ، أَوْ يَفْدِيهِ، وَيَرْجِعُ مَوْلَاهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الْأَرْشِ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَوْ حَمَلَهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ لَا يَضْرِبُ الدَّابَّةَ، وَلَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَسَارَتْ الدَّابَّةُ فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً حَيْثُ أَوْقَفَهَا لَمْ يَصِرْ جَانِيًا حَتَّى لَوْ ضَرَبَتْ رَجُلًا بِيَدِهَا، أَوْ رِجْلِهَا، أَوْ كَدَمَتْهُ لَا شَيْءَ عَلَى الصَّبِيِّ فِيهِ، وَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي أَوْقَفَهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَوْقَفَهَا فِي مِلْكِهِ، فَحِينَئِذٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ رَأَى صَبِيًّا عَلَى حَائِطٍ، أَوْ شَجَرَةٍ فَصَاحَ بِهِ الرَّجُلُ، وَقَالَ: لَا تَقَعْ فَوَقَعَ الصَّبِيُّ وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ الرَّجُلُ الْقَائِلُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: قَعْ فَوَقَعَ الصَّبِيُّ وَمَاتَ يَضْمَنُ الْقَائِلُ دِيَتَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. صَبِيٌّ فِي يَدِ أَبِيهِ فَجَذَبَهُ إنْسَانٌ مِنْ يَدِهِ، وَالْأَبُ مُسْتَمْسِكٌ حَتَّى مَاتَ فَدِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى الْجَاذِبِ، وَيَرِثُ مِنْهُ الْأَبُ وَلَوْ جَذَبَا حَتَّى مَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا، وَلَا يَرِثُ الْأَبُ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. صَبِيٌّ مَاتَ فِي الْمَاءِ أَوْ سَقَطَ مِنْ السَّطْحِ فَمَاتَ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَحْفَظُ نَفْسَهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَحْفَظُ نَفْسَهُ فَعَلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ إنْ كَانَ فِي حِجْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَ فِي حِجْرِ أَحَدِهِمَا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ هَكَذَا عَنْ نُصَيْرٍ، وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ فِي الْوَالِدَيْنِ إذَا لَمْ يُتَعَاهَدْ الصَّبِيُّ حَتَّى سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ وَمَاتَ، أَوْ احْتَرَقَ بِالنَّارِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا إلَّا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ، وَاخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا، وَلَا عَلَى أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَسْقُطَ مِنْ يَدِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا اخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْأُمُّ إذَا تَرَكَتْ الصَّبِيَّ عِنْدَ الْأَبِ وَذَهَبَتْ، وَالصَّبِيُّ يَقْبَلُ ثَدْيَ غَيْرِهَا فَلَمْ يَأْخُذْ الْأَبُ لِلصَّبِيِّ ظِئْرًا حَتَّى مَاتَ جُوعًا فَالْأَبُ آثِمٌ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَالتَّوْبَةُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْبَلُ ثَدْيَ غَيْرِهَا، وَهِيَ تَعْلَمُ بِذَلِكَ فَالْإِثْمُ عَلَيْهَا فَهِيَ الَّتِي ضَيَّعَتْهُ، وَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ حَكَاهُ عَنْ نُصَيْرٍ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلِفَةً كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ حُمَّتْ، وَكَانَتْ جَالِسَةً إلَى جَنْبِ النَّارِ فَخَرَجَتْ الْأُمُّ بَعْدَ خُرُوجِ الْأَبِ إلَى بَعْضِ الْجِيرَانِ فَاحْتَرَقَتْ الصَّبِيَّةُ، فَمَاتَتْ لَا دِيَةَ عَلَى الْأُمِّ لَكِنْ إذَا كَانَ لَهَا مَالٌ يُعْجِبُنِي أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، وَإِلَّا صَامَتْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَتَكُونَ عَلَى تَأَسُّفٍ وَنَدَامَةٍ وَاسْتِغْفَارٍ لَعَلَّ اللَّهَ

الباب العاشر في الجنين

يَعْفُو عَنْهَا، وَهَذَا اسْتِحْبَابٌ وَالْكَلَامُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مَا مَرَّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْأَصْلِ إذَا غَصَبَ الرَّجُلُ صَبِيًّا حُرًّا، وَذَهَبَ بِهِ فَمَاتَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ مَاتَ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ وَالتَّحَفُّظُ عَنْهُ بِأَنْ أَصَابَتْهُ حُمَّى، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا إنْ مَاتَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ وَالتَّحَفُّظُ عَنْهُ بِأَنْ قُتِلَ، أَوْ أَصَابَهُ حَجَرٌ، أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ حَائِطٌ، أَوْ نَزَلَتْ صَاعِقَةٌ مِنْ السَّمَاءِ فَأَصَابَتْهُ فَقَتَلَتْهُ، أَوْ نَهَشَتْهُ حَيَّةٌ، أَوْ أَكَلَهُ سَبُعٌ، أَوْ تَرَدَّى مِنْ حَائِطٍ، أَوْ جَبَلٍ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ، وَفِي الْعَبْدِ يَضْمَنُ مَاتَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، أَوْ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا وَقَرَّبَهُ إلَى الْمَهَالِكِ فَهَلَكَ كَانَ عَلَيْهِ دِيَتُهُ إنْ كَانَ حُرًّا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا قَتَلَ الصَّبِيُّ الْمَغْصُوبُ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ عَلَى الَّذِي اغْتَصَبَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ، وَإِذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ عَبْدًا فَقَتَلَهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْقِيمَةُ، وَإِنْ أَوُدِعَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَعَلَى هَذَا إذَا أَوْدَعَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ مَالًا فَاسْتَهْلَكَهُ لَا يُؤَاخَذُ بِالضَّمَانِ فِي الْحَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْإِقْرَاضُ وَالْإِعَارَةُ وَالْبَيْعُ وَالتَّسْلِيمُ فِي الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ، وَالْخِلَافُ فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي الصَّحِيحِ حَتَّى يَضْمَنَ غَيْرُ الْعَاقِلِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ مَالًا مِنْ غَيْرِ إيدَاعٍ ضَمِنَ كَذَا فِي الْكَافِي. الْأَبُ إذَا ضَرَبَ الِابْنَ فِي أَدَبٍ، أَوْ الْوَصِيُّ ضَرَبَ الْيَتِيمَ فَمَاتَ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ ضَرَبَهُ الْمُعَلِّمُ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ. زَوْجٌ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ فِي أَدَبٍ فَمَاتَتْ ضَمِنَ، وَعَلَى الْأَبِ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ، وَعَلَى الْمُؤَدِّبِ الْكَفَّارَةُ دُونَ الدِّيَةِ، وَعَلَى الزَّوْجِ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ جَمِيعًا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. وَالْوَالِدَةُ إذَا ضَرَبَتْ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ لِلتَّأْدِيبِ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا تَضْمَنُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِمَا بَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا تَضْمَنُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: هِيَ ضَامِنَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ضَرَبَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْوَالِدُ دِيَتَهُ، وَلَا يَرِثُهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرِثُ الْوَالِدُ، وَلَا يَضْمَنُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْحَجَّامُ، أَوْ الْفَصَّادُ أَوْ الْبَزَّاغُ، أَوْ الْخَتَّانُ إذَا حَجَمَ، أَوْ فَصَدَ أَوْ بَزَغَ، أَوْ خَتَنَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَسَرَى إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ الْبَزَّاغُ، أَوْ الْفَصَّادُ، أَوْ الْحَجَّامُ إذَا بَزَغَ، أَوْ فَصَدَ، أَوْ حَجَمَ وَكَانَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فِي الْعَبْدِ، أَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فِي الصَّبِيِّ وَسَرَى إلَى النَّفْسِ، وَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الْخَتَّانُ فِي هَذَا فَهَؤُلَاءِ لَا يَضْمَنُونَ السِّرَايَةَ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَنَّ خَتَّانًا خَتَنَ صَبِيًّا بِأَمْرِ وَالِدِهِ فَجَرَتْ الْحَدِيدَةُ فَقَطَعَتْ الْحَشَفَةَ فَمَاتَ الصَّبِيُّ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْخَتَّانِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ عَاشَ الصَّبِيُّ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْخَتَّانِ كَمَالُ الدِّيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا قُطِعَتْ الْحَشَفَةُ وَمَاتَ أَنَّهُ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ إنْ مَاتَ، وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي جِنَايَاتِ الْعَتَاقِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْجَنِينِ] (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْجَنِينِ) إذَا ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ حَامِلٍ مُسْلِمَةٍ، أَوْ كَافِرَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا حُرًّا ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْغُرَّةُ وَهِيَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ فَرَسٌ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيَكُونُ مَوْرُوثًا عَنْ الْوَلَدِ وَلَوْ كَانَ الضَّارِبُ وَارِثًا لَمْ يَرِثْ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَإِنْ أَلْقَتْ مَيِّتَيْنِ فَغُرَّتَانِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالْجَنِينُ الَّذِي قَدْ اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ كَالظُّفْرِ وَالشَّعْرِ بِمَنْزِلَةِ الْجَنِينِ التَّامِّ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ خَرَجَ الْجَنِينُ بَعْدَ الضَّرْبَةِ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَالْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إنْ أَلْقَتْ مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ

بِقَتْلِ الْأُمِّ وَغُرَّةٌ بِإِلْقَائِهَا، وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ مِنْ الضَّرْبَةِ ثُمَّ خَرَجَ الْجَنِينُ بَعْدَ ذَلِكَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ فِي الْأُمِّ وَدِيَةٌ فِي الْجَنِينِ، وَإِنْ مَاتَتْ ثُمَّ أَلْقَتْ مَيِّتًا فَعَلَيْهِ دِيَةٌ فِي الْأُمِّ، وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا خَرَجَ رَأْسُ الْوَلَدِ وَصَاحَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَذَبَحَهُ فَعَلَيْهِ الْغُرَّةُ؛ لِأَنَّهُ جَنِينٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَيِّتٌ، وَالْآخَرُ حَيٌّ فَمَاتَ الْحَيُّ بَعْدَ الِانْفِصَالِ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ عَلَى الضَّارِبِ فِي الْمَيِّتِ مِنْهُمَا الْغُرَّةُ، وَفِي الْحَيِّ الدِّيَةُ كَامِلَةً كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَتِهِ فَأَلْقَتْ جَنِينًا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ أَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِلرَّجُلِ الضَّارِبِ بَنُونَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ غَيْرُ هَذَا الَّذِي وَلَدَتْ عِنْدَ الضَّرْبَةِ، وَلَهَا إخْوَةٌ مِنْ أَبِيهَا وَأُمِّهَا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ دِيَةُ الْوَلَدِ الَّذِي وَقَعَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ تَرِثُ مِنْ ذَلِكَ أُمُّهُ السُّدُسَ، وَمَا بَقِيَ فَلِإِخْوَةِ هَذَا الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ، وَعَلَى الْأَبِ كَفَّارَتَانِ كَفَّارَةٌ فِي الْوَلَدِ الْوَاقِعِ حَيًّا، وَكَفَّارَةٌ فِي أُمِّهِ، وَأَمَّا الْوَلَدُ الَّذِي سَقَطَ مَيِّتًا، فَإِنَّ فِيهِ غُرَّةً عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ خَمْسَمِائَةٍ، وَيَكُونُ لِلْأُمِّ مِنْ ذَلِكَ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِلْوَلَدِ الَّذِي وَقَعَ حَيًّا؛ لِأَنَّ الْغُرَّةَ إنَّمَا وَجَبَتْ بِالضَّرْبَةِ، وَهُوَ حَيٌّ حِينَئِذٍ، وَتَرِثُ الْأُمُّ مِنْ ذَلِكَ السُّدُسَ أَيْضًا، وَيَصِيرُ مَا وَرِثَتْهُ الْأُمُّ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ لِإِخْوَتِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا جَنِينَانِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِهَا وَخَرَجَ الْآخَرُ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَهُمَا مَيِّتَانِ فَفِي الَّذِي خَرَجَ قَبْلَ مَوْتِهَا خَمْسُمِائَةٍ، وَلَيْسَ فِي الَّذِي خَرَجَ بَعْدَ مَوْتِهَا شَيْءٌ ثُمَّ الَّذِي خَرَجَ قَبْلَ مَوْتِهَا مَيِّتًا لَا يَرِثُ مِنْ دِيَةِ أُمِّهِ، وَلَهَا مِيرَاثُهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي خَرَجَ بَعْدَ مَوْتِهَا خَرَجَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَلَهُ مِيرَاثُهُ مِنْ دِيَةِ أُمِّهِ، وَمِمَّا وَرِثَتْ أُمُّهُ مِنْ أَخِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَخِيهِ أَبٌ حَيٌّ فَلَهُ مِيرَاثُهُ مِنْ أَخِيهِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا ضَرَبَ بَطْنَ أَمَةٍ، وَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَالْأُمُّ حَيَّةٌ يُنْظَرُ إنْ كَانَ هَذَا الْحَمْلُ حُرًّا، بِأَنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْمَوْلَى تَجِبُ الْغُرَّةُ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ كَانَ الْجَنِينُ رَقِيقًا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْهَيْئَةِ وَاللَّوْنِ الَّتِي انْفَصَلَ لَوْ كَانَ حَيًّا ثُمَّ إذَا ظَهَرَ قِيمَتُهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ ذَكَرًا يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى يَجِبُ عَلَيْهِ عُشْرُ قِيمَتِهَا وَلَوْ ضَاعَ الْجَنِينُ، وَلَمْ يُمَكَّنَا تَقْوِيمَهُ بِاعْتِبَارِ لَوْنِهِ وَهَيْئَتِهِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ حَيٌّ، وَوَقَعَ التَّنَازُعُ فِي قِيمَتِهِ بَيْنَ الضَّارِبِ وَمَوْلَى الْأَمَةِ الْمَضْرُوبَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الضَّارِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَا وَجَبَ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ فَهُوَ فِي مَالِ الضَّارِبِ يُؤْخَذُ مِنْهُ حَالًّا فِي سَاعَتِهِ رَوَاهُ الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا وَجَبَ فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الضَّارِبِ إلَى سَنَةٍ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ ضَرَبَ بَطْنَ أَمَةٍ، وَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، وَمَاتَتْ الْأُمُّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَى الضَّارِبِ قِيمَةُ الْأُمِّ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الذَّخِيرَة وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ أَمَةٍ فَأَعْتَقَ الْمَوْلَى مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ أَلْقَتْ جَنِينًا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ قِيمَتُهُ حَيًّا، وَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا بَاعَ الْأَمَةَ بَعْدَ الضَّرْبِ ثُمَّ أَلْقَتْهُ فَالْغُرَّةُ لِلْبَائِعِ، وَإِذَا كَانَ الْأَبُ عَبْدًا وَقْتَ الضَّرْبِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ خَرَجَ الْجَنِينُ فَلَا شَيْءَ لِلْأَبِ؛ إذْ الْمُعْتَبَرُ حَالُ الْجَنِينِ وَقْتَ الضَّرْبِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ ثُمَّ ضَرَبَ رَجُلٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، وَلَهُ أَبٌ حُرٌّ فَعَلَى الضَّارِبِ مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ، وَذَلِكَ الْغُرَّةُ، وَهِيَ لِلْأَبِ دُونَ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا عَتَقَ أَبُو الْجَنِينِ، أَوْ أُمُّهُ قَبْلَ الضَّرْبِ فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ الْمَوْلَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِأَمَتِهِ الْحُبْلَى: أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي بَطْنِكَ حُرٌّ ثُمَّ مَاتَ فَضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينَيْنِ مَيِّتَيْنِ: غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَى الْجَانِي فِي الْغُلَامِ نِصْفُ غُرَّةٍ، وَذَلِكَ نِصْفُ خَمْسِمِائَةٍ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا فِي الْغُلَامِ رُبُعُ عُشْرِ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، وَعَلَيْهِ فِي الْجَارِيَةِ نِصْفُ خَمْسِمِائَةٍ، وَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْمَرْأَةُ إذَا ضَرَبَتْ بَطْنَ نَفْسِهَا، أَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً لِتَطْرَحَ الْوَلَدَ مُتَعَمِّدَةً، أَوْ عَالَجَتْ فَرْجَهَا حَتَّى سَقَطَ الْوَلَدُ ضَمِنَ عَاقِلَتُهَا الْغُرَّةَ إنْ فَعَلَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ، وَإِنْ فَعَلَتْ بِإِذْنِهِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْكَافِي. امْرَأَةٌ شَرِبَتْ دَوَاءً، وَلَمْ تَتَعَمَّدْ بِهِ إسْقَاطَ الْوَلَدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ سُئِلَ عَنْ مُخْتَلِعَةٍ، وَهِيَ حَامِلٌ احْتَالَتْ

الباب الحادي عشر في جناية الحائط والجناح والكنيف

لِإِسْقَاطِ الْعِدَّةِ بِإِسْقَاطِ الْوَلَدِ قَالَ: إنْ أَسْقَطَتْ بِفِعْلِهَا وَجَبَتْ عَلَيْهَا غُرَّةٌ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفٍ وَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ ضَرَبَتْ بَطْنَهَا مُتَعَمِّدَةً، أَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً لِتَطْرَحَ الْوَلَدَ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ الْجَارِيَةُ فَالْقَاضِي يَقْضِي لِلْمُسْتَحِقِّ بِالْجَارِيَةِ وَبِعُقْرِهَا، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ: إنَّ أَمَتَكَ قَتَلَتْ وَلَدَهَا، وَهُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ الْمَغْرُورِ، وَالْجَنِينُ الْحُرُّ مَضْمُونٌ بِالْغُرَّةِ، فَإِذَا دَفَعَ بِهَا، أَوْ فَدَى يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: لَمَّا أَخَذْتَ الْغُرَّةَ، فَقَدْ سُلِّمَ لَكَ شَيْءٌ مِنْ بَدَلِ الْوَلَدِ، وَلَوْ سُلِّمَ لَكَ الْوَلَدُ أَوْ قِيمَتُهُ الدِّيَةَ بِأَنْ كَانَ حَيًّا لَزِمَكَ الْقِيمَةُ بِتَمَامِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ، فَإِذَا سُلِّمَتْ لَكَ الْغُرَّةُ، وَهِيَ خَمْسُمِائَةٍ وَجَبَ أَنْ تَغْرَمَ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَالْوَلَدُ الْحُرُّ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ إنْ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ خَمْسَةُ آلَافٍ إنْ كَانَ أُنْثَى وَخَمْسُمِائَةٍ مِنْ دِيَةِ الْغُلَامِ نِصْفُ عُشْرِهَا مِنْ دِيَةِ الْأُنْثَى عُشْرُهَا فَتَغْرَمُ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَالْمُسْتَحِقُّ إذَا دَفَعَ، أَوْ فَدَى يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ إنْ شَاءَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ فَالْبَائِعُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا غَرِمَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ بِحُكْمِ الْغُرُورِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. وَإِذَا اشْتَرَى أَمَةً حَامِلًا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ ضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَمَةَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَاتَّبَعَ الْجَانِيَ بِأَرْشِ الْجَنِينِ أَرْشٍ حُرٍّ، وَيَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ فِي الْأَمَةِ، وَلَزِمَهُ الْوَلَدُ بِحِصَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ لِلْجَنِينِ أَبٌ حُرٌّ، أَوْ وَارِثٌ آخَرُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَوْلَى الْعَتَاقَةِ فَأَرْشُ الْجَنِينِ لَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ضَرَبَ رَجُلٌ بَطْنَ حَامِلٍ بِسِكِّينٍ فَأَصَابَ يَدَ الْوَلَدِ فِي بَطْنِهَا فَقَطَعَهَا ثُمَّ وَلَدَتْهُ حَيًّا فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الْحَادِي عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْحَائِطِ وَالْجَنَاحِ وَالْكَنِيفِ] (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْحَائِطِ وَالْجَنَاحِ وَالْكَنِيفِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا يُحْدِثُهُ الْإِنْسَانُ فِي الطَّرِيقِ، وَمَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْحَائِطَ الْمَائِلَ إنْ بَنَاهُ صَاحِبُهُ مَائِلًا فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ سَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ أَوْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ إلَيْهِ بِالنَّقْضِ، أَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ، وَإِنْ كَانَ بَنَاهُ غَيْرَ مَائِلٍ ثُمَّ مَالَ بِمُرُورِ الزَّمَانِ ثُمَّ سَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ، أَوْ سَقَطَ عَلَى مَالٍ فَأَتْلَفَهُ هَلْ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ؟ إنْ سَقَطَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ إلَيْهِ بِالنَّقْضِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا إذَا سَقَطَ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ إلَيْهِ بِالنَّقْضِ، وَتَمَكَّنَ مِنْ النَّقْضِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَنْقُضْ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَضْمَنَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَضْمَنُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ ثُمَّ مَا تَلِفَ بِهِ مِنْ النُّفُوسِ تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَمَا تَلِفَ بِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ فَضَمَانُهُ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالتَّقَدُّمُ إلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فِي الْحَائِطِ تَقَدُّمٌ فِي نَقْضِهِ حَتَّى لَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ، وَعَثَرَ بِنَقْضِهِ فَمَاتَ فَدِيَتُهُ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى أَصْحَابُ الْأَمَالِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ عَلَى رَجُلٍ وَقَتَلَهُ، أَوْ عَثَرَ رَجُلٌ بِنَقْضِ الْحَائِطِ وَمَاتَ ثُمَّ عَثَرَ رَجُلٌ بِالْقَتِيلِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِ الْحَائِطِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْحَائِطُ جَنَاحٌ أَخْرَجَهُ إلَى الطَّرِيقِ، فَوَقَعَ عَلَى الطَّرِيقِ فَعَثَرَ إنْسَانٌ بِنَقْضِهِ، وَمَاتَ وَعَثَرَ رَجُلٌ بِالْقَتِيلِ، وَمَاتَ أَيْضًا فَدِيَةُ الْقَتِيلَيْنِ جَمِيعًا عَلَى صَاحِبِ الْجَنَاحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالتَّقَدُّمُ إلَيْهِ صَحِيحٌ عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَعِنْدَ غَيْرِ السُّلْطَانِ كَذَا فِي الْكَافِي وَتَفْسِيرُ التَّقَدُّمِ أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْحَقِّ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ إنَّ حَائِطَكَ مَخُوفٌ أَوْ يَقُولَ مَائِلٌ فَانْقُضْهُ حَتَّى لَا يَسْقُطَ وَلَا يُتْلِفَ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قِيلَ لَهُ: إنَّ حَائِطَكَ مَائِلٌ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَهْدِمَهُ كَانَ ذَلِكَ مَشُورَةً، وَلَا يَكُونُ طَلَبًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالشَّرْطُ الطَّلَبُ، وَالْإِشْهَادُ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ طَلَبَ بِالتَّفْرِيغِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ، وَلَمْ يُفَرِّغْ مَعَ التَّمَكُّنِ حَتَّى سَقَطَ وَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ يُقِرُّ بِالطَّلَبِ ضَمِنَ وَفَائِدَةُ الْإِشْهَادِ: إمْكَانُ إثْبَاتِ الطَّلَبِ عِنْدَ الْجُحُودِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ شَهِدَ بِالطَّلَبِ رَجُلَانِ، أَوْ رَجُلٌ

وَامْرَأَتَانِ تَثْبُتُ الْمُطَالَبَةُ وَتَثْبُتُ أَيْضًا بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، وَإِذَا أُشْهِدَ عَلَى الْحَائِطِ الْمَائِلِ عَبْدَانِ، أَوْ كَافِرَانِ، أَوْ صَبِيَّانِ ثُمَّ أُعْتِقَ الْعَبْدَانِ، أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرَانِ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيَّانِ، ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ الْمَائِلُ، فَأَصَابَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ الْمَائِلُ قَبْلَ عِتْقِ الْعَبْدَيْنِ وَإِسْلَامِ الْكَافِرَيْنِ وَبُلُوغِ الصَّبِيَّيْنِ ثُمَّ شَهِدَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ قَبْلَ أَنْ يُهَيِّئَ لِانْعِدَامِ التَّعَدِّي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّقَدُّمِ وَالطَّلَبِ أَنْ يَكُونَ التَّقَدُّمُ إلَى مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّفْرِيغِ حَتَّى لَوْ تَقَدَّمَ إلَى مَنْ سَكَنَ الدَّارَ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ فَلَمْ يَنْقَضَّ الْحَائِطُ حَتَّى سَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَيُشْتَرَطُ دَوَامُ تِلْكَ الْوِلَايَةِ إلَى وَقْتِ السُّقُوطِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ شِرَائِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبَقًا بَعْدَ الْإِشْهَادِ، أَوْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقُضِيَ بِلِحَاقِهِ فَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ، أَوْ عَادَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا فَرُدَّتْ عَلَيْهِ الدَّارُ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ هَدَرًا، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الدَّارَ بَعْدَ مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ، أَوْ غَيْرِهِ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ، أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ إلَّا بِإِشْهَادٍ مُسْتَقْبَلٍ بَعْدَ الرَّدِّ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ نَقَضَ الْبَيْعَ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ ضَامِنًا هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا تَقَدَّمَ إلَى الْمُشْتَرِي الدَّارَ فِي حَائِطٍ مِنْهَا مَائِلٍ، وَهُوَ فِي الْخِيَارِ فِي الشِّرَاءِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، ثُمَّ رَدَّ الدَّارَ بِالْخِيَارِ بَطَلَ الْإِشْهَادُ، وَلَوْ اسْتَوْجَبَ الْبَيْعُ لَمْ يَبْطُلْ الْإِشْهَادُ، وَلَوْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى الْبَائِعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ فِيهِ فَإِنْ نَقَضَ الْبَيْعَ فَالْإِشْهَادُ صَحِيحٌ، وَإِنْ أَوْجَبَهُ بَطَلَ الْإِشْهَادُ، وَلَوْ تَقَدَّمَ إلَى الْمُشْتَرِي فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ يَصِحَّ التَّقَدُّمُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَيُشْتَرَطُ لِلضَّمَانِ أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ يُتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ النَّقْضِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ حَتَّى إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ مِنْ سَاعَتِهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ نَقْضِهِ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّقَدُّمُ وَالطَّلَبُ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ وَالْحَقُّ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ لِلْعَامَّةِ فَيُكْتَفَى بِطَلَبِ وَاحِدٍ مِنْ الْعَامَّةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَيَسْتَوِي أَنْ يُطَالِبَهُ بِنَقْضِهِ مُسْلِمٌ، أَوْ ذِمِّيٌّ، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَوْ كَانَ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَإِنَّ الْخُصُومَةَ فِيهِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ مُسْلِمًا كَانَ، أَوْ ذِمِّيًّا بَعْدَ أَنْ كَانَ حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا، أَوْ كَانَ صَغِيرًا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ بِالْخُصُومَةِ فِيهِ، أَوْ كَانَ عَبْدًا أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ بِالْخُصُومَةِ فِيهِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَفِي السِّكَّةِ الْخَاصَّةِ الْحَقُّ لِأَصْحَابِ السِّكَّةِ فَيُكْتَفَى بِطَلَبِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَفِي الدَّارِ يُشْتَرَطُ طَلَبُ الْمَالِكِ، أَوْ السَّاكِنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْجَامِعِ رَجُلٌ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي حَائِطٍ مَائِلٍ إلَى دَارِ رَجُلٍ فَسَأَلَ صَاحِبُ الْحَائِطِ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُؤَجِّلَهُ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَفَعَلَ الْقَاضِي ذَلِكَ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ الضَّمَانُ وَاجِبًا عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَجَّلَهُ رَبُّ الدَّارِ، أَوْ أَبْرَأْهُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ سُكَّانُهَا صَحَّ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ بِالْحَائِطِ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْأَجَلِ كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ اسْتَمْهَلَ مِنْ الْقَاضِي فَأَجَّلَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ الْقَاضِي وَلَكِنْ أَخَّرَهُ الَّذِي أَشْهَدَ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَلَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ رَهْنًا فَتَقَدَّمَ إلَى الْمُرْتَهَنِ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْهُ الْمُرْتَهِنُ، وَلَا الرَّاهِنُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ فِيهِ إلَى الرَّاهِنِ كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ، وَفِيهَا حَائِطٌ مَائِلٌ يُخَافُ سُقُوطُهُ مِنْ الَّذِي يَتَقَدَّمُ إلَيْهِ فِيهِ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ بِهِ حَتَّى يُعَدِّلَ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي قَالَ: يُؤْخَذُ الَّذِي بِيَدَيْهِ الدَّارُ بِنَقْضِهِ، وَيُشْهَدُ عَلَيْهِ بِمَيْلِهِ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ دَارٍ لَمْ تُدَّعَ مَا لَمْ تُزَكَّ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ نَقَضَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ ثُمَّ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ ضَمِنَهُ الَّذِي نَقَضَهُ لَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ لِصَغِيرٍ فَأَشْهَدَ عَلَى الْأَبِ، أَوْ الْوَصِيِّ صَحَّ الْإِشْهَادُ فَإِنْ سَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الصَّغِيرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَصِحُّ عَلَى أَمَةٍ أَيْضًا كَذَا فِي الْكَافِي، وَإِنْ لَمْ

يَسْقُطْ الْحَائِطُ حَتَّى بَلَغَ الصَّبِيُّ ثُمَّ سَقَطَ وَقَتَلَ إنْسَانًا كَانَ دَمُهُ هَدَرًا وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْأَبُ، أَوْ الْوَصِيُّ، وَالْغُلَامُ صَغِيرٌ، ثُمَّ وَقَعَ الْحَائِطُ عَلَى إنْسَانٍ وَقَتَلَهُ كَانَ دَمُهُ هَدَرًا، وَإِنْ تَقَدَّمَ إلَى الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ تَقَدُّمًا مُسْتَقْبَلًا ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ عَلَى إنْسَانٍ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَسْجِدٌ مَالَ حَائِطُهُ فَالْإِشْهَادُ عَلَى الَّذِي بَنَاهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا وَقَفَ دَارًا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ، وَدَفَعَهَا إلَى رَجُلٍ تُجْعَلُ غَلَّتُهَا فِي الْمَسَاكِينِ فَأُشْهِدَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ مِنْهَا فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْوَاقِفِ، وَإِنْ أُشْهِدَ عَلَى الَّذِي لَهُ الْوَقْفُ يَعْنِي الْمَسَاكِينَ فَلَا ضَمَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدٌ تَاجِرٌ لَهُ حَائِطٌ مَائِلٌ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَوْلَاهُ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ أَتْلَفَ الْحَائِطُ مَالًا فَضَمَانُ الْمَالِ يَكُونُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ يُبَاعُ فِيهِ وَإِنْ أُشْهِدَ عَلَى الْمَوْلَى صَحَّ الْإِشْهَادُ أَيْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا تَقَدَّمَ فِي الْحَائِطِ إلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ فَنُضَمِّنُ هَذَا الَّذِي أُشْهِدَ عَلَيْهِ بِحِصَّةِ نَصِيبِهِ مِمَّا أَصَابَهُ مِنْ الْحَائِطِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. حَائِطٌ مَائِلٌ بَيْنَ خَمْسَةِ نَفَرٍ أُشْهِدَ عَلَى أَحَدِهِمْ فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ وَقَتَلَهُ ضَمِنَ الَّذِي أُشْهِدَ عَلَيْهِ خُمُسَ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَكَذَلِكَ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ حَفَرَ أَحَدُهُمْ فِيهَا بِئْرًا، أَوْ بَنَى حَائِطًا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبَيْهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ فَعَلَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ وَإِنْ كَانَ الْحَفْرُ وَالْبِنَاءُ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ لَا يَكُونُ جِنَايَةً كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَدَارًا، وَعَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ مَا يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَا، وَفِيهَا حَائِطٌ مَائِلٌ إلَى الطَّرِيقِ، وَلَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ غَيْرُ هَذَا الِابْنِ فَالتَّقَدُّمُ فِي الْحَائِطِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُهَا، وَإِنْ وَقَعَ الْحَائِطُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ إلَيْهِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ دُونَ عَاقِلَةِ الِابْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مُكَاتَبٌ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي حَائِطٍ لَهُ مَائِلٍ، فَإِنْ سَقَطَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْهَدْمِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ سَقَطَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْهَدْمِ يَضْمَنُ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَيَضْمَنُ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ سَقَطَ الْحَائِطُ بَعْدَ عِتْقِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَإِنْ عَجَزَ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ الْحَائِطَ ثُمَّ سَقَطَ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، وَلَوْ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى سَقَطَ الْحَائِطُ فَعَثَرَ إنْسَانٌ بِنَقْضِهِ، وَتَلِفَ ضَمِنَ، وَإِنْ عَجَزَ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، وَلَوْ عَثَرَ إنْسَانٌ بِالْقَتِيلِ فَهَلَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ. وَلَوْ أَشْرَعَ كَنِيفًا وَنَحْوَهُ فَبَاعَهُ أَوْ عَتَقَ فَسَقَطَ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الْأَرْشِ، وَإِنْ عَجَزَ، وَرُدَّ فِي الرِّقِّ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، وَلَوْ عَثَرَ إنْسَانٌ بِنَقْضِ الْكَنِيفِ يَضْمَنُ الْمُخْرِجُ، وَكَذَا لَوْ عَثَرَ إنْسَانٌ بِهَذَا الْقَتِيلِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُخْرِجِ كَذَا فِي الْكَافِي. لَوْ أَنَّ رَجُلًا أُمُّهُ مَوْلَاةُ عَتَاقَةٍ لِرَجُلٍ، وَأَبُوهُ عَبْدٌ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي حَائِطٍ مَائِلٍ فَلَمْ يَنْقُضْهُ حَتَّى عَتَقَ الْأَبُ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ، وَقَتَلَ إنْسَانًا فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ، وَلَوْ سَقَطَ قَبْلَ عِتْقِ الْأَبِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ وَمِثْلُهُ لَوْ أَشْرَعَ كَنِيفًا ثُمَّ عَتَقَ أَبُوهُ ثُمَّ وَقَعَ الْكَنِيفُ عَلَى إنْسَانٍ، وَقَتَلَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ إشْرَاعَ الْكَنِيفِ نَفْسِهِ جِنَايَةٌ، وَعِنْدَ ذَلِكَ عَاقِلَتُهُ مَوْلَى الْأُمِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا كَانَ الرَّجُلُ عَلَى حَائِطٍ لَهُ مَائِلٍ أَوْ غَيْرِ مَائِلٍ فَسَقَطَ بِهِ الْحَائِطُ فَأَصَابَ مِنْ غَيْرِ عَمَلِهِ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ إذَا كَانَ قَدْ تُقُدِّمَ إلَيْهِ فِيهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سِوَاهُ، وَلَوْ كَانَ هُوَ سَقَطَ مِنْ الْحَائِطِ مِنْ غَيْرِ أَنْ سَقَطَ الْحَائِطُ فَقَتَلَ إنْسَانًا كَانَ هُوَ ضَامِنًا، وَلَوْ مَاتَ السَّاقِطُ نَظَرْتَ فِي الْأَسْفَلِ، فَإِنْ كَانَ يَمْشِي فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ وَاقِفًا فِي الطَّرِيقِ قَائِمًا، أَوْ قَاعِدًا، أَوْ نَائِمًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِدِيَةِ السَّاقِطِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَسْفَلُ فِي مِلْكِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْأَعْلَى ضَمَانُ الْأَسْفَلِ فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ، وَكَذَلِكَ إنْ تَغَفَّلَ فَسَقَطَ، أَوْ نَامَ فَتَقَلَّبَ، فَسَقَطَ فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِمَا أَصَابَ الْأَسْفَلَ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ عَلَى رَجُلٍ، فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ، وَمِلْكُهُ وَغَيْرُ مِلْكِهِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ سَقَطَ فِي بِئْرٍ احْتَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ، وَفِيهَا إنْسَانٌ فَقَتَلَ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ كَانَ ضَامِنًا لِدِيَتِهِ

وَإِنْ كَانَتْ الْبِئْرُ فِي الطَّرِيقِ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى رَبِّ الْبِئْرِ فِيمَا أَصَابَ السَّاقِطَ وَالْمَسْقُوطَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَضَعَ جَرَّةً عَلَى حَائِطٍ فَسَقَطَتْ عَلَى رَجُلٍ فَأَتْلَفَتْهُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ انْقَطَعَ أَثَرُ فِعْلِهِ بِوَضْعِهِ عَلَى الْحَائِطِ، وَهُوَ فِي هَذَا الْوَضْعِ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فَلَا يُضَافُ إلَيْهِ التَّلَفُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا وَضَعَ الرَّجُلُ عَلَى حَائِطٍ شَيْئًا فَوَقَعَ ذَلِكَ الشَّيْءُ، فَأَصَابَ إنْسَانًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا وَضَعَهُ طُولًا، وَأَمَّا إذَا وَضَعَهُ عَرْضًا حَتَّى خَرَجَ طَرَفٌ مِنْهُ إلَى الطَّرِيقِ إنْ سَقَطَ فَأَصَابَ الطَّرَفُ الْخَارِجُ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِنْ أَصَابَ الطَّرَفُ الْآخَرُ لَا يَضْمَنُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْحَائِطُ مَائِلًا، وَكَانَ وَضْعُ الْجِذْعِ عَلَيْهِ طُولًا حَتَّى لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْهُ إلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ سَقَطَ ذَلِكَ الْجِذْعُ عَلَى إنْسَانٍ، وَمَاتَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ، وَأُطْلِقَ الْجَوَابُ إطْلَاقًا. مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: هَذَا إذَا كَانَ الْحَائِطُ مَالَ إلَى الطَّرِيقِ مَيْلًا يَسِيرًا غَيْرَ فَاحِشٍ فَأَمَّا إذَا مَالَ مَيْلًا فَاحِشًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَيْهِ بِالرَّفْعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْجَوَابُ كَمَا أَطْلَقَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ فِي الْحَالَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْوَضْعُ بَعْدَ مَا تُقُدِّمَ إلَيْهِ فِي الْحَائِطِ ثُمَّ سَقَطَ الْجِذْعُ وَأَصَابَ إنْسَانًا يَقُولُ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. حَائِطٌ مَائِلٌ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فَوَضَعَ صَاحِبُ الْحَائِطِ، أَوْ غَيْرُهُ عَلَيْهِ جَرَّةً فَسَقَطَ الْحَائِطُ، وَرَمَى بِالْجَرَّةِ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَالضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ، وَلَوْ عَثَرَ بِالْجَرَّةِ، أَوْ بِنَقْضِهَا أَحَدٌ إنْ كَانَتْ الْجَرَّةُ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْحَائِطِ فَلَا يَضْمَنُ أَحَدٌ وَلَوْ كَانَتْ الْجَرَّةُ لِرَبِّ الْحَائِطِ يَضْمَنُ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: حَائِطٌ مَائِلٌ تُقُدِّمَ إلَى صَاحِبِهِ فَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا أُشْهِدَ عَلَى الرَّجُلِ فِي حَائِطٍ مِنْ دَارٍ فِي يَدِهِ فَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى سَقَطَ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ فَأَنْكَرَتْ الْعَاقِلَةُ أَنْ تَكُونَ الدَّارُ لَهُ، أَوْ قَالُوا: لَا نَدْرِي أَنَّ الدَّارَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الدَّارَ لَهُ، فَإِنْ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّ الدَّارَ لَهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَلَيْهِ دِيَةُ الْقَتِيلِ إنْ أَقَرَّ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ تَقَدَّمَ إلَيْهِ فِي حَائِطٍ مَائِلٍ لَهُ فَلَمْ يَنْقُضْهُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى حَائِطٍ لِجَارِهِ وَهَدَمَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِحَائِطِ الْجَارِ، وَيَكُونُ لِلْجَارِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ حَائِطِهِ وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الْبِنَاءِ كَمَا كَانَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ جَاءَ إنْسَانٌ وَعَثَرَ بِنَقْضِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُتَقَدَّمِ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ عَثَرَ بِنَقْضِ الْحَائِطِ الثَّانِي قَبْلَ تَضْمِينِ صَاحِبِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ الثَّانِي مِلْكَ صَاحِبِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ أَيْضًا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ مَنْ عَثَرَ بِالثَّانِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَائِطَانِ مَائِلَانِ أُشْهِدَ عَلَيْهِمَا فَسَقَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَهَدَمَهُ فَمَا تَلِفَ بِوُقُوعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي أَوْ بِنَقْضِ الْأَوَّلِ فَعَلَى مَالِكِ الْأَوَّلِ، وَمَا تَلِفَ بِنَقْضِ الثَّانِي فَهُوَ هَدَرٌ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ جَنَاحٌ أَخْرَجَهُ رَجُلٌ إلَى الطَّرِيقِ وَوَقَعَ عَلَى حَائِطٍ مَائِلٍ لِرَجُلٍ تَقَدَّمَ إلَيْهِ وَوَقَعَ الْحَائِطُ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ، أَوْ عَثَرَ رَجُلٌ بِنَقْضِ الْحَائِطِ بَعْدَ مَا وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى صَاحِبِ الْجَنَاحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا مَالَ حَائِطٌ لِرَجُلٍ بَعْضُهُ عَلَى الطَّرِيقِ، وَبَعْضُهُ عَلَى دَارِ قَوْمٍ فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ أَهْلُ الدَّارِ فِيهِ فَسَقَطَ مَا فِي الطَّرِيقِ مِنْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَقَدَّمَ أَهْلُ الطَّرِيقِ إلَيْهِ فَسَقَطَ الْمَائِلُ إلَى الدَّارِ عَلَى أَهْلِ الدَّارِ، فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. حَائِطٌ طَوِيلٌ وَهَى بَعْضُهُ وَلَمْ يَهِ الْبَاقِي فَسَقَطَ الْوَاهِي وَغَيْرُ الْوَاهِي وَقَتَلَ إنْسَانًا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ مَا أَصَابَهُ الْوَاهِي مِنْهُ، وَلَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَهُ غَيْرُ الْوَاهِي، وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا كَانَ ضَامِنًا لِلْكُلِّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. حَائِطٌ مَائِلٌ لِرَجُلٍ أَخَذَ الْقَاضِي صَاحِبَهُ بِالْهَدْمِ فَضَمِنَ رَجُلٌ أَنْ يَهْدِمَهُ بِأَمْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلِلضَّمِينِ أَنْ يَهْدِمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ فِي حَائِطٍ مَائِلٍ شَاهِدَانِ فَأَصَابَ الْحَائِطُ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ، أَوْ أَبَاهُ، أَوْ عَبْدًا لَهُ أَوْ مُكَاتَبًا، وَلَا شَاهِدَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ غَيْرُهُمَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ هَذَا الَّذِي يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ نَفْعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ تَقَدَّمَ إلَيْهِ فِي حَائِطٍ مَائِلٍ لَهُ لَا يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَى الطَّرِيقِ لَكِنْ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَى حَائِطٍ لَهُ آخَرَ صَحِيحٍ لَا يَخَافُ

وُقُوعَهُ فَيَقَعُ الصَّحِيحُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَقَعْ الْمَائِلُ وَلَكِنْ وَقَعَ الصَّحِيحُ بِنَفْسِهِ فَأَتْلَفَ إنْسَانًا، أَوْ عَثَرَ بِنَقْضِهِ رَجُلٌ كَانَ هَدَرًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَقِيطٌ لَهُ حَائِطٌ مَائِلٌ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا كَانَتْ دِيَةُ الْقَتِيلِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَا الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا فَهُوَ كَاللَّقِيطِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَائِطٌ أَعْلَاهُ لِرَجُلٍ وَأَسْفَلُهُ لِآخَرَ فَمَالَ فَتَقَدَّمَ إلَى أَحَدِهِمَا ضَمِنَ الْمُتَقَدِّمُ إلَيْهِ نِصْفَ الدِّيَةِ إذَا سَقَطَ كُلُّهُ، وَإِنْ سَقَطَ أَعْلَاهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ دُونَ صَاحِبِ السُّفْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ قَوْمًا يَهْدِمُونَ لَهُ حَائِطًا فَقَتَلَ الْهَدْمُ مِنْ فِعْلِهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ وَالْكَفَّارَةُ دُونَ رَبِّ الدَّارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. حَائِطٌ لِرَجُلٍ فَسَقَطَ قَبْلَ الْإِشْهَادِ ثُمَّ أُشْهِدَ عَلَى صَاحِبِهِ فِي رَفْعِ النَّقْضِ عَنْ الطَّرِيقِ فَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى عَثَرَ بِهِ آدَمِيٌّ أَوْ دَابَّةٌ فَعَطِبَ كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ أَخْرَجَ مِنْ حَائِطٍ إفْرِيزًا إنْ كَانَ كَبِيرًا ضَمِنَ مَا أَصَابَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا يَسِيرًا لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ تَقَدَّمَ إلَى رَجُلٍ فِي حَائِطٍ مَائِلٍ لَهُ عَلَيْهِ جَنَاحٌ شَارِعٌ قَدْ أَشْرَعَهُ الَّذِي بَاعَ الدَّارَ فَسَقَطَ الْحَائِطُ وَالْجَنَاحُ، فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ هُوَ الَّذِي طَرَحَ الْجَنَاحَ كَانَ صَاحِبُ الْحَائِطِ ضَامِنًا لِمَا أَصَابَ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْجَنَاحُ هُوَ السَّاقِطَ وَحْدَهُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ الَّذِي أَشْرَعَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ لَهُ سُفْلٌ وَلِآخَرَ عُلُوٌّ، وَهُمَا مَخُوفَانِ تَقَدَّمَ إلَى صَاحِبِهِمَا فَلَمْ يَهْدِمَا حَتَّى سَقَطَ السُّفْلُ فَرَمَى بِالْعُلُوِّ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَدِيَةُ الْمَقْتُولِ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِ السُّفْلِ، وَضَمَانُ مَنْ عَثَرَ بِنَقْضِ السُّفْلِ عَلَيْهِ أَيْضًا وَمَنْ عَثَرَ بِنَقْضِ الْعُلُوِّ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُفْلٌ لِرَجُلٍ وَعُلُوٌّ لِآخَرَ وَهَى الْكُلُّ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ سَقَطَ الْعُلُوُّ، وَقَتَلَ إنْسَانًا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ أَخْرَجَ إلَى الطَّرِيقِ كَنِيفًا أَوْ مِيزَابًا، أَوْ بَنَى دُكَّانًا، أَوْ جُرْصُنًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ عُرْضِ النَّاسِ أَنْ يَقْلَعَ ذَلِكَ وَيَهْدِمَهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِينَ أَوْ لَمْ يَضُرَّ، وَيَسْتَوِي فِي هَذَا الْحَقِّ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالْمَرْأَةُ. أَمَّا لَيْسَ لِلْعَبْدِ حَقُّ نَقْضِ الدَّارِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الطَّرِيقِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ قَدِيمَةً لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ حَقُّ الرَّفْعِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي حَالَهَا فَإِنَّهَا تُجْعَلُ حَدِيثَةً حَتَّى كَانَ لِلْإِمَامِ حَقُّ الرَّفْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. هَذَا إذَا بَنَى عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ بِنَاءً لِنَفْسِهِ، وَإِنْ بَنَى شَيْئًا لِلْعَامَّةِ كَالْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَضُرُّ لَا يُنْقَضُ كَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَإِنْ أَخْرَجَ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ إذَا كَانَ لَهُ الْمُرُورُ تَحْتَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَقُّ النَّزْعِ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ تَحْتَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ النَّزْعِ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ قَدِيمَةً فَلَيْسَ لِأَحَدٍ حَقُّ النَّزْعِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي حَالَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تُجْعَلُ قَدِيمَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا أَرَادَ رَجُلٌ إحْدَاثَ ظُلَّةٍ فِي طَرِيقُ الْعَامَّةِ، وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ فَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ حَقَّ الْمَنْعِ وَحَقَّ الطَّرْحِ، وَإِنْ أَرَادَ إحْدَاثَ الظُّلَّةِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الضَّرَرُ وَعَدَمُهُ عِنْدَنَا بَلْ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِذْنُ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ، وَهَلْ يُبَاحُ إحْدَاثُ الظُّلَّةِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُبَاحُ، وَلَا يَأْثَمُ قَبْلَ أَنْ يُخَاصِمَهُ أَحَدٌ، وَبَعْدَ الْمُخَاصَمَةِ لَا يُبَاحُ الْإِحْدَاثُ وَالِانْتِفَاعُ، وَيَأْثَمُ بِتَرْكِ الظُّلَّةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الدَّرْبِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ نَافِذٍ أَنْ يَشْرَعَ كَنِيفًا وَلَا مِيزَابًا إلَّا بِإِذْنِ جَمِيعِ أَهْلِ الدَّرْبِ أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِمْ أَوْ لَمْ يَضُرَّ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: إذَا وَضَعَ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ حَجَرًا، أَوْ بَنَى فِيهِ، أَوْ أَخْرَجَ مِنْ حَائِطِهِ جِذْعًا أَوْ صَخْرَةً شَاخِصَةً فِي الطَّرِيقِ، أَوْ أَشْرَعَ كَنِيفًا، أَوْ جَنَاحًا، أَوْ مِيزَابًا، أَوْ ظُلَّةً، أَوْ وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ جِذْعًا فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا أَصَابَ شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ إلَّا أَنَّ الْمُتْلَفَ إذَا كَانَ آدَمِيًّا فَإِنَّهُ

يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ جَرَحَ آدَمِيًّا وَلَمْ يُتْلِفْهُ إنْ بَلَغَ أَرْشُهُ أَرْشَ الْمُوضِحَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي مَالِهِ. وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ مُوَرِّثَهُ، وَإِنْ أَصَابَ مَالًا وَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي مَالِهِ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ مُطْلَقَةً، وَأَنَّهَا عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ يَضْمَنُ، وَإِنْ فَعَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ قَالَ مَشَايِخُنَا: وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ بِأَنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ سَعَةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ بِأَنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ ضِيقٌ لَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي الْكِتَابِ إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ، أَوْ فِي الطَّرِيقِ فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ، فَأَمَّا إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ يُنْظَرُ إنْ فَعَلَ مَا لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى لَا يَضْمَنُ حِصَّةَ نَفْسِهِ، وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شُرَكَائِهِ، وَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى فَالْقِيَاسُ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى: عَبْدٌ تَاجِرٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَشْرَعَ كَنِيفًا مِنْ دَارِهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ فَهُوَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ حَفَرَ الْعَبْدُ فِيهَا بِئْرًا، أَوْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً بِإِذْنِ الْمَوْلَى، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ فَعَلَ الْمَوْلَى ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْعَبْدِ فَلَا ضَمَانَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ ضَامِنٌ فِي الْقِيَاسِ لَكِنِّي أَدَعُ الْقِيَاسَ، وَلَا أُضَمِّنُهُ، وَكَذَلِكَ الرَّاهِنُ إذَا بَنَى فِي دَارِ الرَّهْنِ، أَوْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ رَبَطَ فِيهَا دَابَّةً بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ الْعَمَلَةَ لِإِخْرَاجِ الْجَنَاحِ، أَوْ الظُّلَّةِ فَوَقَعَ فَقَتَلَ إنْسَانًا قَبْلَ أَنْ يَفْرُغُوا مِنْ الْعَمَلِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ دُونَ رَبِّ الدَّارِ فَيَلْزَمُهُمْ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ وَحِرْمَانُ الْإِرْثِ، وَإِنْ سَقَطَ ذَلِكَ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ الْعَمَلِ فَالضَّمَانُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ هَذَا كَالْأَوَّلِ كَذَا فِي الْكَافِي وَالْمَبْسُوطِ، وَهَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ سَقَطَ مِنْ أَيْدِيهِمْ آجُرٌّ أَوْ حِجَارَةٌ، أَوْ خَشَبٌ فَأَصَابَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ سَقَطَ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمَنْ أَشْرَعَ مِيزَابًا فِي الطَّرِيقِ وَسَقَطَ فَأَصَابَ إنْسَانًا، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَصَابَهُ الطَّرَفُ الدَّاخِلُ الَّذِي يَلِي الْحَائِطَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَصَابَهُ الطَّرَفُ الْخَارِجُ ضَمِنَ، وَإِنْ أَصَابَهُ الطَّرَفَانِ جَمِيعًا وَقَدْ عَلِمَ ذَلِكَ وَجَبَ نِصْفُ الضَّمَانِ، وَهُدِرَ النِّصْفُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّ الطَّرَفَيْنِ أَصَابَهُ ضَمِنَ النِّصْفَ وَهُدِرَ النِّصْفُ اسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَشْرَعَ جَنَاحًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ فَأَصَابَ الْجَنَاحُ رَجُلًا فَقَتَلَهُ، أَوْ وَضَعَ خَشَبَةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَ الْخَشَبَةَ وَبَرِئَ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْهَا وَتَرَكَهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى عَطِبَ بِهَا إنْسَانٌ فَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ وَضَعَ خَشَبَةً عَلَى الطَّرِيقِ فَتَعَقَّلَ بِهَا رَجُلٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، فَإِنْ وَطِئَ الْمَارُّ عَلَى الْخَشَبَةِ وَوَقَعَ فَمَاتَ كَانَ ضَامِنًا لَهُ بَعْدَ أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ الزَّلَقَةَ قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْخَشَبَةُ كَبِيرَةً يُوطَأُ عَلَى مِثْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَلَا يُوطَأُ عَلَى مِثْلِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي وَضَعَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَنَسَ طَرِيقًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَمَانٌ لَوْ عَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَمَعَ الْكُنَاسَةَ فِي مَوْضِعٍ فِي الطَّرِيقِ فَتَعَقَّلَ بِهَا إنْسَانٌ فَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الَّذِي كَنَسَ ضَامِنًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ رَشَّ الْمَاءَ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ تَوَضَّأَ فِيهِ ضَمِنَ، وَلَمْ يُفَصَّلْ قَالُوا: إنَّمَا يَضْمَنُ الرَّاشُّ إذَا مَرَّ الْمَارُّ عَلَى مَوْضِعِ الرَّشِّ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ بِأَنْ كَانَ لَيْلًا أَوْ أَعْمَى فَعَثَرَ بِهِ وَمَاتَ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ الْمَارُّ بِالرَّشِّ وَالصَّبِّ فَلَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَمَّدَ الْمُرُورَ عَلَى الْحَجَرِ وَالْخَشَبِ فَعَثَرَ بِهِ لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا هَذَا إذَا رَشَّ بَعْضَ الطَّرِيقِ أَوْ وَضَعَ الْحَجَرَ وَالْخَشَبَ فِي بَعْضِهِ، فَأَمَّا إذَا رَشَّ كُلَّ الطَّرِيقِ، أَوْ أَحْدَثَ الْخَشَبَ فِي كُلِّهِ فَمَرَّ عَلَيْهِ وَعَثَرَ بِهِ ضَمِنَ الرَّاشُّ وَالْوَاضِعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا رَشَّ فِنَاءَ حَانُوتٍ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْحَانُوتِ فَعَثَرَ إنْسَانٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ عَلَى الرَّاشِّ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ

يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ صَاحِبِ الْحَانُوتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ رَشَّ الْمَاءَ فِي الطَّرِيقِ وَجَاءَ رَجُلٌ بِحِمَارَيْنِ أَحَدُهُمَا بِيَدِهِ وَتَبِعَهُ الْآخَرُ فَتَزَلَّقَ التَّابِعُ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْحِمَارُ سَائِقًا لَهُمَا لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ سَائِقٍ ضَمِنَ الرَّاشُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. سُئِلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ صَبَّ مَاءً فِي الطَّرِيقِ فَاسْتُنْقِعَ الْمَاءُ فَجَمَدَ فَزَلِقَ إنْسَانٌ بِذَلِكَ الْجَمْدِ قَالَ: الَّذِي صَبَّ الْمَاءَ ضَامِنٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ذَابَ الْجَمْدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَزَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ، وَهُوَ جَمْدٌ فَذَابَ وَزَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا كَانَ الطَّرِيقُ غَيْرَ نَافِذٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ أَنْ يَضَعَ فِيهِ الْخَشَبَ وَيَرْبِطَ فِيهِ الدَّابَّةَ وَيَتَوَضَّأَ فِيهِ، وَإِنْ عَطِبَ بِذَلِكَ إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ بَنَى فِيهِ بِنَاءً، أَوْ حَفَرَ فِيهِ بِئْرًا فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ كَانَ ضَامِنًا وَلِكُلٍّ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ الِانْتِفَاعُ بِفِنَاءِ دَارِهِ مِنْ إلْقَاءِ الطِّينِ وَالْحَطَبِ وَرَبْطِ الدَّابَّةِ وَبِنَاءِ الدُّكَّانِ وَالتَّنُّورِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا كَانَ الْهَلَاكُ بِالثَّلْجِ الْمَرْمِيِّ بِأَنْ زَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ دَابَّةٌ، فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي آخِرِ جِنَايَاتِ الْعُيُونِ إنْ كَانَتْ السِّكَّةُ غَيْرَ نَافِذَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّامِي، وَإِنْ كَانَتْ نَافِذَةً يَضْمَنُ الَّذِي رَمَى بِالثَّلْجِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا جَوَابُ الْقِيَاسِ وَنَحْنُ نَسْتَحْسِنُ وَنَقُولُ: لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ سَوَاءٌ كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً، أَوْ غَيْرَ نَافِذَةٍ، وَفِي الْعُيُونِ أَنَّهُ يَكُونُ مُقَيَّدًا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَبَعْضُ مَشَايِخِ زَمَانِنَا قَالُوا: إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ كَانَتْ السِّكَّةُ بِحَالٍ يَلْحَقُهُمْ حَرَجٌ عَظِيمٌ بِنَقْلِ الثَّلْجِ حَتَّى عُرِفَ الْإِذْنُ بِإِلْقَاءِ الثَّلْجِ وَتَرْكِهِ دَلَالَةً فَالْجَوَابُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِلَّا فَالْجَوَابُ كَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي الْقَاسِمِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ بَلْدَةٍ ذَاتِ ثَلْجٍ رُبَّمَا يَكْثُرُ الطِّينُ فِي الطَّرِيقِ فَأَلْقَى كُلُّ وَاحِدٍ بِفِنَاءِ دَارِهِ أَوْ قُرْبَ دَارِهِ حَجَرًا فَتَعَقَّلَ بِهِ إنْسَانٌ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ الضَّمَانُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ تَعَقَّلَ بِحَجَرٍ فَوَقَعَ عَلَى حَجَرٍ آخَرَ وَمَاتَ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاضِعٌ فَعَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ عَثَرَ بِمَا أَحْدَثَهُ فِي الطَّرِيقِ رَجُلٌ فَوَقَعَ عَلَى آخَرَ فَمَاتَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي أَحْدَثَهُ فِي الطَّرِيقِ، وَلَا يَضْمَنُ الَّذِي عَثَرَ بِهِ، وَلَوْ نَحَّى رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَنْ مَوْضِعِهِ فَعَطِبَ بِذَلِكَ رَجُلٌ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي نَحَّاهُ وَيَخْرُجُ الْأَوَّلُ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَضَعَ إنْسَانٌ سَيْفًا فِي الطَّرِيقِ وَعَثَرَ بِهِ رَجُلٌ وَمَاتَ وَانْكَسَرَ السَّيْفُ ضَمِنَ صَاحِبُ السَّيْفِ دِيَتَهُ وَيَضْمَنُ الْعَاثِرُ قِيمَةَ سَيْفِهِ، وَلَوْ أَنَّهُ عَثَرَ ثُمَّ وَقَعَ عَلَى السَّيْفِ فَانْكَسَرَ وَمَاتَ الرَّجُلُ ضَمِنَ صَاحِبُ السَّيْفِ دِيَتَهُ، وَلَمْ يَضْمَنْ بِالْكَسْرِ شَيْئًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَمَنْ أَوْقَفَ سَبُعًا فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَ إذَا كَانَ مَرْبُوطًا فَأَصَابَ قَبْلَ حَلِّ الرِّبَاطِ، وَإِذَا أَصَابَ بَعْدَ مَا انْحَلَّ الرِّبَاطُ وَزَالَ عَنْ مَكَانِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَلِكَ لَوْ طَرَحَ بَعْضَ الْهَوَامِّ عَلَى رَجُلٍ فَعَقَرَهُ يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ أَشْلَى كَلْبًا عَقُورًا عَلَى رَجُلٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ جَمْرًا فَاحْتَرَقَ بِهِ شَيْءٌ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ حَرَّكَتْهُ الرِّيحُ فَذَهَبَ بِهِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ ثُمَّ احْتَرَقَ بِهِ شَيْءٌ لَا يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: هَذَا إذَا حَرَّكَتْ عَيْنَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا فَأَمَّا إذَا ذَهَبَتْ بِشَرَرِهَا فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا فَإِنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إذَا كَانَ الْيَوْمُ يَوْمَ رِيحٍ فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِنْ ذَهَبَتْ الرِّيحُ بِعَيْنِهَا، وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا يَقُولُ بِالضَّمَانِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْحَدَّادُ إذَا أَخْرَجَ الْحَدِيدَةَ مِنْ الْكِيرِ وَذَلِكَ فِي حَانُوتِهِ فَوَضَعَهَا عَلَى الْقَلَّابِ وَضَرَبَهَا بِمِطْرَقَةٍ فَخَرَجَ شَرَرُهَا إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَأَحْرَقَتْ رَجُلًا، أَوْ فَقَأَتْ عَيْنَهُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَوْ أَحْرَقَتْ ثَوْبَ إنْسَانٍ فَقِيمَتُهُ فِي مَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَضْرِبْهَا بِالْمِطْرَقَةِ وَلَكِنَّ الرِّيحَ أَخْرَجَتْ شَرَرَهَا فَأَصَابَ مَا أَصَابَ فَهُوَ هَدَرٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ كَانَ الْحَدَّادُ أَوْقَدَ النَّارَ عَلَى طَرَفِ حَانُوتِهِ إلَى جَانِبِ طَرِيقٍ عَلَى مَا يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ بِأَنَّ تِلْكَ النَّارَ تَشْتَعِلُ إلَى جَانِبِهَا فِي الطَّرِيقِ حَتَّى أَحْرَقَتْ كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ فِي مِلْكِهِ

أَوْ غَيْرِ مِلْكِهِ، وَهُوَ يَحْمِلُ نَارًا فَوَقَعَتْ شَرَارَةٌ مِنْهَا عَلَى ثَوْبِ إنْسَانٍ فَاحْتَرَقَ ذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا، وَلَوْ طَارَتْ الرِّيحُ بِشَرَرِ نَارِهِ وَأَلْقَتْهُ عَلَى ثَوْبِ إنْسَانٍ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنْ مَرَّ بِالنَّارِ فِي مَوْضِعٍ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فَوَقَعَتْ شَرَارَةٌ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ، أَوْ أَلْقَتْهَا الرِّيحُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إنْ وَقَعَتْ مِنْهُ شَرَارَةٌ يَضْمَنُ، وَإِنْ هَبَّتْ بِهَا الرِّيحُ لَا يَضْمَنُ، وَهَذَا أَظْهَرُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَعَدَ عَلَى الطَّرِيقِ لِلْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَتَعَقَّلَ بِهِ إنْسَانٌ، فَإِنْ كَانَ قُعُودُهُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ مَرَّ عَلَى نَائِمٍ فَعَثَرَ عَلَيْهِ بِرِجْلِهِ فَدَقَّ سَاقَهُ ثُمَّ سَقَطَ عَلَيْهِ فَاعْوَرَّتْ عَيْنُهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِعُ فَعَلَى الْوَاقِعِ أَرْشُ رِجْلِ النَّائِمِ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِصُنْعِهِ، وَعَلَى النَّائِمِ دِيَةُ الْوَاقِعِ، وَلَوْ مَاتَا جَمِيعًا فَعَلَى النَّائِمِ دِيَةُ الْوَاقِعِ، وَعَلَى الْوَاقِعِ نِصْفُ دِيَةِ النَّائِمِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْبَقَّالِيِّ إذَا عَثَرَ مَاشٍ بِنَائِمٍ فِي الطَّرِيقِ فَانْكَسَرَ أُصْبُعُهُ وَأُصْبُعُ النَّائِمِ فَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَصَابَ الْآخَرُ، وَإِنْ عَطِبَ أَحَدُهُمَا فَعَلَى عَاقِلَةِ السَّالِمِ دِيَتُهُ، وَإِنْ عَثَرَ فَوَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ فَأَصَابَ رَأْسُهُ رَأْسَ النَّائِمِ فَانْشَجَّا وَانْكَسَرَ أُصْبُعُهُمَا ضَمِنَ النَّائِمُ أُصْبُعَ الْوَاقِعِ وَشَجَّتَهُ، وَالْوَاقِعُ أُصْبُعَ النَّائِمِ دُونَ شَجَّتِهِ، وَإِنْ مَاتَا جَمِيعًا فَعَلَى عَاقِلَةِ النَّائِمِ دِيَةُ الْوَاقِعِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الْوَاقِعِ نِصْفُ دِيَةِ النَّائِمِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ فِي الطَّرِيقِ فَسَقَطَ مَيِّتًا مِنْ غَيْرِ جِنَايَةِ أَحَدٍ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ لَا الْمَيِّتُ، وَلَا عَاقِلَتُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ يَمْشِي فِي الطَّرِيقِ فَأَدْرَكَهُ مَرَضٌ فَوَقَعَ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ أَدْرَكَهُ ضَعْفٌ فَلَمْ يَقْدِرْ مَعَهُ عَلَى الْمَشْيِ فَوَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ، أَوْ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَالضَّمَانُ وَاجِبٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَإِنْ كَانَ وَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَا مِيرَاثَ لَهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَعَثَرَ بِهِ عَاثِرٌ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَلَا يُحْرَمُ الْمِيرَاثَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدٌ نَامَ، أَوْ قَعَدَ فِي طَرِيقٍ، وَدَامَ عَلَيْهِ حَتَّى عَتَقَ فَعَثَرَ بِهِ أَحَدٌ وَمَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْعَبْدِ، وَعَاقِلَتُهُ عَاقِلَةُ الْمَوْلَى، وَإِنْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ وَتَعَذَّرَ الْبَرَاحُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ عَثَرَ بِهِ أَحَدٌ يَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ قِيمَتُهُ، وَكَذَا لَوْ أَوْقَفَ الْعَبْدُ دَابَّةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ حَرَّرَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ عَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ وَمَاتَ ضَمِنَ السَّيِّدُ قِيمَةَ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَمَطَ رَجُلٌ عَبْدًا لِرَجُلٍ وَرَمَاهُ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ عَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَدِيَةُ الْعَاثِرِ عَلَى مَنْ قَمَطَ وَرَمَاهُ فِي الطَّرِيقِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَعَ الْقِمَاطِ يَقْدِرُ عَلَى الذَّهَابِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ فَلَمْ يَذْهَبْ حَتَّى عَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى مَوْلَاهُ، وَلَوْ كَانَ أَجْلَسَ الْعَبْدَ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرُ رِبَاطٍ وَلَا قِمَاطٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ فَلَمْ يَبْرَحْ مِنْ مَكَان حَتَّى عَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ وَجَبَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى مَوْلَاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ مَرَّ فِي الطَّرِيقِ، وَهُوَ يَحْمِلُ حِمْلًا فَوَقَعَ الْحِمْلُ عَلَى إنْسَانٍ فَأَتْلَفَهُ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ عَثَرَ إنْسَانٌ بِالْحِمْلِ الْوَاقِعِ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ أَيْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ يَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، وَعَلَيْهِ شَيْءٌ هُوَ لَابِسُهُ مِمَّا يَلْبَسُهُ النَّاسُ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ وَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ، أَوْ وَقَعَ فِي الطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِمَّا لَا يَلْبَسُهُ النَّاسُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحَامِلِ لَهُ، وَيَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِهِ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَسُوقُ الدَّابَّةَ أَوْ يَقُودُهَا، أَوْ هُوَ رَاكِبٌ عَلَيْهَا فَسَقَطَ عَنْهَا بَعْضُ أَدَوَاتِهَا مِنْ سَرْجٍ، أَوْ لِجَامٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى إنْسَانٍ وَقَتَلَهُ، أَوْ سَقَطَتْ الدَّابَّةُ عَلَى الطَّرِيقِ، أَوْ سَقَطَ بَعْضُ أَدَوَاتِهَا عَلَى الطَّرِيقِ وَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ وَمَاتَ فَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالرَّاكِبُ ضَامِنُونَ لِذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَضَعَ جَرَّةً فِي الطَّرِيقِ، وَرَجُلٌ آخَرُ وَضَعَ جَرَّةً فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ أَيْضًا فَتَدَحْرَجَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَانْكَسَرَتْ الْأُخْرَى لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْجَرَّةِ الَّتِي تَدَحْرَجَتْ، وَإِنْ انْكَسَرَتْ الَّتِي تَدَحْرَجَتْ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأُخْرَى، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي الطَّرِيقِ وَآخَرُ كَذَلِكَ فَنَفَرَتْ إحْدَاهُمَا وَأَصَابَتْ الْأُخْرَى لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الَّتِي نَفَرَتْ وَلَوْ عَطِبَتْ الَّتِي نَفَرَتْ بِالْأُخْرَى يَضْمَنُ صَاحِبُ الْوَاقِفَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ وَضَعَ جَرَّةً فِي الطَّرِيقِ، وَفِيهَا زَيْتٌ، أَوْ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ وَرَجُلٌ آخَرُ وَضَعَ جَرَّةً أُخْرَى فِي الطَّرِيقِ أَيْضًا فَتَدَحْرَجَتْ إحْدَاهُمَا فَأَصَابَتْ الْأُخْرَى

فَانْكَسَرَتَا قَالَ: ضَمِنَ صَاحِبُ الْجَرَّةِ الْقَائِمَةِ الَّتِي لَمْ تَتَدَحْرَجْ قِيمَةَ الْجَرَّةِ الْأُخْرَى وَمِثْلَ الزَّيْتِ الَّذِي فِيهَا، وَأَمَّا صَاحِبُ الْجَرَّةِ الَّتِي تَدَحْرَجَتْ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَلَوْ تَدَحْرَجَتَا لَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ مَالَتْ إحْدَاهُمَا فَضَرَبَتْ عَلَى الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ أَنْ تَزُولَ عَنْ مَوْضِعِهَا الَّذِي وَضَعَهَا فِيهِ فَانْكَسَرَتَا، أَوْ انْكَسَرَتْ الْمَائِلَةُ، أَوْ الْقَائِمَةُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَمَانُ مَا انْكَسَرَ بِجَرَّتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اغْتَرَفَ مِنْ الْحَوْضِ الْكَبِيرِ بِجَرَّةٍ وَوَضَعَهَا عَلَى الشَّطِّ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ فَتَدَحْرَجَتْ الْأَخِيرَةُ وَصَدَمَتْ الْأُولَى فَانْكَسَرَتَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْجَرَّةِ الْأَخِيرَةِ قِيمَةَ الْجَرَّةِ الْأُولَى لِصَاحِبِهَا، وَقِيلَ: يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَةَ جَرَّةِ صَاحِبِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْجَرَّةِ الْقَائِمَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَضَعَ شَيْئًا عَلَى الطَّرِيقِ فَنَفَرَتْ عَنْهُ دَابَّةٌ فَقَتَلَتْ رَجُلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَاضِعِ إنْ لَمْ يُصِبْهَا ذَلِكَ الشَّيْءُ، وَكَذَا الْحَائِطُ الْمَائِلُ إذَا تَقَدَّمَ إلَى صَاحِبِهِ فَسَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ فَنَفَرَتْ عَنْهُ دَابَّةٌ وَقَتَلَتْ إنْسَانًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ وَالْوَاضِعُ فِي الطَّرِيقِ إذَا أَصَابَ الْحَائِطُ شَيْئًا فَأَتْلَفَهُ، أَوْ أَصَابَ الْمَوْضُوعُ شَيْئًا فَأَتْلَفَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ -: إذَا احْتَفَرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فِي مَسْجِدِهِمْ بِئْرًا لِمَاءِ الْمَطَرِ، أَوْ عَلَّقُوا فِيهِ قَنَادِيلَ، أَوْ وَضَعُوا فِيهِ جُبًّا يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ، أَوْ طَرَحُوا فِيهِ حَصِيرًا، أَوْ رَكَّبُوا فِيهِ بَابًا أَوْ طَرَحُوا فِيهِ بِوَارِيَّ، أَوْ ظَلَّلُوهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَنْ عَطِبَ بِذَلِكَ، أَمَّا إذَا أَحْدَثَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ غَيْرُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ، فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِإِذْنِهِمْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ضَمَانٌ، أَمَّا إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ إنْ أَحْدَثُوا بِنَاءً أَوْ حَفَرُوا بِئْرًا فَعَطِبَ فِيهَا إنْسَانٌ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ بِالْإِجْمَاعِ فَأَمَّا إذَا وَضَعُوا جُبًّا لِيَشْرَبُوا مِنْهُ، أَوْ بَسَطُوا حَصِيرًا، أَوْ بَوَارِيَّ، أَوْ عَلَّقُوا قَنَادِيلَ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَتَعَقَّلَ إنْسَانٌ بِالْحَصِيرِ وَعَطِبَ، أَوْ وَقَعَ الْقِنْدِيلُ وَاحْتَرَقَ ثَوْبُ إنْسَانٍ، أَوْ أَفْسَدَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُمْ يَضْمَنُونَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُونَ قَالَ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا أَخَذُوا بِقَوْلِهِمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَعَطِبَ بِهِ رَجُلٌ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَضْمَنُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ بِكُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْكَافِي. وَذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْأَظْهَرَ مَا قَالَاهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِذَا قَعَدَ لِلْعِبَادَةِ بِأَنْ كَانَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، أَوْ قَعَدَ لِلتَّدْرِيسِ، أَوْ لِتَعْلِيمِ الْفِقْهِ، أَوْ لِلِاعْتِكَافِ، أَوْ قَعَدَ لِذِكْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - أَوْ تَسْبِيحِهِ، أَوْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَمَاتَ هَلْ يَضْمَنُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا رِوَايَةَ لِهَذَا فِي الْكِتَابِ وَالْمَشَايِخُ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَضْمَنُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْجَالِسَ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي عَمَلٍ لَا يَكُونُ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِالْمَسْجِدِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَدَرْسِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ، وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كَشْفِ الْغَوَامِضِ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: إنْ جَلَسَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَوْ مُعْتَكِفًا لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ، وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ إنْ جَلَسَ لِلْحَدِيثِ يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ إذَا مَشَى فِي الْمَسْجِدِ فَأَوْطَأَ إنْسَانًا، أَوْ نَامَ فِيهِ وَانْقَلَبَ عَلَى إنْسَانٍ فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي رَجُلٍ يَجْعَلُ قَنْطَرَةً عَلَى نَهْرٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَمَرَّ عَلَيْهَا رَجُلٌ مُتَعَمِّدًا فَيَقَعُ فَيَعْطَبُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ هَكَذَا ذِكْرُ الْمَسْأَلَةِ هَاهُنَا (وَاعْلَمْ) أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ النَّهْرُ مَمْلُوكًا لَهُ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُ، فَإِنْ كَانَ نَهْرًا خَاصًّا لِأَقْوَامٍ مَخْصُوصِينَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ تَعَمَّدَ الْمُرُورَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمُرُورَ عَلَيْهَا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَعَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الرَّشِّ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا آخَرَ لِيَمُرَّ فِيهِ، أَوْ مَوْضِعًا بِغَيْرِ النَّهْرِ يَضْمَنُ، وَإِنْ تَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ نَهْرًا عَامًّا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا لَوْ نَصَبَ

جِسْرًا، أَوْ قَنْطَرَةً عَلَى نَهْرٍ خَاصٍّ لِأَقْوَامٍ مَخْصُوصِينَ هَكَذَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، فَجَاءَ إنْسَانٌ، وَأَلْقَى فِيهَا نَفْسَهُ مُتَعَمِّدًا لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا حَفَرَ الرَّجُلُ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فِي غَيْرِ فِنَائِهِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ، وَمَاتَ مِنْ الْوُقُوعِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَا يُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ عِنْدَنَا، وَإِنْ حَفَرَ فِي فِنَاءِ دَارٍ إنْ كَانَ الْفِنَاءُ لِغَيْرِهِ يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَ الْفِنَاءُ مَمْلُوكَهُ أَوْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَفْرِ الْقَدِيمِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لَهُ لَكِنْ كَانَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مُشْتَرَكًا بِأَنْ كَانَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَتَرَدَّى فِيهَا وَمَاتَ جُوعًا، أَوْ عَطَشًا، أَوْ غَمًّا لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. . رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الْمَفَازَةِ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ بِمَمَرٍّ وَلَا طَرِيقٍ لِإِنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَعَدَ إنْسَانٌ فِي الْمَفَازَةِ، أَوْ نَصَبَ خَيْمَةً فَعَثَرَ بِهَا رَجُلٌ لَا يَضْمَنُ الْقَاعِدُ وَالنَّاصِبُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ حَفَرَ رَجُلٌ بِئْرًا فِي طَرِيقٍ ثُمَّ رَجُلٌ آخَرُ فِي أَسْفَلِهَا فَوَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ ضَمِنَ الْحَافِرُ الْأَوَّلُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهَذَا قِيَاسٌ، وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ جَاءَ آخَرُ وَوَسَّعَ رَأْسَهَا فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ وَأُطْلِقَ الْجَوَابُ إطْلَاقًا وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّهُ كَانَ يُفَصِّلُ الْجَوَابَ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلًا فَيَقُولُ: إنْ وَسَّعَ الثَّانِي تَوْسِيعًا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ وَضْعَ الْقَدَمِ مِنْ الْوَاقِعِ لَاقَى الْحَفْرَيْنِ جَمِيعًا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، فَأَمَّا إذَا وَسَّعَ الثَّانِي شَيْئًا يَسِيرًا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ وَضْعَ الْقَدَمِ مِنْ الْوَاقِعِ لَا يُلَاقِي مَوْضِعَ حَفْرِ الثَّانِي، وَإِنَّمَا يُلَاقِي حَفْرَ الْأَوَّلِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَإِنْ وَسَّعَ الثَّانِي تَوْسِيعًا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ وَضْعَ الْقَدَمِ مِنْ الْوَاقِعِ لَمْ يُلَاقِ الْأَوَّلَ وَإِنَّمَا لَاقَى حَفْرَ الثَّانِي فَالضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ التَّوْسِيعُ بِحَيْثُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَضْعُ الْقَدَمِ مُلَاقِيًا لِلْحَفْرَيْنِ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ أَحْمَدَ الطَّوَاوِيسِيَّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إنْ وَسَّعَهَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُ فِي مَوْضِعِ تَوْسِيعِهِ الْقَدَمَ فَجَاءَ رَجُلٌ، وَوَضَعَ قَدَمَهُ فِي وَسَطِ الْبِئْرِ وَسَقَطَ فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ وَضَعَ قَدَمَهُ فِي جَانِبِ الْبِئْرِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ وَسَّعَهُ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ فِيهِ الْقَدَمَ، فَإِنْ وَضَعَ هَذَا الرَّجُلُ قَدَمَهُ فِي وَسَطِ الْبِئْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ وَضَعَ قَدَمَهُ فِي جَانِبِ الْبِئْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ كَبَسَهَا، إنْ كَبَسَهَا بِالتُّرَابِ أَوْ بِالْجِصِّ، أَوْ بِمَا هُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَفَرَّغَهَا ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ وَمَاتَ ضَمِنَ الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ كَبَسَ الْبِئْرَ بِالطَّعَامِ، أَوْ بِمَا لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ يَضْمَنُ الْأَوَّلُ، وَكَذَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، وَغَطَّى رَأْسَهَا ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، وَرَفَعَ الْغِطَاءَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ ضَمِنَ الْأَوَّلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ تَعَقَّلَ رَجُلٌ بِحَجَرٍ فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ ضَمِنَ وَاضِعُ الْحَجَرِ دُونَ الْحَافِرِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَضَعْهُ أَحَدٌ ضَمِنَ الْحَافِرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وَضَعَ رَجُلٌ فِي الْبِئْرِ حَجَرًا، أَوْ حَدِيدًا فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَقَتَلَهُ الْحَجَرُ، أَوْ الْحَدِيدُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْحَافِرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَزَلِقَ بِمَاءٍ صَبَّهُ رَجُلٌ آخَرُ عَلَى الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَمَاتَ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي صَبَّ الْمَاءَ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مَاءَ السَّمَاءِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْبِئْرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا دَفَعَ رَجُلٌ رَجُلًا فِي بِئْرٍ فِي مِلْكِهِ، أَوْ فِي الطَّرِيقِ فَالضَّمَانُ عَلَى الدَّافِعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا سَقَطَ الرَّجُلُ فِي بِئْرٍ فِي الطَّرِيقِ، فَمَاتَ فَقَالَ الْحَافِرُ: إنَّ الْوَاقِعَ أَلْقَى نَفْسَهُ فِيهَا عَمْدًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيَّ وَقَالَ وَرَثَةُ الْوَاقِعِ: لَمْ يُلْقِ نَفْسَهُ فِي الْبِئْرِ وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَعَلَيْكَ الضَّمَانُ كَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ وَرَثَةِ الْوَاقِعِ، وَيَكُونُ الْحَافِرُ ضَامِنًا، وَهُوَ الْقِيَاسُ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْحَافِرِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا حَفَرَ بِئْرًا فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ وَسَلِمَ مِنْ الْوَقْعَةِ وَطَلَبَ الْخُرُوجَ مِنْهَا فَتَعَلَّقَ حَتَّى إذَا كَانَ فِي وَسَطِهَا سَقَطَ وَعَطِبَ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ

مَشَى فِي أَسْفَلِهَا فَعَطِبَ بِصَخْرَةٍ فِيهَا، فَإِنْ كَانَتْ الصَّخْرَةُ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْبِئْرِ أَقْلَعَهَا مِنْ مَوْضِعِهَا وَوَضَعَهَا فِي نَاحِيَةِ الْبِئْرِ فَعَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ الضَّمَانُ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وَقَعَ إنْسَانٌ فِي بِئْرٍ فِي الطَّرِيقِ فَأَقَرَّ رَجُلٌ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَفَرَ الْبِئْرَ كَانَ مُصَدَّقًا عَلَى نَفْسِهِ دُونَ عَوَاقِلِهِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَقَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ: أَنَا أَمَرْتُهُ بِذَلِكَ، وَأَنْكَرَ أَوْلِيَاءُ الْوَاقِعِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُصَدَّقَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُصَدَّقُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمَنْ حَفَرَ، أَوْ أَوْقَفَ، أَوْ بَنَى فِي الطَّرِيقِ، أَوْ فِي سُوقِ الْعَامَّةِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ احْتَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ ثُمَّ سَقَطَ فِيهَا، وَفِيهَا إنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ فَقَتَلَ السَّاقِطُ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ، أَوْ الدَّابَّةَ كَانَ السَّاقِطُ ضَامِنًا دِيَةَ مَنْ كَانَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْبِئْرُ فِي الطَّرِيقِ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ فِيمَا أَصَابَ السَّاقِطَ وَالْمَسْقُوطَ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ حَفَرَ حَفِيرَةً لِلْغَلَّةِ فِي دَارِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَوَقَعَ فِيهَا حِمَارٌ فَمَاتَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَافِرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا فَشَجَّهُ رَجُلَانِ فَمَرِضَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَقَعَ ثَلَاثَةٌ فِي بِئْرٍ، وَتَعَلَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ بِآخَرَ فَإِنْ مَاتُوا مِنْ وُقُوعِهِمْ، وَلَمْ يَقَعْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَدِيَةُ الْأَوَّلِ عَلَى الْحَافِرِ، وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ مَاتُوا مِنْ وُقُوعِهِمْ وَوَقَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ بِأَنْ أُخْرِجُوا أَحْيَاءً، وَأَخْبَرُوا عَنْ حَالِهِمْ ثُمَّ مَاتُوا فَمَوْتُ الْأَوَّلِ لَا يَخْلُو عَنْ سَبْعَةِ أَوْجُهٍ: إنْ مَاتَ مِنْ وُقُوعِهِ لَا غَيْرُ فَدِيَتُهُ عَلَى الْحَافِرِ، وَإِنْ مَاتَ بِوُقُوعِ الثَّانِي عَلَيْهِ، فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ وُقُوعِ الثَّالِثِ عَلَيْهِ فَدِيَتُهُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ مَاتَ مِنْ وُقُوعِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَيْهِ فَنِصْفُ دَمِهِ هَدَرٌ، وَنِصْفُهُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ مَاتَ مِنْ وُقُوعِهِ وَوُقُوعِ الثَّانِي عَلَيْهِ هُدِرَ نِصْفُ دَمِهِ، وَنِصْفُهُ عَلَى الْحَافِرِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ وُقُوعِهِ وَوُقُوعِ الثَّالِثِ فَالنِّصْفُ عَلَى الْحَافِرِ، وَالنِّصْفُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ مَاتَ مِنْ وُقُوعِهِ وَوُقُوعِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَيْهِ فَالثُّلُثُ مِنْهُ هَدَرٌ وَثُلُثُهُ عَلَى الْحَافِرِ وَثُلُثُهُ عَلَى الثَّانِي وَأَمَّا مَوْتُ الثَّانِي فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إنْ مَاتَ بِوُقُوعِهِ فَدِيَتُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ وُقُوعِ الثَّالِثِ عَلَيْهِ فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ مَاتَ بِوُقُوعِهِ وَوُقُوعِ الثَّالِثِ عَلَيْهِ فَنِصْفُ دَمِهِ هَدَرٌ وَنِصْفُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَأَمَّا مَوْتُ الثَّالِثِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ وُقُوعُهُ فِي الْبِئْرِ فَدِيَتُهُ عَلَى الثَّانِي، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْرَفْ حَالُ مَوْتِهِمْ فَالْقِيَاسُ: أَنَّ دِيَةَ الْأَوَّلِ عَلَى الْحَافِرِ وَدِيَةَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَدِيَةَ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي عَلَى عَوَاقِلِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الِاسْتِحْسَانِ ثُلُثُ دِيَةِ الْأَوَّلِ هَدَرٌ، وَالثُّلُثُ عَلَى الْحَافِرِ، وَالثُّلُثُ عَلَى الثَّانِي، وَدِيَةُ الثَّانِي نِصْفُهَا هَدَرٌ، وَنِصْفُهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي، وَلَمْ يُبَيِّنْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ قَوْلُ مَنْ، وَقَالَ مَشَايِخُنَا: هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ أَجِيرًا لِيَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا فَحَفَرَ الْأَجِيرُ، وَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ وَمَاتَ، فَإِنْ حَفَرَ فِي طَرِيقٍ مَعْرُوفٍ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ عَرَفَهُ كُلُّ وَاحِدٍ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ أَعْلَمْهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُعْلِمْهُ، وَكَذَلِكَ إذَا حَفَرَ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ مَشْهُورٍ وَأَعْلَمَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ بِأَنَّ هَذَا الطَّرِيقَ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْلِمْهُ بِذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَذْبَحَ شَاةً فَذَبَحَهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الشَّاةَ لِغَيْرِ الْآمِرِ فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ أَعْلَمَهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ الشَّاةَ لِلْغَيْرِ أَوْ لَمْ يُعْلِمْهُ ثُمَّ يَرْجِعُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِ الْآمِرِ، وَإِنْ حَفَرَ فِي الْفِنَاءِ فَإِنْ كَانَ الْفِنَاءُ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَدْ عَلِمَ الْأَجِيرُ بِذَلِكَ أَوْ أَعْلَمَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَجِيرُ أَنَّ الْفِنَاءَ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَمْ يُعْلِمْهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ كَانَ الْفِنَاءُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إنْ قَالَ لِلْأَجِيرِ: لِي حَقُّ الْحَفْرِ فِي الْقَدِيمِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ قَالَ: لَيْسَ لِي حَقُّ الْحَفْرِ فِي الْقَدِيمِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِنَاءُ دَارِي فَفِي الِاسْتِحْسَانِ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ أَرْبَعَةَ رَهْطٍ يَحْفِرُونَ لَهُ بِئْرًا، وَوَقَعَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ حَفْرِهِمْ فَقَتَلَتْ وَاحِدًا

مِنْهُمْ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ رُبُعُ دِيَتِهِ وَسَقَطَ الرُّبُعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا أَعْوَانًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَحْفِرُ وَاحِدًا فَانْهَارَتْ عَلَيْهِ مِنْ حَفْرِهِ فَدَمُهُ هَدَرٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَمَرَ عَبْدَهُ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، فَإِنْ كَانَ فِي فِنَائِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ فِنَائِهِ فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ عَلِمَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ أَمْ لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّجْرِيدِ. لَوْ احْتَفَرَ الرَّجُلُ نَهْرًا فِي مِلْكِهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ دَابَّةٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ حَفَرَ نَهْرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبِئْرِ يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا حَفَرَ الرَّجُلُ نَهْرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَانْشَقَّ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ مَاءٌ فَغَرِقَتْ أَرْضٌ أَوْ قَرْيَةٌ كَانَ ضَامِنًا، وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ فَلَا ضَمَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ سَقَى أَرْضَهُ فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا وَأَفْسَدَ مَتَاعًا، أَوْ زَرْعًا، أَوْ كَرْمًا لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْرَقَ حَشِيشًا فِي أَرْضِهِ، أَوْ حَصَائِدِهِ، أَوْ أَجَمَتِهِ فَخَرَجَتْ النَّارُ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ، وَأَحْرَقَتْ شَيْئًا لَا يَكُونُ ضَامِنًا قِيلَ: هَذَا إذَا كَانَتْ الرِّيحُ سَاكِنَةً حِينَ أَوْقَدَ النَّارَ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْيَوْمُ رِيحًا يَعْلَمُ أَنَّ الرِّيحَ تَذْهَبُ بِالنَّارِ إلَى أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا اسْتِحْسَانًا كَمَنْ صَبَّ الْمَاءَ فِي مِيزَابٍ وَتَحْتَ الْمِيزَابِ مَتَاعٌ لِإِنْسَانٍ فَفَسَدَ بِهِ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ أَوْقَدَ النَّارَ فِي دَارِهِ، أَوْ تَنُّورِهِ لَا يَضْمَنُ مَا احْتَرَقَ بِهِ، وَكَذَا لَوْ حَفَرَ نَهْرًا، أَوْ بِئْرًا فِي دَارِهِ فَنَزَّتْ مِنْ ذَلِكَ أَرْضُ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ، وَلَا يُؤْمَرُ فِي الْحُكْمِ أَنْ يُحَوِّلَ ذَلِكَ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى - عَلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ عَنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ يَتَضَرَّرُ بِهِ غَيْرُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالُوا: هَذَا إذَا انْشَقَّ مِنْ الْمَاءِ بِحَيْثُ يَحْتَمِلُهُ مِلْكُهُ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُهُ مِلْكُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ صَبَّ الْمَاءَ فِي مِلْكِهِ وَخَرَجَ مِنْ صَبِّهِ ذَلِكَ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَأَفْسَدَ شَيْئًا فِي الْقِيَاسِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: إذَا صَبَّ الْمَاءَ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ سَقَى أَرْضَ نَفْسِهِ فَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ إنْ أَجْرَى الْمَاءَ فِي أَرْضِهِ إجْرَاءً لَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ اسْتَقَرَّ فِي أَرْضِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ إنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ جَارُهُ بِالسَّكْرِ وَالْإِحْكَامِ فَلَمْ يَفْعَلْ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَيْهِ حَتَّى تَعَدَّى لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُهُ صُعُودًا، وَأَرْضُ جَارِهِ هُبُوطًا يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا سَقَى أَرْضَهُ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَيُؤْمَرُ بِوَضْعِ الْمُسَنَّاةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِهِ ثَقْبٌ أَوْ جُحْرُ فَأْرَةٍ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَسُدَّهُ حَتَّى فَسَدَتْ أَرْضُ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. . رَجُلٌ سَقَى أَرْضَهُ مِنْ نَهْرِ الْعَامَّةِ، وَكَانَ عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ أَنْهَارٌ صِغَارٌ مَفْتُوحَةٌ فُوَّهَاتُهَا فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْأَنْهَارِ الصِّغَارِ، وَفَسَدَ بِذَلِكَ أَرْضُ قَوْمٍ يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. مَمْلُوكٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَمَاتَ فِيهَا إنْسَانٌ فَفَدَاهُ الْمَوْلَى بِالدِّيَةِ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَدْفَعُ كُلَّ الْمَمْلُوكِ، أَوْ يَفْدِيهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، فَوَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَقَالَ الْمَوْلَى: أَنَا كُنْتُ أَمَرْتُهُ بِذَلِكَ لَمْ تَضْمَنْ عَاقِلَتُهُ، وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَتَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَبْدٌ حَفَرَ بِئْرًا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَجَاءَ إنْسَانٌ، وَوَقَعَ فِيهَا فَعَفَا عَنْهُ الْوَلِيُّ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ فَعَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَدْفَعَهُ كُلَّهُ، أَوْ يَفْدِيَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَدْفَعُ إلَيْهِ نِصْفَهُ كَأَنَّهُمَا وَقَعَا مَعًا فَعَفَا عَنْهُ وَلِيُّ أَحَدِ الْوَاقِعَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ عَلِمَ بِالْحَفْرِ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَمَاتَ فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَةُ الْعَبْدِ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ اشْتَرَكَا فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ، فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا الْعَبْدُ فَمَاتَ فَوَارِثُهُ شَرِيكُهُمْ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ أَيْضًا وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ دَمَهُ هَدَرٌ وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ وَقَعَ الْعَبْدُ فِيهَا فَمَاتَ، فَدَمُهُ هَدَرٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ لِوَرَثَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى أَوَّلًا ثُمَّ حَفَرَ الْعَبْدُ الْبِئْرَ، وَوَقَعَ فِيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ مَا وَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى لَا يَعْلَمُ بِوُقُوعِ الرَّجُلِ فِيهَا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ

عَلِمَ بِمَوْتِ الرَّجُلِ فِيهَا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، فَإِنْ وَقَعَ آخَرُ فِيهَا فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُقَاسِمُ صَاحِبَ الدِّيَةِ فَيُضْرَبُ الْآخَرُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَالْأَوَّلُ بِالدِّيَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَى الْمَوْلَى نِصْفُ قِيمَةٍ أُخْرَى لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الْآخَرِ، وَلَا يَشْتَرِكُ الْأَوَّلُ فِي الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . وَلَوْ حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي طَرِيقٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً فَدَفَعَهُ مَوْلَاهُ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ إنْسَانٌ فَمَاتَ فَإِنَّ وَلِيَّ الْقَتِيلِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ نِصْفَهُ، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِالدِّيَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ عَفَا وَلِيُّ السَّاقِطِ فِي الْبِئْرِ لَمْ يَرْجِعْ إلَى الْمَوْلَى بِشَيْءٍ مِنْ الْعَبْدِ، وَلَا خُصُومَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ وَلِيِّ السَّاقِطِ وَبَيْنَ مَوْلَى الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا يُخَاصَمُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْعَبْدُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ أَوَّلًا إنْسَانٌ فَمَاتَ فَدَفَعَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً فَدَفَعَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ آخَرُ فَإِنَّ وَلِيَّ الْقَتِيلِ يَدْفَعُ ثُلُثَهُ إلَى الْوَاقِعِ فِي الْبِئْرِ آخِرًا، أَوْ يَفْدِيهِ بِالدِّيَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، فَإِنْ كَانَ فِي دِيَانَةٍ فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ دِيَانَةٍ فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ عَلِمَ بِذَلِكَ أَمْ لَا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ رَجُلٌ فَمَاتَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ وَالْعَبْدُ قَائِمٌ دَفَعَهُ الْمَوْلَى إلَيْهِمَا، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا عَشَرَةُ آلَافٍ لِصَاحِبِ النَّفْسِ، وَخَمْسَةُ آلَافٍ لِصَاحِبِ الْعَيْنِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِهِمَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِالْقَتْلِ، وَلَا يَعْلَمُ بِالْعَيْنِ فَعَلَيْهِ عَشَرَةُ آلَافٍ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ، وَعَلَيْهِ ثُلُثُ الْقِيمَةِ لِصَاحِبِ الْعَيْنِ، وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِيهَا أَحَدٌ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ فَعَلَى الْبَائِعِ قِيمَتُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْقَعَ فِيهَا الْعَبْدُ نَفْسَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى الْبَائِعِ قِيمَتُهُ لِلْمُشْتَرِي، وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَمُهُ هَدَرٌ كَمَا بَيَّنَّا فِي الْعِتْقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ مُدَبَّرًا حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، أَوْ مَاتَ الْمَوْلَى حَتَّى عَتَقَ الْمُدَبَّرُ بِمَوْتِهِ ثُمَّ أَوْقَعَ الْمُدَبَّرُ نَفْسَهُ فِي تِلْكَ الْبِئْرِ ثُمَّ مَاتَ فَلِوَرَثَتِهِ قِيمَتُهُ فِي تَرِكَةِ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُدَبَّرٌ حَفَرَ بِئْرًا فَوَقَعَ فِيهَا مَوْلَاهُ، أَوْ مَنْ يَرِثُهُ مَوْلَاهُ هُدِرَ دَمُهُ، وَلَوْ وَقَعَ فِيهَا مُكَاتَبُ الْمَوْلَى غَرِمَ قِيمَتَهُ، وَيُؤْخَذُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ يَوْمَ حَفَرَ، وَمِنْ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ يَوْمَ سَقَطَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا حَفَرَ الْمُدَبَّرُ، أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فَمَاتُوا، وَقَدْ تَغَيَّرَتْ قِيمَتُهُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ إلَى زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَوْلَى إلَّا قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَوْمَ حَفَرَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ جَمِيعًا بِالسَّوِيَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْمُدَبَّرُ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ، أَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ مَا وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُكَاتَبٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ قَتَلَ إنْسَانًا فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ إنْسَانٌ، وَمَاتَ قَالَ: يَشْتَرِكُ وَلِيُّ السَّاقِطِ فِي الْبِئْرِ الَّذِي أَخَذَ الْقِيمَةَ فِيهَا قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ قَالَ: وَإِذَا جَاءَ وَلِيُّ السَّاقِطِ فِي الْبِئْرِ فَأَخَذَ الَّذِي أَخَذَ قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ مِنْ مَوْلَاهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي أَخَذَ الْقِيمَةَ خُصُومَةٌ، وَلَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ عَلَى مَوْلَى الْمُدَبَّرِ، فَإِذَا زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَوْلَى يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي أَخَذَ الْقِيمَةَ بِنِصْفِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُدَبَّرٌ حَفَرَ بِئْرًا فَمَاتَ فِيهَا رَجُلٌ فَدَفَعَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ، وَهِيَ أَلْفٌ بِقَضَاءٍ ثُمَّ مَاتَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ وَتَرَكَ أَلْفًا، وَعَلَيْهِ أَلْفَانِ، دَيْنٌ لِرَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَلْفٌ فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ آخَرُ فَمَاتَ فَالْأَلْفُ الَّذِي تَرَكَهُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى يُقَسَّمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَبَيْنَ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ لِلْغُرَمَاءِ أَرْبَعَةٌ، وَلَهُ سَهْمٌ فَإِنْ اقْتَسَمُوا ذَلِكَ بِقَضَاءٍ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ آخَرُ فَإِنَّ وَلِيَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ مَا أَخَذَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ وَيَتَّبِعَانِ الْغُرَمَاءَ فَيَأْخُذَانِ تَمَامَ رُبُعِ الْأَلْفِ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَلْقَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْأَخِيرَةِ صَاحِبَهُ، وَلَقِيَ أَحَدَ الْغَرِيمَيْنِ أَخَذَ مِنْهُ رُبُعَ مَا أَخَذَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ لَقِيَ هَذَا الْغَرِيمُ صَاحِبَهُ جَمَعَ مَا فِي أَيْدِيهِمَا فَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ، فَإِنْ الْتَقَى صَاحِبَا الْجِنَايَةِ اقْتَسَمَا مَا فِي أَيْدِيهِمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ الْتَقَوْا جَمِيعًا بَعْدَ ذَلِكَ قُسِّمَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ لِصَاحِبَيْ الْجِنَايَةِ الرُّبُعُ وَلِلْغَرِيمَيْنِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ دَفَعَ الْمَوْلَى خَمْسَمِائَةٍ إلَى الْأَوَّلِ بِلَا قَضَاءٍ ثُمَّ وَهَبَ الْوَلِيُّ لِلْمَوْلَى مَا قَبَضَ

الباب الثاني عشر في جناية البهائم والجناية عليها

وَمَا بَقِيَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ خُيِّرَ وَلِيُّ الثَّانِي بَيْنَ تَضْمِينِ الْمَوْلَى النِّصْفَ، وَتَضْمِينِهِ الرُّبْعَ، وَالْوَلِيُّ الرُّبْعُ، وَإِنْ دَفَعَ بِقَضَاءٍ يُتْبِعُ الْمَوْلَى بِالرُّبْعِ، وَالْوَلِيُّ بِالرُّبْعِ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَحُرًّا يَحْفِرَانِ لَهُ بِئْرًا فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمَا فَمَاتَا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قِيمَةُ الْعَبْدِ لِلْمَوْلَى ثُمَّ تِلْكَ الْقِيمَةُ تَكُونُ لِوَرَثَةِ الْحُرِّ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِهَا الْمَوْلَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ مَلَكَ الْعَبْدَ بِالضَّمَانِ، وَقَدْ صَارَ الْحُرُّ جَانِيًا عَلَى نِصْفِهِ، فَيَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ شَيْءٌ، وَكَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، ثُمَّ يَكُونُ ذَلِكَ لِوَرَثَةِ الْحُرِّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا حُرًّا، وَعَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَمُكَاتَبًا يَحْفِرُونَ لَهُ بِئْرًا فَوَقَعَتْ الْبِئْرُ عَلَيْهِمْ، وَمَاتُوا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْحُرِّ، وَلَا فِي الْمُكَاتَبِ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ، فَإِذَا دَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى الْمَوْلَى دَفَعَهَا الْمَوْلَى إلَى وَرَثَةِ الْحُرِّ وَالْمُكَاتَبِ، فَيَضْرِبُ وَرَثَةُ الْحُرِّ فِي قِيمَتِهِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ، وَوَرَثَةُ الْمُكَاتَبِ بِثُلُثِ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ ثُمَّ رَجَعَ الْمَوْلَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ مَرَّةً أُخْرَى، فَيُسَلِّمُ لَهُ، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ بِثُلُثِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَيَأْخُذَ أَوْلِيَاءُ الْمُكَاتَبِ مِنْ الْحُرِّ ثُلُثَ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ ثُمَّ يُؤْخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الْمُكَاتَبِ مِقْدَارُ قِيمَتِهِ، فَيَكُونَ بَيْنَ وَرَثَةِ الْحُرِّ وَالْمُسْتَأْجِرِ، يَضْرِبُ وَرَثَةُ الْحُرِّ بِثُلُثِ دِيَتِهِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ بِثُلُثِ قِيمَةِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَهَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّجْرِيدِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْبَعَةَ رَهْطٍ مُدَبَّرًا، وَمُكَاتَبًا، وَعَبْدًا، وَحُرًّا يَحْفِرُونَ لَهُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ حَفْرِهِمْ، فَمَاتُوا، وَلَمْ يُؤْذَنْ لِلْمُدَبَّرِ، وَلَا لِلْعَبْدِ فِي الْعَمَلِ، فَنَقُولُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَلِفَ بِفِعْلِهِ، وَفِعْلِ أَصْحَابِهِ، فَيَهْدُرُ رُبْعَ نَفْسِهِ، وَتُعْتَبَرُ جِنَايَةُ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قِيمَةُ الْعَبْدِ، وَالْمُدَبَّرِ لِمَوْلَاهُ ثُمَّ لِوَرَثَةِ الْحُرِّ رُبْعُ دِيَةِ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ، وَلِمَوْلَى الْمُكَاتَبِ رُبْعُ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ فِي رَقَبَةِ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ، فَيَضْرِبُ فِي هَاتَيْنِ الْقِيمَتَيْنِ وَرَثَةُ الْحُرِّ بِنِصْفِ دِيَةِ الْحُرِّ، وَوَرَثَةُ الْمُكَاتَبِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ، فَيَقْتَسِمَانِ ذَلِكَ عَلَى هَذَا، ثُمَّ يَرْجِعُ مَوْلَاهُمَا بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ رُبْعُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَهُ فِي رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ رُبُعُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ فِي رَقَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعُ قِيمَتِهِ مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي أَخْلَفَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَيَكُونُ بَعْضُهُ قِصَاصًا مِنْ بَعْضٍ، وَيُتَرَادَّانِ الْفَضْلَ، وَرُبْعُ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ، ثُمَّ يَأْخُذُ ذَلِكَ، وَرَثَةُ الْحُرِّ بِاعْتِبَارِ جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى رُبْعِ الْحُرِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ، فَيَأْخُذُونَ رُبْعَ الدِّيَةِ، وَيَرُدُّونَ الْفَضْلَ عَلَى مَوْلَى الْمُكَاتَبِ. وَلَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: قِيمَةُ الْمَمْلُوكِ فِي الْجِنَايَةِ تَبْلُغُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ رُبْعُ قِيمَتِهِ فِي قِيمَةِ الْآخَرِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَا يُفِيدُ اعْتِبَارُهُ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدَانِ مَأْذُونًا لَهُمَا فِي الْعَمَلِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَرُبْعُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي عُنُقِ صَاحِبِهِ، وَرُبْعُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ، وَكَذَلِكَ رُبْعُ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِيَةِ الْحُرِّ فِي أَعْنَاقِهِمْ فِي عُنُقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رُبْعٌ، فَإِذَا عَلَّقَتْ عَاقِلَةُ الْحُرِّ رُبْعَ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَأَخَذَ ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُلْنَا يُؤْخَذُ مِنْ مَوْلَى الْمُدَبَّرِ قِيمَةٌ كَامِلَةٌ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ مِثْلَ مَا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ، فَيُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، فَيَضْرِبُ فِيهِ وَرَثَةُ الْحُرِّ بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَمَوْلَى الْعَبْدِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ، وَمَوْلَى الْمُكَاتَبِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ تَرَكَ وَفَاءً أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ تَمَامُ قِيمَتِهِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَضْرِبُ فِيهَا وَلِيُّ الْحُرِّ بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَمَوْلَى الْعَبْدِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ، وَمَوْلَى الْمُدَبَّرِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ، ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْ مَوْلَى الْعَبْدِ جَمِيعُ مَا أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ، فَيَضْرِبُ مِنْ ذَلِكَ وَرَثَةُ الْحُرِّ بِرُبْعِ دِيَةِ الْحُرِّ، وَمَوْلَى الْمُدَبَّرِ بِرُبْعِ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ، وَمَوْلَى الْمُكَاتَبِ بِرُبْعِ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّانِي عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا] (الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ جِنَايَةَ الدَّابَّةِ لَا تَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي مِلْكِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ

أَوْ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَتْ فِي مِلْكِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مَعَهَا، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُهَا، وَاقِفَةً كَانَتْ الدَّابَّةُ أَوْ سَائِرَةً، وَطِئَتْ بِيَدِهَا أَوْ بِرِجْلِهَا أَوْ نَفَحَتْ بِيَدِهَا أَوْ بِرِجْلِهَا أَوْ ضَرَبَتْ بِذَنَبِهَا أَوْ كَدَمَتْ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا إنْ كَانَ قَائِدًا لَهَا أَوْ سَائِقًا لَهَا، فَكَذَا لَا يَضْمَنُ صَاحِبُهَا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ رَاكِبًا عَلَى الدَّابَّةِ، وَالدَّابَّةُ تَسِيرُ إنْ وَطِئَتْ بِيَدِهَا أَوْ بِرِجْلِهَا يَضْمَنُ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ، وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، وَيُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ كَدَمَتْ أَوْ نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ بِيَدِهَا أَوْ ضَرَبَتْ بِذَنَبِهَا، فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مِلْكِ غَيْرِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ، فَإِنْ دَخَلَتْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ إدْخَالِ صَاحِبِهَا بِأَنْ كَانَتْ مُنْفَلِتَةً، فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَإِنْ دَخَلَتْ بِإِدْخَالِ صَاحِبِهَا، فَصَاحِبُ الدَّابَّةِ ضَامِنٌ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا سَوَاءٌ كَانَتْ، وَاقِفَةً أَوْ سَائِرَةً. وَسَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا يَسُوقُهَا أَوْ يَقُودُهَا أَوْ كَانَ رَاكِبًا عَلَيْهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ مَالِكِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ كَانَتْ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ أَوْقَفَهَا صَاحِبُهَا، فَصَاحِبُ الدَّابَّةِ ضَامِنٌ مَا تَلِفَ بِفِعْلِ الدَّابَّةِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، وَإِنْ كَانَتْ سَائِرَةً، وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مَعَهَا، فَإِنْ سَارَتْ بِإِرْسَالِ صَاحِبِهَا، فَصَاحِبُهَا ضَامِنٌ مَا دَامَتْ تَسِيرُ فِي وَجْهِهَا، وَلَمْ تَسِرْ يَمِينًا وَشِمَالًا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، فَإِنْ عُطِفَتْ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا طَرِيقٌ إلَّا ذَلِكَ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُرْسِلِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا طَرِيقٌ آخَرُ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ، وَقَفَتْ الدَّابَّةُ ثُمَّ سَارَتْ خَرَجَ السَّائِقُ مِنْ الضَّمَانِ، فَإِنْ رَدَّهَا رَادَّانِ لَمْ تَرْتَدَّ، وَمَضَتْ فِي وَجْهِهَا، فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُرْسَلِ، فَإِنْ ارْتَدَّتْ، ثُمَّ وَقَفَتْ ثُمَّ سَارَتْ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ ارْتَدَّتْ، وَلَمْ تَقِفْ، وَمَضَتْ فِي وَجْهِهَا، وَأَصَابَتْ شَيْئًا ضَمِنَ الرَّادُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ سَارَتْ لَا بِتَسْيِيرِ صَاحِبِهَا بِأَنْ كَانَتْ مُنْفَلِتَةً، فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الرَّاكِبُ ضَامِنٌ لِمَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ، وَمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ كَدَمَتْ أَوْ خَبَطَتْ، وَكَذَا إذَا صَدَمَتْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَضْمَنُ مَا نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ ضَرَبَتْ بِذَنَبِهَا، وَالْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ قَائِدًا لَهَا نَظِيرُ الْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ رَاكِبًا عَلَيْهَا، وَأَمَّا السَّائِقُ، فَهَلْ يَضْمَنُ بِالنَّفْحَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَضْمَنُ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْقُدُورِيُّ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَضْمَنُ، وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ مَالَ مَشَايِخُنَا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّ السَّائِقَ لَا يَضْمَنُ النَّفْحَةَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَعَلَى الرَّاكِبِ الْكَفَّارَةُ فِي الْوَطْءِ لَا عَلَى السَّائِقِ وَالْقَائِدِ، وَكَذَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ فِي حَقِّ الرَّاكِبِ حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ، وَالْوَصِيَّةِ دُونَ السَّائِقِ وَالْقَائِدِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ كَانَ رَاكِبٌ وَسَائِقٌ قِيلَ: لَا يَضْمَنُ السَّائِقُ مَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ، وَقِيلَ: الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ. . فِي الْمُنْتَقَى إذَا سَارَ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّةٍ، وَخَلْفُهُ رَدِيفٌ، وَخَلْفُ الدَّابَّةِ سَائِقٌ، وَأَمَامَهَا قَائِدٌ، وَطِئَتْ إنْسَانًا، فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَرْبَاعًا، وَعَلَى الرَّاكِبِ وَالرَّدِيفِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ رَاثَتْ أَوْ بَالَتْ فِي الطَّرِيقِ، وَهِيَ تَسِيرُ، فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَا إذَا أَوْقَفَهَا لِذَلِكَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَلِكَ لَوْ، وَقَفَتْ لِلرَّوْثِ أَوْ لِلْبَوْلِ أَوْ سَالَ لُعَابُهَا، فَعَطِبَ إنْسَانٌ بِذَلِكَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ أَوْقَفَهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَعَطِبَ إنْسَانٌ بِرَوْثِهَا أَوْ بِبَوْلِهَا ضَمِنَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا حَصَاةٌ أَوْ نَوَاةً أَوْ أَثَارَتْ غُبَارًا أَوْ حَجَرًا صَغِيرًا، فَفَقَأَ عَيْنَ إنْسَانٍ أَوْ أَفْسَدَ ثَوْبَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَ حَجَرًا كَبِيرًا ضَمِنَ، وَالرَّاكِبُ، وَالرَّدِيفُ، وَالْقَائِدُ، وَالسَّائِقُ فِي الضَّمَانِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا سَارَ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي الطَّرِيقِ، فَعَثَرَتْ بِحَجَرٍ، وَضَعَهُ رَجُلٌ أَوْ بِدُكَّانٍ قَدْ بَنَاهُ رَجُلٌ أَوْ بِمَاءٍ قَدْ صَبَّهُ رَجُلٌ، فَوَقَعَتْ عَلَى إنْسَانٍ، فَمَاتَ، فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي أَحْدَثَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ قَالُوا: هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الرَّاكِبُ بِمَا أَحْدَثَ فِي الطَّرِيقِ، فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ، وَسَيَّرَ الدَّابَّةَ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَصْدًا، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْقُدُورِيِّ أَنَّ مَنْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ أَوْ عَلَى بَابِ مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ، فَنَفَحَتْ بِرِجْلِهَا إنْسَانًا، فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ جَعَلَ الْإِمَامُ مَوْضِعًا لِوُقُوفِ الدَّوَابِّ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَلَا ضَمَانَ مِمَّا حَدَثَ مِنْ الْوُقُوفِ فِيهِ كَذَا

فِي التَّبْيِينِ. وَلَكِنْ إذَا سَاقَ الدَّابَّةَ أَوْ قَادَهَا أَوْ سَارَ فِيهِ عَلَى الدَّابَّةِ ضَمِنَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي سُوقِ الدَّوَابِّ، فَرَمَحَتْ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَعَلَى هَذِهِ السَّفِينَةِ الْمَرْبُوطَةِ فِي الشَّطِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْقَفَ دَابَّةً عَلَى بَابِ سُلْطَانٍ، وَقَدْ تُوقَفُ الدَّوَابُّ بِبَابِهِ قَالَ: يَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ أَوْقَفَ الدَّابَّةَ فِي الْفَلَاةِ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا أَوْقَفَهَا فِي الْمَحَجَّةِ كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَوْقَفَ الرَّجُلُ دَابَّةً فِي أَرْضٍ أَوْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ، ثُمَّ إنَّهَا أَصَابَتْ شَيْئًا بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا، فَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ النِّصْفَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: هَذَا إذَا أَوْقَفَ الدَّابَّةَ فِي مَوْضِعٍ تُوقَفُ فِيهِ الدَّوَابُّ، وَأَمَّا إذَا أَوْقَفَهَا فِي مَوْضِعٍ لَا تُوقَفُ فِيهِ الدَّوَابُّ يَضْمَنُ قِيمَةَ مَا هَلَكَ بِفِعْلِ الدَّوَابِّ قِيَاسًا، وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَشُدَّهَا، فَسَارَتْ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الرَّجُلُ كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَوْقَفَهَا فِي الطَّرِيقِ مَرْبُوطَةً، فَجَالَتْ فِي رِبَاطِهَا، فَأَصَابَتْ شَيْئًا إنْ أَصَابَتْ بَعْدَمَا انْحَلَّ الرِّبَاطُ، وَزَالَ عَنْ مَكَانِهِ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَإِنْ أَصَابَتْ وَالرِّبَاطُ عَلَى حَالِهِ ضَمِنَ مَا جَنَتْ، وَإِنْ زَالَ الشُّغْلُ عَنْ مَكَانِ الْإِيقَافِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا جَمَحَتْ الدَّابَّةُ، فَضَرَبَهَا أَوْ كَبَحَهَا بِاللِّجَامِ، فَضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ بِذَنَبِهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَ مِنْهَا، فَذَهَبَتْ عَلَى وَجْهِهَا، فَقَتَلَتْ إنْسَانًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْحَاوِي. لَوْ اكْتَرَى حِمَارًا، فَأَوْقَفَهُ فِي الطَّرِيقِ عَلَى أَهْلِ مَجْلِسٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَنَخَسَهُ صَاحِبُهُ أَوْ ضَرَبَهُ أَوْ سَاقَهُ، فَنَفَحَ ضَمِنَ، وَهُوَ كَالْآمِرِ بِالسُّوقِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تَسِيرُ، وَعَلَيْهَا رَجُلٌ، فَنَخَسَهَا رَجُلٌ، فَأَلْقَتْ الرَّاكِبَ إنْ كَانَ النَّخْسُ بِإِذْنِهِ لَا يَجِبُ عَلَى النَّاخِسِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَعَلَيْهِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَإِنْ ضَرَبَتْ النَّاخِسَ فَمَاتَ، فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ أَصَابَتْ رَجُلًا آخَرَ بِالذَّنَبِ أَوْ بِالرِّجْلِ أَوْ كَيْفَ مَا أَصَابَتْ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاكِبِ، فَالضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا إلَّا فِي النَّفْحَةِ بِالرِّجْلِ، وَالذَّنَبِ، فَإِنَّهَا جُبَارٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ إلَّا إذَا كَانَ الرَّاكِبُ، وَاقِفًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، فَأَمَرَ رَجُلًا فَنَخَسَهَا، فَنَفَحَتْ رَجُلًا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَالضَّمَانُ كُلُّهُ عَلَى النَّاخِسِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هَذَا إذَا كَانَتْ النَّفْحَةُ فِي فَوْرِ النَّخْسِ، فَأَمَّا إذَا انْقَطَعَ فَوْرُهُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ قَادَ دَابَّةً، فَنَخَسَهَا رَجُلٌ، فَانْفَلَتَتْ مِنْ يَدِ الْقَائِدِ، فَأَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا، فَهُوَ عَلَى النَّاخِسِ، وَكَذَا إذَا كَانَ لَهَا سَائِقٌ، فَنَخَسَهَا غَيْرُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ دَابَّةٌ لَهَا سَائِقٌ، وَقَائِدٌ، فَنَخَسَهَا رَجُلٌ بِغَيْرِ إذْنِ أَحَدِهِمَا، فَنَفَحَتْ إنْسَانًا كَانَ ضَمَانُ النَّفْحِ عَلَى النَّاخِسِ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ النَّخْسُ بِأَمْرِ أَحَدِهِمَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا كَانَ النَّاخِسُ عَبْدًا فَجِنَايَةُ الدَّابَّةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا، فَهُوَ كَالرَّجُلِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ كَانَ يَسِيرُ عَلَى دَابَّتِهِ، فَأَمَرَ عَبْدًا حَتَّى نَخَسَهَا، فَنَفَحَتْ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ وَطِئَتْ إنْسَانًا فِي فَوْرِ النَّخْسَةِ، وَقَتَلَتْهُ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ النِّصْفُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّاكِبِ، وَالنِّصْفُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ يَدْفَعُهُ مَوْلَاهُ أَوْ يَفْدِيهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ مَوْلَى الْعَبْدِ عَلَى الْآمِرِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ، وَكَانَ الْعَبْدُ الْمَأْمُورُ بِالنَّخْسِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْمُورُ مَأْذُونًا لَهُ، فَمَوْلَى الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا لَحِقَهُ مِنْ الضَّمَانِ، وَالْجَوَابُ فِي الْآمِرِ بِسَوْقِ الدَّابَّةِ، وَقَوْدِهَا نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الْأَمْرِ بِنَخْسِهَا، وَإِنْ كَانَ الرَّاكِبُ عَبْدًا، فَأَمَرَ عَبْدًا آخَرَ بِأَنْ يَسُوقَ الدَّابَّةَ، فَوَطِئَتْ إنْسَانًا، فَإِنْ كَانَا مَأْذُونَيْنِ فِي التِّجَارَةِ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا فِي عُنُقِهِمَا نِصْفَانِ يَدْفَعَانِ بِذَلِكَ أَوْ يَفْدِيهِمَا مَوْلَاهُمَا، وَلَا يَرْجِعُ مَوْلَى الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ عَلَى الْعَبْدِ الْآمِرِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ مَحْجُورًا، وَالْآمِرُ مَأْذُونًا، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا فِي عُنُقِهِمَا، وَإِذَا دَفَعَ مَوْلَى الْمَأْمُورِ عَبْدَهُ، أَوْ فَدَاهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ رَجَعَ بِقِيمَةِ عَبْدِهِ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ كَانَا مَحْجُورَيْنِ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا فِي رَقَبَتِهِمَا أَيْضًا، وَإِذَا دَفَعَ مَوْلَى الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ عَبْدَهُ، أَوْ فَدَاهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ الْآمِرِ فِي الْحَالِ بِشَيْءٍ، وَإِذَا عَتَقَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ

وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَالْمَأْمُورُ مَأْذُونًا، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا فِي عُنُقِهِمَا أَيْضًا، وَإِذَا دَفَعَ مَوْلَى الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ نِصْفَ عَبْدِهِ، أَوْ فَدَاهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ الْآمِرِ لَا فِي الْحَالِ، وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا مَرَّتْ الدَّابَّةُ بِشَيْءٍ قَدْ نُصِبَ فِي الطَّرِيقِ، فَنَخَسَهَا ذَلِكَ الشَّيْءُ، فَنَفَحَتْ إنْسَانًا، فَقَتَلَتْهُ، فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي نَصَبَ ذَلِكَ الشَّيْءَ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ وَاقِفٌ عَلَى دَابَّتِهِ فِي الطَّرِيقِ، فَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَنْخُسَ دَابَّتَهُ، فَنَخَسَهَا، فَقَتَلَتْ رَجُلًا، وَطَرَحَتْ الْآمِرَ، فَدِيَةُ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى النَّاخِسِ، وَالرَّاكِبِ جَمِيعًا، وَدَمُ الْآمِرِ بِالنَّخْسِ هَدَرٌ، وَلَوْ سَارَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا، ثُمَّ نَفَحَتْ مِنْ فَوْرِ النَّخْسَةِ، فَالضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ دُونَ الرَّاكِبِ، وَإِنْ لَمْ تَسِرْ، فَنَفَحَتْ النَّاخِسَ، وَرَجُلًا آخَرَ، وَقَتَلَتْهُمَا، فَدِيَةُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى النَّاخِسِ وَالرَّاكِبِ، وَنِصْفُ دِيَةِ النَّاخِسِ عَلَى الرَّاكِبِ، وَلَوْ لَمْ يُوقِفْهَا الرَّاكِبُ عَلَى الطَّرِيقِ، وَلَكِنْ حَرَنَتْ، وَوَقَفَتْ، فَنَخَسَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ لِتَسِيرَ، فَنَفَحَتْ إنْسَانًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، رَجُلٌ رَكِبَ دَابَّةَ رَجُلٍ قَدْ أَوْقَفَهَا رَبُّهَا فِي الطَّرِيقِ، فَنَفَحَتْ إنْسَانًا، فَقَتَلَتْهُ، فَالضَّمَانُ عَلَى رَبِّهَا، وَعَلَى الرَّاكِبِ نِصْفَيْنِ، وَإِذَا أَوْقَفَ الرَّجُلُ دَابَّةَ رَجُلٍ فِي الطَّرِيقِ، وَرَبَطَهَا وَغَابَ، فَأَمَرَ رَبُّ الدَّابَّةِ رَجُلًا حَتَّى نَخَسَهَا، فَنَفَحَتْ رَجُلًا أَوْ نَفَحَتْ الْآمِرَ، فَدِيَتُهُ عَلَى النَّاخِسِ، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ أَوْقَفَهَا فِي الطَّرِيقِ، ثُمَّ أَمَرَ رَجُلًا حَتَّى نَخَسَهَا، فَقَتَلَتْ رَجُلًا، فَدِيَتُهُ عَلَى الْآمِرِ وَالنَّاخِسِ نِصْفَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ نَفَرَتْ مِنْ حَجَرٍ وَضَعَهُ رَجُلٌ عَلَى الطَّرِيقِ فَالْوَاضِعُ بِمَنْزِلَةِ النَّاخِسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ أَرْسَلَ حِمَارَهُ، فَدَخَلَ زَرْعَ إنْسَانٍ، وَأَفْسَدَهُ إنْ أَرْسَلَهُ، وَسَاقَهُ إلَى الزَّرْعِ بِأَنْ كَانَ خَلْفَهُ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ إلَّا أَنَّ الْحِمَارَ ذَهَبَ فِي فَوْرِهِ، وَلَمْ يَعْطِفْ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَذَهَبَ إلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرْسَلَهُ، فَأَصَابَ الزَّرْعَ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ ذَهَبَ يَمِينًا وَشِمَالًا ثُمَّ أَصَابَ الزَّرْعَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الطَّرِيقُ وَاحِدًا لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ وَاحِدًا كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ أَرْسَلَهُ، فَوَقَفَ سَاعَةً، ثُمَّ ذَهَبَ إلَى الزَّرْعِ، وَأَفْسَدَ لَا يَضْمَنُ الْمُرْسِلُ كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبُخَارِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ أَرْسَلَ بَقَرَهُ مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى أَرْضِهِ، فَدَخَلَ فِي زَرْعِ غَيْرِهِ، فَأَكَلَ إنْ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُ ذَلِكَ يَضْمَنُ، فَأَمَّا إذَا خَرَجَتْ الدَّابَّةُ مِنْ الْمَرْبِطِ، وَأَفْسَدَتْ زَرْعَ إنْسَانٍ أَوْ تَرَكَهَا فِي الْمَرْعَى، فَأَفْسَدَتْ زَرْعَ إنْسَانٍ، فَلَا ضَمَانَ، وَكَذَا السَّنَانِيرُ، وَالْكِلَابُ إذَا أَفْسَدَتْ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ أَرْسَلَ بَهِيمَةً، وَكَانَ لَهَا سَائِقًا، فَأَصَابَتْ مِنْ فَوْرِهِ إنْسَانًا أَوْ شَيْئًا ضَمِنَهُ، وَإِنْ أَرْسَلَ طَيْرًا وَسَاقَهُ، فَأَصَابَ مِنْ فَوْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبًا إلَى شَاةٍ إنْ وَقَفَ، ثُمَّ ذَهَبَ وَقَتَلَ الشَّاةَ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ ذَهَبَ فِي فَوْرِ الْإِرْسَالِ، وَقَتَلَ الشَّاةَ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَكُنْ سَائِقًا يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ، وَهَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا، وَالْمَشَايِخُ أَخَذُوا بِقَوْلِهِ، وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبًا، فَأَصَابَ فِي فَوْرِهِ إنْسَانًا، فَقَتَلَهُ أَوْ مَزَّقَ ثِيَابَهُ ضَمِنَ الْمُرْسِلُ، وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَغْرَى كَلْبَهُ عَلَى رَجُلٍ، فَعَضَّهُ أَوْ مَزَّقَ ثِيَابَهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى: قَوْلُ أَبِي يُوسُف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ كَلْبٌ عَقُورٌ يُؤْذِي مَنْ مَرَّ بِهِ، فَلِأَهْلِ الْبَلَدِ أَنْ يَقْتُلُوهُ، وَإِنْ أَتْلَفَ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ الضَّمَانُ إنْ كَانَ تَقَدَّمَ إلَيْهِ قَبْلَ الْإِتْلَافِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَى صَيْدٍ، وَلَمْ يَكُنْ سَائِقًا، فَأَصَابَ إنْسَانًا لَا يَضْمَنُ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَدْخَلَ بَعِيرًا مُغْتَلِمًا فِي دَارِ رَجُلٍ، وَفِي الدَّارِ بَعِيرُ

صَاحِبِهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهِ الْمُغْتَلِمُ، فَقَتَلَهُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْمُغْتَلِمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ أَدْخَلَ صَاحِبُ الْمُغْتَلِمِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ، فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَإِنْ كَانَ أَدْخَلَهُ بِإِذْنِهِ، فَلَا ضَمَانَ، وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَقَائِدُ الْقِطَارِ فِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ أَوَّلَهُ، وَآخِرَهُ، وَإِنْ كَانَ عَظِيمًا لَا يُمْكِنُهُ ضَبْطُ آخِرِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ سَائِقَانِ ضَمِنَا، وَإِنْ كَانَ ثَالِثٌ وَسَطَ الْقِطَارِ ضَمِنُوا أَثْلَاثًا يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ الْآخَرُ يَمْشِي فِي جَانِبٍ مِنْ الْقِطَارِ يَسُوقُهُ، فَيَكُونُ سَوْقُ الْبَعْضِ كَسَوْقِ الْكُلِّ بِحُكْمِ الِاتِّصَالِ، فَإِنْ كَانَ وَسَطَ الْقِطَارِ آخِذًا بِزِمَامِ بَعِيرٍ، فَمَا أَصَابَ مِمَّا خَلْفَهُ، فَضَمَانُهُ عَلَيْهِ خَاصَّةً، وَمَا أَصَابَ مِمَّا قَبْلَهُ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَا أَحْيَانًا وَسَطَهَا، وَأَحْيَانًا يَتَقَدَّمُ، وَيَتَأَخَّرُ، فَهُوَ سَائِقٌ، وَالضَّمَانُ نِصْفَانِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي وَسَطِ الْقِطَارِ آخِذًا بِزِمَامِ بَعِيرٍ يَقُودُ مَا خَلْفَهُ، وَلَا يَسُوقُ مَا قَبْلَهُ، فَمَا أَصَابَ مِمَّا خَلْفَهُ، فَلَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الْقَائِدِ الْأَوَّلِ، وَمَا أَصَابَ مِمَّا قَبْلَهُ، فَضَمَانُ ذَلِكَ عَلَى الْقَائِدِ الْأَوَّلِ، وَلَا شَيْءَ فِيهِ عَلَى هَذَا الَّذِي فِي وَسَطِ الْقِطَارِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَائِقٍ لِمَا قَبْلَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ رَجُلٌ رَاكِبًا وَسَطَ الْقِطَارِ عَلَى بَعِيرٍ، وَلَا يَسُوقُ مِنْهَا شَيْئًا لَمْ يَضْمَنْ مِمَّا تُصِيبُ الْإِبِلُ الَّتِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَكِنْ هُوَ مَعَهُمْ فِي الضَّمَانِ فِيمَا أَصَابَ الْبَعِيرَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ، وَمَا خَلْفَهُ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: هَذَا إذَا كَانَ زِمَامُ مَا خَلْفَهُ بِيَدِهِ يَقُودُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ نَائِمًا عَلَى بَعِيرِهِ أَوْ قَاعِدًا لَا يَفْعَلُ شَيْئًا يَكُونُ بِهِ قَائِدًا لِمَا خَلْفَهُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ فِي حَقِّ مَا خَلْفَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ عَلَى بَعِيرٍ كَذَا فِي النِّهَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ. قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: إذَا قَادَ الرَّجُلُ قِطَارًا، وَخَلْفَهُ سَائِقٌ، وَأَمَامَهُ رَاكِبٌ عَلَى بَعِيرِهِ، فَوَطِئَ بَعِيرُ الرَّاكِبِ إنْسَانًا، فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا، وَكَذَلِكَ إذَا وَطِئَ بَعِيرٌ مِمَّا خَلْفَ الرَّاكِبِ إنْسَانًا، وَإِنْ وَطِئَ بَعِيرٌ أَمَامَ الرَّاكِبِ، فَهُوَ عَلَى الْقَائِدِ، وَالسَّائِقِ نِصْفَانِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّاكِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا يَقُودُ قِطَارًا، فَرَبَطَ إنْسَانٌ فِي قِطَارِهِ بَعِيرًا، وَالْقَائِدُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ، فَوَطِئَ هَذَا الْبَعِيرُ إنْسَانًا، فَأَتْلَفَهُ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَائِدِ، ثُمَّ تَرْجِعُ عَاقِلَةُ الْقَائِدِ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِدُ يَعْلَمُ بِرَبْطِ الْبَعِيرِ لَا تَرْجِعُ عَاقِلَةُ الْقَائِدِ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِبِلُ وُقُوفًا، فَرَبَطَ الرَّجُلُ بَعِيرًا، فَقَادَ صَاحِبُ الْقِطَارِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَائِدِ، وَلَا تَرْجِعُ عَاقِلَةُ الْقَائِدِ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَوْ انْفَلَتَتْ الدَّابَّةُ، فَأَصَابَتْ مَالًا أَوْ آدَمِيًّا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي النَّوَازِلِ صَاحِبُ الزَّرْعِ إذَا قَالَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ: إنَّ دَابَّتَكَ فِي زَرْعِي، فَأَخْرَجَهَا صَاحِبُهَا، فَأَفْسَدَتْ الدَّابَّةُ فِي حَالِ خُرُوجِهَا، فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ صَاحِبُ الزَّرْعِ صَاحِبَ الدَّابَّةِ بِالْإِخْرَاجِ، فَصَاحِبُ الدَّابَّةِ ضَامِنٌ، وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْإِخْرَاجِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ هَكَذَا اخْتِيَار الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو نَصْرٍ: يَعُودُ بِالضَّمَانِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ وَجَدَ فِي زَرْعِهِ فِي اللَّيْلِ ثَوْرَيْنِ، وَظَنَّ أَنَّهُمَا لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ، فَإِنْ كَانَا لِغَيْرِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، فَأَرَادَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا مَرْبِطَهُ، فَدَخَلَ فِي الْمَرْبِط أَحَدُهُمَا، وَفَرَّ الْآخَرُ فَتَبِعَهُ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَجَاءَ صَاحِبُ الثَّوْرِ فَأَرَادَ تَضْمِينَهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ عِنْدَ الْأَخْذِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِشْهَادِ، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُشْهِدُهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَقِيلَ لِلشَّيْخِ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ هَذَا نَهَارًا، فَقَالَ: إنْ كَانَ الثَّوْرُ لِغَيْرِ أَهْلِ قَرْيَتِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ اللُّقَطَةِ إنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ يَأْخُذُهُ أَوْ يَحْبِسُهُ فِي مَرْبِطِهِ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُشْهِدُ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّوْرُ لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ زَرْعِهِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ إذَا ضَاعَ الثَّوْرُ، وَإِنْ سَاقَهُ بَعْدَمَا أَخْرَجَهُ مِنْ زَرْعِهِ ضَمِنَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ، وَجَدَ دَابَّةَ إنْسَانٍ فِي زَرْعِهِ، فَأَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ، فَجَاءَ ذِئْبٌ، فَأَكَلَهَا، فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالَ: يَضْمَنُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ أَخْرَجَهَا، وَلَمْ يَسُقْهَا فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ سَاقَهَا بَعْدَ

الباب الثالث عشر في جناية المماليك وفيه ثلاثة فصول

مَا أَخْرَجَهَا، فَهُوَ ضَامِنٌ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، وَالْقَاضِي الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إنْ سَاقَهَا بَعْدَمَا أَخْرَجَهَا إلَى مَوْضِعٍ يَأْمَنُ عَلَى زَرْعِهِ مِنْهَا، فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ ضَامِنٌ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْفَضْلِيُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ سَاقَهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا، فَعَطِبَتْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهَا كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الرَّاعِي إذَا وَجَدَ فِي سَرْحِهِ بَقَرَةً أَجْنَبِيَّةً، فَطَرَدَهَا قَدْرَ مَا تَخْرُجُ مِنْ سَرْحِهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. زَارِعٌ سَأَلَ الْغَنَمَ مِنْ الرَّاعِي الْخَاصِّ أَوْ الْمُشْتَرَكِ لِيُبَيِّتَهَا فِي ضَيْعَتِهِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ، فَفَعَلَ، وَبَيَّتَهَا فِيهَا وَنَامَ، وَنَفَشَتْ الْغَنَمُ فِي زَرْعِ جَارِهِ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا وَجَدَ فِي كَرْمِهِ أَوْ زَرْعِهِ دَابَّةَ رَجُلٍ، وَقَدْ أَفْسَدَتْ شَيْئًا، فَحَبَسَهَا صَاحِبُ الْكَرْمِ أَوْ الزَّرْعِ، فَهَلَكَتْ ضَمِنَ صَاحِبُ الْكَرْمِ أَوْ الزَّرْعِ قِيمَتَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . إذَا أَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِي دَارِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَأَخْرَجَهَا صَاحِبُ الدَّارِ، فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ، وَضَعَ ثَوْبًا فِي بَيْتِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَرَمَى بِهِ صَاحِبُ الْبَيْتِ، وَكَانَ ذَلِكَ حَالَ غَيْبَةِ الْمَالِكِ ضَمِنَ قِيمَةَ الثَّوْبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ يَسُوقُ حِمَارًا لِحَطَبٍ فِي الطَّرِيقِ، وَقَالَ: (كوست كوست) وَقُدَّامَهُ رَجُلٌ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ حَتَّى أَصَابَ ثَوْبَهُ، فَتَخَرَّقَ ضَمِنَ السَّائِقُ، وَكَذَا لَوْ سَمِعَ صَوْتَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ التَّنَحِّي لِضِيقِ الْمُدَّةِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْأَصَمِّ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّنَحِّي، فَلَمْ يَتَنَحَّ بَعْدَمَا سَمِعَ لَا يَضْمَنُ السَّائِقُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيّ إذَا قَطَعَ الرَّجُلُ يَدَ دَابَّةِ إنْسَانٍ أَوْ رِجْلَهَا إنْ كَانَتْ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا، فَعَلَى الْجَانِي قِيمَتُهَا، وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَ الدَّابَّةَ، وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ كَالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَالْبَقَرِ، فَكَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ فَتَحَ بَابَ قَفَصٍ، فَطَارَ الطَّيْرُ أَوْ بَابِ إصْطَبْلٍ، فَخَرَجَتْ الدَّابَّةُ، وَضَلَّتْ لَا يَضْمَنُ الْفَاتِحُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَضْمَنُ كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الْمُنْتَقَى أَنَّ مَا يَحْمِلُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَفِي عَيْنِهِ رُبْعُ قِيمَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي عَيْنِ الْبِرْذَوْنِ، وَالْإِبِلِ، وَالْحِمَارِ، وَالْبَغْلِ رُبْعُ الْقِيمَةِ، وَكَذَا فِي عَيْنِ بَقَرَةِ الْجَزَّارِ، وَجَزُورِ الْجَزَّارِ، وَكَذَا فِي عَيْنِ الْفَصِيلِ، وَالْجَحْشِ، وَفِي إحْدَى عَيْنَيْ الشَّاةِ، وَالْجَمَلِ، وَالطَّيْرِ، وَالْكَلْبِ، وَالسِّنَّوْرِ مَا انْتَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَيْهِ النُّقْصَانُ فِي جَمِيعِ الْبَهَائِمِ كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْمَمَالِيكِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْل الْأَوَّل فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَمَا يَصِير بِهِ الْمَوْلَى مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْمَمَالِيكِ) ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ، وَمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَوْلَى مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: إذَا جَنَى الْعَبْدُ عَلَى آدَمِيٍّ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ، فَإِنَّ مَوْلَاهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَهُ بِهَا، وَإِنْ شَاءَ، فَدَاهُ بِالْأَرْشِ هَذَا مَذْهَبُنَا إلَّا أَنَّ الْمُوجِبَ الْأَصْلِيَّ الدَّفْعُ، وَلَهُ التَّخْلِيصُ عَنْ ذَلِكَ بِالْفِدَاءِ بِالْأَرْشِ، وَأَيَّ ذَلِكَ اخْتَارَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ حَالَّا، وَلَا يَكُونُ مُؤَجَّلًا، وَلَا يَقْضِي بِشَيْءٍ حَتَّى يَبْرَأَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَخَطَأُ الْعَبْدِ، وَعَمْدُهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَلَى السَّوَاءِ يُوجِبُ الْمَالَ فِي الْحَالَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ بَطَلَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنَّ مَوْلَاهُ قَتَلَهُ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْأَرْشِ، فَإِنْ لَمْ يَقْتُلْهُ مَوْلَاهُ، وَلَكِنْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ إنْ كَانَ عَمْدًا بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ، وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَقْتَصَّ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً يَأْخُذُ الْقِيمَةَ، ثُمَّ يَدْفَعُ تِلْكَ الْقِيمَةَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ، وَلَا يُخَيَّرُ الْمَالِكُ حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ لَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْأَرْشِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَمَا اخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ لَمْ يَبْرَأْ بِمَوْتِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً خَطَأً، وَاخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي بِهِ الْفِدَاءَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: اخْتِيَارُ الْفِدَاءِ مَاضٍ عَلَى حَالِهِ، وَلَا يَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ أَنْ يَنْقُضُوا الِاخْتِيَارَ، وَيُعِيدُوا حَقَّهُمْ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِدِيَتِهِمْ حَتَّى يَبِيعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ، وَيَقْضِيَ الدِّيَةَ

مِنْ ثَمَنِهِ، وَيَكُونَ الْبَاقِي دَيْنًا عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَبِعْ الْعَبْدُ بِنَفْسِهِ لَا يَبِيعُ الْقَاضِي عَلَيْهِ بَلْ يَحْبِسُهُ حَتَّى يَبِيعَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَبِيعَ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَدَّى الْفِدَاءَ كَانَ الِاخْتِيَارُ مَاضِيًا عَلَى حَالِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْفِدَاءِ كَانَ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ الْخِيَارُ إنْ شَاءُوا نَقَضُوا الِاخْتِيَارَ حَتَّى يَعُودَ حَقُّهُمْ فِي الْعَبْدِ، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يَنْقُضُوا الِاخْتِيَارُ، وَطَلَبُوا مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَيَقْضِيَ حَقَّهُمْ فِي الدِّيَةِ مِنْ ثَمَنِهِ، وَيَكُونَ الْبَاقِي دَيْنًا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ. الْقِنُّ إذَا جَنَى بَعْدَ الْفِدَاءِ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ، وَالْفِدَاءِ كَالْجِنَايَةِ الْأُولَى، وَكَذَا كُلَّمَا جَنَى بَعْدَ الْفِدَاءِ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ، وَلَوْ جَنَى قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فِي الْأُولَى شَيْئًا أَوْ جَنَى جِنَايَتَيْنِ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ جِنَايَاتٍ قِيلَ: لِمَوْلَاهُ إمَّا أَنْ تَدْفَعَهُ بِالْكُلِّ أَوْ تَفْدِيَهُ بِأَرْشِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجِنَايَاتِ، ثُمَّ إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِمْ اقْتَسَمُوهُ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ، وَحَقُّ كُلٍّ مِنْهُمْ أَرْشُ جِنَايَتِهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِذَا قَتَلَ وَاحِدًا، وَفَقَأَ عَيْنَ آخَرَ، فَإِنَّهُمَا يَقْتَسِمَانِهِ أَثْلَاثًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَلِكَ إذَا شَجَّ ثَلَاثَةً شِجَاجًا مُخْتَلِفَةً دَفَعَ إلَيْهِمْ، وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ بِقَدْرِ جِنَايَاتِهِمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا جَنَى جِنَايَةً، وَخَيَّرَ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، فَاخْتَارَ دَفْعَ نِصْفِ الْعَبْدِ أَوْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ وَاحِدًا بِأَنْ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا خَطَأً، وَلَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ، أَوْ قَطَعَ الْعَبْدُ يَدَ حُرٍّ خَطَأً، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إذَا اخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ فِي الْكُلِّ، وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَارَ دَفْعَ نِصْفِ الْعَبْدِ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِدَفْعِ الْكُلِّ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ اثْنَيْنِ بِأَنْ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلَيْنِ خَطَأً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ابْنٌ، فَاخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ الدَّفْعَ، فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى خِيَارِهِ فِي حَقِّ الْآخَرِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ أَيْضًا الْوَجْهُ الثَّالِثُ: إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ وَاحِدًا، وَلَهُ وَلِيَّانِ، وَاخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا هَلْ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ؟ فَفِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَفِي إحْدَى رِوَايَتَيْ كِتَابِ الدَّوْرِ لَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَاتٍ، فَغَصَبَهُ إنْسَانٌ أَوْ جَنَى فِي يَدِ الْغَاصِبِ جِنَايَاتٍ، فَمَاتَ فِي يَدِهِ، فَالْقِيمَةُ بَيْنَ أَصْحَابِ الْجِنَايَاتِ تُقَسَّمُ كَمَا تُقَسَّمُ الرَّقَبَةُ، وَلَا خِيَارَ لِلْمَوْلَى فِيهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ جَنَتْ الْأَمَةُ جِنَايَةً خَطَأً، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا، فَقَطَعَ الْوَلَدُ يَدَهَا، فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْأُمَّ، وَنِصْفَ قِيمَتِهَا إلَى أَهْلِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهَا، وَوَلَدَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُمَا، وَأَعْطَى الْأَرْشَ سَوَاءٌ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا أَوْ مِثْلَ نِصْفِ قِيمَتِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. أَمَةٌ قَطَعَتْ يَدَ رَجُلٍ، ثُمَّ وَلَدَتْ، فَقَتَلَهَا الْوَلَدُ خُيِّرَ الْمَوْلَى، فَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الْوَلَدَ، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ دِيَةِ الْيَدِ، وَمِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، ثُمَّ قَتَلَتْ جَارِيَةٌ لِلْمَوْلَى ذَلِكَ الْعَبْدَ خَطَأً قِيلَ لِلْمَوْلَى: ادْفَعْهَا أَوْ افْدِهَا بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا خَطَأً، وَقَتَلَتْ الْأَمَةُ رَجُلًا، وَهُمَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْأَمَةَ خَطَأً، فَالْمَوْلَى مُخَيَّرٌ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ ضَرَبَ فِيهِ أَوْلِيَاءُ الْحُرِّ بِدِيَةِ الْحُرِّ، وَأَوْلِيَاءُ جِنَايَةِ الْأَمَةِ بِقِيمَتِهَا، فَيُقْسَمُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِدِيَةِ الْحُرِّ، وَبِقِيمَةِ الْأَمَةِ لِأَوْلِيَاءِ جِنَايَتِهِمَا، وَإِذَا قَتَلَتْ الْأَمَةُ قَتِيلًا خَطَأً، ثُمَّ وَلَدَتْ بِنْتًا، ثُمَّ قَتَلَتْ الْبِنْتُ رَجُلًا خَطَأً، ثُمَّ إنَّ الْبِنْتَ قَتَلَتْ الْأَمَةَ، فَاخْتَارَ الْمَوْلَى دَفْعَهَا ضَرَبَ أَوْلِيَاءُ قَتِيلِ الْأَمَةِ فِيهَا بِقِيمَةِ الْأُمِّ، وَأَوْلِيَاءُ قَتِيلِ الْبِنْتِ بِالدِّيَةِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى فِدَاءَ الْبِنْتِ دَفَعَ دِيَةَ قَتِيلِهَا إلَى وَلِيِّهَا، وَقِيمَةَ الْأُمِّ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْأُمِّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ الْبِنْتَ، فَقَأَتْ عَيْنَ الْأُمِّ، وَلَمْ تَقْتُلْهَا، فَهَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَخْتَارَ دَفْعَهُمَا، أَوْ فِدَاءَهُمَا أَوْ فِدَاءَ الْأُمِّ وَدَفْعَ الْبِنْتِ أَوْ فِدَاءَ الْبِنْتِ، وَدَفْعَ الْأُمِّ، فَإِنْ اخْتَارَ دَفْعَهُمَا دَفَعَ الْأُمَّ إلَى أَوْلِيَاءِ قَتِيلِ الْأُمِّ، وَدَفَعَ الْبِنْتَ إلَى أَوْلِيَاءِ قَتِيلِ الْأُمِّ، وَإِلَى أَوْلِيَاءِ قَتِيلِ الْبِنْتِ، فَيَضْرِبُ فِيهَا أَوْلِيَاءُ قَتِيلِ الْبِنْتِ بِالدِّيَةِ، وَأَوْلِيَاءُ قَتِيلِ الْأُمِّ بِنِصْفِ الْأُمِّ، وَإِنْ اخْتَارَ فِدَاءَهُمَا فَإِنَّهُ يَفْدِي لِكُلِّ فَرِيقٍ بِتَمَامِ الدِّيَةِ، وَسَقَطَتْ جِنَايَةُ الْبِنْتِ عَلَى الْأُمِّ، وَإِنْ اخْتَارَ دَفْعَ الْأُمِّ، وَفِدَاءَ الْبِنْتِ دَفَعَ الْأُمَّ إلَى أَوْلِيَاءِ قَتِيلِ الْأُمِّ، وَيَفْدِي لِأَوْلِيَاءِ قَتِيلِ الْبِنْتِ بِالدِّيَةِ، وَلِأَوْلِيَاءِ قَتِيلِ الْأُمِّ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ، وَلَوْ اخْتَارَ دَفْعَ الْبِنْتِ، وَفِدَاءَ الْأُمِّ دَفَعَ الْبِنْتَ إلَى أَوْلِيَاءِ قَتِيلِ

الْبِنْتِ، وَيَفْدِي لِأَوْلِيَاءِ قَتِيلِ الْأُمِّ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ فَقَأَتْ الْأُمُّ عَيْنَ الْبِنْتِ بَعْدَمَا فَقَأَتْ الْبِنْتُ عَيْنَهَا، فَاخْتَارَ الْمَوْلَى دَفْعَهُمَا فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْبِنْتَ، فَيَضْرِبُ فِيهَا أَوْلِيَاءُ قَتِيلِهَا بِالدِّيَةِ، وَوَلِيُّ قَتِيلِ الْأُمِّ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ يَكُونُ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ مِنْ الْبِنْتِ مَعَ الْأُمِّ، وَيَدْفَعُ الْأُمَّ، وَمَا أَصَابَهَا بِأَرْشِ عَيْنِهَا مِنْ الْبِنْتِ، فَيَكُونُ مَا دَفَعَ بِهَا مِنْ الْبِنْتِ لِوَلِيِّ قَتِيلِ الْأُمِّ خَاصَّةً، ثُمَّ يَضْرِبُ وَلِيُّ قَتِيلِ الْأُمِّ فِي الْأُمِّ بِمَا بَقِيَ مِنْ الدِّيَةِ، وَيَضْرِبُ فِيهَا وَلِيُّ جِنَايَةِ الْبِنْتِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنْتِ، فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ فِيهِمَا، فَدَاهُمَا بِدِيَتَيْنِ، وَأَمْسَكَهُمَا جَمِيعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْجَانِي عَبْدًا لِرَجُلٍ آخَرَ، فَإِنَّ مَوْلَى الْعَبْدِ الثَّانِي يُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، فَإِنْ فَدَاهُ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ قُسِمَتْ الْقِيمَةُ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى بِقَدْرِ حُقُوقِهِمْ، وَلَا يَتَخَيَّرُ الْمَوْلَى، وَإِنْ اخْتَارَ مَوْلَى الثَّانِي دَفَعَهُ إلَى مَوْلَى الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ كَانَ مَوْلَى الْمَقْتُولِ فِي الْعَبْدِ الَّذِي أَخَذَ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ دَفَعَهُ، وَإِنْ شَاءَ، فَدَاهُ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدَ الْقَاتِلَ عَبْدٌ، وَدَفَعَ بِهِ، فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى أَوْ بَاعَهُ كَانَ مُخْتَارًا لِدِيَةِ الْحُرِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا جَنَى عَلَى الْأَمَةِ الْجَانِيَةِ، فَأَخَذَ الْمَوْلَى لِذَلِكَ أَرْشًا، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْأَرْشَ مَعَهَا، وَإِنْ كَانَ جَنَى عَلَيْهَا قَبْلَ جِنَايَتِهَا لَمْ يَدْفَعْ الْمَوْلَى ذَلِكَ الْأَرْشَ مَعَهَا، وَإِنْ كَانَ وَجَبَ الْأَرْشُ بَعْدَ جِنَايَتِهَا، فَأَمْسَكَهَا الْمَوْلَى وَفَدَاهَا، فَلَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِذَلِكَ الْأَرْشِ فِي الْفِدَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ الْفِدَاءَ حَتَّى اسْتَهْلَكَ الْأَرْشَ، أَوْ وَهَبَهُ لِلْجَانِي عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ مُخْتَارًا، وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا، ثُمَّ عَلَيْهِ أَنْ يَغْرَمَ مِثْلَ مَا اسْتَهْلَكَ، فَيَدْفَعَهُ مَعَهَا، وَإِنْ كَانَ الْجَانِي عَلَيْهَا عَبْدًا، فَدَفَعَهُ الْمَوْلَى كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهُمَا جَمِيعًا أَوْ يَفْدِيَهُمَا بِالدِّيَةِ، فَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ فَهَذَا اخْتِيَارٌ مِنْهُ لِلْأَمَةِ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ. وَكَذَلِكَ إنْ أَعْتَقَ الْأَمَةَ، فَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ اخْتَارَ دَفْعَ الْأَمَةِ دَفَعَ مَعَهَا قِيمَةَ الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْعَبْدُ فَقَأَ عَيْنَ الْأَمَةِ، فَدَفَعَ بِهَا، وَأَخَذَتْ الْجَارِيَةُ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَصِيرُ مَكَانَهَا يَدْفَعُهُ الْمَوْلَى أَوْ يَفْدِيهِ بِالدِّيَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا جَنَى عَلَيْهَا أَحَدٌ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَيْهَا قَبْلَ جِنَايَتِهَا أَوْ بَعْدَ جِنَايَتِهَا، فَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَيْهَا كَانَتْ قَبْلَ جِنَايَتِهَا كَانَ الْحُكْمُ بِمَا تَصَادَقَا عَلَيْهِ، وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ، وَقَالَا: لَا نَعْلَمُ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَيْهَا كَانَتْ قَبْلَ جِنَايَتِهَا أَوْ بَعْدَ جِنَايَتِهَا كَيْفَ يَصْنَعُ بِالْأَرْشِ إذَا اخْتَارَ الدَّفْعَ قَالُوا: ذَكَرَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْوَكَالَةِ، وَقَالَ: يَكُونُ الْأَرْشُ بَيْنَ الْمَوْلَى، وَالْمَجْنِيّ عَلَيْهِ نِصْفَيْنِ، وَإِذَا اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ: إنَّ الْأَرْشَ وَجَبَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَإِنَّهُ لِي مَتَى اخْتَرْتَ الدَّفْعَ، وَقَالَ الْمَوْلَى: لَا بَلْ وَجَبَ الْأَرْشُ قَبْلَ جِنَايَتِهَا، وَإِنَّهُ لِي مَتَى اخْتَرْتُ الدَّفْعَ ذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ وَيَكُونُ الْأَرْشُ لَهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَجَبَ الْأَرْشُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ قَتِيلًا خَطَأً، ثُمَّ فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَهُ، ثُمَّ قَتَلَ آخَرَ خَطَأً، ثُمَّ اخْتَارَ الْمَوْلَى دَفْعَهُ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ أَرْشَ الْعَيْنِ إلَى الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا يَضْرِبُ فِيهِ الْأَوَّلُ بِالدِّيَةِ إلَّا مَا أَخَذَهُ مِنْ أَرْشِ الْعَيْنِ، وَيَضْرِبُ فِيهِ الْآخَرُ بِالدِّيَةِ حَتَّى إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَكَانَ أَرْشُ الْعَيْنِ خَمْسَمِائَةٍ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الَّذِي فَقَأَ الْعَيْنَ عَبْدًا، فَدَفَعَ بِهِ كَانَ وَلِيُّ الْأَوَّلِ أَحَقَّ بِهِ، ثُمَّ يَضْرِبُ مَعَ الْآخَرِ بِالدِّيَةِ إلَّا قِيمَةَ الْعَبْدِ الَّذِي أَخَذَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ اكْتَسَبَ الْعَبْدُ الْجَانِي أَوْ وَلَدَتْ الْجَانِيَةُ وَلَدًا، فَاخْتَارَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ لَمْ يَدْفَعْ الْكَسْبَ وَالْوَلَدَ كَذَا فِي الْحَاوِي قَالَ: وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً، ثُمَّ أَصَابَهُ عَيْبٌ سَمَاوِيٌّ، فَإِنَّ الْمَوْلَى يُخَاطَبُ بِدَفْعِهِ أَوْ الْفِدَاءِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَيْبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَعَثَهُ الْمَوْلَى فِي حَاجَةٍ، فَعَطِبَ فِيهَا أَوْ اسْتَخْدَمَهُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا لَحِقَهُ بِذَلِكَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بَعْدَ جِنَايَتِهِ، فَاسْتَغْرَقَ رَقَبَتَهُ دَيْنٌ، فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ، وَلَا يَضْمَنُ الْأَرْشَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: عَبْدٌ أُذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، فَلَحِقَهُ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ إنَّهُ جَنَى جِنَايَةً خَطَأً، ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ، فَإِنْ عَلِمَ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ لِلْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ بِالدَّيْنِ، وَالْجِنَايَةِ جَمِيعًا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتَانِ قِيمَةٌ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ، وَقِيمَةٌ لِلْغُرَمَاءِ، ثُمَّ إنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ، فَإِنَّهُ يَتَخَلَّصُ عَنْهُ بِدَفْعِ الْأَرْشِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعْتِقْهُ الْمَوْلَى

حَيْثُ يَدْفَعُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ تَسْلِيمِ الْعَبْدِ، وَبَيْنَ قَضَاءِ الدَّيْنِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَتَلَ أَجْنَبِيٌّ هَذَا الْعَبْدَ خَطَأً لَمْ يَغْرَمْ إلَّا قِيمَةً وَاحِدَةً لِلْمَالِكِ، ثُمَّ يَدْفَعُهَا الْمَوْلَى إلَى الْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي. الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا جَنَى يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ، وَالْفِدَاءِ، فَإِنْ دَفَعَهُ بِالْجِنَايَةِ بِيعَ لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ، فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ نَقَصَ ثَمَنُهُ عَنْ دَيْنِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَا عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ حَتَّى يُعْتَقَ الْعَبْدُ، فَيُتْبِعُوهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِمْ وَقَدْ قَالُوا: بِأَنَّ الْمَوْلَى لَوْ دَفَعَهُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ الْقِيمَةَ فِي الْقِيَاسِ لِأَصْحَابِ الدَّيْنِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا، وَلَوْ دَفَعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ إلَى أَوْلِيَاءِ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِمْ إنْ كَانَ عَالِمًا كَانَ مُخْتَارًا لِلْجِنَايَةِ، وَلَزِمَهُ الْأَرْشُ، وَالْقِيمَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا، وَلَوْ بَاعَهُ الْقَاضِي فِي الدَّيْنِ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ عِنْدَهُ، وَلَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ حَضَرَ صَاحِبُ الْجِنَايَةِ وَلَا فَضْلَ فِي الثَّمَنِ عَلَى الدَّيْنِ، فَقَدْ سَقَطَ حَقُّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ هَكَذَا فِي الْحَاوِي. قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ رَجُلًا خَطَأً، وَقِيمَتُهُ مِثْلُ الدَّيْنِ، فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَفْدِيَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ، فَإِنْ قَالَ: لَا أَفْدِي كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَدْفَعَ بِالْجِنَايَةِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ صَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ بَاعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ الْجَانِيَ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، فَهُوَ مُخْتَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ لَمْ يَكُنْ مُخْتَارًا، وَضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الْأَرْشِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْهِبَةُ، وَالِاسْتِيلَادُ فِي الْأَمَةِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ جَنَتْ أَمَةٌ جِنَايَةً، فَقَالَ الْمَوْلَى: كُنْتُ أَعْتَقْتُهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ أَوْ دَبَّرْتُهَا أَوْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدِي، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ عَلَى أَهْلِ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ إنْ قَالَ هَذَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ، وَإِنْ قَالَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ، فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ آجَرَهُ أَوْ رَهَنَهُ لَمْ يَكُنْ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ، وَلَوْ بَاعَهُ بَيْعًا، فَاسِدًا لَمْ يَصِرْ مُخْتَارًا حَتَّى يُسَلِّمَهُ، وَلَوْ كَاتَبَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً، فَهُوَ مُخْتَارٌ بِنَفْسِ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ بَيْعًا بَاتًّا، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلدِّيَةِ وَلَوْ بَاعَهُ، وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، فَكَذَلِكَ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، فَنَقَضَ الْبَيْعَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ لَمْ يَكُنْ مُخْتَارًا، وَيُقَالُ لَهُ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بَيْعًا بَاتًّا، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، فَلَمْ يُخَاصِمْ فِي الْجِنَايَةِ حَتَّى رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ: ادْفَعْهُ، أَوْ افْدِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَرْشُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي الْإِمْلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ إجَازَةَ بَيْعِ الْعَبْدِ بَعْدَ جِنَايَتِهِ فِي يَدِهِ لَيْسَتْ بِاخْتِيَارٍ لِلْفِدَاءِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ جَنَى جِنَايَتَيْنِ فَعَلِمَ بِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، فَأَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ، وَنَحْوُهُ يَكُونُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ فِيمَا عَلِمَ، وَفِيمَا لَمْ يَعْلَمْ يَلْزَمُهُ حِصَّتُهَا مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكَا لِحَقِّهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْجَانِي جَارِيَةً، فَوَطِئَهَا لَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ إلَّا إذَا أَحْبَلَهَا، أَوْ كَانَتْ بِكْرًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ التَّزْوِيجَ لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ وَهَبَ الْعَبْدُ الْجَانِي مَعَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ الْعِلْمِ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَوْ بَاعَهُ مِنْهُ، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ إنْ بَاعَهُ مَعَ الْعِلْمِ، وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ إنْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْعِلْمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَاتَبَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ، ثُمَّ عَجَزَ، فَإِنْ كَانَ خُوصِمَ فِي الْجِنَايَةِ قَبْلَ الْعَجْزِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِالدِّيَةِ، ثُمَّ عَجَزَ لَمْ يَرْتَفِعْ الْقَضَاءُ، وَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْدِيَ أَوْ يَدْفَعَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَتَلَ عَبْدَانِ رَجُلًا، فَأَعْتَقَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا لَمْ يَصِرْ مُخْتَارًا لِلدِّيَةِ كُلِّهَا بَلْ نِصْفِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. عَبْدٌ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، فَبَاعَهُ الْمَوْلَى، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ، ثُمَّ بَاعَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ، ثُمَّ بَاعَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ فَقَدْ اخْتَارَهُ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَاتَبَهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، ثُمَّ عَجَزَ، فَبَاعَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ، ثُمَّ بَاعَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ جَنَى جِنَايَةً، فَقَالَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ هُوَ عَبْدُكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: هُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدِي لِفُلَانٍ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ إجَارَةٌ أَوْ رَهْنٌ، فَإِنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً أَخَّرَ الْأَمْرَ فِيهِ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً خُوطِبَ بِالدَّفْعِ أَوْ

الْفِدَاءِ، فَإِنْ، فَدَاهُ، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ أَخَذَ عَبْدَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ، فَالْغَائِبُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى ذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ، وَدَفَعَ الْأَرْشَ، فَإِنْ أَمْضَى دَفْعَهُ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ مِنْهُ ابْتِدَاءً، وَإِنْ اخْتَارَ الْأَرْشَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَبْدَهُ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْغَائِبُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ لَهُ فَمَا صَنَعَ الْأَوَّلُ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ، فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ، فَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: إمَّا أَنْ أَقَرَّ بِالْجِنَايَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ بِالْمِلْكِ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ، وَكُلُّ قِسْمٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ الْمِلْكُ فِي الْعَبْدِ مَعْرُوفًا لِلْمُقِرِّ أَوْ كَانَ مَجْهُولًا، فَلَوْ أَقَرَّ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ بِالْمِلْكِ لِغَيْرِهِ، وَالْمِلْكُ فِي الْعَبْدِ مَعْرُوفٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْمِلْكِ وَالْجِنَايَةِ جَمِيعًا، فَيُقَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ: ادْفَعْ الْعَبْدَ أَوْ افْدِهِ وَإِنْ كَانَ كَذَّبَهُ فِيهِمَا لَا يَكُونُ الْمُقِرُّ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْمِلْكِ، وَكَذَّبَهُ فِي الْجِنَايَةِ كَانَ الْمُقِرُّ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ أَوَّلًا، ثُمَّ بِالْجِنَايَةِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ فِيهِمَا، فَالْخَصْمُ هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِيهِمَا، فَالْخَصْمُ هُوَ الْمُقِرُّ، وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْمِلْكِ، وَكَذَّبَهُ فِي الْجِنَايَةِ هُدِرَتْ الْجِنَايَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مَجْهُولًا لَا يُدْرَى أَنَّهُ لِلْمُقِرِّ أَمْ لِغَيْرِهِ فَأَقَرَّ بِالْجِنَايَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ بِالْمِلْكِ أَوْ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ أَوَّلًا، ثُمَّ بِالْجِنَايَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ لَا يُدْرَى أَنَّهُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَلَمْ يَدَّعِ صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّهُ لَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ الْعَبْدِ إقْرَارًا أَنَّهُ عَبْدٌ لِصَاحِبِ الْيَدِ إلَّا أَنَّهُ يُقِرُّ بِأَنَّهُ عَبْدٌ، فَجَنَى هَذَا الْعَبْدُ جِنَايَةً، وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ صَاحِبِ الْيَدِ، ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَقَرَّ أَنَّهُ لِرَجُلٍ، فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِذَلِكَ، وَكَذَّبَهُ فِي الْجِنَايَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ ثَبَتَتْ بِالْبَيِّنَةِ قِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، وَإِنْ كَانَ ثُبُوتُ الْجِنَايَةِ بِإِقْرَارِ الَّذِي كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ الْعَبْدَ، وَبَطَلَتْ الْجِنَايَةُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُقِرِّ مِنْ الْجِنَايَةِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً، فَقَالَ الْمَوْلَى: كُنْتُ بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ قِيلَ لِفُلَانٍ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فُلَانٌ قِيلَ لِلْمَوْلَى: ادْفَعْ أَنْتَ أَوْ افْدِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَمَرَ الْمَوْلَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِأَنْ يُعْتِقَهُ، فَأَعْتَقَهُ صَارَ الْمَوْلَى مُخْتَارًا إنْ كَانَ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ إذَا أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بِإِذْنِ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ، فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْعَبْدِ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَتَلَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْجَانِيَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ حَالَّةً فِي مَالِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبًا أَثَّرَ فِيهِ، وَنَقَّصَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، فَهُوَ مُخْتَارٌ، وَلَوْ كَانَ لَا يَعْلَمُ، فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ إلَّا أَنْ يَرْضَى وَلِيُّ الْجِنَايَةِ أَنْ يَأْخُذَهُ نَاقِصًا، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَوْ ضَرَبَ الْمَوْلَى عَيْنَهُ، فَابْيَضَّتْ، وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ قَبْلَ أَنْ يُخَاصِمَ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ أَوَيَفْدِي، وَلَوْ خُوصِمَ إلَيْهِ فِي حَالَةِ الْبَيَاضِ، فَضَمَّنَهُ الْقَاضِي الدِّيَةَ، ثُمَّ زَالَ الْبَيَاضُ، فَالْقَضَاءُ لَا يُرَدُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَتَلَتْ أَمَةٌ رَجُلًا عَمْدًا لَهُ وَلِيَّانِ، فَصَالَحَ الْمَوْلَى أَحَدُهُمَا عَلَى وَلَدِهَا صَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ لِلْآخَرِ، فَيَفْدِيهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الدَّوْرِ لَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَلَوْ صَالَحَ أَحَدُهُمَا عَلَى ثُلُثِ الْأَمَةِ كَانَ فِي الْبَاقِي لَهُ خِيَارٌ أَنْ يَدْفَعَهُ أَوْ يَفْدِيَهُ، وَفِي الْجَامِعِ، وَالدَّوْرِ لَا يَكُونُ لَهُ خِيَارٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْإِمْلَاءِ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ جَنَى جِنَايَةً فَشَهِدَ أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَانِعٌ حِينَ شَهِدَ بِهَذَا، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى الْآخَرِ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَفِيهِ رَجُلٌ وَرِثَ عَبْدًا أَوْ اشْتَرَاهُ فَجَنَى جِنَايَةً، وَزَعَمَ الْمَوْلَى بَعْدَ جِنَايَتِهِ أَنَّ الَّذِي بَاعَهُ إيَّاهُ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ، أَوْ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ أَعْتَقَهُ، فَإِنَّهُ مَانِعٌ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ بِهَذَا الْقَوْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً، وَلَمْ تَبْلُغْ النَّفْسَ، فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، وَهُوَ يَعْلَمُ بِهَا قَبْلَ الْبُرْءِ، ثُمَّ انْتَقَضَتْ الْجِرَاحَةُ، فَمَاتَ، فَهُوَ مُخْتَارٌ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِذَا جَرَحَ الْعَبْدُ رَجُلًا، فَخُوصِمَ فِيهِ الْمَوْلَى، فَاخْتَارَ الْعَبْدَ، وَأَعْطَى الْأَرْشَ، ثُمَّ انْتَقَضَتْ الْجِرَاحَةُ فَمَاتَ الْمَجْرُوحُ، فَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى خِيَارًا مُسْتَقْبَلًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَجَعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الِاسْتِحْسَانِ إلَى الْقِيَاسِ، وَأَخَذَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالِاسْتِحْسَانِ إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَمَا إذَا أَعْطَى الْأَرْشَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَبَيْنَمَا إذَا أَعْطَاهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي قَالَ: إذَا أَعْطَاهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ يُخَيَّرُ خِيَارًا مُسْتَقْبَلًا بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْطَاهُ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي، فَإِنَّ ذَلِكَ اخْتِيَارٌ مِنْهُ الدِّيَةَ طَوْعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ

لِعَبْدِهِ إنْ قَتَلْتَ فُلَانًا أَوْ رَمَيْتَهُ أَوْ شَجَجْتَهُ، فَأَنْت حُرٌّ فَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ جِنَايَةُ الْعَبْدِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْقِصَاصُ بِأَنْ قَالَ: إنْ ضَرَبْتَهُ بِالسَّيْفِ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى لَا الْقِيمَةُ، وَلَا الدِّيَةُ كَذَا فِي الْكَافِي. عَبْدٌ جَنَى، فَزَعَمَ ابْنُ السَّيِّدِ أَنَّهُ حُرٌّ، فَمَاتَ السَّيِّدُ فَوَرِثَهُ هَذَا الِابْنُ، فَهُوَ حُرٌّ، وَعَلَى الِابْنِ الدِّيَةُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. جَارِيَةٌ جَنَتْ، وَهِيَ حَامِلٌ، فَأَعْتَقَ الْمَوْلَى مَا فِي بَطْنِهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ صَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَإِنْ جَاءَ الطَّالِبُ قَبْلَ مَا تَضَعُ أَوْ بَعْد مَا وَضَعَتْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ فَحَضَرَ الطَّالِبُ قَبْلَ الْوَضْعِ خُيِّرَ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَوْلَى قِيمَتَهَا حَامِلًا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ حَامِلًا بِجِنَايَتِهَا، فَكَانَتْ لَهُ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ، فَإِنْ حَضَرَ بَعْدَمَا وَلَدَتْ خُيِّرَ الْمَوْلَى إنْ شَاءَ دَفَعَ، وَإِنْ شَاءَ فَدَى، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْوَلَدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ، ثُمَّ جَنَتْ جِنَايَةً، فَدَفَعَهَا بِالْجِنَايَةِ جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. بَاعَ جَارِيَةً، فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَجَنَى الْوَلَدُ جِنَايَةً، ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ، فَجَنَى، وَلَدُهَا، فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِالْجِنَايَةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى أَحَدُكُمَا حُرٌّ، فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا خَطَأً، ثُمَّ عَيَّنَ الْجَانِيَ لِلْعِتْقِ صَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَلَوْ عَيَّنَ غَيْرَهُ يُخَيَّرُ فِي دَفْعِ الْجَانِي أَوْ الْفِدَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ جَنَى كُلُّ، وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ الْإِيجَابِ، ثُمَّ بَيَّنَ الْعِتْقَ فِي أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الدِّيَةِ، وَبَقِيَ الثَّانِي مِلْكًا لَهُ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ بِالدِّيَةِ، وَلَا يَصِيرُ هَاهُنَا بِالْبَيَانِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ جِنَايَةُ أَحَدِهِمَا قَطْعَ يَدٍ، وَجِنَايَةُ الْآخَرِ قَتْلَ نَفْسٍ لَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ لِعَبْدَيْنِ لَهُ قِيمَةُ كُلِّ، وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ أَحَدُكُمَا حُرٌّ، ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا خَطَأً، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ، وَسَعَى فِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي مَالِ الْمَوْلَى قِيمَةُ الْجَانِي إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ، وَيُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ، وَلَا يَصِيرُ الْمَوْلَى مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا سَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي مَالِ الْمَوْلَى قِيمَةُ الْعَبْدِ الَّذِي جَنَى عَلَيْهِ، وَلَمْ يَصِرْ الْمَوْلَى مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ. وَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا قَتِيلًا خَطَأً، ثُمَّ قَالَ الْمَوْلَى فِي صِحَّتِهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ، وَسَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَيَصِيرُ الْمَوْلَى مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ فِي الْجَانِي، ثُمَّ إذَا صَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، فَمِقْدَارُ الْقِيمَةِ يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَأَمَّا الْفَضْلُ عَلَى ذَلِكَ إلَى كَمَالِ الدِّيَةِ، فَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ جَنَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ جِنَايَةً، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا سَعَيَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَصَفْنَا، وَصَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ فِي الْجِنَايَتَيْنِ، وَلَكِنْ تَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ فِي مَالِ الْمَوْلَى، وَقِيمَةُ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَمَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ، ثُمَّ مَا وَجَبَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَمَا وَجَبَ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ يَكُونُ بَيْنَ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ نِصْفَيْنِ؛ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ عَبْدَانِ سَالِمٌ وَبُزَيْغٌ، فَقَتَلَ سَالِمٌ رَجُلًا خَطَأً فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى، فَقَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ، ثُمَّ قَتَلَ بُزَيْغٌ رَجُلًا آخَرَ فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى قَبْلَ الْبَيَانِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْبَيَانِ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ، وَسَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَلَزِمَ الْمَوْلَى الْفِدَاءُ فِي قَتِيلِ سَالِمٍ إلَّا أَنَّ قَدْرَ قِيمَةِ سَالِمٍ مِنْ الدِّيَةِ يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْفِدَاءُ فِي قَتِيلِ بُزَيْغٍ، فَتَجِبُ قِيمَةُ بُزَيْغٍ، وَيُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَلَوْ أَنَّ الْمَوْلَى لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنَّ الْمَوْلَى أَوْقَعَ الْعِتْقَ عَلَى سَالِمٍ صَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ فِي قَتِيلِ سَالِمٍ، وَإِنْ أَوْقَعَ الْمَوْلَى الْعِتْقَ عَلَى بُزَيْغٍ، فَعَلَيْهِ قِيمَةُ بُزَيْغٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ. عَبْدٌ جَنَى جِنَايَةً، فَأَوْصَى الْمَوْلَى بِعِتْقِهِ فِي مَرَضِهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، فَأَعْتَقَهُ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ مِقْدَارَ قِيمَتِهِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَالزِّيَادَةُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ، فَالْقِيمَةُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

هَكَذَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْعُيُونِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا أَوْصَى بِالْعِتْقِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ جَنَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَأَعْتَقَهُ الْوَصِيُّ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْجِنَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْقِيمَةِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ، فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً أَرْشِهَا دِرْهَمٌ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي: لَا نَفْدِيهِ، فَلَهُمْ ذَلِكَ، وَإِذَا تَرَكُوا الْفِدَاءَ يُدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ، وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ الْعَبْدُ مِنْ غَيْرِ مَا اكْتَسَبَهُ بِأَنْ يَقُولَ لِإِنْسَانٍ: أَدِّ عَنِّي دِرْهَمًا فَفَعَلَ صَحَّ، وَصَارَ ذَلِكَ الدِّرْهَمُ دَيْنًا عَلَى الْعَبْدِ يُطَالَبُ بِهِ إذَا أُعْتِقَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ جَنَى جِنَايَةً، ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، فَالْمَوْلَى ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَّلَهُ بِالْكِتَابَةِ، ثُمَّ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ كَاتَبَ الْوَكِيلَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَوْ لَا، فَعَلَى الْمَوْلَى الْقِيمَةُ دُونَ الدِّيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً، فَأَخْبَرَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ مَوْلَى الْعَبْدِ، فَأَعْتَقَهُ، فَقَالَ: لَمْ أُصَدِّقْهُ فِيمَا أَخْبَرَنِي بِهِ، فَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَخْبَرَهُ بِهِ رَسُولُ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ فَاسِقًا كَانَ أَوْ عَدْلًا، فَأَمَّا إنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فُضُولِيٌّ، فَإِنْ صَدَّقَهُ فِيمَا أَخْبَرَهُ بِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَبْدَ، فَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ أَيْضًا، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ، فَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِاسْتِهْلَاكِهِ إيَّاهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ، وَإِذَا أَخْبَرَهُ بِهِ فَاسِقَانِ، فَفِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَذَلِكَ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَكُونُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَبْدُهُ بِالْجِنَايَةِ، فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، وَقَالَ لَمْ أُصَدِّقْهُ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يُخْبِرْهُ رَجُلٌ حُرٌّ عَدْلٌ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الدِّيَةَ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا أَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي الرُّقَيَّاتِ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي عَبْدٍ قَتَلَ رَجُلًا، وَلِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ: أَحَدُهُمَا: غَائِبٌ، فَخَاصَمَ الْحَاضِرُ مِنْهُمَا كَيْفَ يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يُخْبِرَ مَوْلَى الْعَبْدِ، فَكَتَبَ مُحَمَّدٌ أَنَّ أَيَّ الْوَرَثَةِ حَضَرَ، فَهُوَ خَصْمٌ، وَأَيُّهُمَا اخْتَارَ، وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي جَمِيعِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ قَتِيلًا خَطَأً، وَلِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ، فَدَفَعَهُ الْمَوْلَى إلَى أَحَدِهِمَا بِقَضَاءِ قَاضٍ، ثُمَّ قَتَلَ عِنْدَهُ آخَرَ، ثُمَّ جَاءَ وَلِيُّ الْآخَرِ وَالشَّرِيكُ فِي الْجِنَايَةِ الْأُولَى، فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ الْأَوَّلِ: ادْفَعْ نِصْفَكَ إلَى الْآخَرِ أَوْ افْدِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ فَإِنْ دَفَعَهُ بَرِئَ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ، وَيَرُدُّ النِّصْفَ الثَّانِيَ عَلَى الْمَوْلَى، ثُمَّ يُقَالُ لِلْمَوْلَى: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ خَمْسَةُ آلَافٍ لِلْآخَرِ، وَخَمْسَةُ آلَافٍ لِوَلِيِّ الْأَوَّلِ الَّذِي لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا فَإِنْ دَفَعَهُ ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي هَذَا النِّصْفِ بِخَمْسَةِ آلَافٍ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَحَصَلَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأَخِيرَةِ، وَرُبْعُهُ لِلَّذِي لَمْ يَكُنْ قَبَضَ مِنْ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى، ثُمَّ يَضْمَنُ الْوَلِيُّ الَّذِي كَانَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ فِي يَدِهِ رُبْعَ قِيمَتِهِ لِلْمَوْلَى، فَيَدْفَعُهُ الْمَوْلَى إلَى الْأَوْسَطِ، وَلَا يَكُونُ الْمَوْلَى ضَامِنًا لَهُ شَيْئًا مَا لَمْ يَسْتَوْفِ رُبْعَ الْقِيمَةِ مِنْ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ دَفَعَهُ إلَيْهِ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي كَانَ لِلْأَوْسَطِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَوْلَى هَذَا الرُّبْعَ بِاعْتِبَارِ دَفْعِهِ إلَى صَاحِبِهِ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ صَاحِبَهُ. فَإِنْ ضَمَّنَ الْوَلِيَّ رَجَعَ بِهِ الْمَوْلَى عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ قَتِيلَيْنِ خَطَأً، فَدَفَعَهُ الْمَوْلَى إلَى أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي، فَقَتَلَ عِنْدَهُ قَتِيلًا خَطَأً، ثُمَّ اجْتَمَعُوا، وَاخْتَارُوا الدَّفْعَ، فَإِنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ الْأَوَّلَ يُقَالُ لَهُ: ادْفَعْ نِصْفَ الْعَبْدِ إلَى الْآخَرِ، وَيَرُدُّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ عَلَى الْمَوْلَى، ثُمَّ يَدْفَعُهُ الْمَوْلَى إلَى الْأَوْسَطِ وَالْآخَرِ يَضْرِبُ فِيهِ الْآخَرُ بِخَمْسَةِ آلَافٍ وَيَضْرِبُ فِيهِ الْأَوْسَطُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ، فَيَكُونُ هَذَا النِّصْفُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْأَوْسَطِ، وَثُلُثُهُ لِلْآخَرِ، ثُمَّ يَضْمَنُ الْمَوْلَى سُدُسَ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِلْأَوْسَطِ، وَهُوَ مَا سَلَّمَ مِنْ هَذَا النِّصْفِ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأَخِيرَةِ، وَيَرْجِعُ بِهِ الْأَوَّلُ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ، وَإِنْ شَاءَ الْأَوْسَطُ ضَمِنَ هَذَا السُّدُسَ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ هَكَذَا يَقُولُهُ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ مَشَايِخِنَا، وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ هَاهُنَا، وَلَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ الدَّفْعُ بِقَضَاءِ قَاضٍ كَانَ مِثْلَ هَذَا أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَضْمَنُ شَيْئًا لِلْأَوْسَطِ، وَلَكِنَّهُ

يَرْجِعُ بِسُدُسِ الْقِيمَةِ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ الْأَوَّلِ. وَإِذَا قَبَضَ ذَلِكَ مِنْهُ دَفَعَهُ إلَى الْأَوْسَطِ، وَعَلَى مَا يَقُولُهُ الْعِرَاقِيُّونَ: الْأَوْسَطُ هُوَ الَّذِي يَرْجِعُ بِسُدُسِ الْقِيمَةِ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ قَتِيلًا خَطَأً، وَفَقَأَ عَيْنَ آخَرَ، فَدَفَعَهُ الْمَوْلَى إلَى الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ، فَقَتَلَ عِنْدَهُ قَتِيلًا آخَرَ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا فَاخْتَارُوا دَفْعَهُ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْعَيْنِ يَدْفَعُ ثُلُثَهُ إلَى الْآخَرِ وَيَرُدُّ الثُّلُثَيْنِ عَلَى الْمَوْلَى، فَيَدْفَعُهُ الْمَوْلَى إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلَيْنِ يَضْرِبُ فِيهِ الْأَوَّلُ بِعَشْرَةِ آلَافٍ، وَالْآخَرُ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ، فَيَكُونُ هَذَا مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْأَوَّلِ، وَخُمُسَاهُ لِلْآخَرِ، ثُمَّ يَضْمَنُ الْمَوْلَى لِلْأَوَّلِ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ، وَثُلُثَيْ جُزْءٍ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ جُزْءًا، وَثُلُثَيْ جُزْءٍ مِنْ ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَذَلِكَ فِي الْحَاصِلِ خُمُسَا ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ بَدَلَ مَا سَلَّمَ لِلْآخَرِ مِنْ هَذَيْنِ الثُّلُثَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ بِهِ الْمَوْلَى عَلَى صَاحِبِ الْعَيْنِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْعَبْدِ بِقَتْلٍ خَطَأٍ، وَأَقَرَّ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِقَتْلٍ آخَرَ دَفَعَهُ الْمَوْلَى إلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، ثُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِقَتْلٍ ثَالِثٍ دَفَعَهُ أَثْلَاثًا، وَضَمِنَ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِلْأَوَّلِ، وَسُدُسَ قِيمَتِهِ لِلثَّانِي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا كَانَ الْعَبْدُ لِرَجُلٍ زَعَمَ رَجُلٌ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ، فَقَتَلَ الْعَبْدُ وَلِيًّا لِذَلِكَ الرَّجُلِ خَطَأً، فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً، وَأَقَرَّ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ أَنَّ الْعَبْدَ حُرٌّ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ أَقَرَّ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ أَنَّ الْعَبْدَ حُرُّ الْأَصْلِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ، فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ، فَلَا ضَمَانَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ لَا عَلَى الْعَبْدِ، وَلَا عَلَى الْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ حُرٌّ، فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، فَقَدْ أَقَرَّ بِبَرَاءَةِ الْعَبْدِ. وَادَّعَى عَلَى الْمَوْلَى الْفِدَاءَ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْجِنَايَةِ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا ادَّعَى عَلَى الْمَوْلَى ضَمَانَ الْقِيمَةِ، وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى مَا ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْ ضَمَانِ الْفِدَاءِ وَالْقِيمَةِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ، وَعَلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ هَذَا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ قَبْلَ الدَّفْعِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ بَعْدَ الدَّفْعِ إلَيْهِ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرٌّ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمَوْلَى سَبِيلٌ، وَلَا عَلَى الْعَبْدِ إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ يَعْتِقُ وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ عَلَى الْعَبْدِ وَلَاءٌ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وَيَكُونُ، وَلَاؤُهُ مَوْقُوفًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ مَأْذُونًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَلَا يُتْبَعُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ جَنَى فِي حَالِ رِقِّهِ جِنَايَةً عَمْدًا أَوْ خَطَأً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَّا الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. عَبْدٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ خَطَأً، فَبَرَأَتْ، فَدَفَعَهُ مَوْلَاهُ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ انْتَقَضَ الْجُرْحُ، فَمَاتَ مِنْهُ، وَالْعَبْدُ قَائِمٌ، فَهُوَ لِوَرَثَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى، فَدَاهُ بِخَمْسَةِ آلَافٍ تَمَامَ دِيَةِ الْيَدِ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَبْدَ، ثُمَّ انْتَقَضَ الْجُرْحُ، فَمَاتَ مِنْهُ قَالَ: يَدْفَعُ قِيمَةَ عَبْدِهِ وَإِنْ كَانَتْ مِائَةً، وَيَأْخُذُ خَمْسَةَ آلَافِ الْفِدَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدٌ أُعْتِقَ، فَقَالَ لِرَجُلٍ قَتَلْتُ أَخَاكَ خَطَأً، وَأَنَا عَبْدٌ، فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَتَلْتَهُ، وَأَنْتَ حُرٌّ، فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِسَيِّدِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ أَخَذْتُ مَالَكَ أَوْ قَطَعْتُ يَدَكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَقَالَ السَّيِّدُ: لَا بَلْ، فَعَلْتُ بَعْدَ الْعِتْقِ، فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْكَافِي. مَنْ أَعْتَقَ جَارِيَةً، ثُمَّ قَالَ لَهَا قَطَعْتُ يَدَكَ، وَأَنْتِ أَمَتِي، وَقَالَتْ قَطَعْتَهَا، وَأَنَا حُرَّةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا أَخَذَ مِنْهَا إلَّا الْجِمَاعَ، وَالْغَلَّةَ اسْتِحْسَانًا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَضْمَنُ إلَّا شَيْئًا بِعَيْنِهِ يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا، وَقَبَضَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ قَطَعْتَ يَدَهُ قَبْلَ شِرَائِكَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَطَعْتُ بَعْدَ شِرَائِي، فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا قَطَعَ الْعَبْدُ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا، فَدُفِعَ إلَيْهِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْيَدِ، فَالْعَبْدُ صُلْحٌ بِالْجِنَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْتِقْهُ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى، وَقِيلَ لِلْأَوْلِيَاءِ اُقْتُلُوهُ أَوْ اُعْفُوَا عَنْهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ قَتِيلًا، وَلَهُ وَلَّيَانِ، فَعَفَا أَحَدُهُمَا، فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمَوْلَى: إمَّا أَنْ تَدْفَعَ نِصْفَ الْعَبْدِ إلَى السَّاكِتِ أَوْ تَفْدِيَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَافِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدٌ قَتَلَ رَجُلَيْنِ عَمْدًا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُ وَلِيِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَالْمَوْلَى يَدْفَعُ نِصْفَهُ إلَى الْآخَرَيْنِ أَوْ يَفْدِيهِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَإِنْ قَتَلَ أَحَدَهُمَا عَمْدًا

وَالْآخَرَ خَطَأً، فَعَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ الْعَمْدِ، فَإِنْ فَدَاهُ الْمَوْلَى فَدَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، عَشَرَةُ آلَافٍ لِوَلِيِّ الْخَطَأِ، وَخَمْسَةُ آلَافٍ لِأَحَدِ وَلِيَّيِ الْعَمْدِ الَّذِي لَمْ يَعْفُ، وَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِمْ دَفَعَهُ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِوَلِيِّ الْخَطَأِ، وَثُلُثُهُ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ مِنْ وَلِيِّ الْعَمْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِطَرِيقِ الْعَوْلِ، فَيَضْرِبُ هَذَانِ بِالْكُلِّ، وَذَا بِالنِّصْفِ، وَعِنْدَهُمَا يَدْفَعُهُ أَرْبَاعًا بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِوَلِيِّ الْخَطَأِ وَرُبْعُهُ لِأَحَدِ وَلِيِّ الْعَمْدِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلَيْنِ خَطَأً، فَعَفَا وَلِيُّ أَحَدِهِمَا دَفَعَ نِصْفَهُ إلَى الْآخَرِ أَوْ يَفْدِيهِ بِالدِّيَةِ، وَلَوْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا يَدَهُ، وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ، ثُمَّ دَفَعَهُ الْمَوْلَى إلَيْهِمَا ضَرَبَ الْقَاطِعُ فِيهِ بِتِسْعَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ بِقَطْعِ الْيَدِ اسْتَوْفَى خَمْسَمِائَةٍ، وَضَرَبَ الْآخَرُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ قَتَلَ قَتِيلًا، وَفَقَأَ عَيْنَ آخَرَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، فَإِنْ كَانَ عَمْدًا قِيلَ لِلْمَوْلَى: إنْ شِئْتَ ادْفَعْهُ إلَى الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ، وَإِنْ شِئْتَ فَافْدِهِ، فَإِذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ، فَدَى لِلْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَطَهُرَ الْعَبْدُ عَنْ الْجِنَايَةِ، فَيَقْتُلُ الْعَبْدَ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ جَاءَ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ وَقَتَلُوا الْعَبْدَ، ثُمَّ الْمَفْقُوءَةُ عَيْنُهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً، فَإِنَّ الْمَوْلَى يُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ لَهُمَا، فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ، فَدَى الْعَبْدَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا عَشَرَةُ آلَافٍ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ، وَخَمْسَةُ آلَافٍ لِلْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ، وَثُلُثُهُ لِلْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَمْلُوكٌ قَتَلَ مَمْلُوكًا خَطَأً، ثُمَّ قَتَلَ أَخَا مَوْلَاهُ خَطَأً وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَ مَوْلَاهُ يَدْفَعُ نِصْفَ الْقَاتِلِ إلَى مَوْلَى الْمَمْلُوكِ الْمَقْتُولِ، أَوْ يَفْدِيهِ، وَنِصْفُهُ الْآخَرُ لِلْمَوْلَى، فَإِنْ كَانَ قَتَلَ أَخَا مَوْلَاهُ أَوَّلًا يُدْفَعُ كُلُّهُ إلَى مَوْلَى الْمَمْلُوكِ الْمَقْتُولِ أَوْ يَفْدِيهِ، فَإِنْ قَتَلَ أَخَا مَوْلَاهُ أَوَّلًا، وَلَهُ بِنْتٌ يَدْفَعُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ لِمَوْلَى الْمَمْلُوكِ الْمَقْتُولِ، وَرُبْعَهُ لِلْبِنْتِ، وَإِنْ كَانَ قَتَلَهُمَا مَعًا، وَلَا بِنْتَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَتَلَ قَرِيبًا لَهُمَا عَمْدًا، فَعَفَا أَحَدُهُمَا عَنْهُ بَطَلَ الدَّمُ كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ: يَدْفَعُ الْعَافِي نِصْفَ نَصِيبِهِ إلَى الْآخَرِ أَوْ يَفْدِيهِ بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَذَكَرَ فِي بَعْضِ النَّسْخِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ مَعَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ مَوْلَاهُ عَمْدًا، وَلَهُ ابْنَانِ، فَعَفَا أَحَدُهُمَا بَطَلَ الدَّمُ كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَعَالَى - هَاهُنَا كَقَوْلِهِ ثَمَّةَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي الْمُنْتَقَى: عَبْدٌ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا، ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ، ثُمَّ عَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ الدَّمِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ، ثُمَّ غَصَبَهُ رَجُلٌ، وَمَاتَ فِي يَدِهِ مِنْ الْقَطْعِ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَقْطَعَ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى قَطَعَ يَدَهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. قَالَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: رَجُلٌ شَجَّ عَبْدًا لَهُ مُوضِحَةً، ثُمَّ رَهَنَهُ مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مَشْجُوجًا أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَمَاتَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ الْجِنَايَةِ يَمُوتُ بِمَا فِيهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِذَا وُجِدَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْمَوْلَى بَعْدَ الرَّهْنِ يَصِيرُ مُسْتَرِدًّا لِلْمَرْهُونِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ مَا إذَا وُجِدَتْ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الرَّهْنِ، وَبَيْنَ مَا إذَا وُجِدَتْ بَعْدَ الرَّهْنِ فِي حَقِّ إبْطَالِ الرَّهْنِ، وَعَدَمِ إبْطَالِهِ، وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا: رَجُلٌ شَجَّ عَبْدَ رَجُلٍ مُوضِحَةً، فَمَرِضَ الْعَبْدُ، فَغَصَبَهُ رَجُلٌ، فَمَاتَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ تِلْكَ الْجِنَايَةِ كَانَ لِمَوْلَى الْعَبْدِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ عَاقِلَةَ الْجَانِي قِيمَةَ الْعَبْدِ صَحِيحًا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْعَاقِلَةُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ غَصَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصَبَهُ حَالَّةً فِي مَالِهِ، وَضَمَّنَ الْجَانِيَ أَرْشَ الْمُوضِحَةِ وَمَا حَدَثَ مِنْهَا مِنْ النُّقْصَانِ إلَى أَنْ غَصَبَهُ الْغَاصِبُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي مَالِ الْجَانِي، فَإِنْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَعْدَمَا أَدَّى الضَّمَانَ إلَى الْمَوْلَى أَنْ يُضَمِّنَ الْجَانِيَ أَوْ عَاقِلَةَ الْجَانِي لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. وَلَوْ لَمْ يَغْصِبْ هَذَا الْعَبْدَ، وَلَكِنَّ الْمَوْلَى بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ بَعْدَ الْجِنَايَةِ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَمَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَهَذَا كَمَا وَصَفْنَا مِنْ أَمْرِ الْغَاصِبِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ رَجُلٍ بَيْعًا، فَاسِدًا، فَمَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ تِلْكَ الْجِنَايَةِ، فَإِنَّ الْمَوْلَى يُضَمِّنُ الْجَانِيَ أَرْشَ الْمُوضِحَةِ، وَمَا نَقَصَتْهُ الْجِرَاحَةُ إلَى أَنْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي

وَيَكُونُ مَا وَجَبَ عَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ حَالًّا، وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ قَبَضَ فِي مَالِهِ حَالًّا، وَلَوْ لَمْ يَبِعْهُ الْمَوْلَى، وَلَكِنْ رَهَنَهُ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ عَلَيْهِ مِثْلِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، فَمَاتَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ تِلْكَ الْجِنَايَةِ، فَإِنَّهُ يَمُوتُ بِالدَّيْنِ، وَلَا سَبِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الْجَانِي، وَيَرْجِعُ الرَّاهِنُ عَلَى الْجَانِي بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ. وَمَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ إلَى يَوْمِ الرَّهْنِ، وَيَبْطُلُ عَنْ الْجَانِي ضَمَانُ الْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مَثَلًا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَرَهَنَهُ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَمَاتَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، فَالْأَمْرُ كَمَا وَصَفْنَا فِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِثْلَ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الْجَانِي، وَيَرْجِعُ مَوْلَى الْعَبْدِ عَلَى الْجَانِي بِنِصْفِ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ، وَبِنِصْفِ مَا نَقَصَتْهُ جِنَايَتُهُ إلَى أَنْ رَهَنَهُ، وَيَكُونُ فِي مِلْكِ الْجَانِي، وَيَرْجِعُ مَوْلَى الْعَبْدِ عَلَى الْجَانِي أَيْضًا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ مَاتَ الْعَبْدُ، وَبِنِصْفِ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ، وَبِنِصْفِ مَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ، وَيَكُونُ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ. وَقَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: رَجُلٌ أَقَرَّ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ عَبْدِ رَجُلٍ خَطَأً، وَكَذَّبَهُ عَاقِلَتُهُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ غَصَبَهُ رَجُلٌ مِنْ مَوْلَاهُ، فَمَاتَ عِنْدَهُ، فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْجَانِيَ قِيمَتَهُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَيَرْجِعُ الْجَانِي عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ أَقْطَعَ فِي مَالِهِ حَالًّا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ أَقْطَعَ فِي مَالِهِ حَالًّا، وَضَمَّنَ الْجَانِيَ أَرْشَ يَدِهِ، وَهُوَ نِصْفُ قِيمَتِهِ فِي مَالِهِ، وَلَا يَضْمَنُ الْجَانِي نِصْفَ الْعَبْدِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْجَانِي النُّقْصَانَ إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ أَوْ حُمِلَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْغَصْبَ كَانَ عَلَى فَوْرِ الْقَطْعِ، وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا، فَنَقُولُ: الْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَتَلَ الْقَاتِلَ. وَلَا سَبِيلَ لِلْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا لِوَرَثَةِ الْجَانِي، وَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى ضَمَّنَ الْغَاصِبَ مِنْ الِابْتِدَاءِ قِيمَتَهُ أَقْطَعَ، وَلَا قِصَاصَ لِلْمَوْلَى عَلَى الْقَاطِعِ، وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْجَانِي أَرْشُ الْيَدِ فِي مَالِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا، فَجَنَى فِي يَدِهِ، ثُمَّ رَدَّهُ، فَجَنَى جِنَايَةً أُخْرَى، فَإِنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، فَيَدْفَعُهُ إلَى الْأَوَّلِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، فَيُسَلِّمُ لَهُ، وَإِنْ جَنَى عِنْدَ الْمَوْلَى جِنَايَةً، ثُمَّ غَصَبَهُ فَجَنَى فِي يَدِهِ دَفَعَهُ الْمَوْلَى نِصْفَيْنِ، وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ، فَيَدْفَعُهُ إلَى الْأَوَّلِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا غَصَبَ عَبْدًا، فَقَتَلَ عِنْدَهُ قَتِيلًا، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ، فَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهُ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْمَوْلَى هَذِهِ الْقِيمَةَ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِقِيمَةٍ أُخْرَى عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ، وَلَكِنْ ذَهَبَتْ عَيْنُهُ، فَدَفَعَهُ إلَى الْمَوْلَى أَعْوَرَ، فَقَتَلَ عِنْدَهُ قَتِيلًا آخَرَ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا، فَدَفَعَهُ الْمَوْلَى بِالْجِنَايَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مِنْ الْغَاصِبِ بِاعْتِبَارِ عَيْنِهِ الَّتِي فَاتَتْ عِنْدَهُ، فَيَدْفَعُهَا إلَى الْأَوَّلِ، فَإِذَا سَلَّمَ نِصْفَ الْقِيمَةِ لِلْأَوَّلِ ضَرَبَ هُوَ فِي الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ بِالدِّيَةِ إلَّا مَا أَخَذَ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ الْمَأْخُوذَ سَالِمٌ لَهُ، فَلَا يَضْرِبُ بِهِ، وَإِنَّمَا يَضْرِبُ بِمَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهِ، وَيَضْرِبُ الْآخَرُ بِالدِّيَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِمَا أَصَابَ الْأَوَّلَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَعْوَرَ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا أَصَابَ الثَّانِيَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَوْلِيَاءُ الْأَوَّلِ فِيمَا أَخَذَ الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ بِتَمَامِ قِيمَةِ الْعَبْدِ إلَى مَا فِي يَدِهِ، وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِمِثْلِ مَا أُخِذَ مِنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اغْتَصَبَ الرَّجُلُ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ، فَقَتَلَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ قَتِيلًا خَطَأً، ثُمَّ اجْتَمَعَ الْمَوْلَى، وَأَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يُرَدُّ عَلَى مَوْلَاهُ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَدْفَعَ الْعَبْدَ أَوْ تَفْدِيَ فَإِنْ دَفَعَ أَوْ فَدَى رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَمِنْ الْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَ زَادَ عِنْدَ الْغَاصِبِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً، وَاخْتَارَ الدَّفْعَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْعَبْدَ مَعَ الزِّيَادَةِ سَوَاءٌ حَدَثَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ أَوْ بَعْدَهَا، ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الزِّيَادَةُ بِسَبَبٍ أَحْدَثَهُ الْعَبْدُ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَإِنْ اعْوَرَّ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَقَدْ جَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً، فَإِنْ اعْوَرَّ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَاخْتَارَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُهُ أَعْوَرَ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ صَحِيحًا، فَإِنْ أَخَذَ قِيمَتَهُ صَحِيحًا مِنْ الْغَاصِبِ يَأْخُذُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ مِنْ الْمَوْلَى نِصْفَ قِيمَتِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ ثَانِيًا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ حَتَّى يُكْمِلَ لَهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ، وَإِنْ اعْوَرَّ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، وَاخْتَارَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْعَبْدَ أَعْوَرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ

بِقِيمَةِ الْعَبْدِ صَحِيحًا عَلَى الْغَاصِبِ، فَإِذَا أَخَذَ ذَلِكَ سَلِمَ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اغْتَصَبَ الرَّجُلُ عَبْدًا، فَقَتَلَ مَوْلَاهُ خَطَأً أَوْ عَبْدًا لِمَوْلَاهُ خَطَأً، وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا لِمَوْلَاهُ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ لِمَوْلَاهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا جِنَايَةُ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَعَلَى مَالِهِ فَهَدَرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَهُمَا، وَيُقَالُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ: ادْفَعْهُ إلَى الْغَاصِبِ إذَا كَانَ حَيًّا أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ، أَوْ افْدِهِ بِالدِّيَةِ إنْ كَانَ الْغَاصِبُ هُوَ الْمَقْتُولَ، أَوْ بِقِيمَةِ الْمَالِ إنْ كَانَ الْمَالُ هُوَ الْمُتْلَفَ هَكَذَا فِي الْحَاوِي. وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا وَجَارِيَةً، فَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَهُ قَتِيلًا، ثُمَّ قَتَلَ الْعَبْدُ الْجَارِيَةَ، ثُمَّ رَدَّهُ الْغَاصِبُ إلَى الْمَوْلَى، فَاخْتَارَ دَفْعَهُ، فَإِنَّهُ يَضْرِبُ فِيهِ أَوْلِيَاءُ قَتِيلِهِ بِالدِّيَةِ، وَأَوْلِيَاءُ قَتِيلِهَا بِقِيمَتِهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَبِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ، فَإِذَا اسْتَوْفَى قِيمَتَهُمَا دَفَعَ مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ إلَى أَوْلِيَاءِ قَتِيلِهَا تَمَامَ قِيمَتِهَا فَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مَا بَقِيَ مِنْ حُقُوقِهِمْ مِنْ قِيمَتِهَا ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ، وَيَأْخُذُ أَوْلِيَاءُ قَتِيلِ الْعَبْدِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ تَمَامَ قِيمَةِ الْعَبْدِ، فَيَسْتَوْفُونَ مَا بَقِيَ لَهُمْ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ اخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ أَدَّى قَتِيلَ الْعَبْدِ، وَأَدَّى قِيمَةَ الْجَارِيَةِ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ، وَتَأْوِيلُ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ مُعْسِرًا أَوْ كَانَ غَائِبًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا أَوْ تَمَكَّنَ الْمَوْلَى مِنْ أَخْذِ قِيمَتِهَا مِنْهُ، فَتَخْرِيجُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ هَذَا. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إنَّمَا ذَكَرَهَا فِي نُسْخَةِ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا فِي نُسْخَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ إنَّمَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الطَّوِيلَةَ، وَبَيَّنَ التَّقْسِيمَ فِي الْجَوَابِ فَقَالَ: إذَا اغْتَصَبَ عَبْدًا وَجَارِيَةً، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ، فَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَهُ قَتِيلًا، ثُمَّ قَتَلَ الْعَبْدُ الْجَارِيَةَ، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى، فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَعَهُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْمَوْلَى هَذِهِ الْقِيمَةَ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهَا الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ مَرَّةً أُخْرَى، ثُمَّ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى فِي الْعَبْدِ بَيْنَ الدَّفْعِ، وَالْفِدَاءِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِالدِّيَةِ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا إنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِالدِّيَةِ لِوَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ، وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ، وَإِلَى الْغَاصِبِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا عَشَرَةٌ لِوَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ، وَجُزْءٌ لِلْغَاصِبِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْغُلَامِ، فَيَدْفَعُ مِنْهَا جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ، فَإِذَا دَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْضًا. فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُعْسِرًا، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لِيُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ، وَاخْتَارَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ، فَإِنْ قَالَ وَلِيُّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ: لَا أَضْرِبُ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ فِي الْغُلَامِ، وَلَكِنِّي أَنْظُرُ، فَإِنْ خَرَجَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ آخُذُ بِهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَدْفَعُ الْغُلَامَ كُلَّهُ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ، فَإِذَا دَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِهِ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ وَبِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ فَيَدْفَعُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ فِي يَدِهِ قِيمَتَانِ، فَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَدْفَعُ مِنْ الْعَبْدِ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ، وَتَرَكَ الْجُزْءَ فِي يَدِهِ حَتَّى إذَا خَرَجَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ أَخَذَهَا الْمَوْلَى، وَيَدْفَعُهَا إلَى وَلِيِّ قَتِيلِهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْمَوْلَى: ادْفَعْ هَذَا الْجُزْءَ إلَى الْغَاصِبِ أَوْ افْدِهِ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ، فَإِنْ دَفَعَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْغُلَامِ، فَيَدْفَعُ مِنْهَا إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا بَدَلَ مَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مِنْ الْعَبْدِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ. وَإِنْ فَدَاهُ فَإِنَّمَا يَفْدِيهِ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ، وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْغُلَامِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَالْقِيمَتَانِ سَوَاءٌ، فَتَكُونُ إحْدَاهُمَا قِصَاصًا بِالْأُخْرَى، وَيَدْفَعُ مَكَانَ ذَلِكَ الْجُزْءِ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ قَالَ وَلِيُّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ: أَنَا أَضْرِبُ فِي الْغُلَامِ بِقِيمَتِهَا دَفَعَ إلَيْهِمَا، فَيَضْرِبُ فِيهِ وَلِيُّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ بِقِيمَتِهَا، وَوَلِيُّ قَتِيلِ الْغُلَامِ بِالدِّيَةِ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ كَمَا بَيَّنَّا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْغَاصِبِ أَوْ أَيْسَرَ أَدَّى إلَى الْمَوْلَى قِيمَةَ الْغُلَامِ، وَقِيمَةَ الْجَارِيَةِ، فَيَدْفَعُ مِنْ قِيمَةِ الْغُلَامِ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَةِ بَدَلِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مِنْ الْعَبْدِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ

الفصل الثاني في جناية المدبر وأم الولد

وَلَيْسَ لِوَلِيِّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ إلَّا مَا أَصَابَهُ مِنْ الْغُلَامِ وَلَا يُعْطَى مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ شَيْئًا، وَقَدْ ذَكَرَ قَبْلَ هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْقَصِيرَةِ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ إلَى أَوْلِيَاءِ قَتِيلِهَا تَمَامَ قِيمَتِهَا فَفِي هَذَا الْجَوَابِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ، وَبِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْغُلَامِ، وَبِقِيمَتَيْنِ فِي الْجَارِيَةِ قِيمَةٌ مَكَانَ الْقِيمَةِ الَّتِي أَدَّاهَا إلَى أَوْلِيَاءِ جِنَايَتِهَا، وَقِيمَةٌ أُخْرَى بِالْغَصْبِ فَيَسْلَمُ لَهُ مَكَانَ الْجَارِيَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا: إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْغُلَامِ، وَقِيمَتَيْنِ فِي الْجَارِيَةِ صَارَ كَأَنَّ الْجَارِيَةَ كَانَتْ لَهُ لِتَقَرُّرِ ضَمَانِهَا عَلَيْهِ، فَيُقَالُ لِلْمَوْلَى: ادْفَعْ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَبْدِ إلَيْهِ، أَوْ افْدِهِ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ، وَأَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ حُكْمِ الْمُقَاصَّةِ فِيمَا يَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَوْلَاهُ، فَقَتَلَ عِنْدَهُ آخَرَ خَطَأً، ثُمَّ عَفَا وَلِيُّ الدَّمِ الْأَوَّلِ عَنْ الدَّمِ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَدْفَعَ نِصْفَ الْعَبْدِ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْآخَرِ أَوْ يَفْدِيَهُ بِالدِّيَةِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِمَا قَبْلَ الْعَفْوِ، ثُمَّ عَفَا الْأَوَّلُ عَمَّا بَقِيَ لَهُ رَجَعَ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَإِذَا أَخَذَ نِصْفَ الْقِيمَةِ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ عَلَى ذَلِكَ النِّصْفِ مِنْ الْقِيمَةِ سَبِيلٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَفَا، فَيَسْلَمُ لَهُ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ مَرَّةً أُخْرَى كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا اغْتَصَبَ الرَّجُلُ عَبْدًا، وَاسْتَوْدَعَ مَوْلَى الْعَبْدِ الْغَاصِبِ أَمَةً، فَقَتَلَ الْعَبْدُ قَتِيلًا عِنْدَ الْغَاصِبِ، ثُمَّ قَتَلَتْهُ الْأَمَةُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْغَاصِبِ قِيمَةُ الْعَبْدِ بِهَلَاكِهِ عِنْدَهُ فَإِذَا أَخَذَهَا الْمَوْلَى دَفَعَهَا إلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْغَاصِبُ قِيمَةً أُخْرَى إلَى الْمَوْلَى لِتَسْلَمَ لَهُ مَكَانَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْمَوْلَى: ادْفَعْ أَمَتَكَ الْوَدِيعَةَ إلَى الْغَاصِبِ أَوْ افْدِهَا بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي قَتَلَ الْأَمَةَ مَعَ قَتْلِهِ الْحُرَّ، فَاخْتَارَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ قُسِّمَ الْعَبْدُ عَلَى دِيَةِ الْقَتِيلِ وَقِيمَةِ الْأَمَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَأْخُذُ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ مِنْ ذَلِكَ مَا أَصَابَ الدِّيَةَ، وَيَأْخُذُ الْمَوْلَى مَا أَصَابَ قِيمَةَ الْأَمَةِ، وَيَضْمَنُ لَهُ الْغَاصِبُ تَمَامَ قِيمَةِ الْأَمَةِ وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ بِمِثْلِ مَا أَخَذَ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَضْرِبُ الْمَوْلَى بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ أَمَتِهِ فِي الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُ الْمَوْلَى الْعَبْدَ كُلَّهُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْحُرِّ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ غَصَبَ أَمَةً، فَقَتَلَتْ عِنْدَهُ قَتِيلًا خَطَأً، ثُمَّ، وَلَدَتْ وَلَدًا، فَقَتَلَهَا وَلَدُهَا، فَعَلَى الْغَاصِبِ أَنْ يَرُدَّ الْوَلَدَ، وَقِيمَةَ الْأَمَةِ عَلَى الْمَوْلَى، ثُمَّ يُقَالُ لِلْمَوْلَى: ادْفَعْ هَذِهِ الْقِيمَةَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ، ثُمَّ ارْجِعْ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ، فَيَكُونُ لَكَ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: ادْفَعْ الْوَلَدَ إلَى الْغَاصِبِ أَوْ افْدِهِ بِقِيمَةِ الْأَمَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ إذَا جَنَى عَلَى الرَّاهِنِ أَوْ عَلَى رَقِيقِهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ هَلْ تُعْتَبَرُ جِنَايَتُهُ قَالُوا: ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ، وَقَالَ: تُهْدَرُ جِنَايَتُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا إلَّا أَنَّ الْمَشَايِخَ قَالُوا: مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّهُ تُهْدَرُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُعْتَبَرُ جِنَايَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَإِذَا جَنَى جِنَايَةً عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَوْ عَلَى مَالِهِ، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُعْتَبَرُ الْجِنَايَةُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: بِأَنَّهُ تُعْتَبَرُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ) وَإِذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ جِنَايَةً ضَمِنَ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا، وَمِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِمَا، وَذَلِكَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ ثُلُثُ قِيمَتِهَا، وَفِي الْمُدَبَّرِ الثُّلُثَانِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. مُدَبَّرٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ جَنَى كَانَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الْمَوْلَيَيْنِ عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا فِيهِ، وَإِنْ دَبَّرَ أَحَدُهُمَا وَجَنَى، فَعَلَيْهِمَا قِيمَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَمْلِكُ الْمُدَبِّرُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِالضَّمَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَجِنَايَةُ الْمُدَبَّرِ تَكُونُ عَلَى سَيِّدِهِ فِي مَالِهِ دُونَ عَاقِلَتِهِ حَالَّةً، وَكَذَا أُمُّ الْوَلَدِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَعِنْدَ كَثْرَةِ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً، وَتَسْتَوِي جِنَايَتُهُ عَلَى النَّفْسِ، وَمَا دُونَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ اخْتَلَفَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ مَعَ الْمَوْلَى فِي قِيمَتِهِ بَعْدَ زَمَانٍ، وَقَالَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ: كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ جَنَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْمَوْلَى: كَانَتْ خَمْسَمِائَةٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ، وَرَجَعَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ مَاتَ الْمُدَبَّرُ بَعْدَ جِنَايَتِهِ بِلَا فَصْلٍ لَمْ يَبْطُلْ عَنْ الْمَوْلَى الْقِيمَةُ، وَكَذَا لَوْ عَمِيَ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ تَامَّةً كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ قِيمَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَعَلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ إثْبَاتُ مَا يَدَّعِيهِ بِالْبَيِّنَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإِنْ جَنَتْ، ثُمَّ جَنَتْ شَارَكَ الثَّانِي الْأَوَّلَ وُجِدَتْ قَبْلَ قَضَاءِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَثُرَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْمُدَبَّرِ، فَالْقِيمَةُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَاتِ سَوَاءٌ قَرُبَتْ الْمُدَّةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا أَوْ بَعُدَتْ، فَإِنْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا خَطَأً، وَفَقَأَ عَيْنَ آخَرَ فَعَلَى مَوْلَاهُ قِيمَتُهُ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَتَيْنِ أَثْلَاثًا، فَإِنْ اكْتَسَبَ كَسْبًا أَوْ وَهَبَ لَهُ هِبَةً لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا عَمْدًا، وَالْآخَرُ خَطَأً، فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ لِأَصْحَابِ الْخَطَأِ، فَإِنْ عَفَا عَنْهُ أَحَدُ وَلِيَّيْ الْعَمْدِ، فَالْقِيمَةُ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهِيَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْحَاوِي وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِمْ يَوْمَ جَنَى عَلَيْهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ التَّدْبِيرِ، فَإِذَا قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً، وَقِيمَتُهُ يَوْمَ قَتَلَهُ أَلْفٌ، ثُمَّ زَادَتْ قِيمَتُهُ، فَصَارَتْ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، ثُمَّ قَتَلَ قَتِيلًا آخَرَ، فَإِنْ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ يَأْخُذُ مِنْ الْمَوْلَى خَمْسَمِائَةٍ فَضْلَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْسِمُ الْبَاقِيَ، وَهُوَ أَلْفٌ عَلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا، فَيَجْعَلُ كُلَّ خَمْسِمِائَةٍ سَهْمًا، فَيَكُونُ لِلْأَوَّلِ عِشْرُونَ سَهْمًا، وَلِلثَّانِي تِسْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا يَقْتَسِمُونَ الْأَلْفَ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَ الْمُدَبَّرِ، فَغَرِمَ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا آخَرَ، فَإِنَّ أَرْشَ الْعَيْنِ لِلْمَوْلَى لَا حَقَّ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ فِيهِ، وَعَلَى الْمَوْلَى أَلْفُ دِرْهَمٍ قِيمَتُهُ يَوْمَ جَنَى عَلَى الْأَوَّلِ خَمْسُمِائَةٍ مِنْهَا لِلْأَوَّلِ خَاصَّةً، وَالْخَمْسُمِائَةِ الْبَاقِيَةُ يَضْرِبُ فِيهَا الثَّانِي بِالدِّيَةِ إلَّا خَمْسَمِائَةٍ، وَلَوْ كَانَ الْفَاقِئُ عَبْدًا فَدَفَعَ بِهِ كَانَ لِلْمَوْلَى أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ قَتِيلًا خَطَأً، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ، فَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَقَتَلَ آخَرَ خَطَأً، ثُمَّ انْتَقَصَتْ قِيمَتُهُ، فَصَارَ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ، فَقَتَلَ قَتِيلًا آخَرَ، فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْمَوْلَى بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَوَلِيُّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ أَلْفًا بَقِيَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَخَمْسُمِائَةٍ مِنْهَا اجْتَمَعَ فِيهَا حَقُّ الْأَوَّلِ، وَحَقُّ الثَّانِي، وَحَقُّ الْأَوَّلِ عَشَرَةُ آلَافٍ، وَحَقُّ الثَّانِي تِسْعَةُ آلَافٍ، فَتُقْسَمُ الْخَمْسُمِائَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا، تِسْعَةُ أَسْهُمٍ لِلثَّانِي، وَعَشَرَةٌ لِلْأَوَّلِ بَقِيَتْ خَمْسُمِائَةٍ أُخْرَى اجْتَمَعَ فِيهَا حَقُّ الْكُلِّ، فَتُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمْ، فَيَضْرِبُ الثَّالِثُ فِيهَا بِعَشَرَةِ آلَافٍ، وَالثَّانِي بِعَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا مَا أَخَذَ مَرَّتَيْنِ، وَالْأَوَّلُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا مَا أَخَذَ مَرَّةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا دَفَعَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ، وَلَمْ يَحْدُثْ بِهِ عَيْبٌ، ثُمَّ قَتَلَ رَجُلًا آخَرَ خَطَأً، فَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ، فَلَا سَبِيلَ لِلثَّانِي عَلَى الْمَوْلَى، وَلَكِنَّهُ يُتْبِعُ الْأَوَّلَ، فَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ الْقِيمَةِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهَا بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْجَوَابُ كَذَلِكَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلثَّانِي الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْأَوَّلَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَتْبَع الْمَوْلَى بِذَلِكَ فَإِذَا أَخَذَهُ مِنْهُ رَجَعَ الْمَوْلَى بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا حَفَرَ الْمُدَبَّرُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ، فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ، فَدَفَعَ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، ثُمَّ وَقَعَ آخَرُ هَلْ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ إتْبَاعُ الْمَوْلَى بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ حَافِرَ الْبِئْرِ إذَا كَانَ عَبْدًا قِنًّا، فَدَفَعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ، ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ وَمَاتَ فَإِنَّ الثَّانِيَ لَا يُتْبِعُ الْمَوْلَى بِشَيْءٍ سَوَاءٌ دَفَعَ الْمَوْلَى إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمَوْلَى إذَا لَمْ يَدْفَعْ الْقِيمَةَ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ حَتَّى، وَقَعَ آخَرُ أَوْ قَتَلَ آخَرَ، ثُمَّ دَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ أَنَّ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الثَّانِي أَنْ يُتْبِعَ الْمَوْلَى، فَيَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ. ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِذَلِكَ عَلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَوَضْعُ الْحَجَرِ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ سَوْقُهُ الدَّابَّةَ، أَوْ صَبُّ الْمَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْحَفْرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مُدَبَّرٌ جَنَى جِنَايَةً خَطَأً، وَدُفِعَتْ قِيمَتَهُ بِلَا قَضَاءٍ، فَكُوتِبَ فَجَنَى، وَقَضَى بِالْقِيمَةِ، وَلَمْ تُدْفَعْ فَجَنَى أُخْرَى، ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ مِائَةٍ، فَالْمِائَةُ لِوَلِيِّ الثَّانِيَةِ، وَخُيِّرَ الثَّالِثُ بِأَنْ يُشَارِكَ الْأَوَّلَ أَوْ يُتْبِعَ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا خَطَأً، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ

فَدَفَعَهَا بِقَضَاءِ قَاضٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ قِيمَتُهُ إلَى خَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ قَتَلَ آخَرَ، فَإِنَّ خَمْسَمِائَةٍ مِمَّا أَخَذَ الْأَوَّلُ لِلْأَوَّلِ خَاصَّةً وَالْخَمْسُمِائَةِ الْبَاقِيَةُ بَيْنَهُمَا يَضْرِبُ فِيهَا الْأَوَّلُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا خَمْسَمِائَةٍ، وَالْآخَرُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ، فَتَكُونُ تِلْكَ مَقْسُومَةً بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ كُلَّ خَمْسِمِائَةٍ مِنْهُمَا سَهْمًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ: إذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ مَوْلَاهُ خَطَأً هُدِرَتْ جِنَايَتُهُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ رَدًّا لِلْوَصِيَّةِ، وَإِذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ مَوْلَاهُ عَمْدًا، فَعَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهِ، وَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَإِذَا وَجَبَتْ السِّعَايَةُ، وَالْقِصَاصُ جَمِيعًا كَانَتْ الْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا اسْتَسْعَوْهُ فِي قِيمَتِهِ أَوَّلًا ثُمَّ قَتَلُوهُ، وَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ لِلْحَالِ، وَأَبْطَلُوا حَقَّهُمْ فِي السِّعَايَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا، فَعَفَا أَحَدُهُمَا عَنْ الْمُدَبَّرِ، فَعَلَى الْمُدَبَّرِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَةٍ وَنِصْفٍ، يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ رَدًّا لِلْوَصِيَّةِ فَتَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ خَاصَّةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُدَبَّرٌ تَاجِرٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَتَلَ مَوْلَاهُ خَطَأً، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَةِ رَقَبَتِهِ لِغُرَمَائِهِ، وَمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَبْدًا مَأْذُونًا عَلَيْهِ دَيْنٌ جَرَحَ مَوْلَاهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، وَهُوَ صَاحِبُ فِرَاشٍ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ جِرَاحَتِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَجِيءُ، وَيَذْهَبُ، فَإِنْ كَانَ تَرَكَ مَالًا، فَغُرَمَاءُ الْعَبْدِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا أَخَذُوا قِيمَةَ الْعَبْدِ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَيُتْبِعُونَ الْعَبْدَ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِمْ، وَإِنْ شَاءُوا أَتْبَعُوا الْعَبْدَ بِجَمِيعِ دَيْنِهِمْ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى فِي مَرَضِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ سَوَاءٌ، ثُمَّ قَتَلَ مَوْلَاهُ خَطَأً يَسْعَى فِي قِيمَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَوْلَاهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَالْعَبْدُ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ مَوْلَاهُ عَمْدًا، وَلَهُ وَلِيَّانِ أَحَدُهُمَا ابْنُ الْمُدَبَّرِ، فَعَلَى الْمُدَبَّرِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتَيْنِ قِيمَةٌ لِرَدِّ الْوَصِيَّةِ، وَقِيمَةٌ بِالْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ مُدَبَّرَةٌ حُبْلَى قَتَلَتْ مَوْلَاهَا خَطَأً، فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَسْعَ وَلَدُهَا فِي شَيْءٍ، فَإِنْ جَرَحَتْ مَوْلَاهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى مِنْ الْجُرْحِ تَسْعَى الْمُدَبَّرَةُ فِي قِيمَتِهَا، وَيُعْتَقُ الْوَلَدُ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا كَانَ الْمُدَبَّرُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقَتَلَ أَحَدَ مَوْلَيَيْهِ وَرَجُلًا خَطَأً بُدِئَ بِالرَّجُلِ قَبْلَ الْمَوْلَى، فَعَلَى الْمَوْلَى الْبَاقِي نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَفِي مَالِ الْمَقْتُولِ نِصْفُ قِيمَتِهِ، ثُمَّ يَكُونُ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ رُبْعُ قِيمَتِهِ، وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى الْقَتِيلَ لَا حَقَّ لَهُ فِيمَا ضَمِنَ، فَإِنَّ جِنَايَةَ الْمُدَبَّرِ عَلَى مَوْلَاهُ خَطَأً هَدَرٌ، فَذَلِكَ النِّصْفُ مِنْ الْقِيمَةِ يُسَلَّمُ لِوَلِيِّ الْأَجْنَبِيِّ، وَيُصَاحِبُهُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ، فَيَضْرِبُ هُوَ فِيهِ بِخَمْسَةِ آلَافٍ، وَالْآخَرُ بِخَمْسَةِ آلَافٍ، فَكَانَ ذَلِكَ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَعَلَى الْمُدَبَّرِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ نِصْفُهَا لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ، وَنِصْفُهَا لِلْمَوْلَى الْحَيِّ، وَلَوْ كَانَ قَتَلَ الْمَوْلَى عَمْدًا، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَعَلَى الْمَوْلَى الْبَاقِي، وَفِي مَالِ الْمَقْتُولِ قِيمَتُهُ تَامَّةً لِوَلِيِّ الْخَطَأِ، وَيَسْعَى الْمُدَبَّرُ فِي قِيمَتِهِ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ، وَيُقْتَلُ بِالْعَمْدِ، فَإِنْ عَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ الْعَمْدِ سَعَى الْمُدَبَّرُ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَإِذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا عَمْدًا، وَلَهُ وَلِيَّانِ، فَعَفَا أَحَدُهُمَا، ثُمَّ قَتَلَ أَحَدَ مَوْلَيَيْهِ خَطَأً فَعَلَى الْمَوْلَى الْبَاقِي نِصْفُ قِيمَتِهِ، فَيَكُونُ نِصْفُ ذَلِكَ النِّصْفِ لِوَلِيِّ الْمَوْلَى الْقَتِيلِ، وَالنِّصْفُ الْبَاقِي مِنْ ذَلِكَ النِّصْفِ بَيْنَهُ. وَبَيْنَ الَّذِي لَمْ يَعْفُ مِنْ أَصْحَابِ الْعَمْدِ نِصْفَيْنِ، وَفِي مَالِ الْقَتِيلِ رُبْعُ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ، وَيَسْعَى الْمُدَبَّرُ فِي قِيمَتِهِ تَامَّةً لِلْحَيِّ، وَلِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ، وَإِذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ مَوْلَيَيْهِ مَعًا خَطَأً سَعَى فِي قِيمَتِهِ لِوَرَثَتِهِمَا لِرَدِّ الْوَصِيَّةِ، وَلَا شَيْءَ لِوَاحِدِ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ رَجُلٌ مَاتَ، وَتَرَكَ مُدَبَّرًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَجَنَى الْمُدَبَّرُ جِنَايَةً، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الْجِنَايَةِ، وَيَسْعَى الْمُدَبَّرُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَعِنْدَهُمَا هُوَ حُرٌّ مَدْيُونٌ، فَيَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ خَرَجَ عَنْ الثُّلُثِ كَانَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا، فَهَذَا وَالْمُدَبَّرُ فِي هَذَا سَوَاءٌ إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي حَقِّ الْجِنَايَةِ عَلَى مَوْلَاهُ، فَالْمُدَبَّرُ لَا يَسْعَى فِي الْجِنَايَةِ خَطَأً عَلَى مَوْلَاهُ. وَهَذَا مُكَاتَبٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَنَى عَلَى مَوْلَاهُ، وَالْمُكَاتَبُ يَسْعَى فِي جِنَايَتِهِ خَطَأً عَلَى مَوْلَاهُ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْعَى، وَتَرَكَ مَالًا، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ قَضَى فِي مَالِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَلَوْ تَرَكَ وَلَدًا سَعَى وَلَدُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الدَّيْنُ، وَالْجِنَايَةُ وَحَقُّ الْوَرَثَةِ، وَلَوْ سَعَى فِي حِصَّةِ الْوَرَثَةِ، وَلَمْ يَسْعَ فِي حِصَّةِ الْجِنَايَةِ حَتَّى مَاتَ، وَتَرَكَ وَلَدًا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَلَدِهِ شَيْءٌ، وَلَوْ

أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ، وَمَاتَ، ثُمَّ جَنَى الْعَبْدُ، فَالْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا دَفَعُوهُ بِالْجِنَايَةِ، وَبَطَلَ الْعِتْقُ، وَإِنْ شَاءُوا فَدَوْهُ مُتَطَوِّعِينَ، ثُمَّ يُعْتِقُونَهُ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَا، وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ فِي حِصَّةِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ أَعْتَقُوهُ عَنْ الْمَيِّتِ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إنْ عَلِمُوا بِالْجِنَايَةِ، فَقَدْ اخْتَارُوا الْفِدَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا ضَمِنُوا الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مُدَبَّرَةٌ، وَلَدَتْ وَلَدًا، وَقِيمَةُ كُلٍّ ثَلَاثُمِائَةٍ، فَجَنَتْ جِنَايَةً تَسْتَغْرِقُهَا، وَمَاتَ سَيِّدُهَا، وَلَمْ يَدَعْ مَالًا غَيْرَهُمَا سَعَيَا بِقَدْرِ قِيمَتِهِمَا لِرَبِّ الْجِنَايَةِ، وَلِلْوَرَثَةِ فِي مِائَتَيْنِ، وَسَلَّمَ لَهُمَا مِائَةً كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ قَتِيلًا خَطَأً، وَاسْتَهْلَكَ مَالًا، فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ، وَعَلَى الْمُدَبَّرِ أَنْ يَسْعَى فِيمَا يَسْتَهْلِكُ مِنْ الْمَالِ، وَلَا يُشَارِكُ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ الْآخَرَ فِيمَا يَأْخُذُ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا مَالَ لِلْمَوْلَى غَيْرُهُ، فَإِنَّ الْمُدَبَّرَ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ، فَيَكُونُ أَصْحَابُ دَيْنِهِ أَحَقَّ بِهَا مِنْ أَصْحَابِ جِنَايَتِهِ، فَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، فَعَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي الْفَضْلِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، فَالْفَضْلُ مِنْ الْقِيمَةِ عَلَى مِقْدَارِ دَيْنِهِ يَكُونُ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ، وَلَا شَيْءَ لَهُمْ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى عَلَى الْمَوْلَى بِالْقِيمَةِ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ، وَعَلَى الْمُدَبَّرِ بِالسِّعَايَةِ بِالدَّيْنِ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى، وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ، فَلَا تَسْعَى لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ فِي شَيْءٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ لِرَجُلَيْنِ مَالًا، فَقَضَى لِأَحَدِهِمَا شَرِكَهُ الْآخَرُ فِيهِ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ السِّعَايَةِ بَطَلَ ذَلِكَ، وَلَوْ وُهِبَ لَهُ مَالٌ كَانَ غُرَمَاؤُهُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْمَوْلَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُدَبَّرُ لِرَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ لَمْ يَضْمَنْ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ شَيْئًا، وَلَوْ لَمْ يُعْتِقْهُ، وَلَكِنَّ رَجُلًا قَتَلَ الْمُدَبَّرَ، فَغَرِمَ قِيمَتَهُ، وَقَدْ جَنَى الْمُدَبَّرُ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، فَصَاحِبُ الدَّيْنِ أَحَقُّ بِالْقِيمَةِ مِنْ صَاحِبِ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ غَصَبَ مُدَبَّرًا، فَجَنَى فِي يَدِهِ غَرِمَ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَمِنْ الْأَرْشِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِهِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا غَصَبَ مُدَبَّرًا، فَأَقَرَّ عِنْدَهُ بِقَتْلِ رَجُلٍ عَمْدًا وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ الْمَوْلَى، أَوْ عِنْدَ الْغَاصِبِ، فَهُوَ سَوَاءٌ، وَإِذَا قَتَلَ بِذَلِكَ بَعْدَ الرَّدِّ، فَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهُ، وَلَوْ عَفَا أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ، فَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِسَرِقَةٍ أَوْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ إنَّهُ رَدَّهُ، فَقَتَلَ فِي الرِّدَّةِ، فَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهُ أَوْ قَطَعَ فِي السَّرِقَةِ، فَعَلَى الْغَاصِبِ نِصْفُ قِيمَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ غَصَبَ مُدَبَّرًا، فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى، ثُمَّ غَصَبَهُ ثَانِيًا، فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً أُخْرَى، فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ فَيَدْفَعُ نِصْفَهَا إلَى الْأَوَّلِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ ثَانِيًا، فَيُسَلِّمُ لَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ. وَمَنْ غَصَبَ مُدَبَّرًا، فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى، فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً أُخْرَى، فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ بَيْنَ وَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى بَعْدَ مَا أَدَّى قِيمَةَ الْعَبْدِ إلَيْهِمَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَيَدْفَعُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى، ثُمَّ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ مَرَّةً أُخْرَى، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ، فَيُسَلِّمُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ جَنَى عِنْدَ الْمَوْلَى أَوَّلًا، ثُمَّ جَنَى عِنْدَ الْغَاصِبِ غَرِمَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ بَيْنَ وَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ عَلَى الْغَاصِبِ، فَيَدْفَعُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا خَطَأً، ثُمَّ غَصَبَهُ رَجُلٌ، فَقَتَلَ عِنْدَهُ رَجُلًا عَمْدًا، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى، فَإِنَّهُ يَقْتُلُ قِصَاصًا، وَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ لِصَاحِبِ الْخَطَأِ بِالْجِنَايَةِ الَّتِي كَانَتْ مِنْهُ عِنْدَ الْمَوْلَى، وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ، فَإِنْ عَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ الْعَمْدِ كَانَتْ الْقِيمَةُ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَثْلَاثًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أَخَذَهُ صَاحِبُ الْعَمْدِ مِنْهُ، ثُمَّ يَدْفَعُ ذَلِكَ إلَى صَاحِبِ الْخَطَأِ، وَلَوْ قَتَلَ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوَّلًا رَجُلًا عَمْدًا، ثُمَّ رَدَّهُ إلَى الْمَوْلَى فَقَتَلَ عِنْدَهُ رَجُلًا خَطَأً بَعْدَمَا عَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ الدَّمِ، فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا كَمَا بَيَّنَّا، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أَخَذَهُ الَّذِي لَمْ يَعْفُ مِنْ وَلِيِّ الْعَمْدِ، فَيَدْفَعُهُ إلَى صَاحِبِ الْعَمْدِ الَّذِي لَمْ يَعْفُ إلَى تَمَامِ نِصْفِ الْقِيمَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ عَلَى الْغَاصِبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إنْ قَتَلَ عِنْدَ الْغَاصِبِ رَجُلًا، وَغَرِمَ الْمَوْلَى

قِيمَتَهُ، وَرَجَعَ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ، ثُمَّ غَصَبَهُ آخَرُ، فَقَتَلَ عِنْدَهُ رَجُلًا آخَرَ اشْتَرَكَ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ، وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى بِنِصْفِ الْقِيمَةِ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي، فَيَدْفَعُهَا إلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ عِنْدَ الْغَاصِبِ رَجُلًا خَطَأً، وَأَفْسَدَ مَتَاعًا، ثُمَّ قَتَلَهُ رَجُلٌ خَطَأً، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ قِيمَتُهُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ، وَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ بِسَبَبِ جِنَايَتِهِ فَيَرْجِعُ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا أَوْ مُدَبَّرًا فَاسْتَهْلَكَ عِنْدَهُ مَالًا، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى، فَمَاتَ عِنْدَهُ فَلَا شَيْءَ لِأَصْحَابِ الدَّيْنِ لِفَوَاتِ مَحَلِّ حَقِّهِمْ، وَذَلِكَ الْكَسْبُ أَوْ مَالِيَّةُ الرَّقَبَةِ، وَلَا لِلْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ مَاتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ، فَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهُ، فَإِذَا أَخَذَهَا الْمَوْلَى دَفَعَهَا إلَى الْغُرَمَاءِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ قَتَلَ عِنْدَ الْمَوْلَى خَطَأً، فَقِيمَتُهُ لِأَصْحَابِ الدَّيْنِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ يَقْبِضُهَا الْمَوْلَى، وَيَدْفَعُهَا إلَيْهِمْ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُدَبَّرُ مَالًا عِنْدَ الْمَوْلَى، ثُمَّ غَصَبَهُ رَجُلٌ، فَحَفَرَ عِنْدَهُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَى الْمَوْلَى، فَقَتَلَهُ رَجُلٌ خَطَأً، فَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْمَوْلَى، وَأَخَذَهَا أَصْحَابُ الدَّيْنِ، ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ دَابَّةٌ فَعَطِبَتْ شَارَكَ صَاحِبُهَا أَصْحَابَ الدَّيْنِ الَّذِينَ أَخَذُوا الْقِيمَةَ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ بِالْحِصَّةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ، فَيَدْفَعُهُ إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ إنْسَانٌ آخَرُ فَمَاتَ، فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ الْغَاصِبَ أَوْ مَمْلُوكَهُ أَوْ مَنْ يَرِثُهُ الْغَاصِبُ، فَهُوَ هَدْرٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ غَصَبَ الْمُدَبَّرُ أَحَدَ مَوْلَيَيْهِ، فَقَتَلَ عِنْدَهُ قَتِيلًا خَطَأً، ثُمَّ رَدَّهُ، فَقَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا لَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا، فَعَلَيْهِمَا قِيمَةٌ تَامَّةٌ لِصَاحِبِ الْخَطَأِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا، وَلِلَّذِي لَمْ يَعْفُ مِنْ وَلِيِّ الدَّمِ رُبْعُهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى الَّذِي لَمْ يَغْصِبْ عَلَى الْغَاصِبِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ نِصْفِ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ، وَهُوَ مِقْدَارُ مَا غَرِمَ هُوَ لِوَلِيِّ الْخَطَأِ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى صَاحِبِ الْخَطَأِ مِنْ ذَلِكَ ثَمَنَ قِيمَةِ الْعَبْدِ، ثُمَّ يَرْجِعُ هُوَ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. مُدَبَّرُ الذِّمِّيِّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَمُدَبَّرِ الْمُسْلِمِ، وَجِنَايَتُهُ تَكُونُ عَلَى مَوْلَاهُ إلَّا أَنَّهُ قَضَى عَلَيْهِ بِالسِّعَايَةِ لِإِسْلَامِهِ حَتَّى كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُكَاتَبِ، وَكَذَلِكَ مُدَبَّرُ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ إلَّا أَنَّهُ إذَا دَبَّرَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ رَجَعَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَسَبَى عَتَقَ الْمُدَبَّرُ، وَهُوَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَغْرَمُ مَا جَنَى بَعْدَمَا سَبَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَتَلَتْ أُمُّ الْوَلَدِ مَوْلَاهَا عَمْدًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ، فَعَلَيْهَا الْقِصَاصُ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا لِأَجْلِ الْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ مِنْهُ، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهَا، ثُمَّ تَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَتَلَتْ أُمُّ الْوَلَدِ مَوْلَاهَا عَمْدًا، وَهِيَ حُبْلَى مِنْهُ وَلَا وَلَدَ لَهَا، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهَا، فَإِنْ وَلَدَتْهُ حَيًّا وَجَبَتْ الْقِيمَةُ عَلَيْهَا لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا كَانَ عَلَيْهَا الْقِصَاصُ فَإِنْ ضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا، وَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا، فَفِيهِ غُرَّةٌ، وَلَهَا مِيرَاثُهَا مِنْ تِلْكَ الْغُرَّةِ، وَتُقْتَلُ هِيَ بِالْمَوْلَى، ثُمَّ نَصِيبُهَا مِنْ الْغُرَّةِ مِيرَاثٌ لِبَنِي مَوْلَاهَا، وَلَا يُحْرَمُونَ الْمِيرَاثَ؛ لِأَنَّهُمْ قَتَلُوهَا بِحَقٍّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا قَتَلَتْ أُمُّ الْوَلَدِ مَوْلَاهَا، وَرَجُلًا عَمْدًا، وَلَا وَلَدَ لَهَا مِنْ مَوْلَاهَا، فَعَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ الْمَوْلَى، وَأَحَدُ وَلِيَّيْ الْأَجْنَبِيِّ مَعًا فَعَلَى أُمِّ الْوَلَدِ نِصْفُ قِيمَتِهَا لِلْوَلِيَّيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَيَجِبُ فِي مَالِهَا دُونَ الْمَوْلَى، وَإِنْ عَفَيَا مُتَعَاقِبًا سَعَتْ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهَا اتِّفَاقًا، ثُمَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْسَمُ عَلَى سَبِيلِ الْعَوْلِ، وَالْمُضَارَبَةِ، وَعِنْدَهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْمُنَازَعَةِ، وَتَخْرِيجُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى سَبِيلِ الْمُنَازَعَةِ: أَنَّ رُبْعَ الْقِيمَةِ مِنْ النِّصْفِ الْوَاجِبِ لِأَحَدِ وَلِيَّيْ الْمَوْلَى، فَارِغٌ عَنْ حَقِّ أَحَدِ وَلِيَّيْ الْأَجْنَبِيِّ، فَيُسَلِّمُ لَهُ بِلَا مُنَازَعَةٍ، وَرُبْعُ الْقِيمَةِ، وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَى النِّصْفِ الْوَاجِبِ فَارِغٌ عَنْ حَقِّ أَحَدِ وَلِيَّيْ الْمَوْلَى، فَيُسَلِّمُ لِأَحَدِ وَلِيَّيْ الْأَجْنَبِيِّ، وَرُبْعُ الْقِيمَةِ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِيهِ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَيُصِيبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَ أَثْمَانِ الْقِيمَةِ، وَتَخْرِيجُهُ عَلَى الْعَوْلِ، وَالْمُضَارَبَةِ هُوَ: أَنَّ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ الْوَاجِبَةِ لِلْأَوَّلِ اجْتَمَعَ فِيهِ حَقَّانِ حَقُّ الْمَوْلَى فِي جَمِيعِهِ، وَحَقُّ الْآخَرِ فِي نِصْفِهِ فَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ بِمِقْدَارِ حَقِّهِ فَيَصِيرُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِأَحَدِ وَلِيَّيْ الْمَوْلَى، وَثُلُثُهُ لِأَحَدِ وَلِيَّيْ الْآخَرِ، وَقَدْ اسْتَحَقَّ هُوَ مَرَّةً الرُّبْعَ، وَهُوَ سُدُسٌ، وَنِصْفُ سُدُسٍ، فَإِذَا ضَمَّ هَذَا إلَى ذَلِكَ فَصَارَ لَهُ ثُلُثَا الْقِيمَةِ، وَنِصْفُ سُدُسٍ، وَإِذَا قَتَلَتْ أُمُّ الْوَلَدِ مَوْلَاهَا، وَلَهَا مِنْهُ، وَلَدٌ، فَقَتَلَتْ أَجْنَبِيًّا أَيْضًا، وَلَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا ثُلُثَاهَا لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى، وَثُلُثُهَا لِلْآخَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

الفصل الثالث في جناية المكاتب والإقرار بها

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى، وَلَوْ أَخَذَ، وَرَثَةُ الْمَوْلَى بِقَضَاءٍ قَبْلَ عَفْوِ الْآخَرِ لِوَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَنْ يُشَارِكُوهُ، وَلَا يُتْبِعُونَهَا؛ لِأَنَّهَا أَدَّتْ جَمِيعَ مَا عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْخِيَارِ، وَإِنْ أَخَذُوا بَعْدَ عَفْوِ الْآخَرِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ، أَخَذَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُمَا فَرَّقَا بَيْنَ الدَّفْعِ بِقَضَاءٍ، وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اجْتَمَعَ مُدَبَّرٌ، وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَعَبْدٌ، وَمُكَاتَبٌ، فَقَتَلُوا رَجُلًا، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَتْلَفَ رُبْعَ النَّفْسِ، فَيُقَالُ لِمَوْلَى الْعَبْدِ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَيَسْعَى الْمُكَاتَبُ فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ، وَعَلَى مَوْلَى الْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ وَالْإِقْرَارِ بِهَا] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ وَالْإِقْرَارِ بِهَا) الْمُكَاتَبُ إذَا جَنَى جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ، فَمُوجِبُهَا عَلَيْهِ دُونَ سَيِّدِهِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ عُلَمَائِنَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَةً خَطَأً، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِهَا، وَمِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ جَنَى كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَتَلَ مُكَاتَبٌ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ أَوْ أَكْثَرُ رَجُلًا يَسْعَى فِي عَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُكَاتَبُ، وَوَلِيُّ الْجِنَايَةِ فِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْجِنَايَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ هَكَذَا فِي الْحَاوِي وَكَذَلِكَ لَوْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْمُكَاتَبِ، فَقَالَ الْمُكَاتَبُ: جَنَيْتُ بَعْدَمَا فُقِئَتْ عَيْنِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. الْوَاجِبُ بِنَفْسِ جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ هُوَ الدَّفْعُ، وَإِنَّمَا يَتَحَوَّلُ الْوَاجِبُ إلَى الْمَالِ بِأَحَدِ مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا قَضَاءُ الْقَاضِي بِالْمَالِ، وَإِمَّا الِاصْطِلَاحُ عَلَى الْمَالِ، وَإِمَّا وُقُوعُ الْيَأْسِ عَنْ الدَّفْعِ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالْمَوْتِ عَنْ وَفَاءٍ، فَإِذَا جَنَى، وَعَجَزَ، وَرَدَّ فِي الرِّقِّ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالْمَالِ، وَقَبْلَ اصْطِلَاحِهِمَا عَلَى الْمَالِ فَإِنَّهُ يُخَاطَبُ الْمَوْلَى بِالدَّفْعِ أَوْ بِالْفِدَاءِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بَعْدَ الِاصْطِلَاحِ عَلَى الْمَالِ يُبَاعُ فِيهِ، وَلَا يَدْفَعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْمَالِ صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَسَقَطَ مِنْ رَقَبَتِهِ، وَقَبْلَ الْحُكْمِ هُوَ فِي رَقَبَتِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَاتٍ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ، فَعَلَى الْمُكَاتَبِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ قَضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَقَضَى بَعْضُهُمْ جَازَ مَا فَعَلَ، وَلَمْ يُشْرِكْهُ الْآخَرُونَ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ حَتَّى عَجَزَ، فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، وَهُوَ يَعْلَمُ بِهَا كَانَ مُخْتَارًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا، فَقَدْ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لِلرَّقَبَةِ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ قَتَلَ رَجُلًا، فَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ حَتَّى عَجَزَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ دَفَعَ بِالْجِنَايَةِ، وَيَبِيعُهُ فِي الدَّيْنِ، فَيُبَاعُ فِيهِ، وَإِنْ فَدَاهُ بَاعَهُ فِي الدَّيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَةً أُخْرَى خَطَأً، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الْأَرْشِ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ عَلَى الثَّانِي، فَإِنَّ عَلَيْهِ لِلثَّانِي مِثْلَ مَا لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ جِنَايَةٍ يَجْنِيهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِمَا قَبْلَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ حَتَّى جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى، فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى لَهُمَا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَتَيْنِ، وَتَكُونُ تِلْكَ الْقِيمَةُ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيُنْظَرُ فِي كُلِّ جِنَايَةٍ إلَى قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ يَوْمَ جَنَى، وَلَا تُعْتَبَرُ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَلَوْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا خَطَأً، وَحَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ وَأَحْدَثَ فِي الطَّرِيقِ شَيْئًا، فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ إنْسَانٌ، فَمَاتَ، فَقَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ لِلَّذِي، وَقَعَ فِي الْبِئْرِ، وَلِوَلِيِّ الْقَتِيلِ وَسَعَى بَيْنَهُمَا، ثُمَّ عَطِبَ بِمَا أَحْدَثَ فِي الطَّرِيقِ إنْسَانٌ، فَمَاتَ، فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُمْ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ إنْسَانٌ آخَرُ، فَمَاتَ وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا أُخْرَى فِي الطَّرِيقِ بَعْدَمَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ، وَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ، فَمَاتَ يَقْضِي عَلَيْهِ الْقَاضِي بِقِيمَةٍ أُخْرَى، وَلَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ الْأَوَّلِ فَرَسٌ، فَعَطِبَ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ دَيْنًا يَسْعَى فِيهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَلَا يُشَارِكُونَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا قَتَلَ الْمُكَاتَبُ قَتِيلًا خَطَأً، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ حَتَّى قَتَلَ قَتِيلًا آخَرَ خَطَأً، وَقِيمَتُهُ يَوْمئِذٍ أَلْفَانِ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي، فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْمُكَاتَبِ أَنْ يَسْعَى فِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ الْأَلْفُ الزَّائِدُ مِنْ الْأَلْفَيْنِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الثَّانِي، وَالْأَلْفُ الْمَوْجُودُ وَقْتَ الْجِنَايَةِ الْأُولَى يَكُونُ بَيْنَ وَلِيِّ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا، وَحَقُّ وَلِيِّ الْقَتِيلِ الثَّانِي فِي تِسْعَةِ آلَافٍ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ الْأَلْفُ، وَحَقُّ الْأَوَّلِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، فَيَقْسِمُ الْأَلْفَ الْقَائِمَ بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا عَشَرَةُ أَسْهُمٍ لِلْأَوَّلِ، وَتِسْعَةُ أَسْهُمٍ لِلثَّانِي، فَمَا خَرَجَ مِنْ السِّعَايَةِ يَكُونُ نِصْفُهُ لِلثَّانِي خَاصَّةً، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَتَلَ الْمُكَاتَبُ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ رَجُلًا خَطَأً، فَاعْوَرَّ، ثُمَّ قَتَلَ آخَرَ خَطَأً، وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ يَقْضِي عَلَيْهِ بِأَلْفَيْنِ: أَلْفٌ لِلْأَوَّلِ، وَبَقِيَ الْأَلْفُ الْقَائِمُ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا، وَحَقُّ الْأَوَّلِ فِي تِسْعَةِ آلَافٍ، وَحَقُّ الثَّانِي فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، فَكَانَ الْأَلْفُ الْقَائِمُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا، تِسْعَةٌ لِلْأَوَّلِ، وَعَشَرَةٌ لِلثَّانِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مُكَاتَبٌ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، ثُمَّ قَتَلَ رَجُلًا آخَرَ خَطَأً، فَقَضَى عَلَيْهِ بِإِحْدَى الْجِنَايَتَيْنِ، ثُمَّ قَتَلَ آخَرَ خَطَأً، فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ الَّتِي قَضَى لَهُ بِهَا، ثُمَّ يَقْضِي لِلثَّالِثِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ خَاصَّةً، وَيَقْضِي أَيْضًا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لِلَّذِي لَمْ يَقْضِ لَهُ بِشَيْءٍ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الثَّالِثِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْأَوْسَطِ وَثُلُثُهُ لِلثَّالِثِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا قَتَلَ الْمُكَاتَبُ قَتِيلَيْنِ خَطَأً، فَقَضَى عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لِأَحَدِهِمَا، وَالْآخَرُ غَائِبٌ، ثُمَّ قَتَلَ آخَرُ، ثُمَّ عَجَزَ، وَرَدَّ فِي الرِّقِّ، فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ ذَكَرَ أَنَّهُ يَدْفَعُ النِّصْفَ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ الثَّالِثِ، ثُمَّ يُبَاعُ هَذَا النِّصْفُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ الَّتِي قَضَى لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يُقْسَمُ بَيْنَ وَلِيِّ الْقَتِيلِ الثَّالِثِ، وَالْأَوْسَطِ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا، وَحَقُّ الثَّانِي فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، وَحَقُّ الثَّالِثِ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ، فَيَكُونُ النِّصْفُ الْمَشْغُولُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَا النِّصْفِ لِلثَّانِي، وَثُلُثُهُ الْآخَرُ لِلثَّالِثِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَى لِلثَّانِي بِعَشَرَةِ آلَافٍ، وَلِلثَّالِثِ كَذَلِكَ، وَطَهُرَ الْعَبْدُ عَنْ حَقِّ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ، وَبَقِيَ لِلْأَوَّلِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ دَيْنًا عَلَى الْعَبْدِ، فَيُقَالُ لِلْمَوْلَى: إمَّا أَنْ تَقْضِيَ دَيْنَهُ أَوْ يُبَاعَ الْعَبْدُ عَلَيْكَ، فَإِذَا لَمْ يَقْضِ الْمَوْلَى دَيْنَ الْعَبْدِ حَتَّى وَجَبَ الْبَيْعُ قَالُوا: يُبَاعُ جَمِيعُ الْعَبْدِ بِدَيْنِهِ لَا النِّصْفُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَضَى لِلثَّانِي بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَفَدَى لِلْآخَرَيْنِ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَقْضِ دَيْنَ الْعَبْدِ حَتَّى وَجَبَ بَيْعُهُ بِالدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ نِصْفُ الْعَبْدِ، وَلَا يُبَاعُ الْكُلُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا خَطَأً، وَلَهُ وَارِثَانِ، فَقَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَلَمْ يَقْضِ لِلْآخَرِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ قَتَلَ آخَرُ، فَجَاءَ الْآخَرُ، فَخَاصَمَ إلَى الْقَاضِي، وَهُوَ مُكَاتَبٌ بَعْدُ، فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْقِيمَةِ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ، وَجَاءَ الْأَوْسَطُ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَيْهِ رُبْعَ الْعَبْدِ أَوْ يَفْدِيهِ مَوْلَاهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ جَنَى الْمُكَاتَبُ، ثُمَّ مَاتَ، وَلَمْ يَدَّعِ شَيْئًا هُدِرَتْ، قَضَى عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَقْضِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَةً، ثُمَّ مَاتَ، فَإِنْ مَاتَ عَاجِزًا قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ، وَتَرَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَكِتَابَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْجِنَايَةَ تَبْطُلُ، وَتَكُونُ الْمِائَةُ الَّتِي تَرَكَهَا لِلْمَوْلَى، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ، فَمَا تَرَكَ تُقْضَى مِنْ ذَلِكَ الْجِنَايَةُ، وَإِنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنَّهُ لَا تَبْطُلُ الْجِنَايَةُ، فَتُقْضَى مِنْهُ الْجِنَايَةُ أَوَّلًا، ثُمَّ الْكِتَابَةُ، ثُمَّ إنْ، فَضَلَ شَيْءٌ يَكُونُ لِوَرَثَةِ الْمُكَاتَبِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُكَاتَبِ دَيْنٌ سِوَى الْجِنَايَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ دَيْنٌ سِوَى الْجِنَايَةِ، وَقَدْ تَرَكَ مَا يَفِي بِالدُّيُونِ، وَالْجِنَايَةِ، وَبَدَلِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ، فَإِنَّ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ يَكُونُ أُسْوَةً لِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ، وَلَا يُقَدِّمُ الدُّيُونَ عَلَى الْجِنَايَةِ، فَيَبْدَأُ بِالدُّيُونِ، ثُمَّ بِالْكِتَابَةِ، ثُمَّ إنْ فَضَلَ شَيْءٌ يَكُونُ لِوَارِثِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ حَتَّى مَاتَ، فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ الدُّيُونَ عَلَى الْجِنَايَةِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلُّهُ إذَا كَانَ مَا تَرَكَ الْمُكَاتَبُ فِيهِ وَفَاءً بِالدُّيُونِ، وَالْجِنَايَةِ، وَالْمُكَاتَبَةِ جَمِيعًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَفِي بِالْمُكَاتَبَةِ، وَإِنَّمَا يَفِي بِالدُّيُونِ، وَالْجِنَايَةِ لَا غَيْرُ هَلْ تَبْطُلُ الْجِنَايَةُ إذَا كَانَ الْقَاضِي قَضَى بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ فَالْجِنَايَةُ لَا تَبْطُلُ، وَيَقْضِي مِنْ كَسْبِهِ الدُّيُونَ، وَالْجِنَايَةَ جَمِيعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَضَى

الْقَاضِي بِالْجِنَايَةِ، فَإِنَّ الْجِنَايَةَ تَبْطُلُ، وَيَقْضِي الدُّيُونَ مِنْ كَسْبِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ، وَتَرَكَ وَلَدًا قَدْ وُلِدَ فِي مُكَاتَبَتِهِ مِنْ أَمَتِهِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَجِنَايَةٌ قَدْ قَضَى بِهَا أَوْ لَمْ يَقْضِ بِهَا سَعَى الْوَلَدُ فِي الدَّيْنِ، وَالْجِنَايَةِ، وَالْمُكَاتَبَةِ، ثُمَّ لَا يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَبْدَأَ بِذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ، فَإِنْ عَجَزَ الْوَلَدُ، وَرَدَّ فِي الرِّقِّ بَعْدَ مَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ بِيعَ، وَكَانَ ثَمَنُهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ بِالْحِصَصِ، وَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْجِنَايَةِ بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ، ثُمَّ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ أُمُّ الْوَلَدِ حَيَّةً حِينَ مَاتَ الْمُكَاتَبُ، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَقَدْ قَضَى عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ، وَلَمْ يَقْضِ، فَإِنَّ عَلَى الْأُمِّ وَالْوَلَدِ السِّعَايَةَ فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ مَعَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ قَضَى عَلَيْهِمَا بِهَا أَوْ لَمْ يَقْضِ حَتَّى قَتَلَ أَحَدُهُمَا قَتِيلًا خَطَأً قَضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ سِوَى مَا عَلَيْهِمَا لِوَلِيِّ جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ عَجَزَا بَعْدَ ذَلِكَ بِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي جِنَايَتِهِ خَاصَّةً، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ، فَالْفَضْلُ لِوَلِيِّ جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. مُكَاتَبَةٌ جَنَتْ، ثُمَّ وَلَدَتْ، فَعَجَزَتْ، وَلَمْ يَقْضِ دَفْعُهَا وَحْدَهَا، وَلَوْ قَضَى عَلَيْهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ بِيعَتْ، فَإِنْ وَفَّى ثَمَنُهَا بِالْجِنَايَةِ، وَإِلَّا بِيعَ وَلَدُهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ مَاتَتْ الْمُكَاتَبَةُ، وَتَرَكَتْ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَابْنًا وَلَدَتْهُ فِي مُكَاتَبَتِهَا، وَعَلَيْهَا دَيْنٌ، وَقَدْ قَتَلَتْ قَتِيلًا خَطَأً، فَقَضَى بِهَا أَوْ لَمْ يَقْضِ، فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَى الِابْنِ أَنْ يَسْعَى فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالْجِنَايَةِ، ثُمَّ تِلْكَ الْمِائَةُ بَيْنَ أَهْلِ الْجِنَايَةِ، وَالدَّيْنُ بِالْحِصَصِ، وَإِنْ اسْتَدَانَ الِابْنُ دَيْنًا، وَجَنَى جِنَايَةً، فَقَضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ مَعَ مَا قَضَى عَلَيْهِ مِنْ دَيْنِ أُمِّهِ، وَجِنَايَتِهَا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، فَإِنْ عَجَزَ بِيعَ فِي دَيْنِهِ، وَجِنَايَتُهُ خَاصَّةٌ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ كَانَ فِي دَيْنِ أُمِّهِ، وَجِنَايَتُهَا بِالْحِصَصِ، وَإِنْ كَانَ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ بِجِنَايَتِهِ دَفَعَهُ مَوْلَاهُ بِهَا، أَوْ فَدَاهُ، وَإِذَا دَفَعَهُ تَبِعَهُ دَيْنُهُ خَاصَّةً، فَيُبَاعُ فِيهِ دُونَ دَيْنِ أُمِّهِ، وَجِنَايَتِهَا، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ دَيْنِ الْأُمِّ، وَجِنَايَتِهَا عَلَيْهِ سَبِيلٌ، وَلَوْ فَدَاهُ الْمَوْلَى، فَقَدْ طَهُرَ بِالْفِدَاءِ مِنْ الْجِنَايَةِ، فَيُبَاعُ فِي دَيْنِهِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ كَانَ فِي دَيْنِ أُمِّهِ، وَجِنَايَتِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . مُكَاتَبٌ قَتَلَ ثَلَاثَةً خَطَأً، فَوَهَبَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ، ثُمَّ عَجَزَ سَلَّمَ ثُلُثَ الْعَبْدِ لِلْمَوْلَى، وَيَدْفَعُ الثُّلُثَيْنِ أَوْ يَفْدِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا عَمْدًا، وَلَهُ وَلِيَّانِ، فَعَفَا أَحَدُهُمَا سَعَى لِلْآخَرِ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، ثُمَّ جَنَى يَسْعَى فِي نِصْفِهِ، وَغَرِمَ الشَّرِيكُ الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِهِ، وَنِصْفِ الْأَرْشِ إنْ لَمْ يُؤَدِّ الْكِتَابَةَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَكَاتَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ، ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً، ثُمَّ أَدَّى، فَعَتَقَ، فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَنِصْفِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَيَأْخُذُ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ مِنْ شَرِيكِهِ نِصْفَ مَا أَخَذَ مِنْ الْمُكَاتَبِ، وَيَرْجِعُ بِهِ الشَّرِيكُ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَاَلَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ فَأَيَّ هَذِهِ الْخِصَالِ، فَعَلَ، وَقَبَضَ، فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ، وَمِنْ نِصْفِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ خُوصِمَ الْمُكَاتَبُ فِي الْجِنَايَةِ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ، فَقَضَى عَلَيْهِ بِنِصْفِ أَرْشِهَا، ثُمَّ عَجَزَ عَنْ الْمُكَاتَبَةِ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ نِصْفُهُ فِيمَا قَضَى بِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ نَصِيبُهُ الَّذِي كَاتَبَهُ، وَيُقَالُ لِلْآخَرِ: ادْفَعْ نَصِيبَكَ بِنِصْفِ الْجِنَايَةِ أَوْ افْدِهِ بِنِصْفِ أَرْشِهَا كَذَا فِي الْحَاوِي. وَإِذَا كَاتَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، ثُمَّ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ عَبْدًا، فَجَنَى جِنَايَةً، ثُمَّ أَدَّى الْمُكَاتَبَةَ فَعَتَقَ، فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الْمُكَاتَبُ، وَاَلَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ، فَإِنْ شَاءَا دَفَعَاهُ، وَإِنْ شَاءَا فَدَيَاهُ بِالدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَبْدُ الْجَانِي ابْنَ الْمُكَاتَبِ، وَوَلَدَهُ عِنْدَهُ مِنْ أَمَةٍ لَهُ كَانَ عَلَى الْجَانِي أَنْ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَمِنْ نِصْفِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ شَيْءٌ حَتَّى يُعْتَقَ أَوْ يُسْتَسْعَى، ثُمَّ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَمِنْ نِصْفِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الِابْنُ جَنَى عَلَى أَبِيهِ، ثُمَّ أَدَّى الْأَبُ عَتَقَ، فَعَلَى الِابْنِ نِصْفُ قِيمَةِ نَفْسِهِ، فَيَسْعَى فِيهَا لِلَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأُمِّ، فَالْمُكَاتَبُ ضَامِنٌ لِنِصْفِ قِيمَتِهَا لِلَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَاتَبَ أَمَةً مُشْتَرَكَةً بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، فَوَلَدَتْ فَكَاتَبَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ مِنْ الْوَلَدِ، ثُمَّ جَنَى الْوَلَدُ عَلَى الْأُمِّ، أَوْ أُمُّهُ عَلَيْهِ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ

عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَانَتْ أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا، ثُمَّ ازْدَادَتْ خَيْرًا أَوْ نَقَصَتْ بِعَيْبٍ ثُمَّ ازْدَادَتْ، فَعَتَقَتْ، فَاخْتَارَ الشَّرِيكُ تَضْمِينَ الْمُكَاتَبِ ضَمَّنَهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ عَتَقَتْ، وَلِلَّذِي لَمْ يُكَاتَبْ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الِابْنَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَلَوْ كَاتَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا، فَكَاتَبَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ مِنْ الْوَلَدِ، ثُمَّ جَنَى الْوَلَدُ عَلَى أُمِّهِ أَوْ جَنَتْ عَلَيْهِ جِنَايَةً لَا تَبْلُغُ النَّفْسَ، ثُمَّ أَدَّيَا فَعَتَقَا، وَالْمَوْلَيَانِ مُوسِرَانِ، فَلِلَّذِي كَاتَبَ الْوَلَدُ أَنْ يُضَمِّنَ الَّذِي كَاتَبَ الْأُمَّ نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَاهَا، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَهَا، وَلَا ضَمَانَ لِلَّذِي كَاتَبَ الْأُمَّ عَلَى شَرِيكِهِ فِي الْوَلَدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقَأَ الْعَبْدُ عَيْنَ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ كَاتَبَ الْمَفْقُوءَةُ عَيْنُهُ نَصِيبَهُ مِنْهُ، ثُمَّ جَرَحَهُ جُرْحًا آخَرَ، فَمَاتَ مِنْهُمَا سَعَى الْمُكَاتَبُ فِي الْأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَرُبْعِ الدِّيَةِ، وَعَلَى الْمَوْلَى الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ إنْ كَانَ قَدْ أَدَّى، وَعَتَقَ لَمْ يَجِبْ عَلَى السَّاكِتِ نِصْفُ الْقِيمَةِ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ نَصِيبُهُ بِضَمَانٍ أَوْ سِعَايَةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَجَنَى عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا، فَفَقَأَ عَيْنَهُ، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ إنَّ الْآخَرَ بَاعَ نِصْفَ نَصِيبِهِ مِنْ شَرِيكِهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ الْعَبْدُ جِنَايَةً، ثُمَّ إنَّ الَّذِي بَاعَ رُبْعَهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الرُّبْعَ، ثُمَّ كَاتَبَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى نَصِيبِهِ مِنْهُ، ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً أُخْرَى، ثُمَّ أَدَّى فَعَتَقَ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى مِنْ الْجِنَايَاتِ، فَعَلَى الْمُكَاتَبِ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَمِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ، وَعَلَى الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ سُدُسٌ، وَرُبْعُ سُدُسِ دِيَةِ صَاحِبِهِ، وَالْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَمِنْ سُدُسٍ، وَرُبْعِ سُدُسِ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. عَبْدٌ لِزَيْدٍ وَذَرٍّ جَنَى عَلَى ذَرٍّ، فَكَاتَبَهُ ذَرٌّ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ، فَجَنَى عَلَيْهِ أُخْرَى، ثُمَّ كَاتَبَهُ زَيْدٌ، فَجَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً أُخْرَى، فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَنَقُولُ: الْعَبْدُ نِصْفَانِ، وَكُلُّ نِصْفٍ أَتْلَفَ نِصْفُ النَّفْسِ بِثَلَاثِ جِنَايَاتٍ حَقِيقَةً، وَجِنَايَتَيْنِ حُكْمًا أَمَّا نَصِيبُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَقَدْ أَتْلَفَ نِصْفَ النَّفْسِ بِجِنَايَةٍ قَبْلَ كِتَابَةٍ، وَهِيَ هَدَرٌ، وَبِجِنَايَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَمُوجِبُهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَمِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَأَمَّا نَصِيبُ غَيْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَقَدْ أَتْلَفَ نِصْفَ النَّفْسِ أَيْضًا بِجِنَايَتَيْنِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ، وَحُكْمُهُمَا الْوُجُوبُ عَلَى الْمَوْلَى، فَلَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَمِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ، وَبِجِنَايَةٍ بَعْدَ الْكِتَابَةِ، وَهُوَ مِثْلُهُ فِي رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ جَنَى عَلَى أَجْنَبِيٍّ، فَكَاتَبَهُ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ، فَكَاتَبَهُ الثَّانِي، وَهُوَ يَعْلَمُ، ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ، فَمَاتَ، فَنِصْفُ الْأَوَّلِ أَتْلَفَ نِصْفَهُ بِثَلَاثِ جِنَايَاتٍ، وَلَهَا حُكْمُ جِنَايَتَيْنِ، فَصَارَ مُخْتَارًا فِي الْأُولَى بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَمُوجِبُ الْبَقِيَّةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَهُوَ الْأَقَلُّ مِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ، وَنِصْفُ قِيمَتِهِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ جَنَى جِنَايَتَيْنِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ، وَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ الْوُجُوبُ عَلَى الْمَوْلَى، فَلَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَمِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ، وَعَلَى الْمُكَاتَبِ بِالثَّالِثَةِ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَمِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا ضَمِنَا الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَنِصْفَ الدِّيَةِ، وَعَلَى الْمُكَاتَبِ أَيْضًا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ كَاتَبَ نِصْفَ أَمَتِهِ، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا، فَجَنَى الْوَلَدُ جِنَايَةً، فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي نِصْفِ جِنَايَتِهِ، وَيَكُونُ نِصْفُهَا عَلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ مُتَعَذَّرٌ بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ السَّابِقَةِ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ، فَإِنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْأُمَّ بَعْدَمَا جَنَى الْوَلَدُ عَتَقَ نِصْفُ الْوَلَدِ، وَسَعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلْمَوْلَى، وَنِصْفُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْوَلَدِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْجِنَايَةِ إذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْوَلَدَ إلَّا أَنَّ هَاهُنَا لَا سِعَايَةَ عَلَى الْوَلَدِ، وَلَوْ لَمْ يُعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَجْنِيَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَلَكِنْ جَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ لَزِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ جِنَايَتِهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ نِصْفِ الْجِنَايَةِ بِاعْتِبَارِ الْكِتَابَةِ فِي النِّصْفِ، ثُمَّ نِصْفُ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْلَى بِاعْتِبَارِ أَنَّ النِّصْفَ مَمْلُوكٌ لَهُ هُوَ مُسْتَهْلَكٌ لِذَلِكَ بِالْكِتَابَةِ السَّابِقَةِ وَنِصْفُهُ عَلَى الْجَانِي لِلْمَوْلَى بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ نِصْفُهُ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى غَيْرُ مُكَاتَبٍ، فَيَصِيرُ بَعْضُهُ بِالْبَعْضِ قِصَاصًا، وَلَوْ جَنَتْ الْأُمُّ، ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهَا، وَلَمْ تَدَّعِ شَيْئًا، فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا يَسْعَى فِي نِصْفِ الْجِنَايَةِ، وَالْمُكَاتَبَةِ، وَعَلَى السَّيِّدِ نِصْفُ الْجِنَايَةِ، وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ قَضَى عَلَيْهَا بِالْجِنَايَةِ أَوْ لَمْ يَقْضِ، فَإِنْ جَنَى الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ جِنَايَةً، ثُمَّ عَجَزَ، وَقَدْ كَانَ قَضَى عَلَيْهِ بِجِنَايَةِ أُمِّهِ، فَإِنَّ الَّذِي قَضَى بِهِ عَلَيْهِ مِنْ جِنَايَةِ أُمِّهِ دَيْنٌ فِي نِصْفِهِ غَيْرَ أَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يَدْفَعَهُ بِجِنَايَتِهِ فَيَكُونُ لِلْمَوْلَى أَنْ يَدْفَعَهُ بِجِنَايَتِهِ، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ، فَإِنْ فَدَاهُ بِيعَ نِصْفُهُ فِي

الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى أُمِّهِ، وَإِنْ دَفَعَهُ لَمْ يَبِعْهُ فِي هَذَا الدَّيْنِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لَزِمَهُ وَلَوْ قَضَى عَلَيْهِ بِجِنَايَةٍ خَطَأً، ثُمَّ عَجَزَ هُدِرَ دَمُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْمَالِ لَا يُؤَاخَذُ بِهَا بَعْدَ الْعَجْزِ عِنْدَهُ، صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ أَوْ لَا، وَعِنْدَهُمَا يُؤَاخَذُ بِهَا، وَيُبَاعُ فِيهَا إذَا صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ، وَلَوْ أَعْتَقَ ضَمِنَ، قَضَى بِهَا أَوْ لَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ لَمْ يَعْجِزْ، وَلَكِنَّهُ أَدَّى، فَعَتَقَ صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْحَاوِي. لَوْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا عَمْدًا، ثُمَّ صَالَحَ عَنْ نَفْسِهِ عَلَى مَالٍ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ مَا لَمْ يَعْجِزْ، فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ أَدَاءِ الْمَالِ بَطَلَ عَنْهُ الْمَالُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَازِمٌ يُبَاعُ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَقَرَّتْ مُكَاتَبَةٌ عَلَى وَلَدِهَا لَمْ يَلْزَمْهَا عِتْقٌ أَوْ عَجَزَ، فَإِنْ مَاتَ، وَتَرَكَ وَفَاءً قَضَى فِي مَالِهِ بِالْأَقَلِّ، وَلَوْ أَقَرَّ الْوَلَدُ عَلَى أُمِّهِ بِجِنَايَةٍ لَمْ يَثْبُتْ، فَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ، وَالْكِتَابَةِ، فَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَدَّى، ثُمَّ عَجَزَ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ أَقَرَّتْ الْأُمُّ عَلَى ابْنِهَا بِجِنَايَةٍ، ثُمَّ قَتَلَ الِابْنُ خَطَأً، وَأَخَذَتْ قِيمَتَهُ قَضَى بِمَا أَقَرَّتْ فِي الْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّتْ عَلَى ابْنِهَا بِدَيْنٍ، وَفِي يَدِهِ مَالٌ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ جَازَ إقْرَارُهَا بِالدَّيْنِ فِي كَسْبِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَتَلَ ابْنُ الْمُكَاتَبِ رَجُلًا خَطَأً، ثُمَّ إنَّ الْمُكَاتَبَ قَتَلَ ابْنَهُ، وَهُوَ عَبْدٌ، وَقَتَلَ آخَرَ خَطَأً، فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ يَضْرِبُ فِيهَا أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ الْآخَرِ بِالدِّيَةِ، وَأَوْلِيَاءُ قَتِيلِ الِابْنِ بِقِيمَةِ الِابْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. جِنَايَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى الْمَوْلَى، وَجِنَايَةُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ خَطَأً بِمَنْزِلَةِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ، فَأَمَّا الْقَتْلُ الْعَمْدُ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمَوْلَى إذَا قَتَلَهُ، وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ، وَإِنْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ مَوْلَاهُ عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَجِنَايَةُ الْمَوْلَى عَلَى رَقِيقِ الْمُكَاتَبِ أَوْ مَالِهِ، وَجِنَايَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى رَقِيقِ الْمَوْلَى أَوْ مَالِهِ يَلْزَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَكُلُّ مَنْ يَتَكَاتَبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْجِنَايَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ السِّعَايَةِ، وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِهِ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . وَجِنَايَةُ عَبْدِ الْمُكَاتَبِ مِثْلُ جِنَايَةِ عَبْدِ الْحُرِّ إلَّا أَنَّهُ إذَا فَدَى، وَالْفِدَاءُ أَزْيَدُ مِنْ قِيمَتِهِ، فَاحِشًا أَوْ دَفَعَ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَرْشِ، فَاحِشًا صَحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَصِحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَتَرَكَ عَبْدًا تَاجِرًا عَلَيْهِ دَيْنٌ آخَرُ بِيعَ الْعَبْدُ فِي دَيْنِهِ خَاصَّةً، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ كَانَ فِي دَيْنِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، وَلَكِنَّهُ كَانَ جَنَى جِنَايَةً، وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ مَالٌ غَيْرُهُ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى، فَإِنْ شَاءَ دَفَعَهُ هُوَ، وَجَمِيعُ الْغُرَمَاءِ بِالْجِنَايَةِ، وَلَا حَقَّ لِلْغُرَمَاءِ فِيهِ، فَإِذَا دَفَعَ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ بِرِضَاهُمْ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ، وَإِنْ شَاءُوا فَدَوْهُ بِالدِّيَةِ، ثُمَّ يُبَاعُ فِي دَيْنِ الْغُرَمَاءِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَيْضًا، فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ مَوْلَاهُ، فَإِنْ شَاءَ دَفَعَهُ، وَأَتْبَعَهُ دَيْنَهُ فَبِيعَ فِيهِ، وَلَا شَيْءَ لِغُرَمَاءِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ، ثُمَّ بِيعَ فِي دَيْنِهِ خَاصَّةً، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِغُرَمَاءِ الْمُكَاتَبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . عَبْدٌ شَجَّ حُرًّا مُوضِحَةً، ثُمَّ دَبَّرَهُ مَوْلَاهُ، فَشَجَّهُ الْعَبْدُ مُوضِحَةً أُخْرَى، ثُمَّ كَاتَبَهُ مَوْلَاهُ، ثُمَّ شَجَّهُ أُخْرَى، ثُمَّ أَدَّى فَعَتَقَ، ثُمَّ شَجَّهُ أُخْرَى، وَشَجَّهُ أَجْنَبِيٌّ، وَمَاتَ، وَالْمَوْلَى عَالِمٌ بِالْجِنَايَاتِ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ أَتْلَفَهُ الْعَبْدُ بِأَرْبَعِ جِنَايَاتٍ أَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةٌ، وَالْمُعْتَبَرُ أَحْكَامُ الْجِنَايَاتِ، فَحُكْمُ الْأُولَى الدَّفْعُ أَوْ الْفِدَاءُ، وَحُكْمُ الثَّانِيَةِ وُجُوبُ الْقِيمَةِ عَلَى الْمَوْلَى، وَحُكْمُ الثَّالِثَةِ وُجُوبُ الْقِيمَةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَحُكْمُ الرَّابِعَةِ الْوُجُوبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَصَارَ هَذَا النِّصْفُ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ، فَصَارَ الْكُلُّ ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ أَرْبَعَةٌ أَتْلَفَهَا الْأَجْنَبِيُّ، وَأَرْبَعَةٌ أَتْلَفَهَا الْعَبْدُ، وَالسَّهْمُ الْأَوَّلُ صَارَ الْمَوْلَى مُخْتَارًا لَهُ بِالتَّدْبِيرِ، وَهُوَ عَالِمٌ بِهَا، فَيَلْزَمُهُ ثَمَنُ الدِّيَةِ وَالسَّهْمُ الثَّانِي وَاحِدٌ، وَالدَّفْعُ مُمْتَنَعٌ بِفِعْلٍ سَابِقٍ عَلَى الْجِنَايَةِ فَلَمْ يَثْبُتْ بِهِ الِاخْتِيَارُ، فَوَجَبَ ثَمَنُ الْقِيمَةِ عَلَى الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الدِّيَةِ أَقَلَّ مِنْهُ، وَالثَّالِثَةُ حَصَلَتْ مِنْ الْمُكَاتَبِ فَوَجَبَ الْأَقَلُّ مِنْ ثَمَنِ الدِّيَةِ، وَالْقِيمَةُ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَالرَّابِعَةُ جِنَايَةُ الْحُرِّ، فَوَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُدَبِّرْ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَقَدْ تَلِفَ بِثَلَاثِ جِنَايَاتٍ، فَصَارَ هَذَا النِّصْفُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ، فَصَارَ الْكُلُّ سِتَّةً تَلِفَ ثَلَاثَةٌ بِجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَتَلِفَ ثَلَاثَةٌ بِجِنَايَةِ الْعَبْدِ، فَيَلْزَمُ عَلَى الْمَوْلَى سُدُسُ الدِّيَةِ بِالْأُولَى، وَعَلَى الْمُكَاتَبِ الْأَقَلُّ مِنْ سُدُسِ قِيمَتِهِ، وَمِنْ سُدُسِ

الباب الرابع عشر في الجناية على المماليك

الدِّيَةِ، وَعَلَى الْعَاقِلَةِ سُدُسُ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَمَالِيكِ] (الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَمَالِيكِ) وَإِذَا قَتَلَ رَجُلٌ عَبْدًا خَطَأً، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافٍ، أَوْ أَكْثَرَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْأَمَةِ إذَا زَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَى الدِّيَةِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَفِي الْهِدَايَةِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ عِشْرُونَ أَلْفًا، فَهَلَكَ فِي يَدِهِ تَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ خَطَأً لَمْ يَغْرَمْ إلَّا قِيمَةً وَاحِدَةً لِلْمَالِكِ ثُمَّ يَدْفَعُهَا الْمَوْلَى إلَى الْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ رَجُلٌ حَمَلَ عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَخْتُومًا، وَرَجُلٌ آخَرُ حَمَلَ عَلَيْهِ مَخْتُومَيْنِ، وَكُلُّ ذَلِكَ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَعَلَى صَاحِبِ الْمَخْتُومِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ، وَعَلَى صَاحِبِ الْمَخْتُومَيْنِ ثُلُثَا قِيمَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ فِيمَا جُنِيَ عَلَى الْمَمَالِيكِ خَطَأً فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَإِنْ كَانَ الْجَانِي حُرًّا، فَإِذَا بَلَغَ النَّفْسَ عَقَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَمَّا الْجِنَايَةُ عَلَى أَطْرَافِ الْعَبْدِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْحُرِّ فِيهِ الدِّيَةُ تَجِبُ فِي الْعَبْدِ الْقِيمَةُ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْحُرِّ فِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، فَفِيهِ مِنْ الْعَبْدِ نِصْفُ الْقِيمَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافٍ أَوْ أَكْثَرَ يَنْقُصُ عَشَرَةً أَوْ خَمْسَةً، وَعِنْدَهُمَا يُقَوَّمُ صَحِيحًا، وَيُقَوَّمُ مَنْقُوصًا بِالْجِنَايَةِ، فَيَجِبُ فَضْلُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. هَذَا إذَا فَاتَ بِفَوَاتِهِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ، وَذَلِكَ كَالْعَيْنِ وَالْيَدِ، فَأَمَّا مَا يُقْصَدُ بِهِ الزِّينَةُ نَحْوُ الْأُذُنِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ لَا يُقَدَّرُ ذَلِكَ، وَيَلْزَمُهُ النُّقْصَانُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي يَدِ الْعَبْدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَا يُزَادُ عَلَى خَمْسَةِ آلَافٍ إلَّا خَمْسَةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَهَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ يَجِبُ نِصْفُ قِيمَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْجَوَابِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكَافِي. وَكُلُّ جِنَايَةٍ لَيْسَ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فِي حَقِّ الْحُرِّ، فَفِي الْعَبْدِ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَشْفَارِ عَيْنَيْ الْمَمْلُوكِ إذَا شَقَّهَا إنْسَانٌ فَأَخْبَرَنِي عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي أَشْفَارِ عَيْنَيْ الْمَمْلُوكِ، وَفِي حَاجِبَيْهِ، وَفِي أُذُنَيْهِ مَا نَقَصَهُ، وَهُوَ قَوْلِي، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: وَلَا أَحْفَظُ فِي اللِّحْيَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَكِنْ أَحْفَظُ عَنْهُ فِي شَعَرِ الرَّأْسِ أَنَّ مَوْلَاهُ إنْ شَاءَ دَفَعَهُ، وَأَخَذَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَدْفَعْهُ، وَأَخَذَ مِنْ الْجَانِي مَا نَقَصَهُ، وَفِي الْأَصْلِ أَنَّ فِي شَعَرِ الْعَبْدِ وَلِحْيَتِهِ حُكُومَةَ عَدْلٍ، وَكَأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ كَمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ، وَعَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أُذُنِ الْعَبْدِ، وَأَنْفِهِ، وَلِحْيَتِهِ إذَا لَمْ تَنْبُتْ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ، وَفِي الْمُخْتَلَفَاتِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُجَرَّدِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ حَلَقَ جَعْدٌ عَبْدَ إنْسَانٍ، وَنَبَتَ مَكَانَهُ أَبْيَضُ يَلْزَمُهُ النُّقْصَانُ، وَلَيْسَ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ النُّقْصَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَبِهِ جَعْدٌ، وَإِلَى قِيمَتِهِ، وَلَا جَعْدَ بِهِ، وَإِنَّمَا طَرِيقُهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَتِهِ، وَأُصُولُ شَعَرِهِ نَابِتَةٌ سُودٌ، وَإِلَى قِيمَتِهِ، وَأُصُولُ شَعَرِهِ نَابِتَةٌ بِيضٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمَنْ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ فَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى دَفَعَ عَبْدَهُ، وَأَخَذَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ النُّقْصَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا إنْ شَاءَ أَمْسَكَ الْعَبْدَ، وَأَخَذَ مَا نَقَصَهُ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الْعَبْدَ، وَأَخَذَ قِيمَتَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فَقَأَ عَيْنَ عَبْدٍ، فَمَاتَ الْعَبْدُ مِنْ غَيْرِ الْفَقْءِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْفَاقِئِ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنَّهُ قَتَلَهُ إنْسَانٌ لَزِمَ الْفَاقِئَ النُّقْصَانُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: ضَمِنَ النُّقْصَانَ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَيْ عَبْدٍ ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ يَدَهُ، فَعَلَى الْفَاقِئِ مَا نَقَصَهُ، وَعَلَى

الْقَاطِعِ نِصْفُ قِيمَتِهِ مَفْقُوءَ الْعَيْنَيْنِ، وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ هَذَا اسْتِحْسَانٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي، فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ رَجُلَانِ قَطَعَا يَدَيْ عَبْدٍ مَعًا أَحَدُهُمَا الْيُمْنَى، وَالْآخَرُ الْيُسْرَى، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَهُوَ عَلَى شَرَفِ الْقَطْعِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ حُجَّةٌ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى أَنَّ مَنْ رَمَى إلَى عَبْدٍ سَهْمًا، فَقَتَلَهُ آخَرُ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ السَّهْمُ فَعَلَى الْقَاتِلِ قِيمَةُ الْعَبْدِ مَرْمِيًّا لَمْ تَقَعْ بِهِ الرَّمْيَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَبْدٌ مَقْطُوعُ الْيَدِ قَطَعَ إنْسَانٌ رِجْلَهُ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ يَضْمَنُ نُقْصَانَ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْطُوعِ يَدُهُ، وَإِنْ قَطَعَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْطُوعِ يَدُهُ، وَعَلَى هَذَا: الْبَائِعُ لَوْ قَطَعَ يَدَ الْعَبْدِ يَسْقُطُ نِصْفُ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَقْطُوعَ الْيَدِ، فَقَطْعُ الثَّانِيَةِ يُعْتَبَرُ النُّقْصَانُ، وَيَسْقُطُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِقَدْرِ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ انْتَقَصَ ثُلُثُ الْقِيمَةِ يَسْقُطُ ثُلُثُ الثَّمَنِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْقَطْعِ فَقْءُ الْعَيْنِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَقْطُوعَ الْيَدِ، فَقَطَعَ إنْسَانٌ يَدَهُ الْأُخْرَى كَانَ عَلَى قَاطِعِ الْيَدِ الثَّانِيَةِ نُقْصَانُ قِيمَتِهِ مَقْطُوعَ الْيَدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَطَعَ الْيَدَ الْيُمْنَى مِنْ عَبْدِ رَجُلٍ، وَقَطَعَ رَجُلٌ آخَرُ الْيَدَ الْيُسْرَى مِنْهُ، وَمَاتَ مِنْهُمَا، فَعَلَى الْقَاطِعِ الْأَوَّلِ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَعَلَى الثَّانِي مَا نَقَصَهُ، وَمَا بَقِيَ، فَهُوَ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ عَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ ثُمَّ بَعْدَ الْقَطْعِ لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْقَطْعِ ثُمَّ قَطَعَ رَجُلٌ آخَرُ رِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ مَاتَ مِنْهُمَا ضَمِنَ الْأَوَّلُ سِتَّمِائَةٍ، وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَالْآخَرُ سَبْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَلَوْ صَارَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ، وَهُوَ أَقْطَعُ، فَعَلَى قَاطِعِ الرِّجْلِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَعَلَى قَاطِعِ الْيَدِ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ، وَعِشْرُونَ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي نَوَادِرِ ابْنِ رَشِيدٍ: عَبْدٌ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ ثُمَّ مَكَثَ سَنَةً ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَاطِعُ، وَالْمَوْلَى فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَطْعِ، فَقَالَ الْقَاطِعُ: كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَطْعِ أَلْفًا وَعَلَيَّ خَمْسُمِائَةٍ، وَقَالَ مَوْلَى الْعَبْدِ: كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ اخْتَصَمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلَوْ كَانَ صَحِيحَ الْيَدِ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاطِعِ، فَإِنْ غَرِمَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَغْرَمْ حَتَّى انْتَقَضَتْ الْيَدُ وَمَاتَ، فَعَلَى عَاقِلَةِ قَاطِعِ الْيَدِ وَالنَّفْسِ، فَتَكُونُ الْيَدُ عَلَى مَا قَالَ الْقَاطِعُ، وَعَاقِلَتُهُ، وَأَمَّا النَّفْسُ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَيْهَا، فَيَغْرَمُ الْقَاتِلُ قِيمَةَ النَّفْسِ يَوْمَ تَلِفَتْ، وَيَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَلْفٌ، وَخَمْسُمِائَةٍ، خَمْسُمِائَةٍ مِنْهَا أَرْشُ الْيَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي مُوضِحَةِ الْعَبْدِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَرْشِ مُوضِحَةِ الْحُرِّ، فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ، وَيُنْقَصُ مِنْهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَطَعَ يَدَ عَبْدِ رَجُلٍ أَوْ شَجَّ عَبْدَ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى بَاعَهُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ، وَهَبَهُ الْمَوْلَى مِنْ إنْسَانٍ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ مِنْ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ مَوْلَى الْعَبْدِ يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي بِجَمِيعِ قِيمَتِهِ. وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَنَّ أَمَةً قَطَعَتْ يَدَهَا خَطَأً، وَبَاعَهَا الْمَوْلَى مِنْ إنْسَانٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ ثُمَّ انْتَقَضَ الْبَيْعُ بِالْخِيَارِ، وَرُدَّتْ عَلَى الْمَوْلَى، فَمَاتَتْ عِنْدَهُ مِنْ الْقَطْعِ فَعَلَى الْقَاطِعِ قِيمَتُهَا تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا دَرَأَتْ الْقِصَاصَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ لِعَبْدَيْهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ ثُمَّ شُجَّا، فَبَيَّنَ الْعِتْقَ فِي أَحَدِهِمَا بَعْدَ الشَّجِّ، فَأَرْشُهُمَا لِلْمَوْلَى، وَبَقِيَا مَمْلُوكِينَ فِي حَقِّ الشَّجَّةِ، وَلَوْ قَتَلَهُمَا رَجُلٌ وَاحِدٌ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ مَعًا تَجِبُ دِيَةُ حُرٍّ، وَقِيمَةُ عَبْدٍ، فَيَكُونُ الْكُلُّ نِصْفَيْنِ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْوَرَثَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَدِيَةُ حُرٍّ، فَيُقْسَمُ مِثْلُ الْأَوَّلِ، وَإِذَا قَتَلَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِلْأَوَّلِ لِمَوْلَاهُ، وَالدِّيَةُ لِلثَّانِي لِوَرَثَتِهِ، وَإِذَا قَتَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلٌ مَعًا تَجِبُ قِيمَةُ الْمَمْلُوكَيْنِ، فَتَكُونُ نِصْفَيْنِ بَيْنَ الْمَوْلَى، وَالْوَرَثَةِ، فَيَأْخُذُ هُوَ نِصْفَ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيَتْرُكُ النِّصْفَ لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ قَتَلَاهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ، فَعَلَى الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ قِيمَتُهُ لِلْمَوْلَى، وَعَلَى الْقَاتِلِ الثَّانِي دِيَةٌ لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَيَّهُمَا قَتَلَ أَوَّلًا، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَتُهُ، وَلِلْمَوْلَى مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْقِيمَةِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. رَجُلٌ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ، وَقَطَعَ الْآخَرُ رِجْلَهُ أَوْ يَدَهُ فَبَرَأَ، وَكَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهُمَا مَعًا، فَعَلَيْهِمَا قِيمَتُهُ أَثْلَاثًا، وَيَأْخُذَانِ الْعَبْدَ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ

الباب الخامس عشر في القسامة

وَكَذَلِكَ كُلُّ جِرَاحَةٍ كَانَتْ مِنْ اثْنَيْنِ مَعًا جِرَاحَةُ هَذَا فِي عُضْوٍ، وَجِرَاحَةُ هَذَا فِي عُضْوٍ آخَرَ يَسْتَغْرِقُ ذَلِكَ الْقِيمَةَ كُلَّهَا، فَإِنَّهُ يَدْفَعُهُ إلَيْهِمَا، وَيَغْرَمَانِ قِيمَتَهُ عَلَى قَدْرِ أَرْشِ جِرَاحَتِهِمَا، وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا، وَالْجِرَاحَةُ خَطَأٌ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْشُ جِرَاحَتِهِ عَلَى حِدَةٍ مِنْ قِيمَةِ عَبْدٍ صَحِيحٍ، وَمَا بَقِيَ مِنْ النَّفْسِ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ إحْدَى الْجِرَاحَتَيْنِ قَبْلَ الْأُخْرَى، وَقَدْ مَاتَ مِنْهُمَا، فَعَلَى الْجَارِحِ الْأَوَّلِ أَرْشُ جِرَاحَتِهِ مِنْ قِيمَتِهِ صَحِيحًا، وَعَلَى الْجَارِحِ الثَّانِي أَرْشُ جِرَاحَتِهِ مِنْ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجِرَاحَةِ الْأُولَى، وَمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ، فَعَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ بَرَأَ مِنْهُمَا، وَالْجِرَاحَةُ الْأَخِيرَةُ تَسْتَغْرِقُ الْقِيمَةَ، وَالْأُولَى لَا تَسْتَغْرِقُهَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ أَرْشُ جِرَاحَتِهِ، وَعَلَى الثَّانِي قِيمَتُهُ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ، وَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ يَعْنِي الْعَبْدَ، وَلَوْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ الْأُولَى هِيَ الَّتِي تَسْتَغْرِقُ الْقِيمَةَ، فَعَلَى الْجَارِحِ الثَّانِي أَرْشُ جِرَاحَتِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ أَرْشُ جِرَاحَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. جِنَايَةُ الْحُرِّ عَلَى الْمُدَبِّرِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْقِنِّ حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ حُرٌّ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ قِيمَتُهُ، وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ غَرِمَ نِصْفَ قِيمَتِهِ إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي خَصْلَةٍ، وَهِيَ أَنَّ الْحُرَّ إذَا قَطَعَ يَدَيْ مُدَبِّرٍ، أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ، فَقَأَ عَيْنَهُ غَرِمَ مَا نَقَصَهُ، وَفِي الْقِنِّ يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ الْمُدَبِّرِ، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَبَرَأَ، وَزَادَ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْنِ ثُمَّ، فَقَأَ عَيْنَهُ آخَرُ ثُمَّ انْتَقَضَ الْبُرْءُ، فَمَاتَ مِنْهُمَا، وَالْمُدَبَّرُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَعَفَا أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَدِ، وَمَا حَدَثَ مِنْهَا، وَعَفَا الْآخَرُ عَنْ الْعَيْنِ، وَمَا حَدَثَ مِنْهَا، فَلِلَّذِي عَفَا عَنْ الْيَدِ عَلَى صَاحِبِ الْعَيْنِ سَبْعُمِائَةٍ، وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ خَطَأً، وَفِي مَالِهِ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَلِلَّذِي عَفَا عَنْ الْعَيْنِ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ ثَلَاثُمِائَةٍ، وَاثْنَا عَشْرَ، وَنِصْفٌ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ خَطَأً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. رَجُلٌ شَجَّ عَبْدَ غَيْرِهِ مُوضِحَةً، فَدَبَّرَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ شَجَّهُ الشَّاجُّ مُوضِحَةً أُخْرَى ثُمَّ كَاتَبَهُ، فَشَجَّهُ أُخْرَى ثُمَّ أَدَّى الْمُكَاتَبُ، فَعَتَقَ، فَشَجَّهُ أُخْرَى، فَمَاتَ بِالْكُلِّ ضُمِّنَ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهِ صَحِيحًا بِالشَّجَّةِ الْأُولَى، وَيُغَرَّمُ نُقْصَانَهَا أَيْضًا إلَى أَنْ جَنَى الثَّانِيَةَ، وَيُغَرَّمُ بِالشَّجَّةِ الثَّانِيَةِ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا مَشْجُوجًا، وَنُقْصَانَهَا إلَى أَنْ كُوتِبَ، وَيُغَرَّمُ بِالثَّالِثَةِ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا مُكَاتَبًا مَشْجُوجًا بِشَجَّتَيْنِ، وَنُقْصَانَهُمَا إلَى أَنْ عَتَقَ، وَثُلُثَ قِيمَتِهِ مُذْ مَاتَ، وَبِالرَّابِعَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ، وَلَا يُغَرَّمُ بِالشَّجَّةِ الَّتِي بَعْدَ الْعِتْقِ أَرْشًا، وَلَا نُقْصَانًا كَذَا فِي الْكَافِي وَأَصْلُهُ أَنَّ التَّدْبِيرَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لَا يَهْدُرُ السِّرَايَةَ، وَتَكُونُ السِّرَايَةُ مَضْمُونَةً عَلَى الْجَانِي، وَالْعِتْقُ وَالْكِتَابَةُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ تَهْدُرُ السِّرَايَةَ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى الْجَانِي ضَمَانُ السِّرَايَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسَ عَشْرَ فِي الْقَسَامَةِ] (الْبَابُ الْخَامِسَ عَشْرَ فِي الْقَسَامَةِ) هِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِيهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي. وَسَبَبُهَا وُجُودُ الْقَتِيلِ فِي الْمَحَلَّةِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ الدَّارِ أَوْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقْرَبُ مِنْ الْمِصْرِ بِحَيْثُ يُسْمَعُ الصَّوْتُ مِنْهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةِ قَوْمٍ، وَادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنَّهُمْ قَتَلُوا وَلِيَّهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَأَنْكَرَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْهُمْ كُلُّ رَجُلٍ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْتُهُ، وَلَا عَلِمْتُ لَهُ قَاتِلًا، وَلَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَا وَالْخِيَارُ فِي التَّعْيِينِ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ إنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ رَجُلًا، وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ، فَإِنَّهُ يُكَرِّرُ الْيَمِينَ عَلَى بَعْضِهِمْ حَتَّى يُتِمَّ خَمْسِينَ يَمِينًا، فَإِنْ حَلَفُوا غَرِمُوا الدِّيَةَ، وَإِنْ نَكَلُوا، فَإِنَّهُمْ يُحْبَسُونَ حَتَّى يَحْلِفُوا، وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي أَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ قَتَلُوا وَلِيَّهُ سَوَاءٌ كَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلْمُدَّعِي بِأَنْ كَانَ بَيْنَ الْمَقْتُولِ، وَبَيْنَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ شَاهِدٌ لِلْمُدَّعِي بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمَقْتُولِ، وَبَيْنَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ ثُمَّ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَإِنْ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى بَعْضِ أَهْل الْمَحَلَّةِ لَا بِأَعْيَانِهِمْ. فَكَذَا الْجَوَابُ تَجِبُ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَكَذَا الْجَوَابُ إذَا ادَّعَى عَلَى بَعْضِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِأَعْيَانِهِمْ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ قَسَامَةٌ، وَلَا دِيَةٌ، فَيُقَالُ لِلْمُدَّعِي: أَلَكَ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَيْتَ، فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ أَقَامَهَا

وَثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَلَا يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَلِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ أَنْ يَخْتَارُوا صَالِحِي أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَأَهْلِ الْبَلْدَةِ، وَالْعَشِيرَةِ الَّذِينَ وُجِدَ الْقَتِيلُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَتَعْيِينُ صَالِحِي الْعَشِيرَةِ اسْتِحْسَانٌ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْمَحَلَّةِ مِنْ الصُّلَحَاءِ خَمْسُونَ رَجُلًا، فَأَرَادَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ أَنْ يُكَرِّرَ الْيَمِينَ عَلَى الصُّلَحَاءِ حَتَّى يَتِمَّ خَمْسُونَ يَمِينًا هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ يَضُمُّ إلَيْهِمْ مِنْ فَاسِقِي الْعَشِيرَةِ مَا يَكْمُلُ بِهِ خَمْسُونَ رَجُلًا لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ. وَرُوِيَ عَنْهُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ يَخْتَارُ مِمَّنْ بَقِيَ فِي الْمَحَلَّةِ حَتَّى يَكْمُلَ خَمْسُونَ رَجُلًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ الشُّبَّانَ، وَالْفَسَقَةَ، وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْمَشَايِخَ، وَالصُّلَحَاءَ مِنْهُمْ كَذَا فِي الْكَافِي، وَالْخِيَارُ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ دُونَ الْإِمَامِ كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَدْخُلُ فِي الْقَسَامَةِ صَبِيٌّ، وَلَا مَجْنُونٌ وَيَدْخُلُ فِي الْقَسَامَةِ الْأَعْمَى، وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ، وَالْكَافِرُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا يَدْخُلُ فِي الْقَسَامَةِ النِّسَاءُ، وَالْمَمَالِيكُ مِنْ الْمُكَاتَبِينَ، وَغَيْرِهِمْ، وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَالْمُكَاتَبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَالْقَتِيلُ مَنْ بِهِ أَثَرُ الْقَتْلِ، وَالْمَيِّتُ مَنْ لَا يَكُونُ بِهِ أَثَرُ الْقَتْلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ وُجِدَ مَيِّتٌ لَا أَثَرَ بِهِ فَلَا قَسَامَةَ، وَلَا دِيَةَ، وَالْأَثَرُ بِأَنْ يَكُونَ بِهِ جِرَاحَةٌ أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ أَوْ خَنْقٌ أَوْ خَرَجَ الدَّمُ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ أُذُنِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِنْ خَرَجَ الدَّمُ مِنْ الْفَمِ إنْ عَلَا مِنْ الْجَوْفِ كَانَ قَتِيلًا، وَإِنْ نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ فَلَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ خَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ أَوْ ذَكَرِهِ، فَلَيْسَ بِقَتِيلٍ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَإِذَا وُجِدَ بَدَنُ الْقَتِيلِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الْبَدَنِ أَوْ نِصْفُ الْبَدَنِ، وَمَعَهُ الرَّأْسُ فِي مَحَلَّةٍ، فَعَلَى أَهْلِهَا الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ، وَإِنْ وُجِدَ نِصْفُهُ مَشْقُوقًا بِالطُّولِ أَوْ وُجِدَ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ، وَمَعَهُ الرَّأْسُ أَوْ وُجِدَ يَدُهُ أَوْ رَأْسُهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وُجِدَ فِيهِمْ جَنِينٌ أَوْ سَقْطٌ لَيْسَ بِهِ أَثَرُ الضَّرْبِ فَلَا شَيْءَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَإِنْ كَانَ بِهِ أَثَرُ الضَّرْبِ، وَهُوَ تَامُّ الْخِلْقَةِ وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ الْخَلْقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا وُجِدَ الْعَبْدُ أَوْ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْمُدَبَّرُ أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ أَوْ الَّذِي يَسْعَى فِي بَعْضِ قِيمَتِهِ قَتِيلًا فِي مَحَلَّةٍ فَعَلَيْهِمْ الْقَسَامَةُ، وَتَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى عَوَاقِلِ الْمَحَلَّةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ وُجِدَتْ الْبَهِيمَةُ، وَالدَّابَّةُ مَقْتُولَةً فَلَا شَيْءَ فِيهَا كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَدْخُلُ السُّكَّانُ فِي الْقَسَامَةِ مَعَ الْمُلَّاكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَهِيَ عَلَى أَهْلِ الْخُطَّةِ دُونَ الْمُشْتَرِينَ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ لَمْ يَبْقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِأَنْ بَاعُوا كُلُّهُمْ، فَهِيَ عَلَى الْمُشْتَرِينَ، وَالْمُلَّاكِ دُونَ السُّكَّانِ عِنْدَهُمَا هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ خَرِبَةٍ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، وَبِقُرْبِهَا مَحَلَّةٌ عَامِرَةٌ فِيهَا أُنَاسٌ كَثِيرٌ تَجِبُ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الْعَامِرَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا الْتَقَى قَوْمٌ بِالسُّيُوفِ فَأَجْلَوْا عَنْ قَتِيلٍ فَهُوَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَوْلِيَاؤُهُ عَلَى أُولَئِكَ أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ، فَلَمْ يَكُنْ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَلَا عَلَى أُولَئِكَ شَيْءٌ حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ إنْسَانٍ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِ، وَعَلَى قَوْمِهِ إنْ كَانُوا حُضُورًا، وَإِنْ كَانُوا غُيَّبًا، فَالْقَسَامَةُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ يُكَرِّرُ عَلَيْهِ الْأَيْمَانَ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا وُجِدَ فِي دَارِ أَحَدٍ مِنْ الْمُشْتَرِينَ، فَعَلَيْهِ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْمَحَلَّةِ أَهْلُ خُطَّةٍ، وَقَدْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِ أَحَدِهِمْ كَانَتْ الْقَسَامَةُ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَسَائِرِ أَهْلِ الْخُطَّةِ بَرَاءٌ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ، وَإِنْ ادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِعَيْنِهِ، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا وُجِدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي مَحَلَّةٍ، وَادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَيَبْرَأُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ مِنْ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ إنْ شَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا الْقَتِيلُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا

إلَّا أَنَّهُ يَبْرَأُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ عَنْ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ الْقَضَاءِ بِالْقَتْلِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ اخْتَارَ الْوَلِيُّ الشَّاهِدَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ يَسْتَحْلِفُهُمْ يُحَلِّفُهُمَا بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، فَقَطْ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَحْلِفَانِ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا سِوَى فُلَانٍ كَذَا فِي الْكَافِي. ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ، وَزَعَمَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ قَتَلَهُ، وَلَمْ يَدَّعِ الْوَلِيُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ ثُمَّ كَيْفَ يَحْلِفُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، وَمَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا غَيْرَ فُلَانٍ، وَهُوَ الْأَحْوَطُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي مَحَلَّةٍ، وَادَّعَى أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ دُونَهُمْ، وَأَقَامُوا عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً مِنْ غَيْرِ مَحَلَّتِهِمْ جَازَتْ الشَّهَادَةُ، وَوَقَعَتْ لَهُمْ الْبَرَاءَةُ عَنْ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ ادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَدَّعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ، وَادَّعَى أَوْلِيَاؤُهُ عَلَيْهِمْ، وَأَقَامَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَتَلَهُ فُلَانٌ لِرَجُلٍ مِنْ غَيْرِ مَحَلَّتِهِمْ أَوْ جَاءَ جَرِيحًا حَتَّى سَقَطَ فِي مَحَلَّتِهِمْ، وَمَاتَ قَالَ يَبْرَءُونَ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ ادَّعَى أَوْلِيَاءُ الدَّمِ الْقَتْلَ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ لِرَجُلٍ آخَرَ قَالَ: لَا أَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا جُرِحَ الرَّجُلُ فِي قَبِيلَةٍ، فَنُقِلَ إلَى أَهْلِهِ، فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ، فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْقَبِيلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ فِرَاشٍ، فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، وَلَا قَسَامَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا ضَمَانَ فِيهِ، وَلَا قَسَامَةَ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَعَلَى هَذَا التَّخْرِيجِ إذَا وُجِدَ عَلَى ظَهْرِ إنْسَانٍ يَحْمِلُهُ إلَى بَيْتِهِ، فَمَاتَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ، فَهُوَ عَلَى الَّذِي كَانَ يَحْمِلُهُ كَمَا لَوْ مَاتَ عَلَى ظَهْرِهِ، وَإِنْ كَانَ يَجِيءُ، وَيَذْهَبُ، فَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ حَمَلَهُ، وَفِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ جُرِحَ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ، فَحُمِلَ مَجْرُوحًا، وَمَاتَ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الَّتِي جُرِحَ فِيهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ فِي الْجَامِعِ: مَحَلَّةٌ أَوْ مَسْجِدٌ اخْتَطَّهَا ثَلَاثُ قَبَائِلَ إحْدَاهَا بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ، وَهُمْ عِشْرُونَ رَجُلًا، وَالْأُخْرَى بَنُو قَيْسٍ، وَهُمْ ثَلَاثُونَ رَجُلًا، وَالْأُخْرَى بَنُو تَمِيمٍ، وَهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا، فَوُجِدَ فِي هَذِهِ الْمَحَلَّةِ قَتِيلٌ أَوْ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَالدِّيَةُ تَجِبُ عَلَى الْقَبَائِلِ أَثْلَاثًا عَلَى كُلِّ قَبِيلَةٍ ثُلُثُهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ مِنْ إحْدَى الْقَبَائِلِ رَجُلٌ وَاحِدٌ لَا غَيْرُ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَعَلَى الْقَبِيلَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ ثُلُثَا الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِ الْقَبِيلَتَيْنِ إلَّا أَنَّهُ حَلِيفٌ لِإِحْدَى الْقَبِيلَتَيْنِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْقَبِيلَتَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى قَبِيلَةِ الْحَلِيفِ، وَقَالَ فِي الْجَامِعِ أَيْضًا مَحَلَّةٌ اخْتَطَّهَا ثَلَاثُ قَبَائِلَ، وَبَنَوْا فِيهَا مَسْجِدًا، فَاشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ الْقَبَائِلِ الثَّلَاثِ دُورَ إحْدَى الْقَبَائِلِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلِ الْقَبِيلَةِ الْبَائِعَةِ أَحَدٌ ثُمَّ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي الْمَحَلَّةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ كَانَتْ الدِّيَةُ أَثْلَاثًا ثُلُثُهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، وَثُلُثَاهَا عَلَى الْقَبِيلَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لِتِلْكَ الدُّورِ رَجُلًا وَاحِدًا مِنْ إحْدَى الْقَبِيلَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ كَانَتْ الدِّيَةُ نِصْفَيْنِ عَلَى الْقَبِيلَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ. وَإِنْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْقَبَائِلِ دُورَ قَبِيلَتَيْنِ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا، فَالدِّيَةُ نِصْفَانِ نِصْفُهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، وَنِصْفُهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْقَبِيلَةِ الْبَاقِيَةِ، وَإِنْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْقَبَائِلِ دُورَ الْقَبَائِلِ كُلِّهَا ثُمَّ بَاعَ دُورَ إحْدَى الْقَبَائِلِ مِنْ قَوْمٍ شَتَّى، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مَا دَامَ لَهُ مِنْ تِلْكَ الدُّورِ شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي لِلدُّورِ كُلِّهَا بَاعَ دُورَ إحْدَى الْقَبَائِلِ مِنْ الَّذِينَ كَانَتْ لَهُمْ أَوْ أَقَالَهَا مَعَهُمْ أَوْ رَدَّ عَلَيْهِمْ بِعَيْبٍ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ وُجِدَ فِي الْمَحَلَّةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ قَتِيلٌ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءِ قَاضٍ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الَّذِينَ رُدَّتْ عَلَيْهِمْ النِّصْفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا وُجِدَ فِي سُوقٍ أَوْ مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ كَانَتْ فِي بَيْتِ الْمَالِ إذَا كَانَ السُّوقُ لِلْعَامَّةِ أَوْ لِلسُّلْطَانِ. وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِقَوْمٍ، فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ، وَأَرَادَ بِالْمَسْجِدِ الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ أَوْ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ يَكُونُ فِي السُّوقِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ، فَعَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ كَذَا

فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي الشَّارِعِ الْأَعْظَمِ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ غَيْرِ زِحَامِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بِعَرَفَةَ أَوْ بِغَيْرِهَا، فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي أَرْضٍ أَوْ دَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَرْبَابِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسْجِدِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ وُجِدَ فِي الْمَسْجِدِ، فَيَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي قَرْيَةٍ أَصْلُهَا لِقَوْمٍ شَتَّى فِيهِمْ الْمُسْلِمُ، وَالْكَافِرُ، فَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ الْمُسْلِمُ مِنْهُمْ وَالْكَافِرُ فِيهِ سَوَاءٌ ثُمَّ يُفْرَضُ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ، فَمَا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذَلِكَ، فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ، وَمَا أَصَابَ أَهْلَ الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ عَوَاقِلُ، فَعَلَيْهِمْ، وَإِلَّا، فَفِي أَمْوَالِهِمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِيهَا ذِمِّيٌّ نَازِلٌ عَلَيْهِمْ لَمْ يُسْتَحْلَفْ الذِّمِّيُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. . وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ أَوْ سِكَّتَيْنِ كَانَتْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَقْرَبِ الْقَرْيَتَيْنِ، وَالسِّكَّتَيْنِ إلَى الْقَتِيلِ هَذَا إذَا كَانَ صَوْتُ الْقَرْيَتَيْنِ يَبْلُغُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْقَتِيلُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ، فَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ أَرْضُهُمَا، وَطُرُقُهُمَا مَمْلُوكَةٌ لِقَوْمٍ يَبِيعُونَ أَرْضَهُمَا، وَطُرُقَهُمَا فَهُوَ عَلَى الرُّءُوسِ قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِيهِ إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي أَرْضِ قَرْيَةٍ، وَهُوَ إلَى بُيُوتِ قَرْيَةٍ أُخْرَى أَقْرَبُ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا الْقَتِيلُ مَمْلُوكَةً، فَهُوَ عَلَى صَاحِبِ الْمِلْكِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً، فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِ الْقَرْيَتَيْنِ، وَفِيهِ أَيْضًا سُئِلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَتِيلٍ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ أَهُوَ عَلَى أَقْرَبِهِمَا إلَى الْحِيطَانِ، وَالْأَرَضِينَ قَالَ: إنْ كَانَتْ الْأَرَضُونَ لَيْسَتْ بِمِلْكٍ لَهُمْ إنَّمَا تُنْسَبُ إلَى الْقَرْيَةِ كَمَا تُنْسَبُ الصَّحَارِي، فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِهِمَا بُيُوتًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَاذَا وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ هُوَ فِي الْقُرْبِ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَفِي إحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ أَلْفُ رَجُلٍ، وَفِي الْأُخْرَى أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، فَالدِّيَةُ عَلَى الْقَرْيَتَيْنِ نِصْفَانِ بِلَا خِلَافٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ ثَلَاثِ دُورٍ دَارٌ لِتَمِيمِيٍّ، وَدَارَانِ لِهَمْدَانِيَّيْنِ، وَهُنَّ جَمِيعًا فِي الْقُرْبِ عَلَى السَّوَاءِ، فَالدِّيَةُ نِصْفَانِ، فَاعْتَبَرَ الْقَبِيلَةَ دُونَ الْقُرْبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا، فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى وُجِدَ قَتِيلٌ، وَلَيْسَ فِي الشِّرَاءِ خِيَارٌ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَيْعِ خِيَارُ أَحَدِهِمَا، فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ ذِي الْيَدِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الشِّرَاءِ خِيَارٌ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِيَارٌ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي تَصِيرُ الدَّارُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ دَارٌ، فَوُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ لَمْ تَعْقِلْهُ الْعَاقِلَةُ حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا وُجِدَ فِي دَارِ إنْسَانٍ قَتِيلٌ، وَفِيهَا خَدَمُهُ، وَغِلْمَانُهُ، وَأَحْرَارٌ فَإِنَّ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ دُونَهُمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ. وَإِنْ وُجِدَ فِي مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ قَتِيلٌ فَالْقَسَامَةُ عَلَى الْمُلَّاكِ، وَتُحْمَلُ الدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ مِنْ الْمُلَّاكِ لَا بِعَدَدِ الْأَنْصِبَاءِ حَتَّى لَوْ كَانَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ ثُلُثُ الدَّارِ، وَلِلْآخَرِ ثُلُثَاهَا، فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمَا نِصْفَانِ، وَكَذَا لَوْ وُجِدَ فِي نَهْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ أَقْوَامٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ فِي الْجَامِعِ: دَارٌ مَمْلُوكَةٌ لِأَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا عَشَرَةٌ مِنْهُمْ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ مِنْ بَنِي قَيْسٍ، فَوُجِدَ فِي هَذِهِ الدَّارِ قَتِيلٌ فَدِيَتُهُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْهَا عَلَى عَاقِلَةِ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، وَجُزْءٌ وَاحِدٌ عَلَى عَاقِلَةِ قَيْسٍ، وَكَذَا دَارٌ بَيْنَ بَكْرِيٍّ، وَبَيْنَ قَيْسِيَّيْنِ أَثْلَاثًا، فَوُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ أَثْلَاثًا، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَوَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ هَذَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي دَارٍ بَيْنَ تَمِيمِيٍّ، وَهَمْدَانِيَّيْنِ وُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ فَعَلَى التَّمِيمِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى الهمدانيين نِصْفُ الدِّيَةِ قَالَ: وَإِنَّمَا هَذَا عَلَى عَدَدِ الْقَبَائِلِ بِمَنْزِلَةِ قَتِيلٍ يُوجَدُ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ هُوَ مِنْهُمَا سَوَاءٌ فِي الْقُرْبِ، فَعَلَى أَهْلِ كُلِّ قَرْيَةٍ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ أَهْلِ الْقَرْيَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي دَارٍ بَيْنَ تَمِيمِيٍّ، وَبَيْنَ أَرْبَعَةٍ مِنْ هَمْدَانَ وُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ فَالدِّيَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجِبُ الدِّيَةُ أَخْمَاسًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

فِي رَجُلَيْنِ فِي بَيْتٍ لَيْسَ مَعَهُمَا أَحَدٌ، فَوُجِدَ أَحَدُهُمَا مَقْتُولًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أُضَمِّنُهُ الدِّيَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أُضَمِّنُهُ لَعَلَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارٍ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ، فَالْقَسَامَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ جَمِيعًا أَثْلَاثًا، وَتَمَامُ الْخَمْسِينَ فِي الْكَسْرِ عَلَى أَيِّ الْعَوَاقِلِ شَاءَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ جَمِيعَ الْخَمْسِينَ عَلَى عَاقِلَةِ أَحَدِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وُجِدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي دَارِ نَفْسِهِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةٌ لِوَرَثَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي وُجُوبِ الْقَسَامَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ عَلَى قَوْلِهِ، وَاخْتَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنْ لَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ هَاهُنَا كَذَا فِي الْكَافِي. ، وَإِنْ وُجِدَ الْمُكَاتَبُ قَتِيلًا فِي دَارِهِ فَهُوَ هَدَرٌ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ وُجِدَ الْمُكَاتَبُ قَتِيلًا فِي دَارِ مَوْلَاهُ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الْمَوْلَى مُؤَجَّلَةً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ يَقْضِي مِنْهُ كِتَابَتَهُ، وَيَحْكُمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وَمَا بَقِيَ يَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهُ لِوَرَثَتِهِ كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِ مُكَاتَبٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ دِيَةِ الْقَتِيلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْقَسَامَةُ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الْكِتَابِ، وَلَا شَكَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا تَجِبُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا تَجِبُ عَلَى قَوْلِهِ الْآخِرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: تَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسَامَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا وُجِدَ الْمَوْلَى قَتِيلًا فِي دَارِ مُكَاتَبِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ دِيَةِ الْمَوْلَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا وُجِدَ الْعَبْدُ قَتِيلًا فِي دَارِ مَوْلَاهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ قَالُوا: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً ثُمَّ وُجِدَ قَتِيلًا فِي دَارِ مَوْلَاهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فِي التِّجَارَةِ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَالْقَسَامَةُ عَلَى مَوْلَاهُ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ قِيَاسًا، وَاسْتِحْسَانًا، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَهُمَا، وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وُجِدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي دَارِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ كَانَتْ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى كَانَ الْعَبْدُ مَدْيُونًا أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ إذَا وُجِدَ قَتِيلًا فِي دَارِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ فَالْقِيمَةُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ دُونَ الْعَاقِلَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارٍ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ أَوْ امْرَأَةٌ فِي دَارِ زَوْجِهَا فَفِيهِ قَسَامَةٌ، وَدِيَةٌ، وَلَا يُحْرَمُ الْإِرْثَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ امْرَأَةٍ فِي مِصْرٍ لَيْسَ فِيهِ مِنْ عَشِيرَتِهَا أَحَدٌ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ تُكَرَّرُ عَلَى الْمَرْأَةِ حَتَّى تَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا ثُمَّ تُفْرَضُ الدِّيَةُ عَلَى أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ مِنْهَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَشِيرَتُهَا حُضُورًا تَدْخُلُ مَعَهَا فِي الْقَسَامَةِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي قَرْيَةٍ لِامْرَأَةٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهَا الْقَسَامَةُ تُكَرَّرُ الْأَيْمَانُ عَلَيْهَا، وَعَلَى عَاقِلَتِهَا الدِّيَةُ، وَعَاقِلَتُهَا أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ إلَيْهَا فِي النَّسَبِ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا: إنَّ الْمَرْأَة تَدْخُلُ مَعَ الْعَاقِلَةِ فِي التَّحَمُّلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْقَتِيلَ إذَا وُجِدَ فِي دَارِ صَبِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى الصَّبِيِّ قَسَامَةٌ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ، وَالْقَسَامَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي دَارِ مَجْنُونٍ أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ عَلَى الْمَجْنُونِ، وَإِنَّمَا الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي قَرْيَةٍ أَوْ دَارٍ لِأَيْتَامٍ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ كَبِيرٌ، فَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ كَبِيرٌ، فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ ذِمِّيٍّ فَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِ يُكَرَّرُ عَلَيْهِ خَمْسُونَ يَمِينًا، فَإِذَا حَلَفَ إنْ كَانَ لَهُ عَاقِلَةٌ، وَكَانُوا يَتَعَاقَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَعَلَى الْعَاقِلَةِ الدِّيَةُ، وَإِلَّا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِ ابْنِهِ، وَبِنْتِهِ، وَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ الْقَتْلَ عَلَى صَاحِبِهِ فَلِلِابْنِ ثُلُثُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَعَاقِلَتُهَا عَاقِلَتُهُ، وَلَهَا السُّدُسُ عَلَى عَاقِلَةِ أَخِيهَا، وَلَوْ ادَّعَى الِابْنُ الْقَتْلَ عَلَى زَوْجِ أُخْتِهِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا

فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: لَوْ وُجِدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي دَارِ ابْنِهِ، وَقَدْ كَانَ قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَهُوَ مَجْرُوحٌ: قَتَلَنِي فُلَانٌ فَقَدْ أَبْرَأَ عَاقِلَةَ ابْنِهِ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ عَنْ الِابْنِ مَا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَطَاءِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، وَفِيهِ أَيْضًا إذَا وُجِدَ الضَّيْفُ فِي دَارِ الْمُضِيفِ قَتِيلًا، فَهُوَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ نَازِلًا فِي بَيْتٍ عَلَى حِدَةٍ، فَلَا دِيَةَ، وَلَا قَسَامَةَ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَطًا، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَالْقَسَامَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وُجِدَ فِي دَارٍ وَارِثِهِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ لَمْ تَعْقِلْ عَاقِلَتُهُ لَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِذَا وُجِدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي نَهْرٍ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ إنْ كَانَ النَّهْرُ عَظِيمًا كَالْفُرَاتِ، وَنَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ يَجْرِي بِهِ الْمَاءُ، وَكَانَ مَوْضِعُ انْبِعَاثِ الْمَاءِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَدَمُهُ هَدَرٌ سَوَاءٌ كَانَ يَجْرِي فِي وَسَطِهِ أَوْ فِي شَطِّهِ، وَإِنْ كَانَ مَوْضِعُ انْبِعَاثِ الْمَاءِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَبِسًا عَلَى شَطٍّ مِنْ شُطُوطِهِ لَا يَجْرِي بِهِ الْمَاءُ، فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِ الْقُرَى، وَهَذَا إذَا كَانَ أَقْرَبَ الْقُرَى إلَى هَذَا الشَّطِّ بِحَيْثُ يَسْمَعُ أَهْلُهَا الصَّوْتَ مِنْهُ، فَأَمَّا إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا يَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ صَغِيرًا لِأَقْوَامٍ مَعْرُوفِينَ تَجِبُ الْقَسَامَةُ عَلَى أَصْحَابِ النَّهْرِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالْفَرْقُ فِي النَّهْرِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مَا عُرِفَ بِالشَّفْعَةِ كُلُّ نَهْرٍ يَسْتَحِقُّ بِهِ الشَّفْعَةَ، فَهُوَ صَغِيرٌ، وَمَا لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ نَحْوُ الْفُرَاتِ، وَالْجَيْحُونِ، فَهُوَ عَظِيمٌ كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي السَّفِينَةِ فَالْقَسَامَةُ عَلَى مَنْ فِيهَا مِنْ الرُّكَّابِ، وَالْمَلَّاحِينَ، وَاللَّفْظُ يَشْمَلُ أَرْبَابَهَا حَتَّى يَجِبَ عَلَى الْأَرْبَابِ الَّذِينَ فِيهَا، وَعَلَى السُّكَّانِ، وَعَلَى مَنْ يَمُدُّهَا، وَالْمَالِكُ فِي ذَلِكَ، وَغَيْرُ الْمَالِكِ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الْعَجَلَةُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. قَتِيلٌ عَلَى دَابَّةٍ مَعَهَا سَائِقٌ أَوْ قَائِدٌ أَوْ رَاكِبٌ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ دُونَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَإِنْ اجْتَمَعَ فِيهَا السَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالرَّاكِبُ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُوا مَالِكِينَ لِلدَّابَّةِ بِخِلَافِ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الدَّابَّةِ أَحَدٌ، فَالدِّيَةُ، وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ وُجِدَ فِيهِمْ الْقَتِيلُ عَلَى الدَّابَّةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ عَلَيْهَا قَتِيلٌ، فَعَلَى أَقْرَبِهِمَا الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ قِيلَ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَبْلُغُ أَهْلَهَا الصَّوْتُ أَمَّا إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُهُمْ الصَّوْتُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي فَلَاةٍ فِي أَرْضٍ، فَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِإِنْسَانٍ، فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْمَالِكِ، وَعَلَى قَبِيلَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكًا لِأَحَدٍ، فَإِنْ كَانَ يُسْمَعُ فِيهَا الصَّوْتُ مِنْ مِصْرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ، فَعَلَيْهِمْ الْقَسَامَةُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُسْمَعُ فِيهَا الصَّوْتُ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهَا مَنْفَعَةُ الِاحْتِطَابِ، وَالِاحْتِشَاشِ، وَالْكَلَأِ، فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ انْقَطَعَتْ عَنْهَا مَنْفَعَةُ الْمُسْلِمِينَ، فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَ فِي الْمَفَازَةِ، وَلَيْسَ يَقْرَبُهَا عُمْرَانٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ عَلَى الْجِسْرِ أَوْ عَلَى الْقَنْطَرَةِ فَذَلِكَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَفِيهِ أَيْضًا إذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي مِثْلِ خَنْدَقٍ فِي مَدِينَةِ أَبِي جَعْفَرٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ عَلَى أَقْرَبِ الْمَحَالِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وُجِدَ فِي مُعَسْكَرٍ نَزَلُوا فِي فَلَاةٍ مُبَاحَةٍ لَيْسَتْ بِمَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ فَإِنْ وُجِدَ فِي خَيْمَةٍ أَوْ فُسْطَاطٍ، فَالْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى مَنْ يَسْكُنُهَا، وَإِنْ كَانَ خَارِجًا مِنْهَا، وَنَزَلُوا قَبَائِلَ مُتَفَرِّقِينَ، فَعَلَى الْقَبِيلَةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا الْقَتِيلُ، وَلَوْ وُجِدَ بَيْنَ الْقَبِيلَتَيْنِ، فَعَلَى أَقْرَبِهِمَا، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَعَلَيْهِمَا هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِنْ نَزَلُوا مُخْتَلَطِينَ جُمْلَةً فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ إنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي خَيْمَةِ أَحَدِهِمْ أَوْ فُسْطَاطِ أَحَدِهِمْ، فَعَلَى صَاحِبِ الْخَيْمَةِ وَالْفُسْطَاطِ، وَإِنْ وُجِدَ خَارِجَ الْخِيَامِ، فَعَلَى أَهْلِ الْعَسْكَرِ كُلِّهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ الْعَسْكَرُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ، فَالْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ قَدْ لَقُوا عَدُوَّهُمْ مِنْ الْكَفَرَةِ فَأَجْلَوْا عَنْ قَتِيلٍ مُسْلِمٍ، فَلَا قَسَامَةَ فِي الْقَتِيلِ، وَلَا دِيَةَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرَى مَنْ قَتَلَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الطَّائِفَتَانِ مُسْلِمَتَيْنِ لَكِنَّ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ بَاغِيَةٌ، وَالْأُخْرَى عَادِلَةٌ، وَأَجْلَوْا عَنْ قَتِيلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ، فَلَا دِيَةَ فِي الْقَتِيلِ، وَلَا قَسَامَةَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وُجِدَ فِي السِّجْنِ، فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الدِّيَةُ، وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ السِّجْنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا كَانَتْ

الباب السادس عشر في المعاقل

الدَّارُ مُفَرَّغَةً، وَهِيَ مُقْفَلَةٌ، فَوُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ، فَالْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ رَبِّ الدَّارِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُف وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْمَعَاقِلِ] (الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْمَعَاقِلِ) الْمَعَاقِلُ جَمْعُ مَعْقُلَةٍ وَهِيَ الدِّيَةُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. الْعَاقِلَةُ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ الْعَقْلَ أَيْ يُؤَدُّونَ الدِّيَةَ وَتُسَمَّى الدِّيَةُ عَقْلًا وَمَعْقِلًا لِأَنَّهَا تَعْقِلُ الدِّمَاءَ مِنْ أَنْ تُسْفَكَ أَيْ تُمْسَكُ كَذَا فِي الْكَافِي. عَاقِلَةُ الرَّجُلِ أَهْلُ دِيوَانِهِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَأَهْلُ الدِّيوَانِ أَهْلُ الرَّايَاتِ، وَهُمْ الْجَيْشُ الَّذِينَ كُتِبَتْ أَسَامِيهِمْ فِي الدِّيوَانِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ، فَإِنْ كَانَ غَازِيًا، وَلَهُ دِيوَانٌ يَرْتَزِقُ مِنْهُ لِلْقِتَالِ، فَعَاقِلَتُهُ مَنْ كَانَ فِي دِيوَانِهِ مِنْ الْغُزَاةِ، وَإِنْ كَانَ كَاتِبًا، وَلَهُ دِيوَانٌ يَرْتَزِقُ مِنْهُ، فَعَاقِلَتُهُ مَنْ كَانَ يَرْتَزِقُ مِنْ دِيوَانِ الْكُتَّابِ إنْ كَانُوا يَتَنَاصَرُونَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دِيوَانٌ، فَعَاقِلَتُهُ أَنْصَارُهُ، فَإِنْ كَانَتْ نُصْرَتُهُ بِالْمَحَالِّ، وَالدُّرُوبِ يُحْمَلْ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، وَنُصْرَتُهُ بِأَهْلِ الْقَرْيَةِ يُحْمَلْ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي هَذَا لِلتَّنَاصُرِ، وَقِيَامِ الْبَعْضِ بِأَمْرِ الْبَعْضِ، فَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَوْ أَهْلُ السُّوقِ أَوْ أَهْلُ الْقَرْيَةِ أَوْ الْعَشِيرَةُ بِحَالٍ إذَا وَقَعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَمْرٌ قَامُوا مَعَهُ فِي كِفَايَتِهِ، فَهُمْ الْعَاقِلَةُ، وَإِلَّا، فَإِنْ كَانَ لَهُ مُتَنَاصِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ، وَمِنْ الْعَشِيرَةِ، وَالْمَحِلَّةِ، وَالسُّوقِ، فَأَهْلُ الدِّيوَانِ أَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُتَنَاصِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ، فَالْمُتَنَاصَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَشِيرَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُتَنَاصِرُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَالسُّوقِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانُوا لَا يَتَنَاصَرُونَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَعَاقِلَتُهُ عَشِيرَتُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَيُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ لَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ، وَثُلُثُ دِرْهَمٍ، وَلَا يُزَادُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَتَّسِعْ الْقَبِيلَةُ لِذَلِكَ ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ نَسَبًا، وَيُضَمُّ الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ، الْإِخْوَةُ ثُمَّ بَنُوهُمْ ثُمَّ الْأَعْمَامُ ثُمَّ بَنُوهُمْ، وَأَمَّا الْآبَاءُ، وَالْأَبْنَاءُ، فَقَدْ قِيلَ: يَدْخُلُونَ، وَقِيلَ: لَا يَدْخُلُونَ كَذَا فِي الْكَافِي وَالزَّوْجُ لَا يَكُونُ عَاقِلَةَ الْمَرْأَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لَا تَكُونُ عَاقِلَةَ الزَّوْجِ، وَالِابْنُ لَا يَكُونُ عَاقِلَةَ الْأُمِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ الْقَاتِلُ أَحَدُ الْعَوَاقِلِ يَلْزَمُهُ مِنْ الدِّيَةِ مِثْلُ مَا يَلْزَمُ أَحَدَ الْعَوَاقِلِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ، وَالذُّرِّيَّةِ مِمَّنْ كَانَ لَهُ عَطَاءٌ فِي الدِّيوَانِ عَقْلٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعَبِيدِ، وَالْإِمَاءِ، وَالْمَجَانِينِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ قَلَّتْ الْعَاقِلَةُ حَتَّى يَصِيرَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ يُضَمُّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ دِيوَانٍ آخَرَ، وَكَانَ أَقْرَبُ الدَّوَاوِينَ فِي هَذَا الْمِصْرِ إلَيْهِ أَوْلَى مِنْ الْأَبْعَدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَقْرَبُ الدَّوَاوِينِ إلَى دِيوَانِ الْقَاتِلِ مَنْ يَكُونُ قَائِدَ ذَلِكَ الدِّيوَانِ مِنْ يَدِ قَائِدِ الدِّيوَانِ الَّذِي فِيهِ الْقَاتِلُ ثُمَّ لَوْ ضُمَّ إلَيْهِ أَقْرَبُ الدَّوَاوِينِ مِنْ هَذَا الْمِصْرِ، وَلَمْ يَكْفِ يُضَمُّ إلَيْهِ أَبْعَدُ الدَّوَاوِينِ مِنْ دَوَاوِينِ هَذَا الْمِصْرِ، وَهُوَ الدِّيوَانُ الَّذِي لَيْسَ قَائِدُهُ مِنْ يَدِ قَائِدِ الدِّيوَانِ الَّذِي فِيهِ الْقَاتِلُ، وَإِنَّمَا كَانَ قَائِدُهُ مِنْ يَدِ الْوَالِي ثُمَّ إذَا ضُمَّ إلَيْهِ أَبْعَدُ الدَّوَاوِينِ، وَلَمْ يَكْفِ يُضَمُّ إلَيْهِ عَشِيرَتُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ، وَإِنْ كَانَ فِي هَذَا الْمِصْرِ دِيوَانٌ هُوَ أَقْرَبُ إلَى دِيوَانِ الْقَاتِلِ إلَّا أَنَّهُمْ أَجَانِبُ مِنْ الْقَاتِلِ، وَدِيوَانٌ هُوَ أَبْعَدُ مِنْ دِيوَانِ الْقَاتِلِ إلَّا أَنَّهُمْ عَشِيرَةُ الْقَاتِلِ مِنْ جَانِبِ الْأَبِ، فَإِنَّهُ يُضَمُّ أَقْرَبُ الدَّوَاوِينِ إلَى دِيوَانِهِ، وَإِنْ كَانُوا أَجَانِبَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَتَى اسْتَوَى دِيوَانَانِ فِي الْقُرْبِ أَحَدُهُمَا مِنْ عَشِيرَةِ الْقَاتِلِ مِنْ الْأَبِ، وَالْآخَرُ مِنْ جَانِبِ الْأُمِّ، فَإِنَّهُ يُضَمُّ إلَيْهِ دِيوَانُ الْعَشِيرَةِ، وَيُعْتَبَرُ النَّسَبُ تَرْجِيحًا، وَالتَّرْجِيحُ يُعْتَبَرُ أَوَّلًا بِالْقُرْبِ فِي الدِّيوَانِ، فَإِذَا اسْتَوَى فِي الْقُرْبِ يُعْتَبَرُ التَّرْجِيحُ بِالنَّسَبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. حُكِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ الْجَانِيَ إذَا كَانَ دِيوَانِيًّا، وَلِأَقْرِبَائِهِ دَوَاوِينُ أَيْضًا، فَعَقْلُهُ عَلَى أَقْرِبَائِهِ فِي دِيوَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ، فَعَلَى الْكُلِّ يَعْنِي عَلَى جَمِيعِ الْأَقْرِبَاءِ مِنْ دِيوَانِهِ، وَمِنْ دِيوَانِ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْجَانِي دِيوَانِيًّا، وَلَكِنْ

لِأَقْرِبَائِهِ دَوَاوِينُ، فَعَقْلُهُ عَلَى أَقْرَبِ أَقْرِبَائِهِ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ، فَهُوَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ دِيوَانِيًّا، وَلَكِنْ لِبَعْضِ أَقَارِبِهِ دِيوَانٌ فِي الْمِصْرِ، وَلَا دِيوَانَ لِبَعْضِهِمْ، وَهُمْ يَسْكُنُونَ الرُّسْتَاقَ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ يَسْكُنُ الرُّسْتَاقَ، فَهُوَ عَلَى أَقَارِبِهِ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ فِي الرُّسْتَاقِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ، فَهُوَ عَلَى جَمِيعِ أَقَارِبِهِ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ فِي الرُّسْتَاقِ، وَاَلَّذِينَ يَسْكُنُونَ الْمِصْرَ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ، وَمَا فَضَلَ فَهُوَ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ يَسْكُنُ الْمِصْرَ، فَعَقْلُهُ عَلَى أَقْرِبَائِهِ السَّاكِنِينَ فِي الْمِصْرِ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ، فَهُوَ فِي مَالِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ مِنْ أَهْلِ الرُّسْتَاقِ الَّذِينَ لَا دِيوَانَ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دِيوَانٌ، وَلَا لِقَرَابَتِهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ يَتَنَاصَرُ بِأَهْلِ الْحِرَفِ، فَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ، وَالْفَضْلُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ يَتَنَاصَرُ بِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ، فَعَقْلُهُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَالْفَضْلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَتَنَاصَرُ بِالْمِصْرِ، فَهُوَ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ لَا دِيوَانَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، وَنَحْوِهِمْ تَعَاقَلُوا عَلَى الْأَنْسَابِ، وَإِنْ تَبَاعَدَتْ مَنَازِلُهُمْ، وَاخْتَلَفَ الْبَادِيَتَانِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ الْبَدَوِيُّ نَازِلًا فِي الْمِصْرِ، وَلَيْسَ لَهُ مَسْكَنٌ فِي الْمِصْرِ لَا يَعْقِلُ عَنْهُ أَهْلُ الْعَطَاءِ كَمَا أَنَّ أَهْلَ الْبَادِيَةِ لَا يَعْقِلُ عَنْ أَهْلِ الْمِصْرِ النَّازِلِ فِيهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ عَشِيرَةٌ، وَلَا دِيوَانٌ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَكُونُ فِي مَالِهِ، وَبِهِ أَخَذَ عِصَامٌ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى قَالَهُ حُسَامُ الدِّينِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَعْقِلُ مَنْ لَهُ عَشِيرَةٌ أَوْ وَارِثٌ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْمِيرَاثِ بِأَنْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا أَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا حَتَّى قَالَ: لَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا، فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ عَادَ الْمُسْتَأْمَنُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَأُسِرَ وَأُخْرِجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ، فَمِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ مُعْتَقَهُ رَقِيقٌ، وَلَوْ جَنَى هَذَا الْمُعْتَقُ، فَعَقْلُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ وَهُوَ قَوْلُ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ لِأَنَّ الْعَجَمَ لَمْ يَحْفَظُوا أَنْسَابَهُمْ، وَلَا يَتَنَاصَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ دِيوَانٌ، وَتَحَمُّلُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْغَيْرِ عُرْفٌ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فِي حَقِّ الْعَرَبِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُضَيِّعُوا أَنْسَابَهُمْ، وَيَتَنَاصَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَلَا يَلْحَقُ بِهِمْ الْعَجَمُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِلْعَجَمِ عَاقِلَةٌ عِنْدَ التَّنَاصُرِ، وَالْمُقَاتَلَةِ مَعَ الْبَعْضِ لِأَجْلِ الْبَعْضِ نَحْوُ الْأَسَاكِفَةِ، وَالصَّفَّارِينَ بِمَرْوَ، وَدُرُوبِ الْخَشَّابِينَ وَكِلَابَاذَ بِبُخَارَى، فَإِذَا قُتِلَ وَاحِدٌ خَطَأً، وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ، فَأَهْلُ مَحَلَّةِ الْقَاتِلِ وَرُسْتَاقُهُ عَاقِلَتُهُ، وَكَذَلِكَ طَلَبَةُ الْعِلْمِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمَشَايِخِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ يَأْخُذُ بِقَوْلِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلتَّنَاصُرِ، وَاجْتِمَاعُ الْأَسَاكِفَةِ، وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ، وَنَحْوِهِمْ لَا يَكُونُ لِلتَّنَاصُرِ، فَلَا يَلْزَمُهُمْ التَّحَمُّلُ عَنْ غَيْرِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَعْقِلُ أَهْلُ مِصْرٍ عَنْ أَهْلِ مِصْرٍ آخَرَ إذَا كَانَ لِأَهْلِ كُلِّ مِصْرٍ دِيوَانٌ عَلَى حِدَةٍ، وَلَوْ كَانَ تَنَاصُرُهُمْ بِاعْتِبَارِ الْقُرْبِ فِي السُّكْنَى، فَأَهْلُ مِصْرٍ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ مِصْرٍ آخَرَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَنَّ أَخَوَيْنِ لِأَبٍ، وَأُمٍّ دِيوَانُ أَحَدِهِمَا بِالْكُوفَةِ، وَدِيوَانُ الْآخَرِ بِالْبَصْرَةِ لَمْ يَعْقِلْ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا يَعْقِلُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَهْلُ دِيوَانِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَيَعْقِلُ أَهْلُ كُلِّ مِصْرٍ عَنْ أَهْلِ سَوَادِهِمْ، وَقُرَاهُمْ، وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بِالْبَصْرَةِ، وَدِيوَانُهُ بِالْكُوفَةِ عَقَلَ عَنْهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ خَطَأً، فَلَمْ يَرْفَعْ إلَى الْقَاضِي حَتَّى مَضَتْ سُنُونَ ثُمَّ رَفَعَ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يَقْضِي، فَإِنْ كَانُوا أَهْلَ دِيوَانِهِ قَضَى بِذَلِكَ فِي عَطِيَّاتِهِمْ، وَيَجْعَلُ الثُّلُثَ فِي أَوَّلِ عَطَاءٍ يَخْرُجُ لَهُمْ بَعْدَ قَضَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْقَتْلِ، وَقَضَائِهِ، وَبَيْنَ خُرُوجِ عَطِيَّاتِهِمْ إلَّا شَهْرٌ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، وَالثُّلُثُ الثَّانِي فِي الْعَطَاءِ الْآخَرِ إذَا خَرَجَ إنْ أَبْطَأَ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ عَجَّلَ قَبْلَ السَّنَةِ، وَكَذَلِكَ الثُّلُثُ الثَّالِثُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ عَجَّلَ لَهُمْ عَطِيَّةَ ثَلَاثِ سِنِينَ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ مِمَّا وَجَبَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ، فَالدِّيَةُ كُلُّهَا فِي ذَلِكَ مُعَجَّلَةٌ، وَلَوْ خَرَجَ لَهُ عَطَاءٌ وَجَبَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ، وَاسْتُعْقِلَتْ الدِّيَةُ فِي الْأَعْطِيَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَإِنْ خَرَجَ لِكُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَجَبَ فِيهِ سُدُسُ الدِّيَةِ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ تُسْعُ الدِّيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَ

عَاقِلَةُ الرَّجُلِ أَصْحَابَ رِزْقٍ قَضَى عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ فِي أَرْزَاقِهِمْ، فَإِنْ خَرَجَتْ لَهُمْ أَرْزَاقُ أَشْهُرٍ مَضَتْ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ لَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَإِنْ خَرَجَتْ لَهُمْ أَرْزَاقُ أَشْهُرٍ مَضَتْ بَعْدَ الْقَضَاءِ يُؤْخَذُ مِنْهَا الدِّيَةُ بِالْحِصَّةِ، فَيُنْظَرُ إنْ كَانَتْ أَرْزَاقُهُمْ تَخْرُجُ فِي كُلِّ شَهْرٍ يُؤْخَذُ مِنْ رِزْقِ كُلِّ شَهْرٍ نِصْفُ سُدُسِ ثُلُثِ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ خَرَجَ الرِّزْقُ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِيَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ أَخَذَ مِنْ رِزْقِ ذَلِكَ الشَّهْرِ بِحِصَّةِ الشَّهْرِ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ أَرْزَاقٌ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَعَطَاءٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ فُرِضَتْ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ فِي عَطِيَّاتِهِمْ دُونَ أَرْزَاقِهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي. الْفَرْقُ بَيْنَ الرِّزْقِ، وَالْعَطَاءِ هُوَ أَنَّ الرِّزْقَ مَا يُفْرَضُ لِلنَّاسِ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ مُقَدَّرًا بِالْحَاجَةِ وَالْكِفَايَةِ يُفْرَضُ لَهُ مَا يَكْفِيهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَكُلِّ يَوْمٍ، وَالْعَطَاءُ مَا يُفْرَضُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَيُقَدَّرُ بِجَدِّهِ، وَعَنَائِهِ فِي بَابِ الدِّينِ لَا بِالْحَاجَةِ، وَالْكِفَايَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَلَهُ بِهَا عَطَاءٌ، فَلَمْ يُقْضَ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ حَتَّى حَوَّلَ دِيوَانَهُ إلَى الْبَصْرَةِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. . وَلَوْ قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِالْكُوفَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فَأُخِذَ مِنْهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ أَوْ لَمْ يُؤْخَذْ ثُمَّ حَوَّلَ اسْمَهُ عَنْهُمْ، فَجُعِلَ فِي دِيوَانِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَانَ الْعَقْلُ عَلَى دِيوَانِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَلَا يُحَوَّلُ إلَى دِيوَانِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إلَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ عَطَائِهِ بِالْبَصْرَةِ حِصَّتُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ مَسْكَنُهُ بِالْكُوفَةِ، وَلَيْسَ لَهُ عَطَاءٌ، فَقَتَلَ رَجُلًا خَطَأً فَلَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ حَتَّى تَحَوَّلَ مِنْ الْكُوفَةِ، وَاسْتَوْطَنَ الْبَصْرَةَ، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِالْبَصْرَةِ، وَلَوْ قُضِيَ بِهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُمْ، وَكَذَلِكَ الْبَدَوِيُّ إذَا لَحِقَ بِالدِّيوَانِ بَعْدَ الْقَتْلِ قَبْلَ الْقَضَاءِ يُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِالْبَادِيَةِ لَمْ يَتَحَوَّلْ عَنْهُمْ كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا قَتَلَ الْبَدَوِيُّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحَضَرِ خَطَأً فَعَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فِي الْبَادِيَةِ فِي عَشِيرَتِهِ، وَقَوْمِهِ يَجْمَعُ ذَلِكَ لَهُ عُرَفَاؤُهُ، وَيُؤْمَرُ وَلِيُّ الدَّمِ بِالْخُرُوجِ إلَيْهِمْ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فِي بِلَادِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ جَنَى جِنَايَةً، فَلَمْ يُقْضَ بِهَا حَتَّى نَقَلَهُ الْإِمَامُ، وَقَوْمَهُ، فَجَعَلَهُمْ أَهْلَ عَطَاءٍ، وَجَعَلَ عَطَاءَهُمْ الدَّنَانِيرَ ثُمَّ رَفَعَ إلَى الْقَاضِي قَضَى عَلَيْهِمْ بِالدَّنَانِيرِ دُونَ الْإِبِلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَ قَضَى عَلَيْهِمْ بِمِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ نَقَلَهُ الْإِمَامُ، وَقَوْمَهُ إلَى الْعَطَاءِ، وَجَعَلَ عَطَاءَهُمْ الدَّنَانِيرَ أُخِذُوا بِالْإِبِلِ أَوْ بِقِيمَتِهَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ غَيْرُ الْعَطَايَا أُخِذَتْ قِيمَةُ الْإِبِلِ مِنْ عَطِيَّاتِهِمْ قَلَّتْ الْقِيمَةُ أَوْ كَثُرَتْ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ عَطَاءِ الْكُوفَةِ جَنَى رَجُلٌ مِنْهُمْ جِنَايَةً، وَقُضِيَ بِهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ ثُمَّ أُلْحِقَ قَوْمٌ بِقَوْمِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ دِيوَانٌ عَقَلُوا مَعَهُمْ، وَدَخَلُوا فِيمَا قُضِيَ، وَفِيمَا لَمْ يُقْضَ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِيمَا أَدَّوْا قَبْلَ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمَنْ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ خَطَأً، وَلَمْ يَرْفَعُوا إلَى الْقَاضِي إلَّا بَعْدَ سِنِينَ قَضَى عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يَقْضِي، وَلَوْ تَصَادَقَ الْقَاتِلُ، وَوَلِيُّ الْجِنَايَةِ عَلَى أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِالْكُوفَةِ بِالْبَيِّنَةِ، وَكَذَّبَتْهُمَا الْعَاقِلَةُ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عَطَاءٌ مَعَهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَذَكَرَ فِي الْمَعَاقِلِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَتْلِ الَّذِي يُوجِبُ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ غَيْبَةِ الْعَاقِلَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا خَطَأً، فَأَقَامَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَتَلَهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُثْبِتُ مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ قَالَ الْوَلِيُّ بَعْدَ إقْرَارِهِ: لَا أَعْلَمُ بِبَيِّنَةٍ، فَاقْضِ لِي بِهَا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، فَقَضَى الْقَاضِي بِهَا فِي مَالِ الْمُقِرِّ ثُمَّ وَجَدَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ بَيِّنَةً، فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَ ذَلِكَ إلَى الْعَاقِلَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ: لَا تُعَجِّلْ بِالْقَضَاءِ فِي مَالِهِ لِعَلِيِّ أَجِدُ بَيِّنَةً، فَأَخَّرَهُ الْقَاضِي ثُمَّ، وَجَدَ بَيِّنَةً قَضَى لَهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ، وَمَوْلَى الْمُوَالَاةِ يَعْقِلُ عَنْهُ مَوْلَاهُ، وَقَبِيلَتُهُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ حُرَّةً مَوْلَاةً لِبَنِي تَمِيمٍ تَحْتَ عَبْدٍ لِرَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَعَاقِلَةُ الِابْنِ عَاقِلَةُ أُمِّهِ، فَإِنْ جَنَى جِنَايَةً، فَلَمْ يَقْضِ بِهَا الْقَاضِي عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ حَتَّى عَتَقَ الْأَبُ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُحَوِّلُ، وَلَاءَهُ إلَى مَوَالِي أَبِيهِ ثُمَّ يَقْضِي

بِالْجِنَايَةِ الَّتِي قَدْ جَنَاهَا عَلَى عَاقِلَةِ أُمِّهِ، وَلَا يُحَوِّلُهَا عَنْهُمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا قَبْلَ عِتْقِ أَبِيهِ ثُمَّ سَقَطَ فِيهَا إنْسَانٌ بَعْدَ عِتْقِ أَبِيهِ فَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ حِينَ يُقْضَى بِالدِّيَةِ عَاقِلَةُ الْأُمِّ إنْ كَانَ الْجَانِي بَالِغًا، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، فَأَبُوهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ وَالَى رَجُلًا ثُمَّ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ تَحَوَّلَ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى الثَّانِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. حَرْبِيٌّ أَسْلَمَ، وَوَالَى مُسْلِمًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً عَقَلَتْ عَنْهُ عَاقِلَةُ الَّذِي وَالَاهُ ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ عَقَلُوا عَنْهُ أَوْ لَمْ يُقْضَ بِهَا حَتَّى أُسِرَ أَبُوهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ، وَأَعْتَقَهُ جَرَّ، وَلَاءَ ابْنِهِ ثُمَّ لَا يُرْجِعُ عَاقِلَةَ الَّذِي كَانَ، وَالَاهُ عَلَى عَاقِلَةِ مَوَالِي الْأَبِ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا قَبْلَ أَنْ يُؤْسَرَ أَبُوهُ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ بَعْدَ عِتْقِ الْأَبِ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي وَالَاهُ دُونَ عَاقِلَةِ أَبِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. ذِمِّيٌّ أَسْلَمَ، وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا حَتَّى قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً، فَلَمْ يُقْضَ بِهِ حَتَّى، وَالَى رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْجِنَايَتَيْنِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَبَطَلَ مُوَالَاتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا ثُمَّ، وَالَى رَجُلًا ثُمَّ، وَقَعَ فِي الْبِئْرِ رَجُلٌ كَانَتْ دِيَتُهُ فِي مَالِهِ، وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَمَى بِسَهْمٍ أَوْ حَجَرٍ خَطَأً، فَقَبْلَ الْإِصَابَةِ عَاقَدَهُ ثُمَّ، وَقَعَتْ الرَّمْيَةُ، فَقَتَلَتْ رَجُلًا وَجَبَ الْعَقْلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مُسْلِمَةً مَوْلَاةً لِبَنِي تَمِيمٍ جَنَتْ جِنَايَةً أَوْ حَفَرَتْ بِئْرًا، فَلَمْ يُقْضَ بِالْجِنَايَةِ حَتَّى ارْتَدَّتْ، وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَتْ، فَأَعْتَقَهَا رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ ثُمَّ، وَقَعَ فِي الْبِئْرِ رَجُلٌ، فَمَاتَ قُضِيَ بِتِلْكَ الْجِنَايَةِ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ إنَّ الْإِمَامَ نَقَلَ أَهْلَ الْبَادِيَةِ إلَى الْأَمْصَارِ، فَتَفَرَّقُوا فِيهَا، فَصَارُوا أَصْحَابَ عَطِيَّاتٍ ثُمَّ تَرَدَّى فِي تِلْكَ الْبِئْرِ إنْسَانٌ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ يَوْمَ تَرَدَّى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ حَفَرَ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْعَطَاءِ ثُمَّ أَبْطَلَ الْإِمَامُ عَطَاءَهُ، وَرَدَّهُ إلَى أَنْسَابِهِمْ، فَتَعَاقَلُوا عَلَيْهَا زَمَانًا طَوِيلًا ثُمَّ مَاتَ إنْسَانٌ فِي الْبِئْرِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَجَبَ الْمَالُ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَابْنُ الْمُلَاعَنَةِ يَعْقِلُ عَنْهُ عَاقِلَةُ أُمِّهِ، فَإِنْ عَقَلُوا عَنْهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْأَبُ رَجَعَتْ عَاقِلَةُ الْأُمِّ بِمَا أَدَّتْ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يَقْضِي الْقَاضِي لِعَاقِلَةِ الْأُمِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ، وَكَذَا إنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ، وَلَهُ وَلَدٌ حُرٌّ، فَلَمْ يُؤَدِّ كِتَابَتَهُ حَتَّى جَنَى ابْنُهُ، وَابْنُهُ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ مَوْلَاةٍ لِبَنِي تَمِيمٍ، وَالْمُكَاتَبُ لِرَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ، فَعَقَلَ عَنْهُ قَوْمُ أُمِّهِ ثُمَّ أُدِّيَتْ الْكِتَابَةُ، فَإِنَّ عَاقِلَةَ الْأُمِّ يَرْجِعُونَ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ أَمَرَ صَبِيًّا لِيَقْتُلَ رَجُلًا، فَقَتَلَهُ، فَضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ الدِّيَةَ رَجَعَتْ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ إنْ كَانَ الْأَمْرُ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِإِقْرَارِهِ، فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يَقْضِي الْقَاضِي بِهَا عَلَى الْآمِرِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ كَانُوا اجْتَمَعُوا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ قَضَى الْقَاضِي بِهَا لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، وَلِعَاقِلَةِ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ، فَكُلَّمَا أَخَذَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ مِنْ عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ شَيْئًا أَخَذَتْ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ مِنْ عَاقِلَةِ الْآمِرِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَوْ أَنَّ ابْنَ الْمُلَاعَنَةِ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، فَقَضَى الْقَاضِي بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ، فَأَدَّوْا الثُّلُثَ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْأَبُ، فَحَضَرُوا جَمِيعًا فَإِنَّهُ يَقْضِي لِعَاقِلَةِ الْأُمِّ بِالثُّلُثِ الَّذِي أَدَّوْا عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ، وَيَبْدَأُ بِهِمْ فِي سَنَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ قَبْلَ أَهْلِ الْجِنَايَةِ، وَيَبْطُلُ الْفَضْلُ عَنْ عَاقِلَةِ الْأُمِّ، وَيَقْضِي بِالثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ فِي السَّنَتَيْنِ بَعْدَ السَّنَةِ الْأُولَى، وَلَا يَسْتَرِدُّ مِنْ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ مَا أَخَذَ مِنْ عَاقِلَةِ الْأُمِّ ثُمَّ فِي السَّنَةِ الْأُولَى بَعْدَ الْقَضَاءِ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُمْ شَيْئًا، وَعَلَى هَذَا ابْنُ الْمُكَاتَبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَا يَعْقِلُ مُسْلِمٌ عَنْ كَافِرٍ، وَلَا كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ وَالْكُفَّارُ يَتَعَاقَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ إذَا دَانُوا التَّعَاقُلَ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالُوا: هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْمُعَادَاةُ فِيهِمْ ظَاهِرَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةً كَالْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْقِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ كَانُوا لَا يَدِينُونَ التَّعَاقُلَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَإِنَّهُ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْجَانِي، وَإِذَا دَانُوا التَّعَاقُلَ إلَّا أَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لِلْجَانِي تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْجَانِي، وَلَا تَجِبُ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

فصل إذا لم تكن لقاتل الخطأ عاقلة

[فَصْلٌ إذَا لَمْ تَكُنْ لِقَاتِلِ الْخَطَأِ عَاقِلَةٌ] (فَصْلٌ) إذَا لَمْ تَكُنْ لِقَاتِلِ الْخَطَأِ عَاقِلَةٌ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَكَذَا الْعَمْدُ الْمَحْضُ إذَا أَوْجَبَ الدِّيَةَ يَجِبُ فِي مَالِهِ فِي النَّفْسِ، وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَالْخَطَأُ فِيهِمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَشِبْهُ الْعَمْدِ فِي النَّفْسِ يُوجِبُ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ يَجِبُ عَلَى الْجَانِي، وَإِنْ بَلَغَ دِيَةً تَامَّةً كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.، وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَتَتَحَمَّلُ نِصْفَ الْعُشْرِ، فَصَاعِدًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَمَا وَجَبَ بِالْعَمْدِ الَّذِي تَمَكَّنَ فِيهِ شُبْهَةٌ أَوْ بِالصُّلْحِ مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَى مَالٍ أَوْ بِالْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَتْلِ خَطَأً أَوْ مَا دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ أَوْ مَا يَجِبُ بِجِنَايَةِ الْعَبْدِ لَا يَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بَلْ يَجِبُ فِي مَالِ الْجَانِي، وَفِي الْعَبْدِ عَلَى الْمَوْلَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. . وَلَا تَعْقِلُ عَاقِلَةُ الْمَوْلَى شَيْئًا مِنْ جِنَايَةِ الْعَبْدِ، وَالْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ مَا لَزِمَ بِاعْتِرَافِ الْجَانِي إلَّا أَنْ يُصَدِّقُوا هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ، وَأَمَّا حُكُومَةُ الْعَدْلِ إنْ كَانَتْ دُونَ أَرْشٍ الْمُوضِحَةِ أَوْ مِثْلَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ لَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِيَقِينٍ، فَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الصَّحِيحُ أَنْ لَا تَتَحَمَّلَهَا الْعَاقِلَةُ، وَأَمَّا الْمُفَصَّلُ، فَلَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكُلُّ دِيَةٍ وَجَبَتْ بِنَفْسِ الْقَتْلِ فِي الْخَطَأِ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ أَوْ عَمْدٍ دَخَلَهُ شُبْهَةٌ، فَهُوَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ الثُّلُثُ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَقَرَّ بِقَتْلٍ خَطَأٍ كَانَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَوْ صُولِحَ مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَى مَالٍ، فَهُوَ فِي مَالِ الْجَانِي حَالًّا إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْأَجَلُ قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ الدِّيَةِ وَجَبَ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ فِي مَالِ الْجَانِي، فَذَلِكَ الْجُزْءُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ الثُّلُثُ، وَذَلِكَ كَعَشَرَةٍ قَتَلُوا رَجُلًا خَطَأً، فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عُشْرُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَمَّدُوا، وَلَكِنَّ أَحَدَهُمْ أَبُو الْمَقْتُولِ، فَفِي مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ عُشْرُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِذَا كَانَ الْوَاجِبُ بِالْفِعْلِ ثُلُثَ دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ أَقَلَّ كَانَ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إلَى تَمَامِ الثُّلُثَيْنِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] (الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قُتِلَ، فَجَاءَ رَجُلٌ، وَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ، فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ كَانَ عَبْدَهُ، فَأَعْتَقَهُ، وَهُوَ حُرٌّ الْيَوْمَ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ قُضِيَ لِوَارِثِهِ بِالْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ، وَبِالدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، فَلِمَوْلَاهُ قِيمَتُهُ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَأِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا جَرَحَ الرَّجُلُ عَمْدًا ثُمَّ أَشْهَدَ الْمَجْرُوحُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَجْرَحْهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْ ذَلِكَ هَلْ يَصِحُّ هَذَا الْإِشْهَادُ قَالُوا: هَذَا عَلَى، وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ تَكُونَ جِرَاحَةُ فُلَانٍ مَعْلُومَةً عِنْدَ النَّاسِ وَالْقَاضِي، أَوْ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً، فَهَذَا الْإِشْهَادُ مِنْهُ لَا يَصِحُّ، فَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ جِرَاحَةُ فُلَانٍ مَعْلُومَةً مَعْرُوفَةً عِنْدَ الْقَاضِي، وَالنَّاسِ كَانَ الْإِشْهَادُ صَحِيحًا، فَإِنْ أَقَامَتْ الْوَرَثَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ جُرِحَ، فَقَالَ: قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ، فَأَقَامَتْ وَرَثَتُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ رَجُلٌ جُرِحَ، فَقَالَ فُلَانٌ: جَرَحَنِي ثُمَّ مَاتَ، فَأَقَامَ ابْنُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ابْنٍ لَهُ آخَرَ أَنَّهُ جَرَحَهُ خَطَأً تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا اصْطَدَمَ الْفَارِسَانِ، وَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَإِنْ كَانَا خَطَأً، فَإِنْ كَانَا حُرَّيْنِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ صَاحِبِهِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَإِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ، فَلَا شَيْءَ لِأَحَدِ الْمَوْلَيَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا، وَالْآخَرُ عَبْدًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَقْتُولِ الْحُرِّ قِيمَةُ الْعَبْدِ، فَيَأْخُذُهَا وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ الْحُرِّ، وَيَبْطُلُ حَقُّ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ عَمَّا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَا حُرَّيْنِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ هُدِرَتْ الْجِنَايَةُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا، وَالْآخَرُ عَبْدًا، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَعَلَى الْعَبْدِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ فِي رَقَبَتِهِ، فَإِذَا مَاتَ، فَقَدْ هَلَكَ، وَأَخْلَفَ بَدَلًا عَنْ نِصْفِهِ، وَهُوَ نِصْفُ قِيمَتِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ

فَيَسْتَوْفِي وَلِيُّ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ مِنْ عَاقِلَةِ الْحُرِّ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ قَدْرَ نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَيَبْطُلُ حَقُّهُ فِي الزِّيَادَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَا مَاشِيَيْنِ، فَاصْطَدَمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنَ عَشَرَ. وَلَوْ جَاءَ رَاكِبٌ خَلْفَ سَائِرِ، فَصَدَمَهُ، فَعَطِبَ الْجَانِي لَا ضَمَانَ عَلَى السَّائِرِ، وَلَوْ عَطِبَ السَّائِرُ، فَضَمَانُهُ عَلَى مَنْ جَاءَ خَلْفَهُ، وَكَذَلِكَ فِي السَّفِينَتَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَارِسَانِ اصْطَدَمَا أَحَدُهُمَا يَسِيرُ، وَالْآخَرُ وَاقِفٌ وَكَذَلِكَ الْمَاشِي، وَالْوَاقِفُ اصْطَدَمَا، فَعَلَى السَّائِرِ وَالْمَاشِي الْكَفَّارَةُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْوَاقِفِ، وَيَرِثُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اصْطَدَمَتْ السَّفِينَتَانِ إنْ كَانَ بِفِعْلِ الرَّاكِبِ، وَالْمَلَّاحِ ضُمِّنَ، وَلَا ضَمَانَ فِي الْأَنْفُسِ، وَفِي الْمَالِ يَضْمَنُ الْمَلَّاحُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ مَدَّا حَبْلًا، فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ، فَسَقَطَا، وَمَاتَا قَالَ: إنْ سَقَطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْقَفَا هُدِرَ دَمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ سَقَطَا عَلَى الْوَجْهِ، وَمَاتَا يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ صَاحِبِهِ، وَإِنْ سَقَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَفَا، وَالْآخَرُ عَلَى الْوَجْهِ، فَإِنَّهُ يُهْدَرُ دَمُ الَّذِي سَقَطَ عَلَى الْقَفَا، وَوَجَبَ عَلَى عَاقِلَتِهِ دَمُ الَّذِي سَقَطَ عَلَى الْوَجْهِ، وَإِنْ جَاءَ أَجْنَبِيٌّ، وَقَطَعَ الْحَبْلَ حَتَّى سَقَطَا، وَمَاتَا يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ دِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حُرٌّ مَعَهُ سَيْفٌ، وَعَبْدٌ مَعَهُ عَصًا، فَالْتَقَيَا، وَضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ حَتَّى قُتِلَ فَمَاتَا، وَلَا يُدْرَى أَيُّهُمَا بَدَأَ بِالضَّرْبِ فَلَيْسَ عَلَى، وَرَثَةِ الْحُرِّ، وَلَا عَلَى مَوْلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ السَّيْفُ بِيَدِ الْعَبْدِ، وَالْعَصَا بِيَدِ الْحُرِّ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَلَا شَيْءَ لِوَرَثَةِ الْحُرِّ عَلَى مَوْلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَصًا، وَضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَشَجَّهُ مُوضِحَةً ثُمَّ مَاتَا، وَلَا يُدْرَى مَنْ الَّذِي بَدَأَ بِالضَّرْبِ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ قِيمَةُ الْعَبْدِ صَحِيحًا لِمَوْلَاهُ ثُمَّ يُقَالُ لِمَوْلَاهُ: ادْفَعْ مِنْ ذَلِكَ قِيمَةَ الشَّجَّةِ إلَى وَلِيِّ الْحُرِّ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ، فَجَذَبَ الرَّجُلُ يَدَهُ، فَانْفَلَتَتْ يَدُهُ إنْ كَانَ أَخَذَ يَدَهُ لِلْمُصَافَحَةِ، فَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ مِنْ الْيَدِ، وَإِنْ كَانَ غَمَزَهَا، فَتَأَذَّى فَجَذَبَهَا، فَأَصَابَهُ ذَلِكَ ضَمِنَ أَرْشَ الْيَدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ، فَجَذَبَ الْآخَرُ يَدَهُ، فَسَقَطَ الْجَاذِبُ، فَمَاتَ نَظَرْتُ إنْ كَانَ أَخَذَهَا لِيُصَافِحَهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَهَا لِيَعْصِرَهَا، فَآذَاهُ، فَجَذَبَهَا ضَمِنَ الْمُمْسِكُ لَهَا دِيَتَهُ، وَإِنْ انْكَسَرَتْ يَدُ الْمُمْسِكِ لَمْ يَضْمَنْ الْجَاذِبُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَمْسَكَ رَجُلًا حَتَّى قَتَلَهُ رَجُلٌ قُتِلَ الَّذِي وَلِيَ الْقَتْلَ، وَحُبِسَ الْمُمْسِكُ فِي السِّجْنِ، وَعُوقِبَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَمَنْ أَمْسَكَ رَجُلًا حَتَّى جَاءَ آخَرُ، وَأَخَذَ دَرَاهِمَهُ فَضَمَانُ الدَّرَاهِمِ عَلَى الْآخِذِ عِنْدَنَا لَا عَلَى الْمُمْسِكِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ إنْسَانٍ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ، فَقَامَ صَاحِبُ الثَّوْبِ، فَانْشَقَّ ثَوْبُهُ مِنْ جُلُوسِهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نِصْفَ الثَّوْبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ، فَأَذِنَ لَهُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى وِسَادَةٍ، فَجَلَسَ عَلَيْهَا، فَإِذَا بِجَنْبِهَا قَارُورَةٌ، وَفِيهَا دُهْنٌ لَا يَعْلَمُ، فَانْدَقَّتْ، وَذَهَبَ الدُّهْنُ ضَمِنَ الْجَالِسُ الدُّهْنَ، وَمَا تَخَرَّقَ مِنْ الْوِسَادَةِ وَفَسَدَ، وَلَوْ كَانَتْ الْقَارُورَةُ تَحْتَ مُلَاءَةٍ قَدْ غَطَّاهَا، فَأَذِنَ بِالْجُلُوسِ عَلَيْهَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَالِسِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ بِالْجُلُوسِ عَلَى سَطْحٍ، فَانْخَسَفَ بِهِ، فَوَقَعَ عَلَى مَمْلُوكِ الْآذِنِ ضَمِنَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَا ضَمَانَ عَلَى الْجَالِسِ فِي الْوِسَادَةِ كَمَا فِي الْمُلَاءَةِ قَالَ: هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ، وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي إجَارَاتِ الْقُدُورِيِّ إذَا دَعَا الرَّجُلُ قَوْمًا إلَى مَنْزِلِهِ، فَمَشَوْا عَلَى بِسَاطِهِ أَوْ جَلَسُوا عَلَى وِسَادَتِهِ، فَتَخَرَّقَ لَمْ يَضْمَنُوا، وَلَوْ وَطِئُوا آنِيَةً، وَثَوْبًا لَا يُبْسَطُ مِثْلُهُ ضَمِنُوا، وَلَوْ قَلَبُوا إنَاءً بِأَيْدِيهِمْ، فَانْكَسَرَ لَمْ يَضْمَنُوا، وَلَوْ كَانَ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا، فَخَرَقَ السَّيْفُ الْوِسَادَةَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي مُتَفَرِّقَاتِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ فِيمَنْ حَضَرَهُ ضَيْفٌ، فَأَمَرَ الضَّيْفَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى وِسَادَةٍ، فَجَلَسَ، فَإِذَا تَحْتَ الْوِسَادَةِ صَبِيٌّ صَغِيرٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ، فَمَاتَ بِقُعُودِهِ فَإِنَّ الضَّيْفَ يَضْمَنُ دِيَتَهُ، وَلَوْ كَانَ تَحْتَ الْوِسَادَةِ مَمْلُوكٌ صَغِيرٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ تَحْتَ الْوِسَادَةِ إنَاءٌ مِنْ زُجَاجٍ لِغَيْرِهِ، فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الصَّبِيِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَصَدَ غَيْرَهُ، وَهُوَ نَائِمٌ، فَسَالَ مِنْهُ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي الْمُنْتَقَى: رَجُلٌ قَالَ قَتَلْتُ فُلَانًا، وَلَمْ يُسَمِّ عَمْدًا، وَلَا خَطَأً قَالَ أَسْتَحْسِنُ أَنْ أَجْعَلَ دِيَتَهُ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فِي الْفَتَاوَى عَنْ خَلَفٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَسَدَ بْنَ عَمْرٍو عَمَّنْ ضَرَبَ

آخَرَ بِيَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ، وَمَاتَ مِنْهُ قَالَ: هَذَا شِبْهُ الْعَمْدِ، وَقَالَ الْحَسَنُ كَذَلِكَ إذَا أَلَحَّ فِي الضَّرْبِ حَتَّى مَاتَ، فَأَمَّا لَوْ ضَرَبَهُ بِزَاجِرِهِ لَا يَخَافُ عَنْ مِثْلِهِ الْمَوْتَ، وَمَعَ هَذَا مَاتَ، فَهُوَ خَطَأٌ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ الْكَبِيرُ قَوْلُ أَسَدٍ أَحَبُّ إلَيَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي رَجُلٍ قَصَدَ أَنْ يَضْرِبَ آخَرَ بِالسَّيْفِ، فَأَخَذَ الْمَضْرُوبُ السَّيْفَ بِيَدِهِ، فَجَذَبَ صَاحِبُ السَّيْفِ السَّيْفَ عَنْ يَدِهِ، فَقَطَعَ السَّيْفُ أَصَابِعَ الرَّجُلِ قَالَ: إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمَفَاصِلِ، فَعَلَى الْجَاذِبِ الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَفَاصِلِ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَتَلَ عَبْدَ رَجُلٍ عَمْدًا، فَقَالَ السَّيِّدُ: أَبْرَأْتُكَ عَنْ عَبْدِي لَا يَكُونُ مُبْرِئًا لَهُ عَنْ قِيمَتِهِ، وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ أَمَرَ رَجُلًا بِنَزْعِ سِنِّهِ لِوَجَعٍ أَصَابَهُ، وَعَيَّنَ السِّنَّ، وَالْمَأْمُورُ نَزَعَ سِنًّا آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِيهِ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ، فَإِذَا حَلَفَ، فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ عَامِدٌ، وَسَقَطَ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. جِنَايَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى مُكَاتَبِ نَفْسِهِ تَجِبُ فِي مَالِ الْجَانِي، وَلَا تَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ صَارَتْ نَفْسًا أَوْ اقْتَصَرَتْ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى مُكَاتَبِ الْغَيْرِ مَتَى صَارَتْ نَفْسًا تَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي، وَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ تَجِبُ فِي مَالِ الْجَانِي كَمَا فِي الْقِنِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. كَسَرَ رَجُلَانِ سِنَّ رَجُلٍ خَطَأً فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِمَا؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَإِذَا جَنَى عَلَى مُكَاتَبِ إنْسَانٍ ثُمَّ أَدَّى الْمُكَاتَبُ، فَعَتَقَ لَا يُهْدَرُ السِّرَايَةَ، وَكَانَ عَلَى الْجَانِي قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ لَا الدِّيَةُ، وَإِنْ مَاتَ حُرًّا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَوْقَدَ نَارًا فِي بَيْتِهِ، فَاحْتَرَقَتْ دَارُ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ إنْ أَوْقَدَ نَارًا يُوقَدُ مِثْلُهَا هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إذَا أَلْقَى فِي التَّنُّورِ مِنْ الْحَطَبِ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ التَّنُّورُ، فَأَحْرَقَ بَيْتَهُ، وَتَعَدَّى إلَى بُيُوتِ غَيْرِهِ، فَأَحْرَقَهَا ضَمِنَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَرَ ابْنَهُ لِيُوقِدَ لَهُ نَارًا فِي أَرْضِهِ، فَفَعَلَ، وَتَعَدَّتْ إلَى أَرْضِ جَارِهِ، فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا يَضْمَنُ الْأَبُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ صَحَّ، فَانْتَقَلَ فِعْلُ الِابْنِ إلَيْهِ كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ الْأَبُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قَالَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ شَهِدَ لَهُ رَجُلَانِ عَلَى رَجُل أَنَّهُ قَتَلَ ابْنَ هَذَا فُلَانًا، وَشَهِدَ آخَرَانِ لِهَذَا الرَّجُلِ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَيْضًا أَنَّهُ قَتَلَ ابْنَ هَذَا فُلَانًا سَمَّيَا ابْنًا آخَرَ لَهُ غَيْرَ الَّذِي سَمَّيَاهُ الْأَوَّلَ، فَزَكَّى الْفَرِيقَ الْأَوَّلَ، وَلَمْ يُزَكِّ الْفَرِيقَ الثَّانِيَ، فَدَفَعَ عَلَيْهِ إلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إلَى الْمَشْهُودِ لَهُ لِيَقْتُلَهُ، فَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ: أَنَا أَقْتُلُكَ بِابْنِي الَّذِي لَمْ يُزَكِّ الشُّهُودُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَا أَقْتُلُكَ بِابْنِي الَّذِي زَكَّى الشُّهُودُ عَلَى قَتْلِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: مَا قَتَلْتُ ابْنِي الَّذِي زَكَّى الشُّهُودُ عَلَى قَتْلِهِ، وَإِنَّمَا قَتَلْتُ ابْنًا آخَرَ لِي، وَقَتَلَهُ كَانَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي كَنْزِ الرُّءُوسِ إذَا نَظَرَ فِي بَابِ دَارِ إنْسَانٍ، فَفَقَأَ عَيْنَهُ صَاحِبُ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَنْحِيَتُهُ مِنْ غَيْرِ فَقْءِ الْعَيْنِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ يَضْمَنُهُ، وَلَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَرَمَاهُ صَاحِبُ الدَّارِ، فَفَقَأَ عَيْنَهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي الْمُنْتَقَى رِوَايَةُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَخَوَيْنِ لِأَبٍ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ مِنْ سَنَةِ كَذَا، وَادَّعَى الْآخَرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِكُوفَةَ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ آخَرَ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ، فَإِنَّهُ يَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ وَكَزَ أَرْبَعَةٌ رَجُلًا فَسَقَطَ بِضَرْبِهِمْ سِنُّ الْمَضْرُوبِ، وَانْكَسَرَ سِنٌّ آخَرُ مِنْهُ فَلَوْ عُرِفَ آخِرُهُمْ ضَرْبًا تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي جَارِيَةٍ قَتَلَتْ ابْنَ رَجُلٍ عَمْدًا، فَدَفَعَهَا الْمَوْلَى إلَى أَبِي الْمَقْتُولِ، فَوَطِئَهَا أَبُو الْمَقْتُولِ، فَوَلَدَتْ، فَقَالَ مَوْلَى الْجَارِيَةِ دَفَعْتُهَا إلَيْكَ لِتَقْتُلَهَا، وَقَالَ أَبُو الْمَقْتُولِ لَا بَلْ صَالَحْتَنِي عَلَيْهَا مِنْ الدَّمِ، فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا وَعُقْرَهَا، وَالْوَلَدُ عَبْدٌ، وَلَا سَبِيلَ لِأَبِي الْمَقْتُولِ عَلَى الْجَارِيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا لَوَى ثَوْبًا، فَضَرَبَ عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ، فَأَوْضَحَهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ هَذَا مَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي سَبَبِهِ دُونَ مُسَبَّبِهِ وَعَلَى عَكْسِهِ مَا لَا يَجِبُ فِي سَبَبِهِ، وَيَجِبُ فِي مُسَبَّبِهِ أَنْ يُهَشِّمَهُ بِالْحَدِيدِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي سَبَبِهِ، وَمُسَبَّبِهِ أَنْ يَشُجَّهُ مُوضِحَةً بِحَدِيدَةٍ يَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَعَلَى عَكْسِهِ مَا لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي سَبَبِهِ

كتاب الوصايا وفيه عشرة أبواب

وَلَا مُسَبَّبِهِ أَنْ يَجْرَحَهُ بِخَشَبٍ عَظِيمٍ، فَيَمُوتَ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. صَبِيٌّ عَاقِلٌ أَشْلَى كَلْبًا عَلَى غَنَمِ آخَرَ فَنَفَرَتْ وَذَهَبَتْ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَتْ لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلَانِ مَدَّا شَجَرَةً فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمَا فَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ نِصْفُ الدِّيَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. دَخَلَتْ دَابَّتُهُ زَرْعَ غَيْرِهِ تُفْسِدُهُ فَلَوْ دَخَلَ لِيَخْرُجَهَا يُفْسِدُهُ أَيْضًا لَكِنْ أَقَلَّ مِنْ الدَّابَّةِ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَ، وَلَوْ كَانَتْ دَابَّةُ غَيْرِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَخْرَجَهَا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ رَأَى حِمَارَهُ يَأْكُلُ حِنْطَةَ غَيْرِهِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ حَتَّى أَكَلَهَا فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ بَعَثَ غُلَامًا لِإِنْسَانٍ فِي حَاجَةٍ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ إنَّ الْغُلَامَ رَأَى صِبْيَانًا يَلْعَبُونَ فَانْتَهَى إلَيْهِمْ وَارْتَقَى فَوْقَ بَيْتٍ فَوَقَعَ مِنْهُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُرْسِلِ لِأَنَّهُ بِاسْتِعْمَالِ الْعَبْدِ صَارَ غَاصِبًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ ضَرَبَ أُنْثَى رَجُلٍ فَانْتَفَحَتْ إحْدَاهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ غَصَبَ مِرْبَطًا وَشَدَّ فِيهِ دَوَابَّهُ فَأَخْرَجَهَا مَالُك الْمِرْبَط صَارَ ضَامِنًا. وَفِي الْعُيُونِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَهْلَكَ رَجُلٌ حِمَارَ غَيْرِهِ أَوْ بَغْلَهُ بِقَطْعِ يَدِهِ أَوْ بِذَبْحِهِ إنْ شَاءَ صَاحِبُهُ ضَمَّنَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهُ وَلَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْوَصَايَا وَفِيهِ عَشَرَة أَبْوَابٍ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير الْوَصِيَّة وَشَرْط جِوَازهَا وَحُكْمهَا] (كِتَابُ الْوَصَايَا) (وَفِيهِ عَشَرَة أَبْوَابٍ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَشَرْطِ جَوَازِهَا وَحُكْمِهَا وَمَنْ تَجُوزُ لَهُ الْوَصِيَّةُ وَمَنْ لَا تَجُوزُ وَمَا يَكُونُ رُجُوعًا عَنْهَا) الْإِيصَاءُ فِي الشَّرْعِ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ يَعْنِي بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً، كَذَا فِي التَّبْيِينِ أَمَّا رُكْنُهَا فَقَوْلُهُ أَوْصَيْت بِكَذَا لِفُلَانٍ وَأَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْوَصِيَّةُ مُسْتَحَبَّةٌ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ أَوْ الصِّيَامِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الصَّلَاةِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا فَهِيَ وَاجِبَةٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيَّةِ الْقَبُولُ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً وَذَلِكَ بِأَنْ يَمُوتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الرَّدِّ وَالْقَبُولِ فَيَكُونُ مَوْتُهُ قَبُولًا فَتَرِثُهَا وَرَثَتُهُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ قَبِلَهَا فِي حَالِ حَيَاةِ الْمُوصِي أَوْ رَدَّهَا فَذَلِكَ بَاطِلٌ وَلَهُ الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ كَتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ أَوْ شِرَاءِ شَيْءٍ لِوَرَثَتِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ كَقَبُولِهِ بِالْقَوْلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَشَرْطُهَا كَوْنُ الْمُوصِي أَهْلًا لِلتَّمْلِيكِ وَالْمُوصَى لَهُ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ وَالْمُوصَى بِهِ بَعْدَ الْمُوصِي مَالًا قَابِلًا لِلتَّمْلِيكِ وَحُكْمُهَا أَنْ يَمْلِكَهُ الْمُوصَى لَهُ مِلْكًا جَدِيدًا كَمَا يَمْلِكُ بِالْهِبَةِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُوصِيَ الْإِنْسَانُ بِدُونِ الثُّلُثِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَرَثَةُ أَغْنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ لَهُ مَالٌ قَلِيلٌ أَنْ لَا يُوصِيَ إذَا كَانَتْ لَهُ وَرَثَةٌ وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ عَنْ الثُّلُثِ فِيمَا لَا مَعْصِيَةَ فِيهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَالْمُوصَى بِهِ يُمْلَكُ بِالْقَبُولِ فَإِنْ قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ فِي الْمُوصَى بِهِ قَبَضَهُ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَإِنْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ بَطَلَتْ بِرَدِّهِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْكَافِي. ثُمَّ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا تَجُوزُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهُمْ كِبَارٌ وَلَا مُعْتَبَرَ بِإِجَازَتِهِمْ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ بَيْتِ الْمَالِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ، وَلَوْ أَوْصَى لِوَارِثِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ صَحَّ فِي حِصَّةِ الْأَجْنَبِيِّ وَيَتَوَقَّفُ فِي حِصَّةِ الْوَارِثِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ إنْ أَجَازُوا جَازَ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا بَطَلَ وَلَا تُعْتَبَرُ إجَازَتُهُمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي حَتَّى كَانَ لَهُمْ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا وَقْتَ الْوَصِيَّةِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَهُوَ وَارِثٌ ثُمَّ وُلِدَ

لَهُ ابْنٌ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ، وَلَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَلَهُ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَكُلُّ مَا جَازَ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ الْمُجَازُ لَهُ مِنْ قِبَلِ الْمُوصِي عِنْدَنَا حَتَّى يَتِمَّ بِغَيْرِ قَبْضٍ، وَلَا يَمْنَعُ الشُّيُوعُ صِحَّةَ الْإِجَازَةِ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ الْمُجِيزُ مَرِيضًا وَهُوَ بَالِغٌ إنْ بَرَأَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ صَحَّتْ إجَازَتُهُ وَإِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنَّ إجَازَتَهُ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ الْوَصِيَّةِ، حَتَّى إنَّ الْمُوصَى لَهُ لَوْ كَانَ وَارِثًا لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ وَرَثَةُ الْمَرِيضِ، وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا يَجُوزُ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَجَازَ الْبَعْضُ وَرَدَّ الْبَعْضُ يَجُوزُ عَلَى الْمُجِيزِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَبَطَلَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُحْتَاجُ إلَى الْإِجَازَةِ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْمُجِيزُ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ نَحْوُ مَا إذَا أَجَازَهُ وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ صَحِيحٌ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا أَوْصَى لِمُكَاتَبِ وَارِثِهِ أَوْ لِمُكَاتَبِ عَبْدِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَا تَجُوزُ لِلْقَاتِلِ عَامِدًا كَانَ أَوْ خَاطِئًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُبَاشِرًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ سَوَاءٌ أَوْصَى لَهُ قَبْلَ الْجِرَاحَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ جَازَتْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا جَازَتْ لَهُ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ. وَلَوْ أَوْصَى لِقَاتِلِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ سِوَى الْقَاتِلِ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ أَوْصَى لِمُكَاتَبِ قَاتِلِهِ أَوْ لِمُدَبِّرِ قَاتِلِهِ أَوْ لِأُمِّ وَلَدِ قَاتِلِهِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا ضَرَبَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ بِحَدِيدَةٍ أَوْ بِغَيْرِ حَدِيدَةٍ فَأَوْصَى لَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَا وَصِيَّةَ، وَإِنَّمَا لَهَا مِقْدَارُ صَدَاقِ مِثْلِهَا مِنْ الْمُسَمَّى وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْوَصِيَّةِ فَيَبْطُلُ بِالْقَتْلِ. وَلَوْ اشْتَرَكَ عَشَرَةٌ فِي قَتْلِ رَجُلٍ أَحَدُهُمْ عَبْدُهُ وَأَوْصَى لِبَعْضِهِمْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَأَعْتَقَ عَبْدَهُ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ إلَّا أَنَّ الْعِتْقَ بَعْدَمَا نَفَذَ لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ فَيَكُونُ الرَّدُّ بِإِيجَابِ السِّعَايَةِ عَلَيْهِ فِي قِيمَتِهِ وَالْعَفْوُ عَنْ الْقَاتِلِ فِي دَمِ الْعَمْدِ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ خَطَأً فَعَفَا عَنْهُ كَانَ هَذَا مِنْهُ وَصِيَّةً لِعَاقِلَتِهِ فَيَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِذَا أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ فَإِنْ قَتَلَهُ الْعَبْدُ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ غَيْرَ أَنَّهُ يُعْتَقُ وَيَسْعَى فِي قِيمَتِهِ. وَعَلَى هَذَا الْمُدَبَّرُ إذَا قَتَلَ مَوْلَاهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِرَدِّ الْوَصِيَّةِ وَعَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِوَصِيَّةٍ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَاتِلٌ وَصَدَّقَهُمْ بِذَلِكَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَكَذَّبَهُمْ بَعْضُهُمْ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ الَّذِينَ كَذَّبُوا مِنْ الدِّيَةِ وَيَجُوزُ وَصِيَّتُهُ فِي حِصَّتِهِمْ مِنْ الثُّلُثِ وَيَلْزَمُهُ حِصَّةُ الَّذِينَ صَدَّقُوا مِنْ الدِّيَةِ وَيَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ فِي حِصَّتِهِمْ مِنْ الثُّلُثِ. وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلَيْنِ بِوَصِيَّةٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَتِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَحَدِ الْمُوصَى لَهُمَا أَنَّهُ قَتَلَ صَاحِبَهُمَا خَطَأً كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةُ آلَافٍ لِلَّذِي أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ فِي حِصَّةِ الَّذِي أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِالْقَتْلِ وَتَجُوزُ لَهُ الْوَصِيَّةُ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ بِالْحِسَابِ. وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالثُّلُثِ وَأَوْصَى لِآخَرَ بِعَبْدٍ فَشَهِدَ الْمُوصَى لَهُمَا بِالثُّلُثِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ أَنَّهُ قَاتِلٌ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى وَارِثٍ أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً. وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ صَبِيًّا صَغِيرًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ قَتَلَ الصَّبِيُّ مَوْلَاهُ عَمْدًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتَيْنِ يُرْفَعُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثِ وَصِيَّتُهُ وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا فَقَتَلَ مَوْلَاهُ خَطَأً سَعَى فِي قِيمَتَيْنِ لِلْوَرَثَةِ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عِنْدَهُمَا عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهِ لِرَدِّ الْوَصِيَّةِ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أَوْصَى لِابْنِ وَارِثِهِ جَازَ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لِمُكَاتَبِ نَفْسِهِ أَوْ لِمُدَبَّرِ نَفْسِهِ جَازَ الْكُلُّ اسْتِحْسَانًا. وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِوَالِدِ قَاتِلِهِ وَإِنْ عَلَوْا، وَكَذَلِكَ لِوَلَدِ قَاتِلِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَلِمُكَاتَبِ هَؤُلَاءِ وَعَبِيدِهِمْ وَمُدَبَّرِيهِمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَوْصَى لِمَمْلُوكِ رَجُلٍ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: تَكُونُ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ وَيَدُورُ مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ بَيْعٌ أَوْ عِتْقٌ. وَإِنْ صَالَحَ مَوْلَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَأَجَازَ الْعَبْدُ جَازَ وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدَ ثُمَّ أَجَازَ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ. وَلَوْ أَوْصَى لِفَرَسِ فُلَانٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةً فَالْوَصِيَّةُ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ فَلَوْ نَفَقَ أَوْ بَاعَهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ الْمُسْلِمُ لِلذِّمِّيِّ وَبِالْعَكْسِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا تَصِحُّ.

الْوَصِيَّةُ لِحَرْبِيٍّ غَيْرِ مُسْتَأْمَنٍ مِنْ ذِمِّيٍّ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَوْصَى مُسْلِمٌ لِحَرْبِيٍّ وَالْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَإِنْ خَرَجَ الْحَرْبِيُّ الْمُوصَى لَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَأَرَادَ أَخْذَ وَصِيَّتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ هَذَا إذَا كَانَ الْمُوصِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْمُوصَى لَهُ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُوصِي فِي دَارِ الْحَرْبِ أَيْضًا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَوْصَى لِلْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ذَكَرَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ هَكَذَا ذَكَرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ الْمُسْلِمِ لِلْمُرْتَدِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ أَوْصَى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ لَمْ تَجُزْ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنْ يُبَرِّئَهُ الْغُرَمَاءُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ فَلَا تَصِحُّ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى الْمَجْنُونُ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ حَالَةَ الْمُبَاشَرَةِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ تَرَكَ وَفَاءً، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَصِيَّةُ الْمُكَاتَبِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ، وَقِسْمٌ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ مَا إذَا أَضَافَ الْوَصِيَّةَ إلَى مَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِأَنْ قَالَ: إذَا عَتَقَتْ فَثُلُثُ مَالِي وَصِيَّةٌ لِفُلَانٍ، حَتَّى لَوْ عَتَقَ قَبْلَ الْمَوْتِ بِأَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ مَالِهِ، وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ مَا إذَا قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِفُلَانٍ، ثُمَّ عَتَقَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا جَائِزَةٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ عِنْدَنَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُرَاهِقًا وَكَذَا إذَا كَانَ مُرَاهِقًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ أَوْ مَحْجُورًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ سَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ أَوْ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ أَدْرَكْت فَثُلُثِي لِفُلَانٍ وَصِيَّةً لَا تَصِحُّ؛ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ فَلَا يُمْكِنُ تَنْجِيزًا وَلَا تَعْلِيقًا. وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ إذَا أَضَافَاهَا إلَى مَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا تَصِحُّ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْهَازِلِ وَالْمُكْرَهِ وَالْخَاطِئِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَصِيَّةُ الْحُرِّ الْعَاقِلِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً جَائِزَةٌ وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ الَّذِي بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ قِيَاسًا وَتَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَوَصِيَّةُ ابْنِ السَّبِيلِ الَّذِي هُوَ غَائِبٌ عَنْ مَالِهِ جَائِزَةٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَوْصَى الصَّبِيُّ أَوْ الْمُكَاتَبُ ثُمَّ بَلَغَ أَوْ أُعْتِقَ وَأَجَازَ تَصِحُّ بِطَرِيقِ الِابْتِدَاءِ. وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ وَبِالْحَمْلِ إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ وَمَنْ أَوْصَى بِأَمَةٍ إلَّا حَمْلَهَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِمَا فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ ثُمَّ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَ الْوَصِيَّةِ بِشَهْرٍ وَلَدًا مَيِّتًا فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ وَإِنْ وَلَدَتْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ مِنْ الثُّلُثِ وَتَكُونُ مِيرَاثًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ، وَإِنْ وَلَدَتْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا حَيٌّ وَالْآخَرُ مَيِّتٌ فَالْوَصِيَّةُ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا، وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا حَيَّيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُمَا نِصْفَانِ وَحِصَّةُ الَّذِي مَاتَ مِنْهُمَا مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ، كَمَا فِي الْمِيرَاثِ. وَإِذَا أَوْصَى فَقَالَ: إنْ كَانَ فِي بَطْنِ فُلَانَةَ جَارِيَةٌ فَلَهَا وَصِيَّةٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا غُلَامٌ فَلَهُ وَصِيَّةٌ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَوَلَدَتْ جَارِيَةً لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا وَوَلَدَتْ غُلَامًا بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ؛ فَالْوَصِيَّةُ بِهِمَا جَمِيعًا مِنْ الثُّلُثِ. فَرَقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا قَالَ: إنْ كَانَ الَّذِي فِي بَطْنِك غُلَامًا فَلَهُ أَلْفَانِ وَإِنْ كَانَ جَارِيَةً فَلَهَا أَلْفٌ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ يَمُوتُ - لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ. ثُمَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذَا وَلَدَتْ غُلَامَيْنِ وَجَارِيَتَيْنِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْوَرَثَةُ يُعْطُونَ أَيَّ الْغُلَامَيْنِ وَأَيَّةَ الْجَارِيَتَيْنِ شَاءُوا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَصِحُّ لِلْمُوصِي الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ، ثُمَّ الرُّجُوعُ قَدْ يَثْبُتُ صَرِيحًا وَقَدْ يَثْبُتُ دَلَالَةً فَالْأَوَّلُ بِأَنْ يَقُولَ: رَجَعْت أَوْ نَحْوَهُ وَالثَّانِي بِأَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ، ثُمَّ كُلُّ فِعْلٍ لَوْ فَعَلَهُ الْإِنْسَانُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ فَإِذَا فَعَلَهُ الْمُوصِي كَانَ رُجُوعًا، وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ يُوجِبُ زِيَادَةً فِي الْمُوصَى بِهِ وَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِهَا فَهُوَ رُجُوعٌ إذَا فَعَلَهُ، وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ أَوْجَبَ زَوَالَ مِلْكِ الْمُوصِي فَهُوَ رُجُوعٌ إذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: إذَا أَوْصَى بِثَوْبٍ ثُمَّ

قَطَعَهُ وَخَاطَهُ أَوْ بِقُطْنٍ فَغَزَلَهُ أَوْ بِغَزْلٍ فَنَسَجَهُ أَوْ بِحَدِيدٍ فَاتَّخَذَهُ إنَاءً فَهُوَ رُجُوعٌ. وَلَوْ أَوْصَى بِسَوِيقِ فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ أَوْ بِدَارٍ فَبَنَى فِيهَا أَوْ بِقُطْنٍ فَحَشَا بِهِ أَوْ بِبِطَانَةٍ فَبَطَّنَ بِهَا قَبَاءً أَوْ بِظِهَارَةٍ فَظَهَّرَ بِهَا ثَوْبًا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَالْوَصِيَّةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: فِي وَجْهٍ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ جَمِيعًا، وَفِي وَجْهٍ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ، وَفِي وَجْهٍ يَحْتَمِلُ مِنْ جِهَةِ الْفِعْلِ دُونَ الْقَوْلِ، وَفِي وَجْهٍ لَا يَحْتَمِلُهُ بِهِمَا جَمِيعًا. أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِالْعَيْنِ لِرَجُلٍ فَسْخُهَا مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ أَنْ يَقُولَ: فَسَخْت الْوَصِيَّةَ أَوْ رَجَعْت وَمِنْ جِهَةِ الْفِعْلِ أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يُعْتِقَهُ أَوْ يُخْرِجَهَا عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَاَلَّذِي لَا يُمْكِنُ الْفَسْخُ بِهِمَا هُوَ التَّدْبِيرُ الْمُطْلَقُ، وَاَلَّذِي يَجُوزُ بِالْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ بِرُبُعِهِ لَوْ رَجَعَ عَنْهُ يَجُوزُ. وَلَوْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَتَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي، وَاَلَّذِي يَجُوزُ مِنْ جِهَةِ الْفِعْلِ دُونَ الْقَوْلِ هُوَ التَّدْبِيرُ الْمُقَيَّدُ لَوْ رَجَعَ بِالْفِعْلِ يَصِحُّ بِأَنْ يَبِيعَهُ وَلَا يَصِحُّ بِالْقَوْلِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا أَوْصَى بِتِبْرِ فِضَّةٍ ثُمَّ صَاغَ مِنْهُ قَلْبًا أَوْ خَاتَمًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ كَانَ رُجُوعًا، وَهَذَا الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - ظَاهِرٌ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ رُجُوعًا وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ بَاعَ الْعَيْنَ الْمُوصَى بِهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ وَهَبَهَا ثُمَّ رَجَعَ فِيهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. وَذَبْحُ الشَّاةِ الْمُوصَى بِهَا رُجُوعٌ وَغَسْلُ الثَّوْبِ الْمُوصَى بِهِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا. وَمَنْ جَحَدَ الْوَصِيَّةَ لَمْ يَكُنْ جُحُودُهُ رُجُوعًا كَذَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ رُجُوعٌ قِيلَ: مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْجُحُودَ كَانَ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُوصَى لَهُ، وَهَذَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْجُحُودَ كَانَ عِنْدَ حَضْرَةِ الْمُوصَى لَهُ وَعِنْدَ حَضْرَتِهِ يَكُونُ رُجُوعًا، وَقِيلَ: فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَلَوْ قَالَ: كُلُّ وَصِيَّةٍ أَوْصَيْتُ بِهَا لِفُلَانٍ فَهِيَ حَرَامٌ أَوْ رِبًا؛ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: فَهِيَ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ فَقِيلَ لَهُ: إنَّك تَبْرَأُ فَأَخِّرْ الْوَصِيَّةَ فَقَالَ: أَخَّرْتُهَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: اُتْرُكْهَا، فَقَالَ: تَرَكْتهَا - كَانَ رُجُوعًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ: الَّذِي أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ فَهُوَ لِفُلَانٍ فَهُوَ رُجُوعٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: فَهُوَ لِفُلَانٍ وَارِثِي فَهُوَ رُجُوعٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى وَتَكُونُ وَصِيَّةً لِلْوَارِثِ ثُمَّ الْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا أَجَازُوا وَإِنْ شَاءُوا رَدُّوا، وَلَوْ كَانَ فُلَانٌ الْآخَرُ مَيِّتًا حِينَ أَوْصَى فَالْوَصِيَّةُ الْأُولَى عَلَى حَالِهَا، وَلَوْ كَانَ فُلَانٌ حِينَ قَالَ ذَلِكَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ قَبْل مَوْتِ الْمُوصِي فَهُوَ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّتَيْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ ثُمَّ رَهَنَهُ يَكُونُ رُجُوعًا، وَلَوْ آجَرَهُ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِحَدِيدَةٍ ثُمَّ اتَّخَذَهَا سَيْفًا أَوْ دِرْعًا كَانَ رُجُوعًا، وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِفُلَانٍ ثُمَّ كَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَانَ رُجُوعًا حَتَّى لَوْ عَادَ إلَى مِلْكِهِ لَا يَكُونُ وَصِيَّةً، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ: الَّذِي أَوْصَيْتُ بِهِ لِفُلَانٍ وَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَقَدْ أَوْصَيْت بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ: الثُّلُثُ الَّذِي أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ قَدْ أَوْصَيْتُ بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ، أَوْ قَالَ: فَقَدْ أَوْصَيْت بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ لَا يَكُونُ رُجُوعًا بِنِصْفِهِ عَنْ الْأَوَّلِ، وَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: الثُّلُثُ الَّذِي أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ وَقَدْ أَوْصَيْتُ بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ كَانَ لِلْآخَرِ ثُلُثٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ قَالَ: مَا أَوْصَيْتُ بِهِ لِفُلَانٍ فَقَدْ أَوْصَيْت بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ يَصِيرُ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ رُجُوعًا عَنْ نِصْفِهِ، وَلَوْ أَوْصَى لِلْإِنْسَانِ بِجَارِيَةٍ ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا يَكُونُ رُجُوعًا، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِحِنْطَةٍ فَطَحَنَهَا أَوْ أَوْصَى بِدَقِيقٍ فَخَبَزَهُ يَكُونُ رُجُوعًا. وَلَوْ قِيلَ لِرَجُلٍ: أَوْصَيْتَ بِعَبْدِك فُلَانٍ لِفُلَانٍ؟ فَقَالَ: لَا بَلْ أَوْصَيْت لَهُ بِأَمَتِي فُلَانَةَ؛ يَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْوَصِيَّة بِالْعَبْدِ وَلَوْ أَوْصَى بِدَارٍ فَجَصَّصَهَا أَوْ هَدَمَهَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا، وَإِنْ طَيَّنَهَا يَكُونُ رُجُوعًا إذَا كَانَ كَثِيرًا. وَلَوْ أَوْصَى بِأَرْضٍ، ثُمَّ زَرَعَ فِيهَا رَطْبَةً لَا يَكُونُ رُجُوعًا وَإِنْ غَرَسَ الْكَرْمَ أَوْ الشَّجَرَةَ كَانَ رُجُوعًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ أَوْصَى بِمَا فِي نَخِيلِهِ مِنْ

الباب الثاني في بيان الألفاظ التي تكون وصية والتي لا تكون وصية

الْكُفْرِي فَصَارَ بُسْرًا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، أَوْ أَوْصَى بِالْبُسْرِ فَصَارَ رُطَبًا قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِنَبٍ فَصَارَ زَبِيبًا أَوْ بِسُنْبُلٍ فَصَارَ بُرًّا أَوْ بِفِضَّةٍ فَصَارَتْ خَاتَمًا أَوْ بِبَيْضَةٍ فَصَارَتْ فَرْخًا قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَيْئًا آخَرَ وَإِنْ تَغَيَّرَ بَعْدَ مَوْتِهِ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ. وَلَوْ أَوْصَى بِبُسْرٍ فَصَارَ بَعْضُهُ رُطَبًا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا صَارَ رُطَبًا وَبَقِيَتْ فِيمَا كَانَ بُسْرًا اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ وَلَوْ أَوْصَى بِرُطَبٍ فَصَارَ تَمْرًا قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بِحَمْلٍ فَصَارَ كَبْشًا لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَوْصَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِ رَجُلٍ أَوْ بِعَبْدِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ فَأَجَازَ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ مَا لَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الْمُوصَى لَهُ، فَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ جَازَ؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ كَأَنَّهُ وَهَبَ مَالَ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ وَالْقَبْضِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الثَّانِي فِي بَيَان الْأَلْفَاظ الَّتِي تَكُون وَصِيَّة وَالَّتِي لَا تَكُون وَصِيَّة] ً وَمَا يَجُوزُ مِنْ الْوَصِيَّةِ وَمَا لَا يَجُوزُ " رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنْتَ وَكِيلِي بَعْدَ مَوْتِي يَكُونُ وَصِيًّا، وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ وَصِيِّي فِي حَيَاتِي يَكُونُ وَكِيلَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: لَك أَجْرُ مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ وَصِيِّي؛ الشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالْمِائَةُ وَصِيَّةٌ لَهُ جَائِزَةٌ وَهُوَ وَصِيٌّ عَلَى الْمُخْتَارِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الرَّجُلُ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَوْصَيْت أَنَّ لِفُلَانٍ فِي مَالِي أَلْفُ دِرْهَمٍ فَالْأَلْفُ الْأُولَى وَصِيَّةٌ وَالْأُخْرَى إقْرَارٌ، وَفِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ فِي وَصِيَّةٍ: ثُلُثُ دَارِي لِفُلَانٍ؛ فَإِنِّي أُجِيزَ ذَلِكَ يَكُونُ وَصِيَّةً، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ سُدُسٌ فِي دَارِي فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي كَانَ وَصِيَّةً اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ فِي ذِكْرِ وَصِيَّةٍ، وَإِذَا قَالَ: فِي مَالِي كَانَ إقْرَارًا، وَإِذَا قَالَ: عَبْدِي هَذَا لِفُلَانٍ وَدَارِي هَذِهِ لِفُلَانٍ، وَلَمْ يَقُلْ: وَصِيَّةً وَلَا كَانَ فِي ذِكْرِ وَصِيَّةٍ، وَلَا قَالَ: بَعْدَ مَوْتِي - كَانَ هِبَةً قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا فَإِنْ قَبَضَهَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى مَاتَ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي خِلَالِ الْوَصِيَّةِ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الزَّاهِدُ أَحْمَدُ الطَّوَاوِيسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ وَصَايَا الْأَصْلِ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَصِيَّةً، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَكُونُ وَصِيَّةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ فِي مَرَضِهِ بِالْفَارِسِيَّةِ (تيماردا رفرزندان مراسيس مِنْ) فَقَدْ جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي تَرِكَتِهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: تَعَهَّدْهُمْ وَقُمْ بِأَمْرِهِمْ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، وَلَوْ قَالَ الْمَرِيضُ لِرَجُلٍ (غم كارمن وآن فرزندان مِنْ بعداز وَفَاتَ مِنْ بخور) أَوْ قَالَ (فرزندان مراضايع مُمَانٍ) قَالَ: يَصِيرُ وَصِيًّا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ لِأَخِيهِ: اسْتَأْجِرْ فُلَانًا حَتَّى يُنَفِّذَ وَصِيَّتِي صَارَ الْأَخُ وَصِيًّا إذَا قِيلَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا قَالَ: أَوْصَيْتُ أَنْ يُوهَبَ لِفُلَانٍ ثُلُثُ دَارِي بَعْدَ مَوْتِي كَانَ ذَلِكَ وَصِيَّةً، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي. وَلَوْ قَالَ: ثُلُثِي لِفُلَانٍ، أَوْ قَالَ: سُدُسِي لِفُلَانٍ، أَوْ قَالَ: رُبُعِي لِفُلَانٍ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ هَذَا بَاطِلًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ وَصِيَّةً جَائِزَةً، وَتَأْوِيلُهُ إذَا قَالَ: ذَلِكَ فِي خِلَالِ الْوَصَايَا، رَوَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَرِيضٌ قَالَ لِرَجُلٍ: اقْضِ دُيُونِي؛ صَارَ وَصِيًّا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ قَالَ فِي مَرَضِهِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ: إنْ حَدَثَ لِي حَدَثٌ فَلِفُلَانٍ كَذَا؛ فَهَذَا وَصِيَّةٌ وَالْحَدَثُ عِنْدَنَا الْمَوْتُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثُلُثِي؛ فَهَذَا وَصِيَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا الْمَوْتَ. وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي، أَوْ قَالَ: مِنْ نِصْفِ مَالِي، أَوْ قَالَ: مِنْ رُبُعِ مَالِي - فَهُوَ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ فَيَكُونُ وَصِيَّةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ أَنَّ مَا وُجِدَ مَكْتُوبًا مِنْ وَصِيَّةِ وَالِدِي وَلَمْ أَكُنْ نَفَّذْتُهَا فَنَفِّذُوهَا، أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ إقْرَارًا فِي مَرَضِهِ قَالُوا: هَذَا وَصِيَّةٌ إنْ صَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ صَحَّ تَصْدِيقُهُمْ وَإِنْ كَذَّبُوهُ كَانَ ذَلِكَ مِنْ.

الثُّلُثِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ أَنَّ مَرِيضًا قَالَ: أَخْرِجُوا أَلْفًا مِنْ مَالِي أَوْ أَخْرِجُوا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَمَاتَ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: إنْ قَالَ ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ جَازَ وَيُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ. وَلَوْ قِيلَ لِمَرِيضٍ: أَوْصِ بِشَيْءٍ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: إنْ كَانَ هَذَا عَلَى أَثَرِ السُّؤَالِ يُصْرَفُ ثُلُثُ مَالِهِ إلَى الْفُقَرَاءِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْجَوَابَ، وَقَالَ: يُصْرَفُ مَالُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَلَمْ يُفَصِّلْ تَفْصِيلًا. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُعْطِيَ لِلنَّاسِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ قَالَ: تَصَدَّقُوا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ فَهُوَ جَائِزٌ وَيُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ. مَرِيضٌ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (صددرهم ازمن بِخَشٍ كنيد) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هِيَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا يَكُونُ لِلْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ (صددرهم ازمن رَوَانِ كُنيد) قَالَ: كَانَتْ الْوَصِيَّةُ جَائِزَةً؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُرَادُ بِهِ الْقُرْبَةُ. وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: قَوْلُهُ (روان كنيد) لَيْسَ مِنْ لِسَانِنَا فَلَا أَعْرِفُ هَذَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ مِتُّ فِي سَفَرِي هَذَا فَلِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ - فَإِنَّهَا وَصِيَّةٌ مِنْ ثُلُثِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَيُدْفَنَ هُنَاكَ وَيُبْنَى هُنَاكَ رِبَاطًا مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَمَاتَ وَلَمْ يُحْمَلْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: وَصِيَّتُهُ بِالرِّبَاطِ جَائِزَةٌ وَوَصِيَّتُهُ بِالْحَمْلِ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ حَمَلَهُ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ فِي الْحَمْلِ إذَا حَمَلَهُ الْوَصِيُّ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ حَمَلَ بِإِذْنِ الْوَرَثَةِ لَا يَضْمَنُ وَمَا يُلْقَى فِي الْقَبْرِ تَحْتَ الْمَيِّتِ مِثْلُ الْمَضْرَبَةِ وَنَحْوِهَا قَالَ أَبُو نَصْرٍ: لَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ كَالزِّيَادَةِ فِي الْكَفَنِ وَبَعْضُهُمْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ. وَلَوْ أَوْصَى بِعِمَارَةِ قَبْرِهِ لِلتَّزْيِينِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ. وَلَوْ أَوْصَى بِاِتِّخَاذِ الطَّعَامِ لِلْمَأْتَمِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيُطْعَمُ لِلَّذِينَ يَحْضُرُونَ التَّعْزِيَةَ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَحِلُّ لِلَّذِينَ يَطُولُ مَقَامُهُمْ عِنْدَهُ وَلِلَّذِي يَجِيءُ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ وَلَا يَجُوزُ لِلَّذِي لَا يَطُولُ مَسَافَتُهُ وَلَا مَقَامُهُ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الطَّعَامِ شَيْءٌ كَثِيرٌ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يَضْمَنُ. وَعَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَّخَذَ الطَّعَامُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلنَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قَالُوا: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ. وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ فِي حَمْلِ الطَّعَامِ إلَى أَهْلِ الْمُصِيبَةِ وَالْأَكْلِ عِنْدَهُمْ قَالَ: حَمْلُ الطَّعَامِ فِي الِابْتِدَاءِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِاشْتِغَالِ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا حَمْلُ الطَّعَامِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ تَجْتَمِعُ النَّائِحَاتُ فَإِطْعَامُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ إعَانَةً عَلَى الْمَعْصِيَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ بِأَلْفِ دِينَارٍ أَوْ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُكَفَّنُ بِكَفَنٍ وَسَطٍ لَيْسَ فِيهِ سَرَفٌ وَلَا تَقْتِيرٌ وَلَا تَضْيِيقٌ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يُكَفَّنُ بِكَفَنِ الْمِثْلِ وَكَفَنُ الْمِثْلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى ثِيَابِهِ حَالَ حَيَاتِهِ لِخُرُوجِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ أَوْ الْوَلِيمَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. امْرَأَةٌ أَوْصَتْ إلَى زَوْجِهَا أَنْ يُكَفِّنَهَا مِنْ مَهْرِهَا الَّذِي عَلَيْهِ قَالَ: أَمْرُهَا وَنَهْيُهَا فِي بَابِ الْكَفَنِ بَاطِلٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. أَوْصَى بِأَنْ يُدْفَنَ فِي دَارِهِ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ إلَّا أَنْ يُوصِيَ أَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَفِي الْفَتَاوَى وَالْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ فِي بَيْتِهِ لَا يَصِحُّ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ فُلَانٌ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْعُيُونِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ وَفِي الْفَتَاوَى وَالْخُلَاصَةِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فِي أَكْفَانِ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي حَفْرِ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي سِقَايَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ: هَذَا بَاطِلٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فِي أَكْفَانِ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ حَفْرِ مَقَابِرِهِمْ فَهَذَا جَائِزٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُتَّخَذَ دَارُهُ مَقْبَرَةً فَمَاتَ وَارِثُهُ يَجُوزُ دَفْنُهُ فِيهَا، وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ لَوْ أَوْصَى الرَّجُلُ بِأَنْ يُجْعَلَ دَارُهُ خَانًا يَنْزِلُ فِيهِ النَّاسُ لَا يَصِحُّ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُتَّخَذَ سِقَايَةً لَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ فِي مَسْحٍ كَانَ اشْتَرَاهُ وَيُغَلّ وَيُقَيَّدَ رِجْلُهُ فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ بِمَا لَيْسَ.

بِمَشْرُوعٍ فَبَطَلَتْ وَيُكَفَّنُ كَفْنَ مِثْلِهِ وَيُدْفَنُ كَمَا يُدْفَنُ سَائِرُ النَّاسِ. وَإِذَا أَوْصَى بِأَنْ يُطَيَّنَ قَبْرُهُ أَوْ يُوضَعَ عَلَى قَبْرِهِ قُبَّةٌ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ يَحْتَاجُ إلَى التَّطْيِينِ لِخَوْفِ سَبُعٍ أَوْ نَحْوِهِ. سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ دَفَعَ إلَى بِنْتِهِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فِي مَرَضِهِ، وَقَالَ: إنْ مِتُّ أَنَا فَاعْمُرِي قَبْرِي وَخَمْسَةُ دَرَاهِمَ لَكَ وَاشْتَرِي بِالْبَاقِي حِنْطَةً وَتَصَدَّقِي بِهَا؟ قَالَ: الْخَمْسَةُ لَهَا لَا تَجُوزُ وَيُنْظَرُ إلَى الْقَبْرِ الَّذِي أَمَرَ بِعِمَارَتِهِ فَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى الْعِمَارَةِ لِلتَّحْصِينِ لَا لِلزِّينَةِ عَمَّرَتْ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَالْبَاقِي تَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَمَرَ بِعِمَارَةٍ فُضِّلَتْ عَلَى الْحَاجَةِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ. وَإِذَا أَوْصَى أَنْ يُدْفَعَ إلَى إنْسَانٍ كَذَا مِنْ مَالِهِ لِيَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى قَبْرِهِ فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَقِيلَ: إذَا كَانَ الْقَارِئُ مُعَيَّنًا يَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ الْوَصِيَّةُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ دُونَ الْأَجْرِ وَقِيلَ: لَا تَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْقَارِئُ مُعَيَّنًا، وَهَكَذَا قَالَ أَبُو نَصْرٍ. وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ أَوْصَى أَنْ يُحْفَرَ عَشَرَةُ قُبُورٍ؟ قَالَ: إنْ عَيَّنَ مَقْبَرَةً لِيُدْفَنَ فِيهَا الْمَوْتَى فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْحَفْرِ لِدَفْنِ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَالْفُقَرَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ مَوْضِعًا فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَفِي الْوَاقِعَاتِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُحْفَرَ مِائَةُ قَبْرٍ اُسْتُحْسِنَ ذَلِكَ فِي مَحَلَّتِهِ وَيَكُونُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ. وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا اخْتَارُوا لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَقْبَرَةَ لَا يَجُوزُ، وَإِذَا أَوْصَى أَنْ يَدْفِنَ كُتُبَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ تُدْفَنَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا شَيْءٌ لَا يَفْهَمُهُ أَحَدٌ أَوْ يَكُونَ فِيهَا فَسَادٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُدْفَنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ جَازَ ذَلِكَ وَيُنْفَقُ عَلَى عِمَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَفِي سِرَاجِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَالُوا: وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ عَلَى قَنَادِيلِهِ وَسِرَاجِهِ وَأَنْ يَشْتَرِيَ الزَّيْتَ وَالنَّفْطَ لِلْقَنَادِيلِ فِي رَمَضَانَ، وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ يَخْدُمُ الْمَسْجِدَ وَيُؤَذِّنَ فِيهِ جَازَ وَيَكُونُ كَسْبُهُ لِوَارِثِ الْمُوصِي، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُغْزَى عَنْهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُعْطِي نَفَقَةَ الْغَزْوِ رَجُلًا يُنْفِقُهَا عَلَى نَفْسِهِ فِي ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ وَحَالِ مَقَامِهِ فِي الْغَزْوِ وَلَا يُنْفِقُ مِنْهُ شَيْئًا عَلَى أَهْلِهِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ رَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْوَرَثَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْزَى عَنْهُ مِنْ مَنْزِلِ الْمُوصِي وَهِيَ كَالْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَغْزُو عَنْهُ غَنِيًّا جَازَ وَيَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَغْزُوَ عَنْهُ وَكَذَلِكَ لِابْنِ الْمُوصِي. وَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُوصِيَ لِفُقَرَاءِ النَّصَارَى؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِفُقَرَائِهِمْ لَيْسَتْ بِمَعْصِيَةٍ، بِخِلَافِ بِنَاءِ الْبَيْعَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَعْصِيَةً وَمَنْ أَعَانَ عَلَى بِنَائِهَا يَكُونُ آثِمًا. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُنْفَقَ ثُلُثُهُ عَلَى الْمَسْجِدِ جَازَ وَيُصْرَفُ عَلَى عِمَارَتِهِ وَسِرَاجِهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِسِرَاجِ الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَقُولَ: بِسُرُجٍ فِيهِ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ عَبْدُهُ وَلَمْ يُسَمِّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقُولَ: وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهِ، أَوْ يَقُولَ: بِيعُوهُ نَسَمَةً وَيَحُطُّ إلَى الثُّلُثِ عَنْ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِيعُوا جَارِيَتِي مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ يُدَبِّرُهَا رَجُلٌ. قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ لِقَوْمٍ كَانُوا عِنْدَهُ: اُنْظُرُوا، كُلُّ مَا يَجُوزُ لِي أَنْ أُوصِيَ بِهِ فَأَعْطُوهُ الْفُقَرَاءَ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَجُوزُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ وَهُوَ عَلَى الثُّلُثِ. وَلَوْ قَالَ: مَا يَجُوزُ لِي أَنْ أُوصِيَ بِهِ جَازَ وَهُوَ إلَى الْوَرَثَةِ أَيُّ شَيْءٍ أَعْطَوْهُ جَازَ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ: كُلُّ مَا يَجُوزُ لِي فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ عَلَى الثُّلُثِ. وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِرَجُلٍ وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَمَاتَ الْمُوصِي فَقَالَ غَرِيمُ الْعَبْدِ: لَا أُجِيزُ الْوَصِيَّةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ. رَجُلٌ أَوْصَى بِأَرْضٍ فِيهَا زَرْعٌ بِدُونِ الزَّرْعِ جَازَ وَيُتْرَكُ الزَّرْعُ فِيهَا بِأَجْرِ مِثْلِهَا حَتَّى يُحْصَدَ الزَّرْعُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا قَالَ: أَوْصَيْتُ بِفَرَسِي يُغْزَى بِهِ عَنِّي فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَيُغْزَى عَنْهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ فَإِذَا رَجَعَ الْغَازِي رَدَّ الْفَرَسَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَيَدْفَعُونَهُ أَبَدًا يُغْزَى عَنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: فَرَسِي وَسِلَاحِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَهَذَا عَلَى التَّمْلِيكِ يُمَلَّكُ رَجُلًا وَاحِدًا فَقِيرًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي فِي غَزْوٍ أَوْ قَالَ: فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ قَالَ: فِي السَّبِيلِ فَهَذَا عَلَى تَمْلِيكِ الْفُقَرَاءِ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعْطُوا مَنْ يَغْزُو، رَجُلٌ جَعَلَ فَرَسَهُ فِي الْغَزْوِ، وَقَالَ: يُعْطَى فَقِيرًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا مَلَكَهُ صَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ فَإِنْ قَالَ: جَعَلْته حَبْسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى؛ قَالَ: يُحْبَسُ فِي الرِّبَاطِ يَغْزُو عَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ يُؤَاجِرَهُ الْإِمَامُ بِقَدْرِ عَلَفِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْجِرْهُ أَحَدٌ بَاعَهُ الْإِمَامُ وَوَقَفَ ثَمَنَهُ حَتَّى إذَا احْتَاجُوا إلَى ظَهْرٍ اشْتَرَى بِثَمَنِهِ فَرَسًا يُغْزَى عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

الباب الثالث في الوصية بثلث المال

وَإِذَا أَوْصَى بِمَصَاحِفَ تُوقَفُ فِي الْمَسْجِدِ يُقْرَأُ فِيهَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَوْصَى أَنْ يَجْعَلَ أَرْضَهُ هَذِهِ مَقْبَرَةً لِلْمَسَاكِينِ أَوْ أَوْصَى أَنْ يَجْعَلَ خَانًا لِلْمَارَّةِ، فَهِيَ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يَجْعَلَ أَرْضَهُ مَسْجِدًا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ. وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلَّهِ تَعَالَى فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ وَيُصْرَفُ إلَى وُجُوهِ الْبِرِّ، وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتَى وَيُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: سَبِيلُ اللَّهِ تَعَالَى الْغَزْوُ، وَقِيلَ: لَهُ وَالْحَجُّ، قَالَ: سَبِيلُ اللَّهِ الْغَزْوُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ أَعْطَى حَاجًّا مُنْقَطِعًا جَازَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي الْغَزْوِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَعْمَالِ الْبِرِّ ذَكَرَ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ كُلَّ مَا لَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكٌ فَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ حَتَّى يَجُوزَ صَرْفُهُ إلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَسِرَاجِهِ دُونَ تَزْيِينِهِ وَلَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَى بِنَاءِ السِّجْنِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ سِجْنِ الْقَاضِي وَسِجْنِ السُّلْطَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتَاوَى وَالْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ يُصْرَفُ إلَى الْقَنْطَرَةِ أَوْ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلرِّبَاطِ وَفِيهِ مُقِيمُونَ إنْ كَانَ هُنَاكَ دَلَالَةٌ يُعْرَفُ بِهَا أَنَّهُ أَرَادَ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ الْمُقِيمِينَ صُرِفَ إلَيْهِمْ وَلَا يُصْرَفُ إلَى الْعِمَارَةِ. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِمَصَالِحِ الْقَرْيَةِ فَهُوَ بَاطِلٌ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ: أَوْصَيْتُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لِمَسْجِدِ كَذَا أَوْ لِقَنْطَرَةِ كَذَا نَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ لِمَرَمَّتِهَا وَإِصْلَاحِهَا وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ مُقَاتِلٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: إذَا لَمْ يُسَمِّ مَرَمَّةً وَلَا إصْلَاحًا فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي الْعُيُونِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِلْكَعْبَةِ جَازَ وَيُعْطَى مَسَاكِينُ مَكَّةَ، وَلَوْ قَالَ: لِثُغُورِ فُلَانٍ، فَالْقِيَاسُ أَنْ يَبْطُلَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ] " الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ وَنَحْوِهِ، وَالْوَصِيَّةُ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ أَوْ بِمَا زَادَ أَوْ نَقَصَ فَيُجِيزُهُ الْوَرَثَةُ أَوْ لَا يُجِيزُونَهُ أَوْ يُجِيزُهُ بَعْضُهُمْ "، وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبُعِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِنِصْفِ مَالِهِ إنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَنِصْفُ الْمَالِ لِلَّذِي أَوْصَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَالرُّبُعُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ تَصِحُّ مِنْ الثُّلُثِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ أَرْبَعَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَثَلَاثَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبُعِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمَانِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَسَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبُعِ. وَإِنَّمَا يُقَسَّمُ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ لَا يَضْرِبُ إلَّا بِالثُّلُثِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبُعِ يَضْرِبُ بِالرُّبُعِ فَاحْتَجْنَا إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَرُبُعٌ وَذَلِكَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَالرُّبُعُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ، فَنَجْعَلُ وَصِيَّتَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ وَذَلِكَ ثُلُثُ الْمَالِ وَثُلُثَا الْمَالِ أَرْبَعَةُ عَشَرَ وَجَمِيعُ الْمَالِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ، فَنَجْعَلُ الْمَالَ كُلَّهُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ سَبْعَةٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُمَا أَرْبَعَةٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَثَلَاثَةٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبُعِ، وَعِنْدَهُمَا يُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ عِنْدَهُمَا وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبُعِ يَضْرِبُ بِالرُّبُعِ وَالرُّبُعُ نِصْفُ النِّصْفِ فَيُجْعَلُ كُلُّ رُبُعٍ سَهْمًا فَالنِّصْفُ يَكُونُ سَهْمَيْنِ وَالرُّبُعُ سَهْمٌ فَيَكُونُ ثَلَاثَةً فَيُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ سَهْمَانِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَسَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبُعِ. وَالْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَضْرِبُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا فِي ثَلَاثِ وَصَايَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ وَفِي الْمُحَابَاةِ وَفِي الدَّرَاهِمِ الْمُرْسَلَةِ، وَتَفْسِيرُ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ هُوَ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ وَقِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَلْفٌ وَقِيمَةُ الْآخَرِ

أَلْفَانِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهُمَا يُعْتَقَانِ مَعًا وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا فَإِنَّهُمَا يُعْتَقَانِ مِنْ الثُّلُثِ، وَثُلُثُ مَالِهِ أَلْفٌ فَأَلْفٌ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ وَصِيَّتِهِمَا ثُلُثَا الْأَلْفِ لِلَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَيَسْعَى فِي الْبَاقِي، وَالثُّلُثُ لِلَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَيَسْعَى فِي الْبَاقِي، وَكَذَلِكَ الْمُحَابَاةُ إذَا كَانَ لَهُ عَبْدَانِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَقِيمَةُ الْآخَرِ سِتُّمِائَةٍ فَأَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْ فُلَانٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْآخَرُ مِنْ فُلَانٍ آخَرَ بِمِائَةٍ هَاهُنَا قَدْ حَصَلَتْ الْمُحَابَاةُ لِأَحَدِهِمَا بِالْأَلْفِ وَلِلْآخَرِ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَذَلِكَ كُلُّهُ وَصِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ فَإِنْ خَرَجَ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ جَازَتْ مُحَابَاتُهُمَا بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَذَلِكَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ وَصِيَّتِهِمَا يَضْرِبُ أَحَدُهُمَا فِيهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْآخَرُ بِخَمْسِمِائَةٍ. وَكَذَلِكَ فِي الدَّرَاهِمِ الْمُرْسَلَةِ، كَمَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلِلْآخَرِ بِأَلْفَيْنِ وَثُلُثُ مَالِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الثُّلُثَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَضْرِبُ بِجَمِيعِ نَصِيبِهِ، وَإِنَّمَا يَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي مَخْرَجِهَا صَحِيحَةٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ آخَرُ يَخْرُجُ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ الثُّلُثِ. وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِنِصْفِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ بِجَمِيعِ مَالِهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنْ أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا بِالثُّلُثِ وَلِلْآخَرِ بِالسُّدُسِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ، لِفُلَانٍ مِائَةٌ وَلِفُلَانٍ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَالثُّلُثُ ثَلَثُمِائَةٍ؛ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا سَمَّى وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ لِرَجُلٍ وَلِرَجُلٍ آخَرَ بِثُلُثِ مَالِهٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ أَوْ كَانَتْ لَهُ وَرَثَةٌ وَأَجَازُوا فَإِنَّ الْمَالَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَذَلِكَ كُلُّهُ يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ مُنَازَعَةٍ وَاسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِي الثُّلُثِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ، فَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ يَضْرِبُ بِالثُّلُثِ وَهُوَ سَهْمٌ وَالْمُوصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ يَضْرِبُ بِالْجَمِيعِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، فَجَعَلَ الْمَالَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ، هَذَا إذَا أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ وَلَوْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ الثُّلُثِ فَثُلُثُ الْمَالِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنَّمَا يُقَسَّمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَضْرِبُ إلَّا بِالثُّلُثِ وَعِنْدَهُمَا يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ فَيُقَسَّمُ أَرْبَاعًا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ لِفُلَانٍ خَمْسُونَ وَلِفُلَانٍ مِائَةٌ وَمَالُهُ ثَلَثُمِائَةٍ فَالثُّلُثُ بَيْنَ اللَّذَيْنِ سُمِّيَ لَهُمَا قَدْرًا أَثْلَاثًا وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْوَصَايَا إذَا كَانَتْ لَا يَزِيدُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى الثُّلُثِ بِأَنْ يُوصِيَ لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِرُبُعِ مَالِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ كُلَّهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ أَوْصَى لِآخَرَ بِحَظٍّ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِنَصِيبٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِبَعْضٍ مِنْ مَالِهِ فَالْبَيَانُ إلَى الْمُوصِي مَا دَامَ حَيًّا وَإِذَا مَاتَ فَالْبَيَانُ إلَى الْوَرَثَةِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ أَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ قِيلَ: لِلْوَرَثَةِ أَعْطُوهُ مَا شِئْتُمْ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا اخْتِيَارُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِنَاءً عَلَى مَا عَرَّفْنَا أَنَّ السَّهْمَ كَالْجُزْءِ. وَأَمَّا أَصْلُ الرِّوَايَةِ فِي خِلَافِهِ فَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ إذَا أَوْصَى بِسَهْمٍ لِرَجُلٍ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ أَخَسُّ مِثْلِ سِهَامِ الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ

السُّدُسِ فَحِينَئِذٍ يُعْطَى لَهُ السُّدُسُ، فَعَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ جَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - النُّقْصَانَ عَنْ السُّدُسِ وَلَمْ يُجَوِّزْ الزِّيَادَةَ عَلَى السُّدُسِ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ جَوَّزَ الزِّيَادَةَ عَلَى السُّدُسِ وَلَمْ يُجَوِّزْ النُّقْصَانَ عَنْ السُّدُسِ، وَقَالَا: يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ أَخَسُّ سِهَامِ الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ فَحِينَئِذٍ لَهُ الثُّلُثُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَلَهُ النِّصْفُ؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ الِابْنِ فَصَارَ كَأَنَّ لَهُ ابْنَيْنِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ إلَّا بِشَيْءٍ أَوْ إلَّا قَلِيلٌ أَوْ إلَّا يَسِيرٌ أَوْ بِزُهَاءِ أَلْفٍ أَوْ بِعَامَّةِ هَذِهِ الْأَلْفِ أَوْ بِجُلِّ هَذِهِ الْأَلْفِ أَوْ مُعْظَمِ هَذِهِ الْأَلْفِ وَذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَهُ النِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ فَهُوَ إلَى الْوَرَثَةِ يُعْطُونَ لَهُ مِنْهُ مَا شَاءُوا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مَجْهُولٌ وَأَنَّ جَهَالَتَهُ تُوجِبُ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَلَكِنَّ الْوَصِيَّةَ فِي الْمَجْهُولِ صَحِيحَةٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَأَرَادَ بِهَذَا التَّخْيِيرِ فِي حَقِّ الْمِقْدَارِ يُعْطُونَهُ مَا أَرَادُوا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ لَا التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْإِعْطَاءِ وَعَدَمِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ فَهَذَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُوصِيَ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ بِنَصِيبِ ابْنَتِهِ كَانَ لَهُ ابْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِنَصِيبِ ابْنٍ لَوْ كَانَ أَوْ بِمِثْلِ نَصِيبِ بِنْتٍ لَوْ كَانَتْ، فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِنَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ وَلَهُ ابْنٌ أَوْ بِنْتٌ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ وَبِنْتٌ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ، وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ وَلَهُ ابْنٌ أَوْ بِنْتٌ تَجُوزُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ الشَّيْءِ غَيْرُهُ لَا عَيْنُهُ فَيَتَقَرَّرُ نَصِيبُ ابْنٍ ثُمَّ يُزَادُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَيُعْطَى الْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ ثُلُثًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ، نَحْوُ مَا إذَا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ وَلَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ صَارَ لِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ الْمَالِ إنْ أَجَازَ الِابْنُ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الِابْنُ فَلِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِجَازَةِ، وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنَتِهِ وَلَهُ ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ الْمَالِ إنْ أَجَازَتْ الِابْنَةُ وَإِنْ لَمْ تُجِزْ فَلَهُ الثُّلُثُ، وَلَوْ كَانَتْ لَهُ ابْنَتَانِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمَالِ وَلَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنٍ لَوْ كَانَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ يُعْطَى نِصْفُ الْمَالِ إنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الِابْنِ لَوْ كَانَ يُعْطِي لَهُ ثُلُثَ الْمَالِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ هَلَكَ وَتَرَكَ أُمًّا وَابْنًا وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِنَصِيبِ بِنْتٍ لَوْ كَانَتْ؛ فَالْوَصِيَّةُ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ وَلِلِابْنِ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ وَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ تُصَحَّحَ الْفَرِيضَةُ أَوَّلًا لَوْلَا الْوَصِيَّةُ فَنَقُولُ: لَوْلَا الْوَصِيَّةُ لَكَانَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمٌ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ خَمْسَةٌ، فَإِذَا أَوْصَى بِنَصِيبِ بِنْتٍ لَوْ كَانَتْ يُزَادُ عَلَى الْفَرِيضَةِ نَصِيبُ بِنْتٍ وَهُوَ نِصْفُ نَصِيبِ الِابْنِ فَيُزَادُ عَلَى أَصْلِ الْفَرِيضَةِ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ، فَصَارَ ثَمَانِيَةً وَنِصْفًا فَوَقَعَ الْكَسْرُ فَوَجَبَ التَّضْعِيفُ فَصَارَ سَبْعَةَ عَشَرَ وَصَارَ الْكُلُّ ضِعْفَ ذَلِكَ يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ أَوَّلًا خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ حَصَلَتْ بِأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَتَكُونُ مُتَقَدِّمَةً عَلَى الْمِيرَاثِ بَقِيَ ثَمَّةَ اثْنَا عَشَرَ تُعْطَى الْأُمُّ السُّدُسَ وَذَلِكَ سَهْمَانِ يَبْقَى ثَمَّةَ عَشَرَةً فَظَهَرَ أَنَّا أَعْطَيْنَا الْمُوصَى لَهُ بِنَصِيبِ بِنْتٍ لَوْ كَانَتْ نِصْفَ مَا أَعْطَيْنَا لِابْنٍ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ. (قَالَ) وَلَوْ تَرَكَ امْرَأَةً وَابْنًا وَأَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنٍ آخَرَ لَوْ كَانَ وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْمَرْأَةِ سَهْمٌ وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ، وَالْوَجْهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنْ تُصَحَّحَ الْفَرِيضَةُ أَوَّلًا لَوْلَا الْوَصِيَّةُ فَتَقُولُ: لَوْلَا الْوَصِيَّةُ لَكَانَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ، سَهْمٌ وَلِلِابْنِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ فَإِذَا أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنٍ آخَرَ، لَوْ كَانَ يُزَادُ عَلَى الْفَرِيضَةِ نَصِيبُ ابْنٍ لَوْ كَانَ سَبْعَةً فَيَصِيرُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَشَرَطَ إجَازَةَ الْوَرَثَةِ الْوَصِيَّةَ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ جُعِلَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَفِي مِثْلِ هَذَا يُحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْنَا؛ لِأَنَّ مِثْلَ الشَّيْءِ غَيْرُهُ، فَهَذَا وَمَا لَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنٍ لَوْ كَانَ سَوَاءٌ.

وَإِذَا هَلَكَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ بِنْتًا وَأَخًا وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِنَصِيبِ ابْنٍ لَوْ كَانَ فَأَجَازَا وَصِيَّتَهُ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثَا الْمَالِ وَالثُّلُثُ بَيْنَ الْأَخِ وَالْبِنْتِ نِصْفَانِ، هَذَا إذَا أَجَازَا وَإِنْ لَمْ يُجِيزَا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمَالِ وَالثُّلُثَانِ بَيْنَ الْأَخِ وَالْبِنْتِ نِصْفَانِ. وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ لَوْ كَانَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلِلْمُوصَى لَهُ خُمُسَا الْمَالِ إنْ أَجَازَا. (قَالَ) إذَا هَلَكَ رَجُلٌ وَتَرَكَ أَخًا وَأُخْتًا وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِنَصِيبِ ابْنٍ لَوْ كَانَ وَأَجَازَا - فَلِلْمُوصَى لَهُ جَمِيعُ الْمَالِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ وَالْأُخْتِ. وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ لَوْ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ الْمَالِ إنْ أَجَازَا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا وَإِنْ لَمْ يُجِيزَا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمَالِ وَيُقَسَّمُ الثُّلُثَانِ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا. وَلَوْ تَرَكَ بِنْتًا وَأُخْتًا وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِنَصِيبِ بِنْتٍ لَوْ كَانَتْ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمَالِ أَجَازَتَا أَوْ لَمْ تُجِيزَا. وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ بِنْتٍ لَوْ كَانَتْ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ رُبُعُ الْمَالِ أَجَازَتَا أَوْ لَمْ تُجِيزَا. (قَالَ) وَإِنْ هَلَكَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنًا وَأَبَا وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ لَوْ كَانَ وَأَجَازَا فَلِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ وَلِلْأَبِ سَهْمٌ وَلِلِابْنِ خَمْسَةٌ وَإِنْ لَمْ يُجِيزَا فَلِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ أَسْدَاسًا فَيُحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَلِثُلُثَيْهِ سُدُسٌ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ تِسْعَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ ثُلُثٌ وَالْبَاقِي وَذَلِكَ سِتَّةٌ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ أَسْدَاسًا، وَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى حَالِ الْإِجَازَةِ وَحَالِ عَدَمِ الْإِجَازَةِ فَالْفَرِيضَةُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةٌ وَعِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ الْفَرِيضَةُ مِنْ تِسْعَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةٌ فَتُضْرَبُ إحْدَى الْفَرِيضَتَيْنِ فِي الْأُخْرَى فَيَصِيرُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَعِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَلِلْأَبِ سُدُسُ مَا بَقِيَ أَحَدَ عَشَرَ وَلِلِابْنِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ مَا بَقِيَ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ وَعِنْدَ الْإِجَازَةِ لِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ مَضْرُوبًا فِي تِسْعَةٍ فَيَكُونُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ وَلِلْأَبِ سَهْمٌ مَضْرُوبًا فِي تِسْعَةٍ فَيَكُونُ تِسْعَةً وَلِلِابْنِ أَيْضًا خَمْسَةٌ مَضْرُوبًا فِي تِسْعَةٍ فَيَكُونُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ فَصَارَتْ مَا بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ فِي حَقِّ الْمُوصَى لَهُ اثْنَا عَشَرَ، سَهْمَانِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ الْأَبِ وَذَلِكَ مِنْ تِسْعَةٍ إلَى أَحَدَ عَشَرَ وَعَشَرَةٌ مِنْ نَصِيبِ الِابْنِ وَذَلِكَ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ إلَى خَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ، فَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا تَعْمَلْ إجَازَتُهُ فِي حَقِّهِ لَا فِي حَقِّ صَاحِبِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُجِيزُ هُوَ الْأَبَ حُوِّلَ مِنْ نَصِيبِهِ سَهْمَانِ إلَى الْمُوصَى لَهُ فَيَصِيرُ لِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَإِنْ كَانَ الْمُجِيزُ هُوَ الِابْنُ حُوِّلَ مِنْ نَصِيبِ الِابْنِ عَشَرَةٌ إلَى نَصِيبِ الْمُوصَى لَهُ فَيَصِيرُ لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ. (قَالَ) وَإِذَا هَلَكَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَأَوْصَى لِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَوْ نَصِيبِ ابْنٍ ثَالِثٍ لَوْ كَانَ فَأَجَازَا الْوَصِيَّتَيْنِ فَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثُ الْمَالِ وَالْبَاقِي بَيْنَ الِابْنَيْنِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ أَثْلَاثًا وَالْحِسَابُ مِنْ تِسْعَةٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ وَيَبْقَى سِتَّةٌ بَيْنَ الِابْنَيْنِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ أَثْلَاثًا لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ وَلِلْمُوصَى لَهُ أَيْضًا سَهْمَانِ مِثْلُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يُجِيزَا يُقَسَّمْ الثُّلُثُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَوْ أَجَازَا الِابْنَانِ الْوَصِيَّةَ لِصَاحِبِ الْمِثْلِ دُونَ صَاحِبِ الثُّلُثِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ نِصْفُ الثُّلُثِ وَهُوَ السُّدُسُ، كَمَا لَوْ لَمْ تُوجَدْ الْإِجَازَةُ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ فِي حَقِّهِ وَاحْتَجْنَا إلَى حِسَابٍ إذَا رَفَعْنَا السُّدُسَ يَنْقَسِمُ الْبَاقِي مِنْهُ أَثْلَاثًا وَأَقَلُّ ذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ السُّدُسُ ثَلَاثَةٌ، وَيَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ تُقَسَّمُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ أَثْلَاثًا لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ، وَإِنْ أَجَازَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ الْوَصِيَّةَ لِصَاحِبِ الْمِثْلِ دُونَ صَاحِبِ الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِزْ الِابْنُ الْآخَرُ الْوَصِيَّتَيْنِ أَصْلًا فَنَقُولُ: لَوْ لَمْ يُجِيزَا كَانَ لِصَاحِبِ الْمِثْلِ ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَلَوْ أَجَازَا كَانَ لِصَاحِبِ الْمِثْلِ خَمْسَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَتَفَاوَتَ مَا بَيْنَهُمَا سَهْمَانِ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ سَهْمٌ، فَإِذَا أَجَازَ أَحَدُهُمَا صَحَّتْ الْإِجَازَةُ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً فَيَصِيرُ لِصَاحِبِ الْمِثْلِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْمُجِيرِ خَمْسَةٌ وَلِلَّذِي لَمْ يُجِزْ سِتَّةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ خَمْسَةُ بَنِينَ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ وَثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ لِآخَرَ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ أَحَدٍ وَخَمْسِينَ سَهْمًا لِصَاحِبِ النَّصِيبِ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ وَلِصَاحِبِ ثُلُثِ مَا بَقِيَ ثَلَاثَةٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةٌ فَتَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ عَدَدِ الْبَنِينَ خَمْسَةً فَتَزِيدُ.

عَلَى ذَلِكَ سَهْمًا؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ وَمِثْلُ الشَّيْءِ غَيْرُهُ ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ لِأَجْلِ وَصِيَّتِهِ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَطْرَحُ السَّهْمَ الَّذِي زِدْته، بَقِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ فَهُوَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ فَيَكُونُ جَمِيعُ الْمَالِ أَحَدًا وَخَمْسِينَ. وَإِنَّمَا طَرَحْنَا هَذَا السَّهْمَ الزَّائِدَ لِيَتَبَيَّنَ مِقْدَارُ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَلَا وَصِيَّةَ فِي الثُّلُثَيْنِ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ السَّهْمِ الزَّائِدِ فِيهِ، وَبِهَذَا طَرَحْنَاهُ فَإِذَا عَرَفَتْ أَنَّ ثُلُثَ الْمَالِ سَبْعَةَ عَشَرَ فَوَجْهُ مَعْرِفَةِ النَّصِيبِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ وَهُوَ وَاحِدٌ وَتَضْرِبَهُ فِي ثَلَاثَةٍ ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ؛ فَيَكُونُ تِسْعَةً، ثُمَّ تَطْرَحُ مِنْ ذَلِكَ سَهْمًا كَمَا طَرَحْت فِي الِابْتِدَاءِ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ فَهُوَ النَّصِيبُ، فَإِذَا رَفَعْت ذَلِكَ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ تَبْقَى تِسْعَةٌ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ ثُلُثُ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ تَبْقَى سِتَّةٌ تُضِيفُهَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ؛ فَيَكُونُ أَرْبَعِينَ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةٌ مِثْلُ النَّصِيبِ فَاسْتَقَامَ، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ وَبِرُبُعِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ لِآخَرَ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ تِسْعَةٍ وَسِتِّينَ لِصَاحِبِ النَّصِيبِ أَحَدَ عَشَرَ وَلِصَاحِبِ رُبُعِ مَا بَقِيَ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ أَحَدَ عَشَرَ وَبَيَانُهُ عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ أَنْ تَأْخُذَ عَدَدَ الْبَنِينَ وَهُمْ خَمْسَةٌ فَتَزِيدُ عَلَيْهِ سَهْمًا بِالْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعَةٍ لِمَكَانِ الْوَصِيَّةِ بِرُبُعِ مَا بَقِيَ فَيَصِيرُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، ثُمَّ تَطْرَحُ مِنْهُ سَهْمًا تَبْقَى ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ فَهُوَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ تِسْعَةً وَسِتِّينَ، وَهُوَ الْمَالُ وَالثُّلُثُ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ وَهُوَ وَاحِدٌ وَتَضْرِبُهُ فِي أَرْبَعَةٍ ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَصِيرُ اثْنَيْ عَشَرَ، ثُمَّ تَطْرَحُ مِنْهُ وَاحِدًا يَبْقَى أَحَدَ عَشَرَ فَهُوَ النَّصِيبُ. فَإِذَا رَفَعْت مِنْ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ أَحَدَ عَشَرَ بَقِيَ اثْنَا عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِرُبُعِ مَا بَقِيَ ثَلَاثَةٌ يَبْقَى تِسْعَةٌ يَضُمُّ ذَلِكَ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ فَيَكُونُ خَمْسَةً وَخَمْسِينَ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ أَحَدَ عَشَرَ مِثْلُ النَّصِيبِ، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ أَحَدِهِمْ وَلِآخَرَ بِخُمُسِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ سَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ، لِصَاحِبِ النَّصِيبِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ. فَأَمَّا تَخْرِيجُهُ عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ أَنْ تَزِيدَ عَلَى عَدَدِ الْبَنِينَ وَاحِدًا لِلْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ فَيَكُونُ سِتَّةً ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي خَمْسَةٍ لِوَصِيَّتِهِ بِخُمُسِ مَا بَقِيَ فَيَكُونُ ثَلَاثِينَ، ثُمَّ تَطْرَحُ مَا زِدْت وَهُوَ وَاحِدٌ تَبْقَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَالثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ فَتَكُونُ جُمْلَةُ الْمَالِ سَبْعَةً وَثَمَانِينَ، وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ وَذَلِكَ وَاحِدٌ وَتَضْرِبُهُ فِي خَمْسَةٍ ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ تَطْرَحُ مِنْهَا وَاحِدًا يَبْقَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَهُوَ النَّصِيبُ فَإِذَا رَفَعْت ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِخُمُسِ مَا بَقِيَ خُمُسُ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ يَبْقَى اثْنَا عَشَرَ تَضُمُّهُ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ ثَمَانِيَةٍ وَخَمْسِينَ فَيَصِيرُ سَبْعِينَ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِثْلُ النَّصِيبِ. وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا ثُلُثَ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ النَّصِيبِ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ سَبْعَةٍ وَخَمْسِينَ النَّصِيبُ عَشَرَةٌ، وَالِاسْتِثْنَاءُ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ عَشَرَةٌ وَتَخْرِيجُهُ عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ أَنْ تَأْخُذَ عَدَدَ الْبَنِينَ خَمْسَةً فَتَزِيدُ عَلَيْهَا سَهْمًا بِالْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَزِيدُ عَلَيْهَا سَهْمًا مِثْلَ مَا زِدْت أَوَّلًا فَيَكُونُ تِسْعَةَ عَشَرَ فَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ وَالثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ، فَالْجُمْلَةُ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ وَهُوَ وَاحِدٌ وَتَضْرِبُهُ فِي ثَلَاثَةٍ ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ تِسْعَةً ثُمَّ تَزِيدُ عَلَيْهِ سَهْمًا كَمَا فَعَلْته فِي أَصْلِ الْمَالِ فَيَكُونُ عَشَرَةً، وَهُوَ النَّصِيبُ الْكَامِلُ إذَا رَفَعْته مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ بَقِيَ تِسْعَةٌ فَاسْتَرْجِعْ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ النَّصِيبِ مِثْلَ ثُلُثِ مَا بَقِيَ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَضُمَّ ذَلِكَ إلَى تِسْعَةٍ فَيَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ تَضُمُّ ذَلِكَ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ فَيَكُونُ خَمْسِينَ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ عَشَرَةٌ مِثْلُ نَصِيبٍ كَامِلٍ. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَأُمًّا وَامْرَأَةً وَعُصْبَةً وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ إحْدَى ابْنَتَيْهِ وَثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَالنَّصِيبُ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ اثْنَانِ وَالسَّبِيلُ فِي تَخْرِيجِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تُصَحِّحَ الْفَرِيضَةَ الْأُولَى بِدُونِ الْوَصِيَّةِ فَتَقُولُ: أَصْلُ الْفَرِيضَةِ مِنْ سِتَّةٍ لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمٌ وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ سَهْمٍ، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِمَكَانِ الْكَسْرِ بِاعْتِبَارِ نَصِيبِ الْمَرْأَةِ إلَّا أَنَّ فِي مَعْرِفَةِ

نَصِيبِ حُكْمِ الْمَرْأَةِ لَا حَاجَةَ فِي ذَلِكَ فَتَجْعَلُ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ سِتَّةٍ تَزِيدُ عَلَيْهَا مِثْلَ نَصِيبِ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ وَذَلِكَ سَهْمَانِ لِوَصِيَّتِهِ بِالنَّصِيبِ فَتَكُونُ ثَمَانِيَةً ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ يَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ تَطْرَحُ مَا زِدْت وَذَلِكَ سَهْمَانِ بَقِيَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ فَهُوَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَالْمَالُ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَأْخُذَ سَهْمَيْنِ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ سِتَّةً ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، ثُمَّ تَطْرَحُ مِنْهُمَا سَهْمَيْنِ يَبْقَى سِتَّةَ عَشَرَ وَهُوَ النَّصِيبُ إذَا رَفَعْت ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ تَبْقَى سِتَّةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى ثُلُثُ ذَلِكَ اثْنَانِ بَقِيَ أَرْبَعَةٌ تَضُمُّهَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً وَارْبَعِينِ لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا سِتَّةَ عَشَرَ مِثْلُ النَّصِيبِ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ ثَمَانِيَةٌ، وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ سِتَّةٌ وَالْبَاقِي وَهُوَ سَهْمَانِ لِلْعَصَبَةِ. وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ إلَّا ثُلُثَ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ مِنْ النَّصِيبِ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ سِتِّمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَالنَّصِيبُ مِائَةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثُ الْبَاقِي سِتَّةَ عَشَرَ. فَقَدْ طَوَّلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحِسَابَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِيَخْرُجَ مِيرَاثُ الْمَرْأَةِ مُسْتَقِيمًا وَلَا حَاجَةَ لَنَا إلَى ذَلِكَ فِي مَعْرِفَةِ الْوَصِيَّةِ وَالْمَسْأَلَةُ تَخْرُجُ مِنْ دُونِ هَذَا الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ سِتَّةٍ ثُمَّ تَزِيدُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ مِثْلَ نَصِيبِ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ سَهْمَيْنِ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ تَزِيدُ عَلَيْهِ سَهْمَيْنِ، كَمَا هُوَ فِي الْأَصْلِ فِي مَسَائِلِ الِاسْتِثْنَاءِ فَيَكُونُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ فَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ فَيَكُونُ جُمْلَةُ الْمَالِ ثَمَانِيَةً وَسَبْعِينَ وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ سَهْمَيْنِ وَتَضْرِبَ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ سِتَّةً ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَزِيدُ عَلَيْهِ سَهْمَيْنِ فَيَكُونُ عِشْرِينَ فَهُوَ النَّصِيبُ الْكَامِلُ، وَإِذَا رَفَعْته مِنْ الثُّلُثِ يَبْقَى سِتَّةٌ تَسْتَرْجِعُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِثْلَ ثُلُثِ مَا يَبْقَى وَذَلِكَ سَهْمَانِ فَيَصِيرُ مَعَك مِنْ الثُّلُثِ ثَمَانِيَةٌ تَضُمُّهَا إلَى ثُلُثِ الْمَالِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ فَيَكُونُ ذَلِكَ سِتِّينَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعُونَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِشْرُونَ مِثْلُ النَّصِيبِ الْكَامِلِ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ عَشَرَةٌ وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبِنْتَيْنِ ثُمُنٌ صَحِيحٌ؛ فَلِهَذَا ضَرَبَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَصْلَ الْحِسَابِ ثَمَانِيَةً وَسَبْعِينَ فِي ثَمَانِيَةٍ فَيَكُونُ سِتَّمِائَةٍ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَخَرَجَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ذَلِكَ. وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ الْمَرْأَةِ وَبِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَالنَّصِيبُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثُ الْبَاقِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَالتَّخْرِيجُ عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ أَنْ تُصَحِّحَ الْفَرِيضَةَ هَاهُنَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ الْمَرْأَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ نَصِيبِ الْمَرْأَةِ مُسْتَقِيمًا فَتَجْعَلُ الْفَرِيضَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ وَلِلْمُرَاةِ الثُّمُنُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، وَالْبَاقِي وَهُوَ سَهْمٌ لِلْعَصَبَةِ ثُمَّ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ مِثْلَ نَصِيبِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةً لِوَصِيَّتِهِ بِمِثْلِ نَصِيبِهَا فَتَكُونُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ لِوَصِيَّتِهِ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى فَيَكُونُ أَحَدًا وَثَمَانِينَ، ثُمَّ تَطْرَحُ مَا زِدْت وَهُوَ ثَلَاثَةٌ بَقِيَ ثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُونَ فَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ فَتَكُونُ جُمْلَةُ الْمَالِ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعَةً وَثَلَاثِينَ. وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَتَضْرِبَهَا فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ تِسْعَةً ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ تَطْرَحُ ثَلَاثَةً يَبْقَى أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَهُوَ النَّصِيبُ إذَا رَفَعْت ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ ثَمَانِيَةٍ وَسَبْعِينَ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى ثُلُثُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَبْقَى سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ تَضُمُّهَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ مِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَخَمْسِينَ؛ فَتَكُونُ جُمْلَتُهُ مِائَةً وَاثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ لِلْمَرْأَةِ ثُمُنُ ذَلِكَ وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِثْلُ مَا أَعْطَيْنَا الْمُوصَى لَهُ بِنَصِيبِهَا وَقِسْمَةُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ مَعْلُومٌ كَمَا بَيَّنَّا. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسَةُ بَنِينَ فَأَوْصَى لِأَحَدِهِمْ بِكَمَالِ الرُّبُعِ بِنَصِيبِهِ وَبِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ لِآخَرَ فَأَجَازُوا فَالْفَرِيضَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ النَّصِيبُ اثْنَانِ وَتَكْمِلَةُ الرُّبُعِ وَاحِدٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ وَاحِدٌ.

وَتَخْرِيجُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ أَنْ تَقُولَ: إنَّ الْمَالَ لَوْلَا الْوَصِيَّةُ بَيْنَ الْبَنِينَ الْخَمْسَةِ عَلَى خَمْسَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمٌ فَإِذَا أَوْصَى لِأَحَدِهِمْ بِكَمَالِ الرُّبُعِ بِنَصِيبِهِ فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ مِنْهُ لِلْوَارِثِ وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَإِذَا أَجَازُوا فَالسَّبِيلُ أَنْ تَطْرَحَ نَصِيبَ الِابْنِ الْمُوصَى لَهُ، وَهُوَ سَهْمٌ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ لِوَصِيَّتِهِ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ فَيَكُونُ اثْنَيْ عَشَر فَهُوَ الْمَالُ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَالرُّبُعُ ثَلَاثَةٌ، وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ وَهُوَ وَاحِدٌ فَتَضْرِبُهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ ثَلَاثَةً ثُمَّ تَطْرَحُ مِنْهُ وَاحِدًا يَبْقَى اثْنَانِ فَهُوَ النَّصِيبُ فَإِذَا رَفَعْت إلَى الِابْنِ الْمُوصَى لَهُ كَمَالُ الرُّبُعِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَاسْتَرْجَعْت مِنْهُ مِقْدَارَ النَّصِيبِ وَذَلِكَ اثْنَانِ بَقِيَ وَاحِدٌ فَعَرَفْنَا أَنَّ وَصِيَّتَهُ بِتَكْمِلَةِ الرُّبُعِ وَاحِدٌ، فَإِذَا رَفَعْت ذَلِكَ السَّهْمَ مِنْ ثُلُثِ أَرْبَعَةٍ بَقِيَ ثَلَاثَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ ثُلُثُ ذَلِكَ وَهُوَ سَهْمٌ يَبْقَى سَهْمَانِ تَضُمُّهُمَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ ثَمَانِيَةٍ فَيَكُونُ عَشَرَةً بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ مِثْلُ النَّصِيبِ فَإِذَا ضَمَّ لِلِابْنِ الْمُوصَى لَهُ هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ إلَى السَّهْمِ الَّذِي أَخَذَهُ بِالْوَصِيَّةِ حَصَلَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَذَلِكَ كَمَالُ رُبُعِ الْمَالِ بِنَصِيبِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ إلَّا نَصِيبَ ابْنٍ آخَرَ أَوْ إلَّا مِثْلَ نَصِيبِ ابْنٍ آخَرَ أَوْ إلَّا نَصِيبَ ابْنٍ آخَرَ لَوْ كَانَ أَوْ إلَّا مِثْلَ نَصِيبِ ابْنٍ آخَرَ لَوْ كَانَ وَتَرَكَ ابْنًا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمَالِ وَلِلِابْنِ الثُّلُثَانِ؛ لِأَنَّك تَجْعَلُ الْمَالَ سَهْمًا؛ لِأَنَّ الِابْنَ وَاحِدٌ وَتَزِيدُ عَلَيْهِ سَهْمًا لِأَجْلِ الْوَصِيَّةِ فَصَارَ سَهْمَيْنِ ثُمَّ تَجْعَلُ نَصِيبَ الِابْنِ سَهْمَيْنِ لِحَاجَتِنَا إلَى مَعْرِفَةِ نَصِيبِ ابْنٍ آخَرَ وَإِذَا صَارَ نَصِيبُهُ سَهْمَيْنِ صَارَ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ سَهْمَيْنِ ضَرُورَةً أَنَّهُ مِثْلُهُ فَبَانَ أَنَّ نَصِيبَ ابْنٍ آخَرَ سَهْمٌ لَوْ كَانَ فَتَطْرَحُ هَذَا السَّهْمَ الَّذِي جُعِلَ نَصِيبَ ابْنٍ آخَرَ فَبَقِيَ الْمَالُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمَانِ وَلِلِابْنِ سَهْمٌ، ثُمَّ تَسْتَرْجِعُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ نَصِيبِ الْمُوصَى لَهُ نَصِيبَ ابْنٍ آخَرَ وَذَلِكَ سَهْمٌ فَبَقِيَ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَلِلِابْنِ سَهْمَانِ، وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ إلَّا نَصِيبَ ابْنٍ ثَالِثٍ لَوْ كَانَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلِلْمُوصَى لَهُ خُمُسَا الْمَالِ إنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ وَإِلَّا فَلَهُ الثُّلُثُ وَبَيَانُهُ أَنَّك تَجْعَلُ الْمَالَ سَهْمًا؛ لِأَنَّ الِابْنَ وَاحِدٌ وَتَزِيدُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْوَصِيَّةِ سَهْمًا ثُمَّ تَجْعَلُ نَصِيبَ الِابْنِ ثَلَاثَةً لِحَاجَتِنَا إلَى مَعْرِفَةِ نَصِيبِ ابْنٍ ثَالِثٍ وَصَارَ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةَ أَنْصِبَاءٍ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ ثُمَّ تَطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الِابْنِ سَهْمًا بَقِيَ الْمَالُ خَمْسَةً ثُمَّ تَسْتَرِدُّ مِنْ نَصِيبِ الْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَتَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ فَبَقِيَ فِي يَدِهِ سَهْمَانِ وَهُوَ خُمُسَا الْمَالِ وَلِلِابْنِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلَوْ تَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنَيْهِ إلَّا نَصِيبَ أَحَدِهِمْ أَوْ إلَّا مِثْلَ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ فَلِلْمُوصَى لَهُ خُمُسَانِ وَلِلْبَنِينَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ الْبَنِينَ ثَلَاثَةٌ وَتَزِيدُ عَلَيْهَا ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِمْ فَصَارَ الْمَالُ سِتَّةً لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ وَلِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، ثُمَّ اطْرَحْ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ وَهُوَ سَهْمٌ فَصَارَ الْمَالُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْوَرَثَةِ سَهْمَانِ، ثُمَّ اسْتَثْنِ مِنْ نَصِيبِ الْمُوصَى لَهُ سَهْمًا فَصَارَ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْمُوصَى لَهُ خُمُسَانِ. وَإِنْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا إلَّا نَصِيبَ ابْنٍ ثَالِثٍ أَوْ إلَّا مِثْلَ نَصِيبِ ابْنٍ ثَالِثٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ مِنْ سَبْعَةٍ، وَلِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّك تَأْخُذُ نَصِيبَ الِابْنَيْنِ سَهْمَيْنِ وَتَزِيدُ عَلَيْهِ سَهْمًا لِلْوَصِيَّةِ فَصَارَ الْمَالُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ وَسَهْمَانِ لِلِابْنَيْنِ، ثُمَّ اقْسِمْ نَصِيبَ الِابْنَيْنِ ثَلَاثَةً لِتُبَيِّنَ نَصِيبَ الِابْنِ الثَّالِثِ، وَقِسْمَةُ الِاثْنَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَا تَسْتَقِيمُ فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فَصَارَ سِتَّةً وَاضْرِبْ نَصِيبَ الْمُوصَى لَهُ وَهُوَ وَاحِدٌ أَيْضًا فِي ثَلَاثَةٍ فَصَارَ الْكُلُّ تِسْعَةً، ثُمَّ اطْرَحْ نَصِيبَ الثَّالِثِ وَهُوَ سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةٍ فَبَقِيَ الْمَالُ سَبْعَةً لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ، ثُمَّ اسْتَرْجِعْ مِنْ الْمُوصَى لَهُ سَهْمَيْنِ نَصِيبَ ابْنٍ ثَالِثٍ فَصَارَ لِلِابْنَيْنِ سِتَّةٌ وَلِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ، وَلَوْ تَرَكَ ابْنًا وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ إلَّا مِثْلَ نَصِيبِ ابْنِهِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ وَإِذَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ فَلِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ الْمَالِ وَهُوَ مِثْلُ نَصِيبِ الِابْنِ إنْ أَجَازَ الْوَارِثُ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ فَلَهُ الثُّلُثُ. وَإِنْ تَرَكَ ابْنًا وَاحِدًا وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِنِصْفِ مَالِهِ إلَّا مِثْلَ نَصِيبِ ابْنِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ. وَإِنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ إلَّا نِصْفَ مَالِهِ وَتَرَكَ ابْنًا وَاحِدًا صَحَّا وَلِلْمُوصَى لَهُ رُبُعُ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ سَهْمٌ إذْ الِابْنُ وَاحِدٌ فَزِدْ عَلَيْهِ سَهْمًا لِأَجْلِ الْوَصِيَّةِ بِالْمِثْلِ وَاجْعَلْ كُلَّ سَهْمٍ سَهْمَيْنِ لِحَاجَتِنَا إلَى

مَعْرِفَةِ نِصْفِ الْمَالِ فَصَارَ كُلُّ الْمَالِ أَرْبَعَةً فَأَعْطِ لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى مِنْ النَّصِيبِ نِصْفَ الْمَالِ كَانَ النَّصِيبُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْمَالِ وَاسْتَرْجِعْ مِنْهُ نِصْفَ الْمَالِ وَهُوَ اثْنَانِ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الِابْنِ ثَلَاثَةٌ وَيَبْقَى لَهُ سَهْمٌ وَهُوَ رُبُعُ الْمَالِ، وَإِنْ تَرَكَ أَرْبَعَةَ بَنِينَ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِنِصْفِ مَالِهِ إلَّا نَصِيبَ أَحَدِ الْبَنِينَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمَالِ وَهُوَ سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ. وَإِنْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا إلَّا نَصِيبَ ابْنٍ ثَالِثٍ وَأَوْصَى لِآخَرَ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى فَلِلْأَوَّلِ سَهْمَانِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلِلثَّانِي سَهْمٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّك تَأْخُذُ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى سَهْمَيْنِ لِابْنَيْنِ ثُمَّ تَزِيدُ عَلَيْهِ سَهْمًا لِلْمُوصَى لَهُ فَصَارَ ثَلَاثَةً ثُمَّ تَضْرِبُ نَصِيبَ الِابْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى مَعْرِفَةِ نَصِيبِ ابْنٍ ثَالِثٍ فَصَارَ سِتَّةً وَصَارَ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةً فَتَطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الِابْنَيْنِ سَهْمَيْنِ وَهُوَ نَصِيبُ ابْنٍ ثَالِثٍ فَصَارَ مَعَنَا أَرْبَعَةٌ، ثُمَّ تَسْتَرْجِعُ مِنْ النَّصِيبِ سَهْمَيْنِ فَصَارَ سِتَّةً لِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةٌ فَصَارَ الْمَالُ سَبْعَةً، ثُمَّ تُضَعِّفُ الْفَرِيضَةَ الْأُولَى وَهُوَ سَبْعَةٌ فَيَكُونُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَتَزِيدُ عَلَيْهِ وَاحِدًا لِلْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ فَصَارَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَالنَّصِيبُ الْكَامِلُ كَانَ ثَلَاثَةً فَصَارَ سِتَّةً، وَإِنْ قَالَ: إلَّا نَصِيبَ ابْنٍ رَابِعٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلِلْأَوَّلِ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ وَلِلثَّانِي سَهْمٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةً؛ لِأَنَّك تَأْخُذُ مَأْخَذَ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى وَذَلِكَ سَهْمَانِ لِابْنَيْنِ. ثُمَّ تَزِيدُ وَاحِدًا لِلْوَصِيَّةِ، ثُمَّ تَضْرِبُ نَصِيبَ الِابْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى مَعْرِفَةِ نَصِيبِ ابْنٍ رَابِعٍ فَصَارَ ثَمَانِيَةً فَصَارَ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ أَرْبَعَةً فَطَرَحْنَا مِنْ نَصِيبِ الِابْنَيْنِ نَصِيبَ ابْنٍ رَابِعٍ وَذَلِكَ اثْنَانِ لِيُمْكِنَنَا اسْتِرْجَاعُهُ مِنْ النَّصِيبِ فَعَادَ الْمَالُ إلَى عَشَرَةٍ وَالنَّصِيبُ أَرْبَعَةٌ، وَالْمُسْتَرْجَعُ سَهْمَانِ فَإِذَا ضَمَّ إلَيْهِ الْوَصِيَّةَ الثَّانِيَةَ تُضَعَّفُ الْفَرِيضَةُ الْأُولَى فَصَارَتْ عِشْرِينَ، ثُمَّ زَادَ وَاحِدًا فَصَارَ أَحَدًا وَعِشْرِينَ فَهُوَ الْمَالُ وَصَارَ النَّصِيبُ بَعْدَ التَّضْعِيفِ ثَمَانِيَةً وَإِنْ قَالَ: إلَّا نَصِيبَ ابْنٍ خَامِسٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلِلْأَوَّلِ سِتَّةٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَلِلثَّانِي سَهْمٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ عَشَرَةٌ؛ لِأَنَّك تَضْرِبُ نَصِيبَ الِابْنَيْنِ وَهُوَ سَهْمَانِ فِي خَمْسَةٍ فَصَارَ عَشَرَةً وَصَارَ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ خَمْسَةً وَتَطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الِابْنَيْنِ نَصِيبَ ابْنٍ خَامِسٍ، وَهُوَ سَهْمَانِ حَتَّى يُمْكِنَ الِاسْتِرْجَاعُ مِنْ النَّصِيبِ فَعَادَ الْمَالُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ النَّصِيبُ خَمْسَةٌ وَالْمُسْتَرْجَعُ سَهْمَانِ، فَإِذَا ضَمَّ إلَيْهِ الْوَصِيَّةَ الثَّانِيَةَ تُضَعَّفُ الْفَرِيضَةُ الْأُولَى فَصَارَ سِتَّةً وَعِشْرِينَ فَزِدْ وَاحِدًا فَصَارَ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ وَصَارَ النَّصِيبُ بَعْدَ التَّضْعِيفِ عَشَرَةً وَالْوَصِيَّةُ سِتَّةً وَيُخَرَّجُ عَلَى هَذَا إلَّا نَصِيبَ ابْنٍ سَادِسٍ أَوْ سَابِعٍ أَوْ ثَامِنٍ أَوْ تَاسِعٍ أَوْ عَاشِرٍ. وَإِنْ تَرَكَ ابْنًا وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ إلَّا نَصِيبَ ابْنٍ آخَرَ وَإِلَّا ثُلُثَ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ أَوْ رُبُعَ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ فَالِاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى لَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِمِثْلِ ثُلُثِ مَا بَقِيَ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي وَصِيَّةٌ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ أَوْ بِرُبُعِ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ، فَالْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا إلَّا نَصِيبَ ابْنٍ ثَالِثٍ وَأَوْصَى آخَرُ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى أَوْ إلَّا ثُلُثَ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ الْحَاصِلَةِ صَحَّا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بَعْدَ النَّصِيبِ أَوْ اسْتَثْنَى نَصِيبَ ابْنٍ رَابِعٍ، كَذَا فِي الْكَافِي فِي بَابِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. وَمَنْ قَالَ سُدُسُ مَالِي لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لَهُ ثُلُثُ مَالِي وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَلَهُ ثُلُثُ الْمَالِ وَيَدْخُلُ السُّدُسُ فِيهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ دَرَاهِمِهِ أَوْ بِثُلُثِ غَنَمِهِ فَهَلَكَ ثُلُثَا ذَلِكَ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ كُلُّ مَا بَقِيَ. وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ ثَلَاثَةٍ مِنْ رَقِيقِهِ فَمَاتَ اثْنَانِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ثُلُثُ الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَهُ كُلُّ هَذَا الْعَبْدِ. وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ ثِيَابِهِ وَهَلَكَ ثُلُثَاهَا وَبَقِيَ ثُلُثُهَا وَهُوَ يُخْرِجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا ثُلُثَ مَا بَقِيَ مِنْ الثِّيَابِ، قَالُوا: هَذَا إذَا كَانَتْ الثِّيَابُ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الثِّيَابُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ وَكَذَا الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ بِمَنْزِلَتِهَا وَالدُّورُ الْمُخْتَلِفَةُ كَالثِّيَابِ الْمُخْتَلِفَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي. وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَهُ مَالٌ عَيْنٌ وَدَيْنٌ فَإِنْ خَرَجَتْ الْأَلْفُ مِنْ ثُلُثِ الْعَيْنِ دَفَعَ إلَى.

الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ دَفَعَ إلَيْهِ ثُلُثَ الْعَيْنِ وَكُلَّمَا خَرَجَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ أَخَذَ ثُلُثَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَلْفَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ وَبَكْرٍ وَبَكْرٌ مَيِّتٌ وَهُوَ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ أَوْ لِزَيْدٍ وَبَكْرٍ إنْ كَانَ حَيًّا وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ لَهُ وَلِمَنْ كَانَ فِي هَذَا الْبَيْتِ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ أَوْ لَهُ وَلِعَقِبِهِ أَوْ لَهُ وَلِوَلَدِ بَكْرٍ فَمَاتَ وَلَدُهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ لَهُ وَلِفُقَرَاءِ وَلَدِهِ أَوْ لِمَنْ افْتَقَرَ مِنْ وَلَدِهِ وَفَاتَ شَرْطُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ فَلِزَيْدٍ كُلُّهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ أَوْ الْمَيِّتَ لَا يَصْلُحُ مُسْتَحِقًّا فَلَمْ تَثْبُتْ الْمُزَاحَمَةُ لِزَيْدٍ وَصَارَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَجِدَارٍ وَكَذَا الْعَقِبُ؛ لِأَنَّ الْعَقِبَ مَنْ يَعْقُبُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَكُونُ مَعْدُومًا فِي الْحَالِ. وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي بَيْنَ زَيْدٍ وَبَكْرٍ وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ زَيْدٍ وَبَكْرٍ إنْ مِتُّ وَهُوَ حَيٌّ أَوْ فَقِيرٌ فَمَاتَ وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ غَنِيٌّ أَوْ لَهُ وَلِبَكْرٍ إنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ أَوْ لَهُ وَلِوَلَدِ بَكْرٍ فَحَدَثَ لَهُ أَوْ كَانَ فَمَاتَ فَحَدَثَ غَيْرُهُ أَوْ لَهُ وَلِوَلَدِ فُلَانٍ إنْ افْتَقَرُوا فَلَمْ يَفْتَقِرُوا حَتَّى مَاتَ الْمُوصِي أَوْ لَهُ وَلِوَارِثِهِ أَوْ لِابْنَيْ زَيْدٍ وَلَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ، فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ لَهُ نِصْفُ الثُّلُثِ. وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي بَيْنَ بَنِي زَيْدٍ وَبَنِي بَكْرٍ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَنُونَ فَكُلُّ الثُّلُثُ لِبَنِي الْآخَرِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ وَلِعَمْرٍو أَوْ قَالَ: بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَنِصْفُ الثُّلُثِ لِلْبَاقِي وَنِصْفُهُ لِوَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ الْمَيِّتِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ الْقَبُولِ، ثُمَّ قَبِلَ الْحَيُّ يَمْلِكَانِ الْمُوصَى بِهِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي رَجَعَ نَصِيبُهُ إلَى الْمُوصِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَلِمَنْ افْتَقَرَ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ فَمَاتَ الْمُوصِي وَوَلَدُ عَبْدِ اللَّهِ كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءُ فَلِفُلَانٍ جَمِيعُ الثُّلُثِ، وَلَوْ افْتَقَرَ بَعْضُ وَلَدِهِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي فَالثُّلُثُ بَيْنَ فُلَانٍ وَبَيْنَ مَنْ افْتَقَرَ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، وَلَوْ أَنَّ وَلَدَ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَزَالُوا فُقَرَاءَ مُنْذُ وُلِدُوا حَتَّى مَاتَ الْمُوصِي فَظَاهِرُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ اللَّفْظِ فِي الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ سَهْمٌ مِنْ الثُّلُثِ بَلْ يَكُونُ جَمِيعُ الثُّلُثِ لِفُلَانٍ، وَلَوْ مَاتَ أَوْلَادُ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِينَ كَانُوا يَوْمَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ أَوْلَادٌ وَاسْتَغْنَوْا، ثُمَّ افْتَقَرُوا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ فُلَانٍ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَلِوَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ فَمَاتَ وَلَدُ عَبْدِ اللَّهِ وَوُلِدَ لَهُ غَيْرُهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَالثُّلُثُ بَيْنَ فُلَانٍ وَبَيْنَ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ. وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَلِوَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ هَؤُلَاءِ إنْ افْتَقَرُوا فَلَمْ يَفْتَقِرُوا حَتَّى مَاتَ الْمُوصِي كَانَ لِفُلَانٍ حِصَّتُهُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى اعْتِبَارِ عَدَدِ الرُّءُوسِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. امْرَأَةٌ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَأَوْصَتْ بِنِصْفِ مَالِهَا لِأَجْنَبِيٍّ جَازَ وَلِلزَّوْجِ الثُّلُثُ وَلِلْمُوصَى لَهُ النِّصْفُ يَبْقَى سُدُسٌ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ وَصِيَّةَ الْأَجْنَبِيِّ بِقَدْرِ الثُّلُثِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْإِرْثِ فَبَقِيَ تَرِكَتُهَا ثُلُثَا الْمَالِ فَلِلزَّوْجِ نِصْفُ ذَلِكَ وَهُوَ ثُلُثُ الْكُلِّ بَقِيَ ثُلُثٌ آخَرُ، وَلَيْسَ لَهُ مُسْتَحِقٌّ لِمِيرَاثٍ فَنَفَذَ فِيهِ بَاقِي الْوَصِيَّةِ وَذَلِكَ السُّدُسُ فَوَصَلَ إلَى الْمُوصَى لَهُ نِصْفُ الْمَالِ وَبَقِيَ السُّدُسُ لَا وَصِيَّةَ وَلَا وَارِثَ فِيهِ فَيُصْرَفُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ. وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ امْرَأَتِهِ وَأَوْصَى بِمَالِهِ كُلِّهِ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ تُجِزْ الْمَرْأَةُ فَلِلْمَرْأَةِ السُّدُسُ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ صَارَ مُسْتَحَقًّا بِالْوَصِيَّةِ بَقِيَتْ الشَّرِكَةُ فِي ثُلُثَيْ الْمَالِ فَلِلْمَرْأَةِ رُبُعُ ذَلِكَ وَالْبَاقِي لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْأَصْلِ إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ الْمَالِ لِبَنِي فُلَانٍ وَلَيْسَ لِفُلَانٍ ابْنٌ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ، ثُمَّ حَدَثَ لَهُ بَنُونَ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَاتَ الْمُوصِي كَانَ الثُّلُثُ لِلَّذِينَ حَدَثُوا مِنْ بَنِيهِ هَذَا إذَا كَانَ أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ وَلَيْسَ لِفُلَانٍ بَنُونَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ لِفُلَانٍ بَنُونَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يُسَمِّهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ أَحْمَدَ وَزَيْدٍ وَبَكْرٍ وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِمْ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ: هَؤُلَاءِ، فَالْوَصِيَّةُ لِبَنِيهِ الْمَوْجُودِينَ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي حَتَّى لَوْ مَاتَ هَؤُلَاءِ الْمَوْجُودُونَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَحَدَثَ لَهُ بَنُونَ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَقَوْا أَحْيَاءً إلَى أَنْ مَاتَ الْمُوصِي كَانَ لَهُمْ ثُلُثُ الْمَالِ، وَإِنْ سَمَّاهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَشَارَ إلَيْهِمْ فَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ حَتَّى لَوْ مَاتُوا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِذَا سَمَّاهُمْ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِمْ فَالْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنٌ فَتُعْتَبَرُ صِحَّةُ الْإِيجَابِ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِعَبْدِ اللَّهِ وَزَيْدٍ وَعَمْرٍو لِعَمْرٍو مِنْهُ مِائَةٌ، وَالثُّلُثُ كُلُّهُ مِائَةٌ فَهِيَ لِعَمْرٍو، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَلِعَمْرٍو مِائَةٌ وَمَا بَقِيَ لِزَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ نِصْفَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِشَخْصٍ وَلَا مَالَ لَهُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ كَانَ لَهُ ثُلُثُ مَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ سَوَاءٌ.

اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ أَوْ قَبْلَهَا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ الْمُوصَى بِهِ عَيْنًا أَوْ نَوْعًا مُعَيَّنًا. وَأَمَّا إذَا أَوْصَى بِعَيْنٍ أَوْ بِنَوْعٍ مِنْ مَالِهِ كَثُلُثِ غَنَمِهِ فَهَلَكَ قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ حَتَّى لَوْ اكْتَسَبَ غَنَمًا أُخْرَى أَوْ عَيْنًا أُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ غَنَمٌ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ فَاسْتَفَادَهَا، ثُمَّ مَاتَ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ شَاةٌ مِنْ مَالِي وَلَيْسَ لَهُ غَنَمٌ يُعْطِي قِيمَةَ الشَّاةِ، وَلَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ وَلَمْ يُضِفْهَا إلَى مَالِي وَلَا غَنَمَ لَهُ قِيلَ: لَا يَصِحُّ، وَقِيلَ: يَصِحُّ. وَلَوْ قَالَ: شَاةٌ مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنَمَ لَهُ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ كُلُّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ كَالْبَقَرِ وَالْبَعِيرِ وَنَحْوِهِمَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَنْ أَوْصَى إلَيْهِ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَغَصَبَ رَجُلٌ الْمَالَ مِنْ الْمُوصِي فَاسْتَهْلَكَهُ وَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ صَدَقَةً وَالْغَاصِبُ مُقِرٌّ بِهِ أَجْزَتْهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لَك بِشَاةٍ مِنْ مَالِي فَإِنَّهُ لَا تَتَعَلَّقُ الْوَصِيَّةُ بِالشَّاةِ الَّتِي تَكُونُ لَهُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ، وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ الْوَصِيَّةُ بِالشَّاةِ الَّتِي تَكُونُ فِي يَوْمِ الْمَوْتِ، ثُمَّ إذَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ وَانْصَرَفَتْ الْوَصِيَّةُ إلَى شَاةٍ تَكُونُ فِي مَالِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ إذَا مَاتَ الْمُوصِي بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرَكَ مَالًا. إنْ كَانَ فِي مَالِهِ شَاةٌ فَالْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا دَفَعُوا الشَّاةَ إلَيْهِ وَإِنْ شَاءُوا دَفَعُوا قِيمَةَ الشَّاةِ، ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْوَارِثَ يُعْطِيهِ الشَّاةَ الْأَخَسَّ أَوْ الْوَسَطَ أَوْ الْأَعْلَى أَوْ قِيمَةَ أَيِّ شَاةٍ يُؤَدِّي. رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْوَرَثَةَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا أَعْطَوْا شَاةً وَسَطًا وَإِنْ شَاءُوا أَعْطَوْا قِيمَةَ شَاةٍ وَسَطٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ: بِرْذَوْنِي الْأَشْقَرُ وَصِيَّةً لِفُلَانٍ فَهَذَا عَلَى مَا يَمْلِكُ لَا عَلَى مَا يَسْتَفِيدُ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ: عَبْدِي الْأَعْمَى أَوْ السِّنْدِيُّ أَوْ الْحَبَشِيُّ لِفُلَانٍ. وَلَوْ قَالَ: عَبِيدِي لِفُلَانٍ أَوْ بَرَاذِينِي لِفُلَانٍ وَلَمْ يُضِفْ إلَى شَيْءٍ وَلَمْ يُسَمِّهِمْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ لَهُ فِي الْحَالِ وَمَا يَسْتَفِيدُ قَبْلَ الْمَوْتِ. رَجُلٌ قَالَ: هَذِهِ الْبَقَرَةُ لِفُلَانٍ - قَالَ أَبُو نَصْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُعْطُوهُ قِيمَتَهَا، وَلَوْ قَالَ: هِيَ لِلْمَسَاكِينِ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَتَصَدَّقُوا بِقِيمَتِهَا وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَهُنَّ ثَلَاثٌ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَلَهُنَّ ثَلَاثَةٌ مِنْ خَمْسَةِ أَسْهُمٍ وَسَهْمٌ لِلْفُقَرَاءِ وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِفُلَانٍ وَلِلْمَسَاكِينِ فَنِصْفُهُ لِفُلَانٍ وَنِصْفُهُ لِلْمَسَاكِينِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِلْمَسَاكِينِ؛ لَهُ صَرْفُهُ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ لَا يُصْرَفُ إلَّا إلَى مِسْكِينَيْنِ. وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ فَقَالَ لِآخَرَ: أَشْرَكْتُك وَأَدْخَلْتُك مَعَهُ فَالثُّلُثُ لَهُمَا. وَإِنْ أَوْصَى بِمِائَةٍ لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ بِمِائَةٍ، ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا فَلَهُ ثُلُثُ كُلِّ مِائَةٍ. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَلِآخَرَ بِمِائَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا لَهُ نِصْفُ مَا لِكُلٍّ. وَمَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَقَالَ لِوَرَثَتِهِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ، فَصَدَّقُوهُ فِيمَا قَالَ، ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إلَى الثُّلُثِ أَيْ إذَا ادَّعَى الدَّيْنَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَكَذَّبَتْهُ الْوَرَثَةُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ فَإِنْ أَوْصَى بِوَصَايَا مَعَ ذَلِكَ عُزِلَ الثُّلُثُ لِأَصْحَابِ الْوَصَايَا وَالثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا عُزِلَ يُقَالُ لِأَصْحَابِ الْوَصَايَا: صَدِّقُوهُ فِيمَا شِئْتُمْ، وَيُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: صَدِّقُوهُ فِيمَا شِئْتُمْ، فَإِذَا أَقَرَّ كُلُّ فَرِيقٍ بِشَيْءٍ ظَهَرَ أَنَّ فِي التَّرِكَةِ دَيْنًا شَائِعًا فِي النَّصِيبَيْنِ فَيُؤْخَذُ أَصْحَابُ الثُّلُثِ بِثُلُثِ مَا أَقَرُّوا وَالْوَرَثَةُ بِثُلُثَيْ مَا أَقَرُّوا يَنْفُذُ إقْرَارُ كُلِّ فَرِيقٍ فِي قَدْرِ حَقِّهِ وَعَلَى كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمَا الْيَمِينُ عَلَى الْعِلْمِ إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا أَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ وَوَارِثِهِ كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ نِصْفُ الْوَصِيَّةِ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ، وَعَلَى هَذَا إذَا أَوْصَى لِلْقَاتِلِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ لِوَارِثِهِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ حَيْثُ لَا يَصِحُّ لِلْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. قَالَ الْإِمَام التُّمُرْتَاشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا مَا ذَكَرَهُ حُكْمُ الْبَطَلَانِ فِي الْإِقْرَارِ فِيمَا إذَا تَصَادَقَا، فَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْأَجْنَبِيُّ شَرِكَةَ الْوَارِثِ أَوْ الْوَارِثُ أَنْكَرَ شَرِكَةَ الْأَجْنَبِيِّ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ أَيْضًا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَصِحُّ فِي حِصَّةِ الْأَجْنَبِيِّ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِدَابَّةٍ أَوْ بِثَوْبٍ فَإِنَّ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُعْطُوهُ أَيَّ دَابَّةٍ وَأَيَّ ثَوْبٍ شَاءُوا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ جَيِّدٍ وَوَسَطٍ وَرَدِيء فَأَوْصَى بِكُلِّ وَاحِدٍ لِرَجُلٍ فَضَاعَ ثَوْبٌ وَلَا يَدْرِي أَيَّهَا هُوَ وَالْوَرَثَةُ يَجْحَدُونَ ذَلِكَ - فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَمَعْنَى جُحُودِهِمْ أَنْ يَقُولَ

الْوَارِثُ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ: الثَّوْبُ الَّذِي هُوَ حَقُّك قَدْ هَلَكَ فَكَانَ الْمُسْتَحِقُّ مَجْهُولًا وَجَهَالَتُهُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْقَضَاءِ وَتَحْصِيلَ الْمَقْصُودِ فَبَطَلَ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ الْوَرَثَةَ الثَّوْبَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ فَإِنْ سُلِّمُوا زَالَ الْمَانِعُ وَهُوَ الْجُحُودُ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْجَيِّدِ ثُلُثَا الثَّوْبِ الْأَجْوَدِ وَلِصَاحِبِ الْوَسَطِ ثُلُثُ الْجَيِّدِ وَثُلُثُ الْأَدْوَنِ وَلِصَاحِبِ الرَّدِيءِ ثُلُثَا الثَّوْبِ الْأَدْوَنِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا كَانَتْ الدَّارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَوْصَى أَحَدُهُمَا بِبَيْتٍ بِعَيْنِهِ لِرَجُلٍ فَإِنَّ الدَّارَ تُقَسَّمُ فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الْمُوصِي فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نِصْفُهُ لِلْمُوصَى لَهُ وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ فَلِلْمُوصَى لَهُ مِثْلُ ذَرْعِ الْبَيْتِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مِثْلُ ذَرْعِ نِصْفِ الْبَيْتِ. وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا مِنْ مَالِ غَيْرِهِ فَأَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَدَفَعَهُ إلَيْهِ جَازَ وَلَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّسْلِيمِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ لِلْقَاتِلِ أَوْ لِلْوَارِثِ فَأَجَازَتْهَا الْوَرَثَةُ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَمْتَنِعُوا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِآخَرَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ وَلَا شَيْءَ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْوَارِثُ. قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: بَلْ أَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ أَوْ قَالَ: أَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ؛ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ، قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ إقْرَارًا مُتَّصِلًا، فَقَالَ: أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ وَأَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ جَعَلْت الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ قَالَ: وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ حَتَّى يَدْفَعَ مِثْلَهُ إلَى الثَّانِي وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ لَمْ يَضْمَنْ لِلثَّانِي، وَلَوْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِوَصِيَّةِ أَلْفٍ بِعَيْنِهَا وَهُوَ الثُّلُثُ، ثُمَّ أَقَرَّ لِآخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالثُّلُثِ، ثُمَّ رَفَعَ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَنْفُذُ الْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ لِلثَّانِي عَلَى الْوَارِثِ شَيْءٌ. قَالَ: وَإِذَا شَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِفُلَانٍ بِالثُّلُثِ فَدَفَعَا ذَلِكَ إلَيْهِ، ثُمَّ شَهِدَا أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ أَوْصَى بِهِ لِآخَرَ وَقَالَا: أَخْطَأْنَا فَإِنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُمَا ضَامِنَانِ لِلثُّلُثِ يَدْفَعَانِهِ إلَى الْآخَرِ، وَلَوْ لَمْ يَكُونَا دَفَعَا شَيْئًا أَجَزْت شَهَادَتَهُمَا لِلْآخَرِ وَأَبْطَلْت وَصِيَّةَ الْأَوَّلِ. قَالَ: وَإِذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ ثَلَاثَةً وَالْمَالُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَأَخَذَ كُلُّ إنْسَانٍ أَلْفًا، ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمْ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ إلَى فُلَانٍ وَجَحَدَ الْآخَرَانِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَا اثْنَيْنِ وَالْمَالُ أَلْفَانِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ كَانَ الْمَالُ أَلْفًا عَيْنًا وَأَلْفًا دَيْنًا عَلَى أَحَدِهِمَا فَأَقَرَّ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى لِهَذَا بِالثُّلُثِ أَخَذَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفِ ثُلُثَهَا وَكَانَ لِلْمُقِرِّ ثُلُثَاهَا قَالَ: وَلَوْ تَرَكَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَاقْتَسَمَاهَا نِصْفَيْنِ، ثُمَّ غَابَ أَحَدُهُمَا فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَاضِرِ بِوَصِيَّةٍ بِالثُّلُثِ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ حَقَّهُمَا فِي التَّرِكَةِ عَلَى السَّوَاءِ فَأَخَذَ بِالْقِيَاسِ هَاهُنَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ هَاهُنَا وَصِيَّةَ الْمَشْهُودِ لَهُ تَثْبُتُ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ حَتَّى إذَا رَجَعَ الْغَائِبُ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ فَلَا يُجْعَلُ هُوَ مَعَ مَا فِي يَدِهِ كَالْمَعْدُومِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ مِنْ الْمُوصَى بِهِ كَالْوَلَدِ وَالْغَلَّةِ وَالْكَسْبِ وَالْأَرْشِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ تَصِيرُ مُوصًى بِهَا حَتَّى تُعْتَبَرَ مِنْ الثُّلُثِ، أَمَّا إذَا أُحْدِثَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ هَلْ تَصِيرُ مُوصًى بِهَا لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ لَا تَصِيرُ مُوصًى بِهَا حَتَّى كَانَتْ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، كَمَا لَوْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَقَالَ مَشَايِخُنَا: تَصِيرُ مُوصًى بِهَا حَتَّى يُعْتَبَرَ خُرُوجُهَا مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَنْ أَوْصَى.

الباب الرابع في إجازة الولد من وصية أبيه في مرض موته

لِرَجُلٍ بِأَمَةٍ فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَدًا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَكِلَاهُمَا يَخْرُجَانِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَهُمَا لِلْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا مِنْ الثُّلُثِ تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ أَوَّلًا مِنْ الْأُمِّ، ثُمَّ مِنْ الْوَلَدِ وَعِنْدَهُمَا تَنْفُذُ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَصُورَتُهُ رَجُلٌ لَهُ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَمَةٌ تُسَاوِي ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِالْأَمَةِ، ثُمَّ مَاتَ فَوَلَدَتْ الْأَمَةُ وَلَدًا يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلِلْمُوصَى لَهُ الْأَمَةُ وَثُلُثُ الْوَلَدِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَهُ ثُلُثَا الْأَمَةِ وَثُلُثَا الْوَلَدِ، هَذَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَقَبْلَ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ، فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْقَبُولِ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ وَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْقَبُولِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُوصًى بِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَكَانَ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَمَشَايِخُنَا قَالُوا: يَصِيرُ مُوصًى بِهِ يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبُولِ وَإِنْ وَلَدَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصَى لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ وَبَقِيَ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ قَصْدًا وَسِرَايَةً وَالْكَسْبُ كَالْوَلَدِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ لَهُ أَمَةٌ قِيمَتُهَا ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَأَوْصَى بِهَا لِرَجُلٍ، ثُمَّ مَاتَ فَبَاعَهَا الْوَارِثُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْمُوصَى لَهُ فَوَلَدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَدًا قِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ جَاءَ الْمُوصَى لَهُ فَلَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ سَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي ثُلُثَا الْجَارِيَةِ وَثُلُثَا الْوَلَدِ وَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْجَارِيَةِ وَتُسْعُ الْوَلَدِ وَيُرَدُّ تُسْعَانِ فِي الْوَرَثَةِ، وَلَوْ كَانَتْ ازْدَادَتْ فِي بَدَنِهَا فَصَارَتْ قِيمَتُهَا سِتَّمِائَةٍ فَثُلُثَاهَا سَالِمَانِ لِلْمُشْتَرِي وَثُلُثُهَا لِلْوَرَثَةِ، وَلَوْ أَنَّ الْجَارِيَةَ نَقَصَتْ حَتَّى صَارَتْ تُسَاوِي مِائَةً أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَهَا وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ مِنْ قِيمَتِهَا بِأَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ دِرْهَمٍ تَمَامُ ثُلُثِ الْمَالِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب الرَّابِع فِي إجَازَة الْوَلَد مِنْ وَصِيَّة أَبِيهِ فِي مَرَض مَوْته] " الْبَابُ الرَّابِعُ فِي إجَازَةِ الْوَلَدِ مِنْ وَصِيَّةِ أَبِيهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَإِقْرَارِهِ بِالدِّينِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى أَبِيهِ وَمَا يَبْدَأُ بِهِ " وَإِذَا مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَابْنٍ وَأَوْصَى بِأَلْفَيْنِ مِنْهَا لِرَجُلٍ فَأَجَازَهَا الِابْنُ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَلِلْمُوصَى لَهُ أَلْفٌ بِلَا إجَازَةٍ وَثُلُثُ الْأَلْفَيْنِ أَيْضًا وَذَلِكَ ثُلُثُ مَالِ الِابْنِ، وَلَوْ أَوْصَى الِابْنُ مَعَ الْإِجَازَةِ لِوَصِيَّةِ أَبِيهِ بِثُلُثِ مَالِهِ لِآخَرَ فَثُلُثُ الْأَلْفَيْنِ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ الْآخَرِ وَالْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلِ نِصْفَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا أَخْمَاسًا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلِ وَخُمُسَاهُ لِلْآخَرِ فَإِنْ كَانَ وَصِيَّةُ الِابْنِ عِتْقًا فِي الْمَرَضِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ إجَازَةِ وَصِيَّةِ أَبِيهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى أَبِيهِ كَانَ الدَّيْنُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ مِنْ الْوَارِثِ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ وَالْإِعْتَاقُ فِي مَرَضِهِ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّتَانِ مَتَى اجْتَمَعَتَا وَإِحْدَاهُمَا عِتْقٌ فَالْعِتْقُ أَوْلَى وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَازَةُ مِنْ الْوَارِثِ فِي صِحَّةِ الْوَارِثِ كَانَتْ أَوْلَى مِنْ الْعِتْقِ وَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَازَ وَصِيَّةَ أَبِيهِ فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ أَقَرَّ عَلَى أَبِيهِ بِدَيْنٍ بُدِئَ بِالْإِجَازَةِ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِأَصْحَابِ الدَّيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَارِثُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ يَفِي بِدَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَفِي بِالدَّيْنِ ضَمِنَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ مِثْلَ مَا أَجَازَ، وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى أَبِيهِ دَيْنًا وَادَّعَى الْمُوصَى لَهُ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ أَنَّهُ أَجَازَ وَصِيَّةَ أَبِيهِ فَصَدَّقَهُمَا جَمِيعًا مَعًا كَانَ الدَّيْنُ أَوْلَى وَلَمْ يَضْمَنْ لِصَاحِبِ الْإِجَازَةِ شَيْئًا سَوَاءٌ صَدَّقَهُمَا فِي حَالَةِ الْمَرَضِ أَوْ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ الْوَارِثَ أَجَازَ وَصِيَّةَ أَبِيهِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ الدَّيْنُ أَوْلَى، وَبَعْدَ هَذَا يُنْظَرُ إنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ يُصْرَفُ ثُلُثُهُ إلَى الْإِجَازَةِ إذَا لَمْ تُجِزْ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ الثَّانِي ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَجَازَ فِي الْمَرَضِ، ثُمَّ أَقَرَّ عَلَى أَبِيهِ بِدَيْنٍ وَعَلَى نَفْسِهِ بُدِئَ بِدَيْنِ الْأَبِ، ثُمَّ بِدَيْنِهِ، ثُمَّ بِالْإِجَازَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ لَا مَالَ غَيْرُهُ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَتَرَكَ وَارِثًا وَاحِدًا وَلِهَذَا الْوَارِثِ عَبْدٌ قِيمَتُهُ مِثْلُ قِيمَةِ عَبْدِ مُوَرِّثِهِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ فَأَجَازَ الْوَارِثُ وَصِيَّةً أَبِيهِ وَأَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ؛ فَثُلُثُ الْعَبْدِ الْأَوَّلِ يُعْتَقُ مِنْ غَيْرِ سِعَايَةٍ بِلَا إجَازَةٍ وَهَذَا ظَاهِرٌ، ثُمَّ يُقَسَّمُ ثُلُثُ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ الْأَوَّلِ وَثُلُثُ جَمِيعِ الْعَبْدِ الثَّانِي بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِلْعَبْدِ الْأَوَّلِ وَسَهْمَانِ لِلْعَبْدِ الثَّانِي. مَرِيضٌ لَهُ أَلْفَا

فصل في اعتبار حالة الوصية

دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْهُمَا وَأَوْصَى لِرَجُلٍ آخَرَ بِالْأَلْفِ الْأُخْرَى، ثُمَّ مَاتَ فَأَجَازَ ابْنُهُ الْوَصِيَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ مَا وَرِثَ فَثُلُثُ الْأَلْفَيْنِ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا نِصْفَانِ بِوَصِيَّةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ. رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْصَى بِهَا لِرَجُلٍ فَمَاتَ فَوَرِثَهُ رَجُلٌ وَلِهَذَا الْوَارِثِ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَيْضًا فَأَوْصَى الْوَارِثُ بِهَا وَبِمَا وَرِثَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِرَجُلٍ، ثُمَّ مَاتَ الثَّانِي وَتَرَكَ وَارِثًا فَأَجَازَ وَصِيَّةَ أَبِيهِ وَوَصِيَّةَ جَدِّهِ جَمِيعًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ مَا وَرِثَ فَلِلْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلِ ثُلُثُ الْأَلْفِ الْأُولَى بِلَا إجَازَةٍ، ثُمَّ يُضَمُّ ثُلُثَا الْأَلْفِ الْأُولَى إلَى الْأَلْفِ الثَّانِيَةِ فَيُجْعَلُ ثُلُثُ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ الثَّانِي بِلَا إجَازَةٍ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ الثَّالِثِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ الثَّانِي عَلَى قَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ حِصَّتِهِمَا بِالْإِجَازَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [فَصْلٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْوَصِيَّةِ] (فَصْلٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْوَصِيَّةِ) إذَا أَقَرَّ مَرِيضٌ لِامْرَأَةٍ بِدَيْنٍ أَوْ أَوْصَى لَهَا بِوَصِيَّةٍ أَوْ وَهَبَ لَهَا هِبَةً، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، ثُمَّ مَاتَ جَازَ الْإِقْرَارُ عِنْدَنَا وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَالْهِبَةُ. وَإِذَا أَوْصَى الْمَرِيضُ لِابْنِهِ الْكَافِرِ أَوْ الرَّقِيقِ أَوْ وَهَبَ لَهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِدَيْنٍ فَأَسْلَمَ الِابْنُ أَوْ أُعْتِقَ قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الِابْنُ مُكَاتَبًا، كَذَا فِي الْكَافِي. مَرِيضٌ أَوْصَى وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَلَامِ لِضَعْفِهِ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْقِلُ إنْ فُهِمَتْ مِنْهُ الْإِشَارَةُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى النُّطْقِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ ذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّهُ وَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ كَلَامِهِ فَصَارَ كَالْأَخْرَسِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَالْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ وَالْأَشَلُّ وَالْمَسْلُولُ إذَا تَطَاوَلَ ذَلِكَ فَصَارَ بِحَالٍ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ حَتَّى تَصِحَّ هِبَتُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ فَلَوْ صَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ بَعْدَهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ حُدُوثِ الْمَرَضِ، وَأَمَّا فِي أَوَّلِ مَا أَصَابَهُ إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ وَقَدْ صَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ فَهُوَ مَرِيضٌ يَخَافُ بِهِ الْهَلَاكَ وَلِهَذَا يَتَدَاوَى فَكَانَ مَرَضَ الْمَوْتِ فَتُعْتَبَرُ هِبَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْكَافِي. أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ ثُمَّ جُنَّ، إنْ أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ فَهُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي إنْ أَجَازَ جَازَتْ وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَإِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى التَّوْقِيتِ فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْجُنُونَ الْمُطْبِقَ فِي حَقِّ التَّصَرُّفَاتِ يُقَدَّرُ بِسَنَةٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَمَنْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي السِّجْنِ لِيُقْتَلَ قِصَاصًا أَوْ رَجْمًا لَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَرِيضِ وَإِذَا أُخْرِجَ لِيُقْتَلَ فَحُكْمُهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ حُكْمُ الْمَرِيضِ، وَلَوْ كَانَ فِي صَفِّ الْقِتَالِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ وَإِذَا بَارَزَ فَحُكْمُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حُكْمُ الْمَرِيضِ، وَلَوْ كَانَ فِي السَّفِينَةِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ، وَإِذَا هَاجَ الْمَوْجُ فَحُكْمُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حُكْمُ الْمَرِيضِ، وَلَوْ أُعِيدَ إلَى السِّجْنِ وَلَمْ يُقْتَلْ أَوْ رَجَعَ بَعْدَ الْمُبَارَزَةِ إلَى الصَّفِّ أَوْ سَكَنَ الْمَوْجُ صَارَ حُكْمُهُ كَحُكْمِ الْمَرِيضِ الَّذِي بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ يَنْفُذُ جَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَالْمَجْذُومُ وَصَاحِبُ حُمَّى الرِّبْعِ وَحُمَّى الْغِبِّ إذَا صَارُوا أَصْحَابَ فِرَاشٍ يَكُونُونَ فِي حُكْمِ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. أَصَابَهُ فَالِجٌ فَذَهَبَ لِسَانُهُ أَوْ مَرِضَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَلَامِ، ثُمَّ أَشَارَ بِشَيْءٍ أَوْ كَتَبَ بِشَيْءٍ وَقَدْ تَقَادَمَ وَطَالَ أَرَادَ بِهِ مُدَّةَ سَنَةٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَخْرَسِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَالْمَرْأَةُ إذَا أَخَذَهَا الطَّلْقُ فَمَا فَعَلَتْهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا وَإِنْ سَلِمَتْ مِنْ ذَلِكَ جَازَ مَا فَعَلَتْهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْعِتْقِ وَالْمُحَابَاةِ وَالْهِبَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ] وَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَمْ يُعْتَقْ إلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ الْوَرَثَةُ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَوْلًا وَفِعْلًا كَسَائِرِ الْوَصَايَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ بِالْإِعْتَاقِ فَلَا يَقَعُ بِدُونِ الْإِعْتَاقِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَمَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضه أَوْ بَاعَ وَحَابَى أَوْ وَهَبَ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ وَيَضْرِبُ مَعَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا، وَكَذَلِكَ مَا ابْتَدَأَ الْمَرِيضُ إيجَابَهُ عَلَى نَفْسِهِ كَالضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ حَابَى، ثُمَّ أَعْتَقَ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا؛ فَالْمُحَابَاةُ أَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى فَهُمَا سَوَاءٌ، وَقَالَا: الْعِتْقُ أَوْلَى فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا حَابَى، ثُمَّ أَعْتَقَ، ثُمَّ حَابَى قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْمُحَابَاتَيْنِ نِصْفَيْنِ لِتَسَاوِيهِمَا، ثُمَّ مَا أَصَابَ الْمُحَابَاةَ الْأَخِيرَةَ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعِتْقِ وَلَوْ أَعْتَقَ، ثُمَّ حَابَى، ثُمَّ أَعْتَقَ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ وَالْمُحَابَاةِ، وَمَا أَصَابَ الْعِتْقُ قُسِّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِتْقِ الثَّانِي وَعِنْدَهُمَا الْعِتْقُ أَوْلَى بِكُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ صُورَةُ الْمُحَابَاةِ أَنْ يَبِيعَ الْمَرِيضُ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِخَمْسِينَ أَوْ يَشْتَرِي مَا يُسَاوِي خَمْسِينَ بِمِائَةٍ فَالزَّائِدُ عَلَى قِيمَةِ الْمِثْلِ فِي الشِّرَاءِ وَالنَّاقِصِ فِي الْبَيْعِ مُحَابَاةٌ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَالَ: أَعْتَقُوهُ، أَوْ قَالَ: هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ. وَأَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ تَحَاصًّا فِي الثُّلُثِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْعِتْقِ الَّذِي يُبْدَأُ بِهِ، وَإِنَّمَا يُبْدَأُ بِهِ إذَا قَالَ: هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي مُبْهَمًا أَوْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ أَلْبَتَّةَ أَوْ قَالَ: إنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَهَذَا يُبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ عِتْقٍ يَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِغَيْرِ وَقْتٍ يُبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ: هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ بِشَهْرٍ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِإِعْتَاقِ الْوَرَثَةِ أَوْ الْوَصِيِّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَةً فِي مَرَضِهِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ الْعِتْقِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ أَوْ بَعْدَمَا مَاتَ لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُهَا فِي الْوَصِيَّةِ. وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ وَقَالَ لِآخَرَ: إنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْت حُرٌّ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ تَحَاصًّا فِي الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي مَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَيَتَحَاصَّانِ فِي الثُّلُثِ. وَلَوْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ مُسَمًّى لَمْ يَجُزْ، قَالَ: وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِبَعْضِ رَقَبَتِهِ عَتَقَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ وَسَعَى فِي الْبَاقِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وَهَبَ لَهُ بَعْضَ رَقَبَتِهِ فِي حَيَاتِهِ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ كُلِّهَا عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لَهُ رَقَبَتَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ جَازَتْ وَصِيَّتُهُ وَعَتَقَ ثُلُثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مَالُهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ يُنْظَرُ إلَى ثُلُثَيْ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ مِثْلَ مَا وَجَبَ لَهُ فِي سَائِرِ أَمْوَالِهِ صَارَ قِصَاصًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ زِيَادَةً يَدْفَعُ إلَيْهِ الزِّيَادَةَ فَإِنْ كَانَ فِي ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ زِيَادَةٌ يَدْفَعُ إلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ عُرُوضًا لَا يَصِيرُ قِصَاصًا إلَّا بِالتَّرَاضِي لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوا الثُّلُثَ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِمْ السِّعَايَةُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَصَارَ كُلُّهُ مُدَبَّرًا فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ كُلُّهُ وَيَكُونُ الْعِتْقُ مُقَدَّمًا عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا فَإِنْ زَادَ الثُّلُثُ عَلَى مِقْدَارِ قِيمَتِهِ فَعَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يَدْفَعُوا إلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي الْفَضْلِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِرَجُلٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِذَلِكَ الْعَبْدِ أَنْ يُعْتَقَ أَوْ يُدَبَّرَ فَهَذَا رُجُوعٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ فِي مَرَضِهِ لِعَبْدٍ لَهُ وَلِمُدَبَّرِهِ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِلْمُدَبَّرِ سَهْمَانِ وَلِلْعَبْدِ سَهْمٌ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ عَبْدِهِ كَذَا دِرْهَمًا، ثُمَّ يُعْتَقُ كَانَ لَهُ مَا حَطَّ عَنْهُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ الْمَحْطُوطُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لَا تَجِبُ السِّعَايَةُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ يَحُطُّ عَنْهُ قَدْرَ الثُّلُثِ وَيَسْعَى فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا قَالَ: أَعْتِقُوا كُلَّ قَدِيمِ الصُّحْبَةِ لِي، يُعْتَقُ كُلُّ مَنْ كَانَتْ صُحْبَتُهُ حَوْلًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى عَبْدُ ابْنِهِ فَيُعْتَقُ عَنْهُ، ثُمَّ مَاتَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ فَيُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ فَيُعْتَقُ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَى بِالْإِجْمَاعِ فَيُعْتَقُ، وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ وَيُعْتَقُ عَنْهُ، رَجُلٌ قَالَ: أَوْصَيْت بِأَنَّ عَبْدِي هَذَا حُرٌّ قَالَ: هَذِهِ وَصِيَّةٌ بِالْعِتْقِ إنَّمَا يُعْتَقُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى، وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى عَبْدُ فُلَانٍ قَالَ: يُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ لَا بِمَا زَادَ فَإِنْ أَبَى مَوْلَاهُ أَنْ يَبِيعَهُ يُرَدُّ ثَمَنُهُ إلَى الْوَرَثَةِ. فَإِنْ قَالَ: اشْتَرُوا عَبْدَ فُلَانٍ فَأَعْتِقُوهُ وَأَبَى مَوْلَاهُ أَنْ يَبِيعَهُ حُبِسَ ثَمَنُهُ حَتَّى يَمُوتَ الْعَبْدُ أَوْ يُعْتَقَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

قَالَ: وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِرَجُلٍ، ثُمَّ أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مُسَمًّى حَطَّ عَنْهُ الثُّلُثَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ أَنْ يَشْتَرِيَ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِ إنْ شَاءَ أَوْ يَدَعَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمُحَابَاةِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْوَصَايَا وَقَدْ اسْتَوَتْ الْوَصِيَّتَانِ مِنْ اسْتِغْرَاقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الثُّلُثُ، فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِصَاحِبِ الْبَيْعِ نِصْفُهُ وَهُوَ السُّدُسُ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ الثُّلُثِ وَهُوَ سُدُسُ الرَّقَبَةِ، فَإِنَّمَا يُبَاعُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَيُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ سُدُسُ الرَّقَبَةِ، وَإِنْ أَبَى الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ ثُلُثُ الرَّقَبَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا تَرَكَ عَبْدًا لَا غَيْرُ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَقَدْ أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِهِ فَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالْمَالِ أَوْ بِالثُّلُثِ، فَإِنْ أَوْصَى بِهِ بِعَيْنِهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قَبْلَهُ لِآخَرَ فَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ أَوْ أَجَازَتْ وَلَمْ يُجِزْ صَاحِبُ الْبَيْعِ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ سُدُسُ الْعَبْدِ وَيُبَاعُ مَا بَقِيَ مِنْ الْآخَرِ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْأَلْفِ فَيَكُونُ لِلْوَرَثَةِ قِيلَ: هَذَا قَوْلُهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نِصْفُ السُّدُسِ الْعَبْدُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ وَيُبَاعُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَنِصْفُ سُدُسِهِ مِنْ الْآخَرِ بِقِيمَتِهِ فَيَكُونُ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ أَجَازُوا وَرَضِيَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْبَيْعِ يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ بِكَمَالِ وَصِيَّتِهِ فَيُقْسَمُ نِصْفَانِ نِصْفُهُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَنِصْفُهُ يُبَاعُ مِنْ الْآخَرِ فَيَكُونُ ثَمَنُهُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي - أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ الْعَبْدُ مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ وَأَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ لِآخَرَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَالْأُولَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْجَمِيعِ يَأْخُذُ سُدُسَ الْأَلْفِ مِنْ الْوَرَثَةِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَيْسَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِالْمَالِ هُنَا وَالثَّمَنُ مَالٌ كَالرَّقَبَةِ فَيَجُوزُ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ فِي الثَّمَنِ وَهُنَاكَ أَوْصَى لَهُ بِالْعَيْنِ وَهِيَ الرَّقَبَةُ وَالثَّمَنُ غَيْرُ الْعَيْنِ فَلَا يُمْكِنُ تَكْمِيلُ وَصِيَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِآخَرَ فَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا أَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُ الثُّلُثِ جُزْءًا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الرَّقَبَةِ وَيُبَاعَ الْبَاقِي مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ بِأَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْأَلْفِ، إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الثُّلُثِ يَأْخُذُ مِنْ الثَّمَنِ تَمَامَ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ مُوصًى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَالثَّمَنُ مَالُهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُبَاعُ الْكُلُّ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ وَيُعْطَى مِنْ الثُّلُثِ الثَّمَنَ إلَى صَاحِبِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ بِهَذِهِ الْأَلْفِ عَبْدٌ وَهَلَكَ مِنْهَا دِرْهَمٌ لَمْ يُعْتَقْ عَنْهُ بِمَا بَقِيَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: يُعْتَقُ عَنْهُ بِمَا بَقِيَ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى بِكُلِّ مَالِهِ عَبْدٌ فَيُعْتَقُ عَنْهُ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ بَطَلَتْ عِنْدَهُ أَيْضًا وَقَالَا: يُشْتَرَى بِالثُّلُثِ. وَلَوْ أَوَصَى بِأَنْ يُشْتَرَى لَهُ عَبْدٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَزَادَ الْأَلْفُ عَلَى الثُّلُثِ بَطَلَتْ عِنْدَهُ وَقَالَا: يُشْتَرَى بِالثُّلُثِ عَبْدٌ وَيُعْتَقُ. وَإِنْ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِهَذِهِ الْمِائَةِ فَهَلَكَ مِنْهَا دِرْهَمٌ يُحَجُّ عَنْهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ وَإِنْ لَمْ يَهْلَكْ شَيْءٌ حُجَّ بِهَا فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهَا رُدَّ عَلَى الْوَرَثَةِ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِهِ فَقِيلَ لَهُ: إنَّ ثُلُثَ مَالِك لَا يَكْفِي بِهِ، فَقَالَ: أَعِينُوا بِهِ فِي الْحَجِّ يُعَنْ بِهِ فِي الْحَجِّ عَلَى الْفُقَرَاءِ. وَمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَمَاتَ الْمُوصِي فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً وَدُفِعَ بِهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ فَدَاهُ الْوَرَثَةُ كَانَ الْفِدَاءُ مِنْ مَالِهِمْ وَأَمْضَوْا الْوَصِيَّةَ. وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ، ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ عَبْدًا وَمَالًا وَوَارِثًا فَقَالَ الْمُوصَى لَهُ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ، وَقَالَ الْوَارِثُ: أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ فَالْقَوْلُ لِلْوَارِثِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْعِتْقَ فِي الصِّحَّةِ. وَمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَعَبْدًا فَقَالَ رَجُلٌ: لِي عَلَى أَبِيك أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ، وَقَالَ الْعَبْدُ: أَعْتَقَنِي أَبُوك فِي صِحَّتِهِ، فَقَالَ الِابْنُ: صَدَقْتُمَا - سَعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ وَيَدْفَعُ الْقِيمَةَ إلَى الْغَرِيمِ، هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: يُعْتَقُ وَلَا يَسْعَى فِي شَيْءٍ. وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنًا وَأَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ رَجُلٌ: لِي عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ، وَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا الْأَلْفُ الَّذِي تَرَكَهُ أَبُوك كَانَ وَدِيعَةً لِي عِنْدَ أَبِيك، وَقَالَ الِابْنُ صَدَقْتُمَا فَعِنْدَهُ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَقَالَا: الْوَدِيعَةُ أَحَقُّ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَمَنْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ وَعَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَقَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ فَأَجَازَ الْوَارِثَانِ ذَلِكَ لَمْ يَسْعَ فِي شَيْءٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ ابْنَهُ فِي مَرَضِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَذَلِكَ قِيمَتُهُ وَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّ ابْنَهُ يُعْتَقُ

وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ وَيَرِثُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ وَيُقَاصُّ بِهَا مِيرَاثَهُ. وَلَوْ اشْتَرَى ابْنَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ وَأَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ آخَرَ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا، فَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُحَابَاةُ تُقَدَّمُ؛ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِهَا وَقَدْ اسْتَغْرَقَتْ الثُّلُثَ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهِ وَلَا يَرِثُ الِابْنُ شَيْئًا لِمَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ، وَعِنْدَهُمَا الْعِتْقُ مُتَقَدِّمٌ إلَّا أَنَّ الِابْنَ وَارِثٌ فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ وَلَكِنْ يُعْتِقُ الْعَبْدَ الْآخَرَ مَجَّانًا وَيَسْعَى الِابْنُ فِي قِيمَتِهِ وَيُطَالِبُ الْبَائِعَ بِالرَّدِّ فِيمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى. وَلَوْ كَانَ قِيمَةُ الِابْنِ أَلْفًا فَاشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ وَأَعْتَقَ عَبْدًا آخَرَ يُسَاوِي أَلْفًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَحَاصَّانِ الثُّلُثَ وَيَسْعَى الِابْنُ فِيمَا زَادَ عَلَى حِصَّتِهِ وَلَا مِيرَاثَ لَهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الِابْنُ وَارِثٌ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ وَيُقَاصُّ بِهَا مِنْ مِيرَاثِهِ. (قَالَ) وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا وَقِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا مِائَةٌ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا وَمَهْرُ مِثْلِهَا يَخْرُجَانِ مِنْ الثُّلُثِ جَعَلْتُ لَهَا الْمِيرَاثَ وَالْمَهْرَ وَأَجَزْتُ النِّكَاحَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا وَمَهْرُ مِثْلِهَا لَا يَخْرُجَانِ مِنْ الثُّلُثِ دَفَعَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا وَالثُّلُثَ مِمَّا بَقِيَ بَعْدَ الْمَهْرِ، ثُمَّ سَعَتْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهَا وَلَا مِيرَاثَ لَهَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - النِّكَاحُ جَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَسْعَاةَ عِنْدَهُمَا حُرَّةٌ عَلَيْهَا دَيْنٌ فَيَكُونُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَالْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهَا. وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَقِيمَتُهَا أَلْفٌ، ثُمَّ اسْتَدَانَ مِنْهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَتَرَكَ أَلْفَيْنِ سِوَى ذَلِكَ عِنْدَهُمَا هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَتَرِثُ وَلَهَا مَهْرُهَا لِانْتِهَاءِ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ وَلَهَا دَيْنُهَا الَّذِي اسْتَدَانَ مِنْهَا لِكَوْنِ سَبَبِهِ مُعَايَنًا وَعَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لَهَا. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - النِّكَاحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَوْفِي دَيْنَهَا مِنْ الْمَالِ، ثُمَّ لَهَا ثُلُثُ مَا بَقِيَ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَقِيمَتُهَا وَمَهْرُ مِثْلِهَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ؛ فَلِذَلِكَ بَطَلَ النِّكَاحُ. وَلَوْ أَعْتَقَهَا وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَاسْتَدَانَ مِنْهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَأَنْفَقَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَذَلِكَ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ مَاتَ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَا مَهْرَ إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَعَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ. وَلَوْ أَعْتَقَهَا فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا ثُمَّ اكْتَسَبَ مَالًا تَخْرُجُ هِيَ وَمَهْرُهَا مِنْ ثُلُثِهِ، فَإِنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ وَلَهَا الْمَهْرُ وَالْمِيرَاثُ وَلَا سِعَايَةَ لَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ رَقَبَةٍ وَيُعْطَى لَهَا مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ كَذَا فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً مُعَيَّنَةً جَازَ لَهَا الْعِتْقُ وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً جَازَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ لَا بِالْمَالِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: جَعَلْتُ ذَلِكَ مُفَوَّضًا إلَى الْمُوصِي إنْ أَحَبَّ أَعْطَاهَا فَيَجُوزُ كَقَوْلِهِ: ضَعْ مَالِي حَيْثُ أَحْبَبْت. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَشْتَرِي بِكَذَا حِنْطَةً وَبِكَذَا دِرْهَمٍ عَبْدًا وَيُعْتَقُ وَلَهُ عَبْدٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَ مِنْ الْعَبْدِ الَّذِي عِنْدَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَشْتَرِي بِكَذَا وَكَذَا حِنْطَةً وَيُفَرَّقُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَعِنْدَهُ حِنْطَةٌ يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ تِلْكَ الْحِنْطَةَ الَّتِي عِنْدَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ. وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقُوا عَنِّي عَبْدًا قِيلَ: لِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْتِقَ الْعَبْدَ الَّذِي كَانَ لِلْمَيِّتِ وَقْتَ الْمَوْتِ، وَلَوْ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَأَعْتَقَهُ جَازَ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَ الْعَبْدَ الَّذِي كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ: اعْتِقُوا عَنِّي عَبْدًا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: اشْتَرُوا لِي عَبْدًا فَأَعْتِقُوهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ عَبْدُهُ وَأَبَى الْعَبْدُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ فَادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ فَاسْتَحْلَفَ الِابْنَ فَنَكَلَ قُضِيَ بِعِتْقِهِ بِلَا سِعَايَةٍ فَإِنْ ادَّعَى الثَّانِي مِثْلَ ذَلِكَ فَنَكَلَ لَهُ عَتَقَ وَيَسْعَى فِي قِيمَتِهِ وَكَذَلِكَ الثَّالِثُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ ادَّعَى عِنْدَ حَكَمٍ حَكَّمَاهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا عَتَقَ الثَّانِي كُلُّهُ بِلَا سِعَايَةٍ، وَكَذَلِكَ الثَّالِثُ إذَا ادَّعَى عِنْدَ حَكَمٍ حَكَّمَاهُ أَيْضًا، وَلَوْ ادَّعَى الْأَوَّلُ عِنْدَ حَكَمٍ حَكَّمَاهُ قَضَى عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ بِالنُّكُولِ، ثُمَّ رَفَعَ الثَّانِي الْوَارِثَ إلَى الْقَاضِي فَنَكَلَ عِنْدَهُ عَتَقَ الثَّانِي بِلَا سِعَايَةٍ فَإِنْ رَفَعَهُ الثَّالِثُ إلَى قَاضٍ أَوْ إلَى حَكَمٍ رَضِيَا بِهِ فَنَكَلَ لَهُ أَيْضًا عَتَقَ بِلَا سِعَايَةٍ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ عَتَقَ الثَّانِي عِنْدَ.

قَاضٍ سَعَى الثَّالِثُ فِي رَقَبَتِهِ فِي كُلِّ قِيمَةٍ وَتَأْوِيلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الثَّالِثَ رَفَعَهُ قَبْلَ رَفْعِ الثَّانِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ وَأَوْصَى أَنْ يُبَاعَ عَبْدٌ آخَرُ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا وَحَطَّ مِنْ قِيمَتِهِ مِقْدَارَ الثُّلُثِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. إذَا تَرَكَ عَبْدَيْنِ يَخْرُجَانِ مِنْ الثُّلُثِ وَوَارِثِينَ فَأَوْصَى بِأَحَدِهِمَا لِرَجُلٍ أُجْبِرَا عَلَى أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى وَاحِدٍ فَإِنْ أَعْتَقَ الْمُوصَى لَهُ الْعَبْدَيْنِ، ثُمَّ عَيَّنَ الْوَارِثَانِ وَاحِدًا أَعْتَقَ أَيَّهُمَا عَيَّنَا وَإِنْ أَعْتَقَ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ، ثُمَّ عَيَّنَاهُ لَمْ يُعْتَقْ، وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِعِتْقِ أَحَدِهِمَا فَاخْتَارَ كُلُّ وَارِثٍ وَاحِدًا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا يُجْبَرَانِ عَلَى الِاجْتِمَاعِ عَلَى وَاحِدٍ، وَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ عَنْ الْمَيِّتِ ثُمَّ الْآخَرَ فَالْآخَرُ عَنْ الْمَيِّتِ وَالْأَوَّلُ عَنْ الْوَارِثِ وَيَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَلَوْ قَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ أَعْتَقْت هَذَا عَنْ الْمَيِّتِ مَعًا أُجْبِرَا عَلَى أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى أَحَدِهِمَا فَإِذَا اجْتَمَعَا عَتَقَ عَنْ الْمَيِّتِ وَالْآخَرُ عَمَّنْ أَعْتَقَهُ وَيَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَلَوْ لَمْ يُعْتِقَا وَلَكِنَّهُمَا عَيَّنَا أَحَدَهُمَا لِيُعْتَقَ عَنْ الْمَيِّتِ، ثُمَّ رَجَعَا وَعَيَّنَا الْآخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي يُعْتَقُ عَنْ الْمَيِّتِ، فَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا الْأَوَّلَ الَّذِي عَيَّنَاهُ صَحَّ عِتْقُهُ عَنْ الْمَيِّتِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ بَعْدَمَا عَيَّنَاهُ وَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يُعْتَقْ لِقَرَابَتِهِ مِنْ الْوَارِثِ وَلَا مِنْ الْوَصِيِّ وَأَيُّهُمَا أَعْتَقَهُ جَازَ عِتْقُهُ عَنْ الْمَيِّتِ، وَلَا يُعْتَقُ بِتَعْلِيقِ الْوَصِيِّ عِتْقَهُ بِشَرْطٍ أَوْ إضَافَةٍ أَوْ إلَى وَقْتٍ مُسْتَقْبَلٍ وَيُعْتَقُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ الْوَارِثِ إذَا جَاءَ الشَّرْطُ وَيَكُونُ عِتْقًا عَنْ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَوْصَى بِعَبْدِهِ أَنْ يُبَاعَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ بِقِيمَتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ لِيَجِبَ تَنْفِيذُهَا لِحَقِّ الْمُوصَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ بِرِضَاهَا وَأَوْصَى بِالْعَبْدِ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ وَلَمْ يُعْتَقْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ إنْ كَانَ قَرِيبَهُ حَتَّى يَقْبَلَ الْوَصِيَّةَ أَوْ يَمُوتَ قَبْلَ رَدِّهَا، وَإِنْ كَانَ قَرِيبَ الْعَصَبَةِ عَتَقَ عَلَيْهِمْ إذَا رَدَّ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِمْ وَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَسَدَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ شَيْئًا مِنْ رَقَبَتِهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ الْعَبْدِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ وَسَعَى لِلْوَرَثَةِ فِي حِصَّتِهِمْ إذَا أَعْتَقُوا، وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِفَوَاتِ مَحِلِّ الْعِتْقِ. وَلَوْ كَانَتْ الْبِنْتُ لَمْ تَأْخُذْ مَهْرَهَا فَلَهَا أَنْ تُبْطِلَ الْوَصِيَّةَ وَيُبَاعَ الْعَبْدُ فِي مَهْرِهَا وَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ فَهُوَ مِيرَاثٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَهْرُهَا وَكَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مِثْلُ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ أَكْثَرُ يُبَاعُ فِيهِ وَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ فَإِنْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ عَادَ الْأَمْرُ إلَى مَا كَانَ وَإِنْ رَدَّهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَسَقَطَ دَيْنُ الْمَيِّتِ بِوَجْهٍ مَا بَطَلَتْ وَصِيَّةُ الْعَبْدِ وَفَسَدَ النِّكَاحُ وَهَذَا الْبَيْعُ جَدِيدٌ وَقَدْ حَدَثَ فِي حَقِّ الثَّالِثِ. وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً فَدَفَعُوهُ أَوْ فَدَوْهُ لَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ نَسَمَةً صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ، ثُمَّ تُبَاعُ كَمَا لَوْ أَوْصَى وَيَحُطُّ مِنْ ثَمَنِهِ مِقْدَارَ الثُّلُثِ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَزِيدُهُمْ عَلَى ذَلِكَ. وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ بِقِيمَتِهِ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ عَلَى السَّوَاءِ وَوَارِثٍ وَاحِدٍ فَقَالَ لِأَحَدِهِمْ: لَمْ يُعْتِقْك الْمَيِّتُ، ثُمَّ قَالَ: بَلْ أَعْتَقَك، ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِي وَالثَّالِثِ مِثْلَهُ؛ عَتَقُوا بِلَا سِعَايَةٍ. وَكَذَلِكَ لَوْ بَدَأَ بِالْعِتْقِ ثُمَّ بِالْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَبْطُلُ بِالْإِنْكَارِ بَعْدَهُ وَلَوْ قَالَ لَهُمْ جَمِيعًا: يُعْتِقُكُمْ، ثُمَّ قَالَ: بَلْ أَعْتَقَكُمْ جَمِيعًا سَعَوْا فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِمْ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعْتَقَكُمْ الْمَيِّتُ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يُعْتِقْ أَحَدًا مِنْكُمْ، وَلَوْ قَالَ أَعْتَقَكُمْ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يُعْتِقْ هَذَا سَعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِيَيْنِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ قَالَ لِآخَرَ بَعْدَهُ: لَمْ يُعْتِقْك؛ عَتَقَ الثَّالِثُ بِلَا سِعَايَةٍ وَسِعَايَةُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِحَالِهَا، وَلَوْ قَالَ: أَعْتَقَكُمْ، ثُمَّ قَالَ لَمْ: يُعْتِقْ هَذَا وَلَا هَذَا وَلَا هَذَا عَتَقُوا وَسَعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَلَوْ قَالَ: يَا هَذَا لَمْ يُعْتِقْك الْمَيِّتُ وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ لِآخَرَيْنِ كَذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: أَعْتَقَكُمْ عَتَقُوا، وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَلَوْ أَنْكَرَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، ثُمَّ قَالَ لِأَحَدِهِمْ: أَعْتَقَك وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِي وَالثَّالِثِ كَذَلِكَ عَتَقَ كُلُّ الْأَوَّلِ وَنِصْفُ الثَّانِي وَثُلُثُ الثَّالِثِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَوْصَى أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ نَسَمَةً

فصل الوصايا إذا اجتمعت

وَأَوْصَى لِآخَرَ بِالثُّلُثِ فَثُلُثُ مَالِهِ يُقَسَّمُ عَلَى الثُّلُثِ وَعَلَى أَدْنَى مَا يَكُونُ مِنْ قِيمَةِ النَّسَمَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ نَسَمَةً بِمِائَةٍ وَثُلُثُهُ أَقَلُّ مِنْ مِائَةٍ لَمْ يُعْتِقْ عَنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يُعْتِقُ عَنْهُ بِالشَّكِّ، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ نَسَمَةٍ بِثُلُثِ مَالِهِ فَفَعَلَ الْوَصِيُّ، ثُمَّ لَحِقَ دَيْنٌ اسْتَوْعَبَ الثُّلُثَيْنِ فَالْعِتْقُ عَنْ الْمُوصِي، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ وَصِيًّا نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَبِمِثْلِهِ لَوْ كَانَ الْقَاضِي فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ أَمِينُهُ ثُمَّ ظَهَرَ الدَّيْنُ بَطَلَ الْعِتْقُ وَلَا يَكُونُ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى عَبْدُ فُلَانٍ فَيُعْتَقُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُشْتَرَى مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ صَاحِبُهُ مِنْ الْبَيْعِ بِالثُّلُثِ أُوقِفَ الثُّلُثُ حَتَّى يَبِيعَهُ صَاحِبُهُ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فَقَدْ انْقَطَعَ رَجَاءُ تَنْفِيذِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ لِفَوَاتِ مَحِلِّهَا فَيَرْجِعُ إلَى الْوَارِثِ، ذَلِكَ إنْ كَانَ سَمَّى مَا يُشْتَرَى بِهِ مِنْ الثُّلُثِ. وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ نَسَمَةً بِهَذِهِ الْمِائَةِ بِعَيْنِهَا فَيُعْتِقُهَا مِنْ الثُّلُثِ عَنْهُ فَاشْتَرَى بِهَا نَسَمَةً فَأَعْتَقَهَا عَنْهُ، ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ تِلْكَ الْمِائَةَ أَوْ بَعْضَهَا أَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ تَكُونُ الْمِائَةُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ فَالْوَصِيُّ ضَامِنٌ لِتِلْكَ الْمِائَةِ، فَإِنْ خَرَجَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ يَكُونُ ثَمَنُ النَّسَمَةِ الثُّلُثَ مِنْ ذَلِكَ بَرِئَ الْوَصِيُّ مِنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ عَبْدُهُ فَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَبْدٌ يُعْتَقُ عَنْهُ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ وَجَدَ بِالْأَوَّلِ عَيْبًا فَرَدَّ عَلَى الْوَصِيِّ ضَمِنَ الثَّمَنَ، فَإِذَا بَاعَهُ ثَانِيًا مِنْ آخَرَ فَإِنْ بَاعَ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ جَازَ الْعِتْقُ عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ بَاعَ بِأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ كَانَ الْعِتْقُ عَنْ الْوَصِيِّ وَيُعْتِقُ عَنْ الْمَيِّتِ عَتِيقًا آخَرَ بِثَمَنِهِ، وَهَذَا إذَا رُدَّ الْعَبْدُ بِالْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ فَعَادَ الْعَبْدُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالتَّرَاضِي شِرَاءٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَصَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الْعَبْدَ لِنَفْسِهِ شِرَاءً جَدِيدًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ لَمْ يُرَدَّ الْعَبْدُ بِالْعَيْبِ وَلَكِنْ اُسْتُحِقَّ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَصِيِّ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ فِي نَصِيبِهِمْ بِشَيْءٍ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَشْتَرِي مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ نَسَمَةً فَتُعْتَقُ عَنْهُ وَمَالُهُ ثَلَثُمِائَةٍ فَاشْتَرَى الْوَصِيُّ بِمِائَةٍ نَسَمَةً فَأَعْتَقَهَا وَأَعْطَى الْوَرَثَةَ مِائَتَيْنِ فَاسْتُحِقَّتْ النَّسَمَةُ وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ وَقَبَضَ الْوَصِيُّ الْمِائَةَ لِيَشْتَرِيَ بِهَا نَسَمَةً أُخْرَى فَتَلِفَ مِنْهُ الْمِائَةُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِثُلُثِ مَا أَخَذُوا لِيَشْتَرِيَ بِهَا نَسَمَةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ بَاطِلٌ مَا لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الْمُوصِي وَفِي قَوْلِهِمَا مُقَاسَمَةُ الْوَصِيِّ الْوَرَثَةَ جَائِزَةٌ وَلَا يَرْجِعُ فِيمَا أَصَابَ الْوَرَثَةُ بِشَيْءٍ وَقَدْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يَشْتَرِي لَهُ نَسَمَةً بِعَيْنِهَا فَتُعْتَقُ عَنْهُ فَاشْتَرَاهَا الْوَصِيُّ، ثُمَّ مَاتَتْ فَقَدْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَتْ جِنَايَةً قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ فَدُفِعَتْ بِهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَلَوْ فَدَاهَا الْوَرَثَةُ كَانُوا مُتَطَوِّعِينَ فِي الْفِدَاءِ وَيُعْتَقُ عَنْ الْمَيِّتِ. وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ أَمَةٍ لَهُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ كَانَ حَالُهَا كَذَلِكَ، فَإِنْ وَلَدَتْ النَّسَمَةُ أَوْ الْأَمَةُ قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ النَّسَمَةُ أَوْ الْأَمَةُ ذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَرَثَةِ لَمْ تُعْتَقْ بِذَلِكَ حَتَّى تُعْتَقَ عَنْ الْمَيِّتِ، وَلَوْ أَعْتَقَهَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ نَفْسِهِ كَانَ الْعِتْقُ عَنْ الْمَيِّتِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، أَوْ قَالَ: بَعْدَ مَوْتِي - لَمْ تَكُنْ مُدَبَّرَةً وَلَكِنَّهَا تُعْتَقُ عَنْ الْمَيِّتِ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ أَوْ مَاتَ الْقَائِلُ. وَلَوْ قَالَ لَهَا الْوَارِثُ: أَنْتِ حُرَّةٌ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ قَبِلْتِ؛ فَقَبِلَتْ فَهِيَ حُرَّةٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ. وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُعْتِقَ نَسَمَةً عَنْ شَيْءٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ مِنْ ظِهَارٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهَا تُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِهِ كَالتَّطَوُّعَاتِ، وَكَذَلِكَ الزَّكَاةُ وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ. وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ نَسَمَةٍ فَاشْتُرِيَتْ لَهُ أَوْ بِعِتْقِ أَمَةٍ لَهُ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَجَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً فَالْأَرْشُ لِلْوَرَثَةِ وَلَوْ زَوَّجُوهَا لَمْ يَجُزْ. وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِبَيْعِ عَبْدِهِ هَذَا وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَرَّةً يَقُولُ: يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: يَرْجِعُ الْوَصِيُّ بِمَا يَضْمَنُ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَهُوَ قَوْلُهُمْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [فَصْلٌ الْوَصَايَا إذَا اجْتَمَعَتْ] الْوَصَايَا إذَا اجْتَمَعَتْ فَالثُّلُثُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَسَعَ كُلَّ الْوَصَايَا أَوْ لَا يَسَعُ الْكُلَّ فَإِنْ كَانَ يَسَعُ الْكُلَّ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ مِنْ الثُّلُثِ فِي الْكُلِّ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصَايَا لِلَّهِ تَعَالَى بِأَنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْقُرْبِ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ

الْفَرْضِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّلَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنُّذُورِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَحَجِّ التَّطَوُّعِ وَصَوْمِ التَّطَوُّعِ وَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَإِعْتَاقِ النَّسَمَةِ وَذَبْحِ الْبَدَنَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ كَانَتْ لِلْعِبَادِ كَالْوَصِيَّةِ لِزَيْدٍ وَبَكْرٍ وَخَالِدٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الثُّلُثُ لَا يَسَعُ الْكُلَّ لَكِنَّ الْوَرَثَةَ أَجَازَتْ فَأَمَّا إذَا كَانَ الثُّلُثُ لَا يَسَعُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالْوَصَايَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَهِيَ الْوَصِيَّةُ بِالْقُرْبِ، أَوْ كَانَ بَعْضُهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَالْبَعْضُ لِلْعِبَادِ أَوْ كَانَ الْكُلُّ لِلْعِبَادِ فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ فَرَائِضَ أَوْ وَاجِبَاتٍ أَوْ نَوَافِلَ، أَوْ اجْتَمَعَ فِي الْوَصَايَا مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالتَّطَوُّعَاتِ، فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ فَرَائِضَ مُتَسَاوِيَةً يَبْدَأُ بِمَا قَدَّمَهُ الْمُوصِي، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا أَوْصَى بِالْحَجِّ مَعَ الزَّكَاةِ يَبْدَأُ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ أَخَّرَ الْحَجَّ فِي الْوَصِيَّةِ لَفْظًا وَفِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ مَعَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ الْمَيِّتُ بِهِ، وَفِي عِتْقِ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ وَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ يَبْدَأُ بِكَفَّارَةِ الْقَتْلِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَقَالُوا فِي الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ: إنَّهُمَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الْكَفَّارَاتِ الْكَفَّارَاتُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُضْحِيَّةُ أَيْضًا وَاجِبَةً عِنْدَنَا لَكِنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مُتَّفَقٌ عَلَى وُجُوبِهَا وَالْأُضْحِيَّةُ وُجُوبُهَا مَحَلُّ الِاجْتِهَادِ فَالْمُتَّفَقُ عَلَى الْوُجُوبِ أَقْوَى فَكَانَتْ الْبُدَاءَةُ بِهَا أَوْلَى، وَكَذَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى كَفَّارَةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، وَقَالُوا: إنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ تُقَدَّمُ عَلَى الْمَنْذُورِ بِهِ وَالْمَنْذُورُ بِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَالْأُضْحِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى النَّوَافِلِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَصَايَا إعْتَاقٌ مُنَجَّزٌ أَوْ إعْتَاقٌ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ إعْتَاقٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ وَهُوَ التَّدْبِيرُ فَإِنْ كَانَ يُقَدِّمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ الْمُنَجَّزَ وَالْمُعَلَّقَ بِالْمَوْتِ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَكَانَ أَقْوَى فَيُقَدَّمُ أَوْصَى بِحَجَّةٍ وَوُجُوهِ الْقُرَبِ وَمَصَالِحِ مَسْجِدٍ بِعَيْنِهِ وَأَوْصَى بِوَصَايَا أُخَرَ لِأَقْوَامٍ بِأَعْيَانِهِمْ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَى الْوَصَايَا كُلِّهَا فَمَا أَصَابَ الْأَعْيَانُ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَخُصُّهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا أَصَابَ الْقُرَبُ وَلَيْسَ فِيهَا وَاجِبٌ غَيْرُ الْحَجِّ بُدِئَ بِالْحَجِّ فَإِنْ اسْتَغْرَقَ الْحَجُّ جَمِيعَ ذَلِكَ بَطَلَ مَا سِوَاهُ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْحَجِّ شَيْءٌ بُدِئَ بِاَلَّذِي بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ بَدَأَ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَزَّعَ عَلَيْهَا بِالْحِصَصِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْإِعْتَاقِ فَإِنْ كَانَ إعْتَاقًا وَاجِبًا فِي كَفَّارَةٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْكَفَّارَاتِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْوَصَايَا الْمُتَنَفَّلِ بِهَا مِنْ الصَّدَقَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَحَجِّ التَّطَوُّعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَتْ الْوَصَايَا بَعْضُهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَبَعْضُهَا لِلْعِبَادِ فَإِنْ كَانَ أَوْصَى لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ يَتَضَارَبُونَ بِوَصَايَاهُمْ فِي الثُّلُثِ، ثُمَّ مَا أَصَابَ الْعِبَادُ فَهُوَ لَهُمْ لَا يَتَقَدَّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَمَا كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى يَجْمَعُ ذَلِكَ فَيَبْدَأُ مِنْهَا بِالْفَرَائِضِ ثُمَّ بِالْوَاجِبَاتِ، ثُمَّ بِالنَّوَافِلِ. وَإِنْ كَانَ مَعَ الْوَصَايَا لِلَّهِ تَعَالَى وَصِيَّةٌ لِوَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْعِبَادِ فَإِنَّهُ يَضْرِبُ بِمَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ مَعَ الْوَصَايَا بِالْقُرَبِ وَيَجْعَلُ كُلَّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْقُرَبِ مُنْفَرِدَةً بِالضَّرْبِ. فَإِنْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي فِي الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَلِزَيْدٍ فَإِنَّ الثُّلُثَ يُقَسَّمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ، وَسَهْمٌ لِلْحَجِّ، وَسَهْمٌ لِلزَّكَاةِ، وَسَهْمٌ لِلْكَفَّارَاتِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ سَنَةً بِمِائَةٍ أَحَجُّوا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ عِتْقُ النَّسَمَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوَصَايَا كُلُّهَا لِلْعِبَادِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَقْوَى فَالْأَقْوَى وَلَا يُبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ حَتَّى قِيلَ: لَوْ كَانَ مِنْ الْوَصَايَا عِتْقٌ مُنْفَذٌ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْوَصَايَا، فَأَمَّا إذَا اسْتَوَتْ فِي الْقُوَّةِ فَإِنَّهُمْ يَتَحَاصُّونَ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَضْرِبَ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَقِّهِ فِي الثُّلُثِ وَلَا يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ الْمَيِّتُ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا نَوَافِلَ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا عَيْنًا بِأَنْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ تَطَوُّعًا أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ نَسَمَةً وَلَمْ يُعَيِّنْهَا تَطَوُّعًا أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ عَنْهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا بِأَعْيَانِهِمْ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ، نَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ بِعِتْقِ النَّسَمَةِ لَا بِعَيْنِهَا صَحَّتْ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِلْعَبْدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُعْطِيَ مِائَةَ دِرْهَمٍ لِلْفُقَرَاءِ وَمِائَةً لِلْأَقْرِبَاءِ وَأَنْ يُطْعِمَ الْفُقَرَاءَ لِمَا تَرَكَ مِنْ الصَّلَاةِ فَمَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةُ شَهْرٍ وَثُلُثُ مَالِهِ لَا يَبْلُغُ جَمِيعَ وَصِيَّتِهِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَى مِائَةٍ لِلْفُقَرَاءِ وَمِائَةٍ

الباب السادس الوصية للأقارب وأهل البيت والجيران

لِلْأَقْرِبَاءِ وَعَلَى قِيمَةِ مَا يَبْلُغُ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ لِكُلِّ صَلَاةٍ مَنَوَانِ مِنْ الْحِنْطَةِ فَمَا أَصَابَ الْأَقْرِبَاءَ أُعْطُوا مِنْ ذَلِكَ وَمَا أَصَابَ الْفُقَرَاءَ وَالطَّعَامَ أَدَّى الطَّعَامَ وَيَجْعَلُ النُّقْصَانَ فِي حِصَّةِ الْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَنْ أَوْصَى بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَحَجُّوا عَنْهُ رَجُلًا مِنْ بَلَدِهِ يَحُجُّ رَاكِبًا فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ وَصِيَّتُهُ النَّفَقَةَ أَحَجُّوا عَنْهُ مِنْ حَيْثُ تَبْلُغُ. وَمَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ حَاجًّا فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ وَأَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ اسْتِحْسَانًا، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا مَاتَ الْحَاجُّ عَنْ غَيْرِهِ فِي الطَّرِيقِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَاب السَّادِس الْوَصِيَّة لِلْأَقَارِبِ وَأَهْل الْبَيْت وَالْجِيرَان] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَأَهْلِ الْبَيْتِ وَالْجِيرَانِ وَلِبَنِي فُلَانٍ وَالْيَتَامَى وَالْمَوَالِي وَالشِّيعَةِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ) اعْتَبَرَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي اسْتِحْقَاقِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ أَرْبَعَ شَرَائِطَ: أَحَدُهَا - أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحِقُّ مَثْنًى فَصَاعِدًا. وَالثَّانِي - أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ وَيَكُونُ الْأَبْعَدُ مَحْجُوبًا بِالْأَقْرَبِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ. وَالثَّالِثُ - أَنْ يَكُونَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمُوصِي حَتَّى أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ لَا يَسْتَحِقُّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ. وَالرَّابِعُ - أَنْ لَا يَكُونَ مِمَّنْ يَرِثُ مِنْ الْمُوصِي وَيَسْتَوِي فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْكَافِرُ وَالْمُسْلِمُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، وَعِنْدَهُمَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ كُلُّ قَرِيبٍ يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ إلَى أَقْصَى أَبٍ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ وَالْوَاحِدُ وَالْجَمَاعَةُ وَالْكَافِرُ وَالْمُسْلِمُ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ إسْلَامُ الْأَبِ الْأَقْصَى؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُشْتَرَطُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُشْتَرَطُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ إدْرَاكُهُ الْإِسْلَامَ، وَيَكُونُ مَعْرُوفًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ حَتَّى إنَّ عَلَوِيًّا لَوْ أَوْصَى لِذَوِي قَرَابَتِهِ فَمَنْ شَرَطَ الْإِسْلَامَ يَصْرِفُ الْوَصِيَّةَ إلَى أَوْلَادِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا إلَى أَوْلَادِ أَبِي طَالِبٍ وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ يَصْرِفْهَا إلَى أَوْلَادِ أَبِي طَالِبٍ يَدْخُلُ فِيهَا أَوْلَادُ عَقِيلٍ وَجَعْفَرٍ وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْإِسْلَامَ وَلَا يَدْخُلُ الْوَارِثُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ كَانَ الْقَرِيبُ وَاحِدًا يَسْتَحِقُّ نِصْفَ الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ الْوَالِدُ وَالْوَلَدُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ فَهَلْ يَدْخُلُ فِيهَا الْجَدُّ وَوَلَدُ الْوَلَدِ؟ ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُمَا يَدْخُلَانِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ. فَإِنْ تَرَكَ عَمَّيْنِ وَخَالَيْنِ وَهُمْ لَيْسُوا بِوَرَثَتِهِ بِأَنْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَعَمَّيْنِ وَخَالَيْنِ فَالْوَصِيَّةُ لِلْعَمَّيْنِ لَا لِلْخَالَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا تَكُونُ الْوَصِيَّةُ بَيْنَ الْعَمَّيْنِ وَالْخَالَيْنِ أَرْبَاعًا. وَلَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَاحِدٌ وَخَالَانِ فَلِلْعَمِّ نِصْفُ الثُّلُثِ وَلِلْخَالَيْنِ النِّصْفُ الْآخَرُ وَعِنْدَهُمَا يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَإِنْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَاحِدٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ مِنْ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ فَنِصْفُ الثُّلُثِ لِعَمِّهِ وَالنِّصْفُ يُرَدُّ عَلَى وَرَثَةِ الْمُوصَى عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَنْصَرِفُ النِّصْفُ الْآخَرُ إلَى ذِي الرَّحِمِ الَّذِي لَيْسَ بِمَحْرَمٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. تَرَكَ عَمًّا وَعَمَّةً وَخَالًا وَخَالَةً فَالْوَصِيَّةُ لِلْعَمِّ، وَالْعَمَّةِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ؛ لِاسْتِوَاءِ قَرَابَتِهِمَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. إذَا أَوْصَى لِذِي قَرَابَتِهِ أَوْ لِذِي رَحِمِهِ يَسْتَحِقُّ الْوَاحِدُ الْكُلَّ حَتَّى لَوْ تَرَكَ عَمًّا وَخَالًا فَالثُّلُثُ كُلُّهُ لِلْعَمِّ عِنْدَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْوَصِيَّةُ لِلْقَرَابَةِ إذَا كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي جَوَازِهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا بَاطِلَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: إنَّهَا جَائِزَةٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَوْصَى لِأَهْلِ بَيْتِهِ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ جَمَعَهُ وَإِيَّاهُمْ أَقْصَى أَبٍ فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى أَنَّ الْمُوصِيَ لَوْ كَانَ عَلَوِيًّا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ كُلُّ مَنْ يُنْسَبُ إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ عَبَّاسِيًّا يَدْخُلُ فِيهَا كُلُّ مَنْ يُنْسَبُ إلَى عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ قِبَلِ الْأَبِ سَوَاءٌ كَانَ بِنَفْسِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بَعْدَ أَنْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ، وَلَا يَدْخُلُ مَنْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لِنَسَبِهِ أَوْ حَسَبِهِ.

فَهُوَ عَلَى قَرَابَتِهِ الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إلَى أَقْصَى أَبٍ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى لَوْ كَانَ آبَاؤُهُ عَلَى غَيْرِ دِينِهِ دَخَلُوا فِي الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ عِبَارَةٌ عَمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْأَبِ دُونَ الْأُمِّ. وَكَذَلِكَ الْحَسَبُ فَإِنَّ الْهَاشِمِيَّ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ يُنْسَبُ الْوَلَدُ إلَيْهِ لَا إلَى أُمِّهِ وَحَسَبُهُ أَهْلُ بَيْتِ أَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ فَثَبَتَ أَنَّ الْحَسَبَ وَالنَّسَبَ يَخْتَصَّانِ بِالْأَبِ دُونَ الْأُمِّ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى لِجِنْسِ فُلَانٍ فَهُمْ بَنُو الْأَبِ، وَكَذَلِكَ اللُّحْمَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْجِنْسِ. وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ لِآلِ فُلَانٍ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ لِأَهْلِ بَيْتِ فُلَانٍ وَلَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ قَرَابَةِ الْأُمِّ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَوْصَتْ الْمَرْأَةُ لِجِنْسِهَا أَوْ لِأَهْلِ بَيْتِهَا لَا يَدْخُلُ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّ وَلَدَهَا يُنْسَبُ إلَى أَبِيهِ لَا إلَى أُمِّهِ إلَّا إذَا كَانَ زَوْجُهَا مِنْ عَشِيرَتِهَا، كَذَا فِي الزِّيَادَاتِ شَرْحِ الْعَتَّابِيِّ. وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَهْلِهِ أَوْ لِأَهْلِ فُلَانٍ فَالْوَصِيَّةُ لِلزَّوْجَةِ خَاصَّةً دُونَ مَنْ سِوَاهَا قِيَاسًا إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا وَجَعَلْنَا الْوَصِيَّةَ لِكُلِّ مَنْ يَكُونُ فِي عِيَالِهِ وَنَفَقَتِهِ وَيَضُمُّهُ بَيْتُهُ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ مَمَالِيكُهُ، وَلَوْ كَانَ أَهْلُهُ بِبَلْدَتَيْنِ أَوْ فِي بَيْتَيْنِ دَخَلُوا تَحْتَ الْوَصِيَّةِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَوْصَى لِإِخْوَتِهِ الثَّلَاثِ الْمُتَفَرِّقِينَ وَلَهُ ابْنٌ جَازَتْ لَهُمْ الْوَصِيَّةُ بِالسَّوِيَّةِ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ مَعَ الِابْنِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ لِأَبٍ وَلِلْأَخِ لِأُمٍّ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ؛ لِأَنَّهُ يَرِثُ مَعَ الْبِنْتِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ وَلَا بِنْتٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ كُلُّهَا لِلْأَخِ لِأَبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَلِلْأَخِ لِأُمٍّ؛ لِأَنَّهُمَا يَرِثَانِهِ. وَإِذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَتَرَكَتْ زَوْجًا وَأَوْصَتْ بِنِصْفِ مَالِهَا لِأَجْنَبِيٍّ كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ نِصْفُ مَالِهَا وَلِلزَّوْجِ ثُلُثُ الْمَالِ وَالسُّدُسُ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَأْخُذُ ثُلُثَ الْمَالِ أَوَّلًا بِلَا مُنَازَعَةٍ يَبْقَى ثُلُثَا الْمَالِ يَأْخُذُ الزَّوْجُ نِصْفَ مَا بَقِيَ وَهُوَ الثُّلُثُ يَبْقَى ثُلُثُ الْمَالِ فَيَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ تَمَامَ وَصِيَّتِهِ وَهُوَ السُّدُسُ يَبْقَى السُّدُسُ فَيَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ. وَلَوْ أَوْصَتْ لِقَاتِلِهَا بِنِصْفِ الْمَالِ، ثُمَّ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجًا يَأْخُذُ الزَّوْجُ نِصْفَ مَالِهَا؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْقَاتِلُ نِصْفَ الْمَالِ وَلَا شَيْءَ لِبَيْتِ الْمَالِ. وَلَوْ أَوْصَتْ الْمَرْأَةُ بِنِصْفِ مَالِهَا لِزَوْجِهَا وَلَمْ تُوصِ وَصِيَّةً أُخْرَى كَانَ جَمِيعُ مَالِهَا لِلزَّوْجِ النِّصْفُ بِحُكْمِ الْمِيرَاثِ وَالنِّصْفُ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ امْرَأَةً وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهَا وَأَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِامْرَأَتِهِ بِجَمِيعِ مَالِهِ؛ يَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ ثُلُثَ الْمَالِ بِلَا مُنَازَعَةٍ وَلِلْمَرْأَةِ رُبُعُ مَا بَقِيَ وَهُوَ السُّدُسُ بِحُكْمِ الْمِيرَاثِ وَيَبْقَى نِصْفُ الْمَالِ يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ نِصْفَيْنِ. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مَاتَتْ وَأَوْصَتْ بِجَمِيعِ مَالِهَا لِزَوْجِهَا وَلَيْسَ لَهَا وَارِثٌ سِوَاهُ وَأَوْصَتْ بِجَمِيعِ مَالِهَا لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ أَوْصَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الْمَالِ يَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ أَوَّلًا ثُلُثَ الْمَالِ بِلَا مُنَازَعَةٍ يَبْقَى ثُلُثَا الْمَالِ لِلزَّوْجِ نِصْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِقَدْرِ الثُّلُثِ لِلْأَجْنَبِيِّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمِيرَاثِ يَبْقَى ثُلُثُ الْمَالِ يَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ أَثْلَاثًا، ثُلُثُ ذَلِكَ يَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَثُلُثَاهُ لِلزَّوْجِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِقَرَابَتِي وَلِغَيْرِهِمْ؟ (قَالَ) هُوَ كُلُّهُ لِلْقَرَابَةِ وَلَا يُرَدُّ مِنْهُ إلَى الْوَرَثَةِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ قَالَ: لِقَرَابَتِي وَلِبَنِي آدَمَ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَوْ أَوْصَى لِإِخْوَانِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَهُمْ الَّذِينَ كَانُوا يُعْرَفُونَ بِإِخَائِهِ وَيُنْسَبُونَ إلَيْهِ. وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِحَشَمِهِ فَحَشَمُهُ كُلُّ مَنْ كَانَ يَعُولُهُ وَتَجْرِي عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَلَدُهُ وَوَالِدَاهُ وَلَا زَوْجَتُهُ وَلَا أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرُهُ وَرَقِيقُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ سَائِرُ قَرَابَتِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ أَوْصَى لِقَوْمِهِ أَوْ لِعِتْرَتِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَقُولَ: لِفُقَرَائِهِمْ وَلَا يَدْخُلُ مَوَالِيهِمْ. وَلَوْ أَوْصَى لِقُدَمَائِهِ فَهُوَ مَنْ يَصْحَبُهُ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ: وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِبَنِي فُلَانٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ كَانَ فُلَانٌ أَبَا قَبِيلَةٍ يَعْنِي أَبَا جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ كَتَمِيمٍ لِبَنِي تَمِيمٍ وَأَسَدٍ لِبَنِي أَسَدٍ، أَوْ كَانَ فُلَانٌ أَبًا خَاصًّا لَيْسَ بِأَبِي جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ وَاعْلَمْ بِأَنَّ أَوَّلًا الْأَسَامِيَ فِي هَذَا الْبَابِ الشَّعْبُ بِفَتْحِ الشِّينِ، ثُمَّ الْقَبِيلَةُ، ثُمَّ الْعِمَارَةُ، ثُمَّ الْبَطْنُ، ثُمَّ الْفَخِذُ، ثُمَّ الْفَصِيلَةُ، فَمُضَرٌ لِقُرَيْشٍ شَعْبٌ وَكِنَانَةُ قَبِيلَةٌ وَقُرَيْشٌ عِمَارَةٌ وَقُصَيٌّ بَطْنٌ وَهَاشِمٌ أَبُو جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخِذٌ وَالْعَبَّاسُ فَصِيلَةٌ، هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيَانَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِبَنِي كِنَانَةَ وَهُوَ أَبُو قَبِيلَةٍ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادُ مُضَرَ وَيَدْخُلُ أَوْلَادُ كِنَانَةَ إلَى الْفَصِيلَةِ وَأَوْلَادُهُ إذَا كَانُوا يُحْصَوْنَ، وَإِذَا

أَوْصَى لِبَنِي قُرَيْشٍ - وَقُرَيْشٌ عِمَارَةٌ - فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادُ مُضَرَ وَكِنَانَةٍ وَيَدْخُلُ أَوْلَادُ قُرَيْشٍ وَقُصَيٍّ وَأَوْلَادُ قُصَيٍّ وَهَاشِمٌ وَأَوْلَادُهُ وَالْعَبَّاسُ وَأَوْلَادُهُ. وَإِذَا أَوْصَى لِبَنِي قُصَيٍّ وَهُوَ بَطْنُ الْقَبِيلَةِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادُ مُضَرَ وَكِنَانَةَ وَأَوْلَادُ قُرَيْشٍ وَيَدْخُلُ مَنْ دُونَهُمْ وَإِذَا أَوْصَى لِبَنِي هَاشِمٍ الَّذِي هُوَ فَخِذٌ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ مَنْ فَوْقَهُمْ وَيَدْخُلُ مَنْ دُونَهُمْ مِنْ أَوْلَادِ الْفَصِيلَةِ، وَإِذَا أَوْصَى لِبَنِي فَصِيلَةِ قُرَيْشٍ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادُ الْعَبَّاسِ وَأَوْلَادُ أَبِي طَالِبٍ وَأَوْلَادُ عَلِيٍّ وَلَا يَدْخُلُ مَنْ فَوْقَهُمْ وَإِذَا عَرَفْنَا هَذِهِ الْجُمْلَةَ جِئْنَا إلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا وَهُوَ مَا إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِبَنِي فُلَانٍ وَفُلَانٌ أَبُو الْقَبِيلَةِ وَلَهُ أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ فَإِنَّ ثُلُثَ مَالِهِ يَكُونُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِهِ بِالسَّوِيَّةِ إذَا كَانُوا يُحْصَوْنَ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كُنَّ إنَاثًا كُلُّهُنَّ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الْكِتَابِ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ لَهُنَّ، وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا كُلُّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ. وَأَمَّا إذَا كَانَ فُلَانٌ أَبًا خَاصًّا وَلَهُ أَوْلَادٌ وَأَوْلَادُهُ ذُكُورٌ كُلُّهُمْ فَإِنَّ ثُلُثَ مَالِهِ لَهُمْ وَإِنْ كَانَ أَوْلَادُهُ إنَاثًا كُلُّهُنَّ لَا شَيْءَ لَهُنَّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ أَوْلَادُ فُلَانٍ ذُكُورًا وَإِنَاثًا اخْتَلَفُوا فِيهِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْوَصِيَّةُ لِلذُّكُورِ مِنْهُمْ دُونَ الْإِنَاثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِفُلَانٍ أَوْلَادٌ لِصُلْبِهِ وَكَانَ لَهُ أَوْلَادُ أَوْلَادٍ هَلْ يَدْخُلُونَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ؟ إنْ كَانَ لَهُ أَوْلَادُ بَنَاتٍ فَإِنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ، هَذَا إذَا أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ، فَأَمَّا إذَا أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ بَنَاتٌ لَا غَيْرُ دَخَلْنَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ لِفُلَانٍ بَنُونَ وَبَنَاتٌ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَيَكُونُ ثُلُثُ مَالِهِ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لَا يُفَضِّلُ الذُّكُورَ عَلَى الْإِنَاثِ. (قَالَ) فَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ حَامِلٌ دَخَلَ مَا فِي بَطْنِهَا فِي الْوَصِيَّةِ أَيْضًا وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ تَحْتَ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ أَبًا خَاصًّا فَأَمَّا إذَا كَانَ هُوَ أَبُو فَخِذٍ فَأَوْلَادُ الْأَوْلَادِ يَدْخُلُونَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ حَالَ قِيَامِ وَلَدِ الصُّلْبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ كَانَ الثُّلُثُ كُلُّهُ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِأَوْلَادِ فُلَانٍ وَلَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ وَإِذَا أَوْصَى لِأَوْلَادِ فُلَانٍ وَلَيْسَ لِفُلَانٍ أَوْلَادُ الصُّلْبِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادُ الْبَنِينَ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ أَوْصَى لِوَرَثَةِ فُلَانٍ فَالْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ أَوْصَى لِوَرَثَةِ فُلَانٍ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادُ الْبَنِينَ، وَهَلْ يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ؟ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: الرِّوَايَتَانِ فِي دُخُولِ بَنِي الْبَنَاتِ، أَمَّا بَنَاتُ الْبَنَاتِ فَلَا يَدْخُلْنَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا أَوْصَى لِبَنَاتِ فُلَانٍ وَلَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ فَالْوَصِيَّةُ لِلْبَنَاتِ خَاصَّةٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَنُونَ وَبَنَاتُ بَنِينَ فَالْوَصِيَّةُ لِبَنَاتِ بَنِيهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا بَنَاتُ بَنَاتٍ لَا يَدْخُلْنَ فِي الْوَصِيَّةِ، وَهَذَا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ عَلَى رِوَايَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ سَمَّى شَيْئًا يُعْرَفُ بِهِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ بَنَاتَ الْبَنَاتِ بِأَنْ قَالَ: إنَّ لِفُلَانٍ بَنَاتٍ وَقَدْ مَاتَتْ أُمَّهَاتُهُنَّ فَأَوْصَيْت لِبَنَاتِهِ دَخَلَ الْوَصِيَّةَ بَنَاتُ الْبَنَاتِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمَشَايِخِ. إذَا أَوْصَى لِآبَاءِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلَهُمْ آبَاءٌ وَأُمَّهَاتٌ دَخَلُوا فِي الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ آبَاءٌ وَأُمَّهَاتٌ وَإِنَّمَا لَهُمْ أَجْدَادٌ وَجَدَّاتٌ فَإِنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ فِي الْوَصِيَّةِ. وَإِذَا أَوْصَى لِأَكَابِرِ وَلَدِ فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ ابْنَانِ أَحَدُهُمَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَالْآخَرُ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً فَهَذَا جُمْلَةُ الْأَكَابِرِ. وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِبَنِي فُلَانٍ وَفُلَانٌ فَخِذٌ أَوْ بَطْنٌ أَوْ قَبِيلَةٌ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ بَنُو فُلَانٍ يُحْصَوْنَ، أَوْ لَا يُحْصَوْنَ. فَإِنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ سَوَاءٌ كَانُوا أَغْنِيَاءَ أَمْ فُقَرَاءَ وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ وَفُقَرَاءَ وَأَغْنِيَاؤُهُمْ لَا يُعْرَفُونَ وَلَا يُحْصَوْنَ قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي لِبَنِي فُلَانٍ وَهُمْ خَمْسَةٌ فَإِذَا هُمْ ثَلَاثَةٌ أَوْ اثْنَانِ فَالثُّلُثُ لَهُمْ، وَلَوْ قَالَ: لِابْنَيْ فُلَانٍ فَإِذَا لَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ كَانَ لَهُ نِصْفُ الثُّلُثِ، وَلَوْ قَالَ: لِابْنَيْ فُلَانٍ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَإِذَا لَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ فَلَهُ ثُلُثُ الْكُلِّ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِبَنِي فُلَانٍ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ بِثُلُثِ مَالِي فَإِذَا هُمْ خَمْسَةٌ فَالْوَصِيَّةُ لِثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ وَالْخِيَارُ إلَى وَرَثَتِهِ فَإِنْ أَوْصَى مَعَهُمْ لِآخَرَ فَلَهُ الرُّبُعُ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِبَنِي فُلَانٍ وَهُمْ خَمْسَةٌ وَلِفُلَانٍ بِثُلُثِ مَالِي فَإِذَا لِلْأَوَّلِ بَنُونَ ثَلَاثَةٌ كَانَ.

الْأَخِيرُ شَرِيكًا بِالرُّبُعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ مُسَمًّى وَأَخْبَرَ الْمُوصِي أَنَّ ثُلُثَ مَالِهِ أَلْفٌ أَوْ قَالَ: هُوَ هَذَا فَإِذَا ثُلُثُ مَالِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لَهُ الثُّلُثُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَالتَّسْمِيَةُ الَّتِي سَمَّيْت بَاطِلَةٌ لَا يُنْقِصُ الْوَصِيَّةَ خَطَؤُهُ فِي مَالِهِ إنَّمَا غَلَطٌ فِي الْخِطَابِ وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا فِي الْوَصِيَّةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (قَالَ) وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِغَنَمِي كُلِّهَا وَهِيَ مِائَةُ شَاةٍ فَإِذَا هِيَ أَكْثَرُ وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ فِي جَمِيعِهَا. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِغَنَمِي وَهِيَ هَذِهِ وَلَهُ غَنَمٌ غَيْرُهَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّ هَذَا فِي الْقِيَاسِ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَكِنِّي أَدْعُ الْقِيَاسَ فِي هَذَا وَأَجْعَلُ لَهُ الْغَنَمَ الَّتِي سَمَّى مِنْ الثُّلُثِ. وَلَوْ قَالَ: قَدْ أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِرَقِيقِي وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَإِذَا هُمْ خَمْسَةٌ جَعَلْتُ الْخَمْسَةَ كُلَّهُمْ فِي الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلشِّيعَةِ وَلِمُحِبِّي آلِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُقِيمِينَ بِبَلْدَةِ كَذَا قَالَ أَبُو قَاسِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذِهِ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ فِي الْقِيَاسِ إذَا كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجُوزُ وَيَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ قِيَاسًا عَلَى الْيَتَامَى، قَالَ: وَالشِّيعَةُ هُمْ الَّذِينَ يُعْرَفُونَ بِالْمَيْلِ إلَيْهِمْ وَجُعِلُوا مَوْسُومِينَ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَهَذَا الَّذِي يَقَعُ فِي وَهْمِ الْمُوصِي. رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِجِيرَانِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ يُقَسَّمُ عَلَى أَغْنِيَائِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لِأَهْلِ مَسْجِدِ كَذَا. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لِمُجَاوِرِي مَكَّةَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ فَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ يُصْرَفُ إلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ وَإِنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ قُسِّمَتْ عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَحَدُّ الْإِحْصَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ إلَّا بِكِتَابٍ وَحِسَابٍ فَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ وَقَالَ بِشْرٌ: لَيْسَ لِهَذَا وَقْتٌ وَقِيلَ: إذَا كَانُوا لَا يُحْصِيهِمْ الْمُحْصِي حَتَّى يُولَدَ فِيهِمْ مَوْلُودٌ أَوْ يَمُوتَ فِيهِمْ أَحَدٌ فَإِنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ فَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْأَيْسَرُ مَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِذَا أَوْصَى لِيَتَامَى بَنِي فُلَانٍ وَيَتَامَى بَنِي فُلَانٍ مِمَّنْ يُحْصَوْنَ فَإِنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَيُصْرَفُ إلَى كُلِّهِمْ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِيَتَامَى هَذِهِ السِّكَّةِ أَوْ لِيَتَامَى هَذِهِ الدَّارِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَإِنْ كَانَ لَا يُحْصَى يَتَامَاهُمْ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ وَتُصْرَفُ الْوَصِيَّةُ إلَى الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ. وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَرَامِلِ بَنِي فُلَانٍ وَهُنَّ يُحْصَوْنَ أَوْ لَا يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ وَإِذَا جَازَتْ الْوَصِيَّةُ هُنَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنْ كُنَّ يُحْصَوْنَ يُصْرَفُ إلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ لَا يُحْصَوْنَ تُصْرَفُ إلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِنَّ مِنْهُنَّ، وَأَدْنَى ذَلِكَ الْوَاحِدَةُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثِنْتَانِ إذَا أَوْصَى لِجِيرَانِهِ أَوْ لِجِيرَانِ فُلَانٍ وَجِيرَانُهُ لَا يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى لِأَهْلِ مَسْجِدِ كَذَا وَلِأَهْلِ سِجْنِ كَذَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ أَوْصَى لِأَزْوَاجِ بَنَاتِهِ يَتَنَاوَلُ الزَّوْجَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَكَذَا الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ أَمَّا الْبَائِنُ فَلَا، وَالْأَيْتَامُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ وَإِلَّا فَعَلَى الْفُقَرَاءِ. وَكَذَا الْعُمْيَانُ وَالزَّمْنَى وَالْغَارِمُونَ وَأَبْنَاءُ السَّبِيلِ وَأَهْلُ السُّجُونِ وَالْغُزَاةُ وَالْأَرَامِلُ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ فَعَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَإِنْ لَمْ يُحْصَوْا فَعَلَى الْفُقَرَاءِ وَكَذَا الْعُمْيَانُ وَالْأَرْمَلَةُ هِيَ الَّتِي بَلَغَتْ وَجُومِعَتْ وَلَا زَوْجَ لَهَا، وَالشَّابُّ وَالْفَتَى مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ الشَّيْبُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَالْكَهْلُ مِنْ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ إلَى سِتِّينَ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ الشَّيْبُ قَبْلَهُ، وَالشَّيْخُ مِنْ خَمْسِينَ، وَالْغُلَامُ مَا دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَنْ يَحْتَلِمَ، وَالْعَقِبُ مِنْ يَعْقُبُ أَبَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَا الْوَرَثَةُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَمَنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ فَهُمْ الْمُلَاصِقُونَ لِدَارِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا قِيَاسٌ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ يَسْكُنُ مَحَلَّةَ الْمُوصِي وَيَجْمَعُهُمْ مَسْجِدُ الْمَحَلَّةِ وَيَسْتَوِي فِيهِ السَّاكِنُ وَالْمَالِكُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْعَبِيدُ وَالْإِمَاءُ وَالْمُدَبَّرُونَ وَأُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ.

وَالْمُكَاتَبُ يَدْخُلُ كَذَا ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ وَالْمُحِيطِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ، كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَجُلٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ مِنْ جِيرَانِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ بِمَالِهِ يُنْظَرُ فِيمَا أَوْصَى لِهَذَا وَفِيمَا يُصِيبُهُ مَعَ الْجِيرَانِ فَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَوْصَى لِعُمْيَانِ بَنِي فُلَانٍ أَوْ لِزَمْنَى بَنِي فُلَانٍ إنْ كَانُوا قَوْمًا يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ لِفُقَرَائِهِمْ وَأَغْنِيَائِهِمْ وَذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ. وَلَوْ أَوْصَى لِشُبَّانِ بَنِي فُلَانٍ أَوْ لِأَيَامَى بَنِي فُلَانٍ أَوْ لِثَيِّبِهِمْ أَوْ لِأَبْكَارِهِمْ صَحَّ فِي الْإِحْصَاءِ وَإِلَّا لَا. وَلَوْ أَوْصَى لِمَوَالِيهِ وَلَهُ مُعْتَقِينً وَمُعْتِقُونَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ وَيَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْمَوَالِي مَنْ أَعْتَقَهُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَلَا يَدْخُلُ مُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك فَأَنْت حُرٌّ، فَمَاتَ قَبْلَ ضَرْبِهِ دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ الْمُوصِي رَجُلًا مِنْ الْعَرَبِ فَأَوْصَى لِمَوَالِيهِ بِثُلُثِ مَالِهِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَسْفَلُ مَعَ وَلَدِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ وَمُعْتِقُ الْمُعْتَقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوَالٍ وَلَا أَوْلَادُ الْمُوَالِي فَالثُّلُثُ لِمَوَالِي مَوَالِيهِ، كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ بَقِيَ مِنْ مَوَالِيهِ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ أَوْ مِنْ أَوْلَادِهِمْ اثْنَانِ فَصَاعِدًا وَلَهُ مَوَالِي مَوَالِيهِ فَالثُّلُثُ لِلِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، وَإِنْ أَوْجَبَ الْوَصِيَّةَ لَهُمْ بِاسْمِ الْجَمْعِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ مَوَالِيهِ وَلَا مِنْ أَوْلَادِ مَوَالِيهِ إلَّا وَاحِدٌ كَانَ لَهُ نِصْفُ الثُّلُثِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يُرَدُّ عَلَى الْوَرَثَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَوْصَى لِمَوَالِي بَنِي فُلَانٍ بِفَخِذٍ يُحْصَوْنَ دَخَلَ فِيهَا الْمُعْتَقُ وَمُعْتِقُ الْمُعْتَقِ وَمَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِعَدَمِ ضَرْبِهِ وَلَا يَدْخُلُ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا أَوْصَى لِمَوَالِيهِ وَلِهَذَا الْمُوصِي أَمَةٌ مُعْتَقَةٌ أَعْتَقَهَا الْمُوصِي فَوَلَدَتْ وَلَدًا أُدْخِلَ وَلَدُهَا تَحْتَ الْوَصِيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ مُعْتَقَ غَيْرِ الْمُوصِي، فَإِنْ كَانَ أَبُو وَلَدِ مُعْتَقَةِ الْمُوصِي عَرَبِيًّا لَا يَدْخُلُ الْوَلَدُ فِي الْوَصِيَّةِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ أَبُو الْوَلَدِ رَجُلًا مِنْ الْمَوَالِي مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ مُعْتَقَ قَوْمٍ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ مَوْلًى لِمَوَالِي الْأُمِّ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِمَوَالِيهِ وَلَيْسَ لَهُ مَوَالٍ أَعْتَقَهُمْ وَلَا أَوْلَادُ الْمَوَالِي وَلَا مَوَالِي الْمَوَالِي، وَإِنَّمَا لَهُ مَوْلَى أَبِيهِ أَوْ مَوْلَى ابْنِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ إلَّا مَوَالٍ أَسْلَمُوا عَلَى يَدَيْهِ وَوَالِدِهِ كَانَ الثُّلُثُ لَهُمْ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ مَوَالٍ أَعْتَقَهُمْ الْمُوصِي أَوْ أَوْلَادُ مَوَالِيهِ فَإِنَّ فِي الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونُوا سَوَاءً وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الثُّلُثُ لِهَؤُلَاءِ دُونَ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَلَهُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ عَتَقْنَ فِي حَيَاتِهِ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ عَتَقْنَ بِمَوْتِهِ فَالْوَصِيَّةُ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الَّتِي عَتَقْنَ بِمَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ عَتَقْنَ فِي حَيَاتِهِ فَالْوَصِيَّةُ لَهُنَّ. وَلَوْ أَوْصَى لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ بِأَلْفٍ وَلِمَوْلَيَاتِهِ بِأَلْفٍ وَلَهُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ عَتَقْنَ فِي حَيَاتِهِ وَمَوْلَيَاتٌ سِوَاهُنَّ اُعْتُبِرَ كُلُّ فَرِيقٍ عَلَى حِدَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ أَوْصَى لِأَصْهَارِهِ فَالْوَصِيَّةُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ امْرَأَتِهِ وَكَذَا يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَزَوْجَةِ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ أَصْهَارٌ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ مَنْ كَانَ صِهْرًا لِلْمُوصِي يَوْمَ مَوْتِهِ بِأَنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَنْكُوحَةً لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ مُعْتَدَّةً عَنْهُ بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةَ الْمَوْتِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمُوصِي وَالْمَرْأَةُ فِي نِكَاحِهِ أَوْ فِي عِدَّتِهِ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَالصِّهْرُ يَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ وَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ ثَلَاثٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا. وَمَنْ أَوْصَى لِأَخْتَانِهِ فَالْوَصِيَّةُ لِكُلِّ زَوْجٍ ذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ كَأَزْوَاجِ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ وَكَذَا كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ أَزْوَاجِ هَؤُلَاءِ، كَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْكُلَّ يُسَمَّى خَتَنًا، كَذَا فِي الْكَافِي قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: وَهَذَا بِنَاءً عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَأَمَّا فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ فَاسْمُ الْخَتَنِ يَنْطَلِقُ عَلَى زَوْجِ الْبِنْتِ وَزَوْجِ كُلِّ ذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ وَلَا يَنْطَلِقُ عَلَى ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ أَزْوَاجِ هَؤُلَاءِ وَالْعِبْرَةُ لِلْعُرْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَكُونُ الْأَخْتَانُ مِنْ قِبَلِ نِسَاءِ الْمُوصِي يُرِيدُ بِهِ أَنَّ امْرَأَةَ الْمُوصِي إذَا كَانَتْ لَهَا بِنْتٌ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ وَلَهَا زَوْجٌ تَزَوَّجَ ابْنَتَهَا لَا يَكُونُ خَتَنًا لِلْمُوصِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِفُقَرَاءِ بَنِي فُلَانٍ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ دَخَلَ مَوَالِيهِمْ وَمَوَالِي مَوَالِيهِمْ وَمَوَالِي الْمُوَالَاةِ وَحُلَفَاؤُهُمْ وَعَدِيدُهُمْ يُقَسِّمُهُ بَيْنَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ بِالسَّوِيَّةِ.

الباب السابع في الوصية بالسكنى والخدمة

وَالْحَلِيفُ مَنْ وَالَى قَوْمًا وَيَقُولُ لَهُمْ أَنَا أَسْلَمُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَيَحْلِفُونَ لَهُ عَلَى الْمُوَالَاةِ، وَالْعَدِيدُ مَنْ يَصِيرُ مِنْهُمْ بِغَيْرِ حَلِفٍ، وَإِنْ أَعْطَى الْكُلَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُعْطِيهِ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ أَبًا خَاصًّا وَلَيْسَ بِأَبِي قَبِيلَةٍ وَلَا فَخِذٍ فَالثُّلُثُ لِبَنِيهِ لِصُلْبِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَوْلَى وَالْحَلِيفُ فِي الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى لِأَوْلَادِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وآله - فَذَكَرَ أَنَّ نُصَيْرَ بْنَ يَحْيَى كَانَ يَقُولُ: الْوَصِيَّةُ لِأَوْلَادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلَا يَكُونُ لِغَيْرِهِمَا. وَأَمَّا الْعُمَرِيَّةُ فَهَلْ يَدْخُلُونَ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ؟ قَالَ: يَنْظُرُ كُلُّ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَيَتَّصِلُ بِهِمَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَمَنْ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِمَا وَلَا يَتَّصِلُ بِهِمَا لَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ. وَإِذَا أَوْصَى لِلْعَلَوِيَّةِ فَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ وَلَيْسَ فِي هَذَا الِاسْمِ مَا يُنَبِّئُ عَنْ الْفَقْرِ أَوْ الْحَاجَةِ. وَلَوْ أَوْصَى لِفُقَرَاءِ الْعَلَوِيَّةِ يَجُوزُ. وَعَلَى هَذَا الْوَصِيَّةُ لِلْفُقَهَاءِ لَا تَجُوزُ، وَلَوْ أَوْصَى لِفُقَرَائِهِمْ تَجُوزُ. وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لِطَلَبَةِ الْعِلْمِ لَا تَجُوزُ وَلَوْ أَوْصَى لِفُقَرَائِهِمْ تَجُوزُ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: كَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ يَقُولُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إذَا أَوْصَى لِطَلَبَةِ عِلْمٍ كُورَةِ كَذَا لِطَلَبَةِ عِلْمِ كَذَا تَجُوزُ، وَلَوْ أَعْطَى الْوَصِيُّ وَاحِدًا مِنْ فُقَرَاءِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ أَوْ مِنْ فُقَرَاءِ الْعَلَوِيَّةِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا صَرَفَ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهُمْ فَصَاعِدًا. وَإِذَا أَوْصَى لِفُقَرَاءِ الْفُقَهَاءِ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ قَالَ: الْفَقِيهُ عِنْدَنَا مَنْ بَلَغَ فِي الْفِقْهِ الْغَايَةَ الْقُصْوَى وَلَيْسَ الْمُتَفَقِّهُ بِفَقِيهٍ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ نَصِيبٌ. وَإِذَا أَوْصَى لِأَهْلِ الْعِلْمِ بِبَلْدَةِ كَذَا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ أَهْلُ الْفِقْهِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ وَلَا يَدْخُلُ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِالْحِكْمَةِ. وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُتَكَلِّمُونَ؟ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَصًّا فِي الْكُتُبِ. وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ أَنَّ كُتُبَ الْكَلَامِ لَيْسَتْ كُتُبَ الْعِلْمِ يَعْنِي فِي الْعُرْفِ وَلَا يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الْكُتُبِ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ الْمُتَكَلِّمُونَ. وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِفُقَرَاءِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إلَى مَدْرَسَةٍ مَنْسُوبَةٍ إلَيْهِمْ فِي كُورَةِ كَذَا لِتَعَلُّمِ الْفِقْهِ فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ لَا تُفِيدُ شَيْئًا لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إلَى مَدْرَسَةٍ مَنْسُوبَةٍ إلَيْهِمْ لِتَعَلُّمِ الْفِقْهِ إذَا لَمْ يَكُونُوا مِنْ جُمْلَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَاسْمُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لَا يَتَنَاوَلُ شَفْعَوِيَّ الْمَذْهَبِ لَا مَحَالَةَ وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَنْ يَقْرَأُ الْأَحَادِيثَ وَيَسْمَعُهَا وَيَكُونُ فِي طَلَبِ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ شَفْعَوِيَّ الْمَذْهَبِ أَوْ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَمَنْ كَانَ شَفْعَوِيَّ الْمَذْهَبِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ الْأَحَادِيثَ وَلَا يَسْمَعُ وَلَا يَكُونُ فِي طَلَبِ ذَلِكَ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَوْصَى لِفُلَانٍ وَلِبَنِي تَمِيمٍ قَالَ: كُلُّ الثُّلُثِ يَكُونُ لِفُلَانٍ، وَلَا شَيْءَ لِبَنِي تَمِيمٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لِفُلَانٍ وَلِلْمَوَالِي إذَا كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ وَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ بَاطِلَةٌ. وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَلِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَنِصْفُ الثُّلُثِ لِفُلَانٍ لَا غَيْرُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَلِعَشَرَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَجُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا يَكُونُ لِفُلَانٍ وَلَا شَيْءَ لِلْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ وَالثَّمَرَةِ وَغَلَّةِ الْعَبِيدِ وَغَلَّةِ الْبُسْتَانِ وَغَلَّةِ الْأَرْضِ وَظَهْرِ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِخِدْمَةِ الرَّقِيقِ وَسُكْنَى الدُّورِ وَبِغَلَّةِ الرَّقِيقِ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَالْبَسَاتِينِ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا رَحِمِهِمْ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِذَا جَازَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْخِدْمَةِ فَنَقُولُ: إذَا أَوْصَى الرَّجُلُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ تَكُونَ السَّنَةُ بِعَيْنِهَا بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْت بِخِدْمَةِ هَذَا الْعَبْدِ مَثَلًا سَنَةَ سَبْعِينَ وَأَرْبَعَمِائَةٍ أَوْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِأَنْ لَمْ يَقُلْ: سَنَةَ كَذَا. وَكُلُّ وَجْهٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ كَانَ الْعَبْدُ يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ لَا يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ فِي سَنَةٍ بِعَيْنِهَا إنْ مَضَتْ تِلْكَ السَّنَةُ بِعَيْنِهَا.

قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ مَاتَ الْمُوصِي بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ السَّنَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا بَعْضُهَا بِأَنْ مَضَتْ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ مَوْتِهِ وَبَقِيَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَوْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ دُخُولِ تِلْكَ السَّنَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا، ثُمَّ دَخَلَتْ تِلْكَ السَّنَةُ يَنْظُرُ إلَى الْعَبْدِ إنْ كَانَ الْعَبْدُ يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ لَا يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَكِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّهُ يُسَلَّمُ الْعَبْدُ إلَى الْمُوصَى لَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ وَصِيَّتَهُ. ثُمَّ إنْ بَقِيَ نِصْفُ السَّنَةِ يَسْتَخْدِمُهُ نِصْفَ السَّنَةِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ دُخُولِ تِلْكَ السَّنَةِ يَسْتَخْدِمُ الْعَبْدَ سَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ كَانَ لَا يُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَخْدُمُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ عَيْنُهَا فَإِذَا مَضَتْ تِلْكَ السَّنَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا يُسَلَّمُ الْعَبْدُ لِلْوَرَثَةِ، هَذَا إذَا كَانَتْ بِعَيْنِهَا وَإِنْ كَانَتْ السَّنَةُ بِغَيْرِ عَيْنِهَا إنْ كَانَ الْعَبْدُ يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ لَا يُخْرَجُ وَقَدْ أَجَازُوا يُسَلَّمُ الْعَبْدُ إلَى الْمُوصَى لَهُ يَسْتَخْدِمُهُ سَنَةً كَامِلَةً، ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهُ يَخْدُمُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ، فَإِذَا مَضَى ثَلَاثَ سِنِينَ تَمَّتْ وَصِيَّةُ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ السَّنَةَ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا الْمَوْتُ، وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته فِيمَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً فَهُوَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِغَلَّةِ عَبْدِهِ سَنَةً أَوْ بِسُكْنَى دَارِهِ سَنَةً، أَمَّا إنْ عَيَّنَ السَّنَةَ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ السَّنَةَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْخِدْمَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ وَلِآخَرَ بِرَقَبَتِهِ وَهُوَ يُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ فَالرَّقَبَةُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَالْخِدْمَةُ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُطْلَقَةً يَثْبُتُ إلَى وَقْتِ مَوْتِ الْمُوصَى لَهُ الْمَنْفَعَةَ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ إنْ كَانَ هُنَاكَ الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَنْتَقِلْ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي. وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ الدَّارِ أَوْ الْعَبْدِ فَأَرَادَ أَنْ يَسْكُنَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَسْتَخْدِمَ الْعَبْدَ بِنَفْسِهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْأَصْلِ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَعْمَشُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِسُكْنَى دَارِهِ سَنَةً وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَإِنَّهُ يَسْكُنُ ثُلُثَهَا مِنْهَا وَتَسْكُنُ الْوَرَثَةُ الثُّلُثَيْنِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ ثُلُثَيْ الدَّارِ وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ بِسُكْنَى الدَّارِ وَخِدْمَةِ الْعَبْدِ أَنْ يُؤَاجِرَهُمَا عِنْدَنَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْعَبْدَ مِنْ الْكُوفَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ وَأَهْلُهُ فِي غَيْرِ الْكُوفَةِ فَيُخْرِجُهُ إلَى أَهْلِهِ لِلْخِدْمَةِ هُنَاكَ إذَا كَانَ يُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ اقْتَسَمُوا الدَّارَ مُهَايَأَةً مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ يَجُوزُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ، كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُعَارَ بَيْتُهُ مِنْ فُلَانٍ كَانَ بَاطِلًا، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُسْقَى عَنْهُ الْمَاءُ شَهْرًا فِي الْمَوْسِمِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ بَاطِلًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. رَجُلٌ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِهَذَا التِّبْنِ لِدَوَابِّ فُلَانٍ - كَانَ بَاطِلًا، وَلَوْ قَالَ: يُعْلَفُ بِهِ دَوَابُّ فُلَانٍ - كَانَ جَائِزًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْمُنْتَقَى بِرِوَايَةِ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُكْنَى دَارِهِ وَلَمْ يُوَقِّتْ كَانَ ذَلِكَ مَا عَاشَ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى بِغَلَّةِ عَبْدِهِ هَذَا لِفُلَانٍ وَلَمْ يُسَمِّ وَقْتًا وَهُوَ يُخْرِجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَلَهُ غَلَّتُهُ حَالَ حَيَاتِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ لِعَبْدِ رَجُلٍ جَازَ وَيَسْتَخْدِمُ الْمُوصَى لَهُ الْعَبْدَ وَلَا يَخْدُمُ مَوْلَاهُ وَيَسْكُنُ الْعَبْدُ الدَّارَ وَلَا يَسْكُنُهَا مَوْلَاهُ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُوصَى لَهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ بِيعَ أَوْ أُعْتِقَ تَتْبَعُهُ الْوَصِيَّةُ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَوْصَى أَنْ يَخْدُمَ عَبْدُهُ فُلَانًا حَتَّى اسْتَغْنَى فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ صَغِيرًا خَدَمَهُ حَتَّى يُدْرِكَ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَقِيرًا خَدَمَهُ حَتَّى يُصِيبَ ثَمَنَ خَادِمٍ يَخْدُمُهُ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا غَنِيًّا فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ أَنْ يُؤَاجِرَ الدَّارَ أَوْ الْعَبْدَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ فَلَهُ الْغَلَّةُ الْقَائِمَةُ وَغَلَّتُهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ قَالَ: أَبَدًا، أَوْ لَمْ يَقُلْ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَيْضًا فَإِنْ كَانَ فِي بُسْتَانِهِ ثِمَارٌ قَائِمَةٌ يَوْمَ الْمَوْتِ كَانَتْ لَهُ تِلْكَ الثِّمَارُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ

وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَمُوتَ إذَا كَانَ الْبُسْتَانُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، هَذَا إذَا كَانَ فِي الْبُسْتَانِ ثِمَارٌ قَائِمَةٌ يَوْمَ الْمَوْتِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبُسْتَانِ ثِمَارٌ قَائِمَةٌ يَوْمَ الْمَوْتِ - فَالْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُلَ الْوَصِيَّةُ، وَلَا تَنْصَرِفُ الْوَصِيَّةُ إلَى مَا يَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَكِنْ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ مَا يَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَى أَنْ يَمُوتَ الْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَ الْبُسْتَانُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلَّهُ إذَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْأَبَدِ فَأَمَّا إذَا قَالَ: أَوْصَيْت لَك بِثِمَارِ بُسْتَانِي أَبَدًا كَانَ لَهُ الثَّمَرَةُ الْقَائِمَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الْبُسْتَانِ وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا أَوْصَى بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ أَبَدًا فَحَدَثَ فِي الْبُسْتَانِ شَجَرٌ مِنْ أُصُولِ النَّخِيلِ وَأَثْمَرَ دَخَلَتْ غَلَّةُ ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ، وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ غَلَّةِ بُسْتَانِهِ أَبَدًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ جَازَتْ، وَإِنْ قَاسَمَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ غَلَّةِ الْبُسْتَانِ مَعَ الْوَرَثَةِ فَأَغَلَّ الَّذِي لِلْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ وَلَمْ يُغِلَّ الَّذِي لِلْوَرَثَةِ أَوْ أَغَلَّ الَّذِي لَهُمْ وَلَمْ يُغِلَّ الَّذِي لَهُ فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُمْ فِي الْغَلَّةِ، (قَالَ) وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوا ثُلُثَيْ الْبُسْتَانِ فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي شَرِيكَ الْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعُوا الْكُلَّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِحِصَّةِ الثُّلُثِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِغَلَّةِ الدَّارِ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْغَلَّةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُقَاسِمُوا الدَّارَ فَإِنِّي أَخَافُ إذَا قُسِّمَتْ أَنْ لَا يُغِلَّ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُمْ أَنْ يُقَاسِمُوهُ فَيُعْزَلُ لَهُ الثُّلُثُ فَإِذَا أَغَلَّ فَهُوَ مَالُهُ وَإِنْ لَمْ يُغِلَّ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوا ثُلُثَيْهِمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا. وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ أَرْضِهِ وَلَيْسَ فِيهَا نَخِيلٌ وَلَا شَجَرٌ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا فَإِنَّهُ يُؤَاجِرُهُ فَيُعْطِي صَاحِبَ الْغَلَّةِ ثُلُثَ الْأَجْرِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَخِيلٌ أَوْ شَجَرٌ أَعْطَى ثُلُثَ مَا يَخْرُجُ مِنْ النَّخِيلِ وَالشَّجَرِ وَلَا يَدْفَعُ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ إجَارَةَ الْأَرْضِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَإِذَا أَوْصَى أَنْ يُؤَاجِرَ أَرْضَهُ مُنْذُ سِنِينَ مُسَمَّاةٍ كُلُّ سَنَةٍ بِكَذَا وَهِيَ جَمِيعُ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إلَى أَجْرِهَا فَإِنْ كَانَ مَا سَمَّى مِثْلَ أَجْرِ مِثْلِهَا وَجَبَ تَنْفِيذُ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِحَيْثُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ تَنْفُذُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِحَيْثُ لَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ يُقَالُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْإِجَارَةِ: إنْ أَرَدْت أَنْ تُؤَاجِرَ مِنْك هَذِهِ الْأَرْضَ فَبَلَغَ الْأَجْرُ إلَى تَمَامِ الثُّلُثَيْنِ فَإِنْ بَلَغَ تُؤَاجَرُ الْأَرْضُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ لَا تُؤَاجَرُ الْأَرْضُ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِصُوفِ غَنَمِهِ أَبَدًا أَوْ بِأَوْلَادِهَا أَوْ بِلَبَنِهَا، ثُمَّ مَاتَ فَلَهُ مَا فِي بُطُونِهَا مِنْ الْوَلَدِ وَمَا فِي ضُرُوعِهَا مِنْ اللَّبَنِ وَمَا عَلَى ظُهُورِهَا مِنْ الصُّوفِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمُوصِي سَوَاءٌ قَالَ: أَبَدًا أَوْ لَمْ يَقُلْ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ، ثُمَّ إنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ اشْتَرَى الْبُسْتَانَ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَبِعْهُ الْوَرَثَةُ وَلَكِنَّهُمْ تَرَاضَوْا عَلَى شَيْءٍ دَفَعُوهُ إلَيْهِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْغَلَّةَ وَيُبَرِّئَهُمْ مِنْهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ. وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ عَنْ سُكْنَى الدَّارِ وَخِدْمَةِ الْعَبْدِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ بَيْعُ هَذِهِ الْحُقُوقِ لَا يَجُوزُ وَإِذَا أَوْصَى بِغَلَّةِ دَارِهِ أَوْ بِغَلَّةِ عَبْدِهِ فِي الْمَسَاكِينِ جَازَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ. وَإِذَا أَوْصَى بِسُكْنَى دَارِهِ أَوْ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ بِظَهْرِ دَابَّتِهِ لِلْمَسَاكِينِ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ مَعْلُومًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَوْصَى أَنْ يُتْرَكَ كَرْمُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ لِلْمَسَاكِينِ فَمَاتَ وَلَمْ يَحْمِلْ كَرْمُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ بِشَيْءٍ قِيلَ: بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَقِيلَ: يُوقَفُ هَذَا الْكَرْمُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ مَا لَمْ يَتَصَدَّقْ بِغَلَّتِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ كَرْمِهِ لِإِنْسَانٍ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْقَوَائِمُ وَالْأَوْرَاقُ وَالْحَطَبُ وَالثَّمَرَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ أَوْصَى بِثِيَابِ جَسَدِهِ لِرَجُلٍ جَازَ وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ الْجِبَابِ وَالْقَمَصِ وَالْأَرْدِيَةِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْأَكْسِيَةِ دُونَ الْقَلَانِسِ وَالْخِفَافِ وَالْجَوَارِبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الثِّيَابِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَوْصَى فَقَالَ: تَصَدَّقُوا بِهَذَا الثَّوْبِ إنْ شَاءُوا بَاعُوهُ وَأَعْطَوْهُ ثَمَنَهُ وَإِنْ شَاءُوا أَعْطَوْهُ قِيمَتَهُ وَأَمْسَكُوا الثَّوْبَ. أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (ده يَتِيم راجامه كُنَّ)

فَأَعْطَى الْوَصِيُّ كُلَّ يَتِيمٍ مِنْ الْكِرْبَاسِ مِقْدَارَ مَا يَتَّخِذُ مِنْهُ ثَوْبًا إنْ دَفَعَ إلَيْهِ الْكِرْبَاسَ وَأُجْرَةَ الْخَيَّاطِ يَجُوزُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الْعُيُونِ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ أَنْ يَزْرَعَ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَشْرَةَ أَجْرِبَةٍ مِنْ أَرْضه فَالْبَذْرُ وَالْخَرَاجُ وَالسَّقْيُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ أَنْ يُزْرَعَ لَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَشْرَةُ أَجْرِبَةٍ فَالْبَذْرُ وَالسَّقْيُ وَالْخَرَاجُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثَمَرَةِ نَخْلَةٍ بَلَغَتْ أَوْ زَرْعٍ اسْتَحْصَدَ وَلَمْ يُحْصَدْ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ نَخْلَةٍ أَوْ زَرْعٍ قَدْ أَدْرَكَ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ. وَلَوْ قَطَعَ الثَّمَرَةَ وَحَصَدَ الزَّرْعَ، ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمُوصِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ أَوْصَى بِهَذَا الْجِرَابِ الْهَرَوِيِّ فَلَهُ الْجِرَابُ بِمَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْصَرَّةُ مِنْ التَّمْرِ. وَلَوْ أَوْصَى بِالْحِنْطَةِ فِي الْجُوَالِقِ لَا يَكُونُ لَهُ الْجُوَالِقُ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِسَلَّةَ زَعْفَرَانٍ يَدْخُلُ الزَّعْفَرَانُ دُونَ السَّلَّةِ وَفِي الْعَسَلِ وَالزَّيْتِ يَدْخُلُ هُوَ دُونَ الزِّقِّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالسَّيْفِ فَلَهُ السَّيْفُ بِجَفْنِهِ وَحَمَائِلِهِ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِسَرْجٍ فَلَهُ السَّرْجُ وَتَوَابِعُهُ مِنْ اللِّبَدِ وَالرِّفَادَةِ وَالثُّفْرِ وَالرَّكْبَانِ وَاللَّبَبُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِمُصْحَفٍ وَلَهُ غِلَافٌ فَلَهُ الْمُصْحَفُ دُونَ الْغِلَافِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِقُبَّةٍ فَلَهُ عِيدَانُ الْقُبَّةِ. وَلَوْ أَوْصَى بِقُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ وَهِيَ مَا يُقَالُ لَهَا بِالْعُجْمَةِ (خركاه) فَلَهُ الْقُبَّةُ مَعَ الْكِسْوَةِ وَهِيَ اللُّبُودُ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِحَجْلَةٍ فَلَهُ الْكِسْوَةُ دُونَ الْعِيدَانِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَوْصَى بِدَنِّ خَلٍّ فَالدَّنُّ وَالْخَلُّ جَمِيعًا. وَلَوْ قَالَ: بِدَارِ الدَّوَابِّ فَالدَّارُ وَصِيَّةٌ دُونَ الدَّوَابِّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِسَفِينَةِ الطَّعَامِ فَالطَّعَامُ دُونَ السَّفِينَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. لَوْ أَوْصَى لِآخَرَ بِمِيزَانٍ فَهُوَ عَلَى الْعَمُودِ وَالْكِفَّتَيْنِ وَالْخُيُوطِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ السَّنَجَاتُ وَالْعَلَاقُ هَذَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِعَيْنِهِ دَخَلَ فِيهِ. وَذَكَرَ إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ مَاتَ فَأَعْتَقَ عَبْدَهُ وَقَالَ: كِسْوَتُهُ لَهُ قَالَ: لَهُ خُفَّاهُ وَقَلَنْسُوَتُهُ وَقَمِيصُهُ وَإِزَارُهُ وَسَرَاوِيلُهُ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ سَيْفُهُ وَمِنْطَقَتُهُ، وَإِنْ قَالَ: مَتَاعُهُ يَدْخُلُ فِيهِ سَيْفُهُ وَمِنْطَقَتُهُ. وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَلَمْ يَقُلْ: غَنَمِي هَذِهِ فَأَعْطَى الْوَرَثَةُ الْمُوصَى لَهُ شَاةً قَدْ وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَدًا قَالَ: لَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِي هَذِهِ فَأَعْطَوْهُ شَاةً وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصَى لَهُ وَلَدًا قَالَ: يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْوَارِثُ الْوَلَدَ قَبْلَ تَعْيِينِ الشَّاةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِنَخْلَةٍ بِأَصْلِهَا وَلَمْ يَقُلْ: مِنْ نَخِيلِي هَذِهِ فَهُوَ مِثْلُ الشَّاةِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا وَيُعْطُونَهُ أَيَّ نَخْلَةٍ شَاءُوا دُونَ ثَمَرَتِهَا الَّتِي أَثْمَرَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَإِنْ كَانُوا اسْتَهْلَكُوا ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ. إذَا أَوْصَى أَنْ تَعْتِقُ جَارِيَتُهُ هَذِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَمَاتَ فَقَبْلَ أَنْ تَعْتِقُ وَلَدَتْ وَلَدًا وَهِيَ مَعَ وَلَدِهَا يَخْرُجَانِ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ وَلَمْ يَعْتِقْ الْوَلَدُ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى أَنْ تُكَاتَبَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ أَوْصَى أَنْ تُبَاعَ هِيَ مِنْ نَفْسِهَا أَوْ تَعْتِقُ عَلَى مَالٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي الْوَلَدِ، وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُتَصَدَّقَ بِجَارِيَتِهِ هَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى فُلَانٍ أَوْ يُوهَبَ مِنْ فُلَانٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا بَعْدَ مَوْتِهِ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي الْوَلَدِ كَمَا تَنْفُذُ فِي الْجَارِيَةِ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ جَارِيَتُهُ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي بِيعَتْ هِيَ وَلَا يُبَاعُ وَلَدُهَا. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ جَارِيَتُهُ هِيَ وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى فُلَانٍ فَوَلَدَتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَدًا فَإِنَّهُ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي الْوَلَدِ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ جَارِيَتُهُ هَذِهِ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَجَاءَ عَبْدٌ وَقَتَلَهَا فَدُفِعَ بِهَا أَوْ قَطَعَ يَدَهَا فَدُفِعَ بِيَدِهَا أَوْ وَطِئَهَا وَاطِئٌ بِشُبْهَةٍ حَتَّى غَرِمَ الْعُقْرَ فَإِنَّهُ لَا يُبَاعُ الْعَبْدُ الْمَدْفُوعُ وَلَا الْأَرْشُ وَلَا الْعُقْرُ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ قَدْ قُتِلَتْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِفِقْدَانِ مَحِلِّهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ قُطِعَتْ يَدُهَا بِيعَتْ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ، وَلَوْ وُطِئَتْ وَهِيَ بِكْرٌ حَطَّ قَدْرَ الْبَكَارَةِ أَيْضًا وَلَوْ وُطِئَتْ وَهِيَ ثَيِّبٌ لَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ لَا يُحَطُّ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ إذَا ذَهَبَتْ عَيْنُهَا أَوْ يَدُهَا بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ بِيعَتْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ جَارِيَتُهُ هَذِهِ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَأَبَى فُلَانٌ الشِّرَاءَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّتَانِ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قُتِلَتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَغَرِمَ الْقَاتِلُ

قِيمَتَهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّتَانِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى أَنْ تُكَاتَبَ جَارِيَتُهُ هَذِهِ وَيُتَصَدَّقَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ أَوْ تُبَاعُ نَفْسُهَا وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا فَرَدَّتْ الْجَارِيَةُ الْكِتَابَةَ وَالْبَيْعَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّتَانِ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ جَارِيَتُهُ هَذِهِ نَسَمَةً وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَدًا بِيعَتْ هِيَ وَحْدَهَا نَسَمَةً وَلَمْ يُبَعْ مَعَهَا وَلَدُهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً وَلِآخَرَ بِخِدْمَتِهِ سَنَتَيْنِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ خَدَمَ الْوَرَثَةَ سِتَّةَ أَيَّامٍ وَالْمُوصَى لَهُمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَوْمًا لِصَاحِبِ السَّنَةِ وَيَوْمَيْنِ لِصَاحِبِ السَّنَتَيْنِ حَتَّى يَمْضِيَ تِسْعُ سِنِينَ. وَلَوْ عَيَّنَ فَقَالَ: لِفُلَانٍ هَذِهِ السَّنَةُ وَلِفُلَانٍ هَذِهِ وَسَنَةٌ أُخْرَى، يَخْدُمُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى الْوَرَثَةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَيَخْدُمُهُمَا يَوْمَيْنِ وَفِي الثَّانِيَةِ الْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ يَوْمًا، وَإِنْ قَالَ: أَوْصَيْت بِهَذِهِ الْأَمَةِ لِفُلَانٍ وَبِحَمْلِهَا لِآخَرَ أَوْ بِهَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ وَبِبِنَائِهَا لِآخَرَ أَوْ بِهَذَا الْخَاتَمِ لِفُلَانٍ وَبِفَصِّهِ لِآخَرَ أَوْ بِهَذِهِ الْقَوْصَرَّةِ لِفُلَانٍ وَبِالثَّمَرَةِ الَّتِي فِيهَا لِآخَرَ فَإِنْ وَصَلَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَوْصَى وَإِنْ فَصَلَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْفَرِدُ صَاحِبُ الْأَصْلِ بِالْأَصْلِ وَيَشْتَرِكَانِ فِي التَّبَعِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَوْصَى بِهَذَا الْعَبْدِ لِفُلَانٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ أَوْ أَوْصَى بِهَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ وَسُكْنَاهَا لِفُلَانٍ آخَرَ أَوْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ لِفُلَانٍ وَثَمَرَتِهَا لِآخَرَ أَوْ بِهَذِهِ الشَّاةِ لِفُلَانٍ وَبِصُوفِهَا لِآخَرَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَا سَمَّى لَهُ بِلَا خِلَافٍ سَوَاءٌ كَانَ مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا وَلَوْ ابْتَدَأَ بِالتَّبَعِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ ثُمَّ بِالْأَصْلِ بِأَنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ لِإِنْسَانٍ، ثُمَّ بِالْعَبْدِ لِآخَرَ، أَوْ أَوْصَى بِسُكْنَى هَذِهِ الدَّارِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ بِالدَّارِ لِآخَرَ أَوْ بِالثَّمَرَةِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ بِالشَّجَرَةِ لِآخَرَ فَإِنْ ذُكِرَ مَوْصُولًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا سَمَّى لَهُ بِهِ وَإِنْ ذُكِرَ مَفْصُولًا فَالْأَصْلُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْأَصْلِ وَالتَّبَعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ. وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ أَوْصَى بِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِالْعَبْدِ بَعْدَمَا أَوْصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ، أَوْ أَوْصَى بِخَاتَمِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ أَوْصَى بِفَصِّهِ لِآخَرَ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِالْخَاتَمِ بَعْدَمَا أَوْصَى لَهُ بِالْفَصِّ، أَوْ أَوْصَى بِجَارِيَتِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ أَوْصَى بِوَلَدِهَا لِآخَرَ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِالْجَارِيَةِ بَعْدَمَا أَوْصَى لَهُ بِوَلَدِهَا فَالْأَصْلُ وَالتَّبَعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ نِصْفُ الْعَبْدِ لِهَذَا وَنِصْفُهُ لِآخَرَ وَلِهَذَا نِصْفُ خِدْمَتِهِ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ خِدْمَتِهِ، وَكَذَلِكَ فِي الْجَارِيَةِ مَعَ وَلَدِهَا وَالْخَاتَمِ مَعَ الْفَصِّ، وَإِنْ كَانَ أَوْصَى لِلثَّانِي بِنِصْفِ الْعَبْدِ يُقَسَّمُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَكَانَ لِلثَّانِي نِصْفُ الْخِدْمَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجَعَ عَنْ هَذَا وَقَالَ: إذَا أَوْصَى بِالْعَبْدِ لِرَجُلٍ وَأَوْصَى بِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ ثُمَّ أَوْصَى بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ أَيْضًا لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ فَإِنَّ الْعَبْدَ بَيْنَهُمَا وَالْخِدْمَةَ كُلَّهَا لِلْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ، وَقَالُوا: لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَمَةٍ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَأَوْصَى لِآخَرَ بِمَا فِي بَطْنِهَا وَأَوْصَى بِهَا أَيْضًا لِلَّذِي أَوْصَى لَهُ بِمَا فِي الْبَطْنِ فَالْأَمَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْوَلَدُ كُلُّهُ لِلَّذِي أَوْصَى بِهِ لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ صَاحِبُهُ. وَلَوْ أَوْصَى بِالدَّارِ لِرَجُلٍ وَأَوْصَى بِبَيْتٍ فِيهَا بِعَيْنِهِ لِآخَرَ كَانَ الْبَيْتُ بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ. وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا لِرَجُلٍ وَأَوْصَى بِمِائَةٍ مِنْهَا لِآخَرَ كَانَ تِسْعُمِائَةٍ لِصَاحِبِ الْأَلْفِ وَالْمِائَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى طَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ. وَلَوْ أَوْصَى بِبَيْتٍ بِعَيْنِهِ لِرَجُلٍ وَبِبِنَائِهِ لِآخَرَ كَانَ الْبِنَاءُ بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. إذَا جَنَى الْعَبْدُ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ وَرَقَبَتِهِ جِنَايَةً فَالْفِدَاءُ عَلَى صَاحِبِ الْخِدْمَةِ فَإِذَا فَدَاهُ خَدَمَهُ عَلَى حَالِهِ لِأَنَّهُ طَهَّرَهُ عَنْ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ انْتَقَضَتْ الْوَصِيَّةُ، ثُمَّ يُقَالُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ: أَدِّ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ ذَلِكَ الْفِدَاءَ فَإِنْ أَبَى أَنْ يُرَدَّ الْفِدَاءَ عَلَى وَرَثَتِهِ بِيعَ فِيهِ الْعَبْدُ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ فِي عُنُقِهِ، وَإِنْ أَبَى صَاحِبُ الْخِدْمَةِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَنْ يَفْدِيَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، فَأَيَّهُمَا صَنَعَ بَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ الْخِدْمَةِ، وَلَوْ قَتَلَ رَجُلٌ الْعَبْدَ خَطَأً وَلَمْ يَجْنِ الْعَبْدُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ قِيمَةٌ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا يَخْدُمُ صَاحِبَ الْخِدْمَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ وَصَاحِبُ الْخِدْمَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ فَوَجَبَ قِيمَتُهُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا فَيَخْدُمُهُ مَكَانَهُ، وَلَوْ فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَيْهِ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ دُفِعَ الْعَبْدُ وَأُخِذَتْ.

قِيمَتُهُ صَحِيحًا وَيَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا مَكَانَهُ، وَلَوْ قُطِعَتْ أَوْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ أَوْ شُجَّ مُوضِحَةً فَأَدَّى الْقَاطِعُ أَرْشَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ تُنْقِصُ الْخِدْمَةَ اشْتَرَى بِالْأَرْشِ عَبْدًا آخَرَ لِيَخْدُمَ صَاحِبَ الْخِدْمَةِ مَعَ الْأَوَّلِ أَوْ يُبَاعُ الْعَبْدُ فَيَضُمُّ ثَمَنُهُ إلَى ذَلِكَ الْأَرْشِ وَيَشْتَرِي بِهِمَا عَبْدًا لِيَكُونَ قَائِمًا مَقَامَ الْأَوَّلِ، وَلَكِنَّ هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ لَمْ يَبِعْ الْعَبْدَ وَلَكِنْ يَشْتَرِي بِالْأَرْشِ عَبْدًا لِيَخْدُمَهُ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِالْأَرْشِ عَبْدٌ وَقَفَ الْأَرْشَ حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَيْهِ فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَقْسِمَاهُ نِصْفَيْنِ أَجَزْت ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ لَا تُنْقِصُ الْخِدْمَةَ فَالْأَرْشُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَكُلُّ مَالٍ وُهِبَ لِلْعَبْدِ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ اكْتَسَبَهُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْعَبْدِ أَمَةٌ كَانَ مَا وَلَدَتْ مِنْ وَلَدٍ فَهُوَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ وَكِسْوَتُهُ عَلَى صَاحِبِ الْخِدْمَةِ، فَإِنْ كَانَ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدٍ صَغِيرٍ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ حَتَّى يُدْرِكَ الْخِدْمَةَ فَإِذَا خَدَمَ صَارَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى صَاحِبِ الْخِدْمَةِ. وَلَوْ أَوْصَى بِدَابَّتِهِ لِرَجُلٍ وَبِظَهْرِهَا وَمَنْفَعَتِهَا لِآخَرَ كَانَ مِثْلَ الْعَبْدِ سَوَاءً؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنَى، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ كَانَ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ فَأَوْصَى بِرَقَبَةِ أَحَدِهِمَا لِرَجُلٍ وَقِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ وَبِخِدْمَةِ الثَّانِي لِآخَرَ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ وَقِيمَةُ الثَّالِثِ أَلْفٌ جَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ وَصِيَّتِهِ يُعْطَى لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَيَخْدُمُ صَاحِبَ الْخِدْمَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَصَايَا جَاوَزَتْ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الْمَالِ سِتُّمِائَةٍ وَالْوَصَايَا كَانَتْ ثَمَانَمِائَةٍ وَكَانَ ثُلُثُ الْمَالِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْوَصَايَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ اسْتَكْمَلَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ عَبْدَهُ كُلَّهُ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْعَبْدُ الَّذِي كَانَ يَخْدُمُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبِيدِ سَوَاءً كَانَ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ نِصْفُ خِدْمَةِ الْعَبْدِ وَلِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ نِصْفُ رَقَبَةِ الْآخَرِ، وَلَوْ أَوْصَى بِالْعَبِيدِ كُلِّهِمْ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَبِخِدْمَةِ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ لَمْ يَضْرِبْ صَاحِبُ الرِّقَابِ إلَّا بِقِيمَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَضْرِبُ الْآخَرُ بِقِيمَةِ الْآخَرِ فَيَكُونُ هَذَا كَالْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعَيْنِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْوَرَثَةِ تَبْطُلُ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا، وَلَوْ كَانُوا يَخْرُجُونَ مِنْ الثُّلُثِ كَانَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مِنْ الرِّقَابِ وَلِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ لِاتِّسَاعِ مَحِلِّ الْوَصِيَّةِ، وَيَجْتَمِعُ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ الْوَصِيَّةُ بِرَقَبَتِهِ وَبِخِدْمَتِهِ فَإِذَا مَاتَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ رَجَعَ ذَلِكَ إلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَأَوْصَى بِثُلُثِ كُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ لِفُلَانٍ وَأَوْصَى بِخِدْمَةِ أَحَدِهِمْ بِعَيْنِهِ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الثُّلُثِ فِي خِدْمَةِ ذَلِكَ الْعَبْدِ يَخْدُمُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَخْدُمُ الْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ فَيَكُونُ لِلْآخَرِ خُمُسَا الثُّلُثِ فِي الْعَبْدَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خُمُسُ رَقَبَتِهِ، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِصَاحِبِ الرِّقَابِ وَبِخِدْمَةِ أَحَدِهِمْ بِعَيْنِهِ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَلَوْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ وَبِغَلَّتِهِ لِآخَرَ وَيَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ يَخْدُمُ صَاحِبَ الْخِدْمَةِ شَهْرًا وَعَلَيْهِ طَعَامُهُ وَلِصَاحِبِ الْغَلَّةِ شَهْرًا وَعَلَيْهِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، فَإِنْ جَنَى هَذَا الْعَبْدُ جِنَايَةً قِيلَ لَهُمَا: افْدِيَاهُ، فَإِنْ فَدَيَاهُ كَانَا عَلَى حَالِهِمَا وَإِنْ أَبَيَا الْفِدَاءَ فَفَدَاهُ الْوَرَثَةُ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ مِنْ غَلَّةِ عَبْدِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ الْعَبْدِ فَإِنَّ ثُلُثَ الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَحُبِسَتْ غَلَّتُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهُ هَكَذَا أَوْصَى وَأَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ الرَّقَبَةِ لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ رُدَّ ذَلِكَ إلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَكَذَلِكَ مَا حُبِسَ لَهُ مِنْ الرَّقَبَةِ يُرَدُّ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَى أَرْبَعَةٍ صَاحِبِ الْغَلَّةِ يَضْرِبُ بِالْجَمِيعِ ثُلُثٌ وَصَاحِبِ الثُّلُثِ يَضْرِبُ بِالثُّلُثِ سَهْمٌ. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ دَارِهِ وَلِآخَرَ بِعَبْدِهِ وَلِآخَرَ بِثَوْبٍ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ تُخْرَجَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَا تُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَتْ تُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ لَكِنَّ الْوَرَثَةَ أَجَازُوا فَكَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ضُرِبَ كُلُّ

وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ حَقِّهِ لَا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةُ أَحَدِهِمْ تَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ فَلَا يَضْرِبُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُ الْغَلَّةِ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ وَقُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ دَارِهِ لِرَجُلٍ وَبِسُكْنَاهَا لِآخَرَ وَبِرَقَبَتِهَا لِآخَرَ وَهِيَ الثُّلُثُ فَهَدَمَهَا رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي غَرِمَ قِيمَةَ مَا هَدَمَهُ مِنْ بِنَائِهَا، ثُمَّ تُبْنَى مَسَاكِنُ كَمَا كَانَتْ فَتُؤَاجِرُ فَيَأْخُذُ غَلَّتَهَا صَاحِبُ الْغَلَّةِ وَيَسْكُنُهَا الْآخَرُ، وَكَذَلِكَ الْبُسْتَانُ إذَا أَوْصَى بِغَلَّتِهِ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَقَطَعَ رَجُلٌ نَخْلَةً أَوْ شَجَرَةً فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا وَيَشْتَرِي بِهَا أَشْجَارًا مِثْلَهَا فَتُغْرَسُ. وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِغَلَّةِ دَارِهِ وَقِيمَةُ الدَّارِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَهُ أَلْفَا دِرْهَمٍ سِوَى ذَلِكَ فَلِصَاحِبِ الْغَلَّةِ نِصْفُ غَلَّةِ الدَّارِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ نِصْفُ الثُّلُثِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ وَالدَّارِ خُمُسُ ذَلِكَ فِي الدَّارِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ فِي الْمَالِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِهِمَا تُقَسَّمُ الدَّارُ عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ فَصَاحِبُ الْجَمِيعِ يَضْرِبُ بِالْجَمِيعِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ يَضْرِبُ بِالثُّلُثِ فَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الْغَلَّةِ فَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثُ الدَّارِ وَالْمَالِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ بَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ الْغَلَّةِ وَأَخَذَ صَاحِبُ الثُّلُثِ ثُلُثَ الْمَالِ، وَلَوْ لَمْ تُسْتَحَقَّ وَلَكِنَّهَا انْهَدَمَتْ قِيلَ لِصَاحِبِ الْغَلَّةِ: ابْنِ نَصِيبَك فِيهَا وَيَبْنِي صَاحِبُ الثُّلُثِ نَصِيبَهُ وَالْوَرَثَةُ نَصِيبَهُمْ وَأَيُّهُمْ أَبَى أَنْ يَبْنِيَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَمْنَعْ الْآخَرَ أَنْ يَبْنِيَ نَصِيبَهُ فِي ذَلِكَ وَيُؤَاجِرُهُ وَيَسْكُنُهُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ وَلِآخَرَ بِرَقَبَتِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ فَالرَّقَبَةُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَالْغَلَّةُ لِصَاحِبِ الْغَلَّةِ مَا بَقِيَ وَالسَّقْيُ وَالْخَرَاجُ وَمَا يُصْلِحُهُ وَعِلَاجُ مَا يُصْلِحُهُ عَلَى صَاحِبِ الْغَلَّةِ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِصُوفِ غَنَمِهِ أَوْ بِأَلْبَانِهَا أَوْ بِسَمْنِهَا أَوْ بِأَوْلَادِهَا أَبَدًا لَمْ يَجُزْ إلَّا مَا عَلَى ظُهُورِهَا مِنْ الصُّوفِ وَفِي ضُرُوعِهَا مِنْ اللَّبَنِ وَمِنْ السَّمْنِ الَّذِي فِي اللَّبَنِ الَّذِي فِي الضَّرْعِ وَمِنْ الْوَلَدِ الَّذِي فِي الْبَطْنِ يَوْمَ يَمُوتُ وَمَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ فِيهِ. وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ نَخْلَةٍ أَبَدًا لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ بِرَقَبَتِهَا وَلَمْ تُدْرِكْ وَلَمْ تَحْمِلْ فَالنَّفَقَةُ فِي سَقْيِهَا وَالْقِيَامِ عَلَيْهَا عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ فَإِذَا أَثْمَرَتْ فَالنَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الْغَلَّةِ فَإِنْ حَمَلَتْ عَامًا ثُمَّ أَحَالَتْ فَلَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا فَالنَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الْغَلَّةِ وَهُوَ نَظِيرُ نَفَقَةِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ فَإِنَّهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ هُوَ يَنَامُ بِاللَّيْلِ وَلَا يَخْدُمُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَيْ لَمْ يُنْفِقْ صَاحِبُ الْغَلَّةِ وَأَنْفَقَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ عَلَيْهَا حَتَّى تَحْمِلَ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي نَفَقَتَهُ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَوْصَى بِقُطْنِهِ لِرَجُلٍ وَبِحَبِّهِ لِآخَرَ أَوْ أَوْصَى بِلَحْمِ شَاةٍ مُعَيَّنَةٍ لِرَجُلٍ وَبِجِلْدِهَا لِآخَرَ أَوْ أَوْصَى بِحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلِهَا لِرَجُلٍ وَبِالتِّبْنِ لِآخَرَ - جَازَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا وَعَلَى الْمُوصَى لَهُمَا أَنْ يَدُوسَا وَأَنْ يَسْلُخَا الشَّاةَ. وَلَوْ أَوْصَى بِقُطْنٍ فِي الْوِسَادَةِ لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ بِالْوِسَادَةِ كَانَ إخْرَاجُ الْقُطْنِ مِنْ الْوِسَادَةِ عَلَى صَاحِبِ الْقُطْنِ فِي قَوْلِهِمْ. وَلَوْ أَوْصَى بِدُهْنِ هَذَا السِّمْسِمِ لِأَحَدِهِمَا وَبِكَثَبِهِ لِآخَرَ كَانَ التَّخْلِيصُ عَلَى صَاحِبِ الدُّهْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَاةٍ وَلِآخَرَ بِرِجْلِهَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ فَهِيَ لِصَاحِبِ الشَّاةِ وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ الرِّجْلِ وَإِنْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِيَدِهَا لِآخَرَ وَبِالْإِهَابِ لِآخَرَ قَالَ: تُذْبَحُ الشَّاةُ وَيُعْطَى لِصَاحِبِ الْيَدِ الْيَدُ وَلِلْآخَرِ الرِّجْلُ وَلِلْآخَرِ الْإِهَابُ وَالْبَاقِي لِصَاحِبِ الشَّاةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَوْصَى بِزُبْدِ هَذِهِ الرِّيبَةِ لِإِنْسَانٍ وَبِمُخَاضِهَا لِآخَرَ كَانَ إخْرَاجُ الزُّبْدِ عَلَى صَاحِبِ الزُّبْدِ. وَلَوْ أَوْصَى بِحَلْقَةِ الْخَاتَمِ لِرَجُلٍ وَبِفَصِّهِ لِآخَرَ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا فَإِنْ كَانَ فِي نَزْعِهِ ضَرَرٌ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْحَلْقَةُ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ الْفَصِّ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْحَلْقَةِ: اضْمَنْ قِيمَةَ الْفَصِّ لَهُ وَيَكُونُ الْفَصُّ لَك، وَإِنْ كَانَ الْفَصُّ أَكْثَرَ قِيمَةً يُقَالُ لِصَاحِبِ الْفَصِّ: اضْمَنْ قِيمَةَ الْحَلْقَةِ لَهُ وَهِيَ كَالدَّجَاجَةِ إذَا ابْتَلَعَتْ لُؤْلُؤَةَ إنْسَانٍ كَانَ الْجَوَابُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ فِيهَا كَرْمٌ وَأَشْجَارٌ فَأَوْصَى بِأَرْضِ الْكَرْمِ لِرَجُلٍ وَبِالزَّرَاجِينِ وَالْأَغْرَاسِ وَالْأَشْجَارِ لِآخَرَ فَقُطِعَتْ الْأَشْجَارُ وَخَرِبَتْ الْأَرْضُ وَطَلَبَ مِنْهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ كَمَا كَانَتْ - كَانَ عَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ كَمَا كَانَتْ. وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِرَجُلٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ فَنَفَقَةُ الْعَبْدِ عَلَى صَاحِبِ الْخِدْمَةِ فَإِنْ مَرِضَ الْعَبْدُ مَرَضًا وَعَجَزَ الْعَبْدُ عَنْ الْخِدْمَةِ لِزَمَانَةٍ وَغَيْرِهَا كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ الَّتِي فِيهِ.

لِرَجُلٍ وَأَوْصَى بِغَلَّتِهِ أَبَدًا لَهُ أَيْضًا، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ وَفِي الْبُسْتَانِ غَلَّةٌ تُسَاوِي مِائَةً وَالْبُسْتَانُ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْغَلَّةِ الَّتِي فِيهِ وَثُلُثُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْغَلَّةِ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ أَبَدًا. وَلَوْ أَوْصَى بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا مِنْ غَلَّتِهِ كُلَّ سَنَةٍ لِرَجُلٍ فَأَغَلَّ سَنَةً قَلِيلًا وَسَنَةً كَثِيرًا فَلَهُ ثُلُثُ الْغَلَّةِ كُلَّ سَنَةٍ يُحْبَسُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ ذَلِكَ عِشْرُونَ دِرْهَمًا مَا عَاشَ هَكَذَا أَوْجَبَهُ الْمُوصِي وَرُبَّمَا لَا تَحْصُلُ الْغَلَّةُ فِي بَعْضِ السِّنِينَ فَلِهَذَا يُحْبَسُ ثُلُثُ الْغَلَّةِ عَلَى حَقِّهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ جَمِيعَ الثُّلُثِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةً كَمَا أَوْجَبَهُ الْمُوصِي وَيَسْتَوِي إنْ أَمَرَ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْهُ دِرْهَمًا أَوْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. هِشَامٌ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلَيْنِ يُنْفِقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا وَكَذَا يُوقِفُ الثُّلُثَ لَهُمَا ثُمَّ إنَّ الْوَرَثَةَ صَالَحُوا أَحَدَ الْمُوصَى لَهُمَا عَلَى شَيْءٍ أَعْطَوْهُ إيَّاهُ فَيَبْرَأُ مِنْ وَصِيَّتِهِ؟ قَالَ: يُوقَفُ الثُّلُثُ كُلُّهُ عَلَى الْآخَرِ وَلَا يَرْجِعُ حَقُّهُ الَّذِي صَالَحَهُ إلَى الْوَرَثَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ دَارُهُ مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ وَأَنْ يُقْرَضَ لِرَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ سَنَةً وَاسْتَهْلَكَ الْوَرَثَةُ الْعَيْنَ سِوَى الدَّارِ فَبِيعَتْ بِأَلْفٍ وَهِيَ تُسَاوِيهَا فَهِيَ لِصَاحِبِ الْقَرْضِ سَنَةً، ثُمَّ لِلْوَرَثَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُنْفَقَ عَلَى فُلَانٍ مَا عَاشَ مِنْ مَالِهِ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَأَوْصَى لِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّ الْمَالَ يُقَسَّمُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ: لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمٌ يُدْفَعُ إلَيْهِ، وَالْبَاقِي وَهُوَ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ يُوقَفُ فَيُنْفَقُ مِنْهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: الْمَالُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا، ثُمَّ قَالَ فِي الْكِتَابِ: مَا أَصَابَ صَاحِبُ النَّفَقَةِ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ وَلَمْ يُفَصِّلْ فِي الْكِتَابِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ هَذَا فِي الْقَلِيلِ أَمَّا إذَا كَثُرَ الْمَالُ فَإِنَّهُ لَا يُوقَفُ لَهُ مِقْدَارُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الْغَالِبِ وَلَكِنْ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَصَحُّ، فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ قَبْلَ أَنْ يُنْفَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَا وُقِفَ لَهُ فَإِنَّهُ يُكْمِلُ وَصِيَّةَ صَاحِبِ الثُّلُثِ وَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ يَوْمَ مَاتَ الْمُوصِي لَا يَوْمَ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ كَانَ فِي ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ يَوْمَ مَاتَ الْمُوصِي إلَّا أَنَّهُ يَوْمَ مَاتَ انْتَقَصَ حَقُّهُ لِمُزَاحَمَةِ الْآخَرِ فَإِذَا زَالَتْ الْمُزَاحَمَةُ يُكْمِلُ لَهُ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ فَحِينَئِذٍ يُدْفَعُ إلَيْهِ النَّفَقَةَ وَلَا يُكْمِلُ لَهُ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَالِ مَا يُكْمِلُ بِهِ الثُّلُثَ. ثُمَّ إذَا كَمَّلَ حَقَّ صَاحِبِ الثُّلُثِ فَمَا فَضَلَ يُصْرَفُ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي لَا إلَى وَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ، هَذَا إذَا أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَأَمَّا إذَا لَمْ تُجِزْ فَالثُّلُثُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا أَرْبَاعًا فَيُدْفَعُ نِصْفُ الثُّلُثِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يُوقَفُ لِيُنْفَقَ عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ النَّفَقَةِ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ نِصْفِ الثُّلُثِ صُرِفَ مَا بَقِيَ إلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لِاثْنَيْنِ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمَا مَا عَاشَا كُلَّ شَهْرٍ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ آخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَعِنْدَ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ يُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ يُقَسَّمُ الْمَالُ نِصْفَيْنِ عِنْدَهُ وَأَرْبَاعًا عِنْدَهُمَا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْمُوصَى لَهُمَا بِالنَّفَقَةِ لَا يَرُدُّ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ شَيْءٌ بَلْ مَا كَانَ لَهُمَا يُوقَفُ كَذَلِكَ كُلُّهُ وَيُنْفَقُ عَلَى الْبَاقِي مِنْهُمَا فَإِنْ قَالَ فِي آخِرِ وَصِيَّتِهِ: يُنْفَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ كَانَ ذَلِكَ بَيَانًا لِمَا أَوْجَبَهُ إطْلَاقُ إيجَابِهِ فَلَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْحُكْمُ. وَلَوْ أَنَّ الْمَيِّتَ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِثُلُثِ مَالِي وَأَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِأَنْ يُنْفَقَ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ مَا عَاشَ وَأَوْصَيْت بِأَنْ يُنْفَقَ عَلَى فُلَانٍ آخَرَ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ مَا عَاشَ فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ قُسِّمَ الْمَالُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمٌ وَيُوقَفُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْمَالُ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ سَبْعَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ يُدْفَعُ الثُّلُثُ إلَيْهِ وَيُوقَفُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوصَى لَهُمَا بِالنَّفَقَةِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ هَذَا إذَا أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَإِنْ لَمْ تُجِزْ قُسِّمَ الثُّلُثُ أَسْبَاعًا عِنْدَهُمَا أَيْضًا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

يَبْطُلُ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا فَكَأَنَّهُمْ جَمِيعًا أَصْحَابُ الثُّلُثِ فَيُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا عِنْدَهُ فَإِنْ مَاتَ الْمُوصِي لَهُمَا بِالنَّفَقَةِ فِي هَذَا الْوَجْهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَكْمِلَا وَصِيَّتَهُمَا رُدَّ الْبَاقِي عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ. وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَقَدْ بَقِيَ مِمَّا وُقِفَ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ فَنِصْفُ مَا بَقِيَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَنِصْفُهُ يُوقَفُ عَلَى الْآخَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا رُبْعُ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِصَاحِبِ النَّفَقَةِ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُنْفَقَ عَلَى فُلَانٍ خَمْسَةٌ كُلَّ شَهْرٍ مَا عَاشَ وَأَنْ يُنْفَقَ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ عَشَرَةٌ كُلَّ شَهْرٍ مَا عَاشَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ أَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ يُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِخَمْسَةٍ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا بِعَشَرَةٍ نِصْفَيْنِ فَيُوقَفُ نِصْفُ الْمَالِ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَةِ وَالنِّصْفُ عَلَى صَاحِبَيْ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْخَمْسَةِ مُوصًى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَصِيَّةً وَاحِدَةً وَالْمُوصَى لَهُمَا بِالْعَشَرَةِ مُوصًى لَهُمَا بِجَمِيعِ الْمَالِ وَصِيَّةً وَاحِدَةً، فَكَأَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَا بِجَمِيعِ الْمَالِ وَلَهُمَا بِجَمِيعِ الْمَالِ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ نِصْفَيْنِ عِنْدَ الْكُلِّ فَإِنْ مَاتَ الْمُفْرَدُ بِالْوَصِيَّةِ وُقِفَ مَا بَقِيَ عَلَى صَاحِبَيْ الْعَشَرَةِ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِمَا كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةٌ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ اللَّذَيْنِ جَمَعَهُمَا الْمَيِّتُ فِي الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَمُتْ صَاحِبُ الْخَمْسَةِ وُقِفَ مَا بَقِيَ مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى شَرِيكِهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةً وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ نِصْفَيْنِ نِصْفُ الثُّلُثِ لِلْمُوصَى لَهُ الْمُفْرَدُ وَنِصْفُهُ لِلَّذَيْنِ جَمَعَهُمَا فِي الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْخَمْسَةِ مُوصًى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَصَاحِبَيْ الْعَشَرَةِ مُوصًى لَهُمَا بِجَمِيعِ الْمَالِ فَعِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ يَضْرِبُ هَذَا فِي الثُّلُثِ بِالثُّلُثِ وَهُمَا فِي الثُّلُثِ بِالثُّلُثِ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَضْرِبُ هَذَا فِي الثُّلُثِ بِالْجَمِيعِ وَهُمَا يَضْرِبَانِ فِي الثُّلُثِ أَيْضًا بِالْجَمِيعِ فَيُقْسَمُ نِصْفَيْنِ عِنْدَ الْكُلِّ وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُنْفَقَ عَلَى فُلَانٍ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةٌ مَا عَاشَ وَعَلَى فُلَانٍ آخَرَ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ مَا عَاشَ فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ يُقَسَّمُ الْمَالُ أَثْلَاثًا عِنْدَ الْكُلِّ عَلَى اخْتِلَافِ التَّخْرِيجَيْنِ وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ وُقِفَ الثُّلُثُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا أَيْضًا عَلَى اخْتِلَافِ التَّخْرِيجَيْنِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ وُقِفَ مَا بَقِيَ عَلَى صَاحِبَيْهِ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُنْفَقَ عَلَى فُلَانٍ كُلَّ شَهْرٍ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ مَا عَاشَ وَأَوْصَى بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ مَا عَاشَا فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ وُقِفَ ثُلُثُ الْمَالِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ وَثُلُثٌ آخَرُ عَلَى صَاحِبَيْ الْعَشَرَةِ فَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ وَصِيَّتِهِ رُدَّ مَا بَقِيَ عَلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْآخَرَيْنِ وُقِفَ مَا بَقِيَ مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى شَرِيكِهِ فَإِنْ مَاتَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ رُدَّ مَا بَقِيَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ قُسِمَ الثُّلُثُ نِصْفَيْنِ نِصْفُ الثُّلُثِ يُوقَفُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ وَنِصْفُهُ عَلَى صَاحِبَيْ الْعَشَرَةِ عِنْدَهُمْ عَلَى اخْتِلَافِ التَّخْرِيجَيْنِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ أَيْضًا: رَجُلُ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِي لِفُلَانٍ يُوقَفُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ مَا عَاشَ وَقَدْ أَوْصَيْت بِثُلُثِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِمَا كُلَّ شَهْرٍ مَا عَاشَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ دُفِعَ إلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ ثُلُثٌ كَامِلٌ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ وَدُفِعَ إلَى صَاحِبَيْ الْعَشَرَةِ ثُلُثٌ آخَرُ كَامِلٌ وَكَانَ بَيْنَهُمَا وَلَا يُوقَفُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَنَصِيبُهُ لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَلِصَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ نِصْفُ الثُّلُثِ وَلِصَاحِبَيْ الْعَشَرَةِ نِصْفُ الثُّلُثِ بَيْنَهُمَا. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِي لِفُلَانٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ وَأَوْصَيْت لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ يُنْفَقُ عَلَى فُلَانٍ كُلَّ شَهْرٍ مِنْهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَعَلَى فُلَانٍ ثَلَاثَةٌ فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ أَخَذَ صَاحِبُ الْأَرْبَعَةِ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ وَأَخَذَ الْآخَرَانِ ثُلُثًا آخَرَ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ يَعْمَلُونَ مِنْهُ مَا بَدَا لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَلِصَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ نِصْفُ الثُّلُثِ وَلِلْآخَرَيْنِ نِصْفُ الثُّلُثِ بَيْنَهُمَا وَمَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُنْفَقَ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ أَرْبَعَةٌ مِنْ مَالِهِ وَعَلَى آخَرَ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةٌ مِنْ غَلَّةِ الْبُسْتَانِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ الْبُسْتَانِ فَثُلُثُ الْبُسْتَانِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ يُبَاعُ سُدُسُ غَلَّةِ الْبُسْتَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُوقَفُ ثَمَنُهُ عَلَى يَدِ الْوَصِيِّ أَوْ عَلَى يَدِ ثِقَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ وَيُنْفَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ نَصِيبِهِ مَا سَمَّى لَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَإِنْ مَاتَا جَمِيعًا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ رُدَّ عَلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي لِبُطْلَانِ وَصِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: يُنْفَقُ عَلَى فُلَانٍ أَرْبَعَةٌ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ خَمْسَةٌ حُبِسَ السُّدُسُ.

عَلَى الْمُنْفَرِدِ وَالسُّدُسُ الْآخَرُ عَلَى الْمَجْمُوعَتَيْنِ فِي النَّفَقَةِ. وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ لِرَجُلٍ وَبِنِصْفِ غَلَّتِهِ لِآخَرَ وَهُوَ جَمِيعُ مَالِهِ قُسِّمَ ثُلُثُ الْغَلَّةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كُلِّ سَنَةٍ فَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ كَانَ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ غَلَّةِ كُلِّ سَنَةٍ وَلِلْآخَرِ رُبُعُهَا وَالْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ وَعِنْدَهُمَا الْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُ فَثُلُثُهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ فَالْكُلُّ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى أَنْ يَضْرِبَ صَاحِبُ الْجَمِيعِ بِالْجَمِيعِ وَالْآخَرُ بِالنِّصْفِ. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَلِآخَرَ بِغَلَّةِ عَبْدِهِ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ وَلَهُ سِوَى ذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِصَاحِبِ الْعَبْدِ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ فِي الْعَبْدِ وَلِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ سِتَّةٌ فِي غَلَّتِهِ. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ أَرْضِهِ وَلِآخَرَ بِرَقَبَتِهَا وَهِيَ تُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ فَبَاعَهَا صَاحِبُ الرَّقَبَةِ وَسَلَّمَ صَاحِبَ الْغَلَّةِ الْبَيْعَ جَازَ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الثَّمَنِ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ فَأَغَلَّ الْبُسْتَانُ سِنِينَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ تِلْكَ الْغَلَّةِ شَيْءٌ إلَّا مَا يَكُونُ فِي الْبُسْتَانِ حِين يَمُوتَ أَوْ مَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِهَذِهِ الْأَلْفِ لِفُلَانٍ وَقَدْ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ مِنْهَا بِمِائَةٍ فَلَيْسَ هَذَا رُجُوعًا وَالْمِائَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَتِسْعُمِائَةٍ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ: قَدْ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ إلَّا بِمِائَةٍ لِأَحَدِهِمَا فَالْمِائَةُ لِهَذَا وَالتِّسْعُمِائَةِ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ بِمَا أُحِبَّ قَالَ: أَضْرُبُ لَهُ بِمَا أَحَبَّ فِي ثُلُثِهِ فَإِنْ أَحَبَّ كُلَّهُ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ أَحَبَّ كُلَّهُ إلَّا دِرْهَمًا ضَرَبْت لَهُ بِالثُّلُثِ إلَّا دِرْهَمًا. وَلَوْ قَالَ: قَدْ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ وَفُلَان بِأَلْفٍ يُعْطَى مِنْهَا فُلَانٌ مِائَةً وَفُلَانٌ مِائَتَيْنِ فَإِنِّي أُعْطِيهِمَا مَا سَمَّى لَهُمَا وَأَرُدُّ الْبَاقِيَ عَلَى الْوَرَثَةِ وَإِذَا سَمَّى لِأَحَدِهِمَا جَعَلْت الْبَاقِيَ لِلْآخَرِ فَإِذَا قُلْت: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ وَثُلُثُ مَالِهِ سَبْعُونَ دِرْهَمًا فَالثُّلُثُ كُلُّهُ لِمَنْ سُمِّيَتْ لَهُ الْمِائَةُ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ خَمْسُونَ وَلِفُلَانٍ مِائَةٌ وَمَالُهُ ثَلَثُمِائَةٍ فَالثُّلُثُ بَيْنَ الَّذِينَ سَمَّى لَهُمَا قَدْرًا أَثْلَاثًا وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ ثَلَثُمِائَةٍ فَلِلْآخَرِ الْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ الْبَاقِيَةُ لِلَّذِي لَمْ يُسَمَّ لَهُ قَدْرٌ. وَلَوْ قَالَ: ثُلُثٌ لِفُلَانٍ وَفُلَانٌ وَلِفُلَانٍ مِائَةٌ وَلِفُلَانٍ خَمْسُونَ وَالثُّلُثُ ثَلَثُمِائَةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا سَمَّى وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ. وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِعَبْدِ اللَّهِ وَلِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلِعَمْرٍو مِنْهُ مِائَةٌ وَالثُّلُثُ كُلُّهُ مِائَةٌ فَهِيَ لِعَمْرٍو فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَلِعَمْرٍو مِائَةٌ وَمَا بَقِيَ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ نِصْفَانِ. أَوْصَى بِهَذِهِ الْأَلْفِ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ مِنْهَا مِائَةٌ فَهُوَ كَمَا قَالَ: لِفُلَانٍ مِائَةٌ وَلِلْآخَرِ تِسْعُمِائَةٍ فَإِنْ هَلَكَ بَعْضُهَا فَالْبَاقِي عَلَى عَشَرَةٍ، وَلَوْ أَوْصَى لِثَالِثٍ بِأَلْفٍ أُخْرَى وَثُلُثُ مَالِهِ أَلْفٌ كَانَ نِصْفُ الْأَلْفِ لِلثَّالِثِ وَنِصْفُهَا لِلْأَوَّلَيْنِ عَلَى عَشَرَةٍ، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الْأَلْفُ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ مِنْهَا مِائَةٌ وَلِفُلَانٍ وَفُلَانٍ مَا بَقِيَ كَانَ لِلْأَوَّلِ مِائَةٌ فَإِنْ هَلَكَ الْأَلْفُ إلَّا مِائَةً فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَلَيْسَ لِلثَّانِي إلَّا مَا بَقِيَ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَلَوْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ وَثُلُثُهُ أَلْفٌ فَلَيْسَ لِلْأَوْسَطِ شَيْءٌ وَالْأَلْفُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا عَشَرَةٌ لِصَاحِبِ الْأَلْفِ وَسَهْمٌ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَلِفُلَانٍ مِنْهُ مِائَةٌ، وَثُلُثُ مَالِهِ أَلْفٌ وَيَوْمَ الْقِسْمَةِ خَمْسُمِائَةٍ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمِائَةِ الْمِائَةُ كَامِلَةً وَلِلْآخَرِ مَا بَقِيَ، وَلَوْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ لِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَالثُّلُثُ أَلْفٌ وَلَمْ يُنْتَقَصْ فَنِصْفُ الثُّلُثِ لِلْآخَرِ وَنِصْفُهُ لِلْأَوَّلَيْنِ عَلَى عَشَرَةٍ وَاحِدٌ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ وَتِسْعَةٌ لِلْآخَرِ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِمِائَةٍ مِنْ ثُلُثِ مَالِي وَلِفُلَانٍ بِمَا بَقِيَ وَأَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَلَيْسَ لِصَاحِبِ مَا بَقِيَ شَيْءٌ وَالثُّلُثُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ثَلَاثَةُ آلَافٍ كُلُّ أَلْفٍ فِي كِيسٍ بِعَيْنِهِ فَقَالَ لِرَجُلٍ: أَوْصَيْت لَك بِمَا بَقِيَ مِنْ هَذِهِ فَلَهُ الْأَلْفُ كُلُّهَا وَهِيَ وَصِيَّةٌ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ سَائِرِ الْوَصَايَا حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِأَلْفٍ أُخْرَى لِآخَرَ لَمْ يَكُنْ لِلْأَوَّلِ شَيْءٌ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِهَذِهِ الْأَلْفِ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ سَبْعُمِائَةٍ وَلِفُلَانٍ سِتُّمِائَةٍ.

الباب الثامن في وصية الذمي والحربي

قُسِّمَتْ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَإِنْ قَالَ: أَوْصَيْت بِهَذِهِ الْأَلْفِ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ مِنْهَا أَلْفٌ كَانَتْ كُلُّهَا لِهَذَا الْأَخِيرِ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ مِنْهَا أَلْفٌ وَلِفُلَانٍ أَلْفٌ كَانَتْ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ بِهَذِهِ الْأَلْفِ وَلِفُلَانٍ مِنْهَا أَلْفٌ وَلِفُلَانٍ آخَرَ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي أَوْصَيْت بِهَا لِفُلَانٍ أَلْفٌ أَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ مِنْ ذَلِكَ أَلْفٌ وَلِفُلَانٍ مِنْ تِلْكَ الْأَلْفِ أَلْفٌ وَكَانَ الثُّلُثُ أَلْفًا كَانَتْ الْأَلْفُ كُلُّهَا لِلثَّانِي فِي الْفَصْلَيْنِ. رَجُلٌ أَوْصَى لِقَوْمٍ بِوَصَايَا فَحَضَرَ بَعْضُهُمْ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَأَرَادَ أَنْ يُعْطَى حِصَّتَهُ، قَالَ: ادْفَعْ إلَيْهِ وَأَمْسِكْ حِصَّةَ مَنْ بَقِيَ فَإِنْ سَلِمَتْ فَذَلِكَ وَإِنْ ضَاعَتْ شَارَكُوا الَّذِي أَخَذَ فِيمَا أَخَذَهُ وَلَا يَكُونُ فِي دَفْعِهِ إلَى قِسْمَةٍ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَوْصَى بِأَنْ يُدْفَعَ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَشْتَرِي بِهَا الْأَسَارَى فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَهُ يُرْفَعُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُوَلِّيَ الْأَمْرَ إلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. مَرِيضٌ قَالَ: أَخْرِجُوا مِنْ مَالِي عِشْرِينَ أَلْفًا أَعْطُوا فُلَانًا كَذَا وَفُلَانًا كَذَا حَتَّى بَلَغَ ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ وَالْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ، ثُمَّ مَاتَ فَإِذَا ثُلُثُ مَالِهِ تِسْعَةُ آلَافٍ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَنْفُذُ وَصِيَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى تِسْعَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ عِشْرِينَ جُزْءًا وَيَبْطُلُ مِنْ وَصِيَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا، وَقَوْلُهُ: وَمَا بَقِيَ لِلْفُقَرَاءِ كَأَنَّهُ سَمَّى لَهُمْ تِسْعَةَ آلَافٍ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الِابْتِدَاءِ جُمْلَةَ الْمَالِ فَيَصِيرُ الْبَاقِي مَا قُلْنَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوا مِنْ ثُلُثِ مَالِي لِفُلَانٍ كَذَا إلَى أَنْ قَالَ: وَالْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّ هُنَا لَا شَيْءَ لِلْفُقَرَاءِ وَيُعْطِي لِأَصْحَابِ الْوَصَايَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ وَصِيَّتِهِ وَيَبْطُلُ سَهْمَانِ. رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ دَارُهُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا عَشْرَةَ أَوْقَارِ حِنْطَةٍ وَأَلْفًا مِنْ خُبْزٍ وَقَدْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ أُخْرَى فَبِيعَتْ دَارُهُ وَلَمْ يَبْلُغْ ثَمَنُهَا مَا يُشْتَرَى بِهِ هَذَا الْمِقْدَارُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالْخُبْزِ وَلَهُ مَالٌ سِوَى ذَلِكَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: إنْ اتَّسَعَ ثُلُثُ مَالِهِ لِذَلِكَ وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْوَصَايَا يُكْمِلُ مِنْ ثُلُثِهِ وَصَارَ كَأَنَّهُ أَوْصَى بِعَشْرَةِ أَوْقَارِ حِنْطَةٍ وَأَلْفٍ مِنْ خُبْزٍ، وَقَالَ: اجْعَلُوا ثَمَنَ ذَلِكَ مِنْ مَالِي كَذَا فَجَعَلُوهُ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَضُرَّهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ الْمَالِ بِأَنْ يَكُونَ سَائِرُ أَمْوَالِهِ خَبِيثَةً وَيَعْرِفُ طَائِفَةً مِنْ مَالِهِ بِالطَّيِّبِ فَيَخْتَصُّ ذَلِكَ الْمَالَ بِوَصَايَاهُ. رَجُلٌ أَوْصَى بِوَصَايَا فَبَلَغَ وَرَثَتُهُ أَنَّ أَبَاهُمْ أَوْصَى بِوَصَايَا وَلَا يَعْلَمُونَ مَا أَوْصَى بِهِ فَقَالُوا: قَدْ أَجَزْنَا مَا أَوْصَى بِهِ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَازَتُهُمْ وَإِنَّمَا تَصِحُّ إجَازَتُهُمْ إذَا أَجَازُوا بَعْدَ الْعِلْمِ. رَجُلٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَالٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِمَالٍ وَالْمُوصَى لَهُ مُحْتَاجٌ هَلْ يُعْطَى لَهُ مِنْ نَصِيبِ الْفُقَرَاءِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ وَخَلَفٌ وَشَدَّادٌ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: يُعْطَى، وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ وَالْحَسَنُ بْنُ مُطِيعٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: لَا يُعْطَى. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي النَّوَازِلِ إذَا أَوْصَى بِوَصَايَا وَأَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ وَأَوْصَى لِمُعْتَقِهِ بِمِائَةٍ فَمَاتَ مُعْتِقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ كَانَ بَيَّنَ لِكُلِّ وَصِيَّةٍ شَيْئًا مُقَدَّرًا وَجَعَلَ الْبَاقِيَ لِلْفُقَرَاءِ فَمِائَةُ الْمُعْتَقِ تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ، فَأَمَّا إذَا بَيَّنَ لِكُلِّ وَصِيَّةٍ شَيْئًا مُقَدَّرًا وَبَيَّنَ لِلْفُقَرَاءِ شَيْئًا مُقَدَّرًا فَمِائَةُ الْمُعْتَقِ تُصْرَفُ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي، وَعَلَى هَذَا إذَا أَوْصَى بِوَصَايَا، ثُمَّ قَالَ: وَالْبَاقِي يُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ بَعْضِ الْوَصَايَا أَوْ مَاتَ بَعْضُ الْمُوصَى لَهُمْ قَبْلَ الْمُوصِي فَالْبَاقِي عَلَى الْفُقَرَاءِ إنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الثَّامِنُ فِي وَصِيَّةِ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ] وَصِيَّةُ الذِّمِّيِّ إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْمُعَامَلَاتِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ جِنْسِ الْمُعَامَلَاتِ فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا - مَا يَكُونُ قُرْبَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ وَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ، وَالثَّانِي مَا هُوَ مَعْصِيَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ وَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ إنْ كَانَتْ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ وَتُعْتَبَرُ تَمْلِيكًا مِنْهُمْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ جِهَةُ الْقُرْبَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَتْ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَالثَّالِثُ مَا هُوَ قُرْبَةٌ عِنْدَنَا مَعْصِيَةٌ عِنْدَهُمْ وَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ إنْ كَانَتْ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ وَتُعْتَبَرُ تَمْلِيكًا مِنْهُمْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَرُّبُ مِنْ الْمُوصِي، وَإِنْ كَانَتْ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَالرَّابِعُ - مَا هُوَ مَعْصِيَةٌ عِنْدَنَا قُرْبَةٌ عِنْدَهُمْ وَأَنَّهَا صَحِيحَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ كَانَتْ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ وَعِنْدَهُمَا بَاطِلَةٌ إلَّا إذَا كَانَتْ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ، قَالَ: وَلَوْ أَنَّ ذِمِّيًّا أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى بِثُلُثِ مَالِهِ رِقَابًا وَتُعْتَقُ عَنْهُ بِأَعْيَانِهِمْ أَوْ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ.

مسائل شتى

بِثُلُثِ مَالِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ أَنْ يُسَرَّحَ بِهِ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ يُبْنَى فِيهِ أَوْ يُغْزَى بِهِ التُّرْكَ أَوْ الدَّيْلَمَ وَالْمُوصِي مِنْ النَّصَارَى فَالْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلنَّائِحَاتِ أَوْ لِلْمُغَنِّيَاتِ فَإِنْ كَانَتْ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ كَانَتْ صَحِيحَةً وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ تَمْلِيكًا لَهُمْ وَإِنْ كَانَتْ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَانَتْ بَاطِلَةً، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يُبْنَى بِهِ مَسْجِدٌ لِلْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَتُعْتَبَرُ تَمْلِيكًا لَهُمْ وَكَانُوا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا حَجُّوا بِهِ وَبَنَوْا الْمَسْجِدَ وَإِنْ شَاءُوا لَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ. وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ يُبْنَى بِهِ بَيْعَةً أَوْ كَنِيسَةً أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ بِيعَةً أَوْ كَنِيسَةً فَعَلَى قَوْلِهِمَا: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ إلَّا إذَا حَصَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ وَيَكُونُ ذَلِكَ تَمْلِيكًا مِنْهُمْ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَفِي مِثْلِ هَذَا الْجَوَابُ عَلَى الِاخْتِلَافِ. وَقَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى بِهِ فِي الْقُرَى أَمَّا إذَا أَوْصَى بِهِ فِي الْأَمْصَارِ فَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إذَا أَوْصَى لِلْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ يَصِحُّ فِي الْجُمْلَةِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ دَخَلَ وَارِثُهُ مَعَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وُقِفَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ عَلَى إجَازَةِ وَارِثِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَصْلًا تَصِحُّ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا فِي الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ لَكِنَّهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ. وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ، وَلَوْ أَوْصَى الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِوَصِيَّةٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ أَوْ صَارُوا ذِمَّةً، ثُمَّ اخْتَصَمَا إلَى الْقَاضِي فِي تِلْكَ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا أَجَزْتهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ اُسْتُهْلِكَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَبْطَلْتهَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ لَوْ أَوْصَى مِنْ مَعْصُومٍ بِبَعْضِ مَالِهِ يُدْفَعُ الْبَاقِي إلَى وَرَثَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ عَبْدَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ صَحَّ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الثُّلُثِ، وَلَوْ أَوْصَى ذِمِّيٌّ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ لَمْ يَصِحَّ كَالْمُسْلِمِ، وَلَوْ أَوْصَى لِخِلَافِ مِلَّتِهِ صَحَّ كَالْإِرْثِ وَلَوْ أَوْصَى لِحَرْبِيٍّ غَيْرِ مُسْتَأْمَنٍ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ أَوْصَى ذِمِّيٌّ لِحَرْبِيٍّ مُسْتَأْمَنٍ جَازَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ ارْتَدَّ مُسْلِمٌ إلَى الْيَهُودِيَّةِ أَوْ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْمَجُوسِيَّةِ، ثُمَّ أَوْصَى بِبَعْضِ هَذِهِ الْوَصَايَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَوَقَّفُ مَا يَصِحُّ مِنْ الْمُسْلِمِ مِنْ وَصَايَاهُ وَيَبْطُلُ مَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَعِنْدَهُمَا تَصَرُّفَاتُ الْمُرْتَدِّ نَافِذَةٌ لِلْحَالِ فَيَصِحُّ مِنْهُ مَا يَصِحُّ مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ عِنْدَهُمْ مَعْصِيَةٌ عِنْدَنَا وَكَانَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمَا. وَأَمَّا الْمُرْتَدَّةُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْ وَصَايَاهَا مَا يَصِحُّ مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ انْتَقَلَتْ إلَيْهِمْ. قَالَ فِي الْكِتَابِ: إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَهِيَ مَا إذَا أَوْصَتْ بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ عِنْدَهُمْ مَعْصِيَةٌ عِنْدَنَا بِأَنْ أَوْصَتْ بِبِنَاءِ الْبِيعَةِ أَوْ الْكَنِيسَةِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَإِنِّي لَا أَحْفَظُ فِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَيْئًا، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَصَاحِبُ الْهَوَى إنْ كَانَ لَا يَكْفُرُ فَهُوَ فِي حَقِّ الْوَصِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ ظَاهِرًا وَإِذَا كَانَ يَكْفُرُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَدِّ فَيَكُونُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَصَرُّفَاتِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي. إذَا صَنَعَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ بِيعَةً أَوْ كَنِيسَةً فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ مِيرَاثٌ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. [مَسَائِلَ شَتَّى] (مَسَائِلَ شَتَّى) رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُوصِيَ وَصِيَّةً فَوَهَبَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَوْ اشْتَرَى ابْنًا لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَتَّى عَتَقَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا، وَلَوْ وَهَبَ شَيْئًا لِوَارِثِهِ فِي مَرَضِهِ وَأَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ وَأَمَرَ بِتَنْفِيذِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: كِلَاهُمَا بَاطِلَانِ، فَإِنْ أَجَازَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ مَا فَعَلَ وَقَالُوا: أَجَزْنَا مَا أَمَرَ بِهِ الْمَيِّتُ تَنْصَرِفُ الْإِجَازَةُ إلَى الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ لَا إلَى الْهِبَةِ وَلَوْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ: أَجَزْنَا مَا فَعَلَهُ الْمَيِّتُ صَحَّتْ الْإِجَازَةُ فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ جَمِيعًا. مَرِيضٌ أَوْصَى بِوَصَايَا ثُمَّ بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ وَعَاشَ سِنِينَ، ثُمَّ مَرِضَ فَوَصَايَاهُ بَاقِيَةٌ إنْ لَمْ

يَقُلْ: إنْ مِتَّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَبْرَأْ مِنْ مَرَضِي فَقَدْ أَوْصَيْت بِكَذَا أَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: (اكرمزا ازين بيمارى مَرَّك آيَد) أَوْ قَالَ: (اكرازين بيمارى بميرم) فَحِينَئِذٍ إذَا بَرَأَ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ أَوْصَى وَقَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَغِلْمَانِي أَحْرَارٌ وَيُعْطَى فُلَانٌ مِنْ مَالِي كَذَا وَكَذَا وَيَحُجُّ عَنِّي، ثُمَّ بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ، ثُمَّ مَرِضَ ثَانِيًا، وَقَالَ لِلشُّهُودِ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى الْوَصِيَّةِ الْأُولَى أَوْ لِغَيْرِهِمْ: اشْهَدُوا أَنِّي عَلَى الْوَصِيَّةِ الْأُولَى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَمَّا فِي الْقِيَاسِ هَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ الْأُولَى حِينَ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ فَنُجِيزُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَتَحَاصُّونَ فِي الثُّلُثِ، وَهَذَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ إذَا قَالَ: أَوْصَيْت لِعَبْدِ اللَّهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلِلْمَسَاكِينِ بِمِائَةٍ، ثُمَّ قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَغِلْمَانِي أَحْرَارٌ، ثُمَّ بَرَأَ، ثُمَّ مَرِضَ ثَانِيًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَوْصَى بِوَصَايَا، وَكَتَبَ بِهَا صَكًّا، ثُمَّ مَرِضَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَوْصَى بِوَصَايَا أَيْضًا وَكَتَبَ صَكًّا إنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي الصَّكِّ الثَّانِي أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى يُعْمَلْ بِهِمَا جَمِيعًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ، ثُمَّ أَخَذَهُ الْوَسْوَاسُ فَصَارَ مَعْتُوهًا فَمَكَثَ كَذَلِكَ زَمَانًا، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ. مَرِيضٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَلَامِ لِضَعْفِهِ إلَّا أَنَّهُ عَاقِلٌ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ بِوَصِيَّةٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ جَازَتْ وَصِيَّتُهُ بِإِشَارَتِهِ وَأَصْحَابُنَا لَمْ يُجَوِّزُوا، وَقَالَ النَّاطِفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. ذَكَرَ فِي الْكَيْسَانِيَّاتِ رَجُلٌ أَصَابَهُ فَالِجٌ فَذَهَبَ لِسَانُهُ وَعَجَزَ عَنْ الْكَلَامِ لِمَرَضٍ فَأَشَارَ أَوْ كَتَبَ فَطَالَ ذَلِكَ وَتَقَادَمَ الْعَهْدُ فَإِنَّ حُكْمَهُ يَكُونُ حُكْمَ الْأَخْرَسِ. وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفًا، وَقَالَ: هَذَا الْأَلْفُ لِفُلَانٍ، فَإِذَا مِتُّ أَنَا فَادْفَعْهُ إلَيْهِ فَمَاتَ يَدْفَعُهُ الْمَأْمُورُ إلَى فُلَانٍ كَمَا أَمَرَهُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ: هُوَ لِفُلَانٍ وَلَكِنْ قَالَ: ادْفَعْهُ إلَيْهِ فَمَاتَ الْآمِرُ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ لَا يَدْفَعُهُ إلَى فُلَانٍ. وَعَنْ أَبِي نَصْرٍ الدَّبُوسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَرِيضٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ، وَقَالَ لَهُ: ادْفَعْهَا إلَى أَخِي أَوْ قَالَ: إلَى ابْنِي، ثُمَّ مَاتَ وَعَلَى الْمَيِّتِ دُيُونٌ قَالَ: إنْ قَالَ: ادْفَعْهَا إلَى أَخِي، أَوْ قَالَ: إلَى ابْنِي، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَدْفَعُ الْأَلْفَ إلَى غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ. وَعَنْ نُصَيْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ: ادْفَعُوا هَذِهِ الدَّرَاهِمَ أَوْ هَذِهِ الثِّيَابَ إلَى فُلَانٍ، وَلَمْ يَقُلْ هِيَ لَهُ وَلَا قَالَ: هِيَ وَصِيَّةٌ لَهُ قَالَ: هَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَلَا وَصِيَّةٍ. رَجُلٌ أَوْصَى بِوَصَايَا وَأَنْفَذُوا وَصَايَاهُ بِالدَّرَاهِمِ الزُّيُوفِ وَالرَّدِيئَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَرَضُوا بِذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ جَازَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَوْصَى بِوَصَايَا وَالنُّقُودُ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ وَصَايَاهُ بِمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي الْبَيَّاعَاتِ. مَرِيضٌ أَوْصَى بِأَلْفٍ مُكَسَّرَةٍ وَدَرَاهِمُهُ صِحَاحٌ فَإِنَّهُ يُشْتَرَى بِدَرَاهِمِهِ الصِّحَاحِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُبَاعُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِالدَّرَاهِمِ الْمُكَسَّرَةِ وَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ. مَرِيضٌ قَالُوا لَهُ: لِمَ لَا تُوصِي، فَقَالَ: أَوْصَيْت بِأَنْ يُخْرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَالِي فَيُتَصَدَّقُ بِأَلْفٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَزِدْ حَتَّى مَاتَ فَإِذَا ثُلُثُ مَالِهِ أَلْفَانِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُتَصَدَّقُ إلَّا بِالْأَلْفِ، وَلَوْ قَالَ الْمَرِيضُ: أَوْصَيْت بِأَنْ يُخْرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَالِي، وَلَمْ يَزِدْ قَالَ: يُتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ الثُّلُثِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. مَرِيضٌ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِثُلُثِ مَالِي وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِذَا الثُّلُثُ أَكْثَرُ قَالَ الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ الثُّلُثُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِنَصِيبِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، وَهُوَ الثُّلُثُ فَإِذَا نَصِيبُهُ النِّصْفُ قَالَ: هُوَ لَهُ إنْ كَانَ يَخْرُجُ النِّصْفُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ عُشْرُ مَالِي لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ الْأَلْفُ الْعُشْرَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ لِفُلَانٍ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِذَا فِيهِ أَلْفَا دِرْهَمٍ كَانَ لَهُ مَا فِي الْكِيسِ إنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَكَذَا لَوْ وُجِدَ فِي الْكِيسِ دَنَانِيرُ أَوْ غَيْرُهَا مِنْ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ جَمِيعُ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَلْفُ

دِرْهَمٍ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ مِمَّا فِي هَذَا الْكِيسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ نِصْفُ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ، فَإِذَا فِي الْكِيسِ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ كَانَ لَهُ الْأَلْفُ وَإِنْ كَانَ فِي الْكِيسِ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِيسِ إلَّا خَمْسُمِائَةٍ كَانَ لَهُ ذَلِكَ لَا غَيْرُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْكِيسِ دَنَانِيرُ أَوْ جَوَاهِرُ لَا شَيْءَ لَهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ مِقْدَارُ أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ وَهُوَ كُرُّ طَعَامٍ فَوُجِدَ فِيهِ أَكْرَارَ أَوْ وُجِدَ حِنْطَةٌ وَشَعِيرٌ، فَالْكُلُّ لَهُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ هَذَا الْكِيسِ وَأَوْصَيْت لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ هَذَا الْكِيسِ يَعْنِي كِيسًا آخَرَ فَهُوَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ عَنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقُوا عَنْهُ بِالْحِنْطَةِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ قَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ عَنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حِنْطَةً لَكِنْ سَقَطَ ذَلِكَ عَنْ السُّؤَالِ فَقِيلَ لَهُ: فَإِنْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ مَوْجُودَةً فَأَعْطَى قِيمَةَ الْحِنْطَةِ دَرَاهِمَ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ، وَإِنْ أَوْصَى بِالدَّرَاهِمِ فَأَعْطَى حِنْطَةً لَمْ يَجُزْ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَقَدْ قِيلَ: بِأَنَّهُ يَجُوزُ وَبِهِ نَأْخُذُ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ هَذَا الْعَبْدُ وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَتَصَدَّقُوا بِنَفْسِ الْعَبْدِ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَتَصَدَّقْ بِهَا، فَاشْتَرَى الْوَصِيُّ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَوْصَى بِصَدَقَةٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا فَتَصَدَّقَ الْوَصِيُّ مَكَانَهَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، جَازَ وَإِنْ هَلَكَتْ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يَتَصَدَّقَ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ لِلْوَرَثَةِ مِثْلَهَا وَعَنْهُ أَيْضًا، لَوْ أَوْصَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهِ يُتَصَدَّقُ عَنْهُ فَهَلَكَ الْأَلْفُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْحَاجِّ، هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُتَصَدَّقَ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ؟ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجُوزُ ذَلِكَ. كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ عَلَى فُقَرَاءِ مَكَّةَ قَالَ: يَجُوزُ أَنْ يُتَصَدَّقَ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَغَصَبَ رَجُلٌ الْمَالَ مِنْ الْوَصِيِّ وَاسْتَهْلَكَهُ فَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَجْعَلَ الْمَالَ صَدَقَةً عَلَى الْغَاصِبِ وَالْغَاصِبُ مُعْسِرٌ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: يَجُوزُ ذَلِكَ. رَجُلٌ أَصَابَ مَتَاعًا حَرَامًا وَأَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِهِ عَنْ صَاحِبِ الْمَتَاعِ قَالَ: إنْ عَرَفَ صَاحِبَ الْمَتَاعِ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ يَتَصَدَّقْ بِهِ فَإِنْ كَذَّبَتْ الْوَرَثَةُ مُوَرِّثَهُمْ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ يُتَصَدَّقُ مِنْ ذَلِكَ بِمِقْدَارِ الثُّلُثِ. امْرَأَةٌ قَالَتْ فِي وَصِيَّتِهَا (خويشان مراياد كارهست ازمال مِنْ) قَالَ: تُصْرَفُ الْوَصِيَّةُ إلَى قَرِيبٍ لَهَا لَا يَرِثُ مِنْهَا وَالتَّقْدِيرُ فِي ذَلِكَ لِمَنْ خَاطَبَتْهُ بِالْكَلَامِ يُعْطَى مِنْ مَالِهَا قَدْرَ مَا يَشَاءُ أَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ التَّذْكِرَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَوْصَى بِأَفْضَلِ عَبِيدِهِ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ بِخَيْرِ عَبِيدِهِ وَأَنْ يُبَاعَ وَيُجْعَلَ ثَمَنُهُ فِي الْمَسَاكِينِ يُنْظَرُ إلَى أَفْضَلِهِمْ وَخَيْرِهِمْ قِيمَةً، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِخَيْرِ عَبِيدِي أَوْ لِأَفْضَلِ عَبِيدِي بِثُلُثِ مَالِي فَثُلُثُ مَالِهِ لِأَفْضَلِهِمْ فِي الدِّينِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْمَسَاكِينِ وَهُوَ فِي بَلَدٍ وَوَطَنُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ قَالَ: إنْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ يُصْرَفُ ذَلِكَ إلَى فُقَرَاءِ هَذَا الْبَلَدِ وَمَا كَانَ فِي وَطَنِهِ يُصْرَفُ إلَى فُقَرَاءِ وَطَنِهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ عَلَى فُقَرَاءِ بَلْخٍ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصْرَفَ إلَيْهِمْ وَإِنْ أَعْطَى غَيْرَهُمْ جَازَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَجُوزُ. وَفِي النَّوَازِلِ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَتُصُدِّقَ فِي يَوْمٍ جَازَ وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْطَى كُلُّ فَقِيرٍ دِرْهَمًا فَأَعْطَى الْوَصِيُّ فَقِيرًا نِصْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَعْطَاهُ النِّصْفَ الْآخَرَ وَقَدْ اسْتَهْلَكَ الْفَقِيرُ النِّصْفَ الْأَوَّلَ أَرْجُو أَنْ لَا يُضَمَّنَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. أَوْصَى بِأَنْ يُطْعَمَ عَنْهُ عَشَرَةُ مَسَاكِينَ عَنْ كَفَّارَةٍ فَغَدَّى الْوَصِيُّ عَشَرَةً فَمَاتُوا يُغَدِّي وَيُعَشِّي غَيْرَهُمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: أَطْعِمُوا عَنِّي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ غَدَاءً وَعَشَاءً وَلَمْ يُسَمِّ كَفَّارَةً،

فَغَدَّى عَشَرَةً فَمَاتُوا عَشَّى عَشَرَةً سِوَاهُمْ وَقِيلَ فِي الْفَصْلِ الْأَخِيرِ: إنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَيُغَدِّي عَشَرَةً سِوَاهُمْ وَيُعَشِّيهِمْ وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِثَلَثِمِائَةِ قَفِيزٍ حِنْطَةً بَعْدَ وَفَاتِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَفَرَّقَ مِائَتَيْ قَفِيزٍ حِنْطَةً فِي حَيَاةِ الْمُوصِي قَالَ أَبُو النَّصْرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَغْرَمُ الْوَصِيُّ مَا فَرَّقَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي قَالَ وَيُفَرِّقُهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ فَرَّقَ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْحَاكِمِ لَا يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ. قِيلَ لَهُ: فَإِنْ فَرَّقَ بِأَمْرِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ؟ قَالَ: إنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ لَا يَجُوزُ أَمْرُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَازَ أَمْرُهُمْ وَإِذَا فَرَّقَ يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَصِحُّ أَمْرُ الْكِبَارِ فِي حِصَّتِهِمْ وَلَا يَصِحُّ فِي حِصَّةِ الصِّغَارِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَوْصَى فِي مَرَضِهِ، وَقَالَ: إنِّي كُنْت جَامَعْت أَهْلِي فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَاسْأَلُوا الْفُقَهَاءَ مَاذَا يَجِبُ عَلَيَّ فِي الْحُكْمِ فَافْعَلُوهُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ مَعَ سَائِرِ وَصَايَاهُ أُعْتِقَتْ عَنْهُ رَقَبَتُهُ وَأُطْعِمَ عَنْهُ أَيْضًا نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ لَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَأَبَى الْوَرَثَةُ الْإِجَازَةَ أُطْعِمَ عَنْهُ سِتِّينَ مِسْكَيْنَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدَّانِ مِنْ حِنْطَةٍ وَمُدَّانِ لِمِسْكِينٍ إنْ خَرَجَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى حِنْطَةً وَخُبْزًا وَيُتَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَعَلَى مَنْ يَجِبُ أَجْرُ الْحَمَّالِينَ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْحِنْطَةَ وَالْخُبْزَ قَالُوا: إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِحَمْلِ ذَلِكَ إلَى مَوْضِعٍ يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يَسْتَعِينَ بِمَنْ يَحْمِلُ بِغَيْرِ أَجْرٍ، ثُمَّ يَدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ إلَى الْمَسَاجِدِ فَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ. أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَلَوْ وَضَعَ فِي نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ دَفَعَ إلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ أَوْ الصَّغِيرِ الَّذِي يَعْقِلُ الْقَبْضَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ لَمْ يَجُزْ عَامِلُ السُّلْطَانِ. إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِهِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ لَا يَحِلُّ أَخْذُهُ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مُخْتَلَطٌ بِمَالِهِ جَازَ أَخْذُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ جَازَ أَيْضًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَالُ غَيْرِهِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ مُخْتَلَطًا لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ فَلَا وَجْهَ إلَّا الرَّدُّ عَلَى صَاحِبِهِ، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَمْلِكُهُ بِالْخَلْطِ فَيَجُوزُ أَخْذُهُ إذَا كَانَ فِي بَقِيَّةِ مَالِ الْمَيِّتِ وَفَاءٌ بِمِقْدَارِ مَا يُرْضِي خُصَمَاءَهُ. وَفِي الْجَامِعِ إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْمَسَاكِينِ يُتَصَدَّقُ مِنْهُ كُلَّ سَنَةٍ بِثَمَانِيَةِ دَرَاهِمَ. أَوْ قَالَ أَوْصَيْت بِأَنْ يُتَصَدَّقَ مِنْ ثُلُثِي كُلَّ سَنَةٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَالْوَصِيُّ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ الثُّلُثِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَلَا يُوَزِّعُ عَلَى السَّنَةِ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ يُعْفَى عَنْ قَاتِلِهِ وَالْقَتْلُ عَمْدًا كَانَ بَاطِلًا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَمَنْ أَوْصَى بِسُدُسِ مَالِهِ، ثُمَّ بِسُدُسِ مَالِهِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَأَشْهَدَ عَلَى وَاحِدٍ شَاهِدَيْنِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ فَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا سُدُسُ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ أَكْثَرَ أَوْ إحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْأُخْرَى فَحِينَئِذٍ يَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ فَيُعْطَى الْأَكْثَرُ وَسَقَطَ حُكْمُ الْبَاقِي، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَأَعْطَى الْوَصِيُّ الْأَغْنِيَاءَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُجْزِئُهُ وَالْوَصِيُّ ضَامِنٌ لِلْفُقَرَاءِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَإِذَا كَانَ رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ الدَّيْنِ لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنُ مِائَةٌ اقْتَسَمَا ثُلُثَ مَالِ الْعَيْنِ نِصْفَيْنِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُونَ ضُمَّ إلَى الْعَيْنِ، وَكَانَ ثُلُثُ جَمِيعِ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ الْعَيْنِ لِرَجُلٍ وَبِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ لِآخَرَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ اقْتَسَمَا ثُلُثَ الْعَيْنِ نِصْفَيْنِ فَإِنْ تَعَيَّنَ مِنْ الدُّيُونِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا ضُمَّ ذَلِكَ إلَى الْعَيْنِ فَكَانَ لِصَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ ثُلُثُ ذَلِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الثُّلُثُ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ فِي الْعَيْنِ وَالثُّلُثَانِ

الباب التاسع في الوصي وما يملكه

لِلْآخَرِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ أَيْضًا. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَيْنًا وَمِائَةُ دِرْهَمٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ دَيْنًا فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ ثُلُثَ الْعَيْنِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَنْ يُصْرَفَ إلَى وُجُوهِ الْبِرِّ تَعَلَّقَتْ الْوَصِيَّةُ بِالدَّيْنِ، فَإِنْ وَهَبَ بَعْضَ الدَّيْنِ لِمَدْيُونِهِ بَعْدَ ذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِقَدْرِ مَا وَهَبَ كَأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ وَصِيَّتِهِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ قَالَ الْبَقَّالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَدْخَلَ الْحِنْطَةَ فِي الدَّيْنِ قَالَ وَهُوَ يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْعَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إذَا أَوْصَى بِمَتَاعِ بَدَنِهِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ الْقَلَنْسُوَةُ وَالْخُفُّ وَاللِّحَافُ وَالدِّثَارُ وَالْفِرَاشُ وَفِي السِّيَرِ أَنَّ اسْمَ الْمَتَاعِ فِي الْعَادَةِ يَقَعُ عَلَى مَا يَلْبَسُهُ النَّاسُ وَيَبْسُطُهُ فَعَلَى هَذَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَتَاعِ الثِّيَابُ وَالْفِرَاشُ وَالْقَمَصُ وَالْبُسُطُ وَالسُّتُرُ وَهِلَ يَدْخُلُ فِيهَا الْأَوَانِي؟ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ وَأَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ إلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ. وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِفَرَسٍ بِسِلَاحِهِ سُئِلَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَهُوَ عَلَى سِلَاحِ الْفَرَسِ أَمْ عَلَى سِلَاحِ الرَّجُلِ قَالَ: عَلَى سِلَاحِ الرَّجُلِ. قَالَ الْبَقَّالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: وَأَدْنَى مَا يَكُونُ مِنْ السِّلَاحِ سَيْفٌ وَتُرْسٌ وَرُمْحٌ وَقَوْسٌ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَلِلْمُوصِي سَيْفٌ مُحَلَّى بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَانَتْ الْحِلْيَةُ لَهُ وَبَعْدَ هَذَا يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِ الْحِلْيَةِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ تُنْزَعُ الْحِلْيَةُ مِنْ السَّيْفِ وَيُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي نَزْعِهَا ضَرَرٌ فَاحِشٌ يُنْظَرُ إلَى ضَرَرِ الْحِلْيَةِ وَإِلَى قِيمَةِ السَّيْفِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ السَّيْفِ أَكْثَرَ تُخَيَّرْ الْوَرَثَةُ إنْ شَاءُوا أَعْطَوْا الْمُوصَى لَهُ قِيمَةَ الْحِلْيَةِ مَصُوغًا مِنْ خِلَافِ جِنْسِهَا وَصَارَ السَّيْفُ مَعَ الْحِلْيَةِ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحِلْيَةِ أَكْثَرَ يُخَيَّرْ الْمُوصَى لَهُ إنْ شَاءَ أَعْطَى قِيمَةَ السَّيْفِ وَأَخَذَ السَّيْفَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا عَلَى السَّوَاءِ كَانَ الْخِيَارُ لِلْوَرَثَةِ. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِقَزٍّ وَلِلْمُوصِي جُبَّةٌ أَوْ قَبَاءٌ حَشْوُهُ مِنْ قَزٍّ لَا شَيْءَ لَهُ. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثَوْبِ قَزٍّ وَلِلْمُوصِي جُبَّةٌ بِطَانَتُهَا ثَوْبُ قَزٍّ وَظِهَارَتُهَا ثَوْبُ قَزٍّ كَانَ لِلْمُوصِي لَهُ الثَّوْبُ الْقَزُّ وَالْآخَرُ لِلْوَرَثَةِ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِجُبَّةِ حَرِيرٍ وَلَهُ جُبَّةٌ ظِهَارَتُهَا حَرِيرٌ وَبِطَانَتُهَا حَرِيرٌ دَخَلَتْ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الظِّهَارَةُ حَرِيرًا وَالْبِطَانَةُ غَيْرَ حَرِيرٍ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَإِنْ كَانَتْ الْبِطَانَةُ حَرِيرًا فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَلَوْ أَوْصَى بِحُلِيٍّ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ كُلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْحُلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ مُفَصَّصًا بِزُمُرُّدٍ أَوْ يَاقُوتٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَيَكُونُ جَمِيعُ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِذَهَبٍ وَلَهُ ثَوْبُ دِيبَاجٍ مَنْسُوجٍ مِنْ ذَهَبٍ فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ سَدَى الثَّوْبِ مِثْلَ الْغَزْلِ فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ فِيهِ شَيْءٌ يُرَى كَانَ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ فَيُبَاعُ الثَّوْبُ وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الذَّهَبِ وَمَا سِوَاهُ فَمَا أَصَابَ الذَّهَبَ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَلَوْ أَوْصَى بِحُلِيٍّ دَخَلَ تَحْتَهَا الْخَاتَمُ مِنْ الذَّهَبِ وَهَلْ يَدْخُلُ تَحْتَهَا الْخَاتَمُ مِنْ الْفِضَّةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْخَوَاتِيمِ الَّتِي تَسْتَعْمِلُهَا النِّسَاءُ دُونَ الرِّجَالِ يَدْخُلُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْخَوَاتِيمِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ لَا يَدْخُلُ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ وَالزَّبَرْجَدُ فَإِنْ كَانَ مُرَكَّبًا فِي شَيْءٍ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ يَدْخُلُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَكَّبًا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُلِيٍّ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهُ حُلِيٌّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْوَصِيِّ وَمَا يَمْلِكُهُ] لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْبَلَ الْوَصِيَّةَ لِأَنَّهَا أَمْرٌ عَلَى خَطَرٍ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: الدُّخُولُ

فِي الْوَصِيَّةِ أَوَّلَ مَرَّةٍ غَلَطٌ وَالثَّانِيَةُ خِيَانَةٌ وَالثَّالِثَةُ سَرِقَةٌ، وَعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَا يَنْجُو عَنْ الضَّمَانِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ إلَّا أَحَمَقٌ أَوْ لِصٌّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْأَوْصِيَاءُ ثَلَاثَةٌ أَمِينٌ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا أُوصِيَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقَرَّرُ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي عَزْلُهُ وَأَمِينٌ عَاجِزٌ فَالْقَاضِي يَضُمُّ إلَيْهِ مِنْ يُعِينُهُ وَفَاسِقٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ عَبْدٌ فَيَجِبُ عَزْلُهُ وَإِقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ الْمُوصَى إلَيْهِ: لَا أَقْبَلُ؛ صَحَّ رَدُّهُ وَلَا يَكُونُ وَصِيًّا فَإِنْ قَالَ الْمُوصِي لِلْمُوصَى إلَيْهِ: مَا كَانَ ظَنِّيَّ بِكَ أَنْ لَا تَقْبَلَ وَصِيَّتِي، فَقَالَ الْمُوصَى إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ: قَبِلْتُ كَانَ جَائِزًا، وَلَوْ سَكَتَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي فَمَاتَ الْمُوصِي كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ قَبِلَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ أَوْصَى إلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْوَصِيَّ بَعْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ: لَا أَقْبَلُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَبِلْت فَهُوَ جَائِزٌ مَا لَمْ يُخْرِجْهُ السُّلْطَانُ مِنْ الْوَصِيَّةِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ: قَبِلْت كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي رَجُلٍ يُوصِي إلَى رَجُلٍ فَقَبِلَهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي فَالْوِصَايَةُ لَازِمَةٌ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ رَدَّهُ فِي حَيَّاتِهِ إنْ رَدَّهُ فِي وَجْهِهِ صَحَّ الرَّدُّ وَإِنْ رَدَّهُ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ لَا يَصِحُّ الرَّدُّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي وَجْهِهِ بِعِلْمِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَجَعَلَهُ مَتَى شَاءَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا مَتَى شَاءَ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقَالَ: لَا أَقْبَلُ فَسَكَتَ الْمُوصِي وَمَاتَ فَقَالَ الْمُوصَى إلَيْهِ: قَبِلْت لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ، وَلَوْ أَنَّ الْمُوصَى إلَيْهِ سَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ فِي وَجْهِهِ: لَا أَقْبَلُ، ثُمَّ قَالَ فِي غِيبَتِهِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِحَضْرَةِ الْجَمَاعَةِ: قَدْ قَبِلْت كَانَ قَبُولُهُ جَائِزًا وَيَكُونُ وَصِيًّا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي أَوْ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ حِينَ قَالَ: لَا أَقْبَلُ أَخْرَجَهُ ثُمَّ قَالَ: أَقْبَلُ - لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ. وَلَوْ قَالَ فِي غِيبَةِ الْمُوصِي: لَا أَقْبَلُ وَصِيَّتَهُ، وَبَعَثَ بِذَلِكَ رَسُولًا أَوْ كِتَابًا إلَى الْمُوصِي فَبَلَغَ الْمُوصِي ثُمَّ قَالَ: أَقْبَلُ لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ. وَلَوْ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ فِي وَجْهِ الْمُوصِي فَلَمَّا غَابَ الْوَصِيُّ قَالَ الْمُوصِي: اشْهَدُوا أَنِّي أَخْرَجْته عَنْ الْوَصِيَّةِ ذَكَرَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَصِحُّ إخْرَاجُهُ، وَلَوْ أَنَّ الْوَصِيَّ رَدَّ الْوَصِيَّةَ حَالَ غِيبَةِ الْمُوصِي؛ فَرَدُّهُ بَاطِلٌ عِنْدَنَا. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَصِيُّ بِذَلِكَ فَبَاعَ الْوَصِيُّ شَيْئًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي مِنْ تِرْكَةِ الْمُوصِي جَازَ بَيْعُهُ وَيَلْزَمُهُ الْوَصِيَّةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا وَسَكَتَ الْآخَرُ فَقَالَ الْقَابِلُ لِلسَّاكِتِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي: اشْتَرِ لِلْمَيِّتِ كَفَنًا فَاشْتَرَاهُ، أَوْ قَالَ: نَعَمْ فَهُوَ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ السَّاكِتُ خَادِمًا لِلْآخَرِ غَيْرَ أَنَّهُ حُرٌّ يَعْمَلُ عِنْدَهُ فَأَمَرَهُ بِشِرَاءِ الْكَفَنِ لِلْمَيِّتِ فَاشْتَرَاهُ أَوْ قَالَ: نَعَمْ فَهُوَ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ الْكَرْخِيُّ: إذَا قَبِلَ الْوَصِيُّ أَوْ تَصَرَّفَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَقَدْ قَالُوا: إنَّ الْوَصِيَّ إذَا الْتَزَمَ ثُمَّ حَضَرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَأَخْرَجَ نَفْسَهُ نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي حَالِهِ فَإِنْ كَانَ مَأْمُونًا قَادِرًا عَلَى التَّصَرُّفِ لَمْ يُخْرِجْهُ وَإِنْ عُرِفَ عَجْزُهُ وَكَثْرَةُ اشْتِغَالِهِ يُخْرِجْهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. قَالَ: إذَا أَوْصَى الرَّجُلُ إلَى عَبْدِهِ أَوْ إلَى عَبْدِ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ تَكُونَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا كُلُّهُمْ أَوْ كَانُوا كِبَارًا وَصِغَارًا أَوْ كَانُوا صِغَارًا كُلُّهُمْ. فَإِنْ كَانُوا كِبَارًا كُلُّهُمْ أَوْ كَانُوا صِغَارًا وَكِبَارًا فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَفِي الْأَصْلِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: إنَّهَا بَاطِلَةٌ سَتَبْطُلُ حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ قَبْلَ الْإِبْطَالِ فِي التَّرِكَةِ بَيْعًا أَوْ مَا أَشْبَهَهُ يَنْفَدُ تَصَرُّفُهُ وَتَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا كُلُّهُمْ فَإِنْ أَوْصَى إلَى عَبْدِ غَيْرِهِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ أَوْصَى إلَى عَبْدِ نَفْسِهِ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ

أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّهَا بَاطِلَةٌ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ وَذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي بَعْضِهَا مَعَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَوْصَى إلَى مُكَاتَبِهِ جَازَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا أَوْ كِبَارًا، فَإِنْ أَدَّى وَعَتَقَ مَضَى الْأَمْرُ وَإِنْ عَجَزَ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْعَبْدِ. وَلَوْ أَوْصَى إلَى الْمُسْتَسْعَى جَازَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ أَيْضًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَوْصَى إلَى فَاسِقٍ مَخُوفٍ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ، قَالُوا: مَعْنَاهُ يُخْرِجُهُ الْقَاضِي مِنْ الْوَصِيَّةِ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى إلَى فَاسِقٍ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَيَجْعَلَ غَيْرَهُ وَصِيًّا إذَا كَانَ هَذَا الْفَاسِقُ مِمَّنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا، وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ أَنْفَذَ الْوَصِيَّةَ فَقَضَى هَذَا الْوَصِيُّ دَيْنَ الْمَيِّتِ وَبَاعَ كَمَا يَبِيعُ الْأَوْصِيَاءُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ الْقَاضِي كَانَ جَمِيعُ مَا صَنَعَ جَائِزًا وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ حَتَّى تَابَ وَأَصْلَحَ تَرَكَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَلَى حَالِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّ لَهُ وَصِيًّا فَنَصَّبَ وَصِيًّا آخَرَ بِمَحْضَرِ الْوَصِيِّ فَأَرَادَ الدُّخُولَ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ هَذَا الْفِعْلُ إخْرَاجًا لَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِأَنَّ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا وَالْوَصِيُّ غَائِبٌ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَالْوَصِيُّ هُوَ وَصِيُّ الْمَيِّتِ دُونَ وَصِيِّ الْقَاضِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَوْصَى مُسْلِمٌ إلَى حَرْبِيٍّ مُسْتَأْمَنٍ أَوْ غَيْرِ مُسْتَأْمَنٍ فَهِيَ بَاطِلَةٌ مَعْنَاهُ سَتَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى الْمُسْلِمُ إلَى الذِّمِّيِّ فَإِنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُبْطِلَهَا وَيُخْرِجَهُ مِنْ الْوِصَايَةِ. وَالذِّمِّيُّ إذَا أَوْصَى إلَى الْحَرْبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ مِنْ الْحَرْبِيِّ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِ مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمُ لَوْ أَوْصَى إلَى ذِمِّيٍّ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً وَإِذَا كَانَ الْحَرْبِيُّ مِمَّنْ يُخَافُ مِنْهُ عَلَى الْمَالِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُهُ مِنْ الْوِصَايَةِ وَيُنَصِّبُ مَكَانَهُ عَدْلًا كَافِيًا. وَإِذَا أَوْصَى الذِّمِّيُّ إلَى الذِّمِّيِّ كَانَ جَائِزًا وَلَا يُخْرِجُهُ الْقَاضِي مِنْ الْوِصَايَةِ. فَإِنْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَأَوْصَى إلَى مُسْلِمٍ جَازَ وَلَا يُخْرَجُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَوْصَى مُسْلِمٌ إلَى حَرْبِيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ كَانَ وَصِيًّا عَلَى حَالِهِ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى إلَى مُرْتَدٍّ أَسْلَمَ. وَلَوْ أَوْصَى إلَى عَاقِلٍ فَجُنَّ الْمُوصَى إلَيْهِ جُنُونًا مُطْبِقًا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهُ وَصِيًّا لِلْمَيِّتِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ الْقَاضِي حَتَّى أَفَاقَ الْوَصِيُّ كَانَ وَصِيًّا عَلَى حَالِهِ. وَلَوْ أَوْصَى إلَى صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوهٍ أَوْ مَجْنُونٍ جُنُونًا مُطْبِقًا لَمْ يَجُزْ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُفِقْ. وَلَوْ بَاعَ الْمُرْتَدُّ مَالَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ الْمُسْلِمِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ رَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ إلَى الْمَرْأَةِ أَوْ إلَى الْأَعْمَى فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَا إذَا أَوْصَى إلَى مَحْدُودٍ فِي قَذْفٍ. فَإِذَا أَوْصَى إلَى صَبِيٍّ فَالْقَاضِي يُخْرِجُهُ عَنْ الْوِصَايَةِ وَيَجْعَلُ مَكَانَهُ وَصِيًّا آخَرَ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَكَذَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ الْقَاضِي مِنْ الْوِصَايَةِ كَمَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الذِّمِّيِّ وَتَصَرُّفُ الْعَبْدِ، فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَنْفُذُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَنْفُذُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ: وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْ الْعَبْدَ وَالصَّبِيَّ وَالذِّمِّيَّ الْقَاضِي مِنْ الْوَصِيَّةِ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ وَبَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَسْلَمَ الذِّمِّيُّ فَالْعَبْدُ وَالذِّمِّيُّ بَقِيَا وَصِيَّيْنِ وَلَا يُخْرِجُهُمَا الْقَاضِي عَنْ الْوِصَايَةِ، فَأَمَّا فِي حَقِّ الصَّبِيِّ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَكُونُ وَصِيًّا وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَكُونُ وَصِيًّا وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَفِي نَوَادِرِ إبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقَالَ: إنْ مِتَّ أَنْتِ فَالْوَصِيُّ بَعْدَك فُلَانٌ، فَجُنَّ الْأَوَّلُ جُنُونًا مُطْبِقًا فَالْقَاضِي يَجْعَلُ مَكَانَهُ وَصِيًّا حَتَّى يَمُوتَ الَّذِي جُنَّ فَيَكُونُ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوصِي وَصِيًّا. وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَوَادِرِهِ فِيمَنْ أَوْصَى إلَى ابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ قَالَ: يَجْعَلُ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا وَيُجَوِّزُ أَمْرَهُ فَإِذَا بَلَغَ ابْنُهُ جُعِلَ وَصِيًّا وَأُخْرِجَ الْأَوَّلُ إنْ شَاءَ وَلَا يَكُونُ خَارِجًا إلَّا بِإِخْرَاجِ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ أَوْصَى إلَى مَنْ يَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ بِالْوَصِيَّةِ ضَمَّ إلَيْهِ الْقَاضِي غَيْرَهُ، وَلَوْ شَكَا إلَيْهِ الْوَصِيُّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُهُ حَتَّى يَعْرِفَ ذَلِكَ حَقِيقَةً فَإِنْ ظَهَرَ عِنْدَ الْقَاضِي عَجْزُهُ أَصْلًا اُسْتُبْدِلَ بِهِ

غَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّصَرُّفِ أَمِينًا فِيهِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهُ، وَكَذَا إذَا شَكَتْ الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهُمْ الْوَصِيَّ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ حَتَّى يَبْدُوَ لَهُ مِنْهُ خِيَانَةٌ فَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ خِيَانَةً عَزَلَهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. الْقَاضِي إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجْعَلُ الْقَاضِي مَعَهُ غَيْرَهُ وَلَا يُخْرِجُهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُخْرِجُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ وَصِيٌّ عَلَى وَقْفٍ أَوْ فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِأَمْرِ الْمَيِّتِ أَوْ الْوَقْفِ فَأَقَامَ الْحَاكِمُ قَيِّمًا آخَرَ ثُمَّ قَالَ الْوَصِيُّ بَعْدَ أَيَّامٍ: صِرْت قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ بِمَا فُوِّضَ إلَيَّ هَلْ يُعِيدُهُ الْحَاكِمُ إلَى مَا كَانَ؟ (قَالَ) : هُوَ وَصِيٌّ عَلَى حَالِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْحَاكِمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمِهِمَا اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيِّينَ بِالتَّصَرُّفِ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ إلَّا فِي أَشْيَاءَ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا يَنْفَرِدُ بِهَا (مِنْهَا) تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينُهُ وَقَضَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذُ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ فِي الْعَيْنِ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْعَيْنِ وَإِعْتَاقُ النَّسَمَةِ وَرَدُّ الْوَدَائِعِ وَالْغُصُوبِ وَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِقَبْضِ وَدِيعَةِ الْمَيِّتِ وَلَا بِقَبْضِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْأَمَانَةِ وَيَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ بِالْخُصُومَةِ فِي حُقُوقِ الْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ وَعِنْدَهُمْ يَنْفَرِدُ بِقَبُولِ الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ وَبِقِسْمَةِ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَبِإِجَارَةِ الْيَتِيمِ بِعَمَلٍ يُتَعَلَّمُ وَيَنْفَرِدُ أَيْضًا بِبَيْعِ مَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّوَى وَالتَّلَفُ، وَلَا يُدَّخَرُ كَالْفَوَاكِهِ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَنْ يُتَصَدَّقَ عَنْهُ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْفَقِيرَ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْفَرِدُ، وَإِنْ عَيَّنَ الْفَقِيرَ يَنْفَرِدُ بِذَلِكَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْكُلِّ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَسَاكِينِ عِنْدَهُمَا لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّنْفِيذِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْفَرِدُ وَإِنْ عَيَّنَ الْمِسْكِينَ يَنْفَرِدُ عِنْدَ الْكُلِّ هَذَا إذَا أَوْصَى إلَيْهِمَا جُمْلَةً فِي كَلَامٍ فَإِنْ أَوْصَى إلَى أَحَدِهِمَا أَوَّلًا ثُمَّ أَوْصَى إلَى الْآخَرِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ هَاهُنَا: يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ بِالتَّصَرُّفِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى كُلِّ حَالٍ وَبِهِ أَخَذَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ وَقَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيٌّ تَامٌّ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ وَحْدَهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. رَجُلٌ جَعَلَ رَجُلًا وَصِيًّا فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ نَحْوُ التَّصَرُّفِ فِي الدَّيْنِ وَجَعَلَ آخَرَ وَصِيًّا فِي نَوْعٍ آخَرَ بِأَنْ قَالَ: جَعَلْتُك وَصِيًّا فِي قَضَاءِ مَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ، وَقَالَ لَآخِرَ: جَعَلْتُك وَصِيًّا فِي الْقِيَامِ بِأَمْرِ مَالِي أَوْ قَالَ: أَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ يَتَقَاضَى دَيْنِي وَلَمْ أُوصِ إلَيْهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَأَوْصَيْتُ بِجَمِيعِ مَالِي فُلَانًا آخَرَ؛ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَصِيَّيْنِ يَكُونُ وَصِيًّا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَأَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ وَصِيًّا فِيمَا أَوْصَى إلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: إذَا جَعَلَ الرَّجُلُ رَجُلًا وَصِيًّا عَلَى ابْنِهِ وَجَعَلَ رَجُلًا آخَرَ وَصِيًّا عَلَى ابْنِهِ الْآخَرِ أَوْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا وَصِيًّا فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ وَجَعَلَ الْآخَرَ وَصِيًّا فِي مَالِهِ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ شَرَطَ أَنْ لَا يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيًّا فِيمَا أَوْصَى إلَى الْآخَرِ يَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى مَا شَرَطَ عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَتَصَرَّفُ الْحَيُّ فِي مَالِهِ فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي إنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَهُ وَصِيًّا وَحْدَهُ وَيُطْلِقُ لَهُ التَّصَرُّفَ فَعَلَ وَإِنْ رَأَى أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ رَجُلًا آخَرَ مَكَانَ الْمَيِّتِ فَعَلَ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْفَرِدُ الْحَيُّ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ كَمَا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ (وَهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ) إحْدَاهَا - هَذِهِ. وَالثَّانِيَةُ - إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ الرَّجُلُ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يَقْبَلْ الْآخَرُ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْآخَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْفَرِدُ

الْقَابِلُ بِالتَّصَرُّفِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْفَرِدُ. وَالثَّالِثَةُ - إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَفَسَقَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَطْلَقَ التَّصَرُّفَ لِلثَّانِي وَإِنْ شَاءَ ضَمَّ إلَيْهِ وَصِيًّا آخَرَ وَاسْتَبْدَلَ الْفَاسِقَ ثُمَّ الْعَدْلُ لَا يَتَصَرَّفُ وَحْدَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مَاتَ رَجُلٌ فِي سَفَرٍ مَعَ قَوْمٍ قَالَ: اُسْتُحْسِنَ أَنْ يَبِيعُوا مَتَاعَهُ وَثِيَابَهُ وَلَا يَبِيعُونَ رَقِيقَهُ وَلَا يُنْفِقُونَ عَلَى الرَّقِيقِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، لَكِنْ إنْ كَانَ مَعَهُمْ طَعَامٌ لِمَوْلَاهُ أَوْ كَانَ يَأْخُذُ دَرَاهِمَهُ كَانَ هُوَ الَّذِي يَأْكُلُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْفَعُوهُ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لِدَرَاهِمَ يَأْخُذُهَا هُوَ فَيُنْفِقُهَا عَلَى نَفْسِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ مَاتَ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ وَعَلَيْهِ لِلنَّاسِ دُيُونٌ وَتَرَكَ أَمْوَالًا وَوَرَثَةً فَأَقَامَ رَجُلٌ شَاهِدَيْنِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَيْهِ وَالِي فُلَانٍ الْغَائِبِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ بَيِّنَةَ هَذَا الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّهِ وَحُقُّهُ مُتَّصِلٌ بِحَقِّ الْغَائِبِ فَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فَصَارَا وَصِيَّيْنِ وَلَا يَكُونُ لِهَذَا الْحَاضِرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مَا لَمْ يَحْضُرْ الْغَائِبُ إلَّا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ، فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ صَدَّقَ الْحَاضِرَ وَادَّعَى أَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِمَا لَا يُكَلَّفُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ وَكَانَا وَصِيَّيْنِ جَمِيعًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ الْغَائِبُ الَّذِي حَضَرَ وَصِيًّا مَا لَمْ يُعِدْ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا كَانَ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ جَعَلَ الْأَوَّلَ وَصِيًّا وَحْدَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّ إلَى الْأَوَّلِ رَجُلًا آخَرَ. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ، وَكَذَا لَوْ كَانَا وَصِيَّيْنِ لِيَتِيمَيْنِ لَا يَشْتَرِي أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ الْآخَرِ. رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَقَضَى الْوَصِيَّانِ دَيْنَهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ ثُمَّ شَهِدَا لَهُ بِالدَّيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيَضْمَنَانِ مَا دَفَعَا إلَى الْمُدَّعِي لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ شَهِدَا لَهُ أَوَّلًا ثُمَّ أَمَرَهُمَا الْقَاضِي بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَقَضَيَا دِينَهُ لَا يَلْزَمُهُمَا الضَّمَانُ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا لَوَارِثَانِ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا قَبْلَ الدَّفْعِ وَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ الدَّفْعِ. وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِشُهُودٍ جَازَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ وَإِنْ قَضَى دَيْنَ الْبَعْضِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ ضَامِنًا لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ وَإِنْ قَضَى بِأَمْرِ الْقَاضِي دَيْنَ الْبَعْضِ لَا يَضْمَنُ وَالْغَرِيمُ الْآخَرُ يُشَارِكُ الْأَوَّلَ فِيمَا قَبَضَ. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ وَأَوْصَى إلَى صَاحِبِهِ جَازَ وَيَكُونُ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فِي حَيَاتِهِمَا جَازَ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَصِيُّ إذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَلَهُ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ الْإِيصَاءَ نَصًّا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ أَوْصَى فَمَاتَ وَفِي يَدِهِ وَدَائِعُ لِلنَّاسِ فَقَبَضَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ الْوَدَائِعَ مِنْ مَنْزِلِ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ أَوْ قَبَضَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيَّيْنِ أَوْ بِدُونِ أَمْرِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَهَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَقَبَضَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ فَضَاعَتْ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَلَوْ قَبَضَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَضْمَنُ حِصَّةَ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ يُخَافُ الْهَلَاكُ عَلَى الْمَالِ فَلَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا. وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَلَهُ عِنْدَ إنْسَانٍ وَدِيعَةٌ فَدَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى وَارِثِ الْمَيِّتِ فَضَاعَتْ فِي يَدِهِ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُسْتَوْدَعُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْوَارِثُ، وَلَيْسَ هَذَا كَأَخْذِ الْمَالِ مِنْ مَنْزِلِ الْمَيِّتِ. وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمَيِّتِ فِي يَدِ غَاصِبٍ فَإِنَّ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَمْلِكَانِ الْأَخْذَ مِنْ الْمُودِعِ وَالْغَاصِبِ إلَّا أَنَّ فِي الْغَصْبِ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَأْمُونٌ ثِقَةٌ فَالْقَاضِي يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الْغَاصِبِ وَيَدْفَعُهُ إلَى الْوَرَثَةِ وَفِي الْوَدِيعَةِ يَتْرُكُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ الْمُودِعِ. وَصِيَّانِ اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا حَمَّالِينَ لِحَمْلِ الْجِنَازَةِ إلَى الْمَقْبَرَةِ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ أَوْ اسْتَأْجَرَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِحَضْرَةِ الْوَصِيَّيْنِ وَهُمَا سَاكِتَانِ جَازَ ذَلِكَ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الْكَفَنِ. وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِالتَّصَدُّقِ بِالْحِنْطَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ قَبْلَ رَفْعِ الْجِنَازَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ فِي التَّرِكَةِ جَازَ دَفْعُهُ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ.

الِامْتِنَاعُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْحِنْطَةُ فِي التَّرِكَةِ فَاشْتَرَى أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ حِنْطَةً وَتَصَدَّقَ بِهَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَنْ الْمُعْطِي. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: آخُذُ فِي هَذَا بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ كِسْوَةٌ وَطَعَامٌ فَدَفَعَ ذَلِكَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ إلَى الْيَتِيمِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي التَّرِكَةِ فَاشْتَرَى أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ لَا يَشْتَرِي أَحَدُهُمَا إلَّا بِأَمْرِ الْآخَرِ وَلَوْ أَنَّ مَيِّتًا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ وَقَدْ كَانَ بَاعَ عَبْدًا فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْوَصِيَّيْنِ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ وَلَيْسَ لَأَحَدِهِمَا قَبْضُ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ أَنْ يُودِعَ مَا صَارَ فِي يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ. وَلَوْ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَبِالْإِعْتَاقِ فَأَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَنْفَرِدُ بِالشِّرَاءِ وَبَعْدَ مَا اشْتَرَيَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُعْتِقَ رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَقَالَ لَهُمَا: ضَعَا ثُلُثَ مَالِي حَيْثُ شِئْتُمَا أَوْ لِمَنْ شِئْتُمَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ قَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ: بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَيَعُودُ الثُّلُثُ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ. وَلَوْ قَالَ: جَعَلْت ثُلُثَ مَالِي لِلْمَسَاكِينِ وَقَالَ لَهُمَا ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ قَالَ: يَجْعَلُ الْقَاضِي وَصِيًّا آخَرَ وَإِنْ شَاءَ قَالَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا: اقْسِمْ أَنْتَ وَحْدَك. وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَدَّقَ وَحْدَهُ. جِدَارٌ بَيْنَ دَارَيْ الصَّغِيرَيْنِ لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ يُخَافُ عَلَيْهِ السُّقُوطُ وَلِكُلِّ صَغِيرٍ وَصِيٌّ فَطَلَبَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ مَرَمَّةَ الْجِدَارِ وَأَبَى الْآخَرُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ: يَبْعَثُ الْقَاضِي أَمِينًا حَتَّى يَنْظُرَ فِيهِ إنْ عَلِمَ أَنَّ فِي تَرْكِهِ ضَرَرًا عَلَيْهِمَا أَجْبَرَ الْآبِيَ أَنْ يَبْنِيَ مَعَ صَاحِبِهِ. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَا لَهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ عَبْدًا بِكَذَا دِرْهَمًا وَلِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِمَّا سَمَّى الْمَيِّتُ الْمُوصِي فَأَرَادَ الْوَصِيُّ الْآخَرُ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْعَبْدَ بِمَا سَمَّى الْمُوصِي قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ الْمُوصِي فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَازَ شِرَاءُ هَذَا الْوَصِيِّ مِنْ صَاحِبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَبَاعَ صَاحِبُ الْعَبْدِ عَبْدَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ يَشْتَرِيَانِ جَمِيعًا لِلْمَيِّتِ، فَهَذَا أَصْوَبُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَوْصَى إلَى رَجُلٍ أَنْ يَضَعَ ثُلُثَ مَالِهِ حَيْثُ أَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهُ جَازَ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَصَّ عَلَى الْوَضْعِ عِنْدَ نَفْسِهِ صَحَّ، وَلَوْ قَالَ: أَعْطِ مَنْ شِئْت لَا يُعْطِي نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِأَخْذِ أَحَدٍ وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ مِنْ الْوَاحِدِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِعِلْمِ فُلَانٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِغَيْرِ عِلْمِ فُلَانٍ وَلَوْ قَالَ: لَا تَعْمَلْ إلَّا بِعِلْمِ فُلَانٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِغَيْرِ عِلْمِ فُلَانٍ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا. وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ أَوْ قَالَ لَا تَعْمَلْ إلَّا بِرَأْيِ فُلَانٍ، فَفِي الْأَوَّلِ الْوَصِيُّ هُوَ الْمُخَاطَبُ وَفِي الثَّانِي هُمَا وَصِيَّانِ عَلَى الْمُخْتَارِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ قَالَ أَبُو نَصْرٍ: إنْ قَالَ: اعْمَلْ فِيهِ بِأَمْرِ فُلَانٍ فَهُوَ الْوَصِيُّ خَاصَّةً، وَإِنْ قَالَ: لَا تَعْمَلْ إلَّا بِأَمْرِ فُلَانٍ فَهُمَا وَصِيَّانِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِقَوْلِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى وَارِثِهِ جَازَ فَإِنْ مَاتَ الْوَصِيُّ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ آخَرَ إنْ قَالَ هَذَا الْوَارِثُ الَّذِي أُوصِي إلَيْهِ: جَعَلْتُك وَصِيًّا فِي مَالِي وَفِي مَالِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ الَّذِي أَنَا وَصِيُّهُ فَإِنَّ الْوَصِيَّ الثَّانِيَ يَكُونُ وَصِيًّا فِي التَّرِكَتَيْنِ جَمِيعًا، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْوَارِثَ الَّذِي هُوَ وَصِيٌّ قَالَ لِلثَّانِي: أَوْصَيْت إلَيْك وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا كَانَ الثَّانِي وَصِيًّا فِي التَّرِكَتَيْنِ عِنْدَنَا، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْوَارِثُ لِلثَّانِي: أَوْصَيْت إلَيْك فِي التَّرِكَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ وَصِيٌّ فِي التَّرِكَتَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ صَاحِبَاهُ: هُوَ وَصِيٌّ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي خَاصَّةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الرَّجُلُ إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ رَجُلًا آخَرَ أَوْصَى إلَى الْمُوصِي ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي الثَّانِي صَارَ الْمُوصِي الْأَوَّلُ وَصِيًّا ثُمَّ إذَا مَاتَ الْمُوصِي الْأَوَّلُ وَلَمْ يُوصِ بِالْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ فَوَصِيُّهُ يَكُونُ وَصِيًّا لَهُمَا جَمِيعًا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. خَاطَبَ جَمَاعَةً فَقَالَ لَهُمْ: افْعَلُوا كَذَا بَعْدَ مَوْتِي إنْ قَبِلُوا يَصِيرُ كُلُّهُمْ أَوْصِيَاءَ وَإِنْ سَكَتُوا حَتَّى مَاتَ الْمُوصِي ثُمَّ قِبَلَ بَعْضُهُمْ فَإِنْ كَانَ الْقَابِلُ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ صَارَا وَصِيَّيْنِ أَوْ أَوْصِيَاءَ وَيَجُوزُ لَهُمَا وَلَهُمْ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا صَارَ وَصِيًّا أَيْضًا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ مَا لَمْ يَرْجِعْ أَمْرُهُ إلَى الْحَاكِمِ فَيُقِيمُ مَعَهُ آخَرَ وَيُطْلِقُ لَهُ التَّصَرُّفَ بِنَفْسِهِ. رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَجَعَلَ غَيْرَهُ مُشْرِفًا عَلَيْهِ يَكُونُ الْوَصِيُّ أَوْلَى بِإِمْسَاكِ الْمَالِ وَلَا يَكُونُ الْمُشْرِفُ وَصِيًّا، وَأَثَرُ كَوْنِهِ مُشْرِفًا أَنَّهُ

لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بِعِلْمِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا اخْتَلَفَ الْوَصِيَّانِ فِي الْمَالِ عِنْدَ مَنْ يَكُونُ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ فَإِنَّهُمَا يَقْسِمَانِهِ وَيَكُونُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ تَهَايَآهُ وَإِنْ أَحَبَّا اسْتَوْدَعَا رَجُلًا وَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ كُلُّهُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا جَازَ. وَإِنْ كَانَا وَصِيَّيْنِ لِلْيَتَامَى فَقَاسَمَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يَكُونَا حَاضِرَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا إلَّا أَنَّ الْحَاضِرَ قَاسَمَ بِإِذْنِهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِي الْقِسْمَةِ مَعْنَى الْبَيْعِ، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يَكُونَا حَاضِرَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا وَفَعَلَ الْحَاضِرُ بِإِذْنِ الْغَائِبِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ، فَكَذَا الْقِسْمَةُ. وَإِذَا أَوْصَتْ الْمَرْأَةُ إلَى أَبِيهَا وَزَوْجِهَا بِوَصَايَا مِنْ عِتْقٍ وَصِلَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَتَرَكَتْ ضَيْعَةً وَثِيَابًا وَحُلِيًّا وَخَلَّفَتْ ابْنَيْنِ رَضِيعَيْنِ فَقَالَ الزَّوْجُ: أَنَا أُنَفِّذُ وَصِيَّتَهَا مِنْ خَالِصِ مَالِي وَلَا أَبِيعُ الثِّيَابَ وَالْحُلِيَّ، إنْ أَنْفَذَ الزَّوْجُ هَذِهِ الْوَصَايَا بِإِذْنِ الْوَصِيِّ الْآخَرِ وَهُوَ الْأَبُ فَمَا كَانَ مِنْ صِلَاتٍ وَوَصَايَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى شِرَاءِ شَيْءٍ وَقَدْ فَعَلَهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِهِ فِي التَّرِكَةِ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَرْجِعَ لَمْ يَجُزْ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ مِنْ الصَّدَقَةِ مِنْ غَيْرِ شِرَاءٍ فَلَا تَجْرِي فِيهِ الْوَصِيَّةُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِنْ أَحَبَّ الزَّوْجُ أَنْ يُبْقِيَ هَذِهِ الْأَعْيَانَ لِأَوْلَادِهِ وَأَنْ يُنْفِذَ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَهَبْ مِنْ الصِّغَارِ مَالًا ثُمَّ يَبِيعُ الْوَصِيَّانِ مِقْدَارَ الْوَصِيَّةِ مِنْ رَجُلٍ وَيَشْتَرِي الْأَبُ لِلصِّغَارِ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ يَنْفُذُ ذَلِكَ الْمَالَ إلَى الْبَائِعِ وَيَقْبِضُهُ الْوَصِيَّانِ مِنْ ثَمَنِ الضَّيْعَةِ فَيُنَفِّذَانِ بِهِ الْوَصِيَّةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَصِيٌّ بَاعَ عَقَارًا لِيَقْضِيَ بِثَمَنِهِ دَيْنَ الْمَيِّتِ وَفِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ مَا يَفِي لِقَضَاءِ الدَّيْنِ جَازَ هَذَا الْبَيْعُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصِيُّ الْأَبِ يُقَاسِمُ مَالَ الصَّغِيرِ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ مَنْقُولًا أَوْ عَقَارًا بِغَبَنٍ يَسِيرٍ وَلَا يَمْلِكُهُ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ إنَّ مَنْ مَلَكَ بَيْعَ شَيْءٍ مَلَكَ قِسْمَتَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَيَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُقَاسِمَ الْمُوصَى لَهُ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ وَيُمْسَكُ لِلصِّغَارِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ كَبِيرًا غَائِبًا. وَلَوْ قَاسَمَ الْوَصِيُّ لِلْوَرَثَةِ وَفِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ لِإِنْسَانٍ وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ لَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَصِيِّ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْغَائِبِ وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْوَرَثَةَ. وَلَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ صِغَارًا فَقَاسَمَ الْوَصِيُّ الْمُوصَى لَهُ فَأَعْطَاهُ الثُّلُثَ وَأَمْسَكَ الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ جَازَ حَتَّى لَوْ هَلَكَ مَا فِي يَدِ الْوَصِيِّ لِلْوَرَثَةِ لَا يَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا لِلْيَتِيمِ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَقَاسَمَ عَلَيْهِ فِي الْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ جَازَ هَذَا إذَا جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَأَمَّا إذَا جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي النَّفَقَةِ أَوْ فِي حِفْظِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَمْ تَجُزْ قِسْمَتُهُ. وَإِذَا قَاسَمَ الْوَصِيُّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَهُمْ صِغَارٌ فَدَفَعَ الثُّلُثَ إلَيْهِ وَأَخَذَ الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ صَحَّ حَتَّى لَوْ هَلَكَ نَصِيبُ الْوَرَثَةِ فِي يَدِ الْوَصِيِّ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَصِيِّ الضَّمَانُ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ كِبَارًا أَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ كِبَارًا وَهُمْ حُضُورٌ فَقِسْمَةُ الْوَصِيِّ مَعَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْوَارِثِ الْكَبِيرِ بَاطِلَةٌ فِي الْعَقَارِ وَفِي الْمَنْقُولِ جَمِيعًا فَإِنْ هَلَكَ نَصِيبُ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ فِي يَدِ الْوَصِيِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ وَلَكِنْ يَرْجِعُونَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ ثُلُثَيْ مَا أَخَذَ إنْ كَانَ مَا أَخَذَهُ قَائِمًا فِي يَدِهِ وَإِنْ هَلَكَ مَا أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ الْكَبِيرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْوَصِيُّ حِصَّتَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُوصَى لَهُ. وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا وَهُمْ غُيَّبٌ فَقَاسَمَ الْوَصِيُّ مَعَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَأَخَذَ نَصِيبَ الْوَرَثَةِ فَقِسْمَتُهُ فِي الْعَقَارِ بَاطِلَةٌ، وَذَكَرَ فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الصُّورَةِ خِلَافًا فَقَالَ: عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ، وَأَمَّا فِي الْمَنْقُولِ فَتَجُوزُ قِسْمَتُهُ مَعَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ، فَأَمَّا قِسْمَةُ الْوَصِيِّ مَعَ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَالْوَرَثَةُ كِبَارٌ حُضُورٌ وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ فَإِنَّهَا بَاطِلَةٌ وَالْعَقَارُ الْمَنْقُولُ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ وَذَكَرَ فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافًا، فَقَالَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ، وَعَلَى قَوْل أَبِي يُوسُفَ

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ فَإِنْ هَلَكَتْ حِصَّةُ الْمُوصَى لَهُ فِي يَدَيْ الْوَصِيِّ وَبَقِيَ نَصِيبُ الْوَرَثَةِ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ هَلَكَتْ حِصَّةُ الْوَرَثَةِ فِي يَدِهِمْ وَهَلَكَتْ حِصَّةُ الْمُوصَى لَهُ فِي يَدِ الْوَصِيِّ أَيْضًا فَمَا هَلَكَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ مِنْ حِصَّةِ الْمُوصَى لَهُ فَالْوَصِيُّ لَا يَضْمَنُ ذَلِكَ وَمَا هَلَكَ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ مِنْ حِصَّةِ الْمُوصَى لَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَصِيَّ ذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَارِثَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ أَوْصَى بِثَلْثِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا الْوَرَثَةُ إلَى الْقَاضِي فَقَسَّمَ وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ صَحَّتْ قِسْمَتُهُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ، ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَرَثَةِ سَبِيلٌ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَصِيٌّ عِنْدَهُ أَلْفَانِ لِيَتِيمَيْنِ فَأَدْرَكَا فَدَفَعَ إلَى أَحَدِهِمَا أَلْفًا وَصَاحِبُ الْآخَرِ حَاضِرٌ وَجَحَدَ الْقَابِضُ الْقَبْضَ مِنْهُ يَغْرَمُ الْوَصِيُّ خَمْسَمِائَةٍ بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَ غَائِبًا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ بِدَفْعِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْقَابِضُ مُقِرًّا لَهُ كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَصِيَّ وَرَجَعَ بِهَا الْوَصِيُّ. وَصِيٌّ لِلْيَتِيمَيْنِ قَالَ: لَهُمَا بَعْدَمَا كَبُرَا قَدْ دَفَعْت إلَيْكُمَا أَلْفًا فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ يَرْجِعُ الْمُنْكِرُ عَلَى أَخِيهِ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَإِنْ أَنْكَرَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا عَلَى الْوَصِيِّ شَيْءٌ، وَلَوْ قَالَ الْوَصِيُّ: دَفَعْتُ إلَى كُلِّ وَاحِدِ مِنْكُمَا خَمْسَمِائَةٍ عَلَى حِدَةٍ وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ وَرَجَعَ الْمُكَذِّبُ عَلَى الْوَصِيِّ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا، وَلَوْ كَانَا غَائِبَيْنِ جَازَتْ الْقِسْمَةُ عَلَيْهِمَا. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ صَغِيرَيْنِ فَلَمَّا أَدْرَكَا طَلَبًا مِيرَاثَهُمَا فَقَالَ الْوَصِيُّ: جَمِيعُ تَرِكَةِ أَبِيكُمَا أَلْفٌ وَقَدْ أَنْفَقْت عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا خَمْسَمِائَةٍ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ يَرْجِعُ الْمُكَذِّبُ عَلَى الْمُصَدِّقُ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَرْجِعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَصِيُّ الْأُمِّ يُقَاسِمُ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ مَنْقُولَاتِهِ الَّتِي وَرِثَهَا مِنْ الْأُمِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ أَبٌ وَلَا وَصِيُّ الْأَبِ، أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يُقَاسِمُ هُوَ وَلَا يَمْلِكُ قِسْمَةَ عَقَارَاتِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا يَمْلِكُ قِسْمَةَ مَا وَرِثَهُ الصَّغِيرُ مِنْ غَيْرِ الْأُمِّ - الْعَقَارُ وَالْمَنْقُولُ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ وَمَا عَرَفْت مِنْ الْجَوَابِ فِي وَصِيِّ الْأُمِّ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي وَصِيِّ الْأَخِ وَالْعَمِّ. وَلَوْ كَانَ الْوَصِيُّ قَسَّمَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَعَزَلَ نَصِيبَ كُلِّ إنْسَانٍ فَهَذَا عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: (الْأَوَّلُ) أَنْ تَكُونُ الْوَرَثَةُ صِغَارًا كُلُّهُمْ لَيْسَ فِيهِمْ كَبِيرٌ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ أَصْلًا وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا قَسَّمَ مَالَ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَلَيْسَ فِيهِمْ كِبَارٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، قَالُوا: وَالْحِيلَةُ لِلْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ اثْنَيْنِ أَنْ يَبِيعَ الْوَصِيُّ حِصَّةَ أَحَدِ الصَّغِيرَيْنِ مُشَاعًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ يُقَاسِمُ مَعَ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ نَصِيبَهُ ثُمَّ يَشْتَرِي حِصَّةَ الصَّغِيرِ الَّذِي بَاعَ نَصِيبَهُ حَتَّى يَمْتَازَ حَقُّ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَحِيلَةٌ أُخْرَى أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُمَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ يَشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُفْرِزًا. (الثَّانِي) أَنْ تَكُونَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا كُلُّهُمْ بَعْضُهُمْ حُضُورٌ وَبَعْضُهُمْ غُيَّبٌ فَقَاسَمَ الْحُضُورَ وَأَفْرَزَ نَصِيبَهُمْ، فَإِنَّ الْقِسْمَةَ جَائِزَةٌ وَمُرَادُهُ إنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ عُرُوضًا وَأَمَّا فِي الْعَقَارِ فَلَيْسَ يَجُوزُ قِسْمَتُهُ عَلَيْهِمْ. (الثَّالِثُ) أَنْ تَكُونَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَكِبَارًا وَالْكِبَارُ غُيَّبٌ فَإِنَّهُ تَجُوزُ قِسْمَتُهُ. (الرَّابِعُ) إذَا كَانُوا صِغَارًا وَكِبَارًا فَعَزَلَ نَصِيبَ الْكِبَارِ وَهُمْ حُضُورٌ فَدَفَعَهُ إلَيْهِمْ وَعَزَلَ نَصِيبَ الصِّغَارِ جُمْلَةً وَلَمْ يُفْرِزْ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصِّغَارِ جَازَ. (الْخَامِسُ) إذَا عَزَلَ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ وَقَسَّمَ بَيْنَ الْكُلِّ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ فِي الْكُلِّ فَاسِدَةٌ، فَأَمَّا إذَا دَفَعَ إلَى الْكِبَارِ نَصِيبَهُمْ وَأَمْسَكَ حِصَّةَ الصِّغَارِ جُمْلَةً ثُمَّ قَسَّمَ حِصَّةَ الصِّغَارِ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ بَيْنَ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ صَحِيحَةٌ، وَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ صِغَارًا وَالْبَعْضُ كِبَارًا وَأَحَدُ الْكِبَارِ وَصِيُّ الصِّغَارِ وَأَرَادُوا مِنْهُ الْقِسْمَةَ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ أَنَّ الْوَصِيَّ يُقَسِّمُ بَيْنَ الْكِبَارِ وَيَعْزِلُ نَصِيبَ الصِّغَارِ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ نَصِيبِ الصِّغَارِ ثُمَّ يَبِيعُ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ يُقَسِّمُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ الصِّغَارِ، ثُمَّ يَشْتَرِي نَصِيبَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْمُشْتَرِي فَتَتَحَقَّقُ الْقِسْمَةُ بَيْنَ الْكُلِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَصِيُّ الْأَبِ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَلَا أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ. وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دِينٌ

أَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْكِتَابِ: لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ الْمَتَاعِ وَالْعَرُوضِ وَالْعَقَارِ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا، أَمَّا بَيْعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ فَلِأَنَّ مَا سِوَى الْعَقَارِ يَحْتَاجُ إلَى الْحِفْظِ وَعَسَى يَكُونُ حِفْظُ الثَّمَنِ أَيْسَرَ وَيَبِيعُ الْعَقَارَ أَيْضًا فِي جَوَابِ الْكِتَابِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ السَّلَفِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَجَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ عَقَارِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِ الْعَقَارِ أَوْ يَكُونُ لِلصَّغِيرِ حَاجَةٌ إلَى ثَمَنِ الْعَقَارِ أَوْ يَرْغَبُ الْمُشْتَرِي فِي شِرَائِهِ بِضَعْفِ الْقِيمَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْكَافِي. أَوْ يَكُونُ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ يُحْتَاجُ فِي تَنْفِيذِهَا إلَى ثَمَنِ الْعَقَارِ أَوْ يَكُونُ بَيْعُ الْعَقَارِ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ بِأَنْ كَانَ خَرَاجُهَا وَمُؤَنُهَا يَرْبُو عَلَى غَلَّاتِهَا أَوْ كَانَ الْعَقَارُ حَانُوتًا أَوْ دَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ وَيَتَدَاعَى إلَى الْخَرَابِ فَإِنْ وَقَعَتْ الْحَاجَةُ لِلصَّغِيرِ إلَى أَدَاءِ خَرَاجِهَا فَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ مَعَ الْعَقَارِ عَرُوضٌ يَبِيعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ لَا تَنْدَفِعُ بِمَا سِوَى الْعَقَارِ حِينَئِذٍ يَبِيعُ الْعَقَارَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يُتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ شَيْئًا لِلْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ هَذَا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ صِغَارًا وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ كِبَارًا وَهُمْ حُضُورٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا بِأَمْرِهِمْ فَإِنْ كَانَ الْكِبَارُ غُيَّبًا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ الْعَقَارَ وَيَجُوزُ بَيْعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ وَيَجُوزُ إجَارَةُ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ حِفْظَ مَالِ الْغَائِبِ وَبَيْعُ الْعَرُوضِ يَكُونُ مِنْ الْحِفْظِ أَمَّا الْعَقَارُ فَمَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ يَهْلِكُ لَوْ لَمْ يُبَعْ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ الْعَقَارُ بِمَنْزِلَةِ الْعَرُوضِ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا كُلُّهُمْ بَعْضُهُمْ غَائِبٌ وَالْبَاقِي حُضُورٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ بَيْعَ نَصِيبِ الْغَائِبِ مِمَّا سِوَى الْعَقَارِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ عِنْدَ الْكُلِّ فَإِذَا جَازَ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْغَائِبِ عِنْدَ الْكُلِّ جَازَ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْحَاضِرِ أَيْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْحَاضِرِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ إنْ كَانَ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ بِيعَ كُلُّ التَّرِكَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحِيطًا بِيعَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ بِيعَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِقَدْرِ مَا يُنْفِذُ الْوَصِيَّةَ عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِذَا مَلَكَ بَيْعَ الْبَعْضِ يَمْلِكُ بَيْعَ الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُ. وَلَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ وَاحِدٌ وَالْبَاقِي كِبَارٌ وَلَيْسَ هُنَاكَ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ وَالتَّرِكَةُ عُرُوضٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ بَيْعَ نَصِيبِ الصَّغِيرِ وَعِنْدَ الْكُلِّ وَيَمْلِكُ بَيْعَ الْبَاقِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا بَاعَ الْكُلَّ جَازَ بَيْعُهُ فِي الْكُلِّ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْكِبَارِ، وَالْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ثَبَتَ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ بَعْضِ التَّرِكَةِ ثَبَتَ لَهُ وِلَايَةُ بَيْعِ الْكُلِّ. وَوَصِيُّ الْأَبِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَكَذَلِكَ وَصِيُّ الْجَدِّ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ وَصِيِّ الْأَبِ وَوَصِيُّ وَصِيِّ الْجَدِّ بِمَنْزِلَةِ وَصِيّ الْجَدِّ وَوَصِيُّ وَصِيِّ الْقَاضِي يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ وَصِيِّ الْقَاضِي إذَا كَانَ عَامًّا، وَأَمَّا وَصِيُّ الْأُمِّ وَوَصِيُّ الْأَخِ إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ وَتَرَكَتْ ابْنًا صَغِيرًا وَأَوْصَتْ إلَى رَجُلٍ أَوْ مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَخًا صَغِيرًا وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ يَجُوزُ بَيْعُ هَذَا الْوَصِيِّ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ مِنْ تَرِكَةِ هَذَا الْمَيِّتِ وَلَا يَمْلِكُ بَيْعَ الْعَقَارِ وَلَا يَجُوزُ لِهَذَا الْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا لِلصَّغِيرِ إلَّا الطَّعَامَ وَالْكِسْوَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ حِفْظِ الصَّغِيرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَصِيُّ الْأُمِّ لَا يَمْلِكُ عَلَى الصَّغِيرِ بَيْعَ مَا وَرِثَهُ الصَّغِيرُ مِنْ الْأَبِ الْعَقَارُ وَالْمَنْقُولُ وَالْمَشْغُولُ بِالدَّيْنِ وَالْخَالِي عَنْ الدَّيْنِ عَلَى السَّوَاءِ وَمَا كَانَ مَوْرُوثًا لِلصَّغِيرِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ إنْ كَانَ خَالِيًا عَنْ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ يَبِيعُ الْمَنْقُولَ وَلَا يَبِيعُ الْعَقَارَ، وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مَشْغُولَةً بِالدَّيْنِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ إنْ كَانَ الدِّينُ مُسْتَغْرِقًا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ الْكُلَّ وَدَخَلَ بَيْعُ الْعَقَارِ تَحْتَ وِلَايَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُسْتَغْرَقًا يَبِيعُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَهَلْ يَبِيعُ الزِّيَادَةَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ؟ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي مَرَّ قَبْلَ هَذَا وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته وَصِيِّ الْأُمِّ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي وَصِيِّ الْأَخِ وَالْعَمِّ. وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا كُلُّهُمْ فَإِنْ كَانُوا حُضُورًا أَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ خَالِيَةً عَنْ الدَّيْنِ فَوَصِيُّ الْأُمِّ لَا يَبِيعُ شَيْئًا مِنْ تَرِكَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مَشْغُولَةً بِالدَّيْنِ،

فَالْجَوَابُ فِي وَصِيِّ الْأُمِّ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي وَصِيِّ الْأَبِ فِيمَا فِيهِ اتِّفَاقٌ وَفِيمَا فِيهِ اخْتِلَافٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَكِبَارًا وَالْكِبَارُ غُيَّبٌ فَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ خَالِيَةً عَنْ الدَّيْنِ فَوَصِيُّ الْأُمِّ يَبِيعُ الْمَنْقُولَ مِنْ تَرِكَةِ الْأُمِّ حِصَّةَ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ جَمِيعًا وَلَا يَبِيعُ الْعَقَارَ مِنْ تَرِكَتِهَا، حِصَّةُ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مَشْغُولَةً بِالدَّيْنِ فَالْجَوَابُ فِي وَصِيِّ الْأُمُّ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي وَصِيِّ الْأَبِ. وَإِنْ كَانَ الْكِبَارُ حُضُورًا وَالتَّرِكَةُ خَالِيَةً عَنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَبِيعُ حِصَّةَ الصِّغَارِ مِنْ الْمَنْقُولِ مِنْ تَرِكَتِهَا، وَهَلْ يَبِيعُ حِصَّةَ الْكِبَارِ مِنْ الْمَنْقُولِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ فَلَا يَبِيعُ الْعَقَارَ أَصْلًا، وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مَشْغُولَةً بِالْوَصِيَّةِ أَوْ بِالدَّيْنِ إنْ كَانَتْ مُسْتَغْرِقَةً فَإِنَّهُ يَبِيعُ الْعَقَارَ وَالْمَنْقُولَ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقَةً يَبِيعُ الْمَنْقُولَ جَمِيعًا وَيَبِيعُ الْعَقَارَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ إجْمَاعًا وَفِيمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْأَصْلُ أَنَّ وِلَايَةَ الْوَصِيِّ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ وِلَايَةِ الْمُوصِي وَأَنَّ وِلَايَةَ الْحِفْظِ تَبَعٌ لِوِلَايَةِ التَّصَرُّفِ. أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ وَلَدًا فَادَّعَيَاهُ مَعًا وَثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُمَا فَعَتَقَتْ الْأَمَةُ وَمَاتَتْ وَتَرَكَتْ مَالًا وَأَوْصَتْ إلَى رَجُلٍ فَالْوِلَايَةُ عَلَى وَلَدِهَا وَمَالِهِ لِأَبَوَيْهِ دُونَ وَصِيِّهَا؛ لِأَنَّ وَصِيَّ الْأُمِّ كَالْأُمِّ وَلَيْسَ لَهَا وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فَكَذَا لَيْسَ لِوَصِيِّهَا وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِوِلَايَةِ التَّصَرُّفِ حَتَّى لَوْ غَابَ الْوَالِدَانِ يَظْهَرُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ لِوَصِيِّ الْأُمِّ فَيَمْلِكُ بَيْعَ الْعَرُوضِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحِفْظِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَلَكِنْ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ فِيمَا وَرِثَهُ الصَّغِيرُ مِنْ الْأُمِّ وَفِيمَا كَانَ لِلصَّغِيرِ قَبْلَ مَوْتِ الْأُمِّ لَا فِيمَا يَحْدُثُ لِلصَّغِيرِ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَمَا يَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ يَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ كُلِّ تَصَرُّفٍ هُوَ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ نَحْوَ بَيْعِ الْمَنْقُولِ وَبَيْعِ مَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَإِنْ غَابَ أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا غَيْرَ هَذَا الصَّغِيرِ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَالْوَالِدُ الْآخَرُ حَاضِرٌ فَالْمِيرَاثُ كُلُّهُ لِلصَّغِيرِ وَوِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي التَّرِكَتَيْنِ لِلْأَبِ الثَّانِي لَا لِوَصِيِّ الْوَالِدِ الْمَيِّتِ وَلَا لِوَصِيِّ الْأُمِّ قَالَ: وَلَا يَضُمُّ الْقَاضِي إلَى الْوَالِدِ الْبَاقِي وَصِيًّا لِيَتَصَرَّفَ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ الْوَالِدُ الْبَاقِي غَائِبًا كَانَ لِوَصِيِّ الْأُمُّ حِفْظُ مَا تَرَكَتْهُ الْأُمُّ وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ؛ لِأَنَّ وَصِيَّ الْأُمِّ قَائِمٌ مَقَامَ الْأُمِّ، وَقَدْ كَانَ لِلْأُمِّ حِفْظُ مَالِ الصَّغِيرِ حَالَ غِيبَةِ الْوَالِدِ فَكَذَا لِمَنْ قَامَ مَقَامَهَا وَكَانَ لِوَصِيِّ الْوَالِدِ الْمَيِّتِ حِفْظُ مَا تَرَكَهُ الْوَالِدُ الْمَيِّتُ وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ. وَإِنْ مَاتَ الْوَالِدُ الْبَاقِي بَعْدَ ذَلِكَ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَوَصِيُّهُ يَكُونُ أَوْلَى مِنْ وَصِيِّ الْأَبِ الَّذِي مَاتَ أَوَّلًا وَمِنْ وَصِيِّ الْأُمِّ فَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ الَّذِي مَاتَ أَوَّلًا أَبٌ هُوَ جَدُّ هَذَا الْغُلَامِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَوَصِيُّ الْأَبِ الَّذِي مَاتَ آخِرًا أَوْلَى بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْأَبِ الَّذِي مَاتَ آخِرًا أَبٌ هُوَ جَدُّ هَذَا الْغُلَامِ كَانَ وَصِيُّهُ أَوْلَى مِنْ أَبِيهِ، وَإِنْ مَاتَ وَصِيُّ الْأَبِ الَّذِي مَاتَ آخِرًا وَأَوْصَى إلَى غَيْرِهِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَوَصِيُّهُ أَوْلَى مِمَّنْ سَمَّيْنَاهُ، وَإِنْ مَاتَ وَصِيُّ الْأَبِ الَّذِي مَاتَ آخِرًا وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ أَوْ كَانَ الْأَبُ الَّذِي مَاتَ آخِرًا لَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ وَقَدْ تَرَكَ الْأَبُ الَّذِي مَاتَ أَوَّلًا أَبَا جَدِّ هَذَا الْغُلَامِ وَوَصِيًّا، فَإِنَّ أَبَا الَّذِي مَاتَ أَوَّلًا أَوْلَى مِنْ وَصِيِّهِ فَإِنْ كَانَ مَاتَ الْوَالِدَانِ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَبٌ وَأَوْصَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى رَجُلٍ إنْ لَمْ يَعْرِفْ الَّذِي مَاتَ أَوَّلًا مِنْ الَّذِي مَاتَ آخِرًا فَوِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ لِلْوَصِيَّيْنِ جُمْلَةً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَعْرِفْ الَّذِي مَاتَ أَوَّلًا مِنْ الَّذِي مَاتَ آخِرًا يَجْعَلُ كَأَنَّهُمَا مَاتَا مَعًا، وَلَوْ مَاتَا مَعًا كَانَتْ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ لِلْوَصِيَّيْنِ. وَإِنْ عَرَفَ الَّذِي مَاتَ أَوَّلًا مِنْ الَّذِي مَاتَ آخِرًا فَوِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ لِوَصِيِّ الَّذِي مَاتَ آخِرًا. وَإِنْ مَاتَ هَذَا الْوَصِيُّ وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ وَمَاتَ الْأَبُ الَّذِي عُرِفَ مَوْتُهُ آخِرًا وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَوِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ لِلْجَدَّيْنِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَأَبَا وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ كَانَ الْأَبُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ فِي حِفْظِ التَّرِكَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا أَيَّ تَصَرُّفٍ كَانَ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ كَثِيرٌ فَإِنَّ الْأَبَ وَهُوَ جَدُّ الصِّغَارِ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ التَّرِكَةِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا أَذِنَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ الْمُرَاهِقِ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فَتَصَرَّفَ الِابْنُ تَصَرُّفًا وَرَكِبَتْهُ

الدُّيُونُ ثُمَّ مَاتَ هَذَا الِابْنُ وَتَرَكَ أَبًا فَإِنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي تَرِكَتِهِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ. وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا بَاعَ التَّرِكَةَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَالدَّيْنُ غَيْرُ مُحِيطٍ جَازَ بَيْعُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ صَاحِبَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَلَكِنْ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ فَبَاعَ الْقَاضِي كُلَّ التَّرِكَةِ نَفَذَ بَيْعُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ الْوَصِيِّ وَأَبِي الْمَيِّتِ فَقَالَ: لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ، وَأَمَّا أَبُو الْمَيِّتِ وَهُوَ جَدُّ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ عَلَى الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ لِوَلَدِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ عَلَى الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ لِوَلَدِهِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذِهِ فَائِدَةٌ تُحْفَظُ مِنْ الْخَصَّافِ وَأَمَّا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَقَامَ الْجَدَّ مَقَامَ الْأَبِ، قَالَ فِي الْكِتَابِ: إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ وَصِيًّا وَأَبَا كَانَ الْوَصِيُّ أَوْلَى مِنْ الْأَبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ فَالْأَبُ أَوْلَى ثُمَّ وَثُمَّ إلَى أَنْ قَالَ: فَوَصِيُّ الْجَدِّ ثُمَّ وَصِيُّ الْقَاضِي. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِ الْخَصَّافِ يُفْتِي صَغِيرٌ وَرِثَ مَالًا وَلَهُ أَبٌ مُسْرِفٌ مُبَذِّرٌ مُسْتَحَقٌّ لِلْحَجَرِ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْحَجَرَ لَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ فِي الْمَالِ لِلْأَبِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي إذَا نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا لِلْيَتِيمِ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ كَانَ وَصِيُّ الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ وَصِيِّ الْأَبِ إذَا جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَامًّا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا، فَإِنْ جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ كَانَ وَصِيًّا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً بِخِلَافِ وَصِيِّ الْأَبِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ. إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فِي نَوْعٍ كَانَ وَصِيًّا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا بَاعَ الْوَصِيُّ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِالنَّسِيئَةِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى الْيَتِيمِ بِأَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ الْجُحُودُ وَالْمَنْعُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا عَلَى الْيَتِيمِ بِأَنْ كَانَ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ الْجُحُودُ وَالْمَنْعُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ يَجُوزُ؛ وَعَلَى هَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: إذَا اسْتَبَاعَ رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ مَالٍ الْيَتِيمِ بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ وَالْأَوَّلُ أَمْلَى؛ يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الْأَوَّلِ وَاَلَّذِي لَا يُخْشَى عَلَيْهِ الْجُحُودُ وَالْمَنْعُ عِنْدَ الطَّلَبِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْيَتِيمِ دَارٌ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا كُلَّ شَهْرٍ بِثَمَانِيَةٍ وَالْآخَرُ بِعَشَرَةِ وَاَلَّذِي يَسْتَأْجِرُهَا بِثَمَانِيَةٍ أَمْلَى يَنْبَغِي أَنْ يُؤَاجِرَ مِنْهُ، وَعَلَى هَذَا مُتَوَلِّي الْأَوْقَافِ وَجَمِيعُ أُمَنَاءِ الْأَوْقَافِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَصِيٌّ بَاعَ ضَيْعَةً لِلْيَتِيمِ مِنْ مُفْلِسٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ الْبَيْعُ بَيْعَ رَغْبَةٍ فَالْقَاضِي يُؤَجِّلُ الْمُشْتَرِيَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ أَوْفَى الثَّمَنَ وَإِلَّا يَنْفُضْ الْبَيْعَ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُ الْوَصِيِّ إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَصِيِّ مِمَّنْ هَذَا حَالُهُ يَكُونُ اسْتِهْلَاكًا إلَّا أَنَّهُ إنْ أَدَّى الثَّمَنَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ الْآنَ يَصِحُّ هَذَا الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ نُصِّبَ نَاظِرًا خُصُوصًا لِلصِّغَارِ وَتَمَامُ النَّظَرِ فِيمَا قُلْنَا. وَصِيٌّ بَاعَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا بَاعَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَرْجِعُ إلَى أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْأَمَانَةِ إنْ أَخْبَرَهُ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْأَمَانَةِ أَنَّهُ بَاعَ بِقِيمَةٍ وَأَنَّ قِيمَتَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَلْتَفِتُ إلَى مَنْ يَزِيدُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمُزَايَدَةِ يَشْتَرِي بِأَكْثَرَ وَفِي السُّوقِ بِأَقَلَّ لَا يَنْقُضْ بَيْعَ الْوَصِيِّ لِأَجْلِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ بَلْ يَرْجِعُ إلَى أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْأَمَانَةِ فَإِنْ اُجْتُمِعَ رَجُلَانِ مِنْهُمْ عَلَى شَيْءٍ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِمَا، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمْ فَقَوْلُ الْوَاحِدِ يَكْفِي كَمَا فِي التَّرِكَةِ وَنَحْوِهَا. وَعَلَى هَذَا قَيِّمُ الْوَقْفِ إذَا آجَرَ مُسْتَغِلَّ الْوَقْفِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَيَزِيدُ فِي الْأَجْرِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَصِيٌّ بَاعَ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ لِإِنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ فَجَحَدَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فَرَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي وَحَلَّفَهُ فَحَلَفَ وَالْوَصِيُّ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لِلْوَصِيِّ: إنْ كُنْت صَادِقًا فَقَدْ فَسَخْت الْبَيْعَ بَيْنَكُمَا فَيَجُوزُ مِثْلُ هَذَا الْفَسْخِ، وَإِنْ كَانَ بِالْمُخَاطَرَةِ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى فَسْخِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ بَعْدَمَا جَحَدَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ صَارَ ذَلِكَ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ فَيَلْزَمُ الْمَبِيعُ الْوَصِيَّ كَمَا لَوْ تَقَايَلَا حَقِيقَةً وَإِذَا فَسَخَ الْقَاضِي بَيْعَهُمَا لَا يَلْزَمُ بَلْ يَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ مَاتَ وَقَدْ كَانَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَخَلَّفَ صُنُوفًا مِنْ الْعَقَارَاتِ وَالْوَصِيُّ يَبِيعُ صِنْفًا لِلْوَصِيَّةِ فَلِلْوَارِثِ أَنْ لَا يَرْضَى إلَّا أَنْ يَبِيعَ.

مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الثُّلُثَ مِمَّا يُمْكِنُ يَبِيعُ الثُّلُثَ مِنْهُ. وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ امْرَأَةٍ أَوْصَتْ أَنْ يُبَاعَ ضَيَاعُهَا وَيُصْرَفَ ثُلُثُ ثَمَنِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ إنَّهَا مَاتَتْ وَخَلَّفَتْ وَرَثَةً كِبَارًا فَأَرَادَ الْوَصِيُّ بَيْعَ جَمِيعِ الضَّيْعَةِ وَأَبَى الْوَرَثَةُ إلَّا مِقْدَارَ الْوَصِيَّةِ قَالَ: إنْ كَانَ الثُّلُثُ يُشْتَرَى بِالْوَكْسِ وَيُدْخِلُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَعَلَى أَهْلِ الْوَصِيَّةِ الضَّرَرَ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ الْكُلَّ وَإِلَّا فَلَا يَبِيعُ إلَّا بِمِقْدَارِ الْوَصِيَّةِ. وَكَانَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْتِي بِهَذَا وَكَأَنَّهُ كَانَ يُفْتِي عِنْدَ دُخُولِ الضَّرَرِ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ عَدَمِ الضَّرَرِ بِقَوْلِهِمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ: وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَّجِرَ بِمَالِ الْيَتِيمِ فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَّجِرَ لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ أَوْ الْمَيِّتِ فَإِنْ فَعَلَ وَرَبِحَ يَضْمَنُ رَأْسَ الْمَالِ وَيَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ مَالَ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً وَأَنْ يُشَارِكَ بِهِ غَيْرَهُ وَأَنْ يُبْضِعَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَصِيٌّ آجَرَ بَعْضَ التَّرِكَةِ إجَارَةً طَوِيلَةً لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَ الْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ. مَدْيُونٌ مَاتَ وَأَوْصَى فَغَابَ الْوَصِيُّ فَعَمَدَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَبَاعَ تَرِكَتَهُ وَقَضَى دَيْنَهُ وَأَنْفَذَ وَصَايَاهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَمْرِ الْقَاضِي، هَذَا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرِقَةً بِالدَّيْنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَغْرِقَةً نَفَذَ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ فِي حِصَّتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّارِ. وَارِثٌ كَبِيرٌ بَاعَ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ عَقَارِهِ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَوَصَايَا فَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَرُدَّ بَيْعَهُ، إنْ كَانَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبِيعَهُ وَيُنْفِذَ مِنْهُ الْوَصَايَا وَيَقْضِيَ الدَّيْنَ لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ. مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأَخٍ فَأَوْصَتْ إلَى الْأَخ فَقَبِلَ وَصِيَّتَهَا ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يُنَفِّذَ وَصِيَّتَهَا أَوْ يَقْضِيَ دَيْنَهَا اشْتَرَى نَصِيبَ الزَّوْجِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالْعَقَارِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ مِقْدَارَ نَصِيبِهِ وَالْمُشْتَرِي عَرَفَ ذَلِكَ إنْ أَنْفَذَ الْوَصَايَا قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمُوا جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يُنْفِذْ حَتَّى اخْتَصَمُوا إلَى الْقَاضِي أَبْطَلَ بَيْعُهُ وَبَدَأَ بِدُيُونِ الْمَيِّتِ وَوَصَايَاهُ ثُمَّ الْمِيرَاثِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. مَدْيُونٌ أَوْصَى بِوَصَايَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَخَلَّفَ دَارًا وَلَا يَقْدِرُ الْوَصِيُّ عَلَى إنْفَاذِ وَصَايَاهُ وَقَضَاءِ دُيُونِهِ الَّتِي عَلَيْهِ إلَّا مِنْ ثَمَنِ الدَّارِ، وَالْوَارِثُ لَا يَرْضَى بِبَيْعِ جَمِيعِ الدَّارِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ الدَّارِ أَوْ عَلَى عَامَّتِهَا بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهَا إلَّا شَيْءٌ يَسِيرٌ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا لَا يَسْعَهُ إلَّا ذَلِكَ إنْ عَلِمَ أَنَّ الدَّيْنَ يَبْقَى عَلَى الْمَيِّتِ طَوِيلًا إنْ لَمْ يَبِعْ وَأَهْلُ الْوَصَايَا شُرَكَاءُ الْوَارِثِ الْوَصِيِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُقْرِضَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ أَقْرَضَ كَانَ ضَامِنًا وَالْقَاضِي يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَبِ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأَبَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ لَا بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي. وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ فِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ فِي الِاسْتِحْسَانِ. وَلَوْ قَضَى الْوَصِيُّ دَيْنَ نَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ فَعَلَ الْأَبُ ذَلِكَ جَازَ وَصِيٌّ احْتَالَ بِمَالِ الْيَتِيمِ إنْ كَانَ الثَّانِي أَمْلَى مِنْ الْأَوَّلِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ بِمِثْلِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَيَصِيرُ الثَّمَنُ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ وَيَصِيرُ هُوَ ضَامِنًا لِلصَّغِيرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا رَهَنَ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ عَلَيْهِ وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ إنَّ الْوَصِيَّ اسْتَعَارَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِحَاجَةِ الْيَتِيمِ فَضَاعَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَدَيْنُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الْيَتِيمِ بِحَالِهِ يُطَالَبُ بِهِ الْوَصِيُّ. وَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ قَدْ غَصَبَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَاسْتَعْمَلَهُ فِي حَاجَةِ الصَّغِيرِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الْوَصِيُّ قِيمَتَهُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ لَا لِحَقِّ الْيَتِيمِ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ بَعْدَ الْغَصْبِ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ ضَمِنَ لِحَقِّهِمَا حَتَّى أَنَّ فِي الْفَصْل الْأَوَّلِ إذَا أَدَّى دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ بِمَا ضَمِنَ رَجَعَ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ. وَإِنْ غَصَبَ الْوَصِيُّ عَبْدًا لِرَجُلٍ

وَاسْتَعْمَلَهُ فِي حَاجَةِ الصَّغِيرِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ هَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ؟ لَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ. وَإِذَا آجَرَ الْوَصِيُّ الصَّبِيَّ فِي عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَا إذَا آجَرَ عَبْدًا لِلصَّغِيرِ أَوْ مَالًا آخَرَ لِلصَّغِيرِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ الَّتِي عَقَدَهَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ الَّتِي عَقَدَهَا عَلَى مَالِهِ الْوَصِيُّ إذَا اسْتَأْجَرَ لِلْيَتِيمِ أَجِيرًا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ. ذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ السِّيَرِ أَنَّ الْوَصِيَّ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِنَفْسِهِ وَيَجِبُ جَمِيعُ الْأَجْرِ فِي مَالِهِ. وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَقَعُ لِلصَّغِيرِ وَلَكِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ إذَا عُمِلَ وَالْفَضْلُ يُرَدُّ عَلَى الصَّغِيرِ الْوَصِيُّ إذَا أَجَّرَ مَنْزِلًا لِلصَّغِيرِ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ أَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجَرُ أَجْرَ الْمِثْلِ أَمْ يَصِيرُ غَاصِبًا لِلسُّكْنَى فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ بِالسُّكْنَى. قَالَ الْفَضْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوَاهُ عَلَى أُصُولِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: يَجِبُ أَنْ يَصِيرَ غَاصِبًا وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ لَا يَكُونُ غَاصِبًا وَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ قِيلَ لَهُ: أَتُفْتِي بِمَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَرَأَيْت فِي نُسَخٍ أُخَرَ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِكَمَالِهِ وَلَوْ كَانَ سَمَّى فِيهِ الْأَجْرَ وَجَبَ الْمُسَمَّى وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ يُفْتِي بِوُجُوبِ أَجْرِ الْمِثْلِ إلَّا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ النُّقْصَانُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ مِنْ الْيَتِيمِ بِخِلَافِ الْأَبِ فَإِنَّهُ لَوْ آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ الصَّبِيِّ أَوْ اسْتَأْجَرَ الصَّبِيُّ لِنَفْسِهِ يَجُوزُ، كَذَا ذَكَرِ الْقُدُورِيُّ، وَكَذَا أَجَابَ الْفَضْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا آجَرَ نَفْسَهُ أَوْ آجَرَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ فِي عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْيَتِيمِ لَمْ يَجُزْ وَقَالَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ آجَرَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْيَتِيمِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَهَبَ مَالَ الْيَتِيمِ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ وَلَوْ وَهَبَ إنْسَانٌ لِلصَّغِيرِ فَعَوَّضَ الْأَبُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ وَيَبْقَى لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَوَّضَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَصِيٍّ يَتِيمٍ بَاعَ غُلَامًا لِلْيَتِيمِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ بِالْخِيَارِ فَازْدَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَصَارَتْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُنْفِذَ الْبَيْعَ، قَالَ: هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا وَصِيٌّ بَاعَ عَبْدًا لِلصَّغِيرِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَبَلَغَ الْغُلَامُ فِي الثَّلَاثِ ثُمَّ تَمَّتْ الثَّلَاثُ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ أَجَازَ الْوَصِيُّ الْبَيْعَ فِي الثَّلَاثِ أَوْ مَاتَ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُجِيزَهُ الْغُلَامُ. وَلَوْ أَنَّ وَصِيَّ يَتِيمٍ بَاعَ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ ثَلَاثًا ثُمَّ مَاتَ الْيَتِيمُ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ جَازَ الْبَيْعُ، وَكَذَلِكَ الْوَالِدُ وَعَلَّلَ فَقَالَ: لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا وَقَعَ لِلصَّغِيرِ. وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْوَصِيِّ فَأَدْرَكَ الْيَتِيمُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ تَمَّ الْبَيْعُ وَبَطَلَ الْخِيَارُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ جَارِيَةً لِلصَّغِيرِ ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَاطَّلَعَ الْوَصِيُّ عَلَى عَيْبٍ وَرَضِيَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَاهُ الْيَتِيمُ عَنْ الْوِصَايَةِ أَوْ بَعْدَمَا نَهَاهُ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. وَإِنْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَكَبِرَ الْيَتِيمُ فِي الثَّلَاثِ ثُمَّ أَجَازَ الْوَصِيُّ الْبَيْعَ فَالْيَتِيمُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَلْزَمَهُ الْوَصِيَّ فَإِنْ لَمْ يُجِزْ شَيْئًا حَتَّى مَاتَ الْوَصِيُّ بَعْدَمَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ فَالْيَتِيمُ عَلَى خِيَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْوَصِيُّ وَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَصِيِّ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ بَعْدَ مُضِيِّهِ أَوْ مَاتَ الْيَتِيمُ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ قَبْلَ رِضَا الْوَصِيِّ بِالْمُشْتَرِي أَوْ بَعْدَهُ فَالشِّرَاءُ لَازِمٌ لِلْيَتِيمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَصِيٌّ بَاعَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَأَدْرَكَ فَأَبْرَأَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا كَانَ مُصْلِحًا غَيْرَ مُفْسِدٍ، وَقَالَ: أَنْتَ بَرِيءٌ مِمَّا أَبْرَأَكَ وَصِيِّي مِنْ مَالِي جَازَ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ بَرِيءٌ مِمَّا عَلَيْك - لَا يَبْرَأْ. قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا الْخِلَافُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا نَأْخُذُ بِهِ بَلْ يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي بِإِبْرَاءِ الصَّبِيِّ بَعْدَمَا بَلَغَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَإِذَا بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ الْيَتِيمِ فَعَلَى

قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْيَتِيمِ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَظْهَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى كُلّ حَالٍ، وَتَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَفْسِيرِ الْمَنْفَعَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْضُهُمْ قَالَ: أَنْ يَبِيعَ مِنْ الصَّبِيِّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مَا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ بِثَمَانِمِائَةٍ وَيَبِيعَ مَالَ الصَّبِيِّ مِنْ نَفْسِهِ مَا يُسَاوِي ثَمَانَمِائَةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: أَنْ يَبِيعَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مَا يُسَاوِي أَلْفًا بِخَمْسِمِائَةٍ وَيَبِيعَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ مِنْ نَفْسِهِ مَا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ بِأَلْفٍ، ثُمَّ إذَا جَازَ بَيْعُ الْوَصِيِّ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ: بِعْت أَوْ اشْتَرَيْت كَمَا فِي الْأَبِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الشَّطْرَيْنِ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْفَصْلَ هَاهُنَا وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي وَاقِعَاتِهِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الشَّطْرَيْنِ بِخِلَافِ الْأَبِ وَصَبِيُّ الْيَتِيمَيْنِ إذَا بَاعَ مَالَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخِرِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ أَذِنَ الْوَصِيُّ لَهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مَالَهُ مِنْ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَا إذَا أَذِنَ لِعَبْدَيْنِ لِيَتِيمَيْنِ بِالتَّصَرُّفِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مَالَهُ مِنْ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ إذَا أَذِنَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ صَحَّ الْإِذْنُ وَسُكُوتُهُمَا عِنْدَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَكُونُ إذْنًا فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ بَطَلَ الْإِذْنُ، وَإِنْ بَلَغَ الصَّغِيرُ وَالْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ حَيٌّ لَا يَبْطُلُ الْإِذْنُ وَلَوْ وَكَّلَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ بِبَيْعِ مَالِ الصَّغِيرِ أَوْ بِالشِّرَاءِ لِلصَّغِيرِ فَمَاتَ الْأَبُ أَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ. الْقَاضِي إذَا أَذِنَ لِلصَّغِيرِ أَوْ الْمَعْتُوهِ أَوْ لِعَبْدِهِمَا فِي التِّجَارَةِ صَحَّ، وَكَذَا لَوْ حَجَرَ عَلَى عَبْدٍ لِلْمَعْتُوهِ وَلَوْ رَأَى الْقَاضِي عَبْدًا لِلْمَعْتُوهِ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إذْنًا مِنْهُ. الْقَاضِي إذَا رَأَى أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَأَبَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ فَإِبَاؤُهُمَا يَكُونُ بَاطِلًا فَإِنْ حَجَرَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ بَعْدَ إذْنِ الْقَاضِي لَمْ يَصِحَّ حَجْرُهُمَا، وَكَذَا لَوْ مَاتَ هَذَا الْقَاضِي لَا يَنْحَجِرُ إلَّا أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى قَاضٍ آخَرَ حَتَّى يَحْجُرَ عَلَيْهِ فَيَحْجُرُ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ هَذَا الْقَاضِي مِثْلُ وِلَايَةِ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ بَاعَ مِنْ الْوَصِيِّ شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ أَصْلًا كَمَا لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ بِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ. أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَعَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ وَرِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ وَفِي بَعْضِ رِوَايَةِ الْمَأْذُونِ إنْ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ لِلصَّغِيرِ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ لِلصَّغِيرِ لَا يَصِحَّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْوَصِيُّ إذَا أَخَذَ أَرْضَ الْيَتِيمِ مُزَارَعَةً فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا، كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى آخَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَصِيِّ جَازَ. وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ أَوْ ضَمَانُ النُّقْصَانِ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ مِمَّا يُصِيبُهُ مِنْ الْخَارِجِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ مَا يُصِيبُهُ مِنْ الْخَارِجِ خَيْرًا لَهُ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَدِّيَ صَدَقَةَ فِطْرِ الْيَتِيمِ بِمَالٍ وَأَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ إذَا كَانَ الْيَتِيمُ مُوسِرًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ إبْرَاءَ غَرِيمِ الْمَيِّتِ وَلَا أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ شَيْئًا وَلَا يُؤَجِّلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ وَاجِبًا بِعَقْدِهِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا بِعَقْدِهِ صَحَّ الْحَطُّ وَالتَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَكُونُ ضَامِنًا. وَلَوْ صَالَحَ الْوَصِيُّ وَاحِدًا عَنْ دَيْنِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْخَصْمُ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ أَوْ كَانَ الْقَاضِي عَلِمَ بِذَلِكَ الْحَقِّ لَا يَجُوزُ صُلْحُ الْوَصِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْحَقِّ بَيِّنَةٌ جَازَ صُلْحُ الْوَصِيِّ، وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ عَلَى الْيَتِيمِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى حَقِّهِ أَوْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى لَهُ بِحَقِّهِ جَازَ صُلْحُ الْوَصِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى حَقِّهِ وَلَا قَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ لَا يَجُوزُ صُلْحُ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِمَالِهِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ طَمَعَ السُّلْطَانُ الْجَائِرُ أَوْ الْمُتَغَلِّبُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فَأَخَذَ الْوَصِيُّ وَهَدَّدَهُ لِيَأْخُذَ بَعْضَ مَالِ الْيَتِيمِ، قَالَ نُصَيْرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ فَإِنْ كَانَ أَعْطَى كَانَ ضَامِنًا. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ خَافَ الْوَصِيُّ الْقَتْلَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ إتْلَافَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ خَافَ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ مَالِ الْيَتِيمِ فَدَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ لَا يَضْمَنْ، وَإِنْ

خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْقَيْدَ أَوْ الْحَبْسَ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَأْخُذُ بَعْضَ مَالِ الْوَصِيِّ وَيَبْقَى مِنْ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ لَا يَسْعَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَالَ الْيَتِيمِ فَإِنْ دَفَعَ كَانَ ضَامِنًا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ هُوَ الَّذِي يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ فَلَوْ أَنَّ السُّلْطَانَ أَوْ الْمُتَغَلِّبَ بَسَطَ يَدَهُ وَأَخَذَ الْمَالَ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَصِيٌّ مَرَّ بِمَالِ الْيَتِيمِ عَلَى جَائِرٍ وَهُوَ يَخَافُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبَرَّهُ يَنْزِعُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ فَبَرَّهُ بِمَالِ الْيَتِيمِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْمُضَارِبُ إذَا مَرَّ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَيْسَ هَذَا قَوْلَ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنَّمَا هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُ لِلْأَوْصِيَاءِ الْمُصَانَعَةَ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى، وَاخْتِيَارُ أَبِي سَلَمَةَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ يُفْتَى. وَصِيٌّ أَنْفَقَ عَلَى بَابِ الْقَاضِي فِي الْخُصُومَاتِ مَالُ الْيَتِيمِ فَأَعْطَى عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ لَا يَضْمَنُ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: لَا يَضْمَنُ مِقْدَارَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَالْغَبْنِ الْيَسِيرِ وَمَا أَعْطَى عَلَى وَجْهِ الرِّشْوَةِ كَانَ ضَامِنًا، قَالُوا: بَذْلُ الْمَالِ لِدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ لَا يَكُونُ رِشْوَةً فِي حَقِّهِ وَبَذْلُ الْمَالِ لِاسْتِخْرَاجِ حَقٍّ لَهُ عَلَى آخَر يَكُونُ رِشْوَةً. رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى إلَى امْرَأَتِهِ وَتَرَكَ وَرَثَةً صِغَارًا فَنَزَلَ سُلْطَانٌ جَائِرٌ دَارِهِ فَقِيلَ لَهَا: إنْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا اسْتَوْلَى عَلَى الدَّارِ أَوْ الْعَقَارِ فَأَعْطَتْ شَيْئًا مِنْ الْعَقَارِ قَالُوا: تَجُوزُ مُصَانَعَتُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ فِي مَسَائِلِ الْمِيرَاثِ الْوَصِيُّ إذَا طُولِبَ بِجِبَايَةِ دَارِ الْيَتِيمِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ امْتَنَعَ ازْدَادَتْ الْمُؤْنَةُ فَدَفَعَ مِنْ التَّرِكَةِ جِبَايَةَ دَارِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَانَ كَالْمُصَانَعَةِ. سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَمَّنْ مَاتَ وَخَلَّفَ ابْنَتَيْنِ وَعُصْبَةً فَطَالَبَ السُّلْطَانُ التَّرِكَةَ فَغَرِمَ الْوَصِيُّ لِلسُّلْطَانِ دَرَاهِمَ حَتَّى تَرَكَ السُّلْطَانُ التَّعَرُّضَ كَانَ مَا أَعْطَى مِنْ نَصِيبَ الْعُصْبَةِ خَاصَّةً أَوْ مِنْ جَمِيعِ الْمِيرَاثِ، قَالَ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ الْوَصِيُّ عَلَى تَحْصِينِ التَّرِكَةِ إلَّا بِمَا غَرِمَ فَذَلِكَ مَحْسُوبٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ فِي الْمُحِيطِ. وَصِيٌّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى الْيَتِيمِ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْأَدَبِ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَصْلُحُ لِذَلِكَ جَازَ وَيَكُونُ الْوَصِيُّ مَأْجُورًا، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ لَا بُدَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَكَلَّفَ مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ فِي صَلَاتِهِ. وَيَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى الصَّبِيِّ فِي النَّفَقَةِ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِسْرَافِ وَلَا عَلَى وَجْهِ التَّضْيِيقِ وَذَلِكَ مُتَفَاوِتٌ بِقِلَّةِ مَالِ الصَّغِيرِ وَكَثْرَتِهِ وَاخْتِلَافِ حَالِهِ فَيَنْظُرُ فِي مَالِهِ وَحَالِهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ قَدْرَ مَا يَلِيقُ بِهِ. وَصِيٌّ يَخْرُجُ فِي عَمَلِ الْيَتِيمِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِمَالِ الْيَتِيمِ لِيَرْكَبَ وَيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ اسْتِحْسَانًا، وَعَنْ نُصَيْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَيَرْكَبَ دَوَابَّهُ إذَا ذَهَبَ فِي حَوَائِجِ الْيَتِيمِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ مُحْتَاجًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيَرْكَبَ دَابَّتَهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا بِقَدْرِ مَا يَسْعَى فِي مَالِهِ. وَصِيٌّ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ لَا صَغِيرٌ وَلَا كَبِيرٌ جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ قَالَ: لَوْ أَخَذَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ وَأَنْفَقَهُ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ ثُمَّ وَضَعَ مِثْلَ مَا أَنْفَقَ لَهُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ الْيَتِيمُ فَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ يَشْتَرِيَ لِلْيَتِيمِ شَيْئًا ثُمَّ يَقُولَ لِلشُّهُودِ: كَانَ لِلْيَتِيمِ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا، وَأَنَا أَشْتَرِي هَذَا لَهُ - فَيَصِيرُ قِصَاصًا وَيَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ عَبْدُهُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَبَاعَ الْعَبْدَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ضَمِنَ الْوَصِيُّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَصِيُّ فِي جَمِيعِ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ هَلَكَتْ التَّرِكَةُ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ لَا عَلَى الْوَرَثَةِ وَلَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ. وَلَوْ قَسَّمَ الْوَصِيُّ التَّرِكَةَ ثُمَّ أَصَابَ صَغِيرًا مِنْ الْوَرَثَةِ عَبْدًا فَبَاعَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَصِيِّ وَيَرْجِعُ الْوَصِيُّ بِهِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ وَيَرْجِعُ الصَّغِيرُ بِحِصَّتِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ لِبُطْلَانِ الْقِسْمَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا هَلَكَ الرَّجُلُ وَفِي يَدِهِ وَدَائِعُ لِقَوْمٍ شَتَّى وَتَرَكَ أَمْوَالًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَقَبَضَ الْوَصِيُّ الْوَدَائِعَ مِنْ مَنْزِلِ الْمَيِّتِ لِيَرُدَّهَا عَلَى

أَصْحَابِهَا أَوْ قَبَضَ مَالَ الْمَيِّتِ لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَ الْمَيِّتِ فَهَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَقَبَضَ الْوَصِيُّ مَالَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا أَمَرَ الْوَصِيُّ مُودِعَ الْمَيِّتِ بِأَنْ يَهَبَ الْوَدِيعَةَ أَوْ يُقْرِضَ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَفَعَلَ ضَمِنَ الْمُودَعُ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ فَفَعَلَ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَ مُضَارَبَةً إلَى فُلَانٍ أَوْ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ مُضَارَبَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا أَنْفَقَ الْوَصِيُّ التَّرِكَةَ عَلَى الصِّغَارِ حَتَّى فَنِيَتْ التَّرِكَةُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَضَى بِذَلِكَ هَلْ لِهَذَا الْغَرِيمِ أَنْ يَضْمَنَ الْوَصِيُّ؟ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْكِتَابِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَإِذَا وَجَبَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَيِّتِ بِقَضَاءٍ وَقَضَى الْوَصِيُّ ذَلِكَ ثُمَّ لَحِقَ الْمَيِّتَ بَعْدَ ذَلِكَ دَيْنٌ آخَرُ بِأَنْ كَانَ حَفَرَ بِئْرًا فِي حَالِ حَيَّاتِهِ ثُمَّ وَقَعَتْ فِيهَا دَابَّةٌ حَتَّى صَارَتْ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ، أَوْ كَانَ بَاعَ الْمَيِّتُ سِلْعَةً فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهَا عَيْبًا بَعْدَ وَفَاةِ الْمَيِّتِ فَرَدَّهَا عَلَى الْوَصِيِّ؛ صَارَ ثَمَنُهُ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ هَلْ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلثَّانِي شَيْئًا؟ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا دَفْعُ الْوَصِيِّ إلَى الْأَوَّلِ مَا دَفَعَ بِأَمْرِ الْقَاضِي، أَوْ دَفَعَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. فَإِنْ كَانَ دَفَعَ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْقَاضِي وَلَكِنَّ الثَّانِيَ يَتْبَعُ الْأَوَّلَ فَيُشَارِكُهُ فِيمَا قَبَضَ بِقَدْرِ دَيْنِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فِي يَدِهِ يَضْمَنْ الْقَابِضُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَقْبُوضِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلثَّانِي. وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ صَارَ دَافِعًا بَعْضَ حَقِّهِ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا عَلَى الدَّفْعِ إلَى الْأَوَّلِ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي هَذَا إذَا دَفَعَ الْوَصِيُّ إلَى الْأَوَّلِ دَيْنَهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي، أَمَّا إذَا دَفَعَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ لِلثَّانِي أَنْ يَضْمَنَ الْوَصِيُّ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَقْبُوضِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْقَاضِي فَإِذَا ضَمِنَ الْوَصِيُّ لِلثَّانِي حِصَّتَهُ مِمَّا دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ هَلْ يَرْجِعُ الْوَصِيُّ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْأَوَّلِ؟ فَإِنْ كَانَ زَعَمَ الْوَصِيُّ أَنَّ الثَّانِيَ مُبْطِلٌ فِي الدَّعْوَى وَفِيمَا أَقَامَ مِنْ الْبَيِّنَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُحِقٌّ رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى الْأَوَّلِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ، وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ دَيْنٌ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ وَلَكِنْ أَقَرَّ الْمَيِّتُ بَيْنَ يَدَيْ الْوَصِيِّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ كَذَا دِرْهَمًا، أَوْ ثَبَتَ الدَّيْنُ بِمُعَايَنَةِ الْوَصِيِّ بِأَنْ عَايَنَ أَنَّ الْمَيِّتَ حَالَ حَيَاتِهِ اسْتَهْلَكَ مَالَ إنْسَانٍ أَوْ اسْتَخْرَجَ مِنْهُ مَالًا هَلْ يَسَعُ الْوَصِيُّ أَنْ يَقْضِيَ ذَلِكَ الدَّيْنَ إذَا أَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ؟ لَا رِوَايَةَ لِهَذَا وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ أَنْ يَقْضِيَ ذَلِكَ الدَّيْنَ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ لَا يَقْضِيَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا مَالًا وَقَالَ: إنْ مِتُّ فَادْفَعْهُ إلَى ابْنِي، فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَلَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ ضَمِنَ حِصَّتَهُ وَلَا يَكُونُ بِهَذَا وَصِيًّا، وَإِنْ قَالَ: ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ غَيْرِ وَارِثٍ ضَمِنَ إنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ. مَرِيضٌ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ قَرَابَتُهُ يَأْكُلُونَ مِنْ مَالِهِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ أَكَلُوا بِأَمْرِ الْمَرِيضِ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ وَارِثًا ضَمِنَ وَمَنْ كَانَ غَيْرَ وَارِثٍ حَسَبَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِهِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ احْتَاجَ إلَى تُعَاهِدْهُمْ فِي مَرَضِهِ فَأَكَلُوا مَعَهُ وَمَعَ عِيَالِهِ بِغَيْرِ إسْرَافٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ اسْتِحْسَانًا. رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَبَاعَ وَصِيُّهُ رَقِيقَهُ لِلْغُرَمَاءِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ عِنْدَهُ أَوْ مَاتَ بَعْضُ الرَّقِيقِ فِي يَدِ الْوَصِيِّ قَبْلَ أَنْ يُسَلَّمَ إلَى الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَصِيِّ وَيَرْجِعُ بِهِ الْوَصِيُّ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَصِيِّ لَمْ يَرْجِعْ الْوَصِيُّ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغُرَمَاءُ أَمَرُوهُ بِبَيْعِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ لَهُ: بِعْ رَقِيقَ فُلَانٍ الْمَيِّتِ وَاقْضِ دَيْنَنَا - لَمْ يَرْجِعْ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ كَانُوا قَالُوا: بِعْ عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا - يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ غَرُّوهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِمْ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِأَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِمْ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: بِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَإِنَّهُ لِفُلَانٍ، وَقَالَ الْوَصِيُّ: لَا أَبِعْهُ، ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ وَقَدْ ضَاعَ الثَّمَنُ - رَجَعَ بِهِ الْوَصِيُّ عَلَى الْغَرِيمِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَلَكِنَّ الْوَصِيَّ بَاعَ الرَّقِيقَ لِلْوَرَثَةِ الْكِبَارِ فَهُمْ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ بِمَنْزِلَةِ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِمْ فِي الِاسْتِحْسَانِ. وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي رَقِيقَ الْمَيِّتِ لِلْغُرَمَاءِ فَضَاعَ الثَّمَنُ عِنْدَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الرَّقِيقَ رَجَعَ

الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْغُرَمَاءِ لَا عَلَى الْقَاضِي. رَجُلٌ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ ثُمَّ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَأَعْتَقَهُ الْوَصِيُّ وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْفِدَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْوَرَثَةِ. وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا لِأَيْتَامٍ جَنَى جِنَايَةً كَانَ لِوَصِيِّهِمْ أَنْ يَخْتَارَ لَهُمْ إمْسَاكَ الْعَبْدِ وَيَدْفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ مِنْ مَالِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَبَيْنَ قِيمَةِ الْعَبْدِ شَيْءٌ مُتَفَاوِتٌ فَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ عِنْدَ الْقَاضِي: قَدْ اخْتَرْت إمْسَاكَ الْعَبْدِ أَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ شُهُودًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى أَنْ يَدْفَعَ الْعَبْدَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ غَيْرُ الْعَبْدِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ الْعَبْدَ وَيُؤَدِّيَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ مِنْ ثَمَنِهِ، فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ بَعْدَ مَا اخْتَارَهُ فَالْجِنَايَةُ دَيْنٌ عَلَى الْأَيْتَامِ حَتَّى يُؤَدُّوهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الْعَبْدَ وَلَمْ يُنْفِذْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَعَلَى الْمَيِّتِ - سِوَى الثَّمَنِ - أَلْفُ دِرْهَمٍ آخَرَ دَيْنٌ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَى هَذَا الْعَبْدِ فَوَجَدَ الْوَصِيُّ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ بِالْعَيْبِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ نَقْضُهُ وَيَرْجِعُ الْوَصِيُّ عَلَى الْبَائِعِ فَيَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ الثَّمَنِ وَيُعْطِيَهُ إلَى الْغَرِيمِ الْآخَرِ، وَإِنْ تَوَى الثَّمَنَ عَلَى الْبَائِعِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ لِلْغَرِيمِ؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّدَّ لَمَّا اُعْتُبِرَ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الْغَرِيمِ صَارَ كَأَنَّ الْوَصِيَّ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ وَتَوَى الثَّمَنَ عَلَيْهِ وَهُنَاكَ لَا يَضْمَنُ فَكَذَا هَاهُنَا فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ حَيْثُ يَضْمَنُ لِلْغَرِيمِ الْآخَرِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ وَتَعَلَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرِيمَيْنِ بِهِ فَهُوَ بِالدَّفْعِ إلَى أَحَدِهِمَا يَصِيرُ مُتْلِفًا عَلَى الْآخِرِ حَقَّهُ. أَمَّا هَاهُنَا فَالْوَصِيُّ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا إنَّمَا بَاشَرَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ وَلَهُ وِلَايَةُ الْبَيْعِ فَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُ الضَّمَانِ فَلَا يَضْمَنُ، قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: فَهَذَا هُوَ الْحِيلَةُ لِلْوَصِيِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ غَرِيمِ الْمَيِّتِ وَخَافَ ظُهُورَ دَيْنٍ آخَرَ عَلَى الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ مِنْ غَرِيمِهِ بِمَا لِلْغَرِيمِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْمَالِ فَلَا يَضْمَنُ إذَا ظَهَرَ دَيْنٌ آخَرُ عَلَى الْمَيِّتِ، فَلَوْ أَنَّ الْوَصِيَّ حِينَ أَرَادَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ حَتَّى خَاصَمَهُ الْوَصِيُّ إلَى الْقَاضِي، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْلَمُ بِدَيْنِ الْغَرِيمِ الْآخَرِ لَا يُرَدُّ الْعَبْدُ بِالْعَيْبِ بَلْ يَبِيعُهُ وَيَقْسِمُ ثَمَنَهُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَضْمَنُ الْبَائِعُ نُقْصَانَ الْعَيْبِ لَا قَبْلَ بَيْعِ الْقَاضِي وَلَا بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِدَيْنِ غَرِيمٍ آخَرَ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَسَقَطَ الثَّمَنُ عَنْ الْبَائِعِ، فَإِنْ أَقَامَ الْغَرِيمُ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى دَيْنِهِ خَيَّرَ الْقَاضِي بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ الرَّدُّ وَيَضْمَنَ لِلْغَرِيمِ الْآخَرِ نِصْفَ الثَّمَنِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْقُضَ الرَّدَّ وَيَرُدَّ الْعَبْدَ حَتَّى يُبَاعَ فِي دَيْنِهِمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَوْمٌ اُدُّعُوا عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمْ إلَّا أَنَّ الْوَصِيَّ يَعْلَمُ بِالدَّيْنِ، قَالَ نُصَيْرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَبِيعُ الْوَصِيُّ التَّرِكَةَ مِنْ الْغَرِيمِ ثُمَّ يَجْحَدُ الْغَرِيمُ الثَّمَنَ فَيَصِيرُ ذَلِكَ قِصَاصًا، وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ صَامِتًا يُودَعُ الْمَالُ عِنْدَ الْغَرِيمِ ثُمَّ يَجْحَدُ الْغَرِيمُ الْوَدِيعَةَ فَيَصِيرُ قِصَاصًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا شَهِدَ شُهُودٌ عُدُولٌ بَيْنَ يَدَيْ الْوَصِيِّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى الْمَيِّتِ كَذَا كَذَا دَيْنًا وَلَمْ يَشْهَدُوا بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي هَلْ يَبِيعُ الْوَصِيُّ قَضَاءَ هَذَا الدَّيْنِ إذَا أَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ؟ لَا رِوَايَةَ لِهَذَا وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا فِي هَذَا الْفَصْلِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَسَعُهُ الْقَضَاءُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَرَّ الْمَيِّتُ بِالدَّيْنِ بَيْنَ يَدَيْ الْوَصِيِّ وَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ وَلَا يُلْحِقَهُ الْغَرِيمَ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجِيءَ إلَى الْقَاضِي وَيَقُولَ لَهُ: اقْسِمْ أَنْتَ الْمِيرَاثَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ حَتَّى إذَا ظَهَرَ دَيْنٌ آخَرُ بِالْبَيِّنَةِ لَا يَكُونُ لِلْغَرِيمِ الثَّانِي أَنْ يُخَاصِمَنِي وَلَا يَرْجِعُ بِالضَّمَانِ عَلَيَّ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَدْفَعُ إلَى الْمَقَرِّ لَهُ قَدْرَ الدَّيْنِ سِرًّا حَتَّى لَا تَعْرِفَ الْوَرَثَةُ فَيَضْمَنُونَهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ مِنْ التَّرِكَةِ مِقْدَارَ الدَّيْنِ فِي صُرَّةٍ فَيَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَبْعَثَ إلَى الْغَرِيمِ فَيَجِيءَ فَيَأْخُذَ سِرًّا وَجَهَرَا وَالْوَصِيُّ يَتَغَافَلُ فَإِنْ عَلِمَ الْوَرَثَةُ يَقُولُ لِلْوَرَثَةِ: خَاصِمُوا أَنْتُمْ أَوْ أُقِيمُوا غَيْرِي لِكَيْ يُخَاصِمَ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ مِقْدَارَ الدَّيْنِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ فِي صُرَّةٍ فَيُودِعَ الْغَرِيمَ فَذَهَبَ الْغَرِيمُ الْوَدِيعَةِ قِصَاصًا بِالدَّيْنِ، ثُمَّ إنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُودِعَ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يَقُولَ لِلْمَيِّتِ حِينَ أَقَرَّ

بِالدَّيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ: أَحْضِرْ شَاهِدَيْنِ أُشْهِدْهُمَا عَلَى قَوْلِك، أَوْ أَشْهِدْ شَاهِدًا وَاحِدًا سِوَايَ، حَتَّى لَوْ جَاءَ الْغَرِيمُ بَعْدُ فَالشَّاهِدَانِ لَهُ يَشْهَدَانِ بِذَلِكَ أَوْ يَشْهَدُ الْوَصِيُّ مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ، ثُمَّ يَقْضِي الْوَصِيُّ دَيْنَهُ فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ ادَّعَى الْوَرَثَةُ ضَمَانًا عَلَى الْوَصِيِّ، وَقَالُوا: إنَّك قَضَيْت دَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَى الْمَيِّتِ فَصِرْت ضَامِنًا، وَأَنْكَرَ الْوَصِيُّ الضَّمَانَ وَأَرَادَتْ الْوَرَثَةُ اسْتِحْلَافَ الْوَصِيِّ - فَالْقَاضِي لَا يَسْتَحْلِفُ الْوَصِيَّ بِاَللَّهِ مَا قَضَيْت نَظَرًا لِلْوَصِيِّ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَالَهُمْ قِبَلَك مَا يَدَّعُونَ مِنْ الضَّمَانِ عَلَيْك، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ فَقَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ: قَبَضْت مِنْهُ فِي صِحَّتِهِ الْأَلْفَ الَّذِي كَانَ لِي عَلَيْهِ، وَغُرَمَاءُ الْمَيِّتِ قَالُوا: لَا بَلْ قَبَضْت مِنْهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَلَنَا حَقُّ الْمُشَارَكَةِ فِيمَا قَبَضْت مِنْهُ قَالُوا: إنْ كَانَ الْأَلْفُ الْمَقْبُوضُ قَائِمًا شَارَكُوهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ حَادِثٌ فَيُحَالُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ حَالَةُ الْمَرَضِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ هَالِكًا لَا شَيْءَ لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ قِبَلَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُصْرَفُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ بِنَوْعٍ ظَاهِرٍ وَالظَّاهِرُ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِإِيجَابِ الضَّمَانِ فَحَالَ قِيَامُ الْأَلْفِ هُوَ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ سَلَامَةَ الْمَقْبُوضِ وَالْغُرَمَاءُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ كَانَ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ فَلَا يَصْلُحُ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُ وَبَعْدَ هَلَاكِ الْمَقْبُوضِ حَاجَةُ الْغُرَمَاءِ إلَى إيجَابِ الضَّمَانِ وَلَا يَصْلُحُ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُمْ. وَصِيٌّ عَلَيْهِ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ وَالْمَيِّتُ أَوْصَى بِوَصَايَا فَيُرِيدُ الْوَصِيُّ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ عُهْدَةِ مَا عَلَيْهِ قَالُوا: يُنْفِذُ وَصَايَا الْمَيِّتِ أَوْ يَقْضِي دُيُونَ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ قِصَاصًا بِمَا عَلَيْهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ الْقِصَاصَ حِينَ يَقْضِي فَيَقُولَ: أَقْضِي مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ حَتَّى يَصِيرَ قِصَاصًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْوَصِيُّ بَعْدَمَا خَرَجَ مِنْ الْوِصَايَةِ إذَا قَبَضَ دَيْنًا لِلْيَتِيمِ يَنْظُرُ إنْ كَانَ مَوْرُوثًا لِلصَّغِيرِ أَوْ وَجَبَ بِعَقْدِ الْوَصِيِّ عَقْدًا لَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ فِيهِ إلَى الْعَاقِدِ لَا يَصِحَّ وَلَا يَبْرَأْ الْمَدْيُونُ، وَإِنْ وَجَبَ بِعَقْدِ الْوَصِيِّ عَقْدًا تَرْجِعُ فِيهِ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْعَاقِدِ يَصِحَّ قَبْضُهُ وَيَبْرَأُ الْمَدْيُونُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَصِيٌّ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْقَاضِيَ هَلْ يُخْرِجُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُخْرِجُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَيْنًا أَنَّهَا لَهُ فَيُخْرِجُهُ الْقَاضِي مِنْ يَدِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُهُ عَنْ الْوِصَايَةِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي إمَّا أَنْ تُبَرِّئَهُ عَنْ الَّذِي تَدَّعِي أَوْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ وَإِلَّا أَخْرَجْتُك عَنْ الْوِصَايَةِ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ أَخْرَجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَلَيْسَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَعْزِلُهُ عَنْ الْوِصَايَةِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُنَصِّبُ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا حَتَّى يُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّانِيَ وَصِيًّا وَصَارَ الْأَوَّلُ خَارِجًا عَنْ الْوِصَايَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَعَادَ الْأَوَّلَ إلَى الْوِصَايَةِ بَعْدَمَا قَضَى دَيْنَهُ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ الَّذِي يَدَّعِي خَاصَّةً وَلَا يُخْرِجُ الْوَصِيَّ عَنْ الْوِصَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. مَيِّتٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ وَلَهُ وَصِيٌّ وَابْنٌ صَغِيرٌ فَأَدْرَكَ الِابْنُ ثُمَّ قَبَضَ الْوَصِيُّ دَيْنَ الْمَيِّتِ جَازَ قَبْضُهُ وَلَوْ كَانَ الِابْنُ حِينَ بَلَغَ نَهَاهُ عَنْ الْقَبْضِ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ. رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ وَلِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَى مَدْيُونُ الْمَيِّتِ دَيْنَ الْمَيِّتِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَمَّا عَلَيْهِ، وَإِنْ قَضَى بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيِّ وَأَمْرِ الْوَارِثِ وَإِذَا أَرَادَ مَدْيُونُ الْمَيِّتِ قَضَاءَ دِينِ الْمَيِّتِ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَقُولُ عِنْدَ الْقَاضِي: هَذَا الْأَلْفُ الَّذِي لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عَلَيَّ مِنْ الْأَلْفِ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَلَكِنْ قَضَى الْأَلْفَ عَنْ الْمَيِّتِ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَيَكُونُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنَّ مُسْتَوْدَعًا قَضَى دَيْنَ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَ قَضَاءَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُسْتَوْدَعُ وَيُسَلِّمُ الْمَقْبُوضَ إلَى الْقَابِضِ. مَيِّتٌ أَوْصَى إلَى امْرَأَتِهِ وَتَرَكَ مَالًا وَلِلْمَرْأَةِ عَلَيْهِ مَهْرُهَا إنْ تَرَكَ الْمَيِّتَ صَامِتًا مِثْلَ مَهْرِهَا كَانَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مَهْرَهَا مِنْ الصَّامِتِ؛ لِأَنَّهَا ظَفِرَتْ بِجِنْسِ حَقِّهَا، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْمَيِّتُ صَامِتًا كَانَ لَهَا أَنْ تَبِيعَ مَا كَانَ أَصْلَحَ لِلْبَيْعِ وَتَسْتَوْفِي صَدَاقَهَا مِنْ الثَّمَنِ. مَدْيُونٌ مَاتَ وَرَبُّ الدَّيْنِ وَارِثُهُ أَوْ وَصِيُّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ مِقْدَارَ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْوَرَثَةِ. رَجُلٌ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ صِغَارٍ وَلَمْ يُوصِ إلَى

أَحَدٍ فَنَصَّبَ الْقَاضِي رَجُلًا وَصِيًّا فِي التَّرِكَةِ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا أَوْ وَدِيعَةً وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ مَهْرَهَا قَالُوا: أَمَّا الدَّيْنُ الْوَدِيعَةُ فَلَا يَقْضِي إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهِمَا بِالْبَيِّنَةِ، وَأَمَّا الْمَهْرَانِ كَانَ النِّكَاحُ مَعْرُوفًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْأَةِ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا يَدْفَعُ ذَلِكَ إلَيْهَا، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَرْأَةِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا إلَى الزَّوْجِ يَمْنَعُ عَنْهَا مِقْدَارَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَعْجِيلِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَا تُسَلِّمُ نَفْسَهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمُعَجَّلِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَفِيهِ نَوْعُ نَظَرٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ الْمَهْرِ كَانَ وَاجِبًا بِالنِّكَاحِ فَلَا يُقْضَى بِسُقُوطِ شَيْءٍ مِنْهُ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِإِبْطَالِ مَا كَانَ ثَابِتًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ: رَجُلٌ هَلَكَ وَتَرَكَ مَالًا وَوَارِثًا وَاحِدًا فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا فَقَضَى الْقَاضِي لَهُ عَلَى الْوَارِثِ وَدَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا وَغَابَ الْوَارِثُ فَحَضَرَ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ فَإِنَّ الْغَرِيمَ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِخَصْمٍ لَهُ، وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ الْأَوَّلُ هُوَ الْغَائِبُ فَأَحْضَرَ الثَّانِي وَارِثَ الْمَيِّتِ كَانَ خَصْمًا لَهُ فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْوَارِثِ وَقَدْ تَوَى مَا أَخَذَهُ الْوَارِثُ رَجَعَ الْغَرِيمُ الثَّانِي عَلَى الْغَرِيمِ الْأَوَّلِ وَأَخَذَ مِنْهُ بَعْضَ مَا قَبَضَ ثُمَّ يَتْبَعَانِ الْوَارِثَ بِمَا بَقِيَ لَهُمَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ غَرِيمًا وَكَانَ مُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَقَبَضَهُ وَغَابَ الْوَارِثُ فَأَقَامَ الرَّجُلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا فَالْمُوصَى لَهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ غَرِيمًا وَالثَّانِي مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ لَمْ يَكُنْ الْغَرِيمُ خَصْمًا لَهُ ذُكِرَ فِي النَّوَازِلِ. رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ تَرِكَتِهِ فَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ وَارِثَ الْمَيِّتِ فَقَدْ قِيلَ: الْوَارِثُ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِلْغَرِيمِ، وَقِيلَ: يَكُونُ خَصْمًا وَيَقُومُ مَقَامَ الْمَيِّتِ فِي حَقِّ الْخُصُومَةِ، وَبِهِ أَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى تَرِكَةٌ مُسْتَغْرَقَةٌ كُلُّهَا بِالدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرُهَا ادَّعَى مُدَّعٍ آخَرُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا وَعَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْوَرَثَةِ وَأَصْحَابَ الدُّيُونِ لَا يَمِينَ عَلَى الْغُرَمَاءِ أَصْلًا، وَكَذَا لَا يَمِينَ عَلَى الْوَرَثَةِ إنْ كَانَ كُلُّ التَّرِكَةِ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَالْوَصِيُّ هُوَ الْخَصْمُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ وَلَا وَارِثٌ جَعَلَ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ عَنْ الدَّيْنِ يَحْلِفُ الْوَارِثُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ الْوَارِثَ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ تُسْمَعُ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي لَكِنْ لَا يُسْتَحْلَفُ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهَانِ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا وَوَصِيُّهُ غَائِبٌ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ لِيُخَاصِمَ الْمُدَّعِيَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ حَاضِرًا وَأَقَرَّ لِلْمُدَّعِي بِالدَّيْنِ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ هَكَذَا ذَكَرَ الْفَضْلِيُّ فِي فَتَاوَاهُ. وَفِي إقْرَارِ الْوَاقِعَاتِ إذَا أَقَرَّ وَصِيُّ الْمَيِّتِ أَنِّي قَبَضْت كُلَّ دَيْنٍ لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ، فَجَاءَ غَرِيمٌ لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ وَقَالَ لِلْوَصِيِّ: دَفَعْت إلَيْك كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ الْوَصِيُّ: مَا قَبَضْت مِنْك شَيْئًا وَلَا عَلِمْت أَنَّهُ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيْك شَيْءٌ - فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَصْلِ الدَّيْنِ لَمْ يَلْزَمْ الْوَصِيَّ مِنْهُ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: قَبَضْت كُلَّ دَيْنٍ لِفُلَانٍ بِالْكُوفَةِ أَوْ أَضَافَ إلَى مِصْرَ أَوْ سَوَادٍ، وَكَذَا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ، الْوَدِيعَةُ وَالْمُضَارَبَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَصِيٌّ أَنْفَذَ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ قَالُوا: إنْ كَانَ هَذَا الْوَصِيُّ وَارِثًا يَرْجِعُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْعِبَادِ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ لَهَا مُطَالِبًا مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ وَكَانَ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلَّهِ تَعَالَى.

لَا يَرْجِعُ وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى كِسْوَةً لِلصِّغَارِ أَوْ يَشْتَرِي مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَكَذَا لَوْ قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَارِثِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى الْوَارِثُ الْكَبِيرُ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً لِلصَّغِيرِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَالتَّرِكَةِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا أَدَّى خَرَاجَ الْيَتِيمِ أَوْ عُشْرَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَلَوْ كَفَّنَ الْوَصِيُّ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. أَحَدُ الْوَرَثَةِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ مِنْ خَالِصِ مِلْكِهِ حَتَّى كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي التَّرِكَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا ثُمَّ وَرِثُوا عَنْ مَيِّتٍ آخَرَ لَا يَكُونُ لِلَّذِي قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ أَنْ يَرْجِعَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلِلْوَارِثِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ الْمَيِّتِ وَأَنْ يُكَفِّنَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَرَثَةِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الْمَيِّتِ. الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى كَفَنًا لِلْمَيِّتِ أَوْ اشْتَرَى الْوَارِثُ ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ فِي الْكَفَنِ بَعْدَمَا دُفِنَ الْمَيِّتُ كَانَ لِلْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ أَنْ يَرْجِعَا بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. وَلَوْ أَنَّ أَجْنَبِيًّا اشْتَرَى لِلْمَيِّتِ كَفَنًا فَعَلِمَ بِالْعَيْبِ بَعْدَمَا دُفِنَ فِيهِ ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ يَرْجِعُ الْأَجْنَبِيُّ أَيْضًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا يَرْجِعُ. غَرِيبٌ نَزَلَ فِي بَيْتِ رَجُلٍ فَمَاتَ وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ وَتَرَكَ دَرَاهِمَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ، فَيُكَفِّنُهُ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ كَفَنًا وَسَطًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمُ كَفَّنَهُ كَفَنًا وَسَطًا، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا يَبِيعُ هَذَا الرَّجُلُ مَالَهُ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَ جَارِيَةً لَا يَبِيعُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا تَصَرَّفَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَا وَصِيَّ لِلْمَيِّتِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ لَوْ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُنَصِّبَ وَصِيًّا وَأَنَّهُ يَأْخُذُ الْمَالَ وَيُفْسِدُهُ - أَفْتَى الْقَاضِي الدَّبُوسِيُّ بِأَنَّ تَصَرُّفَهُ جَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ، قَالَ قَاضِي خَانْ: وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ فِي بَعْضِ الْأَطْرَافِ فَجَاءَ وَارِثُهُ فَقَالَ: مَاتَ أَبِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَتَرَكَ صُنُوفَ أَمْوَالٍ وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَلَا يَعْرِفُهُمْ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ هَلْ يَكُونُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لَهُ: إنْ كُنْت صَادِقًا فَبِعْ الْمَالَ حَتَّى يُقْضَى الدَّيْنُ؟ قَالَ: إنْ فَعَلَ الْقَاضِي ذَلِكَ فَهُوَ حَسَنٌ. وَعَنْ أَبِي نَصْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ مَاتَ فَزَعَمَ غُرَمَاؤُهُ وَوَرَثَتُهُ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ وَالْحَاكِمُ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُمْ الْحَاكِمُ: إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَدْ جَعَلْت هَذَا وَصِيًّا، قَالَ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ وَيَصِيرُ الرَّجُلُ وَصِيًّا إنْ كَانُوا صَادِقِينَ. امْرَأَةٌ أَوْصَتْ بِثُلُثِ مَالِهَا وَأَوْصَتْ إلَى رَجُلٍ فَأَنْفَذَ الْوَصِيُّ بَعْضَ وَصِيَّتِهَا وَبَقِيَ الْبَعْضُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ هَلْ يَكُونُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتْرُكَ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ؟ قَالُوا: إنْ عَلِمَ الْوَصِيُّ مِنْ دَيَّانَةِ الْوَرَثَةِ أَنَّهُمْ يُخْرِجُونَ الثُّلُثَ جَازَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَإِنْ عَلِمَ خِلَافَ ذَلِكَ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَتْرُكَ فِي أَيْدِيهِمْ إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَالِ مِنْهُمْ رَجُلٌ اشْتَرَى لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا وَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ ذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُشْهِدْ عِنْدَ أَدَاءِ الثَّمَنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى الثَّمَنَ لِيَرْجِعَ - فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْوَصِيِّ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا أَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِ الْوَالِدَيْنِ أَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ الصِّلَةَ وَالْبِرَّ فَيَحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ، وَكَذَا الْأَبُ إذَا قَضَى مَهْرَ امْرَأَةِ ابْنِهِ إنْ لَمْ يُشْهِدْ لَا يَرْجِعْ، وَكَذَا الْأُمُّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ إنْ لَمْ تُشْهِدْ عِنْدَ أَدَاءِ الثَّمَنِ لَا تَرْجِعْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا قَالَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ: أَنْفَقْتُ مَالَكَ عَلَيْكَ فِي كَذَا وَكَذَا سَنَةً - فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْفَضْلِ عَلَى نَفَقَةِ مِثْلِهِ، ثُمَّ نَفَقَةُ الْمِثْلِ مَا يَكُونُ بَيْنَ الْإِسْرَافِ وَالتَّقْتِيرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُدَّةِ فَقَالَ الْوَصِيُّ: مَاتَ أَبُوكَ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ، قَالَ الْيَتِيمُ: مَاتَ أَبِي مُنْذُ خَمْسِ سِنِينَ - ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنِ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ.

قَالَ الْوَصِيُّ: تَرَكَ أَبُوكَ رَقِيقًا فَأَنْفَقْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِكَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا ثُمَّ إنَّهُمْ مَاتُوا أَوْ أُبْقُوا وَتِلْكَ النَّفَقَةُ نَفَقَةُ الْمِثْلِ. وَالصَّغِيرُ يُكَذِّبُهُ وَيَقُولُ: إنَّ أَبِي مَا تَرَكَ رَقِيقًا؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: الْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْعَبِيدَ لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. إذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ أَنَّ غُلَامًا لِلْيَتِيمِ أَبَقَ فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ فَأَعْطَيْت لَهُ جَعَلَهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَالِابْنُ يُنْكِرُ الْإِبَاقَ؛ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْوَصِيُّ بِبَيِّنَةٍ عَلَى مَا ادَّعَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْوَصِيُّ: لَمْ يَتْرُكْ أَبُوك رَقِيقًا لَكِنْ أَنَا اشْتَرَيْت لَك رَقِيقًا مِنْ مَالِك وَأَدَّيْت ثَمَنَهُمْ مِنْ مَالِك وَأَنْفَقْت عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِك أَيْضًا؛ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَمَتَى جَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَهُ فِيمَا ذَكَرْنَا يَحْلِفُ، هَذَا جَوَابُ الْكِتَابِ إلَّا أَنَّ مَشَايِخَنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يُسْتَحْسَنُ أَنْ يَحْلِفَ الْوَصِيُّ إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ خِيَانَةٌ. وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ادَّعَى أَنَّ وَالِدَ الصَّغِيرِ تَرَكَ كَذَا، وَكَذَا مِنْ الْغِلْمَانِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ مَاتُوا فَإِنْ كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ الْمَيِّتِ يَكُونُ لَهُ مِثْلُ مَا سَمَّى مِنْ الرَّقِيقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ وَلَا يَكُونُ لِمِثْلِهِ مِثْلُ ذَلِكَ الْغِلْمَانِ لَمْ أُصَدِّقْهُ. وَإِنْ ادَّعَى الْوَصِيُّ أَنَّهُ أَعْطَى الْيَتِيمَ فِي شَهْرٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَنَّهَا فَرِيضَةٌ وَأَنَّهُ ضَيَّعَهَا فَأَعْطَاهُ مِائَةً أُخْرَى فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ قَالَ: أُصَدِّقُهُ مَا لَمْ يَجِئْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ فَاحِشٍ، يَعْنِي يَقُولُ: أَعْطَيْته مِرَارًا كَثِيرَةً فَضَيَّعَهَا. عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يَدَّعِيهِ أَنَّهُ لَهُ قَالَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ: إنِّي اشْتَرَيْت هَذَا الْغُلَامَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِك وَقَبَضْته وَدَفَعْت الثَّمَنَ إلَيْهِ وَأَنْفَقْت عَلَيْهِ مِنْ مَالِك كَذَا وَكَذَا فِي مُدَّةِ كَذَا، ثُمَّ قَالَ: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ غَلَبَ عَلَيَّ فَأَخَذَهُ مِنِّي وَكَذَّبَهُ الْيَتِيمُ وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ فِي حَقِّ بَرَاءَتِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ حَتَّى لَا يُؤْخَذَ الْعَبْدُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ ذِي الْيَدِ، إمَّا مُدَّعٍ أَوْ شَاهِدٌ وَالْحُكْمُ لَا يُقْطَعُ بِالدَّعْوَى وَلَا بِشَهَادَةِ الْفَرْدِ، أَمَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ مُنْكَرٌ لِلضَّمَانِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ: فَرَضَ الْقَاضِي لِأَخِيكَ الزَّمِنِ هَذَا نَفَقَةً فِي مَالِك كُلَّ شَهْرٍ كَذَا فَأَدَّيْت إلَيْهِ لِكُلِّ شَهْرٍ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ فَكَذَّبَهُ الِابْنُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ عِنْدَ الْكُلِّ وَيَكُونُ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ كَانَ الْوَصِيُّ قَالَ لَهُ: أَبُوك مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الْأَرْضَ لَك وَهِيَ أَرْضُ خَرَاجٍ فَأَدَّيْت خَرَاجَهَا إلَى السُّلْطَانِ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا، وَقَالَ الْوَارِثُ: لَمْ يَمُتْ أَبِي إلَّا مُنْذُ سَنَتَيْنِ؛ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي فِي الْجُعْلِ، وَكَذَلِكَ إذَا اتَّفَقَا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ وَاخْتَلَفَا فِي أَرْضٍ فِيهَا مَاءٌ لَا يُسْتَطَاعُ مَعَهُ الزِّرَاعَةُ فَقَالَ الْوَارِثُ: لَمْ يَزُلْ كَذَلِكَ وَلَمْ يَجِبْ خَرَاجُهَا، وَقَالَ الْوَصِيُّ: إنَّمَا غَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ لِلْحَالِ وَقَدْ أَدَّيْت خَرَاجَهَا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي فِي الْجُعْلِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَوْ كَانَتْ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ لَا مَاءَ فِيهَا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَصِيِّ مَعَ يَمِينِهِ. وَفِي النَّوَازِلِ لَوْ قَالَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ: إنَّك اسْتَهْلَكْت عَلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي صِغَرِك كَذَا وَكَذَا فَقَضَيْته عَنْك - فَكَذَّبَهُ الْيَتِيمُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْيَتِيمِ وَالْوَصِيُّ ضَامِنٌ عِنْدَ الْكُلِّ. وَلَوْ قَالَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ: إنَّ عَبْدَك هَذَا قَدْ أَبَقَ إلَى الشَّامِ فَاسْتَأْجَرْتُ رَجُلًا فَجَاءَ بِهِ مِنْ الشَّامِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَعْطَيْت الْأَجْرَ وَأَنْكَرَ الْيَتِيمُ ذَلِكَ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. وَلَوْ قَالَ الْوَصِيُّ فِي هَذَا كُلِّهِ: إنَّمَا أَدَّيْتُ ذَلِكَ مِنْ مَالِي لِأَرْجِعَ بِهِ عَلَيْك وَكَذَّبَهُ الْيَتِيمُ فَإِنَّ الْوَصِيَّ لَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَحْضَرَ الْوَصِيُّ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي فَقَالَ: إنَّ هَذَا رَدَّ عَبْدًا لِصَغِيرٍ مِنْ الْإِبَاقِ فَوَجَبَ لَهُ الْجُعْلُ وَفِي يَدَيَّ مَالُ هَذَا الصَّغِيرِ فَأَعْطَيْته هَلْ يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي قِيلَ: هَذَا عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا، وَقِيلَ: لَا يُصَدِّقُ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَأَقَرَّ وَصِيُّهُ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ قَبَضَهُ لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ خَصْمًا فِي قَبْضِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَكِنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ وَكِيلًا فِي قَبْضِهِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي إقْرَارِ الْأَصْلِ: إذَا أَقَرَّ وَصِيُّ الْمَيِّتِ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا لِلْمَيِّتِ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَلَمْ يُسَمِّ كَمْ هُوَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّمَا قَبَضْت مِنْهُ مِائَةً وَقَالَ الْغَرِيمُ: كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَدْ قَبَضْتهَا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَمَّا إنْ كَانَ هَذَا دَيْنًا وَجَبَ بِإِدَانَةِ الْوَصِيِّ أَوْ بِإِدَانَةِ الْمَيِّتِ فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَجْهَيْنِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ بَعْدَ إقْرَارِ الْوَصِيِّ بِاسْتِيفَاءِ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ أَوْ قَبْلَ إقْرَارِ الْوَصِيِّ بِاسْتِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ وَالْوَصِيُّ فِي كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ لَا يَخْلُو أَمَّا أَنْ وَصَلَ قَوْلَهُ فَهِيَ مِائَةٌ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ اسْتَوْفَى لِجَمِيعٍ أَوْ فَصَلَ وَقَدْ بَدَأَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ وَاجِبًا بِإِدَانَةِ الْمَيِّتِ وَأَقَرَّ الْوَصِيُّ أَوَّلًا بِاسْتِيفَاءِ جَمِيعِ مَا عَلَى الْغَرِيمِ، ثُمَّ قَالَ: وَهِيَ مِائَةٌ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ ثُمَّ أَقَرَّ الْغَرِيمُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَدْ اسْتَوْفَى الْوَصِيُّ مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَذَكَرَ أَنَّ الْغَرِيمَ بَرَّأَ عَنْ الْأَلْفِ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتْبَعَهُ بِشَيْءٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ قَبَضَ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَلَا يُصَدَّقُ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَصِيِّ حَتَّى لَا يَضْمَنَ تِسْعَمِائَةٍ لِلْوَرَثَةِ بِسَبَبِ الْجُحُودِ فَإِنْ قَامَتْ لِلْمَيِّتِ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ عَلَى الْغَرِيمِ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِأَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَوْ غَرِيمٌ لِلْمَيِّتِ الْبَيِّنَةَ كَانَ الْغَرِيمُ بَرِيئًا عَنْ الْأَلْفِ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتْبَعَ الْغَرِيمَ بِتِسْعِمِائَةٍ وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ تِسْعَمِائَةٍ لِلْوَرَثَةِ فَإِذَا أَقَرَّ الْغَرِيمُ أَوَّلًا أَنَّ الدَّيْنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: وَهِيَ مِائَةٌ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا ثَبَتَ الْأَلْفُ بِالْبَيِّنَةِ يَكُونُ الْغَرِيمُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ الْأَلْفِ بِإِقْرَارِ الْوَصِيِّ بِالِاسْتِيفَاءِ وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ تِسْعَمِائَةٍ لِلْوَرَثَةِ. هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إنْ قَالَ الْوَصِيُّ وَهِيَ مِائَةٌ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ فَأَمَّا إذَا قَالَ مَوْصُولًا بِأَنْ قَالَ: اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا لِلْمَيِّتِ عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْغَرِيمُ لَا بَلْ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ذَكَرَ أَنَّ الْوَصِيَّ يُصَدَّقُ فِي هَذَا الْبَيَانِ حَتَّى كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتْبَعَ الْغَرِيمَ بِتِسْعِمِائَةٍ هَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَوَّلًا بِالِاسْتِيفَاءِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْغَرِيمُ أَوَّلًا بِالدَّيْنِ ثُمَّ قَالَ الْوَصِيُّ: اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ مِائَةٌ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا وَجَبَ الدَّيْنُ بِإِدَانَةِ الْمَيِّتِ يَكُونُ الْغَرِيمُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ لِإِقْرَارِ الْوَصِيِّ وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلْوَرَثَةِ تِسْعَمِائَةٍ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلَّهُ إذَا قَالَ الْوَصِيُّ وَهِيَ مِائَةٌ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ، أَمَّا إذَا قَالَ: مَوْصُولًا بِأَنْ قَالَ: اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِائَةٌ ثُمَّ قَالَ الْغَرِيمُ: كَانَ الدَّيْنُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَدْ قَبَضْتهَا فَإِنَّ الْغَرِيمَ يَكُونُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتْبَعَهُ بِشَيْءٍ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلْوَرَثَةِ إلَّا قَدْرَ مَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَوَّلًا بِالِاسْتِيفَاءِ. فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ الْغَرِيمُ أَوَّلًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ الْوَصِيُّ: اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِائَةٌ فَإِنَّ الْغَرِيمَ يَكُونُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ الْأَلْفِ وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلْوَرَثَةِ تِسْعَمِائَةٍ مِنْهَا، قَالَ: وَلَوْ أَنَّ وَصِيًّا بَاعَ خَادِمًا لِلْوَرَثَةِ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى جَمِيعَ ثَمَنِهِ وَهُوَ مِائَةٌ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ كَانَ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَمَّا إنْ قَالَ الْوَصِيُّ وَهُوَ مِائَةٌ مَوْصُولًا بِإِقْرَارِهِ أَوْ قَالَ مَفْصُولًا فَإِنْ قَالَ: مَوْصُولًا بِإِقْرَارِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الْبَيَانُ حَتَّى يُبَرَّأَ الْغَرِيمُ عَنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ بِإِقْرَارِ الْوَصِيِّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ فِيمَا قَبَضَ وَالْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ مَالِكًا وَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ جَمِيعِ مَا عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ مِائَةٌ مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا كَالْجَوَابِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مِنْ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَهُوَ جَمِيعُ الثَّمَنِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا بَلْ الثَّمَنُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ، فَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَتْبَعَهُ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَلَهُ ذَلِكَ. وَإِذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَوْ غَرِيمُ الْمَيِّتِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِائَتَا دِرْهَمٍ حَتَّى قُبِلَتْ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ فَإِنَّ الْغَرِيمَ يُؤْخَذُ بِالْمِائَةِ الْفَاضِلَةِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ إلَّا الْمِائَةَ الَّتِي أَخَذَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ الْوَصِيُّ: مَفْصُولًا وَهُوَ مِائَةٌ، ثُمَّ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الدَّيْنَ عَلَى الْغَرِيمِ مِائَتَانِ؛ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَكُونُ ضَامِنًا لِلْمِائَتَيْنِ، قَالَ: وَإِذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عِنْدَ فُلَانٍ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ بِضَاعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّمَا قَبَضْت مِنْهُ مِائَةً وَأَقَرَّ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ كَانَ لِلْمَيِّتِ عِنْدَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَمَّا إنْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوَّلًا ثُمَّ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ كَانَ أَلْفًا،

الباب العاشر في الشهادة على الوصية

أَوْ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ كَانَ لِلْمَيِّتِ عِنْدَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْوَصِيُّ بِاسْتِيفَاءِ مَا عِنْدَهُ، وَقَوْلُ الْوَصِيِّ: وَهُوَ مِائَةٌ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْصُولًا بِإِقْرَارِهِ أَوْ مَفْصُولًا فَإِنْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَبَضْت مِائَةً، وَقَالَ: الْمَطْلُوبُ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَدْ قَبَضْتهَا فَإِنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ أَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ يَكُونُ الْمَطْلُوبُ بَرِيئًا عَنْ الْجَمِيعِ كَمَا فِي الدَّيْنِ فَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْمَطْلُوبِ أَلْفُ دِرْهَمٍ الْوَصِيُّ ضَامِنٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ، هَذَا إذَا قَالَهُ مَفْصُولًا، فَأَمَّا إذَا قَالَهُ مَوْصُولًا ثُمَّ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ أَنَّ مَا عِنْدَهُ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَصِيِّ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ مِائَةً وَلَا يَتْبَعُ الْمَطْلُوبَ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ هَذَا فِي الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ الْغَرِيمَ بِالْبَاقِي، هَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَوَّلًا بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ أَوَّلًا أَنَّ الْأَمَانَةَ عِنْدَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِلْمَيِّتِ ثُمَّ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَهُوَ مِائَةٌ مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْمَالَ عِنْدَ الْمَطْلُوبِ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَتْبَعُ الْمَطْلُوبَ بِشَيْءٍ قَالَ: وَإِذَا أَقَرَّ وَصِيُّ الْمَيِّتِ أَنَّهُ قَبَضَ كُلَّ دِينٍ لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ فَجَاءَ غَرِيمٌ لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ فَقَالَ لِلْوَصِيِّ: قَدْ دَفَعْت إلَيْك كَذَا وَكَذَا، أَوْ قَالَ الْوَصِيُّ: مَا قَبَضْت مِنْك شَيْئًا وَلَا عَلِمْت أَنَّهُ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيْك شَيْءٌ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَلَا تَثْبُتُ الْبَرَاءَةُ لِلْغُرَمَاءِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ الَّذِي وُجِدَ مِنْ الْوَصِيِّ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ، وَإِذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا عَلَى فُلَانٍ مِنْ دَيْنِ الْمَيِّتِ فَقَالَ الْغَرِيمُ: كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْوَصِيُّ: قَدْ كَانَ لَهُ عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ لَكِنَّك أَعْطَيْت الْمَيِّتَ خَمْسَمِائَةٍ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعْت الْخَمْسَمِائَةِ الْبَاقِيَةَ إلَى بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَ الْغَرِيمُ: بَلْ دَفَعْت الْكُلَّ إلَيْك؛ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَضْمَنُ الْوَصِيُّ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَكِنْ يَسْتَحْلِفُ الْوَرَثَةَ عَلَى دَعْوَاهُ. وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَا لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ مِنْ دَيْنٍ اسْتَوْفَاهُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ لِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْوَصِيُّ: لَيْسَتْ هَذِهِ فِيمَا قَبَضْت؛ فَإِنَّهَا تَلْزَمُ الْوَصِيَّ وَيَبْرَأُ جَمِيعُ غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا لِلْمَيِّتِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى النَّاسِ وَلَمْ يَقُلْ: مِنْ هَذَا الرَّجُلِ حَيْثُ لَا تَقَعُ الْبَرَاءَةُ لِلْغُرَمَاءِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ. وَلَوْ أَنَّ وَصِيًّا أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا فِي مَنْزِلِ فُلَانٍ مِنْ مَتَاعِهِ وَمِيرَاثِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَهُوَ مِائَةٌ وَخَمْسَةُ أَثْوَابٍ، وَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهُ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ مِيرَاثُ الْمَيِّتِ يَوْمَ مَاتَ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمِائَةَ ثَوْبٍ؛ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ إلَّا قَدْرُ مَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ، وَإِنْ قَالَ: وَهِيَ مِائَةٌ، مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ إذَا أَقَرَّ عَلَى الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ] وَلَوْ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى إلَى فُلَانٍ مَعَهُمَا وَادَّعَى فُلَانٌ جَازَتْ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا كَانَ لَا يَدَّعِي فَإِنَّ شَهَادَتَهُمَا لَا تُقْبَلُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا إنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ يَدَّعُونَ ذَلِكَ وَالْمَشْهُودُ لَهُ يَجْحَدُ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ لَا يَدَّعُونَ كَوْنَ الثَّالِثِ وَصِيًّا مَعَهُمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَصِيَّيْنِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَإِذَا كَذَّبَهُمَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَدْخَلْت مَعَهُمَا رَجُلًا آخَرَ سِوَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَدْخُلُ مَعَهُمَا، - ثَالِثًا - قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: لَا بَلْ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ الْكُلِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا. وَإِذَا شَهِدَ ابْنَانِ أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى إلَى فُلَانٍ وَفُلَانٌ يَدَّعِي فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُمَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فُلَانٌ يَجْحَدُ ذَلِكَ وَبَاقِي الْوَرَثَةِ لَا يَدَّعُونَ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَتْ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ يَدَّعُونَ وَهُوَ يَجْحَدُ لَا تُقْبَلُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا. وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ لَهُمَا عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى فُلَانٍ وَقَبِلَ ذَلِكَ وَفُلَانٌ يَدَّعِي، الْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ، هَذَا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ يَدَّعِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدَّعِي إنْ كَانَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ وَغَيْرُ

الشَّاهِدَيْنِ مِنْ غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ يَدَّعُونَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا. وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا دَيْنُ الْمَيِّتِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى فُلَانٍ وَفُلَانٌ يَدَّعِي فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ لَا يَدَّعِي ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ يَدَّعُونَ لَا تُقْبَلُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ يَجْحَدُونَ وَلَا يَدَّعُونَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ قِيَاسًا وَلَا اسْتِحْسَانًا. وَإِذَا شَهِدَ ابْنًا لِوَصِيٍّ أَنَّ فُلَانًا أَوْصَى إلَى أَبِينَا وَالْوَصِيُّ يَدَّعِي وَالْوَرَثَةُ لَا يَدَّعُونَ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ هَذَا وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِطَلَبِهِمَا مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ يَرْغَبُ فِي الْوِصَايَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ النَّصَبُ بِشَهَادَتِهِمَا، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ يَجْحَدُ وَالْوَرَثَةُ يَدَّعُونَ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ لَا يَدَّعُونَ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَشَهَادَةُ الْأَخِ فِي هَذِهِ مَقْبُولَةٌ وَشَهَادَةُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَوْ غَيْرِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فِي هَذَا جَائِزَةٌ. وَإِذَا شَهِدَ أَبْنَاءُ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ أَنَّ فُلَانًا أَوْصَى إلَى أَبِينَا وَفُلَانٍ مَعًا، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ يَدَّعِي فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لَا فِي حَقِّ الْأَبِ وَلَا فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ لَا يَدَّعِي وَيَدَّعِيهِ الْوَرَثَةُ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ لَا يَدَّعِي وَلَا شَرِيكُ الْأَبِ وَلَا الْوَرَثَةُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ الدَّعْوَى. قَالَ: وَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى هَذَا وَأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَأَوْصَى إلَى هَذَا الْآخَرِ أَجَزْتُ شَهَادَتَهُمَا. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى هَذَا الرَّجُلِ ثُمَّ شَهِدَ ابْنَا الْوَصِيِّ أَنَّ الْمُوصِيَ عَزَلَ أَبَاهُمَا عَنْ الْوَصِيَّةِ وَأَوْصَى إلَى فُلَانٍ أَجَزْت شَهَادَتَهُمَا. قَالَ: وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى إلَى أَبِيهِمَا ثُمَّ عَزَلَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ وَأَوْصَى إلَى هَذَا أَجَزْت شَهَادَتَهُمَا. قَالَ: وَلَوْ شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ ابْنَا الْمَيِّتِ أَوْ غَرِيمَا الْمَيِّتِ لَهُمَا عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَهُ عَلَيْهِمَا وَفُلَانٌ يَدَّعِي فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا جَعَلَ هَذَا وَكِيلًا فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ جَعَلْته وَصِيًّا لَهُ، وَإِذَا قَالَ: جَعَلْته وَصِيًّا، فَهَذَا وَمَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت إلَيْهِ سَوَاءٌ فَيَصِيرُ وَصِيًّا. وَإِذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَوْصَى إلَى فُلَانٍ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَوْصَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا شَهِدَ الْوَصِيَّانِ لِوَارِثٍ صَغِيرٍ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ أَوْ غَيْرِهِ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، وَإِنْ شَهِدَا لِوَارِثٍ كَبِيرٍ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لَمْ تَجُزْ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَالِ الْمَيِّتِ جَازَتْ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: إنْ شَهِدَا لِوَارِثٍ كَبِيرٍ تَجُوزُ فِي الْوَجْهَيْنِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مَعْلُومًا إلَّا أَنَّ الْمُوصَى بِهِ مَجْهُولٌ فَشَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَصِيَّةِ لَهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَيُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلَانِ لِرَجُلَيْنِ عَلَى مَيِّتٍ بِدَيْنٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرَانِ لِلْأَوَّلَيْنِ بِمِثْلِ ذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةُ كُلِّ فَرِيقٍ لِلْآخَرَيْنِ بِوَصِيَّةٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ تَجُزْ. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ بِجَارِيَتِهِ وَشَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُمَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِلشَّاهِدَيْنِ بِعَبْدِهِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ بِالِاتِّفَاقِ. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَشَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُمَا أَنَّهُ أَوْصَى لِلشَّاهِدَيْنِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ الْأَوَّلَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ بِعَبْدِهِ وَشَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُمَا أَنَّهُ أَوْصَى لِلْأَوَّلَيْنِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ فِي هَذِهِ مُثْبِتَةٌ لِلشَّرِكَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَيْنِ بِدَرَاهِمَ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَيْنِ بِدَرَاهِمَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِدَنَانِيرَ وَآخَرَانِ بِدَرَاهِمَ أَوْ اثْنَانِ بِعَبْدٍ وَالْآخَرَانِ بِدَرَاهِمَ جَازَتْ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِذَا أَشْهَدَ الرَّجُلُ قَوْمًا عَلَى وَصِيَّةٍ وَلَمْ يَقْرَأْهَا عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَكْتُبْهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَفِيهَا إعْتَاقٌ وَإِقْرَارٌ بِدَيْنٍ وَوَصَايَا فَإِنَّ الْإِشْهَادَ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كتاب المحاضر والسجلات

[كِتَابُ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ] ِ) الْأَصْلُ فِي الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ أَنْ يُبَالِغَ فِي الذُّكُورِ وَالْبَيَانِ بِالتَّصْرِيحِ وَلَا يَكْتَفِي بِالْإِجْمَالِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ الْحَجَّاجُ نَجْمُ الدِّينِ شَمْسُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ عُمَرُ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْإِشَارَةَ فِي الدَّعَاوَى وَالْمَحَاضِرِ وَلَفْظِ الشَّهَادَةِ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهَا، وَكَذَا فِي السِّجِلَّاتِ لَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ حَتَّى قَالُوا: إذَا كَتَبَ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى حَضَرَ فُلَانٌ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَأَحْضَرَ فُلَانًا مَعَ نَفْسِهِ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَيْهِ لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ الْمَحْضَرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أُحْضِرَ مَعَهُ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْمَحْضَرِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذَا فَيَكْتُبُ الْمُدَّعِي هَذَا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمَشَايِخِ كَانُوا لَا يُفْتُونَ بِالصِّحَّةِ بِدُونِهِ، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي السِّجِلَّاتِ: إذَا كَتَبَ: وَقَضَيْت لِمُحَمَّدٍ هَذَا عَلَى أَحَدٍ هَذَا، لَا بُدَّ وَأَنْ يَكْتُبَ: وَقَضَيْت لِمُحَمَّدٍ هَذَا الْمُدَّعِي عَلَى أَحَدٍ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَلِكَ قَالُوا: إذَا كَتَبَ فِي الْمَحْضَرِ عِنْدَ ذِكْرِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ وَأَشَارُوا إلَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ لَا يُفْتِي بِالصِّحَّةِ، وَقَالُوا أَيْضًا: إذَا كَتَبَ فِي صَكِّ الْإِجَارَةِ أَجَّرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَرْضَهُ بَعْدَمَا جَرَتْ الْمُبَايَعَةُ الصَّحِيحَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْأَشْجَارِ وَالزَّرَاجِين الَّتِي فِي هَذِهِ الْأَرْضِ لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ الصَّكِّ بَعْدَمَا جَرَتْ الْمُبَايَعَةُ صَحِيحَةً بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ هَذَيْنِ فِي الْأَشْجَارِ وَالزَّرَاجِين الَّتِي فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ آجَرَ الْأَرْضَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا بَعْدَ مَا بَاعَ هَذَا الْآجِرُ الْأَشْجَارَ وَالزَّرَاجِين مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا. وَقَالُوا أَيْضًا: إذَا كَتَبَ فِي الْمَحْضَرِ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي شُهُودَهُ وَسَأَلَنِي الِاسْتِمَاعَ إلَيْهِمْ فَشَهِدُوا عَلَى مُوَافَقَةِ الدَّعْوَى لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ الْمَحْضَرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ أَلْفَاظَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِي عَسَى يَظُنُّ أَنَّ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ مُوَافَقَةً لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَكَذَلِكَ قَالُوا أَيْضًا: إذَا كَتَبَ فِي السِّجِلِّ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى مُوَافَقَةِ الدَّعْوَى لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ السِّجِلِّ، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي لَوْ كَتَبَ قَدْ شَهِدُوا عَلَى مُوَافَقَةِ الدَّعْوَى لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ الْكِتَابِ، وَمَنْ الْمَشَايِخِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ كِتَابِ الْقَاضِي وَالسِّجِلِّ وَبَيْنَ مَحْضَرِ الدَّعْوَى فَأَفْتَى بِصِحَّةِ الْكِتَابِ وَالسِّجِلِّ وَبِفَسَادِ مَحْضَرِ الدَّعْوَى، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي السِّجِلِّ إذَا كَتَبَ عَلَى وَجْهِ الْإِيجَارِ ثَبَتَ عِنْدِي مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْحَوَادِثُ الْحُكْمِيَّةُ وَالنَّوَازِلُ الشَّرْعِيَّةُ لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ السِّجِلِّ مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْأَمْرَ عَلَى وَجْهِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالُوا: وَيَكْتُبُ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى شَهِدَ الشُّهُودُ بِكَذَا عَقِبَ دَعْوَى الْمُدَّعِي هَذَا. وَكَذَا يَكْتُبُ عَقِبَ الْجَوَابِ بِالْإِنْكَارِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِئَلَّا يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّهُمْ شَهِدُوا قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ شَهِدُوا عَلَى الْخَصْمِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَصْمِ الْمُقِرِّ لَا تُسْمَعُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مَعْدُودَةٍ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَعِنْدِي أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَذَكَرَ فِي الشُّرُوطِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ وَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ بِالْإِنْكَارِ وَبَعْدَ الِاسْتِشْهَادِ مِنْ الْمُدَّعِي كَيْ يَخْرُجَ عَنْ حَدِّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ إذَا شَهِدُوا بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ بِدُونِ طَلَبِ الْمُدَّعِي الشَّهَادَةَ لَا تُسْمَعُ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَعِنْدِي كُلُّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ يَقُولُ: يَنْبَغِي لِلْمُدَّعِي أَنْ يَقُولَ فِي دَعْوَاهُ (أَيْنَ مُدَّعِي بِحَقِّ مِنْ است) وَلَا يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ (أَيْنَ مِنْ است وَحَقّ مِنْ) حَتَّى لَا يُمْكِنُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ (وَحَقّ مِنْ ني) وَكَذَلِكَ فِي جَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَكْفِي بِقَوْلِهِ (أَيْنَ مُدَّعِي مُلْك مِنْ است وَحَقّ مِنْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ (مُلْك مِنْ است وَحَقّ مِنْ است) حَتَّى لَا يُلْحِقَ بِآخِرِهِ كَلِمَةَ النَّفْيِ

محضر في إثبات الدين المطلق

وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّاهِدِ لَا يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ (أَيْنَ مُدَّعِي اوست وَحَقّ وى) وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا اكْتَفَوْا بِقَوْلِ الْمُدَّعِي (مُلْك مِنْ است وَحَقّ مِنْ) وَبِقَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مُلْك مِنْ است وَحَقّ مِنْ) وَبِقَوْلِ الشَّاهِدِ (مُلْك أَيْنَ مد عيست وَحَقّ وى) وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي (مُلْك وَحَقّ مِنْ است) فَذَلِكَ يَكْفِي بِالِاتِّفَاقِ، وَكَذَا فِي أَمْثَالِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَا: نَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ لَهُ أَوْ قَالَا بِالْفَارِسِيَّةِ (أَيْنَ آن مُدَّعَى راست) لَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ مَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ كَمَا يُنْسَبُ إلَى الْإِنْسَانِ بِجِهَةِ الْمِلْكِ يُنْسَبُ إلَيْهِ بِجِهَةِ الْإِعَارَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْمِلْكِ لِقَطْعِ الِاحْتِمَالِ، وَذَكَرَ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ قَالُوا: إنَّا نَشْهَدُ (كه أَيْنَ غُلَام آن فُلَان است) فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالُوا (مُلْك فُلَان است) وَلِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّ هَذَا فَارِسِيَّةُ قَوْلِهِ: هَذَا لَهُ، وَأَنَّهُ لِلْمِلْكِ، وَإِنْ اسْتَفْسَرَ الْقَاضِي ذَلِكَ مِنْهُمْ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالُوا فِي شَهَادَتِهِمْ (أَيْنَ مُدَّعَى مُلْك أَيْنَ مدعيست) وَلَمْ يَقُولُوا (درست أَيْنَ مُدَّعَى بنا حَقّ است) اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ طَلَبَ التَّسْلِيمَ لَا يَقْضِي بِهَا مَا لَمْ يَقُولُوا (دردست أَيْنَ مُدَّعَى عَلَيْهِ بنا حَقّ است) وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ (وَاجِب است برين مُدَّعَى عَلَيْهِ كه دست كوتاه كند) . اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَذْكُرَ الشَّاهِدُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ الْمُطْلَقِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ الْمُطْلَقِ) يَكْتُبُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ فِي كُورَةِ بُخَارَى قِبَلَ الْقَاضِي فُلَانٌ يَذْكُرُ لَقَبَهُ وَاسْمَهُ وَنَسَبَهُ الْمُتَوَلِّي لِعَمَلِ الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ بِبُخَارَى نَافِذُ الْقَضَاءِ وَالْإِمْضَاءِ بَيْنَ أَهْلِهَا مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا، فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعْرُوفَيْنِ بِاسْمِهِمَا وَنَسَبِهِمَا يَكْتُبُ اسْمَهُمَا وَنَسَبَهُمَا فَيَكْتُبُ حَضَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَأُحْضِرَ مَعَ نَفْسِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ. وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَعْرُوفَيْنِ بِاسْمِهِمَا وَنَسَبِهِمَا يَكْتُبُ حَضَرَ رَجُلٌ وَذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ رَجُلًا وَذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ كَذَا كَذَا دِينَارًا نَيْسَابُورِيَّةً حَمْرَاءَ جَيِّدَةً مُنَاصَفَةً مَوْزُونَةً بِوَزْنِ مَثَاقِيلِ مَكَّةَ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ. وَهَكَذَا أَقَرَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ طَائِعًا وَرَاغِبًا بِجَمِيعِ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ الْمَوْصُوفَةِ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ عَلَى نَفْسِهِ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ إقْرَارًا صَدَّقَهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِيهِ خِطَابًا فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَدَاءَ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَطَالَبَهُ بِالْجَوَابِ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ. فَبَعْدَ ذَلِكَ يَنْظُرُ إنْ كَانَ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فَقَدْ تَمَّ الْأَمْرُ وَلَا حَاجَةَ لِلْمُدَّعِي إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ أَنْكَرَ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي يَحْتَاجُ الْمُدَّعِي إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ ثُمَّ يَكْتُبُ فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي هَذَا نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ وَسَأَلَنِي الِاسْتِمَاعَ إلَيْهِمْ فَأَجَبْت إلَيْهِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ وَأَنْسَابَهُمْ وَحِلَاهُمْ وَمَسْكَنَهُمْ وَمُصَلَّاهُمْ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ بِكِتَابَةِ لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ عَلَى قِطْعَةِ قِرْطَاسٍ حَتَّى يَقْرَأَ صَاحِبُ مَجْلِسِ الْقَاضِي عَلَى الشُّهُودِ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي، وَلَفْظَةُ الشَّهَادَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (كواهى ميدهم كه ابْن مُدَّعَى عَلَيْهِ) وَيُشِيرُ إلَيْهِ (بحال روائي أقرار خويش بهمه وُجُوه مقر آمد بطوع ورغبت وجنين كفت كه برمنست أَيْنَ مُدَّعَى را) . وَيُشِيرُ إلَيْهِ (بيست دِينَار زرسرخ بخاري سره) مُنَاصَفَةً بِوَزْنِ مَثَاقِيلِ مَكَّةَ (جنانكه اندرين مَحْضَر يادكرده

شد) وَيُشِيرُ إلَى الْمَحْضَرِ فَأَمْرٌ لَازِمٌ وَحَقٌّ وَاجِبٌ (بِسَبْيِ درست وَإِقْرَارِي درست وَأَيْنَ مُدَّعَى) وَيُشِيرُ إلَيْهِ (راست كوى داشت ويرادرين إقْرَار روباروى) ثُمَّ يَقْرَأُ صَاحِبُ الْمَجْلِسِ عَلَى الشُّهُودِ وَذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي، ثُمَّ الْقَاضِي يَقُولُ لِلشُّهُودِ: وَهَلْ سَمِعْتُمْ لَفْظَةَ هَذِهِ الشَّهَادَةِ الَّتِي قُرِئَتْ عَلَيْكُمْ؟ وَهَلْ تَشْهَدُونَ كَذَلِكَ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا؟ فَإِنْ قَالُوا: سَمِعْنَا وَنَشْهَدُ كَذَلِكَ؛ يَقُولُ الْقَاضِي: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (بكوى كه همجنين كواهى ميدهم كه خَوَاجَة إمَام صَاحِبِ برخواند أزاول تا آخِر مراين مُدَّعَى رابرين مُدَّعَى عَلَيْهِ) وَأَشَارَ الْقَاضِي بِأَمْرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ بِلَفْظَةِ الشَّهَادَةِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا كَمَا قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا أَتَوْا بِذَلِكَ يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ بَعْدَ كِتَابَةِ أَسَامِي الشُّهُودِ وَأَنْسَابِهِمْ وَمَسْكَنِهِمْ وَمُصَلَّاهُمْ فَشَهِدَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ بَعْدَ مَا اُسْتُشْهِدُوا عَقِبَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَالْجَوَابُ بِالْإِنْكَارِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَهَادَةٌ صَحِيحَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ مُتَّفِقَةُ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي مِنْ نُسْخَةٍ قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا وَأَشَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَى مَوَاضِعِ الْإِشَارَاتِ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى يَكْتُبُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ) يَقُولُ الْقَاضِي، فُلَانٌ يَذْكُرُ لَقَبَهُ وَاسْمَهُ وَنَسَبَهُ الْمُتَوَلِّي لِعَمَلِ الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ بِبُخَارَى وَنَوَاحِيهَا نَافِذُ الْقَضَاءِ بَيْنَ أَهْلِهَا أَدَامَ اللَّهُ تَعَالَى تَوْفِيقَةَ مِنْ قِبَلِ الْخَاقَانِ الْعَادِلِ الْعَالِمِ فُلَانٍ ثَبَّتَ اللَّهُ تَعَالَى مُلْكَهُ وَأَعَزَّ نَصْرَهُ: حَضَرَنِي فِي مَجْلِسِ قَضَائِي فِي كُورَةِ بُخَارَى يَوْمَ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانًا وَأَحْضَرَ مَعَهُ رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانًا، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَكْتُبُ: حَضَرَ فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانًا فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ عِشْرِينَ دِينَارًا نَيْسَابُورِيَّةً حَمْرَاءَ جَيِّدَةً مُنَاصَفَةً بِوَزْنِ مَثَاقِيلِ مَكَّةَ دَيْنًا لَازِمًا حَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ. وَهَكَذَا أَقَرَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ طَائِعًا بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ مَبْلَغُهُ وَجِنْسُهُ وَعَدَدُهُ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى دَيْنًا لَازِمًا لِهَذَا الْمُدَّعِي الَّذِي حَضَرَ عَلَيْهِ وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ إقْرَارًا صَحِيحًا وَصَدَّقَهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ بِهَذَا الْإِقْرَارِ وَطَالَبَهُ بِأَدَاءِ جَمِيعِ ذَلِكَ إلَيْهِ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ فَسَأَلَ فَأَجَابَ وَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (مراباين مُدَّعَى هيج جيزادادنى نيست) أَحْضَرَ هَذَا الْمُدَّعَى نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ وَسَأَلَ الِاسْتِمَاعَ إلَيْهِمْ؛ فَأَجَبْت إلَيْهِ وَاسْتُشْهِدَ الشُّهُودُ وَهُمْ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ حِلْيَتُهُ كَذَا وَمَسْكَنُهُ كَذَا وَمُصَلَّاهُ مَسْجِدَ هَذِهِ السِّكَّةِ، وَفُلَانُ بْنُ فُلَانٍ حِلْيَتُهُ كَذَا وَمَسْكَنُهُ كَذَا وَمُصَلَّاهُ مَسْجِدَ كَذَا، وَفُلَانُ بْنُ فُلَانٍ حِلْيَتُهُ كَذَا وَمَسْكَنُهُ كَذَا وَمُصَلَّاهُ مَسْجِدَ كَذَا، فَشَهِدَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ عِنْدِي بَعْدَ مَا اُسْتُشْهِدُوا عَقِبَ دَعْوَى الْمُدَّعِي هَذَا وَالْجَوَابُ بِالْإِنْكَارِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا شَهَادَةٌ صَحِيحَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ مُتَّفِقَةُ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي مِنْ نُسْخَةٍ قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ بِالْفَارِسِيَّةِ وَهَذَا مَضْمُونُ تِلْكَ النُّسْخَةِ الَّتِي قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ (كواهى ميدهم) يَكْتُبُ لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَحْضَرِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ كِتَابَةِ لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ يَكْتُبُ: فَأَتَوْا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا وَسَاقُوهَا عَلَى سُنَنِهَا وَأَشَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي مَوْضِعِ الْإِشَارَةِ فَسَمِعْت شَهَادَتَهُمْ هَذِهِ وَأَثْبَتُّهَا فِي الْمَحْضَرِ الْمُجَلَّدِ فِي خَرِيطَةِ الْحُكْمِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ كَانَ الشُّهُودُ عُدُولًا مَعْرُوفِينَ بِالْعَدَالَةِ عِنْدَهُ يَكْتُبُ: وَقَبِلْت شَهَادَتَهُمْ لِكَوْنِهِمْ مَعْرُوفِينَ عِنْدِي بِالْعَدَالَةِ وَجَوَازِ الشَّهَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مَعْرُوفِينَ عِنْدَهُ بِالْعِدَالَةِ وَعُدِلُوا بِتَزْكِيَةِ الْمُعَدِّلِينَ يَكْتُبُ وَرَجَعْت فِي التَّعَرُّفِ عَنْ أَحْوَالِهِمْ إلَى مَنْ إلَيْهِ رَسْمُ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ بِالنَّاحِيَةِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ عَدَلُوا جَمِيعًا - يَكْتُبُ: فَنُسِبُوا جَمِيعًا إلَى الْعَدَالَةِ وَجَوَازِ الشَّهَادَةِ فَقَبِلْت شَهَادَتَهُمْ لِإِيجَابِ الْعِلْمِ وَقَبُولَهَا، وَإِنْ عَدَلَ بَعْضُهُمْ دُونَ الْبَعْضِ، يَكْتُبُ - نُسِبَ اثْنَانِ مِنْهُمْ إلَى الْعَدَالَةِ وَهُمْ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فَافْهَمْ فَقَبِلْت شَهَادَتَهُمْ لِإِيجَابِ الْعِلْمِ قَبُولَهَا وَهَذَا إذَا طَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فِي

الشُّهُودِ. فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لَمْ يَطْعَنْ فِي الشُّهُودِ يَكْتُبُ عَقِبَ قَوْلِهِمْ فَسَمِعْت شَهَادَتَهُمْ وَأَثْبَتُّهَا فِي الْمَحْضَرِ الْمُجَلَّدِ فِي خَرِيطَةِ الْحُكْمِ قَبْلُ، وَلَمْ يَطْعَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا فِي هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ وَلَمْ يَلْتَمِسْ مِنِّي التَّعَرُّفَ عَنْ أَحْوَالِهِمْ مِنْ الْمُزَكِّينَ بِالنَّاحِيَةِ فَلَمْ أَشْتَغِلْ بِالتَّعَرُّفِ عَنْ حَالِهِمْ مِنْ الْمُزَكِّينَ بِالنَّاحِيَةِ وَاكْتَفَيْت بِظَاهِرِ عَدَالَتِهِمْ عَدَالَةَ الْإِسْلَامِ عَمَلًا بِقَوْلِ مِنْ يُجَوِّزُ الْحُكْمَ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَبِلْت شَهَادَتَهُمْ قَبُولَ مِثْلِهَا؛ لِإِيجَابِ الشَّرْعِ قَبُولَهَا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَ فِيهِ وَثَبَتَ عِنْدِي بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ مَا شَهِدُوا بِهِ عَلَى مَا شَهِدُوا بِهِ فَأَعْلَمْت الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ هَذَا وَأَخْبَرْته بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدِي وَمَكَّنْته مِنْ إيرَادِ الدَّفْعِ لِيُورِدَ دَفْعًا لِهَذِهِ الدَّعْوَى إنْ كَانَ لَهُ دَفْعٌ فَلَمْ يَأْتِ بِالدَّفْعِ وَلَا يَأْتِي بِالْمُخْلِصِ وَظَهَرَ عِنْدِي عَجْزُهُ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ سَأَلَنِي هَذَا الْمُدَّعِي الْمَشْهُودُ لَهُ الْحُكْمَ لَهُ عَلَى هَذَا الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدِي لَهُ فِي ذَلِكَ فِي وَجْهِ خَصْمِهِ هَذَا الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَكِتَابَةَ سِجِلٍّ لَهُ فِيهِ وَالْإِشْهَادَ عَلَيْهِ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ فِي ذَلِكَ؛ فَأَجَبْته إلَى ذَلِكَ وَاسْتَخَرْت اللَّهَ تَعَالَى فِي ذَلِكَ وَاسْتَعْصَمْتُهُ عَنْ الزَّيْغِ وَالزَّلَلِ وَالْوُقُوعِ فِي الْخَطَأِ وَالْخَلَلِ وَاسْتَوْثَقْته لِإِصَابَةِ الْحَقِّ وَحَكَمْت لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِثُبُوتِ إقْرَارِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ الْمَذْكُورِ مَبْلَغُهُ وَجِنْسُهُ وَصِفَتُهُ وَعَدَدُهُ فِي هَذَا السِّجِلِّ دَيْنًا لَازِمًا عَلَيْهِ وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ لِهَذَا الْمُدَّعِي، وَتَصْدِيقِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إيَّاهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ خِطَابًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي هَذَا السِّجِلِّ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الشُّهُودُ مَعْرُوفِينَ بِالْعَدَالَةِ يَكْتُبُ عَقِبَ قَوْلِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي هَذَا السِّجِلِّ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمَعْرُوفِينَ بِالْعَدَالَةِ، وَإِنْ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُمْ بِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ يَكْتُبُ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُعَدَّلَيْنِ. وَإِنْ ظَهَرَتْ عَدَالَةُ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ يَكْتُبُ بِشَهَادَةِ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ الْمُعَدَّلَيْنِ مِنْ هَذِهِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا مُشِيرًا إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَجْلِسِ قَضَائِي بِكَوْرَةِ بُخَارَى بَيْنَ النَّاسِ عَلَى سَبِيلِ التَّشْهِيرِ وَالْإِعْلَانِ حُكْمًا أَبْرَمْتُهُ وَقَضَاءً نَفَّذْتُهُ مُسْتَجْمِعًا شَرَائِطَ الصِّحَّةِ وَالنَّفَاذِ وَأَلْزَمْتُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ هَذَا إيفَاءَ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ مَبْلَغُهُ وَجِنْسُهُ وَصِفَتُهُ وَعَدَدُهُ فِيهِ إلَى هَذَا الْمَحْكُومِ لَهُ وَتَرَكْت الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ هَذَا وَكُلَّ ذِي حَقٍّ وَحُجَّةٍ وَدَفَعَ عَلَى حُجَّتِهِ وَدَفَعَهُ وَحَقِّهِ مَتَى أَتَى بِهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ، وَأَمَرْت بِكِتَابَةِ هَذَا السِّجِلِّ حُجَّةً لِلْمَحْكُومِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَأَشْهَدْت عَلَيْهِ حُضُورَ مَجْلِسِي مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ وَالْأَمَانَةِ وَالصِّيَانَةِ وَالْكُلُّ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا فَهَذِهِ الصُّورَةُ الَّتِي كَتَبْنَاهَا فِي هَذَا السِّجِلِّ أَصْلٌ فِي جَمِيعِ السِّجِلَّاتِ لَا يَتَغَيَّرُ شَيْءٌ مِمَّا فِيهِ إلَّا الدَّعَاوَى، فَإِنَّ الدَّعَاوَى كَثِيرَةٌ لَا يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَلَيْسَ كِتَابَةُ السِّجِلِّ إلَّا إعَادَةُ الدَّعْوَى الْمَكْتُوبَةِ فِي الْمَحْضَرِ بِعَيْنِهَا وَإِعَادَةُ لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ عَقِبَهَا ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ كِتَابَةِ لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ فَجَمِيعُ الشَّرَائِطِ فِي سَائِرِ السِّجِلَّاتِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فِي هَذَا السِّجِلِّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. ثُمَّ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُوَقِّعَ عَلَى صَدْرِ السِّجِلِّ بِتَوْقِيعِهِ الْمَعْرُوفِ وَيَكْتُبَ فِي آخِرِ السِّجِلِّ عَقِبَ التَّارِيخِ مِنْ جَانِبِ يَسَارِ السِّجِلِّ بِقَوْلِهِ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ كَتَبَ هَذَا السِّجِلَّ عَنِّي بِأَمْرِي وَجَرَى الْحُكْمُ عَلَى مَا بَيَّنَ فِيهِ عِنْدِي وَمِنِّي وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِيهِ حُكْمِي وَقَضَائِي نَفَّذْته بِحُجَّةٍ لَاحَتْ عِنْدِي وَكَتَبْت التَّوْقِيعَ عَلَى الصَّدْرِ وَهَذِهِ الْأَسْطُرِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ الْخَمْسَةِ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَّفِقُ مِنْ الْخَطِّ خَطُّ يَدِي وَقَدْ يُكْتَبُ هَذَا السِّجِلُّ عَلَى سَبِيلِ الْمُغَايِبَةِ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الْمُسَمُّونَ آخَرَ هَذَا الْكِتَابِ، شَهِدُوا جُمْلَةً أَنَّهُ حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ بِكُورَةِ كَذَا قِبَلَ الْقَاضِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُتَوَلٍّ عَمَلَ الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ بِهَذِهِ الْكُورَةِ مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ. رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانًا، وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانًا، وَيَذْكُرُ الدَّعْوَى عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا فِي النُّسْخَةِ الْأُولَى وَيَذْكُرُ لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ أَيْضًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي النُّسْخَةِ الْأُولَى فَإِذَا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ يَكْتُبُ فَسَمِعَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ وَأَثْبَتَهَا فِي الْمَحْضَرِ الْمُجَلَّدِ فِي خَرِيطَةِ الْحُكْمِ. وَرَجَعَ فِي التَّعَرُّفِ عَنْ أَحْوَالِهِمْ إلَى مَنْ إلَيْهِ رَسْمُ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ بِالنَّاحِيَةِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا، ثُمَّ يَكْتُبُ وَثَبَتَ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ مَا شَهِدُوا بِهِ عَلَى مَا شَهِدُوا بِهِ، وَعَرَضَ الدَّعْوَى وَلَفْظَةَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ الْمَدَارُ فِي الْفَتْوَى

بِالنَّاحِيَةِ، وَأَفْتَوْا بِصِحَّتِهَا وَجَوَازِ الْقَضَاءِ بِهَا وَأُعْلِمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِثُبُوتِ مَا شَهِدُوا بِهِ عَلَى مَا شَهِدُوا بِهِ لِيُورِدَ دَفْعًا إنْ كَانَ لَهُ فَلَمْ يَأْتِ بِالدَّفْعِ وَلَا أَتَى بِالْمُخْلِصِ. وَظَهَرَ عِنْدَهُ عَجْزُهُ عَنْ ذَلِكَ فَالْتَمَسَ الْمَشْهُودُ لَهُ الْحُكْمَ مِنْ الْقَاضِي لَهُ بِمَا ثَبَتَ لَهُ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ وَكِتَابَةَ ذِكْرٍ لَهُ فِي ذَلِكَ وَالْإِشْهَادَ عَلَيْهِ؛ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ فَاسْتَخَارَ الْقَاضِي هَذَا اللَّهَ تَعَالَى وَسَأَلَهُ الْعِصْمَةَ عَنْ الزَّيْغِ وَالزَّلَلِ وَالْوُقُوعِ فِي الْخَطَأِ وَالْخَلَلِ، وَحَكَمَ الْقَاضِي هَذَا لِلْمَشْهُودِ لَهُ هَذَا بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ هَذَا بِثُبُوتِ إقْرَارِ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مَبْلَغُهُ وَجِنْسُهُ وَصِفَتُهُ وَعَدَدُهُ فِي هَذَا السِّجِلِّ دَيْنًا لَازِمًا عَلَيْهِ حَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ لِهَذَا الْمَشْهُودِ لَهُ وَتَصْدِيقِ الْمَشْهُودِ لَهُ إيَّاهُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ خِطَابًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ لَهُ فِي هَذَا السِّجِلِّ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ بَيْنَ النَّاسِ فِي كُورَةِ كَذَا حُكْمًا أَبْرَمَهُ وَقَضَاءً نَفَّذَهُ وَأَمَرَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ مَبْلَغُهُ وَجِنْسُهُ وَصِفَتُهُ وَعَدَدُهُ فِي هَذَا السِّجِلِّ إلَى هَذَا الْمَحْكُومِ لَهُ وَتَرَكَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ وَكُلَّ ذِي حُجَّةٍ وَدَفَعَ عَلَى دَفْعِهِ وَحُجَّتِهِ مَتَى أَتَى بِهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ وَأَمَرَ بِكِتَابَةِ هَذَا السِّجِلِّ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا هَذَا السِّجِلُّ أَصْلٌ أَيْضًا، إلَّا أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ الْأَوَّلُ. وَقَدْ يُكْتَبُ هَذَا السِّجِلُّ بِطَرِيقَةِ الْإِيجَازِ فَيَكْتُبُ يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي لِعَمَلِ الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ إلَى آخِرِهِ: ثَبَتَ عِنْدِي مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ الْحَوَادِثُ الشَّرْعِيَّةُ وَالنَّوَازِلُ الْحُكْمِيَّةُ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ مِنْ خَصْمٍ حَاضِرٍ عَلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ أَوْجَبَ الْحُكْمَ الْإِصْغَاءَ إلَى ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ قَامَتْ عِنْدِي أَوْ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدِي عَدَالَتُهُمْ وَجَوَازُ شَهَادَتِهِمْ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ كَذَا كَذَا دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ ثُبُوتًا أَوْجَبَ الْحُكْمَ بِهِ فَحَكَمْت بِمَسْأَلَةِ الْمَشْهُودِ لَهُ هَذَا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ هَذَا بِجَمِيعِ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ هَذَا لِلْمَشْهُودِ لَهُ هَذَا بِمَحْضَرٍ مِنْهُمَا فِي وَجْهِهِمَا حُكْمًا أَبْرَمْته وَقَضَاءً نَفَّذْته بَعْدَ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ صِحَّةِ الْحُكْمِ وَجَوَازِهِ بِذَلِكَ عِنْدِي فِي مَجْلِسِ قَضَائِي بَيْنَ النَّاسِ بِكُورَةِ بُخَارَى، وَكَلَّفْت هَذَا الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ قَضَاءَ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَتَرَكْته وَكُلَّ ذِي حَقٍّ وَحُجَّةٍ وَدَفَعَ عَلَيَّ حَقَّهُ وَحُجَّتَهُ وَدَفَعَهُ مَتَى أَتَى بِهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ وَأَمَرْت بِكِتَابَةِ هَذَا السِّجِلِّ حُجَّةً فِي ذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ هَذَا الْمَحْكُومِ لَهُ وَأَشْهَدْت عَلَيْهِ حُضُورَ مَجْلِسِي ذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا. (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الدَّفْعِ لِهَذِهِ الدَّعْوَى) يَكْتُبُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ: حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ فِي كُورَةِ بُخَارَى قِبَلَ الْقَاضِي فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي لِعَمَلِ الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ بِبُخَارَى أَدَامَ اللَّهُ تَعَالَى تَوْفِيقَهُ. أَوْ يَكْتُبُ: حَضَرَ مَجْلِسَ قَضَائِي فِي كُورَةِ بُخَارَى يَوْمَ كَذَا رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانًا، فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ قَبَلَهُ فَإِنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ كَانَ ادَّعَى عَلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَوَّلًا أَنَّ لَهُ عَلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَيَذْكُرُ نَوْعَهَا وَصِفَتَهَا وَعَدَدَهَا وَهَكَذَا أَقَرَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ دَيْنًا عَلَى نَفْسِهِ لِهَذَا الَّذِي أَحْضَرَ مَعَهُ لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ إقْرَارًا صَحِيحًا صَدَّقَهُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي ذَلِكَ خِطَابًا وَطَالَبَهُ بِرَدِّ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِذَلِكَ بَعْدَ إنْكَارِهِ دَعْوَاهُ هَذِهِ ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَ مَعَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ الْمَوْصُوفَةِ فِي هَذَا الذِّكْرِ هَذِهِ عَلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ قَبَضَ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ قَبْضًا صَحِيحًا بِإِيفَاءِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَهَكَذَا أَقَرَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ طَائِعًا إقْرَارًا صَحِيحًا صَدَّقَهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِيهِ خِطَابًا فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَ مَعَهُ تَرْكَ هَذِهِ الدَّعْوَى قِبَلَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَطَالَبَهُ بِالْجَوَابِ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ. هَذَا إذَا كَانَ الْقَاضِي لَمْ يَقْضِ لِلَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي الدَّعْوَى الْأُولَى وَإِنْ كَانَ قَدْ قَضَى لَهُ بِذَلِكَ يَكْتُبُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَطَالَبَهُ بِرَدِّ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَعْدَ إنْكَارِهِ دَعْوَاهُ هَذِهِ وَجَرَى الْحُكْمُ مِنِّي لِهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ

مَعَهُ عَلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ، ثُمَّ يَكْتُبُ: ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ يَكْتُبُ عَقِيبَ قَوْلِهِ وَطَالَبَهُ بِالْجَوَابِ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسَأَلَهُ الْقَاضِي عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (مِنْ مُبْطِل نيم اندرين دعوى) أَحْضَرَ مُدَّعِي الدَّفْعَ نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ وَسَأَلَ مِنِّي الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمْ فَأَجَبْتُ إلَيْهِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، يَذْكُرُ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ وَأَنْسَابَهُمْ وَحِلَاهُمْ وَمَسَاكِنَهُمْ وَمُصَلَّاهُمْ فَشَهِدَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ عِنْدِي بَعْدَ دَعْوَى مُدَّعِي الدَّفْعِ هَذَا وَالْجَوَابَ بِالْإِنْكَارِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعُ هَذَا عَقِيبُ الِاسْتِشْهَادِ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ بَعْدَ الْآخَرِ شَهَادَةً صَحِيحَةً مُتَّفِقَةَ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي مِنْ نُسْخَةٍ قُرِئَتْ وَمَضْمُونُ تِلْكَ النُّسْخَةِ (كواهي ميدهم كه مقر آمد أَيْنَ فُلَان) وَأَشَارَ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعُ هَذَا. (بِحَالِ روائي إقْرَار خويش بطوع ورغبت وجنين كفت كه قبض كرده أُمّ أزين فُلَان) وَأَشَارَ إلَى مُدَّعِي الدَّفْعِ هَذَا (أَيْنَ بِيسَتْ دِينَار زركه مَذْكُور رُشْده است دَرَيْنَ مَحْضَر) وَأَشَارَ إلَى الْمَحْضَرِ هَذَا (قَبَضَ درست برسانيدن ايْنَ فُلَان) وَأَشَارَ إلَى الْمُدَّعِي الدَّفْعَ هَذَا (أَيْنَ زرهارا إقْرَارِي درست وَايْنَ الْفُسُوخِ دَفَعَ) وَأَشَارَ إلَيْهِ (رَاسَتْ كَوَى دَاشَتْ مراين مُدَّعَى عَلَيْهِ را) وَأَشَارَ إلَيْهِ (اندرين إقْرَار كه أُورِدْهُ روبرو) وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَبْضِ يَكْتُبُ مَكَانَ الْإِقْرَارِ بِالْقَبْضِ مُعَايَنَةَ الْقَبْضِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فِي الْإِقْرَارِ، وَيَكْتُبُ: قَبَضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا هَذِهِ الدَّنَانِيرَ الْمَوْصُوفَةَ مِنْ مُدَّعِي الدَّفْعَ هَذَا قَبْضًا صَحِيحًا بِإِيفَائِهِ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُدَّعِي الدَّفْعِ ادَّعَى الدَّفْعَ بِطَرِيقِ الْإِبْرَاءِ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ يَكْتُبُ ادَّعَى مُدَّعِي الدَّفْعَ هَذِهِ الدَّعْوَى أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ قَبِلَ دَعْوَاهُ هَذِهِ أَبْرَأَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَنْ جَمِيعِ دَعَاوِيهِ وَخُصُومَاتِهِ قِبَلَهُ مِنْ دَعْوَى الْمَالِ وَغَيْرِهِ إبْرَاءً صَحِيحًا، وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ وَلَا خُصُومَةَ لَهُ قِبَلَهُ لَا فِي قَلِيلِ الْمَالِ وَلَا فِي كَثِيرِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُ هَذَا الْإِبْرَاءَ وَصَدَّقَهُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ خِطَابًا، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي دَعْوَاهُ قَبِلَهُ بَعْدَ مَا كَانَ أَقَرَّ بِالْإِبْرَاءِ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى - مُبْطِلٌ غَيْرُ مُحِقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ وَتَرْكُ التَّعَرُّضِ لَهُ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَأَجَابَ. (مِنْ مُبْطِل نه أُمّ درين دعوى جويش) فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا فِي دَفْعِ الدَّعْوَى بِطَرِيقِ الْقَبْضِ غَيْرَ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ ذُكِرَ الْقَبْضُ يُذْكَرُ الْإِبْرَاءُ هُنَا (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى يُكْتَبُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ) يَقُولُ الْقَاضِي: فُلَانٌ حَضَرَ وَأَحْضَرَ وَيُعِيدُ الدَّعْوَى الْمَكْتُوبَةَ فِي الْمَحْضَرِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا فَإِذَا فَرَغَ مِنْ كِتَابَةِ شَهَادَةِ شُهُودِ مُدَّعِي الدَّفْعِ يَكْتُبُ فَسَمِعْت شَهَادَتَهُمْ هَذِهِ وَأَثْبَتُّهَا فِي الْمَحْضَرِ الْمُجَلَّدِ فِي خَرِيطَةِ الْحُكْمِ إلَى قَوْلِهِ: وَثَبَتَ عِنْدِي مَا شَهِدُوا بِهِ عَلَى مَا شَهِدُوا بِهِ، فَعَرَضْتُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعَ هَذَا وَأَعْلَمْته بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدِي وَمَكَّنْته مِنْ إيرَادِ الدَّفْعِ إنْ كَانَ لَهُ دَفْعٌ فِي ذَلِكَ، فَلَمْ يَأْتِ بِدَفْعٍ وَلَا مُخَلِّصٍ وَلَا أَتَى بِحُجَّةٍ يُسْقِطُ بِهَا ذَلِكَ وَثَبَتَ عِنْدِي عَجْزُهُ عَنْ إيرَادِ الدَّفْعِ وَسَأَلَنِي مُدَّعِي الدَّفْعَ هَذَا فِي وَجْهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعُ هَذَا الْحُكْمَ لَهُ بِمَا ثَبَتَ لَهُ عِنْدِي وَكِتَابَةَ السِّجِلِّ وَالْإِشْهَادَ عَلَيْهِ إلَى قَوْلِهِ: فَحَكَمْت لِمُدَّعِي الدَّفْعَ هَذَا بِمَسْأَلَتِهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعُ هَذَا، ثُمَّ وَجَّهَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعُ هَذَا بِثُبُوتِ هَذَا الدَّفْعِ الْمَوْصُوفِ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ فِي مَجْلِسِ قَضَائِي بِبُخَارَى حُكْمًا أَبْرَمْته وَقَضَاءً نَفَّذْته مُسْتَجْمِعًا شَرَائِطَ صِحَّته وَنَفَاذِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا جُمْلَةً مُشِيرًا إلَيْهِمَا. وَكَلَّفْت الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ هَذَا بِتَرْكِ التَّعَرُّضِ لِلْمَحْكُومِ لَهُ هَذَا بِأَدَاءِ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا السِّجِلِّ وَتَرَكْت الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ وَكُلَّ ذِي حَقٍّ وَحُجَّةٍ، وَدَفْعٍ عَلَى حَقِّهِ وَحُجَّتِهِ

محضر في دعوى دين على الميت

وَدَفَعَهُ مَتَى أَتَى بِهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ وَأَمَرْتُ بِكِتَابَةِ هَذَا السِّجِلِّ حُجَّةً لِلْمَحْكُومِ لَهُ وَأَشْهَدْتُ عَلَى حُكْمِي مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَ قَضَائِي وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا، فَإِنْ كَانَ دَفَعَ دَعْوَى الدَّيْنِ بِدَعْوَى الْإِكْرَاهِ مِنْ السُّلْطَانِ - يَكْتُبُ: ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ عَلَى هَذَا الْإِقْرَارِ إكْرَاهًا صَحِيحًا وَأَنَّ إقْرَارَهُ هَذَا لَمْ يَصِحَّ، وَأَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ الْمَذْكُورَةَ؛ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْكَفُّ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ دَعْوَى الدَّيْنِ بِدَعْوَى الصُّلْحِ عَنْ مَالٍ يَكْتُبُ فِي دَعْوَى الدَّفْعِ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لِمَا أَنَّهُ صَالَحَهُ عَنْهُ عَلَى كَذَا وَقَبَضَ مِنْهُ بَدَلَ الصُّلْحِ بِتَمَامِهِ. وَوُجُوهُ الدَّفْعِ كَثِيرَةٌ فَمَا جَاءَك مِنْ دَعَاوَى الدَّفْعِ يُكْتَبُ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ، وَإِنْ كَانَ دَعْوَى الدَّيْنِ بِسَبَبٍ يَكْتُبُ ذَلِكَ السَّبَبَ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى، فَإِنْ كَانَ السَّبَبُ غَصْبًا يَكْتُبُ كَذَا وَكَذَا دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبِ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ غَصَبَ مِنْ دَنَانِيرِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ عِنْدَهُ هَذَا الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ الْمَوْصُوفَ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ وَاسْتَهْلَكَهَا وَصَارَ مِثْلُهَا دَيْنًا لَهُ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ بَيْعًا يَكْتُبُ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا ثَمَنَ مَتَاعٍ بَاعَ مِنْهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ إجَارَةً يَكْتُبُ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا أُجْرَةَ شَيْءٍ آجَرَهُ مِنْهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَانْتَفَعَ بِهِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ كَفَالَةً أَوْ حَوَالَةً فَفِي الْكَفَالَةِ يَكْتُبُ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبِ كَفَالَةٍ كَفَلَ لَهُ بِهَا عَنْ فُلَانٍ وَإِنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَجَازَ ضَمَانَهُ عَنْهُ لِنَفْسِهِ فِي مَجْلِسِ الضَّمَانِ، وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَ مَعَهُ هَكَذَا أَقَرَّ بِوُجُوبِ هَذَا الْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ، وَفِي الْحَوَالَةِ يَكْتُبُ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبِ حَوَالَةٍ أَحَالَهُ عَلَيْهِ فُلَانٌ وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُ هَذِهِ الْحَوَالَةَ شِفَاهًا فِي وَجْهِهِ وَمَجْلِسِهِ وَأَقَرَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ كَذَا بِوُجُوبِ هَذَا الْمَالِ دَيْنًا عَلَى نَفْسِهِ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ. وَإِنْ كَانَ دَعْوَى الدَّيْنِ بِصَكٍّ - يَكْتُبُ: ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ صَكُّ إقْرَارِهِ أَوْرَدَهُ وَهَذِهِ نُسْخَتُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيَنْسَخُ صَكَّ الْإِقْرَارِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ، ثُمَّ يَكْتُبُ: ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الصَّكُّ مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَإِقْرَارِهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى نَفْسِهِ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا، وَتَصْدِيقَ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَ إيَّاهُ فِي إقْرَارِهِ بِذَلِكَ خِطَابًا بِتَارِيخِهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ إيفَاءُ ذَلِكَ الْمَالِ إلَيْهِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ أَوْ الْحَوَالَةُ بِصَكٍّ - يَكْتُبُ: ادَّعَى عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ صَكُّ ضَمَانٍ أَوْ صَكُّ حَوَالَةٍ أَوْرَدَهُ وَهَذِهِ نُسْخَتُهُ، وَيَنْسَخُ كِتَابَ الْكَفَالَةِ أَوْ الْحَوَالَةِ ثُمَّ يَكْتُبُ: ادَّعَى جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ الصَّكُّ الْمُحَوَّلُ إلَى هَذَا الْمَحْضَرِ نُسْخَتُهُ مِنْ الْكَفَالَةِ وَالْقَبُولِ وَالْإِقْرَارِ وَالتَّصْدِيقِ عَلَى مَا يَنْطِقُ بِهِ الصَّكُّ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ) حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّهُ كَانَ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى فُلَانٍ وَالِدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَ مَعَهُ كَذَا وَكَذَا دَيْنًا وَيَصِفُهَا وَيُبَالِغُ فِي ذَلِكَ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ، وَهَكَذَا كَانَ أَقَرَّ فُلَانٌ وَالِدُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَجَوَازِ إقْرَارِهِ وَنَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا طَوْعًا بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ دَيْنًا عَلَى نَفْسِهِ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ إقْرَارًا صَحِيحًا صَدَّقَهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ مَعَهُ خِطَابًا فِي تَارِيخِ كَذَا، ثُمَّ إنَّ فُلَانًا وَالِدُ وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ أَدَاءِ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَصَارَ مِثْلُ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي تَرِكَتِهِ، وَخَلَفَ هَذَا الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورُ مِنْ الْوَرَثَةِ ابْنًا لِصُلْبِهِ وَهُوَ الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ وَخَلَفَ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ مَالِهِ فِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ مِنْ جِنْسِ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ وَفَاءً بِهَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَزِيَادَةً، وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَ مَعَهُ فِي عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ هَذَا الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ مِمَّا فِي يَدِهِ مِنْ مِثْلِ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ مِنْ تَرِكَةِ هَذَا الْمُتَوَفَّى إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسَأَلَ وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ مَعَ لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى وَفْقِ الدَّعْوَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) يَقُولُ الْقَاضِي: فُلَانٌ حَضَرَ وَأَحْضَرَ مَعَهُ وَيُعِيدُ الدَّعْوَى بِعَيْنِهَا وَيَذْكُرُ أَسَامِيَ

محضر في دعوى النكاح

الشُّهُودِ وَلَفْظَةَ الشَّهَادَةِ وَعَدَالَةَ الشُّهُودِ، وَأَنَّهُ قَبِلَ شَهَادَتَهُمْ بِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْإِسْلَامِ أَوْ لِكَوْنِهِمْ عُدُولًا أَوْ لِثُبُوتِ عَدَالَتِهِمْ بِتَعْدِيلِ الْمُزَكِّينَ إلَى قَوْلِهِ: حَكَمْت، ثُمَّ يَكْتُبُ وَحَكَمْت لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ بِثُبُوتِ إقْرَارِ هَذَا الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ فِيهِ حَالَ حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَنَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِ بِهَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ دَيْنًا عَلَى نَفْسِهِ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ وَتَصْدِيقِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ إيَّاهُ فِيهِ خِطَابًا بِتَارِيخِ كَذَا الْمَذْكُورِ فِيهِ وَبِوَفَاتِهِ قَبْلَ أَدَائِهِ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إلَيْهِ وَتَخْلِيفِهِ مِنْ التَّرِكَةِ فِي يَدِهِ مَا فِيهِ وَفَاءٌ بِمِثْلِ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَزِيَادَةٌ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ حُكْمًا أَبْرَمْته وَقَضَيْت بِثُبُوتِ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمْ قَضَاءً نَفَّذْته مُسْتَجْمِعًا شَرَائِطَ صِحَّتِهِ وَنَفَاذِهِ فِي مَجْلِسِ قَضَائِي بَيْنَ النَّاسِ فِي كُورَةِ بُخَارَى بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا وَكَلَّفْت الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ هَذَا أَدَاءَ هَذَا الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ الْمُتَوَفَّى الَّتِي فِي يَدِهِ إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَيَتِمُّ السِّجِلُّ. (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الدَّفْعِ لِهَذِهِ الدَّعْوَى) حَضَرَ وَأَحْضَرَ مَعَهُ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ الْمَوْصُوفَةِ فِيهِ قِبَلَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ ادَّعَى عَلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ وَيُعِيدُ الدَّعْوَى الَّتِي مَرَّتْ بِتَمَامِهَا ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ هَذِهِ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى قِبَلَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ قَبَضَ مِنْ أَبِيهِ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ حَالَ حَيَاتِهِ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ قَبْضًا صَحِيحًا، وَهَكَذَا أَقَرَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَثَبَاتِ عَقْلِهِ بِقَبْضِ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ طَائِعًا مِنْ أَبِيهِ الْمُتَوَفَّى هَذَا قَبْضًا صَحِيحًا، وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَى هَذَا الْمُتَوَفَّى بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ إقْرَارًا صَحِيحًا جَائِزًا صَدَّقَهُ الْمُتَوَفَّى هَذَا فِيهِ خِطَابًا، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي دَعْوَاهُ الْمَوْصُوفَةِ قَبْلَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ بَعْدَمَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفَ - مُبْطِلٌ غَيْرُ مُحِقٍّ وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ وَقَدْ يَكُونُ دَفَعَ هَذَا بِدَعْوَى إبْرَائِهِ الْمُتَوَفَّى عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَبِأَسْبَابٍ أُخَرَ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهَا قَبْلُ هَذَا فَيَكْتُبُ عَلَى نَحْوِ مَا كَتَبْنَا قَبْلَ هَذَا (سِجِلُّ هَذَا الدَّفْعِ) يَكْتُبُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ عَلَى الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ هَذَا وَيَكْتُبُ دَعْوَى الدَّفْعِ مِنْ نُسْخَةِ الْمَحْضَرِ عَلَى نَحْو مَا كَتَبْنَا قَبْلَ هَذَا إلَى قَوْلِهِ: وَحَكَمْت، ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ وَحَكَمْت بِثُبُوتِ هَذَا الدَّفْعِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا قَبْلَ هَذَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ) إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ زَوْجٌ وَلَمْ تَكُنْ هِيَ فِي يَدِ أَحَدٍ ادَّعَى رَجُلٌ نِكَاحَهَا وَيَزْعُمُ هَذَا الرَّجُلُ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا وَالْمَرْأَةُ تُنْكِرُ نِكَاحَهَا وَوَقَعْت الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِ النِّكَاحِ وَكِتَابَةِ الْمَحْضَرِ يَكْتُبُ حَضَرَ فُلَانٌ، وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ امْرَأَةً ذَكَرَتْ أَنَّهَا تُسَمَّى فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَحْضَرَهَا مَعَهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ الَّتِي أَحْضَرَهَا مَعَهُ امْرَأَةُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَمَنْكُوحَتُهُ وَحَلَالُهُ وَمَدْخُولَتُهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ حَالَ كَوْنِهَا عَاقِلَةً بَالِغَةً نَافِذَةَ التَّصَرُّفَاتِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا خَالِيَةً عَنْ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ مِنْ جِهَةِ الْغَيْرِ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ الْعَاقِلِينَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَدَاقِ كَذَا، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي حَالِ نَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا تَزَوَّجَهَا فِي مَجْلِسِ التَّزْوِيجِ هَذَا بِحَضْرَةِ أُولَئِكَ الشُّهُودِ الَّذِينَ كَانُوا حَضَرُوا فِي مَجْلِسِ التَّزْوِيجِ هَذَا عَلَى الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ فِيهِ لِنَفْسِهِ تَزْوِيجًا صَحِيحًا، وَقَدْ سَمِعَ أُولَئِكَ الشُّهُودَ الَّذِينَ حَضَرُوا مَجْلِسَ التَّزْوِيجِ هَذَا كَلَامَ هَذَيْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَحْضَرَهَا مَعَهُ الْيَوْمَ امْرَأَةُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَحَلَالُهُ بِحُكْمِ هَذَا النِّكَاحِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ وَتَمْتَنِعُ عَنْ طَاعَتِهِ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَوَاجِبٌ عَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَحْضَرَهَا مَعَهُ طَاعَةُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ وَالِانْقِيَادِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَطَالَبَهَا بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهَا فَسُئِلَتْ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ دَخَلَ

محضر في دفع دعوى النكاح

بِهَا - يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ: ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَحْضَرَهَا مَعَهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ الَّتِي أَحْضَرَهَا مَعَهُ امْرَأَتُهُ وَمَنْكُوحَتُهُ وَحَلَالُهُ وَلَا يَتَعَرَّضُ بِالدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَقْدُ جَرَى بَيْنَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَبَيْنَ وَلِيِّهَا مِثْلَ وَالِدِهَا حَالَ بُلُوغِهَا يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ زَوَّجَهَا وَالِدُهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ حَالَ نُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهَا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَحَالَ كَوْنِهَا بَالِغَةً عَاقِلَةً خَالِيَةً عَنْ نِكَاحِ الْغَيْرِ وَعَنْ عِدَّةِ الْغَيْرِ بِأَمْرِهَا وَرِضَاهَا بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ الْمَرَضِيِّينَ عَلَى صَدَاقِ كَذَا تَزْوِيجًا صَحِيحًا وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ. وَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَقْدُ جَرَى بَيْنَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَبَيْنَ وَكِيلِهَا يَكْتُبُ زَوَّجَهَا مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَكِيلُهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَالْبَاقِي عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَقْدُ جَرَى فِي حَالِ صِغَرِهَا بَيْنَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَبَيْنَ وَالِدِ الصَّغِيرَةِ وَأَنَّهُ يُخَاصِمُهَا بَعْدَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ زَوَّجَهَا أَبُوهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فِي حَالِ صِغَرِهَا بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ لَمَّا رَآهُ كُفُؤًا لَهَا عَلَى صَدَاقِ كَذَا، وَهَذَا الصَّدَاقُ صَدَاقُ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَ عَقْدُ النِّكَاحِ جَرَى بَيْنَ وَالِدَيْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ حَالَ صِغَرِهِمَا وَتَخَاصَمَا بَعْدَ بُلُوغِهِمَا - يَكْتُبُ: ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ الَّتِي أَحْضَرَهَا مَعَهُ امْرَأَتُهُ وَحَلَالُهُ وَمَنْكُوحَتُهُ زَوَّجَهَا أَبُوهَا فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ فِي حَالِ صِغَرِهَا بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي حَالِ نُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ الْمَرَضِيِّينَ تَزْوِيجًا صَحِيحًا وَأَنَّ أَبَا هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَهُوَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَبِلَ هَذَا التَّزْوِيجَ الْمَوْصُوفَ لِابْنِهِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ حَالَ صِغَرِ ابْنِهِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي مَجْلِسِ التَّزْوِيجِ هَذَا بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ حَالِ نُفُوذِ جَمِيعِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا بِحَضْرَةِ أُولَئِكَ الشُّهُودِ الْحَاضِرِينَ فِي مَجْلِسِ التَّزْوِيجِ هَذَا قَبُولًا صَحِيحًا وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) يَكْتُبُ صَدْرَ السِّجِلِّ عَلَى مَا هُوَ الرَّسْمُ وَتُعَادُ فِيهِ الدَّعْوَى مِنْ نُسْخَةِ الْمَحْضَرِ بِتَمَامِهَا وَيَذْكُرُ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ وَلَفْظَةَ الشَّهَادَةِ إلَى مَوْضِعِ الْحُكْمِ ثُمَّ يَكْتُبُ فِي مَوْضِعِ الْحُكْمِ وَحَكَمْت لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ بِمَسْأَلَتِهِ عَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَحْضَرَهَا مَعَ نَفْسِهِ بِجَمِيعِ مَا ثَبَتَ عِنْدِي مِنْ كَوْنِهَا مَنْكُوحَةً وَحَلَالًا لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ بِسَبَبِ هَذَا النِّكَاحِ الصَّحِيحِ الْمَذْكُورِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ بِحَضْرَةِ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ وَقَضَيْت بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي مَجْلِسِ قَضَائِي بِكُورَةِ بُخَارَى حُكْمًا أَبْرَمْته وَقَضَاءً نَفَّذْته مُسْتَجْمِعًا شَرَائِطَ صِحَّتِهِ وَنَفَاذِهِ وَأَلْزَمْت الْمَحْكُومَ عَلَيْهَا طَاعَةَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ وَيُتِمُّ السِّجِلَّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [مَحْضَرٌ فِي دَفْعِ دَعْوَى النِّكَاحِ] (مَحْضَرٌ فِي دَفْعِ دَعْوَى النِّكَاحِ) حَضَرَتْ فُلَانَةُ وَأَحْضَرَتْ مَعَهَا فُلَانًا وَادَّعَتْ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ قِبَلَهَا أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ كَانَ ادَّعَى عَلَى هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ وَيُعِيدُ الدَّعْوَى مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا، ثُمَّ يَقُولُ: إنَّ دَعْوَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ قِبَلَهَا النِّكَاحَ هَذَا سَاقِطَةٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ خَلَعَتْ نَفْسَهَا حَالَ نَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهَا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا فِي هَذَا النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مِنْ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى صَدَاقِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا وَكُلِّ حَقٍّ يَجِبُ لِلنِّسَاءِ عَلَى الْأَزْوَاجِ قَبْلَ الْخُلْعِ وَبَعْدَ الْخُلْعِ وَعَلَى بَرَاءَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا خَلَعَهَا مِنْ نَفْسِهِ حَالَ نُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ فِي مَجْلِسِ الِاخْتِلَاعِ هَذَا خُلْعًا صَحِيحًا خَالِيًا عَنْ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ وَالْمَعَانِي الْمُبْطِلَةِ وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا فِي دَعْوَى هَذَا النِّكَاحِ قِبَلَهَا بَعْدَمَا جَرَتْ بَيْنَ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ وَبَيْنَ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ هَذِهِ الْمُخَالَعَةُ الْمَوْصُوفَةُ - مُبْطِلٌ غَيْرُ مُحِقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا الْكَفُّ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَطَالَبَتْهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَتْهُ الْمَسْأَلَةَ فَسُئِلَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى نَسَقِ مَا تَقَدَّمَ) وَيَكْتُبُ عِنْد الْحُكْمِ ثَبَتَ عِنْدِي بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ إنَّ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا عَلَى صَدَاقِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا وَكُلِّ مَا يَجِبُ لِلنِّسَاءِ عَلَى الْأَزْوَاجِ قَبْلَ الْخُلْعِ وَبَعْدَهُ مِنْ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا خَلَعَهَا مِنْ نَفْسِهِ بِالْبَدَلِ

محضر في دعوى النكاح على امرأة في يد رجل يدعي نكاحها وهي تقر له بذلك

الْمَذْكُورِ فِيهِ بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَجْلِسِ الْخُلْعِ هَذَا وَأَنَّ الْمُخَالَعَةَ هَذِهِ جَرَتْ بَيْنَ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي حَالِ جَوَازِ تَصَرُّفَاتِهِمَا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا فَحَكَمْت بِذَلِكَ كُلِّهِ لِهَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ وَقَضَيْتُ بِكَوْنِ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ بِتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ بِسَبَبِ الْمُخَالَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ فِي وَجْهِ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ حُكْمًا أَبْرَمْته وَقَضَاءً نَفَّذْته مُسْتَجْمِعًا شَرَائِطَ الصِّحَّةِ وَالْجَوَازِ وَيُتِمُّ السِّجِلَّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [مَحْضَر فِي دعوى النِّكَاح عَلَى امْرَأَة فِي يَد رَجُل يَدَّعِي نِكَاحهَا وَهِيَ تُقِرّ لَهُ بِذَلِكَ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ عَلَى امْرَأَةٍ فِي يَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي نِكَاحَهَا وَهِيَ تُقِرُّ لَهُ بِذَلِكَ) يَكْتُبُ: حَضَرَ فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ امْرَأَةً ذَكَرَتْ أَنَّهَا تُسَمَّى فُلَانَةَ وَرَجُلًا ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانًا فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَحْضَرَهَا مَعَهُ بِحَضْرَةِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهَا أَنَّ هَذِهِ الَّتِي أَحْضَرَهَا مَعَهُ امْرَأَةُ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي حَضَرَ وَحَلَالُهُ وَمَدْخُولَتُهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ طَاعَةِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ يَمْنَعُهَا عَنْ طَاعَةِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَالِانْقِيَادَ لَهُ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ الْكَفُّ عَنْ الْمَنْعِ، وَطَالَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْجَوَابِ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُمَا فَسُئِلَا فَأَجَابَتْ الْمَرْأَةُ وَقَالَتْ: لَسْتُ امْرَأَةً لِهَذَا الْمُدَّعِي وَلَسْتُ عَلَى طَاعَتِهِ وَلَكِنِّي امْرَأَةُ هَذَا الْآخَرِ، وَأَجَابَ الرَّجُلُ الَّذِي أَحْضَرَهُ وَقَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ مَنْكُوحَتِي وَحَلَالِي، وَأَنَا أَحَقُّ فِي مَنْعِهَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي حَضَرَ، وَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي هَذَا نَفَرًا وَذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ فَسَأَلَ الْقَاضِي الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمْ فَشَهِدَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ عَلَى وَفْقِ دَعْوَى الْمُدَّعِي شَهَادَةً مُتَّفِقَةَ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي؛ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْمَرْأَةِ لِلْمُدَّعِي، فَإِنْ أَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ مَنْكُوحَتُهُ وَحَلَالُهُ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِبَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ وَيَنْدَفِعُ بِهِ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي. وَالْخَارِجُ مَعَ ذِي الْيَدِ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ تَارِيخٍ يَقْضِي بِبَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَلَوْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى لِلْخَارِجِ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ أَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ هَلْ يَقْضِي بِبَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ؟ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَطَرِيقُ كِتَابَةِ هَذَا الدَّفْعِ حَضَرَ فُلَانٌ يَعْنِي صَاحِبَ الْيَدِ وَمَعَهُ فُلَانَةُ يَعْنِي الْمَرْأَةَ الَّتِي وَقَعَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي نِكَاحِهَا وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانًا يَعْنِي الْمُدَّعِيَ الْأَوَّلَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ وَفِي دَفْعِ بَيِّنَتِهِ بِأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ ادَّعَى أَوَّلًا عَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِحَضْرَةِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَنَّهَا مَنْكُوحَتُهُ وَحَلَالُهُ وَمَدْخُولَتُهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ، وَهَذَا الرَّجُلُ يَمْنَعُهَا عَنْ طَاعَتِهِ وَيَذْكُرُ مُطَالَبَةَ الْمَرْأَةِ بِطَاعَتِهِ وَالِانْقِيَادِ لَهُ وَمُطَالَبَةَ الَّذِي حَضَرَ بِالْكَفِّ عَنْ مَنْعِهِ إيَّاهَا عَنْ طَاعَتِهِ، وَيَذْكُرُ إنْكَارَ الْمَرْأَةِ وَإِنْكَارَ الرَّجُلِ أَيْضًا دَعْوَاهُ قِبَلَهَا هَذِهِ وَيَذْكُرُ إقْرَارَهَا بِالنِّكَاحِ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ وَتَصْدِيقَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ إيَّاهَا بِذَلِكَ وَإِقَامَةَ الَّذِي أَحْضَرَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ الْمَذْكُورِ فِيهَا، فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ قِبَلَهَا فِي وَجْهِهِ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ الَّتِي حَضَرَتْ مَعَ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَ امْرَأَةَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَحَلَالَهُ وَمَدْخُولَتَهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ جَرَى بَيْنَهُمَا، وَأَحْضَرَ شُهُودًا عَلَى مَا ادَّعَى وَقَالَ: أَنَا أَوْلَى بِنِكَاحِ هَذِهِ بِحُكْمِ أَنَّ لِي يَدًا أَوْ بَيِّنَةً فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ تَرْكُ دَعْوَاهُ النِّكَاحَ قِبَلَهَا وَتَرْكُ الْمُطَالَبَةِ إيَّاهَا حَتَّى تَتَمَكَّنَ مِنْ طَاعَةِ زَوْجِهَا هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ وَلِهَذَا الدَّفْعِ دَفْعٌ مِنْ وُجُوهٍ: (أَحَدُهَا) أَنْ يَدَّعِيَ الْخَارِجُ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً أَوْ رَجْعِيَّةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَأَنَّ هَذَا الْخَارِجَ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ وَصُورَةُ كِتَابَةِ دَعْوَى هَذَا الدَّفْعِ حَضَرَ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فَيَكْتُبُ دَعْوَى الرَّجُلِ الَّذِي حَضَرَ أَوَّلًا ثُمَّ يَكْتُبُ دَعْوَى الدَّفْعِ لَدَعْوَاهُ مِنْ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ ثُمَّ يَكْتُبُ دَعْوَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ، فَيَكْتُبُ: ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ هَذِهِ الَّتِي أَحْضَرَهَا مَعَهُ بِتَارِيخِ كَذَا، وَأَنَّ عِدَّتَهَا قَدْ انْقَضَتْ مِنْهُ وَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِتَارِيخِ كَذَا بِتَزْوِيجِ وَلِيِّهَا فُلَانٍ إيَّاهَا مِنْهُ بِرِضَاهَا بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ عَلَى صَدَاقٍ مَعْلُومٍ وَأَنَّهُ قَبِلَ تَزْوِيجَهُ

محضر في إثبات الصداق دينا في تركة الزوج

مِنْهُ لِنَفْسِهِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ قَبُولًا صَحِيحًا وَالْيَوْمُ هِيَ امْرَأَتُهُ وَحَلَالُهُ بِهَذَا السَّبَبِ وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي دَعْوَاهُ هَذِهِ قَبِلَهُ بَعْدَ مَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا وَصَفَ - مُبْطِلٌ غَيْرُ مُحِقٍّ وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ. (وَجْهٌ آخَرُ لِدَفْعِ هَذِهِ الدَّعْوَى) أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ وَكَّلَ فُلَانًا أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ هَذِهِ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا فَطَلَّقَ وَكِيلُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ كَمَا أَمْرَهُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا هَذَا الَّذِي حَضَرَ. (وَجْهٌ آخَرُ) أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ أَقَرَّ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ بِالْمُصَاهَرَةِ أَوْ بِالرَّضَاعِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الصَّدَاقِ دَيْنًا فِي تَرِكَة الزَّوْجِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الصَّدَاقِ دَيْنًا فِي تَرِكَةِ الزَّوْجِ) حَضَرَتْ وَأَحْضَرَتْ مَعَهَا رَجُلًا فَادَّعَتْ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا أَنَّ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ كَانَتْ امْرَأَةَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَالِدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا وَكَانَتْ مَنْكُوحَتَهُ وَحَلَالَهُ وَمَدْخُولَتَهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَكَانَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ الصَّدَاقِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ كَذَا دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا وَصَدَاقًا ثَابِتًا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ كَانَ قَائِمًا بَيْنَهُمَا، وَهَكَذَا كَانَ أَقَرَّ بِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَالِدُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَنَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ دَيْنًا عَلَى نَفْسِهِ لِهَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ بِسَبَبِ النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إقْرَارًا صَحِيحًا وَصَدَّقَتْهُ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ فِيهِ خِطَابًا شِفَاهًا، ثُمَّ إنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ أَدَائِهِ هَذَا الصَّدَاقَ الْمَذْكُورَ فِيهِ، وَقَبْلَ أَدَائِهِ شَيْئًا إلَيْهَا وَصَارَ هَذَا الصَّدَاقُ الْمَذْكُورُ فِيهِ فِي تَرِكَتِهِ لِهَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ وَخَلَفَ مِنْ الْوَرَثَةِ امْرَأَةً وَهِيَ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ وَابْنًا لِصُلْبِهِ وَهُوَ الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُمَا وَخَلَفَ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ جِنْسِ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ فِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا مَا يَفِي بِهَذَا الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ وَزِيَادَةٍ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى وَدَفْعُ هَذِهِ الدَّعْوَى وَسِجِلُّ الدَّفْعِ) يَكْتُبُ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ فِي سِجِلِّ دَعْوَى الدَّيْنِ الْمُطْلَقِ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ مَهْرِ الْمِثْلِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ مَهْرِ الْمِثْلِ) إذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ الْبَالِغَةَ بِرِضَاهَا مِنْ إنْسَانٍ نِكَاحًا صَحِيحًا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا حَتَّى وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَوَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِأَنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا وَأَنْكَرَ مَهْرَ الْمِثْلِ وَلَا يَخْلُو أَمَّا إنْ كَانَتْ الِابْنَةُ وَكَّلَتْ أَبَاهَا حَتَّى يَدَّعِيَ الْأَبُ ذَلِكَ لَهَا فَيَكْتُبَ فِي الْمَحْضَرِ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ لَبِنْتِهِ فُلَانَةَ بِحَقِّ الْوَكَالَةِ الثَّابِتَةِ لَهُ مِنْ جِهَتِهَا عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ ابْنَتَهُ فُلَانَةَ مُوَكِّلَةَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ امْرَأَةُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا هَذَا الَّذِي حَضَرَ بِرِضَاهَا بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَأَنَّ مَهْرَ مِثْلِهَا كَذَا دِينَارًا؛ لِأَنَّ أُخْتَهَا الْكُبْرَى أَوْ الصُّغْرَى الْمُسَمَّاةُ فُلَانَةَ أُخْتَهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا أَوْ لِأَبِيهَا كَانَ مَهْرُهَا هَذَا الْمِقْدَارَ وَمُوَكِّلَةُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ هَذِهِ تُسَاوِي أُخْتَهَا هَذِهِ فِي الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ وَالسِّنِّ وَالْمَالِ وَالْحَسَبِ وَالْبَكَارَةِ إنَّمَا ذَكَرْنَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَيَذْكُرُ أَيْضًا أَنَّ أُخْتَ مُوَكِّلَتِهِ هَذِهِ مُقِيمَةٌ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّتِي مُوَكِّلَتُهُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَدَاءُ مِثْلِ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ لِيَقْبِضَهَا هَذَا الَّذِي حَضَرَ لِابْنَتِهِ مُوَكِّلَتِهِ هَذِهِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ فَسُئِلَ إلَى آخِرِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أُخْتٌ يُنْظَرُ إلَى امْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ عَشِيرَةِ الْأَبِ مِمَّنْ هِيَ مِثْلُهَا فِي الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ وَالسِّنِّ وَالْبَكَارَةِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمَرْأَةُ مِنْ بَلْدَتِهَا أَيْضًا؛ لِمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا امْرَأَةٌ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ يَعْتَبِرُ مَهْرَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ الْأَجَانِبِ فِي بَلَدِهَا وَلَا يُعْتَبَرُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ قَوْمِ أُمِّهَا، هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي أَوَّلِ بَابِ الْمُهُورِ وَذَكَرَ هُوَ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَهْرِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ تَقْدِيرُ مَهْرِهَا بِأَقْرَانِهَا مِنْ الْأَجَانِبِ فَكَانَ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ بَابِ الْمُهُورِ قَوْلَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ وَكَّلَتْ أَجْنَبِيًّا بِذَلِكَ - يَكْتُبُ: حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ لِمُوَكَّلَتِهِ فُلَانَةِ بِنْتِ فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ أَنَّ مُوَكِّلَتَهُ هَذِهِ كَانَتْ امْرَأَةَ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا

محضر في إثبات المتعة

فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ بِرِضَاهَا بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا إلَى آخِرِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ مَهْرِ الْمِثْلِ) ادَّعَتْ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا أَنَّهُ كَانَ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا فُلَانٌ مِنْ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا بِرِضَاهَا بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عُدُولٍ نِكَاحًا صَحِيحًا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا، فَأَوْجَبَ الشَّرْعُ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ، وَإِنَّ مَهْرَ مِثْلِهَا كَذَا؛ لِأَنَّ أُخْتَهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا فُلَانَةَ كَانَ مَهْرُهَا كَذَا وَهَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ تُسَاوِيهَا فِي الْمَالِ وَتُضَاهِيهَا فِي الْجَمَالِ وَتُوَازِيهَا فِي السِّنِّ وَالْبَكَارَةِ، وَعَصْرُهَا مِثْلُ عَصْرِهَا فِي الرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ وَمَهْرُهَا وَاحِدٌ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا أَدَاءُ مِثْلِ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ إلَى هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ إنْ كَانَ حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا فَمَا يُتَعَارَفُ تَعْجِيلُهُ (دست يميان) لَهَا مِنْ هَذَا الْمِقْدَارِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْمُتْعَةِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْمُتْعَةِ) يَكْتُبُ حَضَرَتْ وَأَحْضَرَتْ فَادَّعَتْ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا تَزَوَّجَهَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا عِنْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَقَبْلَ الْخَلْوَةِ، وَقَدْ وَجَبَتْ لَهَا عَلَيْهِ الْمُتْعَةُ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ وَسَطٍ دِرْعٍ وَخِمَارٍ وَمِلْحَفَةٍ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ عَنْ ذَلِكَ، وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْخَلْوَةِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْخَلْوَةِ) ادَّعَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِتَزْوِيجِ فُلَانٍ وَكِيلِهَا أَوْ وَلِيُّهَا إيَّاهَا مِنْهُ بِرِضَاهَا عَلَى مَهْرِ كَذَا بِشَهَادَةِ عُدُولٍ حَضَرُوا وَأَنَّهُ خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً لَا ثَالِثَ مَعَهُمَا وَلَا مَانِعَ شَرْعًا وَلَا طَبْعًا وَأَنَّهُ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً هَكَذَا أَقَرَّ الزَّوْجُ بِذَلِكَ إقْرَارًا صَحِيحًا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ مِثْلُ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ إلَيْهَا وَالْخُرُوجُ عَنْهَا إلَيْهَا وَطَالَبْتُهُ بِالْجَوَابِ عَنْهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ دَعْوَى الْحُرْمَةِ بِالطَّلَاقِ عَلَى أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا دَعْوَى الْحُرْمَةِ بِصَرِيحِ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَصُورَةُ كِتَابَةِ الْمَحْضَرِ فِي هَذَا الْوَجْهِ حَضَرَتْ وَأَحْضَرَتْ فَادَّعَتْ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ امْرَأَةَ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ وَمَنْكُوحَتَهُ وَحَلَالَهُ وَمَدْخُولَتَهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَلَهَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا دِرْهَمًا أَوْ كَذَا دِينَارًا دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبِ هَذَا النِّكَاحِ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ حُرْمَةً غَلِيظَةً لَا تَحِلَّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَأَنَّهَا مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ الْيَوْمَ بِهَذَا السَّبَبِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَ عِلْمِهِ بِقِيَامِ هَذِهِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ بَيْنَهُمَا يُمْسِكُهَا حَرَامًا وَلَا يُقْصِرُ يَدَهُ عَنْهَا فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مُفَارَقَتُهَا وَتَخْلِيَةُ سَبِيلِهَا وَأَدَاءُ الصَّدَاقِ الَّذِي لَهَا عَلَيْهِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَإِدْرَارُ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ نَفَقَةَ مِثْلِهَا إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَطَالَبْته بِذَلِكَ وَسَأَلْتُ مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) يَكْتُبُ عِنْدَ الْحُكْمِ وَحَكَمْت لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي حَضَرَتْ الْمُدَّعِيَةِ بِهَذِهِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ بِثُبُوتِ هَذِهِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ بَعْدَمَا كَانَتْ حَلَالًا لَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا وَكَلَّفْت الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ وَهُوَ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ بِمُفَارَقَةِ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ وَقَصْرِ يَدِهِ عَنْهَا وَأَمَرْتُهُ بِأَدَاءِ مَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَإِدْرَارِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا نَفَقَةِ مِثْلِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ. (الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنْ تَدَّعِيَ الْحُرْمَةَ بِإِقْرَارِهِ

محضر في شهادة الشهود بالحرمة الغليظة بثلاث تطليقات بدون دعوى المرأة

أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَصُورَةُ كِتَابَةِ الْمَحْضَرِ فِي هَذَا الْوَجْهِ حَضَرَتْ وَأَحْضَرَتْ فَادَّعَتْ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ امْرَأَتَهُ وَمَنْكُوحَتَهُ وَمَدْخُولَتَهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَأَنْ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ أَقَرَّ فِي حَالِ صِحَّةِ إقْرَارِهِ وَنَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِ أَنَّهُ حَرَّمَ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَأَنَّهُ يُمْسِكُهَا حَرَامًا وَلَا يُفَارِقُهَا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهَا وَأَدَاءُ صَدَاقِهَا الْمَذْكُورِ إلَيْهَا (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) عَلَى نَحْوِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ هَاهُنَا يَذْكُرُ الْإِقْرَارَ فِي الْحُكْمِ فَيَكْتُبُ: وَحَكَمْت لِهَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا بِثُبُوتِ إقْرَارِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا بِهَذِهِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ. (الْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنْ تَدَّعِيَ الْحُرْمَةَ الْغَلِيظَةَ عَلَيْهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ بِسَبَبِ حَلِفٍ قَدْ حَلِفَهُ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتِهَا حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ الْمُعَيَّنَ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ وَحَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَنَزَلَتْ الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ الْمُعَلَّقَةُ وَصَارَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي حَضَرَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهَذِهِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ بَيْنَهُمَا يُمْسِكُهَا حَرَامًا وَلَا يُفَارِقُهَا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهَا وَطَالَبْته بِذَلِكَ وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ، وَإِنْ كَانَتْ تَدَّعِي الْحُرْمَةَ بِتَطْلِيقَةٍ أَوْ بِتَطْلِيقَتَيْنِ يُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي الْمَحْضَرِ، وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْحُرْمَةَ بِسَبَبٍ آخَرَ يَذْكُرُ ذَلِكَ السَّبَبَ فِي الْمَحْضَرِ. [مَحْضَر فِي شَهَادَة الشُّهُود بالحرمة الْغَلِيظَة بِثَلَاثِ تَطْلِيقَات بِدُونِ دعوى الْمَرْأَة] (مَحْضَرٌ فِي شَهَادَةِ الشُّهُودِ بِالْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ بِدُونِ دَعْوَى الْمَرْأَةِ) قَوْمٌ شَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى رَجُلٍ حَاضِرٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ هَذِهِ الْحَاضِرَةَ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ، وَأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ الْيَوْمَ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَأَتَوْا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا وَسَاقُوهَا عَلَى سَنَنِهَا يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ قَوْمٌ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ شُهُودٌ حَسَبَةً وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ يَذْكُرُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَنْسَابَهُمْ وَحِلَاهُمْ وَمَسَاكِنَهُمْ وَمُصَلَّاهُمْ وَأَحْضَرُوا مَعَهُمْ رَجُلًا يُسَمَّى فُلَانًا وَامْرَأَةً تُسَمَّى فُلَانَةَ وَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَأَشَارُوا إلَى الرَّجُلِ الَّذِي أَحْضَرُوهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ هَذِهِ وَأَشَارُوا إلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي أَحْضَرُوهَا ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ، ثُمَّ إنَّهُ لَا يُفَارِقُهَا وَيُمْسِكُهَا حَرَامًا فَسُئِلَا يَعْنِي هَذَا الرَّجُلَ وَهَذِهِ فَأَنْكَرَا الطَّلَاقَ فَالْحُكْمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ وَيَقْضِي بِالْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) يَكْتُبُ صَدْرَ السِّجِلِّ عَلَى رَسْمِهِ وَيَكْتُبُ فِيهِ حُضُورَ هَذَا الْقَوْمِ مَجْلِسَهُ وَشَهَادَتَهُمْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَهِدُوا وَيَكْتُبُ إنْكَارَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ ثُمَّ يَكْتُبُ فِيهِ فَسَمِعْت شَهَادَتَهُمْ وَأَثْبَتُّهَا فِي الْمَحْضَرِ الْمُخَلَّدِ فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ قِبَلِي وَتَعَرَّفْت عَنْ أَحْوَالِ الشُّهُودِ مِمَّنْ إلَيْهِ رَسْمُ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ بِالنَّاحِيَةِ فَنُسِبُوا إلَى الْعَدَالَةِ وَجَوَازِ الشَّهَادَةِ وَقَبُولِ الْقَوْلِ فَقَبِلْت شَهَادَتَهُمْ وَثَبَتَ عِنْدِي بِشَهَادَتِهِمْ مَا شَهِدُوا بِهِ عَلَى مَا شَهِدُوا بِهِ وَأَعْلَمْت الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَأَمْكَنْته مِنْ إيرَادِ الدَّفْعِ إنْ كَانَ لَهُ دَفْعٌ فَلَمْ يَأْتِ بِدَفْعٍ وَظَهَرَ عِنْدِي عَجْزُهُ عَنْ ذَلِكَ فَاسْتَخَرْت اللَّهَ تَعَالَى إلَى آخِرِهِ وَحَكَمْت بِكَوْنِ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ هَذِهِ مُحَرَّمَةً عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ هَذَا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ بِمَحْضَرٍ مِنْهُمَا فِي وُجُوهِهِمَا إلَى آخِرِهِ وَأَمَرْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمُفَارَقَةِ صَاحِبِهِ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا عَنْ هَذَا الزَّوْجِ وَتَتَزَوَّجُ بِزَوْجٍ آخَرَ وَيَدْخُلُ بِهَا الزَّوْجُ الثَّانِي وَيُطَلِّقُهَا وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا الْأَوَّلُ بِرِضَاهَا إنْ شَاءَ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَة عَلَى الْغَائِبِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ عَلَى الْغَائِبِ) امْرَأَةٌ لَهَا زَوْجٌ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ ثُمَّ غَابَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِالْحُرْمَةِ وَأَرَادَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ إثْبَاتَ هَذِهِ الْحُرْمَةِ بَيْن يَدَيْ الْقَاضِي لِيَقْضِيَ بِذَلِكَ بِشَهَادَةِ شُهُودِهَا فَلِذَلِكَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا - أَنْ تَدَّعِيَ عَلَى رَجُلٍ حَاضِرٍ أَنَّهُ كَانَ لِي عَلَى زَوْجِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ وَنِصْفُهَا كَذَا بَقِيَّةُ صَدَاقِي وَأَنَّك ضَمِنْتَ لِي بِذَلِكَ عَنْ زَوْجِي فُلَانٍ هَذَا الْمَذْكُورَ أَنْ حَرَّمَنِي عَلَى نَفْسِهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَعَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَأَنِّي أَجَزْت هَذَا الضَّمَانَ

محضر في التفريق بين الزوجين بسبب العجز عن النفقة

مُعَلَّقًا بِهَذَا الشَّرْطِ فِي مَجْلِسِ الضَّمَانِ هَذَا، ثُمَّ إنَّ زَوْجِي فُلَانًا حَرَّمَنِي عَلَى نَفْسِهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَصَارَتْ هَذِهِ الدَّنَانِيرُ الْمَذْكُورَةُ دَيْنًا لِي عَلَيْكَ بِحُكْمِ الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ وَأَنْتَ فِي عِلْمٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرْمَةِ الْمَذْكُورَةِ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ فَوَاجِبٌ عَلَيْك الْخُرُوجُ عَنْ ذَلِكَ بِأَدَائِهَا إلَيَّ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُقِرُّ بِالضَّمَانِ كَمَا ادَّعَتْ وَيُنْكِرُ الْعِلْمَ بِوُقُوعِ هَذِهِ الْحُرْمَةِ فَتَجِيءُ الْمَرْأَةُ بِشُهُودٍ يَشْهَدُونَ عَلَى أَنَّ زَوْجَهَا حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَهَذِهِ صُورَةُ الدَّعْوَى، أَمَّا صُورَةُ الْمَحْضَرِ أَنْ يَكْتُبَ حَضَرَتْ وَأَحْضَرَتْ مَعَ نَفْسِهَا، وَادَّعَتْ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ وَيَذْكُرُ دَعْوَاهَا عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا إلَى قَوْلِهِ: فَأَحْضَرَتْ الْمُدَّعِيَةُ نَفَرًا ذَكَرَتْ أَنَّهُمْ شُهُودُهَا عَلَى مُوَافَقَةِ دَعْوَاهَا وَسَأَلَتْنِي الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمْ فَأَجَبْتُهَا إلَى ذَلِكَ فَشَهِدُوا بَعْدَ الِاسْتِشْهَادِ عَقِيبَ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِوُقُوعِ هَذِهِ الْحُرْمَةِ الْوَاحِدُ بَعْدَ الْآخَرِ مِنْ نُسْخَةٍ قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ وَهَذَا مَضْمُونُ تِلْكَ النُّسْخَةِ. (كواهي ميدهم كه اين زن حَاضِر آمده) وَأَشَارُوا إلَى الْمُدَّعِيَةِ هَذِهِ (زن فُلَان بْن فُلَان بودواين فُلَان ويرا برخو يشتن حرام كرده است بسه طَلَاق وامر وزاين زن حَاضِر آمده حرام است بِرّ فُلَان بسه طَلَاق) وَأَشَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي جَمِيعِ مَوَاضِعِ الْإِشَارَةِ فَسَمِعْت شَهَادَتَهُمْ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى قَوْلِهِ: وَحَكَمْت بِكَوْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي حَضَرَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ وَقَضَيْت لِهَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا بِوُجُوبِ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مَبْلَغُهُ وَجِنْسُهُ وَذَلِكَ كَذَا بِسَبَبِ الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ فِيهِ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ وَهُوَ تَحْرِيمُ فُلَانٍ زَوْجِ هَذِهِ الَّتِي أَحْضَرَتْ إيَّاهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي وَجْهِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ هَذَيْنِ وَيُتِمُّ السِّجِلَّ (الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنْ تَدَّعِيَ عَلَى رَجُلٍ حَاضِرٍ ضَمَانَ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ إنَّك قَدْ ضَمِنْتَ لِي نَفَقَةَ عِدَّتِي إنْ حَرَّمَنِي زَوْجِي عَلَى نَفْسِهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَأَنَا أَجَزْت ضَمَانَك هَذَا فِي مَجْلِسِ الضَّمَانِ هَذَا. ثُمَّ إنَّ زَوْجِي حَرَّمَنِي عَلَى نَفْسِهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ بِتَارِيخِ كَذَا وَأَنَا فِي عِدَّتِهِ الْيَوْمَ وَوَجَبَ لِي عَلَيْك نَفَقَةُ عِدَّتِي إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتِي بِسَبَبِ هَذَا الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ فَوَاجِبٌ عَلَيْك الضَّمَانُ وَالْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَةِ مَا لَزِمَك مِنْ نَفَقَةِ عِدَّتِي بِالْأَدَاءِ إلَيَّ فَيُقِرُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِضَمَانِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ وَيُنْكِرُ الْحُرْمَةَ فَتَجِيءُ الْمَرْأَةُ بِشُهُودٍ يَشْهَدُونَ عَلَى أَنَّ زَوْجَهَا فُلَانًا حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَأَنَّهَا فِي عِدَّةِ زَوْجِهَا فُلَانٍ فَهَذِهِ صُورَةُ الدَّعْوَى، أَمَّا صُورَةُ الْمَحْضَرِ لِهَذِهِ الدَّعْوَى: حَضَرَتْ وَأَحْضَرَتْ فَادَّعَتْ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا أَنَّهُ قَدْ كَانَ ضَمِنَ لَهَا عَنْ زَوْجِهَا نَفَقَةَ عِدَّتِهَا إنْ حَرَّمَهَا زَوْجُهَا عَلَى نَفْسِهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَيَكْتُبُ دَعْوَاهَا مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا إلَى قَوْلِهِ: وَأَحْضَرَتْ هَذِهِ الَّتِي أَحْضَرَتْ نَفَرًا وَذَكَرَتْ أَنَّهُمْ شُهُودُهَا إلَى آخِرِهِ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) يَكْتُبُ فِيهِ دَعْوَاهَا مِنْ قَوْلِهِ: الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا. إلَى قَوْلِهِ: فَسَمِعْت شَهَادَتَهُمْ وَقَبِلْتهَا لِإِيجَابِ الْعِلْمِ قَبُولَ مِثْلِهَا، وَحَكَمْت بِكَوْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ مُحَرَّمَةً عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ وَبِكَوْنِهَا فِي عِدَّتِهِ الْيَوْمَ. وَقَضَيْتُ لِهَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا بِوُجُوبِ نَفَقَةِ عِدَّتِهَا إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي وُجُوهِهِمَا، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ. [مَحْضَر فِي التَّفْرِيق بَيْن الزَّوْجَيْنِ بِسَبَبِ الْعَجْز عَنْ النَّفَقَة] (مَحْضَرٌ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِسَبَبِ الْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ) صَغِيرٌ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَهَذَا الصَّغِيرُ عَاجِزٌ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا؛ لِمَا أَنَّهُ فَقِيرٌ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فَرَفَعَ أَمْرَ هَذِهِ الصَّغِيرَةِ أَبُوهَا نِيَابَةً عَنْهَا إلَى الْقَاضِيَ حَتَّى يَسْتَخْلِفَ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ الْقَاضِي الشَّفْعَوِيِّ الَّذِي يَرَى التَّفْرِيقَ جَائِزًا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِسَبَبِ عَجْزِ الزَّوْجِ عَنْ الْإِنْفَاقِ فَيَكْتُبُ الْقَاضِي إلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ كِتَابًا، صُورَتُهُ: بَعْدَ التَّسْمِيَةِ وَالتَّحِيَّةِ لِلْقَاضِي الشَّفْعَوِيِّ قَدْ رَفَعَ إلَيَّ بِنِيَابَةِ

الصَّغِيرَةِ الْمُسَمَّاةِ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَبُوهَا هَذَا أَنَّهَا امْرَأَةُ الصَّغِيرِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ زَوَّجَهَا مِنْهُ أَبُوهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ عَلَى صَدَاقِ كَذَا بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ تَزْوِيجًا صَحِيحًا وَقَبِلَ أَبُو الصَّغِيرِ فُلَانٌ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ هَذَا التَّزْوِيجَ لَهُ قَبُولًا صَحِيحًا. وَصَارَتْ هَذِهِ الصَّغِيرَةُ امْرَأَةً لِهَذَا الصَّغِيرِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ. وَهَذَا الصَّغِيرُ مُعْدَمٌ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُكْتَسِبٍ وَلَا مُحْتَرِفٍ وَقَدْ ظَهَرَ عَجْزُهُ عِنْدِي عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى هَذِهِ الصَّغِيرَةِ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ مُعَدَّلِينَ قَدْ شَهِدُوا عِنْدِي بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَالْتَمَسَ مِنِّي أَبُو هَذِهِ الصَّغِيرَةِ مُكَاتَبَتَهُ أَدَامَ اللَّهُ تَعَالَى فَضْلَهُ فَأَجَبْت مُلْتَمَسَهُ وَكَاتَبْتُهُ لِيَتَفَضَّلَ بِالْإِصْغَاءِ إلَى هَذِهِ الْخُصُومَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمَا وَيَفْصِلُهَا بَيْنَهُمَا عَلَى مَا يُؤَدِّي اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ، وَيَقَعُ رَأْيُهُ عَلَيْهِ مُسْتَعِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى طَالِبًا مِنْهُ التَّوْفِيقَ لِإِصَابَةِ الْحَقِّ. فَهَذِهِ هِيَ صُورَةُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي الشَّفْعَوِيِّ ثُمَّ إذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ يُخَاصِمُ أَبُو الصَّغِيرَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أَبَا الصَّغِيرِ عَلَى حَسَبِ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ، وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ ابْنَهُ الصَّغِيرَ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ مُعْدَمٌ لَا مَالَ لَهُ وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ وَأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ، الْإِنْفَاقِ عَلَى امْرَأَتِهِ هَذِهِ الصَّغِيرَةِ وَيَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي الشَّفْعَوِيِّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ هَذَيْنِ الصَّغِيرَيْنِ فَيُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَ هَذَيْنِ وَيَكْتُبُ السِّجِلَّ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَقُولُ فُلَانٌ الشَّفْعَوِيُّ: قَدْ وَرَدَ إلَيَّ كِتَابٌ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي لِعَمَلِ الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ فِي كُورَةِ بُخَارَى وَنَوَاحِيهَا أَدَامَ اللَّهُ تَعَالَى تَوْفِيقَهُ مِنْ قِبَلِ الْخَاقَانِ فُلَانٍ مُشْتَمِلًا عَلَى مَا وَقَعَ إلَيْهِ مِنْ الْخُصُومَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ الَّذِي يُخَاصِمُ لِابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ وَبَيْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ يُخَاصِمُ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فُلَانٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ فُلَانًا هَذَا أَبُو هَذِهِ الصَّغِيرَةِ الْمَذْكُورَةِ رَفَعَ إلَى هَذَا الْقَاضِي أَنَّ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ الْمَذْكُورَةَ امْرَأَةُ الصَّغِيرِ الْمُسَمَّى فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ هَذَا وَحَلَالُهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا هَذَا مِنْهُ تَزْوِيجًا صَحِيحًا وَأَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَالِدُ الصَّغِيرِ هَذَا قَبِلَ مِنْهُ هَذَا النِّكَاحَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ هَذَا قَبُولًا صَحِيحًا فِي مَجْلِسِ التَّزْوِيجِ هَذَا، وَأَنَّ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ هَذِهِ مُحْتَاجَةٌ إلَى النَّفَقَةِ وَأَنَّ زَوْجَهَا هَذَا الصَّغِيرَ مُعْدَمٌ عَاجِزٌ عَنْ الْإِنْفَاقِ ثَبَتَ عَجْزُهُ عِنْدَ الْقَاضِي هَذَا. وَقَدْ سَأَلَ أَبُو الصَّغِيرَةِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ الْقَاضِي هَذَا أَنْ يَكْتُبَ إلَيَّ وَيَأْذَنَ لِي فِي الِاسْتِمَاعِ إلَى هَذِهِ الْخُصُومَةِ وَالْفَصْلِ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا يُؤَدِّي اجْتِهَادِي إلَيْهِ وَيَقَعُ رَأْيِي عَلَيْهِ فَقَرَأْت الْكِتَابَ وَفَهِمْته وَامْتَثَلْتُ أَمَرَهُ فِي سَمَاعِ هَذِهِ الْخُصُومَةِ وَعَقَدْت مَجْلِسًا لِذَلِكَ. وَقَدْ حَضَرَنِي فِي مَجْلِسِي وَالِدُ هَذِهِ الصَّغِيرَةِ فُلَانٌ، وَأَحْضَرَ مَعَهُ وَالِدَ هَذَا الصَّغِيرِ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ، فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ لِهَذِهِ الصَّغِيرَةِ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ الصَّغِيرَةَ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ - هَذَا الَّذِي حَضَرَ - امْرَأَةُ هَذَا الصَّغِيرِ الَّذِي هُوَ ابْنُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ، وَأَنَّ الصَّغِيرَ الْمُسَمَّى ابْنَ فُلَانٍ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ مُعْدَمٌ عَاجِزٌ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى هَذِهِ الصَّغِيرَةِ الْمُسَمَّاةِ فُلَانَةَ وَأَنَّ هَذِهِ الصَّغِيرَةَ مُحْتَاجَةٌ إلَى النَّفَقَةِ وَأَقَامَ شُهُودًا عُدُولًا عَلَى أَنَّ الصَّغِيرَ الْمُسَمَّى ابْنَ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ عَاجِزٌ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى هَذِهِ الصَّغِيرَةِ وَسَأَلَ مِنِّي وَالِدُ هَذِهِ الصَّغِيرَةِ التَّفْرِيقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا الصَّغِيرِ هَذَا فَتَأَمَّلْتُ فِي ذَلِكَ وَوَقَعَ اجْتِهَادِي عَلَى جَوَازِ هَذَا التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا بِسَبَبِ الْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ أَخْذًا بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ بِجَوَازِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِسَبَبِ الْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ وَفَرَّقْت بَيْنَهُمَا بَعْدَمَا صَارَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا مَعْلُومًا وَبَعْدَ مَا كَانَ عَجْزُ هَذَا الصَّغِيرِ عَنْ الْإِنْفَاقِ مَعْلُومًا تَفْرِيقًا صَحِيحًا وَأَمَرْت بِكِتَابَةِ هَذَا السِّجِلِّ حُجَّةً فِي ذَلِكَ. وَإِنْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي الْأَصْلِ إمْضَاءَ هَذَا السِّجِلِّ فَالْقَاضِي الْأَصْلُ يَأْمُرُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى ظَهْرِ السِّجِلِّ يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانٌ إلَى آخِرِ: مَا جَرَى جَمِيعَ مَا يَتَضَمَّنَّهُ هَذَا الذِّكْرُ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ بِتَارِيخِهِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مِنْ كِتَابَةِ الْكِتَابِ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مُتَضَمِّنًا تَفْوِيضَ سَمَاعِ هَذِهِ الْخُصُومَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ إلَيْهِ وَالِاسْتِمَاعِ إلَى الْبَيِّنَةِ وَالْعَمَلِ بِهَا وَمَا يُؤَدِّي اجْتِهَادُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَيَقَعُ رَأْيُهُ عَلَيْهِ كَانَ مِنِّي وَجَعَلْتُ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ فُلَانًا نَائِبًا عَنِّي فِي الْعَمَلِ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ رَأْيُهُ فَأَمْضَيْت حُكْمَ نَائِبِي هَذَا وَأَجَزْتُهُ وَأَمَرْت بِكِتَابَةِ هَذَا الْإِمْضَاءِ فِي تَارِيخِ كَذَا، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ بَالِغَيْنِ وَكَانَ الزَّوْجُ عَاجِزًا عَنْ الْإِنْفَاقِ فَالطَّرِيقُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فِي الصَّغِيرَيْنِ، إلَّا أَنَّ

محضر في فسخ اليمين المضافة

هُنَا إذَا وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا عِنْدَ الْقَاضِي الشَّفْعَوِيِّ فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا عَاجِزٌ عَنْ الْإِنْفَاقِ فَإِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِذَلِكَ فَالْقَاضِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ عِنْدَ طَلَبِ الْمَرْأَةِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ مُقِرًّا فَالْمَرْأَةُ تُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ عَلَى عَجْزِهِ وَيُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا عِنْدَ طَلَبِ الْمَرْأَةِ ذَلِكَ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [مَحْضَرٌ فِي فَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ] (مَحْضَرٌ فِي فَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ) رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَإِنْ احْتَاجَ هَذَا الرَّجُلُ إلَى فَسْخِ هَذِهِ الْيَمِينِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً بِتَزْوِيجِ وَلِيِّهَا إيَّاهَا إنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ أَوْ بِتَزْوِيجِ الْقَاضِي إيَّاهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ حَتَّى يَصِحَّ هَذَا النِّكَاحُ بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ وَيَلْتَمِسُ مِنْهُ الْكِتَابَ إلَى الْقَاضِي الشَّفْعَوِيِّ فَالْقَاضِي الْحَنَفِيُّ يَكْتُبُ إلَى الْقَاضِي الشَّفْعَوِيِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَطَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَقَاءَ الشَّيْخِ الْقَاضِي الْإِمَامِ إلَى آخِرِ أَلْقَابِهِ رَفَعْتُ الْمُسَمَّاةُ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَهَا وَقَدْ كَانَ حَلَفَ مِنْ قَبْلِ نِكَاحِهَا بِطَلَاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَنِي بَعْدَ هَذِهِ الْيَمِينِ وَوَقَعَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَصِرْت مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِهَذَا السَّبَبِ وَأَنَّهُ يُمْسِكُهَا حَرَامًا وَلَا يَقْصُرُ يَدَهُ عَنْهَا وَالْتَمَسَتْ مِنِّي مُكَاتَبَةً فِي ذَلِكَ فَأَجَبْتهَا إلَى ذَلِكَ وَكَتَبْتُ هَذَا الْكِتَابَ إلَيْهِ لِيَتَفَضَّلَ بِالْإِصْغَاءِ إلَى هَذِهِ الْخُصُومَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَيَقَعُ عَلَيْهِ رَأْيُهُ وَهُوَ مُوَفَّقٌ فِي ذَلِكَ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ إذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ تَدَّعِي هَذِهِ الْمَرْأَةُ قِبَلَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ عَلَى زَوْجِهَا عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَتْ عِنْدَ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فَيُقِرُّ الزَّوْجُ بِهَذِهِ الْيَمِينِ وَبِهَذَا النِّكَاحِ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: إنَّهَا حَلَالٌ لِي وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا تَعَلُّلًا بِعَدَمِ انْعِقَادِ الْيَمِينِ فَيَقْضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْيَمِينِ وَبِقِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا، أَخْذًا بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْيَمِينِ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ (سِجِلٌّ فِي فَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ) فَإِذَا أَرَادَ السِّجِلَّ فِي ذَلِكَ يَكْتُبُ يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الشَّفْعَوِيُّ: وَرَدَ إلَيَّ كِتَابٌ مِنْ الْقَاضِي فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي لِعَمَلِ الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ بِكُورَةِ كَذَا وَنَوَاحِيهَا مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ فُلَانٍ مُشْتَمِلًا عَلَى مَا رُفِعَ إلَيْهِ مِنْ الْخُصُومَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ وَبَيْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِسَبَبِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ إلَى النِّكَاحِ، وَقَدْ أَمَرَنِي بِالْإِصْغَاءِ إلَى هَذِهِ الْخُصُومَةِ وَفَصْلِهَا وَاسْتِمَاعِ الْبَيِّنَةِ فِيهَا وَالْقَضَاءِ بِمَا وَقَعَ فِي رَأْيِي وَاجْتِهَادِي فَامْتَثَلْتُ أَمْرَهُ وَعَقَدْت مَجْلِسًا بِذَلِكَ فَحَضَرَتْنِي فِي مَجْلِسِي ذَلِكَ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ وَأَحْضَرَتْ مَعَ نَفْسِهَا زَوْجَهَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فَادَّعَتْ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا يُطَالِبُنِي بِالطَّاعَةِ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ زَاعِمًا أَنِّي زَوْجَتُهُ وَقَدْ كَانَ حَلَفَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي بِطَلَاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَنِي وَقَدْ وَقَعَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ وَحَرُمْت عَلَيْهِ بِهَذَا السَّبَبِ، وَالزَّوْجُ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهَذَا السَّبَبِ. ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ سَأَلَنِي الْحُكْمَ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ رَأْيِي وَاجْتِهَادِي فَاجْتَهَدْتُ فِي ذَلِكَ وَتَأَمَّلْت وَتَأَنَّيْت وَوَقَعَ رَأْيِي عَلَى بُطْلَانِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ إلَى النِّكَاحِ عَمَلًا مِنِّي بِقَوْلِ مَنْ لَا يَرَى صِحَّةَ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ إلَى النِّكَاحِ؛ فَحَكَمْت بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْيَمِينِ وَبِحِلِّ هَذِهِ الْمَرْأَةِ عَلَى هَذَا الزَّوْجِ بِهَذَا النِّكَاحِ وَأَمَرْتُهَا بِطَاعَةِ هَذَا الزَّوْجِ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ بِحَضْرَةِ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا حُكْمًا أَبْرَمْته وَقَضَاءً نَفَّذْته فِي مَجْلِسِ حُكْمِي هَذَا بَيْنَ النَّاسِ عَلَى سَبِيلِ الشُّهْرَةِ وَالْإِعْلَانِ دُونَ الْخِفْيَةِ وَالْكِتْمَانِ، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَمَا أَطْلَقَ إلَيَّ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْخُصُومَةِ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ رَأْيِي وَاجْتِهَادِي وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا فِي شَهْرِ كَذَا فِي سَنَةِ كَذَا، قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ ثِقَةُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: صَحِبْت كَثِيرًا مِنْ الْقُضَاةِ الْكِبَارِ فَمَا رَأَيْتهمْ أَجَابُوا إلَى شَيْءٍ مِنْ الْحَوَادِثِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا الْكِتَابَةَ إلَى الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ إلَّا فِي الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ فَإِنَّ دَلَائِلَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ لَائِحَةٌ وَبَرَاهِينُهُمْ فِيهَا وَاضِحَةٌ وَالشُّبَّانُ يَتَجَاسَرُونَ إلَى هَذِهِ الْيَمِينِ، ثُمَّ يَحْتَاجُونَ إلَى التَّزَوُّجِ وَيَضْطَرُّونَ إلَى ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يُجِبْهُمْ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ رُبَّمَا يَقَعُونَ فِي الْفِتْنَةِ، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْعُنَّةِ لِلتَّفْرِيقِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْعُنَّةِ لِلتَّفْرِيقِ) الْمَرْأَةُ إذَا خَاصَمَتْ زَوْجَهَا عِنْدَ الْقَاضِي وَتَقُولُ: إنَّهُ لَمْ يَصِلُ إلَيَّ، وَالزَّوْجُ

محضر في دعوى النسب

يَدَّعِي الْوُصُولَ إلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَقْتَ النِّكَاحِ، فَالْقَاضِي يُرِيهَا النِّسَاءُ وَالْوَاحِدَةُ الْعَدْلَةُ تَكْفِي وَالثِّنْتَانِ أَحْوَطُ فَإِنْ قُلْنَ: هِيَ بِكْرٌ؛ فَالْقَاضِي يُؤَجِّلُهُ سَنَةً، وَإِنْ قُلْنَ: هِيَ ثَيِّبٌ؛ يَحْلِفُ الزَّوْجُ عَلَى الْوُصُولِ إلَيْهَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْأَةِ مَعَ الْيَمِينِ، ثُمَّ إذَا حَلَفَ الزَّوْجُ اسْتِحْسَانًا إنْ حَلَفَ يَثْبُتُ وُصُولُهُ إلَيْهَا فَلَا يُؤَجَّلُ، وَإِنْ نَكَلَ صَارَ مُقِرًّا بِعَدَمِ الْوُصُولِ إلَيْهَا فَيُؤَجَّلُ سَنَةً، وَإِنْ أَرَادَ كِتَابَةَ ذِكْرِ التَّأْجِيلِ يَكْتُبُ: هَذَا مَا أَمْهَلَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي لِعَمَلِ الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ بِكُورَةِ بُخَارَى نَافِذُ الْإِذْنِ وَالْقَضَاءِ وَالْفَصْلِ وَالْإِمْضَاءِ بِهَا بَيْنَ أَهْلُهَا يَوْمَئِذٍ أَمْهَلَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ حِينَ رَفَعَتْ إلَيْهِ الْمُسَمَّاةُ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا صَحِيحًا وَأَنَّهَا وَجَدَتْهُ عِنِّينًا لَا يَصِلُ إلَيْهَا. وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي بِمَا هُوَ طَرِيقُ الثُّبُوتِ فِي هَذَا الْبَابِ فَحَكَمْتُ بِمَا أَوْجَبَ الشَّرْعُ فِي حَقِّ الْعِنِّينِ مِنْ الْإِمْهَالِ سَنَةً وَاحِدَةً مِنْ وَقْتِ الْخُصُومَةِ رَجَاءَ الْوُصُولِ إلَيْهَا فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ فَأَمْهَلَ الْقَاضِي إيَّاهُ سَنَةً وَاحِدَةً بِالْأَيَّامِ عَلَى مَا عَلَيْهِ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ مِنْ وَقْتِ تَارِيخِ هَذَا الذِّكْرِ الَّذِي هُوَ يَوْمُ الْخُصُومَةِ إمْهَالًا صَحِيحًا وَأَمَرَ بِكِتَابَةِ هَذَا الذِّكْرِ حُجَّةً فِي ذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا، ثُمَّ إذَا تَمَّتْ السَّنَةُ مِنْ وَقْتِ التَّأْجِيلِ وَادَّعَى الزَّوْجُ الْوُصُولَ إلَيْهَا فِي مُدَّةِ التَّأْجِيلِ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِكْرًا وَقْتَ النِّكَاحِ فَالْقَاضِي يُرِيهَا النِّسَاءُ عَلَى مَا مَرَّ فَإِنْ قُلْنَ: هِيَ بِكْرٌ؛ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا، فَيُخَيِّرُ الْقَاضِي الْمَرْأَةَ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ وَبَيْنَ الْفُرْقَةِ، وَإِنْ قُلْنَ: هِيَ ثَيِّبٌ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ عَلَى الْوُصُولِ إلَيْهَا عَلَى مَا مَرَّ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَإِنْ نَكَلَ فَلَهَا الْخِيَارُ (مَحْضَرٌ فِي دَفْعِ هَذِهِ الدَّعْوَى) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذِهِ الَّتِي أَحْضَرَهَا مَعَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهَا قِبَلَهُ الْعُنَّةَ وَمُطَالَبَتِهَا إيَّاهُ بِالتَّفْرِيقِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّأْجِيلِ أَنَّهَا مُبْطِلَةٌ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالتَّفْرِيقِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّأْجِيلِ؛ لِمَا أَنَّهَا اخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ بَعْدَ تَأْجِيلِ الْقَاضِي وَرَضِيَتْ بِالْعُنَّةِ فِيهِ بِلِسَانِهَا رِضًا صَحِيحًا أَوْ يَقُولُ: إنَّهُ وَصَلَ إلَيْهَا فِي مُدَّةِ التَّأْجِيلِ وَقَدْ أَقَرَّتْ بِوُصُولِهِ إلَيْهَا [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى النَّسَبِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى النَّسَبِ) امْرَأَةٌ فِي يَدِهَا صَبِيٌّ تَدَّعِي عَلَى رَجُلٍ أَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ ابْنُهَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِهِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا وَتُطَالِبُهُ بِنَفَقَةِ الْغُلَامِ وَكُسْوَتِهِ، أَوْ رَجُلٌ فِي يَدِهِ صَبِيٌّ يَدَّعِي عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ ابْنُهُ مِنْهَا وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِهِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا أَوْ ادَّعَى رَجُلٌ فِي يَدِهِ صَبِيٌّ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ، وَالْمَرْأَةُ تَجْحَدُ أَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ فِي يَدِهَا صَبِيٌّ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ زَوْجِهَا هَذَا، وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ فَهَذِهِ الدَّعَاوَى كُلُّهَا صَحِيحَةٌ وَيَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ دَعْوَى الْأُبُوَّةِ وَدَعْوَى الْبُنُوَّةِ صَحِيحَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مَعَهَا دَعْوَى الْمَالِ أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَدَّعِيَ رَجُلٌ أَنِّي أَبُو هَذَا الرَّجُلِ أَوْ يَدَّعِي أَنِّي ابْنُ هَذَا الرَّجُلِ وَذَلِكَ الرَّجُلُ يُنْكِرُ - فَهَذِهِ الدَّعْوَى صَحِيحَةٌ، حَتَّى إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَالْقَاضِي يَسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَقْضِي بِبَيِّنَتِهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ دَعْوَى الْأُمُومَةِ بِدُونِ دَعْوَى الْمَالِ صَحِيحَةٌ حَتَّى لَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى رَجُلٍ أَنِّي أُمُّ هَذَا الرَّجُلِ فَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ بَيِّنَتَهَا وَيَقْضِي بِكَوْنِهَا أُمًّا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (صُورَةُ الْمَحْضَرِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ صَغِيرٌ تَدَّعِي عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْهُ) حَضَرَتْ وَأَحْضَرَتْ فَادَّعَتْ هَذِهِ الَّتِي حَضَرَتْ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا أَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ الَّذِي فِي حِجْرِهَا - وَأَشَارَتْ إلَيْهِ - ابْنُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَعَهَا وَلَدَتْهُ مِنْهُ عَلَى فِرَاشِهِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَتْ ذَكَرَتْ فِي الدَّعْوَى وَأَنَّ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ نَفَقَةَ هَذَا الصَّبِيِّ وَكِسْوَتَهُ، وَإِنْ شَاءَتْ لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الدَّعْوَى. (صُورَةُ الْمَحْضَرِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي يَدِ الرَّجُلِ صَغِيرٌ يَدَّعِي عَلَى الْمَرْأَةِ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْهُ) حَضَرَ وَأَحْضَرَ وَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذِهِ الَّتِي أَحْضَرَهَا أَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَحْضَرَهَا مَعَهُ وَلَدَتْهُ مِنْهُ عَلَى فِرَاشِهِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ ذَكَرَ وَأَنَّ عَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَحْضَرَهَا أَنْ تُرْضِعَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَذْكُرْ.

محضر في دعوى ولاء العتاقة

(صُورَةُ الْمَحْضَرِ فِي دَعْوَى رَجُلٍ بَالِغٍ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ ابْنُهُ) حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ ابْنُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ مِنْ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا. (صُورَةُ الْمَحْضَرِ فِي دَعْوَى رَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَبُوهُ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَبُوهُ وَأَنَّهُ ابْنُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ مِنْ امْرَأَتِهِ فُلَانَةَ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا إلَى آخِرِهِ، وَأَمَّا دَعْوَى الْأُخُوَّةِ وَالْعُمُومَةِ وَابْنِ الْأَخِ وَابْنِ الِابْنِ لَا تَصِحُّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْمَالَ بِأَنْ كَانَ الْمُدَّعِي زَمِنًا فَيَدَّعِي الْأُخُوَّةَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ الْعُمُومَةَ وَيَدَّعِي النَّفَقَةَ لِنَفْسِهِ وَلَهُ وَجْهٌ آخَرُ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَصِيَّةَ لِإِخْوَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْمُتَوَفَّى صُورَتُهُ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ قَدْ كَانَ أَوْصَى إلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَ نَفْسِهِ بِتَسْوِيَةِ أُمُورِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَخَلَفَ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي يَدِهِ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ كَانَ أَوْصَى لِإِخْوَةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِكَذَا وَكَذَا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ ثَلَاثُ أُخْوَةٍ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ هَذَا الْمُدَّعِي وَأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ تَسْلِيمُ حِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ إلَيْهِ وَذَلِكَ كَذَا وَكَذَا وَيُطَالِبُهُ بِالْجَوَابِ فَيُقِرُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوِصَايَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَيُنْكِرُ كَوْنَهُ أَخَا فُلَانٍ وَلَهُ وَجْهٌ آخَرُ أَنْ تَدَّعِيَ امْرَأَةٌ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِسَبَبِ تَعْلِيقِ الزَّوْجِ طَلَاقَهَا بِكَلَامِ أَخِي فُلَانٍ وَهَذَا أَخُو فُلَانٍ وَأَنَّهُ كَلَّمَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ) رَجُلٌ مَاتَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ الْمَيِّتَ مُعْتِقُ وَالِدِي فُلَانَ كَانَ أَعْتَقَهُ وَالِدِي فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَمِيرَاثُهُ لِي لِمَا أَنِّي ابْنُ مُعْتَقِهِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي فَأَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بِفَسَادِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَبَعْضُهُمْ بِصِحَّتِهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَقُلْ فِي دَعْوَاهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَالْإِعْتَاقُ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ الرِّقَّ عَلَى عَبْدٍ وَأَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فُلَانٌ يَقْضِي لِمُدَّعِي الْمِلْكِ، وَلَوْ قَالَتْ: بَيِّنَةُ الْعَبْدِ أَعْتَقَهُ فُلَانٌ وَهُوَ يَمْلِكُ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي دَعْوَى الْأَصْلِ. (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الدَّفْعِ) صُورَتُهُ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فِي يَوْمِ، كَذَا فِي سَنَةِ كَذَا وَجَحَدَ ذُو الْيَدِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَتَوَجَّهَ الْحُكْمُ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ أَنَّ الَّذِي ادَّعَيْتَ تَلَقِّي الْمِلْكَ مِنْ جِهَتِهِ أَقَرَّ قَبْلَ تَارِيخِ شِرَائِكَ أَوْ قَبْلَ شِرَائِكَ بِسَنَةٍ طَائِعًا أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكُ أَخِي فُلَانٍ وَحَقُّهُ وَصَدَّقَهُ أَخُوهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ، وَأَنَا اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ أَخِيهِ ذَلِكَ الْمُقِرِّ لَهُ فَدَعَوَاكَ عَلَيَّ بَاطِلَةٌ بِهَذَا السَّبَبِ فَاتَّفَقَتْ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ أَنَّ هَذَا الدَّفْعَ صَحِيحٌ، ثُمَّ اُسْتُفْتِيَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعُ لَوْ طَلَبَ مِنْ مُدَّعِي الدَّفْعَ بَيَانَ وَقْتِ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ مَتَى كَانَ أَوْ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ، فَالْقَاضِي هَلْ يُكَلِّفُهُ ذَلِكَ اتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ أَيْضًا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُكَلِّفُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُبَيِّنُ مَرَّةً بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ حَيْثُ قَالَ قَبْلَ تَارِيخِ شِرَائِكَ، كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْعُصُوبَةِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْعُصُوبَةِ) حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ فِي كُورَةِ بُخَارَى قِبَلَ الْقَاضِي فُلَانٍ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى أَحْمَدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ تُوُفِّيَ وَخَلَّفَ مِنْ الْوَرَثَةِ زَوْجَةً لَهُ تُسَمَّى سَارَةُ بِنْتَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَبِنْتًا لَهُ تُسَمَّى سَعَادَةَ وَابْنَ عَمٍّ لَهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ لِمَا أَنَّهُ ابْنُ عُمَرَ، وَسَعْدُ الْمُتَوَفَّى كَانَ ابْنَ أَحْمَدَ، وَأَحْمَدُ وَالِدُ هَذَا الْمُتَوَفَّى مَعَ عُمَرَ وَالِدِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ كَانَا أَخَوَيْنِ لِأَبٍ أَبُوهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ تُوُفِّيَ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ النَّيْسَابُورِيَّة اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، وَصَارَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ مِيرَاثًا عَنْهُ لِهَؤُلَاءِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِابْنِ الْعَمِّ هَذَا وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فِي عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ، فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ إلَيْهِ وَذَلِكَ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ، وَسُئِلَ فَأَجَابَ بِالْفَارِسِيَّةِ (مرا ازميرث خواركى أَيْنَ مُدَّعِي عِلْم نيست)

وَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي هَذَا نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ وَسَأَلَنِي الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمْ فَأَجَبْتُهُ إلَيْهِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ فَشَهِدَ هَؤُلَاءِ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ. . . إلَى قَوْلِهِ: فَشَهِدَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ عِنْدِي بَعْدَ مَا اُسْتُشْهِدُوا عَقِيبَ دَعْوَى الْمُدَّعِي هَذَا، وَإِنْكَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا شَهَادَةً صَحِيحَةً مُتَّفِقَةَ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي أَوْجَبَ الْحُكْمُ سَمَاعَهَا مِنْ نُسْخَةٍ قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ وَهَذَا مَضْمُونُ تِلْكَ النُّسْخَةِ. (كواهي ميدهم كه أَيْنَ سَعْد ابْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بمردوازوي مِيرَاث خوارماندزن وي سَارَهُ بِنْتِ فُلَان بْن فُلَان ودختروى سُعَاده وَابْنِ عَمِّ مُدَّعَى أَحْمَدْ بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو يسرعم وىازروى بدربدانكه أَيْنَ أَحْمَدْ) وَأَشَارَ إلَى الْمُدَّعِي هَذَا (يَسِرْ عُمَر بودوآن سَعْد مُتَوَفَّيْ يَسِرْ أَحْمَدْ بودو عُمَر بَدْر أَيْنَ مُدَّعِي با أَحْمَدْ بَدْر أَيْنَ مُتَوَفَّيْ برادران يُدْرَى بودند بدريشان عَبْد اللَّه بْن عُمَر بجزابشان هَرَسَهُ مِيرَاث خوارديكرغى دانيم) . فَآتَوْا بِالشَّهَادَةِ هَذِهِ كَذَلِكَ عَلَى وَجْهِهَا وَيُسْتَوْفَى السِّجِلُّ إلَى قَوْلِهِ: فَسَأَلَنِي هَذَا الْمُدَّعِي أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحُكْمَ لَهُ بِمَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدِي وَكِتَابَةَ ذِكْرِ ذَلِكَ وَالْإِشْهَادَ عَلَيْهِ حُجَّةً لَهُ فِي ذَلِكَ؛ فَأَجَبْتُهُ إلَى ذَلِكَ وَاسْتَخَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى إلَى قَوْلِهِ: وَحَكَمْتُ لِهَذَا الْمُدَّعِي أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ فِي وَجْهِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ جَمِيعًا فِي حُكْمِي بِكُورَةِ بُخَارَى بِثُبُوتِ وَفَاةِ سَعْدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَبِتَخْلِيفِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ، هَذَا الْمُدَّعِي ابْنُ عَمٍّ لَهُ لِأَبٍ، وَامْرَأَتُهُ تُسَمَّى سَارَةُ بِنْتَ فُلَانٍ وَبِنْتًا تُسَمَّى سَعَادَةً بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُعَدِّلِينَ حُكْمًا أَبْرَمْتُهُ وَقَضَاءً نَفَّذْتُهُ إلَى آخِرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي ابْنَ ابْنِ عَمِّ الْمَيِّتِ؛ فَصُورَةُ الْمَحْضَرِ فِي ذَلِكَ حَضَرَ مَحْمُودُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ تُوُفِّيَ وَخَلَفَ مِنْ الْوَرَثَةِ ابْنَ ابْنِ عَمٍّ لَهُ، هَذَا الَّذِي حَضَرَ ابْنُ طَاهِرِ بْنِ أَحْمَدَ، وَعُمَرُ الْمُتَوَفَّى ابْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدٌ وَالِدُ الْمُتَوَفَّى هَذَا، وَأَحْمَدُ جَدُّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ كَانَا أَخَوَيْنِ لِأَبٍ أَبُوهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَا وَارِثَ لِهَذَا الْمُتَوَفَّى سِوَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَفِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى كَذَا كَذَا دِينَارًا نَيْسَابُورِيَّةً. وَصَارَتْ هَذِهِ الدَّنَانِيرُ الْمَذْكُورَةُ بِمَوْتِهِ مِيرَاثًا لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فِي عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ. فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَدَاءُ جَمِيعِ ذَلِكَ إلَيْهِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَأَجَابَ بِالْفَارِسِيَّةِ (مَرَّا ازميراث خواركى أَيْنَ مُدَّعَى عِلْم نَسِيَتْ) وَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ إلَى آخِرِهِ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى نَسْقِ السِّجِلِّ الْمُتَقَدِّمِ) فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي ابْنَ ابْنِ ابْنِ عَمِّ الْمَيِّتِ فَصُورَةُ الْمَحْضَرِ فِيهِ حَضَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ طَاهِرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى الْحَسَنَ ابْنَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ تُوَفِّيَ وَخَلَفَ مِنْ الْوَرَثَةِ ابْنَ ابْنِ ابْنِ عَمٍّ لَهُ لِأَبٍ هَذَا الَّذِي حَضَرَ لِمَا أَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ ابْنُ مَحْمُودٍ، وَمَحْمُودٌ ابْنُ طَاهِرٍ. وَطَاهِرٌ وَالِدُ وَالِدِ هَذَا الْحَاضِرِ كَانَ بْنَ أَحْمَدَ وَعُمَرُ الْمُتَوَفَّى هَذَا كَانَ ابْنَ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدٌ وَالِدُ هَذَا الْمُتَوَفَّى وَأَحْمَدُ وَالِدُ وَالِدُ وَالِدُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ كَانَا أَخَوَيْنِ لِأَبٍ أَبُوهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ الصَّامِتِ فِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ كَذَا كَذَا دِينَارًا نَيْسَابُورِيَّةً، وَصَارَتْ

محضر في دعوى حرية الأصل

هَذِهِ الدَّنَانِيرُ بِمَوْتِهِ مِيرَاثًا لَهُ، وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فِي عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ إلَى آخِرِهِ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى نَسَقِ السِّجِلِّ الْمُتَقَدِّمِ أَيْضًا) فَإِنْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ أَقَرَّ أَوَّلًا أَنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَانَ دَفْعًا لِدَعْوَى الْعُصُوبَةِ لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ) حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ شَرَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كُورَةِ بُخَارَى قِبَلَ الْقَاضِي فُلَانٍ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَهُوَ رَجُلٌ شَابٌّ يَكْتُبُ حِلْيَتَهُ بِتَمَامِهَا، وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ، فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ حُرُّ الْأَصْلِ وَالْعُلُوقِ، لِمَا أَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَهُوَ كَانَ حُرَّ الْأَصْلِ وَأُمُّهُ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ وَهِيَ كَانَتْ حُرَّةَ الْأَصْلِ أَيْضًا، وَهَذَا الَّذِي حَضَرَ وُلِدَ حُرًّا عَلَى فِرَاشِ أَبَوَيْهِ الْحُرَّيْنِ هَذَيْنِ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى أَبَوَيْهِ هَذَيْنِ رِقٌّ قَطُّ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ يَسْتَرِقُّهُ وَيَسْتَعْبِدُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ قَصْرَ يَدِهِ عَنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ وَسُئِلَ فَأَجَابَ وَقَالَ (أَيْنَ حَاضِرِ آمُدّه مُلْك مِنْ است وَرَقِيق مِنْ است وَمَرَّا ازآزادى وى عِلْم نِيسَتْ) وَأَحْضَرَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ وَسَأَلَنِي الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمْ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ فَأَجَبْتُهُ إلَيْهِ وَاسْتَشْهَدْتُ الشُّهُودَ فَشَهِدُوا شَهَادَةً صَحِيحَةً مُتَّفِقَةَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى مِنْ نُسْخَةٍ قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ وَهَذَا مَضْمُونُ تِلْكَ النُّسْخَةِ إلَى آخِرِهِ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) يَكْتُبُ صَدْرَ السِّجِلِّ عَلَى الرَّسْمِ وَيَكْتُبُ الدَّعْوَى مِنْ الدَّعْوَى مِنْ نُسْخَةِ الْمَحْضَرِ بِتَمَامِهِ وَيَكْتُبُ أَسَامِي الشُّهُودِ وَأَلْفَاظَ الشَّهَادَةِ وَيَكْتُبُ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ وَحَكَمْتُ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ بِكَوْنِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ حُرُّ الْأَصْلِ حُرِّ الْوَالِدَيْنِ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى وَالِدَيْهِ رِقٌّ وَأَمَرْتُهُ بِقَصْرِ يَدِهِ وَالْكَفِّ عَنْ مُطَالَبَتِهِ إيَّاهُ بِالطَّاعَةِ فِي أَحْكَامِ الرِّقِّ. [مَحْضَر فِي دَعْوَى الْعِتْقِ عَلَى صَاحِب الْيَد بِإِعْتَاقِ مِنْ جِهَتِهِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْعِتْقِ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ بِإِعْتَاقٍ مِنْ جِهَتِهِ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ كَانَ مَمْلُوكَ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ وَمَرْقُوقَهُ وَأَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَثَبَاتِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا طَائِعًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَلَبًا لِمَرْضَاتِهِ عِتْقًا صَحِيحًا جَائِزًا نَافِذًا بِغَيْرِ بَدَلٍ وَإِنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ الْيَوْمَ حُرٌّ بِهَذَا السَّبَبِ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فِي عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ فِي مُطَالَبَتِهِ إيَّاهُ بِالطَّاعَةِ أَوْ دَعْوَاهُ الرِّقَّ عَلَيْهِ - مُبْطِلٌ غَيْرُ مُحِقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَتَرْكُ التَّعَرُّضِ لَهُ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى يُكْتَبُ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ) وَيَكْتُبُ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ: وَحَكَمْتُ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ بِكَوْنِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ حُرًّا مَالِكًا لِنَفْسِهِ غَيْرَ مُوَلًّى عَلَيْهِ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ إعْتَاقُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَ نَفْسِهِ إيَّاهُ وَبِبُطْلَانِ دَعْوَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ الرِّقِّ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ وَيَخْتِمُ السِّجِلَّ. [مَحْضَر فِي دعوى الْعِتْق عَلَى صَاحِب الْيَد بِإِعْتَاقِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْعِتْقِ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ بِإِعْتَاقٍ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ كَانَ مَمْلُوكًا وَمَرْقُوقًا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفِي يَدِهِ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ وَأَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَهُ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَمِلْكِهِ مَجَّانًا بِغَيْرِ بَدَلٍ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَابْتِغَاءً لِمَرْضَاتِهِ وَطَلَبًا لِلثَّوَابِ وَجَنَّاتِهِ وَهَرَبًا مِنْ أَلِيمِ عُقُوبَاتِهِ وَصَارَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ حُرًّا بِالْإِعْتَاقِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَأَنَّهُ الْيَوْمَ حُرٌّ بِهَذَا السَّبَبِ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ اسْتَعْبَدَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِحُرِّيَّتِهِ ظُلْمًا وَتَعَدِّيًا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ إلَى آخِرِهِ

محضر في إثبات الرق

(سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ) وَيَكْتُبُ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ، وَحَكَمْتُ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ يَكُونُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ حُرًّا مَالِكًا لِنَفْسِهِ غَيْرَ مُوَلًّى عَلَيْهِ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ الْمُدَّعَى وَهُوَ إعْتَاقُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إيَّاهُ مِنْ خَالِصِ حَقِّهِ وَمِلْكِهِ، وَبِبُطْلَانِ دَعْوَى - هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ - الرِّقِّ عَلَيْهِ وَبِقَصْرِ يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ عَنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ إلَى آخِرِهِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الرِّقِّ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الرِّقِّ) حَضَرَ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانًا هِنْدِيًّا شَابًّا وَيَذْكُرُ حِلْيَتَهُ ثُمَّ يَذْكُرُ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ مَمْلُوكُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَمَرْقُوقُهُ لِمِلْكِهِ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ، وَأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِ وَالِانْقِيَادِ لَهُ فِي أَحْكَامِ الرِّقِّ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ. وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ) وَيَكْتُبُ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ: وَحَكَمْتُ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ يَكُونُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ مَمْلُوكَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَمَرْقُوقَهُ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ وَبِكَوْنِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مُبْطِلًا فِي الِامْتِنَاعِ عَنْ طَاعَةِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي أَحْكَامِ الرِّقِّ، وَأَمَرْتُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ بِالِانْقِيَادِ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي أَحْكَامِ الرِّقِّ وَالطَّاعَةِ لَهُ، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ وَلَا بُدَّ لِلْحُكْمِ بِالرِّقِّ وَكِتَابَةِ السِّجِلِّ فِيهِ مِنْ عَجْزِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ إثْبَاتِ الْحُرِّيَّةِ لِنَفْسِهِ فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَحْكُمُ بِالرِّقِّ وَلَا يَكْتُبُ السِّجِلَّ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ (مَحْضَرٌ فِي دَفْعِ هَذِهِ الدَّعْوَى) فَنَقُولُ: لِدَفْعِ هَذِهِ الدَّعْوَى طُرُقٌ: أَحَدُهَا - أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ لِنَفْسِهِ وَصُورَةُ كِتَابَتِهِ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضِرِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ قِبَلَهُ بِأَنَّ هَذَا الْمُحْضَرَ مَعَهُ كَانَ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ عَبْدُهُ وَمَمْلُوكُهُ وَأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِ وَطَالَبَهُ بِالطَّاعَةِ، فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضِرِ فِي دَفْعِ هَذِهِ الدَّعْوَى قِبَلَهُ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ وَالْعُلُوقِ، لِمَا أَنَّ أَبَاهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَأُمَّهُ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهُمَا كَانَا حُرَّيْنِ مِنْ الْأَصْلِ وَهَذَا الْحَاضِرُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ هَذَيْنِ الْأَبَوَيْنِ الْحُرَّيْنِ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى أَبَوَيْهِ هَذَيْنِ رِقٌّ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فِي عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ فِي مُطَالَبَةِ هَذَا الْحَاضِرِ بِالطَّاعَةِ لَهُ وَدَعْوَاهُ الرِّقَّ قِبَلَهُ وَالْحَالُ عَلَى مَا وَصَفْتُ فِيهِ - مُبْطِلٌ غَيْرُ مُحِقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ؛ فَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسُئِلَ، وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ. (سِجِلُّ هَذَا الْمَحْضَرِ) يَكْتُبُ - عِنْدَ قَوْلِهِ: وَحَكَمْتُ لِلَّذِي حَضَرَ هَذَا عَلَى الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ هَذَا - بِجَمِيعِ مَا ثَبَتَ عِنْدِي مِنْ دَعْوَى دَفْعِ هَذَا الْحَاضِرِ لِدَفْعِ دَعْوَى هَذَا الْمُحْضِرِ الرِّقَّ عَلَيْهِ وَكَوْنِ هَذَا الْحَاضِرِ حُرَّ الْأَصْلِ وَبُطْلَانُ دَعْوَى هَذَا الْمُحْضِرِ الرِّقَّ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ مِنْ بَعْدِ مَا ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُمْ عِنْدِي بِتَعْدِيلِ مَنْ إلَيْهِ رَسْمُ التَّعْدِيلِ بِالنَّاحِيَةِ عَلَى مَا شَهِدُوا بِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمَحْكُومِ لَهُ وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ هَذَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا فِي مَجْلِسِ قَضَائِي وَحُكْمِي بِبُخَارَى وَقَضَيْتُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَصَرْتُ يَدَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ هَذَا عَنْ الْمَحْكُومِ لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ هَذَا وَرَفَعْتُ عَنْهُ طَاعَتَهُ وَأَطْلَقْتُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ هَذَا بِالرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ إنْ كَانَ قَدْ اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِهِ وَنَقَدَ لَهُ الثَّمَنَ يَوْمَ الْعَقْدِ الَّذِي كَانَ جَرَى بَيْنَهُمَا، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ. قَالُوا: وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِ الْحُرِّيَّةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونُ إثْبَاتُهَا بِطَرِيقِ الدَّفْعِ بِأَنْ يَدَّعِيَ صَاحِبُ الْيَدِ الرِّقَّ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ يُثْبِتُ الْمَمْلُوكُ حُرِّيَّتَهُ بِطَرِيقِ الدَّفْعِ. (الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِعْتَاقَ مِنْ جِهَةِ مُدَّعِي الرِّقِّ وَصُورَةُ كِتَابَتِهِ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضِرِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ قِبَلَهُ هَذِهِ أَنَّهُ حُرٌّ لِمَا أَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا وَمَرْقُوقًا لِهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ وَإِنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ أَعْتَقَهُ فِي حَالِ جَوَازِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إعْتَاقًا صَحِيحًا جَائِزًا نَافِذًا وَصَارَ هَذَا الْحَاضِرُ حُرًّا بِسَبَبِ هَذَا الْإِعْتَاقِ وَهَذَا الْمُحْضِرُ مُبْطِلٌ فِي مُطَالَبَتِهِ هَذَا الْحَاضِرَ بِالطَّاعَةِ وَالِانْقِيَادِ لَهُ فِي أَحْكَامِ الرِّقِّ وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ

محضر في إثبات التدبير والاستيلاد

(سِجِلُّ هَذَا الْمَحْضَرِ عَلَى نَحْوِ سِجِلِّ الْمَحْضَرِ الْأَوَّلِ) إلَّا أَنَّهُ هَاهُنَا يَكْتُبُ وَكَوْنُهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ حُرًّا مَالِكًا لِنَفْسِهِ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ إعْتَاقُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ وَكَوْنُهُ مُلْحَقًا بِسَائِرِ الْأَحْرَارِ بِهَذَا السَّبَبِ وَكَوْنُهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ مِلْكًا لِهَذَا الْمُحْضَرِ، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ. (الْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الرِّقَّ الْإِعْتَاقَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِ مُدَّعِي الرِّقَّ، وَصُورَةُ كِتَابَتِهِ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضِرِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ قِبَلَهُ أَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ كَانَ عَبْدًا وَمَمْلُوكًا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَمِلْكِهِ مُجَابًا بِغَيْرِ بَدَلٍ ابْتِغَاءً لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، وَطَلَبًا لِمَرْضَاتِهِ وَهَرَبًا مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ وَشَدِيدِ عَذَابِهِ فِي حَالِ صِحَّةِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، وَالْيَوْمَ هَذَا الْحَاضِرُ حُرٌّ بِسَبَبِ هَذَا الْإِعْتَاقِ الْمَذْكُورِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ إلَى آخِرِهِ (سِجِلُّ هَذَا الْمَحْضَرِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا) إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ يَكْتُبُ وَحَكَمْتُ بِحُرِّيَّةِ هَذَا الْحَاضِرِ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَهُوَ إعْتَاقُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَبِكَوْنِ هَذَا الْحَاضِرِ مَمْلُوكًا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ) وَإِذَا وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِ التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ عَلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ حَقٌّ عَلَى الْمَوْلَى لِلْحَالِ فَالطَّرِيقُ فِي إثْبَاتِهِ أَنْ يَبِيعَهُ الْمَوْلَى مِنْ رَجُلٍ فَيَدَّعِي عَلَيْهِ الْمُدَبَّرُ أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ، ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا لِفُلَانٍ وَأَنَّهُ دَبَّرَهُ وَأَعْتَقَهُ عَنْ دُبْرٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَابْتِغَاءً لِمَرْضَاتِهِ مِنْ غَيْرِ طَمَعٍ فِي حُطَامِ الدُّنْيَا تَدْبِيرًا صَحِيحًا مِنْ مَالِهِ وَمِلْكِهِ وَأَنَّهُ الْيَوْمَ مُدَبَّرُهُ أَوْ يَقُولُ: إنَّهُ اسْتَوْلَدَهَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي جَارِيَةً ادَّعَتْ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِفُلَانٍ يُسَمَّى فُلَانًا وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِهِ وَمِلْكِهِ وَأَنَّهَا الْيَوْمَ أُمُّ وَلَدِهِ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَتْهُ يَسْتَرِقُّهَا وَيَسْتَعْبِدُهَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْهَا، وَطَالَبَتْهُ بِالْجَوَابِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى التَّدْبِيرِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى التَّدْبِيرِ) رَجُلٌ دَبَّرَ عَبْدَهُ تَدْبِيرًا مُطْلَقًا وَمَاتَ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَخَلَّفَ وَرَثَةً وَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ الْعِلْمَ بِالتَّدْبِيرِ وَاحْتَاجَ الْمُدَبَّرُ إلَى إثْبَاتِ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ وَكِتَابَةِ الْمَحْضَرِ - يَكْتُبُ: ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ كَانَ عَبْدًا مَمْلُوكًا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَالِدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ دَبَّرَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَجَوَازِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا طَائِعًا رَاغِبًا تَدْبِيرًا مُطْلَقًا، وَأَنَّ فُلَانًا وَالِدُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَاتَ وَعَتَقَ الْمُدَبَّرَ وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فِي عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ قَصْرُ يَدِهِ عَنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ إلَى آخِرِهِ (سِجِلُّ هَذَا الْمَحْضَرِ) أَوَّلُهُ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ وَيَكْتُبُ عِنْدَ ذِكْرِ الْحُكْمِ: وَحَكَمْتُ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ بِجَمِيعِ مَا ثَبَتَ عِنْدِي مِنْ تَدْبِيرِ فُلَانٍ وَالِدُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ حَالَ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا وَمَرْقُوقًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَمِلْكِهِ تَدْبِيرًا صَحِيحًا مُطْلَقًا لَا قَيْدَ فِيهِ وَبِحُرِّيَّةِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ بِمَوْتِ فُلَانٍ وَقَدْ خَلَّفَ فُلَانٌ وَالِدُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ مَالِهِ فِي يَدِ وَارِثِهِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَا يَخْرُجُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ مِنْ ثُلُثِهِ وَأَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ حُرٌّ الْيَوْمَ لَا سَبِيلَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الرِّقِّ بَلْ بِسَبِيلِ الْوَلَاءِ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا حُكْمًا أَبْرَمْتُهُ وَقَضَاءً نَفَّذْتُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (سِجِلٌّ فِي إثْبَاتِ الْعِتْقِ عَلَى الْغَائِبِ) يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانٌ: حَضَرَ قِبَلِي فِي مَجْلِسِ قَضَائِي بِكُورَةِ بُخَارَى فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ فُلَانًا فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ أَنَّ لِهَذَا الْحَاضِرِ عَلَى هَذَا الْمُحْضِرِ كَذَا كَذَا دِينَارًا وَبَيَّنَ نَوْعَهَا وَصِفَتَهَا دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْ ذَلِكَ وَطَالَبَهُ بِالْجَوَابِ عَنْهُ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْهُ فَسُئِلَ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي رَجُلَيْنِ ذَكَرَ أَنَّهُمَا شَاهِدَاهُ وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَذَكَرَ الْمُدَّعِي وَالشَّاهِدَانِ أَنَّهُمَا مَوْلَيَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَعْتَقَهُمَا

محضر في إثبات حد القذف

حَالَ كَوْنِهِمَا مَمْلُوكِينَ لَهُ وَسَأَلَ مِنِّي الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمَا، فَشَهِدَا بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ بِالْإِنْكَارِ عَقِيبَ الِاسْتِشْهَادِ الْوَاحِدِ بَعْدَ الْآخَرِ شَهَادَةً صَحِيحَةً مُتَّفِقَةَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى عَلَى مُوَافَقَةِ الدَّعْوَى مِنْ نُسْخَةٍ قُرِئَتْ عَلَيْهِمَا هَذَا مَضْمُونُ تِلْكَ النُّسْخَةِ، فَلَمَّا سَاقَا الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهِهَا ذَكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ أَنَّ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ مَمْلُوكَا فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الَّذِي زَعَمَ الْمُدَّعِي وَالشَّاهِدَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُمَا وَقَدْ كَذَبُوا فِي ذَلِكَ لَمْ يُعْتِقْهُمَا فُلَانٌ فَعَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَى الْمُدَّعِي هَذَا فَقَالَ: إنَّهُمَا حُرَّانِ، وَإِنَّ مَوْلَاهُمَا قَدْ أَعْتَقَهُمَا حَالَ كَوْنِهِمَا مَمْلُوكَيْنِ لَهُ إعْتَاقًا صَحِيحًا، وَأَنَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَكَلَّفْتُهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ هَذِهِ فَأَحْضَرَ نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ عَلَى مُوَافَقَةِ دَعْوَاهُ هَذِهِ وَسَأَلَنِي الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمْ فَسَمِعْتُ شَهَادَتَهُمْ وَثَبَتَ عِنْدِي بِشَهَادَتِهِمْ حُرِّيَّةُ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ بِإِعْتَاقِ فُلَانٍ إيَّاهُمَا. وَكَوْنِهِمَا أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ وَسَأَلَنِي الْمُدَّعِي هَذَا الْحُكْمَ بِحُرِّيَّةِ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ وَبِكَوْنِهِمَا أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ وَبِالْقَضَاءِ لَهُ بِالْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ بِشَهَادَةِ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ فَأَجَبْتُهُ إلَى ذَلِكَ وَحَكَمْتُ بِحُرِّيَّةِ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ بِإِعْتَاقِ فُلَانٍ إيَّاهُمَا حَالَ كَوْنِهِمَا مَمْلُوكَيْنِ لَهُ إعْتَاقًا صَحِيحًا وَبِكَوْنِهِمَا أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ وَقَضَيْتُ لِلْمُدَّعِي هَذَا بِالْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا بِشَهَادَةِ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ حُكْمًا أَبْرَمْتُهُ وَقَضَاءً نَفَّذْتُهُ، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ. فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثَبَتَ الْعِتْقُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ الْإِعْتَاقَ لَا يَلْتَفِتُ إلَى إنْكَارِهِ وَلَا يَحْتَاجُ الْعَبْدُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَدْ صَحَّ مِنْهُ هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إثْبَاتِ حَقِّهِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إلَّا بِهَذَا وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَصَحَّ مِنْهُ الْإِنْكَارُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ دَفْعِ الشُّهُودِ عَنْ نَفْسِهِ إلَّا بِالْإِنْكَارِ لِلْحُرِّيَّةِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى حَقًّا عَلَى الْحَاضِرِ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى الْإِثْبَاتِ إلَّا بِإِثْبَاتِ سَبَبِهِ عَلَى الْغَائِبِ يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، فَصَارَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَإِقَامَتِهَا عَلَى الْمَوْلَى الْغَائِبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ حَدِّ الْقَذْفِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ حَدِّ الْقَذْفِ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ قَذَفَهُ قَذْفًا يُوجِبُ الْحَدَّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ ثَمَانُونَ جَلْدَةً إلَى آخِرِهِ، وَإِنْ كَانَ شَتَمَهُ شَتْمًا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ يَكْتُبُ إنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ شَتَمَهُ وَيُعَيِّنُ شَتْمًا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ؛ فَقَالَ لَهُ: يَا كَذَا، ثُمَّ يَكْتُبُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ فِي الشَّرْعِ زَجْرًا لَهُ عَنْ مِثْلِهِ، وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ. [مَحْضَر فِي دعوى رَجُل عَلَى رَجُل أَنَّك سَرَقْت مِنْ دَرَاهِمِي كَذَا درهما] (مَحْضَرٌ) فِي دَعْوَى رَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَنَّك سَرَقْتَ مِنْ دَرَاهِمِي كَذَا دِرْهَمًا كَانَ مَوْضُوعًا فِي مَوْضِعِ كَذَا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ سُكَّانِ هَذِهِ الدَّارِ. وَقَدْ كَانَ قَالَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِهَذَا الْمُدَّعِي: إنْ حَلَفْتَ أَنِّي سَرَقْتَ مِنْ دَرَاهِمِكَ هَذَا الْمِقْدَارَ الَّذِي ادَّعَيْتَ فَأَنَا أُعْطِيَكَ مِثْلَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ وَأَعْطَاهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نِصْفَ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَأَعْطَاهُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي خَطًّا، ثُمَّ أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتِرْدَادَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَيْفَ الْحُكْمُ فِيهِ، وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَتَبَ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ أَعْطَى النِّصْفَ وَالْتَزَمَ النِّصْفَ صُلْحًا عَنْ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَأَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ الدَّرَاهِمَ فَعَلَيْهِ إعْطَاءُ الْبَاقِي وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ النِّصْفَ الَّذِي أَعْطَاهُ، وَإِنْ أَعْطَى النِّصْفَ وَأَعْطَاهُ خَطًّا بِالْبَاقِي بِنَاءً عَلَى يَمِينِ الْمُدَّعِي وَوَفَاءً بِمَا قَالَ - لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا أَعْطَاهُ، وَقَدْ قِيلَ: لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، نَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ضَامِنٌ لِلْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ إنَّ الصُّلْحَ بَاطِلٌ. [مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى سَرِقَةٍ] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى سَرِقَةٍ) رَجُلٌ خَبَّازٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَجْلَسَهُ عَلَى دُكَّانِهِ لِيَبِيعَ لَهُ الْخُبْزَ مِنْ النَّاسِ وَيَأْخُذَ الْأَثْمَانَ مِنْهُمْ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى صَاحِبَ دُكَّانٍ، وَصُورَةُ الدَّعْوَى أَنَّ الْخَبَّازَ ادَّعَى مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الْمَالِ، وَقَالَ: إنَّكَ سَرَقْتَ مِنْ مَالِي مِنْ أَثْمَانِ الْخُبْزِ هَذَا الْمَبْلَغَ وَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّكَ قُلْتَ: إنِّي أَخَذْتُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ

محضر في دعوى شركة العنان

مِنْ النَّاسِ وَنَقَصْتُ لَهُمْ مِنْ الْخُبْزِ الَّذِي بِعْتَهُ مِنْهُمْ، إلَّا أَنِّي لَمْ آخُذْ مِنْ مَالِكِ الْخُبْزِ شَيْئًا وَصَاحِبُ الدُّكَّانِ يُنْكِرُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَقَدْ كَتَبُوا فِي آخِرِ الْمَحْضَرِ؛ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ إحْضَارُ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ لِيَتَمَكَّنَ الْمُدَّعِي مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا قِيلَ: هَذِهِ الدَّعْوَى لَا تَتَوَجَّهُ عَلَى صَاحِبِ الدُّكَّانِ مِنْ جِهَةِ الْخَبَّازِ، غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ يُرِيدُ إثْبَاتَ إقْرَارِهِ بِأَخْذِ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الدَّعْوَى إلَّا أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ كَانَ حَقُّ الْخُصُومَةِ لِأَصْحَابِ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَصَهُمْ مِنْ الْخُبْزِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُمْ وَأَخَذَ الثَّمَنَ كَانَ عَلَيْهِ رَدُّ ذَلِكَ إلَيْهِمْ وَكَانَ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ لَهُمْ لَا لِهَذَا الرَّجُلِ إذْ هُوَ لَيْسَ بِخَصْمٍ عَنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْخَبَّازُ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّكَ قُلْتُ: إنِّي أَخَذْتُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ مِنْ مَالِكَ وَنَقَصْتُ الْوَزْنَ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ إذَا نَقَصَ مِنْ الْخُبْزِ الْمَبِيعِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ تَامًّا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي هِيَ بِمُقَابِلَةِ النُّقْصَانِ مِلْكَ الْمُشْتَرِي، فَلَا يَكُونُ لِلْخَبَّازِ وِلَايَةُ الِاسْتِرْدَادِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهَكَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ) صُورَتُهُ ادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ اشْتَرَكَ مَعَ هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ شَرِكَةَ عِنَانٍ فِي تِجَارَةِ كَذَا عَلَى أَنَّ رَأْسَ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا عَلَى أَنْ يَتَصَرَّفَا فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَيَتَصَرَّفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرَأْيِهِ عَلَى أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ الرِّبْحِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَمَا كَانَ مِنْ وَضَيْعَةٍ أَوْ خُسْرَانٍ فَهُوَ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَحْضَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَ مَالِهِ فِي مَجْلِسِ الشَّرِكَةِ وَخَلَطَاهُمَا حَتَّى صَارَ الْمَالَانِ مَالًا وَاحِدًا، وَجَعَلَا جَمِيعَ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي يَدِ هَذَا الْمُحْضَرِ وَأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ وَرَبِحَ كَذَا وَكَذَا، فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَمِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَذَلِكَ كَذَا وَكَذَا، وَإِنْ كَانَ بِالشَّرِكَةِ صَكٌّ يَكْتُبُ فِي الصَّكِّ عَلَى مِثَالِ مَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ يَكْتُبُ فِي الصَّكِّ ادَّعَى عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ الصَّكُّ مِنْ الشَّرِكَةِ الْمَالَ فِي الْمُبَيَّنِ قَدْرُهُ فِيهِ بِالرِّبْحِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ وَخَلَطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَ مَالِهِ بِرَأْسِ مَالِ صَاحِبِهِ عَلَى مَا يَنْطِقُ بِهِ الصَّكُّ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ بِتَارِيخِهِ وَجَعَلَا جَمِيعَ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ رَبِحَ كَذَا وَكَذَا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ رَدُّ رَأْسِ مَالِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ مَعَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَرَأْسُ مَالِهِ كَذَا وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ، كَذَا وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ. (مَحْضَرٌ فِي دَفْعِ هَذِهِ الدَّعْوَى) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ قِبَلَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ شَرِكَةَ عِنَانٍ بِرَأْسِ مَالٍ كَذَا وَدَعْوَاهُ قِبَلَهُ رَدَّ رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ ادَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ هَذِهِ الدَّعْوَى أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لِمَا أَنَّهُ قَاسَمَهُ الْمَالَ وَسَلَّمَ إلَيْهِ رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَأَنَّهُ أَخَذَ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْهُ بِتَسْلِيمِهِ جُمْلَةً ذَلِكَ إلَيْهِ، وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْوَقْفِيَّةِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْوَقْفِيَّةِ) حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ بِحُكْمِ الْإِذْنِ الصَّادِرِ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي فُلَانٍ بِإِثْبَاتِ الْوَقْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ صَكُّ صَدَقَةٍ أَوْرَدَهُ مَعَ نَفْسِهِ وَيَنْسَخُ الصَّكَّ إلَى آخِرِهِ، وَهَذَا مَضْمُونُ الصَّكِّ، ثُمَّ يَكْتُبُ فَادَّعَى جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الصَّكُّ مِنْ إيقَافِ - فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ هَذَا - هَذِهِ الضَّيْعَةَ الْمَحْدُودَةَ فِي هَذَا الصَّكِّ الَّذِي يُنْسَخُ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَمِلْكِهِ عَلَى الشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ، وَالسَّبِيلُ فِيهِ - كَمَا نَطَقَ بِهِ - هَذَا الصَّكُّ الْمُحَوَّلُ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمَحْضَرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ بِتَارِيخِهِ وَكَوْنِ جَمِيعِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ مِلْكًا لِهَذَا الْمُتَصَدِّقِ وَفِي يَدِهِ إلَى أَنْ وَقَفَهَا وَسَلَّمَهَا إلَى هَذَا الْمُتَوَلَّى وَهُوَ الْمَذْكُورُ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فِي الصَّكِّ الْمُحَوَّلِ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمَحْضَرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ، وَالْيَوْمَ جَمِيعُ هَذِهِ الضَّيْعَةِ الْمَذْكُورَةِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ وَقْفٌ وَصَدَقَةٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَفِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ تَسْلِيمُهَا إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ لِيُرَاعِيَ فِيهَا شَرَائِطَ الْوَاقِفِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسُئِلَ هَذَا إذَا أَتَى الْمُدَّعِي بِصَكِّ الْوَقْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُدَّعِي صَكُّ الْوَقْفِ يَكْتُبُ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ: إنَّ جَمِيعَ الضَّيْعَةِ الَّتِي هِيَ عَشْرُ ديرات

الْأَرْضِ الْمُتَّصِلَةِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ الَّتِي مَوْضِعُ جَمِيعِهَا فِي أَرْضِ قَرْيَةِ كَذَا مِنْ عَمَلِ كَذَا مِنْ قُرَى كُورَةِ بُخَارَى بِمَحَلَّةِ كَذَا مِنْ نَاحِيَةِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ تُدْعَى كَذَا أَحَدُ حُدُودِ جَمِيعِهَا لَزِيقُ طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَالطَّرِيقُ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَاحِدٌ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ كَذَا وَالرَّابِعُ لَزِيقُ الطَّرِيقِ وَإِلَيْهِ الْمَدْخَلُ بِحُدُودِهَا كُلِّهَا وَحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا وَقْفٌ مُؤَبَّدٌ حَبْسٌ مَعْرُوفٌ وَقْفُهَا، وَتَصَدَّقَ بِهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَمِلْكِهِ عَلَى أَنْ يَسْتَغِلَّ بِأَفْضَلِ وُجُوهِ الِاسْتِغْلَالِ مِمَّا يَرْزُقُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَلَّتِهَا يَبْدَأُ بِمَا فِيهِ عِمَارَتُهَا وَمَرَمَّتُهَا وَإِصْلَاحُهَا ثُمَّ يَصْرِفُ الْفَاضِلَ مِنْ غَلَّتِهَا إلَى إصْلَاحِ مَسْجِدٍ دَاخِلِ كُورَةِ بُخَارَى فِي مَحَلَّةِ كَذَا، يُعْرَفُ بِمَسْجِدِ كَذَا أَحَدُ حُدُودِ الْمَسْجِدِ كَذَا وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ كَذَا ثُمَّ يَصْرِفُ الْفَاضِلَ مِنْهَا إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَكَانَتْ هَذِهِ الضَّيْعَةُ الْمَحْدُودَةُ فِيهِ يَوْمَ الْإِيقَافِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مِلْكًا لِهَذَا الْوَاقِفِ وَفِي يَدِهِ وَقَدْ سَلَّمَ الْوَاقِفُ هَذَا جَمِيعَهَا إلَى ابْنِهِ فُلَانٍ أَوْ إلَى فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ بَعْدَمَا جَعَلَهُ قَيِّمًا فِيهَا مُتَوَلِّيًا لِأَمْرِهَا وَقَبِلَ فُلَانٌ مِنْهُ هَذِهِ الْقِوَامَةَ وَهَذِهِ الْوِلَايَةَ قَبُولًا صَحِيحًا، وَقَبَضَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا بَيَّنَ وَقْفَهَا فِيهِ قَبْضًا صَحِيحًا، وَالْيَوْمَ جَمِيعُ مَا بَيْنَ حُدُودِهِ وَوَقْفِيَّتِهِ فِيهِ وَقْفٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَفِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ تَسْلِيمُ جَمِيعِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ الْمَوْقُوفَةِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ إلَى هَذَا الْحَاضِرِ لِيُرَاعِيَ فِيهَا شُرُوطَ الْوَاقِفِ هَذَا وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَسُئِلَ فَأَجَابَ بِالْفَارِسِيَّةِ. (مرااز وَقَفَّيْت أَيْنَ مَحْدُوده عِلْم نِيسَتْ وَبَايَنَ مُدَّعَى حَاضِرِ آمُدّه سَيَرُدُّنِي ني) وَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي نَفَرًا إلَى آخِرِهِ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى وَهَذَا الْمَحْضَرِ) يَقُولُ فُلَانٌ الْقَاضِي وَيَذْكُرُ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِتَمَامِهَا وَشَهَادَةَ شُهُودِ الْمُدَّعِي مَعَ الْإِشَارَاتِ فِي مَوَاضِعِهَا بِتَمَامِهَا إلَى قَوْلِهِ: وَحَكَمْتُ بِجَمِيعِ مَا ثَبَتَ عِنْدِي مِنْ كَوْنِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ وَقْفًا صَحِيحًا مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ عَلَى الشَّرَائِطِ الْمُبَيَّنَةِ وَالسُّبُلِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَمِلْكِهِ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهَا إلَى فُلَانٍ بَعْدَمَا جَعَلَهُ مُتَوَلِّيًا بِمَسْأَلَةِ الْمُدَّعِي هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُعَدِّلِينَ وَكَوْنِهَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ فِي مَجْلِسِ قَضَائِي بَيْنَ النَّاسِ إلَى آخِرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ قَدْ رَجَعَ عَمَّا وَقَفَ بَعْدَمَا سَلَّمَ إلَى الْمُتَوَلِّي فَصُورَةُ الْمَحْضَرِ أَنْ يَكْتُبَ أَوَّلَهُ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّاهُ، ثُمَّ يَكْتُبُ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ الْمَأْذُونُ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي فُلَانٍ فِي إثْبَاتِ الْوَقْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ وَهُوَ الْوَاقِفُ أَنَّهُ وَقَفَ جَمِيعَ الضَّيْعَةِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَمِلْكِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ عَلَى الشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ، وَأَنَّ هَذَا الْوَاقِفَ سَلَّمَ جَمِيعَ الضَّيْعَةِ الْمَحْدُودَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقْفِيَّتُهَا فِيهِ إلَى فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي وَأَنَّهُ قَدْ بَدَا لِهَذَا الْمُتَصَدِّقِ الرُّجُوعُ عَنْ هَذِهِ الْوَقْفِيَّةِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الْوَقْفَ غَيْرَ لَازِمٍ فَأَزَالَهَا عَنْ يَد الْمُتَوَلِّي وَأَعَادَهَا إلَى سَائِرِ أَمْلَاكِهِ؛ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْهَا وَتَسْلِيمُهَا إلَى الْمُتَوَلِّي فُلَانٍ لَيُرَاعِيَ شَرَائِطَ الْوَقْفِيَّةِ هَذِهِ فِيهَا وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ، فَسُئِلَ فَأَجَابَ بِالْفَارِسِيَّةِ (أَيْنَ مَحْدُوده مُلْك مِنْ است ودردست مِنْ وَبِكُسَى سَيَرُدُّنِي ني) (سِجِلُّ هَذَا الْمَحْضَرِ) إلَى قَوْلِهِ وَحَكَمْتُ عَلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ فِيهِ الْوَاقِفُ هَذَا فِي وَجْهِهِ بِمَسْأَلَةِ هَذَا الْمُدَّعِي بِصِحَّةِ الْوَقْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَلُزُومِهَا، وَأَبْطَلْتُ رُجُوعَهُ عَنْهَا وَقَصَرْتُ يَدَهُ عَنْهَا عَمَلًا بِقَوْلِ مَنْ يَرَى هَذِهِ الْوَقْفِيَّةَ لَازِمَةً مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَسَلَّمْتُهَا إلَى مُتَوَلِّيهَا فُلَانٍ بَعْدَمَا ثَبَتَ عِنْدِي هَذَا الْإِيقَافُ وَالتَّصَدُّقُ الْمَذْكُورُ فِيهِ، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

محضر في إثبات ملكية لمحدود

[مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ مِلْكِيَّةٍ لِمَحْدُودٍ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ مِلْكِيَّةٍ لِمَحْدُودٍ) حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ جَمِيعَ الْأَرَاضِي الَّتِي عَدَدُهَا، كَذَا فِي أَرْضِ قَرْيَةِ كَذَا فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا تُدْعَى كَذَا مِنْ كُورَةِ كَذَا، أَحَدُ حُدُودِهَا كَذَا وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ كَذَا بِحُدُودِهَا كُلِّهَا وَحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا الَّتِي هِيَ لَهَا مِنْ حُقُوقِهَا فَإِنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي دَارٍ يَكْتُبُ أَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي فِي مَحَلَّةِ كَذَا فِي كُورَةِ كَذَا فِي سِكَّةِ كَذَا، أَحَدُ حُدُودِهَا كَذَا وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ كَذَا بِحُدُودِهَا كُلِّهَا وَحُقُوقِهَا مِلْكُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَفِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ قَصْرَ يَدِهِ عَنْ هَذِهِ الْأَرَاضِي أَوْ عَنْ هَذِهِ الدَّارِ وَتَسْلِيمِهَا إلَى الَّذِي حَضَرَ هَذَا وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسُئِلَ فَأَجَابَ بِالْفَارِسِيَّةِ (أَيْنَ زُمَيْنهَا وَخَانَهُ كه دَعْوَى ميكنداين مُدَّعَى مُلْك مِنْ است وَحَقِّ مِنْ است بَايَنَ مُدَّعَى سَيَرُدُّنِي نِيسَتْ) أَحْضَرَ الْمُدَّعِي هَذَا نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ وَسَأَلَنِي الِاسْتِمَاعَ إلَيْهِمْ فَأَجَبْتُهُ إلَيْهِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ يَكْتُبُ أَنْسَابَهُمْ وَحِلَاهُمْ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا فَشَهِدُوا عَقِيبَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَالْجَوَابِ بِالْإِنْكَارِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا شَهَادَةً صَحِيحَةً مُتَّفِقَةَ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي مِنْ نُسْخَةٍ قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ وَمَضْمُونُ تِلْكَ النُّسْخَةِ (كَوَاهِي مَيْدهمْ كه أَيْنَ زُمَيْنهَا با أَيْنَ شراكت جايكاه وَحْد وَدَوَّى كه دَرَيْنَ مَحْضَر يادكرده شَدَّهُ است) وَأَشَارَ إلَى الْمُحْضَرِ (بحدودهاى وى جَمَلِهِ وحقهاى وى مُلْك أَيْنَ حَاضِرِ آمُدِّ وَحَقِّ وى است) وَأَشَارَ إلَى الْمُدَّعِي هَذَا (وَبُدِّ سِتّ أَيْنَ حَاضِرِ أَوْ رَدَّهُ بِنَّا حَقِّ است وَوَاجِبِ است بِرِوَى تَسْلِيم كُرِدْنَ بَايَنَ مُدَّعَى) وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) يَكْتُبُ: يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانٌ: حَضَرَ فِي مَجْلِسِ قَضَائِي بِكُورَةِ بُخَارَى فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ فُلَانًا وَيُعِيدُ الدَّعْوَى مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا فَيَكْتُبُ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَنَّ الْأَرَاضِيَ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا أَوْ الدَّارَ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا بِجَمِيعِ حُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا مِلْكُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَفِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ قَصْرُ يَدِهِ عَنْ هَذِهِ الْأَرَاضِي الْمَحْدُودَةِ أَوْ عَنْ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى وَأَشَارَ إلَى مَحْضَرِ الدَّعْوَى وَتَسْلِيمِهَا إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ وَسُئِلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ عَنْ دَعْوَاهُ هَذِهِ؛ فَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (أَيْنَ زُمَيْنهَا كه دَعْوَى ميكند أَيْنَ مُدَّعَى يَا أَيْنَ خَانَهُ مُلْك مِنْ است وَبَايَنَ مُدَّعِي سَيَرُدُّنِي نِيسَتْ) أَحْضَرَ الْمُدَّعِي نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ وَسَأَلَنِي الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمْ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ يَكْتُبُ عَلَى مَا بَيَّنَّا قَبْلَ هَذَا إلَى مَوْضِعِ الْحُكْمِ، ثُمَّ يَكْتُبُ وَحَكَمْتُ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ بِكَوْنِ الْأَرَاضِي الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا السِّجِلِّ أَوْ بِكَوْنِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا السِّجِلِّ بِحُدُودِهَا كُلِّهَا وَحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا الَّتِي هِيَ لَهَا مِنْ حُقُوقِهَا مِلْكًا، وَحَقًّا لِهَذَا الْمُدَّعِي كَوْنُهَا فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ وَقَضَيْتُ بِمَلَكِيَّتِهَا لَهُ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمْ بَعْدَمَا رَجَعْتُ فِي التَّعَرُّفِ عَنْ حَالِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ إلَى مَنْ إلَيْهِ رَسْمُ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ بِالنَّاحِيَةِ فَنُسِبُوا إلَى الْعَدَالَةِ وَبَعْدَمَا عَرَضْتُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَأَلْفَاظَ الشَّهَادَةِ عَلَى أَئِمَّةِ الدِّينِ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ مَدَارُ الْفَتْوَى بِالنَّاحِيَةِ فَأَفْتَوْا بِصِحَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَجَوَازِ الشَّهَادَةِ وَكَانَ هَذَا الْحُكْمُ وَهَذَا الْقَضَاءُ مِنِّي فِي مَجْلِسِ قَضَائِي فِي كُورَةِ بُخَارَى حُكْمًا أَبْرَمْتُهُ وَقَضَاءً نَفَّذْتُهُ مُسْتَجْمِعًا شَرَائِطَ صِحَّتِهِ وَنَفَاذِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا، وَكَلَّفْتُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ هَذَا بِقَصْرِ يَدِهِ

محضر في إثبات دعوى الدار ميراثا عن الأب

عَنْ هَذِهِ الْأَرَاضِي الْمَحْدُودَةِ أَوْ عَنْ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ الْمَحْكُومُ بِهَا فَقَصَّرَ يَدَهُ عَنْهَا وَسَلَّمَهَا إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ امْتِثَالًا لِأَمْرِ الشَّرْعِ، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا قَبْلَ هَذَا (مَحْضَرٌ فِي دَفْعِ هَذِهِ الدَّعْوَى) إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي الشِّرَاءَ مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي يَكْتُبُ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ كَانَ ادَّعَى عَلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَوَّلًا. وَيَكْتُبُ دَعْوَاهُ بِتَمَامِهَا ثُمَّ يَكْتُبُ: فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ الْمَوْصُوفَةِ فِيهِ قِبَلَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ بَاعَ حَالَ نُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ فِيهِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا الَّتِي هِيَ لَهَا مِنْ حُقُوقِهَا قَبْلَ دَعْوَاهُ الْمَوْصُوفَةِ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ حَالَ كَوْنِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ مِلْكًا وَحَقًّا لِهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ وَفِي يَدِهِ بِكَذَا دِينَارًا بَيْعًا صَحِيحًا، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا الَّتِي هِيَ لَهَا مِنْ حُقُوقِهَا بِهَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ شِرَاءً صَحِيحًا حَالَ نُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَتَقَابَضَا قَبْضًا صَحِيحًا. وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ ادَّعَى إقْرَارَ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ مَعَ ذَلِكَ يُزَادُ فِي الْكِتَابَةِ عَقِيبَ قَوْلِهِ: وَتَقَابَضَا قَبْضًا صَحِيحًا، وَهَكَذَا أَقَرَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ وَنَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا طَائِعًا بِجَرَيَانِ هَذَا الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ الْمَوْصُوفَيْنِ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي هَذِهِ الضَّيْعَةِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ أَوْ فِي هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا الَّتِي هِيَ لَهَا مِنْ حُقُوقِهَا بِهَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ حَالَ نَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِمَا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَبِجَرَيَانِ التَّقَابُضِ بَيْنَهُمَا فِيهِ إقْرَارًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا صَدَّقَهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِيهِ خِطَابًا. وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي دَعْوَاهُ الْمَوْصُوفَةِ فِيهِ قِبَلَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ بَعْدَمَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا وَصَفَ فِيهِ - مُبْطِلٌ غَيْرُ مُحِقٍّ، أَوْ يَقُولُ بَعْدَمَا صَدَرَ مِنْهُ هَذَا الْإِقْرَارُ الْمَوْصُوفُ فِيهِ مُبْطِلٌ غَيْرُ مُحِقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ تَرْكُ هَذِهِ الدَّعْوَى قِبَلَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ، وَتَرْكُ التَّعَرُّضِ لَهُ فِيهِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ. وَلَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ ادَّعَى اسْتِئْجَارًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ لِدَفْعِ هَذِهِ الدَّعْوَى بِأَنْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ اسْتَكْرَى هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ الْمَوْصُوفَةَ فِيهِ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ اسْتَشْرَاهَا مِنْهُ قَبْلَ هَذِهِ الدَّعْوَى الْمَوْصُوفَةِ فِيهِ يَكْتُبُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْمَحْضَرِ ادَّعَى الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ دَعْوَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مِلْكِيَّةَ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ قِبَلَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ اسْتَكْرَى هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ فِيهِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا إلَى آخِرِهِ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ، أَوْ يَكْتُبُ اسْتَشْرَى بِكَذَا وَكَذَا وَأَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَبَى أَنْ يُكْرِيَهَا مِنْهُ أَوْ أَبَى أَنْ يَبِيعَهَا مِنْهُ وَكَانَ اسْتِشْرَاؤُهُ أَوْ اسْتِكْرَاؤُهُ هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ إقْرَارًا مِنْهُ بِكَوْنِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ مِلْكًا لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ وَبَعْدَمَا صَدَرَ هَذَا الْإِقْرَارُ مِنْهُ. فَهُوَ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى غَيْرُ مُحِقٍّ وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) أَنْ يَكْتُبَ صَدْرَ السِّجِلِّ: وَدَعْوَى الدَّفْعِ بِتَمَامِهِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا قِبَلَ هَذَا إلَى مَوْضِعِ الْحُكْمِ، ثُمَّ يَكْتُبُ: وَحَكَمْتُ بِثُبُوتِ هَذَا الدَّفْعِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعُ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُتَخَاصِمَيْنِ هَذَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا فِي مَجْلِسِ قَضَائِي بِبُخَارَى بَيْنَ النَّاسِ، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ إلَى آخِرِهِ. وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَرَادَ دَفْعَ هَذِهِ الدَّعْوَى بِسَبَبِ شِرَاءِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ يَكْتُبُ: ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ دَعْوَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مِلْكِيَّةَ هَذِهِ الدَّارِ قِبَلَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ لِمَا أَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ فِيهِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَفُلَانُ بْنُ فُلَانٍ كَانَ يَمْلِكُهَا بِكَذَا شِرَاءً صَحِيحًا قَبْلَ دَعْوَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ قِبَلَهُ الْمَوْصُوفَةُ فِيهِ، وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ إلَى آخِرِ سِجِلِّ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى نَحْوِ مَا سَبَقَ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ دَعْوَى الدَّارِ مِيرَاثًا عَنْ الْأَبِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ دَعْوَى الدَّارِ مِيرَاثًا عَنْ الْأَبِ) حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي

أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي كَانَتْ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا، وَمَرَافِقُهَا الَّتِي هِيَ لَهَا مِنْ حُقُوقِهَا كَانَتْ مِلْكًا لِوَالِدِهِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَحَقًّا لَهُ فِي يَدِهِ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ إلَى أَنْ مَاتَ وَخَلَّفَ مِنْ الْوَرَثَةِ ابْنًا لِصُلْبِهِ وَهُوَ هَذَا الْمُدَّعِي وَلَمْ يُخَلِّفْ وَارِثًا سِوَاهُ وَصَارَتْ هَذِهِ الدَّارُ الْمُبَيَّنُ مَوْضِعُهَا وَحُدُودُهَا مِيرَاثًا لَهُ عَنْ أَبِيهِ الْمَذْكُورِ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ، وَالْيَوْمَ هَذِهِ الدَّارُ الْمُبَيَّنَةُ حُدُودُهَا مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي وَحَقُّهُ بِهَذَا السَّبَبِ الْمَذْكُورِ وَفِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْ هَذِهِ الدَّارِ الْمُبَيَّنَةِ حُدُودِهَا وَتَسْلِيمُهَا إلَى هَذَا الْمُدَّعَى، وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ فَسُئِلَ فَأَجَابَ بِالْإِنْكَارِ، فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ وَسَأَلَ الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمْ، فَشَهِدُوا شَهَادَةً صَحِيحَةً مُتَّفِقَةَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى عَنْ نُسْخَةٍ قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ عَقِيبَ دَعْوَى الْمُدَّعِي هَذَا وَالْجَوَابُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا بِالْإِنْكَارِ، وَهَذَا مَضْمُونُ تِلْكَ النُّسْخَةِ (كَوَاهِي مَيْدهمْ كه أَيْنَ خَانَهُ كه جايكاه وحدودوى يَا دكرده شَدَّ مَا سِتّ دُرِّ محضراين دَعْوَى) وَأَشَارَ إلَى مَحْضَرِ الدَّعْوَى الْمَوْصُوفَةِ فِيهِ (بحدهاى وحقهاى وَمَرَافِق وى كه ازحقهاي وى است مُلْك فُلَان بْن فُلَان بَدْر أَيْنَ مُدَّعَى بِوُدِّ) وَأَشَارَ إلَى الْمُدَّعِي هَذَا (وَحَقِّ وى بودودر قَبَضَ وَتَصْرِف وى تا أَيْنَ زَمَان كه وَفَاتَ يافت وازوى ويرايك بِسِرِّ مَا ندهمين مُدَّعَى) وَأَشَارَ إلَى الْمُدَّعِي هَذَا (وبجزازوى وارئى ديكر نمانده أَيْنَ مُتَوَفَّى راواين خَانَهُ مِيرَاث شدازين مُتَوَفَّيْ مربسرويرا أَيْنَ) وَأَشَارَ إلَى الْمُدَّعَى هَذَا (وأمروزاين خَانَهُ محدودد رَيْن مَحْضَر) وَأَشَارَ إلَى مَحْضَرِ الدَّعْوَى (بِحَدِّهَا وَحَقِّهَا مُلْك أَيْنَ مُدَّعَى است وَحَقِّ وى است ودردست أَيْنَ مُدَّعَى عَلَيْهِ بنا حَقِّ است) وَأَشَارَ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانٌ: يَكْتُبُ عَلَى رَسْمِهِ وَيُعِيدُ الدَّعْوَى بِعَيْنِهَا مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا مَعَ أَسَامِي الشُّهُودِ وَأَلْفَاظِ الشَّهَادَةِ وَبَيَانِ أَنِّي قَبِلْتُ شَهَادَةَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ لِكَوْنِهِمْ مَعْرُوفِينَ بِالْعَدَالَةِ أَوْ لِظُهُورِ عَدَالَتِهِمْ بِتَعْدِيلِ الْمُزَكِّينَ أَوْ بِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْإِسْلَامِ إذَا لَمْ يَطْعَنْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فِي شَهَادَتِهِمْ وَجَمِيعُ مَا يَكْتُبُ فِي السِّجِلَّاتِ إلَى مَوْضِعِ الْحُكْمِ ثُمَّ يَكْتُبُ وَحَكَمْتُ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا شَهِدَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ فِي هَذَا السِّجِلِّ بِكَوْنِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ مِلْكًا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَالِدِ هَذَا الْمُدَّعِي، وَكَوْنِهَا فِي يَدِهِ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ إلَى وَقْتِ وَفَاتِهِ وَصَيْرُورَتِهَا مِلْكًا لِهَذَا الْمُدَّعِي بَعْدَ وَفَاةِ وَالِدِهِ هَذَا إرْثًا عَنْ وَالِدِهِ هَذَا فِي وَجْهِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ هَذَيْنِ حُكْمًا أَبْرَمْتُهُ وَقَضَاءً نَفَّذْتُهُ، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ (مَحْضَرٌ فِي دَفْعِ هَذِهِ الدَّعْوَى) حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ كَانَ يَدَّعِي أَوَّلًا عَلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ مِلْكِيَّةَ دَارٍ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا إرْثًا عَنْ أَبِيهِ وَيُعِيدُ دَعْوَاهُ بِتَمَامِهَا ادَّعَى هَذَا الَّذِي، حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ دَعْوَاهُ هَذِهِ سَاقِطَةٌ عَنِّي لِمَا أَنَّ وَالِدَ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ قَدْ كَانَ بَاعَ هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ بِكَذَا بَيْعًا صَحِيحًا وَهَذَا الَّذِي حَضَرَ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِهَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ شِرَاءً صَحِيحًا

محضر في دعوى ملكية المنقول ملكا مطلقا

وَجَرَى التَّقَابُضُ بَيْنَهُمَا بِوَصْفِ الصِّحَّةِ، وَالْيَوْمَ هَذِهِ الدَّارُ الْمَحْدُودَةُ مِلْكُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ بِهَذَا السَّبَبِ وَحَقُّهُ وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فِي دَعْوَاهُ قِبَلَهُ بَعْدَمَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفَ - مُبْطِلٌ غَيْرُ مُحِقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ فَسُئِلَ. (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) يَكْتُبُ عِنْدَ الْحُكْمِ وَحَكَمْتُ بِثُبُوتِ هَذَا الدَّفْعِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ لِهَذَا الْمُدَّعِي الدَّفْعَ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعَ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا فِي مَجْلِسِ قَضَائِي بِكُورَةِ بُخَارَى، وَأَمَرْتُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِالْكَفِّ عَنْ دَعْوَاهُ هَذِهِ وَتَرْكِ التَّعَرُّضِ لِلْمَحْكُومِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَيُتِمُّ السِّجِلَّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى مِلْكِيَّةِ الْمَنْقُولِ مِلْكًا مُطْلَقًا] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى مِلْكِيَّةِ الْمَنْقُولِ مِلْكًا مُطْلَقًا) حَضَرَ وَأَحْضَرَ وَفِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فَرَسٌ وَسَطُ الْجُثَّةِ يُقَالُ لِمِثْلِهِ لَوْنًا: أَبْلَقُ مَشْقُوقُ الْمَنْخَرَيْنِ عَلَى كَتِفِهِ الْيُسْرَى كَيٌّ صُورَتُهُ هَكَذَا عُرْفُهُ مَائِلٌ إلَى الْيَمِينِ تَامُّ الذَّنَبِ مُحَجَّلُ الرِّجْلَيْنِ وَالْيَدَيْنِ مَقْطُوعُ رَأْسِ أُذُنِهِ الْيُمْنَى مِنْ الطُّولِ، يُقَالُ لِمِثْلِهِ: سُوَّفًا، لِمَحْضَرِ مَجْلِسِ هَذِهِ الدَّعْوَى الْمَوْصُوفَةِ فِيهِ مُشَارٌ إلَيْهِ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ أَنَّ هَذَا الْبِرْذَوْنَ وَأَشَارَ إلَى الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَحَقُّهُ وَفِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فِي عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْ هَذَا الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَتَسْلِيمِهِ إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ فَسُئِلَ فَأَجَابَ، فَقَالَ (أَيْنَ است مُلْك وَحَقِّ مِنْ است ومراباين مُدَّعَى سبردني نِيسَتْ) أَحْضَرَ هَذَا الْمُدَّعِي نَفَرًا ذَكَرِ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ وَاسْتَشْهَدَ الشُّهُودَ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ إلَى آخِرِهِ. (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) يَكْتُبُ عَلَى الرَّسْمِ إلَى قَوْلِهِ: فَاسْتَشْهَدَ الشُّهُودَ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ الِاسْتِشْهَادِ عَقِيبَ دَعْوَى الْمُدَّعِي هَذَا وَالْجَوَابُ بِالْإِنْكَارِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا، وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ (كَوَاهِي مَيْدهمْ كه ابْنِ اسْبِ) وَأَشَارَ إلَى الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ (مُلْك أَيْنَ حَاضِرِ آمُدّه است) وَأَشَارَ إلَى الْمُدَّعِي (وَحَقِّ وى است واندردست أَيْنَ حَاضِرِ آوَرَدَهُ) وَأَشَارَ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بناحق است) فَسَمِعْتُ شَهَادَتَهُمْ إلَى قَوْلِهِ: وَحَكَمْتُ فَإِذَا بَلَغَ إلَيْهِ يَكْتُبُ وَحَكَمْتُ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَوْنِ هَذَا الْبِرْذَوْنَ الْمُدَّعَى بِهِ الْمُشَارِ إلَيْهِ مِلْكَ هَذَا الْمُدَّعِي وَحَقُّهُ وَبِكَوْنِهِ فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمَعْرُوفِينَ بِالْعَدَالَةِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُتَخَاصِمَيْنِ هَذَيْنِ وَبِمَحْضَرٍ مِنْ الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ. [مَحْضَرٌ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْبِرْذَوْنِ] (مَحْضَرٌ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْبِرْذَوْنِ) وُجُوهُ الدَّفْعِ لِهَذِهِ الدَّعْوَى كَثِيرَةٌ فَنَحْنُ نَكْتُبُ ثَلَاثَةً مِنْهَا فَإِذَا عَلِمَهَا الْكَاتِبُ بَنَى مَا يَقَعُ لَهُ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ عَلَيْهَا: (أَحَدُهَا) - الدَّفْعُ بِالِاسْتِشْرَاءِ، وَصُورَةُ ذَلِكَ: حَضَرَ وَأَحْضَرَ وَفِي يَدِ هَذَا الْمُحْضَرِ بِرْذَوْنٌ شِيَتُهُ كَذَا فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضِرِ فِي دَفْعِ دَعْوَى هَذَا الْمُحْضِرِ عَلَى هَذَا الْحَاضِرِ مِلْكِيَّةَ هَذَا الْبِرْذَوْنِ الْمُوَشَّى فِيهِ الْمَحْضَرُ مَجْلِسَ هَذِهِ الدَّعْوَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُحْضِرَ ادَّعَى عَلَى هَذَا الْحَاضِرِ أَوَّلًا يَكْتُبُ دَعْوَاهُ بِتَمَامِهَا، ثُمَّ يَكْتُبُ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ فِي دَفْعِ دَعْوَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ الْمَوْصُوفَةِ فِيهِ، فَقَالَ: دَعْوَى هَذَا الْمُحْضِرِ مِلْكِيَّةَ هَذَا الْبِرْذَوْنِ قِبَلَ هَذَا الْحَاضِرِ سَاقِطَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُحْضِرَ قَدْ كَانَ اسْتَشْرَى هَذَا الْبِرْذَوْنَ الْمَوْصُوفَ الْمُوَشَّى فِيهِ وَأَشَارَ إلَى الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ هَذَا الْحَاضِرِ فِي حَالِ نَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، وَإِنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَبَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ وَكَانَ اسْتِشْرَاءُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ هَذَا الْبِرْذَوْنَ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ إقْرَارًا مِنْ هَذَا الْمُحْضِرِ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِي هَذَا الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ وَبَعْدَمَا صَدَرَ مِنْ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ هَذَا الِاسْتِشْرَاءُ فَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَى مِلْكِيَّةِ هَذَا الْبِرْذَوْنِ لِنَفْسِهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَرْكُ

محضر في دعوى ملكية العقار بسبب الشراء من صاحب اليد

هَذِهِ الدَّعْوَى قِبَلَ هَذَا الْحَاضِرِ فَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ. (الْوَجْهُ الثَّانِي) الدَّفْعُ بِطَرِيقِ الِاسْتِكْرَاءِ يَكْتُبُ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضِرِ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ مِلْكِيَّةَ هَذَا الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ لِنَفْسِهِ قِبَلَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ قَدْ كَانَ اسْتَكْرَى هَذَا الْبِرْذَوْنَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي حَالِ نُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ، وَكَانَ اسْتِكْرَاؤُهُ إقْرَارًا مِنْهُ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِي هَذَا الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي الِاسْتِشْرَاءِ. (الْوَجْهُ الثَّالِثُ) الدَّفْعُ بِالنَّتَاجِ يَكْتُبُ ادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ فِي دَفْعِ دَعْوَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ مِلْكِيَّةَ الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ الْمَوْصُوفِ الْمُوَشِّي فِيهِ أَنَّ دَعْوَاهُ هَذِهِ قِبَلَ هَذَا الْحَاضِرِ سَاقِطَةٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبِرْذَوْنَ الْمُدَّعَى بِهِ وَأَشَارَ إلَيْهِ نَتَاجُ هَذَا الْحَاضِرِ فَنَتَجَ عَنْ هَذَا الْحَاضِرِ مِنْ رَمَكَةٍ كَانَتْ تِلْكَ الرَّمَكَةُ يَوْمَ هَذَا النِّتَاجِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مِلْكَ هَذَا الْحَاضِرِ وَحَقَّهُ وَفِي يَدِهِ، وَإِنَّ هَذَا الْبِرْذَوْنَ الْمُدَّعَى بِهِ الْمُوَشِّي فِيهِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ هَذَا الْحَاضِرِ مِنْ يَوْمِ هَذَا النَّتَاجِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إلَى هَذَا الْيَوْمِ وَأَنَّ هَذَا الْمُحْضِرَ فِي دَعْوَاهُ مِلْكِيَّةَ هَذَا الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ وَالْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفَ مُبْطِلٌ غَيْرُ مُحِقٍّ، فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَرْكُ هَذِهِ الدَّعْوَى قِبَلَ هَذَا الْحَاضِرِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ (سِجِلُّ هَذَا الدَّفْعِ) يَكْتُبُ صَدَرَ السِّجِلُّ إلَى قَوْلِهِ وَحَكَمْتُ عَلَى الرَّسْمِ ثُمَّ يَكْتُبُ حَكَمْتُ لِمُدَّعِي الدَّفْعَ هَذَا الْحَاضِرَ بِمَسْأَلَتِهِ فِي وَجْهِ خَصْمِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعُ هَذَا الْمَحْضَرَ بِصِحَّةِ دَعْوَى الدَّفْعِ الَّتِي ادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ مِنْ اسْتِشْرَاءِ هَذَا الْمُحْضِرِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَنَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِ هَذَا الْبِرْذَوْنَ الْمُدَّعَى بِهِ الْمُوَشَّى فِيهِ مِنْ مُدَّعِي الدَّفْعِ هَذَا الْحَاضِرُ قِبَلَ دَعْوَى هَذَا الْمُحْضِرِ مِلْكِيَّةَ هَذَا الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ الْمُوَشَّى فِيهِ قِبَلَ هَذَا الْحَاضِرِ وَإِبَاءِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ الْبَيْعَ مِنْ هَذَا الْمُحْضِرِ وَبِبُطْلَانِ دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعُ هَذَا الْمُحْضِرِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ قِبَلَ هَذَا الْحَاضِرِ وَهُوَ الْمُدَّعِي الدَّفْعَ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُتَخَاصِمَيْنِ هَذَيْنِ وَبِحَضْرَةِ الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ الْمَوْصُوفِ الْمُوَشَّى فِيهِ هَذَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يَكْتُبُ عَقِيبَ قَوْلِهِ بِصِحَّةِ دَعْوَى الدَّفْعِ الَّتِي ادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضِرِ مِنْ اسْتِكْرَاءِ هَذَا الْمُحْضَرِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ هَذَا الْبِرْذَوْنَ الْمُدَّعِي بِهِ الْمُوَشَّى فِيهِ الْمَوْصُوفِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا فِي فَصْلِ الِاسْتِشْرَاءِ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ يَكْتُبُ عَقِيبَ قَوْلِهِ بِصِحَّةِ دَعْوَى الدَّفْعِ الَّتِي ادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ أَنَّ هَذَا الْبِرْذَوْنَ الْمُدَّعَى بِهِ نَتَاجُ مُدَّعِي الدَّفْعَ هَذَا الْحَاضِرُ نَتَجَ عِنْدَهُ مِنْ رَمَكَةٍ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ وَفِي يَدِهِ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ يَوْمَ هَذَا النَّتَاجِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ مِنْ يَوْمِ هَذَا النَّتَاجِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إلَى هَذَا الْيَوْمِ، وَأَنَّ دَعْوَى هَذَا الْمُحْضَرِ مِلْكِيَّةَ هَذَا الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ قِبَلَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ حَكَمْت بِذَلِكَ كُلِّهِ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ فِي وَجْهِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ هَذَيْنِ وَبِحَضْرَةِ هَذَا الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ، أَوْ يَكْتُبُ وَحَكَمْت لِمُدَّعِي الدَّفْعَ هَذَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعُ هَذَا بِثُبُوتِ جَمِيعِ مَا شَهِدَ بِهِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ حُكْمًا أَبْرَمَتْهُ وَقَضَاءً نَفَّذْته مُسْتَجْمِعًا شَرَائِطَ صِحَّتِهِ وَنَفَاذِهِ فِي مَجْلِسِ قَضَائِي بَيْنَ النَّاسِ فِي كُورَةِ بُخَارَى بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ وَبِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَا الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَأَمَرْت الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِتَرْكِ التَّعَرُّضِ لِلْمَحْكُومِ لَهُ هَذَا إلَى آخِرِهِ. [مَحْضَر فِي دعوى مَلَكِيَّة الْعَقَار بِسَبَبِ الشِّرَاء مِنْ صَاحِب الْيَد] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى مِلْكِيَّةِ الْعَقَارِ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ) يَكْتُبُ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا وَهِيَ فِي يَدِ هَذَا الْمُحْضَرِ الْيَوْمَ مِلْكُ هَذَا الْحَاضِرِ وَحَقُّهُ بِسَبَبِ أَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ اشْتَرَاهَا مِنْ هَذَا الْمُحْضَرِ بِكَذَا كَذَا دِرْهَمًا أَوْ بِكَذَا كَذَا دِينَارًا شِرَاءً صَحِيحًا وَأَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ بَيْعًا صَحِيحًا وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ قَبَضَ هَذَا الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ تَامًّا وَافِيًا قَبْضًا صَحِيحًا بِدَفْعِ هَذَا الْحَاضِرِ ذَلِكَ إلَيْهِ، وَأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الْمُبَيَّنَ حُدُودُهَا وَمَوْضِعُهَا فِيهِ كَانَتْ يَوْمَ الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مِلْكًا لِهَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ وَفِي يَدِهِ فَصَارَتْ الدَّارُ الْمَحْدُودَةُ فِيهِ مِلْكًا لِهَذَا الْحَاضِرِ بِهَذَا السَّبَبِ وَهَذَا الَّذِي

أَحْضَرَهُ يَمْتَنِعُ عَنْ تَسْلِيمِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ إلَى هَذَا الْحَاضِرِ ظُلْمًا وَتَعَدِّيًا، فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا إلَى هَذَا الْحَاضِرِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسُئِلَ، فَإِنْ كَانَ بِالْبَيْعِ صَكٌّ فَادَّعَى بِمَضْمُونِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَيَمْتَنِعُ عَنْ التَّسْلِيمِ - يَكْتُبُ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ ذِكْرُ شِرَاءٍ أَوْ رَدُّهُ وَهَذِهِ نُسْخَتُهُ. وَيَكْتُبُ الصَّكَّ فِي الْمَحْضَرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ تَحْوِيلِ الصَّكِّ ادَّعَى هَذَا الْمُحْضَرِ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الصَّكُّ الْمُحَوَّلُ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مِنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَإِيفَاءِ الثَّمَنِ وَقَبْضِهِ وَضَمَانِ الدَّرْكِ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَمَا يَنْطِقُ بِذَلِكَ كُلِّهِ هَذَا الصَّكُّ الْمُحَوَّلُ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمُحْضَرِ بِتَارِيخِهِ الْمُؤَرَّخِ فِيهِ، وَإِنَّ هَذِهِ الدَّارَ الْمُبَيَّنَ حُدُودُهَا فِي هَذَا الصَّكِّ الْمُحَوَّلِ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمَحْضَرِ كَانَتْ مِلْكًا لِهَذَا الْمُحْضَرِ يَوْمَ الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَصَارَتْ الدَّارُ الْمُبَيَّنُ حُدُودُهَا فِي الصَّكِّ الْمُحَوَّلِ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مِلْكًا لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ بِهَذَا الشِّرَاءِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ، وَهَذَا الْمُحْضَرُ يَمْتَنِعُ عَنْ تَسْلِيمِ هَذِهِ الدَّارِ إلَى هَذَا الْحَاضِرِ، فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ، وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ جَرَى التَّقَابُضُ بَيْنَهُمَا يَكْتُبُ ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الصَّكُّ الْمُحَوَّلُ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَإِيفَاءِ الثَّمَنِ وَقَبْضِهِ وَتَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَتَسَلُّمِهِ وَضَمَانِ الدَّرْكِ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَمَا يَنْطِقُ بِهِ الصَّكُّ، وَأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الْمُبَيَّنَ حُدُودُهَا فِي هَذَا الصَّكِّ الْمُحَوَّلِ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمُحْضَرِ كَانَتْ مِلْكًا لِهَذَا الْمُحْضَرِ وَقْتَ الشِّرَاءِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ وَصَارَتْ مِلْكًا لِهَذَا الْحَاضِرِ بِالسَّبَبِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ. ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمُحْضَرَ بَعْدَ هَذَا الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَى هَذِهِ الدَّارِ الْمُبَيَّنِ حُدُودُهَا فِيهِ وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي هَذَا الَّذِي حَضَرَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ. (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ سِجِلٍّ أَوْرَدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَلْدَةٍ أُخْرَى لِلرُّجُوعِ بِثَمَنِ الْبِرْذَوْنِ الْمُسْتَحَقِّ) صُورَةُ ذَلِكَ: رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ بِرْذَوْنًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَتَقَابَضَا وَكَانَتْ هَذِهِ الْمُبَايَعَةُ بِبُخَارَى، فَذَهَبَ الْمُشْتَرِي بِالْبِرْذَوْنِ إلَى سَمَرْقَنْدَ وَاسْتَحَقَّ رَجُلٌ هَذَا الْبِرْذَوْنَ بِالْبَيِّنَةِ فِي مَجْلِسِ قَضَاءِ سَمَرْقَنْدَ وَقَضَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ بِمِلْكِيَّةِ الْبِرْذَوْنِ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَكَتَبَ لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ سِجِلًّا، فَأَوْرَدَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ السِّجِلَّ إلَى بُخَارَى وَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى بَائِعِ الْبِرْذَوْنِ بِالثَّمَنِ فَجَحَدَ بَائِعُهُ الِاسْتِحْقَاقَ وَالسِّجِلَّ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ السِّجِلِّ الَّذِي أَوْرَدَهُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْبَيِّنَةِ فِي مَجْلِسِ قَاضِي بُخَارَى وَعِنْدَ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى كِتَابَةِ الْمَحْضَرِ وَصُورَةُ ذَلِكَ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ ذِكْرُ سِجِلٍّ أَوْ رَدُّهُ مِنْ قِبَلِ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ وَهَذِهِ نُسْخَتُهُ وَنَسَخَ هَذَا السِّجِلَّ فِي الْمَحْضَرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ، وَيَكْتُبُ تَوْقِيعَ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ عَلَى صَدْرِ السِّجِلِّ، وَيَكْتُبُ خَطَّ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ بَعْدَ تَارِيخِ السِّجِلِّ، يَقُولُ فُلَانٌ الْقَاضِي بِسَمَرْقَنْدَ: هَذَا سِجِلٌّ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ يَكْتُبُ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ كَانَ اشْتَرَى مِنْ هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ هَذَا الْبِرْذَوْنَ الْمُوَشَّى فِيهِ الْمَوْصُوفُ فِي هَذَا السِّجِلِّ الْمُحَوَّلِ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمُحْضَرِ بِكَذَا دِرْهَمًا أَوْ بِكَذَا دِينَارًا وَأَنَّهُ كَانَ بَاعَهُ مِنْهُ بِهِ أَنَّهُمَا كَانَ قَدْ تَقَابَضَا. ثُمَّ إنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ يَعْنِي الْمُسْتَحِقُّ اسْتَحَقَّ هَذَا الْبِرْذَوْنَ بِعَيْنِهِ مِنْ يَدِ هَذَا الْحَاضِرِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِكُورَةِ سَمَرْقَنْدَ عِنْدَ قَاضِيهَا فُلَانٍ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ قَامَتْ عِنْدَهُ وَجَرَى الْحُكْمُ مِنْهُ لِهَذَا الْمُسْتَحِقِّ عَلَى هَذَا الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ بِهَذَا الْبِرْذَوْنِ، وَأَخْرَجَ هَذَا الْقَاضِي هَذَا الْبِرْذَوْنَ مِنْ يَدِ هَذَا الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَسَلَّمَهُ إلَى هَذَا الْمُسْتَحِقِّ كَمَا يَنْطِقُ بِهِ السِّجِلُّ الْمُحَوَّلُ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ بِتَارِيخِهِ الْمُؤَرَّخِ فِيهِ، وَإِنَّ قَاضِيَ بَلْدَةَ سَمَرْقَنْدَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ هَذَا الْمَذْكُورُ اسْمُهُ فِي هَذَا السِّجِلِّ الْمُحَوَّلِ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمُحْضَرِ كَانَ قَاضِيًا يَوْمَئِذٍ بِكُورَةِ سَمَرْقَنْدَ نَافِذٌ قَضَاؤُهُ بَيْنَ أَهْلِهَا مِنْ قِبَلِ الْخَاقَانِ فُلَانٍ وَأَنَّ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ حَقُّ الرُّجُوعِ

عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَهُوَ فِي عِلْمٍ مِنْ هَذَا الِاسْتِحْقَاقِ عَلَيْهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ رَدُّ هَذَا الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْهُ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسُئِلَ فَقَالَ (مَرَّا ازين سِجِلّ عِلْم نِيسَتْ ومرابكسى جِيزَ دادنى نِيسَتْ) (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) يَكْتُبُ صَدَرَ السِّجِلُّ عَلَى الرَّسْمِ وَتُعَادُ دَعْوَى الْمُدَّعِي إلَى جَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (مَرَّا ازين سِجِلّ عِلْم نِيسَتْ ومرايكسى جيزدادني نِيسَتْ) ثُمَّ يَكْتُبُ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَسَأَلَنِي الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمْ فَأَجَبْت إلَيْهِ وَاسْتَشْهَدْت الشُّهُودَ هَؤُلَاءِ فَشَهِدُوا عَقِيبَ دَعْوَى الْمُدَّعِي هَذَا، وَالْجَوَابُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِنْكَارِ مِنْ نُسْخَةٍ قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ وَمَضْمُونُهَا (كَواهى مَيْدهمْ كه اين سِجِلّ) وَأَشَارُوا إلَى السِّجِلِّ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْمُدَّعِي هَذَا (سِجِلّ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ است اينكه نَامَ وَنَسُبّ وى درين سِجِلّ است وَمَضْمُون وى حُكْم وَقَضَايَ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ است حُكْم كرد اين مُسْتَحَقّ راباين اسْبِ كه صَفَّتْ وى درين سِجِلّ مَذْكُور است بَرَّيْنِ مُسْتَحَقّ عَلَيْهِ آنِ روزكه ايْن قَاضِي حُكْم كردباين مَضْمُون كه ايْن سِجِلّ است، وَمَا رابرين سِجِلّ كَوَاهُ كَردانيدوى قَاضِي بودبشهر سَمَرْقَنْدَ نَافِذ قضا ميان أَهْل وى) فَأَتَوْا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا وَسَاقُوهَا عَلَى سُنَنِهَا فَسَمِعْتُ شَهَادَتَهُمْ وَأَثْبَتُّهَا فِي الْمَحْضَرِ الْمُجَلَّدِ فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ قِبَلِي وَرَجَعْت فِي التَّعَرُّفِ عَنْ أَحْوَالِهِمْ إلَى مَنْ إلَيْهِ رَسْمُ التَّزْكِيَةِ بِالنَّاحِيَةِ فَنُسِبَ اثْنَانِ مِنْهُمْ إلَى الْعَدَالَةِ وَجَوَازِ الشَّهَادَةِ وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَثَبَتَ عِنْدِي بِشَهَادَةِ هَذَيْنِ الْمُعَدَّلَيْنِ مَا شَهِدَا بِهِ عَلَى مَا شَهِدَا بِهِ فَأَعْلَمْت الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ هَذَا بِثُبُوتِ ذَلِكَ وَمَكَّنْته مِنْ إيرَادِ الدَّفْعِ فَلَمْ يَأْتِ بِالدَّفْعِ إلَى قَوْلِهِ: وَحَكَمْت بِثُبُوتِ هَذَا السِّجِلِّ الْمُنْتَسَخِ فِيهِ أَنَّهُ سِجِلُّ الْقَاضِي فُلَانٌ وَأَنَّ مَضْمُونَهُ حُكْمُهُ، وَأَنَّهُ كَانَ يَوْمَ هَذَا الْحُكْمِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ وَيَوْمَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ نَافِذَ الْقَضَاءِ بِكُورَةِ سَمَرْقَنْدَ وَأَمْضَيْت حُكْمَهُ الْمَوْصُوفَ فِيهِ وَحَكَمْت بِصِحَّتِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا وَأَطْلَقْت لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ. وَهُوَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ بَعْدَمَا فَسَخْتُ الْعَقْدَ الَّذِي كَانَ جَرَى بَيْنَهُمَا، وَكَانَ هَذَا السِّجِلُّ الَّذِي أَوْرَدَهُ هَذَا الْحَاضِرُ وَجَوَابُ نُسْخَتِهِ فِيهِ مُحْضَرًا وَقْتَ حُكْمِي هَذَا مُشَارًا إلَيْهِ وَأَشْهَدْت عَلَى ذَلِكَ حُضُورَ مَجْلِسِي وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَجْلِسِ قَضَائِي فِي كُورَةِ بُخَارَى فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا، وَلَوْ كَانَ مُشْتَرِي الْبِرْذَوْنِ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الَّذِي ذَهَبَ بِالْبِرْذَوْنِ إلَى سَمَرْقَنْدَ وَذَهَبَ مَعَهُ بَائِعُهُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَاسْتَحَقَّ رَجُلٌ الْبِرْذَوْنَ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي فِي مَجْلِسِ قَضَاءِ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ أَقَامَهَا عَلَيْهِ، وَقَضَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ بِالْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَقَضَى لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ، وَكَتَبَ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ سِجِلًّا بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ، فَجَاءَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالسِّجِلِّ إلَى قَاضِي بُخَارَى وَأَحْضَرَ بَائِعَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ فَجَحَدَ الِاسْتِحْقَاقَ وَالسِّجِلَّ وَوَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِ السِّجِلِّ، يَكْتُبُ الْمَحْضَرَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ حَضَرَ فُلَانٌ يَعْنِي الْمُشْتَرِي الْأَوَّلَ وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانًا يَعْنِي الْبَائِعَ الْأَوَّلَ، فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الْمُحْضَرَ كَانَ بَاعَ مِنْ الْحَاضِرِ بِرْذَوْنًا شِيَتُهُ كَذَا بِعَيْنِهِ بِكَذَا دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا، وَأَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ كَانَ اشْتَرَى هَذَا الْبِرْذَوْنَ مِنْهُ بِهَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَجَرَى التَّقَابُضُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّ هَذَا الْحَاضِرَ بَاعَ هَذَا الْبِرْذَوْنَ مِنْهُ بِهَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَجَرَى التَّقَابُضُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إنَّ هَذَا الْحَاضِرَ بَاعَ الْبِرْذَوْنَ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ الْآخَرَ

محضر في إثبات القود

ثُمَّ إنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ يَعْنِي الْمُسْتَحِقَّ حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ بِكُورَةِ سَمَرْقَنْدَ قِبَلَ قَاضِيهَا فُلَانٍ، وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانًا يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ الْآخَرَ وَادَّعَى هَذَا الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ بِحَضْرَتِهِ وَبِحَضْرَةِ هَذَا الْبِرْذَوْنَ الْمَذْكُورَ شِيَتُهُ أَنَّ هَذَا الْبِرْذَوْنَ - وَأَشَارَ إلَيْهِ - مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ. وَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (ايْن بِرْذَوْن مُدَّعَى بِهِ بِمُلْكِ مِنْ است) فَأَقَامَ الْمُدَّعِي هَذَا بَيِّنَةً عَادِلَةً عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ بِحَضْرَةِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِحَضْرَةِ هَذَا الْبِرْذَوْنِ الْمَذْكُورِ شِيَتُهُ فِي مَجْلِسِ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ هَذَا الْمَذْكُورُ لَقَبُهُ وَاسْمُهُ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ، فَسَمِعَ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ وَقَبِلَهَا بِشَرَائِطِهَا وَحَكَمَ لِلْمُسْتَحِقِّ الْمَذْكُورِ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فِيهِ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ الْمَذْكُورِ بِحَضْرَتِهِمَا وَبِحَضْرَةِ الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ بِمِلْكِيَّةِ الْبِرْذَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ وَأَخَذَ هَذَا الْبِرْذَوْنَ مِنْ هَذَا الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَهُ إلَى هَذَا الْمَحْكُومِ لَهُ وَهَذَا الْقَاضِي يَوْمَ هَذَا الْحُكْمِ وَهَذَا التَّسْلِيمِ كَانَ قَاضِيًا بِكُورَةِ سَمَرْقَنْدَ وَنَوَاحِيهَا نَافِذَ الْقَضَاءِ وَالْإِمْضَاءِ بَيْنَ أَهْلِهَا مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ، ثُمَّ إنَّ فُلَانًا الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ الْآخَرَ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ هَذَا الْحَاضِرِ بِالثَّمَنِ الَّذِي نَقَدَهُ، وَذَلِكَ كَذَا فِي مَجْلِسِ قَضَاءِ كُورَةِ سَمَرْقَنْدَ قِبَلَ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ وَاسْتَرَدَّهُ مِنْهُ بِكَمَالِهِ بَعْدَ جَرَيَانِ الْحُكْمِ مِنْهُ لِهَذَا الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْحَاضِرِ بِنُكُولِ هَذَا الْحَاضِرِ عَنْ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَبَعْدَمَا فَسَخَ الْعَقْدَ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا، وَأَطْلَقَ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى الْبِرْذَوْنَ مِنْهُ وَنَقْدِهِ. وَذَلِكَ كَذَا، وَقَدْ نَطَقَ بِذَلِكَ كُلِّهِ مَضْمُونُ السِّجِلِّ الَّذِي أَوْرَدَهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ مَجْلِسَ الدَّعْوَى، وَإِنَّ لِهَذَا الْحَاضِرَ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ الَّذِي كَانَ أَدَّاهُ إلَيْهِ وَقْتَ جَرَيَانِ هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ، فَسُئِلَ فَقَالَ (مراازين سِجِلّ عِلْم نِيسَتْ وَبَايَنَ مُدَّعِي جيزدادني نِيسَتْ) أَوْرَدَ الْحَاضِرُ نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ وَسَأَلَنِي الِاسْتِمَاعَ إلَيْهِمْ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كُتِبَ أَوَّلًا) غَيْرَ أَنَّ فِي هَذَا السِّجِلِّ يَذْكُرُ حُكْمَ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ بِرُجُوعِ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ عَلَى هَذَا الْحَاضِرِ، (نُسْخَةٌ أُخْرَى لِلسِّجِلِّ الْأَوَّلِ عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَازِ) يَكْتُبُ قَاضِي بُخَارَى عَلَى ظَهْرِ السِّجِلِّ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مِنْ سَمَرْقَنْدَ يَقُولُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَاضِي بُخَارَى وَنَوَاحِيهَا إلَى آخِرِهِ: ثَبَتَ عِنْدِي مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ الْحَوَادِثُ الْحُكْمِيَّةُ وَالنَّوَازِلُ الشَّرْعِيَّةُ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ الْمَذْكُورَ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فِي بَاطِنِ هَذَا السِّجِلِّ كَانَ اشْتَرَى هَذَا الْبِرْذَوْنَ الْمَحْكُومَ بِهِ الْمُوَشَّى فِي بَاطِنِهِ بِعَيْنِهِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بَائِعِ هَذَا الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِكَذَا كَذَا وَهُوَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ فِي بَاطِنِ هَذَا السِّجِلِّ، وَأَنَّهُ كَانَ بَاعَهُ مِنْهُ بِهَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ. ثُمَّ إنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ هَذَا الْمَذْكُورَ فِي بَاطِنِ هَذَا السِّجِلِّ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ هَذَا الْمَذْكُورِ فِي بَاطِنِ هَذَا السِّجِلِّ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ بِحُكْمِي عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بَعْدَمَا فَسَخْت الْعَقْدَ الَّذِي كَانَ جَرَى بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْبِرْذَوْنِ، وَأَطْلَقْت لِلْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ هَذَا الرُّجُوعَ عَلَى بَائِعِهِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِالثَّمَنِ الَّذِي كَانَ اشْتَرَى مِنْهُ هَذَا الْبِرْذَوْنَ وَأَمَرْت بِكِتَابَةِ هَذَا الرُّجُوعِ عَلَى ظَهْرِ هَذَا السِّجِلِّ حُجَّةً لِلْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ هَذَا وَأَشْهَدْت عَلَى ذَلِكَ حُضُورَ مَجْلِسِي (السِّجِلُّ الثَّانِي عَلَى هَذَا النَّسَقِ أَيْضًا) غَيْرَ أَنَّهُ يَكْتُبُ فِيهِ رُجُوعَ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ ثُمَّ يَكْتُبُ فِيهِ رُجُوعَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ عَلَى هَذَا الْحَاضِرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْقَوَدِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْقَوَدِ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ قَتَلَ أَبَاهُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ بِسِكِّينٍ حَدِيدٍ ضَرَبَهُ وَجَرَحَهُ جُرْحًا فَهَلَكَ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ سَاعَتَئِذٍ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الشَّرْعِ، وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ فَهَلَكَ سَاعَتَئِذٍ، وَكَتَبَ فَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ

محضر في إيجاب الدية

فَذَلِكَ يَكْفِي. وَكَذَلِكَ لَوْ كَتَبَ: فَهَلَكَ، وَلَمْ يَكْتُبْ: فَهَلَكَ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ فَذَلِكَ يَكْفِي أَيْضًا ثُمَّ يَكْتُبُ وَخَلَفَ هَذَا الْمَقْتُولُ ابْنًا لِصُلْبِهِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، وَأَنَّ لَهُ حَقَّ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ مِنْهُ فِي الشَّرْعِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ التَّمْكِينُ مِنْ نَفْسِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْقِصَاصَ فَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ. فَسُئِلَ فَأَجَابَ وَكَذَا إذَا ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ بِالرُّمْحِ، وَكَذَلِكَ إذَا ضَرَبَهُ بِالْإِشْفَى وَالْإِبْرَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا ضَرَبَهُ بِالنِّيلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ مِنْ الْقَتْلِ بِالْحَدِيدِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَدِيدُ سِلَاحًا أَوْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ حِدَةٌ يُبْضِعُ أَوْ لَيْسَ لَهُ حِدَةٌ كَالْعَمُودِ وَسَنْجَةِ الْمِيزَانِ، هَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَذَكَرَ الطَّحْطَاوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا قَتَلَهُ بِسَنْجَةِ حَدِيدٍ أَوْ عَمُودٍ لَا حِدَةَ لَهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا إنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ الْهَلَاكَ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغَالِبُ مِنْهُ الْهَلَاكُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ، فَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ أَلْحَقَا الْحَدِيدَ الَّذِي لَا حِدَةَ لَهُ بِالسَّيْفِ وَعَلَى رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ أَلْحَقَاهُ بِالْخَشَبِ، وَالْجَوَابُ فِي الْخَشَبِ عِنْدَهُمَا عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ الْهَلَاكُ يَجِبُ الْقِصَاصُ وَمَا لَا فَلَا، وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَ الْمَقْتُولُ أَبًا وَأُمًّا أَوْ ابْنَةً أَوْ امْرَأَةً أَوْ أَخًا لِأَبٍ؛ الْإِرْثُ يَجْرِي فِي الْقِصَاصِ عِنْدَنَا وَيَجِبُ حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ لِكُلِّ مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ فَيَكْتُبُ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي الِابْنِ، وَإِنْ تَرَكَ الْمَقْتُولُ عَدَدًا مِنْ الْوَرَثَةِ فَحَقُّ إثْبَاتِ الْقِصَاصِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْوَرَثَةِ وَحَقُّ الِاسْتِيفَاءِ لِكُلِّ مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ فَيَكْتُبُ إذَا كَانَ الْكُلُّ بَالِغِينَ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ صِغَارًا وَبَعْضُهُمْ كِبَارًا فَفِي ثُبُوتِ حَقِّ الِاسْتِيفَاءِ لِلْكَبِيرِ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ. وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي مِمَّنْ يَرَى وِلَايَةَ الِاسْتِيفَاءِ لِلْكَبِيرِ يَكْتُبُ الْمَحْضَرَ بِاسْمِ الْكَبِيرِ ثُمَّ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ فِي الْمَحْضَرِ عِنْدَ ذِكْرِ قَوْلِهِ وَخَلَفَ هَذَا الْمَقْتُولُ مِنْ الْوَرَثَةِ، كَذَا أَوْلَادًا يَذْكُرُ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ، ثُمَّ يَكْتُبُ: وَأَنَّ لِهَذَا الْكَبِيرِ حَقُّ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ، وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ. [مَحْضَرٌ فِي إيجَابِ الدِّيَةِ] (مَحْضَرٌ فِي إيجَابِ الدِّيَةِ) يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ قَتَلَ أَبَاهُ خَطَأً فَإِنَّهُ كَانَ رَمَى بِسَهْمٍ ذِي نَصْلٍ مِنْ الْحَدِيدِ إلَى صَيْدٍ قَدْ رَآهُ؛ فَأَصَابَ ذَلِكَ السَّهْمُ أَبَاهُ فَجَرَحَهُ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ سَاعَتَئِذٍ، أَوْ لَمْ يَقُلْ: فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَقُلْ: فَمَاتَ سَاعَتَئِذٍ، وَلَكِنْ قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ فَذَلِكَ يَكْفِي، ثُمَّ يَكْتُبُ: وَوَجَبَتْ دِيَةُ هَذَا الْمَقْتُولِ عَلَى هَذَا الْقَاتِلِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَهِيَ عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فِضَّةً أَوْ أَلْفُ دِينَارٍ أَحْمَرَ خَالِصٍ جَيِّدٍ مَوْزُونٍ بِوَزْنِ مَثَاقِيلِ مَكَّةَ أَوْ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَدَاءُ هَذِهِ الدِّيَةِ إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسُئِلَ فَأَجَابَ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ حَدِّ الْقَذْفِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ حَدِّ الْقَذْفِ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ قَذَفَهُ قَذْفًا يُوجِبُ الْحَدَّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ ثَمَانُونَ جَلْدَةً إلَى آخِرِهِ، وَإِنْ كَانَ شَتَمَهُ شَتْمًا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ يَكْتُبُ: إنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ شَتَمَهُ، وَيُعَيِّنُ شَتْمًا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ فَقَالَ لَهُ: يَا كَذَا، ثُمَّ يَكْتُبُ: وَوَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ فِي الشَّرْعِ زَجْرًا لَهُ مِنْ مِثْلِهِ، وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْوَفَاةِ وَالْوِرَاثَةِ مَعَ الْمُنَاسَخَةِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْوَفَاةِ وَالْوِرَاثَةِ مَعَ الْمُنَاسَخَةِ) وَصُورَةُ الْمُنَاسَخَةِ أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ وَيَخْلُفَ وَرَثَةً ثُمَّ يَمُوتَ أَحَدُ وَرَثَتِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَيَخْلُفُ وَرَثَةً ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ الثَّالِثُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَيَخْلُفُ وَرَثَةً، وَوَجْهُ الْكِتَابَةِ فِي هَذَا أَنْ يَكْتُبَ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ جَمِيعَ الْمَنْزِلِ الْمُبَيَّنِ وَيَذْكُرُ صِفَتَهُ وَمَوْضِعَهُ وَحُدُودَهُ بِتَمَامِهِ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ كَانَ مِلْكًا وَحَقًّا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَالِدِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَكَانَ فِي يَدِهِ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَخَلَفَ مِنْ الْوَرَثَةِ امْرَأَةً تُسَمَّى فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ وَابْنًا لِصُلْبِهِ وَهُوَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَابْنَتَيْنِ لَهُ لِصُلْبِهِ إحْدَاهُمَا تُسَمَّى فُلَانَةَ وَالْأُخْرَى تُسَمَّى فُلَانَةَ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُمْ وَخَلَفَ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ مَالِهِ هَذَا الْمَنْزِلَ الْمَحْدُودَ فِيهِ مِيرَاثًا لِهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى

لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَوْلَادِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ وَقِسْمَتُهَا مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا لِلْمَرْأَةِ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ وَلِلِابْنِ مِنْهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَلِكُلِّ ابْنَةٍ مِنْهَا سَبْعَةٌ، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ امْرَأَةُ الْمُتَوَفَّى هَذَا وَهِيَ فُلَانَةُ هَذِهِ قَبْلَ قَبْضِ حِصَّتِهَا الْمَذْكُورَةِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ الْمَحْدُودِ فِيهِ وَخَلَفَتْ مِنْ الْوَرَثَةِ ابْنًا وَابْنَتَيْنِ لَهَا وَهُمْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَأُخْتَاهُ هَاتَانِ الْمُسَمَّاتَانِ فِيهِ لَا وَارِثَ لَهَا سِوَاهُمْ وَصَارَتْ حِصَّتُهَا الْمَذْكُورَةُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ الْمَحْدُودِ فِيهِ بِمَوْتِهَا مِيرَاثًا عَنْهَا لِوَرَثَتِهَا هَؤُلَاءِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِلِابْنِ مِنْ ذَلِكَ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمٌ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ إحْدَى هَاتَيْنِ الِابْنَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِيهِ وَهِيَ فُلَانَةُ هَذِهِ قَبْلَ قَبْضِ حِصَّتِهَا مِنْ هَاتَيْنِ التَّرِكَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِيهِ. وَذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ الْمَحْدُودِ فِيهِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ الْفَرِيضَةِ الْأُولَى وَسَهْمٌ وَاحِدٌ مِنْ الْفَرِيضَةِ الثَّانِيَةِ وَخَلَفَتْ مِنْ الْوَرَثَةِ بِنْتًا لَهَا تُسَمَّى فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ وَأَخًا لِأَبٍ وَأُمَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَأُخْتًا لِأَبٍ، وَأُمُّ فُلَانَةَ هَذِهِ الْمَذْكُورَةُ لَا وَارِثَ لَهَا سِوَاهُمْ وَصَارَ جَمِيعُ حِصَّتَيْهَا الْمَذْكُورَتَيْنِ فِيهِ بِمَوْتِهَا مِيرَاثَهَا عَنْهَا لِوَرَثَتِهَا هَؤُلَاءِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْأَخِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بِالْعُصُوبَةِ أَصْلُ الْفَرِيضَةِ مِنْ سَهْمَيْنِ وَقِسْمَتُهَا مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ لِلِابْنَةِ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلَاخِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ سَهْمٌ، وَنَصِيبُ هَذِهِ الْمُتَوَفَّاةِ مِنْ التَّرِكَتَيْنِ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ وَقِسْمَةُ ثَمَانِيَةٍ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ لَا تَسْتَقِيمُ فَضَرَبْنَا نِصْفَ الْفَرِيضَةِ الثَّالِثَةِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ فِي الْفَرِيضَةِ الْأُولَى وَذَلِكَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ؛ فَيَصِيرُ سِتَّةً وَتِسْعِينَ كَانَ لِلْمُتَوَفَّاةِ الثَّالِثَةِ هَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ صَارَتْ مَضْرُوبَةً فِي ثَلَاثَةٍ؛ فَصَارَتْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَهِيَ تَسْتَقِيمُ عَلَى وَرَثَتِهَا الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ لَبِنْتِهَا اثْنَا عَشَرَ وَلِأَخِيهَا هَذَا الَّذِي حَضَرَ ثَمَانِيَةٌ وَلِأُخْتِهَا هَذِهِ أَرْبَعَةٌ فَصَارَ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ مِنْ التَّرِكَاتِ الثَّلَاثِ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ سَهْمًا مِنْ سِتَّةٍ وَتِسْعِينَ سَهْمًا مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ الْمَحْدُودِ فِيهِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ سَهْمًا مِنْ التَّرِكَةِ الْأُولَى وَسِتَّةُ أَسْهُمٍ مِنْ التَّرِكَةِ الثَّانِيَةِ وَثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ مِنْ هَذِهِ التَّرِكَةِ الثَّالِثَةِ. وَجَمِيعُ هَذَا الْمَنْزِلِ الْمَحْدُودِ فِيهِ الْيَوْمَ فِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ يَمْنَعُ عَنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ حِصَّتَهُ مِنْ هَذِهِ التَّرِكَاتِ الثَّلَاثِ وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ سَهْمًا مِنْ سِتَّةٍ وَتِسْعِينَ سَهْمًا مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ الْمَحْدُودِ فِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ فِي عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ؛ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ قَصْرُ يَدِهِ عَنْ حِصَصِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ مِنْ الْمَنْزِلِ الْمَحْدُودِ فِيهِ وَتَسْلِيمُهَا إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ، وَيُتِمُّ الْمَحْضَرَ. (نُسْخَةٌ أُخْرَى لِهَذِهِ الدَّعْوَى) فِي رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ امْرَأَةً وَثَلَاثَةَ بَنِينَ وَبِنْتًا وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمُّ هَذِهِ الْأَوْلَادِ فَقَبْلَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ مَاتَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ وَتَرَكَتْ هَذِهِ الْأَوْلَادَ وَصَارَتْ حِصَّتُهَا مِيرَاثًا لِهَذِهِ الْأَوْلَادِ فَقَبْلَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ تُوُفِّيَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ الْبَنِينَ وَتَرَكَ أَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَصَارَ نَصِيبُهُ مِيرَاثًا لِأَخَوَيْهِ وَأُخْتِهِ. حَضَرَ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى مُحَمَّدَ بْنَ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ، وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى نَاصِرَ بْنَ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ أَبَاهُمَا إبْرَاهِيمَ بْنَ إسْمَاعِيلَ ابْنِ إِسْحَاقَ تُوُفِّيَ وَخَلَفَ مِنْ الْوَرَثَةِ امْرَأَةً لَهُ تُسَمَّى سَعَادَةَ بِنْتَ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفُلَانِيِّ وَثَلَاثَةَ بَنِينَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ وَآخَرُ يُسَمَّى عِيسَى وَبِنْتًا لَهُ تُسَمَّى عَائِشَةَ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُمْ، وَخَلَفَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ مِنْ الصَّامِتِ كَذَا فَصَارَ ذَلِكَ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ هَؤُلَاءِ الْمُسَمَّيْنَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَوْلَادِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. أَصْلُ الْفَرِيضَةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ فَقَبْلَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ تُوُفِّيَتْ سَعَادَةُ أُمُّ هَؤُلَاءِ الْأَوْلَادِ فَصَارَ نَصِيبُهَا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الصَّامِتِ لِهَؤُلَاءِ الْأَوْلَادِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَقَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَتَيْنِ تُوُفِّيَ عِيسَى أَخُو هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَخَلَفَ مِنْ الْوَرَثَةِ أَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ هَذَيْنِ وَأُخْتًا لَهُ لِأَبٍ وَأُمٍّ هَذِهِ فَصَارَ نَصِيبُهُ مِنْ التَّرِكَتَيْنِ مِنْ هَذَا الصَّامِتِ مِيرَاثًا

محضر في دعوى المنزل ميراثا عن أبيه

لِأَخَوَيْهِ وَلِأُخْتِهِ هَؤُلَاءِ وَبَلَغَ سِهَامُ التَّرِكَاتِ كُلِّهَا مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَهْمًا لِلْمَرْأَةِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ سَهْمًا وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعُونَ سَهْمًا وَلِابْنَتِهِ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ سَهْمًا ثُمَّ إنَّ الْمُسَمَّاةَ سَعَادَةَ أُمَّ هَؤُلَاءِ الْأَوْلَادِ مَاتَتْ قَبْلَ قِسْمَةِ مِيرَاثِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ فَصَارَ نَصِيبُهَا وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ مِنْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَهْمًا مِيرَاثًا بَيْنَ أَوْلَادِ هَؤُلَاءِ لِكُلِّ ابْنٍ عَشْرَةٌ وَلِلِابْنَةِ خَمْسَةٌ ثُمَّ مَاتَ عِيسَى قَبْلَ قِسْمَةِ هَاتَيْنِ التَّرِكَتَيْنِ فَصَارَ نَصِيبُهُ مِنْ التَّرِكَتَيْنِ وَذَلِكَ ثَمَانُونَ سَهْمًا مِنْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَهْمًا مِيرَاثًا بَيْنَ أَخَوَيْهِ وَأُخْتِهِ لِكُلِّ أَخٍ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ وَلِلْأُخْتِ سِتَّةَ عَشَرَ، فَأَصَابَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ مِنْ هَذَا الصَّامِتِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ سَبْعُونَ سَهْمًا مِنْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَهْمًا وَمِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي عَشْرَةُ أَسْهُمٍ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا مِنْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَهْمًا وَمِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الثَّالِثِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سَهْمًا مِنْ ثَمَانِينَ مِنْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَهْمًا، فَجُمْلَةُ مَا أَصَابَ هَذَا الْحَاضِرَ مِنْ التَّرِكَاتِ كُلِّهَا مِنْ هَذَا الصَّامِتِ مِائَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ سَهْمًا مِنْ مِائَتَيْنِ سَهْمًا، وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ يَمْنَعُ عَنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ هَذَا الْمَبْلَغَ الَّذِي أَصَابَهُ مِنْ هَذِهِ التَّرِكَاتِ الثَّلَاثِ مِنْ هَذَا الصَّامِتِ الْمَذْكُورِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ سَهْمًا مِنْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَهْمًا وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ فَسَأَلَ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْمَنْزِلِ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْمَنْزِلِ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ) قَدْ مَرَّ هَذَا الْمَحْضَرُ فِيمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّ فِيمَا تَقَدَّمَ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا وَهَذَا الْمَحْضَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الْوُرَّاثُ عَدَدًا، صُورَتُهُ؛ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي فِي مَحَلَّةِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا، وَبِنَائِهَا وَأَرْضِهَا وَسُفْلِهَا وَعُلُوِّهَا وَكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا خَارِجٌ مِنْهَا كَانَتْ مِلْكًا لِوَالِدِهِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَحَقَّهُ وَفِي يَدِهِ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَخَلَفَ مِنْ الْوَرَثَةِ ابْنًا لَهُ هَذَا الْمُدَّعِي وَوَرَثَةٌ أُخْرَى لَهُ سِوَاهُ مِنْ الْبَنِينَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَمِنْ الْبَنَاتِ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُمْ فَصَارَتْ هَذِهِ الدَّارُ الْمَحْدُودَةُ فِيهِ مِيرَاثًا عَنْهُ لِوَرَثَتِهِ هَؤُلَاءِ الْمُسَمَّيْنَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كَذَا سَهْمًا حِصَّةُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ كَذَا سَهْمًا مِنْ كَذَا كَذَا سَهْمًا، وَالْيَوْمُ كُلُّ هَذِهِ الدَّارِ فِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ وَأَنَّهُ يَمْنَعُ عَنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ حِصَّتَهُ وَذَلِكَ كَذَا سَهْمًا مِنْ كَذَا كَذَا سَهْمًا إلَى آخِرِهِ. وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ يَدَّعِي جَمِيعَ الدَّارِ لِنَفْسِهِ بِسَبَبِ قِسْمَةٍ جَرَتْ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْوَرَثَةِ بِأَنْ تَرَكَ الْمُتَوَفَّى سِوَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ الْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ وَالْأَرَاضِي وَالنُّقُودِ وَجَرَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْوَرَثَةِ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِالتَّرَاضِي فَوَقَعَتْ هَذِهِ الدَّارُ فِي نَصِيبِ هَذَا الِابْنِ، يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ؛ وَخَلَفَ مِنْ التَّرِكَةِ هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ وَتَرَكَ مَعَ هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ مِنْ الْعَقَارِ كَذَا وَمِنْ الْعُرُوضِ كَذَا وَمِنْ النَّقْدِ كَذَا وَجَرَتْ الْقِسْمَةُ صَحِيحَةٌ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْوَرَثَةِ بِالتَّرَاضِي فَوَقَعَتْ هَذِهِ الدَّارُ فِي نَصِيبِ هَذَا الْمُدَّعِي الَّذِي حَضَرَ وَقَبَضَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ وَقَبَضَ بَاقِي الْوَرَثَةُ أَنْصِبَاءَهُمْ وَحِصَصَهُمْ، وَالْيَوْمَ جَمِيعُ هَذِهِ الدَّارِ مِلْكُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ بِالسَّبَبِ الَّذِي ذُكِرَ وَأَنَّهَا فِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَنَّهُ يَمْنَعُ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْهُ. (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى نَسَقِ مَا تَقَدَّمَ) وَيَكْتُبُ فِي آخِرِهِ فَسَأَلَ فُلَانٌ الْمُدَّعِي هَذَا الْمَذْكُورُ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فِي هَذَا السِّجِلِّ مِنِّي إنْفَاذَ الْقَضَاءِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَنْفَذْتُ الْقَضَاءَ بِوَفَاةِ فُلَانٍ وَأَنَّهُ تَرَكَ مِنْ الْوَرَثَةِ فُلَانًا وَفُلَانًا، وَأَنَّ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ كَانَتْ مِلْكًا لِوَالِدِ هَذَا الْمُدَّعِي وَكَانَتْ فِي يَدِهِ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ هَؤُلَاءِ الْمُسَمَّيْنَ إلَى آخِرِهِ، وَأَنَّ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ كَذَا سَهْمًا مِنْ كَذَا سَهْمٍ مِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ يَمْنَعُ حِصَّةَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ مِنْ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَأَمَرْت هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ حِصَّةِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ الْمَذْكُورِ فِيهِ مِنْ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ إلَيْهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَجْلِسِ قَضَائِي، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ لِنَفْسِهِ بِالسَّبَبِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ يَكْتُبُ الْقَاضِي فِي آخِرِ السِّجِلِّ أَنَفَذْتُ الْقَضَاءَ بِوَفَاةِ فُلَانٍ وَأَنَّهُ تَرَكَ مِنْ الْوَرَثَةِ فُلَانًا وَفُلَانًا وَأَنَّهُ خَلَفَ مِنْ التَّرِكَةِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ

محضر في إثبات الوصاية

فِيهِ وَمِنْ الْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ وَالنُّقُودِ كَذَا وَكَذَا وَأَنَّهُ جَرَى بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْوَرَثَةِ الْمُسَمَّيْنَ قِسْمَةٌ صَحِيحَةٌ فِي جَمِيعِ مَا تَرَكَ هَذَا الْمُتَوَفَّى فُلَانٌ، وَأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ فِيهِ وَقَعَتْ فِي نَصِيبِ هَذَا الْمُدَّعِي الَّذِي حَضَرَ إلَى آخِرِهِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْوِصَايَةِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْوِصَايَةِ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ أَخَا هَذَا الَّذِي حَضَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مِنْ الْوَرَثَةِ أَبَاهُ فُلَانًا وَأُمَّهُ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ وَمِنْ الْبَنِينَ فُلَانًا وَفُلَانًا وَمِنْ الْبَنَاتِ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمْ، وَأَنَّهُ أَوْصَى إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ وَبَدَنِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ وَمَا يَخْلُفُهُ بَعْدَهُ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَأَنَّهُ قَبِلَ هَذِهِ الْوِصَايَةَ وَتَوَلَّى الْقِيَامَ بِذَلِكَ، وَأَنَّ لِأَخِيهِ الْمَيِّتِ هَذَا عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ كَذَا دِرْهَمًا وَزْنَ سَبْعَةٍ نَقْدِ بَلَدِ كَذَا حَالًّا، وَأَنَّ لَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى، هَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ فَقَدْ بَدَأَ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي: إنَّ لَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى وَلَمْ يَبْدَأْ بِقَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوِصَايَةِ لَا تَثْبُتُ الْوِصَايَةُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ. وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا حَتَّى لَا يَبْرَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الدَّيْنِ بِالدَّفْعِ وَلِأَنَّ الْجَوَابَ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بَعْدَ دَعْوَى الْخَصْمِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ كَوْنُ الْمُدَّعِي خَصْمًا بِإِثْبَاتِ الْوِصَايَةِ. وَلِهَذَا بَدَأَ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّ لَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يَكْتُبُ وَأَحْضَرَ مِنْ الشُّهُودِ جَمَاعَةً فَشَهِدُوا أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَخَا هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَقَدْ عَرَفُوهُ مَعْرِفَةً قَدِيمَةً بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَوَجْهِهِ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مِنْ الْوَرَثَةِ أَبَاهُ فُلَانًا وَأُمَّهُ فُلَانَةَ، وَمِنْ الْبَنِينَ فُلَانًا وَفُلَانًا وَمَنْ الْبَنَاتِ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ وَامْرَأَةً اسْمُهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ وَلَمْ يَحْضُرْ وَلَا يَعْرِفُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُمْ، وَأَنَّ هَذَا الْمُتَوَفَّى أَشْهَدَهُمْ فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ وَبَدَنِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ أَنَّهُ جَعَلَ أَخَاهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَصِيَّهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي جَمِيعِ مَا يَخْلُفُهُ وَهُوَ حَاضِرٌ فِي مَجْلِسِ الِاسْتِشْهَادِ فَقَبِلَ وِصَايَتَهُ وَقَدْ عَرَفَ الْقَاضِي هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ بِالْعَدَالَةِ وَالرِّضَا فِي الشَّهَادَةِ، فَسَأَلَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ عَمَّا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ لِأَخِيهِ فُلَانٍ الْمُوصَى مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَوْصُوفَةِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا أَنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَخِي هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَيْهِ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَزْنَ سَبْعَةٍ، نَقْدِ بَلَدِ كَذَا حَالَّةً، فَسَأَلَ مُدَّعِي الْوِصَايَةِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ الْقَاضِيَ إنْفَاذَ الْقَضَاءِ بِجَمِيعِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ مِنْ وَفَاةِ أَخِيهِ فُلَانٍ وَعَدَدِ وَرَثَتِهِ وَوِصَايَتِهِ إلَيْهِ وَإِلْزَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا مَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَوْصُوفَةِ فِيهِ وَالْقَضَاءَ فِيهِ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ فَأَنْفَذَ الْقَاضِي فُلَانٌ الْقَضَاءَ بِوَفَاةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَخِي الْمُدَّعِي هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَعَدَدَ وَرَثَتِهِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ إلَى آخِرِهِمْ عَلَى مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ. ثُمَّ أَنْفَذَ الْقَاضِي الْقَضَاءَ بِوِصَايَةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ يَعْنِي الْمُوصِي إلَى أَخِيهِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ وَقَبُولِهِ هَذِهِ الْوِصَايَةَ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ. وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ انْتَهَتْ إلَيْهِ عَدَالَتُهُ وَأَمَانَتُهُ وَأَنَّهُ مَوْضِعٌ لِذَلِكَ وَأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ بِجَمِيعِ تَرِكَةِ أَخِيهِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مَقَامَ الْمُوصِي فِيمَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَلْزَمَ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا مَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَوْصُوفَةِ فِيهِ، وَقَضَى بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلَيْهِ وَأَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ الَّذِي حَضَرَ وَصِيَّ فُلَانٍ وَهُوَ أَخُوهُ وَقَضَى بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى مَا سَمَّى وَوَصَفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ فِي كَوْرَةِ بُخَارَى. وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصَّنْعَةِ يَبْدَؤُنِ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ فِي هَذَا بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ. (نُسْخَةٌ أُخْرَى) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ فُلَانًا أَوْصَى إلَيْهِ وَجَعَلَهُ وَصِيًّا بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي تَسْوِيَةِ أُمُورِ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفِي إحْرَازِ الثُّلُثِ مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَصَرْفِ ذَلِكَ إلَى

محضر في إثبات دعوى بلوغ يتيم

سَبِيلِ الْخَيْرِ وَأَبْوَابِ الْبِرِّ إيصَاءً صَحِيحًا، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ قَبِلَ مِنْهُ هَذَا الْإِيصَاءَ قَبُولًا صَحِيحًا، وَأَنَّ هَذَا الْإِيصَاءَ كَانَ آخِرَ وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا إلَيْهِ وَتُوُفِّيَ هَذَا الْمُوصِي ثَابِتًا عَلَى هَذِهِ الْوِصَايَةِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ عَنْهَا، وَالْيَوْمُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَصِيٌّ فِي تَسْوِيَةِ أُمُورِ أَوْلَادِ هَذَا الْمُتَوَفَّى الصِّغَارِ وَفِي إحْرَازِ الثُّلُثِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَصَرْفِهِ إلَى مَا أَوْصَى هَذَا الْمُوصِي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَى هَذَا الْمُدَّعِي وَأَنَّ مِنْ مَالِ هَذَا الْمُوصِي عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ كَذَا وَفِي يَدِهِ كَذَا، فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهِ لِيُنَفِّذَ وَصَايَاهُ لَهُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ فِي عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ وَسُئِلَ فَأَجَابَ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ دَعْوَى بُلُوغِ يَتِيمٍ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ دَعْوَى بُلُوغِ يَتِيمٍ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ كَانَ وَصِيُّ أَبِيهِ بِتَسْوِيَةِ أُمُورِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ وَحِفْظِ تَرِكَتِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَخْلُفْ وَارِثًا غَيْرَهُ وَأَنَّهُ بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ بِالِاحْتِلَامِ أَوَيَقُولُ بِالسِّنِّ أَوْ يَقُولُ: طَعَنَ فِي ثَمَانِيَ عَشَرَةَ أَوْ تِسْعَ عَشَرَةَ سَنَةً، وَأَنَّ فِي يَدِهِ مِنْ مَالِهِ كَذَا وَكَذَا مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ جَمِيعِ ذَلِكَ إلَيْهِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْإِعْدَامِ وَالْإِفْلَاسِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْإِعْدَامِ وَالْإِفْلَاسِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ قِبَلَهُ بِوَجْهِ الْمُطَالَبَةِ عَلَيْهِ بِكَذَا دِرْهَمًا وَلُزُومِهِ الْخُرُوجَ عَنْهُ إلَيْهِ فَادَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ هَذِهِ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ لَا مَالَ لَهُ وَلَا عَرَضَ يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ حَالَةِ الْفَقْرِ، وَالشُّهُودُ يَقُولُونَ: لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا وَلَا عَرَضًا مِنْ الْعُرُوضِ يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ حَالَةِ الْفَقْرِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخَصَّافِ وَاخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي الْقَاسِمِ. وَيَنْبَغِي لِلشُّهُودِ أَنْ يَقُولُوا: الْيَوْمَ مُفْلِسٌ مُعْدَمٌ لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا سِوَى كُسْوَتِهِ الَّتِي عَلَيْهِ وَثِيَابِ لَيْلِهِ وَقَدْ اخْتَبَرْنَا أَمْرَهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ. (سِجِلُّ هَذَا الْمَحْضَرِ) يَكْتُبُ فِي مَوْضِعِ الثُّبُوتِ؛ وَثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُ مُفْلِسٌ مُعْدَمٌ فَقِيرٌ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا سِوَى ثِيَابِ بَدَنِهِ الَّتِي عَلَيْهِ وَسُقُوطُ مُطَالَبَتِهِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ مَالِ النَّاسِ وَحَكَمْتُ بِجَمِيعِ مَا ثَبَتَ عِنْدِي مِنْ كَوْنِهِ مُعْدَمًا فَقِيرًا لَا يَمْلِكُ شَيْئًا إلَى آخِرِهِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ هِلَالِ رَمَضَانَ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ هِلَالِ رَمَضَانَ) يَكْتُبُ الْمَحْضَرَ بِاسْمِ رَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ بِمَالٍ مَعْلُومٍ مُؤَجَّلٍ إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ يَكْتُبُ؛ ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ كَذَا دِينَارًا دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبِ كَذَا وَكَانَ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ صَارَتْ هَذِهِ الدَّنَانِيرُ حَالَّةً بِدُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّ هَذَا الْيَوْمَ غُرَّةُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَيُقِرُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَيُنْكِرُ الْحُلُولَ وَكَوْنُ هَذَا الْيَوْمِ غُرَّةَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَيُقِيمُ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِ هَذَا الْيَوْمِ غُرَّةَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَالشُّهُودُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا شَهِدُوا أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ تَفْسِيرٍ، وَإِنْ شَاءُوا فَسَرُّوا فَقَالُوا (كَوَاهِي ميدهيم كه دى شبانكاه بِيسَتْ وَنَهَمْ ازماه شَعْبَان بود وَقْت نمازشام مَاهِ ديديم وَامَرُوز غرهءماه رَمَضَانِ امسال است) وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى أَحَدٍ سُمِعَتْ الشَّهَادَةُ وَقُبِلَتْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا مُخَدَّرَةً] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا مُخَدَّرَةً لِدَفْعِ مُطَالَبَةِ الْمُدَّعِي إيَّاهَا بِالْحُضُورِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ) يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ: حَضَرَ فُلَانٌ وَكِيلُ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ ثَابِتُ الْوَكَالَةِ عَنْهَا فِي الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ قِبَلَ مُوَكِّلَتِهِ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ إحْضَارَهَا لِجَوَابِ دَعْوَاهُ ادَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ هَذِهِ الدَّعْوَى أَنَّهَا مُخَدَّرَةٌ لَا تَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهَا فِي حَوَائِجِهَا وَلَا تُخَالِطُ الرِّجَالَ وَأَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ إحْضَارَهَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْكَفُّ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى.

محضر في دعوى المال على الغائب بالكتاب الحكمي

[مَحْضَر فِي دعوى الْمَالِ عَلَى الْغَائِبِ بِالْكِتَابِ الْحُكْمِيّ] ِّ) صُورَتُهُ: رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ وَشُهُودُهُ عَلَى الْمَالِ فِي بَلَدٍ وَالْمَدْيُونُ غَائِبٌ عَنْ بَلْدَتِهِ غَيْبَةَ سَفَرٍ فَيَلْتَمِسُ الْمُدَّعِي مِنْ قَاضِي بَلْدَتِهِ أَنْ يَسْمَعَ دَعْوَاهُ وَشَهَادَةَ شُهُودِهِ لِيَكْتُبَ لَهُ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهِ فَيُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ أَخْذًا بِقَوْلِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ، صُورَةُ كِتَابَةِ الْمَحْضَرِ فِي ذَلِكَ حَضَرَ مَجْلِسَ الْحُكْمِ فِي كُورَةِ كَذَا قِبَلَ الْقَاضِي فُلَانٍ - رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانًا مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ أَحْضَرَهُ وَلَا نَائِبَ عَنْ خَصْمٍ أَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَنَّ لَهُ عَلَى غَائِبٍ يُسَمَّى فُلَانًا يَذْكُرُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ وَحِلْيَتَهُ وَيُبَالِغُ فِي تَعْرِيفِهِ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُ كَذَا دِينَارًا دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ، وَيُبَيِّنُ السَّبَبَ وَهَكَذَا أَقَرَّ هَذَا الْغَائِبُ الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى فِي هَذَا الْمَحْضَرِ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ وَنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا طَائِعًا بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ دَيْنًا لَازِمًا عَلَى نَفْسِهِ وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ إقْرَارًا صَحِيحًا صَدَّقَهُ فِيهِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ خِطَابًا، وَأَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى فِيهِ غَائِبٌ الْيَوْمَ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ غَيْبَةَ سَفَرٍ مُقِيمٌ بِبَلْدَةِ كَذَا جَاحِدٌ دَعْوَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ هَذِهِ، وَأَنَّ شُهُودَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ شَهِدُوا عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ قِبَلَهُ بِهَذِهِ النَّاحِيَةِ وَقَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْجَمْعُ بَيْنَ شُهُودِهِ وَبَيْنَ هَذَا الْغَائِبِ الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى فِيهِ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ وَالْتَمَسَ مِنْ الْقَاضِي هَذَا اسْتِمَاعَ دَعْوَاهُ هَذِهِ عَلَى هَذَا الْغَائِبِ الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى فِيهِ وَسَمَاعَ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَفْقِهَا وَالْكِتَابَ الْحُكْمِيَّ إلَى قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا وَنَوَاحِيهَا وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ؛ فَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ. وَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ يَكْتُبُ أَسَامِيَ الشُّهُودِ وَأَنْسَابَهُمْ وَحِلَاهُمْ وَمَسْكَنَهُمْ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا فَإِذَا شَهِدُوا بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَأَشَارُوا فِي مَوْضِعِ الْإِشَارَةِ وَعَرَفَهُمْ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ وَتَعَرَّفَ عَنْ حَالِهِمْ فَظَهَرَتْ لَهُ عَدَالَتُهُمْ فَأَمَرَ بِالْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ، وَصُورَةُ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فِي هَذَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. كِتَابِي هَذَا أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ الْقَاضِي الْإِمَامِ - يَذْكُرُ أَلْقَابَهُ دُونَ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ إلَيْهِ - وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ وَأَدَامَ عِزَّهُ وَعِزَّهُمْ وَسَلَامَتَهُ وَسَلَامَتَهُمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ، مِنْ مَجْلِسِ قَضَائِي بِكُورَةِ كَذَا، وَأَنَا يَوْمَ أَمَرْتُ بِكِتَابَتِهِ مُوَلًّى عَمَلَ الْقَضَاءِ بِهَا وَنَوَاحِيهَا، وَقَضَايَايَ بِهَا وَنَوَاحِيهَا نَافِذَةٌ وَأَحْكَامِي فِيهَا بَيْنَ أَهَالِيِهَا جَارِيَةٌ مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نَعْمَائِهِ الَّتِي لَا تُحْصَى وَآلَائِهِ الَّتِي لَا تُسْتَقْصَى. أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ حَضَرَ مَجْلِسَ قَضَائِي بِكُورَةِ كَذَا يَوْمَ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانًا الْفُلَانِيِّ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ أَحْضَرَهُ وَلَا نَائِبَ عَنْ خَصْمٍ أَحْضَرَهُ مَعَ نَفْسِهِ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى غَائِبٍ ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ يَكْتُبُ الدَّعْوَى مِنْ أَوَّلِهَا إلَى قَوْلِهِ: وَالْتَمَسَ مِنِّي سَمَاعَ دَعْوَاهُ هَذِهِ عَلَى الْغَائِبِ الْمُسَمَّى الْمُحَلَّى فِيهِ وَسَمَاعَ الْبَيِّنَةِ عَلَى دَعْوَاهُ وَالْكِتَابَ الْحُكْمِيَّ إلَيْهِ، أَدَامَ اللَّهُ عِزَّهُ وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ فَأَجَبْته إلَى ذَلِكَ فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي هَذَا نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ، فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَقِيبَ الِاسْتِشْهَادِ بَعْدَ الدَّعْوَى هَذِهِ وَلَا يَكْتُبُ هَاهُنَا بَعْدَ الدَّعْوَى: وَالْجَوَابِ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا جَوَابَ؛ لِكَوْنِ الْخَصْمِ غَائِبًا ثُمَّ يَكْتُبُ مِنْ نُسْخَةٍ قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ وَهَذَا مَضْمُونُ تِلْكَ النُّسْخَةِ، ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ كِتَابَةِ أَلْفَاظِ شَهَادَتِهِمْ فَأَتَوْا بِالشَّهَادَةِ كَذَلِكَ عَلَى وَجْهِهَا وَسَاقُوهَا عَلَى سُنَنِهَا فَسَمِعْتُهَا وَأَثْبَتُهَا فِي الْمَحْضَرِ الْمُجَلَّدِ فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ قِبَلِي فَرَجَعْت فِي التَّعَرُّفِ عَنْ حَالِهِمْ إلَى مَنْ إلَيْهِ رَسْمُ التَّزْكِيَةِ وَالتَّعْدِيلِ بِالنَّاحِيَةِ وَهُمْ فُلَانٌ، فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ نُسِبَ الْكُلُّ إلَى الْعَدَالَةِ يَكْتُبْ نُسِبُوا جَمِيعًا إلَى الْعَدَالَةِ وَالرِّضَا وَقَبُولِ الْقَوْلِ. وَإِنْ نُسِبَ بَعْضُهُمْ إلَى الْعَدَالَةِ يَكْتُبْ فَنُسِبَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ إلَى الْعَدَالَةِ وَالرِّضَا وَقَبُولِ الْقَوْلِ فَقَبِلْتُ شَهَادَتَهُمْ لِإِيجَابِ الْعِلْمِ قَبُولَهَا، ثُمَّ سَأَلَنِي الْمُدَّعِي هَذَا الَّذِي حَضَرَ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ مُكَاتَبَةَ فُلَانٍ الْقَاضِي، وَمُكَاتَبَةَ كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابِي هَذَا مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ بِمَا جَرَى لَهُ عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ

مُعْلِمًا ذَلِكَ إيَّاهُ وَإِيَّاهُمْ مُنْهِيًا ذَلِكَ إلَيْهِ وَإِلَيْهِمْ حَتَّى أَنَّهُ إذَا وَصَلَ كِتَابِي هَذَا إلَيْهِ أَوْ إلَيْهِمْ مَخْتُومًا بِخَاتَمِي صَحِيحَ الْخَتْمِ عَلَى الرَّسْمِ فِي مِثْلِهِ، وَثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُوجِبُ الْعِلْمَ قِبَلَهُ وَقَدَّمَ فِي بَابِ مَوْرِدِهِ مَا يَحِقُّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ تَقْدِيمَهُ فِيهِ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى. وَيَجِبُ أَنْ يَحْفَظَ آخِرَ الْكِتَابِ عَنْ إلْحَاقِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ كَلِمَةُ " إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى "؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَبْطُلُ بِهِ الْكِتَابُ، وَيَقْرَأُ الْقَاضِي الْكِتَابَ عَلَى مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ وَيُعْلِمُهُ بِمَضْمُونِهِ وَيُشْهِدُهُ أَنَّهُ كِتَابِي إلَى قَاضِي كُورَةِ كَذَا، وَرَسْمُ هَذَا الْكِتَابِ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ قِرْطَاسٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَوْصُولَةً بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَيُعَنْوِنَ الْكِتَابَ بِعُنْوَانَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ الْخَارِجِ وَالْآخَرُ مِنْ الدَّاخِلِ، فَيَكْتُبُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنْ الْكِتَابِ: إلَى الْقَاضِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ قَاضِي كُورَةِ كَذَا وَنَوَاحِيهَا نَافِذَ الْإِمْضَاءِ وَالْقَضَاءِ بِهَا بَيْنَ أَهَالِيهَا. وَيَكْتُبُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ مِنْ الْكِتَابِ: مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ قَاضِي كُورَةِ كَذَا وَنَوَاحِيهَا نَافِذَ الْقَضَاءِ وَالْإِمْضَاءِ بَيْنَ أَهْلِهَا وَيُعَلِّمَ عَلَى أَوْصَالِهِ مِنْ الْخَارِجِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ الْوَصْلُ صَحِيحٌ وَعَلَى دَاخِلِهِ مِنْ الْأَيْمَنِ الْحُكْمُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَيَكْتُبَ مِنْ الْخَارِجِ سِوَى اسْمَ الْقَاضِي الَّذِي كُتِبَ مِنْهُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ فِي نَقْلِ الشَّهَادَةِ بِثُبُوتِ إقْرَارِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِكَذَا دِينَارًا، وَيَكْتُبَ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ الَّذِينَ أُشْهِدُوا عَلَى الْكِتَابِ فِي آخِرِ الْكِتَابِ وَأَنْسَابَهُمْ وَمَسَاكِنَهُمْ وَمُصَلَّاهُمْ ثُمَّ يُوَقِّعُ الْقَاضِي عَلَى صَدْرِ الْكِتَابِ بِتَوْقِيعِهِ بِخَطِّهِ وَيَكْتُبُ فِي آخِرِهِ: يَقُولُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ: كُتِبَ هَذَا الْكِتَابُ عَنِّي بِأَمْرِي وَجَرَى الْأَمْرُ عَلَى مَا بُيِّنَ فِيهِ عِنْدِي وَهُوَ كُلُّهُ مَكْتُوبٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ قِرْطَاسٍ مِنْ الْكَاغَدِ مَوْصُولٌ بِوَصْلَيْنِ مَكْتُوبٌ عَلَى كُلِّ وَصْلٍ مِنْ وَصْلَيْهِ مِنْ الْخَارِجِ الْوَصْلُ صَحِيحٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَمِنْ الدَّاخِلِ مَكْتُوبٌ عَلَى كُلِّ وَصْلٍ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ الْحُكْمُ لِلَّهِ تَعَالَى مُعَنْوَنٌ بِعُنْوَانَيْنِ دَاخِلًا وَخَارِجًا، مُوَقَّعٌ بِتَوْقِيعِي كَذَا مَخْتُومٌ بِخَاتِمِي وَنَقْشِ خَاتِمِي الَّذِي خَتَمْت بِهِ هَذَا الْكِتَابَ كَذَا وَأَشْهَدْت عَلَى مَضْمُونِ هَذَا الْكِتَابِ الشُّهُودَ الْمُسَمَّيْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ وَسَأُشْهِدُهُمْ عَلَى الْخَتْمِ أَيْضًا إذَا خَتَمْتَهُ وَكُتِبَ التَّوْقِيعُ عَلَى الصَّدْرِ وَهَذِهِ الْأَسْطُرُ السَّبْعَةُ أَوْ الثَّمَانِيَةُ أَوْ كَذَا كَمَا كَانَ فِي آخِرِهِ بِخَطِّ يَدِي حَامِدَ اللَّهَ وَمُصَلِّيًا عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ. ثُمَّ يَخْتِمُ الْكِتَابَ عَلَى الرَّسْمِ وَيُشْهِدُ الْقَاضِي أُولَئِكَ الشُّهُودَ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى الْكِتَابِ وَعَلَى الْخَتْمِ أَيْضًا وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي الْكَاتِبِ أَنْ يَكْتُبَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ نُسْخَةً أُخْرَى تَكُونُ مَعَ الشُّهُودِ يَشْهَدُونَ بِمَا فِيهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى شَهَادَتِهِمْ، وَيُسَمَّى ذَلِكَ بِالْفَارِسِيَّةِ (كشادنامه) . (كِتَابٌ حُكْمِيٌّ فِي نَقْلِ كِتَابٍ حُكْمِيٍّ) يُكْتَبُ بَعْدَ الصَّدْرِ وَالدُّعَاءِ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ، عَرَضَ عَلَيَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ الْقَاضِي الْإِمَامِ فُلَانٍ كِتَابًا حُكْمِيًّا هَذِهِ نُسْخَتُهُ وَيُنْسَخُ الْكِتَابُ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ نَسْخِهِ يُكْتَبُ عَرَضَ عَلَيَّ هَذَا الْكِتَابَ وَزَعَمَ أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْقَاضِي بِكُورَةِ كَذَا مَخْتُومٌ بِخَتْمِهِ مُوَقَّعٌ بِتَوْقِيعِهِ أُشْهِدَ عَلَى مَضْمُونِهِ وَعَلَى خَتْمِهِ وَهُوَ قَاضٍ بِهَا إلَيْكَ، وَأَشَارَ إلَيَّ فِي مَعْنَى نَقْلِ شَهَادَتِهِ عَلَى فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ يَعْنِي الَّذِي جَاءَ بِالْكِتَابِ وَإِنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فُلَانٌ الْمَذْكُورُ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ غَائِبٌ عَنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ مُقِيمٌ بِكُورَةِ كَذَا وَطَلَبَ مِنِّي نَقْلَ هَذَا الْكِتَابِ إلَى مَجْلِسِهِ - أَدَامَ اللَّهُ تَعَالَى بَقَاءَ الْقَاضِي فُلَانٍ - فَسَأَلْتُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَأَحْضَرَ شَاهِدَيْنِ وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ شَهِدَا بَعْدَ الِاسْتِشْهَادِ عَلَى إثْرِ هَذِهِ الدَّعْوَى أَنَّ هَذَا كِتَابُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْقَاضِي بِكُورَةِ بُخَارَى مَخْتُومٌ بِخَتْمِهِ مُوَقَّعٌ بِتَوْقِيعِهِ كَتَبَهُ إلَيْكَ وَأَشَارَا إلَيَّ وَقَالَا وَقَدْ أَشْهَدْنَا عَلَى خَتْمِهِ وَعَلَى مَا فِي ضِمْنِهِ فِي مَعْنَى ثُبُوتِ الشَّهَادَةِ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَسَمِعْتُ شَهَادَتَهُمْ وَثَبَتَ عِنْدِي عَدَالَتُهُمْ مِنْ جِهَةِ مَنْ إلَيْهِ رَسْمُ التَّزْكِيَةِ بِالنَّاحِيَةِ فَقَبِلْتُ الْكِتَابَ وَفَكَكْته فَوَجَدْتُهُ مُعَنْوَنَ الدَّاخِلِ

محضر في ثبوت ملك محدود بكتاب حكمي

وَالْخَارِجِ مُوَقَّعَ الصَّدْرِ وَالْآخِرِ مُعَلَّمَ الْأَوْصَالِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عَلَى الرَّسْمِ الَّذِي فِي كُتُبِ الْقُضَاةِ فَصَحَّ عِنْدِي وَثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي كَتَبَهُ إلَيَّ فِي مَعْنَى كَذَا حَالَ كَوْنِهِ قَاضِيًا ثُمَّ سَأَلَنِي هَذَا الَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ هَذَا الْكِتَابَ نَقْلَ ذَلِكَ إلَيْهِ فَأَجَبْتُهُ وَأَمَرْتُ بِكِتَابِي هَذَا وَيَتِمُّ الْكِتَابُ عَلَى نَسَقِ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ الَّذِي اُحْتِيجَ إلَى نَقْلِهِ نَقَلَ كِتَابًا آخَرَ فَتَرْتِيبُهُ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا. [مَحْضَرٌ فِي ثُبُوتِ مِلْكٍ مَحْدُودٍ بِكِتَابٍ حُكْمِيٍّ] (مَحْضَرٌ فِي ثُبُوتِ مِلْكٍ مَحْدُودٍ بِكِتَابٍ حُكْمِيٍّ) يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانٌ حَضَرَ فِي مَجْلِسٍ قَضَائِيٍّ بِكُورَةِ كَذَا فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ فُلَانًا فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا مِلْكُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَحَقُّهُ وَفِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْهُ فَسُئِلَ فَأَجَابَ بِالْفَارِسِيَّةِ. (أَيْنَ خانه كه أَيْنَ مُدَّعِي دعوى ميكند مُلْك مِنْ است واندر دست مِنْ بِحَقِّ است) وَكَلَّفْتُ الْمُدَّعِيَ هَذَا إقَامَةَ الْحُجَّةِ عَلَى دَعْوَاهُ فَعَرَضَ عَلَيَّ هَذَا الْكِتَابَ الْحُكْمِيَّ هَذِهِ نُسْخَتُهُ وَيُنْسَخُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ يُكْتَبُ فَعَرَضَ عَلَيَّ هَذَا الْكِتَابَ وَزَعَمَ أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي بِكُورَةِ كَذَا إلَيْكَ وَأَشَارَ إلَى الْكِتَابِ وَإِلَيَّ كَتَبَهُ بِثُبُوتِ مِلْكِيَّةِ هَذِهِ الدَّارِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا إلَيَّ مُوَقَّعٌ بِتَوْقِيعِهِ وَمَخْتُومٌ بِخَاتَمِهِ كَتَبَهُ وَهُوَ يَوْمئِذٍ قَاضٍ بِكُورَةِ كَذَا وَأَشْهَدَ عَلَى مَضْمُونِهِ وَخَاتَمِهِ شُهُودًا فَطَلَبَ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ وَأَحْضَرَ نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَسَأَلَنِي الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمْ وَأَجَبْتُهُ إلَيْهِ فَشَهِدَ شُهُودُهُ هَؤُلَاءِ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ وَأَشَارُوا إلَى الْكِتَابِ الْمُحْضَرِ فِي مَجْلِسٍ حُكْمِيٍّ كِتَابِ قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا كَتَبَهُ إلَيْكَ وَهُوَ يَوْمئِذٍ قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا بِثُبُوتِ مِلْكِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ لِهَذَا الْمُدَّعِي الَّذِي عَرَضَ هَذَا الْكِتَابَ. وَأَشَارُوا إلَى الْمُدَّعِي هَذَا مَخْتُومٌ بِخَتْمِهِ مُوَقَّعٌ بِتَوْقِيعِهِ وَأَشْهَدْنَا عَلَى مَضْمُونِ هَذَا الْكِتَابِ وَعَلَى خَتْمِهِ فَسَمِعْتُ شَهَادَتَهُمْ وَرَجَعْتُ فِي التَّعْرِيفِ عَنْ أَحْوَالِهِمْ إلَى مَنْ إلَيْهِ رَسْمُ التَّزْكِيَةِ بِالنَّاحِيَةِ فَنُسِبَ اثْنَانِ مِنْهُمْ إلَى جَوَازِ الشَّهَادَةِ وَقَبُولِ الْقَوْلِ وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَقَبِلْتُ الْكِتَابَ وَفَكَكْتُهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ فَوَجَدْتُهُ مُعَنْوَنَ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ مُوَقَّعَ الصَّدْرِ وَالْآخِرِ مُعَلَّمَ الْأَوْصَالِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَقَدْ أَثْبَتَ أَسَامِي الشُّهُودِ فِي آخِرِهِ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ فِي كِتَابِ الْقُضَاةِ فَقَبِلْتُهُ وَثَبَتَ عِنْدِي كَوْنُ هَذَا الْكِتَابِ كِتَابَ الْقَاضِي فُلَانٍ بِكُورَةِ كَذَا كَتَبَهُ إلَيَّ وَهُوَ يَوْمئِذٍ قَاضِي بِهَا فِي ثُبُوتِ مِلْكِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ لِفُلَانٍ هَذَا وَكَوْنُهَا فِي يَدِ فُلَانٍ هَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَدْ أَشْهَدَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ عَلَى مَضْمُونِهِ وَخَتْمِهِ وَصَحَّ عِنْدِي مَوْرِدُهُ وَثَبَتَ عِنْدِي جَمِيعُ مَا تَضَمَّنَهُ فَعَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَعْلَمْتُهُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَمَكَّنْتُهُ مِنْ إيرَادِ الدَّفْعِ إنْ كَانَ لَهُ دَفْعٌ فَلَمْ يَأْتِ بِالدَّفْعِ وَلَا أَتَى بِالْمُخَلِّصِ فَظَهَرَ عِنْدِي عَجْزُهُ عَنْ ذَلِكَ، ثَمَّ إنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ عَرَضَ الْكِتَابَ سَأَلَنِي الْحُكْمَ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدِي لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَأَجَبْتُهُ إلَى ذَلِكَ وَحَكَمْتُ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمِلْكِيَّةِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ إلَى آخِرِهِ. [مَحْضَر فِي إقَامَة الْبَيِّنَة عَلَى الْكتاب الْحُكْمِيّ فِي دعوى الْمُضَارَبَة وَالْبِضَاعَة] (مَحْضَرٌ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فِي دَعْوَى الْمُضَارَبَةِ وَالْبِضَاعَةِ) حَضَرَ مَجْلِسَ الْقُضَاةِ فِي كُورَةِ بُخَارَى قِبَلَ الْقَاضِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ أَحْضَرَهُ وَلَا نَائِبٍ عَنْ خَصْمٍ أَحْضَرَهُ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى غَائِبٍ ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانًا، وَذَكَرَ أَنَّ حِلْيَتَهُ كَذَا، وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ تِسْعِينَ دِينَارًا حُمْرًا مُنَاصَفَةً بُخَارِيَّةً جَيِّدَةً رَائِجَةً مَوْزُونَةً بِوَزْنِ سَنَجَاتِ سَمَرْقَنْدَ مُضَارَبَةً صَحِيحَةً لَا فَسَادَ فِيهَا لِيَتَّجِرَ هُوَ فِي ذَلِكَ مَا بَدَا لَهُ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِرَبِّ الْمَالِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَثُلُثُهُ لِلْمُضَارِبِ هَذَا الْمَذْكُورِ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ وَمَا كَانَ مِنْ وَضِيعَةٍ أَوْ خُسْرَانٍ فَهُوَ عَلَى رَبِّ

محضر في دعوى مال المضاربة على ميت بحضرة ورثته

الْمَالِ هَذَا وَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبَ هَذَا قَبَضَ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ جَمِيعَ رَأْسِ مَالِ هَذِهِ الْمُضَارَبَةِ الْمَوْصُوفَةِ فِيهِ قَبْضًا صَحِيحًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ هَذَا بِدَفْعِهِ إلَيْهِ ذَلِكَ مُضَارَبَةً وَأَقَرَّ بِقَبْضِ ذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ إقْرَارًا صَحِيحًا صَدَّقَهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي ذَلِكَ خِطَابًا وَدَفَعَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَيْضًا إلَيْهِ عِشْرِينَ دِينَارًا مِنْ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ مُنَاصَفَةً بُخَارِيَّةَ الضَّرْبِ مَوْزُونَةً بِوَزْنِ سَنَجَاتِ سَمَرْقَنْدَ بِضَاعَةً صَحِيحَةً لِيُورِدَ لَهُ عِوَضَ ذَلِكَ مَا بَدَا لَهُ مِنْ (الموى جامه) الَّتِي تَكُونُ لَائِقَةً لِأَهْلِ بِلَادِ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ وَالتُّمُرْتَاشِ وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ الْمَوْصُوفَةَ فِيهِ بِضَاعَةً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ قَبُولًا صَحِيحًا وَقَبَضَهَا قَبْضًا صَحِيحًا وَأَقَرَّ بِقَبْضِ ذَلِكَ مِنْهُ بِضَاعَةً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ إقْرَارًا صَحِيحًا صَدَّقَهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِيهِ خِطَابًا، وَأَنَّهُ الْيَوْمَ غَائِبٌ مِنْ كُورَةِ كَذَا وَنَوَاحِيهَا مُقِيمٌ بِقَصَبَةِ أُوزْجَنْدَ جَاحِدٌ لِدَعْوَيَيْهِ هَاتَيْنِ فَأَنْتَ بِحَقَّيْهِ هَذَيْنِ وَإِنَّ لَهُ شُهُودًا عَلَى دَعْوَيَيْهِ هَاهُنَا إلَى آخِرِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [مَحْضَر فِي دعوى مَال الْمُضَارَبَة عَلَى مَيِّت بِحَضْرَةِ وَرَثَته] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى مَالِ الْمُضَارَبَةِ عَلَى مَيِّتٍ بِحَضْرَةِ وَرَثَتِهِ) صُورَتُهُ حَضَرَ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا، كُلُّهُمْ أَوْلَادُ فُلَانٍ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَحْضَرَهُمْ مَعَ نَفْسِهِ أَنَّهُ دَفَعَ إلَى مُوَرِّثِهِمْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً وَأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهَا وَرَبِحَ أَرْبَاحًا وَأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ قِسْمَةِ هَذَا الْمَالِ وَقَبْلَ دَفْعِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَقَبْلَ قِسْمَةِ الرِّبْحِ مُجَهِّلًا لِهَذَا الْمَالِ وَصَارَ ذَلِكَ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ إلَى آخِرِهِ فَقَبِلَ: إنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ قَدْرِ الرِّبْحِ وَبِتَرْكِهِ يَصِيرُ خَلَلًا فِي الدَّعْوَى وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي رَأْسِ الْمَالِ وَحْدَهُ فَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ بَيَانِ قَدْرِ الرِّبْحِ كَذَا فِي فُصُولِ الأستروشني. (كِتَابٌ حُكْمِيٌّ لِإِثْبَاتِ شَرِكَةِ الْعِنَانِ فِي عَمَلِ الْجَلَّابِينَ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى غَائِبٍ ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فراحه سالار بْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ وَأَنَّهُ يُعْرَفُ (باكدش بجه) ، وَذَكَرَ أَنَّ حِلْيَتَهُ كَذَا، وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ وَهَذَا الْغَائِبَ الْمُسَمَّى اشْتَرَكَا شَرِكَةَ عِنَانٍ فِي تِجَارَةِ الْجَلَّابِينَ عَلَى تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَالِاجْتِنَابِ عَنْ الْخِيَانَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ الْجَيِّدِ الْبُخَارِيَّةِ الضَّرْبِ الرَّائِجِ الْمَوْزُونِ بِوَزْنِ سَنَجَاتِ سَمَرْقَنْدَ فَيَكُونَ جَمِيعُ رَأْسِ مَالِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ مِائَتَيْ دِينَارٍ أَحْمَرَ بُخَارِيَّةَ الضَّرْبِ إلَى آخِرِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ رَأْسِ مَالِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ فِي يَدِ هَذَا الْغَائِبِ الْمُسَمَّى فِيهِ يَتَّجِرَانِ وَيَتَّجِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِذَلِكَ كُلِّهِ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا بِتِجَارَاتِ الْجَلَّابِينَ وَيَشْتَرِيَانِ وَيَشْتَرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِذَلِكَ مَا بَدَا لَهُمَا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ السِّلَعِ الصَّالِحَةِ لِلْجَلَّابِينَ وَتِجَارَاتُهُمْ الْمَعْهُودَةُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَبِيعَانِهِ وَيَبِيعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَيَسْتَبْدِلَانِ وَيَسْتَبْدِلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يُنْفِقُ مِنْ ذَلِكَ أَيَّةَ سِلْعَةٍ تَبْدُو لَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ السِّلَعِ الصَّالِحَةِ لِلْجَلَّابِينَ فِي تِجَارَاتِهِمْ الْمَعْهُودَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ. وَيُسَافِرَانِ وَيُسَافِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَالِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ كُلِّهِ إلَى أَيِّ بَلَدٍ يَبْدُو لَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الرِّبْحِ فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَمَا يَكُونُ مِنْ وَضِيعَةٍ أَوْ خُسْرَانٍ يَكُونُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ أَيْضًا، وَأَحْضَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَ مَالِهِ الْمَذْكُورَ فِي مَجْلِسِ الشَّرِكَةِ هَذِهِ وَخَلَطَاهُ وَجَعَلَاهُ بَعْدَ الْخَلْطِ فِي يَدِ هَذَا الْغَائِبِ الْمُسَمَّى فِيهِ جَعْلًا صَحِيحًا وَأَقَرَّ هُوَ بِحُصُولِ مَالِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي يَدِهِ إقْرَارًا صَحِيحًا صَدَّقَهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِيهِ خِطَابًا شِفَاهًا فِي مَجْلِسِ الشَّرِكَةِ هَذِهِ، وَذَكَرَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَيْضًا أَنَّ لَهُ عَلَى هَذَا الْغَائِبِ الْمُسَمَّى فِيهِ مِائَةَ دِينَارٍ حُمْرًا مُنَاصَفَةً بُخَارِيَّةَ الضَّرْبِ جَيِّدَةً رَائِجَةً مَوْزُونَةً بِوَزْنِ سَنَجَاتِ سَمَرْقَنْدَ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبِ قَرْضٍ صَحِيحٍ أَقْرَضَهَا هَذَا الَّذِي حَضَرَ إيَّاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إقْرَاضًا صَحِيحًا، وَأَنَّهُ قَبَضَهَا مِنْ هَذَا الَّذِي قَبَضَهَا قَبْضًا صَحِيحًا وَجَعَلَهَا رَأْسَ مَالِهِ

محضر في إثبات الكتاب الحكمي

الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ وَهَكَذَا أَقَرَّ هَذَا الْغَائِبُ الْمُسَمَّى فِيهِ حَالَ صِحَّةِ إقْرَارِهِ وَنَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا طَائِعًا بِجَرَيَانِ عَقْدِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَتَحْصِيلِ جَمِيعِ رَأْسِ مَالِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي يَدِهِ وَبِإِقْرَاضِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ إيَّاهُ مِائَةَ دِينَارٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ فراحه سالار الْمُسَمَّى فِيهِ الْيَوْمَ غَائِبٌ عَنْ كُورَةِ نُجَارَى وَنَوَاحِيهَا مُقِيمٌ بِبَلْدَةِ، كَذَا جَاحِدٌ دَعْوَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ قَبْلَهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ إلَى آخِرِهِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ) حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ فِي كُورَةِ نُجَارَى قِبَلَ الْقَاضِي فُلَانٍ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ التِّرْمِذِيَّ وَهُوَ يَوْمئِذٍ وَكِيلٌ عَنْ أَخَوَيْهِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَحَدُهُمَا يُكَنَّى بِأَبِي بَكْرٍ وَالْآخَرُ يُسَمَّى أَحْمَدَ وَعَنْ وَالِدَاتِهِمْ الْمُسَمَّاةِ (كوهرستي) بِنْتَ عَمْرِو بْنِ أَحْمَدَ الْبَزَّازِيِّ التِّرْمِذِيِّ الثَّابِتُ الْوَكَالَةُ عَنْهُمْ فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَاتِ وَالِاسْتِمَاعِ إلَيْهَا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا. وَفِي طَلَبِ حُقُوقِهِمْ قِبَلَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَفِي قَبْضِهَا لَهُمْ، إلَّا فِي تَعْدِيلِ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ وَالْإِقْرَارِ عَلَيْهِمْ، وَفِي يَدَيْهِ كِتَابٌ حُكْمِيٌّ مَكْتُوبٌ فِي عِنْوَانِهِ الظَّاهِرِ: بِسْمِ اللَّهِ الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبِينِ إلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ مِنْ الْمُوَفَّقِ بْنِ الْمَنْصُورِ بْنِ أَحْمَدَ قَاضِي تِرْمِذَ فِي نَقْلِ إقْرَارِ أَبِي بَكْرِ بْنِ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَكَّاعِيِّ بِمَضْمُونِ الْأَذْكَارِ الْمُلْصَقَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ فِي آخِرِ كِتَابِي هَذَا عَلَى حَسَبِ مَا تَضَمَّنَهُ كُلُّ ذِكْرٍ مِنْهَا وَهُوَ مَخْتُومٌ بِخَتْمِي وَنَقْشُ خَاتَمِي الْمُوَفَّقُ بْنُ مَنْصُورٍ بْنُ أَحْمَدَ الْمَكَّاعِيُّ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّهُ يُكَنَّى بِأَبِي بَكْرِ بْنِ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ التِّرْمِذِيِّ الْمَكَّاعِيِّ، وَأَنَّهُ يُعْرَفُ بِأَوْلِيَاءِ الْمَكَّاعِيِّينَ وَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ لِنَفْسِهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَلِمُوَكِّلَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ فِيهِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ الثَّابِتَةِ لَهُ مِنْ جِهَتِهِمْ أَنَّهُ كَانَ لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ التِّرْمِذِيِّ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ مِائَتَا دِينَارٍ وَأَرْبَعُونَ دِينَارًا مَكِّيَّةً بِوَزْنِ مَكَّةَ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ، وَإِنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَقَرَّ لَهُ فِي حَالِ صِحَّةِ إقْرَارِهِ طَائِعًا بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مَكْتُوبٌ إقْرَارُهُ لَهُ بِذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ الْأَذْكَارِ فِي أَحَدِهَا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا، وَفِي الْآخَرِ سَبْعُونَ دِينَارًا، وَفِي الثَّالِثِ عِشْرُونَ دِينَارًا دَيْنًا عَلَى نَفْسِهِ وَاجِبًا وَحَقًّا لَازِمًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ إقْرَارًا صَحِيحًا كَانَ صَدَّقَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ هَذَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ خِطَابًا. وَكُلُّ ذَلِكَ مَحْكُومٌ بِهِ مُسَجَّلٌ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِكُورَةِ تِرْمِذَ قِبَلَ قَاضِيهَا الْمُوَفَّقِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ أَحْمَدَ حَالَ كَوْنِهِ قَاضِيًا بِهَا نَافِذَ الْقَضَاءِ بَيْنَ أَهْلِهَا، ثَمَّ إنَّ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ هَذَا تُوُفِّيَ قَبْلَ قَبْضِهِ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مِنْ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ وَخَلَّفَ مِنْ الْوَرَثَةِ زَوْجَةً لَهُ، وَهِيَ (كوهرستي) هَذِهِ الْمَذْكُورَةُ فِيهِ وَثَلَاثَةَ بَنِينَ لِصُلْبِهِ، أَحَدُهُمْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَالِاثْنَانِ مِنْهُمْ الْمُوَكِّلَانِ الْمَذْكُورَانِ فِيهِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمْ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ مَالِهِ هَذَا الْمَالَ الْمَذْكُورَ فِيهِ دَيْنًا عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ وَبِمَوْتِهِ صَارَ هَذَا الْمَالُ الْمَذْكُورُ فِيهِ مِيرَاثًا مِنْهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ وَالْبَاقِي لِبَنِيهِ الثَّلَاثَةِ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، أَصْلُ الْفَرِيضَةِ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ وَقِسْمَتُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا: لِلْمَرْأَةِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْهَا، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ مِنْهَا، وَهَذَا الْمَالُ الْمَذْكُورُ فِيهِ لَمَّا كَانَ ثَابِتًا عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ بِإِقْرَارِهِ لِهَذَا الْمَذْكُورِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِكُورَةِ تِرْمِذَ عِنْدَ قَاضِيهَا هَذَا الْمَذْكُورِ فِيهِ مَحْكُومًا بِهِ وَمُسَجَّلًا الْتَمَسَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَمُوَكِّلُوهُ الْمُسَمَّوْنَ فِيهِ مِنْ قَاضِي تِرْمِذَ هَذَا الْمَذْكُورِ فِيهِ. وَأَشَارَ إلَى الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ لِمُوَرِّثِهِمْ الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَمَحْكُومٌ بِهِ وَمُسَجَّلٌ عَنْهُ إلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ فَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ وَأَمَرَ بِكِتَابَةِ هَذَا الْكِتَابِ وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ صِحَّةِ الْكِتَابِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ بِتَارِيخِهِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ وَكَانَ قَاضِي تِرْمِذَ الْمَذْكُورُ فِيهِ يَوْمَ أَمَرَ بِكِتَابَةِ هَذَا الْكِتَابِ وَأَشَارَ إلَيْهِ قَاضِي تِرْمِذَ وَنَوَاحِيهَا وَالْيَوْمَ هُوَ عَلَى قَضَائِهِ بِهَا، وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَدَاءُ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ لِيَقْبِضَ لِنَفْسِهِ بِالْأَصَالَةِ وَلِمُوَكِّلِيهِ بِحُكْمِ

الْوَكَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ عَلَى السِّهَامِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسُئِلَ فَأَجَابَ. (مرا ازين وام وازين نامه مَعْلُوم نيست ومرا باين مُدَّعَى جيزي دادنى نيستُ باين سَبَب كه دعوى ميكند) فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي هَذَا نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ (كواهي ميدهم كه أَيْنَ نامه حُكْمِيّ) وَأَشَارَ إلَى هَذَا الْكِتَابِ. (ازان قَاضِي تِرْمِذَ است) الْمُوَفَّقُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ أَحْمَدَ (أَيْنَ كه نام ونسب وى بِرّ عنوان ظَاهِر أَيْنَ نامه مكتوب است واين مُوَفَّقُ بْنُ مَنْصُورٍ كه بِرّ عنوان ظَاهِر أَيْنَ نامه مذكور است) ، وَأَشَارَ إلَى هَذَا الْكِتَابِ (آنروزكه نبشتن فرموداين نامه را) ، وَأَشَارَ إلَيْهِ (قَاضِي بود بشهر تِرْمِذَ وَنَوَاحِي آن وازان روز بازير عَمَل قَضَاء ترمذ است ونواحي آن وآن نامه) ، وَأَشَارَ إلَيْهِ (بمهروي است ونقش بمهروي الْمُوَفَّقِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ أَحْمَدَ است ومضمون أَيْنَ نامه) ، وَأَشَارَ إلَيْهِ (أَيْنَ است كه أَيْنَ مُدَّعَى عَلَيْهِ إقْرَار كرده است) ، وَأَشَارَ إلَيْهِ (بحال جَوَازِ إقْرَار خويش بطوع كه برمن است ودركردن مِنْ است مراين مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ را كه نام ونسب وى اندرين مَحْضَر واندرين نامه مذكور است) ، وَأَشَارَ إلَى الْمَحْضَرِ وَالْكِتَابِ (دوبست وجهل دِينَار مكى بلخي سره بوزن مَكَّةَ حَقِّي وَاجِب ووامى لَازِم بِسَبَبِيِّ درست وَإِقْرَارِي درست واين مقر لَهُ كه اندرين مَحْضَر ونامه مذكور است) ، وَأَشَارَ إلَى الْمَحْضَرِ وَالْكِتَابِ هَذَا (تَصْدِيق كرده بود مَرَّ مُقَرَّرًا اندرين إقْرَار روى با روى بس أَيْنَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ كه نام ونسب وى اندرين مَحْضَر ونامه مذكور است) ، وَأَشَارَ إلَيْهِمَا (بمردبيش ازقبض كردن وى جيزي ازين زرها كه مبلغ وَصَفْتُ وَجِنْس ووزن وى اندرين مَحْضَر ونامه مذكور است) ، وَأَشَارَ إلَيْهِمَا (وازوى مِيرَاث خوار مانده است يكى زن أَيْنَ كوهرستي كه نام ونسب وى اندرين مَحْضَر ونامه مذكور است وسه بسر صلبى ماند يكى ازابشان أَيْنَ مُدَّعَى) ، وَأَشَارَ إلَيْهِ. (ودوديكر مُوَكَّلَانِ أَيْنَ مُدَّعَى كه نام ونسب هردودرين نامه ومحضر مذكور است) وَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُمْ (وهمكين

أَيْنَ زرها كه اندرين مَحْضَر ونامه مذكور است) ، وَأَشَارَ إلَى الْمَحْضَرِ وَالْكِتَابِ (بمرك وى مِيرَاث شَدَّهُ است مراين وَارِثَانِ أوراكه نام ونسب ايشان اندرين مَحْضَر ونامه مذكور است بِدِين مُدَّعَى عَلَيْهِ تا اينحال جنانكه اندرين نامه مذكور اسى) ، وَأَشَارَ إلَيْهِمَا ثُمَّ يَكْتُبُ قَاضِي نُجَارَى فِي آخِرِ هَذَا الْمَحْضَرِ جَرَى الْحُكْمُ مِنِّي بِثُبُوتِ مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ وَهُمَا هَذَانِ الشَّاهِدَانِ. (كِتَابٌ آخَرُ حُكْمِيٌّ) حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ فِي كُورَةِ بُخَارَى الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَفِيفُ الدِّينِ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ نَاصِرِ الْحَجَّاجِ الْقَزْوِينِيُّ وَالشَّيْخُ الْحَجَّاجُ مَحْمُودُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ الْقَزْوِينِيُّ وَهُوَ يَوْمئِذٍ وَكِيلُ الْمُسَمَّاةِ قُرَّةَ الْعَيْنِ بِنْتَ إبْرَاهِيمَ بْنِ نَاصِرٍ الْقَزْوِينِيَّةَ الثَّابِتِ الْوَكَالَةُ عَنْهَا فِي الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَاتِ وَالِاسْتِمَاعِ إلَيْهَا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إلَّا فِي الْإِقْرَارِ عَلَيْهَا وَتَعْدِيلِ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهَا، وَالْمَأْذُونُ لَهُ مِنْ جِهَتِهَا فِي تَوْكِيلِ مَنْ أَحَبَّ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ بِمِثْلِ مَا وَكَّلَتْهُ بِهِ وَأَحْضَرَا مَعَهُمَا السَّلَّارَ أَحْمَدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْجَلَّابَ فَادَّعَى الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَبْدُ الْغَنِيِّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ لِنَفْسِهِ بِالْأَصَالَةِ وَادَّعَى الشَّيْخُ الْإِمَامُ مَحْمُودٌ هَذَا الَّذِي حَضَرَ لِمُوَكِّلَتِهِ هَذِهِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَاهُ مَعَهُمَا أَنَّ عَمْرَو بْنَ إبْرَاهِيمَ بْنِ النَّاصِرِ الْحَجَّاجَ الْقَزْوِينِيَّ تُوُفِّيَ وَخَلَّفَ مِنْ الْوَرَثَةِ بِنْتًا لَهُ لِصُلْبِهِ تُسَمَّى (فرخنده) وَأَخًا لَهُ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَهُوَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَبْدُ الْغَنِيِّ هَذَا وَأُخْتًا لَهُ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَهِيَ مُوَكِّلَةُ مَحْمُودٍ هَذَا الَّذِي حَضَرَ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُمْ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي يَدَيْ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَاهُ مَعَهُمَا عَشَرَةَ أَعْدَادِ جِلْدٍ. (قندز) مَدْبُوغٍ قِيمَةُ كُلِّ جِلْدٍ مِنْهَا أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ نَيْسَابُورِيَّةُ الضَّرْبِ جَيِّدَةٌ رَائِجَةٌ حَمْرَاءُ مُنَاصَفَةً بِوَزْنِ مَثَاقِيلَ مَكَّةَ وَصَارَ جَمِيعُ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ مِيرَاثًا عَنْهُ لِوَرَثَتِهِ هَؤُلَاءِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْأَخِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأَصْلُ الْفَرِيضَةِ مِنْ اثْنَيْنِ وَقِسْمَتُهَا مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ لِلْبِنْتِ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْأَخِ مِنْهَا سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ مِنْهَا سَهْمٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّ هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ حَضَرَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ الْعَادِلَةَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِكُورَةِ قَزْوِينَ قِبَلَ الْقَاضِي عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ خَلِيفَةِ وَالِدِهِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَاضِي كُورَةِ قَزْوِينَ وَنَوَاحِيهَا نَافِذِ الْإِذْنِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِنَابَةِ فِيهَا بِكُورَةِ رَيٍّ قِبَلَ الْقَاضِي مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الأستراباذي خَلِيفَةِ وَالِدِهِ الصَّدْرِ الْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الأستراباذي قَاضِي كُورَةَ رَيٍّ وَنَوَاحِيهَا نَافِذِ الْإِذْنِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِنَابَةِ فِيهَا وَالْإِمْضَاءِ أَدَامَ اللَّهُ تَوْفِيقَهُ بِجَمِيعِ مَا كَتَبَ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ الَّذِي أَوْرَدَهُ مِنْ قَاضِي كُوَرِ قَزْوِينَ مِنْ مَوْتِ عَمْرِو بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ نَاصِرٍ الْحَجَّاجِ الْقَزْوِينِيِّ. هَذَا وَتَخْلِيفِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ بِنْتًا لَهُ لِصُلْبِهِ وَأَخًا وَأُخْتًا لَهُ لِأَبٍ وَأُمٍّ هَؤُلَاءِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُمْ، الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ إلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ وَهُمَا هَذَانِ الْكِتَابَانِ اللَّذَانِ أَوْرَدَهُمَا هَذَانِ اللَّذَانِ حَضَرَا الْمُشَارُ إلَيْهِمَا، وَأَمَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكِتَابٍ حُكْمِيٍّ وَكَانَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ مِنْ هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ حَضَرَا فِي مَجْلِسِ قَضَاءِ كُورَةِ قَزْوِينَ عِنْدَ قَاضِيهَا هَذَا، وَفِي مَجْلِسِ قَضَاءِ كُورَةِ رَيٍّ عِنْدَ قَاضِيهَا هَذَا الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ بَعْدَمَا أَثْبَتَ مَحْمُودُ بْنُ أَحْمَدَ هَذَا الَّذِي وَصَفَ وَكَالَتَهُ عَنْ مُوَكِّلَتِهِ هَذِهِ بِكُورَةِ قَزْوِينَ قِبَلَ قَاضِيهَا هَذَا وَبِكُورَةِ رَيٍّ قِبَلَ قَاضِيهَا هَذَا بِجَمِيعِ مَا جَرَى لِهَذَيْنِ اللَّذَيْنِ حَضَرَا قِبَلَهُ وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ، وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ النَّائِبَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِيهِ كَانَ نَائِبًا فِي الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ بِكُورَتِهِ يَوْمَ أَمَرَ بِكِتَابَةِ هَذَا الْكِتَابِ إلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْمَنُوبِ عَنْهُ الْمَذْكُورِ فِيهِ حَالَ كَوْنِ الْمَنُوبِ عَنْهُ الْمَذْكُورِ فِيهِ قَاضِيًا فِي كُورَتِهِ هَذِهِ نَافِذَ الْإِذْنِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِنَابَةِ وَالْإِمْضَاءِ. وَالْيَوْمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَائِبٌ فِي الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِمْضَاءِ فِي كُورَتِهِ كَمَا كَانَ مِنْ هَذَا الْمَنُوبِ عَنْهُ مِنْ لَدُنْ أَمَرَ بِكِتَابَةِ هَذَا الْكِتَابِ إلَى هَذَا الْيَوْمِ، وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي عِلْمٍ مِنْ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا

فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ حِصَّةِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ عَبْدِ الْغَنِيِّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ مِنْ ذَلِكَ لِيَقْبِضَهُ لِنَفْسِهِ وَذَلِكَ سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ، وَتَسْلِيمُ نَصِيبِ مُوَكِّلِهِ مَحْمُودٍ هَذَا الَّذِي حَضَرَ هَذِهِ مِنْ ذَلِكَ إلَيْهِ وَذَلِكَ سَهْمٌ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ مِنْ ذَلِكَ لِيَقْبِضَهُ لَهَا بِتَوْكِيلِهَا وَطَالَبَاهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَا مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَسُئِلَ فَأَجَابَ، وَقَالَ (مرا ازوفات أَيْنَ نامبرده واز وراثتُ أَيْنَ مُدَّعِيَانِ وازين نامهاي حُكْمِيّ عِلْم نيستُ وَبَايَنَ مُدَّعِيَانِ هيج دادئى نيستُ باين سَبَب كه دعوى ميكنند أَيْنَ مِقْدَار دعوى ميكنند) أَحْضَرَ هَذَانِ اللَّذَانِ حَضَرَا نَفَرًا ذَكَرَا أَنَّهُمْ شُهُودُهُمَا وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَيَكْتُبُ أَسَامِي الشُّهُودِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: الشَّاهِدُ الْأَصْلُ الشَّيْخُ مَحْمُودُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ فُلَانٍ الْمَعْرُوفُ بِالشِّرْوَانِيِّ. الْفَرْعُ عَنْهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَعْرُوفُ بِغَازِي سالار، وَالشَّيْخُ الصَّابِرُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ الصَّانِعُ السَّنْجَرِيُّ سَاكِنُ سِكَّةَ عَلَى رُومِيٍّ بِنَاحِيَةِ مَسْجِدِ فُلَانٍ ثُمَّ يَكْتُبُ. وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَزْوِينِيُّ التَّاجِرُ وَيَكْتُبُ تَحْتَ اسْمِ هَذَا الْأَصْلِ الثَّانِيَ الْفُرُوعَ عَنْهُ، الْفَرْعَانِ اللَّذَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ وَالشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ ثُمَّ يَكْتُبُ الْكَاتِبُ تَحْتَ أَسَامِي الْفُرُوعِ لِلثَّانِي أَسْمَاءَهُمْ وَأَنْسَابَهُمْ. وَالْأَصْلُ الثَّالِثُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَجَّاجُ الْإِسْكَافُ الْمَعْرُوفُ بِأَحْمَدَ خوب وَلَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْأَصْلِ فَرْعَانِ؛ لِأَنَّهُ شَهِدَ بِنَفْسِهِ. وَكَانَ قَاضِي نُجَارَى كَتَبَ فِي هَذَا الْكِتَابِ بَعْدَ مَا شَهِدَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ مِنْ نُسْخَةٍ قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ: حَكَمْتُ بِثُبُوتِ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ الْحُكْمَيْنِ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الْفُرُوعِ عَلَى شَهَادَةِ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ الْمُسَمَّيْنَ بِتَارِيخِ كَذَا. وَأَمَّا لَفْظُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ الَّتِي قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ فَهُوَ هَذَا (كواهي ميدهم كه كواهي دادبيش مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ فُلَانٍ الشِّرْوَانِيِّ، وَأَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَزْوِينِيُّ وجنين كفتند هريكى ازايشان كه كواهي ميدهم كه أَيْنَ هردو نامه) ، وَأَشَارَ إلَى الْكِتَابَيْنِ (يكى ازين دو نامه) ، وَأَشَارَ إلَى أَحَدِ الْكِتَابَيْنِ بِعَيْنِهِ (نامه نائب قَاضِي شَهْر قَزْوِينَ است اينكه نام ونسب وى ونام ونسب منوب عَنْهُ وى ولقب وى اندرين مَحْضَر مذكور است) ، وَأَشَارَ إلَيْهِ (واين نامه ديكر) ، وَأَشَارَ إلَى

محضر في دعوى الشفعة

الْكِتَابِ الْآخَرِ (نامه نائب قَاضِي رى است كه نام ونسب وى ونام ونسب منوب عَنْهُ ولقب وى درين مَحْضَر مذكور است) ، وَأَشَارَ إلَى الْمَحْضَرِ هَذَا (واين هرد وَمَهْر) ، وَأَشَارَ إلَى الْخَتْمَيْنِ (وهرد ونامه) ، وَأَشَارَ إلَى الْكِتَابَيْنِ (أَيْنَ يكى مهد نائب قَاضِي قَزْوِينَ است اينكه نام ونسب وى اندرين مَحْضَر مذكور است) ، وَأَشَارَ إلَى الْخَتْمِ، وَالْمَحْضَرِ (واين يكى ديكر مَهْر نائب قَاضِي شهررى است اينكه نام ونسب وى اندرين مَحْضَر مذكور است) ، وَأَشَارَ إلَى الْخَتْمِ وَالْمَحْضَرِ (ومضمون أَيْنَ هرد ونامه) ، وَأَشَارَ إلَى الْكِتَابَيْنِ (أَيْنَ است كه اندرين مَحْضَر ياد كرده شَدَّهُ است) ، وَأَشَارَ إلَى الْمَحْضَرِ. (وآنر وزكه هريكى ازايشان بنوشتن فرمود نداين هرد ونامه را) ، وَأَشَارَ إلَى الْكِتَابَيْنِ (نائب بودند اندرين شَهْر خويش اندر عَمَل قَضَاء أَيْنَ منوب عَنْهُ خَوْد كه نام ونسب وى درين مَحْضَر مذكور است) ، وَأَشَارَ إلَى الْمَحْضَرِ (واين منوب عَنْهُ وى نيز قَاضِي بوداندرين شَهْر خويش) نَافِذِ الْإِذْنِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِنَابَةِ وَالْإِمْضَاءِ (وامر وزهريكى ازايشان همجنين نائب است اندر شَهْر خويش اندر عَمَل قَضَاء ازهمين منوب عَنْهُ خَوْد ازانروزكه بنبشتن فرمود نداين نامه را) ، وَأَشَارَ إلَى الْمَحْضَرِ (تا امر وزمرا كواه كردا نيدبر كواهي خَوْد بِدِين همه وبفرمود مراتا كواهي دُهْم بركواهي وى برين همه وَمنْ اكنون كواهي ميدهم بركواهي وى برين همه ازاول تا خر وهرد وكواه أَصْلِ مرا بكواهي خَوْد برين همه كواه كردا نيدند وامر وازاز شَهْر بُخَارَى ونواحي وي غَائِب اند غَيَّبْتُ سَفَر وَعَدْل اند) وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (كِتَابٌ حُكْمِيٌّ عَلَى قَضَاءِ الْكَاتِبِ بِشَيْءٍ قَدْ حَكَمَ بِهِ وَسَجَّلَهُ) يَكْتُبُ بَعْدَ الصَّدْرِ وَالدُّعَاءِ حَضَرَنِي يَوْمَ كَذَا رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانًا يُسَمِّيه وَيَنْسُبُهُ وَيُحَلِّيهِ وَأَحْضَرَ مَعَهُ رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّهُ يُسَمَّى فُلَانًا يُسَمِّيهِ وَيَنْسُبُهُ وَيُحَلِّيهِ وَيَذْكُرُ دَعْوَى الْحَاضِرِ وَحُكْمَهُ عَلَى هَذَا الْمَحْضَرِ وَيَنْسَخُ السِّجِلَّ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ بِتَارِيخِهِ ثُمَّ يَكْتُبُ أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ حَضَرَنِي بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ فُلَانٌ غَائِبٌ عَنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ مُقِيمٌ بِبَلْدَةِ كَذَا، وَأَنَّهُ جَاحِدٌ مِلْكِيَّةَ الْمُدَّعَى بِهِ وَالْحُكْمَ، وَسَأَلَنِي مُكَاتَبَتَهُ - أَدَامَ اللَّهُ تَعَالَى عِزَّهُ - بِذَلِكَ وَالْإِشْهَادَ عَلَيْهِ وَيَتِمُّ الْكِتَابُ (نُسْخَةٌ أُخْرَى لِهَذَا الْكِتَابِ) أَنْ يَنْسَخَ السِّجِلَّ فِي آخِرِ الْكِتَابِ فَيَكْتُبَ نُسْخَةً - أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ الْقَاضِي الْإِمَامِ فُلَانٍ - فِي أَنَّ كِتَابِي هَذَا سِجِلًّا عَمِلْتُهُ لِفُلَانٍ فِي وُرُودِ اسْتِحْقَاقِ كَذَا عَلَيْهِ لِفُلَانٍ وَإِخْرَاجِهِ مِنْ يَدِهِ وَتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُسْتَحِقِّ الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَذَكَرَ هَذَا الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ مِنْ فُلَانٍ الْمُقِيمِ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ وَسَأَلَنِي إعْلَامَ الْقَاضِي فُلَانٍ - أَدَامَ اللَّهُ عِزَّهُ - وَالْكِتَابَ إلَيْهِ (نُسْخَةٌ أُخْرَى) يَكْتُبُ بَعْدَ الدُّعَاءِ وَالصَّدْرِ: طَوَيْتُ كِتَابِي هَذَا عَلَى سِجِلٍّ لِوَلِيِّهِ لِفُلَانٍ حَكَمْتُ فِيهِ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عُدُولٍ شَهِدُوا عِنْدِي فِي مَجْلِسِ قَضَائِي عَلَى مَا يَنْطِقُ بِهِ السِّجِلُّ الْمَطْوِيُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ بَعْدَمَا ثَبَتَ فِيهِ قَضَائِي وَمَضَى بِهِ حُكْمِي فَسَأَلْتُ مُكَاتَبَتَهُ - أَدَامَ اللَّهُ عِزَّهُ - بِذَلِكَ وَالْإِشْهَادَ عَلَيْهِ فَأَجَبْتُ إلَى الْمَسْئُولِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الشُّفْعَةِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الشُّفْعَةِ) حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَ نَفْسِهِ أَنَّ هَذَا الْمُحْضَرَ مَعَهُ اشْتَرَى دَارًا فِي كُورَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا فِي سِكَّةِ كَذَا أَحَدِ حُدُودِ هَذِهِ الدَّارِ لَزِيقِ دَارِ الْمُدَّعِي هَذَا، وَالثَّانِي، وَالثَّالِثُ، وَالرَّابِعُ كَذَا اشْتَرَاهَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَجَمِيعِ مَرَافِقِهَا الدَّاخِلَةِ فِيهَا وَجَمِيعِ مَرَافِقِهَا الْخَارِجَةِ عَنْهَا بِكَذَا دِرْهَمًا وَزْنَ سَبْعَةٍ، وَأَنَّهُ قَبَضَ هَذِهِ الدَّارَ وَصَارَتْ فِي يَدِهِ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ شَفِيعُ هَذِهِ الدَّارِ بِالْجِوَارِ جِوَارِ مُلَازَقَةٍ بِدَارٍ هِيَ مِلْكُهُ بِجِوَارِ هَذِهِ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ أَحَدِ حُدُودِهَا، وَالثَّانِي، وَالثَّالِثُ، وَالرَّابِعُ كَذَا وَأَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلِمَ بِشِرَاءِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ الدَّارَ الْمُشْتَرَاةَ الْمَحْدُودَةَ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ، وَأَنَّهُ طَلَبَ شُفْعَتَهَا كَمَا عَلِمَ بِشِرَائِهَا طَلَبَ مُوَاثَبَةٍ مِنْ غَيْرِ لُبْثٍ وَتَفْرِيطٍ ثُمَّ أَتَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ كَانَ أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ وَطَلَبَ مِنْهُ شُفْعَتَهُ فِيهَا وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا

وَأَنَّهُ عَلَى طَلَبِهِ الْيَوْمَ وَقَدْ أَحْضَرَ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ فِيهِ، وَهَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي عِلْمٍ مِنْ كَوْنِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ شَفِيعَ هَذِهِ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ وَمِنْ طَلَبِهِ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمَ بِشِرَاءِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ طَلَبَ مُوَاثَبَةٍ مِنْ غَيْرِ لُبْثٍ وَتَقْصِيرٍ وَمِنْ إتْيَانِهِ الْمُشْتَرِيَ هَذَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ وَإِشْهَادِهِ عَلَى طَلَبِ الشُّفْعَةِ بِحَضْرَتِهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَخْذُ هَذَا الثَّمَنِ وَتَسْلِيمُ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ إلَى هَذَا الْحَاضِرِ وَطَلَبِهِ بِذَلِكَ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسَأَلَ فَبَعْدَ ذَلِكَ الْحَالِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُقِرَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشِرَاءِ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَيُنْكِرُ كَوْنَ هَذَا الْمُدَّعِي شَفِيعَهَا بِالدَّارِ الَّتِي حَدَّهَا وَيُنْكِرُ كَوْنَ الدَّارِ الَّتِي حَدَّهَا الْمُدَّعِي هَذَا مِلْكًا لِلْمُدَّعِي هَذَا. وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْتُبُ بَعْدَ جَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي هَذَا عِدَّةً مِنْ الشُّهُودِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَسَأَلَ مِنْ الْقَاضِي الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمْ فَأَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ الِاسْتِشْهَادِ عَقِيبَ دَعْوَى الْمُدَّعِي هَذَا وَالْجَوَابُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِنْكَارِ مِنْ نُسْخَةٍ قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ وَمَضْمُونُ تِلْكَ النُّسْخَةِ (كواهي ميدهم كه خانه كه بِفُلَانِ مَوْضِع است حدهاى وى كَذَا وَكَذَا جنانكه أَيْنَ مُدَّعَى يادكرده است درجوار اينخانه كه خريده شَدَّهُ است مُلْكَ أَيْنَ مُدَّعَى بود بيش ازانكه أَيْنَ مُدَّعَى عَلَيْهِ مراين خانه راكه مَوْضِع وَحُدُود وى درين مَحْضَر يادكرده شَدَّهُ است بخريد است وبر مُلْكَ وى ماندتا امر وزوامر وزاين خانه مُلْكَ أَيْنَ مُدَّعَى است) فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا بِطَلَبِ الْمُدَّعِي الشُّفْعَةَ طَلَبَ مُوَاثَبَةٍ وَطَلَبَ إشْهَادٍ فَلَا حَاجَةَ لِلْمُدَّعِي إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا لِذَلِكَ يَكْتُبُ (وهمين كواهان نيز كواهي دادند كه أَيْنَ مُدَّعَى راجون خَبَر دادند بخريدن أَيْنَ مُدَّعَى عَلَيْهِ مراين خانه راكه أَيْنَ مُدَّعَى دعوى شفعة وى ميكند همان ساعت شفعة أَيْنَ خانه طَلَب كردبى تَأْخِير وَدَرَنكَ وبنزديك أَيْنَ مشترى آسدكه أَيْنَ مشترى نزديكنز بود بوي ازانخانه كه خريده شَدَّهُ است بِي تَأْخِير وكواه كردانيد ماراروبروى أَيْنَ خرنده بطلب كردن خويش شفعة أَيْنَ خانه كه حدودوى درين مَحْضَر ياد كرده شَدَّهُ است وأمر وزبرهمان طَلَب است ووى برحق تراست باينخانه كه خريدن وى اندرين مَحْضَر ياد كرده شَدَّهُ است ازخرنده) . ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْكَرَ شِرَاءَ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ وَأَقَرَّ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ جِوَارِ الْمُدَّعِي وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ بِالطَّلَبَيْنِ يَحْتَاجُ الْمُدَّعِي إلَى إثْبَاتِ الشِّرَاءِ عَلَيْهِ فَيَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ فَسَأَلَ الْقَاضِي فُلَانًا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَمَّا ادَّعَى عَلَيْهِ فُلَانٌ الْمُدَّعِي مِنْ شِرَائِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ وَقَبْضِهِ إيَّاهَا فَأَنْكَرَ فُلَانٌ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشِّرَاءَ وَالْقَبْضَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ، وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ إلَى آخِرِهِ فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ الِاسْتِشْهَادِ عَقِيبَ دَعْوَى الْمُدَّعِي هَذَا، وَالْجَوَابُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا بِالْإِنْكَارِ (كواهي ميدهم كه فُلَان بْن فُلَان الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) . هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ (بخريداز فُلَان

محضر في دعوى المزارعة

ابْن فُلَان خانه راكه مَوْضِع وَحُدُود وى درين مَحْضَر ياد كرده شَدَّهُ است بجندين ازبها واين مُدَّعَى عَلَيْهِ مراينخانه راقبض كرد وامر وزد رُدِسْتُ ويست واين مُدَّعَى سزاوار تراست باينخانه بحكم شفعة جوار بخانه كه مُلْك أَيْنَ مدعيست درهمسا يكى اينخانه كه خريه شَدَّهُ است جنانكه درين مَحْضَر ياد كرده شَدَّهُ است) . وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الِابْتِدَاءِ أَنْكَرَ الطَّلَبَيْنِ وَأَقَرَّ بِمَا سِوَى ذَلِكَ يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (كواهي ميدهم كه أَيْنَ مُدَّعَى راجون خَبَر دادند بخريدن أَيْنَ مُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْنَ خانه راكه درين مَحْضَر ياد كرده شَدَّهُ است شفعة طَلَب كرد مراين خانه را طَلَب مواثبة بِي هيج دَرَنكَ وَتَأْخِير وبنزديك خرنده أَيْنَ مُدَّعَى عَلَيْهِ رَفْتُ كه وى نزديكتر بود بوى بِي هيج دَرَنكَ وَتَأْخِير) إلَى آخِرِهِ. وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الشُّفْعَةَ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فِي الشِّرَاءِ يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الْمُحْضَرَ مَعَهُ اشْتَرَى مِنْ ضَيْعَةِ كَذَا نِصْفَهَا وَذَلِكَ سَهْمٌ مِنْ سَهْمَيْنِ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ، وَإِنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ شَفِيعُهُ شُفْعَةَ شَرِكَةٍ، إذْ النِّصْفُ الْآخَرُ مِنْ هَذِهِ الضَّيْعَةِ الْمَحْدُودَةِ وَهُوَ سَهْمٌ وَاحِدٌ مِنْ سَهْمَيْنِ مُشَاعًا مِلْكُهُ وَحَقُّهُ. (سِجِلُّ هَذَا الْمَحْضَرِ) يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانٌ إلَى قَوْلِهِ وَحَكَمْتُ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا فِي وَجْهِهِ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَّعِي هَذَا بِجَمِيعِ مَا ثَبَتَ عِنْدِي بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ مِنْ شِرَاءِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ فِيهِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُور فِيهِ وَمِنْ كَوْنِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ وَمِنْ كَوْنِ الْمُدَّعِي هَذَا شَفِيعًا لِهَذِهِ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ بِالْجِوَارِ جِوَارِ مُلَازَقَةٍ عَلَى النَّحْوِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَمِنْ طَلَبِ الْمُدَّعِي هَذَا حِينَ أُخْبِرَ بِالشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ فِيهِ الدَّارُ الْمَحْدُودَةُ الْمَذْكُورَةُ الطَّلَبَيْنِ: طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبَ الْإِشْهَادِ. وَقَضَيْتُ لِلْمُدَّعِي هَذَا بِالشُّفْعَةِ فِي الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ الْمَذْكُورِ شِرَاؤُهَا فِيهِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَأَمَرْتُ الْمُدَّعِيَ هَذَا بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ الْمَنْقُودِ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا وَأَمَرْتُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ إلَى الْمُدَّعِي هَذَا وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنِّي فِي مَجْلِسِ قَضَائِي عَلَى مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ فِي وَجْهِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ هَذَيْنِ إلَى آخِرِهِ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْمُزَارَعَةِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْمُزَارَعَةِ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْخُصُومَةَ بَيْنَ الْمُزَارِعِ وَرَبِّ الْأَرْضِ قَدْ تَقَعُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَقَدْ تَقَعُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّمَا تَتَوَجَّهُ الْخُصُومَةُ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ لَا تَتَوَجَّهُ الْخُصُومَةُ؛ لِأَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْمُضِيِّ عَلَى الْمُزَارَعَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ثُمَّ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ وَأَرَادَ إثْبَاتَ الْمُزَارَعَةِ يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَخَذَ مِنْ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ جَمِيعَ الْأَرَاضِي الَّتِي هِيَ لَهُ بِقَرْيَةِ كَذَا مِنْ رُسْتَاقِ كَذَا وَيُبَيِّنُ حُدُودَهَا مُزَارَعَةً ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ سَنَةً وَاحِدَةً عَلَى مَا يَكُونُ الشَّرْطُ بَيْنَهُمَا مِنْ لَدُنْ تَارِيخِ كَذَا إلَى كَذَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَبَقَرِهِ وَأَعْوَانِهِ مَا بَدَا لَهُ مِنْ غَلَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَيَسْقِيَهَا وَيَتَعَهَّدَهَا عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ دَفَعَ هَذِهِ الْأَرَاضِي إلَيْهِ مُزَارَعَةً صَحِيحَةً مُسْتَجْمِعَةً شَرَائِطَ الصِّحَّةِ، ثَمَّ إنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ يَمْتَنِعُ عَنْ تَسْلِيمِ هَذِهِ الْأَرَاضِي إلَيْهِ لِيَزْرَعَهَا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ هَذِهِ الْأَرَاضِي إلَيْهِ بِحَقِّ هَذِهِ الْمُزَارَعَةِ وَطَالَبَهُ بِالْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسُئِلَ فَأَجَابَ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُزَارِعِ صَكٌّ يَكْتُبُ ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ صَكٌّ أَوْرَدَهُ، وَهَذِهِ نُسْخَتُهُ. (215) وَيَنْسَخُ الصَّكَّ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ يَكْتُبُ ادَّعَى عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ الصَّكُّ مِنْ الدَّفْعِ وَالْأَخْذِ مُزَارَعَةً بِالنَّصِيبِ الْمَذْكُورِ فِي الصَّكِّ عَلَى

محضر في إثبات الإجارة

مَا نَطَقَ بِهِ الصَّكُّ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ بِتَارِيخِ كَذَا، وَأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ تَسْلِيمُ هَذِهِ الْأَرَاضِي بِحَقِّ هَذِهِ الْمُزَارَعَةِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ قَائِمَةً فِي الْأَرْضِ يَكْتُبُ الْمَحْضَرَ عَلَى الْمِثَالِ الْأَوَّلِ إلَى قَوْلِهِ " مُزَارَعَةً صَحِيحَةً مُسْتَجْمِعَةً شَرَائِطَ الصِّحَّةِ " ثُمَّ يَكْتُبُ: وَإِنَّهُ زَرَعَهَا حِنْطَةً مَثَلًا بِبَذْرِهِ وَبَقَرِهِ وَأَعْوَانِهِ وَالْيَوْمَ هِيَ قَائِمَةٌ ثَابِتَةٌ، وَيَذْكُرُ أَنَّهَا سُنْبُلٌ أَوْ قَصِيلٌ عَلَى نَحْوِ مَا يَكُونُ، وَأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِيهِ نِصْفَيْنِ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَ نَفْسِهِ يَمْنَعُهُ عَنْ الْعَمَلِ فِيهَا وَالْحِفْظِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْ ذَلِكَ وَتَرْكِ التَّعَرُّضِ لَهُ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الزَّرْعُ فَيَقْبِضَ وَهُوَ حِصَّتُهُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ الْحَصَادِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ، وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ قَدْ أَدْرَكَ وَاسْتُحْصِدَ فَالْمُنَازَعَةُ تَكُونُ فِي الْخَارِجِ فَيَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا إلَّا أَنَّ هُنَا لَا يَكْتُبُ وَهِيَ قَائِمَةٌ ثَابِتَةٌ فِيهَا وَلَكِنْ يَكْتُبُ، وَأَنَّهُ زَرَعَهَا حِنْطَةً بِبَذْرِهِ وَبَقَرِهِ وَقَدْ أَدْرَكَ الْخَارِجُ وَاسْتُحْصِدَ فَإِنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِيهِ نِصْفَانِ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ يَمْنَعُهُ عَنْ أَخْذِ حِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ كَذَا وَطَالَبَهُ بِالْجَوَابِ عَنْهُ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسُئِلَ (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) إنْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانٌ إلَى مَوْضِعِ الْحُكْمِ عَلَى نَحْوِ مَا سَبَقَ وَيَقُولُ فِي مَوْضِعِ الْحُكْمِ: وَثَبَتَ عِنْدِي بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُعَدَّلِينَ جَمِيعُ مَا شَهِدُوا بِهِ مِنْ أَخْذِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ الْأَرَاضِيَ الْمَحْدُودَةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ مِنْ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مُزَارَعَةً صَحِيحَةً وَمِنْ دَفْعِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ مُزَارَعَةً صَحِيحَةً بِالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ وَبِالنَّصِيبِ الْمَذْكُورِ فِيهِ فَحَكَمْتُ بِجَرَيَانِ هَذِهِ الْمُزَارَعَةِ الْمَذْكُورَةِ بِالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي وَجْهِهِمَا بِمَسْأَلَةِ الْمُدَّعِي هَذَا حُكْمًا أَبْرَمْتُهُ وَأَمَرْتُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ هَذِهِ الْأَرَاضِي إلَى الْمُدَّعِي هَذَا، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ. وَإِنْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَمَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ يَكْتُبُ فِي مَوْضِعِ الْحُكْمِ: وَحَكَمْتُ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَّعِي هَذَا بِجَمِيعِ مَا ثَبَتَ عِنْدِي بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الْمُعَدَّلِينَ مِنْ كَذَا وَكَذَا إلَى آخِرِهِ، وَأَمَرْتُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ نَصِيبِ الْمُدَّعِي هَذَا وَذَلِكَ نِصْفُ مَا خَرَجَ مِنْ الْأَرَاضِي الْمَذْكُورَةِ بِحُكْمِ الْمُزَارَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَيَتِمُّ السِّجِلُّ، وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ هُوَ الَّذِي يَدَّعِي الْمُزَارَعَةَ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ، وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَاحْتَاجَ إلَى إثْبَاتِ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ، وَإِنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ يَمْتَنِعُ عَنْ الْعَمَلِ فِي الضَّيْعَةِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ. وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ بَعْدَمَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ وَخَرَجَتْ الْغَلَّةُ فَالدَّعْوَى تَقَعُ فِي الْخَارِجِ فَيَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ، وَإِنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ يَمْتَنِعُ عَنْ تَسْلِيمِ حِصَّةِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ إلَيْهِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ) رَجُلٌ آجَرَ أَرْضَهُ مِنْ إنْسَانٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ لِيَزْرَعَ فِيهَا مَا بَدَا لَهُ مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَسَلَّمَ الْأَرْضَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، ثُمَّ إنَّ الْمُؤَاجِرَ أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَاحْتَاجَ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى إثْبَاتِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ، فَإِنْ كَانَ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ صَكٌّ كَتَبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ لِنَفْسِهِ وَقْتَ عَقْدِ الِاسْتِئْجَارِ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ صَكُّ إجَارَةٍ هَذِهِ نُسْخَتُهُ، وَيُحَوَّلُ صَكُّ الْإِجَارَةِ إلَى الْمَحْضَرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ. ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ تَحْوِيلِ صَكِّ الْإِجَارَةِ ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ صَكُّ الْإِجَارَةِ الْمُحَوَّلِ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمَحْضَرِ مِنْ إجَارَةِ هَذِهِ الْأَرَاضِي الْمُبَيَّنِ مَوْضِعُهَا وَحُدُودُهَا فِي هَذَا الصَّكِّ الْمُحَوَّلِ إلَى هَذَا الْمَحْضَرِ وَاسْتِئْجَارِهَا الْمُدَّةَ الْمَضْرُوبَةَ بِالْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ، وَتَسْلِيمُ هَذِهِ الْأَرَاضِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا وَتَسْلِيمُهَا كَمَا نَطَقَ بِذَلِكَ كُلِّهِ هَذَا الصَّكُّ الْمُحَوَّلُ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمَحْضَرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ بِالتَّارِيخِ الْمُؤَرَّخِ بِهِ فِيهِ، ثَمَّ إنَّ هَذَا الْآجِرَ الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَى هَذِهِ الْأَرَاضِي الْمَحْدُودَةِ فِيهِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ هَذِهِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ جَرَى بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْهَا وَتَسْلِيمُهَا إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ

لِيَنْتَفِعَ بِهَا مِنْ حَيْثُ الزِّرَاعَةُ تَمَامُ الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ فِيهِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ فَسُئِلَ فَأَجَابَ. (سِجِلُّ هَذِهِ الدَّعْوَى) صَدْرُهُ عَلَى الرَّسْمِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ إلَى قَوْلِهِ: وَثَبَتَ عِنْدِي اسْتِئْجَارُ فُلَانٍ هَذَا الَّذِي حَضَرَ الْأَرَاضِيَ الْمُبَيَّنَ حُدُودُهَا فِي هَذَا الصَّكِّ الْمُحَوَّلِ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ بِالْبَدَلِ الْمَذْكُورِ فِي الصَّكِّ الْمُحَوَّلِ فِيهِ مِنْ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ. وَإِثْبَاتُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ يَدِهِ عَلَى هَذِهِ الْأَرَاضِي الْمُبَيَّنَةِ حُدُودُهَا قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ جَرَى مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَحَكَمْتُ بِثُبُوتِ جَمِيعِ ذَلِكَ مِنْ اسْتِئْجَارِ فُلَانٍ هَذَا الَّذِي حَضَرَ إلَى آخِرِهِ يَكْتُبُ الْقَاضِي قَوْلَهُ فَحَكَمْتُ بِجَمِيعِ مَا كَتَبْتُ عِنْدَ قَوْلِهِ ثَبَتَ عِنْدِي. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ صَكٌّ يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ آجَرَ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ جَمِيعَ الْأَرَاضِي الَّتِي هِيَ مِلْكُ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ بِقَرْيَةِ كَذَا مِنْ رُسْتَاقِ كَذَا وَبَيَّنَ حُدُودَهَا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ سِنِينَ مِنْ لَدُنْ تَارِيخِ كَذَا إلَى كَذَا بِكَذَا وَكَذَا لِيَزْرَعَ فِيهَا مَا بَدَا لَهُ مِنْ غَلَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ إجَارَةً صَحِيحَةً، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ اسْتَأْجَرَ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ الْمَحْدُودَةَ الْمَذْكُورَةَ بِهَذَا الْبَدَلِ الْمَذْكُورِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إجَارَةً صَحِيحَةً إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا. وَفِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ الْمَرْسُومَةِ بِبُخَارَى إذَا وَقَعَ التَّسْلِيمُ وَالتَّسَلُّمُ، ثُمَّ أَحْدَثَ الْآجِرُ يَدَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ جَرَى بَيْنَهُمَا وَاحْتَاجَ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ يَكْتُبُ الْمَحْضَرَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا. وَإِذَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ بِفَسْخِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي أَيَّامِ الْإِجَارَةِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُؤَاجِرِ وَطَلَبَ الْمُسْتَأْجِرُ الْآجِرَ بِرَدِّ بَقِيَّةِ مَالِ الْإِجَارَةِ وَالْآجِرُ يُنْكِرُ الْإِجَارَةَ وَيَحْتَاجُ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى إثْبَاتِهَا كَيْفَ يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ صَكُّ الْإِجَارَةِ يُحَوِّلُ الصَّكَّ إلَى الْمَحْضَرِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ تَحْوِيلِ الصَّكِّ يَكْتُبُ: ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الصَّكُّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ بِالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَتَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ وَتَعَجُّلِهَا وَتَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَتَسَلُّمِهِ وَضَمَانِ الدَّرَكِ كَمَا يَنْطِقُ بِهِ صَكُّ الْإِجَارَةِ الْمُحَوَّلُ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمَحْضَرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ، وَأَنَّ هَذَا الْمُسْتَأْجِرَ فَسَخَ هَذَا الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ فِي الصَّكِّ الْمُحَوَّلِ نُسْخَتُهُ إلَى هَذَا الْمَحْضَرِ فِي أَيَّامِ الِاخْتِبَارِ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَا الْآجِرِ الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَ نَفْسِهِ فَسْخًا صَحِيحًا وَقَدْ ذَهَبَ مِنْ هَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ كَذَا بِمُضِيِّ مَا مَضَى مِنْ مُدَّةِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ إلَى وَقْتِ فَسْخِ الْمُسْتَأْجِرِ هَذِهِ الْإِجَارَةَ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الْآجِرِ إيفَاءُ بَقِيَّةِ مَالِ الْإِجَارَةِ الْمَفْسُوخَةِ إلَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ وَيَتِمُّ الْمَحْضَرُ. (سِجِلُّ هَذَا الْمَحْضَرِ) الصَّدْرُ عَلَى الرَّسْمِ إلَى قَوْلِهِ وَثَبَتَ عِنْدِي وَعِنْدَ ذَلِكَ يَكْتُبُ وَثَبَتَ عِنْدِي اسْتِئْجَارُ فُلَانٍ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَرَاضِي الْمَحْدُودَةِ فِي الصَّكِّ الْمُحَوَّلِ نُسْخَتُهُ هَذِهِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِالْبَدَلِ الْمَذْكُورِ بِالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الصَّكِّ وَتَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ وَتَعَجُّلِهَا وَتَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَتَسَلُّمِهِ، وَأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فَسَخَ هَذَا الْعَقْدَ فِي أَيَّامِ الْفَسْخِ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَا الْآجِرِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ وَوَاجِبٌ عَلَى الْآجِرِ هَذَا إيفَاءُ بَقِيَّةِ مَالِ الْإِجَارَةِ وَذَلِكَ كَذَا إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ، ثُمَّ يَقُولُ: وَحَكَمْتُ بِجَمِيعِ مَا ثَبَتَ عِنْدِي عِنْدَ قَوْلِهِ ثَبَتَ عِنْدِي. وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ قَدْ انْفَسَخَتْ بِمَوْتِ الْآجِرِ يَكْتُبُ الْمَحْضَرَ عَلَى وَرَثَةِ الْآجِرِ عَلَى الْمِثَالِ الَّذِي يُكْتَبُ عَلَى الْآجِرِ لَوْ كَانَ حَيًّا وَيَزِيدُ فِيهِ، وَأَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ قَدْ انْفَسَخَتْ بِمَوْتِ فُلَانٍ الْآجِرِ هَذَا وَذَهَبَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ إلَى وَقْتِ مَوْتِ الْآجِرِ هَذَا مِنْ هَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ كَذَا وَبَقِيَ كَذَا وَصَارَ بَقِيَّةُ مَالِ الْإِجَارَةِ دَيْنًا فِي تَرِكَةِ هَذَا الْآجِرِ الْمُتَوَفَّى وَيَتِمُّ الْمَحْضَرُ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ. . (سِجِلُّ هَذَا الْمَحْضَرِ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا) إلَّا أَنَّهُ يَزِيدُ ذِكْرَ وَفَاةِ الْآجِرِ هَذَا وَانْتِقَاضِ الْإِجَارَةِ بِوَفَاتِهِ وَوُجُوبِ رَدِّ الْبَاقِي مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَذَلِكَ كَذَا عَلَى وَارِثِ الْآجِرِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ مَاتَ وَالْآجِرُ حَيٌّ إلَّا أَنَّهُ مُنْكِرٌ وَاحْتَاجَ وَرَثَةُ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ وَفَسْخِهَا يَكْتُبُ الْمَحْضَرَ عَلَى الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرْنَا غَيْرَ أَنَّهُ يَزِيدُ فَيَقُولُ: وَانْفَسَخَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ فُلَانٍ وَخَلَّفَ مِنْ الْوَرَثَةِ ابْنًا لَهُ هَذَا

محضر في إثبات الرجوع في الهبة

الَّذِي حَضَرَ وَقَدْ ذَهَبَ مِنْ هَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ بِمُضِيِّ مَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ إلَى وَقْتِ مَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا، وَبَقِيَ كَذَا وَصَارَ بَقِيَّةُ مَالِ الْإِجَارَةِ الْمَفْسُوخَةِ مِيرَاثًا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْمُتَوَفَّى هَذَا لِوَارِثِهِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ، وَهَذَا الْآجِرُ فِي عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ بَقِيَّةِ مَالِ الْإِجَارَةِ الْمَفْسُوخَةِ إلَيْهِ وَيَتِمُّ الْمَحْضَرُ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ) يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ وَهَبَ لِهَذَا الْمُحْضَرِ كَذَا هِبَةً صَحِيحَةً، وَأَنَّ هَذَا الْمُحْضَرَ مَعَهُ قَبَضَ مِنْهُ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَبْضًا صَحِيحًا، وَأَنَّ الْمَوْهُوبَ هَذَا قَائِمٌ فِي يَدِ الَّذِي أَحْضَرَهُ هَذَا لَمْ يَزْدَدْ فِي يَدَيْهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ حَالِهِ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ لَمْ يُعَوِّضْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَنْ هِبَتِهِ هَذِهِ شَيْئًا فَرَجَعَ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي تِلْكَ الْهِبَةِ وَطَالَبَ الَّذِي أَحْضَرَهُ بِتَسْلِيمِهَا إلَيْهِ بِحَقِّ الرُّجُوعِ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ. (سِجِلُّ هَذَا الْمَحْضَرِ) يَكْتُبُ فِي مَوْضِعِ الثُّبُوتِ وَثَبَتَ عِنْدِي جَمِيعُ مَا شَهِدَ بِهِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ مِنْ هِبَةِ فُلَانٍ هَذَا الَّذِي حَضَرَ كَذَا مِنْ فُلَانٍ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ هِبَةً صَحِيحَةً، وَقَبَضَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَبْضًا صَحِيحًا وَمِنْ رُجُوعِ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي هِبَتِهِ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ فَحَكَمْتُ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ فِي هِبَتِهِ هَذِهِ وَفَسَخْتُ الْهِبَةَ وَأَعَدْتُ الْمَوْهُوبَ هَذَا إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْوَاهِبِ هَذَا وَأَمَرْتُ الْمَوْهُوبَ لَهُ هَذَا بِرَدِّ الْمَوْهُوبِ هَذَا عَلَى وَاهِبِهِ هَذَا وَيَتِمُّ السِّجِلُّ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ مَنْعِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ مَنْعِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ) ادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ فِي دَفْعِ دَعْوَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُحْضَرَ مَعَهُ ادَّعَى عَلَى هَذَا الْحَاضِرِ أَوَّلًا أَنِّي وَهَبْتُ مِنْكَ كَذَا إلَى آخِرِهِ فَرَجَعْتُ فِيهَا فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ هَذِهِ أَنَّ الْمَوْهُوبَ هَذَا قَدْ ازْدَادَ فِي يَدِهِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً، وَأَنَّ رُجُوعَهُ مُمْتَنِعٌ وَيَتِمُّ الْمَحْضَرُ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الرَّهْنِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الرَّهْنِ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ رَهَنَ مِنْ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ كَذَا ثَوْبًا بَيَّنَ صِفَتَهُ بِكَذَا دِينَارًا رَهْنًا صَحِيحًا، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ ارْتَهَنَ هَذَا الثَّوْبَ الْمَذْكُورَ مِنْهُ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ ارْتِهَانًا صَحِيحًا، وَقَبَضَهُ مِنْهُ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ قَبْضًا صَحِيحًا، وَالْيَوْمَ هَذَا الثَّوْبُ الْمَذْكُورُ رَهْنٌ فِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ، وَأَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ قَدْ أَحْضَرَ هَذَا الْمَالَ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ قَبْضُ هَذَا الْمَالِ وَتَسْلِيمُ هَذَا الرَّهْنِ إلَيْهِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الِاسْتِصْنَاعِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الِاسْتِصْنَاعِ) صُورَةُ الِاسْتِصْنَاعِ أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ حَدِيدًا أَوْ نُحَاسًا لِيَصُوغَ لَهُ إنَاءً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنْ وَافَقَ شَرَطَهُ فَلَيْسَ لِلصَّانِعِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الدَّفْعِ وَلَا لِلْمُسْتَصْنِعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْقَبُولِ، وَإِنْ خَالَفَهُ كَانَ لِلْمُسْتَصْنِعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ حَدِيدًا مِثْلَ حَدِيدِهِ، وَالْإِنَاءُ لِلصَّانِعِ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْإِنَاءَ وَأَعْطَى الصَّانِعَ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى، فَإِنْ وَافَقَ شَرَطَهُ وَامْتَنَعَ عَنْ التَّسْلِيمِ يَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ ادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ النُّحَاسِ كَذَا مَنًّا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُوغَ لَهُ مِنْهُ إنَاءً كَذَا صِفَتُهُ كَذَا بِأَجْرِ كَذَا وَدَفَعَ إلَيْهِ الْأَجْرَ، وَأَنَّهُ قَدْ صَاغَ هَذَا الْإِنَاءَ عَلَى مُوَافَقَةِ شَرْطِهِ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَنْ تَسْلِيمِ الْإِنَاءِ إلَيْهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْإِنَاءِ إلَيْهِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ فَسُئِلَ فَأَجَابَ بِالْفَارِسِيَّةِ، فَإِنْ كَانَ الصَّانِعُ خَالَفَ الشَّرْطَ فَأَرَادَ الْمُسْتَصْنِعُ أَنْ يُضَمِّنَهُ حَدِيدًا مِثْلَ حَدِيدِهِ يَكْتُبُ ادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ كَذَا مَنًّا مِنْ النُّحَاسِ صِفَتُهُ كَذَا لِيَصُوغَ لَهُ إنَاءً صِفَتُهُ كَذَا بِأَجْرِ كَذَا وَدَفَعَ إلَيْهِ الْأَجْرَ فَصَاغَهُ بِخِلَافِ مَا شَرَطَ لَهُ فَلَمْ يَرْضَ بِهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ هَذَا النُّحَاسِ وَالْأَجْرِ الْمَذْكُورِ الْمُبَيَّنِ قَدْرُهُمَا وَصِفَتُهُمَا فِيهِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ فَسُئِلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (كِتَابٌ حُكْمِيٌّ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ) إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: (الْأَوَّلُ) أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ فِي بَلَدِ الْمُدَّعِي وَيَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقَاضِي يَكْتُبُ لَهُ وَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ كَانَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ بَعَثَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

أَوْ وَكِيلَهُ مَعَ الْمُدَّعِي إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمَ الْعَقَارَ إلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ حَكَمَ بِهِ لِوُجُودِ الْحُجَّةِ وَسَجَّلَ لَهُ وَكَتَبَ لَهُ قَضِيَّتَهُ لِيَكُونَ فِي يَدِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يُسَلِّمُ الْعَقَارَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَيْسَ فِي وِلَايَتِهِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّسْلِيمِ إلَّا أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ التَّسْلِيمِ يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ أَمَّا لَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ فَلِهَذَا قَالَ يَحْكُمُ بِالْعَقَارِ لِلْمُدَّعِي لَكِنْ لَا يُسَلِّمُهُ إلَيْهِ، ثُمَّ إذَا أَوْرَدَ الْمُدَّعِي قَضِيَّةَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَضَائِهِ فَالْقَاضِي الْكَاتِبُ لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَنْفِيذِ ذَلِكَ الْقَضَاءِ وَتَنْفِيذُ الْقَضَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْقَضَاءِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْغَائِبِ، وَكَذَلِكَ لَا يُسَلِّمُ الدَّارَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الدَّارِ قَضَاءٌ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْغَائِبِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أَوَّلًا أَنَّهُ إذَا قَضَى لِلْمُدَّعِي وَسَجَّلَ الْقَاضِي لَهُ بِأَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ مَعَ الْمُدَّعِي أَمِينًا لَهُ لِيُسَلِّمَ الدَّارَ إلَى الْمُدَّعِي. فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ كَتَبَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إلَى الْكَاتِبِ كِتَابًا يَحْكِي لَهُ فِيهِ كِتَابَهُ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ وَيُخْبِرُهُ بِجَمِيعِ مَا جَرَى بَيْنَ الْمُدَّعِي وَبَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعِي وَبِحُكْمِهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْعَقَارِ لِلْمُدَّعِي وَبِأَمْرِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ مَعَ الْمُدَّعِي أَمِينًا لِيُسَلِّمَ الْعَقَارَ إلَى الْمُدَّعِي وَامْتِنَاعِهِ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكْتُبُ، وَذَلِكَ قِبَلَكَ، وَسَأَلَنِي الْمُدَّعِي الْكِتَابَ إلَيْكَ وَإِعْلَامَكَ بِحُكْمِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ بِذَلِكَ لِيُسَلِّمَ إلَيْهِ هَذَا الْعَقَارَ فَاعْمَلْ فِي ذَلِكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَإِيَّانَا بِحَقِّ اللَّهِ عَلَيْكَ وَسَلِّمْ الْعَقَارَ الْمَحْدُودَ فِي الْكِتَابِ إلَى الْمُدَّعِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مُوَصِّلِ كِتَابِي هَذَا إلَيْكَ فَإِذَا وَصَلَ هَذَا الْكِتَابُ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ يُسَلِّمُ الْعَقَارَ إلَى الْمُدَّعِي وَيُخْرِجُهُ عَنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْمُدَّعِي، وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا: أَحَدُهُمَا - أَنْ يَكُونَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا الْقَاضِي يَكْتُبُ لَهُ فَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ يَحْكُمُ بِهِ لِلْمُدَّعِي وَأَمَرَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الْعَقَارِ إلَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ التَّسْلِيمِ فَالْقَاضِي يُسَلِّمُ بِنَفْسِهِ وَيَصِحُّ مِنْهُ التَّسْلِيمُ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ فِي وِلَايَتِهِ. وَإِنْ كَانَ الْعَقَارُ فِي بَلَدٍ آخَرَ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَكْتُبُ لَهُ أَيْضًا إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ بَعَثَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ وَكِيلَهُ مَعَ الْمُدَّعِي إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْعَقَارُ وَيَكْتُبُ إلَيْهِ كِتَابًا حَتَّى يَقْضِيَ بِالْعَقَارِ لِلْمُدَّعِي بِحَضْرَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ حَكَمَ بِهِ لِلْمُدَّعِي وَسَجَّلَ لَهُ وَلَكِنْ لَا يُسَلِّمُ الْعَقَارَ إلَيْهِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَيْسَ فِي وِلَايَتِهِ. (كِتَابٌ حُكْمِيٌّ فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ) صُورَةُ ذَلِكَ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ الْبُخَارِيِّ عَبْدٌ آبِقٌ إلَى سَمَرْقَنْدَ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ سَمَرْقَنْدِيٌّ فَأُخْبِرَ بِهِ الْمَوْلَى وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى شُهُودٌ بِسَمَرْقَنْدَ إنَّمَا شُهُودُهُ بِبُخَارَى فَطَلَبَ الْمَوْلَى مِنْ قَاضِي بُخَارَى أَنْ يَكْتُبَ قَاضِي بُخَارَى بِمَا شَهِدَ شُهُودُهُ عِنْدَهُ فَالْقَاضِي يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ وَيَكْتُبُ لَهُ كِتَابًا إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فِي الدُّيُونِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَكْتُبُ: شَهِدَ عِنْدِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَنَّ الْعَبْدَ السِّنْدِيَّ الَّذِي يُقَالُ لَهُ فُلَانٌ حِلْيَتُهُ كَذَا وَقَامَتُهُ كَذَا مِلْكُ فُلَانٍ الْمُدَّعِي هَذَا وَقَدْ أَبَقَ إلَى سَمَرْقَنْدَ وَالْيَوْمَ فِي يَدِ فُلَانٍ بِسَمَرْقَنْدَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيُشْهِدُ عَلَى كِتَابِهِ شَاهِدَيْنِ يُشَخَّصَانِ إلَى سَمَرْقَنْدَ وَيُعْلِمُهُمَا بِمَا فِي الْكِتَابِ حَتَّى يَشْهَدَا عِنْدَ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ بِالْكِتَابِ وَبِمَا فِيهِ فَإِذَا انْتَهَى هَذَا الْكِتَابُ إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ يُحْضِرُ الْعَبْدَ مَعَ الَّذِي فِي يَدِهِ حَتَّى يَشْهَدَا عِنْدَ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ بِالْكِتَابِ وَبِمَا فِيهِ حَتَّى يَقْبَلَ شَهَادَتَهُمَا بِالْإِجْمَاعِ فَإِذَا قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا وَثَبَتَ عَدَالَتُهُمَا عِنْدَهُ فَتَحَ الْكِتَابَ، فَإِنْ وَجَدَ حِلْيَة الْعَبْدِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مُخَالِفًا لِمَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ عِنْدَ الْقَاضِي الْكَاتِبِ رَدَّ الْكِتَابَ إذْ ظَهَرَ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ غَيْرُ الْمَشْهُودِ بِهِ فِي الْكِتَابِ، وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا؛ قَبِلَ الْكِتَابَ وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَى الْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْضِيَ لَهُ بِالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَمْ يَشْهَدُوا بِحَضْرَةِ الْعَبْدِ، وَيَأْخُذُ كَفِيلًا مِنْ الْمُدَّعِي بِنَفْسِ الْعَبْدِ وَيَجْعَلُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ خَاتَمًا مِنْ رَصَاصٍ حَتَّى لَا يَتَعَرَّضَ لَهُ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ أَنَّهُ سَرَقَهُ وَيَكْتُبُ كِتَابًا إلَى قَاضِي بُخَارَى بِذَلِكَ وَيُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ عَلَى كِتَابِهِ وَخَتْمِهِ وَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ. فَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى قَاضِي بُخَارَى وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ كِتَابُ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ وَخَاتَمُهُ أَمَرَ الْمُدَّعِي أَنْ يُحْضِرَ شُهُودَهُ

الَّذِينَ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَيَشْهَدُونَ بِحَضْرَةِ الْعَبْدِ أَنَّهُ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي، فَإِذَا شَهِدُوا بِذَلِكَ، مَاذَا يَصْنَعُ قَاضِي بُخَارَى؟ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ قَاضِيَ بُخَارَى لَا يَقْضِي لِلْمُدَّعِي بِالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ غَائِبٌ وَلَكِنْ يَكْتُبُ كِتَابًا آخَرَ إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ وَيَكْتُبُ فِيهِ مَا جَرَى عِنْدَهُ وَيُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ عَلَى كِتَابِهِ وَخَتْمِهِ وَمَا فِيهِ وَيَبْعَثُ بِالْعَبْدِ مَعَهُ إلَى سَمَرْقَنْدَ حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ بِالْعَبْدِ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ وَشَهِدَ الشَّاهِدَانِ عِنْدَهُ بِالْكِتَابِ وَالْخَتْمِ وَبِمَا فِي الْكِتَابِ. وَظَهَرَتْ عَدَالَةُ الشَّاهِدَيْنِ قَضَى لِلْمُدَّعِي بِالْعَبْدِ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَبْرَأَ كَفِيلَ الْمُدَّعِي، وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: إنَّ قَاضِيَ بُخَارَى يَقْضِي بِالْعَبْدِ لِلْمُدَّعِي وَيَكْتُبُ إلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ حَتَّى يُبْرِئَ كَفِيلَ الْمُدَّعِي. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي جَوَّزَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كِتَابَ الْقَاضِي فِي الْإِمَاءِ، فَصُورَتُهُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْعَبْدِ، غَيْرَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا لَمْ يَكُنْ ثِقَةً مَأْمُونًا فَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ لَا يَدْفَعُهَا إلَيْهِ وَلَكِنْ يَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ حَتَّى يَجِيءَ بِرَجُلٍ ثِقَةٍ مَأْمُونٍ فِي دِينِهِ وَعَقْلِهِ؛ يَبْعَثُ بِهَا مَعَهُ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي بَابِ الْفُرُوجِ وَاجِبٌ. (رَسْمُ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ فِي تَقْلِيدِ الْأَوْقَافِ) يَكْتُبُ: يَقُولُ الْقَاضِي؛ فُلَانٌ قَاضِي كُورَةِ كَذَا وَنَوَاحِيهَا نَافِذُ الْقَضَاءِ بِهَا بَيْنَ أَهْلِهَا مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ: وَقَعَ اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ جَمَاعَةِ مَسْجِدِ فُلَانٍ فِي سِكَّةِ فُلَانٍ فِي مَحَلَّةِ فُلَانٍ فِي كُورَةِ بُخَارَى، وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَقَعَ اخْتِيَارُهُمْ جَمِيعًا لِلْقِيَامِ فِي تَسْوِيَةِ أُمُورِ الْأَوْقَافِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى هَذَا الْمَسْجِدِ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَأَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِمَا عَرَفُوا مِنْ صَلَاحِهِ وَأَمَانَتِهِ وَكِفَايَتِهِ وَهِدَايَتِهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ فَأَمْضَيْتُ اخْتِيَارَهُمْ وَنَصَبْتُ مُخْتَارَهُمْ هَذَا قَيِّمًا فِيهَا لِيَقُومَ بِحِفْظِهَا وَحِيَاطَتِهَا وَصِيَانَتِهَا عَنْ الْإِضَاعَةِ وَصَرْفِ ارْتِفَاعَاتِهَا إلَى وُجُوهِ مَصَارِفِهَا وَمُرَاعَاةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِيهَا، وَأَوْصَيْتُهُ فِي ذَلِكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَالتَّجَنُّبِ عَنْ الْمَكْرِ وَالْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَأَطْلَقْتُ لَهُ. (الده يازده) مِمَّا يَحْصُلُ فِي يَدِهِ مِنْ ارْتِفَاعَاتِهَا لِيَكُونَ لَهُ مَعُونَةٌ فِي هَذَا الْأَمْرِ قَلَّدْتُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَتَقَلَّدَ مِنِّي بِشَرْطِ الْوِقَايَةِ، وَأَمَرْتُ بِكِتَابَةِ هَذَا الذِّكْرِ حُجَّةً لَهُ فِي ذَلِكَ وَأَشْهَدْتُ عَلَيْهِ مَنْ حَضَرَنِي مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ، ثُمَّ يُوَقِّعُهُ الْقَاضِي عَلَى الصَّدْرِ بِتَوْقِيعِهِ الْمَعْرُوفِ وَيَكْتُبُ فِي آخِرِهِ: يَقُولُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ: جَرَى ذَلِكَ كُلُّهُ مِنِّي وَعِنْدِي وَكَتَبْتُ التَّوْقِيعَ عَلَى الصَّدْرِ، وَهَذِهِ الْأَسْطُرُ فِي الْآخِرِ بِخَطِّ يَدَيَّ. (كِتَابٌ يَكْتُبُ الْقَاضِي إلَى بَعْضِ الْحُكَّامِ فِي النَّوَاحِي لِاخْتِيَارِ الْقَيِّمِ لِلْأَوْقَافِ) أَيَّدَ اللَّهُ تَعَالَى - فُلَانًا قَدْ رَفَعَ إلَيَّ أَنَّ الْأَوْقَافَ الْمَنْسُوبَةَ إلَى مَسْجِدِ قَرْيَتِكُمْ خَالِيَةٌ عَنْ قَيِّمٍ يَتَعَاهَدُهَا وَيَجْمَعُ غَلَّاتِهَا وَيَصْرِفُهَا إلَى مَصَارِفِهَا وَيَصُونُهَا عَنْ الْإِضَاعَةِ فَكَاتَبْتُهُ فِي ذَلِكَ لِيَخْتَارَ قَيِّمًا ذَا عَفَافٍ وَأَمَانَةٍ وَهِدَايَةٍ وَكِفَايَةٍ فِي الْأُمُورِ وَصَلَاحٍ وَدِيَانَةٍ، وَيَكْتُبُ الْجَوَابَ عَلَى ظَهْرِ كِتَابِي هَذَا مَشْرُوحًا لِأَقِفَ عَلَيْهِ وَأُقَلِّدَ مَنْ أَخْتَارُهُ لِلْقِوَامَةِ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى -. . (جَوَابُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ) قَدْ وَصَلَ إلَيَّ كِتَابُ الشَّيْخِ الْقَاضِي الْإِمَامِ - يُدِيمُ اللَّهُ تَعَالَى أَيَّامَهُ - وَقَرَأْتُهُ وَفَهِمْتُ مَضْمُونَهُ وَامْتَثَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ اخْتِيَارِ الْقَيِّمِ لِلْأَوْقَافِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى مَسْجِدِ قَرْيَتِنَا فَوَقَعَ اخْتِيَارِي وَاخْتِيَارُ الْمَشَايِخِ مِنْ قَرْيَتِي لِلْقِيَامِ فِي تَسْوِيَةِ أُمُورِ الْأَوْقَافِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى مَسْجِدِ قَرْيَتِنَا عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لِمَا عَرَفْنَا مِنْ صَلَاحِهِ وَصِيَانَتِهِ وَعَفَافِهِ وَدِيَانَتِهِ وَكِفَايَتِهِ فِي الْأُمُورِ، وَكَوْنِهِ مُقِيمًا فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَلْيَتَفَضَّلْ بِتَقْلِيدِهِ وَالْإِطْلَاقِ لَهُ (الده يازده) مِمَّا يَحْصُلُ مِنْ ارْتِفَاعَاتِ هَذِهِ الْأَوْقَافِ لِيَكُونَ لَهُ مَعُونَةٌ عَلَى الْقِيَامِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَشْكُورٌ مُثَابٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. (تَقْلِيدُ الْوِصَايَةِ) يَقُولُ: الْقَاضِي فُلَانٌ قَدْ رَفَعَ إلَيَّ أَنَّ فُلَانًا تُوُفِّيَ وَتَرَكَ ابْنًا صَغِيرًا وَلَمْ يَجْعَلْ أَحَدًا وَصِيًّا فِي

تَسْوِيَةِ أُمُورِ هَذَا الصَّغِيرِ وَلَا بُدَّ لِهَذَا الصَّغِيرِ مِنْ وَصِيٍّ يَقُومُ فِي تَسْوِيَةِ أُمُورِهِ وَلَهُ عَمٌّ فُلَانٌ، وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْأَمَانَةِ وَالدِّيَانَةِ وَالْكِفَايَةِ وَالْهِدَايَةِ فِي الْأُمُورِ فَتَفَحَّصْتُ عَنْ حَالِ عَمِّ هَذَا الصَّغِيرِ هَذَا الْمَذْكُورِ فَأَخْبَرَنِي جَمَاعَةٌ. وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالصَّلَاحِ وَالدِّيَانَةِ وَالْأَمَانَةِ مَشْهُورٌ بِالْكِفَايَةِ وَالْهِدَايَةِ فَجَعَلْتُهُ قَيِّمًا فِي أَسْبَابِ هَذَا الصَّغِيرِ الْمَذْكُورِ فِيهِ لِيَقُومَ بِحِفْظِ أَسْبَابِهِ وَسَائِرِ أَمْوَالِهِ وَتَعَاهُدِهَا وَصِيَانَتِهَا عَنْ الْإِضَاعَةِ وَاسْتِغْلَالِ مَا هُوَ مِنْ نَتَائِجِ الِاسْتِغْلَالِ مِنْ أَسْبَابِهِ وَقَبْضِ ارْتِفَاعَاتِ أَسْبَابِهِ وَحِفْظِهَا وَصَرْفِهَا إلَى وُجُوهِ مَصَارِفِهَا وَإِلَى مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْمَطْعُومِ وَالْمَلْبُوسِ وَالْمَشْرُوبِ مِنْ غَيْرِ تَقْتِيرٍ وَلَا إسْرَافٍ وَأَوْصَيْتُهُ فِي ذَلِكَ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَالتَّجَنُّبِ عَنْ الْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ، وَأَطْلَقْتُ لَهُ (الده يازده) مِمَّا يَحْصُلُ فِي يَدِهِ مِنْ ارْتِفَاعَاتِ أَسْبَابِهِ لِيَكُونَ لَهُ مَعُونَةٌ فِي هَذَا الْأَمْرِ، وَنَهَيْتُهُ عَنْ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ مَحْدُودَاتِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِطْلَاعِ ذِي رَأْيٍ قَلَّدْتُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِشَرْطِ الْوِقَايَةِ وَأَمَرْتُ بِكِتَابَةِ هَذَا الذِّكْرِ حُجَّةً فِي ذَلِكَ وَأَشْهَدْتُ عَلَيْهِ مَنْ حَضَرَ مِنْ الثِّقَاتِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا. (كِتَابٌ إلَى بَعْضِ الْحُكَّامِ بِالنَّاحِيَةِ لِقِسْمَةِ التَّرِكَةِ وَاخْتِيَارِ الْقَيِّمِ لِلْوَارِثِ الصَّغِيرِ) كِتَابِي أَطَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَقَاءَ الشَّيْخِ الْفَقِيهِ الْحَاكِمِ فُلَانٍ إلَى آخِرِهِ قَدْ رُفِعَ إلَيَّ أَنَّ فُلَانًا مِنْ قَرْيَةِ كَذَا تُوُفِّيَ ثَمَّةَ وَخَلَّفَ مِنْ الْوَرَثَةِ ابْنًا صَغِيرًا اسْمُهُ فُلَانٌ وَابْنَةً كَبِيرَةً اسْمُهَا فُلَانَةُ وَتَرَكَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً، وَهَذِهِ الِابْنَةُ اسْتَوْلَتْ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِ هَذَا الْمُتَوَفَّى وَتُتْلِفُهَا وَلَا بُدَّ مِنْ إفْرَازِ حِصَّةِ الصَّغِيرِ وَانْتِزَاعِهَا مِنْ يَدِ هَذِهِ الْكَبِيرَةِ وَكَاتَبْتُهُ فِي ذَلِكَ لِيَنْسَخَ جَمِيعَ التَّرِكَةِ مِنْ الْمَحْدُودَاتِ وَالْمَنْقُولَاتِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَيَتَفَحَّصَ فِي ذَلِكَ عَمَّنْ لَهُ خَبَرٌ بِذَلِكَ وَيَقْسِمَ جَمِيعَ التَّرِكَةِ بَيْنَ هَذَا الصَّغِيرِ، وَهَذِهِ الْكَبِيرَةِ عَلَى سِهَامِهِمَا وَيُرَاعِي فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ الْعَدْلَ وَالْإِنْصَافَ، وَيَخْتَارُ قَيِّمًا ذَا صَلَاحٍ وَعَفَافٍ وَصِيَانَةٍ وَدِيَانَةٍ وَكِفَايَةٍ وَهِدَايَةٍ وَيَبْعَثَ نُسْخَةَ التَّرِكَةِ مَعَ الْمُخْتَارِ لِلْقِوَامَةِ إلَيَّ لِأُقَلِّدَهُ الْقِوَامَةَ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَأُمْضِيَ الْقِسْمَةَ وَأُسَلِّمَ حِصَّةَ الصَّغِيرِ إلَيْهِ وَهُوَ مُوَفَّقٌ فِي إتْمَامِ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (كِتَابٌ فِي نَصْبِ الْحُكَّامِ فِي الْقُرَى) يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانٌ: لِمَا ظَهَرَ عِنْدِي صَلَاحُ فُلَانٍ وَصِيَانَتُهُ وَسَدَادُهُ وَدِيَانَتُهُ وَهِدَايَتُهُ وَكِفَايَتُهُ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا مَعَ مَا حَمَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ حَقَائِقِ الْأَحْكَامِ وَعَلَّمَهُ دَقَائِقَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ نَصَبْتُهُ فِي نَاحِيَةِ كَذَا مُتَوَسِّطًا لِفَصْلِ الْخُصُومَاتِ بَيْنَ الْخُصُومِ بِتَرَاضِيهِمْ عَلَى سَبِيلِ الْمُصَالَحَةِ بَعْدَ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ تَأَمُّلًا شَافِيًا وَلَا يُحَابِي شَرِيفًا لِشَرَفِهِ وَلَا يَظْلِمُ ضَعِيفًا لِضَعْفِهِ وَلَمْ آمُرْ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ بَيِّنَةً فِي حَادِثَةٍ مِنْ الْحَوَادِثِ وَأَنْ يَقْضِيَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فِي صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ وَإِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ فَصْلُ الْخُصُومَاتِ بِالتَّرَاضِي يَبْعَثُ الْخُصُومَ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَأَمَرْتُهُ بِإِنْكَاحِ الْأَيَامَى الْخَلِيَّاتِ عَنْ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ مِنْ أَكْفَائِهِنَّ بِرِضَاهُنَّ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ بِمَهْرِ أَمْثَالِهِنَّ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ وَأَمَرْتُهُ بِاخْتِيَارِ الْقَوَّامِ فِي الْأَوْقَافِ وَأَمْوَالِ الْيَتَامَى مِنْ الصُّلَحَاءِ وَالثِّقَاتِ بِاتِّفَاقِ مَنْ هُوَ فِي سَبِيلٍ مِنْهَا وَاخْتِيَارِهِمْ، وَأَمَرْتُهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقْوَاهُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً، وَأَنْ يَأْتِيَ بِأَوَامِرِهِ وَيَنْتَهِيَ عَنْ زَوَاجِرِهِ فَهَذَا عَهْدِي إلَيْهِ وَمَنْ قَرَأَ هَذَا الْكِتَابَ أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ فَلْيَعْرِفْ حَقَّهُ وَحُرْمَتَهُ، وَلَا يَخُوضُ أَحَدٌ فِيمَا فُوِّضَ إلَيْهِ وَلْيَصْرِفْ نَفْسَهُ عَنْ الْمَلَامَةِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. (كِتَابٌ فِي التَّزْوِيجِ) يَكْتُبُ بَعْدَ الدُّعَاءِ بِحَسَبِ الشَّيْخِ الْفَقِيهِ - أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالتَّعَرُّفِ عَنْ حَالَةِ الْمُسَمَّاةِ فُلَانَةِ بِنْتِ فُلَانٍ فَقَدْ خَطَبَهَا فُلَانٌ، فَإِنْ وَجَدْتَهَا حُرَّةً بَالِغَةً عَاقِلَةً خَالِيَةً عَنْ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ - وَكَانَ هَذَا الْخَاطِبُ كُفُؤًا لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ حَاضِرٌ وَلَا غَائِبٌ يُنْتَظَرُ حُضُورُهُ - فَزَوِّجْهَا مِنْهُ بِرِضَاهَا بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ عَلَى صَدَاقٍ كَذَا، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً قَدْ بَلَغَتْ مَبْلَغًا تَصْلُحُ لِلرِّجَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ حَاضِرٌ وَلَا غَائِبٌ يُنْتَظَرُ حُضُورُهُ يَكْتُبُ الْكِتَابَ عَلَى الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَيَكْتُبُ، فَإِنْ وَجَدْتَهَا قَدْ بَلَغَتْ مَبْلَغًا تُزَفُّ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا

وَلِيٌّ حَاضِرٌ وَلَا غَائِبٌ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ وَرَأَيْتَ الْمَصْلَحَةَ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ هَذَا الْخَاطِبِ فَزَوِّجْهَا مِنْهُ عَلَى مَهْرٍ مَعْلُومٍ بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَاقْبِضْ مَا هُوَ مَرْسُومٌ تَعْجِيلُهُ مِنْ الْمُسَمَّى، ثُمَّ سَلِّمْهَا إلَى الزَّوْجِ وَاكْتُبْ الْوَثِيقَةَ عَلَى الزَّوْجِ بِبَقِيَّةِ الْمُسَمَّى وَأَشْهِدْ عَلَيْهَا. (كِتَابُ الْقَاضِي إلَى بَعْضِ الْحُكَّامِ بِالنَّاحِيَةِ لِلتَّوَسُّطِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ) رَفَعَ إلَيَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَنَّ لَهُ خُصُومَةٌ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَبَيَّنَ الْخُصُومَةَ، وَأَنَّهُ لَا يُنْصِفُهُ وَلَا يُوَفِّيهِ حَقَّهُ وَلَا يَحْضُرُ مَعَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَيَلْجَأُ إلَى أَهْلِ السُّلْطَانِ فَكَاتَبْتُهُ فِي ذَلِكَ لِيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَيَسْمَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَجَوَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ يُتَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا بِتَرَاضِيهِمَا وَبِفَصْلِهَا، فَإِنْ صَلَحَ الْأَمْرُ وَإِلَّا فَابْعَثْ بِهِمَا إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ قِبَلِي لِأَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِالْحُكْمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْحَاكِمِ بِالنَّاحِيَةِ لِيُوقِفَ الضَّيْعَةَ) وَصُورَةُ ذَلِكَ؛ رَجُلٌ ادَّعَى ضَيْعَةً فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى وَالْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الشُّهُودِ بَعْدُ؛ فَالْتَمَسَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ إلَى حَاكِمِ الْقَرْيَةِ الَّتِي الضِّيَاعُ الْمُدَّعَى بِهَا فِيهَا حَتَّى تَكُونَ تِلْكَ الضِّيَاعُ مَوْقُوفَةً عَنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فَالْقَاضِي يَكْتُبُ. (وَصُورَتُهُ) يَكْتُبُ الصَّدْرَ عَلَى الرَّسْمِ وَيَكْتُبُ بَعْدَهُ؛ قَدْ ادَّعَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِلْكِيَّةَ الضَّيْعَةِ الَّتِي هِيَ كَرْمٌ مَحُوطٌ مَبْنِيٌّ بِقَصْرِهِ، وَكَذَا دَيْرَةُ أَرْضٍ الَّتِي مَوْضِعُهَا فِي أَرْضِ قَرْيَةِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا وَأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَفِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي أَحْوَالُ الشُّهُودِ فَالْتَمَسَ هَذَا الْمُدَّعِي مِنِّي كَتْبَ هَذَا الْكِتَابِ إلَيْهِ لِيَجْعَلَ هَذِهِ الضَّيْعَةَ الْمُتَنَازَعَ فِيهَا مَوْقُوفَةً فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَنْقُصُ مِنْ غَلَّاتِهَا وَلَا يَزِيدُ فِيهَا شَيْئًا بَلْ تَكُونُ فِي يَدِهِ مَوْقُوفَةٌ إلَى أَنْ يَظْهَرَ أَحْوَالُ الشُّهُودِ، فَإِنْ انْقَادَ لِذَلِكَ وَإِلَّا أَعْلِمْنِي بِالْجَوَابِ فِي ذَلِكَ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى. (ذِكْرُ الْإِذْنِ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْغَائِب) يَكْتُبُ: يَقُولُ الْقَاضِي الْإِمَامُ فُلَانٌ؛ رَفَعَتْ الْمُسَمَّاةُ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ أَنَّ بَعْلَهَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ غَائِبٌ عَنْهَا مِنْ كُورَةِ بُخَارَى وَنَوَاحِيهَا وَتَرَكَهَا ضَائِعَةً مِنْ غَيْرِ نَفَقَةٍ وَلَا كِسْوَةٍ وَأَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ النِّكَاحَ بَيْنَهُمَا قَائِمٌ فِي الْحَالِ، وَأَحْضَرَتْ مَعَهَا مِنْ جِيرَانِهَا فُلَانًا وَفُلَانًا يَذْكُرُ أَسْمَاءَهُمَا وَأَنْسَابَهُمَا فَأَخْبَرَنِي هَذَانِ أَنَّ الْحَالَ كَمَا رَفَعَتْ إلَيَّ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ وَالْتَمَسَتْ مِنِّي تَعْيِينَ نَفَقَتِهَا وَبَدَلِ كِسْوَتِهَا وَالْإِذْنَ لَهَا فِي اسْتِدَانَتِهَا عَلَى هَذَا الْغَائِبِ فَأَجَبْتُهَا إلَى ذَلِكَ وَأَذِنْتُ لَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ هَذَا التَّارِيخِ كَذَا دِرْهَمًا لِمَطْعُومِهَا وَمَأْدُومِهَا، وَكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِمَلْبُوسِهَا إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْغَائِبُ فَيَقْضِيَ مَا اسْتَدَانَتْ عَلَيْهِ وَأَنَّهَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ وَأَمَرْتُ بِكَتْبِ هَذَا الذِّكْرِ حُجَّةً فِي ذَلِكَ وَأَشْهَدْتُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ حَضَرَنِي مِنْ الثِّقَاتِ. (ذِكْرُ فَرْضِ نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ) امْرَأَةٌ تَطْلُبُ مِنْ زَوْجِهَا أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَالْتَمَسَتْ مِنْ الْقَاضِي التَّقْدِيرَ لِنَفَقَتِهَا يَكْتُبُ: يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانٌ؛ رَفَعَتْ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ إلَيَّ أَنَّ زَوْجَهَا لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَالْتَمَسَتْ مِنِّي تَقْدِيرَ نَفَقَتِهَا فَأَجَبْتُهَا إلَى ذَلِكَ وَفَرَضْتُ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ لِمَطْعُومِهَا وَمَأْدُومِهَا لِكُلِّ شَهْرٍ مِنْ هَذَا التَّارِيخِ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَبَدَلَ كِسْوَتِهَا كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَذَا دِرْهَمًا وَأَلْزَمْتُهُ إدْرَارَ ذَلِكَ عَلَيْهَا لِتَتَوَلَّى الْإِنْفَاقَ عَلَى نَفْسِهَا وَقَدْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ وَأَمَرْتُ بِكَتْبِ هَذَا الذِّكْرِ، أَوْ يَكْتُبُ: فَرَضَ الْقَاضِي فُلَانٌ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ لِطَعَامِهَا وَإِدَامِهَا لِكُلِّ شَهْرٍ مِنْ هَذَا التَّارِيخِ كَذَا دِرْهَمًا إلَى آخِرِهِ، وَيَكْتُبُ

محاضر وسجلات ردت لخلل فيها

الْقَاضِي تَوْقِيعَهُ عَلَى صَدْرِ الذِّكْرِ وَيَكْتُبُ فِي آخِرِهِ: يَقُولُ فُلَانٌ كُتِبَ هَذَا الذِّكْرُ مِنِّي بِأَمْرِي وَجَرَى الْفَرْضُ وَالتَّقْدِيرُ مِنِّي كَمَا كُتِبَ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. . (كِتَابُ الْمَسْتُورَةِ إلَى الْمُزَكِّي فِي التَّعَرُّفِ عَنْ أَحْوَالِ الشُّهُودِ) وَيَكْتُبُ الْقَاضِي بَعْدَ التَّسْمِيَةِ فِي قِطْعَةِ بَيَاضٍ - أَيَّدَ اللَّهُ الْفَقِيهَ - فِي الْوُقُوفِ عَلَى أَحْوَالِ نَفَرٍ شَهِدُوا عِنْدِي يَوْمَ كَذَا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِدَعْوَاهُ كَذَا وَيَصِفُ الدَّعْوَى، ثُمَّ يَقُولُ: أُثْبِتُ لَكَ أَسَامِيَهُمْ آخِرَ مَسْتُورَتِي لِتَعْرِفَ عَنْ أَحْوَالِهِمْ وَلِتُعْلِمَنِي مَا صَحَّ عِنْدَكَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ مِنْ الْعَدَالَةِ لِأَقِفَ عَلَيْهِ، وَيَكُونَ الْعَمَلُ فِيهِ بِحَسَبِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، حِلْيَتُهُ كَذَا، مَحَلَّتُهُ كَذَا، وَمَتْجَرُهُ كَذَا، وَمُصَلَّاهُ مَسْجِدُ كَذَا. (جَوَابُ الْمُزَكِّي) أَنْ يُرَتِّبَهُمْ ثَلَاثَ مَرَاتِبَ أَعْلَاهَا جَائِزُ الشَّهَادَةِ أَوْ عَدْلٌ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ " عَدْلٌ " مَا لَمْ يَقُلْ عَدْلٌ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَلَا يَكُونَ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ هِيَ الِانْزِجَارُ عَنْ تَعَاطِي مَا يَعْتَقِدُهُ الْإِنْسَانُ مَحْظُورَ دِينِهِ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِأَنْ يَكُونَ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ بَعْدَ التَّوْبَةِ. وَالْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ؛ مَسْتُورٌ، وَالْمَسْتُورُ هُوَ الْفَاسِقُ وَالثِّقَةُ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَا لِفِسْقِهِ وَلَكِنْ لِغَفْلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَبَعْضُ الْقُضَاةِ يُقِيمُونَ كُلَّ ثِقَتَيْنِ مَقَامَ عَدْلٍ، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْحَاكِمُ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَالْمَسْتُورُ فِي عُرْفِ مَشَايِخِنَا مَنْ لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ بِالدِّيَانَةِ وَلَا بِالدَّعَارَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [مَحَاضِرُ وَسِجِلَّاتٌ رُدَّتْ لِخَلَلٍ فِيهَا] (مَحَاضِرُ وَسِجِلَّاتٌ رُدَّتْ لِخَلَلٍ فِيهَا) وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى رَجُلٍ زَعَمَ أَنَّهُ وَصِيُّ صَغِيرٍ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ دَيْنًا لِذَلِكَ الصَّغِيرِ عَلَى رَجُلٍ؛ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَحْضَرِ أَنَّ الدَّيْنَ لِهَذَا الصَّغِيرِ بِأَيِّ سَبَبٍ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ مَوْرُوثًا وَلِلْمَيِّتِ وَارِثٌ سِوَى هَذَا الصَّغِيرِ فَإِنَّمَا يَصِيرُ الدَّيْنُ لِلصَّغِيرِ بِالْقِسْمَةِ، وَقِسْمَةُ الدَّيْنِ بَاطِلَةٌ وَالشُّهُودُ فِي شَهَادَتِهِمْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى مَوْتِ الْأَبِ وَلَا عَلَى الْإِيصَاءِ إلَى الْمُدَّعِي وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ لِلصَّغِيرِ بِالْإِذْنِ الْحُكْمِيِّ) صُورَتُهُ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ بِالْإِذْنِ الْحُكْمِيِّ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ حُدُودُهَا كَذَا مِلْكُ فُلَانٍ الصَّغِيرِ بِسَبَبِ أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَ وَالِدِ هَذَا الصَّغِيرِ فُلَانٍ الْمُسَمَّى فِي الْمَحْضَرِ؛ اشْتَرَاهَا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْمَحْضَرِ بِمَالِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ هُوَ مِثْلُ قِيمَةِ الدَّارِ، وَالْيَوْمَ هَذِهِ الدَّارُ الْمَحْدُودَةُ مِلْكُ هَذَا الصَّغِيرِ بِهَذَا السَّبَبِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَفِي يَدِ هَذَا الْمُحْضَرِ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا إلَى هَذَا الْحَاضِرِ لِيَقْبِضَهَا لِهَذَا الصَّغِيرِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْمَحْضَرِ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَنَّ الْإِذْنَ الْحُكْمِيَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي مِنْ جِهَةِ هَذَا الْقَاضِي أَوْ مِنْ جِهَةِ قَاضٍ آخَرَ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ مِنْ جِهَةِ قَاضٍ آخَرَ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْإِذْنِ الْحُكْمِيِّ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي لِيَسْمَعَ خُصُومَتَهُ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَحْضَرِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَأْذُونِي الْقَبْضِ إنَّمَا الْمَذْكُورُ فِيهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى بِالْإِذْنِ الْحُكْمِيِّ، وَلَعَلَّ أَنَّهُ كَانَ مَأْذُونًا بِالدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ دُونَ الْقَبْضِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ مَأْذُونًا بِالْقَبْضِ لَا يَكُونَ لَهُ حَقُّ الْقَبْضِ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ بِالدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ، وَالْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ كَوْنِهِ مَأْذُونًا بِالْقَبْضِ أَوْ ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ وَصِيًّا، فَإِنَّ الْإِيصَاءَ يُثْبِتُ وِلَايَةَ الْقَبْضِ. وَلِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَحْضَرِ أَنَّ الثَّمَنَ مِثْلُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ مِنْ كَوْنِ الثَّمَنِ مِثْلَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَقْتَ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ [مَحْضَر فِي دعوى الْمَرْأَة الْمِيرَاث عَلَى وَارِث الزَّوْج الْمَيِّت ودعوى الْوَارِث الصُّلْح] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْمَرْأَةِ الْمِيرَاثَ عَلَى وَارِثِ الزَّوْجِ الْمَيِّتِ وَدَعْوَى الْوَارِثِ الصُّلْحَ عَلَيْهَا) رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَامْرَأَةً وَابْنًا صَغِيرًا فَحَضَرَتْ الْمَرْأَةُ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَأَحْضَرَتْ ابْنَ الزَّوْجِ مَعَهَا وَطَلَبَتْ مِنْهُ مِيرَاثَهَا فَادَّعَى الِابْنُ أَنَّهَا صَالَحَتْ مِنْ جَمِيعِ نَصِيبِهَا مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ وَعَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى عَلَى كَذَا وَكَذَا، وَأَنَّهُ قَبِلَ

محضر في دعوى تجهيل الوديعة

الصُّلْحَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْأَصَالَةِ وَعَنْ أَخِيهِ الصَّغِيرِ بِالْإِذْنِ الْحُكْمِيِّ، وَهَذَا الصُّلْحُ كَانَ خَيْرًا لِلصَّغِيرِ وَقَدْ قَبَضَتْ بَدَلَ الصُّلْحِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا فِي تَرِكَةِ الزَّوْجِ حَقٌّ وَهِيَ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى مُبْطِلَةٌ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَحْضَرِ بَيَانُ التَّرِكَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ إلَّا بِاسْتِثْنَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الصُّلْحِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ مِنْ جِنْسِ بَدَلِ الصُّلْحِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مِنْ خِلَافِ جِنْسِ بَدَلِ الصُّلْحِ مِنْ النَّقْدِ مِقْدَارُ مَا يُصِيبُهَا بِالْمِيرَاثِ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ زَائِدًا عَلَيْهِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ لِمَكَانِ الرِّبَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ مِنْ جِنْسِ بَدَلِ الصُّلْحِ مِنْ النَّقْدِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَحْضَرِ ذِكْرُ قَبْضِ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي الْمَجْلِسِ، وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ بِجَوَازِ هَذَا الصُّلْحِ، وَيَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ مِنْ جِنْسِ بَدَلِ الصُّلْحِ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ نَصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ مِثْلَ بَدَلِ الصُّلْحِ وَأَقَلَّ بَلْ يَكُونُ أَزْيَدَ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ شَيْءٌ مِنْ نَقْدٍ آخَرَ فَمَا ذُكِرَ كُلُّهُ وَهْمٌ، وَبِالْوَهْمِ لَا يُمْكِنُ إبْطَالُ الصُّلْحِ، كَذَا فِي فُصُولِ الأستروشني. وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى تَجْهِيلِ الْوَدِيعَةِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى تَجْهِيلِ الْوَدِيعَةِ) حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنِّي دَفَعْتُ إلَى أَبِي هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فُلَانٍ صُرَّةً مَشْدُودَةً مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ بِضَاعَةُ إبْرَاهِيمَ الْحَاجِّيِّ، وَفِيهَا خَمْسَةُ أَعْدَادٍ مِنْ اللعل البدخشاني وَزْنُ كُلِّ وَاحِدٍ سَبْعَةُ دَرَاهِمَ وَقِيمَةُ الْكُلِّ كَذَا، وَإِنَّ أَبَا هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فُلَانٌ قَبَضَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنِّي قَبْضًا صَحِيحًا وَتُوُفِّيَ قَبْلَ رَدِّ ذَلِكَ إلَيَّ مُجَهِّلًا لَهَا مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ، وَصَارَتْ قِيمَةُ جَمِيعِ ذَلِكَ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّةِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ فِي دَعْوَاهُ وَالشُّهُودَ فِي شَهَادَتِهِمْ لَمْ يُبَيِّنُوا قِيمَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَوْمَ التَّجْهِيلِ، إنَّمَا بَيَّنُوا قِيمَتَهَا يَوْمَ الدَّفْعِ، وَالْوَاجِبُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ بَيَانُ قِيمَةِ الْأَعْيَانِ يَوْمَ التَّجْهِيلِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ التَّجْهِيلُ فَيُرَاعَى الْقِيمَةُ يَوْمَ التَّجْهِيلِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (قُلْتُ) قَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كَفَالَةِ الْأَصْلِ رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا عَبْدًا وَجَحَدَهُ الْمُودَعُ وَمَاتَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُودِعُ بَيِّنَةً عَلَى الْإِيدَاعِ وَعَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ قَضَى عَلَى الْمُودَعِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ، وَلَوْ قَالُوا: لَا نَعْلَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْجُحُودِ وَلَكِنْ عَلِمْنَا قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِيدَاعِ وَهِيَ كَذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْمُودَعِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ بِحُكْمِ الْإِيدَاعِ، وَهَذَا لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُودَعِ فِي فَصْلِ الْجُحُودِ إذَا عَلِمَ قِيمَةَ الْوَدِيعَةِ يَوْمَ الْجُحُودِ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْجُحُودِ وَعَلِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِيدَاعِ فَسَبَبُ الضَّمَانِ فِي حَقِّهِ الْقَبْضُ بِحُكْمِ الْإِيدَاعِ، وَهَذَا لِأَنَّ الضَّمَانَ، إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ بِالْجُحُودِ وَالْقَبْضِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ لَوْ جَحَدَ الْوَدِيعَةَ، وَقَالَ: لَا وَدِيعَةَ لَكَ عِنْدِي وَكَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ. وَإِذَا كَانَ قَبَضَهَا، وَلَمْ يَجْحَدْ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ أَيْضًا لِمَا قُلْنَا وَالْجُحُودُ آخِرُهُمَا وُجُودًا فَيُحَالُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ مَا أَمْكَنَ وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ فَقَدْ أَمْكَنَ إحَالَةُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فَجَعَلْنَا سَبَبَ الضَّمَانِ فِي حَقِّهِ الْجُحُودَ وَأَوْجَبْنَا قِيمَتَهُ يَوْمَ الْجُحُودِ وَإِذَا لَمْ يَشْهَدُوا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ وَشَهِدُوا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْإِيدَاعِ تَعَذَّرَ إحَالَةُ الضَّمَانِ عَلَى الْجُحُودِ وَأَحَلْنَاهُ عَلَى الْقَبْضِ السَّابِقِ وَجَعَلْنَا سَبَبَ الضَّمَانِ فِي حَقِّهِ الْقَبْضَ السَّابِقَ، وَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ: لَا نَعْلَمُ قِيمَتَهُ أَصْلًا لَا يَوْمَ الْجُحُودِ وَلَا يَوْمَ الْإِيدَاعِ فَإِنَّمَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِمَا يُقِرُّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ كَمَا فِي الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِمَا يُقِرُّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي مَسْأَلَةِ التَّجْهِيلِ إذَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ بِقِيمَةِ الْبِضَاعَةِ يَوْمَ التَّجْهِيلِ وَشَهِدُوا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْإِبْضَاعِ أَنْ يَقْضِيَ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْإِبْضَاعِ، وَإِنْ قَالُوا: لَا نَعْرِفُ قِيمَتَهَا أَصْلًا يُقْضَى بِمَا يُقِرُّ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْإِبْضَاعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. (سِجِلٌّ لَمْ يُكْتَبْ فِي آخِرِهِ: وَحَكَمْتُ بِكَذَا فِي مَجْلِسِ قَضَائِي بِكُورَةِ كَذَا تَرَكُوا ذِكْرَ الْكُورَةِ) فَرُدَّ السِّجِلُّ بِعِلَّةِ أَنَّ الْمِصْرَ شَرْطُ نَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، قَالُوا: لَيْسَ أَنَّهُ كَتَبَ فِي أَوَّلِ السِّجِلِّ حَضَرَ مَجْلِسَ قَضَائِي فِي كُورَةِ كَذَا، قِيلَ هَذَا حِكَايَةُ أَوَّلِ الدَّعْوَى، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى فِي الْكُورَةِ، وَالْحُكْمُ وَالْقَضَاءُ يَكُونُ

محضر فيه دعوى الوصية بثلث المال

فِي الْخَارِجِ مِنْ الْكُورَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْكُورَةِ عِنْدَ ذِكْرِ الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ لِقَطْعِ هَذَا الِاحْتِمَالِ. وَلَكِنَّ هَذَا الطَّعْنَ عِنْدِي فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ الْمِصْرُ لَيْسَ بِشَرْطِ نَفَاذِ الْقَضَاءِ، فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِشَيْءٍ خَارِجَ الْمِصْرِ كَانَ قَضَاؤُهُ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَيَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَيَصِحُّ سِجِلُّهُ وَيَصِيرُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ. (سِجِلٌّ وَرَدَ مِنْ قَاضٍ كُتِبَ فِي آخِرِهِ، يَقُولُ فُلَانٌ: كُتِبَ هَذَا السِّجِلُّ عَنِّي بِأَمْرِي وَمَضْمُونُهُ حُكْمِي كَذَا) فَأَخَذُوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا: قَوْلُهُ مَضْمُونُهُ حُكْمِي كَذَا كَذِبٌ وَخَطَأٌ؛ لِأَنَّ مَضْمُونَ السِّجِلِّ أَشْيَاءُ التَّسْمِيَةِ وَحِكَايَةُ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَإِنْكَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهَادَةُ الشُّهُودِ وَكُلُّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحُكْمِ الْقَاضِي، وَإِنَّمَا حُكْمُ الْقَاضِي بَعْضُ مَضْمُونِ السِّجِلِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ، وَفِي مَضْمُونِهِ حُكْمِي أَوْ يَكْتُبَ وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِيهِ حُكْمِي أَوْ يَكْتُبَ وَالْقَضَاءُ الْمَذْكُورُ فِيهِ قَضَائِي نَفَّذْتُهُ بِحُجَّةٍ لَاحَتْ عِنْدِي. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الدَّنَانِيرِ الْمَكِّيَّةِ رَأْسَ مَالِ الشَّرِكَةِ) صُورَتُهُ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ أَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ مَعَ هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ اشْتَرَكَا شَرِكَةَ عِنَانٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا كَذَا عَدَلِيًّا مِنْ ضَرْبِ كَذَا عَلَى أَنْ يَبِيعَا وَيَشْتَرِيَا جُمْلَةً وَعَلَى الِانْفِرَادِ مَا بَدَا لَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالْأَقْمِشَةِ، وَأَحْضَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَ مَالِهِ وَخَلَطَاهُ وَجَعَلَاهُ فِي يَدِ هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ، وَأَنَّ هَذَا الْمُحْضَرَ مَعَهُ اشْتَرَى بِهَذِهِ الْعَدْلِيَّاتِ الَّتِي هِيَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ كُلِّهَا كَذَا كَذَا مِنْ الْكَرَابِيسِ، ثُمَّ بَاعَهَا بِكَذَا مِنْ الدَّنَانِيرِ الْمَكِّيَّةِ الْمَوْزُونَةِ بِوَزْنِ مَكَّةَ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ الْمَكِّيَّةِ، وَذَلِكَ كَذَا إذْ هِيَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا فِي يَدِهِ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ (فَرُدَّ هَذَا الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّ الدَّعْوَى وَقَعَتْ فِي الدَّنَانِيرِ الْمَكِّيَّة؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى وَقَعَتْ فِي ثَمَنِ الْكَرَابِيسِ، وَثَمَنُ الْكَرَابِيسِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَكِّيَّةِ نَقْلِيَّةٌ وَالدَّعْوَى فِي النَّقْلِيَّاتِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَيْهَا حَالَ غَيْبَتِهَا لَا تُسْمَعُ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَوَابٍ عِنْدَنَا. وَلَا يَجُوزُ رَدُّ الْمَحْضَرِ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِحْضَارَ فِي الْمَنْقُولِ، إنَّمَا يُشْتَرَطُ لِلْإِشَارَةِ إلَيْهِ، وَفِي الدَّنَانِيرِ وَمَا أَشْبَهَهَا لَا يُمْكِنُ الْإِشَارَةُ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ يُشْبِهُ الْبَعْضَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ وَالْفَصْلُ، ثُمَّ هَذَا الْعَقْدُ لَمْ يَصْلُحْ شَرِكَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ الْعِدْلِيَّ الَّذِي فِي زَمَانِنَا بِمَنْزِلَةِ الْفُلُوسِ، وَالْفُلُوسُ لَا تَصْلُحُ رَأْسَ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِهِمَا فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ دَافِعُ الْعَدْلِيَّاتِ قَالَ لِشَرِيكِهِ يَوْمَ دَفْعِ الْعَدْلِيَّاتِ إلَيْهِ اشْتَرِ بِهَا وَبِعْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَإِذَا اشْتَرَى الشَّرِيكُ بِالْعِدْلِيَّاتِ الْكَرَابِيسَ وَبَاعَ الْكَرَابِيسَ بِالْمَكِّيِّ وَاشْتَرَى بِالْمَكِّيِّ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ وَبَاعَهُ هَكَذَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَجَمِيعُ الْبِيَاعَاتِ نَافِذَةٌ وَالْمُشْتَرَى فِي كُلِّ مَرَّةٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَالثَّمَنُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مَعَ الرِّبْحِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ إنْ لَمْ تَنْفُذْ عَلَى الدَّافِعِ بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَمْ تَصِحَّ؛ نَفَذَتْ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ وَالْأَمْرِ، وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ قَالَ لِشَرِيكِهِ: اشْتَرِ بِهَذِهِ الْعَدْلِيَّاتِ وَبِعْ، وَلَمْ يَقُلْ: مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَإِذَا اشْتَرَى بِهَا الْكَرَابِيسَ، ثُمَّ بَاعَ الْكَرَابِيسَ انْتَهَتْ الْوَكَالَةُ بِنِهَايَتِهَا وَوَجَبَ عَلَى الشَّرِيكِ دَفْعُ الْمَكِّيَّاتِ إلَى الدَّافِعِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَعَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ، فَإِذَا اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، فَإِذَا نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ الْمَكِّيِّ صَارَ غَاصِبًا لِحِصَّةِ الدَّافِعِ مِنْ الْمَكِّيِّ فَيَصِيرُ ضَامِنًا لَهُ ذَلِكَ الْقَدْرَ. [مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ) صُورَتُهُ ادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنَّ أَبَا هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَوْصَى لِهَذَا الْحَاضِرِ بِثُلُثِ جَمِيعِ مَالِهِ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَثَبَاتِ عَقْلِهِ وَصِيَّةً صَحِيحَةً، وَأَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ قَبِلَ مِنْهُ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ قَبُولًا صَحِيحًا، وَصَارَ ثُلُثُ جَمِيعِ تَرِكَةِ أَبِي هَذَا الْمُحْضَرِ لِهَذَا الْحَاضِرِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ، وَفِي يَدِ هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ كَذَا، وَكَذَا فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ ذَلِكَ إلَى هَذَا الْحَاضِرِ لِيَقْبِضَهُ لِنَفْسِهِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَحْضَرِ أَوْصَى فِي حَالِ جَوَازِ تَصَرُّفَاتِهِ وَنَفَاذِهَا، إنَّمَا كَانَ فِيهِ أَوْصَى فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَثَبَاتِ عَقْلِهِ. وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهِ صَحِيحًا ثَابِتَ الْعَقْلِ أَنْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الْحَجْرَ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ أَنَّ السَّفِيهَ الْمُبَذِّرَ لِمَالِهِ

محضر فيه دعوى الكفالة

إذَا أَوْصَى بِوَصَايَا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ وَصَايَاهُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجُوزُ وَصَايَاهُ مَا وَافَقَ وَصَايَا أَهْلِ الصَّلَاحِ، وَلَا يَعُدُّونَ ذَلِكَ سَرَفًا مِنْ الْمُوصِي وَلَا يَسْتَفْحِشُونَهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَحْضَرِ أَوْصَى لَهُ طَائِعًا، وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الطَّوَاعِيَةِ فَإِنَّ وَصِيَّةَ الْمُكْرَهِ لَا تَصِحُّ وَزَعَمَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - عِلَّةً أُخْرَى لِرَدِّ الْمَحْضَرِ وَهُوَ تَرْكُ ذِكْرِ حُرِّيَّةِ الْمُوصِي فِي الْمَحْضَرِ، وَهَذَا وَهْمٌ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ صَارَتْ مُسْتَفَادَةً مِنْ قَوْلِهِ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ. [مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الْكَفَالَةِ] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الْكَفَالَةِ) صُورَتُهُ ادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنَّهُ كَفَلَ لِي بِنَفْسِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيَّ يَوْمَ كَذَا فَهُوَ كَفِيلٌ بِالْمَالِ الَّذِي لِي عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَأَنِّي قَدْ أَجَزْتُ كَفَالَتَهُ، ثُمَّ أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ نَفْسَ فُلَانٍ إلَيَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي عَيَّنَّهُ لِتَسْلِيمِ النَّفْسِ فِيهِ وَصَارَ كَفِيلًا بِالْمَالِ الَّذِي لِي عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَلْفٌ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ، وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَحْضَرِ ذِكْرُ الْأَلْفِ الَّتِي ادَّعَى الْكَفَالَةَ بِهَا أَنَّهَا مَاذَا. وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ الْأَمْوَالِ مَا لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ كَبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَالدِّيَةِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْأَلْفِ أَنَّهَا مَاذَا حَتَّى يُنْظَرَ أَنَّهُ هَلْ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ، وَإِنَّ دَعْوَى الْكَفَالَةِ هَلْ هِيَ مَسْمُوعَةٌ أَوْ لَا وَعِلَّةٌ أُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَحْضَرِ أَنَّهُ أَجَازَ الْكَفَالَةَ فِي مَجْلِسِ الْكَفَالَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ إجَازَةِ الْكَفَالَةِ فِي مَجْلِسِ الْكَفَالَةِ فَإِنَّ مَنْ كَفَلَ لِغَائِبٍ، وَلَمْ يَقْبَلْ عَنْهُ أَحَدٌ فِي مَجْلِسِ الْكَفَالَةِ، وَلَا خَاطَبَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ فِي مَجْلِسِ الْكَفَالَةِ فَبَلَغَ الْغَائِبَ ذَلِكَ وَأَجَازَ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: دَعْوَى الْإِجَازَةِ فِي الْكَفَالَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَدَعْوَى الْكَفَالَةِ يَتَضَمَّنُ دَعْوَى الْإِجَازَةِ كَمَا أَنَّ دَعْوَى الْبَيْعِ يَتَضَمَّنُ دَعْوَى الشِّرَاءِ، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ دَعْوَى الْإِجَارَةِ شَرْطٌ يَشْتَرِطُ دَعْوَى الْإِجَازَةِ فِي مَجْلِسِ الْكَفَالَةِ، وَلَوْ قَالَ: أَجَزْتُ الْكَفَالَةَ فِي مَجْلِسِي، وَلَمْ يَقُلْ فِي مَجْلِسِ الْكَفَالَةِ فَذَلِكَ لَا يَكْفِي فَلَعَلَّ الْمَكْفُولَ لَهُ لَمْ يُجِزْ الْكَفَالَةَ حَتَّى قَامَ الْكَفِيلُ عَنْ الْمَجْلِسِ وَذَهَبَ، ثُمَّ أَجَازَ فَذَلِكَ إجَازَةٌ فِي مَجْلِسِ الْمَكْفُولِ لَهُ إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُعْتَبَرَةٍ بِالْإِجْمَاعِ. وَلَوْ ادَّعَى الْكَفَالَةَ مَرَّةً، وَلَمْ يَدَّعِ الْإِجَازَةَ، ثُمَّ ادَّعَى الْكَفَالَةَ مَرَّةً أُخْرَى وَادَّعَى الْإِجَازَةَ فِي مَجْلِسِ الضَّمَانِ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْمَهْرِ بِحُكْمِ الضَّمَانِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْمَهْرِ بِحُكْمِ الضَّمَانِ) صُورَتُهُ امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهَا كَانَتْ مَنْكُوحَةَ فُلَانٍ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ نِكَاحًا صَحِيحًا، وَهَذَا الرَّجُلُ ضَمِنَ لِي جَمِيعَ الْمَهْرِ ضَمَانًا صَحِيحًا، وَقَدْ أَجَزْتُ ضَمَانَهُ فِي مَجْلِسِ الضَّمَانِ، ثُمَّ إنِّي صِرْتُ مُحَرَّمَةً عَلَى زَوْجِي فُلَانٍ حُرْمَةً غَلِيظَةً وَصَارَ مَهْرِي عَلَى زَوْجِي فُلَانٍ، وَعَلَى هَذَا الَّذِي ضَمِنَ الْمَهْرَ لِي عَنْهُ حَالًّا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ جَمِيعِ مَهْرِي، وَذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَطَالَبَتْهُ بِذَلِكَ، وَسَأَلَتْهُ مَسْأَلَتَهُ (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِسَبَبِ أَنَّهَا لَمْ تُبَيِّنْ سَبَبَ الْحُرْمَةِ أَنَّهَا بِأَيِّ سَبَبٍ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ وَأَسْبَابُ الْحُرْمَةِ نَوْعَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلَعَلَّ أَنَّهَا زَعَمَتْ الْحُرْمَةَ بِسَبَبٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَيَكُونُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَالْقَاضِي بِخِلَافِ مَا زَعَمَتْ، وَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ الْغَلِيظَةَ قَدْ تَكُونُ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهَا وَأَنَّهَا تُوجِبُ سُقُوطَ جَمِيعِ الصَّدَاقِ عَنْ الزَّوْجِ وَالْكَفِيلِ جَمِيعًا إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، وَقَدْ تَكُونُ لِمَعْنًى مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ وَأَنَّهَا تُوجِبُ سُقُوطَ نِصْفِ الصَّدَاقِ عَنْ الزَّوْجِ وَالْكَفِيلِ إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَهِيَ لَمْ تُبَيِّنْ أَنَّ الْحُرْمَةَ كَانَتْ لِمَعْنًى مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا تَسْتَقِيمُ دَعْوَى جَمِيعِ الْمَهْرِ عَلَى الْكَفِيلِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ ذَلِكَ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْكَفَالَةِ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْكَفَالَةِ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ مُعَلَّقَةً بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ) صُورَتُهُ امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّكَ كَفَلْتَ لِي عَنْ زَوْجِي فُلَانٍ بِدِينَارٍ أَحْمَرَ جَيِّدٍ مِنْ الصَّدَاقِ الَّذِي لِي عَلَى زَوْجِي فُلَانٍ كَفَالَةً مُعَلَّقَةً بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَيْنَنَا، وَقَدْ أَجَزْتُ ضَمَانَكَ فِي مَجْلِسِ الضَّمَانِ، وَقَدْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ زَوْجِي بِسَبَبِ أَنَّ الزَّوْجَ جَعَلَ أَمْرِي بِيَدَيَّ عَلَى أَنَّهُ مَتَى غَابَ عَنِّي شَهْرًا فَأَنَا أُطَلِّقُ نَفْسِي تَطْلِيقَةً بَائِنَةً. وَقَدْ غَابَ عَنِّي شَهْرًا مِنْ تَارِيخِ الْأَمْرِ وَطَلَّقْتُ نَفْسِي بِحُكْمِ ذَلِكَ الْأَمْرِ وَصِرْتَ كَفِيلًا لِي بِدِينَارٍ مِنْ صَدَاقِي فَوَاجِبٌ عَلَيْكَ أَدَاءُ الدِّينَارِ إلَيَّ، وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ فَأَفْتَوْا بِصِحَّةِ الْمَحْضَرِ، وَقَالُوا بِقَبُولِ بَيِّنَتِهَا وَبِالْقَضَاءِ عَلَى الْكَفِيلِ بِالدِّينَارِ، قَالُوا

محضر في دعوى ملكية أرض على رجل في يده بعض تلك الأرض

وَيَكُونَ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الزَّوْجِ بِالْفُرْقَةِ؛ لِأَنَّهَا ادَّعَتْ عَلَى الْكَفِيلِ أَمْرًا لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِإِثْبَاتِ أَمْرٍ آخَرَ عَلَى الزَّوْجِ وَهُوَ جَعْلُ الْأَمْرِ بِيَدِهَا وَتَطْلِيقُهَا نَفْسَهَا بِحُكْمِ ذَلِكَ الْأَمْرِ عِنْدَ تَحَقُّقِ شَرْطِهِ فَيَنْتَصِبُ الْكَفِيلُ خَصْمًا عَنْ الزَّوْجِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا أَصْلٌ مُمَهَّدٌ فِي قَوَاعِدِ الشَّرْعِ، وَلَكِنَّ هَذَا مُشْكِلٌ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى شَيْئَانِ الْفُرْقَةُ عَلَى الْغَائِبِ وَالْمَالُ عَلَى الْحَاضِرِ وَالْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِثُبُوتِ الْمُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ بَلْ هُوَ شَرْطُهُ، وَفِي مِثْلِ هَذَا لَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، عَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ بِالْمَالِ، وَلَا يَقْضِيَ بِالْفُرْقَةِ عَلَى الزَّوْجِ. [مَحْضَر فِي دعوى مَلَكِيَّة أَرْض عَلَى رَجُل فِي يَده بَعْض تِلْكَ الْأَرْض] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى مِلْكِيَّةِ أَرْضٍ عَلَى رَجُلٍ فِي يَدِهِ بَعْضُ تِلْكَ الْأَرْضِ) وَصُورَتُهُ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَرْضًا فِي يَدِهِ أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَفِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ بَعْدَ إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ وَقَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي بِالْأَرْضِ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْأَرْضَ الْمُدَّعَى بِهَا كَانَتْ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي يَدِ رَجُلٍ آخَرَ، قِيلَ: الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ ظَهَرَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي ظَهَرَ بُطْلَانُ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ بِإِقْرَارِهِ أَكْذَبَ شُهُودَهُ فِي بَعْضِ مَا شَهِدُوا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَتَكْذِيبُ الْمُدَّعِي شُهُودَهُ فِي بَعْضِ مَا شَهِدُوا بَعْدَ الْقَضَاءِ يُوجِبُ بُطْلَانَ الْقَضَاءِ عَلَى مَا عَلَيْهِ إشَارَاتُ الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ. فَأَمَّا إذَا أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الدَّارَ الْمُدَّعَى بِهَا كَانَتْ فِي يَدَيَّ وَفِي يَدِ فُلَانٍ وَقْتَ الدَّعْوَى لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَنْفِي كَوْنَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِهِ بَعْدَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَلَا يَظْهَرُ بِهِ بُطْلَانُ الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى نَصِيبٍ شَائِعٍ مِنْ الْأَرْضِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى نَصِيبٍ شَائِعٍ مِنْ الْأَرْضِ) بِأَنْ ادَّعَى كَذَا سَهْمًا مِنْ كَذَا سَهْمًا مِنْ الْأَرْضِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّعِي وَالشُّهُودُ أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَرْضِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اخْتَلَفَتْ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ أَجَابُوا بِالْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا كَوْنَ جَمِيعِ الْأَرْضِ فِي يَدِهِ وَمَا لَمْ يُثْبِتْ كَوْنَ جَمِيعِ الْأَرْضِ فِي يَدِهِ لَا يَثْبُتُ كَوْنُ الْبَعْضِ فِي يَدِهِ فِي دَعْوَى الْمُشَاعِ، وَبَعْضُهُمْ أَفْتَوْا بِالصِّحَّةِ إذْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَى بَعْضِ الشَّيْءِ شَائِعًا إثْبَاتُهَا عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ غَصْبَ نِصْفِ الْعَيْنِ شَائِعًا لَا يُتَصَوَّرُ، وَهَكَذَا ذَكَرَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي إشَارَاتِهِ، وَكَذَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُشِيرُ إلَى أَنَّ غَصْبَ نِصْفِ الْعَيْنِ شَائِعًا يُتَصَوَّرُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ غَصْبُ الْعَيْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ يَعْنِي: غَصَبَ رَجُلَانِ عَيْنًا، وَعِنْدَ ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصِيرُ غَاصِبًا نِصْفَ الْعَيْنِ مُشَاعًا. أَلَا يَرَى أَنَّ الرَّجُلَيْنِ إذَا اسْتَأْجَرَا دَارًا أَوْ اشْتَرَيَاهَا وَشَغَلَاهَا بِأَمْتِعَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُثْبِتًا يَدَهُ عَلَى نِصْفِهَا شَائِعًا، وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ فِي مَوَاضِعَ عَلَى تَصَوُّرِ غَصْبِ نِصْفِ الْعَيْنِ شَائِعًا كَذَا فِي فُصُولِ الأستروشني. [مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى شِرَاءِ الْمَحْدُودِ مِنْ وَالِدِ صَاحِبِ الْيَدِ] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى شِرَاءِ الْمَحْدُودِ مِنْ وَالِدِ صَاحِبِ الْيَدِ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ الْمَنْزِلَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ حُدُودُهُ كَذَا وَمَوْضِعُهُ كَذَا كَانَ مِلْكًا لِوَالِدِهِ فُلَانٍ وَحَقًّا لَهُ، وَأَنَّهُ بَاعَهُ مِنِّي فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَنَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِ بِكَذَا فِي يَوْمِ كَذَا فِي شَهْرِ هَذَا، وَهَكَذَا أَقَرَّ لِي فِي حَيَاتِهِ بِبَيْعِ هَذَا الْمَحْدُودِ بِهَذَا التَّارِيخِ وَجَاءَ بِشُهُودٍ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ وَالِدِهِ فُلَانٍ بِهَذَا الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ. وَقَالُوا: وَالْيَوْمَ هَذَا الْمَنْزِلُ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ، وَفِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَزَعَمَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ أَنَّ فِي الْمَحْضَرِ خَلَلًا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ الْمَذْكُورِ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَالْمَذْكُورُ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي إقْرَارُ الْبَائِعِ مُضَافًا إلَى تَارِيخِ الْبَيْعِ وَهُوَ يَوْمُ كَذَا، وَلَعَلَّ هَذَا الْإِقْرَارَ كَانَ فِي يَوْمِ كَذَا، وَلَكِنْ قَبْلَ الْبَيْعِ فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ بِتَارِيخِ الْبَيْعِ، وَلَكِنْ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَالْإِقْرَارُ بِالْبَيْعِ قَبْلَ الْبَيْعِ بَاطِلٌ فَالشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ قَبْلَ الْبَيْعِ تَكُونُ بَاطِلَةً أَيْضًا، وَلِأَنَّ الشُّهُودَ فِي شَهَادَتِهِمْ قَالُوا: الْيَوْمَ هَذَا الْمَنْزِلُ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ، وَالسَّبَبُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ الْبَيْعُ لَا الْإِقْرَارُ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَصْلُحُ بِسَبَبِ

مِلْكٍ، وَلَا شَهَادَةَ لَهُمْ عَلَى الْبَيْعِ، إنَّمَا شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ، وَلَكِنَّ هَذَا الزَّعْمَ فَاسِدٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّ مُطْلَقَ كَلَامِ الْعَاقِلِ وَتَصَرُّفِهِ يُحْمَلُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ بِقَضِيَّةِ الْأَصْلِ، وَذَلِكَ هَاهُنَا فِي أَنْ يُحْمَلَ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْإِقْرَارَ بِالْبَيْعِ بِذَلِكَ التَّارِيخِ عَلَى دَعْوَاهُ الْإِقْرَارَ بِالْبَيْعِ بَعْدَ الْبَيْعِ بِذَلِكَ التَّارِيخِ، وَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ عَلَى هَذَا الثَّانِي أَنَّ مُطْلَقَ كَلَامِ الْعَاقِلِ يُحْمَلُ عَلَى الْمُعْتَادِ، وَالنَّاسُ فِي عَادَتِهِمْ يُرِيدُونَ بِهَذَا الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ بَعْدَ الْبَيْعِ بِذَلِكَ التَّارِيخِ. وَأَمَّا الثَّانِي - قُلْنَا هَذَا شَهَادَةٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ، وَالْبَيْعُ سَبَبُ الْمِلْكِ فَتَكُونُ هَذِهِ شَهَادَةً عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَا هُوَ سَبَبُ الْمِلْكِ، وَأَنَّهُ صَحِيحٌ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْجَارِيَةِ) حَضَرَ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ جَارِيَةً وَادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِلْكُهُ وَالْجَارِيَةُ مُنْكِرَةٌ فَجَاءَ الَّذِي حَضَرَ بِشُهُودٍ شَهِدُوا بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ (روزى مردى بيامد واين جَارِيَة حَاضِر آورده راباين حَاضِر آمده بفر وخت ببهاء مَعْلُوم وبوى تَسْلِيم كرد) فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا بِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُدَّعِي بِطَرِيقِ الِانْتِقَالِ مِنْ بَائِعِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْمِلْكِ لِلْبَائِعِ لِيَثْبُتَ الِانْتِقَالُ إلَى الْمُدَّعِي. وَلَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لِكَوْنِ الْبَائِعِ مَجْهُولًا، وَإِثْبَاتُ الْمِلْكِ لِلْمَجْهُولِ لَا يَتَحَقَّقُ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ كَيْفَ يَثْبُتُ الِانْتِقَالُ مِنْهُ إلَى الْمُدَّعِي بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْبَائِعُ مَعْلُومًا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيَقْضِي بِالْجَارِيَةِ لِلْمُدَّعِي، وَالْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ - أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا أَنَّ رَجُلًا بَاعَهَا مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي، وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهَا، وَيَجُوزُ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ بَاعَهَا إلَّا أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَشْتَرِهَا وَبِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ بِدُونِ الشِّرَاءِ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ، وَلَكِنَّ الْعِلَّةَ الثَّانِيَةَ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْبَيْعِ يَتَضَمَّنُ الشِّرَاءَ وَذِكْرَ الشِّرَاءِ يَتَضَمَّنُ الْبَيْعَ، أَلَا يُرَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَنِّي بِعْتُ مِنْكَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِكَذَا وَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ كَانَتْ دَعْوَاهُ الْبَيْعَ صَحِيحَةً، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ اشْتَرَى، وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ بَاعَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنِّي كَانَتْ دَعْوَاهُ صَحِيحَةً، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: وَأَنَا اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ، ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْجَارِيَةِ أَيْضًا) حَضَرَ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ جَارِيَةً وَادَّعَى أَنَّهَا جَارِيَتُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ فَطَاعَتُهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا وَالْجَارِيَةُ تُنْكِرُ دَعْوَاهُ فَجَاءَ الَّذِي حَضَرَ بِشُهُودٍ شَهِدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ فَاخْتَلَفَتْ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِصِحَّةِ الدَّعْوَى فِي حَقِّ الْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ لَا فِي حَقِّ وُجُوبِ الطَّاعَةِ؛ لِأَنَّ الطَّاعَةَ بِتَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا إلَيْهِ وَتَسْلِيمَ الْمَبِيعِ إنَّمَا يَجِبُ بَعْدَ نَقْدِ الثَّمَنِ، وَالْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ لَمْ يَذْكُرْ نَقْدَ الثَّمَنِ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى أَصْلًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ مَا شَهِدُوا بِمِلْكِ الْبَائِعِ لَا نَصًّا وَلَا دَلَالَةً وَبِدُونِ ذَلِكَ لَا يَقْضِي بِالْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي وَهِيَ مَسْأَلَةُ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ) رَجُلٌ مَاتَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ الْمَيِّتَ عَتِيقُ وَالِدِي فُلَانٍ كَانَ أَعْتَقَهُ وَالِدِي فِي حَيَاتِهِ وَمِيرَاثُهُ لِي لِأَنِّي ابْنُ مُعْتِقِهِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي فَأَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِفَسَادِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِالصِّحَّةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَقُلْ فِي دَعْوَاهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَالْإِعْتَاقُ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ بَاطِلٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي دَعْوَى الْأَصْلِ فِي بَابِ دَعْوَى الْعِتْقِ إذَا أَقَامَ عَبْدٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ يُنْكِرُ ذَلِكَ أَوْ يُقِرُّ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ عَبْدُهُ قَضَى الْقَاضِي لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ؛ لِأَنَّ شُهُودَ الْعِتْقِ شَهِدُوا بِعِتْقٍ بَاطِلٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ وَفُلَانٌ يَمْلِكُهُ وَالْمِلْكُ لَا يَثْبُتُ لِفُلَانٍ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ وَالْعِتْقُ بِلَا مِلْكٍ بَاطِلٌ فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِعِتْقٍ بَاطِلٍ فَصَارَ وُجُودُ هَذِهِ الشَّهَادَةِ وَالْعَدَمُ بِمَنْزِلَةٍ، وَلَوْ عَدِمَ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَكَانَ يَقْضِي لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ كَذَا هَاهُنَا. وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شُهُودُ الْعَبْدِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَهُ وَهُوَ فِي يَدِهِ يَقْضِي لِلَّذِي شَهِدُوا أَنَّهُ عَبْدُهُ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْإِعْتَاقِ تَعْتَمِدُ الْمِلْكَ دُونَ

الْيَدِ وَالشُّهُودُ لَمْ يَشْهَدُوا لَهُ بِالْمِلْكِ، وَلَوْ شَهِدَ شُهُودُ الْعَبْدِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَشَهِدَ شُهُودُ الْآخَرِ أَنَّهُ عَبْدُهُ قَضَى بِبَيِّنَةِ الْعِتْقِ. لِأَنَّ إثْبَاتَ الْعَبْدِ الْمِلْكَ لِمُعْتِقِهِ كَإِثْبَاتِ الْمُعْتِقِ الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُعْتِقَ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ أَعْتَقَهُ قَضَى بِبَيِّنَةِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ اسْتَوَتَا فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ، وَفِي إحْدَاهُمَا زِيَادَةُ إثْبَاتِ الْعِتْقِ كَذَا هَاهُنَا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي دَعْوَى الْعِتْقِ مِنْ جِهَةِ الْغَيْرِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مِلْكِ ذَلِكَ الْغَيْرِ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الدَّفْعِ) صُورَتُهُ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرٍ كَذَا مِنْ سَنَةٍ كَذَا وَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى وَتَوَجَّهَ الْحُكْمُ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي ادَّعَيْتَ تَلَقِّ الْمِلْكَ مِنْ جِهَتِهِ أَقَرَّ قَبْلَ تَارِيخِ شِرَائِكَ بِسَنَةٍ طَائِعًا أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكُ أَخِيهِ فُلَانٍ وَحَقُّهُ وَصَدَّقَهُ أَخُوهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ وَأَنَا اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ أَخِيهِ ذَلِكَ الْمُقَرِّ لَهُ فَدَعْوَاكَ عَلَيَّ بَاطِلَةٌ بِهَذَا السَّبَبِ فَاتَّفَقَتْ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ أَنَّ هَذَا الدَّفْعَ صَحِيحٌ، ثُمَّ اسْتَفْتَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ الدَّفْعُ لَوْ طُلِبَ مِنْ مُدَّعِي الدَّفْعِ بَيَانٌ وُقِّتَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ، وَفِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ؛ فَالْقَاضِي، هَلْ يُكَلِّفُهُ عَلَيْهِ فَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ أَيْضًا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُكَلِّفُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ مَرَّةً بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ حَيْثُ قَالَ قَبْلَ تَارِيخِ شِرَائِكَ أَوْ قَالَ قَبْلَ شِرَائِك. . (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْمِيرَاثِ) صُورَتُهُ حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانَةُ كُلُّهُمْ أَوْلَادُ فُلَانٍ فَادَّعَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَضَرُوا مَحْدُودًا عَلَى رَجُلٍ أَحْضَرُوهُ مَعَهُمْ مِيرَاثًا عَنْ وَالِدَتِهِمْ فُلَانَةَ وَكَانَ الْمَكْتُوبُ فِي الْمَحْضَرِ وَكَانَ هَذَا الْمَحْدُودُ مِلْكَ فُلَانَةَ وَالِدَةِ هَذَيْنِ الْمُدَّعِيَيْنِ وَحَقَّهَا (ودردست وى بود تا بروز مرك وى بمرد وميراث ماند فرزندان خويش را) فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنَّ الْمَكْتُوبَ فِيهِ وَالِدَةُ هَذَيْنِ الْمُدَّعِيَيْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ وَالِدَةُ هَؤُلَاءِ الْمُدَّعِينَ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الْمَكْتُوبَ فِيهِ (مرد وميراث ماند فر زندان خويش را) ، وَلَيْسَ فِيهِ (جه جيز مِيرَاث ماندفر زندان را) وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ (وميراث مانداين محدود فرزندان را) أَوْ يُكْتَبَ. (مِيرَاث ماندش) حَتَّى يَصِيرَ الْمَتْرُوكُ مَذْكُورًا إمَّا بِالصَّرِيحِ أَوْ بِالْكِنَايَةِ أَمَّا بِدُونِ ذِكْرِهِ لَا بِالصَّرِيحِ وَلَا بِالْكِنَايَةِ لَا يَتِمُّ جَرُّ الْمِيرَاثِ فِيمَا تَقَعُ فِيهِ الدَّعْوَى وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ نَجْمِ الدِّينِ عُمَرَ النَّسَفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ كَتَبْتُ الْفَتْوَى فِي جَرِّ الْمِيرَاثِ وَبَالَغْتُ فِي شَرَائِطِ صِحَّتِهِ غَيْرَ أَنِّي تَرَكْتُ الْهَاءَ عِنْدَ قَوْلِي وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا وَكَتَبْتُ، وَتَرَكَ مِيرَاثًا فَلَمْ يُفْتِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيُّ بْنُ عَطَاءِ بْنِ حَمْزَةَ السُّغْدِيِّ بِصِحَّتِهِ، وَقَالَ لِي: أَلْحِقْ بِهِ الْهَاءَ وَاجْعَلْهُ وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا حَتَّى أَفَتَى بِالصِّحَّةِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عُرِضَ عَلَيَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى رَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَرْضًا أَنَّهَا مِلْكُهُ وَحَقُّهُ، وَأَنَّ مُوَرِّثَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فُلَانٌ أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ إلَى أَنْ مَاتَ، وَفِي يَدِ وَارِثِهِ هَذَا أَيْضًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْهَا وَتَسْلِيمُهَا إلَى هَذَا الْمُدَّعِي، وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ: إنَّ مُوَرِّثَنَا فُلَانًا كَانَ اشْتَرَى هَذَا الْمَحْدُودَ مِنْ مُوَرِّثِ هَذَا الْمُدَّعِي بَيْعًا بَاتًّا وَجَرَى التَّقَابُضُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَكَانَ فِي يَدِهِ بِحَقٍّ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ، ثُمَّ صَارَ مِيرَاثًا عَنْهُ لِي بِحَقٍّ فَقَالَ الْمُدَّعِي فِي دَفْعِ هَذَا الدَّفْعِ: إنَّ مُوَرِّثَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْأَرْضَ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ الَّذِي جَرَى بَيْنَنَا بَيْعَ وَفَاءٍ، فَإِذَا رَدَّ عَلَيَّ الثَّمَنَ كَانَ عَلَيَّ رَدُّ الْأَرْضِ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً هَلْ يَصِحُّ دَفْعُ الدَّفْعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، قَالَ نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَقَدْ كَانَ قَاضِي الْقُضَاةِ عِمَادُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَعْرُوفُ بِعُلَا بَدْرٍ أَجَابَا بِالصِّحَّةِ وَأَنَا أَجَبْتُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى أَوَّلًا أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ. فَإِذَا أَقَرَّ بِبَيْعِ الْوَفَاءِ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ فِي يَدِهِ بِحَقٍّ، وَقِيلَ يَجِبُ أَنْ تَصِحَّ دَعْوَى الدَّفْعِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ لِبَيْعِ الْوَفَاءِ حُكْمَ

محضر فيه دعوى الدفع من الوارث لدعوى أرض من التركة

الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ بِهَذَا الدَّفْعِ أَقَرَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَعْضِ مَا أَنْكَرَهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَهُوَ كَوْنُ الْمَحْدُودِ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِهَذَا الْبَيْعِ حُكْمُ الرَّهْنِ كَانَ الْمَبِيعُ عَلَى مِلْكِ الْمُدَّعِي إلَّا أَنَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقَّ الْحَبْسِ، وَقَدْ ادَّعَى الْمُدَّعِي مِلْكَ الْمَحْدُودِ لِنَفْسِهِ وَكَوْنَهُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَإِذَا أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِبَيْعِ الْوَفَاءِ فَقَدْ ادَّعَى مِلْكَ الْمَحْدُودِ لِنَفْسِهِ وَأَقَرَّ أَنَّ يَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا أَقَرَّ لَهُ بِبَعْضِ مَا أَنْكَرَهُ لَهُ أَوَّلًا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَفَاءُ مَشْرُوطًا فِي الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فَلَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَإِنْ كَانَ الْوَفَاءُ مَشْرُوطًا فِي الْبَيْعِ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا، فَإِنْ ادَّعَى فَسْخَ الْعَقْدِ صَحَّ دَعْوَى الدَّفْعِ وَمَا لَا فَلَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (مَحْضَرٌ عُرِضَ عَلَى نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ) ، وَفِيهِ دَفْعُ دَعْوَى رَجُلٍ أَثْبَتَ اسْتِحْقَاقَ كَرْمٍ عَلَى رَجُلٍ فَطَالَبَهُ بِغَلَّاتِهَا وَبَيَّنَ ذَلِكَ فَادَّعَى الْمُدَّعِي فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ أَنَّهُ صَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى بَدَلٍ مَعْلُومٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ مِقْدَارَ الْبَدَلِ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَبْضَهُ، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ دَفْعًا؟ قَالَ: لَا يَكُونُ دَفْعًا، وَإِنْ ذَكَرَ الْقَبْضَ فَهُوَ دَفْعٌ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الْبَدَلِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ بَيَانِ مِقْدَارِ الْبَدَلِ فِيمَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ لَا يَضُرُّ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْكَرْمِ لَا غَيْرُ، وَكَانَ الْبَدَلُ مَعْلُومًا أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا إلَّا أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى قَبْضِهِ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا وَكَانَ دَعْوَاهُ دَفْعًا صَحِيحًا، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْكَرْمِ وَعَنْ الْغَلَّاتِ الَّتِي اسْتَهْلَكَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَدَلٍ خِلَافِ جِنْسِ الْوَاجِبِ بِاسْتِهْلَاكِ الْغَلَّةِ وَافْتَرَقَا مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي حَقِّ الْغَلَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَدَلُ مَعْلُومًا أَوْ لَمْ يَكُنْ فَلَا يَكُونُ هَذَا دَفْعًا فِي حَقِّ الْغَلَّةِ، كَذَا فِي فُصُولِ الأستروشني. [مَحْضَر فِيهِ دعوى الدُّفَع مِنْ الْوَارِث لدعوى أَرْض مِنْ التَّرِكَة] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الدَّفْعِ مِنْ الْوَارِثِ لِدَعْوَى أَرْضٍ مِنْ التَّرِكَةِ) وَصُورَتُهُ رَجُلٌ ادَّعَى أَرْضًا مِنْ تَرِكَةِ مَيِّتٍ عَلَى وَارِثٍ، فَقَالَ الْوَارِثُ لِلْمُدَّعِي فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ: إنَّكَ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّكَ قَدْ قُلْتُ لِي مَرَّةً. (تواز بدر مِيرَاث بافته يَا ميكويد) قُلْتَ لِي مَرَّةً (سبس بدر مَال بِسَيَّارِ كرفته مِنْ كفتم كدام مَال كرفته أُمّ كدام مَال مِيرَاث يَا فته أُمّ تو كفتى فُلَان زمين إين ازتو إقْرَار است بملك مِنْ دعوى تو باطل است) هَلْ يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ مِنْهُ بِهَذَا الْكَلَامِ وَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ دَفْعًا لِدَعْوَاهُ وَكَانَ فِيهِ جَوَابُ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيّ أَنَّ فِي قَوْلِهِ (مِيرَاث يَا فته) يَكُونُ دَفْعًا؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لَهُ، وَفِي قَوْلِهِ (كرفته) لَا يَكُونُ دَفْعًا؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالْمِلْكِ لَهُ، وَهَذَا الْجَوَابُ ظَاهِرٌ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ آخَرُ) كَانَ فِيهِ ادَّعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ أَنَّ الْكَرْمَ الَّذِي فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهُ كَذَا وَهُوَ فِي يَدِ أُمِّ هَذَا الْمُدَّعِي أَقَرَّتْ أُمُّ هَذَا الْمُدَّعِي أَنَّهُ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي وَبَعْدَ هَذَا الْإِقْرَارِ اشْتَرَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الْكَرْمَ مِنْ أُمِّ هَذَا الْمُدَّعِي فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ هَذَا الْكَرْمِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي وَكَانَ فِيهِ جَوَابُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ سَمَرْقَنْدَ بِالصِّحَّةِ وَأَفْتَى الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ بِفَسَادِهِ، وَقَالَ: وُجُوهُ الْخَلَلِ ظَاهِرَةٌ. وَلَمْ يُبَيِّنْ وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ وُجُوهِ الْخَلَلِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَدَّعِ الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ ادَّعَى الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ وَادَّعَى أَنَّ أُمَّهُ أَقَرَّتْ لَهُ بِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ مِلْكَهُ إلَى مَا لَا يَصْلُحُ سَبَبَ الْمِلْكِ وَهُوَ الْإِقْرَارُ حَتَّى لَوْ نَسَبَهُ إلَى مَا يَصْلُحُ سَبَبَ الْمِلْكِ بِأَنْ قَالَ هَذَا الْكَرْمُ مِلْكِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْ أُمِّي فُلَانَةَ قَبْلَ شِرَاءِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَصِحُّ دَعْوَاهُ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْإِرْثِ مَعَ دَعْوَى الْعِتْقِ) صُورَتُهُ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ عَبْدًا أَنَّهُ كَانَ مِلْكَ ابْنِ عَمِّي فُلَانٍ مَاتَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ وَأَنَا وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي وَصَارَ هَذَا الْعَبْدُ مِيرَاثًا لِي مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ يَمْتَنِعُ عَنْ طَاعَتِي

محضر فيه دعوى الميراث

فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ هَذَا أَعْتَقَنِي فِي مَرَضِهِ وَأَنَا أَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَأَنَا الْيَوْمَ حُرٌّ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيَّ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَادَّعَى هَذَا الْمُدَّعِي ثَانِيًا أَنِّي كُنْتُ اشْتَرَيْتُ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ ابْنِ عَمِّي هَذَا فِي صِحَّتِهِ وَكَانَ فِيهِ جَوَابُ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ ثَانِيًا لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ وَتَعَذُّرِ التَّوْفِيقِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْإِرْثَ. ثُمَّ ادَّعَى الشِّرَاءَ فِي حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ مِنْهُ، وَهَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ وَالْعِلَّةُ ظَاهِرَةٌ فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي آخِرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي رَجُلٍ مَاتَ أَبُوهُ فَادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا دَارُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِيهِ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَلَمْ يُزَكِّ بَيِّنَتَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّهَا كَانَتْ دَارَ أَبِيهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرُهُ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ دَعْوَى الشِّرَاءِ مِنْ الْأَبِ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ أَوَّلًا وَبَيْنَ دَعْوَى الْإِرْثِ مِنْهُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ كَمَا ادَّعَيْتُ أَوَّلًا لَكِنْ عَجَزْتُ عَنْ إثْبَاتِ شِرَائِي وَبَقِيَتْ الدَّارُ عَلَى مِلْكِ أَبِي ظَاهِرًا فَصَارَتْ مِيرَاثًا لِي بِمَوْتِهِ فِي الظَّاهِرِ. وَبِمِثْلِهِ لَوْ ادَّعَى الْإِرْثَ مِنْ الْأَبِ أَوَّلًا، ثُمَّ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَى الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ بَيْنَ دَعْوَى الْإِرْثِ أَوَّلًا وَبَيْنَ دَعْوَى الشِّرَاءِ ثَانِيًا تَنَاقُضًا إذْ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ: وَرِثْتُ مِنْ أَبِي كَمَا ادَّعَيْتُ أَوَّلًا فَلَمَّا عَجَزْتُ عَنْ إثْبَاتِ الْإِرْثِ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْمُشْتَرَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ قَدْ يَصِيرُ مِيرَاثًا بِأَنْ يَنْفَسِخَ الشِّرَاءُ بَيْنَهُمَا. أَمَّا فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِأَنْ يَجِدَ بِهِ عَيْبًا فَيَرُدَّهُ فَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُنَاقَضَةُ لَا مَحَالَةَ، أَمَّا الْمَوْرُوثُ مِنْ الْأَبِ لَا يَصِيرُ مُشْتَرًى مِنْ جِهَتِهِ فَتَتَحَقَّقُ الْمُنَاقَضَةُ. [مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الْمِيرَاثِ] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الْمِيرَاثِ) صُورَتُهُ رَجُلٌ مَاتَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى مِيرَاثَهُ بِعُصُوبَةِ بُنُوَّةِ الْعَمِّ وَأَقَامَ الشُّهُودَ عَلَى النَّسَبِ بِذِكْرِ الْأَسَامِي إلَى الْجَدِّ، ثُمَّ إنَّ مُنْكِرَ هَذَا النَّسَبِ وَالْمِيرَاثِ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ جَدَّ الْمَيِّتِ فُلَانٌ وَهُوَ غَيْرُ مَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي، هَلْ يَنْدَفِعُ بِهَذَا دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتُهُ وَكَانَ فِيهِ جَوَابُ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إنْ وَقَعَ الْقَضَاءُ بِالْبَيِّنَةِ الْأُولَى لَا تَنْدَفِعُ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الْقَضَاءُ بِالْبَيِّنَةِ الْأُولَى لَمْ يَجُزْ الْقَضَاءُ بِإِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ لِمَكَانِ التَّعَارُضِ، قَالَ وَهَذَا نَظِيرُ مَسْأَلَةِ طَلَاقِ الْمَرْأَةِ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْكُوفَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَعَتَاقِ الْعَبْدِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ قِيلَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَنْدَفِعَ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي، وَلَا تُقْبَلَ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ قُبِلَتْ إمَّا أَنْ تُقْبَلَ عَلَى إثْبَاتِ اسْمِ الْجَدِّ، وَلَا وَجْهَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ فِي ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تُقْبَلَ لِنَفْيِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي. وَلَا وَجْهَ إلَيْهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّفْيِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي يَوْمِ كَذَا، وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَانَ فِي مَكَانِ كَذَا سَمَّى مَكَانًا آخَرَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى النَّفْيِ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى دُوَيْرَةٍ وسرايجه) وَالشُّهُودُ شَهِدُوا بِلَفْظَةِ (خانه) وَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّةِ أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ دَعْوَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى وَقَعَتْ فِي السرايجة وَالشُّهُودُ شَهِدُوا (بخانه) والسرايجه غَيْرُ وَالْبَيْتُ غَيْرُ، وَهَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى بِالْعَرَبِيَّةِ وَالشَّهَادَةُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى بِالْفَارِسِيَّةِ وَالشَّهَادَةُ بِالْفَارِسِيَّةِ فَتَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ اسْمَ (خانه) بِالْفَارِسِيَّةِ يَنْطَلِقُ عَلَى (سرايجه) بِالْفَارِسِيَّةِ وَلَا كَذَلِكَ بِالْعَرَبِيَّةِ. [مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى بَيْعِ السُّكْنَى] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى بَيْعِ السُّكْنَى) عُرِضَ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ السُّغْدِيِّ مَحْضَرٌ وَكَانَ فِيهِ بَاعَهُ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ فَرَدَّهُ بِعِلَّةِ أَنَّ السُّكْنَى نَقْلِيٌّ وَالنَّقْلِيُّ لَا حَدَّ لَهُ. (عُرِضَ عَلَيْهِ مَحْضَرٌ آخَرُ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ اسْمُ جَدِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) صُورَتُهُ حَضَرَ فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ فُلَانًا فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ فَأَجَابَ بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاضِرًا، وَفِي الْحَاضِرِ الْإِشَارَةُ تَكْفِي، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ جَدِّهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فَأَمَّا فِي الْغَائِبِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ

الْجَدِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَلِكَ فِي ذِكْرِ الْحُدُودِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ جَدِّ صَاحِبِ الْحُدُودِ، وَكَذَلِكَ فِي تَعْرِيفِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الِابْتِدَاءِ لَا يَشْتَرِطُ ذِكْرَ الْجَدِّ، وَفِي آخِرِ عُمُرِهِ كَانَ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الشُّفْعَةِ) وَكَانَ فِيهِ بَيَانُ أَنْوَاعِ الطَّلَبِ الثَّلَاثَةِ فَرُدَّ بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ أَنَّ الشَّفِيعَ طَلَبَ الْإِشْهَادَ عَلَى فَوْرِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِشْهَادِ، وَأَنَّهُ أَشْهَدَ عَلَى هَذَا الْمَحْدُودِ، وَالْمَحْدُودُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ هُوَ الْإِشْهَادُ عَلَى مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْمَحْدُودِ وَالْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ مُدَّةَ طَلَبِ الْإِشْهَادِ مُقَدَّرَةٌ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الْإِشْهَادِ عِنْدَ حَضْرَةِ أَحَدِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ، إمَّا الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمَحْدُودُ وَالطَّلَبُ مِنْ الْمُشْتَرِي صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَبَضَ الدَّارَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ، وَالطَّلَبُ مِنْ الْبَائِعِ صَحِيحٌ إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ فِي يَدِهِ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الطَّلَبَ صَحِيحٌ اسْتِحْسَانًا غَيْرُ صَحِيحٍ قِيَاسًا، وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْقُدُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ وَالنَّاطِفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَجْنَاسِهِ وَعِصَامٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَإِذَا قَصَدَ الْأَبْعَدَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَتَرَكَ الْأَقْرَبَ إنْ كَانَ الْكُلُّ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ، هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ وَعِصَامٌ فِي مُخْتَصَرِهِ؛ لِأَنَّ الْمِصْرَ مَعَ تَبَايُنِ أَطْرَافِهِ كَمَكَانٍ وَاحِدٍ حُكْمًا، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّهُ إذَا اجْتَازَ عَلَى الْأَقْرَبِ وَتَرَكَ الطَّلَبَ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ، وَهَكَذَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ، وَإِنْ كَانُوا فِي مِصْرَيْنِ أَوْ فِي أَمْصَارٍ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَعَ الشَّفِيعِ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ فَتَرَكَهُ وَذَهَبَ إلَى الْمِصْرِ الْآخَرِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ فِي مِصْرٍ عَلَى حِدَةٍ وَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ وَالدَّارُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مِصْرٍ عَلَى حِدَةٍ فَتَرَكَ الْأَقْرَبَ وَذَهَبَ إلَى الْأَبْعَدِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ، وَهَكَذَا ذَكَرَ عِصَامٌ فِي مُخْتَصَرِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ، وَهَكَذَا ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي أَجْنَاسِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الشَّفِيعَ قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الذَّهَابِ إلَى الْأَقْرَبِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَلَا يَكُونُ بِالذَّهَابِ إلَى الْأَبْعَدِ مُبْطِلًا لِشُفْعَتِهِ، وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ لِلْأَقْرَبِ طَرِيقَانِ فَتَرَكَ الطَّرِيقَ الْأَقْرَبَ وَذَهَبَ فِي الطَّرِيقِ الْأَبْعَدِ فَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَهُ عِصَامٌ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَهُ النَّاطِفِيُّ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ، ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْمِصْرَ الَّذِي فِيهِ الْأَقْرَبُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّلَبِ أَنْ يَكُونَ الطَّلَبُ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الدَّارَ وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَالْمَشْهُورُ، وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ الْكَبِيرُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الدَّارِ وَبَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَكَانَ يَقُولُ فِي الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ بِحَضْرَتِهِ، وَفِي الدَّارِ لَا يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ بِحَضْرَةِ الدَّارِ بَلْ إذَا طَلَبَ وَأَشْهَدَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ فِي أَيِّ مَكَان أَشْهَدَ مِنْ الْمِصْرِ الَّذِي الدَّارُ فِيهِ يَصِحُّ الطَّلَبُ وَكَانَ يَقُولُ إلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَابِ شُفْعَةِ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي مِصْرِ الشَّفِيعِ لَا يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ عِنْدَ حَضْرَةِ الدَّارِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي فِي مِصْرِ الشَّفِيعِ يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ عِنْدَ حَضْرَتِهِ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي الرُّجُوعِ بِثَمَنِ الْأَتَانِ عِنْدَ وُرُودِ الِاسْتِحْقَاقِ) صُورَتُهُ حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ بِبُخَارَى رَجُلٌ يُسَمَّى حَيْدَرَ الْحِمْيَرِيَّ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ رَجُلًا يُسَمَّى عُثْمَانَ الْحِمْيَرِيَّ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا

الَّذِي أَحْضَرَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ مَعِي بَاعَ مِنِّي أَتَانًا تَامَّةَ الْجُثَّةِ بِكَذَا دِرْهَمًا فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَإِنِّي اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ وَجَرَى التَّقَابُضُ بَيْنَنَا، ثُمَّ أَنِّي بِعْتُ هَذِهِ الْأَتَانَ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ فُلَانٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، وَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنِّي بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَجَرَى التَّقَابُضُ بَيْنَنَا، ثُمَّ إنَّ أَحْمَدَ بَاعَ هَذِهِ الْأَتَانَ مِنْ الدِّهْقَانِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ إنَّ زَيْدًا اسْتَحَقَّ تِلْكَ الْأَتَانَ مِنْ يَد الدِّهْقَانِ عَلِيِّ بْنِ فُلَانٍ فِي مَجْلِسِ قَضَاءِ كُورَةِ نَسَفَ بَيْنَ يَدَيْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْقَاضِي مُعِينِ الدِّينِ بْنِ فُلَانٍ وَالْقَاضِي مُعِينُ الدِّينِ هَذَا يَوْمَئِذٍ قَاضِي كُورَةِ نَسَفَ وَنَوَاحِيهَا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي الْإِمَامِ عَلَاءِ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ الْمُتَوَلِّي بِعَمَلِ الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ بِكُورَةِ سَمَرْقَنْدَ وَبِأَكْثَرَ كُوَرِ الْمَمْلَكَةِ بِمَا وَرَاءِ النَّهْرِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ الَّتِي قَامَتْ عِنْدَهُ وَجَرَى الْحُكْمُ لَهُ مِنْهُ عَلَيْهِ بِهَا وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ وَسَلَّمَهَا إلَى هَذَا الْمُسْتَحِقِّ، ثُمَّ جَرَى الْحُكْمُ مِنْ الْقَاضِي الْإِمَامِ سَدِيدِ الدِّينِ طَاهِرٍ نَائِبِ الْحَكَمِ بِبُخَارَى مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي الْإِمَامِ صَدْرِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُتَوَلِّي بِعَمَلِ الْقَضَاءِ بِكُورَةِ بُخَارَى وَنَوَاحِيهَا لِهَذَا الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَهُوَ الدِّهْقَانُ عَلِيٌّ بِالرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَدَّى إلَيْهِ وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ فُلَانٍ وَاسْتَرَدَّ الثَّمَنَ مِنْهُ بِكَمَالِهِ. ثُمَّ جَرَى الْحُكْمُ مِنْ الْقَاضِي سَدِيدِ الدِّينِ هَذَا لِأَحْمَدَ بْنِ فُلَانٍ هَذَا بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَبِالثَّمَنِ الَّذِي أَدَّى إلَيَّ وَاسْتَرَدَّ مِنِّي الثَّمَنَ بِكَمَالِهِ وَلِي حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرْتُهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَدَّيْتُهُ إلَيْهِ، وَسَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ الْمُدَّعِي هَذَا فَأَنْكَرَ، وَقَالَ (مراباين مُدَّعِي هيج دادني نيست) فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي شُهُودًا عَلَى دَعْوَاهُ فَاسْتَفْتَى عَنْ صِحَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَى فَقِيلَ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى خَلَلٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا - أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَقُلْ وَكَانَ الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ مَأْذُونًا بِالِاسْتِخْلَافِ، وَأَنَّهُ شَرْطٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِالِاسْتِخْلَافِ لَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ، وَلَا يَصِيرُ مُعِينُ الدِّينِ قَاضِيًا. وَالثَّانِي - أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ تَارِيخَ تَقْلِيدِ الْقَاضِي مُعِينِ الدِّينِ لِيُنْظَرَ أَنَّ الْقَاضِيَ عَلَاءَ الدِّينِ هَلْ كَانَ قَاضِيًا وَقْتَ تَقْلِيدِ الْقَاضِي مُعِينِ الدِّينِ لِيُنْظَرَ أَنَّهُ هَلْ صَارَ قَاضِيًا بِتَقْلِيدِهِ. وَلِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ هَلْ كَانَ لِقَاضِي سَمَرْقَنْدَ وِلَايَةٌ عَلَى نَسَفَ صَرِيحًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ بِأَكْثَرَ كُوَرِ الْمَمْلَكَةِ بِمَا وَرَاءِ النَّهْرِ وَبِمَا وَرَاءِ النَّهْرِ كُوَرٌ كَثِيرَةٌ فَبِهَذَا لَا يَصِيرُ نَسَفُ مَذْكُورًا، وَلِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْقَاضِيَ مُعِينَ الدِّينِ حَكَمَ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا لَمْ تَكُنْ الْبَيِّنَةُ وَالْحُكْمُ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ، وَلِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْقَاضِيَ مُعِينَ الدِّينِ حَكَمَ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ الَّتِي قَامَتْ بِهَا عِنْدَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى إقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ الرُّجُوعِ أَوْ قَامَتْ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ الرُّجُوعِ وَالْحُكْمُ مُخْتَلِفٌ، ثُمَّ قَالَ: وَجَرَى الْحُكْمُ مِنْ الْقَاضِي الْإِمَام سَدِيدِ الدِّينِ نَائِبِ الْحَكَمِ بِبُخَارَى لِهَذَا الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ كَانَ ثَابِتًا عِنْدَ الْقَاضِي سَدِيدِ الدِّينِ وَالْقَاضِي سَدِيدُ الدِّينِ حَكَمَ بِفَسْخِ ذَلِكَ الْبَيْعِ. وَهَذَا يُوجِبُ خَلَلًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ، إنَّمَا يَصِحُّ إذَا ثَبَتَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَحَكَمَ بِفَسْخِ الْبَيْعِ، ثُمَّ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ حَكَمَ الْقَاضِي بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ أَوْ لَمْ يَحْكُمْ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَيْضًا أَنَّ الْقَاضِيَ الْإِمَامَ صَدْرَ الدِّينِ هَلْ كَانَ مَأْذُونًا بِالِاسْتِخْلَافِ؟ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي الثَّمَنَ (ودر دعوى نميكويد كه مِثْل أَيْنَ سيمها رائج است

محضر في دعوى الإجارة الطويلة

رد شَهْر واكران سيمها نيابد در شَهْر يَا بيابد لكن رائج نباشد بايد كه قِيمَتْ دعوى كندو بكويد كه بروى وَاجِب است كه قُيِّمْتُ آن سيم كه امروز دادني است بِمِنْ دهدفا مَا دعوى ثَمَن دَرَسْتُ نيابد) وَحُكِيَ أَنَّ الْقَاضِيَ الْإِمَامَ اللَّامِشِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حِينَ قُلِّدَ قَضَاءَ سَمَرْقَنْدَ كَانَ لَا يَعْمَلُ بِسِجِلِّ مَنْ كَانَ قَاضِيًا قِبَلَهُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّهُ كَتَبَ فِي سِجِلَّاتِهِ وَهُوَ الْيَوْمُ قَاضِي الْقُضَاةِ بِسَمَرْقَنْدَ وَبِمَا وَرَاءِ النَّهْرِ وَقَاضِي سَمَرْقَنْدَ لَيْسَ قَاضِي بُخَارَى فَكَانَ هَذَا كَذِبًا مَحْضًا وَالْكَاذِبُ كَيْفَ يَكُونُ قَاضِيًا وَبَعْضُ مَشَايِخِ ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانُوا يُجِيبُونَ عَنْ هَذَا وَيَقُولُونَ أَنَّ قَاضِيَ سَمَرْقَنْدَ قَاضِي أَكْثَرَ كُوَرِ الْمَمْلَكَةِ بِمَا وَرَاءِ النَّهْرِ وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ فَجَازَ أَنْ يُقَالَ قَاضِي مَا وَرَاءِ النَّهْرِ. (مَحْضَرٌ عُرِضَ عَلَى نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ فِي بَيْعِ سَهْمٍ وَاحِدٍ شَائِعٍ بِحُدُودِ هَذَا السَّهْمِ) قَالَ: كَانَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بِسَمَرْقَنْدَ يَقُولُونَ بِأَنَّهُ يُوجِبُ الْفَسَادَ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْإِفْرَازَ وَالْمُفْرَزُ يَكُونُ لَهُ الْحُدُودُ وَأَمَّا الْمُشَاعُ فَلَا، قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِهِ فِي مَوَاضِعَ اشْتَرَى مِنْهُ النِّصْفَ مِنْ دَارٍ بِحُدُودِ هَذَا النِّصْفِ قَالَ: وَسَمِعْتُ السَّيِّدَ الْإِمَامَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي شُجَاعٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا أَحْفَظُ عَنْ وَالِدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَيْئًا، وَلَا رِوَايَةَ عَنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ فَذَكَرْتُ لَهُ مَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فَاسْتَحْسَنَهُ وَأَخَذَ بِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ فِي ذِكْرِ الْحُدُودِ لَيْسَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِفْرَازِ، أَلَا يَرَى أَنَّ ذِكْرَ السَّهْمِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْإِفْرَازِ فَذِكْرُ حُدُودِهِ كَذَلِكَ يَكُونُ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ) وَكَانَ الْمَكْتُوبُ فِيهِ أَوَّلَ يَوْمٍ هَذِهِ الْإِجَارَةُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ السَّادِسِ مِنْ شَهْرِ كَذَا وَكَتَبَ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَقَابَضَا فِي التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ فِيهِ فَقِيلَ قَوْلُهُ فِي التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ فِيهِ خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ التَّقَابُضَ الَّذِي هُوَ حُكْمُ الْعَقْدِ مَعَ الْعَقْدِ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ؛ لِأَنَّ التَّقَابُضَ الَّذِي هُوَ حُكْمُ الْعَقْدِ مَا يَكُونُ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَكِنَّهُ يَكْتُبُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَتَقَابَضَا فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ أَوْ كَتَبَ وَتَقَابَضَا فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَدْ بَاشَرَ الْعَقْدَ فِيهِ لِيَثْبُتَ التَّقَابُضُ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ يَكْتُبُ وَتَقَابَضَا بَعْدَمَا بَاشَرَا الْعَقْدَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي بَاشَرَا الْعَقْدَ فِيهِ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى مَالِ الْإِجَارَةِ الْمَفْسُوخَةِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى مَالِ الْإِجَارَةِ الْمَفْسُوخَةِ) صُورَتُهُ ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ وَالِدَ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فُلَانٌ آجَرَ مِنِّي مَحْدُودًا كَذَا بِكَذَا إجَارَةً طَوِيلَةً مَرْسُومَةً، ثُمَّ مَاتَ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ وَصَارَتْ بَقِيَّةُ مَالِ الْإِجَارَةِ دَيْنًا لِي فِي تَرِكَتِهِ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَحْضَرِ ذِكْرُ قَبْضِ مَالِ الْإِجَارَةِ وَمَا لَمْ يَقْبِضْ الْمُؤَجِّرُ مَالَ الْإِجَارَةِ لَا يَصِيرُ شَيْءٌ مِنْهُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ بِمَوْتِهِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الدَّعْوَى تَارِيخَ أَوَّلِ الْمُدَّةِ وَتَارِيخَ آخِرِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ حَتَّى يُنْظَرَ أَيَبْقَى شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْإِجَارَةِ أَمْ لَا، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: يَنْبَغِي أَنْ يُصَرِّحَ بِقَبْضِ مَالِ الْإِجَارَةِ وَلَا يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ تَقَابَضَا قَبْضًا صَحِيحًا فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَوْ أَحْضَرَ مَالَ الْإِجَارَةِ، وَلَمْ يَدْفَعْ إلَى الْمُؤَجِّرِ، وَقَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ، ثُمَّ سَلَّمَ الْمُسْتَأْجَرَ إلَى الْمُؤَجِّرِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ مَالَ الْإِجَارَةِ يَكُونُ قَوْلُهُ وَتَقَابَضَا مُسْتَقِيمًا عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ قَبْضُ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - زَيَّفُوا هَذَا الْقَوْلَ، وَقَالُوا: الْمُعْتَبَرُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَقَوَاعِدِهِ مَفْهُومُ النَّاسِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَتَقَابَضَا قَبْضُ الْمُؤَجِّرِ الْأُجْرَةَ وَقَبْضِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَأْجَرَ. وَقَدْ قِيلَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ فِي صَكِّ الْإِجَارَةِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ الْمُسْتَأْجِرُ مَا بَدَا لَهُ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ " عَلَى " كَلِمَةُ شَرْطٍ، وَزِرَاعَةُ الْمُسْتَأْجِرِ بِنَفْسِهِ لَيْسَتْ مِنْ قَضَايَا الْعَقْدِ فَقَدْ شُرِطَ فِي

محضر فيه دعوى الإجارة ودعوى إحداث المؤجر يده على المستأجر

ذَلِكَ الْعَقْدِ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَلَكِنْ يَكْتُبُ لِيَزْرَعَ مَا يَبْدُو لَهُ، وَهَذَا لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ؛ لِأَنَّ هَذَا يَرْجِعُ إلَى بَيَانِ غَرَضِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا إلَى الشَّرْطِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ عِنْدِي فِي غَايَةِ الزِّيَافَةِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فِي الْأَصْلِ شُرِعَتْ لِحَاجَةِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى الِانْتِفَاعِ فَكَانَ انْتِفَاعُ الْمُسْتَأْجِرِ بِنَفْسِهِ مِنْ قَضَايَا عَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ انْتِفَاعُ الْمُسْتَأْجِرِ بِنَفْسِهِ مِنْ قَضَايَا الْعَقْدِ إلَّا أَنَّ اشْتِرَاطَ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، إنَّمَا يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ إذَا كَانَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ بِالْإِجْمَاعِ أَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا فِيهِ مَضَرَّةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ، وَلَا مَضَرَّةٌ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا وَشَرَطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْكُلَهُ وَهَا هُنَا لَا مَنْفَعَةَ لِأَحَدِهِمَا فِي هَذَا الشَّرْطِ، وَلَا مَضَرَّةَ فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ مَا يُزْرَعُ فِي الْأَرْضِ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهَا جَائِزَةٌ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [مَحْضَر فِيهِ دعوى الْإِجَارَة ودعوى إحْدَاث الْمُؤَجَّر يَده عَلَى المستأجر] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الْإِجَارَةِ وَدَعْوَى إحْدَاثِ الْمُؤَجِّرِ يَدَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرْتُهُ مَعِي آجَرَ مِنِّي عَشْرَ دَيِّرَاتِ أَرْضٍ حُدُودُهَا كَذَا فِي ضَيْعَةِ كَذَا وَسَلَّمَهَا إلَيَّ، ثَمَّ إنَّهُ أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَى هَذِهِ الْأَرَاضِي بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرَ يَدِهِ عَنْ هَذِهِ الْأَرَاضِي وَتَرْكُ التَّعَرُّضِ وَتَسْلِيمُهَا إلَيَّ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُ آجَرَنِي هَذِهِ الْأَرَاضِيَ وَهُوَ يَمْلِكُهَا، وَهَذَا الْأَمْرُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ لَا تَصِحُّ، وَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُ آجَرَ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ وَهِيَ فِي يَدِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ رُبَّمَا تَكُونُ مُشْتَرَاةً وَإِجَارَةُ الْأَرَاضِي الْمُشْتَرَاةِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَصِحُّ. أَمَّا عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي فِي بَيْعِ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ عَلَى الْوِفَاقِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَلِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَحْضَرِ أَنَّ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ صَالِحَةٌ لِلزِّرَاعَةِ، وَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْأَرَاضِي صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَلَا يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ اسْتِئْجَارًا صَحِيحًا لِجَوَازِ أَنْ لَا تَكُونَ الْأَرْضُ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَلَكِنْ تَكُونُ بِحَالٍ تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ بِعَمَلِ الْمُسْتَأْجِرِ فَيَظُنُّ أَنَّ كَوْنَ الْأَرْضِ بِحَالٍ تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ بِعَمَلِ الْمُسْتَأْجِرِ يَكْفِي لِصِحَّةِ الْعَقْدِ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى بَقِيَّةِ مَالِ الْإِجَارَةِ الْمَفْسُوخَةِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى بَقِيَّةِ مَالِ الْإِجَارَةِ الْمَفْسُوخَةِ) حَضَرَ وَأَحْضَرَ، وَهَذَا الَّذِي حَضَرَ وَكِيلٌ عَنْ أُخْتِهِ الْكَبِيرَةِ الْمُسَمَّاةِ فُلَانَةَ بِالدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَقَيِّمٌ عَنْ أُخْتِهِ الصَّغِيرَةِ الْمُسَمَّاةِ فُلَانَةَ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ بِالدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ فِيهِ، وَهُمْ أَوْلَادُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ لِنَفْسِهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَلِلْأُخْتِ الْكَبِيرَةِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ وَلِلْأُخْتِ الصَّغِيرَةِ بِالْإِذْنِ الْحُكْمِيِّ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ آجَرَ مِنْ أَبِينَا فُلَانٍ جَمِيعَ الْأَرْضِ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا بِكَذَا مِنْ الدَّنَانِيرِ إجَارَةً طَوِيلَةً مَرْسُومَةً، وَإِنَّ أَبَانَا تُوُفِّيَ قَبْلَ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ هَذِهِ وَقَبْلَ قَبْضِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْإِجَارَةِ وَانْفَسَخَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ، وَصَارَ مَالُ الْإِجَارَةِ، وَذَلِكَ كَذَا مِنْ الدَّنَانِيرِ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ هَؤُلَاءِ الْمُسَمَّيْنَ مَا خَلَا دِينَارًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ ذَهَبَ بَعْضُهُ بِمُضِيِّ مَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ وَالْبَعْضُ بِإِبْرَاءِ أَبِينَا عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ، وَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ الدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ مَا خَلَا دِينَارًا وَاحِدًا لِيَقْبِضَ الْمُدَّعِي حِصَّةَ نَفْسِهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَحِصَّةَ أُخْتِهِ الْكَبِيرَةِ فُلَانَةَ بِالْوَكَالَةِ وَحِصَّةَ أُخْتِهِ الصَّغِيرَةِ فُلَانَةَ بِالْإِذْنِ الْحُكْمِيِّ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّةِ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ أَنَّ مَالَ الْإِجَارَةِ صَارَ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ مَا خَلَا دِينَارًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ ذَهَبَ بَعْضُهُ بِإِبْرَاءِ أَبِينَا الْمُؤَجِّرِ هَذَا عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَعْوَى الْإِبْرَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إنَّمَا يَصِحُّ بَعْدَ الْوُجُوبِ أَوْ بَعْدَ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَحَالَ حَيَاةِ الْمُسْتَأْجِرِ مَالُ الْإِجَارَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْمُؤَجِّرِ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ

محضر في دفع دعوى مال الإجارة المفسوخة بموت المؤجر من ورثة المستأجر

قَائِمَةً، وَلَمْ تَنْفَسِخْ بَعْدُ. وَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهِ انْفِسَاخُ الْإِجَارَةِ وَالْإِجَارَةُ لَمْ تَنْفَسِخْ بَعْدُ وَعِلَّةٌ أُخْرَى أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الدَّعْوَى فَوَاجِبٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ مَالَ الْإِجَارَةِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي لِيَقْبِضَ حِصَّةَ نَفْسِهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَحِصَّةَ أُخْتِهِ الْكَبِيرَةِ بِالْوَكَالَةِ، وَالْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَلَا تَصِحُّ مُطَالَبَتُهُ بِحِصَّةِ الْمُوَكِّلَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَالْعِلَّةُ الْأُولَى لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ إنْ لَمْ يَصِحَّ فَذَلِكَ أَمْرٌ لَزِمَ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ خَلَلًا فِي دَعْوَى بَقِيَّةِ مَالِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَزِمَ لَهُمْ [مَحْضَر فِي دَفْعِ دعوى مَال الْإِجَارَة الْمَفْسُوخَة بموت الْمُؤَجَّر مِنْ ورثة المستأجر] (مَحْضَرٌ فِي دَفْعِ دَعْوَى مَالِ الْإِجَارَةِ الْمَفْسُوخَةِ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ مِنْ وَرَثَةِ الْمُسْتَأْجِرِ) وَكَانَ الدَّعْوَى بِشَرَائِطِهَا مِنْ غَيْرِ خَلَلٍ فِيهَا، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي: إنَّ أَبَاكَ قَدْ قَبَضَ مِنِّي فِي حَالِ حَيَاتِهِ كَذَا مَنًّا مِنْ الْحِنْطَةِ عِوَضًا عَنْ مَالِ الْإِجَارَةِ الَّتِي تَدَّعِيهِ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّةِ أَنَّ دَفْعَ الْحِنْطَةِ عِوَضًا عَنْ مَالِ الْإِجَارَةِ يَسْتَدْعِي وُجُوبَ مَالِ الْإِجَارَةِ، وَمَالُ الْإِجَارَةِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ حَالَ حَيَاةِ الْمُؤَجِّرِ إذْ الْإِجَارَةُ حَالَ حَيَاةِ الْمُؤَجِّرِ قَائِمَةٌ عَلَى حَالِهَا وَمَالُ الْإِجَارَةِ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بَعْدَ الِانْفِسَاخِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ قَبْضُ الْمُسْتَأْجِرِ الْحِنْطَةَ عِوَضًا عَنْ مَالِ الْإِجَارَةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَعِلَّةٌ أُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ دَفَعَ الْحِنْطَةَ عِوَضًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّ أَبَاكَ قَبَضَ الْحِنْطَةَ عِوَضًا وَبِقَبْضِهِ الْحِنْطَةَ عِوَضًا لَا تَصِيرُ الْحِنْطَةُ عِوَضًا مَا لَمْ يُوجَدْ الدَّفْعُ مِنْ صَاحِبِ الْحِنْطَةِ بِجِهَةِ الْعِوَضِ. (عُرِضَ صَكٌّ فِي الْإِجَارَةِ) وَكَانَ الْمَكْتُوبُ فِيهِ آجَرَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ أَرْضًا حُدُودُهَا كَذَا، وَهِيَ صَالِحَةٌ لِلزِّرَاعَةِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهَا كَذَا، فَقِيلَ: الصَّكُّ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْعَقْدِ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ زِرَاعَةَ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَيْسَتْ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ وَلِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَهُوَ الْمُؤَجِّرُ فِيهَا مَنْفَعَةٌ وَمِثْلُ هَذَا الشَّرْطِ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ، وَقِيلَ بِهَذَا لَا يَبْطُلُ الصَّكُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا كَذَا، وَقَوْلُهُ: لِيَزْرَعَ فِيهَا كَذَا سَوَاءٌ، وَقَوْلُهُ: لِيَزْرَعَ فِيهَا كَذَا، لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ الْغَرَضِ فَلَا يُوجِبُ الْفَسَادَ، كَيْفَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَا يَزْرَعُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، فَإِذَا كَانَ تَرْكُ ذِكْرِ مَا يُزْرَعُ يُفْسِدُ الْعَقْدَ فَبِذِكْرِهِ كَيْفَ يَفْسُدُ الْعَقْدُ. [مَحْضَرٌ فِي تَعْرِيفِ الْمَمْلُوكِ] (مَحْضَرٌ فِي تَعْرِيفِ الْمَمْلُوكِ) سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ مَحْضَرٍ كَانَ فِي أَوَّلِهِ روزبه بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهِنْدِيُّ ادَّعَى عَلَى فُلَانٍ فَأَجَابَ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ النِّسْبَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَقَعُ بِهَا الْإِعْلَامُ وَيَجِبُ أَنْ يَكْتُبَ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ أَوْ مَوْلَى فُلَانٍ وَكَانَ الْمَكْتُوبُ فِي الْمَحْضَرِ وَالْمَدْيُونُ فُلَانٌ أَقَرَّ لَهُ بِذَلِكَ طَائِعًا، قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَنَّ روزبه بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حُرٌّ، وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ لَهُ وَالْمَالُ لَهُ أَوْ عَبْدٌ لِمَوْلَاهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ لِمَوْلَاهُ وَالْمَالُ لِمَوْلَاهُ أَوْ مَأْذُونٌ مَدْيُونٌ فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ لَهُ وَمِلْكُ الْمَالِ لِمَوْلَاهُ وَيَخْتَلِفُ حُكْمُ الْإِقْرَارِ بِاخْتِلَافِ حَالِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ، قَالَ: وَالْمُعْتَقُ يُعَرَّفُ لِمَوْلَاهُ، وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ مُعْتَقًا أَيْضًا لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَوْلًى لِفُلَانٍ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى الثَّالِثُ مُعْتَقًا أَيْضًا فَلَمْ يَنْسُبْهُ إلَى مَوْلَاهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى الثَّالِثَ بِمَنْزِلَةِ الْجَدِّ فِي النَّسَبِ فَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ. (عُرِضَ سِجِلٌّ فِيهِ حُكْمُ نَائِبِ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ) فَرُدَّ بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا - أَنَّهُ كَانَ فِيهِ حُكْمُ فُلَانٍ وَهُوَ نَائِبٌ عَنْ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ فُلَانٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّ قَاضِيَ سَمَرْقَنْدَ مَأْذُونٌ بِالِاسْتِخْلَافِ. وَالثَّانِي - أَنَّهُ كَانَ فِيهِ وَقَاضِي سَمَرْقَنْدَ كَانَ قَاضِيًا مِنْ قِبَلِ الْمَلِكِ سَنْجَرَ، وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْخَاقَانِ مُحَمَّدٍ وَالْخَاقَانُ مُحَمَّدٌ

محضر فيه دعوى إجارة العبد

كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَلِكِ سَنْجَرَ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يُصْلِحُ خَلَلًا؛ لِأَنَّ قَاضِيَ سَمَرْقَنْدَ لَمَّا كَانَ قَاضِيًا مِنْ قِبَلِ الْخَاقَانِ مُحَمَّدٍ وَالْخَاقَانُ مُحَمَّدٌ كَانَ نَائِبًا مِنْ قِبَلِ الْمَلِكِ سَنْجَرَ كَانَ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ قَاضِيًا مِنْ قِبَلِ الْمَلِكِ سَنْجَرَ، أَلَا يُرَى أَنَّ وِلَايَةَ الْمَلِكِ سَنْجَرَ كَانَتْ ظَاهِرَةً عَلَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ فِي الِابْتِدَاءِ. وَالثَّالِثُ - أَنَّ الشُّهُودَ فِي شَهَادَتِهِمْ قَالُوا مَا وَقَعَ فِيهِ الدَّعْوَى (مُلْك أَيْنَ مد عيسنت واندر ردست أَيْنَ مُدَّعَى عَلَيْهِ بنا حَقّ است) ، وَلَمْ يَقُولُوا فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (كه نُسْتُ خويش كوتاه كندازين مُدَّعَى بِهِ وَبَايَنَ مُدَّعَى تَسْلِيم كند) ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ وَنَحْنُ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِهِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهِ لِأَحَدٍ مَجَالُ الطَّعْنِ. وَالرَّابِعُ - أَنَّهُ كَانَ فِي آخِرِهِ وَجَعَلْتُ حُكْمِي هَذَا مَوْقُوفًا عَلَى إمْضَاءِ الْقَاضِي فُلَانٍ وَهُوَ الَّذِي كَانَ وَلَّاهُ، وَهَذَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّيْءِ وَالْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ غَيْرُ ثَابِتٍ قَبْلَ وُجُودِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَهُوَ خَلَلٌ قَوِيٌّ لَوْ حَصَلَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، أَمَّا لَوْ حَصَلَ مُطْلَقًا وَالْكَاتِبُ كَتَبَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَهَذَا لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْحُكْمِ، إنَّمَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْمَكْتُوبِ، كَذَا فِي فُصُولِ الأستروشني. [مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى إجَارَةِ الْعَبْدِ] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى إجَارَةَ الْعَبْدِ) صُورَتُهُ ادَّعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ عَبْدًا فِي يَدِهِ أَنِّي آجَرْتُ الْعَبْدَ مِنْ هَذَا الَّذِي فِي يَدِهِ كُلُّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ، وَقَدْ مَضَى كَذَا وَكَذَا يَوْمًا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ هَذَا الْعَبْدِ إلَيَّ مَعَ كَذَا مِنْ الْأُجْرَةِ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّةِ أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّهُ آجَرَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْإِجَارَةِ مُدَّةً تَنْتَهِي إلَيْهَا فَكُلُّ يَوْمٍ يَجِيءُ يَنْعَقِدُ فِيهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ، وَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الدَّعْوَى قَدْ انْعَقَدَ فِيهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ وَكَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إمْسَاكُ الْعَبْدِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ فَكَيْفَ تَصِحُّ مُطَالَبَةُ الْمُدَّعِي إيَّاهُ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ ذَكَرَ لِذَلِكَ مُدَّةً، وَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الدَّعْوَى مِنْ جُمْلَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْيَوْمَ إذَا كَانَ مِنْ جُمْلَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ كَانَ دَاخِلًا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَكَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ إمْسَاكِ الْعَبْدِ عِنْدَ نَفْسِهِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ، وَلِأَنَّهُ ادَّعَى كَذَا وَكَذَا مِنْ الْأَجْرِ وَكَانَ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى أَجْرُ الْعَبْدِ وَبَعْدَ ذِكْرِ كَلِمَاتٍ كَثِيرَةٍ ذَكَرَ وَسَلَّمَ إلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ وَسَلَّمَ الْعَبْدَ إلَيْهِ وَبِهَذَا لَا يَثْبُتُ تَسْلِيمُ الْعَبْدِ لِجَوَازِ أَنَّهُ سَلَّمَ شَيْئًا آخَرَ وَمَا لَمْ يَثْبُتْ تَسْلِيمُ الْعَبْدِ لَا يَجِبُ أَجْرُهُ فَلَا تَسْتَقِيمُ دَعْوَى تَسْلِيمِ الْأَجْرِ. (خَطُّ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ) عُرِضَ خَطُّ صُلْحٍ وَإِبْرَاءٍ وَكَانَ فِيهِ ادَّعَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مَالًا مَعْلُومًا فَصَالَحَهُ فُلَانٌ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَبَضَ فُلَانٌ بَدَلَ صُلْحٍ، وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ وَأَبْرَأَ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ جَمِيعِ دَعَاوِيهِ وَخُصُومَاتِهِ إبْرَاءً صَحِيحًا عَامًّا قِيلَ الصُّلْحُ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ لَيْسَ فِيهِ مِقْدَارُ الْمَالِ الْمُدَّعَى. وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ لِيُعْلَمَ أَنَّ هَذَا الصُّلْحَ وَقَعَ مُعَاوَضَةً أَوْ وَقَعَ إسْقَاطًا وَلِيُعْلَمَ أَنَّهُ وَقَعَ صَرْفًا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ، وَقَدْ ذُكِرَ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَجْلِسِ الصُّلْحِ فَمَعَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ، أَمَّا الْإِبْرَاءُ حَصَلَ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِمَكَانِ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ لَا لِمَكَانِ الصُّلْحِ. [مَحْضَر فِيهِ دعوى مَال الْمُضَارَبَة عَلَى مَيِّت بِحَضْرَةِ وَرَثَته] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى مَالِ الْمُضَارَبَةِ عَلَى مَيِّتٍ بِحَضْرَةِ وَرَثَتِهِ) صُورَتُهُ حَضَرَ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ فُلَانًا وَفُلَانًا

محضر فيه دعوى قيمة الأعيان المستهلكة

وَفُلَانًا، كُلُّهُمْ أَوْلَادُ فُلَانٍ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَحْضَرَهُمْ مَعَ نَفْسِهِ أَنَّهُ دَفَعَ إلَى مُوَرِّثِهِمْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً، وَأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهَا وَرَبِحَ أَرْبَاحًا، وَأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ قِسْمَةِ هَذَا الْمَالِ وَقَبْلَ دَفْعِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَقَبْلَ قِسْمَةِ الرِّبْحِ مُجَهِّلًا لِهَذَا الْمَالِ، وَصَارَ ذَلِكَ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ إلَى آخِرِهِ فَقِيلَ: إنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ قَدْرِ الرِّبْحِ وَتَرْكُهُ يَصِيرُ خَلَلًا فِي الدَّعْوَى، وَإِنْ ادَّعَى رَأْسَ الْمَالِ وَحْدَهُ فَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ بَيَانِ قَدْرِ الرِّبْحِ. [مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى قِيمَةِ الْأَعْيَانِ الْمُسْتَهْلَكَةِ] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى قِيمَةِ الْأَعْيَانِ الْمُسْتَهْلَكَةِ) صُورَتُهُ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَلْفَ دِينَارٍ قِيمَةُ عَيْنٍ اسْتَهْلَكَهَا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ بِسَمَرْقَنْدَ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا - أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُسْتَهْلَكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ مِنْهَا مَا يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الِاسْتِهْلَاكِ. وَمِنْهَا مَا يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْمِثْلِ عِنْدَ الِاسْتِهْلَاكِ، وَلَعَلَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مَضْمُونَةٌ بِالْمِثْلِ فَكَيْفَ تَسْتَقِيمُ دَعْوَى الْقِيمَةِ مُطْلَقًا، وَلِأَنَّ مِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ حَقَّ الْمَالِكِ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ الْعَيْنِ بِنَفْسِ الِاسْتِهْلَاكِ وَلِهَذَا جُوِّزَ الصُّلْحُ عَنْ الْمَغْصُوبِ الْمُسْتَهْلَكِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ حَقُّهُ عَنْ الْعَيْنِ وَيَنْتَقِلُ إلَى الْقِيمَةِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بِتَرَاضِيهِمَا وَقَبْلَ ذَلِكَ يَكُونُ حَقُّهُ فِي الْعَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ قِيمَةُ هَذِهِ الْعَيْنِ الْمُسْتَهْلَكَةِ بِسَمَرْقَنْدَ أَوْ بِبُخَارَى، وَقِيمَةُ الْأَعْيَانِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ، وَالْمُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمُسْتَهْلَكِ فِي مَكَانِ الِاسْتِهْلَاكِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ. [مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الْحِنْطَةِ] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الْحِنْطَةِ) صُورَتُهُ حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ أَخَا هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فُلَانٌ كَانَ قَبَضَ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَلْفَ مَنٍّ مِنْ الْحِنْطَةِ قَبْضًا مُوجِبًا لِلرَّدِّ وَبَيَّنَ أَوْصَافَ الْحِنْطَةِ، قَالَ: وَهَكَذَا كَانَ أَقَرَّ أَخُو هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ بِقَبْضِ الْحِنْطَةِ الْمَوْصُوفَةِ فَإِنَّهُ قَالَ لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ بِالْفَارِسِيَّةِ (تراهزار مِنْ كندم أَبِي با كيزه ميانه سرخه تَرَهُ آبِّي بوزن أَهْلِ بُخَارَى بامن است) إقْرَارًا صَحِيحًا صَدَّقَهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ فِيهِ خِطَابًا، وَقَدْ تُوُفِّيَ فُلَانٌ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ مُجَهِّلًا غَيْرَ مُعَيِّنٍ لِهَذِهِ الْحِنْطَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ، وَصَارَتْ هَذِهِ الْحِنْطَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهِ مَضْمُونَةً لِهَذَا الَّذِي حَضَرَ فِي تَرِكَتِهِ وَخَلَّفَ مِنْ الْوَرَثَةِ أَخًا لَهُ هَذَا وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَمْوَالًا فِيهَا أَلْفُ مَنٍّ مِنْ الْحِنْطَةِ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَدَاءُ مِثْلِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ الْمَتْرُوكَةِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا - أَنَّهُ ادَّعَى أَوَّلًا أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ مَالِهِ قَبْضًا مُوجِبًا لِلرَّدِّ، وَالْقَبْضُ الْمُطْلَقُ خُصُوصًا بِصِفَةِ كَوْنِهِ مُوجِبًا لِلرَّدِّ يَنْصَرِفُ إلَى الْغَصْبِ، وَكَذَا الْأَخْذُ الْمُطْلَقُ، ثُمَّ قَالَ: وَهَكَذَا إقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ كَذَا، وَكَذَا عَلَى نَحْوِ مَا كُتِبَ، وَلَيْسَ إقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ قَالَ (ترابا مِنْ است) . وَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ الْوَدِيعَةِ وَالشُّهُودُ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ الْوَدِيعَةِ فَشَهَادَتُهُمْ تَكُونُ الْوَدِيعَةِ فَلَمْ تَكُنْ الشَّهَادَةُ مُوَافِقَةً لِلدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ. وَالثَّانِي - أَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ الْحِنْطَةَ بِالْمَنِّ وَالْوَزْنِ وَطَلَبَ ضَمَانَهَا وَالْمَضْمُونُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ يَصِيرُ مِلْكًا لِلضَّامِنِ بِالضَّمَانِ فَتَتَحَقَّقُ الْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الْحِنْطَةِ الْمَوْزُونَةِ وَبَيْنَ ضَمَانِهَا

محضر فيه دعوى قبض العدليات بغير حق واستهلاكها

وَالْحِنْطَةُ كَيْلِيَّةٌ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهَا بِالْوَزْنِ وَالْمَنِّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ. وَالثَّالِثُ - أَنَّهُ قَالَ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ مِثْلِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ التَّرِكَةِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ أَدَاءُ الدَّيْنِ مِنْ عَيْنِ التَّرِكَةِ لَا مَحَالَةَ بَلْ الْوَارِثُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَدَّى الدَّيْنَ مِنْ التَّرِكَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الدَّيْنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا شَرْطُ قِيَامِ التَّرِكَةِ فِي يَدِ الْوَارِثِ لِتَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ عَلَيْهِ لَا لِلْأَدَاءِ مِنْهَا، وَالْخَلَلُ الثَّالِثُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْوُجُوبِ فِي التَّرِكَةِ إلَّا أَنَّ لِلْوَارِثِ وِلَايَةَ اسْتِخْلَاصِ التَّرِكَةِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ الْوُجُوبِ فِي التَّرِكَةِ تَسْتَقِيمُ دَعْوَى الْأَدَاءِ مِنْ التَّرِكَةِ نَظَرًا إلَى الْأَصْلِ. [مَحْضَر فِيهِ دعوى قبض الْعَدْلِيَّات بِغَيْرِ حَقّ وَاسْتِهْلَاكِهَا] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى قَبْضِ الْعَدْلِيَّاتِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَاسْتِهْلَاكِهَا) صُورَتُهُ ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ قَبَضَ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ دَرَاهِمَ عَدْلِيَّةً وَبَيَّنَ عَدَدَهَا وَصِفَتَهَا وَجِنْسَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَاسْتَهْلَكَهَا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ مِثْلِ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الْعَدْلِيَّةِ إنْ كَانَ يُوجَدُ مِثْلُهَا أَوْ قِيمَتُهَا إنْ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهَا وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ كَانَتْ كَذَا وَالْيَوْمَ كَذَا فَظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى نَوْعَ خَلَلٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ قَبَضَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَاسْتَهْلَكَهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الِاسْتِهْلَاكَ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَالِك وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ بِأَمْرِهِ وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا الْقَائِلِ أَنَّ الِاسْتِهْلَاكَ إنْ كَانَ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِمَكَانِ الِاحْتِمَالِ فَالْغَصْبُ السَّابِقُ كَافٍ فَيُمْكِنُ إيجَابُ الضَّمَانِ بِالْغَصْبِ السَّابِقِ، وَقِيلَ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ الضَّمَانِ فِي الْغَصْبِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ بِقَبْضِهِ الدَّرَاهِمَ وَالْمَالِكَ إذَا رَضِيَ بِقَبْضِ الْغَاصِبِ، وَقَدْ كَانَ الْغَاصِبُ قَبَضَ لِلْحِفْظِ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّرْفِ. وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّ هَذَا الْخَلَلَ الْمَذْكُورَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ بِخَلَلٍ فِي الْحَقِيقَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْغَصْبَ وَالْقَبْضَ بِغَيْرِ حَقٍّ فِي نَفْسِهِ يَصْلُحُ سَبَبًا لِوُجُوبِ الضَّمَانِ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِهْلَاكُ فِي نَفْسِهِ يَصْلُحُ سَبَبًا لِوُجُوبِ الضَّمَانِ إلَّا أَنَّ أَمْرَ الْمَالِكِ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَإِجَازَتَهُ قَبْضَ الْغَاصِبِ مُبْرِئٌ لَهُ مِنْ الضَّمَانِ فَلَيْسَ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْمُبْرِئِ عَنْ الضَّمَانِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا إلَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ ذَلِكَ دَفْعًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ بَيَانُ ذَلِكَ عَلَى الْمُدَّعِي، ثُمَّ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعِي ذَكَرَ الِاسْتِهْلَاكَ فِي الدَّعْوَى، إنَّمَا ذَكَرَ الْقَبْضَ بِغَيْرِ حَقٍّ يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوَّلًا تَسْلِيمَ عَيْنِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ إذَا كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا وَثَبَتَ قَبْضُهَا بِغَيْرِ حَقٍّ يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيمُ عَيْنِهَا لِمَا عُرِفَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ يَتَعَيَّنَانِ فِي الْغُصُوبِ وَطَالَبَهُ الْمُدَّعِي بِتَسْلِيمِ عَيْنِهَا وَإِذَا عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ عَيْنِهَا فَيُسَلِّمُ مِثْلَهَا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمِثْلِ فَيُسَلِّمُ الْقِيمَةَ وَمِنْ الْأَئِمَّةِ مَنْ قَالَ: لِلْمُدَّعِي أَنْ يُطَالِبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوَّلًا بِإِحْضَارِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهَا، ثُمَّ يُطَالِبَهُ بِتَسْلِيمِهَا إلَيْهِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ، وَلَكِنْ نَقُولُ: طَلَبُ الْإِحْضَارِ عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ هَاهُنَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِحْضَارَ، إنَّمَا يُطْلَبُ فِي الْمَنْقُولَاتِ حَتَّى إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَشَارُوا إلَى الْمُدَّعَى بِهِ وَالشُّهُودُ لَا يُمْكِنُهُمْ الْإِشَارَةُ هَاهُنَا فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ هَلْ هِيَ عَيْنُ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّ الدَّرَاهِمَ يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَتَقَعُ الْإِشَارَةُ إلَى غَيْرِهَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ فَإِنَّهَا تُعْرَفُ ظَاهِرًا إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الدَّرَاهِمِ عَلَامَةٌ يُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا مِنْ جِنْسِهَا فَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ الْإِحْضَارُ [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الثَّمَنِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الثَّمَنِ) صُورَتُهُ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ مِنْ الْأَطْلَسِ الْعَدَنِيِّ وَبَيَّنَ

محضر فيه دعوى الوكيل وديعة موكله

طُولَهُ وَعَرْضَهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَبَيَّنَ ذَلِكَ الثَّمَنَ، وَأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذِهِ الْقِطْعَةَ مِنْ الْأَطْلَسِ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَيَّنَهُ وَقَلَنْسُوَتَيْنِ مَعْرُوفَتَيْنِ بِالْعِرَاقِيِّ وَإِزَارَةً وَتِكَّةً بِكَذَا ثَمَنًا وَبَيَّنَ ذَلِكَ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، وَأَنَّهُ قَبَضَهَا مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَبَيَّنَ شَرَائِطَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنْ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ، وَأَنْكَرَ الْخَصْمُ الشِّرَاءَ مِنْهُ، وَأَنْكَرَ وُجُوبَ الثَّمَنِ عَلَيْهِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ بِشَرَائِطِهَا وَكَتَبُوا نُسْخَةَ الْمَحْضَرِ وَطَلَبُوا بِجَوَابِ الْفَتْوَى فَزَعَمَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ أَنَّ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى خَلَلًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُ الْمَبِيعُ هَذَا هَلْ كَانَ مِلْكَ الْبَائِعِ أَمْ لَا، لِجَوَازِ أَنَّهُ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا يَسْتَوْجِبُ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَحْضَرِ أَنَّ هَذَا بِذُرْعَانِ أَهْلِ بُخَارَى أَوْ بِذُرْعَانِ خُرَاسَانَ، وَأَنَّهُ مُتَفَاوِتٌ فَيَبْقَى الْمَبِيعُ مَجْهُولًا إلَّا أَنَّ مَا زَعَمَ هَذَا الْقَائِلُ لَا يُوجِبُ خَلَلًا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الدَّعْوَى أَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ " وَسَلَّمَ " نَظِيرُ قَوْلِهِ " وَهُوَ يَمْلِكُهَا " وَهِيَ مَسْأَلَةُ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الدَّعْوَى أَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَيْهِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ فَالْمُدَّعَى بِهِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الثَّمَنُ الَّذِي وَجَبَ بِالْعَقْدِ، وَصَارَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ. وَلَا جَهَالَةَ فِي الثَّمَنِ، وَإِنَّمَا الْخَلَلُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَإِنَّ الْمَذْكُورَ فِي الدَّعْوَى أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ قِطْعَةَ أَطْلَسٍ صِفَتُهَا كَذَا وَقَلَنْسُوَتَيْنِ صِفَتُهُمَا كَذَا، وَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَسَلَّمَهَا الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَقُلْ بَاعَهُنَّ وَاشْتَرَاهُنَّ وَسَلَّمَهُنَّ أَوْ اشْتَرَاهَا جُمْلَةً بَعْدَمَا بَاعَهَا مِنْهُ جُمْلَةً وَسَلَّمَ الْجُمْلَةَ إلَيْهِ وَهُوَ قَبْضُ الْجُمْلَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ إلَى كُلِّ ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ بَاعَ قِطْعَةَ الْأَطْلَسِ هَذِهِ وَالْقَلَنْسُوَتَيْنِ، وَأَنَّهُ اشْتَرَى الْقِطْعَةَ دُونَ الْقَلَنْسُوَتَيْنِ أَوْ سَلَّمَ الْقِطْعَةَ دُونَ غَيْرِهَا غَايَةَ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ كَلِمَةَ مَا يَجُوزُ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَى الْجُمْلَةِ لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ إلَى أَحَدِهِمَا أَيْضًا فَلَا يَنْتَفِي هَذَا الِاحْتِمَالُ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ شَيْءٍ يَزُولُ بِهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الِاحْتِمَالِ وَهُوَ كَلِمَةُ هُنَّ أَوْ ذِكْرِ لَفْظِ الْجُمْلَةِ، أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ لَا يَزُولُ الِاحْتِمَالُ وَإِذَا لَمْ يَزُلْ هَذَا الِاحْتِمَالُ بَقِيَ الْمَبِيعُ وَالْمُسَلَّمُ مَجْهُولًا فَلَا تَسْتَقِيمُ دَعْوَى الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ الْمُسَلَّمَ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ حَتَّى تَسْتَقِيمَ دَعْوَى الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ. [مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الْوَكِيلِ وَدِيعَةَ مُوَكِّلِهِ] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الْوَكِيلِ وَدِيعَةَ مُوَكِّلِهِ) ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ الثَّابِتَةِ لَهُ مِنْ جِهَةِ وَالِدِهِ أَنَّ وَالِدَهُ دَفَعَ إلَى هَذَا الرَّجُلِ تَخْتَ دِيبَاجٍ عَدَدُهُ كَذَا وَصِفَتُهُ كَذَا، وَلَوْنُهُ كَذَا وَطُولُ كُلِّ دِيبَاجٍ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ، وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ وَالِدُهُ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ، وَقَدْ وَكَّلَ وَالِدُهُ هَذَا بِالْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ مَتَى مَا ظَفِرَ بِهَذَا الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَوَكَّلَهُ بِقَبْضِ ذَلِكَ مِنْهُ أَيْضًا وَكَانَتْ الْوَكَالَةُ ثَابِتَةً لَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَادَّعَى عَلَيْهِ إحْضَارَ ذَلِكَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ لِيُقِيمَ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَبْضَ أَصْلًا وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَار الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ قَبَضَ لَكِنْ رَدَّهُ إلَى وَالِدِهِ وَكَتَبُوا الْمَحْضَرَ وَطَلَبُوا جَوَابَ الْمُفْتِينَ فَأَجَابُوا بِالْخَلَلِ وَكَأَنَّ وَجْهَ الْخَلَلِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَحْضَرِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ كَذَّبَهُ فِي قَوْلِهِ (بازرد كردم) وَهَذَا لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ صَدَّقَهُ فِي الرَّدِّ عَلَى وَالِدِهِ لَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ الْخُصُومَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذِكْرِ التَّكْذِيبِ فِي الرَّدِّ لِتَسْتَقِيمَ دَعْوَى الْإِحْضَارِ مِنْهُ، وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِخَلَلٍ؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ إحْضَارَ التَّخْتِ تَكْذِيبٌ لَهُ فِي الرَّدِّ. [مَحْضَر فِي دعوى امْرَأَة منزلا فِي يَد رَجُل شِرَاء مِنْ وَالِدهَا] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى امْرَأَةٍ مَنْزِلًا فِي يَدِ رَجُلٍ شِرَاءً مِنْ وَالِدِهَا) امْرَأَةٌ ادَّعَتْ مَنْزِلًا عَلَى رَجُلٍ، وَقَالَتْ: هَذَا الْمَنْزِلُ، وَذَكَرَتْ مَوْضِعَهُ وَبَيَّنَتْ حُدُودَهُ كَانَ حَقًّا وَمِلْكًا لِوَالِدِي فُلَانٍ، وَأَنَّهُ بَاعَهُ مِنِّي يَوْمَ كَذَا فِي شَهْرِ كَذَا حَالَ

محضر في دعوى ثمن الدهن

كَوْنِهِ نَافِذًا التَّصَرُّفَ وَأَنِّي قَدْ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ ذَلِكَ فِي حَالِ صِحَّةِ التَّصَرُّفَاتِ وَالْيَوْمَ جَمِيعُ هَذَا الْمَنْزِلِ حَقِّي وَمِلْكِي بِهَذَا السَّبَبِ، وَأَنَّ الَّذِي فِي يَدِهِ الْمَنْزِلُ أَحْدَثَ يَدَهُ فِيهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْهُ وَتَسْلِيمُهُ إلَيَّ فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (آن منزل مُلْك مِنْ است وَحَقْ مِنْ است باين مُدَّعِيهِ سَيْر دنى نيست باين سَبَب النَّجَّارِيَّةِ دعوى ميكند) فَأَحْضَرَتْ الْمُدَّعِيَةُ نَفَرًا ذَكَرَتْ أَنَّهُمْ شُهُودُهَا فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ الِاسْتِشْهَادِ، وَقَالَ (كواهي ميدهم كه أَيْنَ فُلَان بْن فُلَان والداين مُدَّعِيه إقْرَار كردبر حَالَ روائي إقْرَار وَكُفْتً مِنْ أَيْنَ خَانَة كه حدر دوى دَرِّينَ مَحْضَر مذكور است باين دختر خويش فُلَانَة فروخته أَمْ ووى ابْن خَانَهُ ازمن خريده است بهمين بِهَا كه دَرِّينَ مَحْضَر مذكور است بهمين تَارِيخ كه دَرِّينَ مَحْضَر مذكور است فروختني وَخُرَّ يُدَنِّي دَرَسْتُ وامرو زاين خَانَهُ فُلَانَة است باين سَبَب كه اندرين مَحْضَر يادكردده شِدَّهْ است واين مُدَّعَى عَلَيْهِ دُسَتُ نوكرده است دَرِّينَ خَانَهُ بنا حَقّ) . وَاسْتَفْتَوْا الْمُفْتِينَ فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِيهِ خَلَلًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الدَّعْوَى أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهَا بِتَارِيخِ كَذَا، وَهَكَذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ بِهَذَا الْبَيْعِ وَبِهَذَا التَّارِيخِ، وَهَذَا يُوجِبُ خَلَلًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ أَضَافَ الْإِقْرَارَ إلَى تَارِيخِ الْبَيْعِ فِي يَوْمِ كَذَا، وَلَعَلَّ الْإِقْرَارَ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ التَّارِيخِ، وَهَذَا الزَّعْمُ فَاسِدٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْإِقْرَارَ إنْ حُمِلَ عَلَى مَا قَبْلَ الْبَيْعِ يَكُونُ بَاطِلًا، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى مَا بَعْدَهُ يَكُونُ صَحِيحًا. وَالْأَصْلُ فِي تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ أَنْ يُصَحَّحَ لَا أَنْ يُبْطَلَ وَزَعَمَ هَذَا الزَّاعِمُ أَيْضًا أَنَّ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ خَلَلًا؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ قَالُوا نَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَشَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ، ثُمَّ قَالُوا: وَالْيَوْمَ جَمِيعُ هَذَا الْمَنْزِلِ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَحْضَرِ، وَالسَّبَبُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَحْضَرِ الْبَيْعُ وَالْإِقْرَارُ بِالْبَيْعِ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا، وَلَا شَهَادَةَ لَهُمْ عَلَى الْبَيْعِ فَكَانَتْ الشَّهَادَةُ بَاطِلَةً، وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي شَهَادَتِهِمْ وَفَسَادًا؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنْ الْمُدَّعِيَةِ فَقَدْ ثَبَتَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ، وَلَكِنْ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ، وَالْبَيْعُ سَبَبُ الْمِلْكِ. وَالثَّانِي - أَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ، وَلَا عِلْمَ لَنَا بِعَدَمِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْبَيْعِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَعَلَّ لَهُمْ شَهَادَةً عَلَى الْبَيْعِ لَكِنْ لَمَّا شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ أَوَّلًا، ثُمَّ شَهِدُوا عَلَى الْبَيْعِ وَهُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلْمَلِكِ فَلَمْ يَكُنْ فِي الشَّهَادَةِ خَلَلٌ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى ثَمَنِ الدُّهْنِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى ثَمَنِ الدُّهْنِ) ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ كَذَا دِينَارًا نَيْسَابُورِيَّةً جَيِّدَةً حَقًّا وَاجِبًا وَدَيْنًا لَازِمًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ، وَذَكَرَ فِيهِ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ هَذَا كَذَا مِنْ دُهْنِ السِّمْسِمِ الصَّافِي وَبَيَّنَ أَوْصَافَهُ شِرَاءً صَحِيحًا، وَقَبَضَهُ مِنْهُ قَبْضًا صَحِيحًا فَوَاجِبٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا تَسْلِيمُ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي، وَذَكَرَ جَوَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِنْكَارِ. وَذَكَرَ بَعْدَهُ شَهَادَةَ الشُّهُودِ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَذَا الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ فِيهِ هَذَا الْمَبْلَغُ مِنْ الدُّهْنِ الصَّافِي الْمَوْصُوفِ فِيهِ

وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّهُودِ بِالْفَارِسِيَّةِ (كواهي ميدهم كه أَيْنَ مُدَّعَى عَلَيْهِ) ، وَأَشَارَ إلَيْهِ (مُقِرّ آمُدّ بِحَالٍ صَحَّتْ وروائي إقْرَار خويش بطوع وَرَغِبْتُ وَجَنِين كَفَتْ بخريدم إزين مَدْعِيٌّ) ، وَأَشَارَ إلَيْهِ (هفصد مِنْ روغن كنجدبا كيزه صَافِّي خريدني دَرَسْتُ وَقَبض كردم قبضي دَرَسْتُ) وَاسْتَفْتَوْا عَنْ صِحَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَى، فَقِيلَ: إنَّهَا فَاسِدَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ وَالشَّهَادَةُ غَيْرُ مُطَابِقَةٍ لِلدَّعْوَى. أَمَّا بَيَانُ أَحَدِ وَجْهَيْ فَسَادِ الدَّعْوَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَدَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ لَيْسَ بِدَعْوَى لِلْحَقِّ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُدَّعِي الْمَالُ دُونَ الْإِقْرَارِ، فَإِذَا ادَّعَى الْإِقْرَارَ فَقَدْ ادَّعَى مَا لَيْسَ بِحَقٍّ لَهُ. وَالثَّانِي - أَنَّهُ ظَهَرَ وَجْهُ الْكَذِبِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْإِقْرَارِ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِوُجُوبِ الْمَالِ، إنَّمَا الْمُوجِبُ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ الْمُبَايَعَةُ وَالْإِقْرَاضُ أَوْ مَا شَاكَلَ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ الْحَقُّ ثَابِتًا لِلْمُدَّعِي بِسَبَبِهِ لَادَّعَى ذَلِكَ وَلَبَيَّنَ سَبَبَهُ فَلَمَّا أَعْرَضَ عَنْ ذَلِكَ وَمَالَ إلَى الْإِقْرَارِ عُلِمَ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي الدَّعْوَى. الْوَجْهُ الثَّانِي لِفَسَادِ الدَّعْوَى أَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ سَبَبَ الْوُجُوبِ وَهُوَ شِرَاءُ الدُّهْنِ لَا بُدَّ وَأَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ هَذَا الْمَبْلَغَ مِنْ الدُّهْنِ الَّذِي يَدَّعِي بَيْعَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْبَيْعِ حَتَّى يَقَعَ الْبَيْعُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ عَدَمِ بَعْضِهِ لَا يَكُونُ الْبَيْعُ مُنْعَقِدًا فِي حَقِّ الْكُلِّ أَوْ فِي حَقِّ الْبَعْضِ فَلَا يَكُونُ الثَّمَنُ وَاجِبًا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تَسْتَقِيمُ دَعْوَى الثَّمَنِ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ، وَالْبَيْعُ غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ قَبَضَهُ قَبْضًا صَحِيحًا، وَلَكِنْ هَذَا لَا يَكْفِي لِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَوُجُوبُ الثَّمَنِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَقْتَ الْبَيْعِ، وَلَا مَقْبُوضًا لَكِنَّ الْكَاتِبَ هَكَذَا ذَكَرَ، وَالثَّانِي - أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَقْتَ الْبَيْعِ، ثُمَّ حَصَّلَهُ الْبَائِعُ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي، وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي إذْ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَحْضَرِ، وَقَبَضَهُ فِي مَجْلِسِ الشِّرَاءِ أَوْ عَقِيبَ الْقِيَامِ عَنْ مَجْلِسِ الشِّرَاءِ. وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ لَا يَنْفَعُهُ التَّسْلِيمُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ حِينَئِذٍ يَقَعُ بَاطِلًا وَالتَّسْلِيمُ بِحُكْمِ الْبَيْعِ الْبَاطِلِ لَا يَنْفَعُ فَلَا يَكُونُ هَذَا بَيْعًا بِالتَّعَاطِي؛ لِأَنَّ هَذَا التَّسْلِيمَ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ الْبَاطِلِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْبَيْعُ بِالتَّعَاطِي فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ التَّسْلِيمُ بِنَاءً عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا قُلْنَا فِي الْإِجَارَةِ إذَا آجَرَ دَارِهِ أَوْ أَرْضَهُ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِمَتَاعِ الْأَجْرِ وَزَرْعِهِ، ثُمَّ فَرَّغَ وَسَلَّمَ لَا تَنْقَلِبُ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا إجَارَةٌ مُبْتَدَأَةٌ بِالتَّعَاطِي؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ حَصَلَ بِنَاءً عَلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَذَا هُنَا وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ أَنْكَرَ وَجْهَ الْقِيَاسِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى، وَذَكَرَ لِكُلِّ وَجْهٍ مِنْ وَجْهَيْ الْفَسَادِ جَوَابًا. أَمَّا الْأَوَّلُ قُلْنَا: دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ إنَّمَا لَا تَصِحُّ إذَا حَصَلَ دَعْوَى الْمَالِ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ بِأَنْ قَالَ الْمُدَّعِي: عَلَيْكَ كَذَا؛ لِأَنَّكَ أَقْرَرْتَ لِي بِهِ، أَوْ قَالَ: هَذِهِ الْعَيْنُ مِلْكِي؛ لِأَنَّكَ أَقْرَرْتَ لِي بِهَا، وَهُنَا دَعْوَى الْمَالِ مَا حَصَلَتْ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ بَلْ دَعْوَى الْمَالِ حَصَلَتْ مُطْلَقَةً إلَّا أَنَّهُ مَعَ دَعْوَى الْمَالِ ادَّعَى إقْرَارَهُ بِالْمَالِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ خَلَلًا. وَقَوْلُهُ ظَهَرَ وَجْهُ الْكَذِبِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى مَمْنُوعٌ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ لَمْ يَدَّعِ السَّبَبَ قُلْنَا: إنَّمَا لَمْ يَدَّعِ السَّبَبَ لَا لِمَا قُلْتُمْ، بَلْ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْهَدُ عَلَى السَّبَبِ وَوُجِدَ مَنْ يَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ. وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي قَوْلُهُ " لَا بُدَّ وَأَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ هَذَا الْمَبْلَغَ مِنْ الدُّهْنِ كَانَ مَوْجُودًا

محضر في دعوى الوصية بالثلث

وَقْتَ الْبَيْعِ " قُلْنَا: هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الشَّهَادَةِ بِأَنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ كَذَا مَبْلَغًا مِنْ الدُّهْنِ، وَالشُّهُودُ هُنَا لَا يَشْهَدُونَ عَلَى الْبَيْعِ إنَّمَا يَشْهَدُونَ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ، وَإِقْرَارُهُ كَانَ بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ وَإِقْرَارُ الْإِنْسَانِ مَتَى حَصَلَ بِتَصَرُّفٍ صَحِيحٍ ثَبَتَ حُكْمُهُ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ احْتَمَلَ الْفَسَادَ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ عُرِفَ فِي مَوَاضِعَ. وَأَمَّا بَيَانُ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُطَابِقُ الدَّعْوَى فَإِنَّ فِي الشَّهَادَةِ ذِكْرُ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَبْضِ مُطْلَقًا لَا بِقَبْضِ الْمُشْتَرَى فَإِنَّ الشُّهُودَ قَالُوا (مقر آمد أَيْنَ مُدَّعَى عَلَيْهِ كه بخريدم ازين مُدَّعِي هفصد مِنْ روغن كنجد صافي باكيزه وَقَبض كردم قبض دَرَسْتُ) ، وَفِي الدَّعْوَى ذَكَرَ الْقَبْضَ مَعَ الْإِشَارَةِ فَإِنَّهُ قَالَ: قَبَضَهُ مِنْهُ قَبْضًا صَحِيحًا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرُوا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَقَبض كردمش) . [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ) صُورَتُهُ ادَّعَى الْمُوصَى لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ أَوْصَى لِي بِثُلُثِ مَالِهِ حَالَ حَيَاتِهِ وَحَالَ كَوْنِهِ عَاقِلًا بَالِغًا وَأَحْضَرَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَصُّهُ فَيْرُوزَجُ وَادَّعَى عَلَى الْوَارِثِ أَنَّ هَذَا الْخَاتَمَ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ الَّتِي خَلَّفَهَا الْمَيِّتُ، وَأَنَّهُ فِي يَدِكَ فَوَاجِبٌ عَلَيْكَ دَفْعُ الثُّلُثِ الْمُشَاعِ مِنْ هَذَا الْخَاتَمِ إلَيَّ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ فَأَنْكَرَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّةَ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ وَاسْتَفْتَوْا عَنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى فَأَفْتَوْا بِفَسَادِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَاخْتَلَفُوا فِي عِلَّةِ الْفَسَادِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَحْضَرِ أَنَّهُ أَوْصَى طَائِعًا. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَوْصَى مُكْرَهًا وَالْوَصِيَّةُ مَعَ الْإِكْرَاهِ بَاطِلَةٌ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: طَلَبُ تَسْلِيمِ الثُّلُثِ الْمُشَاعِ مِنْ الْخَاتَمِ، وَذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْجُزْءِ الشَّائِعِ مُتَصَوَّرٌ بِتَسْلِيمِ الْكُلِّ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ عَلَى امْرَأَةٍ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ عَلَى امْرَأَةٍ) وَصُورَتُهُ ادَّعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانَةَ أَنَّهَا مَنْكُوحَتُهُ وَحَلَالُهُ بِسَبَبِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ مَعْلُومٍ بِمَشْهَدٍ مِنْ الشُّهُودِ الْعُدُولِ بِتَزْوِيجِهَا نَفْسَهَا مِنْهُ وَأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهَا الِانْقِيَادُ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ، وَقَدْ كَانَ جَوَابُ الْمَرْأَةِ أَنَّ انْقِيَادَهَا فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ وَأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ وَأَثْبَتَتْ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى سَبِيلِ دَفْعِ دَعْوَاهُ النِّكَاحَ عَلَيْهَا، وَقَدْ كَانَ أَتَى الرَّجُلُ بِدَفْعِ الدَّفْعِ وَادَّعَى أَنَّهَا مُبْطِلَةٌ فِي دَعْوَى الدَّفْعِ وَأَنَّ دَعْوَاهَا الدَّفْعَ هَذِهِ سَاقِطَةٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا أَقَرَّتْ قَبْلَ دَعْوَاهَا الدَّفْعَ هَذِهِ أَنَّهَا اعْتَدَّتْ مِنْهُ بَعْدَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَدَخَلَ ذَلِكَ الزَّوْجُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاعْتَدَّتْ مِنْهُ أَيْضًا وَكَانَ دَعْوَى انْقِضَاءِ الْعِدَّتَيْنِ مِنْهَا فِي مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ فِي مِثْلِهَا انْقِضَاؤُهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِهَذَا الزَّوْجِ بِمَهْرٍ مَعْلُومٍ بِمَشْهَدٍ مِنْ الشُّهُودِ الْعُدُولِ وَأَنَّهَا الْيَوْمَ امْرَأَتُهُ وَكَانَ عَلَى الْمَحْضَرِ جَوَابُ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ وَكِبَارِهِمْ بِالصِّحَّةِ وَاتَّفَقَ مَشَايِخُ بُخَارَى عَلَى أَنَّ الْمَحْضَرَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَبَيَّنُوا لِذَلِكَ وَجْهًا، فَقَالُوا: إنَّ الزَّوْجَ ادَّعَى إقْرَارَ الْمَرْأَةِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَدَعْوَى الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالشَّيْءِ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْ الْمُدَّعِي مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي وَعِنْدِي مَا ذَكَرُوا مِنْ وَجْهِ الْفَسَادِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَهَذَا لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَدَّعِي النِّكَاحَ بِحُكْمِ إقْرَارِهَا بَلْ يَدَّعِي النِّكَاحَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا دَعْوَى الْإِقْرَارِ لِبَيَانِ كَوْنِهَا مُبْطِلَةً فِي دَعْوَى الدَّفْعِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي آخِرِ الْجَامِعِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَبْلَ هَذَا مُصَرَّحَةً

كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَرُدَّ سِجِلٌّ مِنْ مَرْوَ فِي إثْبَاتِ مَلَكِيَّةِ جَمَلٍ) وَكَتَبَ فِيهِ يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانٌ صَاحِبُ الْمَظَالِمِ وَالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِكُورَةِ مَرْوَ وَنَوَاحِيهَا مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ فُلَانٍ حَضَرَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِهَا بِتَارِيخِ كَذَا رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَهُ خَصْمًا ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَادَّعَى عَلَيْهِ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ قَالُوا. وَكَانَ فِي الْمَحْضَرِ الْمَذْكُورِ إلَى هُنَا خَلَلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ كَتَبَ حَضَرَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِهَا، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ كَوْنِهِ قَاضِيًا بِمَرْوَ وَنَوَاحِيهَا فَقَوْلُهُ بِهَا يَحْتَمِلُ الِانْصِرَافَ إلَى كُورَةِ مَرْوَ وَيَحْتَمِلُ الِانْصِرَافَ إلَى النَّوَاحِي فَالْحُكْمُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا، إذْ الْمِصْرُ شَرْطُ صِحَّةِ الْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِلَيْهِ مَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَذْكُورٌ فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِخَلَلٍ لِأَنَّ الْمِصْرَ عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي خَارِجِ الْمِصْرِ كَانَ قَضَاؤُهُ فِي فَصْلٍ مُخْتَلِفٍ فِيهِ فَيَنْفُذُ. وَالثَّانِي - أَنَّهُ ذَكَرَ فَادَّعَى عَلَيْهِ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِذِكْرِ الَّذِي حَضَرَ وَاَلَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الدَّعْوَى صَدَرَتْ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْمُدَّعِي أَوْ مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي عَلَى غَيْرِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَكْتُبُ بِمَحْضَرٍ مِنْ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ عِنْدَ غَيْبَتِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ جَمَلًا صِفَتُهُ كَذَا عَلَى فَخِذِهِ كَيٌّ صِفَتُهُ كَذَا سِنُّهُ كَذَا قِيمَتُهُ كَذَا بِمَحْضَرٍ بِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ، قَالُوا: وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ خَلَلٌ وَبَعْضُهَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى الذِّكْرِ فَبَيَانُ الصِّفَةِ وَالسِّنِّ وَالْقِيمَةِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، إذْ هُوَ مُحْضَرٌ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَتَصِحُّ الدَّعْوَى بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الصِّفَةِ وَالسِّنِّ وَالْقِيمَةِ وَفِيهِ خَلَلٌ، فَإِنَّهُ قَالَ وَأَشَارَ إلَيْهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إنَّ الْجَمَلَ الْمُحْضَرَ هَذَا مِلْكُ الْمُدَّعِي وَحَقُّهُ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا بُدَّ وَأَنْ يَقُولَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا، ثُمَّ ذَكَرُوا أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ قَصْرُ الْيَدِ عَنْهُ وَلَا بُدَّ وَأَنْ يَقُولَ: وَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْ الْجَمَلِ الْمُدَّعَى بِهِ هَذَا، ثُمَّ ذَكَرُوا إعَادَتَهُ إلَى يَدِهِ وَعَسَى لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ بِأَنْ كَانَ وَرِثَهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى غَصَبَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ مَكَانَ لَفْظَةِ الْإِعَادَةِ لَفْظَةَ التَّسْلِيمِ، وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْمُدَّعِي هَذَا ثُمَّ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ وَالْإِنْكَارِ فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي جَمَاعَةً، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي هَذَا، ثُمَّ ذَكَرَ فِي شَهَادَةِ الشُّهُودِ شَهِدُوا أَنَّ الْجَمَلَ الْمُدَّعَى مِلْكُ الْمُدَّعِي وَحَقُّهُ وَفِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَا بُدَّ وَأَنْ يَقُولَ: شَهِدُوا أَنَّ الْجَمَلَ الْمُدَّعَى هَذَا مِلْكُ الْمُدَّعِي هَذَا وَحَقُّهُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَدْ كَانَ ذَكَرَ عَقِيبَ ذَلِكَ وَأَشَارُوا إلَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَأَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْإِشَارَةِ عَقِيبَ ذِكْرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ اسْمَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ يَتَنَاوَلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَعَسَى أَشَارُوا إلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْإِشَارَةِ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَعِنْدَ ذِكْرِ الْجَمَلِ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْإِشَارَةِ إلَى الْجَمَلِ إلَّا إذَا كَانَ ذَكَرَ، وَأَشَارَ إلَى الْمَشْهُودِ بِهِ هَذَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرَ لَفْظَةَ هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ الْمَشْهُودِ بِهِ، وَأَحْوَجُ مَا يَكُونُ فِي الْمَحْضَرِ وَالسِّجِلِّ الْإِشَارَةُ فِي مَوَاضِعِ الْإِشَارَةِ فِي لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى حَتَّى يَرْتَفِعَ الِاشْتِبَاهُ وَتَصِحَّ الدَّعْوَى. وَقَدْ كَانَ ذَكَرَ عَقِيبَ قَوْلِهِ فَالْتَمَسَ الْمُدَّعِي هَذَا مِنِّي الْحُكْمَ فَأَعْلَمْتُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ مِنْ الْحُكْمِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَكَرَ هَذَا عَقِيبَ ذِكْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْ إلَى آخِرِ السِّجِلِّ لَفْظَةَ هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَكِنْ تَسَاهَلَ فِي تَرْكِ ذِكْرِ الْإِشَارَةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ، وَإِنَّمَا يُبَالِغُ فِي ذَلِكَ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، وَقَدْ كَانَ فِيهِ أَيْضًا حَكَمْتُ بِثُبُوتِ مِلْكِيَّةِ الْمَذْكُورِ فِيهِ لِلْمُدَّعِي وَبِكَوْنِهِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ بِحَضْرَةِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَكَرُوا بِحَضْرَةِ الْجَمَلِ الْمُدَّعَى بِهِ هَذَا، وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّ فِي الْمَنْقُولِ يَحْتَاجُ

محضر في إثبات الإيصاء بثلث المال

الْقَاضِي وَقْتَ الْحُكْمِ إلَى الْإِشَارَةِ كَمَا يَحْتَاجُ الشَّاهِدُ وَقْتَ الشَّهَادَةِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ الْقِيمَةَ فَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى حُضُورِ مَا يُدَّعَى قِيمَتُهُ، كَمَا فِي الرُّجُوعِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ إحْضَارِ الْمُسْتَحَقِّ كَذَا هُنَا، وَكَانَ الْقَاضِي كَتَبَ فِي آخِرِ السِّجِلِّ الْمَذْكُورِ فِيهِ صَدَرَ مِنْ فُلَانٍ. وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ كَتْبٌ: إنِّي حَكَمْتُ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ أَوْ بِدَلِيلٍ لَاحَ عِنْدِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنَّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ كَانَتَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَسَى كَانَتْ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ بَيْنَ يَدَيْ نَائِبِهِ وَهُوَ تَوَلِّي الْحُكْمِ بِنَفْسِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ قَاضِي بُخَارَى كَتَبَ فِي آخِرِ هَذَا السِّجِلِّ وَصَدَرَ مِنْهُ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ، وَعَسَى كَانَ عِنْدَ غَيْبَةِ الْخَصْمِ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا وَلَوْ كَانَ كَتَبَ: حَكَمْتُ بِثُبُوتِ السِّجِلِّ بِشَرَائِطِهِ لَا يَكْفِي أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقِفُ عَلَى الشَّرَائِطِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ كَمَا قُلْنَا فِي قَوْلِ الْقَاضِي شَهِدُوا عَلَى مُوَافَقَةِ الدَّعْوَى أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمُوَافَقَةَ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فَكَذَا هُنَا. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْإِيصَاءِ بِثُلُثِ الْمَالِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الْإِيصَاءِ بِثُلُثِ الْمَالِ) وَكَانَ الْمُوصِي امْرَأَةً وَهِيَ بِنْتُ الْأُسْتَاذِ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيِّ السَّمَرْقَنْدِيِّ الْمَعْرُوفِ بِأُسْتَاذِ مَيَّارَةَ قَدْ كَانَتْ أَوْصَتْ بِثُلُثِ مَالِهَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِثُلُثِهِ الْحِنْطَةَ وَتُفَرَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ لِقَضَاءِ صَلَوَاتِهَا الْفَائِتَةِ وَيَشْتَرِيَ بِثُلُثِهِ شَاةً فَيُضَحِّيَ بِهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ وَيَشْتَرِيَ بِثُلُثِهِ الرَّغَائِفَ وَمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْخَبِيصُ وَالْكِيزَانُ وَالْكَرِيبُ عَلَى حَسَبِ مَا اعْتَادَ النَّاسُ فِي أَيَّامِ عَاشُورَاءَ، وَقَدْ كَانَتْ أَوْصَتْ إلَى أُخْتِهَا وَأَمَرَتْهَا بِتَنْفِيذِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ فَادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا بِمَحْضَرٍ مِنْهُ وَكَانُوا كَتَبُوا فِي الْمَحْضَرِ بَيَانَ الْإِيصَاءِ، وَقَالُوا فِي آخِرِهِ: وَفِي يَدِ زَوْجِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا جُلُّ سَرْجٍ كَانَ طُولُهُ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ وَنِصْفٌ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ إحْضَارُ الْجُلِّ مَجْلِسَ الدَّعْوَى لِتَتَمَكَّنَ هِيَ مِنْ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِيهِ: إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى إحْضَارِهِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ نِصْفِ دِينَارٍ، وَذَلِكَ ثُلُثُ قِيمَتِهِ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِيهِ، وَكَانَ هَذَا مُوجِبًا لِلْخَلَلِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمَذْكُورَ هِيَ الْقِيمَةُ لَا غَيْرُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ هَذَا قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ أَوْ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجُلَّ يَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ الزَّوْجِ ظَاهِرًا إذَا لَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهُ قَبَضَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالِاسْتِهْلَاكِ فَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ. وَعَسَى كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ فَلَا يَصِحُّ مُطَالَبَتُهُ بِنِصْفِ دِينَارٍ فِي الْحَالِ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ كَانَتْ دِينَارًا وَنِصْفًا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرُوا أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ إحْضَارُ هَذَا الْجُلِّ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْمُوصَى إلَيْهَا حَتَّى تَبِيعَهُ وَتَأْخُذَ مِنْهُ الثُّلُثَ إنْ كَانَ مُقِرًّا بِهِ، وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا كَوْنَ الْجُلِّ هَذَا فِي يَدِهِ مِلْكًا لِلْمُوصِيَةِ هَذِهِ حَتَّى تَتَمَكَّنَ الْمُدَّعِيَةُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ الْوَجْهُ الصَّحِيحُ فِي طَلَبِ إحْضَارِ الْجُلِّ هَذَا حَتَّى تَتَمَكَّنَ مِنْ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِيهِ إلَّا بِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ الْبَيْعُ إنْ كَانَ مُقِرًّا بِهِ وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُنْكِرًا. . (سِجِلٌّ فِي إثْبَاتِ الْوَقْفِيَّةِ) وَكَانَ الْمَكْتُوبُ فِيهِ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَ فُلَانًا وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي طَلَبِ حُقُوقِهِ مِنْ النَّاسِ وَقَبَضَهَا لَهُ مِنْهُمْ تَوْكِيلًا مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ مُتَحَقَّقٍ كَائِنٍ قَبْلَ هَذَا التَّوْكِيلِ، وَهُوَ هَذَا الْوَقْفُ وَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ (اكر فُلَان وَقَفَ كرده است أَيْنَ فُلَان مَوْضِع رابربرا درو خواهر خويش فُلَان وفلانه)

بِشَرَائِطِ كَذَا وَسَلَّمَهُ إلَى مُتَوَلٍّ كَانَ وَلَّاهُ يَوْمَ الْوَقْفِ وَصَارَتْ وَقْفِيَّةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مُسْتَفِيضَةً مَشْهُورَةً، وَصَارَ هَذَا الْوَقْفُ مِنْ الْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ الْمَشْهُورَةِ فَأَنْتَ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الدُّيُونِ الَّتِي عَلَى النَّاسِ، وَقَدْ ثَبَتَ وَقْفِيَّةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ، وَصَارَتْ مِنْ الْأَوْقَافِ الْمَشْهُورَةِ وَيَتَحَقَّقُ شَرْطُ الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الدُّيُونِ الَّتِي لِفُلَانٍ عَلَى النَّاسِ وَلِفُلَانٍ الْمُوَكَّلِ عَلَى هَذَا الْمَحْضَرِ دَيْنُ كَذَا كَذَا فَأَجَابَ الْخَصْمُ، وَقَالَ (بِلَا فُلَان ترا وكيل كرده است بران وَجْه كه دعوى اميكني وَكَاَلَّتِي مَعْلُوم بآن شَرْط كه ياد كردي ومرا بِفُلَانِ جندين كه دعوى ميكني دادني نيست ولكن مرا از وقفيت أَيْنَ مَوْضِع مَعْلُوم نيست وازشهرت وَاسْتَفَاضَتْ أَوْ خَيَّرَنِي ومرايتوا باين وَجْه كه دعوى ميكني دادني نيست) أَحْضَرَ الْمُدَّعِي نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ يَشْهَدُونَ لَهُ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِهَا وَسَاقُوا الشَّهَادَةَ عَلَى سُنَنِهَا، وَذَكَرُوا أَنَّ فُلَانًا وَقَفَ هَذِهِ الضِّيَاعَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ عَلَى كَذَا بِشَرَائِطِ كَذَا وَحَكَمَ الْقَاضِي بِثُبُوتِ الْوَقْفِيَّةِ وَتَحَقَّقَ شَرْطُ الْوَكَالَةِ وَلُزُومُ الْمَالِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَلَّفَهُ أَدَاءَ ذَلِكَ إلَى الْمُدَّعِي وَأَمَرَ بِكِتَابَةِ هَذَا السِّجِلِّ فَكَتَبُوا وَوَقَّعَ الْقَاضِي عَلَى صَدْرِهِ وَكَتَبَ فِي آخِرِهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ، ثُمَّ اسْتَفْتَوْا عَنْ صِحَّةِ السِّجِلِّ كَمَا هُوَ فَأَجَابَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بِصِحَّتِهِ. وَأَجَابَ الْمُحَقِّقُونَ بِفَسَادِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي عِلَّةِ الْفَسَادِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: لِأَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ وَشَرَائِطِهِ بِالشُّهْرَةِ وَالِاسْتِفَاضَةِ، وَالشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ جَائِزَةٌ وَعَلَى شَرَائِطِهِ (لَا) ، وَإِذَا لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّرَائِطِ، وَالشُّهُودُ شَهِدُوا بِهِمَا لَا تُقْبَلُ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ أَيْضًا هُنَا: إمَّا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ وَاحِدَةٌ فَإِذَا بَطَلَتْ فِي الْبَعْضِ بَطَلَتْ فِي الْكُلِّ، أَوْ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَمَّا لَمْ تَحِلَّ لَهُمْ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّرَائِطِ بِالشُّهْرَةِ فَإِذَا شَهِدُوا بِهَا فَقَدْ أَتَوْا بِمَا لَا يَحِلُّ لَهُمْ فَيُوجِبُ ذَلِكَ فِسْقَهُمْ، وَالْفِسْقُ يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ وَجَهْلُهُمْ بِذَلِكَ لَا يَكُونُ عُذْرًا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْأَحْكَامِ، وَالْجَهْلُ بِالْحُكْمِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَكُونُ عُذْرًا، وَإِنَّمَا عُلِمَ هُنَا أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالتَّسَامُعِ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِوَقْفٍ قَدِيمٍ مَضَى عَلَيْهِ سُنُونَ كَثِيرَةٌ يُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا حَالَ حَيَاةِ الْوَاقِفِ، وَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ شَهِدُوا بِوَقْفٍ قَدِيمٍ مَضَى عَلَيْهِ سُنُونَ كَثِيرَةٌ يُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا حَالَ حَيَاةِ الْوَاقِفِ يُعْلَمُ ضَرَر أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالتَّسَامُعِ. وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ وَإِنْ شَهِدُوا بِوَقْفٍ قَدِيمٍ مَضَى عَلَيْهِ سُنُونَ كَثِيرَةٌ بِهَذَا لَا تَثْبُتُ الشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ وَالتَّسَامُعِ لِجَوَازِ أَنَّهُمْ عَايَنُوا قَاضِيًا قَضَى بِوَقْفِيَّةِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ (وَطَرِيقٌ آخَرُ يُعْلَمُ بِهِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالتَّسَامُعِ) أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ شَهِدْنَا؛ لِأَنَّهُ اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا، وَهَذَا مَقْبُولٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالُوا: شَهِدْنَا لِأَنَّا سَمِعْنَا مِنْ النَّاسِ حَيْثُ لَا تُقْبَلُ فِي ظَاهِرِ الْجَوَابِ، كَمَا لَوْ قَالُوا: شَهِدْنَا بِمَلَكِيَّةِ هَذِهِ الْعَيْنِ لِفُلَانٍ لِأَنَّا رَأَيْنَا هَذِهِ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ، ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي شَهَادَاتِ مُخْتَصَرِ عِصَامٍ وَفِي رِوَايَةٍ تُقْبَلُ، وَإِنْ فَسَرُّوا بِالسَّمَاعِ مِنْ النَّاسِ وَبِالْيَدِ، ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: إنَّمَا فَسَدَ السِّجِلُّ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُبَيِّنُوا الْمُتَوَلِّي، وَلَمْ يَسْمَعُوهُ. وَلَمْ يَذْكُرُوا نَسَبَهُ بَلْ ذَكَرُوهُ مَجْهُولًا، وَالتَّسْلِيمُ إلَى الْمَجْهُولِ لَا يَتَحَقَّقُ وَالتَّسْلِيمُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ، وَلَا اعْتِمَادَ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ إنَّمَا الِاعْتِمَادُ

محضر فيه دعوى ثمن أشياء أرسل المدعي إلى المدعى عليه ليبيعها

عَلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى، وَعِنْدِي أَنَّ الدَّعْوَى مِنْ الْوَكِيلِ عَلَى وَقْفِيَّةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا تَصِحُّ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى خَالِيَةً عَمَّا ذَكَرُوا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِهَذِهِ الدَّعْوَى يُثْبِتُ شَرْطَ حَقِّهِ بِإِثْبَاتِ فِعْلٍ عَلَى الْغَائِبِ وَفِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْغَائِبِ عَمَّا هُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ وَالْإِنْسَانُ لَا يَصْلُحُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ شَرْطِ حَقِّهِ بِإِثْبَاتِ فِعْلٍ عَلَى الْغَائِبِ إذَا كَانَ فِيهِ إبْطَالُ حَقٍّ، أَلَا يَرَى أَنَّ مَنْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِطَلَاقِ فُلَانٍ امْرَأَتَهُ فَأَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا قَدْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ دَعْوَى الْعَبْدِ، وَلَا يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ، وَالْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا، هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي طَلَاقِ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ، وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِسَمَاعِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَقَبُولِ بَيِّنَتِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. [مَحْضَر فِيهِ دعوى ثَمَن أَشْيَاء أَرْسَلَ الْمُدَّعِي إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَبِيعَهَا] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى ثَمَنِ أَشْيَاءَ أَرْسَلَ الْمُدَّعِي إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَبِيعَهَا) وَصُورَتُهُ حَضَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانًا وَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي حَضَرَ أَرْسَلَ إلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ بِيَدِ أَمِينٍ لَهُ فُلَانٍ كَذَا عَدَدًا مِنْ الْكِرْبَاسِ الزَّنْدَبِيجِيِّ الْبُخَارِيِّ الْمَسْمُوحِ، طُولُ كُلِّ وَاحِدٍ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا لِيَبِيعَ مِمَّنْ يَرْغَبُ فِي شِرَائِهِ بِمَا يَقُومُ أَهْلُ الْبَصَرِ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ فُلَانًا الْأَمِينَ أَوْصَلَ هَذِهِ الْكَرَابِيسَ إلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ قَبَضَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ الْأَمِينِ وَبَاعَ مِمَّنْ اشْتَرَى بِتَقْوِيمِ أَهْلِ الْبَصَرِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ، وَذَلِكَ كَذَا فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي إنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ اسْتَهْلَكَهُ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ مِثْلِ تِلْكَ الدَّنَانِيرِ الْمَقْبُوضَةِ إلَى الْمُدَّعِي وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ عَنْ ذَلِكَ فَسَأَلَ فَأَجَابَ الَّذِي أَحْضَرَهُ بِالْإِنْكَارِ فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي شُهُودًا فَاسْتُفْتُوا عَنْ صِحَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَى قِيلَ هَذِهِ الدَّعْوَى غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ وَفِيهَا خَلَلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيمَ ثَمَنِ الْكَرَابِيسِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى. وَذَكَرَ فِي الدَّعْوَى أَنَّهُ بَاعَ الْكَرَابِيسَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ بِكَذَا وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَطَالَبَهُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ بَاعَ الْكَرَابِيسَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ هَلَكَتْ الْكَرَابِيسُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الثَّمَنُ لَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الْكَرَابِيسِ بَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ لِمُشْتَرِي الْكَرَابِيسِ فَإِنَّمَا يَكُونُ الثَّمَنُ لِصَاحِبِ الْكَرَابِيسِ إذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ الْكَرَابِيسَ إلَى الْمُشْتَرِي فَمَا لَمْ يَذْكُرْ التَّسْلِيمَ لَا تَكُونُ دَعْوَى الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ صَحِيحَةً. (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) أَنَّهُ قَالَ: فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي، وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِي مِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ ذَكَرَ لَفْظَةَ الْوُجُوبِ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَوُجُودِ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي فَالثَّمَنُ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ وَكِيلًا فِي الْبَيْعِ وَفِي الْأَمَانَاتِ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَمِينِ تَسْلِيمُهَا إلَى صَاحِبِهَا إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ لَا غَيْرُ فَمُطَالَبَتُهُ بِالتَّسْلِيمِ لَا تَكُونُ مُسْتَقِيمَةً. وَالثَّانِي - أَنَّ الثَّمَنَ لَوْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْأَمِينِ كَانَ مُتَعَيَّنًا وَفِيمَا يَتَعَيَّنُ مِنْ الْمَنْقُولِ إنَّمَا تَسْتَقِيمُ الْمُطَالَبَةُ بِالْإِحْضَارِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ لِيَتَمَكَّنَ الْمُدَّعِي مِنْ الدَّعْوَى وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِحَضْرَتِهِ، وَلَا تَسْتَقِيمُ الدَّعْوَى وَالْمُطَالَبَةُ بِالتَّسْلِيمِ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ الْخَلَلِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، قَوْلُهُ لَوْ صَحَّ الْبَيْعُ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ وَقَبْضُ الثَّمَنِ كَانَ الثَّمَنُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْوَكِيلِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْأَمِينِ تَسْلِيمُ الْأَمَانَةِ، قُلْنَا: الْأَمِينُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْأَمَانَةِ بِحَقِيقَتِهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ بِمَجَازِهِ، وَهُوَ التَّخْلِيَةُ فَيُحْمَلُ دَعْوَى التَّسْلِيمِ عَلَى دَعْوَى التَّخْلِيَةِ تَصْحِيحًا، وَقَوْلُهُ: إنَّ الثَّمَنَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ لَوْ كَانَ قَائِمًا كَانَ مُتَعَيِّنًا فَيَجِبُ الْإِحْضَارُ لِلْإِشَارَةِ، وَلَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ قُلْنَا الْإِحْضَارُ، وَلَا يُفِيدُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْإِحْضَارَ لِلْإِشَارَةِ، وَلَا يُمْكِنُ لِلشُّهُودِ الْإِشَارَةُ إلَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي هِيَ أَثْمَانٌ، وَقَدْ مَرَّ جِنْسُ هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ.

محضر فيه دعوى ملكية حمار

[مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى مَلَكِيَّةِ حِمَارٍ] ٍ) صُورَتُهُ ادَّعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ مَلَكِيَّةَ حِمَارٍ فَحَضَرَ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَقَالَ: هَذَا الْحِمَارُ الَّذِي فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اشْتَرَيْتُهُ مِنْ فُلَانٍ وَفِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ إلَيَّ فَاسْتُفْتُوا عَنْ صِحَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَى، فَقِيلَ: إنَّهَا فَاسِدَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ ذَكَرَ الشِّرَاءَ مِنْ فُلَانٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ وَنُقِدَ الثَّمَنُ، وَقَدْ كَتَبْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرَى فِي يَدِ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَكُنْ نَقَدَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ لَا يَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِرْدَادِ وَالِاسْتِخْرَاجِ مِنْ يَدِ ذِي الْيَدِ، وَأَكَّدْنَا ذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ الْمُنْتَقَى. وَالثَّانِي - أَنَّ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ لَا بُدَّ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَقُولَ: بَاعَ فُلَانٌ مِنِّي، وَهُوَ يَمْلِكُهُ أَوْ يَذْكُرَ التَّسْلِيمَ أَوْ يَقُولَ مِلْكِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْ فُلَانٍ، وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ الْمِلْكِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ كَافٍ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ. [مَحْضَر فِيهِ دعوى الرَّجُل بَقِيَّة صَدَاق بِنْته عَلَى زَوْجهَا بِسَبَبِ وُقُوع الطَّلَاق عَلَيْهَا] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الرَّجُلِ بَقِيَّةَ صَدَاقِ بِنْتِهِ عَلَى زَوْجِهَا بِسَبَبِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا مِنْ جِهَتِهِ بِالْحَلِفِ) وَكَانَ صُورَةُ الدَّعْوَى: كَانَ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى خَتَنِي كَذَا دِينَارًا بِسَبَبِ كَذَا فَقَضَى مِنْ ذَلِكَ كَذَا وَبَقِيَ عَلَيْهِ كَذَا، وَكَانَ فِي يَدِ صَاحِبِ الدَّيْنِ خَطُّ إقْرَارِ خَتَنِي بِهَذَا فَظَفِرَ الْمُقِرُّ بِذَلِكَ وَمَزَّقَهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ الْغَرِيمُ يَوْمًا وَطَالَبَهُ بِالْبَاقِي مِنْ الْمَالِ فَأَنْكَرَ فَاسْتَحْلَفَهُ بِالطَّلَاقِ فَحَلَفَ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَهَدَّدَهُ وَحَبَسَهُ فَأَقَرَّ بِبَقِيَّةِ الْمَالِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَأَعْطَاهُ خَطًّا بِذَلِكَ وَهَكَذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَلِفِ وَبِبَذْلِ الْخَطِّ وَالْإِقْرَارِ بِبَقِيَّةِ مَالِهِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ امْرَأَتُهُ وَصِهْرُهُ وَرَفَعُوا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَادَّعَى صِهْرُهُ بِوَكَالَةِ ابْنَتِهِ بَقِيَّةَ مَهْرِهَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِسَبَبِ الْحَلِفِ الْمَذْكُورِ فِيهِ فَأَنْكَرَ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ فِيهِ الْحَلِفَ وَالْإِقْرَارَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَتَى الْمُدَّعِي بِالشُّهُودِ فَشَهِدُوا بِهَذَا اللَّفْظِ أَنَّ الزَّوْجَ أَقَرَّ أَنِّي حَلَفْتُ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا. وَهُوَ مَا كَانَ يَدَّعِي عَلَيَّ مِنْ بَقِيَّةِ الدَّيْنِ، ثُمَّ بَذَلْتُ لَهُ الْخَطَّ بِكَذَا فَاسْتَفْتُوا عَنْ صِحَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَمُوَافَقَةِ الشَّهَادَةِ الدَّعْوَى، فَقِيلَ: إنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ غَيْرُ مُوَافِقَةٍ لِهَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ فِي الدَّعْوَى ذَكَرَ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بَعْدَ الْحَلِفِ بِبَقِيَّةِ الْمَالِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ وَبَذَلَ لَهُ الْخَطَّ بِذَلِكَ، وَفِي الشَّهَادَةِ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ بَذَلَ الْخَطَّ بَعْدَ الْحَلِفِ بِكَذَا، وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ بَذَلَ الْخَطَّ بِالْمَالِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ، وَعَسَى بَذَلَ لَهُ خَطَّ الصُّلْحِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إقْرَارًا أَصْلًا، وَإِنْ كَانَ بَذَلَ خَطَّ الْإِقْرَارِ وَأَشْهَدُوا أَقَرَّ بِمَالٍ آخَرَ لَا بِذَلِكَ الْمَالِ فَلَا يُوجِبُ هَذَا حِنْثًا فِي يَمِينِهِ فَكَانَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ مُخَالِفَةً لِلدَّعْوَى مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلِأَنَّهُ مُكْرَهٌ فِي هَذَا الْإِقْرَار، وَالْإِقْرَارُ مُكْرَهًا لَا يَجِبُ بِهِ الْمَالُ فَلَا يَقَعُ الْحِنْثُ فَهَذَا خَلَلٌ ظَاهِرٌ فِي هَذَا الْمَقَامِ. [مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى اسْتِئْجَارِ الطَّاحُونَةِ] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى اسْتِئْجَارِ الطَّاحُونَةِ) وَكَانَ فِي ذِكْرِ الْحُدُودِ، الْحَدُّ الْأَوَّلُ مُغْتَرَفُ مَاءِ النَّهْرِ، وَالْحَدُّ الثَّانِي مَصَبُّ مَاءِ النَّهْرِ مِنْ الْوَادِي (فَرَدَّ الْمَحْضَرَ) بِعِلَّةِ أَنَّ هَذَا حَدُّ النَّهْرِ لَا حَدُّ الطَّاحُونَةِ، وَالدَّعْوَى وَقَعَتْ فِي الطَّاحُونَةِ وَحْدَهَا، وَلَوْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الطَّاحُونَةِ وَالنَّهْرِ فَمَا ذَكَرُوا يَصْلُحُ حَدًّا لِلنَّهْرِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى إجَارَةِ مَحْدُودٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى إجَارَةٍ مَحْدُودٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ) فَرَدَّ الْمَحْضَرَ بِعِلَّةِ أَنَّ الْأُجْرَةَ ذُكِرَتْ مُطْلَقَةً، وَلَعَلَّ أَنَّهَا مِنْ الْمَكِيلَاتِ، وَبَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا شَرْطٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ. [مَحْضَرٌ فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ إلَى زَمَانٍ بِعَيْنِهِ] (مَحْضَرٌ فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ إلَى زَمَانٍ بِعَيْنِهِ) وَقَدْ كَتَبَ الصَّكَّ قَبْلَ مَجِيءِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَكَتَبَ فِيهِ أَنَّهُمَا تَقَابَضَا قَبْضًا صَحِيحًا، قِيلَ: قَوْلُهُ " تَقَابَضَا قَبْضًا صَحِيحًا " لَا يَكَادُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَقَعُ قَبْلَ مَجِيءِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالتَّقَابُضُ قَبْلَهُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا.

محضر في إثبات الاستحقاق والرجوع بالثمن

(مَحْضَرٌ فِيهِ اسْتِحْقَاقُ جَارِيَةٍ اسْمُهَا دلبر) فَحِينَ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُثْبِتَ الِاسْتِحْقَاقَ عِنْدَ الْقَاضِي لِيَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ ذَكَرَ اسْمَ الْجَارِيَةِ (بنفشه) فَقَالَ الْبَائِعُ: مَا بِعْتُ مِنْكَ جَارِيَةً اسْمِهَا (بنفشه) وَإِنَّمَا بِعْتُ جَارِيَةً اسْمَهَا (دلبر) فَقَدْ قِيلَ: الْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي، وَلَا يُمَكِّنُهُ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يُنْكِرُ بَيْعَ الْجَارِيَةِ بِالِاسْمِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي، وَقَدْ قِيلَ الْقَاضِي يَسْمَعُ دَعْوَاهُ، إذَا قَالَ: أَرْجِعُ عَلَيْكَ بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ الَّتِي اشْتَرَيْتُهَا مِنْك لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهَا اسْمَانِ (بنفشه) وَ (دلبر) ، وَلَوْ كَانَ قَالَ: أَرْجِعُ عَلَيْكَ بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ الَّتِي اشْتَرَيْتُهَا مِنْكَ وَاسْتُحِقَّتْ عَلَيَّ يَسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَإِذَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقَضَى لَهُ بِالثَّمَنِ. [مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ] (مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ) وَصُورَةُ ذَلِكَ جَرَى الْحُكْمُ مِنْ الْقَاضِي فُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِاسْتِحْقَاقِ حِمَارٍ كَانَ اشْتَرَاهُ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَحْضَرِ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ كَانَ بِمُطْلَقِ الْمِلْكِ أَوْ بِالْمِلْكِ بِسَبَبٍ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى إقْرَارِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى نَفْسِ الدَّعْوَى وَالْحُكْمُ يَخْتَلِفُ. [مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى ثَمَنِ عَيْنٍ مُسَمَّاةٍ] (مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى ثَمَنِ عَيْنٍ مُسَمَّاةٍ) وَكَانَ الْمَذْكُورُ فِي آخِرِ الدَّعْوَى فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ لِتَصِحَّ دَعْوَى الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ. وَلَا يَبْقَى الثَّمَنُ وَاجِبًا عَلَى الْمُشْتَرِي. وَالثَّانِي - أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي آخِرِ الدَّعْوَى فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي، وَالثَّمَنُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ الْبَيْعِ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي الْأَمَانَاتِ وَالْوَدَائِعِ الْوَاجِبُ هُوَ التَّخْلِيَةُ دُونَ التَّسْلِيمِ وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي فَاسِدٌ غَايَةَ الْفَسَادِ. أَمَّا الْأَوَّلُ - فَلِأَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ فِي بَيْعِ الْعَيْنِ بِالدَّرَاهِمِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الَّذِي يُطَالِبُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوَّلًا. وَأَمَّا الثَّانِي - فَلِأَنَّ الثَّمَنَ وَاجِبٌ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَالْوَاجِبُ فِي الذِّمَّةِ لَا يَكُونُ أَمَانَةً، وَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا الْقَوْلُ، وَأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ جَمِيعُ مَالِ الْمُشْتَرِي لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الثَّمَنُ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ) فِيهِ دَعْوَى دَنَانِيرَ نَيْسَابُورِيَّةٍ جَيِّدَةٍ حَمْرَاءَ ثَمَنَ دُهْنِ مِقْدَارٍ مَعْلُومٍ اشْتَرَاهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّعِي وَقَبَضَ الدُّهْنَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ وَذَكَرُوا قَبْضَ الدُّهْنِ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ جَمِيعًا (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ فِي دَعْوَاهُ وَالشُّهُودَ فِي شَهَادَتِهِمْ لَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الدُّهْنِ هَلْ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَلَا يَجِبُ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَهَذَا لَيْسَ بِخَلَلٍ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا دَعْوَى الدَّيْنِ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الدُّهْنَ مَقْبُوضٌ، أَلَا يُرَى أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَذْكُرُوا مِقْدَارَ الدُّهْنِ تَصِحُّ الدَّعْوَى، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا قَبْضَهُ فَإِنَّمَا تَصِحُّ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ دَعْوَى الدَّيْنِ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ) صُورَتُهُ ادَّعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ أَنَّكَ اشْتَرَيْتَ مِنِّي كَذَا كَذَا حِنْطَةً بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْبَيْعِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَشَهِدَ الْآخِرُ بِالْبَيْعِ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، فَقِيلَ: الشَّهَادَةُ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ لِاخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ فِيهَا، وَقِيلَ: لَوْ صَحَّتْ الدَّعْوَى كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْعِشْرِينَ مَقْبُولَةً؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْعِشْرِينَ لَفْظًا وَمَعْنَى، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَهِدَ بِعَقْدٍ غَيْرِ الْعَقْدِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ صَاحِبُهُ فَإِنَّ الْعَقْدَ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ غَيْرُ الْعَقْدِ بِعِشْرِينَ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ مِثْلُ هَذَا الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَتَحَالَفَانِ.

(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) ادَّعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ كَذَا كَذَا أَقْفِزَةً حِنْطَةً، وَقَالَ فِي دَعْوَاهُ (واين مُدَّعَى عَلَيْهِ اززمين مُسْتَأْجَر مِنْ أَيْنَ مبلغ كندم بِرِدِّهِ است بنا حَقّ) فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيَّ، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهَا (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الدَّعْوَى (أَيْنَ مبلغ كندم يرده است ازمزرعه مِنْ يَا ازمزرعه مَزَارِع مِنْ) وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ لِتَصِحَّ مِنْهُ دَعْوَى الْمُطَالَبَةِ بِالتَّسْلِيمِ، إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الزَّرْعُ لِذَلِكَ الْغَيْرِ لَا لِهَذَا الْمُدَّعِي، وَإِذَا ذَكَرَ أَنَّهُ مَزْرُوعٌ مُزَارَعَةً، هَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اسْمِ الْمُزَارِعِ وَنَسَبِهِ؟ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ عُرِضَ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى أَرْبَعَةِ آلَافِ دِينَارٍ وَالْمَكْتُوبُ فِي لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ ظَاهِرَةٌ، فَقِيلَ: نَسِيَ (هزار) فَقَالَ: إذَا نَسِيَ فَقَدْ فَسَدَ الْمَكْتُوبُ، وَقِيلَ: يَجِبُ أَنْ تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ، وَقَدْ مَرَّ جِنْسُ هَذَا. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى أَعْيَانٍ مُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ) ، وَذَكَرَ قِيمَتَهَا جُمْلَةً، وَلَمْ يُبَيِّنْ قِيمَةَ كُلِّ عَيْنٍ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ اكْتَفَى بِالْإِجْمَالِ وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ التَّفْصِيلَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَاصِلِ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ كَانَتْ الْأَعْيَانُ قَائِمَةً، أَوْ مُسْتَهْلَكَةً، فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِحْضَارِ عِنْدَ الدَّعْوَى، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ الْقِيمَةِ، وَقَدْ مَرَّ جِنْسُ هَذَا، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ قِيمَةَ كُلِّ عَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ بِاسْتِهْلَاكِ بَعْضِ هَذِهِ الْأَعْيَانِ وَيُنْكِرُ الْبَعْضَ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْرِفَ الْقَاضِي أَنَّهُ بِأَيِّ قَدْرٍ يَقْضِي مَعَ هَذَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ خَلَلًا فِي الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى دَيْنًا وَبَيَّنَ قَدْرَهُ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى النَّاقَةِ) وَالْمَكْتُوبُ فِي الْمَحْضَرِ الْجَمَلُ، وَأَنَّهُ يُوجِبُ الْفَسَادَ لِمَكَانِ التَّجْهِيلِ فِي الْوَصْفِ، وَلِذَلِكَ لَوْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي نَاقَةٍ وَجَمَلٍ وَكَتَبَ فِي الْمَحْضَرِ نَاقَتَيْنِ أَوْ جَمَلَيْنِ يُرَدُّ الْمَحْضَرُ لِمَا قُلْنَا، وَهَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ تَحْتَاجُ إلَى الْإِشَارَةِ، وَعِنْدَ الْإِشَارَةِ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الْأَوْصَافِ (وَرُدَّ مَحْضَرٌ) صُورَتُهُ ادَّعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ أَنَّهُ قَطَعَ مِنْ أَشْجَارِ كَرْمِهِ كَذَا كَذَا وِقْرًا مِنْ الْحَطَبِ قِيمَتُهَا كَذَا وَغَصَبَ مِنْ كَرْمِهِ كَذَا كَذَا وِقْرًا مِنْ الْأَعْنَابِ (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ نَوْعٍ الْعِنَبِ وَالْحَطَبِ، فَقِيلَ: هَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ فِي الْعِنَبِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِي الْحَطَبِ؛ لِأَنَّ الْحَطَبَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَيُبَيِّنُ مِقْدَارَ قِيمَةِ الْحَطَبِ وَيَكْتَفِي بِهِ، وَقِيلَ: الْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ النَّوْعِ وَالصِّفَةِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْجَوْزِ وَالْفِرْصَادِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْخِلَافِ، وَكَذَلِكَ قِيمَةُ الْيَابِسِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الرَّطْبِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُبَيِّنَ نَوْعَ الْحَطَبِ مَعَ مِقْدَارِ الْقِيمَةِ حَتَّى يَعْلَمَ هَلْ هُوَ صَادِقٌ فِي تَعْيِينِ هَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْقِيمَةِ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى امْرَأَةٍ عَلَى زَوْجِهَا) وَصُورَتُهُ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهَا كَذَا كَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ قَبْضًا يُوجِبُ عَلَيْهِ الرَّدَّ عَلَيْهَا وَأَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّهُ قَبَضَ ذَلِكَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِنْهَا إقْرَارًا صَحِيحًا، وَهُوَ طَائِعٌ غَيْرُ مُكْرَهٍ، وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ ذِكْرِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ قَبَضَ ذَلِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَا ذَكَرَ أَنَّهُ قَبَضَ قَبْضًا يُوجِبُ عَلَيْهِ الرَّدَّ عَلَيْهَا. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ

السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَدَارُ الْأَمْرِ عَلَى هَذَا الْإِقْرَارِ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِحَقٍّ، وَلَيْسَ فِيهِ إضَافَةُ إقْرَارِهِ إلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ أَوْ نَحْوِهِ حَتَّى يَنْصَرِفَ ذَلِكَ إلَى الْأَوَّلِ بَلْ هُوَ إقْرَارٌ مُسْتَأْنَفٌ مُطْلَقٌ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ لَا مَحَالَةَ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى، قِيلَ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ الدَّعْوَى، وَهُوَ الْأَشْبَهُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ الْمُطْلَقَ سَبَبٌ لِضَمَانِ الرَّدِّ وَالْعَيْنِ جَمِيعًا فَصَارَ وُجُوبُ الرَّدِّ كَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي إقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ الْمُطْلَقِ، أَلَا يُرَى إلَى مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: غَصَبْتَنِي هَذَا الثَّوْبَ، وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: أَخَذْتُهُ مِنْكَ وَدِيعَةً أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَالْمُقِرُّ ضَامِنٌ مَعَ أَنَّ الْمُقِرَّ هُنَاكَ نَصَّ عَلَى الْأَخْذِ وَدِيعَةً فَهُنَا أَوْلَى. (عُرِضَ مَحْضَرٌ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) وَصُورَةُ ذَلِكَ ادَّعَى رَجُلٌ أَعْيَانًا مِنْ الْأَمْوَالِ عَلَى رَجُلٍ وَمِنْهَا قَمِيصٌ قَدْ كَانُوا بَيَّنُوا جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ وَصِفَتَهُ وَقِيمَتُهُ وَسَرَاوِيلُ بَيَّنُوا نَوْعَهَا وَجِنْسَهَا وَصِفَتَهَا وَقِيمَتُهَا قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ (مرداته) أَوْ (زنانه وازخر دوكلان) ، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ قَائِمَةً لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهَا مَجْلِسَ الدَّعْوَى لِلْإِشَارَةِ إلَيْهَا، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَعَ ذِكْرِ الْقِيمَةِ (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى النُّحَاسِ الْمُكَسَّرِ) وَكَانَ الْغَاصِبُ فِي بِلْدَةِ مَرْوَ وَالدَّعْوَى بِبُخَارَى فَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَنَوْعٌ هُوَ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَكُلُّ نَوْعٍ عَلَى نَوْعَيْنِ أَيْضًا نَوْعٌ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَنَوْعٌ لَا حَمْلَ لَهُ، وَلَا مُؤْنَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَغْصُوبُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ. نَحْوُ الدَّابَّةِ وَالْخَادِمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَقِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَالْمَغْصُوبُ قَائِمٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ مِثْلَ الْقِيمَةِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَأْخُذُ عَيْنَ مَالِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْغَاصِبَ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ عَيْنُ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ، وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَالْمَغْصُوب مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَغْصُوبَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ بِهِ حَتَّى يَذْهَبَ الْغَاصِبُ بِالْمَغْصُوبِ إلَى بَلْدَةِ الْغَصْبِ فَيَأْخُذَ مِنْهُ، وَهَذَا لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْعَيْنَ فَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ عَيْنُ مِلْكِهِ مَعَ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ مِنْ قِبَلِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْأَشْيَاءِ مُتَفَاوِتَةٌ بِتَفَاوُتِ الْأَمْكِنَةِ، وَهَذَا التَّفَاوُتُ إنَّمَا حَصَلَ بِمَعْنًى مِنْ جِهَةِ الْغَاصِبِ، وَهُوَ نَقْلُهُ إلَى هَذَا الْمَكَانِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَلْتَزِمَ الضَّرَرَ بِأَخْذِ الْعَيْنِ وَلَهُ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ الضَّرَرَ وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْخُصُومَةِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ يَنْتَظِرَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَقِيَهُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ، وَقَدْ انْتَقَصَ السِّعْرُ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ مَا حَصَلَ بِفِعْلٍ مُضَافٍ إلَى الْغَاصِبِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنًى رَاجِعٍ إلَى رَغَبَاتِ النَّاسِ فَلَا يَضْمَنُ أَمَّا إذَا نَقَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخِرَ فَهَذَا النُّقْصَانُ حَصَلَ مُسْتَنِدًا إلَى فِعْلِ الْغَاصِبِ، وَهُوَ النَّقْلُ فَأَمْكَنَ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ قَدْ هَلَكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَقِيَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ أَكْثَرَ يُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي بَلْدَةِ الْخُصُومَةِ أَكْثَرَ فَالْغَاصِبُ يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ إلَّا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ. وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَلَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ كَالْكُرِّ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ

وَكَالنُّحَاسِ الْمُكَسَّرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ قَائِمًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَقِيَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ مِثْلَ السِّعْرِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ سِوَاهُ، وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَقَلَّ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ قَدْ هَلَكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ مِثْلَ السِّعْرِ فِي بَلْدَةِ الْخُصُومَةِ فَالْغَاصِبُ يَبْرَأُ بِرَدِّ الْمِثْلِ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَيْضًا يُطَالِبُهُ بِرَدِّ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ أَكْثَرَ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ طَالَبَهُ بِرَدِّ الْمِثْلِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بِقِيمَتِهِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ. وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ أَكْثَرَ فَلِلْغَاصِبِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مِثْلَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ إلَّا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَلَوْ أَلْزَمْنَا الْغَاصِبَ تَسْلِيمَ الْمِثْلِ عَلَى التَّعْيِينِ يَسْتَضِرُّ بِهِ الْغَاصِبُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ زِيَادَةُ قِيمَةٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَخَيَّرْنَاهُ بَيْنَ إعْطَاءِ الْمِثْلِ فِي الْحَالِ وَبَيْنَ إعْطَاءِ الْقِيمَةِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالتَّأْخِيرِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ لِلْحَالِ، إذَا عَرَفْتَ جَوَابَ هَذِهِ الْفُصُولِ خَرَجَ جَوَابُ الْمَحْضَرِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النُّحَاسِ بِبُخَارَى مِثْلَ قِيمَةِ النُّحَاسِ بِمَرْوَ فَحَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي ذَلِكَ النُّحَاسِ، فَإِنْ ادَّعَى الْمِثْلَ صَحَّ دَعْوَاهُ وَمَا لَا فَلَا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النُّحَاسِ بِمَرْوَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ بِبُخَارَى فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ شَاءَ طَالَبَهُ بِقِيمَتِهِ بِمَرْوَ يَوْمَ الْخُصُومَةِ فَأَيُّ ذَلِكَ شَاءَ وَعَيَّنَهُ وَادَّعَاهُ يَصِحُّ دَعْوَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِبُخَارَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ بِمَرْوَ وَيُطَالِبُ الْغَاصِبَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ الْغَاصِبُ وَيَقُولُ لَهُ الْقَاضِي: أَدِّ أَيَّهُمَا شِئْتَ، إمَّا قِيمَتَهُ بِمَرْوَ وَإِمَّا مِثْلَهُ فِي الْحَالِ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ) صُورَتُهُ حَضَرَ فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ الْجَدِّ فَأُجِيبَ بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ حَاضِرٌ، وَفِي الْحَاضِرِ الْإِشَارَةُ تَكْفِي، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الِاسْمِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَى ذِكْرِ الْجَدِّ، وَأَمَّا فِي الْغَائِبِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الصَّحِيحُ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ) صُورَتُهُ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى وَرَثَةِ زَوْجِهَا بَقِيَّةَ مَهْرِهَا الَّذِي كَانَ لَهَا، وَأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ لَهَا بِذَلِكَ طَائِعًا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَهَا ذَلِكَ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهِمْ مَا فِيهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَزِيَادَةٌ، وَفِيهِ جَوَابُ الْإِمَامِ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْفَسَادِ بِعِلَّةِ أَنَّهَا لَمْ تُبَيِّنْ أَعْيَانَ التَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهِمْ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ وَتَعْرِيفِهَا بِمَا يَقَعُ بِهِ الْمَعْرِفَةُ نَحْوُ ذِكْرِ الْحُدُودِ فِي الْمَحْدُودَاتِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَهَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْضُهُمْ شَرَطُوا بَيَانَ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَالْحَاكِمُ أَحْمَدُ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي شُرُوطِهِ ذَكَرَ فِي سِجِلِّ إثْبَاتِ الدَّيْنِ، إنْ أَجْمَلَ كَانَ كَافِيًا، وَإِنْ بَيَّنَ وَفَسَّرَ كَانَ أَحْوَطَ، وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَشْتَرِطْ بَيَانَ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْوَفَاءِ بِالدَّيْنِ وَالْخَصَّافُ ذَكَرَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ الْيَمِينِ عَلَى الْعِلْمِ مِثْلَ مَا ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ لِإِثْبَاتِ الدَّيْنِ وَالْقَضَاءِ بِهِ، وَلَكِنْ إنَّمَا يَأْمُرُ الْقَاضِي الْوَارِثَ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ إذَا ثَبَتَ وُصُولُ التَّرِكَةِ إلَيْهِمْ، وَعِنْدَ إنْكَارِهِمْ وُصُولُ التَّرِكَةِ إلَيْهِمْ لَا يُمْكِنُ لِلْمُدَّعِي إثْبَاتُهُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهِمْ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ وَهَكَذَا حَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ) فِيهِ ذِكْرُ إقْرَارٍ بِمَالٍ فَرَدَّهُ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُ أَقَرَّ بِطَوْعٍ

محضر دعوى رجلين صداق جارية مشتركة بينهما

قَالَ: وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ، وَقِيلَ: إنَّهُ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ، وَلَيْسَ بِأَمْرٍ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ فِيمَا بَيَّنَ النَّاسُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ بِطَرِيقِ النُّدْرَةِ وَمَا كَانَ نَادِرًا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ. [مَحْضَر دَعْوَى رَجُلَيْنِ صَدَاقَ جَارِيَة مُشْتَرَكَة بَيْنَهُمَا] (مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى رَجُلَيْنِ صَدَاقَ جَارِيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا) وَصُورَتُهُ أَنَّ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ التُّرْكِيَّةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ لِهَذِهِ التُّرْكِيَّةِ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ مِنْ صَدَاقِهَا كَذَا، وَهَكَذَا أَقَرَّ هُوَ وَجَاءَ بِشُهُودٍ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ لِلتُّرْكِيَّةِ الْمُسَمَّاةِ (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمُزَوِّجِ. وَهَذَا لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْجَارِيَةَ صَارَتْ لَهُمَا مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِمَا، إمَّا بِالْإِرْثِ أَوْ بِالْهِبَةِ أَوْ بِالْبَيْعِ أَوْ بِالصَّدَقَةِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ التَّزْوِيجَ كَانَ مِنْ جِهَةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ، فَإِنْ كَانَ التَّزْوِيجُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْوَاهِبِ أَوْ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ كَانَ الصَّدَاقُ لَهُ لَا لِهَذَيْنِ الْمُدَّعِيَيْنِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُمَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ التَّزْوِيجُ مِنْ مُورِثِهِمَا فَالصَّدَاقُ يَجِبُ لِلْمُورِثِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَجِبُ لِلْوَارِثِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ حَقِّ الْمِيرَاثِ، وَلِأَنَّهُمَا قَالَا لَهَا عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا، وَالصَّدَاقُ يَجِبُ لِمَالِكِهَا لَا لَهَا، وَلِأَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَهَا بِالصَّدَاقِ عَلَى نَفْسِهِ، أَمَّا مَا شَهِدُوا بِكَوْنِهَا مَمْلُوكَةً لِهَذَيْنِ الْمُدَّعِيَيْنِ وَمَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْحُجَّةِ كَوْنُهَا مَمْلُوكَةً لِلْمُدَّعِيَيْنِ لَا يَثْبُتُ لَهُمَا حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ الصَّدَاقِ إلَيْهِمَا. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى صَبِيٍّ) فَرُدَّ بِعِلَّةِ أَنَّ دَعْوَى الصَّبِيِّ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَهَذَا مُسْتَقِيمٌ فِي الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ، أَمَّا الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ فَدَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ إنْ كَانَ مُدَّعِيًا، وَإِنْ كَانَ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَجَوَابُهُ أَيْضًا صَحِيحٌ (مَحْضَرٌ) فِيهِ دَعْوَى رَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَكَزَهُ خَطَأً وَأَصَابَ وَجْهَهُ وَانْكَسَرَ مِنْ شِدَّةِ ضَرْبِهِ ثَنِيَّةٌ مِنْ ثَنَايَاهُ الْيُمْنَى مِنْ الْأَصْلِ وَوَجَبَ لِهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَطَالَبَهُ بِالْجَوَابِ (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّ الضَّرْبَ إذَا كَانَ خَطَأً فَمُوجِبُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَا عَلَى الضَّارِبِ وَحْدَهُ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا أَنَّ الضَّارِبَ، هَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَاقِلَةِ؟ وَالِاخْتِلَافُ فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الضَّارِبِ ابْتِدَاءً، وَالْعَاقِلَةُ يَحْمِلُونَ عَنْهُ، أَوْ الْوُجُوبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ابْتِدَاءً، وَالثَّانِي - أَنَّ الضَّارِبَ، هَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَاقِلَةِ فَلَا تَسْتَقِيمُ دَعْوَى مُطَالَبَتِهِ بِجَمِيعِ الْمُوجِبِ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى الضَّمَانِ) وَرُدَّ بِعِلَّةِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَالَ فِي دَعْوَاهُ: وَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ ضَمِنَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ فِيهِ، وَلَمْ يَقُلْ ضَمِنَ لِي، وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ لِتَصِحَّ مُطَالَبَةُ الْمُدَّعِي إيَّاهُ بِحُكْمِ الضَّمَانِ وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِخَلَلٍ. (وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى دَفْعِ الدَّفْعِ) صُورَتُهُ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَصُنُوفًا مِنْ الْأَمْوَالِ فَادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى ابْنِ الْمَيِّتِ أَنَّ أَبَا هَذَا مَاتَ، وَقَدْ كَانَ تَزَوَّجَهَا عَلَى صَدَاقِ كَذَا، وَمَاتَ قَبْلَ أَدَاءِ شَيْءٍ مِنْهُ إلَيْهَا وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي يَدِ هَذَا الِابْنِ كَذَا وَكَذَا، وَأَنَّهَا تَفِي بِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ الصَّدَاقِ وَزِيَادَةً وَأَنْكَرَ الِابْنُ أَنْ يَكُونَ لَهَا عَلَى أَبِيهِ صَدَاقٌ فَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَادَّعَى الِابْنُ عَلَيْهَا فِي دَفْعِ دَعْوَاهَا أَنَّكِ أَبْرَأْتِ أَبِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الِابْنِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ الدَّفْعَ أَنَّكَ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَى الْإِبْرَاءِ لِمَا أَنَّكَ طَلَبْتُ مِنِّي الصُّلْحَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيكَ عَلَى كَذَا وَكَذَا. فَقِيلَ: لَا شَكَّ أَنَّ دَفْعَ الِابْنِ دَعْوَاهَا صَحِيحٌ مَعَ مَا سَبَقَ مِنْهُ مِنْ إنْكَارِ الصَّدَاقِ عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَى الْأَبِ الصَّدَاقُ، وَلَكِنْ لَمَّا ادَّعَتْ شَفَعْنَا إلَيْهَا حَتَّى تُبْرِئَهُ فَأَبْرَأَتْهُ فَأَمَّا دَفْعُ الدَّفْعِ فَيُنْظَرُ إنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَبَ مِنِّي الصُّلْحَ عَنْ دَعْوَايَ لَا يَصْلُحُ

هَذَا دَفْعًا؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ دَعْوَى الشَّيْءِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ لِلْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ طَلَبُ الصُّلْحِ عَنْ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا فَكَذَا هُنَا طَلَبُ الصُّلْحِ مِنْ الِابْنِ عَنْ دَعْوَى الْمَهْرِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِمَهْرِهَا، وَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَبَ الصُّلْحَ عَنْ مَهْرِي فَالْمَسْأَلَةُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا لِأَنَّ طَلَبَ الصُّلْحِ عَنْ الشَّيْءِ إقْرَارٌ بِذَلِكَ الشَّيْءِ لِلْمُدَّعِي فَتُثْبِتُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ إقْرَارَ الِابْنِ بِصَدَاقِهَا عَلَى أَبِيهِ، وَقَدْ تُثْبِتُ بَيِّنَةُ الِابْنِ إبْرَاءَ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَ عَنْ الصَّدَاقِ، وَلَمْ يُعْرَفْ بَيْنَهُمَا تَارِيخٌ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا وَقَّعَا مَعًا الْإِبْرَاءَ وَالطَّلَبَ لِلصُّلْحِ فَيَصِيرُ الِابْنُ رَادًّا الْإِبْرَاءَ بِطَلَبِ الصُّلْحِ عَنْ الصَّدَاقِ وَرَبُّ الدَّيْنِ إذَا أَبْرَأَ الْمَيِّتَ عَنْ الدَّيْنِ فَرَدَّ الْوَارِثَ إبْرَاءَهُ، هَلْ يَرْتَدُّ الْإِبْرَاءُ بِرَدِّهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْتَدُّ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرْتَدُّ فَيَصِحُّ الدَّفْعُ. (سِجِلٌّ وَرَدَ مِنْ خُوَارِزْمَ فِي إثْبَاتِ الْحُرِّيَّةِ) ، وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا أَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى مُوَافَقَةِ الدَّعْوَى فَظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ خَلَلٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْمُحَاضَرَاتِ أَنَّ تَرْكَ لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ خَلَلٌ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى، وَلَيْسَ بِخَلَلٍ فِي السِّجِلِّ، وَذَكَرَ فِيهِ أَيْضًا: وَقَضَيْتُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا، وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ بِحَضْرَتِهِمَا فَظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ خَلَلٌ. وَلَيْسَ بِخَلَلٍ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بِحَضْرَتِهِمَا حَمْلًا لِقَضَائِهِ عَلَى الصِّحَّةِ، وَقَدْ غَلِطُوا فِي الِاسْم فَجَعَلُوا اسْمَ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ وَاسْمَ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ فَظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ خَلَلٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِخَلَلٍ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ وَالْمُوَكِّلَ مُتَخَاصِمَانِ، وَقَدْ وُجِدَتْ الْإِشَارَةُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْمِ. (عُرِضَ سِجِلٌّ كُتِبَ فِي آخِرِهِ) ثَبَتَ عِنْدِي، وَلَمْ يَكْتُبْ " حَكَمْتُ " فَرُدَّ السِّجِلُّ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ، وَأَنَّهُ سَهْوٌ فَقَوْلُ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ " حَكَمْتُ ". (عُرِضَ سِجِلٌّ فِي دَعْوَى الْوَقْفِيَّةِ) صُورَتُهُ حَضَرَ فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ فُلَانًا، وَهَذَا الْحَاضِرُ مَأْذُونٌ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي فُلَانٍ فِي دَعْوَى وَقْفِيَّةِ الضَّيْعَةِ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا نَصَّبَهُ الْقَاضِي فُلَانٌ لِيُثْبِتَ الْوَقْفِيَّةَ عَلَى فُلَانَةَ وَأَوْلَادِهَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا وَقَفَهَا فُلَانٌ عَلَى ابْنَتِهِ فُلَانَةَ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهَا وَبَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ عَلَى مَسْجِدٍ جَامِعٍ كَذَا فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الْمُحْضِرَ أَثْبَتَ يَدَهُ عَلَى هَذِهِ الضَّيْعَةِ الْمَحْدُودَةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى فُلَانَةَ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ وَتَسْلِيمُهَا إلَيَّ لِأَقْبِضَهَا بِالْإِذْنِ الْحُكْمِيِّ، فَقِيلَ: هَذَا السِّجِلُّ وَقَعَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَذْكُرْ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ يَدَّعِي الْوَقْفِيَّةَ لِيَصْرِفَ الْغَلَّةَ إلَى فُلَانَةَ وَأَوْلَادِهَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا أَوْ لِيَصْرِفَ الْغَلَّةَ إلَى مَصَالِحِ الْجَامِعِ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَلَى تَقْدِيرِ بَقَاءِ فُلَانَةَ أَوْ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِهَا أَوْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهَا لَا تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَى مَصَالِحِ الْجَامِعِ وَعَلَى تَقْدِيرِ انْقِرَاضِهِمْ فَالْمُدَّعِي لَيْسَ بِخَصْمٍ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا نَصَبَهُ لِيَدَّعِيَ وَقْفِيَّةُ هَذِهِ الضَّيْعَةِ لِهَؤُلَاءِ لَا لِلْجَامِعِ، وَقِيلَ: السِّجِلُّ صَحِيحٌ، وَهَذَا الْخَلَلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ الْمَصَارِفَ مُخْتَلِفَةٌ، وَالْبَعْضُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْبَعْضِ فَالْإِذْنُ مِنْ الْقَاضِي بِدَعْوَى وَقْفِيَّةِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ لِأَجْلِ الْبَعْضِ يَكُونُ إذْنًا بِدَعْوَى وَقْفِيَّتِهَا لِأَجْلِ الْكُلِّ فَصَارَ مَأْذُونًا بِدَعْوَى الْوَقْفِيَّةِ لِأَجْلِ الْكُلِّ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَعْيِينِ الْمَصَارِفِ فِي الدَّعْوَى وَيَكْفِيهِ دَعْوَى أَصْلِ الْوَقْفِيَّةِ، ثُمَّ إذَا ثَبَتَ أَصْلًا، فَإِنْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَيْهِ وَإِلَّا تُصْرَفُ إلَى مَصَالِحِ الْجَامِعِ. (عُرِضَ سِجِلٌّ فِي دَعْوَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ) وَكَانَ فِي الدَّعْوَى أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ، وَأَنَّهُ عُلِقَ حُرًّا وَوُلِدَ عَلَى فِرَاشِ الْحُرِّيَّةِ

كتاب الشروط وفيه فصول

وَأُمُّ الْمُدَّعِي هَذَا مُعْتَقَةٌ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ الْحُرِّيَّةِ، وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ عُلِقَ حُرُّ الْأَصْلِ أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ، وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى هَذَا فَأَفْتَى كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بِصِحَّتِهِ فَإِنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا حُرُّ الْأَصْلِ اكْتَفَى بِهِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ زَعَمَ فَسَادَ السِّجِلِّ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ بِالْوَالِدَيْنِ كَانَ بَعْدَ عِتْقِ الْأُمِّ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنُوا ذَلِكَ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ كَيْفَ يَقْضِي بِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَبِصِحَّةِ السِّجِلِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [كِتَابُ الشُّرُوطِ وَفِيهِ فُصُولٌ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْحِلَى وَالشِّيَاتِ] وَفِيهِ فُصُولٌ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْحِلَى وَالشِّيَاتِ) وَالْحِلَى يُطْلَقُ فِي الْآدَمِيِّينَ وَالشِّيَاتُ فِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُقَالُ إنَّ الْإِنْسَانَ مَا دَامَ فِي الرَّحِمِ جَنِينٌ فَإِذَا وُلِدَ فَهُوَ وَلِيدٌ مَا دَامَ يَرْضَعُ فَهُوَ رَضِيعٌ فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ سَبْعَةُ لَيَالٍ فَهُوَ صَدِيغٌ (بَالِغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ) ، ثُمَّ إذَا قُطِعَ مِنْهُ اللَّبَنُ فَهُوَ قَطِيعٌ، ثُمَّ إذَا دَبَّ وَنَمَا فَهُوَ دَارِجٌ فَإِذَا بَلَغَ طُولُهُ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ فَهُوَ خُمَاسِيٌّ فَإِذَا سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ فَهُوَ مَثْغُورٌ فَإِذَا نَبَتَتْ أَسْنَانُهُ بَعْدَ السُّقُوطِ فَهُوَ مُتَّغِرٌ بِالتَّاءِ وَالثَّاءِ فَإِذَا تَجَاوَزَ عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ مُتَرَعْرِعٌ وَنَاشٍ. وَإِذَا كَانَ يَقْرُبُ الْحُلُمَ فَهُوَ يَافِعٌ وَمُرَاهِقٌ فَإِذَا احْتَلَمَ وَاجْتَمَعَتْ قُوَّتُهُ فَهُوَ حَزَوَّرٌ وَاسْمُهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ غُلَامٌ فَإِذَا اخْضَرَّ شَارِبُهُ وَأَخَذَ عِذَارُهُ بِمِثْلِ قَدْرِ بَقْلٍ فَهُوَ وَجِيهٌ، وَإِذَا صَارَ ذَا فَتَاءٍ فَهُوَ فَتًى وَشَارِخٌ فَإِذَا اجْتَمَعَتْ لِحْيَتُهُ وَبَلَغَ غَايَةَ شَبَابِهِ فَهُوَ مُجْتَمِعٌ، ثُمَّ مَا دَامَ بَيْنَ الثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ فَهُوَ شَابٌّ، ثُمَّ كَهْلٌ إلَى أَنْ يُسْتَوْفَى السِّتِّينَ، ثُمَّ أَشَمَطَ، ثُمَّ مُخْلِسٌ حِينَ اسْتَوْفَى بَيَاضُهُ سَوَادَهُ، ثُمَّ بَجَالٍ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالْجِيمِ، وَهُوَ الشَّيْخُ الضَّخْمُ وَيُحَلَّى بَيْنَ اجْتِمَاعِهِ وَاكْتِهَالِهِ بِوَخْطِ الشَّيْبِ أَيْ طَعَنَ فِيهِ الشَّيْبُ وَيُنْسَبُ الْمَمَالِيكُ إلَى أَجْنَاسِهَا تُرْكِيٌّ وَسِنْدِيٌّ وَهِنْدِيٌّ، ثُمَّ يُحَلَّى بِمَا قُلْنَاهُ (وَفِي حِلْيَةِ الرَّأْسِ) يَقُولُ (أَرْأَسُ) وَرُؤَاسِيٌّ إذَا كَانَ عَظِيمَ الرَّأْسِ وسصفح الَّذِي ضُغِطَ صُدْغَاهُ وَخَرَجَتْ حَدَبَتُهُ يَكُونُ رَأْسُهُ كَرَأْسِ الْخَوَارِزْمِيَّةِ وَأَنْزَعُ الَّذِي انْحَسَرَ الشَّعْرُ عَنْ أَعْلَى جَبِينَيْهِ وَالْجَبِينَانِ نَاحِيَتَا الْجَبْهَةِ وَأَصْلَعُ الَّذِي انْحَسَرَ الشَّعْرُ عَنْ مُقَدِّمِ رَأْسِهِ وَأَغَمُّ الَّذِي يَأْخُذُ الشَّعْرُ جَمِيعَ وَجْهِهِ وَأَمْعَطُ الَّذِي ذَهَبَ عَنْهُ مُعْظَمُ شَعْرِ رَأْسِهِ وَرَحْبُ الْجَبْهَةِ وَاسِعُهَا وَيُقَالُ بِجَبْهَتِهِ غُضُونٌ وَهِيَ غَضْنٌ بِفَتْحِ الضَّادِ وَسُكُونِهَا وَهِيَ مَكَاسِرُ الْجِلْدِ وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ ازنك وَيُقَالُ بَيْنَ حَاجِبَيْهِ انْثِنَاءٌ إذَا كَانَ فِيهِ تَفَاوُتٌ وَأَبْلَجُ إذَا كَانَ بَيْنَ حَاجِبَيْهِ انْفِتَاحٌ. (وَأَزَجُّ) ضِدُّهُ وَمُقَوَّسُ الْحَاجِبَيْنِ إذَا كَانَتَا تُشْبِهَانِ الْقَوْسَ وَأَعْيَنُ وَاسِعُ

الْعَيْنَيْنِ كَبِيرُهُمَا وَجَاحِظُ الْعَيْنَيْنِ إذَا شَخَصَتْ عَيْنَاهُ. (وَغَائِرُ الْعَيْنَيْنِ) ضِدُّهُ وَنَاتِئُ الْوَجْنَتَيْنِ شَاخِصُهُمَا وَالْوَجْنَةُ رخساره وَأَسْبَلُ الْخَدَّيْنِ بَسِيطَيْهِمَا وَمُجَدَّرٌ إذَا كَانَ بِهِ جُدَرِيٌّ وَأَكْحَلُ الْعَيْنِ إذَا كَانَتَا كَأَنَّهُمَا كُحِّلَتَا (وَأَمْرَهُ) ضِدُّهُ وَأَحْوَرُ سَوَادُهُ أَسْوَدُ وَبَيَاضُهُ أَبْيَضُ وَأَشْهَلُ الَّذِي يَشُوبُ سَوَادَ عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ وَأَشْكَلُ الَّذِي يَشُوبُ بَيَاضَ عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ. (وَأَحْوَلُ) مَعْرُوفٌ وَأَقْبَلُ الَّذِي يَنْظُرُ إلَى عَرْضِ أَنْفِهِ وَأَعْمَشُ الَّذِي احْمَرَّتْ أَشْفَارُ عَيْنِهِ وَسَقَطَتْ أَهْدَابُهُ وَأَهْدَبُ الَّذِي تَكْثُرُ أَهْدَابُ جَفْنِهِ وَأَزْرَقُ الْعَيْنَيْنِ أَخْضَرُهُمَا وَأَشْتَرُ الَّذِي انْقَلَبَ جَفْنُهُ وَمُكَوْكَبُ الْعَيْنَيْنِ الَّذِي فِي عَيْنَيْهِ كَوْكَبٌ أَيْ نُقْطَةٌ بَيْضَاءُ وَأَغْمَصُ الَّذِي فِي عَيْنَيْهِ غَمَصٌ وَهُوَ مَا سَالَ مِنْ الْوَسَخِ فِي الْمَأَقِ وَأَرْمَصُ الَّذِي فِي عَيْنَيْهِ رَمَصٌ وَهُوَ مَا جَمَدَ مِنْهُ وَالْأَقْنَأُ مَنْ أَحَدَّ وَدَبَّ ظَهْرُ أَنْفِهِ وَالْأَشَمُّ مَنْ ارْتَفَعَ قَصَبَةُ أَنْفِهِ مَعَ طُولِ الْأَنْفِ وَالْأَزْلَفُ قَصِيرُ الْأَنْفِ وَالْأَفْطَسُ مَنْ انْبَطَحَ أَصْلُ أَنْفِهِ إلَى وَسَطِ أَنْفِهِ وَأَخْنَسُ مَنْ انْبَطَحَتْ أَرْنَبَتُهُ وَأَجْدَعُ مَقْطُوعُ طَرَفِ الْأَنْفِ وَأَفْوَهُ وَاسِعُ الْفَمِ بَادِي الْأَسْنَانِ وَأَهْدَلُ مَنْ اسْتَرْخَى شَفَتُهُ السُّفْلَى وَأَلْعَسُ مَنْ فِي شَفَتِهِ سُمْرَةٌ وَأَفْلَحُ مَشْقُوقُ الشَّفَةِ السُّفْلَى. (وَأَعْلَمُ) ضِدُّهُ وَأَضْخَمُ مَائِلُ الْفَمِ إلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ وَمَقْنَعُ أَسْنَانِهِ بِفَتْحِ النُّونِ مَعْطُوفَةُ أَسْنَانِهِ إلَى دَاخِلٍ وَأَرْوَقُ طَوِيلُ الْأَسْنَانِ. (وَأَكَسُّ) ضِدُّهُ وَأَضَزُّ الَّذِي إذَا تَكَلَّمَ لَزِقَ حَنَكُهُ الْأَعْلَى بِالْأَسْفَلِ وَأَفْلَجُ وَمُفَلَّجُ الَّذِي بَيْنَ أَسْنَانِهِ فُرَجٌ وَأَدْرَدُ الَّذِي ذَهَبَ أَسْنَانُهُ وَأَهْتَمُ الَّذِي سَقَطَ مُقَدِّمُ أَسْنَانِهِ وَأَقْصَمُ الَّذِي انْكَسَرَ أَسْنَانُهُ وَأَثْعَلُ الَّذِي نَبَتَ فَوْقَ سِنِّهِ سِنٌّ أُخْرَى وَمُشَطَّبُ الْوَجْهِ إذَا كَانَ أَثَرُ السَّيْفِ فِي وَجْهِهِ وَأَخْيَلُ الَّذِي فِي وَجْهِهِ خَالٌ وَأَشْيَمُ إذَا كَانَ فِي جَسَدِهِ شَامَةٌ وَهِيَ الْخَالُ أَيْضًا وَأَنْمَشُ إذَا كَانَ فِي وَجْهِهِ نَمَشٌ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كنجدة وَأَصْهَبُ اللِّحْيَةِ إذَا كَانَ فِيهَا حُمْرَةٌ. (وَالْأَنْطَحُ) الْكَوْسَجُ (وَكَثُّ اللِّحْيَةِ) ضِدُّهُ وَآذَانِي عَظِيمُ الْأُذُنَيْنِ وَأَصْمَعُ صَغِيرُهُمَا وَأَنَافِي عَظِيمُ الْأَنْفِ وَأَشْفَهُ وَشِفَاهِيُّ عَظِيمُ الشَّفَةِ وَأَشْدَقُ وَاسِعُ الشَّدْقَيْنِ وَأَصْرَمُ مَقْطُوعُ طَرَفِ الْأُذُنِ وَأَجْيَدُ طَوِيلُ الْعُنُقِ مَعَ اسْتِوَاءٍ. (وَأَوْقَصُ) ضِدُّهُ وَأَصْعَرُ مَائِلُ الْعُنُقِ إلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ وَمَدِيدُ الْقَامَةِ طَوِيلُهَا. (وَقَصِيرُ الْقَامَةِ) ضِدُّهُ. (وَمَرْبُوعُ الْخَلْقِ) إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا. . (نَوْعٌ آخَرُ فِي شِيَاتِ الْخَيْلِ) اسْمُ الْخَيْلِ يَنْتَظِمُ الْأَنْوَاعَ، وَالْفَرَسُ اسْمٌ لِلْعَرَبِيِّ مِنْهَا، وَالْبِرْذَوْنُ اسْمٌ لِلْعَجَمِيِّ مِنْهَا، وَالْهَجِينُ مَا يَكُونُ الْفَحْلُ عَرَبِيًّا وَالْأُمُّ مِنْ الْبَرَاذِينِ وَالْمُقْرِفُ عَلَى عَكْسِ هَذَا وَفَرَسٌ أَقَمَرُ إذَا كَانَ يُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الْقَمَرِ وَأَدْغَمُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ديزج وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الَّذِي فِي صَدْرِهِ بَيَاضٌ فَرَسٌ وَرْدٌ إذَا كَانَ بِلَوْنِ الْوَرْدِ وَوَرْدٌ أَغْبَسُ الَّذِي يَعْلُوهُ صُفْرَةٌ وَقَلِيلُ خُضْرَةٍ وَمُفْلِسٌ الَّذِي يَكُونُ فِي جِلْدِهِ لَمْعٌ كَالْفُلُوسِ. وَالْمُدَنَّرُ الَّذِي بِهِ نُكَتٌ سُودٌ وَبِيضٌ كَالدَّنَانِيرِ. وَأَدْبَسُ الَّذِي يَكُونُ لَوْنُهُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ عَلَى لَوْنِ الدِّبْسِ. وَأَوْرَقُ الَّذِي لَوْنُهُ عَلَى لَوْنِ الرَّمَادِ. وَأَرْثَمُ أَبْيَضُ الْجَحْفَلَةِ الْعُلْيَا. أَلْمُظُ أَبْيَضُ السُّفْلَى. وَأَقْرَحُ خَفِيٌّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ بَيَاضُ وَجْهِهِ دِرْهَمًا فَإِذَا بَلَغَ الدِّرْهَمَ فَهُوَ أَقَرْحُ وَأَغَرُّ مُبَرْقَعٌ الَّذِي ابْيَضَّ جَمِيعُ وَجْهِهِ مِنْ الْبُرْقُعِ فَإِذَا طَالَ الْبَيَاضُ قِيلَ أَغَرُّ سَائِلٌ وَبِرْذَوْنٌ ذَلُولٌ الَّذِي يُعْطِي ظَهْرَهُ وَجَمُوحٌ وَشَمُوسٌ ضِدُّهُ وَبِرْذَوْنُ مُدْمِي لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ وَمُغَرَّرٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَبْيَضُ الْأَشْفَارِ وَلَطِيمٌ الَّذِي أَحَدُ شِقَّيْ وَجْهِهِ أَبْيَضُ وَأَرْخَمُ إذَا ابْيَضَّ رَأْسُهُ وَالْأَصْقَعُ مِنْ الْخَيْلِ الَّذِي فِي وَسَطِ رَأْسِهِ بَيَاضٌ وَالْأَقْنَفُ أَبْيَضُ الْقَفَا مِنْ الْخَيْلِ وَأُذُنٌ الَّذِي فِي أُذُنِهِ بَيَاضٌ وَأَسْفَى دَقِيقُ النَّاصِيَةِ وَخَفِيفُهَا وَمَعْرُوفٌ إذَا كَانَ كَثِيرَ الْعَرْفِ وَأَدْرَعُ إذَا كَانَ

أَبْيَضَ الصَّدْرِ وَالْعُنُقِ وَأَرْحَلُ إذَا كَانَ أَبْيَضَ الظَّهْرِ. وَأَنْبَطُ إذَا كَانَ أَبْيَضَ الْبَطْنِ وَأَخْصَفُ إذَا كَانَ أَبْيَضَ الْجَنْبِ وَمُحَجَّلٌ إذَا كَانَ أَبْيَضَ الْقَوَائِمِ وَأَعْصَمُ إذَا كَانَ أَبْيَضَ الْيَدَيْنِ وَأَرْجَلُ إذَا كَانَ أَبْيَضَ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْبَيَاضُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ قِيلَ أَعْصَمُ الْيُمْنَى أَوْ الْيُسْرَى، وَلَا يُقَالُ لِلْبِرْذَوْنِ أَعْوَرُ، وَلَكِنْ يُقَالُ قَابِضُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى أَوْ الْيُسْرَى وَفَرْقٌ مَا بَيْنَ الْكُمَيْتِ وَالْأَشْقَرِ فِي الْعُرْفِ وَالذَّنَبِ، فَإِنْ كَانَ أَحْمَرَ فَهُوَ أَشْقَرُ، وَإِنْ كَانَ أَسْوَدَ فَهُوَ كُمَيْتُ وَمُحَجَّلُ الْيَدِ الْيُمْنَى أَوْ الْيُسْرَى مُطْلَقُ الْيَدِ الْيُمْنَى أَوْ الْيُسْرَى فَإِذَا ابْيَضَّ الْيَدَانِ أَوْ الرِّجْلَانِ، قِيلَ: مُحَجَّلُ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ، وَإِذَا ابْيَضَّ الثَّلَاثُ، قِيلَ: مُحْجَلُ الثَّلَاثِ مُطْلَقُ الْيُمْنَى أَوْ الْيُسْرَى، وَإِذَا كَانَ التَّحْجِيلُ فِي يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ شِقٍّ وَاحِدٍ، قِيلَ: مُمْسَكُ الْأَيَامِنِ مُطْلَقُ الْأَيَاسِرِ أَوْ مُطْلَقُ الْأَيَامِنِ مُمْسِكُ الْأَيَاسِرِ. وَالتَّحْجِيلُ بَيَاضٌ يَبْلُغُ نِصْفَ الْوَظِيفِ أَوْ ثُلُثَهُ بَعْدَ أَنْ يُجَاوِزَ الْأَرْسَاغَ كُلَّهَا، وَإِذَا قُصِرَ الْبَيَاضُ عَنْ فنك الْوَظِيفِ وَاسْتَدَارَ فِي رِجْلَيْهِ دُونَ يَدَيْهِ، قِيلَ: بِرْذَوْنُ مُخَدَّمٌ فَإِذَا كَانَ الْبَيَاضُ بِرِجْلٍ وَاحِدَةٍ أَوْ يَدٍ وَاحِدَةٍ، قِيلَ: مُنْعَلُ كَذَا أَوْ بِرِجْلِ كَذَا وَوَلَدُ الْفَرَسِ مُهْرٌ وَفِلْوٌ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ وَجَمْعُهُ أَفْلَاءٌ، وَيُقَالُ خَرُوفٌ إذَا بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ كَذَا، قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ فَإِذَا أَتَى عَلَيْهِ سَنَةٌ يُقَالُ حَوْلِيٌّ فَإِذَا أَتَى عَلَيْهِ سَنَتَانِ فَهُوَ جَذَعٌ فَإِذَا أَتَى عَلَيْهِ ثَلَاثُ سِنِينَ فَهُوَ ثِنًى فَإِذَا تَمَّتْ الرَّابِعَةُ فَهُوَ رَبَاعٌ قَارِحٌ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ بَعْدِ قُرُوحِهِ بَلْ يُقَالُ مُذَكًّى وَجَمْعُهُ مَذَاكِي، وَفِي عِشْرِينَ سَنَةً هَرِمٌ، وَقِيلَ: عُمْرُهُ ثَلَاثُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سَنَةً وَأَسْنَانهَا أَرْبَعُونَ عِشْرُونَ مِنْ عُلُوٍّ وَعِشْرُونَ مِنْ سُفْلٍ وَأَدْهَمُ دَجُوجِي إذَا كَانَ شَدِيدَ السَّوَادِ وَأَكْهَبُ إذَا كَانَ بَيْنَ الْخُضْرَةِ وَالسَّوَادِ وَأَشْهَبُ قِرْطَاسِي إذَا كَانَ أَبْيَضَ مَعَ بَرِيقٍ وَكُمَيْتٌ صِنَابِيٌّ أَوْ أَشْقَرُ صِنَابِيٌّ إذَا كَانَ خَالَطَ شَعْرَهُ شَعْرَةٌ بَيْضَاءُ يُنْسَبْ إلَى الصِّنَابِ وَهُوَ الْخَرْدَلُ وَشِكَالٌ إذَا كَانَ الْبَيَاضُ فِي يَدٍ وَرِجْلٍ مُخَالِفًا وَأَعْزَلُ الَّذِي اعْوَجَّ ذَنَبُهُ إلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ وَأَبْلَقُ مُطْرَفٌ الَّذِي اسْوَدَّ رَأْسُهُ وَذَنَبُهُ أَحْمَرُ. (أَسْنَانُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ) ابْنُ مَخَاضٍ الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ حَوْلٌ وَاحِدٌ ثُمَّ ابْنُ لَبُونٍ ثُمَّ حِقَّةٌ ثُمَّ جَزَعٌ ثُمَّ ثِنًى ثُمَّ رَبَاعٌ سَدِيسٌ ثُمَّ بَازِلٌ ثُمَّ مُخْلِفٌ، ثُمَّ مُخْلِفُ عَامٍ ثُمَّ مُخْلِفُ عَامَيْنِ هَكَذَا وَإِنْ كَثُرَتْ، وَفِي الْبَقَرِ الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ حَوْلٌ وَاحِدٌ تَبِيعٌ، ثُمَّ جَذَعٌ. ثُمَّ رَبَاعٌ ثُمَّ سَدِيسٌ، ثُمَّ صَالِغٌ، ثُمَّ صَالِغٌ سَنَةً إلَى مَا زَادَ، وَفِي الْغَنَمِ الْحَمَلُ اسْمٌ لِمَا أَتَى عَلَيْهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَمَا دُونَهَا وَالْجَذَعُ اسْمٌ لِمَا أَتَى عَلَيْهِ سَبْعَةُ أَشْهُرٍ إلَى أَنْ يُتِمَّ الْحَوْلَ، ثُمَّ الثِّنَى، ثُمَّ الرُّبَاعِيُّ، ثُمَّ السَّدِيسُ، ثُمَّ الصَّالِغُ، وَلَيْسَ بَعْدَ الصَّالِغِ سِنٌّ (وَلِلْبَقَرَةِ وَالْإِبِلِ شِيَاتٌ بِهَا يَتَكَلَّمُ أَرْبَابُهَا الْيَوْمَ وَبِهَا يُعْرَفُ وَيَجِبُ الرُّجُوعُ إلَى أَرْبَابِهَا فِي مَعْرِفَتِهَا) . (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي الشُّرُوطِ) الطَّاحُونُ وَالطَّاحِنَةُ الرَّحَى الَّتِي يُدِيرُهَا الْمَاءُ قِيلَ الطَّاحِنَةُ مَا تُدِيرُهُ الدَّابَّةُ وَالطَّاحُونَةُ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ وَيُقَالُ بَاعَ الطَّاحُونَةَ فِي قَرْيَةِ كَذَا عَلَى نَهْرِ كَذَا بِحُدُودِهَا وَحَجَرَيْهَا وَمُحْتَفِّهَا وَتَوَابِيتِهَا وَقُطْبِهَا وَنَاوُوقِهَا وَنَوَاعِيرِهَا بِأَجْنِحَتِهَا وَمُحْتَفُّهَا دَلْوُهَا وَقُطْبُهَا الْحَدِيدَةُ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا الرَّحَى وَالنَّاوُوقُ مَعْرُوفٌ وَالنَّوَاعِيرُ جَمْعُ نَاعُورٍ وَهُوَ مَا يَدُورُ بِانْصِبَابِ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَالْحَمَّامُ يَذْكُرُهُ الْعَرَبُ هَكَذَا فِي عَيْنِ الْخَلِيلِ وَهُوَ فَعَّالٌ مِنْ الْحَمِيمِ وَاسْتَحَمَّ الرَّجُلُ إذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ وَحَقِيقَتُهُ اغْتِسَالٌ بِالْمَاءِ الْحَمِيمِ سِيَّاكَ وازه الْبَيْتُ الْأَوَّلُ مِنْ الْحَمَّامِ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى السَّلْخُ قَالُوا وَالْمَعْرُوفُ سَاكَ وازه بِغَيْرِ يَاءٍ الصُّنْبُورُ نابزه وَهُوَ الْمِيزَابُ أَيْضًا الْفِنْجَانَاتُ جَمْعُ فِنْجَانٍ تَعْرِيبُ (بَنْكَانِ) وَالْقُدْسُ سَطْلٌ وَعَتِيدَةُ الْمَرْأَةِ وِعَاؤُهَا الْأَوَارِي جَمْعُ آرِيٍّ وَهُوَ حَوْضُ الْحَمَّامِ وَالْآتُّونَ بِالتَّشْدِيدِ مُسْتَوْقَدُ النَّارِ وَالْقِرْطَالَةُ كُوَّارَةٌ وَالْخنْبَقُ

تَعْرِيبُ (خَنَبِهِ) وَالْمَلَّاحَةُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مَنْبَتُ الْمِلْحِ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ السَّفِينَةُ بِأَلْوَاحِهَا وَعَوَارِضِهَا وَدَقَلِهَا وَشِرَاعِهَا وَطَلَلِهَا وَسَكَّانهَا وَمُرَادِيهَا وَمَجَادِفُهَا وَقُلُوسِهَا الْعَوَارِضُ الْخَشَبَاتُ الْمَعْرِضِيَّةُ فَوْقَ الْأَلْوَاحِ الْمَشْدُودَةِ عَلَيْهَا جَمْعُ عَارِضَةٍ وَالدَّقَلُ الْخَشَبَةُ الطَّوِيلَةُ الَّتِي تُعَلَّقُ بِهَا وَفَارِسِيَّةٌ تيركشتي وَالشِّرَاعُ بادبان وَطَلَلُ السَّفِينَةِ بِالطَّاءِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ غِطَاءٌ يُغْشَى بِهِ كَالسَّقْفِ لِلْبَيْتِ وَالْجَمْعُ إطْلَالٌ وَالسَّكَّانُ دنيال كَشَتِّي وَالْمُرْدِيِّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عُودٌ مِنْ أَعْوَادِهَا تُحَرَّكُ بِهِ وَالْمُجْدِفُ مَا فِي رَأْسِهِ لَوْحٌ وَالْقَلْسُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ الْحَبْلُ الْغَلِيظُ وَالْأَتْجُرُ وَالْمُرْسَلَةُ (لِنُكُرِ) بَيْتِ الطِّرَازِ الْمُحَاكَّةِ، وَفِي كِتَابِ الْعَيْنِ الطِّرَازُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُنْسَخُ فِيهِ الثِّيَابُ الْجِيَادُ وَالْوَهْدَةُ بِسُكُونِ الْهَاءِ الْحُفْرَةُ الَّتِي يَجْعَلُ فِيهَا الْحَائِلُ رِجْلَيْهِ الطَّسْتُ مُؤَنَّثَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ؛ لِأَنَّ الطَّاءَ وَالتَّاءَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ: الطَّسُّ وَجَمْعُهَا الطِّسَاسُ وَتَصْغِيرُهَا طُسَيْسَةُ، وَقِيلَ لِطَسَّاسِ وَطُسُوسٍ أَيْضًا فِي جَمْعِهَا وَالرِّقَاقُ بِالضَّمِّ الْخُبْزُ الرَّقِيقُ وَاحِدُهُ رُقَاقَةٌ وَجَمْعُ رَغِيفٍ رُغْفَانٌ وَالمِيفُ بِكَسْرِ الْمِيمِ الْمِنْسَفَةُ وَفَارِسِيَّةٌ (بِرّ) وَالْمِحْوَرُ (دسورة) وَالْمِرَاحُ مَوْضِعُ تُرَاحُ فِيهِ الْغَنَمُ وَتُبَاتُ فِيهِ وَالْمَعَالِيقُ جَمْعُ مِعْلَاقٍ وَهُوَ مَا يُعَلَّقُ بِهِ اللَّحْمُ وَوَضْمُ اللَّحْمِ خَوَّانَةٌ وَالْغَضَائِرُ جَمْعُ غَضَارَةٍ وَهِيَ الْقَصْعَةُ الْكَبِيرَةُ وَالطَّخَبِيرُ (بَاتِلُهُ) وَسِطَامُهُ مُعَلَّقَتُهُ وَالْمِهْرَاسُ مِنْ الْحَجَرِ وَالْخَشَبِ مَا يُدَقُّ فِيهِ الْحِنْطَةُ مِنْ الْهَرْسِ، وَهُوَ الدَّقُّ وَالْمِنْحَازُ الْهَاوُنُ وَيَدُهُ قَائِمَتُهُ اشْتَرَى كَذَا أُوقِيَّةً رَبَاعِيَةً وَكَذَا أُوقِيَّةً نِصْفِيَّةً وَبُشَارَةً كَبِيرَةً وبشارة صَغِيرَةً الْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا الْبُشَارَةُ بِالضَّمِّ بَطَّةُ الدُّهْنِ شَيْءٌ صُفْرِي لَهُ عِتْقٌ إلَى الطُّولِ وَلَهُ عُرْوَةٌ وَخُرْطُومٌ كَانُونُ ذُو وَطِيسٍ الْكَانُونُ الْمُصْطَلَى وَالْوَطِيسُ التَّنُّورُ وَقِيلَ حُفْرَةٌ يُخْتَبَرُ بِهَا وَيُشْوَى فِيهَا وَالْهُدَبِدُ اللَّبَنُ الْخَاثِرُ جِدًّا وَهُوَ الصِّقْرَاطُ وَالْأَصْلُ هَدَابِدُ فَقُصِرَ الْمَمَاخِضُ جَمْعُ مِمْخَضَةٍ وَهُوَ الْإِنَاءُ الَّذِي يُمْخَضُ فِيهِ اللَّبَنُ وَالْمَرَاكِنُ الْأَجَّانَةُ وَالْمَدَاكُ وَالصِّلْوَةُ وَالصَّلَايَةُ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ الْحَجَرُ يُسْحَقُ عَلَيْهِ الطِّيبُ وَالْمِدْوَكُ مَا يُسْحَقُ بِهِ وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الصَّلَابَةَ وَالْمِدْوَكَ وَاحِدٌ فَقَدْ سَهَا. (وَمِنْ أَدَوَاتِ الْفَقَّاعِي) خِيرَزَانَاتٌ أَرْبَعُ وَخَطَاطِيفُ أَرْبَعَةٌ جَمْعُ خِيرَزَانٍ بِكَسْرِ الْخَاءِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَالْخَطَّافُ عُودٌ طَوِيلٌ فِي رَأْسِهِ حَدِيدَةٌ مَعْطُوفَةٌ يُجَرُّ بِهِ الْجَمْرُ. (وَمِنْ أَدَوَاتِ الْحَدَّادِ) الْكِيرُ الزِّقُّ وَالْكُورُ الْمَبْنِيُّ مِنْ الطِّينِ وَيُسَمَّى الْأَتُونُ وَالْمِنْفَحُ وَالْمِنْفَاخُ شَيْءٌ أَجْوَفُ طَوِيلٌ يُتَّخَذُ مِنْ حَدِيدٍ فَيَنْفُخُ فِيهِ وَالْعُلَاةُ السِّنْدَانُ وَالْمِطْرَقَةُ مَا يُضْرَبُ بِهِ الْحَدِيدُ وَالْفِطِّيسُ مَا يَكُونُ أَعْظَمَ مِنْهُ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ (بَتّكَ) وَالْكَلُّوبُ حَدِيدَةٌ مَعْطُوفَةُ الرَّأْسِ أَوْ عُودٌ فِي رَأْسِهِ عُقَّافَةٌ مِنْ حَدِيدٍ يُجَرُّ بِهِ الْجَمْرُ وَالْجَمْعُ كَلَالِيبُ والناستج مَعْرُوفَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ لَهُ النَّشَا، وَقَوْلُهُ الْكَرْمُ بِحَائِطٍ مَبْنِيٍّ بِسَاقَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ سَاقَاتٍ السَّاقُ الصَّفُّ مِنْ اللَّبِنِ أَوْ الطِّينِ وَالرَّهْطُ (باخيره زِيرِ) وَالدَّمْصُ ضِدُّهُ وَالْعِرْقُ يَشْمَلُهُمَا وَالسَّاخُوزَةُ (خمدان) والأطنيه (خمدان كُوزه) وَالزَّرَاجِين جَمْعُ زَرَجُونٍ بِفَتْحِ الزَّايِ وَالرَّاءِ وَهُوَ شَجَرُ الْعِنَبِ وَقِيلَ قُضْبَانُهُ وَالْأَوْهَاتُ جَمْعُ وَهْتٍ وَهُوَ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ وَقَدْ يُقَالُ وَهْطُهُ وَعَرِيشُ الْكَرْمِ مَا يُهَيَّأُ لَهُ لِيَرْتَفِعَ عَلَيْهِ وَالْجَمْعُ عَرَائِشُ وَالْمَقْصَبَةُ مَنْبَتُ الْقَصَبِ وَجَمْعُهَا الْمَقَاصِبُ وَالْقَصْبَاءُ كَذَلِكَ. (، وَفِي شِرَاءِ الْأَرِضِينَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَإِنْ كَانَتْ الرَّاءُ سَاكِنَةً فِي الْوَحَدَانِ إنْ كَانَ لَهَا حَوَائِطُ يُكْتَبُ مَحُوطَةٌ بِالْحَوَائِطِ، وَإِنْ كَانَتْ مَحُوطَةً بَخْسًا ذَكَرَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ وَمَا كُبِسَ مِنْ التُّرَابِ مِقْدَارُ ذِرَاعٍ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ أَيْ طَمٌّ وَسِوًى وَاسْمُ ذَلِكَ التُّرَابِ كِبْسٌ بِالْكَسْرِ الطَّارِمَاتُ جَمْعُ طَارِمَةٍ، وَقَوْلُهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ مِنْ إنْزَالِهِ وَمِنْ

الفصل الثاني في النكاح

رَطَّابَةٍ هِيَ جَمْعٌ نَزَلَ بِفَتْحَتَيْنِ، وَهُوَ رُبْعُهُ وَالرِّطَابُ جَمْعُ رَطْبَةٍ وَهِيَ الْقَتُّ الرَّطْبُ، وَفِي وَقْفِ النَّسَفِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، ثُمَّ رَأَى الْوَاقِفُ نَفْسَهُ فِي انْتِقَاصٍ وَحَوَاسَّهُ فِي كَلَالٍ وَانْتِكَاصٍ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنْ النُّكُوصِ، وَهُوَ الرُّجُوعُ عَلَى الْعَقِبَيْنِ، وَقَوْلُهُ ذَهَبَتْ قُوَاهَا وَانْقَضَتْ عُرَاهَا أَيْ انْكَسَرَتْ مِنْ الْقَضِّ، وَهُوَ الْكَسْرُ، وَقَوْلُهُ فِي كِرَاءِ السَّفِينَةِ وَيَرْقَى إذَا رَقَى النَّاسُ وَيَسِيرُ إذَا سَارُوا الصَّوَابُ يَرْفَأُ إذَا رَفَأَ النَّاسُ أَوْ يُرْفِي يُقَالُ رَفَأَ السَّفِينَةَ وَأَرْفَأَهَا رَفْئًا وَإِرْفَاءً إذَا قَرَّبَهَا مِنْ الشَّطِّ وَسَكَنَهَا (وَالْمَلِيءُ) بِالْهَمْزَةِ الْغَنِيُّ. (وَالْكُبْحُ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ رَحْبَيْنِ (وَالْمَصْلُ) تَرَفٌ، وَقَوْلُهُ دَفَعَ الْكَرْمَ إلَيْهِ لِيَقُومَ بِكَسْحِ النَّهْرِ، وَهُوَ حَفْرُهُ وَتَنْقِيَةُ جَدَاوِلِهِ وَتَشْذِيبِ الزَّرَاجِينِ أَيْ قَطْعَ شَذَبِهَا، وَهُوَ مَا فَضَلَ مِنْ شُعَبِهَا وَإِنَامَتُهَا يَعْنِي دَفْنَهَا وَتَغْطِيَتَهَا عَلَى الِاسْتِعَارَةِ وَالدَّبْرَةُ بِسُكُونِ الْبَاءِ الْمَشَارَةُ وَهِيَ مَوْضِعُ الْكَرْبِ مِنْ قِطَعِ الْأَرَاضِيِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. . [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي النِّكَاح] (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي النِّكَاحِ) إذَا زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ يَكْتُبُ هَذَا مَا تَزَوَّجَ فُلَانٌ فُلَانَةَ بِتَزْوِيجِ وَلِيِّهَا فُلَانٍ إيَّاهُ بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا وَأَمْرِهَا إيَّاهُ بِمَهْرِهَا كَذَا نِكَاحًا صَحِيحًا جَائِزًا نَافِدًا حَضَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُدُولِ وَزَوْجُهَا هَذَا كُفُؤٌ لَهَا فِي الْحَسَبِ وَغَيْرِهِ قَادِرٌ عَلَى إيفَاءِ مَهْرِهَا وَنَفَقَتِهَا لَيْسَ بَيْنَهُمَا سَبَبٌ يُؤَدِّي إلَى نَقْضِ النِّكَاح أَوْ فَسَادِهِ وَالْمَهْرُ الْمُسَمَّى فِيهِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَهِيَ امْرَأَتُهُ بِهَذَا النِّكَاحِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ، وَهَذَا الصَّدَاقُ لَهَا عَلَيْهِ حَقٌّ وَاجِبٌ وَدَيْنٌ لَازِمٌ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي تَارِيخِ كَذَا. (وَجْهٌ آخَرُ) هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الذِّكْرِ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ فُلَانًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ الْبَالِغَةَ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ بِرِضَاهَا مِنْ فُلَانٍ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ الْمَرْضِيِّينَ عَلَى صَدَاقِ كَذَا تَزَوُّجًا صَحِيحًا، وَأَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ فِيهِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ تَزَوُّجًا صَحِيحًا، وَصَارَتْ فُلَانَةُ زَوْجَةَ فُلَانٍ بِهَذَا التَّزْوِيجِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي تَارِيخِ كَذَا، فَإِنْ كَانَ أَبُو الزَّوْجِ قَبِلَ هَذَا الْعَقْدَ لِابْنِهِ وَالِابْنُ بَالِغٌ يَكْتُبُ، وَأَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَالِدَ فُلَانٍ هَذَا الزَّوْجِ قَبِلَ هَذَا الْعَقْدَ لِابْنِهِ فُلَانٍ هَذَا بِالصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ فِيهِ بِأَمْرِهِ إيَّاهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ قَبُولًا صَحِيحًا (وَجْهٌ آخَرُ) أَنْ يَكْتُبَ إقْرَارَ الزَّوْجِ بِالنِّكَاحِ وَتَصْدِيقَ الْمَرْأَةِ إيَّاهُ بِذَلِكَ وَإِقْرَارَ الْمَرْأَةِ بِهِ وَتَصْدِيقَ الزَّوْجِ إيَّاهَا بِذَلِكَ أَوْ إقْرَارَ الْوَلِيِّ وَتَصْدِيقَ الزَّوْجَيْنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَهُوَ أَحْوَطُ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ الْوَلِيِّ. . (وَجْهٌ آخَرُ فِي تَزْوِيجِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ) أَنْ يَكْتُبَ وَوَلَّى تَزْوِيجَهَا إيَّاهُ أَبُوهَا بَعْدَ أَنْ سَمَّاهُ لَهَا وَأَعْلَمَهَا بِالصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ فِيهِ فَصَمَتَتْ أَوْ يَكْتُبَ فَبَكَتْ وَهِيَ بِكْرٌ عَاقِلَةٌ بَالِغَةٌ صَحِيحَةُ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ، وَكَانَ ذِكْرُهُ لَهَا ذَلِكَ وَسُكُوتُهَا بِمَشْهَدِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَهُمَا يَعْرِفَانِهَا بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ امْرَأَةُ فُلَانٍ بِسَبَبِ هَذَا الْعَقْدِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ، وَكِتَابَةُ ذِكْرِ اسْمِ الزَّوْجِ وَإِعْلَامُهَا الصَّدَاقَ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ بِدُونِهِ اخْتِلَافًا مَعْرُوفًا فِي أَنَّ سُكُوتَهَا هَلْ يُجْعَلُ رِضًا مِنْهَا أَوْ لَا؟ وَإِنْ كَانَتْ الِابْنَةُ صَغِيرَةً يَكْتُبُ تَزَوَّجَ فُلَانٌ فُلَانَةَ بِتَزْوِيجِ أَبِيهَا إيَّاهُ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَيْضًا يَكْتُبُ هَذَا مَا زَوَّجَ فُلَانٌ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الصَّغِيرِ عَلَى صَدَاقِ كَذَا تَزْوِيجًا صَحِيحًا جَائِزًا نَافِذًا لَازِمًا بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ الْعُدُولِ الْمَرْضِيِّينَ، وَقَبِلَ هَذَا النِّكَاحَ بِهَذَا الصَّدَاقِ لِهَذَا الصَّغِيرِ وَالِدُهُ فُلَانٌ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ قَبُولًا صَحِيحًا فِي مَجْلِسِ هَذَا الْعَقْدِ، وَهَذَا الصَّغِيرُ كُفُؤٌ لِهَذِهِ الصَّغِيرَةِ، وَالْمَهْرُ الْمَذْكُورُ فِيهِ مَهْرُ مِثْلِهَا، فَإِنْ ضَمِنَ الْأَبُ الْمَهْرَ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ يَكْتُبُ وَضَمِنَ فُلَانٌ وَالِدُ هَذَا الزَّوْجِ الصَّغِيرِ لِهَذِهِ الصَّغِيرَةِ جَمِيعَ هَذَا الْمَهْرِ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ هَذَا ضَمَانًا صَحِيحًا وَأَجَازَ ذَلِكَ وَالِدُ هَذِهِ الصَّغِيرَةِ وَرَضِيَ بِهِ مُشَافَهَةً فِي هَذَا الْمَجْلِسِ، وَإِنْ أَدَّى الْأَبُ شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ مُعَجَّلًا مِنْ مَالِهِ يَكْتُبُ، ثُمَّ

إنَّ فُلَانًا وَالِدَ هَذَا الصَّغِيرِ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ كَذَا دِينَارًا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إلَى فُلَانٍ وَالِدِ هَذِهِ الصَّغِيرَةِ فَقَبَضَهُ مِنْهُ لَهَا بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ قَبْضًا صَحِيحًا وَوَقَعَتْ الْبَرَاءَةُ لِهَذَا الزَّوْجِ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الْمَهْرِ بِهَذَا، وَالْقَدْرُ بَقِيَ لَهَا عَلَيْهِ بَعْدَ أَدَاءِ هَذَا الْمِقْدَارِ كَذَا، وَإِنْ أَدَّى الْأَبُ شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ مُعَجَّلًا وَضَمِنَ الْبَاقِيَ يَكْتُبُ. ثُمَّ إنَّ فُلَانًا وَالِدَ هَذَا الصَّغِيرِ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ كَذَا دِينَارًا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الصَّدَاقِ وَضَمِنَ لِزَوْجَةِ هَذَا الصَّغِيرِ مَا بَقِيَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الصَّدَاقِ، وَذَلِكَ كَذَا دِينَارًا ضَمَانًا صَحِيحًا وَرَضِيَ بِهِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الرِّضَا وَأَجَازَ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِجَازَةِ فِي الشَّرْعِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، وَإِنْ طَلَبُوا مِنْ أَبِي الْمَرْأَةِ هِبَةً مِنْ بَعْضِ الصَّدَاقِ أَوْ الْإِقْرَارَ بِاسْتِيفَاءِ ذَلِكَ، أَمَّا الْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ فَبَاطِلٌ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْمَجْلِسِ يَعْرِفُونَ أَنَّهُ كَذِبٌ حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ فِي مَجْلِسِ آخَرَ فَفِي الصَّغِيرَةِ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ، وَفِي الْكَبِيرَةِ كَذَلِكَ إنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَا بُدَّ مِنْ أَمْرِهَا وَرِضَاهَا وَأَمَّا الْهِبَةُ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ، وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً تَصِحُّ الْهِبَةُ إذَا كَانَتْ بِأَمْرِهَا وَرِضَاهَا فَيَكْتُبُ: وَوَهَبَ فُلَانٌ وَالِدُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِأَمْرِ ابْنَتِهِ هَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الصَّدَاقِ فِي مَجْلِسِ هَذَا الْعَقْدِ لِهَذَا الزَّوْجِ كَذَا فِي رَدِّهِمَا، وَقَبِلَ هَذَا الزَّوْجُ مِنْ هَذَا الْأَبِ هَذِهِ الْهِبَةَ لِنَفْسِهِ قَبُولًا صَحِيحًا وَبَقِيَ لَهَا عَلَيْهِ كَذَا دِينَارًا تَطْلُبُهُ بِهِ عِنْدَ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ، هَذَا إذَا عَرَفَ أَمْرَهَا الْأَبُ بِالْهِبَةِ بِإِخْبَارِ الشُّهُودِ. وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِ الْأَبِ يُكْتَبُ، وَذَكَرَ وَالِدُ الْمَرْأَةِ أَنَّ ابْنَتَهُ هَذِهِ أَمَرَتْهُ بِهِبَةِ كَذَا مِنْ هَذَا الْمَهْرِ لِهَذَا الزَّوْجِ، وَأَنَّهُ يَهَبُ بِأَمْرِهَا وَيَضْمَنُ لَهُ الدَّرَكَ مِنْ جِهَتِهَا إنْ جَحَدَتْ الْمَرْأَةُ الْأَمْرَ بِالْهِبَةِ، وَذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا، فَالْأَحْوَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ تَحْضُرَ الْمَرْأَةُ مَجْلِسَ النِّكَاحِ وَيُزَوِّجَهَا وَلِيُّهَا بِأَمْرِهَا وَهِيَ تَهَبُ بِنَفْسِهَا بَعْضَ الْمَهْرِ لِلزَّوْجِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (وَجْهٌ آخَرُ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ وَالزَّوْجُ بَالِغٌ) يَكْتُبُ تَزَوَّجَ فُلَانٌ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ بِتَزْوِيجِ أَبِيهَا هَذَا بِحَقِّ وِلَايَتِهِ عَلَيْهَا بِالْأُبُوَّةِ فَإِنَّهَا صَغِيرَةٌ لَا تَلِي أَمْرَ نَفْسِهَا بِنَفْسِهَا، وَإِنَّمَا يَلِي عَلَيْهَا أَبُوهَا بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا هَذَا مِنْ فُلَانٍ هَذَا عَلَى صَدَاقِ كَذَا عَلَى أَنَّ مِنْهَا كَذَا نَقْدٌ حَالٌّ مُعَجَّلٌ، وَكَذَا مِنْهَا مُؤَجَّلٌ كَذَا سَنَةً وَعَلَى أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ تَعَالَى فِيهَا وَيُحْسِنَ صُحْبَتَهَا وَيُعَاشِرُهَا بِالْمَعْرُوفِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَسَنَّهُ نَبِيُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -. وَيَجِبُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ مِثْلُ الَّذِي لَهَا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِالصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ فِيهِ عَلَى مَا وُصِفَ فِيهِ مِنْ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ وَفَاءً بِصَدَاقِ مِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا الْمَرْجُوعِ فِي مِقْدَارِ صَدَاقِهَا إلَى مَقَادِيرِ صَدَاقِهِنَّ، وَقَبِلَ فُلَانٌ هَذَا النِّكَاحَ عَلَى مَا وُصِفَ فِيهِ مِنْ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ بِمُخَاطَبَةٍ مِنْ فُلَانٍ إيَّاهُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ. (إذَا كَانَ الْمُزَوِّجَ لِلصَّغِيرَةِ جَدُّهَا أَبُو أَبِيهَا) يَكْتُبُ هَذَا مَا زَوَّجَ فُلَانٌ حَافِدَتَهُ فُلَانَةَ ابْنَةَ ابْنِهِ فُلَانٍ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهَا فُلَانٍ بِوِلَايَةِ الْجُدُودِ إلَى آخِرِهِ. (وَإِنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ أَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ) يَكْتُبُ هَذَا مَا زَوَّجَ فُلَانٌ أُخْتَهُ الصَّغِيرَةَ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِوِلَايَةِ الْأُخُوَّةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ أَقْرَبُ مِنْهُ، وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ عَدْلٌ جَائِزُ الْحُكْمِ بَعْدَ خُصُومَةٍ مُعْتَبَرَةٍ وَقَعَتْ فِيهِ، إنَّمَا أُلْحِقَ بِهِ حُكْمُ الْحُكَّامِ؛ لِأَنَّ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ الصَّغِيرَةَ اخْتِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ عَمًّا يَكْتُبُ هَذَا مَا زَوَّجَ فُلَانٌ فُلَانَةَ ابْنَةَ أَخِيهِ فُلَانٍ بِوِلَايَةِ الْعُمُومِيَّةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ، وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ مَا ذَكَرْنَا فِي تَزْوِيجِ الْأَخِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ وَلِيٌّ فَزَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِإِذْنِ الْقَاضِي يَكْتُبُ هَذَا مَا تَزَوَّجَ فُلَانٌ فُلَانَةَ عَلَى صَدَاقِ كَذَا بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ الْعُدُولِ بِتَزْوِيجِهَا

الفصل الثالث في الطلاق

نَفْسَهَا مِنْهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي فُلَانٍ تَزْوِيجًا صَحِيحًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ حَاضِرٌ، وَلَا غَائِبٌ، وَإِنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي يَلْحَقُ بِآخِرِهِ وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ وَيَكْتُبُ وَقَبَضْتُ مِنْ هَذَا الزَّوْجِ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ وَبَقِيَ لَهَا عَلَيْهِ كَذَا. (وَفِي تَزْوِيجِ الْعَبْدِ) يَكْتُبُ هَذَا مَا تَزَوَّجَ فُلَانٌ عَبْدُ فُلَانٍ أَوْ يَكْتُبُ مَمْلُوكُ فُلَانٍ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهِيَ حُرَّةٌ بَالِغَةٌ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فُلَانٍ وَأَمْرِهِ إيَّاهُ بِهَذَا الْعَقْدِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ الْعُدُولِ عَلَى صَدَاقِ كَذَا بِعَقْدٍ صَحِيحٍ نَافِذٍ لَازِمٍ بِتَزْوِيجِ أَبِيهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إيَّاهَا مِنْهُ بِرِضَاهَا تَزْوِيجًا صَحِيحًا وَيَتِمُّ الْكِتَابُ. وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً يُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ الْعَبْدِ خِلَافًا مَعْرُوفًا بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبِيهِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَفِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ) يَكْتُبُ تَزَوَّجَ فُلَانٌ فُلَانَةَ مَمْلُوكَةَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَوْ يَكْتُبُ أَمَةَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِتَزْوِيجِ سَيِّدِهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إيَّاهَا مِنْهُ عَلَى صَدَاقِ كَذَا إلَى آخِرِهِ، وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي الرَّسَاتِيقِ أَنَّ الْأَزْوَاجَ أَوْ آبَاءَهُمْ يَبِيعُونَ الْعَقَارَاتِ وَالضَّيَاعَاتِ مِنْ النِّسْوَةِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيَجْعَلُونَ الثَّمَنَ قِصَاصًا بِالْمَهْرِ فَيَنْبَغِي لِلْكَاتِبِ أَنْ يَكْتُبَ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ مِنْ الزَّوْجِ هَذَا مَا اشْتَرَتْ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ مِنْ زَوْجِهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ اشْتَرَتْ مِنْهُ جَمِيعَ الضَّيْعَةِ الَّتِي هِيَ كَرْمٌ مَحُوطُ مَبْنِيٌّ بِقَصْرِهِ أَوْ خَمْسَ دَبَرَاتِ أَرْضٍ صَالِحَةٍ لِلزِّرَاعَةِ مَوْضِعُهَا فِي قَرْيَةِ كَذَا أَوْ جَمِيعَ الْمَنْزِلِ الْمَبْنِيِّ ذِي سَقْفَيْنِ أَوْ سَقْفٍ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ مَا يَكُونُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى دَارٍ وَبَيْتَيْنِ بِكَذَا وَيُحَدَّدُ الْمُشْتَرَى بِالْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ وَيُبَيِّنُ الثَّمَنَ وَيَكْتُبُ جَمِيعَ مَا يُكْتَبُ فِي كُتُبِ الْأَشْرِبَةِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي فَصْلِ الشِّرَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إذَا انْتَهَى إلَى ذِكْرِ قَبْضِ الثَّمَنِ يَكْتُبُ، ثُمَّ إنَّ هَذَيْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَاصًّا جَمِيعَ هَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ الَّذِي كَانَ لِهَذِهِ الْمُشْتَرِيَةِ عَلَى زَوْجِهَا هَذَا الْبَائِعِ وَصَدَاقُهَا مِثْلُ هَذَا الثَّمَنِ مُقَاصَّةً صَحِيحَةً وَبَرِئَتْ الْمَرْأَةُ الْمُشْتَرِيَةُ هَذِهِ مِنْ هَذَا الثَّمَنِ بَرَاءَةً مُقَاصَّةً وَبَرِئَ زَوْجُهَا هَذَا الْبَائِعُ مِنْ جَمِيعِ صَدَاقِهَا بِحُكْمِ هَذِهِ الْمُقَاصَّةِ، ثُمَّ يَكْتُبُ: وَقَبَضَتْ الْمَرْأَةُ الْمُشْتَرِيَةُ هَذِهِ جَمِيعَ مَا بَيَّنَ شِرَاءَهُ قَبْضًا صَحِيحًا بِتَسْلِيمِ الْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَيْهَا وَضَمِنَ لَهَا الدَّرَكَ فِي ذَلِكَ ضَمَانًا صَحِيحًا، وَذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْبَيْعُ بِبَعْضِ صَدَاقِهَا، وَهُوَ الَّذِي يُشْتَرَطُ تَعْجِيلُهُ فِي النِّكَاحِ قَبْلَ الزِّفَافِ وَيُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ (دست بيمان) يَكْتُبُ قَاصًّا جَمِيعَ هَذَا الثَّمَنِ بِمِثْلِهِ مِنْ جُمْلَةِ صَدَاقِهَا، وَهُوَ جَمِيعُ مَا شُرِطَ تَعْجِيلُهُ إلَيْهَا، ثُمَّ يَذْكُرُ قَبْضَهَا الْمُشْتَرَاةَ، ثُمَّ يَكْتُبُ، وَقَدْ بَقِيَ لِهَذِهِ الْمُشْتَرِيَةِ فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا الْبَائِعِ هَذَا مِنْ صَدَاقِهَا كَذَا وَكَذَا دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا وَصَدَاقًا ثَابِتًا بِالنِّكَاحِ الْقَائِمِ بَيْنَهُمَا لِلْحَالِ، وَذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا. وَإِنْ كَانَ هَذَا الشِّرَاءُ مِنْ وَالِدِ الزَّوْجِ هَذَا يَكْتُبُ هَذَا مَا اشْتَرَتْ فُلَانَةُ مِنْ وَالِدِ زَوْجِهَا هُوَ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا وَيَكْتُبُ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُقَاصَّةِ، ثُمَّ إنَّ هَذَيْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَاصَّا جَمِيعَ هَذَا الثَّمَنِ بِجَمِيعِ صَدَاقِهَا الْمُسَمَّى لَهَا فِي عُقْدَةِ النِّكَاحِ عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ، وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا أَوْ كَذَا دِينَارًا مُقَاصَّةً صَحِيحَةً، وَقَدْ كَانَ وَالِدُ الزَّوْجِ هَذَا ضَمِنَ لَهَا جَمِيعَ صَدَاقِهَا الَّذِي لَهَا عَلَى زَوْجِهَا ابْنِهِ فُلَانٍ ضَمَانًا صَحِيحًا صِلَةً مِنْهُ وَتَحَمُّلًا لِهَذِهِ الْمُؤْنَةِ عَنْهُ وَبَرِئَتْ الْمُشْتَرِيَةُ مِنْ هَذَا الثَّمَنِ وَبَرِئَ وَالِدُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجُ عَنْ جَمِيعِ مَهْرِهَا بِحُكْمِ هَذِهِ الْمُقَاصَّةِ، وَذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الطَّلَاقِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الطَّلَاقِ) إذَا اخْتَلَعَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ بِالْمَهْرِ الَّذِي لَهَا عَلَيْهِ وَبِنَفَقَةِ عِدَّتِهَا، فَإِنْ

كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولَةً وَأَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا يَكْتُبُ هَذَا الْكِتَابُ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ يَعْنِي الزَّوْجَ مِنْ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ هَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الْخَصَّافُ وَالطَّحَاوِيُّ وَالسَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ وَأَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَزِيدُونَ فِي ذَلِكَ زِيَادَةً فَيَكْتُبُونَ: هَذَا كِتَابٌ لِفُلَانٍ يَعْنِي الزَّوْجَ كَتَبَتْ لَهُ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ، ثُمَّ يَكْتُبُ أَنِّي كَرِهْتُ صُحْبَتَكَ وَطَلَبْتُ فِرَاقَكَ هَكَذَا يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الْخَصَّافُ وَهِلَالٌ وَالسَّمْتِيُّ وَعَامَّةُ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَكْتُبُونَ أَنَّكَ تَزَوَّجْتَنِي تَزَوُّجًا صَحِيحًا جَائِزًا بِوَلِيٍّ هُوَ أَقْرَبُ عَصَبَتِي إلَيَّ وَشُهُودٍ أَحْرَارِ مُسْلِمِينَ عُدُولٍ بَالِغِينَ وَمَهْرٍ مُسَمًّى عَاجِلٍ وَآجِلٍ وَأَنِّي لَمْ أَقْبِضْ مِنْكَ مَهْرِي الَّذِي تَزَوَّجْتَنِي عَلَيْهِ، وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَأَنَّكَ دَخَلْتَ بِي وَجَامَعَتْنِي وَإِنِّي كَرِهْتُ صُحْبَتَكَ وَطَلَبْتُ فِرَاقَكَ مِنْ غَيْرِ إضْرَارٍ مِنْكَ لِي، وَلَا إسَاءَةٍ كَانَتْ مِنْكَ، ثُمَّ يَكْتُبُ: وَإِنِّي سَأَلْتُكَ أَنْ تَخْلَعَنِي بِجَمِيعِ الدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ مِنْ مَهْرِي، وَهُوَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا هَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَامَّةُ أَهْلِ الشُّرُوطِ كَانُوا يَكْتُبُونَ: وَإِنِّي سَأَلْتُكَ بَعْدَمَا خِفْنَا أَنْ لَا نُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ تُطَلِّقَنِي تَطْلِيقَةً بَائِنَةً بِجَمِيعِ مَهْرِي الَّذِي لِي عَلَيْكَ. وَإِنَّمَا كَتَبُوا بَعْدَمَا خِفْنَا أَنْ لَا نُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى تَبَرُّكًا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى، قَالَ {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229] ، وَإِنَّمَا اخْتَارُوا لَفْظَةَ الطَّلَاقِ عَلَى لَفْظَةِ الْخُلْعِ حَتَّى كَتَبُوا: وَإِنِّي سَأَلْتُكَ أَنْ تُطَلِّقَنِي تَطْلِيقَةً بَائِنَةً، وَلَمْ يَكْتُبُوا أَنْ تَخْلَعَنِي؛ لِأَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ بِمَالٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ بِالْإِجْمَاعِ وَحُكْمَ الْخُلْعِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَالسَّلَفِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذِكْرَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ ذِكْرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَإِنَّمَا كَتَبُوا بِجَمِيعِ مَهْرِي الَّذِي لِي عَلَيْكَ، وَهُوَ كَذَا وَكَذَا حَتَّى يَصِيرَ مِقْدَارُ السَّاقِطِ بِالْخُلْعِ مَعْلُومًا فَيَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الِاخْتِلَافِ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ السَّاقِطِ يَمْنَعُ التَّسْمِيَةَ فَيَذْكُرُ ذَلِكَ لِيَصِحَّ الْخُلْعُ بِالْإِجْمَاعِ وَيَكْتُبُ: وَبِجَمِيعِ نَفَقَتِي مَا دُمْتُ فِي عِدَّتِي؛ لِأَنَّ الْمَبْتُوتَةَ عِنْدَنَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ حَائِلًا كَانَتْ أَوْ حَامِلًا، وَإِنَّمَا اقْتَصَرُوا عَلَى كِتَابَةِ الْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا مَالًا زَائِدًا، وَإِنْ كَانُوا لَوْ ذَكَرُوا يَصِحُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ وَضْعَ هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ النُّشُوزَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ، وَالنُّشُوزُ إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ حَلَّ لِلزَّوْجِ أَخْذُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَعْطَاهَا الزَّوْجُ دِيَانَةً وَقَضَاءً عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ، أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الطَّلَاقِ لَا يَحِلُّ أَخْذُ الزِّيَادَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ فَاقْتَصَرُوا عَلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ لَيُعْلَمَ أَنَّ أَخْذَ الْفِدَاءِ حَلَالٌ لِلزَّوْجِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، ثُمَّ يَكْتُبُ فَقَبِلْتُ ذَلِكَ حَتَّى يَثْبُتَ الْإِيجَابُ مِنْ الزَّوْجِ لِمَا أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ بِإِيجَابِ الزَّوْجِ، ثُمَّ يَكْتُبُ وَخَلَعْتَنِي بِجَمِيعِ مَهْرِي الَّذِي لِي عَلَيْكَ، وَهُوَ كَذَا وَبِجَمِيعِ نَفَقَةِ عِدَّتِي مَا دُمْتِ فِي عِدَّتِي إنَّمَا أَعَادَ ذَلِكَ لِلتَّأْكِيدِ، ثُمَّ يَكْتُبُ: وَقَدْ رَضِيتُ بِذَلِكَ وَقَبِلْتُ حَتَّى يَثْبُتَ قَبُولُهَا الْخُلْعَ فَيَعُمَّ الْخُلْعُ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا، ثُمَّ يَكْتُبُ فَاخْتَلَعْتُ بِهِ مِنْكَ فَلَا حَقَّ لِي قِبَلَكَ، وَلَا دَعْوَى، وَلَا طَلَبَ مِنْ مَهْرٍ وَلَا نَفَقَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ يَكْتُبُ ذَلِكَ تَأْكِيدًا وَاتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ. ثُمَّ، هَلْ يَكْتُبُ ضَمَانَ الدَّرَكِ إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى مَهْرِهَا الَّذِي فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَأَصْحَابُنَا كَانُوا لَا يَكْتُبُونَ وَأَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ كَانَ يَكْتُبُ وَعَلَيَّ أَنِّي ضَامِنٌ لِمَا أَدْرَكَكَ فِيهِ مِنْ دَرْكٍ مِنْ قِبَلٍ أَحَدٍ مُسَمًّى قَالَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ مَا يَكُونُ مِنْهَا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَهْرِ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجِ وَتَصَرُّفُهَا فِي الْمَهْرِ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمْلِيكَ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِ الدَّرَكِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ ذِكْرُ الدَّرَكِ إذَا كَانَ بَدَلُ الْخُلْعِ عَيْنًا فَيَتَحَقَّقُ فِيهِ الدَّرَكُ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ أَنَّهُ يَكْتُبُ: أَنَّكَ خَالَعْتَنِي فِي وَقْتِ السُّنَّةِ، وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَارُوا

ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ فِي وَقْتِ السُّنَّةِ مُبَاحٌ، وَفِي غَيْرِ وَقْتِ السُّنَّةِ مَكْرُوهٌ فَيَكْتُبُ ذَلِكَ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ هَذَا الْخُلْعَ وَقَعَ بِصِفَةِ الْإِبَاحَةِ أَوْ بِصِفَةِ الْكَرَاهَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَجْهٌ آخَرُ) يَكْتُبُ وَثِيقَةً لِلْمَرْأَةِ مِنْهُ: أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ فِي حَالِ جَوَاز إقْرَاره طَائِعًا أَنَّهُ خَالَعَ مِنْ نَفْسِهِ زَوْجَتَهُ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى مَهْرِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ دِرْهَمًا وَعَلَى نَفَقَةِ عِدَّتِهَا وَعَلَى كُلّ حَقّ هُوَ لَهَا عَلَيْهِ وَعَلَى كَذَا إنْ شَرَطَا مَالًا آخَرَ وَعَلَى بَرَاءَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ خُلْعًا صَحِيحًا جَائِزًا نَافِذًا خَالِيًا عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَعَنْ جَمِيعِ الْمَعَانِي الْمُبْطِلَةِ، وَأَنَّهَا اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِهَذِهِ الشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ اخْتِلَاعًا صَحِيحًا، وَذَلِكَ فِي تَارِيخ كَذَا. (وَيَكْتُبُ وَثِيقَةً لِلزَّوْجِ) مِنْهَا أَقَرَّتْ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ طَائِعَةً أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فُلَانٍ عَلَى صَدَاقِهَا، وَذَلِكَ كَذَا بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ يَكْتُبُ عَلَى بَقِيَّةِ صَدَاقِهَا، وَذَلِكَ كَذَا بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ وَعَلَى جَمِيعِ نَفَقَةِ عِدَّتِهَا مَا دَامَتْ هِيَ فِي الْعِدَّةِ وَعَلَى كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا عَلَيْهِ وَأَبْرَأَتْهُ عَنْ جَمِيعِ دَعَاوِيهَا وَخُصُومَاتِهَا كُلِّهَا إبْرَاءً صَحِيحًا فَلَمْ يَبْقَ لَهَا عَلَيْهِ دَعْوَى فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ، وَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا نِكَاحٌ، وَلَا عُلْقَةٌ مِنْ عَلَائِقِهِ سِوَى الْعِدَّةِ وَصَدَّقَهَا زَوْجُهَا فِي ذَلِكَ خِطَابًا وَيَتِمُّ الْكِتَابُ. وَإِنْ شَرَطُوا فِي الْخُلْعِ مَالًا زَائِدًا عَلَى مَهْرِهَا يَكْتُبُ خَالَعَهَا عَلَى جَمِيعِ مَهْرِهَا وَعَلَى كَذَا دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا خُلْعًا جَائِزًا، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْخُلْعِ عَرْضًا يَكْتُبُ وَعَلَى كَذَا وَيُبَيِّنُ أَوْصَافَهُ وَيُبَالِغُ فِيهِ وَيُبَيِّنُ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَيُبَيِّنُ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ، وَأَنَّهَا قَبِلَتْ ذَلِكَ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ الْخُلْعِ وَقَبَضَ الزَّوْجُ الْعَيْنَ الْمُسَمَّاةَ فِي الْخُلْعِ بِتَسْلِيمِهَا ذَلِكَ إلَيْهِ وَأَبْرَأَتْهُ عَنْ دَعَاوِيهَا كُلِّهَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْخُلْعِ ضِيَاعًا فَقَدْ قِيلَ: الْأَحْوَطُ أَنْ يَجْعَلَ الزِّيَادَةَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، ثُمَّ بَعْدَ تَمَامِ الْخُلْعِ يَشْتَرِي الرَّجُلُ تِلْكَ الضَّيَاعِ بِمِثْلِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ الْمَشْرُوطَةِ وَيَجْعَلَانِ الثَّمَنَ قِصَاصًا بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ حَتَّى لَا تَقَعَ الْمُنَازَعَةُ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ. إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ الرُّجُوعَ عَلَيْهَا فَيَكْتُبُ الْكِتَابَ أَقَرَّ فُلَانٌ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ طَائِعًا أَنَّهُ خَالَعَ مِنْ نَفْسِهِ امْرَأَتَهُ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ عَلَى جَمِيعِ مَهْرِهَا أَوْ يَكْتُبُ عَلَى بَقِيَّةِ مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا وَعَلَى أَنْ تَدْفَعَ الْمَرْأَةُ إلَيْهِ مِنْ خَالِصِ مَالِهَا كَذَا دَنَانِيرَ نَيْسَابُورِيَّةً، وَذَلِكَ خَمْسُونَ مَثَلًا، وَأَنَّهَا قَبِلَتْ ذَلِكَ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ الْخُلْعِ إلَى آخِرِهِ، ثُمَّ إنَّ الْمُخَالِعَ هَذَا اشْتَرَى مِنْ مُخْتَلِعَتِهِ هَذِهِ جَمِيعَ الضَّيْعَةِ الَّتِي هِيَ كَرْمٌ أَوْ عَشْرَ دَبَرَاتِ أَرْضٍ أَوْ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ وَبَيَّنَ مَوْضِعَ الْمُشْتَرَى وَيَحُدُّهُ بِالْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ بِخَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ الدَّنَانِيرِ النَّيْسَابُورِيَّة شِرَاءً صَحِيحًا، وَأَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ هَذِهِ بَاعَتْ ذَلِكَ مِنْهُ بَيْعًا صَحِيحًا. ثُمَّ إنَّ هَذَيْنِ الْعَاقِدَيْنِ قَاصًّا هَذَا الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ فِيهِ بِمَا وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا مِنْ بَدَلِ الْخُلْعِ مُقَاصَّةً صَحِيحَةً وَوَقَعَتْ الْبَرَاءَةُ بَيْنَهُمَا بَرَاءَةُ الْمُقَاصَّةِ، وَقَبَضَ الْمُخَالِعُ الْمُشْتَرَى هَذَا مَا بُيِّنَ شِرَاؤُهُ، وَلَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ حَقٌّ وَلَا دَعْوَى، وَلَا خُصُومَةٌ. (وَفِي الْخُلْعِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا) يَكْتُبُ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا وَقَبْل خَلْوَتِهِ بِهَا بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى مَا يَحْصُلُ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، وَهُوَ نِصْفُ صَدَاقِهَا الْمُسَمَّى لَهَا، وَهُوَ كَذَا وَعَلَى بَرَاءَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، وَخَلَعَهَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ مُوَاجَهَةً وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، وَلَا يَكْتُبُ هَاهُنَا نَفَقَةَ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ فِي الْخُلْعِ قَبْلَ الدُّخُولِ. (وَيَكْتُبُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخِرِ) خَلَعَ زَوْجَتَهُ فُلَانَةَ وَيَكْتُبُ فِي الْقَبُولِ وَاخْتَلَعَتْ هِيَ مِنْهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي النِّكَاحِ تَسْمِيَةٌ، وَكَانَ الْخُلْعُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ يَكْتُبُ عَلَى مَا يَحْصُلُ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ، وَلَا يُسَمَّى

الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْمُتْعَةُ أَوْ يَكْتُبُ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا وَقَبْل خَلْوَتِهِ بِهَا عَلَى كُلِّ حَقٍّ يَجِبُ لِلنِّسَاءِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فِي نِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ اخْتِلَاعًا صَحِيحًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اخْتَلَعَ الْوَالِدُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ مِنْ زَوْجِهَا بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا يَكْتُبُ هَذَا مَا أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ أَنَّ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ، وَذَكَرَ سِنَّهَا وَمَا أَشْبَهَهَا كَانَتْ فِي نِكَاحِ فُلَانٍ، وَكَانَتْ حَلَالَهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ عَقَدَ عَلَيْهِ وَالِدُهَا بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ، وَأَنَّهُ دَخَلَ بِهَا وَصَحِبَهَا وَصَحِبَتْهُ زَمَانًا، ثُمَّ إنَّ زَوْجَهَا هَذَا كَرِهَ صُحْبَتَهَا لِنَفْسِهِ وَكَرِهَ وَالِدُهَا لَهَا صُحْبَتَهُ، وَأَنَّهُ كَانَ قَدْ قَبَضَ مِنْ صَدَاقِهَا كَذَا، وَأَنَّ زَوْجَهَا هَذَا خَلَعَهَا مِنْ نَفْسِهِ بِطَلَبِ وَالِدِهَا ذَلِكَ بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى بَقِيَّةِ مَهْرِهَا وَهِيَ كَذَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا لِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ لَدُنْ تَارِيخِ هَذَا الذِّكْرِ وَهِيَ كَذَا خُلْعًا صَحِيحًا جَائِزًا لَا فَسَادَ فِيهِ وَلَا تَعْلِيقًا بِمُخَاطَرَةٍ، وَلَا إضَافَةٍ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ حَتَّى يُخَلِّصَهُ مِنْهُ أَوْ يَضْمَنَ لَهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ فَبَانَتْ هَذِهِ الْمُسَمَّاةُ مِنْهُ بِهَذَا الْخُلْعِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا، وَلَا رَجْعَةَ وَلَا طَلِبَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَقَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ هَذَا الْخُلْعَ فِي مَجْلِسِ الْخُلْعِ وَجَاهًا شِفَاهًا وَلَا يَكْتُبُ بَرَاءَةَ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُبْرِأُ هَاهُنَا عَنْ بَقِيَّةِ الصَّدَاقِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْخُلْعُ بِمَالِ الْأَبِ فَكَأَنَّهُ طَلَّقَهَا بِمَالِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الصَّدَاقِ وَالنَّفَقَةِ وَذِكْرِ بَقِيَّةِ الْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ فِي الْخُلْعِ لِتَقْدِيرِ الْوَاجِبِ عَلَى الْأَبِ بِضَمَانِهِ لَا أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ ذَلِكَ بِهَذَا الْخُلْعِ وَعَلَى هَذَا جَمِيعُ أَوْلِيَاءِ الصَّغِيرَةِ غَيْرُ الْأَبِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عُرْضِ النَّاسِ. وَإِنَّمَا يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْآبَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فِي أَنَّ إقْرَارَ الْآبَاءِ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ يَصِحُّ دُونَ إقْرَارِ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا) يَكْتُبُ عَلَى بَقِيَّةِ مَهْرِهَا، وَلَا يَكْتُبُ عَلَى نَفَقَةِ عِدَّتِهَا، وَحُكْمُ هَذَا الْخُلْعِ وُقُوعُ الْبَيْنُونَةِ وَثُبُوتُ الْحُرْمَةِ إلَّا أَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا بَلَغَتْ كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجِ بِبَقِيَّةِ صَدَاقِهَا وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى أَبِي الْمَرْأَةِ بِذَلِكَ بِحُكْمِ ضَمَانِ الدَّرَكِ، وَبَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَخْتَارُونَ فِي خُلْعِ الصَّغِيرَةِ أَنْ يُقِرَّ الْأَبُ بِقَبْضِ صَدَاقِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا بَعْدَمَا صَارَتْ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ مُقَدَّرَةً مِقْدَارًا مَعْلُومًا، ثُمَّ يَكْتُبُ إقْرَارَ الزَّوْجِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ: أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ يَعْنِي وَالِدَ الصَّغِيرَةِ فِي حَالِ جَوَازِهِ إقْرَارَهُ طَائِعًا أَنَّ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ كَانَتْ امْرَأَةَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَمَنْكُوحَتَهُ، ثُمَّ إنَّ فُلَانًا زَوْجَهَا هَذَا لَمْ تُعْجِبْهُ صُحْبَتُهَا لِصِغَرِهَا فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً وَبَانَتْ مِنْهُ بِهَذَا التَّطْلِيقِ، وَكَانَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا مِنْ هَذَا الصَّدَاقِ كَذَا دِرْهَمًا وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ وَمِنْ جِهَةِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ كَذَا دِرْهَمًا فَقَبَضْتُ جَمِيعَ ذَلِكَ لِابْنَتِي الصَّغِيرَةِ هَذِهِ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ قَبْضًا صَحِيحًا بِإِيفَاءِ الزَّوْجِ هَذَا جَمِيعَ ذَلِكَ إلَيَّ، وَلَمْ يَبْقَ لِهَذِهِ الصَّغِيرَةِ عَلَى زَوْجِهَا هَذَا دَعْوَى وَخُصُومَةٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ، أَقَرَّ بِذَلِكَ كُلِّهِ إقْرَارًا صَحِيحًا وَصَدَّقَهُ زَوْجُهَا هَذَا فِيهِ خِطَابًا فَإِذَا كَتَبَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، ثُمَّ إنَّهَا بَلَغَتْ لَا يَكُونُ لَهَا حَقُّ الْخُصُومَةِ مَعَ زَوْجِهَا فِي مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْأَبَ قَدْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ذَلِكَ وَلَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ ذَلِكَ كُلِّهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعَلَى هَذَا الْمَوْلَى إذَا خَالَعَ أَمَتَهُ عَلَى مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا غَيْرَ أَنَّكَ لَا تَذْكُرْ هَاهُنَا عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَمْلِكُ إبْرَاءَ الزَّوْجِ عَنْ الْمَهْرِ بِخِلَافِ الْأَبِ، فَإِنْ أَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ دُونَ الْأَمَةِ كَتَبْت عَلَى أَمْثَالِ مَا كَتَبْت خُلْعَ الْوَالِدِ

عَلَى الصَّغِيرَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا صَغِيرٌ فَطِيمٌ فَخَالَعَهَا عَلَى أَنْ تُمْسِكَ الْمَرْأَةُ الْوَلَدَ وَتَقُومَ بِحَضَانَتِهِ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ وَتُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا فِي مُدَّةِ الْحَضَانَةِ فَهَذَا جَائِزٌ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الشُّرُوطِ، وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ النَّفَقَةِ وَمَا لَا بُدَّ لِلصَّغِيرِ مِنْهُ مِنْ الْمَطْعُومِ مَجْهُولٌ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَدِّرَ مَا يَكْفِي لِهَذَا الصَّغِيرِ مِنْ النَّفَقَةِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالدَّنَانِيرِ وَيَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فِي الْخُلْعِ. ثُمَّ يَأْمُرَ الزَّوْجَ لَهَا بِصَرْفِ الْقَدْرِ إلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلصَّغِيرِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ يَجْعَلَ ذَلِكَ الْمُقَدَّرَ أُجْرَةً لَهَا عَلَى التَّرْبِيَةِ فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ لَهُ، ثُمَّ يُوَكَّلُ الرَّجُلُ إيَّاهُ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهَا عَمَّا يَحْصُلُ بِإِقْبَالِهِ عَلَيْهَا عِنْدَ وَفَاةِ الصَّغِيرِ أَوْ تَزَوُّجِهَا بِزَوْجٍ آخَرَ أَجْنَبِيٍّ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّرْبِيَةِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا يَكْتُبُ: أَقَرَّ فُلَانٌ يَعْنِي الزَّوْجَ أَنَّهُ خَالَعَ مِنْ نَفْسِهِ زَوْجَتَهُ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ عَلَى بَقِيَّةِ مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا وَكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا عَلَيْهِ وَعَلَى مِائَةِ دِينَارٍ حُمْرٍ نَيْسَابُورِيَّةٍ جَيِّدَةٍ تَدْفَعُهَا إلَيْهِ مِنْ مَالِهَا مُخَالَعَةً صَحِيحَةً خَالِيَةً عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَكَانَ لِهَذِهِ الْمُخْتَلِعَةِ مِنْ هَذَا الْمُخَالِعِ ابْنٌ صَغِيرٌ فَطِيمٌ وَطَلَبَ هَذَا الْمُخَالِعُ مِنْ مُخْتَلِعَتِهِ هَذِهِ أَنْ تُمْسِكَهُ وَتَقُومَ بِحَضَانَتِهِ سَنَةً وَاحِدَةً كَامِلَةً، أَوَّلُهَا يَوْمُ كَذَا وَآخِرُهَا يَوْمُ كَذَا وَيَصْرِفُ الْمِائَةَ الدِّينَارَ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ عَلَيْهَا بِعَقْدِ الْخُلْعِ إلَى مَا لَا بُدَّ لِلصَّغِيرِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَقَبِلَتْ جَمِيعَ ذَلِكَ قَبُولًا صَحِيحًا أَوْ يَكْتُبُ، وَكَانَ لِهَذِهِ الْمُخْتَلِعَةِ مِنْ هَذَا الْمُخَالِعِ ابْنٌ صَغِيرٌ فَاسْتَأْجَرَ الْمُخَالِعُ هَذَا مُخْتَلِعَتَهُ هَذِهِ لِحَضَانَةِ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ هَذَا وَتَرْبِيَتِهِ وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ مُدَّةَ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ كَامِلَةٍ أَوَّلُهَا يَوْمُ كَذَا وَآخِرُهَا يَوْمُ كَذَا بِهَذِهِ الْمِائَةِ الدِّينَارِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهَا لِزَوْجِهَا هَذَا اسْتِئْجَارًا صَحِيحًا، وَأَنَّهَا آجَرَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ كَذَلِكَ بِهَا إجَارَةً صَحِيحَةً، فَإِنْ كَانَ الِابْنُ رَضِيعًا يَكْتُبُ: طَلَبَ الْمُخَالِعُ هَذَا مِنْ مُخْتَلِعَتِهِ هَذِهِ إرْضَاعَ هَذَا الصَّغِيرِ الرَّضِيعِ وَتَرْبِيَتَهُ وَحَضَانَتَهُ سَنَةً وَاحِدَةً بِالْمِائَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَكْتُبَ: اسْتَأْجَرَهَا عَلَى إرْضَاعِ هَذَا الصَّغِيرِ وَعَلَى تَرْبِيَتِهِ سَنَةً وَاحِدَةً عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمُخَالِعَ وَكَّلَهَا وَأَقَامَهَا مَقَامَ نَفْسِهِ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهَا عَمَّا يَحْصُلُ بِإِقْبَالِهِ عَلَيْهَا إنْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّرْبِيَةِ وَكَالَةً صَحِيحَةً لَازِمَةً عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا عَزَلَهَا عَنْ هَذِهِ الْوَكَالَةِ عَادَتْ عَنْهُ وَكِيلَةً فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَمَا كَانَتْ، وَإِنَّمَا كَتَبْنَا التَّوْكِيلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ نَظَرًا لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَوْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْحَضَانَةِ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مِنْ الْمِائَةِ الدِّينَارِ فَكَتَبْنَا ذَلِكَ حَتَّى أَنَّهُ إذَا مَاتَ الصَّغِيرُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَهِيَ تُبْرِئُ نَفْسَهَا فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ شَرَطَ أَنَّ الْوَلَدَ لَوْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَهِيَ بَرِيئَةٌ مِنْ حِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، فَإِنْ كَتَبَ بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ وَشَرَطَتْ الْمُخْتَلِعَةُ هَذِهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ هَذَا الْوَلَدُ قَبْلَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَهِيَ بَرِيئَةٌ عَنْ حِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مِنْ هَذِهِ الْمِائَةِ، وَلَمْ يَكْتُبْ تَوْكِيلَهُ إيَّاهَا بِإِبْرَاءِ نَفْسِهَا كَانَ مُسْتَقِيمًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ كَانَ فِي الْبَطْنِ جَنِينٌ فَأَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يَعْقِدَ الْخُلْعَ عَلَى رَضَاعِهِ فَالْجَوَابُ مَحْفُوظٌ عَنْ السَّلَفِ مِثْلِ الْخَصَّافِ وَأَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ جَائِزٌ فَيَزِيدُ فِي مَوْضِعِ الْجُعْلِ وَعَلَى أَنْ تُرْضِعَ الْوَلَدَ الَّذِي هُوَ فِي بَطْنِهَا لِزَوْجِهَا هَذَا إنْ وَضَعَتْهُ حَيًّا لِسَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْوِلَادَةِ وَاحِدًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ مَثْنًى، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى عَلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ هَذَا الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَهِيَ بَرِيئَةٌ، وَلَيْسَ يُحْفَظُ هَذَا عَنْ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ هَذَا الْجَنِينَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ عَلَيْهِ فِي حُكْمِ النَّفَقَةِ، وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَاعْتُبِرَ هَذَا بِسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ تَقْدِيرُ مَالٍ عَلَيْهَا فِي عُقْدَةِ الْخُلْعِ، ثُمَّ اسْتِئْجَارُهُ إيَّاهَا إجَارَةً مُضَافَةً إلَى مَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ

فَتُرْضِعُ وَلَدَهُ الَّذِي هِيَ حَامِلٌ بِهِ. (خُلْعُ الْوَكِيلِ) يَكْتُبُ أَوَّلًا التَّوْكِيلَ فِي صَدْرِ الْبَيَاضِ هَذَا مَا وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا وَكَّلَهُ وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي خُلْعِ زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ عَلَى الشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِي ذِكْرِ الْخُلْعِ الْمَكْتُوبِ فِي هَذَا الْبَيَاضِ عَقِيبَ ذِكْرِ هَذِهِ الْوَكَالَةِ تَوْكِيلًا صَحِيحًا، وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُ هَذَا التَّوْكِيلَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ خِطَابًا، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا، ثُمَّ يَكْتُبُ ذِكْرَ الْخُلْعِ هَذَا مَا خَالَعَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ. وَهُوَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ فِي ذِكْرِ التَّوْكِيلِ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَيَاضِ بِالْخُلْعِ الْمَذْكُورِ، وَفِيهِ خُلْعٌ مِنْ نَفْسِ مُوَكِّلِهِ فُلَانٍ هَذَا امْرَأَتَهُ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا بِتَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ عَلَى مَا كَانَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهِ وَكُلِّ حَقٍّ يَجِبُ لِلنِّسَاءِ عَلَى الْأَزْوَاجِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَبَعْدَهَا وَأَنَّ فُلَانَةَ هَذِهِ قَبِلَتْ مِنْهُ هَذَا الْخُلْعَ بِهَذَا الْبَدَلِ قَبُولًا صَحِيحًا مُشَافَهَةً بَعْدَمَا صَدَّقَتْهُ فِي كَوْنِهِ وَكِيلًا مِنْ جِهَةِ زَوْجِهَا فُلَانٍ هَذَا فِي الْخُلْعِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ يَكْتُبُ فِي صَدْرِ الْبَيَاضِ أَوَّلًا التَّوْكِيلُ هَذَا مَا وَكَّلَتْ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ فُلَانًا وَكَّلَتْهُ وَأَقَامَتْهُ مَقَامَ نَفْسِهَا فِي اخْتِلَاعِ نَفْسِهَا مِنْ زَوْجِهَا فُلَانٍ، ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَ ذِكْرِ الِاخْتِلَاعِ هَذَا مَا اخْتَلَعَ فُلَانٌ، وَهُوَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ فِي ذِكْرِ التَّوْكِيلِ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَيَاضِ اخْتَلَعَ نَفْسَ مُوَكِّلَتِهِ فُلَانَةَ مِنْ زَوْجِهَا فُلَانٍ إلَى آخِرِهِ. وَإِنْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُضَمِّنَ وَكِيلَ الْمَرْأَةِ بِاخْتِلَاعِ مَا أَدْرَكَهُ مِنْ دَرَكٍ فِي مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا بِأَنْ جَحَدَتْ الْمَرْأَةُ التَّوْكِيلَ وَالشُّهُودُ قَدْ مَاتُوا أَوْ غَابُوا وَأَرَادَتْ مُطَالَبَةَ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ يَكْتُبُ ضَمِنَ فُلَانٌ وَكِيلُ الْمَرْأَةِ هَذَا مَا أَدْرَكَ فُلَانٌ يَعْنِي الزَّوْجَ مِنْ دَرَكٍ فِي مَهْرِ فُلَانَةَ، وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا، وَفِي نَفَقَةِ عِدَّتِهَا، وَذَلِكَ كَذَا حَتَّى يُخَلِّصَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَهْرِهَا، وَهُوَ كَذَا وَجَمِيعَ نَفَقَةِ عِدَّتِهَا وَهِيَ كَذَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (خُلْعُ الْفُضُولِيِّ) يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ فُلَانًا، وَهُوَ الْفُضُولِيُّ سَأَلَ فُلَانًا أَنْ يَخْلَعَ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِ هَذَا الْفُضُولِيِّ عَلَى أَنْ يَقْبَلَ هُوَ هَذَا الْخُلْعَ بِهَذَا الْمَالِ بِغَيْرِ أَمْرِهَا وَتَوْكِيلِهَا إيَّاهُ بِهِ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَأَجَابَ فُلَانٌ. وَهُوَ الزَّوْجُ الْمَذْكُورُ هَذَا الْفُضُولِيَّ بِمَا سَأَلَهُ وَخَلَعَ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ بِهَذَا الْمَالِ وَقَبِلَ الْفُضُولِيُّ هَذَا مِنْهُ هَذَا الْخُلْعَ بِهَذَا الْمَالِ مُوَاجَهَةً وَبَانَتْ هِيَ مِنْ زَوْجِهَا بِهَذَا الْخُلْعِ، وَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ وَقَبَضَ الزَّوْجُ هَذَا الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْفُضُولِيِّ هَذَا بِإِيفَائِهِ ذَلِكَ إيَّاهُ وَبَرِئَ هَذَا الْفُضُولِيُّ مِنْ الْمَالِ الَّذِي قَبِلَ فِي هَذَا الْخُلْعِ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَبْرَأُ عَنْ مَهْرِهَا بِهَذَا الْخُلْعِ، وَكَانَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ الزَّوْجَ بِمَهْرِهَا مَتَى شَاءَتْ، فَإِنْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُضَمِّنَ الْفُضُولِيَّ مَا أَدْرَكَهُ مِنْ دَرَكٍ فِي مَهْرِهَا حَتَّى إذَا رَجَعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ فَالزَّوْجُ يَرْجِعُ عَلَى الْفُضُولِيِّ بِذَلِكَ يَكْتُبُ وَضَمِنَ الْفُضُولِيُّ هَذَا مَا أَدْرَكَ الزَّوْجُ مِنْ دَرَكٍ فِي مَهْرِهَا فَإِنَّهَا قَدْ قَبَضَتْ مَرَّةً فَإِذَا قَبَضَتْ ثَانِيًا تَكُونُ قَابِضَةً بِغَيْرِ حَقٍّ، وَأَنَّهُ مُسْتَقِيمٌ؛ لِأَنَّ الْفُضُولِيَّ لَمَّا أَقَرَّ أَنَّهَا قَبَضَتْ مَهْرَهَا كَانَ فِي زَعْمِهِ أَنَّهَا لَوْ قَبَضَتْ ثَانِيًا تَكُونُ قَابِضَةً بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَصِيرُ الْمَقْبُوضُ بِغَيْرِ حَقٍّ مَضْمُونًا عَلَيْهَا، فَهَذِهِ كَفَالَةٌ مُضَافَةٌ إلَى زَمَانِ الْوُجُوبِ، وَأَنَّهَا صَحِيحَةٌ كَالْكَفَالَةِ بِمَا يَذُوبُ لَهُ عَلَى فُلَانٍ. (وَفِي طَلَاقِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ وَاحِدًا يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ قَبْلَ دُخُولِهِ وَخَلْوَتِهِ بِهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً

لَا رَجْعَةَ فِيهَا، وَلَا مَثُوبَةَ، وَلَا تَعْلِيقَ بِشَرْطٍ وَلَا إضَافَةٍ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَا اشْتِرَاطَ عِوَضٍ فَبَانَتْ مِنْهُ بِحُكْمِ هَذِهِ التَّطْلِيقَةِ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَفِي الِاثْنَيْنِ يَكْتُبُ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَتَيْنِ، وَفِي الثَّلَاثِ يَكْتُبُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا جُمْلَةً فَبَانَتْ مِنْهُ وَيَكْتُبُ فِي الثَّلَاثِ وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ حُرْمَةً غَلِيظَةً لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَيَدْخُلَ بِهَا وَيُفَارِقَهَا وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَفِي الصَّرِيحِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا يَكْتُبُ أَنَّ فُلَانًا قَالَ لِزَوْجَتِهِ فُلَانَةَ بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً دِيَانِيَّةً، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ رَجْعَةٌ لَهَا، وَأَنَّهَا فِي عِدَّتِهَا الْوَاجِبَةِ عَلَيْهَا بِهَذَا الطَّلَاقِ أَقَرَّ بِجَمِيعِ ذَلِكَ يَوْمَ الْإِشْهَادِ، وَذَلِكَ يَوْمُ كَذَا. (وَفِي الطَّلَاقِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا) يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَمَا خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً خَالِيَةً عَنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ وَالطَّبِيعِيَّةِ كُلِّهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً نَافِذَةً جَائِزَةً فَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِهَذِهِ التَّطْلِيقَةِ وَوَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ كَمَالُ مَا سُمِّيَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ، وَهُوَ كَذَا وَنَفَقَةُ عِدَّتِهَا وَهِيَ كَذَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ لَا يَرَى قِيَامَ الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ مَقَامَ الدُّخُولِ فِي حَقِّ تَأْكِيدِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَامْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهِمَا بَعْدَمَا طَالَبَتْهُ بِذَلِكَ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى قَاضٍ يَرَى ذَلِكَ حَتَّى يَقْضِيَ لَهَا بِكَمَالِ الْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ، ثُمَّ يَكْتُبَ بَعْد ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ، ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ الْمُطَلَّقَةَ بَعْدَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ طَالَبَتْ زَوْجَهَا بِجَمِيعِ مَا سُمِّيَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ وَبِنَفَقَةِ عِدَّتِهَا فَامْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ ذَلِكَ لِمَا أَنَّهُ كَانَ يَرَى مَذْهَبَ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ لَا تَقُومُ مَقَامَ الدُّخُولِ فِي حَقِّ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ. وَهُوَ تَأْكِيدُ جَمِيعِ الْمُسَمَّى وَوُجُوبُ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَرَفَعَتْهُ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ أَوْ يَكْتُبَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَرَافَعَتْهُ إلَى قَاضٍ عَدْلٍ جَائِزٍ الْحُكْمَ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَطَالَبَتْهُ بِذَلِكَ وَادَّعَتْ الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ وَالطَّلَاقَ بَعْدَهَا فَأَقَرَّ بِالْخَلْوَةِ، وَلَكِنْ أَنْكَرَ تَأْكِيدَ جَمِيعِ الْمُسَمَّى وَوُجُوبَ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَقَضَى عَلَيْهِ لَهَا هَذَا الْقَاضِي بِكَمَالِ الْمُسَمَّى وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا إذَا كَانَ يَرَى ذَلِكَ، وَكَانَ فِي اجْتِهَادِهِ أَنَّ الْخَلْوَةَ بِالْمَرْأَةِ الْمَنْكُوحَةِ كَالدُّخُولِ بِهَا فِي حَقِّ تَأْكِيدِ جَمِيعِ الْمُسَمَّى وَوُجُوبِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَقَضَى بِذَلِكَ لَهَا عَلَيْهِ فِي وُجُوبِهَا حُكْمًا أَمْضَاهُ وَقَضَاءً أَنْفَذَهُ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ حُضُورَ مَجْلِسِهِ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا. (إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَجْعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا فَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَنْوَاعٍ) : أَحَدُهَا - التَّفْوِيضُ مُطْلَقًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِشَرْطٍ وَإِنَّهُ قِسْمَانِ: مُوَقَّتٌ، وَمُطْلَقٌ وَصُورَةُ كِتَابَةِ هَذَا النَّوْعِ فِي الْمُوَقَّتِ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ فُلَانًا جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ الْمُسَمَّاةِ فُلَانَةَ بِيَدِهَا شَهْرًا أَوْ سَنَةً أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَتَى شَاءَتْ وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ ثَلَاثًا وَفَوَّضَ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إلَيْهَا، وَأَنَّهَا قَبِلَتْ مِنْهُ هَذَا الْأَمْرَ قَبُولًا صَحِيحًا فِي مَجْلِسِ هَذَا التَّفْوِيضِ قَبْلَ اشْتِغَالِهَا بِعَمَلٍ آخَرَ وَقَبْلَ قِيَامِهَا عَنْ الْمَجْلِسِ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا. (صُورَةُ كِتَابَةِ هَذَا النَّوْعِ فِي الْمُطْلَقِ) شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ فُلَانَةَ بِيَدِهَا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَا شَاءَتْ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ وَمَتَى شَاءَتْ أَبَدًا، وَأَنَّهَا قَبِلَتْ مِنْهُ هَذَا الْأَمْرَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا. (وَالثَّانِي - تَعْلِيقُ التَّفْوِيضِ بِالشَّرْطِ، وَأَنَّهُ أَقْسَامٌ) أَحَدُهَا - تَعْلِيقُ التَّفْوِيضِ بِالْغَيْبَةِ وَصُورَةُ كِتَابَةِ هَذَا الْقِسْمِ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ فُلَانَةَ بِيَدِهَا مُعَلَّقًا بِشَرْطِ أَنَّهُ مَتَى غَابَ عَنْهَا مِنْ كُورَةِ كَذَا أَوْ مِنْ مَكَانِ كَذَا يَسْكُنَانِ فِيهِ غَيْبَةَ سَفَرٍ وَمَضَى عَلَى غَيْبَتِهِ عَنْهَا شَهْرٌ أَوْ كَذَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ، وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَإِنَّهَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً بَعْدَ ذَلِكَ مَتَى شَاءَتْ أَبَدًا وَفَوَّضَ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إلَيْهَا، وَأَنَّهَا قَبِلَتْ مِنْهُ هَذَا الْأَمْرَ

الفصل الرابع في العتاق

قَبُولًا صَحِيحًا فِي مَجْلِس التَّفْوِيضِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (الْقِسْمُ الثَّانِي تَعْلِيقُ التَّفْوِيضِ بِتَرْكِ نَقْدِ الْمُعَجَّلِ إلَى وَقْتِ كَذَا) صُورَةُ كِتَابَةِ هَذَا الْقِسْمِ جَعْلُ أَمْرِهَا بِيَدِهَا فِي تَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ مُطْلَقًا بِشَرْطِ أَنَّهُ إذَا مَضَى شَهْرٌ أَوَّلُهُ كَذَا وَآخِرُهُ كَذَا، وَلَمْ يُؤَدِّ إلَيْهَا جَمِيعَ مَا قَبِلَ تَعْجِيلَهُ لَهَا مِنْ صَدَاقِهَا، وَهُوَ كَذَا فَإِنَّهَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَتَى شَاءَتْ أَبَدًا وَاحِدَةً بَائِنَةً وَفَوَّضَ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إلَيْهَا، وَأَنَّهَا قَبِلَتْ مِنْهُ هَذَا الْأَمْرَ فِي مَجْلِسِ التَّفْوِيضِ. (الْقِسْمُ الثَّالِثُ تَعْلِيقُ التَّفْوِيضِ بِشَرْطِ قِمَارِهِ أَوْ بِشُرْبِهِ الْخَمْرَ أَوْ ضَرْبِهِ ضَرْبًا مُوجِعًا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى بَدَنِهَا) وَصُورَةُ كِتَابَتِهِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا. . (النَّوْعُ الثَّالِثُ - تَفْوِيضُ طَلَاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا عَلَى هَذِهِ) شَهِدُوا أَنَّهُ جَعَلَ أَمْرَ كُلِّ امْرَأَةِ تَدْخُلُ فِي نِكَاحِهِ بِأَيِّ طَرِيقٍ تَدْخُلُ مِنْ عَقْدِ وَكِيلٍ أَوْ فُضُولِيٍّ أَجَازَ نِكَاحَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ أَوْ تَزَوُّجِهِ إيَّاهَا بِنَفْسِهِ بِيَدِ امْرَأَتِهِ الْحَالِيَّةِ الْمُسَمَّاةِ بِفُلَانَةَ فِي التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَ فُلَانَةُ هَذِهِ تِلْكَ الْمَرْأَةَ الَّتِي دَخَلَتْ فِي نِكَاحِهِ مَتَى شَاءَتْ مِنْ الْأَوْقَاتِ أَبَدًا وَفَوَّضَ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إلَيْهَا أَوْ يَكْتُبُ تُطَلِّقُهَا مَا شَاءَتْ مِنْ طَلَقَاتِهَا الثَّلَاثِ وَأَنَّهَا قَبِلَتْ ذَلِكَ مِنْهُ قَبُولًا صَحِيحًا فِي مَجْلِسِ هَذَا التَّفْوِيضِ. وَفِي التَّفْوِيضِ بِشَرْطٍ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَأَرَادَتْ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فَلَهَا ذَلِكَ، وَإِذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَالْأَوْلَى أَنْ يَكْتُبَ وَثِيقَةً عَلَى ظَهْرِ وَثِيقَةِ التَّفْوِيضِ فَيَكْتُبَ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا يَعْنِي الزَّوْجَ بَاشَرَ الشَّرْطَ الَّذِي كَانَ التَّفْوِيضُ مُعَلَّقًا بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كُتِبَ فِي بَطْنِ هَذَا الْكِتَابِ، وَصَارَ أَمْرُ فُلَانَةَ زَوْجَةِ فُلَانِ بِحُكْمِ ذَلِكَ التَّفْوِيضِ بِيَدِهَا، وَأَنَّهَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِمَشْهَدِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الَّذِينَ أَثْبَتُوا أَسَامِيَهُمْ، وَذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْعَتَاقِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْعَتَاقِ) ، وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بِذَلِكَ كِتَابًا يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ طَائِعًا أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَمَمْلُوكَهُ فُلَانًا أَوْ يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَقَرَّ عِنْدَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى إقْرَارِهِ فِي حَالِ صِحَّةِ بَدَنِهِ وَثَبَاتِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ إقْرَارِهِ لَا عِلَّةَ بِهِ مِنْ مَرَضٍ، وَلَا غَيْرِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ إقْرَارِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَمَمْلُوكَهُ وَمَرْقُوقَهُ فُلَانًا الْهِنْدِيَّ، وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ وَيُبَيِّنُ سِنَّهُ وَيُحَلِّيهِ أَعْتَقَهُ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَمِلْكِهِ إعْتَاقًا صَحِيحًا نَافِذًا تَامًّا لَازِمًا لَا رَجْعَةَ فِيهِ، وَلَا مَثُوبَةَ وَلَا تَعْلِيقَ بِشَرْطٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَا تَعْلِيقَ بِمُخَاطَرَةٍ، وَلَا إضَافَةَ إلَى وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ الْمُنْتَظَرَةِ مَجَّانًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَا اشْتِرَاطَ عِوَضٍ أَعْتَقَهُ هَكَذَا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَلَبِ ثَوَابِهِ وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ وَهَرَبًا مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ وَرَغْبَةً فِيمَا وَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ» فَصَارَ فُلَانٌ الْهِنْدِيُّ هَذَا حُرًّا بِإِعْتَاقِ مَوْلَاهُ هَذَا لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ، وَلَا يُمْلَكُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ لَا سَبِيلَ لَهُ، وَلَا لِأَحَدٍ عَلَيْهِ إلَّا سَبِيلَ الْوَلَاءِ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِمُعْتِقِهِ هَذَا مَا دَامَ حَيًّا وَلِعَصَبَتِهِ الذُّكُورِ مِنْ بَعْدِهِ وَسَمَّاهُ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ كَذَا وَصَدَّقَ الْمُعْتَقُ هَذَا مُعْتِقَهُ هَذَا فِي كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لَهُ وَقْتَ هَذَا الْإِعْتَاقِ شِفَاهًا. وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا، وَبَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَكْتُبُونَ بَعْدَ قَوْلِهِمْ وَهَرَبًا مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ وَلِيُعْتِقَ اللَّهُ تَعَالَى أَعْضَاءَهُ بِأَعْضَائِهِ مِنْ النَّارِ إعْتَاقًا صَحِيحًا جَائِزًا وَأَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ وَرِقِّهِ حَرَّرَهُ فَصَارَ حُرًّا فِي يَدِ نَفْسِهِ لَا حَقَّ لَهُ، وَلَا لِأَحَدٍ سِوَاهُ عَلَيْهِ سِوَى حَقِّ الْوَلَاءِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ اسْتِعْبَادُهُ وَاسْتِرْقَاقُهُ وَإِعَادَتُهُ إلَى الرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ وَصَدَّقَهُ الْمَعْتُوقُ فِي كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لَهُ وَقْتَ هَذَا الْإِعْتَاقِ، وَذَلِكَ يَوْمُ كَذَا.

وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - يَكْتُبُونَ هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانٍ يَعْنِي الْمَوْلَى لِمَمْلُوكِهِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ أَنَّكَ كُنْتَ مَمْلُوكًا لِي إلَى أَنْ أُعْتِقُكَ فَأَعْتَقْتُكَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَلَبِ ثَوَابِهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ صَحِيحُ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ لَا عِلَّةَ بِي مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ جَائِزُ الْأُمُورِ أَعْتَقْتُكَ عِتْقًا جَائِزًا نَافِذًا بَتَّا بَتْلًا لَمْ أَشْتَرِطْ عَلَيْكَ شَرْطًا، وَلَا اخْتَلَفْتُ مِنْكَ مَالًا فَصِرْتَ بِهِ حُرًّا، لَكَ مَا لِلْأَحْرَارِ وَعَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ لَا سَبِيلَ لِي، وَلَا لِأَحَدٍ عَلَيْكَ وَلِي وَلَاؤُكَ وَوَلَاءُ عِتْقِكَ، وَذَلِكَ فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا، وَإِنَّمَا كَتَبُوا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إذَا أَعْتَقَهُ رِيَاءً وَسُمْعَةً لَا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَعْتِقُ، وَإِنَّمَا كَتَبُوا أَنَا يَوْمئِذٍ صَحِيحٌ لَا عِلَّةَ بِي مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْمَرِيضِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَعِتْقَ الصَّحِيحِ يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ " أَوْ غَيْرِهِ " الْجُنُونَ وَالْعَتَهَ وَالْحَجْرَ بِسَبَبِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ الْعَتَهَ وَالْجُنُونَ يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْعَتَاقِ بِالْإِجْمَاعِ وَالْحَجْرَ بِسَبَبِ الْفَسَادِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِعْتَاقِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّمَا كَتَبُوا عِتْقًا نَافِذًا بَتًّا بَتْلًا حَتَّى لَا يَدَّعِي الْمَوْلَى عَلَيْهِ مَا يُوجِبُ تَوَقُّفَ الْعِتْقِ أَوْ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ، وَإِنَّمَا كَتَبُوا: لَمْ أَشْرِطْ عَلَيْكَ شَرْطًا، وَلَا اخْتَلَفْتُ مِنْكَ مَالًا قَطْعًا لِلدَّعْوَى وَالْمُنَازَعَةِ، وَإِنَّمَا كَتَبُوا: صِرْتَ بِهِ حُرًّا، لَكَ مَا لِلْأَحْرَارِ وَعَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ بِطَرِيقِ التَّأْكِيدِ، وَإِنَّمَا كَتَبُوا وَلِي وَلَاؤُكَ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَبَيَانًا لِحُكْمِ الْعِتْقِ وَكَتَبُوا وَلَاءَ عِتْقِهِ، هَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكْتُبُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ يَكْتُبُ فِيهِ بَعْدَ قَوْلِهِ عَتَاقًا جَائِزًا نَافِذًا عَلَى كَذَا دِينَارًا وَقَبِلَ هَذَا الْعَبْدُ هَذَا الْعِتْقَ بِهَذَا الْمَالِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَوْلَى قَبَضَ الْمَالَ يَكْتُبُ وَقَبَضَ الْمُعْتِقُ هَذَا الْمَالَ بِإِيفَاءِ الْمُعْتَقِ هَذَا ذَلِكَ إيَّاهُ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ الْمَالَ يَكْتُبُ فَجَمِيعُ هَذَا الْمَالِ دَيْنٌ عَلَى هَذَا الْمُعْتَقِ لِهَذَا الْمَوْلَى، لَا بَرَاءَةَ لِهَذَا الْمُعْتَقِ عَنْهُ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ ذَلِكَ إلَيْهِ، وَلَا سَبِيلَ لِهَذَا الْمَوْلَى عَلَيْهِ إلَّا سَبِيلُ الْوَلَاءِ وَطَلَبُ الْجُعْلِ، وَذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَإِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً هُمَا لَهُ وَبَيْنَهُمَا نِكَاحٌ وَلَهُمَا أَوْلَادٌ أَعْتَقَهُمْ جُمْلَةً) يَكْتُبُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فُلَانًا وَيُسَمِّيهِ وَيُحَلِّيهِ وَأَمَتَهُ فُلَانَةَ وَيُسَمِّيهَا وَيُحَلِّيهَا وَهُمَا زَوْجَانِ وَأَعْتَقَ أَوْلَادَهُمَا مَعَهُمَا وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانَةُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُمْ جَمِيعًا أَعْتَقَهُمْ جَمِيعًا لِابْتِغَاءِ مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَمَعًا فِي ثَوَابِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا. (وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَقَدْ أَعْتَقَاهُ أَوْ أَعْتَقُوهُ جَمِيعًا) يَكْتُبُ هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ لِمَمْلُوكِهِمَا فُلَانٍ أَنَّكَ كُنْتَ مَمْلُوكَنَا، وَقَدْ أَعْتَقْنَاكَ وَيَكْتُبُ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْعَبْدِ حَتَّى يَعْرِفَ مِقْدَارَ مَا ثَبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْوَلَاءِ وَبَاقِي الْكِتَابِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْعَبْدِ لِوَاحِدٍ وَإِذَا وَكَّلُوا رَجُلًا بِذَلِكَ يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ فُلَانًا وَكِيلُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُمْ فُلَانًا، وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ أَثْلَاثًا وَأَعْتَقَهُ هَذَا الْوَكِيلُ مَجَّانًا بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ عَلَى كَذَا إعْتَاقًا صَحِيحًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِمْ وَمِلْكِهِمْ فَصَارَ هَذَا الْعَبْدُ حُرًّا بِإِعْتَاقِ وَكِيلِهِمْ هَذَا إيَّاهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ وَلَا يُمْلَكُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ. وَلَا سَبِيلَ لِهَؤُلَاءِ الْمُوَكِّلِينَ عَلَيْهِ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ غَيْرُ سَبِيلِ الْوَلَاءِ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لَهُمْ حَالَ حَيَاتِهِمْ وَلِعَقِبِهِمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ. (وَفِيمَا إذَا كَانَ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ الْمَالَ مِنْهُ لَهُمْ) يَكْتُبُ قَبُولَ الْعَبْدِ الْعِتْقَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ وَيَكْتُبُ قَبَضَ الْوَكِيلُ الْمَالَ مِنْهُ لَهُمْ، وَإِذَا لَمْ يَقْبِضْ الْوَكِيلُ يَكْتُبُ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فِيمَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ لِوَاحِدٍ. وَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلسَّاكِتِ خِيَارَاتٌ

ثَلَاثَةٌ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا، وَخِيَارَانِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا فَلِلسَّاكِتِ حَقُّ تَضْمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلِلسَّاكِتِ حَقُّ اسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ، وَفِي الْحَالَيْنِ الْعَبْدُ يَعْتِقُ كُلُّهُ عَلَى الْمُعْتِقِ وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ، فَإِنْ أَرَادَ السَّاكِتُ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ جَمِيعَ نَصِيبِهِ مِنْ الْمَمْلُوكِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ فُلَانٍ، وَاسْمُ هَذَا الْمَمْلُوكِ كَذَا وَحِلْيَتُهُ كَذَا، وَقَدْ أَعْتَقَ هَذَا الْمُعْتِقُ نَصِيبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فُلَانٍ عِتْقًا صَحِيحًا وَالْمُعْتِقُ كَانَ مُوسِرًا وَقْتَ الْإِعْتَاقِ حَتَّى يَثْبُتَ لِلشَّرِيكِ السَّاكِتِ ثَلَاثُ خِيَارَاتٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَاخْتَارَ تَضْمِينَ شَرِيكِهِ الْمُعْتِقِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ، وَكَانَتْ قِيمَةُ نَصِيبِهِ مَثَلًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِتَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ الَّذِينَ لَهُمْ بَصِيرَةٌ فِي ذَلِكَ وَمَعْرِفَةٌ وَهُمْ عُدُولٌ فَرَفَعَ السَّاكِتُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ وَادَّعَى عَلَى الْمُعْتِقِ هَذَا الْمِقْدَارَ فَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِذَلِكَ لِمَا أَنَّهُ وَقَعَ اجْتِهَادُهُ عَلَيْهِ وَلَزِمَ الْمُعْتِقَ أَدَاءُ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي فَهَذَا الْقَدْرُ دَيْنٌ عَلَى الْمُعْتِقِ هَذَا لِشَرِيكِهِ الْمُدَّعِي، وَإِنْ قَضَاهُ الْمُعْتِقُ هَذَا الْمِقْدَارَ يَكْتُبُ فَقَضَاهُ هَذَا الْمِقْدَارَ بِإِلْزَامِهِ، وَصَارَ الْعَبْدُ كُلُّهُ حُرًّا مِنْ جِهَةِ الْمُعْتِقِ هَذَا وَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لِلْمُعْتِقِ هَذَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. وَفِي اخْتِيَارِ اسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ يَكْتُبُ فَاخْتَارَ الشَّرِيكُ السَّاكِتُ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَذَلِكَ كَذَا وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْعَبْدَ فَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى لَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِذَا سَعَى فَهُوَ حُرٌّ مِنْ جِهَتِهِمَا وَوَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا. وَفِي اخْتِيَارِ إعْتَاقِ نَصِيبِهِ يَكْتُبُ كِتَابًا فَاخْتَارَ إعْتَاقَ نَصِيبِهِ وَأَعْتَقَهُ فَصَارَ حُرًّا مِنْ جِهَتِهِمَا وَوَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ خِيَارَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاخْتَارَ السَّاكِتُ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ يَكْتُبُ وَكَانَ هَذَا الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا مَعْرُوفًا بِذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ حَتَّى يَثْبُتَ لِلسَّاكِتِ خِيَارَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَاخْتَارَ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَذَلِكَ كَذَا فَأَمْضَى الْقَاضِي فُلَانٌ اخْتِيَارَهُ وَأَلْزَمَ الْعَبْدَ ذَلِكَ وَيَصِيرُ الْعَبْدُ حُرًّا مِنْهُمَا إذَا سَعَى وَوَلَاؤُهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ اخْتَارَ إعْتَاقَ نَصِيبِهِ يَكْتُبُ عَلَى نَحْوِ مَا يَكْتُبُ لَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا، ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ اخْتَارَ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ وَنَجَمَهُ نُجُومًا يَكْتُبُ فَأَمْضَى الْقَاضِي اخْتِيَارَهُ وَأَلْزَمَ الْعَبْدَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ، وَذَلِكَ كَذَا وَنَجَمَهُ عَلَيْهِ نُجُومًا ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لِيُؤَدِّيَ عِنْدَ انْقِضَاءِ كُلِّ شَهْرٍ كَذَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. فَإِنْ صَالَحَ الْعَبْدَ مِنْ قِيمَةِ نَصِيبِهِ عَلَى مِقْدَارٍ أَقَلَّ مِنْهَا يَكْتُبُ وَصَالَحَهُ مِنْ قِيمَةِ نَصِيبِهِ عَلَى كَذَا مُؤَجَّلًا إلَى كَذَا، فَإِنْ نَجَمَ نُجُومًا وَمَضَى شَهْرٌ وَأَدَّى نَجْمًا وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا يَكْتُبُ وَمَضَى شَهْرٌ وَأَدَّى نَجْمًا، وَهُوَ كَذَا وَبَقِيَ عَلَيْهِ كَذَا عَلَى نُجُومِ مَا بَقِيَ يُطَالِبُهُ إذَا حَلَّ ذَلِكَ وَبَعْدَ أَدَاءِ النُّجُومِ كُلِّهَا يَكْتُبُ: إنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ اسْمُهُ كَذَا، وَكَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَاخْتَارَ الشَّرِيكُ اسْتِسْعَاءَ هَذَا الْعَبْدِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَنَجَمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ نُجُومًا فِي كَذَا مِنْ الشُّهُورِ، كُلُّ شَهْرٍ كَذَا فَمَضَى فَاسْتَوْفَى مِنْهُ كَذَا وَمَضَى شَهْرٌ آخَرُ فَاسْتَوْفَى مِنْهُ كَذَا وَاسْتَوْفَى مِنْهُ أَيْضًا بَعْدَ الشَّهْرِ الثَّالِثِ كَذَا، وَيَقُولُ هُوَ آخِرُ النُّجُومِ فَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ، وَلَا قِبَلُهُ، وَلَا عِنْدَهُ وَلَا مَعَهُ شَيْءٌ لَا قَلِيلٌ، وَلَا كَثِيرٌ وَعَتَقَ كُلُّهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا فَهُوَ مَوْلًى لَهُمَا وَوَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -) يَكْتُبُ أَعْتَقَ فُلَانٌ جَمِيعَ نَصِيبِهِ مِنْ الْمَمْلُوكِ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ فُلَانٍ وَاسْمُ الْمَمْلُوكِ كَذَا حَتَّى عَتَقَ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ، وَهُوَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا مَعْرُوفًا بِذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ فَطَالَبَهُ السَّاكِتُ

بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ وَأَمْضَى ذَلِكَ وَأَلْزَمَ الْمُعْتِقَ قِيمَةَ نَصِيبِ السَّاكِتِ وَحَكَمَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ مِنْ قِبَلِ الْمُعْتِقِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. . وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا يَكْتُبُ، وَكَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا مَعْرُوفًا بِذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ حَتَّى يَثْبُتَ لِلسَّاكِتِ حَقُّ اسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ فِي قِيمَةِ نَصِيبِهِ فَأَخَذَ الْعَبْدَ بِذَلِكَ وَرَافَعَهُ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ فَأَمْضَى ذَلِكَ وَأَمَرَ الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ بِالِاسْتِسْعَاءِ فِي قِيمَةِ نَصِيبِ السَّاكِتِ فَذَلِكَ دَيْنٌ لِلسَّاكِتِ عَلَى الْعَبْدِ وَجَعَلَ الْعَبْدَ كُلَّهُ حُرًّا مِنْ جِهَةِ الْمُعْتِقِ وَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لَهُ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَرَادَ أَنْ يُعْتِقَاهُ وَخَافَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَضْمِينَ صَاحِبِهِ إيَّاهُ بِسَبْقِ إعْتَاقِهِ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُوَكِّلَا رَجُلًا بِإِعْتَاقِهِ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُعَلِّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِتْقَ نَصِيبِهِ بِإِعْتَاقِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ حَتَّى لَوْ أَفْرَدَ الْوَكِيلُ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بِالْإِعْتَاقِ لَمْ يَنْفُذْ، وَإِذَا أَعْتَقَ الْوَكِيلُ كَتَبَ هَذَا مَا أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِمَا فُلَانٍ، وَأَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُمَا فُلَانًا، وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ مَجَّانًا أَوْ عَلَى كَذَا إعْتَاقًا صَحِيحًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِمَا وَمِلْكِهِمَا فَصَارَ هَذَا الْعَبْدُ حُرًّا بِإِعْتَاقِ وَكِيلِهِمَا هَذَا إيَّاهُ، ثُمَّ يَذْكُرُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَكَذَا هَذَا فِي تَوْكِيلِهِمَا إيَّاهُ بِالتَّدْبِيرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى خِدْمَتِهِ سَنَةً يَكْتُبُ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْمُسَمَّى كَذَا وَحِلْيَتُهُ كَذَا إعْتَاقًا صَحِيحًا جَائِزًا نَافِذًا عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ سَنَةً كَامِلَةً اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا يَخْدُمُ فِيمَا رَآهُ مَوْلَاهُ، وَفِيمَا بَدَا لَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْخِدْمَةِ حَيْثُ شَاءَ وَأَيْنَ شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ فِيمَا يَحِلُّ فِي الشَّرْعِ لَيْلًا وَنَهَارًا فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ قَدْرَ مَا يُطِيقُ وَقَبِلَ فُلَانٌ مِنْهُ هَذَا الْعِتْقَ بِهَذَا الْبَدَلِ وَضَمِنَ خِدْمَتَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَصَارَ حُرًّا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا سَبِيلُ الْوَلَاءِ وَإِلَّا طَلَبَ هَذِهِ الْخِدْمَةِ الْمَشْرُوطَةِ الْمَذْكُورَةِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ (وَثِيقَةُ بَدَلِ الْعِتْقِ) يَكْتُبُ شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ فُلَانًا الْهِنْدِيَّ أَقَرَّ طَائِعًا أَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا لِفُلَانٍ بِمِلْكٍ صَحِيحٍ وَاجِبٍ لَازِمٍ وَخَدَمَهُ زَمَانًا وَرَغِبَ فِي عِتْقِهِ فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى كَذَا فَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ فَأَعْتَقَهُ بِهَذَا الْجُعْلِ عِتْقًا صَحِيحًا لَا رَجْعَةَ فِيهِ، وَلَا مَثُوبَةَ، وَلَا تَعْلِيقَ بِمُخَاطَرَةٍ وَلَا إضَافَةٍ إلَى وَقْتٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَقِيلَ: هُوَ ذَلِكَ مِنْهُ بِمُخَاطَبَتِهِ إيَّاهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَالِاشْتِغَالِ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَعَتَقَ بِهِ، وَصَارَ حُرًّا مَالِكًا لِنَفْسِهِ، وَهَذَا الْجُعْلُ دَيْنٌ لَهُ عَلَيْهِ حَالًّا يَأْخُذُهُ مِنْهُ مَتَى شَاءَ لَا امْتِنَاعَ لَهُ عَنْهُ، وَلَا بَرَاءَةَ لَهُ مِنْهُ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ ذَلِكَ إلَيْهِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (إعْتَاقُ الْعَبْدِ بِحُكْمِ الْوَصَايَا) شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا يَعْنِي ابْنَ الْمَيِّتِ أَقَرَّ طَائِعًا أَنَّ أَبَاهُ فُلَانًا قَدْ كَانَ أَوْصَى إلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ وَمَمْلُوكَهُ فُلَانًا يُسَمِّي الْعَبْدَ وَيُحَلِّيهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَشْتَرِطُ فِيهِ شَرْطًا، وَلَا يَجْعَلُ عَلَيْهِ مَالًا، وَأَنَّهُ قَدْ قَبِلَ مِنْ أَبِيهِ فُلَانٍ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ، وَأَنَّ أَبَاهُ فُلَانًا قَدْ تُوُفِّيَ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ ذَلِكَ، وَلَا عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، وَأَنَّهُ نَفَّذَ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ وَأَعْتَقَ فُلَانًا، وَهُوَ الْعَبْدُ الَّذِي كَانَ أَوْصَى بِهِ إلَيْهِ أَبُوهُ فَصَارَ فُلَانٌ بِذَلِكَ حُرًّا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ مَا لِلْأَحْرَارِ وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْأَحْرَارِ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ اسْتِرْقَاقٍ أَوْ اسْتِخْدَامٍ أَوْ اسْتِسْعَاءٍ فَقَدْ صَارَ فِي يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ مِثْلَا قِيمَةِ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا سَبِيلُ الْوَلَاءِ الَّذِي ثَبَتَ فِي الشَّرْعِ لِلْمُعْتِقِ حَالَ حَيَاتِهِ وَلِعَقِبِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ (إذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ) يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانٌ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ طَائِعًا أَنَّهُ أَعْتَقَ أَمَتَهُ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ التُّرْكِيَّةَ وَالْهِنْدِيَّةَ إعْتَاقًا صَحِيحًا إلَى آخِرِ كِتَابِ الْعِتْقِ، ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَ كِتَابِ الْعِتْقِ، ثُمَّ إنَّ الْمُعْتِقَ

الفصل الخامس في التدبير

هَذَا بَعْدَ هَذَا الْعِتْقِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ تَزَوَّجَ مُعْتَقَتَهُ هَذِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ الْمَرْضِيِّينَ عَلَى صَدَاقٍ كَذَا دِينَارًا تَزَوُّجًا صَحِيحًا، وَأَنَّهَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ تَزْوِيجًا صَحِيحًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ عَلَى الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّدْبِير] (الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّدْبِير) ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ يَكْتُبُ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لِمَمْلُوكِهِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ أَنِّي أَعْتَقْتُكَ بَعْدَ مَوْتِي لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَلَبِ مَا عِنْدَهُ مِنْ الثَّوَابِ وَأَنَا يَوْمئِذٍ صَحِيحٌ وَأَرَادَ بِذَلِكَ صِحَّةَ الْبَدَنِ، أَلَا يُرَى أَنَّهُ قَالَ عَقِيبَهُ: لَا عِلَّةَ بِي مِنْ مَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَدْبِيرَ الصَّحِيحِ وَالْمَرِيضِ سَوَاءٌ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ وَالطَّحَاوِيُّ كَانَ يَكْتُبُ أَنِّي جَعَلْتُكَ مُدَبَّرًا فِي حَيَاتِي وَحُرًّا بَعْدَ مَوْتِي، قَالَ: وَإِنَّمَا جَمَعْتُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ؛ لِأَنَّ مِنْ مَذْهَبِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُدَبَّرًا مَا لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ، ثُمَّ يَكْتُبُ: وَلِي وَلَاؤُكَ وَوَلَاءُ عَتِيقِكَ مِنْ بَعْدِكَ وَالطَّحَاوِيُّ كَانَ يَكْتُبُ وَلِي وَلَاءُ مَا عَتَقَ مِنْكَ بِالتَّدْبِيرِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ مِنْ مَذْهَبِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ إذَا مَاتَ الْمَوْلَى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِلتَّرِكَةِ فَالْمُدَبَّرُ لَا يَعْتِقُ بَلْ يَكُونُ رَقِيقًا يُبَاعُ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى مَوْلَاهُ، وَلَا يَكُونُ بِالْمَوْلَى عَلَيْهِ وَلَاءٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَمَتَى كَتَبْنَا لِي وَلَاؤُكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَانَ خَطَأً عَلَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ، وَصِيَانَةُ الْكُتُبِ عَنْ الْخَطَأِ وَاجِبَةٌ مَا أَمْكَنَ، وَبَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَكْتُبُونَ هَذَا مَا دَبَّرَ فُلَانٌ عَبْدَهُ وَمَمْلُوكَهُ وَمَرْقُوقَهُ الْهِنْدِيَّ أَوْ التُّرْكِيَّ أَوْ الرُّومِيَّ الْمُسَمَّى فُلَانًا وَيَذْكُرُ حِلْيَتَهُ، ثُمَّ يَكْتُبُ وَجَعَلَهُ حُرًّا بَعْدَ مَوْتِهِ تَدْبِيرًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ صَحِيحًا نَافِذًا لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ وَلَا يُمْهَرُ، وَلَا يُنْقَلُ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ لَا رَجْعَةَ فِيهِ وَلَا مَثُوبَةَ، فَهُوَ مُدَبَّرٌ لِهَذَا الْمَوْلَى مَا دَامَ هَذَا الْمَوْلَى حَيًّا يَنْتَفِعُ بِهِ كَمَا يَنْتَفِعُ بِالْعَبْدِ غَيْرِ الْمَبِيعِ وَمَا يُشْبِهُهُ، وَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ مِنْ وَرَثَتِهِ إلَّا سَبِيلُ السِّعَايَةِ فِيمَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا سَبِيلُ الْوَلَاءِ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ. وَصَدَّقَهُ هَذَا الْمُدَبَّرُ فِي كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لَهُ وَقْتَ التَّدْبِيرِ، وَذَلِكَ فِي صِحَّةِ هَذَا الْمُدَبَّرِ وَثَبَاتِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ وَيَلْحَقُ بِهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ فَيَكْتُبُ، ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمَوْلَى أَرَادَ بَيْعَ هَذَا الْمُدَبَّرِ مِنْ فُلَانٍ فَخَاصَمَهُ الْمُدَبَّرُ فِيهِ خُصُومَةً مُسْتَقِيمَةً بَيْنَ يَدَيْ قَاضٍ عَدْلٍ نَافِذِ الْقَضَاءِ فَحَكَمَ لَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى بَيْعِهِ بِحُكْمِ هَذَا التَّدْبِيرِ بَعْدَ مَا وَقَعَ اجْتِهَادُهُ وَرَأْيُهُ عَلَى ذَلِكَ عَمَلًا بِقَوْلِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَأَخَذَ بِالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِيهِ وَأَشْهَدَ عَلَى حُكْمِهِ حُضُورَ مَجْلِسِهِ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا. (إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ دَبَّرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ) يَكْتُبُ هَذَا مَا دَبَّرَ فُلَانٌ جَمِيعَ نَصِيبِهِ، وَهُوَ النِّصْفُ مَثَلًا مِنْ جَمِيعِ الْعَبْدِ الْهِنْدِيِّ الْمُسَمَّى فُلَانًا الَّذِي هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ نِصْفَيْنِ فَجَعَلَ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَهُوَ النِّصْفُ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا فِي حَيَاتِهِ وَجَعَلَ نَصِيبَهُ حُرًّا بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَيُتِمُّ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا وَيَكُونُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْمُدَبِّرُ مُوسِرًا، وَخِيَارَانِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَعِنْدَهُمَا حَقُّهُ فِي التَّضْمِينِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَفِي الِاسْتِسْعَاءِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَكْتُبُ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي فَصْلِ الْعِتْقِ. وَأَمَّا فِي فَصْلِ التَّضْمِينِ يَكْتُبُ وَطَالَبَ الشَّرِيكُ السَّاكِتُ الْمُدَبِّرَ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ يَوْمَ التَّدْبِيرِ، وَذَلِكَ كَذَا دِينَارًا بِتَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ وَقَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي الْعَدْلِ جَائِزِ الْحُكْمِ فَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْمُدَبِّرَ ذَلِكَ وَقَبَضَ السَّاكِتُ ذَلِكَ مِنْ الْمُدَبِّرِ تَامًّا وَبَرِئَ مِنْ ذَلِكَ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ فَصَارَ جَمِيعُ هَذَا الْمَمْلُوكِ مُدَبَّرًا لِلْمُدَبِّرِ هَذَا دُونَ فُلَانٍ يَعْنِي السَّاكِتَ وَدُونَ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَلَا سَبِيلَ لِلسَّاكِتِ هَذَا بَعْدَ هَذَا عَلَى الشَّرِيكِ الْمُدَبِّرِ، وَلَا عَلَى الْعَبْدِ

الفصل السادس في الاستيلاد

وَإِذَا حَدَثَ بِهَذَا الْمُدَبِّرِ حَدَثُ الْمَوْتِ فَهَذَا الْمُدَبَّرُ حُرٌّ كُلُّهُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى لَا سَبِيلَ لِفُلَانٍ يَعْنِي الْمُدَبِّرَ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ وَرَثَتِهِ عَلَى هَذَا الْمُدَبَّرِ سَبِيلٌ إلَّا سَبِيلُ الْوَلَاءِ وَإِلَّا سَبِيلُ الِاسْتِسْعَاءِ فِيمَا لَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ. (الْعَبْدُ إذَا كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَّلَا رَجُلًا بِالتَّدْبِيرِ) يَكْتُبُ فِيهِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فِيمَا إذَا وَكَّلَاهُ بِالْإِعْتَاقِ غَيْرَ أَنَّ فِي فَصْلِ الْإِعْتَاقِ إذَا قَالَ الْوَكِيلُ: أُعْتِقُهُ عَنْهُمَا، أَوْ قَالَ: هُوَ حُرٌّ عَنْهُمَا، أَوْ قَالَ: نَصِيبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُرٌّ عَنْ مَالِكِهِ فَذَلِكَ يَكْفِي، وَيَعْتِقُ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْهُ فِي الْحَالِ، وَفِي فَصْلِ التَّدْبِيرِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَقُولَ: دَبَّرْتُ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ هَذَا الْمَمْلُوكِ وَجَعَلْتُ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُرًّا بَعْدَ مَوْتِهِ حَتَّى يَعْتِقَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَوْتِهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ: دَبَّرْتُهُ عَنْهُمَا، أَوْ قَالَ: هُوَ حُرٌّ عَنْهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا فَإِنَّمَا يَعْتِقُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا، وَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا أَوَّلًا بِمَوْتِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الِاسْتِيلَادِ] (الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الِاسْتِيلَادِ) وَإِذَا أَرَدْتَ كِتَابَةَ كِتَابٍ لِأُمِّ الْوَلَدِ كَتَبْتَ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الذِّكْرِ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ عِنْدَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى إقْرَارِهِ طَائِعًا أَنَّ أَمَتَهُ التُّرْكِيَّةَ أَوْ الرُّومِيَّةَ أَوْ الْهِنْدِيَّةَ وَيَذْكُرُ اسْمَهَا وَحِلْيَتَهَا وَسِنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَلَدَتْ عَلَى مِلْكِهِ وَفِرَاشِهِ ابْنَهُ الْمُسَمَّى فُلَانًا أَوْ ابْنَتَهُ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ فِي حَيَاتِهِ يَنْتَفِعُ بِهَا كَمَا يَنْتَفِعُ الْمَالِكُ بِمَمْلُوكِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى بَيْعِهَا، وَلَا تَمْلِيكِهَا مِنْ غَيْرِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَهِيَ حُرَّةٌ بَعْدَ وَفَاتِهِ، لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ مِنْ وَرَثَتِهِ عَلَيْهَا إلَّا سَبِيلُ الْوَلَاءِ فَإِنَّ وَلَاءَهَا لَهُ وَلِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَيَلْحَقُ بِهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ وَتَصْدِيقُهَا. وَلَا يُحْتَاجُ هَاهُنَا إلَى اسْتِثْنَاءِ سَبِيلِ السِّعَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ الْمَوْلَى فِي الْمَرَضِ، وَلَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ قَائِمًا مَعْلُومًا فَحِينَئِذٍ تَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَذْكُرُ حِينَئِذٍ سَبِيلَ السِّعَايَةِ وَيُسْتَثْنَى عَلَى شَرْطِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَدْ أَسْقَطَتْ سِقْطًا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ أَوْ بَعْضُ خَلْقِهِ يَكْتُبُ أَقَرَّ عِنْدَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى إقْرَارِهِ طَائِعًا أَنَّ جَارِيَتَهُ فُلَانَةَ أُمَّ وَلَدِهِ قَدْ أَسْقَطَتْ مِنْهُ سِقْطًا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ أَوْ بَعْضُ خَلْقِهِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْكِتَابَةِ] (الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْكِتَابَةِ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ أَهْلَ الشُّرُوطِ اخْتَلَفُوا فِي الْبُدَاءَةِ بِكِتَابِ الْكِتَابَةِ فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَكْتُبُونَ هَذَا مَا كَاتَبَ عَلَيْهِ فُلَانٌ مَمْلُوكَهُ فُلَانًا الْفُلَانِيَّ، وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يَكْتُبُونَ هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ لِمَمْلُوكِهِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ، وَكَانَ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ يَكْتُبُ هَذَا كِتَابُ مَا كَاتَبَ عَلَيْهِ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ مَمْلُوكَهُ فُلَانًا الْفُلَانِيَّ، وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ يَكْتُبُ: هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الذِّكْرِ شَهِدُوا أَنْ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَقَرَّ عِنْدَهُمْ طَائِعًا أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ فُلَانًا، وَقَدْ عَرَفْنَاهُ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَأَشْهَدَنَا عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ وَبَدَنِهِ وَجَوَازِ إقْرَارِهِ إلَى آخِرِهِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي الْبُدَاءَةِ بِكِتَابِ الْكِتَابَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَاتَّفَقَ عَامَّةُ أَهْلِ الشُّرُوطِ أَنَّ فِي الْأَشْرِبَةِ يَكْتُبُ هَذَا مَا اشْتَرَى خِلَافًا لِلْبَصْرِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ وَاتَّفَقُوا أَنَّ فِي فَصْلِ الْخُلْعِ يَكْتُبُ هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانٍ وَاتَّفَقُوا أَنَّ فِي الْأَقَارِيرِ يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ إلَى آخِرِهِ بَعْدَ هَذَا، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: الْكِتَابَةُ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ حَتَّى صَحَّ كِتَابَةُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ عَبْدَ الصَّغِيرِ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُمَا وَيَصِحُّ فَسْخُ الْكِتَابَةِ كَمَا يَصِحُّ فَسْخُ الْبَيْعِ، ثُمَّ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَكْتُبُ هَذَا مَا اشْتَرَى فَكَذَا فِي الْكِتَابَةِ الَّتِي فِي مَعْنَى الْبَيْعِ يَكْتُبُ هَذَا مَا كَاتَبَ وَيُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ هَكَذَا يَقُولُ أَيْضًا: إنَّ الْكِتَابَةَ فِي مَعْنَى الشِّرَاءِ إلَّا أَنَّ عِنْدَهُ فِي الشِّرَاءِ

يَكْتُبُ هَذَا كِتَابُ مَا اشْتَرَى فَكَذَا فِي الْكِتَابَةِ يَكْتُبُ هَذَا كِتَابُ مَا كَاتَبَ وَالطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولَانِ: الْكِتَابَةُ عَقْدٌ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْ أَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ فَإِنَّهُ يَكْتُبُ كَاتَبَ فُلَانٌ مَمْلُوكَهُ فُلَانًا فَكَانَ كَالْخُلْعِ فَإِنَّ فِي الْخُلْعِ يَحْتَاجُ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْ أَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ فَإِنَّهُ يَكْتُبُ خَالَعَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ فِي الْخُلْعِ يَكْتُبُ هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانٍ فَكَذَا فِي الْكِتَابَةِ يَكْتُبُ هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانٍ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ فَإِنَّ الشِّرَاءَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْ أَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ فَإِنَّهُ لَا يَذْكُرُ فِي كِتَابِ الشِّرَاءِ مِلْكَ الْبَائِعِ، وَلَا يَدَهُ الَّذِي يُبْتَنَى عَلَيْهِ صِحَّةُ الشِّرَاءِ وَأَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ يَقُولُ: الْكِتَابَةُ لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى تُلْحَقَ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ، وَالْكِتَابَةُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَيَثْبُتُ الْحَيَوَانُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فِي الْكِتَابَةِ، وَلَا يَثْبُتُ فِي الْبَيْعِ، وَلَيْسَتْ كَالْخُلْعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَيْضًا حَتَّى تُلْحَقَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ وُقُوعِهِ، وَالْكِتَابَةُ تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ وُقُوعِهَا فَتَعَذَّرَ إلْحَاقُهَا بِالْخُلْعِ وَبِالشِّرَاءِ فَأَلْحَقْنَاهَا بِالْأَقَارِيرِ، وَفِي الْأَقَارِيرُ يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ بِلَا خِلَافٍ فَكَذَا فِي الْكِتَابَةِ. (صُورَةُ مَا كَتَبَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -) هَذَا مَا كَاتَبَ عَلَيْهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ مَمْلُوكَهُ فُلَانًا الْفُلَانِيَّ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَزْنِ سَبْعَةٍ يُؤَدِّيهَا نُجُومًا فِي خَمْسِ سِنِينَ كُلِّ سَنَةٍ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَكْتُبُوا عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَيْهِ لِلْحَالِ أَوْ يُؤَدِّيَهَا إلَيْهِ نَجْمًا وَاحِدًا إلَى سَنَةٍ أَوْ إلَى شَهْرٍ إنَّمَا لَمْ يَكْتُبُوا ذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ عِنْدَهُ الْكِتَابَةَ الْحَالَّةَ لَا تَجُوزُ، وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ الْمُنَجَّمَةُ بِنَجْمٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُ لَا تَجُوزُ فَكَتَبْنَا يُؤَدِّيهَا نُجُومًا احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَتَبْنَا فِي خَمْسِ سِنِينَ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ ذَلِكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِيَصِيرَ مِقْدَارُ النُّجُومِ وَحِصَّةُ كُلِّ نَجْمِ مَعْلُومًا، ثُمَّ قَالَ: يَكْتُبُ وَمَحِلُّ أَوَّلِ النُّجُومِ هِلَالُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا إنَّمَا يَكْتُبُ ذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ مَحِلُّ أَوَّلِ النُّجُومِ مَعْلُومًا، ثُمَّ قَالَ: يَكْتُبُ وَعَلَى فُلَانٍ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ لِيُجْهِدَنِّ حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَ مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ إنَّمَا يَكْتُبُ هَذَا تَحْرِيضًا لِلْعَبْدِ عَلَى الْكَسْبِ فَيُؤَدِّي بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَلَا يَكْتُبُ هَذَا فِي صَكِّ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُجْبَرٌ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ فَلَا حَاجَةَ فِي حَقِّهِ إلَى زِيَادَةِ تَحْرِيضٍ، أَمَّا الْمُكَاتَبُ فَغَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَى أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَيَحْتَاجُ فِي حَقِّهِ إلَى زِيَادَةِ تَحْرِيضٍ، ثُمَّ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَكْتُبُوا فِي صَكِّ الْكِتَابَةِ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ مَا دَامَ مُكَاتَبًا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبَانِ ذَلِكَ وَيَكْتُبَانِ أَيْضًا، وَعَلَى أَنْ يُسَافِرَ مَا دَامَ مُكَاتَبًا أَيْنَمَا شَاءَ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ. وَإِنَّمَا كَتَبْنَا عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ مَا دَامَ مُكَاتَبًا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِدُونِ إذْنِ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ، وَإِنَّمَا كَتَبْنَا عَلَى أَنْ يُسَافِرَ مَا دَامَ مُكَاتَبًا تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّ مَذْهَبَ بَعْضِ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَمْلِكُ الْمُسَافَرَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمُسَافَرَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْكِتَابَةِ، ثُمَّ قَالَ: يَكْتُبُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ النُّجُومِ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْ مَحَلِّهِ فَهُوَ مَرْدُودٌ فِي الرِّقِّ، وَإِنَّمَا كَتَبْنَا هَذَا مَعَ أَنَّهُ ثَابِتٌ بِدُونِ الشَّرْطِ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ إذَا شَرَطَ فِي الْكِتَابَةِ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ يُرَدُّ فِي الرِّقِّ فَعِنْدَ الْعَجْزِ يُرَدُّ فِي الرِّقِّ رَضِيَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ أَوْ سَخِطَ. وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ لَا يُرَدُّ فِي الرِّقِّ إلَّا بِرِضَا الْعَبْدِ فَيَكْتُبُ ذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِهِ، وَكَانَ السَّمْتِيُّ وَأَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ يَكْتُبَانِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ النُّجُومِ أَوْ عَنْ نَجْمَيْنِ فَهُوَ مَرْدُودٌ فِي الرِّقِّ، وَإِنَّمَا كَتَبْنَا ذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمِهِمَا اللَّه تَعَالَى - أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا حَلَّ عَلَيْهِ نَجْمٌ

وَطَالَبَهُ مَوْلَاهُ بِذَلِكَ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إنْ وَجَدَ لِلْمُكَاتَبِ مَالًا حَاضِرًا يَدْفَعُ ذَلِكَ إلَى مَوْلَاهُ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ يُرْجَى قُدُومُهُ أَجَّلَهُ الْقَاضِي يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً عَلَى حَسَبِ مَا يَرَى الْقَاضِي فِي ذَلِكَ، فَإِنْ أَدَّى مَا حَلَّ عَلَيْهِ وَإِلَّا رَادَّهُ فِي الرِّقِّ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُرَدُّ فِي الرِّقِّ حَتَّى يَتَوَالَى عَلَيْهِ نَجْمَانِ فَيَكْتُبَ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ النُّجُومِ أَوْ عَنْ نَجْمَيْنِ يُرَدُّ فِي الرِّقِّ حَتَّى يَصِيرَ الرَّدُّ فِي الرِّقِّ مُجْمَعًا عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ: يَكْتُبُ فَمَا أَخَذَهُ فُلَانٌ مِنْهُ فَهُوَ حَلَالٌ لَهُ إنَّمَا يَكْتُبُ هَذَا حَتَّى لَا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ الْعَقْدَ مَتَى فُسِخَ وَعَادَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ إلَى مِلْكِ الْمَوْلَى يَلْزَمُ الْمَوْلَى رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْ الْبَدَلِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ إلَّا بِتَحْلِيلِ مَنْ لَهُ الْبَدَلُ وَالطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ لَا يَكْتُبُ هَذَا لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ حَلَالٌ لَهُ بِدُونِ الذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ، ثُمَّ يَكْتُبُ: وَإِنْ أَدَّى جَمِيعَ مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى هَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكْتُبُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: مِنْ مَذْهَبِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَعْتِقُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى، وَمِنْ مَذْهَبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا أَدَّى ثَلَّثَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ أَوْ رُبْعَهُ يَعْتِقُ وَيَصِيرُ غَرِيمًا مِنْ غُرَمَاءِ الْمَوْلَى فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -: لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَهُوَ مَذْهَبُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ فَمَتَى كَتَبْنَا، وَإِنْ أَدَّى جَمِيعَ مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى - حَتَّى يَتَعَلَّقَ عِتْقُهُ بِأَدَاءِ جَمِيعِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ كَانَ هَذَا شَرْطًا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ عِنْدَ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَرُبَّمَا يَرْفَعُ إلَى قَاضٍ يَرَى مَذْهَبَهُمَا وَيَرَى فَسَادَ الْكِتَابَةِ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَيُبْطِلُهَا، فَذِكْرُ هَذَا يَقَعُ مُضِرًّا وَتَرْكُهُ لَا يَقَعُ مُضِرًّا فَكَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى ثُمَّ يَكْتُبُ: وَلِفُلَانٍ وَلَاؤُهُ وَوَلَاءُ عَتِيقِهِ، وَإِنَّمَا يَكْتُبُ ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ، وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُ: وَلَاؤُهُ، وَلَا يَكْتُبُ: وَلَاءُ عَتِيقِهِ فَإِنَّ وَلَاءَ عَتِيقِهِ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ فَإِنَّ هَذَا الْمُعْتَقَ لَوْ تَزَوَّجَ بِأَمَةٍ وَحَدَثَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَأَعْتَقَ مَوْلَى الْأَمَةِ الْوَلَدَ فَإِنَّ وَلَاءَ هَذَا الْوَلَدِ لَا يَكُونُ لِمَوْلَى الْأَبِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لِمَوْلَى الْأُمِّ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصَّنْعَةِ يَكْتُبُونَ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ يَكْتُبُهُ أَبُو زَيْدٍ فَفِي الْكِتَابَةِ الْحَالَّةِ يَكْتُبُونَ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَقَرَّ أَنَّهُ كَاتَبَ مَمْلُوكَهُ فُلَانًا الْفُلَانِيَّ يُسَمِّيهِ وَيُحَلِّيهِ عَلَى كَذَا دِرْهَمًا كِتَابَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً نَافِذَةً حَالَّةً لَا فَسَادَ فِيهَا، وَلَا خِيَارَ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ إلَى الْمَوْلَى مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ فَرَّطَ فِيهِ فَلَمْ يُؤَدِّهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَدَّى بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ فَلِمَوْلَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَرُدَّهُ فِي الرِّقِّ وَمَا أَخَذَهُ الْمَوْلَى مِنْهُ فَهُوَ حَلَالٌ لَهُ، وَإِنْ أَدَّاهَا كُلَّهَا إلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي قَبْضِ حُقُوقِهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَهُوَ حُرٌّ، وَلَا سَبِيلَ لِمَوْلَاهُ عَلَيْهِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ إلَّا سَبِيلُ الْوَلَاءِ، فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِمَوْلَاهُ حَالَ حَيَاتِهِ، وَهُوَ لِعَقِبِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَقَبِلَ هَذَا الْمُكَاتَبُ مِنْهُ هَذِهِ الْكِتَابَةَ مُوَاجَهَةً وَصَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ هَذَا فِي كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لَهُ يَوْمَ كَاتَبَهُ وَقَضَى بِصِحَّةِ هَذِهِ الْكِتَابَةِ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ الْبَدَلُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا أَوْ مَذْرُوعًا أَوْ حَيَوَانًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ لَكِنْ فِي الْحَيَوَانِ يَذْكُرُ أَسْنَانَهَا وَصِفَاتِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُبْهَمَةَ الْأَوْصَافِ لَكِنْ مِنْ جِنْسٍ مُسَمًّى جَازَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِبَعْضِ النَّاسِ وَمَتَى أَلْحَقْت بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ جَازَ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْكِتَابَةِ الْمُؤَجَّلَةِ يَكْتُبُونَ كِتَابَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً نَافِذَةً مُنَجَّمَةً نُجُومًا عَشْرَةً مُؤَجَّلَةً بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَةٍ أَوَّلُهَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا وَآخِرُهَا سَلْخُ شَهْرِ كَذَا كُلُّ نَجْمٍ مِنْهَا

كَذَا يُؤَدِّي عَنْ مُضِيِّ كُلِّ شَهْرٍ مِنْهَا نَجْمًا، وَعَلَى هَذَا الْمُكَاتَبِ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَدَاءِ كُلِّ نَجْمٍ عِنْدَ مَحِلِّهِ إلَى مَوْلَاهُ هَذَا، وَلَا يُقَصِّرُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَتَوَارَى عَنْهُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمُكَاتَبَ إنْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ هَذَا الْمَالِ عَلَى هَذِهِ النُّجُومِ أَوْ أَخَّرَ نَجْمًا مِنْهُ عِنْدَ مَحَلِّهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلِمَوْلَاهُ هَذَا أَنْ يَرُدَّهُ فِي الرِّقِّ أَوْ يَكْتُبَ فَهُوَ مَرْدُودٌ فِي الرِّقِّ، وَهَذَا أَوْثَقُ؛ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَحْتَاجُ إلَى قَضَاءٍ أَوْ رِضَاءٍ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ بِنَفْسِ الْعَجْزِ يَعُودُ إلَى الرِّقِّ، وَمَا أَخَذَهُ الْمَوْلَى مِنْهُ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَهُوَ حَلَالٌ لَهُ، وَإِنْ أَدَّى جَمِيعَ هَذِهِ النُّجُومِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي قَبْضِ حُقُوقِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ فَهُوَ حُرٌّ لَا سَبِيلَ لِمَوْلَاهُ عَلَيْهِ، وَلَا لِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ إلَّا سَبِيلُ الْوَلَاءِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ وَهُمَا زَوْجَانِ يَكْتُبُ فِي ذَلِكَ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا كَاتَبَ عَبْدَهُ فُلَانًا وَيُسَمِّيهِ وَيُحَلِّيهِ وَجَارِيَتَهُ فُلَانَةَ وَيُسَمِّيهَا وَيُحَلِّيهَا وَهِيَ امْرَأَةُ هَذَا الْعَبْدِ كَاتَبَهُمَا جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً عَلَى كَذَا دِرْهَمًا وَجَعَلَ نُجُومَهُمَا وَاحِدَةً وَهِيَ كَذَا وَكَذَا مِنْ الْمُدَّةِ أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا، وَكُلُّ نَجْمٍ مِنْ ذَلِكَ كَذَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ ضَامِنٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ مَا عَلَى صَاحِبِهِ لِمَوْلَاهُمَا هَذَا بِجَمِيعِ ذَلِكَ ضَمَانًا صَحِيحًا جَائِزًا مُلْزِمًا فِي الشَّرْعِ. وَعَلَى فُلَانٍ وَفُلَانَةَ عَهْدُ اللَّهِ تَعَالَى وَمِيثَاقُهُ أَنْ يَجْتَهِدَا فِي أَدَاءِ هَذِهِ الْكِتَابَةِ إلَى مَوْلَاهُمَا فُلَانٍ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا، وَمَنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ مَنْ يَكْتُبُ بَعْدَ قَوْلِهِ " وَكُلُّ نَجْمٍ مِنْ ذَلِكَ كَذَا " وَعَلَى أَنْ لَا يَعْتِقَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَعَلَى أَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَتَرْكِ كَفَالَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ حَتَّى لَا يَطْعَنَ طَاعِنٌ أَنَّ هَذِهِ كَفَالَةُ الْمُكَاتَبِ وَكَفَالَةُ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَلَا تَصِحُّ، وَأَنَّهُ حَسَنٌ. (وَعَلَى هَذَا إذَا كَاتَبَ عَبْدَيْنِ لَهُ) يَكْتُبُ فِي ذَلِكَ كَاتَبَ عَبْدَيْهِ فُلَانًا وَفُلَانًا مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً بِكَذَا وَجَعَلَ نُجُومَهُمَا وَاحِدَةً إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا عَلَى أَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ، وَعَلَى أَنْ لَا يَعْتِقَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ هَذِهِ الْمُكَاتَبَةِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا فِي الرِّقِّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَأَمَةً لَهُ وَهُمَا زَوْجَانِ وَمَعَهُمَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ) يَكْتُبُ كَاتَبَ فُلَانٌ عَبْدَهُ فُلَانًا وَأَمَتَهُ فُلَانَةَ وَهِيَ مَنْكُوحَةُ هَذَا الْعَبْدِ وَأَوْلَادَهُمَا وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانَةُ وَهُمْ صَبِيَّةٌ صِغَارٌ فِي حِجْرِ أَبِيهِمْ وَأُمِّهِمْ كِتَابَةً وَاحِدَةً عَلَى كَذَا دِرْهَمًا مُنَجَّمًا كَذَا كَذَا نَجْمًا كُلُّ نَجْمٍ كَذَا، فَإِنْ عَجَزَ فُلَانٌ عَنْ أَدَاءِ هَذَا الْمَالِ أَوْ عَنْ أَدَاءِ بَعْضِهِ أَوْ أَخَّرَ نَجْمًا مِنْهُ عَنْ مَحَلِّهِ حَتَّى مَضَتْ خَمْسَةُ أَيَّامٍ أَوْ كَذَا فَلِفُلَانٍ هَذَا الْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّهُ وَيَرُدَّ امْرَأَتَهُ وَأَوْلَادَهُ هَؤُلَاءِ إلَى الرِّقِّ وَمَا أَخَذَ الْمَوْلَى مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ جَمِيعَ هَذَا الْمَالِ عَلَى النُّجُومِ فَهُمْ جَمِيعًا أَحْرَارٌ وَلَا سَبِيلَ لِمَوْلَاهُمْ عَلَيْهِمْ إلَّا سَبِيلُ الْوَلَاءِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ الْمُدَبَّرَ) يَكْتُبُ كَاتَبَ عَبْدَهُ الْمُدَبَّرَ الْمُسَمَّى فُلَانًا. (إنْ كَاتَبَ أُمَّ وَلَدِهِ) يَكْتُبُ كَاتَبَ أُمَّ وَلَدِهِ فُلَانَةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ) يَكْتُبُ هَذَا مَا كَاتَبَ فُلَانٌ جَمِيعَ الْعَبْدِ الْهِنْدِيِّ الْمُسَمَّى فُلَانًا وَيُبَيِّنُ حِلْيَتَهُ الَّذِي هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ نِصْفَيْنِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فُلَانٍ هَذَا عَلَى أَنَّهُ إذَا أَدَّى هَذَا الْمُكَاتَبُ هَذَا الْبَدَلَ إلَى مَوْلَيَيْهِ هَذَيْنِ فَهُوَ حُرٌّ وَأَذِنَ الشَّرِيكُ فُلَانٌ هَذَا الْمُكَاتَبَ بِقَبْضِ حِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ وَأَبَاحَهُ لَهُ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا نَهَاهُ عَنْ قَبْضِهِ فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إذْنًا مُسْتَقْبَلًا وَصَدَّقَهُ شَرِيكُهُ، وَهَذَا الْعَبْدُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مُشَافَهَةً وَيُتِمَّ الْكِتَابَ. (وَإِنْ كَاتَبَ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ) فَنَقُولُ: كِتَابَةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ بِمَنْزِلَةِ كِتَابَةِ كُلِّ

الْعَبْدِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عِنْدَهُمَا لَا تَتَجَزَّأُ فَذِكْرُ النِّصْفِ فِي الْكِتَابَةِ يَكُونُ ذِكْرًا لِلْكُلِّ فَيَكْتُبُ: كَاتَبَ فُلَانٌ جَمِيعَ الْعَبْدِ الْهِنْدِيِّ الْمُسَمَّى فُلَانًا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ، وَإِنْ كَاتَبَ نَصِيبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَهَذَا وَمَا لَوْ كَاتَبَ الْكُلَّ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ سَوَاءٌ وَهُنَاكَ يَصِيرُ كُلُّهُ مُكَاتَبًا عَلَى الْمَكَاتِبِ وَيَتَمَلَّكُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ فَهَاهُنَا كَذَلِكَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْكِتَابَةُ مُتَجَزِّئَةٌ فَتَقْتَصِرُ الْكِتَابَةُ عَلَى نَصِيبِ الْمُكَاتَبِ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ كَاتَبَ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ فَلِلشَّرِيكِ حَقُّ الْفَسْخِ، وَإِنْ كَانَ كَاتَبَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ حَقُّ الْفَسْخِ. فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُ هَذَا مَا كَاتَبَ عَلَيْهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ جَمِيعَ نَصِيبِهِ، وَهُوَ النِّصْفُ مِنْ الْعَبْدِ الَّذِي هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ عَلَى كَذَا، وَإِذَا أَخَذَ الْمُكَاتَبُ مِنْ الْعَبْدِ شَيْئًا مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ كَانَ لِلسَّاكِتِ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ بِغَيْرِ إذْنِ السَّاكِتِ، وَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ بِإِذْنِهِ فَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الشَّرِيكُ بِقَبْضِ الْمُكَاتَبَةِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ بِقَبْضِ الْمُكَاتَبَةِ فَلَيْسَ لِلسَّاكِتِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَيَكْتُبُ فِي الْكِتَابِ هَذَا مَا كَاتَبَ فُلَانٌ جَمِيعَ نَصِيبِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا وَيَكْتُبُ، وَقَدْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ بِكِتَابَةِ نَصِيبِهِ وَبِقَبْضِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (إذَا كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لِرَجُلٍ كَاتَبَ نِصْفَهُ) فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْكِتَابَةُ لَا تَتَجَزَّأُ فَإِذَا كَاتَبَ النِّصْفَ فَيَصِيرُ الْكُلُّ مُكَاتَبًا فَيَكْتُبُ هَذَا مَا كَاتَبَ فُلَانٌ عَبْدَهُ فُلَانًا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْكِتَابَةُ تَتَجَزَّأُ فَيَكْتُبُ هَذَا مَا كَاتَبَ فُلَانٌ نِصْفَ عَبْدِهِ فُلَانٍ، وَهُوَ سَهْمٌ مِنْ سَهْمَيْنِ مِنْ جَمِيعِهِ عَلَى كَذَا دِرْهَمًا كِتَابَةً صَحِيحَةً إلَى قَوْلِنَا فَإِذَا أَدَّى هَذِهِ الْمُكَاتَبَةَ فَهَذَا النِّصْفُ الْمُكَاتَبُ مِنْهُ حُرٌّ وَلَا يَكْتُبُ فِيهِ، وَلَا سَبِيلَ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يُعْتِقَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ وَأَنْ يَسْتَسْعِيَهُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي فَيَتْرُكَ ذِكْرَهُ وَيَنْظُرَ إلَى مَاذَا يَصِيرُ أَمْرُهُ، ثُمَّ يَكْتُبُ كِتَابًا آخَرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَكُونُ كَسْبُ الْبَاقِي لِلْمَوْلَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَخْدِمُهُ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالتَّمْلِيكِ، وَلَا يَقْرَبُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً وَيَلْحَقُ بِهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكْتُبُ لَهُ أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّهُ كَانَ كَاتَبَ نِصْفَ عَبْدِهِ فُلَانٍ عَلَى كَذَا مُنَجَّمًا بِكَذَا، وَأَنَّهُ أَدَّى النُّجُومَ كُلَّهَا وَعَتَقَ مِنْهُ نِصْفُهُ وَبَرِئَ عَنْ بَدَلِ كِتَابَةِ هَذَا النِّصْفِ بَرَاءَةَ إيفَاءٍ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. وَإِذَا تَقَرَّرَ حُكْمُ النِّصْفِ الْبَاقِي عَلَى شَيْءٍ يَكْتُبُ لَهُ كِتَابًا آخَرَ عَلَى وَجْهِهِ. إذَا كَاتَبَ الْأَبُ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ يَكْتُبُ فِي ذَلِكَ هَذَا مَا كَاتَبَ فُلَانٌ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ الْمُسَمَّى فُلَانًا عَبْدَهُ فُلَانًا يُسَمِّي الْعَبْدَ وَيُحَلِّيهِ عَلَى كَذَا دِينَارًا، وَهُوَ مِثْلُ قِيمَةِ هَذَا الْعَبْدِ يَوْمَئِذٍ، وَلَا وَكْسَ فِيهِ، وَلَا شَطَطَ، وَفِي هَذَا الْعَقْدِ نَظَرٌ لِهَذَا الصَّغِيرِ وَقُرْبَانٌ لِمَالِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَحْسَنِ، وَهَذَا الْوَلَدُ صَغِيرٌ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَلِي عَلَيْهِ أَبُوهُ هَذَا بِحُكْمِ الْأُبُوَّةِ فَإِذَا انْتَهَى إلَى مَوْضِعِ الْأَدَاءِ كَتَبَ، وَإِذَا أَدَّى هَذِهِ الْمُكَاتَبَةَ وَعَتَقَ فَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ إلَّا سَبِيلُ الْوَلَاءِ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِهَذَا الصَّغِيرِ فِي حَيَاتِهِ وَلِعَقِبِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. وَإِذَا كَاتَبَ الْوَصِيُّ عَبْدَ الْيَتِيمِ يَكْتُبُ فِيهِ هَذَا مَا كَاتَبَ فُلَانٌ وَصِيُّ فُلَانٍ يَعْنِي أَبَا الصَّغِيرِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ فُلَانٍ، وَهُوَ صَغِيرٌ فِي حِجْرِ هَذَا الْوَصِيِّ وَلَا يَلِي هَذَا الصَّغِيرُ أَمْرَ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَلِي عَلَيْهِ هَذَا الْوَصِيُّ بِحُكْمِ وِصَايَتِهِ عَلَيْهِ كَاتَبَ عَبْدَ هَذَا الصَّغِيرِ اسْمُهُ فُلَانٌ، وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ وَيُبَيِّنُ حِلْيَتَهُ عَلَى كَذَا مُكَاتَبَةً صَحِيحَةً وَيُتِمُّ الْكِتَابَ كَمَا يُتِمُّ كِتَابَ الْأَبِ إذَا كَاتَبَ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ. إذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَبْدَهُ يَكْتُبُ فِيهِ هَذَا مَا كَاتَبَ فُلَانٌ مُكَاتَبُ فُلَانٍ عَبْدَ نَفْسِهِ فُلَانًا الْهِنْدِيَّ وَيُحَلِّيهِ كَاتَبَهُ عَلَى كَذَا تَثْمِيرًا لِمَالِهِ، وَهُوَ مِثْلُ قِيمَةِ الْعَبْدِ مُكَاتَبَةً صَحِيحَةً إلَى قَوْلِنَا فَإِذَا أَدَّى هَذَا الْمُكَاتَبُ الثَّانِي الْبَدَلَ بِتَمَامِهِ إلَى

الفصل الثامن في الموالاة

الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ فَهُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ فِي حَيَاتِهِ وَلِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِ إنْ أَدَّاهُ هَذَا الْمُكَاتَبُ الثَّانِي فَالْأَوَّلُ مُكَاتَبٌ عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ أَدَّى إلَيْهِ بَعْدَمَا عَتَقَ الْأَوَّلُ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لَهُ وَلِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ [الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الْمُوَالَاةِ] (الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الْمُوَالَاةِ) يَكْتُبُ فِيهَا هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ فُلَانًا كَانَ نَصْرَانِيًّا أَوْ يَهُودِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ حَرْبِيًّا عَابِدَ وَثَنٍ فَهَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى الْإِسْلَامِ وَزَيَّنَهُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِحَبِيبِهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَرَّهَ إلَيْهِ مِلَّةَ الْكُفْرِ وَأَكْرَمَهُ بِالتَّقْوَى وَخَلَعَ عَنْهُ لِبَاسَ الشِّرْكِ وَأَلْبَسَهُ لِبَاسَ التَّوْحِيدِ وَمَنَّ عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيِّتِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدِهِ وَالتَّصْدِيقِ بِهِ وَالْبَرَاءَةِ عَمَّا كَانَ فِيهِ مِنْ الْكُفْرِ وَالطُّغْيَانِ وَأَجْرَى عَلَى لِسَانِهِ كَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَبْعَدَهُ مِنْ الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ وَعِبَادَةِ الطَّاغُوتِ وَدَلَّهُ إلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ وَنَجَّاهُ مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ وَجَعَلَ إسْلَامَهُ عَلَى يَدَيْ فُلَانٍ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ وَالَاهُ وَعَاقَدَهُ لِيَعْقِلَ عَنْهُ مَا دَامَ حَيًّا إنْ جَنَى جِنَايَةً يَجِبُ أَرْشُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ وَيَرِثُهُ إذَا مَاتَ فَهُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي مَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ يَرِثُهُ فَوَالَاهُ عَلَى ذَلِكَ وَعَاقَدَهُ مُوَالَاةً صَحِيحَةً جَائِزَةً وَقَبِلَ فُلَانٌ مُوَالَاتَهُ هَذِهِ عَلَى مَا وُصِفَ فِيهِ قَبُولًا صَحِيحًا. وَقَدْ جَعَلَ فُلَانٌ لِهَذَا الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَوَالَاهُ وَعَاقَدَهُ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ أَنْ لَا يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ هَذَا عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَأَلْزَمْ نَفْسَهُ بِهَذِهِ الْمُوَالَاةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَهُمَا النُّصْرَةَ وَالْمَعُونَةَ لَهُ وَضَمِنَ لَهُ الْوَفَاءَ بِذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَمْ يَتَحَوَّلْ بِوَلَائِهِ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نُسْخَةٌ أُخْرَى فِي هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَازِ) هَذَا مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ إلَى قَوْلِنَا أَنَّ فُلَانًا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ فُلَانٍ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مُسْلِمٌ قَرِيبٌ، وَلَا بَعِيدٌ مِنْ عَصَبَةٍ أَوْ صَاحِبِ فَرْضٍ أَوْ ذِي رَحِمٍ فَوَالَى هَذَا الَّذِي أَسْلَمَ فُلَانًا، وَهُوَ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ مُوَالَاةً صَحِيحَةً وَعَاقَدَهُ مُعَاقَدَةً جَائِزَةً عَلَى أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ لَوْ جَنَى جِنَايَةً تَعْقِلُهَا الْعَاقِلَةُ شَرْعًا وَيَرِثُهُ إنْ مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا قَرِيبًا، وَلَا بَعِيدًا أَوْ قَبِلَ فُلَانٌ هَذِهِ الْمُوَالَاةَ، وَهَذِهِ الْمُعَاقَدَةَ قَبُولًا صَحِيحًا. وَذَلِكَ فِي صِحَّةِ أَبْدَانِهِمَا وَثَبَاتِ عُقُولِهِمَا وَجَوَازِ أُمُورِهِمَا طَائِعِينَ رَاغِبِينَ لَا عِلَّةَ بِهِمَا تَمْنَعُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ وَالْإِقْرَارِ وَجَعَلَ هَذَا الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى نَفْسِهِ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ أَنْ لَا يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مُوَالَاةً لَازِمَةً فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ إلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ، وَلَوْ وَالَى رَجُلًا قَدْ أَسْلَمَ نَفْسَهُ لَا عَلَى يَدَيْهِ يَصِحُّ وَيَكْتُبُ فِيهِ: شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا أَسْلَمَ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مُسْلِمٌ قَرِيبٌ، وَلَا بَعِيدٌ فَوَالَى فُلَانًا مُوَالَاهُ صَحِيحَةً جَائِزَةً وَعَاقَدَهُ عَلَى أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ إلَى آخِرِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَلَمْ يُوَالِهِ وَوَالَى غَيْرَهُ صَحَّ وَيَكْتُبُ فِيهِ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ فُلَانٍ، وَلَمْ يُوَالِهِ، وَلَمْ يُعَاقِدْهُ وَوَالَى فُلَانًا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ. وَإِنْ جَنَى هَذَا الَّذِي أَسْلَمَ جِنَايَةً يَبْلُغُ أَرْشُهَا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهَا عَقَلَهُ الْمَوْلَى الْأَعْلَى وَعَاقِلَتُهُ وَيُكْتَبُ فِيهِ: شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا أَسْلَمَ وَوَالَى فُلَانًا بِتَارِيخِ كَذَا عَلَى أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ إذَا جَنَى جِنَايَةً يَبْلُغُ أَرْشُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَيَرِثُ عَنْهُ إذَا مَاتَ فَيَكُونُ أَوْلَى بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ وَقَبِلَ فُلَانٌ ذَلِكَ مِنْهُ وَكَتَبْنَا بَيْنَهُمَا كِتَابًا وَهَذِهِ نُسْخَتُهُ وَإِنْ شَاءَ الْكَاتِبُ يَكْتُبُ، وَكَتَبْنَا بِذَلِكَ كِتَابًا بِتَارِيخِ كَذَا بِشَهَادَةِ فُلَانٍ

الفصل التاسع في الأشرية

وَفُلَانٍ وَهَذِهِ نُسْخَتُهُ ثُمَّ يُكْتَبُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيُنْسَخُ الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبْنَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ يُكْتَبُ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ: وَإِنَّ فُلَانًا هَذَا جَنَى جِنَايَةً أَرْشُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ يُبَيَّنُ مِقْدَارُهُ وَذَلِكَ فِي حَالٍ لَمْ يَكُنْ انْتَقَلَ بِوَلَائِهِ عَنْهُ وَإِنَّ فُلَانًا وَقَوْمَهُ عَقَلُوا ذَلِكَ عَنْهُ بِقَضَاءِ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ قَضَى بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ نَافِذُ الْقَضَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ بَعْدَ لُزُومِ هَذَا الْوَلَاءِ بِهَذَا السَّبَبِ. وَإِنْ أَسْلَمَ ذِمِّيَّانِ وَوَالَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ يُكْتَبُ فِيهِ: شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا كَانَا جَمِيعًا نَصْرَانِيَّيْنِ فَهَدَاهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَا وَحَسُنَ إسْلَامُهُمَا وَأَنَّهُمَا بَعْدَمَا أَسْلَمَا وَالَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَعَاقَدَهُ مُوَالَاةً صَحِيحَةً جَائِزَةً لِيَتَحَمَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ مَا دَامَا فِي الْأَحْيَاءِ إنْ جَنَى أَحَدُهُمَا جِنَايَةً يَبْلُغُ أَرْشُهَا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا وَيَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ إذَا مَاتَ صَاحِبُهُ أَيُّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا فَلِلْبَاقِي مِنْهُمَا وَلَاءُ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا وَوَلَاءُ عَتِيقِهِ مِنْ بَعْدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَارِثٌ مُسْلِمٌ قَرِيبٌ أَوْ بَعِيدٌ بِفَرْضٍ أَوْ عَصَبَةٍ أَوْ رَحِمٍ فَوَالَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى ذَلِكَ مُوَالَاةً صَحِيحَةً وَعَاقَدَهُ مُعَاقَدَةً جَائِزَةً وَقَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَذِهِ الْمُوَالَاةَ وَهَذِهِ الْمُعَاقَدَةَ مِنْ صَاحِبِهِ قَبُولًا صَحِيحًا وَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ عَلَى نَفْسِهِ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ أَنْ لَا يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَضَمِنَ لَهُ الْوَفَاءَ بِذَلِكَ وَأَشْهَدَا وَيَتِمُّ الْكِتَابُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الْأَشْرِيَةِ] (الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الْأَشْرِيَةِ) إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا أَوْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ لِذَلِكَ كِتَابًا يَكْتُبُ: هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا مِلْكَهُ وَحَقَّهُ وَفِي يَدَيْهِ وَمَوْضِعُهَا فِي مِصْرِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا فِي سِكَّةِ كَذَا فِي زُقَاقِ كَذَا بِحَضْرَةِ مَسْجِدِ كَذَا وَهِيَ الدَّارُ الثَّالِثَةُ مِنْ دُورِهِ أَوْ الرَّابِعَةُ وَهِيَ عَنْ يَمِينِ الدَّاخِلِ فِيهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ وَتَشْتَمِلُ هَذِهِ الدَّارُ عَلَى حُدُودٍ أَرْبَعَةٍ حَدُّهَا الْأَوَّلُ لَزِيقُ الدَّارِ الْمَعْرُوفَةِ لِفُلَانٍ أَوْ الدَّارِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، أَوْ يَكْتُبُ: حَدُّهَا الْأَوَّلُ لَصِيقُ الدَّارِ الْمَعْرُوفَةِ لِفُلَانٍ، أَوْ يَكْتُبُ: تَلِي الدَّارَ الْمَعْرُوفَةَ لِفُلَانٍ، أَوْ يَكْتُبُ: يُلَاصِقُ، أَوْ يَكْتُبُ: يُلَازِقُ الدَّارَ الْمَعْرُوفَةَ لِفُلَانٍ وَيَكْتُبُ الْحَدَّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ كَذَلِكَ وَفِي الرَّابِعِ يَذْكُرُ لَزِيقَ هَذِهِ السِّكَّةِ وَإِلَيْهِ بَابُهَا وَمَدْخَلُهَا، فَاشْتَرَى هَذَا الْمُشْتَرِي الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ هَذَا الْبَائِعِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا أَرْضِهَا وَبِنَائِهَا سُفْلِهَا وَعُلْوِهَا وَطُرُقِهَا. وَمَسِيلُ مَائِهَا مِنْ حُقُوقِهَا وَمَرَافِقُهَا الَّتِي هِيَ لَهَا مِنْ حُقُوقِهَا وَكُلُّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا مِنْ حُقُوقِهَا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَخَارِجٌ مِنْهَا وَكُلُّ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ بِهَا وَمَنْسُوبٌ إلَيْهَا مِنْ حُقُوقِهَا بِكَذَا كَذَا، يَذْكُرُ جِنْسَ الثَّمَنِ وَنَوْعَهُ وَقَدْرَهُ وَصِفَتَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ، نِصْفُهَا كَذَا شِرَاءً صَحِيحًا جَائِزًا نَافِذًا بَاتًّا بَتَّةً خَالِيًا عَنْ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ وَالْمَعَانِي الْمُبْطِلَةِ وَالْعُدَّةِ الْمُوهِنَةِ لَا خِلَابَةَ فِيهِ وَلَا خِيَانَةَ وَلَا وَثِيقَةَ بِمَالٍ وَلَا مُوَاعَدَةَ وَلَا رَهْنَ وَلَا تَلْجِئَةَ بَلْ بَيْعُ رَغْبَةٍ وَإِزَالَةُ مِلْكٍ وَشِرَاءُ جِدٍّ، وَقَبَضَ هَذَا الْبَائِعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ جَمِيعَ هَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ جِنْسُهُ وَنَوْعُهُ وَقَدْرُهُ وَصِفَتُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ تَامًّا وَافِيًا بِإِيفَاءِ الْمُشْتَرِي هَذَا ذَلِكَ كُلَّهُ إيَّاهُ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ لَا بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ وَإِبْرَاءٍ. وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي هَذَا جَمِيعَ مَا وَقَّعَ عَلَيْهِ عُقْدَةَ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ بِتَسْلِيمِ الْبَائِعِ هَذَا الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْكِتَابِ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ فَارِغًا عَنْ كُلِّ مَانِعٍ وَمُنَازِعٍ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ هَذَا الْعَقْدِ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَتَمَامِهِ وَنُفُوذِهِ وَانْبِرَامِهِ وَتَقَرُّرِهِ وَاسْتِحْكَامِهِ تَفَرُّقَ الْأَبْدَانِ وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ إقْرَارِ هَذَيْنِ الْعَاقِدَيْنِ أَنَّهُمَا رَأَيَا ذَلِكَ كُلَّهُ وَعَرَفَاهُ وَرَضِيَا بِهِ فَمَا أَدْرَكَ هَذَا

الْمُشْتَرِي مِنْ دَرْكٍ فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ مِنْ حُقُوقِهِ فَعَلَى الْبَائِعِ هَذَا تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِذَلِكَ كُلِّهِ مَنْ كَتَبَ اسْمَهُ فِي آخِرِهِ بَعْدَ أَنْ قَرَأَ عَلَيْهِمَا بِلِسَانٍ عَرَفَاهُ بِهِ وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا قَدْ فَهِمَاهُ وَأَحَاطَا بِهِ عِلْمًا، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي حَالِ صِحَّةِ أَبْدَانِهِمَا وَكَمَالِ عُقُولِهِمَا طَائِعَيْنِ غَيْرَ مُكْرَهَيْنِ لَا عِلَّةَ بِهِمَا وَلَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ مَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَنَفَاذَ التَّصَرُّفِ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا بِسَنَةِ كَذَا فَهَذَا الصَّكُّ أَصْلٌ فِي جَمِيعِ الْأَشْرِيَةِ ثُمَّ تَخْتَلِفُ الْأَلْفَاظُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي الْأَصْلِ: إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا يَكْتُبُ هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانٌ وَلَمْ يَقُلْ يَكْتُبُ هَذَا مَا بَاعَ فُلَانٌ مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْكِيدِ حَقِّهِ. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ اللَّفْظَيْنِ يَنْتَظِمُ الْآخَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الشِّرَاءُ بِدُونِ الْبَيْعِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الْبَيْعُ بِدُونِ الشِّرَاءِ وَإِنَّمَا فَعَلَ كَذَلِكَ تَبَرُّكًا بِالسُّنَّةِ «فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ اشْتَرَى غُلَامًا مِنْ عَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ أَمَرَ أَنْ يُكْتَبَ: هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ وَلَمْ يَأْمُرْ أَنْ يُكْتَبَ هَذَا مَا بَاعَ عَدَاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هُودَةَ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا أَنْ يُكْتَبَ هَذَا مَا اشْتَرَى وَلَمْ يَقُلْ يُكْتَبُ هَذَا كِتَابُ مَا اشْتَرَى وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ يَكْتُبُونَ هَذَا كِتَابُ مَا اشْتَرَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا إشَارَةٌ إلَى الْبَيَاضِ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ وَفِيهِ كِتَابَةُ مَا اشْتَرَى لَا حَقِيقَةَ الشِّرَاءِ إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اخْتَارَ هَذَا مَا اشْتَرَى تَبَرُّكًا بِالسُّنَّةِ؛ وَلِأَنَّ مَا فِي قَوْلِهِ هَذَا كِتَابُ مَا اشْتَرَى يَحْتَمِلُ الْإِثْبَاتَ وَيَحْتَمِلُ النَّفْيَ فَيُكْتَبُ هَذَا مَا اشْتَرَى لِيَنْتَفِيَ احْتِمَالُ النَّفْيِ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا عِنْدَ ذِكْرِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي يُذْكَرُ اسْمُهُمَا وَاسْمُ أَبِيهِمَا وَلَمْ يُذْكَرْ اسْمُ جَدِّهِمَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمِهِمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ مَشْهُورًا بِالِاسْمِ كَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَشُرَيْحٍ وَأَمْثَالِهِمْ يُكْتَفَى بِذِكْرِ اسْمِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ النَّسَبِ وَإِنْ ذَكَرَ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَذَكَرَ قَبِيلَتَهُ مَكَانَ جَدِّهِ فَإِنْ كَانَ أَدْنَى الْقَبَائِلِ وَكَانَ فَخْذًا خَاصًّا بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ عَلَى اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ غَيْرُهُ لَا مَحَالَةَ فَذَلِكَ يَكْفِي. وَإِنْ ذَكَرَ قَبِيلَتَهُ الْأَعْلَى فَذَلِكَ لَا يَكْفِي وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ مَعَ ذَلِكَ وَإِنْ ذَكَرَ مَعَ ذَلِكَ اسْمَ الْجَدِّ إلَّا أَنَّ فِي تِلْكَ الْقَبِيلَةِ بِهَذَا الِاسْمِ وَالنَّسَبِ غَيْرَهُ فَذَلِكَ لَا يَكْفِي وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ شَيْءٍ آخَرَ وَإِنْ ذَكَرَ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ جَدِّهِ وَقَبِيلَتِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ صِنَاعَتَهُ فَإِنْ كَانَ صِنَاعَتُهُ لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهَا كَمَا يُقَالُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْخَلِيفَةُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْقَاضِي فَذَلِكَ يَكْفِي لِلتَّعْرِيفِ وَإِنْ كَانَ صِنَاعَتُهُ يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَهُ غَيْرُهُ فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تَكْفِي لِلتَّعْرِيفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْحِلْيَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ الْحِلْيَةَ تُشْبِهُ الْحِلْيَةَ وَلَكِنْ إنْ كَتَبَ الْحِلْيَةَ فَذَلِكَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ زِيَادَةُ تَعْرِيفٍ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ لَوْ كَتَبَ فَذَلِكَ أَوْلَى وَإِنْ كَتَبَ كُنْيَتَهُ وَلَمْ

يَكْتُبْ شَيْئًا آخَرَ إنْ كَانَ يُعْرَفُ بِتِلْكَ الْكُنْيَةِ لَا مَحَالَةَ فَذَلِكَ يَكْفِي وَذَلِكَ نَحْوُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمْثَالِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَتَبَ ابْنُ فُلَانٍ وَهُوَ يُعْرَفُ بِهِ لَا مَحَالَةَ كَابْنِ أَبِي لَيْلَى فَذَلِكَ يَكْفِي لِلتَّعْرِيفِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي عِتْقَ فُلَانٍ يَكْتُبُ فُلَانٌ الْهِنْدِيُّ أَوْ التُّرْكِيُّ عَتِيقُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَإِنْ كَانَ مَنْ أَعْتَقَهُ عَتِيقَ غَيْرِهِ يَكْتُبُ فُلَانٌ الْهِنْدِيُّ عَتِيقُ فُلَانٍ التُّرْكِيِّ عَتِيقِ الْأَمِيرِ فُلَانِ بْن فُلَانٍ. وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي مَمْلُوكَ رَجُلٍ يَكْتُبُ فُلَانٌ الْهِنْدِيُّ أَوْ التُّرْكِيُّ مَمْلُوكُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ جِهَةَ مَوْلَاهُ هَذَا فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ أَوْ يَكْتُبُ قِنُّ فُلَانٍ أَوْ عَبْدُ فُلَانٍ وَفِي الْأَمَةِ يَكْتُبُ فُلَانَةُ الْهِنْدِيَّةُ أَمَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفِي الْمُكَاتَبِ يَكْتُبُ فُلَانٌ الْهِنْدِيُّ مُكَاتَبُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفِي الْمُكَاتَبَةِ يَكْتُبُ فُلَانَةُ الْهِنْدِيَّةُ مُكَاتَبَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ ثُمَّ يَكْتُبُ فِي كِتَابِ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ بِحُدُودِهَا الْأَرْبَعَةِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مَعْرُوفَةً مَشْهُورَةً وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ الدَّارُ مَعْرُوفَةً مَشْهُورَةً لَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ حُدُودِهَا وَلَا يَكْتُبُ وَهِيَ مِلْكُ الْبَائِعِ نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ ذَلِكَ يَصِيرُ الْمُشْتَرِي مُقِرًّا بِمِلْكِ الْبَائِعِ فَلَوْ اسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي مِنْ يَدِهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِي مَنْعِ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ فَلَا يَكْتُبُ وَهِيَ مِلْكُ الْبَائِعِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ هَؤُلَاءِ نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَكْتُبُ وَهِيَ فِي يَدِهِ أَيْضًا عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَعَامَّةِ أَهْلِ الشُّرُوطِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُ وَهِيَ فِي يَدِهِ. وَعُلَمَاؤُنَا احْتَجُّوا بِمَا «رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ كِتَابَ شِرَاءِ الْعَبْدِ مِنْ عَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ وَلَمْ يَكْتُبْ فِيهِ وَالْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ» ؛ وَلِأَنَّهُمَا رُبَّمَا يَرْتَفِعَانِ إلَى قَاضٍ يَرَى أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْيَدِ لِلْبَائِعِ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لَهُ لِمَا أَنَّ ظَاهِرَ الْيَدِ يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ فَيَبْطُلُ حَقُّ الْمُشْتَرِي بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ أَخْذًا بِقَوْلِ زُفَرَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَكْتُبُ ذَلِكَ احْتِرَازًا عَمَّا قُلْنَا نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي وَلَكِنْ يَكْتُبُ وَقَدْ ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَفِي يَدَيْهِ عَلَى نَحْوِ مَا كَتَبْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَذْكُرْ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ بِأَيِّ حَدٍّ يَبْدَأُ فِي الْكِتَابِ وَكَانَ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ وَهِلَالٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولَانِ يَبْدَأُ مِنْ بَابِ الدَّارِ ثُمَّ يَكْتُبُ الْحَدَّ الَّذِي عَلَى يَمِينِ الدَّاخِلِ ثُمَّ يَكْتُبُ مَا يَلِي ذَلِكَ إلَى آخِرِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولَانِ يَبْدَأُ بِمَا يَلِي الْقِبْلَةَ وَنَوَاحِيهَا نَحْوِ الْمَشْرِقِ ثُمَّ بِمَا يَلِي الْقِبْلَةَ وَمَا يَلِيهَا نَحْوِ الْمَغْرِبِ ثُمَّ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ عَنْ يَسَارِهَا. وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ يُبْتَدَأُ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ الْعَدْلِ وَإِنْ تَرَكَ هَذَا التَّرْتِيبَ وَكَتَبَ كَمَا يُكْتَبُ الْيَوْمَ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِحُصُولِ التَّعْرِيفِ بِالتَّحْدِيدِ بِالْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ وَكَانَ السَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبَانِ فِي ذِكْرِ الْحَدِّ: حَدُّهَا الْأَوَّلُ يَنْتَهِي إلَى دَارِ فُلَانٍ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ يَلِي أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَنْتَهِي لَا يَنْفِي الْفُرْجَةَ وَالْوَاسِطَةَ وَقَوْلُهُ يَلِي يَنْفِي الْوَاسِطَةَ إنْ كَانَ لَا يَنْفِي الْفُرْجَةَ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» وَالْمُرَادُ بِهِ الْقُرْبُ دُونَ الِاتِّصَالِ وَقِيلَ يُلَاصِقُ وَيُلَازِقُ أَوْلَى الْأَلْفَاظِ؛ لِأَنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفُرْجَةَ وَالْوَاسِطَةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الدَّارَيْنِ فُرْجَةٌ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْكَاتِبَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ كَتَبَ: حَدُّهَا الْأَوَّلُ يَنْتَهِي إلَى الْفُرْجَةِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَارٍ مَعْرُوفَةٍ لِفُلَانٍ وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ: حَدُّهَا الْأَوَّلُ يَنْتَهِي إلَى الْفُرْجَةِ الْفَاصِلَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَارٍ مَعْرُوفَةٍ لِفُلَانٍ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوهِمُ أَنْ تَكُونَ الْفُرْجَةُ مِنْ الدَّارَيْنِ فَيَكُونَ بَعْضُهَا دَاخِلًا فِي الدَّارِ

الْمَبِيعَةِ وَالْحَدُّ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَحْدُودِ فَيُكْتَبُ يَنْتَهِي إلَى الْفُرْجَةِ الْفَاصِلَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَارِ فُلَانٍ حَتَّى يَنْتَفِيَ هَذَا الْوَهْمُ ثُمَّ بَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَكْتُبُ: حَدُّهَا الْأَوَّلُ يَنْتَهِي إلَى دَارِ فُلَانٍ وَأَصْحَابُنَا كَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ: يَنْتَهِي إلَى الدَّارِ الْمَعْرُوفَةِ لِفُلَانٍ أَوْ إلَى الدَّارِ الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ: يَنْتَهِي إلَى دَارِ فُلَانٍ. كَانَ هَذَا إقْرَارًا مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ تِلْكَ الدَّارَ مِلْكُ فُلَانٍ فَلَوْ اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْهُمَا تِلْكَ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ وَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى فُلَانٍ عِنْدَ زُفَرَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فَيُكْتَبُ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا احْتِرَازًا عَنْ هَذَا. وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا: أَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إلَى دَارِ فُلَانٍ يُلَازِقُ دَارَ فُلَانٍ وَلَمْ يُكْتَبْ: أَحَدُ حُدُودِهَا دَارُ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَدْخُلُ الْحَدُّ فِي الْمَحْدُودِ فِي الْبَيْعِ فَيُؤَدِّي إلَى فَسَادِ الْبَيْعِ إذَا جُعِلَ الْمَسْجِدُ أَوْ طَرِيقُ الْعَامَّةِ حَدًّا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَبَيْنَمَا لَا يَجُوزُ مَعَ إجْمَالِ الثَّمَنِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي إذَا جُعِلَ الْحَدُّ دَارَ فُلَانٍ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ فُلَانٌ دَارِهِ إلَيْهِ بِهَذَا الْبَيْعِ وَيُنْتَقَصُ الثَّمَنُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَعْضَ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ دَارِ الْجَارِ فَلِهَذَا اخْتَرْنَا: يَنْتَهِي يُلَازِقُ، يَلِي، يُلَاصِقُ. وَإِنَّمَا أَعَدْنَا لَفْظَ اشْتَرَى بَعْدَ ذِكْرِ حُدُودِ الدَّارِ خِلَافًا لِبَعْضِ أَهْلِ الشُّرُوطِ فَإِنَّهُمْ لَا يُعِيدُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ اللِّسَانِ أَنَّهُ إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَ الْخَبَرِ وَالْمُخْبَرِ عَنْهُ كَلِمَاتٌ فَإِنَّهُمْ يُعِيدُونَ الْخَبَرَ لِلتَّأْكِيدِ وَلِزِيَادَةِ الْإِفْهَامِ (ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ اشْتَرَى مِنْهُ الدَّارَ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَأَهْلُ الشُّرُوطِ يَكْتُبُونَ جَمِيعَ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ عَسَى تُذْكَرُ الدَّارُ وَيُرَادُ بِهَا الْبَعْضُ فَإِطْلَاقُ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ جَائِزٌ فَكَتَبُوا جَمِيعَ الدَّارِ إزَالَةً لِهَذَا الْوَهْمِ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا فِي الْكِتَابِ اشْتَرَى الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ فِي كِتَابِنَا هَذَا وَكَانَ السَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبَانِ فِي هَذَا الْكِتَابِ، قَالَا: لِأَنَّ قَوْلَهُ كِتَابُنَا إضَافَةُ الْكِتَابِ إلَى الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَيَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُمَا أَنَّ الْكِتَابَ مِلْكُهُمَا فَرُبَّمَا يُنَازِعُهُ الْبَائِعُ فِي كَوْنِ الْكِتَابِ فِي يَدِهِ وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِتَابِ فَلِإِزَالَةِ هَذَا الْوَهْمِ يُكْتَبُ هَذَا الْكِتَابُ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ يُكْتَبُ: اشْتَرَى الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ بِحُدُودِهَا كُلِّهَا، وَهَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ إنَّهُ لَا يَكْتُبُ بِحُدُودِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ ذَلِكَ يَدْخُلُ الْحَدُّ فِي الْبَيْعِ وَفِيهِ فَسَادٌ عَلَى مَا مَرَّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - قَالَا: الْقِيَاسُ مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِالْعُرْفِ؛ لِأَنَّ فِي الْعُرْفِ لَا يُرَادُ بِقَوْلِهِمْ بِحُدُودِهَا إدْخَالُ الْحَدِّ تَحْتَ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ إدْخَالُ مَا وَرَاءَ الْحَدِّ وَذَكَرَ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِهِ أَنَّ فِي دُخُولِ الْحَدِّ تَحْتَ الْبَيْعِ بِقَوْلِهِ بِحُدُودِهَا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا الْقِيَاسُ أَنْ يَدْخُلَ الْحَدُّ تَحْتَ الْبَيْعِ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَدْخُلُ وَإِذَا كَانَ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَدْخُلُ الْحَدُّ تَحْتَ الْبَيْعِ مَعَ ذِكْرِ قَوْلِهِ بِحُدُودِهَا أَوْلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ الْحَدُّ تَحْتَ الْبَيْعِ عَلَى قَوْلِهِ بِدُونِ ذِكْرِ قَوْلِهِ بِحُدُودِهَا فَيَصِيرُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْحَدَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشُّرُوطِ إذَا كُتِبَ أَحَدُ حُدُودِ هَذِهِ الدَّارِ دَارُ فُلَانٍ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ

كَذَلِكَ وَلَا يُكْتَبُ اشْتَرَاهَا بِحُدُودِهَا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يَدْخُلُ فِي الشِّرَاءِ وَإِذَا كُتِبَ: أَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إلَى دَارِ فُلَانٍ أَوْ يُلَازِقُ دَارَ فُلَانٍ يُكْتَبُ اشْتَرَاهَا بِحُدُودِهَا، وَبَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرُوا فِي شَرْحِ كِتَابِ الشُّرُوطِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كِتَابَةِ أَحَدِ حُدُودِهَا يُلَازِقُ دَارَ فُلَانٍ يُلَاصِقُ دَارَ فُلَانٍ احْتِيَاطٌ بَلْ فِيهِ تَرْكُ الِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ لَمَّا كَانَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْقَى الْحَرْفُ الْمُلَازِقُ لِدَارِ فُلَانٍ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِنَاءً وَغَيْرَ ذَلِكَ وَيَكُونُ لِلْبَائِعِ وِلَايَةُ نَقْضِ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِيهِ وَنَقْضِ الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَيْهِ وَفِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا لَا يَخْفَى وَكَذَلِكَ يُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْجِوَارِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ هَذِهِ الدَّارِ وَبَيْنَ الدَّارِ الْأُخْرَى حَرْفٌ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ، وَلَوْ بِيعَتْ الدَّارُ الْأُخْرَى وَكُتِبَ فِي حَدِّهَا لَزِيقُ دَارِ فُلَانٍ يَكُونُ كَذِبًا فَكَانَ فِيهِ تَرْكُ الِاحْتِيَاطِ أَمَّا لَوْ كَتَبْنَا: أَحَدُ حُدُودِهَا دَارُ فُلَانٍ، فَفِيهِ تَرْكُ الِاحْتِيَاطِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحَدَّ يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ وَمِنْ حَيْثُ إنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ يَصِيرَانِ مُقِرَّيْنِ بِمِلْكِيَّةِ تِلْكَ الدَّارِ لِفُلَانٍ فَيَنْسَدُّ عَلَيْهِمَا بَابُ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ لَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ تِلْكَ الدَّارَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى. وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مَوْهُومٌ، وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ يَكْتُبُ أَرْضَهَا وَبِنَاءَهَا فَقَدْ ذَكَرَ الْأَرْضَ وَإِنْ كَانَ اسْمُ الدَّارِ يَنْطَلِقُ عَلَى الْأَرْضِ لَا مَحَالَةَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا لِلتَّأْكِيدِ وَذَكَرَ الْبِنَاءَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ لَا يَنْطَلِقُ عَلَى الْبِنَاءِ لَا مَحَالَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُفْلَهَا وَعُلْوَهَا وَاخْتَارَ الْمُتَأَخِّرُونَ ذِكْرَ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يَذْكُرْ الْعُلُوَّ لَا يَنْتَفِي وَهْمُ كَوْنِ الْعُلْوِ مِلْكَ غَيْرِ الْبَائِعِ وَمَتَى لَمْ يَذْكُرْ السُّفْلَ لَا يَنْتَفِي وَهْمُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ الدَّارِ سِرْدَابٌ هُوَ مِلْكُ غَيْرِ الْبَائِعِ ثُمَّ كَانَ السَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبَانِ سُفْلَهُ وَعُلُوَّهُ وَلَا يَكْتُبَانِ سُفْلَهَا وَعُلُوَّهَا قَالَا: لِأَنَّ قَوْلَهُ سُفْلُهُ وَعُلُوُّهُ يَنْصَرِفُ إلَى سُفْلِ الْبِنَاءِ وَعُلُوِّهِ وَهُمَا مَعْلُومَانِ مَمْلُوكَانِ لِلْبَائِعِ فَيَصِيرُ بَائِعًا مِلْكَ نَفْسِهِ. وَقَوْلَهُ سُفْلُهَا وَعُلُوُّهَا يَنْصَرِفُ إلَى سُفْلِ الْعَرْصَةِ وَعُلُوِّهَا فَرُبَّمَا يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْعُلُوَّ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ فَيَكُونُ بَائِعًا لِلْهَوَاءِ وَبَيْعُ الْهَوَاءِ لَا يَجُوزُ فَلِهَذَا اخْتَارَا سُفْلَهُ وَعُلُوَّهُ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْعُلَمَاءِ اخْتَارُوا سُفْلَهَا وَعُلُوَّهَا، وَهَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ تَحْتَ الْأَرْضِ سِرْدَابٌ وَبِقَوْلِهِ وَسُفْلُهُ وَأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْبِنَاءِ وَاسْمُ الْبِنَاءِ لَا يَتَنَاوَلُ السِّرْدَابَ لَا يُعْلَمُ أَنَّ السِّرْدَابَ هَلْ هُوَ لَهُ وَهَلْ دَخَلَ تَحْتَ الْبَيْعِ وَبِقَوْلِهِ سُفْلُهَا وَأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْعَرْصَةِ يُعْلَمُ أَنَّ السِّرْدَابَ لَهُ وَأَنَّهُ دَخَلَ تَحْتَ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا كَتَبُوا وَعُلُوَّهَا حَتَّى يَنْتَفِيَ وَهْمُ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوُّ عَلَى الْبِنَاءِ لِآخَرَ وَلِآخَرَ عَلَيْهِ حَقُّ التَّعَلِّي وَمَا قَالَ مِنْ وَهْمِ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ الْبَيْعِ الْعُلُوُّ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَعْرِفُ أَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهَذَا غَيْرُ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْعَقْدِ. وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْعَقْدِ وَهُوَ الْبِنَاءُ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - طَرِيقَهَا وَلَمْ يُلْحِقْ بِآخِرِهِ مِنْ حُقُوقِهَا وَأَهْلُ الشُّرُوطِ يُلْحِقُونَ بِآخِرِهِ مِنْ حُقُوقِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَذْكُرُونَ الطَّرِيقَ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا تَرْكُهُ، وَكَذَلِكَ الْمَسِيلُ؛ لِأَنَّهُمْ إنْ ذَكَرُوا الطَّرِيقَ مُطْلَقًا يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ الطَّرِيقُ الْعَامُّ الَّذِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَكَذَلِكَ الْمِيزَابُ رُبَّمَا يُنْصَبُ فِي جُزْءٍ مِنْ طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَإِذَا أُطْلِقَ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَيَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ، وَإِنْ قَالَ وَطَرِيقُهَا وَمَسِيلُ مَائِهَا الَّتِي مِنْ حُقُوقِهَا فَرُبَّمَا لَا يَكُونُ لِلدَّارِ طَرِيقٌ خَاصٌّ هُوَ مِنْ حُقُوقِهَا فَيَصِيرُ جَامِعًا فِي الْعَقْدِ بَيْنَ الْمَعْدُومِ وَالْمَوْجُودِ وَذَلِكَ يُفْسِدُ

الْعَقْدَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يُذْكَرَ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَاصِلٌ بِذِكْرِ الْمَرَافِقِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ لَهَا طَرِيقٌ خَاصٌّ أَوْ مَسِيلُ مَاءٍ خَاصٌّ دَخَلَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ بِذِكْرِ الْمَرَافِقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ هَذَا اللَّفْظُ إلَى مَا وَرَاءَهُمَا مِنْ الْمَرَافِقِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا إنْ لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الدَّارِ طَرِيقٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ بَابُ الدَّارِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَالِاحْتِيَاطُ فِي تَرْكِ ذِكْرِ الطَّرِيقِ كَمَا قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَا يَصِيرَ بَائِعًا مَا لَا يَمْلِكُهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَابُ الدَّارِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَالِاحْتِيَاطُ فِي ذِكْرِ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الطَّرِيقِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا رِوَايَةً رَوَاهَا الْخَصَّافُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الِاحْتِيَاطُ هَاهُنَا فِي ذِكْرِ الطَّرِيقِ وَلَكِنْ يُلْحِقُ بِهِ مِنْ حُقُوقِهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا طَرِيقٌ نَافِذٌ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ يُكْتَبُ وَطَرِيقُهَا النَّافِذُ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَإِنْ أُلْحِقَ بِهَا مِنْ حُقُوقِهَا كَانَ أَوْلَى وَذِكْرُ مَسِيلِ مَائِهَا أَيْضًا وَلَمْ يُلْحَقْ بِآخِرِهِ مِنْ حُقُوقِهَا وَبَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ يُلْحِقُونَ بِآخِرِهِ مِنْ حُقُوقِهَا وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالُوا فِي مَسِيلِ مَائِهَا عَلَى نَحْوِ مَا قَالُوا فِي الطَّرِيقِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الدَّارِ مَسِيلُ مَاءٍ أَصْلًا أَوْ كَانَ لَكِنْ كَانَ الْمِيزَابُ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ لَا يُكْتَبُ مَسِيلُ الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمِيزَابُ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَيُكْتَبُ مَسِيلُ مَائِهَا وَيُلْحَقُ بِآخِرِهَا مِنْ حُقُوقِهَا إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَسِيلُ الْمَاءِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَيَصِيرُ بَائِعًا طَرِيقَ الْعَامَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَكُونُ مَوْضِعُ مَسِيلِ الْمَاءِ مِنْ الْمِيزَابِ مِلْكًا لَهُ فَلَوْ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ مِنْ حُقُوقِهَا يُوهِمُ أَنَّ الدَّاخِلَ رَقَبَةُ الطَّرِيقِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَذَكَرَ مَرَافِقَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ لِلدَّارِ مَرَافِقَ أُخَرَ سِوَى مَسِيلِ الْمَاءِ وَالطَّرِيقِ فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَرَافِقَ لَا يَدْخُلُ مَا سِوَى الطَّرِيقِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ تَحْتَ الْبَيْعِ فَيُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ مَنَافِعِ الدَّارِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُلْحِقْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْمَرَافِقِ الْحُقُوقَ وَأَهْلُ الشُّرُوطِ يُلْحِقُونَهُ فَيَكْتُبُونَ: وَمَرَافِقُهَا الَّتِي مِنْ حُقُوقِهَا فَإِنَّهُ أَحْوَطُ وَذَكَرَ أَيْضًا وَكُلُّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهَا وَأَهْلُ الشُّرُوطِ لَا يَكْتُبُونَ أَوْ بَلْ يَكْتُبُونَ الْوَاوَ وَكُلُّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهَا قَالُوا لِأَنَّ كَلِمَةَ " أَوْ " لِلتَّشْكِيكِ فَيَتَنَاوَلُ أَحَدَهُمَا غَيْرَ عَيْنٍ وَأَنَّهُ مَجْهُولٌ جَهَالَةً تُوقِعُهُمَا فِي الْمُنَازَعَةِ فَيُوجِبُ خَلَلًا فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اخْتَارَ أَوْ اتِّبَاعًا لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي كِتَابَةِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ كَتَبَ وَلَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يُؤْكِلَ صَدِيقًا لَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ؛ وَلِأَنَّ كَلِمَةَ " أَوْ " قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْوَاوِ يُقَالُ: جَالِسْ الْحَسَنَ أَوْ ابْنَ سِيرِينَ، وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى - يُؤَيِّدُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147] مَعْنَى الْآيَةِ وَيَزِيدُونَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِحَرْفِ الْوَاوِ كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الشُّرُوطِ وَلَمْ يُلْحِقْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ وَكُلُّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهُمَا الْحُقُوقُ، وَأَهْلُ الشُّرُوطِ يَكْتُبُونَ. وَكُلُّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهَا مِنْ حُقُوقِهَا، وَهَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا فِي الدَّارِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَفْسُدَ الْبَيْعُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا فِي الدَّارِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالْخَشَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَتَنَاوَلُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي أَنْ يُلْحِقَ بِهَا مِنْ حُقُوقِهَا حَتَّى لَا تَدْخُلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي الْبَيْعِ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ وَذَكَرَ أَيْضًا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَخَارِجٌ مِنْهَا هَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَعْدَهُمْ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ وَهِلَالٌ كَانَا يَكْتُبَانِ هَكَذَا وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُونَ وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا خَارِجٌ مِنْهَا قَالُوا لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ يَتَنَاوَلُ حَقًّا مَوْصُوفًا بِأَنَّهُ

دَاخِلٌ فِيهَا خَارِجٌ مِنْهَا وَالْحَقُّ الْوَاحِدُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا وَخَارِجًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا خَارِجٌ مِنْهَا لِيَكُونَ الْحَقُّ الْمَوْصُوفُ بِالدُّخُولِ غَيْرَ الْمَوْصُوفِ بِالْخُرُوجِ وَالْمَوْصُوفُ بِالْخُرُوجِ غَيْرَ الْمَوْصُوفِ بِالدُّخُولِ وَالْوَجْهُ لِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي إعَادَةَ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا تَقْدِيرًا وَاعْتِبَارًا كَمَا يُقَالُ هَذَا حُرٌّ. وَهَذَا وَيَكُونُ مَعْنَاهُ، وَهَذَا حُرٌّ فَصَارَ مِنْ حَيْثُ التَّقْدِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا خَارِجٌ مِنْهَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَنَا أَنْ يَكْتُبَ: كُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا خَارِجٌ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَ هَذَا وَفِنَاءَهَا، وَأَهْلُ الشُّرُوطِ كَانُوا يَكْتُبُونَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ بِذِكْرِ الْفِنَاءِ يَفْسُدُ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمَسْأَلَةُ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ فَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - قَالَا: الْفِنَاءُ مَمْلُوكٌ لِلْبَائِعِ أَلَا يُرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْفِرَ فِيهِ وَأَنْ يَرْبِطَ فِيهِ دَابَّتَهُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ هُمَا مَمْلُوكَانِ لَهُ فِي الْبَيْعِ لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ إنَّ الْفِنَاءَ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْحَفْرِ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ وَإِنْ اُعْتُبِرَ مَمْلُوكًا لَهُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي قَالَا فَهُوَ مَمْلُوكٌ لِلْعَامَّةِ فَيَصِيرُ كَالْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ الثَّمَنَ فَقَالَ بِكَذَا وَاعْلَمْ بِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْزُونًا أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَعْدُودًا أَوْ مَذْرُوعًا أَوْ عُرُوضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا فَإِنْ كَانَ مَوْزُونًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ النُّقُودِ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ أَوْ مِنْ غَيْرِ النُّقُودِ نَحْوِ الزَّعْفَرَانِ وَالْحَرِيرِ وَالْقُطْنِ وَسَائِرِ الْوَزْنِيَّاتِ فَإِنْ كَانَ مِنْ النُّقُودِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الدَّرَاهِمِ يُكْتَبُ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَيُكْتَبُ نَوْعُهَا أَنَّهَا فِضَّةٌ أَوْ مَغْشُوشَةٌ شَابَهَا النُّحَاسُ أَوْ الرَّصَاصُ دَرَاهِمَ غَلَّةٍ أَوْ نَقْدَ بَيْتِ الْمَالِ وَيُكْتَبُ صِفَتُهَا أَنَّهَا جَيِّدَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ أَوْ وَسَطٌ أَوْ يُذْكَرُ قَدْرُهَا أَنَّهَا كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَزْنُهُ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ أَيْ بِوَزْنِ كُلِّ عَشَرَةٍ مِنْهَا سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ وَإِنْ أَرَادَ كِتَابَةَ بَعْضِ مَا ذَكَرْنَا فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَمُطْلَقُ الْبَيْعِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالْمَلْفُوظِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الصِّفَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَقُودُ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ فِي الرَّوَاجِ سَوَاءً وَلَا صَرْفَ لِلْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيُعْطِي الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أَيَّ النَّوْعَيْنِ شَاءَ وَلَكِنْ لَا بُدَّ لِلْكَاتِبِ مِنْ أَنْ يَكْتُبَ أَحَدَهُمَا وَيَكْتُبَ قَدْرَهُ وَوَزْنَهُ. وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ فِي الرَّوَاجِ عَلَى السَّوَاءِ إلَّا أَنَّ لِلْبَعْضِ صَرْفًا عَلَى الْبَعْضِ كَمَا كَانَتْ الْغِطْرِيفِيَّةُ وَالْعَدْلِيَّةُ قَبْلَ هَذَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ أَحَدِهِمَا فَيَكْتُبُ الْكَاتِبُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَيَكْتُبُ صِفَتَهُ وَقَدْرَهُ وَوَزْنَهُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ النُّقُودِ أَرْوَجَ يَنْصَرِفُ الْبَيْعُ إلَيْهِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالْمَلْفُوظِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ صِفَتِهِ وَلَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ قَدْرِهِ وَوَزْنِهِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الدَّنَانِيرِ يَكْتُبُ كَذَا كَذَا دِينَارًا أَوْ يَكْتُبُ أَنَّهَا بُخَارِيَّةٌ أَوْ نَيْسَابُورِيَّةٌ أَوْ هَرَوِيَّةٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَيَكْتُبُ أَنَّهَا مُنَاصَفَةٌ أَوْ قِرَاضَاتٌ أَوْ صِحَاحٌ لَا كُسُورَ فِيهَا وَيَكْتُبُ أَنَّهَا جَيِّدَةٌ أَوْ وَسَطٌ أَوْ زَيْفٌ وَيَكْتُبُ: قَدْرُهَا كَذَا دِينَارًا وَيَكْتُبُ كَيْفِيَّةَ وَزْنِهَا أَنَّهَا مَوْزُونَةٌ بِوَزْنِ مَثَاقِيلِ مَكَّةَ أَوْ بِوَزْنِ مَثَاقِيلِ خُوَارِزْمَ أَوْ سَمَرْقَنْدَ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَثَاقِيلَ فِي الْبَلَدَانِ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبًا خَالِصًا أَوْ فِضَّةً خَالِصَةً يَكْتُبُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالنَّوْعَ وَالصِّفَةَ وَالْوَزْنَ لَا مَحَالَةَ كَمَا ذَكَرْنَا وَلَكِنْ لَا يَذْكُرُ فِيهِ اسْمَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ لَا يَنْطَلِقُ عَلَى غَيْرِ الْمَضْرُوبِ فَيَكْتُبُ فِي الذَّهَبِ كَذَا مِثْقَالًا مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ الْأَحْمَرِ الْجَيِّدِ الْخَالِي عَنْ الْغِشِّ. وَإِنْ كَانَ فِي الذَّهَبِ غِشٌّ يُبَيِّنُ ذَلِكَ فَيُقَالُ (دهدهي) أَوْ (دمنهي) وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَذَا فِي الْفِضَّةِ كَذَا (درم سنج) مِنْ النَّقْرَةِ الْجَيِّدَةِ الْخَالِصَةِ عَنْ الْغِشِّ وَيَكْتُبُ مَعَ ذَلِكَ طمغا جى أَوْ نَقْرَةَ كليجة؛ لِأَنَّهَا تَتَنَوَّعُ بِهَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ

وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمَوْزُونَاتِ يَكْتُبُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَنَوْعَهُ وَصِفَتَهُ وَقَدْرَهُ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَكِيلًا يَكْتُبُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَيَكْتُبُ الْحِنْطَةَ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْحِنْطَةِ وَيَكْتُبُ نَوْعَهَا سَقِيَّةً أَوْ بَرِّيَّةً نَسَفِيَّةً أَوْ بُخَارِيَّةً وَيَكْتُبُ صِفَتَهَا حَمْرَاءَ أَوْ بَيْضَاءَ جَيِّدَةً أَوْ وَسَطًا أَوْ رَدِيئَةً وَيَكْتُبُ قَدْرَهَا فَيَكْتُبُ كَذَا كَيْلًا بِقَفِيزِ كَذَا وَفِي الشَّعِيرِ كَذَلِكَ يَكْتُبُ نَوْعَهُ وَصِفَتَهُ وَقَدْرَهُ بِقَفِيزِ كَذَا وَلَا يَكْتُبُ الْوَزْنَ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ؛ لِأَنَّهُمَا كَيْلَانِ بِالنَّصِّ وَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ الْحُكْمِ الْمَنْصُوصِ وَفِي كِتَابِ الْبُيُوعِ عَنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي إسْلَامِ الدَّرَاهِمِ فِي الْمَكِيلَاتِ وَزْنًا وَالْوَزْنِيَّاتِ كَيْلًا رِوَايَتَانِ عَنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - رَوَى الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي ذِكْرِ الْكَيْلِ لِيَخْرُجَ عَنْ حَدِّ الِاخْتِلَافِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْحِنْطَةُ أَوْ الشَّعِيرُ حَالًا فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا يَكْتُبُ مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَشْيَاءِ مِقْدَارَ الْأَجَلِ وَمَكَانَ الْإِيفَاءِ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الْمَعْدُودَاتِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَثْمَانِ كَالْغَطَارِفِ وَالْعَدْلِيَّاتِ يَكْتُبُ فِي الْغَطَارِفِ كَذَا دِرْهَمًا بُخَارِيَّةً مَعْدُودَةً سُودًا جَيِّدَةً وَيَكْتُبُ فِي الْعَدْلِيَّاتِ كَذَا عَدْلِيَّةً رَسْمِيَّةً رَائِجَةً بُخَارِيَّةً مَعْدُودَةً وَيَكْتُبُ نَوْعَهَا إنْ كَانَتْ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً وَيَكْتُبُ نَقْدَ بَلَدِ كَذَا إذَا كَانَ يَخْتَلِفُ هَذَا النَّوْعُ مِنْ النَّقْدِ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الذَّرْعِيَّاتِ نَحْوِ الْكِرْبَاسِ وَالْكَتَّانِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ فَالْبَيْعُ بِهِ جَائِزٌ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ فَيَذْكُرُهُ فِي الْكِتَابِ وَيَذْكُرُ صِفَتَهُ وَيَذْكُرُ عَيْنًا مُشَارًا إلَيْهِ مُحْضَرًا مَجْلِسَ هَذَا الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ حَالًا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا يَجُوزُ كَمَا فِي السَّلَمِ فَيَكْتُبُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَهُوَ الْكِرْبَاسُ مَثَلًا وَنَوْعَهُ وَيَكْتُبُ صَفَاقَتَهُ وَرِقَّتَهُ وَسَدَاهُ (بانصدى) أَوْ (شنصدى) أَوْ مَا أَشْبَهَهُ وَقَدْرَهُ، وَبَيَانُ قَدْرِهِ بِبَيَانِ ذُرْعَانِهِ وَيُبَيِّنُ ذِرَاعَ كَذَا كَذِرَاعِ الْمَلِكِ أَوْ ذِرَاعِ الْكَرَابِيسِ أَوْ ذِرَاعِ الْمِسَاحَةِ وَيُبَيِّنُ الْأَجَلَ وَقَدْرَ الْأَجَلِ وَيُبَيِّنُ مَكَانَ الْإِيفَاءِ أَيْضًا إذَا كَانَ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ حَيَوَانًا أَوْ عَرْضًا مِنْ الْعُرُوضِ لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهَا أَصْلًا وَلَا يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ أَصْلًا. فَإِنَّمَا يَصِحُّ ثَمَنًا إذَا عَيَّنَهَا وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا لَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ؛ لِأَنَّ إعْلَامَ الْحَاضِرِ الْمُعَيَّنِ بِالْإِشَارَةِ فَيَذْكُرُ فِي الْكِتَابِ ذَلِكَ وَيَذْكُرُ صِفَتَهُ وَيَذْكُرُ عَيْنًا مُشَارًا إلَيْهِ مُحْضَرًا مَجْلِسَ هَذَا الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الْمَحْدُودَاتِ كَالدَّارِ وَالْأَرْضِ فَإِعْلَامُهَا بِذِكْرِ حُدُودِهَا فَيَكْتُبُ: اشْتَرَى الدَّارَ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا بِالدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا أَيْضًا وَإِذَا وَصَلَ إلَى مَوْضِعِ الْقَبْضِ يَكْتُبُ وَقَدْ قَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ جَمِيعَ الدَّارِ مِنْ صَاحِبِهِ وَهُوَ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ شِرَاؤُهُ إيَّاهُ مِنْهُ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ وَيَكْتُبُ عِنْدَ ذِكْرِ الدَّرْكِ فَمَا أَدْرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِيمَا ابْتَاعَ مِنْ صَاحِبِهِ فَكَذَا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ ثُمَّ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ هِلَالٌ بَعْدَهُمْ كَانُوا لَا يَكْتُبُونَ بَعْدَ هَذَا شِرَاءً صَحِيحًا وَإِنَّ أَبَا زَيْدٍ الشُّرُوطِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَعْضُ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ كَانُوا يَكْتُبُونَ شِرَاءً صَحِيحًا بَاتًّا بَتَاتًا لَا شَرْطَ فِيهِ وَلَا خِيَارَ وَلَا فَسَادَ وَلَا عِدَّةَ وَفَاءٍ وَلَا عَلَى وَجْهِ الرَّهْنِ وَالتَّلْجِئَةِ بَلْ بَيْعُ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِ إنَّمَا يَكْتُبُونَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ غَرَضَهُمَا الشِّرَاءُ الصَّحِيحُ فَيَكْتُبُونَ ذَلِكَ تَأْكِيدًا لِمَا قَصَدَاهُ وَيَكْتُبُونَ صِفَةَ الْبَتَاتِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْقُوفٍ عَلَى إجَازَةِ الْغَيْرِ. وَيَكْتُبُونَ لَا شَرْطَ فِيهِ حَتَّى لَا يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا أَنَّ

الْبَيْعَ كَانَ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ، وَهَذَا لِأَنَّ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِرِ لِلشَّرْطِ إلَّا أَنَّ عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الشَّرْطِ فَيُكْتَبُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا وَيَكْتُبُونَ فِيهِ لَا فَسَادَ فِيهِ وَلَا عِدَّةَ وَفَاءٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زَوَالَ مِلْكِهِ فَيُكْتَبُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: وَلَا يَكْتُبُ وَلَا خِيَارَ فِيهِ فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا دَامَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ هَذَا إذَا شُرِطَ أَنْ لَا خِيَارَ فِيهِ يَكُونُ شَرْطًا مُغَيِّرًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَوْ كُتِبَ ذَلِكَ رُبَّمَا يُرْفَعُ إلَى مَنْ يَرَى ذَلِكَ الْقَوْلَ فَيُبْطِلُهُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنْ يَكْتُبُ: بَيْعُ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِ؛ تَبَرُّكًا بِالسُّنَّةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا كَتَبَ كِتَابَ الشِّرَاءِ عَلَى عَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ أَمَرَ بِكِتَابَةِ ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَصْحَابُنَا إنَّمَا لَمْ يَكْتُبُوا شِرَاءً صَحِيحًا وَلَمْ يَكْتُبُوا بَيْعَ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَلَمْ يَكْتُبُوا لَا فَسَادَ وَغَيْرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كُتِبَ كَانَ هَذَا إقْرَارًا مِنْ الْمُشْتَرِي بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَبِكَوْنِ الْمُشْتَرَى مِلْكَ الْبَائِعِ فَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمُشْتَرَى مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَوْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ عَادَ إلَى يَدِ الْمُشْتَرِي يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْبَائِعِ فَلَا يُكْتَبُ هَذَا كَمَا لَا يُكْتَبُ مِلْكُ الْبَائِعِ. ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَقَدَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنَ كُلَّهُ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا وَزْنَ سَبْعَةٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُكْتَبْ بِقَوْلِهِ وَنَقَدَ فُلَانٌ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُذْكَرْ قَبْضُ الْبَائِعِ فَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ نَقَدْتَنِي وَلَكِنْ لَمْ أَقْبِضْ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ قَبْضِ الْبَائِعِ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَبَعْدَ ذَلِكَ اخْتَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ذَلِكَ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَجْمَعُ وَأَوْجَزُ فَإِنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ بَرَاءَةٍ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَانْتِهَاؤُهَا إلَى الْبَائِعِ وَذَلِكَ بِالدَّفْعِ وَالْقَبْضِ فَإِنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ صِحَّةِ الْقَبْضِ فَإِنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ وَكِيلًا فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِالْقَبْضِ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا كُتِبَ: بَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ. كَانَ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ وَبِصِحَّةِ الْقَبْضِ وَكَانَ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ يَكْتُبُ: وَبَرِئَ فُلَانٌ - يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ - إلَى فُلَانٍ - يَعْنِي الْبَائِعَ - مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَبَضَهُ مِنْهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ تَامًّا وَافِيًا وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَزْنَ سَبْعَةٍ وَهَذَا لِأَنَّ قَبْضَ الْبَائِعِ بِقَوْلِهِ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ يَثْبُتُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا مِنْ حَيْثُ النَّصِّ وَلَا يَقِفُ عَلَى الْمَعْنَى كُلُّ أَحَدٍ فَيَكْتُبُ: قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ حَتَّى يَثْبُتَ قَبْضُهُ نَصًّا وَمَعْنَى لِيَكُونَ أَبْيَنَ وَأَقْطَعَ لِلشَّغَبِ وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُ: وَقَبَضَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ - يَعْنِي الْبَائِعَ - مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ - جَمِيعَ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ تَامًّا وَافِيًا بِدَفْعِ فُلَانٍ ذَلِكَ إلَيْهِ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ - وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا وَزْنَ سَبْعَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ التَّصْرِيحُ بِالْقَبْضِ وَجَبَ التَّصْرِيحُ بِالدَّفْعِ أَيْضًا حَتَّى يَكُونَ قَبْضُ الْبَائِعِ الثَّمَنَ بِدَفْعِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مَنْ ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَإِذَا أَخَذَهُ لَا يَمْلِكُهُ بَلْ يَكُونُ غَاصِبًا فَيُكْتَبُ: دَفَعَ الْمُشْتَرِي، تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُ: وَدَفَعَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الثَّمَنَ كُلَّهُ تَامًّا وَافِيًا قَبَضَهُ مِنْهُ فُلَانٌ وَأَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ التَّصْرِيحُ بِالْقَبْضِ وَالدَّفْعِ جَمِيعًا وَجَبَ تَقْدِيمُ الدَّفْعِ عَلَى الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ لِلْقَبْضِ حُكْمَ الدَّفْعِ، وَالْحُكْمُ يَتَأَخَّرُ عَنْ السَّبَبِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الدَّفْعُ سَابِقًا عَلَى الْقَبْضِ إلَّا أَنَّ فِيمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ نَوْعُ خَلَلٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِهِ يَقْتَضِي بَرَاءَةً مُبْتَدَأَةً لَا بِسَبَبِ الْقَبْضِ، وَالْبَائِعُ إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ رَدُّ مَا قَبَضَ مِنْ الثَّمَنِ

فَالْأَصْوَبُ أَنْ يَكْتُبَ: دَفَعَ فُلَانٌ الثَّمَنَ إلَى فُلَانٍ تَامًّا وَافِيًا وَقَبَضَهُ مِنْهُ فُلَانٌ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا حَتَّى يَكُونَ الدَّفْعُ مُقَدَّمًا عَلَى الْقَبْضِ وَيَثْبُتُ صِحَّةُ الْقَبْضِ بِذِكْرِ الْبَرَاءَةِ إلَيْهِ وَيَنْتَفِي وَهْمُ الْبَرَاءَةِ الْمُبْتَدَأَةِ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ: تَامًّا وَافِيًا لِلتَّأْكِيدِ وَيَكْتُبُ فِي الصَّكِّ زَوَائِدَ لِلتَّأْكِيدِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ: قَبَضَ الْمَبِيعَ. وَكَمَا يَحْتَاجُ إلَى كِتَابَةِ قَبْضِ الثَّمَنِ لِيَكُونَ حُجَّةً لِلْمُشْتَرِي يَحْتَاجُ إلَى كِتَابَةِ قَبْضِ الْمَبِيعِ لِيَكُونَ حُجَّةً لِلْبَائِعِ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يُكْتَبَ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الشُّرُوطِ فِيهِ فَكَانَ السَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ وَأَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ يَكْتُبُونَ: وَسَلَّمَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُ: وَسَلَّمَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ إلَى فُلَانِ جَمِيعِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَنَّهُ أَحْسَنُ وَإِنَّمَا كَتَبُوا: وَسَلَّمَ فُلَانٌ وَلَمْ يَكْتُبُوا: وَقَبَضَ فُلَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَبَضَ فُلَانٌ إذْنَ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الدَّارِ، وَفِي مَذْهَبِ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَعْدَمَا نَقَدَ الثَّمَنَ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ الْمُشْتَرَى إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَلَوْ قَبَضَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ كَالْغَاصِبِ وَكَانَ لِلْبَائِعِ إخْرَاجُهُ مِنْ يَدِهِ فَاخْتَارُوا لَفْظَ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ إذْنُ الْبَائِعِ بِالْقَبْضِ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ فَكَتَبْنَا التَّسْلِيمَ لِهَذَا. وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا فِي الْكِتَابِ رُؤْيَةَ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْمَبِيعَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ بَيْعَ مَا لَمْ يَرَهُ وَشِرَاءَ مَا لَمْ يَرَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ بَيْعَ مَا لَمْ يَرَهُ وَلَمْ يُجَوِّزْ شِرَاءَ مَا لَمْ يَرَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِهِمَا إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ وَفِي الشِّرَاءِ لِلْمُشْتَرِي فَلَا بُدَّ مِنْ كِتَابَةِ ذَلِكَ لِيَجُوزَ الْبَيْعُ وَيَنْتَفِيَ الْخِيَارُ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الشُّرُوطِ فِي كِتَابَتِهِ فَكَانَ السَّمْتِيُّ يَكْتُبُ: وَقَدْ أَقَرَّ فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَنَّهُمَا قَدْ رَأَيَا جَمِيعَ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَمَا هُوَ دَاخِلٌ فِيهَا وَمَا هُوَ خَارِجٌ مِنْهَا وَيُبَيِّنُ لَهُمَا جَمِيعًا ذَلِكَ وَجَمِيعَ مَا فِيهَا مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ عَرَفَاهُ وَرَأَيَاهُ عِنْدَ عُقْدَةِ الْبَيْعِ الْمُسَمَّاةِ فِي الْكِتَابِ وَقُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ وَأَبُو زَيْدٍ يَكْتُبُ: وَقَدْ نَظَرَ فُلَانٌ - يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ - إلَى جَمِيعِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَرَضِيَ بِهَا. وَمَا قَالَهُ السَّمْتِيُّ أَحْسَنُ وَأَصَحُّ وَمَا قَالَهُ السَّمْتِيُّ مِنْ رُؤْيَتِهِمَا الْمَبِيعَ عِنْدَ عُقْدَةِ الْبَيْعِ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مِنْ مَذْهَبِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى مَا رَأَى وَلَمْ يَكُنْ مُعَايِنًا لَهُ عِنْدَ الْبَيْعِ بَلْ كَانَ غَائِبًا عَنْهُ لَا يَجُوزُ فَتَحَرَّزْنَا عَنْ قَوْلِهِ وَكَتَبْنَا رُؤْيَتَهُمَا عِنْدَ عُقْدَةِ الْبَيْعِ فَأَمَّا رُؤْيَتُهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ فَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا لَكِنَّ ذِكْرَهُ لِلتَّأْكِيدِ وَمَا قَالَهُ مِنْ كِتَابَةِ رُؤْيَتِهِمَا جَمِيعَ الدَّارِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَمَا فِيهَا مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ دَاخِلٍ فِيهَا وَخَارِجٍ مِنْهَا أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَإِنَّ مِنْ مَذْهَبِ عُلَمَائِنَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا نَظَرَ إلَى خَارِجِ الدَّارِ وَلَمْ يَرَ مَا سِوَى ذَلِكَ يَبْطُلُ خِيَارُ رُؤْيَتِهِ وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ عَلَى خِيَارِهِ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى جَمِيعِ خَارِجِ الدَّارِ وَإِلَى جَمِيعِ دَاخِلِ الدَّارِ وَإِلَى بَعْضِ أَرْضِهَا وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ عَلَى خِيَارِهِ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مِنْهَا وَإِلَى سَائِرِ أَرْضِهَا. وَإِلَى سَائِرِ بِنَائِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْهَا فَتَحَرَّزْنَا عَنْ الِاخْتِلَافِ وَكَتَبْنَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا تَفَرُّقَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَبْدَانِهِمَا وَكَانَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكْتُبُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَعَامَّةُ أَهْلِ الشُّرُوطِ كَانُوا يَكْتُبُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَعِنْدَنَا لَيْسَ لَهُمَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ فَرُبَّمَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ بِأَنْ يَعْتَقِدَا مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَقُولَ أَحَدُهُمَا فَسَخْتُ الْعَقْدَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَادَّعَى الْآخَرُ الْإِجَازَةَ فَكَتَبْنَا تَفَرُّقَهُمَا بِأَبْدَانِهِمَا بَعْدَ إنْفَاذِ هَذَا الْبَيْعِ قَطْعًا لِهَذِهِ الْمُنَازَعَةِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الشُّرُوطِ فِي كِتَابَةِ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَأَبُو زَيْدٍ كَانَ يَكْتُبُ: وَتَفَرَّقَا جَمِيعًا

بِأَبْدَانِهِمَا بَعْدَ الْبَيْعِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَصِحَّتِهِ وَوُجُوبِهِ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَالطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَكْتُبُ: وَتَفَرَّقَا جَمِيعًا بِأَبْدَانِهِمَا بَعْدَ هَذَا الْبَيْعِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا جَمِيعًا بِجَمِيعِهِ وَإِنْفَاذٍ مِنْهُمَا لَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي حَتَّى لَا يَصِيرَ الْمُشْتَرِي مُقِرًّا بِصِحَّةِ الشِّرَاءِ فَلَا يَنْسَدُّ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ مَتَى اُسْتُحِقَّ الْمُشْتَرَى مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ دَرْكٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَعَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ خَلَاصُهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ لَهُ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مَذْكُورٌ بِالنَّصْبِ أَوْ بِالرَّفْعِ. وَالنَّصْبُ أَوْضَحَ مَعْنَاهُ فَمَا لَحِقَهُ مِنْ الدَّرْكِ وَلَمْ يُرِدْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ فَعَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ خَلَاصُهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ لَهُ تَخْلِيصُ الْمَبِيعِ لَهُ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ مَا لَا يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ بِهِ عَسَى وَلَكِنْ أَرَادَ بِهِ تَخْلِيصَ الْمَبِيعِ إنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ وَرَدَّ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ وَهَذَا شَرْطٌ يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشُّرُوطِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَاهُ صَرِيحًا فَقَالَ فَعَلَى فُلَانٍ خَلَاصُ ذَلِكَ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ أَوْ يَرُدَّ الثَّمَنَ عَلَيْهِ قَالَ ثَمَّةَ، وَهَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ يَكْتُبَانِ: فَمَا أَدْرَكَ فِي هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ حُقُوقِهَا مِنْ دَرْكٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ كُلِّهِمْ فَعَلَى فُلَانٍ خَلَاصُ ذَلِكَ كُلِّهِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ حَتَّى يُسَلِّمَهُ أَوْ يُخَلِّصَهُ لَهُ مِنْ كُلِّ دَرْكٍ وَتَبِعَةٍ. وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ يَكْتُبُ: فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ - فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ فِي حُقُوقِهِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهِ مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى فُلَانٍ - يَعْنِي الْبَائِعَ - تَسْلِيمُ ذَلِكَ عَلَى مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَمَا كَتَبَهُ أَبُو زَيْدٍ أَحَبُّ إلَيْنَا مِمَّا كَتَبَهُ يُوسُفُ وَهِلَالٌ؛ لِأَنَّ يُوسُفَ وَهِلَالًا - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَكْتُبَا الدَّرْكَ مُضَافًا إلَى الْمُشْتَرِي بَلْ أَطْلَقَا فَيَتَنَاوَلُ هَذَا الْمُشْتَرِيَ وَكُلَّ مَنْ يَتَمَلَّكُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ نَحْوِ الشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ فَيَكُونُ ضَمَانُ الدَّرْكِ مَشْرُوطًا لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتَمَلَّكُونَ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِ الْمُشْتَرَى وَيَكُونُ هَذَا شَرْطُ الرُّجُوعِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِ هَذَا الْمُشْتَرَى عِنْدَ وُرُودِ الِاسْتِحْقَاقِ وَعَدَمِ إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حَقُّ الرُّجُوعِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ لَا عَلَى بَائِعِ بَائِعِهِ وَوَارِثُ الْمُشْتَرِي إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ مُوَرِّثِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ خَلَفٌ عَنْ مُوَرِّثِهِ وَلِهَذَا يَقْضِي مِنْ هَذَا الثَّمَنِ دَيْنَ الْمُوَرِّثِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ كَانَ حَقُّ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ لَا لِلْوَارِثِ فَلَوْ كُتِبَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَكْتُبُ يُوسُفُ وَهِلَالٌ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ شُرِطَ فِي الْبَيْعِ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْبَيْعُ فَيُفْضِي لِفَسَادِ الْبَيْعِ فَيُتَحَرَّزُ عَنْ ذَلِكَ بِإِضَافَةِ الدَّرْكِ إلَى الْمُشْتَرِي وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَكْتُبُ: فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَكُلُّ أَحَدٍ بِسَبَبِهِ فَعَلَى فُلَانٍ الْبَائِعِ خَلَاصُهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ وَرَثَتُهُ وَالْمُشْتَرُونَ مِنْهُ. وَالْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِمْ وَالْمَوْهُوبُ لَهُمْ وَسَائِرُ مَنْ يَتَمَلَّكُ الدَّارَ مِنْ جِهَتِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِهَؤُلَاءِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى بَائِعِ الْمُشْتَرَى فَإِذَا كُتِبَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ شُرِطَ عَلَى الْبَائِعِ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَكْتُبُ: فَعَلَى فُلَانٍ - يَعْنِي الْبَائِعَ - عُهْدَةُ ذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

الْعُهْدَةَ الصَّكُّ الْقَدِيمُ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَحَقٍّ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا شُرِطَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ فَقَدْ شُرِطَ مَا لَا يُلَائِمُ الْعَقْدَ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ: فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ الْمُشْتَرِي مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى فُلَانٍ الْبَائِعِ خَلَاصُ ذَلِكَ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ أَوْ يَرُدَّ الثَّمَنَ وَلَكِنْ يُكْتَبُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَكْتُبُ أَبُو زَيْدٍ: فَمَا أَدْرَكَ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهِ مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ. ؛ لِأَنَّ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا فِي الْمَبِيعِ إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ مَاذَا يَجِبُ لِلْبَائِعِ بِحُكْمِ الْبَيْعِ؟ فَعِنْدَنَا عَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَسَوَارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيّ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ فِي مَوْضِعِهَا فِي الرِّفْعَةِ وَالْحَطِّ وَالْقِيمَةِ وَالذَّرْعِ وَالْبِنَاءِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ رَدُّ قِيمَةِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمَّا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ الْأَحْوَطُ أَنْ لَا يُكْتَبَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى لَا يُبْطِلَهُ قَاضٍ يَرَى خِلَافَ ذَلِكَ وَكَانَ الْمَكْتُوبُ عِنْدَهُ شَرْطًا لَا يُلَائِمُ الْعَقْدَ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ وَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ فَعَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَا تُعْمَلُ الْإِجَازَةُ أَصْلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا يَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَعِنْدَنَا إنْ كَانَتْ الْإِجَازَةُ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ بِالْعَيْنِ تُعْمَلُ إجَازَتُهُ فَكَانَ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ إلَيْهِ إلَّا رِوَايَةً رُوِيَتْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْخُصُومَةَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ. وَطَلَبَ الْحُكْمِ مِنْ الْقَاضِي دَلِيلُ النَّقْضِ فَيُنْتَقَضُ بِهِ الْبَيْعُ كَمَا يُنْتَقَضُ بِصَرِيحِ النَّقْضِ وَلَا تُعْمَلُ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَازَةُ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي فَقَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُعْمَلُ الْإِجَازَةُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالْعَيْنِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَعَلَى قَوْلِهِمَا تُعْمَلُ الْإِجَازَةُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عِنْدَهُمَا لَا يَنْفَسِخُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالْعَيْنِ لِلْمُسْتَحِقِّ، هَكَذَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ وَقَدْ كَتَبَ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ أَنَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَتُعْمَلُ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ أَخْذَ الْمُسْتَحِقِّ الْعَيْنَ بِحُكْمِ الْقَاضِي دَلِيلُ النَّقْضِ فَيُنْتَقَضُ بِهِ الْبَيْعُ فَلَا تُعْمَلُ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ وَلَا تُعْمَلُ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ. فَإِذَا شُرِطَ تَسْلِيمُ الدَّارِ فَإِنَّمَا يُمْكِنُهُ التَّسْلِيمُ إذَا اشْتَرَى الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ يُسَلِّمُهَا إلَيْهِ وَالشَّرْطُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ فَكَانَ الْأَحْوَطُ أَنْ يُكْتَبَ: فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَكَذَلِكَ لَا يُكْتَبُ: فَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ إنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى كُلِّ الدَّارِ فَعِنْدَنَا يَجِبُ رَدُّ كُلِّ الثَّمَنِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْمُخَالِفِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ تِلْكَ الدَّارِ صُورَةً وَمَعْنًى وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ تَجِبُ قِيمَةُ تِلْكَ الدَّارِ إنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى جَمِيعِ الدَّارِ، وَإِنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى بَعْضِ الدَّارِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى شَيْءٍ لَا بِعَيْنِهِ نَحْوِ الثُّلُثِ وَالرُّبْعِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ عِنْدَنَا إنْ شَاءَ رَدَّ مَا بَقِيَ وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ مَا بَقِيَ وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ وَإِنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ وَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ. هَكَذَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِهِ وَقَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ الْبَاقِيَ وَرَجَعَ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْمَبِيعَ وَرَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ: يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ الْوَاجِبُ رَدُّ مِثْلِ تِلْكَ الدَّارِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ

يَقُولُ الْوَاجِبُ رَدُّ قِيمَةِ الدَّارِ كَانَ اشْتِرَاطُ الثَّمَنِ شَرْطًا لَا يُلَائِمُ الْعَقْدَ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ فَلَا يُكْتَبُ ذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِهِ: وَعِنْدَنَا الْوَاجِبُ رَدُّ جَمِيعِ الثَّمَنِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَرَدُّ بَعْضِ الثَّمَنِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَإِذَا اشْتَرَطْنَا عَلَيْهِ رَدَّ جَمِيعِ الثَّمَنِ مُطْلَقًا فَقَدْ شَرَطْنَا عَلَيْهِ شَرْطًا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ أَمَّا إذَا كَتَبْنَا: فَعَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ فَأَيُّ شَيْءٍ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْبَائِعِ إذَا وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ وَلَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ كَانَ ذَلِكَ مُوجِبَ هَذَا الْبَيْعِ عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا كُتِبَ فِي الْكِتَابِ فَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنْ الْقُضَاةِ إبْطَالُ هَذَا الْبَيْعِ مَتَى رُفِعَ إلَيْهِ فَكَانَ هَذَا أَحْوَطُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبَانِ بَعْدَمَا كَتَبْنَا الدَّرْكَ فَعَلَى فُلَانٍ خَلَاصُهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ لَهُ أَوْ يَرُدَّ الثَّمَنَ عَلَيْهِ مَعَ قِيمَةِ مَا يُحْدِثُ فُلَانٌ - يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ - أَوْ يُحْدَثُ لَهُ بِأَمْرِهِ يَعْنِي بِأَمْرِ الْبَائِعِ مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَزَرْعٍ إنَّمَا كَتَبْنَا ضَمَانَ قِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا ضَمِنَ الْبَائِعُ ذَلِكَ. أَمَّا إذَا لَمْ يَضْمَنْ الْبَائِعُ فَلَا وَإِنَّمَا كَتَبْنَا بِأَمْرِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ يَقُولُ الْبَائِعُ وَإِنْ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ إذَا أَمَرَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ فَكَتَبْنَا ضَمَانَ الْبَائِعِ وَأَمْرَهُ بِذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ هَؤُلَاءِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَكْتُبُ مَا يُحْدِثُ فُلَانٌ الْمُشْتَرِي مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَوَابٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ يُحْدِثُ فِي الدَّارِ مَا لَا يَكُونُ لَهُ رُجُوعٌ بِقِيمَةِ ذَلِكَ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ نَحْوُ حَفْرِ الْبِئْرِ وَتَنْقِيَةِ الْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْبَائِعِ فَإِذَا شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ شَرَطَ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ الْأَحْوَطُ أَنْ لَا يُكْتَبَ قِيمَةُ مَا يُحْدِثُ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ يُكْتَبُ: فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهَا أَوْ فِيمَا يُحْدِثُهُ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ زَرْعٍ فَعَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ حَتَّى يُسَلَّمَ ذَلِكَ إلَى فُلَانٍ. ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَمَا بَنَى الْمُشْتَرِي فِيهَا بِنَاءً أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ فَلِأَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ قَالُوا الْبَائِعُ إذَا كَانَ حَاضِرًا فَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَائِمًا وَيَكُونُ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَالزَّرْعُ لِلْبَائِعِ بِمَا ضَمِنَ مِنْ الْقِيمَةِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ هَذَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَائِعَ بِقَلْعِ ذَلِكَ وَرَفْعِهِ عَنْ أَرْضِهِ وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهُ لِنَفْسِهِ وَغَرِمَ لَهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا كَانَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَ الْمُشْتَرِيَ حَتَّى يَرْفَعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عَنْ أَرْضِهِ وَلَا يَنْتَظِرُ قُدُومَ الْبَائِعِ فَإِذَا قَلَعَهُ الْمُشْتَرِي عَنْ أَرْضِهِ سَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ إلَيْهِ كَذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ مَنَعَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ قَلْعِ ذَلِكَ وَحَبَسَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَغَرِمَ لَهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَلَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ غَيْرِ الثَّمَنِ الَّذِي أَعْطَاهُ. وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالُوا الْمُسْتَحِقُّ إذَا أَخَذَ الْمُشْتَرِيَ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالزَّرْعِ فَالْمُشْتَرِي يَرْفَعُ ذَلِكَ عَنْ أَرْضِهِ وَيَكُونُ النَّقْضُ لَهُ ثُمَّ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ دَفَعَ النَّقْضَ إلَى الْبَائِعِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا. وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ النَّقْضَ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ فَإِذَا كَانَ عِنْدَنَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ دُونَ الْبَعْضِ فَإِذَا كَتَبْنَا الرُّجُوعَ مُطْلَقًا فَقَدْ أَثْبَتْنَا حَقَّ الرُّجُوعِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ عِنْدَنَا وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا بَنَى وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الدَّارَ مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ حَتَّى كَانَ بَانِيًا عَلَى غُرُورٍ وَجَهَالَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْتَحِقُّ فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْتَ

بِالْخِيَارِ إنْ شِئْتَ أَعْطَيْتَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَبْنِيًّا؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى غُرُورٍ وَجَهَالَةٍ وَالْبِنَاءُ لَكَ وَإِنْ شِئْتَ لَمْ تَضْمَنْ لَهُ قِيمَتَهُ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي شَرِيكَكَ وَلَا يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي بِرَفْعِ الْبِنَاءِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ وَمَعَ ذَلِكَ بَنَى فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَ الْبِنَاءَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ فِي قَوْلِ هَؤُلَاءِ فَإِذَا شَرَطْنَا رُجُوعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ شَرَطْنَا شَرْطًا لَا يُلَائِمُ مُوجِبَ الْعَقْدِ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ وَمِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ مَا يُحْدِثُ فَكَانَ هَذَا شَرْطًا لَا يُلَائِمُ مُوجِبَ الْعَقْدِ عَلَى قَوْلِهِ أَيْضًا فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْ كِتَابَةِ قِيمَةِ مَا يُحْدِثُهُ الْمُشْتَرِي صِيَانَةً لِلْعَقْدِ عَنْ الْفَسَادِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا وَلَكِنْ يُكْتَبُ: فَعَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فُلَانٍ حَتَّى إذَا رُفِعَ إلَى قَاضٍ مِنْ الْقُضَاةِ لَا يَقْضِي بِفَسَادِ هَذَا الْبَيْعِ وَيَقْضِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يُوجِبُهُ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى مَذْهَبِهِ إلَّا أَنَّ مَا قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ يَحْصُلُ صِيَانَةُ الْعَقْدِ عَنْ الْفَسَادِ لَا يَحْصُلُ صِيَانَةُ حَقِّ الْمُشْتَرِي فِيمَا يُحْدِثُ مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَزَرْعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكْتُبْ مَا أَدْرَكَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِأَمْرِ الْبَائِعِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَكْتُبْ مِقْدَارَ الضَّمَانِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ قِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ لِصِحَّةِ الضَّمَانِ وَلِرُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْرُ الْمَضْمُونِ بِهِ مَعْلُومًا فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ كِتَابًا عَلَى حِدَةٍ أَوْ يَكْتُبَ ضَمَانَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي صَكِّ الشِّرَاءِ وَيَكْتُبَ أَنَّ هَذَا الضَّمَانَ مِنْ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي هَذَا الْبَيْعِ وَإِنَّمَا ضَمِنَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ. وَيَذْكُرَ قَدْرَ قِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَيَقُولَ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى أَلْفٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، يَذْكُرُ مِقْدَارًا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا تَزِيدُ قِيمَةُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى ذَلِكَ فَيَقَعُ التَّحَرُّزُ عَنْ فَسَادِ الْعَقْدِ وَتَحْصُلُ صِيَانَةُ حَقِّ الْمُشْتَرِي فِيمَا يُحْدِثُ مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَزَرْعٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَشَهِدَ: أَيْ شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ، وَمِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ مَنْ يَكْتُبُ هَذَا اللَّفْظَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فَيَقُولُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ وَالْأَحْسَنُ عِنْدَنَا أَنْ يَذْكُرَهُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ إنَّمَا يَكْتُبُونَ شَهَادَتَهُمْ فِي آخِرِ الْكِتَابِ فَالْأَحْسَنُ ذِكْرُ هَذَا اللَّفْظِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُثْبِتُ الشُّهُودُ فِيهِ أَسَامِيَهُمْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاقْتَصَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا آخَرَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَانَا يَقْتَصِرَانِ عَلَى هَذَا أَيْضًا وَهُوَ: وَشَهِدَ، وَأَهْلُ الشُّرُوطِ كَيُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ وَهِلَالٍ وَأَبِي زَيْدٍ زَادُوا عَلَى هَذَا فَيُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ وَهِلَالٌ كَتَبَا شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَعَلَى إقْرَارِهِمَا بِمَعْرِفَتِهِمَا جَمِيعَ مَا سُمِّيَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي صِحَّةٍ مِنْهُمَا وَجَوَازِ أَمْرِهِمَا وَذَلِكَ فِي شَهْرِ كَذَا فِي سَنَةِ كَذَا وَأَبُو زَيْدٍ كَتَبَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ عَلَى إقْرَارِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِجَمِيعِ مَا سُمِّيَ وَوُصِفَ فِي كِتَابِنَا وَعَلَى مَعْرِفَتِهِمَا جَمِيعًا بِجَمِيعِ مَا فِيهِ بَعْدَ أَنْ قُرِئَ عَلَيْهِمَا وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا قَدْ فَهِمَاهُ حَرْفًا حَرْفًا وَأَشْهَدَاهُمْ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فِي صِحَّةٍ مِنْ عُقُولِهِمَا وَأَبْدَانِهِمَا وَجَوَازِ أُمُورِهِمَا طَائِعَيْنِ غَيْرَ مُكْرَهَيْنِ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِمَا فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِهِمَا وَهُمَا مَأْمُورَانِ عَلَى أَمْوَالِهِمَا غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِمَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا عِلَّةَ لَهُمَا مِنْ مَرَضٍ وَغَيْرِهِ وَكَتَبَ فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَيُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ وَهِلَالٌ اخْتَارَا كِتَابَةَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْإِثْبَاتِ بِجَمِيعِ مَا فِي الْكِتَابِ وَأَبُو زَيْدٍ اخْتَارَ كِتَابَةَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى إقْرَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِجَمِيعِ مَا فِي الْكِتَابِ وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْكِتَابَ يَشْتَمِلُ عَلَى مَا يَقِفُ عَلَيْهِ

الشُّهُودُ حَقِيقَةً. وَهُوَ لَفْظُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَبْضُ الثَّمَنِ وَقَبْضُ الْمَبِيعِ وَتَفَرُّقُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَبْدَانِهِمَا وَضَمَانُ الدَّرْكِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَعَلَى مَا لَا يَقِفُ عَلَيْهِ الشُّهُودُ حَقِيقَةً وَهُوَ انْتِفَاءُ مَعْنَى التَّلْجِئَةِ وَالسُّمْعَةِ فِي الْبَيْعِ وَتَقْرِيرِ الثَّمَنِ لِجَوَازِ أَنْ يَتَوَاضَعَا أَنَّ الْبَيْعَ تَلْجِئَةً وَيُظْهِرَا أَنَّ الْبَيْعَ فِي الْعَلَانِيَةِ رِيَاءً وَسُمْعَةً وَيَتَوَاضَعَا فِي السِّرِّ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَيُظْهِرَا فِي الْعَلَانِيَةِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَكَذَلِكَ رُؤْيَةُ الْمُتَبَايِعَيْنِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَقِفُ عَلَيْهِ الشُّهُودُ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَقِفُ عَلَى رُؤْيَةِ غَيْرِهِ سِوَى أَنَّهُ يَنْظُرُ أَنَّهُ أَقْبَلَ إلَيْهِ بِبَصَرِهِ وَرُبَّمَا يُقْبِلُ الْإِنْسَانُ بِبَصَرِهِ عَلَى شَيْءٍ وَلَا يَقِفُ عَلَيْهِ وَلَا يَرَاهُ، وَكَذَلِكَ تَفَاهُمُهُمَا مَا فِي الْكِتَابِ مِمَّا لَا يَقِفُ الشُّهُودُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا يَعْرِفُ الشُّهُودُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِإِقْرَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِهَا وَإِنَّمَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا تَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ الْمَشْهُودِ بِهِ لِلشَّاهِدِ فِيمَا كَانَ لِلشُّهُودِ وُقُوفًا عَلَيْهِ حَقِيقَةً يَكْتُبُ شَهَادَتَهُمْ عَلَى الْإِثْبَاتِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ وَقَفُوا عَلَيْهِ بِالْحَقِيقَةِ وَمَا لَا وُقُوفَ لِلشَّاهِدِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً يَكْتُبُ شَهَادَتَهُمْ فِيهِ عَلَى إقْرَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِهِ فَيَكْتُبُ شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مَا يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَقِفُوا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَعَلَى إقْرَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِمَا لَمْ يَقِفُوا عَلَى حَقِيقَتِهِ ثُمَّ إنَّ يُوسُفَ بْنَ خَالِدٍ وَهِلَالًا - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَتَبَا فِي صِحَّةٍ مِنْهُمَا وَجَوَازِ أَمْرِهِمَا وَأَبُو زَيْدٍ كَتَبَ فِي صِحَّةٍ مِنْ عَقْلِهِمَا وَجَوَازِ أَمْرِهِمَا وَالطَّحَاوِيُّ كَتَبَ فِي صِحَّةِ عَقْلِهِمَا وَجَوَازِ أَمْرِهِمَا وَمَا كَتَبَهُ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْثَقُ وَأَحْوَطُ. وَهَلْ يَكْتُبُ مَعْرِفَةَ الشُّهُودِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِوَجْهِهِمَا وَأَسْمَائِهِمَا وَأَنْسَابِهِمَا وَالسَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ كَانَا لَا يَكْتُبَانِ ذَلِكَ، وَغَيْرُهُمَا كَانَ يَكْتُبُ ذَلِكَ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا إنْ كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ مَعْرُوفَيْنِ عِنْدَ النَّاسِ مَشْهُورَيْنِ لَا حَاجَةَ إلَى كِتَابَةِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مَشْهُورَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا بِحَضْرَتِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ إيَّاهُمَا بِوُجُوهِهِمَا لِيُمْكِنَهُمْ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا وَعِنْدَ غَيْبَتِهِمَا وَمَوْتِهِمَا يَحْتَاجُونَ إلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ بِاسْمِهِمَا وَنَسَبِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ اسْمِهِمَا وَنَسَبِهِمَا وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى إقْرَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَعَسَى يُسَمِّي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَفْسَهُ وَنَسَبَهُ بِاسْمِ غَيْرِهِ وَنَسَبِهِ يُرِيدُ أَنْ يُزَوِّرَ عَلَى الشُّهُودِ لِيَخْرُجَ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِ الْغَيْرِ فَالِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي اسْمِهِمَا وَنَسَبِهِمَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ مِلْكِ غَيْرِهِمَا عَسَى، وَهَذَا فَصْلٌ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ عَنْهُ غَافِلُونَ فَإِنَّهُمْ يَسْتَمِعُونَ لَفْظَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِقْرَارِ بِالتَّقَابُضِ مِنْ رَجُلَيْنِ لَا يَعْرِفُونَهُمَا ثُمَّ إذَا اُسْتُشْهِدُوا بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِ الْمَبِيعِ يَشْهَدُونَ عَلَى ذَلِكَ الِاسْمِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عِلْمٌ بِذَلِكَ فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْ ذَلِكَ صِيَانَةً لِأَمْلَاكِ النَّاسِ عَنْ الْإِبْطَالِ وَصِيَانَةً لِنَفْسِهِ عَنْ الْكَذِبِ وَالْمُجَازَفَةِ ثُمَّ طَرِيقُ عِلْمِ الشَّاهِدِ بِالنَّسَبِ إخْبَارُ جَمَاعَةٍ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَعِنْدَهُمَا الطَّرِيقُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَإِذَا أَرَادَ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ عَلَى النَّسَبِ وَيَلْحَقُهُ الْحَرَجُ فِي إحْضَارِ تِلْكَ الْجَمَاعَةِ الَّتِي شَرَطَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَهَادَتَهُمْ لِحُصُولِ الْعِلْمِ يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ الشُّهُودِ شَاهِدَانِ عَلَى نَسَبِهِمَا وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا حَتَّى إذَا احْتَاجُوا إلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَتِهِمَا بِالنَّسَبِ وَشَهِدُوا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ بِشَهَادَةِ أَنْفُسِهِمَا وَفِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ وَجْهِهَا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَبِتَعْرِيفِ الشُّهُودِ أَنَّهَا فُلَانَةُ لَا يَحِلُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا وَأَمَّا حَالَ غَيْبَتِهَا أَوْ مَوْتِهَا إذَا احْتَاجَ الشُّهُودُ إلَى الشَّهَادَةِ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ فَطَرِيقُ صِحَّةِ التَّحَمُّلِ مَا ذَكَرْنَا فِي الرَّجُلِ الْمَجْهُولِ مِنْ شَهَادَةِ جَمَاعَةٍ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَشَهَادَةُ شَاهِدَيْنِ عِنْدَهُمَا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْفَصْلَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ. (إذَا كَانَ

بِالدَّرْكِ كَفِيلٌ) قَالَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ كَفِيلًا مِنْ الْبَائِعِ كَيْفَ يُكْتَبُ؟ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا إنْ أَخَذَ كَفِيلًا بِالدَّرْكِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَيْءٍ آخَرَ وَإِمَّا إنْ أَخَذَ كَفِيلًا بِجَمِيعِ مَا يَجِبُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ مِنْ حَقٍّ بِسَبَبِ هَذَا الْبَيْعِ مِنْ الثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ وَأَيًّا مَا كَانَ فَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ كَفَالَةٌ بِدَيْنٍ سَيَجِبُ وَأَنَّهَا جَائِزَةٌ عُرِفَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ، غَيْرَ أَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ رَدُّ الثَّمَنِ لَا غَيْرُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ؛ لِأَنَّ الدَّرْكَ إذَا أُطْلِقَ يُرَادُ بِهِ فِي الْعُرْفِ رَدُّ الثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فَتَنْصَرِفُ الْكَفَالَةُ إلَيْهِ وَلَا تَنْصَرِفُ إلَى شَيْءٍ آخَرَ ثُمَّ يُكْتَبُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ كِتَابِ الشِّرَاءِ: فَمَا أَدْرَكَ فُلَانًا مِنْ دَرْكٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَعَلَى فُلَانٍ - يَعْنِي الْبَائِعَ - وَعَلَى فُلَانٍ - يَعْنِي الْكَفِيلَ - خَلَاصُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا جَمِيعًا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا شَتَّى وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى يُسَلِّمَا لَهُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ يَرُدَّا عَلَيْهِ ثَمَنَهَا وَهُوَ كَذَا، هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ وَإِنَّمَا كَتَبَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا جَمِيعًا تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْكَفَالَةَ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ كَالْحَوَالَةِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَإِنَّمَا كَتَبَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا شَتَّى وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ ابْنِ شُبْرُمَةَ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ عِنْدَهُ لَا تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ إلَّا أَنَّهُ إذَا اتَّبَعَ أَحَدَهُمَا وَطَالَبَهُ بِهِ بَرِئَ الْآخَرُ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ قَالُوا وَهَا هُنَا شَرَائِطُ أُخَرُ لَا بُدَّ مِنْ كِتَابَتِهَا فَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ كُفِلَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ أَخْذِ الْكَفِيلِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَبِهِ أَخَذَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيُكْتَبُ ذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِهِ وَمِنْهَا أَنْ يُكْتَبَ أَنَّ الْكَفَالَةَ كَانَتْ بِأَمْرِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ مِنْ مَذْهَبِ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْكَفَالَةَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لَا تَصِحُّ فَيُكْتَبُ أَمْرُ الْبَائِعِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِهِ وَمِنْهَا أَنْ يُكْتَبَ إجَازَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الضَّمَانَ فِي مَجْلِسِ الْكَفَالَةِ مُخَاطَبَةً؛ لِأَنَّ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْكَفَالَةَ لِلْغَائِبِ لَا تَجُوزُ إذَا لَمْ يُقْبَلْ عَنْهُ إلَّا فِي صُورَةٍ مَخْصُوصَةٍ، عُرِفَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ فَتُشْتَرَطُ إجَازَتُهُ الْكَفَالَةَ فِي مَجْلِسِ الضَّمَانِ مُخَاطَبَةً احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِهِمَا وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا - يَعْنِي الْبَائِعَ وَالْأَجْنَبِيَّ - كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِنَفْسِهِ بِأَمْرِهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَغِيبُ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ مُعْسِرٌ فَلَا يَصِلُ مِنْ جِهَتِهِ إلَى حَقِّهِ فَيَجْعَلُهُ كَفِيلًا بِنَفْسِ الْآخَرِ حَتَّى يَأْخُذَهُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الْغَائِبِ فَيَصِلُ إلَى حَقِّهِ مِنْ جِهَةِ الْغَائِبِ فَيَكْتُبُ الْكَفَالَةَ بِأَمْرِ الْبَائِعِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ الْبَتِّيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَمِنْهَا أَنَّهُ يُكْتَبُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا - أَعْنِي الْبَائِعَ وَالْكَفِيلَ - وَكِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِالْخُصُومَةِ فِيمَا يَدَّعِي الْمُشْتَرِي قِبَلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَبَبِ هَذَا الْبَيْعِ حَالَ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ بِأَنْ يَدَّعِيَ وَارِثُ الْمُشْتَرِي وَكَالَةً صَحِيحَةً عَلَى أَنَّهُ مَتَى فَسَخَهَا يَعُودُ وَكِيلًا بَعْدَ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ لِيَقَعَ التَّوَثُّقُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَجِبْ الْمَالُ عَلَى الْأَصِيلِ لَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَتَحَمَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ وَرُبَّمَا يَرِدُ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَالَ غَيْبَةِ الْبَائِعِ وَالْكَفِيلُ حَاضِرٌ وَلَا يُمْكِنُ لِلْمُشْتَرِي إثْبَاتُ حَقِّهِ عَلَى الْبَائِعِ بِدَعْوَاهُ عَلَى الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْكَفِيلُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي الْخُصُومَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا رَوَى أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ فَلَا يُمْكِنُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِمْلَاءِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرٍ يَنْتَصِبُ الْكَفِيلُ خَصْمًا عَنْ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرٍ

لَا يَنْتَصِبُ الْكَفِيلُ خَصْمًا عَنْ الْبَائِعِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْتَصِبُ خَصْمًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرٍ وَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ وَكَالَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا احْتِرَازًا عَنْ هَذَا الْخِلَافِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ الْكَفِيلُ وَكِيلًا عَنْ الْبَائِعِ فِي الْخُصُومَةِ لِيَتَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ إثْبَاتِ حَقِّهِ عَلَى الْبَائِعِ حَالَ غَيْبَتِهِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ فَأَمَّا لَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِ الْبَائِعِ وَكِيلًا عَنْ الْكَفِيلِ بِالْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَصِيلٌ فِيمَا يَدَّعِي عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ الْبَيْعِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ ذَكَرُوا لِذَلِكَ وَجْهًا وَفَائِدَةً لَمْ يَتَّضِحْ لَنَا ذَلِكَ هَذَا إذَا كَفَلَ بِالدَّرْكِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَيْءٍ آخَرَ فَأَمَّا إذَا كَفَلَ بِجَمِيعِ مَا يَجِبُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِسَبَبِ هَذَا الْبَيْعِ يَكْتُبُ الْكَفَالَةَ بِالشَّرَائِطِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا وَيُبَيِّنُ مِقْدَارَ مَا كَفَلَ بِهِ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالزَّرْعِ فَيَذْكُرُ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى أَلْفٍ فَيَذْكُرُ عَدَدًا يُعْلِمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. أَخْذُ الْإِقْرَارِ مِمَّنْ يَخَافُ مُنَازَعَتَهُ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ وَقَعَ بِرِضَاهُ وَلَا مُنَازَعَةَ لَهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِلْبَائِعِ ابْنٌ أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ أَبٌ يَظُنُّ أَنَّ لَهُ دَعْوَى فِي الْمَبِيعِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَكْتُبُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ كِتَابَةِ الدَّرْكِ وَأَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ابْنِ هَذَا الْبَائِعِ أَوْ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ زَوْجَةُ هَذَا الْبَائِعِ طَائِعًا فِي حَالِ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ إقْرَارًا غَيْرَ مَشْرُوطٍ فِي هَذَا الْبَيْعِ وَلَا مُلْحَقًا بِهِ أَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُسَمَّاةِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ كَانَتْ مِلْكًا لِفُلَانٍ هَذَا الْبَائِعِ وَحَقًّا لَهُ وَأَنَّهُ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا دَعْوَى فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هَذَا صَارَ أَحَقَّ بِذَلِكَ كُلِّهِ مِنْهُ وَمِنْ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَأَنَّهُ مَتَى ادَّعَى فِي ذَلِكَ دَعْوَى عَلَى هَذَا الْمُشْتَرِي فَدَعْوَاهُ بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ وَصَدَّقَهُ هَذَا الْمُقِرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ مُشَافَهَةً فَأَشْهَدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ كُلِّهِ أَوْ يَكْتُبُ: أَقَرَّ فُلَانٌ، عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا أَنَّ جَمِيعَ مَا وُصِفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ الْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَضَمَانِ الدَّرْكِ مِنْ هَذَا الْبَائِعِ فِي هَذَا الْمَبِيعِ كَانَ بِأَمْرِهِ وَإِذْنِهِ وَرِضَاهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ لِهَذَا الْبَائِعِ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا دَعْوَى إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا أَوْ يَكْتُبُ مِنْ أَوَّلِهِ اشْتَرَى فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ بِإِذْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَيَذْكُرُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ بِأَمْرِ فُلَانٍ وَإِذْنِهِ أَيْضًا. (وَإِذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ دَارَيْنِ) إنْ كَانَتَا مُتَلَازِقَتَيْنِ كَتَبَ جَمِيعَ الدَّارَيْنِ الْمُتَلَازِقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ مَوْضِعُهُمَا فِي كُورَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا كَمَا مَرَّ ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ يَكْتُبُ بِحُدُودِهِمَا كُلِّهِمَا وَحُقُوقِهِمَا أَرْضِهِمَا وَبِنَائِهِمَا سُفْلِهِمَا وَعُلُوِّهِمَا وَجَمِيعِ مَرَافِقِهِمَا وَكُلِّ حَقٍّ لَهُمَا دَاخِلٍ فِيهِمَا وَخَارِجٍ مِنْهُمَا وَكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ لَهُمَا فِيهِمَا وَمِنْهُمَا مِنْ حُقُوقِهِمَا ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ عَلَى حَسَبِ مَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَتَا مُتَبَايِنَتَيْنِ إنْ كَانَتَا فِي سِكَّةٍ وَاحِدَةٍ ذُكِرَتْ جَمِيعُ الدَّارَيْنِ الْمُتَبَايِنَتَيْنِ اللَّتَيْنِ مَوْضِعُهُمَا فِي كُورَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا فِي سِكَّةِ كَذَا ثُمَّ يَكْتُبُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حُدُودَهَا عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ عَلَى حَسَبِ مَا مَرَّ وَإِنْ كَانَتَا فِي سِكَّتَيْنِ إنْ كَانَتْ السِّكَّتَانِ فِي مَحَلَّةٍ وَاحِدَةٍ يَكْتُبُ أَمَّا الدَّارُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُمَا فَمَوْضِعُهَا فِي كُورَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا دَاخِلَ سِكَّةِ كَذَا بِحَضْرَةِ مَسْجِدِ كَذَا وَيَذْكُرُ حُدُودَهَا ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ ذِكْرِ حُدُودِهَا كَتَبْتَ: وَأَمَّا الدَّارُ الْأُخْرَى مِنْهُمَا فَمَوْضِعُهَا فِي كُورَةِ كَذَا فِي سِكَّةِ كَذَا مِنْ هَذِهِ الْمَحَلَّةِ ثُمَّ يَذْكُرُ حُدُودَهَا ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ فَإِنْ كَانَتْ السِّكَّتَانِ فِي مَحَلَّتَيْنِ كَتَبْتَ: فَأَمَّا الدَّارُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُمَا فَمَوْضِعُهَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا وَأَمَّا الدَّارُ الْأُخْرَى فَمَوْضِعُهَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُفَصَّلًا قُلْتَ بَعْدَ ذِكْرِ الثَّمَنِ إنَّهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ حِصَّةُ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ أَوَّلًا مِنْ هَذَا الثَّمَنِ سِتُّمِائَةٍ وَحِصَّةُ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ آخِرًا أَرْبَعُمِائَةٍ ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ دَارٍ) يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ

جَمِيعَ الْبَيْتِ الشَّتْوِيِّ أَوْ جَمِيعَ الْبَيْتِ الصَّيْفِيِّ أَوْ جَمِيعَ بَيْتِ الطَّابَقِ أَوْ جَمِيعَ بَيْتِ الْمَطْبَخِ أَوْ جَمِيعَ بَيْتِ الْحَطَبِ أَوْ جَمِيعَ بَيْتِ الْخَلَاءِ أَوْ جَمِيعَ بَيْتِ الْحِسَابِ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مَعَ عُلْوِهِ يَكْتُبُ جَمِيعَ بَيْتِ كَذَا مَعَ عُلْوِهِ أَوْ يَكْتُبُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْعُلُوِّ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي مَوْضِعُهَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا فِي سِكَّةِ كَذَا وَيَكْتُبُ حُدُودَ الدَّارِ ثُمَّ يَكْتُبُ مَوْضِعَ هَذَا الْبَيْتِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَنَّهُ عَلَى يَمِينِ الدَّاخِلِ فِيهَا أَوْ عَلَى يَسَارِهِ أَوْ مُقَابِلَهُ كَمَا يَكُونُ وَهُوَ الْبَيْتُ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثُ مِنْ الْبُيُوتِ الْيَمِينِيَّةِ أَوْ الْيَسَارِيَّةِ وَيَكْتُبُ حُدُودَ هَذَا الْبَيْتِ ثُمَّ يَكْتُبُ بِحُدُودِهِ كُلِّهِ وَحُقُوقِهِ وَطَرِيقِهِ فِي سَاحَةِ الدَّارِ إلَى بَابِ الدَّارِ الْأَعْظَمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ عَرْضَ الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِقْدَارَ الْبَابِ الْأَعْظَمِ عِنْدَنَا إلَّا عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ هُوَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ فَكَانَ مَجْهُولًا فَيُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ فَيَذْكُرُ عَرْضَ الطَّرِيقِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى السُّفْلَ دُونَ عُلْوِهِ يَكْتُبُ وَهُوَ سُفْلٌ عُلْوُهُ لِفُلَانٍ الْبَائِعِ لَمْ يَدْخُلْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي الْبَيْعِ ذَكَرَ قَوْلَهُ لَمْ يَدْخُلْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي الْبَيْعِ مَعَ أَنَّ الْعُلُوَّ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبَيْتِ إلَّا بِذِكْرِهِ صَرِيحًا إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ الْعُلُوَّ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبَيْتِ كَمَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِقَطْعِ هَذَا الْوَهْمِ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قِطْعَةً مُقَدَّرَةً مِنْ الدَّارِ) يَكْتُبُ اشْتَرَى جَمِيعَ الْحِصَّةِ الْمُقَدَّرَةِ الْمَقْسُومَةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ الدَّارِ وَيَحُدُّ الدَّارَ وَهَذِهِ هِيَ النِّصْفُ مِنْهَا وَهِيَ عَلَى يَمِينِ الدَّاخِلِ مِنْ بَابِ هَذِهِ الدَّارِ وَهِيَ كَذَا بَيْتًا وَصُفَّةً وَقِطْعَةً مِنْ صَحْنِ هَذِهِ الدَّارِ وَهِيَ كَذَا ذِرَاعًا بِالْمِسَاحَةِ طُولًا فِي عَرْضِ كَذَا وَيَشْتَمِلُ عَلَيْهَا حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا لَزِيقُ بَيْتٍ شَتْوِيٍّ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَالثَّانِي لَزِيقُ بَيْتٍ صَيْفِيٍّ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَكَذَا وَكَذَا (وَإِذَا اسْتَثْنَى بَيْتًا مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ) يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ إلَّا بَيْتًا وَاحِدًا مِنْهَا بِعُلُوِّهِ أَوْ مَا خَلَا بَيْتًا وَاحِدًا أَوْ غَيْرَ بَيْتٍ وَاحِدٍ وَهَذِهِ الدَّارُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا، وَهَذَا الْبَيْتُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَيَحُدُّهُ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى تَحْدِيدِ الْبَيْتِ الْمُسْتَثْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَبِيعًا؛ لِأَنَّ جَهَالَتَهُ تُوجِبُ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ الْمَبِيعُ فَاشْتَرَى هَذَا الْمُشْتَرِي الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ هَذَا الْبَائِعِ الْمُسَمَّى فِيهِ جَمِيعُ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا أَرْضِهَا وَبِنَائِهَا وَسُفْلِهَا وَعُلْوِهَا وَطُرُقِهَا وَكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا مِنْ حُقُوقِهَا وَكُلِّ دَاخِلٍ فِيهَا وَخَارِجٍ عَنْهَا مِنْ حُقُوقِهَا إلَّا هَذَا الْبَيْتَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ أَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَطَرِيقِهِ إلَى بَابِ الدَّارِ الْأَعْظَمِ إلَى آخِرِهِ بِكَذَا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنَّمَا يَذْكُرُ طَرِيقَ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ بِدُونِهِ لَا يَتَمَكَّنُ الْبَائِعُ مِنْ التَّطَرُّقِ إلَى الْبَيْتِ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ وَذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ كَمَا إذَا بَاعَ الْجِذْعَ فِي السَّقْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعِنْدَ ذِكْرِ الرُّؤْيَةِ يَكْتُبُ وَقَدْ رَأَى الْمُشْتَرِي هَذَا الْبَيْتَ الْمُسْتَثْنَى وَعَرَفَهُ لَا بُدَّ مِنْ كِتَابَةِ ذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْمُسْتَثْنَى لِيَنْتَفِيَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلِيَجُوزَ الْبَيْعُ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ، وَالْبُيُوتُ فِي نَفْسِهَا مُتَفَاوِتَةٌ فِي الِانْتِفَاعِ فَبِدُونِ رُؤْيَةِ الْمُسْتَثْنَى لَا يَصِيرُ الْمُسْتَثْنَى مَعْلُومًا وَمَعَ جَهَالَةِ الْمُسْتَثْنَى لَا يَصِيرُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا وَيُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُسْتَثْنَى لِهَذَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ خَصَائِصِ شُرُوطِ الْأَصْلِ فَإِنَّ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمَبِيعِ لَا غَيْرُ، وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَكْتُبُونَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا بِكَذَا عَلَى أَنَّ لِلْبَائِعِ بَيْتًا وَاحِدًا مِنْهَا وَأَنَّهُ خَطَأٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَ جَمِيعِ الدَّارِ عَلَى أَنَّ لِلْبَائِعِ بَيْتًا مِنْهَا فَاسِدٌ لِجَهَالَةِ ثَمَنِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا مَا سِوَى الْبَيْتِ مِنْ الدَّارِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ لَوْ قُسِمَ الثَّمَنُ عَلَى الدَّارِ سِوَى

الْبَيْتِ وَعَلَى الْبَيْتِ بِخِلَافِ بَيْعِ جَمِيعِ الدَّارِ إلَّا بَيْتًا مِنْهَا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا مَا سِوَى الْبَيْتِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَأَنَّهُ جَائِزٌ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى غَرْفَةً فَهُوَ عَلَى هَذَا يَحُدُّ الْغَرْفَةَ إنْ كَانَ مَعَهَا غَرْفَةٌ أُخْرَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا غَرْفَةٌ أُخْرَى يَحُدُّ الْبَيْتَ الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ نَصِيبًا فِي دَارِ غَيْرِ مَقْسُومَةٍ) يَكْتُبُ هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ سَهْمٍ وَاحِدٍ مِنْ سَهْمَيْنِ وَهُوَ النِّصْفُ مَشَاعًا مِنْ كَذَا أَوْ جَمِيعَ سَهْمٍ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَهُوَ الثُّلُثُ مَشَاعًا مِنْ كَذَا أَوْ جَمِيعَ سَهْمٍ وَاحِدٍ مِنْ أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ وَهُوَ الرُّبْعُ مَشَاعًا مِنْ كَذَا يَكْتُبُ حُدُودَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ النَّصِيبُ الْمَبِيعُ وَلَا يَكْتُبُ حُدُودَ النَّصِيبِ الْمَبِيعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَنْزِلًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّارِ أَوْ شَيْئًا مُعَيَّنًا مِنْ ضَيْعَةٍ فَإِنَّ هُنَاكَ يَكْتُبُ حُدُودَ الْمَنْزِلِ الْمَبِيعِ كَمَا يَكْتُبُ حُدُودَ الدَّارِ الَّتِي فِيهَا الْمَنْزِلُ الْمَبِيعُ وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْمَنْزِلَ مَكَانٌ مَعْلُومٌ مُعَايَنٌ مِنْ الدَّارِ فَيَكُونُ لَهُ حُدُودٌ مَعْلُومَةٌ كَمَا لِلدَّارِ فَأَمَّا النَّصِيبُ الشَّائِعُ فِي الدَّارِ فَغَيْرُ مُعَايَنٌ فَلَا يَكُونُ لَهُ حَدٌّ مَعْلُومٌ؛ وَلِأَنَّ تَحْدِيدَ الدَّارِ يَكُونُ تَحْدِيدًا لِلنَّصِيبِ؛ لِأَنَّ النَّصِيبَ شَائِعٌ فِي جَمِيعِ الدَّارِ فَيَقَعُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ تَحْدِيدِ النَّصِيبِ الْمَبِيعِ فَأَمَّا الْمَنْزِلُ فَغَيْرُ شَائِعٍ فِي الدَّارِ فَتَحْدِيدُ الدَّارِ لَا يَكُونُ تَحْدِيدًا لِلْمَنْزِلِ وَإِذَا انْتَهَى إلَى قَبْضِ الْمَبِيعِ يَكْتُبُ: وَقَبَضَ جَمِيعَ الدَّارِ؛ لِأَنَّ النَّصِيبَ شَائِعٌ فِي جَمِيعِ الدَّارِ فَلَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ إلَّا بِقَبْضِ جَمِيعِ الدَّارِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَنْزِلًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّارِ فَإِنَّ هُنَاكَ يَكْتُبُ: وَقَبَضَ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ مَكَانٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الدَّارِ فَيُمْكِنُ قَبْضُهُ بِدُونِ قَبْضِ الدَّارِ. وَبَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا يَكْتُبُ: قَبَضَ النَّصِيبَ، أَوْ يَكْتُبُ: قَبَضَ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ سَهْمٌ مِنْ سَهْمَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يُوجِبُ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ لَا تَسْلِيمَ غَيْرِ الْمَبِيعِ وَقَبْضُ النِّصْفِ شَائِعًا مُتَصَوَّرٌ أَلَا يُرَى أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ غَصْبُ الشَّائِعِ فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ إذَا غَصَبَ رَجُلَانِ كَذَا وَالرَّجُلَانِ إذَا غَصَبَا شَيْئًا يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَاصِبًا نِصْفًا شَائِعًا فَعُلِمَ أَنَّ قَبْضَ الشَّائِعِ مُتَصَوَّرٌ فَيَكْتُبُ: قَبَضَهُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَإِذَا انْتَهَى إلَى رُؤْيَةِ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَكْتُبُ رُؤْيَةَ جَمِيعِ الدَّارِ وَفِيمَا إذَا اشْتَرَى مَنْزِلًا مُعَيَّنًا مِنْ دَارٍ يَكْتُبُ رُؤْيَةَ الْمَنْزِلِ وَحَدَّهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ مَكَانٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الدَّارِ يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ أَمَّا النَّصِيبُ شَائِعًا فِي جَمِيعِ الدَّارِ فَلَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ إلَّا بِرُؤْيَةِ جَمِيعِ الدَّارِ هَذَا إذَا كَانَ كُلُّ الْمَحْدُودِ مِلْكَ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ مِلْكُهُ قَدْرَ مَا يَبِيعُهُ يَكْتُبُ: اشْتَرَى جَمِيعَ مَا ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهُ جَمِيعُ مِلْكِهِ وَحَقِّهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ جَمِيعِ مَا بَيَّنَ حُدُودَهُ فِيهِ وَذَلِكَ سَهْمٌ وَاحِدٌ مِنْ سَهْمَيْنِ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ جَمِيعَ مِلْكِهِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا بَاعَ سَهْمًا وَاحِدًا مِنْ سَهْمَيْنِ يَنْصَرِفُ الْبَيْعُ إلَى سَهْمٍ وَاحِدٍ مِنْ نَصِيبِ الْبَائِعِ وَنَصِيبِ شَرِيكِهِ فَيَصِيرُ بَائِعًا نِصْفَ نَصِيبِهِ فَيَكْتُبُ جَمِيعَ مِلْكِهِ وَحِصَّتِهِ لِيَصِيرَ بَائِعًا جَمِيعَ مِلْكِهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ (وَإِنْ كَانَ النِّصْفُ الْبَاقِي لِهَذَا الْمُشْتَرِي) يَكْتُبُ وَكَانَ النِّصْفُ الْآخَرُ الْمَشَاعُ مِنْ هَذَا الْمَحْدُودِ لِهَذَا الْمُشْتَرِي بِشِرَاءٍ سَابِقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَصَارَ الْآنَ جَمِيعُ الْمَحْدُودِ مِلْكًا لَهُ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى النِّصْفَ شَائِعًا وَاسْتَأْجَرَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ يَكْتُبُ صَكُّ شِرَاءِ النِّصْفِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَيَكْتُبُ قَبْلَ الْإِشْهَادِ: وَأَقَرَّ هَذَا الْبَائِعُ إقْرَارًا غَيْرَ مَشْرُوطٍ فِي هَذَا الْبَيْعِ وَلَا مُلْحَقًا بِهِ أَنَّهُ آجَرَ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي جَمِيعَ مَا بَقِيَ لَهُ وَهُوَ النِّصْفُ مَشَاعًا مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ بِحُدُودِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عَقْدُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ كَذَا سَنَةً كَامِلَةً بِكَذَا دِرْهَمًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ بِوُجُوهِ مَنَافِعِهِ وَيَذْكُرُ

تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ وَالتَّصَرُّفَ وَضَمَانَ الدَّرْكِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عُلْوُ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ سُفْلٌ) يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الْغُرْفَةِ الَّتِي عَلَى الْبَيْتِ الصَّيْفِيِّ أَوْ عَلَى الْبَيْتِ الشَّتْوِيِّ أَوْ كَذَا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ وَيَحُدُّ الدَّارَ. ثُمَّ يُبَيِّنُ مَوْضِعَ الْبَيْتِ الَّذِي عَلَيْهِ الْعُلْوُ مِنْهَا وَيَحُدُّ ذَلِكَ الْبَيْتَ وَلَا يَحُدُّ الْعُلْوَ وَإِنَّمَا يَحُدُّ الْبَيْتَ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ قَرَارَ الْعُلُوِّ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْدِيدِهِ وَإِنَّمَا لَا يَحُدُّ الْعُلُوَّ؛ لِأَنَّ بِتَحْدِيدِ الْبَيْتِ يَقَعُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ تَحْدِيدِ الْعُلُوِّ فَاشْتَرَى جَمِيعَ هَذَا الْعُلُوَّ أَوْ هَذِهِ الْغَرْفَةَ الَّتِي هِيَ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ الْمَحْدُودِ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ بِبِنَاءِ ذَلِكَ كُلِّهِ دُونَ سُفْلِ هَذِهِ الْغُرْفَةِ فَإِنَّ سُفْلَ هَذِهِ الْغَرْفَةِ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الْبَيْعِ، وَطَرِيقُ هَذِهِ الْغَرْفَةِ عَلَى السُّلَّمِ الطِّينِيِّ أَوْ الْخَشَبِيِّ الرُّومِيِّ الَّذِي هُوَ عَنْ يَمِينِ الدَّاخِلِ فِي سَاحَةِ هَذِهِ الدَّارِ وَيَكْتُبُ فِي دِهْلِيزِ هَذِهِ الدَّارِ كَمَا يَكُونُ فِي بَابِ هَذِهِ الدَّارِ الْأَعْظَمِ فِي دَاخِلِ ذَلِكَ وَخَارِجِهِ فَإِنْ كَانَ حَوْلَ هَذِهِ الْغُرْفَةِ غُرَفٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ حُدُودَهَا أَوْ يَكْتُبَ: أَحَدُ حُدُودِ هَذِهِ الْغُرْفَةِ غُرْفَةُ فُلَانٍ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ. وَالرَّابِعُ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِ الْأَصْلِ قَدْرَ ذُرْعَانِ الْبَيْتِ الَّذِي عَلَيْهِ الْغُرْفَةُ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَلِكَ فِي شُرُوطِهِ وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَشْتَرِطُ قَدْرَ ذُرْعَانِ الْبَيْتِ الَّذِي عَلَيْهِ الْعُلُوُّ طُولًا وَعَرْضًا وَسُمْكًا، وَهَكَذَا حُكِيَ عَنْ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَا يَقَعَ بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ مَتَى انْهَدَمَ السُّفْلُ فِي مِقْدَارِ حَقِّهِ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذُرْعَانِ الْعُلُوِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعُلُوَّ قَدْ يَكُونُ بِمِقْدَارِ السُّفْلِ وَقَدْ يَكُونُ أَنْقَصَ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَتَنَازَعَا إذَا انْهَدَمَ الْعُلْوُ وَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ ثَانِيًا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ ثُمَّ يَكْتُبُ بِحُدُودِهَا كُلِّهَا، وَبَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ عَابُوا عَلَى مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالُوا لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ بِحُدُودِهِ إذْ لَيْسَ لِلْعُلُوِّ حَدٌّ وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ فَلِلْعُلُوِّ حَدٌّ كَمَا أَنَّ لِلسُّفْلِ حَدًّا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ هُوَ النِّهَايَةُ وَلِلْعُلُوِّ نِهَايَةٌ كَمَا أَنَّ لِلسُّفْلِ نِهَايَةً إلَّا أَنَّ بِتَحْدِيدِ السُّفْلِ يَصِيرُ الْعُلْوُ مَعْلُومًا فَيَقَعُ الِاسْتِغْنَاءُ بِهِ عَنْ تَحْدِيدِ الْعُلْوِ وَيَصِيرُ تَحْدِيدُ السُّفْلِ تَحْدِيدًا لِلْعُلُوِّ لَا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعُلُوِّ حَدٌّ. ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُ أَرْضَهَا فَيَكْتُبُ بِبِنَائِهَا وَأَرْضِهَا وَكَانَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكْتُبُ ذَلِكَ وَكَانَ يَقُولُ لَا أَرْضَ لِلْعُلُوِّ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْهَوَاءِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ انْهَدَمَ الْعُلْوُ قَبْلَ الْقَبْضِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَأَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ سَاحَةَ الْعُلْوِ بَعْدَ انْهِدَامِ الْعُلْوِ لَا يَجُوزُ فَلَا فَائِدَةَ فِي كِتَابَةِ أَرْضِهِ وَلَا أَرْضَ لَهُ وَلَكِنَّا نَقُولُ أَرْضُ الشَّيْءِ مَا كَانَ قَرَارُ ذَلِكَ الشَّيْءِ عَلَيْهِ وَقَرَارُ الْعُلْوِ عَلَى السُّفْلِ فَكَانَ السُّفْلُ أَرْضًا لَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَجَازَ أَنْ يَكْتُبَ بِبِنَائِهِ وَأَرْضِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْعُلْوُ كُلُّهُ عَلَى سُفْلِ الْبَائِعِ فَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْضُ الْعُلْوِ عَلَى سُفْلِ الْبَائِعِ وَبَعْضُهُ عَلَى سُفْلِ غَيْرِهِ يَكْتُبُ اشْتَرَى عُلُوًّا بَعْضَهُ عَلَى سُفْلِ الْبَائِعِ هَذَا وَبَعْضَهُ عَلَى سُفْلِ فُلَانٍ وَيَذْكُرُ مِقْدَارَ الْبِنَاءِ عَلَى سُفْلِ كُلِّ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ هَذَا الْعُلْوُ عَلَى بَيْتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ يَكْتُبُ اشْتَرَى الْعُلْوَ الَّذِي بَعْضُهُ عَلَى الْبَيْتِ الصَّيْفِيِّ وَبَعْضُهُ عَلَى الْبَيْتِ الشَّتْوِيِّ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ وَيَحُدُّ الْبَيْتَيْنِ وَيَذْكُرُ مِقْدَارَ الْبِنَاءِ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ دَارًا لَهَا سَابَاطٌ) يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ وَجَمِيعَ سَابَاطِهِ الَّذِي أَحَدُ طَرَفَيْ خَشَبَتِهِ عَلَى حَائِطِ هَذِهِ الدَّارِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ عَلَى حَائِطِ دَارٍ أُخْرَى تُقَابِلُ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا عَقْدُ هَذَا الْبَيْعِ، وَهَذَا السَّابَاطُ طُولُهُ كَذَا ذِرَاعًا بِذِرَاعٍ يُمْسَحُ بِهِ الْأَرَاضِي فِي بَلْدَةِ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا ذِرَاعًا وَارْتِفَاعُهُ مِنْ الْأَرْضِ كَذَا ذِرَاعًا وَفِيهِ مِنْ الْخَشَبِ كَذَا عَدَدًا بِحُدُودِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَحُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ

وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ السَّابَاطُ وَحْدَهُ) يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ السَّابَاطِ الَّذِي أَطْرَافُ خَشَبِ أَحَدِ جَانِبَيْهِ عَلَى حَائِطِ دَارِ فُلَانٍ وَأَطْرَافُ خَشَبِ الْجَانِبِ الْآخَرِ عَلَى حَائِطِ دَارِ فُلَانٍ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَتَفْسِيرُهُ كَالْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ طَرَفَيْهِ عَلَى قَوَائِمَ مَنْصُوبَةٍ فِي السِّكَّةِ يُبَيِّنُ ذَلِكَ وَيُبَيِّنُ مِقْدَارَ السَّابَاطِ طُولًا وَعَرْضًا وَيُبَيِّنُ عَدَدَ الْخَشَبِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عُلُوًّا دُونَ سُفْلِهِ أَوْ سُفْلًا دُونَ عُلُوِّهِ) يَكْتُبُ اشْتَرَى بَيْتَيْنِ مِنْ الدَّارِ الَّتِي هِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْبُيُوتِ وَيَذْكُرُ الْحُدُودَ الْأَرْبَعَةَ لِلدَّارِ ثُمَّ يَكْتُبُ: أَحَدُ الْبَيْتَيْنِ سُفْلٌ عُلُوُّهُ لِهَذَا الْبَائِعِ وَالْآخَرُ عُلُوٌّ سُفْلُهُ لِهَذَا الْبَائِعِ وَيَحُدُّ كُلَّ سُفْلٍ عَلَى حِدَةٍ كَمَا إذَا أَفْرَدَ بَيْعَ السُّفْلِ أَوْ الْعُلْوِ. (إذَا كَانَتْ الدَّارُ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْإِصْطَبْلِ وَالْمَتْبَنِ وَالْحَدِيقَةِ) يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْإِصْطَبْلِ وَالْمَتْبَنِ وَالْحَدِيقَةِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْحَمَّامِ يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ وَعَلَى الْحَمَّامِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيُسَمِّي بَعْدَ تَسْمِيَةِ مَرَافِقِ الدَّارِ مَرَافِقَ الْحَمَّامِ وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى بَيْتِ الطِّحَانَةِ يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ وَعَلَى بَيْتِ الطِّحَانَةِ الدَّائِرَةِ عَلَى رَحًى وَاحِدَةٍ بِحَجَرَيْنِ أَوْ عَلَى رَحَيَيْنِ أَوْ عَلَى أَرْحَاءَ ثَلَاثَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَذْكُرُ بَعْدَ ذِكْرِ مَرَافِقِ الدَّارِ مَرَافِقَ بَيْتِ الطِّحَانَةِ وَإِنْ كَانَ لِطَحْنِ الْحُبُوبِ يَذْكُرُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ خِرَاسُ الدُّهْنِ يَذْكُرُ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ فِي الدَّارِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَائِطًا وَاحِدًا فِي الدَّارِ) يَجِبْ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ شِرَاءَ الْحَائِطِ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ (أَحَدُهَا) أَنْ يَشْتَرِيَ الْحَائِطَ مَعَ أَرْضِهِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْتُبُ: اشْتَرَى جَمِيعَ الْحَائِطِ الْمَبْنِيِّ مِنْ كَذَا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّ الدَّارَ ثُمَّ يَكْتُبُ: وَهَذَا الْحَائِطُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَهُوَ لَزِيقُ دَارِ فُلَانٍ وَطُولُ هَذَا الْحَائِطِ كَذَا ذِرَاعًا وَعَرْضُهُ كَذَا ذِرَاعًا وَارْتِفَاعُهُ فِي الْهَوَاءِ كَذَا وَمَبْدَؤُهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَمُنْتَهَاهُ إلَى كَذَا اشْتَرَى الْحَائِطَ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَأَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ إلَى آخِرِهِ، وَهَلْ يَكْتُبُ بِطَرِيقِهِ؟ قَالَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ الْحَائِطُ مُلَازِقًا لِدَارِ الْمُشْتَرِي أَوْ مُتَّصِلًا بِالطَّرِيقِ الْعُظْمَى لَا يَذْكُرُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الطَّرِيقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الطَّرِيقِ (الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنْ يَشْتَرِيَ الْحَائِطَ بِدُونِ الْأَرْضِ عَلَى أَنْ يَنْقُلَهُ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْتُبُ كَمَا كَانَ يَكْتُبُ شِرَاءَ الْحَائِطِ بِأَرْضِهِ إلَّا أَنَّ فِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْتُبُ مَا خَلَا أَرْضَ هَذَا الْحَائِطِ الْمَحْدُودِ فِيهِ فَإِنَّهَا وَلَا شَيْءَ مِنْهَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْبَيْعِ وَلَا يَكْتُبُ بِطَرِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الطَّرِيقِ إلَيْهِ إذَا كَانَ يُنْقَلُ وَقَدْ كَانَ هَكَذَا يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ نَقْضِ الْحَائِطِ لِيَكُونَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ لِلْمُشْتَرِي نَقْضَهُ وَنَقْلَهُ. وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ هَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ نَقْضِ الْحَائِطِ وَالْحَائِطُ غَيْرُ مَنْقُوضٍ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا مَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَقِيقَ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ دُهْنَ هَذَا السِّمْسِمِ وَلَكِنْ يَكْتُبُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهُ

عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَا (الْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنْ يَشْتَرِيَ الْحَائِطَ مُطْلَقًا وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يُدْخِلُ مَا تَحْتَ الْحَائِطِ مِنْ الْأَرْضِ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْأَعْلَى، قَوْلُ الْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَكْتُبُ الْحَائِطَ بِأَرْضِهِ وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ بِنَاءً دُونَ أَرْضٍ) كَتَبَ جَمِيعَ بِنَاءِ الدَّارِ وَيَحُدُّ الدَّارَ ثُمَّ يَقُولُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ بِنَاءِ هَذِهِ الدَّارِ وَالْبُيُوتِ وَالْأَبْوَابِ وَالسُّقُوفِ وَالْحِيطَانِ وَالرُّفُوفِ وَالْجُذُوعِ وَالْعَوَارِضِ وَالسِّهَامِ والبواري والهرادي وَجَمِيعَ مَا فِي هَذَا الْبِنَاءِ مِنْ اللَّبِنِ وَالْآجُرِّ وَالطِّينِ وَالتُّرَابِ مِنْ أَقْصَى أُسِّ هَذَا الْبِنَاءِ إلَى مُنْتَهَى سُمْكِهِ دُونَ أَرْضِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْأَرْضَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ لَا يَسْتَتْبِعُ الْأَرْضَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَكِنْ إنَّمَا يَكْتُبُ لِيَكُونَ أَوْثَقَ وَآكَدَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي هِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا وَيَكْتُبُ بَعْدَ ذِكْرِ الْحُدُودِ فَاشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ فِيهِ بِبِنَائِهَا كُلَّهَا سُفْلَهَا وَعُلُوَّهَا دُونَ أَرْضِهَا فَإِنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي هَذَا الْبَيْعِ وَلَا يَكْتُبُ فِي هَذَا بِحُدُودِهَا ثُمَّ الْحَالُ لَا تَخْلُو، أَمَّا إنْ كَانَتْ أَرْضُ هَذِهِ الدَّارِ لِهَذَا الْمُشْتَرِي وَفِي يَدَيْهِ يَكْتُبُ فِي آخِرِهِ قَبْلَ ذِكْرِ الْإِشْهَادِ: وَأَقَرَّ هَذَا الْبَائِعُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي أَرْضِ هَذِهِ الدَّارِ وَأَنَّهَا بِجَمِيعِ حُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا فِي يَدِ هَذَا الْمُشْتَرِي دُونَهُ وَدُونَ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَأَنَّ جَمِيعَ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا قَبْلَ هَذَا الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ فِيهِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ كُلُّهُ لِهَذَا الْمُشْتَرِي بِأَمْرِ حَقٍّ وَاجِبٍ لَازِمٍ عَرَّفْتُهُ لَهُ وَجَعَلَ إلَى هَذَا الْمُشْتَرِي جَمِيعَ مَا وَجَبَ وَيَجِبُ لَهُ مِنْ حَقٍّ فِي هَذِهِ الدَّارِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ أَقَامَهُ فِيهِ مَقَامَ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا فَسَخَ شَيْئًا مِمَّا جَعَلَهُ إلَى هَذَا الْمُشْتَرِي مِمَّا وُصِفَ فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ إلَى فُلَانٍ الْمُشْتَرِي، هَذَا عِنْدَ فَسْخِهِ ذَلِكَ وَبَعْدَ فَسْخِهِ إيَّاهُ كَمَا كَانَ وَقَبِلَ هَذَا الْمُشْتَرِي جَمِيعَ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ وَجَمِيعَ مَا يَجْعَلُهُ إلَيْهِ مِمَّا ذُكِرَ فِيهِ مُشَافَهَةً مُوَاجَهَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ هَذِهِ الدَّارِ لِهَذَا الْمُشْتَرِي وَلَا فِي يَدِهِ وَإِنَّمَا هِيَ لِغَيْرِهِ وَقَدْ أَرَادَ بِشِرَائِهِ الْمُقَامَ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِأَرْضِ هَذِهِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَهَيَّأُ الْمُقَامُ فِيهِ إلَّا بِالسُّكْنَى فِي أَرْضِهِ وَطَرِيقِهِ. أَمَّا الْإِعَارَةُ أَوْ الْإِجَارَةُ فَالْإِعَارَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَكَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُخْرِجَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الدَّارِ سَاعَةً فَسَاعَةً فَلَا يَتِمُّ لَهُ الْمُرَادُ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْمُقَامِ فِيهَا مُدَّةً يُرِيدُهَا فَلَا يَخْلُو بَعْدَ ذَلِكَ أَمَّا إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِمَالِكٍ مَعْرُوفٍ أَوْ كَانَتْ أَرْضَ الْوَقْفِ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ فِيهِمَا وَلَكِنْ إنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ الْمَالِكِ يَكْتُبُ ذِكْرَ الِاسْتِئْجَارِ مِنْ مَالِكِهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى بَيَانِ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ أَجْرُ مِثْلِهَا وَيَجُوزُ بِأَيِّ مُدَّةٍ شَاءَ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ الْمُتَوَلِّي بِأَنْ كَانَتْ أَرْضَ الْوَقْفِ يُبَيِّنُ فِيهَا أَنَّهَا وَقْفُ مَسْجِدِ كَذَا أَوْ عَلَى جِهَةِ كَذَا وَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ مِنْ مُتَوَلِّي ذَلِكَ الْوَقْفِ وَلَا يُطَوِّلُ مُدَّةَ إجَارَةِ الْأَوْقَافِ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ عِنْدَ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَكْتُبُ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْأُجْرَةَ يَوْمَئِذٍ أَجْرُ مِثْلِ هَذِهِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَيَكْتُبُ ابْتِدَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَانْتِهَاءَهَا، هَذَا إذَا اشْتَرَى الْبِنَاءَ لِلْمُقَامِ فِيهِ فَأَمَّا إذَا اشْتَرَى لِلْهَدْمِ وَنَقْلِ نُقُوضِهِ يَكْتُبُ فِيهِ كَمَا كَانَ يَكْتُبُ فِي شِرَاءِ الْحَائِطِ لِهَدْمِهِ وَنَقْلِ نُقُوضِهِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ طَرِيقًا فِي هَذِهِ الدَّارِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ) الْأَوَّلُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ بُقْعَةً مِنْ الدَّارِ بِعَيْنِهَا قَدْرَ عَرْضِ الْبَابِ الْأَعْظَمِ إلَى الْبَابِ الْأَعْظَمِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْتُبُ حُدُودَ الدَّارِ أَوَّلًا ثُمَّ يَكْتُبُ حُدُودَ تِلْكَ الْبُقْعَةِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ دَارٍ فَإِنْ ذَكَرَ ذُرْعَانَ الطَّرِيقِ طُولَهُ وَعَرْضَهُ فَهُوَ أَوْثَقُ، الْوَجْهُ الثَّانِي

أَنْ يَشْتَرِيَ قَدْرَ الطَّرِيقِ شَائِعًا فِي جَمِيعِ سَاحَةِ الدَّارِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْتُبُ حُدُودَ الدَّارِ ثُمَّ يَكْتُبُ حُدُودَ سَاحَةِ الدَّارِ وَلَا حَاجَةَ إلَى كِتَابَةِ حُدُودِ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَمَّا كَانَ شَائِعًا فِي سَاحَةِ الدَّارِ كَانَ كَالنَّصِيبِ الشَّائِعِ فِي سَاحَةِ الدَّارِ وَفِي النَّصِيبِ الشَّائِعِ مِنْ الدَّارِ يَحُدُّ الدَّارَ دُونَ النَّصِيبِ كَذَا هَاهُنَا وَإِنْ بَيَّنُوا مِقْدَارَ عَرْضِ الطَّرِيقِ فَهُوَ أَوْثَقُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا كَانَ لِلْمُشْتَرِي قَدْرُ عَرْضِ بَابِ الدَّارِ الْأَعْظَمِ، وَبَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ لَمْ يُجَوِّزُوا تَرْكَ ذِكْرِ الذُّرْعَانِ فِي الطَّرِيقِ لِمَا أَنَّ فِي التَّقْدِيرِ بِبَابِ الدَّارِ نَوْعَ إبْهَامٍ؛ لِأَنَّهُ عَسَى يُبَدِّلُ الْبَابَ بِبَابٍ آخَرَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَوَّزَ ذَلِكَ، هَذَا إذَا اشْتَرَى رَقَبَةَ الطَّرِيقِ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى حَقَّ الْمُرُورِ دُونَ رَقَبَةِ الطَّرِيقِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا يَجُوزُ، وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ. وَإِذَا أَرَادَ كِتَابَةَ بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ ذَلِكَ يَكْتُبُ عَلَى أَنَّ لَهُ حَقَّ الْمُرُورِ بِقَدْرِ بَابِ الدَّارِ، وَبَيْعُ مَسِيلِ الْمَاءِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ، وَكَذَلِكَ بَيْعُ حَقِّ مَسِيلِ الْمَاءِ لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَفِي شُرُوطِ الْأَصْلِ إذَا بَاعَ رَقَبَةَ الدَّارِ لِيَسِيلَ الْمَاءُ فِيهِ إنْ بَيَّنَ الْمَوْضِعَ وَحُدُودَهُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عَرْصَةَ دَارٍ بِنَاؤُهَا لِلْمُشْتَرِي) يَكْتُبُ: هَذَا مَا اشْتَرَى كَمَا كَانَ يَكْتُبُ اشْتَرَاهَا مَعَ الْبِنَاءِ إلَّا أَنَّ هَاهُنَا لَا يَكْتُبُ وَبِنَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يَشْتَرِي مِلْكَ نَفْسِهِ، هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ وَبَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ قَالُوا الْأَحْسَنُ أَنْ يَكْتُبَ اشْتَرَى أَرْضَ دَارٍ وَبِنَاؤُهَا لِهَذَا الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ مُطْلَقًا يَنْصَرِفُ إلَى الْمَبْنِيِّ فِي الْعُرْفِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْكِتَابَةِ التَّوْثِيقُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ مِنْ الْأَلْفَاظِ أَبْلَغَ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَعْرِيفُ الْمُشْتَرَى لِيَحْصُلَ بِهِ تَمَامُ التَّوْثِيقِ (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ نِصْفَ دَارٍ، وَنِصْفُهَا الْآخَرُ لِلْمُشْتَرِي) يَكْتُبُ: هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ السَّهْمِ الْوَاحِدِ مِنْ سَهْمَيْنِ وَهُوَ النِّصْفُ مَشَاعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي ذَكَرَ الْبَائِعُ هَذَا أَنَّ سَهْمًا مِنْ هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ مِلْكُ الْمُشْتَرِي هَذَا وَالسَّهْمُ الْآخَرُ مِنْهَا وَاحِدٌ ذَكَرَ الْبَائِعُ هَذَا أَنَّهُ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدَيْهِ وَأَنَّهُ يَبِيعُ هَذَا السَّهْمَ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهُ هُوَ يَمْلِكُهُ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي وَمَوْضِعُ هَذِهِ الدَّارِ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا وَلَا حَاجَةَ إلَى تَحْدِيدِ نِصْفِ الْمَبِيعِ فَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا أَنَّ تَحْدِيدَ النِّصْفِ الشَّائِعِ يَحْصُلُ بِتَحْدِيدِ الْجَمِيعِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (شِرَاءُ وَارِثٍ نَصِيبَ أَخَوَيْنِ) يَكْتُبُ: هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ أَخِيهِ فُلَانٍ وَمِنْ أُخْتِهِ فُلَانَةَ وَهُمْ أَوْلَادُ فُلَانٍ وَمِنْ وَالِدَتِهِ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ جَمِيعَ حِصَصِهِمْ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا اشْتَرَى هَذَا الْمُشْتَرِي جَمِيعَ حِصَصِهِمْ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ وَهِيَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا مِنْ أَرْبَعِينَ سَهْمًا مُشَاعَةً مَوْرُوثَةً بَيْنَهُمْ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ حِينَ مَاتَ عَنْ زَوْجَتِهِ وَهِيَ فُلَانَةُ وَعَنْ بِنْتٍ وَهِيَ فُلَانَةُ وَعَنْ ابْنَيْنِ وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ هَذَا الْبَائِعُ وَهَذَا الْمُشْتَرِي وَصَارَتْ تَرِكَتُهُ بَيْنَهُمْ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ لِامْرَأَتِهِ هَذِهِ الثُّمُنُ وَالْبَاقِي بَيْنَ أَوْلَادِهِ هَؤُلَاءِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَصْلُ الْفَرِيضَةِ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ وَقِسْمَتُهَا عَلَى أَرْبَعِينَ سَهْمًا لِلْمَرْأَةِ مِنْهَا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَلِلِابْنَةِ سَبْعَةٌ وَهِيَ يَوْمَ هَذَا الْعَقْدِ فِي أَيْدِيهِمْ غَيْرُ مَقْسُومَةٍ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ وَحِصَّةُ فُلَانٍ هَذَا الْمُشْتَرِي وَهِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا مُسَلَّمَةٌ لَهُ فِي يَدِهِ لَا حَقَّ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ فِيهَا وَهَؤُلَاءِ الْبَاعَةُ الثَّلَاثَةُ يَبِيعُونَ حِصَصَهُمْ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الثَّمَنُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِهَامِهِمْ هَذِهِ فَاشْتَرَى هَذَا الْمُشْتَرِي حِصَصَهُمْ بِحُدُودِ هَذِهِ السِّهَامِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا إلَى آخِرِهِ. .

شِرَاءُ الدَّارِ الْمَوْرُوثَةِ مِنْ الْوَرَثَةِ الْبَائِعِينَ) يَكْتُبُ: هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانَةَ أَوْلَادِ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ الْفُلَانِيِّ وَمِنْ أُمِّهِمْ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ اشْتَرَى مِنْهُمْ جَمِيعًا صَفْقَةً وَاحِدَةً جَمِيعَ مَا ذَكَرَ هَؤُلَاءِ الْبَاعَةُ الْأَرْبَعَةُ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ شَرِكَةَ مِيرَاثٍ مِنْ فُلَانٍ حِينَ مَاتَ وَخَلَّفَ زَوْجَةً وَهِيَ فُلَانَةُ هَذِهِ وَابْنَيْنِ وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ هَذَانِ وَبِنْتًا وَهِيَ فُلَانَةُ هَذِهِ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُمْ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا وَصَارَتْ هَذِهِ الدَّارُ الْمَحْدُودَةُ الْمَوْرُوثَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ - تَعَالَى - لِامْرَأَتِهِ هَذِهِ الثُّمُنُ وَالْبَاقِي بَيْنَ أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَصْلُ الْفَرِيضَةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَقِسْمَتُهَا مِنْ أَرْبَعِينَ سَهْمًا لِلْمَرْأَةِ مِنْهَا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَلِلِابْنَةِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَهَذِهِ الدَّارُ يَوْمَ هَذَا الْعَقْدِ فِي يَدِ هَؤُلَاءِ الْوَرَثَةِ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ مُشَاعَةً غَيْرَ مَقْسُومَةٍ وَهُمْ يَبِيعُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي صَفْقَةً وَاحِدَةً بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ بَيْنَهُمْ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ إلَى آخِرِهِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. . (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَانُوتًا) يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الْحَانُوتِ الَّذِي فِي كُورَةِ كَذَا بِمَحَلَّةِ كَذَا فِي زُقَاقِ كَذَا وَيَكْتُبُ فِي سُوقِ كَذَا أَوْ عَلَى رَأْسِ سِكَّةِ كَذَا قُبَالَةَ خَانِ كَذَا وَيَحُدُّهُ ثُمَّ يَقُولُ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَأَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَأَلْوَاحِهِ الَّتِي يُغْلَقُ عَلَيْهَا بَابُهُ وَغَلْقِهِ وَمُغْلَقِهِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ عُلُوٌّ يَكْتُبُ: وَعُلُوِّهِ وَسُفْلِهِ أَوْ الدَّارِ الَّتِي هِيَ عُلُوُّهُ فَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ يَكْتُبُ جَمِيعَ الْحَانُوتِ الْمَبْنِيِّ عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ الْمَدْعُوِّ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا، أَحَدُ حُدُودِهِ لَزِيقُ هَوَاءِ هَذَا النَّهْرِ مِنْ وَجْهِ مَجِيءِ الْمَاءِ وَالثَّانِي لَزِيقُ حَانُوتِ فُلَانٍ وَالثَّالِثُ لَزِيقُ هَوَاءِ هَذَا النَّهْرِ مِنْ وَجْهِ مَمَرِّ الْمَاءِ. (وَإِذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ خَانًا) يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الْخَانِ الْمَبْنِيِّ بِحِيطَانِهِ الْأَرْبَعَةِ الْمُحِيطَةِ بِهِ كُلِّهَا بِالْآجُرَّاتِ وَأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى كَذَا عَدَدًا مِنْ الْحَوَانِيتِ فِي سُفْلِهِ وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الإنيارجات وَالْحُجُرَاتِ وَالْغُرَفِ فِي عُلُوِّهِ وَالْحَوَانِيتِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى بَابِهِ بِعُلُوِّهَا ثُمَّ يَكْتُبُ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَأَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَدُوَيْرَاتِهِ وَغُرَفِهِ وَالْحَوَانِيتِ الَّتِي عَلَى بَابِهِ وَطُرُقِهِ بِمَسَالِكِهَا فِي حُقُوقِهَا إلَى آخِرِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَلْوَانَ أَحَدُهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ يَكْتُبُ جَمِيعَ الْخَانِ الْمَبْنِيِّ بِثَلَاثَةِ سُقُوفٍ أَحَدُهَا بِسُفْلِهِ وَالْآخَرُ بِعُلُوِّهِ الْأَسْفَلِ وَالثَّالِثُ بِعُلُوِّهِ الْأَعْلَى ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ رِبَاطًا مَمْلُوكًا) يَكْتُبُ جَمِيعَ الرِّبَاطِ الْمَبْنِيِّ الْمُشْتَمِلِ عَلَى صَحْنِ دَارٍ كَبِيرٍ وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْمَرَابِطِ وَالْأَوَارِي فِي سُفْلِهِ وَبَيْتٍ يَسْكُنُهُ الرِّبَاطِيُّ وَكُلُّهَا حَوْلَ صَحْنِ دَارِهِ وَعَلَى حُجُرَاتٍ وَغُرُفَاتٍ فِي عُلُوِّهِ ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بُرْجَ الْحَمَامِ) يَكْتُبُ جَمِيعَ بُرْجِ الْحَمَامِ الْمَبْنِيِّ الْمَشْدُودِ فُوَّهَاتُهَا وَنُقُوبُهَا شَدًّا يُمْكِنُ أَخْذُ حَمَامِهَا بِغَيْرِ صَيْدٍ بِجَمِيعِ مَا فِيهِ مِنْ الْحَمَامَاتِ وَالْمَحَاضِنِ وَالْفِرَاخِ وَالْبَيْضِ وَالْهَرَادِيّ وَالْخَشَبَاتِ وَإِنَّمَا كَتَبْنَا شَدَّ فُوَّهَاتِهَا لِيُقْدَرَ عَلَى تَسْلِيمِ مَا فِيهَا مِنْ الْحَمَامَاتِ إلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهَا فَإِنَّ بَيْعَ مَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَا يَجُوزُ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ بُرْجَ الْحَمَامِ لَيْلًا؛ لِأَنَّ الْحَمَامَاتِ يَأْوِينَ إلَيْهِ لَيْلًا وَيَجْتَمِعْنَ فَيَتَنَاوَلُهُنَّ الْبَيْعُ فَأَمَّا فِي النَّهَارِ فَيَخْرُجْنَ لِطَلَبِ الرِّزْقِ فَلَا يَتَنَاوَلُ جَمِيعَهُنَّ الْبَيْعُ وَيَخْتَلِطُ بِاعْتِبَارِهِ الْمَبِيعُ بِغَيْرِ الْمَبِيعِ اخْتِلَاطًا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ التَّمْيِيزُ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَيْتَ الدِّهَانَةِ) يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ بَيْتِ الدِّهَانَةِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى سِهَامٍ مَنْصُوبَةٍ

وَأَحْجَارٍ وَأَقْفَاصٍ وَأَدَوَاتٍ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهُ ثُمَّ يَكْتُبُ حُدُودَهُ وَحُقُوقَهُ كُلَّهَا وَأَرْضَهُ وَبِنَاءَهُ وَسِهَامَهُ الْأَرْبَعَةَ وَالرَّحَى الْكَبِيرَةَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى حَجَرٍ مَنْصُوبٍ يُدْعَى (سنك سع) وَالرَّحَى الْأُخْرَى الْمَدْعُوَّةَ (بسنك بشت) بِكَذَا قَبْضًا بِمَا فِيهِ مِنْ الصُّخُورِ وَالطَّابَقِ الْحَدِيدِيِّ الْمَنْصُوبِ عَلَى كَانُونٍ مَبْنِيٍّ فِيهِ يُغْلَى السِّمْسِمُ. وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ طَاحُونَةً يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الطَّاحُونَةِ الدَّائِرَةِ عَلَى الرَّحَى الَّتِي هِيَ بِقَرْيَةِ كَذَا عَلَى نَهْرِ كَذَا وَيَحُدُّهَا ثُمَّ يَكْتُبُ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا وَأَرْضِهَا وَبِنَائِهَا وَحَجَرَيْهَا الْأَسْفَلِ وَالْأَعْلَى وَدَلْوِهَا وَتَوَابِيتِهَا وَقُطْبِهَا وَسَائِرِ أَدَوَاتِهَا الْحَدِيدِيَّةِ وَالْخَشَبِيَّةِ نَاوِقِهَا وَنَوَاعِيرِهَا بِأَجْنِحَتِهَا وَشُرْبِهَا بِمَجَارِيهِ وَمَسَايِلِهِ فِي حُقُوقِهَا وَأَلْوَاحِهَا الْمَفْرُوشَةِ فِي أَرْضِهَا وَمَلْقَى أَحْمَالِهَا وَمَوْقِفِ دَوَابِّهَا وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي يَبْقَى فِيهَا الْحُبُوبُ وَيُذَرَّى وَمَرْجِهَا بِأَرْضِهِ وَأَشْجَارِهِ وَأَغْرَاسِهِ وَمَجْرَى مِيَاهِهِ وَمَسَايِلِهِ فِي حُقُوقِهِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ يَنْظُرَانِ كَانَتْ الطَّاحُونَةُ عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ يَكْتُبُ: أَحَدُ حُدُودِهَا لَزِيقُ مَغْرَفِ مَائِهَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ وَالثَّانِي لَزِيقُ طَرِيقِ الْعَامَّةِ عَلَى شَطِّ نَهْرِ الطَّاحُونَةِ هَذِهِ وَالثَّالِثُ لَزِيقُ مَصَبِّ مَائِهَا فِي هَذَا النَّهْرِ وَالرَّابِعُ لَزِيقُ أَرَاضِي فُلَانٍ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى نَهْرٍ مَمْلُوكٍ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَيْعِ يَكْتُبُ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى نَهْرٍ خَاصٍّ لَهَا يَأْخُذُ مَاءَهُ مِنْ نَهْرِ كَذَا. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْحَمَّامَ) يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الْحَمَّامِ الْوَاحِدِ الَّذِي هُوَ مُعَدٌّ لِدُخُولِ الرِّجَالِ أَوْ لِدُخُولِ النِّسَاءِ وَفِي الْحَمَّامَيْنِ أَحَدُهُمَا لِدُخُولِ الرِّجَالِ وَالْآخَرُ لِدُخُولِ النِّسَاءِ يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الْحَمَّامَيْنِ الْمُتَلَازِقَيْنِ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا لِدُخُولِ الرِّجَالِ وَالْآخَرُ لِدُخُولِ النِّسَاءِ وَهُمَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَفِي الْوَاحِدِ الَّذِي يَدْخُلُهُ الرِّجَالُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَالنِّسَاءُ فِي بَقِيَّةِ النَّهَارِ يَذْكُرُ ذَلِكَ وَيَكْتُبُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى (سيا كوازه) خَشَبِيَّةٍ ذَاتِ سَقْفٍ وَاحِدٍ فِيهَا سَرِيرٌ خَشَبِيٌّ وَسَرِيرٌ آخَرُ لِجُلُوسِ الْحَمَّامِيِّ عَلَيْهِ وَبَيْتٌ يُدْعَى (خَاصّ خانه) لِدُخُولِ مَنْ كَانَ مُحْتَرَمًا مِنْ الْمُتَحَمِّمِينَ وَتَابُوتٌ خَشَبِيٌّ لِلْحَمَّامِيِّ لِجَمْعِ الْغَلَّةِ فِيهِ وَتَابُوتٌ آخَرُ لِلثِّيَابِيِّ لِوَضْعِ الْفِنْجَانَاتِ فِيهِ وَيَكْتُبُ فِيهِ ذِكْرَ الْحُدُودِ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ كُلِّهَا وَأَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَقِدَرِهِ النُّحَاسِيَّةِ الْمُرَكَّبَةِ فِيهِ لِتَسْخِينِ الْمَاءِ فِيهِ وَبِئْرِهِ الْمَطْوِيَّةِ بِالْحِجَارَةِ وَالْآجُرِّ وَبَكَرَتِهَا وَدَلْوِهَا وَرِشَائِهَا وَالْحِيَاضِ الْمَبْنِيَّةِ فِي بُيُوتِهِ أَوْ يَكْتُبُ: وَالْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ لِجَعْلِ الْمَاءِ فِيهَا وَأَتُونِهِ وَمَلْقَى رَمَادِهِ وَمَسِيلِ مِيَاهِهِ وَطَوَابِقِهِ الْمَفْرُوشَةِ فِيهِ وَمَوْضِعِ حَشِيشِهِ وَتَجْفِيفِهِ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَيْتَ الطِّحَانَةِ) يَكْتُبُ جَمِيعَ بَيْتِ الطِّحَانَةِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى رَحًى وَاحِدَةٍ دَوَّارَةٍ بِجَمِيعِ أَدَوَاتِ أَرْحَائِهَا الْمُرَكَّبَةِ مِنْ الْحَدِيدِيَّةِ وَالْخَشَبِيَّةِ وَالْحَجَرِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ الصَّالِحَةِ لِإِقَامَةِ عَمَلِ طَحْنِ الْحِوَارِيَّاتِ وَقَدْ عَرَفَ الْعَاقِدَانِ هَذَانِ هَذِهِ الْأَدَوَاتِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَأَحَاطَا بِهَا عِلْمًا إحَاطَةً شَافِيَةً نَافِيَةً لِلْجَهَالَةِ وَأَقَرَّا بِمَعْرِفَةِ جَمِيعِ ذَلِكَ كُلِّهِ إقْرَارًا صَحِيحًا. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَيْتَ الخنبق) يَكْتُبُ: وَفِيهِ خنبق خَشَبِيٌّ أَوْ خنبقان أَوْ ثَلَاثَةٌ كُلُّ خنبق لَهُ عَيْنَانِ وَمَعَ الخنبقات خنبقات خَزَفِيَّةٌ وَيَكْتُبُ بَعْدَ ذِكْرِ الْحُدُودِ بخنبقاته: وخنبقاته الْخَزَفِيَّةِ الْكِبَارِ مِنْهَا كَذَا عَدَدًا وَالْأَوْسَاطِ كَذَا وَالصِّغَارِ كَذَا، كُلُّهَا قَائِمَةٌ بِأَعْيَانِهَا فِي بَيْتِ الخنبق هَذَا وَقَدْ عَرَفَهَا الْعَاقِدَانِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَأَحَاطَا

بِهَا عِلْمًا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مُجَمِّدَةً) يَكْتُبُ: اشْتَرَى جَمِيعَ الْمُجَمِّدَةِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا بِجَمِيعِ مَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهَا مِنْ الْغُدْرَانِ الثَّلَاثَةِ أَوْ الْغَدِيرَيْنِ أَوْ الْغَدِيرِ وَالْغَارِفَيْنِ وَهَذِهِ الْمُجَمِّدَةُ كَذَا ذِرَاعًا طُولًا فِي عَرْضٍ كَذَا ذِرَاعًا وَيَحُدُّ الْمُجَمِّدَةَ وَالْغَدَائِرَ وَالْغَارِفَيْنِ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مُثَلِّجَةً) يَكْتُبُ: اشْتَرَى جَمِيعَ الْمُثَلِّجَةِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا بِجَمِيعِ مَا يُنْسَبُ إلَيْهَا مِنْ جَوَانِبِهَا الْأَرْبَعَةِ وَيَحُدُّهَا. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَلَّاحَةَ) يَكْتُبُ اشْتَرَى جَمِيعَ الْمَلَّاحَةِ بِجَمِيعِ مَا يُنْسَبُ إلَيْهَا مِنْ الْحِيَاضِ وَمَجْمَعِ مَائِهَا وَمُسْتَجْمَعِ الْمِلْحِ فِيهَا وَنَحْوِهَا وَيَحُدُّهَا. (وَإِذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَرْضًا فِيهَا عَيْنُ الْقِيرِ أَوْ النِّفْطِ) يَكْتُبُ: اشْتَرَى الْأَرْضَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا كَذَا وَالْعُيُونَ الَّتِي فِيهَا الْقِيرُ وَالنِّفْطُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ اشْتَرَى هَذِهِ الْأَرْضَ مَعَ هَذِهِ الْعُيُونِ الَّتِي فِيهَا الْقِيرُ الْقَائِمُ وَالنِّفْطُ الْقَائِمُ فِي هَذِهِ الْعُيُونِ وَإِنَّمَا كَتَبْنَا الْعُيُونَ؛ لِأَنَّ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَا يَدْخُلُ الْعَيْنُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا مِنْ حَيْثُ الزِّرَاعَةِ وَكَانَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ الْأَرْضِ فَيُكْتَبُ احْتِرَازًا عَنْ هَذَا الْخِلَافِ وَإِنَّمَا كَتَبْنَا الْقِيرَ الْقَائِمَ وَالنِّفْطَ الْقَائِمَ؛ لِأَنَّهُمَا مُودَعَانِ فِي الْعُيُونِ كَالْمِلْحِ فِي الْمَمْلَحَةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَإِنَّمَا افْتَرَقَ الْمَاءُ الَّذِي فِي الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ، وَالْقِيرُ وَالنِّفْطُ فِي الْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَاءَ لَا يُذْكَرُ فِي الْبَيْعِ، وَالْقِيرُ وَالنِّفْطُ يُذْكَرَانِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي الْبِئْرِ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ فَكَيْفَ يَبِيعُهُ وَلَا كَذَلِكَ الْقِيرُ وَالنِّفْطُ وَإِنْ كَانَ لِلْبِئْرِ أَوْ لِلْعَيْنِ اسْمٌ يَذْكُرُ ذَلِكَ الِاسْمَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ حَدِّ النَّهْرِ وَالْعَيْنِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (وَإِنْ بَاعَ أَصْلَ نَهْرٍ جَارٍ) يَكْتُبُ مَفْتَحَهُ وَمُنْتَهَاهُ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَعُمْقَهُ وَيَذْكُرُ أَنَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْهُ كَذَا ذِرَاعًا وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ مُسَمًّى بِاسْمٍ يَكْتُبُ ذَلِكَ الِاسْمَ وَيَذْكُرُ حُدُودَهُ لَا مَحَالَةَ وَإِنْ اكْتَفَى بِذِكْرِ الْحُدُودِ فَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ تَقْدِيرِ الذُّرْعَانِ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ قَدْ حَصَلَتْ بِالتَّحْدِيدِ وَهِيَ الْمَقْصُودُ (وَإِنْ اشْتَرَى النَّهْرَ مَعَ الْأَرْضِ) يَكْتُبُ النَّهْرَ وَيَذْكُرُ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَعُمْقَهُ وَمَا يُسَمَّى بِهِ النَّهْرُ وَذُرْعَانَ حَرِيمِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ثُمَّ يَكْتُبُ الْأَرْضَ الَّتِي مَعَهُ وَيَحُدُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَمَامَ التَّعْرِيفِ بِالتَّحْدِيدِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَنَاةً) يَكْتُبُ اشْتَرَى جَمِيعَ الْقَنَاةِ الَّتِي هِيَ فِي قَرْيَةِ كَذَا وَمَفْتَحُهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَمَصَبُّهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَحَرِيمُهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَذَا ذِرَاعًا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَأَرْضِهَا وَبِنَائِهَا وَسُفْلِهَا وَعُلُوِّهَا وَكَذَا النَّهْرُ إلَّا أَنَّ النَّهْرَ لَا يَكُونُ لَهُ عُلُوٌّ وَلَكِنْ يَكْتُبُ فِي النَّهْرِ عَرْضَهُ وَطُولَهُ وَعُمْقَهُ بِالذُّرْعَانِ وَيَذْكُرُ حَرِيمَهُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِالذُّرْعَانِ أَيْضًا (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ شِرْبًا بِغَيْرِ أَرْضٍ) وَبِغَيْرِ أَصْلِ النَّهْرِ فَهَذَا الْبَيْعُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الشِّرْبَ عِبَارَةٌ عَنْ نَصِيبِ الْمَاءِ وَحِصَّتِهِ وَالْمَاءُ قَبْلَ الْحِيَازَةِ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ وَبَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ لَا يَجُوزُ؛ وَلِأَنَّ الْمَاءَ مِمَّا يَقِلُّ وَيَكْثُرُ فَكَانَ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا فَأَوْجَبَ فَسَادَ الْبَيْعِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ إنْ تَعَارَفُوا ذَلِكَ كَمَا فِي نَوَاحِي بَلْخٍ وَنَسَفَ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَإِنَّ أَهْلَ تِلْكَ النَّوَاحِي تَعَارَفُوا ذَلِكَ وَرَأَوْا جَوَازَهُ وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ» وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْقَاضِي الْإِمَامُ

أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْخَضِرِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يُجَوِّزُوا ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الصَّحِيحَ إنَّمَا يُتْرَكُ بِتَعَامُلِ جَمِيعِ الْبُلْدَانِ لَا بِتَعَامُلِ بَعْضِهَا. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ ضَيْعَةٍ وَجُزْءًا مِنْ مِيَاهِ قَرْيَةٍ تَعَارَفُوا بَيْعَ الْمِيَاهِ بِضِيَاعِهَا) يَكْتُبُ فِيهِ: اشْتَرَى جُزْءًا مِنْ كَذَا جُزْءٍ مِنْ مِيَاهِ قَرْيَةِ كَذَا، وَمِيَاهُهَا كُلُّهَا عَلَى كَذَا سَهْمًا وَهَذِهِ الْمِيَاهُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ عُيُونِهَا الَّتِي فِيهَا وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ أَهْلِهَا وَهِيَ مَقْسُومَةٌ بَيْنَهُمْ عَلَى ضِيَاعِهَا الْمَذْكُورَةِ فِيهِ قِسْمَةً مَعْلُومَةً عِنْدَ أَهْلِهَا لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ اشْتَرَى هَذَا الْجُزْءَ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ مِنْ مَاءِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ بِحِصَّتِهَا مِنْ ضِيَاعِهَا الْمَذْكُورَةِ فِيهِ الَّتِي هِيَ لِشُرَكَاءِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ مَقْسُومَةً بَيْنَهُمْ بِمَقَادِيرَ مَعْلُومَةٍ عِنْدَهُمْ عَلَى ضِيَاعِهَا الْمَذْكُورَةِ فِيهِ قِسْمَةً مَعْلُومَةً الَّتِي هِيَ لِشُرَكَاءِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ بِحُدُودِهَا وَمَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذَا الْبَيْعِ وَحُقُوقِهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ (وَفِي بَعْضِ الْقُرَى عَلَى هَذَا النَّوْعِ) اشْتَرَى أَرْضَ كَذَا بِشِرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ وَهُوَ كَذَا فنجانة أَوْ كَذَا يَوْمًا مِنْ كَذَا يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ جُمْلَةِ الْمَاءِ الْجَارِي فِي نَهْرِ قَرْيَةِ كَذَا مَاءً أَصْلِيًّا ثَابِتًا خَرَاجِيًّا دِيوَانِيًّا بِجَمِيعِ مَجَارِيهِ وَمَسَايِلِهِ وَحُقُوقِهِ الدَّاخِلَةِ فِيهِ وَالْخَارِجَةِ مِنْهُ مِنْ أَعْلَى عُيُونِ وَادِي كَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى أَقْصَى حُدُودِهَا عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ شَارِبُو هَذَا النَّهْرِ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنْ مَقَادِيرِ الْمَاءِ فِي شُرْبِهِمْ. (وَفِي بَعْضِ الْقُرَى عَلَى هَذَا النَّوْعِ) اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَحِصَّتُهُ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا مِنْهُمْ مَاءً مَشَاعًا مِنْ جُمْلَةِ كَذَا سَهْمِ مَاءٍ الَّتِي هِيَ سِهَامُ مَاءِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ مَشَاعًا فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَمِقْدَارُ سِهَامِ مَاءِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ يُعْرَفُ بِكَذَا عَرَفَةِ، كُلُّ عَرَفَة كَذَا سَهْمًا وَجَمِيعُ هَذِهِ الضِّيَاعِ فِي مَوَاضِعَ مُتَبَايِنَةٍ مِنْ ذَلِكَ الْأَرْضِ الَّتِي عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ كَذَا وَمِنْهَا وَمِنْهَا وَمِنْهَا. (وَفِي بَعْضِ قُرَى نَسَفَ) شِرَاءُ مَحْدُودَاتٍ مُفْرَزَةٍ وَمَحْدُودَاتٍ مُشَاعَةٍ بِسِهَامِ مَائِهَا وَيَكْتُبُ فِي ذَلِكَ: اشْتَرَى جَمِيعَ الضِّيَاعِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى حَوَائِطَ وَأَرَاضٍ بَعْضُهَا خَرَاجِيَّةٌ مُشَاعَةٌ وَبَعْضُهَا غَيْرُ خَرَاجِيٍّ مَقْسُومٌ بِقَرْيَةِ كَذَا مِنْ قُرَى نَسَفَ وَجَمِيعَ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ جَمِيعُ حِصَّتِهِ وَكَذَا سَهْمُ مَاءٍ مِنْ جُمْلَةِ سِهَامِ الْمَاءِ لِهَذِهِ الْقَرْيَةِ كُلُّ سَهْمٍ مِنْهَا يُعْرَفُ مِقْدَارُهُ بِعِشْرِينَ جَرِيبًا بِالْمَسَّاحَةِ مِنْهَا كَذَا سَهْمًا مِنْ جَمَاعَةِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ مُشَاعَةً بَيْنَ أَرْبَابِهَا عَلَى أَقْسَامٍ تُدْعَى أَقْرِحَتَهَا وَهِيَ كَذَا قَرَاحًا كُلُّ قَرَاحٍ عَلَى كَذَا سَهْمًا وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بَيْنَ أَهْلِهَا كَذَا سَهْمًا فِي أَقْرِحَةِ فُلَانٍ وَكَذَا سَهْمًا فِي أَقْرِحَةِ فُلَانٍ تُوَزَّعُ الْأَخْرِجَةُ وَنَوَائِبُ السُّلْطَانِ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ وَيُقْسَمُ مَاءُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الَّتِي يَجْرِي فِي نَهْرِهَا مِنْ أَصْلِ الْوَادِي عَلَيْهَا وَأَمَّا غَيْرُ الْخَرَاجِيَّةِ الْمَقْسُومَةِ فَحَائِطٌ بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا وَأَرْضٌ وَكَرْمٌ وَيَحُدُّهَا وَشِرْبُهَا مِنْ نَهْرِ كَذَا. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَانُوتًا تَحْتَهُ بَيْتٌ لِلْمُقَامِ فِيهِ أَوْ سَرِيرٌ تَحْتَهُ أَوْ تَحْتَ فِنَائِهِ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَانُوتِ) يَكْتُبُ فِيهِ جَمِيعَ الْحَانُوتِ الْمَبْنِيِّ وَالْبَيْتَ الَّذِي تَحْتَهُ أَوْ تَحْتَ فِنَائِهِ أَوْ السَّرِيرَ الَّذِي تَحْتَهُ أَوْ تَحْتَ فِنَائِهِ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ التَّاجِرُ لِتِجَارَتِهِ وَيَنْتَهِي طُولُ هَذَا السَّرِيرِ إلَى مُنْتَهَى طُولِ سُفْلِ هَذَا الْحَانُوتِ ثُمَّ يَذْكُرُ الْمَوْضِعَ وَالْحُدُودَ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَيْتَ طِرَازٍ) يَكْتُبُ فِيهِ جَمِيعَ بَيْتِ الطِّرَازِ الْمَبْنِيِّ الْمُشْتَمِلِ عَلَى كَذَا وَهْدَةٍ لِعَمَلِ الْحَوَكَةِ أَوْ يَكْتُبُ فِيهِ جَمِيعَ الْمَحَاكَةِ الْمَبْنِيَّةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى كَذَا وَهْدَةٍ لِعَمَلِ الْحَوَكَةِ ثُمَّ يَذْكُرُ الْمَوْضِعَ وَالْحُدُودَ

وَإِذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَهْدَةً وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً) يَكْتُبُ فِيهِ جَمِيعَ الْوَهْدَةِ الْوَاحِدَةِ الْيَمِينِيَّةِ أَوْ الْيَسَارِيَّةِ أَوْ الْأَمَامِيَّةِ مِنْ جَمِيعِ بَيْتِ الطِّرَازِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى كَذَا وَهْدَةٍ إحْدَاهَا هَذَا الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا وَيَذْكُرُ مَوْضِعَ بَيْتِ الطِّرَازِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى كَذَا وَحُدُودَهُ ثُمَّ يَذْكُرُ حُدُودَ هَذِهِ الْوَهْدَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا اشْتَرَى ضَيْعَةً أَوْ قَرْيَةً وَتَرَكَ ذِكْرَ الْحَقِّ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالنَّخْلُ وَالشَّجَرُ كُلُّهُ مِثْلُ الْكَرْمِ وَشَجَرَةِ التُّفَّاحِ وَالسَّفَرْجَلِ وَأَنْوَاعِهَا وَالْقَصَبِ وَالْحَطَبِ وَالطَّرْفَاءِ إلَّا رِوَايَةً رَوَاهَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَقَصَبِ الذَّرِيرَةِ لَا تَدْخُلُ بِالِاتِّفَاقِ وَقَصَبُ الذَّرِيرَةِ مَا يُدَقُّ وَيُذَرُّ عَلَى الْمَيِّتِ أَيْ يُنْثَرُ وَمَا كَانَ مِنْ الْأَشْجَارِ الَّتِي لَا تُثْمِرُ وَتُقْطَعُ فِي كُلِّ أَوَانٍ كَالدُّلْبِ وَالْجَوْزِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَا تَدْخُلُ إلَّا بِالذِّكْرِ كَالزَّرْعِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ تَدْخُلُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالدُّلْبُ (جنار) وَالْجَوْزُ (سبيدار) وَأَمَّا الْبَاذِنْجَانُ فَشَجَرُهُ لِلْمُشْتَرِي وَحِمْلُهُ لِلْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ الْقُطْنُ وَالْعُصْفُرُ فَإِنَّ شَجَرَهُ يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ بِدُونِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ الرِّيعِ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا يُؤْخَذُ حِمْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقْطَعَ أَصْلُهُ وَالثِّمَارُ الَّتِي عَلَى الْأَشْجَارِ لَا تَدْخُلُ بِدُونِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ وَعِنْدَ ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ تَدْخُلُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَدْخُلُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهَا أَوْ بِذِكْرِ كُلِّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهَا أَوْ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ مِنْ حُقُوقِهَا وَالرُّطَبَةُ وَمَا نَبَتَ وَصَارَ لَهُ ثَمَرٌ لِلْبَائِعِ وَأُصُولُهَا لِلْمُشْتَرِي قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا زَعْفَرَانٌ فَالْبَصَلُ لِلْبَائِعِ وَعَلَى هَذَا الْكَتَّانُ وَالدُّخْنُ وَجَمِيعُ الْحُبُوبِ مِثْلُ الْحِمَّصِ وَالْبَاقِلَاءِ وَالْعَدَسِ هَذَا كُلُّهُ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ. (وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَيْطُونًا) زِدْتَ بخنبقاته الْعَشْرِ وَحِبَابِهِ وَهِيَ كَذَا عَدَدًا الْكِبَارُ مِنْهَا كَذَا وَالْأَوْسَاطُ مِنْهَا كَذَا وَالصِّغَارُ مِنْهَا كَذَا وَهِيَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا فِي بُيُوتِ إهْرَائِهَا، وَجَمِيعُ مَا فِيهَا مِنْ الْحُبُوبِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ إنْ كَانَتْ دَاخِلَةً تَحْتَ الْعَقْدِ بِذِكْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إيَّاهَا فِي الْعَقْدِ وَالْإِهْرَاءُ الخنبقات وَيُقَالُ الْبَيْتُ الْوَاسِعُ وَيُقَالُ (أنبارخانه) وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ لَكِنْ هَكَذَا سَمِعْتُهَا مِمَّنْ قَرَأْتُ عَلَيْهِ. (وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ كَرْمًا أَوْ بُسْتَانًا) زِدْتَ عِنْدَ ذِكْرِ حُقُوقِهَا: وَأَشْجَارَهَا وَأَغْرَاسَهَا وَزَرَاجِينَهَا وَقُضْبَانَهَا وَعَرَائِشَهَا وَأَوْهَاطَهَا وَشِرْبَهَا وَمَشَارِبَهَا وَسَوَاقِيَهَا وَأَعْمِدَتَهَا وَدَعَائِمَهَا وَأَنْهَارَهَا والأوهاط واديح وَأَعْمِدَتُهَا أَوْتَادُهَا وَدَعَائِمُهَا مَا يُنْصَبُ عَلَيْهَا الْعَرَائِشُ وَالْعَرِيشُ وَالْوَثِيلَةُ الْحَبْلُ الْمُتَّخَذُ مِنْ الْقَصَبِ. (وَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ فِي حَائِطِ الْبَلَدِ) كَتَبْتَ فِي حَائِطِ بَلَدِ كَذَا مِمَّا يَلِي دَرْبَ كَذَا عَلَى سَاقِيَةِ نَهْرِ كَذَا (وَإِنْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ) كَتَبْتَ فِي قَرْيَةِ كَذَا مِنْ سَوَادِ كَذَا. (وَإِنْ كَانَ فِيهِ ثَمَرَةٌ أَوْ زَرْعٌ أَوْ رُطَبَةٌ) كَتَبْتَ: وَثَمَرَتَهَا وَزَرْعَهَا وَرُطَبَتَهَا وَيَزِيدُ عِنْدَ ذِكْرِ ثَمَرَتِهَا وَقَدْ بَدَا صَلَاحُهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ مَحْصُودٌ أَوْ ثَمَرٌ مَجْذُوذٌ أَوْ تِبْنٌ أَوْ حَطَبٌ قَدْ دَخَلَ تَحْتَ الْبَيْعِ ذَكَرِ ذَلِكَ وَيَذْكُرُ مَعْرِفَةَ الْعَاقِدَيْنِ جَمِيعَ ذَلِكَ (وَأَمَّا كِرْدَارُ الْكَرْمِ) فَقَصْرٌ بِدَارِهِ وَبُيُوتِهِ، عُلُوُّهُ وَسُفْلُهُ وَأَرْبَعَةُ حَوَائِطَ الْكَرْمُ مِنْ أَسْفَلِهَا إلَى أَعْلَاهَا بِشَوْكِهَا وَكَذَا عَدَدُ زرجون وَجَمِيعُ الْعَرِيشِ وَجَمِيعُ الْوَهْطِ عَلَى شَطِّ الْحَوْضِ أَوْ أَمَامَ

الْقَصْرِ وَكَذَا كَذَا شَجَرُ رُمَّانٍ وَتِينٍ وَخَوْخٍ وَمِشْمِشٍ وَفِرْسِكٍ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ (شفترنك) وَعَلَى هَذَا جَمِيعُ السَّاقِ بَيْنَ الشَّجَرِ والزرجون (وَأَمَّا كِرْدَارُ الْأَرْضِ) فَخَمْسُونَ جَدْوَلًا وَعَشْرُ مُسِنَّاتٍ وَكَذَا وَقْرُ سِرْقِينَ مُخْتَلِطٌ بِالتُّرَابِ عَلَى رَأْسِ هَذِهِ الْأَرْضِ وَجَمِيعُ الْأَشْجَارِ حَوْلَهَا وَعَلَى مِسَنَّاتِهَا وَجَمِيعُ مَا كَبَسَ بِهِ الْأَرْضَ مِقْدَارُ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ عَلَى حَسَبِ مَا يَكُونُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَيَجِبُ أَنْ يُلْحِقَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَقَدْ عَرَفَا مَوَاضِعَهَا وَمَقَادِيرَهَا وَنَظَرَا إلَيْهَا فَعَرَفَاهَا شَيْئًا فَشَيْئًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (وَإِذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَنَاةً عَلَيْهَا رَحًى فِي بَيْتٍ) ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَكْتُبُ فِيهِ: هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الْقَنَاةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا كَذَا وَهِيَ فِي رُسْتَاقِ كَذَا مِنْ عَمَلِ كَذَا وَفِي قَرْيَةِ كَذَا، وَالْبَيْتُ الَّذِي عَلَى هَذِهِ الْقَنَاةِ مِمَّا يَلِي كَذَا وَالرَّحَى الَّتِي فِيهِ وَمَفْتَحُ هَذِهِ الْقَنَاةِ مِمَّا يَلِي كَذَا وَمَصَبُّهَا فِي كَذَا وَيُبَيِّنُ طُولَهَا وَعَرْضَهَا وَعُمْقَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَرْضَ الَّتِي عَلَى حَافَّتَيْ الْقَنَاةِ، وَكَتَبَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَلِكَ أَنَّهَا كَذَا ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ بِذِرَاعِ كَذَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ كَذَا ذِرَاعًا وَمِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ كَذَا ذِرَاعًا وَعَرْضُهَا كَذَا ذِرَاعًا وَعُمْقُهَا كَذَا ذِرَاعًا بِذِرَاعٍ وَسَطٍ وَقَدْ ذَرَعَ فُلَانٌ بِتَرَاضِيهِمَا وَكَانَ كَمَا وَصَفَا وَعَلِمَا ذَلِكَ وَأَحَاطَا بِهِ عِلْمًا وَمَعْرِفَةً وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ يَكْتُبُ: اشْتَرَى جَمِيعَ هَذِهِ الْقَنَاةِ بِحَرِيمِهَا وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا كَتَبْنَاهُ أَحْوَطُ؛ لِأَنَّ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ اخْتِلَافًا فِيهِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لِلْقَنَاةِ حَرِيمٌ. وَعَلَى قَوْلِهِمَا لِلْقَنَاةِ حَرِيمٌ بِمِقْدَارِ مَلْقَى طِينِهَا فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا؛ فَلِأَنَّ مِقْدَارَ مَلْقَى طِينِهَا مَجْهُولٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةِ فَيَصِيرُ بَائِعًا الْمَعْلُومَ وَالْمَجْهُولَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَلِأَنَّ مَنْ جَعَلَ لِلْقَنَاةِ حَرِيمًا فَإِنَّمَا يَجْعَلُ لَهَا حَرِيمًا إذَا كَانَتْ فِي أَرْضِ الْمَوَاتِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِلْغَيْرِ فَلَا. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَنَاةِ حَرِيمٌ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ يَكُونُ جَامِعًا بَيْنَ الْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْ هَذَا وَذَلِكَ بِأَنْ يَكْتُبَ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا وَلَوْ ذَكَرَ صِفَةَ الْمَاءِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا قَبْلَ هَذَا فَذَلِكَ أَحْسَنُ وَأَوْثَقُ ثُمَّ يَذْكُرُ الْحُدُودَ الْأَرْبَعَةَ وَيَكْتُبُ: بِحُدُودِهَا كُلِّهَا وَالْبَيْتِ الَّذِي عَلَى هَذِهِ الْقَنَاةِ وَالرَّحَى الدَّوَّارَةِ فِيهِ بِأَدَوَاتِهَا وَآلَاتِهَا الْحَجَرِيَّةِ وَالْخَشَبِيَّةِ وَالْحَدِيدِيَّةِ وَبَكَرَاتِهَا وَدِلَائِهَا وَحُقُوقِهَا وَتَوَابِيتِهَا وَنَوَاعِيرِهَا بِأَجْنِحَتِهَا وَأَلْوَاحِهَا الْمَفْرُوشَةِ فِي أَرْضِهَا وَمَلْقَى أَحْمَالِهَا وَمَوْقِفِ دَوَابِّهَا فِي حُقُوقِهَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (إنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَجَمَةً) يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ الْأَجَمَةَ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا اشْتَرَاهَا بِقَصَبِهَا الْقَائِمِ فِيهَا بِأُصُولِ قَصَبِهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا قَصَبٌ مَحْصُودٌ دَخَلَ فِي هَذَا الْبَيْعِ ذَكَرَ أَيْضًا وَقَصَبَهَا الْمَحْصُودَ الْمَوْضُوعَ فِيهَا حُزَمًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ سَفِينَةً) قُلْتَ: اشْتَرَى جَمِيعَ السَّفِينَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا كَذَا وَهِيَ سَفِينَةٌ مِنْ خَشَبِ كَذَا أَلْوَاحُهَا كَذَا وَعَوَارِضُهَا كَذَا وَطُولُهَا كَذَا وَعَرْضُهَا كَذَا اشْتَرَاهَا بِعَوَارِضِهَا وَأَلْوَاحِهَا وَسُكَّانِهَا وَدَقَلِهَا وَمَرَادِيهَا وَهِيَ كَذَا كَذَا مَرْدِيًّا وَمَجَادِيفِهَا وَهِيَ كَذَا مِجْدَافًا وَخَشَبِهَا وَحُصُرِهَا وَجَمِيعِ أَدَوَاتِهَا وَآلَاتِهَا الَّتِي تُسْتَعْمَلُ

بِهَا الدَّاخِلَةِ فِيهَا وَالْخَارِجَةِ مِنْهَا وَشِرَاعِهَا وَلُبُودِهَا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمَا إيَّاهَا بِعَيْنِهَا وَنَظَرِهِمَا إلَيْهَا وَتَحْرِيمِ مَا فِيهَا بِكَذَا وَكَذَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عَيْنًا أَوْ بِئْرًا لَيْسَ لَهَا أَرْضٌ تُسْقَى مِنْهَا وَإِنَّمَا هِيَ لِلْمَاشِيَةِ) يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ الْبِئْرَ الَّتِي فِي مَكَانِ كَذَا أَوْ الْعَيْنَ الَّتِي فِي مَكَانِ كَذَا وَيَذْكُرُ الْحُدُودَ وَيَذْكُرُ وَهِيَ عَيْنٌ مُدَوَّرَةٌ مُسْتَدَارُهَا كَذَا ذِرَاعًا بِذِرَاعِ كَذَا وَعُمْقُهَا كَذَا، وَكَذَا فِي الْبِئْرِ يَكْتُبُ اسْتِدَارَتَهَا وَعُمْقَهَا بِالذَّرْعِ وَيَكْتُبُ أَنَّهَا مَطْوِيَّةٌ بِالْآجُرِّ إنْ كَانَتْ وَيَكْتُبُ فِي الْعَيْنِ مَبْدَأَهَا وَمُنْتَهَاهَا وَيَكْتُبُ اشْتَرَى هَذِهِ الْبِئْرَ أَوْ هَذِهِ الْعَيْنَ مَعَ مَا حَوْلَهَا مِنْ الْأَرَاضِي قَدْرَ كَذَا ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ بِذِرَاعٍ وَسَطٍ وَإِنْ بَيَّنَ مَاءَهَا فَيَكْتُبُ وَمَاؤُهَا مَعِينٌ عَذْبٌ طَاهِرٌ فُرَاتٌ لَيْسَ بِمُنْتِنٍ وَلَا مِلْحٍ أُجَاجٍ فَهُوَ أَحْسَنُ وَأَحْوَطُ وَلَا يَكْتُبُ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ فَكَيْفَ يَبِيعُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قِطْعَةً مِنْ أَرْضٍ كَبِيرَةٍ وَلِتِلْكَ الْقِطْعَةِ حُدُودٌ بِأَعْلَامٍ مَنْصُوبَةٍ كَأَشْجَارٍ مَعْلُومَةٍ فَإِنَّكَ تَحُدُّ الْأَرْضَ ثُمَّ تَكْتُبُ هَذِهِ: الْقِطْعَةُ مِمَّا يَلِي أَحَدَ حُدُودِهَا مَنْبَتُ أَشْجَارِ كَذَا وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ كَذَا (وَطَرِيقٌ آخَرُ) وَهُوَ أَقْطَعُ لِلشَّغَبِ مَتَى قُلِعَتْ الْأَشْجَارُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَعْلَامٌ أَنْ تُحَدَّ الْأَرْضُ الْكَبِيرَةُ وَتُبَيَّنُ جِهَةُ الْقِطْعَةِ مِنْهَا شَمَالًا أَوْ جَنُوبًا أَوْ النَّاحِيَةَ الشَّرْقِيَّةَ أَوْ الْغَرْبِيَّةَ ثُمَّ تُذْكَرُ ذُرْعَانُهَا طُولًا وَعُرِضَا وَكَذَلِكَ إذَا اُسْتُثْنِيَتْ الْقِطْعَةُ الصَّغِيرَةُ مِنْ الْكَبِيرَةِ. (وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مَمْلُوكًا) تُبَيِّنُ جِنْسَهُ وَاسْمَهُ وَحِلْيَتَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَتَزِيدُ إذَا كَانَ بَالِغًا أَنَّهُ مُقِرٌّ بِالْعُبُودِيَّةِ لَا دَاءَ فِيهِ وَلَا غَائِلَةَ وَلَا خِبْثَةَ وَلَوْ زِدْتَ: وَلَا عَيْبَ كَانَ أَحْوَطَ وَأَعَمَّ وَيَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ مَعْنَى الدَّاءِ وَالْغَائِلَةِ وَالْخَبَثَةِ فَنَقُولُ: الدَّاءُ كُلُّ عَيْبِ بَاطِنٍ ظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ فَمِنْهُ وَجَعُ الطِّحَالِ وَالْكَبِدِ وَالرِّئَةِ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ (تاسه) وَ (دَمه دل) وَالسُّعَالُ وَفَسَادُ الْحَيْضِ وَالْبَرَصُ وَالْجُذَامُ وَالْبَوَاسِيرُ وَالذَّرَبُ وَهُوَ فَسَادُ الْمَعِدَةِ وَالصَّفَرُ وَهُوَ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ فِي الْبَطْنِ وَالْحَصَاةُ وَالْفَتْقُ وَهُوَ رِيحُ الْأَمْعَاءِ وَعِرْقُ النِّسَاءِ وَهُوَ عِرْقُ الْفَخِذِ وَالنَّاسُورُ وَالْجَرَبُ وَالْخَنَازِيرُ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْأَسْقَامِ وَالْأَدْوَاءِ، وَأَمَّا الْجُنُونُ وَالْوَسْوَاسُ وَالْبَوْلُ فِي الْفِرَاشِ وَالْبَيَاضُ فِي الْعَيْنِ وَالْأُصْبُعُ الزَّائِدَةُ وَالصَّمَمُ وَالْعَشَى وَالشَّلَلُ وَالْعَرَجُ وَالشَّجَّةُ وَاللُّكْنَةُ وَالشَّامَةُ فَهَذَا كُلُّهُ عَيْبٌ وَلَيْسَ بِدَاءٍ وَأَمَّا الْغَائِلَةُ فَالْإِبَاقُ وَالسَّرِقَةُ وَأَنْ تَكُونَ الْجَارِيَةُ زَانِيَةً وَالْعَبْدُ يَكُونُ طَرَّارًا أَوْ نَبَّاشًا أَوْ قَاطِعَ الطَّرِيقِ فَهَذَا كُلُّهُ غَائِلَةٌ وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّقِيقِ وَالدَّاءُ فِي الْحَيَوَانَاتِ كُلِّهَا وَأَمَّا الْخَبَثَةُ فَهِيَ الزِّنَا وَنَحْوُهُ وَالْعَوَارُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي أَصْنَافِ الثِّيَابِ وَهُوَ الْخَرْقُ وَالْغُضُونُ. (وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ ثِمَارَ كَرْمٍ أَوْ قَرْيَةً أَوْ زَرْعًا) كَتَبْتَ جَمِيعَ الثِّمَارِ الَّتِي فِي كَرْمِهِ ثُمَّ تَحُدُّهُ ثُمَّ تَقُولُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الثِّمَارِ الْقَائِمَةِ الَّتِي هِيَ فِي جَمِيعِ هَذَا الْكَرْمِ الْمَحْدُودِ فِيهِ فَتَصِفُ الثِّمَارَ كُلَّهَا عَلَى مَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ الْعِنَبِ وَالْخَوْخِ وَالْمِشْمِشِ وَهِيَ ثِمَارٌ قَدْ بَدَا صَلَاحُهَا أَوْ زَرْعٌ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ بِكَذَا كَذَا دِرْهَمًا بَيْعًا صَحِيحًا لِيَجُذَّهَا وَيَقْطَعَهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي اسْتِبْقَاءَ الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ فَلَهُ وَجْهَانِ

إنْ شِئْتَ ذَكَرْتَ أَنَّ فُلَانًا الْبَائِعَ هَذَا أَبَاحَ لِلْمُشْتَرِي تَرْكَ الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ الْمُسَمَّاةِ فِي هَذِهِ الْأَشْجَارِ إلَى وَقْتِ كَذَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَانَ فِي الْبَيْعِ وَيُنْهِي الْكِتَابَ، غَيْرَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، فَتَمَامُ هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَقُولَ مَتَى رَجَعَ عَنْ هَذَا الْإِذْنِ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي تَرْكِ هَذِهِ الثِّمَارِ أَوْ الزَّرْعِ إلَى الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ الْمَذْكُورِ فِيهِ بِإِذْنٍ جَدِيدٍ مُسْتَقْبَلٍ (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَيَكْتُبَ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمُشْتَرِيَ اسْتَأْجَرَ مِنْ هَذَا الْبَائِعِ الْمُسَمَّى فِيهِ جَمِيعُ هَذِهِ الْأَرْضِ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ هَذِهِ الزُّرُوعَ لَهُ وَقَبَضَهَا مِنْ الْبَائِعِ الْمُسَمَّى فِيهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَانَ فِي هَذَا الْبَيْعِ بِحُدُودِهَا كُلِّهَا وَحُقُوقِهَا كَذَا كَذَا أَشْهُرًا مُتَوَالِيَةً مِنْ لَدُنْ هَذَا التَّارِيخِ إجَارَةً صَحِيحَةً نَافِذَةً لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا خِيَارَ يَسْقِي هَذَا الْمُشْتَرِي هَذِهِ الزُّرُوعَ الْمُشْتَرَاةَ فِيهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ ثُمَّ يَكْتُبُ: قَبَضَ الْأَرْضَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الزُّرُوعِ لَا فِي الْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْأَشْجَارِ لِاسْتِبْقَاءِ الثِّمَارِ عَلَيْهَا فَالْوَجْهُ الْإِذْنُ وَالْإِبَاحَةُ عَلَى مَا مَرَّ. (وَإِنْ اشْتَرَى الرَّجُلُ الْمَنْزِلَ مِنْ نَفْسِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ) كَتَبْتَ: هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ نَفْسِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فُلَانٍ وَهُوَ ابْنُ كَذَا سَنَةً بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ بِمِثْلِ قِيمَةِ الْمُشْتَرَى لَا وَكْسَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ جَمِيعَ الْمَنْزِلِ الْمَبْنِيِّ وَيَصِفُ الْمَنْزِلَ وَيَذْكُرُ عَدَدَ بُيُوتِهِ وَمَوْضِعَهُ وَحُدُودَهُ وَيُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِ ذِكْرِ قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ ذَكَرْتَ ذَلِكَ وَقُلْتَ قَبَضَ هَذَا الْعَاقِدُ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ هَذَا الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ فِيهِ قَبْضًا صَحِيحًا وَوَقَعَتْ الْبَرَاءَةُ لِهَذَا الصَّغِيرِ الْمُشْتَرَى لَهُ مِنْ هَذَا الثَّمَنِ كُلِّهِ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ وَقَبَضَ هَذَا الْعَاقِدُ مِنْ نَفْسِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ هَذَا جَمِيعَ هَذَا الْمَنْزِلِ فَارِغًا قَبْضًا صَحِيحًا فَصَارَتْ يَدُهُ فِيهِ يَدَ أَمَانَةٍ وَحِفْظٍ لِهَذَا الصَّغِيرِ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ بَعْدَمَا كَانَتْ يَدَ مِلْكٍ وَقَامَ هَذَا الْعَاقِدُ مِنْ مَجْلِسِ هَذَا الْعَقْدِ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَتَمَامِهِ وَفَارَقَهُ بِبَدَنِهِ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ كُلِّهِ إقْرَارًا صَحِيحًا فَإِنْ كَانَ الْأَبُ أَبْرَأَهُ عَنْ الثَّمَنِ كَتَبْتَ وَأَبْرَأَ هَذَا الْعَاقِدُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ الْمُشْتَرَى لَهُ هَذَا مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ إبْرَاءً صَحِيحًا صِلَةً مِنْهُ وَعَطِيَّةً وَمَبَرَّةً وَشَفَقَةً وَوَقَعَتْ الْبَرَاءَةُ لِهَذَا الصَّغِيرِ الْمُشْتَرَى لَهُ مِنْ جَمِيعِ هَذَا الثَّمَنِ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي هَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ الْأَبَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْغَيْرِ فِي الْبَيْعِ مِنْ وَلَدِهِ وَفِي الشِّرَاءِ مِنْ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ اشْتَرَى الْأَبُ دَارَ ابْنِهِ لِنَفْسِهِ كَتَبْتَ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ لِابْنِهِ فُلَانٍ بِنَحْوٍ مِنْ قِيمَتِهِ وَابْنُهُ فُلَانٌ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ فِي حِجْرِهِ يَلِي عَلَيْهِ أَبُوهُ إلَى أَنْ يَقُولَ: وَقَبَضَ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ فُلَانٍ جَمِيعَ هَذَا الثَّمَنِ وَقَبَضَ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ لِنَفْسِهِ وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَزِنَ الثَّمَنَ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ وَيُقْبِضَهُ لِابْنِهِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِابْنِهِ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَأَرَادَ أَنْ يَبْرَأَ مِنْهُ كَانَ لِلَّذِي يُبْرِئُهُ مِنْهُ أَنْ يَزِنَهُ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ وَيَقُولَ اشْهَدُوا أَنَّهُ كَانَ لِابْنِي الصَّغِيرِ فُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا وَقَدْ أَخْرَجْتُهُ مِنْ مَالِي وَهُوَ هَذَا قَبَضْتُهُ لَهُ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ الْأَبَ لَا يَبْرَأُ مِنْ دَيْنِ ابْنِهِ بِالْإِخْرَاجِ وَالْإِشْهَادِ وَهُوَ دَيْنٌ عَلَى حَالِهِ وَعَلَى هَذَا شِرَاءُ الْوَصِيِّ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ غَيْرَ أَنَّ الشَّرْطَ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَيُلْحِقَ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَإِنْ اشْتَرَى الصَّغِيرُ مِنْ مَالِ أَبِيهِ بِإِذْنِهِ وَهُوَ أَحْوَطُ مَا يَكُونُ مِنْ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْأَبِ لِلصَّغِيرِ كَتَبْتَ: هَذَا مَا اشْتَرَى الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي هَذَا الشِّرَاءِ مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ لَا وَكْسَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ مِنْ أَبِيهِ فُلَانٍ ثُمَّ يُنْهَى الصَّكُّ كَمَا يُنْهَى صَكُّ الْأَجَانِبِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (وَإِنْ اشْتَرَى الْمُتَوَلِّي وَالْقَيِّمُ لِلْوَقْفِ بِمَالِ الْوَقْفِ) يَكْتُبُ فِيهِ: هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانٌ الْقَيِّمُ فِي وَقْفِ كَذَا أَوْ يَكْتُبُ الْمُتَوَلِّي فِي وَقْفِ كَذَا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي فُلَانٍ بِمَالِ هَذَا الْوَقْفِ الْمُجْتَمِعِ عِنْدَهُ مِنْ غَلَّاتِهِ تَثْمِيرًا لِمَالِ هَذَا

الفصل العاشر في السلم

الْوَقْفِ وَمَعُونَةً لَهُ عَلَى النَّوَائِبِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ كَذَا وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُزَادَ هَاهُنَا وَكَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ هَذَا أَنْ يُشْتَرَى بِالْمُجْتَمِعِ مِنْ غَلَّاتِهِ مُسْتَغَلًّا آخَرَ يَنْضَمُّ إلَى مَا وَقَفَهُ إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى شَيْئًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ) ثُمَّ إنَّهُ وَلَّى غَيْرَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا كَتَبَ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَقَرَّ عِنْدَهُمْ فِي حَالِ صِحَّةِ بَدَنِهِ وَثَبَاتِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ طَائِعًا رَاغِبًا لَا عِلَّةَ بِهِ تَمْنَعُ صِحَّةَ إقْرَارِهِ مِنْ مَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ كِتَابُ شِرَاءٍ هَذِهِ نُسْخَتُهُ وَيَنْسَخُ كِتَابَ الشِّرَاءِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْإِشْهَادِ ثُمَّ يَقُولُ وَإِنَّ فُلَانًا وَلَّى فُلَانًا جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فِيهِ بِثَمَنِهِ الَّذِي كَانَ ابْتَاعَهُ بِهِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْكِتَابِ تَوْلِيَةً صَحِيحَةً لَا شَرْطَ فِيهَا وَلَا خِيَارَ وَأَنَّ فُلَانًا قَبِلَ هَذِهِ التَّوْلِيَةَ قَبُولًا صَحِيحًا وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ بِتَمَامِهِ وَدَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَبَرِئَ مِنْهُ إلَيْهِ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ ثُمَّ يَكْتُبُ قَبْضَ الْمَبِيعِ وَالرُّؤْيَةَ وَتَفَرُّقَهُمَا وَضَمَانَ الدَّرْكِ لِلْمُوَلِّي عَلَى الْمُوَلَّى ثُمَّ يَكْتُبُ الْإِشْهَادَ وَعَلَى هَذَا فُصِلَ الشَّرِيكُ إلَّا أَنَّكَ تَقُولُ مَكَانَ وَلَّاهُ شَرَكَهُ بِالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَّفِقُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبْعِهِ وَعَلَى هَذَا بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ غَيْرَ أَنَّكَ تَذْكُرُ بَاعَهُ مِنْهُ مُرَابَحَةً بِرِبْحِ كَذَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِي السَّلَمِ] (الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِي السَّلَمِ) اعْلَمْ بِأَنَّ الْمِثَالَ فِي صُكُوكِ السَّلَمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ (أَحَدُهَا) هَذَا مَا أَسْلَمَ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا يُبَيِّنُ النَّقْدَ وَيَقُولُ عَيْنًا حَاضِرَةً فِي الْمَجْلِسِ فِي كَذَا وَكَذَا قَفِيزًا مِنْ حِنْطَةٍ بَيْضَاءَ نَقِيَّةٍ سَقِيَّةٍ مِمَّا سُقِيَ سَيْحًا أَيْ مَاءً جَارِيًا جَيِّدَةٍ بِالْقَفِيزِ الَّذِي يُكَالُ بِهِ فِي بَلَدِ كَذَا إلَى أَجَلِ كَذَا مِنْ لَدُنْ تَارِيخِ هَذَا الذِّكْرِ سَلَمًا صَحِيحًا جَائِزًا لَا شَرْطَ فِيهِ وَلَا خِيَارَ وَلَا فَسَادَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ بَعْدَ مَحِلِّهَا الْمَوْصُوفِ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي مَنْزِلِهِ فِي مِصْرِ كَذَا وَقَبِلَ هَذَا الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ مِنْ رَبِّ السَّلَمِ مُوَاجَهَةً وَقَبَضَ جَمِيعَ الدَّرَاهِمِ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا وَقَبْلَ اشْتِغَالِهِمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ تَفَرُّقَ الْأَبْدَانِ عَنْ صِحَّةٍ وَتَرَاضٍ مِنْهُمَا بِمَوَاجِبِ هَذَا الْعَقْدِ وَانْعِقَادِهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَلَا يَذْكُرُ فِيهِ ضَمَانَ الدَّرْكِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ غَيْرُ مَقْبُوضٍ (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) أَنْ يَكْتُبَ إقْرَارَهُمَا فَيَكْتُبَ: هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَهُ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا أَقَرَّا عِنْدَهُمْ أَنَّ فُلَانًا أَسْلَمَ إلَى فُلَانٍ ثُمَّ يَخْتِمُ الْكِتَابَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. (وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنْ يَبْدَأَ بِإِقْرَارِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَيَعْطِفَ عَلَيْهِ تَصْدِيقَ رَبِّ السَّلَمِ إيَّاهُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ. وَإِنَّمَا كَتَبْنَا نَقِيًّا وَلَمْ نَكْتُبْ نَقِيًّا مِنْ الْعَصْفِ وَالْمَدَرِ وَالْغَلَثِ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ (جودره) كَمَا كَانَ يَكْتُبُهُ مُتَقَدِّمُو أَصْحَابِ الشُّرُوطِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ نَقِيًّا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَا يَكُونُ نَقِيًّا مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْأَخْلَاطِ مِمَّا يَكُونُ أَخْلَاطُهُ بِهِ عَيْبًا وَالنَّقَاءُ الْمُطْلَقُ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلٍّ وَلَمْ نَكْتُبْ حَدِيثَ عَامِّهِ كَمَا كَانَ يَكْتُبُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إيهَامَ أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي قَمْحٍ يَحْدُثُ مِنْ بَعْدُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَقْتَ وُقُوعِ السَّلَمِ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي مُخْتَلِفَيْ النَّوْعِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ رَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا كَانَ مِنْ الْإِسْلَامِ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَلْحَقْتَ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ لِصِحَّتِهِ عَلَى مَا عُرِفَ قَبْلَ هَذَا. (وَالْأَجْنَاسُ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا) مِنْهَا الْأَوَانِي الصِّفْرِيَّةُ وَالشَّبَهِيَّةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ كَذَا عَدَدًا مِنْ الْمُشَمَّعَةِ الْمَضْرُوبَةِ مِنْ الشَّبَهِ الْمُنَقَّشَةِ الْبُخَارِيَّةِ وَزْنُهَا كَذَا بِوَزْنِ بُخَارَى أَوْ مِنْ الْمُشَمَّعَةِ الشِّبَهِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ بِخَيْزُرَانَ أَمَّا الْقُمْقُمَةُ فَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْقُمْقُمَةِ الْمَعْرُوفَةِ ببرنج كَذَا الْكِبَارُ مِنْهَا كَذَا عَدَدًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَذَا مَنًّا بِوَزْنِ أَهْلِ بُخَارَى يَسَعُ كُلُّ قُمْقُمَةٍ مِنْهَا كَذَا مَنًّا مِنْ الْمَاءِ. وَالْكِبَارُ مَعْرُوفَةٌ بِالسَّمَرْقَنْدِيَّةِ وَالصِّغَارُ مِنْهَا كَذَا وَزْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَذَا مَنًّا بِوَزْنِ أَهْلِ بُخَارَى وَيَسَعُ

الفصل الحادي عشر في الشفعة

كَذَا مَنًّا مِنْ الْمَاءِ وَعَلَى هَذَا الطِّسَاسُ والفنجانات أَمَّا الْحَدِيدِيَّةُ فَمِنْهَا كَذَا عَدَدًا مِنْ الْمُرُورِ الْمَضْرُوبَةِ مِنْ الْحَدِيدِ الذَّكَرِ الْمَعْرُوفِ. (ببولاد) وَمِنْ الْحَدِيدِ الْمَعْرُوفِ (بنرم آهن) الصَّالِحَةِ لِعَمَلِ الْحِرَاثَةِ كُلُّ مَرٍّ مِنْهَا كَذَا مَنًّا بِوَزْنِ أَهْلِ بُخَارَى كُلُّهَا مَفْرُوغٌ عَنْهَا وَالْمِسْحَاةُ عَلَى هَذَا أَمَّا الزُّجَاجِيَّةُ فَمِنْهَا طَابِقَاتُ الطارم كَذَا عَدَدًا مِنْ الطَّابِقَاتِ الزُّجَاجِيَّةِ الصَّالِحَةِ للطارم قُطْرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا شِبْرُ كُلِّ عَشْرٍ مِنْهَا مَنَوَانِ أَوْ ثَلَاثَةُ أَمْنَاءَ عَلَى حَسَبِ مَا يَكُونُ مِنْ الطَّابِقَاتِ الْمَعْرُوفَةِ (بكليداني) كُلُّ عَشْرَةٍ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَمْنَاءَ بِوَزْنِ أَهْلِ بُخَارَى قُطْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا نِصْفُ ذِرَاعٍ بِذُرْعَانِ أَهْلِ بُخَارَى وَمِنْ الْخُمَاسِيَّاتِ كَذَا عَدَدًا وَيَصِفُهَا بِمَا يَكُونُ وَصْفُهَا فِي أَلْسِنَةِ الزَّجَّاجِينَ كُلُّ عَشْرَةٍ مِنْهَا كَذَا مَنًّا يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَذَا مَنًّا مِنْ الْمَائِعِ وَمِنْ الْقِرْبَاتِ كَذَا عَدَدًا مِنْ الْقِرْبَاتِ الزُّجَاجِيَّةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا نِصْفُ مَنٍّ أَوْ عَشْرَةُ أَسَاتِيرَ أَوْ مَنٌّ وَاحِدٌ يَسَعُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا كَذَا مَنًّا مِنْ الْمَائِعِ أَمَّا الْقَارُورَاتُ فَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْقَارُورَاتِ الزُّجَاجِيَّةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا نِصْفُ مَنٍّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَأَمَّا الْقِبَابُ كَذَا عَدَدًا الْكِبَارُ الْمَعْرُوفَةُ (بشش تانكى) كَذَا قُطْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ذِرَاعٌ وَاحِدَةٌ وَنِصْفُ ذِرَاعٍ كَمَا يَكُونُ وَالْأَوْسَاطُ الْمَعْرُوفَةُ (بجهار تانكى) كَذَا قُطْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ذِرَاعٌ كُلُّهَا مَفْرُوغٌ عَنْهَا وَالصِّغَارُ عَلَى هَذَا وَمِنْ الْأَوَانِي الْخَزَفِيَّةِ فَمِنْهَا كَذَا عَدَدًا مِنْ الْكِيزَانِ الْخَزَفِيَّةِ الوركشية الْمَعْرُوفَةِ بِالْفِنْجَانِ وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْكِيزَانِ الْمَعْرُوفَةِ. (بدو كانى اوسه كانى) وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْأَوْسَاطِ الْمَعْرُوفَةِ (بكا سفراك) وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الصِّغَارِ الْمَعْرُوفَةِ بِكَذَا وَكُلُّهَا عَدَدِيَّاتٌ مُتَقَارِبَةٌ لَا يَجْرِي فِيهَا تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ أَمَّا الْغِطَاءُ فَهُوَ مَا يُغَطَّى بِهِ رَأْسُ التَّنُّورِ الْمُثَفَّى فَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْغِطَاءِ الْخَزَفِيِّ الوركشي الصَّالِحِ لِلْوَضْعِ عَلَى رَأْسِ التَّنُّورِ قُطْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَذَا ذِرَاعًا بِذُرْعَانِ أَهْلِ بُخَارَى وَأَمَّا الْقِدْرُ فَتَصِفُهَا كَمَا وَصَفْنَا الْكِيزَانَ وَكَذَا الْجِرَارُ وَالْحِبَابُ عَلَى هَذَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. . [الْفَصْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الشُّفْعَةِ] (الْفَصْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الشُّفْعَةِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارًا وَقَبَضَهَا وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَلَهَا شَفِيعٌ فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا كَيْفَ يَكْتُبُ؟ فَنَقُولُ: إنَّمَا يَكُونُ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ طَلَبٍ صَحِيحٍ. وَالطَّلَبُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ، طَلَبُ مُوَاثَبَةٍ وَطَلَبُ إشْهَادٍ وَتَقْرِيرٍ وَطَلَبُ تَمْلِيكٍ فَإِذَا أَتَى بِهَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الطَّلَبِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَإِذَا طَلَبَ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ فَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ فَإِنَّهُ يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الذِّكْرِ أَنَّ فُلَانًا كَانَ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا بِكَذَا شِرَاءً صَحِيحًا وَقَبَضَ الدَّارَ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَأَنَّ فُلَانًا شَفِيعَ هَذِهِ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ بِكَذَا يَذْكُرُ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِهِ لِلشُّفْعَةِ فَإِنَّ الشَّفِيعَ هَذَا أَوَّلُ مَا أُخْبِرَ بِشِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ بِهَذَا الثَّمَنِ طَلَبَ الشُّفْعَةَ سَاعَتَئِذٍ طَلَبَ مُوَاثَبَةٍ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ وَلَا لُبْثٍ طَلَبًا صَحِيحًا. وَقَالَ أَنَا طَالِبٌ لِشُفْعَتِي فِي هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ بِسَبَبِ كَذَا فَهَذَا هُوَ تَمَامُ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذَا الْكِتَابِ اسْمَ مُشْتَرِي الدَّارِ وَاسْمَ بَائِعِهَا وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ الْبَائِعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجُوزُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْقَبْضِ الْخُصُومَةَ مَعَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ بَعْدَ الْقَبْضِ أَخَذَ الشُّفْعَةَ مِنْهُمَا فَذَكَرْنَا اسْمَهُمَا تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ وَذَكَرَ فِيهِ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ مُخْتَلِفَةٌ وَالْعُلَمَاءُ مُخْتَلِفُونَ فِيهَا فَعِنْدَ بَعْضِهِمْ الشُّفْعَةُ بِالْأَبْوَابِ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ بِجِوَارِ الْمُقَابَلَةِ وَعِنْدَنَا بِجِوَارِ الْمُلَاصَقَةِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الشُّفْعَةُ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْجِوَارِ أَصْلًا وَعِنْدَنَا الشُّفْعَةُ تُسْتَحَقُّ عَلَى مَرَاتِبَ، أَوَّلًا تُسْتَحَقُّ بِالشَّرِكَةِ فِي عَيْنِ الْبُقْعَةِ ثُمَّ بِالشَّرِكَةِ فِي حُقُوقِ الْمِلْكِ

وَهُوَ الطَّرِيقُ ثُمَّ بِالْجِوَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيَّنَ حَتَّى يَعْلَمَ الْقَاضِي هَلْ هُوَ مَحْجُوبٌ بِغَيْرِهِ وَكَتَبَ أَوَّلَ مَا أُخْبِرَ بِشِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ وَلَمْ يَكْتُبْ حِينَ عَلِمَ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ حَقِيقَةً لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ وَحَقُّ الشُّفْعَةِ يَسْقُطُ إذَا لَمْ يُطْلَبْ عِنْدَ إخْبَارِ مَنْ دُونَهُمْ فَإِنَّ الْمُخَبِّرَ إذَا كَانَ رَسُولًا وَهُوَ عَدْلٌ أَوْ فَاسِقٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ صَغِيرٌ أَوْ بَالِغٌ وَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ فَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَإِذَا كَانَ الْمُخَبِّرُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَخْبَرَهُ بِالْبَيْعِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عُدُولٌ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا وُجِدَ فِي الْمُخَبِّرِ أَحَدُ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ إمَّا الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ وَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَ هَذَا الْوَاحِدُ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ إذَا ظَهَرَ صِدْقُ هَذَا الْمُخَبِّرِ فَكَتَبْنَا أَوَّلَ مَا أُخْبِرَ حَتَّى لَا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُ تَرَكَ الطَّلَبَ عِنْدَ إخْبَارِ الْوَاحِدِ أَوْ الْمَثْنَى وَتَوَقَّفَ إلَى وَقْتِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ وَقَدْ يَطْلُبُ شُفْعَتَهُ وَكَتَبْنَا أَوَّلَ مَا أُخْبِرَ حَتَّى لَا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُ أُخْبِرَ مَرَّةً وَلَمْ يَطْلُبْ ثُمَّ أُخْبِرَ ثَانِيًا وَطَلَبَ، وَهَذَا الطَّلَبُ لَا يَصِحُّ فَكَتَبْنَا ذَلِكَ لِقَطْعِ هَذَا الْوَهْمِ وَكَتَبْنَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ سَاعَتَئِذٍ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَوْ لَمْ يَطْلُبْ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ. وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ وَقَّتَهُ بِمَجْلِسِ الْعِلْمِ وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَوْ اقْتَصَرْنَا عَلَى أَنَّهُ طَلَبَ طَلَبًا صَحِيحًا بِمَا يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُ لَمْ يَطْلُبْ عَلَى الْفَوْرِ وَطَلَبَ بَعْدَ ذَلِكَ وَوَصَفَهُ الْكَاتِبُ بِالصِّحَّةِ مُتَأَوِّلًا قَوْلَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ كَتَبْنَا لَفْظَ " طَلَبَ الشُّفْعَةَ " وَالْمَشَايِخُ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ عَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ إذَا طَلَبَ بِأَيِّ لَفْظٍ عُرِفَ فِي مُتَعَارَفِ النَّاسِ أَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ الطَّلَبَ أَنَّهُ يَصِحُّ بِأَنْ قَالَ: طَلَبْتُ، أَطْلُبُ، أَنَا طَالِبٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْإِشْهَادُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَكَذَلِكَ حَضْرَةُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ الدَّارِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ. ثُمَّ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ يَحْتَاجُ إلَى طَلَبِ الْإِشْهَادِ وَالتَّقْرِيرِ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ هَذَا الطَّلَبِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ عِنْدَ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ، وَهَذَا الطَّلَبُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ أَحَدُ هَؤُلَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ عِنْدَ أَحَدِ هَؤُلَاءِ يَكْتَفِي بِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَبٍ آخَرَ بَعْدَهُ سِوَى طَلَبِ التَّمْلِيكِ، وَمُدَّةُ هَذَا الطَّلَبِ مُقَدَّرَةٌ بِالتَّمَكُّنِ عِنْدَ حَضْرَةِ أَحَدِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ حَتَّى لَوْ تَمَكَّنَ وَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَ حَقُّهُ وَالْإِشْهَادُ فِي هَذَا الطَّلَبِ غَيْرُ لَازِمٍ حَتَّى لَوْ لَمْ يُشْهِدْ وَالْخَصْمُ اعْتَرَفَ بِهَذَا الطَّلَبِ كَفَاهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الطَّلَبُ بِحَضْرَةِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ عُرِفَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ، وَإِنْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَتَوَثَّقَ بِالْكِتَابَةِ لِطَلَبِ الْإِشْهَادِ كَتَبَ هَذَا كِتَابٌ فِيهِ ذِكْرُ مَا اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ وَيَنْسَخُ كِتَابَ الشِّرَاءِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَهُ وَإِنَّ فُلَانًا - يَعْنِي الشَّفِيعَ - أَوَّلُ مَا أُخْبِرَ بِشِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ مِنْهُ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ طَلَبَ الشُّفْعَةَ سَاعَتَئِذٍ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبَ الْإِشْهَادَ وَالتَّقْرِيرَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ وَتَقْصِيرٍ بِحَضْرَةِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ وَيَذْكُرُ ذَلِكَ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَذْكُرَ الطَّلَبَ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ فَابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: الشَّفِيعُ يَأْخُذُ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَالْخُصُومَةُ مَعَهُ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْحَالَيْنِ وَالْخُصُومَةُ مَعَهُ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ. وَعِنْدَنَا الْخُصُومَةُ مَعَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ

وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ الْخُصُومَةُ مَعَ الْمُشْتَرِي وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ فَيَكْتُبُ الْآخِذَ مِنْهُمَا احْتِيَاطًا ثُمَّ إذَا طَلَبَ الشَّفِيعُ الطَّلَبَيْنِ فَإِنْ سَاعَدَهُ الْخَصْمُ عَلَى التَّسْلِيمِ فَقَدْ تَمَّ الْأَمْرُ وَانْتَهَى نِهَايَتَهُ وَإِنْ أَبَى التَّسْلِيمَ فَالشَّفِيعُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَيَطْلُبُ مِنْهُ الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ لَهُ بِسَبَبِ شُفْعَتِهِ فَإِنْ سَاعَدَهُ الْخَصْمُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَأَرَادَ الشَّفِيعُ وَثِيقَةَ كِتَابٍ فِي ذَلِكَ فَوَجْهُ كِتَابَتِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ - لِفُلَانِ بْن فُلَانٍ - يَعْنِي الشَّفِيعَ - إنِّي كُنْتُ اشْتَرَيْتُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَحُدُودُهَا كَذَا بِكَذَا مِنْ الثَّمَنِ وَيُتِمُّ حِكَايَةَ الشِّرَاءِ إلَى آخِرِهَا ثُمَّ يَكْتُبُ وَإِنَّكَ كُنْتَ شَفِيعَ هَذِهِ الدَّارِ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ أَوْ الْخُلْطَةِ أَوْ الْجِوَارِ وَحِينَ بَلَغَكَ أَوَّلُ خَبَرِ شِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ طَلَبْتَ الشُّفْعَةَ طَلَبَ مُوَاثَبَةٍ وَطَلَبَ إشْهَادٍ وَيَكْتُبُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبَ الْإِشْهَادِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا طَلَبًا صَحِيحًا يُوجِبُ الْحُكْمُ تَسْلِيمَهَا إلَيْكَ وَإِعْطَاءَهَا إيَّاكَ بِالشُّفْعَةِ فَأَعْطَيْتُكَهَا ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ عَلَى حَسَبِ مَا تَبَيَّنَ. وَاخْتَارَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي هَذَا: هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ وَالْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابَ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا كَانَ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَنْسَخُ صَكَّ الشِّرَاءِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الدَّارَ لَا يَذْكُرُ قَبْضَ الدَّارِ ثُمَّ يَكْتُبُ: وَإِنَّ فُلَانًا كَانَ شَفِيعًا لِهَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ شُفْعَةَ جِوَارِ هَذِهِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ لَزِيقُ أَحَدِ حُدُودِ هَذِهِ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ أَوْ يَقُولُ: شُفْعَةَ شَرِكَةٍ فَإِنَّ نِصْفَ هَذِهِ الدَّارِ مَشَاعًا مِلْكُهُ فَطَلَبُ الشُّفْعَةِ فِيهَا حِينَ عَلِمَ بِهَذَا الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ طَلَبًا صَحِيحًا بِمُوَاجَهَةِ هَذَيْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ طَلَبًا يُوجِبُ الْحُكْمُ تَسْلِيمَهَا إلَيْهِ وَإِعْطَاءَهَا بِالشُّفْعَةِ فَأَجَابَهُ إلَيْهَا هَذَانِ الْمُتَبَايِعَانِ فَأَعْطَاهُ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ هَذَا الْبَيْعُ بِجَمِيعِ هَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إعْطَاءً صَحِيحًا لَا شَرْطَ فِيهِ وَلَا خِيَارَ وَلَا فَسَادَ وَقَبَضَ هَذَا الْبَائِعُ جَمِيعَ هَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ بِإِيفَاءِ هَذَا الشَّفِيعِ إيَّاهُ ذَلِكَ تَامًّا وَافِيًا وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ بِإِذْنِ هَذَا الْمُشْتَرِي الْمُسَمَّى فِيهِ لَهُ بِذَلِكَ وَقَبَضَ هَذَا الشَّفِيعُ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذَا الْبَيْعِ وَالْإِعْطَاءِ بِالشُّفْعَةِ بِتَسْلِيمِ هَذَا الْبَائِعِ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ فَارِغًا عَنْ كُلِّ مَانِعٍ وَمُنَازِعٍ بِإِذْنِ هَذَا الْمُشْتَرِي فَمَا أَدْرَكَ هَذَا الشَّفِيعُ مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى هَذَا الْبَائِعِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي شُفْعَةِ الْجِوَارِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَلَا يَذْكُرُ ضَمَانَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالزَّرْعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا فِي الشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الدَّارَ وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَلَا خُصُومَةَ مَعَ الْبَائِعِ وَإِنَّمَا الْخُصُومَةُ مَعَ الْمُشْتَرِي وَيَكْتُبُ هَذِهِ الْوَثِيقَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ مِنْهُ هَذَا إذَا كَانَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَإِنْ كَانَ الْأَخْذُ بِقَضَاءٍ يَكْتُبُ مَكَانَ قَوْلِهِ فَأَجَابَاهُ إلَيْهَا فَتَرَافَعُوا إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ فَقَضَى بِثُبُوتِ هَذَا الْحَقِّ بَعْدَ خُصُومَةٍ صَحِيحَةٍ جَرَتْ بَيْنَهُمْ فَحَكَمَ عَلَيْهِمَا بِتَسْلِيمِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ إلَيْهِ بِحَقِّ هَذِهِ الشُّفْعَةِ فَأَعْطَيَاهُ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ هَذَا الْبَيْعُ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (وَفِي طَلَبِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ) يَكْتُبُ وَكَانَ فُلَانٌ الصَّغِيرُ شَفِيعَ هَذِهِ الدَّارِ وَفِي الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ يَكْتُبُ وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ أَنْ جَحَدَ هَذَا الْمُشْتَرِي دَعْوَى هَذَا الشَّفِيعِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الشُّفْعَةِ فَاسْتَحْلَفَهُ هَذَا الْقَاضِي عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ عِنْدَهُ مِرَارًا فَقَضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ حَلَفَ الشَّفِيعُ بِاَللَّهِ مَا سَلَّمَ هَذِهِ الشُّفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي وَقَدْ أَشْهَدَ هُوَ عَلَى الطَّلَبِ فِي مَجْلِسِهَا الَّذِي بَلَغَهُ فِيهِ وَأَخَذَ فِي الْعَمَلِ فِي طَلَبِهَا وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا ذَكَرَهُ وَذَكَرَ أَنَّ الشَّفِيعَ نَقَدَ مِثْلَهُ لِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِعَبْدٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَأَخْذُ الشَّفِيعِ يَكُونُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ وَيَكْتُبُ فِي هَذِهِ الْوَثِيقَةِ

الفصل الثاني عشر في الإجارات والمزارعات

فَأَوْجَبَ الْحُكْمُ الْأَخْذَ بِالْقِيمَةِ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا غِطْرِيفِيَّةً جَيِّدَةً بِتَقْوِيمِ الْعُدُولِ وَالْأُمَنَاءِ الَّذِينَ يَدُورُ عَلَيْهِمْ أَمْرُ التَّقْوِيمِ لِأَمْثَالِ هَذِهِ السِّلَعِ، وَالْأَحْوَطُ تَسْمِيَةُ أُولَئِكَ الْمُقَوِّمِينَ وَذِكْرُ إقْرَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الْقِيمَةَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لِلدَّارِ شُفَعَاءُ وَحَضَرَ أَحَدُهُمْ فَأَخَذَ كُلَّهَا ثُمَّ حَضَرَ آخَرُ وَأَثْبَتَ اسْتِحْقَاقَهُ فَأَعْطَى نَصِيبَهُ مِنْهَا كَتَبَ: شَهِدُوا أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ كَانَ اشْتَرَى مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ وَيَحُدُّهَا بِكَذَا وَتَقَابَضَا وَتَفَرَّقَا ثُمَّ حَضَرَ فُلَانٌ وَكَانَ شَفِيعَهَا فَحَضَرَ وَطَلَبَ شُفْعَتَهُ فِيهَا بِشَرَائِطِهَا فَقَضَى لَهُ بِهَا وَأَمَرَ الْقَاضِي الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ بِتَسْلِيمِهَا إلَيْهِ فَفَعَلَ ثُمَّ إنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ حَضَرَ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ شَفِيعُهَا وَأَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ طَلَبَ الشُّفْعَةَ فِيهَا بِشَرَائِطِهَا وَسَأَلَ الْقَاضِيَ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ نَصِيبَهُ مِنْهَا بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهَا وَهُوَ كَذَا بِشُفْعَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ فَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْبَائِعَ وَالشَّفِيعَ الْأَوَّلَ قَبْضَ هَذَا الثَّمَنِ وَتَسْلِيمَ نَصِيبِهِ مِنْهَا إلَيْهِ فَفَعَلَا وَقَبَضَ فُلَانٌ الشَّفِيعُ الثَّانِي كَذَا مِنْ الدَّارِ بَعْدَ إيفَاءِ هَذَا الثَّمَنِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْإِجَارَاتِ وَالْمُزَارَعَاتِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْإِجَارَاتِ وَالْمُزَارَعَاتِ) (نَوْعٌ فِي الْإِجَارَاتِ) الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةُ الْمَرْسُومَةُ بَيْنَ أَهْلِ بُخَارَى صُورَتُهَا أَنْ يَكْتُبَ: هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَيَذْكُرُ حِلْيَتَهُ وَمَعْرُوفِيَّتَهُ وَمَسْكَنَهُ اسْتَأْجَرَ جَمِيعَ الْمَنْزِلِ الْمَبْنِيِّ الْمُشْتَمِلِ عَلَى دَارٍ وَبَيْتَيْنِ لِلْمُقَامِ فِيهَا وَهُوَ مُسَقَّفٌ بِسَقْفَيْنِ ذَكَرَ الْآجُرَّ هَذَا أَنَّ جَمِيعَهُ لَهُ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدِهِ وَمَوْضِعُهُ فِي كُورَةِ. كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا فِي سِكَّةِ كَذَا بِحَضْرَةِ مَسْجِدِ كَذَا فَأَحَدُ حُدُودِهِ لَزِيقُ مَنْزِلِ فُلَانٍ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ كَذَا وَالرَّابِعُ لَزِيقُ الطَّرِيقِ وَإِلَيْهِ الْمَدْخَلُ فِيهِ بِحُدُودِهِ كُلِّهَا وَحُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ مِنْ حُقُوقِهِ أَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَسُفْلِهِ وَعُلُوِّهِ وَكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ فِيهِ دَاخِلٍ فِيهِ وَخَارِجٍ مِنْهُ إحْدَى وَثَلَاثِينَ سَنَةً مُتَوَالِيَةً غَيْرَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةٍ أَوَّلُهَا أَوَّلُ الْيَوْمِ الَّذِي يَتْلُو تَارِيخَ هَذَا الصَّكِّ بِكَذَا دِينَارٍ نِصْفُهَا كَذَا دِينَارًا عَلَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ سَنَةٍ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةٍ مُتَوَالِيَةٍ مِنْ أَوَائِلِهَا مَا خَلَا الْأَيَّامَ الْمُسْتَثْنَاةَ مِنْهَا بِشَعِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَزْنًا مِنْ دِينَارٍ وَاحِدٍ مِنْهَا وَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ الَّتِي هِيَ تَتِمَّةُ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِبَقِيَّةِ هَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقُّ فَسْخِ بَقِيَّةِ عُقْدَةِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ يَفْسَخُهَا أَيُّهُمَا أَحَبَّ الْفَسْخَ. وَأَرَادَ اسْتِئْجَارًا صَحِيحًا وَالْآجِرُ الْمَذْكُورُ فِيهِ آجَرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا جَمِيعَ مَا يُثْبِتُ إجَارَتَهُ فِيهِ بِهَذِهِ الْأُجْرَةِ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ مِنْ حُقُوقِهِ إجَارَةً صَحِيحَةً خَالِيَةً عَمَّا يُبْطِلُهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهُ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا بِنَفْسِهِ وَثِقْلِهِ وَأَمْتِعَتِهِ وَأَنْ يُسْكِنَ فِيهِ مَنْ شَاءَ وَأَنْ يُؤَاجِرَهُ مِمَّنْ يَشَاءُ وَأَنْ يُعِيرَهُ مِمَّنْ يَشَاءُ وَقَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا بِنَفْسِهِ جَمِيعَ هَذَا الْمَنْزِلِ الْمَحْدُودِ قَبْضًا صَحِيحًا بِتَسْلِيمِ الْآجِرِ هَذَا ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ تَسْلِيمًا صَحِيحًا فَارِغًا وَقَبَضَ الْآجِرُ هَذَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا جَمِيعَ هَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ بِتَمَامِهَا قَبْضًا صَحِيحًا مُعَجَّلَةً بِتَعْجِيلِ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ وَضَمِنَ الْآجِرُ هَذَا لِلْمُسْتَأْجِرِ هَذَا الدَّرْكَ فِيمَا يُثْبِتُ إجَارَتَهُ فِيهِ ضَمَانًا صَحِيحًا وَتَفَرَّقَا طَائِعَيْنِ حَالَ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِمَا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا مُقِرَّيْنِ بِذَلِكَ كُلِّهِ مُشْهِدَيْنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فِي تَارِيخِ كَذَا وَهَذَا الصَّكُّ الَّذِي كَتَبْنَاهُ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ نَظَائِرُهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالنُّسْخَةُ الَّتِي اخْتَارَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ فِي هَذَا: هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي هِيَ مِلْكُهُ. وَفِي يَدِهِ بِمَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا أَرْضِهَا وَبِنَائِهَا وَسُفْلِهَا وَعُلُوِّهَا وَمَرَافِقُهَا مِنْ حُقُوقِهَا، وَكُلُّ دَاخِلٍ فِيهَا وَخَارِجٍ مِنْهَا مِنْ حُقُوقِهَا، وَكُلُّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فِيهَا مِنْ حُقُوقِهَا سَنَةً كَامِلَةً بِالْأَهِلَّةِ

اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مُتَوَالِيَةً أَوَّلُهَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا وَآخِرُهَا سَلْخُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا نِصْفُهَا كَذَا دِرْهَمًا حِصَّةُ كُلِّ شَهْرٍ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ هَذِهِ الْأُجْرَةِ إجَارَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً نَافِذَةً بَاتَّةً خَالِيَةً عَنْ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ وَالْمَعَانِي الْمُبْطِلَةِ وَذَلِكَ كُلُّهُ أَجْرُ مِثْلِ جَمِيعِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ يَوْمَ وَقَعَتْ لَا وَكْسَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا فِي جَمِيعِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِنَفْسِهِ وَيُسْكِنُهَا مَنْ أَحَبَّ كَمَا أَحَبَّ بِمَا أَحَبَّ وَيَنْتَفِعُ بِهَا بِوُجُوهِ مَنَافِعِهَا بِالْمَعْرُوفِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ نَقَدَ الْأُجْرَةَ يَكْتُبُ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هَذَا عَجَّلَ كُلَّ هَذِهِ الْأُجْرَةِ لِتَمَامِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَتَعَجَّلَهَا مِنْهُ الْآجِرُ هَذَا وَبَرِئَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْأُجْرَةِ لِهَذِهِ الْمُدَّةِ إلَى هَذَا الْآجِرِ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ نَقَدَ الْأُجْرَةَ يَكْتُبُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا تَمَامَ هَذِهِ الْأُجْرَةِ إلَى الْآجِرِ هَذَا بَعْدَ تَمَامِ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَوْ يَكْتُبُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ حِصَّةَ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ هَذِهِ الْأُجْرَةِ عِنْدَ مُضِيِّ ذَلِكَ الشَّهْرِ وَقَبَضَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ هَذَا الْآجِرِ جَمِيعَ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ كَمَا وَقَعَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ فَارِغَةً عَنْ كُلِّ مَانِعٍ وَمُنَازِعٍ عَنْ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ بِتَسْلِيمِ هَذَا الْآجِرِ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا وَتَمَامِهَا تَفَرُّقَ الْأَبْدَانِ، وَالْأَقْوَالُ بَعْدَ إقْرَارِ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ كُلَّهُ وَعَرَفَهُ وَرَضِيَ بِهِ وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ وَلَا يَكْتُبُ ضَمَانَ الدَّرْكِ فِي الَّذِي لَا تَكُونُ الْأُجْرَةُ فِيهِ مَقْبُوضَةً وَيَكْتُبُ فِيمَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِيهِ مَقْبُوضَةً مُعَجَّلَةً فَإِنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ وَالْمَقْبُوضُ بَعْضَ الْأُجْرَةِ يَكْتُبُ ضَمَانَ الدَّرْكِ فِي الْقَدْرِ الْمَقْبُوضِ وَضَمَانُ أَصْلِ الْأُجْرَةِ كَضَمَانِهِ دَيْنًا آخَرَ فَيَكْتُبُ هَاهُنَا كَمَا يَكْتُبُ فِيهِ ثَمَّةَ وَبَعْضُ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ اخْتَارُوا لَفْظَةَ الْقَبَالَةِ فِي هَذَا فَكَتَبُوا هَذَا مَا تَقَبَّلَ فُلَانٌ قَبَالَةً صَحِيحَةً وَقَبَضَ هَذَا الْمُقَبِّلُ وَسَلَّمَ هَذَا الْمُسْتَقْبِلُ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ هَذِهِ الْقَبَالَةِ وَعَلَى هَذَا إجَارَةُ الْحَانُوتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّاحُونَةِ وَالْحَمَّامِ وَكُلِّ مَحْدُودٍ وَلَكِنْ يَذْكُرُ عِنْدَ قَوْلِهِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا مَا هُوَ مِنْ خَوَاصِّ مَرَافِقِهَا كَمَا فِي الشِّرَاءِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ سِوَى الْمَنْزِلِ بِأَنْ كَانَ كَرْمًا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ الْإِجَارَةَ عَلَى أَصْلِ الْكَرْمِ دُونَ الْأَشْجَارِ وَالْقُضْبَانِ وَالزَّرَاجِين؛ لِأَنَّ إجَارَتَهَا بَاطِلَةٌ وَالزَّرْعُ فِي الْأَرَاضِي كَذَلِكَ فَيَكْتُبُ: اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ جَمِيعَ أَصْلِ الضَّيْعَةِ الَّتِي هِيَ كَرْمٌ مَحُوطٌ إنْ كَانَ الْكَرْمُ مَحُوطًا وَجَمِيعَ دَبَرَاتِ أَرْضٍ ذَكَرَ الْآجِرُ هَذَا أَنَّهَا لَهُ وَمِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدِهِ وَمَوْضِعُهَا فِي أَرْضِ قَرْيَةِ كَذَا مِنْ قُرَى كُورَةِ بُخَارَى مِنْ عَمَلِ ذَرَا وَمِنْ عَمَلِ قر عددا وَمِنْ عَمَلِ سامحن مَأْذُونٍ وَيَكْتُبُ حُدُودَهَا كَمَا تَكُونُ ثُمَّ يَقُولُ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا الَّتِي هِيَ لَهَا بَعْدَمَا بَاعَ الْآجِرُ هَذَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا جَمِيعَ مَا فِي هَذَا الْكَرْمِ مِنْ الْأَشْجَارِ وَالْقُضْبَانِ وَالزَّرَاجِين وَالْأَغْرَاسِ وَمَا فِي هَذِهِ الْأَرَاضِي مِنْ الزُّرُوعِ وَشِرَاءِ الْبِطِّيخِ وَقَوَائِمِ الْقُطْنِ بِأُصُولِ جَمِيعِهَا وَعُرُوقِهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ هُوَ كَذَا بَيْعًا صَحِيحًا وَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هَذَا اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ الْمَعْلُومِ شِرَاءً صَحِيحًا وَتَقَابَضَا قَبْضًا صَحِيحًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ جَمِيعَ مَا تَثْبُتُ إجَارَتُهُ فِيهِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ سَنَةً مُتَوَالِيَةً غَيْرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ إلَى آخِرِ الصَّكِّ. . وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي وَقْتٍ يَكُونُ عَلَى الْأَشْجَارِ ثِمَارٌ وَعَلَى الزَّرَاجِينِ أَعْنَابٌ يَكْتُبُ بَعْدَ قَوْلِهِ جَمِيعَ الْأَشْجَارِ وَالزَّرَاجِين وَالْأَغْرَاسِ وَجَمِيعَ مَا عَلَى هَذِهِ الْأَشْجَارِ مِنْ الثِّمَارِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْكَرْمِ أَشْجَارُ الْخِلَافِ يَكْتُبُ وَجَمِيعَ أَشْجَارِ الْخِلَافِ الَّتِي فِي هَذَا الْكَرْمِ؛ لِأَنَّ قَوَائِمَ الْخِلَافِ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَرِ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ هُوَ الْمُخْتَارُ وَهَذِهِ الْإِجَارَةُ مُسْتَخْرَجَةٌ مِنْ مَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ وَهِيَ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ

الرَّجُلُ دَارًا مِنْ رَجُلَيْنِ عَشْرَ سِنِينَ فَخَافَ أَنْ يُخْرِجَاهُ مِنْهَا وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَوْثِقَ مِنْ ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الدَّارَ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ الشُّهُورِ الْأُوَلِ بِدِرْهَمٍ وَالشَّهْرَ الْأَخِيرَ بِبَقِيَّةِ الْأَجْرِ فَإِنَّ مُعْظَمَ الْأَجْرِ مَتَى كَانَ لِلشَّهْرِ الْأَخِيرِ فَإِنَّهُمَا لَا يُخْرِجَانِهِ مِنْ الدَّارِ وَقَدْ حُكِيَ أَنَّهُ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ يَكْتُبُونَ بَيْعَ الْمُعَامَلَةِ فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ الْفَقِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَرِهَ ذَلِكَ لِمَكَانِ شُبْهَةِ الرِّبَا وَأَحْدَثَ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الْإِجَارَةِ لِيَصِلَ النَّاسُ إلَى الِاسْتِرْبَاحِ بِأَمْوَالِهِمْ فَيَحْصُلُ لَهُمْ مَنْفَعَةُ الْأَرْضِ وَالدَّارِ مَعَ الْأَمْنِ عَنْ ذَهَابِ شَيْءٍ مَقْصُودٍ مِنْ الْمَالِ فَجَعَلَ بِمُقَابِلِهِ السِّنِينَ الْمُتَقَدِّمَةَ شَيْئًا قَلِيلًا وَجَعَلَ بَقِيَّةَ الْمَالِ لِلسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ وَاسْتَثْنَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ وَإِنَّمَا أَثْبَتَ الْخِيَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُمْكِنَهُ الْفَسْخُ وَالْوُصُولُ إلَى مَالِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى هَذِهِ الْأَيَّامَ مِنْ الْعَقْدِ حَتَّى لَا يَكُونَ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَحَتَّى لَا يُشْتَرَطَ حَضْرَةُ صَاحِبِهِ لِصِحَّةِ الْفَسْخِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنَّهُ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا قَدَّرُوا بِإِحْدَى وَثَلَاثِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ يُسْتَثْنَى ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْغَالِبِ. وَإِذَا اسْتَثْنَيْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ فِي صَكِّنَا هَذَا تَكُونُ الْأَيَّامُ الْمُسْتَثْنَاةُ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ ثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا وَذَلِكَ سَنَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَبْقَى عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِي ثَلَاثِينَ سَنَةً وَإِنَّمَا عَقَدُوا عَقْدَ الْإِجَارَةِ فِي ثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يَعْقِدُوا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ثَلَاثِينَ سَنَةً نِصْفُ الْعُمْرِ فِي الشَّرْعِ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِينَ» . وَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مُعْتَرَكُ الْمَنَايَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِينَ» . فَكَرِهُوا الزِّيَادَةَ عَلَى نِصْفِ الْعُمْرِ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ مُعْتَبَرٌ بِالْكُلِّ حَتَّى كَانَ إدْرَاكُ أَكْثَرِ الرَّكْعَةِ بِمَنْزِلَةِ إدْرَاكِ الْكُلِّ وَحِينَئِذٍ يَتَمَكَّنُ شُبْهَةُ التَّأْبِيدِ فِيهَا وَالتَّأْقِيتُ مِنْ شَرْطِهَا، وَوَافَقَهُ عَلَى تَجْوِيزِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِبُخَارَى وَعَلَى هَذَا أَمْرُ الْأَئِمَّةِ فِي فَتْوَى الْجَوَازِ بِهَذِهِ الْإِجَارَةِ الْيَوْمَ وَكَانَ الزُّهَّادُ مِنْ مَشَايِخِنَا مِثْلِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَامِدٍ وَالشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ السَّفْكَرْدَرِيِّ لَا يُجَوِّزُونَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ وَيَقُولُونَ فِيهَا شُبْهَةُ الرِّبَا وَقَدْ ذَكَرْنَا وُجُوهَ الْفَسَادِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ صِحَّتِهَا وَانْتِفَاءَ شُبْهَةِ الرِّبَا عَنْهَا وَلَوْ لَمْ تُجَوَّزْ بِهَذَا الطَّرِيقِ لَا نَسُدُّ عَلَى النَّاسِ وُجُوهَ دَفْعِ حَوَائِجِهِمْ بِمَالِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ مَنْ يُقْرِضُ الْمَالَ الْكَثِيرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْمَعَ فِي وُصُولِ نَفْعٍ مَالِيٍّ نَادِرٌ وَبِذَلِكَ النَّادِرِ لَا تَنْدَفِعُ الْحَوَائِجُ وَلَا تَنْتَظِمُ الْمَصَالِحُ فَكَانَ فِي الْقَوْلِ بِجَوَازِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ تَعْدِيلُ النَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى جَازَ الدُّخُولُ فِي الْحَمَّامِ بِأَجْرٍ وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ مَجْهُولًا، وَمَا يُصَبُّ مِنْ الْمَاءِ وَالْمَكَانُ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ وَمِقْدَارُ مَا يَمْكُثُ فِيهِ مَجْهُولًا ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ الَّذِينَ يُجَوِّزُونَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ فِي فَصْلٍ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ سِنُّ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَعِيشُ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً غَالِبًا هَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْإِجَارَةُ؟ بَعْضُهُمْ لَمْ يُجَوِّزُوا وَمِمَّنْ لَا يُجَوِّزُ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَامِرِيُّ وَبَعْضُهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِصِيغَةِ كَلَامِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّأْقِيتَ فَصَحَّ ذَلِكَ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَى مِائَةِ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتْعَةً وَلَا يَكُونُ نِكَاحًا صَحِيحًا فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَإِنْ كَانَا لَا يَعِيشَانِ إلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ غَالِبًا وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الِاعْتِبَارُ لِلَّفْظِ كَانَ مُبْطِلًا لِلنِّكَاحِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (إجَارَةُ النِّصْفِ الشَّائِعِ) اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ مِنْ جَمِيعِ

مَا وُجِدَ وَوُصِفَ فِيهِ فَهُوَ سَهْمٌ وَاحِدٌ مِنْ سَهْمَيْنِ وَهُوَ النِّصْفُ مَشَاعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْعَاقِدَيْنِ نِصْفَيْنِ وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ النِّصْفَ مِنْ غَيْرِ شَرِيكٍ فِيهَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَجَازَ عِنْدَهُمَا فَإِنْ أَرَادَ الْجَوَازَ بِالْإِجْمَاعِ كَتَبَ: اسْتَأْجَرَ مِنْهُ سَهْمًا وَاحِدًا مِنْ سَهْمَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّ كُلَّهَا لَهُ وَهِيَ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدِهِ وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي مَوْضِعُهَا كَذَا وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ فَيَكْتُبُ وَقَدْ حَكَمَ بِصِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ الْقَاضِي فُلَانٌ بَعْدَ خُصُومَةٍ صَحِيحَةٍ جَرَتْ بَيْنَ هَذَيْنِ الْعَاقِدَيْنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَوَجْهٌ آخَرُ) أَنْ يَعْقِدَ الْإِجَارَةَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْتَأْجَرِ بِضِعْفِ مَالِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ يَفْسَخُ الْعَقْدَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَيَبْقَى الْعَقْدُ فِي النِّصْفِ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْإِجَارَةِ فَيَكُونُ هَذَا شُيُوعًا طَارِئًا فَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي. (وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ سركارا لِحَمَّامَيْنِ) فَيَكْتُبُ الِاسْتِئْجَارَ أَقَلَّ مِنْ مُدَّةِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّ سركارهم لَا تَبْقَى عَلَى حَالِهَا إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً فَيَكْتُبُ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَى الصَّوَابَ فَيَكْتُبُ نُسْخَةَ السركار أَوَّلًا بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ كَمَا بَيَّنَّاهُ ثُمَّ يَكْتُبُ عَقِيبَهَا: اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ هَذِهِ السركار وَالْأَدَوَاتِ الْمَوْصُوفَةِ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى صَدْرِ هَذَا الصَّكِّ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ خَمْسَ سِنِينَ مُتَوَالِيَاتٍ غَيْرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مُتَوَالِيَةٍ مِنْ مُقَدَّمَتِهَا أَوَّلُهَا أَوَّلُ الْيَوْمِ الَّذِي يَتْلُو تَارِيخَ هَذَا الذِّكْرِ بِكَذَا دِينَارًا وَيَصِفُ الدِّينَارَ بِمَا وَصَفْنَاهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَرْبَعَ سِنِينَ مُتَوَالِيَةً مِنْ أَوَائِلِهَا سِوَى الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْهَا كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهَا سِوَى مَا اسْتَثْنَى مِنْ أَيَّامِهَا بِشَعِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَزْنًا مِنْ دِينَارٍ وَاحِدٍ وَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ الَّتِي هِيَ تَتِمَّةُ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِبَقِيَّةِ هَذِهِ الْأُجْرَةِ وَيُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِهِ. وَإِنْ كَانَ بِمَالِ الْإِجَارَةِ ضَامِنٌ يَكْتُبُ بَعْدَ تَمَامِ صَكِّ الْإِجَارَةِ وَضَمِنَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ يَكْتُبُ حِلْيَتَهُ وَمَعْرُوفِيَّتَهُ وَمَسْكَنَهُ ضَمِنَ هَذَا الْآجِرُ الْمَذْكُورُ فِيهِ بِأَمْرِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ فِيهِ بِمَا يَجِبُ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى هَذَا الْآجِرِ مِنْ هَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ بَعْدَ انْفِسَاخِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ ضَمَانًا صَحِيحًا مُعَلَّقًا بِاللُّزُومِ وَرَضِيَ بِهِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ وَأَجَازَ ضَمَانَهُ عَنْهُ هَذَا فِي مَجْلِسِ الضَّمَانِ إجَازَةً صَحِيحَةً وَيُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْآجِرُ الضَّامِنُ وَطَلَبَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْآجِرِ أَنْ يُوَكِّلَهُ أَوْ يُوَكِّلَ رَجُلًا آخَرَ بِبَيْعِ هَذَا الْمَنْزِلِ مِنْ إنْسَانٍ بِثَمَنٍ يَتَّفِقُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْبَصَرِ وَبِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَدَاءِ مَالِ الْإِجَارَةِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ يَكْتُبُ. ثُمَّ إنَّ هَذَا الْآجِرَ الْمَذْكُورَ فِيهِ وَكَّلَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي بَيْعِ هَذَا الْمَنْزِلِ الْمَحْدُودِ فِيهِ بَعْدَ انْفِسَاخِ عُقْدَةِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ مِمَّنْ يَرْغَبُ فِي شِرَائِهِ مِنْهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَتَّفِقُ عَلَيْهِ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ وَفِي قَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَتَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَيْهِ وَضَمَانِ الدَّرْكِ عَنْهُ لَهُ وَأَدَاءِ مَا يَجِبُ عَلَى هَذَا الْآجِرِ مِنْ مَالِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورِ مَبْلَغُهُ فِيهِ بَعْدَ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ تَوْكِيلًا صَحِيحًا بِطَلَبِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ وَمَسْأَلَتِهِ ذَلِكَ مِنْهُ ثَابِتًا لَازِمًا عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا عَزَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْوَكَالَةِ عَادَ عَنْهُ وَكِيلًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَمَا كَانَ وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ التَّوْكِيلِ هَذِهِ الْوَكَالَةَ قَبُولًا صَحِيحًا خِطَابًا وَيُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِهِ وَإِنْ اسْتَأْذَنَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي عِمَارَةِ الْمَنْزِلِ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ عَلَى هَذَا الْآجِرِ يَكْتُبُ وَأَذِنَ الْآجِرُ هَذَا لِلْمُسْتَأْجِرِ هَذَا فِي صَرْفِ مَا يَحْتَاجُ هَذَا الْمَنْزِلُ الْمَحْدُودُ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ إلَى الْعِمَارَةِ أَيَّةِ عِمَارَةٍ كَانَتْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا تَبْذِيرٍ بِمَشْهَدِ رَجُلَيْنِ مِنْ جِيرَانِهِ لِيَرْجِعَ بِمِثْلِ مَا صَرَفَ هُوَ إلَيْهَا عَلَى هَذَا الْآجِرِ إذْنًا صَحِيحًا أَوْ بِصَرْفِ جِبَايَاتِهِ وَمُؤْنَاتِهِ الدِّيوَانِيَّةِ وَقْتَ وُقُوعِهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إلَى أَصْحَابِ السُّلْطَانِ لِيَرْجِعَ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَلَيْهِ

إذْنًا صَحِيحًا عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا عَزَلَهُ عَنْ هَذَا الْإِذْنِ يَكُونُ هُوَ مَأْذُونًا لَهُ فِيهِ عَنْهُ بِإِذْنٍ جَدِيدٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَانَ وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُ هَذَا الْإِذْنَ مِنْهُ قَبُولًا صَحِيحًا. (وَأَمَّا الْإِجَارَةُ عَلَى الْإِجَارَةِ) فَإِنَّكَ تَكْتُبُ عَلَى صَكِّ الِاسْتِئْجَارِ: أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَذْكُورُ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فِي بَاطِنِ صَكِّ الِاسْتِئْجَارِ هَذَا فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ طَائِعًا أَنَّهُ آجَرَ كَذَا إجَارَةً عَلَى الِاسْتِئْجَارِ الْمَذْكُورِ فِي بَاطِنِهِ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ مِنْ حُقُوقِهِ مِنْ هَذَا التَّارِيخِ إلَى مُنْتَهَى مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْأُولَى الْمَذْكُورَةِ فِي بَاطِنِهِ غَيْرَ الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَاطِنِهِ بِكَذَا دِينَارًا يَصِفُهُ بِمَا وَصَفْنَاهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ السِّنِينَ الْبَاقِيَةِ غَيْرَ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ وَسِوَى الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَاطِنِهِ بِشَعِيرَةٍ وَزْنًا مِنْ دِينَارٍ وَاحِدٍ وَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ الَّتِي هِيَ تَتِمَّةُ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِبَقِيَّةِ هَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ إجَارَةً صَحِيحَةً وَأَنَّ فُلَانًا هَذَا اسْتَأْجَرَ مِنْهُ جَمِيعَ كَذَا بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ مِنْ حُقُوقِهِ بِهَذِهِ الْأُجْرَةِ وَالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ اسْتِئْجَارًا صَحِيحًا وَتَمَّ التَّسْلِيمُ بَيْنَهُمَا فِيمَا يُثْبِتُ إجَارَتَهُ فِيهِ عَلَى قَضِيَّةِ الشَّرْعِ وَقَبَضَ الْآجِرُ هَذَا جَمِيعَ هَذِهِ الْأُجْرَةِ بِكَمَالِهَا قَبْضًا صَحِيحًا وَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْعَاقِدَيْنِ صَاحِبَهُ هَذَا بِالْخِيَارِ فِي فَسْخِ بَقِيَّةِ عُقْدَةِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَاطِنِهِ جَعْلًا صَحِيحًا وَيُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (إجَارَةُ النَّفْسِ) هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ اسْتَأْجَرَ نَفْسَهُ سَنَةً وَاحِدَةً كَامِلَةً أَوَّلُهَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا وَآخِرُهَا سَلْخُ شَهْرِ كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ بِجَمِيعِ مَا يَتَّفِقُ لَهُ مِنْ الْأَعْمَالِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ أَيَّ عَمَلٍ شَاءَ وَلَا امْتِنَاعَ لَهُ عَمَّا يَأْمُرُهُ وَإِنَّ هَذَا الْأَجِيرَ سَلَّمَ نَفْسَهُ إلَيْهِ بِحُكْمِ هَذَا الْعَقْدِ حَتَّى يَسْتَعْمِلَهُ أَيَّ عَمَلٍ شَاءَ وَيُوَفِّيَهُ أَجْرَ كُلِّ شَهْرٍ يَسْتَعْمِلُهُ فِيهِ عِنْدَ مُضِيِّهِ فَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهُ لِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ الْعَمَلِ وَالْحِرْفَةِ كَتَبْتَ عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي عَمَلِ الْخِيَاطَةِ فِي أَنْوَاعِ الثِّيَابِ كُلِّهَا وَجَمِيعِ مَا يُخَاطُ عَلَى مَا رَأَى وَأَحَبَّ. (اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا) بَيَّنَ مَوْضِعَهَا وَسِعَتَهَا وَعُمْقَهَا بِالذُّرْعَانِ. (اسْتَأْجَرَهُ عَلَى رَعْيِهِ كَذَا كَذَا مِنْ الْإِبِلِ بِأَعْيَانِهَا) يَصِفُهَا وَيُفَصِّلُ إذَا اخْتَلَفَتْ كَذَا شَهْرًا عَلَى أَنْ يَرْعَاهَا وَيَحْفَظَهَا وَيَسْقِيَهَا وَيُورِدَهَا وَيُصْدِرَهَا إلَى أَعْطَانِهَا وَيُدَاوِيَ جَرْبَاهَا وَيَحْلِبَ ذَوَاتِ الدَّرِّ مِنْهَا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُحْلَبُ أَمْثَالُهَا فِيهَا وَقَصْرَ ضُرُوعِهَا بَعْدَ حَلْبِهَا وَيَقُومَ عَلَيْهَا وَعَلَى فِصْلَانِهَا فِي جَمِيعِ مَصَالِحِهَا الَّتِي يُحْتَاجُ إلَيْهَا وَيَطْلُبَ ضَالَّتَهَا بِكَذَا دِرْهَمًا إلَى آخِرِهِ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَيُبَيِّنُ التَّأْجِيلَ وَالتَّعْجِيلَ فِي الْأُجْرَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا بَيَّنَ ذَلِكَ وَيَكُونُ فِي هَذَا أَجِيرَ وَحْدٍ فَلَا يَمْلِكُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا ضَاعَ مِنْهَا بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْمُعَيَّنَةِ هُوَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ فَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ لِرَعْيِ غَيْرِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَضْمَنُ مَا ضَاعَ مِنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا. (فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ الْكِتَابِ مِنْ سَمَرْقَنْدَ إلَى بُخَارَى وَنَحْوِهِ وَيَدْفَعُهُ إلَى فُلَانٍ وَيَسْأَلُ جَوَابَهُ فَيَحْمِلُهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ يَكْتُبُ) اسْتَأْجَرَ مِنْهُ نَفْسَهُ لِيَحْمِلَ لَهُ كِتَابًا كَتَبَهُ إلَى فُلَانٍ فِي كُورَةِ كَذَا مِنْ كُورَةِ كَذَا وَيَحْمِلُ جَوَابَ هَذَا الْكِتَابِ مِنْهُ إلَيْهِ بِكَذَا دِرْهَمًا إجَارَةً صَحِيحَةً وَقَبَضَ هَذَا الْأَجِيرُ مِنْ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ مُعَجَّلَةً قَبْضًا صَحِيحًا وَقَبَضَ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ قَبْضًا صَحِيحًا وَقَبِلَ حَمْلَهُ مِنْ كُورَةِ سَمَرْقَنْدَ إلَى كُورَةِ بُخَارَى وَإِيرَادَهُ إلَى فُلَانٍ وَأَخْذَ جَوَابِ الْكِتَابِ مِنْ هَذَا الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مِنْ كُورَةِ بُخَارَى إلَى كُورَةِ سَمَرْقَنْدَ وَتَسْلِيمَ الْجَوَابِ إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (اسْتِئْجَارُ الْمَمْلُوكِ لِلْخِدْمَةِ) اسْتَأْجَرَ مِنْهُ عَبْدًا لَهُ هِنْدِيًّا يُسَمَّى زيرك الَّذِي ذَكَرَ هَذَا الْآجِرُ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ

وَرَقِيقُهُ وَفِي يَدِهِ وَهُوَ عَبْدٌ شَابٌّ مَدِيدُ الْقَامَةِ وَيُبَيِّنُ حِلْيَتَهُ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ سَنَةً كَامِلَةً أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا إجَارَةً صَحِيحَةً عَلَى أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنْوَاعِ الْخِدْمَةِ مَا يُطِيقُهُ هَذَا الْمَمْلُوكُ وَيَحِلُّ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِخْدَامُهُ فِيهِ عَلَى مَا يَرَى فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَيُؤَاجِرُهُ فِيهَا مِمَّنْ أَحَبَّ لِخِدْمَتِهِ وَلِخِدْمَةِ مَنْ شَاءَ وَيُسَافِرُ بِهِ إنْ بَدَا لَهُ وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ فَإِنْ كَانَ يَعْمَلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ الْأُجْرَةَ وَالتَّأْجِيلَ وَالتَّعْجِيلَ وَالرُّؤْيَةَ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ إلَّا بِشَرْطٍ وَالْخِدْمَةُ الَّتِي لَهُ أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْهُ خِدْمَتُهُ وَخِدْمَةُ مَنْ فِي عِيَالِهِ وَخِدْمَةُ أَضْيَافِهِ مِنْ السَّحَرِ إلَى مَا بَعْدَ الْعِشَاءِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ (وَإِنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ وَالْأَعْمَالِ) وَالصِّنَاعَاتِ كُلِّهَا بَيَّنْتَ ذَلِكَ ثُمَّ تُبَيِّنُ حَدِيثَ الْأَجْرِ مِنْ التَّأْجِيلِ وَالتَّعْجِيلِ وَالتَّأْقِيتِ وَبَيَّنْتَ الرُّؤْيَةَ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَالَ إجَارَةُ مَحْدُودِ الصَّغِيرِ أَوْ الْوَقْفِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ لَا تَجُوزُ وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْمُقَاطَعَةُ وَهِيَ هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَاطَعَةِ فُلَانٌ أَعْنِي رَبَّ الْمَالِ مِنْ فُلَانٍ الْقَيِّمِ فِي تَسْوِيَةِ الْأُمُورِ لِفُلَانٍ الصَّغِيرِ الثَّابِتِ الْقِوَامَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّهُ يُؤَاجِرُهُ مِنْ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ بِهَذِهِ الْوِلَايَةِ وَالْقِوَامَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ بِالْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ يَوْمَئِذٍ أَجْرُ الْمِثْلِ لِهَذَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا وَكْسَ فِيهَا وَلَا شَطَطَ وَيَذْكُرُ الْحُدُودَ وَيُتِمُّ الصَّكَّ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (اسْتِئْجَارُ الصَّبِيِّ مِنْ الْأَبِ) اسْتَأْجَرَ مِنْهُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ الْمُسَمَّى فُلَانًا لِعَمَلِ كَذَا مُدَّةَ كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا إجَارَةً صَحِيحَةً عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ هَذَا الصَّغِيرُ هَذَا الْعَمَلَ الْمَذْكُورَ فِيهِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَيُوَفَّى أُجْرَةَ كُلِّ شَهْرٍ مِنْهَا عِنْدَ انْقِضَائِهِ وَيُسَلِّمُ الْأَبُ هَذَا الصَّغِيرَ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ فَقَبِلَهُ مِنْهُ وَتَفَرَّقَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَهُ جَازَ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيُلْحَقُ بِهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ عَلَى مَا مَرَّ مَرَّاتٍ. (اسْتِئْجَارُ الْحُرِّ بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ) آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ فُلَانٍ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ عَمَلَ كَذَا وَمَا يَبْدُو لَهُ مِنْ الْأَعْمَالِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ مِمَّا يَأْمُرُهُ بِهِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَجْرُ عَمَلِهِ لِكُلِّ شَهْرٍ كَذَا دِرْهَمًا وَأَذِنَ هَذَا الْأَجِيرُ لِهَذَا الْمُسْتَأْجِرِ فِي صَرْفِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ أُجْرَةِ عَمَلِهِ إلَى طَعَامِهِ وَإِدَامِهِ وَلِبَاسِهِ وَسَائِرِ مَصَالِحِهِ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا إذْنًا صَحِيحًا عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا نَهَاهُ عَنْهُ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِيهِ بِإِذْنٍ جَدِيدٍ مِنْ جِهَتِهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ تَسْلِيمًا صَحِيحًا. (اسْتِئْجَارُ الظِّئْرِ) هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ اسْتَأْجَرَ مِنْهَا نَفْسَهَا مُدَّةَ سَنَتَيْنِ كَامِلَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ أَوَّلُهُمَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَآخِرُهُمَا سَلْخُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا عَلَى أَنْ تُرْضِعَ ابْنَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي يُسَمَّى فُلَانًا فِي مَنْزِلِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ تُقِيمُ فِي مَنْزِلِهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ لِإِرْضَاعِ هَذَا الْوَلَدِ وَحَضَانَتِهِ فَتُرْضِعُهُ بِنَفْسِهَا مِنْ لَبَنِهَا وَتَحْضُنُهُ وَتَخْدُمُهُ رَضَاعًا لَا تَقْصِيرَ فِيهِ وَلَا تَقْتِيرَ بِكَذَا دِرْهَمًا حِصَّةُ كُلِّ شَهْرٍ كَذَا إجَارَةً صَحِيحَةً وَقَبِلَتْ مِنْهُ هَذَا الْعَقْدَ مُوَاجَهَةً فِي هَذَا الْمَجْلِسِ وَعَايَنَتْ هَذَا الصَّبِيَّ وَعَرَفْتُهُ وَسَلَّمَتْ نَفْسَهَا مِنْ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ لِهَذَا الْعَمَلِ فَتُرْضِعُهُ وَتَحْضُنُهُ فِي كُلِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَيُوَفِّيهَا أَجْرَهَا عِنْدَ مُضِيِّ كُلِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَوْ يَكْتُبُ أَجْرَ كُلِّ شَهْرٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ ذَلِكَ الشَّهْرِ أَوْ يَكْتُبُ وَقَدْ تَعَجَّلَتْ وَقَدْ أَجَازَ زَوْجُهَا فُلَانٌ عُقْدَةَ هَذِهِ الْإِجَارَةِ فَرَضِيَ بِهَا

وَسَلَّمَهَا لِلْإِرْضَاعِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَأَذِنَ لَهَا بِالسُّكْنَى فِي مَنْزِلِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ لِهَذَا فَرَضِيَ بِهَا لِهَذَا الْعَمَلِ وَتَفَرَّقَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فَلَهُ الْمَنْعُ وَالْفَسْخُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (اسْتِئْجَارُ الْأُسْتَاذِ لِتَعْلِيمِ الصَّبِيِّ الْحِرْفَةَ) اسْتَأْجَرَهُ لِيُعَلِّمَ ابْنَ الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى كَذَا حِرْفَةَ كَذَا بِتَمَامِهَا بِوُجُوهِهَا فِي مُدَّةِ كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا لِيَقُومَ بِتَعْلِيمِهِ فِي أَوْقَاتِ التَّعْلِيمِ وَسَلَّمَ إلَيْهِ هَذَا الِابْنَ وَعَجَّلَ لَهُ جَمِيعَ هَذِهِ الْأُجْرَةِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، وَأَزِيدُ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ الَّذِي يَلِيهِ، هَكَذَا يُكْتَبُ أَهْلَ هَذِهِ الصَّنْعَةِ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَكْتُبَ اسْتَأْجَرَهُ لِيَقُومَ عَلَيْهِ مُدَّةَ كَذَا فِي تَعْلِيمِ النَّسْجِ مَثَلًا عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ الْوَلِيُّ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا أَمَّا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ تَعْلِيمَ الْحِيَاكَةِ وَلَمْ يَقُلْ لِيَقُومَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ حِينَئِذٍ تَقَعُ عَلَى التَّعْلِيمِ وَالتَّعْلِيمُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الْأَجِيرِ بَلْ مِنْ فَهْمِ الْمُتَعَلِّمِ فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِيَقُومَ عَلَيْهِ فَالْإِجَارَةُ تَقَعُ عَلَى الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَعَلَى حِفْظِهِ وَلَكِنْ ذُكِرَ النَّسْجُ لِيُرَغِّبَ الْوَلِيَّ فِيمَا يَحْصُلُ لَهُ فِي أَثْنَاءِ الْعَقْدِ مِنْ عَمَلِ الْحِيَاكَةِ فَإِنَّ الصَّبِيَّ رُبَّمَا يَأْخُذُ ذَلِكَ بِفَهْمِهِ وَذَكَائِهِ فَهَذَا جَارٍ مَجْرَى الْبَيْعِ فَأَمَّا الْمَقْصُودُ فَهُوَ الْقِيَامُ عَلَيْهِ وَفِي وُسْعِ الْأُسْتَاذِ الْوَفَاءُ بِهِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَرَاهِمَ. وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُعَلِّمَ وَلَدَهُ الْحِرْفَةَ فِي سَنَةٍ ثُمَّ هُوَ يَعْمَلُ لِلْأُسْتَاذِ فِي هَذِهِ الْحِرْفَةِ فِي سَنَةٍ فَوَجْهُهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ هُوَ الْأُسْتَاذَ لِيَقُومَ عَلَيْهِ فِي تَعْلِيمِ النَّسْجِ سَنَةً بِأُجْرَةِ كَذَا ثُمَّ الْأُسْتَاذُ يَسْتَأْجِرُ التِّلْمِيذَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِيَعْمَلَ لِلْأُسْتَاذِ فِي تِلْكَ الْحِرْفَةِ بِأَجْرِ كَذَا هُوَ كَالْأَوَّلِ فَيَتَقَاصَّانِ. (وَهَذِهِ نُسْخَةُ هَذَيْنِ الْعَقْدَيْنِ) هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ اسْتَأْجَرَهُ لِيَقُومَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْمُسَمَّى فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَهُوَ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ مُتَلَقِّنٌ بِمَا يُلَقَّنُ مُتَعَلِّمٌ لِمَا يُعَلَّمُ فِي تَعْلِيمِهِ عَمَلَ الْخِيَاطَةِ فِي أَنْوَاعِ الثِّيَابِ بِأَنْوَاعِ الْخِيَاطَةِ فِي أَوْقَاتِ التَّعْلِيمِ وَيُلَقِّنُهُ فِي أَوْقَاتِ التَّلْقِينِ مَا هُوَ مِنْ جُمْلَتِهَا وَمُتَّصِلٌ بِهَا وَدَاخِلٌ فِيهَا سَنَةً كَامِلَةً أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ غِطْرِيفِيَّةٍ لَا يَأْلُو فِي جَهْدِهِ وَلَا يَمْنَعُ عَنْهُ نُصْحَهُ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ هَذَا الْوَالِدُ هَذِهِ الْأُجْرَةَ عِنْدَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَتَمَامِ هَذَا الْعَمَلِ وَسَلَّمَ إلَيْهِ هَذَا الْوَلَدَ فَقَبِلَهُ وَضَمِنَ الْقِيَامَ عَلَيْهِ لِتَعْلِيمِهِ ذَلِكَ كُلَّهُ وَتَفَرَّقَا ثُمَّ إنَّ هَذَا الْأُسْتَاذَ اسْتَأْجَرَ مِنْ هَذَا الْوَالِدِ هَذَا الْوَلَدَ فِي عُقْدَةٍ أُخْرَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ سَنَةً كَامِلَةً مُتَوَالِيَةً بَعْدَ هَذِهِ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْأُولَى مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْإِجَارَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْأُولَى أَوْ مُلْحَقَةً بِهَا أَوْ الْأُولَى مَشْرُوطَةٌ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ مُلْحَقَةٌ بِهَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ هَذَا الْوَلَدُ لِهَذَا الْأُسْتَاذِ فِي عَمَلِ الْخِيَاطَةِ فَيَخِيطُ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ مِنْ الثِّيَابِ وَيَعْمَلُ مَا يَتَّصِلُ بِهَا وَيَدْخُلُ فِيهَا فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ غِطْرِيفِيَّةٍ إجَارَةً صَحِيحَةً عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ هَذِهِ الْأُجْرَةَ عِنْدَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (اكْتَرَى مُكَارِيًا لِيَحْمِلَ أَثْقَالَهُ عَلَى حُمُرِهِ) هَذَا مَا اكْتَرَى فُلَانٌ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ فُلَانٍ الْمُكَارِي اكْتَرَى مِنْهُ خَمْسَةَ أَحَمِرَةٍ مُعَيَّنَةٍ تَحْمِلُ لَهُ مِنْ الْأَثْقَالِ عَلَى كُلِّ حِمَارٍ مِنْهَا كَذَا مِنْ كُورَةِ سَمَرْقَنْدَ إلَى كُورَةِ بُخَارَى بِكَذَا كَذَا دِرْهَمًا كِرَاءً صَحِيحًا وَإِنَّ هَذَا الْمُكَارِيَ أَرَاهُ هَذِهِ الْحُمُرَ بِأَعْيَانِهَا وَرَضِيَ بِهَا هَذَا الْمُكْتَرِي وَسَلَّمَ هَذَا الْمُكْتَرِي إلَى هَذَا الْمُكَارِي الْأَثْقَالَ وَهِيَ كَذَا بِوَزْنِ كَذَا فَقَبَضَهَا هَذَا الْمُكَارِي وَقَبِلَ حَمْلَهَا عَلَى هَذِهِ الْحُمُرِ مِنْ كُورَةِ كَذَا إلَى كُورَةِ كَذَا وَيُسَلِّمُهَا إلَيْهِ فِي كُورَةِ كَذَا وَقَبَضَ مِنْهُ جَمِيعَ هَذَا الْكِرَاءِ قَبْضًا صَحِيحًا بِتَعْجِيلِ هَذَا الْمُكْتَرِي ذَلِكَ إلَيْهِ وَضَمِنَ هَذَا الْمُكَارِي لِهَذَا الْمُكْتَرِي كُلَّ دَرْكٍ يَلْحَقُهُ فِي ذَلِكَ ضَمَانًا صَحِيحًا وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا

مِنْ سَنَةِ كَذَا فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا فَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - جَوَّزُوا ذَلِكَ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ وَالدَّبُوسِيُّ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَالْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ فِي هَذَا عِنْدَهُمَا هَذَا مَا تَقَبَّلَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ تَقَبَّلَ مِنْهُ أَنْ يَحْمِلَ كَذَا كَذَا مَنًّا مِنْ الْقُطْنِ أَوْ يَكْتُبُ كَذَا كَذَا عَدَدًا مِنْ الْجَوْزِ أَوْ كَذَا كَذَا قَفِيزًا مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ كَذَا كَذَا ثَوْبًا يُبَيِّنُ جِنْسَهَا وَثِقَلَهَا مِنْ بَلْدَةِ كَذَا عَلَى كَذَا كَذَا مِنْ الْحُمُرِ أَوْ وَيَقُولُ عَلَى الْإِبِلِ السِّمَانِ الْفَارِهَةِ الْقَوِيَّةِ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ كُلُّ بَعِيرٍ مِنْهَا كَذَا رِطْلًا بِرِطْلِ كَذَا تَقَبُّلًا صَحِيحًا جَائِزًا لَا فَسَادَ فِيهِ وَلَا خِيَارَ بِكَذَا دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ ذَلِكَ مِنْ بَغْدَادَ مِنْ يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا وَيَسِيرُ بِهَا الْمَنَازِلَ عَلَى مَا عَرَفَهُ النَّاسُ وَيَحْفَظُهَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَيُسَلِّمُهَا إلَيْهِ بِكُورَةِ كَذَا فِي مَكَانِ كَذَا مِنْهَا وَقَبَضَ هَذَا الْمُتَقَبِّلُ مِنْهُ جَمِيعَ هَذَا الْأَجْرِ وَسَلَّمَ هَذَا الْمُتَقَبِّلُ جَمِيعَ هَذَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَصَارَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي يَدِهِ بِهَذِهِ الْقَبَالَةِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَثِيقَةُ الْكِرَاءِ لِلْحَجِيجِ) هَذَا مَا تَقَبَّلَ فُلَانُ مِنْ فُلَانٍ تَقَبَّلَ مِنْهُ حِمْلَانِ ثَلَاثَةِ مَحَامِلَ لِكُلِّ مَحْمَلٍ مِنْهَا رَاكِبَانِ وَقَدْ نَظَرَ إلَيْهِمَا هَذَا الْمُتَقَبِّلُ وَعَرَفَهُمَا بِأَعْيَانِهِمَا وَلِكُلِّ مَحْمَلٍ مِنْهَا مِنْ الْوِطَاءِ وَالدُّثُرِ كَذَا رِطْلًا بِرِطْلِ كَذَا وَلَهَا مِنْ الْكِسْوَةِ كَذَا رِطْلًا وَمِنْ الْمَعَالِيقِ مِنْ الدُّهْنِ وَالزَّيْتِ كَذَا كَذَا رِطْلًا وَمِنْ الْمَاءِ كَذَا وَمِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّوِيقِ وَالرُّبِّ وَالثَّمَرَةِ وَالْحَلْوَى كَذَا لِيَحْمِلَهَا عَلَى رَوَاحِلَ ثَلَاثٍ عَلَى إبِلٍ مُسِنَّاتٍ سِمَانٍ فَارِهَةٍ قَوِيَّةٍ وَذَلِكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمَا جَمِيعَ هَذِهِ الْمَحَامِلِ مِنْ الْوِطَاءِ وَالدُّثُرِ وَالْكِسَاءِ وَالرُّكْبَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَنَظَرَا إلَيْهَا وَعَرَفَاهَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَيَصِفُهَا قَبَالَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا خِيَارَ لِيَحْمِلَهَا فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا مِنْ بَلْدَةِ كَذَا عَلَى أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ الْمَنَازِلَ وَيُنْزِلَهُمْ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَيَحُجَّ بِهِمْ وَيَهْدِيَهُمْ الْمَنَاسِكَ وَيُقِيمَ بِهِمْ بَعْدَ النَّفْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَرْجِعَ بِهِمْ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَيَسِيرَ بِهِمْ الْمَنَازِلَ وَيُنْزِلَهُمْ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَرْجِعَ بِهِمْ إلَى مَنَازِلِهِمْ بِبَلْدَةِ كَذَا وَقَدْ عَرَفُوهَا جَمِيعًا وَعَلَى أَنَّ لِهَؤُلَاءِ الرُّكْبَانِ أَنْ يَسْتَبْدِلُوهَا بِالْوِطَاءِ وَالدُّثُرِ وَالْكِسَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وُصِفَ فِيهِ وَيَعْمَلُوا فِيهَا بِرَأْيِهِمْ عَلَى أَنْ يَحْمِلُوا عَلَيْهَا عَلَى الْمِقْدَارِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ (فَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ بِأَعْيَانِهَا ذَكَرَهَا) كَمَا مَرَّ فِي الْحُمُرِ، وَحُكْمُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ سَقَطَتْ الْإِجَارَةُ وَفِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ لَا تَسْقُطُ وَلَوْ مَاتَ الْمُكَارِي فِي مِصْرٍ سَقَطَتْ الْإِجَارَةُ فَإِنْ مَاتَ فِي الْمَفَازَةِ بَقِيَتْ بِذَلِكَ الْأَجْرِ اسْتِحْسَانًا وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ وَقْتِ الْخُرُوجِ وَلَوْ مَضَتْ تِلْكَ السَّنَةُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا بِتَرَاضٍ وَتَجْدِيدِ عَقْدٍ. (اكْتِرَاءُ السَّفِينَةِ وَتَقَبُّلُ الْحَمْلِ فِي السَّفِينَةِ) اسْتَأْجَرَ مِنْهُ جَمِيعَ السَّفِينَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ خَشَبِ كَذَا الْمَدْعُوَّةِ كَذَا بِأَلْوَاحِهَا وَرُفُوفِهَا وَمَجَادِيفِهَا وَمَرَادِيهَا وَشِرَاعِهَا وَدَقْلِهَا وَسُكَّانِهَا وَحُصُرِهَا وَجَمِيعِ آلَاتِهَا شَهْرًا أَوَّلُهُ كَذَا وَآخِرُهُ كَذَا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ فِيهَا كَذَا كَذَا حِنْطَةً وَمِقْدَارُهَا كَذَا بِالْقَفِيزِ وَيَنْقُلَهَا مِنْ بَلْدَةِ كَذَا إلَى بَلْدَةِ كَذَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مَعَ النَّاسِ وَيَسِيرَ مَعَهُمْ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَيَرْقَى إذَا رَقِيَ النَّاسُ وَيَسِيرَ مَعَهُمْ إذَا سَارُوا وَقَبَضَ هَذَا الْمُؤَاجِرُ جَمِيعَ هَذِهِ الْأُجْرَةِ مُعَجَّلَةً بِتَعْجِيلِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ وَقَبَضَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ جَمِيعَ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ مِنْ يَدِ هَذَا الْمُؤَاجِرِ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَيْهِ فَارِغًا عَنْ كُلِّ مَانِعٍ وَمُنَازِعٍ وَتَفَرَّقَا بَعْدَ الرُّؤْيَةِ وَقَدْ ضَمِنَ لَهُ الدَّرْكَ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا كَتَبَ تَقَبَّلَ مِنْهَا حِمْلَانِ كَذَا بِوَزْنِ كَذَا

وَكَيْلِ كَذَا مِنْ بَلْدَةِ كَذَا إلَى بَلْدَةِ كَذَا فِي سَفِينَةٍ مِنْ خَشَبِ كَذَا مِنْ سُفُنِ كَذَا صَحِيحَةً سَلِيمَةً مِنْ كُلِّ عَيْبٍ عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا بِنَفْسِهِ وَأُجَرَائِهِ وَأَعْوَانِهِ وَمَنْ أَحَبَّ مِنْ النَّاسِ، وَيُنْهِي الْكِتَابَ كَالْأَوَّلِ. (وَإِذَا حَضَرَ لِكِتَابَةِ وَثِيقَةِ إجَارَةِ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ) فَالْكَاتِبُ يَكْتُبُ عَلَى إقْرَارِهِ بِإِجَارَةِ كَذَا مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضَ مَالَ الْإِجَارَةِ مِنْهُ لَكِنْ فِيهِ خَطَرُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُقَرَّ لَهُ لَوْ جَاءَ وَجَحَدَ الِاسْتِئْجَارَ وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَ الْمَالِ الَّذِي أَقَرَّ هَذَا بِقَبْضِهِ مِنْهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَالْوَجْهُ فِيهِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا أَنْ يَكْتُبَ إقْرَارَهُ أَنَّهُ قَبَضَ هَذَا الْأَجْرَ وَلَكِنْ لَا يَكْتُبُ مِنْ فُلَانٍ فَيَصِحُّ الْقَبْضُ وَيَسْقُطُ الْأَجْرُ وَلَوْ جَاءَ يَطْلُبُ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ مَا قَبَضْتُهُ مِنْكَ وَإِمَّا أَنْ يَكْتُبَ وَقَدْ سَقَطَ هَذَا الْأَجْرُ عَنْ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ بِوَجْهٍ يَصِحُّ سُقُوطُهُ عَنْهُ وَلَا يَذْكُرُ قَبْضًا وَكَذَا هَذَا فِي ذِكْرِ الشِّرَاءِ وَالثَّمَنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ) تَقَبَّلَ مِنْ فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي لِأُمُورِ الْوَقْفِ الْمَنْسُوبِ إلَى فُلَانٍ بِتَوْلِيَةِ الْقَاضِي فُلَانٍ جَمِيعَ أَرْضِ الْكَرْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الْوَقْفِ الَّذِي يَتَوَلَّى هَذَا الْمُتَوَلِّي أُمُورَهُ وَيَحُدُّهُ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا دُونَ أَشْجَارِهَا وَزَرَاجِينِهَا وَقُضْبَانِهَا وَجُدْرَانِهَا فَإِنَّهَا صَارَتْ لِهَذَا الْمُتَقَبِّلِ سَابِقًا عَلَى هَذِهِ الْقَبَالَةِ بِمِلْكٍ ثَابِتٍ وَحَقٍّ لَازِمٍ وَقَدْ عَرَفَهَا هَذَانِ الْمُتَعَاقِدَانِ وَعَقَدَا هَذِهِ الْعُقْدَةَ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ وَحْدَهَا سَنَةً كَامِلَةً أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا وَهِيَ مِثْلُ أُجْرَةِ هَذَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَقَبَضَ هَذَا الْمُتَوَلِّي جَمِيعَ أُجْرَةِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذِهِ الْقُبَالَةِ مُعَجَّلَةً بِتَعْجِيلِ هَذَا الْمُتَقَبِّلِ ذَلِكَ كُلِّهِ لَهُ وَقَبَضَ هَذَا الْمُتَقَبِّلُ جَمِيعَ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذِهِ الْقَبَالَةِ بِتَسْلِيمِ هَذَا الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَيْهِ فَارِغًا مِنْ كُلِّ مَانِعٍ وَمُنَازِعٍ وَتَفَرَّقَا ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمُتَوَلِّيَ رَدَّ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ إلَى هَذَا الْمُتَقَبِّلِ وَأَمَرَهُ بِأَدَاءِ خَرَاجِهَا مِنْهَا إذَا جَاءَ وَقْتُهَا وَبِكَرْيِ أَنْهَارِهَا وَإِصْلَاحِ مُسِنَّاتِهَا إذَا وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهَا مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ بِالْمَعْرُوفِ وَوَكَّلَهُ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَزَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ وَكِيلٌ بِذَلِكَ مِنْ جِهَتِهِ مُسْتَأْنَفًا وَقَبِلَ مِنْهُ هَذِهِ الْوَكَالَةَ مُشَافَهَةً وَأَشْهَدَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَإِنْ أَرَدْتَ كِتَابَةَ إجَارَةِ الطَّاحُونَةِ إذَا كَانَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى نَهْرٍ خَاصٍّ لَهَا) كَتَبْتَ: هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الطَّاحُونَةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى نَهْرٍ خَاصٍّ لَهَا وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى خَمْسَةِ تَوَابِيتَ مُرَكَّبَاتٍ مِنْ الْأَلْوَاحِ الْخَشَبِيَّةِ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْهَا أَرْبَعُ رَحَيَاتٍ دَوَّارَاتٍ وَالتَّابُوتُ الْخَامِسُ الْمَعْرُوفُ (شامحة) ذَكَرَ هَذَا الَّذِي آجَرَ أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الطَّاحُونَةِ لَهُ وَمِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدَيْهِ وَمَوْضِعُهَا فِي أَرْضِ قَرْيَةِ كَذَا مِنْ قُرَى كُورَةِ كَذَا مِنْ عَمَلِ كَذَا وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى نَهْرٍ خَاصٍّ لَهُ يَأْخُذُ مَاءَهُ مِنْ وَادِي كَذَا ثُمَّ يَصُبُّهُ فِيهِ وَأَحَدُ حُدُودِهَا مَعَ النَّهْرِ الْخَاصِّ كَذَا وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ كَذَا بِحُدُودِهَا كُلِّهَا وَحُقُوقِهَا فَإِنْ كَانَتْ إجَارَتُهَا عَلَى سَبِيلِ الْمُقَاطَعَةِ كَتَبْتَ بَعْدَ ذِكْرِ الْحُدُودِ: اسْتَأْجَرَ مِنْهُ جَمِيعَ ذَلِكَ سَنَةً وَاحِدَةً أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَاتٍ أَوَّلُهَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا مُسَانَهَةً أَوْ مُشَاهَرَةً كُلُّ سَنَةٍ بِكَذَا دِرْهَمًا أَوْ كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا دِرْهَمًا لِيَنْتَفِعَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا بِمَا اسْتَأْجَرَهُ بِالِاسْتِغْلَالِ وَطَحْنِ الْحُبُوبِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَمَا شَاكَلَهُمَا وَيُؤَدِّي قِسْطَ كُلِّ سَنَةٍ عِنْدَ انْقِضَائِهَا وَقَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا جَمِيعَ مَا اسْتَأْجَرَهُ قَبْضًا صَحِيحًا مُفَرَّغًا عَمَّا يَشْغَلُهُ بِتَسْلِيمِ هَذَا الَّذِي آجَرَهُ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ هَذَا الْعَقْدِ بَعْدَ صِحَّتِهِ تَفَرُّقَ الْأَقْوَالِ وَالْأَبْدَانِ. (وَإِذَا أَرَدْتَ كِتَابَةَ اسْتِئْجَارِ الْمُجَمِّدَةِ بِفَارِقِينَهَا) كَتَبْتَ: هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ جَمِيعَ الْمُجَمِّدَةِ الَّتِي لَهَا فَارِقِينِ مُتَّصِلٌ بِهَا بِفَارِقِينَهَا ذَكَرَ هَذَا الَّذِي آجَرَ أَنَّ جَمِيعَهَا مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدَيْهِ وَيَذْكُرُ الْمَوْضِعَ وَالْحُدُودَ

ثُمَّ يَقُولُ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهِمَا وَجَمِيعِ مَرَافِقِهِمَا الَّتِي لَهُمَا مِنْ حُقُوقِهِمَا سَنَةً أَوْ ثَلَاثَ سِنِينَ وَإِنْ كَانَ الْفَارِقِينُ الْوَاحِدُ مُشْتَمِلًا عَلَى مَجَامِدَ كَثِيرَةٍ ذَكَرْتَ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ جَمِيعَ الْفَارِقِينَ الْمُشْتَمِلِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَجَامِدَ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى حَسَبِ مَا يَكُونُ وَيَذْكُرُ الْمَوْضِعَ وَالْحُدُودَ ثُمَّ يَكْتُبُ ذَكَرَ هَذَا الَّذِي آجَرَ أَنَّ جَمِيعَهَا لَهُ وَمِلْكُهُ وَفِي يَدَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ جَمِيعَ هَذِهِ الْمَجَامِدِ بِفَارِقِينَهَا كَذَا كَذَا سَنَةً بِكَذَا دِرْهَمًا إجَارَةً صَحِيحَةً يَنْتَفِعُ بِهَذِهِ الْمَجَامِدِ بِوَضْعِ الْجُمُدِ وَيُؤَدِّي قِسْطَ كُلِّ سَنَةٍ عِنْدَ انْقِضَائِهَا ثُمَّ يُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِهِ. (وَإِذَا أَرَدْتَ كِتَابَةَ إجَارَةِ الضَّيْعَةِ الْمَوْقُوفَةِ أَصْلُهَا كَضِيَاعِ نَهْرِ الْمُوَالَى بِفِنَاءِ كُورَةِ بُخَارَى) كَتَبْتَ: هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ أَصْلِ الضَّيْعَةِ الَّتِي هِيَ كَرْمٌ مَحُوطٌ مَبْنِيٌّ بِقَصْرِهِ وَخَمْسُ دَبَرَاتِ أَرْضٍ مُتَلَازِقَاتٍ مُتَّصِلَاتٍ بِهِ خَلْفَهُ أَوْ أَمَامَهُ أَوْ حَوْلَهُ ذَكَرَ هَذَا الَّذِي آجَرَ أَنَّ مَا فِي هَذِهِ الضَّيْعَةِ مِنْ الكردارات مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدَيْهِ وكراداراته حِيطَانُ هَذَا الْكَرْمِ الْمَبْنِيَّةِ حَوْلَهُ وَبِنَاءُ قَصْرِهِ وَأَشْجَارُ هَذِهِ الضَّيْعَةِ كِبَارُهَا وَصِغَارُهَا الْمُثْمِرَةُ وَغَيْرُ الْمُثْمِرَةِ وَتُرَابُ جَمِيعِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ الَّذِي كَبَسَ بِهِ وَجْهَ الْأَرْضِ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ بِمِقْدَارِ نِصْفِ ذِرَاعٍ عُمْقُهَا وَمَا تَحْتَ تُرَابِهَا الْمَكْبُوسِ بِهِ وَجْهُ الْأَرْضِ وَقْفٌ مِنْ الْأَوْقَافِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى الْأَمِيرِ (سَاسْ بِكِينْ) الَّتِي وَقَفَهَا عَلَى حَانُوتِهِ وَتُعْرَفُ هِيَ بِالْأَوْقَافِ الْحَانُوتِيَّةِ وَفِي يَدَيْ هَذَا الَّذِي آجَرَ بِحَقِّ اسْتِئْجَارِهِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِجَارَةِ مِنْهُ مُسَانَهَةً سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةِ الْمِقْدَارِ الَّتِي هِيَ أَجْرُ مِثْلِهِ. وَأَنَّ هَذَا الَّذِي آجَرَ يُؤَاجِرُ مَا فِي إجَارَتِهِ مِنْ الْوَقْفِ إجَارَةً عَلَى الْإِجَارَةِ وَمَا هُوَ مِلْكُهُ مِنْ أَصْلِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ يُؤَاجِرُهُ مَعَ الْوَقْفِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِحَقِّ الْمِلْكِ ثُمَّ يَذْكُرُ الْمَوْضِعَ وَالْحُدُودَ لِلضَّيْعَةِ ثُمَّ يَقُولُ بِحُدُودِ مَا ثَبَتَ إجَارَتُهُ فِيهِ الَّذِي هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ مِنْ أَصْلِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ وَحُقُوقِهِ وَجَمِيعِ مَرَافِقِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ مِنْ حُقُوقِهِ بَعْدَ مَا بَاعَهُ هَذَا الَّذِي آجَرَ جَمِيعَ أَشْجَارِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ وَزَرَاجِينِ هَذَا الْكَرْمِ وَقُضْبَانِهِ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَاشْتَرَاهَا مِنْهُ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ شِرَاءً صَحِيحًا وَتَقَابَضَا قَبْضًا صَحِيحًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ مَا تَثْبُتُ إجَارَتُهُ فِيهِ مَعَ هَذَا الْقَصْرِ فِي هَذَا الْكَرْمِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ سَنَةً مُتَوَالِيَةً غَيْرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً مِنْ مُقَدِّمَاتِ هَذِهِ السِّنِينَ أَوَّلُهَا غُرَّةُ الْمُحَرَّمِ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا نِصْفُهَا كَذَا ثَلَاثِينَ سَنَةً مِنْ أَوَائِلِهَا غَيْرَ الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْهَا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ مِنْ مَالِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ مِنْ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ كُلُّ سَنَةٍ مِنْهَا غَيْرُ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ أَيَّامِهَا بِمَا يَخُصُّهَا مِنْ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ مَالِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ وَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ الَّتِي هِيَ تَتِمَّةُ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِبَقِيَّةِ مَالِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ وَيُتِمُّ الصَّكَّ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَاكِمُ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِي لَفْظِ الْيَتِيمِ مَعَ الْأَبِ مُسَامَحَةً فِي الْمَمْلُوكَاتِ بَيْنَ الْبَالِغِينَ. وَأَمَّا فِي أَمْوَال الْأَيْتَامِ فَإِنْ كَانَتْ لِلْيَتِيمِ دَارٌ وَأَرَادَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ إجَارَتَهَا لَمْ يَصِحَّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ الْمَرْسُومَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ اسْتِئْجَارَهَا لِلْيَتِيمِ لَمْ يَجُزْ فِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ فِيهَا يَقَعُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَوْقَافِ (قَالَ) الْوَجْهُ فِي الْإِجَارَةِ لِلْيَتِيمِ أَنْ يَعْقِدَ الْعَقْدَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَيُبْرِئَ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ فَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمِهِمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا بَاشَرَاهُ ثُمَّ يُقِرَّانِ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِمَالٍ هُوَ عَلَى قَدْرِ مَالِ الْإِجَارَةِ مُؤَجَّلًا إلَى انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ فَإِذَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ طَالَبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَلَهُ وَجْهٌ آخَرُ) أَنْ يُقِرَّ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ بِقَبْضِهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَيَبْرَأَ الْمُسْتَأْجِرُ وَيَضْمَنَانِ. فَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَتَوَثَّقَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - فَإِنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ وَإِنْ أَقَرَّا بِقَبْضِ مَالِ الْإِجَارَةِ لَمْ يَبْرَأْ الْمُسْتَأْجِرُ فِيمَا بَيْنَهُ

وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - فَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا شَيْئًا بِثَمَنٍ هُوَ مِثْلُ تِلْكَ الْأُجْرَةِ وَالْأَحْوَطُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْإِبْرَاءُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالْقَبْضِ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِفَسْخِهَا أَوْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَجَبَ مَالَانِ أَحَدُهُمَا الْمُقَرُّ بِهِ وَالثَّانِي مَالُ الْإِجَارَةِ الَّذِي أَقَرَّ بِقَبْضِهِ وَلَمْ يَضْمَنْ بِسَبَبِ الْإِبْرَاءِ عَنْ مَالِ الْإِجَارَةِ شَيْئًا (وَهُنَا شَيْءٌ يَجِبُ أَنْ يُتَحَرَّزَ عَنْهُ) وَهُوَ أَنَّ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْوُجُوهِ ضَرَرًا لِلْمُؤَاجِرِ وَفِي بَعْضِهَا ضَرَرًا لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمُقَرَّ بِهِ إنْ جُعِلَ مُؤَجَّلًا إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ تَضَرَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ عَسَى تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ أَوْ بِالْفَسْخِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَيَبْقَى الْمَالُ مُؤَجَّلًا إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَيَتَضَرَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِنْ جُعِلَ مُؤَجَّلًا إلَى وَقْتِ الْفَسْخِ كَانَ وَقْتُ الْفَسْخِ مَجْهُولًا وَالتَّأْجِيلُ إلَيْهِ يَبْطُلُ فَبَقِيَ الْمَالُ حَالًّا فَيَتَضَرَّرُ الْمُؤَاجِرُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُؤَاخِذُهُ بِالْمَالِ حَالًّا. وَالشَّيْءُ الْمُسْتَأْجَرُ فِي يَدِهِ بِحَقِّ الْإِجَارَةِ بِغَيْرِ بَدَلٍ أَدَّاهُ فَالسَّبِيلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ الْمَالَ مُؤَجَّلًا إلَى وَقْتِ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ ثُمَّ يُوَكِّلَ الْمُسْتَأْجِرَ بِإِبْطَالِ هَذَا الْأَجَلِ مَتَى انْفَسَخَ هَذَا الْعَقْدُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَزَلَهُ عَادَ مَأْذُونًا لَهُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ زَالَ الضَّرَرُ عَنْهُمَا جَمِيعًا وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ التَّوْكِيلِ بِوَقْتٍ مُنْتَظَرٍ وَعَلَى هَذَا أَمْرُ الْوَقْفِ وَلَمْ يَفْصِلْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي الْوَقْفِ بَيْنَ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَالْقَصِيرَةِ وَكَذَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَبَعْضُهُمْ أَبْطَلُوا فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ مَخَافَةَ التَّمَلُّكِ فَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ يُلْحِقَ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ فَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ لِلْيَتِيمِ أَوْ لِلْوَقْفِ فَهَذَا الْوَجْهُ جَارٍ فِيهِ (قَالَ) مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَوَجْهٌ آخَرُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ مَثَلًا عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً بِأَلْفٍ فَيَنْظُرَ كَمْ أَجْرُ مِثْلِ هَذَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ فَإِنْ كَانَ مَثَلًا خَمْسِينَ دِرْهَمًا عَقَدَ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ كُلُّ سَنَةٍ بِسُدُسِ دِرْهَمٍ وَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ بِبَقِيَّةِ الْمَالِ حَتَّى يَقَعَ الْعَقْدُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ وَيُجَدِّدُ الْعَقْدَ هَكَذَا فِي كُلِّ عَشْرِ سِنِينَ وَيَعْقِدُ عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً وَهَذَا مَجْمُوعُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْحَاكِمُ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (فَإِنْ أَرَادَ كِتَابَةَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ) كَتَبَ هَذَا مَا فَسَخَ فُلَانٌ إجَارَةَ الْمَنْزِلِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ وَيَحُدُّ الْمَنْزِلَ إجَارَةً طَوِيلَةً بِكَذَا دِرْهَمًا أَوَّلُهَا تَارِيخُ كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا فَسَخَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ فِي الْأَيَّامِ الْمَشْرُوطِ لَهُ فِيهَا الْخِيَارُ وَهُوَ يَوْمُ كَذَا وَيَذْكُرُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ أَيَّامِ خِيَارِهِ وَالْأَوْسَطَ وَالْآخِرَ فَسْخًا صَحِيحًا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ مَنْ أَثْبَتَ شَهَادَتَهُ فِي آخِرِ هَذَا الذِّكْرِ وَأَصَحُّ الْفَسْخِ فِي هَذَا أَنْ يَفْسَخَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوْسَطِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْيَوْمِ الْآخِرِ أَوْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَسَى أَنْ يَقَعَ الْفَسْخُ قَبْلَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ مَا قُلْنَا (وَإِنْ كَانَ لِنَوْعٍ مِنْ الْأَعْمَالِ وَالصِّنَاعَاتِ كَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا) بَيَّنْتَ وَقُلْتَ يَسْتَعْمِلُهُ بِالْخِيَاطَةِ فِي أَنْوَاعِ الثِّيَابِ كُلِّهَا وَجَمِيعِ مَا يُخَاطُ عَلَى مَا رَأَى وَأَحَبَّ وَيُؤَاجِرُهُ مِمَّنْ أَحَبَّ وَيُسَافِرُ بِهِ إنْ بَدَا لَهُ يَعْمَلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَإِنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ وَالْأَعْمَالِ وَالصِّنَاعَاتِ كُلِّهَا بَيَّنْتَ ذَلِكَ ثُمَّ تُبَيِّنُ حَدِيثَ الْأَجْرِ مِنْ التَّأْجِيلِ وَالتَّعْجِيلِ وَالتَّأْقِيتِ وَبَيَّنْتَ الرُّؤْيَةَ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَالَ إجَارَةُ مَحْدُودِ الصَّغِيرِ أَوْ الْوَقْفِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ لَا تَجُوزُ وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْمُقَاطَعَةُ وَهِيَ هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَاطَعَةِ فُلَانٌ - أَعْنِي رَبَّ الْمَالِ - مِنْ فُلَانٍ الْقَيِّمِ فِي تَسْوِيَةِ أُمُورِ الصَّغِيرِ فُلَانٍ الثَّابِتِ الْقِوَامَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّهُ يُؤَجِّرُهُ مِنْ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ بِهَذِهِ الْوِلَايَةِ وَالْقِوَامَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ بِالْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ يَوْمَئِذٍ أَجْرُ الْمِثْلِ لِهَذَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا وَكْسَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ وَيَذْكُرُ الْحُدُودَ وَيُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِهِ. (وَإِنْ كَانَتْ الْمُقَاطَعَةُ لِلْمَنْزِلِ الْمُسْتَأْجَرِ) كَمَا هُوَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْمُعَامَلَاتِ بِأَنْ يُؤَاجِرَ رَجُلٌ مَنْزِلَهُ مِنْ آخَرَ بِمَالٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ يَسْتَأْجِرَهُ الْآخَرُ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَاطَعَةِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَيَضْمَنُ الْآجِرُ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ مَالِكُ الْمَنْزِلِ

بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ الْمُقَدَّرَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا يَكْتُبُ بَعْدَ تَمَامِ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ كَتَبَهَا عَلَى ظَهْرِ الصَّكِّ: هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَاطَعَةِ مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَذْكُورُ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الِاسْتِئْجَارِ جَمِيعَ هَذَا الْمَنْزِلِ الْمُبَيَّنِ مَوْضِعُهُ وَحُدُودُهُ فِي هَذَا الصَّكِّ إنْ كَانَ يَكْتُبُهَا عَقِيبَ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ وَإِنْ كَانَ يَكْتُبُهَا عَلَى ظَهْرِ الصَّكِّ يَكْتُبُ: هَذَا الْمَنْزِلُ الْمُبَيَّنُ مَوْضِعُهُ وَحُدُودُهُ فِي بَطْنِهِ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ الَّتِي هِيَ مِنْ حُقُوقِهِ بَعْدَمَا زَادَ الْآجِرُ الثَّانِي هَذَا وَهُوَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ هَذَا الصَّكِّ فِي هَذَا الْمَنْزِلِ الْمَحْدُودِ فِيهِ زِيَادَةً طَابَ لَهُ الْفَضْلُ مَا بَيْنَ الْأُجْرَتَيْنِ مُشَاهَرَةً مِنْ أَوَّلِ يَوْمِ كَذَا يَكْتُبُ يَوْمًا بَعْدَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ إلَى مُنْتَهَى مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْأُولَى الْمَذْكُورَةِ فِيهِ غَيْرِ الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْهَا الْمَذْكُورَةِ فِيهِ كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا دِينَارًا اسْتِئْجَارًا صَحِيحًا لِيَسْكُنَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفْسِهِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَسْكَنَ غَيْرَهُ فِيهِ مُدَّةَ هَذِهِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّ هَذَا الْآجِرَ الثَّانِيَ الْمَذْكُورَ فِيهِ آجَرَهُ مِنْ هَذَا الْمُقَاطِعِ كَذَلِكَ بِهَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ إجَارَةً صَحِيحَةً خَالِيَةً عَمَّا يُبْطِلُهَا وَتَمَّ التَّسْلِيمُ وَالتَّسَلُّمُ بَيْنَهُمَا فِيمَا ثَبَتَ إجَارَتُهُ عَلَى قَضِيَّةِ الشَّرْعِ وَتَفَرَّقَا بَعْدَمَا ضَمِنَ الْآجِرُ الْأَوَّلُ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ هَذَا الصَّكِّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُقَاطِعُ هَذَا مَا يَجِبُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ هَذَا وَهُوَ الْآجِرُ الثَّانِي هَذَا عَلَى هَذَا الْمُقَاطِعِ وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي مِنْ هَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ ضَمَانًا صَحِيحًا مُتَعَلِّقًا بِاللُّزُومِ وَرَضِيَ بِهِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ وَأَجَازَ ضَمَانَهُ هَذَا عَنْهُ لِنَفْسِهِ فِي مَجْلِسِ الضَّمَانِ إجَازَةً صَحِيحَةً وَيُتِمُّ الصَّكَّ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (نَوْعٌ آخَرُ) إذَا دَفَعَ الْأَرَاضِيَ مُزَارَعَةً وَالْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ عَيْنًا يَكْتُبُ: هَذَا مَا دَفَعَ الدِّهْقَانُ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ الْحَرَّاثِ دَفَعَ إلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ الْمُزَارَعَةِ جَمِيعَ الضَّيْعَةِ الَّتِي هِيَ كَذَا دَبْرَةَ أَرْضٍ بَيْضَاءَ صَالِحَةٍ لِلزِّرَاعَةِ ذَكَرَ الدَّافِعُ هَذَا أَنَّهَا مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدَيْهِ وَمَوْضِعُهَا فِي أَرْضِ قَرْيَةِ كَذَا بِنَاحِيَةِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا وَكَذَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا الَّتِي هِيَ لَهَا مِنْ حُقُوقِهَا وَبَذْرًا مَعَهَا بِعَيْنِهِ وَذَلِكَ كُرُّ حِنْطَةٍ سَقِيَّةٍ جَيِّدَةٍ بَيْضَاءَ نَقِيَّةٍ وَهُوَ كَذَا قَفِيزًا بِالْقَفِيزِ الَّذِي يُعْرَفُ بِكَذَا ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَاتٍ أَوَّلُهَا يَوْمُ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا وَآخِرُهَا يَوْمُ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مُزَارَعَةً صَحِيحَةً لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا خِيَارَ وَلَا مُوَاعَدَةَ لِيَزْرَعَهَا هَذَا الْمَزَارِعُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ هَذَا الْبَذْرُ الْمَذْكُورُ فِيهِ وَيَقُومُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَأُجَرَائِهِ وَأَعْوَانِهِ وَبَقَرِهِ وَأَدَوَاتِهِ وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِرَأْيِهِ عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ كُلُّهُ حَبُّهُ وَتِبْنُهُ بَيْنَ هَذَا الدَّافِعِ وَبَيْنَ هَذَا الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ نِصْفَيْنِ أَوْ أَثْلَاثًا عَلَى حَسَبِ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ وَقَبِلَ هَذَا الْمُزَارِعُ عُقْدَةَ هَذِهِ الْمُزَارَعَةِ مِنْ هَذَا الدَّافِعِ قَبُولًا صَحِيحًا وَقَبَضَ هَذَا الْمَزَارِعُ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَرَاضِي وَجَمِيعَ هَذَا الْبَذْرِ مِنْ هَذَا الدَّافِعِ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَيْهِ تَسْلِيمًا صَحِيحًا عَمَلًا مِنْهُمَا بِقَوْلِ مَنْ يَرَى جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ مِنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ هَذِهِ الْمُزَارَعَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا وَتَمَامِهَا تَفَرُّقَ الْأَبْدَانِ وَالْأَقْوَالِ وَضَمِنَ هَذَا الدَّافِعُ لِهَذَا الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ مَا أَدْرَكَ مِنْ دَرْكٍ فِي ذَلِكَ. وَإِنْ أَرَادَا أَنْ يَصِيرَ الْعَقْدُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ يُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ فَيَكْتُبُ: وَحَكَمَ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْمُزَارَعَةِ بَعْدَ خُصُومَةٍ مُعْتَبَرَةٍ وَقَعَتْ مِنْهُمَا وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا التِّبْنَ فِي الْوَثِيقَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ سَكَتَا عَنْهُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَإِذَا شَرَطَاهُ بَيْنَهُمَا فَعَلَى الشَّرْطِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا كَذَا

سَنَةً عَلَى أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا مَا بَدَا لَهُ مِنْ الْأَشْجَارِ وَمَا خَرَجَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ جَازَ وَالْغَرْسُ لِلْغَارِسِ وَالثَّمَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّوْقِيتِ وَعِنْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ يُؤْمَرُ بِقَلْعِ الْأَشْجَارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَذْرُ عَيْنًا وَالرَّأْيُ إلَى الدَّافِعِ كَتَبْتَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَى ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَلَمْ تَكْتُبْ بِذَارًا مَعَهَا بَلْ كَتَبْتَ: لِيَزْرَعَهَا هَذَا الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مَا بَدَا لِهَذَا الدَّافِعِ بِبَذْرِ هَذَا الدَّافِعِ مِنْ غَلَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَلَا يُذْكَرُ قَبْضُ الْبَذْرِ عِنْدَ قَبْضِ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ عَيْنًا مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ كَتَبْتَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا هَذَا الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْأَرْضُ بِبَذْرِ نَفْسِهِ وَهُوَ كُرُّ حِنْطَةٍ سَقِيَّةٍ بَيْضَاءَ نَقِيَّةٍ جَيِّدَةٍ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا قَفِيزًا بِقَفِيزِ كَذَا وَلَا يُذْكَرُ قَبْضُ الْبَذْرِ مَعَ قَبْضِ الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ غَيْرَ عَيْنٍ وَالرَّأْيُ فِيهِ إلَى الْمُزَارِعِ كَتَبْتَ: لِيَزْرَعَهَا هَذَا الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مَا بَدَا لَهُ بِبَذْرِ نَفْسِهِ مِنْ غَلَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَحُكْمُ الدَّرْكِ فِي. هَذَا يَكُونُ رَاجِعًا إلَيْهِمَا فَإِنَّ الْأَرْضَ لَوْ اُسْتُحِقَّتْ قَبْلَ بُلُوغِ الزَّرْعِ كَانَ الْمُزَارِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَلَعَ الزَّرْعَ مَعَ الدَّافِعِ وَقَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الدَّافِعُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنْ الزَّرْعِ وَكَانَ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلدَّافِعِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الزَّرْعُ دُونَ الْأَرْضِ كَانَ لِلدَّافِعِ عَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ وَيَرْجِعُ حُكْمُ ضَمَانِ الدَّرْكِ إلَيْهِمَا جَمِيعًا فَيُكْتَبُ فِي مَوْضِعِ الدَّرْكِ فَمَا أَدْرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ دَرْكٍ فِي جَمِيعِ مَا وُصِفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ تَسْلِيمُ مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مُزَارَعَةً كَتَبَ هَذَا مَا دَفَعَ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ جَمِيعَ حِصَّتِهِ مِنْ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ وَهِيَ النِّصْفُ مَشَاعًا سَهْمٌ مِنْ سَهْمَيْنِ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ مُزَارَعَةً صَحِيحَةً ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَاتٍ مِنْ لَدُنْ غُرَّةِ شَهْرِ كَذَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَنَفَقَتِهِ وَأُجَرَائِهِ وَأَعْوَانِهِ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا الثُّلُثُ لِلدَّافِعِ وَالثُّلُثَانِ لِلْمُزَارِعِ وَيُنْهَى الْكِتَابُ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْمُزَارِعِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الدَّافِعِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ وَنِصْفُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ شَرِيكَهُ فِي الْأَرْضِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِي أَرْضٍ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الزَّارِعِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ، وَاسْتِئْجَارُ شَيْءٍ مُشْتَرَكٍ جَائِزٌ، وَهَذَا كَمَا قَالُوا فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ. (مَنْ) آجَرَ أَرْضًا سَنَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ إنَّهُ دَفَعَهَا إلَى الْمُؤَاجِرِ مُزَارَعَةً إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُؤَاجِرِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ. (وَأَمَّا كِتَابَةُ الْمُعَامَلَاتِ) فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُعَامَلَاتِ جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَشْجَارِ وَالزَّرَاجِين وَالْقُضْبَانِ وَالْبُقُولِ وَالرِّطَابِ وَأُصُولِ الْقَصَبِ وَالثِّمَارِ الَّتِي لَمْ تُونِعْ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْبُتُ وَيُقْطَعُ، وَكَذَلِكَ يَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِهِمَا أَنْ تَجُوزَ عِنْدَهُمَا عَلَى الْمِلْحِ إنْ كَانَ مَائِعًا وَيَجْمُدُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى سَوْقِ الْمَاءِ وَقَالَا فِي الْقِيرِ وَالنِّفْطِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى سَوْقِ الْمَاءِ وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ فِي كُلِّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عِنْدَهُمَا إذَا كَانَتْ تَحْتَاجُ إلَى الْمُعَالَجَةِ لِتَنْمُوَ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَلَا (ثُمَّ وَجْهُ الْكِتَابَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ) أَنْ يَكْتُبَ: هَذَا مَا دَفَعَ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ جَمِيعَ الرُّطَبَةِ الْقَائِمَةِ فِي مَوْضِعِ كَذَا أَوْ جَمِيعَ الْكَرْمِ بِجَمِيعِ مَا فِيهِ مِنْ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ الْمُثْمِرِ وَيُبَيِّنَ الْحُدُودَ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ سَنَةً وَاحِدَةً اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مُتَوَالِيَةً مِنْ لَدُنْ غُرَّةِ شَهْرِ كَذَا مُعَامَلَةً صَحِيحَةً لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا خِيَارَ لِيَقُومَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَيَسْقِيَهُ وَيَحْفَظَهُ وَيَكْسَحَ كَرْمَهُ وَيَقُومَ بِتَشْذِيبِهِ - وَالتَّشْذِيبُ قَطْعُ مَا اصْفَرَّ مِنْ الْأَغْصَانِ وَيَبِسَ مِنْهَا - وَإِيَامَتِهِ. وَتَلْقِيحِ نَخْلِهِ وَتَأْبِيرِهِ بِنَفْسِهِ وَبِأُجَرَائِهِ

الفصل الثالث عشر في الشركات

وَأَعْوَانِهِ وَيَعْمَلَ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى شَرْطِ كَذَا وَقَبَضَ هَذَا الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ جَمِيعَ هَذَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِهِ جَمِيعَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَيَذْكُرُ ضَمَانَ الدَّرْكِ وَيُنْهِي الْكِتَابَ، فَإِنْ كَانَ الْكَرْمُ يَشْتَمِلُ عَلَى الْمَزَارِعِ كَتَبْتَ: هَذَا مَا دَفَعَ إلَيْهِ جَمِيعَ الضَّيْعَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْكُرُومِ وَالْمَزَارِعِ وَالنَّخْلِ وَالشَّجَرِ الْمُثْمِرِ مُعَامَلَةً وَمُزَارَعَةً فِي عُقْدَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ لَيْسَتْ إحْدَاهُمَا شَرْطًا فِي الْأُخْرَى وَيَحُدُّ الضَّيْعَةَ ثُمَّ تَقُولُ دَفَعَ فُلَانٌ إلَيْهِ أَوَّلًا جَمِيعَ مَا فِيهَا مِنْ الْكُرُومِ وَالشَّجَرِ الْمُثْمِرِ مُعَامَلَةً مُقَاطَعَةً خَمْسَ سِنِينَ مِنْ لَدُنْ غُرَّةِ شَهْرِ كَذَا مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ مُعَامَلَةً صَحِيحَةً لِيَقُومَ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَيَذْكُرُ الْقَبْضَ ثُمَّ يَقُولُ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ جَمِيعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمَزَارِعِ فِي عُقْدَةٍ أُخْرَى مُزَارَعَةً مُدَّةَ خَمْسِ سِنِينَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ أَرْضَهَا بِبَذْرِهِ مَا بَدَا لَهُ مِنْ غَلَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَيَذْكُرُ شَرَائِطَ الْمُزَارَعَةِ عَلَى حَسَبِ مَا بَيَّنَّاهُ وَيَقُولُ عِنْدَ ذِكْرِ الدَّرْكِ فَمَا أَدْرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَسْلِيمُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِصَاحِبِهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الشَّرِكَاتِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الشَّرِكَاتِ) وَجْهُ الْكِتَابَةِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ أَنْ يَكْتُبَ هَذَا مَا اشْتَرَكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ اشْتَرَكَا عَلَى تَقْوَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَالتَّجَنُّبِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالْخِيَانَةِ وَبَذْلِ النَّصِيحَةِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي سِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ شَرِكَةَ عِنَانٍ بِرَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا سَمَّى وَوَصَفَ فِيهِ وَعَقَدَا عَلَيْهِمَا هَذِهِ الشَّرِكَةَ الْمَوْصُوفَةَ شَرِكَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً لَا فَسَادَ فِيهَا، فَإِنْ كَانَا جَمِيعًا يَتَّجِرَانِ كَتَبْتَ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَا بِهَذَيْنِ الْمَالَيْنِ مَا بَدَا لَهُمَا مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ وَيَسْتَأْجِرَا بِذَلِكَ وَيُؤَاجِرَا جَمِيعًا وَشَتَّى وَيَبِيعَا جَمِيعًا وَشَتَّى بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَيَشْتَرِيَا مَا بَدَا لَهُمَا جَمِيعًا وَمَا بَدَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى أَنْ يَخْلِطَا ذَلِكَ بِمَالِ نَفْسِهِمَا وَبِمَالِ مَنْ أَحَبَّا مِنْ النَّاسِ وَيَدْفَعَا ذَلِكَ مُضَارَبَةً إلَى مَنْ أَرَادَا مِنْ النَّاسِ وَأَحَبَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَرَادَ وَعَلَى أَنْ يُبْضِعَا مَا بَدَا لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ وَيُودِعَا مَنْ وَدَّا مِنْ النَّاسِ جَمِيعًا وَشَتَّى وَعَلَى أَنْ يُوَكِّلَا بِذَلِكَ جَمِيعًا وَشَتَّى مَنْ شَاءَا مِنْ النَّاسِ وَيُسَافِرَا بِذَلِكَ إلَى أَيِّ بَلَدٍ أَرَادَا مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ وَدَارِ الْحَرْبِ وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ يَعْمَلَانِ فِي ذَلِكَ جَمِيعًا وَشَتَّى وَيَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ - تَعَالَى - لَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ مِنْ رِبْحٍ وَفَضْلٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا وَمَا وَضَعَا فِيهِ فَهُوَ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ تَفَرُّقَ الْأَبْدَانِ عَنْ صِحَّةٍ وَتَرَاضٍ. (وَإِذَا اشْتَرَكَا شَرِكَةَ الْوُجُوهِ وَأَرَادَا الْكِتَابَةَ) فَوَجْهُ الْكِتَابَةِ هَذَا مَا اشْتَرَكَ عَلَيْهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ اشْتَرَكَا عَلَى تَقْوَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَطَاعَتِهِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَبَذْلِ النَّصِيحَةِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ شَرِكَةَ وُجُوهٍ بِأَبْدَانِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأَسَ مَالٍ فِي شَرِكَتِهِمَا الْمَوْصُوفَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ يَكُونُ هَذَا شَرِكَةَ عِنَانٍ فِي الْوُجُوهِ وَقَدْ يَكُونُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فَفِي الْعِنَانِ يَكْتُبُ: اشْتَرَكَا فِي تِجَارَةِ كَذَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِوُجُوهِهِمَا وَبِمَا يَصِيرُ فِي أَيْدِيهِمَا مِنْ تِجَارَتِهِمَا وَمِنْ شَرِكَتِهِمَا هَذَا مَا رَأَيَا شِرَاءَهُ مِنْ تِجَارَةِ كَذَا وَيَشْتَرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ ذَلِكَ مَا رَأَى بِنَفْسِهِ وَبِوُكَلَائِهِ وَيَعْمَلَانِ جَمِيعًا وَيَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَيَبِيعَانِ ذَلِكَ جَمِيعًا وَيَبِيعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَرَى وَيُوَكِّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَيْعِ ذَلِكَ بِمَا رَأَى مِنْ الْوُكَلَاءِ عَلَى أَنَّ ثَمَنَ مَا يَبْتَاعَانِهِ أَوْ يَبْتَاعُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ ذَلِكَ وَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ أَوْ وَضِيعَةٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ،. وَفِي

الْمُفَاوَضَةِ مِنْهُمَا يَكْتُبُ: اشْتَرَكَا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِوُجُوهِهِمَا وَمَا يَصِيرُ فِي أَيْدِيهِمَا مِنْ تِجَارَتِهِمَا يَشْتَرِيَانِ جَمِيعًا وَيَشْتَرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ مَا رَأَى بِنَفْسِهِ وَوُكَلَائِهِ وَيَبِيعَا ذَلِكَ جَمِيعًا وَيَبِيعُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَرَى وَيُوَكِّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَيْعِ ذَلِكَ بِمَا يَرَى مِنْهُ أَوْ بِمَا رَآهُ مِنْ الْوُكَلَاءِ عَلَى أَنَّ ثَمَنَ مَا يَبْتَاعَانِهِ أَوْ يَبْتَاعُهُ لَهُمَا وُكَلَاؤُهُمَا أَوْ وَكِيلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ثُمَّ يُنْهِي الْكِتَابَ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَجُوزُ تَفْضِيلُ أَحَدِهِمَا فِي الرِّبْحِ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَى صَاحِبِهِ. (وَإِذَا أَرَادَا شَرِكَةَ عِنَان فِي تِجَارَةٍ خَاصَّةٍ بِغَيْرِ رَأْسِ مَالِ عَلَى جِهَةِ التَّقَبُّلِ وَهِيَ تُسَمَّى شَرِكَةَ التَّقَبُّلِ) فَوَجْهُ الْكِتَابَةِ: هَذَا مَا اشْتَرَكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ اشْتَرَكَا شَرِكَةَ عِنَانٍ فِي عَمَلِ الْخِيَاطَةِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَا بِأَيْدِيهِمَا وَيَتَقَبَّلَا هَذَا الْعَمَلَ مِنْ النَّاسِ جَمِيعًا وَشَتَّى وَيَسْتَأْجِرُ كِلَاهُمَا أَوْ يَسْتَأْجِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْأُجَرَاءِ بِمَا رَأَى فِي شَرِكَتِهِمَا وَيَعْمَلَا جَمِيعًا وَيَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا احْتَاجَا إلَيْهِ مِنْ أَدَاةِ عَمَلِهِمَا وَيَبِيعَا ذَلِكَ وَمَا صَارَ فِي أَيْدِيهِمَا مِنْ عَمَلِ أَيْدِيهِمَا مَتَاعٌ كَذَا وَيَبِيعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا رَأَى فَمَا اجْتَمَعَ فِي ذَلِكَ مِنْ فَضْلٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَمَا كَانَ مِنْ وَضِيعَةٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ اشْتَرَكَا جَمِيعًا عَلَى مَا بُيِّنَ وَوُصِفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَعَقَدَا بَيْنَهُمَا عُقْدَةَ هَذِهِ الشَّرِكَةِ وَيُنْهِي الْكِتَابَ. وَعَلَى هَذَا كُلُّ عَمَلٍ مِنْ الْقِصَارَةِ وَالصِّبَاغَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا الْخِيَاطَةُ وَعَمَلُ الْآخَرِ الْقِصَارَةُ يَقُولُ اشْتَرَكَا فِي عَمَلِ كَذَا وَفِي عَمَلِ كَذَا وَيَجُوزُ فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ تَفْضِيلُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِي الرِّبْحِ (وَهَذِهِ ثَلَاثُ شَرِكَاتٍ) وَالشَّرِكَاتُ الثَّلَاثُ الْأُخَرُ شَرِكَةُ مُفَاوَضَةٍ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ فَإِنْ كَانَتْ بِرَأْسِ مَالٍ كَتَبْتَ مَكَانَ قَوْلِكَ: شَرِكَةُ عِنَانٍ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ التِّجَارَاتِ وَتُبَيِّنُ رَأْسَ الْمَالِ ثُمَّ تَقُولُ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي أَيْدِيهِمَا يَشْتَرِيَانِ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَيَشْتَرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا رَأَيَاهُ أَوْ رَأَى وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ صُنُوفِ التِّجَارَاتِ وَيُنْهِي الْكِتَابَ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْفَصْلِ شَرْطُ الرِّبْحِ وَالْوَضِيعَةِ عَلَى التَّفَاضُلِ وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا سَوَاءُ وَعَلَى هَذَا شَرِكَةُ التَّقَبُّلِ وَشَرِكَةُ الْوُجُوهِ فِي الْمُفَاوَضَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ غَيْرَ أَنَّ هَاهُنَا يَذْكُرُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ وَيَكْتُبُ الذِّكْرَ بِنُسْخَتَيْنِ فِي كُلِّ شَرِكَةٍ. (وَإِذَا أَرَادَا فَسْخَ الشَّرِكَةِ) فَوَجْهُ الْكِتَابَةِ فِيهِ: هَذَا مَا شَهِدَ إلَى آخِرِهِ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا كَانَا شَرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَوْ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ وَيَذْكُرُ النَّوْعَ وَكَانَا عَلَيْهَا كَذَا سَنَةً وَكَانَ لِفُلَانٍ رَأْسُ مَالِ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا وَعَمِلَا بِذَلِكَ مِنْ الْمُدَّةِ كَذَا ثُمَّ أَرَادَا فَسْخَ الشَّرِكَةِ وَقِسْمَةَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ جَمِيعِ الْأَمْوَالِ فَقَسَمَاهَا وَقَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِسَابَهُ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى وَقَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَعَرَّفَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ قِسْمَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا خِيَارَ وَالْأَمْوَالُ كُلُّهَا حَاضِرَةٌ لَيْسَتْ بِمَشْغُولَةٍ بِدَيْنٍ وَلَا عَيْنٍ وَبَرِئَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى صَاحِبِهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِبَلَ صَاحِبِهِ حَقٌّ وَلَا دَعْوَى بَعْدَ هَذَا الْكِتَابِ وَيُنْهِي الْكِتَابَ، فَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ فِي الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا أَرَادَا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ أَوْ عِنَانٍ وَلَا مَالَ لِأَحَدِهِمَا فَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ الشَّرِيكُ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ مِثْلَ نَصِيبِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَهُ الْمَالُ مِنْهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَ نَفْسِهِ فَيَكْتُبُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتَفَرَّقَا طَائِعِينَ ثُمَّ أَقَرَّ فُلَانٌ وَهُوَ الشَّرِيكُ الثَّانِي فِي تَرْتِيبِ هَذَا لِذِكْرٍ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ وَنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إقْرَارًا مُسْتَأْنَفًا أَنَّ عَلَيْهِ وَفِي ذِمَّتِهِ لِشَرِيكِهِ فُلَانٍ وَهُوَ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا فِي تَرْتِيبِ هَذَا الذِّكْرِ كَذَا دِينَارًا دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبِ قَرْضٍ صَحِيحٍ أَقْرَضَهَا إيَّاهُ مِنْ مَالِ

الفصل الرابع عشر في الوكالات

نَفْسِهِ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَأَنَّهُ قَبَضَهَا مِنْهُ قَرْضًا وَجَعَلَهَا نَصِيبَ نَفْسِهِ فِي الشَّرِكَةِ إقْرَارًا صَحِيحًا وَصَدَّقَهُ شَرِيكُهُ فُلَانٌ هَذَا فِيهِ خِطَابًا وَيَذْكُرُ التَّارِيخَ وَإِنْ أَرَادَا الشَّرِكَةَ فِي الْحَيَوَانِ وَفَارِسِيُّهُ (كاو بنيم سوددادن) وَصُورَةُ ذَلِكَ رَجُلٌ لَهُ حَيَوَانٌ بُقُورٌ أَوْ أَغْنَامٌ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَهَا بِالشَّرِكَةِ إلَى رَجُلٍ آخَرَ لِيَكُونَ الْحَاصِلُ مِنْهَا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوِيَّةِ وَاَلَّذِي يَحْصُلُ مِنْهَا مِنْ الْأَوْلَادِ فَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ يَبِيعَ صَاحِبُ الْأَغْنَامِ أَوْ الْبُقُورِ نِصْفَهَا مَشَاعًا مِنْ الَّذِي يُرِيدُ الشَّرِكَةَ مَعَهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيُسَلِّمُ الْجَمِيعَ إلَيْهِ حَتَّى هُوَ يَحْفَظُهَا وَيَرْعَاهَا وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوِيَّةِ نِصْفَيْنِ فَوَجْهُ الْكِتَابَةِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ إقْرَارَ الَّذِي لَا حَيَوَانَ لَهُ أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ طَائِعًا أَنَّ فِي يَدِهِ كَذَا كَذَا بَقَرَةً وَكَذَا كَذَا شَاةً وَيَذْكُرُ شِيَاتِهَا عَلَى التَّمَامِ ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ ذِكْرِ شِيَاتِهَا يَكْتُبُ: فَجَمِيعُهَا فِي يَدَيْهِ نِصْفُهَا بِحَقِّ الْمِلْكِ وَنِصْفُهَا أَمَانَةٌ مِنْ جِهَةِ مَالِكِ نِصْفِهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - يَعْنِي صَاحِبَ الْحَيَوَانِ - وَمَا يَرْزُقُهُمَا اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ بِهَا وَالْمُنْفَصِلَةِ عَنْهَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوِيَّةِ نِصْفَيْنِ وَأَقَرَّ فُلَانٌ هَذَا أَيْضًا فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ طَائِعًا أَنَّ عَلَيْهِ وَفِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانٍ هَذَا صَاحِبِ الْحَيَوَانِ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَهُوَ ثَمَنُ نِصْفِ هَذِهِ الْبَقَرَاتِ الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ مَشَاعًا كَمَا اقْتَضَاهُ الشَّرْعُ وَقَبَضَهَا عَلَى قَضِيَّةِ الشَّرْعِ مِنْهُ قَبْضًا صَحِيحًا وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ هَذَا فِيهِ خِطَابًا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْوَكَالَاتِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْوَكَالَاتِ) وَإِذَا أَرَدْتَ وَكَالَةً عَامَّةً بِالْبَيْعِ إنْ شِئْتَ كَتَبْتَ: هَذَا مَا وَكَّلَ وَإِنْ شِئْتَ كَتَبْتَ: هَذَا مَا شَهِدَ إلَخْ أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَ فُلَانًا بِبَيْعِ جَمِيعِ دَارِهِ وَتُحَدُّ الدَّارُ بِحُدُودِهَا كُلِّهَا وَمَرَافِقِهَا أَرْضِهَا وَبِنَائِهَا وَكَالَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً نَافِذَةً عَلَى أَنْ يَعْمَلَ هَذَا الْوَكِيلُ فِيهَا بِرَأْيِهِ وَيُوَكِّلُ بِذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ وَيَبِيعَهَا بِمَا أَحَبَّ وَيَجُوزُ مَا صَنَعَ فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ وَيَقْبِضُ ثَمَنَهَا إذَا بَاعَهَا وَيُسَلِّمُهَا إلَى مَنْ يَشْتَرِيهَا وَيُوَكِّلُ بِذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ وَقَبِلَ هَذَا الْوَكِيلُ هَذِهِ الْوَكَالَةَ الْمَوْصُوفَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ هَذَا الْمُوَكِّلِ بِمُوَاجَهَتِهِ إيَّاهُ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا وَاشْتِغَالِهِمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ وَسَلَّمَ هَذَا الْمُوَكِّلُ الْمُسَمَّى فِيهِ جَمِيعَ مَا وَقَعَ التَّوْكِيلُ بِبَيْعِهِ عَلَى مَا يُسَمَّى فِيهِ إلَى هَذَا الْوَكِيلِ الْمُسَمَّى فِيهِ وَقَبَضَهَا مِنْهُ فَارِغَةً عَمَّا يَشْغَلُهَا مِنْ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ فَجَمِيعُ ذَلِكَ فِي يَدِهِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْوَكَالَةِ ثُمَّ يُنْهِي الْكِتَابَ إلَى آخِرِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا أَرَدْتَ وَكَالَةً عَامَّةً بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَتَبْتَ: هَذَا مَا وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِجَمِيعِ مَا سَمَّى وَوَصَفَ فِيهِ وَكَالَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً لِيَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ هَذَا الْوَكِيلُ جَمِيعَ أَمْوَالِ هَذَا الْمُوَكِّلِ وَجَمِيعَ أَمْلَاكِهِ الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا مِنْ جَمِيعِ أَصْنَافِ مَا رَأَى بَيْعَهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَمْوَالِ وَالْأَمْلَاكِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالثِّيَابِ وَالْعُرُوضِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَالْمَتَاعِ وَالْعَقَارَاتِ الْمُسْتَغَلَّاتِ كُلِّهَا مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ مَا يَمْلِكُهُ. هَذَا الْمُوَكِّلُ يَوْمَ وَكَّلَ هَذَا الْوَكِيلَ الْمُسَمَّى فِيهِ وَجَمِيعُ مَا يَمْلِكُهُ هَذَا الْمُوَكِّلُ مِلْكًا مُسْتَقْبَلًا بَعْدَ هَذِهِ الْوَكَالَةِ أَبَدًا مِنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ يَسْتَفِيدُ مِلْكُهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ مِنْ جَمِيعِ أَصْنَافِ الْأَمْوَالِ مَا دَامَ عَلَى هَذِهِ الْوَكَالَةِ يَبِيعُ جَمِيعَ ذَلِكَ عَلَى مَا يَرَاهُ مَشَاعًا وَمَقْسُومًا وَمُجْتَمِعًا وَمُتَفَرِّقًا كَيْفَ شَاءَ وَمَتَى شَاءَ وَكُلَّمَا شَاءَ بِمَا أَحَبَّ مِنْ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ مِنْ الْأَثْمَانِ وَالْعُرُوضِ وَغَيْرِهِمَا جَائِزٌ مَا صَنَعَ فِي ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ فِيهَا يَبِيعُهَا وَيَقْبِضُ أَثْمَانَهَا وَيُسَلِّمُ مَا بَاعَ مِنْهَا وَيَعْمَلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَيَشْتَرِي لِهَذَا الْمُوَكِّلِ مَا رَأَى شِرَاءَهُ لَهُ مِنْ جَمِيعِ أَصْنَافِ الْأَمْوَالِ

مَشَاعًا وَمَقْسُومًا مُجْتَمِعًا وَمُتَفَرِّقًا كَيْفَ شَاءَ وَمَتَى شَاءَ وَكُلَّمَا شَاءَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى بِجَمِيعِ أَصْنَافِ الْأَمْوَالِ مِنْ الْأَثْمَانِ وَالْعُرُوضِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى مَا وَصَفْنَا يَبِيعُ وَيَشْتَرِي بِمَا رَأَى مِنْ ذَلِكَ نَقْدًا وَنَسِيئَةً وَيَعْمَلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَيُوَكِّلُ بِجَمِيعِ مَا أَحَبَّ وَيَعْزِلُ عَنْهَا مَنْ أَحَبَّ مَتَى شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ وَكُلَّمَا شَاءَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَيَقْبِضُ جَمِيعَ مَا يَشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ لِهَذَا الْمُوَكِّلِ وَيَنْقُدُ ثَمَنَ جَمِيعِ ذَلِكَ مِنْ مَالِ هَذَا الْمُوَكِّلِ وَمِنْ مَالِ نَفْسِهِ إذَا أَحَبَّ لِيَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى هَذَا الْمُوَكِّلِ وَكَّلَهُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَسَلَّطَهُ عَلَيْهِ وَأَذِنَ لَهُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمَوْصُوفَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَبِلَ هَذَا الْوَكِيلُ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْهُ مُشَافَهَةً مُوَاجَهَةً فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ وَكِيلًا فِي كُلِّ شَيْءٍ يَكْتُبُ: وَكَّلَ بِحِفْظِ جَمِيعِ مَا لِفُلَانٍ مِنْ الضِّيَاعِ وَالدُّورِ وَالْعَقَارِ وَالْمُسْتَغِلَّاتِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالرَّقِيقِ وَالْأَوَانِي وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ وَبِاسْتِغْلَالِ مَا رَأَى اسْتِغْلَالَهُ مِنْ ذَلِكَ بِوُجُوهِ غَلَّاتِهِ وَبِعِمَارَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَى عِمَارَتِهِ مِنْ ذَلِكَ وَبِإِجَارَةِ مَا رَأَى إجَارَتَهُ مِمَّنْ رَأَى أَنْ يُؤَاجِرَ مِنْهُ بِمَا رَأَى أَنْ يُؤَاجِرَ بِهِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي رَأَى وَجَعَلَ إلَيْهِ مُصَالَحَةَ مَنْ يَرَى مُصَالَحَتَهُ مِمَّنْ لَهُ قِبَلَهُ حَقٌّ أَوْ يَجِبُ لَهُ قِبَلَهُ حَقٌّ وَبِحَطِّ مَا رَأَى حَطَّهُ وَبِإِبْرَاءِ مَنْ يَرَى إبْرَاءَهُ وَبِتَأْجِيلِ مَنْ يَرَى تَأْجِيلَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَجَعَلَ إلَيْهِ أَنْ يَحْتَالَ بِأَمْوَالِ فُلَانٍ وَبِمَا شَاءَ مِنْهَا عَلَى مَا يَرَى أَنْ يَحْتَالَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَرْتَهِنَ بِهَا وَأَنْ يَرْهَنَ بِمَا شَاءَ مِنْهَا مَنْ يَرَى ذَلِكَ عِنْدَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَجَعَلَ إلَيْهِ أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ بِأَمْوَالِهِ فِي أَيِّ أَصْنَافِ التِّجَارَاتِ مَا شَاءَ وَأَنْ يُشَارِكَ مَنْ رَأَى مُشَارَكَتَهُ مِنْ النَّاسِ كُلِّهِمْ بِأَمْوَالِ فُلَانٍ وَجَعَلَ إلَيْهِ خُصُومَةَ خُصَمَائِهِ مَنْ يَدَّعِي قِبَلَهُ حَقًّا وَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ مِنْ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَجَعَلَ إلَيْهِ قَبْضَ مَالِهِ مِنْ الْحَقِّ قِبَلَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَعِنْدَهُمْ وَمَعَهُمْ وَالْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهَا جَائِزٌ مَا صَنَعَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَقَبِلَ فُلَانٌ جَمِيعَ مَا أُسْنِدَ إلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْوَكَالَةِ خِطَابًا وَيُتِمُّهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي وَكَالَةٍ جَامِعَةٍ لِمَا مَرَّ وَالْخُصُومَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ) شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَ فُلَانًا بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ لِلْحَالِ عَلَى النَّاسِ وَبِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِمْ فِي الْمُسْتَأْنَفِ وَبِطَلَبِ كُلِّ مَالِهِ عِنْدَ النَّاسِ وَقِبَلِهِمْ وَفِي أَيْدِيهِمْ مِنْ مَالِ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَمِنْ عَقَارٍ وَمِنْ عَرَضٍ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَالْخُصُومَةُ وَالْمُنَازَعَةُ فِي ذَلِكَ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ وَالسَّلَاطِينِ وَبِإِثْبَاتِهَا بِالْحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ وَبِإِقَامَةِ الْبَيِّنَاتِ فِي ذَلِكَ وَأَخْذِ الْأَيْمَانِ مِمَّنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَبِحَبْسِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَبْسُهُ وَالْإِطْلَاقِ مِنْ الْحَبْسِ وَالْإِعَادَةِ إلَى ذَلِكَ كُلَّمَا رَأَى وَمُقَاسَمَةُ مَنْ رَأَى مُقَاسَمَتَهُ مِمَّنْ هُوَ شَرِيكُهُ فِي الْمُسْتَأْنَفِ فِي شَيْءٍ مِنْ الضِّيَاعِ وَالْعَقَارِ وَالدُّورِ وَالْبُيُوتِ وَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِيمَا هُوَ مَلَكَهُ يَوْمَ وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذِهِ الْوَكَالَةِ وَفِيمَا يَثْبُتُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ شَائِعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمَا فِي ذَلِكَ غَيْرَ مَقْسُومٍ وَبِقَبْضِ جَمِيعِ الْوَاجِبِ لَهُ بِحَقِّ مَا يَتَوَلَّاهُ لَهُ مِنْ الْقِسْمَةِ وَبِتَسْلِيمِ مَا يَبِيعُهُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ يَبْتَاعُهُ مِنْهُ وَبِاكْتِتَابِ الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا يَبِيعُهُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ وَبِضَمَانِ الدَّرْكِ فِيمَا يَبِيعُهُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ يَبْتَاعُهُ مِنْهُ وَبِابْتِيَاعِ مَا رَأَى ابْتِيَاعَهُ مِنْ الضِّيَاعِ وَالْعَقَارِ وَالْأَمْلَاكِ وَالْمَنْقُولَاتِ. وَمَا سِوَاهَا بِمَا رَأَى وَكُلَّمَا رَأَى وَبِدَفْعِ أَثْمَانِ مَا يَبْتَاعُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَا يَبِيعُهُ مِنْهُ وَبِقَبْضِ مَا يَبْتَاعُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ وَبِاكْتِتَابِ الصَّكِّ بِاسْمِهِ وَبِإِضَافَةِ ابْتِيَاعِهِ لَهُ ذَلِكَ إلَيْهِ بِأَمْرِهِ وَبِحِفْظِ مَا هُوَ لَهُ وَمَا يَصِيرُ لَهُ فِي الْمُسْتَأْنَفِ مِنْ أَصْنَافِ الْأَمْوَالِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَبِالْقِيَامِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَبِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فِي مَرَمَّتِهِ وَعِمَارَتِهِ وَأَرْزَاقِ الْمُخْتَلِفِينَ إلَيْهِ وَالْقِوَامِ عَلَيْهِ وَبِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِ وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَأْنَفِ مِنْ خَرَاجٍ وَمِنْ

صَدَقَةٍ فِي زَرْعٍ وَفِي ثَمَرَةٍ إلَى مَنْ إلَيْهِ قَبْضُ ذَلِكَ بِحَقِّ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ وَبِالْإِنْفَاقِ عَلَى مَالِهِ وَعَلَى مَا يَكُونُ لَهُ فِي الْمُسْتَأْنَفِ مِنْ الْمَمَالِيكِ وَطَعَامِهِمْ وَإِدَامِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ وَجَمِيعِ نَوَائِبِهِمْ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِمْ بِحَقِّ مِلْكِهِ إيَّاهُمْ وَبِإِجَارَةِ مَا هُوَ لَهُ. وَمَا يَطْرَأُ عَلَى مِلْكِهِ فِي الْمُسْتَأْنَفِ مِنْ الضِّيَاعِ وَالْعَقَارِ وَالدُّورِ وَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مَا رَأَى إجَارَتَهُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّنْ رَأَى وَكُلَّمَا رَأَى بِمَا يَرَى عَلَى مَا يَرَى مِنْ ذَلِكَ مِنْ قَصْرِ الْمُدَّةِ وَطُولِهَا وَتَسْلِيمِ كُلِّ مَا يُؤَاجِرُهُ مِنْ ذَلِكَ لَهُ إلَى مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ وَبِاكْتِتَابِ الْإِجَارَاتِ وَالْقَبَالَاتِ فِي ذَلِكَ بِاسْمِهِ وَبِإِضَافَةِ صَكِّ الْإِجَارَةِ إلَيْهِ وَالْإِشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ مَنْ رَأَى إشْهَادَهُ عَلَيْهِ وَبِقَبْضِ أُجْرَتِهِ وَبِقَبْضِ مَا يُؤَاجِرُهُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. وَبِمُصَالَحَةِ مَنْ رَأَى مُصَالَحَتَهُ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ وَمِمَّنْ يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى مَا يَرَى فِي ذَلِكَ مِنْ حَطٍّ وَإِبْرَاءٍ وَمِنْ تَأْجِيلٍ وَبِاحْتِيَالِهِ بِأَمْوَالِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ يَوْمَ وَقَعَتْ الْوَكَالَةُ وَمَا عَسَى أَنْ يَسْتَفِيدَهُ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالْمُسْتَأْنَفِ مَا رَأَى الِاحْتِيَالَ لَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ رَأَى وَبِاكْتِسَابِ مَا يَجِبُ اكْتِسَابُهُ فِي ذَلِكَ وَبِالْإِشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ مَنْ رَأَى وَبِارْتِهَانِ مَا رَأَى ارْتِهَانَهُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ الَّذِي هُوَ لَهُ يَوْمَ وَقَعَتْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ وَمَا عَسَى أَنْ يَطْرَأَ عَلَى مِلْكِهِ فِي الْمُسْتَأْنَفِ وَمَا رَأَى رَهْنَهُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي الْمُسْتَأْنَفِ عَلَى مَا يَرَاهُ ذَلِكَ وَبِتَسْلِيمِ مَا يَرْهَنُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَا يَرْتَهِنُهُ إيَّاهُ وَأَنْ يَتَّجِرْ لَهُ بِأَصْنَافِ أَمْوَالِهِ الَّتِي لَهُ يَوْمَ وَقَعَتْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ وَمَا عَسَى أَنْ يَسْتَفِيدَهُ فِي الْمُسْتَأْنَفِ مِنْ مَالِهِ وَبِمَا يَرَى أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ بِهِ فِي ذَلِكَ كُلَّمَا رَأَى وَفِيمَا رَأَى وَيَدْفَعُ مَا رَأَى مِنْ مَالِهِ بِضَاعَةً إلَى مَنْ يَرَى وَبِمُشَارَكَةِ مَنْ رَأَى مُشَارَكَتَهُ لَهُ بِأَمْوَالِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ يَوْمَ وَقَعَتْ الْوَكَالَةُ وَبِمَا عَسَى أَنْ يَسْتَفِيدَهُ بِمَا يَرَى مِنْ الرِّبْحِ. وَيَدْفَعُ مَا رَأَى مِنْ أَمْوَالِهِ الَّتِي لَهُ يَوْمَ الْوَكَالَةِ وَمَا عَسَى أَنْ يَسْتَفِيدَهُ مُضَارَبَةً إلَى مَنْ يَرَى ذَلِكَ بِمَا يَرَى وَبِخُصُومَةِ كُلِّ مَنْ ادَّعَى قِبَلَهُ أَوْ عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَهُ أَوْ فِي يَدَيْهِ حَقًّا كُلَّمَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ جَائِزٌ مَا عَمِلَ بِهِ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَهُ وَعَلَى أَنَّ لَهُ دَفْعَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِيمَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَأَقَامَهُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ فِيهِ مَقَامَ نَفْسِهِ وَرَضِيَ بِمَا قُضِيَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَهُ وَعَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّى جَمِيعَ مَا وَلَّاهُ إيَّاهُ مِمَّا وَصَفَ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يَتَوَلَّى مَا شَاءَ مِنْهُ مَنْ رَأَى مِنْ الْوُكَلَاءِ وَأَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ مِنْ الْوُكَلَاءِ فِي ذَلِكَ مَنْ رَأَى كُلَّمَا رَأَى جَائِزَةَ أُمُورِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَكَالَةً مُطْلَقَةً عَامَّةً فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَقَبِلَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ هَذِهِ الْوَكَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ شِفَاهًا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْوَكَالَةِ بِالنِّكَاحِ) إذَا وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ رَجُلٍ يَكْتُبُ: وَكَّلَتْ الْمُسَمَّاةُ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فُلَانًا وَأَقَامَتْهُ مَقَامَ نَفْسِهَا فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى صَدَاقِ كَذَا دِرْهَمًا وَعَلَى (دست بيمان) كَذَا دِرْهَمًا وَكَالَةً صَحِيحَةً وَأَنَّ فُلَانًا قَبِلَ هَذِهِ الْوَكَالَةَ قَبُولًا صَحِيحًا وَذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا ثُمَّ يَكْتُبُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: هَذَا مَا تَزَوَّجَ فُلَانٌ فُلَانَةَ بِتَزْوِيجِ وَكِيلِهَا فُلَانٍ إيَّاهُ بِالْمَهْرِ الْمَذْكُورِ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ وَهُوَ كَذَا نِكَاحًا صَحِيحًا جَائِزًا بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ مِنْ الشُّهُودِ الْعُدُولِ الْمَرْضِيِّينَ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. وَفِيمَا إذَا وَكَّلَتْ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ يَكْتُبُ: وَكَّلَتْ الْمُسَمَّاةُ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فُلَانًا وَأَقَامَتْهُ مَقَامَ نَفْسِهَا فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ نَفْسِهِ عَلَى صَدَاقِ كَذَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ يَكْتُبُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إنَّ فُلَانًا الْوَكِيلَ زَوَّجَ مُوَكِّلَتَهُ فُلَانَةَ مِنْ نَفْسِهِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ بِالْمَهْرِ الْمُسَمَّى فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ تَزْوِيجًا صَحِيحًا بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الشُّهُودِ الْعُدُولِ الْمَرْضِيِّينَ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. وَفِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُعْتَدَّةً مِنْ جِهَةِ الْغَيْرِ وَقَدْ وَكَّلَتْهُ بِتَزْوِيجِهَا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ يَكْتُبُ: وَكَّلَتْهُ وَأَقَامَتْهُ مَقَامَ نَفْسِهَا فِي

تَزْوِيجِهَا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ فُلَانٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا الَّتِي هِيَ فِيهَا مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي التَّوْكِيلِ بِخُصُومَةِ كُلِّ النَّاسِ) هَذَا مَا وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا وَكَّلَهُ وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي طَلَبِ حُقُوقِهِ، وَالْحُقُوقِ الَّتِي إلَيْهِ طَلَبُهَا قِبَلَ النَّاسِ أَجْمَعَ وَمَعَهُمْ وَعِنْدَهُمْ وَفِي أَيْدِيهِمْ وَبِقَبْضِ حُقُوقِهِ مِنْهُمْ وَالْخُصُومَةُ مَعَهُمْ وَالِاسْتِحْلَافُ وَالْحَبْسُ وَالْإِطْلَاقُ وَالْإِعَادَةُ إلَى الْحَبْسِ وَالتَّكْفِيلُ وَكِيلًا مُخَاصِمًا وَمُخَاصَمًا لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَتُقَامَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ وَتَعْدِيلِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَأَذِنَ أَنْ يُوَكِّلَ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ بِذَلِكَ كُلِّهِ مَنْ شَاءَ بِمِثْلِ وَكَالَتِهِ هَذِهِ وَكَالَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً نَافِذَةً وَقَبِلَ هَذَا الْوَكِيلُ هَذِهِ الْوَكَالَةَ قَبُولًا صَحِيحًا فِي مَجْلِسِ عَقْدِ التَّوْكِيلِ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ عَقْدِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَتَمَامِهِ إلَى آخِرِهِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي التَّوْكِيلِ بِخُصُومَةٍ خَاصَّةٍ) هَذَا مَا وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا وَكَّلَهُ وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي طَلَبِ حُقُوقِهِ وَالْحُقُوقِ الَّتِي إلَيْهِ طَلَبُهَا قِبَلَ فُلَانٍ وَمَعَهُ وَعِنْدَهُ وَفِي يَدِهِ وَبِقَبْضِ حُقُوقِهِ مِنْهُ وَالْخُصُومَةِ مَعَهُ وَالِاسْتِحْلَافِ وَالْحَبْسِ وَالْإِطْلَاقِ وَالْإِعَادَةِ إلَى الْحَبْسِ وَالتَّكْفِيلِ وَكِيلًا مُخَاصِمَا وَمُخَاصَمًا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ وَتُقَامُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ وَتَعْدِيلِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ بِذَلِكَ كُلِّهِ مَنْ شَاءَ بِمِثْلِ وَكَالَتِهِ هَذِهِ وَكَالَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً نَافِذَةً وَقَبِلَ هَذَا الْوَكِيلُ هَذِهِ الْوَكَالَةَ قَبُولًا صَحِيحًا فِي مَجْلِسِ عَقْدِ التَّوْكِيلِ وَتَفَرَّقَا وَأَشْهَدَا، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي التَّوْكِيلِ بِبَيْعِ الدَّارِ) هَذَا مَا وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا وَكَّلَهُ وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي بَيْعِ جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي مَوْضِعُهَا فِي بَلَدِ كَذَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا وَأَرْضِهَا وَبِنَائِهَا، وَكَذَا يَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ وَيَقْبِضُ ثَمَنَهَا وَيُوَكِّلُ بِذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ وَيَضْمَنُ الدَّرْكَ وَيُسَلِّمُ مَا بَاعَ إلَى مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ وَكَالَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً نَافِذَةً وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُ هَذِهِ الْوَكَالَةَ قَبُولًا صَحِيحًا شِفَاهًا جِهَارًا فِي مَجْلِسِ عَقْدِ الْوَكَالَةِ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا وَقَبْلَ اشْتِغَالِهِمَا بِعَمَلٍ آخَرَ وَسَلَّمَ هَذَا الْمُوَكِّلُ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ هَذَا التَّوْكِيلُ بِبَيْعِهِ إلَى هَذَا الْوَكِيلِ فَقَبَضَهَا مِنْهُ فَارِغَةً عَمَّا يَشْغَلُ عَنْ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ فَجَمِيعُ ذَلِكَ فِي يَدِهِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْوَكَالَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَى مُسَمًّى وَالثَّمَنُ مُقَدَّرًا يُبَيِّنُ ذَلِكَ فَيَكْتُبُ يَبِيعُهَا مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي التَّوْكِيلِ بِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ) هَذَا مَا وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا وَكَّلَهُ وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي حِفْظِ جَمِيعِ أَمْلَاكِهِ وَأَمْوَالِهِ الْمَحْدُودَاتِ مِنْ الضِّيَاعِ وَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ وَالْعُرُوضِ وَالثِّيَابِ وَالصَّامِتِ وَالنَّاطِقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ لِيَحْفَظَهَا وَيَسْتَغِلَّهَا وَيَقُومَ بِأُمُورِ الزِّرَاعَةِ فِيهَا وَيَزْرَعَهَا بِنَفْسِهِ وَيَدْفَعَهَا إلَى مَنْ يَشَاءُ زِرَاعَةً وَيَرْفَعَ غَلَّاتِهَا وَيُرَاعِيَ أَسْبَابَهُ وَأَمْلَاكَهُ وَيَتَعَهَّدَهَا وَيَقُومَ بِعِمَارَتِهَا وَمَصَالِحِهَا وَيُنْفِقَ مِنْ مَالِهِ إذَا احْتَاجَتْ إلَى الْعِمَارَةِ وَالْمُؤْنَةِ وَلَا يَبِيعُ شَيْئًا مِنْهَا بَلْ يُمْسِكُهَا وَيَحْفَظُهَا وَكَّلَهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَكَالَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً نَافِذَةً وَأَنَّ هَذَا الْوَكِيلَ قَبِلَ هَذِهِ الْوَكَالَةَ مَعَ الشَّرَائِطِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي جَرَى فِيهِ بَيْنَهُمَا عَقْدُ هَذِهِ الْوَكَالَةِ خِطَابًا شِفَاهًا جِهَارًا وَوِجَاهًا وَذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا. (نَوْعٌ آخَرُ فِي التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ) هَذَا مَا وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَالَةً صَحِيحَةً لِيَشْتَرِيَهَا مِنْ فُلَانٍ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَقُولَ لِيَشْتَرِيَهَا مِمَّنْ يَجُوزُ بَيْعُهَا لَهُ بِأَرْضِهَا وَبِنَائِهَا وَكَذَا بِمَا أَحَبَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَمْوَالِ كُلِّهَا وَبِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ أَحَبَّ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِهِ وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَيَجُوزُ مَا صَنَعَ بِذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ وَيَنْقُدُ ثَمَنَهَا إذَا اشْتَرَاهَا لِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ مَالِ الْآمِرِ وَإِنْ شَاءَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى هَذَا الْآمِرِ وَيُخَاصَمُ فِي عَيْبٍ إنْ وُجِدَ بِهَا فَيَرُدُّهَا بِذَلِكَ وَيَرُدُّهَا بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ رَآهَا فَيَقُومُ فِي ذَلِكَ مَقَامَهُ. وَيُوَكِّلُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ

مَنْ أَحَبَّ وَيَعْزِلُهُ عَنْهَا إنْ أَحَبَّ وَقَبِلَ هَذَا الْوَكِيلُ هَذَا التَّوْكِيلَ مُوَاجَهَةً، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي التَّوْكِيلِ بِالْإِجَارَةٍ) هَذَا مَا وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِإِجَارَةِ جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ لِلْمُوَكِّلِ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا إلَى آخِرِهِ وَكَالَةً صَحِيحَةً نَافِذَةً لِيُؤَاجِرَهَا كَمْ شَاءَ مِنْ الْأَيَّامِ وَالشُّهُودِ وَالسِّنِينَ مِمَّنْ أَحَبَّ مِنْ النَّاسِ بِمَا أَحَبَّ مِنْ الْأَجْرِ مِنْ جَمِيعِ أَصْنَافِ الْأَمْوَالِ كُلِّهَا مِنْ الْأَثْمَانِ وَغَيْرِهَا يُؤَاجِرُهَا عَلَى مَا أَحَبَّ جَائِزٌ مَا صَنَعَ فِي ذَلِكَ وَيُؤَاجِرُهَا لِلسُّكْنَى وَيُسَلِّمُهَا إلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ وَيَقْبِضُ أَجْرَهَا عَلَى مَا يَجِبُ وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِرَأْيِهِ وَيُوَكِّلُ بِذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ وَيَعْزِلُ عَنْهَا إنْ أَحَبَّ مَتَى شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ وَكُلَّمَا شَاءَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى مَا دَامَ عَلَى هَذِهِ الْوَكَالَةِ الْمَوْصُوفَةِ فِيهِ وَقَبِلَ هَذَا الْوَكِيلُ هَذِهِ الْوَكَالَةَ مُوَاجَهَةً قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَقَدْ قَبَضَ الْوَكِيلُ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ مِنْ الْمُوَكِّلِ بِتَسْلِيمِهِ إيَّاهَا إلَيْهِ فَهِيَ كُلُّهَا فِي يَدِهِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْوَكَالَةِ فَمَا أَدْرَكَ هَذَا الْوَكِيلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى هَذَا الْمُوَكِّلِ مَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْعُ وَأَشْهَدَا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي التَّوْكِيلِ بِاسْتِئْجَارِ دَارٍ بِعَيْنِهَا) . وَكَّلَهُ بِاسْتِئْجَارِ جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا إلَى آخِرِهِ لِيَسْتَأْجِرَهَا مِنْ فُلَانٍ وَمِمَّنْ تَجُوزُ إجَارَتُهُ فِيهَا مَا دَامَتْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ لِهَذَا الْوَكِيلِ فَيَسْتَأْجِرُهَا كَمْ شَاءَ مِنْ الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ وَالسِّنِينَ لِهَذَا الْمُوَكِّلِ لِلسُّكْنَى بِمَا شَاءَ مِنْ الْأَجْرِ وَكَيْفَ شَاءَ يَجُوزُ مَا صَنَعَ فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ يَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَيُوَكِّلُ بِهَا مَنْ أَحَبَّ وَيَعْزِلُهُ عَنْهَا إنْ أَحَبَّ مَتَى شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ وَكُلَّمَا شَاءَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ يُقِيمُهُمْ فِي ذَلِكَ مَقَامَ نَفْسِهِ وَيَجُوزُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مَا يَجُوزُ لَهُ وَيَقْبِضُهَا لِهَذَا الْمُوَكِّلِ إذَا اسْتَأْجَرَهَا وَيُؤَدِّي أَجْرَهَا عَلَى مَا أَحَبَّ مُعَجَّلًا أَوْ مُؤَجَّلًا إنْ شَاءَ أَدَّى مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ شَاءَ أَدَّاهُ مِنْ مَالِ هَذَا الْمُوَكِّلِ يَعْمَلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ ثُمَّ يَذْكُرُ الْقَبُولَ وَضَمَانَ الدَّرْكِ وَالْإِشْهَادِ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي التَّوْكِيلِ بِاسْتِئْجَارِ دَارٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا) هَذَا مَا وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِجَمِيعِ مَا سَمَّى وَوَصَفَ فِيهِ وَكَالَةً صَحِيحَةً لِيَسْتَأْجِرَ لَهُ دَارَ السُّكْنَى هَذَا الْمُوَكِّلُ أَيَّ دَارٍ وَبَيْتٍ وَمَنْزِلٍ رَأَى فِي مَوْضِعِ كَذَا فَيَسْتَأْجِرُهَا لَهُ كَمْ شَاءَ مِنْ الْأَيَّامِ وَالشُّهُورِ وَالسِّنِينَ بِأَيِّ أَجْرٍ أَحَبَّ مِنْ الْأَثْمَانِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ سَاقَهَا كَالْأَوَّلِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي التَّوْكِيلِ بِدَفْعِ الْأَرْضِ مُزَارَعَةً) هَذَا مَا وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا بِدَفْعِ جَمِيعِ أَرْضِهِ الَّتِي هِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا وَهِيَ أَرْضٌ بَيْضَاءُ تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ وَكَّلَهُ وَكَالَةً صَحِيحَةً لِيَدْفَعَهَا بِحُدُودِهَا مُزَارَعَةً كَمْ شَاءَ مِنْ الشُّهُورِ وَالسِّنِينَ إلَى مَنْ أَحَبَّ مِنْ النَّاسِ لِيَزْرَعَهَا مَنْ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ بِبَذْرِهِ مَا أَحَبَّ مِنْ غَلَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ بِأَيِّ نَصِيبٍ أَحَبَّ هَذَا الْوَكِيلُ مِنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ جَائِزٌ مَا صَنَعَ فِي ذَلِكَ وَيُوَكِّلُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ وَيَعْزِلُهُ عَنْهَا إنْ أَحَبَّ مَتَى شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى يَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ، وَيُقِيمُ فِي ذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ مَقَامَ نَفْسِهِ وَيُسَلِّمُهَا إلَى مَنْ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ مُزَارَعَةً وَيَقْبِضُ مَا يَجِبُ لِهَذَا الْمُوَكِّلِ فِي ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِهِ وَحَقِّهِ وَقَبِلَ ذَلِكَ فُلَانٌ وَيَذْكُرُ التَّسْلِيمَ وَضَمَانَ الدَّرْكِ وَالْإِشْهَادَ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُوَكِّلِ يَكْتُبُ لِيَزْرَعَهَا بِبَذْرِ هَذَا الْمُوَكِّلِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي التَّوْكِيلِ بِأَخْذِ الْأَرْضِ مُزَارَعَةً) وَكَّلَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ لَهُ مُزَارَعَةً جَمِيعَ الْأَرْضِ الَّتِي بِمَوْضِعِ كَذَا بِحُدُودِهَا وَكَّلَهُ وَكَالَةً جَائِزَةً لِيَأْخُذَهَا مُزَارَعَةً كَمْ شَاءَ مِنْ الشُّهُورِ وَالسِّنِينَ مِنْ صَاحِبِهَا فُلَانٍ وَمِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ دَفْعُهَا مُزَارَعَةً لِيَزْرَعَهَا هَذَا الْمُوَكِّلُ بِبَذْرِ نَفْسِهِ مَا أَحَبَّ مِنْ غَلَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ بِكُمْ شَاءَ هَذَا الْوَكِيلُ

مِنْ النَّصِيبِ وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَيُتِمُّهُ عَلَى سِيَاقِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الدَّافِعِ ذَكَرْتَ ذَلِكَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي التَّوْكِيلِ بِأَخْذِ الْكَرْمِ مُعَامَلَةً) وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا بِأَخْذِ جَمِيعِ الْكَرْمِ الَّذِي هُوَ بِمَوْضِعِ كَذَا بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ كُلِّهَا، وَكَّلَهُ وَكَالَةً صَحِيحَةً لِيَأْخُذَهُ لَهُ مُعَامَلَةً مِنْ صَاحِبِهِ فُلَانٍ وَمِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ وَمَعَهُ مُعَامَلَةُ كَمْ شَاءَ مِنْ الشُّهُورِ وَالسِّنِينَ بِمَا شَاءَ مِنْ النَّصِيبِ مِنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لِيَقُومَ عَلَيْهِ هَذَا الْمُوَكَّلُ الْمُعَامَلُ بِحِفْظِهِ وَسَقْيِهِ وَيَقُومَ بِجَمِيعِ مَصَالِحِهِ عَلَى مَا أَحَبَّ كَيْفَ شَاءَ وَكُلَّمَا شَاءَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَيُوَكِّلُ بِذَلِكَ مَنْ شَاءَ وَيُقِيمُهُمْ فِي ذَلِكَ مَقَامَ نَفْسِهِ وَيَعْمَلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَيَجُوزُ مَا صَنَعَ فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ وَيَقْبِضُ لِلْمُوَكِّلِ جَمِيعَ مَا يَأْخُذُهُ مُعَامَلَةً لَهُ بِهَذِهِ الْوَكَالَةِ وَيَذْكُرُ الْقَبُولَ وَالْإِشْهَادَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ فِي هَذَا: يَأْخُذُ لَهُ مُعَامَلَةً بِهَذِهِ الْوَكَالَةِ أَيَّ كَرْمٍ شَاءَ وَأَيَّ أَشْجَارٍ شَاءَ بِأَيِّ نَصِيبٍ شَاءَ فِي مَوْضِعِ كَذَا. (نَوْعٌ آخَرُ فِي التَّوْكِيلِ بِإِثْبَاتِ نَسَبٍ وَطَلَبِ مِيرَاثٍ) وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ بِسَبَبِ مِيرَاثِهِ مِنْ وَالِدِهِ فُلَانٍ وَبِإِثْبَاتِ نَسَبِهِ وَوَفَاةِ وَالِدِهِ فُلَانٍ وَعَدَدِ وَرَثَتِهِ وَبِإِثْبَاتِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَالْخُصُومَةُ وَالْمُنَازَعَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى هَذَا الْمُوَكِّلِ إقْرَارُ هَذَا الْوَكِيلِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَلَا صُلْحُهُ عَنْهُ وَلَا تَعْدِيلُ شَاهِدٍ يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِإِبْطَالِ حَقٍّ لَهُ وَقَبِلَ فُلَانٌ هَذِهِ الْوَكَالَةَ إلَى آخِرِهِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي إبْرَاءِ الْمُوَكِّلِ الْوَكِيلَ بِالْحِفْظِ) أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّهُ كَانَ وَكَّلَ فُلَانًا بِالْقِيَامِ عَلَى جَمِيعِ ضِيَاعِهِ وَعِمَارَتِهَا وَأَمْوَالِهِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَدَاءِ نَوَائِبِهَا وَقَبْضِ غَلَّاتِهَا وَإِنْزَالِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكَالَةً صَحِيحَةً فَقَامَ بِهَا كَذَا سَنَةً بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ هَذِهِ الْوَكَالَةِ وَأَنْ يَقْبِضَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ فَحَاسَبَهُ فِي جَمِيعِ مَا جَرَى عَلَى يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ إلَى يَوْمِ كَذَا مُحَاسِبَةً صَحِيحَةً وَأَدَّى هَذَا الْوَكِيلُ جَمِيعَ مَا بَقِيَ لَهُ فِي يَدِهِ إلَيْهِ وَبَرِئَ إلَيْهِ بَرَاءَةَ إيفَاءٍ وَلَمْ يَبْقَ لِهَذَا الْمُوَكِّلِ عَلَى هَذَا الْوَكِيلِ حَقٌّ وَلَا دَعْوَى وَلَا خُصُومَةٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَصَدَقَهُ الْوَكِيلُ هَذَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَشْهَدَا، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بِالْقَبْضِ) هَذَا مَا شَهِدَ إلَى قَوْلِنَا إنَّهُ قَبَضَ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ مَا كَانَ لِفُلَانٍ - يَعْنِي الْمُوَكِّلَ - عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ بِأَمْرِهِ إيَّاهُ بِذَلِكَ وَتَسْلِيطِهِ إيَّاهُ عَلَى قَبْضِهِ مِنْهُ أَمْرًا صَحِيحًا وَتَسْلِيطًا جَائِزًا، فَقَبَضَهُ مِنْهُ وَاسْتَوْفَاهُ اسْتِيفَاءً تَامًّا وَافِيًا لِهَذَا الْمُوَكِّلِ بِدَفْعِهِ جَمِيعَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَبَرِئَ إلَيْهِ هَذَا الْمَطْلُوبُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَدَفَعَ إلَيْهِ الصَّكَّ الَّذِي كَانَ لِهَذَا الْمُوَكِّلِ يَذْكُرُ هَذَا الْمَالَ الْمُسَمَّى فِيهِ وَلَمْ يَبْقَ لِهَذَا الْمُوَكِّلِ قَبْلَ هَذَا الْمَطْلُوبِ وَلَا عَلَيْهِ وَلَا عِنْدَهُ وَلَا مَعَهُ وَلَا فِي يَدِهِ وَلَا قَبِلَ أَحَدٌ بِسَبَبِهِ بَعْدَ هَذَا الْكِتَابِ حَقٌّ وَلَا دَعْوَى وَلَا طَلِبَةٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَضَمِنَ لَهُ جَمِيعَ مَا يُدْرِكُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ دَرْكٍ مِنْ قِبَلِ هَذَا الْمُوَكِّلِ وَغَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ حَتَّى يُخَلِّصَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يُرَدَّ عَلَيْهِ مَا قَبَضَ مِنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ الدَّرْكِ ضَمَانًا صَحِيحًا، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي التَّوْكِيلِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْطُلُ بَعْدَهُ) يَكْتُبُ بَعْدَ التَّوْكِيلِ وَالْقَبُولِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمُوَكِّلَ كُلَّمَا عَزَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْوَكَالَةِ فَهُوَ وَكِيلُهُ وَكَالَةً مُسْتَقْبَلَةً بِجَمِيعِ مَا وَصَفَ فِيهِ وَيَكْتُبُ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْوَكِيلَ كُلَّمَا رَدَّ هَذِهِ الْوَكَالَةَ عَلَى هَذَا الْمُوَكِّلِ فَهُوَ وَكِيلُهُ وَكَالَةً مُسْتَقْبَلَةً بِجَمِيعِ مَا وَصَفَ فِيهِ وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ صَحَّ وَيَعْطِفُ بِالْوَاوِ فَيَكْتُبُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمُوَكِّلَ كُلَّمَا عَزَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْوَكَالَةِ ثُمَّ يَكْتُبُ وَعَلَى أَنَّ هَذَا الْوَكِيلَ إلَى آخِرِهِ (وَجْهٌ آخَرُ فِي هَذَا كَيْ لَا يَنْعَزِلَ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ) أَنْ يَجْعَلَ الْوَكَالَةَ إجَارَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَيَكْتُبُ:

هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ فُلَانًا اسْتَأْجَرَهُ سَنَةً كَامِلَةً اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مُتَوَالِيَةً أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا إجَارَةً صَحِيحَةً لَا فَسَادَ فِيهَا لِيَبِيعَ هَذَا الْآجِرُ لِهَذَا الْمُسْتَأْجِرِ مَا رَأَى بَيْعَهُ مِنْ جَمِيعِ أَصْنَافِ أَمْوَالِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ وَمِنْ الْعَقَارِ وَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ وَالْأَعْيَانِ وَالْمَنْقُولِ الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا وَمَا يَمْلِكُهُ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَقَبَضَ هَذَا الْآجِرُ جَمِيعَ هَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ فِيهِ بِدَفْعِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ جَمِيعَ ذَلِكَ إلَيْهِ تَامًّا وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَمَا أَدْرَكَ هَذَا الْآجِرُ مِنْ دَرْكٍ إلَى آخِرِهِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي تَوْكِيلِ الْحَاضِرِ الْغَائِبَ) هَذَا مَا وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِكَذَا وَيَذْكُرُ ذَلِكَ عَلَى النَّسَقِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَإِذَا انْتَهَى إلَى مَوْضِعِ الْقَبُولِ يَكْتُبُ: وَفُلَانٌ غَائِبٌ عَنْ مَجْلِسِ هَذَا التَّوْكِيلِ وَجَعَلَ الْمُوَكِّلُ هَذَا فُلَانٌ إلَى الْوَكِيلِ هَذَا فُلَانٍ قَبُولَ ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا انْتَهَى خَبَرُهُ إلَيْهِ وَسَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِهَذَا كُلِّهِ وَذَلِكَ يَوْمَ كَذَا فَإِذَا بَلَغَهُ الْخَبَرُ وَقَبِلَهُ كَتَبَ عَلَيْهِ: شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا - يَعْنِي الْوَكِيلَ - أَقَرَّ طَائِعًا أَنَّهُ بَلَغَهُ بِتَارِيخِ كَذَا تَوْكِيلُ فُلَانٍ إيَّاهُ بِجَمِيعِ مَا فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ الَّذِي هَذِهِ نُسْخَتُهُ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيَنْسَخُ الْكِتَابَ كُلَّهُ وَأَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ تَوْكِيلُ فُلَانٍ إيَّاهُ قَبِلَ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ ذَلِكَ قَبُولًا جَائِزًا صَارَ بِهِ وَكِيلًا لِفُلَانٍ بِجَمِيعِ مَا وَكَّلَهُ بِهِ كَمَا ذُكِرَ وَوُصِفَ فِيهِ وَيُتِمُّهُ (نَوْعٌ آخَرُ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ) شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا - يَعْنِي الْمُوَكِّلَ - أَقَرَّ طَائِعًا أَنَّهُ كَانَ وَكَّلَ فُلَانًا بِجَمِيعِ مَا تَضَمَّنَهُ كِتَابُ الْوَكَالَةِ الَّذِي هَذِهِ نُسْخَتُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَيَنْسَخُ الْكِتَابَ ثُمَّ يَكْتُبُ: وَأَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا خَاطَبَهُ بِعَزْلِهِ إيَّاهُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَصَرْفِهِ عَنْهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْهُ وَقَصَرَ يَدَهُ عَنْهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَهُمْ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَأَسْمَعَ آذَانَهُمْ ذَلِكَ وَهُمْ يَعْرِفُونَ هَذَا الْمُوَكِّلَ وَهَذَا الْوَكِيلَ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً بِأَعْيَانِهِمَا وَأَسْمَائِهِمَا وَأَنْسَابِهِمَا وَكَتَبُوا شَهَادَتَهُمْ عَلَى جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَوُصِفَ بِخُطُوطِهِمْ فِي الْيَوْمِ الْمُسَمَّى فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَزْلُ بِالْمُشَافَهَةِ وَبَعَثَ إلَيْهِ مَنْ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ وَيُعْلِمُهُ بِهِ وَكَتَبْتَ فِيهِ بَعْدَ قَوْلِكَ: عَزْلُهُ عَنْهُ وَقَصَرَ يَدَهُ عَنْ ذَلِكَ وَجَعَلَ إلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ إخْبَارَ هَذَا الْوَكِيلِ بِذَلِكَ وَإِعْلَامَهُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَأَشْهَدَ فَإِذَا بَلَغَهُ ذَلِكَ فَانْعَزَلَ كَتَبْتَ فِيهِ: شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا - يَعْنِي الْمُوَكِّلَ - جَعَلَ إلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ - يَعْنِي الْمُبَلِّغَيْنِ - أَنْ يُبَلِّغَا فُلَانًا - أَيْ الْوَكِيلَ - أَنَّ مُوَكِّلَهُ فُلَانًا عَزَلَهُ عَنْ كُلِّ مَا كَانَ وَكَّلَهُ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ وَكَالَتِهِ الَّذِي هَذِهِ نُسْخَتُهُ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيَنْسَخُ الْكِتَابَ ثُمَّ يَكْتُبُ وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ هَذَيْنِ هَذَا التَّبْلِيغُ وَالْإِخْبَارُ وَالْإِعْلَامُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْهُمَا بِرُؤْيَةِ أَعْيُنِهِمْ وَسَمَاعِ آذَانِهِمْ كَلَامَهُمَا بَعْدَ أَنْ كَانَ هَذَا الْمُوَكِّلُ أَشْهَدَهُمْ فِي يَوْمِ كَذَا وَهُوَ صَحِيحُ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ ذَلِكَ إلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ هَذَيْنِ وَأَقَامَهُمَا مَقَامَ نَفْسِهِ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ فُلَانًا الْمَعْزُولَ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَأَنَّهُ قَبِلَ عَزْلَ فُلَانٍ إيَّاهُ كَمَا عَزَلَهُ عَنْهُ عَمَّا ذَكَرَ تَوْكِيلَهُ بِهِ وَكَتَبُوا شَهَادَاتِهِمْ بِذَلِكَ بِخُطُوطِهِمْ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا وَفِي ثَابِتِ الْوَكَالَةِ الَّذِي قَالَ لَهُ: كُلَّمَا عَزَلْتُكَ فَأَنْت وَكِيلِي بِهِ هَلْ يُمْكِنُ عَزْلُهُ أَمْ لَا؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَسَنُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ حَمْزَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُمْكِنُ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ فَيَكْتُبُ قُلْتُ لَكَ أَنْتَ وَكِيلِي بِكَذَا عَلَى أَنِّي كُلَّمَا عَزَلْتُكَ فَأَنْتَ وَكِيلِي بِهِ وَكَالَةً مُسْتَقْبَلَةً وَقَدْ عَزَلْتُكَ الْآنَ عَنْ وَكَالَاتِي كُلِّهَا الْمُطْلَقَةِ مِنْهَا وَالْمُعَلَّقَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ: كُلَّمَا صِرْتَ وَكِيلِي فَقَدْ عَزَلْتُكَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ هَذَا وَتَعْلِيقُ الْعَزْلِ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ فَأَمَّا الْإِطْلَاقُ فَصَحِيحٌ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ وَعِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَا يَنْعَزِلُ عَنْ كُلِّهَا بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ لَكِنْ يَقُولُ: عَزَلْتُكَ عَنْ الْوَكَالَاتِ

الفصل الخامس عشر في الكفالات

الثَّابِتَةِ وَرَجَعْتُ عَنْ الْوَكَالَاتِ الْمُعَلَّقَةِ فَيَبْطُلُ ذَلِكَ كُلُّهُ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ الرُّجُوعَ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ عَلَى الْعَزْلِ عَنْ الْوَكَالَةِ الثَّابِتَةِ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي تَوْكِيلِ الْغَرِيمِ بِبَيْعِ دَارِهِ إنْ لَمْ يُؤَدِّ دَيْنَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْعَزِلُ) أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ وَفِي ذِمَّتِهِ كَذَا دِرْهَمًا مُؤَجَّلًا إلَى مُدَّةِ كَذَا وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يُوفِهِ هَذَا الْمَالَ عِنْدَ مَحِلِّ هَذَا الْأَجَلِ، وَآخِرُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا فَقَدْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ دَارِهِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا بِمَا أَحَبَّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ يَكْتُبُ بِكَذَا دِرْهَمًا مِمَّنْ شَاءَ وَيَقْبِضُ ثَمَنَهَا اقْتِضَاءً بِدَيْنِهِ تَوْكِيلًا صَحِيحًا عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَزَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْوَكَالَةِ قَبْلَ وُصُولِ هَذَا الدَّيْنِ إلَيْهِ وَقَبْلَ بَرَاءَتِهِ عَنْهُ فَهُوَ وَكِيلُهُ بِهَذَا الْبَيْعِ وَهَذَا الْقَبْضِ وَكَالَةً مُسْتَأْنَفَةً، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَكْتُبَ وَكَالَةً لَهُ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ) كَتَبْتَ: هَذَا مَا وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا بِطَلَبِ شُفْعَتِهِ فِي دَارِ كَذَا وَيَحُدُّهَا وَأَخَذَهَا بِشُفْعَتِهِ وَبِإِثْبَاتِ كُلِّ حُجَّةٍ وَبَيِّنَةٍ لَهُ فِي ذَلِكَ وَبِالْقِيَامِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ مَقَامَهُ وَبِالْخُصُومَةِ وَالْمُنَازَعَةِ فِيهِ وَبِدَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ وَبِقَبْضِهِ الدَّارَ لَهُ بِشُفْعَتِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ إلَيْهِ تَسْلِيمَ شُفْعَتِهِ فِيهَا وَلَا إقْرَارَهُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ وَلَا تَعْدِيلَهُ شَاهِدًا يَشْهَدُ عَلَيْهِ يُبْطِلُ لَهُ فِي ذَلِكَ حَقًّا وَقَبِلَ فُلَانٌ ذَلِكَ. (وَإِذَا أَرَدْتَ كِتَابَةَ الْمُضَارَبَةِ) كَتَبْتَ هَذَا مَا دَفَعَ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا وَيَصِفُ النَّقْدَ وَيُبَالِغُ فِي صِفَتِهِ وَبَيَانِ مِقْدَارِهِ مُضَارَبَةً صَحِيحَةً لِيَعْمَلَ فِيهَا هَذَا الْمُضَارِبُ وَيَشْتَرِيَ بِهَا مَا بَدَا لَهُ مِنْ السِّلَعِ وَالْأَمْتِعَةِ ثُمَّ يَبِيعُ مَا اشْتَرَى نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً وَيَتَّجِرُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا رَأَى مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ وَيُوَكِّلُ مَنْ يَشْتَرِي بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَيَبِيعُ الْمُشْتَرِي مِمَّنْ شَاءَ وَأَحَبَّ هَذَا الْمُضَارِبُ وَيَتَّجِرُ فِيهِ مَا رَأَى مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ وَيُسَافِرُ إنْ أَحَبَّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَيُنْفِقُ مِنْهَا عَلَى نَفْسِهِ إذَا سَافَرَ بِهَا فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَيَعْمَلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ الْفَضْلِ وَالرِّبْحِ فِي ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ وَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ وَضِيعَةٍ وَخُسْرَانٍ فَهُوَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَهُوَ مَصْرُوفٌ إلَى الرِّبْحِ، وَقَبَضَ هَذَا الْمُضَارِبُ جَمِيعَ مَالِ هَذِهِ الْمُضَارَبَةِ قَبْضًا صَحِيحًا وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ هَذَا الْعَقْدِ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَتَمَامِهِ تَفَرُّقَ الْأَقْوَالِ وَالْأَبْدَانِ وَأَقَرَّا بِذَلِكَ كُلِّهِ طَائِعَيْنِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْكَفَالَاتِ] (الْفَصْلُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْكَفَالَاتِ) هَذَا مَا شَهِدَ إلَى قَوْلِنَا إنَّ فُلَانًا كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ بِأَمْرِهِ لِخَصْمِهِ فُلَانٍ لِيُسَلِّمَ نَفْسَهُ إلَيْهِ مَتَى مَا ادَّعَاهُ وَطَالَبَهُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ إلَيْهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ طَلَبَهُ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ مُطَالَبَتُهُ بِحَقِّهِ بِغَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِغَيْرِ مَانِعٍ لَهُ مِنْهُ وَقَبِلَ فُلَانٌ هَذِهِ الْكَفَالَةَ مُشَافَهَةً وَمُوَاجَهَةً. وَإِنْ شَاءَ الْكَاتِبُ يَكْتُبُ: أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ بِأَمْرِهِ لِخَصْمِهِ فُلَانٍ لِيُسَلِّمَ نَفْسَهُ إلَيْهِ مَتَى مَا ادَّعَاهُ إلَى آخِرِهِ. وَإِنْ أَرَادَ زِيَادَةَ التَّوْثِيقِ فِي ذَلِكَ يَكْتُبُ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا بَرِئَ هَذَا الْكَفِيلُ إلَى هَذَا الْمَكْفُولِ لَهُ مِنْ هَذَا الْمَكْفُولِ بِهِ كَانَ كَفِيلًا لَهُ بِهِ عَلَى حَالِهِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ وَهُوَ كَذَا الَّذِي صُكَّ بِتَارِيخِ كَذَا يَحْضُرُهُ إذَا ادَّعَاهُ مَتَى مَا ادَّعَاهُ إلَى آخِرِهِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ (وَإِذَا كَانَ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ جَمِيعًا) كَتَبْتَ أَقَرَّ فُلَانٌ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ لِخَصْمِهِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ يُسَلِّمُ نَفْسَهُ إلَيْهِ مَتَى طَلَبَ مِنْهُ تَسْلِيمَ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ نَفْسَهُ إلَيْهِ يَوْمَ الطَّلَبِ يَصِيرُ ضَامِنًا عَنْ هَذَا الْمَكْفُولِ عَنْهُ لِهَذَا الْمَكْفُولِ لَهُ جَمِيعَ مَا لِهَذَا الْمَكْفُولِ لَهُ عَلَى هَذَا الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا كَفَالَةً صَحِيحَةً رَضِيَ بِهَا هَذَا الْمَكْفُولُ لَهُ وَأَجَازَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فِي مَجْلِسِ الْكَفَالَةِ إجَازَةً صَحِيحَةً

وَصَدَّقَهُ فِيهِ خِطَابًا وَإِنْ كَانَ فِي الْكَفَالَةِ أَجَلٌ يَكْتُبُ بَعْدَ قَوْلِهِ لِخَصْمِهِ فُلَانٍ لِيُسَلِّمَ نَفْسَهُ إلَيْهِ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا التَّارِيخِ مَتَى طَلَبَ مِنْهُ لِنَفْسِهِ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ بِالنَّفْسِ) يَكْتُبُ مَا ذَكَرْنَا فِي كَفَالَتِهِ بِالنَّفْسِ ثُمَّ يَكْتُبُ قَبْلَ ذِكْرِ الْقَبُولِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ يَوْمَ كَذَا أَوْ حِينَ طَالَبَهُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ إلَيْهِ كَانَ كَفِيلًا لَهُ بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ الَّذِي يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا وَبِجَمِيعِ مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ بِالْحُجَّةِ لَا يَعْتَلُّ بِعِلَّةٍ وَلَا يَحْتَجُّ بِحُجَّةٍ عَلَى أَنَّ لِهَذَا الطَّالِبِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ الْكَفِيلِ وَفُلَانٍ الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا بِذَلِكَ جَمِيعًا وَإِنْ شَاءَ أَخْذَ أَحَدَهُمَا بِذَلِكَ مَتَى شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ وَكُلَّمَا شَاءَ وَلَا بَرَاءَةَ لَهُمَا وَلَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ كُلِّهِ أَوْ تَقَعَ الْبَرَاءَةُ عَنْ جَمِيعِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ بِأَمْرِ فُلَانٍ لِهَذَا الْمَطْلُوبِ وَأَشْهَدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ إلَى آخِرِهِ وَإِذَا شَرَطَ التَّسْلِيمَ فِي بَلَدٍ فَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ بَرِئَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَنْتَصِفُ مِنْهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ فِي الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ وَكَذَا إذَا عَيَّنَ مَجْلِسَ الْقَاضِي لِلتَّسْلِيمِ فِيهِ وَإِذَا امْتَنَعَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ عَنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ إلَى الْكَفِيلِ لِيُسَلِّمَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَفَلَ بِأَمْرِهِ أُجْبِرَ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهِ إلَى الْكَفِيلِ لِيُسَلِّمَهُ إلَى الطَّالِبِ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ آخَرَ أُجْبِرَ عَلَى الشُّخُوصِ إلَى بَلَدِ الطَّالِبِ فَإِنْ أَنْكَرَ وَحَلَفَ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ. (وَجْهٌ آخَرُ لِبِنَاءِ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ عَلَى الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ كَفَالَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً هُوَ أَحْوَطُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ) أَنْ يَكْتُبَ إلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ فُلَانًا إلَى فُلَانٍ يَوْمَ كَذَا عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ مَتَى طَالَبَهُ بِهِ يَوْمَ كَذَا فَعَلَيْهِ جَمِيعُ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ وَهُوَ كَذَا وَفَائِدَةُ قَوْلِنَا مَتَى طَالَبَهُ يَوْمَ كَذَا أَنَّ الطَّالِبَ عَسَى لَا يُطَالِبُهُ يَوْمَئِذٍ احْتِيَالًا لِإِيجَابِ الْمَالِ عَلَى الْكَفِيلِ فَنَظَرْنَا لِلْكَفِيلِ بِهَذَا الشَّرْطِ فَإِنْ كَفَلَ جَمَاعَةً بِنَفْسِ رَجُلٍ ذَكَرْتَ ذَلِكَ وَذَكَرْتَ عَلَى أَنْ يُطَالِبَهُمْ وَيُطَالِبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِنَفْسِ هَذَا الرَّجُلِ الْمَكْفُولِ بِهِ وَعَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَفِيلٌ لِهَذَا الطَّالِبِ بِنَفْسِ أَصْحَابِهِ بِأَمْرِ أَصْحَابِهِ حَتَّى يَدْفَعُوا فُلَانًا إلَى فُلَانٍ وَيُسَلِّمُوهُ إلَيْهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ) هَذَا مَا شَهِدَ إلَى قَوْلِنَا إنَّهُ ضَمِنَ لِفُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ بِأَمْرِهِ جَمِيعَ مَا لَهُ عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ كَذَا ضَمَانًا صَحِيحًا فَوَجَبَ هَذَا الْمَالُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِالضَّمَانِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ فَلِفُلَانٍ أَنْ يَأْخُذَهُ بِهِ وَبِمَا شَاءَ مِنْهُ وَمَتَى شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ وَكُلَّمَا شَاءَ وَفِي الْكَفِيلَيْنِ يَكْتُبُ فَلِفُلَانٍ هَذَا أَنْ يَأْخُذَهُمَا بِهِ وَبِمَا شَاءَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا جَمِيعًا بِذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا بِهِ شَتَّى كَيْفَ شَاءَ وَكُلَّمَا شَاءَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ جَمِيعًا وَشَتَّى لَا بَرَاءَةَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَخْذِ فُلَانٍ أَحَدِهِمَا بِذَلِكَ دُونَ صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ ذَلِكَ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَكِيلُ صَاحِبِهِ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ فِي خُصُومَةِ فُلَانٍ فِيمَا يُطَالِبُ بِهِ صَاحِبَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ حَقٍّ وَقَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْوَكَالَةَ فِيهِ مِنْ صَاحِبِهِ شِفَاهًا وَقَبِلَ فُلَانٌ مِنْهُمَا جَمِيعًا هَذَا الضَّمَانَ شِفَاهًا وَإِنْ شَرَطَ كَفَالَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِكُلِّهِ يَكْتُبُ: وَكُلٌّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْكَفِيلَيْنِ ضَامِنٌ لِهَذَا الْمَكْفُولِ لَهُ حِصَّةَ صَاحِبِهِ بِأَمْرِهِ مِنْ هَذَا الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ إنْ أَحَبَّ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَتَبْتَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي ضَمَانِ الِابْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ) هَذَا مَا شَهِدَ إلَى قَوْلِنَا إنَّ لِفُلَانٍ عَلَى وَالِدِهِ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا لَازِمًا

الفصل السادس عشر في الحوالة

وَحَقًّا وَاجِبًا وَأَنَّ وَالِدَهُ فُلَانًا تُوُفِّيَ وَصَارَ فِي يَدِهِ مِيرَاثُهُ وَهُوَ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ ضَيْعَةُ كَذَا قِيمَتُهُ تَفِي بِهَذَا الدَّيْنِ وَزِيَادَةٌ وَأَنَّهُ ضَمِنَ لِفُلَانٍ عَنْ وَالِدِهِ جَمِيعَ هَذَا الْمَالِ وَهُوَ كَذَا ضَمَانًا صَحِيحًا جَائِزًا وَقَبِلَ مِنْهُ فُلَانٌ هَذَا الضَّمَانَ شِفَاهًا فَصَارَ جَمِيعُ هَذَا الْمَالِ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِالضَّمَانِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ لَا امْتِنَاعَ لِفُلَانٍ مِنْ دَفْعِ هَذَا الْمَالَ إلَيْهِ مَتَى طَالَبَهُ بِحَقٍّ يَدَّعِيهِ قَبِلَهُ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ يَمِينٍ. وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي إبْطَالِ مَا ضَمِنَ لِفُلَانٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِذَلِكَ إلَى آخِرِهِ وَإِنَّمَا كَتَبْنَا أَنَّهُ صَارَ فِي يَدِهِ تَرِكَةً؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ لَوْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا وَضَمِنَ عَنْهُ إنْسَانٌ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى هَذَا وَلَمْ يَتْرُكْ مِيرَاثًا كَتَبْتَ وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ وَلَمْ يَخْلُفْ مَالًا وَأَرَادَ هَذَا الِابْنُ تَبْرِيدَ جِلْدَتِهِ وَفَرَاغَ ذِمَّتِهِ فَضَمِنَ عَنْهُ الْمَالَ رِعَايَةً لَحَقِّهِ وَقِيَامًا بِوَاجِبِهِ وَحَكَمَ حَاكِمٌ جَائِزُ الْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْكَفَالَةِ وَلُزُومِ هَذَا الضَّمَانِ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (وَثِيقَةُ إقْرَارِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لِلْكَفِيلِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ) يَكْتُبُ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ طَائِعًا أَنَّهُ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَأَنَّ فُلَانًا كَفَلَ عَنْهُ بِهَذَا الدَّيْنِ لِهَذَا الطَّالِبِ بِأَمْرِهِ كَفَالَةً صَحِيحَةً وَأَنَّ هَذَا الْكَفِيلَ قَدْ أَدَّى عَنْهُ جَمِيعَ هَذَا الْمَالِ وَلَهُ عَلَيْهِ هَذَا الدَّيْنُ حَالًا لَا امْتِنَاعَ لَهُ عَنْ أَدَائِهِ فَلَا دَعْوَى لَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ تُوجِبُ إبْطَالَهُ عَنْهُ وَلَا بَرَاءَةَ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ ذَلِكَ إلَيْهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ وَصَدَّقَهُ هَذَا الْكَفِيلُ الْمُقَرُّ لَهُ بِهَذَا مُوَاجَهَةً وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْحَوَالَةِ] (الْفَصْلُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْحَوَالَةِ) يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا حَقًّا وَاجِبًا وَدَيْنًا لَازِمًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَأَنَّ فُلَانًا أَحَالَ هَذَا الطَّالِبَ بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ عَلَى فُلَانٍ وَقَبِلَ هُوَ هَذِهِ الْحَوَالَةَ بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ بِرِضَا هَذَا الطَّالِبِ مُخَاطَبَةً فِي مَجْلِسِ هَذِهِ الْحَوَالَةِ فَصَارَ جَمِيعُ هَذَا الْمَالِ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ هَذَا الطَّالِبِ بِالْحَوَالَةِ الْمَوْصُوفَةِ فِيهِ لَا امْتِنَاعَ لِفُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ مِنْ دَفْعِ هَذَا الْمَالِ مَتَى طَالَبَهُ بِهِ بِحَقٍّ يَدَّعِيهِ قَبِلَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ يَمِينٍ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي إبْطَالِ هَذَا الْمَالِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ (وَلَوْ كَانَ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مَالٌ فَأَحَالَ بِذَلِكَ مُقَيَّدًا) كَتَبْتَ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا فَأَحَالَهُ عَلَيْهِ فَقَبِلَ الْحَوَالَةَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ الْمَالِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ كَفَلَ عَنْهُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ فَهِيَ حَوَالَةٌ عِنْدَنَا وَيَكْتُبُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ وَأَلْحَقْتَ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ بَعْدَ خُصُومَةٍ صَحِيحَةٍ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ بِهِ صَكٌّ وَلَهُ تَارِيخٌ ذَكَرْتَ دَيْنًا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَقَدْ بَذَلَ لَهُ كِتَابَ الْإِقْرَارِ بِتَارِيخِ كَذَا. وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ ثَمَنَ مَبِيعٍ أَوْ ضَمَانَ شَيْءٍ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ وَثَبَتَ ذَلِكَ صَحَّ وَكَانَ أَوْضَحَ فَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَجَلٍ كَتَبْتَ: وَبَرِئَ هَذَا الْمُحِيلُ وَسَقَطَ عَنْهُ هَذَا الْمَالُ وَثَبَتَ ذَلِكَ لِلْمُحْتَالِ لَهُ بِحَقِّ هَذِهِ الْحَوَالَةِ عَلَى هَذَا الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَأَجَّلَ هَذَا الْمُحْتَالُ لَهُ هَذَا الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ كَذَا شَهْرًا مِنْ تَارِيخِ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمْهَلَهُ لَهُ فَيُطَالِبُهُ بَعْدَ حُلُولِ هَذَا الْأَجَلِ كَيْفَ شَاءَ وَمَتَى شَاءَ لَا بَرَاءَةَ لَهُ وَلَا امْتِنَاعَ لَهُ عَنْهُ وَقْتَ أَدَاءِ هَذَا الْمَالِ بِتَمَامِهِ إلَيْهِ وَلَوْ شَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ عِنْدَ الْعَجْزِ كَتَبْتَ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ هَذَا الْمَالُ إلَى هَذَا الْمُحْتَالِ لَهُ وَعَجَزَ عَنْ اسْتِيفَائِهِ مِنْ هَذَا الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ إعْدَامِهِ أَوْ إفْلَاسِهِ أَوْ لِتَمَرُّدِهِ أَوْ لِإِنْكَارِهِ هَذِهِ الْحَوَالَةَ رَجَعَ بِهِ عَلَى هَذَا الْمُحِيلِ وَطَالَبَهُ بِهِ وَقَبِلَ ذَلِكَ

الفصل السابع عشر في المصالحات

كُلَّهُ هَذَا الْمُحِيلُ وَصَدَّقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُوَاجَهَةً وَمِنْ الزِّيَادَةِ فِي تَوْثِيقِ هَذَا. وَأَطْلَقَ لَهُ هَذَا الْمُحِيلُ قَبْضَ ذَلِكَ وَالْمُنَازَعَةَ وَالْمُحَاكَمَةَ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْ الْحُكَّامِ وَأَطْلَقَ لَهُ التَّوْكِيلَ فِي ذَلِكَ لِمَنْ شَاءَ وَعَزَّ لَهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ تَوْكِيلًا صَحِيحًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ (نَوْعٌ آخَرُ) أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا حَقًّا وَاجِبًا وَدَيْنًا لَازِمًا وَأَنَّهُ كَانَ أَحَالَ غَرِيمَهُ فُلَانًا بِهَذَا الْمَالِ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ وَكَانَ هُوَ قَبِلَ هَذِهِ الْحَوَالَةَ مِنْهُ ثُمَّ أَحَالَ هَذَا الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ هَذَا الْمُحْتَالَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ فُلَانٍ بِهِ فَقَبِلَ فُلَانٌ هَذِهِ الْحَوَالَةَ ثُمَّ غَابَ هَذَا الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الثَّانِي عَنْ الْبَلْدَةِ إلَى بَلْدَةِ كَذَا فَعَجَزَ هَذَا الْمُحْتَالُ لَهُ عَنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنْهُ فَرَجَعَ عَلَى مُحِيلِهِ، وَمُحِيلُهُ أَيْضًا بِهَذَا الْعَجْزِ رَجَعَ عَلَى مُحِيلِهِ وَقَدْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْحَوَالَةِ فَاسْتَوْفَى فُلَانٌ هَذَا الْمَالَ مِنْ فُلَانٍ. ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ الثَّانِيَ لَمَّا حَضَرَ مِنْ كُورَةِ كَذَا طَالَبَهُ هَذَا الْمُحِيلُ الْأَوَّلُ بِأَدَاءِ هَذَا الْمَالِ الْمُحْتَالِ إلَيْهِ بِسَبَبِ بُطْلَانِ هَاتَيْنِ الْحَوَالَتَيْنِ وَرُجُوعِ الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ فَقَبَضَ وَاسْتَوْفَى هَذَا الْمَالَ بِتَمَامِهِ مِنْ هَذَا الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَأَقَرَّ الْمُحِيلُ الْأَوَّلُ طَائِعًا بِهَذَا الْقَبْضِ وَاسْتِيفَاءِ جَمِيعِ ذَلِكَ بِإِيفَاءِ هَذَا الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَهُ كُلَّهُ إلَيْهِ وَاسْتِيفَائِهِ مِنْهُ وَأَبْرَأهُ عَنْ كُلِّ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ إبْرَاءً صَحِيحًا قَاطِعًا لِلدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا عِنْدَهُ شَيْءٌ إلَى آخِرِهِ وَضَمِنَ لَهُ كُلَّ دَرْكٍ يَلْحَقُهُ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَمِنْ جِهَةِ غَيْرِهِمَا ضَمَانًا صَحِيحًا وَقَبِلَ هَذَا الْمُقَرُّ لَهُ هَذَا الْإِقْرَارَ مِنْهُ مُشَافَهَةً وَأَشْهَدَا. وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَلَوْ كَانَ أَحَالَهُ عَلَى رَجُلٍ لِلْمُحِيلِ عَلَيْهِ مَالٌ) كَتَبْتَ: هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ فِي آخِرِهِ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا فَأَحَالَهُ عَلَيْهِ فَقَبِلَ الْحَوَالَةَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ الْمَالِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ إلَى آخِرِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. [الْفَصْلُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُصَالَحَاتِ] وَإِذَا أَرَدْتَ كِتَابَةَ الصُّلْحِ عَنْ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ بِأَسْرِهَا كَتَبْتَ: أَقَرَّ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ صَالَحَ فُلَانًا عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ الَّتِي لَهُ قِبَلَهُ عَلَى كَذَا دِينَارًا صُلْحًا صَحِيحًا قَاطِعًا لِلدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُ قَبُولًا صَحِيحًا وَنَقَدَ لَهُ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ هَذَا فَقَبَضَهُ الْمُصَالَحُ هَذَا قَبْضًا صَحِيحًا وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا الصُّلْحِ دَعْوَى وَلَا خُصُومَةٌ لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ لَا قَدِيمٌ وَلَا حَدِيثٌ لَا فِي الصَّامِتِ وَلَا فِي النَّاطِقِ لَا فِي الْحَيَوَانِ وَلَا فِي الْأَعْيَانِ لَا فِي الْمَنْقُولِ وَلَا فِي الْمَحْدُودِ وَلَا فِي الدَّرَاهِمِ وَلَا فِي الدَّنَانِيرِ وَلَا فِي شَيْءٍ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَالِ وَالْمِلْكِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ أَقَرَّ بِذَلِكَ كُلِّهِ إقْرَارًا صَحِيحًا وَصَدَّقَهُ قَابِلُ الصُّلْحِ هَذَا (وَهَذِهِ الصُّورَةُ أَصْلٌ فِي جَمِيعِ الْمُصَالَحَاتِ) . (وَإِذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى كَانَتْ لِلصَّغِيرِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ) فَإِنْ كَانَ الْمُصَالِحُ وَالِدَ الصَّغِيرِ يَكْتُبُ: أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَنَّهُ صَالَحَ فُلَانًا عَنْ كُلِّ خُصُومَةٍ كَانَتْ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ اسْمُهُ كَذَا وَلَا وَلَدَ لَهُ بِهَذَا الِاسْمِ سِوَاهُ عَلَى كَذَا دِرْهَمًا بَعْدَ مَا عَلِمَ يَقِينًا أَنَّ هَذَا الصُّلْحَ خَيْرٌ لِهَذَا الصَّغِيرِ مِنْ التَّمَادِي فِي الْخُصُومَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ هَذَا بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ يُقِيمُهَا عَلَى إثْبَاتِ هَذَا الْحَقِّ لِلصَّغِيرِ. وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا أَوْ كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَفْعٌ صَحِيحٌ وَقَبِلَ فُلَانٌ هَذَا الصُّلْحَ مِنْهُ قَبُولًا صَحِيحًا وَقَبَضَ الْمُصَالَحُ هَذَا هَذَا الْبَدَلَ لِهَذَا الصَّغِيرِ قَبْضًا صَحِيحًا فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ الْمُصَالِحُ أَجْنَبِيًّا وَقَدْ أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي فِي الصُّلْحِ كَتَبْتَ: أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَهُوَ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي هَذِهِ

الْمُصَالَحَةِ لِلصَّغِيرِ فُلَانٍ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فِي هَذِهِ الْمُصَالَحَةِ وَقَبَضَ بَدَلَ الصُّلْحِ أَقَرَّ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا طَائِعًا أَنَّهُ صَالَحَ فُلَانًا وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ كُلِّ خُصُومَةٍ كَانَتْ لِهَذَا الصَّغِيرِ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الصَّغِيرِ وَصِيٌّ لَا مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَلَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى عَلَى كَذَا دِرْهَمًا صُلْحًا صَحِيحًا بَعْدَ مَا عَلِمَ يَقِينًا أَنَّ هَذَا الصُّلْحَ خَيْرٌ لِهَذَا الصَّغِيرِ الْمَذْكُورِ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ ثُمَّ، يُتِمُّ الْكِتَابَ إلَى آخِرِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (الصُّلْحُ عَنْ الدَّعْوَى عَلَى الصَّغِيرِ وَلِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ) أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَنَّهُ كَانَ يَدَّعِي عَلَى الصَّغِيرِ الْمُسَمَّى فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ بِحَضْرَةِ وَالِدِهِ أَوْ يَقُولُ بِحَضْرَةِ وَصِيِّهِ فِي وَجْهِهِ أَنَّ جَمِيعَ كَذَا مِلْكُهُ وَحَقُّهُ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَفِي يَدِ هَذَا الْأَبِ أَوْ هَذَا الْوَصِيِّ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَكَانَ يُطَالِبُهُ بِقَصْرِ يَدِهِ عَنْهَا وَتَسْلِيمِهَا إلَيْهِ وَكَانَ ذُو الْيَدِ هَذَا يُنْكِرُ دَعْوَاهُ هَذِهِ مِنْهَا قَائِلًا إنَّهَا مِلْكُ هَذَا الصَّغِيرِ وَحَقُّهُ فِي يَدِ أَبِيهِ هَذَا أَوْ وَصِيِّهِ هَذَا بِحَقٍّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْهَا وَتَسْلِيمِهَا إلَيْهِ وَكَانَ لِهَذَا الْمُدَّعِي شُهُودٌ مَعْرُوفُونَ بِالْعَدَالَةِ وَجَوَازِ الشَّهَادَةِ وَكَانَتْ الْمُصَالَحَةُ عَلَى الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْكِتَابِ خَيْرًا لِلصَّغِيرِ مِنْ التَّمَادِي فِي الْخُصُومَةِ فَمَالَا إلَى الصُّلْحِ وَاصْطَلَحَا مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى أَنْ يُعْطِيَ هَذَا الْأَبُ مِنْ مَالِ هَذَا الصَّغِيرِ لِهَذَا الْمُدَّعِي كَذَا دِرْهَمًا فَصَالَحَهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ مُشَافَهَةً وَقَبَضَ مِنْهُ بَدَلَ هَذَا الصُّلْحِ بِإِيفَاءِ ذَلِكَ مِنْ مَالِ هَذَا الصَّغِيرِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَى هَذَا الصَّغِيرِ دَعْوَى شَيْءٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَا فِي عَيْنِهِ وَلَا فِي ثَمَنِهِ وَلَا فِي قِيمَتِهِ وَلَا فِي غَلَّتِهِ وَلَا فِي حَقٍّ لَا قَدِيمٍ وَلَا حَدِيثٍ وَصَدَّقَهُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ مَنْ لَهُ حَقُّ التَّصْدِيقِ مُشَافَهَةً مُوَاجَهَةً، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ بَعْدَ مَا يُلْحِقُ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ كَمَا مَرَّ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (إذَا أَرَدْتَ كِتَابَةَ صُلْحٍ جَرَى بَيْنَ امْرَأَةٍ وَبَيْنَ وَرَثَةِ زَوْجِهَا) كَتَبْتَ: هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ إلَخْ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ كَانَ زَوْجَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَأَنَّهُ مَاتَ وَخَلَّفَ مِنْ الْوَرَثَةِ زَوْجَةً لَهُ وَمِنْ الْبَنِينَ كَذَا وَيُسَمَّى عَدَدَ الْوَرَثَةِ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ الضِّيَاعِ كَذَا وَيُبَيِّنُ حُدُودَهَا وَمِنْ الدُّورِ وَالْبُيُوتِ كَذَا وَمِنْ الْحَوَانِيتِ كَذَا وَيُبَيِّنُ حُدُودَهَا وَمِنْ الْغِلْمَانِ كَذَا وَيُسَمِّي وَيُحَلِّي وَيُبَيِّنُ جِنْسَهَا وَسِنَّهَا وَمِنْ الثِّيَابِ كَذَا وَيُبَيِّنُ عَدَدَهَا وَجِنْسَهَا وَصِفَتَهَا وَقِيمَتَهَا وَمَنْ الدَّوَابِّ مِنْ الْخَيْلِ كَذَا وَمِنْ الْبِغَالِ كَذَا. وَمِنْ الْحَمِيرِ كَذَا فَيَصِفُ كُلَّ مَالٍ بِصِفَةٍ يَعْلَمُهُ بِهَا وَكَانَ لَهَا الثُّمُنُ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ بَقِيَّةِ الْمَهْرِ وَأَنَّهَا ادَّعَتْ عَلَيْهِمْ حَقَّهَا مِنْ الثُّمُنِ وَبَقِيَّةِ الْمَهْرِ وَهُوَ كَذَا وَأَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا وَلَمْ يُنْكِرُوا وَكَانَ الصُّلْحُ خَيْرًا لَهُمْ دِينًا وَدُنْيَا فَصَالَحَتْهُمْ بَعْدَ مَعْرِفَتِهَا جَمِيعَ ذَلِكَ شَيْئًا فَشَيْئًا عَلَى حَقِّهَا وَصَدَاقِهَا وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهَا دَيْنًا عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ وَلَمْ تَكُنْ مَشْغُولَةً أَيْضًا بِدَيْنٍ عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ وَلَا وَصِيَّةٍ غَيْرَ دَيْنِهَا أَوْ يَكْتُبُ وَقَدْ كَانَ تَعَيَّنَ مَا كَانَ دَيْنًا عَلَى النَّاسِ. وَوَقَعَ الْقَضَاءُ لِمَنْ كَانَ لَهُ عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ دَيْنٌ بِرِضَا جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَإِذْنِهِمْ صَالَحَتْهُمْ عَنْ حَقِّهَا فِي الثُّمُنِ وَالْمَهْرِ عَلَى كَذَا صُلْحًا جَائِزًا نَافِذًا لَا شَرْطَ فِيهِ وَلَا مَثُوبَةَ وَلَا فَسَادَ وَلَا خِيَارَ وَقَبَضَتْ مِنْهُمْ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ بِدَفْعِهِمْ ذَلِكَ إلَيْهَا وَسَلَّمَتْ لَهُمْ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَنْهُ الصُّلْحُ فَارِغًا عَمَّا يَشْغَلُهُ عَنْ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ فَجَمِيعُ مَا سَمَّى وَوَصَفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَجَمِيعُ مَتَاعِ الْغِلْمَانِ وَالْجَوَارِي وَكِسَاهُمْ وَسُرُوجِ الْخَيْلِ وَلُجُمِهَا وَجَمِيعُ مَتَاعِهَا وَمَا يُعْرَفُ بِهَا مِنْ أَكُفِّ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَثِمَارُ الْكُرُومِ وَالْبَسَاتِينِ وَالْأَرْضِينَ

وَأَشْجَارِهَا وَزُرُوعِهَا وَغُرُوسِهَا وَجَمِيعِ غَلَّاتِهَا صَارَتْ لَهُمْ بِهَذَا الصُّلْحِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ لَا حَقَّ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا دَعْوَى وَلَا طَلِبَةَ وَلَا قَلِيلَ وَلَا كَثِيرَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَكُلُّ دَعْوَى تَدَّعِيهَا قِبَلَهُمْ فَهِيَ فِيهَا مُبْطَلَةٌ وَكُلُّ بَيِّنَةٍ تُقِيمُهَا فَهِيَ زُورٌ وَبُهْتَانٌ وَكُلُّ يَمِينٍ تَطْلُبُهَا قِبَلَهُمْ فَهِيَ ظُلْمٌ وَعُدْوَانٌ وَقَبِلُوا هَذَا الصُّلْحَ مِنْهَا شِفَاهًا وَوِجَاهًا فِي مَجْلِسِهَا فَمَا أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ الْوَرَثَةُ فِيمَا وَقَعَ عَنْهُ الصُّلْحُ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَى فُلَانَةَ تَسْلِيمُ مَا يَجِبُ لَهُمْ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ حَتَّى يُسَلَّمَ ذَلِكَ لَهُمْ وَقَدْ تَفَرَّقُوا طَائِعِينَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (وَإِنْ كَانَ مِنْ التَّرِكَةِ دَيْنٌ عَلَى أَحَدٍ) قُلْتَ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَحْدُودَاتِ وَالْأَعْيَانِ مِنْ التَّرِكَةِ: وَتَرَكَ أَيْضًا مِنْ الدَّيْنِ الْوَاجِبِ اللَّازِمِ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَعَلَى فُلَانٍ كَذَا وَيَقُولُ بَعْدَ ذِكْرِ الصُّلْحِ وَالْإِقْرَارِ بِالِاسْتِيفَاءِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا بَعْدَ هَذَا الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ حَقٌّ وَلَا دَعْوَى بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا قَدْ اسْتَوْفَتْ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَّا الدُّيُونَ الْمَوْصُوفَةَ فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الصُّلْحِ فَإِنْ أَرَادُوا أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا خُصُومَةٌ فِي تِلْكَ الدُّيُونِ وَيَكُونُ اسْتِيفَاؤُهَا لَهُمْ كَتَبْتَ قَبْلَ الْإِشْهَادِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ: وَقَدْ عَجَّلَ هَؤُلَاءِ الْمُسَمَّوْنَ فِيهِ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ جَمِيعَ نَصِيبِهَا وَهُوَ كَذَا مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الدُّيُونِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي هَذَا الصُّلْحِ تَعْجِيلًا مِنْهُمْ وَتَبَرُّعًا عَنْ هَؤُلَاءِ الْغُرَمَاءِ الْمُسَمَّيْنَ فِيهِ فَقَبَضَتْهَا فَلَمْ يَبْقَ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الدُّيُونِ حَقٌّ وَلَا دَعْوَى وَأَشْهَدُوا إلَخْ وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَسَنٍ؛ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ يَبْرَءُونَ بِهَذَا التَّعْجِيلِ وَلَا يَبْقَى عَلَيْهِمْ لِلْبَنِينَ مُطَالَبَةٌ. وَلَوْ شَرَطُوا أَنْ يَكُونَ مَا عَلَى الْغُرَمَاءِ لَهُمْ بِهَذَا التَّعْجِيلِ لَا يَصِحُّ (وَالْوَجْهُ الْأَحْسَنُ) أَنْ يَكْتُبَ بَعْدَ مَا يَنْظُرُ كَمْ حِصَّتُهَا مِنْ تِلْكَ الدُّيُونِ فَإِنْ كَانَتْ مَثَلًا مِائَةَ دِرْهَمٍ كَتَبْتَ وَقَدْ أَقْرَضَ هَؤُلَاءِ الْبَنُونَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ مِنْ أَمْوَالِ أَنْفُسِهِمْ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ مِائَةَ دِرْهَمٍ غِطْرِيفِيَّةً سُودًا عَتِيقَةً جَيِّدَةً رَائِجَةً مَعْدُودَةً نِصْفُهَا خَمْسُونَ دِرْهَمًا غِطْرِيفِيَّةً فَقَبَضَتْهَا مِنْهُمْ وَوَكَّلَتْهُمْ بِقَبْضِ مِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْغُرَمَاءِ وَهِيَ حِصَّتُهَا مِنْ الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِمْ مِنْ هَذِهِ التَّرِكَةِ لَقَبَضُوهَا لَهَا ثُمَّ تَكُونُ هِيَ قِصَاصًا لَهُمْ بِمَا أَقْرَضُوهَا فَقَبِلُوا تَوْكِيلَهَا بِذَلِكَ مُشَافَهَةً وَأَشْهَدُوا. (وَإِذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ وَوَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى الْمَرْأَةِ فِي صَدَاقِهَا وَالثَّمَنِ مِنْ تَرِكَةِ زَوْجِهَا) يَكْتُبُ إلَى قَوْلِنَا وَإِنَّهَا كَانَتْ تَدَّعِي عَلَى هَؤُلَاءِ الْوَرَثَةِ كَذَا وَكَذَا بَقِيَّةَ صَدَاقِهَا الَّذِي كَانَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ أَدَائِهَا شَيْئًا مِنْهُ وَصَارَ ذَلِكَ دَيْنًا لَهَا فِي تَرِكَتِهِ وَكَانَ لَهَا شُهُودٌ يَشْهَدُونَ عَلَى مَا ادَّعَتْ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا فِي الْوَرَثَةِ مُدْفِعٌ لِذَلِكَ وَلَا مُخَلِّصٌ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى صَارَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي حَقِّ هَذَا الصَّغِيرِ بِالتَّوَسُّطِ وَالْمُصَالَحَةِ فَتَوَسَّطَ الْمُتَوَسِّطُونَ بَيْنَهُمْ فَجَرَتْ الْمُصَالَحَةُ بَيْنَ هَذِهِ الْمُقِرَّةِ وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ الْبَالِغِينَ وَبَيْنَ مَنْ مَاتَ عَنْ هَذَا الصَّغِيرِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ عَنْ دَعْوَاهَا صَدَاقَهَا وَعَنْ دَعْوَى الثُّمُن مِنْ تَرِكَةِ زَوْجِهَا هَذَا عَلَى كَذَا وَقَبِلَ هَذَا الصُّلْحَ هَؤُلَاءِ الْبَالِغُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَقَبِلَ عَنْ هَذَا الصَّغِيرِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَبُولِ قَبُولًا صَحِيحًا. (وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ وَالْوَرَثَةُ بَالِغُونَ) يَكْتُبُ: أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ صَالَحَ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانَةَ وَهُمْ أَخَوَاهُ وَأُخْتُهُ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَوَالِدَتُهُمْ الْمُسَمَّاةُ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ عَنْ كُلِّ خُصُومَةٍ كَانَتْ لَهُ قِبَلَهُمْ فِي تَرِكَةِ أَبِيهِمْ فُلَانٍ وَعَنْ كُلِّ حَقٍّ كَانَ لَهُ فِي هَذِهِ التَّرِكَةِ عَلَى كَذَا صُلْحًا وَإِنَّهُمْ قَبِلُوهُ مِنْهُ قَبُولًا صَحِيحًا إلَى آخِرِهِ وَالصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى وَصِيَّةٍ بِالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ وَالسُّدُسِ عَلَى مَالٍ، يَكْتُبُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ عِنْدَ ذِكْرِ بَدَلِ الصُّلْحِ إنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ

وَالدَّرَاهِمِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الرَّجُلِ يَدَّعِي فِي دَارِ دَعْوَى فَيُصَالِحُهُ صَاحِبُهُ وَلَا يُقِرُّ بِهِ هَلْ يَجُوزُ قَالَ: نَعَمْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَهِيَ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا لِيَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ عَلَى الْمُدَّعِي يَكْتُبُ: هَذَا كِتَابٌ لِفُلَانٍ - يَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ - مِنْ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُدَّعِيَ - إنِّي ادَّعَيْتُ فِي دَارِكَ دَعْوَى وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا فَصَالَحْتَنِي مِنْ دَعْوَايَ فِي دَارِكَ هَذِهِ عَلَى كَذَا دِرْهَمًا وَزْنَ سَبْعَةٍ عَلَى أَنِّي أُسَلِّمُ لَكَ جَمِيعَ مَا ادَّعَيْتَ وَرَضِيتُ بِذَلِكَ وَصَالَحْتُكَ عَلَيْهِ وَقَبَضْتُ مِنْكَ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ وَذَلِكَ كَذَا دِرْهَمًا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، هَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ السَّمْتِيُّ يَكْتُبُ: هَذَا كِتَابٌ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَنِّي ادَّعَيْتُ عَلَيْكَ فِي الدَّارِ الَّتِي فِي يَدَيْكَ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا وَلَا يَكْتُبُ أَنِّي ادَّعَيْتُ فِي دَارِكَ وَكَانَ يَقُولُ لَوْ كَتَبْنَا فِي دَارِكَ يَكُونُ هَذَا مِنْ الْمُدَّعِي إقْرَارًا بِأَنَّ الدَّارَ مِلْكُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَدَّعِي بَعْدَ هَذَا مِلْكًا لِنَفْسِهِ فِيهَا فَكَيْفَ يَصِحُّ الصُّلْحُ أَمَّا لَوْ كَتَبْنَا فِي الدَّارِ الَّتِي فِي يَدَيْكَ لَا يَكُونُ هَذَا مِنْ الْمُدَّعِي إقْرَارًا بِالدَّارِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَصِحُّ دَعْوَاهُ الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ وَالْوَجْهُ لَمَّا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا ادَّعَى فِي دَارِهِ دَعْوَى. وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مَاذَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الدَّعْوَى فِي حَقٍّ مِنْ طَرِيقٍ أَوْ مَسِيلِ مَاءٍ فَيُصَالِحُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى تَرْكِ دَعْوَاهُ الطَّرِيقَ أَوْ مَسِيلَ الْمَاءِ وَإِقْرَارُ الْمُدَّعِي بِمَلَكِيَّةِ الدَّارِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَيُحْمَلُ كِتَابَةُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى دَعْوَى حَقٍّ لِنَفْسِهِ لَا دَعْوَى رَقَبَةِ الدَّارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ (إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ادَّعَى عَلَى صَاحِبِهِ) كَتَبْتَ: هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ فِي آخِرِهِ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا ادَّعَى فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ عَلَى فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا فَأَنْكَرَ وَادَّعَى هُوَ عَلَى هَذَا الْمُدَّعِي كَذَا دِينَارًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَطَالَ تَرَدُّدُهُمَا وَاخْتِلَافُهُمَا إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ كَذَلِكَ وَامْتَدَّتْ الْخُصُومَةُ وَاشْتَدَّتْ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فَتَوَسَّطَ الْمُتَوَسِّطُونَ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَنَدَبُوهُمَا إلَى الصُّلْحِ أَخْذًا بِكِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] فَانْتُدِبَا إلَى ذَلِكَ فَأَجَابَا وَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ أَعْطَى فُلَانٌ فُلَانًا كَذَا دِرْهَمًا فَقَبِلَ هُوَ ذَلِكَ مِنْهُ مُشَافَهَةً صُلْحًا صَحِيحًا جَائِزًا قَاطِعًا لِلْخُصُومَةِ وَقَبَضَ هُوَ مِنْهُ ذَلِكَ بِإِيفَائِهِ إيَّاهُ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهِ خُصُومَةٌ فِي شَيْءٍ وَأَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ دَعَاوِيهِ كُلِّهَا وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَبْرَأَهُ هُوَ أَيْضًا عَنْ كُلِّ دَعْوَى كَانَ يَدَّعِيهَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَبْقَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ خُصُومَةٌ وَلَا دَعْوَى وَلَا مُطَالَبَةٌ بِشَيْءِ، وَكُلُّ دَعْوَى يَدَّعِيهَا أَحَدُهُمَا إلَى آخِرِهِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (صُلْحُ الْوَكِيلِ عَنْ دَعْوَى التَّرِكَةِ بَعْدَ قِسْمَةٍ كَانَتْ مِنْ الْمُوَكِّلِ) شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا وَكِيلُ فُلَانَةَ ثَابِتُ الْوَكَالَةِ عَنْهَا بِالدَّعَاوَى وَالْقَبْضِ وَالصُّلْحِ وَالْإِقْرَارِ وَالضَّمَانِ وَكَالَةً مُطْلَقَةً عَامَّةً فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا عَنْ مُوَكِّلَتِهِ هَذِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ قِبَلَ فُلَانٍ الْقَاضِي ادَّعَى عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ أَنَّ مُوَكِّلَتَهُ هَذِهِ كَانَتْ زَوْجَةَ أَبِيهِمْ وَمُوَرِّثِهِمْ فُلَانٍ وَحَلَالِهِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ عَلَى صَدَاقٍ مَعْلُومٍ وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ كَذَا وَكَذَا وَأَنَّهُمْ اسْتَوْلَوْا عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَطَلَبَتْ مِنْهُمْ صَدَاقَهَا وَإِرْثَهَا وَهُوَ ثُمُنُ جَمِيعِ ذَلِكَ فَأَجَابُوا أَنَّهُمْ اقْتَسَمُوا كُلَّ التَّرِكَةِ وَأَوْفَوْهَا نَصِيبَهَا فَزَعَمَ هَذَا الْوَكِيلُ أَنَّ تِلْكَ الْقِسْمَةَ وَقَعَتْ فَاسِدَةً غَيْرَ صَحِيحَةٍ لِتَمَكُّنِ الْخَلَلِ

وَحُصُولِ التَّفَاوُتِ وَظُهُورِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَخُرُوجِ بَعْضِ مَا كَانَ خَفِيًّا مِنْ التَّرِكَةِ. وَطَالَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ فَاجْتَمَعَ السَّادَةُ وَالْمَشَايِخُ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَهْلِ كُورَةِ كَذَا وَعَقَدُوا مَجْلِسًا فِي مَوْضِعِ كَذَا لِلتَّأَمُّلِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ وَالْفَصْلِ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْخُصُومِ بِطَرِيقِ التَّوَسُّطِ بِمَشْهَدِ الْقَاضِي فُلَانٍ وَنَدَبُوهُمْ إلَى الصُّلْحِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ هَؤُلَاءِ الْإِخْوَةُ إلَى فُلَانَةَ مُوَكِّلَةِ هَذَا عَنْ جَمِيعِ دَعَاوِيهَا وَخُصُومَاتِهَا فِي هَذِهِ التَّرِكَةِ كَذَا وَكَذَا فَتَرَاضَوْا بِهِ فَصَالَحَ هَذَا الْوَكِيلُ بِحُكْمِ هَذِهِ الْوَكَالَةِ عَنْ جَمِيعِ دَعَاوِيهَا مِنْ الْمَهْرِ وَالثُّمُنِ مِنْ تَرِكَةِ زَوْجِهَا هَؤُلَاءِ الْإِخْوَةَ عَلَى كَذَا صُلْحًا صَحِيحًا جَائِزًا قَاطِعًا لِلْخُصُومَاتِ دَافِعًا لِلْمُنَازَعَاتِ وَقَبِلَ هَؤُلَاءِ هَذَا الصُّلْحَ مِنْ هَذَا الْوَكِيلِ عَلَى هَذَا الْمَالِ وَأَقَرُّوا جَمِيعًا طَائِعِينَ بِوُجُوبِ هَذَا الْمَالِ وَهُوَ بَدَلُ الصُّلْحِ لِفُلَانَةَ هَذِهِ الْمُوَكِّلَةِ فِي هَذِهِ التَّرِكَةِ وَأَنَّهُمْ بَذَلُوا لَهَا عِوَضًا عَنْ بَدَلِ هَذَا الصُّلْحِ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا وَجَمِيعَ الْكَرْمِ الَّذِي فِي مَوْضِعِ. كَذَا وَيَحُدُّوهُ بِحُدُودِهِمَا وَحُقُوقِهِمَا كُلِّهَا وَكَذَا وَكَذَا، وَقِيمَةُ هَذِهِ الدَّارِ كَذَا وَقِيمَةُ هَذَا الْكَرْمِ كَذَا وَقَبِلَ هَذَا الْوَكِيلُ ذَلِكَ كُلَّهُ لَهَا وَقَبَضَهُمَا عِنْدَهُ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَيْهِ فَارِغًا عَنْ مَوَانِعِ التَّسْلِيمِ وَأَبْرَأَهُمْ عَنْ بَدَلِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إبْرَاءً جَائِزًا وَأَقَرُّوا جَمِيعًا بِمِلْكِيَّةِ هَذَيْنِ الْمَحْدُودَيْنِ لِهَذِهِ الْمُوَكِّلَةِ لَا حَقَّ لَهُمْ وَلَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا لِغَيْرِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا دَعْوَى وَلَا كَذَا إلَى آخِرِهِ فَمَتَى ادَّعُوا إلَى آخِرِهِ وَضَمِنُوا لَهَا الدَّرْكَ فِيهِمَا وَضَمِنَ الْوَكِيلُ لَهُمْ عَنْ مُوَكِّلَتِهِ جَمِيعَ مَا يُدْرِكُهُمْ فِي سَائِرِ التَّرِكَةِ الَّتِي بَقِيَتْ فِي أَيْدِيهِمْ وَقَضَى بِصِحَّةِ ذَلِكَ كُلِّهِ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَأَشْهَدُوا إلَى آخِرِهِ. (الصُّلْحُ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِسُكْنَى دَارٍ بِعَيْنِهَا عَلَى دَرَاهِمَ) شَهِدَ الشُّهُودُ إلَى قَوْلِنَا ادَّعَى فُلَانٌ أَنَّ فُلَانًا وَالِدَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْصَى لِهَذَا الْمُدَّعِي بِسُكْنَى جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا أَبَدًا مَا عَاشَ أَوْ مُدَّةَ كَذَا وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَرْجِعْ وَلَمْ يُغَيِّرْ وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَقَبِلَ هُوَ مِنْهُ هَذِهِ الْوِصَايَةَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَمَاتَ وَتَرَكَ وَارِثًا وَاحِدًا وَهُوَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ جَمِيعِ دَعْوَاهُ هَذِهِ عَلَى كَذَا دِرْهَمًا صُلْحًا جَائِزًا قَاطِعًا لِلْخُصُومَةِ رَافِعًا لِلْمُنَازَعَةِ فَقَبِلَ هُوَ مِنْهُ هَذَا الصُّلْحَ بِهَذَا الْبَدَلِ إلَى آخِرِهِ. (الصُّلْحُ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِسُكْنَى دَارٍ بِعَيْنِهَا عَلَى سُكْنَى دَارٍ أُخْرَى) هُوَ كَالْأَوَّلِ فِي الِابْتِدَاءِ وَيَكْتُبُ عِنْدَ بَدَلِ الصُّلْحِ ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ جَمِيعِ دَعْوَاهُ هَذِهِ عَلَى سُكْنَى دَارٍ أُخْرَى مِنْ هَذِهِ التَّرِكَةِ مَوْضِعُهَا كَذَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كَذَا سَنَةً كَامِلَةً أَوْ يَقُولُ سَنَتَيْنِ كَامِلَتَيْنِ أَوْ يَقُولُ ثَلَاثَ سِنِينَ كَوَامِلَ أَوَّلُهَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَآخِرُهَا سَلْخَ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا صُلْحًا جَائِزًا صَحِيحًا وَكَذَا لَهُ إمْسَاكُهَا لِيَسْكُنَهَا بِنَفْسِهِ وَيُسَكِّنَ مَنْ أَحَبَّ وَيَعْمَلَ فِيهَا بِرَأْيِهِ ثُمَّ يَذْكُرُ الْقَبْضَ وَالْإِبْرَاءَ وَالتَّفَرُّقَ وَضَمَانَ الدَّرْكِ وَهَذَا صَحِيحٌ عِنْدَ أَكْثَرِ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا يَجُوزُ كَإِجَارَةِ سُكْنَى دَارٍ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُلْحِقَ لَهُ حُكْمَ الْحَاكِمِ. (الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَى سُكْنَى دَارٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ أُخْرَى) يَكْتُبُ: هَذَا مَا شَهِدَ إلَى قَوْلِنَا ادَّعَى عَلَى فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ غِطْرِيفِيَّةً سُودًا عَتِيقَةً رَائِجَةً جَيِّدَةً مَعْدُودَةً ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ دَعْوَاهُ هَذِهِ عَلَى سُكْنَى جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا سَنَةً كَامِلَةً أَوْ كَذَا عَلَى زِرَاعَةِ أَرْضِهِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا سَنَةً كَامِلَةً مَا بَدَا لَهُ مِنْ غَلَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ أَوْ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدِهِ الْمُسَمَّى كَذَا سَنَةً كَامِلَةً أَوْ عَلَى رُكُوبِ دَابَّتِهِ وَيَذْكُرُ جِنْسَهَا وَصِفَتَهَا وَيُبَيِّنُ الْمُدَّةَ بِتَارِيخِهَا صُلْحًا صَحِيحًا جَائِزًا وَيَذْكُرُ الْقَبُولَ مِنْ الْآخَرِ وَالْقَبْضَ وَضَمَانَ الدَّرْكِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَالْإِشْهَادَ

الصُّلْحُ بَيْنَ الْأَبِ وَالزَّوْجِ فِي تَرِكَةِ الْمَرْأَةِ) شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا - يَعْنِي الْأَبَ - وَفُلَانًا - يَعْنِي الزَّوْجَ - أَقَرَّا طَائِعَيْنِ أَنَّ فُلَانَةَ تُوُفِّيَتْ وَخَلَّفَتْ مِنْ الْوَرَثَةِ زَوْجًا وَأَبًا وَهُمَا هَذَانِ الْمُسَمَّيَانِ فِيهِ وَتَرِكَةً فَوِرْثَاهَا وَلَمْ تَتْرُكْ وَارِثًا غَيْرَهُمَا فَأَصَابَ هَذَا الزَّوْجُ نِصْفَ تَرِكَتِهَا إذْ مَاتَتْ مِنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَأَصَابَ الْوَالِدُ سُدُسَهَا بِالْفَرِيضَةِ وَالْبَاقِيَ بِالْعُصُوبَةِ وَتَرَكَتْ مِنْ الْمَالِ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَجَمِيعَ كَذَا وَيُفَصِّلُ وَأَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَرَكَتْهَا فِي يَدَيْ زَوْجِهَا هَذَا دُونَ أَبِيهَا فَنَظَرَ جَمِيعًا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَوَقَفَا عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا فَشَيْئًا وَأَحَاطَا بِهِ عِلْمًا وَعَرَفَاهُ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً لَا رَيْبَ فِيهِ عِنْدَهُمَا وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِمَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَأَنَّ هَذَا الزَّوْجَ بَعْدَ ذَلِكَ صَالَحَ الْأَبَ مِنْ جَمِيعِ حَقِّ هَذَا الْأَبِ وَحِصَّتِهِ مِنْ تَرِكَةِ ابْنَتِهِ هَذِهِ بَعْدَ تَصْدِيقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ الْمُسَمَّى فِيهِ وَبَعْدَ أَنْ كَانَ جَمِيعُ الْعَيْنِ مِنْ الذَّهَبِ وَمِنْ الرَّقِيقِ وَمِنْ الْحُلِيِّ الْمَذْكُورِ فِيهِ بِمَحْضَرِهِمَا وَبِحَيْثُ تَنَالُهُ أَيْدِيهِمَا عِنْدَ تَعَاقُدِهِمَا هَذَا الصُّلْحَ عَلَى أَنَّ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي وَقَعَ بِهَا هَذَا الصُّلْحُ صُلْحٌ عَنْ الْوَاجِبِ لِلْأَبِ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الْمَذْكُورَةِ فِي تَرِكَةِ هَذِهِ الْبِنْتِ وَهِيَ كَذَا. الْأَفْضَلُ فِيهِ عَلَى كَذَا دِرْهَمًا الَّتِي صُولِحَ مِنْهَا وَعَلَى أَنَّ كَذَا مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي وَقَعَ بِهَا هَذَا الصُّلْحُ صُلْحٌ عَنْ الْوَاجِبِ لَهُ مِنْ تَرِكَةِ ابْنَتِهِ هَذِهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْجَوَاهِرِ وَهُوَ كَذَا وَعَلَى أَنَّ بَقِيَّةَ الْمَالِ الَّذِي وَقَعَ بِهَا هَذَا الصُّلْحُ وَهِيَ كَذَا صُلْحٌ عَنْ جَمِيعِ الْوَاجِبِ لَهُ بِحَقِّ إرْثِهِ مِنْ ابْنَتِهِ هَذِهِ مِنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ هَذَا الْوَاجِبِ لِلْأَبِ بِحَقِّ إرْثِهِ مِنْ ابْنَتِهِ هَذِهِ عَلَى زَوْجِهَا هَذَا بِهَذَا الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ فِيهِ فَقَبِلَ هَذَا الزَّوْجُ جَمِيعَ هَذَا الصُّلْحِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ مُشَافَهَةً وَدَفَعَ هَذَا الزَّوْجُ إلَى الْأَبِ هَذَا جَمِيعَ بَدَلِ هَذَا الصُّلْحِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا مِنْهُ بِأَبْدَانِهِمَا وَسَلَّمَ هَذَا الْأَبُ إلَى هَذَا الزَّوْجِ جَمِيعَ الْوَاجِبِ لَهُ بِحَقِّ هَذَا الصُّلْحِ عَلَى مَا وَصَفَ فِيهِ وَقَبَضَ مِنْهُ هَذَا الزَّوْجُ جَمِيعَ ذَلِكَ كُلِّهِ بِهَذَا الصُّلْحِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي تَعَاقَدَا فِيهِ هَذَا الصُّلْحَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَذَلِكَ بَعْدَ إقْرَارِ هَذَا الْأَبِ وَهَذَا الزَّوْجِ أَنَّهُمَا قَدْ رَأَيَا جَمِيعَ ذَلِكَ وَهِيَ هَذِهِ التَّرِكَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهِ وَعَايَنَاهَا دَاخِلَهَا وَخَارِجَهَا عِنْدَ وُقُوعِ هَذَا الصُّلْحِ بَيْنَهُمَا فَتَعَاقَدَا جَمِيعًا هَذَا الصُّلْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا جَمِيعًا بَعْدَ تَمَامِ هَذَا الصُّلْحِ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا بِهِ وَرَأَيَا جَمِيعًا بَعْدَ ذَلِكَ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ مِنْ هَذِهِ التَّرِكَةِ عَلَى هَيْئَاتِهَا الَّتِي كَانَا رَأَيَا عَلَيْهَا قَبْلَ وُقُوعِ هَذَا الصُّلْحِ بَيْنَهُمَا. وَقَدْ حَصَلَتْ هَذِهِ التَّرِكَةُ لِلزَّوْجِ بِالْحَقِّ الْوَاجِبِ لَهُ فِيهَا بِسَبَبِ الْإِرْثِ عَنْ زَوْجَتِهِ هَذِهِ وَعَنْ صُلْحِهِ مَعَ هَذَا الْأَبِ عَنْ جَمِيعِ الْوَاجِبِ لَهُ فِيهَا بِحَقِّ إرْثِهِ عَنْهَا عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ صُلْحِهِ فَمَا أَدْرَكَ هَذَا الزَّوْجُ فِيمَا مَلَّكَهُ إيَّاهُ هَذَا الْأَبُ مِنْ هَذِهِ التَّرِكَةِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَمِنْ حُقُوقِهِ مِنْ الضِّيَاعِ وَالدَّارِ مِنْ جِهَةِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ فَعَلَى هَذَا الْأَبِ تَسْلِيمُ مَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْعُ وَالْحُكْمُ وَأَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِعًا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ صَاحِبِهِ وَلَا عَلَيْهِ وَلَا عِنْدَهُ وَلَا فِي يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ هَذِهِ الْمُتَوَفَّاةِ بَعْدَ أَنْ أَحَاطَ عِلْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِذَلِكَ كُلِّهِ وَأَنَّ كُلَّ دَعْوَى يَدَّعِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ تَرِكَةِ هَذِهِ الْمُتَوَفَّاةِ مِنْ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ أَوْ يَدَّعِي ذَلِكَ أَحَدٌ بِسَبَبِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ بِشُهُودٍ يَشْهَدُونَ لَهُمْ بِذَلِكَ أَوْ يَمِينٍ يُطْلَبُ أَوْ كِتَابٍ يَخْرُجُ فَذَلِكَ كُلُّهُ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (صُلْحُ الْفُضُولِيِّ) شَهِدَ الشُّهُودُ إلَى قَوْلِهِ إنَّ فُلَانًا كَانَ يَدَّعِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا فَصَالَحَ هَذَا الْمُقِرُّ هَذَا الْمُدَّعِيَ تَبَرُّعًا وَتَطَوُّعًا بِغَيْرِ أَمْرِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى كَذَا كَذَا دِرْهَمًا عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ ذَلِكَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى أَنْ أَبْرَأَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَسَلَّمَهَا لَهُ بِالْبَدَلِ الَّذِي صَالَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ جَمِيعَ مَا يُدْرِكُ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ دَرْكٍ مِنْ قِبَلِهِ وَسَبَبِهِ وَمِنْ قِبَلِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ صُلْحًا جَائِزًا قَاطِعًا

لِلْخُصُومَةِ، وَقَبِلَ مِنْهُ هَذَا الصُّلْحَ بِهَذَا الْمَالِ وَقَبَضَ مِنْهُ بِإِيفَاءِ ذَلِكَ إيَّاهُ تَبَرُّعًا وَتَطَوُّعًا بِذَلِكَ عَنْ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَصَارَ جَمِيعُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ هَذَا الصُّلْحُ لِهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفِي مِلْكِهِ دُونَهُ وَدُونَ سَائِرِ النَّاسِ مِلْكًا صَحِيحًا وَحَقًّا وَاجِبًا لَا حَقَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي وَلَا دَعْوَى قِبَلَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ فَإِنْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ مِنْ هَذَا الْفُضُولِيِّ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الْمُدَّعَاةُ لِلْفُضُولِيِّ لَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَتَبْتَ بَعْدَ قَوْلِكَ عَلَى كَذَا دِرْهَمًا عَلَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الدَّارُ الْمَحْدُودَةُ الْمُدَّعَاةُ لِهَذَا الْمُصَالِحِ دُونَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدُونَ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَيَكْتُبُ قَبْلَ الْإِشْهَادِ وَقَدْ جَعَلَ هَذَا الْمُدَّعِي هَذَا الْمُصَالِحَ وَكِيلَهُ فِي حَيَاتِهِ بِقَبْضِ جَمِيعِ هَذِهِ الدَّارِ مِنْ فُلَانٍ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمِمَّنْ وَجَدَهَا فِي يَدِهِ مِنْ النَّاسِ كُلِّهِمْ وَبِالْخُصُومَةِ وَالْمُنَازَعَةِ فِيهَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ إنْ شَاءَ وَيُوَكِّلُ بِهِ مَنْ شَاءَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَيَسْتَبْدِلُ مِنْ الْوُكَلَاءِ مَنْ شَاءَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى يَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ جَائِزٌ أَمْرُهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَجَعَلَهُ وَصِيًّا لَهُ فِي جَمِيعِ الَّذِي وَكَّلَهُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَقَبِلَ هَذَا الْمُصَالِحُ مَا أُسْنِدَ إلَيْهِ شِفَاهًا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ اسْتَرَدَّ بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ الْمُدَّعِي وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى الْأَمَانَةِ) يَكْتُبُ أَنَّهُ صَالَحَهُ عَنْ دَعْوَاهُ قِبَلَهُ كَذَا الَّذِي كَانَ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ وَأَنَّهُ قَبَضَهَا وَدِيعَةً فَطَلَبَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ مِنْهُ رَدَّ الْأَمَانَةِ فَجَحَدَ جُحُودًا أَصْلِيًّا حَتَّى صَارَتْ هَذِهِ الْأَمَانَةُ مَضْمُونَةً لَهُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ أَوْ بِقِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَصَالَحَهُ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى كَذَا دِرْهَمًا صُلْحًا صَحِيحًا وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُ هَذَا الصُّلْحَ عَلَى هَذَا الْبَدَلِ مَعَ إنْكَارِهِ قَبُولًا صَحِيحًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى مَالٍ) ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ فُلَانًا بِحَدِيدَةٍ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا وَلَمْ يَتْرُكْ هَذَا الْمَقْتُولُ وَارِثًا سِوَاهُ وَأَنَّ لَهُ الْقِصَاصَ قِبَلَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الِانْقِيَادُ لَهُ وَتَسْلِيمُ نَفْسِهِ إلَيْهِ وَاسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ مِنْهُ ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْ دَعْوَاهُ هَذِهِ عَلَى كَذَا فَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ مُشَافَهَةً صُلْحًا صَحِيحًا قَاطِعًا لِلْخُصُومَةِ وَقَبَضَ مِنْهُ بَدَلَ هَذَا الصُّلْحِ بِإِيفَائِهِ ذَلِكَ إيَّاهُ وَأَبْرَأَ عَنْ جَمِيعِ دَعْوَاهُ هَذِهِ وَضَمِنَ لَهُ جَمِيعَ مَا يُدْرِكُهُ فِي ذَلِكَ مِنْ دَرْكٍ مِنْ قِبَلِ وَارِثٍ لِابْنِهِ. هَذَا إنْ ظَهَرَ وَغَرِيمٍ وَمُوصًى لَهُ وَحَاكِمٍ وَذِي سُلْطَانٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ النَّاسِ حَتَّى يُخَلِّصَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ بِهَذَا الصُّلْحِ بِقَدْرِ ذَلِكَ الدَّرْكِ ضَمَانًا جَائِزًا صَحِيحًا فَلَمْ يَبْقَ لَهُ بَعْدَ هَذَا الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ حَقٌّ وَلَا دَعْوَى إلَى آخِرِهِ كَمَا مَرَّ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (الصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ) ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى مِنْ مِفْصَلِ الْكَفِّ عَمْدًا تَعَدِّيًا وَظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَنَّهَا قَدْ بَرَأَتْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَادَّعَى عَلَيْهِ الْقِصَاصَ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى بِجِنَايَتِهِ هَذِهِ فَسَأَلَهُ أَنْ يُصَالِحَهُ مِنْ دَعْوَاهُ هَذِهِ كَذَا فَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ وَصَالَحَهُ عَلَى هَذَا الْمَالِ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ كَالْأَوَّلِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْخَطَأِ) ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ فُلَانًا خَطَأً بِغَيْرِ حَقٍّ فَطَلَبَ مِنْهُ دِيَتَهُ وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُصَالِحَهُ مِنْهَا عَلَى كَذَا دِرْهَمًا مُؤَجَّلًا بِثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ تَارِيخِ هَذَا الْكِتَابِ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ عَنْ دَعْوَاهُ هَذِهِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ هَذِهِ السِّنِينَ الثَّلَاثِ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ الْمُسَمَّاةَ فِيهِ صُلْحًا صَحِيحًا إلَى آخِرِهِ وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ

الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى قَتْلِ الْعَبْدِ عَمْدًا) شَهِدَ الشُّهُودُ إلَى قَوْلِنَا ادَّعَى عَلَى فُلَانٍ أَنَّهُ قَتَلَ عَبْدَهُ التُّرْكِيَّ الْمُسَمَّى فُلَانًا أَوْ الْهِنْدِيَّ أَوْ أَمَتَهُ الرُّومِيَّةَ الْمُسَمَّاةَ فُلَانَةَ عَمْدًا بِحَدِيدَةٍ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا وَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ قَاضِيًا عَدْلًا جَائِزَ الْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَضَى لَهُ عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ فِي قَتْلِهِ هَذَا الْعَبْدَ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ لَهُ عَلَيْهِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ كَمَا يَكُونُ أَخْذًا بِقَوْلِ مَنْ يَرَى الْقِصَاصَ عَلَى الْحُرِّ بِقَتْلِ عَبْدِ الْغَيْرِ وَطَلَبَ مِنْهُ الْقِصَاصَ بِدَعْوَاهُ هَذِهِ فَسَأَلَ الصُّلْحَ عَنْ دَعْوَاهُ هَذِهِ عَلَى كَذَا دِرْهَمًا فَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ وَصَالَحَهُ إلَى آخِرِهِ وَيُلْحِقُ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ لِيَصِحَّ دَعْوَى الْقِصَاصِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَذْكُرُ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِجَوَازِهِ لِوُقُوعِهِ عَلَى غَيْرِ إقْرَارِهِ وَفِي كِتَابِ الشُّرُوطِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ يَدَّعِي قِبَلَ رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَخَاهُ عَمْدًا وَهُوَ وَارِثٌ لَهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَصَالَحَهُ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى الدِّيَةِ وَنَجَّمَهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ كَذَلِكَ إذَا صَالَحَهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ يَجُوزُ إلَّا عَلَى قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ. وَقَدْ مَرَّ هَذَا، قَالَ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا لِفُلَانٍ - يَعْنِي وَلِيَّ الْقَتِيلِ - مِنْ فُلَانٍ - يَعْنِي الْقَاتِلَ - يَكْتُبُ إنِّي قَتَلْتُ أَخَاكَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَيَكْتُبُ أَنْتَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُكَ وَأَنَّكَ صَالَحْتَنِي عَنْ دَمِ أَخِيكَ عَلَى كَذَا، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ (وَإِذَا كَانَ الْقِصَاصُ بَيْنَ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ) فَصُلْحُ الْكِبَارِ جَائِزٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فُلَانٌ الْكَبِيرُ يَمْلِكُ الِاسْتِيفَاءَ فَيَمْلِكُ الصُّلْحَ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلِأَنَّهُ يَصِحُّ صُلْحُهُ فِي نَفْسِهِ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ وَانْقَلَبَ نَصِيبُ الصِّغَارِ الْبَاقِينَ مَالًا فَإِنْ كَتَبَ الصُّلْحَ فِي ذَلِكَ يَكْتُبُ الصُّلْحَ عَنْ الْكَبِيرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا ذَكَرْنَا وَعِنْدَهُمَا يَكْتُبُ كِتَابَ الصُّلْحِ فِي نَصِيبِ الْكَبِيرِ لَا غَيْرُ وَيَذْكُرُ فِيهِ أَنَّ نَصِيبَ الصِّغَارِ صَارَ مَالًا بِالْعَفْوِ. وَإِذَا قُتِلَ الرَّجُلُ عَمْدًا وَلَا وَلِيٌّ لَهُ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ دَمِهِ بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ فَيَمْلِكُ الْإِسْقَاطَ بِالصُّلْحِ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْإِمَامُ كَالْوَصِيِّ وَالْوَصِيُّ يَمْلِكُ الصُّلْحَ وَكَذَا الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فِي ذَلِكَ كِتَابًا كَتَبَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (الصُّلْحُ عَنْ الْعَيْبِ فِي الْمُشْتَرِي) شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا: أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَقَرَّا طَائِعَيْنِ أَنَّ فُلَانًا كَانَ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ هَذَا الْغُلَامَ الَّذِي يُدْعَى فُلَانًا وَهُوَ كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا وَوَقَعَ التَّقَابُضُ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ هَذَا الْمُشْتَرِيَ بَعْدَ ذَلِكَ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ كَذَا بِهَذَا الْغُلَامِ وَلَمْ يَكُنْ رَأَى هَذَا الْعَيْبَ وَلَا أَبْرَأَ الْبَائِعَ عَنْ عُيُوبِهِ وَخَاصَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي رَدِّ هَذَا الْغُلَامِ عَلَيْهِ بِهَذَا الْعَيْبِ وَأَقَرَّ لَهُ هَذَا الْبَائِعُ بِذَلِكَ وَصَدَّقَهُ عَلَى هَذَا وَوَقَفَا عَلَى حِصَّةِ هَذَا الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَهُوَ كَذَا وَأَنَّهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ اصْطَلَحَا مِنْ هَذَا الْعَيْبِ عَلَى كَذَا مِنْ الثَّمَنِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ يَدْفَعُهُ هَذَا الْبَائِعُ إلَى هَذَا الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يُبَرِّئَهُ هَذَا الْمُشْتَرِي عَنْ هَذَا الْعَيْبِ فَفَعَلَا ذَلِكَ وَاصْطَلَحَا صُلْحًا صَحِيحًا وَقَبَضَ هَذَا الْمُشْتَرِي مِنْ هَذَا الْبَائِعِ هَذَا الْبَدَلَ وَأَبْرَأَهُ وَتَفَرَّقَا، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَيَكْتُبُ لَهُمَا نُسْخَتَيْنِ. . (الصُّلْحُ عَنْ مَجْهُولٍ عَلَى مَعْلُومٍ) شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ خُلْطَةٌ وَأَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ وَأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ حَاصِلًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ فَسَأَلَهُ أَنْ يُصَالِحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُصَالِحَهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى كَذَا فَقَبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ مُوَاجَهَةً، وَيُتِمّ الْكِتَابَ عَلَى مَا مَرَّ فِي مِثْلِهِ وَيُلْحِقُ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْمَجْهُولِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَنَا يَجُوزُ عَلَى بَدَلٍ مَعْلُومٍ

الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى الرِّقِّ) شَهِدُوا أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ ادَّعَى عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهُوَ رَجُلٌ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِاسْمِهِ وَلَا يُوقَفُ عَلَى نَسَبِهِ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ بِمِلْكٍ صَحِيحٍ وَمَرْقُوقُهُ وَأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِ وَطَالَبَهُ بِطَاعَتِهِ وَالِانْقِيَادِ لَهُ بِحُكْمِ الرِّقِّ فَسَأَلَهُ أَنْ يُصَالِحَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى شَيْءٍ فَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ وَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى كَذَا صُلْحًا صَحِيحًا فَقَبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ مُوَاجَهَةً وَقَبَضَ جَمِيعَ هَذَا الْبَدَلِ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ ذَلِكَ فَلَمْ يَبْقَ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا الصُّلْحِ حَقٌّ وَلَا دَعْوَى وَلَا خُصُومَةٌ وَيَجُوزُ الصُّلْحُ فِي هَذَا عَلَى حَيَوَانٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ لَكِنْ لَا وَلَاءَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِالرِّقِّ وَيَكْتُبُ فِي مَوْضِعِ ذِكْرِ الْبَدَلِ عَلَى عَبْدٍ تُرْكِيٍّ شَابٍّ سَلِيمٍ مِنْ الْعُيُوبِ أَوْ عَلَى جَارِيَةٍ هِنْدِيَّةٍ شَابَّةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْعُيُوبِ وَيَجُوزُ عَلَى ثِيَابٍ مَوْصُوفَةٍ فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ يُبَيِّنُ فِيهَا الْجِنْسَ وَالصِّفَةَ وَالْأَجَلَ وَمَوْضِعَ التَّسْلِيمِ. (الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى النِّكَاحِ عَلَى مَالٍ) ادَّعَى عَلَى فُلَانَةَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَمَنْكُوحَتُهُ وَحَلَالُهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ فَإِنَّهَا امْتَنَعَتْ عَنْ طَاعَتِهِ قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا أَوْ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا وَادَّعَى عَلَيْهَا أَشْيَاءَ مِنْ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ وَأَنَّهَا أَنْكَرَتْ دَعْوَاهُ قِبَلَهَا وَسَأَلَتْهُ أَنْ يُصَالِحَهَا عَلَى شَيْءٍ فَأَجَابَهَا إلَى ذَلِكَ وَصَالَحَهَا مِنْ دَعْوَى النِّكَاحِ وَمِنْ دَعْوَى هَذِهِ الْأَمْوَالِ وَالْخُصُومَاتِ عَلَى كَذَا دِرْهَمًا مُصَالَحَةً صَحِيحَةً فَقَبِلَتْهَا مِنْهُ قَبُولًا صَحِيحًا وَقَبَضَ مِنْهَا جَمِيعَ بَدَلِ هَذَا الصُّلْحِ قَبْضًا صَحِيحًا فَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهَا دَعْوَى النِّكَاحِ وَلَا دَعْوَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ (هَذَا وَجْهٌ مَوْجُودٌ فِي كُتُبِ السَّلَفِ) وَمِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ أَبْطَلَ هَذَا الْوَجْهَ فَإِنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ النِّكَاحِ أَوْ أَخْذُ مَالٍ بِبَاطِلٍ وَالْمُخْتَارُ فِي مِثْلِهِ الْمُصَالَحَةُ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ وَالتَّطْلِيقِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ. (وَجْهُ كِتَابَتِهِ هَذَا) ادَّعَى عَلَيْهَا أَنَّهَا قَبَضَتْ مِنْ مَالِهِ كَذَا وَهِيَ زَوْجَتُهُ وَهِيَ تَمْتَنِعُ مِنْ طَاعَتِهِ فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ كُلِّهِ ثُمَّ إنَّهُ صَالَحَهَا مِنْ كُلِّ دَعْوَى مَالِيَّةٍ وَخُصُومَةٍ مَالِيَّةٍ عَلَى كَذَا إلَى آخِرِ شَرَائِطِهَا ثُمَّ يَكْتُبُ: وَكَانَ يَدَّعِي عَلَيْهَا النِّكَاحَ وَهِيَ مُنْكِرَةٌ دَعْوَاهُ نِكَاحَهَا مُقِرَّةٌ بِنِكَاحِ رَجُلٍ آخَرَ وَذَلِكَ الرَّجُلُ مُصَدِّقٌ لَهَا فِيهِ وَطَلَّقَهَا هَذَا الْمُدَّعِي طَلْقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً بِغَيْرِ طَلَبِهَا وَسُؤَالِهَا تَنَزُّهًا وَاحْتِيَاطًا، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نُسْخَةٌ أُخْرَى فِي الصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى النِّكَاحِ مَعَ زِيَادَةِ دَعْوَاهَا الْحُرْمَةَ فِيهِ) ادَّعَى عَلَى فُلَانَةَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَحَلَالُهُ وَلَهُ مِنْهَا ابْنٌ يُسَمَّى فُلَانًا وَأَنَّهَا امْتَنَعَتْ عَنْ طَاعَتِهِ وَوَافَقَتْ فُلَانًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَسَأَلَهَا طَاعَتَهُ وَالِانْقِيَادَ لَهُ بِأَحْكَامِ النِّكَاحِ فَأَجَابَتْ أَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَتَهُ وَحَلَالَهُ وَأَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا أَنْ لَا يُسَافِرَ وَلَا يَغِيبَ عَنْهَا وَلَا يَخْرُجَ مِنْ بَلْدَةِ كَذَا إلَّا بِإِذْنِهَا وَقَدْ سَافَرَ وَغَابَ عَنْهَا وَخَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِهَا بَعْدَ هَذِهِ الْيَمِينِ وَحَنِثَ فِي يَمِينِهِ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِهَذَا وَأَثْبَتْ هَذِهِ الْحُرْمَةَ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ أُقِيمَتْ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ أَيَّامَ قَضَائِهِ بِكُورَةِ كَذَا وَجَرَى الْقَضَاءُ بِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَالْإِشْهَادِ عَلَى الْقَضَاءِ ثُمَّ وَقَعَ صُلْحٌ بَيْنَهُمَا عَلَى كَذَا، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ عَلَى مَا بَيَّنَّا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَإِذَا أَرَادَتْ كِتَابَةَ الصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى الْخَطَأِ فِي الْخِتَانِ) كَتَبْتَ: أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا أَنَّهُ كَانَ ادَّعَى عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَنَّهُ خَتَنَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ الْمُسَمَّى فُلَانًا وَهُوَ مِنْ أَبْنَاءِ خَمْسِ سِنِينَ وَكَانَ مُحْضَرًا مَجْلِسَ الدَّعْوَى هَذِهِ مُشَارًا إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَالِدِهِ وَقَطَعَ حَشَفَتَهُ بِالْمُوسَى قَطْعًا زَالَتْ بِهِ مَنْفَعَةُ عُضْوِهِ هَذَا عَلَى الْكَمَالِ زَوَالًا لَا يُرْجَى عَوْدُهَا ظَاهِرًا وَهِيَ مَنْفَعَةُ الْأَحْبَالِ وَالْأَعْلَاقِ وَاسْتِمْسَاكِ الْبَوْلِ وَأَنَّهُ يَسْلُسُ مِنْهُ بَوْلُهُ دَارًا دَائِمًا لَا يَنْقَطِعُ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْحُذَّاقِ مِنْ الْجَرَّاحِينَ وَالْحَلَّاقِينَ وَالْمَعْرُوفِينَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ

الفصل الثامن عشر في القسمة

حَتَّى وَجَبَتْ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ بِهَذَا الْفِعْلِ الْمَوْجُودِ مِنْهُ وَكَانَ يُطَالِبُهُ بِالْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ وَكَانَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا بِالْخِتَانِ مُنْكِرًا زَوَالَ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِفِعْلِهِ زَاعِمًا زَوَالَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ زَمَانِ فِعْلِهِ وَطَالَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا وَتَعَذَّرَ عَلَى وَالِدِ الصَّغِيرِ إثْبَاتُ مَا ادَّعَاهُ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَانَتْ الْخَيْرِيَّةُ فِي الصُّلْحِ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى دُونَ الْإِطَالَةِ وَالتَّمَادِي فِي هَذِهِ الْخُصُومَةِ فَصَالَحَهُ وَالِدُ الصَّغِيرِ هَذَا بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى كَذَا دِرْهَمًا وَزْنًا مِنْ النَّقْرَةِ الْخَالِصَةِ الْجَيِّدَةِ الْقَابِلَةِ لِلضَّرْبِ وَلَمْ يَبْقَ لِهَذَا الصَّغِيرِ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا الصُّلْحِ دَعْوَى وَلَا خُصُومَةٌ لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهِ خِطَابًا وَهَذَا الْقَدْرُ كِفَايَةً لِمَنْ لَهُ مَهَارَةٌ فِي هَذَا الْعِلْمِ وَدِرَايَةٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. . [الْفَصْلُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْقِسْمَةِ] (الْفَصْلُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْقِسْمَةِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ الْقَوْمُ يَقْسِمُونَ الدَّارَ بَيْنَهُمْ وَيُرِيدُونَ كِتَابَ الْقِسْمَةِ كَيْفَ يَكْتُبُونَ؟ قَالَ: يَكْتُبُونَ هَذَا مَا اقْتَسَمَ عَلَيْهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانَةُ اقْتَسَمُوا الدَّارَ الَّتِي هِيَ فِي بَنِي فُلَانٍ أَحَدُ حُدُودِهَا كَذَا وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا اقْتَسَمُوا هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ فِي كِتَابِنَا هَذَا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ يَخْتَلِفُونَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي أَشْيَاءَ (أَحَدُهَا) فِي الْبُدَاءَةِ فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَبْتَدِئُونَ بِهَذَا: هَذَا مَا اقْتَسَمَ وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ يَبْتَدِئُ بِهَذَا: هَذَا مَا شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ فِي هَذَا الْكِتَابِ شَهِدُوا جَمِيعًا وَشَتَّى أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا قَدْ عَرَفُوهُمْ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً بِأَعْيَانِهِمْ وَأَسْمَائِهِمْ وَأَنْسَابِهِمْ أَقَرُّوا فِي حَالِ صِحَّةِ عُقُولِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَجَوَازِ أُمُورِهِمْ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ (وَالثَّانِي) أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَكْتُبُ: اقْتَسَمُوا الدَّارَ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا وَذِرَاعُ هَذِهِ الدَّارِ كَذَا ذِرَاعًا مُكَسَّرَةً وَكَانَ لِفُلَانٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ كَذَا ذِرَاعًا مُكَسَّرَةً وَلِفُلَانٍ كَذَا ذِرَاعًا وَلِفُلَانٍ كَذَا فَأَصَابَ فُلَانًا ذَلِكَ عِنْدَ الْقِسْمَةِ فِي مَوْضِعِ كَذَا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَفُلَانًا كَذَا وَكَانَ لَا يَذْكُرُ الدَّارَ فِي مِلْكِهِمْ وَأَيْدِيهِمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَالطَّحَاوِيُّ كَانَ يَذْكُرُ ذَلِكَ وَيَكْتُبُ: أَقَرُّوا فِي حَالِ صِحَّةِ عُقُولِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَجَوَازِ أُمُورِهِمْ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ أَنَّ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ فِي مَوْضِعِ كَذَا مِلْكُهُمْ وَفِي أَيْدِيهِمْ وَأَنَّهَا كَذَا ذِرَاعًا نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ كَذَا ذِرَاعًا شَائِعًا فِي جَمِيعِ هَذِهِ الدَّارِ وَقَدْ تَرَاضَوْا عَلَى قِسْمَةِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَاقْتَسَمُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَتَرَاضَوْا عَلَى تَجْزِئَتِهَا فَأَصَابَ فُلَانًا كَذَا ذِرَاعًا فِي مَوْضِعِ كَذَا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ بِحُقُوقِهِ وَحُدُودِهِ وَفُلَانًا كَذَا وَفُلَانًا كَذَا بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ. (الثَّالِثُ) أَنَّ مُحَمَّدًا كَانَ لَا يَكْتُبُ الدَّرْكَ فِي الْقِسْمَةِ وَالطَّحَاوِيُّ وَعَامَّةُ أَهْلِ الشُّرُوطِ كَانُوا يَكْتُبُونَ فَمَا أَدْرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيمَا أَصَابَ مِنْ صَاحِبِهِ فَعَلَى فُلَانٍ تَسْلِيمُ ذَلِكَ كَمَا تُوجِبُهُ الْقِسْمَةُ وَكَانَ مُحَمَّدٌ يَكْتُبُ وَقَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ مَا أَصَابَهُ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ بِتَسْلِيمِ أَصْحَابِهِ جَمِيعَ ذَلِكَ إلَيْهِ فَارِغًا عَنْ كُلِّ مَانِعٍ وَمُنَازَعٍ وَتَفَرَّقُوا وَالْمُتَأَخِّرُونَ يَكْتُبُونَ هَذَا مَا شَهِدُوا إلَى قَوْلِنَا إنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا أَقَرُّوا إلَى آخِرِهِ أَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا وَأَرْضِهَا وَبِنَائِهَا وَكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ لَهَا فِيهَا مِنْ حُقُوقِهَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ وَكَانَتْ فِي أَيْدِيهِمْ أَثْلَاثًا أَوْ كَمَا يَكُونُ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا وَأَنَّهُمْ اقْتَسَمُوهَا بَيْنَهُمْ بِقِسْمَةِ قَاسِمٍ عَدْلٍ تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ. وَأَجَازُوا قِسْمَتَهُ عَلَيْهِمْ فَقَسَّمَ هَذَا الْقَاسِمُ عَلَيْهِمْ بِتَرَاضِيهِمْ بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ قِسْمَةَ تَقْوِيمٍ وَإِصْلَاحٍ فَأَصَابَ فُلَانًا مِنْهَا بِحِصَّتِهِ النَّاحِيَةُ الَّتِي هِيَ عَنْ يَمِينِ الدَّاخِلِ

مِنْ بَابِهَا وَبَابُهَا مِمَّا يَلِي الْمَشْرِقِ وَفِيهَا بُيُوتٌ ثَلَاثَةٌ، بَيْتٌ مِنْهَا يُسَمَّى كَذَا وَبَيْتٌ مِنْهَا يُسَمَّى كَذَا وَبَيْتُ كَذَا وَعَلَيْهَا غُرْفَتَانِ بَيْنَهُمَا صُفَّةٌ وَبَيْنَ يَدَيْهَا سَاحَةٌ طُولُهَا كَذَا وَعَرْضُهَا كَذَا بِالذِّرَاعِ الَّتِي يُذْرَعُ بِهَا فِي بَلْدَةِ كَذَا وَأَصَابَ فُلَانًا مِنْهَا بِحِصَّتِهِ النَّاحِيَةُ الَّتِي هِيَ عَنْ يَسَارِ الدَّاخِلِ مِنْ بَابِهَا وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ إلَى آخِرِهِ عَلَى مَا مَرَّ وَأَصَابَ فُلَانًا النَّاحِيَةُ الَّتِي هِيَ قُبَالَةَ الدَّاخِلِ مِنْ بَابِهَا وَهِيَ مُنْتَهَى هَذِهِ الدَّارِ وَيَشْتَمِلُ كُلُّ نَاحِيَةٍ مِنْ هَذِهِ النَّوَاحِي الثَّلَاثَةِ عَلَى حُدُودٍ أَرْبَعَةٍ، فَأَحَدُ حُدُودِ النَّاحِيَةِ الْيُمْنَى لَزِيقُ كَذَا إلَى آخِرِهِ وَأَحَدُ حُدُودِ النَّاحِيَةِ الْيُسْرَى لَزِيقُ كَذَا إلَى آخِرِهِ وَأَحَدُ حُدُودِ النَّاحِيَةِ الْمُقَابِلَةِ لَزِيقُ كَذَا إلَى آخِرِهِ فَوَقَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ حِصَّتِهِ وَنَصِيبِهِ جَمِيعُ النَّاحِيَةِ الَّتِي وُصِفَتْ لَهُ بِحُدُودِهَا كُلِّهَا وَحُقُوقِهَا وَتَرَكُوا الدِّهْلِيزَ الَّذِي لِهَذِهِ الدَّارِ مَرْفُوعًا بَيْنَهُمْ مَمَرًّا لِجَمِيعِ الْحِصَصِ الْمُسَمَّاةِ فِيهِ مَشَاعًا بَيْنَهُمْ (وَفِي وَجْهٍ آخَرَ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَابًا بِالْقِسْمَةِ إلَى الطَّرِيقِ) الْأَعْظَمِ أَوْ الطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ فِي مَوْضِعِ كَذَا قِسْمَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا خِيَارَ وَقَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعَ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْقِسْمَةُ بِتَسْلِيمِ أَصْحَابِهِ جَمِيعَ ذَلِكَ إلَيْهِ فَارِغًا عَنْ كُلِّ مَانِعٍ وَمَتَاعٍ وَتَفَرَّقُوا عَنْ مَجْلِسِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا وَتَمَامِهَا تَفَرُّقَ الْأَبْدَانِ وَالْأَقْوَالِ بَعْدَ إقْرَارِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَرُؤْيَتِهِ وَرِضَاهُ بِهِ فَمَا أَدْرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ حُقُوقِهِ مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ مَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْعُ وَلَا حَقَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيمَا وَقَعَ لِصَاحِبِهِ وَلَا دَعْوَى وَلَا طَلَبَ، وَكُلُّ دَعْوَى يَدَّعِيهَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ وَأَشْهَدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ إلَى آخِرِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (قِسْمَةُ الدَّوَابِّ) هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ شَهِدُوا لَهُ جَمِيعًا أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا أَقَرُّوا عِنْدَهُمْ وَأَشْهَدُوهُمْ جَمِيعًا عَلَى إقْرَارِهِمْ طَائِعِينَ فِي حَالِ صِحَّةِ أَبْدَانِهِمْ وَقِيَامِ عُقُولِهِمْ وَجَوَازِ أُمُورِهِمْ أَنَّ أَبَاهُمْ فُلَانًا مَاتَ وَتَرَكَ مِنْ الْخَيْلِ كَذَا وَكَذَا مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا غَيْرَهُمْ وَصَارَ ذَلِكَ مَوْرُوثًا بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا عَلَى السَّوِيَّةِ وَهِيَ عَلَى أَصْنَافٍ وَأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَمِنْهَا مِنْ الْجِذَاعِ كَذَا وَكَذَا وَمِنْ الثَّنَايَا كَذَا وَكَذَا وَمِنْ الْقَوَارِحِ كَذَا وَكَذَا فَأَرَادُوا قِسْمَتَهَا بَيْنَهُمْ وَقَدْ حَصَلَتْ مِيرَاثًا لَهُمْ لَيْسَتْ بِمَشْغُولَةٍ بِدَيْنٍ وَلَا وَصِيَّةٍ فَأَحْضَرُوهَا وَقَوَّمُوهَا بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ فَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا ثُمَّ جَعَلُوهَا أَقْسَامًا بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ وَلَا غَبْنٍ فَأَصَابَ فُلَانًا كَذَا وَأَصَابَ فُلَانًا كَذَا وَأَصَابَ فُلَانًا كَذَا أَسْنَانُهَا كَذَا وَقِيمَتُهَا كَذَا وَأَصَابَ فُلَانًا كَذَا بِنَصِيبِهِ الْمَشَاعِ الْمُسَمَّى الْمَوْصُوفِ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ الْمَوْصُوفَةِ وَعَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ جُمْلَتِهِ وَجَمِيعَ مَا صَارَ لَهُ بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ وَذَلِكَ بَعْدَ إقْرَاعٍ مِنْهُمْ بِالتَّرَاضِي. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ إقْرَاعٌ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ وَقَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ جَمِيعِ مَا صَارَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ بِتَسْلِيمِ صَاحِبِهِ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ وَأَبْرَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ عَنْ كُلِّ دَعْوَى وَخُصُومَةٍ وَطَلِبَةٍ كَانَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ قِبَلَ صَاحِبِهِ وَلَا قِبَلَ أَحَدِهِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَنَّهُ مَتَى ادَّعَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ وَتَفَرَّقُوا عَنْ تَرَاضٍ بِالْأَبْدَانِ وَالْأَقْوَالِ فَمَا أَدْرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى صَاحِبِهِ تَسْلِيمُ مَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْعُ وَأَشْهَدُوا إلَى آخِرِهِ، وَعَلَى هَذَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَنَحْوُهَا وَذَكَرُوا شِيَاتِهَا وَأَلْوَانَهَا بِصِفَاتِهَا. (وَأَمَّا الرَّقِيقُ) فَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

لَا يَرَى الْقِسْمَةَ فِيهِ جَبْرًا وَهُمَا يَرَيَانِهَا فَإِنْ أَجْبَرَ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ وَرَآهُ فَهُوَ قَضَاءٌ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ فَيَصِيرُ بِالْإِجْمَاعِ. (وَوَجْهُ كِتَابَتِهِ) هَذَا مَا شَهِدَ إلَى قَوْلِنَا إنَّ أَبَاهُمْ تَرَكَ كَذَا عَبْدًا وَكَذَا أَمَةً، أَحَدُ الْعَبِيدِ اسْمُهُ كَذَا وَصِفَتُهُ كَذَا وَالْآخَرُ كَذَا، وَإِحْدَى الْإِمَاءِ اسْمُهَا كَذَا وَصِفَتُهَا كَذَا وَالْأُخْرَى كَذَا قَدْ بَلَغُوا مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَبَلَغْنَ مَبْلَغَ النِّسَاءِ فَأَرَادُوا قِسْمَتَهُمْ بَيْنَهُمْ بِالتَّرَاضِي أَوْ يَقُولُ بِالْإِقْرَاعِ أَوْ يَقُولُ فَتَرَافَعُوا إلَى الْقَاضِي أَوْ يَقُولُ رَفَعَ فُلَانٌ صَاحِبَهُ إلَى الْقَاضِي وَطَلَبَ مِنْهُ جَبْرَهُمَا عَلَى الْقِسْمَةِ وَكَانَ الْقَاضِي يَرَى ذَلِكَ فَأَجْبَرَهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَبَعَثَ فُلَانًا فَقَوَّمَهُمْ بِالْعَدْلِ فَبَلَغَتْ قِيمَتُهُمْ كَذَا وَكَانَ بِالْإِقْرَاعِ بَيْنَهُمْ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَصَابَ فُلَانًا كَذَا وَفُلَانًا كَذَا فَإِنْ كَانُوا بَيْنَهُمْ بِشِرَاءِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرَ الْإِرْثِ بَيَّنَ ذَلِكَ. وَفِي الْأَمْتِعَةِ وَالْأَوَانِي وَالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ بِالْمِيرَاثِ يَكْتُبُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ وَلَكِنْ فِي الْمُثْلَى لَا يَذْكُرُ الْقِيمَةَ (قِسْمَةُ الْمِيرَاثِ) وَهِيَ أَنْوَاعٌ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ وَالْمُسَمَّوْنَ آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ إلَى قَوْلِنَا إنَّ أَبَاهُمْ هَذَا الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ مَاتَ وَتَرَكَ أَصْنَافًا مِنْ الْحَيَوَانِ مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فَمِنْ الْحَيَوَانِ مِنْ الْخَيْلِ كَذَا فَرَسٍ مِنْهُ سِنُّهُ كَذَا وَشِيَتُهُ كَذَا وَقِيمَتُهُ كَذَا وَالْآخَرُ كَذَا وَمِنْ الْإِبِلِ كَذَا بَعِيرٍ مِنْهَا كَذَا، وَنَاقَةٌ مِنْهَا كَذَا وَمِنْ الْبِغَالِ كَذَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَمِنْ الْحُمُرِ كَذَا وَمِنْ الْبَقَرِ كَذَا وَمِنْ الْغَنَمِ كَذَا وَمِنْ الْعَقَارِ كَذَا وَيُبَيِّنُ الْمَوَاضِعَ وَالْحُدُودَ وَيُسَمِّي الْأَرْضِينَ وَالْحَوَانِيتِ كَذَلِكَ وَمِنْ الْفُرُشِ كَذَا وَمِنْ الْأَوَانِي كَذَا وَمِنْ ثِيَابِ الْبَدَنِ كَذَا وَمِنْ النُّقُودِ كَذَا وَخَلَّفَ مِنْ الْوَرَثَةِ هَؤُلَاءِ الْبَنِينَ الثَّلَاثَةَ وَصَارَتْ تَرِكَتُهُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا. فَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ مُخْتَلِفِينَ فَإِنْ كَانُوا أَبَوَيْنِ وَابْنَيْنِ وَابْنَةً وَزَوْجَةً وَأَمْثَالَ ذَلِكَ يَكْتُبُ وَخَلَّفَ مِنْ الْوَرَثَةِ أَبَوَيْنِ فُلَانًا وَفُلَانَةَ وَامْرَأَةً وَهِيَ فُلَانَةُ وَابْنَيْنِ وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَابْنَةٌ وَهِيَ فُلَانَةُ وَصَارَ ذَلِكَ مِيرَاثًا لَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ - تَعَالَى - لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ وَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَوْلَادِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَصْلُ الْفَرِيضَةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا وَقِسْمَتُهَا مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا لِلْمَرْأَةِ مِنْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ وَلِلْأَبَوَيْنِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ سَهْمًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِشْرُونَ سَهْمًا وَلِكُلِّ ابْنٍ مِنْهَا سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا وَلِلْبِنْتِ مِنْهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَقُوِّمَتْ كُلُّ هَذِهِ التَّرِكَةِ بِتَقْوِيمِ أَهْلِ الْبِصَارَةِ وَالْعَدَالَةِ فَبَلَغَتْ أَلْفَيْنِ وَأَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ لِلْمَرْأَةِ مِنْ ذَلِكَ ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلِلْأَبِ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلِلْأُمِّ كَذَلِكَ وَلِكُلِّ ابْنٍ خَمْسُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَلِلْبِنْتِ مِائَتَانِ وَسِتُّونَ فَدَفَعَ إلَى الْمَرْأَةِ بِمَا أَصَابَهَا جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَدَفَعَ إلَى الْأَبِ جَمِيعَ الْكَرْمِ وَكَذَا الْبَوَاقِي إلَى آخِرِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (وَيَكْتُبُ إذَا كَانَ الْإِرْثُ حَيَوَانَاتٍ) وَأَحَبُّوا أَنْ يَقْتَسِمُوهَا بَيْنَهُمْ بِتَرَاضِيهِمْ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ جَمِيعًا بِأَعْيَانِهَا وَصِفَاتِهَا وَقِيمَتِهَا وَنَظَرِهِمْ إلَيْهَا وَرُؤْيَتِهِمْ إيَّاهَا وَوُقُوفِهِمْ عَلَيْهَا عَلَى صَدَاقِهَا وَحَقِّهَا وَقَدْ حَصَلَتْ لَهُمْ مِيرَاثًا خَالِيًا عَنْ كُلِّ دَيْنٍ وَوَصِيَّةٍ فَاقْتَسَمُوهَا بَيْنَهُمْ فَأَصَابَ فُلَانًا مِنْهُمْ بِحِصَّتِهِ مِنْ جَمِيعِهَا وَهِيَ كَذَا دِرْهَمًا جَمِيعُ الْفَرَسِ الْمُسَمَّى كَذَا وَجَمِيعُ كَذَا وَأَصَابَ فُلَانًا بِحِصَّتِهِ مِنْ جَمِيعِهَا وَهِيَ كَذَا دِرْهَمًا جَمِيعُ كَذَا وَجَمِيعُ كَذَا بِتَرَاضِيهِمْ عَلَيْهَا بِقِسْمَةٍ صَحِيحَةٍ نَافِذَةٍ جَائِزَةٍ جَرَتْ بَيْنَهُمْ (وَقَدْ يَقَعُ هَذَا الْوَجْهُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ) فَجَعَلُوا الْخَيْلَ مِنْهَا قِسْمًا صَحِيحًا وَجَعَلُوا الْإِبِلَ قِسْمًا وَالْبَقَرَ قِسْمًا وَالْأَوَانِيَ قِسْمًا وَتَرَاضَوْا أَنْ يُقَسَّمَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ بِالْإِقْرَاعِ فَأَقْرَعُوا بَيْنَهُمْ فَأَصَابَ فُلَانًا كَذَا وَفُلَانًا كَذَا وَقَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعَ مَا أَصَابَهُ مِنْهَا وَأَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ نَصِيبِهِ مِنْهَا وَلَمْ يَبْقَ لَهُ قِبَلَ صَاحِبِهِ مِنْهَا شَيْءٌ وَأَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ كُلِّ دَعْوَى فِيهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ التَّرِكَةِ دَيْنٌ لِأَحَدٍ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا دَيْنًا عَلَى أَحَدٍ وَأَنَّهُ مَتَى ادَّعَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَمَرْدُودٌ وَتَفَرَّقُوا

الفصل التاسع عشر في الهبات والصدقات

وَأَشْهَدُوا وَيُتِمُّهُ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ الْقِسْمَةَ فِي الْأَصْنَافِ الْمُخْتَلِفَةِ بِالْإِقْرَاعِ لَا تَصِحُّ فَإِنَّهَا كَالْبَيْعِ وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ الْإِقْرَاعِ كَالْبَيْعِ بِإِلْقَاءِ الْحَجَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيُلْحِقُ بِهَذَا حُكْمَ الْحَاكِمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَ وَرَثَةٍ فِيهِمْ غَائِبٌ) يَكْتُبُ: هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ إلَى قَوْلِنَا إنَّ فُلَانَةَ تُوُفِّيَتْ وَخَلَّفَتْ مِنْ الْوَرَثَةِ زَوْجًا غَائِبًا يُسَمَّى فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَابْنًا صَغِيرًا يُسَمَّى فُلَانًا وَمِنْ التَّرِكَةِ كَذَا وَكَذَا وَمَبْلَغُ التَّرِكَةِ كَذَا وَأَنَّ فُلَانًا صَارَ نَائِبًا مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ بِطَرِيقِ النَّظَرِ الشَّرْعِيِّ لِيَقْبِضَ حِصَّةَ الْغَائِبِ مِنْ التَّرِكَةِ وَيَحْفَظَهَا إلَى وَقْتِ حُضُورِهِ وَقُسِّمَتْ التَّرِكَةُ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَوَقَعَ جَمِيعُ الْمَحْدُودِ الَّذِي فِي مَوْضِعِ كَذَا فِي نَصِيبِ هَذَا الزَّوْجِ وَفِي نَصِيبِ الصَّغِيرِ بِالْقِسْمَةِ الصَّحِيحَةِ وَوَقَعَ فِي نَصِيبِ فُلَانٍ الْغَائِبِ جَمِيعُ كَذَا فَقَبَضَ هَذَا النَّائِبُ حِصَّةَ هَذَا الْغَائِبِ بِحُكْمِ هَذِهِ النِّيَابَةِ قَبْضًا صَحِيحًا وَذَلِكَ يَوْمَ كَذَا فِي شَهْرِ كَذَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ] (الْفَصْلُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ) اخْتَلَفَ أَهْلُ الشُّرُوطِ فِي الْبُدَاءَةِ بِكِتَابِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُونَ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَكَانَ السَّمْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُ: هَذَا كِتَابُ مَا وَهَبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَالطَّحَاوِيُّ يَكْتُبُ: هَذَا مَا وَهَبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، وَالْمُتَأَخِّرُونَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصَّنْعَةِ يَكْتُبُونَ كَمَا يَكْتُبُ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا مَا وَهَبَ وَيَكْتُبُونَ أَيْضًا هَذَا مَا شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ فُلَانًا وَهَبَ وَيَكْتُبُونَ أَيْضًا أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَنَّهُ وُهِبَ مِنْ فُلَانٍ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ لَا يَكْتُبُ فِي الْهِبَةِ وَلَا فِي الصَّدَقَةِ هِبَةً مَحُوزَةً وَصَدَقَةً مَحُوزَةً. وَعَامَّةُ أَهْلِ الشُّرُوطِ كَانُوا يَكْتُبُونَ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا مَقْبُوضَةٌ مَحُوزَةٌ عِنْدَنَا حَتَّى إنَّ هِبَةَ الْمَشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا تَجُوزُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْقَبْضُ شَرْطُ صِحَّةِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ عِنْدَ عَامَّةِ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَقُولُ إذَا عَلِمْتُ الصَّدَقَةَ جَازَتْ وَإِنْ لَمْ تُقْبَضْ وَيَكْتُبُ هِبَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً فَبَعْدَ هَذَا يَنْظُرُ إنْ كَانَتْ هِبَةً لَا رُجُوعَ فِيهَا لِلْوَاهِبِ كَالْهِبَةِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ وَكَالْهِبَةِ مِنْ الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ نَحْوُ الْهِبَةِ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ أَوْ لِابْنَتِهِ الْكَبِيرَةِ أَوْ لِأُمِّهِ أَوْ لِأَخِيهِ أَوْ لِأُخْتِهِ أَوْ لِابْنِ أَخِيهِ أَوْ لِابْنِ أُخْتِهِ أَوْ لِنَوَافِلِهَا أَوْ لِجَدِّهِ أَوْ لِجَدَّتِهِ أَوْ لِعَمِّهِ أَوْ لِعَمَّتِهِ أَوْ لِخَالِهِ أَوْ لِخَالَتِهِ يَكْتُبُ عَقِيبَ قَوْلِهِ صَحِيحَةً جَائِزَةً بَتَّةً بَتْلَةً لَا رَجْعَةَ لِهَذَا الْوَاهِبِ فِيهَا. وَإِنْ كَانَتْ هِبَةً فِيهَا رُجُوعٌ يَكْتُبُ بَتَّةً بَتْلَةً فَحَسْبُ وَفِي شَرْحِ شُرُوطِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ بَتَّةً بَتْلَةً فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا صُورَتُهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ هَذَا مَا وَهَبَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ وَهَبَ لَهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا وَوَهَبَ هَذَا الْوَاهِبُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ هَذَا الْمَوْهُوبِ لَهُ الْمُسَمَّى فِيهِ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا وَأَرْضِهَا وَبِنَائِهَا وَسُفْلِهَا وَعُلْوِهَا وَطُرُقِهَا وَكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا مِنْ حُقُوقِهَا وَكُلُّ دَاخِلٍ فِيهَا مِنْ حُقُوقِهَا وَكُلُّ خَارِجٍ مِنْهَا مِنْ حُقُوقِهَا هِبَةً صَحِيحَةً نَافِذَةً مَحُوزَةً مَقْسُومَةً فَارِغَةً لَا فَسَادَ فِيهَا بِغَيْرِ شَرْطِ عِوَضِ صِلَةٍ مِنْهُ لَهُ وَتَبَرُّعًا مِنْهُ عَلَيْهِ لَا عَلَى سَبِيلِ تَلْجِئَةٍ وَمُوَاعَدَةٍ وَقَبِلَهَا هَذَا الْمَوْهُوبُ لَهُ مُوَاجَهَةً فِي مَجْلِسِ هَذِهِ الْهِبَةِ وَقَبَضَهَا هَذَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي

مَجْلِسِ الْهِبَةِ بِتَسْلِيمِ هَذَا الْوَاهِبِ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ وَبِتَسْلِيطِهِ عَلَيْهِ فَارِغًا مِنْ كُلِّ شَاغِلٍ وَمَانِعٍ وَمُنَازِعٍ وَهِيَ فِي يَدِ هَذَا الْمَوْهُوبِ لَهُ بِحَقِّ الْهِبَةِ وَلَا يَكْتُبُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَلَا فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ تَفَرُّقَ الْأَبْدَانِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (وَإِنْ شِئْتَ كَتَبْتَ) أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّهُ وَهَبَ لِفُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى كَذَا وَيَحُدُّهَا وَهَبَ لَهُ هَذِهِ الدَّارَ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ (وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ كَرْمًا) يَكْتُبُ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ كُلِّهَا وَبِنَائِهِ وَأَشْجَارِهِ الْمُثْمِرَةِ وَغَيْرِ الْمُثْمِرَةِ وَزَرَاجِينِهِ وَعَرَائِشِهِ وَأَوْهَاطِهِ وَأَغْرَاسِهِ وَأَنْهَارِهِ وَسَوَاقِيهِ وَشُرْبِهِ بِمَجَارِيهِ وَمَسَايِلِهِ فِي حُقُوقِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَشْجَارِ ثِمَارٌ أَوْ وَرْدٌ أَوْ وَرَقٌ لَهُ قِيمَةٌ كَوَرِقِ شَجَرِ الْفِرْصَادِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهِ وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ فَسَدَتْ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْلِيمِ. (وَإِذَا كَانَتْ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ) يَكْتُبُ فِيهِ: هَذَا مَا وَهَبَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ بِشَرْطِ الْعِوَضِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ وَهَبَ لَهُ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا هِبَةً صَحِيحَةً نَافِذَةً مَحُوزَةً مَقْبُوضَةً لَا رُجُوعَ فِيهَا عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ جَمِيعَ الْكَرْمِ الَّذِي هُوَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهُ تَعْوِيضًا جَائِزًا نَافِذًا مُفْرَغًا مَحُوزًا مَقْبُوضًا لَا رُجُوعَ فِيهِ وَقَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الدَّارَ هِبَةَ هَذِهِ الدَّارِ بِهَذَا الشَّرْطِ وَقَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَمِيعَ مَا صَارَ لَهُ بِهَذِهِ الْهِبَةِ وَالتَّعْوِيضِ الْمَوْصُوفَيْنِ فِيهِ بِتَسْلِيمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَمِيعَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَتَسْلِيطِهِ عَلَيْهِ فَارِغًا عَنْ مَوَانِعِ التَّسْلِيمِ فَجَمَعَ هَذِهِ الدَّارَ بِهَذِهِ الْهِبَةِ لِفُلَانٍ هَذَا وَجَمِيعَ هَذَا الْكَرْمِ بِهَذَا التَّعْوِيضِ لِفُلَانٍ هَذَا وَلَا رُجُوعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِيمَا صَارَ فِي يَدِهِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْهِبَةِ وَهَذَا التَّعْوِيضِ أَقَرَّا بِذَلِكَ كُلِّهِ وَأَشْهَدَا عَلَى إقْرَارِهِمَا مَنْ أَثْبَتَ اسْمَهُ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. . (إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْعِوَضِ إلَّا أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ عِوَضُ الْوَاهِبِ مِنْ هِبَتِهِ) يَكْتُبُ فِيهِ: هَذَا مَا عَوَّضَ فُلَانٌ فُلَانًا مِنْ الدَّارِ الَّتِي كَانَ وَهَبَهَا لَهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَقَبَضَهَا مِنْهُ وَكَتَبَا بِذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِهِمَا كِتَابًا هَذِهِ نُسْخَتُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيَنْسَخُ كِتَابَ الْهِبَةِ ثُمَّ يَكْتُبُ فَعَوَّضَ فُلَانٌ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَذَا فُلَانًا الْوَاهِبَ هَذَا مِنْ هَذِهِ الْهِبَةِ كَذَا فَقَبِلَهُ مِنْهُ وَقَبَضَهُ مِنْهُ بِتَسْلِيمِهِ فَلَمْ يَبْقَ لِهَذَا الْوَاهِبِ فِي هَذَا الْمَوْهُوبِ رُجُوعٌ وَلَا لِهَذَا الْمُعَوِّضِ فِيمَا عَوَّضَ رُجُوعٌ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا وَإِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ مَشَاعًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَالدُّرِّ وَاللُّؤْلُؤِ وَنَحْوِهَا فَهِبَتُهُ جَائِزَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَيَكْتُبُ فِيهِ: هَذَا مَا وَهَبَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ جَمِيعَ سَهْمٍ وَاحِدٍ مِنْ سَهْمَيْنِ وَهُوَ النِّصْفُ مَشَاعًا مِنْ كَذَا إلَى آخِرِهِ وَإِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ مَشَاعًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالدَّارِ وَالْكَرْمِ وَالْأَرْضِ وَنَحْوِهَا فَهِبَتُهُ فَاسِدَةٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا كَتَبَ فِي ذَلِكَ كِتَابًا يُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ وَقَدْ حَكَمَ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْهِبَةِ حَاكِمٌ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ خُصُومَةٍ مُعْتَبَرَةٍ وَقَعَتْ بَيْنَ هَذَيْنِ الْعَاقِدَيْنِ. (إذَا وَهَبَ الرَّجُلُ دَارِهِ مِنْ رَجُلَيْنِ) لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْهِبَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى التَّسَاوِي وَالتَّفَاوُتِ جَمِيعًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ عَلَى التَّسَاوِي وَلَا تَجُوزُ عَلَى التَّفَاوُتِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ عَلَى التَّسَاوِي وَعَلَى التَّفَاوُتِ (وَصُورَةُ الْكِتَابَةِ فِيهِ) هَذَا مَا وَهَبَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ وَالْحُجُرَاتِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا إلَى آخِرِهِ

صَفْقَةً وَاحِدَةً بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ هِبَةً جَائِزَةً نَافِذَةً مَحُوزَةً مَقْبُوضَةً وَقَبِلَا جَمِيعًا مِنْهُ هَذِهِ الْهِبَةَ فِي هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ وَقَبَضَاهَا جَمِيعًا مَعَ تَسْلِيمِ هَذَا الْوَاهِبِ ذَلِكَ إلَيْهِمَا مَعًا وَتَسْلِيطُهُ إيَّاهُمَا عَلَيْهَا فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ فَهِيَ فِي أَيْدِيهِمَا بِحُكْمِ هَذِهِ الْهِبَةِ مَمْلُوكَةً بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ (إذَا وَهَبَ رَجُلَانِ دَارًا مِنْ رَجُلٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً) يَكْتُبُ فِيهِ: هَذَا مَا وَهَبَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ لِفُلَانٍ وَهَبَا لَهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً جَمِيعَ مَا ذَكَرَا أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُمَا نِصْفَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِفُلَانٍ وَثُلُثُهُ لِفُلَانٍ وَهُوَ جَمِيعُ الدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا هِبَةً صَحِيحَةً مَحُوزَةً مَقْبُوضَةً وَقَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا هَذِهِ الْهِبَةَ وَقَبَضَهَا مِنْهُمَا جُمْلَةً بِتَسْلِيمِهِمَا ذَلِكَ كُلِّهِ إلَيْهِ وَتَسْلِيطِهِمَا إيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا. (إذَا وَهَبَ رَجُلٌ لِصَغِيرٍ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ هِبَةً) يَكْتُبُ فِيهِ هَذَا مَا وَهَبَ فُلَانٌ لِلصَّغِيرِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهَبَ لَهُ كَذَا هِبَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً نَافِذَةً مَحُوزَةً مَقْبُوضَةً وَقَبِلَ أَبُو الصَّغِيرِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ هَذِهِ الْهِبَةَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ هَذَا فُلَانٍ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ أَبٌ وَلَهُ أُمٌّ يَكْتُبُ وَقَبِلَتْ أُمُّ هَذَا الصَّغِيرِ فُلَانَةُ هَذِهِ هَذِهِ الْهِبَةَ لِهَذَا الصَّغِيرِ فُلَانٍ وَهَذَا الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهَا وَقَدْ مَاتَ أَبُوهُ وَلَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ أُمٌّ أَيْضًا وَهُوَ فِي حِجْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَقْرِبَائِهِ عَمِّهِ أَوْ خَالِهِ يَكْتُبُ: وَقَبِلَ عَمُّ الصَّغِيرِ فُلَانٌ هَذِهِ الْهِبَةَ أَوْ خَالُهُ فُلَانٌ هَذِهِ الْهِبَةَ لِهَذَا الصَّغِيرِ فُلَانٍ وَلَيْسَ لَهُ أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ يَلِي أَمْرَهُ وَإِنْ كَانَ الصَّغِيرُ عَاقِلًا مُمَيِّزًا يَكْتُبُ: قَبِلَ هَذَا الصَّغِيرُ هَذِهِ الْهِبَةَ وَهُوَ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ مَاتَ أَبُوهُ وَلَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ يَقُومُ بِأَمْرِهِ وَلَا قَرِيبٌ يَعُولُهُ وَقَبَضَ هَذَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِتَسْلِيمِ هَذَا الْوَاهِبِ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ فَارِغًا عَنْ كُلِّ مَانِعٍ وَمُنَازِعٍ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا. (إذَا وَهَبَ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ هِبَةً) يَكْتُبُ فِيهِ: هَذَا مَا وَهَبَ فُلَانٌ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَهَبَ لَهُ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّ الدَّارَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا فَإِذَا انْتَهَى إلَى الْقَبْضِ يَكْتُبُ: وَقَبَضَ هَذَا الْأَبُ مِنْ نَفْسِهِ لِهَذَا الصَّغِيرِ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ جَمِيعَ ذَلِكَ، ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ عُمَرُ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَبَضَ الْأَبُ مِنْ نَفْسِهِ فِي شُرُوطِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِ الْأَصْلِ قَبَضَ الْأَبُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي يَدِ الْأَبِ وَقَبْضُ الْأَبِ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الصَّغِيرِ وَفِي هِبَةِ الْأَصْلِ يَقُولُ هَذِهِ الصُّورَةُ وَالْقَبْضُ أَنْ يَعْلَمَ مَا وُهِبَ لَهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَكْتُبْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْهِبَةِ قَبُولَ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيمَا يَهَبُ الْإِنْسَانُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ قَالَ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ الْأُمُّ إذَا وَهَبَتْ وَالَابُّ مَيِّتٌ فَالْقَبْضُ إلَيْهَا وَالْكِتَابَةُ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (إذَا وَهَبَ الرَّجُلُ الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ) يَكْتُبُ: هَذَا مَا وَهَبَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ وَهَبَ لَهُ جَمِيعَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ - يَعْنِي لِلْوَاهِبِ - عَلَى فُلَانٍ آخَرَ فِي صَكٍّ كُتِبَ عَلَيْهِ بِتَارِيخِ كَذَا بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَهَبَ لَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ هِبَةً صَحِيحَةً وَسَلَّطَهُ عَلَى طَلَبِهِ مِنْهُ وَمُخَاصَمَتِهِ إيَّاهُ فِيهِ وَإِثْبَاتِهِ عَلَيْهِ إنْ جَحَدَهُ وَاسْتِيفَائِهِ لِنَفْسِهِ مِنْهُ وَمِمَّنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي إيفَائِهِ وَقَبِلَ فُلَانٌ هَذِهِ الْهِبَةَ وَجَمِيعَ مَا أُسْنِدَ إلَيْهِ فِيهَا. (وَإِذَا وُهِبَ الدَّيْنَ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ) يَكْتُبُ هَذَا مَا وَهَبَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ جَمِيعَ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ كَذَا هِبَةً صَحِيحَةً وَقَبِلَ فُلَانٌ ذَلِكَ مِنْهُ قَبُولًا صَحِيحًا، وَفِي هِبَةِ الْمَرْأَةِ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا يَكْتُبُ: وَهَبَتْ لِزَوْجِهَا جَمِيعَ الْمَهْرِ الَّذِي لَهَا عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا هِبَةً صَحِيحَةً صِلَةً لَهُ وَمُرَاعَاةً لِحَقِّهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ عِوَضٍ وَأَبْرَأَتْهُ عَنْ ذَلِكَ إبْرَاءً صَحِيحًا فَقَبِلَ هُوَ مِنْهَا هَذِهِ الْهِبَةَ وَإِبْرَاءَهَا هَذَا مُوَاجَهَةً وَلَمْ يَبْقَ لَهَا عَلَيْهِ بَعْدَ هَذِهِ الْهِبَةِ وَبَعْدَ هَذَا الْإِبْرَاءِ مِنْ هَذَا الْمَهْرِ شَيْءٌ لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ فَمَتَى ادَّعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا

الفصل العشرون في الوصية

مِنْهُ فَدَعْوَاهَا بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْكِتَابَ عَلَى هَذَا النَّحْوِ فِي شُرُوطِهِ وَشَرَطَ قَبُولَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ الْهِبَةَ وَهَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ كِتَابِهِ وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرُوا فِي شَرْحِ كِتَابِ الْكَفَالَةِ وَفِي شَرْحِ كِتَابِ الْهِبَةِ أَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبُولِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ وَاتَّفَقُوا فِي حَقِّ الْكَفِيلِ أَنَّ هِبَةَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ مِنْهُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبُولِ. (إذَا تَصَدَّقَ بِدَارِهِ عَلَى فَقِيرٍ أَوْ بِشَيْءٍ آخَرَ) يَكْتُبُ فِيهِ: هَذَا مَا تَصَدَّقَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي مَوْضِعُهَا كَذَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا صَدَقَةً جَائِزَةً صَحِيحَةً نَافِذَةً لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا رَجْعَةَ وَلَا شَرْطَ عِوَضٍ ابْتِغَاءً لِوَجْهِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَطَلَبًا لِمَرْضَاتِهِ وَرَجَاءً لِثَوَابِهِ وَهَرَبًا مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ وَقَبَضَ هَذَا الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ بِحُكْمِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ بِتَسْلِيمِ هَذَا الْمُتَصَدِّقِ وَشَرَطْنَا قَبْضَ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الْمُتَصَدِّقِ لِمَعْنًى ذَكَرْنَاهُ فِي فَصْلِ الْهِبَةِ ثُمَّ يَكْتُبُ فَلَا حَقَّ لِلْمُتَصَدِّقِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَبَعْدَ هَذَا التَّسْلِيمِ وَلَا دَعْوَى وَلَا خُصُومَةَ وَلَا طَلِبَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَكُلُّ دَعْوَى يَدَّعِيهَا هَذَا الْمُتَصَدِّقُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ إلَى آخِرِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَيَكْتُبُ فِيهَا مَا يَكْتُبُ فِي الْهِبَةِ وَيَزِيدُ لِوَجْهِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَطَلَبِ ثَوَابِهِ وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ [الْفَصْلُ الْعِشْرُونَ فِي الْوَصِيَّةِ] (الْفَصْلُ الْعِشْرُونَ فِي الْوَصِيَّةِ) الْوَصِيَّةُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو إمَّا إنْ كَانَتْ لِلْفَقِيرِ أَوْ لِلْغَنِيِّ فَإِنْ كَانَتْ لِلْفَقِيرِ كَانَتْ بِمَعْنَى الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَتْ لِلْغَنِيِّ كَانَتْ بِمَعْنَى الْهِبَةِ فَتُلْحَقُ بِهِمَا فَنَقُولُ: وَإِذَا أَرَدْتَ كِتَابَةَ الْوَصِيَّةِ فَالْوَجْهُ فِيهِ كِتَابَةُ كِتَابٍ كَتَبَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حِينَ اسْتَكْتَبَ فَأَمْلَاهُ عَلَى السَّائِلِ عَلَى الْبَدِيهَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنْ الذُّلِّ وَهُوَ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ مُبْتَهِلًا إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - أَيْ مُتَضَرِّعًا أَنْ يُتِمَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ نِعْمَتَهُ وَأَنْ لَا يَسْلُبَهُ مَا وَهَبَ لَهُ فِيهِ وَمَا امْتَنَّ بِهِ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ إلَيْهِ فَإِنَّ لَهُ الْمُلْكَ وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَوْصَى فُلَانٌ وَلَدَهُ وَأَهْلَهُ وَقَرَابَتَهُ وَإِخْوَتَهُ وَمَنْ أَطَاعَ أَمْرَهُ بِمَا أَوْصَى بِهِ إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَأَوْصَاهُمْ جَمِيعًا أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَأَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ فِي سِرِّهِمْ وَعَلَانِيَتِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ وَفِعْلِهِمْ وَأَنْ يَلْزَمُوا طَاعَتَهُ وَيَنْتَهُوا عَنْ مَعْصِيَتِهِ وَأَنْ يُقِيمُوا الدِّينَ وَلَا يَتَفَرَّقُوا فِيهِ وَجَمِيعُ مَا أَوْصَاهُمْ بِهِ لَا غِنًى بِهِمْ عَنْهُ وَلَا غِنًى بِأَحَدٍ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَعَنْ التَّمَسُّكِ بِأَمْرِهِ. وَأَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا فَتَنْسُبُهُ وَتُسَمِّيهِ إلَى أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَأَوْصَى إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ أَنْ يَقْضِيَ جَمِيعَ دُيُونِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ تَجْهِيزِهِ وَتَكْفِينِهِ ثُمَّ يَنْظُرَ إلَى ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِمَّا يَخْلُفُ وَيُنَفِّذُ مِنْ ثُلُثِهِ فِي كَذَا وَفِي كَذَا ثُمَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ دَيْنِي وَانَفَاذِ وَصَايَايَ فَهُوَ مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِي وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ - تَعَالَى - الَّتِي جَعَلَهَا لَهُمْ وَلِي أَنْ

أُغَيِّرَ وَصِيَّتِي الَّتِي أَوْصَيْتُ بِهَا فِي ثُلُثِي وَأَرْجِعَ عَمَّا شِئْتُ وَأَنْقُصُ مَا رَأَيْتُ وَأُبْدِلَ مِنْ الْمُوصَى لَهُمْ مَنْ شِئْتُ فَإِنْ مِتُّ فَوَصِيَّتِي مُنَفَّذَةٌ عَلَى مَا أَمُوتُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَقَدْ جَعَلَ فُلَانٌ فُلَانًا وَصِيَّهُ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَقَبِلَ فُلَانٌ الْوَصِيَّةَ مِنْهُ مُوَاجَهَةً شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَهَذَا ذِكْرُ وَصِيَّةٍ تَامَّةٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (وَصِيَّةٌ جَامِعَةٌ) صُورَتُهَا: هَذَا مَا أَوْصَى الْعَبْدُ الضَّعِيفُ فِي نَفْسِهِ الْفَقِيرُ إلَى رَحْمَةِ رَبِّهِ فُلَانٌ أَوْصَى فِي حَالِ قِيَامِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا وَلَمْ يُشْرِكْ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا وَيَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَبْدُهُ وَصَفِيُّهُ وَرَسُولُهُ وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَأَنَّ الْمِيزَانَ حَقٌّ وَأَنَّ الْحِسَابَ حَقٌّ وَأَنَّ الصِّرَاطَ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيًّا وَرَسُولًا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا عَلَى ذَلِكَ يَحْيَا وَعَلَى ذَلِكَ يَمُوتُ وَعَلَى ذَلِكَ يُبْعَثُ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُبْتَهِلًا إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - أَنْ يُتِمَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ نِعْمَتَهُ وَأَنْ لَا يَسْلُبَهُ مَا وَهَبَ لَهُ وَمَا أَنْفَقَ بِهِ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ إلَيْهِ فَإِنَّ لَهُ الْمُلْكَ وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَيَشْهَدُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا الْغَدَّارَةِ الْمَكَّارَةِ الْخَدَّاعَةِ تَائِبًا إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - نَادِمًا عَلَى مَا فَرَّطَ فِيهَا مُتَأَسِّفًا عَلَى مَا قَصَّرَ فِيهِ مُسْتَغْفِرًا مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَزَلَّةٍ بَدَرَتْ مِنْهُ مُؤْمِلًا مِنْ خَالِقِهِ وَرَازِقِهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ قَبُولَ تَوْبَتِهِ وَإِقَالَةَ عَثْرَتِهِ رَاجِيًا عَفْوَهُ وَغُفْرَانَهُ إذْ وَعَدَ ذَلِكَ عِبَادَهُ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: 25] وَقَوْلُهُ صِدْقٌ وَوَعْدُهُ حَقٌّ وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍ وَسَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَوْصَى مَنْ خَلَّفَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ وَأَقْرِبَائِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَوْلِيَائِهِ وَمَنْ أَطَاعَ أَمْرَهُ أَنْ يَعْبُدُوهُ فِي الْعَابِدِينَ وَأَنْ يَحْمَدُوهُ فِي الْحَامِدِينَ وَأَنْ يَنْصَحُوا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَأَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَكُونُوا مُؤْمِنِينَ مُوقِنِينَ وَوَصَّاهُمْ بِمَا وَصَّى بِهِ إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132] وَأَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ فِي عَلَانِيَتِهِمْ وَسِرِّهِمْ وَقَوْلِهِمْ وَفِعْلِهِمْ وَأَنْ يَلْزَمُوا طَاعَتَهُ وَيَنْتَهُوا عَنْ مَعْصِيَتِهِ وَأَنْ يُقِيمُوا الدِّينَ وَلَا يَتَفَرَّقُوا فِيهِ. وَأَوْصَى أَنَّهُ إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ عَدْلًا بَيْنَ عِبَادِهِ وَحَتْمًا عَلَى خَلْقِهِ لَا مَحِيصَ لِأَحَدٍ عَنْهُ وَلَا مَحِيدَ جَعَلَ اللَّهُ خَيْرَ أَيَّامِهِ يَوْمَ يَلْقَاهُ أَنْ يَبْدَءُوا مِنْ تَرِكَتِهِ بِكَفَنِهِ وَحَنُوطِهِ وَتَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ وَنَفَقَاتِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى أَهْلِ تَعْزِيَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى مُوَافَقَةِ السُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ وَلَا تَبْذِيرٍ ثُمَّ بِقَضَاءِ دُيُونِهِ الَّتِي عَلَيْهِ لِلنَّاسِ ثُمَّ بِاقْتِضَاءِ دُيُونِهِ الَّتِي لَهُ عَلَى النَّاسِ وَرَدِّ الْوَدَائِعِ وَالْأَمَانَاتِ وَإِنْفَاذِ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ وَلَا تَبْدِيلٍ {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 181] وَإِنْ أَقَرَّ مِنْ الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِ لِفُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا بِخَطٍّ وَقُبَالَةٍ بِتَارِيخِ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا بِغَيْرِ قُبَالَةٍ وَلِفُلَانٍ كَذَا بِجِهَةِ كَذَا وَدُيُونُهُ الَّتِي لَهُ عَلَى النَّاسِ مِنْهَا عَلَى فُلَانٍ كَذَا بِقُبَالَةِ تَارِيخِ كَذَا وَعَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كَذَا وَأَمَّا أَعْيَانُ أَمْوَالِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ فَدَارٌ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا، وَكَرْمٌ فِي مَحَلَّةِ كَذَا وَيَحُدُّهُ، وَأَرَاضٍ فِي قَرْيَةِ كَذَا وَيَحُدُّهَا وَحَوَانِيتُ فِي سُوقِ كَذَا وَيَحُدُّهَا وَكَذَا سَائِرُ الْعَقَارَاتِ وَمِنْ الْعَبِيدِ كَذَا وَمِنْ الْإِمَاءِ كَذَا وَيُسَمِّيهِمْ وَيُحَلِّيهِمْ وَمِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَذَا وَمِنْ الْحَيَوَانَاتِ كَذَا وَمِنْ مَالِ التِّجَارَةِ فِي الْحَانُوتِ وَالْحُجْرَةِ كَذَا وَمِنْ أَوَانِي الصُّفْرِ

وَأَوَانِي الشَّبَهِ وَأَوَانِي الرَّصَاصِ فِي الدَّارِ كَذَا وَمِنْ الْفُرُشِ وَالْبُسُطِ وَمَتَاعِ الْبَيْتِ وَالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ فَجَمِيعُ أَمْوَالِهِ هَذِهِ الْأَعْيَانُ الْمُسَمَّاةُ الْمَوْصُوفَةُ الْمُبَيَّنَةُ فِيهِ لَا غَيْرَهَا وَقَدْ أَوْصَى أَنْ تُقْضَى دُيُونُهُ أَوَّلًا مِنْهَا ثُمَّ تُقْتَضَى دُيُونُهُ الَّتِي لَهُ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى مَبْلَغِ التَّرِكَةِ فَيُقَوِّمُ قِيمَةَ عَدْلٍ بِتَقْوِيمِ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْعَدَالَةِ وَالْمَشْهُورِينَ بِصِدْقِ الْمَقَالَةِ فَيُخْرِجُ جَمِيعَ ثُلُثِ ذَلِكَ وَيَكْتُبُ ثُمَّ يُخْرِجُ كَذَا دِرْهَمًا لِوَصَايَاهُ فَيَدْفَعُ مِنْ ذَلِكَ كَذَا إلَى رَجُلٍ قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَاعْتَمَرَ لِيَحُجَّ عَنْهُ وَيَعْتَمِرَ قَارِنًا بَيْنَهُمَا وَيَكْتُبُ مُتَمَتِّعًا أَوْ يَكْتُبُ يُفْرِدُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَدْفَعُ إلَيْهِ قَدْرَ مَا يَكْفِيهِ لِطَعَامِهِ وَإِدَامِهِ وَمَلْبُوسِهِ وَمَرْكُوبِهِ وَسَائِرِ نَفَقَاتِهِ الَّتِي لَا بُدَّ لِلْحَاجِّ مِنْهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا مِنْ مَنْزِلِ هَذَا الْمُوصِي أَوْ يَدْفَعُ إلَى فُلَانٍ لِيَحُجَّ عَنْ هَذَا الْمُوصِي. فَإِنْ أَبَى فُلَانٌ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ اخْتَارَ الْوَصِيُّ مَنْ أَحَبَّ مِنْ النَّاسِ لِيَحُجَّ عَنْ هَذَا الْمُوصِي فَيَخْتَارُ لِذَلِكَ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ رَجُلًا عَفِيفًا مَوْثُوقًا بِهِ قَدْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَاعْتَمَرَ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا رَاكِبًا بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ وَيُعْطِي النَّفَقَةَ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا فَإِنْ فَضَلَ مِنْ نَفَقَتِهِ شَيْءٌ فَهُوَ وَصِيَّةٌ لَهُ فَإِنْ أَرَادَ التَّوَسُّعَ عَلَى الْمَأْمُورِ بِالْحَجِّ عَنْهُ إذَا بَدَا لَهُ مَرَضٌ أَوْ مَانِعٌ يَعْجِزُهُ وَيَمْنَعُهُ عَنْ الْمُرُورِ وَالْمُضِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ مِنْ هَذَا الْمَالِ إلَى رَجُلٍ مَوْثُوقٍ بِهِ يَصْلُحُ لِلْقِيَامِ بِهَذَا الْأَمْرِ فَيَأْمُرُهُ بِإِتْمَامِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ وَيُقِيمُهُ فِي ذَلِكَ مَقَامَ نَفْسِهِ جَائِزٌ لَهُ مَا صَنَعَ فِيهِ وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَخْلِطَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِدَرَاهِمِ نَفْسِهِ وَبِدَرَاهِمِ رُفَقَائِهِ إنْ أَحَبَّ مُفَوِّضًا ذَلِكَ إلَيْهِ غَيْرَ مُضَيِّقٍ فِيهِ عَلَيْهِ وَيُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِلصَّلَوَاتِ الَّتِي عَلَيْهِ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ لِمُدَّةِ كَذَا لِكُلِّ صَلَاةٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَةَ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ وَيُعْطِي لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ كَذَا دِرْهَمًا لِلْفُقَرَاءِ. وَيَشْتَرِي كَذَا رَقَبَةً سَلِيمَةً عَنْ الْعُيُوبِ فَيَعْتِقُ عَنْهُ لِكَفَّارَاتِ أَيْمَانٍ عَلَيْهِ أَوْ يَكْتُبُ لِكَفَّارَاتِ ظِهَارٍ وَلِكَفَّارَاتِ إفْطَارٍ عَمْدًا فِي رَمَضَانَ وَأَوْصَى أَنْ يَصْرِفَ إلَى عِمَارَةِ قَنْطَرَةِ كَذَا أَوْ رِبَاطِ كَذَا أَوْ مَصَالِحِ مَسْجِدِ كَذَا مِنْ دُهْنٍ لِسِرَاجِهِ وَشِرَاءِ حَصِيرِهِ وَحَشِيشِهِ كَذَا وَيَشْتَرِي شَاةً أَوْ بَقَرًا أَوْ بَعِيرًا سَالِمًا عَنْ الْعُيُوبِ فَيُضَحِّي بِهَا يَوْمَ النَّحْرِ وَيَتَصَدَّقُ بِلُحُومِهَا وَشُحُومِهَا وَرُءُوسِهَا وَأَكَارِعِهَا وَمَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ سِقْطِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَيُعْطِي أَجْرَ الْجَالِبِ وَالذَّابِحِ وَالسَّلَّاخِ يُوَسِّعُ عَلَى الْوَصِيِّ تَفْرِيقَ ذَلِكَ وَاخْتِيَارَ مَنْ شَاءَ لِلْفَضْلِ وَالنُّقْصَانِ وَالْإِعْطَاءِ وَالْحِرْمَانِ بَعْدَ أَنْ يَتَحَرَّى الصَّوَابَ وَمَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى نَيْلِ الثَّوَابِ وَيَتَنَاوَلُ الْوَصِيُّ بِنَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ إنْ أَحَبَّ وَيُطْعِمُ مَنْ شَاءَ مِنْ عِيَالِهِ وَيَشْتَرِي كَذَا مَنًّا مِنْ الْخُبْزِ فَيَتَصَدَّقُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَيَتَّخِذُ فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ مَاءَ الْجَمَدِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ فِي سِقَايَةِ كَذَا وَفِي كُلِّ يَوْمٍ يَشْرَبُ مِنْهَا الْمَارَّةُ وَأَبْنَاءُ السَّبِيلِ وَيُفَرِّقُ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ فِي مَدْرَسَةِ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَلِلْمُدَرِّسِ فِيهَا الِاخْتِيَارُ فِي ذَلِكَ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَيَشْتَرِي كَذَا ثَوْبًا فَيُعْطِي لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَيُعْطِي لِفُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا وَلِفُلَانٍ جُبَّتَهُ الَّتِي هِيَ مِنْ كَذَا وَلِفُلَانٍ عِمَامَتَهُ التوزية وَلِفُلَانٍ فِرَاشَهُ وَلِحَافَهُ وَيَحْمِلُ مَقْعُودَتَهُ إلَى مَسْجِدِ كَذَا لِتُوضَعَ عَلَى الْمِنْبَرِ الَّذِي يَعِظُ عَلَيْهِ فُلَانٌ وَعْظَهُ وَيَجْلِسُ لِذَلِكَ فِي أَيَّامِهِ وَبَعْدَهُ أَيْضًا عَلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي التَّذْكِيرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هَذِهِ وُجُوهٌ إنْ اجْتَمَعَتْ ذُكِرَتْ فَإِنْ زِيدَ فِيهَا شَيْءٌ زِيدَ فِي الْكِتَابَةِ وَإِنْ نَقَصَ مِنْهَا شَيْءٌ نَقَصَ مِنْ الْكِتَابَةِ. وَيَكْتُبُ بَعْدَ عَدِّ وَصَايَاهُ وَلِهَذَا الْمُوصِي أَنْ يُغَيِّرَ وَصِيَّتَهُ الَّتِي أَوْصَى بِهَا فِي ثُلُثِ مَالِهِ وَيَرْجِعُ عَمَّا شَاءَ مِنْهَا وَيُنْقِصُ مَا رَأَى

وَيُبَدِّلُ مِنْ الْمُوصَى لَهُمْ مَنْ شَاءَ فَإِنْ مَاتَ فَوَصِيَّتُهُ مُنَفَّذَةٌ عَلَى مَا يَمُوتُ عَلَيْهِ وَمَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ مَالِ الْوَصِيَّةِ فَهُوَ مَقْسُومٌ بَيْنَ وَرَثَتِهِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ - تَعَالَى - لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا أَيْ السِّهَامُ الْمَعْلُومَةُ مِنْ السُّدُسِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ وَالثُّمُنِ وَالنِّصْفِ وَالْبَاقِي وَقَدْ جَعَلَ الْوَصِيُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَفِي جَمِيعِ أُمُورِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَفِي تَسْوِيَةِ أُمُورِ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ أَوْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ وَلَدَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ كَمَا يَكُونُ فُلَانًا لِمَا عُرِفَ مِنْ أَمَانَتِهِ وَدِيَانَتِهِ وَصِيَانَتِهِ وَكِفَايَتِهِ وَشَفَقَتِهِ وَقَبِلَ فُلَانٌ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ مِنْهُ قَبُولًا صَحِيحًا مُوَاجَهَةً مُشَافَهَةً وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِذَلِكَ كُلِّهِ مَنْ أُثْبِتَ اسْمُهُ آخِرَهُ وَقَدْ يُزَادُ هَاهُنَا وَأَوْصَاهُ أَنْ يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِهَذَا الْمُوصِي وَلِنَفْسِهِ وَأَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ - تَعَالَى - وَيَسْتَشْعِرَ خَشْيَتَهُ وَيُرَاقِبَهُ فِي سِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا الْمُوصِيَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَمَرَهُ بِهِ وَعَهِدَ إلَيْهِ وَذَكَرَ هَذَا الْمُوصِي أَنَّهَا آخِرُ وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا وَرَجَعَ عَنْ كُلِّ وَصِيَّةٍ كَانَ أَوْصَى بِهَا قَبْلَ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَأَبْطَلَهَا وَفَسَخَهَا وَأَنَّ هَذَا الْوَصِيَّ آخِرُ وَصِيٍّ نَصَبَهُ لَا وَصِيَّ لَهُ سِوَاهُ وَأَنَّ كُلَّ وَصِيٍّ كَانَ لَهُ قَبْلَهُ فَقَدْ أَخْرَجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ وَأَقَرَّ هَذَا الْمُوصِي أَنَّهُ جَعَلَ فُلَانًا مُشْرِفًا عَلَى وَصِيَّةِ فُلَانٍ هَذَا حَتَّى لَا يَعْمَلَ شَيْئًا وَلَا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ إلَّا بِإِذْنِهِ وَعِلْمِهِ. فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَإِذْنِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَقَدْ يُبَالِغُ فِي هَذَا فَيَكْتُبُ وَقَدْ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ هَذِهِ إلَى فُلَانٍ وَجَعَلَهُ وَصِيَّهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ وَفِي اقْتِضَاءِ دُيُونِهِ وَفِي قَضَاءِ الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِ وَفِي تَنْفِيذِ وَصَايَاهُ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ مِمَّا يَجِبُ إنْفَاذُهُ مِنْهَا مِنْ تَرِكَتِهِ وَفِي الْوِلَايَةِ عَلَى كُلِّ صَغِيرٍ مِنْ الْوَرَثَةِ وَأَقَامَهُ فِي جَمِيعِ مَا أَوْصَى بِهِ إلَيْهِ مِمَّا سَمَّى وَوَصَفَ فِيهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَأَنَّهُ يُوَلِّي مِمَّا شَاءَ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ مَنْ بَدَا لَهُ مِنْ الْوُكَلَاءِ وَمِنْ الْأَوْصِيَاءِ مَنْ أَحَبَّ وَرَأَى كُلَّمَا أَحَبَّ وَرَأَى جَائِزَةٌ أُمُورُهُ فِي ذَلِكَ وَعَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ وِلَايَةُ شَيْءٍ مِمَّا وُصِفَ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِ هَذَا الْوَصِيِّ فَمَنْ كَانَ وَلَّاهُ هَذَا الْوَصِيُّ مِنْ الْوُكَلَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ فَلَهُ أَنْ يُوَلِّيَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْوُكَلَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَلَهُ اسْتِبْدَالُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَجَائِزَةٌ فِيهَا أُمُورُهُ مِثْلَ مَا كَانَ لِلَّذِي وَلَّاهُ إيَّاهُ حَتَّى يَقْضِيَ مَا بَقِيَ مِنْ الدُّيُونِ وَيَقْتَضِيَ مَا بَقِيَ لَهُ عَلَى النَّاسِ وَيُنَفِّذَ وَصَايَاهُ وَيَقْبِضَ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ فَقَبِلَ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ هَذَا الْوَصِيُّ ذَلِكَ كُلَّهُ مُوَاجَهَةً مُخَاطَبَةً مِنْهُ إيَّاهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (فَإِنْ جَعَلَ الْوِصَايَةَ إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنَّ ابْنَهُ فُلَانًا إذَا بَلَغَ رَشِيدًا فَهُوَ الْوَصِيُّ) يَكْتُبُ قَبْلَ قَبُولِ الْوَصِيِّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ابْنَهُ فُلَانًا إذَا بَلَغَ رَشِيدًا وَاسْتَقَامَ وَصَلُحَ أَنْ يَتَوَلَّى هَذِهِ الْوِصَايَةَ وَقَبِلَهَا عَلَى مَا أَوْصَى بِهِ أَبُوهُ فِيهَا كَانَ هُوَ الْوَصِيُّ بِجَمِيعِ ذَلِكَ. وَفِي نَصْبِ وَصِيَّيْنِ يَكْتُبُ وَأَوْصَى إلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ وَتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ وَجَمِيعِ أُمُورِهِ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ لِيَعْمَلَا جَمِيعًا جَمِيعَ ذَلِكَ وَفُرَادَى فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَائِزُ الْوَصِيَّةِ نَافِذُ الْأَمْرِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَا جَمِيعًا فَإِنْ فَعَلَ أَحَدُهُمَا فِي الْأَعْيَانِ وَالْآخَرُ فِي الدُّيُونِ أَوْ هَذَا فِي بَعْضِ الْأُمُورِ وَهَذَا فِي بَعْضِهَا أَوْ هَذَا عَلَى ابْنٍ وَالْآخَرُ عَلَى ابْنٍ آخَرَ فَإِنْ أَطْلَقَ صَارَا جَمِيعًا وَصِيَّيْنِ فِيهَا. وَإِنْ نَصَّ وَخَصَّ صَارَ كَذَلِكَ (وَوَجْهُ كِتَابَتِهِ) أَوْصَى إلَى فُلَانٍ بِقَضَاءِ دُيُونِهِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَوْصَى إلَى فُلَانٍ بِإِنْفَاذِ وَصَايَاهُ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْأُمُورِ لِيَقُومَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا أُوصِيَ إلَيْهِ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ فَقَبِلَاهَا عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ مُوَاجَهَةً وَأَوْصَى إلَى فُلَانٍ بِحِفْظِ كُلِّ مَالِ عَيْنٍ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهَا خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهَا وَأَوْصَى إلَى فُلَانٍ بِقَبْضِ دُيُونِهِ وَجَمْعِهَا وَحِفْظِهَا وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهَا خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهَا وَأَوْصَى إلَى فُلَانٍ بِجَمِيعِ مَا خَلَّفَ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ فِي بَلْدَةِ كَذَا وَبِقَبْضِهَا وَحِفْظِهَا وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهَا خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهَا هَكَذَا

ذَكَرَ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مَنْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فِي مَالِهِ فَهُوَ وَصِيُّهُ فِي مَالِهِ وَوَلَدِهِ. لَوْ أَوْصَى إلَى حَاضِرٍ ثُمَّ إلَى غَائِبٍ إذَا قَدِمَ كَتَبَ وَأَوْصَى إلَى فُلَانٍ بِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَقَبَضَ مَا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ وَجَمِيعِ أُمُورِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِيَقُومَ بِهَا بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ إلَى أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا فَإِذَا قَدِمَ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ دُونَ الْحَاضِرِ لِيَقُومَ بِهَا بَعْدَ قُدُومِهِ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ دُونَ هَذَا الْحَاضِرِ. أَوْصَى إلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ لِيَعْمَلُوا فِي تَرِكَتِهِ جَمِيعًا مَا عَاشُوا وَهُمْ حُضُورٌ أَصِحَّاءُ وَلَا يَعْمَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا فِيهَا بِدُونِ صَاحِبِهِ وَأَيُّهُمْ مَاتَ أَوْ مَرِضَ فَعَجَزَ أَوْ سَافَرَ فَالْبَاقِي مِنْهُمْ كَامِلُ الْوِلَايَةِ بِالْوَصِيَّةِ يَقُومُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَقَبِلُوهَا مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الرَّجُلِ يَجْعَلُ الرَّجُلَ وَصِيًّا فِي الْحَضَرِ ثُمَّ عَرَضَ لِهَذَا الْوَصِيِّ سَفَرٌ وَمَاتَ فِي سَفَرِهِ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ آخَرَ) يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّهُ كَانَ أَوْصَى فِي حَضَرِهِ بِوَصَايَا وَكَانَ أَوْصَى إلَى فُلَانٍ بِجَمِيعِ أُمُورِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَبِلَهَا مِنْهُ مُوَاجَهَةً وَكَانَ قَدْ كَتَبَ بِذِكْرِهَا كِتَابًا أَشْهَدَ عَلَيْهَا فِيهِ جَمَاعَةً مِنْ الْعُدُولِ بِتَارِيخِ كَذَا وَعَرَضَ لَهُ سَفَرٌ وَغَابَ عَنْ وَصِيِّهِ هَذَا وَحَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فِي سَفَرِهِ فَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ فَأَوْصَى إلَى فُلَانٍ لِيَقُومَ بِأُمُورِهِ فِي سَفَرِهِ هَذَا وَيُنَفِّذَ مَا أَوْصَى بِهِ بَعْدَ قَضَاءِ دُيُونِهِ هَذِهِ مِنْ ثُلُثِ حَاصِلِ مَالِهِ الَّذِي يَحْمِلُهُ فِي سَفَرِهِ هَذَا ثُمَّ يَحْفَظَ مَا بَقِيَ مِنْهُ وَيُسَلِّمَهُ إلَى وَصِيِّهِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ فِي حَضَرٍ لِيَقُومَ الْوَصِيُّ الْأَوَّلُ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ وَتَبْدِيلٍ فَقَبِلَهَا مِنْهُ مُوَاجَهَةً. (نَوْعٌ آخَرُ فِي شِرَاءِ دَارٍ كَانَ الْمُوصِي أَمَرَ بِشِرَائِهَا وَوَقَفَهَا عَنْهُ) اشْتَرَى فُلَانٌ وَصَّى فُلَانٌ بِجَمِيعِ أُمُورِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَصِيَّةً ثَابِتَةً صَحِيحَةً مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمُوصِي هَذَا مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ مَا سَمَّى وَوَصَفَ فِيهِ لِلْوَقْفِ فِي سُبُلِ مُسَمَّاةٍ أَوْصَى بِهَا هَذَا الْمُوصِي بِحُكْمِ وِصَايَتِهِ وَهُوَ جَمِيعُ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى كَذَا وَيَذْكُرُ مَوْضِعَهَا وَحُدُودَهَا فَاشْتَرَى هَذَا الْمُشْتَرِي الْوَصِيَّ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ لِمُوصِيهِ هَذَا بِوَصِيَّتِهِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ مِنْ هَذَا الْبَائِعِ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ بِحُدُودِهَا إلَى ذِكْرِ التَّقَابُضِ ثُمَّ يَكْتُبُ وَقَبَضَ هَذَا الْبَائِعُ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي جَمِيعَ هَذَا الثَّمَنِ بِإِيفَاءِ هَذَا الْمُشْتَرِي ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ هَذَا الْمُوصِي إلَى آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ يَبْدَأُ فِيهِ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي هَذَا مَا شَهِدَ إلَى قَوْلِنَا إنَّ فُلَانًا أَوْصَى إلَى فُلَانٍ بِجَمِيعِ أُمُورِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَصِيَّةً صَحِيحَةً أَقَرَّ طَائِعًا أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ مِنْ ثُلُثِ مَالِ هَذَا الْمُوصِي بِوَصِيَّتِهِ لِلْوَقْفِ فِي سُبُلٍ مُسَمَّاةٍ قَدْ وَصَفَهَا فِي كِتَابِ وَصِيَّتِهِ جَمِيعَ الدَّارِ بِمَوْضِعِ كَذَا وَأَقَرَّ هَذَا الْوَصِيُّ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ هَذَا الْبَائِعِ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ بِحُدُودِهَا مِنْ ثُلُثِ مَالِ هَذَا الْمُوصِي بِوَصِيَّتِهِ بِهَذَا الْوَقْفِ وَصَدَّقَهُ هَذَا الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (وَقَدْ يَبْدَأُ فِيهِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ) شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ طَائِعًا أَنَّهُ بَاعَ جَمِيعَ دَارِهِ الَّتِي بِمَوْضِعِ كَذَا مِنْ فُلَانٍ وَصِيِّ فُلَانٍ بِجَمِيعِ أُمُورِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وِصَايَةً صَحِيحَةً وَقَدْ كَانَ هَذَا الْمُوصِي أَوْصَى إلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَيَقِفَهَا عَنْهُ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (وَجْهٌ آخَرُ) اشْتَرَى فُلَانٌ وَصِيَّ فُلَانٍ ثَابِتَ الْوِصَايَةِ بِمَالِ مُوصِيهِ هَذَا بِأَمْرِهِ إيَّاهُ فِي حَيَاتِهِ لِيُوقَفَ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَقْفًا صَحِيحًا مُؤَبَّدًا عَلَى الْفُقَرَاءِ عَلَى مَا شَرَطَ هَذَا الْوَاقِفُ فِي كِتَابِ وَصِيَّتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْوَقْفُ شَرْطًا فِي هَذَا الْبَيْعِ مِنْ فُلَانٍ فَاشْتَرَى مِنْهُ لِلْوَقْفِ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ شَرْطًا فِي هَذَا الشِّرَاءِ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا إلَى قَوْلِنَا وَقَبَضَ هَذَا الْبَائِعُ جَمِيعَ هَذَا الثَّمَنِ بِإِيفَاءِ هَذَا الْمُشْتَرِي

ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ مِنْ مَالِ هَذَا الْمُوصِي، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي شِرَاءِ الْوَصِيِّ عَبْدًا نَسَمَةً) اشْتَرَى فُلَانٌ وَصِيُّ فُلَانٍ بِأَمْرِ مُوصِيهِ هَذَا إيَّاهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ مِنْ فُلَانٍ وَقَدْ كَانَ فُلَانٌ أَوْصَى إلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ نَسَمَةً عَبْدًا أَوْ أَمَةً بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى فِيهِ فَيَعْتِقَهُ عَنْهُ فَاشْتَرَى هَذَا الْوَصِيُّ مِنْ فُلَانٍ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ لِهَذِهِ الْجِهَةِ جَمِيعَ الْمَمْلُوكِ الْهِنْدِيِّ الْمُسَمَّى فُلَانًا وَيُحَلِّيهِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لِيَعْتِقَهُ وَيَذْكُرُ التَّقَابُضَ وَالتَّفَرُّقَ وَضَمَانَ الدَّرْكِ وَالتَّارِيخَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ الْعَبْدَ نَسَمَةً) اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ وَصِيِّ فُلَانٍ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الْمَمْلُوكِ الْمُسَمَّى فُلَانًا وَهُوَ الْمَمْلُوكُ الَّذِي كَانَ لِهَذَا الْمُوصِي وَقَدْ كَانَ أَوْصَى إلَى وَصِيَّهُ هَذَا أَنْ يَبِيعَهُ نَسَمَةً لِلْعِتْقِ فَبَاعَهُ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا وَصَفَ فِيهِ فَاشْتَرَى هَذَا الْمُشْتَرِي مِنْ هَذَا الْبَائِعِ جَمِيعَ هَذَا الْمَمْلُوكِ بِعَيْنِهِ الْمُسَمَّى فِيهِ بِكَذَا دِرْهَمًا بَيْعَ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِ بَيْعًا صَحِيحًا لِيَعْتِقَهُ وَيَذْكُرُ التَّقَابُضَ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْوَصِيَّةِ بِدَارٍ بِعَيْنِهَا لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ) هَذَا مَا أَوْصَى فُلَانٌ لِفُلَانٍ بِجَمِيعِ دَارِهِ الَّتِي هِيَ بِكُورَةِ فُلَانٍ وَيَحُدُّهَا فَأَوْصَى هَذَا الْمُوصِي الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ لِهَذَا الْمُوصَى لَهُ الْمُسَمَّى فِيهِ بِجَمِيعِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا إلَى آخِرِهِ وَصِيَّةً صَحِيحَةً مُطْلَقَةً بَاتَّةً جَائِزَةً خَالِيَةً عَنْ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ وَالْمَعَانِي الْمُبْطِلَةِ خَارِجَةً عَنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَارِغَةً عَنْ دَيْنٍ يَسْتَغْرِقُهَا أَوْ بَعْضَهَا خَالِيَةً عَنْ حَقِّ غَيْرِهِ يَمْنَعُ صِحَّتَهَا صِلَةً لِقَرَابَتِهِ وَإِحْسَانًا إلَيْهِ وَتَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - بِالْعَمَلِ بِمَا نَدَبَ إلَيْهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقْرَبِينَ وَرَجَاءً لِنَيْلِ الثَّوَابِ الْمَوْعُودِ عَلَيْهِ يَوْمَ الدِّينِ وَقَبِلَ هَذَا الْمُوصِي مِنْ هَذَا هَذِهِ الْوَصِيَّةَ مُشَافَهَةً فِي مَجْلِسِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ قَبُولًا صَحِيحًا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ لَا يَرِثُهُ إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ وَأَمَرَ هَذَا الْمُوصِي مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ بَعْدَهُ مِنْ وَصِيٍّ أَوْ وَارِثٍ بِتَسْلِيمِ كُلِّ هَذِهِ الدَّارِ إلَى هَذَا الْمُوصَى لَهُ بِحُكْمِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ تَسْلِيمًا صَحِيحًا وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ مَنْ أُثْبِتَ اسْمُهُ آخِرَهُ بَعْدَ أَنْ قُرِئَ عَلَيْهِ بِلِسَانٍ عَرَفَهُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ قَدْ فَهِمَهُ فِي حَالِ ثَبَاتِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ إقْرَارِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي دَفْعِ الْوَصِيِّ الْمَالَ إلَى رَجُلٍ لِيَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ) هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ فُلَانًا وَصِيَّ فُلَانٍ ثَابِتُ الْوِصَايَةِ مِنْ جِهَتِهِ أَقَرَّ طَائِعًا أَنَّ هَذَا الْمُتَوَفَّى فُلَانًا أَوْصَى إلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَذَا دِرْهَمًا لِيَدْفَعَ إلَى رَجُلٍ أَمِينٍ عَفِيفٍ قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَيَحُجُّ عَنْهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ مِنْ دَارِهِ فِي كُورَةِ كَذَا فَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ وَأَنَّ هَذَا الْوَصِيَّ وَجَدَ فُلَانًا أَمِينًا عَفِيفًا قَادِرًا عَلَى الْحَجِّ وَقَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ هَذَا الْمَالَ لِيَحُجَّ عَنْ هَذَا الْمَيِّتِ عَلَى مَا وَصَفَ فِيهِ وَقَبِلَ فُلَانٌ هَذَا الْحَاجُّ هَذَا الدَّفْعَ. وَهَذَا الْأَمْرَ مِنْهُ قَبُولًا صَحِيحًا وَأَقَرَّ وَرَثَةُ هَذَا الْمُوصِي وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ إقْرَارًا صَحِيحًا أَنَّ جَمِيعَ مَا وُصِفَ فِيهِ حَقٌّ وَصِدْقٌ وَأَنَّهُمْ أَجَازُوا مَا فَعَلَهُ هَذَا الْمَيِّتُ وَهَذَا الْوَصِيُّ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّهُ حَقٌّ وَأَنَّ هَذَا الْمَالَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ وَأَشْهَدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (وَجْهٌ آخَرُ) شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا وَصِيَّ فُلَانٍ ثَابِتُ الْوِصَايَةِ مِنْ جِهَتِهِ وِصَايَةً صَحِيحَةً دَفَعَ إلَى فُلَانٍ كَذَا مِنْ ثُلُثِ مَالِ هَذَا الْمُوصِي وَكَانَ أَوْصَى إلَيْهِ بِهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى رَجُلٍ أَمِينٍ مَوْثُوقٍ بِهِ قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لِيَحُجَّ عَنْهُ عَلَى مَا سَمَّى وَوَصَفَ فِيهِ يَخْتَارُهُ هَذَا الْوَصِيُّ وَمَاتَ هَذَا الْمُوصِي عَلَى هَذِهِ الْوَصِيَّةِ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهَا وَلَمْ يُغَيِّرْ وَخَرَجَتْ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَاخْتَارَ هَذَا الْوَصِيُّ هَذَا الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَرَفَهُ عَلَى مَا وُصِفَ فِيهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ لِيَحُجَّ بِهَا عَنْ هَذَا الْمُوصِي مِنْ بَلَدِ كَذَا وَهُوَ بَلَدُ هَذَا الْمُوصِي الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ

مِنْهَا فِي رُكُوبِهِ وَلِبَاسِهِ وَطَعَامِهِ وَإِدَامِهِ وَجَمِيعِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا إلَى هَذَا الْبَلَدِ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ وَيُلَبِّي بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي يَنْتَهِي إلَيْهِ وَيَقْضِي مَنَاسِكَ الْحَجِّ عَلَى مَا فَرَضَهُ كِتَابُ اللَّهِ - تَعَالَى - وَسُنَّةُ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّهُ إنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ الْخِلَافِ فَقَبَضَهَا مِنْهُ تَامَّةً عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى أَنَّهُ إنْ أَدْرَكَ فِي ذَلِكَ مِنْ دَرْكٍ مِنْ قِبَلِ غَرِيمٍ لِهَذَا الْمُوصِي أَوْ مُوصًى لَهُ أَوْ وَارِثٍ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ ذِي سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ النَّاسِ فَعَلَى هَذَا الْوَصِيِّ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَغْرَمَ لَهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ الدَّرْكِ ضَمَانًا صَحِيحًا وَعَلَى أَنَّهُ إذَا أُحْصِرَ هَذَا الْحَاجُّ لِعَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْإِحْصَارِ فَعَلَى هَذَا الْوَصِيِّ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ ذَلِكَ بِهَدْيٍ يَهْدِيهِ لِيَذْبَحَ عَنْهُ عَلَى الْوَاجِبِ فِي مِثْلِهِ. وَعَلَى هَذَا الْحَاجِّ عَهْدُ اللَّهِ - تَعَالَى - وَمِيثَاقُهُ أَنْ يَنْصَحَ وَيَجْتَهِدَ بِقَضَاءِ هَذَا الْحَجِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي وُصِفَ فِيهِ وَقَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَمِيعَ هَذَا الضَّمَانِ وَالدَّرْكِ بِمُوَاجَهَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَالِاشْتِغَالِ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَجَمِيعُ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ فِي يَدِ هَذَا الْقَابِضِ الْحَاجِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ فَضَلَ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَضْلٌ بَعْدَ فَرَاغِ هَذَا الْحَاجِّ وَرُجُوعِهِ إلَى بَلَدِ الْمُوصِي رَدَّهُ عَلَى هَذَا الْوَصِيِّ وَكَانَ مِيرَاثًا عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ قَصَّرَتْ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ عَنْ حَاجَتِهِ أَنْفَقَ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ وَرَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَصِيِّ فِي ثُلُثِ مَالِ هَذَا الْمُوصِي وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. وَإِنْ جَعَلَ الْفَضْلَ لِلْحَاجِّ كَتَبَ وَمَا فَضَلَ مِنْ نَفَقَتِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ فَهُوَ لِلْحَاجِّ وَصِيَّةً لَهُ مِنْ مُوصِيهِ هَذَا فَإِنْ كَفَلَ لِلْحَاجِّ رَجُلٌ بِالدَّرْكِ يَكْتُبُ وَكَفَلَ فُلَانٌ عَنْ هَذَا الْوَصِيِّ بِأَمْرِهِ لِهَذَا الْحَاجِّ عَنْ الْمَيِّتِ بِجَمِيعِ مَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ بِهَذَا الدَّرْكِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ ضَامِنٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِأَمْرِهِ إيَّاهُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ ضَمَانًا صَحِيحًا لَا فَسَادَ فِيهِ وَلَا خِيَارَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُمَا الْحَاجُّ بِجَمِيعِ ذَلِكَ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ أَحَدَهُمَا كَيْفَ مَا شَاءَ وَكُلَّمَا شَاءَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَلَا بَرَاءَةَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ ذَلِكَ إلَى هَذَا الْمَضْمُونِ لَهُ وَقَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ صَاحِبِهِ بِمُوَاجَهَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَإِنْ كَفَلَ عَنْ الْحَاجِّ ضَامِنٌ إذَا خَالَفَ كَتَبَ: وَقَدْ ضَمِنَ فُلَانٌ عَنْ هَذَا الْحَاجِّ بِأَمْرِهِ لِهَذَا الْوَصِيِّ جَمِيعَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِهَذَا الْخِلَافِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ ضَمَانًا صَحِيحًا جَائِزًا لَا فَسَادَ فِيهِ وَلَا خِيَارَ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ ضَامِنٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَيُتِمُّ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ. (وَفِي أَمْرِهِ بِالْقِرَانِ عَنْ الْمَيِّتِ) يَكْتُبُ لِيَحُجَّ عَنْ هَذَا الْمَيِّتِ وَيَعْتَمِرَ عَنْهُ قَارِنًا بَيْنَهُمَا وَيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ ذَاهِبًا رَاجِعًا وَيُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي يَنْتَهِي إلَيْهِ وَيَقْضِيَ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ أَوَّلًا عَلَى سُنَنِهَا ثُمَّ مَنَاسِكَ الْحَجِّ عَلَى مَا شَرَعَ اللَّهُ - تَعَالَى - وَيَذْبَحَ لِقِرَانِهِ أَوْ يَنْحَرَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ. (وَفِي أَمْرِهِ بِالتَّمَتُّعِ عَنْهُ) يَكْتُبُ وَقَدْ كَانَ أَوْصَى هَذَا الْمُوصِي أَنْ يَعْتَمِرَ عَنْهُ وَيَحُجَّ مِنْ مِصْرِهِ الَّذِي دَارُهُ بِهِ وَهُوَ بَلَدُ فُلَانٍ لِيَتَمَتَّعَ بِهِمَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ عَنْهُ فَيُفْرِدُ الْعُمْرَةَ أَوَّلًا ثُمَّ يُفْرِدُ الْحَجَّ بَعْدَهَا وَيَخْتَارُ الْوَصِيُّ لِذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا مَأْمُونًا مَوْثُوقًا بِهِ قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ وَاعْتَمَرَ فَاخْتَارَ وَصِيُّهُ هَذَا فُلَانًا وَدَفَعَ إلَيْهِ هَذَا الْمَالَ لِيَعْتَمِرَ عَنْ هَذَا الْمَيِّتِ وَيَحُجَّ عَنْهُ وَيَتَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ ذَاهِبًا وَقَافِلًا فِي رُكُوبِهِ وَلِبَاسِهِ وَطَعَامِهِ وَإِدَامِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ حَوَائِجِهِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ فَيُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ إذَا انْتَهَى إلَى الْمِيقَاتِ مُفْرَدَةً عَنْهُ وَيَقْضِي أَفْعَالَهَا عَلَى سُنَنِهَا ثُمَّ يُحِلُّ مِنْهَا ثُمَّ يُحْرِمُ بِحَجَّةٍ مُفْرَدَةٍ عَنْهُ فَيَقْضِي مَنَاسِكَهَا عَلَى مَا شَرَعَ اللَّهُ - تَعَالَى - ذَلِكَ وَيَذْبَحُ لِأَجْلِ هَذِهِ الْمُتْعَةِ أَوْ يَنْحَرُ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ بِمَالِ نَفْسِهِ إنْ أَحَبَّ وَبِمَالِ رُفَقَائِهِ وَأَصْحَابِهِ إنْ أَحَبَّ وَذَلِكَ مُبَاحٌ لَهُ مَجْعُولٌ إلَيْهِ. وَفِي الْإِذْنِ بِأَمْرِ غَيْرِهِ بِهَذَا الْحَجِّ إذَا

الفصل الحادي والعشرون في العواري والتقاط اللقطة

عَجَزَ هُوَ عَنْهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ يَكْتُبُ: وَقَدْ أَذِنَ هَذَا الْوَصِيُّ لِهَذَا الْحَاجِّ عَنْ هَذَا الْمَيِّتِ إنْ مَرِضَ أَوْ أَصَابَتْهُ آفَةٌ أَوْ عَرَضَ لَهُ أَمْرٌ فَأَعْجَزَهُ وَمَنَعَهُ عَنْ الشُّخُوصِ وَالْمُرُورِ عَلَى وَجْهِهِ أَنْ يَدْفَعَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ مِنْ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ بِعَيْنِهِ أَوْ كِسْوَةٌ اشْتَرَاهَا أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ حَوَائِجِهِ فَجَعَلَ إلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ يَخْتَارُهُ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقِيَامِ بِهَذَا الْحَجِّ وَالْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ فَيَأْمُرُهُ بِهِ وَيُقِيمُهُ فِي ذَلِكَ مُقَامَ نَفْسِهِ وَيَأْذَنُ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى مَا وَصَفَ فِيهِ وَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ مُوَاجَهَةً وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْعَوَارِيِّ وَالْتِقَاطِ اللُّقَطَة] (الْفَصْلُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْعَوَارِيِّ وَالْتِقَاطِ اللُّقَطَة) إذَا اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ دَارًا لِيَسْكُنَهَا فَأَرَادَ صَاحِبُ الدَّارِ أَنْ يَسْتَوْثِقَ مِنْهُ كَيْفَ يَكْتُبُ؟ . قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: يَكْتُبُ: هَذَا كِتَابٌ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُعِيرَ - مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُسْتَعِيرَ - إنَّكَ أَسْكَنْتَنِي الدَّارَ الَّتِي هِيَ لَكَ فِي بَلْدَةِ كَذَا أَحَدُ حُدُودِهَا كَذَا وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ كَذَا، هَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَالطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَانَا يَكْتُبَانِ أَسْكَنْتَنِي دَارَكَ عَلَى أَنْ أَسْكُنَهَا وَأُسْكِنَ غَيْرِي، فَالْأَجْنَبِيُّ يَكُونُ لَهُ إسْكَانُ غَيْرِهِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنَّ الْمُعِيرَ لَوْ لَمْ يَقُلْ لِلْمُسْتَعِيرِ عَلَى أَنْ تُسْكِنَ غَيْرَكَ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُسَكِّنَ غَيْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ عِنْدَهُ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُعِيرِ وَأَمَّا عِنْدَنَا فَالْإِعَارَةُ إنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً بِأَنْ قَالَ: أَعَرْتُكَ وَلَمْ يَقُلْ: لِتَنْتَفِعَ بِهِ أَنْتَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَيُعِيرَ غَيْرَهُ حَتَّى يَنْتَفِعَ. سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَعَارُ مِمَّا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ أَوْ مِمَّا لَا يَتَفَاوَتُ وَإِنْ كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُقَيَّدَةً بِأَنْ قَالَ: أَعَرْتُكَ لِتَنْتَفِعَ بِهِ أَنْتَ إنْ كَانَ الْمُسْتَعَارُ مِمَّا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُعِيرَ مِنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ نَحْوُ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ. وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعَارُ مِمَّا لَا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ فَلَهُ أَنْ يُعِيرَ مِنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ نَحْوُ سُكْنَى الدَّارِ وَأَشْبَاهِهَا وَإِذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلِفَةً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - اخْتَارَا ذَلِكَ لِتَصِيرَ الْمَسْأَلَةُ مُجْمَعًا عَلَيْهَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ يَكْتُبُ وَدَفَعْتَهَا إلَيَّ وَقَبَضْتُهَا مِنْكَ فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا فَقَدْ ذَكَرَ التَّارِيخَ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ إنَّمَا فَعَلَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَارِيَّةِ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَعِنْدَ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - الْعَارِيَّةُ أَمَانَةٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَضْمُونَةٌ فَيَذْكُرُ التَّارِيخَ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ حَتَّى إذَا رَفَعَ إلَى قَاضٍ يَرَى أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ يَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ أَيِّ وَقْتٍ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ وَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَعِيرُ أَنْ يَكْتُبَ الْمُعِيرُ لَهُ كِتَابًا بِالسُّكْنَى يَكُونُ عِنْدَهُ كَيْفَ يَكْتُبُ قَالُوا وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ السَّاكِنُ إلَى الْكِتَابِ حَتَّى لَا يَدَّعِيَ الْمَالِكُ أَنَّكَ سَكَنْتَ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَيَرْفَعَانِ إلَى قَاضٍ يَرَى تَقْوِيمَ الْمَنَافِعِ بِغَيْرِ عَقْدٍ لِيَقْضِيَ عَلَيْهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ إذَا انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَاهُ فَإِنَّ الْمَالِكَ يَضْمَنُهُ إذَا كَانَ انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَاهُ. ثُمَّ صُورَةُ هَذَا الْكِتَابِ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُعِيرَ - لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُسْتَعِيرَ - أَنِّي أَسْكَنْتُكَ الدَّارَ الَّتِي فِي مَحَلَّةِ كَذَا أَحَدُ حُدُودِهَا كَذَا إلَى آخِرِهِ عَلَى أَنْ تَسْكُنَ بِنَفْسِكَ وَتُسَكِّنُ مَنْ شِئْتَ وَقَدْ دَفَعْتُهَا إلَيْكَ وَقَبَضْتَهَا مِنِّي فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصَّنْعَةِ يَكْتُبُونَ: هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ فُلَانًا اسْتَعَارَ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا سَنَةً كَامِلَةً أَوَّلُهَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا آخِرُهَا سَلْخَ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا لِيَسْكُنَهَا فُلَانٌ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ - يَعْنِي الْمُسْتَعِيرَ - مَا شَاءَ مِنْهَا بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَحَشَمِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَأَضْيَافِهِ وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ النَّاسِ كُلِّهِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ هَذِهِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهِ

الفصل الثاني والعشرون في الودائع

فَأَعَارَهُ فُلَانٌ جَمِيعَ ذَلِكَ وَقَبَضَهَا الْمُسْتَعِيرُ فُلَانٌ بِتَسْلِيمِ الْمُعِيرِ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ فَارِغًا عَنْ كُلِّ مَانِعٍ وَصَارَ فِي يَدَيْهِ عَلَى هَذِهِ الْعَارِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُسْتَعِيرُ مُسْتَحِقًّا بِهَذِهِ الْعَارِيَّةِ عَلَى هَذَا الْمُعِيرِ حَقًّا فِي هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (وَإِذَا أَعَارَ مِنْ آخَرَ دَابَّةً) يَكْتُبُ فِيهِ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ أَقَرَّ فُلَانٌ - يَعْنِي الْمُسْتَعِيرَ - طَائِعًا أَنَّهُ اسْتَعَارَ مِنْ فُلَانٍ مَرْكَبًا صِفَتُهُ كَذَا لِيَرْكَبَهُ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ سَالِمًا مِنْ الْآفَاتِ إذَا انْصَرَفَ إلَى وَطَنِهِ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ فَأَعَارَهُ فُلَانٌ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَقَبَضَ الْمُسْتَعِيرُ هَذَا الْمَرْكَبَ فَصَارَ فِي يَدِهِ بِحُكْمِ الْعَارِيَّةِ مِلْكًا لِهَذَا الْمُعِيرِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ اسْتَعَارَ رَجُلٌ مَوَاضِعَ خَشَبٍ مِنْ حَائِطٍ وَأَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ كِتَابًا كَتَبَ هَذَا مَا اسْتَعَارَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ مَوَاضِعَ عِشْرِينَ خَشَبَةً مِنْ حَائِطِهِ الَّذِي فِي دَارِهِ وَيَحُدَّ الدَّارَ وَهَذَا الْحَائِطُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ مِمَّا يَلِي دَارِهِ الَّتِي تُلَاصِقُ دَارَ الْمُسْتَعِيرِ وَهِيَ عَنْ يَمِينِ دَارِهِ وَهَذَا الْحَائِطُ حَاجِزٌ بَيْنَ الدَّارَيْنِ وَهُوَ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَطُولُ هَذَا الْحَائِطِ كَذَا وَارْتِفَاعُهُ مِنْ الْأَرْضِ كَذَا وَجَمِيعُ هَذَا الْحَائِطِ بِأَرْضِهِ وَبِنَائِهِ لِفُلَانٍ الْمُعِيرِ هَذَا وَمِلْكُهُ لَا حَقَّ لِلْمُسْتَعِيرِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ سِوَى حَقِّ الْعَارِيَّةِ عَلَى أَنْ يَضَعَ خَشَبَتَهُ هَذِهِ فِي مَوْضِعِ كَذَا مِنْ الْحَائِطِ وَيَسْتَمْسِكَ عَلَى مَا بَدَا لَهُ عَلَى أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ مِنْ هَذَا الْحَائِطِ شَيْئًا بَلْ هُوَ عَارِيَّةٌ فِي يَدِهِ لَا مِلْكَ لَهُ وَلَا حَقَّ لَهُ وَلَا دَعْوَى فِي جَمِيعِهِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَعَلَى هَذَا لَوْ اسْتَعَارَ مِنْهُ طَرِيقًا أَوْ اسْتَعَارَ مِنْهُ شِرْبًا لِيَسْقِيَ الْأَرَاضِيَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (وَفِي الْإِشْهَادِ عَلَى الْتِقَاطِ اللُّقَطَةِ) يَكْتُبُ: هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ فُلَانًا الْتَقَطَ بِمَحْضَرِهِمْ وَمَرْأَى أَعْيُنِهِمْ فِي مَوْضِعِ كَذَا لُقَطَةً وَهِيَ كَذَا. وَقَدْ وَقَفُوا عَلَيْهَا وَعَرَفُوهَا وَأَنَّهُ أَشْهَدَهُمْ فِي صِحَّةِ بَدَنِهِ وَقِيَامِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ أَنَّهُ إنَّمَا الْتَقَطَهَا لِيُعَرِّفَهَا وَيَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا إنْ وَجَدَهُ يُعْلِنُ أَمْرَهَا وَلَا يَسْتَجِيزُ كِتْمَانَهَا وَيَمْتَثِلُ أَمْرَ الشَّرْعِ بِالتَّعْرِيفِ فِيهَا وَلَا يَسْتَعْمِلُهَا وَلَا يُضَيِّعُهَا وَلَا يَتْرُكُ حِفْظَهَا وَقَدْ نَادَى بِذَلِكَ نِدَاءً ظَاهِرًا فِي مَجْمَعٍ مِنْ النَّاسِ وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ مَنْ أُثْبِتَ اسْمُهُ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْوَدَائِعِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْوَدَائِعِ) يَكْتُبُ فِيهِ أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَ عِنْدَهُ كَذَا عَلَى أَنْ يَحْفَظَهَا هَذَا الْمُودَعُ فِي بَيْتِهِ بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ يُمَوِّنُهُ مِنْ عِيَالِهِ وَلَا يَدْفَعُهَا إلَى أَجْنَبِيٍّ وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْ يَدِهِ وَلَا يَنْقُلُهَا إلَى غَيْرِ حِرْزٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ اسْتَهْلَكَهَا أَوْ ضَيَّعَهَا أَوْ خَالَفَ فِيهَا فَهُوَ ضَامِنٌ وَأَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ جَمِيعَ هَذِهِ الْوَدِيعَةِ وَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ بِتَسْلِيمِهِ ذَلِكَ إلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ الْحِفْظِ وَعَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى هَذَا الْمُودِعِ بِعَيْنِهَا إذَا اسْتَرَدَّهَا وَطَالَبَهُ بِهَا مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَلَا يَعْتَلُّ بِعِلَّةٍ دُونَ رَدِّهَا إلَيْهِ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْأَقَارِيرِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْأَقَارِيرِ) هَذَا الْفَصْلُ يَشْتَمِلُ عَلَى أَنْوَاعٍ (الْأَوَّلُ فِي الْإِقْرَارِ بِدَيْنٍ حَالٍّ مُطْلَقٍ) أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا رَاغِبًا فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَقِيَامِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ لَهُ عَلَيْهِ

لَا عِلَّةَ بِهِ مِنْ مَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ تَمْنَعُ صِحَّةَ إقْرَارِهِ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ وَفِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا وَكَذَا دِينَارًا نِصْفُهَا كَذَا دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ حَالًّا غَيْرَ مُؤَجَّلٍ يُطَالِبُهُ بِهَا مَتَى شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ لَا بَرَاءَةَ لَهُ مِنْهَا إلَّا بِخُرُوجِهِ مِنْهَا إلَيْهِ أَوْ إلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ وَارِثٍ لَا يُسْمَعُ لَهُ حُجَّةٌ يَدْفَعُ بِهَا هَذَا الْمَالَ عَنْ نَفْسِهِ إلَّا عِنْدَ وُقُوعِ الْبَرَاءَةِ لَهُ إلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ وَصَدَّقَهُ هَذَا الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ تَصْدِيقًا صَحِيحًا خِطَابًا شِفَاهًا وَذَلِكَ بِتَارِيخِ كَذَا وَيَكْتُبُ: وَقَبِلَ مِنْهُ هَذَا الْمُقَرُّ لَهُ هَذَا الْإِقْرَارَ لَهُ بِذَلِكَ قَبُولًا صَحِيحًا وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِذَلِكَ كُلِّهِ مَنْ أُثْبِتَ اسْمُهُ آخِرَهُ بَعْدَ أَنْ قُرِئَ عَلَيْهِمَا هَذَا بِلِسَانٍ عَرَفَاهُ بِهِ وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا قَدْ فَهِمَاهُ وَأَحَاطَا بِهِ عِلْمًا وَذَلِكَ كُلُّهُ بِتَارِيخِ كَذَا وَإِنْ أَرَادَ بَيَانَ السَّبَبِ ذَكَرَ الْكَاتِبُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ. (وَفِي الْأَسْبَابِ كَثْرَةٌ) مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ ثَمَنُ مَتَاعٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَيَكْتُبُ عِنْدَ قَوْلِهِ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا ثَمَنَ فَرَسٍ أَوْ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ وَقَبَضَهُ مِنْهُ وَرَآهُ وَرَضِيَ بِهِ وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ وَأَبْرَأَ بَائِعَهُ عَنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ بَعْدَ مَعْرِفَتِهَا كُلِّهَا حَالًّا غَيْرَ مُؤَجَّلٍ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا يَكْتُبُ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرِ كَذَا أَوْ إلَى سَنَةِ كَذَا أَوْ إلَى سَنَتَيْنِ عَلَى حَسَبِ مَا يَكُونُ كَامِلَتَيْنِ هِلَالِيَّتَيْنِ وَلَيْسَ لِهَذَا الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهَذَا الْمَالِ حَالَ قِيَامِ هَذَا الْأَجَلِ وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ بَعْدَ مَا حَلَّ هَذَا الْأَجَلُ كَيْفَ شَاءَ وَمَتَى شَاءَ لَا بَرَاءَةَ لَهُ مِنْهُ إلَى آخِرِهِ وَقَدْ قَبَضَ الْمُقِرُّ هَذَا مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ هَذَا الْمَبِيعَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ وَإِنَّمَا كَتَبْنَا قَبَضَ الْمَبِيعَ حَالَ مَا وَقَّعَ عُقْدَةَ هَذَا الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِثَمَنٍ إلَى سَنَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ السَّنَةَ فَالْأَجَلُ يُعْتَبَرُ مِنْ حِينِ قَبْضِ الْمَبِيعَ وَإِنْ كَانَ الْقَبْضُ بَعْدَ سَنَةٍ لَا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُنَجَّمًا كَتَبْتَ مَثَلًا مُؤَجَّلًا إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنَجَّمًا بِسِتَّةِ أَنْجُمٍ يُؤَدِّي إلَيْهِ عِنْدَ كُلِّ نَجْمٍ كَذَا وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَحِلَّ الْمَالُ عِنْدَ تَأْخِيرِ نَجْمٍ يَكْتُبُ عَلَى أَنَّهُ مَتَى أَخَلَّ بِنَجْمٍ مِنْهَا وَأَدْخَلَ نَجْمًا فِي نَجْمٍ فَجَمِيعُ الْمَالِ عَلَيْهِ حَالٌ وَالتَّنْجِيمُ بَاطِلٌ وَيَكْتُبُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يُفْسِدُ الْبَيْعَ. (وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَسْبَابِ الْقَرْضُ) فَيَكْتُبُ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبِ قَرْضٍ صَحِيحٍ اسْتَقْرَضَهَا مِنْهُ وَإِنَّهُ أَقْرَضَهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إيَّاهُ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَأَنَّهُ قَبَضَهَا مِنْهُ وَصَرَفَهَا إلَى حَوَائِجِهِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ هَذَا فِيهِ خِطَابًا وَلَا يَكْتُبُ فِي الْقَرْضِ مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَا يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَوْصَى أَنْ يُقْرِضَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى سَنَةٍ فَهَذَا الْأَجَلُ صَحِيحٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. (وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَسْبَابِ الْغَصْبُ) فَيَكْتُبُ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبِ غَصْبِهِ مِنْهُ مِثْلَ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ. (وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الِاسْتِهْلَاكُ) فَيَكْتُبُ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبِ اسْتِهْلَاكِهِ عَلَيْهِ كَذَا قِيمَتُهُ كَذَا (وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الْحَوَالَةُ وَالْكَفَالَةُ) فَيَكْتُبُ فِي الْحَوَالَةِ بِسَبَبِ قَبُولِ حَوَالَةِ فُلَانٍ عَلَيْهِ بِهَذَا الدَّيْنِ لِهَذَا الْمُقِرِّ وَيَكْتُبُ فِي الْكَفَالَةِ بِسَبَبِ كَفَالَتِهِ عَنْ فُلَانٍ لِهَذَا الْمُقَرِّ لَهُ بِدَيْنٍ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ. (وَإِنْ أَرَادَ الْإِقْرَارَ بِبَقِيَّةِ مَهْرِ الْمَرْأَةِ) يَكْتُبُ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِبَقِيَّةِ مَهْرِهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ وَأَوْفَاهَا بَعْضَهُ تُطَالِبُهُ بِذَلِكَ مَتَى تَوَجَّهَتْ مُطَالَبَتُهَا إيَّاهُ بِهِ شَرْعًا. (وَإِنْ رَهَنَ الْمُقِرُّ أَعْيَانًا نَقْلِيَّةً بِهَذَا الْمَالِ) يَكْتُبُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَالتَّصْدِيقِ وَقَدْ رَهَنَ هَذَا الْمُقَرَّ لَهُ بِهَذَا الدَّيْنِ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ مِنْهُ مِنْدِيلًا بَغْدَادِيًّا جَيِّدًا طُولُهُ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا وَقِيمَتُهُ كَذَا أَوْ دِيبَاجًا طُولُهُ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا

وَنَقْشُهُ كَذَا وَقِيمَتُهُ كَذَا أَوْ معفوريا طُولُهُ وَعَرْضُهُ وَلَوْنُهُ وَقِيمَتُهُ كَذَا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَقَبَضَهُ مِنْهُ فَجَمِيعُ ذَلِكَ رَهْنٌ عِنْدَهُ بِهَذَا الدَّيْنِ لَهُ حَبْسُهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ كُلَّ هَذَا الدَّيْنِ مِنْهُ وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ الْمُسَمَّيْنَ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ. (وَإِنْ أَخَذَ بِالدَّيْنِ كَفِيلًا مِنْ الْمُقِرِّ) يَكْتُبُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ وَالتَّصْدِيقِ وَقَدْ كَفَلَ فُلَانٌ عَنْ هَذَا الْمُقِرِّ بِأَمْرِهِ بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ كَفَالَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً نَافِذَةً بِإِجَازَةِ هَذَا الْمُقَرِّ لَهُ وَقَبُولِهِ ذَلِكَ مُوَاجَهَةً فِي مَجْلِسِ هَذِهِ الْكَفَالَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمُقَرَّ لَهُ إنْ شَاءَ طَالَبَ هَذَا الْكَفِيلَ بِحُكْمِ هَذِهِ الْكَفَالَةِ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ هَذَا الْأَصِيلَ بِحُكْمِ الْأَصَالَةِ. (إذَا أَرَادُوا كِتَابَةَ الْمَهْرِ عَلَى الصَّغِيرِ وَإِقْرَارَهُ بِذَلِكَ لَا يَصِحُّ) يَكْتُبُ حِكَايَةَ النِّكَاحِ فَيَصِيرُ بِهِ الْمَهْرُ دَيْنًا عَلَى الصَّغِيرِ وَوَجْهُ كِتَابَتِهِ: هَذَا مَا زَوَّجَ فُلَانٌ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ فُلَانَةَ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ مِنْ فُلَانٍ الصَّغِيرِ ابْنِ فُلَانٍ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ الْعُدُولِ وَقَبِلَ أَبُو الصَّغِيرِ فُلَانٌ هَذَا النِّكَاحَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ هَذَا فَصَارَتْ هِيَ امْرَأَتَهُ وَصَارَ هَذَا الْمَهْرُ لَازِمًا لَهَا عَلَيْهِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ رَجُلَيْنِ بِالدَّيْنِ لِرَجُلٍ وَكَفَالَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ) يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانٌ وَفُلَانٌ طَائِعَيْنِ رَاغِبَيْنِ فِي حَالِ صِحَّةِ أَبْدَانِهِمَا وَقِيَامِ عُقُولِهِمَا وَجَوَازِ أُمُورِهِمَا لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا لَا عِلَّةَ بِهِمَا وَلَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ مَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِمَا وَفِي ذِمَّتِهِمَا كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا وَاجِبًا وَحَقًّا لَازِمًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ عَرَفَاهُ لَهُ وَلَزِمَهُمَا الْإِقْرَارُ لَهُ بِذَلِكَ وَأَنَّهُمَا مَلِيَّانِ وَفِيَّانِ مُوسِرَانِ غَنِيَّانِ مَالِكَانِ مِنْ الْأَعْيَانِ وَالْأَمْوَالِ مَا يَفِي بِهَذَا الدَّيْنِ وَزِيَادَةٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ ضَامِنٌ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَهَذَا الْمُقَرُّ لَهُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا بِذَلِكَ جَمِيعًا وَإِنْ شَاءَ فُرَادَى وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ هَذَا الْمَالَ كُلَّهُ لَا بَرَاءَةَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا خَلَاصَ بِدُونِ تَوْفِيَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَيْهِ مَتَى طَالَبَهُمَا وَصَدَّقَهُمَا هَذَا الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ مُوَاجَهَةً، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نَوْعٌ آخَرُ) إذَا كَانَ دَيْنٌ فِي صَكٍّ بِاسْمِ رَجُلٍ فَأَرَادَ أَنْ يُقِرَّ أَنَّ هَذَا الدَّيْنَ لِفُلَانٍ وَأَنَّ اسْمَهُ فِي الصَّكِّ عَارِيَّةٌ فَوَجْهُ كِتَابَتِهِ شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ طَائِعًا أَنَّ بِاسْمِهِ عَلَى فُلَانٍ مَالًا مَبْلَغُهُ كَذَا بِصَكٍّ وَهَذِهِ نُسْخَتُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَنْسَخُ الصَّكَّ بِتَارِيخِهِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ يَكْتُبُ: أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّ جَمِيعَ هَذَا الْمَالِ الَّذِي بِاسْمِهِ عَلَى فُلَانٍ فِي هَذَا الصَّكِّ لِفُلَانٍ دُونَهُ وَدُونَ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ لِفُلَانٍ يَكْتُبُ أَنَّ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ جَمِيعِ هَذَا الدَّيْنِ لِفُلَانٍ دُونَهُ وَدُونَ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ مِلْكًا صَحِيحًا وَحَقًّا ثَابِتًا بِأَمْرِ حَقٍّ لَازِمٍ وَاجِبٍ عَرَفَهُ فُلَانٌ وَلَزِمَهُ الْإِقْرَارُ بِهِ لَهُ وَأَنَّ هَذَا الْمَالَ لَمْ يَزَلْ لِفُلَانٍ وَفِي مِلْكِهِ وَأَنَّ اسْمَهُ فِي ذَلِكَ عَارِيَّةٌ وَمَعُونَةٌ لِفُلَانٍ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ فِيمَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ مِمَّا وَصَفَ وَلَا دَعْوَى وَلَا طَلِبَةَ فِي ذَلِكَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَأَنَّ هَذَا الْمُقَرَّ لَهُ أَحَقُّ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْمُقِرِّ وَمِنْ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَأَحَقُّ بِإِبْرَائِهِ وَقَبْضِهِ وَالشِّرَاءِ بِهِ وَهِبَتِهِ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ وَتَأْخِيرِهِ وَهُوَ الْمُسَلَّطُ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَأْذُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ وَفِي الْخُصُومَةِ فِيهِ إنْ جَحَدَ هَذَا الْمَطْلُوبُ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ هَذَا الْمُقِرِّ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ إنْ شَاءَ وَلِيَ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ بِغَيْرِهِ يُوَكِّلُ بِذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ وَيُوصِي بِذَلِكَ إلَى مَنْ أَحَبَّ وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَيَجُوزُ لَهُ مَا صَنَعَ فِيهِ مَتَى شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ وَكُلَّمَا شَاءَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لَا حَقَّ لِهَذَا الْمُقِرِّ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى قَبْضِهِ وَلَا عَلَى إبْرَائِهِ وَلَا عَلَى هِبَتِهِ

وَلَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صَدَقَةٍ وَتَأْخِيرٍ وَلَا دَعْوَى بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ قَدِيمٍ أَوْ حَدِيثٍ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ تَصَرَّفَ فِيهِ الْمُقِرُّ فَهُوَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ وَالدَّيْنُ ثَابِتٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ عَلَى حَالِهِ وَهَذَا الْمُقِرُّ ضَامِنٌ لِهَذَا الْمُقَرِّ لَهُ إنْ اُسْتُحِقَّ هَذَا الدَّيْنُ الْمُسَمَّى الْمَوْصُوفُ فِيهِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِسَبَبٍ أَحْدَثَهُ هَذَا الْمُقِرُّ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْإِقْرَارِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ) أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا حَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَقَدْ كَانَا كَتَبَا بِذَلِكَ صَكًّا مُشْتَمِلًا آخِرَهُ عَلَى شَهَادَةِ شُهُودٍ عُدُولٍ وَكَانَ فِي يَدِهِ كَتَبْنَاهُ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ قَبَضَ مِنْ فُلَانٍ هَذَا جَمِيعَ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَاسْتَوْفَاهُ مِنْهُ تَامًّا كَامِلًا وَافِيًا بِدَفْعِ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَيْهِ وَأَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ إيَّاهُ وَأَنَّ الصَّكَّ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ بِإِقْرَارِهِ لَهُ بِهَذَا الْمَالِ قَدْ ضَاعَ مِنْ يَدِهِ فَمَتَى أَخْرَجَهُ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَهُوَ بَاطِلٌ لَا حُجَّةَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ ادَّعَى هُوَ عَلَيْهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ وَارِثٍ بِذَلِكَ الصَّكِّ جَمِيعَ ذَلِكَ الْمَالِ أَوْ بَعْضَهُ فَهُوَ وَمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مُبْطَلٌ فِي دَعْوَاهُ قَبْلَهُ بِذَلِكَ الصَّكِّ وَقَبِلَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ جَمِيعَ هَذَا الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ قَبُولًا جَائِزًا بِمُخَاطَبَةٍ مِنْهُ إيَّاهُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَبْضِ مِنْ أَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ وَهُوَ كَفِيلٌ عَنْ الْآخَرِ) يَكْتُبُ: أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ كَذَا دِينَارًا بِالسَّوِيَّةِ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ بِكُلِّ هَذَا الدَّيْنِ وَضَمِنَ لَهُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا بِذَلِكَ كُلِّهِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا جَمِيعًا يَأْخُذُ أَحَدَهُمَا وَيَأْخُذُهُمَا مَتَى شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَأَنَّ فُلَانًا وَهُوَ أَحَدُ هَذَيْنِ الْغَرِيمَيْنِ قَضَى كُلَّ هَذَا الدَّيْنِ الْوَاجِبِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَكَانَ هُوَ كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ فَسَقَطَ هَذَا الدَّيْنُ عَنْهُمَا وَبَرِئَا عَنْهُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَى هَذَا الَّذِي قَضَاهُ وَلَا عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَلَا دَعْوَى لَهُ قِبَلَهُمَا فِي هَذَا الدَّيْنِ لَا فِي كُلِّهِ وَلَا فِي بَعْضِهِ لَا قَدِيمَ وَلَا حَدِيثَ وَصَدَّقَهُ هَذَا الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ مُوَاجَهَةً وَأَشْهَدَا وَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ خَاصَّةً يَكْتُبُ وَأَنَّ فُلَانًا وَهُوَ أَحَدُ هَذَيْنِ الْغَرِيمَيْنِ قَضَى نَصِيبَ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ وَبَرِئَ هُوَ مِنْ ذَلِكَ وَبَرِئَ صَاحِبُهُ أَيْضًا مِنْ كَفَالَتِهِ عَنْهُ بِنَصِيبِهِ وَبَقِيَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ كَذَا حِصَّةً وَعَلَى هَذَا الْمُؤَدِّي ذَلِكَ أَيْضًا بِسَبَبِ كَفَالَتِهِ عَنْهُ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْحِنْطَةِ) أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ وَفِي ذِمَّتِهِ كَذَا قَفِيزَ حِنْطَةٍ سَقِيَّةٍ بَيْضَاءَ نَقِيَّةٍ جَيِّدَةٍ جَافَّةٍ خَرِيفِيَّةٍ بِالْقَفِيزِ الْعَشَّارِي الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ أَهْلِ بُخَارَى دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَإِنْ شَاءَ عَيَّنَ السَّبَبَ فَيَقُولُ بِسَبَبِ أَنَّهُ اسْتَقْرَضَهَا مِنْهُ فَأَقْرَضَهَا إيَّاهُ أَوْ يَقُولُ بِسَبَبِ سَلَمٍ صَحِيحٍ مُسْتَجْمِعٍ شَرَائِطَ صِحَّتِهِ وَلَا يَزِيدُ فِي السَّلَمِ الْأَجَلَ فَيَقُولُ: مُؤَجَّلٌ بِأَجَلِ كَذَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَصَدَّقَهُ هَذَا الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ شِفَاهًا، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (وَالْإِقْرَارُ بِسَائِرِ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ عَلَى الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْحِنْطَةِ) يُبَالِغُ فِي تَعْرِيفِ الْمُقَرِّ بِهِ بِصِفَاتِهِ وَقَدْرِهِ فَيَكْتُبُ فِي الدَّخَنِ كَذَا مَنَّا مِنْ الدَّخَنِ الْوَسَطِ الْأَحْمَرِ النَّقِيِّ الْمَوْزُونِ بِوَزْنِ بُخَارَى أَوْ كَذَا مَنًّا مِنْ الدَّخَنِ الْأَبْيَضِ الْوَسَطِ النَّقِيِّ الْمَوْزُونِ بِوَزْنِ بُخَارَى وَيَكْتُبُ فِي الذُّرَةِ كَذَا مَنًّا مِنْ

الجاورس الْوَسَطِ النَّقِيِّ الْمَوْزُونِ بِوَزْنِ بُخَارَى وَيَكْتُبُ فِي السِّمْسِمِ كَذَا مَنًّا مِنْ السِّمْسِمِ الْأَسْوَدِ النَّقِيِّ أَوْ مِنْ السِّمْسِمِ الْأَصْهَبِ الْوَسَطِ النَّقِيِّ وَيَكْتُبُ فِي الْقُطْنِ كَذَا مَنًّا مِنْ الْقُطْنِ الْأَبْيَضِ الْوَسَطِ الْجَافِّ مَعَ الورام الْمَوْزُونِ بِوَزْنِ بخارى وَيَكْتُبُ فِي الدَّقِيقِ كَذَا مَنًّا مِنْ الدَّقِيقِ الْحِنْطِيِّ الْأَبْيَضِ الطَّاحُونِيِّ الْمَوْزُونِ بِوَزْنِ أَهْلِ بُخَارَى وَإِنْ كَانَ مَنْخُولًا يَكْتُبُ الْمَنْخُولَ الْمَعْرُوفَ (بِهِ يك ويز) الْمَوْزُونَ بِوَزْنِ أَهْلِ بُخَارَى وَيَكْتُبُ فِي الكنح كَذَا مَنًّا مِنْ الكنح الْحَامِضِ الْوَسَطِ الْمَوْزُونِ بِوَزْنِ بُخَارَى وَيَكْتُبُ فِي الصَّابُونِ كَذَا مَنًّا مِنْ الصَّابُونِ الْوَسَطِ الْمُتَّخَذِ مِنْ دُهْنِ السِّمْسِمِ الْمَوْزُونِ بِوَزْنِ بُخَارَى وَيَكْتُبُ فِي الْعِنَبِ كَذَا مَنًّا مِنْ الْعِنَبِ الْوَرَحْمِيِّ الْأَحْمَرِ أَوْ الْأَبْيَضِ أَوْ الحرماني الْأَحْمَرِ أَوْ الْأَبْيَضِ الْمَوْزُونِ بِوَزْنِ بُخَارَى أَوْ الطَّائِفِيِّ الْأَبْيَضِ أَوْ الْأَحْمَرِ الْمَوْزُونِ بِوَزْنِ بُخَارَى وَيَكْتُبُ فِي الدِّبْسِ الْعِنَبِيِّ الْحُلْوِ الصَّافِي الْمُتَّخَذِ مِنْ عِنَبِ كَذَا الْوَسَطِ رِقَّةً وَصُورَةً الْمَوْزُونِ بِوَزْنِ بُخَارَى وَكَذَلِكَ كَذَا مَنًّا مِنْ دُهْنِ السِّرَاجِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ بَذْرِ الْكَتَّانِ أَوْ حَبِّ الْقُطْنِ الْمَوْزُونِ بِوَزْنِ بُخَارَى وَيَكْتُبُ فِي دُهْنِ الْقُرْطُمِ مِنْ الدُّهْنِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ الْقُرْطُمِ الطَّيِّبِ النَّقِيِّ الْوَسَطِ الْمَوْزُونِ بِوَزْنِ بُخَارَى وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ سَائِرُ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِشِرَاءِ الزَّوْجِ لَهَا أَشْيَاءَ بِمَهْرِهَا) أَقَرَّتْ طَائِعَةً أَنَّهَا زَوْجَةُ فُلَانٍ وَحَلَالُهُ تَزَوَّجَهَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ بِمَشْهَدِ شُهُودٍ عُدُولٍ بِكَذَا دِينَارًا وَأَنَّهُ اشْتَرَى لَهَا بِجَمِيعِ مَهْرِهَا هَذَا أَشْيَاءَ مِنْ أَصْنَافٍ شَتَّى وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ شَيْئًا فَشَيْئًا وَكَانَتْ وَكَّلَتْهُ بِشِرَاءِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَكَالَةً صَحِيحَةً وَأَنَّهَا قَبَضَتْ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْهُ عَلَى هَيْأَتِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا يَوْمَ قَبَضَهَا الزَّوْجُ هَذَا بِحُكْمِ الشِّرَاءِ هَذَا وَصَارَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي يَدِهَا بِتَسْلِيمِ هَذَا الزَّوْجِ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَيْهَا هَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الزَّاهِدُ نَجْمُ الدِّينِ عُمَرُ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الْحَاصِلِ تَوْكِيلٌ مِنْ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا بِالشِّرَاءِ بِالْمَهْرِ الَّذِي لَهَا عَلَيْهِ وَمَنْ وَكَّلَ بِدُيُونِهِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ إلَّا إذَا عَيَّنَ الْبَائِعُ بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرِ لِي بِهَا كَذَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ عَيَّنَ الْمَبِيعَ بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي بِهَا هَذَا الْعَبْدَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ الْوَكَالَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَالِاحْتِيَاطُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يُزَادَ فِي الْكِتَابَةِ فَيَكْتُبُ اشْتَرَى لَهَا بِجَمِيعِ مَهْرِهَا هَذَا مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَيَكْتُبُ قَدْ كَانَتْ وَكَّلَتْهُ بِشِرَاءِ ذَلِكَ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَوْ يَكْتُبُ وَقَدْ كَانَتْ وَكَّلَتْهُ بِشِرَاءِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِأَعْيَانِهَا بِمَهْرِهَا هَذَا. (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الرَّجُلَيْنِ بَيْنَهُمَا مُدَايَنَاتٍ بِاسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) صُورَةُ كِتَابَتِهِ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا أَقَرَّا طَائِعَيْنِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا عِنْدَهُ وَلَا قِبَلَهُ وَلَا مَعَهُ وَلَا فِي يَدِهِ

وَلَا بِاسْمِهِ وَلَا بِاسْمِ وَكِيلٍ لَهُ وَلَا قِبَلَ أَحَدٍ بِسَبَبِهِ مِنْ جَمِيعِ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا مِنْ الْوُجُوهِ كُلِّهَا حَقٌّ وَلَا دَعْوَى وَلَا خُصُومَةَ وَلَا طَلِبَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ لَا قَدِيمٍ وَلَا حَدِيثٍ إلَّا قَدْ اسْتَوْفَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ جَمِيعَ حَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ تَامًّا وَافِيًا بِإِيفَاءِ صَاحِبِهِ ذَلِكَ إيَّاهُ فَمَتَى ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَقَبِلَهُ وَعِنْدَهُ وَفِي يَدِهِ وَقَبِلَ أَحَدٌ بِسَبَبِهِ وَبِاسْمِهِ وَبِاسْمِ وَكِيلٍ لَهُ مِنْ دَعْوَى وَحَقٍّ وَطَلِبَةٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كُلِّهَا حَدِيثٍ وَقَدِيمٍ مِمَّا سَمَّى وَوَصَفَ فِيهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَيَمِينٍ يَطْلُبُهَا مِنْهُ وَبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا بِذَلِكَ وَحَقٍّ يَدَّعِيهِ قِبَلَهُ بِسَبَبِ شَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ هَذَا الْكِتَابِ فَهُوَ زُورٌ وَبَاطِلٌ وَظُلْمٌ، وَصَاحِبُهُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ كُلِّهِ بَرِيءٌ وَفِي حِلٍّ وَسِعَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَقَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَذِهِ الْبَرَاءَةَ مِنْ صَاحِبِهِ عَلَى مَا سَمَّى وَوَصَفَ فِيهِ وَيَكْتُبُ فِي هَذَا نُسْخَتَيْنِ بِلَا تَفَاوُتٍ لِيَكُونَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نُسْخَةٌ فَلَا يَقْدِرَ أَحَدُهُمَا عَلَى خُصُومَةِ صَاحِبِهِ. وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا الدَّيْنُ عَلَى الْآخَرِ وَقَدْ اسْتَوْفَاهُ يَكْتُبُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَلَكِنْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ مَا كَانَ لَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَالْحَقِّ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا عِنْدَهُ وَلَا قِبَلِهِ وَلَا فِي يَدِهِ وَلَا قِبَلَ أَحَدٍ بِسَبَبِهِ إلَى آخَرَ. وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِيفَاءٍ يَكْتُبُ أَبْرَأَ فُلَانٌ فُلَانًا مِنْ كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ قِبَلَهُ إلَى آخِرِهِ إبْرَاءً صَحِيحًا وَقَبِلَ هُوَ إبْرَاءَ ذَلِكَ مُوَاجَهَةً وَإِنْ اسْتَوْفَى بَعْضَهُ وَأَبْرَأَ عَنْ الْبَعْضِ يَكْتُبُ اسْتَوْفَى مِنْهُ مِنْ جَمِيعِ مَا كَانَ لَهُ عِنْدَهُ إلَى آخِرِهِ وَأَبْرَأَهُ عَنْ الْبَاقِي وَقَبِلَ فُلَانٌ هَذَا الْإِبْرَاءَ وَإِنْ اسْتَوْفَى بَعْضَهُ وَأَجَّلَ الْبَاقِيَ يَكْتُبُ كَانَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ كَذَا وَأَقَرَّ بِذَلِكَ وَأَجَّلَ الْبَاقِيَ وَهُوَ كَذَا إلَى كَذَا تَأْجِيلًا صَحِيحًا وَقَبِلَ هُوَ تَأْجِيلَهُ ذَلِكَ وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَإِنْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَعْضِ وَأَجَّلَ الْبَاقِيَ يَكْتُبُ أَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا أَوْ عَنْ جَمِيعِ مَا كَانَ يَدَّعِي عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا إلَّا قَدْرَ كَذَا وَأَجَّلَ ذَلِكَ إلَى كَذَا فَهُوَ لَهُ عَلَيْهِ إلَى هَذَا الْأَجَلِ وَلَمْ يَدْخُلْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي هَذِهِ الْبَرَاءَةِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الْإِنْسَانِ بِالْعَقَارِ) أَقَرَّ أَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا إلَخْ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا الَّتِي هِيَ مِنْ حُقُوقِهَا، وَجَمِيعُ مَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهَا مِنْ حُقُوقِهَا لِفُلَانٍ بِمِلْكٍ ثَابِتٍ وَحَقٍّ وَاجِبٍ وَأَمْرٍ لَازِمٍ فَجَمِيعُ ذَلِكَ لَهُ دُونَ الْمُقِرِّ وَدُونَ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَهَذَا الْمُقَرُّ لَهُ أَحَقُّ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْمُقِرِّ وَغَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَلَا حَقَّ لِهَذَا الْمُقِرِّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا سَبِيلَ لَهُ وَلَا دَعْوَى وَلَا طَلِبَةَ وَلَا خُصُومَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ إلَى آخِرِهِ وَصَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ فُلَانٌ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ (وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ عَقِيبَ قَوْلِهِ بِحُدُودِهَا) وَحُقُوقُهَا مِلْكُ فُلَانٍ وَحَقِّهِ وَفِي يَدِ هَذَا الْمُقِرِّ بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ وَأَنَّ فُلَانًا الْمُقَرَّ لَهُ أَوْلَى النَّاسِ وَأَحَقُّهُمْ بِهَا مِلْكًا وَيَدًا وَتَصَرُّفًا لَا حَقَّ لِهَذَا الْمُقِرِّ وَلَا لِأَحَدٍ فِيهِ سِوَى هَذَا الْمُقَرِّ لَهُ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ هَذَا فِيهِ خِطَابًا وَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ يَكْتُبُ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ بِمَحْدُودٍ آخَرَ. (وَإِنْ أَقَرَّ بِدَارٍ أَوْ ضَيْعَةٍ وَأَقَرَّ أَنَّ ذَلِكَ فِي يَدِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ تَسْلِيمَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ) يَكْتُبُ: وَأَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَرْضِ وَهَذِهِ الدَّارِ فِي يَدِهِ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ وَتَسْلِيمَهَا وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَلَازِمٌ لَهُ بِأَمْرٍ حَقٍّ وَاجِبٍ عَرَفَهُ هَذَا الْمُقِرُّ وَلَزِمَهُ الْإِقْرَارُ بِهِ لَهُ حَتَّى يُسَلِّمَهَا إلَى فُلَانٍ وَيَدْفَعَهَا إلَيْهِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا تَسْلِيمًا صَحِيحًا بِلَا مُدَافِعٍ وَلَا مُنَازَعٍ فَهَذَا جَائِزٌ وَتَسْلِيمُهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَإِنْ سَلَّمَهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا كُلُّهَا وَالْقَوْلُ فِي بَيَانِ الْقِيمَةِ قَوْلُ الْمُقِرِّ فَإِنْ بَيَّنَ الْقِيمَةَ فَقَالَ: عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا فَإِنْ سَلَّمَهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَذَلِكَ كُلُّهُ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ أَحْوَطُ وَأَصْوَبُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ فِي يَدِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا أَوْ تَسْلِيمُ قِيمَتِهَا إنْ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ

فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ الدَّارَ فِي يَدِهِ. وَإِنْ ضَمِنَ الدَّرْكَ فِي هَذَا مِنْ قِبَلِهِ وَبِسَبَبِهِ أَوْ مِنْ قِبَلِ رَجُلٍ أَوْ رِجَالٍ مَعْلُومِينَ سَمَّاهُمْ كَتَبَ فِي آخِرِهِ وَضَمِنَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ جَمِيعَ مَا يُدْرِكُهُ فِي هَذَا الْمَحْدُودِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ مِنْ دَرْكٍ مِنْ قِبَلِهِ وَبِسَبَبِهِ وَمِنْ قِبَلِ فُلَانٍ وَبِسَبَبِهِ أَنْ يُخَلِّصَ فُلَانًا مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ وَيُسَلِّمَهَا إلَيْهِ أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا ضَمِنَ جَمِيعَ ذَلِكَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ ضَمَانًا صَحِيحًا وَقَبِلَ فُلَانٌ جَمِيعَ هَذَا الْإِقْرَارِ وَالضَّمَانُ وَأَمَّا إذَا أَرَادَ ضَمَانَ الدَّرْكِ مِنْ النَّاسِ كُلِّهِمْ فَقَدْ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانَ فَقَالَ: اُبْتُلِينَا فِي عَقَارٍ كَانَ فِي أَيْدِينَا أَنْ أَقْرَرْنَا بِهِ لِرَجُلٍ فَطَلَبِ مِنَّا ضَمَانَ الدَّرْكِ فِيهِ فَأَجَبْنَاهُ إلَى ذَلِكَ مِنْ قِبَلَنَا وَبِسَبَبِنَا فَأَبَى عَلَيْنَا إلَّا أَنْ نَضْمَنَهُ لَهُ مِنْ النَّاسِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: إنْ أَجَبْتُمُوهُ إلَى مَا سَأَلَ وَضَمِنْتُمْ لَهُ مَا طَلَبَ كَانَ الضَّمَانُ بَاطِلًا وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَوَّزَ ضَمَانَ الدَّرْكِ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ فَيَكْتُبُ عَقِيبَ قَوْلِهِ مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ وَبِسَبَبِهِ وَمِنْ قِبَلِ النَّاسِ كَافَّةً وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ وَدِيعَةً فِي يَدِهِ يَكْتُبُ وَهِيَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً مِنْ جِهَةِ الْمُقَرِّ لَهُ هَذَا يُسَلِّمُهَا إلَيْهِ مَتَى شَاءَ لَا امْتِنَاعَ لَهُ عَنْهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْعَقَارِ لِوَلَدِهِ إنْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا يَكْتُبُ فِيهِ كَمَا يَكْتُبُ فِي الْإِقْرَارِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا يَكْتُبُ: مِلْكُ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْمُسَمَّى فُلَانًا وَهُوَ ابْنُ كَذَا سِنِينَ وَحَقُّهُ وَفِي يَدِ هَذَا الْمُقِرِّ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ يَحْفَظُهَا عَلَيْهِ إلَى بُلُوغِهِ وَإِينَاسِ الرُّشْدِ مِنْهُ وَصَدَّقَهُ فِيهِ مَنْ لَهُ حَقُّ التَّصْدِيقِ خِطَابًا. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْإِقْرَارِ بِالدَّارِ وَمَا فِيهَا) يَكْتُبُ بَعْدَ قَوْلِهِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَجَمِيعِ مَا فِيهَا مِنْ الثِّيَابِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْعُرُوضِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْفُرُشِ وَالْبُسُطِ وَالْأَثَاثِ وَسِقْطِ الْبُيُوتِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَوَانِي الصُّفْرِ وَالشَّبَهِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَالْخَزَفِ وَالزُّجَاجِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مِنْ جَمِيعِ أَصْنَافِ الْأَمْوَالِ كُلِّهَا لِفُلَانٍ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (الْإِقْرَارُ بِالْكُرُومِ وَالْأَرَاضِيِ) وَفِيهَا ثِمَارٌ وَزُرُوعٌ كَالْإِقْرَارِ بِالدَّارِ وَفِيهَا أَمْتِعَةٌ؛ لِأَنَّ الزُّرُوعَ وَالثِّمَارَ لَا تَدْخُلُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْأَرَاضِيِ وَالْكُرُومِ كَمَا أَنَّ الْأَمْتِعَةَ الَّتِي فِي الدَّارِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْإِقْرَارِ بِالدَّارِ وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِأَصْلِ الْأَرَاضِي وَالْكُرُومِ يَكْتُبُ كَمَا يَكْتُبُ الْإِقْرَارَ بِأَصْلِ الدَّارِ وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْأَرَاضِيِ وَالْكُرُومِ وَبِمَا فِيهَا يَكْتُبُ كَمَا يَكْتُبُ الْإِقْرَارَ بِالدَّارِ وَبِمَا فِيهَا فَيَكْتُبُ بِمَا فِيهِ مِنْ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِمَا فِي الدَّارِ دُونَ الدَّارِ يَكْتُبُ إقْرَارَهُ بِجَمِيعِ مَا فِي الدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا مِنْ جَمِيعِ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ كُلِّهَا مِنْ الثِّيَابِ وَالْعُرُوضِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْفُرُشِ وَالْبُسُطِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ وَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْكَيْلِيّ وَالْوَزْنِيّ وَالْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ وَسِقْطِ الْمَنْزِلِ وَالْأَوَانِي وَالظُّرُوفِ مِنْ الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَالشَّبَهِ وَالْخَزَفِ وَالزُّجَاجِ مِلْكُ فُلَانٍ وَحَقُّهُ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ بِمَا فِي الْكُرُومِ مِنْ الثِّمَارِ دُونَ الْكُرُومِ أَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِمَا فِي الْأَرَاضِيِ مِنْ الزُّرُوعِ دُونَ الْأَرَاضِي فَفِي الزُّرُوعُ يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّ جَمِيعَ زَرْعِ الشَّعِيرِ النَّابِتِ فِي كَذَا دُبْرَةُ أَرْضٍ يَكْتُبُ مَوْضِعَ الْأَرْضِ وَحُدُودَ الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا الزَّرْعُ وَهَذَا الزَّرْعُ دُونَ سُنْبُلِهِ قَدْ دَنَا حَصَادُهُ أَوْ يَكْتُبُ وَاسْتُحْصِدَ فَأَقَرَّ أَنَّ الشَّعِيرَ الْقَائِمَ فِي هَذِهِ الْأَرَاضِي الْمَحْدُودَةِ كُلَّهُ مِلْكُ هَذَا الْمُقَرِّ لَهُ دُونَ رَقَبَةِ هَذِهِ الْأَرَاضِي، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ (وَفِي الثِّمَارِ يَكْتُبُ أَنَّ جَمِيعَ الثِّمَارِ) الَّتِي فِي كَرْمِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا الْخَارِجَةُ مِنْ أَشْجَارِ هَذِهِ الْكُرُومِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ الْقَائِمَةِ عَلَى أَشْجَارِ هَذِهِ الْكُرُومِ دُونَ أَشْجَارِ هَذِهِ الْكُرُومِ وَدُونَ رَقَبَةِ أَرْضِ هَذِهِ الْكُرُومِ مِلْكُ

هَذَا الْمُقَرِّ لَهُ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ) فِي الْإِقْرَارِ بِأَعْيَانٍ غَيْرِ مُضَافَةٍ إلَى مَكَانٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ نُسْخَةَ الْأَعْيَانِ عَلَى صَدْرِ الْقِرْطَاسِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَيَذْكُرَ كَيْلَ مَا هُوَ كَيْلِيٌّ وَوَزْنَ مَا هُوَ وَزْنِيٌّ وَذَرْعَ مَا هُوَ ذَرْعِيٌّ طُولًا وَعَرْضًا وَمَا هُوَ مِثْلِيٌّ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ مِثْلِيٍّ. وَبَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ كِتَابَةِ النُّسْخَةِ يَكْتُبُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَقِبَ تِلْكَ النُّسْخَةِ ثُمَّ يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ وَنَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ طَائِعًا وَرَاغِبًا أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَعْيَانِ الْمَذْكُورَةِ صِفَاتُهَا وَقَدْرُهَا وَذَرْعُهَا طُولًا وَعَرْضًا وَقِيمَتُهَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ الْمَكْتُوبَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ عَلَى صَدْرِ هَذَا الْقِرْطَاسِ قَبْلَ ذِكْرِ هَذَا الْإِقْرَارِ مِلْكُ فُلَانٍ وَحَقُّهُ وَهُوَ أَوْلَى بِهَا وَبِالتَّصَرُّفِ فِيهَا مِنْ هَذَا الْمُقِرِّ وَمِنْ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْإِقْرَارِ بِمَنْزِلٍ فِي دَارٍ) يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّ جَمِيعَ الْمَنْزِلِ الَّذِي هُوَ فِي الدَّارِ الْمَعْرُوفَةِ بِكَذَا حُدُودُ هَذِهِ الدَّارِ كَذَا وَهَذَا الْمَنْزِلُ عَنْ يَمِينِ الدَّاخِلِ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ مُقَابِلَهُ وَهُوَ الْبَيْتُ الصَّيْفِيُّ أَوْ الشَّتْوِيُّ وَأَحَدُ حُدُودِهِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ لَزِيقُ صَحْنِ هَذِهِ الدَّارِ وَالثَّانِي لَزِيقُ بَيْتٍ صَيْفِيٍّ أَوْ شَتْوِيٍّ فِيهَا وَالثَّالِثُ لَزِيقُ صُفَّةٍ فِيهَا وَالرَّابِعُ لَزِيقُ مُتَوَضَّا فِيهَا بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ كُلِّهَا أَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَسُفْلِهِ وَعُلْوِهِ بِطَرِيقِهِ فِي دِهْلِيزِ هَذِهِ الدَّارِ سُلَّمًا إلَى الْبَابِ الْأَعْظَمِ لِهَذِهِ الدَّارِ وَكُلُّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فِيهِ وَمِنْ حُقُوقِهِ مِلْكُ فُلَانٍ وَحَقُّهُ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِعُلْوِ مَنْزِلٍ فِي الدَّارِ) يَكْتُبُ أَقَرَّ أَنَّ جَمِيعَ الْغُرْفَةِ الَّتِي عَلَى الْبَيْتِ الصَّيْفِيِّ أَوْ عَلَى الْبَيْتِ الشَّتْوِيِّ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ وَهِيَ فِي سِكَّةِ كَذَا حُدُودُ هَذِهِ الدَّارِ كَذَا وَهَذَا الْبَيْتُ الَّذِي هَذِهِ الْغَرْفَةُ عَلَيْهِ عَنْ يَمِينِ الدَّاخِلِ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَحُدُودُ هَذَا الْبَيْتِ كَذَا وَأَقَرَّ هَذَا الْمُقِرُّ أَنَّ هَذِهِ الْغَرْفَةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ مِلْكٌ لِفُلَانٍ دُونَ سُفْلِهَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِبَيْتٍ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ) يَكْتُبُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا ثُمَّ يَكْتُبُ فَإِنْ وَقَعَ هَذَا الْبَيْتُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ سَلَّمَ كُلَّهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ ضَمِنَ الْمُقِرُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ مِنْ نَصِيبِهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ الْبَيْتِ مِنْ نَصِيبِ الْمُقِرِّ بَعْدَ أَنْ ضَرَبَ الْمُقِرُّ بِنِصْفِ ذُرْعَانِ الدَّارِ وَالْمُقَرِّ لَهُ بِذَرْعِ الْبَيْتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِنِصْفِ ذَرْعِ الْبَيْتِ وَالْمُقِرُّ يَضْرِبُ بِنِصْفِ ذُرْعَانِ الدَّارِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْإِقْرَارِ بِطَرِيقٍ فِي الدَّارِ الَّتِي هِيَ لِلْمُقِرِّ) أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّ لِفُلَانٍ طَرِيقًا فِي دَارِهِ الَّتِي فِي يَدِهِ حُدُودُهَا كَذَا وَهَذِهِ الطَّرِيقُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فِي مَوْضِعِ كَذَا مَا بَيْنَ كَذَا إلَى كَذَا وَمَبْدَأُ هَذِهِ الطَّرِيقِ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا إلَى بَابِ الدَّارِ الْأَعْظَمِ سُلَّمًا فِي هَذِهِ الدَّارِ وَطُولُ هَذِهِ الطَّرِيقِ مِنْ مَبْدَئِهَا إلَى بَابِ الدَّارِ كَذَا وَعَرْضُهَا كَذَا يَتَطَرَّقُ فِيهَا فُلَانٌ مِنْ دَارِهِ الْمُلَاصِقَةِ لِهَذِهِ الدَّارِ وَأَحَدُ حُدُودِ هَذِهِ الدَّارِ الَّتِي لَهَا هَذِهِ الطَّرِيقُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ كَذَا وَبَابُ هَذِهِ الدَّارِ الَّتِي لَهَا هَذِهِ الطَّرِيقُ فِي مَوْضِعِ كَذَا مِنْهَا يَسْلُكُ فِيهِ إلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ حِينَ يَخْرُجُ إلَى بَابِ هَذِهِ الدَّارِ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ أَقَرَّ أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الطَّرِيقِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا لِفُلَانٍ وَفِي مِلْكِهِ وَيَدِهِ وَهُوَ أَوْلَى بِهَا مِنْ الْمُقِرِّ هَذَا وَمِنْ سَائِرِ النَّاسِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا يُزَادُ فِي الْكِتَابِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا

نَوْعٌ آخَرُ فِي الْإِقْرَارِ بِجِدَارٍ لِرَجُلٍ) يَكْتُبُ مَوْضِعَهُ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَارْتِفَاعَهُ وَيَجِبُ أَنْ يَكْتُبَ هَذَا الْجِدَارَ الْمَحْدُودَ فِيهِ بِأَرْضِهِ وَبِنَائِهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْحَائِطِ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْبِنَاءِ وَالْأَرْضِ أَوْ لِلْبِنَاءِ لَا غَيْرُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْإِقْرَارِ بِنَهْرٍ أَوْ قَنَاةٍ) يَكْتُبُ فِي النَّهْرِ أَقَرَّ أَنَّ النَّهْرَ الَّذِي فِي مَوْضِعِ كَذَا يُدْعَى بِكَذَا وَمَبْدَأُ هَذَا النَّهْرِ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَمَغْرَفُهُ مِنْ نَهْرِ كَذَا وَمَصَبُّهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا طُولُ هَذَا النَّهْرِ مِنْ مَغْرَفِهِ إلَى مَصَبِّهِ كَذَا ذِرَاعًا بِذِرَاعِ كَذَا وَعَرْضُ هَذَا النَّهْرِ كَذَا أَقَرَّ أَنَّ جَمِيعَ هَذَا النَّهْرِ كُلِّهِ بِمُلْقَى تُرَابِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْ جَانِبَيْهِ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ فِي طُولِ هَذَا النَّهْرِ بِحُدُودِ ذَلِكَ كُلِّهَا وَأَرْضُهُ وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهُ دَاخِلٌ فِيهِ وَخَارِجٌ مِنْهُ لِهَذَا الْمُقَرِّ لَهُ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَفِي الْقَنَاةِ يُزَادُ أَرْضُهَا وَبِنَاؤُهَا. (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمُشْتَرَى مِلْكُ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ كَانَ وَكِيلًا عَنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ فِي الشِّرَاءِ وَأَرَادَ الْكِتَابَةَ عَلَى ظَهْرِ الصَّكِّ) يَكْتُبُ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي فُلَانٌ الْمَذْكُورُ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فِي بَطْنِ هَذَا الصَّكِّ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ وَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ طَائِعًا أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَى جَمِيعَ الضَّيْعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَطْنِ هَذَا الصَّكِّ أَوْ جَمِيعَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ الْمَحْدُودَةِ فِي بَطْنِ هَذَا الصَّكِّ مِنْ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ فِيهِ بِالثَّمَنِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ اشْتَرَاهَا لَهُ بِمَالِهِ وَتَوْكِيلِهِ إيَّاهُ بِهِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ وَقَبَضَ هَذَا الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ لِأَجَلِهِ وَأَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ هَذِهِ الضَّيْعَةَ مِلْكُ فُلَانٍ وَحَقُّهُ وَأَنَّ اسْمَ هَذَا الْمُقَرِّ الْمَذْكُورِ فِي بَطْنِ هَذَا الصَّكِّ اسْمُ عَارِيَّةٍ وَوَكَالَةٍ لَا اسْمَ اسْتِحْقَاقٍ وَأَصَالَةٍ مِلْكُ فُلَانٍ وَحَقُّهُ وَأَنَّ مُوَكِّلَهُ فُلَانًا أَوْلَى بِذَلِكَ كُلِّهِ مِنْهُ وَمِنْ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَأَنَّهُ لَا دَعْوَى لِهَذَا الْمُقِرِّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ ادَّعَى ذَلِكَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الدَّعْوَى حَالَ حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَدَعْوَاهُ بَاطِلَةٌ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُشَافَهَةً فِي يَوْمِ كَذَا. (وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا مُبْتَدَأً) يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ دَارًا فِي مَوْضِعِ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا وَكَتَبَ بِذَلِكَ صَكَّ شِرَاءٍ هَذِهِ نُسْخَتُهُ ثُمَّ يَكْتُبُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيَنْسَخُ صَكَّ الشِّرَاءِ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ يَكْتُبُ وَإِنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهَا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَالْبَاقِي عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ شِرَاءَ النِّصْفِ لِنَفْسِهِ وَشِرَاءَ النِّصْفِ لِغَيْرِهِ يَكْتُبُ أَقَرَّ طَائِعًا أَنَّهُ حِينَ اشْتَرَى جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا اشْتَرَى نِصْفَهَا شَائِعًا لِنَفْسِهِ وَنِصْفَهَا شَائِعًا لِفُلَانٍ بِمَالِهِ وَأَمْرِهِ وَتَوْكِيلِهِ إيَّاهُ بِذَلِكَ وَأَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ هَذَا الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ فُلَانٍ هَذَا الْمُقَرِّ لَهُ بِسَبَبِ هَذَا الشِّرَاءِ مَشَاعًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا وَأَنَّ نِصْفَ جَمِيعِ هَذَا الثَّمَنِ مَنْقُودٌ مِنْ مَالِ فُلَانٍ بِأَمْرِهِ وَصَدَّقَهُ هَذَا الْمُقَرُّ لَهُ مُشَافَهَةً. (إذَا أَرَادَ الْوَصِيُّ كِتَابَةَ إقْرَارِهِ أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ اشْتَرَاهُ لِهَذَا الْيَتِيمِ) يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانٌ الْوَصِيُّ مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ فُلَانٍ أَنَّ جَمِيعَ الْمَنْزِلِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ بِثَمَنِ كَذَا اشْتَرَاهُ لِهَذَا الْيَتِيمِ بِحَقِّ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْوِصَايَةِ الثَّابِتَةِ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ فُلَانٍ لَمَّا رَأَى فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ بِمَالِهِ وَالِاحْتِيَاطِ بِهِ وَابْتِغَاءِ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ وَالتَّوْفِيرِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ دَفَعَ هَذَا الثَّمَنَ مِنْ مَالِ هَذَا الْيَتِيمِ بِحَقِّ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ إلَى هَذَا الْبَائِعِ وَأَنَّهُ تَسَلَّمَ مَا بَيْنَ شِرَائِهِ مِنْ بَائِعِهِ هَذَا لِهَذَا الْيَتِيمِ وَأَنَّ هَذَا الْيَتِيمَ أَوْلَى بِمَا بُيِّنَ شِرَاؤُهُ فِيهِ مِنْهُ وَمِنْ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَأَنَّ اسْمَهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لِهَذَا الْمُقِرِّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَقَدْ جَعَلَ هَذَا الْوَصِيُّ هَذَا الْيَتِيمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَإِينَاسِ الرُّشْدِ مِنْهُ وَاسْتِحْقَاقِهِ قَبْضَ مَالِهِ مُسَلَّطًا عَلَى قَبْضِ جَمِيعِ مَا اشْتَرَاهُ هَذَا الْوَصِيُّ لَهُ

وَعَلَى خُصُومَةِ مِنْ يُخَاصِمُهُ فِيهِ إلَى آخِرِهِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الرَّجُلِ بِأَنَّهُ مُعْدِمٌ وَأَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِهِ عَارِيَّةٌ لِرَجُلٍ آخَرَ) يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّهُ مَعْدُومٌ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْ مَالِ الدُّنْيَا لَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ وَلَا فِي بَطْنِهَا دُونَ الثِّيَابِ الَّتِي عَلَى بَدَنِهِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ كَذَا دِرْهَمًا وَأَنَّهُ فِي عِيَالِ فُلَانٍ وَهُوَ الَّذِي يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ سَاكِنٌ فِي الدَّارِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى فُلَانٍ عَلَى جِهَةِ الْعَارِيَّةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي يَدِ فُلَانٍ مَالٌ وَلَا مِلْكٌ وَلَا صَامِتٌ وَلَا نَاطِقٌ وَلَا شَيْءٌ مِمَّا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَالِ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْإِقْرَارِ بِمُفَاسَخَةِ الْبَيْعِ الَّذِي جَرَى بَيْنَ بَائِعِهِ وَبَيْنَهُ فِي مَحْدُودٍ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْهُ) يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّهُ فَاسَخَ فُلَانًا بِرِضًا وَطَوْعٍ كُلَّ بَيْعٍ كَانَ جَرَى بَيْنَهُمَا فِي جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا وَنَاقَضَهُ كُلَّ عَقْدٍ كَانَ فِيهَا مِنْ جِهَتِهِمَا مِنْ رَهْنٍ وَوَثِيقَةٍ بِمَالِ مُفَاسَخَةٍ صَحِيحَةٍ جَائِزَةٍ لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا خِيَارَ وَلَا مَعْنَى يُوجِبُ إبْطَالَهَا وَأَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ بِحَقِّ هَذِهِ الْمُفَاسَخَةِ رَدًّا صَحِيحًا وَأَنَّهُ قَبَضَ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ كُلَّ حَقٍّ وَاجِبٍ عَلَيْهِ بِحَقِّ هَذِهِ الْمُفَاسَخَةِ وَغَيْرِهَا قَبْضًا صَحِيحًا وَأَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ ذَلِكَ إبْرَاءً صَحِيحًا فَلَمْ يَبْقَ لَهُ وَلَا لِأَحَدٍ عَلَى هَذَا الْمُقَرِّ لَهُ وَلَا قِبَلَهُ وَلَا عِنْدَهُ وَلَا فِي يَدِهِ حَقٌّ وَلَا عَيْنٌ وَلَا دَيْنٌ وَلَا فِي هَذِهِ الدَّارِ مِنْ بَيْعٍ وَلَا رَهْنٍ وَلَا وَثِيقَةٍ وَلَا عَقْدٍ آخَرَ وَصَدَّقَهُ هَذَا الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ شِفَاهًا. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْإِقْرَارِ بِمُفَاسَخَةِ الرَّهْنِ) أَقَرَّ طَائِعًا أَنَّ الْكَرْمَ الَّذِي فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهُ كَذَا كَانَ رَهْنًا فِي يَدِهِ مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ بِمَالٍ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ رَهَنَهُ بِهِ وَأَنَّهُ قَضَاهُ كُلَّهُ لَهُ وَأَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ فَاسَخَهُ هَذَا الرَّهْنَ فِي هَذَا الْكَرْمِ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ قَدْ اسْتَرَدَّهُ وَافْتَكَّهُ وَقَبَضَهُ فَلَمْ يَبْقَ لِهَذَا الْمُقِرِّ عَلَى هَذَا الْمُقَرِّ لَهُ دَيْنٌ وَلَا لِهَذَا الْمُقَرِّ لَهُ فِي يَدِ هَذَا الْمُقِرِّ عَيْنٌ وَلَا لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ خُصُومَةٌ وَصَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَشْهَدَا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْإِقْرَارِ بِفَسْخِ الْبَيْعِ وَغَيْبَةِ صَكِّ الشِّرَاءِ) أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا عَلَى جِهَةِ الْوَفَاءِ وَالْوَثِيقَةِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْبَتَاتِ وَالْحَقِيقَةِ بِكَذَا وَوَقَعَ التَّقَابُضُ بَيْنَهُمَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ كَانَ بَذَلَ لَهُ خَطَّ الْوَفَاءِ وَأَنَّهُ مَتَى نَقَدَهُ مِثْلَ هَذَا الثَّمَنِ وَطَلَبَ مِنْهُ بَيْعَ ذَلِكَ مِنْهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ مِنْهُ وَتَسْلِيمَ الْمَبِيعِ إلَيْهِ أَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ فُلَانًا وَهُوَ الْبَائِعُ نَقَدَ مِثْلَ ذَلِكَ الثَّمَنِ وَطَلَبَ مِنْ الْمُقِرِّ هَذَا بَيْعَهُ فَبَاعَهُ مِنْهُ بِهِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَرَدَّ الدَّارَ الْمُشْتَرَاةَ عَلَيْهِ وَطَلَبَ فُلَانٌ مِنْ الْمُقِرِّ هَذَا رَدَّ ذَلِكَ الصَّكِّ فَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ وَقَالَ: إنَّهُ قَدْ غَابَ فَطَلَبَ مِنْ الْمُقِرِّ هَذَا ثِقَةً وَأَقَرَّ طَائِعًا أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْ فُلَانٍ الْبَائِعِ جَمِيعَ هَذَا الثَّمَنِ وَهُوَ كَذَا بِدَفْعِهِ إلَيْهِ وَإِيفَائِهِ ذَلِكَ إيَّاهُ وَبَرِئَ الْبَائِعُ هَذَا إلَيْهِ مِنْهُ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ وَسَلَّمَ إلَيْهِ جَمِيعَ مَا كَانَ دَخَلَ تَحْتَ الْبَيْعِ وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ جَرَيَانِ بَيْعٍ مِنْ هَذَا الْمُقِرِّ فِي ذَلِكَ وَشِرَاءِ هَذَا الْبَائِعِ ذَلِكَ مِنْهُ وَضَمَانُ الدَّرْكِ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِهَذَا الْبَائِعِ وَإِقْرَارُهُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ يَعْنِي لِلْمُقِرِّ عَلَى الْبَائِعِ هَذَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ دَعْوَى وَلَا خُصُومَةٌ لَا فِي أَصْلِ هَذَا الْمَحْدُودِ وَلَا فِي غَلَّتِهِ وَلَا فِي ثَمَنِهِ وَلَا فِي قِيمَتِهِ وَأَنَّ هَذَا الْكَرْمَ كُلَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ هَذَا وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ هَذَا الْمُقِرِّ وَمِنْ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَأَنَّ الْمُقِرَّ هَذَا مَتَى أَخْرَجَ ذَلِكَ الصَّكَّ فَهُوَ مُبْطِلٌ وَهُوَ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَطَلَبُ الْيَمِينِ مُبْطَلٌ وَصَدَّقَهُ هَذَا الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي تَجْهِيزِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ وَإِقْرَارِ الْأَبِ وَالزَّوْجِ لَهَا بِذَلِكَ) شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ جَهَّزَ ابْنَتَهُ فُلَانَةَ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ صِلَةً لَهَا وَتَعَطُّفًا عَلَيْهَا وَإِحْسَانًا إلَيْهَا وَمِمَّا

سَاقَ إلَيْهَا زَوْجُهَا فُلَانٌ مِنْ صَدَاقِهَا وَعَطَايَاهَا بَعْدَ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا نِكَاحٌ صَحِيحٌ عَلَى مُوَافَقَةِ الشَّرْعِ مُسْتَجْمِعٌ لِشَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَذَلِكَ عِنْدَ زِفَافِهَا إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا هَذَا جَمَعَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ شَمْلَهُمَا وَكَثَّرَ بِالذُّرِّيَّةِ الطَّيِّبَةِ نَسْلَهُمَا وَيَذْكُرُ ثِيَابَ الزَّوْجِ وَيُفَصِّلُ ذَلِكَ تَفْصِيلًا وَيُبَيِّنُ صِفَةَ كُلِّ شَيْءٍ وَقِيمَةَ مَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَيَذْرَعُ مَا كَانَ مِنْ الْمَذْرُوعَاتِ وَثِيَابِ الْمَرْأَةِ وَيُفَصِّلُ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ ذَلِكَ تَفْصِيلًا يَذْكُرُ الْحُلِيَّ وَاللَّآلِئَ وَالْجَوَاهِرَ وَيُبَيِّنُ الصِّفَةَ وَالْقِيمَةَ وَيَذْكُرُ الثِّيَابَ وَيُفَصِّلُ ذَلِكَ وَيَذْكُرُ الصِّفَةَ وَالْقِيمَةَ وَعَلَى هَذَا الْفُرُشِ وَالْبُسُطِ وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا أَوَانِي الصُّفْرِ وَالرَّصَاصِ وَالْحَدِيدِ وَيُبَيِّنُ الْمَمَالِيكَ فَيَكْتُبُ جَارِيَةً رُومِيَّةً قِيمَتُهَا كَذَا وَغُلَامًا تُرْكِيًّا قِيمَتُهُ كَذَا وَجَارِيَةً هِنْدِيَّةً قِيمَتُهَا كَذَا وَكَرْمًا فِي قَرْيَةِ كَذَا حُدُودُهُ كَذَا وَثَلَاثَ حَوَانِيتَ فِي سُوقِ كَذَا وَحُدُودُهَا كَذَا ثُمَّ يَكْتُبُ عَقِبَ النُّسْخَةِ.: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَمْوَالِ الْمَذْكُورَةِ بِأَجْنَاسِهَا وَأَنْوَاعِهَا وَصِفَاتِهَا وَقِيمَتِهَا غَيْرَ ثِيَابِ بَدَنِ هَذَا الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ فِي صَدْرِ النُّسْخَةِ مِلْكُ ابْنَتِهِ فُلَانَةَ هَذِهِ وَحَقُّهَا وَفِي يَدِهَا وَتَحْتَ تَصَرُّفِهَا وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لِهَذَا الْمُقِرِّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَأَنَّهَا لَا حَقَّ بِهَا كُلِّهَا مِنْهُ وَمِنْ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَأَنَّهُ مَتَى أَعَادَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْهَا أَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَنَّهُ عَارِيَّةٌ فِي يَدِهَا مِنْ جِهَتِهِ فَدَعْوَاهُ مَرْدُودَةٌ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ مَنْ أُثْبِتَ اسْمُهُ آخِرَهُ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَيَكْتُبُ الشُّهُودُ أَسْمَاءَهُمْ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ ثُمَّ بَعْدَ كِتَابَةِ الشُّهُودِ عَلَى إقْرَارِ الْأَبِ بِذَلِكَ أَسَامِيَهُمْ يَكْتُبُ إقْرَارَ الزَّوْجِ فَيَكْتُبُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ طَائِعًا أَنَّ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي صَدْرِ هَذَا الْقِرْطَاسِ سِوَى مَا ذُكِرَ مِنْ ثِيَابِ بَدَنِهِ وَمَا أُضِيفَ إلَيْهِ مِلْكُ زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ هَذِهِ وَحَقُّهَا وَفِي يَدِهَا وَتَحْتَ تَصَرُّفِهَا وَقَدْ حَمَلَتْهَا إلَى بَيْتِهِ كَمَا تَحْمِلُ الزَّوْجَاتُ إلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهَا أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مِلْكٌ أَوْ حَقٌّ أَوْ دَعْوَى وَأَقَرَّ أَنَّهُ مَتَى ادَّعَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لِنَفْسِهِ سِوَى مَا أُضِيفَ إلَيْهِ فَذَلِكَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ وَأَقَرَّ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ وَفِي ذِمَّتِهِ مِنْ بَقِيَّةِ صَدَاقِهَا كَذَا حَقًّا وَاجِبًا وَدَيْنًا لَازِمًا تُطَالِبُهُ بِهَا إذَا تَوَجَّهَتْ الْمُطَالَبَةُ شَرْعًا وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ وَيَكْتُبُ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الِابْنَةِ بِجِهَازِهَا لِأَبِيهَا أَوْ لِأُمِّهَا) وَلِذَلِكَ وُجُوهٌ (أَحَدُهَا) أَنْ يَكْتُبَ نُسْخَةَ الْجِهَازِ فِي صَدْرِ قِرْطَاسٍ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا قَبْلَ هَذَا وَيَكْتُبَ بَعْدَ ذَلِكَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَقَرَّتْ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ طَائِعَةً أَنَّ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي صَدْرِ هَذَا الْقِرْطَاسِ بِأَجْنَاسِهَا وَأَنْوَاعِهَا وَصِفَاتِهَا وَقِيمَتِهَا مِلْكُ أَبِيهَا فُلَانٍ هَذَا وَحَقُّهُ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَأَمْرٍ لَازِمٍ قَدْ عَرَفَتْ ذَلِكَ وَلَزِمَهَا الْإِقْرَارُ لَهُ بِذَلِكَ وَأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي يَدِهَا بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ وَصَدَّقَهَا أَبُوهَا هَذَا مُشَافَهَةً وَأَشْهَدَا (الْوَجْهُ الثَّانِي) يَكْتُبُ: أَقَرَّتْ فُلَانَةُ طَائِعَةً أَنَّ جَمِيعَ مَا يُعْرَفُ بِهَا وَيُنْسَبُ إلَيْهَا مِنْ جِهَازِهَا مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الثِّيَابِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْفُرُشِ وَالْبُسُطِ وَالْحُلِيِّ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْجَوَاهِرِ وَاللَّآلِئِ وَالْأَوَانِي الصُّفْرِيَّةِ وَالشَّبَهِيَّةِ وَالزُّجَاجِيَّةِ وَالْحَدِيدِيَّةِ وَالْخَزَفِيَّةِ وَأَنْوَاعِ الْأَمْتِعَةِ وَالْأَثَاثِ وَالسِّقْطِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ الَّتِي هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي كِتَابِ جِهَازِهَا وَهِيَ الْآنَ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا مِلْكُ أَبِيهَا فُلَانٌ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَأَمْرٍ لَازِمٍ قَدْ عَرَفَتْ ذَلِكَ وَلَزِمَهَا الْإِقْرَارُ لَهُ بِذَلِكَ وَصَدَّقَهَا أَبُوهَا هَذَا مُشَافَهَةً وَأَشْهَدَا. (الْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنْ يَكْتُبَ الْأَبُ نُسْخَةَ جِهَازِهَا وَقْتَ التَّسْلِيمِ إلَيْهَا وَيُشْهِدَ أَنِّي إنَّمَا سَلَّمْتُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إلَى الْبِنْتِ بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَحْوَطُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأَبُ مِنْهَا مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ إنَّ الِابْنَةَ تُبْرِئُهُ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ وَعِنْدِي أَنَّ الْأَحْوَطَ مَا كَتَبْتُهُ أَوَّلًا

وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْحَيَوَانِ) يَكْتُبُ أَوَّلًا عَلَى صَدْرِ الْقِرْطَاسِ أَسْمَاءَ الْحَيَوَانِ وَصِفَاتِهَا وَشِيَاتِهِمْ كَمَا تَكُونُ ثُمَّ يَكْتُبُ ذِكْرَ الْإِقْرَارِ عَقِيبَ النُّسْخَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا أَوْ يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ كَذَا شِيَاهًا مُعَيَّنَةً وَيَذْكُرُ أَوْصَافَهَا وَشِيَاتِهَا بِكَذَا دَرَاهِمَ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِهَا وَأَنَّهُ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْهُ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ إلَيْهِ وَأَنَّهُ يُسَلِّمُهَا إلَيْهِ مَتَى طَلَبَ مِنْهُ تَسْلِيمَهَا إلَيْهِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِقَبْضِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ لِمُدَّةٍ) أَقَرَّتْ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ طَائِعَةً أَنَّهَا قَبَضَتْ وَاسْتَوْفَتْ مِنْ زَوْجِهَا فُلَانٍ جَمِيعَ نَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا الْمُقَدَّرَةِ لَهَا عَلَيْهِ حَسَبِ مَا أَوْجَبَ الشَّرْعُ فِي أَمْثَالِهَا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا قَبْضًا صَحِيحًا وَاسْتِيفَاءً كَامِلًا وَصَدَّقَهَا زَوْجُهَا هَذَا مُشَافَهَةً وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الْعَبْدِ بِالرِّقِّ لِمَوْلَاهُ) أَقَرَّ فُلَانٌ الْهِنْدِيُّ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ طَائِعًا أَنَّهُ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ لِفُلَانٍ وَأَنَّ فُلَانًا يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ مِلْكًا صَحِيحًا جَائِزًا ثَابِتًا وَأَنَّ خِدْمَةَ فُلَانٍ وَطَاعَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا امْتِنَاعَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ فِي خِدْمَةٍ وَلَا بَيْعٍ وَلَا إخْرَاجٍ مِنْ مِلْكِهِ بِحَقٍّ يَدَّعِيهِ مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ فِي ذَلِكَ وَلَا دَعْوَى لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ وَلَا حَقَّ وَلَا طَلِبَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ أُشْهِدَ فُلَانٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِجَمِيعِ مَا فِيهِ بَعْدَ أَنْ قُرِئَ عَلَيْهِ فَفَهِمَهُ وَعَرَفَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ كَتَبَهُ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا ذِكْرُ صِحَّةِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ لَا يَخْتَلِفُ بِالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ جَارِيَةٍ بِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ لِمَوْلَاهَا) أَقَرَّتْ فُلَانَةُ التُّرْكِيَّةُ أَوْ الْهِنْدِيَّةُ وَيُحَلِّيهَا طَائِعَةً أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَمِلْكَهُ وَفِي يَدِهِ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ بِمِلْكٍ صَحِيحٍ تَامٍّ وَأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ ابْنًا يُسَمَّى فُلَانًا أَوْ ابْنَةً تُسَمَّى فُلَانَةَ وَأَنَّهُ فِي حِجْرِهَا أَوْ أَنَّهَا فِي حِجْرِهَا ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ سَيِّدِهَا وَأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ بِوِلَادَةِ هَذَا الْوَلَدِ مِنْهُ وَأَنَّ خِدْمَتَهُ وَطَاعَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا وَلَا امْتِنَاعَ مِنْ ذَلِكَ مَا دَامَ حَيًّا وَصَدَّقَهَا سَيِّدُهَا فُلَانٌ بِذَلِكَ شِفَاهًا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ الْمَوْلَى بِأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ فَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي فَصْلِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَلَا نُعِيدُهُ) وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ ابْنِ الْمَوْلَى بِكَوْنِ جَارِيَةِ أَبِيهِ أُمَّ وَلَدِ أَبِيهِ وَبِعِتْقِهَا بِمَوْتِ أَبِيهِ يَكْتُبُ: أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ طَائِعًا فِي حَالِ صِحَّةِ بَدَنِهِ وَقِيَامِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ أَنَّ فُلَانَةَ التُّرْكِيَّةَ أَوْ الْهِنْدِيَّةَ كَانَتْ مَمْلُوكَةَ أَبِيهِ فُلَانٍ وَأَمَتَهُ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ يَمْلِكُهَا بِمِلْكٍ صَحِيحٍ وَأَنَّ أَبَاهُ فُلَانًا اسْتَوْلَدَهَا فِي حَيَاتِهِ وَأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ أَبِيهِ فُلَانٍ ابْنًا ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْهُ اسْمُهُ فُلَانٌ وَأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِوِلَادَةِ هَذَا الْوَلَدِ وَأَنَّ أَبَاهُ هَكَذَا أَقَرَّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ بِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَأَنَّهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِ أَبِيهِ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لِهَذَا الْمُقِرِّ فِيهَا وَلَا دَعْوَى وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا سَبِيلَ الْوَلَاءِ فَإِنَّ وَلَاءَهَا لَهُ بَعْدَ أَبِيهِ وَصَدَّقَتْهُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ مُشَافَهَةً وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ الِابْنِ بِتَدْبِيرِ عَبْدٍ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَعِتْقِهِ بِمَوْتِ أَبِيهِ يَكْتُبُ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ عَنْ طَوْعٍ وَرَغْبَةٍ أَنَّ الْعَبْدَ الْهِنْدِيَّ الْمُسَمَّى فُلَانًا كَانَ مِلْكَ أَبِيهِ فُلَانٍ وَحَقَّهُ يَمْلِكُهُ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ مِلْكًا صَحِيحًا تَامًّا وَأَنَّ أَبَاهُ كَانَ دَبَّرَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ تَدْبِيرًا صَحِيحًا مُطْلَقًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَهَكَذَا أَقَرَّ أَبُوهُ بِهِ وَأَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَعَتَقَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ تَرِكَتِهِ بِخُرُوجِهِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَا سَبِيلَ لِهَذَا الِابْنِ عَلَيْهِ إلَّا سَبِيلَ الْوَلَاءِ وَلَا دَعْوَى لَهُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْمِيرَاثِ وَلَا خُصُومَةَ لَهُ مَعَهُ فِي الِاسْتِسْعَاءِ وَصَدَّقَهُ هَذَا الْغُلَامُ فِي ذَلِكَ مُوَاجَهَةً

نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الْوَارِثِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ الْغَرِيمِ) أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّ أَبَاهُ فُلَانًا مَاتَ وَكَانَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا وَاجِبًا وَحَقًّا لَازِمًا وَصَارَ ذَلِكَ مِيرَاثًا لِابْنِهِ هَذَا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ قَضَاهُ ذَلِكَ وَأَوْفَاهُ فَاسْتَوْفَى كُلَّهُ تَامًّا وَافِيًا كَامِلًا وَأَبْرَأَهُ عَنْ ذَلِكَ إبْرَاءً صَحِيحًا وَضَمِنَ لَهُ كُلَّ دَرْكٍ فِي ذَلِكَ وَفِي شَيْءٍ مِنْهُ ضَمَانًا صَحِيحًا مُلْزِمًا فِي الشَّرْعِ وَقَبِلَ فُلَانٌ مِنْهُ هَذَا الْإِقْرَارَ مُوَاجَهَةً وَإِنْ كَانَ هَذَا مِنْ الْمُوصَى لَهُ يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّ فُلَانًا كَانَ أَوْصَى لَهُ فِي حَيَاتِهِ حَالَ صِحَّةِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ أُمُورِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ بِجَمِيعِ تَرِكَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ بِقَرَابَةٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ وَأَوْصَى إلَيْهِ بِطَلَبِ تَرِكَتِهِ حَيْثُ كَانَتْ وَأَيْنَ كَانَتْ وَعَلَى مَنْ كَانَتْ وَفِي يَدِ مَنْ كَانَتْ وِصَايَةً صَحِيحَةً وَأَنَّهُ كَانَ قَبِلَ مِنْهُ هَذِهِ الْوِصَايَةَ لَهُ وَالْوِصَايَةَ إلَيْهِ وَأَنَّهُ أَثْبَتَ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا وَاجِبًا وَحَقًّا لَازِمًا لِهَذَا الْمُتَوَفَّى وَطَالَبَهُ بِهَذَا الْمَالِ بِحَقِّ هَذِهِ الْوِصَايَةِ الثَّابِتَةِ فَدَفَعَ فُلَانٌ هَذَا جَمِيعَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَأَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ قَبَضَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْهُ وَاسْتَوْفَاهُ تَامًّا وَافِيًا إلَى آخِرِهِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمَ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الْوَصِيِّ بِمَالِ الْيَتِيمِ عِنْدَهُ) يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانٌ الْوَصِيُّ فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ وَفِي أُمُورِ الصَّغِيرِ فُلَانٍ بِتَقْلِيدٍ مِنْ جِهَةِ قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا طَائِعًا فِي حَالِ صِحَّةِ بَدَنِهِ أَنَّ مَالَ الصَّغِيرِ فِي يَدَيْهِ بِحُكْمِ الْوِصَايَةِ وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا نَقْدًا وَكَذَا مِنْ أَعْيَانِ الْأَمْوَالِ وَيُبَيِّنُهَا وَيَصِفُهَا وَقَبَضَهَا لِيَحْفَظَهَا وَيَرُدَّهَا عَلَيْهِ عِنْدَ بُلُوغِهِ وَإِينَاسِ رُشْدِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِذَارٍ وَاعْتِلَالٍ وَقَدْ صَدَّقَ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الْيَتِيمِ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْ الْوَصِيِّ) أَقَرَّ فُلَانٌ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ طَائِعًا أَنَّهُ قَبَضَ وَاسْتَوْفَى مِنْ فُلَانٍ الَّذِي كَانَ وَصِيًّا مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ فُلَانٍ فِي تَرِكَةِ أَبِيهِ وَفِي أُمُورِ هَذَا الْمُقِرِّ فِي حَالِ صِغَرِهِ جَمِيعَ مَا كَانَ عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ مِنْ الْمَنْقُولِ وَالْعَقَارِ وَالضِّيَاعِ وَالْحَيَوَانِ وَالْغَلَّةِ وَالنَّقْدِ وَالْأَثْمَارِ وَإِنْزَالِ الْكُرُومِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ قَبْضًا جَائِزًا بِدَفْعِ هَذَا الْوَصِيِّ جَمِيعَ ذَلِكَ إلَيْهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ يَعْنِي لِلْمُقِرِّ هَذَا عَلَى وَصِيِّهِ هَذَا دَعْوَى وَلَا خُصُومَةٌ وَأَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَتَى ادَّعَى عَلَى وَصِيِّهِ هَذَا بَعْدَ هَذَا عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ ادَّعَى ذَلِكَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ نَائِبٍ أَوْ وَصِيٍّ فَذَلِكَ كُلُّهُ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نُسْخَةٌ أُخْرَى فِي هَذَا النَّوْعِ) أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّ أَبَاهُ فُلَانًا تُوُفِّيَ وَقَدْ كَانَ أَوْصَى قَبْلَ وَفَاتِهِ إلَى فُلَانٍ بِجَمِيعِ تَرِكَتِهِ وَاقْتِضَاءِ دُيُونِهِ وَقَضَائِهَا وَتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَمَاتَ ثَابِتًا عَلَى هَذِهِ الْوِصَايَةِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ عَنْهَا أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا غَيْرِي وَأَنَّ هَذَا الْوَصِيَّ تَوَلَّى جَمِيعَ مَا فَوَّضَ إلَيْهِ أَمْرَهُ وَتَصَرَّفَ فِي هَذِهِ حَسَبَ مَا أَطْلَقَهُ الشَّرْعُ وَاقْتَضَاهُ الْحُكْمُ مِنْ قَضَاءِ الدُّيُونِ وَالِاقْتِضَاءِ وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا مِنْ الثُّلُثِ وَأَنْفَقَ عَلَى هَذَا الْمُقِرِّ قَبْلَ بُلُوغِهِ مِنْ مَالِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالْوِطَاءِ بِالْمَعْرُوفِ وَأَقَرَّ الْمُقِرُّ هَذَا أَيْضًا أَنَّهُ بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَأُونِسَ رُشْدُهُ وَيَسْتَحِقُّ قَبْضَ أَمْوَالِهِ وَاسْتِيفَاءَ حُقُوقِهِ فَقَبَضَ هَذَا الْمُقِرُّ جَمِيعَ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فِي يَدِ هَذَا الْوَصِيِّ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ فُلَانٍ هَذَا الْمُتَوَفَّى بِحَقِّ الْإِرْثِ عَنْهُ وَاسْتَوْفَى ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْهُ تَامًّا وَافِيًا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ جَمِيعَ التَّرِكَةِ بِأَجْنَاسِهَا وَأَنْوَاعِهَا شَيْئًا فَشَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَأَحَاطَ عِلْمُهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَأَبْرَأَهُ هَذَا الْمُقِرُّ عَنْ جَمِيعِ دَعَاوِيهِ وَخُصُومَاتِهِ فَمَتَى ادَّعَى هُوَ عَلَيْهِ أَنَّ قِبَلَهُ أَوْ عِنْدَهُ أَوْ فِي يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ هَذَا الْمُتَوَفَّى مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ قَدِيمٍ أَوْ حَدِيثٍ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ أَوْ أَحَدٌ مِنْ جِهَتِهِ فَذَلِكَ كُلُّهُ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ وَكُلُّ بَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ حُجَّةٍ يَحْتَجُّ بِهَا وَيَمِينٍ يَطْلُبُهَا فِي ذَلِكَ مِنْهُ وَيُنَازِعُهُ فَذَلِكَ كُلُّهُ زُورٌ وَهَذَا الْوَصِيُّ الْمُقَرُّ لَهُ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ

وَهُوَ فِي حِلٍّ وَسِعَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَقَبِلَ هَذَا الْوَصِيُّ هَذَا الْإِقْرَارَ مِنْهُ مُوَاجَهَةً (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الْيَتِيمِ أَنَّهُ أَذِنَ لِوَصِيِّهِ بِدَفْعِ مَالِهِ إلَى غَيْرِهِ) أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّهُ قَدْ تَمَّتْ لَهُ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً فَطَعَنَ فِي التَّاسِعَ عَشْرَةَ وَأَنَّهُ قَدْ احْتَلَمَ وَبَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَلَمُ فَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْخِطَابُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَأَنَّهُ قَدْ أَمَرَ فُلَانًا الْوَصِيَّ فِي تَرِكَةِ أَبِيهِ وَفِي أُمُورِ هَذَا الْمُقِرِّ حَالَ صِغَرِهِ أَنْ يُسَلِّمَ جَمِيعَ مَالِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ وَقِبَلَهُ وَفِي يَدِهِ وَمِنْ نَصِيبِهِ مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ هَذَا إلَى أُمِّهِ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ لِتَحْفَظَهُ عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ حَاجَتِهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْوَصِيُّ إلَى أُمِّهِ جَمِيعَ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَى وَصِيِّهِ وَلَا فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ وَأَقَرَّتْ فُلَانَةُ أُمُّ هَذَا الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهَا قَبَضَتْ جَمِيعَ ذَلِكَ. (صَاحِبُ الضَّيْعَةِ إذَا دَفَعَ إلَى مُزَارِعِيهِ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ لِيَجْعَلُوهَا بَذْرًا وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا عَلَى إقْرَارِهِمْ بِذَلِكَ) . فَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ الْكَاتِبُ أَوَّلًا عَلَى صَدْرِ قِرْطَاسٍ اسْمَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَاسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ ثُمَّ يَكْتُبُ عَقِيبَ اسْمِهِ كَذَا مَنًّا مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكْتُبُ اسْمَ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ يَكْتُبُ عَقِيبَ هَذِهِ النُّسْخَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَقَرَّ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورَةُ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَنْسَابُهُمْ فِي النُّسْخَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى صَدْرِ هَذَا الْقِرْطَاسِ أَنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا كُتِبَ عَقِيبَ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ أَوْ الذُّرَةِ الْمَوْصُوفَةِ كُلِّهَا فِيهِ دَيْنًا لَازِمًا وَحَقًّا وَاجِبًا بِسَبَبِ قَرْضٍ صَحِيحٍ اسْتَقْرَضُوهَا مِنْهُ لِيَجْعَلُوهَا بَذْرًا فِي ضِيَاعِهِ الَّتِي فِي قَرْيَةِ كَذَا وَقَبَضُوهَا مِنْهُ وَصَدَّقَهُمْ الْمُقَرُّ لَهُ فِيهِ خِطَابًا فِي تَارِيخِ كَذَا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الْأُسْتَاذِ لِلصَّغِيرِ الَّذِي إلَيْهِ لِتَعْلِيمِ عَمَلٍ وَالنَّفَقَةِ وَاللِّبَاسِ عَلَيْهِ) . هَذَا مَا أَقَرَّ الْأُسْتَاذُ فُلَانٌ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ طَائِعًا أَنَّ فُلَانًا سَلَّمَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ فُلَانًا بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا آجَرَ فُلَانٌ هَذَا ابْنَهُ هَذَا مِنْهُ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَاتٍ أَوَّلُهَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَآخِرُهَا سَلْخَ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا لِيَعْمَلَ كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ هَذَا الصَّغِيرُ هَذَا الْعَمَلَ الْمُسَمَّى فِيهِ بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيَالِي وَدُونَ أَيَّامِ الْجُمُعَاتِ وَالْأَعْيَادِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ مِمَّا يَأْمُرُهُ بِهِ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ وَلَا يَمْنَعُهُ هَذَا الْأُسْتَاذُ مِنْ إقَامَةِ الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ أَجْرُ عَمَلِ هَذَا الصَّغِيرِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى لِكُلِّ شَهْرٍ كَذَا دِرْهَمًا وَأَجْرُ عَمَلِهِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِكُلِّ شَهْرٍ كَذَا دِرْهَمًا يُزَادُ فِي أُجْرَتِهِ لِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بِمَهَارَتِهِ وَحَذَاقَتِهِ الزَّائِدَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ إجَارَةً صَحِيحَةً وَصَدَّقَهُ أَبُو الصَّغِيرِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُشَافَهَةً ثُمَّ يَكْتُبُ إقْرَارَ الْوَالِدِ أَنَّهُ أَذِنَ لِهَذَا الْمُسْتَأْجِرِ فِي صَرْفِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ أُجْرَةِ عَمَلِ هَذَا الصَّغِيرِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى إلَى مَا يَكْفِيهِ لِطَعَامِهِ وَإِدَامِهِ وَلِبَاسِهِ وَسَائِرِ مَصَالِحِهِ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ يَصْرِفُ مِقْدَارَ أُجْرَةِ السَّنَةِ الْأُولَى إلَى طَعَامِهِ وَإِدَامِهِ وَسَائِرِ مَصَالِحِهِ وَمَا فَضَلَ مِنْهَا يُؤَدِّيهِ إلَى وَالِدِهِ وَكَذَلِكَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ يَصْرِفُ مِقْدَارَ أُجْرَةِ السَّنَةِ الْأُولَى إلَى طَعَامِهِ وَإِدَامِهِ وَسَائِرِ مَصَالِحِهِ وَمَا فَضَلَ مِنْهَا يُؤَدِّيهِ إلَى وَالِدِهِ وَقَبِلَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ الْأُسْتَاذُ هَذَا الْإِذْنَ مِنْ وَالِدِ الصَّغِيرِ هَذَا وَتَسَلَّمَ هَذَا الصَّغِيرُ مِنْهُ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ هَذَا الْعَقْدِ تَفَرُّقَ الْأَبْدَانِ وَالْأَقْوَالِ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْإِقْرَارِ بِهِبَةِ الدَّارِ) يَكْتُبُ: أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّهُ وَهَبَ لِفُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى كَذَا حُدُودُهَا كَذَا وَهَبَ لَهُ هَذِهِ الدَّارَ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا وَكَذَا وَكَذَا هِبَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً نَافِذَةً مُسْتَجْمِعَةً لِشَرَائِطِ الْجَوَازِ مَحُوزَةً مَقْبُوضَةً فَارِغَةً لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا خِيَارَ وَلَا اشْتِرَاطَ عِوَضٍ وَلَا تَلْجِئَةَ وَلَا مُوَاعَدَةَ وَقَبِلَهَا هَذَا الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبُولًا صَحِيحًا فِي مَجْلِسِ هَذِهِ الْهِبَةِ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا وَاشْتِغَالِهِمَا بِغَيْرِهَا وَقَبَضَهَا بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ

الفصل الرابع والعشرون في البراءات

قَبْضًا صَحِيحًا بِتَسْلِيمِ هَذَا الْوَاهِبِ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ تَسْلِيمًا صَحِيحًا فَارِغًا عَنْ كُلِّ مَانِعٍ وَمُنَازِعٍ وَتَفَرَّقَا وَأَشْهَدَا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْبَرَاءَاتِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْبَرَاءَاتِ) (الْبَرَاءَةُ مِنْ كُلِّ مَالٍ كَانَ بِهِ صَكٌّ) كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالسَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ الرَّازِيّ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْتَدِءُونَ كِتَابَ الْبَرَاءَةِ: هَذَا كِتَابٌ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهُوَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ وَالسَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَانَا يَزِيدَانِ كَتَبَهُ لِفُلَانٍ وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ يَعْنِي الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ أَقَرَّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ، وَبَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ كَانَ يَكْتُبُ هَذَا بَرَاءَةٌ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَالْمُتَأَخِّرُونَ اخْتَارُوا هَذَا مَا شَهِدَ إلَى قَوْلِنَا إنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا وَأَنَّهُ قَضَاهُ جَمِيعَ هَذَا الْمَالِ وَأَوْفَاهُ إيَّاهُ بِتَمَامِهِ فَقَبَضَهُ مِنْهُ تَامًّا وَافِيًا قَبْضًا صَحِيحًا وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهِ دَعْوَى بِهَذَا السَّبَبِ وَأَنَّهُ مَتَى ادَّعَى قِبَلَهُ أَوْ قِبَلَ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ بِسَبَبِهِ حَقًّا أَوْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ فِي دَعْوَاهُ مُبْطَلٌ لَا يُسْمَعُ لَهُ بَيِّنَةٌ وَلَا يُحْلَفُ لَهُ، وَخَصْمُهُ مِنْ ذَلِكَ بَرِيءٌ وَفِي حِلٍّ وَسِعَةٍ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَنَّهُ كَانَ لَهُ بِهِ صَكٌّ وَقَدْ تَعَطَّلَ ذَلِكَ بِهَذَا الْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ وَكَانَ ضَاعَ وَلَمْ تَصِلْ يَدُهُ إلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَيْهِ فَمَتَى أَخْرَجَ هَذَا الصَّكَّ فَهُوَ مُبْطَلٌ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ وَلَا تَعَلُّقَ بِهِ وَصَدَّقَهُ هَذَا الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُشَافَهَةً وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا إلَى آخِرِهِ وَعَلَى هَذَا دَيْنُ الْمَهْرِ. (الْبَرَاءَةُ عَنْ سَفْتَجَةٍ وَارِدَةٍ) هَذَا مَا شَهِدَ إلَى قَوْلِنَا أَنَّ فُلَانًا أَوْرَدَ عَلَى فُلَانٍ كِتَابَ سَفْتَجَةٍ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمًا وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُ الْكِتَابَ وَضَمِنَ لَهُ الْمَالَ وَأَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِإِيفَاءِ ذَلِكَ إيَّاهُ قَبْضًا صَحِيحًا وَضَمِنَ لَهُ كُلَّ دَرْكٍ يُدْرِكُهُ مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ صَاحِبِ الْكِتَابِ عَلَى أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنْ دَعْوَاهُ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ ضَمَانًا صَحِيحًا وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِذَلِكَ إلَى آخِرِهِ. (بَرَاءَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَيْنَهُمَا أَخَذُوا عَطَاءً) هَذَا مَا شَهِدَ إلَى قَوْلِنَا إنَّهُ كَانَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ مُعَامَلَاتٌ وَأَخَذُوا عَطَاءً مِنْ أَشْرِيَةٍ وَبُيُوعٍ وَحَوَالَاتٍ وَكَفَالَاتٍ وَإِجَارَاتٍ وَوَدَائِعَ وَبَضَائِعَ وَمُضَارَبَاتٍ وَسَفَاتِجَ وَدُيُونٍ بِصِكَاكٍ وَغَيْرِ صِكَاكٍ مَرْهُونٍ وَغَيْرِ مَرْهُونٍ وَضَمَانَاتٍ وَأَمَانَاتٍ وَأَشْيَاءَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَسْبَابٍ شَتَّى أَنَّهُ حَاسَبَهُ مُحَاسَبَةً بِحَقِّهَا وَصَدَّقَهَا وَأَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ بِقَضَائِهِ إيَّاهُ بِتَمَامِهِ قَبْضًا صَحِيحًا تَامًّا وَافِيًا بِدَفْعِ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَيْهِ وَبَرِئَ مِنْهُ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ قِبَلَهُ وَلَا عِنْدَهُ وَلَا فِي يَدِهِ وَلَا مَعَهُ دَعْوَى وَلَا طَلِبَةٌ وَلَا خُصُومَةٌ وَلَا تَبَعَةٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَمَتَى ادَّعَى عَلَيْهِ هُوَ دَعْوَى أَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ جِهَتِهِ إلَى آخِرِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بِغَيْرِ قَبْضٍ لَمْ يَكْتُبْ الْقَبْضَ وَلَكِنْ يَكْتُبُ بَعْدَ قَوْلِهِ فَحَاسَبَهُ مُحَاسَبَةً بِحَقِّهَا وَصَدَّقَهَا فَأَبْرَأَهُ مِنْ ذَلِكَ إبْرَاءً صَحِيحًا جَائِزًا تَامًّا وَافِيًا قَاطِعًا لِلدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ جَمِيعَ ذَلِكَ شَيْئًا فَشَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ بَعْدَ هَذَا الْإِبْرَاءِ حَقٌّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ وَيُتِمُّهُ عَلَى مَا مَرَّ فَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَتَبَ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ عِنْدَهُ وَلَا عَلَيْهِ وَلَا مَعَهُ شَيْءٌ إلَّا كَذَا وَيُبَيِّنُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا. (الْإِبْرَاءِ الْمُطْلَقُ) أَقَرَّ فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ أَنَّهُ أَبْرَأَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ عَنْ كُلِّ خُصُومَةٍ كَانَتْ لَهُ قِبَلَهُ

وَعَلَيْهِ مَالِيَّةٌ وَغَيْرُ مَالِيَّةٍ إبْرَاءً صَحِيحًا تَامًّا قَاطِعًا لِلْخُصُومَاتِ كُلِّهَا وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا الْإِبْرَاءِ لَا دَعْوَى وَلَا خُصُومَةَ لَا قَلِيلَ وَلَا كَثِيرَ وَلَا قَدِيمَ وَلَا حَدِيثَ لَا فِي الصَّامِتِ وَلَا فِي النَّاطِقِ وَلَا فِي الْمَحْدُودِ وَلَا فِي الْمَنْقُولِ لَا فِي الْمَكِيلِ وَلَا فِي الْمُوزِنِ وَلَا فِي الْفُرُشِ وَلَا فِي الْأَوَانِي وَلَا فِي شَيْءٍ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمِلْكِ وَالْمَالِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ إقْرَارًا صَحِيحًا وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ هَذَا خِطَابًا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (رَجُلٌ وَكَزَ رَجُلًا عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَضَى عَلَيْهِ فَادَّعَى وَرَثَةُ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ الدِّيَةَ ثُمَّ أَبَرَءُوهُ عَنْ دَعْوَاهُمْ) يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ أَوْلَادُ فُلَانٍ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِمْ طَائِعِينَ أَنَّهُمْ أَبَرُؤَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ عَنْ كُلِّ دَعْوَى وَخُصُومَةٍ كَانَتْ لَهُمْ عَلَيْهِ وَقِبَلَهُ خُصُوصًا عَنْ دَعْوَى دِيَةِ الْأَبِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَدَّعُونَ عَلَيْهِ أَنَّهُ ضَرَبَ أَبَاهُمْ فُلَانًا عَمْدًا وَمَاتَ بِالْوَكْزِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ لِأَبِيهِمْ وَصَارَتْ مِيرَاثًا لَهُمْ وَأَنَّهُ كَانَ مُنْكِرًا لِدَعْوَاهُمْ هَذِهِ قِبَلَهُ فَابْرُؤْهُ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَعَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ كُلِّهَا إبْرَاءً صَحِيحًا وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُمْ هَذَا الْإِبْرَاءَ قَبُولًا صَحِيحًا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي عَلَى وَرَثَةِ هَذَا الْمَيِّتِ أَنَّهُمْ أَخَذُوهُ بِسَبَبِ هَذِهِ الدَّعْوَى بِغَيْرِ حَقٍّ ثُمَّ أَبْرَأَهُمْ عَنْ دَعْوَاهُ هَذِهِ قِبَلَهُمْ) يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ طَائِعًا أَنَّهُ أَبْرَأَ أَوْلَادَ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ عَنْ دَعْوَاهُ قِبَلَهُمْ أَنَّهُمْ أَخَذُوهُ بِغَيْرِ حَقٍّ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُمْ عَلَيْهِ وَذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَدَّعُونَ عَلَيْهِ أَنَّهُ ضَرَبَ أَبَاهُمْ عَمْدًا بِالْوَكْزِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَنَّ أَبَاهُمْ مَاتَ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ وَجَبَتْ دِيَتُهُ عَلَيْهِ وَصَارَتْ مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حُجَّةٌ يُعْتَمَدُ بِهَا عَلَيْهِ عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُمْ هَذِهِ قِبَلَهُ فَأَخَذُوهُ بِأَصْحَابِ السُّلْطَانِ دَرَاهِمَ كَثِيرَةً بِإِجْعَالِهِمْ وَغَيْرِهَا فَأَبْرَأَهُمْ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى إبْرَاءً صَحِيحًا وَأَنَّهُمْ قَبِلُوهُ مِنْهُ قَبُولًا صَحِيحًا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (بَرَاءَةُ غَرِيمٍ فِي تَرِكَةٍ) هَذَا مَا شَهِدَ إلَى قَوْلِنَا إنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ وَخَلَّفَ مِنْ الْوَرَثَةِ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمْ وَأَنَّ فُلَانًا مِنْ جُمْلَةِ هَؤُلَاءِ وَصِيُّ فُلَانٍ فِي هَذَا الْمَالِ لِيَرْجِعَ بِهِ فِي تَرِكَةِ أَبِيهِ وَأَنَّهُ اقْتَضَى مِنْهُ جَمِيعَ هَذَا الْمَالِ وَاسْتَوْفَاهُ بِتَمَامِهِ وَهُوَ كَذَا بِدَفْعِ فُلَانٍ ذَلِكَ إلَيْهِ قَضَاءً عَنْ وَالِدِهِ فُلَانٍ لِيَرْجِعَ فِي تَرِكَتِهِ وَأَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ كُلَّ دَرْكٍ يُدْرِكُهُ بِهَذَا السَّبَبِ مِنْ قِبَلِهِ وَسَبَبِهِ عَلَى أَنْ يُخَلِّصَهُ أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا يُلْزِمُ الْحُكْمُ رَدَّهُ مِمَّا قَبَضَ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ دَعْوَى وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. فَلَوْ صَالَحَهُ هَذَا الْوَارِثُ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالدَّيْنُ أَلْفٌ لَمْ يَرْجِعْ فِي التَّرِكَةِ إلَّا بِخَمْسِمِائَةٍ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى عَرْضٍ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِأَلْفٍ إذَا شَرَطَ الرُّجُوعَ بِأَلْفٍ وَإِنْ أَدَّى تَطَوُّعًا أَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: أَدَّيْتُ لَا رَجَعَ لَمْ يُصَدَّقُ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ. (وَفِي قَبْضِ الْغَرِيمِ مِنْ الْوَصِيِّ وَالْوَصِيُّ أَدَّاهُ مِنْ التَّرِكَةِ) يَكْتُبُ كَمَا يَكْتُبُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَرَاءَةِ. (الْإِبْرَاءِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ) هَذَا مَا شَهِدَ إلَى قَوْلِنَا إنَّ فُلَانًا ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ ابْنَهُ عَمْدًا بِحَدِيدَةٍ ظُلْمًا فَوَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ الْقَوْدُ وَلَمْ يُخَلِّفْ وَارِثًا غَيْرَهُ ثُمَّ أَنَّهُ عَفَا عَنْهُ وَأَبْرَأَهُ عَنْ دَمِ ابْنِهِ فُلَانٍ وَمِمَّا وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ إيَّاهُ فَلَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا قِبَلَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَلَا دَعْوَى وَلَا طَلِبَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَمَتَى ادَّعَى عَلَيْهِ إلَى آخِرِهِ. وَفِي الْخَطَأِ يَكْتُبُ: قَتَلَهُ خَطَأً لَمْ يَتَعَمَّدْهُ بِذَلِكَ فَوَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ وَلَمْ يُخَلِّفْ وَارِثًا غَيْرَهُ ثُمَّ إنَّهُ عَفَا عَنْهُ وَعَنْ عَاقِلَتِهِ إلَى آخِرِهِ. . وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ قَطَعَ يَدَهُ أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ أَوْ شَجَّ رَأْسَهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ كَذَا فَعَفَا عَنْهُ

الفصل الخامس والعشرون في الرهن

وَأَبْرَأَهُ عَنْ الْوَاجِبِ وَفِي قَطْعِ السَّرِقَةِ لَا يَذْكُرُ الْعَفْوَ لَكِنْ يَقُولُ: ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ حِرْزِهِ كَذَا دِرْهَمًا وَكَذَا قِيمَتُهُ كَذَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ كَذَا ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ فِي دَارِهِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ قَطْعُ الْيَدِ أَوْ يَكْتُبَ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ اتَّهَمَهُ بِذَلِكَ بَاطِلًا وَلَمْ يَسْرِقْ مِنْهُ شَيْئًا وَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا ادَّعَى قِبَلَهُ فَمَتَى ادَّعَى إلَى آخِرِهِ. (الْبَرَاءَةُ عَنْ الدَّعْوَى فِي مَحْدُودَةٍ) هَذَا مَا أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ أَنَّهُ كَانَ لَهُ دَعْوَى قِبَلَ فُلَانٍ فِي جَمِيعِ الضَّيْعَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى كَذَا وَيُبَيِّنُ مَوْضِعَهَا وَحُدُودَهَا ثُمَّ يَقُولُ: إنَّهَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدِ فُلَانٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَأَنَّ عَلَيْهِ تَسْلِيمَهَا إلَيْهِ بِحَقِّ هَذِهِ الدَّعْوَى، ثُمَّ إنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي هَذِهِ الضَّيْعَةِ بِعَيْنِهَا فَلَمْ يَبْقَ لَهُ بَعْدَ هَذَا الْإِبْرَاءِ حَقٌّ فِي كُلِّ هَذِهِ الضَّيْعَةِ بِعَيْنِهَا وَلَا خُصُومَةَ، وَأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى هَذَا أَوْ وَاحِدٌ مِمَّنْ يَقُومُ مَقَامَهُ إلَى آخِرِهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الرَّهْنِ] ِ أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا فِي حَالِ جَوَازِ صِحَّتِهِ وَثَبَاتِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ لَا عِلَّةَ بِهِ تَمْنَعُ صِحَّةَ إقْرَارِهِ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ وَفِي ذِمَّتِهِ كَذَا دِرْهَمًا قَرْضًا حَالًّا أَوْ ثَمَنَ كَذَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ غَصْبًا أَوْ وَدِيعَةً مُسْتَهْلَكَةً أَوْ ضَمَانَ إتْلَافِ كَذَا أَوْ مِنْ حَوَالَةِ فُلَانٍ أَوْ عَنْ كَفَالَةِ فُلَانٍ، وَأَنَّهُ رَهَنَ بِهَذَا الدَّيْنِ هَذَا الطَّالِبُ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا رَهْنًا صَحِيحًا مَقْبُوضًا مَحُوزًا مُفْرَغًا وَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَقَبَضَهَا مِنْهُ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا؛ فَهِيَ فِي يَدِهِ مَحْبُوسَةٌ بِدَيْنِهِ هَذَا لَا سَبِيلَ إلَى هَذَا الرَّاهِنِ إلَى افْتِكَاكِهِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ وَصَدَّقَهُ هَذَا الْمُقِرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُشَافَهَةً وَأَشْهَدَا فَإِنْ كَانَ فِيهِ جَعَلَهُ وَكِيلًا أَوْ أَمِينًا فِي بَيْعِهِ كُتِبَ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمُرْتَهِنَ وَكِيلٌ فِي بَيْعِ ذَلِكَ بِكَذَا غُرَّةَ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ. كَذَا إنْ لَمْ يَدْفَعْ هَذَا الرَّاهِنُ هَذَا الْمَالَ إلَى هَذَا الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يُقْبِضْهُ هَذَا الدَّيْنَ يَبِيعُهُ وَيَبِيعُ مَا شَاءَ مِنْهُ بِأَيِّ ثَمَنٍ شَاءَ وَيَأْخُذُ ثَمَنَهُ قَضَاءً لِدَيْنِهِ إنْ كَانَ مِثْلَ دَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَلَى هَذَا الدَّيْنِ رَدَّهُ عَلَى هَذَا الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَقْصٌ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا لَهُ عَلَى هَذَا الرَّاهِنِ عَلَى حَالِهِ يُطَالِبُهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ جَعَلَ بَيْعَهُ إلَى غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ كَتَبَ عَلَى أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَكِيلُهُ فِي بَيْعِهِ أَوْ يَقُولُ أَمِينُهُ عَلَى بَيْعِهِ وَقْتَ كَذَا فَيَبِيعُهُ وَيَبِيعُ مَا يَشَاءُ مِنْهُ وَيَقْبِضُ مِنْهُ ثَمَنَهُ وَيَقْبِضُهُ هَذَا الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ إلَى آخِرِهِ كَالْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَرْطٌ جَعَلَ الرَّهْنَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ كَتَبْت بَعْدَ قَوْلِك رَهْنًا صَحِيحًا مَقْبُوضًا مَحُوزًا مُفْرَغًا. ثُمَّ إنَّ هَذَا الرَّاهِنَ وَهَذَا الْمُرْتَهِنَ تَرَاضَيَا أَنْ يَجْعَلَا هَذَا الرَّهْنَ عَلَى يَدِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ يَكُونُ عَدْلًا بَيْنَهُمَا أَمِينًا فِي قَبْضِهِ وَقَدْ دَفَعَ هَذَا الرَّاهِنُ هَذَا الرَّهْنَ إلَى هَذَا الْعَدْلِ فَقَبَضْته مِنْهُ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ فَارِغًا عَنْ كُلِّ مَانِعٍ أَوْ مُنَازِعٍ وَضَامِنٌ هَذَا الْمُرْتَهِنُ فَهُوَ عَدْلٌ بَيْنَهُمَا أَمِينٌ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَرْطُ بَيْعِ الْعَدْلِ كَتَبْت هَهُنَا وَجَعَلَاهُ أَمِينًا فِي بَيْعِهِ غُرَّةَ شَهْرِ كَذَا وَفِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ يَكْتُبُ هَهُنَا عِنْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ وَيَقْبِضَ ثَمَنَهُ وَيُدْفَعَ إلَى فُلَانٍ ذَلِكَ قَضَاءً لِدَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ رَدَّهُ عَلَى هَذَا الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ فَبَقِيَّةُ الدَّيْنِ عَلَى هَذَا الرَّاهِنِ عَلَى حَالِهَا يُطَالِبُهُ بِهَا إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (كِتَابُ رَهْنِ الدَّارِ بِالدَّيْنِ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِصَارِ) هَذَا مَا رَهَنَ فُلَانٌ فُلَانًا جَمِيعَ دَارِهِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا

الفصل السادس والعشرون في الأوقاف ويشتمل على أنواع

وَيَحُدُّهَا رَهَنَهُ هَذِهِ الدَّارَ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا بِكَذَا دِرْهَمٍ كَانَتْ لِهَذَا الْمُرْتَهِنِ عَلَى هَذَا الرَّاهِنِ حَقًّا وَاجِبًا وَدَيْنًا لَازِمًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ رَهْنًا جَائِزًا نَافِذًا لَا فَسَادَ فِيهِ وَلَا خِيَارَ، وَيَذْكُرُ الْقَبْضَ وَالْإِشْهَادَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (كِتَابُ مَنْ جَانَبَ الْمُرْتَهِنَ فِي هَذَا) هَذَا مَا ارْتَهَنَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ دَارِهِ إلَى قَوْلِنَا بِدَيْنٍ كَانَ لِهَذَا الْمُرْتَهِنِ عَلَى هَذَا الرَّاهِنِ وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا ارْتِهَانًا صَحِيحًا جَائِزًا نَافِذًا إلَى آخِرِهِ فَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ فِيهِ بِالِانْتِفَاعِ كَتَبْت وَقَدْ أَذِنَ هَذَا الرَّاهِنُ لِهَذَا الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْكُنَ هَذِهِ الدَّارَ بِنَفْسِهِ وَيُسْكِنَهَا مَنْ شَاءَ وَيَنْتَفِعَ بِهَا عَلَى مَا أَحَبَّ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَانَ فِي هَذَا الرَّهْنِ أَوْ أَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا نَهَاهُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا عَلَى مَا وُصِفَ فِيهِ فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي ذَلِكَ إذْنًا مُسْتَقْبَلًا مَا لَمْ يَقْبِضْ هَذَا الرَّاهِنُ وَأَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ هَذَا الدَّيْنَ وَقَبِلَ هَذَا الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ مِنْهُ مُوَاجَهَةً وَيُتِمُّ الْكِتَابَ. (الْإِقْرَارُ بِرَهْنٍ مَنْقُولٍ) أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّهُ رَهَنَ عَبْدَهُ فُلَانًا اسْمُهُ كَذَا وَصِفَتُهُ كَذَا وَقِيمَتُهُ كَذَا بِمَا وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ كَذَا رَهْنًا مَقْبُوضًا صَحِيحًا، عَلَى أَنْ يَحْفَظَ الرَّهْنَ هَذَا الْمُرْتَهِنُ بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ عِيَالِهِ، وَيَحْبِسَهُ بِدَيْنِهِ وَلَا يَسْتَعْمِلَهُ وَلَا يُخْرِجَهُ مِنْ يَدِهِ وَلَا يَسْتَهْلِكَهُ فَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ أَوْ ضَيَّعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَيَسْقُطُ مِنْ دَيْنِهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَصَدَّقَهُ هَذَا الْمُرْتَهِنُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ تَصْدِيقًا صَحِيحًا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْفَصْلُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْأَوْقَافِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى أَنْوَاعٍ] [اتِّخَاذِ الْمُسْلِم دَاره مَسْجِدًا] (الْفَصْلُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْأَوْقَافِ) هَذَا الْفَصْلُ يَشْتَمِلُ عَلَى أَنْوَاعٍ (النَّوْعُ الْأَوَّلُ فِي اتِّخَاذِ الْمَسْجِدِ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا اتَّخَذَ دَارِهِ لِلْمُسْلِمِينَ مَسْجِدًا وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ إلَى الْمُتَوَلِّي وَأَذِنَ لِلنَّاسِ بِالدُّخُولِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ فَصَلَّى فِيهِ قَوْمٌ بِجَمَاعَةٍ يَصِيرُ مَسْجِدًا بِاتِّفَاقٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِخِلَافِ مَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي سَائِرِ الْأَوْقَافِ وَالتَّسْلِيمُ شَرْطٌ لِصَيْرُورَتِهِ مَسْجِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ بِشَرْطٍ غَيْرَ أَنَّ الْقَبْضَ فِيهِ عِنْدَهُمَا بِطَرِيقَتَيْنِ: أَحَدُهُمَا: بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُتَوَلِّي. وَالثَّانِي: بِالصَّلَاةِ فِيهِ، ثُمَّ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهِ إذَا صَلَّى الْوَاقِفُ فِيهِ أَوْ صَلَّى غَيْرُهُ فِيهِ بِجَمَاعَةٍ أَوْ بِغَيْرِ جَمَاعَةٍ يَصِيرُ مَسْجِدًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِيرُ مَسْجِدًا إلَّا إذَا صَلَّى فِيهِ بِجَمَاعَةٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا جَعَلَهُ عَلَى هَيْئَةِ الْمَسْجِدِ يَصِيرُ مَسْجِدًا وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى شَيْءٍ آخَرَ. هَكَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ فِي شَرْحِهِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِهِ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُشْتَرَطُ لِصَيْرُورَتِهِ مَسْجِدًا التَّسْلِيمُ إلَى الْمُتَوَلِّي وَالصَّلَاةُ فِيهِ بِجَمَاعَةٍ. وَعِنْدَهُمَا إذَا جَعَلَهُ عَلَى هَيْئَةِ الْمَسْجِدِ صَارَ مَسْجِدًا، فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَكْتُبُوا فِي ذَلِكَ كِتَابًا كَيْفَ يَكْتُبُونَ فَنَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كِتَابَةَ هَذَا النَّوْعِ فِي شُرُوطِ الْأَصْلِ وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ يَكْتُبَانِ هَذَا مَا جَعَلَ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ وَبَدَنِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ طَائِعًا رَاغِبًا جَعَلَ فُلَانٌ هَذَا جَمِيعَ الدَّارِ هِيَ مِلْكُهُ وَفِي يَدِهِ وَأَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالُوا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ جَعْلَ الْأَرْضِ مَسْجِدًا تَحْرِيرٌ لِلْأَرْضِ فَيُعْتَبَرُ

اتخاذ الرباط لنزول المارة فيه والسيارة

بِإِعْتَاقِ الْعَبْدِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي إعْتَاقِ الْعَبْدِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَانُوا يَكْتُبُونَ هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانٍ فَهَهُنَا كَذَلِكَ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَتَبُوا عَلَى نَحْوِ مَا يَكْتُبُهُ أَبُو زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَكَتَبُوا هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ عِنْدَهُمْ. وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى إقْرَارِهِ فِي حَالِ صِحَّةِ بَدَنِهِ وَقِيَامِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ لَا عِلَّةَ بِهِ مِنْ مَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ إقْرَارِهِ أَنَّهُ جَعَلَ جَمِيعَ أَرْضِهِ أَوْ دَارِهِ الَّتِي هِيَ مِلْكُهُ وَفِي يَدَيْهِ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ، وَقَدْ جَعَلَهَا عَلَى هَيْئَةِ الْمَسْجِدِ وَهِيَ فِي كُورَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا فِي سِكَّةِ كَذَا، وَيَشْمَلُ عَلَيْهَا الْحُدُودُ الْأَرْبَعَةُ جَعَلَ هَذِهِ الْبُقْعَةَ الْمَوْصُوفَةَ الْمَحْدُودَةَ فِيهِ بِحُدُودِهَا وَجَمِيعِ الْبِنَاءِ الْقَائِمِ فِيهَا وَهِيَ مُفْرَغَةٌ لَا شَيْءَ فِيهَا مَسْجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى طَلَبًا لِثَوَابِهِ وَهَرَبًا مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ، وَأَخْرَجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَجَعَلَهَا لَهُ بَيْتًا وَلَهُ مَسْجِدًا لِيُصَلُّوا فِيهَا الْمَكْتُوبَاتِ وَالنَّوَافِلَ وَيَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ أَنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ وَيَعْتَكِفُونَ فِيهِ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَدْرُسُ الْعِلْمَ فِيهِ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَلَا يُغْلَقُ بَابُهُ عَلَيْهِمْ وَلَا يُحَالُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ وَقَدْ أَذِنَ لَهُمْ بِذَلِكَ كُلِّهِ. وَأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ إذْنِهِ إيَّاهُمْ بِذَلِكَ دَخَلُوهَا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَة بِالْجَمَاعَةِ فِيهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ بِمُعَايَنَتِهِمْ فَصَارَ جَمِيعُ هَذِهِ الْبُقْعَةِ لِلَّهِ تَعَالَى بَيْتًا وَلِعِبَادِهِ مُصَلًّى وَمَعْبَدًا لَا مِلْكَ لِهَذَا الْمُقِرِّ فِيهَا وَلَا حَقَّ لَهُ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا لِمَنْ سِوَاهُ مِنْ النَّاسِ لَا فِي أَصْلِهَا وَلَا فِي بِنَائِهَا وَلَا سَبِيلَ لَهُ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ وَرَثَتِهِ عَلَى إبْطَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا عَلَى تَغْيِيرِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهِ الْقَوْمَ الَّذِينَ أَثْبَتُوا أَسَامِيَهُمْ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا، وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ فِي هَذَا الصَّكِّ الصَّلَاةَ بِجَمَاعَةٍ وَلَكِنْ كَتَبَ فِيهِ وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا الْمُتَصَدِّقُ جَمِيعَ هَذَا الْمَسْجِدِ مِنْ يَدِهِ إلَى فُلَانٍ فَقَبَضَهُ فُلَانٌ لِلْمُسْلِمِينَ لِيَكُونَ فِي يَدِهِ عَلَى مَا جَعَلَهُ هَذَا الْمُتَصَدِّقُ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ فَارِغًا مِنْ مَوَانِعِ التَّسْلِيمِ فَجَمِيعُ ذَلِكَ فِي يَدِ هَذَا الْمُتَوَلِّي عَلَى مَا جَعَلَهُ هَذَا الْمُتَصَدِّقُ لَهُ وَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ إلَى آخِرِهِ كَفَاهُ وَالْمَكْتُوبُ الْأَوَّلُ أَحْوَطُ وَأَصَحُّ. [اتِّخَاذِ الرِّبَاطِ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ فِيهِ وَالسَّيَّارَةِ] (نَوْعٌ آخَرُ فِي اتِّخَاذِ الرِّبَاطِ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ فِيهِ وَالسَّيَّارَةِ) فَنَقُولُ: ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْ لَا يَلْزَمُ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَوْقَافِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ، وَإِنْ أَرَادَ كِتَابَتَهُ يَكْتُبُ فِيهِ هَذَا مَا وَقَفَ وَتَصَدَّقَ أَوْ يَكْتُبُ هَذَا الْكِتَابُ أَنَّ فُلَانًا جَعَلَ جَمِيعَ الرِّبَاطِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْمَنَازِلِ وَالْغُرَفِ وَالسَّاحَةِ وَالْمَرَابِطِ الَّذِي فِي مَوْضِعِ كَذَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً مَقْبُوضَةً صَحِيحَةً نَافِذَةً جَائِزَةً تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ وَابْتِغَاءً لِمَرْضَاتِهِ لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا رَجْعَةَ وَلَا مَثْنَوِيَّةَ وَلَا تَلْجِئَةَ وَلَا مُوَاعَدَةَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَلَا يُمْلَكُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَا يُتْلَفُ بِوَجْهِ تَلَفٍ قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا مَاضِيَةً عَلَى حَالِ سَبِيلِهَا إلَى أَنْ يَرِثَهَا اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي يَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ، عَلَى أَنْ يَكُونَ مَنَازِلَ وَمَسَاكِنَ لِلسَّيَّارَةِ وَالْمَارَّةِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ، عَلَى أَنَّ الرَّأْيَ فِي إنْزَالِ مَنْ يَنْزِلُهَا وَيَسْكُنُهَا إلَى الْقَوَّامِ بِهَا أَبَدًا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَزَمَانٍ يُسْكِنُونَ مَنْ أَحَبُّوا وَيُزْعِجُونَ مَنْ أَحَبُّوا عَلَى مَا يَكُونُ أَصْلَحَ وَأَوْفَقَ لِهَذِهِ الصَّدَقَةِ وَالتَّخْصِيصُ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ. فَإِنْ كَانَ شَرْطُ الْوَاقِفِ أَنْ يَنْزِلَهَا الْمُسْلِمُونَ لَا يَنْزِلَهَا الْكُفَّارُ يَكْتُبُ عَلَى أَنَّ سُكْنَاهَا لِلْمُسْلِمِينَ يَنْزِلُهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَا يُمَكِّنَ الْكُفَّارَ مِنْ النُّزُولِ فِيهَا، فَإِنْ كَانَ شَرَطَ نُزُولَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا غَيْرُ يَكْتُبُ عَلَى أَنَّ سُكْنَاهَا لِأَهْلِ الْعِلْمِ الْمُعَلِّمِينَ وَالْمُتَعَلِّمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَإِنْ شَرَطَ نُزُولَ أَهْلِ الْقُرْآنِ أَوْ الْقِرَاءَةِ يَكْتُبُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ قَدْ وَقَفَ لِعِمَارَةِ

اتخاذ المقبرة

الرِّبَاطِ وَقْفًا آخَرَ يُجِيرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقَفَ لِذَلِكَ وَقْفًا آخَرَ يَكْتُبُ عَلَى أَنَّ لِلْقَوْمِ أَبَدًا أَنْ يُؤَاجِرُوا مِنْ مَنَازِلِهَا وَمَرَابِطِهَا بِقَدْرِ مَا يَعْمُرُونَهَا مِنْ غَلَّتِهَا، فَإِذَا عَمَّرُوهَا رُدَّتْ إلَى مَا جَعَلَهَا عَلَيْهِ هَذَا الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ الرَّأْيَ فِي اخْتِيَارِ مَا يُؤَاجِرُونَهُ إلَى الْقَوَّامِ، وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فَالْعِمَارَةُ عَلَى مَا يَسْكُنُهَا، ثُمَّ يَكْتُبُ وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا الْوَاقِفُ هَذَا الْمَوْقُوفَ مِنْ يَدِهِ وَأَفْرَزَهُ مِنْ مَالِهِ وَسَلَّمَهَا إلَى فُلَانٍ بَعْدَمَا جَعَلَهُ مُتَوَلِّيًا لِذَلِكَ لِيُوَلِّيَهَا عَلَى سَبِيلِهَا مَا شَاءَ وَيُوَلِّيَهَا مَنْ أَحَبَّ مِمَّنْ يَصْلُحُ لَهَا، وَيُوصِيَ بِهَا إلَى مَنْ أَحَبَّ وَقَبَضَهَا عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ بِتَسْلِيمِ جَمِيعِ ذَلِكَ إلَيْهِ فَارِغًا مِنْ مَوَانِعِ التَّسْلِيمِ وَهِيَ فِي يَدِ هَذَا الْمُتَوَلِّي عَلَى الصَّدَقَةِ الْمُسَمَّاةِ فِيهِ لَا يَحِلُّ لِوَالٍ أَوْ قَاضٍ وَلَا قَيِّمٍ وَلَا ذِي سُلْطَانٍ تَغْيِيرُ ذَلِكَ عَنْ وَجْهِهِ وَلَا تَبْدِيلُ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ بَاءَ بِإِثْمِهِ وَتَعَرَّضَ لِسَخَطِ رَبِّهِ وَاَللَّهُ حَسْبُهُ وَكَافِيهِ وَمُجَازِيهِ، وَلِلْوَاقِفِ أَجْرُهُ عَلَى مَا نَوَى وَأَمْضَى وَقَدْ حَكَمَ حَاكِمٌ عَدْلٌ نَافِذُ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِجَوَازِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَلُزُومِهَا عَلَى وَجْهِهَا بِخُصُومَةٍ صَحِيحَةٍ جَرَتْ بَيْنَ هَذَا الْوَقْفِ وَبَيْنَ خَصْمٍ فِيهِ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِجَوَازِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَلُزُومِهَا بِحَضْرَتِهِ وَمَسْأَلَتِهِ عَمَلًا بِمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ مَجْمُوعَةً مِنْ الْعُدُولِ الَّذِينَ أَثْبَتُوا أَسَامِيَهُمْ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا. [اتِّخَاذِ الْمَقْبَرَةِ] (نَوْعٌ آخَرُ فِي اتِّخَاذِ الْمَقْبَرَةِ) فَنَقُولُ: ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْ لَا يَلْزَمُ حَتَّى كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا، وَرَوَى الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ الْمَيِّتُ وَيَرْجِعُ فِيمَا سِوَاهُ، وَحُكِيَ عَنْ الْحَاكِمِ أَبِي نَصْرٍ الْمَهْرَويِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: وَجَدْت فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ جَازَ وَقْفُ الْمَقْبَرَةِ وَالطَّرِيقِ دُونَ سَائِرِ الْأَوْقَافِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ وَقْفُ الْمَقْبَرَةِ وَاشْتِرَاطُ التَّسْلِيمِ فِيهَا عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ وَالتَّسْلِيمِ فِيهَا بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُتَوَلِّي أَوْ بِدَفْنِ الْمَوْتَى فَإِنْ أَرَادَ كِتَابَتَهُ يَكْتُبُ أَنَّ فُلَانًا جَعَلَ أَرْضَهُ وَيَذْكُرُ مَوْضِعَهَا وَحُدُودَهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً صَدَقَةً وَقْفًا صَحِيحًا جَائِزًا نَافِذًا إلَى قَوْلِنَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَجَعَلَهَا مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ يَدْفِنُونَ فِيهَا مَوْتَاهُمْ وَفِي كُلِّ وَقْتٍ وَأَوَانٍ أَبَدًا لَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُحَالُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا وَقَدْ أَذِنَ لِلنَّاسِ أَنْ يَدْفِنُوا فِيهَا مَوْتَاهُمْ فَدَفَنَ طَائِفَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا مَوْتَاهُمْ بَعْدَمَا عَلِمُوا بِسَبِيلِهَا وَأَذِنَ لَهُمْ بِالدَّفْنِ فِيهَا فَصَارَتْ مَقْبَرَةَ الْمُسْلِمِينَ مَقْبُوضَةً لَهُمْ عَلَى مَا جَعَلَهَا الْوَاقِفُ. وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فَدَفَنَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا مَوْتَاهُمْ وَإِنَّمَا كَتَبَ وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا الْمُتَصَدِّقُ هَذِهِ الْأَرْضَ مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهَا فِي يَدِ فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي لِتَكُونَ فِي يَدِهِ عَلَى مَا جَعَلَهَا هَذَا الْوَاقِفُ؛ كَفَاهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ حَتَّى يَصِيرَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى إبْطَالِهِ وَوَجْهُ الْمُرَافَعَةِ إلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُرْفَعَ الْمَالِكُ مِنْ دَفْنِ مَيِّتِهِ فِيهِ وَيُسْأَلُ الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِتَفْرِيغِ أَرْضِهِ لِمَا أَنَّ هَذَا الْوَقْفَ لَيْسَ بِلَازِمٍ فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْمَالِكَ بِقَصْرِ يَدِهِ عَنْهُ وَيْحُكُمْ بِصِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ فَيَكْتُبُ الْكَاتِبُ وَقَدْ حَكَمَ حَكَمٌ عَدْلٌ نَافِذُ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِجَوَازِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَلُزُومِهَا عَلَى وَجْهِهَا بَعْدَ خُصُومَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ جَرَتْ فِيهَا بَيْنَ هَذَا الْوَاقِفِ وَبَيْنَ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ دَفَنُوا مَوْتَاهُمْ فِيهَا لَمَّا أَرَادَ الْوَاقِفُ هَذَا الرُّجُوعَ عَنْ وَقْفِهَا أَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ لَازِمًا فَحَكَمَ عَلَى الْوَاقِفِ هَذَا بِلُزُومِهِ فِي وَجْهِهِ بِحَضْرَةِ خَصْمِهِ إذْ رَآهُ لَازِمًا وَوَقَعَ

جعل الأرض طريقا لعامة المسلمين

اجْتِهَادُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَكْتُبُ وَلَا يَحِلُّ لِوَالٍ وَلَا لِقَاضٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا. [جَعْلِ الْأَرْضِ طَرِيقًا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ] (نَوْعٌ آخَرُ فِي جَعْلِ الْأَرْضِ طَرِيقًا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ) فَنَقُولُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ وَعَلَى مَا حَكَيْنَا عَنْ الْحَاكِمِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ عَلَى الْوِفَاقِ وَطَرِيقُ كِتَابَتِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا غَيْرَ أَنَّهُ يَكْتُبُ هَهُنَا وَقَفَ عَلَى أَرْضِهِ عَلَى أَنْ تَكُونَ طَرِيقًا لِعَامَّةِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ يُسَاوِي الْمُسْلِمَ فِي الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ وَالطَّرِيقُ فِي هَذَا نَظِيرُ الرِّبَاطِ بِخِلَافِ الْمَقْبَرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ فِي مَقْبَرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [اتِّخَاذِ الْقَنْطَرَةِ] (نَوْعٌ آخَرُ فِي اتِّخَاذِ الْقَنْطَرَةِ) وَطَرِيقُ كِتَابَتِهِ هَذَا مَا شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا جَعَلَ قَنْطَرَتَهُ الَّتِي بَنَاهَا عَلَى نَهْرِ كَذَا أَوْ عَلَى وَادِي كَذَا وَيَكْتُبُ بِإِذْنِ سُلْطَانِ الْوَقْتِ إنْ كَانَ الْوَادِي أَوْ النَّهْرُ لِلْعَامَّةِ، وَإِنْ كَانَ لِقَوْمٍ مَخْصُوصِينَ يَكْتُبُ بِإِذْنِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ يَكْتُبُ بِإِذْنِ فُلَانٍ وَيُبَيِّنُ أَنَّهَا مِنْ خَشَبٍ أَوْ آجُرٍّ وَيُبَيِّنُ أَنَّهَا عَلَى طَاقٍ أَوْ طَاقَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ طَاقَاتٍ لِيَكُونَ طَرِيقَ الْمُرُورِ لِعَامَّةِ النَّاسِ إلَى آخِرِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [جَعْلِ الْخَيْلِ وَمَتَاعِهِ وَسِلَاحِهِ لِلسَّبِيلِ] (نَوْعٌ آخَرُ فِي جَعْلِ الْخَيْلِ وَمَتَاعِهِ وَسِلَاحِهِ لِلسَّبِيلِ) يَكْتُبُ فِيهِ وَجَعَلَ جَمِيعَ خَيْلِهِ وَهِيَ كَذَا وَكَذَا وَجَمِيعَ سِلَاحِهِ وَهُوَ كَذَا وَقْفًا مُؤَبَّدًا حَبْسًا جَائِزًا قَائِمَةً عَلَى حَالِهَا عِدَّةً لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى يَسْتَعْمِلُهَا أَهْلُ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ وَقْتٍ وَزَمَانٍ عَلَى أَنَّ الرَّأْيَ فِي الدَّفْعِ وَالْأَخْذِ لِلْقَوَّامِ عَلَيْهَا أَبَدًا إلَى مَنْ أَحَبُّوا مِنْ مُسْتَعْمَلِيهَا كَيْفَمَا شَاءُوا وَكُلَّمَا شَاءُوا وَيَذْكُرُ عَلَى أَنْ لَا يَقُومَ عَلَيْهِ أَبَدًا إلَّا الْمَعْرُوفُ بِصَلَاحِهِ وَعَفَافِهِ، عَلَى أَنَّهُ إنْ تَغَيَّرَ مِنْهَا شَيْءٌ لِمَرَضٍ أَوْ فَسَادٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ كَسْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَصْلُحُ لِلْجِهَادِ بَاعَهُ الْقَيِّمُ وَاسْتَبْدَلَ بِقِيمَتِهِ غَيْرَهُ مِمَّا يَصْلُحُ مِنْ الْجِهَادِ كُلُّ قَيِّمٍ كَانَ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَزَمَانٍ يَسْتَبْدِلُ مَا لَمْ يَبْقَ صَالِحًا لِلْجِهَادِ وَيَحْبِسُهُ عِنْدَ نَفْسِهِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ، عَلَى هَذَا يَجْرِي أَمْرُهَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ، وَعَلَى هَذَا الْعَوَامِلُ وَالْحَوَامِلُ مِنْ الدَّوَابِّ وَالنِّعَمِ إذَا سَبَّلَهَا لِحَمْلِ أَثْقَالِ أَهْلِ الْجِهَادِ وَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ لَهُمْ وَكَذَلِكَ الْعَبِيدُ إذَا سَبَّلَهُمْ لِخِدْمَةِ أَهْلِ الْجِهَادِ فَهَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَطَرِيقُ كِتَابَتِهِ أَنْ يَكْتُبَ إلَى قَوْلِنَا: قَائِمَةً عَلَى حَالِهَا عُدَّةً لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُحْمَلُ عَلَيْهَا أَثْقَالُ أَهْلِ الْجِهَادِ وَفِي اسْتِسْقَاءِ الْمَاءِ يَكْتُبُ يُسْتَسْقَى بِهَا الْمَاءُ لِأَهْلِ الْجِهَادِ، وَفِي الْعَبِيدِ يَكْتُبُ يَخْدُمُونَ أَهْلَ الْجِهَادِ وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ. وَأَمَّا إذَا سَبَّلَ شِيَاهًا مِنْ الْأَنْعَامِ لِيُتَصَدَّقَ بِأَلْبَانِهَا وَأَوْلَادِهَا وَأَصْوَافِهَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَحْمَدُ السَّمَرْقَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِهِ لَمْ يُسْمَعْ فِي وَقْفِهَا قَوْلًا لِأَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: قَالُوا: يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إذَا أَوْصَى بِمَا فِيهِ مِنْ بُطُونِ غَنَمِهِ أَوْ بِأَصْوَافِهَا أَوْ أَلْبَانِهَا فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَلَيْسَتْ الْوَصِيَّةُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَالْوَصِيَّةِ بِغَلَّةِ الْبُسْتَانِ وَثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ قَالَ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَقْفَ النَّعَمِ لِلتَّصَدُّقِ بِأَلْبَانِهَا وَأَصْوَافِهَا وَأَوْلَادِهَا لَا يَجُوزُ، وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا وَقَفَ بَقَرَةً عَلَى رِبَاطٍ عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ لَبَنِهَا وَسَمْنِهَا يُعْطَى لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَغْلِبُ ذَلِكَ فِي أَوْقَافِهِمْ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ جَائِزًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ جَرَى التَّعَارُفُ بِذَلِكَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَطَرِيقُ الْكِتَابَةِ فِي ذَلِكَ هَذَا مَا وَقَفَ فُلَانٌ كَذَا عَدَدًا مِنْ الْإِبِلِ أَوْ كَذَا عَدَدًا مِنْ الْبَقَرِ أَوْ كَذَا عَدَدًا مِنْ الْغَنَمِ وَقْفًا مُؤَبَّدًا حَبْسًا جَائِزًا نَافِذًا لَا فَسَادَ فِيهِ وَلَا رَجْعِيَّةَ وَلَا مَثْنَوِيَّةَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ إلَى آخِرِهِ عَلَى أَنَّ مَا يُحَصَّلُ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَصْوَافِهَا وَأَوْلَادِهَا يُصْرَفُ إلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ، عَلَى أَنَّ

وقف العقارات

الرَّأْيَ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَيِّمِ يُعْطِي مِنْ شَاءَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَأَيَّ قَدْرٍ شَاءَ وَسَلَّمَ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَى فُلَانٍ بَعْدَ مَا جَعَلَهُ مُتَوَلِّيًا فِي ذَلِكَ وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ. [وَقْفِ الْعَقَارَاتِ] (نَوْعٌ آخَرُ فِي وَقْفِ الْعَقَارَاتِ) وَأَنَّهُ عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ فَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ فِي حَيَاتِهِ وَبِهِ بَدَأَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي بَابِ الْوَقْفِ فِي شُرُوطِ الْأَصْلِ قَالَ قُلْت: أَرَأَيْت إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ فِي حَيَاتِهِ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ هَلْ يَجُوزُ قَالَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ مَاتَ وَهُوَ فِي يَدِهِ يَصِيرُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ وَلَمْ يَقُلْ لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوَقْفُ حَبْسُ الْأَصْلِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْغَلَّةِ وَالثَّمَرَةِ وَمَنْفَعَةِ الدَّارِ وَالْأَرْضِ فَكَانَ كَالْعَارِيَّةِ وَالْعَارِيَّةُ جَائِزَةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَلَوْ مَاتَ الْمُعِيرُ تَصِيرُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ فَكَذَا الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ قُلْت فَهَلْ فِي ذَلِكَ حِيلَةٌ حَتَّى تَجُوزَ هَذِهِ الصَّدَقَةُ وَلَا يَكُونَ لِأَحَدٍ نَقْضُهَا قَالَ إنْ نَقَضَ السُّلْطَانُ أَوْ وَارِثٌ هَذِهِ الصَّدَقَةَ فَهِيَ وَصِيَّةٌ مِنْ ثُلُثَيْنِ يُبَاعُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَيَحْصُلُ الصِّيَانَةُ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُرِيدُ إبْطَالَهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِهَذَا الْإِبْطَالِ شَيْئًا فَلَا يُبْطِلُهَا، ثُمَّ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي تَعْلِيمِ الْحِيلَةِ يَقُولُ فَهِيَ وَصِيَّةٌ مِنْ ثُلُثٍ يُبَاعُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَقُلْ يَقُولُ فَهِيَ وَقْفٌ وَصَدَقَةٌ بَعْدَ وَفَاتِي فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ الْمُضَافُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ جَائِزًا لَازِمًا عِنْدَهُ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ. كَانَ الْوَقْفُ الْمُضَافُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فِي مَعْنَى الْوَصِيَّةِ وَمِنْ مَذْهَبِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيُبْطِلُهَا فَقَالَ مَا قَالَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِهِ قُلْت: فَكَيْفَ يَكْتُبُ؟ قَالَ: يَكْتُبُ هَذَا مَا عَهِدَ فُلَانٌ فِي حَيَاتِهِ عَهِدَ أَنَّهُ جَعَلَ دَارِهِ الَّتِي فِي بَنِي فُلَانٍ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَالطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَانَا يَكْتُبَانِ هَذَا مَا تَصَدَّقَ بِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَأَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ فُلَانًا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ دَارِهِ، وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصَّنْعَةِ كَانَ يَكْتُبُ هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانٍ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَانُوا يَكْتُبُونَ هَذَا مَا وَقَفَ وَتَصَدَّقَ وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَحَسَنٌ، وَلَمْ يَصِفْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الدَّارَ بِكَوْنِهَا فَارِغَةً وَالطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَانَا يَكْتُبَانِ وَهِيَ دَارٌ فَارِغَةٌ وَإِنَّهُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ شَغْلَ الدَّارِ يَمْنَعُ جَوَازَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى التَّسْلِيمَ إلَى الْمُتَوَلِّي شَرْطًا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لِيَقَعَ التَّحَرُّزُ عَنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ قَالَ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إنَّمَا قَالَ هَذَا حَتَّى تَمْتَازَ هَذِهِ الصَّدَقَةُ عَنْ الصَّدَقَةِ الْمُقَيَّدَةِ. وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَكْتُبَانِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُؤَبَّدَةً مُحَرَّمَةً مُحْتَبَسَةً بَتَّةً بَتَلَةً لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ وَلَا تُمْلَكُ بِوَجْهِ مِلْكٍ وَلَا تُتْلَفُ بِوَجْهِ تَلَفٍ قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا مَحْفُوظَةً عَلَى شُرُوطِهَا مُسْبَلَةً عَلَى سُبُلِهَا الْمُسَمَّاةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ حَتَّى يَرِثَهَا اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي لَهُ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ. ثُمَّ قَالَ: عَلَى أَنْ لَا تُؤَاجَرَ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِغَلَّتِهَا وَالتَّصَدُّقُ بِالْغَلَّةِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْإِجَارَةِ فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْإِجَارَةَ مُطْلَقَةً. وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ هَذَا الْإِطْلَاقُ إذَا أَرَادَ الْمُتَصَدِّقُ الْإِطْلَاقَ أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يُؤَاجِرَ سَنَةً فَسَنَةً يَذْكُرُ فِي الصَّكِّ عَلَى أَنْ يُؤَاجِرَ سَنَةً فَسَنَةً وَلَا يُؤَاجِرَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا انْقَضَتْ سَنَةٌ يُؤَاجِرُ سَنَةً أُخْرَى، ثُمَّ يَكْتُبُ وَيُتَصَدَّقُ بِغَلَّتِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ أَبَدًا؛ لِأَنَّ التَّأْيِيدَ شَرْطُ صِحَّةِ الْوَقْفِ إلَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ يُتَصَدَّقُ

بِغَلَّتِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ مُجِيزِي الْوَقْفِ وَعَلَى قَوْلِ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ الصَّدَقَةِ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ جَمِيعَ الْمَسَاكِينِ فَالتَّصَدُّقُ عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ جَائِزٌ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ، وَعِنْدَ عَامَّةِ مُجِيزِي الْوَقْفِ لَفْظَةُ الصَّدَقَةِ تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ جِنْسِ الْمَسَاكِينِ حَيْثُ أَطْلَقَ وَلَمْ يُعَيَّنْ وَاحِدًا فَصَارَ كَأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ وَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْمَسَاكِينِ لِيَخْرُجَ عَنْ حَدِّ الِاخْتِلَافِ. وَإِنْ أَرَادَ الْمُتَصَدِّقُ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِغَلَّتِهَا عَلَى فُقَرَاءِ الْمَسَاكِينِ وَمَسَاكِينِهِمْ يَكْتُبُ وَيُتَصَدَّقُ بِغَلَّتِهَا عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَمَسَاكِينِهِمْ وَأَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْهُمْ أَبَدًا عَلَى مَا يَرَى وَالِي هَذِهِ الصَّدَقَةِ الَّذِي يَلِي يَوْمَئِذٍ مِنْ تَسْوِيَةِ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَمِنْ تَخْصِيصِ بَعْضِهِمْ بِوَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ بَعْدَ أَنْ يَتَوَخَّى أَيْ أَنْ يَبْتَغِيَ وَيَطْلُبَ أَفْضَلَ ذَلِكَ مَوْضِعًا وَأَعْظَمَهُ أَجْرًا، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ يَبْدَأُ أَوَّلًا بِمَا يُحَصَّلُ مِنْ غَلَّتِهَا بِمَرَمَّتِهَا وَعِمَارَتِهَا وَإِصْلَاحِهَا بِمَا فِيهَا مِنْ الْمُسْتَزَادِ فِي غَلَّاتِهَا وَأُجُورِ الْقَوَّامِينَ وَجَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، ثُمَّ مَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَعَامَّةِ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَكْتُبُونَ يَبْدَأُ أَوَّلًا بِمَا حُصِّلَ مِنْ غَلَّتِهَا بِمَرَمَّتِهَا وَعِمَارَتِهَا وَإِصْلَاحِهَا وَمَا فِيهِ مِنْ الْمُسْتَزَادِ مِنْ غَلَّتِهَا وَأُجُورِ الْقَوَّامِ عَلَيْهَا، ثُمَّ مَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يُصْرَفُ إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَمَسَاكِينِهِمْ أَبَدًا إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ اقْتِضَاءً فَإِنَّهُ قَالَ: يُتَصَدَّقُ بِغَلَّتِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ أَبَدًا وَلَا يُمْكِنُ التَّصَدُّقُ بِغَلَّتِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ أَبَدًا إلَّا بَعْدَ عِمَارَتِهَا وَمَرَمَّتِهَا وَالثَّابِتُ اقْتِضَاءً وَالثَّابِتُ نَصًّا سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ عَامَّةَ أَهْلِ الشُّرُوطِ كَانُوا يَقُولُونَ: الثَّابِتُ نَصًّا أَقْوَى مِنْ الثَّابِتِ اقْتِضَاءً. وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصَّنْعَةِ يَكْتُبُونَ فِي الْأَرْضِ وَالْكَرْمِ وَأَدَاءَ خَرَاجِهَا وَمُؤْنَتِهَا الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْلَالَ بِدُونِهِ لَا يُمْكِنُ وَفِي الدَّارِ وَالْحَوَانِيتِ يَكْتُبُونَ وَأَدَاءَ مُؤْنَتِهَا وَالنَّوَائِبِ السُّلْطَانِيَّةِ الْمُوَظَّفَةِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْخَرَاجِ، ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَرُدَّ هَذِهِ الصَّدَقَةَ. وَالطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَزِيدَانِ عَلَى ذَلِكَ لِلتَّأْكِيدِ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ أَحَدٍ مِنْ عَرَضِ النَّاسِ أَنْ يُغَيِّرَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَنْ يُبَدِّلَهَا وَأَنْ يُبْطِلَهَا وَأَنْ يُعِينَ أَحَدًا عَلَى نَقْضِهَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ بَاءَ بِإِثْمِهِ وَأَجْرُ فُلَانٍ يَعْنِي الْمُتَصَدِّقَ فِيمَا نَوَى مِنْ ذَلِكَ وَاحْتَسَبَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكْتُبُ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَرُدَّ هَذِهِ الصَّدَقَةَ؛ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ نَقْضُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَلَوْ نُقِضَتْ عَادَتْ إلَى مِلْكِ الْمَالِكِ كَمَا كَانَتْ وَلَا يَكُونُ آثِمًا فَتَكُونُ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ كَذِبًا عَلَى قَوْلِهِ وَيَبْطُلُ بِهِ الْوَقْفُ لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ، ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَدَفَعَ فُلَانٌ الْمُتَصَدِّقُ هَذِهِ الدَّارَ إلَى فُلَانٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ بَعْدَ مَا جَعَلَهُ فِيهَا مُتَوَلِّيًا لِأُمُورِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَقَبَضَ فُلَانٌ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ إلَى الْمُتَوَلِّي شَرْطُ صِحَّةِ الْوَقْفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلَمْ يَكْتُبْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ عَلَى أَنَّ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ مِنْ الْوُكَلَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ يَسْتَبْدِلُ بِهِمْ مَنْ شَاءَ وَأَحَبَّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: لَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ وَلَا الْمُتَوَلِّي أَنْ يُؤَكِّلَ غَيْرَهُ إلَّا إذَا فُوِّضَ ذَلِكَ إلَيْهِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَإِذَا فُوِّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ وَوَكَّلَ غَيْرَهُ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ إلَّا إذَا فُوِّضَ إلَيْهِ الْعَزْلُ قَالَ، ثُمَّ يَكْتُبُ فَإِنْ رَدَّ سُلْطَانٌ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ طَعَنَ فِيهَا طَاعِنٌ فَهِيَ وَصِيَّةٌ مِنْ ثُلُثِ فُلَانٍ يُبَاعُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ هَذَا صِيَانَةً لِهَذَا الْوَقْفِ عَنْ النَّقْضِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَإِنْ أُلْحِقَ بِآخِرِ هَذَا الْكِتَابِ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِصِحَّةِ هَذَا

الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا قَبْلَ هَذَا تَحْصُلُ بِهِ الصِّيَانَةُ أَيْضًا. (صَدَرَ صَكُّ الْوَقْفِ مِنْ إنْشَاءِ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) هَذَا مَا وَقَفَ وَتَصَدَّقَ بِهِ الْعَبْدُ الْمُسْرِفُ فِي الذَّنْبِ الْحَسَنُ الظَّنِّ بِعَفْوِ الرَّبِّ فُلَانٌ ابْتِغَاءً لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَلَبًا لِثَوَابِهِ وَتَحَرِّيًا لِمَرْضَاتِهِ وَهَرَبًا مِنْ أَلِيمِ عَذَابِهِ وَشَدِيدِ عِقَابِهِ حِينَ رَأَى نِعَمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ مُتَوَافِرَةً وَآلَاءَهُ لَدَيْهِ مُتَظَاهِرَةً وَقَدْ اخْتَصَّهُ بِمَا حُرِمَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَشْكَالِهِ وَنُظَرَائِهِ وَأَتَاهُ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ أَمْثَالِهِ وَقُرَنَائِهِ مِنْ أَجْنَاسِ خَلْقِهِ أَنْشَأَهُ فِي عِزٍّ وَوَجَاهَةٍ وَعَمَّرَهُ فِي رَخَاءِ عَيْشٍ وَرَفَاهَةٍ وَارْتِفَاعِ ذِكْرٍ وَتَمْكِينٍ وَشَرَفِ قَدْرٍ وَاتِّسَاعِ يَمِينٍ، ثُمَّ رَأَى نَفْسَهُ فِي انْتِقَاصٍ وَحَوَاسَّهُ فِي كَلَالٍ وَانْتِقَاصٍ قَدْ ذَهَبَتْ قُوَاهَا وَانْتَقَضَتْ عُرَاهَا وَقَلَّ كَرَاهَا وَكَثُرَ شَكْوَاهَا وَابْيَضَّ مِنْهُ الشَّعْرُ وَانْحَنَى لَهُ الظَّهْرُ قَدْ قَارَبَ الزَّوَالَ وَأَشْرَفَ عَلَى الِارْتِحَالِ، وَأَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ وَيَتَزَوَّدَ مِنْ أُولَاهُ لِعَاقِبَتِهِ وَيُقَدِّمَ فِي يَوْمِهِ لِغَدِهِ مِنْ أَطْيَبِ ذَاتِ يَدِهِ ذُخْرًا لِوَقْتِ حَاجَتِهِ وَعُدَّةً لِفَقْرِهِ وَفَاقَتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وَلِمَا بَلَغَهُ مِنْ الْآثَارِ وَنُقِلَ فِي الْأَخْبَارِ، مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ: الْأَوَّلُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَالثَّانِي: أُمَّةٌ مُذْنِبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ. وَالثَّالِثُ: وَجَدْنَا مَا عَمِلْنَا وَرَبِحْنَا مَا قَدَّمْنَا وَخَسِرْنَا مَا خَلَّفْنَا. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي وَهَلْ لَك مِنْ مَالِك إلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ» وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «ظِلُّ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَدَقَتُهُ» وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ» فَأَنْفَقَ مِمَّا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رِضَاهُ عَاجِلًا رَاجِيًا نَفَقَتَهُ آجِلًا رَغْبَةً فِي مَوْعُودِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ «خَيْرُ مَا يَخْلُفُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلَاثَةٌ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، وَصَدَقَةٌ جَارِيَةٌ يَبْلُغُهُ أَجْرُهَا، وَعِلْمٌ يُعْمَلُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ» فَأَحَبَّ أَنْ يَنْدَرِجَ فِي جُمْلَةِ مَنْ لَا يَنْقَطِعُ عَمَلُهُ إذَا دَنَا أَجَلُهُ فَوَقَفَ وَتَصَدَّقَ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَطَيِّبِ كَسْبِهِ بِكَذَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (صَكٌّ قَدِيمٌ طَوِيلٌ فِي اتِّخَاذِ الْمَدْرَسَةِ وَالْوَقْفِ عَلَيْهَا) هَذَا مَا احْتَسَبَ بِإِنْفَاقِهِ وَتَصَدَّقَ بِهِ الْخَاقَانُ الْأَجَلُّ السَّيِّدُ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ الْمُؤَيَّدُ الْعَدْلُ عِمَادُ الدَّوْلَةِ وَتَاجُ الْمِلَّةِ طمغاج يغراقراخان أَبُو إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ سَيْفُ خَلِيفَةُ اللَّهِ تَعَالَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَى اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَهُ وَأَعَزَّ نَصْرَهُ تَقَرُّبًا إلَى الرَّبِّ الْجَلِيلِ وَطَلَبًا لِلثَّوَابِ الْجَزِيلِ وَهَرَبًا مِنْ الْعَذَابِ وَالتَّنْكِيلِ وَرَغْبَةً فِي وَعْدِهِ الْجَمِيلِ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ مُحْكَمُ التَّنْزِيلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20] وَرُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ عَنْ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ الْأَبْرَارِ وَصَحْبِهِ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَصَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، وَعِلْمٌ يَعْمَلُ بِهِ النَّاسُ» وَأَحَبَّ أَنْ يَتَدَرَّجَ فِي عِدَادِ مَنْ لَا يَنْقَطِعُ عَمَلُهُ وَأَنْ يُقَدِّمَ لِنَفْسِهِ خَيْرًا يَكُونُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ وَزَادًا لِلْمَعَادِ وَذَخِيرَةً بَاقِيَةً لِيَوْمِ التَّنَادِّ {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} [آل عمران: 30] الْآيَةَ فَأَمَرَ بِاِتِّخَاذِ مَدْرَسَةٍ تَكُونُ مَجْمَعًا لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مُتَّصِلَةً بِالْمَشْهَدِ مُشْتَمِلَةً عَلَى مَسْجِدٍ وَمَوَاضِعَ لِدَرْسِ الْعِلْمِ وَمَكْتَبَةٍ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَمَجْلِسِ مُقْرِئٍ يُقْرِئُ النَّاسَ الْقُرْآنَ وَمَجْلِسِ مُؤَدِّبٍ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْأَدَبَ وَدُوَيْرَاتٍ وَسَاحَةٍ وَبُسْتَانٍ وَجَمَعَ فِي ذَلِكَ شَرَائِطَ الصِّحَّةِ عَلَى مَا اقْتَضَى الْعِلْمُ صِحَّةَ تِلْكَ الصَّدَقَاتِ عَلَى وُجُوهِهَا الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهَا، وَجَمِيعُ ذَلِكَ دَاخِلُ مَدِينَةِ سَمَرْقَنْدَ بِمُوضَعٍ مِنْهَا يُعْرَفُ مِنْهَا بِالْبَابِ الْجَدِيدِ وَأَحَدُ حُدُودِ جَوَانِبِهَا لَزِيقُ الشَّارِعِ

وَالثَّانِي لَزِيقُ سَاحَةٍ مَنْسُوبَةٍ إلَى الْخَاتُونِ الْمَلِكَةِ بِنْتِ الطَّرْخَانِ بِك وَلَزِيقُ فارقين وَقْفٌ عَلَى مَشْهَدِهِمْ وَالثَّالِثُ لَزِيقُ مَنْزِلٍ وَقْفٍ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَلَزِيقُ مَنْزِلِ أَحْمَدَ الْمُقَصِّصِ وَلَزِيقُ مَنْزِلِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْعَطَاءِ وَيَتَّصِلُ بِخَانٍ يُنْسَبُ إلَى الْخَاتُونِ الْمَلِكَةِ وَالرَّابِعُ لَزِيقُ مَنْزِلٍ مَنْسُوبٍ إلَى حَاوِلِي الخيلتاشي وَلَزِيقُ خَانِقَاهُ مَنْسُوبٍ إلَى الْأَمِيرِ نِظَامِ الدَّوْلَةِ وَلَزِيقُ مَنْزِلٍ مَنْسُوبٍ إلَى الْخَاتُونِ الْمَلِكَةِ تركان خَاتُونَ وَلَزِيقُ الطَّرِيقِ وَإِلَيْهِ مَدْخَلُهَا، ثُمَّ أَحَبَّ أَنْ يَدُومَ ذَلِكَ الْخَيْرُ عَلَى مُرُورِ الْأَيَّامِ وَكُرُورِ الْأَعْوَامِ بِأَوْقَافٍ صَحِيحَةٍ عَلَيْهَا، وَعَلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ وَأَبْوَابِ الْبِرِّ فِيهَا فَيَبْقَى عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ نِيَّتُهُ وَاشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ طَوِيَّتُهُ فَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ بِكُلِّ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهَا الْمَحْدُودَةِ الْمَوْصُوفَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ لِإِقَامَةِ أَعْمَالِ الْبِرِّ فِيهَا وَبِجَمِيعِ الْخَانِ الْخَالِصِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الدِّيَاتِ وَالْإِصْطَبْلَاتِ وَالْمَتْبَنِ وَالْأَوَارِي وَالْحُجُرَاتِ وَالْغُرَفِ وَالْحَوَانِيتِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهَا عَلَى يَسَارِ الدَّاخِلِ فِي هَذَا الْخَانِ وَوَاحِدٍ عَلَى يَمِينِ الدَّاخِلِ فِيهِ، وَهَذَا الْخَانُ مَعْرُوفٌ (بِنِيمِ بَلَاس) بِسُوقِ سَعْدٍ سَمَرْقَنْدَ فِي مَحَلَّةِ (زركوبان) فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا يُعْرَفُ (بكوجة مُفْلِس) وَبِجَمِيعِ الْخَانِ الْخَالِصِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الدُّوَيْرَاتِ الْخَمْسِ وَالْحُجُرَاتِ الثَّلَاثَةِ وَالْغُرُفَاتِ الثَّلَاثِ وَبُيُوتِ الْأَهْوَاءِ الْخَمْسَةِ وَالْحَوَانِيتِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَلَازِقَةِ عَلَى بَابِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ يَمِينًا بِسُوقِ سَعْدٍ سَمَرْقَنْدَ بِمَحَلَّةِ رَأْسِ الطَّاقِ فِي زُقَاقٍ يُعْرَفُ بِزُقَاقِ (شير فروشان) . وَبِجَمِيعِ الْخَانِ الْخَالِصِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الدُّوَيْرَاتِ الثَّمَانِ وَالدُّوَيْرَاتِ الْكَبِيرَةِ وَالْغُرُفَاتِ الْخَمْسَةَ عَشْرَةَ وَبُيُوتِ الْأَهْوَاءِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَبَيْتَيْ الْخَلَاءِ وَالْحَوَانِيتِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَلَازِقَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهَذَا الْخَانِ الَّذِي هُوَ بِسُوقِ سَمَرْقَنْدَ بِمَحَلَّةِ رَأْسِ الطَّاقِ فِي سِكَّةِ عَبَّادٍ وَبِجَمِيعِ الدُّوَيْرَةِ الْكَبِيرَةِ مَسْفَلِهَا وَعُلُوِّهَا فِي الْخَانِ الْمَعْرُوفِ بِخَانِ الساماني الْكَبِيرَةِ بِسُوقِ سَعْدٍ سَمَرْقَنْدَ بِرَأْسِ الطَّاقِ فِي شَارِعِ دَرْبِ مَنَارَةٍ، وَهَذِهِ الدُّوَيْرَةُ فِي الزَّاوِيَةِ فِي يَمِينِ الدَّاخِلِ فِي هَذَا الْخَانِ وَبِجَمِيعِ الْحُجُرَاتِ عَلَى عُلُوِّهَا وَالْحُجُرَاتِ الْخَمْسِ الْبَكْدَرِيَّةِ فِي خِلَالِهَا الْمُتَلَازِقَةِ بِهَذَا الْخَانِ وَبِجَمِيعِ الْحُجْرَةِ الْكَبِيرَةِ الْبَكْدَرِيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهَا فِي هَذَا الْخَانِ عَنْ يَسَارِ الصَّاعِدِ فِي عُلُوِّهِ وَبِجَمِيعِ الْحَمَّامِ الْمَعْرُوفِ بِحَمَّامِ الرِّجَالِ بِسُوقِ سَعْدٍ سَمَرْقَنْدَ بِمَحَلَّةِ رَأْسِ قَنْطَرَةِ عَاهِرَةٍ فِي سِكَّةِ حَمَّادٍ وَبِجَمِيعِ بُيُوتِ الْأُكْرَةِ وَبَيْتِ الطِّرَازِ وَالْكَرْمِ وَالْمَنَابِرِ وَالْمَزَارِعِ وَالْمَدَاسَاتِ الَّتِي هِيَ بِقَرْيَةِ جرمعد مِنْ قُرَى (أَنْبَارْكَرْ) مِنْ رُسْتَاقِ سَمَرْقَنْدَ، وَبِجَمِيعِ الْأَرَاضِيِ الَّتِي هِيَ فِي التِّلَالِ الْمُتَّصِلَةِ بِمَزْرَعَةِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَهِيَ جَمِيعُهَا مِنْ نَوَاحِي (أَنْبَارْكَرْ) مِنْ رُسْتَاقِ سَمَرْقَنْدَ فَأَحَدُ حُدُودِ الْخَانِ الْمَعْرُوفُ (بِنِيمِ بَلَاس) . وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ أَحَدُ حُدُودِ كَذَا إلَى آخِرِ هَذِهِ الْمَحْدُودَاتِ فَتَصَدَّقَ الْخَانُ إلَى آخِرِ الْقَابِ هَذَا الْمُتَصَدِّقِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْمَحْدُودَاتِ الْمَذْكُورَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ بِحُدُودِهَا كُلِّهَا وَجَمِيعِ حُقُوقِهَا وَأَرَاضِيِ الْخَانَاتِ وَالْحَوَانِيتِ وَالتَّوَابِيتِ الْمُرَكَّبَةِ، وَبُيُوتِ الْأَهْوَاءِ وَبُيُوتِ الْخَلَاءِ وَالدُّوَيْرَاتِ وَالْحُجُرَاتِ وَالْغُرُفَاتِ وَأَبْنِيَتِهَا وَخَشَبِهَا وَحِيطَانِهَا وَسُفُلِهَا وَعُلُوِّهَا وَسُقُوفِهَا وَجُذُوعِهَا وَعَوَارِضِهَا وَأُسْطُوَانَتِهَا وَأَبْوَابِهَا وَآجُرَّاتِهَا وَأَرْضِ الْحَمَّامِ وَبُيُوتِهِ وَسُقُوفِهِ وَخَشَبِهِ وَحِيطَانِهِ وَآجُرَّاتِهِ وَقُدُرِ مَائِهِ وَأُنْبُوبِهِ وَمُلْقَى رَمَادِهِ وَمَجْمَعِ زِبْلِهِ وَمَصَبِّ مَائِهِ وَحَوْضِهِ وَمَجَارِي مِيَاهِهِ فِي حُقُوقِهِ وَأَرَاضِيِ بُيُوتِ الْأُكْرَةِ وَأَبْنِيَتِهَا وَالْأَشْجَارِ الْقَائِمَةِ فِي الْعَقَارَاتِ وَالزَّرَاجِين وَالْعُرُشِ وَأَنْهَارِهَا وَسَوَاقِيهَا وَشُرُبِهَا بِمَجَارِيهِ

فِي حُقُوقِهَا وَمَدَاسَتِهَا الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهَا فِي حُقُوقِهَا وَمَجَارِي مِيَاهِهَا فِي حُقُوقِهَا. وَكُلُّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْمَحْدُودَاتِ وَمَنْسُوبٍ إلَيْهَا مِنْ حُقُوقِهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَخَارِجٌ مِنْهَا صَدَقَةً صَحِيحَةً نَافِذَةً وَاجِبَةً بَتَّةً بَتَلَةً مُؤَبَّدَةً مُحَرَّمَةً مُحْبَسَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا رَجْعَةَ لِهَذَا الْمُتَصَدِّقِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ وَلَا تُرْهَنُ وَلَا تُتَمَلَّكُ وَلَا تُتْلَفُ بِوَجْهٍ تَلَفَ قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا جَارِيَةً عَلَى سُبُلِهَا الْمُسَمَّاةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ إلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ. عَلَى أَنْ يُسْتَغَلَّ جَمِيعُ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الصَّدَقَةُ الْمَوْصُوفَةُ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِوُجُوهِ غَلَّاتِهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ وَفِي كُلِّ سَنَةٍ إجَارَةً وَمُقَاطَعَةً وَمُزَارَعَةً وَمُسَاقَاةً بَعْدَ أَنْ لَا يُؤَاجَرَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُعْقَدُ مُزَارَعَةٌ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا لَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَلَا فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَلَا يُعْقَدُ عَلَيْهَا عَقْدٌ جَدِيدٌ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا كَذَلِكَ يَجْرِي أَمْرُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ، وَلَا يُؤَاجَرُ قَطُّ مِنْ ذِي حِشْمَةٍ يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ إبْطَالِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَتَغْيِيرِهَا عَنْ وُجُوهِهَا الْمَشْرُوطَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَمَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَلَّاتِهَا وَأَدَاءِ مُؤَنِهَا يُبْدَأُ بِأَنْوَاعِ عِمَارَتِهَا وَرَمِّ مَا اسْتَرَمَّ مِنْهَا وَالْمُسْتَزَادُ فِي غَلَّاتِهَا وَأَدَاءِ مُؤَنِهَا وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ الْجُدُدِ فِي عَقَارَاتِهَا عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَبِشِرَاءِ الْبَوَارِي وَالْحُصُرِ فِي الصَّيْفِ وَالْحَشِيشِ فِي الشِّتَاءِ لِهَذِهِ الْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى قَدْرِ مَا تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ، وَيُقْطَعُ مِنْ أَشْجَارِ هَذِهِ الْعَقَارَاتِ الدَّاخِلَةِ فِي هَذِهِ الصَّدَقَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي عِمَارَةِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَحْدُودَاتِ الدَّاخِلَةِ فِي هَذِهِ الصَّدَقَةِ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِهَا وَيُبَاعُ مَا يَبِسَ مِنْ أَشْجَارِهَا وَأَشْرَفَ عَلَى الْفَسَادِ فَيَكُونُ سَبِيلُ ثَمَنِ ذَلِكَ سَبِيلَ سَائِرِ غَلَّاتِهَا إلَى كُلِّ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَا دِرْهَمٍ مُؤَيَّدِيَّةً عَدْلِيَّةً رَسْمِيَّةً نَقْدَ كُورَةِ سَمَرْقَنْدَ يَوْمَ وَقَعَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ فِيهِ وَيُصْرَفُ إلَى الْفَقِيهِ الَّذِي يَجْلِسُ لِلتَّدْرِيسِ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَعْتَقِدَهُ وَيُدَرِّسُ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْكِتَابِ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَسِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ ذَلِكَ ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ. وَيُصْرَفُ إلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ الْمُقْتَبِسِينَ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْكِتَابِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ يُجْرَى عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ السَّنَةِ مِنْ هَذَا الْمَالِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، يُوَزَّعُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عَلَى مَا يَرَاهُ الْمُدَرِّسُ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ أَوْ تَفْضِيلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ أَوْ إعْطَاءِ الْبَعْضِ وَحِرْمَانِ الْبَعْضِ بَعْدَ أَنْ لَا يَزِيدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا مِنْ هَذَا النَّقْدِ وَيُصْرَفُ إلَى الَّذِي يَتَوَلَّى تَفْرِقَةَ هَذَا الْمَالِ الْمُسَمَّى لِطَلَبَةِ الْعِلْمِ عَلَيْهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ السَّنَةِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا مِنْ ذَلِكَ. وَيُصْرَفُ إلَى مُؤَدِّبٍ مَرْضِيٍّ يَجْلِسُ فِي هَذَا الْمَدْرَسَةِ وَيُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهَا الْأَدَبَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ ذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَيُصْرَفُ إلَى مُعَلِّمٍ يَجْلِسُ فِي مَكْتَبِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَيُعَلِّمُ النَّاسَ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ ذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ. وَيُصْرَفُ إلَى مُقْرِئٍ عَالَمٍ بِالْقِرَاءَاتِ وَالرِّوَايَاتِ يُقْرِئُ النَّاسَ الْقُرْآنَ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَيُصْرَفُ إلَى الْأَرْبَعَةِ مِمَّنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي هَذَا الْمَشْهَدِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ

مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَيُصْرَفُ إلَى ثَمَنِ دُهْنِ السُّرُجِ لِإِسْرَاجِ السُّرُجِ وَالْقَنَادِيلِ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَالْمَشْهَدِ وَالْمَسْجِدِ وَدُوَيْرَاتِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَبَيْتِ الْخَلَاءِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ سَبْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيُصْرَفُ إلَى ثَمَنِ الْجَمْدِ لِسِقَايَةِ هَذَا الْمَدْرَسَةِ فِي كُلِّ صَيْفٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيُصْرَفُ إلَى ثَمَنِ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالْحَوَائِجِ لِاِتِّخَاذِ الضِّيَافَةِ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ فِي لَيَالِيِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَيُصْرَفُ إلَى ثَمَنِ الشُّمُوعِ وَالْبَخُورِ لَيْلَةَ الْخَتْمِ فِي كُلِّ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ مِنْ هَذَا النَّقْدِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، وَيُصْرَفُ إلَى ثَمَنِ الْأَضَاحِيِّ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ شِرَاؤُهُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ مِنْ هَذَا النَّقْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَيُشْتَرَى بِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْبَقَرِ الَّتِي تَجُوزُ فِي الضَّحَايَا بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ شِرَاؤُهُ بِذَلِكَ فَيُضَحَّى بِهَا يُنْوَى بِذَلِكَ عَنْ هَذَا الْمُتَصَدِّقِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَيُتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَيُشْتَرَى بِالْخَمْسِمِائَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْأَغْنَامِ الَّتِي تَجُوزُ فِي الضَّحَايَا بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ شِرَاؤُهُ بِذَلِكَ فَيُضَحَّى بِهَا فَيُنْوَى بِهَا عَنْ أَبَوَيْ هَذَا الْمُتَصَدِّقِ وَيُتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ. وَيُصْرَفُ فِي كُلِّ عَاشُورَاءَ مِنْ هَذَا النَّقْدِ إلَى كِسْوَةِ خَمْسِينَ نَفَرًا مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَإِلَى أَثْمَانِ هَذَا الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالْحَوَائِجِ لِاِتِّخَاذِ الضِّيَافَةِ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ عَشِيَّةَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَلْفُ دِرْهَمٍ. وَيُصْرَفُ إلَى رَجُلَيْنِ مُوَكَّلَيْنِ بِخِدْمَةِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَالْمَسْجِدِ وَالْمَشْهَدِ يَفْتَحَانِ الْأَبْوَابَ وَيُغْلِقَانِهَا وَيَكْنُسَانِ وَيَكْبِسَانِ مَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَبْسِ وَيَفْرِشَانِ الْحُصُرَ وَالْبَوَارِيَ وَيَطْوِيَانِ وَيُلْقِيَانِ الْحَشِيشَ وَيَرْفَعَانِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الرَّفْعِ وَيُنَظِّفَانِ بَيْتَ الْخَلَاءِ وَيُوقِدَانِ السُّرُجَ وَالْقَنَادِيلَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِيهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ ذَلِكَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ. وَيُصْرَفُ إلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالصَّلَاحِ وَالْأَمَانَةِ يَخْتَارُهُ الْمُدَرِّسُ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ فَيُفَوِّضُ إلَيْهِ مُرَاعَاةَ مَصَالِحِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَالْمَشْهَدِ فَيَسْكُنُ فِيهَا وَيَحْفَظُ بَيْتَ الْكُتُبِ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَيَطَّلِعُ أَحْوَالَهَا وَيُرَاعِي أُمُورَهَا وَيُعَيَّنُ بِأَمْرِ مَنْ يُوَكَّلُ بِخِدْمَةِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَالْمَشْهَدِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ ذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَإِنْ رَأَى الْمُدَرِّسُ فِي هَذَا الْمَدْرَسَةِ الصَّلَاحَ فِي أَنْ يُفَوِّضَ هَذَا الْأَمْرَ إلَى رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ يَسْكُنَانِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةَ يَتَوَلَّى أَحَدُهُمَا أَمْرَ بَيْتِ الْكُتُبِ فِيهَا وَيَتَوَلَّى الْآخَرُ سَائِرَ مَصَالِحِهَا فَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إلَى الْمُدَرِّسِ فِيهَا، وَتَكُونُ هَذِهِ الْوَظِيفَةُ الْمُسَمَّاةُ وَهِيَ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ مَصْرُوفَةً إلَيْهِمَا عَلَى مَا يَرَاهُ الْمُدَرِّسُ فِيهَا وَيَسْتَصْوِبُهُ وَقِيمَةُ هَذَا النَّقْدِ الَّذِي سُمِّيَ فِيهِ يَوْمَ وَقَعَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ لِكُلِّ سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا مِثْقَالٌ وَاحِدٌ مِنْ الذَّهَبِ الْإِبْرِيزِ الْخَالِصِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ النَّقْدُ فِي زَمَانٍ إلَى زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ ذَلِكَ النَّقْدِ الْحَدِيثِ فَيُصْرَفُ إلَى كُلِّ وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الْحَدِيثَةِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ مِنْ هَذَا النَّقْدِ الَّذِي كَانَ بِسَمَرْقَنْدَ يَوْمَ وَقَعَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَضْلٌ مِنْ الْغَلَّاتِ اشْتَرَى الْقَائِمُ بِأَمْرِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ بِذَلِكَ الْفَضْلِ زِيَادَةَ أَسْبَابٍ مِنْ الضِّيَاعِ وَالْمُسْتَغِلُّ إنْ اسْتَصْوَبَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ سَبِيلُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ الْمُشْتَرَاةِ فِيمَا يُحَصَّلُ مِنْ غَلَّاتِهَا سَبِيلَ أَصْلِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فِي وُجُوهِ مَصَارِفِ ارْتِفَاعَاتِهَا، وَإِنْ تَقَاصَرَتْ الْغَلَّةُ عَنْ الْوُجُوهِ فِي سَنَةٍ مِنْ السِّنِينَ قُسِّطَ النُّقْصَانُ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ بِحِصَصِهَا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بَعْضُ مَنْ سُمِّيَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ فِيهِ بَعْدَ مَا اسْتَقْصَى فِي الطَّلَبِ كَانَ مَا سُمِّيَ لَهُ مَصْرُوفًا إلَى سَائِرِ الْوُجُوهِ الْمُسَمَّاةِ فِيهِ، وَإِنْ رَأَى الْقَائِمُ صَرْفَ ذَلِكَ إلَى تَحْصِيلِ زِيَادَةِ أَسْبَابٍ يَجْرِي ارْتِفَاعُهَا مَجْرَى أَصْلِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فَعَلَ ذَلِكَ. كَذَلِكَ يَجْرِي أَمْرُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ

الوقف على أولاده وأولاد أولاده

لَا يُغَيِّرُ عَنْ حَالِهَا إلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ، وَإِنْ وَقَعَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ وَلَمْ تُمْكِنْ إعَادَتُهَا إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى صُرِفَ ذَلِكَ إلَى الْمُحْتَاجِينَ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ بِسَمَرْقَنْدَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِهَا مَنْ يُصْرَفُ ذَلِكَ إلَيْهِمْ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ صُرِفَ حِينَئِذٍ إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَبَدًا وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا الْمُتَصَدِّقُ جَمِيعَ ذَلِكَ إلَى يَدِ أَبِي طَاهِرٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَسَنِ الْغَزَالِيِّ وَجَعَلَهُ قَائِمًا بِأُمُورِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَأَمَرَهُ فِي ذَلِكَ بِاسْتِشْعَارِ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَاسْتِعْمَالِ النَّصِيحَةِ وَقَلَّدَهُ تَسْوِيَةَ أُمُورِهَا عَلَى وُجُوهِهَا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُغَيِّرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُبَدِّلَ وَقَدْ قَبَضَهُ قَبْضًا صَحِيحًا فَارِغًا مِنْ مَوَانِعِ صِحَّةِ الْقَبْضِ، فَإِنْ مَضَى لِسَبِيلِهِ أَوْ وَجَبَ إقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ لِمَعْنًى يُوجِبُ ذَلِكَ فَالِاخْتِيَارُ فِي ذَلِكَ إلَى الْفَقِيهِ الَّذِي يُدَرِّسُ فِيهَا بِمَشُورَةِ طَائِفَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ يَدُورُ عَلَيْهِمْ أَمْرُ الْفَتْوَى بِسَمَرْقَنْدَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَخْتَارُهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالدِّيَانَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُدَرِّسٌ فَالْأَمْرُ مُفَوَّضٌ إلَى الْحَاكِمِ بِسَمَرْقَنْدَ وَلَا يَحِلُّ لِلسُّلْطَانِ إلَى آخِرِهِ شَهِدَ الشُّهُودُ إلَى آخِرِهِ. [الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ] (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ) إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ فَهَذَا عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَقْفِ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ يُرِيدُ بِهِ وَلَدَهُ لِصُلْبِهِ وَلَا يُشَارِكُ الْبَطْنُ الثَّانِي الْبَطْنَ الْأَوَّلَ، وَيُرِيدُ بِالْبَطْنِ الثَّانِي وَلَدَ الِابْنِ فَمَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَالْغَلَّةُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ وَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَطْنِ فَالْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَا يَكُونُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ وَوُجِدَ الْبَطْنُ الثَّانِي وَهُوَ وَلَدُ الِابْنِ فَالْغَلَّةُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي وَلَا يُشَارِكُهُ مَنْ دُونَهُ مِنْ الْبُطُونِ وَجُعِلَ الْحَالُ فِي حَقِّ مَا بَيْنَ الْبَطْنِ الثَّانِي وَمَنْ دُونَهُ كَالْحَالِ فِي حَقِّ مَا بَيْنَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَإِنْ عُدِمَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَوُجِدَ الْبَطْنُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ اشْتَرَكَ الثَّالِثُ وَمَنْ دُونَهُ مِنْ الْبُطُونِ وَإِنْ كَثُرَتْ. (الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي) وَفِي هَذَا الْوَجْهِ اخْتَصَّ بِهِ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي يُرِيدُ بِالْبَطْنِ الثَّانِي وَلَدَ الِابْنِ وَلَا يُشَارِكُهُمَا الْبَطْنُ الثَّالِثُ. (الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِ وَلَدِي) وَفِي هَذَا الْوَجْهِ قِيَاسٌ عَلَى أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ الْبُطُونُ الثَّلَاثَةُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ اشْتَرَكَتْ الْبُطُونُ كُلُّهَا، وَإِنْ سَفَلُوا. (الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يَقُولَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي) وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ وَلَهُ وَلَدُ الِابْنِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ صَرْفُ الْغَلَّةِ إلَى وَلَدِ الِابْنِ، فَإِنْ حَدَثَ لَهُ وَلَدُ الصُّلْبِ صُرِفَ الْغَلَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ إلَى الْوَلَدِ لِصُلْبِهِ. (الْخَامِسُ إذَا قَالَ: جَعَلْت أَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةً عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا) وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الْوَقْفِ كُلُّ وَلَدٍ كَانَ لَهُ يَوْمَ هَذَا الْوَقْفِ وَكُلُّ وَلَدٍ يَحْدُثُ لَهُ بَعْدَ هَذَا الْوَقْفِ قَبْلَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ سَقَطَ حِصَّتُهُ وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ نَصِيبَهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ وَالْبَطْنُ الْأَعْلَى وَالْبَطْنُ الْأَسْفَلُ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ إلَّا إذَا قَالَ عَلَى أَنْ يُبْدَأَ فِي ذَلِكَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى، ثُمَّ بِالْبَطْنِ الَّذِي يَلِيهِمْ، فَإِذَا قَالَ هَكَذَا فَمَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى لَا يَكُونُ لِلْبَطْنِ الْأَسْفَلِ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ كَتَبْتهَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ فِي الْكِتَابِ وَوَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا بَعْدَ وَفَاتِهِ

وقف الرجل نصف داره شائعا أو نصف أرضه شائعا

فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ لِوَلَدِهِ لِصُلْبِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ، فَأَمَّا عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ يَجُوزُ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَكُونُ وَارِثًا حَالَ حَيَاةِ أَبِيهِ وَلَكِنْ يَكْتُبُ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ فَيَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى جَوَازَ الْوَقْفِ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ مِنْ غَيْرِ الْإِضَافَةِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَمِنْ غَيْرِ الْوَصِيَّةِ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ يَسْتَحِقُّ الْغَلَّةَ حَالَ حَيَاةِ الْوَاقِفِ وَلَا يَكُونُ الِاسْتِحْقَاقُ حَالَ حَيَاتِهِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ. ثُمَّ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْوَاقِفِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ إلَّا بِالْإِضَافَةِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ بِأَنْ يَكُونَ مُوصًى بِهِ بَعْدَهُ فَيَصِيرُ وَصِيَّةً لِلْوَارِثِ فَلَا صِحَّةَ لِهَذَا الْوَقْفِ عَلَى وَلَدِهِ عِنْدَهُ أَصْلًا فَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ، ثُمَّ فِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ فِي حَيَاتِهِ لَا يُعْطِي وَلَدَ الْوَلَدِ جَمِيعَ الْغَلَّةِ مَا دَامَ وَلَدُ الصُّلْبِ حَيًّا؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ مَا جَعَلَ كُلَّ الْغَلَّةِ لِوَلَدِ الْوَلَدِ الصُّلْبِ حَيًّا وَلَكِنْ تُقَسَّمُ الْغَلَّةُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ وَلَدِ الصُّلْبِ وَعَلَى عَدَدِ رُءُوسِ وَلَدِ الْوَلَدِ فَمَا أَصَابَ وَلَدَ الْوَلَدِ فَهُوَ لَهُمْ وَقْفٌ وَمَا أَصَابَ وَلَدَ الصُّلْبِ فَهُوَ لَهُمْ مِيرَاثٌ حَتَّى يُشَارِكَهُمْ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ دُونَ الْبَعْضِ، فَإِنْ مَاتَ وَلَدُ الصُّلْبِ فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا تَكُونُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ بِحُكْمِ الْوَقْفِ. ذَكَرَ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَقَالُوا هَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْإِخْلَاءَ عَنْ الْوَقْفِ فِي زَمَانٍ حَتَّى قَالَ: إنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَنَّ الْوَقْفَ جَائِزٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُجَوِّزُ الْإِخْلَاءَ عَنْ الْوَقْفِ فِي زَمَانٍ حَتَّى قَالَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ: إنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا يَجُوزُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِيرَ جَمِيعُ الْغَلَّةِ بَعْدَ مَوْتِ وَلَدِ الصُّلْبِ وَقْفًا عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ مَا يُصِيبُ وَلَدَ الصُّلْبِ حَالَ حَيَاتِهِ لَيْسَ بِوَقْفٍ وَإِنَّمَا يَصِيرُ وَقْفًا بَعْدَ وَفَاتِهِ لِوَلَدِ الْوَلَدِ فَقَدْ خَلَا زَمَانٌ عَنْ الْوَقْفِ. وَأَمَّا إذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ حَالَ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى وَلَدِهِ وَإِنَّهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حَالَ حَيَاتِهِ لَغْوٌ مِنْ الْكَلَامِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ لَا صِحَّةَ لِلْوَقْفِ حَالَ الْحَيَاةِ فَخَرَجَ قَوْلُهُمْ حَالَ حَيَاتِهِ مِنْ الْبَيِّنِ وَبَقِيَ قَوْلُهُ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ فَيَكُونُ وَصِيَّةً لِلْوَارِثِ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يَجُوزُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ. وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَغْوٌ مِنْ الْكَلَامِ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا مَا هُوَ ثَابِتٌ بِمُطْلَقِ الْوَقْفِ بَيَانُهُ أَنَّ الْوَقْفَ عِنْدَهُمَا وَقَعَ صَحِيحًا لَازِمًا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْوَاقِفِ عَلَى مَا مَرَّ قَبْلَ هَذَا، وَكَانَ قَوْلُهُ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لِتَأْكِيدِ مَا ثَبَتَ بِمُطْلَقِ الْوَقْفِ فَلَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْوَقْفِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [وَقَفَ الرَّجُل نصف دَارِهِ شَائِعًا أَوْ نِصْفَ أَرْضِهِ شَائِعًا] (نَوْعٌ آخَرُ إذَا وَقَفَ نِصْفَ دَارِهِ شَائِعًا أَوْ نِصْفَ أَرْضِهِ شَائِعًا) فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ فَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ، فَإِذَا وَقَفَ أَرْضَهُ وَشَرَطَ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ أَوْ شَرَطَ الْبَعْضَ لِنَفْسِهِ مَا دَامَ حَيًّا وَبَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوَقْفُ صَحِيحٌ ذَكَرَ الْخِلَافَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ الْغَلَّةِ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ فَيَكْتُبُ وَلِهَذَا الْوَاقِفِ أَنْ يَصْرِفَ غَلَّاتِ هَذَا الْوَقْفِ إلَى نَفْسِهِ مَا عَاشَ وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّي فِي هَذَا الْوَقْفِ مَا عَاشَ يَكْتُبُ وَلِهَذَا الْوَاقِفِ أَنْ يَتَوَلَّى هَذِهِ الصَّدَقَةَ مُدَّةَ مَا عَاشَ وَيَصْرِفَ غَلَّاتِهَا وَمَنَافِعَهَا فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ وَوُجُوهِ الْبِرِّ فِيمَا أَحَبَّ فَذَلِكَ إلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ كَيْفَ شَاءَ وَكُلَّمَا شَاءَ وَهِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ

الفصل السابع والعشرون في رسوم الحكام

عَلَى حَالِهَا، فَإِذَا مَاتَ فَهَذِهِ الصَّدَقَةُ نَافِذَةٌ عَلَى سَبِيلِهَا وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رَأْيِهِ أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْوَقْفَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ وَيَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهِ مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ يَكْتُبُ، وَلِهَذَا الْوَاقِفِ أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْوَقْفَ الْمُسَمَّى فِيهِ وَمَا أَحَبَّ مِنْهُ إنْ رَأَى بَيْعَهُ أَصْلَحَ وَيَصْرِفَ ثَمَنَهُ إلَى شِرَاءِ شَيْءٍ آخَرَ هُوَ أَصْلَحُ لِلْوَقْفِ فَيَجْعَلُهُ مَكَانَهُ، وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رَأْيِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ التَّغْيِيرُ وَالتَّبْدِيلُ يَكْتُبُ وَلِهَذَا الْوَاقِفِ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ مَصَارِفِ هَذَا الْوَقْفِ لِمَنْ شَاءَ نُقْصَانَهُ وَيَزِيدَ فِيهِ مَنْ شَاءَ زِيَادَتَهُ وَيُخْرِجَ مِنْهُمْ مَنْ شَاءَ وَيُدْخِلَ مَكَانَهُ مَنْ أَحَبَّ وَيُعِيدَ مَنْ أَخْرَجَهُ إنْ أَحَبَّ يَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ. وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ يَقُومُ بِهَذَا الْوَقْفِ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا مَا خَلَاهُ، فَإِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ وَلَمْ يُغَيِّرْ مِنْ هَذَا الْوَاقِفِ شَيْئًا وَلَمْ يُبَدِّلْ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى مَا فِيهِ أَحَدًا وَلَمْ يُنْقِصْ مِنْهُمْ أَحَدًا وَلَمْ يُدْخِلْ فِيهِمْ أَحَدًا وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْهُمْ أَحَدًا فَهَذَا الْوَقْفُ وَقْفٌ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي جَعَلَهَا عَلَيْهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُغَيِّرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ غَيَّرَ شَيْئًا، ثُمَّ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ فَهُوَ عَلَى مَا عَلَيْهِ يَوْمَ يَمُوتُ الْوَاقِفُ هَذَا. (صُورَةُ كِتَابَةِ جَرَيَانِ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ) يَكْتُبُ عَلَى ظَهْرِ صَكِّ الْوَقْفِ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانٌ الْمُتَوَلِّي لِعَمَلِ الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ وَالْأَوْقَافِ بِكُورَةِ كَذَا وَنَوَاحِيهَا نَافِذُ الْقَضَاءِ وَالْإِمْضَاءِ وَالْإِنَابَةِ فِيهَا بَيْنَ أَهْلِهَا أَدَامَ اللَّهُ تَعَالَى تَوْفِيقَهُ حَكَمْت بِصِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ الْمُبَيَّنِ الْمَوْصُوفِ فِي بَطْنِ هَذَا الصَّكِّ وَجَوَازِهِ وَلُزُومِهِ وَنَفَاذِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فِي جَمِيعِ مَا بُيِّنَ مَوْضِعُهُ وَحُدُودُهُ فِيهِ مِنْ الْحَوَانِيتِ وَالرِّبَاطِ وَالْخَانِ وَالْحَمَّامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِجَمِيعِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَبْنِيَةِ فِي عُلُوِّهِ وَسُفْلِهِ مِنْ الْحُجُرَاتِ وَالْمَنَازِلِ وَالصَّنِّ وَالْمَرَابِطِ عَلَى السُّبُلِ وَالْوُجُوهِ وَالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ الْمَشْرُوطَةِ الْمَشْرُوحَةِ فِيهِ عَمَلًا بِقَوْلِ مَنْ يَرَى صِحَّةَ هَذَا الْوَقْفِ وَجَوَازَ هَذَا الصَّدَقَةِ بِشُرُوطِهَا وَسُبُلِهَا الْمُبَيَّنَةِ الْمُفَسَّرَةِ فِيهِ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الدِّينِ بَعْدَ خُصُومَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ مُعْتَبَرَةٍ جَرَتْ بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الْوَاقِفِ الْمُسَمَّى فِيهِ وَبَيْنَ مَنْ خَاصَمَهُ فِيهِ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ الْمُخَاصَمَةِ فِي جَوَازِ هَذَا الْوَقْفِ وَصِحَّتِهِ فِيمَا وَقَفَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ وَجَوَابُهُ بِالْإِنْكَارِ لِصِحَّتِهِ وَجَوَازِهِ وَمَيْلِهِ إلَى جِهَةِ الْفَسَادِ حُكْمًا أَبْرَمْته وَقَضَاءً نَفَذْته وَأَمْضَيْت الْحُكْمَ بِهِ وَأَحْكَمْته عَلَى هَذَا الْوَاقِفِ بِحَضْرَتِهِ فِي وَجْهِهِ وَفِي وَجْهِ مَنْ خَاصَمَهُ فِيهِ، بَعْدَ مَا عَرَفْت مَوَاضِعَ الِاخْتِلَافِ وَوَقَعَ اجْتِهَادِي عَلَى هَذَا وَكَلَّفْت هَذَا الْوَاقِفَ قَصْرَ يَدِهِ عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْمَحْدُودَاتِ وَتَسْلِيمَهَا إلَى هَذَا الْقَيِّمِ الْمُسَمَّى فِيهِ وَتَرْكَ التَّعَرُّضِ لَهُ فِيهِ بِمَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الصِّحَّةِ وَالْجَوَازِ لِهَذَا الْوَقْفِ وَهَذِهِ الصَّدَقَةِ. وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَجْلِسِ قَضَائِي بِكُورَةِ كَذَا وَأَمَرْت بِكِتَابَةِ هَذَا السِّجِلِّ عَلَى ظَهْرِ هَذَا الصَّكِّ حُجَّةً لَهُ فِي ذَلِكَ وَأَشْهَدْت عَلَيْهِ مَنْ حَضَرَنِي مِنْ الثِّقَاتِ بِتَارِيخِ كَذَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْل السَّابِع وَالْعُشْرُونَ فِي رسوم الحكام] (الْفَصْلُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي رُسُومِ الْحُكَّامِ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِصَارِ) فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ أَوَّلُ مَا يُبْدَأُ بِهِ مِنْ رُسُومِ الْحُكَّامِ كِتَابَةُ الْمَنَاشِيرِ فَإِنَّ إسْمَاعِيلَ بْنَ عَبَّادٍ كَانَ إذَا خَطَبَ إلَيْهِ إنْسَانٌ عَمَلًا أَلْقَى إلَيْهِ الْبَيَاضَ وَقَالَ اُكْتُبْ عَهْدَ هَذَا الْعَمَلِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ قَلَّدَهُ وَإِلَّا نَحَّاهُ عَنْ مَجْلِسِهِ قَالَ الْحَاكِمُ السَّمَرْقَنْدِيُّ إنْ أَرَدْت كِتَابَةَ الْمَنْشُورِ كَتَبْت هَذَا مَا عَهِدَ إلَيْهِ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ حِينَ عَرَفَ عِلْمَهُ وَدِيَانَتَهُ وَنَزَاهَتَهُ وَصِيَانَتَهُ وَامْتَحَنَهُ عَلَى الْأَيَّامِ وَاخْتَبَرَهُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ فَوَجَدَهُ سَالِكًا سُبُلَ الْأَخْيَارِ مُنْتَهِجًا طُرُقَ الْأَبْرَارِ لَمْ تُعْرَفْ لَهُ زَلَّةٌ وَلَمْ تُذْمَمْ مِنْهُ خُلَّةٌ فَاعْتَمَدَهُ وَقَلَّدَهُ عَمَلَ الْحُكُومَةِ بِكُورَةِ كَذَا أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَعَلَا

مَظْهَرًا وَمَبْطَنًا وَخِيفَتَهُ مُسِرًّا وَمُعْلِنًا فَإِنَّهَا أَنْفَعُ مَا قُدِّمَ مِنْ زَادٍ وَأَحْسَنُ مَا اُدُّخِرَ مِنْ عَتَادٍ. وَاَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128] وَأَمَرَهُ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ مُتَدَبِّرًا حِجَجَهُ الطَّاهِرَةَ مُتَأَمِّلًا أَدِلَّتَهُ الْبَاهِرَةَ فَإِنَّهُ عَمُودُ الْحَقِّ وَمِنْهَاجُ الصِّدْقِ، وَبَشِيرُ الثَّوَابِ وَنَذِيرُ الْعِقَابِ وَالْكَاشِفُ لِمَا اسْتَبْهَمَ وَالْمُنَوِّرُ لِمَا أَظْلَمَ وَاَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] وَأَمَرَهُ بِدِرَاسَةِ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآثَارِهِ وَتَعَهُّدِ أَحَادِيثِهِ وَأَخْبَارِهِ مُنْتَهِيًا إلَى حُكْمِهِ وَوَصَايَاهُ مُؤْتَسِيًا بِخَلَائِقِهِ وَسَجَايَاهُ فَإِنَّهُ الدَّاعِي إلَى الْهُدَى الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى فَمَنْ ائْتَمَرَ بِأَوَامِرِهِ غَنِمَ وَمَنْ انْزَجَرَ عَنْ مَزَاجِرِهِ سَلِمَ، وَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ، وَجَعَلَ الْعَمَلَ بِقَوْلِهِ كَالْعَمَلِ بِخِطَابِهِ وَأَمَرَهُ بِمُجَالَسَةِ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعِلْمِ وَمُدَارَسَةِ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْفَهْمِ وَمُشَاوَرَتِهِمْ فِيمَا يُقَدِّرُهُ وَيُمْضِيهِ فَإِنَّهُ لَا مُبَرَّأَ مِنْ السَّهْوِ وَالْغَلَطِ وَلَا أَمْنَ مِنْ الزَّلَلِ وَالسَّقَطِ، وَأَنَّ الشُّورَى نِتَاجُ الْأَلْبَابِ وَالْمُبَاحَثَةُ رَائِدُ الصَّوَابِ وَاسْتِظْهَارُ الْمَرْءِ عَلَى رَأْيِهِ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَاسْتِنَارَتُهُ بِعَقْلِ أَخِيهِ مِنْ حَزَامَةِ التَّدْبِيرِ. وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَعَلَا بِذَلِكَ أَوْلَى الْبَشَرِ بِالْإِصَابَةِ فَقَالَ لِرَسُولِهِ الْكَرِيمِ فِي كِتَابِهِ الْحَكِيمِ {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159] وَأَمَرَهُ بِفَتْحِ الْبَابِ وَرَفْعِ الْحِجَابِ وَالْبُرُوزِ لِلْخُصُومِ وَإِيصَالِهِمْ إلَيْهِ عَلَى الْعُمُومِ وَالنَّظَرِ بَيْنَ الْمُتَحَاكِمِينَ بِالسَّوِيَّةِ وَالْعَدْلِ فِيهِمْ عِنْدَ الْقَضِيَّةِ وَأَنْ لَا يُفَضِّلَ خَصْمًا عَلَى صَاحِبِهِ فِي لَحْظٍ وَلَا لَفْظٍ وَلَا يُقَوِّيهِ عَلَيْهِ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ. إذَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الْحُكْمَ مِيزَانَ الْقِسْطِ وَالْعَدْلِ فِي الْقَبْضِ وَالْبَسْطِ وَسَوَّى بَيْنَ الدَّنِيءِ وَالشَّرِيفِ وَأَخَذَ بِهِ الْقَوِيَّ لِلضَّعِيفِ بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ} [ص: 26] وَأَمَرَهُ إذَا تَرَافَعَ إلَيْهِ الْمُتَحَاكِمَانِ أَنْ يَطْلُبَ الْحُكْمَ بَيْنَهُمَا فِي نَصِّ الْكِتَابِ. فَإِنْ عَدِمَهُ هُنَاكَ طَلَبَهُ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِهِ الْقَوِيمَةِ وَالْآثَارِ الصَّحِيحَةِ السَّلِيمَةِ. فَإِنْ فَقَدَهُ هُنَاكَ ابْتَغَاهُ فِي إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِيهِ إجْمَاعًا اجْتَهَدَ رَأْيَهُ بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَ غَايَةَ الْوُسْعِ فِي التَّحَرِّي فَإِنَّهُ مَنْ أَخَذَ بِالْكِتَابِ اهْتَدَى وَمَنْ اتَّبَعَ السُّنَّةَ نَجَا وَمَنْ تَمَسَّك بِالْإِجْمَاعِ سَلِمَ مِنْ الْخَطَأِ وَمَنْ اجْتَهَدَ فَقَدْ أَعْذَرَ وَاَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69] وَأَمَرَهُ بِالتَّثَبُّتِ فِي الْحُدُودِ وَالِاسْتِظْهَارِ فِيهَا بِتَعْدِيلِ الشُّهُودِ وَأَنْ يُحْتَرَسَ مِنْ عَجَلٍ يُزْهِقُ الْحُكْمَ عَنْ الْمَوْقِعِ الصَّحِيحِ أَوْ رَيْثٍ يَزْجُرُهُ عِنْدَ الْوُضُوحِ حَتَّى يَقِفَ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ وَيَمْضِيَ عِنْدَ الِاتِّجَاهِ وَلِيَكُنْ عَلَى يَقِينٍ بِأَنْ لَا هَوَادَةَ فِي أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا تَسْتَخِفَّهُ عَجَلَةٌ إلَى بَرِيءٍ وَلَا تَأْخُذَهُ رَأْفَةٌ بِمُسِيءٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229] وَأَمَرَهُ بِتَصَفُّحِ أَحْوَالِ مَنْ يَشْهَدُ عِنْدَهُ فَيَقْبَلُ شَهَادَةَ مَنْ كَانَ طَيِّبًا بَيْنَ النَّاسِ ذِكْرُهُ مَشْهُورًا فِيهِمْ سَيْرُهُ مَنْسُوبًا إلَى الْعِفَّةِ وَالظَّلَفِ مَعْرُوفًا بِالنَّزَاهَةِ وَالْأَنَفِ سَلِيمًا مِنْ شَائِنِ الطَّمَعِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْتَاطَ عَلَى أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ بِثِقَاتِ الْأُمَّةِ وَيَكِلَهَا إلَى الْحَفَظَةِ الْأَعْفَاءِ وَيَرْعَاهُمْ فِي ذَلِكَ عَيْنًا وَيَكْلَؤُهُمْ بِهِمَّةٍ يَقْظَى. وَأَمَرَهُ أَنْ يُوَلِّيَ مَا يَجْرِي فِي عَمَلِهِ مِنْ الْوُقُوفِ إلَى قَوْمٍ يُحْسِنُونَ تَدْبِيرَهَا وَيَضْبِطُونَ الْقِيَامَ عَلَى

مَصَالِحِهَا وَيَكُونُونَ مَأْمُونِينَ عَلَى أُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا وَيَجْنُونَ ارْتِفَاعَهَا مِنْ حِلِّهِ وَيَصْرِفُونَهُ فِي سُبُلِهِ وَيَتْبَعُونَ مَا شَرَطَ وَاقِفُوهَا فِي مُزَارَعَاتِهَا وَإِجَارَاتِهَا وَيُحْتَذَوْنَ مَا رَسَمُوهُ فِي اسْتِغْلَالِهَا وَعِمَارَاتِهَا وَلَا يُخَلِّيَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ اقْتِفَاءِ الْأَثَرِ وَالْإِشْرَافِ وَالنَّظَرِ. وَأَمَرَهُ بِتَزْوِيجِ الْأَرَامِلِ وَالْيَتَامَى مِنْ أَكْفَائِهَا عِنْدَ فَقْدِ أَوْلِيَائِهَا وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْتَارَ كَاتِبًا عَالِمًا بِالْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ مُطَّلِعًا عَلَى عِلْمِ الدَّعَاوَى وَالْقُضَاةِ قَيِّمًا عَلَى حِفْظِ الشُّرُوطِ وَالْعُهُودِ عَارِفًا بِكِتَابَةِ الْعُقُودِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَسَلَّمَ مَا تَحَقَّقَ إعْمَالَهُ مِنْ دِيوَانِ الْقَضَاءِ عَلَى ثَبَتَ مَا فِيهِ مِنْ الْوَثَائِقِ وَالسِّجِلَّاتِ وَالْمَحَاضِرِ وَالْوَكَالَاتِ وَأَسْمَاءِ الْمُحْبِسِينَ وَأَنْ يُوَكِّلَ بِهَا مِنْ الْخُزَّانِ مَنْ يَرْتَضِيهِ وَيَتَفَرَّسُ الْخَيْرَ فِيهِ، ثُمَّ يَقُولُ الْكَاتِبُ هَذَا عَهْدُ فُلَانٍ إلَيْك وَعَلَيْك وَهَادِيك إلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ وَحَادِيك إلَى طَرِيقِ السَّدَادِ وَقَدْ أَعْذَرَ فِيهِ وَأَنْذَرَ وَبَصَّرَ وَحَذَّرَ فَاجْعَلْ عَهْدَهُ إمَامًا تَقْتَضِيهِ وَمِثَالًا تَحْتَذِيهِ وَقَدِّمْ التَّوَكُّلَ عَلَى اللَّهِ وَحْدَهُ وَالثِّقَةَ بِمَا عِنْدَهُ فِي اسْتِدَامَةِ التَّوْفِيقِ مِنْهُ وَاسْتِدْعَاءِ النِّعَمِ بِشُكْرِهِ يَزِدْك إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ثُمَّ الَّذِي يَلِي هَذَا قَبْضُ الْقَاضِي الْمُوَلَّى دِيوَانَ مَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْحُكَّامِ وَتَرْتِيبُ الْإِضْبَارَاتِ وَالرِّقَاعِ وَهَذَا عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ فِي بَابِ قَبْضِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ، ثُمَّ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ مَعْرِفَةُ الْقَاضِي رُسُومَ التَّوْقِيعَاتِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى صُدُورِ الْحُجَجِ وَأَعْجَازِهَا وَهِيَ عَلَى سِتَّةِ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا تَوْقِيعُهُ عَلَى صُدُورِ السِّجِلَّاتِ وَكُتُبِ التَّزْوِيجِ وَاخْتِيَارِ الْقَوَّامِ وَكُتُبِ التَّوَسُّطِ وَالتَّقْلِيدَاتِ وَذِكْرِ الْحَجْرِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَضْلِ وَالتَّفْلِيسِ وَالْإِحْضَارِ وَهُوَ عَلَى اخْتِيَارِ الْقُضَاةِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ تَوْقِيعٌ نَحْوُ بِاَللَّهِ أَعْتَصِمُ مِمَّا يَصِمُ يَقِينِي بِاَللَّهِ يَقِينِي أَمِنَ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ الْحَقُّ مَفْرُوضٌ وَالْبَاطِلُ مَرْفُوضٌ الْحَمْدُ ثَمَنُ الْجَنَّةِ وَالشُّكْرُ قَيْدُ النِّعْمَةِ التَّثَبُّتُ طَرِيقُ الْإِصَابَةِ الطَّمَعُ قَرِينُ النَّدَامَةِ الْأَنْفَاسُ خَطَا الْغِنَاءَ الْغَضَبُ يُصْدِئُ الْعَقْلَ. (فَرْضُ الْقَاضِي النَّفَقَةَ لِلْمَرْأَةِ وَوَلَدِهَا عَلَى زَوْجِهَا) وَإِذَا أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ النَّفَقَةَ عَلَى رَجُلٍ لِامْرَأَتِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُحْضِرُهُ وَيَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَعَلَى وَلَدِهَا، فَإِنْ عَرَفَ أَنَّهُ يَضْرِبُهَا وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا فَرَضَ لَهَا الْقَاضِي النَّفَقَةَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِقَدْرِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الدَّقِيقِ وَالْإِدَامِ وَالدُّهْنِ وَحَوَائِجِهَا الَّتِي تَكُونُ لِمِثْلِهَا فَيُقَوِّمُ ذَلِكَ بِالدَّرَاهِمِ وَيَفْرِضُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ لَهَا ذَلِكَ يَكْتُبُ يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَضَيْت لِفُلَانَةَ عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ بِحَضْرَتِهِ بِكَذَا وَأَمَرْته بِإِدْرَارِ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَوَانَ وُجُوبِهِ وَفَرَضْت ذَلِكَ عَلَيْهِ لَهَا وَحَظَرْت عَلَيْهِ الْإِخْلَالَ بِهِ وَأَطْلَقْت لَهَا الِاسْتِدَانَةَ إنْ مَطَلَهَا يَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا لَهَا عَلَيْهِ تَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَمَرْتُ بِكِتَابَةِ هَذَا الذِّكْرِ حُجَّةً لَهَا يَوْمَ كَذَا، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا فَجَاءَتْ الْمَرْأَةُ تَطْلُبُ النَّفَقَةَ وَذَكَرَتْ أَنَّ زَوْجَهَا غَابَ عَنْهَا وَلَمْ يُخْلِفْ لَهَا نَفَقَةً وَسَأَلَتْ الْقَاضِيَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةً وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَأَنَّ زَوْجَهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ غَائِبٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ لَا أَقْضِي عَلَى غَائِبٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَفْرِضُ لَهَا النَّفَقَةَ عَلَى الْغَائِبِ وَلَا أَقْضِي بِالنِّكَاحِ عَلَيْهِ

الفصل الثامن والعشرون في المقطعات

فَإِذَا قَدِمَ فَأَقَرَّ أَخَذْته بِنَفَقَتِهَا وَكَذَلِكَ إنْ أَنْكَرَ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى نِكَاحِهَا، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا فَرَضَ لَهَا النَّفَقَةَ فَلَهَا أَنْ تَسْتَدِينَ، وَإِنْ أَمَرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ كَانَ أَحْوَطَ عَلَى أَصْلِهِ قَالَ: فَإِذَا أَرَادَ الْكِتَابَ كَتَبَ يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بَعْدَ تَقْدِيرِ النَّفَقَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَمْضَيْت هَذَا التَّقْدِيرَ الْمَذْكُورَ فِيهِ عَلَى الْغَائِبِ الْمَذْكُورِ فِيهِ لِامْرَأَتِهِ فُلَانَةَ وَأَطْلَقْت لَهَا تَنَاوُلَ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ مَالِهِ وَالِاسْتِدَانَةَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَظْفَرْ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ تَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَوْبَتِهِ مِنْ غَيْبَتِهِ أَخْذًا بِقَوْلِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ جَائِزًا مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ، وَأَوْصَيْتهَا فِي ذَلِكَ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ فِيهِ فَتَقَلَّدَتْ ذَلِكَ عَلَى شَرْطِ الْوَفَاءِ بِهِ وَأَمَرْت بِكَتْبِ هَذَا الذِّكْرِ حُجَّةً لَهَا يَوْمَ كَذَا وَعَلَى هَذَا فَرْضُ سَائِرِ النَّفَقَاتِ. (اخْتِيَارُ الْقَيِّمِ) يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ رُفِعَ إلَيَّ حَالُ الْأَوْقَافِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى كَذَا فِي اخْتِلَالِهَا وَانْتِشَارِ أُمُورِهَا وَاضْطِرَابِ أَحْوَالِهَا وَقُصُورِ ارْتِفَاعَاتِهَا عَنْ مَصَارِفِهَا وَوُجُوهِهَا بِخُلُوِّهَا عَنْ قَيِّمٍ يَتَعَهَّدُهَا أَوْ لِسُوءِ سِيرَةِ فُلَانٍ الْقَيِّمِ، وَأَنَّ الْحَاجَةَ مَسَّتْ إلَى مَنْ يَقُومُ بِأُمُورِهَا وَحِفْظِهَا وَتَثْمِيرِهَا وَضَبْطِهَا وَإِمْضَاءِ شُرُوطِ الْمُتَصَدِّقِينَ بِهَا، وَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا رُفِعَ إلَيَّ بِإِخْبَارِ جَمَاعَةٍ ثِقَاتٍ فَوَقَعَ الِاخْتِيَارُ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لِمَا وُصِفَ مِنْ صَلَاحِهِ وَسَدَادِهِ فَنَصَبْته قَيِّمًا فِيهَا عَلَى أَنْ يَحْفَظَهَا وَيَتَعَهَّدَهَا وَيَسْتَثْمِرَهَا وَيَسْتَغِلَّهَا وَيَصْرِفَ غَلَّاتِهَا إلَى وُجُوهِهَا وَمَصَارِفِهَا وَيُحْيِيَ مَا مَاتَ مِنْهَا وَانْدَرَسَ وَيَسْتَأْدِيَ مِنْ غَلَّاتِهَا مِمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا وَصَرَفْت كُلَّ قَيِّمٍ كَانَ فِيهَا قَبْلَهُ وَأَوْصَيْته بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. (نَصْبُ الْمُشْرِفِ عَلَى الْوَصِيِّ أَوْ الْقَيِّمِ) يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ رُفِعَ إلَيَّ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَيِّمٌ فِي وَقْفِ كَذَا أَوْ وَصِيٌّ فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ وَهَذِهِ التَّرِكَةُ مُحْتَاجَةٌ إلَى مُشْرِفٍ يَحْفَظُ هَذَا الْوَصِيَّ وَيَتَفَقَّدَ عَنْ حَالِهِ فَوَجَدْت الْأَمْرَ عَلَى مَا رُفِعَ إلَيَّ بِإِخْبَارِ الثِّقَاتِ، وَأَنَّ هَذَا الْقَيِّمَ أَوْ الْوَصِيَّ مُحْتَاجٌ إلَى مُشْرِفٍ يَتَعَهَّدُ أَحْوَالَهُ لِيُؤْمَنَ امْتِدَادُ الطَّمَعِ فِي هَذِهِ التَّرِكَةِ فَوَقَعَ الِاخْتِيَارُ مِنِّي عَلَى فُلَانٍ لِمَا عُرِفَ مِنْ فِطْنَتِهِ وَذَكَائِهِ وَسَدَادِهِ وَأَمَانَتِهِ فَأَمْضَيْتُ هَذَا الِاخْتِيَارَ وَنَصَبْتُ هَذَا الْمُخْتَارَ مُشْرِفًا عَلَى هَذَا الْقَيِّمِ وَعَلَى كُلِّ قَيِّمٍ فِي هَذِهِ التَّرِكَةِ وَحَظَرْت عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ قَيِّمٍ فِي هَذِهِ التَّرِكَةِ الِاسْتِبْدَادَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا دُونَهُ وَأَمَرْته أَنْ لَا يَحِلَّ وَلَا يَعْقِدَ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ هَذِهِ التَّرِكَةِ إلَّا بَعْدَ مَشُورَةِ هَذَا الْمُشْرِفِ وَاسْتِطْلَاعِ رَأْيِهِ فِيهِ وَأَمَرْت أَنْ يُكْتَبَ هَذَا الذِّكْرُ حُجَّةً بَعْدَ أَنْ أَوْصَيْته بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَكَانَ أَبُو نَصْرٍ الصَّفَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: الْقَاضِي لَا يَكْتُبُ فِي جَمِيعِ هَذَا وَأَوْصَيْته بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَلَكِنْ يَكْتُبُ عَلَى شَرْطِ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةَ. [الْفَصْلُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُقَطَّعَاتِ] (الْفَصْلُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُقَطَّعَاتِ) وَاعْلَمْ أَنَّك إذَا كَتَبْت شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ لَا بُدَّ مِنْ كِتَابَةِ التَّارِيخِ فِي أَوَاخِرِهَا وَأَعْجَازِهَا دَفْعًا لِلِاشْتِبَاهِ وَقَطْعًا لِلِالْتِبَاسِ وَاعْلَمْ أَنْ لِكُلِّ مَمْلَكَةٍ وَأَهْلِ مِلَّةٍ تَارِيخًا وَكَانُوا يُؤَرِّخُونَ بِالْوَقْتِ الَّذِي تَحْدُثُ فِيهِ حَوَادِثُ مَشْهُورَةٌ عَامَّةٌ، وَكَانَ لِلرُّومِ أَوْقَاتٌ أَرَّخُوا بِهَا عَلَى حَسَبِ مَا وَقَعَ مِنْ الْأَحْدَاثِ فِيهَا إلَى أَنْ اسْتَقَرَّ تَارِيخُهُمْ عَلَى أَنْ جُعِلَ

مُنْذُ وَفَاةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ، وَكَذَلِكَ كَانَتْ الْفُرْسُ فَإِنَّهُ حُكِيَ عَنْ الْمُؤَيَّدِ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ الْمُتَوَكِّلِ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْفُرْسَ كَانَتْ تُؤَرِّخُ بِأَعْدَلَ مَلِكٍ كَانَ فِيهِمْ إلَى أَنْ اسْتَقَرَّ تَارِيخُهُمْ عَلَى هَلَاكِ يَزْدَجْرِدَ الَّذِي هُوَ آخِرُ مُلُوكِهِمْ وَالْعَرَبُ كَانَتْ تُؤَرِّخُ بِعَامِ التَّفَرُّقِ وَهُوَ تَفَرُّقُ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَخُرُوجِهِمْ عَنْ مَكَّةَ وَأَرَّخُوا بِعَامِ الْغَدْرِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، ثُمَّ أَرَّخُوا بِعَامِ الْفِيلِ، ثُمَّ اسْتَقَرَّ التَّارِيخُ الْعَرَبِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَى أَنْ جُعِلَ مِنْ أَوَّلِ سِنِّي الْهِجْرَةِ، وَكَانَ الْمُبْتَدِئُ بِهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّ عَامِلَهُ عَلَى الْيَمَنِ قَدِمَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَمَا تُؤَرِّخُونَ كُتُبَكُمْ فَأَرَادَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يَبْتَدِئَ بِمَبْعَثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ قَالَ: بَلْ نَبْدَأُ بِوَقْتِ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ رَأَوْا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْهِجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ وَقْتٍ بَدَأَ فِيهِ الْإِسْلَامُ وَكَانُوا قَدْ بَدَءُوا بِشَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ جَعَلُوا الِابْتِدَاءَ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَالتَّوَارِيخُ الْعَرَبِيَّةُ، إنَّمَا هِيَ عَلَى اللَّيَالِيِ، وَإِنْ كَانَ تَوَارِيخُ سَائِرِ الْأُمَمِ عَلَى الْأَيَّامِ وَذَلِكَ أَنَّ سِنِي أُولَئِكَ تَجْرِي عَلَى أَمْرِ الشَّمْسِ وَهِيَ نَهَارِيَّةٌ وَسُنُو الْعَرَبِ قَمَرِيَّةٌ. (صَكُّ الْوَقْفِ عَلَى وُجُوهٍ شَتَّى) وَصُورَتُهُ هَذَا مَا وَقَفَ وَتَصَدَّقَ وَحَبَسَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ تَقَرُّبًا إلَى رَبِّهِ وَخَالِقِهِ وَتَوَسُّلًا إلَى إلَهِهِ وَرَازِقِهِ ذَخِيرَةً قَدَّمَهَا لِيَوْمِ حَشْرِهِ وَنَشْرِهِ يَوْمِ الْعَرْضِ الْأَكْبَرِ {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ} [الشعراء: 88] {إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 89] فَتَأَهَّبَ لِلرَّحِيلِ إلَى فِنَاءِ الْمَلِكِ الْجَلِيلِ وَتَزَوَّدَ لِلسَّفَرِ الطَّوِيلِ، وَكَانَ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّهُ عَابِرُ سَبِيلٍ فَبَادَرَ وَاسْتَعَدَّ وَاجْتَهَدَ وَجَدَّ وَأَحَبَّ أَنْ يَنْخَرِطَ فِي عِدَادِ مَنْ لَا يَنْقَطِعُ عَمَلُهُ إذَا انْتَهَى أَجَلُهُ عَلَى مَا قَالَ سَيِّدُ الْبَشَرِ وَصَاحِبُ اللِّوَاءِ فِي الْمَحْشَرِ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ» الْحَدِيثَ وَتَعَرَّفَ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الرَّخَاءِ لِيَكُونَ عَوْنًا لَهُ عَلَى دَفْعِ اللَّأْوَاءِ بِمَا هُوَ ذَرِيعَةٌ إلَى الْجِنَانِ عَلَى مَا رَوَى خَالِدُ بْنُ مَعْدَانُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «يَجِيءُ بِالْمَعْرُوفِ وَالْمُنْكَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خَلْقَانِ فَيَنْطَلِقُ الْمَعْرُوفُ بِأَهْلِهِ إلَى الْجَنَّةِ وَيَنْطَلِقُ الْمُنْكَرُ بِأَهْلِهِ إلَى النَّارِ وَأَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ وَأَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الْآخِرَةِ» فَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ كَذَا عَنْ نِيَّةٍ خَالِصَةٍ وَطَوِيَّةٍ صَافِيَةٍ إلَى آخِرِ مَا قُلْنَاهُ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ إلَّا أَنَّا نَذْكُرُ هَاهُنَا أَشْيَاءَ لَمْ نَذْكُرْهَا ثَمَّةَ لِيَكُونَ الْكَاتِبُ ذَا مُكْنَةٍ وَمَقْدِرَةٍ فِي كِتَابَةِ مَا يَقَعُ لَهُ فَنَقُولُ. (إذَا أَرَادَ الْوَاقِفُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْوَقْفُ عَلَى أَوْلَادِهِ) يَكْتُبُ مَا كَتَبْنَاهُ إلَى أَنْ يَقُولَ فَمَا فَضَلَ مِنْ غَلَّاتِهَا صُرِفَ إلَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ الْمُتَصَدِّقِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانَةُ أَبَدًا مَا تَوَالَدُوا وَتَنَاسَلُوا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَقَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ لَا نَصِيبَ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْبَطْنِ الْأَسْفَلِ مِنْهَا مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى فِي الْإِحْيَاءِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ يَقُولُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي اسْتِحْقَاقِ النَّصِيبِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ لَا يُفَضَّلُ ذُكُورُهُمْ عَلَى إنَاثِهِمْ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ وَأَجْلَبُ لِلثَّوَابِ، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا يَقُولُ، وَإِنْ انْقَرَضُوا وَتَفَانَوْا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ صُرِفَ مَا كَانَ مَصْرُوفًا إلَيْهِمْ إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحَاوِيجِهِمْ وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا الْوَاقِفُ الْمُتَصَدِّقُ هَذَا الْوَقْفَ وَهَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ يَدِهِ وَأَبَانَهَا عَنْ سَائِرِ أَمْلَاكِهِ وَأَسْبَابِهِ وَسَلَّمَهَا إلَى فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي تَسْلِيمًا صَحِيحًا بَعْدَمَا جَعَلَهُ قَيِّمًا فِيهِ وَمُتَوَلِّيًا لِأُمُورِ هَذَا الْوَقْفِ، وَأَنَّهُ قَبَضَهَا مِنْهُ قَبْضًا صَحِيحًا بَعْدَمَا قَبِلَ مِنْهُ هَذِهِ التَّوْلِيَةَ وَالْقِوَامَةَ قَبُولًا صَحِيحًا إلَى آخِرِ مَا قُلْنَاهُ وَلَوْ زِدْت فِي صَرْفِ الْفَاضِلِ إلَى الْأَوْلَادِ عَلَى أَنَّ مَنْ اسْتَغْنَى مِنْهُمْ حُرِمَ، فَإِنْ افْتَقَرَ عَادَ إلَيْهِ مَا كَانَ مَصْرُوفًا إلَيْهِ فَهُوَ أَحْسَنُ وَلَوْ لَمْ يَقِفْ عَلَى أَوْلَادِهِ. وَلَكِنْ شَرَطَ الْفَاضِلَ لِنَفْسِهِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ وَأَرَادَ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ رَجُلٌ صَالِحٌ بَعْدَمَا حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ وَيُصْرَفَ إلَى وُجُوهٍ شَتَّى كَتَبْت، فَإِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ الَّذِي لَا مَحِيصَ

كتاب الحيل وفيه فصول

لِأَحَدٍ عَنْهُ وَلَا مُخَلِّصَ وَلَا مَنَاصَ وَمَضَى لِسَبِيلِهِ صُرِفَ مَا كَانَ مَصْرُوفًا إلَيْهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْفَاضِلِ فَيُبْدَأُ مِنْهُ أَوَّلًا بِمَا يَحُجُّ عَنْهُ رَجُلٌ مُصْلِحٌ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ فَيُعْطَى كِفَايَتُهُ لِذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ وَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ بُدِئَ بِالتَّضْحِيَةِ بِكَذَا شِيَاهٍ إحْدَاهَا عَنْ سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالثَّانِي عَنْ وَالِدِ هَذَا الْوَاقِفِ فُلَانٍ وَالثَّالِثَةُ عَنْ وَالِدَةِ هَذَا الْوَاقِفِ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ، وَالرَّابِعَةُ عَنْ هَذَا الْوَاقِفِ فَيُضَحِّي بِذَلِكَ كُلِّهِ كُلَّ سَنَةٍ فِي أَيَّامِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَانْقِرَاضِ حَيَاتِهِ تَبَرُّكًا إلَى اللَّهِ وَوَسِيلَةً بِهَا إلَيْهِ وَيُعْطَى أَجْرُ السَّلَّاخِ مِنْ الْفَاضِلِ وَيُتَصَدَّقُ بِلُحُومِهَا وَشُحُومِهَا وَدُسُومِهَا وَأَكَارِعِهَا وَسَقَطِهَا عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحَاوِيجِهِمْ، وَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يُصْرَفُ إلَى مَرْسُومَاتِ عَاشُورَاءَ الَّتِي تَعْرِفُهَا الْأَغْنِيَاءُ فِي هَذَا الْيَوْمِ مِنْ شِرَاءِ الرُّغْفَانِ وَاِتِّخَاذِ الْخَبِيصِ وَشِرَاءِ الْكِيزَانِ وَالْمِلْحِ وَالْكِبْرِيتِ بِكَذَا مُوسِعُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى هَذَا الْقَيِّمِ. وَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يُصْرَفُ كَذَا كَذَا إلَى فَوَائِتِ صَلَوَاتِهِ وَكَذَا كَذَا إلَى فَوَائِتِ زَكَوَاتِهِ وَكَذَا إلَى فَوَائِتِ نُذُورِهِ وَكَفَّارَاتِهِ وَلَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ أَنْ يَأْكُلَ بِنَفْسِهِ مِنْهَا وَأَنْ يُؤَكِّلَ مَنْ شَاءَ وَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يُصْرَفُ إلَى مَصَالِحِ السِّقَايَةِ الَّتِي هِيَ بِمَحَلَّةِ كَذَا وَإِلَى شِرَاءِ الْجَمْدِ وَأُجْرَةِ السُّقَاةِ وَيُتَّخَذُ مَاءُ الْجَمْدِ فِيهَا أَيَّامَ الصَّيْفِ وَمَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ، وَصَارَتْ هَذِهِ صَدَقَةً مَاضِيَةً صَافِيَةً لَا يَزِيدُهَا مُرُورُ الْأَيَّامِ إلَّا تَسْدِيدًا وَلَا مُضِيُّ الْأَعْوَامِ إلَّا تَأْكِيدًا وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ الْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ تَبْدِيلُ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا وَلَا تَغْيِيرُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا تَعْطِيلُهَا {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ} [البقرة: 181] وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. وَالْأَحْوَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُلْحِقَ فِي الْوَقْفِ حُكْمُ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَزُولَ الْخِلَافُ، وَصُورَةُ جَرَيَانِ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى ظَهْرِ الصَّكِّ لِلْوَقْفِ يَقُولُ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي لِعَمَلِ الْقُضَاةِ وَالْأَحْكَامِ وَالْأَوْقَافِ بِكُورَةِ كَذَا وَنَوَاحِيهَا نَافِذُ الْقَضَاءِ وَالْإِمْضَاءِ وَالِاسْتِنَابَةِ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِهَا: حَكَمْت بِصِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ الْمُبَيَّنِ الْمَوْصُوفِ فِي بَطْنِ هَذَا الصَّكِّ وَجَوَازِهِ وَلُزُومِهِ فِي جَمِيعِ مَا بُيِّنَ مَوْضِعُهُ وَحُدُودُهُ فِيهِ مِنْ الْحَوَانِيتِ وَالرِّبَاطَاتِ وَالْخَانَاتِ وَالْحَمَّامَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِجَمِيعِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَبْنِيَةِ فِي سُفْلِهِ وَعُلُوِّهِ مِنْ الْحُجُرَاتِ وَالْمَنَازِلِ وَالصَّحْنِ وَالْمَرَابِطِ عَلَى السُّبُلِ وَالْوُجُوهِ وَالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ عَمَلًا بِقَوْلِ مَنْ يَرَى صِحَّةَ هَذَا الْوَقْفِ وَجَوَازِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ بِشُرُوطِهَا وَسُبُلِهَا الْمُفَسَّرَةِ فِيهِ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الدِّينِ بَعْدَ خُصُومَةٍ صَحِيحَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ جَرَتْ بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الْوَاقِفِ الْمُسَمَّى فِيهِ وَبَيْنَ مَنْ خَاصَمَهُ فِيهِ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ الْخُصُومَةِ فِي جَوَازِ هَذَا الْوَقْفِ وَصِحَّتِهِ. وَجَوَابُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِنْكَارِ لِصِحَّتِهِ وَجَوَازُهُ وَمَيْلُهُ إلَى جِهَةِ الْفَسَادِ حُكْمًا أَبْرَمْته وَقَضَاءً نَفَّذْته عَلَى هَذَا الْوَاقِفِ بِحَضْرَتِهِ فِي وَجْهِهِ وَوَجْهِ مَنْ خَاصَمَهُ فِيهِ، بَعْدَ مَا عَرَفْت مَوَاضِعَ الِاخْتِلَافِ وَوَقَعَ اجْتِهَادِي عَلَى صِحَّتِهِ وَنَفَاذِهِ وَكَلَّفْت هَذَا الْوَاقِفَ قَصْرَ يَدِهِ عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْمَحْدُودَاتِ وَتَسْلِيمَهَا إلَى هَذَا الْقَيِّمِ الْمُسَمَّى فِيهِ وَتَرْكَ التَّعَرُّضِ لَهُ مِنْهُ فِيمَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الصِّحَّةِ وَالْجَوَازِ لِهَذَا الْوَقْفِ وَهَذِهِ الصَّدَقَةِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَجْلِسِ قَضَائِي عَلَى سَبِيلِ الشُّهْرَةِ وَالْإِعْلَانِ دُونَ الْخِفْيَةِ وَالْكِتْمَانِ، وَأَمَرْت بِكِتَابَةِ هَذَا السِّجِلِّ عَلَى ظَهْرِ هَذَا الصَّكِّ حُجَّةً لَهُ فِي ذَلِكَ وَأَشْهَدْت مَنْ حَضَرَنِي مِنْ الثِّقَاتِ بِتَارِيخِ كَذَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةَ. [كِتَابُ الْحِيَلِ وَفِيهِ فُصُولٌ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْحِيَلِ] (كِتَابُ الْحِيَلِ) وَفِيهِ فُصُولٌ

الفصل الثاني في مسائل الوضوء والصلاة

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ جَوَازِ الْحِيَلِ وَعَدَمِ جَوَازِهَا فَنَقُولُ: مَذْهَبُ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ كُلَّ حِيلَةٍ يَحْتَالُ بِهَا الرَّجُلُ لِإِبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ أَوْ لِإِدْخَالِ شُبْهَةٍ فِيهِ أَوْ لِتَمْوِيهِ بَاطِلٍ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ وَكُلُّ حِيلَةٍ يَحْتَالُ بِهَا الرَّجُلُ لِيَتَخَلَّصَ بِهَا عَنْ حَرَامٍ أَوْ لِيَتَوَصَّلَ بِهَا إلَى حَلَالٍ فَهِيَ حَسَنَةٌ، وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْحِيَلِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} [ص: 44] وَهَذَا تَعْلِيمُ الْمَخْرَجِ لِأَيُّوبَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ يَمِينِهِ الَّتِي حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ امْرَأَتَهُ مِائَةَ عُودٍ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ حُكْمَهَا لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَسَائِلِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ] ِ خَنْدَقٌ لَهُ طُولٌ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ وَفِيهِ مَاءٌ إلَّا أَنَّ عَرْضَهُ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةٍ فَعَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ فِيهِ، وَالْحِيلَةُ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ أَنْ يَحْفِرَ حَفِيرَةً قَرِيبَةً مِنْ الْخَنْدَقِ، ثُمَّ يَحْفِرَ نَهِيرَةً مِنْ الْخَنْدَقِ إلَى الْحَفِيرَةِ وَيُسَيَّلَ الْمَاءَ مِنْ الْخَنْدَقِ إلَى الْحَفِيرَةِ فَيَصِيرُ الْمَاءُ جَارِيًا فِي الْخَنْدَقِ، فَإِنْ شَاءَ تَوَضَّأَ مِنْ الْخَنْدَقِ، وَإِنْ شَاءَ تَوَضَّأَ مِنْ النَّهِيرَةِ. إذَا تَوَضَّأَ الرَّجُلُ فَرَأَى الْبَلَلَ سَائِلًا مِنْ ذَكَرِهِ، وَكَانَ الشَّيْطَانُ يُرِيهِ ذَلِكَ كَثِيرًا فَالْحِيلَةُ فِي قَطْعِ هَذِهِ الْوَسْوَسَةِ أَنْ يَنْضَحَ فَرْجَهُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا أَرَاهُ الشَّيْطَانُ ذَلِكَ أَحَالَهُ عَلَى الْمَاءِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ، إنَّمَا تَنْفَعُ إذَا كَانَ الْعَهْدُ قَرِيبًا وَلَمْ يَجِفَّ الْبَلَلُ فَأَمَّا إذَا جَفَّ الْبَلَلُ، ثُمَّ رَأَى الْبَلَلَ عَلَى ذَكَرِهِ يُعِيدُ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إحَالَتُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ. إذَا أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ خُفًّا أَوْ نَعْلًا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا جُرْمٌ كَالْبَوْلِ وَالْخَمْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْغَسْلِ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ رَطْبًا أَنْ يَمْشِيَ فِي التُّرَابِ أَوْ الرَّمْلِ حَتَّى يَلْصَقَ بَعْضُهُ بِالتُّرَابِ وَيَجِفَّ، ثُمَّ يَمْسَحَهُ بِالْأَرْضِ فَيَطْهُرَ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ الْجَفَافَ. إذَا صَلَّى الظُّهْرَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ وَعَلِمَ الْمُصَلِّي أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فِي الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ وَيَكُونُ فَرْضُهُ مَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ وَكَرِهَ أَنْ يُفْسِدَ مَا صَلَّى فَالْحِيلَةُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَقْعُدَ فِي الرَّابِعَةِ وَيَقُومَ إلَى الْخَامِسَةِ فَيُصَلِّيَ الْخَامِسَةَ وَالسَّادِسَةَ حَتَّى تَصِيرَ هَذِهِ الصَّلَاةُ نَفْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، ثُمَّ يُصَلِّيَ الْفَرِيضَةَ مَعَ الْإِمَامِ ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (رَجُلٌ) جَاءَ إلَى الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَخَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالسُّنَّةِ جَازَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَيَتْرُكَ السُّنَّةَ، ثُمَّ يَقْضِيَهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا يَقْضِيَهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَالْحِيلَةُ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ سُنَّةَ الْفَجْرِ بَعْدَ مَا صَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَنْ يَشْرَعَ فِي السُّنَّةِ، ثُمَّ يُفْسِدَهَا عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ يَشْرَعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ، فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الْفَرِيضَةِ يَقْضِيَهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهَا بِالْإِفْسَادِ صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ فِي هَذَا الْوَقْتِ لَا يُكْرَهُ هَكَذَا حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: هَذَا إذَا لَمْ يَتَّخِذْ ذَلِكَ عَادَةً بَلْ فَعَلَ ذَلِكَ أَحْيَانًا، أَمَّا إذَا اتَّخَذَ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ فَإِنَّهُ يَكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: هَاهُنَا حِيلَةٌ أُخْرَى هِيَ أَحْسَنُ فَإِنَّ فِي هَذَا الطَّرِيقِ يَحْتَاجُ إلَى إفْسَادِ مَا شَرَعَ فِيهِ مِنْ عَمَلِ الْآخِرَةِ وَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَشْرَعَ فِي السُّنَّةِ، ثُمَّ يُكَبِّرَ مَرَّةً ثَانِيَةً لِلْفَرِيضَةِ فَيَخْرُجَ بِهَذَا التَّكْبِيرِ عَنْ السُّنَّةِ وَيَصِيرَ شَارِعًا فِي

الفصل الثالث في مسائل الزكاة

الْفَرِيضَةِ وَلَا يَصِيرُ مُفْسِدًا لِلْعَمَلِ بَلْ يَصِيرُ مُجَاوِزًا عَنْ عَمَلٍ إلَى عَمَلٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَسَائِلِ الزَّكَاةِ] ِ رَجُلٌ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَرَادَ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الزَّكَاةُ فَالْحِيلَةُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ حَتَّى يَكُونَ النِّصَابُ نَاقِصًا فِي آخِرِ الْحَوْلِ أَوْ يَهَبَ ذَلِكَ الدِّرْهَمَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ يَهَبَ الدَّرَاهِمَ كُلَّهَا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ يَصْرِفَ الدَّرَاهِمَ عَلَى أَوْلَادِهِ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ، قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَرِهَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - الْحِيلَةَ فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ وَرَخَّصَ فِيهَا بَعْضُهُمْ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الَّذِي كَرِهَهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاَلَّذِي رَخَّصَ فِيهَا أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحِيلَةَ فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ وَأَرَادَ بِهِ الْمَنْعَ عَنْ الْوُجُوبِ لَا الْإِسْقَاطَ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَمَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَخَذُوا بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْفُقَرَاءِ فَإِنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَتْ لَهُ سَائِمَةٌ لَا يَعْجِزُ أَنْ يَسْتَبْدِلَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ بِجِنْسِهَا أَوْ بِخِلَافِ جِنْسِهَا فَيَنْقَطِعُ بِهِ حُكْمُ الْحَوْلِ أَوْ يَهَبَ النِّصَابَ مِنْ رَجُلٍ يَثِقُ بِهِ، ثُمَّ يَرْجِعَ بَعْدَ الْحَوْلِ فِي هِبَتِهِ فَيُعْتَبَرَ الْحَوْلُ مِنْ وَقْتِ الرُّجُوعِ وَالْقَبْضِ وَلَا يُعْتَبَرُ مَا مَضَى مِنْ الْحَوْلِ وَكَذَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ يَفْعَلُ هَكَذَا فَيُؤَدِّي إلَى إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْفُقَرَاءِ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مَسْأَلَتَيْنِ وَهَدَى إلَى الْحِيلَةِ فِيهِمَا مَعَ أَنَّ فِيهِمَا إسْقَاطَ حَقِّ الشَّرْعِ إحْدَاهُمَا رَجُلٌ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَلَهُ خَادِمٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ بِالصَّوْمِ، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ بَاعَ الْخَادِمَ أَوْ وَهَبَهُ مِنْ إنْسَانٍ، ثُمَّ صَامَ، ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ أَوْ أَقَالَ الْبَيْعَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُهُ وَيَبْقَى الْخَادِمُ عَلَى مِلْكِهِ فَقَدْ هُدِيَ إلَى الْحِيلَةِ، الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ رَجُلٌ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَعِنْدَهُ طَعَامٌ يَكْفِيهِ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصُومَ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ إذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ طَعَامٌ وَهُوَ يَصُومُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسْتَحِيلُ أَيْضًا أَنْ يُكَفِّرَ بِالطَّعَامِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ صَرَفَ الطَّعَامَ أَوَّلًا إلَى الدَّيْنِ، ثُمَّ صَامَ عَنْ يَمِينِهِ يَجُوزُ فَقَدْ هُدِيَ إلَى الْحِيلَةِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا مِنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إجَازَةً لِلْحِيلَةِ صَارَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَابِ الزَّكَاةِ رِوَايَتَانِ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى فَقِيرٍ مَالٌ وَأَرَادَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ عَلَى غَرِيمِهِ وَيَحْتَسِبَ بِهِ عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ فَقَدْ عُرِفَ مِنْ أَصْلِ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَتَأَدَّى بِالدَّيْنِ زَكَاةُ الْعَيْنِ وَلَا زَكَاةُ دَيْنٍ آخَرَ وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَصَدَّقَ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَى الْغَرِيمِ بِمِثْلِ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ الْعَيْنِ نَاوِيًا عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ الْغَرِيمُ وَدَفَعَهُ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ قَضَاءً بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ يَجُوزُ، وَذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُئِلَ عَنْ هَذَا فَأَجَابَ وَقَالَ: هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ، وَمَشَايِخُنَا الْمُتَقَدِّمُونَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يَسْتَعْمِلُونَ هَذِهِ الْحِيلَةَ مَعَ غُرَمَائِهِمْ الْمَفَالِيسِ وَكَانُوا لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا، فَإِنْ خَافَ الطَّالِبُ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ مِقْدَارَ الدَّيْنِ إلَى الْغَرِيمِ يَمْتَنِعُ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخَافَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ وَيَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ، فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ يُدَافِعُهُ وَيُمَانِعُهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَجِدُهُ الْقَاضِي مَلِيئًا فَيُكَلِّفُهُ

الفصل الرابع في الصوم

قَضَاءَ الدَّيْنِ. (وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَقُولَ الطَّالِبُ لِلْمَطْلُوبِ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَكِّلْ وَاحِدًا مِنْ خَدَمِي لِيَقْبِضَ لَك زَكَاةَ مَالِي، ثُمَّ وَكِّلْهُ بِقَضَاءِ دَيْنِك، فَإِذَا قَبَضَ الْوَكِيلُ يَصِيرُ الْمَقْبُوضُ مِلْكًا لِمُوَكِّلِهِ وَهُوَ الْمَدْيُونُ وَالْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ وَكِيلٌ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ فَيَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ بِحُكْمِ وَكَالَتِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي أَصْلِ هَذِهِ الْحِيلَةِ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبُ الْمَالِ الْمَدْيُونَ مِنْ مَالِهِ الْعَيْنِ زِيَادَةً عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ حَتَّى يَقْضِيَ الدَّيْنَ بِمِقْدَارِهِ مِنْ الْمَالِ الْعَيْنِ وَيَبْقَى لَهُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ يَنْتَفِعُ بِهِ فَلَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَنْ لَا يَفِيَ بِمَا شَرَطَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ شَرِيكٌ فِي هَذَا الدَّيْنِ بِأَنْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَحْتَالَ بِمَا ذَكَرْنَا فِي نَصِيبِهِ وَأَرَادَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ مِنْ الدَّيْنِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ لَا يُشَارِكَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ فِيمَا قَبَضَ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ بَعْدَمَا دَفَعَ صَاحِبُ الْمَالِ مِنْ مَالِهِ الْعَيْنِ إلَى الْغَرِيمِ قَدْرَ الدَّيْنِ نَاوِيًا عَنْ الزَّكَاةِ يَتَصَدَّقُ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَى هَذَا الْمَدْيُونِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ، ثُمَّ إنَّ الْمَدْيُونَ يَهَبُ ذَلِكَ الْمَقْبُوضَ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ فَيَصِحُّ وَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ مَعَهُ فِي الْمَقْبُوضِ. (وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ) أَنْ يَسْتَقْرِضَ الْمَدْيُونُ مِنْ رَجُلِ مَالًا بِقَدْرِ حِصَّةِ هَذَا الشَّرِيكِ وَيَهَبَ مِنْ هَذَا الشَّرِيكِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا الشَّرِيكَ يَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَدْيُونِ نَاوِيًا عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ، ثُمَّ يُبْرِئَ هَذَا الشَّرِيكُ الْمَدْيُونَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ الْآخَرِ عَلَيْهِ سَبِيلُ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ. إذَا أَرَادَ أَنْ يُكَفِّنَ مَيِّتًا عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ لَا يَجُوزُ (وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ) ، ثُمَّ هُوَ يُكَفِّنُ بِهِ الْمَيِّتَ فَيَكُونُ لَهُ ثَوَابُ الصَّدَقَةِ وَلِأَهْلِ الْمَيِّتِ ثَوَابُ التَّكْفِينِ، وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْبِرِّ الَّتِي لَا يَقَعُ بِهَا التَّمْلِيكُ كَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ وَالرِّبَاطَاتِ لَا يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ. (وَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِقْدَارِ زَكَاتِهِ) عَلَى فَقِيرٍ، ثُمَّ يَأْمُرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالصَّرْفِ إلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ فَيَكُونَ لِلْمُتَصَدِّقِ ثَوَابُ الصَّدَقَةِ وَلِذَلِكَ الْفَقِيرِ ثَوَابُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَالْقَنْطَرَةِ وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَوَاضِعُ مَوَاتٍ عَلَى شَطِّ جَيْحُونَ عَمَّرَهَا أَقْوَامٌ كَانَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْخُذَ الْعُشْرَ مِنْ غَلَّاتِهَا وَهَذَا الْجَوَابُ، إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ مَاءَ جَيْحُونَ عِنْدَهُ عُشْرِيٌّ وَالْمُؤْنَةُ تَدُورُ مَعَ الْمَاءِ وَلَوْ أَبَاحَ السُّلْطَانُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِرِبَاطٍ ثَمَّةَ لَا يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى الرِّبَاطِ. (وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ) أَنْ يَتَصَدَّقَ السُّلْطَانُ بِذَلِكَ عَلَى الْفُقَرَاءِ، ثُمَّ الْفُقَرَاءُ يَدْفَعُونَ ذَلِكَ إلَى الْمُتَوَلِّي يَصْرِفُ ذَلِكَ إلَى الرِّبَاطِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الصَّوْمِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الصَّوْمِ) إذَا الْتَزَمَ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ وَصَامَ رَجَبَ وَشَعْبَانَ، فَإِذَا شَعْبَانُ نَقَصَ يَوْمًا فَالْحِيلَةُ أَنْ يُسَافِرَ مُدَّةَ السَّفَرِ فَيَنْوِيَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ عَمَّا الْتَزَمَهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْفِدْيَةَ عَنْ صَوْمِ أَبِيهِ أَوْ صَلَاتِهِ وَهُوَ فَقِيرٌ فَإِنَّهُ يُعْطِي مَنَوَيْنِ مِنْ الْحِنْطَةِ فَقِيرًا، ثُمَّ يُسْتَوْهَبَهُ، ثُمَّ يُعْطِيَهُ هَكَذَا إلَى أَنْ يَتِمَّ كَذَا فِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ. (فِي الْعُيُونِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ هَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ) بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ امْرَأَتَهُ فَأَرَادَ أَنْ لَا يَحْنَثَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُسَافِرَ وَيُفْطِرَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

الفصل الخامس في الحج

[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْحَجِّ] (الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْحَجِّ) الْحِيلَةُ لِلْآفَاقِيِّ إذَا أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ مِنْ الْمِيقَاتِ أَنْ لَا يَقْصِدَ دُخُولَ مَكَّةَ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ مَكَانًا آخَرَ وَرَاءَ الْمِيقَاتِ خَارِجَ الْحَرَمِ نَحْوَ بُسْتَانِ بَنِي عَامِرٍ فَإِنَّ بُسْتَانَ بَنِي عَامِرٍ مَوْضِعٌ هُوَ دَاخِلُ الْمِيقَاتِ إلَّا أَنَّهُ خَارِجُ الْحَرَمِ أَوْ مَوْضِعًا آخَرَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِحَاجَةٍ، ثُمَّ إذَا وَصَلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ يَدْخُلُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي النِّكَاحِ] (الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي النِّكَاحِ) ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ نِكَاحًا وَالرَّجُلُ يَجْحَدُ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمَرْأَةِ وَالِاسْتِحْلَافُ لَا يَجْرِي فِي النِّكَاحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلْقَاضِي: لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أَتَزَوَّجَ؛ لِأَنَّ هَذَا زَوْجِي وَقَدْ أَنْكَرَ النِّكَاحَ فَمُرْهُ لِيُطَلِّقَنِي حَتَّى أَتَزَوَّجَ وَالزَّوْجُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا؛ لِأَنَّ بِالطَّلَاقِ يَصِيرُ مُقِرًّا بِالنِّكَاحِ فَمَاذَا يَصْنَعُ، حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ عَلِيٍّ الْبَزْدَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لِلزَّوْجِ قُلْ لَهَا: إنْ كُنْتِ امْرَأَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثَةً فَإِنَّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الزَّوْجُ لَا يَصِيرُ مُقِرًّا بِالنِّكَاحِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَتْ امْرَأَةً لَهُ تَتَخَلَّصُ مِنْهُ وَيُمْكِنُهَا التَّزَوُّجُ بِغَيْرِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا وَأَرَادَ الْقَاضِي تَحْلِيفَهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَالْحِيلَةُ لَهَا فِي دَفْعِ الْيَمِينِ عَنْ نَفْسِهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ فَإِنَّ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَتْ لَا تُسْتَحْلَفُ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الِاسْتِحْلَافِ النُّكُولُ الَّذِي هُوَ إقْرَارٌ وَلَوْ أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ مَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهَا فَلَا تُسْتَحْلَفُ لِانْعِدَامِ الْفَائِدَةِ. إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُجَدِّدَ نِكَاحَ امْرَأَتِهِ وَلَا يَلْزَمَهُ مَهْرٌ آخَرُ بِلَا خِلَافٍ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مَهْرٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا بِمَهْرٍ مُسَمًّى هَلْ يَجِبُ التَّسْمِيَتَانِ، فَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، ثُمَّ إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ مَهْرٌ آخَرُ بِلَا خِلَافٍ يَنْبَغِي أَنْ يُجَدِّدَ النِّكَاحَ وَلَا يَذْكُرَ الْمَهْرَ أَوْ يُجَدِّدَ النِّكَاحَ بِذَلِكَ الْمَهْرِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرٌ آخَرُ. الْأَبُ إذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ إنْسَانٍ فَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُقِرَّ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ فَالْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْمَجْلِسِ يَعْرِفُونَ أَنَّهُ كَذِبٌ حَقِيقَةً وَأَمَّا الْهِبَةُ، فَإِنْ كَانَتْ الْبِنْتُ كَبِيرَةً وَالْأَبُ يَقُولُ: أَهَبُ بِإِذْنِ الْبِنْتِ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ يَضْمَنُ لِلزَّوْجِ عَنْهَا وَيَقُولُ: إنْ أَنْكَرَتْ الْإِذْنَ بِالْهِبَةِ وَرَجَعْت عَلَيْك فَأَنَا ضَامِنٌ لَك عَنْهَا يَكُونُ هَذَا الضَّمَانُ صَحِيحًا لِكَوْنِهِ مُضَافًا إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ، وَإِنْ كَانَتْ الِابْنَةُ صَغِيرَةً فَالْهِبَةُ لَا تَصْلُحُ حِيلَةً وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُحِيلَ الزَّوْجُ بَعْضَ الصَّدَاقِ عَلَى أَبِي الصَّغِيرَةِ وَيُفْرِغَ ذِمَّتَهُ إنْ كَانَ أَبُو الصَّغِيرَةِ أَمْلَأَ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ يَعْقِدَانِ الْعَقْدَ عَلَى مَا وَرَاءَ مَا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى هِبَتِهِ حَتَّى إنَّهُ إنْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ مِائَةً يَنْبَغِي أَنْ يُعْقَدَ الْعَقْدُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةٍ وَإِذَا جَعَلَ بَعْضَ مَهْرِ ابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ مُعَجَّلًا وَالْبَعْضَ مُؤَجَّلًا وَالْبَعْضَ هِبَةً كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ وَطَلَبُوا مِنْ الْأَبِ الضَّمَانَ وَمُرَادُ الْأَبِ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ يَقُولُ الْأَبُ: أَهَبُ كَذَا، فَإِنْ لَمْ تُجِزْ الِابْنَةُ الْهِبَةَ فَهِيَ عَلِيَّ، وَلَا يَقُولُ: أَهَبُ بِإِذْنِ الِابْنَةِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُلْزَمُ الْأَبُ بِشَيْءٍ. لَهُ مَمْلُوكٌ سَأَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ أَمَةً أَوْ حُرَّةً فَخَافَ الْمَوْلَى إنْ زَوَّجَهُ يَتَكَاسَلُ فِي أُمُورِهِ أَوْ لَا يَرْغَبَ أَحَدٌ فِي شِرَائِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ لِلْمَوْلَى أَنْ يَقُولَ: زَوَّجْتُك أَمَتِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ الْحُرَّةَ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِي أُطَلِّقُهَا كَمَا أُرِيدُ، فَإِذَا قَبِلَ الْعَبْدُ نِكَاحَهَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِ الْمَوْلَى يُطَلِّقُهَا الْمَوْلَى كُلَّمَا أَرَادَ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَخَافَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ أَوْ خَافَتْ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا

أَوْ يَتَسَرَّى فَأَرَادَتْ التَّوَثُّقَ مِنْهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَالْحِيلَةُ أَنْ تُزَوِّجَهُ نَفْسَهَا عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلْدَةِ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ الْبَلْدَةِ فَلَهَا تَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَيُقِرُّ الزَّوْجُ أَنَّ مَهْرَ مِثْلِ نِسَائِهَا كَذَا وَكَذَا بِشَيْءٍ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا مِمَّا يَثْقُلُ عَلَى الزَّوْجِ وَيَشْهَدُ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ عَزَمَ عَلَى إخْرَاجِهَا مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ أَخَذَتْهُ بِتَمَامِ مَهْرِ مِثْلِ نِسَائِهَا، وَكَانَ الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إنَّمَا يَصِحُّ هَذَا الْإِقْرَارُ مِنْ الزَّوْجِ إذَا كَانَ فِي حَيِّزِ الِاحْتِمَالِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي حَيِّزِ الْمُحَالِ فَلَا يَصِحُّ وَمِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ قَالَ: مَا ذُكِرَ، إنَّمَا يَسْتَقِيمُ حِيلَةً عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الشَّرْطَ الثَّانِيَ جَائِزٌ كَالْأَوَّلِ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الشَّرْطَ الثَّانِيَ لَا يَصِحُّ، فَإِذَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ كَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لَا غَيْرُ لَا تَسْتَقِيمُ هَذِهِ الْحِيلَةُ، ثُمَّ إذَا جَازَ هَذَا الْإِقْرَارُ وَجَازَ هَذَا الشَّرْطُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِهِ وَهِيَ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَلَهَا أَنْ تَأْخُذَ جَمِيعَ الْمُقَرِّ بِهِ فِي الْقَضَاءِ. أَمَّا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ الزِّيَادَةَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا إلَّا إذَا أَعْطَاهَا الزَّوْجُ ذَلِكَ بِطِيبِ نَفْسِهِ، فَأَمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْحِيلَةِ فَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهَا الزَّوْجُ فَأَرَادَتْ حِيلَةً لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُهَا مِنْ الْبَلْدَةِ فَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ تُقِرَّ الْمَرْأَةُ بِالدَّيْنِ مِمَّنْ تَثِقُ بِهِ مِنْ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَالْأَخِ وَتُشْهِدَ عَلَى إقْرَارِهَا حَتَّى إنَّ الزَّوْجَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلْدَةِ فَالْمُقَرُّ لَهُ بِالدَّيْنِ يَمْنَعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ، إنَّمَا تَكُونُ حِيلَةً عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ إقْرَارُهَا بِالدَّيْنِ فِي حَقِّ نَفْسِهَا لَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ الزَّوْجِ، فَإِنْ خَافَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ الزَّوْجُ بِاَللَّهِ أَنَّ لَك عَلَيْهَا هَذَا الْمَالَ. (قَالَ) يَبِيعُهَا بِذَلِكَ الْمَالِ ثَوْبًا حَتَّى إذَا حَلَفَ لَا يَأْثَمُ وَهَذَا، إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ الزَّوْجِ فَكَانَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْمُقَرَّ لَهُ بِاَللَّهِ أَنَّ مَا أَقَرَّتْ لَك بِهِ حَقٌّ، وَلَكِنَّ الْحِيلَةَ الَّتِي تَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ أَنْ تَشْتَرِيَ مِمَّنْ تَثِقُ بِهِ شَيْئًا بِثَمَنٍ غَالٍ أَوْ تَكْفُلُ عَنْ غَيْرِهَا مِمَّنْ تَثِقُ بِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّ لِلْبَائِعِ وَالْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ الزَّوْجِ عِنْدَ الْكُلِّ إلَى أَنْ تُؤَدِّيَ الثَّمَنَ أَوْ الدَّيْنَ وَإِذَا أَقَرَّتْ بِالْكَفَالَةِ كَانَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْ الْخُرُوجِ عِنْدَ الْكُلِّ فَتَصِيرُ هَذِهِ حِيلَةً عِنْدَ الْكُلِّ أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ أَقَرَّتْ وَذَكَرَتْ لِلْمُقَرِّ بِهِ سَبَبًا يَصِحُّ إقْرَارُهَا فِي حَقِّ الْمُقَرِّ لَهُ وَفِي حَقِّ الزَّوْجِ عِنْدَ الْكُلِّ حَتَّى كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْ الْخُرُوجِ مَعَ الزَّوْجِ عِنْدَ الْكُلِّ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ أَقَرَّتْ وَلَمْ تَذْكُرْ لِلْمُقَرِّ بِهِ سَبَبًا كَانَ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ اخْتِلَافٌ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا. وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ فَسَدَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ جَمِيعَ رَقَبَةِ زَوْجِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَارِثٌ وَشِقْصًا مِنْهُ إنْ كَانَ مَعَهَا وَارِثٌ وَأَيُّمَا كَانَ فَسَدَ النِّكَاحُ، فَإِنْ أَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ لَا يَنْفَسِخَ النِّكَاحُ بِمَوْتِهِ فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يُكَاتِبَ لِلْعَبْدِ عَلَى مَالٍ، ثُمَّ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ مِنْهُ وَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ شَيْئًا مِنْ رَقَبَتِهِ بِمَوْتِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُورَثُ لَكِنَّ لَهَا حَقَّ الْمِلْكِ فِي رَقَبَتِهِ وَحَقُّ الْمِلْكِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ وَلَا يَمْنَعُ الْبَقَاءَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ خَطَبَ امْرَأَةً إلَى نَفْسِهَا فَأَجَابَتْهُ إلَى ذَلِكَ وَكَرِهَتْ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ أَوْلِيَاؤُهَا فَجَعَلَتْ أَمْرَهَا فِي تَزْوِيجِهَا إلَيْهِ يَجُوزُ هَذَا النِّكَاحُ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كَرِهَ أَنْ يُسَمِّيَهَا عِنْدَ الشُّهُودِ فَمَا الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ (قَالَ) الْحِيلَةُ أَنَّهُ إذَا جَعَلَتْ أَمْرَهَا إلَيْهِ فِي النِّكَاحِ، وَكَانَ تَوَافَقَ مَعَهَا عَلَى الْمَهْرِ فَالزَّوْجُ يَجِيءُ إلَى الشُّهُودِ وَيَقُولُ لَهُمْ: إنِّي خَطَبَتْ امْرَأَةً إلَى نَفْسِي وَبَذَلْت لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا فَرَضِيَتْ بِذَلِكَ وَجَعَلَتْ أَمْرَهَا إلَيَّ لِأَتَزَوَّجَهَا فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةَ الَّتِي جَعَلَتْ

الفصل السابع في الطلاق

أَمْرَهَا إلَيَّ عَلَى صَدَاقِ كَذَا فَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ كُفْئًا لَهَا هَكَذَا. ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حِيلَةٍ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْخَصَّافُ اكْتَفَى بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ التَّعْرِيفِ لِجَوَازِ النِّكَاحِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا كَانُوا يَقُولُونَ هَذَا رَأْيُ الْخَصَّافِ. وَفِي جَوَازِ هَذَا النِّكَاحِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ مَعْرِفَةً وَفِي بَابِ النِّكَاحِ يُسْتَقْصَى فِي التَّعْرِيفِ غَايَةَ الِاسْتِقْصَاءِ وَهَكَذَا حُكِيَ عَنْ مَشَايِخِ بَلْخٍ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ الْخَصَّافَ كَبِيرٌ فِي الْعِلْمِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَسُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَخَوَيْنِ تَزَوَّجَا أُخْتَيْنِ فَزُفَّتْ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا امْرَأَةُ أَخِيهِ فَلَمْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ حَتَّى أَصْبَحُوا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: لِيُطَلِّقْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً، ثُمَّ يَتَزَوَّجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمَرْأَةَ الَّتِي دَخَلَ بِهَا وَفِي مَنَاقِبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذُكِرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حِكَايَةٌ أَنَّهَا وَقَعَتْ لِبَعْضِ الْأَشْرَافِ بِالْكُوفَةِ، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ الْعُلَمَاءَ لِوَلِيمَةٍ وَفِيهِمْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَانَ فِي عِدَادِ الشُّبَّانِ يَوْمَئِذٍ فَكَانُوا جَالِسِينَ عَلَى الْمَائِدَةِ إذْ سَمِعُوا وَلْوَلَةَ النِّسَاءِ فَقِيلَ: مَاذَا أَصَابَهُنَّ فَذَكَرُوا أَنَّهُمْ غَلِطُوا فَأَدْخَلُوا امْرَأَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَدَخَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاَلَّتِي أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَقَالُوا: إنَّ الْعُلَمَاءَ عَلَى مَائِدَتِكُمْ فَسَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَسَأَلُوا فَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهَا قَضَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ الْمَهْرَ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْعِدَّةَ، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْكُتُ بِإِصْبَعِهِ عَلَى طَرَفِ الْمَائِدَةِ كَالْمُتَفَكِّرِ فِي شَيْءٍ فَقَالَ لَهُ مَنْ إلَى جَنْبِهِ أَبْرِزْ مَا عِنْدَك هَلْ عِنْدَك شَيْءٌ آخَرُ فَغَضِبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ مَاذَا يَكُونُ عِنْدَهُ بَعْدَ قَضَاءِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَعْنِي فِي الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ. فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلِيَّ بِالزَّوْجَيْنِ فَأُتِيَ بِهِمَا فَسَأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ هَلْ تُعْجِبُك الْمَرْأَةُ الَّتِي دَخَلْت بِهَا قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: طَلِّقْ امْرَأَتَك تَطْلِيقَةً فَطَلَّقَهَا، ثُمَّ زَوَّجَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمَرْأَةَ الَّتِي دَخَلَ بِهَا وَقَالَ: قُومَا إلَى أَهْلِكُمَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ سُفْيَانُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْت فَقَالَ: أَحْسَنُ الْوُجُوهِ وَأَقْرَبُهَا إلَى الْأُلْفَةِ وَأَبْعَدُهَا عَنْ الْعَدَاوَةِ أَرَأَيْت لَوْ صَبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ أَمَا كَانَ يَبْقَى فِي قَلْبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ بِدُخُولِ أَخِيهِ بِزَوْجَتِهِ وَلَكِنِّي أَمَرْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ دُخُولٌ وَلَا خَلْوَةٌ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ، ثُمَّ زَوَّجْتُ كُلَّ امْرَأَةٍ مِمَّنْ وَطِئَهَا وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ مِنْهُ وَعِدَّتُهُ لَا تَمْنَعُ نِكَاحَهُ وَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ زَوْجَتِهِ وَلَيْسَ فِي قَلْبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ فَعَجِبُوا مِنْ فِطْنَةِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَحُسْنِ تَأَمُّلِهِ وَفِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ بَيَانُ فِقْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي خُتِمَ بِهَا الْكِتَابُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ] (الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ) رَجُلٌ كَتَبَ إلَى امْرَأَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرِك وَغَيْرِ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ، ثُمَّ مَحَا ذِكْرَ فُلَانَةَ وَبَعَثَ بِالْكِتَابِ إلَى امْرَأَتِهِ لَا تَطْلُقُ فُلَانَةُ وَهَذِهِ حِيلَةٌ جَدِيدَةٌ. (الْحِيلَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ الثَّلَاثِ إذَا خَافَتْ أَنْ يُمْسِكَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي) أَنْ يَقُولَ الَّذِي يُرِيدُ التَّحْلِيلَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا: إنْ تَزَوَّجْتُك وَجَامَعْتُك مَرَّةً فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً. وَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا مِنْهُ، فَإِذَا جَامَعَهَا مَرَّةً يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَيَحْصُلُ لَهَا الْخَلَاصُ

وَإِنْ خَافَتْ أَنْ يُمْسِكَهَا زَمَانًا طَوِيلًا وَلَا يُطَلِّقَهَا وَلَا يُجَامِعَهَا كَيْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا فَالْحِيلَةُ لَهَا أَنْ يَقُولَ قَبْلَ التَّزَوُّجِ: إنْ تَزَوَّجْتُك وَأَمْسَكْتُك وَلَمْ أُجَامِعْك فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَهْوَاهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ ذَلِكَ تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا مِنْهُ، فَإِذَا مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَيَحْصُلُ الْخَلَاصُ (حِيلَةٌ أُخْرَى فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ لِلْمُحَلِّلِ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْك عَلَى أَنَّ أَمْرِي بِيَدِي أُطَلِّقُ نَفْسِي كُلَّمَا أُرِيدُ، ثُمَّ يَقْبَلُ الزَّوْجُ فَيَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا كُلَّمَا أَرَادَتْ وَلَوْ بَدَأَ الْمُحَلِّلُ فَقَالَ تَزَوَّجْتُك عَلَى أَنَّ أَمْرَك بِيَدِك بَعْدَمَا تَزَوَّجْتُك وَطَلِّقِي نَفْسَك كُلَّمَا تُرِيدِينَ فَقَبِلَتْ لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا (وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ الْمُحَلِّلُ لِلْمَرْأَةِ: تَزَوَّجْتُكِ عَلَى أَنَّ أَمْرَك بِيَدِك بَعْدَ مَا تَزَوَّجْتُك وَطَلِّقِي نَفْسَك كُلَّمَا تُرِيدِينَ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ قَبِلْت يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا أَيْضًا الْمُطَلَّقَةُ الثَّلَاثُ إذَا أَرَادَتْ التَّزَوُّجَ وَالرُّجُوعَ إلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَهِيَ تَكْرَهُ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا رَجُلًا فَتَشْتَهِرُ بِأَنَّهَا قَدْ اسْتَحَلَّتْ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ تَهَبُ لِبَعْضِ مَنْ تَثِقُ بِهِ ثَمَنَ مَمْلُوكٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ مَمْلُوكًا صَغِيرًا مُرَاهِقًا يُجَامِعُ مِثْلُهُ النِّسَاءَ، ثُمَّ تُزَوِّجُ نَفْسَهَا مِنْهُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ بِإِذْنِ مَوْلَى الْغُلَامِ، فَإِذَا دَخَلَ بِهَا الْغُلَامُ يَهَبُ الْمُشْتَرِي هَذَا الْغُلَامَ لِلْمَرْأَةِ فَتَقْبَلُهُ وَتَقْبِضُهُ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ، فَإِذَا اعْتَدَّتْ رَجَعَتْ إلَى زَوْجِهَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، ثُمَّ تَبْعَثُ بِالْمَمْلُوكِ إلَى بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ فَيُبَاعُ هُنَاكَ فَيَبْقَى أَمْرُهَا مَسْتُورًا، هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْحِيلَةَ. وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ وَلَا يَقَعَ طَلَاقُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مَوْصُولًا مَلْفُوظًا حَتَّى إنَّ الْمَفْصُولَ لَا يَعْمَلُ وَكَذَا الْمُضْمَرُ فِي قَلْبِهِ وَكَوْنُهُ مَسْمُوعًا هَلْ هُوَ شَرْطٌ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ تَصْحِيحُ الْحُرُوفِ وَالتَّكَلُّمُ بِهِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا كَوْنُهُ مَسْمُوعًا شَرْطٌ وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي فَصْلِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا قُرِنَ بِهِ الِاسْتِثْنَاءُ هَلْ يَتَّصِفُ الشَّخْصُ بِكَوْنِهِ مُوقِعًا أَمْ لَا قَالَ بَعْضُهُمْ: يَتَّصِفُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الْوُقُوعُ حَتَّى مَنْ حَلَفَ وَقَالَ: وَاَللَّهِ لَأُطَلِّقَنَّ الْيَوْمَ امْرَأَتِي تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا فَقَالَ لَهَا فِي الْيَوْمِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا أَقْبَلُ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ بَارًّا وَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ مَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأُطَلِّقَنَّ امْرَأَتِي الْيَوْمَ ثَلَاثًا أَوْ قَالَ وَاحِدَةً فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ يَقُولَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَا تَقْبَلُ الْمَرْأَةُ وَلَا يَحْنَثُ الرَّجُلُ وَيَكُونُ بَارًّا فِي يَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ أَنْ يَبِيعَ فَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ فَاعْتُبِرَ بَائِعًا وَمُوجِبًا الْمِلْكَ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ فَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ يُعْتَبَرُ مُوقِعًا، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْوُقُوعُ وَمَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُونَ: لَا يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ مُوقِعًا وَجَعَلُوا هَذَا جَوَابَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَقَالُوا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا: إنَّ الْحَالِفَ لَا يَصِيرُ بَارًّا فِي

الفصل الثامن في الخلع

يَمِينِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى كَذَا وَلَا تَقْبَلُ الْمَرْأَةُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. لَوْ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَائِنًا وَأَنْكَرَ فَالسَّبِيلُ أَنْ تَدْخُلَ الْمَرْأَةُ بَيْتًا فِيهِ زَوْجُهَا فَيُقَالُ لَهُ: إنَّك تَزَوَّجَتْ امْرَأَةً وَهِيَ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَقَالَ: لَيْسَتْ لِي امْرَأَةٌ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَيُقَالُ لَهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لَك فِي هَذِهِ الدَّارِ فَهِيَ طَالِقٌ بَائِنٌ، فَإِذَا حَلَفَ تَبْرُزُ الْمَرْأَةُ إلَيْهِ فَيَظْهَرُ طَلَاقُهَا. إذَا حَلَفَ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا فَالسَّبِيلُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً وَيَدَعَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، ثُمَّ يُكَلِّمَ فُلَانًا، ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. [الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الْخُلْعِ] (الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الْخُلْعِ) سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ سَأَلْتِنِي الْخُلْعَ إنْ لَمْ أَخْلَعْك وَحَلَفَتْ الْمَرْأَةُ بِعِتْقِ مَمَالِيكِهَا وَتَصَدُّقِ مَالَهَا إنْ لَمْ تَسْأَلْهُ الْخُلْعَ قَبْلَ اللَّيْلِ فَجَاءَا إلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْمَرْأَةِ سَلِيهِ الْخُلْعَ فَقَالَتْ لِزَوْجِهَا أَسْأَلُك أَنْ تَخْلَعَنِي فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلزَّوْجِ: قُلْ قَدْ خَلَعْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ تُعْطِيَنِيهَا فَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْمَرْأَةِ: قَوْلِي لَا أَقْبَلُهُ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا أَقْبَلُ مَا قُلْت فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْمِي مَعَ زَوْجِك فَقَدْ بَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا فِي يَمِينِهِ. (حِيلَةٌ أُخْرَى لِلْمَرْأَةِ) إذَا كَانَتْ يَمِينُ الْمَرْأَةِ بِعِتْقِ مَمَالِيكِهَا وَصَدَقَةِ مَالِهَا أَنْ تَبِيعَ جَمِيعَ ذَلِكَ مِمَّنْ تَثِقُ بِهِ حَتَّى يَمْضِيَ وَلَيْسَ فِي مُلْكِهَا شَيْءٌ فَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ لَا إلَى جَزَاءٍ، ثُمَّ تَسْتَقِيلُ الْبَيْعَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الْأَيْمَانِ] (الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الْأَيْمَانِ) رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ بِالْكُوفَةِ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَخْرُجَ الزَّوْجُ وَوَلِيُّ الْمَرْأَةِ مِنْ الْكُوفَةِ وَيَعْقِدَا النِّكَاحَ خَارِجَ الْكُوفَةِ فَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. (حِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يُوَكِّلَ الْحَالِفُ رَجُلًا فَيَخْرُجَ الْوَكِيلُ وَالْمَرْأَةُ مِنْ الْكُوفَةِ وَيَعْقِدَانِ النِّكَاحَ ثَمَّةَ أَوْ تُوَكِّلَ الْمَرْأَةُ أَيْضًا وَيَخْرُجَ الْوَكِيلَانِ مِنْ الْكُوفَةِ فَيَعْقِدَانِ النِّكَاحَ خَارِجَ الْكُوفَةِ فَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْبَابِ حِنْثُ الْوَكِيلِ لَا حِنْثُ الْمُوَكِّلِ. إذَا حَلَفَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ بِبُخَارَى فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بُخَارَى وَيُطَلِّقَهَا أَوْ يُوَكِّلَ رَجُلًا حَتَّى يُطَلِّقَهَا الْوَكِيلُ خَارِجَ بُخَارَى فَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُسَافِرَ فَتُحَلِّفُهُ امْرَأَتُهُ بِعِتْقِ كُلِّ جَارِيَةٍ يَشْتَرِيهَا فَتَقُولُ لَهُ: كُلُّ جَارِيَةٍ تَشْتَرِيهَا فَهِيَ حُرَّةٌ فَالْحِيلَةُ لِلزَّوْجِ إذَا حَلَّفَتْهُ بِهَذَا أَنْ يَقُولَ: نَعَمْ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: نَعَمْ بَلْدَةً قَرِيبَةً أَوْ قَرْيَةً بِعَيْنِهَا، فَإِذَا نَوَى ذَلِكَ، ثُمَّ اشْتَرَى جَارِيَةً لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُشِيرُ إلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا عَرَضَ عَلَى غَيْرِهِ يَمِينًا مِنْ الْأَيْمَانِ فَيَقُولُ ذَلِكَ الْغَيْرُ نَعَمْ أَنَّهُ يَكْفِي وَيَصِيرُ حَالِفًا بِتِلْكَ الْيَمِينِ الَّتِي عَرَضَ عَلَيْهِ وَهَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَكْفِي قَوْلُهُ نَعَمْ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُصَرِّحَ بِالْيَمِينِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَكْفِي وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ وَجَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَهَبَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ وَيُسَلِّمَ إلَيْهِ وَيَفْعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَسْتَوْهِبُهُ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يُكَاتِبَ جَارِيَةً لَهُ وَيَطَأَهَا فَإِنَّهُ يَهَبُهَا

لِابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ، ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا إنْ لَمْ تَكُنْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَيَكُونُ أَوْلَادُهُ أَحْرَارًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَفِي الْعُيُونِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يُدَبِّرَ عَبْدَهُ وَيُجَوِّزَ بَيْعَهُ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إذَا مِتَّ وَأَنْتَ فِي مُلْكِي فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِذَا مَاتَ يُعْتَقُ، هَكَذَا رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (نَوْعٌ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ) إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ: عَبْدِي حُرٌّ إنْ أَخَذْتهَا الْيَوْمَ مُتَفَرِّقًا فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ فِي ذَلِكَ بَعْضَ الْمِائَةِ مُتَفَرِّقًا أَوْ جُمْلَةً، وَإِنْ قَالَ: إنْ أَخَذْتهَا الْيَوْمَ إلَّا جُمْلَةً فَعَبْدِي حُرٌّ فَأَخَذَ جَمِيعَ الْمِائَةِ مِنْهُ، ثُمَّ وَجَدَ فِيهَا دِرْهَمًا سَتُّوقَةً فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَبْدِلَهُ فِي الْغَدِ فَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهُ فِي الْغَدِ فَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ الِاسْتِبْدَالَ أَصْلًا وَلَوْ اسْتَبْدَلَهُ الْيَوْمَ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. إذَا حَلَفَ لَيَأْخُذَنَّ مِنْ فُلَانٍ حَقَّهُ أَوْ لَيَقْبِضَنَّهُ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَ بِنَفْسِهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ حَتَّى يَأْخُذَ وَلَا يَحْنَثَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ وَكِيلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَا يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ كَفَلَ بِالْمَالِ عَنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِأَمْرِهِ أَوْ مِنْ رَجُلٍ أَحَالَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِأَمْرِهِ فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ هَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ وَذُكِرَ فِي الْعُيُونِ مَسْأَلَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَصُورَةُ مَا ذُكِرَ فِي الْعُيُونِ إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يَقْبِضُ مَالَهُ مِنْ الْمَطْلُوبِ الْيَوْمَ فَقَبَضَ مِنْ وَكِيلِ الْمَطْلُوبِ حَنِثَ، وَإِنْ قَبَضَهُ مِنْ الْمُتَطَوِّعِ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَهُ مِنْ كَفِيلٍ لَهُ أَوْ مُحْتَالٍ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَفِي الْقُدُورِيِّ لَوْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ لَيُعْطِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ أَحَالَ فَقَبَضَ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، وَإِنْ قَضَى عَنْهُ مُتَبَرِّعٌ، وَإِنْ عَنَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ صَدَقَ دِيَانَةً وَقَضَاءً، وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ فَأَعْطَاهُ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ حَنِثَ، وَإِنْ عَنَى أَنْ لَا يُعْطِيَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يُدَيَّنْ فِي الْقَضَاءِ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ يَصْدُقُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ أَنَّ رَجُلًا سَاوَمَ رَجُلًا بِثَوْبٍ وَأَبَى الْبَائِعُ أَنْ يُنْقِصَهُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ اشْتَرَاهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَدِينَارًا أَوْ بَاعَ بِأَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثَوْبًا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ جَوَابُ الْقِيَاسِ أَمَّا عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ يَحْنَثُ فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ عَبْدَهُ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ إلَّا بِأَكْثَرَ أَوْ إلَّا بِأَزْيَدَ فَبَاعَهُ بِتِسْعَةٍ وَدِينَارٍ الْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَا إذَا بَاعَهُ بِتِسْعَةٍ وَثَوْبٍ. قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ مَعَ الدَّرَاهِمِ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا فَلَا تَكْثُرُ الدَّرَاهِمُ بِالثَّوْبِ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْبَيْعُ مُسْتَثْنًى عَنْ الْيَمِينِ بَلْ كَانَ دَاخِلًا تَحْتَ الْيَمِينِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ عَبْدَهُ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ حَتَّى يُزَادَ، ثُمَّ احْتَاجَ إلَى بَيْعِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِي بِالزِّيَادَةِ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَهُ: بِتِسْعَةِ دَرَاهِمَ وَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ تَمَامَ يَمِينِهِ الْبَيْعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْعَشَرَةِ وَلَمْ تُوجَدْ الْغَايَةُ فَبَقِيَتْ الْيَمِينُ فَيَجِبُ أَنْ يَحْنَثَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْحِنْثَ لَا يَقَعُ بِبَقَاءِ الْيَمِينِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ بِوُجُودِ شَرْطِ الْحِنْثِ وَلَكِنْ فِي حَالِ بَقَاءِ الْيَمِينِ فَفِيمَا إذَا بَاعَهُ بِتِسْعَةٍ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْحِنْثِ لِمَا مَرَّ فَلَا يَحْنَثُ لِعَدَمِ شَرْطِ الْحِنْثِ لَا لِعَدَمِ بَقَاءِ الْيَمِينِ وَفِيمَا إذَا بَاعَهُ بِعَشْرَةٍ وُجِدَ شَرْطُ الْحِنْثِ وَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ فَيَحْنَثُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْجَامِعِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْأَخِيرَةَ هِشَامٌ فِي

نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ: الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَحْنَثَ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ هَذَا الثَّوْبَ مِنْ فُلَانٍ بِثَمَنٍ أَبَدًا فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ الثَّوْبَ مِنْهُ وَمِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. (حِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَبِيعَ هَذَا الثَّوْبَ مِنْهُ بِعَرَضٍ (حِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يُوَكِّلَ رَجُلًا حَتَّى يَبِيعَ الثَّوْبَ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي أَيْمَانِ الْأَصْلِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَشْتَرِيَ فَأَمَرَ إنْسَانًا بِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا كَانَ سُلْطَانًا لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَيَحْنَثُ بِالْأَمْرِ وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ. (وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَبِيعَ هَذَا الثَّوْبَ فُضُولِيٌّ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ الْحَالِفَ يُجِيزُ الْبَيْعَ وَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (إذَا قَالَ) إنْ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ فِيهِ بِالْخِيَارِ وَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. (حِيلَةٌ أُخْرَى) عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَشْتَرِيَهُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ فَخِيَارُ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ دُخُولَ الْمُشْتَرَى فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرَى بِنَفْسِ الشِّرَاءِ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ لَا إلَى جَزَاءٍ، هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حِيلَةٍ وَفِي هَذِهِ الْحِيلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْخَصَّافُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ نَوْعُ شُبْهَةٍ فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ وَقَالَ: إنْ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ عَتَقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافِ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى خَرَّجُوا الْمَسْأَلَةَ عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا فَقَالُوا: أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمْ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُمَا لَا يَمْنَعُ دُخُولَ الْعَبْدِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَوُجِدَ شَرْطُ الْعِتْقِ وَالْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلِأَنَّ عِنْدَهُ خِيَارَ الشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُ دُخُولَ الْمُشْتَرَى فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ الْإِعْتَاقَ يَتَعَلَّقُ بِالشِّرَاءِ لَا بِالْمِلْكِ وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَالْمُرْسَلِ فَيَصِيرُ قَائِلًا بَعْدَ الشِّرَاءِ هَذَا الْعَبْدُ حُرٌّ. (حِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْعَبْدَ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ (وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَشْتَرِيَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سَهْمًا مِنْ هَذَا الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ السَّهْمَ الْبَاقِيَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِامْرَأَتِهِ بِأَمْرِهَا أَوْ يَشْتَرِيَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سَهْمًا لِنَفْسِهِ، ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ يُقِرُّ لَهُ بِالسَّهْمِ الْبَاقِي وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَكَذَا فَاشْتَرَى تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سَهْمًا لِنَفْسِهِ وَاشْتَرَى السَّهْمَ الْبَاقِيَ لِابْنِهِ أَوْ لِامْرَأَتِهِ، وَلَوْ وُهِبَ لَهُ السَّهْمُ الْبَاقِي فَفِي الْعَبْدِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَفِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ وَفِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْأَكْلِ) إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ أَكَلْتِ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ فَأَنْت طَالِقٌ فَالْحِيلَةُ لَهَا حَتَّى أَنْ تَأْكُلَ وَلَا تَطْلُقَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَدُقَّ ذَلِكَ الْخُبْزَ وَتُلْقِيهِ فِي عَصِيدَةٍ وَتَطْبُخَهُ حَتَّى يَصِيرَ هَالِكًا، فَإِذَا أَكَلْت لَا يَحْنَثُ وَفِي الْقُدُورِيِّ هُدِيَ إلَى حِيلَةٍ أُخْرَى فَقَالَ: لَوْ جَفَّفَهُ وَدَقَّهُ، ثُمَّ شَرِبَهُ بِمَاءٍ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَكَلَهُ مَبْلُولًا حَنِثَ. إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا لِفُلَانٍ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَأْكُلَ فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَبِيعَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مَا هَيَّأَ مِنْ الطَّعَامِ مِنْ الْحَالِفِ، ثُمَّ يَأْكُلُ الْحَالِفُ فَلَا يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَهْدَى الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ طَعَامًا لِلْحَالِفِ فَأَكَلَ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ صَارَ مِلْكًا لِلْحَالِفِ بِالْبَيْعِ وَالْإِهْدَاءِ فَكَانَ الْحَالِفُ آكِلًا طَعَامَ نَفْسِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْخَصَّافُ جَوَّزَ بَيْعَ الطَّعَامِ هُنَا مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ إذَا كَانَ الطَّعَامُ مُشَارًا إلَيْهِ أَوْ يُشِيرُ الْبَائِعُ إلَى مَوْضِعِهِ بِأَنْ يَقُولَ مِنْ بَيْدَرِ كَذَا أَوْ مِنْ حِينِ كَذَا أَوْ يُعَرِّفُهُ بِشَيْءٍ

أَمَّا إذَا أَطْلَقَ إطْلَاقًا لَا يَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ. رَجُلٌ أَخَذَ لُقْمَةً وَوَضَعَهَا فِي فِيهِ لِيَأْكُلَهَا فَحَلَفَ رَجُلٌ وَقَالَ: إنْ أَكَلْتهَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَالَ: رَجُلٌ آخَرُ إنْ أَلْقَيْتهَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضَ اللُّقْمَةِ وَيَأْكُلَ بَعْضَ اللُّقْمَةِ فَلَا يَحْنَثُ وَاحِدٌ مِنْ الْحَالِفَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ هَذَا وَلَكِنْ جَاءَ إنْسَانٌ آخَرُ وَأَخْرَجَ اللُّقْمَةَ مِنْ فَمِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَأَلْقَاهَا قَالَ: إنْ أَخْرَجَهَا وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ جَاهِدٌ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ مُمْتَنِعٌ بِجَهْدِهِ مَغْلُوبٌ عَلَى ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ وَاحِدٌ مِنْ الْحَالِفَيْنِ. (نَوْعٌ آخَرُ مِنْ مَسَائِلِ النَّفَقَةِ) رَجُلٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَهَبَهَا مَالًا حَتَّى تُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ يُقْرِضَهَا مَالًا أَوْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا شَيْئًا بِمَالٍ أَوْ يَسْتَأْجِرَ مِنْهَا شَيْئًا بِمَالٍ فَتُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا بَلْ أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لَهَا حَانُوتًا تَسْتَغِلُّهُ وَتُنْفِقُ مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ آجَرَ الْحَانُوتَ مِنْهَا بِشَيْءٍ يَسِيرٍ حَتَّى أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ غَلَّتِهِ لَا يَحْنَثُ لِمَا قُلْنَا. وَوَجْهٌ آخَرُ أَنْ تَسْتَأْجِرَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ لَهَا فِي أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ فَيَكُونُ كَسْبُهُ لَهَا تُنْفِقُ مِنْهُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَفْسِهَا وَهَذِهِ الْحِيلَةُ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ وَالْبَدَلُ مَعْلُومٌ، فَإِذَا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ صَارَتْ مَنَافِعُ الزَّوْجِ مَمْلُوكَةً لِلْمَرْأَةِ فَمَا حَدَثَ مِنْ الْكَسْبِ يَكُونُ بَدَلَ مِلْكِهَا فَصَارَتْ هِيَ مُنْفِقَةً عَلَى مِلْكِ نَفْسِهَا، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ خَيَّاطًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الصِّنَاعَاتِ اسْتَأْجَرَتْهُ عَلَى أَنْ يَخِيطَ لَهَا مُشَاهَرَةً وَيَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَيَكُونُ الْكَسْبُ لَهَا، فَإِذَا أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ. (وَمِنْ جِنْسِ مَسَائِلِ النَّفَقَةِ مَا ذُكِرَ فِي حِيَلِ الْأَصْلِ) رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ مَالًا، ثُمَّ قَالَ الْوَاهِبُ: امْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ أَنْفَقْتَ هَذَا الْمَالَ الَّذِي أَنْفَقْتُهُ لَك إلَّا عَلَى أَهْلِك فَأَرَادَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِبَعْضِ ذَلِكَ الْمَالِ دَيْنًا عَلَيْهِ وَيُنْفِقَ الْبَعْضَ عَلَى أَهْلِهِ هَلْ يَحْنَثُ الْحَالِفُ؟ قَالَ: لَا حَتَّى يُنْفِقَ كُلَّ الْمَالِ عَلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (سُئِلَ) شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْحَسَنِ عَمَّنْ لَهُ امْرَأَتَانِ طَلَبَتْ أَحَدُهُمَا مِنْ الزَّوْجِ أَنْ يُطَلِّقَ صَاحِبَتَهَا وَضَيَّقَتْ الْأَمْرَ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَتَخَلَّصُ عَنْهَا وَلَيْسَ مِنْ رَأْيِهِ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَتَهَا فَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى بِاسْمِ صَاحِبَتِهَا، ثُمَّ يَقُولُ: طَلَّقْت امْرَأَتِي فُلَانَةَ وَيَعْنِي بِهَا الَّتِي تَزَوَّجَهَا. (وَوَجْهٌ آخَرُ) أَنْ يَكْتُبَ اسْمَ الْمَرْأَةِ وَاسْمَ أَبِيهَا عَلَى كَفِّهِ الْيُسْرَى وَيُشِيرَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى إلَى الْمَكْتُوبِ وَيَقُولَ: طَلَّقْت فُلَانَةَ هَذِهِ بِنْتَ فُلَانٍ فَتُتَوَهَّمُ الطَّالِبَةُ أَنَّهُ يُطَلِّقُ الَّتِي تَطْلُبُ مِنْهُ طَلَاقَهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (لَوْ دَخَلَ) جَمَاعَةٌ عَلَى رَجُلٍ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُ وَحَلَفُوا أَنْ لَا يُخْبِرَ بِأَسْمَائِهِمْ فَالسَّبِيلُ أَنْ يُقَالَ لَهُ: إنَّا نَعُدُّ عَلَيْك أَسْمَاءً وَأَلْقَابًا فَمَنْ لَيْسَ بِسَارِقٍ إذَا ذَكَرْنَاهُ قُلْ لَا وَإِذَا انْتَهَيْنَا إلَى السَّارِقِ فَاسْكُتْ أَوْ قُلْ لَا أَقُولُ فَيَظْهَرُ الْأَمْرُ وَلَا يَحْنَثُ. رَجُلٌ عَلِمَ أَنَّ أَمِيرَ الْبَلَدِ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَنْ لَا يُخَالِفَ الْمَلِكِ يَكْتُبُ عَلَى كَفِّهِ الْيُسْرَى الْمَلِكَ فَلَمَّا قِيلَ لَهُ وَعَلَيْك كَذَا عَبِيدُك وَنِسَاؤُك كَذَا إنْ كُنْت تُخَالِفُ هَذَا الْمَلِكَ جَعَلَ الرَّجُلُ يُشِيرُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى إلَى الْمَلِكِ الْمَكْتُوبِ عَلَى الْكَفِّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ فِي الْكُمِّ وَهُوَ يَقُولُ: لَا أُخَالِفُ هَذَا الْمَلِكَ فَلَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. (رَجُلَانِ) حَلَفَا أَنْ لَا يَدْخُلَ كُلٌّ مِنْهُمَا هَذِهِ الدَّارَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَدْخُلَا مَعًا وَكَذَلِكَ الْحِيلَةُ فِي الْيَمِينِ بِالْكَلَامِ إذَا قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ لَا أَبْتَدِئُ بِكَلَامٍ تَكَلَّمَا مَعًا فَلَا يَحْنَثُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. (إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ) فَأُدْخِلَ مُكْرَهًا لَا يَحْنَثُ هَذَا إذَا حَمَلَهُ إنْسَانٌ وَأَدْخَلَهُ مُكْرَهًا فَأَمَّا إذَا أَكْرَهَهُ حَتَّى دَخَلَ مَعَهُ بِنَفْسِهِ يَحْنَثُ عِنْدَنَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَدْخُلَ الْحَالِفُ أَوَّلًا، ثُمَّ

الفصل العاشر في العتق والتدبير والكتابة

يَدْخُلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِي الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ] (الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِي الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ) رَجُلٌ لَهُ جَارِيَةٌ عَرَضَ عَلَيْهَا الْعِتْقَ وَالتَّدْبِيرَ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ وَقَالَتْ: الْبَيْعُ نَسَمَةً أَحَبُّ إلَيَّ، فَالْبَيْعُ نَسَمَةً الْبَيْعُ مِمَّنْ يُرِيدُ إعْتَاقَهَا فَأَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يُوصِيَ بِأَنْ تُبَاعَ مِمَّنْ يُرِيدُ شِرَاءَهَا نَسَمَةً وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَطِّ شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا لِيَرْغَبَ الْمُشْتَرِي فِي شِرَائِهَا، فَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ وَيَحُطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الثَّمَنِ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ لِلْمَجْهُولِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْمَجْهُولِ لَا تَجُوزُ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْمَوْلَى: بِيعُوهَا مِمَّنْ أَحَبَّتْ وَحَيْثُ أَرَادَتْ وَحُطُّوا عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنِهَا كَذَا، فَإِذَا أَحَبَّتْ وَعَيَّنَتْ إنْسَانًا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الرَّجُلُ لِلْوَصِيَّةِ بِالْمُحَابَاةِ فَيُقَالُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ: إنَّ فُلَانًا أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ مِنْك نَسَمَةً بِثَمَنِ مِثْلِهَا وَيُحَطَّ عَنْك مِنْ ثَمَنِهَا كَذَا، فَإِنْ رَغِبْت فِي شِرَائِهَا تُبَاعُ مِنْك وَهَذِهِ الْحِيلَةُ مَشْرُوعَةٌ مِمَّا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ مَنْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَقَالَ: ضَعْ ثُلُثَ مَالِي حَيْثُ شِئْت أَوْ حَيْثُ أَحْبَبْت يَجُوزُ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَضَعَ ثُلُثَ مَالِهِ حَيْثُ أَحَبَّ فَهَاهُنَا كَذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ الْمَوْلَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُوصِيَ لَهَا بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ يَقُولُ: بِيعُوهَا مِمَّنْ أَحَبَّتْ وَادْفَعُوا إلَيْهَا مِنْ ثَمَنِهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَصِيَّةً لَهَا فَيَكُونُ هَذَا مِنْ الْمَوْلَى وَصِيَّةً بِشَيْئَيْنِ بِالْبَيْعِ نَسَمَةً وَبِالْمَالِ، فَإِذَا عَيَّنَتْ رَجُلًا وَبِيعَتْ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَأَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي كَانَ لَهَا مِنْ ثَمَنِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْتِقْهَا الْمُشْتَرِي كَانَ الْأَلْفُ وَصِيَّةً لِلْمُشْتَرِي إذْ الْوَصِيَّةُ لِلْمَمْلُوكِ وَصِيَّةٌ لِلْمَالِكِ (رَجُلٌ) لَهُ مَمْلُوكٌ أَرَادَ أَنْ يُدَبِّرَهُ عَلَى وَجْهٍ يُعْتَقُ بِمَوْتِهِ وَيَكُونُ لَهُ بَيْعَةٌ مَتَى شَاءَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُدَبِّرَهُ تَدْبِيرًا مُقَيَّدًا بَعْدَ مَوْتِهِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ حَالَ حَيَاتِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ صَاحِبُ الْكِتَابِ تَفْسِيرَ التَّقْيِيدِ فِي التَّدْبِيرِ فَقَالَ كَقَوْلِ الْمَوْلَى: إنْ مِتَّ وَأَنْتَ فِي مِلْكِي فَأَنْتَ حُرٌّ، وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ يَقُولُ: لَيْسَ هَذَا التَّدْبِيرُ مُقَيَّدًا بَلْ هَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ؛ لِأَنَّ تَفْسِيرَ الْمُدَبَّرِ أَنْ يُعْتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا مَاتَ الْمُدَبَّرُ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ هُنَا إلَّا هَذَا اللَّفْظُ فَلَا يَكُونُ مُدَبَّرًا مُقَيَّدًا وَلَكِنَّ التَّدْبِيرَ الْمُقَيَّدَ أَنْ يُقَدِّمَ الْعِتْقَ عَلَى الْمَوْتِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ يُؤَخِّرَهُ عَنْ الْمَوْتِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ يُقَيِّدَ الْعِتْقَ بِالْمَوْتِ فِي سَفَرٍ بِعَيْنِهِ أَوْ مَرَضٍ بِعَيْنِهِ غَيْرَ أَنَّ الْعِتْقَ إذَا أُضِيفَ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِزَمَانٍ لَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ إلَّا بِإِعْتَاقِ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَارِثِ. (عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ) دَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا صَارَ كُلُّهُ مُدَبَّرًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَامَّةِ فُقَهَائِنَا وَضَمِنَ الْمُدَبَّرُ قِيمَةَ حِصَّةِ صَاحِبِهِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُدَبَّرًا لَهُمَا وَلَا يَضْمَنُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُوَكِّلَ الْمَوْلَيَانِ رَجُلًا يُدَبِّرُ عَنْهُمَا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَقُولَ الْوَكِيلُ لِلْعَبْدِ: جَعَلْت نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَوْلَيَيْك مُدَبَّرًا عَنْهُ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَصِيرُ مُدَبَّرًا بَيْنَهُمَا أَوْ يَقُولَ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا يَصِيرُ مُدَبَّرًا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ بِحَرْفِ الْجَمْعِ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِلَفْظِ الْجَمْعِ بِأَنْ قَالَ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَنْهُمَا لَا شَكَّ أَنَّهُ يَصِيرُ مُدَبَّرًا عَنْهُمَا كَذَا هُنَا فَقَدْ أَمَرَهُمَا بِالتَّوْكِيلِ وَلَمْ يَقُلْ يُدَبِّرَانِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُمَا بِذَلِكَ رُبَّمَا يَسْبِقُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَيَصِيرُ كُلُّهُ مُدَبَّرًا لِلْأَوَّلِ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُهُمَا، ثُمَّ قَالَ: يُوَكِّلَانِ رَجُلًا، وَلَمْ يَقُلْ: يُوَكِّلُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَقَالَ الْوَكِيلُ لِلْعَبْدِ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَنِّي وَعَنْ فُلَانٍ يَصِيرُ كُلُّهُ مُدَبَّرًا عَنْ الْمُدَبِّرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ دَبَّرَ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ وَالْمِلْكِ جَمِيعًا وَمِنْ مَذْهَبِهِمَا أَنَّ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ وَالْوَكِيلِ إذَا اجْتَمَعَا وَخَرَجَا مَعًا يُعْتَبَرُ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ سَابِقًا وَإِذَا اُعْتُبِرَ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ سَابِقًا يَصِيرُ الْعَبْدُ كُلُّهُ مُدَبَّرًا لِلْمُدَبِّرِ

فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُهُمَا. (وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَقُولَ الَّذِي يُرِيدُ التَّدْبِيرَ إنْ مِتَّ وَنَصِيبِي مِنْ الْعَبْدِ فِي مِلْكِي فَهُوَ حُرٌّ فَيَجُوزُ وَلَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ هَذَا مُدَبَّرًا مُقَيَّدًا وَفِي التَّدْبِيرِ الْمُقَيَّدِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ (فَإِنْ) أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُعْتِقَ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا فَالْحِيلَةُ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ أَنَّ بَائِعَهُ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ فَيُعْتِقُ نَصِيبَهُ عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَدْ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَيُعْتَقُ الْعَبْدُ وَلَمْ يَضْمَنْ لِشَرِيكِهِ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ لَهُمَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا عِنْدَهُمَا إنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا يَسْعَى فِي نَصِيبِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ خَاصَّةً. (وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يُوَكِّلَ الْمُرِيدُ لِلْعِتْقِ شَرِيكَهُ بِإِعْتَاقِ نَصِيبِ الْمُرِيدِ لِلْعِتْقِ، فَإِذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ وَأَعْتَقَ لَا يَضْمَنُ لَهُ الْمُوَكِّلُ شَيْئًا (وَأُخْرَى) أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ مِنْ مُعْسِرٍ فَيُعْتِقُهُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَضْمَنُ هُوَ لِعِسَارِهِ وَلَا الْبَائِعُ مِنْهُ. (رَجُلٌ) لَهُ جَارِيَةٌ طَلَبَتْ مِنْ الْمَوْلَى أَنْ يَعْتِقَهَا وَيَتَزَوَّجَهَا فَكَرِهَ الْمَوْلَى ذَلِكَ وَأَرَادَ أَنْ يُطَيِّبَ نَفْسَهَا مَا الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: الْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهَا مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ سِرًّا مِنْهَا أَوْ يَهَبَهَا لَهُ وَيَقْبِضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ، ثُمَّ يَعْتِقَهَا بِحَضْرَةِ شُهُودِ الْبَيْعِ وَيَتَزَوَّجَهَا بِحَضْرَتِهِمْ، ثُمَّ يَقُولُ لِلَّذِي بَاعَهَا مِنْهُ: أَقِلْنِي الْبَيْعَ فِيهَا، فَإِذَا أَقَالَ الْبَيْعَ فِيهَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَتَرْجِعُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَا تَعْلَمُ الْجَارِيَةُ مِنْ هَذَا فَتَطِيبُ نَفْسُ الْجَارِيَةِ وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ غَيْرَ أَنَّ فِي هَذَا نَوْعَ غُرُورٍ فَإِنَّهُ يُعَامِلُهَا مُعَامَلَةَ الْإِمَاءِ وَلَكِنَّهُ يُعَامِلُهَا مُعَامَلَةَ الْحَرَائِرِ فَيَكُونُ فِيهِ نَوْعُ تَلْبِيسٍ وَتَدْلِيسٍ وَغُرُورٍ، ثُمَّ إنَّهُ ذَكَرَ فِي الْحِيلَةِ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ وَالْبَيْعُ أَحَبُّ وَأَيْسَرُ إذْ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (عَبْدٌ) بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ صَارَ الْكُلُّ مُكَاتَبًا عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَلِشَرِيكِهِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْكِتَابَةَ فِي كُلِّ الْعَبْدِ وَأَبْطَلَهَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُكَاتَبُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُكَاتَبًا عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا فِي فَصْلِ التَّدْبِيرِ أَنْ يُوَكِّلَا رَجُلًا بِأَنْ يُكَاتِبَ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَقُولُ الْوَكِيلُ لِلْعَبْدِ: كَاتَبْتُك عَنْ الْمَوْلَيَيْنِ جَمِيعًا عَلَى كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا قَبِلَ الْعَبْدُ صَارَ مُكَاتَبًا لِلْمَوْلَيَيْنِ جَمِيعًا وَلَا يَضْمَنُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ عِنْدَهُمَا وَلَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ شَيْئًا شَارَكَهُ الْآخَرُ فِيمَا قَبَضَ سَوَاءٌ كَانَ بَدَلُ الْكِتَابَةِ عَنْ الْمَوْلَيَيْنِ جَمِيعًا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، ثُمَّ الْحِيلَةُ لَهُمَا حَتَّى يَكُونَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُكَاتَبًا لَهُ وَلَا يُشَارِكُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا قَبَضَ مِنْ الْمُكَاتَبِ أَنْ يُوَكِّلَا رَجُلًا يُكَاتِبُ هَذَا الْعَبْدَ وَيُفَصِّلُ الْوَكِيلُ الْكِتَابَةَ تَفْصِيلًا فِي نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُخَالِفُهُ فِي التَّسْمِيَةِ أَوْ يُوَافِقُهُ فِيهَا فَيَقُولُ الْوَكِيلُ لِلْعَبْدِ: كَاتَبْتُكَ عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَصِيبُ فُلَانٍ بِأَلْفٍ وَنَصِيبُ فُلَانٍ الْآخَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ فَيَقُولُ الْعَبْدُ قَبِلْت ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ يَقُولُ كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا نَصِيبُ فُلَانٍ بِأَلْفٍ وَنَصِيبُ فُلَانٍ الْآخَرِ بِخَمْسِينَ دِينَارًا فَيَقُولُ الْعَبْدُ قَبِلْت ذَلِكَ كُلَّهُ إذَا فَعَلَ الْوَكِيلُ هَذَا فَقَدْ اسْتَوْثَقَ وَلَا يَضْمَنُ أَحَدُهُمَا شَيْئًا لِصَاحِبِهِ وَمَا قَبَضَهُ أَحَدُهُمَا لَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ وَيَصِيرُ كَمَا لَوْ فَرَّقَ عَقْدَ الْكِتَابَةِ فِي انْتِفَاءِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَقْبُوضِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ أَرَادَ أَنْ يَعْتِقَهُ الْمَوْلَى وَالْمَوْلَى مَرِيضٌ فَلَمْ يَأْمَنْ الْمَوْلَى أَنْ يُنْكِرَ وَارِثُهُ تَرِكَتَهُ فَيَأْخُذُ الْعَبْدَ بِالسِّعَايَةِ وَلَهُ مَالٌ يُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ ثُلُثِهِ قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَهُ

الفصل الحادي عشر في الوقف

نَفْسَهُ بِمَالٍ وَيَقْبِضَ الْمَالَ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ فَيُعْتَقُ الْعَبْدُ بِشِرَاءِ نَفْسِهِ وَيَبْرَأُ بِقَبْضِ الْمَوْلَى ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرَطَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَكُونَ قَبْضُ الْمَوْلَى الْبَدَلَ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى هَذَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ حَتَّى لَا يَصِحَّ إقْرَارٌ بِاسْتِيفَاءِ مَا وَجَبَ لَهُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ وَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ. (أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ) إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ فِي الْمَرَضِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ وَعَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ بِخِلَافِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ تَسْلَمُ لِلْمُكَاتَبِ رَقَبَتُهُ بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى بِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَالْإِقْرَارُ وُجِدَ الْآنَ فَجَازَ أَنْ يُعْتَبَرَ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ فِي الْحَالِ فَأَمَّا فِي الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ فَرَقَبَةُ الْعَبْدِ، إنَّمَا تَسْلَمُ لَهُ بِقَبُولِ بَدَلِ الْعِتْقِ بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى بِالِاسْتِيفَاءِ فَكَانَ نَظِيرَ الثَّمَنِ فِي بَابِ الْبَيْعِ فَيَصِيرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ الْمَوْلَى إذَا أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْضُرَ الِاسْتِيفَاءَ شُهُودٌ لَكِنَّ الْخَصَّافَ زَادَ فِي التَّوْثِيقِ وَالِاحْتِيَاطِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مَالٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَوْلَى إلَيْهِ مَالًا فِي السِّرِّ وَيَكْتُمَ ذَلِكَ عَنْ الْوَرَثَةِ، ثُمَّ يَدْفَعَ الْعَبْدُ ذَلِكَ الْمَالَ إلَى الْمَوْلَى بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ فَيُعْتَقُ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ سَبِيلٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ أَنَّ الْمَوْلَى أَعْطَاهُ شَيْئًا وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي حِيَلِ الْأَصْلِ وَقَالَ: الْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ الْمَوْلَى هَذَا الْعَبْدَ مِمَّنْ يَثِقُ وَيَقْبِضُ الثَّمَنَ مِنْهُ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ فَيُعْتِقُهُ الْمُشْتَرِي فَيَصِحُّ إعْتَاقُهُ، ثُمَّ الْمَرِيضُ يَهَبُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي سِرًّا فَلَا يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ سَبِيلٌ لَا عَلَى الْعَبْدِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْوَقْفِ] (الْفَصْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْوَقْفِ) رَجُلٌ لَا وَارِثَ لَهُ وَلَهُ عَقَارَاتٌ أَرَادَ أَنْ يُوقِفَهَا عَلَى أَقْوَامٍ يَأْخُذُونَ غَلَّتَهَا فَالْحِيلَةُ لَهُ أَنْ يُقِرَّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ النَّاسِ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَقَفَ هَذِهِ الضَّيَاعَ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَقْفًا صَحِيحًا وَيَذْكُرُ فِيهِ شَرَائِطَ الْوَقْفِ وَهَذِهِ حِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْإِنْسَانِ فِيمَا فِي يَدِهِ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ وَأَرَادَ أَنْ يُوقِفَ جَمِيعَ عَقَارَاتِهِ يُقِرُّ بِالْوَقْفِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا وَيُقِرُّ أَيْضًا أَنَّهُ يَتَوَلَّى أَمْرَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ لِهَذِهِ الضَّيْعَةِ وَجَعَلَهَا وَقْفًا فِي يَدِهِ عَلَى هَذَا السَّبِيلِ الَّذِي وَصَفْنَا، فَإِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِوَارِثِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ لِوَارِثِهِ مَا كَانَ مِلْكًا لَهُ يَوْمَ الْمَوْتِ وَهُنَا قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُ وَقْتَ الْمَوْتِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ غَلَّةَ دَارِهِ صَدَقَةً وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا وَخَافَ أَنْ يُبْطِلَهُ قَاضٍ وَطَلَبَ لِذَلِكَ حِيلَةً، فَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى لَا يُجَوِّزُ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدٌ غَلَّةَ دَارِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ يُجَوِّزُونَهَا، فَإِذَا طَلَبَ لِذَلِكَ حِيلَةً كَيْ لَا يُبْطِلَهُ قَاضٍ يَرَى مَذْهَبَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى. فَالْحِيلَةُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ غَلَّةَ دَارِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ حَالَ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ وَيَذْكُرَ فِي الْكِتَابِ، فَإِنْ رَدَّ ذَلِكَ سُلْطَانٌ أَوْ قَاضٍ تُبَاعُ الدَّارُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَيَقَعُ الْأَمْنُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَمْ يَقُلْ بِعَدَمِ جَوَازِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ أَوْ ضَيَاعَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ حَالَ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ وَخَافَ أَنْ يُرْفَعَ إلَى قَاضٍ يَرَى مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُبْطِلُ هَذِهِ الصَّدَقَةَ وَهَذَا الْوَقْفَ وَطَلَبَ لِذَلِكَ حِيلَةً فَاعْلَمْ بِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا بِطَرِيقِ

الفصل الثاني عشر في الشركة

الْوَصِيَّةِ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَحْفُوظُنَا أَنَّ الْوَقْفَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَحِيحٌ إذَا كَانَ مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ كَانَ مُوصًى بِهِ وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَدْفَعَ الْوَاقِفُ مَا وَقَفَهُ إلَى رَجُلٍ وَيَجْعَلَهُ قَيِّمًا لِهَذَا الْوَقْفِ، ثُمَّ إنَّ الْوَاقِفَ يَمْتَنِعُ عَنْ صَرْفِ الْغَلَّةِ إلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ يَبِيعُ الْوَاقِفُ هَذَا الْوَقْفَ مِنْ إنْسَانٍ وَيُسَلِّمُهُ إلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إنَّ الْمُتَوَلِّيَ يُخَاصِمُ الْمُشْتَرِيَ فِي فَصْلِ الْبَيْعِ وَيُخَاصِمُ الْوَاقِفَ فِي فَصْلِ امْتِنَاعِهِ عَنْ صَرْفِ الْغَلَّةِ إلَى الْمَسَاكِينِ وَيُقَدِّمُهُ إلَى قَاضٍ يَرَى صِحَّةَ الْوَقْفِ فَيَقْضِي الْقَاضِي بِصِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ وَيَصِحُّ الْقَضَاءُ لِوُجُودِ الدَّعْوَى مِنْ الْمُدَّعِي وَالْخُصُومَةِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ إبْطَالُهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ صَادَفَ مَحِلًّا مُجْتَهَدًا فِيهِ فَنَفَذَ وَصَارَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ لَهُ مَالٌ مِنْ وَقْفٍ أُوقِفَ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَلَزِمَهُ دَيْنٌ فَأَرَادَ أَنْ يُوَكِّلَ غَرِيمَهُ بِقَبْضِ مَا يَصِيرُ لَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ قَضَاءً مِنْ دَيْنِهِ فَقَالَ الْغَرِيمُ: لَسْت آمَنُ مِنْ أَنْ تُخْرِجَنِي مِنْ الْوَكَالَةِ فَأُرِيدُ أَنْ تُوَكِّلَنِي وَكَالَةً لَا تَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِي مِنْهَا حَتَّى أَسْتَوْفِيَ مَا لِي عَلَيْك فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنَّ الْوَاقِفَ كَانَ شَرَطَ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ أَنْ يُنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ مِنْ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَكَذَا مَا دَامَ حَيًّا، وَأَنْ يُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ يُبْدَأُ بِذَلِكَ، ثُمَّ بَاقِي الْغَلَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَنْ وُقِفَ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ كَانَ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ يُسَمِّي غَرِيمَهُ عَلَى فُلَانٍ الْوَاقِفِ مِنْ الدَّيْنِ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا صَحِيحًا وَقَدْ كُنْت ضَمِنْت لَهُ جَمِيعَ ذَلِكَ الْمَالِ عَنْهُ ضَمَانًا صَحِيحًا جَائِزًا بَاتًّا، وَأَنَّ الْوَاقِفَ جَعَلَ وِلَايَةَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ إلَى فُلَانٍ يَعْنِي صَاحِبَ الدَّيْنِ فِي حَيَاتِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ غَلَّتِهِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَكْتُبُ أَيْضًا إنِّي قَدْ جَعَلْته وَكِيلًا فِي قَبْضِ نَصِيبِي مِنْ غَلَّةِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا ضَمِنْت لَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَنْ الْوَاقِفِ. فَإِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْرَاجُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْحِيلَةِ نَوْعُ اشْتِبَاهٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يُبْدَأَ بِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ وَقَضَاءِ دُيُونِهِ فَيَكُونُ هَذَا اسْتِثْنَاءَ بَعْضِ الْوَقْفِ لِنَفْسِهِ وَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَائِزٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ أَقَرَّ هَذَا الْمَدْيُونُ أَنَّ قَاضِيًا قَضَى بِجَوَازِهِ فَيَصِيرُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ فِي هَذِهِ الْحِيلَةِ، وَأَنَّهُ وَجَبَ لِفُلَانٍ يُسَمِّي غَرِيمَهُ عَلَى هَذَا الْوَاقِفِ كَذَا فَيَصِحُّ هَذَا الْإِقْرَارُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ بِتَقْدِيمِ حَقِّ الْغَيْرِ فَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ كَالْوَارِثِ إذَا أَقَرَّ عَلَى مُوَرِّثِهِ بِدَيْنٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ هَذَا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِتَقْدِيمِ حَقِّ غَيْرِهِ فَصَاحِبُ الدَّيْنِ يُقَدَّمُ عَلَى الْوَارِثِ فَكَذَا هَاهُنَا، ثُمَّ قَالَ: وَيَكْتُبُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ: إنِّي قَدْ كُنْت ضَمِنْت جَمِيعَ ذَلِكَ ضَمَانًا صَحِيحًا وَفِيهِ نَوْعُ شُبْهَةٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ، إنَّمَا يَصِحُّ إذَا مَاتَ الْوَاقِفُ مَلِيًّا أَمَّا إذَا مَاتَ مُفْلِسًا لَا يَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحِقَ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ حَتَّى يَصِيرَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ هَذَا إنَّ الْوَاقِفَ جَعَلَ وِلَايَةَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ إلَى فُلَانٍ الْغَرِيمِ وَجَعَلَ هَذِهِ الضَّيْعَةَ فِي يَدَيْهِ يَقْبِضُ غَلَّتَهَا وَيَصِحُّ هَذَا الْإِقْرَارُ مِنْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِتَقْدِيمِ حَقِّ غَيْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَيَصِحُّ، ثُمَّ يَكْتُبُ إذَا اسْتَوْفَى فُلَانٌ الْغَرِيمُ هَذَا الدَّيْنَ لَا يَدَ لَهُ عَلَى الضَّيْعَةِ حَتَّى لَا يَدَّعِيَ الِاسْتِحْقَاقَ لِنَفْسِهِ بِكَوْنِهَا فِي يَدِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الشَّرِكَةِ] (الْفَصْلُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الشَّرِكَةِ) رَجُلَانِ أَرَادَا أَنْ يَشْتَرِكَا وَمَعَ أَحَدِهِمَا مِائَةُ دِينَارٍ وَمَعَ الْآخَرِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَالشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ لَا يَخْتَلِطُ بِالْآخَرِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَاطَ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ فِي كِتَابِ

الفصل الثالث عشر في البيع والشراء

الشَّرِكَةِ، فَإِنْ ضَاعَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ بَعْدَ الشَّرِكَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ يَهْلِكُ مِنْ صَاحِبِهِ وَهَذَا مَعْرُوفٌ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ مَا ضَاعَ مِنْ أَحَدِ الْمَالَيْنِ قَبْلَ الشِّرَاءِ يَكُونُ عَلَيْهِمَا مَا الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ صَاحِبُ الدَّنَانِيرِ نِصْفَ دَنَانِيرِهِ مِنْ صَاحِبِ الدَّرَاهِمِ بِنِصْفِ دَرَاهِمِهِ فَيَصِيرُ الْمَالَانِ مُشْتَرَكَيْنِ بَيْنَهُمَا. ثُمَّ يَتَعَاقَدَانِ عَقْدَ الشَّرِكَةِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَا يُرِيدَانِ. وَلَوْ كَانَ مَعَ أَحَدِهِمَا مَتَاعٌ وَمَعَ الْآخَرِ مَالٌ وَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي ذَلِكَ كَانَتْ هَذِهِ الشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ وَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ بِنِصْفِ الْمَالِ فَيَصِيرُ الْمَالُ وَالْمَتَاعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، ثُمَّ يَتَعَاقَدَانِ عَقْدَ الشَّرِكَةِ عَلَى مَا يُرِيدَانِ وَهَذِهِ حِيلَةٌ وَاضِحَةٌ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ فِي شَرِكَةِ الْأَصْلِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلُ الْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، ثُمَّ يَتَعَاقَدَانِ عَقْدَ الشَّرِكَةِ عَلَى مَا يُرِيدَانِ يَسْتَقِيمُ فِي حَقِّ النَّقْدِ فَإِنَّ التَّفَاضُلَ فِي الرِّبْحِ فِي النَّقْدِ يَجُوزُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عُرُوضًا لَا يَجُوزُ شَرْطُ التَّفَاضُلِ فِي الرِّبْحِ وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْخَصَّافَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرَادَ بِمَا قَالَ فِي حِصَّةِ النَّقْدِ دُونَ الْمَتَاعِ. وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَتَاعٌ فَأَرَادَا الشَّرِكَةَ قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَتَاعِهِ بِنِصْفِ مَتَاعِ صَاحِبِهِ، ثُمَّ يَتَعَاقَدَانِ عَقْدَ الشَّرِكَةِ عَلَى مَا يُرِيدَانِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ مَتَاعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِثْلَ قِيمَةِ مَتَاعِ صَاحِبِهِ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ مَتَاعِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَتَاعِ أَحَدِهِمَا أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَقِيمَةُ الْآخَرِ أَلْفٌ فَإِنَّ صَاحِبَ الْأَقَلِّ يَبِيعُ مِنْ مَتَاعِهِ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ بِخُمُسِ مَتَاعِ صَاحِبِهِ فَيَصِيرُ الْمَتَاعُ كُلُّهُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا رَجُلَانِ مَعَ أَحَدِهِمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمَعَ الْآخَرِ أَلْفَا دِرْهَمٍ، فَإِنْ أَرَادَا أَنْ يَشْتَرِكَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْوَضِيعَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَضِيعَةَ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقْرِضَ صَاحِبُ الْأَلْفَيْنِ نِصْفَ الْأَلْفِ الزَّائِدَةِ صَاحِبَهُ حَتَّى يَصِيرَ رَأْسُ مَالِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْوَضِيعَةِ عَلَيْهِمَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعَ أَحَدِهِمَا مَالٌ وَلَا مَالَ مَعَ الْآخَرِ فَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَا بِمَالِ صَاحِبِ الْمَالِ لَا يَجُوزُ وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقْرِضَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْضَ مَالِهِ صَاحِبَهُ حَتَّى يَجُوزَ. (أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا أَرَادَ نَقْضَ الشَّرِكَةِ حَالَ غَيْبَةِ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ) قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبْعَثَ الْحَاضِرُ إلَى الْغَائِبِ رَسُولًا أَوْ كِتَابًا حَتَّى يُخْبِرَهُ بِنَقْضِ الشَّرِكَةِ أَوْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا حَتَّى يَذْهَبَ إلَى الشَّرِيكِ لِيُنَاقِضَهُ الشَّرِكَةَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذِهِ الْحِيلَةُ فِي كُلِّ عَقْدٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اللُّزُومُ نَحْوُ عَزْلِ الْوَكِيلِ وَالْحَجْرِ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَفَسْخِ الْمُضَارَبَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاء] (الْفَصْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) رَجُلٌ لَهُ دَارٌ أَوْ ضَيْعَةٌ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ رَجُلٍ وَلَيْسَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي فَأَرَادَ حِيلَةً عَلَى أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ تَسْلِيمُهَا إلَى الْمُشْتَرِي سَلَّمَهَا إلَيْهِ وَإِلَّا رَدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الْبَائِعُ بِأَنْ يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ لَا مَحَالَةَ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ هَذِهِ الضَّيْعَةَ وَهِيَ فِي يَدَيْ ظَالِمٍ مُقِرٍّ بِالْغَصْبِ غَصَبَهُ إيَّاهَا وَإِنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِهِ يَوْمَ بَاعَهَا مِنْهُ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ، ثُمَّ يَكْتُبُ كِتَابَ الشِّرَاءِ وَلَا يَكْتُبُ فِيهِ قَبْضَ الضَّيْعَةِ

وَيَكْتُبُ فِيهِ إقْرَارَ الْبَائِعِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِ الضَّيْعَةِ وَإِلَّا رَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي، هَذَا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا فَأَمَّا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ جَاحِدًا ذَكَرَ ثَمَّةَ أَيْضًا أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ وَقَاسَهُ عَلَى بَيْعِ الْآبِقِ، ثُمَّ قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَعْلِيمِ هَذِهِ الْحِيلَةِ يُقِرُّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الضَّيْعَةَ الْمَبِيعَةَ فِي يَدَيْ غَاصِبٍ مُقِرٍّ بِالْغَصْبِ وَذَلِكَ الْمُشْتَرِي لَوْ لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ رُبَّمَا طَالَبَ الْبَائِعَ بِتَسْلِيمِ الضَّيْعَةِ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ حَبْسَهُ فَالْقَاضِي يَحْبِسُهُ وَإِذَا عَرَفَ الْقَاضِي إقْرَارَ الْمُشْتَرِي مَغْصُوبًا لَا يَحْبِسُهُ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ الرِّضَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِتَأْخِيرِ الْقَبْضِ إلَى وَقْتِ الْإِمْكَانِ، ثُمَّ قَالَ: وَيَشْهَدُ عَلَيْهِ الْبَائِعُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ لِيُمْكِنَهُ إثْبَاتُ الْإِقْرَارِ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (رَجُلٌ) أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ رَجُلٍ دَارًا وَلَمْ يَأْمَنْ الْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ قَدْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِضِعْفِ الثَّمَنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ حَلَالًا لَهُ مَا الْحِيلَةُ فِيهِ؟ قَالَ: يَبِيعُ الْمُشْتَرِي مِنْ بَائِعِ الدَّارِ ثَوْبًا بِمِائَةِ دِينَارٍ مَثَلًا، ثُمَّ يَشْتَرِي مِنْهُ الدَّارَ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَيَدْفَعُهَا إلَيْهِ وَبِالْمِائَةِ الدِّينَارِ الَّتِي هِيَ ثَمَنُ الثَّوْبِ فَيَصِيرُ ثَمَنُ الدَّارِ مِائَتَيْ دِينَارٍ إنْ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ حَلَالًا. (وَجْهٌ آخَرُ) أَنَّ مُشْتَرِيَ الدَّارِ يَبِيعُ ثَوْبًا لَهُ يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ رَبِّ الدَّارِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَيَدْفَعُ الثَّوْبَ إلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ مُشْتَرِيَ الدَّارِ يَشْتَرِي مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ دَارِهِ وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَيَقْبِضُ الدَّارَ، ثُمَّ يَتَقَاصَّانِ الثَّمَنَ بِمَا وَجَبَ لَهُ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ، فَإِذَا فَعَلَا ذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ يَسْتَحِقُّ الدَّارَ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّ مُشْتَرِيَ الدَّارِ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الدَّارِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَذَلِكَ ضِعْفُ مَا حَصَّلَ لَهُ الدَّارَ بِهِ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي حِيَلِ الْأَصْلِ وَقَالَ: الْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي مِنْ بَائِعِ الدَّارِ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ ثَوْبًا قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَقْبِضُ بَائِعُ الدَّارِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبِيعُ بَائِعُ الدَّارِ الثَّوْبَ مِنْ مُشْتَرِي الدَّارِ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِضِعْفِ مَا أَعْطَى فَإِنَّهُ أَعْطَى لِلْبَائِعِ فِي الْحَاصِلِ خَمْسَمِائَةٍ، ثُمَّ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ حَلَالًا لَهُ. (رَجُلٌ) أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ دَارًا لَهُ وَجَارِيَةً أَوْ شَيْئًا آخَرَ وَيُرِيدُ أَنْ يَبْرَأَ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ إلَّا عَنْ سَرِقَةٍ أَوْ جِزْيَةٍ فَلَمْ يَأْمَنْ الْبَائِعُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي وَيَقُولُ: لَمْ تُسَمِّ عَيْبًا وَلَمْ تَضَعْ يَدَك عَلَيْهَا وَيَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى قَاضٍ لَا يَرَى الْبَرَاءَةَ عَنْ الْعُيُوبِ إلَّا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْبَرَاءَةِ وَيُسَمِّيَهَا مَا الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ مَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ وَيَبْرَأُ عَنْ عَيْبِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَبْرَأُ عَنْ الْعُيُوبِ كُلِّهَا، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْعُيُوبَ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُسَمِّ الْعُيُوبَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَعَ تَسْمِيَةِ الْعُيُوبِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَوْضِعِ الْعَيْبِ وَيَقُولُ: أَتَبَرَّأُ عَنْ الْعَيْبِ الَّذِي سَمَّيْت وَوَضَعْت يَدِي عَلَيْهِ. أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. ثُمَّ إذَا لَمْ يُسَمِّ الْعُيُوبَ وَلَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى مَحِلِّ الْعُيُوبِ لِمَا أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَسَامِيَ الْعُيُوبِ أَوْ لَا يَعْرِفُ جَمِيعَ الْعُيُوبِ الَّتِي بِالْمَبِيعِ حَتَّى يُسَمِّيَهَا وَيَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَحِلِّهَا وَخَافَ أَنْ يُرْفَعَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ لَا يَرَى الْبَرَاءَةَ عَنْ الْعُيُوبِ بِدُونِ التَّسْمِيَةِ وَبِدُونِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مَحِلِّ الْعَيْبِ صَحِيحَةً وَطَلَبَ الْحِيلَةَ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ صَاحِبُ

مسائل الاستبراء

الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ رَجُلًا غَرِيبًا لَا يَعْرِفُ حَتَّى يَبِيعَ تِلْكَ الْعَيْنِ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْعَيْنِ ضَامِنٌ لِلْمُشْتَرِي مَا أَدْرَكَ فِي ذَلِكَ مِنْ دَرْكٍ وَمِنْ سَرِقَةٍ وَمِنْ جِزْيَةٍ وَيَخْرُجُ الْغَرِيبُ حَيْثُ شَاءَ فَيَحْصُلُ التَّوْثِيقُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا وَجَدَ عَيْبًا سِوَى السَّرِقَةِ وَالْجِزْيَةِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُخَاصِمَ صَاحِبَ الْعَيْنِ فِي الرَّدِّ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ وَمَوْلَى ذَلِكَ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَالْعَاقِدُ غَرِيبٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حِيَلِ الْأَصْلِ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ، وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَقَالَ: الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعُ رَجُلًا غَرِيبًا يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ مِنْ الْبَائِعِ، ثُمَّ يَبِيعُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّ مَوْلَى الْجَارِيَةِ ضَامِنٌ لِمَا أَدْرَكَ الْمُشْتَرِيَ فِيهَا مِنْ دَرْكٍ مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ جِزْيَةٍ خَاصَّةٍ وَيَغِيبُ الْغَرِيبُ، فَإِذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهَا عَيْبًا آخَرَ سِوَى هَذَيْنِ الْعَيْبَيْنِ لَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ غَائِبٌ وَلَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْهُ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُ الْبَائِعِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْثَقُ لِمَوْلَى الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ تَرْجِعُ إلَى الْوَكِيلِ عِنْدَنَا إلَّا أَنَّ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ تَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَرُبَّمَا يَرْفَعُ الْمُشْتَرِي الْأَمْرَ إلَى قَاضٍ يَرَى الرَّدَّ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ مَوْلَى الْجَارِيَةِ رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الْجَارِيَةَ نَسَمَةً وَخَافَ الْبَائِعُ أَنْ لَا يُعْتِقَهَا الْمُشْتَرِي، وَلَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَسَدَ الْبَيْعُ كَيْفَ الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: يَقُولُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: أَشْهِدْ عَلَى نَفْسِك بِأَنَّك إنْ اشْتَرَيْتهَا فَهِيَ حُرَّةٌ، فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ وَيَجُوزُ هَذَا؛ لِأَنَّ إضَافَةَ الْعِتْقِ إلَى الشِّرَاءِ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا، فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: إنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَعْتِقَهَا فِي حَيَاتِي وَأَحْتَاجُ إلَى خِدْمَتِهَا وَلَكِنِّي لَا أَبِيعُهَا فَأَرَادَ الْبَائِعُ الثِّقَةَ فِي ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي: إنْ اشْتَرَيْتهَا فَهِيَ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ يَقُولَ: إنْ اشْتَرَيْتهَا فَهِيَ مُدَبَّرَةٌ، فَإِذَا اشْتَرَاهَا تَصِيرُ مُدَبَّرَةً فَيَسْتَخْدِمُهَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَلَا يَبِيعُهَا؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَيَحْصُلُ مَقْصُودُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي. (رَجُلٌ) غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ ضَيْعَةً وَأَبَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ وَقَالَ بِعْنِيهَا وَهُوَ يُقِرُّ بِهِ فِي السِّرِّ وَيَجْحَدُ فِي الْعَلَانِيَةِ فَأَرَادَ حِيلَةً يَتَخَلَّصُ بِهَا ضَيْعَتَهُ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الضَّيْعَةَ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ سِرًّا وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَبِيعَهَا مِنْ الْغَاصِبِ وَيَجْعَلَ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ مُدَّةً لَا يَشْتَبِهُ التَّارِيخُ عَلَى الشُّهُودِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ يَجِيءُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَيُقِيمُ بَيِّنَةَ أَنَّ شِرَاءَهُ كَانَ أَسْبَقَ فَيَأْخُذُ مِنْ الْغَاصِبِ وَفِي شِرَاءِ الْمَغْصُوبِ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ جَاحِدًا اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ يَجُوزُ فَتَكُونُ هَذِهِ حِيلَةً عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [مَسَائِلُ الِاسْتِبْرَاءِ] (مَسَائِلُ الِاسْتِبْرَاءِ) وَلَا بَأْسَ بِالِاحْتِيَالِ فِي إسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمَأْخُوذُ بِهِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يُقِرَّ بِهَا فِي طُهْرِهَا ذَلِكَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا إذْ أَقَرَّ بِهَا وَالْحِيلَةُ فِيهِ إذَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَ الْمُشْتَرِي حُرَّةٌ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا وَلَوْ كَانَتْ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا وَيَقْبِضَهَا أَوْ يَقْبِضَهَا، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ عِنْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ الْمُؤَكَّدِ بِالْقَبْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ فَرْجُهَا حَلَالًا لَهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ، وَإِنْ حَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوَانُ وُجُودِ السَّبَبِ كَمَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةَ الْغَيْرِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ (رَجُلٌ) اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً فَأَرَادَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ الِاسْتِبْرَاءُ مَا الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ الْخَصَّافُ: الْحِيلَةُ أَنْ

يُزَوِّجَهَا الْبَائِعُ مِنْ رَجُلٍ يَثِقُ بِهِ وَلَيْسَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ، ثُمَّ يَبِيعَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي فَيَقْبِضَهَا الْمُشْتَرِي، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ اسْتِحْدَاثُ مِلْكِ الْوَطْءِ بِاسْتِحْدَاثِ مِلْكِ الْيَمِينِ بِالشِّرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ مِلْكِ الْيَمِينِ وَوَقْتِ الشِّرَاءِ كَانَ بُضْعُهَا حَرَامًا عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَجِبْ الِاسْتِبْرَاءُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَا يَجِبُ بَعْدَهُ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى الَّذِي زَوَّجَهَا اسْتَبْرَأَهَا أَوَّلًا بِحَيْضَةٍ، ثُمَّ زَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَلِكَ يَكُونُ فِي هَذَا اجْتِمَاعُ الرَّجُلَيْنِ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ، وَهَكَذَا الْجَوَابُ فِيمَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ إنْسَانٍ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ، ثُمَّ يُزَوِّجَهَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَوْ كَانَ الْبَائِعُ وَطِئَهَا قَبْلَ التَّزْوِيجِ فَلَا بَأْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَطَأَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ، ثُمَّ إنَّ الْخَصَّافَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي تَعْلِيمِ هَذِهِ الْحِيلَةِ يَقْبِضُهَا الْمُشْتَرِي، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا الزَّوْجُ، وَإِنَّمَا شُرِطَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ قَبَضَ الْمُشْتَرِي يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ لَهُ شَبَهٌ بِالْعَقْدِ وَعَلَيْهِ مَدَارُ الْأَحْكَامِ خُصُوصًا فِيمَا بُنِيَ أَمْرُهُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فَكَذَا إذَا وُجِدَ الْقَبْضُ الَّذِي لَهُ شَبَهٌ بِالْعَقْدِ فَيُشْتَرَطُ الطَّلَاقُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي. لِهَذَا وَفِي بُيُوعِ الْأَصْلِ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً لَهَا زَوْجٌ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ وَفِي حِيَلِ الْأَصْلِ لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَعَلَى رِوَايَةِ الْحِيَلِ اُعْتُبِرَ وَقْتُ الشِّرَاءِ وَوَقْتُ الشِّرَاءِ هِيَ مَشْغُولَةٌ بِحَقِّ الْغَيْرِ وَعَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ اُعْتُبِرَ وَقْتُ الْقَبْضِ وَوَقْتُ الْقَبْضِ هِيَ فَارِغَةٌ عَنْ حَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَإِنَّ أَبَى الْبَائِعُ أَنْ يُزَوِّجَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ مَا الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ الْحِيلَةُ: أَنْ يَشْتَرِيَهَا الْمُشْتَرِي وَيَدْفَعَ الثَّمَنَ وَلَا يَقْبِضَ الْجَارِيَةَ وَلَكِنْ يُزَوِّجُهَا مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ وَلَيْسَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ، ثُمَّ يَقْبِضُهَا بَعْدَ التَّزْوِيجِ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا الزَّوْجُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي الِاسْتِبْرَاءُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ تَأَكَّدَ مِلْكُهُ فِيهَا كَانَ بُضْعُهَا حَرَامًا عَلَيْهِ وَحِينَ صَارَ بُضْعُهَا حَلَالًا لَهُ يَحْدُثُ الْمِلْكُ فِيهَا فَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ إلَّا أَنَّ مَشَايِخَنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي هَذَا الْوَجْهِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ حِينَ اشْتَرَاهَا فَقَدْ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ حُكْمًا لِحُدُوثِ الْمِلْكِ فَلَا يُسْقِطُ ذَلِكَ الِاسْتِبْرَاءَ الْوَاجِبَ بِالتَّزْوِيجِ وَإِذَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَاضَتْ حَيْضَةً بَعْدَ النِّكَاحِ قَبْلَ الطَّلَاقِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَحِينَئِذٍ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ ذَاقَ مَرَارَةَ الِاسْتِبْرَاءِ مَرَّةً، فَإِنْ خَافَ الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا الزَّوْجُ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا فِي طَلَاقِهَا كُلَّمَا شَاءَ مَوْلَاهَا فِي يَدِ الْمَوْلَى إذَا تَزَوَّجَهَا، وَإِذَا زَوَّجَهَا إيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ كَانَ طَلَاقُهَا فِي يَدِ الْمَوْلَى، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ فِي يَدِ الْمَوْلَى كُلَّمَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ كُلَّمَا شَاءَ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَرُبَّمَا لَا يُمْكِنُهُ الْإِيقَاعُ فِي الْمَجْلِسِ فَيَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهِ فَاخْتَارَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لِيُمْكِنَهُ إيقَاعُ الطَّلَاقِ مَتَى شَاءَ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي تَزَوَّجَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِنَفْسِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَقَبَضَهَا لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ؛ لِأَنَّ بِالنِّكَاحِ ثَبَتَ لَهُ عَلَيْهَا الْفِرَاشُ فَإِنَّمَا اشْتَرَاهَا وَهِيَ فِي فِرَاشِهِ وَقِيَامُ الْفِرَاشِ لَهُ عَلَيْهَا دَلِيلُ فَرَاغِ رَحِمِهَا شَرْعًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

الفصل الرابع عشر في الهبة

[الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْهِبَةِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْهِبَةِ) امْرَأَةٌ حَامِلٌ تُرِيدُ أَنْ تَهَبَ الْمَهْرَ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنَّهَا إنْ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا كَانَ الزَّوْجُ بَرِيئًا عَنْ مَهْرِهَا، وَإِنْ عَاشَتْ وَسَلِمَتْ مِنْ نِفَاسِهَا عَادَ الْمَهْرُ عَلَى زَوْجِهَا فَالْحِيلَةُ لَهَا أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْ الزَّوْجِ شَيْئًا قَلِيلَ الْقِيمَةِ بِمَا لَهَا مِنْ الْمَهْرِ وَالْمَرْأَةُ لَا تَنْظُرُ إلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ، فَإِنْ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا فَقَدْ بَرِئَ الزَّوْجُ، وَإِنْ سَلِمَتْ رَدَّتْ الشَّيْءَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَيَعُودُ الْمَهْرُ عَلَى زَوْجِهَا قَالُوا: وَهَكَذَا فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يَغِيبَ وَلَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ بَرِيئًا إنْ لَمْ يَعُدْ، وَإِنْ عَادَ أَخَذَ الْمَالَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مِنْ الْغَرِيمِ شَيْئًا وَيَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ إنْ عَادَ يَرُدُّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَيَعُودُ الدَّيْنُ، وَإِنْ مَاتَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَبَرِئَ الْمَدْيُونُ عَنْ الدَّيْنِ بِشَيْءٍ قَلِيلِ الْقِيمَةِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهَذَا يَسْتَقِيمُ إذَا بَقِيَ الشَّيْءُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ غَيْرُ مُوَقَّتٍ وَبِهِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ مِنْ الْأَصْلِ فَيَعُودُ الْمَهْرُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ إلَّا أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَتَغَيَّبُ عِنْدَهَا أَوْ يَهْلَكُ فَيَتَعَذَّرُ رَدُّهُ فَالسَّبِيلُ أَنْ تَشْتَرِيَ الثَّوْبَ وَتُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الزَّوْجِ كَيْ لَا يَتَعَذَّرَ عَلَيْهَا الرَّدُّ إذَا سَلِمَتْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ. (رَجُلٌ) قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تَهَبِي صَدَاقَكِ مِنِّي الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَاسْتَأْذَنَتْ أَبَاهَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ الْأَبُ: إنْ وَهَبْتِ صَدَاقَكِ فَأُمُّكِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْ زَوْجِهَا ثَوْبًا مَلْفُوفًا فِي شَيْءٍ بِمَهْرِهَا وَتَقْبِضَ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِنْ الزَّوْجِ، فَإِذَا مَضَى ذَلِكَ الْيَوْمُ فَقَدْ مَضَى وَقْتُ الْيَمِينِ وَلَا مَهْرَ لَهَا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَتَسْقُطُ الْيَمِينُ وَلَا يَحْنَثُ الزَّوْجُ بِتَرْكِ الْهِبَةِ، ثُمَّ تَكْشِفُ عَنْ الثَّوْبِ الْمُشْتَرَى فَتَرُدُّهُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَيَعُودُ الْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ وَلَا تَطْلُقُ أُمُّهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا مَا وَهَبَتْ الْمَهْرَ، وَإِنَّمَا اشْتَرَتْ بِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْل الْخَامِسَ عَشَر فِي الرَّجُلِ يطلب مِنْ غَيْرِهِ مُعَامَلَة] (الْفَصْلُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الرَّجُلِ يَطْلُبُ مِنْ غَيْرِهِ مُعَامَلَةً) الرَّجُلُ إذَا طَلَبَ مِنْ غَيْرِهِ مُعَامَلَةً مَثَلًا بِمِقْدَارِ ثَمَانِمِائَةٍ وَأَبَى الْمَطْلُوبُ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِبْحِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَأَرَادَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَتَاعَ بِثَمَانِمِائَةٍ حَالَّةٍ يَدْفَعُهَا إلَى الطَّالِبِ لِيَحْصُلَ فِي يَدِ الطَّالِبِ ثَمَانُمِائَةٍ وَيَكُونُ لِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ عَلَى الطَّالِبِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُهُمَا فَهَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا عُرِفَ، فَإِنْ طَلَبَا فِي ذَلِكَ حِيلَةً فَالْحِيلَةُ أَنْ يُدْخِلَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَتَاعِ نُقْصَانًا يَسِيرًا، ثُمَّ يَبِيعَهُ مِنْ بَائِعِهِ بِثَمَانِمِائَةٍ فَيَكُونُ نُقْصَانُ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الَّذِي اُحْتُبِسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَيَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْءُ قَلِيلًا؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ الْقَلِيلَ يَجُوزُ أَنْ يُقَابِلَهُ بَدَلٌ كَثِيرٌ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْحِيلَةَ وَهَذَا مِنْهُ نَوْعُ تَوْسِعَةٍ حَيْثُ جَعَلَ بِمُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الْقَلِيلِ الْبَدَلَ الْكَثِيرَ، وَإِنَّمَا فَعَلَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ جَوَازُهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا وُجِدَ أَدْنَى عِلَّةٍ وَهُوَ احْتِبَاسُ جُزْءٍ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بُنِيَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَعُوِّلَ عَلَيْهِ. (حِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَحْتَبِسَ الْمُشْتَرِي بِبَعْضِ الْأَمْتِعَةِ شَيْئًا يَسِيرًا، ثُمَّ يَبِيعَ الْبَاقِيَ مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى فَيَجُوزُ وَيَكُونُ النُّقْصَانُ بِمُقَابَلَةِ مَا اُحْتُبِسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ شَيْئًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَهَبَهُ أَوْ يَحْتَبِسَ بَعْضَهُ نَحْوَ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ جَوْهَرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي الْمَطْلُوبَ مِنْهُ مَعَ الْمَتَاعِ الَّذِي يُرِيدُ بَيْعَهُ شَيْئًا آخَرَ يَسِيرَ الْمِقْدَارِ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ يَحْبِسُ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ وَيَبِيعُ الْمَتَاعَ مِنْ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى وَيَكُونُ نُقْصَانُ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَيَجُوزُ. (حِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَهَبَ الْمُشْتَرِي

الفصل السادس عشر في المداينات

جَمِيعَ مَا اشْتَرَى مِنْ وَلَدِ الْبَائِعِ أَوْ يَهَبَ مِنْ بَعْضِ مَنْ يَثِقُ بِهِ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَقْبِضُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبِيعُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ قَدْ اخْتَلَفَ وَالْمِلْكُ أَيْضًا قَدْ اخْتَلَفَ فَلَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ شِرَاءُ مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْمُدَايَنَاتِ] (الْفَصْلُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْمُدَايَنَاتِ) رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ بِغَيْرِ شُهُودٍ فَأَبَى الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِهِ إلَّا أَنْ يُؤَجِّلَهُ أَوْ قَالَ: صَالِحْنِي مِنْهُ عَلَى الشَّطْرِ وَيُرِيدُ صَاحِبُ الْمَالِ حِيلَةً حَتَّى يُقِرَّ لَهُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ وَلَا صُلْحُهُ فَاعْلَمْ أَنَّ الْمَدْيُونَ إذَا قَالَ لِرَبِّ الدَّيْنِ: لَا أُقِرُّ لَك بِالْمَالِ حَتَّى تُؤَجِّلَنِي أَوْ لَا أُقِرُّ لَك حَتَّى تُصَالِحَنِي أَوْ لَا أُقِرُّ لَك حَتَّى تَحُطَّ عَنِّي بَعْضَ مَا تَدَّعِي فَهَذَا هَلْ يَكُونُ إقْرَارًا بِالْمَالِ؟ فَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ يَكُونُ إقْرَارًا فَلَا يَحْتَاجُ صَاحِبُ الْمَالِ إلَى الْحِيلَةِ. وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَقَالَ: لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَإِذَا طَلَبَ صَاحِبُ الْمَالِ الْحِيلَةَ حَتَّى يَصِيرَ مُقِرًّا بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ وَلَا صُلْحُهُ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقِرَّ صَاحِبُ الْمَالِ بِهَذَا الْمَالِ لِرَجُلٍ يَثِقُ بِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ بِهِ، وَأَنَّ اسْمَهُ فِي ذَلِكَ عَارِيَّةٌ وَيُوَكِّلُهُ بِقَبْضِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ الرَّجُلُ الْمُقَرُّ لَهُ وَصَاحِبُ الْمَالِ إلَى الْقَاضِي وَيَقُولُ الْمُقَرُّ لَهُ: إنَّ لِي بِاسْمِ هَذَا عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي فَالْمُقِرُّ يَقُولُ لِلْقَاضِي: امْنَعْ هَذَا الْمُقِرَّ مِنْ قَبْضِ هَذَا الْمَالِ وَمِنْ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ حَدَثًا أَوْ اُحْجُرْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَلِهَذَا اُحْتِيجَ إلَى حَجْرِ الْقَاضِي، فَإِذَا طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فَالْقَاضِي يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ الْقَبْضِ وَمِنْ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ حَدَثًا، ثُمَّ يَجِيءُ الْمُقِرُّ إلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيُصَالِحُهُ أَوْ يُؤَجِّلُهُ حَتَّى يُقِرَّ لَهُ بِالدَّيْنِ يَجِيءُ الْمُقَرُّ لَهُ إلَى الْقَاضِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا جَرَى مِنْ الْأَمْرِ قَبْلَ هَذَا وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ مِنْ الْمُقِرِّ وَتَأْجِيلُهُ وَيَأْخُذُ الْمَالَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا يُوجَدُ فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنَّمَا اُسْتُفِيدَتْ مِنْ جِهَةِ الْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْحِيلَةِ نَوْعُ نَظَرٍ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْجُرَ الْقَاضِي عَلَى الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ فِي حَجْرِهِ عَلَيْهِ إبْطَالُ حَقِّ الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ اسْتَحَقَّ الْبَرَاءَةَ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِإِيفَاءِ الْحَقِّ إلَى الْمُقِرِّ وَبِإِبْرَائِهِ وَتَأْجِيلِهِ فَفِي جَوَازِ هَذَا الْحَجْرِ إبْطَالُ حَقِّ الْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ وَالْقَاضِي لَا يَحْجُرُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَكَأَنَّ الْخَصَّافَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذَ هَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي آخِرِ كِتَابِ الْحَجْرِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا أَذِنَ رَجُلًا بِالتَّصَرُّفِ فَلَمَّا تَصَرَّفَ وَدَايَنَ النَّاسَ فَسَدَ الرَّجُلُ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْحَجِرُ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْحَجِرُ إلَّا بِحَجْرِ الْقَاضِي وَإِذَا حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي صَحَّ حَجْرُهُ وَانْحَجَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَهُنَاكَ الْمَدْيُونُ أَيْضًا اسْتَحَقَّ الْبَرَاءَةَ بِالْإِيفَاءِ إلَى الْمَحْجُورِ وَبِإِبْرَائِهِ، فَفِي هَذَا الْحَجْرِ إبْطَالُ حَقِّهِ عَلَيْهِ وَمَعَ هَذَا جَوَّزَ ذَلِكَ وَكَثِيرًا مَا يُوجَدُ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ مِثْلُ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ فَهَهُنَا أَيْضًا كَذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَ هَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجُوزُ قَبْضُ الَّذِي كَانَ بِاسْمِهِ الْمَالُ بَعْدَ إقْرَارِهِ وَيَجُوزُ تَأْجِيلُهُ وَإِبْرَاؤُهُ وَهِبَتُهُ وَمَا صَنَعَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا خَصَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ جَائِزًا وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ الْحَجْرُ عِنْدَهُ صَارَ الْحَالُ بَعْدَ الْحَجْرِ كَالْحَالِ قَبْلَهُ وَقَبْلَ الْحَجْرِ كَانَ يَجُوزُ تَصَرُّفَاتُ الْمُقِرِّ فِي الدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ فَقَدْ عُرِفَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى النَّاسِ لِرَجُلٍ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيَكُونُ حَقُّ الْقَبْضِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي عَامَلَ وَعَاقَدَ وَالْعَاقِدُ يَمْلِكُ التَّأْجِيلَ وَالْإِبْرَاءَ عَنْ الثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -

كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ. (رَجُلٌ) لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَأَرَادَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ أَنْ يَتَحَوَّلَ الْمَالُ الَّذِي عَلَيْهِ لِرَجُلٍ آخَرَ فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَقُولَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَتَحَوَّلَ الْمَالُ لَهُ: بِعْ عَبْدَك هَذَا أَوْ مَتَاعَك هَذَا مِنْ فُلَانٍ الطَّالِبِ بِالْأَلْفِ الَّتِي لَهُ عَلَيَّ، فَإِذَا بَاعَ الْمَأْمُورُ عَبْدَهُ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ بِالْمَالِ الَّذِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ وَقَبِلَ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَيْعَ مِنْ صَاحِبِ الْعَبْدِ يَتَحَوَّلُ الدَّيْنُ وَيَصِيرُ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَهَذَا لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا يَتَعَيَّنَانِ فِي الْعَقْدِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمِثْلِهَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ: بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِمِثْلِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيَّ، ثُمَّ اجْعَلْ ثَمَنَهُ قِصَاصًا بِمَالِهِ عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ جَائِزٌ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَحَوَّلُ الْمَالُ إلَى صَاحِبِ الْعَبْدِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ هُنَاكَ حِيلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَا ذَكَرْنَا وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَأْمُرَ الْمَدْيُونُ ذَلِكَ الرَّجُلَ حَتَّى يُصَالِحَ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لِلطَّالِبِ عَلَى الْمَطْلُوبِ عَلَى عَبْدِهِ هَذَا، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَارَ الْمَالُ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ غَيْرَ أَنَّ فِي فَصْلِ الصُّلْحِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ بِالْعَبْدِ لَا بِبَدَلِهِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ إذَا أُضِيفَ إلَى دَيْنٍ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهِ لَا بِمِثْلِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَلِهَذَا إذَا صَالَحَهُ عَلَى دَيْنٍ، ثُمَّ تَصَادَفَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَإِذَا حَصَلَ الصُّلْحُ بِالْعَبْدِ وَقَعَ الْقَضَاءُ بِعَيْنِ الْعَبْدِ وَصَارَ الْمَدْيُونُ مُسْتَقْرِضًا مِنْ الْمَأْمُورِ عَبْدَهُ وَاسْتِقْرَاضُ الْعَبْدِ يُوجِبُ الْقِيمَةَ. أَمَّا فِي بَابِ الْبَيْعِ الْعَقْدُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ بَلْ بِمِثْلِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ شَيْئًا بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَا دَيْنَ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَلَمَّا كَانَ هَكَذَا صَارَ الْمَأْمُورُ قَابِضًا دَيْنَ الْآمِرِ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ كَأَنَّهُ بَاعَ الْعَبْدَ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ جَعَلَ ثَمَنَهُ قِصَاصًا بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْآمِرِ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ هَكَذَا رَجَعَ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ بِثَمَنِ الْعَبْدِ وَهُوَ مِثْلُ الدَّيْنِ كَذَا هُنَا وَلَوْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الطَّالِبُ ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ الطَّالِبُ الْعَبْدَ أَوْ الْمَتَاعَ مِنْ مَوْلَاهُ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ مُطْلَقَةً وَلَا يَقُولُ بِالْأَلْفِ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ فِي هَذَا تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَكِنْ يَشْتَرِي بِالْأَلْفِ مُطْلَقَةً، ثُمَّ يُحِيلُ بِهَا الْبَائِعُ عَلَى الْمَدْيُونِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ الدَّيْنُ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ الْحَوَالَةَ هَلْ يَتِمُّ قَالَ لَا؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْمُطَالَبَةِ وَلَا تَتَحَوَّلُ الْمُطَالَبَةُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهُ فَإِنْ طَلَبَ حِيلَةً يَصِيرُ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ حَوَالَةٍ فَالْوَجْهُ مَا ذَكَرْنَا أَنْ يُقِرَّ الطَّالِبُ بِالدَّيْنِ لِبَائِعِهِ وَيُوَكِّلَهُ بِقَبْضِهِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ صَاحِبُ الْعَبْدِ يُبْرِئُهُ عَنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ وَإِذَا خَافَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ فَالْوَجْهُ مَا قَدْ مَرَّ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَيْضًا، فَإِنْ قَالَ: الْمُقَرُّ لَهُ بِالدَّيْنِ وَهُوَ الْبَائِعُ إذَا أَبْرَأْته عَنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ لَا آمَنُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي قَبْضِ هَذَا الدَّيْنِ وَيُحَلِّفَنِي عَلَيْهِ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ إقْرَارَ الطَّالِبِ بِذَلِكَ الدَّيْنِ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا وَيَكْتُبَ فِيهِ أَيْضًا إقْرَارَ الطَّالِبِ بِذَلِكَ وَهُوَ الْمُقِرُّ إنِّي ادَّعَيْتُ عَلَى فُلَانٍ الْمُقَرِّ لَهُ عِنْدَ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ وَكِيلِي فِي قَبْضِ هَذَا الدَّيْنِ وَحَلَّفْتُهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَمِينَ لِي عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا فِي هَذِهِ الدَّعْوَى، فَإِذَا أَقَرَّ بِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَلَا عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ سَبِيلٌ. (رَجُلٌ) لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَسَأَلَ الْمَطْلُوبُ الطَّالِبَ أَنْ يُؤَجِّلَ لَهُ هَذَا الْمَالَ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ أَوْ يُنَجِّمَهُ عَلَيْهِ فَأَجَابَهُ الطَّالِبُ إلَى ذَلِكَ فَخَافَ الْمَطْلُوبُ أَنْ يَحْتَالَ عَلَيْهِ الطَّالِبُ فَيُقِرُّ بِالْمَالِ لِغَيْرِهِ، ثُمَّ يُؤَجِّلُهُ أَوْ يُنَجِّمُهُ فَلَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ وَلَا تَنْجِيمُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَطَلَبَ حِيلَةً حَتَّى يَصِحَّ تَأْجِيلُهُ وَتَنْجِيمُهُ عِنْدَ الْكُلِّ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقِرَّ الطَّالِبُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ حِينَ وَجَبَ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ، إنَّمَا وَجَبَ مُؤَجَّلًا إلَى وَقْتِ كَذَا، وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُنَجِّمَهُ عَلَيْهِ يُقِرُّ الطَّالِبُ أَنَّ هَذَا

الْمَالَ حِينَ وَجَبَ عَلَى الْمَطْلُوبِ، إنَّمَا وَجَبَ مُنَجَّمًا إلَى وَقْتِ كَذَا وَيَصِفُ النُّجُومَ وَهَذَا لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ هَلْ يَمْلِكُ التَّأْجِيلَ وَالتَّنْجِيمَ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَمُنَجَّمٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقِرَّ الطَّالِبُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يُجَوِّزْ التَّأْجِيلَ وَالتَّنْجِيمَ بَعْدَ مَا ثَبَتَ الدَّيْنُ مُطْلَقًا وَجَوَّزَ الْإِقْرَارَ بِوُجُوبِ الْمَالِ مُؤَجَّلًا وَمُنَجَّمًا مِنْ الْأَصْلِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالُوا فِي الدَّيْنِ إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُؤَجِّلَ فِي نَصِيبِهِ وَأَبَى الْآخَرُ لَا يَجُوزُ هَذَا التَّأْجِيلُ أَصْلًا، فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا هَذَا الدَّيْنُ حِينَ وَجَبَ وَجَبَ مُؤَجَّلًا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ ثَبَتَ التَّأْجِيلُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ وَكَذَلِكَ حَدُّ الْقَذْفِ إذَا وَجَبَ عَلَى الْقَاذِفِ فَأَرَادَ الْمَقْذُوفُ أَنْ يَعْفُوَ لَا يَعْمَلُ عَفَوْهُ وَلَوْ قَالَ الْمَقْذُوفُ: كُنْتُ مُبْطِلًا فِي دَعْوَايَ سَقَطَ الْحَدُّ فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِسَبَبِ الشَّيْءِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَقَرَّ وَمَنْ أَرَادَ بِإِقْرَارِهِ تَغْيِيرَ سَبَبٍ قَدْ صَحَّ لَا يَعْمَلُ إقْرَارُهُ فَكَذَا فِي مَسْأَلَتِنَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا إذَا كَانَ الْأَجَلُ مُتَعَارَفًا فَأَمَّا إذَا كَانَ أَجَلًا يُخَالِفُ عُرْفَ النَّاسِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ بِأَجَلٍ يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَيْفَمَا كَانَ، وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ مِنْ التَّأْجِيلِ مَا كَانَ مُتَعَارَفًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الطَّالِبُ لِلْمَطْلُوبِ أَيْضًا مَا يَبْدُو لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ دَرْكٍ مِنْ قِبَلِهِ وَبِأَسْبَابِهِ مِنْ إقْرَارٍ وَتَلْجِئَةٍ وَهِبَةٍ وَتَمْلِيكٍ وَتَوْكِيلٍ وَحَدَثٍ إنْ كَانَ أَحْدَثَهُ فِي هَذَا الْمَالِ يَبْطُلُ بِهِ التَّأْجِيلُ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ فُلَانٌ فَهُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يُخَلِّصَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا يَلْزَمُهُ احْتَالَا بِهَذِهِ الْحِيلَةِ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ قَدْ كَانَ الطَّالِبُ أَقَرَّ لَهُ بِالْمَالِ قَبْلَ التَّأْجِيلِ فَأَخَذَ الْمَطْلُوبُ بِالْمَالِ وَكَذَّبَهُ فِي التَّأْجِيلِ لَا يَثْبُتُ التَّأْجِيلُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنْ يَكُونُ لِلْمَطْلُوبِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الطَّالِبِ بِمَا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَ لَهُ مَا يَلْحَقُهُ مِنْ دَرْكٍ وَقَدْ لَحِقَهُ الدَّرْكُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ فَإِمَّا أَنْ يُخَلِّصَهُ الطَّالِبُ، وَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا ضَمِنَ فَيَكُونُ عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ أَجَلِهِ وَتَنْجِيمِهِ. (رَجُلٌ) لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَمَاتَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ فَسَأَلَ الْوَارِثُ صَاحِبَ الْمَالِ أَنْ يَضْمَنَهُ هَذَا الْمَالَ إلَى أَجَلٍ يَعْنِي يُؤَجِّلُ هَذَا الْمَالَ قَالَ: لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ لَا ذِكْرَ لَهَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَكِنْ ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْمَالُ إذَا مَاتَ حَلَّ الْأَجَلُ بِمَوْتِهِ وَذَكَرَ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْفَصْلَ هُنَاكَ وَقَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَجَلُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ عَلَيْهِ فَلَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ فَبَعْدَ هَذَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَثْبُتَ الْأَجَلُ لِلْمَيِّتِ أَوْ يَثْبُتَ فِي الْمَالِ لَا وَجْهَ أَنْ يَثْبُتَ لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ قَدْ سَقَطَ عَنْ ذِمَّتِهِ بِالْمَوْتِ فَكَيْفَ يَعُودُ الْأَجَلُ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَجَلَ الثَّابِتَ لِهَذَا الشَّخْصِ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ الْأَجَلُ لَهُ ابْتِدَاءً بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا جَائِزَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ وَالْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ الْآجَالَ فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْأَجَلُ وَرَدُّوا هَذَا إلَى مَسْأَلَةٍ وَهِيَ أَنَّ غَرِيمَ الْمَيِّتِ إذَا أَبْرَأَ الْمَيِّتَ عَنْ الدَّيْنِ فَرَدَّهُ الْوَارِثُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَعْمَلُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَعْمَلُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَطْلُوبُ بِالدَّيْنِ فَلَمَّا عَمِلَ رَدَّهُ وَجُعِلَ كَأَنَّ الدَّيْنَ عَلَيْهِ عَمِلَ أَيْضًا الْأَجَلُ وَيَثْبُتُ فِي حَقِّهِ هَكَذَا قَالُوا: وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ عَلَى الِاتِّفَاقِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ. ثُمَّ إذَا كَانَ لَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ مَا الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ قَالَ الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقِرَّ الْوَارِثُ إنِّي قَدْ كُنْتُ ضَمِنْتُ هَذَا الْمَالَ عَنْ الْمَيِّتِ فِي حَيَاتِهِ لِفُلَانٍ إلَى وَقْتِ كَذَا

الفصل السابع عشر في الإجارات

وَيُقِرَّ هَذَا الطَّالِبُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ مُؤَجَّلًا عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى كَفِيلِهِ هَذَا إلَى هَذَا الْوَقْتِ وَيُقِرَّ الطَّالِبُ أَيْضًا أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَى هَذَا الْوَارِثِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، فَإِذَا أَقَرَّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَحِينَئِذٍ يَبْقَى الْمَالُ عَلَى الْوَارِثِ مُؤَجَّلًا، وَإِنَّمَا كَانَ هَكَذَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ، وَإِنْ سَقَطَ فِي حَقِّ الْأَصْلِ بِمَوْتِهِ لَكِنْ لَا يَسْقُطُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ فَيَبْقَى عَلَى الْوَارِثِ مُؤَجَّلًا هَكَذَا ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَيُقِرُّ الطَّالِبُ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَى هَذَا الْوَارِثِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ قَدْ حَلَّ عَلَى الْأَصِيلِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ وَيَأْخُذَهُ أَيْنَمَا وُجِدَ فَيُقِرُّ هَكَذَا حَتَّى يَكُونَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَارِثِ قَالَ فِي الْكِتَابِ وَلَا يُقِرُّ أَنَّهُ مَاتَ مُفْلِسًا وَضَمِنَ الْوَارِثُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَكِنْ يُقِرُّ أَنَّهُ كَانَ ضَمِنَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالدَّيْنِ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ لَا تَصِحُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَحَرَّزَ عَنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْإِجَارَاتِ] (الْفَصْلُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْإِجَارَاتِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي إجَارَاتِ الْأَصْلِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ حَمَّامًا وَشَرَطَ رَبُّ الْحَمَّامِ الْمَرَمَّةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ قَدْرَ الْمَرَمَّةِ يَصِيرُ أَجْرًا وَإِنَّهُ مَجْهُولٌ، وَإِنْ أَرَادَ الْحِيلَةَ فِي ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمَرَمَّةِ وَيَضُمَّ ذَلِكَ إلَى الْأُجْرَةِ، ثُمَّ يَأْمُرَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ الْمُسْتَأْجِرَ بِصَرْفِ مَا ضَمَّ إلَى الْأَجْرِ لِلْمَرَمَّةِ إلَى الْمَرَمَّةِ، حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ الْأَجْرُ عَشْرَةً وَالْقَدْرُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْمَرَمَّةِ أَيْضًا عَشْرَةٌ فَصَاحِبُ الْحَمَّامِ يُؤَاجِرُ الْحَمَّامَ مِنْهُ بِعِشْرِينَ وَيَأْمُرُ بِصَرْفِ الْعَشَرَةِ إلَى الْمَرَمَّةِ فَيَصِيرُ الْمُسْتَأْجِرُ وَكِيلًا مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَإِنَّهُ مَعْلُومٌ فَيَجُوزُ وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: هَذِهِ الْحِيلَةُ مُسْتَقِيمَةٌ عَلَى قَوْلِهِمَا غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ دَيْنٌ وَقَدْ أَمَرَهُ بِالصَّرْفِ إلَى الْمَجْهُولِ وَهُوَ بَائِعٌ آلَاتِ الْمَرَمَّةِ وَالْأَجْرُ مَجْهُولٌ وَإِنَّهُ يَمْنَعُ جَوَازَ الْوَكَالَةِ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا إذَا قَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ أَسْلِمْ مَا لِي عَلَيْك فِي كَذَا أَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي بِمَا لِي عَلَيْكَ كَذَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَلْ هَذِهِ الْحِيلَةُ مُسْتَقِيمَةٌ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِلَّةِ بَعْضُهُمْ قَالُوا حَالَةُ التَّوْكِيلِ الْأُجْرَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ لِيَكُونَ أَمْرًا بِصَرْفِ الدَّيْنِ إلَى الْمَجْهُولِ وَهُوَ الْمَانِعُ مِنْ الْوَكَالَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ بِهَذَا قَبْلَ الْإِجَارَةِ جَازَتْ الْوَكَالَةُ، وَإِنَّمَا جَارَتْ لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الدِّينَ هُنَاكَ وَاجِبٌ وَقْتَ الْوَكَالَةِ، فَإِذَا وَكَّلَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ فَقَدْ أَمَرَهُ بِصَرْفِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْمَجْهُولِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: ادْفَعْ مَا لِي عَلَيْك إلَى رَجُلٍ مِنْ عَرَضِ النَّاسِ أَمَّا هَهُنَا فَبِخِلَافِهِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ وَاجِبَةً وَقْتَ التَّوْكِيلِ يَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا لَمْ يُعَيِّنْ الْأَجْرَ وَبَاعَهُ الْآلَاتِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ السَّلَمِ. وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا لَا يُجَوِّزُ التَّوْكِيلَ بِصَرْفِ الدَّيْنِ إذَا كَانَ الْمَصْرُوفُ إلَيْهِ مَجْهُولًا أَمَّا إذَا كَانَ مَعْلُومًا فَلَا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَابَّةً أَوْ غُلَامًا وَأَمَرَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجِرَ أَنْ يُنْفِقَ بَعْضَ الْأُجْرَةِ فِي عَلَفِ الدَّابَّةِ وَنَفَقَةِ الْغُلَامِ يَجُوزُ لَمَّا كَانَ مَحِلُّ الصَّرْفِ وَهُوَ الْغُلَامُ وَالدَّابَّةُ مَعْلُومًا وَهَهُنَا مَحِلُّ الصَّرْفِ وَهُوَ مَرَمَّةُ الْحَمَّامِ مَعْلُومٌ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ مَحِلُّ الصَّرْفِ وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مَجْهُولٌ حَتَّى لَوْ كَانَ مَعْلُومًا بِأَنْ قَالَ: أَسْلِمْ مَا لِي عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ إلَى فُلَانٍ وَعَيَّنَهُ يَجُوزُ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: قَدْ رَمَمْتُ الْحَمَّامَ بِهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِحُجَّةٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَشْهَدَ رَبُّ الْحَمَّامِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ الْإِنْفَاقِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا بِحُجَّةٍ يَعْنِي أَشْهَدَ وَقْتَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَوَقْتَ

اشْتِرَاطِ الْمَرَمَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ الْإِنْفَاقِ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ بِدَعْوَى الْإِنْفَاقِ يَدَّعِي إيفَاءَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ وَرَبُّ الْحَمَّامِ يُنْكِرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِرَبِّ الْحَمَّامِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى كَمَا لَوْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ حَقِيقَةً وَالْحِيلَةُ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِي دَعْوَى مَا أَنْفَقَ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ أَنْ يُعَجِّلَ الْمُسْتَأْجِرُ مِقْدَارَ الْمَرَمَّةِ وَيَدْفَعَهُ إلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ، ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْحَمَّامِ يَدْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَأْمُرُهُ بِإِنْفَاقِ ذَلِكَ فِي مَرَمَّةِ الْحَمَّامِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي إنْفَاقِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ بِالتَّعْجِيلِ يَصِيرُ الْمُعَجَّلُ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ، فَإِذَا دَفَعَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ ذَلِكَ يَصِيرُ الْمُسْتَأْجِرُ أَمِينًا فِيهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ فِي صَرْفِ الْأَمَانَةِ إلَى مَصْرِفِهَا. (وَحِيلَةٌ أُخْرَى لِإِسْقَاطِ الْبَيِّنَةِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ) أَنْ يَجْعَلَا مِقْدَارَ الْمَرَمَّةِ فِي يَدِ عَدْلٍ حَتَّى يَكُونَ الْقَوْلُ لِلْعَدْلِ فِيمَا يُنْفِقُ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ أَمِينٌ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ مِنْ آخِرِ عَرْصَةِ دَارٍ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَأَذِنَ لَهُ رَبُّ الدَّارِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَيَحْسِبُ لَهُ مَا أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ مِنْ الْأَجْرِ فَهَذَا جَائِزٌ. أَلَا تَرَى إلَى مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا وَوَكَّلَهُ رَبُّ الْحَمَّامِ أَنْ يَرُمَّ مَا اسْتَرَمَّ مِنْ الْحَمَّامِ وَيَحْسِبُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْرِ يَجُوزُ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ وَأَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ اسْتَوْجَبَ عَلَى الْآجِرِ قَدْرَ مَا أَنْفَقَ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِأَمْرِهِ وَالْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ دَيْنٌ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَضْلٌ وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَضْلٌ وَيَكُونُ الْبِنَاءُ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ الْحَمَّامِ الْمُحَاسَبَةَ مِنْ الْأَجْرِ إنَّمَا أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ لَا غَيْرُ بِأَنْ قَالَ ابْنِ فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَقُلْ أُحَاسِبُك بِمَا أَنْفَقْت فِي الْبِنَاءِ مِنْ الْأَجْرِ فَبَنَى فِيهَا فَالْبِنَاءُ لِمَنْ يَكُونُ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْبِنَاءُ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ وَاسْتُدِلَّ بِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ أَنَّ مَنْ آجَرَ مِنْ آخَرَ حَمَّامًا وَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ: رُمَّ مَا اسْتَرَمَّ فَفَعَلَ فَالْعِمَارَةُ تَكُونُ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَاسْتُدِلَّ بِمَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ دَارًا أَوْ بَنَى فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّ الدَّارِ أَنَّ الْبِنَاءَ يَكُونُ لِلْمُسْتَعِيرِ، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْبِنَاءَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَا يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْآجِرِ بِمَا أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ، فَإِنْ خَافَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ لَوْ بَنَى وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ تَمَامِ هَذِهِ السِّنِينَ رُبَّمَا يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى قَاضٍ لَا يَرَى لَهُ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَى الْآجِرِ بِمَا أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا هُوَ قَوْلُ بَعْضِ مَشَايِخِنَا فَتَذْهَبُ نَفَقَتُهُ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ وَطَلَبَ لِذَلِكَ حِيلَةً فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِ السَّاحَةِ حِينَ يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ فِي الْبِنَاءِ وَأُحَاسِبُك بِمَا أَنْفَقْت فِي الْبِنَاءِ مِنْ الْأُجْرَةِ فَيَكُونُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْآجِرِ بِمَا أَنْفَقَ بِالْإِنْفَاقِ مَتَى انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ قَبْلَ تَمَامِ هَذِهِ السِّنِينَ. (وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَنْظُرَ إلَى مِقْدَارِ هَذِهِ النَّفَقَةِ كَمْ يَكُونُ وَيَضُمَّ ذَلِكَ إلَى أَجْرِ الدَّارِ فِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ وَيَجْعَلَ الْكُلَّ أَجْرَ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ، ثُمَّ يُقِرَّ رَبُّ الدَّارِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَسْلَفَهُ أَيْ عَجَّلَهُ مِنْ أُجْرَةِ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ كَذَا وَكَذَا وَقَبَضَ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى إذَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ قَبْلَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَالْمُسْتَأْجِرُ يَرْجِعُ عَلَى الْآجِرِ بِمَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَسْلَفَ مِنْ أُجْرَةِ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ، وَإِنْ تَمَّتْ الْإِجَارَةُ حَصَلَ مَقْصُودُ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَى صَاحِبِ السَّاحَةِ سَبِيلٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ خَافَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ الْمُؤَاجِرُ بِاَللَّهِ لَقَدْ أَسْلَفْته كَذَا وَكَذَا وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ لَا بُدَّ مِنْ حِيلَةٍ أُخْرَى فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ الْمُؤَاجِرِ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ وَيَدْفَعَ ذَلِكَ الشَّيْءَ إلَيْهِ، فَإِنْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ قَبْلَ مُضِيِّ هَذِهِ السِّنِينَ فَالْمُسْتَأْجِرُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمُؤَاجِرِ هَذَا الْقَدْرَ؛ لِأَنَّهُ جَرَتْ الْمُبَايَعَةُ بَيْنَهُمَا بِهَذَا الْقَدْرِ. (وَإِذَا) أَرَادَ الرَّجُلُ

أَنْ يُؤَاجِرَ أَرْضًا لَهُ فِيهَا زَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا حِيلَةٌ إلَّا خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ أَنْ يَبِيعَهُ الزَّرْعَ، ثُمَّ يُؤَاجِرَهُ الْأَرْضَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ جَوَازِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَنْ يَتَمَكَّنَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ بَعْدَ الْإِجَارَةِ وَإِذَا بَاعَهُ الزَّرْعَ ثُمَّ آجَرَهُ الْأَرْضَ فَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يَرَى زَرْعَهُ فِيهَا وَإِذَا لَمْ يَبِعْهُ الزَّرْعَ لَا يَتَمَكَّنُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِزَرْعِ الْآجِرِ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّسْلِيمُ إلَّا بِقَلْعِ زَرْعِهِ وَفِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ عَلَيْهِ فَلِهَذَا كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ أَشْجَارٌ أَوْ بِنَاءٌ فَأَرَادَ أَنْ يُؤَاجِرَهَا مِنْهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْأَشْجَارَ أَوْ الْبِنَاءَ مِنْهُ أَوَّلًا، ثُمَّ يُؤَاجِرَ الْأَرْضَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. (رَجُلٌ) أَرَادَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَرْضًا وَفِيهَا زَرْعُ صَاحِبِ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَعْلِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ آجَرَ أَرْضًا لَا يُمْكِنُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَصَارَ كَمَا لَوْ آجَرَ أَرْضًا سَبْخَةً أَوْ أَرْضًا نَزَّةً وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ، إنَّمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ يَدَ رَبِّ الْأَرْضِ قَائِمَةٌ عَلَى الْأَرْضِ حُكْمًا لِكَوْنِ الْأَرْضِ مَشْغُولَةً بِالزَّرْعِ الَّذِي هُوَ مِلْكُهُ وَقَدْ آجَرَ مَا لَا يَقْدِرُ الْمُؤَاجِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَصِحُّ، فَإِنْ طَلَبَ الْحِيلَةَ فِي ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ رَبُّ الْأَرْضِ الزَّرْعَ مِنْ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَوَّلًا ثُمَّ يُؤَاجِرَهُ الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ بِالْبَيْعِ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ فَالْمُسْتَأْجِرُ يَنْتَفِعُ بِالْأَرْضِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَنْمُو زَرْعُهُ بِهَا فَقَدْ آجَرَ مَا يَقْدِرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَلِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا صَارَ مَمْلُوكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ فَقَدْ زَالَ يَدُ الْآجِرِ عَنْ الْأَرْضِ حُكْمًا وَحَقِيقَةً فَقَدْ آجَرَ مَا يَقْدِرُ الْمُؤَاجِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَيَصِحُّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنَّمَا تَصِحُّ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ إذَا كَانَ بَيْعُ الزَّرْعِ بَيْعَ رَغْبَةٍ وَجِدٍّ أَمَّا إذَا كَانَ بَيْعَ هَزْلٍ وَتَلْجِئَةٍ فَلَا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْعَ هَزْلٍ فَالزَّرْعُ لَا يَزُولُ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ فَيَبْقَى الْحَالُ بَعْدَ بَيْعِ الزَّرْعِ كَالْحَالِ قَبْلَهُ، وَعَلَامَةُ كَوْنِ هَذَا الْبَيْعِ بَيْعَ رَغْبَةٍ وَجِدٍّ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الزَّرْعِ بِقِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ قَدْرَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ. وَعَلَامَةُ كَوْنِهِ بَيْعَ هَزْلٍ أَنْ يَكُونَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الزَّرْعِ مِقْدَارِ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ إذَا كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ مِقْدَارِ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَهُوَ بَيْعُ رَغْبَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ، وَعِنْدَهُمَا بَيْعُ هَزْلٍ فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: هَذَا الْبَيْعُ إذَا كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ فَهُوَ بَيْعُ جِدٍّ بِالِاتِّفَاقِ فَلَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْإِجَارَةِ، وَبَيَانُ كَوْنِهِ بَيْعَ جِدٍّ أَنَّهُمَا قَصَدَا صِحَّةَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَلَا صِحَّةَ لَهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الزَّرْعِ جِدًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا بَاشَرَاهُ جِدًّا تَحْقِيقًا لِغَرَضِهِمَا. (وَإِذَا) آجَرَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ مِنْ رَجُلٍ وَشَرَطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ خَرَاجَهَا مَعَ الْأَجْرِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ قَدْ يَنْتَقِصُ وَقَدْ يَزْدَادُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ آجَرَ دَارِهِ سَنَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَمَرَمَّتِهَا وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَرَمَّةَ مَجْهُولَةٌ فَتَصِيرُ الْأُجْرَةُ مَجْهُولَةً وَلِأَنَّ خَرَاجَ الْأَرْضِ عَلَى مَالِكِ الْأَرْضِ فَإِذَا شَرَطَهُ مَالِكُهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ صَارَ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ لِلْمُسْتَأْجِرِ: آجَرْتُك أَرْضِي هَذِهِ سَنَةً بِكَذَا دِرْهَمًا عَلَى أَنْ تَحْتَالَ عَنِّي لِلسُّلْطَانِ بِالْخَرَاجِ الَّذِي يَلْزَمُ عَلَيَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَوْ قَالَ هَكَذَا لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ عَقْدَ إجَارَةٍ شُرِطَ فِيهِ حَوَالَةُ دَيْنٍ فَيَفْسُدُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ، ثُمَّ الْحِيلَةُ فِي أَنْ تَجُوزَ هَذِهِ الْإِجَارَةُ وَلَا تَفْسُدَ أَنْ يُؤَاجِرَهَا إيَّاهُ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَيَزِيدَ فِي الْأُجْرَةِ قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَرْضَ مِنْ الْخَرَاجِ وَيُؤَاجِرَهَا بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَيُشْهِدَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ مِنْ أَجْرِ الْأَرْضِ فِي خَرَاجِهَا كَذَا دِرْهَمًا وَهَذَا وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَصَحَّتْ، ثُمَّ الْآجِرُ فَوَّضَ أَدَاءَ الْخَرَاجِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْأَجْرِ فَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ وَكِيلًا لِلْآجِرِ بِأَدَاءِ الْأُجْرَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ التَّفْوِيضُ وَهَذَا كَمَا قَالُوا فِي

مَرَمَّةِ الدَّارِ أَنَّهُ إذَا آجَرَ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَأَمَرَهُ الْآجِرُ أَنْ يَرُمَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مَا اسْتَرَمَّ فِيهَا مِنْ أَجْرِ الدَّارِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّفْوِيضُ وَعَقْدُ الْإِجَارَةِ، كَذَا هَذَا، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ ضَعِيفَةٌ فَإِنَّ الْآجِرَ وَالْمُسْتَأْجِرَ إذَا اخْتَلَفَا فِي أَدَاءِ الْأَخْرِجَةِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: أَدَّيْت أَخْرِجَتَهَا وَمَا هُوَ مِنْ رِيعِهَا وَكَذَّبَهُ الْآجِرُ أَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْمُؤَدَّى فَالْقَوْلُ لِلْآجِرِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُسْتَأْجِرُ فِيمَا ادَّعَى مِنْ أَدَاءِ أَخْرِجَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمِينٌ غَيْرُ أَمِينٍ، فَهُوَ بِهَذَا يُرِيدُ أَنْ يُبْرِئَ ذِمَّتَهُ عَنْ ضَمَانِ الْأُجْرَةِ وَالْآجِرُ مُنْكَرٌ لِلِاسْتِيفَاءِ فَكَانَ الْقَوْلُ لِلْآجِرِ. وَكَذَلِكَ فِي مَرَمَّةِ الدَّارِ إذَا اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِلْآجِرِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَالْحِيلَةُ الْأَوْثَقُ فِيهَا أَنْ يَدْفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى رَبِّ الْأَرْضِ جَمِيعَ الْأَجْرِ مُعَجَّلًا، ثُمَّ يَدْفَعُ ذَلِكَ رَبُّ الْأَرْضِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيُوَكِّلُهُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ عَنْهُ إلَى وُلَاةِ الْخَرَاجِ فَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي ذَلِكَ مُصَدَّقًا أَنَّهُ قَدْ أَدَّاهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ يَسْأَلُهَا إيَّاهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمَّا عَجَّلَ الْأَجْرَ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ الْأَجْرِ بِالتَّعْجِيلِ فَبَعْدَ ذَلِكَ لَمَّا دَفَعَهُ رَبُّ الْأَرْضِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَوَكَّلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ إلَى وُلَاةِ الْخَرَاجِ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَمِينًا فِي هَذَا الْأَدَاءِ، فَإِذَا قَالَ: أَدَّيْت كَانَ مُصَدَّقًا كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ. وَهَكَذَا الْجَوَابُ فِي مَرَمَّةِ الدَّارِ إذَا عَجَّلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ ثُمَّ الْآجِرُ دَفَعَهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَوَكَّلَهُ أَنْ يَرُمَّ مِنْ الْأَجْرِ الْمَدْفُوعِ مَا اسْتَرَمَّ مِنْ الدَّارِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ فَعَلْتُ وَأَنْفَقْتُ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرَطَ أَدَاءَ الْخَرَاجِ إلَى وُلَاةِ الْخَرَاجِ يَعْنِي نَائِبَ السُّلْطَانِ أَوْ مَأْمُورَهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَوْ مَنْ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ إذَا أَدَّى الْخَرَاجَ إلَى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لَا يَبْرَأُ وَيَضْمَنُ ثَانِيًا، وَكَذَا إذَا أَدَّى إلَى جَابِي الْقَرْيَةِ أَوْ أَمِينِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَائِبِ السُّلْطَانِ وَلَا مَأْمُورٍ فَبِالْأَدَاءِ إلَيْهِ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجَابِي نَائِبَ السُّلْطَانِ أَوْ مَأْمُورَهُ فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ بِالْأَدَاءِ إلَيْهِ. (وَمِنْ جِنْسِ مَسْأَلَةِ الْخَرَاجِ) مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حِيَلِ الْأَصْلِ وَصُورَتُهَا رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً وَشَرَطَ الْعَلَفَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ الْأَجْرِ لَا يَجُوزُ وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِأَجْلِ الْعَلَفِ فَيَضُمَّ ذَلِكَ إلَى الْأُجْرَةِ فَيَسْتَأْجِرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، ثُمَّ يُوَكِّلَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجِرَ أَنْ يَعْلِفَهَا بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ فَالْأَحْوَطُ أَنْ يُعَجِّلَ الْمُسْتَأْجِرُ مِقْدَارَ الْعَلَفِ وَيَدْفَعَهُ إلَى الْآجِرِ ثُمَّ يَدْفَعَهُ الْآجِرُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَأْمُرَهُ حَتَّى يُنْفِقَ عَلَى دَابَّتِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ أَجِيرًا وَشَرَطَ طَعَامَ الْأَجِيرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَجُوزُ وَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مِقْدَارِ طَعَامِ الْأَجِيرِ وَيَضُمَّ ذَلِكَ إلَى أَجْرِهِ. (رَجُلٌ) اسْتَأْجَرَ دَارًا مُشَاهَرَةً فَخَافَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ إنْ سَكَنَهَا شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ فَإِذَا دَخَلَ مِنْ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الدَّارِ أَنْ يَلْزَمَ أَجْرُ جَمِيعِ الشَّهْرِ الدَّاخِلِ فِيهِ فَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مُيَاوَمَةً كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا فَمَتَى شَاءَ فَرَّغَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا كِرَاءُ مَا سَكَنَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا دَخَلَ مِنْ الشَّهْرِ الْآخَرِ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الدَّارِ أَنْ يَلْزَمَهُ أَجْرُ جَمِيعِ الشَّهْرِ حَقِيقَةَ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ لَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ وَلَكِنْ أَرَادَ بِهِ إذَا دَخَلَ الشَّهْرُ يَلْزَمُهُ إجَارَةُ ذَلِكَ الشَّهْرِ، وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَأَرَادَ أَنْ لَا تُنْتَقَضَ بِمَوْتِ الْمُؤَاجِرِ يُقِرُّ الْمُؤَاجِرُ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ لِفُلَانٍ عَشْرَةَ سِنِينَ يَزْرَعُ فِيهَا مَا شَاءَ فَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَهُوَ لَهُ. وَوَجْهٌ آخَرُ أَنْ يُقِرَّ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَيُقِرُّ الْمُؤَاجِرُ أَنَّهُ يُؤَاجِرُهَا لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَإِذَا كَانَ فِي أَرْضِ الْإِجَارَةِ عَيْنُ النَّفْطِ وَالْقِيرِ فَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَرَبُّ الْأَرْضِ يُقِرُّ أَنَّ الْعَيْنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَهُ حَقُّ الِانْتِفَاعِ عَشْرَ سِنِينَ فَيَجُوزُ. وَفِي السِّرَاجِيَّةِ إذَا آجَرَ أَرْضَهُ وَفِيهَا نَخِيلٌ فَأَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ التَّمْرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ النَّخِيلَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مُعَامَلَةً عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ جُزْءًا مِنْ

الفصل الثامن عشر في الدفع عن الدعوى

أَلْفِ جُزْءٍ مِنْ الثَّمَرِ وَالْبَاقِي لِلْمُسْتَأْجِرِ. وَفِي الْعُيُونِ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ دَارًا فَأَمَرَهُ رَبُّ الدَّارِ أَنْ يُنْفِقَ فِيهَا مِنْ أَجْرِهَا فَلَوْ أَنْفَقَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ أَمِينًا فَالْحِيلَةُ لَهُ فِيهِ أَنْ يُعَجِّلَ الْأَجْرَ ثُمَّ يَقْبِضَ مِنْهُ بِأَمْرِهِ لِيُنْفِقَ فِيهَا فَيَكُونَ أَمِينًا فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْفَصْلُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الدَّفْعِ عَنْ الدَّعْوَى] (الْفَصْلُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الدَّفْعِ عَنْ الدَّعْوَى) رَجُلٌ فِي يَدِهِ ضَيْعَةٌ أَوْ دَارٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ وَالْمُدَّعِي ظَالِمٌ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَكْرَهُ الْيَمِينَ فَأَرَادَ حِيلَةً حَتَّى تَنْدَفِعَ عَنْهُ الْيَمِينُ قَالَ الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ: أَنْ يُقِرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ يُقِرَّ بِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ فَتَنْدَفِعَ عَنْهُ الْخُصُومَةُ وَالْيَمِينُ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حِيلَةٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: كَمَا قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَعْضُهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَمَا إذَا أَقَرَّ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَبَيْنَمَا إذَا أَقَرَّ لِلْأَجْنَبِيِّ فَقَالُوا: إذَا أَقَرَّ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْيَمِينُ وَإِذَا أَقَرَّ لِلْأَجْنَبِيِّ لَا تَنْدَفِعُ الْيَمِينُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْيَمِينُ فِي الصُّورَتَيْنِ جَمِيعًا قَطْعًا لِبَابِ الْحِيلَةِ قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمَّا أَقَرَّ بِالضَّيْعَةِ الْمُدَّعَى بِهَا لِابْنِهِ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لِمَالِي وَوَجَبَ لِي عَلَيْهِ الْقِيمَةُ فَلِي أَنْ أُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ مَا لِي عَلَيْك قِيمَةُ هَذِهِ الضَّيْعَةِ قَالَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخِرِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ الْيَمِينُ، هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ غَصْبَ الْعَقَارِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ يُوجِبُ الضَّمَانَ. ثُمَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا بِأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْغَصْبِ الْمُجَرَّدِ فَأَمَّا الْجُحُودُ فَيُوجِبُ الضَّمَانَ بِالِاتِّفَاقِ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا فِي الْجُحُودِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُلِّ عَلَى السَّوَاءِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الضَّمَانُ هَهُنَا بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ هَذَا إتْلَافُ الْمِلْكِ وَالْعَقَارُ يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّاهِدَ بِالْعَقَارِ يَضْمَنُ عِنْدَ الرُّجُوعِ بِالْإِجْمَاعِ لِإِتْلَافِهِ الْمِلْكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَرْضًا أَوْ جَارِيَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الْعَقَارِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُغَيِّرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعْرِفُهُ الْمُدَّعِي ثُمَّ يَعْرِضُهُ عَلَى هَذَا الْمُدَّعِي لِيُسَاوِمَهُ فَتَبْطُلَ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَاوَمَهُ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِي الْمُدَّعَى بِهِ فَتَبْطُلُ دَعْوَاهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْوَكَالَةِ] (الْفَصْلُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْوَكَالَةِ) إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِعَيْنِهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَبِلَ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ فَلَمَّا رَآهَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِنَفْسِهِ فَالْحِيلَةُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِجِنْسٍ آخَرَ غَيْرِ مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِأَلْفِ

دِرْهَمٍ فَيَشْتَرِيهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَيَشْتَرِيهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ يَشْتَرِيهَا بِجِنْسِ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَلَكِنْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا أَمْرَهُ فَيَنْفُذُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا عُرِفَ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِجِنْسِ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَبِذَلِكَ الْقَدْرِ وَلَكِنْ صَرَّحَ بِالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ لَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ وَلَا يُمْكِنُهُ عَزْلُ نَفْسِهِ بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ هَذَا عَزْلٌ قَصْدِيٌّ فَيُشْتَرَطُ لَهُ حُضُورُ الْمُوَكِّلِ. وَإِذَا لَمْ يَنْعَزِلْ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَشْهَدَ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا سَاعَتِئِذٍ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْإِشْهَادِ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ، فَإِنْ عَلِمَ بِمَقَالَةِ الْوَكِيلِ وَبِإِشْهَادِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيلُ ثُمَّ اشْتَرَى الْوَكِيلُ يَصِيرُ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ. وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْمُوَكِّلِ، فَقَدْ جَعَلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ يَجْعَلْهُمَا جِنْسًا وَاحِدًا إذْ لَوْ جَعَلَهُمَا جِنْسًا وَاحِدًا صَارَ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ بِالدَّرَاهِمِ وَقَدْ اشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ فِي بَابِ الْمُسَاوَمَةِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ قِيَاسًا فِي حَقِّ حُكْمِ الرِّبَا حَتَّى جَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَفِيمَا عَدَا حُكْمِ الرِّبَا جُعِلَا جِنْسًا وَاحِدًا اسْتِحْسَانًا حَتَّى يَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَالْقَاضِي فِي قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَوَّمَ بِالدَّرَاهِمِ. وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَ بِالدَّنَانِيرِ وَالْمُكْرَهُ عَلَى الْبَيْعِ بِالدَّرَاهِمِ إذَا بَاعَ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ كَانَ بَيْعُهُ بَيْعَ مُكْرَهٍ كَمَا لَوْ بَاعَ بِالدَّرَاهِمِ، وَصَاحِبُ الدَّرَاهِمِ إذَا ظَفِرَ بِدَنَانِيرَ مَنْ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِجِنْسِ حَقِّهِ كَمَا لَوْ ظَفِرَ بِدَرَاهِمِهِ إلَّا رِوَايَةً شَاذَّةً عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِذَا بَاعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِالدَّنَانِيرِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ، وَكَانَ الثَّانِي أَقَلَّ قِيمَةً مِنْ الْأَوَّلِ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا اسْتِحْسَانًا وَتَبَيَّنَ بِمَا ذُكِرَ هَهُنَا أَنَّهُمَا اُعْتُبِرَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِيمَا وَرَاءَ حُكْمِ الرِّبَا أَيْضًا وَكَذَلِكَ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ اُعْتُبِرَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ حَتَّى إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ شَهِدَ بِالدَّرَاهِمِ وَالْآخَرُ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ شَهِدَ بِالدَّرَاهِمِ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي الدَّنَانِيرَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. وَكَذَلِكَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ اُعْتُبِرَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ حَتَّى إنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَارًا بِدَرَاهِمَ وَآجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ بِدَنَانِيرَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ، وَقِيمَةُ الثَّانِي أَكْثَرُ مِنْ الْأَوَّلِ تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ فَمَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُمَا جُعِلَا جِنْسًا وَاحِدًا فِيمَا عَدَا حُكْمِ الرِّبَا عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرُ صَحِيحٍ. (وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِمِثْلِ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَبِشَيْءٍ آخَرَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ بِأَنْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَيَشْتَرِيَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَثَوْبٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ فِي هَذِهِ

الصُّورَةِ يَصِيرُ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ أَيْضًا، فَإِنْ وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ ثَمَنًا، فَإِنْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ إمَّا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالدَّنَانِيرِ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ اشْتَرَى بِمَا سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالشِّرَاءِ مُطْلَقًا يَنْصَرِفُ إلَى الشِّرَاءِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: وَهُنَا حِيلَةٌ أُخْرَى فِي الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُوَكِّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَاشْتَرَاهَا حَالَ غَيْبَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَاعْلَمْ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَمَّا إنْ لَمْ يَقُلْ الْآمِرُ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا الْوَكِيلُ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ. وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ اشْتَرَاهَا بِالْقَدْرِ الَّذِي أَمَرَهُ الْآمِرُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ الْجِنْسِ أَوْ بِذَلِكَ الْجِنْسِ وَلَكِنْ بِأَزْيَدَ مِنْهُ يَنْفُذُ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْوَكِيلِ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا الْأَوَّلُ بِنَفْسِهِ كَانَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا فَهَهُنَا كَذَلِكَ. وَإِنْ اشْتَرَاهَا حَالَ غَيْبَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ لَمْ يُقَدِّرْ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي ثَمَنًا يَصِيرُ الْوَكِيلُ الثَّانِي مُشْتَرِيًا لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الشِّرَاءَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ أَمْرِ الْآمِرِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْآمِرِ بِالشِّرَاءِ بِحَضْرَةِ رَأْيِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ وَهَذَا الشِّرَاءُ لَمْ يَحْضُرْهُ رَأْيُ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ قَدَّرَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي ثَمَنًا فَاشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ الثَّانِي بِغَيْبَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَنْفُذُ الشِّرَاءُ عَلَى الْآمِرِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يَنْفُذُ الشِّرَاءُ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ. (رَجُلٌ) وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَبِيعَ جَارِيَتَهُ وَقَبِلَ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ، ثُمَّ أَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِنَفْسِهِ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْوَكِيلُ لِمَوْلَى الْجَارِيَةِ: وَكِّلْنِي بِبَيْعِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ وَأَجْرِ أَمْرِي فِيهَا وَمَا عَمِلْت فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ، ثُمَّ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ يَشْتَرِيهَا مِنْ الْوَكِيلِ الثَّانِي فَيَجُوزُ، وَهَذَا لِأَنَّ صَاحِبَ الْجَارِيَةِ أَجَازَ صَنِيعَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ وَالتَّوْكِيلُ مِنْ صَنِيعِهِ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ مِنْهُ فَصَارَ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِ الْجَارِيَةِ لَا عَنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ يَنْعَزِلَانِ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ لَوْ عَزَلَهُمَا يَنْعَزِلَانِ وَإِذَا عَزَلَ الثَّانِيَ وَحْدَهُ يَنْعَزِلُ وَإِذَا عَزَلَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ يَنْعَزِلُ الثَّانِي عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْحِيَلِ وَأَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الثَّانِيَ وَكِيلٌ عَنْ الْأَوَّلِ وَلَكِنْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ صَاحِبَ الْجَارِيَةِ أَجَازَ صَنِيعَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ، وَعَزْلُ الثَّانِي مِنْ صَنِيعِهِ فَنَفَذَ عَلَيْهِ، وَإِذَا صَارَا وَكِيلَيْ صَاحِبِ الْجَارِيَةِ كَانَ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ بِبَيْعِ الْجَارِيَةِ بِنَفْسِهِ. وَإِنْ لَمْ يُجِزْ مَوْلَى الْجَارِيَةِ صَنِيعَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَهَا الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهَا حَتَّى يَجُوزَ الْبَيْعُ بِلَا خِلَافٍ وَيَدْفَعَهَا إلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ يَسْتَقِيلَهُ الْعَقْدَ وَتَنْفُذُ الْإِقَالَةُ عَلَى

الْوَكِيلِ خَاصَّةً أَوْ يَطْلُبُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَنْ يُوَلِّيَهُ الْبَيْعَ أَوْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ ابْتِدَاءً فَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ لِلْوَكِيلِ (رَجُلٌ) كَتَبَ إلَى رَجُلٍ وَهُوَ فِي مَدِينَةٍ غَيْرِ الْمَدِينَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَتَاعًا يَصِفُهُ لَهُ وَعِنْدَ الرَّجُلِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مَتَاعٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَقَدْ أَمَرَهُ صَاحِبُهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ مَا الْحِيلَةُ فِي أَنْ يَصِيرَ الْمَتَاعُ لِلرَّجُلِ الَّذِي كَتَبَ إلَيْهِ قَالَ يَبِيعُ ذَلِكَ الْمَتَاعَ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ بَيْعًا صَحِيحًا وَيَدْفَعُ إلَيْهِ ثُمَّ يَشْتَرِي مِنْهُ الرَّجُلُ الَّذِي يَكْتُبُ إلَيْهِ وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الْمَتَاعَ بِنَفْسِهِ مِنْ الرَّجُلِ الَّذِي كَتَبَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَتَوَلَّى الْعَقْدَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَكِنْ يَفْعَلُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا وَيَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا جَرَى بَيْنَ اثْنَيْنِ. (رَجُلٌ) وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ دَارًا أَوْ مَتَاعًا أَوْ غَيْرَهُ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ إلَى أَجَلٍ وَيَكُونُ الثَّمَنُ حَالًّا عَلَى الْآمِرِ يَأْخُذُهُ مِنْهُ وَالْبَائِعُ يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ مَا الْحِيلَةُ فِيهِ قَالَ: الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِالثَّمَنِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ فَإِذَا تَوَاجَبَا الْبَيْعَ وَجَبَ الثَّمَنُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْوَكِيلِ وَوَجَبَ لِلْوَكِيلِ الثَّمَنُ عَلَى الْآمِرِ يَأْخُذُهُ مِنْهُ ثُمَّ يُؤَجِّلُ الْبَائِعُ الْوَكِيلَ بِالثَّمَنِ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَيَجُوزُ التَّأْجِيلُ لِلْوَكِيلِ وَيَكُونُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَأْخُذَ الْآمِرَ بِالثَّمَنِ حَالًّا وَهَذَا لِأَنَّ مُطْلَقَ الْبَيْعِ يُوجِبُ الثَّمَنَ حَالًّا وَيَكُونُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَكَانَ دَيْنُ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ حَالًّا بِسَبَبِ الْعَقْدِ، وَتَأْجِيلُ الْبَائِعِ الْوَكِيلَ لَهُ لَا يَتَعَدَّى إلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ إبْرَاءٌ مُؤَقَّتٌ فَيُعْتَبَرُ بِالْإِبْرَاءِ الْمُؤَبَّدِ وَالْبَائِعُ لَوْ أَبْرَأَ الْوَكِيلَ عَنْ الثَّمَنِ أَوْ وَهَبَ لَهُ لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَكَذَا هَذَا بِخِلَافِ حَطِّ بَعْضِ الثَّمَنِ عَنْ الْوَكِيلِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا بِذَلِكَ الْقَدْرِ لِأَنَّ الْحَطَّ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَيَصِيرُ كَأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى مَا بَقِيَ أَمَّا الْإِبْرَاءُ عَنْ كُلِّ الثَّمَنِ لَا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا قُلْنَا فِي الْبَائِعِ إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. وَلَوْ حَطَّ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الثَّمَنِ فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ بِمَا وَرَاءَ الْمَحْطُوطِ فَهَهُنَا كَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَحُطَّ الْوَكِيلُ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ فَفَعَلَ الْوَكِيلُ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَمِنْ مَذْهَبِهِمَا أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ أَوْ وَهَبَ الثَّمَنَ مِنْهُ أَوْ حَطَّ بَعْضَ الثَّمَنِ عَنْهُ صَحَّ وَيَضْمَنُ مِثْلَ ذَلِكَ لِلْمُوَكِّلِ مِنْ مَالِهِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ طَلَبَ حِيلَةً حَتَّى يَصِحَّ عِنْدَ الْكُلِّ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَهَبَ الْوَكِيلُ لِلْمُشْتَرِي دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ قَدْرَ مَا يُرِيدُ الْهِبَةَ أَوْ الْحَطَّ وَيَدْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَبِيعُ الْعَيْنَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الَّذِي يُرِيدُ الْبَيْعَ بِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدْفَعُ مَا قَبَضَ بِحُكْمِ الْهِبَةِ إلَى الْوَكِيلِ قَضَاءً مِنْ الثَّمَنِ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي بِمَنْزِلَةِ الْحَطِّ وَيَحْصُلُ مَقْصُودُهُمَا، ثُمَّ اعْلَمْ بِأَنَّ إبْرَاءَ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْمُشْتَرِيَ عَنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ، وَهِبَةَ جَمِيعِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ بَعْضِهِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

الفصل العشرون في الشفعة

وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ حَطُّ بَعْضِ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ صَحِيحٌ عِنْدَهُمَا، فَأَمَّا حَطُّ كُلِّ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ. (رَجُلٌ) أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَتَاعًا مِنْ بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ فَخَافَ الْوَكِيلُ أَنْ لَوْ بَعَثَ بِذَلِكَ مَعَ غَيْرِهِ يَضْمَنُ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُجِيزَ لَهُ الْمُوَكِّلُ مَا صَنَعَ فَإِذَا أَجَازَ لَهُ ذَلِكَ يَبْعَثُ هُوَ بِالْمَتَاعِ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ وَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ أُجِيزَ لَهُ مَا صَنَعَ وَكَذَا الْحِيلَةُ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ الْمَتَاعَ الْمُشْتَرَى مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ الْعِشْرُونَ فِي الشُّفْعَة] (الْفَصْلُ الْعِشْرُونَ فِي الشُّفْعَةِ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: جَمَعَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَسَائِلَ بَعْضَهَا لِمَنْعِ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ وَبَعْضَهَا لِتَقْلِيلِ الرَّغْبَةِ، فَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ أَنْ يَهَبَ الْبَائِعُ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْمُشْتَرِي يَهَبُ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ وَذُكِرَ فِي حِيَلِ الْأَصْلِ ثُمَّ الْمُشْتَرِي يُعَوِّضُهُ مِقْدَارَ الثَّمَنِ فَإِذَا فَعَلَا ذَلِكَ لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ يَخْتَصُّ بِالْمُعَاوَضَاتِ، وَالْهِبَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ لَا تَصِيرُ مُعَاوَضَةً بِالتَّعْوِيضِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ فِيهَا أَحْكَامُ الْمُبَادَلَةِ مِنْ رَدِّ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْعَيْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَإِذَا لَمْ تَصِرْ مُبَادَلَةً بَقِيَتْ هِبَةً مَحْضَةً فَلَا تَثْبُتُ فِيهَا الشُّفْعَةُ غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ حِيلَةٌ يَمْلِكُهَا بَعْضُ النَّاسِ دُونَ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْوُكَلَاءِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ هِبَةُ الدَّارِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ، ذُكِرَ فِي شُفْعَةِ الْأَصْلِ وَفِي مَوَاضِعَ مِنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّهَا بِمَعْنَى الْبَيْعِ. وَيَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ فِيهَا حَقُّ الشُّفْعَةِ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ النَّوَادِرِ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ أَوْ خِلَافٌ لَا يَصْلُحُ حِيلَةً لِإِبْطَالِ الشُّفْعَةِ، وَلَكِنْ يَتَأَتَّى فِي هَذِهِ الْهِبَةِ حِيلَةُ تَأْخِيرِ حَقِّ الشَّفِيعِ بِأَنْ يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ إلَّا جُزْءًا مِنْهَا أَوْ يُسَلِّمَ الثَّمَنَ إلَّا جُزْءًا مِنْهُ، فَلَا يَكُونُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الْأَخْذِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ إنَّمَا تَصِيرُ بَيْعًا بَعْدَ قَبْضِ كُلِّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، أَمَّا قَبْلَ قَبْضِ كُلِّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا تَصِيرُ بَيْعًا، حَتَّى رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ: يَثْبُتُ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ رِضًا مَا لَمْ يَقْبِضْ الْمَوْهُوبُ لَهُ كُلَّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. (وَمِنْ جُمْلَةِ الْحِيَلِ) أَنْ يَتَصَدَّقَ صَاحِبُ الدَّارِ بِالدَّارِ عَلَى الَّذِي يُرِيدُ الشِّرَاءَ ثُمَّ يَتَصَدَّقَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، كَمَا فِي الْهِبَةِ. وَالصَّدَقَةُ إنَّمَا تُفَارِقُ الْهِبَةَ فِي حَقِّ الرُّجُوعِ فِيهَا، فَأَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ سَوَاءٌ. (وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ) أَنْ يُقِرَّ صَاحِبُ الدَّارِ بِالدَّارِ لِلَّذِي يُرِيدُ شِرَاءَهَا ثُمَّ

يُقِرَّ الَّذِي يُرِيدُ شِرَاءَ الدَّارِ بِالثَّمَنِ لِلْبَائِعِ فَلَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ لَيْسَ بِحَقٍّ، وَالْإِقْرَارُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِحَقٍّ هَلْ يَنْقُلُ الْمِلْكَ أَوْ لَا يَنْقُلُ؟ فِيهِ كَلَامٌ عُرِفَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ فَهَذَا يَكُونُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ. (وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ) أَنْ يُبَيِّنَ مَوْضِعًا مِنْ الدَّارِ وَيَخُطَّ خَطًّا وَيَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِطَرِيقِهِ أَوْ يَهَبَهُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِطَرِيقِهِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ بَقِيَّةَ الدَّارِ فَلَا يَثْبُتُ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ، وَإِنَّمَا قَالَ: يَخُطَّ خَطًّا كَيْ لَا تَكُونَ هَذِهِ هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَإِنَّمَا لَا يَكُونُ فِي هَذِهِ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ صَارَ شَرِيكًا وَالشَّرِيكُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَارِ، وَإِنَّمَا شُرِطَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَصَدَّقْ بِطَرِيقَةِ صَارَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ جَارًا لِلدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْجَارِ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ إنَّمَا تَكُونُ حِيلَةً لِإِبْطَالِ حَقِّ الْجَارِ لَا لِإِبْطَالِ حَقِّ الْخَلِيطِ. (وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ) مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَتْ الدَّارُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ يَهَبُ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الدَّارِ مِنْ الَّذِي يُرِيدُ شِرَاءَ الدَّارِ، ثُمَّ يَتَرَافَعَانِ إلَى الْحَاكِمِ الَّذِي يَرَى جَوَازَ هِبَةِ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَيُجَوِّزُهَا، ثُمَّ لَا يُبْطِلُهَا قَاضٍ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى قَضَاءِ قَاضٍ فِي شَيْءٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، حَتَّى لَوْ كَانَ شَيْئًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ نَحْوَ الْبَيْتِ الصَّغِيرِ وَالْحَانُوتِ يَهَبُ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الَّذِي يُرِيدُ الشِّرَاءَ ثُمَّ يَبِيعُ الْبَاقِيَ مِنْهُ فَلَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي، ثُمَّ ذَكَرَ حِيلَةً لِرَغْبَتِهِ عَنْ الْأَخْذِ، (فَقَالَ) : يَشْتَرِي الْبِنَاءَ أَوَّلًا بِثَمَنٍ رَخِيصٍ ثُمَّ يَشْتَرِي الْعَرْصَةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِصَفْقَةٍ أُخْرَى بِثَمَنٍ غَالٍ، فَلَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ فِي الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلِيٌّ وَلَا يَرْغَبُ فِي أَخْذِ الْعَرْصَةِ لِكَثْرَةِ ثَمَنِهَا. وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى الْبِنَاءَ بِأَصْلِهِ حَتَّى صَارَ مَا تَحْتَ الْجِدَارِ لَهُ يَكُونُ هُوَ شَرِيكًا فِي الدَّارِ فَلَا يَثْبُتُ لِلْجَارِ حَقُّ الشُّفْعَةِ؛ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ هَذِهِ الْحِيلَةُ لِمَنْعِ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ. (وَمِنْ جُمْلَةِ الْحِيَلِ) إذَا وَهَبَ الْبِنَاءَ مِنْ الَّذِي يُرِيدُ شِرَاءَ الدَّارِ بِأَصْلِهِ ثُمَّ اشْتَرَى الْعَرْصَةَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَهَبَ الْبِنَاءَ بِأَصْلِهِ صَارَ مَا تَحْتَ الْبِنَاءِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَصَارَ هُوَ شَرِيكًا فِي الدَّارِ فَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى الْجَارِ. (وَفِي الْكُرُومِ وَالْأَرَاضِي) إنْ أَرَادَ الْحِيلَةَ لِمَنْعِ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ يَبِيعُ الْأَشْجَارَ بِأَصْلِهَا أَوْ يَهَبُ الْأَشْجَارَ بِأَصْلِهَا فَيَصِيرُ هُوَ شَرِيكًا ثُمَّ يَشْتَرِي الْبَاقِيَ وَإِنْ أَرَادَ الْحِيلَةَ لِرَغْبَتِهِ عَنْ الْأَخْذِ يَبِيعُ الْأَشْجَارَ أَوَّلًا بِثَمَنٍ رَخِيصٍ ثُمَّ يَشْتَرِي الْأَرَاضِيَ مِنْهُ بِثَمَنٍ غَالٍ. (حِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَشْتَرِيَ سَهْمًا مِنْ الدَّارِ بِثَمَنٍ غَالٍ فِي صَفْقَةٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ الْبَاقِيَ بِثَمَنٍ يَسِيرٍ فَلَا يَكُونُ لِلْجَارِ حَقُّ الشُّفْعَةِ فِي الصَّفْقَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَرِيكٌ فِي الدَّارِ عِنْدَ مُبَاشَرَةِ الصَّفْقَةِ الثَّانِيَةِ، إنَّمَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الصَّفْقَةِ الْأُولَى وَهُوَ لَا يَرْغَبُ فِيهَا لِمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَى ذَلِكَ بِثَمَنٍ غَالٍ، فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: أَخَافُ أَنْ لَا يَبِيعَنِي الْبَائِعُ الْبَاقِيَ لَوْ اشْتَرَيْت مِنْهُ هَذَا السَّهْمَ بِثَمَنٍ غَالٍ، فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يُقِرَّ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِسَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ مُشَاعٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ الْبَاقِيَ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُخَطِّئُ الْخَصَّافَ فِي فَصْلِ إقْرَارِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي بِسَهْمٍ مِنْ الدَّارِ وَكَانَ يُفْتِي بِوُجُوبِ

الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ مَا ثَبَتَتْ إلَّا بِإِقْرَارِهِ، وَإِقْرَارُ الْإِنْسَانِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَكَانَ يَسْتَدِلُّ بِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ إذَا أَقَرَّ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدَيْهِ لِفُلَانٍ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ بِهَذَا الْإِقْرَارِ، وَطَرِيقُهُ مَا قُلْنَا فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَخَافُ أَنْ يَصِيرَ شَرِيكِي بِالْإِقْرَارِ، ثُمَّ لَا يَشْتَرِي الْبَاقِيَ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُدْخِلَا بَيْنَهُمَا مَنْ يَثِقَانِ بِهِ فَيَكُونَ الْإِقْرَارُ بِهَذَا السَّهْمِ لَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَ الْمُقَرُّ لَهُ بِالسَّهْمِ بَاقِيَ الدَّارِ فَتَحْصُلُ الثِّقَةُ لَهُمَا. (وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنَّهُ إذَا أَرَادَ شِرَاءَ الدَّارِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ يَشْتَرِيهَا فِي الظَّاهِرِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ وَيَدْفَعُ إلَى الْبَائِعِ بِالْأَلْفِ ثَوْبًا قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ أَوْ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَإِذَا جَاءَ الشَّفِيعُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا بِثَمَنِ الظَّاهِرِ وَهُوَ لَا يَرْغَبُ فِيهِ لِكَثْرَتِهِ. (وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ: إنْ أَحْبَبْت أُوَلِّيكَهَا بِمَا اشْتَرَيْت فَعَلْت ذَلِكَ، فَإِذَا قَالَ الشَّفِيعُ: نَعَمْ وَلِّنِهَا بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ رَغِبَ عَنْ الشُّفْعَةِ حِينَ طَلَبِ التَّوْلِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ هُوَ الْأَخْذُ بِالشِّرَاءِ الْأَوَّلِ لَا بِشِرَاءٍ آخَرَ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْ الشُّفْعَةِ يُبْطِلُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ: إنْ أَحْبَبْت بِعْتهَا مِنْك دُونَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ، وَفِي الْعُيُونِ سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَبِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَرْسَلَ الْمُشْتَرِي رَسُولًا إلَى الشَّفِيعِ حَتَّى قَالَ لِلشَّفِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا، فَإِذَا قَالَ الشَّفِيعُ مُجِيبًا: نَعَمْ؛ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ. (وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَتَصَادَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ فَاسِدًا أَوْ كَانَ تَلْجِئَةً أَوْ كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُمَا، وَإِذَا قَبِلْنَا قَوْلَهُمَا لَا يَجِبُ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ لِمَا عُرِفَ أَنَّ ثُبُوتَ حَقِّ الشُّفْعَةِ يَعْتَمِدُ زَوَالَ مِلْكِ الْبَائِعِ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يُوجَدُ هَذَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ. (وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَأْمُرَ الْمُشْتَرِي رَجُلًا حَتَّى يَقُولَ لِلشَّفِيعِ: لَقَدْ كُنْت اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا فُلَانٌ الْمُشْتَرِي. فَإِذَا قَالَ الشَّفِيعُ: صَدَقْت؛ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ أَنَّ شِرَاءَ الْمُشْتَرِي كَانَ بَعْدَ شِرَائِهِ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ شِرَاءَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَصِحَّ فَصَارَ مُقِرًّا بِبُطْلَانِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ يَسْتَدْعِي شِرَاءً صَحِيحًا. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِلشَّفِيعِ: هَذِهِ الدَّارُ لَك، وَلَمْ تَكُنْ لِفُلَانٍ الْبَائِعِ، فَقَالَ الشَّفِيعُ: نَعَمْ؛ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِرًّا بِأَنَّ شِرَاءَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَصِحَّ فَصَارَ مُقِرًّا بِبُطْلَانِ شُفْعَتِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَحُطُّ مِنْ ثَمَنِهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَقَالَ الشَّفِيعُ: نَعَمْ قَدْ أَحْبَبْتَ؛ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ. وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إنَّمَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ إذَا قَالَ: أَحُطُّكَ مِنْ ثَمَنِهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَبِيعُهَا مِنْك بِتِسْعِينَ دِينَارًا؛ فَقَالَ الشَّفِيعُ: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لَمَّا رَغِبَ فِي شِرَائِهِ بِأَقَلَّ مِنْ الْمِائَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ: وَأَبِيعُهَا مِنْك بِتِسْعِينَ دِينَارًا لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ قَصَدَ حَطَّ الْعَشَرَةِ لِيَأْخُذَهَا بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي: حُطَّ عَنِّي عَشَرَةً إنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي الْبَاقِيَ بِتِسْعِينَ دِينَارًا؛ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَإِلَّا فَلَا. (وَجْهٌ آخَرُ) أَنْ يَشْتَرِيَ وَيَجْعَلَ الشَّفِيعَ

الفصل الحادي والعشرون في الكفالة

الْكَفِيلَ فِي الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ أَوْ بِالْعُهْدَةِ، فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْفَصْلُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْكَفَالَةِ] (الْفَصْلُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْكَفَالَةِ) رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَجُلٍ كَفِيلًا لَا يَقْدِرُ الْكَفِيلُ أَنْ يَبْرَأَ عَنْ الْكَفَالَةِ بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ مَا الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْكَفِيلُ: قَدْ كَفَلْت لَك بِنَفْسِ فُلَانٍ عَلَى أَنِّي كُلَّمَا دَفَعْته إلَيْك فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ كَفَالَةً مُجَدَّدَةً فَهَذَا جَائِزٌ، وَإِنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَيْسَ عَنْ أَصْحَابِنَا فِيهِ رِوَايَةٌ، وَفِي الْوَكَالَةِ فِي نَظِيرِهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ مِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ، وَهُوَ مَا إذَا وَكَّلَ رَجُلًا فِي حَادِثَةٍ ثُمَّ قَالَ لِلْوَكِيلِ: كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْت وَكِيلِي عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَتَجَدَّدُ الْوَكَالَةُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي زَيْدٍ الشُّرُوطِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَتَجَدَّدُ وَالْكَفَالَةُ عَلَى قِيَاسِهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْفَصْلُ الثَّانِي وَالْعُشْرُونَ فِي الْحَوَالَةِ] (الْفَصْلُ الثَّانِي وَالْعُشْرُونَ فِي الْحَوَالَةِ) رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ وَأَرَادَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ أَنْ يُحِيلَهُ عَلَى رَجُلٍ بِهَذَا الْمَالِ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا لَا يَرْجِعُ الطَّالِبُ عَلَى الْمُحِيلِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ، وَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقِرَّ الْمُحِيلُ وَالْمُحْتَالُ لَهُ، فِي كِتَابِ الْحَوَالَةِ أَنَّ هَذَا الْمُحِيلَ أَحَالَ بِهَذَا الْمَالِ عَلَى فُلَانٍ وَيُسَمِّيَانِ رَجُلًا مَجْهُولًا لَا يُعْرَفُ وَقَبِلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْحَوَالَةَ ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ أَحَالَ هَذَا الْمُحْتَالَ لَهُ بِهَذَا الْمَالِ عَلَى هَذَا الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَإِذَا فَعَلَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ مَاتَ هَذَا الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا لَا يَكُونُ لِلْمُحْتَالِ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُحِيلَ الْأَوَّلَ مَا أَحَالَ الْمُحْتَالَ لَهُ عَلَى هَذَا الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، إنَّمَا أَحَالَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْتَ ذَلِكَ الرَّجُلِ عَنْ إفْلَاسٍ. وَإِذَا أَرَادَ الْمَطْلُوبُ أَنْ يُحِيلَ الطَّالِبَ بِالْمَالِ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ فَقَالَ الطَّالِبُ لِلْمَطْلُوبِ: أَنْتَ عِنْدِي أَوْثَقُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَلَا آمَنُ أَنْ يَتْوَى مَالِي إنْ أَحَلْت بِهِ عَلَيْهِ وَطَلَبَ حِيلَةً حَتَّى لَا يَبْرَأَ الْأَصِيلُ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَضْمَنَ غَرِيمُ الْمَطْلُوبِ لِلطَّالِبِ عَنْ الْمَطْلُوبِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ وَكَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ فَيَحْصُلَ مَقْصُودُهُمَا جَمِيعًا (وَجْهٌ آخَرُ فِي ذَلِكَ) أَنْ يُوَكِّلَ الْمَطْلُوبُ الطَّالِبَ حَتَّى يَقْبِضَ الدَّيْنَ وَيَجْعَلَهُ قِصَاصًا بِمَالِهِ فَيَجُوزُ، أَمَّا التَّوْكِيلُ

الفصل الثالث والعشرون في الصلح

بِقَبْضِ الدَّيْنِ فَجَوَازُهُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا جَعْلُ الْمَقْبُوضِ قِصَاصًا بِمَالِهِ ظَاهِرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ طَرِيقَ قَضَاءِ الدَّيْنِ هَذَا عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، فَإِنْ قَالَ الْمَطْلُوبُ: أَخَافُ أَنْ يَقْبِضَ الطَّالِبُ مِنْ غَرِيمِي، وَيَقُولَ: ضَاعَ قَبْلَ أَنْ أَقْبِضَهُ لِنَفْسِي، وَيَكُونَ الْقَوْلُ لَهُ فِي ذَلِكَ. مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ لَمَّا وَكَّلَ الطَّالِبَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ غَرِيمِهِ وَلَمْ يَقُلْ: اقْبِضْهُ لِنَفْسِك يَقَعُ قَبْضُ الطَّالِبِ لِلْمَطْلُوبِ أَوَّلًا ثُمَّ يَحْتَاجُ الطَّالِبُ إلَى تَجْدِيدِ الْقَبْضِ لِنَفْسِهِ لِيَقَعَ الْقَبْضُ لِلطَّالِبِ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَمَانَةٌ وَالْقَبْضَ لِنَفْسِهِ قَبْضُ ضَمَانٍ، وَقَبْضُ الْأَمَانَةِ لَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الضَّمَانِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ الْقَبْضِ لِنَفْسِهِ. وَإِذَا قَالَ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ قَبْلَ أَنْ أَقْبِضَ لِنَفْسِي فَقَدْ ادَّعَى هَلَاكَ الْأَمَانَةِ قَبْلَ إحْدَاثِ سَبَبِ الضَّمَانِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ فَإِذَا عَرَفْت تَفْسِيرَ الْمَسْأَلَةِ فَالثِّقَةُ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ الْمَطْلُوبُ غَرِيمَهُ هَذَا أَنْ يَضْمَنَ عَنْهُ الْمَالَ لِلطَّالِبِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِهِ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَارَ الْمَالُ عَلَيْهِمَا فَإِذَا أَخَذَ الطَّالِبُ مِنْ غَرِيمِ الْمَطْلُوبِ شَيْئًا يَصِيرُ آخِذًا لِنَفْسِهِ، وَلَوْ هَلَكَ يُهْلَكُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الصُّلْحِ] (الْفَصْلُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الصُّلْحِ) قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حِيَلِ الْأَصْلِ: رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ صَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ يُؤَدِّيهَا إلَيْهِ فِي هِلَالِ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ مِائَتَا دِرْهَمٍ جَازَ هَذَا الصُّلْحُ فِي قَوْلِنَا وَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَالْوَضْعِ لَمْ يَذْكُرْهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الصُّلْحِ إنَّمَا هِيَ مِنْ خَصَائِصِ كِتَابِ الْحِيَلِ، وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ الْمَطْلُوبَ إذَا أَدَّى مِائَةً فِي الْوَقْتِ الْمَشْرُوطِ بَرِئَ عَنْ الْبَاقِي وَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ فَعَلَيْهِ مِائَتَا دِرْهَمٍ. وَإِنَّمَا الْمَذْكُورُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ: (أَحَدُهَا) إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ لِلْمَدْيُونِ: حَطَطْتُ عَنْك خَمْسَمِائَةٍ لِتُؤَدِّي خَمْسَمِائَةٍ غَدًا إلَيَّ، أَوْ قَالَ: لِتُؤَدِّي إلَيَّ خَمْسَمِائَةٍ غَدًا وَقَبِلَ الْآخَرُ، وَذَكَرَ أَنَّ الصُّلْحَ وَالْحَطَّ جَائِزَانِ أَدَّى الْمَدْيُونُ إلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ غَدًا أَوْ لَمْ يُؤَدِّ. (الثَّانِي) إذَا قَالَ: حَطَطْتُ عَنْك خَمْسَمِائَةٍ عَلَى أَنْ تُعَجِّلَنِي خَمْسَمِائَةٍ فَإِنْ لَمْ تُعَجِّلْ فَالْأَلْفُ عَلَيْك عَلَى حَالِهَا، وَقَبِلَ الْآخَرُ وَذَكَرَ أَنَّ الْمَدْيُونَ إنْ عَجَّلَ خَمْسَمِائَةٍ فَهُوَ بَرِيءٌ عَنْ الْخَمْسِمِائَةِ الْأُخْرَى وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ فَالْأَلْفُ عَلَيْهِ بِحَالِهَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْأَلْفَ عَلَى الْمَدْيُونِ عَلَى حَالِهَا عَجَّلَ الْخَمْسَمِائَةِ أَوْ لَمْ يُعَجِّلْ، وَبِالْقِيَاسِ أَخَذَ بَعْضُ النَّاسِ. (الثَّالِثُ) إذَا قَالَ: حَطَطْتُ عَنْك خَمْسَمِائَةٍ عَلَى أَنْ تُعَجِّلَنِي خَمْسَمِائَةٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، وَذَكَرَ فِيهِ خِلَافًا فَقَالَ: عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ عَجَّلَ خَمْسَمِائَةٍ بَرِئَ عَنْ الْخَمْسِمِائَةِ الْأُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ فَالْأَلْفُ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهَا وَبَطَلَ الصُّلْحُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَعَلَى الْمَطْلُوبِ خَمْسُمِائَةٍ عَجَّلَ الْخَمْسَمِائَةِ أَوْ لَمْ يُعَجِّلْ، فَهَذَا جُمْلَةُ مَا أَوْرَدَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الصُّلْحِ (جِئْنَا إلَى مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْحِيَلِ) فَصُورَتُهَا وَحُكْمُهَا مَا ذَكَرْنَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْحِيَلِ لَيُبَيِّنَ أَنَّ

هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الِاتِّفَاقِ لَا خِلَافَ فِيهَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ كِتَابِ الصُّلْحِ، فَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْحِيَلِ فَفِيهَا مُخَالِفٌ قِيلَ: الْمُخَالِفُ زُفَرُ، وَقِيلَ: ابْنُ أَبِي لَيْلَى. فَإِنْ طَلَبَا حِيلَةً حَتَّى يَجُوزَ هَذَا أَيْضًا بِلَا خِلَافٍ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: يَحُطُّ رَبُّ الْمَالِ عَنْ الْمَدْيُونِ ثَمَانَمِائَةٍ يَبْقَى مِائَتَا دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ مِنْ هَاتَيْنِ الْمِائَتَيْنِ عَلَى مِائَةٍ يُؤَدِّيهَا إلَيْهِ فِي وَقْتِ كَذَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا صُلْحَ بَيْنَهُمَا. وَمِثْلُ هَذَا الصُّلْحِ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي هَذِهِ الْحِيلَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ عَمَّا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ إلَى تَمَامِ الْمِائَتَيْنِ، أَيْضًا وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الْحِيَلِ أَنَّ هَذَا الصُّلْحَ جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ. وَفِي الْوَاقِعَاتِ السَّمَرْقَنْدِيَّة إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ صَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى شَهْرٍ فَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا إلَى شَهْرٍ فَمِائَتَا دِرْهَمٍ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ حَطَّا؛ لِأَنَّ الْمَحْطُوطَ مَجْهُولٌ وَهُوَ تِسْعُمِائَةٍ إنْ أَوْفَاهُ مِائَةً فِي الْوَقْتِ الْمَشْرُوطِ وَإِنْ لَمْ يُوفِهِ فَالْمَحْطُوطُ ثَمَانُمِائَةٍ، وَجَهَالَةُ الْمَحْطُوطِ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْحَطِّ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي مَسْأَلَةِ الْحِيَلِ كَذَلِكَ فَيَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ. (رَجُلٌ) مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَامْرَأَةً وَفِي أَيْدِيهِمَا دَارٌ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ دَارُهُ فَصَالَحَاهُ مِنْ دَعْوَاهُ عَلَى مَالٍ؛ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَا صَالَحَاهُ عَلَى غَيْرِ إقْرَارٍ فَالْمَالُ عَلَيْهِمَا أَثْمَانًا وَالدَّارُ بَيْنَهُمَا أَثْمَانًا، وَإِنْ كَانَا صَالَحَاهُ عَلَى إقْرَارٍ مِنْهُمَا فَالدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ طَلَبًا حِيلَةً حَتَّى يَكُونَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ وَتَكُونَ الدَّارُ بَيْنَهُمَا أَثْمَانًا وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْمَانًا فَالْحِيلَةُ أَنْ يُصَالِحَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا عَلَى إقْرَارٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَلِلِابْنِ سَبْعَةَ أَثْمَانٍ، فَإِذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَحَّ الصُّلْحُ وَكَانَتْ الدَّارُ بَيْنَهُمَا أَثْمَانًا ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُصَالِحُ عَلَيْهِمَا بِبَدَلِ الصُّلْحِ أَثْمَانًا إنْ كَانَا أَمَرَاهُ بِالصُّلْحِ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّهِمَا فَكَانَ صُلْحُهُ مُسْقِطًا دَعْوَى الْمُدَّعِي فَإِذَا سَقَطَتْ دَعْوَاهُ صَارَتْ الدَّارُ مَمْلُوكَةً لَهُمَا بِجِهَةِ الْإِرْثِ فَتَكُونُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَبَدَلُ الصُّلْحِ يَكُونُ كَذَلِكَ. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِ حِيَلِ الْأَصْلِ وَقَالَ: الْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّا لِلْمُدَّعِي بِالدَّارِ ثُمَّ يُصَالِحَاهُ مِنْهَا عَلَى كَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْمَرْأَةِ ثُمُنُ الدَّارِ وَلِلِابْنِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الدَّارِ، فَإِذَا صَرَّحَا بِذَلِكَ كَانَ الْمِلْكُ فِي الدَّارِ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا صَرَّحَا بِهِ وَالثُّمُنُ كَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَيَا دَارًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا ثُمُنُهَا وَلِلْآخَرِ سَبْعَةُ أَثْمَانٍ. (رَجُلٌ) مَاتَ وَتَرَكَ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ أَوْ عُرُوضًا فَأَرَادَ وَرَثَةُ الزَّوْجِ أَنْ يُصَالِحُوا الْمَرْأَةَ مِنْ حِصَّتِهَا مِنْ التَّرِكَةِ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ عَلَى دَنَانِيرَ اعْلَمْ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا تَخْلُو مِنْ وَجْهَيْنِ: (الْأَوَّلُ) إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَقَدْ تَرَكَ الزَّوْجُ دَرَاهِمَ وَعُرُوضًا وَصُولِحَتْ عَلَى دَرَاهِمَ، إنْ كَانَ مَا أَخَذَتْ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ جَازَ وَيُجْعَلُ الْمِثْلُ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِالْمِثْلِ وَالْبَاقِي بِمُقَابَلَةِ الْعُرُوضِ، غَيْرَ أَنَّ مَا يَخُصُّ الدَّرَاهِمَ مِنْ الدَّرَاهِمِ يَكُونُ صَرْفًا فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ مُقِرِّينَ بِالتَّرِكَةِ غَيْرَ مَانِعِينَ

لِنَصِيبِهَا مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهَا مِنْ التَّرِكَةِ أَمَانَةٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي أَيْدِيهِمْ وَقَبْضُ الْأَمَانَةِ لَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الضَّمَانِ فَإِنْ صَارَ نَصِيبُهَا مَضْمُونًا عَلَى الْوَرَثَةِ بِأَنْ كَانُوا جَاحِدِينَ لِلتَّرِكَةِ أَوْ مُقِرِّينَ إلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا مَانِعِينَ نَصِيبَهَا مِنْ التَّرِكَةِ الْآنَ لَا يُحْتَاجُ إلَى قَبْضِ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْغَصْبِ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الضَّمَانِ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى قَبْضِ بَدَلِ الصُّلْحِ لَا غَيْرُ. وَإِنْ كَانَ مَا أَخَذَتْ مِثْلَ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى الْعَرْضُ خَالِيًا عَنْ الْعِوَضِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَا أَخَذَتْ أَقَلَّ مِنْ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى الْعَرْضُ مَعَ بَعْضِ الدَّرَاهِمِ خَالِيًا عَنْ الْعِوَضِ فَتَعَذَّرَ تَجْوِيزُ هَذَا الصُّلْحِ بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ وَتَعَذَّرَ تَجْوِيزُهُ بِطَرِيقِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ عَيْنٌ، وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ. قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّمَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ عَلَى مِثْلِ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ حَالَةَ التَّصَادُقِ، وَأَمَّا حَالَةَ الْمُنَاكَرَةِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الْمُنَاكَرَةِ الْمُعْطِي يُعْطِي الْمَالَ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ وَتَفْدِيَةِ يَمِينِهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ الرِّبَا، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَرَكَهَا الزَّوْجُ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ صَحِيحٌ مِنْ وَجْهٍ فَكَانَتْ الْعِبْرَةُ لِجَانِبِ الْفَسَادِ. وَإِنْ صُولِحَتْ عَلَى عَرْضٍ أَوْ دَنَانِيرَ جَازَ وَإِنْ قَلَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ الرِّبَا فِي خِلَافِ الْجِنْسِ وَهَذَا هُوَ الْحِيلَةُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَإِنْ كَانَتْ تَرِكَةُ الزَّوْجِ دَنَانِيرَ أَوْ عُرُوضًا فَصُولِحَتْ عَلَى دَنَانِيرَ فَهُوَ عَلَى التَّفَاصِيلِ الَّتِي قُلْنَا فِي الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ صُولِحَتْ عَلَى دَرَاهِمَ جَازَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ كَانَتْ فِي تَرِكَةِ الزَّوْجِ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ وَعُرُوضٌ فَصُولِحَتْ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ عَلَى دَنَانِيرَ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهَا مِنْ ذَلِكَ النَّقْدِ حَتَّى يَكُونَ الْمِثْلُ بِالْمِثْلِ مِنْ النَّقْدِ وَالْبَاقِي بِإِزَاءِ الْعُرُوضِ وَالنَّقْدِ لِلْآخَرِ، وَإِنْ صُولِحَتْ عَلَى دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ جَازَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيُصْرَفُ الْجِنْسُ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ وَهَذَا هُوَ الْحِيلَةُ فِي هَذَا الْبَابِ، إلَّا أَنَّ مَا يَخُصُّ الدَّرَاهِمَ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَمَا يَخُصُّ الدَّنَانِيرَ مِنْ الدَّرَاهِمِ صَرْفٌ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ وَمَا يَخُصُّ الْعُرُوضَ لَيْسَ بِصَرْفٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ مُسْتَقِيمَةٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْرِفُ الْجِنْسَ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِكْرَاهِ. فَالثِّقَةُ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ أَنْ يُصَالِحُوهَا مِنْ جَمِيعِ نَصِيبِهَا مِنْ جَمِيعِ تَرِكَةِ الزَّوْجِ عَلَى عَرْضٍ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ لَا يُحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ حِصَّتِهَا مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ وَهَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ جَوَازَ هَذَا الصُّلْحِ بِطَرِيقِ الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ هَذَا بَيْعٌ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَبَيْعُ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مِقْدَارَهُ إذَا كَانَ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ جَائِزٌ، أَلَا يَرَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا أَوْ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ شَيْئًا ثُمَّ إنَّ الْمُقِرَّ اشْتَرَى ذَلِكَ الشَّيْءَ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَا لَا يَعْرِفَانِ مِقْدَارَهُ كَذَا هُنَا، فَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مَجْهُولَةً لَا يُدْرَى مَا هِيَ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ

كِتَابِ الشُّرُوطِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ احْتِمَالِ الرِّبَا بِأَنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ وَنَصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ مِثْلُ بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ أَكْثَرُ. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ مِنْ جِنْسِ بَدَلِ الصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ أَقَلَّ فَيَكُونُ فِيهِ احْتِمَالُ الِاحْتِمَالِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ عَقَارًا وَأَرَاضِيَ وَحَيَوَانًا وَأَمْتِعَةً وَكُلُّ ذَلِكَ فِي أَيْدِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَدْرِي مَا هُوَ فَصَالَحَهُمْ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ جَازَ وَقَدْ مَرَّ جِنْسُ هَذَا. (الْوَجْهِ الثَّانِي) إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ فَإِنْ أَدْخَلُوا الدَّيْنَ فِي الصُّلْحِ بِأَنْ صَالَحُوهَا مِنْ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ عَلَى مَالٍ أَوْ صَالَحُوهَا عَلَى أَنْ تَأْخُذَ هِيَ الدَّيْنَ مِنْ الْغَرِيمِ وَتَتْرُكَ حَقَّهَا فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ وَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَمَتَى فَسَدَ الصُّلْحُ فِي حِصَّةِ الدَّيْنِ فَسَدَ فِي حِصَّةِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَاحِدٌ، وَإِنْ لَمْ يُدْخِلُوا الدَّيْنَ فِي الصُّلْحِ صَحَّ الصُّلْحُ عَنْ بَاقِي التَّرِكَةِ وَبَقِيَ الدَّيْنُ عَلَى الْغَرِيمِ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى. وَهَذَا نَوْعُ حِيلَةٍ فِي تَصْحِيحِ هَذَا الصُّلْحِ أَنْ يَسْتَثْنُوا الدَّيْنَ وَيَذْكُرُوا فِي الْوَثِيقَةِ مَا خَلَا الدَّيْنَ، وَإِنْ أَرَادُوا إدْخَالَ الدَّيْنِ فِي الصُّلْحِ فَالْوَجْه أَنْ تَسْتَقْرِضَ الْمَرْأَةُ مِنْ الْوَرَثَةِ مِثْلَ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّيْنِ ثُمَّ تُحِيلَهُمْ بِذَلِكَ عَلَى الْغَرِيمِ لِيُعْطِيَهُمْ مِنْ نَصِيبِهَا وَيَقْبَلَ الْغَرِيمُ ذَلِكَ، ثُمَّ يُصَالِحُونَهَا عَنْ بَقِيَّةِ الْمَالِ فَيَصِيرَ جَمِيعُ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ مِلْكًا لَهُمْ أَوْ يُعَجِّلُوا لِلْمَرْأَةِ نَصِيبَهَا يَعْنِي الْوَرَثَةَ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مُتَطَوِّعِينَ عَنْ الْغَرِيمِ، فَإِنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ عَنْ غَيْرِهِ مُتَطَوِّعًا جَائِزٌ ثُمَّ يُصَالِحُونَهَا عَمَّا بَقِيَ فَالْإِقْرَاضُ أَنْفَعُ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ، حَتَّى أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَصِلُوا إلَى حَقِّهِمْ مِنْ الدُّيُونِ يَرْجِعُونَ بِمَا أَدَّوْا عَلَى الْمَرْأَةِ، أَمَّا لَوْ عَجَّلُوا نَصِيبَهَا مُتَطَوِّعِينَ لَا يَصِلُونَ إلَى مَا أَدَّوْا لَا مِنْ جِهَةِ الْغَرِيمِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُتَطَوِّعِ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ أَبَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ يُقْرِضُوا نَصِيبَهَا مِنْ الدَّيْنِ فَالْحِيلَةُ أَنْ تَسْتَقْرِضَ نَصِيبَهَا مِنْ الدَّيْنِ مِنْ رَجُلٍ وَيُعَجَّلُ نَصِيبُهَا مِنْ الدَّيْنِ ثُمَّ يُصَالِحُونَهَا مِنْ الْمَالِ الْعَيْنِ، فَإِنْ أَبَى الْغَرِيمُ أَنْ يُقْرِضَ نَصِيبَهَا فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ الْوَرَثَةُ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَرَضًا مِنْ عُرُوضِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسِينَ الَّذِي هُوَ نَصِيبُهَا وَقَدْ يَفْعَلُ الْوَارِثُ هَذَا لِأَجْلِ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ صِحَّةُ الصُّلْحِ وَخُرُوجُهَا مِنْ الْبَيْنِ ثُمَّ تُحِيلُ الْمَرْأَةُ بِثَمَنِ ذَلِكَ الْعَرْضِ عَلَى الْغَرِيمِ ثُمَّ يُصَالِحُونَهَا مِنْ الْمَالِ الْعَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَا تُجِيبُ إلَى ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يُتْوَى الْمَالُ عَلَى الْغَرِيمِ وَيَرْجِعُ الْوَارِثُ عَلَيْهَا بِثَمَنِ الْعَرَضِ فَالْحِيلَةُ أَنْ تُقِرَّ الْمَرْأَةُ بِاسْتِيفَاءِ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْغَرِيمِ. وَتَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهَا بِالِاسْتِيفَاءِ ثُمَّ يُصَالِحُونَهَا مِنْ الْمَالِ الْعَيْنِ عَلَى مَا وَصَفْنَا، وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ هِشَامٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَوَادِرِهِ: قُلْت لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَا نَقُولُ فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدٍ لَهُ سَنَةً فَمَاتَ الْمُوصِي فَأَرَادَ الْوَارِثُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الْمُوصَى لَهُ وَصِيَّتَهُ فِي الْعَبْدِ؟ لَا يَجُوزُ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ لَا يُورَثُ حَقُّ وَصِيَّتِهِ كَمَا لَا يُورَثُ حَقُّ الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ وَلِأَنَّ حَقَّهُ لَا مَالِيَّةَ لَهُ وَلَا ثَمَنَ، وَعَقْدُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَقْدٌ خَاصٌّ يَرِدُ عَلَى مَالِهِ ثَمَنٌ وَلَهُ مَالِيَّةٌ، وَعَنْ هَذَا قُلْنَا: إنَّ

الفصل الرابع والعشرون في الرهن

بَيْعَ الْمَنَافِعِ بَاطِلٌ وَالْإِجَارَةُ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ عَقْدٌ يَرِدُ عَلَى مَا لَهُ مَالِيَّةٌ وَالْمَنَافِعُ لَا مَالِيَّةَ فِيهَا فَلَا يَرِدُ عَلَيْهَا الْبَيْعُ، كَذَا هُنَا فِي مَسْأَلَتِنَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي إذَا اشْتَرَى مِنْ الشَّفِيعِ حَقَّهُ بِمَالٍ كَانَ الشِّرَاءُ بَاطِلًا وَكَانَ ذَلِكَ تَسْلِيمًا لِلشُّفْعَةِ وَإِبْطَالًا لَحَقِّهِ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَجَدْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُشْكِلَةً لَيْسَ لَهَا فِي الْأُمَّةِ مَنْ يَفْتَحُهَا، وَإِنَّمَا تُشْكِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لِإِشْكَالِ هَذَا الْأَصْلِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَرِدُ إلَّا عَلَى مَا لَهُ مَالِيَّةٌ وَثَمَنِيَّةٌ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَسَائِلِ وَتُشْكِلُ هَذِهِ بِمَسْأَلَةِ الطَّلَاق فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا: اشْتَرَيْت طَلَاقِي مِنْك بِكَذَا، فَقَالَ الزَّوْجُ: بِعْت؛ صَحَّ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ. وَكَذَا لَوْ بَاعَ الزَّوْجُ مِنْهَا طَلَاقَهَا بِمَالٍ أَوْ بَاعَ بِضْعَهَا مِنْهَا بِمَالٍ وَاشْتَرَتْ مِنْهُ يَصِحُّ وَيَجِبُ الْبَدَلُ وَلَا مَالِيَّةَ فِي نَفْسِهَا وَلَا ثَمَنِيَّةَ، وَكَذَا لَا مَالِيَّةَ فِي طَلَاقِهَا وَلَا ثَمَنِيَّةَ، وَمَعَ ذَلِكَ صَحَّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَصِحَّةُ الطَّلَاقِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ تَقْتَضِي جَوَازَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَجَوَازَ بَيْعِ الْمَنَافِعِ وَجَوَازَ بَيْعِ الْوَصِيَّةِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ مَشَايِخَنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - تُكَلَّفُوا لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْكَرْخِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَعْيَاهُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا حَتَّى رَجَعَ عَنْ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ. وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِجَوَازِ بَيْعِ الْمُوصَى لَهُ وَصِيَّتَهُ مِنْ الْوَارِثِ بِمَالٍ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَبْسُوطِ يُخَالِفُهُ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ لِلْوَارِثِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الْمُوصَى لَهُ وَصِيَّتَهُ بِمَالٍ كَيْفَ الْحِيلَةُ وَالثِّقَةُ لِلْوَارِثِ فِيهِ فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يُصَالِحَ الْوَارِثُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ وَصِيَّتِهِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ فَيَجُوزُ وَيَبْطُلُ حَقُّ صَاحِبِ الْخِدْمَةِ وَيَصِيرُ الْعَبْدُ لِلْوَارِثِ يَصْنَعُ بِهِ مَا بَدَا لَهُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ هَذَا الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ وَقَعَ عَلَى خِلَافِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَالصُّلْحُ إذَا كَانَ وَاقِعًا عَلَى خِلَافِ جِنْسِ الْحَقِّ يُعْتَبَرُ مُعَاوَضَةً وَتَمْلِيكًا وَتَعَذَّرَ اعْتِبَارُ هَذَا الصُّلْحِ تَمْلِيكًا؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ مَلَكَ خِدْمَةَ الْعَبْدِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَمَنْ مَلَكَ مَنْفَعَةً بِغَيْرِ عِوَضٍ لَا يَمْلِكُ التَّمْلِيكَ مِنْ غَيْرِهِ بَعُوضٍ كَالْمُسْتَعِيرِ. وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ الصُّلْحَ مَتَى تَعَذَّرَ اعْتِبَارُهُ تَمْلِيكًا فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ إسْقَاطًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الرَّهْنِ] (الْفَصْلُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الرَّهْنِ) رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَرْهَنَ نِصْفَ دَارِهِ أَوْ نِصْفَ ضِيَاعِهِ شَائِعًا لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا، وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ فَإِنْ طَلَبَا حِيلَةً فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ دَارِهِ أَوْ نِصْفَ ضِيَاعِهِ بِالْمَالِ الَّذِي يُرِيدُ اسْتِقْرَاضَهُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِيهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِذَا تَقَابَضَا فَسَخَ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ فَيَبْقَى الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ إنْ هَلَكَ هَلَكَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ دَخَلَهُ عَيْبٌ ذَهَبَ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ، هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حِيَلِهِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرَى فِي

خِيَارِ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ لَا بِالْقِيمَةِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بُيُوعِ الْجَامِعِ فِي بَابِ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرَى فِي خِيَارِ الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ لَا بِالثَّمَنِ كَمَا قَبْلَ الْفَسْخِ وَالرَّدُّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءِ نَظِيرِ الرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي. وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي حِيَلِ الْأَصْلِ وَقَالَ: الْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ الْمُسْتَقْرِضُ نِصْفَ دَارِهِ مِنْ الْمُقْرِضِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ إلَى وَقْتِ كَذَا شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ رَدَّ الْمَالَ فِيهِ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ فَالْخِيَارُ بَاطِلٌ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ. وَقَدْ عُرِفَ مِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ وَلَكِنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ لَا تَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَكَذَلِكَ إنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ فَنَقَضَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ بَعْدَ مَا تَقَابَضَا فَالْجَوَابُ فِيهِ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ هَذَا الْمَبِيعَ يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ إنْ هَلَكَ أَوْ دَخَلَهُ عَيْبٌ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مِثْلَ قِيمَتِهِ وَيُتَرَادَّانِ الْفَضْلَ إنْ كَانَ هُنَاكَ فَضْلٌ. (رَجُلٌ) أَرَادَ أَنْ يَرْتَهِنَ مِنْ رَجُلٍ رَهْنًا وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالرَّهْنِ بِأَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ أَرْضًا أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَزْرَعَهَا أَوْ يَكُونَ دَارًا أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَسْكُنَهَا؛ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَرْتَهِنَ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَيَقْبِضَهُ ثُمَّ يَسْتَعِيرَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِنْ الرَّاهِنِ، فَإِذَا أَعَارَهُ إيَّاهُ وَأَذِنَ لَهُ بِالِانْتِفَاعِ طَابَ لَهُ ذَلِكَ وَالْعَارِيَّةُ لَا تَرْفَعُ الرَّهْنَ وَلَكِنْ مَا دَامَ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُرْتَهِنُ لَا يَظْهَرُ حُكْمُ الرَّهْنِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الِانْتِفَاعِ يَعُودُ رَهْنًا كَمَا كَانَ، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ يُبْطِلُ الرَّهْنَ وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِالدَّارِ وَفَرَّغَهَا تَعُودُ رَهْنًا فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ مَعَ تَرْكِ الِانْتِفَاعِ التَّفْرِيغَ شَرْطٌ لِيَعُودَ رَهْنًا. وَفِي الْمَبْسُوطِ قَالَ: إذَا تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِهِ عَادَ رَهْنًا، فَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَرْهُونُ دَارًا اسْتَعَارَهَا الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّاهِنِ، وَنَقَلَ إلَيْهَا مَتَاعَهُ ثُمَّ تَرَكَ سُكْنَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ أَنَّهَا تَعُودُ رَهْنًا وَإِنْ لَمْ يُفَرِّغْ الدَّارَ. وَشَرَطَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّفْرِيغَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْفَظَ هَذَا مِنْ الْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (رَجُلٌ) فِي يَدَيْهِ رَهْنٌ وَالرَّاهِنُ غَائِبٌ فَأَرَادَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يُثْبِتَ الرَّهْنَ عِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى يُسَجِّلَ لَهُ بِذَلِكَ وَيَحْكُمَ بِأَنَّهَا رَهْنٌ فِي يَدَيْهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْمُرَ الْمُرْتَهِنُ رَجُلًا غَرِيبًا حَتَّى يَدَّعِيَ رَقَبَةَ هَذَا الرَّهْنِ وَيَقْدَمَ الْمُرْتَهِنُ إلَى الْقَاضِي فَيُقِيمَ الْمُرْتَهِنُ بَيِّنَةً عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَهُ فَيَسْمَعَ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ عَلَى الرَّهْنِ وَيَقْضِيَ بِكَوْنِهِ رَهْنًا عِنْدَهُ وَيَدْفَعَ خُصُومَةَ الْغَرِيبِ، فَهَذَا تَنْصِيصٌ مِنْ الْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الرَّاهِنِ مَقْبُولَةٌ وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا. وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ وَشَوَّشَ فِيهِ الْجَوَابَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ شَرَطَ حَضْرَةَ الرَّاهِنِ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الرَّهْنِ وَالْمَشَايِخُ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ، بَعْضُهُمْ قَالُوا: مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ وَقَعَ غَلَطًا مِنْ الْكَاتِبِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ، كَمَا لَوْ أَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ أَوْ مُضَارَبَةً أَوْ غَصْبًا أَوْ إجَارَةً، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ فِي إحْدَى

الفصل الخامس والعشرون في المزارعة

الرِّوَايَتَيْنِ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَهَنَهُ فَقَدْ اسْتَحْفَظَهُ فَإِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْحِفْظُ إلَّا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَإِثْبَاتِ الْمِلْكِ لِلرَّاهِنِ صَارَ خَصْمًا فِي ذَلِكَ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ وَأَشْبَاهِهَا. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ لِإِثْبَاتِ الرَّهْنِ عَلَى الْغَائِبِ وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَهَذَا؛ لِأَنَّ فِي قَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ لِإِثْبَاتِ الرَّهْنِ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ وَلَا حَاجَةَ لِصَاحِبِ الْيَدِ إلَى إثْبَاتِ الرَّهْنِ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ مِنْهُ، كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فِي يَدِهِ وَقَدْ أَجَابَ بِمِثْلِ هَذَا فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ فِي نَظَائِرِهِ، فَقَالَ: الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ إذَا أُسِرَ وَوَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ فَوَجَدَهُ الْمُرْتَهِنُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَهْنٌ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ وَأَخَذَهُ لَا يَكُونُ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ بِالرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الرَّهْنِ فَإِنَّ كَوْنَ الْعَبْدِ فِي يَدِهِ وَقْتَ الْأَسْرِ كَافٍ لَهُ؛ فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ قَبُولَ الْبَيِّنَةِ لِإِثْبَاتِ الرَّهْنِ عَلَى الْغَائِبِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ أَرَادَ أَنْ لَا يُبْطِلَ الدَّيْنَ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ يَشْتَرِيَ مِنْهُ عَبْدًا بِذَلِكَ الدَّيْنِ وَلَا يَقْبِضُهُ فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ لَا يَبْطُلُ دَيْنُهُ وَلَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ فَالطَّالِبُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، فَلَوْ قَضَى دَيْنَهُ فِي الْحَيَاةِ أَقَالَهُ الْبَيْعُ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً وَيَكُونَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا يُقْرِضَهُ رَبُّ الْمَالِ إلَّا دِرْهَمًا، ثُمَّ يُشَارِكَهُ بِالدَّرَاهِمِ الْبَاقِيَةِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَا ثُمَّ عَمِلَ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُزَارَعَةِ] (الْفَصْلُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُزَارَعَةِ) الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَجُوزَ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ أَنْ يَتَنَازَعَا إلَى قَاضٍ يَرَى الْمُزَارَعَةَ جَائِزَةً فَيَحْكُمُ بِجَوَازِهَا فَتَجُوزُ عِنْدَ الْكُلِّ. (وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَكْتُبَا كِتَابَ الْإِقْرَارِ مِنْهُمَا يُقِرَّانِ فِيهِ أَنَّ رَقَبَةَ هَذِهِ الضَّيْعَةِ لِفُلَانٍ الَّذِي هُوَ مَالِكُهَا وَيُقِرَّانِ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ فِي يَدِ فُلَانٍ وَأَنَّ مُزَارَعَتَهَا لَهُ كَذَا كَذَا مِنْ السِّنِينَ فَيَزْرَعُهَا مَا بَدَا لَهُ مِنْ غَلَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ بِبَذْرِهِ وَنَفَقَتِهِ وَأَعْوَانِهِ، فَمَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَلَّتِهَا فِي هَذِهِ السِّنِينَ فَهُوَ كُلُّهُ لَهُ، وَيُقِرَّانِ أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ صَارَ لَهُ بِأَمْرِ حَقٍّ وَاجِبٍ لَازِمٍ فَإِذَا أَقَرَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ نَفَذَ إقْرَارُهُمَا عَلَيْهِمَا وَيَكُونُ كُلُّ الْغَلَّةِ لِلْمَزَارِعِ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمَزَارِعَ يَحْتَالُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فِي نِصْفِ الْغَلَّةِ أَيْضًا بِحِيلَةِ الْهِبَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا قَالَهُ الْخَصَّافُ فِي هَذِهِ الْحِيلَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا أَوَّلًا أَنَّهُمَا يَرْفَعَانِ إلَى قَاضٍ يَرَى جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يَرْفَعُ إلَى قَاضٍ مُوَلًّى حَتَّى يَقْضِيَ بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ فَيَجُوزُ وَفِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ فِيهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ الْمُحَكَّمِ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَالُوا عَنْ تَجْوِيزِ حُكْمِ الْحَاكِمِ الْمُحَكَّمِ فِي هَذِهِ الْمُجْتَهَدَاتِ، وَقَالُوا: يُحْتَاجُ إلَى حُكْمِ قَاضٍ مُوَلًّى وَكَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ

الفصل السادس والعشرون في الوصي والوصية

الْمُضَافِ، يَعْنِي مَشَايِخَنَا مَالُوا عَنْ تَجْوِيزِ حُكْمِ الْحَاكِمِ الْمُحَكَّمِ فِيهِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ حُكْمُ الْحَاكِمِ الْمُحَكَّمِ فِيهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُجْتَهَدَاتِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ فِي مَوَاضِعَ أَنَّهُ يَنْفُذُ حُكْمُ الْحَاكِمِ الْمُحَكَّمِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَاللِّعَانِ، وَلَكِنْ لَا يُفْتَى لِلْعَوَامِّ بِهَذَا كَيْ لَا يَتَجَاوَزُوا الْحَدَّ وَلَا يَتَخَبَّطُوا بِهِ إلَّا أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْمُحَكَّمِ لَا يَلْزَمُ فِي حَقِّ الْقَاضِي الْمُوَلَّى، حَتَّى لَوْ رَفَعَ حُكْمَهُ إلَى قَاضٍ مُوَلًّى يَرَى إبْطَالَهُ وَأَبْطَلَهُ صَحَّ إبْطَالُهُ إذَا شَرْطًا فِي الْمُزَارَعَةِ أَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ يَرْفَعُ قَدْرَ بَذْرِهِ وَيَكُونُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا فَهَذِهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ فِي الْخَارِجِ عَسَى. وَمِثْلُ هَذَا الشَّرْطِ يُوجِبُ فَسَادَ الْمُزَارَعَةِ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ صَاحِبُ الْبَذْرِ إلَى مِقْدَارِ بَذْرِهِ وَإِلَى مِقْدَارِ مَا يَخْرُجُ مِنْ مِثْلِ تِلْكَ الْأَرْضِ عَادَةً حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ بَذْرَهُ مِنْ الْخَارِجِ كَمْ يَكُونُ، فَإِنْ كَانَ قَدْرُ بَذْرِهِ مِنْ الْخَارِجِ الْعُشْرَ يَشْتَرِطُ لِنَفْسِهِ الْعُشْرَ، وَإِنْ كَانَ قَدْرُ بَذْرِهِ الثُّلُثَ يَشْتَرِطُ لِنَفْسِهِ الثُّلُثَ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ فَافْهَمْ. وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا دَفَعَ بَذْرًا إلَى رَجُلٍ لِيَزْرَعَهُ فِي أَرْضِهِ بِنِصْفِ الْخَارِجِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ طَلَبًا حِيلَةً فِي ذَلِكَ حَتَّى تَجُوزَ بِلَا خِلَافٍ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْ صَاحِبِ الْبَذْرِ نِصْفَ بَذْرِهِ وَيُبَرِّئَهُ صَاحِبُ الْبَذْرِ عَنْ الثَّمَنِ ثُمَّ يَقُولَ صَاحِبُ الْأَرْضِ: ازْرَعْ أَرْضَك بِالْبَذْرِ كُلِّهِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْوَصِيِّ وَالْوَصِيَّةِ] (الْفَصْلُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْوَصِيِّ وَالْوَصِيَّةِ) رَجُلٌ جَعَلَ رَجُلًا وَصِيَّهُ فِي مَالِهِ بِالْكُوفَةِ وَجَعَلَ رَجُلًا آخَرَ وَصِيَّهُ فِي مَالِهِ بِالشَّامِ وَجَعَلَ رَجُلًا آخَرَ وَصِيَّهُ فِي مَالِهِ بِبَغْدَادَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ أَوْصِيَاءُ الْمَيِّتِ فِي جَمِيعِ تَرِكَاتِهِ بِالْكُوفَةِ وَالشَّامِ وَبَغْدَادَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَكُونُ وَصِيًّا فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُوصِي إلَيْهِ خَاصَّةً. وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ فِي الْكُتُبِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوِصَايَةُ لَا تَقْبَلُ التَّخْصِيصَ بِنَوْعٍ وَاحِدٍ وَبِمَكَانٍ وَاحِدٍ وَزَمَانٍ وَاحِدٍ بَلْ تَعُمُّ فِي الْأَنْوَاعِ وَالْأَمْكِنَةِ كُلِّهَا، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُتَخَصَّصُ بِنَوْعٍ وَمَكَانٍ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ، هَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ حِيَلِ الْخَصَّافِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ حِيَلِ الْأَصْلِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَذَكَرَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَصِيرُ وَصِيًّا فِي الْمَكَانِ الَّذِي خَصَّهُ وَفِي النَّوْعِ الَّذِي خَصَّهُ، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَصِيًّا وَقَيِّمًا فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمْ بِالتَّصَرُّفِ وَإِنْ كَانَتْ الْوِصَايَةُ مُتَفَرِّقَةً فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْصِيَاءِ وَصِيًّا فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ وَيَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ

الفصل السابع والعشرون في أفعال المريض

بِالِاتِّفَاقِ - فَالْحِيلَةُ أَنْ يَجْعَلَهُمْ أَوْصِيَاءَ فِي جَمِيعِ تَرِكَاتِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ فَهُوَ وَصِيٌّ فِي جَمِيعِ تَرِكَاتِهِ، وَعَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَقُومَ بِوَصِيَّتِهِ وَتَنْفِيذِ أَمْرِهِ فِيهَا، فَإِذَا فَعَلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَصِيًّا عَامًا مُنْفَرِدًا بِالتَّصَرُّفِ بِالِاتِّفَاقِ اعْتِبَارًا لِشَرْطِ الْمُوصِي، فَإِنْ أَرَادَ الْمُوصِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْصِيَاءِ وَصِيًّا فِيمَا أُوصِيَ إلَيْهِ خَاصَّةً لَا يَدْخُلُ مَعَ الْآخَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَقَاوِيلِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ فِي مَالِي بِبَغْدَادَ خَاصَّةً دُونَ مَا سِوَاهَا مِنْ الْبُلْدَانِ وَأَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ آخَرَ فِي مَالِي بِالشَّامِ دُونَ مَا سِوَاهَا مِنْ الْبُلْدَانِ، فَإِذَا قَالَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَتَخَصَّصُ وِصَايَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْصِيَاءِ بِالْمَالِ الَّذِي فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِهَذَا الْوَصِيِّ بِالِاتِّفَاقِ اعْتِبَارًا لِشَرْطِ الْمُوصِي. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي هَذِهِ الْحِيلَةِ نَوْعُ نَظَرٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: " أَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ " لَفْظٌ عَامٌّ يَقْتَضِي ثُبُوتَ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ لِفُلَانٍ عَامًّا ثُمَّ تَخْصِيصُهُ بِمَالِهِ بِبَغْدَادَ يَكُونُ فِي مَعْنَى الْحَجْرِ الْخَاصِّ، وَالْحَجْرُ الْخَاصُّ إذَا وَرَدَ عَلَى الْإِذْنِ الْعَامِّ لَا يُعْتَبَرُ فَإِنَّهُ ذُكِرَ فِي الْمَأْذُونِ أَنَّ الْمَوْلَى إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ إذْنًا عَامًّا ثُمَّ حَجَرِ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ التِّجَارَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْحَجْرُ، كَذَا هُنَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ التَّخْصِيصُ وَيَصِيرَ وَصِيًّا عَامًّا. وَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى يَتَرَدَّدُ فِيهَا الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَنْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَجَعَلَهُ قَيِّمًا فِيمَا لَهُ عَلَى النَّاسِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ قَيِّمًا فِيمَا لِلنَّاسِ عَلَيْهِ، بَعْضُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ هَذَا التَّقْيِيدُ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَيَصِيرُ وَصِيًّا فِي الْكُلِّ فَعُلِمَ أَنَّ فِي هَذِهِ الْحِيلَةِ نَوْعَ شُبْهَةٍ. (أَوْصَى) إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْبَلْ وَصِيَّتَهُ فَفُلَانٌ رَجُلٌ آخَرُ وَصِيُّهُ فَهَذَا جَائِزٌ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْوِصَايَةَ نِيَابَةٌ فَصَارَتْ كَالْوَكَالَةِ ثُمَّ التَّوْكِيلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزٌ، إلَّا أَنْ يَعْزِلَهُ غَيْرَ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَعْلَمْ وَالْوَصِيُّ يَنْعَزِلُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَزْلِ وَالْفَرْقُ عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي أَفْعَالِ الْمَرِيضِ] (الْفَصْلُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي أَفْعَالِ الْمَرِيضِ) قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَرِيضٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِدَيْنِهِ فَقَدْ عُرِفَ مِنْ أَصْلِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ لَا يَصِحُّ، فَالْحِيلَةُ الَّتِي تَتَأَتَّى فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ أَنْ يُقِرَّ الْمَرِيضُ بِالدَّيْنِ لِأَجْنَبِيٍّ يَثِقُ بِهِ وَيَأْمُرَ الْأَجْنَبِيَّ حَتَّى يَقْبِضَ وَيَدْفَعَهُ إلَى الْوَارِثِ، وَإِنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ: أَخَافُ أَنْ يُحَلِّفَنِي الْحَاكِمُ بِاَللَّهِ هَذَا الدَّيْنُ وَاجِبٌ لَك عَلَى الْمَيِّتِ وَمَا أَبْرَأْت الْمَيِّتَ مِنْهُ وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى مَا يَسْتَحْلِفُ عَلَيْهِ غُرَمَاءَ الْمَيِّتِ فَلَا يَجُوزُ لِي أَنْ أَحْلِفَ عَلَيْهِ، فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ الْمَرِيضُ هَذَا الْأَجْنَبِيَّ حَتَّى يَبِيعَ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ يَعْنِي مَالَ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الْوَارِثِ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمَرِيضِ، فَإِذَا بَاعَهُ وَقَبِلَ الْوَارِثُ ذَلِكَ صَارَ دَيْنُ الْوَارِثِ عَلَى الْمَرِيضِ لِلْأَجْنَبِيِّ فَإِذَا حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ كَانَ حَلِفُهُ عَلَى أَمْرٍ صَحِيحٍ. ثُمَّ ذَكَرَ

الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُ الْأَجْنَبِيَّ الْمُقَرَّ لَهُ بِالدَّيْنِ بِاَللَّهِ هَذَا الدَّيْنُ وَاجِبٌ لَك عَلَى الْمَيِّتِ وَمَا أَبْرَأْته مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الْيَمِينِ طَالِبٌ هُنَا وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ هُنَا إنَّمَا تَقَعُ لِلْمَيِّتِ وَالْقَاضِي نَائِبُ الْمَيِّتِ فَيُحَلِّفُهُ احْتِيَاطًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا طَالِبٌ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: كُنَّا عَرَفْنَا أَنَّ الدَّيْنَ إذَا تَقَادَمَ وُجُوبُهُ حَتَّى يُتَوَهَّمَ سُقُوطُهُ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ فَغَرِيمُ الْمَيِّتِ يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا سَقَطَ دَيْنُك وَلَا بَعْضُهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَكُنَّا نَظُنُّ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي هُوَ قَرِيبٌ إلَى الْمَوْتِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ الْغَرِيمُ بَلْ يُعْطَى حَقَّهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ فِي مَوَاضِعَ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِالدُّيُونِ لِلْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُمْ يُعْطُونَ ذَلِكَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْيَمِينُ. وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ الْيَمِينَ هُنَا فَهَذَا شَيْءٌ اُسْتُفِيدَ مِنْ جِهَتِهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَجْنَبِيِّ شَيْءٌ يَبِيعُهُ مِنْ الْوَارِثِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَهَبَ الْوَارِثُ لِلْأَجْنَبِيِّ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ ثُمَّ يَبِيعَ الْأَجْنَبِيُّ تِلْكَ الْعَيْنَ بَعْدَمَا قَبَضَ مِنْ الْوَارِثِ بِدَيْنِهِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا وَحِيلَةٌ أُخْرَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُحْضِرَ الْوَارِثُ مَتَاعًا أَوْ شَيْئًا تَكُونُ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمَرِيضِ وَيَبِيعَ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِنْ الْمَرِيضِ بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ مِنْ الشُّهُودِ بِكَذَا وَكَذَا يُسَلِّمُهُ إلَيْهِ، فَيَصِيرُ مَالُ الْوَارِثِ دَيْنًا عَلَى الْمَرِيضِ بِالْبَيِّنَةِ، ثُمَّ الْمَرِيضُ يَهَبُ تِلْكَ الْعَيْنَ مِنْ إنْسَانٍ لَا يُعْرَفُ سِرًّا ثُمَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ يَهَبُ تِلْكَ الْعَيْنَ مِنْ الْوَارِثِ فَيَرْجِعُ إلَى الْوَارِثِ مَتَاعُهُ وَيَصِيرُ مَالُ الْوَارِثِ دَيْنًا عَلَى الْمَرِيضِ بِالْبَيِّنَةِ فَيَسْتَوْفِي الْوَارِثُ ذَلِكَ مِنْ الْمَرِيضِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَقَالُوا: هَذِهِ حِيلَةٌ حَسَنَةٌ، إلَّا أَنَّ فِيهَا نَوْعُ شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ فِيهِ وُجُوبُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَبِالْبَيْعِ يَجِبُ دَيْنٌ آخَرُ وَالْوَارِثُ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ الْحَادِثَ الَّذِي ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَلَمْ يَسْتَوْفِ ذَلِكَ الدَّيْنَ الَّذِي ثَبَتَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا بَقِيَ ذَلِكَ الدَّيْنُ فِي التَّرِكَةِ لَا يَحِلُّ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ الِانْتِفَاعُ بِالتَّرِكَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَهَذِهِ تَصْلُحُ حِيلَةً فِي الظَّاهِرِ لَا فِي الْبَاطِنِ، وَكَأَنَّ الْخَصَّافَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَنَى الْأَمْرَ عَلَى الظَّاهِرِ، ثُمَّ إنَّ الْخَصَّافَ قَالَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْحِيلَةِ: يَبِيعُ الْوَارِثُ مَتَاعًا مِنْ الْمَرِيضِ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شِرَاءَ الْمَرِيضِ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِ الْوَارِثِ صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ. وَهَكَذَا ذَكَرِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ فِي بَابِ مُزَارَعَةِ الْمَرِيضِ مَسْأَلَةَ الْمَرِيضِ يَشْتَرِي عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِ وَارِثِهِ مُطْلَقَةً مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ. وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ جَمِيعًا وَأَحَالَهُ إلَى بَابِ إقْرَارِ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ مِنْ كِتَابِ الْمَأْذُونِ الْكَبِيرِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَحِيلَةٌ أُخْرَى لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَذْكُرْهَا الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهِيَ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى قَاضٍ يَرَى الْإِقْرَارَ لِلْوَارِثِ بِالدَّيْنِ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ اخْتِلَافًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَنَا لَا يَجُوزُ هَذَا الْإِقْرَارُ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ، فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْجَوَازِ يَصِيرُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ.

الفصل الثامن والعشرون في استعمال المعاريض

قَالَ) إنْ جَعَلَ لِبِنْتٍ لَهُ صَغِيرَةٍ شَيْئًا إمَّا مَتَاعًا أَوْ حُلِيًّا أَوْ مَا أَشْبَهَهُ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَرِضَ وَلَا يَأْمَنُ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنْ لَا يُسَلِّمُوا لَهَا ذَلِكَ، قَالَ: أَمَّا مَا كَانَ مِنْ حُلِيٍّ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ يَدْفَعُهُ سِرًّا إلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ، وَيُعْلِمُهُ أَنَّ ذَلِكَ لِابْنَتِهِ فُلَانَةَ وَيُوصِي إلَيْهِ بِأَنْ يَحْفَظَ لَهَا ذَلِكَ، فَإِذَا كَبِرَتْ دَفَعَهُ إلَيْهَا، وَأَمَّا الدَّارُ وَالضَّيْعَةُ إذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً لِلْمَرِيضِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْعَلَ بِالْعَقَارِ مَا فَعَلَ بِالْمَنْقُولِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ مَالًا سِرًّا وَيَقُولَ لَهُ: هَذَا الْمَالُ مَالُ ابْنَتِي فُلَانَةَ فَاشْتَرِ هَذَا الْعَقَارَ مِنِّي لِابْنَتِي فُلَانَةَ بِهَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَبِيعُ الْعَقَارَ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ، وَلَا يَقُولُ ذَلِكَ الرَّجُلُ عِنْدَ الشِّرَاءِ: اشْتَرَى هَذِهِ الضِّيَاعَ لِابْنَةِ هَذَا. وَكَذَلِكَ لَا يَقُولُ الْمَرِيضُ عِنْدَ الْبَيْعِ: بِعْت لِابْنَتِي، بَلْ يُطْلِقَانِ الْكَلَامَ إطْلَاقًا فَإِذَا كَبِرَتْ الِابْنَةُ فَالْمُشْتَرِي يَدْفَعُ الضِّيَاعَ إلَيْهَا. وَقَدْ اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَصْلِ أَنَّ مَنْ جَهَّزَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ وَلَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهَا وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَرِضَ فَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى رَجُلٍ سِرًّا لِيَحْفَظَ لِابْنَتِهِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا هَلْ يَحِلُّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ؟ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُصَدِّقُ أَبَا الصَّغِيرَةِ أَنَّ هَذَا مِلْكُ الصَّغِيرَةِ فَكَذَلِكَ لَا يُصَدِّقُ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَلَا يَسَعُهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَيَبْطُلَ بِهِ حَقُّ سَائِرِ الْوَرَثَةِ، إلَّا أَنَّ الْخَصَّافَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَشَارَ فِي فَصْلِ الْحُلِيِّ وَالْمَتَاعِ أَنَّهُ يَحِلُّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ، فَإِنْ خَافَ الْأَجْنَبِيُّ أَنْ تَلْزَمَهُ يَمِينٌ إنْ كَانَ الْمَرِيضُ وَهَبَ الثَّمَنَ مِنْ ابْنَتِهِ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَاشْتَرَى لَهَا بِذَلِكَ الْمَالِ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ فِي يَمِينِهِ شَيْءٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَقْرَضَ الْمَرِيضُ مِنْ إنْسَانٍ مَالًا ثُمَّ وَهَبَهُ لِابْنَتِهِ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى الرَّجُلِ حَتَّى اشْتَرَى الضِّيَاعَ مِنْهُ لِابْنَتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَيْسَ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ فِي يَمِينِهِ شَيْءٌ، عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ بَلْ يَتَعَلَّقُ بِمِثْلِهَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، وَلَا يَكُونُ هُوَ بِالْحَلِفِ بِالشِّرَاءِ حَانِثًا، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذِهِ الْحِيلَةُ تَصِحُّ عَلَى قَوْلِهِمَا. فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْعُ الْمَرِيضِ مِنْ وَارِثِهِ وَمِنْ وَكِيلِ وَارِثِهِ لَا يَصِحُّ، فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْحِيلَةُ عِنْدَهُ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ دَارٌ أَوْ ضِيَاعٌ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ وَخَافَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لِلْوَارِثِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ لِأَجْنَبِيٍّ: هَذِهِ الدَّارُ دَارُك، وَيَقُولَ الْأَجْنَبِيُّ: هَذِهِ الدَّارُ لِوَارِثِك فُلَانٍ وَلَيْسَتْ لِي. (قَالَ) وَإِذَا كَانَ لِامْرَأَةِ الْمَرِيضِ أَوْ لِوَارِثٍ آخَرَ عَلَى الْمَرِيضِ دِينُ مِائَةِ دِينَارٍ فَخَافَ الْمَرِيضُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ لِلْوَارِثِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَجِيءَ رَبُّ الدَّيْنِ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ فَيُقِرَّ الْمَرِيضُ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ أَنَّ وَارِثَهُ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْمِائَةِ الدِّينَارِ الَّتِي لَهُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَيَقُولَ: قَبَضْت هَذِهِ الْمِائَةَ الدِّينَارَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ لِوَارِثِي فُلَانٍ، ثُمَّ يُنْكِرَ وَارِثُهُ الْوَكَالَةَ وَيَرْجِعَ وَارِثُهُ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَإِذَا رَجَعَ كَانَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَرِيضِ، فَإِنْ خَافَ الرَّجُلُ أَنْ تَلْزَمَهُ الْيَمِينُ فَالْوَجْهُ أَنْ يَبِيعَ الْوَارِثُ مِنْهُ شَيْئًا بِمَالِهِ كَمَا وَصَفْنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْفَصْلُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَعَارِيضِ]

الفصل التاسع والعشرون في المتفرقات

يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمَعَارِيضِ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ الْكَذِبِ لَا بَأْسَ بِهِ، جَاءَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: إنَّ فِي مَعَارِيضِ الْكَلَامِ مَا يُغْنِي الرَّجُلَ عَنْ الْكَذِبِ، وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: إنَّ فِي مَعَارِيضِ الْكَلَامِ لَمَنْدُوحَةً عَنْ الْكَذِبِ أَيْ سَعَةً، وَفِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا - أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ وَيُرِيدَ بِهَا غَيْرَ مَا وُضِعَتْ لَهُ الْكَلِمَةُ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ إلَّا أَنَّ مَا أَرَادَهُ يَكُونُ مِنْ مُحْتَمِلَاتِ لَفْظِهِ الطَّرِيقُ الثَّانِي أَنْ يُقَيِّدَ الْكَلَامَ بِلَعَلَّ وَعَسَى، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ يُخْرِجُ الْكَلَامَ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَزِيمَةً، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ الْمَعَارِيضِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ مِنْ الْمَعَارِيضِ مَا لَمْ يُبِحْ صَرِيحَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] ثُمَّ قَالَ {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا} [البقرة: 235] فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَخْطُبَهَا صَرِيحًا، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: إنَّك جَمِيلَةٌ حَسَنَةٌ وَمِثْلُك يَصْلُحُ لِمِثْلِي وَسَيَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ. فَلَا بَأْسَ بِهِ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ يَقُولُ لِخَادِمِهِ: إذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدٌ فِي الدُّخُولِ عَلَيَّ فَقُلْ: لَيْسَ الشَّيْخُ هُنَا وَاعْنِ الْمَكَانَ الَّذِي أَنْتَ قَائِمٌ فِيهِ. وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ إذَا اسْتَأْذَنَ مِنْهُ ثَقِيلٌ لِلدُّخُولِ عَلَيْهِ كَانَ يَرْكَبُ عَلَى دَارٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ وِسَادَةٍ وَيَقُولُ لِخَادِمِهِ: قُلْ: إنَّ الشَّيْخَ قَدْ رَكِبَ حَتَّى يَقَعَ عِنْدَ السَّامِعِ أَنَّهُ قَدْ رَكِبَ عَلَى دَابَّتِهِ لِحَاجَةٍ لَهُ فَيَرْجِعَ، وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ إذَا اسْتَعَارَ مِنْهُ إنْسَانٌ شَيْئًا كَانَ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَيَقُولُ: لَيْسَ الشَّيْءُ الَّذِي تَسْتَعِيرُهُ هُنَا وَيُرِيدُ بِهِ فِي مَوْضِعِ وَضْعِ يَدِهِ فَيَظُنُّ السَّامِعُ أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ فِي دَارِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. [الْفَصْلُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ] ِ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِأَجْلِ صَلَوَاتِهِ الْفَائِتَاتِ وَلَا يَأْمَنُ مِنْ الْوَارِثِ أَنْ لَا يُنَفِّذَ وَصِيَّتَهُ لَوْ أَوْصَى بِذَلِكَ وَرُبَّمَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ أَوْصَى بِهَذَا أَيْضًا - دَخَلَ هَذَا فِي الثُّلُثِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَرَاءَ الثُّلُثِ، فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ أَمْلَاكِهِ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَيُسَلِّمَ الْمَبِيعَ وَيُبَرِّئَهُ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى يَبِيعَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الشَّيْءَ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ عَنْهُ فَيَجُوزُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

كتاب الخنثى وفيه فصلان

فَإِنْ خَافَ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مَا قُلْنَا وَيُمْسِكَ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِنَفْسِهِ وَلَا يَبِيعَهُ وَلَا يَصْرِفَ ثَمَنَهُ فِي الْوَجْهِ الَّذِي قَالَ، فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ الْعَيْنَ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِشَيْءٍ مَلْفُوفٍ وَيَكُونَ الْمَلْفُوفُ مَعِيبًا بِقَلِيلِ عَيْبٍ وَلَا يَرَى الْبَائِعُ الْمَلْفُوفَ وَلَا يَرْضَى بِالْعَيْبِ وَيُوصِي إلَى إنْسَانٍ أَنْ يَرَى ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمَعِيبَ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَيَرُدَّهُ الْوَصِيُّ بِالْعَيْبِ إذَا امْتَنَعَ مُشْتَرِي ذَلِكَ الشَّيْءِ عَنْ الْبَيْعِ فَيَعُودُ ذَلِكَ الشَّيْءُ إلَى مِلْكِ وَرَثَتِهِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا خِيَارَ الْعَيْبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ يَبْقَى بَعْدَ الْمَوْتِ وَخِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَبْقَى. (الْوَصِيُّ) إذَا قَسَّمَ التَّرِكَةَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْوَرَثَةُ صِغَارٌ كُلُّهُمْ لَيْسَ فِيهِمْ كَبِيرٌ لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ؛ لِأَنَّ فِي الْقِسْمَةِ مَعْنَى الْبَيْعِ، وَالْوَصِيُّ إذَا بَاعَ مَالَ بَعْضِ الصِّغَارِ مِنْ الْبَعْضِ لَا يَجُوزُ، فَكَذَا لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ وَالْحِيلَةُ لِلْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ اثْنَيْنِ أَنْ يَبِيعَ الْوَصِيُّ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا مِنْ رَجُلٍ مُشَاعَةً ثُمَّ يُقَاسِمَ مَعَ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ نَصِيبَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَ حِصَّةَ الصَّغِيرِ الَّذِي بَاعَ نَصِيبَهُ حَتَّى يَمْتَازَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا جَازَتْ هَذِهِ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّهَا جَرَتْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَحِيلَةٌ أُخْرَى أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُمَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ مِنْ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُفْرَزَةً. (إذَا) قَالَ الْمَرِيضُ: حُجُّوا عَنِّي بِثُلُثِ مَالِي حَجَّةً وَاحِدَةً، أَوْ قَالَ: حَجَّةً، وَلَمْ يَقُلْ: وَاحِدَةً - فَدَفَعَ الْوَصِيُّ إلَى رَجُلٍ مَالًا مُقَدَّرًا لِيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الطَّرِيقِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَبِمَكَّةَ فَأَنْفَقَ وَبَقِيَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ قَلِيلٌ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ لِلْمَأْمُورِ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَصِيرَ ضَامِنًا لِمَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا وَكَانَ عَلَى الْمَأْمُورِ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ عَلَى الْوَصِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي لِلْمَأْمُورِ فَإِنْ كَانَ عَيَّنَ رَجُلًا لِيَحُجَّ عَنْهُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْبَاقِي جَائِزَةً لَهُ لِحُصُولِهَا لِلْمَعْلُومِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْمُوصِي لِلْوَصِيِّ: أَعْطِ مَا بَقِيَ مِنْ النَّفَقَةِ مَنْ شِئْت فَإِذَا أَعْطَى الْوَصِيُّ الْمَأْمُورُ مَا بَقِيَ مِنْ النَّفَقَةِ يَجُوزُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ الْمُوصِي لِلْوَصِيِّ: أَعْطِ ثُلُثَ مَالِي مَنْ شِئْت، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْخُنْثَى وَفِيهِ فَصْلَانِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير الْخُنْثَى] (كِتَابُ الْخُنْثَى) وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ - فِي تَفْسِيرِهِ وَوُقُوعِ الْإِشْكَالِ فِي حَالِهِ يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْخُنْثَى مَنْ يَكُونُ لَهُ مَخْرَجَانِ قَالَ الْبَقَّالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ لَا يَكُونَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَيَخْرُجُ الْبَوْلُ مِنْ ثُقْبَةٍ وَيُعْتَبَرُ الْمَبَالُ فِي حَقِّهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ الذَّكَرِ فَهُوَ غُلَامٌ، وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ الْفَرْجِ فَهُوَ أُنْثَى، وَإِنْ بَالِ مِنْهُمَا فَالْحُكْمُ لِلْأَسْبَقِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي السَّبَقِ فَهُوَ خُنْثَى

الفصل الثاني في أحكام الخنثى

مُشْكِلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَتَرَجَّحُ بِالْكَثْرَةِ مِنْ جِنْسِهِ، وَقَالَا: يُنْسَبُ إلَى أَكْثَرِهِمَا بَوْلًا وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ فَهُوَ مُشْكِلٌ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْكَافِي قَالُوا: وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ هَذَا الْإِشْكَالُ قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَأَمَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْإِدْرَاكِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ فَإِنْ بَلَغَ وَجَامَعَ بِذَكَرِهِ فَهُوَ رَجُلٌ، وَكَذَا إذَا لَمْ يُجَامِعْ بِذَكَرِهِ وَلَكِنْ خَرَجَتْ لِحْيَتُهُ فَهُوَ رَجُلٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَا إذَا احْتَلَمَ كَمَا يَحْتَلِمُ الرَّجُلُ أَوْ كَانَ لَهُ ثَدْيٌ مُسْتَوٍ، وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ ثَدْيٌ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ نَزَلَ لَهُ لَبَنٌ فِي ثَدْيَيْهِ أَوْ حَاضَ أَوْ حَبِلَ أَوْ أَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ مِنْ الْفَرْجِ فَهُوَ امْرَأَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ إحْدَى هَذِهِ الْعَلَامَاتِ فَهُوَ خُنْثَى مُشْكِلٌ، وَكَذَا إذَا تَعَارَضَتْ هَذِهِ الْمَعَالِمُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَمَّا خُرُوجُ الْمَنِيِّ فَلَا اعْتِبَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ مِنْ الْمَرْأَةِ كَمَا يَخْرُجُ مِنْ الرَّجُلِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ قَالَ: وَلَيْسَ الْخُنْثَى يَكُونُ مُشْكِلًا بَعْدَ الْإِدْرَاكِ عَلَى حَالٍ مِنْ الْحَالَاتِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَحْبَلَ أَوْ يَحِيضَ أَوْ يَخْرُجَ لَهُ لِحْيَةٌ أَوْ يَكُونَ لَهُ ثَدْيَانِ كَثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ حَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ رَجُلٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ نَبَاتِ الثَّدْيَيْنِ كَمَا يَكُونُ لِلنِّسَاءِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى] الْفَصْلُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ الْأَصْلُ فِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ أَنْ يُؤْخَذَ فِيهِ بِالْأَحْوَطِ وَالْأَوْثَقِ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَأَنَّ لَا يُحْكَمَ بِثُبُوتِ حُكْمٍ وَقَعَ الشَّكُّ فِي ثُبُوتِهِ فَإِنْ وَقَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ قَامَ بَيْنَ صَفِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَلَا يَتَخَلَّلُ الرِّجَالَ حَتَّى لَا تَفْسُدَ صَلَاتُهُمْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ وَلَا يَتَخَلَّلُ النِّسَاءَ حَتَّى لَا تَفْسُدَ صَلَاتُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ، فَإِنْ قَامَ فِي صَفِّ النِّسَاءِ يُعِيدُ صَلَاتَهُ احْتِيَاطًا؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ وَإِنْ قَامَ فِي صَفِّ الرِّجَالِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَيُعِيدُ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَمَنْ خَلْفَهُ بِحِذَائِهِ صَلَاتَهُمْ احْتِيَاطًا؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ وَيَجْلِسُ فِي صَلَاتِهِ كَجُلُوسِ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُصَلِّيَ بِقِنَاعٍ يُرِيدُ بِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَإِنْ صَلَّى بِغَيْرِ قِنَاعً لَا يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ إلَّا اسْتِحْبَابًا، هَذَا إذَا كَانَ الْخُنْثَى مُرَاهِقًا غَيْرَ بَالِغٍ، أَمَّا إذَا كَانَ بَالِغًا فَإِنْ بَلَغَ بِالسِّنِّ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عَلَامَةِ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ لَا تُجْزِئُهُ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ قِنَاعٍ إذَا كَانَ الْخُنْثَى حُرًّا. (قَالَ) : وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْحُلِيَّ وَأَرَادَ بِهِ مَا بَعْدَ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ إذَا لَمْ تَظْهَرْ بِهِ عَلَامَةٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى كَوْنِهِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً وَيُكْرَهُ لَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ أَيْضًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَنْكَشِفَ قُدَّامَ الرِّجَالِ أَوْ قُدَّامَ النِّسَاءُ وَأَنْ يَخْلُوَ بِهِ غَيْرُ مَحْرَمٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَأَنْ يُسَافِرَ مِنْ غَيْرِ مَحْرَمٍ. وَإِنْ أَحْرَمَ وَقَدْ رَاهَقَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا عِلْمَ لِي فِي لِبَاسِهِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَلْبَسُ لِبَاسَ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُسَافِرَ الْخُنْثَى مَعَ مَحْرَمٍ مِنْ الرِّجَالِ ثَلَاثَةَ

أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ. قُلْت: أَرَأَيْت هَذَا الْخُنْثَى هَلْ يَخْتِنُهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ؟ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُرَاهِقًا أَوْ غَيْرَ مُرَاهِقٍ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْتِنَهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى صَبِيٌّ أَوْ صَبِيَّةٌ فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا فَلَا بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْتِنَهُ، وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا يُشْتَهَى فَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ لَا يُشْتَهَى أَوْلَى وَإِنْ كَانَ صَبِيَّةً فَلَا بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْتِنَهَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُرَاهِقَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُشْتَهَى وَبِسَبَبِ الشَّهْوَةِ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ وَلَا بَأْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَخْتِنَهُ؛ لِأَنَّهُ صَبِيٌّ أَوْ صَبِيَّةٌ فَإِنْ كَانَتْ صَبِيَّةً فَلَا بَأْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَخْتِنَهَا إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً تُشْتَهَى، فَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُرَاهِقَةٍ وَهِيَ لَا تُشْتَهَى أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَهَى وَبِسَبَبِ الشَّهْوَةِ يَحْرُمُ لِلْمَرْأَةِ النَّظَرُ إلَى فَرْجِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا فَإِنَّهُ لَا يَخْتِنُهُ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ أَمَّا أَنَّهُ لَا يَخْتِنُهُ رَجُلٌ فَلِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ صَبِيَّةً وَلَا يُبَاحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْتِنَهَا وَيَنْظُرَ إلَى فَرْجِهَا؛ لِأَنَّهَا مُرَاهِقَةٌ وَالْمُرَاهِقَةُ مِمَّنْ تُشْتَهَى فَكَانَتْ كَالْبَالِغَةِ، وَلَا يَخْتِنُهَا الرَّجُلُ فَكَذَلِكَ هَذَا وَلَا تَخْتِنُهُ امْرَأَةٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ صَبِيًّا مُرَاهِقًا فَلَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ أَنْ تَخْتِنَهُ وَتَنْظُرَ إلَى فَرْجِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَالِغِ. وَلَكِنَّ الْحِيلَةَ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْخُنْثَى إذَا كَانَ مُوسِرًا فَإِنَّ الْوَلِيَّ يَشْتَرِي لَهُ جَارِيَةً عَالِمَةً بِأَمْرِ الْخِتَانِ حَتَّى تَخْتِنَهُ فَإِذَا خَتَنَتْهُ بَاعَهَا الْوَلِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا اشْتَرَى الْأَبُ جَارِيَةً مِنْ مَالِهِ حَتَّى تَخْتِنَهُ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ مُعْسِرًا أَيْضًا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَشْتَرِي لَهُ جَارِيَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِذَا خَتَنَتْهُ الْجَارِيَةُ بَاعَهَا الْإِمَامُ وَرَدَّ ثَمَنَهَا إلَى بَيْتِ الْمَالِ. وَتَزَوُّجُ الْمَرْأَةِ لِلْخُنْثَى لَا يُفِيدُ إبَاحَةَ الْخِتَانِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَوْقُوفٌ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا فَيَجُوزَ النِّكَاحُ وَيَجُوزَ أَنْ يَكُونَ أُنْثَى فَلَا يَجُوزَ، وَإِذَا كَانَ مُشْكِلَ الْحَالِ كَانَ النِّكَاحُ مَوْقُوفًا وَالنِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ لَا يُفِيدُ إبَاحَةَ النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ؛ فَلِهَذَا قَالَ: يَشْتَرِي لَهُ جَارِيَةً لِلْخِتَانِ وَلَمْ يَقُلْ: يُزَوِّجُ لَهُ امْرَأَةً بِمَالِهِ حَتَّى تَخْتِنَهُ، هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا لَمْ يَقُلْ: يُزَوِّجُ لَهُ امْرَأَةً بِمَالِهِ؛ لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَمْرُهُ وَلَكِنْ لَوْ فَعَلَ مَعَ هَذَا كَانَ مُسْتَقِيمًا؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى إنْ كَانَ امْرَأَةً فَهَذَا نَظَرُ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ وَالنِّكَاحُ لَغْوٌ، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَهَذَا نَظَرُ الْمَنْكُوحَةِ إلَى زَوْجِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ لَمْ يُغَسِّلْهُ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ بَلْ يُيَمَّمُ فَإِنْ يَمَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ يُيَمِّمُهُ بِخِرْقَةٍ، وَإِنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ يَمَّمَهُ بِغَيْرِ خِرْقَةٍ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: يُجْعَلُ فِي كُوَّارَةٍ وَيُغَسَّلُ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ يُشْتَهَى، أَمَّا إذَا كَانَ طِفْلًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُغَسِّلَهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي مَسَائِلِ النِّكَاحِ) لَوْ زَوَّجَ الْأَبُ هَذَا الْخُنْثَى امْرَأَةً قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ زَوَّجَهُ مِنْ رَجُلٍ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَالنِّكَاحُ مَوْقُوفٌ لَا يُنَفِّذُهُ وَلَا يُبْطِلُهُ وَلَا يَتَوَارَثَانِ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُ الْخُنْثَى، فَإِنْ زَوَّجَهُ الْأَبُ امْرَأَةً وَبَلَغَ وَظَهَرَ عَلَامَاتُ الرِّجَالِ وَحَكَمَ بِجَوَازِ النِّكَاحِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ سَنَةً كَمَا يُؤَجَّلُ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَا يَصِلُ إلَى

امْرَأَتِهِ. قُلْت: أَرَأَيْت هَذَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ الْمُرَاهِقُ، وَخُنْثَى مِثْلُهُ مُشْكِلٌ تَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا رَجُلٌ وَالْآخَرَ امْرَأَةٌ؟ قَالَ: إذَا عُلِمَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَكُونُ مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ حَالُهُمَا؛ لِجَوَازِ أَنَّهُمَا ذَكَرَانِ فَيَكُونُ هَذَا ذَكَرًا تَزَوَّجَ بِذَكَرٍ فَيَكُونُ النِّكَاحُ بَاطِلًا، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا أُنْثَيَيْنِ فَيَكُونُ النِّكَاحُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ امْرَأَةٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فَيَكُونُ النِّكَاحُ جَائِزًا، فَإِذَا كَانَا مُشْكِلَيْنِ لَا يُدْرَى حَالُهُمَا يَكُونُ النِّكَاحُ مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يَسْتَبِينَ حَالُهُمَا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَا قَبْلَ أَنْ يَزُولَ الْإِشْكَالُ لَمْ يَتَوَارَثَا؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ التَّبَيُّنِ النِّكَاحُ مَوْقُوفٌ وَالنِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ لَا يُسْتَفَادُ الْإِرْثُ بِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْرِفْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مُشْكِلٌ أَجَزْت النِّكَاحَ إذَا كَانَ الْأَبَوَانِ هُمَا اللَّذَانِ زَوَّجَا؛ لِأَنَّ أَبَا الزَّوْجِ مِنْهُمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ رَجُلٌ وَأَبَا الْمَرْأَةِ مِنْهَا أَخْبَرَ أَنَّهَا امْرَأَةٌ وَخَبَرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْبُولٌ شَرْعًا مَا لَمْ يُعْرَفْ خِلَافُ ذَلِكَ فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ مَاتَا بَعْدَ الْأَبَوَيْنِ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَتِهِمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ هُوَ الزَّوْجُ وَأَنَّ الْآخَرَ هِيَ الزَّوْجَةُ لَمْ أَقْضِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قُلْت: فَإِنْ جَاءَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ قَبْلَ الْأُخْرَى فَقَضَيْت بِهَا ثُمَّ جَاءَتْ الْبَيِّنَةُ الْأُخْرَى؟ قَالَ: أُبْطِلُ الْبَيِّنَةَ الْأُخْرَى وَالْقَضَاءُ الْأَوَّلُ مَاضٍ عَلَى حَالِهِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَبَّلَ هَذَا الْخُنْثَى بِشَهْوَةٍ لَيْسَ لِهَذَا الرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهُ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ) وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَذَفَ هَذَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ قَذَفَ الْخُنْثَى رَجُلًا فَلَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْقَاذِفُ هُوَ الْخُنْثَى فَلِأَنَّهُ مَرْفُوعُ الْقَلَمِ؛ لِأَنَّهُ صَبِيٌّ أَوْ صَبِيَّةٌ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَاذِفُ رَجُلًا آخَرَ فَلِأَنَّهُ قَذَفَ غَيْرَ مُحْصَنٍ؛ لِأَنَّ الْبُلُوغَ مِنْ أَحَدِ شُرُوطِ إحْصَانِ الْقَذْفِ كَالْإِسْلَامِ وَإِنْ قَذَفَ الْخُنْثَى بَعْدَ بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ وَلَكِنْ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ عَلَامَةٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَقَذَفَ الْخُنْثَى رَجُلًا أَوْ قَذَفَهُ رَجُلٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ: هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ. قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: أَرَادَ بِهَذَا التَّسْوِيَةَ فِي حَقِّ قَذْفِ الْخُنْثَى، وَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ الْخُنْثَى لَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ مُشْكِلًا؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى وَإِنْ صَارَ مُحْصَنًا بِالْبُلُوغِ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْأُنُوثَةِ أَوْ الذُّكُورَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا وَأَنْ يَكُونَ امْرَأَةً فَإِنْ كَانَ رَجُلًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْبُوبِ وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ الرَّتْقَاءِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُجَامَعُ وَمَنْ قَذَفَ رَجُلًا مَجْبُوبًا أَوْ امْرَأَةً رَتْقَاءَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهَذَا التَّسْوِيَةَ فِيمَا إذَا كَانَ الْخُنْثَى هُوَ الْقَاذِفُ، وَإِذَا كَانَ الْخُنْثَى هُوَ الْقَاذِفُ وَقَذَفَ رَجُلًا قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ مَجْبُوبٌ بَالِغٌ أَوْ رَتْقَاءُ بَالِغَةٌ وَالْمَجْبُوبُ الْبَالِغُ أَوْ الرَّتْقَاءُ الْبَالِغَةُ إذَا قَذَفَ إنْسَانًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ سَرَقَ بَعْدَمَا يُدْرِكُ؟ قَالَ: عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنْ سُرِقَ مِنْهُ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً مِنْ حِرْزٍ يَقْطَعُ يَدَ السَّارِقِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قُلْت: أَرَأَيْت هَذَا

الْخُنْثَى إنْ قَطَعَ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ أَوْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ؟ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى قَاطِعِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَ الْخُنْثَى رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ عَمْدًا كَانَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَطَعَ هَذَا الْخُنْثَى يَدَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ؟ قَالَ: عَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُ ذَلِكَ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ بَالِغًا بِالسِّنِّ وَلَمْ يَسْتَبِنْ أَمْرُهُ بَعْدُ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إذَا كَانَ الْخُنْثَى لَمْ يُدْرِكْ بَعْدُ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ إذَا قَطَعَ يَدَ إنْسَانٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ عَمْدًا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَرْشُ فِي مَالِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ أَفْرَضَ هَذَا الْخُنْثَى فِي الْمُقَاتَلَةِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ. وَإِنْ شَهِدَ الْوَاقِعَةَ رُضِخَ لَهُ بِسَهْمٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قُلْت: فَإِنْ أُخِذَ أَسِيرًا فِي الْغَزْوِ؟ قَالَ: لَا يُقْتَلُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ. قُلْت: فَإِنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ أَوْ بَعْدَمَا أَدْرَكَ؟ لَا يُقْتَلُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا. قُلْت: فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ؟ قَالَ: لَا يُوضَعُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ خَرَاجُ رَأْسِهِ حَتَّى يُدْرِكَ وَيَسْتَبِينَ أَمْرُهُ. قُلْت: هَلْ يَدْخُلُ فِي الْقَسَامَةِ؟ قَالَ: لَا يَدْخُلُ فِي الْقَسَامَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (نَوْعٌ آخَرُ فِي الْأَيْمَانِ) رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَقَالَ: إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَأَنْت طَالِقٌ، أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَأَنْت حُرَّةٌ، فَوَلَدَتْ هَذَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ، قَالَ: لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ وَلَا تُعْتَقُ أَمَتُهُ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ غُلَامٌ طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ وَعَتَقَتْ الْأَمَةُ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ جَارِيَةٌ لَا تُعْتَقُ الْأَمَةُ، وَلَا تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ: كُلُّ عَبْدٍ لِي حُرٌّ وَلَهُ عَبْدٌ خُنْثَى مُشْكِلٌ، لَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: كُلُّ أَمَةٍ لِي حُرَّةٌ لَا يُعْتَقُ هَذَا الْخُنْثَى، وَإِنْ قَالَ الْقَوْلَيْنِ وَحَلَفَ بِالْيَمِينَيْنِ جَمِيعًا فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ: إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَاشْتَرَى هَذَا الْخُنْثَى لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ قَالَ كِلَا الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى مِثْلَ هَذَا الْخُنْثَى تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (نَوْعٌ آخَرُ فِي إقْرَارِ الْخُنْثَى أَنَّهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَفِي إقْرَارِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ بِذَلِكَ) فَإِنْ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ هَذَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ: أَنَا ذَكَرٌ، أَوْ قَالَ: أَنَا أُنْثَى، لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَقَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مُشْكِلٌ إذَا قَالَ أَنَّهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ أَمِينٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ مَا لَمْ يُعْرَفْ خِلَافُهُ، وَمَتَى لَمْ يُعْرَفُ كَوْنُهُ مُشْكِلًا لَمْ يُعْرَفُ

مسائل شتى

خِلَافُ مَا قَالَ، قُلْت: أَرَأَيْت أَنْ لَوْ كَانَ هَذَا الْخُنْثَى أَبُوهُ حَيًّا فَقَالَ هُوَ غُلَامٌ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ؟ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: هُوَ جَارِيَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ مُشْكِلُ الْحَالِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَ هَذَا الْخُنْثَى قَدْ رَاهَقَ وَلَيْسَ لَهُ أَبٌ وَلَهُ وَصِيٌّ فَأَقَرَّ وَصِيُّهُ أَنَّهُ جَارِيَةٌ أَوْ غُلَامٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُشْكِلَ الْحَالِ وَإِذَا كَانَ مُشْكِلَ الْحَالِ لَمْ يُصَدَّقْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. [مَسَائِلُ شَتَّى] (مَسَائِلُ شَتَّى) وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْخُنْثَى حَتَّى يُدْرِكَ؛ لِأَنَّهُ صَبِيٌّ أَوْ صَبِيَّةٌ وَبَعْدَمَا أَدْرَكَ إذَا لَمْ يَسْتَبِنْ أَمْرُهُ يَتَوَقَّفُ أَمْرُهُ فِي حَقِّ الشَّهَادَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ ذَكَرٌ. قُلْت: أَرَأَيْت رَجُلًا أَوْصَى لِمَا فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ كَانَ غُلَامًا وَبِخَمْسِمِائَةٍ إنْ كَانَ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ هَذَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ؟ قَالَ: يُعْطَى لَهُ خَمْسُمِائَةٍ وَتُوقَفُ الْخَمْسُمِائَةِ الْأُخْرَى إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ حَالُهُ أَوْ يَمُوتَ قَبْلَ التَّبَيُّنِ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ ذَكَرٌ دُفِعَتْ الزِّيَادَةُ إلَيْهِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَارِيَةٌ دُفِعَ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ قَبْلَ التَّبَيُّنِ يُدْفَعُ الْمَوْقُوفُ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي، وَهَذَا قَوْلُ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إيمَاءُ الْأَخْرَسِ وَكِتَابَتُهُ كَالْبَيَانِ فِي الْوَصِيَّةِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْقَوَدِ لَا فِي الْحَدِّ بِخِلَافِ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ. اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قُرِئَ عَلَى الْأَخْرَسِ كِتَابُ وَصِيَّةٍ فَقِيلَ لَهُ: أَنَشْهَدُ عَلَيْك بِمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ أَوْ كَتَبَ نَعَمْ، فَإِذَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُعْرَفُ أَنَّهُ إقْرَارٌ فَهُوَ جَائِزٌ. وَلَوْ اعْتَقَلَ لِسَانُ الرَّجُلِ فَقُرِئَ عَلَيْهِ وَصِيَّةٌ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ أَوْ كَتَبَ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْأَخْرَسِ وَطَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ وَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ وَيُقْتَصُّ لَهُ إذَا كَانَ يَكْتُبُ أَمْ يُومِئُ إيمَاءً يُعْرَفُ بِهِ وَلَا يُحَدُّ وَلَا يُحَدُّ لَهُ. (ثُمَّ الْكِتَابَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ) مُسْتَبِينٌ مَرْسُومٌ أَيْ مُعَنْوَنٌ وَهُوَ يَجْرِي مَجْرَى النُّطْقِ فِي الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ عَلَى مَا قَالُوا، وَمُسْتَبِينٌ غَيْرُ مَرْسُومٍ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْجِدَارِ وَأَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ وَهُوَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُ مُسْتَبِينٍ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْهَوَاءِ وَالْمَاءِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ كَلَامٍ غَيْرِ مَسْمُوعٍ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْحُكْمُ، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ صَمَتَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ بِعَارِضٍ فَكَتَبَ أَوْ أَشَارَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ مِنْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ. (غَنَمٌ مَذْبُوحَةٌ) وَفِيهَا مَيْتَةٌ فَإِنْ كَانَتْ الْمَذْبُوحَةُ أَكْثَرَ تَحَرَّى فِيهَا وَأَكَلَ وَإِنْ كَانَتْ الْمَيْتَةُ أَكْثَرَ أَوْ كَانَا نِصْفَيْنِ لَمْ يُؤْكَلْ، وَهَذَا فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ بِأَنْ يَجِدَ ذَكِيَّةً بِيَقِينٍ، وَأَمَّا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ تَحَرَّى وَأَكَلَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَذْبُوحَةُ أَكْثَرَ أَوْ كَانَا سَوَاءً أَوْ كَانَتْ الْمَيْتَةُ أَكْثَرَ، كَذَا فِي الْكَافِي. (لُفَّ) ثَوْبٌ نَجِسٌ رَطْبٌ فِي ثَوْبٍ طَاهِرٍ يَابِسٍ فَظَهَرَتْ رُطُوبَتُهُ عَلَى ثَوْبٍ طَاهِرٍ لَكِنْ لَا يَنْعَصِرُ لَوْ عُصِرَ لَا يَتَنَجَّسُ. (رَأْسُ شَاةٍ) مُتَلَطِّخٍ بِالدَّمِ أُحْرِقَ وَزَالَ عَنْهُ الدَّمُ فَاِتَّخَذَ مَرَقَةً مِنْهُ جَازَ وَالْحَرْقُ كَالْغَسْلِ. (سُلْطَانٌ) جَعَلَ الْخَرَاجَ لِرَبِّ الْأَرْضِ جَازَ وَإِنْ جَعَلَ الْعُشْرَ لَا، كَذَا فِي الْكَنْزِ

وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَجُوزُ فِيهِمَا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْفَتْوَى. (أَصْحَابُ الْخَرَاجِ) إذَا عَجَزُوا عَنْ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَأَدَاءِ الْخَرَاجِ دَفَعَ الْإِمَامُ الْأَرَاضِيَ إلَى غَيْرِهِمْ بِالْأُجْرَةِ أَيْ يُؤَاجِرُ الْأَرَاضِيَ لِلْقَادِرَيْنِ عَلَى الزِّرَاعَةِ، وَيَأْخُذُ الْخَرَاجَ مِنْ أُجْرَتِهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَتِهَا يَدْفَعُهُ إلَى أَصْحَابِهَا وَهُمْ الْمُلَّاكُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا بَاعَهَا الْإِمَامُ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى الزِّرَاعَةِ، ثُمَّ إذَا بَاعَهَا يَأْخُذُ الْأَخْرِجَةَ الْمَاضِيَةَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ عَلَيْهِمْ خَرَاجٌ وَرَدَّ الْفَضْلَ عَلَى أَصْحَابِهَا ثُمَّ قِيلَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا الْقَاضِي يَمْلِكُ بَيْعَ مَالِ الْمَدْيُونِ بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ فَلَا يَبِيعُهَا لَكِنْ يَأْمُرُ مُلَّاكَهَا بِبَيْعِهَا، وَقِيلَ: هَذَا قَوْلُ الْكُلِّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ صَحَّ وَلَوْ عَنْ رَمَضَانَيْنِ كَقَضَاءِ الصَّلَاةِ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ أَوَّلَ صَلَاةٍ أَوْ آخِرَ صَلَاةٍ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْكَنْزِ وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي رَمَضَانَ وَاحِدٍ وَلَا يَجُوزُ فِي رَمَضَانَيْنِ مَا لَمْ يُعَيِّنْ أَنَّهُ صَائِمٌ عَنْ رَمَضَانَ سَنَةَ كَذَا وَكَذَا فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُعَيِّنْ الصَّلَاةَ وَيَوْمَهَا بِأَنْ يُعَيِّنَ ظُهْرَ يَوْمِ كَذَا مَثَلًا، وَلَوْ نَوَى أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ أَوْ آخِرَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ جَازَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. دَخَلَ دَمْعٌ كَثِيرٌ فَمَ الصَّائِمِ حَتَّى وَجَدَ مُلُوحَتَهُ وَابْتَلَعَ فَسَدَ وَلَوْ قَلِيلٌ كَقَطْرَتَيْنِ لَا. (ابْتَلَعَ) بُزَاقَ غَيْرِهِ كَفَّرَ لَوْ صَدَّ بُقَّهُ وَإِلَّا لَا. (قَتْلُ) بَعْضِ الْحَاجِّ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْحَجِّ. (بَاعَ) أَتَانًا لَا يَدْخُلُ جَحْشُهَا فِي الْبَيْعِ. (الْعَقَارُ) الْمُتَنَازِعُ فِيهِ لَا يَخْرُجُ مِنْ يَدِ ذِي الْيَدِ مَا لَمْ يُبَرْهِنْ الْمُدَّعِي (عَقَارٌ) لَا فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ فِيهِ. (إذَا) قَضَى الْقَاضِي فِي حَادِثَةٍ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ قَالَ: رَجَعْت عَنْ قَضَائِي أَوْ بَدَا لِي غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ وَقَعْت فِي تَلْبِيسِ الشُّهُودِ أَوْ أَبْطَلْت حُكْمِي وَنَحْوُ ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ، وَالْقَضَاءُ مَاضٍ إنْ كَانَ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ. (خَبَّأَ قَوْمًا) ثُمَّ سَأَلَ رَجُلًا عَنْ شَيْءٍ فَأَقَرَّ بِهِ وَهُمْ يَرَوْنَهُ وَيَسْمَعُونَ كَلَامَهُ وَهُوَ لَا يَرَاهُمْ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ سَمِعُوا كَلَامَهُ وَلَمْ يَرَوْهُ لَا. (بَاعَ) عَقَارًا وَبَعْضُ أَقَارِبِهِ حَاضِرٌ يَعْلَمُ الْبَيْعَ ثُمَّ ادَّعَى لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (وَهَبَتْ) مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا فَمَاتَتْ فَطَلَبَ وَرَثَتُهَا مَهْرَهَا مِنْهُ وَقَالُوا: كَانَتْ الْهِبَةُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا، وَقَالَ: بَلْ فِي الصِّحَّةِ فَالْقَوْلُ لَهُ. (قَالَ) لِآخَرَ: وَكَّلْتُك بِبَيْعِ كَذَا فَسَكَتَ صَارَ وَكِيلًا. وَكَّلَهَا بِطَلَاقِهَا لَا يَمْلِكُ عَزْلَهَا. وَكَّلْتُك بِكَذَا عَلَى أَنِّي مَتَى عَزَلْتُك فَأَنْت وَكِيلِي يَقُولُ فِي عَزْلِهِ: عَزَلْتُك ثُمَّ عَزَلْتُك، كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْت وَكِيلِي يَقُولُ: رَجَعْت عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَعَزَلْتُك عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ، وَقِيلَ: يَقُولُ فِي عَزْلِهِ: كُلَّمَا وَكَّلْتُك فَأَنْتَ مَعْزُولٌ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيُبْطِلُ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ وَجَهَالَةُ الْبَدَلِ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالْقِسْمَةَ وَالصُّلْحَ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ، وَلَا يُبْطِلُ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ وَجَهَالَةُ الْبَدَلِ الْعِتْقَ وَالنِّكَاحَ وَالْخُلْعَ وَالصُّلْحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَالْكِتَابَةُ تَبْطُلُ بِجَهَالَةِ الْبَدَلِ إذَا كَانَتْ فَاحِشَةً لَا بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فَقَبِلَ الْعَقْدَ فِي أَحَدِهِمَا فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ سَمَّى لِكُلِّ

وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَلًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ، وَصَحَّ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي بِكُلِّ حَالٍ، وَفِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ إنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَلًا صَحَّ وَإِلَّا لَا. (رَجُلٌ) قَالَ لِآخَرَ: بِعْتُك هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ أَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَبِلَ فِي أَحَدِهِمَا لَا يَصِحُّ. وَكَذَا لَوْ آجَرَ شَيْئَيْنِ فَقَبِلَ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ قَالَ: قَاسَمْتُك عَلَى أَنَّ هَذَا وَهَذَا لِي وَهَذَا وَهَذَا لَك فَقَبِلَ فِي أَحَدِهِمَا. وَكَذَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَوْ الْقِسْمَةِ أَوْ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْكُلِّ وَأَجْمَلَ أَوْ فَصَّلَ فَقَبِلَ فِي أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَضَمُّ الْجَيِّدِ إلَى الرَّدِيءِ مُعْتَادٌ فَصَارَ الْقَبُولُ فِي أَحَدِهِمَا شَرْطًا لِصِحَّةِ الْقَبُولِ فِي الْآخَرِ، فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ صَارَ شَرْطًا فَاسِدًا. وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك هَاتَيْنِ الْأَمَتَيْنِ، بِأَلْفٍ فَقَبِلَ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا، أَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: خَالَعْتُكُمَا بِكَذَا فَقَبِلَتْ إحْدَاهُمَا أَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ: أَعْتَقْتُكُمَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا أَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ قِصَاصٌ فَقَالَا: صَالَحْنَاكَ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ مِنْ أَحَدِهِمَا صَحَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ لَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ: كَاتَبْتُكُمَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ وَإِنْ فَصَّلَ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا صَحَّ، وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا إنْ قَبِلَ النِّكَاحَ صَحَّ وَإِنْ قَبِلَ الْبَيْعَ أَوْ الْإِجَارَةَ لَا، وَعَلَى هَذَا غَيْرُهُمَا وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الْكِتَابَةِ وَالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ إنْ قَبِلَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ صَحَّ أَجْمَلَ أَوْ فَصَّلَ وَإِنْ قَبِلَ الْكِتَابَةَ إنْ فَصَّلَ صَحَّ وَإِنْ أَجْمَلَ لَا. (رَجُلٌ) لَهُ أَرْضٌ يَزْرَعُهَا أَوْ حَانُوتٌ يُسْتَغَلُّ وَغَلَّتُهَا تَكْفِي لَهُ وَلِعِيَالِهِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الزَّكَاةُ وَإِلَّا حَلَّتْ. (مَنْعُهَا) زَوْجَهَا عَنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا نُشُوزٌ. طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ كَانَ جَمِيعُ الْأَلْفِ بِإِزَاءِ الْوَاحِدَةِ. قَالَ لِعَبْدِهِ: يَا سَيِّدِي، أَوْ لِأَمَتِهِ: أَنَا عَبْدُك لَا يُعْتَقُ. (إنْ) فَعَلْت كَذَا مَا دُمْت بِبُخَارَى فَكَذَا وَخَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ رَجَعَ وَفَعَلَ لَا يَحْنَثُ. قَالَ الْمُدَّعِي: لَا بَيِّنَةَ لِي، فَبَرْهَنَ. أَوْ قَالَ الشُّهُودُ: لَا شَهَادَةَ لَنَا، ثُمَّ شَهِدُوا تُقْبَلُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تُقْبَلُ وَالْأَصَحُّ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ قَالَ: كُنْت كَاذِبًا فِي إقْرَارِي حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ مَا كَانَ كَاذِبًا فِيمَا أَقَرَّ لَك بِهِ وَلَسْت بِمُبْطِلٍ فِيمَا تَدَّعِيهِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ هُمَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ. (لَوْ) قَالَ لَهُ: عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ وَإِنْ قَالَ: إلَّا سَبْعَةً إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا - لَزِمَهُ سِتَّةٌ. خَبَّازٌ اتَّخَذَ حَانُوتًا فِي وَسَطِ الْبَزَّازِينَ مُنِعَ، وَكَذَا كُلُّ ضَرَرٍ عَامٍّ. جَعْلُ شَيْءٍ مِنْ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا أَوْ جَعْلُ شَيْءٍ مِنْ الْمَسْجِدِ طَرِيقًا لِلْعَامَّةِ صَحَّ. (أَهْلُ) بَلَدٍ تَرَكُوا الْخِتَانَ يُحَارِبُهُمْ الْإِمَامُ. (كُرِهَ) مَسْحُ الْيَدِ وَالسِّكِّينِ بِالْخُبْزِ وَوَضْعُ الْخُبْزِ تَحْتَ الْقَصْعَةِ وَالْمَمْلَحَةِ وَانْتِظَارُ الْإِدَامِ إنْ حَضَرَ الْخُبْزُ وَأَكْلُ طَعَامٍ حَارٍّ وَشَمُّهُ وَنَفْخُهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ شَرْطٌ إنْ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ بِأَنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى دَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ أَوْ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنًا بِدَيْنٍ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ. ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى صَبِيٍّ دَارًا فَصَالَحَهُ أَبُوهُ عَلَى مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ جَازَ إنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ

يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَتْ غَيْرُ عَادِلَةٍ لَا وَإِنْ كَانَ الْأَبُ هُوَ الْمُدَّعِي لِلصَّغِيرِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْمِثْلِ أَوْ بِأَقَلِّ قَدْرِ مَا يُتَغَابَنُ فِيهِ، وَوَصِيُّ الْأَبِ فِي هَذَا كَالْأَبِ. (لِلْإِمَامِ) الَّذِي وَلَّاهُ الْخَلِيفَةُ أَنْ يُقْطِعَ إنْسَانًا مِنْ طَرِيقِ الْجَادَّةِ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ. (مَنْ صَادَرَهُ) السُّلْطَانُ وَلَمْ يُعَيِّنْ بَيْعَ مَالِهِ فَبَاعَ مَالَهُ صَحَّ (خَوَّفَهَا) بِالضَّرْبِ حَتَّى وَهَبَتْهُ مَهْرَهَا لَمْ تَصِحَّ إنْ قَدَرَ عَلَى الضَّرْبِ وَإِنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْخُلْعِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا يَسْقُطُ الْمَالُ، وَلَوْ أَحَالَتْ إنْسَانًا عَلَى الزَّوْجِ ثُمَّ وَهَبَتْ الْمَهْرَ لِلزَّوْجِ لَا تَصِحُّ. (اتَّخَذَ) بِئْرًا فِي مِلْكِهِ أَوْ بَالُوعَةً فَنَزَّ مِنْهَا حَائِطُ جَارِهِ فَطَلَبَ تَحْوِيلَهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ فَإِنْ سَقَطَ الْحَائِطُ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ. (عَمَّرَ) دَارَ زَوْجَتِهِ بِمَالِهِ بِإِذْنِهَا فَالْعِمَارَةُ لَهَا وَالنَّفَقَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا، وَإِذَا عَمَّرَهَا لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمَرْأَةِ كَانَتْ الْعِمَارَةُ لَهُ وَإِذَا عَمَّرَهَا لَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا كَانَ الْبِنَاءُ لَهَا وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي الْبِنَاءِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِهِ. وَلَوْ أَخَذَ غَرِيمَهُ فَنَزَعَهُ إنْسَانٌ مِنْ يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ النَّازِعُ إذَا هَرَبَ الْغَرِيمُ. (فِي يَدِهِ) مَالُ إنْسَانٍ فَقَالَ لَهُ سُلْطَانٌ: ادْفَعْ إلَيَّ هَذَا الْمَالَ وَإِلَّا أَقْطَعُ يَدَك أَوْ أَضْرِبُك خَمْسِينَ؛ فَدَفَعَ لَمْ يَضْمَنْ الدَّافِعُ. (وَضَعَ) مِنْجَلًا فِي الصَّحْرَاءِ لِيَصِيدَ بِهِ حِمَارَ وَحْشٍ وَسَمَّى عَلَيْهِ، فَجَاءَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَوَجَدَ الْحِمَارَ مَجْرُوحًا مَيِّتًا لَمْ يُؤْكَلْ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَذْبَحَهُ إنْسَانٌ أَوْ يَجْرَحَهُ وَبِدُونِ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ وَهُوَ كَالنَّطِيحَةِ أَوْ الْمُتَرَدِّيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ، وَتَقْيِيدُهُ بِالْيَوْمِ الثَّانِي وَقَعَ اتِّفَاقًا حَتَّى لَوْ وَجَدَهُ مَيِّتًا مِنْ سَاعَتِهِ لَا يَحِلُّ لِعَدَمِ شَرْطِهِ الْمَذْكُورِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. كُرِهَ مِنْ الشَّاةِ الْحَيَاءُ وَالْخُصْيَةِ وَالْغُدَّةُ وَالْمَثَانَةُ وَالْمَرَارَةُ وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ وَالذَّكَرُ وَالنُّخَاعُ الصُّلْبُ، كَذَا فِي الْكَنْزِ. لِلْقَاضِي أَنْ يُقْرِضَ مَالَ الْغَائِبِ وَالطِّفْلِ وَاللُّقَطَةِ. صَبِيٌّ حَشَفَتُهُ ظَاهِرَةٌ بِحَيْثُ لَوْ رَآهُ إنْسَانٌ ظَنَّهُ مَخْتُونًا وَلَا تُقْطَعُ جِلْدَةُ ذَكَرِهِ إلَّا بِتَشْدِيدِ تَرْكٍ، كَشَيْخٍ أَسْلَمَ فَقَالَ أَهْلُ الْبَصِيرَةِ: لَا يُطِيقُ الْخِتَانَ وَوَقْتُهُ سَبْعُ سِنِينَ وَخِتَانُ الْمَرْأَةِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُمَةٌ لِلرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ أَلَذُّ فِي الْجِمَاعِ وَقِيلَ: سُنَّةٌ. وَيَجُوزُ كَيُّ الصَّغِيرِ وَبَطُّ قُرْحَتِهِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُدَاوَاةِ وَكَذَا يَجُوزُ ثَقْبُ أُذُنِ الْبَنَاتِ الْأَطْفَالِ. وَالْحَامِلُ لَا تَفْعَلُ مَا يَضُرُّ بِالْوَلَدِ وَلَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَحْتَجِمَ مَا لَمْ يَتَحَرَّك الْوَلَدُ، فَإِذَا تَحَرَّكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ تَقْرُبُ الْوِلَادَةُ فَإِذَا قَرُبَتْ لَا تَحْتَجِمُ، وَأَمَّا الْفَصْدُ فَلَا تَفْعَلُهُ مُطْلَقًا مَا دَامَتْ حُبْلَى. وَكَذَا يَجُوزُ فَصْدُ الْبَهَائِمِ وَكَيُّهَا وَكَذَا كُلُّ عِلَاجٍ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهَا. وَجَازَ قَتْلُ مَا يَضُرُّ مِنْ الْبَهَائِمِ كَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْهِرَّةِ إذَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْحَمَامَ وَالدَّجَاجَ وَيَذْبَحُهَا ذَبْحًا وَلَا يَضُرُّ بِهَا. (وَالْمُسَابِقَةُ) بِالْفَرَسِ وَالْإِبِلِ وَالْأَرْجُلِ وَالرَّمْيِ جَائِزَةٌ، وَحُرِّمَ شَرْطُ الْجُعَلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَمَعْنَى شَرْطِ الْجُعَلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَنْ يَقُولَ: إنْ سَبَقَ فَرَسُك فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا، وَإِنْ سَبَقَ فَرَسِي فَلِي عَلَيْك كَذَا وَهُوَ قِمَارٌ فَلَا يَجُوزُ، وَإِذَا شُرِطَ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا، وَإِنْ سَبَقْتُك فَلَا شَيْءَ لِي عَلَيْك جَازَ اسْتِحْسَانًا وَلَا يَجُوزُ فِيمَا عَدَا الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ كَالْبَغْلِ، وَإِنْ كَانَ الْجُعَلُ

كتاب الفرائض وفيه ثمانية عشر بابا

مَشْرُوطًا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَشَرْطُهُ أَنْ تَكُونَ الْغَايَةُ مِمَّا يَحْتَمِلُهَا الْفَرَسُ، وَكَذَا شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرَسَيْنِ احْتِمَالُ السَّبَقِ، أَمَّا إذَا عُلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا يَسْبِقُ لَا مَحَالَةَ فَلَا يَجُوزُ، وَلَوْ شَرَطَا الْجُعَلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَأَدْخَلَا ثَالِثًا مُحَلِّلًا جَازَ إذَا كَانَ فَرَسُ الْمُحَلِّلِ كُفُؤًا لِفَرَسَيْهِمَا يَجُوزُ أَنْ يَسْبِقَ وَيُسْبَقَ، وَإِنْ كَانَ يَسْبِقُ أَوْ يُسْبَقُ لَا مَحَالَةَ فَلَا يَجُوزُ، وَصُورَةُ إدْخَالِ الْمُحَلِّلِ أَنْ يَقُولَا لِلثَّالِثِ: إنْ سَبَقْتنَا فَالْمَالَانِ لَك، وَإِنْ سَبَقْنَاك فَلَا شَيْءَ لَنَا عَلَيْك، وَلَكِنَّ الشَّرْطَ الَّذِي شَرْطَاهُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَيُّهُمَا يَسْبِقُ كَانَ لَهُ الْجُعَلُ عَلَى صَاحِبِهِ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ، فَإِنْ غَلَبَهُمَا أَخَذَ الْمَالَيْنِ وَإِنْ غَلَبَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ أَيُّهُمَا غَلَبَ الْمَالَ الْمَشْرُوطَ مِنْ صَاحِبِهِ. وَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْ النَّاسِ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْفُرْسَانِ أَوْ لِلِاثْنَيْنِ: فَمَنْ سَبَقَ فَلَهُ كَذَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، أَوْ قَالَ لِلرُّمَاةِ: مَنْ أَصَابَ هَدَفًا فَلَهُ كَذَا جَازَ. وَعَلَى هَذَا الْفُقَهَاءُ إذَا تَنَازَعُوا فِي الْمَسَائِلِ وَشُرِطَ لِلْمُصِيبِ مِنْهُمْ جُعْلٌ جَازَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الْمُسَابِقَةِ الْحِلُّ دُونَ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْمَغْلُوبُ مِنْ الدَّفْعِ لَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي وَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ. وَلَا يُصَلِّي عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ إلَّا بِطَرِيقِ التَّبَعِ بِأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَنَحْوَهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي التَّرَحُّمِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ ثُمَّ الْأَوْلَى أَنْ يَدْعُوَ لِلصَّحَابَةِ بِالرِّضَا فَيَقُولَ رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُمْ، وَلِلتَّابِعَيْنِ بِالرَّحْمَةِ فَيَقُولَ: رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَلِمَنْ بَعْدَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَالتَّجَاوُزِ فَيَقُولَ: غَفَرَ اللَّهُ لَهُمْ وَتَجَاوَزَ عَنْهُمْ. وَالْإِعْطَاءُ بِاسْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ: إذَا أَهْدَى يَوْمَ النَّيْرُوزِ إلَى مُسْلِمٍ آخَرَ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ تَعْظِيمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَكِنْ جَرَى عَلَى مَا اعْتَادَهُ بَعْضُ النَّاسِ لَا يَكْفُرُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ خَاصَّةً وَيَفْعَلَهُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَيْ لَا يَكُونَ تَشَبُّهًا بِأُولَئِكَ الْقَوْمِ. وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْقَلَانِسِ، وَنُدِبَ لُبْسُ السَّوَادِ وَإِرْسَالُ ذَنَبِ الْعِمَامَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ إلَى وَسَطِ الظَّهْرِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُجَدِّدَ اللَّفَّ لِعِمَامَتِهِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْقُضَهَا كَوْرًا كَوْرًا فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْسَنُ مِنْ رَفْعِهَا عَنْ الرَّأْسِ وَإِلْقَائِهَا فِي الْأَرْضِ دَفْعَةً وَاحِدَةً. وَيُكْرَهُ لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَلْبَسَ أَحْسَنَ الثِّيَابِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُوصِي أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ. وَلِلشَّابِّ الْعَالِمِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الشَّيْخِ الْجَاهِلِ. وَلِحَافِظِ الْقُرْآنِ أَنْ يَخْتِمَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَهْمُ مَعَانِيهِ وَالِاعْتِبَارُ بِمَا فِيهِ لَا مُجَرَّدُ التِّلَاوَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [محمد: 24] وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالتَّأَنِّي لَا بِالتَّوَانِي فِي الْمَعَانِي فَقُدِّرَ لِلْخَتْمِ أَقَلُّهُ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا يَقْرَأُ فِي كُلِّ يَوْمٍ حِزْبًا وَنِصْفَ حِزْبٍ أَوْ أَقَلَّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. [كِتَابُ الْفَرَائِضِ وَفِيهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَابًا] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الْفَرَائِض] (كِتَابُ الْفَرَائِضِ) وَفِيهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَابًا (الْبَابُ الْأَوَّلُ - فِي تَعْرِيفِهَا وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ)

الباب الثاني في ذوي الفروض

الْفَرَائِضُ جَمْعُ فَرِيضَةٍ مِنْ الْفَرْضِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ التَّقْدِيرُ وَالْقَطْعُ وَالْبَيَانُ وَفِي الشَّرْعِ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ وَسُمِّيَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْفِقْهِ فَرَائِضَ لِأَنَّهُ سِهَامٌ مُقَدَّرَةٌ مَقْطُوعَةٌ مُبَيَّنَةٌ ثَبَتَتْ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ فَقَدْ اشْتَمَلَ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَالْإِرْثُ فِي اللُّغَةِ الْبَقَاءُ وَفِي الشَّرْعِ انْتِقَالُ مَالِ الْغَيْرِ إلَى الْغَيْرِ عَلَى سَبِيلِ الْخِلَافَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. التَّرِكَةُ تَتَعَلَّقُ بِهَا حُقُوقٌ أَرْبَعَةٌ: جِهَازُ الْمَيِّتِ وَدَفْنُهُ وَالدَّيْنُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْمِيرَاثُ. فَيُبْدَأُ أَوَّلًا بِجَهَازِهِ وَكَفَنِهِ وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي دَفْنِهِ بِالْمَعْرُوفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ كَالرَّهْنِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ وَوَلِيَّ الْجِنَايَةِ أَوْلَى بِهِ مِنْ تَجْهِيزِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَيُكَفَّنُ فِي مِثْلِ مَا كَانَ يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ الْحَلَالِ حَالَ حَيَاتِهِ عَلَى قَدْرِ التَّرِكَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْتِيرٍ وَلَا تَبْذِيرٍ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ ثُمَّ بِالدَّيْنِ وَأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ دُيُونَ الصِّحَّةِ أَوْ دُيُونَ الْمَرَضِ، أَوْ كَانَ الْبَعْضُ دَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْبَعْضُ دَيْنَ الْمَرَضِ، فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ دُيُونَ الصِّحَّةِ أَوْ دُيُونَ الْمَرَضِ فَالْكُلُّ سَوَاءٌ لَا يُقَدَّمُ الْبَعْضُ عَلَى الْبَعْضِ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ دَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْبَعْضُ دَيْنَ الْمَرَضِ يُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ إذَا كَانَ دَيْنُ الْمَرَضِ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ، وَأَمَّا مَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْمُعَايَنَةِ فَهُوَ وَدَيْنُ الصِّحَّةِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ تُنَفَّذُ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْكَفَنِ وَالدَّيْنِ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ يُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى سِهَامِ الْمِيرَاثِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ شَائِعَةً نَحْوَ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ لَا تُقَدَّمُ الْوَصِيَّةُ عَلَى الْمِيرَاثِ بَلْ يَكُونُ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكَ الْوَرَثَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَزْدَادُ بِزِيَادَةِ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَيَنْتَقِصُ حَقُّهُ بِنُقْصَانِ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيُسْتَحَقُّ الْإِرْثُ بِإِحْدَى خِصَالٍ ثَلَاثٍ: بِالنَّسَبِ وَهُوَ الْقَرَابَةُ، وَالسَّبَبِ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ، وَالْوَلَاءِ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: وَلَاءُ عَتَاقَةٍ وَوَلَاءُ مُوَالَاةٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا يَرِثُ الْأَعْلَى مِنْ الْأَسْفَلِ وَلَا يَرِثُ الْأَسْفَلُ مِنْ الْأَعْلَى إلَّا إذَا شَرَطَ فَقَالَ: إنْ مِتُّ فَمَالِي مِيرَاثٌ لَك؛ فَحِينَئِذٍ يَرِثُ الْأَسْفَلُ مِنْ الْأَعْلَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَالْوَارِثُونَ أَصْنَافٌ ثَلَاثَةٌ: أَصْحَابُ الْفَرَائِضِ وَالْعَصَبَاتُ وَذَوُو الْأَرْحَامِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُسْتَحَقُّونَ لِلتَّرِكَةِ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ مُرَتَّبَةٌ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ فَيُبْدَأُ بِذِي الْفَرْضِ ثُمَّ بِالْعَصَبَةِ النِّسْبِيَّةِ ثُمَّ بِالْعَصَبَةِ السَّبَبِيَّةِ وَهُوَ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ، ثُمَّ عَصَبَةِ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ ثُمَّ الرَّدِّ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ النِّسْبِيَّةِ بِقَدْرِ حُقُوقِهِمْ، ثُمَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ ثُمَّ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ ثُمَّ الْمُقَرُّ لَهُ بِالنَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ بِحَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ بِإِقْرَارِهِ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ إذَا مَاتَ الْمُقِرُّ مُصِرًّا عَلَى إقْرَارِهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِأَخٍ أَوْ أُخْتٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ الْمُوصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ ثُمَّ بَيْتِ الْمَالِ، كَذَا فِي الْكَافِي. [الْبَابُ الثَّانِي فِي ذَوِي الْفُرُوضِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي ذَوِي الْفُرُوضِ) وَهُمْ كُلُّ مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ فِي سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَوْ بِالْإِجْمَاعِ.

كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَهُمْ اثْنَا عَشَرَةَ نَفَرًا عَشَرَةٌ مِنْ النَّسَبِ وَاثْنَانِ مِنْ السَّبَبِ. أَمَّا الْعَشَرَةُ بِالنَّسَبِ فَثَلَاثَةٌ مِنْ الرِّجَالِ وَسَبْعَةٌ مِنْ النِّسَاءِ أَمَّا الرِّجَالُ فَالْأَوَّلُ الْأَبُ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: الْفَرْضُ الْمَحْضُ وَهُوَ السُّدُسُ مَعَ الِابْنِ أَوْ ابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ، وَالتَّعْصِيبُ الْمَحْضُ وَذَلِكَ أَنْ لَا يُخَلَّفَ غَيْرُهُ فَلَهُ جَمِيعُ الْمَالِ بِالْعُصُوبَةِ وَكَذَا إذَا اجْتَمَعَ مَعَ ذِي فَرْضٍ لَيْسَ بِوَلَدٍ وَلَا وَلَدِ ابْنٍ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَجَدَّةٍ فَيَأْخُذُ ذُو الْفَرْضِ فَرْضَهُ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ بِالْعُصُوبَةِ، وَالتَّعْصِيبُ وَالْفَرْضُ مَعًا وَذَلِكَ مَعَ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ فَلَهُ السُّدُسُ فَرْضًا وَالنِّصْفُ لِلْبِنْتِ أَوْ الثُّلُثَانِ لِلْبِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا وَالْبَاقِي لَهُ بِالتَّعْصِيبِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَالثَّانِي - الْجَدُّ وَالْمُرَادُ الْجَدُّ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ الَّذِي لَا تَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُمٌّ كَأَبِي الْأَبِ أَوْ أَبِي أَبِي الْأَبِ، فَإِنْ دَخَلَ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُمٌّ فَهُوَ فَاسِدٌ كَأَبِي أُمِّ الْأَبِ أَوْ كَأَبِي أَبِي أُمِّ الْأَبِ أَوْ كَأَبِي أَبِي أُمِّ أَبِي الْأَبِ، ثُمَّ الْجَدُّ الصَّحِيحُ كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ إلَّا فِي رَدِّ الْأُمِّ إلَى ثُلُثِ مَا بَقِيَ وَحَجْبِ أُمِّ الْأَبِ وَهُوَ يَحْجُبُ جَمِيعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْكَافِي. وَالثَّالِثُ - الْأَخُ لِأُمٍّ وَلَهُ السُّدُسُ وَلِلِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثُ وَإِنْ اجْتَمَعَ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ اسْتَوَوْا فِي الثُّلُثِ. وَأَمَّا النِّسَاءُ فَالْأُولَى الْبِنْتُ وَلَهَا النِّصْفُ إذَا انْفَرَدَتْ وَلِلْبِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَإِذَا اخْتَلَطَ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ عَصَبَ الْبَنُونَ الْبَنَاتِ فَيَكُونُ لِلِابْنِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الثَّانِيَةُ - بِنْتُ الِابْنِ فَلِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ وَلِلثِّنْتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ فَهُنَّ كَالصُّلْبِيَّاتِ عِنْدَ عَدَمِ وَلَدِ الصُّلْبِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ فَإِنْ اجْتَمَعَ أَوْلَادُ الصُّلْبِ وَأَوْلَادُ الِابْنِ فَإِنْ كَانَ فِي أَوْلَادِ الصُّلْبِ ذَكَرٌ فَلَا شَيْءَ لِأَوْلَادِ الِابْنِ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا أَوْ مُخْتَلِطِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَوْلَادِ الصُّلْبِ ذَكَرٌ وَلَا فِي أَوْلَادِ الِابْنِ ذَكَرٌ، فَإِنْ كَانَتْ ابْنَةُ الصُّلْبِ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِبَنَاتِ الِابْنِ السُّدُسُ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ ابْنَةُ الصُّلْبِ ثِنْتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ وَلَا شَيْءَ لِبَنَاتِ الِابْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَوْلَادِ الصُّلْبِ ذَكَرٌ وَكَانَ فِي أَوْلَادِ الِابْنِ ذَكَرٌ فَإِنْ انْفَرَدَ الذُّكُورُ مِنْ أَوْلَادِ الِابْنِ فَالْبَاقِي بَعْدَ نَصِيبِ الْبَنَاتِ لَهُمْ نِصْفًا كَانَ أَوْ ثُلُثًا فَإِنْ اخْتَلَطَ الذُّكُورُ بِالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الِابْنِ فَنَقُولُ: إنْ كَانَتْ بَنَاتُ الصُّلْبِ ثِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي بَيْنَ أَوْلَادِ الِابْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ عِنْدَ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ كَانَتْ ابْنَةُ الصُّلْبِ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ أَوْلَادِ الِابْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. بِنْتَانِ وَبِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتُ ابْنِ ابْنٍ، وَابْنُ ابْنِ ابْنٍ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي بَيْنَ بِنْتِ الِابْنِ وَمَنْ دُونَهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَلَوْ تَرَكَ ثَلَاثَ بَنَاتِ ابْنٍ بَعْضُهُنَّ أَسْفَلُ مِنْ بَعْضٍ وَثَلَاثَ بَنَاتِ ابْنِ ابْنٍ بَعْضُهُنَّ أَسْفَلُ مِنْ بَعْضٍ وَثَلَاثَ بَنَاتِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ بَعْضُهُنَّ أَسْفَلُ مِنْ بَعْضٍ، وَصُورَتُهُ إذَا كَانَ لِابْنِ الْمَيِّتِ ابْنٌ وَبِنْتٌ وَلِابْنِ ابْنِهِ ابْنٌ وَبِنْتٌ وَلِابْنِ ابْنِ ابْنِهِ ابْنٌ وَبِنْتٌ فَمَاتَ الْبَنُونَ وَبَقِيَتْ.

الْبَنَاتُ، وَكَذَلِكَ ثَلَاثُ بَنَاتِ ابْنٍ، وَكَذَلِكَ ثَلَاثُ بَنَاتِ ابْنِ ابْنٍ، وَكَذَلِكَ ثَلَاثُ بَنَاتِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ. مَيِّتٌ: الْفَرِيقُ الْأَوَّلِ ابْنٌ، ابْنُ بِنْتٍ، ابْنُ بِنْتٍ، ابْنُ بِنْتٍ. الْفَرِيقُ الثَّانِي ابْنٌ، ابْنٌ، ابْنُ بِنْتٍ، ابْنُ بِنْتٍ، ابْنُ بِنْتٍ. الْفَرِيقُ الثَّالِثُ ابْنٌ، ابْنٌ، ابْنٌ، ابْنُ بِنْتٍ، ابْنُ بِنْتٍ، ابْنُ بِنْتٍ. الْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ لَا يُوَازِيهَا أَحَدٌ، وَالْوُسْطَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ يُوَازِيهَا الْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي، وَالسُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ يُوَازِيهَا الْوُسْطَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي، وَالْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ وَالسُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي يُوَازِيهَا الْوُسْطَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ، وَالسُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ لَا يُوَازِيهَا أَحَدٌ، فَلِلْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ النِّصْفُ، وَلِلْوُسْطَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَالْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي السُّدُسُ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّرَجَةِ وَلَا شَيْءَ لِلْبَاقِيَاتِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ غُلَامٌ فَالْمَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَسَقَطَ الْبَاقِيَاتُ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْوُسْطَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ غُلَامٌ فَالنِّصْفُ لِلْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْغُلَامِ وَبَيْنَ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَإِنْ كَانَ مَعَ السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ غُلَامٌ فَالنِّصْفُ لِلْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَالسُّدُسُ لِلْوُسْطَى مِنْهُ مَعَ مَنْ يُوَازِيهَا تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْغُلَامِ وَبَيْنَ مَنْ يُوَازِيهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَيَسْقُطُ الْبَاقِيَاتُ، وَإِنْ كَانَ مَعَ السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي غُلَامٌ فَالنِّصْفُ لِلْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَالسُّدُسُ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ لِلْوُسْطَى مِنْهُ وَلِمَنْ يُوَازِيهَا وَالْبَاقِي بَيْنَ الْغُلَامِ وَمَنْ يُوَازِيهِ وَمَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ مِمَّنْ لَا فَرْضَ لَهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَيَسْقُطُ الْبَاقِيَاتُ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ. وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ بِنْتَ الِابْنِ تَصِيرُ عَصَبَةً بِابْنِ الِابْنِ سَوَاءٌ كَانَ فِي دَرَجَتِهَا أَوْ أَسْفَلَ مِنْهَا إذَا لَمْ تَكُنْ صَاحِبَةَ فَرْضٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَالثَّالِثَةُ - الْأُمُّ وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: السُّدُسُ مَعَ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ أَيْ جِهَةٍ كَانُوا وَالثُّلُثُ عِنْدَ عَدَمِ هَؤُلَاءِ وَثُلُثُ مَا يَبْقَى بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ: زَوْجٌ وَأَبَوَانِ، أَوْ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ. فَإِنَّ لِلْأُمِّ ثُلُثَ مَا يَبْقَى بَعْدَ نَصِيبِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ فَلِلْأُمِّ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ، كَذَا

فِي الْكَافِي. الرَّابِعَةُ - الْجَدَّةُ الصَّحِيحَةُ كَأُمِّ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَتْ وَأُمِّ الْأَبِ وَإِنْ عَلَا، وَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهَا أَبٌ بَيْنَ أُمَّيْنِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَلَهَا السُّدُسُ لِأَبٍ كَانَتْ أَوْ لِأُمٍّ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ فَيَشْتَرِكْنَ فِي السُّدُسِ إذَا كُنَّ ثَابِتَاتٍ مُتَحَاذِيَاتٍ فِي الدَّرَجَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي ثُمَّ الْجَدَّةُ إذَا كَانَتْ ذَاتَ جِهَتَيْنِ وَالْأُخْرَى ذَاتَ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - السُّدُسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ (مِثَالُهُ) امْرَأَةٌ زَوَّجَتْ بِنْتَ بِنْتِهَا مِنْ ابْنِ ابْنِهَا فَوُلِدَ مِنْهُمَا وَلَدٌ فَهَذِهِ الْمُزَوِّجَةُ أُمُّ أُمِّ أُمِّ الْوَلَدِ، وَهِيَ أَيْضًا أُمُّ أَبِ أَبِ الْوَلَدِ وَالْجَدَّةُ الْأُخْرَى أُمُّ أُمِّ أَبِ الْوَلَدِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ هَذَا الْوَلَدُ سَبْطًا لَهُمَا آخَرَ فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ صَارَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ جَدَّةً لِهَذَا الْوَلَدِ الْآخَرِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، فَإِنَّ تَزَوَّجَ هَذَا الْوَلَدُ سَبْطًا آخَرَ فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ صَارَتْ هَذِهِ الْجَدَّةُ جَدَّةً لِهَذَا الْوَلَدِ الْآخَرِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ وَقِسْ عَلَيْهِ الْبَاقِيَ، كَذَا فِي الْكَافِي. الْخَامِسَةُ - الْأَخَوَاتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ لِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ وَلِلثِّنْتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَمَعَ الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَلَهُنَّ الْبَاقِي مَعَ الْبَنَاتِ أَوَمَعَ بَنَاتِ الِابْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي. السَّادِسَةُ - الْأَخَوَاتُ لِأَبٍ وَهُنَّ كَالْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ عِنْدَ عَدَمِهِنَّ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ فَلِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ وَلِلْأَكْثَرِ الثُّلُثَانِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَلَهُنَّ السُّدُسُ مَعَ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ وَلَا يَرِثْنَ مَعَ الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ لِأَبٍ فَيَعْصِبَهُنَّ فَيَكُونَ لِلْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ الثُّلُثَانِ، وَالْبَاقِي بَيْنَ أَوْلَادِ الْأَبِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَلَهُنَّ الْبَاقِي مَعَ الْبَنَاتِ أَوْ مَعَ بَنَاتِ الِابْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي. السَّابِعَةُ - الْأَخَوَاتُ لِأُمٍّ لِلْوَاحِدَةِ السُّدُسُ وَلِلثِّنْتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَيَسْقُطُ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ بِالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ وَبِالْأَبِ بِالِاتِّفَاقِ وَبِالْجَدِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَسْقُطُ أَوْلَادُ الْأَبِ بِهَؤُلَاءِ وَبِالْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَيَسْقُطُ أَوْلَادُ الْأُمِّ بِالْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ بِنْتًا وَوَلَدِ الِابْنِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَأَمَّا الِاثْنَانِ مِنْ السَّبَبِ فَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ، وَالرُّبُعُ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ وَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ عِنْدَ عَدَمِهِمَا وَالثُّمُنُ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَالزَّوْجَاتُ وَالْوَاحِدَةُ يَشْتَرِكْنَ فِي الرُّبُعِ وَالثُّمُنِ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. (الْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى سِتَّةٌ) النِّصْفُ وَالرُّبُعُ وَالثُّمُنُ وَالثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ أَمَّا النِّصْفُ فَفَرْضُ خَمْسَةِ أَصْنَافٍ فَرْضُ الزَّوْجِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ وَفَرْضُ بِنْتِ الصُّلْبِ وَفَرْضُ بِنْتِ الِابْنِ عِنْدَ عَدَمِ بِنْتِ الصُّلْبِ وَفَرْضُ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَفَرْضُ الْأُخْتِ لِأَبٍ عِنْدَ عَدَمِ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ. وَأَمَّا الرُّبُعُ فَفَرْضُ صِنْفَيْنِ فَرْضُ الزَّوْجِ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ وَفَرْضُ الزَّوْجَةِ أَوْ الزَّوْجَاتِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ وَأَمَّا الثُّمُنُ فَفَرْضُ الزَّوْجَةِ أَوْ الزَّوْجَاتِ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ. وَأَمَّا

الباب الثالث في العصبات

الثُّلُثَانِ فَفَرْضُ أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ: فَرْضُ بِنْتَيْ الصُّلْبِ فَصَاعِدًا، وَفَرْضُ بِنْتَيْ الِابْنِ فَصَاعِدًا عِنْدَ عَدَمِ بِنْتِ الصُّلْبِ، وَفَرْضُ الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَصَاعِدًا، وَفَرْضُ الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ فَصَاعِدًا عِنْدَ عَدَمِ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ. وَأَمَّا الثُّلُثُ فَفَرْضُ صِنْفَيْنِ: فَرْضُ الْأُمِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ وَلَا اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، وَفَرْضُ الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا مِنْ أَوْلَادِ الْأُمِّ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا. وَأَمَّا السُّدُسُ فَفَرْضُ سَبْعَةِ أَصْنَافٍ: فَرْضُ الْأَبِ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ، وَفَرْضُ الْجَدِّ كَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ، وَفَرْضُ الْأُمِّ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ أَوْ اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، وَفَرْضُ الْجَدَّةِ الْوَاحِدَةِ وَالْجَدَّاتِ إذَا اجْتَمَعْنَ حِينَ يَرِثْنَ، وَفَرْضُ بِنْتِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ، وَفَرْضُ الْأُخْتِ لِأَبٍ مَعَ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ، وَفَرْضُ الْوَاحِدِ مِنْ أَوْلَادِ الْأُمِّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْعَصَبَاتِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْعَصَبَاتِ) وَهُمْ كُلُّ مَنْ لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ مِنْ سِهَامِ ذَوِي الْفُرُوضِ وَإِذَا انْفَرَدَ أَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. فَالْعُصْبَةُ نَوْعَانِ: نِسْبِيَّةٌ وَسَبَبِيَّةٌ، فَالنِّسْبِيَّةُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ وَهُوَ كُلُّ ذَكَرٍ لَا يَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُنْثَى وَهُمْ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ: جُزْءُ الْمَيِّتِ وَأَصْلُهُ وَجُزْءُ أَبِيهِ وَجُزْءُ جَدِّهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَأَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُ الْأَبِ وَإِنْ عَلَا، ثُمَّ الْأَخُ لِأَبٍ وَأُمٍّ، ثُمَّ الْأَخُ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِأَبٍ ثُمَّ الْعَمُّ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ الْعَمُّ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ الْعَمِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ، ثُمَّ ابْنُ الْعَمِّ لِأَبٍ ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ عَمِّ الْأَبِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، ثُمَّ ابْنُ عَمِّ الْأَبِ لِأَبٍ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُصْبَةِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ يُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَيْهِمْ بِاعْتِبَارِ أَبْدَانِهِمْ لَا بِاعْتِبَارِ أُصُولِهِمْ مِثَالُهُ ابْنُ أَخٍ وَعَشَرَةٌ بَنِي أَخٍ آخَرَ أَوْ ابْنُ عَمٍّ وَعَشَرَةٌ بَنِي عَمٍّ آخَرَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَعَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ وَهِيَ كُلُّ أُنْثَى تَصِيرُ عَصَبَةً بِذَكَرٍ يُوَازِيهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الْبِنْتُ بِالِابْنِ وَبِنْتُ الِابْنِ بِابْنِ الِابْنِ وَالْأُخْتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ بِأَخِيهَا وَالْأُخْتُ لِأَبٍ بِأَخِيهَا، هَكَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَبَاقِي الْعَصَبَاتِ يَنْفَرِدُ بِالْمِيرَاثِ ذُكُورُهُمْ دُونَ أَخَوَاتِهِمْ وَهُمْ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا: الْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ وَابْنُ الْأَخِ وَابْنُ الْمُعْتَقِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَعَصَبَةٌ مَعَ غَيْرِهِ وَهِيَ كُلُّ أُنْثَى تَصِيرُ عَصَبَةً مَعَ أُنْثَى أُخْرَى كَالْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ يَصِرْنَ عَصَبَةً مَعَ الْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ مِثَالُهُ بِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ أَوْ إخْوَةٌ لِأَبٍ فَالنِّصْفُ لِلْبِنْتِ وَالنِّصْفُ الثَّانِي لِلْأُخْتِ وَلَا شَيْءَ لِلْإِخْوَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ عَصَبَةً نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ، وَمَنْ تَرَكَ ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَلِلْأَخِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَوْجًا فَلَهُ

الباب الرابع في الحجب

بِالزَّوْجِيَّةِ فَرْضُهُ وَهُوَ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَعَصَبَةُ وَلَدِ الزِّنَا وَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ مَوَالِي أُمِّهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا أَبَ لَهُ فَتَرِثُهُ قَرَابَةُ أُمِّهِ وَيَرِثُهُمْ، فَلَوْ تَرَكَ بِنْتًا وَأُمًّا وَالْمُلَاعَنَ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي يُرَدُّ عَلَيْهِمَا كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعَهُمَا زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ أَخَذَ فَرْضَهُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا فَرْضًا وَرَدًّا، وَلَوْ تَرَكَ أُمَّهُ وَأَخَاهُ لِأُمِّهِ وَابْنَ الْمُلَاعَنِ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي يُرَدُّ عَلَيْهِمَا وَلَا شَيْءَ لِابْنِ الْمُلَاعَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَخَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَلَوْ مَاتَ وَلَدُ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ وَرِثَهُ قَوْمُ أَبِيهِ وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَلَا يَرِثُهُ قَوْمُ جَدِّهِ وَهُمْ الْأَعْمَامُ وَأَوْلَادُهُمْ وَبِهَذَا يُعْرَفُ بَقِيَّةُ مَسَائِلِهِ، وَهَكَذَا وَلَدُ الزِّنَا إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا يَرِثُ تَوْأَمَهُ مِيرَاثَ أَخٍ لِأُمٍّ وَوَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ يَرِثُ التَّوْأَمَ مِيرَاثَ أَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. إذَا اجْتَمَعَتْ الْعَصَبَاتُ بَعْضُهَا عَصَبَةٌ بِنَفْسِهَا وَبَعْضُهَا عَصَبَةٌ بِغَيْرِهَا وَبَعْضُهَا عَصَبَةٌ مَعَ غَيْرِهَا فَالتَّرْجِيحُ مِنْهَا بِالْقُرْبِ إلَى الْمَيِّتِ لَا بِكَوْنِهَا عَصَبَةً بِنَفْسِهَا، حَتَّى أَنَّ الْعَصَبَةَ مَعَ غَيْرِهَا إذَا كَانَتْ أَقْرَبَ إلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْعَصَبَةِ بِنَفْسِهَا كَانَتْ الْعَصَبَةُ مَعَ غَيْرِهَا أَوْلَى. بَيَانُهُ إذَا هَلَكَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ بِنْتًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَابْنَ أَخٍ لِأَبٍ فَنِصْفُ الْمِيرَاثِ لِلْبِنْتِ وَالنِّصْفُ لِلْأُخْتِ وَلَا شَيْءَ لِابْنِ الْأَخِ؛ لِأَنَّ الْأُخْتَ صَارَتْ عَصَبَةً مَعَ الْبِنْتِ وَهِيَ إلَى الْمَيِّتِ أَقْرَبُ مِنْ ابْنِ الْأَخِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَ ابْنِ الْأَخِ عَمٌّ لَا شَيْءَ لِلْعَمِّ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَكَانُ ابْنِ الْأَخِ أَخًا لِأَبٍ لَا شَيْءَ لِلْأَخِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَمَّا الْعَصَبَةُ السَّبَبِيَّةُ فَالْمُعْتَقُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي مَرَّ فِي الْعَصَبَاتِ النِّسْبِيَّةِ، كَذَا فِي الْكَافِي. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْحَجْبِ] (الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْحَجْبِ) وَهُوَ نَوْعَانِ: حَجْبُ نُقْصَانٍ وَحَجْبُ حِرْمَانٍ. فَحَجْبُ النُّقْصَانِ هُوَ الْحَجْبُ مِنْ سَهْمٍ إلَى سَهْمٍ، وَأَمَّا حَجْبُ الْحِرْمَانِ فَنَقُولُ: سِتَّةٌ لَا يُحْجَبُونَ أَصْلًا، الْأَبُ وَالِابْنُ وَالزَّوْجُ وَالْأُمُّ وَالْبِنْتُ وَالزَّوْجَةُ وَمَنْ عَدَا هَؤُلَاءِ فَالْأَقْرَبُ يَحْجُبُ الْأَبْعَدَ كَالِابْنِ يَحْجُبُ أَوْلَادَ الِابْنِ وَالْأَخِ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ لِأَبٍ وَمَنْ يُدْلِي بِشَخْصٍ لَا يَرِثُ مَعَهُ إلَّا أَوْلَادَ الْأُمِّ. (أَمْثِلَةُ ذَلِكَ) زَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ فَإِنْ كَانَ مَعَ الْأُخْتِ لِأَبٍ أَخٌ عَصَبَهَا فَلَا تَرِثُ شَيْئًا فَهَذَا أَخٌ مَشْئُومٌ زَوْجٌ وَأَبَوَانِ وَبِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ - لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ سِتَّةٌ وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ سَهْمَانِ، وَلَوْ كَانَ مَعَ بِنْتِ الِابْنِ ابْنٌ عَصَبَهَا سَقَطَتْ وَتَعُولُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ. وَهَذَا أَيْضًا أَخٌ مَشْئُومٌ أُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَالْمَالُ لِلْأُخْتَيْنِ فَرْضًا وَرَدًّا وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِأَبٍ، فَإِنْ كَانَ مَعَهَا أَخُوهَا عَصَبَهَا فَلَهُمَا الْبَاقِي وَهُوَ الثُّلُثُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظُّ

الباب الخامس في موانع الإرث

الْأُنْثَيَيْنِ وَهَذَا أَخٌ مُبَارَكٌ. (الْمَحْرُومُ لَا يَحْجُبُ) كَالْكَافِرِ وَالْقَاتِلِ وَالرَّقِيقِ لَا نُقْصَانًا وَلَا حِرْمَانًا، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَالْمَحْجُوبُ يَحْجُبُ بِالِاتِّفَاقِ كَالْأَخَوَيْنِ أَوْ الْأُخْتَيْنِ فَصَاعِدًا بِأَيِّ جِهَةٍ كَانَا لَا يَرِثَانِ مَعَ الْأَبِ وَيَحْجُبَانِ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَيَسْقُطُ بَنُو الْأَعْيَانِ وَهُمْ الْإِخْوَةُ لِأَبَوَيْنِ بِالِابْنِ وَابْنِهِ وَبِالْأَبِ وَفِي الْجَدِّ خِلَافٌ، وَيَسْقُطُ بَنُو الْعَلَّاتِ وَهُمْ الْإِخْوَةُ لِأَبٍ بِهِمْ وَبِهَؤُلَاءِ وَيَسْقُطُ بَنُو الْأَخْيَافِ وَهُمْ الْإِخْوَةُ لِأُمٍّ بِالْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَيَسْقُطُ جَمِيعُ الْجَدَّاتِ بِالْأُمِّ الْأَبَوِيَّاتُ وَالْأُمِّيَّاتُ وَتَسْقُطُ الْأَبَوِيَّاتُ بِالْأَبِ كَالْجَدِّ مَعَ الْأَبِ وَكَذَا يَسْقُطْنَ بِالْجَدِّ إذَا كُنَّ مِنْ قِبَلِهِ وَلَا تَسْقُطُ أُمُّ الْأَبِ بِالْجَدِّ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ قِبَلِهِ وَالْجَدَّاتُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ لَا يَسْقُطْنَ بِالْأَبِ فَلَوْ تَرَكَ أَبًا وَأُمَّ أَبٍ وَأُمَّ أُمٍّ فَأُمُّ الْأَبِ مَحْجُوبَةٌ بِالْأَبِ وَاخْتَلَفُوا مَاذَا لِأُمِّ الْأُمِّ؟ قِيلَ: لَهَا السُّدُسُ، وَقِيلَ: لَهَا نِصْفُ السُّدُسِ وَالْقُرْبَى تَحْجُبُ الْبُعْدَى وَارِثَةً كَانَتْ أَوْ مَحْجُوبَةً. صُورَتُهَا تَرَكَ أَبًا وَأُمَّ أَبٍ وَأُمَّ أُمِّ أُمٍّ قِيلَ: الْكُلُّ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّهُ يَحْجُبُ أُمَّهُ وَهِيَ حَجَبَتْ أُمَّ أُمِّ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَدَّةِ أَنَّهَا هَلْ تَرِثُ مَعَ ابْنِهَا الَّذِي هُوَ عَمُّ الْمَيِّتِ أَمْ لَا؟ قَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: تَرِثُ مَعَ ابْنِهَا الَّذِي هُوَ عَمُّ الْمَيِّتِ وَالْجَدَّاتُ عَلَى مَرَاتِبَ: الْأُولَى - جَدَّتَا الْمَيِّتِ أُمُّ أُمِّهِ وَأُمُّ أَبِيهِ وَهَاتَانِ وَارِثَتَانِ. الثَّانِيَةُ - أَرْبَعُ جَدَّاتٍ جَدَّتَا أَبِيهِ وَجَدَتَا أُمِّهِ فَالْأُولَيَانِ أُمُّ أَبِ أَبِيهِ وَأُمُّ أُمِّ أَبِيهِ وَالْأُخْرَيَانِ أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ وَأُمُّ أَبِ أُمِّهِ وَالْكُلُّ وَارِثَاتٌ إلَّا الْأَخِيرَةَ. الثَّالِثَةُ - ثَمَانُ جَدَّاتٍ جَدَّتَا أَبِ أَبِيهِ وَهُمَا أُمُّ أَبِ أَبِ أَبِيهِ وَأُمُّ أُمِّ أَبِ أَبِيهِ وَهَاتَانِ وَارِثَتَانِ وَجَدَتَا أُمُّ أَبِيهِ وَهُمَا أُمُّ أُمِّ أُمِّ أَبِيهِ وَهِيَ وَارِثَةٌ وَأُمُّ أَبِ أُمِّ أَبِيهِ وَهِيَ سَاقِطَةٌ، وَجَدَتَا أَبِ أُمِّهِ وَهُمَا أُمُّ أُمِّ أَبِ أُمِّهِ وَأُمُّ أَبِ أَبِ أُمِّهِ وَهُمَا سَاقِطَتَانِ، وَجَدَتَا أُمِّ أُمِّهِ وَهُمَا أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمِّهِ وَهِيَ وَارِثَةٌ وَأُمُّ أَبِ أُمِّ أُمِّهِ وَهِيَ غَيْرُ وَارِثَةٍ فَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جَدَّتَانِ يَصِرْنَ سِتَّةَ عَشْرَ وَهِيَ الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ السِّتَّةَ عَشْرَ جَدَّتَانِ يَصِرْنَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَهَكَذَا، ثُمَّ الْجَدَّاتُ الثَّابِتَاتُ عَلَى ضَرْبَيْنِ مُتَحَاذِيَاتٌ مُتَسَاوِيَاتٌ فِي الدَّرَجَةِ وَمُتَفَاوِتَاتٌ فِي الدَّرَجَةِ وَتُعْرَفُ الْمُتَحَاذِيَاتُ الْوَارِثَاتُ بِأَنْ تُلْفَظَ بِعَدَدِهِنَّ أُمَّهَاتٌ ثُمَّ تُبَدَّلُ الْأُمُّ الْأَخِيرَةُ أَبًا فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ إلَى أَنْ لَا تَبْقَى إلَّا أُمٌّ وَاحِدَةٌ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي خَمْسِ جَدَّاتٍ مُتَحَاذِيَاتٍ أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمِّ أَبٍ، وَأُمُّ أُمِّ أُمِّ أَبِ أَبٍ، وَأُمُّ أُمِّ أَبِ أَبِ أَبٍ، وَأُمُّ أَبِ أَبِ أَبِ أَبٍ وَأَمَّا الْمُتَفَاوِتَاتُ فِي الدَّرَجَةِ فَالْقُرْبَى تَحْجُبُ الْبُعْدَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا تُتَصَوَّرُ الْجَدَّةُ الْوَارِثَةُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ إلَّا وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَاتِ مِنْهُنَّ أَنْ لَا يَدْخُلَ بَيْنَ أُمَّيْنِ أَبٌ فَكَانَتْ الْوَارِثَةُ أُمَّ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَتْ وَالْقُرْبَى تَحْجُبُ الْبُعْدَى فَلَا تَرِثُ إلَّا جَدَّةٌ وَاحِدَةٌ. وَأَمَّا الْأَبَوِيَّاتُ فَيُتَصَوَّرُ أَنْ يَرِثَ الْكَثِيرُ مِنْهُنَّ عَلَى مَا صُوِّرَ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. [الْبَابُ الْخَامِسُ فِي مَوَانِعِ الْإِرْث] (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمَوَانِعِ)

الباب السادس في ميراث أهل الكفر

الرِّقُّ يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قِنًّا وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَنْعَقِدْ لَهُ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ أَصْلًا وَبَيْنَ أَنْ يَنْعَقِدَ لَهُ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ كَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَأَمَّا الْمُسْتَسْعَى فِي إعْتَاقِ الرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ فَيَرِثُ وَيُورَثُ عَنْهُ، كَذَا فِي الْكَافِي. الْقَاتِلُ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَرِثُ مِنْ الْمَقْتُولِ شَيْئًا عِنْدَنَا سَوَاءٌ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَكَذَلِكَ كُلُّ قَاتِلٍ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْخَاطِئِ كَالنَّائِمِ إذَا انْقَلَبَ عَلَى مُورِثِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ عَلَى مُورِثِهِ فَقَتَلَهُ أَوْ أَوْطَأَ بِدَابَّتِهِ مُورِثَهُ وَهُوَ رَاكِبُهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَقَتْلُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمُبَرْسَمِ وَالْمُوَسْوَسِ لَا يُوجِبُ حِرْمَانَ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الْحِرْمَانَ يَنْبَتُّ جَزَاءَ قَتْلٍ مَحْظُورٍ وَفِعْلُ هَؤُلَاءِ لَيْسَ بِمَحْظُورٍ وَالتَّسَبُّبُ إلَى الْقَتْلِ لَا يَحْرِمُ الْمِيرَاثَ كَحَافِرِ الْبِئْرِ وَوَاضِعِ الْحَجَرِ وَصَابِّ الْمَاءِ فِي الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ، وَكُلُّ قَتْلٍ أَوْجَبَ الْقِصَاصَ أَوْ الْكَفَّارَةَ كَانَ مُبَاشَرَةً فَيَحْرُمُ بِهِ الْمِيرَاثُ وَمَا لَا يُوجِبُ ذَلِكَ فَهُوَ تَسَبُّبٌ لَا يَحْرِمُ الْمِيرَاثَ وَالْقَائِدُ وَالسَّائِقُ مُتَسَبِّبَانِ، وَفِي قَتْلِ الْبَاغِي الْعَادِلِ وَعَكْسِهِ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ عُرِفَ فِي السِّيَرِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. الْأَبُ إذَا خَتَنَ وَلَدَهُ أَوْ حَجَمَهُ أَوْ بَطَّ قُرْحَةً بِهِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُحْرَمْ الْمِيرَاثَ، وَلَوْ أَدَّبَ وَلَدَهُ بِالضَّرْبِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ دِيَتَهُ وَيُحْرَمُ الْمِيرَاثَ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَلَا يُحْرَمُ الْمِيرَاثَ. وَلَوْ أَنَّ الْمُعَلِّمَ هُوَ الَّذِي ضَرَبَهُ بِإِذْنِ الْأَبِ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَاخْتِلَافُ الدَّيْنِ أَيْضًا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَالْمُرَادُ بِهِ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ، وَأَمَّا اخْتِلَافُ مِلَلِ الْكُفَّارِ كَالنَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَعَبَدَةِ الْوَثَنِ فَلَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ حَتَّى يَجْرِيَ التَّوَارُثُ بَيْنَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ. وَاخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ يَمْنَعُ الْإِرْثَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَكِنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي حَقِّ أَهْلِ الْكُفْرِ لَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَرِثُهُ ابْنُهُ الَّذِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ اخْتِلَافُ الدَّارِ عَلَى نَوْعَيْنِ: حَقِيقِيٌّ كَحَرْبِيٍّ مَاتَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَهُ أَبٌ أَوْ ابْنٌ ذِمِّيٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ الذِّمِّيُّ مِنْ ذَلِكَ الْحَرْبِيِّ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَهُ أَبٌ أَوْ ابْنٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ ذَلِكَ الْحَرْبِيُّ مِنْ هَذَا الذِّمِّيِّ. وَالْحُكْمِيُّ كَالْمُسْتَأْمَنِ وَالذِّمِّيِّ حَتَّى لَوْ مَاتَ مُسْتَأْمَنٌ فِي دَارِنَا لَا يَرِثُ مِنْهُ وَارِثُهُ الذِّمِّيُّ وَالدَّارُ إنَّمَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَنَعَةِ أَيْ الْجَيْشِ وَالْمِلْكِ لِانْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا مَاتَ الْمُسْتَأْمَنُ عِنْدَنَا وَتَرَكَ مَالًا يَجِبُ أَنْ نَبْعَثَهُ إلَى وَرَثَتِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. [الْبَابُ السَّادِسُ فِي مِيرَاثِ أَهْلِ الْكُفْرِ] (الْبَابُ السَّادِسُ فِي مِيرَاثِ أَهْلِ الْكُفْرِ) الْكُفَّارُ يَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي يَتَوَارَثُ بِهَا أَهْلُ الْإِسْلَامِ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنْ النَّسَبِ وَالسَّبَبِ، وَيَرِثُ

الباب السابع في ميراث الحمل

الْكَافِرُ بِالسَّبَبَيْنِ كَالْمُسْلِمِ بِأَنْ تَرَكَ ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ أَوْ زَوْجٌ، كَذَا فِي الْكَافِي لَوْ اجْتَمَعَتْ فِي الْكَافِرِ قَرَابَتَانِ لَوْ تَفَرَّقَتَا فِي شَخْصَيْنِ حَجَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَرِثُ بِالْحَاجِبِ وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْ يَرِثُ بِالْقَرَابَتَيْنِ، كَمَا إذَا تَزَوَّجَ مَجُوسِيٌّ أُمَّهُ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا فَهَذَا الْوَلَدُ ابْنُهَا وَابْنُ ابْنِهَا فَيَرِثُ مِنْهَا إذَا مَاتَتْ عَلَى أَنَّهُ ابْنٌ وَلَا يَرِثُ عَلَى أَنَّهُ ابْنُ ابْنٍ، وَلَوْ وَلَدَتْ لَهُ بِنْتًا مَكَانَ الِابْنِ تَرِثُ الثُّلُثَيْنِ النِّصْفُ عَلَى أَنَّهَا بِنْتٌ وَالسُّدُسُ عَلَى أَنَّهَا بِنْتُ ابْنٍ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ وَتَرِثُ مِنْ أَبِيهَا عَلَى أَنَّهَا بِنْتٌ وَلَا تَرِثُ عَلَى أَنَّهَا أُخْتٌ مِنْ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْأُخْتَ مِنْ الْأُمِّ تَسْقُطُ بِالْبِنْتِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَهُ فَوَلَدَتْ بِنْتًا تَرِثُ مِنْ أُمِّهَا النِّصْفَ عَلَى أَنَّهَا بِنْتٌ وَتَرِثُ الْبَاقِيَ عَلَى أَنَّهَا عَصَبَةٌ؛ لِأَنَّهَا أُخْتُهَا مِنْ أَبِيهَا وَهِيَ عَصَبَةٌ مَعَ الْبِنْتِ، فَإِنْ مَاتَ أَبُوهَا تَرِثُ النِّصْفَ عَلَى أَنَّهَا بِنْتٌ وَلَا تَرِثُ عَلَى أَنَّهَا بِنْتُ بِنْتٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَلَا تَرِثُ مَعَ وُجُودِ ذِي سَهْمٍ أَوْ عَصَبَةٍ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَبِهِ أَخَذَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَرِثُ الْكَافِرُ بِنِكَاحٍ مُحَرَّمٍ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ الْمَجُوسِيُّ أُمَّهُ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْمَحَارِمِ لَا يَرِثُ مِنْهَا بِالنِّكَاحِ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْبَابِ مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ) الْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا مِنْ مُرْتَدٍّ مِثْلِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْمُرْتَدُّ إذَا قُتِلَ أَوْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَمَا اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ إسْلَامِهِ هُوَ مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ تَرِثُ زَوْجَتُهُ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً وَمَاتَ الْمُرْتَدُّ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ، فَأَمَّا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُرْتَدِّ أَوْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ ارْتَدَّتْ مَعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْهُ مِيرَاثٌ كَمَا لَا يَرِثُ أَقَارِبَهُ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ فَإِنْ ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ مَعًا ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُرْتَدُّ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ وَإِنْ بَقِيَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ ارْتَدَّ فَلَهُ الْمِيرَاثُ، وَأَمَّا إذَا وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ ارْتَدَّ فَلَا يَرِثُ، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا يُورَثُ مِنْهُ مَا اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ، فَأَمَّا مَا اكْتَسَبَهُ فِي حَالَةِ الرِّدَّةِ فَيَكُونُ فَيْئًا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَسْبُ الرِّدَّةِ يُورَثُ عَنْهُ كَكَسْبِ الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَأَمَّا الْمُرْتَدَّةُ إذَا مَاتَتْ فَزَوْجُهَا هَلْ يَرِثُ مِنْهَا؟ يُنْظَرُ إنْ ارْتَدَّتْ وَهِيَ صَحِيحَةٌ لَا يَرِثُ زَوْجُهَا مِنْهَا وَإِنْ ارْتَدَّتْ وَهِيَ مَرِيضَةٌ فَإِنْ مَاتَتْ وَعِدَّتُهَا لَمْ تَنْقَضِ بَعْدُ لَا تَصِيرُ فَارَّةً قِيَاسًا وَلَا يَرِثُ مِنْهَا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَصِيرُ فَارَّةً وَيَرِثُ مِنْهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُرْتَدَّةُ إذَا مَاتَتْ قُسِّمَ مَالُهَا بَيْنَ وَرَثَتِهَا عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ كَانَ كَسْبَ الْإِسْلَامِ أَوْ كَسْبَ الرِّدَّةِ كِلَا الْكَسْبَيْنِ يَصِيرُ مِيرَاثًا عَنْهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي مِيرَاثِ الْحَمْلِ] (الْبَابُ السَّابِعُ فِي مِيرَاثِ الْحَمْلِ) الْحَمْلُ يَرِثُ وَيُوقَفُ نَصِيبُهُ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَإِنْ وُلِدَ إلَى سَنَتَيْنِ حَيًّا وَرِثَ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْمَيِّتِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمَيِّتِ كَمَا إذَا مَاتَ وَأُمُّهُ حَامِلٌ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ وَزَوْجُهَا حَيٌّ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَرِثُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَرِثُ بِالشَّكِّ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْوَرَثَةُ بِحَمْلِهَا يَوْمَ الْمَوْتِ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ.

الباب الثامن في المفقود والأسير والغرقى والحرقى

لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يَرِثُ ثُمَّ الْحَمْلُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَحْجُبُ حَجْبَ حِرْمَانٍ أَوْ حَجْبَ نُقْصَانٍ أَوْ يَكُونَ مُشَارِكًا لَهُمْ فَإِنْ كَانَ يَحْجُبُ حَجْبَ حِرْمَانٍ فَإِنْ كَانَ يَحْجُبُ الْجَمِيعَ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ يُوقَفُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ إلَى أَنْ تَلِدَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ ابْنًا، وَإِنْ كَانَ يَحْجُبُ الْبَعْضَ كَالْإِخْوَةِ وَالْجَدَّةِ تُعْطَى الْجَدَّةُ السُّدُسَ وَيُوقَفُ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ يُحْجَبُ حَجْبَ نُقْصَانٍ كَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ يُعْطَوْنَ أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي، وَكَذَلِكَ يُعْطَى الْأَبُ السُّدُسَ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ابْنٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْجُبُهُمْ كَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ يُعْطَوْنَ نَصِيبَهُمْ وَيُوقَفُ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ لَا يَحْجُبُهُمْ وَلَكِنْ يُشَارِكُهُمْ بِأَنْ تَرَكَ بَنِينَ أَوْ بَنَاتٍ وَحَمْلًا. رَوَى الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُهُ: إنَّهُ كَانَ يُوقِفُ نَصِيبَ ابْنٍ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَإِنْ وُلِدَ مَيِّتًا لَا حُكْمَ لَهُ وَلَا إرْثَ وَإِنَّمَا تُعْرَفُ حَيَاتُهُ بِأَنْ تَنَفَّسَ، كَمَا وُلِدَ أَوْ اسْتَهَلَّ بِأَنْ سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ أَوْ عَطَسَ أَوْ تَحَرَّكَ عُضْوٌ مِنْهُ كَعَيْنَيْهِ أَوْ شَفَتَيْهِ أَوْ يَدَيْهِ فَإِنْ خَرَجَ الْأَكْثَرُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَرِثَ وَبِالْعَكْسِ لَا اعْتِبَارَ لِلْأَكْثَرِ فَإِنْ خَرَجَ مُسْتَقِيمًا فَإِذَا خَرَجَ صَدْرُهُ وَرِثَ وَإِنْ خَرَجَ مَنْكُوسًا يُعْتَبَرُ خُرُوجُ سُرَّتِهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِهْلَالِ وَرِثَ وَوُرِثَ عَنْهُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَمَتَى انْفَصَلَ الْحَمْلُ مَيِّتًا إنَّمَا لَا يَرِثُ إذَا انْفَصَلَ بِنَفْسِهِ، فَأَمَّا إذَا فُصِلَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ. وَبَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا ضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَهَذَا الْجَنِينُ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ عَلَى الضَّارِبِ الْغُرَّةَ وَوُجُوبُ الضَّمَانِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْحَيِّ دُونَ الْمَيِّتِ فَإِذَا حَكَمْنَا بِحَيَاتِهِ كَانَ لَهُ الْمِيرَاثُ وَيُورَثُ عَنْهُ نَصِيبُهُ كَمَا يُورَثُ عَنْهُ بَدَلُ نَفْسِهِ وَهُوَ الْغُرَّةُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ. [الْبَاب الثَّامِن فِي الْمَفْقُود وَالْأَسِير وَالْغَرْقَى وَالْحَرْقَى] (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْمَفْقُودِ وَالْأَسِيرِ وَالْغَرْقَى وَالْحَرْقَى) الْمَفْقُودُ هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يَخْرُجُ فِي وَجْهٍ فَيُفْقَدُ وَلَا يُعْرَفُ مَوْضِعُهُ وَلَا تَسْتَبِينُ حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ أَوْ يَأْسِرُهُ الْعَدُوُّ فَلَا يَسْتَبِينُ مَوْتُهُ وَلَا قَتْلُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: مَدَارُ مَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ إنَّ الْمَفْقُودَ يُعْتَبَرُ حَيًّا فِي مَالِهِ مَيِّتًا فِي مَالِ غَيْرِهِ حَتَّى يَنْقَضِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ، أَوْ تَمُوتَ أَقْرَانُهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ مَيِّتًا فِي مَالِهِ يَوْمَ تَمَّتْ الْمُدَّةُ أَوْ مَاتَ الْأَقْرَانُ وَفِي مَالِ الْغَيْرِ يُعْتَبَرُ مَيِّتًا كَأَنَّهُ مَاتَ يَوْمَ فُقِدَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ مَنْ مَاتَ فِي حَالِ فَقْدِهِ مِمَّنْ يَرِثُهُ الْمَفْقُودُ يُوقَفُ نَصِيبُ الْمَفْقُودِ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ حَالُهُ؛ لِاحْتِمَالِ بَقَائِهِ فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا وَحَكَمْنَا بِمَوْتِهِ قُسِّمَتْ أَمْوَالُهُ بَيْنَ الْمَوْجُودِينَ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ مِنْ تَرِكَةِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ عَلَى وَرَثَةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ كَأَنَّ الْمَفْقُودَ لَمْ يَكُنْ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ يُحْجَبُ بِهِ لَا يُعْطَى شَيْئًا وَإِنْ كَانَ لَا يُحْجَبُ وَلَكِنْ يَنْقُصُ يُعْطَى أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي. مِثَالُهُ مَاتَ عَنْ بِنْتَيْنِ وَابْنٍ مَفْقُودٍ وَابْنِ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنٍ تُعْطَى الْبِنْتَانِ النِّصْفَ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ وَيُوقَفُ النِّصْفُ الْآخَرُ وَلَا يُعْطَى وَلَدُ الِابْنِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمْ يُحْجَبُونَ بِهِ فَلَا يُعْطَوْنَ بِالشَّكِّ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ لَا يُحْجَبُ كَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ يُعْطَى كُلٌّ

الباب التاسع في ميراث الخنثى

نَصِيبَهُ كَمَا فِي الْحَمْلِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. (وَحُكْمُ الْأَسِيرِ) كَحُكْمِ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمِيرَاثِ مَا لَمْ يُفَارِقْ دِينَهُ فَإِنْ فَارَقَ دِينَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ رِدَّتُهُ وَلَا حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ الْمَفْقُودِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. إذَا مَاتَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْغَرَقِ وَالْحَرْقِ وَلَا يُدْرَى أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلًا جُعِلُوا كَأَنَّهُمْ مَاتُوا جَمِيعًا مَعًا فَيَكُونُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِوَرَثَتِهِ وَلَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إلَّا إذَا عُرِفَ تَرْتِيبُ مَوْتِهِمْ فَيَرِثُ الْمُتَأَخِّرُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِ، وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ مَاتُوا بِانْهِدَامِ الْجِدَارِ عَلَيْهِمْ أَوْ فِي الْمَعْرَكَةِ وَلَا يُدْرَى أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ مِثَالُهُ أَخَوَانِ غَرِقَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ تِسْعُونَ دِينَارًا وَخَلَّفَ بِنْتًا وَأُمًّا وَعَمًّا فَعِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَسَّمُ تَرِكَةُ كُلِّ وَاحِدٍ بَيْنَ الْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ الْبِنْتِ وَالْأُمِّ وَالْعَمِّ عَلَى سِتَّةٍ، وَلَا يَرِثُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ وَإِنْ عُلِمَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا أَوَّلًا وَلَا يُدْرَى أَيُّهُمْ هُوَ أُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ الْيَقِينَ وَوُقِفَ الْمَشْكُوكُ حَتَّى يُتَبَيَّنَ أَوْ يَصْطَلِحُوا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. [الْبَابُ التَّاسِعُ فِي مِيرَاثِ الْخُنْثَى] . (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي مِيرَاثِ الْخُنْثَى) إذَا كَانَ لِلْمَوْلُودِ فَرْجٌ وَذَكَرٌ فَهُوَ خُنْثَى، فَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ الذَّكَرِ فَهُوَ غُلَامٌ وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ الْفَرْجِ فَهُوَ أُنْثَى، وَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا فَالْحُكْمُ لِلْأَسْبَقِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فَمُشْكِلٌ، وَإِنْ كَانَا فِي السَّبَقِ سَوَاءً فَلَا مُعْتَبَرَ بِالْكَثْرَةِ، فَإِذَا بَلَغَ الْخُنْثَى وَخَرَجَتْ لِحْيَتُهُ أَوْ وَصَلَ إلَى النِّسَاءِ فَهُوَ رَجُلٌ، وَكَذَا إذَا احْتَلَمَ كَمَا يَحْتَلِمُ الرَّجُلُ أَوْ كَانَ لَهُ ثَدْيٌ مُسْتَوٍ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ ثَدْيٌ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ نَزَلَ لَهُ لَبَنُ ثَدْيِهِ أَوْ حَاضَ أَوْ حَبِلَ أَوْ أَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ مِنْ الْفَرْجِ فَهُوَ امْرَأَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ لَهُ إحْدَى هَذِهِ الْعَلَامَاتِ أَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الْمَعَالِمُ فَهُوَ خُنْثَى مُشْكِلٌ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالْأَصْلُ فِيهَا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْطِيهِ أَخَسَّ النَّصِيبَيْنِ فِي الْمِيرَاثِ احْتِيَاطًا فَلَوْ مَاتَ أَبُوهُ وَتَرَكَهُ وَابْنًا فَلِلِابْنِ سَهْمَانِ وَلَهُ سَهْمٌ، وَلَوْ تَرَكَهُ وَبِنْتًا فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَرْضًا وَرَدًّا. أُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخُنْثَى لِأَبٍ وَعَصَبَةٌ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْخُنْثَى السُّدُسُ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ كَالْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ، زَوْجٌ وَأُمٌّ وَخُنْثَى لِأَبَوَيْنِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلْخُنْثَى وَيُجْعَلُ ذَكَرًا؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ زَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَخُنْثَى لِأَبٍ سَقَطَ وَيُجْعَلُ عَصَبَةً؛ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ الْحَالَيْنِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَلَوْ مَاتَ وَتَرَكَ وَلَدًا خُنْثَى وَعَصَبَةً ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا لَا يُعْطَى إلَّا مِيرَاثُ جَارِيَةٍ، وَذَلِكَ نِصْفُ الْمَالِ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَعَ ذَلِكَ ابْنٌ مَعْرُوفٌ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَتَكَلَّمُوا فِيمَا إذَا كَانَ الْخُنْثَى حَيًّا بَعْدَ مَوْتِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ فِي الثَّانِي أَنَّهُ كَيْفَ يُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يُدْفَعُ الثُّلُثُ إلَى الْخُنْثَى وَالنِّصْفُ إلَى الِابْنِ، وَيُوقَفُ السُّدُسُ كَمَا فِي الْحَمْلِ وَالْمَفْقُودِ فَإِنَّهُ يُوقَفُ نَصِيبُهَا إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ حَالُهُمَا وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى.

الباب العاشر في ذوي الأرحام

أَنَّهُ يُدْفَعُ ذَلِكَ إلَى الِابْنِ وَإِذَا دُفِعَ الثُّلُثَانِ إلَى الِابْنِ فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْكَفِيلُ؟ قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا دَفَعَ الْمَالَ إلَى الْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ كَفِيلًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يُحْتَاطُ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ مِنْهُ وَقِيلَ: بَلْ هُنَا يُحْتَاطُ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْخُنْثَى ذَكَرٌ اسْتَرَدَّ ذَلِكَ مِنْ أَخِيهِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أُنْثَى فَالْمَقْبُوضُ سَالِمٌ لِلِابْنِ. ابْنَةُ أَخٍ خُنْثَى وَابْنَةُ ابْنِ أَخٍ خُنْثَى وَابْنُ ابْنِ ابْنِ أَخٍ مَعْرُوفٌ فَعَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَالُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ غَيْرَ هَذَيْنِ الْخُنْثَيَيْنِ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلْعُلْيَا فِي قَوْلِنَا؛ لِأَنَّهُمَا ابْنَتَانِ وَابْنَةُ الْأَخِ مُقَدَّمَةٌ فِي الْمِيرَاثِ عَلَى ابْنَةِ ابْنِ أَخٍ. فَإِنْ تَرَكَ بِنْتًا خُنْثَى وَأُخْتًا خُنْثَى وَمَاتَتَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُمَا فَلِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُمَا أُنْثَيَانِ وَالْأُخْتُ مَعَ الْبِنْتِ عَصَبَةٌ. وَإِنْ تَرَكَ أُخْتًا خُنْثَى وَابْنَةَ أَخٍ خُنْثَى وَعَصَبَةً. فَفِي قَوْلِنَا: لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْعَصَبَةِ النِّصْفُ؛ لِأَنَّ الْخُنْثَيَيْنِ أُنْثَيَانِ فَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ وَلَا شَيْءَ لِابْنَةِ الْأَخِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ عَصَبَةٌ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلْأُخْتِ بِالْفَرْضِ وَالرَّدُّ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ مَعَ وُجُودِ ذِي السَّهْمِ، وَابْنَةُ الْأَخِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ. وَكَذَا لَوْ تَرَكَ ابْنَةً خُنْثَى وَابْنَةَ أَخٍ خُنْثَى وَلَا عَصَبَةَ لَهُ فَالْجَوَابُ عَلَى مَا وَصَفْنَا فِي الْأُخْتِ فَإِنْ تَرَكَ ابْنَةً خُنْثَى وَابْنَةَ ابْنٍ خُنْثَى وَابْنَةَ ابْنِ ابْنٍ خُنْثَى وَعَصَبَةً فَعَلَى قَوْلِنَا: الْخَنَاثَى إنَاثٌ، فَلِلْعُلْيَا النِّصْفُ وَلِلْوُسْطَى السُّدُسُ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ وَلَا شَيْءَ لِلسُّفْلَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ عَصَبَةٌ فَالْبَاقِي يُرَدُّ عَلَى الْعُلْيَا وَالْوُسْطَى أَرْبَاعًا عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمَا. فَإِنْ تَرَكَ ابْنَةً وَثَلَاثَ بَنَاتِ ابْنٍ بَعْضُهُنَّ أَسْفَلُ مِنْ بَعْضٍ خَنَاثَى كُلُّهُنَّ وَعَصَبَةً. فَعِنْدَنَا لِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَلِلْعُلْيَا السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ؛ لِأَنَّ الْخَنَاثَى إنَاثٌ مَا لَمْ يَسْتَبِنْ حَالُهُنَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ فَالْبَاقِي رَدٌّ عَلَى الِابْنَةِ وَابْنَةِ الِابْنِ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا أَرْبَاعًا، فَإِنْ كَانَ أَسْفَلَ مِنْهُنَّ غُلَامٌ مَعْرُوفٌ فَعِنْدَنَا لِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَلِلْعُلْيَا مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ وَالْبَاقِي بَيْنَ الذَّكَرِ الْأَسْفَلِ وَبَيْنَ الْوُسْطَى وَالسُّفْلَى لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا أُنْثَيَانِ وَالذَّكَرُ مِنْ أَوْلَادِ الِابْنِ يَعْصِبُ مَنْ فَوْقَهُ مِنْ الْإِنَاثِ مِمَّنْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا بِالْفَرِيضَةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ امْرَأَتَهُ وَأَخَوَيْنِ لِأُمِّهِ وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ هِيَ خُنْثَى. فَعِنْدَنَا لِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ وَلِلْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِلْأُخْتِ الْخُنْثَى، فَإِنْ تَرَكَ مَعَ ذَلِكَ أُمًّا فَفِي قَوْلِنَا لِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمَانِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَلِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْخُنْثَى مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ نَصِيبُ الذَّكَرِ هُنَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ [الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ] . (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ) وَذَوُو الْأَرْحَامِ كُلُّ قَرِيبٍ لَيْسَ بِذِي سَهْمٍ وَلَا عَصَبَةٍ وَهُمْ كَالْعَصَبَاتِ مَنْ انْفَرَدَ مِنْهُمْ أَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَذَوُو الْأَرْحَامِ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ يَنْتَمِي إلَى الْمَيِّتِ وَهُمْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ وَأَوْلَادُ

بَنَاتِ الِابْنِ، وَصِنْفٌ يَنْتَمِي إلَيْهِمْ الْمَيِّتُ وَهُمْ الْأَجْدَادُ الْفَاسِدُونَ وَالْجَدَّاتُ الْفَاسِدَاتُ، وَصِنْفٌ يَنْتَمِي إلَى أَبَوَيْ الْمَيِّتِ كَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ وَأَوْلَادِ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ وَأَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ كُلِّهَا، وَصِنْفٌ يَنْتَمِي إلَى جَدَّيْ الْمَيِّتِ كَالْأَعْمَامِ لِأُمٍّ وَأَوْلَادِهِمْ وَالْعَمَّاتِ وَأَوْلَادِهِنَّ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَأَوْلَادِهِمْ وَبَنَاتِ الْأَعْمَامِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ - فَهَؤُلَاءِ وَكُلُّ مَنْ يُدْلِي بِهِمْ ذَوُو الْأَرْحَامِ الْأَوْلَى الصِّنْفُ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثُ ثُمَّ الرَّابِعُ عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي ذَكَرَ رَضِيُّ الدِّينِ النَّيْسَابُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَرَائِضِهِ أَنَّهُ لَا يَرِثُ أَحَدٌ مِنْ الصِّنْفِ الثَّانِي وَإِنْ قَرُبَ وَهُنَاكَ أَحَدٌ مِنْ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ وَإِنْ بَعُدَ، وَكَذَا الثَّالِثُ مَعَ الثَّانِي وَالرَّابِعُ مَعَ الثَّالِثِ قَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى وَالْمَعْمُولُ بِهِ مِنْ جِهَةِ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - تَقْدِيمُ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثُ ثُمَّ الرَّابِعُ، قَالَ: وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ الصَّدْرُ الْكُوفِيُّ فِي فَرَائِضِهِ فَعَلَى هَذَا بِنْتُ الْبِنْتِ وَإِنْ سَفْلَتَ أَوْلَى مِنْ أَبِي الْأُمِّ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَإِنَّمَا يَرِثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ مِمَّنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا يُحْجَبُونَ بِالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ أَيْ يَرِثُونَ مَعَهُمَا فَيُعْطَى لِلزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ نَصِيبُهُمَا ثُمَّ يُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ، كَمَا لَوْ انْفَرَدُوا. (مِثَالُهُ) زَوْجٌ وَبِنْتُ بِنْتٍ وَخَالَةٌ وَبِنْتُ عَمٍّ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْبِنْتِ، ثُمَّ الْأَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ الْأَقْرَبُ إلَى الْمَيِّتِ كَبِنْتِ الْبِنْتِ أَوْلَى مِنْ بِنْتِ بِنْتِ الْبِنْتِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ أَيْ فِي الْقُرْبِ فَوَلَدُ الْوَارِثِ أَوْلَى سَوَاءٌ كَانَ وَلَدُ عَصَبَةٍ أَوْ وَلَدُ صَاحِبِ فَرْضٍ كَبِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ أَوْلَى مِنْ ابْنِ بِنْتِ الْبِنْتِ وَابْنِ بِنْتِ ابْنٍ أَوْلَى مِنْ ابْنِ بِنْتِ بِنْتٍ، كَذَا فِي الْكَافِي وَاخْتَلَفُوا فِي وَلَدِ وَلَدِ الْوَارِثِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَوْلَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ وَلَيْسَ فِيهِمْ وَلَدُ الْوَارِثِ فَالْمَالُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ إنْ كَانُوا ذُكُورًا كُلَّهُمْ أَوْ إنَاثًا كُلَّهُنَّ فَإِنْ كَانُوا مُخْتَلِطِينَ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ إنْ اتَّفَقَتْ صِفَةُ الْأُصُولِ أَيْ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ الْأُصُولِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ أَبْدَانُ الْفُرُوعِ وَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ إنْ كَانَ الْكُلُّ ذُكُورًا أَوْ كَانَ الْكُلُّ إنَاثًا وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلِطِينَ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُؤْخَذُ الْعَدَدُ مِنْ أَبْدَانِهِمْ وَالْوَصْفُ مِنْ الْبَطْنِ الَّذِي اخْتَلَفَ حَتَّى لَوْ تَرَكَ ابْنَ بِنْتٍ وَبِنْتَ بِنْتٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْأُصُولِ مُتَّفِقَةٌ. وَكَذَا لَوْ تَرَكَ ابْنَ ابْنِ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتَ بِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِاتِّفَاقِ الْأُصُولِ وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ. وَلَوْ تَرَكَ بِنْتَ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتَ ابْنِ بِنْتٍ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ اعْتِبَارًا لِأَبْدَانِهِمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِبِنْتِ ابْنِ الْبِنْتِ وَثُلُثُهُ لِبِنْتِ بِنْتِ الْبِنْتِ اعْتِبَارًا لِلْأُصُولِ كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ ابْنِ بِنْتٍ وَعَنْ بِنْتِ بِنْتٍ، ثُمَّ مَا أَصَابَ ابْنَ الْبِنْتِ فَلِوَلَدِهِ.

وَمَا أَصَابَ بِنْتَ الْبِنْتِ فَلِوَلَدِهَا. وَلَوْ تَرَكَ وَلَدَيْ بِنْتِ بِنْتٍ وَوَلَدَيْ ابْنِ بِنْتٍ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَالُ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ عَلَى سِتَّةٍ لِكُلِّ ذَكَرٍ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ أُنْثَى سَهْمٌ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَسَّمُ بِاعْتِبَارِ الْأُصُولِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ تَرَكَ بِنْتَ بِنْتٍ وَابْنَ بِنْتٍ فَيَكُونُ ثُلُثَا الْمَالِ لِابْنِ الْبِنْتِ وَثُلُثُهُ لِبِنْتِ الْبِنْتِ، ثُمَّ مَا أَصَابَ ابْنَ الْبِنْتِ يُقَسَّمُ بَيْنَ وَلَدَيْهِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِابْنِهِ وَمَا أَصَابَ بِنْتَ الْبِنْتِ يُقَسَّمُ بَيْنَ وَلَدَيْهَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِابْنِهَا وَثُلُثُهُ لَبِنْتِهَا فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ تِسْعَةٍ. وَلَوْ تَرَكَ بِنْتَيْ ابْنِ بِنْتٍ وَابْنَ بِنْتِ بِنْتٍ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ظَاهِرٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا، خُمُسُ الْمَالِ لِابْنِ بِنْتِ بِنْتٍ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لَبِنْتَيْ ابْنِ بِنْتٍ، كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ ابْنَيْ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ فَمَا أَصَابَ بِنْتَ الْبِنْتِ فَلِوَلَدِهَا وَمَا أَصَابَ الِابْنَ فَلِوَلَدَيْهِ. وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْ بِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتَ ابْنِ بِنْتِ بِنْتٍ وَابْنَتَيْ بِنْتِ ابْنِ بِنْتٍ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَالُ بَيْنَ الْفُرُوعِ أَسْبَاعًا بِاعْتِبَارِ أَبْدَانِهِمْ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَى أَعْلَى الْخِلَافِ أَيْ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي أَسْبَاعًا بِاعْتِبَارِ عَدَدِ الْفُرُوعِ فِي الْأُصُولِ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ لَبِنْتَيْ بِنْتِ ابْنِ الْبِنْتِ نَصِيبُ جَدِّهِمَا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ وَهُوَ نَصِيبُ الْبِنْتَيْنِ يُقَسَّمُ عَلَى وَلَدَيْهِمَا فِي الْبَطْنِ الثَّالِثِ أَيْضًا فَنِصْفُهَا لِبِنْتِ ابْنِ بِنْتِ الْبِنْتِ نَصِيبُ أَبِيهَا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِابْنَيْ بِنْتِ بِنْتِ الْبِنْتِ نَصِيبُ أُمِّهِمَا، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي جَمِيعِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَقَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَبْسُوطِ: قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: وَمَشَايِخُ بُخَارَى أَخَذُوا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ لِبَعْضِهِمْ جِهَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ تُعْتَبَرُ الْجِهَتَانِ أَوْ الْجِهَاتُ فَيَرِثُ بِكُلِّ جِهَةٍ غَيْرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتَبِرُهَا فِي الْفُرُوعِ وَمُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأُصُولِ بِخِلَافِ الْجَدَّةِ حَيْثُ لَا تَرِثُ إلَّا بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذُو الرَّحِمِ يَرِثُ بِجِهَتَيْنِ عِنْدَهُ فِي الصَّحِيحِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (مِثَالُهُ) ابْنُ ابْنِ بِنْتٍ هُوَ ابْنُ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ (صُورَتُهُ) رَجُلٌ لَهُ بِنْتَانِ مَاتَتَا وَخَلَّفَتْ إحْدَاهُمَا ابْنًا وَالْأُخْرَى بِنْتًا فَتَزَوَّجَ الِابْنُ الْبِنْتَ فَوَلَدَتْ ابْنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ آخَرُ فَوَلَدَتْ لَهُ بِنْتًا فَالْمَوْلُودُ أَوَّلًا ابْنُ ابْنِ بِنْتٍ هُوَ ابْنُ بِنْتِ بِنْتٍ، وَالْمَوْلُودُ ثَانِيًا بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ، فَلَوْ مَاتَ الزَّوْجَانِ ثُمَّ مَاتَتْ الْجَدَّةُ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا خُمُسُ الْمَالِ لِبِنْتِ بِنْتِ الْبِنْتِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِذِي الْقَرَابَتَيْنِ لِمَكَانِ الذُّكُورَةِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُدُسُ الْمَالِ لِبِنْتِ بِنْتِ الْبِنْتِ وَخَمْسُ أَسْدَاسِهِ لِذِي الْقَرَابَتَيْنِ. (وَالصِّنْفُ الثَّانِي) وَهُمْ الْأَجْدَادُ الْفَاسِدُونَ وَالْجَدَّاتُ الْفَاسِدَاتُ أَوْلَاهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَقْرَبُهُمْ إلَى الْمَيِّتِ كَأَبِي أُمٍّ وَأَبِي أُمِّ أُمٍّ، وَأَبِي أُمِّ أَبٍ، الْمَالُ لِلْأَوَّلِ لِقُرْبِهِ، وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ لَمْ يَكُنْ الْإِدْلَاءُ بِوَارِثٍ مُوجِبًا لِلتَّقْدِيمِ

فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ الْقَرَابَةُ دُونَ الْإِدْلَاءِ بِوَارِثٍ مِثَالُهُ أَبُو أُمِّ أُمٍّ وَأَبُو أَبِي أُمٍّ فَهُمَا سَوَاءٌ، وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ وَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُدْلِي بِوَارِثٍ نُظِرَ فَإِنْ كَانُوا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ مِنْ جَانِبِ الْأَبِ أَوْ مِنْ جَانِبِ الْأُمِّ وَاتَّفَقَتْ صِفَةُ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ - فَالْقِسْمَةُ عَلَى أَبْدَانِهِمْ إنْ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا فَبِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلِطِينَ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ انْقَسَمَ عَلَى أَوَّلِ بَطْنٍ إلَى الْمَيِّتِ اخْتَلَفَ كَمَا فِي الصِّنْفِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ الْجَانِبَيْنِ يُجْعَلُ الثُّلُثَانِ لِقَرَابَةِ الْأَبِ وَالثُّلُثُ لِقَرَابَةِ الْأَبِ وَالثُّلُثُ لِقَرَابَةِ الْأُمِّ، ثُمَّ مَا أَصَابَ كُلَّ فَرِيقٍ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ كَمَا لَوْ انْفَرَدُوا مِثَالُهُ أَبُو أُمِّ أَبِي الْأَبِ وَأَبُو أَبِي أُمِّ أَبٍ فَهُمَا جَدَّانِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَأَبُو أُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَأَبُو أَبِي أُمِّ الْأُمِّ فَهُمَا جَدَّانِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ؛ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِقَرَابَةِ الْأَبِ وَالثُّلُثُ لِقَرَابَةِ الْأُمِّ، ثُمَّ مَا أَصَابَ قَرَابَةَ الْأَبِ يُقَسَّمُ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِجَدِّهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَهُوَ أَبُو أُمِّ أَبِي الْأَبِ وَثُلُثُهُ لِجَدِّهِ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ وَهُوَ أَبُو أَبِي أُمِّ الْأَبِ وَمَا أَصَابَ قَرَابَةَ الْأُمِّ فَكَذَلِكَ ثُلُثَاهُ لِجَدِّهَا مِنْ قِبَلِ أَبِيهَا وَهُوَ أَبُو أُمِّ أَبِي الْأُمِّ، وَثُلُثُهُ لِجَدِّهَا مِنْ قِبَلِ أُمِّهَا وَهُوَ أَبُو أَبِي أُمِّ الْأُمِّ، وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ الْمُدْلِيَ بِالْوَارِثِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. (وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: الْأَوَّلُ - بَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَوْلَادُهُمْ. وَالثَّانِي - بَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأَوْلَادُهُمْ. وَالثَّالِثُ - أَوْلَادُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأُمٍّ وَأَوْلَادُهُمْ فَإِنْ كَانُوا مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي فَهُمْ كَالصِّنْفِ الْأَوَّلِ فِي تَسَاوِي الدَّرَجَةِ وَالْقُرْبِ وَالْإِدْلَاءِ بِوَارِثٍ وَالْقِسْمَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ الْأَبْدَانُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ الْأَبْدَانُ وَوَصْفُ الْأُصُولِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ (مِثَالُهُ) بِنْتُ الْأُخْتِ أَوْلَى مِنْ بِنْتِ بِنْتِ الْأُخْتِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ. بِنْتُ ابْنِ الْأَخِ أَوْلَى مِنْ بِنْتِ بِنْتِ الْأَخِ؛ لِأَنَّهَا وَلَدُ الْوَارِثِ. بِنْتُ أُخْتٍ وَابْنُ أُخْتٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. بِنْتُ ابْنِ أَخٍ وَابْنُ بِنْتِ أَخٍ وَبِنْتُ بِنْتِ أُخْتٍ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ الْأَبْدَانُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خُمُسُ الْمَالِ لِبِنْتِ بِنْتِ الْأُخْتِ وَثُلُثَا أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ لِابْنِ بِنْتِ الْأَخِ وَثُلُثُ أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ لِبِنْتِ ابْنِ الْأَخِ. ابْنُ أُخْتٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَبِنْتُ أَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتَبِرُ الْأَبْدَانَ دُونَ الْأُصُولِ، فَعِنْدَهُ ثُلُثُ الْمَالِ لِبِنْتِ الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَثُلُثَاهُ لِابْنِ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَالْكَلَامُ فِي أَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ وَالْإِخْوَةِ لِأَبٍ كَالْكَلَامِ فِي الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ عِنْدَ عَدَمِهِمْ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ النَّوْعِ الثَّالِثِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ اعْتِبَارًا بِأُصُولِهِمْ وَلَا خِلَافَ فِيهِ إلَّا مَا رُوِيَ شَاذًّا عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقَسَّمُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ الْأَنْوَاعِ وَتَسَاوَوْا فِي الدَّرَجَةِ فَالْمُدْلِي بِوَارِثٍ أَوْلَى ثُمَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ كَانَ مِنْهُمْ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْلَى، ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ لِأُمٍّ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَى أُصُولِهِمْ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ كُلِّ أَصْلٍ إلَى فَرْعِهِ. (مِثَالُهُ) ثَلَاثُ بَنَاتِ أَخَوَاتٍ.

مُتَفَرِّقَاتٍ، عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَالُ كُلُّهُ لِبِنْتِ الْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ وَلِبِنْتِ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ خُمُسٌ وَلِبِنْتِ الْأُخْتِ لِأُمٍّ خُمُسٌ لِاعْتِبَارِ الْأُصُولِ فَرْضًا وَرَدًّا ثَلَاثُ بَنَاتِ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ الْمَالِ لِبِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِبِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ بِنْتُ أُخْتٍ لِأَبٍ وَبِنْتُ أُخْتٍ لِأُمٍّ الْمَالُ لِلْأُولَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَلِلْأُخْرَى الرُّبُعُ فَرْضًا وَرَدًّا اعْتِبَارًا بِالْأُصُولِ. ابْنَا أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَبِنْتُ أُخْتٍ لِأُمٍّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَالُ لِلِابْنَيْنِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ابْنَا أُخْتٍ كَأُخْتَيْنِ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ (وَأَوْلَادُ هَؤُلَاءِ كَأُصُولِهِمْ) الْمُدْلِي بِوَارِثٍ أَوْلَى إذَا اسْتَوَوْا. مِثَالُهُ ابْنُ ابْنِ أَخٍ لِأُمٍّ وَابْنُ بِنْتِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَبِنْتُ ابْنِ أَخٍ لِأَبٍ الْمَالُ لِلْبِنْتِ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِوَارِثٍ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. (الصِّنْفُ الرَّابِعُ) إذَا انْفَرَدَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ اسْتَحَقَّ كُلَّ الْمَالِ وَهَذَا الْحُكْمُ يَتَأَتَّى فِي جَمِيعِ الْأَصْنَافِ، وَإِنْ اجْتَمَعُوا وَكَانَ حَيِّزُ قَرَابَتِهِمْ مُتَّحِدًا بِأَنْ كَانَ الْكُلُّ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَالْأَقْوَى أَوْلَى بِالْإِجْمَاعِ أَيْ مَنْ كَانَ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْلَى مِمَّنْ كَانَ لِأَبٍ وَمَنْ كَانَ لِأَبٍ أَوْلَى مِمَّنْ كَانَ لِأُمٍّ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا، كَذَا فِي الْكَافِي ثُمَّ وَلَدُ الْوَارِثِ أَوْلَى فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا وَلَدَ الْوَارِثِ غَيْرَ أَنَّهُ ذُو قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْآخَرُ وَلَدَ ذِي الرَّحِمِ لَكِنْ ذَا قَرَابَتَيْنِ الصَّحِيحُ أَنَّ ذَا قَرَابَتَيْنِ أَوْلَى. مِثَالُهُ بِنْتُ ابْنِ عَمٍّ لِأَبٍ وَابْنُ ابْنِ عَمَّةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالثَّانِي أَوْلَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَاسْتَوَتْ قَرَابَتُهُمْ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَعَمٍّ وَعَمَّةٍ كِلَاهُمَا لِأُمٍّ أَوْ خَالٍ وَخَالَةٍ كِلَاهُمَا لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، وَإِنْ كَانَ حَيِّزُ قَرَابَتِهِمْ مُخْتَلِفًا كَعَمَّةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخَالَةٍ لِأُمٍّ أَوْ خَالٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَعَمَّةٍ لِأُمٍّ فَالثُّلُثَانِ لِقَرَابَةِ الْأَبِ، وَهُوَ نَصِيبُ الْأَبِ وَالثُّلُثُ لِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَهُوَ نَصِيبُ الْأُمِّ. (وَكَذَا فِي أَوْلَادِهِمْ) أَوْلَاهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَقْرَبُهُمْ إلَى الْمَيِّتِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ وَكَانَ حَيِّزُ قَرَابَتِهِمْ مُتَّحِدًا فَوَلَدُ الْعَصَبَةِ أَوْلَى كَبِنْتِ الْعَمِّ وَابْنِ الْعَمَّةِ كِلَاهُمَا لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ؛ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِبِنْتِ الْعَمِّ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَالْآخَرُ لِأَبٍ الْمَالُ كُلُّهُ لِمَنْ لَهُ قُوَّةُ الْقَرَابَةِ. بَيَانُهُ ثَلَاثُ عَمَّاتٍ عَمَّةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَعَمَّةٌ لِأَبٍ وَعَمَّةٌ لِأُمٍّ، وَثَلَاثُ خَالَاتٍ خَالَةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخَالَةٍ لِأَبٍ وَخَالَةٍ لِأُمٍّ. فَثُلُثًا الْمَالِ لِلْعَمَّاتِ كُلُّهُ لِلْعَمَّةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ، وَثُلُثُ الْمَالِ لِلْخَالَاتِ كُلُّهُ لِلْخَالَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ. خَالَةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَخَالٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَعَمَّةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَعَمَّةٌ لِأَبٍ فَثُلُثَا الْمَالِ لِلْعَمَّةِ الَّتِي لِأَبٍ وَأُمٍّ لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ وَثُلُثُهُ بَيْنَ الْخَالِ وَالْخَالَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ بِنْتُ الْخَالِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَبِنْتُ الْعَمَّةِ لِأُمٍّ فَثُلُثَا الْمَالِ لِبِنْتِ الْعَمَّةِ، وَالثُّلُثُ لِبِنْتِ الْخَالِ. بِنْتُ خَالَةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَبِنْتُ عَمٍّ لِأُمٍّ، فَالثُّلُثَانِ لِبِنْتِ الْعَمِّ لِأُمٍّ وَالثُّلُثُ لِبِنْتِ الْخَالَةِ. بِنْتُ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَبِنْتُ عَمَّةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِبِنْتِ الْعَمِّ؛ لِأَنَّهَا وَلَدُ

الْعَصَبَةِ بِنْتُ عَمَّةٍ لِأَبٍ وَبِنْتُ عَمَّةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِبِنْتِ الْعَمَّةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ. بِنْتُ خَالَةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَبِنْتُ خَالٍ لِأَبٍ؛ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِبِنْتِ الْخَالَةِ لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي. قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: اعْلَمْ بِأَنَّ الْأَقْرَبَ مِنْ أَوْلَادِ الْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبْعَدِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ الْجِهَةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ وَالتَّفَاوُتُ بِالْقُرْبِ بِالتَّفَاوُتِ فِي الْبُطُونِ، فَمَنْ يَكُونُ مِنْهُمْ ذَا بَطْنٍ وَاحِدٍ فَهُوَ أَقْرَبُ مِمَّنْ يَكُونُ ذَا بَطْنَيْنِ وَذُو الْبَطْنَيْنِ أَقْرَبُ مِنْ ذِي ثَلَاثَةِ بُطُونٍ، وَبَيَانُهُ فِيمَا إذَا تَرَكَ بِنْتَ خَالَةٍ وَبِنْتَ بِنْتِ خَالَةٍ أَوْ بِنْتَ ابْنِ خَالَةٍ أَوْ ابْنَ ابْنِ خَالَةٍ فَالْمِيرَاثُ لِبِنْتِ الْخَالَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ بِدَرَجَةٍ. وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَ بِنْتَ عَمَّةٍ وَبِنْتَ بِنْتِ خَالَةٍ فَبِنْتُ الْعَمَّةِ أَوْلَى بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ بِدَرَجَةٍ، وَإِنْ كَانَا مِنْ جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ. وَإِنْ تَرَكَ بَنَاتِ الْعَمَّةِ مَعَ ابْنَةِ خَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَلِبَنَاتِ الْعَمَّةِ الثُّلُثَانِ وَلِابْنَةِ الْخَالَةِ الثُّلُثُ. وَإِنْ كَانَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ ذَوِي قَرَابَتَيْنِ وَبَعْضُهُمْ ذَوِي قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ فَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ لَا يَقَعُ التَّرْجِيحُ بِهَذَا وَعِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ الَّذِي لِأَبٍ أَوْلَى مِنْ الَّذِي لِأُمٍّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. بَيَانُهُ فِيمَا إذَا تَرَكَ ثَلَاثَ بَنَاتِ عَمَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فَإِنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لِابْنَةِ الْعَمَّةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَكَذَلِكَ ثَلَاثُ بَنَاتِ خَالَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ، فَإِنْ تَرَكَ ابْنَةَ خَالَةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَابْنَةَ عَمَّةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَلِابْنَةِ الْعَمَّةِ الثُّلُثَانِ وَلِابْنَةِ الْخَالَةِ الثُّلُثُ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا وَلَدَ عَصَبَةٍ أَوْ وَلَدَ صَاحِبِ فَرْضٍ فَعِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ يُقَدَّمُ وَلَدُ الْعَصَبَةِ وَصَاحِبُ الْفَرْضِ، وَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ لَا يَقَعُ التَّرْجِيحُ بِهَذَا بَلْ تُعْتَبَرُ الْمُسَاوَاةُ فِي الِاتِّصَالِ بِالْمَيِّتِ. بَيَانُهُ فِيمَا إذَا تَرَكَ ابْنَةَ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ وَابْنَةَ عَمَّةٍ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِابْنَةِ الْعَمِّ؛ لِأَنَّهَا وَلَدُ عَصَبَةٍ. وَلَوْ تَرَكَ ابْنَةَ عَمٍّ وَابْنَةَ خَالٍ أَوْ خَالَةٍ فَلِابْنَةِ الْعَمِّ الثُّلُثَانِ وَلِابْنَةِ الْخَالِ أَوْ الْخَالَةِ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّ الْجِهَةَ مُخْتَلِفَةٌ هُنَا وَلَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا بِكَوْنِهِ وَلَدَ عَصَبَةٍ، وَهَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَلَدُ الْعَصَبَةِ أَوْلَى سَوَاءٌ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ أَوْ اتَّحَدَتْ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْعَصَبَةِ أَقْرَبُ اتِّصَالًا بِوَارِثِ الْمَيِّتِ، فَكَأَنَّهُ أَقْرَبُ اتِّصَالًا بِالْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَ قَوْمٌ مِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ مِنْ بَنَاتِ الْأَخْوَالِ أَوْ الْخَالَاتِ وَقَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ مِنْ بَنَاتِ الْعَمَّاتِ وَالْأَعْمَامِ لِأُمٍّ. فَالْمَالُ مَقْسُومٌ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ أَثْلَاثًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ذُو قَرَابَتَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ ذُو قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ مَا أَصَابَ كُلَّ فَرِيقٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ يَتَرَجَّحُ جِهَةُ ذِي الْقَرَابَتَيْنِ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَذَلِكَ يَتَرَجَّحُ فِيهِ مَنْ كَانَتْ قَرَابَتُهُ لِأَبٍ عَلَى مَنْ كَانَتْ قَرَابَتُهُ لِأُمٍّ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقَرَابَةِ فَالْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْأَبْدَانِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ، وَعَلَى أَوَّلِ مَنْ يَقَعُ الْخِلَافُ بِهِ مِنْ الْآبَاءِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيَانُهُ فِيمَا إذَا تَرَكَ ابْنَ خَالَةٍ وَابْنَةَ خَالَةٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ؛ لِأَنَّ الْآبَاءَ قَدْ اتَّفَقَتْ. فَإِنْ تَرَكَ ابْنَةَ خَالٍ وَابْنَ خَالَةٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ لِابْنِ الْخَالَةِ الثُّلُثَانِ وَلِابْنَةِ الْخَالِ الثُّلُثُ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى عَكْسِ هَذَا. وَلَوْ تَرَكَ ابْنَ عَمَّةٍ وَابْنَةَ عَمَّةٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ

الباب الحادي عشر في حساب الفرائض

مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَوْ تَرَكَ ابْنَ عَمَّةٍ وَابْنَةَ عَمٍّ فَإِنْ كَانَتْ ابْنَةُ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ فَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا وَلَدُ عَصَبَةٍ وَابْنُ الْعَمَّةِ لَيْسَ بِوَلَدِ عَصَبَةٍ وَإِنْ كَانَتْ بِنْتُ عَمٍّ لِأُمٍّ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى الْأَبْدَانِ لِابْنِ الْعَمَّةِ الثُّلُثَانِ وَلِبِنْتِ الْعَمِّ الثُّلُثُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْآبَاءِ. وَهَذَا إذَا كَانَ ابْنُ الْعَمَّةِ لِأُمٍّ فَأَمَّا إذَا كَانَ ابْنُ عَمَّةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَهُوَ أَوْلَى بِجَمِيعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ ذُو قَرَابَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ ابْنُ عَمَّةٍ لِأَبٍ؛ لِأَنَّ إدْلَاءَهُ بِقَرَابَةِ الْأَبِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ مَعْنَى الْعُصُوبَةِ تُقَدَّمُ قَرَابَةُ الْأَبِ عَلَى قَرَابَةِ الْأُمِّ. فَإِنْ تَرَكَ الْمَيِّتُ خَالَةً لِلْأُمِّ أَوْ خَالًا لِلْأُمِّ فَالْمِيرَاثُ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ وَإِنْ تَرَكَهُمَا جَمِيعًا فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَثْلَاثًا بِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ، فَإِنْ تَرَكَ خَالَةً لِلْأُمِّ وَعَمَّةً لِلْأُمِّ فَقَدْ ذَكَرَ أَبُو سُلَيْمَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْعَمَّةِ وَالثُّلُثُ لِلْخَالَةِ، ثُمَّ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ لَهُمَا قَرَابَتَانِ أَوْ يَكُونَ لِإِحْدَاهُمَا قَرَابَتَانِ وَلِلْأُخْرَى قَرَابَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ تَرَكَ عَمَّةَ الْأَبِ وَعَمَّ الْأَبِ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِعَمِّ الْأَبِ إنْ كَانَ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ. وَإِنْ كَانَ لِأُمٍّ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى الْأَبْدَانِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ، وَعَلَى الْمُدْلِي بِهِ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عَمَّةُ الْأَبِ وَخَالَةُ الْأَبِ. فَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ اجْتَمَعَ الْفَرِيقَانِ يَعْنِي عَمَّةَ الْأَبِ وَخَالَةٍ الْأَبِ وَعَمَّةَ الْأُمِّ وَخَالَةِ الْأُمِّ فَلِقَوْمِ الْأَبِ الثُّلُثَانِ وَلِقَوْمِ الْأُمِّ الثُّلُثُ، ثُمَّ قِسْمَةُ كُلِّ فَرِيقٍ بَيْنَ كُلِّ فَرِيقٍ فِي هَذَا الْفَصْلِ كَقِسْمَةِ جَمِيعِ الْمَالِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ بِكَوْنِ أَحَدِهِمَا ذَا قَرَابَتَيْنِ وَالْآخَرِ ذَا قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْقِسْمَةِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ لَكِنْ فِي نَصِيبِ كُلِّ فَرِيقٍ يَتَرَجَّحُ ذُو قَرَابَتَيْنِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فِي الْفَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ. (وَالْكَلَامُ فِي أَوْلَادِ هَؤُلَاءِ) بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ فِي آبَائِهِمْ وَلَكِنْ عِنْدَ انْعِدَامِ الْأُصُولِ، فَأَمَّا عِنْدَ وُجُودِ وَاحِدٍ مِنْ الْأُصُولِ فَلَا شَيْءَ لِلْأَوْلَادِ كَمَا لَا شَيْءَ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ عِنْدَ بَقَاءِ عَمَّةٍ وَخَالَةٍ لِلْمَيِّتِ، وَيُتَصَوَّرُ فِي هَذَا الْجِنْسِ شَخْصٌ لَهُ قَرَابَتَانِ بَيَانُهُ فِي امْرَأَةٍ لَهَا أَخٌ لِأُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَتَزَوَّجَ أَخُوهَا لِأُمٍّ أُخْتَهَا لِأَبِيهَا فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ ثُمَّ مَاتَ هَذَا الْوَلَدُ؛ فَهَذِهِ الْمَرْأَةُ خَالَتُهُ لِأَبٍ وَهِيَ أَيْضًا عَمَّتُهُ لِأُمٍّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ. [الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي حِسَابِ الْفَرَائِضِ] . (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي حِسَابِ الْفَرَائِضِ) السِّهَامُ الْمُقَدَّرَةُ سِتَّةٌ السُّدُسُ وَالثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَالثُّمُنُ وَالرُّبُعُ وَالنِّصْفُ جِنْسٌ وَلِكُلِّ سَهْمٍ مِنْ هَذِهِ السِّهَامِ مَخْرَجٌ فَالنِّصْفُ يَخْرُجُ مِنْ سَهْمَيْنِ وَمَا عَدَاهُ يَخْرُجُ كُلُّ سَهْمٍ مِنْ اسْمِهِ، كَالثُّمُنِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَالرُّبُعُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَالثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالسُّدُسُ مِنْ سِتَّةٍ وَإِنْ اجْتَمَعَ الرُّبُعُ مَعَ كُلِّ الْآخَرِ أَوْ مَعَ

بَعْضِهِ فَأَصْلُهُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَإِنْ اجْتَمَعَ الثُّمُنُ مَعَ كُلِّ الْآخَرِ أَوْ مَعَ بَعْضِهِ فَأَصْلُهُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا اخْتَلَطَ النِّصْفُ بِكُلِّ الْآخَرِ أَوْ بِبَعْضِهِ فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِذَا صُحِّحَتْ الْفَرِيضَةُ فَإِنْ انْقَسَمَ سِهَامُ كُلِّ فَرِيقٍ عَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الضَّرْبِ، وَإِنْ انْكَسَرَ فَاضْرِبْ عَدَدَ رُءُوسِ مَنْ انْكَسَرَ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَعَوْلِهَا إنْ كَانَتْ عَائِلَةً فَمَا خَرَجَ صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ مِثَالُهُ امْرَأَةٌ وَأَخَوَانِ لِلْمَرْأَةِ الرُّبْعُ سَهْمٌ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ لَا تَسْتَقِيمُ عَلَى أَخَوَيْنِ وَلَا مُوَافَقَةَ فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ تَكُنْ ثَمَانِيَةً مِنْهَا تَصِحُّ، وَإِنْ وَافَقَ سِهَامُهُمْ عَدَدَهُمْ فَاضْرِبْ وَفْقَ عَدَدِهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ مِثَالُهُ امْرَأَةٌ وَسِتَّةُ إخْوَةٍ لِلزَّوْجَةِ الرُّبْعُ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ لَا تَسْتَقِيمُ عَلَى سِتَّةٍ وَبَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالثُّلُثِ فَاضْرِبْ وَفْقَ عَدَدِهِمْ، وَهُوَ اثْنَانِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ تَكُنْ ثَمَانِيَةً مِنْهَا تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ كَانَ لِلزَّوْجَةِ سَهْمٌ فِي اثْنَيْنِ يَكُنْ اثْنَيْنِ وَلِلْإِخْوَةِ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ يَكُنْ سِتَّةً لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ. (آخَرُ) زَوْجَةٌ وَسِتَّةُ إخْوَةٍ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلزَّوْجَةِ سَهْمٌ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ لَا تَسْتَقِيمُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ لَكِنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالثُّلُثِ فَتَرْجِعُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ إلَى ثُلُثِهَا وَهُوَ خَمْسَةٌ فَاضْرِبْ الْخَمْسَةَ فِي أَرْبَعَةٍ يَكُنْ عِشْرِينَ مِنْهَا تَصِحُّ وَإِنْ انْكَسَرَ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ فَاطْلُبْ الْمُوَافَقَةَ بَيْنَ سِهَامِ كُلِّ فَرِيقٍ وَعَدَدِهِمْ ثُمَّ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ فَإِنْ كَانَا مُتَمَاثِلَيْنِ فَاضْرِبْ أَحَدَهُمَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ كَانَا مُتَدَاخِلَيْنِ فَاضْرِبْ أَكْثَرَهُمَا، وَإِنْ كَانَا مُتَوَافِقَيْنِ فَاضْرِبْ وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ فَمَا خَرَجَ فَاضْرِبْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ كَانَا مُتَبَايِنَيْنِ فَاضْرِبْ كُلَّ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ ثُمَّ الْمَجْمُوعَ فِي الْمَسْأَلَةِ مِثَالُهُ ثَلَاثَةُ أَعْمَامٍ، وَثَلَاثُ بَنَاتٍ لِلْبَنَاتِ الثُّلُثَانِ يَبْقَى سَهْمٌ لِلْأَعْمَامِ فَقَدْ انْكَسَرَ عَلَى فَرِيقَيْنِ وَهُمَا مُتَمَاثِلَانِ فَاضْرِبْ عَدَدَ أَحَدِهِمَا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَكُنْ تِسْعَةً مِنْهَا تَصِحُّ. (آخَرُ) خَمْسُ جَدَّاتٍ وَخَمْسُ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ وَعَمٌّ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَلَا مُوَافَقَةَ بَيْنَ السِّهَامِ وَالْأَعْدَادِ لَكِنْ الْعَدَدَانِ مُتَمَاثِلَانِ فَاضْرِبْ أَحَدَهُمَا وَهُوَ خَمْسَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ يَكُنْ ثَلَاثِينَ مِنْهَا تَصِحُّ. (آخَرُ) جَدَّةٌ وَسِتُّ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ وَتِسْعُ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ لِلْجَدَّةِ سَهْمٌ وَلِلْأَخَوَاتِ لِلْأُمِّ سَهْمَانِ وَلَا مُوَافَقَةَ وَلِلْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَبَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَيَرْجِعُ إلَى ثَلَاثَةٍ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي التِّسْعَةِ فَاضْرِبْ تِسْعَةً فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ سَبْعَةٌ يَكُنْ ثَلَاثَةً وَسِتِّينَ مِنْهَا تَصِحُّ. (آخَرُ) بِنْتُ وَسِتُّ جَدَّاتٍ وَأَرْبَعُ بَنَاتِ ابْنٍ وَعَمٌّ مِنْ سِتَّةٍ وَلَا مُوَافَقَةَ بَيْنَ السِّهَامِ وَالْأَعْدَادِ لَكِنْ بَيْنَ الرُّءُوسِ وَهِيَ السِّتَّةُ وَالْأَرْبَعَةُ مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَاضْرِبْ نِصْفَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ يَكُنْ اثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ اثْنَيْ عَشَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ يَكُنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ مِنْهَا تَصِحُّ. (آخَرُ) زَوْجَةٌ وَسِتَّ عَشْرَةَ أُخْتًا لِأُمٍّ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ عَمًّا رُبْعٌ وَثُلُثٌ، وَمَا بَقِيَ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَبَيْنَ سِهَامِ الْأَخَوَاتِ وَعَدَدِهِنَّ مُوَافَقَةٌ بِالرُّبُعِ فَيَرْجِعُ إلَى أَرْبَعَةٍ، وَبَيْنَ الْأَعْمَامِ وَسِهَامِهِمْ مُوَافَقَةٌ بِالْخُمُسِ فَيَرْجِعُ إلَى خُمُسِهَا وَهُوَ خَمْسَةٌ وَلَا مُوَافَقَةَ. بَيْنَ الْأَعْدَادِ فَاضْرِبْ أَحَدَ الْعَدَدَيْنِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فِي الْآخَرِ وَهُوَ خَمْسَةٌ يَكُنْ عِشْرِينَ ثُمَّ اضْرِبْهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ اثْنَيْ عَشَرَ يَكُنْ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ مِنْهَا تَصِحُّ وَإِنْ انْكَسَرَ عَلَى ثَلَاثَةِ فِرَقٍ أَوْ أَكْثَرَ فَكَذَلِكَ تَطْلُبُ الْمُشَارَكَةَ أَوَّلًا بَيْنَ السِّهَامِ وَالْأَعْدَادِ ثُمَّ بَيْنَ الْأَعْدَادِ وَالْأَعْدَادِ ثُمَّ افْعَلْ كَمَا فَعَلْت فِي الْفَرِيقَيْنِ فِي الْمُدَاخَلَةِ وَالْمُمَاثَلَةِ وَالْمُوَافَقَةِ وَالْمُبَايَنَةِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ الْكَسْرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ فِرَقٍ فِي الْفَرَائِضِ وَمَا حَصَلَ مِنْ الضَّرْبِ بَيْنَ الْفِرَقِ وَسِهَامِهِمْ يُسَمَّى جُزْءَ السَّهْمِ فَاضْرِبْهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ (مِثَالُهُ) أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَثَلَاثُ جَدَّاتٍ وَاثْنَا عَشَرَ عَمًّا أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجَاتِ الرُّبْعُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ سَهْمَانِ وَلِلْأَعْمَامِ مَا بَقِيَ سَبْعَةٌ وَلَا مُوَافَقَةَ بَيْنَ الْأَعْدَادِ وَالسِّهَامِ لَكِنَّ الْأَعْدَادَ مُتَدَاخِلَةٌ فَاضْرِبْ أَكْثَرَهَا، وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَكُنْ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ مِنْهَا تَصِحُّ كَانَ لِلزَّوْجَاتِ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ تَكُنْ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ لِكُلِّ زَوْجَةٍ تِسْعَةٌ وَكَانَ لِلْجَدَّاتِ سَهْمَانِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ لِكُلِّ جَدَّةٍ ثَمَانِيَةٌ وَكَانَ لِلْأَعْمَامِ سَبْعَةٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ لِكُلِّ عَمٍّ سَبْعَةٌ. (آخَرُ) سِتُّ جَدَّاتٍ وَتِسْعُ بَنَاتٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ عَمًّا أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلْجَدَّاتِ سَهْمٌ لَا يَنْقَسِمُ وَلَا مُوَافَقَةَ وَلِلْبَنَاتِ أَرْبَعَةٌ كَذَلِكَ، وَلِلْأَعْمَامِ سَهْمٌ كَذَلِكَ، وَبَيْنَ أَعْدَادِهِمْ مُوَافَقَةُ ثُلُثِ الْجَدَّاتِ وَهُوَ اثْنَانِ فِي عَدَدِ الْبَنَاتِ وَهُوَ تِسْعَةٌ يَكُنْ ثَمَانِيَةَ

الباب الثاني عشر في معرفة التوافق والتماثل والتداخل والتباين

عَشَرَ ثُمَّ اضْرِبْ وَفْقَهَا الثُّلُثَ وَهُوَ سِتَّةٌ فِي عَدَدِ الْأَعْمَامِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَكُنْ تِسْعِينَ ثُمَّ اضْرِبْ التِّسْعِينَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةٌ يَكُنْ خَمْسَمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ مِنْهَا تَصِحُّ. (آخَرُ) زَوْجَتَانِ وَعَشْرُ جَدَّاتٍ وَأَرْبَعُونَ أُخْتًا لِأُمٍّ وَعِشْرُونَ عَمًّا أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجَتَيْنِ الرُّبْعُ ثَلَاثَةٌ لَا يَنْقَسِمُ وَلَا مُوَافَقَةَ وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ سَهْمَانِ لَا يَنْقَسِمُ لَكِنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَتَرْجِعُ إلَى رُبْعِهَا وَهُوَ عَشَرَةٌ، وَلِلْأَعْمَامِ مَا بَقِيَ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لَا يَنْقَسِمُ وَلَا مُوَافَقَةَ وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ سَهْمَانِ لَا يَنْقَسِمُ لَكِنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَتَرْجِعُ إلَى نِصْفِهَا وَهُوَ خَمْسَةٌ وَلِلْأَخَوَاتِ الثُّلُثُ أَرْبَعَةٌ لَا يَنْقَسِمُ وَيُوَافِقُ بِالرُّبْعِ فَتَرْجِعُ إلَى رُبْعِهَا، وَهُوَ عَشَرَةٌ، وَلِلْأَعْمَامِ مَا بَقِيَ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لَا يَسْتَقِيمُ وَلَا مُوَافَقَةَ، وَالْخَمْسَةُ وَالْعَشَرَةُ دَاخِلَتَانِ فِي الْعِشْرِينَ فَاضْرِبْ عِشْرِينَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ اثْنَيْ عَشَرَ يَكُنْ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ مِنْهَا تَصِحُّ. (آخَرُ) أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَخَمْسَ عَشْرَةَ جَدَّةً وَثَمَانٌ عَشْرَةَ بِنْتًا وَسِتَّةُ أَعْمَامٍ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجَاتِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ لَا يَسْتَقِيمُ وَلَا يُوَافِقُ وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ كَذَلِكَ وَلِلْبَنَاتِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَيَرْجِعُ إلَى النِّصْفِ وَهُوَ تِسْعَةٌ بَقِيَ لِلْأَعْمَامِ سَهْمٌ مَعَنَا أَرْبَعَةٌ وَخَمْسَةَ عَشَرَ وَتِسْعَةٌ وَسِتَّةٌ وَبَيْنَ التِّسْعَةِ وَالسِّتَّةِ مُوَافَقَةٌ بِالثُّلُثِ فَاضْرِبْ ثُلُثَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ يَكُنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ مُوَافَقَةٌ بِالثُّلُثِ أَيْضًا فَاضْرِبْ ثُلُثَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ يَكُنْ تِسْعِينَ وَهِيَ تُوَافِقُ الْأَرْبَعَةَ بِالنِّصْفِ فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي تِسْعِينَ يَكُنْ مِائَةً وَثَمَانِينَ اضْرِبْهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يَكُنْ أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَثَلَاثَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْهَا تَصِحُّ (آخَرُ) زَوْجَتَانِ وَعَشْرُ بَنَاتٍ وَسِتُّ جَدَّاتٍ وَسَبْعَةُ أَعْمَامٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجَتَيْنِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ لَا يَنْقَسِمُ وَلَا يُوَافِقُ، وَلِلْبَنَاتِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَيَرْجِعُ إلَى خَمْسَةٍ وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ أَيْضًا يَرْجِعُ إلَى ثَلَاثَةٍ وَلِلْأَعْمَامِ سَهْمٌ مَعَنَا اثْنَانِ وَخَمْسَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعَةٌ كُلُّهَا مُتَبَايِنَةٌ فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةٍ يَكُنْ عَشَرَةً اضْرِبْهَا فِي ثَلَاثَةٍ يَكُنْ ثَلَاثِينَ اضْرِبْهَا فِي سَبْعَةٍ يَكُنْ مِائَتَيْنِ وَعَشَرَةً اضْرِبْهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَكُنْ خَمْسَةَ آلَافٍ وَأَرْبَعِينَ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. خَمْسُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَسَبْعُ جَدَّاتٍ وَأَرْبَعُ زَوْجَاتٍ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ فَلِلْأَخَوَاتِ لِأَبٍ الثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِنَّ وَلَا تُوَافِقُ وَلِلْأَخَوَاتِ لِأُمٍّ الثُّلُثُ أَرْبَعَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِنَّ وَلَا تُوَافِقُ وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ سَهْمَانِ لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِنَّ وَلَا يُوَافِقُ وَلِلزَّوْجَاتِ الرُّبْعُ ثَلَاثَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِنَّ وَلَا تُوَافِقُ فَالْخَمْسَةُ لَا تُوَافِقُ الثَّلَاثَةَ فَاضْرِبْ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ تَبْلُغْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ لَا تُوَافِقُ الْأَرْبَعَةَ فَاضْرِبْ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى تَبْلُغْ سِتِّينَ وَالسِّتُّونَ لَا تُوَافِقُ السَّبْعَةَ فَاضْرِبْ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى تَبْلُغْ أَرْبَعَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ اضْرِبْ أَرْبَعَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ فِي الْفَرِيضَةِ، وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ تَبْلُغْ سَبْعَةَ آلَافٍ وَمِائَةً وَأَرْبَعِينَ فَمِنْهَا تَصِحُّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. [الْبَاب الثَّانِي عَشْر فِي مَعْرِفَةِ التَّوَافُقِ وَالتَّمَاثُل وَالتَّدَاخُل وَالتَّبَايُن] ِ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ عَدَدَيْنِ لَا يَخْلُوَانِ عَنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ أَمَّا الْمُتَمَاثِلَانِ فَهُمَا الْمُتَسَاوِيَانِ كَالثَّلَاثَةِ وَالثَّلَاثَةِ وَالْخَمْسَةِ وَالْخَمْسَةِ وَهَذَا يُعْرَفُ بِالْبَدِيهَةِ وَأَمَّا الْمُتَدَاخِلَانِ فَكُلُّ عَدَدَيْنِ أَحَدُهُمَا جُزْءُ الْآخَرِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهِ كَالثَّلَاثَةِ مَعَ التِّسْعَةِ وَالْأَرْبَعَةِ مَعَ الِاثْنَيْ عَشَرَ فَالثَّلَاثَةُ ثُلُثُ التِّسْعَةِ وَالْأَرْبَعَةُ ثُلُثُ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَالْأَرْبَعَةُ نِصْفُ الثَّمَانِيَةِ. وَكَذَلِكَ الثَّلَاثَةُ مَعَ السِّتَّةِ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ تُسْقِطَ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَكْثَرِ فَإِنْ فَنِيَ بِهِ فَهُمَا مُتَدَاخِلَانِ كَالْخَمْسَةِ وَالْأَرْبَعَةِ مَعَ الْعِشْرِينَ فَإِنَّكَ إذَا أَسْقَطْتَ الْخَمْسَةَ مِنْ الْعِشْرِينَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَوْ الْأَرْبَعَةَ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَنِيَتْ الْعِشْرُونَ فَعَلِمْتَ أَنَّهُمَا مُتَدَاخِلَانِ أَوْ نَقُولُ: كُلُّ عَدَدَيْنِ يَنْقَسِمُ الْأَكْثَرُ عَلَى الْأَقَلِّ قِسْمَةً صَحِيحَةً فَهُمَا مُتَدَاخِلَانِ كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنَّكَ إذَا قَسَمْتَ الْعِشْرِينَ عَلَى الْخَمْسَةِ تَجِيءُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ قِسْمَةً صَحِيحَةً وَكَذَلِكَ إذَا قَسَمْتَهَا عَلَى الْأَرْبَعَةِ تَجِيءُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ قِسْمَةً صَحِيحَةً. وَأَمَّا الْمُتَوَافِقَانِ فَكُلُّ عَدَدَيْنِ لَا يُفْنِي أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَلَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِ لَكِنْ يُفْنِيهِمَا عَدَدٌ آخَرُ فَيَكُونَانِ مُتَوَافِقَيْنِ بِجُزْءِ الْعَدَدِ الْمُفْنِي كَالثَّمَانِيَةِ مَعَ الِاثْنَيْ عَشَرَ يُفْنِيهِمَا أَرْبَعَةٌ فَهُمَا مُتَوَافِقَانِ بِالرُّبْعِ، وَكَذَا خَمْسَةَ عَشَرَ مَعَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ يُفْنِيهِمَا خَمْسَةٌ فَتَوَافُقُهُمَا بِالْخُمُسِ، وَقَدْ يُفْنِيهِمَا أَعْدَادٌ كَاثْنَيْ عَشَرَ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يُفْنِيهِمَا السِّتَّةُ وَالثَّلَاثَةُ

وَالِاثْنَانِ فَيُؤْخَذُ جُزْءُ الْوَفْقِ مِنْ أَكْثَرِ الْأَعْدَادِ فَيَكُونُ أَخْصَرَ فِي الضَّرْبِ وَالْحِسَابِ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْمُوَافَقَةِ أَنْ تُنْقِصَ أَحَدَهُمَا مِنْ الْآخَرِ أَبَدًا فِيمَا بَقِيَ فَخُذْ جُزْءَ الْمُوَافَقَةِ مِنْ ذَلِكَ كَخَمْسَةَ عَشَرَ مَعَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَإِنَّكَ إذَا نَقَصْتَ مِنْهَا الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَبْقَى عَشَرَةٌ فَإِذَا نَقَصْتَ الْعَشَرَةَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَبْقَى خَمْسَةٌ فَإِذَا نَقَصْتَ الْخَمْسَةَ مِنْ الْعَشَرَةِ بَقِيَ خَمْسَةٌ فَتَأْخُذُ جُزْءَ الْمُوَافَقَةِ مِنْ خَمْسَةٍ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ جُزْءِ الْمُوَافَقَةِ أَنْ تَنْسُبَ الْوَاحِدَ إلَى الْعَدَدِ الْبَاقِي فَمَا كَانَ مِنْ نِسْبَةِ الْوَاحِدِ إلَيْهِ فَهُوَ جُزْءُ التَّوَافُقِ (مِثَالُهُ) مَا ذَكَرْنَا بَقِيَ خَمْسَةٌ انْسِبْ الْوَاحِدَ إلَيْهَا يَكُنْ خَمْسًا فَاعْلَمْ أَنَّ الْمُوَافَقَةَ بَيْنَهُمَا بِالْأَخْمَاسِ، وَإِنْ كَانَ الْجُزْءُ الْمُفْنِي لِلْعَدَدَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ كَالسِّتَّةِ وَالثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسِينَ فَاَلَّذِي يُفْنِيهِمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يُفْنِيهِمَا أَحَدَ عَشَرَ وَثَلَاثُونَ وَخَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ يُفْنِيهِمَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَقُلْ: الْمُوَافَقَةُ بَيْنَهُمَا بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ صَحِيحًا بِشَيْءٍ آخَرَ، فَإِنْ كَانَ الْعَدَدُ الْمُفْنِي زَوْجًا كَالثَّمَانِيَةَ عَشَرَ فِيمَا ذَكَرْنَا أَوْ فَرْدًا مُرَكَّبًا، وَهُوَ الَّذِي لَهُ جُزْءَانِ صَحِيحَانِ أَوْ أَكْثَرُ كَخَمْسَةَ عَشَرَ، فَإِنَّ لَهَا جُزْأَيْنِ صَحِيحَيْنِ وَهُوَ الْخُمُسُ ثَلَاثَةٌ وَالثُّلُثُ خَمْسَةٌ يُسَمَّى مُرَكَّبًا؛ لِأَنَّهُ يَتَرَكَّبُ مِنْ ضَرْبِ عَدَدٍ فِي عَدَدٍ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فِي خَمْسَةٍ فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُولَ كَمَا قُلْتَ فِي الْفَرْدِ الْأَوَّلِ هُوَ مُوَافِقٌ بِجُزْءٍ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَبِجُزْءٍ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَنْسُبَ الْوَاحِدَ إلَيْهِ بِكَسْرَيْنِ يُضَافُ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ فَتَقُولُ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِثُلُثِ الْخُمُسِ وَفِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِثُلُثِ السُّدُسِ وَقِسْ عَلَيْهِ نَظَائِرَهُ وَأَمَّا الْمُتَبَايِنَانِ فَكُلُّ عَدَدَيْنِ لَيْسَا مُتَدَاخِلَيْنِ وَلَا مُتَمَاثِلَيْنِ وَلَا يُفْنِيهِمَا إلَّا الْوَاحِدُ كَالْخَمْسَةِ مَعَ السَّبْعَةِ وَالسَّبْعَةِ مَعَ التِّسْعَةِ وَأَحَدَ عَشَرَ مَعَ الْعِشْرِينَ وَأَمْثَالُهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا صَحَّحْتَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الطُّرُقِ وَأَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ نَصِيبَ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْ التَّصْحِيحِ فَاضْرِبْ مَا كَانَ لَهُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا ضَرَبْتَهُ فِي أَصْلِهَا فَمَا خَرَجَ فَهُوَ نَصِيبُ ذَلِكَ الْفَرِيقِ وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ كُلِّ وَارِثٍ أَنْ تَضْرِبَ سِهَامَهُ فِيمَا ضَرَبْتَهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَخْرُجُ نَصِيبُهُ مِثَالُهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَسِتُّ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ وَعَشَرَةُ أَعْمَامٍ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجَاتِ الرُّبْعُ ثَلَاثَةٌ لَا يَسْتَقِيمُ وَلَا يُوَافِقُ وَلِلْأَخَوَاتِ الثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ لَا يَسْتَقِيمُ لَكِنْ يُوَافِقُ بِالنِّصْفِ يَرْجِعُ إلَى ثَلَاثَةٍ وَلِلْأَعْمَامِ وَاحِدٌ فَهَاهُنَا أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَعَشَرَةٌ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ وَالْعَشَرَةِ مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَاضْرِبْ نِصْفَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ يَكُنْ عِشْرِينَ ثُمَّ اضْرِبْ الْعِشْرِينَ فِي ثَلَاثَةٍ يَكُنْ سِتِّينَ اضْرِبْهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ اثْنَيْ عَشَرَ تَكُنْ سَبْعَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْهَا تَصِحُّ فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ نَصِيبَ كُلِّ فَرِيقٍ فَقُلْ: كَانَ لِلزَّوْجَاتِ ثَلَاثَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِيمَا ضَرَبْتَهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ سِتُّونَ يَكُنْ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَكَانَ لِلْأَخَوَاتِ ثَمَانِيَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي سِتِّينَ يَكُنْ أَرْبَعَمِائَةٍ وَثَمَانِينَ، وَكَانَ لِلْأَعْمَامِ سَهْمٌ فِي سِتِّينَ يَكُنْ سِتِّينَ. وَإِذَا شِئْتَ أَنْ تَعْرِفَ نَصِيبَ كُلِّ وَارِثٍ فَقُلْ كَانَ لِكُلِّ زَوْجَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ سَهْمٍ مَضْرُوبَةٌ فِي سِتِّينَ يَكُنْ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ وَكَانَ لِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ وَثُلُثٌ فِي سِتِّينَ يَكُنْ ثَمَانِينَ وَلِكُلِّ عَمٍّ عُشْرُ سَهْمٍ فِي سِتِّينَ يَكُنْ سِتَّةً فَهَذَا بَيَانُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَمَعْرِفَةِ نَصِيبِ كُلِّ فَرِيقٍ وَكُلِّ وَارِثٍ فَقِسْ عَلَيْهِ أَمْثَالَهُ وَاعْمَلْ بِمَا أَوْضَحْتُهُ مِنْ الطُّرُقِ تَجِدْهُ كَذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى (وَطَرِيقٌ آخَرُ) لِمَعْرِفَةِ نَصِيبِ كُلِّ فَرْدٍ أَنْ تَقْسِمَ الْمَضْرُوبَ عَلَى أَيِّ فَرِيقٍ شِئْتَ ثُمَّ اضْرِبْ الْخَارِجَ فِي نَصِيبِ ذَلِكَ الْفَرِيقِ فَالْحَاصِلُ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ الْفَرِيقِ مِثَالُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْمَضْرُوبُ سِتُّونَ تَقْسِمُهُ عَلَى الزَّوْجَاتِ الْأَرْبَعِ يَخْرُجْ خَمْسَةَ عَشَرَ تَضْرِبُهَا فِي نَصِيبِ الزَّوْجَاتِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ يَكُنْ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ فَهُوَ نَصِيبُ كُلِّ زَوْجَةٍ وَلَوْ قَسَمْتَهَا عَلَى الْأَخَوَاتِ يَخْرُجْ لِكُلِّ أُخْتٍ عَشَرَةٌ تَضْرِبُهَا فِي سِهَامِهِنَّ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ يَكُنْ ثَمَانِينَ هِيَ لِكُلِّ أُخْتٍ وَلَوْ قَسَمْتَهَا عَلَى الْأَعْمَامِ يَخْرُجُ سِتَّةٌ فَاضْرِبْهَا فِي نَصِيبِهِمْ وَهُوَ سَهْمٌ يَكُنْ سِتَّةً هِيَ لِكُلِّ عَمٍّ. (وَطَرِيقٌ آخَرُ) طَرِيقُ النِّسْبَةِ أَنْ تَنْسُبَ السِّهَامَ لِكُلِّ فَرِيقٍ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ إلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ ثُمَّ تُعْطِيَ بِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الْمَضْرُوبِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْفَرِيقِ مِثَالُهُ مَسْأَلَتُنَا فَتَقُولُ: سِهَامُ الزَّوْجَاتِ ثَلَاثَةٌ تَنْسُبُهَا إلَى عَدَدِهِنَّ وَأَرْبَعٌ يَكُنْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ فَأَعْطِ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَضْرُوبِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَهَكَذَا تَعْمَلُ فِي نَصِيبِ الْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.

الباب الثالث عشر في العول

[الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْعَوْلِ] (الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْعَوْلِ) قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: اعْلَمْ أَنَّ الْفَرَائِضَ ثَلَاثَةٌ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ وَفَرِيضَةٌ قَاصِرَةٌ وَفَرِيضَةٌ عَائِلَةٌ فَالْفَرِيضَةُ الْعَادِلَةُ هُوَ أَنْ تُسَاوِيَ سِهَامُ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ سِهَامَ الْمَالِ بِأَنْ تَرَكَ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ فَلِلْأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ الثُّلُثَانِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ سِهَامُ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ دُونَ سِهَامِ الْمَالِ وَهُنَاكَ عَصَبَةٌ فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ يَكُونُ لِلْعَصَبَةِ فَهُوَ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ، وَأَمَّا الْفَرِيضَةُ الْقَاصِرَةُ فَهُوَ أَنْ تَكُونَ سِهَامُ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ دُونَ سِهَامِ الْمَالِ وَلَيْسَ هُنَاكَ عَصَبَةٌ بِأَنْ تَرَكَ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُمًّا فَلِلْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ الثُّلُثَانِ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلَا عَصَبَةَ فِي الْوِرَاثَةِ لِيَأْخُذَ مَا بَقِيَ فَالْحُكْمُ فِيهِ الرَّدُّ وَالْفَرِيضَةُ الْعَائِلَةُ أَنْ تَكُونَ سِهَامُ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ أَكْثَرَ مِنْ سِهَامِ الْمَالِ بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ ثُلُثَانِ وَنِصْفٌ كَالزَّوْجِ مَعَ الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَمَعَ الْأُمِّ أَوْ نِصْفَانِ وَثُلُثٌ كَالزَّوْجِ مَعَ الْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَمَعَ الْأُمِّ فَالْحُكْمُ فِي هَذَا الْعَوْلُ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَهُوَ مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ الْعَوْلُ هُوَ زِيَادَةُ السِّهَامِ عَلَى الْفَرِيضَةِ فَتَعُولُ الْمَسْأَلَةُ إلَى سِهَامِ الْفَرِيضَةِ وَيَدْخُلُ النُّقْصَانُ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ لِعَدَمِ تَرْجِيحِ الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ كَالدُّيُونِ وَالْوَصَايَا إذَا ضَاقَتْ التَّرِكَةُ عَنْ إيفَاءِ الْكُلِّ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ، وَيَدْخُلُ النَّقْصُ عَلَى الْكُلِّ كَذَا هَذَا كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَاعْلَمْ أَنَّ أُصُولَ الْمَسَائِلِ سَبْعَةٌ اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَسِتَّةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا لَا تَعُولُ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالثَّمَانِيَةُ وَثَلَاثَةٌ تَعُولُ السِّتَّةُ وَالِاثْنَا عَشَرَ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ فَالسِّتَّةُ تَعُولُ إلَى عَشَرَةٍ وِتْرًا وَشَفْعًا وَاثْنَا عَشَرَ تَعُولُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةَ عَشَرَ وَسَبْعَةَ عَشَرَ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ تَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ لَا غَيْرُ. (أَمْثِلَةٌ تُعْرَفُ هَذِهِ الْأُصُولُ بِهَا) أَمَّا الَّتِي لَا تَعُولُ فَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَكَذَلِكَ زَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَتُسَمَّى هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ الْيَتِيمَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ الْمَالُ بِفَرِيضَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ إلَّا فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِنْتٌ وَعَصَبَةٌ لِلْبِنْتِ نِصْفٌ، وَمَا بَقِيَ لِلْعَصَبَةِ أَصْلُهَا مِنْ ثِنْتَيْنِ أَخَوَانِ لِأُمٍّ وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ ثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ أُخْتَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخٌ لِأَبٍ ثُلُثَانِ، وَمَا بَقِيَ أَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ أُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ ثُلُثَانِ وَثُلُثٌ زَوْجٌ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ رُبْعٌ وَنِصْفٌ، وَمَا بَقِيَ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ زَوْجَةٌ وَبِنْتٌ وَعَصَبَةٌ ثُمُنٌ وَنِصْفٌ، وَمَا بَقِيَ أَصْلُهَا مِنْ ثَمَانِيَةٍ زَوْجَةٌ وَابْنٌ ثُمُنٌ وَمَا بَقِيَ أَصْلُهَا مِنْ ثَمَانِيَةٍ (أَمْثِلَةٌ أُخْرَى) جَدَّةٌ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْهَا جَدَّةٌ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ، وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، وَأُخْتٌ لِأَبٍ سُدُسٌ وَثُلُثٌ وَنِصْفٌ وَسُدُسٌ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ نِصْفٌ وَسُدُسٌ وَثُلُثٌ مِنْ سِتَّةٍ وَتُسَمَّى مَسْأَلَةَ الْإِلْزَامِ فَإِنَّهَا أَلْزَمُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -؛ لِأَنَّهُ إنْ قَالَ كَمَا قُلْنَا فَقَدْ حَجَبَ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ بِالْأُخْتَيْنِ، وَلَا يَقُولُ بِهِ، وَإِنْ جَعَلَ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ وَلِلْأُخْتَيْنِ السُّدُسَ فَقَدْ أَدْخَلَ النَّقْصَ عَلَى أَوْلَادِ الْأُمِّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَذْهَبَهُ، وَهُوَ خِلَافُ النَّصِّ أَيْضًا وَإِنْ جَعَلَ لَهُمَا الثُّلُثَ فَقَدْ قَالَ بِالْعَوْلِ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ نِصْفٌ وَثُلُثٌ وَنِصْفٌ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ، وَتَعُولُ إلَى ثَمَانِيَةٍ وَهِيَ أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ عَالَتْ فِي الْإِسْلَامِ وَقَعَتْ فِي صَدْرِ خِلَافَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَاسْتَشَارَ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَأَشَارَ الْعَبَّاسُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُقَسِّمَ عَلَيْهِنَّ بِقَدْرِ سِهَامِهِنَّ فَصَارُوا إلَى ذَلِكَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى ثَمَانِيَةٍ. زَوْجٌ وَأُمٌّ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ، وَتَعُولُ إلَى تِسْعَةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ سَهْمٌ، وَلِلْأُخْتِ لِأُمِّ سَهْمٌ وَلِلْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ سَهْمُ السُّدُسِ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ. زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ نِصْفٌ وَسُدُسٌ وَثُلُثٌ وَثُلُثَانِ مِنْ سِتَّةٍ، وَتَعُولُ إلَى عَشَرَةٍ وَتُسَمَّى أُمَّ الْفُرُوخِ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ الْمَسَائِلِ عَوْلًا فَشُبِّهَتْ الْأَرْبَعَةُ الزَّوَائِدُ بِالْفُرُوخِ، وَتُسَمَّى أَيْضًا الشُّرَيْحِيَّةَ؛ لِأَنَّ شُرَيْحًا أَوَّلُ مَنْ قَضَى فِيهَا زَوْجَةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَصِحُّ مِنْهَا. زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ رُبُعٌ وَسُدُسٌ وَثُلُثَانِ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَعُولُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ. امْرَأَةٌ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ رُبُعٌ وَثُلُثٌ وَثُلُثَانِ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَعُولُ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ. امْرَأَةٌ وَأُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ

الباب الرابع عشر في الرد

وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ رُبُعٌ وَسُدُسٌ وَثُلُثٌ وَثُلُثَانِ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ امْرَأَةٌ وَأُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ رُبُعٌ وَسُدُسٌ وَثُلُثَانِ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ. ثَلَاثُ نِسْوَةٍ وَجَدَّتَانِ وَأَرْبَعُ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَثَمَانٌ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ وَتُسَمَّى أُمَّ الْأَرَامِلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا ذَكَرٌ بَلْ كُلُّهَا إنَاثٌ، وَهِيَ مِمَّا يُسْأَلُ فَيُقَالُ: رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَسَبْعَ عَشْرَةَ امْرَأَةً أَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ دِينَارٌ كَيْفَ تَكُونُ صُورَتُهَا. امْرَأَةٌ وَأَبَوَانِ وَابْنٌ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَتَصِحُّ مِنْهَا. امْرَأَةٌ وَبِنْتَانِ وَأَبَوَانِ ثُمُنٌ وَثُلُثَانِ وَسُدُسَانِ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَتُسَمَّى الْمِنْبَرِيَّةَ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سُئِلَ عَنْهَا، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: عَلَى الْفَوْرِ صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا وَمَرَّ عَلَى خُطْبَتِهِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبَوَيْنِ جَدٌّ وَجَدَّةٌ أَوْ أَبٌ وَجَدَّةٌ فَكَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْبِنْتَيْنِ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَابْنٌ كَافِرٌ أَوْ قَاتِلٌ أَوْ رَقِيقٌ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْمَحْرُومَ، وَهُوَ الِابْنُ لَا يُحْجَبُ، وَعِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَحْجُبُ الِابْنُ الزَّوْجَةَ مِنْ الرُّبُعِ إلَى الثُّمُنِ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَتَعُولُ إلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ وَلِأَوْلَادِ الْأُمِّ الثُّلُثُ ثَمَانِيَةٌ وَلِلْأُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ وَتُسَمَّى ثَلَاثِينِيَّةَ ابْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاعْلَمْ أَنَّ السِّتَّةَ مَتَى عَالَتْ إلَى عَشَرَةٍ أَوْ تِسْعَةٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ فَالْمَيِّتُ امْرَأَةٌ قَطْعًا، وَإِنْ عَالَتْ إلَى سَبْعَةٍ اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَمَتَى عَالَتْ الِاثْنَا عَشَرَ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ فَالْمَيِّتُ ذَكَرٌ وَإِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةَ عَشَرَ احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ، وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ إذَا عَالَتْ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ أَوْ إلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَالْمَيِّتُ ذَكَرٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ [الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الرَّدِّ] ِّ وَهُوَ ضِدُّ الْعَوْلِ الْفَاضِلُ عَنْ سِهَامِ ذَوِي السِّهَامِ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ سِهَامِهِمْ إلَّا عَلَى الزَّوْجَيْنِ وَبِهِ أَخَذَ أَصْحَابُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ سَبْعَةٌ الْأُمُّ وَالْجَدَّةُ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، وَالْأَخَوَاتُ لِأَبٍ، وَأَوْلَادُ الْأُمِّ، وَيَقَعُ الرَّدُّ عَلَى جِنْسٍ وَاحِدٍ وَعَلَى جِنْسَيْنِ وَعَلَى ثَلَاثَةٍ وَلَا يَكُونُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَالسِّهَامُ الْمَرْدُودُ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْخَمْسَةُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الرَّدُّ عَلَى جَمِيعِ مَنْ فِي الْمَسْأَلَةِ يَسْقُطُ الزَّائِدُ مِثَالُ الِاثْنَيْنِ جَدَّةٌ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ لِلْجَدَّةِ السُّدُسُ وَلِلْأُخْتِ لِأُمٍّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي يُرَدُّ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ سِهَامِهِمَا فَأَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ، وَعَادَتْ بِالرَّدِّ إلَى سَهْمَيْنِ فَيَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ مِثَالُ الثَّلَاثَةِ جَدَّةٌ وَأُخْتَانِ لِلْأُمِّ لِلْجَدَّةِ السُّدُسُ سَهْمٌ مِنْ سِتَّةٍ وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثُ سَهْمَانِ فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ عَدَدُ رُءُوسِهِمْ مِثَالُ الْأَرْبَعَةِ بِنْتٌ وَأُمٌّ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ مِنْ سِتَّةٍ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمٌ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ عَدَدُ سِهَامِهِمْ مِثَالُ الْخَمْسَةِ أَرْبَعُ بَنَاتٍ وَأُمٌّ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ خَمْسَةٍ عَدَدُ سِهَامِهِمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَهُوَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فَإِنْ كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا فَأَعْطِ فَرْضَ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مِنْ أَقَلِّ مَخَارِجِهِ ثُمَّ اقْسِمْ الْبَاقِيَ عَلَى عَدَدِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ إنْ اسْتَقَامَ كَزَوْجٍ وَثَلَاثِ بَنَاتٍ أَعْطِ الزَّوْجَ فَرْضَهُ الرُّبُعَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَالْبَاقِي لِلْبَنَاتِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ تَصِحُّ عَلَيْهِنَّ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِمْ عَلَيْهِمْ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ رُءُوسِهِمْ، وَمَا بَقِيَ مِنْ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مُوَافَقَةٌ فَاضْرِبْ وَفْقَ رُءُوسِهِمْ فِي مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ كَزَوْجٍ وَسِتِّ بَنَاتٍ لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الْبَنَاتِ وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَاقِي مُوَافَقَةٌ بِالثُّلُثِ فَاضْرِبْ وَفْقَ رُءُوسِهِمْ وَهُوَ اثْنَانِ فِي مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ يَكُنْ ثَمَانِيَةً لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ سَهْمَانِ يَبْقَى سِتَّةٌ تَصِحُّ عَلَى الْبَنَاتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ كَزَوْجٍ وَخَمْسِ بَنَاتٍ فَاضْرِبْ كُلَّ رُءُوسِهِنَّ وَهِيَ خَمْسَةٌ فِي مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ يَكُنْ عِشْرِينَ مِنْهَا تَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَعَ جِنْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مِمَّنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ فَأَعْطِ فَرْضَ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ ثُمَّ اقْسِمْ الْبَاقِيَ عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ إنْ اسْتَقَامَ وَإِلَّا فَاضْرِبْ جَمِيعَ مَسْأَلَةِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ فِي مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فَمَا بَلَغَ صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ ثُمَّ اضْرِبْ سِهَامَ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَسِهَامَ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مِثَالُ الْأَوَّلِ زَوْجَةٌ وَأَرْبَعُ

الباب الخامس عشر في المناسخة

جَدَّاتٍ وَسِتُّ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ سَهْمٌ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ، وَسِهَامُ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ فَقَدْ اسْتَقَامَ عَلَى سِهَامِهِمْ وَمِثَالُ الثَّانِي أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَتِسْعُ بَنَاتٍ وَسِتُّ جَدَّاتٍ لِلزَّوْجَاتِ الثُّمُنُ سَهْمٌ يَبْقَى سَبْعَةٌ وَسِهَامُ الرَّدِّ خَمْسَةٌ لَا تَسْتَقِيمُ عَلَيْهَا وَلَا مُوَافَقَةَ فَاضْرِبْ سِهَامَ الرَّدِّ وَهِيَ خَمْسَةٌ فِي مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ تَكُنْ أَرْبَعِينَ مِنْهَا تَصِحُّ ثُمَّ اضْرِبْ سِهَامَ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَهُوَ وَاحِدٌ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ يَكُنْ خَمْسَةً، وَسِهَامُ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ فِيمَا بَقِيَ مِنْ مَخْرَجِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَهُوَ سَبْعَةٌ يَكُنْ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ لِلْبَنَاتِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْجَدَّاتِ الْخُمُسُ سَبْعَةٌ. (مِثَالٌ آخَرُ) زَوْجَةٌ وَبِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَجَدَّةٌ لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ تَبْقَى سَبْعَةٌ، وَسِهَامُ الرَّدِّ خَمْسَةٌ لَا تَسْتَقِيمُ وَلَا مُوَافَقَةَ فَاضْرِبْ سِهَامَ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ فِي مَخْرَجِ مَسْأَلَةِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ يَكُنْ أَرْبَعِينَ مِنْهَا تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ، وَإِذَا أَرَدْت التَّصْحِيحَ عَلَى الرُّءُوسِ فَاعْمَلْ بِالطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْمُنَاسَخَةِ] (الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْمُنَاسَخَةِ) وَهُوَ أَنْ يَمُوتَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ، وَلَمْ تُقْسَمْ تَرِكَتُهُ حَتَّى مَاتَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ فَالْحَالُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ الثَّانِي وَرَثَةَ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ فَقَطْ أَوْ يَكُونَ فِي وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي مَنْ لَا يَكُونُ وَارِثًا لِلْمَيِّتِ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ قِسْمَةُ التَّرِكَةِ الثَّانِيَةِ وَقِسْمَةُ التَّرِكَةِ الْأُولَى سَوَاءً، أَوْ تَكُونَ قِسْمَةُ التَّرِكَةِ الثَّانِيَةِ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي قُسِمَتْ التَّرِكَةُ الْأُولَى ثُمَّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَسْتَقِيمَ قِسْمَةُ نَصِيبِ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ أَوْ يَنْكَسِرَ فَإِنْ كَانَتْ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ هُمْ وَرَثَةَ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ، وَلَا تَغَيُّرَ فِي الْقِسْمَةِ تُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي تَكْرَارِ الْقِسْمَةِ بَيَانُهُ إذَا مَاتَ وَتَرَكَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْبَنِينَ أَوْ إحْدَى الْبَنَاتِ وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَى الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ قُسِمَتْ التَّرِكَةُ بَيْنَ الْبَاقِينَ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَيَكْتَفِي بِقِسْمَةٍ وَاحِدَةٍ بَيْنَهُمْ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي مَنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لِلْمَيِّتِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ تُقْسَمُ تَرِكَةُ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ، أَوَّلًا لِيَتَبَيَّنَ نَصِيبُ الثَّانِي ثُمَّ تُقْسَمُ تَرِكَةُ الْمَيِّتِ الثَّانِي بَيْنَ وَرَثَتِهِ فَإِنْ كَانَ يَسْتَقِيمُ قِسْمَةُ نَصِيبِهِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى الضَّرْبِ وَبَيَانُهُ فِيمَا إذَا تَرَكَ ابْنًا وَابْنَةً فَلَمْ تُقْسَمْ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا حَتَّى مَاتَ الِابْنُ وَخَلَّفَ ابْنَةً وَأُخْتًا فَإِنَّ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ تُقْسَمُ أَثْلَاثًا ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ عَنْ سَهْمَيْنِ وَتَرَكَ ابْنَةً وَأُخْتًا فَلِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ بِالْعُصُوبَةِ مُسْتَقِيمٌ، وَلَا يَنْكَسِرُ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَقِيمُ قِسْمَةُ نَصِيبِ الثَّانِي بَيْنَ وَرَثَتِهِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ بَيْنَ فَرِيضَتِهِ وَنَصِيبِهِ مُوَافَقَةٌ بِجُزْءٍ أَوْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِجُزْءٍ فَإِنَّهُ يُقْتَصَرُ عَلَى الْجُزْءِ الْمُوَافِقِ مِنْ سِهَامِ فَرِيضَتِهِ ثُمَّ تُضْرَبُ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ الْأُولَى فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ فَتُصْبِحُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْمَبْلَغِ وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهُ فِي الْجُزْءِ الْمُوَافِقِ مِنْ فَرِيضَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي، وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهُ فِي الْجُزْءِ الْمُوَافِقِ مِنْ فَرِيضَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ فَمَا بَلَغَ فَهُوَ نَصِيبُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِشَيْءٍ فَالسَّبِيلُ أَنْ تَضْرِبَ سِهَامَ فَرِيضَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ فِي سِهَامِ فَرِيضَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْمَبْلَغِ وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهُ فِي

فَرِيضَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي، وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهُ فِي نَصِيبِ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ فَمَا بَلَغَ فَهُوَ نَصِيبُهُ، وَبَيَانُهُ عِنْدَ الْمُوَافَقَةِ أَنْ يَخْلُفَ الرَّجُلُ ابْنًا وَابْنَةً وَلَمْ تُقْسَمْ تَرِكَتُهُ حَتَّى مَاتَ الِابْنُ عَنْ ابْنَةٍ وَامْرَأَةٍ وَثَلَاثَةٍ بَنِي ابْنٍ، وَفَرِيضَةُ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ مِنْ ثَلَاثَةٍ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ عَنْ سَهْمَيْنِ وَخَلَفَ امْرَأَةً وَابْنَةً وَثَلَاثَةَ بَنِي ابْنٍ فَفَرِيضَتُهُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ سَهْمٌ وَلِلِابْنَةِ النِّصْفُ أَرْبَعَةٌ وَالْبَاقِي وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِبَنِي الِابْنِ إلَّا أَنَّ قِسْمَةَ سَهْمَيْنِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ لَا تَسْتَقِيمُ وَلَكِنْ بَيْنَ سَهْمَيْنِ وَثَمَانِيَةٍ مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَيُقْتَصَرُ مِنْ فَرِيضَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي عَلَى النِّصْفِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ ثُمَّ تَضْرِبُهُ فِي فَرِيضَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ فَيَصِيرُ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُ تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ الِابْنِ مِنْ فَرِيضَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهُ، وَذَلِكَ سَهْمَانِ فِي الْجُزْءِ الْمُوَافِقِ مِنْ فَرِيضَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ الِابْنَةِ مِنْ فَرِيضَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهَا وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فِي الْجُزْءِ الْمُوَافِقِ مِنْ نَصِيبِ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَهُوَ سَهْمٌ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً. وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهَا وَهُوَ سَهْمٌ فِي هَذَا الْجُزْءِ الْمُوَافِقِ أَيْضًا، وَهُوَ سَهْمٌ فَيَكُونُ لَهَا سَهْمٌ وَاحِدٌ، وَالْبَاقِي وَهُوَ ثَلَاثَةٌ بَيْنَ بَنِي الِابْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمٌ، وَبَيَانُ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُوَافَقَةِ أَنْ تَقُولَ رَجُلٌ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَابْنَةٍ فَلَمْ تُقْسَمْ تَرِكَتُهُ حَتَّى مَاتَ الِابْنُ عَنْ ابْنٍ وَابْنَةٍ فَرِيضَةُ الْأَوَّلِ، ثَلَاثَةٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ عَنْ سَهْمَيْنِ وَفَرِيضَتُهُ أَيْضًا ثَلَاثَةٌ وَقِسْمَةُ السَّهْمَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَا تَسْتَقِيمُ وَلَا مُوَافَقَةَ فِي شَيْءٍ فَتَضْرِبُ الْفَرِيضَةَ الثَّانِيَةَ فِي الْفَرِيضَةِ الْأُولَى، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ تِسْعَةً وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ الِابْنِ أَنَّهُ كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ سَهْمَيْنِ تَضْرِبُهُمَا فِي الْفَرِيضَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَيَكُونُ سِتَّةً وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ ابْنِ الْمَيِّتِ الثَّانِي أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهُ وَذَلِكَ سَهْمَانِ فِي نَصِيبِ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ سَهْمَانِ أَيْضًا فَيَكُونُ أَرْبَعَةً. وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ ابْنَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهَا وَذَلِكَ سَهْمٌ فِي نَصِيبِ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ سَهْمَانِ فَيَكُونُ لَهَا سَهْمَانِ وَلِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ بَعْضُ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ فَهُوَ عَلَى التَّقْسِيمَاتِ الَّتِي بَيَّنَّا، وَإِنْ كَانَ فِي وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الثَّالِثِ مَنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لِلْأَوَّلَيْنِ فَالسَّبِيلُ أَنْ تَجْعَلَ فَرِيضَةَ الْأَوَّلَيْنِ كَفَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ بِالطَّرِيقِ الَّذِي قُلْنَا ثُمَّ تَنْظُرَ إلَى نَصِيبِ الْمَيِّتِ الثَّالِثِ مِنْ تَرِكَةِ الْأَوَّلَيْنِ، فَإِنْ كَانَ يَسْتَقِيمُ قِسْمَتُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ مِنْ غَيْرِ كَسْرِ قِسْمَتِهِ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَقِيمُ نَظَرْت فَإِنْ كَانَ بَيْنَ نَصِيبِهِ مِنْ التَّرِكَتَيْنِ وَبَيْنَ فَرِيضَتِهِ مُوَافَقَةٌ بِجُزْءٍ اقْتَصَرْت عَلَى الْجُزْءِ الْمُوَافِقِ مِنْ فَرِيضَتِهِ ثُمَّ ضَرَبْت الْفَرِيضَةَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْمَبْلَغِ وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ الْمَيِّتِ مِنْ تَرِكَةِ الْأَوَّلَيْنِ أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهُ فِي الْجُزْءِ الْمُوَافِقِ مِنْ سِهَامِ فَرِيضَتِهِ فَمَا بَلَغَ فَهُوَ نَصِيبُهُ وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الثَّالِثِ أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهُ فِي الْجُزْءِ الْمُوَافِقِ مِنْ نَصِيبِ الْمَيِّتِ الثَّالِثِ مِنْ تَرِكَةِ الْأَوَّلَيْنِ فَمَا بَلَغَ فَهُوَ نَصِيبُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِشَيْءٍ ضَرَبْت مَبْلَغَ الْفَرِيضَتَيْنِ فِي سِهَامِ الْفَرِيضَةِ الثَّالِثَةِ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْمَبْلَغِ. وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ الْمَيِّتِ الثَّالِثِ أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهُ فِي نَصِيبِ فَرِيضَتِهِ فَمَا بَلَغَ فَهُوَ نَصِيبُهُ مِنْ التَّرِكَتَيْنِ وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَتِهِ أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهُ فِي نَصِيبِ الْمَيِّتِ الثَّالِثِ مِنْ التَّرِكَتَيْنِ فَمَا بَلَغَ فَهُوَ نَصِيبُهُ وَبَيَانُ هَذَا أَنْ تَقُولَ: رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَلَمْ تُقْسَمْ تَرِكَتُهُ حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنِهِ وَمِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَخٌ ثُمَّ مَاتَتْ الِابْنَةُ عَنْ زَوْجٍ وَأُمٍّ وَمِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَهُوَ عَمُّهَا فَفَرِيضَةُ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ مِنْ سَهْمَيْنِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنْ سَهْمٍ وَفَرِيضَتُهُ مِنْ سَهْمَيْنِ أَيْضًا لِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْأَخِ وَقِسْمَةُ سَهْمٍ عَلَى سَهْمَيْنِ لَا تَسْتَقِيمُ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْنِ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً ثُمَّ مَاتَتْ الِابْنَةُ عَنْ زَوْجٍ وَأُمٍّ وَعَمٍّ فَتَكُونُ فَرِيضَتُهَا مِنْ سِتَّةٍ، لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ سَهْمَانِ وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ وَقِسْمَةُ سَهْمٍ عَلَى سِتَّةٍ لَا تَسْتَقِيمُ وَلَا مُوَافَقَةَ فِي شَيْءٍ فَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي سِتَّةٍ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مِنْهَا تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ نَصِيبُ الِابْنِ مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ اثْنَا عَشَرَ وَمِنْ الْمَيِّتِ الثَّانِي سِتَّةٌ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَنَصِيبُ الِابْنَةِ سِتَّةٌ تَضْرِبُ نَصِيبَهَا وَهُوَ سَهْمٌ فِي فَرِيضَتِهَا وَهُوَ سِتَّةٌ. وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ الزَّوْجِ أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فِي نَصِيبِ الْمَيِّتِ الثَّالِثِ مِنْ الْفَرِيضَةِ الْأُولَى وَذَلِكَ سَهْمٌ فَيَكُونُ ثَلَاثَةَ

أَسْهُمٍ فَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ وَمَا بَقِيَ وَهُوَ سَهْمٌ فَهُوَ لِلْعَمِّ وَأَمَّا عِنْدَ وُجُودِ الْمُوَافَقَةِ فَصُورَتُهُ فِيمَا لَوْ تَرَكَ امْرَأَةً وَأُمًّا وَثَلَاثَ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فَمَاتَتْ الْأُمُّ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَعَمًّا وَمِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَهُمَا الِابْنَتَانِ فَأُخْتُ الْأَوَّلِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتُهُ لِأُمٍّ ابْنَةُ الْمَيِّتِ الثَّانِي وَأُخْتُهُ لِأَبِيهِ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهَا ثُمَّ لَمْ تُقْسَمْ التَّرِكَةُ حَتَّى مَاتَتْ الْأُخْتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَابْنَةً وَمِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأُخْتُ لِأَبٍ وَالْأُخْتُ لِأُمٍّ فَالسَّبِيلُ أَنْ تَصِحَّ فَرِيضَةُ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْمَرْأَةِ الرُّبْعُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ النِّصْفُ سِتَّةٌ وَلِلْأُخْتِ لِأُمٍّ السُّدُسُ سَهْمَانِ فَتَعُولُ بِثَلَاثَةٍ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ عَنْ سَهْمَيْنِ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَعَمًّا وَابْنَتَيْنِ فَفَرِيضَتُهُمَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ وَهُوَ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَقِسْمَةُ سَهْمَيْنِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ لَا تَسْتَقِيمُ وَلَكِنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَيُقْتَصَرُ عَلَى الْجُزْءِ الْمُوَافِقِ. وَذَلِكَ سِتَّةٌ ثُمَّ تَضْرِبُ الْفَرِيضَةَ الْأُولَى وَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي سِتَّةٍ فَيَكُونُ تِسْعِينَ وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ الْأُمِّ أَنَّهُ كَانَ نَصِيبُهَا سَهْمَيْنِ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي سِتَّةٍ فَيَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ مَقْسُومٌ بَيْنَ وَرَثَتِهِمَا مُسْتَقِيمٌ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُخْتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَابْنَةً وَأُخْتًا لِأُمٍّ وَأُخْتًا لِأَبٍ فَفَرِيضَتُهُمَا مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ سَهْمٌ وَلِلِابْنَةِ النِّصْفُ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ الْبَاقِي سَهْمٌ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ ثُمَّ تَنْظُرُ إلَى نَصِيبِهَا مِنْ التَّرِكَتَيْنِ فَتَقُولُ كَانَ لَهَا مِنْ التَّرِكَةِ الْأُولَى سِتَّةٌ ضَرَبْنَاهَا فِي سِتَّةٍ فَيَكُونُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَكَانَ لَهَا مِنْ التَّرِكَةِ الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةٌ ضَرَبْنَاهَا فِي الْجُزْءِ الْمُوَافِقِ مِنْ نَصِيبِ الْأُمِّ مِنْ التَّرِكَةِ الْأُولَى وَهُوَ سَهْمٌ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً فَإِذَنْ نَصِيبُهَا مِنْ التَّرِكَتَيْنِ أَرْبَعُونَ وَقِسْمَةُ أَرْبَعِينَ عَلَى وَرَثَتِهَا تَسْتَقِيمُ. وَلَوْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَبَوَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنْ ابْنَةٍ وَمَنْ تَرَكَهُ الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَخٌ وَجَدٌّ وَجَدَّةٌ فَنَقُولُ فَرِيضَةُ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ وَالْبَاقِي وَهُوَ أَرْبَعَةٌ بَيْنَ الِابْنَيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنْ سَهْمَيْنِ، وَخَلَّفَ ابْنَهُ وَجَدًّا وَجَدَّةً وَأَخًا فَالْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلِابْنَةِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدَّةِ السُّدُسُ سَهْمٌ، وَالْبَاقِي وَهُوَ سَهْمَانِ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأَخِ بِالْمُقَاسَمَةِ نِصْفَيْنِ فِي قَوْلِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقِسْمَةُ السَّهْمَيْنِ عَلَى سِتَّةٍ لَا تَسْتَقِيمُ وَلَكِنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَيُقْتَصَرُ عَلَى النِّصْفِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ تُضْرَبُ الْفَرِيضَةُ الْأُولَى وَهِيَ سِتَّةٌ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْهُ تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ الْمَيِّتِ الثَّانِي أَنْ تَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ سَهْمَانِ تَضْرِبُهُ فِي الْجُزْءِ الْمُوَافِقِ مِنْ فَرِيضَتِهِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ فَيَكُونُ سِتَّةً وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ الِابْنَةِ أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهَا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فِي الْجُزْءِ الْمُوَافِقِ مِنْ نَصِيبِ الْمَيِّتِ الثَّانِي وَذَلِكَ سَهْمٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ ثَلَاثَةً فَهِيَ لَهَا وَلِلْجَدَّةِ سَهْمٌ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَخِ وَالْجَدِّ نِصْفَانِ بِالْمُقَاسَمَةِ (رَجُلٌ) مَاتَ وَتَرَكَ امْرَأَةً وَابْنَتَيْنِ لَهُ مِنْهَا وَأَبَوَيْنِ فَمَاتَتْ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ عَنْ زَوْجٍ، وَمَنْ تَرَكَهُ الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ وَهُوَ جَدُّهَا أَبُو أَبِيهَا وَجَدَّتُهَا أُمُّ الْأَبِ وَأُمُّهَا وَأُخْتُهَا لِأَبٍ وَأُمٍّ فَفَرِيضَةُ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَقِسْمَتُهَا مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَهِيَ الْمِنْبَرِيَّةُ ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ عَنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ وَإِنَّمَا نَقْسِمُ فَرِيضَتَهَا مِنْ سِتَّةٍ فِي الْأَصْلِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ سَهْمَانِ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ سَهْمٌ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ تَرِثُهُ وَتَعُولُ بِثَلَاثَةٍ فَتَكُونُ مِنْ تِسْعَةٍ ثُمَّ مَا أَصَابَ الْجَدُّ وَالْأُخْتُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَتَضْرِبُ تِسْعَةً فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ مِنْهُ تُصْبِحُ الْمَسْأَلَةُ وَلَا مُوَافَقَةَ بَيْنَ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَثَمَانِيَةٍ فِي شَيْءٍ فَالسَّبِيلُ أَنْ تَضْرِبَ الْفَرِيضَةَ الْأُولَى فِي الْفَرِيضَةِ الثَّانِيَةِ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْمَبْلَغِ، وَالطَّرِيقُ فِي التَّخْرِيجِ مَا بَيَّنَّا. (رَجُلٌ) مَاتَ وَتَرَكَ امْرَأَةً وَأَبَوَيْنِ وَثَلَاثَ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فَلَمْ تُقْسَمْ تَرِكَتُهُ حَتَّى مَاتَتْ الْأُمُّ وَخَلَّفَتْ مَنْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ فَلَمْ تُقْسَمْ التَّرِكَةُ حَتَّى مَاتَ الْأَبُ وَخَلَفَ امْرَأَةً وَمَنْ خَلَفَ الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ فَلَمْ تُقْسَمْ التَّرِكَةُ حَتَّى مَاتَتْ الْأُخْتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخَلَّفَتْ زَوْجًا وَمَنْ خَلَّفَهُ الْأَوَّلُونَ فَلَمْ تُقْسَمْ التَّرِكَةُ حَتَّى مَاتَتْ الْأُخْتُ لِأَبٍ وَخَلَفَتْ زَوْجًا وَابْنَتَيْنِ وَمَنْ خَلَّفَهُ الْأَوَّلُونَ فَلَمْ تُقْسَمْ التَّرِكَةُ حَتَّى مَاتَتْ الْأُخْتُ لِأُمٍّ وَخَلَّفَتْ زَوْجًا وَثَلَاثَ بَنَاتٍ وَأَبَوَيْنِ (فَنَقُولُ قَوْلُهُ: خَلَفَتْ الْأُخْتُ لِأُمٍّ زَوْجًا وَثَلَاثَ بَنَاتٍ وَأَبَوَيْنِ غَلَطٌ وَقَعَ مِنْ الْكَاتِبِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأُمَّ مَاتَتْ أَوَّلًا فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ خَلَفَتْ أَبَوَيْنِ) وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ خَلَفَتْ أَبًا وَزَوْجًا وَثَلَاثَ بَنَاتٍ ثُمَّ وَجْهُ التَّخْرِيجِ أَنَّ فَرِيضَةَ الْمَيِّتِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِلْمَرْأَةِ الرُّبْعُ

الباب السادس عشر في قسمة التركات

ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمَانِ وَالْبَاقِي وَهُوَ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ لِلْأَبِ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَخَوَاتِ ثُمَّ إنَّ الْأُمَّ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَابْنَتَيْنِ فَإِنَّ الْأُخْتَ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَالْأُخْتَ لِأُمٍّ ابْنَتَاهَا فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ وَالرُّبْعُ لِلزَّوْجِ وَأَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ إلَّا أَنَّ بَيْنَ نَصِيبِهَا وَهُوَ سَهْمَانِ وَبَيْنَ سِهَامِ فَرِيضَتِهَا مُوَافَقَةً بِالنِّصْفِ فَيُقْتَصَرُ عَلَى النِّصْفِ، وَهُوَ سِتَّةٌ ثُمَّ تَضْرِبُ اثْنَيْ عَشَرَ فِي سِتَّةٍ فَيَكُونُ فِي سِتَّةٍ فَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ كَانَ لَهَا سَهْمَانِ ضَرَبْنَاهُمَا فِي سِتَّةٍ فَيَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَكَانَ لَهُ مِنْ الْفَرِيضَةِ الْأُولَى سَبْعَةٌ ضَرَبْنَاهَا فِي سِتَّةٍ فَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فَحَصَلَ لَهُ مِنْ التَّرِكَتَيْنِ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ عَنْ امْرَأَةٍ وَابْنَتَيْنِ، وَهُمَا الْأُخْتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَالْأُخْتُ لِأَبٍ فَتَكُونُ فَرِيضَتُهُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لَا تَسْتَقِيمُ وَلَكِنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالثُّلُثِ فَيُقْتَصَرُ عَلَى الثُّلُثِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ ثُمَّ تَضْرِبُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فِي ثَمَانِيَةٍ فَيَكُونُ خَمْسَمِائَةٍ وَسِتَّةً وَسَبْعِينَ وَهَكَذَا يُعْتَبَرُ فِي تَرِكَةِ كُلِّ مَيِّتٍ، فَيُعْتَبَرُ الِاقْتِصَارُ وَالضَّرْبُ إلَى أَنْ يَنْتَهِي الْحِسَابُ إلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا وَثَلَاثِمِائَةٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ فَمِنْ ذَلِكَ تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي قِسْمَةِ التَّرِكَاتِ] ِ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَأَرَدْتَ أَنْ تَقْسِمَهَا عَلَى سِهَامِ الْوَرَثَةِ فَاضْرِبْ كُلَّ وَارِثٍ مِنْ التَّصْحِيحِ فِي التَّرِكَةِ ثُمَّ أَقْسِمْ الْمَبْلَغَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ التَّرِكَةِ وَالتَّصْحِيحِ مُوَافَقَةٌ فَاضْرِبْ سِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ مِنْ التَّصْحِيحِ فِي وَفْقِ التَّرِكَةِ ثُمَّ قَسِّمْ الْمَبْلَغَ عَلَى وَفْقِ التَّصْحِيحِ يَخْرُجْ نَصِيبُ ذَلِكَ الْوَارِثِ وَكَذَلِكَ تَعْمَلُ لِمَعْرِفَةِ نَصِيبِ كُلِّ فَرِيقٍ، وَإِنْ شِئْت أَنْ تَعْمَلَ بِطَرِيقِ النِّسْبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ شِئْت بِطَرِيقِ الْقِسْمَةِ، وَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ صِحَّةَ الْعَمَلِ مِنْ خَطَئِهِ فَاجْمَعْ تَفْصِيلَهُ وَقَابِلْهُ بِالْجُمْلَةِ فَإِنْ تَسَاوَيَا فَالْعَمَلُ صَحِيحٌ، وَإِلَّا فَهُوَ خَطَأٌ فَأَعِدْ الْعَمَلَ لِيَصِحَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِثَالُهُ زَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ وَالتَّرِكَةُ خَمْسُونَ دِينَارًا فَاضْرِبْ سِهَامَ الزَّوْجِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ فِي خَمْسِينَ يَكُنْ مِائَةً وَخَمْسِينَ اقْسِمْهُمَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ، وَهِيَ سَبْعَةٌ يَخْرُجْ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ وَكَذَلِكَ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ وَسَهْمُ الْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ تَضْرِبُهُ فِي خَمْسِينَ يَكُنْ خَمْسِينَ اقْسِمْهَا عَلَى سَبْعَةٍ يَخْرُجْ سَبْعَةٌ وَسُبْعٌ، وَإِذَا اجْتَمَعَتْ كَانَتْ خَمْسِينَ فَقَدْ صَحَّ الْعَمَلُ وَطَرِيقُ النِّسْبَةِ أَنْ تَنْسُبَ سِهَامَ الزَّوْجِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ فَيَكُونُ لَهُ مِنْ التَّرِكَةِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا وَهِيَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ، وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ وَهَكَذَا تَفْعَلُ بِالْبَاقِي، وَطَرِيقُ الْقِسْمَةِ أَنْ تَقْسِمَ التَّرِكَةَ عَلَى سَبْعَةٍ تَخْرُجُ سَبْعَةٌ وَسُبْعٌ تَضْرِبُهَا فِي سِهَامِ الزَّوْجِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ يَكُنْ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثَةَ أَسْبَاعٍ وَهَكَذَا تَفْعَلُ بِالْبَاقِي. (آخَرُ) زَوْجٌ وَأَبَوَانِ وَبِنْتَانِ أَصْلُهُمَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ وَالتَّرِكَةُ أَرْبَعَةٌ وَثَمَانُونَ دِينَارًا وَبَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالثُّلُثِ فَاضْرِبْ سِهَامَ الْبِنْتَيْنِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ فِي وَفْقِ التَّرِكَةِ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَكُنْ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ اقْسِمْهَا عَلَى وَفْقِ التَّصْحِيحِ وَهُوَ خَمْسَةٌ يَكُنْ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ ثُمَّ اضْرِبْ سِهَامَ الْأَبَوَيْنِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ فِي ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ يَكُنْ مِائَةً وَاثْنَيْ عَشَرَ اقْسِمْهَا عَلَى خَمْسَةٍ يَكُنْ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِينَ ثُمَّ اضْرِبْ سِهَامَ الزَّوْجِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ فِي ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ يَكُنْ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ اقْسِمْهَا عَلَى خَمْسَةٍ يَكُنْ سِتَّةَ عَشَرَ وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ فَقَدْ صَحَّتْ الْمَسْأَلَةُ، وَطَرِيقُ الْقِسْمَةِ أَنْ تَقْسِمَ وَفْقَ التَّرِكَةِ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ عَلَى وَفْقِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ يَخْرُجُ خَمْسَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ إنْ ضَرَبْتهَا فِي سِهَامِ الزَّوْجِ يَخْرُجْ سِتَّةَ عَشَرَ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ، وَفِي سِهَامِ الْأَبَوَيْنِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَخُمُسَانِ وَفِي سِهَامِ الْبِنْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ وَالْمَجْمُوعُ: أَرْبَعَةٌ وَثَمَانُونَ فَقَدْ صَحَّتْ الْمَسْأَلَةُ. (وَطَرِيقُ النِّسْبَةِ) : أَنْ تَقُولَ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَكُنْ لَهُ خُمُسُ التَّرِكَةِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ وَلِلْأَبَوَيْنِ أَرْبَعَةٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ سُدُسُهَا وَعُشْرُهَا فَأَعْطِهِمَا سُدُسَ التَّرِكَةِ وَعُشْرَهَا وَهُوَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَخُمُسَانِ وَلِلْبِنْتَيْنِ ثَمَانِيَةٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُلُثٌ وَخُمُسٌ فَلَهُمَا ثُلُثُ التَّرِكَةِ وَخُمُسُهَا وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ، وَالْمَجْمُوعُ أَرْبَعَةٌ وَثَمَانُونَ فَقَدْ صَحَّتْ الْمَسْأَلَةُ. وَإِذَا كَانَتْ سِهَامُ الْمَسْأَلَةِ عَدَدًا أَصَمَّ فَاعْمَلْ مَا ذَكَرْتُ مِنْ طَرِيقَةِ الضَّرْبِ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ لَا يَنْقَسِمُ بِالْآحَادِ عَلَى الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ فَاضْرِبْهُ فِي عَدَدِ الْقَرَارِيطِ وَهُوَ

فصل ومن صالح من الغرماء أو الورثة على شيء من التركة

عِشْرُونَ وَاقْسِمْهُمَا فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْقَرَارِيطِ شَيْءٌ لَا يَنْقَسِمُ بِالْآحَادِ فَاضْرِبْهُ فِي عَدَدِ الْحَبَّاتِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ اقْسِمْهُ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ لَا يَنْقَسِمُ فَاضْرِبْهُ فِي عَدَدٍ أَرْزٍ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ لَا يَنْقَسِمُ فَانْسُبْهُ بِالْإِجْزَاءِ إلَى الْأَرْزَةِ. مِثَالُهُ زَوْجٌ وَجَدَّةٌ وَجَدٌّ وَبِنْتٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَالتَّرِكَةُ أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا فَاضْرِبْ سِهَامَ الزَّوْجِ ثَلَاثَةً فِي التَّرِكَةِ يَخْرُجْ ثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ اقْسِمْهَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَخْرُجْ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَبْعَةٌ يَبْقَى اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمَانِ بِالْآحَادِ فَاضْرِبْهُمَا فِي عَدَدِ الْقَرَارِيطِ يَكُنْ أَرْبَعِينَ اقْسِمْهَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ، وَهِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَخْرُجْ ثَلَاثَةٌ يَبْقَى وَاحِدٌ اُبْسُطْهُ أَرْزًا يَكُنْ اثْنَيْ عَشَرَ اُنْسُبْهَا إلَى الْمَسْأَلَةِ بِالْإِجْزَاءِ فَيَكُونُ لِلزَّوْجِ سَبْعَةُ دَنَانِيرَ وَثَلَاثَةُ قَرَارِيطَ وَاثْنَا عَشَرَ جُزْءًا مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ أَرْزَةٍ وَلِلْجَدِّ سَهْمَانِ اضْرِبْهُمَا فِي أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ يَكُنْ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ اقْسِمْهَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ يَخْرُجْ أَرْبَعَةٌ يَبْقَى عَشَرَةٌ ثُمَّ اضْرِبْهَا فِي الْقَرَارِيطِ يَكُنْ مِائَتَيْنِ اقْسِمْهَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ يَخْرُجْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَبْقَى خَمْسَةٌ اُبْسُطْهَا حَبَّاتٍ يَكُنْ خَمْسَةَ عَشَرَ اقْسِمْهَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ يَبْقَى حَبَّتَانِ اُبْسُطْهَا أَرْزًا يَكُنْ ثَمَانِيَةً اُنْسُبْهَا بِالْأَجْزَاءِ فَحَصَلَ لِلْجَدِّ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَحَبَّةٌ وَثَمَانِيَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ أَرْزَةٍ وَلِلْجَدَّةِ مِثْلُهُ وَلِلْبِنْتِ ضِعْفُ الزَّوْجِ وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَسِتَّةُ قَرَارِيطَ وَأَرْزَةٌ وَأَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ أَرْزَةٍ وَجُمْلَتُهَا أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا فَصَحَّتْ الْمَسْأَلَةُ. (وَكَذَلِكَ) يُقْسَمُ بَيْنَ أَرْبَابِ الدُّيُونِ فَيُجْعَلُ مَجْمُوعُ الدُّيُونِ كَتَصْحِيحِ الْمَسْأَلَةِ وَيُجْعَلُ كُلُّ دَيْنٍ كَسَهْمِ وَارِثٍ. [فَصْل وَمنْ صَالِح مِنْ الْغُرَمَاء أَوْ الْوَرَثَة عَلَى شَيْء مِنْ التَّرِكَة] (فَصْلٌ) وَمَنْ صَالَحَ مِنْ الْغُرَمَاءِ أَوْ الْوَرَثَةِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ فَاطْرَحْهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ اقْسِمْ الْبَاقِيَ عَلَى سِهَامِ الْبَاقِينَ مِثَالُهُ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَعَمٌّ صَالَحَ عَنْ نَصِيبِهِ مِنْ التَّرِكَةِ عَلَى مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَهْرِ فَاطْرَحْهُ كَأَنَّهَا مَاتَتْ عَنْ أُمٍّ وَعَمٍّ فَاقْسِمْ التَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا لِلْأُمِّ الثُّلُثَانِ، وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. [الْبَاب السَّابِعَ عَشَرَ فِي مُتَشَابِهِ الْفَرَائِضِ] ِ مِمَّا يُسْأَلُ عَنْهَا وَيُمْتَحَنُ بِهَا الْفَرَضِيُّونَ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخَ امْرَأَتِهِ فَوَرِثَ الْمَالَ أَخُو امْرَأَتِهِ دُونَ أَخِيهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا (قِيلَ) هَذَا رَجُلٌ تَزَوَّجَ بِأُمِّ امْرَأَةِ أَبِيهِ وَأَبُوهُ حَيٌّ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا ثُمَّ مَاتَ الَّذِي تَزَوَّجَ وَمَاتَ أَبُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرَكَ ابْنَ ابْنِهِ، وَهُوَ أَخُو امْرَأَتِهِ وَكَانَ لَهُ أَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَصَارَ مِيرَاثُهُ لِابْنِ ابْنِهِ دُونَ أَخِيهِ. وَإِنْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ عَمًّا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخَالًا لِأُمٍّ فَوَرِثَ الْخَالُ دُونَ الْعَمِّ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا (قِيلَ) هَذَا رَجُلٌ تَزَوَّجَ بِأُمِّ أُمِّ أَخِيهِ لِأَبِيهِ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ الَّذِي تَزَوَّجَ بِأُمِّ أُمِّ أَخِيهِ ثُمَّ مَاتَ أَخُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرَكَ عَمًّا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَابْنَ أَخِيهِ لِأَبِيهِ وَهُوَ خَالُهُ فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ دُونَ عَمِّهِ. وَإِنْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَابْنَ أَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَوَرِثَ الْمَالَ ابْنُ الْعَمِّ دُونَ ابْنِ أَخِيهِ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا (قِيلَ) صُورَةُ هَذَا أَخَوَانِ وَلِأَحَدِهِمَا ابْنٌ فَاشْتَرَيَا جَارِيَةً فَجَاءَتْ بِابْنٍ فَادَّعَيَاهُ جَمِيعًا كَانَ ابْنًا لَهُمَا ثُمَّ مَاتَ الْأَخَوَانِ ثُمَّ مَاتَ ابْنُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا غَيْرَ ابْنِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ أَبِيهِ وَعَمِّهِ، وَكَانَ لَهُ ابْنُ أَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَمِيرَاثُهُ لِأَخِيهِ لِأَبِيهِ وَهُوَ ابْنُ عَمٍّ وَسَقَطَ ابْنُ أَخِيهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ. (وَإِنْ سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخًا لِأَبٍ فَوَرِثَ الْمَالَ ابْنُ عَمِّهِ دُونَ أَخِيهِ لِأَبِيهِ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا (قِيلَ) هَذَا فِي الْأَصْلِ أَخَوَانِ وَلِأَحَدِهِمَا ابْنٌ فَاشْتَرَيَا جَارِيَةً فَجَاءَتْ بِابْنٍ فَادَّعَيَاهُ جَمِيعًا فَكَانَ ابْنًا لَهُمَا ثُمَّ أَعْتَقَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَتَزَوَّجَ بِهَا أَبُو الِابْنِ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا آخَرَ، فَمَاتَ الْأَخَوَانِ وَمَاتَ الِابْنُ الَّذِي وَلَدَتْهُ بَعْدَ النِّكَاحِ وَتَرَكَ أَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ وَأَخًا لِأَبٍ فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ عَمِّهِ لِأَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ. (وَإِنْ سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَ بَنَاتٍ فَوَرِثَتْ إحْدَاهَا ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ وَالْأُخْرَى ثُلُثَيْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَالثَّالِثَةُ لَمْ تَرِثْ شَيْئًا كَيْفَ يَكُونُ هَذَا (قِيلَ) : رَجُلٌ كَانَ عَبْدًا وَلَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ فَاشْتَرَتْ إحْدَاهُنَّ أَبَاهَا وَالْأُخْرَى قَتَلَتْ أَبَاهَا فَلِلْبِنْتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَمْ تَقْتُلَا الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي لِلْمُشْتَرِيَةِ مِنْهُمَا بِحُكْمِ الْوَلَاءِ. (وَإِنْ سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَأُمِّهِ وَرِثَا الْمَالَ

وَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا (قِيلَ) هَذَا رَجُلٌ لَهُ بِنْتٌ فَزَوَّجَ بِنْتَهُ ابْنَ أَخِيهِ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا فَمَاتَ ابْنُ الْأَخِ، وَمَاتَ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرَكَ بِنْتًا وَابْنَ ابْنِ أَخٍ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ لِابْنِ ابْنِ أَخٍ فَصَارَ لِابْنِ ابْنِ الْأَخِ نِصْفُ الْمَالِ وَلِلْأُمِّ نِصْفُ الْمَالِ. (وَإِنْ سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَأُمِّهِ وَخَالَتِهِ وَرِثُوا الْمَالَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا كَيْفَ يَكُونُ هَذَا (قِيلَ) هَذَا رَجُلٌ لَهُ بِنْتَانِ زَوَّجَ إحْدَاهُمَا ابْنَ أَخِيهِ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا وَمَاتَ ابْنُ الْأَخِ وَمَاتَ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرَكَ بِنْتَيْنِ وَابْنَ ابْنِ أَخٍ فَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَمَا بَقِيَ فَلِابْنِ ابْنِ الْأَخِ فَصَارَ لِابْنِ ابْنِ الْأَخِ الثُّلُثُ وَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ وَلِخَالَتِهِ الثُّلُثُ. (وَإِنْ سُئِلَ) عَنْ ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَرِثَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَيْ جَمِيعِ الْمَالِ وَالْآخَرَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُدُسًا كَيْفَ يَكُونُ هَذَا (قِيلَ) هَذِهِ امْرَأَةٌ كَانَ لَهَا ثَلَاثُ بَنِي عَمٍّ أَحَدُهُمْ زَوْجُهَا فَالْأَصْلُ مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ. (وَإِنْ سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَوَرِثَتْ إحْدَاهُنَّ رُبْعَ الْمَالِ وَنِصْفَ ثُمُنٍ وَوَرِثَتْ الْأُخْرَى نِصْفَ الْمَالِ وَنِصْفَ ثُمُنٍ وَوَرِثَتْ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ ثُمُنَ الْمَالِ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا (قِيلَ) هَذَا زَوْجٌ تَزَوَّجَ بِابْنَةِ خَالَةٍ لِأُمٍّ وَابْنَةِ خَالَةٍ لِأَبٍ وَابْنَةِ عَمَّةٍ لِأَبٍ وَابْنَةِ عَمَّةٍ لِأُمٍّ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا سِوَاهُنَّ فَإِنَّ لِلنِّسْوَةِ الْأَرْبَعِ الرُّبْعَ وَلِابْنَةِ الْخَالَةِ لِأَبٍ ثُلُثَ مَا بَقِيَ وَمَا بَقِيَ فَلِابْنَةِ الْعَمَّةِ لِأَبٍ وَالْأَصْلُ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ لَهُنَّ وَلِابْنَةِ الْخَالَةِ مِنْ الْأَبِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ أَرْبَعَةٌ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ فَهِيَ لِابْنَةِ الْعَمَّةِ لِأَبٍ فَصَارَ لِابْنَةِ الْخَالَةِ لِلْأُمِّ وَابْنَةِ الْعَمَّةِ لِلْأُمِّ سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ وَهُوَ ثُمُنُ جَمِيعِ الْمَالِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ سَهْمٌ وَصَارَ لِابْنَةِ الْخَالَةِ لِلْأَبِ خَمْسَةٌ وَهِيَ رُبْعُ الْمَالِ وَنِصْفُ الثُّمُنِ وَصَارَ لِابْنَةِ الْعَمَّةِ لِأَبٍ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ وَهُوَ نِصْفُ الْمَالِ وَنِصْفُ الثُّمُنِ. (وَإِنْ سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ سَبْعَةَ إخْوَةٍ لِامْرَأَةٍ فَوَرِثَتْ امْرَأَتُهُ الْمَالَ، وَإِخْوَتُهَا بِالسَّوِيَّةِ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا (قِيلَ) رَجُلٌ تَزَوَّجَ بِأُمِّ امْرَأَةِ أَبِيهِ فَوَلَدَتْ لَهُ سَبْعَةَ بَنِينَ ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرَكَ امْرَأَةً وَسَبْعَةً بَنِي ابْنٍ فَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ سَهْمٌ وَبَقِيَ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ بَيْنَهُمْ أَسْبَاعًا لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ وَهُمْ سَبْعَةُ إخْوَةٍ لِامْرَأَةِ الْمَيِّتِ. (وَلَوْ سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَوَرِثَتْ امْرَأَتُهُ دِينَارًا كَيْفَ يَكُونُ هَذَا (قِيلَ) هَذَا رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَتَرَكَ أُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَأَرْبَعَ نِسْوَةٍ الْفَرِيضَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَعَالَتْ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ لِلنِّسْوَةِ ثَلَاثَةٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَهِيَ خُمُسُهَا فَيَكُونُ لَهُنَّ خُمُسُ عِشْرِينَ دِينَارًا، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ دِينَارٌ وَاحِدٌ. (وَإِنْ سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ وَرِثَتْ مِنْ أَرْبَعَةِ أَزْوَاجٍ فَصَارَ لَهَا نِصْفُ الْمَالِ فَهَذِهِ امْرَأَةٌ تَزَوَّجَهَا أَرْبَعَةُ إخْوَةٍ وَاحِدًا بَعْدَ مَوْتِ وَاحِدٍ، وَكَانَ الْمَالُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِينَارًا لِأَوَّلِهِمْ ثَمَانِيَةٌ وَلِلثَّانِي سِتَّةٌ وَلِلثَّالِثِ ثَلَاثَةٌ وَلِلرَّابِعِ دِينَارٌ فَمَاتَ الْأَوَّلُ عَنْ ثَمَانِيَةِ دَنَانِيرَ عَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَعَنْ هَؤُلَاءِ الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ مِنْهُ دِينَارَيْنِ وَكُلُّ أَخٍ كَذَلِكَ فَصَارَ لِلْأَخِ الثَّانِي ثَمَانِيَةٌ فَإِذَا مَاتَ أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ رُبْعَهَا دِينَارَيْنِ فَصَارَ لَهَا أَرْبَعَةُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَخَوَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ ثَلَاثَةٌ فَصَارَ لِلثَّالِثِ ثَمَانِيَةٌ فَإِذَا مَاتَ أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ دِينَارَيْنِ فَصَارَ لَهَا سِتَّةٌ وَالْبَاقِي لِلْأَخِ الرَّابِعِ فَصَارَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ فَإِذَا مَاتَ أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ رُبْعَهَا ثَلَاثَةً فَصَارَ لَهَا تِسْعَةٌ وَهُوَ نِصْفُ الْمَالِ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ. (وَلَوْ) أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى قَوْمٍ يَقْتَسِمُونَ الْمِيرَاثَ فَقَالَ: لَا تَعْجَلُوا فِي قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ فَإِنَّ لِي امْرَأَةً غَائِبَةً لَوْ كَانَتْ حَيَّةً وَرِثَتْ هِيَ دُونِي وَإِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً وَرِثْتُ أَنَا دُونَهَا كَيْفَ يَكُونُ هَذَا (قَالَ) هِيَ امْرَأَةٌ مَاتَتْ فَتَرَكَتْ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُمًّا وَأُخْتًا لِأُمٍّ وَأَخًا لِأَبٍ وَهُوَ تَزَوَّجَ أُخْتًا لِأُمِّهَا وَهِيَ غَائِبَةٌ فَإِنْ كَانَتْ حَيَّةً فَالثُّلُثَانِ لِلْأُخْتَيْنِ، وَالسُّدُسُ لِلْأُمِّ، وَالسُّدُسُ الْبَاقِي لِلْأُخْتِ لِأُمٍّ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ لِأَبٍ الَّذِي هُوَ الْقَائِلُ وَإِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً فَالسُّدُسُ الْبَاقِي لَهُ. (قَالَ) جَاءَتْ امْرَأَةٌ وَقَالَتْ: لَا تَعْجَلُوا فِي قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ فَإِنِّي حُبْلَى فَإِنْ وَلَدْتُ غُلَامًا لَمْ يَرِثْ شَيْئًا، وَإِنْ وَلَدْتُ جَارِيَةً وَرِثَتْ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا (قِيلَ) هَذِهِ امْرَأَةٌ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ فَجَاءَتْ امْرَأَةُ أَبِيهَا فَقَالَتْ إنْ وَلَدْتُ غُلَامًا كَانَ لَهَا أَخًا لِأَبٍ، وَلَمْ يَرِثْ شَيْئًا، وَإِنْ وَلَدْتُ جَارِيَةً كَانَتْ لَهَا أُخْتٌ لِأَبٍ فَتَرِثُ مَعَهَا النِّصْفَ وَالْفَرِيضَةُ تَعُولُ إلَى تِسْعَةٍ. (وَإِنْ) جَاءَتْ إلَى قَوْمٍ يَقْتَسِمُونَ مِيرَاثًا فَقَالَتْ لَا تَعْجَلُوا فِي قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ فَإِنِّي حُبْلَى إنْ وَلَدْتُ غُلَامًا يَرِثُ وَإِنْ وَلَدْتُ جَارِيَةً لَمْ تَرِثْ كَيْفَ يَكُونُ (قِيلَ) هَذَا رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَجَاءَتْ امْرَأَةُ أَبِيهِ وَقَالَتْ لَا تَعْجَلُوا فِي قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ فَإِنِّي حُبْلَى إنْ وَلَدْت غُلَامًا كَانَ لِلْمَيِّتِ أَخًا لِأَبٍ فَكَانَ لِلْأُخْتَيْنِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ ثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأَخِ مِنْ الْأَبِ، وَإِنْ وَلَدْت جَارِيَةً كَانَتْ لَهُ أُخْتًا لِأَبٍ فَكَانَ لِلْأُخْتَيْنِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ

ثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْعَصَبَةِ وَلَيْسَ لِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ شَيْءٌ. (وَإِنْ قَالَتْ) لَا تَعْجَلُوا فِي قِسْمَةِ هَذَا الْمِيرَاثِ فَإِنِّي حُبْلَى إنْ وَلَدْت غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً لَمْ يَرِثْ شَيْئًا وَإِنْ وَلَدْت غُلَامًا وَجَارِيَةً وَرِثَا جَمِيعًا فِي قَوْلِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَيْفَ يَكُونُ هَذَا (قِيلَ) : هَذَا رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أُمًّا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَجَدًّا فَجَاءَتْ امْرَأَةُ أَبِيهِ وَقَالَتْ: لَا تَعْجَلُوا فِي قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ فَإِنِّي حُبْلَى إنْ وَلَدْتُ غُلَامًا كَانَ لِلْمَيِّتِ أَخًا لِأَبٍ فَكَانَ لِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَكَانَ مَا بَقِيَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ وَالْجَدِّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ يَرُدُّ الْأَخُ مِنْ الْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ وَيَخْرُجُ بِلَا شَيْءٍ، وَإِنْ وَلَدْتُ جَارِيَةً كَانَتْ لِلْمَيِّتِ أُخْتًا لِأَبٍ فَكَانَ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةٍ ثُمَّ تَرُدُّ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ فَإِنْ وَلَدْت غُلَامًا وَجَارِيَةً كَانَ لِلْمَيِّتِ أَخًا وَأُخْتًا لِأَبٍ فَكَانَ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَالْمُقَاسَمَةُ سَوَاءٌ وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (وَإِنْ) جَاءَتْ امْرَأَةٌ وَقَالَتْ: لَا تَعْجَلُوا فِي قِسْمَةِ هَذَا الْمِيرَاثِ فَإِنِّي حُبْلَى إنْ وَلَدْتُ غُلَامًا وَرِثْتُ أَنَا وَالْغُلَامُ وَإِنْ وَلَدْتُ جَارِيَةً لَمْ تَرِثْ هِيَ وَلَا أَنَا (قَالَ) هَذَا رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَ ابْنِهِ بِنْتَ ابْنِهِ لَهُ آخَرُ ثُمَّ مَاتَ ابْنُ ابْنِهِ وَبِنْتُ ابْنِهِ حُبْلَى مِنْ ابْنِ ابْنِهِ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ بِنْتَيْنِ وَعَصَبَةً فَجَاءَتْ بِنْتُ ابْنِهِ هَذِهِ وَقَالَتْ لَا تَعْجَلُوا فِي قِسْمَةِ هَذَا الْمِيرَاثِ فَإِنِّي حُبْلَى إنْ وَلَدْتُ جَارِيَةً كَانَ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَمَا بَقِيَ لِلْعَصَبَةِ وَلَيْسَ لِبِنْتِ ابْنِهِ شَيْءٌ وَلَا لِلْجَارِيَةِ وَإِنْ وَلَدْتُ غُلَامًا كَانَ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ بَيْنَ بِنْتِ ابْنِهِ وَبَيْنَ ابْنِهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. (وَلَوْ) أَنَّ رَجُلًا سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ خَالَ ابْنِ عَمَّتِهِ وَعَمَّةَ ابْنِ خَالِهِ فَالسَّبِيلُ لَك أَنْ تَسْأَلَهُ أَلَهُ خَالُ ابْنِ عَمَّةٍ آخَرُ وَعَمَّةُ ابْنِ خَالٍ أُخْرَى فَإِنْ قَالَ لَيْسَ لَهُ خَالٌ وَلَا عَمَّةٌ فَقُلْ: الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَإِنَّ خَالَ ابْنِ عَمَّتِهِ أَبُوهُ، وَعَمَّةُ ابْنِ خَالِهِ هِيَ أُخْتُ أَخِي أُمِّهِ فَهِيَ أُمُّهُ فَلِهَذَا كَانَ لِلْأَبِ الثُّلُثَانِ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ. (قَالَتْ حُبْلَى) لِقَوْمٍ يَقْتَسِمُونَ تَرِكَةً لَا تَعْجَلُوا فَإِنِّي حُبْلَى إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا وَرِثَ، وَإِنْ وَلَدْتُ أُنْثَى لَمْ تَرِثْ وَإِنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا وَأُنْثَى وَرِثَ الذَّكَرُ دُونَ الْأُنْثَى (هَذِهِ) زَوْجَةُ كُلِّ عَصَبَةٍ سِوَى الْأَبِ وَالِابْنِ. وَلَوْ قَالَتْ: إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَرِثَا، وَإِنْ وَلَدْتُ أُنْثَى لَمْ تَرِثْ فَهِيَ زَوْجَةُ الْأَبِ، وَفِي الْوَرَثَةِ أُخْتَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ زَوْجَةُ الِابْنِ، وَفِي الْوَرَثَةِ ابْنَتَانِ مِنْ الصُّلْبِ. وَلَوْ قَالَتْ: إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا لَمْ يَرِثْ وَإِنْ وَلَدْتُ أُنْثَى وَرِثَتْ فَهِيَ زَوْجَةُ الِابْنِ، وَالْوَرَثَةُ الظَّاهِرُونَ زَوْجٌ وَأَبَوَانِ وَبِنْتٌ أَوْ زَوْجَةُ الْأَبِ وَالْوَرَثَةُ الظَّاهِرُونَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ. وَلَوْ قَالَتْ: إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَمْ يَرِثْ وَإِنْ وَلَدْتهمَا وَرِثَا فَهِيَ زَوْجَةُ الْأَبِ وَقَدْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَهُ وَالْوَرَثَةُ الظَّاهِرُونَ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ مِنْ الْأَبَوَيْنِ إنْ وَلَدْت ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَهُوَ أَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَيَكُونُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الْأُمِّ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ وَالْمَوْلُودِ ثُمَّ تَسْتَرِدُّ الْأُخْتُ جَمِيعَ حِصَّةِ الْمَوْلُودِ وَإِنْ وَلَدْت ذَكَرًا وَأُنْثَى أَخَذَ الْجَدُّ ثُلُثَ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الْأُمِّ فَمَا بَقِيَ تَأْخُذُ الْأُخْتُ مِنْهُ قَدْرَ النِّصْفِ فَيَبْقَى لَهُمَا شَيْءٌ. (وَلَوْ) قَالَتْ: إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا فَلِي الثُّمُنُ وَالْبَاقِي لَهُ، وَإِنْ وَلَدْتُ أُنْثَى فَالْمَالُ بَيْنَهَا وَبَيْنِي بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنْ أَسْقَطْت مَيِّتًا فَلِي جَمِيعُ الْمَالِ (فَهِيَ) امْرَأَةٌ أَعْتَقَتْ عَبْدًا ثُمَّ نَكَحَتْهُ فَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ حُبْلَى. (امْرَأَةٌ) وَزَوْجُهَا أَخَذَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَأُخْرَى وَزَوْجُهَا أَخَذَا الرُّبْعَ (صُورَتُهُ) أُخْتٌ لِأَبٍ وَالْأُخْرَى لِأُمٍّ وَابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ وَاَلَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ زَوْجُ الْأُخْتِ لِأَبٍ، وَالْآخَرُ زَوْجُ الْأُخْتِ لِأُمٍّ فَلِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ النِّصْفُ وَلِلْأَخِ وَالْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي بَيْنَ ابْنَيْ الْعَمِّ بِالسَّوِيَّةِ. (زَوْجَانِ) أَخَذَا ثُلُثَ الْمَالِ وَآخَرَانِ أَخَذَا ثُلُثَيْهِ (صُورَتُهُ) أَبَوَانِ وَبِنْتُ ابْنِ ابْنٍ فِي نِكَاحِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ آخَرَ. (رَجُلٌ وَزَوْجَتَاهُ) وَرِثُوا الْمَالَ أَثْلَاثًا (صُورَتُهُ) بِنْتَا ابْنَيْنِ فِي نِكَاحِ ابْنِ أَخٍ أَوْ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ. (أَخَوَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ) وَرِثَ أَحَدُهُمَا مِنْ مَيِّتٍ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَالْآخَرُ رُبْعَهُ (صُورَتُهُ) ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا زَوْجُ ابْنَةِ الْمَيِّتِ. (دَخَلَ) صَحِيحٌ عَلَى مَرِيضٍ فَقَالَ أَوْصِ لِي فَقَالَ كَيْفَ وَإِنَّمَا يَرِثُنِي أَنْتَ وَأَخَوَاك وَأَبَوَاك وَعَمَّاك فَالصَّحِيحُ أَخُو الْمَرِيضِ لِأُمِّهِ وَابْنُ عَمِّهِ وَأَخَوَاهُ أَخَوَا الْمَرِيضِ لِأُمِّهِ وَأَبَوَاهُ عَمَّا الْمَرِيضِ وَأُمُّهُ وَعَمَّاهُ عَمَّا الْمَرِيضِ فَالْحَاصِلُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَأُمٌّ وَثَلَاثَةُ أَعْمَامٍ وَلَوْ قَالَ يَرِثُنِي أَبَوَاك وَعَمَّاك فَالصَّحِيحُ ابْنُ أَخِي الْمَرِيضِ لِأُمِّهِ وَابْنُ أُخْتِهِ لِأُمِّهِ وَلَهُ أَخَوَانِ آخَرَانِ لِأُمِّهِ وَلَوْ قَالَ يَرِثُنِي جَدَّتَاك وَأُخْتَاك وَزَوْجَتَاك وَبِنْتَاك فَجَدَّتَا الصَّحِيحِ زَوْجَتَا الْمَرِيضِ وَأُخْتَاهُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أُخْتَا الْمَرِيضِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَزَوْجَتَا الصَّحِيحِ إحْدَاهُمَا أُمُّ الْمَرِيضِ وَالْأُخْرَى أُخْتُهُ مِنْ الْأَبِ وَبِنْتَا الصَّحِيحِ أُخْتَا الْمَرِيضِ مِنْ الْأُمِّ وَلَدَتْهُمَا لَهُ أُمُّ الْمَرِيضِ

الباب الثامن عشر في المسائل الملقبات

فَالْحَاصِلُ زَوْجَتَانِ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ وَأَمٌّ. (تَرَكَ) أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ دِينَارًا عَلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ امْرَأَةً فَأَخَذَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ دِينَارًا (صُورَتُهُ) ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ وَأَرْبَعُ جَدَّاتٍ وَسِتَّ عَشْرَةَ بِنْتًا وَأُخْتٌ لِأَبٍ. (رَجُلَانِ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمُّ الْآخَرِ (صُورَتُهُ) أَنْ يَنْكِحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عَمْرٍو وَزَيْدٍ أُمَّ الْآخَرِ فَوُلِدَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنٌ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ عَمُّ الْآخَرِ لِأُمِّهِ. (رَجُلَانِ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَالُ الْآخَرِ (صُورَتُهُ) أَنْ يَنْكِحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عَمْرٍو وَزَيْدٍ بِنْتَ الْآخَرِ (صُورَتُهُ) أَنْ يَنْكِحَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُمَّ أَبِي الْآخَرِ فَوُلِدَ لَهُمَا ابْنَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمُّ الْآخَرِ. (رَجُلَانِ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَالُ أَبِي الْآخَرِ (صُورَتُهُ) أَنْ يَنْكِحَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنْتَ ابْنِ الْآخَرِ فَوُلِدَ لَهُمَا ابْنَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَالُ أَبِي الْآخَرِ. (رَجُلَانِ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَالٌ أُمِّ الْآخَرِ هُوَ أَنْ يَنْكِحَ اثْنَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُمَّ أُمِّ الْآخَرِ فَيُولَدُ لَهُمَا ابْنَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَالُ أُمِّ الْآخَرِ. (رَجُلَانِ) أَحَدُهُمَا عَمُّ الْآخَرِ، وَالْآخَرُ خَالٌ الْأَوَّلِ (صُورَتُهُ) أَنْ يَنْكِحَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَيَنْكِحَ ابْنُهُ أُمَّهَا فَوُلِدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ابْنٌ فَابْنُ الْأَبِ عَمُّ ابْنِ الِابْنِ، وَهُوَ خَالُ ابْنِ الْأَبِ. شَخْصٌ هُوَ خَالٌ وَعَمٌّ (صُورَتُهُ) أَنْ يَنْكِحَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ مِنْ الْأَبِ أُخْتَ الْآخَرِ مِنْ الْأُمِّ فَتَلِدُ لَهُ ابْنًا فَأَخُو الْآخَرِ عَمُّ الْمَوْلُودِ لِأَبِيهِ، وَخَالُهُ لِأُمِّهِ وَأَيْضًا إذَا نَكَحَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ مِنْ الْأُمِّ أُخْتَ الْآخَرِ لِأَبِيهِ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا فَالْآخَرُ خَالُ هَذَا الِابْنِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَعَمُّهُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ. (رَجُلٌ) هُوَ عَمُّ أَبِيهِ وَعَمُّ أُمِّهِ (صُورَتُهُ) أَنْ يَنْكِحَ أَبُو أَبِي أَبِيهِ أُمَّ أَبِي أُمِّهِ فَوَلَدَتْ ابْنًا فَذَلِكَ الِابْنُ عَمُّ أَبِيهِ مِنْ الْأَبِ وَعَمُّ أُمِّهِ مِنْ الْأُمِّ. (رَجُلٌ) وَهُوَ خَالُ أَبِيهِ وَخَالُ أُمِّهِ (صُورَتُهُ) أَنْ يَنْكِحَ أَبُو أُمِّهِ أُمَّ أُمِّ أَبِيهِ فَوَلَدَتْ ابْنًا فَذَلِكَ الِابْنُ خَالُ أُمِّ الرَّجُلِ لِأَبِيهِ وَخَالُ أَبِيهِ لِأُمِّهِ. (رَجُلَانِ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ابْنُ عَمَّةِ الْآخَرِ، وَابْنُ خَالِهِ (صُورَتُهُ) أَنْ يَنْكِحَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُخْتَ الْآخَرِ، وَيُولَدَ لَهُمَا ابْنَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ ابْنُ عَمَّةِ الْآخَرِ وَابْنُ خَالِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِنْ سُئِلَ عَنْ أَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَرِثَ أَحَدُهُمَا مِنْ رَجُلٍ دُونَ الْآخَرِ فَقُلْ هُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ ابْنَ أَحَدِهِمَا فَيَكُونُ الْمَالُ كُلُّهُ لِأَبِيهِ لَا لِعَمِّهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ سُئِلْتَ عَنْ رَجُلٍ وَابْنِهِ وَرِثَا الْمَالَ نِصْفَيْنِ فَقُلْ: هَذِهِ امْرَأَةٌ تَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا وَعَمُّهَا حَيٌّ ثُمَّ مَاتَتْ فَصَارَ لِزَوْجِهَا النِّصْفُ، وَمَا بَقِيَ لِأَبِي الزَّوْجِ وَهُوَ الْعَمُّ. فَإِنْ سُئِلْتَ عَنْ رَجُلٍ وَابْنَتِهِ وَرِثَا الْمَالَ نِصْفَيْنِ فَقُلْ: هَذِهِ امْرَأَةٌ تَزَوَّجَتْ ابْنَ عَمِّهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ ابْنَةً ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَصَارَ لِابْنَتِهَا النِّصْفُ وَلِزَوْجِهَا الرُّبْعُ وَمَا بَقِيَ فَلِلزَّوْجِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ عُصْبَتُهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. [الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْمَسَائِلِ الْمُلَقَّبَاتِ] ِ (الْمُشَرِّكَةُ) زَوْجٌ وَأُمٌّ وَاثْنَانِ مِنْ وَلَدِ وَلَدِ الْأُمِّ وَإِخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ مِنْ الْأَبَوَيْنِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِأَوْلَادِ الْأُمِّ الثُّلُثُ وَيَسْقُطُ الْبَاقُونَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْأُمِّ جَدَّةٌ، هَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - الْعَصَبَةُ مِنْ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ يُشَارِكُونَ وَلَدَ الْأُمِّ فِي الثُّلُثِ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - آخِرًا فَإِنَّهُ قَضَى أَوَّلًا بِمِثْلِ مَذْهَبِنَا فَوَقَعَتْ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فَأَرَادَ أَنْ يَقْضِي بِمِثْلِ قَضَائِهِ الْأَوَّلِ فَقَالَ أَحَدُ الْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَلَسْنَا مِنْ أُمٍّ وَاحِدَةٍ فَشَرَّكَ بَيْنَهُمْ، وَقَالَ ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي سُمِّيَتْ مُشَرِّكَةً؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَرَّك بَيْنَهُمْ، وَحِمَارِيَّةً لِقَوْلِهِ: هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ إخْوَةٌ لِأَبٍ سَقَطُوا بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا تَكُونُ مُشَرِّكَةً وَالصَّحِيحُ مَذْهَبُنَا (الْخَرْقَاءُ) أُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ سُمِّيَتْ خَرْقَاءَ لِأَنَّ أَقَاوِيلَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - تَخَرَّقَتْهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ، وَقَالَ زَيْدٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأُمِّ وَالْجَدِّ نِصْفَانِ وَفِي رِوَايَةٍ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ وَتُسَمَّى عُثْمَانِيَّةً لِأَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - انْفَرَدَ فِيهَا بِقَوْلٍ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ فَقَالَ: لِلْأُمِّ الثُّلُثُ

وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ نِصْفَانِ قَالُوا بِهِ سُمِّيَتْ خَرْقَاءَ وَتُسَمَّى مُثَلَّثَةَ عُثْمَانَ وَمُرَبَّعَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمُخَمَّسَةَ الشَّعْبِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَجَّاجَ سَأَلَهُ عَنْهَا وَقَالَ اخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَإِذَا أُضِيفَ إلَيْهِمْ قَوْلُ الصِّدِّيقِ كَانَتْ مُسَدَّسَةً (الْمَرْوَانِيَّةُ) سِتُّ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ وَزَوْجٌ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ الثُّلُثَانِ وَلِلْأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ الثُّلُثُ وَسَقَطَ أَوْلَادُ الْأَبِ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ سُمِّيَتْ مَرْوَانِيَّةً لِوُقُوعِهَا فِي زَمَنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَتُسَمَّى الْغَرَّاءَ لِاشْتِهَارِهَا بَيْنَهُمْ. (الْحَمْزِيَّةُ) ثَلَاثُ جَدَّاتٍ مُتَحَاذِيَاتٍ وَجَدٌّ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ النِّصْفُ وَمِنْ الْأَبِ السُّدُسُ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ لِلْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ وَقَالَ زَيْدٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ عَلَى أَرْبَعَةٍ ثُمَّ تَرُدُّ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ مَا أَخَذَتْ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَصْلُهُمَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ وَتَعُودُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لِلْجَدَّاتِ سِتَّةٌ وَلِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ نَصِيبُهَا وَنَصِيبُ أُخْتِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ وَلِلْجَدِّ خَمْسَةَ عَشَرَ سُمِّيَتْ حَمْزِيَّةً؛ لِأَنَّ حَمْزَةَ الزَّيَّاتَ سُئِلَ عَنْهَا فَأَجَابَ بِهَذِهِ الْأَجْوِبَةِ (الدِّينَارِيَّةُ) زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَبِنْتَانِ وَاثْنَا عَشَرَ أَخًا وَأُخْتٌ وَاحِدَةٌ لِأَبٍ وَأَمٌّ وَالتَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ سِتُّمِائَةِ دِينَارٍ لِلْجَدَّةِ السُّدُسُ مِائَةُ دِينَارٍ وَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ دِينَارًا يَبْقَى خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا لِكُلِّ أَخٍ دِينَارَانِ وَلِلْأُخْتِ دِينَارٌ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ الدِّينَارِيَّةَ، وَتُسَمَّى الدَّاوُدِيَّةَ لِأَنَّ دَاوُد الطَّائِيَّ سُئِلَ عَنْهَا فَقَسَّمَهَا هَكَذَا فَجَاءَتْ الْأُخْتُ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَتْ: إنَّ أَخِي مَاتَ وَتَرَكَ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ فَمَا أُعْطِيت مِنْهَا إلَّا دِينَارًا وَاحِدًا فَقَالَ مَنْ قَسَّمَ التَّرِكَةَ فَقَالَتْ تِلْمِيذُك دَاوُد الطَّائِيُّ فَقَالَ: هُوَ لَا يَظْلِمُ هَلْ تَرَكَ أَخُوك جَدَّةً قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: هَلْ تَرَكَ بِنْتَيْنِ، قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: هَلْ تَرَكَ زَوْجَةً قَالَتْ نَعَمْ قَالَ هَلْ تَرَكَ مَعَك اثْنَيْ عَشَرَ أَخًا قَالَتْ نَعَمْ قَالَ حَقُّك دِينَارٌ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْمُعَايَاةِ فَيُقَالُ رَجُلٌ خَلَّفَ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ وَارِثًا ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَأَصَابَ أَحَدَهُمْ دِينَارٌ وَاحِدٌ. (الِامْتِحَانُ) أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَخَمْسُ جَدَّاتٍ وَسَبْعُ بَنَاتٍ وَتِسْعُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجَاتِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ وَلِلْبَنَاتِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْأَخَوَاتِ مَا بَقِيَ سَهْمٌ وَلَا مُوَافَقَةَ بَيْنَ السِّهَامِ وَالرُّءُوسِ، وَلَا بَيْنَ الرُّءُوسِ وَالرُّءُوسِ فَيُحْتَاجُ إلَى ضَرْبِ الرُّءُوسِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ فَاضْرِبْ أَرْبَعَةً فِي خَمْسَةٍ يَكُنْ عِشْرِينَ ثُمَّ اضْرِبْ عِشْرِينَ فِي سَبْعَةٍ يَكُنْ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ ثُمَّ اضْرِبْ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ فِي تِسْعَةٍ يَكُنْ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ فَاضْرِبْهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يَكُنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ مِنْهَا تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ وَجْهُ الِامْتِحَانِ أَنْ يُقَالَ: رَجُلٌ خَلَّفَ أَصْنَافًا، عَدَدُ كُلِّ صِنْفٍ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةٍ وَلَا تَصِحُّ مَسْأَلَتُهُ إلَّا مِمَّا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ أَلْفًا. (الْمَأْمُونِيَّةُ) أَبَوَانِ وَبِنْتَانِ مَاتَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ وَخَلَّفَتْ مَنْ خَلَّفَتْ سُمِّيَتْ الْمَأْمُونِيَّةَ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُونَ أَرَادَ أَنْ يُوَلِّيَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ أَحَدًا فَأَحْضَرَ بَيْنَ يَدِهِ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ فَاسْتَحْقَرَهُ فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَعَلِمَ الْمَأْمُونُ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْمَسْأَلَةَ فَأَعْطَاهُ الْعَهْدَ وَوُلَاةَ الْقَضَاءِ، وَالْجَوَابُ فِيهَا يَخْتَلِفُ بِكَوْنِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ فَإِذَا مَاتَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ فَقَدْ خَلَّفَتْ أُخْتًا وَجَدًّا صَحِيحًا أَبَا أَبٍ وَجَدَّةً صَحِيحَةً أُمَّ أَبٍ فَالسُّدُسُ لِلْجَدَّةِ وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ وَسَقَطَتْ الْأُخْتُ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ زَيْدٌ لِلْجَدَّةِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا وَصَحِيحُ الْمُنَاسَخَةِ كَمَا مَرَّ مِنْ الطَّرِيقِ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ أُنْثَى فَقَدْ مَاتَتْ الْبِنْتُ عَنْ أُخْتٍ وَجَدَّةٍ صَحِيحَةٍ أُمِّ أُمٍّ وَجَدٍّ فَاسِدٍ أَبِي أُمٍّ فَلِلْجَدَّةِ السُّدُسُ وَلَلَاخَتْ النِّصْفُ وَالْبَاقِي يُرَدُّ عَلَيْهِمَا وَسَقَطَ الْجَدُّ الْفَاسِدُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ تَمَّ الْجُزْءُ السَّادِسُ وَبِهِ تَمَامُ الْكِتَابِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

§1/1